هو يعني الموقف الحاسم، كل هذا كان مؤشرات واتجاه ونوايا وإلى آخره، لكن الموقف الحاسم كان لما طرحت فكرة مؤتمر مدريد، جاء بيكر وفاوض وكذا وكانوا يخبوا عنا، يعني حتى في المجلس الوطني اللي وافق على إقامة دولة فلسطينية كستار وافق على 242 ووافق على مدريد، ووافق على كذا.. يا أخي قولوا لنا أنتم يا قيادة منظمة تحرير ماذا جرى بين بيكر وفيصل الحسيني حتى نقول آه أو لا؟ فكانوا سرا ماشيين واستطاعوا -فتح يعني فيما بعد- كونت أغلبية في المجلس الوطني، وكنا أحيانا احنا نحن نقول إن المعارضة يجب أن تبقى من الداخل، أحيانا نقول لا، خلي المعارضة، يعني بعض المؤتمرات ما نحضرهاش، ووقتها كنا حاضرين، فمن يوم ما بدأ المجلس الوطني، وقَبِل المفاوضات، وجابو لنا فيصل وحنان عشراوي على المجلس الوطني اسمين هم مهربين من اليهود ليقنعوا المجلس الوطني إنه يقبل الدخول في مفاوضات مدريد.
طب إيش قالوا لك يا فيصل، إيش هو آخر لقاء بينك وبين بيكر، ما نعرفش، ما يقولوش للناس، أوهموا الناس دولة فلسطينية، وإقامة دولة فلسطينية، وتحت ستارها قبل 242.
أحمد منصور:
في 21 أكتوبر 1990 تقدمت باستقالتك من المجلس الوطني الفلسطيني، هل معنى ذلك أنك تعلن الآن وبشكل علني بعدما تأكدت من أن منظمة التحرير سوف تدخل مسيرة التسوية، تعلن رفضك لمسيرة التسوية والدخول فيها؟
بهجت أبو غربية:
بطبيعة الحال، مش بس كده، أنا صرت أعتبر أن منظمة التحرير لم تعد تمثل شعب فلسطين.
أحمد منصور:
لماذا؟
بهجت أبو غربية:
لأن الخط اللي هي نفذته، فتح في منظمة التحرير، أنا عندي قناعة إنه أغلب شعب فلسطين غير قابل، رغم كل الدعايات، ورغم كل الإحباط، ورغم كذا..
أحمد منصور:
لكن دخلوا الآن إلى فلسطين، وعملوا انتخابات، وفازوا فيها.
بهجت أبو غربية:
(9/50)
أنت أدرى في الانتخابات، ولا بد وصلتك معلومات .. كيف زيفت؟ نفس الكتاب اللي صدَّره أبو مازن (الطريق إلى أوسلو) بيقول إن اليهود قالوا لنا بدنا مجلس، واليهود قالوا لنا من الآن شوفوا مين جماعتكم اللي بره منشان ندخلهم لكم عشان ينجحوا في المجلس، ليش؟ اليهود بدهم مجلس، هدول بينظروا للأموربمستوى موضوعي ومخطط، ما بيكفيش يقال في التاريخ في المستقبل إن واحد اسمه ياسر عرفات وافق لهم، يجب أن تجرى انتخابات، ويجي مجلس يمثل الناس وهو اللي يوافق، وهذا اللي جرى للأسف.
أحمد منصور:
لكن هم يقولون أنهم يحققون مكاسب، وأنتم الآن مجرد تحققون خسائر أنت تقاتل منذ 70 عاما ولم تحقق أي مكاسب؟!
بهجت أبو غربية:
يا سيدي أجيب لك مثل بسيط، الدكتور حيدر عبد الشافي صديقي من اللجنة التنفيذية الأولى يوم ما كان بيروح على مدريد، أنا استغربت يعني، جاء إلى عمان، التقينا، فقلت له يا دكتور حيدر أنا والله ما أزال يعني، محبتك وثقتي فيك كاملة، وأعتقد أنك قبلت هذه المهمة لتخدم شعبك، لكن أنا بدي أسألك: ماذا تستطيع أن تحقق؟ في ظل مش بس اليهود، مرجعيتك ياسر عرفات، في النهاية هو اللي بده يقرر، الوفد اللي معك فيه فلان وفلان يعني بيخربوا عليك، بس أنا بدي أسألك مع ذلك: في ذهنك شو بدك تسوي؟ اللي بروح يفاوض، بده يحقق شيء.. ماذا تتمنى أن تحقق؟
أحمد منصور:
قال لك إيه؟
بهجت أبو غربية:
قال أنا شاعر بالإحباط وغيره وغيره، أنا إذا حققت وقف الاستيطان بكون حققت شيء، بغير وقف الاستيطان البلد عم تتهود شيء فشيء شيء فشيء بيستولوا عليها، المفصل من وجهة نظري وقف الاستيطان، وأنت ترى لحد الآن الاستيطان يتوسع مش يقف حتى في عهد رئيس الحكومة الحالي.
أحمد منصور:
أنا ألتقيت الدكتور عبد الشافي وذكر لي أيضا أنه فوجئ وصدم بأن هناك مفاوضات سرية تجري في الوقت الذي كان هو مع حنان عشراوي يفاوض في واشنطن وفي غيرها.
بهجت أبو غربية:
(9/51)
لكن أنا أقول على قضية المكاسب حتى يومها أنا قلت له يا دكتور، هذا شيء أساسي عند اليهود، اليهود عندهم خطين رئيسيين جيب مهاجرين، وجيب كل مهاجرين العالم، وهذا ما يزال للآن أي يهودي في العالم بده يجي بيعتبروه مهاجر بالخارج، لما بتجيب يهود العالم كلهم في فلسطين، ماذا يترتب عليه، يترتب عليه التوسع، ويترتب عليه طرد العرب، واستيلاء على الأراضي، الاستيطان يعني هو العمود الفقري للنشاط الصهيوني.
أحمد منصور:
الآن فيه قضية مزمنة أنت عايشتها من بدايتها أو بعد بدايتها بقليل، لا، من بدايتها، من الثلاثينات على وجه الخصوص، وزخمها قضية تهجير اللاجئين الفلسطينيين، وهناك الآن مقترحات كثيرة حول قضية التهجير أريد بإيجاز في ختام هذه الشهادة أن تدلي بشهادتك على قضية اللاجئين الفلسطينيين باختصار؟
بهجت أبو غربية:
يا سيدي هذا موضوع مهم جدا، لأنه الآن تجري محاولات ومؤتمرات ومساعي كثيرة لإنهاء قضية اللاجئين، نفس أمريكا عملت لجان على أعلى مستوى، وتقول تقارير هذه اللجان أنه لا تنتهي القضية الفلسطينية إلا بإنهاء قضية اللاجئين، وإنهاء قضية اللاجئين بإعطائهم جوازات سفر ليقيموا ويستوطنوا في الدول المقيمين فيها، هذه بدأت من 37، نفس مشروع تقسيم 37 اللي اقترحته لجنة (بيل) كان فيه بند صريح وواضح، منطقة الجليل الغربي في فلسطين في الشمال الغربي، كانت كلها عرب، فيها 240 ألف عربي ليس فيها مستوطنة واحدة طلعت في حصة التقسيم في 37 فكان النص يهجروا إلى شرق الأردن، يعنى ينقلوا وصار الجدل، فقضية اللاجئين أيضا لما صارت في 48 اليهود مش عملوا إرهاب وقبية وغيره، وهم نفسهم كتابهم كتبوا كيف كانوا يدخلو البلد كان فيها أهلها مثل (اللد) مثل (الرملة) مثل بعض القرى، وبعدين يطردوهم.
اللي حصل أيضا أنه الحكومات الأجنبية اللي تآمرت بسايكس-بيكو، بوعد بلفور غربية، تآمرت أيضا لتسليم فلسطين خالية من السكان.
(9/52)
ودليلي على ذلك لما صار اللجوء الفلسطيني.. كيف تصرفت الأمم المتحدة؟ الأمم المتحدة صدرت قرار 194 (عودة أو تعويض) كلمة تعويض تطعن كلمة عودة إلى حد غير قليل، اتركها.. العودة، ماذا قامت بإجراءات فيما يتعلق بالعودة؟ عملت كل ما هو عكس العودة.. في ذلك الوقت يا سيدي كان فيه ولا تزال لحد الآن مؤسسة أو هيئة من هيئات الأمم المتحدة اسمها المفوضية العامة لشؤون اللاجئين هذه أنشئت بعد الحرب العالمية الأولى، مهمتها المحددة إعادة اللاجئ إلى بلده وخدمته إلى أن يعود.. المفوضية العامة.. لم توكل قضية اللاجئين الفلسطينيين للمؤسسات اللي كانت موجودة وشكل ما سُمي الأونروا، لجنة إغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأوسط (الأونروا) UNRWA وهذه الهيئة حاولت بطاقات اللاجئين، تشتري من اللاجئ بطاقته، وتلغي كونه لاجئ، هذا نوع من التوطين، حاولت تعمل تعليم لصناعات خفيفة والتشغيل، واللي تشغله أو تعمل له خبرة تسحب بطاقته كلاجئ، من الخمسينات، وأيضا شكلوا لجنة اسمها (لجنة التوفيق) اللجنة هذه أحصت أملاك اللاجئين حتى يصير قادر للتصرف وهذه أيضا وكالة الأونروا اللي عملتها، عملوا هيئة اسمها اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة للشرق الأوسط الاقتصادية، هذه درست أوضاع الأردن ولبنان بصفة خاصة، وقالت أعطوا مساعدات للأردن، ومساعدات للبنان يعملوا طرق، يعملوا كذا وكذا، حتى يصير الوضع الاقتصادي العام هو بطبيعته يستوعب..
أحمد منصور:
خلاصة موضوع اللاجئين؟
بهجت أبو غربية:
(9/53)
خلاصة موضوع اللاجئين أن الأمم المتحدة والغرب واليهود متآمرين على أن اللاجئين لا يجوز أن يعودوا إلى بلادهم، والآن فيه شيء واضح مثل عين الشمس فيه عندك المعاهدة الأردنية، نص صريح في المعاهدة الأردنية، وهي معاهدة (وادي عربة) مع إسرائيل تقول مساعدة اللاجئين على كذا وكذا بما في ذلك التوطين، نص في المعاهدة، في عندك اتفاق (يوسي بيلين- محمود عباس) هذا اللي يعني هم بيتجاهلوه، أو بيتستروا عليه، هذا اتفاق صار معروف، صريح، في اتفاق محمود عباس- يوسي بيلين اللي وافق عليه ياسر عرفات، ووافق عليه رابين، "توطين اللاجئين حيث هم".
أحمد منصور:
يعني قضية ادعاء السلطة الفلسطينية الآن بأنها تعمل على عودة اللاجئين غير صحيحة؟
بهجت أبو غربية:
بالعكس هي عم بتحاول تتخلص، هذه قضية في يد الدول العربية مش لنا لحالنا، اللاجئين موجودين في الأردن، موجودين في سوريا فبتحاول أن تُعَوِّم القضية.
أحمد منصور:
70 عاما من الجهاد والنضال على الساحة الفلسطينية في قضية لازالت هي القضية المحورية الرئيسية للعرب والمسلمين.. كيف تنظر إلى هذه المسيرة الطويلة في ختام هذه الشهادة؟
بهجت أبو غربية:
الوضع القائم حاليا وضع خطير، ما تزال طبعا دولة العدو الصهيوني قوية، وعندها مواقف معلنة ونوايا توسع اقتصادي، توسع نفوذ سياسي، عندنا في الأردن بدأ التهويد، بدأ تهويد الأردن نفسها والأنظمة العربية ما بتقاوم هذا، بل بالعكس في كثير من الأحيان تسهل هذه المهمات، وللأسف منظمة التحرير -أيضا أصبحت-بادعائها أنها تحرر حجر على حجر تسهل هذه البرامج اليهودية، وطبعا بيتفقوا مرات على أشياء للإخراج الشعبي وتقبل الجماهير، يعني في اتفاق يوسي بيلين-محمود عباس..
أحمد منصور:
لا.. لا.. أنا عايز أسألك..
بهجت أبو غربية [مقاطعًا]:
(9/54)
اتفاق يوسي بيلين-محمود عباس يقول توطين اللاجئين على أن يتم إخراج ذلك بشكل لا يحرج المنظمة، ولا يحرج الدول العربية (نص).
أحمد منصور:
عايز أسألك رؤيتك أنت إيه لمسيرة الجهاد الطويلة التي قمت بها خلال السبعين عاما الماضية؟
بهجت أبو غربية:
أنا باقول إن الجهاد اللي قام فيه الشعب الفلسطيني والعرب عموما في مواجهة الحركة الصهيونية رغم إنه العدو الصهيوني بدعم من إنجلترا وبدعم من أميركا حقق مكاسب وحقق انتصارات، وحقق... برنامج يهودي، لكن المهم أن لا يتقبل العرب بهذا الواقع، الواقع تتعامل معه بأحد وسيلتين يا بتقبله يا بترفضه؟
أحمد منصور:
وأنت بترفض ستظل ترفض هذا الواقع الإسرائيلي؟
بهجت أبو غربية:
سأظل أرفض هذا الواقع أنا وشعبنا يرفض، أنا في رأيي غالبية شعبنا ترفض.
أحمد منصور:
ستظل تناضل؟!
بهجت أبو غربية:
بطبيعة الحال.
أحمد منصور:
رغم مرور 70 عاما من النضال لم تحقق من خلالها انتصار؟
بهجت أبو غربية:
لا، أنا لا أستغرب أن تحصل هذه النتائج، بأكد لك احنا من الثلاثينات كنا لما نقاتل بريطانيا، ونقول بها البواريد المصدية، بالرصاص القديم بدنا نغلب بريطانيا؟
أحمد منصور:
لست نادما على أي شيء قمت به؟
بهجت أبو غربية:
يعني الواحد له بعض أخطاء، لكن مش وقتها مش شيء جذري يعني، في المواقف السياسية.
أحمد منصور:
راضي تماما عن كل مواقفك السياسية الأساسية؟
بهجت أبو غربية:
أشعر بالرضا.
أحمد منصور:
بما فيها استمرار معارضة التسوية في المنطقة؟
بهجت أبو غربية:
معارضة..؟
أحمد منصور:
التسوية في المنطقة؟
بهجت أبو غربية:
(9/55)
هذه على رأسها، قانع، وكانت تمر فترات يعني مثلا لما أجا ياسر عرفات على نابلس، واستقبلته الجماهير، فكان يقول الناس له تفضل شعبك كله بده هذا، أقول لهم لا شعبنا تخيل، عرضة للإعلام، تخيل أشياء في ذهنه، بعد فترة صغيرة، شوفوا شعبنا إيش بيقول؟ الآن روح للضفة الغربية 90% من الناس غير راضية عما هو جاري.
أحمد منصور:
كيف تنظر إلى مستقبل القضية الفلسطينية؟
بهجت أبو غربية:
المستقبل ما يزال يعني الدفع الصهيوني قائم في اتجاه فرض شرعية وجوده وشرعية احتلاله، وفي اتجاه التغلغل في الوطن العربي اقتصاديا بما يمهد.. يعني فيه ناس بيقولو اليهود بطلوا عن التوسع الجغرافي، أنا باقول: لا.. اليهود الآن يعني هم بيركزوا على التوسع الاقتصادي، لكن دومًا التوسع الاقتصادي يحمل معه السيطرة السياسية، والتي تمهد للبرنامج التوسعي، الأردن هنا معرض للاستيطان، وأنا من 89 أو 88 عملت محاضرة في (إربد) وقلت لهم فيه احتمال صلح بين الأردن وإسرائيل في 88 سجلوا لي في مجمع النقابات في إربد يوم ما يصير صلح بين الأردن وإسرائيل اعتبروه بداية تطبيق وعد بلفور على شرق الأردن، ويومها جادلوني بعض الموجودين إنه ما في صلح، قلت لهم لا، في شيء على الطريق.. مش متوقعين، مستغربين.
أحمد منصور:
ما هي كلمتك الأخيرة إلى الأجيال التي تستمع إلى هذه الشهادة المطولة لك على العصر؟
بهجت أبو غربية:
لا أريد أن أطيل أن يستمروا في المقاومة حتى تحرير فلسطين.
أحمد منصور:
أستاذ بهجت أبو غربية، اشكرك شكرا جزيلا على ما تفضلت به، وعلى تحملك لي طوال الحلقات العشر الماضية، وعلى هذه الشهادة المطولة التي أدليت بها للأجيال.
بهجت أبو غربية:
(9/56)
أنا شاكر جدا، أستغفر الله على شكرك، أنا شاكر جدا أيضا لإذاعة الجزيرة لأنه أنا يهمني جدا أن يسمع شعبنا هذه الآراء وهذا التاريخ، لأنه الآن هذا العصر هو عصر الإذاعات والفضائيات، وأنا مثلا كتبت مذكراتي بتفاصيل يعني ما ذكرته ما قبل 49 وكتاب من 400 صفحة إلى العام 1949.
أحمد منصور:
إلى العام 1949م.
بهجت أبو غربية:
إلى العام 1949م، في خضم النضال العربي ضد إسرائيل، لكن كم من شعبنا قرأه؟!
أحمد منصور:
لكن احنا أخذنا منك إلى العام 2000م.
بهجت أبو غربية:
نعم، فالفضائيات الآن هي الإعلام الرئيسي للجيل، وأنا ترى اشتغلت بالصحافة من 37، وأقدر قيمة ذلك.
أحمد منصور:
صحيح وأسلوبك راقي جدا في الكتابة، وأنا استمتعت حتى بقراءة الجزء الذي لم تنشره حتى الآن من مذكراتك.
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
شكرا جزيلا لك.
بهجت أبو غربية:
أستغفر الله شكرا لكم.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة جديدة مع شاهد جديد على العصر، هذا أحمد منصور يحييكم، وأنقل لكم تحيات مخرج البرنامج جاسم المطوع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/57)
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق(9/58)
الأحد 24/1/1423هـ الموافق 7/4/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 08:30(مكة المكرمة)،05:30(غرينيتش)
الطاهر بلخوجة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق - الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
31/03/2002
- نشأة الطاهر بلخوجة وتدرجه في الوظائف
- الاحتلال وأثره على نشأة بلخوجة
- عمالة بورقيبة للإيطاليين
- انخراطه في اتحاد الطلاب وتأثير الاتحاد على الشارع السياسي
- الانشقاق بين بورقيبة وصالح بن يوسف في مرحلة ما قبل الاستقلال
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
نشأة الطاهر بلخوجة وتدرجه في الوظائف
أحمد منصور:
ولد الطاهر بلخوجة في مدينة المهديه التونسية في شهر يونيو عام 1931.
تخرج من المدرسة الصادقية عام 50، ثم من المدرسة العليا للفلاحة عام 56.
انخرط في صفوف اتحاد الطلاب التونسيين عام 53، ثم أصبح أميناً عاماً للاتحاد عام 56، واستمر إلى العام 59.
عين في يناير عام 60 وزيراً مفوضاً ومديراً لديوان وزير الخارجية.
وفي يناير عام 61 عين قائماً بأعمال تونس في فرنسا، واستمر في منصبه إلى يوليو عام 61 حيث عاد إلى تونس بعد اندلاع حرب بنزرت.
عين بعد ذلك في ديسمبر عام 61 سفيراً لتونس في دول إفريقيا الغربية الثمانية، وكان مقيماً في داكار إلى العام 66
عاد بعد ذلك إلى تونس، وعين مديراً لمكتب أحمد بن صالح، الذي كان يجمع بين خمس وزارات في وقت واحد.
وبقي في منصبه إلى يونيو عام 67 حيث عين مديراً للأمن الوطني في تونس.
واستمر في منصبه هذا إلى ديسمبر عام 68.
عين بعد ذلك سفيراً لتونس في داكار ثم مدريد، ثم كاتباً للدولة للفلاحة عام 70، ثم وزيراً للشباب حتى العام 73.
عين بعد ذلك وزيراً للداخلية التونسية، واستمر في منصبه إلى ديسمبر عام 78.
بعد ذلك عين في فبراير عام 80 سفيراً لتونس في ألمانيا.(9/59)
وفي ديسمبر من نفس العام عين وزيراً للإعلام في حكومة محمد مزالي، وظل في منصبه إلى يونيو من العام 83.
عرف عنه أنه كان من أقرب الوزراء إلى الرئيس بورقيبة، والأهم الأقرب إلى زوجته وسيلة.
نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر وسيلة والحبيب بورقيبة.
مرحباً معالي الوزير.
ولدت في مدينة المهديه في شهر يونيو عام 31.
تخرجت من مدرسة الصادقة -التي تخرج منها معظم الزعماء التونسيين البارزين- في العام 1950.
التحقت بعدها في المدرسة العليا للفلاحة، وتخرجت منها عام 56.
كيف كانت طفولتك، ونشأتك، والمؤثرات الأساسية فيها؟
الطاهر بلخوجة: سيد أحمد منصور أولاً: أريد أن أقول كلمة وجيزة بادئ ذي بدء، وأعبر عن اعتزازي بلقائكم اليوم.
أحمد منصور: شكراً يا فندم.
الطاهر بلخوجة: اعتزازي كتونسي وكعربي على أساس أن.. أن تقديرنا لكم في.. في جهدكم لتكسير.. لكسر المحرمات، كسر المحرمات على أساس إنارة السبيل، ونحن في حاجة وفي حاجة كبيرة في العلم العربي لذلك، وحتى.. لنسعى ونجتهد بالنسبة للمستقبل خاصة، أولاً: وشكراً لاستضافتي استضافة (الجزيرة).
أحمد منصور: أنا اللي بأشكرك على أنك تجشمت المشاق ويعني شاركتنا في هذا، وهذا جزء أيضاً من مسؤوليتكم تجاه الأجيال.
الطاهر بلخوجة: وشكراً (للجزيرة) قناة (الجزيرة)، أولاً لنشاطها لإدارة السبيل كذلك، وهذا الحديث في قضايا.. ولخدمة قضايا العرب، وخاصةً لاستشفاف النظرة البعيدة بالنسبة لمستقبل البلدان.. البلدان العربية، وأيضاً صمودها بالنسبة..
أحمد منصور: إن شاء الله تستمر.
الاحتلال وأثره على نشأة الطاهر بلخوجة
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، طفولتي بالعام الثالث في الثلاثينات ككل الطفولات.. للجيل.. لجيل الثلاثينيات، والله الوقت الآن نرجع للوراء، وأتذكر في.. في عام 2001 ما كنا عليه في الثلاثينات نشعر إنه كنا.. كإننا كنا في عالم ثان، عالم آخر.
(9/60)
أحمد منصور: من أي المناحي؟
الطاهر بلخوجة: كانت حياة بدائية، حياة بدائية، وكنا تحت كلكلة السلطة الأجنبية.
أحمد منصور: الاستعمار الفرنسي.
الطاهر بلخوجة: الاستعمار الفرنسي.. والاستعمار الفرنسي لا هو مش كيف، الاستعمار الإنجليزي استعمار معناه استيطاني، والفرنسي في مستواه متوسط، وربما دليل موجود في كل المجالات، تجده شرطي في الحرس وفي جاندرما، وفي المدرسة.. المدرسة اللي كنا فيها المدرسة الفرانكو.. المدرسة الفرانكو العربية، اللي كانت تسمى آنذاك.
أحمد منصور: يعني الفرنسية كانت الأساس؟
الطاهر: الفرنسية كانت الأساس، وشوية التاريخ عربي الفرنسية أساس والمعلمين أساس، والمعلمين فرنسيين والمدير فرنسي، وفي الوقت أكثر من ذلك في.. في الأربعينيات في 48 وقت الحرب كنا.. كنا نصطف قبل ما ندخل للقسم ونتغنى بمارشيل بيتا ونقولها.. أقولها بالفرنسية وسأترجمها.
Mareshel Beta ne vous la du vatua (.....) de la france
يا مارشيل، نحن هنا أمامك أبناء فرنسا.
أحمد منصور: يعني مؤثرات هذا معالي الوزير عليكم أنتم تدرسون مناهج فرنسية، تهتفون لرئيس الوزراء الفرنسي كان (بيتا)؟ كان.. كان..
الطاهر بلخوجة: كان.. كان مارشيل، كان هو مارشيل.
أحمد منصور: مارشيل.
الطاهر بلخوجة: هو الذي استسلم بالنسب للألمان، وحكم عليه و..
أحمد منصور: معروف مارشال (بيتا) في الحرب العالمية الثانية. المناهج الدراسية التي تدرسونها فرنسية، المدرسون الذي يدرسونكم فرنسيون، ألم يكن لهذا أيضاً آثار سلبية على مكوناتكم وعلى نشأتكم؟
(9/61)
الطاهر بلخوجة: والله آثار سلبية فيها نوع ما، ولكن أنا أقول أن أصالتنا.. تغالبت على ذلك، لأن.. كنا في ذلك الوقت نشعر بهذا الغلبة.. بهذا الضنك، ولما نتذكر فيه اليوم نشعر بأكثر من ذلك، لأن التونسيين بصفة عامة في ذلك الوقت في الثلاثينيات، بعد 50 سنة من دخول فرنسا إلى تونس، لأن فرنسا دخلت سنة 1881، فالثلاثينيات كانت خمسين سنة، ودخلت من.. دخلت من الجزائر لتحمي استعمارها في.. في الجزائر، وفيه تاريخ لذلك مش لازم نحكي فيه هلا محاولة فرنسا لتجنيس التونسيين، على كل.. على كل نحنا مهما.. مهما كانت الكلكلة، ومهما كانت.. الوجود الأجنبي خرج منها واستقلينا عام.. عام 56.
أحمد منصور: كانت تونس في ذلك الوقت تحت حكم البيات الذي كان هو امتداد لحكم الدولة العثمانية التي كانت تونس جزء منها، وكان حكم البيات أشبه ما يكون بحكم ملكي، لكن في نفس الوقت كان هناك استعمار فرنسي، وكان هناك بعض التحركات والحركات الوطنية التي تنادي بالاستقلال من أبرزها الحزب الدستوري بشقيه الجديد والقديم، أين كان موقعك في ذلك الوقت من الحركات السياسية التي كانت موجودة في تونس؟
الطاهر بلخوجة: هو الحزب القديم تكون سنة 1920، وكان من.. من مؤسسيه عبد العزيز الثاني، وكان فيه صلاح فرحات، وكان فيه جماعة والقديم وإلى غير ذلك، وكان له مطالبته.. ومطالبته ربما مطالبته بدون تحرك كبير شعبي، الفارق بين الحزب القديم والحزب الجديد هو.. هو نزول الحبيب بورقيبة إلى الشعب التونسي، وجولاته العديدة والمستمرة في كامل أنحاء الجمهورية من أقصاها إلى أقصاها، وتحريك الشعب الذي كان منقسماً إلى عروش وإلى قبائل وإلى كذا وكذا على أساس الاستقلال، وبذلك نرى أن.. أن الحزب الجديد في ذلك مدة 30 سنة، وهو من سنة 34 إلى سنة 55 عشرين سنة هو بنفس.. بنفس الطريقة.
(9/62)
أحمد منصور: لكن كان هناك فوارق أساسية بين ما يدعو إليه الحزب الدستوري القديم وما دعا إليه الحزب الدستوري الجديد بزعامة بورقيبة، الحزب الدستوري القديم كانت منطلقاته عروبية، قومية، إسلامية، الحزب الدستوري الجديد كانت منطلقاته علمانية، كان لا يدعو للانفصال عن فرنسا، هناك كلمات ألقاها بورقيبة في وقت مبكر، يعني في سنة 37، قبل بورقيبة.. قبل بورقيبة يعني استمرار وجود فرنسا، وأعلن في.. في أكثر من مرة إن لا يعني إنه.. إنه قضية الثقافة الفرنسية والرعاية الفرنسية هي شيء لا يرفضه، فبالتالي كان هناك فوارق أساسية بين الحزب الدستوري القديم والحزب الدستوري الجديد حتى يفهم المشاهد الفوارق بين الاثنين، هنا تيار علماني يعني يتبنى الثقافة الفرنسية، يتزعمه بورقيبة مشى في اتجاه، وكان هناك تيار عروبي إسلامي بقيادة الثعالبي، لكن بورقيبة استطاع أن يتغلب على الثعالبي في العام 37، وأن يتغلب بعد ذلك، وأن يتمكن بعد من قيادة الحزب بشكل مطلق كما ذكرت في 55.
الطاهر بلخوجة: والله ظاهرياً ربما هذا.. هذا استنتاج، ولكن في الأصل بالنسبة للحزب القديم أو بالنسبة للحزب الجديد المطلب الأساسي هو تحرير البلاد، من غير شك كان الثعالبي عنده تكوين زيتوني، درس في جامعة زيتونة، وانتقل كثير من المرات إلى.. إلى البلدان العربية، وجاء من القاهرة، وله –من غير شك- توجهات.. توجهات وكما قلت أن توجهاته وأن تونس عربية مسلمة، ولكن بورقيبة لم.. لا.. لا أبداً ولا قال ضد ذلك أبداً، ولا تنكر أبداً يوماً ما بورقيبة إلى العروبة ولا إلى الإسلام، ولكن هي طريقة الخروج من الاستعمار، هذا الفرق ما بين هذا وذاك، أن بورقيبة يعتبر أن لا فائدة في مواجهة فرنسا الطاهر بلخوجة: بالحرب وبالسلاح، وإلى غير ذلك، ولكن السعي لسياسة كما قال.. يقول هو سياسة خرشوف.. خرشوف، الواحدة بالواحدة.
عمالة بورقيبة للإيطاليين
(9/63)
أحمد منصور: وهذا ما أدى في النهاية إلى أن يكون استقلال تونس في العام 56- وسنأتي إليه بالتفصيل- استقلالاً منقوصاً. الثقافة الفرنسية لازالت حتى الآن متغلبة عليكم أنتم التونسيين بشكل أساسي، علاقة بورقيبة، وهناك علامات استفهام كبيرة حول الأدوار التي لعبها بورقيبة في الحرب العالمية الثانية من عمالته للإيطاليين، وأنه كان يحمل رقماً في المخابرات الإيطالية، وسجنه على يد الفرنسيين، ثم الإفراج عنه بعد ذلك من خلال طلب من هتلر من الألمان حينما ثبت أنه كان رجلاً عميلاً للإيطاليين، ثم الأدوار العلامات الاستفهام الكثيرة التي تحيط بعمالته لبريطانيا ثم إلى فرنسا، ثم توسط الأميركان بعد ذلك، بعد الحرب العالمية الثانية لدى الفرنسيين للإفراج عنه.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، العديد من الأسئلة هذه، بس هي وهي.. تستلزم عليها جواب طويل عريض، ولكن أنا يجي لي الحل لاستنتاجكم الأخير، في هذا الموضوع –من غير شك- من قال أن بورقيبة عميل إلى الألمان وإلى.. عميل إلى الإيطاليين؟ قالوه الفرنسيين المعمرين في تونس، الوحيدين الذين…
أحمد منصور: كان له رقم.. كان له رقم في المخابرات الإيطالية 13120، كان هذا رقم عمالته للمخابرات البريطانية، دا رقمه الموجود، وبناء عليه قُبض عليه..
الطاهر بلخوجة: أنا لا أعرف.. لا أعرف كيف يدونوا الأرقام الإنجليز أو الألمان أنا لا، ولا أحد في الدنيا إلى اليوم.. الآن أن يشك في وطنية بورقيبة، أبداً، وطنية بورقيبة.
أحمد منصور: رجل كان يبحث عن دور.
الطاهر بلخوجة: رجل يا سيدي فرنسا سجنته.. سجنته لمدة 50.
أحمد منصور: بسبب عمالته للإيطاليين.
الطاهر بلخوجة: لأ أبداً.. لا أبداً، لا 50 عمالته أبداً الطليان والطليانيين هو نفسه يا سيدي..
(9/64)
أحمد منصور: صناعة الزعماء بتتم في بعض الأحيان عن طريق إن كان هناك تيار قومي عروبي إسلامي بيتزعمه الثعالبي، كان عملية إبراز بورقيبة تستدعي أن يُقبض عليه وأن يسجن على يد الفرنسيين، ثم يعاد مرةً أخرى بعد عامين على أن يكون زعيم، فيلتفت حوله الناس على إنه اعتقل من الاستعمار، ثم يثبت بعد ذلك أن الرجل كان عميلاً للإيطاليين لأنه توقع أن يتغلبوا، لكن حينما تأكد أنهم قد فشلوا بعد ذلك، و.. و دوره.. اللي كان بيذيعه من.. من الإذاعة في روما، كل هذه الأشياء مسجلة في الكتب وموثقة الآن ما أصبحتش أشياء مخفية.
الطاهر بلخوجة: يا.. يا سيدي.. يا سيدي، يا سيدي قبل يا سيدي عشان نرجع للتاريخ، عشان كده فيه.. فيه نوعاً ما من الالتباسات في هذا، لما سُجن.. لما سُجن بورقيبة سنة 40 هو الهادي نويرة و.. والجماعة، وسجنوهم في مارسيليا في سجن (سانيكولا) سنة 40، وكانوا في السجن من سنة 40 إلى سنة 44
أحمد منصور: نعم، مظبوط.
الطاهر بلخوجة: وفي سنة 42
أحمد منصور: من الذي توسط لإخراجهم من السجن؟
الطاهر بلخوجة: أنا جاي لك، أنا جاي لك سنة 42 قبل، بالتفصيل سنة 42 كتب بورقيبة رسالة إلى الحبيب سامر المشهورة، وطلب من التونسيين، وطلب من الحزب الدستوري وطلب من المناضلين بأن يكونوا مع المحور، يكونوا مع.. مع الأميركان و.. والفرنسيين، و.. و.. و.. كانت له رؤية خارقة، الدليل على ذلك أنه تنبأ بفشل الألمان وشاف أن وشاف الألمان والطليان، ولهذا أخذ.
أحمد منصور: لأنه كان.. كان.. على.. على.. على ثقة بأن الألمان والطليان سوف يفوزون، ولذلك كان عميلاً للطليان.
الطاهر بلخوجة: لأ أبداً، هو كان أبداً، هو في..
أحمد منصور: سُجن من الفرنسيين لأنهم اتهموه بالعمالة.. للإيطاليين، وكان لديهم وثائق.
(9/65)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. سُجن، لا.. لا أبداً.. أبداً سُجن، لا سُجن.. سُجن يا سيدي سنة 40 بعد أن المحاكمة التي كانت له مع (دوجيرا)، على أنه ضد فرنسا، وكذا و.. وضد الاستعمار، وضد الفرنسيين، غير ذلك. هذا سُجن.. سُجن.. لنشاطه الوطني.
أحمد منصور: عموماً مصادري.. مصادري.. مصادري.. مصادري
الطاهر بلخوجة: استني يا سيدي عشان أكِّمل، يا سيدي.. سيد أحمد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هناك معالي الوزير الآن أصبحت هذه الأشياء موثقة، مش في مصدر واحد، وإنما في مصادر كثيرة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا شوف، لا.. شوف يا سيد أحمد، معلش خليني أكمل، الأمور لأنها أمور كبيرة، ومالها خطيرة، ويجب أن يفهم التونسي والعربي ليفهم..
أحمد منصور: التونسيين كتبوا عنها، كتب عنها الصافي سعيد في كتابه، وكتب عنها مجلة الوطن العربي في.. في 16 مارس 90 كتباها بالتفصيل. كاتب محمود شاكر أيضاً بشكل مفصل.
الطاهر بلخوجة: لا.. خليني أكمل يا سيد، لا صافي سعيد يا سيدي، صافي سعيد أنا أعرفه، لا صافي سعيد يا سيدي أنا أعرفه إنه كاتب عنده تخمينات. لا.. لا شوف يا سيد.. يا سيد أحمد عايز أقول، سيد أحمد الصافي سعيد قرأت كتاب الصافي، وفيه عديد من التخمينات، والصافي هو كاتب
أحمد منصور: ليست تخمينات كلها مرجعيات يا سيدي، كل شيء كتبه رجع فيه إلى مصادره، وإلى شخصيات أساسية…
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا أنا أعرف، طيب يا سيدي أنا، يا سيدي أحمد عايز اسمعني أرجع إلى ما مازلت ماكملتش كلامي، أرجع إلى ما كنت أقوله حتى عام 40 سُجن بورقيبة في فورسانيكولا كما قلت..
أحمد منصور: بتهمة؟
الطاهر بلخوجة: بتهمة، سُجن بعد محاكمته وبعد استنطاقه –استني- استنطاقه من الوكيل العام (الدوجيرا)
أحمد منصور: الفرنسي.
الطاهر بلخوجة: الفرنسي وشهود الثعالبي، وشهادة الثعالبي وشهادة المصري، وشهادة الجميع كان كلهم تقريباً ضد بورقيبة.
[فاصل إعلاني]
(9/66)
أحمد منصور: شهدوا على أنه عميل للألمان.
الطاهر بلخوجة: شهدوا على أنه بورقيبة.. بورقيبة، أن.. أن بورقيبة هو يريد الكفاح المسلح، والكفاح ضد فرنسا، وأن هم الجماعة هما بالنسبة للتعامل مع فرنسا، كانت هذه حاجة أخرى ثانية هاديك مسألة داخلية ما بينهم، ولكن، ولما سُجن عام 40، عام 42 كانت له تلك الرسالة.. الرسالة التي، وكانت 42 ألمانيا في عنفوانها في الحرب، لم.. لما..
أحمد منصور: ما كانت بدأت تنكسر، وكانت المعالم.. كانت المعالم بدأت تتضح بأن الغلبة ستكون..
الطاهر بلخوجة: يا.. دا كان 47، ولكن 42 كانت الرسالة، كنت رسالة بورقيبة للدستور بين ما تمشوش مع الطليان، وما تمشوش مع الألمان، ابتعدوا عن الألمان –ثواني ما علهش، أكمل معلش- وابتعدوا عن جماعات المحور لأنهم خاسرين، لأنهم سيخسرون الحرب، وعليكم أن تربطوا خيوطكم مع الجنرال (ديجول)، مع الفرنسيين، ومع الأميركان لأن هم الرابحين، وإحنا.. ونحن نريد أن نكون في الصف.. الرابحين، ولا صف الفاشلين.
أحمد منصور: هذا يؤكد كلامي معالي الوزير
الطاهر بلخوجة: استني معلش.. استني معلش، لا.. لا هذا أودك تستني معلش.
أحمد منصور: معنى ذلك أنهم كانوا قبل ذلك مع المحور، مع الألمان والطلبان، وهذه الرسالة من بورقيبة في العام 42 تؤكد على أنكم ارتموا في الجانب الآخر وفي أحضان الآخرين.
الطاهر بلخوجة: لا عمرنا ما كانوا.. كانوا بعض، يا سيدي ما كان أمير الحسين وكانوا معنا بعض العرب، وكثير من الدول العربية ومن المسؤولين العرب كانوا مع الألمان وغير ذلك، وكنا عندنا تأثير، كان تأثير عند الشعب التونسي من طرف الألمان، و.. و
أحمد منصور: الوضع مختلف بالنسبة للأمير الحسيني، حتى نخلط الأمور في بعضها.
الطاهر بلخوجة: على كل.. على كل، كان هنالك.. كان.. كان هناك شعور، لأن إحنا كنا تحت المستعمر، وكنا من.. من غير شك الألمان كنا نعتبر أنهم..
(9/67)
أحمد منصور: تحت المستعمر تطلب من الناس أن يكون ولاءهم للمستعمر، لأن المستعمر هو الرابح الآن!!
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا أبداً.. أبداً، يا سيدي والله يا سيدي أحمد، والله أقول لكم يمكن يا سيدي، والله ولا واحد في التاريخ، في.. في.. يكتب تاريخ أو يقول كلمة و.. و.. ويمكن يصف بورقيبة بالعمالة، ما أياً كان أبداً
أحمد منصور: الراجل له رقم.. له رقم يا سيدي، ما هو كل، الآن كل شيء العمالة الآن لها مائة تغطية.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. يا سيدي، ما علهش.. لا.. لا استني يا سيدي شوف بورقيبة.. بورقيبة سُجن مدة 15 سنة عدى ما يقرب من 6 أو 7 سنوات في السجون
أحمد منصور: حتى يُصنع منه زعيم.
الطاهر بلخوجة: استني يا سيدي، استني.. سجون.. في السجون كانت منافي، سجون فرنسية، في سجون تونسية وفي سجون فرنسية في مارسيليا وفي ليون، وكان في المنفى في الجنوب في رمادة، والمنفى في.. في جزيرة (لجاليت)، والمنفى في.. في جزيرة (لكوروا)، وكان نفس الوقت، في نفس الوقت.. ينادي ويشتهي ويشاهد لـ.. لف المجموعة
أحمد منصور: جزء من صناعة الزعامة
الطاهر بلخوجة: أنا صح، زعيم.. زعيم كان يعتبر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وثبت أن كثيراً من الزعماء المصنوعين يكون السجن مرحلة من مراحل صناعتهم.
(9/68)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي هو زعيم، لا.. لا زعيم مصنوع أو غير مصنوع هو يعرف نفسه أنه سيكون زعيم، وثابت في نفسه، وعمل على الزعامة، وإحنا كنا نعتبره كزعيم لتونس. ثم بعد ذلك يا سيدي خروجه من.. من السجن في اليوم –اللي تحدثت عليه أنت- عام 43 كان (كلوس باربي) هو اللي جاء، (كلوس باربي)… الألماني المشهور الذي حكم عليه في فرنسا هو الذي جاء وفتح الزنزانة وأخرج بورقيبة وجماعته من السجن، وطلبوا منه بأن يكون له بيان بالنسبة لمستقبل تونس تحت الطاليان، أبداً، امتنع عن ذلك، وكان خطابه في.. في.. خطابه معروف، مشهور في إذاعة.. في إذاعة.. في إذاعة روما، وقال أن قبل كل شيء هو استقلال تونس، بعد استقلال تونس سننظر في معاملاتنا وفي اتصالاتنا مع الطليان ومع غير ذلك، ولهذا في هذا الميدان رأوا مهوش أبداً أن بورقيبة.. يُتهم بذلك، يمكن أن يتهم بكل شيء إلا بالعمالة لأن وطنيته.
أحمد منصور: الوثائق.. الوثائق موجودة، ويمكن للناس أن تعود إليها ومن حقك أن تدافع عنه.
الطاهر بلخوجة: التاريخ.. التاريخ.. التاريخ.. التاريخ.. التاريخ يقول ذلك، ولكن هذه أول مرة اسمع إنه عنده معناها عدد.. عدد مخابرات الإيطالية، و
أحمد منصور: لا عنده رقم.. رقم يا سيدي.
الطاهر بلخوجة: أيش كون قاله.. قاله الصافي؟.. الصافي يقوله؟
أحمد منصور: لا هذا موجود في محمود شاكر مُوثق معلوماته وموجود في الوطن العربي الصادرة في 16 مارس 1990
الطاهر بلخوجة: شو محمود شاكر هذا؟ كيف، معنى هذا، هذا كاتب عربي قاله، أدى كل الدنيا كلها، لا.. لا قالوه أعدائه الفرنسيين، ولا قالوه الأميركان.
أحمد منصور: إزاي، الفرنسيين سجنوه بتهمة إيه؟ بتهمة إنه عميل للإيطاليين
الطاهر بلخوجة: يا سيدي اسمعني، لا أبداً، يا سيدي اسمعني
(9/69)
أحمد منصور: ولم يُفرج عنه.. لم يفرج عنه من الفرنسيين، وإنما أُفرج عنه حينما جاءت حكومة (فيشي) الموالية للألمان في.. في فرنسا، وهي التي أفرجت عنه بطلب من هتلر نفسه.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا طلبت منه، لأنه هتلر في ذاك وبضغط من (موسوليني) والجماعة كانوا يريدون أن.. ننغمس وأن نقول كلمتنا بالنسبة لمستقبلنا مع.. مع الطليان، أبداً.
أحمد منصور: انخرطت في اتحاد الطلبة في العام 53.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، بالنسبة للموضوع هذا معلش قبل ما نتم، معلش قبل الموضوع هذا بتاع العمالة، بتاع بورقيبة، شيء فقط أقوله لكم للتاريخ: أن في وقت ما سنة 44 قلت أن ناصف بيَّه أتُهم بالعمالة مع.. مع الألمان، وأزيح عن.. عن الكرسي.. في عام.. في العام 44 بانتهاء الحرب كان الفرنسيين في تونس أرادوا أن يتهموا بورقيبة بالعمالة، ومن بيَّن أن ذلك غير صحيح هو القنصل الأميركي (دوليكل)
أحمد منصور: طبعاً.
الطاهر بلخوجة: الذي عرفه.. الذي عرفه بورقيبة، والذي قال إذ ذاك أن ما يعرفه عن بورقيبة وما سمعه عن بورقيبة وما كتبه بورقيبة، واتجاهات بورقيبة كلها كانت ضد المحور، وكانت مع.. مع المحور، مع الأميركان وضد.. وضد الطليان وضد الألمان.
أحمد منصور: طيب هذا الآن أنت حسمت الأمور، الرجل بدأ يتوجه إلى الأميركان، والأميركان بالفعل هم الذين تدخلوا لدى الفرنسيين
الطاهر بلخوجة: لا.. لا..
أحمد منصور: الأميركان هم الذين تدخلوا لدى الفرنسيين- والتفصيلات مذكورة في الكتب حول هذا الموضوع- لكي يصبح بورقيبة هو رجل الأميركان بالدرجة الأولى، وأن يُكسب الفرنسيين ثقتهم فيه مرةً أخرى بعدما كان عميلاً للطاليان في تلك المرحلة.
الطاهر بلخوجة: لم يكن عميلاً، لا إلى الطليان ولا إلى الفرنسيين، ولا إلى الأميركان، وفي ذلك معنا حجج طويلة عريضة، ويمكن أن نتحدث فيها ساعاتٍ طوال، لا يمكن أن يكون عميلاً للفرنسيين الذين.. الذين.. خرج مع.. الذين..
(9/70)
أحمد منصور: أنت الآن قلت معالي الوزير إن القنصل الأميركي قال إن الرجل كل شهادته كلها لصالح.. لصالح الأميركان ولصالح الفرنسيين، غيَّر الرجل اتجاهه.
الطاهر بلخوجة: هو قال كلمة حق، لا.. لا، وهل تظن أن كانوا، ولكن أنت هل تفكر الأميركي (دوليكل) كذب على حكومته؟
أحمد منصور: لأ مش كذب، دا قال الصدق، لأن طبعاً، الرجل بقى راجلهم
الطاهر بلخوجة: .. قال الصدق، الصدق على أن الرجل هذلك ما كان.. ما كان عميل، لأ، قال أن هذا الرجل لم.. لم يكن عميل.
أحمد منصور: ليس رجل.. لم يعد رجل الطليان، وإنما أصبح رجلنا نحن
الطاهر بلخوجة:.. طيب حاجة أخرى، طيب نبدأ الشيء بالشيء، أنت ربما حكيت أنت بورقيبة عميل للألمان.
أحمد منصور: ما هو غير طبعاً بعد الحرب العالمية الثانية.
الطاهر بلخوجة: طيب.. طيب أنا أتفق في هذا
أحمد منصور: وأنا قلت إن الأميركان لعبوا دور كبير في الشفاعة لدى الفرنسيين لتغيير الصورة عندهم.
الطاهر بلخوجة:.. أعتبر نفسك يا سيدي أحمد، شيء ثاني إحنا أولاً نتفق مع بعضنا أن كونه بورقيبة ما كانش عميل للألمان والطليان، طيب هنتفق في دي
أحمد منصور: لأ، كان عميل، وانتهت المرحلة، وأنت قلت في سنة 42 لما لقى الدائرة ستدور على الألمان والطليان بدأ يغير اتجاهه وأرسل رسالة للآخرين.
الطاهر بلخوجة: لأ، لأ.. لأ.. لأ هو، كان يا سيدي هو في السجن وقتها، هو في السجن، ولكن كانت عنده رؤية، وتنبأ بذلك.. تنبأ بذلك، كما تنبأ بالنسبة للقضية فلسطين للتو نحكي فيها
أحمد منصور: زي ما كان متنبه إن الطليان والألمان هيكسبوا قبل كده.
الطاهر بلخوجة: لأ.. لأ.. لأ.. لأ هو تنبه وعرف، وهذا.. إحنا.. إحنا في تونس كلها كباراً وصغاراً، وتاريخاً وما مجداً وغير ذلك نعترف ببورقيبة برؤيته، بالنسبة إنه خلصنا.. خلصنا من.. من هذه التهمة، من هذه التهمة
(9/71)
أحمد منصور: أنا لا أتهم رؤية الرجل، ولا أوقع عليه اتهامات، ولكن أنا أمامي حقائق وأمامي تاريخ باقرأه، وبأسألك عنه
الطاهر بلخوجة: يا سيدي شوف، هذه.. هذه بالنسبة.. بالنسبة.. بالنسبة للطليان، وبالنسبة للألمان تمناها إنه كونه بورقيبة ماهوش عميل، ومتفقين أنا وياك..
أحمد منصور: لا.. لا أنا مش متفق معك طبعاً، أنا الكلام اللي قدامي بيقول شيء آخر، أنا بأطرح الرأي الآخر في الموضوع، وأنا لا أتهم الرئيس في شيء، ولا أتهم هذا وذاك، ولكن أنا أمامي معلومات بأطرحها.
الطاهر بلخوجة: على كل حال، طيب، طيب، أنت الرأي الآخر طيب، الحاجة الثانية هو كونه.. هو كونه بالنسبة للأميركان بالنسبة للأميركان، وعمالته للأميركان.. وقتها، وبعدها هذا يمكن الحديث فيه، لأنه هو أولاً بورقيبة لم
أحمد منصور: ما ذكرته عن القنصل الأميركي يؤكد أن الرجل الآن أصبح في أحضان الأميركان.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي كان.. كان مع، كان له اتصال مع القنصل الأميركي حتى يستعين به ضد فرنسا، وقلت..
أحمد منصور: و.. ونجح في ذلك، وحمته.. وحمته..
الطاهر بلخوجة: ونجح في ذلك، لا.. لا نجح في ذلك، على الأقل نجح علشان.. على الأقل نجح..
أحمد منصور: أميركا حمته وأصبح لها نفوذ في منطقة شمال أفريقيا من خلال علاقتها ببورقيبة، حتى أنه نجح في دعوة الرئيس روزفلت بعد ذلك لزيارة تونس.
الطاهر بلخوجة: لا، حتى أبداً.. أبداً إحنا.. يا سيدي لم نشترك، تونس لم تشترك في.. في.. في.. المنظمة الأطلسية (لوتار).
أحمد منصور: لا تشترك علناً، لكن لها اتفاقاتها السرية وتحركاتها..
الطاهر بلخوجة: لا، تونس لم تشترك في معاهدة بغداد والتي اشتركت فيها..
أحمد منصور: حلف في بغداد؟
الطاهر بلخوجة: بغداد إذن..
أحمد منصور: إيه اللي هيوديها لبغداد؟ هي.. هي موجودة..
(9/72)
الطاهر بلخوجة: وتونس محترمة، وبورقيبة كان محترم لمواقفه، ولمعنى مواقفه المعتدلة، لرؤيته، ولي معناها، كذلك وطنيته، وليش ليه تونس هي كُبرها وحج حجمها، وحجم بورقيبة حتى معناها نريد أن نؤثر عليه، وأن نقتبسه وأن.. أبداً بكل بساطة كنا بلاد صغيرة، وكان لنا رئيس وطني، وكنا نريد أن نعيش واخترنا، اخترنا يا سيدي الطريق الموصل، اخترنا الطريق الموصل على أساس.. على أساس المراحل، وتبين أن سياسة المراحل وسياسة الخرتشوف.. الخرتشوف معناها موصلة.. موصلة خذ وطالب، خذ وطالب، وكان معناها.. المراوغة و.. والاصطدام مع.. الفرنسيين، ودام ذلك 30 سنة مع فرنسا وغيرها
أحمد منصور: سنأتي إلى التفصيلات.
الطاهر بلخوجة: ثم ثانياً اخترنا.. اخترنا يا سيدي الحداثة والتكنولوجيا، لم نختار الشيوعية، وقال أبو رقيبة من 56، وقت الناس العرب وغير العرب.
أحمد منصور: وتخليتم عن العروبة والإسلام.
الطاهر بلخوجة: وكلهم منغمسين، منغمسين في الاشتراكات، ومنغمسين في الأيديولوجيات ومنغمسين، وكان يقول أبداً احتاطوا يا ناس.
أحمد منصور: انغمس في الاشتراكية فترة طويلة، فترة أحمد بن صالح، سأتي إليها بالتفصيل.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. لا هذا راح نحكي عليها أبداً، ما هو على أساس في غطاء الاشتراكية، ولكن كان هو كان يريد تنمية البلاد، ولكن هو..
أحمد منصور: المهم قضاها في التخبط بين الشرق والغرب.
الطاهر بلخوجة: الخطب تباعه الخطب تباعه.. الخطب تباعه موجودة له.. الخطب تباعه موجودة لهذا، أنه كونه وقال بصراحة كاملة، أنا أختار التكنولوجيا، أختار الحداثة، أختار القيم، اختار.. وهكذا.. وهكذا يا سيدي،
أحمد منصور: وأتخلى عن العروبة وأتخلى عن الإسلام وأتخلى عن الروابط التي تربطني بالعرب.
الطاهر بلخوجة: لا أبداً أبداً وهكذا نجحت تونس، وهكذا تونس لم تصل…
أحمد منصور: نجحت في إيه؟
(9/73)
الطاهر بلخوجة: نجحت في أن تكون لها دولة لم تصرف ثلث.. ثلثي أموالها في.. في التسلح كما كان ذلك بالنسبة لجيراننا، أو بالنسبة لأكثر البلدان العربية.
أحمد منصور: لكن أُنفقت.. أُنفقت على الأمن، وقمع الناس.
الطاهر بلخوجة: أُنفقت لا.. لا أبداً، أُنفقت لتنمية تونس، والأمن سأتحدث إليه، هذا الوضع، لأن كان صداقته لأميركا، وصداقته للدول الغربية، واقتناعه.. واقتناعه بالقيم الغربية..
أحمد منصور: أيه معنى صداقته؟
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا.. اقتناعه وهذا كان ساعده على أن كان ألقى المساعدات الكافية.. المساعدات الكافية لتنمية البلاد، والحمد لله، هذا هو..
أحمد منصور: طبعاً لأنه من البداية قال لهم أنا رجلكم، فبالتالي وقفوا إلى جواره الآن.
الطاهر بلخوجة: لا عمره ما يقول أنا رجلكم، هو إذا.. وهذا معناه من السذاجة.
أحمد منصور: هذه شهادة القنصل الأميركي في 44..
الطاهر بلخوجة: لأ، ما قالش.. القنصل عمره ما قال هو رجل.. هو رجل أميركا أبداً.. أبداً، تلك سذاجة سياسية، أنا كوني وزير مسؤول سياسي.
أحمد منصور: يا معالي الوزير..
الطاهر بلخوجة: وزعيم سياسي أقول أنا.. أنا رجلكم، ويبيع نفسه.. يبيع نفسه للأميركان، أنا رجل أميركا لا.. لا.. لا..
أحمد منصور: يا معالي الوزير ما تتقالش بالشكل ده، يا معالي الوزير لا تقال بهذا لا.. لا تُقال بهذه اللغة، ولكن هناك لغات كثيرة لقولها.
الطاهر بلخوجة: لأ، أبداً.. أبداً يا سيدي بين الأميركان وبورقيبة كان احترام خارق للعادة كان تقدير كبير، لكان مواقف بورقيبة بالنسبة لفيتنام، بالنسبة للشيوعية، وبالنسبة للمحور، وبالنسبة للحرب، بالنسبة لفلسطين، بالنسبة لأي شيء تبيَّن أنها على حق أكثر من عديد من الرؤساء.
أحمد منصور: طبعاً على حق بالنسبة لمفاهيم الغرب، ولكن على باطل بالنسبة للعرب.
الطاهر بلخوجة: لا.. على حق لا.. على حق بالنسبة للواقع.
(9/74)
أحمد منصور: وبالنسبة للحق العربي..
الطاهر بلخوجة: والجنرالات.. الجنرالات، الذين اختاروا الشيوعية يا سيدي وكيف غينيا، كيف مصر، كيف.. كيف عديد من البلدان الشرقية أينما كانوا وأين هم اليوم؟ خمسين سنة وهو تحت البوتقة السوفيتية، تقوله اليوم ما كنا نقوله إذ ذاك ولو دخلنا معهم كذلك..
أحمد منصور: لا يختلف وضعهم كثيراً عن تونس الآن..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا يا سيدي، على كل..
أحمد منصور: أنتم دولة مدينة أيضاً مثلهم..
الطاهر بلخوجة: خمسين سنة يا سيدي أنا كنت كاتب..
أحمد منصور: دولة مليئة بالقمع مثلهم.
الطاهر بلخوجة: أنا كنت كاتب عام اتحاد الطلبة وكنت أزور تلك البلدان الشرقية وكنت شفت مع أن تلك.. كيف كانت الكلكلة الإنجليزية وكانت..
أحمد منصور: نفس الاستبداد.
الطاهر بلخوجة: آه الكلكلة الإنجليزية والكلكلة.. الكلكلة الفرنسية.
أحمد منصور: نفس الاستبداد والطغيان..
الطاهر بلخوجة: شيء ثاني.. شيء ثاني بالنسبة للكلكلة السوفيتية يا سيدي، 50 سنة وأولئك البلدان تئن.. تئن، أنا الآن أنا ليس ضد الشيوعية، ولكن ضد الـ System السوفيتي والـ System الشيوعي الذي.. الذي معناها البلدان هادول الشرقية كلها وعديد من البلدان العربية قاست خمسين سنة نصف قرن على حساب تنمية بلادهم، بورقيبة لأ خارج ذلك، يا سيدي.. يا سيدي.. يا سيدي..
أحمد منصور: بورقيبة عيِّش البلد في شكل من الطغيان والديكتاتورية بلا حدود..
(9/75)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. أنا أقول الحكاية، إحنا يا سيدي.. إحنا نحكي وهذا معناه انتماء.. انتماء بورقيبة للغرب وانتماؤه للحضارة وانتماؤه لتحديد شيء، وصلنا إلى ما ها نحن عليه اليوم من رجالات ومن تكوين ومن تفكير وغير ذلك، والانتماء، البلدان الأخرى إلى السوفييت وإلى الشرق وإلى الحرب الباردة وأنا كنت سفير في أفريقيا وأعرف أنا كيف أن كيف أيش كان (سنسكتوري) خدم الشيوعية وكيف كان معناه (سنجور) خدم الغرب، كيف أيش كان.. كنت أعرف وكنت كاتب عام اتحاد الطلبة وكنا مشتركين في الاتحاد العالمي للطلاب الذي كان هو شيوعي وأعرف ما له وما عليه وسافرت إلى (بيكا) وأعرف وأنا، الآن بعد 50 سنة ونحن سعداء أن عشنا بعد 50 سنة، بعد اندثار الشيوعية واندثار النظام الشيوعي يتبين لنا ما هي كانت حقيقة الأمر، ويجب أن نعترف بأن من.. من ارتمى في أحضان الشيوعية كان غالطاً.
أحمد منصور: في عام 1950 رأيت بورقيبة للمرة الأولى في حياتك..
الطاهر بلخوجة: نعم، رأيت..
أحمد منصور: كيف كان تأثير هذه الرؤية عليك وعلى علاقتك به بعد ذلك؟
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي أنا رأيت بورقيبة عام 50 في (المهدية)، المهدية وجاء بورقيبة وقتها للاجتماع ولتحريك الشعب التونسي وخاصة في المناطق الساحلية، مناطق البادية وغير ذلك، وهذه كانت من مميزات بورقيبة أنه ما كان كجماعة الحزب القديم في المكاتب ويعلنون على بيانات ويطالبون باستقلال هذا.. هذه الخاصية لبورقيبة والذي بدأ حبناه، ولماذا هو كان شعبي، لم يكن شعبوي، بل كان شعبي، ولم يكن طاغي وديكتاتوري كما يقال وكما.. وكما..
أحمد منصور: لا، لا كان حاكماً عادلاً!!
الطاهر بلخوجة: لا، ماكنش حاكم عادل، ولكن كان شعبي على أساس.. على أساس كان على اتصال دائماً ومستمر بالشعب التونسي من 37 إلى حتى الثمانينات، يا سيدي الديكتاتوري يحكم من برجه العاج ويعطي أوامر ويقتل ويذبح؟ أبداً، هذا يا سيدي..
(9/76)
أحمد منصور: هذا كان ديمقراطي وعادل جداً!!
الطاهر بلخوجة: لا، هذا بدون.. بدون أنا كنت مسؤول عليه وعلى أمنه.
أحمد منصور: سنأتي بالتفصيل معالي الوزير لكل شيء.
الطاهر بلخوجة: سنأتي بالتفصيل يا سيد.. كان يا سيدي من.. يطوف البلاد من أولها إلى آخرها ويحكي لهم ويتحدث إليهم وكان هناك..
أحمد منصور: ويهددهم ويسحقهم..
الطاهر بلخوجة: لا، ما فيه أعطني تهديد، إحنا عملنا..
أحمد منصور: سآتي.. سآتي بالتفصيل، أنت رأيته للمرة الأولى في عام 1950..
الطاهر بلخوجة: أيوه يا سيدي رأيته للمرة الأولى 50 ورأيته عن بعيد، وككل.. ككل التونسيين معناها، فرحنا برؤية زعيم البلاد، زعيم البلاد.. وبعدين بعد.. بعد الخمسينات كان اللقاء الثاني بتعرف في سنة بعد خمس سنوات، بعد سأحكي فيها.
[فاصل إعلاني]
انخراطه في اتحاد الطلاب وتأثير الاتحاد على الشارع السياسي
أحمد منصور: انخرطت في اتحاد الطلبة في العام 1953 وكان هذا بداية نشاطك السياسي، في العام 54 أصبحت نائباً لرئيس أو الأمين العام لاتحاد الطلبة، وفي العام 56 إلى 59 أصبحت أميناً عاماً للاتحاد العام لطلاب تونس، الاتحاد العام لطلاب تونس كان في ذلك الوقت يمثل نبضاً سياسياً للطلبة، كان له تأثير على.. على الشارع السياسي، كان صوته مسموع، كان له قضايا، كيف كان الوضع بعد ذلك؟ وكيف قمعتم اتحاد الطلاب بعد ذلك..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي..
أحمد منصور: حينما توليتم مسؤوليات الأمن؟
(9/77)
الطاهر بلخوجة: اتحاد الطلبة يا سيدي من.. من الاتحادات من المنظمات الطلابية التي نعتز بها جميعاً في.. في تونس وغير تونس، تكونت سنة 52.. 52 قبل الاستقلال وقبل معناها.. وعلى يد الأخ عبد السلام، ثم ناصر معلوي واتحاد الطلبة كانت مدرسة.. كانت مدرسة بالنسبة للإطارات التونسية وخاصة منها التي كانت في فرنسا، على أساس إنّا كنا نجتمع في فرنسا ونتحدث، وكان اتحاد الطلبة يجمع كل التيارات إذ ذاك.. إذ ذاك، إلى سنة 61..
أحمد منصور: أبرز التيارات التي كانت موجودة في ذلك الوقت؟
الطاهر بلخوجة: 61، أبرز التيارات كانت اليسار والماركسية والشيوعية والقوميين العرب وإلى غير ذلك، كل التيارات، وكنا حريصين أن تكون كل التيارات موجودة في اتحاد الطلبة، حتى يكون لنا.. يكون (...) ويكون معناها.. وكنا نقضي ساعات طوال في الحديث وفي الجدال وفي الجدل، ولكن كان اتجاهاتنا –بغير شك- اتجاهاتنا يسارية، تقدمية كانت لها تأثير اليسار علينا أكثر من تأثير الجماعات الأخرى وإلى غير ذلك، ولكن كان.. كان الاتحاد.. كنا.. كنا اتحاد الطلبة في عام.. من عام 54 وأخذت أنا المسؤولية عام 56 كأمين عام إلى سنة 59.
أحمد منصور: حينما انتخبت أميناً عاماً استطعت أن تفوز على مرشح الحزب الدستوري وكان في ذلك الوقت محمد عمامو..
الطاهر بلخوجة: والله مش مرشح الحزب، ولكن كان مُساند من الحزب.
أحمد منصور: مساند من الحزب..
الطاهر بلخوجة: كان مساند من الحزب على أساس..
أحمد منصور: أنت كنت تميل إلى أي اتجاه سياسي في تلك المرحلة؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أنا كنت أنا لا.. ما أنا كنت معناها من غير شك حزبي وبورقيبي ومعناها ولكن ما كل معناها..
أحمد منصور: كنت تميل إلى اليسار؟
الطاهر بلخوجة: كنت لا.. كنت أميل لليسار ولكن لا أريد أن أتحدث عن نفسي، ولكن أقول بأن أنا كنت..
أحمد منصور: أنت الشاهد هنا، الناس لابد أن تعرفك..
(9/78)
الطاهر بلخوجة: لا، كنت على كل حال متفتح.. متفتح أكثر من.. من عديد..
أحمد منصور: مفهوم متفتح؟ إحنا عايزين نعرف مفهوم المتفتح..
الطاهر بلخوجة: متفتح.. وكان.. لا الأساس هو كان الحزب إذ ذاك في.. في 56 وقبل، ككل الأحزاب كان يحاول أن يحط.. يمد يده على كل الهياكل الموجودة المنظمات الموجودة كانت طلابية أو عمالية، حتى يكون هو الفائز ويكون هو.. وخاصة أن كنا الحزب الواحد إذ ذاك، وكان هو الحزب الذي يجب أن يسيطر على كل شيء، وكان.. ربما كان.. كان يحاول أن يسيطر نوعاً ما على.. على اتحاد الطلبة، ودفع بالمرشح إذ ذاك ليكون أميناً عاماً، أمين الحزب واختار الإخوان أنك ربما أقل الضررين، أخف الضررين لم أكن يا سيدي بأحكي معهم ولكن أخف الضررين، حتى إذا.. أصون نوعاً ما استقلال اتحاد الطلبة، وكان ذلك المسار إلى سنة 61 ولما 61 وضع الحزب يده على اتحاد الطلبة اندثر اتحاد الطلبة.
أحمد منصور: يعني بدأ القضاء على..
الطاهر بلخوجة: اندثر وتفكك..
أحمد منصور: بدأ القضاء على اتحاد الطلبة حينما تمكن بورقيبة من القضاء على خصومه ومن ثم القضاء على كل القوى السياسية الأخرى التي كانت تنافسه..
الطاهر بلخوجة: لا، والله مش ارتباط مع هذا.. مش ارتباط مع هذا، مش مسألة خصوم.
أحمد منصور: ما معنى ذلك؟ ما معنى ذلك إن اتحاد الطلبة كان يمثل نبضاً أساسياً ولا زال الطلاب حتى الآن في معظم أنحاء العالم ولكن في العالم العربي أنتم قمعتم الطلاب قمعاً شديداً والآن..؟
الطاهر بلخوجة: لا، لم يكن هناك.. لم يكن هنالك قمعاً يا سيدي، شو القمع مادخلناش السجون، ما قتلناش أبداً، ما قاتلوناش الحزب، ما قاتل الطلبة.. وما.. ما دخلتش ليه؟ الحزب سياسياً أراد أن يضع يده على منظمة طالبية.
أحمد منصور: على كل شيء..
الطاهر بلخوجة: هذا معقول..
أحمد منصور: وأن يقضي على كل المنافسين..
(9/79)
الطاهر بلخوجة: لا، ما ليقضي على المنافسين ولكن يضع يده حتى يحتكم فيه نوعاً ما ويكون في مسيرته، لأن..
أحمد منصور: كان هناك نبض بعد ذلك لاتحاد الطلبة وتغير في توجهاته في السبعينات والثمانينات، لكن لو رجعت للفترة الأساسية التي كنت فيها أميناً عاماً، ما هي القضايا الأساسية التي كنتم تحملونها كطلبة في ذلك الوقت؟ وكيف كنتم تمثلون نبضاً بالنسبة للشارع التونسي؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي إحنا عشنا فترتين في اتحاد الطلبة في الوقت اللي أنا كنت موجود في اتحاد الطلبة، أولاً: اليوسفية والانشقاق الطالبي، لما كانوا..
أحمد منصور: هؤلاء الذين ينتمون إلى صالح بن يوسف..
الطاهر بلخوجة: لما كان.. لما كان موضوع صالح بن يوسف سنة 55 كان هنالك جدال طويل عريض في الاجتماعات الطالبية حول معناها الأزمة اليوسفية وحول الفتنة اليوسفية وحول جماعة بورقيبة وجماعة بن يوسف، إحنا حساسين في ذلك، وآخر المطاف..
أحمد منصور[مقاطعاً]: صالح بن يوسف.. بورقيبة كان رئيس للحزب الدستوري وصالح بن يوسف كان أميناً عاماً، وكلا الرجلين كان توجها مختلف عن الآخر، كان بورقيبة يميل إلى الغرب –كما ذكرت- وإلى التفتح وإلى كذا، وكان صالح بن يوسف يميل إلى العروبة والقومية والانغلاق بالمفهوم الآخر يعني..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي التو نحكي على صالح بن يوسف مش وقته..
أحمد منصور: لا، سنأتي له بالتفصيل صالح بن يوسف.
(9/80)
الطاهر بلخوجة: سنأتي له بالتفصيل، ولكن الأساس هو كان إذ ذاك الانشقاق حول الاستقلال الداخلي هل نرضى بالاستقلال الداخلي أم لا؟ هل نمشي مع صالح بن يوسف الذي قال أن الاستقلال الداخلي هو خطوة لورا أو نتفق مع بورقيبة الذي يعتبر أن هي خطوة إلى الأمام؟ طيب.. كان هنالك جدال في هذا.. في هذا الموضوع، مش على أساس هذا قول واختيار الأشخاص، اختيارنا كان حديثنا وكنا نسعى في حديثنا في الاتحاد على أن نتحدث في.. في صلب المواضيع، لا على الأشخاص، وكذلك نفس الشيء بالنسبة للانشقاق الاتحاد.
أحمد منصور: كان هناك ميل في الاتحاد إلى تأييد صالح بن يوسف..
الطاهر بلخوجة: كان نوعاً ما من الميول كانوا من غير شك المسمى.. التركيبة.. تركيبة المجتمع التونسي، إذ ذاك كانت معناها التركيبة الشمال اللي كانت الجماعة الآخر الذين درسوا في جامع الزيتونة ودرسوا.. كانوا ميالين نوعاً ما إلى القومية العربية وكانوا يتأثروا نوعاً ما بذلك واستعمل.. بن يوسف ها الشعور هذا العربي ونجح فيه نوعاً ما وكان بورقيبة.. خارج من.. وذلك بدون أن يكون مع.. فيما يخص الغرب و.. كان.. كان له سياسة واختار الاتحاد سنة 55 بأن يكون معه بأن يساند بورقيبة هذا.. هذا أساس بعد جدال طويل عريض، ثم المحور الثاني الذي عشناه وكان.. وكان ذلك.. ذلك كان صعباً، وفي.. صعب هو كان موضوع الانشقاق العمالي لما أزيح بصراحة هذا الاتحاد..
أحمد منصور: الاتحاد التونسي العام للشغل..
الطاهر بلخوجة: التونسي للشغل، وكان.. وكان اتحاد الطلبة لوحدة الشغالين، يعني..
أحمد منصور: العمال..
الطاهر بلخوجة: لأن انقسم إذ ذاك اتحاد الشغل وكان معناها اتحاد مع الحبيب عاشور..
أحمد منصور: كان يمثل قوة رئيسية على الساحة السياسية في ذلك الوقت.
الطاهر بلخوجة: قوة رئيسية.. قوة رئيسية..
أحمد منصور: وظل.. ظل بعد ذلك.
(9/81)
الطاهر بلخوجة: ما الوقت.. الوقت فرحات حشاد –الله يرحمه- فرحات حشاد كان هو الثاني.. مع بورقيبة، وقبل صالح بن يوسف قال..
أحمد منصور: كان مؤسس الاتحاد..
الطاهر بلخوجة: هو لو لم يكن فرحات حشاد لما كانت الأمور تجري بصفة..
أحمد منصور: فرحات حشاد كان مؤسس الاتحاد وقتل..
الطاهر بلخوجة: كان مؤسس الاتحاد وكان، وطني وكان ساعد بورقيبة وكان هو الأساس بالنسبة للحزب الاشتراكي الدستوري، وهم الاثنين هم الذين قادوا الحقيقة البلاد إلى الاستقلال..
الانشقاق بين بورقيبة وصالح بن يوسف في مرحلة ما قبل الاستقلال
أحمد منصور: أنتقل الآن إلى محور الاستقلال وهو محور هام للغاية بعد ما خرج بورقيبة من السجن في 42 سُلِّم للقنصل الإيطالي وذهب إلى روما وغير ذلك، ثم جاءت شهادة الأميركان كما ذكرت أنت وبدأ الفرنسيين يساومون مرة أخرى على الرجل.
اعتقل بورقيبة في 17 يناير 1952 وظل معتقلاً إلى أن عاد إلى تونس في غرة يونيو 1955.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: في 31 يوليو 54 عرض (منداس فرانس) رئيس وزراء فرنسا في ذلك الوقت على الأمين (باي) نظام حكم ذاتي يسمح بتشكيل حكومة تونسية من خلال الاحتلال الفرنسي.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: حينما عاد بورقيبة في غرة يونيو 55 استقبل وحشدت له الحشود.
الطاهر بلخوجة: وكنت حاضر.. وكنت حاضر في الاستقبال.
أحمد منصور: كنت حاضر.. في الاستقبال نعم، ويعني أصبح يتوج على أنه الزعيم القادم لتونس، قبل بورقيبة الحكم الذاتي ورفض صالح بن يوسف (الأمين العام للحزب) الحكم الذاتي وأيد جمال عبد الناصر موقف صالح بن يوسف في ذلك الوقت.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح، عبد الناصر وبن بلاَّ..
أحمد منصور: وبن بلاَّ..
الطاهر بلخوجة: وبن بلاَّ أيضاً.. أيضاً.
(9/82)
أحمد منصور: أيدوا موقف صالح بن يوسف وبدأ.. أن هناك انشقاقاً داخل الحزب، أشرت له، كيف تم التغلب على صالح بن يوسف لصالح التيار الغربي الفرانكفوني؟
الطاهر بلخوجة: والله يا سيدي ما كان فيه.. ما كان فيه الانشقاق أو.. أو التمشي بالنسبة للاتجاه العربي ولا الاتجاه الغربي، أبداً عمره ما كان ذلك، كان الموضوع استقلال تونس..
أحمد منصور: كان واضح وصالح بن يوسف ألقى خطاب في جامع الزيتونة في 9 أكتوبر 55 أي كان.. لا..
الطاهر بلخوجة: كان صالح بن يوسف يسعى..
أحمد منصور: يؤكد على الخطاب العروبي الإسلامي للموضوع في الوقت اللي كان بورقيبة شاف إن الحل هو أميركا والغرب.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. يا سيدي أنا.. أنا سأقرأ لك ما قاله بن يوسف، وهذا من الوثيقة الأساسية، ما قاله بن يوسف في 23 يناير، 23 يناير 56، 23 يناير 56 قبل الاستقلال، قال بن يوسف إلى فرنسي كان يعمل في الإقامة العامة مسيو (سومان) اقتبله وتحدث معه، وقال له بن يوسف: "تقتلون كل يوم وأنا القاتل، يمكن أن نعمل أحسن من ذلك يا سيد (سومان) مغرباً كبيراً وجميلاً بروحه الخاصة، بسياسته، بمؤسساته التقليدية بعد تحديثها قريبة من الغرب ومن فرنسا التي ستسبق الأمم الأخرى لإعادتنا"، هذا موجود، أنا أعطيك الوثيقة.. أعطيك الوثيقة..
أحمد منصور: لكن أنا عندي.. عندي بقى.. عندي عبارة لبورقيبة في 37 أقوى من هذه.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. تفضل.. لا..
أحمد منصور: حينما قال في 24 فبراير 37 لما سافر إلى فرنسا وأجرى حوار مع الفرنسيين وقال: "إن الوحدة لا تنفصل بين تونس وفرنسا وتمثل القاعدة الأساسية لمطالب حزب الدستوريين".
الطاهر بلخوجة: صحيح، صحيح، لأن اعتقاد بورقيبة أننا سنستقل وسنتعامل مع فرنسا، لأن كان..
أحمد منصور: الوحدة لا تنفصل.
(9/83)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. الوحدة، يا سيدي إحنا كان عندنا كابوس الاستعمار، وكانت فرنسا معناها تحتكر (كلكلة) فرنسا، من المعقول من أي إنسان سياسي بأن يحاول بأن يغنم نوعاً ما العدو ويطالبه ويقول له كلام حتى يجيبه للـ.. هو الأساس أن بورقيبة اختار ألا يعادي فرنسا وألا يهاجمها، كان يهاجمها ولا يهاجمها لأن القوى.. القوى..
أحمد منصور: وفرنسا اختارته أيضاً..
الطاهر بلخوجة: القوى مش نفس القوى، هاذاك بسلاحه وبطياراته وبكذا وكذا وبورقيبة بعضلاته..
أحمد منصور: وفرنسا اختارته.
الطاهر بلخوجة: ولهذا حاول بورقيبة بأن.. يجلب فرنسا ويقول لها يا فرنسا إيجا إلى الحديث، وإيجا، وإحنا نتعامل معاكم وستكون لنا وحدة مع بعضنا وغير ذلك، ولكن تبين بالكاشف بأن.. أن كل ما قام به هو للتخلص من فرنسا سياسة (الخرشوف)، تخلص من فرنسا،.. والأساس بالنسبة لبورقيبة الذي كان ربما يداهمه ليلاً نهاراً هو أقل التكاليف بالنسبة لتونس..
أحمد منصور: هو لم يتخلص منها
الطاهر بلخوجة: أقل التكاليف بالنسبة للشعب التونسي، أقل مشاكل بالنسبة للشعب التونسي، ومعناه مراوغة فرنسا حتى تجيبها.. تجيبها..
أحمد منصور: ربما تخلص عسكرياً بعد (بنزرت)، ولكن ظل.. العلاقة.. والصلات الثقافية والاستعمار الفرنسي على تونس لازال موجود بروابط وثيقة إلى الآن من الناحية الثقافية على الأقل.
(9/84)
الطاهر بلخوجة: يا.. يا سيدي.. يا سيدي.. يا سيدي ... تو إحنا أنا نحمل اللي نقوله إنه كانوا الإنجليز عنده تأثير ومعناها في البلدان اللي كان مستعمرها، الفرنسيين عندهم تأثيرهم، الأساس، هو تونسي معناها الفرنسية وثقافة فرنسية آلة بالنسبة له، التونسي عربي مسلم بأتم معنى الكلمة، وله معناها رد الفعل بتاعه بالنسبة للأحداث العربية والقضية العربية أحسن من.. من عديد من البلدان العربية والأخرى، يا سيدي واضحة وايجي لتونس وشوف أنت، ولكن.. لكن هو رجل بيفكر، وتعلمنا في مدارس بورقيبة أن نفكر في الأوضاع، وأن لا، ومعناش تخبيرات، ومعناش تخمينات، ومعناش عاطفة تتغلب علينا أبداً دائماً كان يقول بورقيبه يجب الفرق.. التفريق بين الغث والثمين، لازم إعمال العقل ولهذا عندنا ربما التونسيين معناها ذلك وربما في شمال أفريقيا زي المغاربة، وزي الجزائريين وربما هذه خاصية بالنسبة.. لرجالات المغرب وكونه عندنا.. عندنا معناها استعمل العقل وأن نظرية.. نظرية خاصة بالنسبة للأوضاع هذه، لا.. لا نعتمد السذاجة والتخبيرات ولا غير ذلك.
أحمد منصور: يعني الشرق سذج.
الطاهر بلخوجة: لا ما أقولش لا، لا أقول لا أقول الشرق، لا أقول، ولكن أقول أن كونه إحنا في حاجة إلى كلنا كما كنا قبل وفي بعض البعض منا ويجب علينا أن نكون واقعيين، واقعيين بالنسبة للأوضاع وبالنسبة لما لنا وما علينا وما هو يواجهنا.
أحمد منصور: بعد ما فاز بورقيبة بزعامة الحزب في نوفمبر 55 سافر إلى فرنسا ووقع بشكل فيه عجالة على وثيقة الاستقلال في 20 مارس 1956م حيث أُعلن عن استقلال تونس وشكل بورقيبة أول حكومة في ظل حكم (الباي) في 15 أبريل/ نيسان 1956م.
في الحلقة القادمة أبدأ معك من استقلال تونس والحكومة الأولى لبورقيبة، أشكرك معالي الوزير شكراً جزيلاً.
الطاهر بلخوجة: شكراً.. شكراً سيدي عشت..
(9/85)
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/86)
الحلقة2(9/87)
الأحد 24/1/1423هـ الموافق 7/4/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 08:30(مكة المكرمة)،05:30(غرينيتش)
الطاهر بلخوجة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق - الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
31/03/2002
- وثيقة استقلال تونس وتصفية بورقيبة لخصومه السياسيين
- إلغاء حكم البايات وإعلان الجمهورية
- تعديل الدستور وتسلط بورقيبة في الحكم
- لقاء بورقيبة مع ديغول حول موضوع الجزائر
- أحداث بنزرت ومسؤولية بورقيبة عن حرب يوليو/ تموز 1961
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقةٍ جديدة من برنامج (شاهد على العصر).
حيث نواصل الاستماع إلى شهادة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق الطاهر بلخوجه.
معالي الوزير مرحباً بيك.
الطاهر بلخوجه: أهلاً وسهلاً.
وثيقة استقلال تونس وتصفية بورقيبة لخصومه السياسيين
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند وثيقة استقلال تونس التي وقعها بورقيبة في فرنسا في العشرين من مارس عام 1956، عاد بعدها إلى تونس وكان حكم البايات لازال قائماً، حيث أسس في 15 إبريل 1956 وزارته الأولى وبدأ في تصفية خصومه السياسيين الذين كانوا يتركزون فيما يُطلق عليهم اليوسفيين، أي أتباع صالح بن يوسف الذي كان أميناً عاماً للحزب وكانت رؤيته مختلفة عن رؤية بورقيبة، كيف كانت الصورة في تلك المرحلة؟
(9/88)
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، موضوع المنافسة بين بورقيبة وصالح بن يوسف قديمة.. قديمة جداً، وكان عندها تاريخها على أساس بورقيبة كان رئيس الحزب، وصالح بن يوسف كان الكاتب العام، وكان التنافس ربما أخذ بعد المرات أطوار مش طيبة، ولكن الأساس هو أن بعد الاستقلال الداخلي، وبعد الإعلان عن الاستقلال الداخلي، تفرَّقت المجموعة الوطنية في تونس والمجموعة الحزبية، وغالباً المجموعة الحزبية ساندت بورقيبة، كان مؤتمر صفاقس سنة 55، ذلك المؤتمر الذي لم يحضره بن يوسف، وبالتحديد طلب بن يوسف أن يؤجل المؤتمر ثماني أيام حتى يأتي إلى ذلك المؤتمر، ورفض بورقيبة، وسياسياً لذلك كان اختياره حتى يكون وحده في المؤتمر طبعاً هذا..، وكان المؤتمر إذ ذاك أن أطرد أن.. تغلب نظرة بورقيبة على نظرة بن يوسف وأُطرد بعدئذٍ بن يوسف من.. من الحزب ولم يرضَ بذلك بن يوسف، وكانت له اجتماعات عديدة في.. في تونس مثلاً الواحد منهم الشهير في.. في جامع الزيتونة، أين تحدث وضرب على.. على الوتيرة.. وتيرة العروبة والإسلام والاستقلال، وكان يقول صالح بن يوسف: أن هذا الاستقلال الداخلي هي خيانة بالنسبة إلى المنطقة كلها، وكان يرى هو وكان يسانده في ذلك بن بيلا أن من الأحسن أن تكون الحرب كاملة وشاملة بالنسبة لكل المنطقة وأن تدخل الجزائر، ودخلت الجزائر سنة 55، وأن نساند الجزائر في حرب، كما تساندها كذلك المغرب، هذه.. هذه نظرة كانت ليهم.
أحمد منصور: لأن الثوار.. الثوار الجزائريين كانوا يرون أيضاً في ذلك الوقت أن قبول بورقيبة بالحكم الذاتي وقبوله بوثيقة الاستقلال المنقوصة التي وقعها في 20 مارس 56، له تأثيره السلبي أيضاً على المقاومة المسلحة ضد الفرنسيين في.. في الجزائر.
الطاهر بلخوجه: شوف يا سيدي، الوحيد الذي ساند في ذلك ومن بعيد وقتما زلنا.. ما كانش عنده مسؤوليات هو بن بيلا الذي صرَّح بأن هذا الاستقلال الداخلي هي على التلفيق، تلفيق.
(9/89)
أحمد منصور: لم يكن وحده، وإنما كان كثيرون يرون ذلك.
الطاهر بلخوجه: تلفيق.. تلفيق، لم يكن.. كان كثيرون من.. من البسطاء نوعاً ما، أما بالنسبة للمسؤولين الأولين الجزائريين بومدين، بو خروبة وبالنسبة لكبار.
أحمد منصور: كانوا يمثلون اتجاهاً آخر قريب من اتجاه بورقيبة.
الطاهر بلخوجه: أنا كنت أعرفهم، أيوه وبارك الله فيك، لأني أعرفهم ذلك.
أحمد منصور: اتجاه الفرنسة والتوجه إلى الغرب.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا أبداً لا فرنسة يا سيدي، اتجاه الواقعية يعني شوية، أنا أعرفهم الجزائريين، وعشت معهم كطالب، وكنا في اتحاد الطلبة، وكانوا معنا في الاتحاد.
أحمد منصور: الواقعية أصبحت شعار، تقولون شعارات كثيرة الآن مما يطرحها الغرب.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا شعار شيء كبير، الواقعية في الدنيا شيء كبير صحيح.. صحيح، لأن..
أحمد منصور: ما هي تعني التخلي عن المبادئ والأصول والمطالب الأساسية معالي الوزير.
الطاهر بلخوجه: لأ أبداً، الواقعية مع.. الواقعية مع احتضان مبدأ..، أنا..
أحمد منصور: كل من يتنازل الآن عن مبادئه وعن.. عن حقوقه وحقوق شعوبه يقول الواقعية.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي.. يا سيدي، نرجع إلى الموضوع ...، نرجع إلى الموضوع لأن اتحاد.. اتحاد الطلبة الجزائريين واتحاد، وكنا النخبة الجزائرية والنخبة التونسية ملتصقة بعضها بعض من باريس حين كنا طلبة، وأعرف اتجاهاتنا وأعرف أمورنا، يا سيدي، كيف يمكن أن تفكر بأن الجزائريين يرفضون بأن بنتصبوا على الحدود التونسية وإعانة الثورة الجزائرية؟ لأن إذا دخلنا إحنا في حرب..
أحمد منصور: الشعب..
الطاهر بلخوجه: آه إذا كانت دخلنا إحنا في حرب وانتصبت فرنسا بقواتها معناها..
أحمد منصور: أي حرب تقصد؟
الطاهر بلخوجه: أحد حرب.. حرب على.. ضد فرنسا.
أحمد منصور: متى دخلتم؟
الطاهر بلخوجه: لأن يا سيدي، لأن الجزائر دخلت في حرب مع فرنسا سنة 55.
أحمد منصور: نعم.. نعم.
(9/90)
الطاهر بلخوجه: سنة 54، واستقلت عام 62، من 54 إلى 62، وكل الحدود التونسية نوعاً ما كانت تحت سيطرة الجزائريين، والقادة الجزائريين بومدين كان غرضه ... بلدته، ماهيش بلاد تونسية كانت بلاد جزائرية وكان عنده هو كان خط موريس الخط الكهربائي، وكنا إحنا نساند.. نساند الجزائر، يا سيدي.. كيف كانت..
أحمد منصور: هذه قصة كبيرة يعني كثير من الجزائريين.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، كيف كان..
أحمد منصور: عفواً معالي الوزير كانوا كثير من الجزائريين منخرطين في الجيش الفرنسي آنذاك، وهؤلاء لعبوا دوراً بعد ذلك حينما انخرطوا قُبيل الاستقلال في 62 ضمن الجيش الوطني للتحرير، وسيطروا هم بعد ذلك على الأمور فيما بعد، لا نريد أن ندخل في تفصيلات هذا الأمر.. هذا الموضوع، ولكن لنبقى في قضية تونس وتصفية..
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، تونس..
أحمد منصور: بورقيبة لمعارضيه السياسيين بعد العام 56.
الطاهر بلخوجه: أنا أبيِّن لك كيف كانت الأمور، مثلاً كيف كانت ساقية سيدي يوسف؟ مش وحدهم الفرنسيين قصفوا ساقية سيدي يوسف، لأن الفرنسيين في يناير مسكوا باخرة فيها 150 طن سلاح تشيكو سلوفاكي..
أحمد منصور: كانت رايحه للثوار الجزائريين.
(9/91)
الطاهر بلخوجه: كانت ماشيه للجزائريين، كانت أكثر الجزائريون دخلوا الجزائر، ودخلوا.. معناها.. رغم الخط الكهربائي، وأسروا أربع جنود، وجاءوا بهم إلى تونس، وخرجوا بهم داخل تونس، ثم بعدين كانت.. كانت طائرة جزائرية.. طائرة فرنسية أسقطوها جزائريين، وكانت الطائرة.. قائد الطائرة لذلك اللي اختطفه الجزائريين، وطلب منا في يناير.. بعد ذلك، طلب منا (شومان) الوزير الخارجية آنذاك الفرنسي بأن نحمي بصفةٍ مزدوجة الجيش التونسي وجيش فرنسي بأن نحمي الحدود، ورفضنا ذلك، في ذلك الوقت قرروا قصف ساقية سيدي يوسف، ساقية سيدي يوسف هي سيدي تلك القرية الصغيرة المستمعين ما يعرفوش هذا، القرية الصغيرة على الحدود التونسية قصفوها بقنابل، وكانت هنالك سبعين ضحية، وخاصة من.. أو.. أو من.. الأطفال.. الأطفال الصغار.
أحمد منصور: قصفوا مدرسة بعد ذلك.
الطاهر بلخوجه: وقصفوا مدرسة، وكان.. كان ما بين قوسين (معناها الفرصة بأن بنينا تلك المدرسة مع الطلبة).
أحمد منصور: حينما كنت رئيس اتحاد الطلبة.
الطاهر بلخوجه: أنا كنت مع الطلبة.
أحمد منصور: فيه هناك آخرين مثل محمود الماطري والبحريقي، والطاهر صفرة وسليمان بن سليمان، والشاذلي الخلادي، كل دول كانوا مرافقين لبورقيبة في نضاله.
الطاهر بلخوجه: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: وتخلص منهم الواحد بعد الآخر حتى يستفرد ويستفرس هو بالحكم.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي.. يا سيدي، لا.. لا أنا.. أنا ما عشت الفترة هذيك، لأنه فترة قبل، الخصومة ما بين بورقيبة..
أحمد منصور: بعد استقلال 56.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا هو لا.. كانت الخصومة من قبل، خصومة من قبل.
أحمد منصور: لكن جاءت الفرصة بعد الاستقلال ليقضي عليهم.
الطاهر بلخوجه: ليقضي عليهم كيف يقضي عليها؟ أبداً خرجوا..
أحمد منصور: أبعدهم..
الطاهر بلخوجه: لم.. لم يستنبطهم في المسؤولية فقط لم يقضِ عليهم، قضوا على نفسهم بنفسهم.
(9/92)
أحمد منصور: هؤلاء هم الذين قاموا وشاركوا بشكل أساسي في قضية الاستقلال.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، صحيح..
أحمد منصور: كل هؤلاء أبعدهم، وجاء أناس تابعون له من صناعته هو.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، هو كان.. كان..
أحمد منصور: حتى يستطيع أن يسيطر على الكل.
الطاهر بلخوجه: أيوه، صحيح كان معه.. كانوا معه قبل الاستقلال وتخالفوا، وبعد الاستقلال كان بورقيبة لوحده إذ ذاك مع صالح بن يوسف وكان جماعة ثانية معه، أنت تحكي على الماطري وعلى الجماعة هادوم، هادوم اندثرو نوعاً ما.. والجماعة الثانية همَّ المنجي سليم، والطيب المهيري، والباهي الأضغم ومحمد المصمودي، وفرجان الحاج عمار، والحبيب عاشور، ها الجماعة ها دول كلهم جدد، الجدد الذين ساندوا بورقيبة وقت بن يوسف، وعمل.. وعمل..
أحمد منصور: وأصبحوا رجاله بعد ذلك.
الطاهر بلخوجه: وأصبحوا رجاله بعد ذلك.
أحمد منصور: وكان يُبعد ويقرب منهم حسب رضاه عن هذا أو ذاك.
الطاهر بلخوجه: صحيح.. صحيح، وهذا.. هذه سياسة.
إلغاء حكم البايات وإعلان الجمهورية
أحمد منصور: في 25 يوليو 1957م أُلغي منصب الباي أي النظام الملكي في تونس.
الطاهر بلخوجه: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: وأُعلن عن الجمهورية، وتولى بورقيبة منصب الرئاسة، يُقال في تلك الفترة إن بورقيبة كان يُعد لإعلان ملكية دستورية، ولكن (وسيلة) التي كانت عشيقة له في ذلك الوقت ولم تكن زوجة هي التي ضغطت لإنهاء حكم البايات.
الطاهر بلخوجه: شوف يا سيدي.. يا سيدي، يعني حكم.. نسيت.. نسيت البايات، لا يمكن أن يُعقل أن بورقيبة بتكوينه الغربي كما يقال وبمقوماته، وبدراسته في فرنسا بأن يكون ميال إلى الملوكية، ما يمكن يكون ميَّال إلا للجمهورية، ثم يا سيدي هذه لعبة الباي هو الباي نفسه الباي سنة.
أحمد منصور: 29 يوليو 57.
الطاهر بلخوجه: 57، ولكن إحنا.. ولكن..
أحمد منصور: لأن خلاص بورقيبة أصبح رئيس.
(9/93)
الطاهر بلخوجه: أول مرة يا سيدي، أول مرة صالح بن يوسف بنفسه كان له ملكية دستورية، وأكثر من ذلك كان متواطئ نوعاً ما مع الشبلي باي ابن الباي إذ ذاك، لأنه أكد لشبلي باي أنه سيغير طريقة الوراثة، لأن الوراثة عند البايات على أساس سن.. السن من أكبرهم سن يرجع باي، واتفق صالح بن يوسف مع والد شبلي باي حتى يُغير ذلك، وصرَّح صالح بن يوسف في الخمسينيات بأنه لي.. لي دستورية لي ملكية دستورية، وصرح الباي بنفسه في سنة 51، لما رأى الاتجاه أنه لملكية دستورية، وصرح بورقيبة بنفسه عام 55 أو 54 بأنه ملكية دستورية، لا على أساس بأن.. بأن.. بأن يُطمن..
أحمد منصور: لا سيما وأنك قلت بأن نظام البايات هو نظام وطني، نظام حكم وطني.
الطاهر بلخوجه: هذا.. لأن.. لأن كان الكابوس موجود، كابوس البايات، وكابوس الفرنسيين، وهذه من المراوغة ومن السياسة من سياسة بورقيبة، أنهم حتى يطمئن قلبهم بالنسبة لإخوان البايات، وبالنسبة لفرنسا بنفسهم، يا ناس، لا تخافوا على تونس، ستكونوا ملكية دستورية، وسيكون الباي هنا.. الباي هناك وإلى غير ذلك، ولكن بدون.. بدون.. بدون أي.. أي..
أحمد منصور: كان يُخطط لإزالته من..
الطاهر بلخوجه: كان يخطط من قبل.
أحمد منصور: انخرطت أنت في سلك الدولة للمرة الأولى، وأصبحت جزءاً من النظام في العام 59، حينما أوفدت إلى اجتماع الجمعية العامة.
الطاهر بلخوجه: للأمم المتحدة، نعم..
أحمد منصور: للأمم المتحدة، وبقيت هناك ثلاثة أشهر، ثم في يناير من العام 60، عُيِّنت وحتى نهاية العام وزيراً مفوضاً ومديراً للديوان في وزارة الخارجية التونسية، كنت في تلك المرحلة شاباً في نهاية العشرينيات من العمر، في بداية الثلاثينات وأصبحت تتولى منصباً مرموقاً في الدولة، من الذي عينك؟ وكيف قربك بورقيبة منه لتصبح أحد رجاله المقربين بعد ذلك؟
(9/94)
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، كنت ككل كل الإطارات التونسية التي اختارها بورقيبة والتي اختارها النظام البورقيبي، كما قلت أن اتحاد الطلبة.
أحمد منصور: كيف كان يختار بورقيبة رجاله؟
الطاهر بلخوجه: كان يختار على أساس كان معاينة، كان يتابع المواطنين.. المسؤولين، وخاصةً أنه في اتحاد الطلبة، لأنه كنا في اتحاد الطلبة، كنا نخطب وكنا نتكلم وكانت الجرايد تحكي عنا، وكان عندنا مواقف، وكل وهو.. وهو في حاجة إلى هذه الإطارات وكل الإطارات التونسية خرجت نوعاً ما من اتحاد الطلبة، أنا أتذكرهم منصور أبو علا، وكل الإطارات حتى القريبة من جيلنا إحنا، شوف اصطفاني بورقيبة آذاك.. أنا ذكرتها في.. في الكتاب أنا بعد ما تممت دراستي وبقيت مهندس زراعي، في مقابلة منه طلب مني ماذا سأفعل؟ قلت سأذهب إلى الوزارة قال لي: أبداً ما فيه داعي، إحنا داخلين في.. في مآزق كبيرة سياسية، وامشي إلى وزير الخارجية وادخل، واصطفاني وعينني في ذلك، كما عين..
أحمد منصور: هو الذي عينك مديراً لمكتب وزير الخارجية؟
الطاهر بلخوجه: لأ، لم يعيني، بل أشار على وزير الخارجية بأن يأخذني كمدير، ولو عينني...!!
أحمد منصور: عادةً يشير.. عادةً يشير الرؤساء إلى معالي الوزير ليعينون.
أحمد منصور: ليشير.. أشار.. أشار على كلٍ، كلهم في نفس الشيء رغم ماكانش فيه استقلالية وزير الخارجية بالنسبة لرئيس الدولة.
أحمد منصور: كان الصادق المقدِّم وزير الخارجية.
الطاهر بلخوجه: أيوه، أحسن..
أحمد منصور: كيف كانت تُدار وزارة الخارجية في بداية الستينات في تونس؟
(9/95)
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، كان هنالك طريقه في الحكم بالنسبة لبورقيبة إذ ذاك في سنة 50، كان يجي كل صباح إلى.. إلى القصر.. إلى المكتب بتاعه، وفي الصباح يدخل عليه وزير الداخلية الطيب المهيري وزير الخارجية الصادق المقدم مدير الحزب وقتذاك المنجي سليم، ومع وعبد الله فرحات مدير الدول، ويحكوا في جميع المشاكل اليومية، ويأخذوا قرارات بالنسبة للخارجية، وبالنسبة للداخلية، وبالنسبة كان حتى أنا كنت أنا مدير ديوان النقطة كانت.. مقدم يجي ويقول: استقر الرأي بأن يكون هذا وذاك، قلت له: كيف استقر الرأي؟ منطقة.. كيف تقرر ذلك؟ قل لي استقر الرأي فقط، وكان القرار.. ولو دامت..
أحمد منصور: يعني كلهم كانوا موظفين لدى بورقيبة؟
الطاهر بلخوجه: لأ، لما يكونوا موظفين كانوا معناها.. كانوا أعضاء بورقيبة.
أحمد منصور: لكن بورقيبة بعد ذلك غيَّر..
الطاهر بلخوجه: لو كانوا.. لو كانوا.. لو كانوا موظفين لكان.. لكان هو يجتمع بهم الساعات الطوال يتحدث معهم.
أحمد منصور: هو غير في الدستور بعد ذلك يا معالي الوزير..
الطاهر بلخوجه: لو كان.. كان لكان يأمرهم وكانوا يطبقوا..
أحمد منصور: كانوا يفعلون ذلك يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي أيش به؟
أحمد منصور: الوزراء كانوا يفعلون ذلك.
الطاهر بلخوجه: بالعكس ده عندنا رئيس دولة فذ، ورجل في.. على مستوى معيَّن.
أحمد منصور: وكلكم يعني عفواً ذلك.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا كنا نراجعه.
أحمد منصور: غير صناع قرار، غير..
الطاهر بلخوجه: وكنا.. كنا نتحدث معه، ونقتبل، وكنا مقتنعين.
أحمد منصور: كان يُفتي في كل شيء ابتداءً كما قال الصافي سعيد من الطنجرة إلى الصاروخ.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي.. يا سيدي، الصافي سعيد، الصافي سعيد ما عشش مع بورقيبة، ولا يعرف..
أحمد منصور: خطابات بورقيبة..
الطاهر بلخوجه: ولا يعرف بورقيبة، ولا.. ولا يعرف بورقيبة.
(9/96)
أحمد منصور: خطاباته.. بورقيبة، كان كل شيء يُفتي فيه وكل شيء يتدخل فيه.
الطاهر بلخوجه: مش كل.. إذا كان هو.. إذا كان هو عنده مقدرة..
أحمد منصور: كان الملهم..
الطاهر بلخوجه: عنده المقدرة في الإفتاء فبارك الله.. بارك الله فيه!!
أحمد منصور: كانت سياسة تونس الخارجية في ذلك الوقت مرتبطة بسياسة فرنسا.
الطاهر بلخوجه: كيف مرتبطة بسياسة فرنسا؟ إحنا.. إحنا كنا يا سيدي من بداية استقلال 56 وإحنا في عراك مع فرنسا، قصفت فرنسا.
أحمد منصور: استقلال.. استقلال منقوص.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، استقلال منقوص.
أحمد منصور: استقلال مشروط بتبعية ثقافية.
الطاهر بلخوجه: أنا بأتفق.. أنا بأتفق معاك، بأتفق معاك أنه كان استقلالاً منقوصاً.
أحمد منصور: ومشروطاً بتبعية ثقافية.
الطاهر بلخوجه: ومشروطاً.. ومشروطاً وصالح بن يوسف.. كان لو عنده عقل في ذلك، متفق في ذلك، ولكن الشيء الذي لا أتفق فيه هو كون صالح بن يوسف صالح بن يوسف كان معناه عنده رؤية لخلط الأوراق ولدخول معمعة، ولا يعرف أحداً ما هي ما لها، وكان لبورقيبة إذ ذلك رؤية أخرى ثانية ورائدة، أتفق معك، إذا كان (.....) لبورقيبة، وكان هذا في نطاق سياسي، خذ وطالب. أنت انتصب وخذ شيئاً ما من المسؤولية وطالب. يا سيدي، أنا أعطيك أنا مثال هذا كان معناها في.. في مثالاً معناها الاستقلال الداخلي في الخمسين، في الخمسينيات في سبتمبر وقت ما صارت المفاوضات، وافقت تونس والوفد التونسي على أن يكون الأمن والدبلوماسية والجيش في أيد فرنسا، وقال لهم بورقيبة طيب أعطيهم ذلك وسنعمل لجان في ذلك وأنا أعتدى أنا أولاً نأخد الاستقلال الداخلي الأول، ولم يفت وقتاً طويلاً حتى في شهر نوفمبر، ثلاث أشهر بعد الإمضاء، و.. وأخذنا الأمن. طالبنا بالأمن وسمينا مدير عام الأمن وشيء بشيء.. بشيء ورهن لذلك..
أحمد منصور: طبعاً حتى يقنع الناس.
(9/97)
الطاهر بلخوجه: و.. و.. وأقول، وأقولها.. وأقولها للأمانة أن كونه لو لم يكن صالح بن يوسف ربما كان الاستقلال ما كان ييجي بعد ست أشهر.
بورقيبة قال لو لم تكن حرب الجزائر لكنا نأخذ الاستقلال في.. في.. في ظرف ست أشهر، عديد من العوامل..
أحمد منصور: إزاي معالي الوزير يعني؟
الطاهر بلخوجه: عديد من العوامل.. ساعدت بورقيبة على أن، وساعدت النظام على أن يتحول، صحيح أنا أتفق معاك، ولكن هذا.. هذا في السياسة من.. من.. من.. من الأمور التي.. خيارات تأتي بعد ...
أحمد منصور: أي خيارات، التنازلات هذه يونيو 59 أجرى بورقيبة تعديلاً على الدستور.
الطاهر بلخوجه: أي تنازلات؟!! أي تنازلات؟!! يا سيدي وقت ده أنت تأخذ استقلال تام عام 59، بعد استقلال..
أحمد منصور: أي.. أي استقلال تام؟
الطاهر بلخوجه: يا سيدي استقلال تام..
أحمد منصور: لازالت هناك تبعية إلى الآن، سياسية، هناك تبعية.. ثقافية، هناك تبعية اقتصادية، طبعاً هو ليس بالضرورة أن يخرج الاستعمار عسكرياً ويترك أو أشياء أخرى ونص عليها في الوثائق.
الطاهر بلخوجه: لا.. لازالت هناك إحنا سنتحدث فيها. لا أنت ترجع دائماً تبعية..، لا يا سيدي هو في..، أي تبعية ثقافية، وأي تبعية اقتصادية؟! هو في بلاد ما عندهاش تبعية اقتصادية تو بالنسبة للأخر. يا سيدي هذا نرجع إليه..
أحمد منصور: طيب خلاص أنا.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي عام 56 لينا استقلالنا عام 56، استقللنا عام 56..
أحمد منصور: اتفقت معي على أنه استقلال منقوص، و
الطاهر بلخوجه: استقلال لا، استقلال.. لا، استقلال داخلي منقوص.. اكتمل وولى استقلال كامل عام 56 بعد.. بعد أشهر، معجزة..
أحمد منصور: في يونيو 59.
الطاهر بلخوجه: معجزة.. معجزة أن نكون عندنا استقلال منقوص..
أحمد منصور: دا كلام طبعاً يخالف الواقع معالي الوزير.
الطاهر بلخوجه: لأ.. لأ.. لأ.. والله لأ.. لأ، لكن هذا صحيح.
أحمد منصور: فيما؟
(9/98)
الطاهر بلخوجه: هذا صحيح. يا سيدي أنت عام 55 كان صحيح..
أحمد منصور: صحيح في مفهوم بورقيبة و...
الطاهر بلخوجه: لا، مفهوم، لا الواقع. 55..
أحمد منصور: لكن في مفهوم الواقع لأ.
الطاهر بلخوجه: 55 استقلال داخلي منقوص. 56 استقلال تام إحنا والمغرب، كان.. المغرب في معناها 3 أشهر قبل استقلال كامل، كان هذا استقلال، لشيء، لأن فرنسا كان لها حساب ثاني، كان لها حساب أن.. تستبقي في نفوذها، وأن تعتري بالجزائر وبحرب الجزائر، و.. تتفرغ بالنسبة لتونس و.. و.. و.. والمغرب، وتسعى بأن تكون تونس مستقلة والمغرب مستقلة، ليبتعدوا نوعاً ما عن الجزائر، ولم يكن ذلك، بل كان أكثر من ذلك.
أحمد منصور: استقلال شفوي.. استقلال شفوي.. استقلال شفوي
الطاهر بلخوجه: كنا يا سيدي مع استقلال تونس 56، ومع استقلال المغرب 56 كنا قواعد لحرب الجزائر لإعادة إخواننا الجزائريين أو..
أحمد منصور: قواعد للفرنسيين طبعاً، أنتم كانوا يقلعون من عندكم من القواعد الموجودة في بنزرت لضرب.. لضرب المقاومة الجزائرية.
الطاهر بلخوجه: لأ أبداً.. أبداً، لا يا سيدي.. يا سيدي عيش، اسمعني.. اسمعني عيش، أبداً اسمعني يا سيدي، عام 58 يا سيدي..
أحمد منصور: بورقيبة تاجر -وكما يقول كثير من المراقبين- بالحرب الجزائرية، وحاول أن يتخذ لنفسه زعامة ووطنية من هذا الموقف.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. لا، يا.. يا سيد أحمد، يا سيد أحمد.. يا سيد أحمد، لا.. لا.. لا.. لا يا سيد أحمد بالنسبة للمستمعين العرب معايا شوية، وبالنسبة للمستمعين التونسيين اسمح لي، يا سيدي أخذنا الاستقلال 56، 58
أحمد منصور: شكلاً.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، لا استقلال يا سيدي أخذنا كل شيء.
أحمد منصور: ومشروطاً.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا ما كان مشروط. استقلال داخلي كان مشروط، الاستقلال التام ما فيه شرط، في..
أحمد منصور: مفيش استقلال تام.
(9/99)
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. في استقلال تام، وكان 58..
أحمد منصور: كيف ونبزرت بقيت إلى…..
الطاهر بلخوجه: استنى أنا أجاوبك، خليني نكمل شوية، خليني نكمل يا أستاذ. عام 58 كان ساقية سيدي يوسف. ساقية سيدي يوسف، وما.. وبعد ساقية يوسف ما كان الأمر..
أحمد منصور: ساقية سيدي يوسف هي اعتداء فرنسي على تونس
الطاهر بلخوجه: .. استناني يا سيدي، اسمعني.. اسمعني، ما كانت سياسة بورقيبة هذا.. أو بعد القصف ما قرر بورقيبة وما قررنا؟ قررنا بأن يكون (بلوكس)، بالعربية (…..بلوكس) بالعربية اللي كان يكون معناها.. حصر.. القوات الفرنسية في ثكناتها.. لا تخرج منها ولا لها أي مؤونة، وشعبياً، التف الشعب حول كل الثكنات الفرنسية في داخل الجمهورية كلها، في تونس...
أحمد منصور: وكان بورقيبة متخوف من ذلك.. كان بورقيبة متخوف من ذلك، أن يتحرك هذا الشعب ضده
الطاهر بلخوجه: استنى.. استنى، استنى، استنى، خليني نكمل.. خليني نكمل وأتتنا.. نتجية.. بأنه بعد الساقية.. الساقية هي التي أتت بجنرال (ديغول) إلى الحكم، هي اللي أنت لأن معنى، تبين أن كون ساقية سيدي يوسف خاب معنا.. جاء الجنرال (ديغول) وفي 17 جوان.. في 17 جوان.. 58 كانت الساقية، في 2.. 2 فبراير.. معناه 2.. فبراير.
أحمد منصور: فبراير.
الطاهر بلخوجه: 2 فبراير 56، في.. في 17/6/58 اتفقنا مع جنرال ديغول بأن تخرج كل المعسكرات، أن يخرج، تخرج من القواعد..تخرج.. تخرج فرنسا من القواعد العسكرية في تونس، وإلا في بنزرت، وتستبقى في بنزرت، نجاح خارق العادة، الفرنسيين والجيش الفرنسي والدبابات الفرنسية التي كانت موزعة في كامل الأراضي التونسية.
أحمد منصور: هم كانوا يخرجون لأن ضغوط المجاهدين الجزائريين ضدهم كانت أرهقتهم، للغاية، وكانوا يريدون أن يخلصوا من شيء إلى آخر واستبقوا قاعدة كبيرة لهم في بنزرت.
(9/100)
الطاهر بلخوجه: لا.. لا أبداً.. سيدي هم تو في حرب مع الجزائر أمر أحسن لهم العسكر بتاعهم متواجد بالكامل في الجمهورية التونسية.
أحمد منصور: طالما ولاء سياسي وثقافي و.. و.. واقتصادي لهم، ماذا يريدون؟
الطاهر بلخوجه: وإلا يا سيدي محصورين في بنزرت، وإلا محصورين..، يا سيدي حاصرناهم في بنزرت، و.. وأقول لك شيئاً آخر.
أحمد منصور: يا معالي الوزير هم حققوا بمنحكم الاستقلال ما لم يحققوه بتواجدهم العسكري، ولذلك خروجهم كان شيء مُحصل طبيعي، حتى يتفرغوا لقتال الجزائريين…
الطاهر بلخوجه: لا.. لم..، لا.. لا.. لا كان رهان أبداً، كان رهان نجح فيه بورقيبة، ولم ينجح فيه مرة ثانية، مش أعطيك أنا حقيقة الأمر لا، هذا شأن، استنى.. استنى
أحمد منصور: نجحنا أنا هأتي بنزرث بعينها..
الطاهر بلخوجه: نجحنا في رهانا لما حاصرنا الجيوش، خرجوا إلى بنزرت ولم تنجح وكان نفس الرهان بالنسبة لبورقيبة، لما حاصر قاعدة بذرت بالشعب التونسي، وطالب..
أحمد منصور: لا هذه كانت عملية انتحار، قتل فيها خمسة ألاف تونسي، ويتحمل بورقيبة المسؤولية الكاملة عنها.
الطاهر بلخوجه: مو عملية.. مو عملية انتحار، وكان.. لا مش خمسة آلاف، لأ ألف، مش ألف.. لا.. لا وقتها نحكي عليها بالضبط.
أحمد منصور: خمسة آلاف إلى ستة آلاف فرد
الطاهر بلخوجه: نحكي عليها بالضبط.
تعديل الدستور وتسلط بورقيبة في الحكم
أحمد منصور: ويقال أنها مذبحة يتحمل بورقيبة مسؤوليتها، أنا سآتي إليها في حينها. في يونيو 59 أجرى بورقيبة تعديلاً على الدستور نص على أنه هو الذي يمارس السلطة التنفيذية، أي يعين الوزراء ويُقيلهم، وانتهى بذلك عهد الشراكة، وأصبح بورقيبة المتسلط الأول، وكما قال محمد مزالي في شهادته (رئيس وزراء تونس الأسبق) إن كل الوزراء كانوا موظفين لدى بورقيبة.
الطاهر بلخوجه: لا أبداً.. أبداً..، لا.. لا.. لا..
(9/101)
أحمد منصور: كانوا موظفين، مش كان يُقيل ويعين أنت أُقلت وعينت عدة مرات.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، نوع.. نوع ثاني من الوظيفة، يسمى الموظف فيه المخزن، نسميه إحنا مخزن في تونس، في بعض الوزارات معناها هو كان..
أحمد منصور: موظف رفيع المستوى.
الطاهر بلخوجه: موظف.. رفيع المستوى.
أحمد منصور: الوزير صانع قرار يا معالي الوزير. الوزير مش موظف، الوزير راجل صاحب مسؤولية.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي.. يا سيدي اختار بورقيبة عام 57 النظام الرئاسي، معقول..
أحمد منصور: الشمولي
الطاهر بلخوجه: الشمولي نعم يا سيدي، نظام رئاسي.
أحمد منصور: المستبد.
الطاهر بلخوجه: على أساس النظام تقريب مثلاً الأميركي تقريباً، وكان الوزراء كتاب دولة، ما كُناش وزراء معقول. نظام رئاسي لأن إحنا في فترة من الخروج من.. خرجنا الاستعمار ومازالت رواسب الاستعمار، ومازالت بنزرت، وما زالت البلدان، البلاد ضعيفة وفي حاجة إلى.. إلى نظام قوي، ونظام رئاسي وحزب واحد، ولذلك هذا اختارناه، ومشينا فيه، لماذا أنت تذكر وتقول إنه كونه بذلك، إنه كونه بورقيبة تسلط.. إحنا، ما هو لم يتسلط علينا، اختارنا واتفقنا بذلك..
أحمد منصور: اصطفاكم
الطاهر بلخوجه: اصطفانا نعم يا سيدي، اصطفى. اصطفى المسؤولين المالكين. مش في اصطفى المالكين.. منين يجيبوا المسؤولين؟، إيش كون اختار.
أحمد منصور: حتى الوزير يخشى إن هو يتخذ أي قرار يغضب الرئيس، فبالتالي يسمع تعليمات الرئيس صباحاً، ويأتي كما كان يقول هنا وزير الخارجية.
الطاهر بلخوجه: والله و.. والله مش صحيح، والله ولا ثم أحسن من بورقيبة في الحديث. يا سيدي الآن أحكي لك حكاية.
أحمد منصور: اتفضل.
الطاهر بلخوجه: أنا يا سيدي علشان تفهم أنت،.. معناه طريقة نظام بورقيبة.
أحمد منصور: لكل الناس اللي كانت.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي.. يا سيدي خليني.. خليني أحكي لك شوية
أحمد منصور: أتفضل معالي الوزير
(9/102)
الطاهر بلخوجه: يا سيدي هذا بورقيبة ولو كان ديكتاتورياً ولو كان كذا وكذا وكذا لكان يتسلط على.. على الدنيا وما فيها.. يا سيدي.. يا سيدي.
أحمد منصور: كان حاكماً عادلاً.
الطاهر بلخوجه: لأ، أقول ذلك.
أحمد منصور: ما كانش عادل برده.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا كان حاكم، ولكن كان عنده نقائص، كلنا في.. ذلك سوا.. سوا. يا سيدي كان بورقيبة رئيس جمهورية واختار النظام الرئاسي، وكان له صلةً مستمرة مع وزرائه، مع وزرائه، وكان له.. وكان..
أحمد منصور: طبعاً يدي لهم تعليمات كل يوم.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي كانت عنده حياته معناها كان.. كان.. كان حياته منعزل، كان معنا كأنه.. كأنه.. صوفي، معنا ما عنده شيء.. شيء إلا..
أحمد منصور: كان متبتل يعني؟
الطاهر بلخوجه: متبتل يا سيدي يأكل -معناها- الشيء الخفيف ويفكر في السياسة.
أحمد منصور: صحته وهو كِبر في السن.
الطاهر بلخوجه: وكنا يا سيدي، وكنا.. وكنا، وكان.. وكان، أنا بأحكي لك الحكاية.
أحمد منصور: اتفضل.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي أحكي الحكاية في، هذه في السبعينيات. في السبعينات، كان، مش لازم تسألني كان مدير ديوان، كان وزير أو مدير ديوان. المدير الديوان، دا معناها ابتكر بأن يجب أن يكون ديوان رئيس بورقيبة كدواوين رؤساء جمهورية الآخرين بمعناها رجال وبكتابات، و..وبمعناها كمبيوترات، وبكذا، واختار ما يقرب من 20 نفر وجاءوا إلى.. إلى.. إلى الرئاسة معناها، وبدأوا معناها يحضرون الأوراق، وبين قوسين:- كان بورقيبة كان لا يقرأ الأوراق كان.. دائماً يستمع إلى الوزير ويعطيه رأيه الوزير، ما كان معناه الرجل الذي يخطط فيوم من الأيام بورقيبة في القصر شاف مين من الجماعة دولا، شو ما استعملوا قالم إحنا نخدموا في الديوان السيد المدير ديوان، أي ديوان؟، قال لهم إحنا ديوان، أنا عندي ناس في الديوان، أنا عندي مدير ديوان، قالوا لا يا سيدي إحنا 20 بالديوان.. 20 في الديوان. شو خدمتكم؟
(9/103)
قالوا إحنا ما نحضر كذا وكذا. قال ولا أنا ما حاجتيش، أنا نخدم بعتولهم من الغد ينادي مدير الديوان ويقول له يا سيدي مع السلامة أنا.
أحمد منصور: طبعاً.
الطاهر بلخوجه: أنا مدير التشريفات سيكون مدير ديواني، وقيل من جماعة ......، وأنا الحكم بتاعي باتصال مباشر يا سيدي
أحمد منصور: طبعاً، لا مؤسسات ولا دستور ولا نظام ولا نظام دولة، طبعاً ترمي كله.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. لا.. لا.. لا.. لا حكي حكاية ثانية لا.. لا.. لا، اتصال مباشر مع الوزراء، وهم الذين وأتحدث معهم، ولا بالديوان، وكان بورقيبة يا سيدي، بورقيبة رئيس الدولة بوحده..
أحمد منصور: هو ده نظام دولة، دا نظام دولة معالي الوزير؟
الطاهر بلخوجه: اسمعني، يا سيدي رئيس بوحده بمفرده مع مدير التشريفات، وفي نفس الوقت مدير ديوان، وهو يحكم في البلاد.
أحمد منصور: يعني دا.. دا حضرتك عايز تقول لي دا نظام.. دا نظام مستبد وديكتاتوري.
الطاهر بلخوجه: لا مش نظام مستبد..
أحمد منصور: ولا يحمل أي شكل من النظام المؤسسي للدولة.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. كان عندنا، لا..
أحمد منصور: كل الدول تقوم على مؤسسات مش على فرد قاعد يتصل بدا بالتليفون يدي له أوامر، ودا يعمل له كذا.
الطاهر بلخوجه: يا سيدي.. متفق معاك.. لا.. لا.. لا.. لا المشكلة فيك، أنا كنت أتحدث لك مع صلة بورقيبة مع الوزراء، هذا لا.. هذا متفق معاك أن مؤسسات الدولة من وقت بورقيبة متفق معاك، أن.. البرلمان، وأن الحزب الواحد، وأن المؤسسات الأخرى، والمجتمع المدني الذي لم تقم بواجباتها متفق معاك في هذا، لأنها كانت..
أحمد منصور: يبقى دا نظام إيه بقى سمي هو لي النظام ده في الأنظمة السياسية، و
الطاهر بلخوجه: هي يا سيدي هذا نظام، يا سيدي هذا نظام، أنا أعطيك نظام هي يا سيدي هذا نظام..
أحمد منصور: نظام الحاكم العادل..
(9/104)
الطاهر بلخوجه: لا هذا نظام (…) اخترناه في 64 في مؤتمر بنزرت، وولى نظام شيوعي حزب واحد، وتحته سلك..
أحمد منصور: وأنتم حوله تقولوا آمين على كل ما يحلم به
الطاهر بلخوجه: وتحت فلاته كل الناس وهذا من اختاره؟. اختاره معناها زعماء.. الاشتراكية حتى يكونوا إيش..
أحمد منصور: أي اشتراكية؟. أنت تبرئ ساحة بورقيبة، تبرئ ساحة بورقيبة.
الطاهر بلخوجه: لأ يا سيدي أنا بورقيبة..
أحمد منصور: دا لما يبقى في أخطاء يبقوا الوزراء اللي بيعملوها، لما يبقى في حاجة.. يبقى بورقيبة هو اللي ابدع..
الطاهر بلخوجه: يا سيدي لا، مسؤولية جماعية لا. بورقيبة عنده مسؤولية، ودا كان رئيس جمهورية متفق معاك، وإحنا كوزراء عندنا مسؤولية ثانية متفقين معنا، و.. المسؤولية الكبيرة أكثر أنه لم تكن لنا طريقة جيدة في الحكم حتى نستعمل كل القوى..
أحمد منصور: ما فيش نظام، ما فيش System للدولة، ما فيش نظام للدولة.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا فيه..
أحمد منصور: هو الرئيس، زي ما أنت قلت ومعاه مدير الديوان، ومدير الدولة كل يوم على كيفه
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. لا.. لا..
لقاء بورقيبة مع ديغول حول موضوع الجزائر
أحمد منصور: في يناير 61 حينما عُينت قائماً بالأعمال
الطاهر بلخوجه: يا سيدي عُينت قائماً بأعمال..
أحمد منصور: التقيت مع ديجول في.. ديجول في.. في فبراير61، وطلب منك لقاء بورقيبة..
الطاهر بلخوجه: يا سيدي.. يا سيدي كيف.. كيف تسميت أنا في باريس؟ أنا، لأن في نوفمبر.. في نوفمبر أعلن جنرال ديجو بأنه سيقوم بإستفتاء حول الجزائر، في نوفمبر.
أحمد منصور: نوفمبر 60.
الطاهر بلخوجه: في نوفمبر 60.. نوفمبر 60.
أحمد منصور: نعم.. نعم..
الطاهر بلخوجه: وكان من هذه، من خصال بورقيبة أن شم أن معناها ظهر له بأن فرنسا قادمة على تحوير كبير في سياستها في الجزائر
أحمد منصور: فلازم هو يركب الموجه ويبان إنه الزعيم..
(9/105)
الطاهر بلخوجه: من غير شك.. من غير شك، وهذه.. هذه هي السياسة، هذه السياسة هي الرؤية..
أحمد منصور: انتهازية.
الطاهر بلخوجه: لأ الرؤية، ثمة انتهازية، ولا الرؤية انتهازية وقت لا تعين الرؤية، فلا حبذا من المزج.... هدف الرؤية وفائدة..
أحمد منصور: انتهاز للموقف ويبان إنه الزعيم اللي حريص على مصلحة البلاد.
الطاهر بلخوجه: وفائدة.. والفائدة في النتيجة. النتيجة فلو وصلنا في النتيجة معنا.. بهذه الرؤية، وبهذه الانتهازية. طيب، سميت أنا وقتها اختارني، اصطفاني مرة ثانية، وقلت.. قلت وقلت إنه.. وسماني في باريس.. كقائم بأعمال، وكانت الجفوة كاملة بعد الساقية، لحد أنا لم تكن.. لم يكن لنا سفيراً في باريس، وكان السفراء العرب غير موجودين في باريس. كان السفير العربي الوحيد هو سفير لبنان، كل الآخرين كان بقائم أعمال بعد ساقية سيدي يوسف، وكانت أمورنا معناها مرتبكة مع فرنسا كذلك. كان إذاك لما قرر.. جنرال ديجول بأن يكون استفتاء الجزائر ثبت له بأن ربما، وربما معناه اتصاله وحديثه مع بورقيبة فيه فائدة، وكانت تلك.. الحالة في.. في.. في 1 فبراير في غذاء مع .. في الإليزيه الغذاء للسلك الدبلوماسي، وكان ناداني الجنرال ديجول، وقال لي أنه سيكون سعيد في الحديث..
أحمد منصور: ناداك مباشرة أم رئيس وزراء الفرنسي...
الطاهر بلخوجه: بل جاءني وزير جاء مدير التشريفات وطلب مني أن أتبعه إلى القاعة التي كان فيها ديجول ووزرائه وأخذني الجنرال ديجول في جهة إلى النافذة وقال لي ما قال لي حول أنه ستكون من الفائدة بالنسبة للجميع بأن يتحدث مع بورقيبة وكانت الصاعقة.. الصاعقة حتى بالنسبة للفرنسيين نفسهم ولم يتحدث..
أحمد منصور[مقاطعاً]: طلب منك بأن يكون هذا سرياً.
الطاهر بلخوجه: طلب مني أن يكون هذا سرياً ولكن لسوء الحظ أفشاه بورقيبة.
أحمد منصور: طبعاً ما هو بورقيبة أصلاً مستغل الموضوع أنه دعاية إعلامية وليس للقيام بدور حقيقي.
(9/106)
الطاهر بلخوجه: أفشاه.. أفشاه بورقيبة وعنده حق بيش يفشيه لماذا.. معناها أنت تستدعيني وتخليه أنت تحت الباب وتخليه معناها خبئ.
أحمد منصور: هو استغلها بورقيبة ليس.. ليس لمصلحة الثوار الجزائريين إنما لمصلحته الخاصة ليظهر أنه زعيم يلعب دور في استقلال الجزائر.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. يلعب لمصلحته الخاصة بأنه زعيم ديجول نزل وطلب من أن يتحدث له، شيء كتير هذا ذلك الرجل الذي كان في المنافي..
أحمد منصور: لأنه.. لأنه رجل فرنسا.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا مش رجل فرنسا..
أحمد منصور: حتى يتوسط له عند الجزائر
الطاهر بلخوجه: يتحدث مع رجل فرنسا الشعب يتحدث مع رجل عنده أفكار بيش يعطيه أفكار جديدة، يناديه هو كعميل، ما يعمل به كعميل، ما يصلح العميل.
أحمد منصور: هو بيلعب دور مزدوج الآن، ليس عملاً هو رجل فرنسا ليس بالدرجة الأولى أن يكون عميلاً.
الطاهر بلخوجه: ما عندوش.. ما عندوش لا.. لا العميل ما عندوش أفكار.. وجاء بورقيبة وأعددنا اللقاء في شهر فبراير معناه 61.. وكان لقاء.. ولقاء رامبوييه كان يرتكز لقادة على ثلاث نقاط لأنه في التباسات كبيرة.. لأن يا سيدي كفاء رامبوييه كان في وقت حرب الجزائر ملكية ديجول يبحث آنذاك عن مخرج وكانت عليه ضغوط كبيرة في فرنسا لأنني كنت قائم أعمال في فرنسا في باريس وأعرف ذلك كانت عليه ضغوط وخاصة كان الرئيس الأول.. رئيس الوزراء الأول بتاعه الأول بتاعه (ميشيل دي بريمان) من أخبث ما سمى ومن أقوى ما سمى فيما يخص.. الصحرا على.. فيما يخص الصحرا وفيما يخص الجزائر، وكان ديجول يسعى في.. يسعى إلى مخرج، ولهذا تحدث مع ديجول وقال بورقيبة وسمعنا بورقيبة يقول أن.. أنه ديغول أفكاره تحررية وماشي في الخروج من أزمة الجزائر ومن حرب الجزائر ماشي.. ماشي ماهوش من.. أدي الحاجة الأولى.
(9/107)
الحاجة الثانية: بورقيبة تحدث له على حكاية الصحرا، لأن كل شيء مربوط ببعضه، حرب الجزائر والصحرا، أيش هي موضوع الصحرا؟ موضوع الصحرا لأن فرنسا كانت تعتبر إذك كانت محاولة ولمحاولة أن ربما تسلم في الجزائر، ولكن تحتفظ بالصحرا، لأنها كانت تعرف..
أحمد منصور: فكان يطمع لتوسيع رقعة تونس ويأخذ جزء من الصحراء..
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. لا.. أحكي لك، اسمعني.. لا لا، حق من حقوق أبداً كانت فرنسا تعتزم وتسعى بأن تكون الصحرا التي تعرف مخبآتها من البترول تحتفظ بها وكانت تتغنى كانت حاولت أن.. أن تغرينا كما حاولت أن تغري كذلك الأفريقيين الآخرين أما أنتما.. أنتما.. بجانب.. بجوار الصحرا الجزائرية وربما تتفق بأن نستغل الصحرا مع بعضنا البعض، لم يوافق بورقيبة على ذلك وما قال لديجول قال له أنا يا سيدي قبل ما آتي إلى هنا لـ (رامبوييه) كانت تبادلنا.. هذا للتاريخ يا سيدي..
أحمد منصور: كنت في هذا اللقاء؟
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. لا ما كنتش في ذلك، اللقاء كان في باريس ولكن بوظيفتي في باريس كنت أعرف ما و قع، كان.. وموجودة.. موجودة في الأرشيف التونسية، تبادلت مذكرة بين باهي الأدغم وفرحات عباس على أساس يقع النظر في موضوع الحدود مش موضوع الصحرا موضوع الحدود الصحراوية بين تونس والجزائر بعد استقلال الجزائر.
أحمد منصور [مقاطعاً]: معالي الوزير..
الطاهر بلخوجه: اسمعني يا سيدي.. استنى يا سيدي..
أحمد منصور: الحقيقة غير ذلك.
الطاهر بلخوجه: نعم؟
(9/108)
أحمد منصور: الحقيقية غير ذلك، حينما تحرك بورقيبة لقاء (راموييه) مع ديغول كان هدفه شيئين لا ثالث لهم، الهدف الأول: أن يتاجر بالثورة الجزائرية ويظهر أنه الآن الرجل المدافع عن حقوق الجزائريين ومن ثم يكتسب علاقات معهم في الوقت الذي كانوا هم يعادونه ولم يكونوا مرتاحين للدور الذي كان يقوم به. الهدف الثاني: أن تونس كان يرى نفسه زعيماً عظيماً وكبيراً وأن المسافة.. حجم تونس حجم صغير عليه وبالتالي إذا كانت فرنسا تفكر في الاحتفاظ بجزء كبير من الصحراء فلتمنح بورقيبة جزءً منه يوسع به رقعة تونس، دا كان هدف بورقيبة..
الطاهر بلخوجه: يا سيدي.. أنا أعطيك.. يا سيدي.. فيه.. فيه.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أي.. وهو..
الطاهر بلخوجه: في مكتبه يا سيدي..
يا سيدي عايش.. هذا كلام الصافي وكلام حكايات فارغة يا رجل، يا سيدي الخريطة يا سيدي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مش كلام الصافي كلام حتى المسؤولين التونسيين الذين كانوا معه..
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. مش.. لا مسؤولين لا..
أحمد منصور: الصافي لا ينطق من الهواء، كلها مصادر موثقة لمسؤولين تونسيين..
الطاهر بلخوجه: لا.. ليه.. لا.. ليه.. ليه؟
أحمد منصور: والواقع أيضاً وشخصية بورقيبة.
الطاهر بلخوجه: لشيء في نفس يعقوب استنى يا سيدي، كانت في مكتب بورقيبة خريطة وراء المكتب بتاعه، اسمعني يا سيدي.. الخريطة فيها خريطة تونس، وفي علامة 233 لم تكن هنالك تحديد للصحرا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان سايبها مفتوحة يريد أن يوسعها.
(9/109)
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. لا، معلش ما كانتش مفتوحة، لأن معناها الاتفاق هذا صار في سنة 1910 بين تركيا وفرنسا لم تحدد ذلك، وكانت فرنسا كانت طامعة بالصحرا ولم تريد أن تحدد ذلك ما بين تونس، طلب بورقيبة شيئاً وحيد، لم يطالب بقسم من الصحراء، طلب أن تحدد تلك المسافة بين معناها 233 إلى.. إلى حدود.. وهذا حق من حقوقنا وطالبنا بها الجزائر وقلنا للجزائريين والجزائريين اتفقوا مع بضع، وقلنا.. وقال الجنرال. ديغول.. وقال بورقيبة لديجول: الاستقلال سيكون كاملاً مع الجزائر في الصحراء يا.. وإحنا سنتفق مع الجزائريين حول ذلك.
أحمد منصور: الكلام هذا يخالف الواقع وطبيعة الدور اللي بورقيبة سعى ليه بعد ذلك من زعامة المنطقة المركزية..
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. زعامة.. زعامة..
أحداث بنزرت ومسؤولية بورقيبة عن حرب يوليو/ تموز 1961
أحمد منصور: وتوسيع رقعة تونس والشعور بأنه زعيم أكبر منافساً لعبد الناصر كان يؤكد إنه كان بيسعى لهدفين الرئيسين الذي ذكرتهم، أنا مع تقديري للرواية التي ذكرتها، بدأت عملية بنزرت تتصاعد بعد ذلك في العام 59 وتحديداً في 17 فبراير 59 أعلن بورقيبة التخلي مؤقتاً عن بنزرت مقابل السلام في الجزائر، يعني كنوع من الغزل للجزائريين، في 1 يونيو 59 سحب هذا العرض.
الطاهر بلخوجه: أي نعم سيدي.. أي نعم سيدي..
أحمد منصور: وطلب بنزرت مرة أخرى، في 25 يناير طلب بورقيبة بانسحاب فرنسا من بنزرت وبدأت الأحداث تندلع في بنزرت حتى قامت الحرب في 22 يوليو 1961 وكانت عبارة عن مذبحة شارك بورقيبة في دفع التونسيين إليها.
(9/110)
الطاهر بلخوجه: شوف يا سيدي في رامبوييه في لقاء رامبوييه كان الحديث عن بنزرت مجاملة.. واتفق أن كون موضوع بنزرت سيرجى حتى بعد حرب الجزائر مع الجنرال ديغول، ولكن أثبت بورقيبة أن طلب.. أعاد الطلب لديغول وقتها بأننا متفقين على ذلك، ولكن ما نريده هو بأن تصرح فرنسا بأنها ستخرج من بنزرت وموضوع الجلاء وموضوع.. تواريخ الجلاء إحنا نلقى حلول لذلك وأتفق على ذلك يا سيدي هذا كان في شهر فبراير، في شهر.. في شهر جوان.. في شهر..
أحمد منصور: يونيو 61.
الطاهر بلخوجه: في شهر.. مش جوان، في شهر مايو.. مايو..
الطاهر بلخوجه: مايو 61، كان لأميرال، معناها أمير البحر، أميرال بتاع بنزرت بأن طلب كتابياً بأنه هو بدأ في توسيع مهبط الطائرات، وكنا.. كنا بعثنا إليه، طلب لماذا يوسع هذا المهبط، وقعنا إحنا في جدال مع فرنسا لتخرج بنزرت وقت ما توسع ذلك، فكتب إلينا مكتوباً إلى الوالي بنزرت يطالب فيه بأن.. بأن يعلمنا به بأنه شرع في توسيع المهبط فكان.. فكان بورقيبة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذه في القاعدة الفرنسية التي كانت..
الطاهر بلخوجه: فكان لبورقيبة أن.. لا يمكن أن أجيبه بالرضا لا يمكن وما هي هذه.. واتخذ بورقيبة إذ ذاك يا سيدي هذا عم بيقاسي العيش.. سافر بورقيبة في شهر مايو إلى الولايات المتحدة حتى يمس نبض الجنرال.. حتى يمس نبض الرئيس (كيندي) وكيندي كان..
أحمد منصور: طبعاً هو رجل الأميركان..
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. لا خلينا، لأن مش رجل.. لأنه في حاجة إلى مساندة من الأميركان ما يكونش.. فرنسا..
أحمد منصور: كانت علاقاته قوية بيهم، وهم يلعبوا دور كبير معاه..
(9/111)
الطاهر بلخوجه: قوية.. لا شك عندنا أصدقاء إحنا في الغرب أو في الشرق، نلقاهم وقت الحاجة، وقت اللي عندك صديق تمشي له وقت اللي حاجتك فيه حاجة إليه، مشي إلى أميركا وطلب منه.. وكان جون كيندي أنه لم يكن في ذلك متفق مع بورقيبة على أساس أن كان هو كان موضوع برلين موضوع الحرب الباردة قائم إذاك ورجع أبو رقيبة متأسف نوعاً ما، ولكن الشيء الذي.. الذي لا ما قالوش الصافي أنا أقوله وقلته أنا الكتاب أن في..
أحمد منصور: أنا مش في الصافي، أنا عندي عشرين.. أخرى مع..
الطاهر بلخوجه: أن السيد.. أن فرنسا وأميركا قررت أوائل الستينات، في أواخر الستينات قررت الجلاء عن قواعدها في المغرب وأكثر من ذلك كان الجنرال ديغول معناها في.. حتى يتقرب أكثر من.. ذلك وأنا.. أنا سأخرج عن (...)، بورقيبة لم يرضى بذلك، لا يرضى ولا يمكن أن يرضى زعيم عربي وزعيم وطني على ذلك أن القواعد الغربية الأميركيين والفرنسية تريد أن تلغي معناها في 61 ومعناه أن فرنسا تريد أن.. أن تستبد في الجزائر، مش في الجزائر..، في الجزائر ومرسى الكبير..
أحمد منصور: كل يوم متخبط ما بين القبول والرفض..
الطاهر بلخوجه: لأن لا يا سيدي.. لأن ليست فرنسا، لأن فرنسا في ذلك في بنزرت كانت تعتبر أن بنزرت ومرسى الكبير في الجزائر هم معناها أساس للدفاع وكانت لا.. وكانت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يا معالي الوزير الضغط الشعبي على بورقيبة هو الذي كان يدفعه إلى ذلك وليس رغبته الحقيقية في أن يخرج الفرنسيين من الجزائر..
الطاهر بلخوجه: شو رغبة الشعب..
أحمد منصور: أنتو الشعب.. الشعب كان رافض للوجود الفرنسي..
الطاهر بلخوجه: طلب الشعب يا سيدي..
أحمد منصور: والشعب هو الذي تحرك في..
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، الشعب إحنا الذي حركناه، إحنا كنا في حزب الواحد وكان الشعب في إيدينا نحركه ما نشاء ونبعث به واصطفينا معناها الشباب الدستوري الستة..
أحمد منصور: وده معناه الشعب.
(9/112)
الطاهر بلخوجه: يا سيدي، ستة آلاف دستوري ما فيه شك فقط يعني قوة تستعملها وقت الحاجة أنت عندك عدو، وشو القوة بتاعتك القوة..
أحمد منصور: الشعب التونسي كانت الوطنية تغلي في دمائه وقدم الكثير..
الطاهر بلخوجه: يا.. لا.. والعدو.. والقوة بتاعتك الشعب..
أحمد منصور: إنما الشعب.. تقول لي الشعب إحنا بنحركه..
الطاهر بلخوجه: بنحركه من غير شك، نواجه.. بس نواجه بيه، شنوا قوتنا؟
أحمد منصور: كل شيء بتحركوه وتقعدوه، يعني خلاص لم يعد هناك إرادة للـ..
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. لا عندهم إرادة ولكن إحنا أقنعناه، أقنعناه أن كون فرنسا في بنزرت وأن كذا وتحدثنا.. إليه وكان بورقيبة كان له مسامرة أسبوعية في هذا الموضوع، وكان طلب ما كنا، نزل الميدان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعاً كانت مقامرة أن يدفع الناس غير مسلحين.. غير مسلحين بأسلحة خفيفة القاعدة، ثم تدكهم فرنسا لتقتل منهم.. خمسة آلاف.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. اسمع، أولاً يا سيدي.. لا.. لا، لا.. لا أنا.. أنا لأ.. أنا ماشي معاك.. أنا ماشي معاك في هذا، ولكن خليني أفسر لك، شوية وتفهم كل شيء، إحنا يا سيدي فيه بالضبط وقت هذا دفعنا الشعب وماشيت ست آلاف من الشباب الدستوري إلى ذلك، وكان الجيش التونسي الصنديد ذلك.. كان كذلك في ذلك الميدان وحاصرنا القاعدة في بنزرت بالضبط حاصرنا كما حاصرناها.. كما حاصرنا القواعد العسكرية بعد ساقية سيدي يوسف وكان ربما هذا الخطأ بالنسبة لبورقيبة أنه كان هو الرهان بتاعه كان خاطي أن كون.. ولما راهن هناك في الساقية وحاصر الثكنات، فرنسا استجابت وجاءت معناها إلى الاتفاق وخرجت من القواعد بالنسبة لبنزرت لما حاصرنا -يا سيدي اسمعني مني حاجة- حاصرنا قاعدة بنزرت ولا أحداً من العسكريين يخرج من بنزرت وحتى الأميرال أمان طالب.. للإقامة العامة في تونس منعناه وقلنا أبداً وما معنى المؤونة على بنزرت؟ المؤونة الأكل والشرب..
(9/113)
أحمد منصور: من البحر تأتي..
الطاهر بلخوجه: استنى بقى بدل ما.. مش اشترينا أرض، استنى يا سيدي، معناها المؤونة وتتداخل يا سيدي حتى فرنسا.. فرنسا إذ ذاك طلبت منها من (همرشولد) الأمين العام للأمم المتحدة، وجاءنا أمين الأمم المتحدة وطلب من بورقيبة، طلب منه بإلحاح بأن يسمح بأن تدخل على الأقل الخبز والمؤونة إلى القاعدة وقال لبورقيبة طيب، سيدخل الخبز والمؤونة وأنا.. على أساس أن كونه الآن الأمم المتحدة اعتنت بموضوع بنزرت وأنتم معنا شوف.. شوف الذكاء السياسي! وإذاك كان الشعب إذ ذاك مرابط ومعناها.. مع دخول المؤونة ولكن حاصر الجيش الفرنسي لا خروج له من المنطقة، تدخل أماكن.. تدخل أماكن لا خروج له، وكان في بالنا أنكم هذا الرهان الخاطي كان في بال بورقيبة ربما جاء فرنسا إلى المعقول ويقول الجنرال ديغول ألا يا سيدي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن ما حدث..
الطاهر بلخوجه: استانيى.. أنا يا سيدي مبدئياً سأخرج من بنزرت ولكن الاتفاق نقص ذلك، كان.. كما يقول ديغول، وأنا كنت في فرنسا، يقول لا مفاوضات تحت الضغط ولا حديث تحت الضغط وطالب من بورقيبة إنه يرجع كل الجماعة إلى بلدانهم وأنا بعدين.. بعدين، وبعد حرب الجزائر ينظر في مشكلة بنزرت، إحنا تورطنا ودخلنا في الموضوع هذا، ما كان.. وقت اللي كثر الضغط إذاك الشعبي الغير مسلح، وكان معناها الليالي الطوال والشعب كامل أمام البربري، معناها أمام.. أمام الخيوط هذه ككل وأمام السلاح الفرنسي العين، الوجه.
أحمد منصور: أمام الأسلاك الشائكة..
الطاهر بلخوجه: الوجه لوجه، كان الجنرال ديغول بالذات وكان في ألمانيا وقلت أنا كان في ألمانيا في زيارة ألمانيا وربما استشار بالهاتف معناها وزيره الأول وجماعته وأذن من ألمانيا وزير الدفاع (مسمال) بأن يأخذ القضية وأن يتعامل معها كقضية عسكرية.
أحمد منصور: فتم دك هؤلاء وقتلهم..
(9/114)
الطاهر بلخوجه: كيف دك يا سيدي؟ كيف عامل الجزائر؟ إحنا كنا نتوقع شعبنا.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مراهنة.. بآلاف الناس غير مسلحين وبسطاء..
الطاهر بلخوجه: لا.. يا سيدي جاءت.. جاءت الناس، جاء العسكر وجاءت الدبابات وجاءت المظلات من الجزائر ونزلت وكانت حرب لمدة يومين، لمدة يومين في.. كانت إحنا ما اعتبرنا أن.. أن كون هذه كان اندفاع من فرنسا وكانت معناها من جنرال ديغول وهذه معناها.. وكانت عنفوان هذا الجنرال يرد على شيء ما، وكان دخل هذه.. هذه الحرب وكنا لم نتمنى تيجي حرب ولم يكن ببالنا أن جنرال ديغول أنه.. أمام شعب شعب معناه سلمي بيديه معناها ينزل به ويقصفه بالطائرات ويقصفه.. هذا جانب فرنسا، هذه الحرب. الحرب وهذه جريمة كبيرة..
أحمد منصور: وبورقيبة شارك في الجريمة أن دفع هؤلاء أيضاً غير.. غير مسلحين وغير موجهين.. لكي يواجهوا هذا..
الطاهر بلخوجه: لا.. لا، ما اندفع لا يا سيدي إحنا كنا ندافع.. إحنا واجهنا كل.. لم ما صدمناش لم نصطدم، لم ندخل الثكنة أبداً، إحنا كنا أمام الثكنة، أمام بالثكنة ويبين أن الشعب...، يجيب على الجريمة الفرنسية وجريمة جنرال أن يبعث لنا بالقنابل وغير ذلك،..
أحمد منصور: كنت وقتها لازالت قائماً بالأعمال.
الطاهر بلخوجه [مقاطعاً]: وهذا.. وهذا كما قال بورقيبة هذا ثمن الخلاص، خلصنا من الاستعمار وخرجنا فرنسا منها..
أحمد منصور: لم تخرج فرنسا بعد ذلك إلا حينما لجأتم إلى الأمم المتحدة.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا.. إحنا..
أحمد منصور: وخرجوا بقرار.. بقرار من الأمم المتحدة..
الطاهر بلخوجه: لا.. لا خرجت.. خرجت فرنسا بعد..
أحمد منصور: في 25 يونيو 61 صوتت الجمعية العامة لصالح خروج فرنسا.
الطاهر بلخوجه: لا.. لا أبداً وفرنسا أبداً ولا كانت تعتمد الأمم المتحدة ولا تقل أبداً خرجت فرنسا طبيعياً بعد استقلال الجزائر وثبت أنه كونه غير ... في تونس.. كان واضحاً..
(9/115)
أحمد منصور: وتم الاحتفال بعد ذلك بتحرير بنزرت في العام 61.
الطاهر بلخوجه: وجاء بعدها جمال عبد الناصر وجاء بن بيلا ومعناها.. وخطبوا وأقروا بالوطنية للحبيب بورقيبة، وبالرجولية للحبيب بورقيبة الذي أخرج معناها فرنسا من بنزرت..
أحمد منصور: شهادتهم مقدوحة فيها..
الطاهر بلخوجه: مقدوحة؟ على أين مقدوحة؟ انتهازية؟ تعتبرها أن كونه جمال عبد الناصر وبن بيلا..
أحمد منصور: عبد الناصر كان يعادي بورقيبة من البداية وبعد ذلك عاداه أيضاً، ليست هذه هي المرة الوحيدة..
الطاهر بلخوجه: لا.. لا..
أحمد فرجعت.. جمال هو وبورقيبة كان.. في هذا الموضوع..
الطاهر بلخوجه: لا، لا مش صحيح، لا سيدي أحمد ويقرأ تاريخه..
أحمد منصور: العداء بين عبد الناصر وبين بورقيبة قديم وكان..
الطاهر بلخوجه: مش من بن بيلا..
أحمد منصور: وكان بورقيبة يرى نفسه.. كان بورقيبة يرى نفسه أنه الأولى بالزعامة العربية.
الطاهر بلخوجه: صحيح.. صحيح..
أحمد منصور: وسعى لتكوين زعامة في المغرب من عبد الناصر وزعامة في المشرق.. ليس.
الطاهر بلخوجه: ولم لا.. ولما لا.. ولما لا؟ أما.. لا أما أكلمك.. ربما.. ربما أنت تحكي على بن بيلا..
أحمد منصور: ليست مشكلة يا سيدي..
الطاهر بلخوجه: بن بيلا، جمال عبد الناصر كان متصل ببن بيلا ومتفق مع بن بيلا..
أحمد منصور: طبعاً.. طبعاً.
الطاهر بلخوجه: متفق على بيلا.
أحمد منصور: أنا لم أقل أن بن بيلا كان يعادي عبد الناصر وإنما بورقيبة..
الطاهر بلخوجه: بورقبية، يعني خدنا بن بيلا كان مع عبد الناصر على طول؟
(9/116)
أحمد منصور: رجعت أنت بعد ذلك في 22 يوليو انتهى عملك كقائم بالأعمال وقطعت العلاقات بين فرنسا وبين تونس، وفي الثاني عشر من أغسطس/ آب 1962م تم اغتيال صالح بن يوسف في واحدة من أكبر عملية الاغتيال السياسي والتي لا تقل عن اغتيال بن بركة المعارض المغربي بعد ذلك، وأعلن عن مسؤولية بورقيبة عن تصفية بن يوسف، في الحلقة القادمة أبدأ معك في اغتيال صالح بن يوسف وتفصيلات هذا الموضوع ودقائقه، أشكرك شكراً جزيلاً.
الطاهر بلخوجه: طيب.. شكراً..
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجه، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/117)
الحلقة3(9/118)
الثلاثاء 30/3/1423هـ الموافق 11/6/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 12:36(مكة المكرمة)،09:36(غرينيتش)
الطاهر بلخوجة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق - الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
09/06/2002
- قضية اغتيال المعارض صالح بن يوسف
- مسؤولية بورقيبة في اغتيال بن يوسف واعترافه
- أسباب اغتيال صالح بن يوسف وانعكاسه على تاريخ بورقيبة السياسي
- محاولة اليوسفيين الانقلابية ضد بورقيبة وموقفه منهم
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق الطاهر بلخوجة، مرحباً معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: أهلاً وسهلاً.
قضية اغتيال المعارض صالح بن يوسف
أحمد منصور: في الثاني عشر من آب/ أغسطس 1961، أردت بعض الرصاصات القاتلة المعارض الأبرز للرئيس الحبيب بورقيبة وهو صالح بن يوسف في ألمانيا، وقضية اغتيال صالح بن يوسف لا تقل أهمية، إذ ربما تكون أكبر من عملية اغتيال بن بركة على يد عملاء المخابرات المغربية والفرنسية في باريس بعد ذلك بعدة سنوات، مقتل صالح بن يوسف نقطة هامة في تاريخ وحياة بورقيبة، كيف تلقيت نبأ اغتياله؟
الطاهر بلخوجة: والله موضوع.. يبدو الغريب أن وزير داخلية يحكي في موضوع اغتيال في.. وقع في الفترة اللي هي عمل فيها، وخاصة في تلفزة غير وطنية ولكن اعتبر أنا أن احسن أن يقول وزير الداخلية ما يعرف من أن يقول غيره، وأن يقول الرواية الصحيحة الذي يعرفها في الحقيقة حتى يرفع الالتباسات، وخاصة أن موضوع صالح بن اليوسف موضوع مر عليه الزمن 40 سنة، 61 لـ2001 – 40 سنة، وخاصة انه يتبين اليوم أن الاغتيالات لا.. لا تنسى
أحمد منصور: طبعاً.
الطاهر بلخوجة: ويحاسب عليها.
(9/119)
أحمد منصور: ليست الاغتيالات وحدها، إنما التاريخ لا يغفل عن شيء.
الطاهر بلخوجة: لا يغفل أي شيء، وخاصة منها الاغتيالات.
أحمد منصور: ويأتي اليوم الذي تكشف فيه الحقائق
الطاهر بلخوجة: وخاصة منها الاغتيالات، وأنا لا أرى فرق بين اغتيال بن بركة وصالح بن يوسف، نفس الشيء هو القتل، القتل مش مقبول.
أحمد منصور: لكن قتل لزعيم سياسي ومعارض رئيسي.
الطاهر بلخوجة: والله حتى بن بركة زعيم سياسي، بأتم معنى الكلمة، أنا أعرفه شخصياً من الرجالات العظام في.. ومن الرجالات بعدها عنده مستوى، وعنده.
أحمد منصور: قتله فجر قضية كبيرة الآن في المغرب بين
الطاهر بلخوجة: قضية كبيرة، ولهذا.. ولهذا ربما ها دول.
أحمد منصور: ولهذا آمل أيضاً أن تكون شهادتك على مقتل صالح بن يوسف تميط فيها اللثام عن حقائق من المفترض أن يعرفها الناس، وتكون شهادة للتاريخ مجردة.
الطاهر بلخوجة: والله ما فيش.. صحيح.. صحيح، صحيح.. صحيح، وأنا باعتباري.. الاعتبارات لازالت صحيحة، لأنها اعتبر أنها.. أنها وصمة في نظام بورقيبة، وربما الوصمة الوحيدة بالنسبة.. في موضوع الاغتيالات والقتل وغير ذلك، وسأفسر نوعاً ما ذلك، على كل..
أحمد منصور: كيف تلقيتم النبأ؟
الطاهر بلخوجة: على كل الحديث صالح بن يوسف مش أول مرة نحكي فيها، حتى مش تبين أنه كونه مش أول مرة نحكي عن.. أخيراً تو شهرين في تونس في مؤسسة اسمها مؤسسة (تمليمي) كان لوزير الداخلية، وزير داخلية سابق ومدير حزب، وأنا أيضاً تحدثنا على صالح بن يوسف، وأعطينا مالنا من
أحمد منصور: لكن الحديث في (الجزيرة) غير الحديث في أي مكان.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح، لا مش تبين أن كونه.. مش لأول مرة أحكي في هذا، ربما لأعطي.
أحمد منصور: لكن آمل أن تميط اللثام لأول مرة عن حقائق جديدة.
(9/120)
الطاهر بلخوجة: والله.. صحيح، على حقائق جديدة وخاصة أن موضوع ثقيل علينا كلنا في النظام، ووصمة كبيرة لنا، وخاصة أن ذلك.. ذلك ما.. بكل صراحة، لا يبدو كذلك من أخطاء بورقيبة، ما عودناش بورقيبة على هذا، لأنه نفسه في خطاب قال أن...
أحمد منصور: في العام 73.
الطاهر بلخوجة: عام 73، وهنأ مَنْ قتل بن يوسف، صحيح موجودة،هذا صحيح، هنأ من قتل بن يوسف، وأكثر من ذلك أتى بهم و..
أحمد منصور: كرمهم.
الطاهر بلخوجة: وكرمهم وأعطاهم.
أحمد منصور: وأعطاهم الأوسمة.
الطاهر بلخوجة: وأعطاهم الأوسمة، رغم أنا في اعتقادي.. اعتقادي أن.. أن العملية قاموا بها رجال من.. من الحاشية وغير ذلك، وأتذكر.. أذكرهم بدون أن يأمر بذلك بورقيبة، هذا اعتقادي، أن.. أن أمر بورقيبة بالاغتيال أنا أعرفه أنا، وأعرف عقليته وعاشرته مدة 30 سنة، وعاشرته 7 سنوات في الداخلية وثمانية، ما عندوش عقلية الاغتيال وفي هذا الأمر ذلك.. كذلك...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا أريد أن يكون الكلام متناقضاً بين أنك قلت قبل لحظات من أن بورقيبة اعترف بقضية الاغتيال بل وكَّرم أو منح أوسمة لمن قاموا بها، ثم تقول أن بورقيبة..
الطاهر بلخوجة: لأ أنه كرم، ولكن أقول لم يأمر بذلك، أمام الأمر المقضي.
أحمد منصور: بيني وبينك المعلومات.
الطاهر بلخوجة: على كل.
أحمد منصور: قل شهادتك، وأنا سأوافيك بما عندي.
الطاهر بلخوجة: طب ما عندي طيب، الله يبارك..، أن هذا.. هذا اعتقادي، إنما لأن.. لأن في الحقيقة صالح بن يوسف عام 61 أمره 100 مرة منهي، ما عادش فيه مشكلة، مع الاستقلال خرج من بنزرت..
أحمد منصور: كيف يا معالي الوزير؟ كيف وفي الفترة من العام 1958 وحتى اغتيال بن يوسف في يناير 61، كان هناك أكثر من محاولة انقلاب ضد بورقيبة قام بها ضباط يقال أنهم ضباط يوسفيين يعني ينتموا لصالح بن يوسف..
الطاهر بلخوجة: صحيح... صحيح.
(9/121)
أحمد منصور: في المحاولة الأولى أعدم 40، وفي المحاولة الثانية اعدم 55، وفي المحاولة الثالثة أعدم 130، واتهموا كلهم بالتعاون مع صالح بن يوسف؟
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي.
أحمد منصور: معنى ذلك إن بن يوسف كان يشكل خطراً كبيراً على بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: شوف.. لا.. لا.
أحمد منصور: بورقيبة التقى مع بن يوسف أيضاً في 2 مارس آزار 1961، ودار بينهما حوار جارح، قيل أن بن يوسف جرَّح فيه بورقيبة تجريحاً شديداً أمام وسيلة، وكانت وسيلة موجودة.. وقال له كيف وأنت رئيس لدولة مسلمة تتحرك مع عشيقتك بهذا الأمر، وقيل أن هذا من الأسباب الرئيسية أيضاً التي دفعت إلى عملية تصفية بن يوسف
الطاهر بلخوجة: أنا لا.. أنا لا.. أن أحكي حول ما الأمور النفسانية والأمور معناها.. هذا الكلام معنا ها الخاص ربما الجارح، أنا أحكي على.. على الواقع الوقائع السياسية والأسباب.. والأسباب السياسية لهذا.. لهذه الوصمة.
أحمد منصور: ألم يلتقي بورقيبة مع بن يوسف في مارس 61؟
الطاهر بلخوجة: صحيح، أيوه صحيح، يا سيدي.
أحمد منصور: قبل اغتياله.
الطاهر بلخوجة: قبل.. يا سيدي بعد.. قبل.. أنا أقول لك كل.. كل.
أحمد منصور: بأشهر قليلة، مارس.. أغسطس
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، بـ 55/ 56 أكثر من ذلك، 55/ 56 في الأزمة اليوسفية كان لبعض رجالات الحزب آنذاك الحزب الذي أنا فيه، كان أن.. أن شردوا وأن عذبوا نوعاً ما بعض اليوسفيين فيما يسمى (سباط ظليم) سميناها سباط ظليم، وبعض المسؤولين عليه مازالوا على قيد الحياة وده كان معروف عند التونسيين، وكنا إحنا صغار السن وقتها في 58 في اتحاد الطلبة نعرف هذا وما كنا ولا.. لا كنا نحبذ ذلك، وكانت الأزمة كبيرة.
أحمد منصور: لم تحبذوا، لكن لم تستنكروا ولم ترفضوا.
(9/122)
الطاهر بلخوجة: لم.. لم يحبذ كذلك، ولكن كنا منقسمين كنا محتارين، لأنه ما إلنا مع بورقيبة ومن جهة ثانية نسمح بـ.. بأمور كيف هذه ما كانت تعجبنا، ولهذا كنا في.. في أزمة ضمير، كانت لنا أزمة ضمير، صحيح.. صحيح، وهذا في.. في سنة.. في سنة 56، حتى.. حتى أن.. أن كان في يناير.. يناير 56 أن كانت كان أولاً في يناير أنا قلت أنا في الحصة الأخيرة أن كان في 25 يناير.. 23 يناير 66 كان..
أحمد منصور: 56.
الطاهر بلخوجة: 56 كان الحديث بن يوسف مع الصومالي الفرنسي، لا لشيء.. لأؤكد أن الخلاف بين بن يوسف وبورقيبة كان خلاف شخصي وتنافس على الحكم، أما ما يقال عن أن صالح بن يوسف عربي أكثر ومسلم أكثر من بورقيبة أنا اعتقادي مش صحيح...
أحمد منصور: سآتي لبعض التفصيلات في هذا الموضوع.
الطاهر بلخوجة: أنا اعتقادي أن التنافس شخصي.
أحمد منصور: أنت نفسك قلت يا معالي الوزير أن بورقيبة توجه إلى الغرب، وكان يؤمن بكل ما معتقداته وأفكاره.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. الموضوع.
أحمد منصور: وبورقيبة سآتي معك في تفصيلات بدأ من العام 56 تدمير البنية الإسلامية في تونس عن طريق قانون الأحوال الشخصية وغيره.
الطاهر بلخوجة: لا لا لا.. إحنا نحكي نحكي بـ نحكي فيه أنا في موضوع.
أحمد منصور: لكن أنا الآن لأبقى في إطار بن صالح وبورقيبة..
الطاهر بلخوجة: لا في إطار بن صالح في إطار بن يوسف
أحمد منصور: بن يوسف عفواً.
الطاهر بلخوجة: بن يوسف وبورقيبة كان تنافس شخص على الحكم، والسبب لم يكن سبب ذلك، والشاهد على ذلك ما قلته لكم في المرة الأخيرة على أن صالح بن يوسف.
أحمد منصور: استنتاج وليس دليل.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا..لا.. لا، هذه جبت لك..
أحمد منصور: أنا.. أنا رأيت، أنا رأيت الوثيقة حوار.. حوار صحفي، يعني هو استنتاج من النص.
(9/123)
الطاهر بلخوجة: حوار صحفي معناه، لا حوار صحفي مكتوب بالكلام ومؤيد من أكبر رجل تاريخ فرنسي (شارل أندريه جوليان) معروف وما فيه كلام، لأن، وهذا.. وهذا معناه مش غريب، لأن صالح بن يوسف وقت ما أنت بتتحدث مع الشخص الصومالي هذا، حب يبين له أن كونه ممكن معه أيضاً يلقني معناها الالتقاء عن هذه الثقة وما فيش مشكلة لفرنسا، وليؤكد أن المشكل هو مشكل شخصي تنافسي ومعقول هذا الحكم، لماذا يرضى بن يوسف بأن يكون بورقيبة هو الفاتق الناطق والرئيس ثم يبعده، ويقول وكان يستنج، وكان يرى صالح بن يوسف أنه أجدر ربما، وحقيقة صالح بن يوسف كان.. كان لا بأس به، وكانت عده ملكات لا بأس بها، وكان يخطب، وكان على محبوب، وعنده نضاله ومعروف طيب، هذا.. ولهذا.
أحمد منصور: طيب نريد.
الطاهر بلخوجة: حبيت أبين أولاً في هذا أن كونه الخطاب.. أن كونه الاختلاف شخصي بين الاثنين، وأبين سأبين ذلك بعد حكاية عبد الناصر.
أحمد منصور: نبدأ الآن نصل الآن بعد فترة 55، 56، طبعاً فر بن يوسف.
الطاهر بلخوجة: هي سنة الـ 55.. 56.
أحمد منصور: وراح إلى القاهرة، وفتح له عبد الناصر (صوت العرب) وكان من خلالها يكيل لبورقيبة الاتهامات، فيه محاولة للإصلاح بين الرجلين أشرت إليها في مارس 61، فشلت تلك المحاولة، وعاد بن يوسف مرة أخرى إلى (صوت العرب) وإلى جمال عبد الناصر، ورجع بورقيبة، وقد بيت الرجلان كلاهما النية على أن يقتل كلاهما الآخر.
الطاهر بلخوجة: ثق.. وكما قلت، كما قلتم أنتم أن.. أو حسبتم محسبوين كانت سبعة محاولات اغتيال لبورقيبة، سبع محاولات مضبوطة في.. في مطار بورقيبة، في مطار جدة، في.. في مطار تونس، في الرباط موجودين
أحمد منصور: في أعقاب كل محاولة كان يعدم العشرات من العسكريين.
الطاهر بلخوجة: لأ، ما فيش مجال، لأ مش.
أحمد منصور: 40، 55، 130، دول 3
(9/124)
الطاهر بلخوجة: لأ هادوك.. هادوك.. هادوك من اليوسفيين.. بس اسمح لي، هادول من الموسفين الذين جيء بهم من الجبال وكعصابات، وحكم عليهم، أما محاولة الاغتيالات هذيك السبع أنا قلت عليها، ما كانش فيها 40 و50 وغير ذلك، آخرهم كان
أحمد منصور: يا معالي الوزير كل عمليات الإعدامات اللي بتتم في محاولات الانقلاب بيتم إعدام خمسة والباقي أشغال مؤبدة، إنما بورقيبة كان يأتي على رقاب جميعهم.
الطاهر بورقيبة: لا لا مش صحيح.
أحمد منصور: لما يعدم 130 شخصياً دفعةً واحدة في محاولة.
الطاهر بورقيبة: فين هذه وقت إيش هذه؟
أحمد منصور: هذه طبعاً المحاولة الثالثة، والمحاولة الثانية الأولى أعدم 40 و55 .
الطاهر بورقيبة: لأ هذا مفيش. ما أنت دي مفيش.. أنا ما عنديش علم بها، أنا شخصياً لم أسمع بذلك، وليس لي علم بأنه هنالك مئات من الإعدامات بعد الاغتيال، أعرف إنه ثمة محاولات اغتيالات، ولكن لم تكن
أحمد منصور: دي محاولات انقلاب.
الطاهر بلخوجة: محاولات بأفراد.. أفراد.
أحمد منصور: محاولات اغتياله، كل ده كانت محاولات اغتيال ما كانتش.. ما كانتش أفراد.
الطاهر بلخوجة: لا، شوف يا سيدي، ممكن أناقشك على المحاولة اللي عشتها أنا كوزير داخلية أقول لك أنا، هذه في المطار يكون واحد أو اثنين يحاولوا الاغتيال، إن كانش يجيبوهم يعدموهم، ما يعدموش 150.
أحمد منصور: دول اللي اعدموا أعداد موجودة وثابتة.
الطاهر بلخوجة: طيب، هذا معروفة.. على كل.. على كل صارت 7 محاولات اغتيال، وكان التنافس موجود، وكان اللقاء اللي حكيت أنت يعني شخصياً في زيورخ هذا اللقاء في زيورخ.
أحمد منصور: نعم، في سويسرا.
الطاهر بلخوجة: فيه واحد فيه مش في مارس في أول.. أول فبراير، أول فبراير.
أحمد منصور: فيه خلافات في التواريخ اللي وجدتها في كتابك والكتب الأخرى.
الطاهر بلخوجة: اسمح لي.. لا.. لا.. لا، لا.. لا.. لا، مش خلاف صحيح، هذا..
(9/125)
أحمد منصور: مش مشكلة، لكن.
الطاهر بلخوجة: لا لا مشكلة.. مشكلة، لأنك تدخل في.. أبين لك.
أحمد منصور:في 2 مارس.
الطاهر بلخوجة: لأن بورقيبة يا سيدي، بورقيبة في طريقة إلى لقاء (ديجول) في (رامبوبيه).
أحمد منصور: نعم، الذي التقاه في فبراير.
الطاهر بلخوجة: التقاه في فبراير في.. في.. في قديش؟ في 8 فبراير أو 6 فبراير.
أحمد منصور: إذا أنت يا معالي الوزير حينما دعاك بورقيبة.. ديجول كان في فبراير الحفل اللي أقيم
الطاهر بلخوجة: في واحد.. في واحد فبراير.
أحمد منصور: في واحد فبراير.
أحمد منصور: استنى في 16.. في.. في على كل حال أوائل فبراير.. أوائل فبراير.. أوائل فبراير، لأن أنا دعاني وكان اجتماع (رامبوبيه)...
أحمد منصور: لم يأت بورقيبة بعدها بيومين، وإنما بعد مدة جاء إلى (بامبومبيه).
الطاهر بورقيبة: بعد.. بعد أسبوع، عشان عندي التواريخ مش.. مش.. مش.. مشكل.. على كلٍ في شهر فبراير، في شهر فبراير
أحمد منصور: لن أختلف معك كثيراً على التاريخ سواء في فبراير أو مارس.
الطاهر بلخوجة: في شهر فبراير كان لبورقيبة أن انتقل إلى زيورخ حتى يرتاح ثلاثة أيام ثم سافر إلى.. وجاء إلى باريس، وكنت أترقبه إذاك في باريس، وكان في زيورخ إذاك كان انتظم لقاء بينه وبن يوسف، هنالك من يقول أن بن يوسف جاء لوحده إلى المطار ومسكوه.. مسكوه الشرطة السويسرية، وأتوا به إلى بورقيبة، مش صحيح، هذا ما قيل هذيك، أنا اعتقادي وحسب معلوماتي أنه رتب ذلك اللقاء.
أحمد منصور: رتب وتحت رعاية الشرطة السويسرية.
(9/126)
الطاهر بخلوجة: لأ.. لأ.. اسمح لي، رتب ذلك اللقاء.. لا رتب بعد شهور، رتب من طرف مبعوثين قريبين لصالح بن يوسف، وهو الصادق بن حمزة إذاك أنا لا أذكر.. لأنه معناه ذكر في تونس، وهو هذا كان الكاتب الخاص لصالح بن يوسف ومع ابن أخته اسمه (بن طربوط) ابن أخت صالح بن يوسف وقتها في.. في.. في زيورخ ورتبوا واتفقوا على اللقاء، يا سيدي، جاء بن يوسف إلى زيورخ، وطلب من السويسريين أن يكونوا، هذا قاله حتى إبراهيم طوبار في كتابه أن يلتقي ببورقيبة بحضور لا شرطة سويسرية، بل بحضور سياسيين سويسريين حتى.
أحمد منصور: يرطبوا الجو.
الطاهر بلخوجة: لأ حتى مش يرطبوا الجو حتى.
أحمد منصور: يكون هناك ضمانات.
الطاهر بلخوجة: حتى يكونوا شاهدين على ما يقال، ولما سمع بورقيبة ذلك كان معناه أن.. أن اغتاظ ورفض ذلك نوعاً ما تم بعد وأخذ ورد أن بن يوسف طلب على الأقل مش يكونوا رجال أمن معاه سويسريين مع بورقيبة، وأخيراً قبل بورقيبة ودخلوا رجال الأمن مع بورقيبة، وكان مغتاظاً، كيف أنت تجي تقابلني إحنا كذا، ومعاك رجال أمن سويسريين؟ وكانت المشاكسة.. المشاكسة قال له.. بورقيبة قال.. بما معناه ملخصاً قال بورقيبة شوف أنا كنت على حق.. وبعد الاستقلال.. الاستقلال التام جاء بعد ست أشهر، ولو كنت مع غيرك.. مع التو الآن، قال له بن صالح: لأ، لو.. لو ما كنت، لو لم تكن معارضتي لكان الاستقلال يجيكم بعد ست أشهر، معارضتي هي اللي أرغمت فرنسا على.. على.. على الاستقلال في أقرب الأوقات، ثم هذا.. هذا الأصل، ثم الشيء الأساسي.
أحمد منصور: هل هناك أحد من الحضور روى لك هذه الرواية؟
الطاهر بلخوجة: لأ، ما أقدرش أتكلم، كان يا سيدي سفيرنا في (برن) ترجمان، وكان معناها وسيلة بنفسها حاضرة، وكان حاضرين الطبيب بتاعه الخاص عمر الشابي وحكيت معاهم كلهم أيدوه الكلام.
أحمد منصور: سألتهم ورووا لك.
(9/127)
الطاهر بلخوجة: وكان.. أنا ما.. أنا ما.. ما قلت كل شي في الحديث اللي صار ما بين وصار.. صار نوع من المشاكسة.
أحمد منصور: أنت اروي لنا الرواية متكاملة.
الطاهر بلخوجة: هذه الرواية المتكاملة الشيء الموجود هذا.. هذا الأصل، مش لازم نحكي معناها في الأمور النفسانية والسب أو الشتم وغيره مش..
أحمد منصور: ما هي هذه التي دفعت إلى اتخاذ قرار القتل.
الطاهر بلخوجة: لأ، مش هذا، وسيلة.. وسيلة ولا قالت كلمة، أنا سأؤكده لك، أنا قالت وسيلة قلت كذا.. كذا أبداً، صارت المشاكسة هذه على أساس وقال والشيء الأساسي أن قال بورقيبة، هذا.. هذا هو الشيء ربما مش معروف، قال بورقيبة يا بن يوسف يا صالح، أنت تريد أن تقتلني بالسم أو المسدس خافت فارتعش بن يوسف وقال –ما معناه- من قال لك ذلك؟ قال: أنا عندي.. لي معلومات، وبَطُل.. خرج من الاجتماع في.. في..
أحمد منصور: طب بن يوسف قال أيه؟ بن يوسف كده ما قالش ولا حاجة؟
الطاهر بلخوجة: نعم؟
أحمد منصور: ماذا كان رد بن يوسف؟
الطاهر بلخوجة: أقول لك.. ماكانش رد بن يوسف دلوقتي مش بأحكي لك، أنا بعدين.. أبين لك أيه صحيح، فبطل الاجتماع وخرج الاجتماع، وكان معناها هذا وذاك فيه معناها..
أحمد منصور: الوضع متوتر كل واحد متربص بالآخر.
الطاهر بلخوجة: حالة.. حالة متوترة إلى أقصى.. إلى أقصى درجة، ومشوا على بره، ما حد يدري، ومشى.. مشى بورقيبة لباريس وتمت حكاية رامبوييه ومشى صالح بن يوسف، في 6 June بعد فبراير.
أحمد منصور: يونيو..
الطاهر بلخوجة: معناها 6 يونيو، 6 يونيو..
أحمد منصور: 61.
الطاهر بلخوجة: 61 تقابل جاء بن يوسف إلى.. إلى.. إلى (فرانكفورت)، وجاء معناها بن طريوط وحمزة مرة ثانية، وطلبوا منه بتأكيد بأن تقع مقابلة ثانية مع بشير زرق العيون، هو من.. من الجماعة.
أحمد منصور: الموالين لبورقيبة.
(9/128)
الطاهر بلخوجة: المقاومين.. المقاومين القدامى الذين دافعوا على بورقيبة، وكانوا أبلوا البلاء الحسن وقت.. وقت الحالة.. الكفاح.. الكفاح.
أحمد منصور: هذا بشير زرق العيون الذي اتُّهم بأنه أشرف على عملية تصفية بن.. بن يوسف.
الطاهر بلخوجة: هذا هو.. بالشكل هذا هو.. أدرى بنفسه، هذا أشرف، هو أشرف صحيح، هذا بأحكيه، وجاء وقيل هذا لما جمع بن صالح.. بن حمزة وبن طربوط الذي أول مرة.. أول مرة هم اللي رتبوا لقاء زيورخ، قالوا ورتبوا لقاءً ثاني في أغسطس مع بشير، زرق العيون اتفقوا أن كونه في بعد شهر أو شهرين يأتي بشير زرق العيون إلى زيورخ وبشير زرق العيون هو من ابن.. ابن.. ابن خالة بن يوسف، ابن خالة بن يوسف، والاتنين من جزيرة زربة، هذه الجزيرة، واتفقوا على أساس أن كون بشير زرق العيون سيرتب مع صالح بن يوسف كيفية قلب النظام، وفي شهر أغسطس، في شهر أغسطس 61 كان..
أحمد منصور: 12 أغسطس.
الطاهر بلخوجة: 12.. 12.. أغسطس 61، كان صالح بن يوسف على موعد بيش يتقابل مع الجماعة، وكان في (فيزبادن) في ألمانيا، وطبعاً..
أحمد منصور: وطبعاً هو جاء إليها من القاهرة وعبد الناصر حذره قبل..
الطاهر بلخوجة: جاء.. جاء حذَّره، وقال عبد الناصر حذر، كل ذلك صحيح، هذا...
أحمد منصور: وقال له لا تذهب، لأن هناك محاولة لاغتيالك، ولكن..
(9/129)
الطاهر بلخوجة: صحيح هو ماحبش يعطيه جواز سفر، ماحبش يعطيه جواز سفره، وفي الآخر أعطاه جواز سفر، حذره، وكان ولكن كان بن يوسف هو كان هو في طريقه إلى غينيا حتى يحضر مؤتمر (السيكوتوري) مؤتمر الحزب (السيكوتوري)، كان يأخذ طائرة في المساء الساعة الثامنة إلى.. إلى الطريق إلى غينيا، في الساعة السادسة.. على كلٍ في الساعة السادسة جاء من (فيزبادن) إلى فرانكفورت، إلى فرانكفورت، واتفق مع جماعة أن يكون بيش يقع الاجتماع في فندق اسمه فندق (روايا) في فرانكفورت، وجاء بن طربوط، هذا ابن أخته، وهو وبن يوسف، وبن يوسف كان مع زوجته، ودخلوا الفندق، والفندق ما كانش فيها إمكانية لـ..
أحمد منصور: للجلوس في الصالة.
الطاهر بلخوجة: للجلوس في الصالة.. أمام الوحدة، فقال بن يوسف لزوجته امشي اذهبي إلى.. إلى المقهى قريب منه، وأنا بعد ساعة سآتي ولنا طائرة سنأخذها، ودخل بن طربوط، بن طربوط اللي طلع المدرج مع بن يوسف إلى.. كما قال البشير..
أحمد منصور: إلى غرفته.
مسؤولية بورقيبة في اغتيال بن يوسف واعترافه
(9/130)
الطاهر بلخوجة: إلى غرفته، ودخل طربوط وقال والله بن يوسف هو.. سيأتي وخلى وخرج في وقتئذٍ كان صالح بن يوسف جالس وظهره وراء بيت الحمام، وخرج اثنين من بيت الحمام، وضربوه في تحت أذنه، واحد منهم ضربه تحت أذنه وخر بعدها قتيلاً، وجاء بعدين وقتها جاءت الشرطة السويسرية.. وإلى غير ذلك.. وإلى غير ذلك هذا.. هذا.. هذا مادياً كمعناها الذي أنه وقع في.. في مقتل بن يوسف عام.. 12 أغسطس 62 وأنا سمعت عنه.. وقت ما سمعت عنه في بعدين.. في.. في 12، في 13 أغسطس تقريباً، وأنا كنت في زيارة في.. في المشرق مع الصادق المقدِّم لنفسر قضية بنزرت، دخل أحمد المسيري-وقتها كان سفيرنا في موسكو- وقال إنه رأوا صار كذا.. كذا صالح بن يوسف، الشيء الأساسي أن بين صالح بن يوسف وبين معناها بورقيبة وبين المصالح الداخلية، وها.. كانوا الثلاثة أشخاص معنيين بالأمر الذين رتبوا كل شيء، ولهم مسؤولية في هذا..
أحمد منصور: من هم؟
الطاهر بلخوجة: كان بشير زرق العيون الذي أتى بالقاتلين وترقبهم.
أحمد منصور: في روما.
الطاهر بلخوجة: في روما، وبن حمزة الذي رتَّب اللقاءات وواحد ثاني اسمه محمد الرزقي.
أحمد منصور: هذا الذي قتله.
الطاهر بلخوجة: هذا محمد.. لأ، الذي قتله عبد الله الورداني قاتله، المكلفين الأساسيين الثلاثة المرتبين، محمد الرزقي هذا الذي.. هذا الذي أعطى لوزير.. وهذا موجود في ملف صالح بن يوسف في تونس، وأعطى للداخلية التونسية الرسالة التي وجهها له صالح بن يوسف، صالح بن يوسف وجَّه رسالة بتاريخ 16 أبريل.. 16..
أحمد منصور: أبريل 61.
الطاهر بلخوجة: 16 أبريل 61.
أحمد منصور: إلى؟
الطاهر بلخوجة: إلى محمد الرزقي، ويقول له: قال لي بورقيبة في زيورخ أنني سأريد قتله بالسم أو بالمسدس الخافت.
أحمد منصور: الكاتم للصوت.
(9/131)
الطاهر بلخوجة: كاتم الصوت، فأنت الوحيد الذي تعرف ذلك، كيف.. كيف فسِّر لي الوضع؟ والجواب موجود الآن في ملف صالح بن يوسف في تونس، وشفناه، وتحدث عنه وزير الداخلية سابقاً وتحدث عنه.. وتحدث عنه مدير الحزب سابقاً.. الذي مدير الحزب الذي هو عليه.
أحمد منصور: هذه روايتكم أنتم كرجال سلطة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لأ مش رواية، لا لأ مش رواية يا سيدي.
أحمد منصور: لكن الرواية الأساسية..
الطاهر بلخوجة: شوف يا.. يا سيدي.
أحمد منصور: الرواية الأساسية الشيء اللي أقوله لك أنا مش.. مش صغير أنا.. أنا مسؤول.
أحمد منصور: بس معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: ولا هادول.. أنا أتكلم فيك، التأويل شيء آخر ثاني، أما الأحداث..
أحمد منصور: ليس التأويل، هل.. هل تم هذا بدون علم بورقيبة؟
الطاهر بلخوجة: لأ، هذا تأويل، أنا أتكلم فيك تبع الحدث، جواب تاريخ أرسل كتب كذا.
أحمد منصور: من الهواء.
الطاهر بلخوجة: هذا الموجود.
أحمد منصور: من الهواء أم من خلال قرار اتخذ بتصفية بن يوسف.
الطاهر بلخوجة: طب، هذا أخذ القرار.
أحمد منصور: هل دول تحركوا لوحدهم؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، معلش، الملف أنا فتحته.. الملف موجود فيه أوراق إثبات وإدانة.
أحمد منصور: لمن؟
الطاهر بلخوجة: إدانة لمن قتل والقاتل وغير ذلك، الشيء الذي قلته لك أنا..
أحمد منصور: إدانة وكرموا من بورقيبة وأخذوا أوسمة!!
الطاهر بلخوجة: إدانة.. لا.. لا، أنا أتكلم فيك عن إدانة اللي موجودة اللي تكون فيه، لأ، حتى أفسر لك أن محمد الرزقي هو مسؤول، وكان يلعب بين معناها الداخلية وبين صالح بن يوسف، بن طاربوط ابن أخته كذلك كان يلعب ما بين هذا و هذا، صالح بن حمزة كان يلعب ما بين هذا وهذا، والبشير زرق العيون كان يلعب ما بين هذا وهذا، هادول الأربعة.
أحمد منصور: يعني دول الأربعة اتخذوا قرار تصفية وقتل..
الطاهر بلخوجة: لأ.. لأ.. لأ هادول..
(9/132)
أحمد منصور: خليني أكمل سؤالي يا معالي الوزير، اتخذوا قرار تصفية وقتل صالح بن يوسف دون علم الرئيس بورقيبة ودون علم السلطات التونسية، وتحركوا وحدهم في هذا الأمر إلى نهايته؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، هذا الشيء..
أحمد منصور: سؤالي واضح، جاوبني بس عليه.
الطاهر بلخوجة: الشيء اللي أقوله له.
أحمد منصور: هل بورقيبة لم يكن على علم بمخطط قتل بن يوسف؟
الطاهر بلخوجة: أنا شخصياً ليس لي علم بأن بورقيبة على علم.
أحمد منصور: طب إذا كان بورقيبة نفسه اعترف في العام 73، بأنه مسؤول عن قتل بن يوسف.
الطاهر بلخوجة: من.. من.. من الراجح أن يكون على علم وإذن بذلك وغير ذلك، لكن أنا لا يمكن كشخص بوقت أن أحكي معناها أن أحكي رسائل بأن أقول بأن بورقيبة أعطى أمراً لم أسمع بذلك.
أحمد منصور: لكن ستكون.. يعني هل.. هل تكون وأنت وزير للداخلية ملكياً أكثر من الرئيس، أو رئيساً أكتر.. الرئيس نفسه قال أنا مسؤول.
الطاهر بلخوجة: أي هو قال أنا مسؤول، أنا..
أحمد منصور: هو قال أنا مسؤول، وحضرتك بتقول لي أنا.. كأنك تبرأ ساحته من المسؤولية وهو اعترف بها.
الطاهر بلخوجة: هو.. هو لا.. لا، هو وقت اللي يعترف، هو وقت اللي اعترف بورقيبة بذلك هو مسؤول، مفيش كلام هذا، أما أنا معناها قانونياً وجديراً أقول لك أنا لم أسمع بأنه أعطى.. أعطى الأمر.
أحمد منصور: الرواية الأخرى أن القرار بتصفية صالح بن يوسف اتخذ في أعقاب اللقاء المرير الذي تم بينهما في زيورخ.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: حيث وجه بن يوسف إهانات قاسية إلى بورقيبة، ويقال في رواية لم تتأكد أنه صفع بورقيبة على وجهه.
(9/133)
الطاهر بلخوجة: لا مش صحيح.. مش صحيح قلت.. هذا اللي قال هذه قالها، هذيك أخذها الصافي من كتاب –أنا قلت- أخذها من كتاب إبراهيم طوبال، و أنا إبراهيم طوبال قبل أن يموت وأنا أؤكد لك، قبل أن يموت مات سنتين، وإبراهيم طوبار من.. من مدينة المهدية، وقابلته قبل.. ومشيت في جنازته وإلى غير ذلك وكان معناها ربما من الأول.. كان من الناس.
أحمد منصور: لكن موجودة في كتابه.
الطاهر بلخوجة: موجودة في كتابه.
أحمد منصور: والكتاب.. والكتاب موجود أيضاً.
الطاهر بلخوجة: موجود عندي، وقلت له أن ما كتبته يا سي إبراهيم.. طوبال متأكد منه أم لا؟ قال قيل لي، وأنا طلبت من.. إلى الطبيب ومش.. ومش الحاضرين ولا.. لا.. لا.. لا يمكن أن أفكر دقيقة واحدة أن صالح بن يوسف الرجل في ذلك المستوى وفي تلك القيمة أن يتجرأ أن يصفع رجلاً مثل بورقيبة.
أحمد منصور: ممتلئ من داخله.
الطاهر بلخوجة: لا أبداً.. أبداً.
أحمد منصور: ممتلئ.
الطاهر بلخوجة: مهما كانت الأمور، رجال السياسة ورجال اللي عندهم أخلاق واللي عندهم تربية، عمرهم ما يتجروا للصفع، ممكن شتم، ممكن سب، ليه.. ليه مش معقول.
أحمد منصور: هذا.. هذا، معالي الوزير كل هذا.. إحنا فيه أشياء، هناك..
الطاهر بلخوجة: منطقياً مش معقول، ولغات الدنيا، وكان من الرجال في مستوى هذا، وصلوا إلى معناها ضرب بالبونية فات الدنيا، ما عدش معقول.
أحمد منصور: معالي الوزير..
الطاهر بلخوجة: هذا مش إحنا في.. في.. في الحضيض، مش وسط السياسة.
أحمد منصور: معالي الوزير، هناك أشياء كثيرة لا تتصور تصدر من رجال السياسة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أنا.. أنا..
أحمد منصور: وبنشوف على التليفزيون في البرلمانات بيعملوا أيه في بعض، و..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا في البرلمانات.
أحمد منصور: وبنشوف اجتماعات حتى في اجتماع القمة.
الطاهر بلخوجة: في البرلمانات.
(9/134)
أحمد منصور: في أحد اجتماعات القمة رموا بعض بالأطباق والصحون.
الطاهر بلخوجة: مش بالصفع.
أحمد منصور: بالأطباق والصحون، لو كانوا قريبين من بعض لفعلوا أكثر من ذلك.
الطاهر بلخوجة: مش يصفع، مش يمد يده ويصفع.. معناها كذا.
أحمد منصور: يا معالي الوزير، أكثر من الصفع يتم في.. في بعض الأماكن، أنا الآن..
الطاهر بلخوجة: أنا.. أنا لا أتصور أن بورقيبة يمكن أن يصفع بن يوسف ولا بن يوسف أن يصفع بورقيبة، أنا لا أعتقد هذا.
أحمد منصور: الكلام موجود في كتاب، الرواية المشهورة عن ذلك أن قرار اعتراف بورقيبة في العام 93 بمسؤوليته عن مقتل بن صالح جاء توضيحاً.
الطاهر بلخوجة: لبن يوسف.
أحمد منصور: لبن يوسف، توضيحاً لقرار اتخذ بقتل بن يوسف وتصفيته من خلال 4 أشخاص هم المصمودي، ووسيلة والطيب المهيري (وزير الداخلية)، وبشير زرق العيون الذي اشرف على عملية الاغتيال.
الطاهر بلخوجة: هل المصمودي وكذا فيهم هم؟
أحمد منصور: المصمودي، وسيلة بن عمار، الطيب المهيري وزير الداخلية، هؤلاء القرار اتخذ في حضورهم مع بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.
أحمد منصور: وكلف بشير زرق العيون بأن يقوم بعملية القتل التي أنت أشرت إليها بالتفصيل بعد ذلك.
الطاهر بلخوجة: شوف المصمودي، المصمودي لا.. لا، المصمودي كل شيء في الوقت بس ما كانش حاضر، وقتها عام 61 ماكانش حاضر.
أحمد منصور: كان رئيس الحزب أصلاً.. رئيس الحزب.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، أبداً عمره ما كان رئيس حزب مصمودي، وقتها كان معناها كان وزير إعلام يا سيدي، وبعدين أنا قدمت أوراق اعتماده كسفير في باريس، عمره ما كان مدير حزب أبداً، الطيب المهيري.. قل لي الطيب المهيري، وسيلة بن عمار، صالح حمزة، وزرق العيون يقول الطيب، أما المصمودي، لا أدافع عنه ولكن هذه هي الحقيقة.. حقيقة الأمر، عمره ما كان مدير حزب، وماكانش موجود معانا.
(9/135)
أحمد منصور: الراجل دائماً أنتم كنتم لا تقبلونه، لأن بورقيبة جاء به من الصف، وهو شاب صغير، وقفز به إلى الأعلى وقدمه.
الطاهر بلخوجة: فين، إش يكون هو؟
أحمد منصور: المصمودي.
الطاهر بلخوجة: لا.. طيب، ولكن مش في الحالة هذه أبداً.
أحمد منصور: إذا استثنينا المصمودي.
الطاهر بلخوجة: أيوه.. أيوه.
أحمد منصور: ليست القضية حضوره أو غيابه ولكن القرار اتخذ في حضور هؤلاء، وكلف زرق العيون.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي أنا أقول أنا، حتى إذا كان فيه قرار، أنا أقول لك أنا، آه يا سيدي أنا أمشي معاك إلى أكثر، إذا كان.. هنالك قرار، كان يهمسه بورقيبة في أذن القاتل.
أحمد منصور: ما هم الأذن.
الطاهر بلخوجة: ولا.. ولا في مجموعة، أنا أعرف.
أحمد منصور: وسيلة يا سيدي، هو مين اللي حضر غير وسيلة وطيب المهيري، رجل وسيلة وأمين السر لبورقيبة، دائماً وزراء داخلية بورقيبة هم أمناء أسراره، ورجاله في ترتيب الأعمال الخاصة.
الطاهر بلخوجة: أنا يا سيدي.. أنا أزيدك لا.. لا.. لا، أنا أعرف كيف.. أنا أعرف كيف يتصرف رؤساء الدول والمسؤولين، أنا أعطيك مثال، أنا يا سيدي كيف كنت أنا بأمشي لبورقيبة في المكتب بتاعه وأتحدث معه في بعض الأمور، نتحدث في كل شيء، وإذا كان له سراً ما كان يأخذني من أيدي وأخرج بالباب، في حولة في الوحدة ويقوله.. ويهمس لي في أذني.
أحمد منصور: ما هو دا همس.
الطاهر بلخوجة: وهذا.. وفي هذا أنا قلت لك إذا كان هناك..
أحمد منصور: وسيلة همس، ما خرجتش عن الطيب المهيري همس.
الطاهر بلخوجة: أبداً، لا.. لا، علمت ربما أنا أقول لك ربما علمت.. وأبداً بورقيبة..
أحمد منصور: هي التي حمسته لأن إهانته على يد بن صالح في فبراير في زيورخ تمت في حضورها، وهي كانت طرفاً في الإهانة.
الطاهر بلخوجة: لا شوف.. شوف يا سيدي ممكن وسيلة تعرف بعدين، أنا (...) أعايش أمور دقيقة، دقيقة جداً، أنت تقول لي..
(9/136)
أحمد منصور [مقاطعاً]: تعرف بعدين كل تليفون بيعمله بورقيبة كانت ترفع السماعة وتشوف بيكلم مين؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. اسمعني.. اسمعني أزيدك.. أنت تقول لي أُخذ القرار بحضور جماعة قلت لأ، لم يؤخذ القرار ولا يمكن يؤخذ القرار.. جماعة
أحمد منصور [مقاطعاً]: وسيلة والطيب المهيري مش جماعة واللي نفذ بشير زرق العيون مش جماعة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا سمعوا بالقرار، أما إذا كان هنالك قرار شخصي من بورقيبة أنا أؤكد لك أنه يهمسه في أذن القاضي وربما كان ذلك..
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إن فيه قرار بناء على..
الطاهر بلخوجة: أما هذا قرار جماعي وحديث طويل عريض، كيف نقتل وكيف تغتال، هذا لا.. وهذا ما ما يقعش عند الكبار..
أحمد منصور: يعني ممكن القرار يكون تم بس بشكل فردي؟
الطاهر بلخوجة: أيوه، بارك الله فيك والله. صحيح..
أحمد منصور: الآن.. الآن وصلنا معاك لأن فيه قرار من بورقيبه.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا ممكن، ممكن يقع هذا لا يمكن ما.. ما أتفق معاك..
أحمد منصور: أنت كيف تلقيت نبأ اغتيال صالح بن يوسف؟
الطاهر بلخوجة: أنا تلقيت نبأ اغتيال، قلت لك إحنا كنا في زيارة في بولونيا، في بولونيا كنا مشيت مع الصادق المقدم على أساس نفسر قضية بنزرت وحرب بنزرت وغيرها، إحنا في الاجتماع يوم 12 آب في الليل أو يوم 3 آب.. ودخل علينا أحمد المسيري وكان سفيرنا في موسكو قال لنا لقد اغتيل صالح بن يوسف.
أسباب اغتيال صالح بن يوسف وانعكاسه على تاريخ بورقيبة السياسي
أحمد منصور: لماذا اغتيل صالح بن يوسف في تصورك؟
(9/137)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي اغتيل صالح بن يوسف لأنه من له السمع في هذا الميدان كما.. كما يخص بن بركة أظن وبن يوسف في بعض الأحيان أظن أن المسؤولية تغلب عليه شوية الحقد ربما وإذا كان بؤصلة.. بؤصلة عايش.. اسمعني مليح، إذا بؤصلة صالح بن يوسف، لأنه مش خلاف سياسي ما عدش خلاف سياسي وخلاف على العروبة وخلاف على الإسلام وخلاف على.. لا، كان هنالك أول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان خلاف لأن كان بيتهم بورقيبة بالكفر.
الطاهر بلخوجة: اسمعني بس.. اسمعني معلش اسمعني معلش..
أحمد منصور: كان من (صوت العرب) يتهم بورقيبة بالكفر.
الطاهر بلخوجة: اسمعني.. اسمعني معلش.. اسمعني، كان الخلاف الأول تنافس شخصي على الحكم والخلاف الثاني حقد ما بين الاثنين على أساس، اسمعني معلش.. على أساس صالح بن يوسف يحاول سبع مرات لاغتيال بورقيبة، وبورقيبه يسمع أن صالح يوسف حضر معنا السم والمسدس ليقتله، تمكن بذلك الحقد بين رجلين واغتال هذا ذاك هذا الأساس، تحول.. تحول الشيء المنافسة الشخصية ما بين الاثنين أولاً على التنافس على الحكم وثانياً على أساس أنت تحب تغتالني وأنا سأغتالك، وكانت الأمور تجري، وهذا ربما أمور إنسانية، ربما في غير.. غير معقولة بالنسبة لرؤساء الدول وبالنسبة للناس المستوى عالي، ولكن هذا اللي صار وأظن نفس الشيء اللي صار بالنسبة لبن بركة وإلى غير ذلك، تتغالب العاطفة والحقد على الرؤساء، وهذا.. وهذا الشيء المشكل الكبير..
أحمد منصور: يعني ظل بن يوسف إلى يوم مقتله يمثل هاجساً مرعباً ومخيفاً بالنسبة إلى بورقيبة؟
الطاهر بلخوجة: والله لأ، والله يا سيدي أحمد لأ، والله
أحمد منصور: طيب ليه قتله؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أحمد، قتل من.. قتل، قتله لأنه سمعه..
أحمد منصور: لو مش خايف منه وليس له قيمة ما يدعه..
الطاهر بلخوجة: لأ.. يخاف منه.. لا يخاف منه بعد أعماله السبعة.. أعماله السبعة..
(9/138)
أحمد منصور: (...) هنا ظل هاجس مخيف؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي سبع.. عمل سبع مرات محاولة اغتيال، لازم يعرف السبب.. السبب أية السبب المرض، وأكثر من ذلك بعدما مات بن يوسف..
أحمد منصور: ظل مرعوب أيضاً من خيال اليوسفين؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا يا سيدي.. لا يا سيدي بعد ما مات صارت مؤامرة؟..
أحمد منصور: 62 نعم..
الطاهر بلخوجة: 62 من اليوسفيين صارت القفصة، القفصة عام 80
أحمد منصور: أنا لسه في..
الطاهر بلخوجة: هادول من بقايا صالح بن يوسف، ولهذا اغتيال بورقيبه قبل بن يوسف وهو أمامه وقت بن يوسف وبعدين يوسف..
أحمد منصور: تقييمك أيه لهذه الحادثة في ظل تاريخ بورقيبه وحياته السياسية؟
الطاهر بلخوجة: أنا اعتبرتها أنها وصمة قلت لك وصمة في تاريخ بورقيبة، وصمة في تاريخنا وأكثر من هذا أنا لا.. لا أقول معقول بأن رئيس الدولة في خطاب يحمي قتلة ويعطيهم نياشين أنا متفق معك على طول الخط، مافيش كلام..
أحمد منصور: هل ترى..
الطاهر بلخوجة: أما.. أما لازم نعترف أيضاً أن لصالح بن يوسف ولبورقيبة مسؤولية كبيرة الاثنين في الخصام، في العراك، في محاولة الاغتيال، وفي المشاكل النفسية التي تؤدي أدت للبلاد إلى الفتنة، الاثنين مسؤولين في ذلك.
أحمد منصور: أما ترى أن ملف قتل بن يوسف يجب أن يُفتح ويحاكم القتلة من جديد كما فتح ملف بركة في المغرب؟
الطاهر بلخوجة: لا.. ليش لأ.. اسمع، ملف.. ملف بن يوسف مفتوح وهذا.. وهذا الموجود، والناس الذين يرجع إلى من غير شك الأساس يقول لك على أساس.. الأساس هو كونه الاغتيالات هذه يجب أن يقضي عليها تماماً والقائد وحد.. ويعرف أياً كان.. أي مسؤول كان أن أي اغتيال أي محاولة اغتيال هي تعاقب ويحاسب عليها، إذا كان دخل هذا العقول أنا أعتبر أن كل عديد.. في عديد من بلدان العالم الثالث وبلدان العربية والبلدان المتخلفة نقضي على ها الأمور البدائية المتخلفة وإلى غيرها.
(9/139)
محاولة اليوسفيين الانقلابية ضد بورقيبة وموقفه منهم
أحمد منصور: ظلت رغم قتل بن يوسف صالح بن يوسف والتخلص منه، إلا أن ظل هاجس اليوسفيين يخيم ويرعب بورقيبة وفي العشرين من ديسمبر 1962 وقعت محاولة اغتيال، كان يشارك.. محاولة انقلاب وقيل أنها ثورة، لأنه شارك فيها كثير من المدنيين إلى جوار كتير من العسكريين ولم تكن مجرد محاولة انقلاب ضد الحكم المستبد الذي كان بورقيبة بدأ يرسي دعائمه في تونس، شارك فيها كان قائد الحرس الخاص بتونس النقيب كبير المحرزي ما معلوماتك عن هذه المحاولة..
الطاهر بلخوجة: حكايات..
أحمد منصور: باختصار..
الطاهر بلخوجة: حكايات، يا سيدي هذا السيد محرز اللي لا كان من الحرس ولا كان شيء كان ملازم لبورقيبة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إذا كان بورقيبة ما عندوش غير واحد بتاع..
الطاهر بلخوجة: اسمعني معلش.. اسمعني.. خليني أكمل لا.. لا.. لا..
أحمد منصور: ممكن يجيب واحد باش شاويش.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. يا سيدي استنى علي شوية.. استنى يا سيدي علي شوي كان فرق ما بين آمر الحرس اللي لواء بتاع الحرس وبين ملازم... ضابط ملازم، معناه أن بورقيبة.. (....) ويدخله البيت ويخرجه البيت هذا أولاً، هذا اللي اسمه المحرزي.
أحمد منصور: ممكن واحد عسكري يقوم بعملية الاغتيال.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. استنى.. لا.. لا استنى يا سيدي.. أنا أعطيك هذا سمعت وهو.. أنا لا.. لا وكان معنا الخيانة بمكانه، لأن هو الذي كان اتفق مع جماعة بيش يدخلهم لبيت بورقيبة ويقتله.
أحمد منصور: صراع على السلطة، سياسة
الطاهر بلخوجة: طيب.. طيب، مو سياسة كان عنده..
أحمد منصور: زي قتل بن يوسف يعني..
(9/140)
الطاهر بلخوجة: أنا عنده.. أنا عنده مكانة سياسية سي محرزي، أنا أقول لك ضابط بسيط ضابط مع ملازم (...) ثم الحاجة الثانية لا.. لا ما أظن.. هذا من الأمور اللي لازم تثبتها، هذا التاريخ أصل أساسي، ثم لم تكن جماعات ومئات في 62 أبداً كانوا خمسة من ناس أو ستة من ناس فقط..
أحمد منصور: فقط..
الطاهر بلخوجة: كان.. استنى.. استنى علشان..
أحمد منصور: إذا اللي أُعدموا كانوا 11
الطاهر بلخوجة: لا اسمح لي.. اسمح لي لا لا اسمح لي، لا لا ما عدموش 11، كانوا 5 أو 6
أحمد منصور: 11 يا معالي الوزير..
الطاهر بلخوجة: 11، 11..
أحمد منصور: هو كان هيعدم أعداد كبيرة، ولكن كانت مآساة بنزرت موجودة.
الطاهر بلخوجة: اسمعني.. اسمعنى كانوا 16..
أحمد منصور: فلم يشأ أن يقيم مذبحتين كبيرتين، بيكفي مذبحة بنزرت.
الطاهر بلخوجة: اسمعني شوية، كانوا يا سيدي اسمعنى شوية كانوا الاثنين الأساسيين في.. في الحركة بتاع 62، واحد اسمه الماطري وأخت الماطري صغير ولم يُعدم لأنه معناها كان من.. من، كان من أقرباء معناها الماطري، محمود الماطري وهو قريب لبورقيبة ومن.. ومن جماعة بورقيبة، وواحد آخر عسكري كان اسمه جيزا، كان اسمه جيزا..
أحمد منصور: كان عدد الضباط المقبوض عليهم كم؟
الطاهر بلخوجة: نعم؟
أحمد منصور: كانوا أربعين ضابط مقبوض عليهم.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا ما كانوش أربعين..
أحمد منصور: وكان عشرات المدنيين
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أبداً ما كانوش مدنيين.
أحمد منصور: يعني كل المراجع التاريخية دي..
الطاهر بلخوجة: 11،.. لابد قلت أنت قلت 6 أو 7، 11..
أحمد منصور: وبعدين إذا 5 أفراد قايمين بمحاولة انقلابية لا تُدَّون في التاريخ..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أبداً، هذا.. مهاترة وفي.. في استنطاقه في المحكمة يا سيدي...
أحمد منصور: بالتعذيب طبعاً وأنت وزير داخلية وتعرف كيف يستنطق الناس
(9/141)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أبداً لا.. لا.. في استنطاقهم في المحكمة قالوا أن كونهم على أن هم أصلهم يوسفين، قالوا: لا.. لا.. لا صلة لنا بموضوع يوسف.
أحمد منصور: طبعاً الشعب كله كان ضجران بالديكتاتورية والاستبداد
الطاهر بلخوجة: يا سيدي خليني أحكي لك شوية قالوا ليست لنا صلة مع بن يوسف، قالوا إحنا نعمل هذا لآن صارت مجزرة بنزرت وأن العسكريين لا.. غير راضين بما صار بنزرت، هذا ما قالوا، في المحكمة، وسئلوا هل هنالك معناها ذلك على أساس معناها المستوى أبداً، دول جماعة يوسفيين ومغتاظين على الحكم، هذا ليس له أساس، وكانت الحكاية معناها كانت هي خط الخطر وإذا سمحت لي بعدين وقت ما نحكي موضوع الأمن. الخطورة الكبيرة أن كونه معناها عرف.. عرف بالداخلية الوضع (....) سويعات قبل ما يقع.. سويعات قبل ما يقع، وكان هذا سي المحرزي الكبير وكان جواه، وسارت المؤامرة، وسار كذا، ولم يتحرك أحداً لا في تونس ولا في طرابلس من اليوسفيين بعدها، كانت العملية مقتضبة بين جماعة معروفة، هذا فيما يخص 62، فيما يخص 80 في ققصة، أقدر أقول من رواسب.. من رواسب اليوسفية.
أحمد منصور: يعني يا معالي الوزير أنت الآن كل حدث ضخم تحرك فيه الشعب التونسي ضد ديكتاتورية بورقيبة واستبداده.
الطاهر بلخوجة: ضد ديكتاتورية.
أحمد منصور: تقلل وتهمش من الناس سوى خمس، ست أفراد.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، أعطني..
أحمد منصور: خمس، ست أفراد هيعملوا أيه، هذه المحاولة نقول لك كان هناك 40 ضابط فيها
الطاهر بلخوجة: أعطني.. اعطني يا سيدي، يا سيدي أعطني، .. يا سيدي.
أحمد منصور: حكم بالإعدام على خمس ضباط وعلى ست مدنيين ونفذ حكم الإعدام بالفعل.
الطاهر بلخوجة: لا، أعطني.. أعطني، أنت تقول الشعب أعطني.
أحمد منصور: إذا 11 اعدموا.. إذا 11 إعدموا عدد الذين لم يعدموا وسجنوا كام؟
(9/142)
الطاهر بلخوجة: اللي قال.. الذين قالوا.. أنت قلت لي الشعب، ثم انتفاضة الشعب بعد الحكاية 62.
أحمد منصور: كان فيه مدنيين فيها.
الطاهر بلخوجة: مدنيين.. لكن..
أحمد منصور: مش معنى مدنيين وعسكريين يشتركوا في محاولة واحدة إن فيه توجه شعبي عام ضد ما فعله بورقيبة بالناس.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي فيما.. الجماعة هدولا.. لأ، فيه توجه شعبي.. التوجه شعبي أن يقوم قيامته، ولا تحرك ولا قال أحد، ومسكوا (...) كلها.
أحمد منصور: الرؤوس طبعاً قبض عليها وأعدموا.
الطاهر بلخوجة: لا، .. مافيش انتفاضة شعب، هدوما جماعة تقابلوا وتحاكوا مع بعضهم ورتبوا مؤامرة ولم تنجح فقط.
أحمد منصور: حينما أصبحت وزيراً للداخلية بعد ذلك في العام 73 حينما اعترف الرئيس بأنه مسؤول عن مقتل بن صالح هل فتحت ملف بن صالح؟
الطاهر بلخوجة: على.. على بن يوسف.
أحمد منصور: بن يوسف عفواً، هل فتحت ملف بن يوسف وأنت وزير الداخلية؟
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، أنا ملف بن يوسف على علم به، عندي أنا في الداخلية قسم منه، البعض منه، والبعض الآخر كان عند مدير حزب، وديت عنا معناها الإرشادات المتقطعة نوعاً مكان ما.. لم نكتملها إلا المرة الأخيرة، المرة الأخيرة، ولما سمعت بذلك، أنا سمعت به من بولونيا، سمعت به من بولونيا قبل ما.. ما أرجع للداخلية من غير شك، وكان موضوع حساس، كنا تألمنا إليه وتأسفنا ليه ولكن تقدر تقول قعدت، الأمور كما هي إلى أن.. أن.. وصالح بن يوسف الشيء الطيب إذا ما ... إحقاقاً للحق أنا بعد في تسعين رجع رفات بن يوسف معناها مكرماً و..
أحمد منصور: رفاته!!
(9/143)
الطاهر بلخوجة: وأنا قابلت أنا شخصياً -أنا قلت- مرات زوجة صالح بن يوسف جاتني إلى المهدية في.. في عام 94، جات إلى.. جات إلى المهدية لتشكرني على شيء، وأنا أقوله لك أنا لأنني وقتها كان صالح بن يوسف في.. في.. في الغائب، كان ابنه معناها ما عندوش جواز سفر، وكان عنده جواز سفر (....)، أنا ناديت خاله وعطيت جواز سفره لابن صالح بن يوسف بدون استشارة بورقيبة ولا غيره.
أحمد منصور: جواز السفر منة تمنون بها على التوانسة، مأساة التوانسة في الحصول على جواز السفر وحقهم بالخروج.
الطاهر بلخوجة: متفق معاك، حيث..
أحمد منصور: هذه مأساة كبيرة ويبقى وزير الداخلية هو مسؤول أيضاً على هذه المسألة.
الطاهر بلخوجة: مأساة.. متفق معاك.. متفق معاك على طول الخط، طيب أنا أحكي لك على وقته وما سار، ما أنيش أحكي لك الوضع بتاع جوازات السفر.
أحمد منصور: إحنا بنتكلم عن مرحلة الإذلال التي يعيشها التونسيون منذ بداية عهد بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: والله يا سيدي، اسمع إحنا أخذنا كل شيء باسمه، ثمة عهد وعهد وعهد.. سبع عهود، وكنا إحنا نقارن ما بين العهد هذا والعهد هذا.. الكل.. أنا أقول إنه كان عهد بورقيبة نسبياً كان أحسن من.. كثير من العهود الأخرى التي صارت فيها ما شاء الله من الاغتيالات ومن (Desperssion) أيش يقول عليها الناس من الاتلاف.. إتلاف الناس، وكان..
أحمد منصور: بداية الاتلاف تمت في عهدكم، بداية يعني انتهاك الآدمية بالنسبة للناس، الإنسانية بالنسبة للناس..
أحمد منصور: إتلاف لأ، إتلاف أعطي.. أعطني مثال.
أحمد منصور: مرحلياً شيئاً فشيئاً، ترسيخ الديكتاتورية بعد ذلك شيئاً فشيئاً.
الطاهر بلخوجة: أعطني.. أعطني.. أعطني مثال إتلاف أي شكل.
أحمد منصور: عمليات الإعدام التي كانت تتم، عشرات من الناس اعدموا في الفترة إلى 62.
(9/144)
الطاهر بلخوجة: إحنا ... إعدام وإتلاف، إذا فيك على الإتلاف، إتلاف تعرف شو معناه إتلاف، معناه تاخذ واحد وتهرب بيه وتلوحه في.. في.. في البحر.
أحمد منصور: ما تمتش دي في عهدكم معالي الوزير؟
الطاهر بلخوجة: أبداً.. أبداً.. أبداً.
أحمد منصور: وحينما كنت وزيراً للداخلية لم يتم تعذيب الناس، ولم يتم قهر الناس وإذلال الناس؟
الطاهر بلخوجة: أنا.. أنا قلت.. أنا.. أنا قلت في (...) "المستقلة"، قلت أنا معناها أتحدى أي كان أن ولا أحداً صارت نوعاً من التجاوزات وشوية تعذيب ولغايت.. صار هذا النوع.
أحمد منصور: صار تعذيب في عهدك وأنت مدير للأمن.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا، Bardon.. Bardon.. نحكي عليه، طيب نحكي على..
أحمد منصور: سآتي لك تفصيلاً ابتداءً من عهد وأنت مدير الأمن بعد 67.
الطاهر بلخوجة: أيضاً صارت.. صارت بعض تجاوزات، ولكن قلت أتحدى أياً كان أن يقول بأن هناك تحت التعذيب عندي، أبداً.. أبداً.
أحمد منصور: هو لازم توصله للموت، قبل الموت بشويه تطلعه.
الطاهر بلخوجة: لا.. ولا أحداً، لا.. لا.. لا.. ولا أحداً خرج بسقوط ولا.. لا.. لا ولا أحداً خرج بسقوط بدني.
أحمد منصور: بس عاهات بس.
الطاهر بلخوجة: لا، فيه معناها فيه ربما تأتي التجاوزات أنا مسؤول عليهم، إنما لما يا رجل.. لما..
أحمد منصور: بس يفضل يعذب لحد ما يشرف على الموت وبعدين تطلعوه.
الطاهر بلخوجة: أنا أُشرف.. أنا شخصياً وقفت أمام التعذيب، الشرطي وطلعت فيها، وأعضاء أيضاً معناها دخلوا في هذا وخاصة كانوا من.. من الشرطة اللي ... من.. من.. من الشرطة الفرنسية وقاموا بعمليات ماقالواليش عليها. طيب، حاجة.. ولكن لم يسقط أحد ولم يكن إسقاط لأي أحد، ويمكن أن.. في وقتنا.
أحمد منصور: سآتي معك بالتفصيل إلى عهدك مديراً للأمن ثم وزيراً للداخلية.
الطاهر بلخوجة: أيوه حاضر، بيش أحكي فيها.
(9/145)
أحمد منصور: وما قيل أنه حدث من تجاوزات وعمليات إعدام وتصنت على الناس وغير ذلك من المشكلات الأخرى.
الطاهر بلخوجة: نعم يا سيدي، سأحكي فيها، أيوه، سأحكي فيها.. لأ، بأقول لك أنا عايز شيء.. عايز شيء فقط يا.. يا سيدي أحمد أعطيني أمثلة معناها موضوعية وأعطيك..
أحمد منصور: سأعطيك، أنا مذاكر كويس.
الطاهر بلخوجة: لأ.. لا.. لا.. لا ما أحبش الكلام وتأويلات، أنا أحب أعطيني أساس.. أساس.
أحمد منصور: سأعطيك معالي الوزير وقتها حينما أفتح الملفات معاك.
الطاهر بلخوجة: لا أنا أفتح معاك، أنا حاضر مش هأفتح معاك، (....) لأ أنا أقول أخطأت، أقول أنا رجل إنسان، أقول ثمة أمور تعدتني.. ثمة أمور كانت مجاوزات ماكنتش عندي بها، أنا أعترف بيها، وقلت أنا (أمام) التعذيب هذاك أنا أعتبر نفسي مسؤولاً معنوياً وأدبياً وأتحمل مسؤولية كاملة، وأغطي الجماعة اللي عملوها أنا ما.. مافيش فرق أنا الذي منه وأضيفه من.. من نطاق المسؤولية.
أحمد منصور: الآن قضية المسؤولية عن التعذيب.
الطاهر بلخوجة: ولكن هذا لا يعني.. لا يعني أنني حبذت ذلك أو أمرت بذلك أو أنا من الجماعة هذاك، ولا.. ولا..
أحمد منصور: لكنك غضضت الطرف عن ذلك، أو رضيت بذلك، أو سكت عن ذلك.
الطاهر بلخوجة: لا، هل يعقل أن.. هل يعقل أن.. هل يعقل أن رئيس اتحاد الطلبة وما أدراك في وقتها أربع سنوات يكون من رجال التعذيب مع إن الطلبة.. لا يا سيدي، (...) يا سيدي ...
أحمد منصور: ما هو معالي الوزير السلطة.. السلطة والدخول في السلطة.
الطاهر بلخوجة: لا السلطة كانت عندي كاملة، كان عندي معناها كل الدنيا وما أنيش في حاجة إلى..
أحمد منصور: والحفاظ على السلطة والحفاظ على الأمن.
الطاهر بلخوجة: لا، هذا...
أحمد منصور: ولأن أمن الدولة عندكم والداخلية للحفاظ على أمن النظام وليس أمن الناس.
(9/146)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا مش نحكي أمن النظام وأمن الناس، ونحكي في هذاك، وعندي ما نقول فيه الكثير.
أحمد منصور: سنحكي فيها بالتفصيل.
الطاهر بلخوجة: سنحكي فيها بالتفصيل.
أحمد منصور: بعد محاولة انقلاب 62 وإعدام أحد عشر، 5 من العسكريين و6 من المدنيين كأن الأمور استقرت لصالح بورقيبة وأصبح بورقيبة في أمن الآن، ممن يقال اليوسفيين، قتل صالح بن يوسف، محاولة الانقلاب الأخيرة التي كانت في 62 تم إخمادها بشكل أساسي، وبدأ بورقيبة يشعر أنه بدأ الحاكم المتفرد الوحيد.
الطاهر بلخوجة: لا هو يشعر من أول مرة أنه هو الحاكم المتفرد، مش من الوقت..
أحمد منصور: تقييمك أيه لهذه الفترة الآن وعملية الاغتيال السياسي والقضاء على يعني سلسلة من الانقلابات وصلت إلى 8 انقلابات خلال 5 سنوات؟
الطاهر بلخوجة: أنا بأتفق معاك إن كونه.. إحنا ليش نقول لك الحاجة إلى هذه الانقلابات، لترسيمنا في الحكم، كان الحكم مرسم واضح شديد لا بأس به، حزب واحد، منظمات واحدة، بورقيبة صحيح كنا الجماعة حول بورقيبة ليست لنا فائدة في مثل هذه الأمور، وقعت هذه الأمور، والحقيقة هي كان لها رواسب.. رواسب لليوسفية ورواسب للانتقادات، ورواسب.. هي عديد من.. من عديد من الأمور، لا نحددها ولا نريدها، ومستقبلنا يجب أن.. أن لا تعاد ولو مرة، ولا.. ولا.. ولا أظن أن أي.. أي نظام في الدنيا معناه يجب أن يمكن أن.. أن ينصب نفسه على أساس الاغتيالات وأساس الأمور هذا.. فات الأمور.. وكفترة هذه كفترة بتاع الستينات والسبعينات بالنسبة حتى الجزائر وبالنسبة للمغرب، بالنسبة لربما كان.. كانت الأمور هذه لكن ماهيش معقولة.
أحمد منصور: لكن هذه الملفات لن تغلق وستظل مفتوحة.
الطاهر بلخوجة: لا، .... نفتح.. نفتح الملفات والناس حتى كما تحب، وكلٌ لازم يعرف أنه محاسب في الدنيا وفي الآخرة، وهذاك الأساس.
(9/147)
أحمد منصور: في العام 57 ألقى بورقيبة كلمة قال فيها إن إسرائيل قد بعثت من اللاشرعية الدولية، وأنه لن يعترف بها ما لم تحل مشاكلها من العرب، وكان هذا كأنه بداية لاعتراف ضمني مبكر بإسرائيل، ثم جاءت زيارة بورقيبة الشهيرة إلى أريحا في العام 65، والتي طرح فيها مبادرة الصلح مع إسرائيل بعد مشاركته في القمة العربية في القاهرة في العام 64 وعدم رضاه عما طرحه الزعماء العرب من عملية محاولة تصفية لإسرائيل، تصريحات بورقيبة حول أريحا أثارت ضجة كبيرة، لكن الخطورة فيها أنه قام بإعلانها بالترتيب المسبق مع عبد الناصر في القاهرة.
في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذا المحور الهام والخطير، أشكرك معالي الوزير، شكراً جزيلاً.
الطاهر بلخوجة: شكراً جزيلاً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/148)
الحلقة4(9/149)
الأربعاء 8/4/1423هـ الموافق 19/6/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 13:06(مكة المكرمة)،10:06(غرينيتش)
الطاهر بلخوجة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق - الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
16/06/2002
- موقف بورقيبة من القضية الفلسطينية
- الصراع على الزعامة بين بورقيبة وعبد الناصر
- دعوة بورقيبة للاعتراف بإسرائيل في أريحا
- هزيمة 67 وأثرها على الشعب التونسي
- أحداث أيلول الأسود ودور تونس فيها
- خروج الفلسطينيين من لبنان وتوجههم إلى تونس
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة، معالي الوزير، مرحباً بيك.
الطاهر بلخوجة: أهلاً وسهلاً، أهلاً وسهلاً.. مرحباً.
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند نقطة هامة، وهي قضية فلسطين وموقف بورقيبة وآراؤه فيها، ظهرت آراء بورقيبة بالنسبة لفلسطين في مرحلة مبكرة، لكنه أفصح بشكل مباشر عن بداياتها حينما حضر القمة العربية الأولى التي عقدت في القاهرة في العام 1964، وأعلن ضمناً عن إعجابه بإسرائيل كان ذلك في العام 57، حينما قال إن إسرائيل بعثت من اللاشرعية الدولية، وأنه لن يعترف بها ما لم تحل مشاكلها مع العرب، وكان هذا إيذاناً مبكراً منه بأنه يمكنه الاعتراف بإسرائيل حال بداية الدخول في عملية تسوية. في القمة التي عقدت في العام 1964 في القاهرة كان هناك خطة أو عقدت القمة بشأن موضوع تحويل نهر الأردن ولم يبدِ بورقيبة إعجابه بمواقف الزعماء العرب، وقال لهم إن ما تقولونه لا يعدو كونه فزلكة، من خلال قربك من بورقيبة، كيف كنت ترى موقفه بالنسبة لقضية فلسطين؟
موقف بورقيبة من القضية الفلسطينية
(9/150)
الطاهر بلخوجة: شوف يا أستاذ أحمد، كثر الحديث والتأويل في الموضوع هذا –معناها- يخص موقف بورقيبة في فلسطين وعداؤه مع عبد الناصر حول موضوع فلسطين وإلى غير ذلك، والله فرصة طيبة حتى نفكك الرمانة كما يقولوا ونتحدث فيه على أساس ما أعرفه أني لم أعرفه هو ما أعرفه هو منقوصاً، أنني ما عايشت وما كنت معه في كل الأمور، ولكن عندي إلمام بالموضوع، كنت قريب منه وعندي إلمام بالموضوع.. كنت قريب منه وعندي إلمام بالموضوع يُقال.
أحمد منصور: كنت قريباً وفي وقت من الأوقات كان يعتبرك أحد أبنائه كما كان يقال.
الطاهر بلخوجة: صحيح فيه عندي إلمام بالموضوع، وأقولها بكل صراحة لو كان عندي.. معناها ذلك تفهم وأكثر من تفهم على اقتناع.. قناعة بأن بورقيبة على حق، هذا موجود وأقوله قناعة على حق مش قناعة على أساس أن كونه تبعية لما قال، لأ، اقتناعاً.. اقتناعاً وخاصة يعني حياتي الطلابية وحياتي العامة لها.. في هذا الموضع.. فيه جدال وفيه جدل وفيه تفكير وفيه كذا، ما فيش معناه تبعية مطلقة معناه وصولية، لأ أبداً.. على كل يا سيدي، أنا أعتبر أن بالنسبة لي وبالنسبة لبورقيبة أن مخ بورقيبة صريحاً ومعروفاً وربما معناها يتجاهله بعضهم، لأن هو إذا لم (...) حتى يعرفوا التونسيين ويعرفوا المستمعين معناها ربما الأطوار، الذي أعرفه أن كونه بورقيبة عام 46 طلب بإلحاح من المكتب المغرب العربي بالقاهرة بأن يجتمع بالوفد الإنجليزي الأميركي الذي جاء يبحث عن.. على.. على موضوع فلسطين
أحمد منصور: سنة 46.
الطاهر بلخوجة: بعد.. سنة 48.
أحمد منصور: 48.
(9/151)
الطاهر بلخوجة: 48، وتحدث إليهم بصفة الموضوعية، معناها وقال لهم أن.. أنه اعتبر أن موضوع إسرائيل موضوع استعمار، وقاله عدة مرات، بأن يعتبر أن موضوع فلسطين.. موضوع استعمار على أساس استيطان يهودي في منطقة معناها..، وأكثر من ذلك استيطاني مع صهيوني، وقاله عدة مرات، هذا.. هذا اعتباره مبدئياً بالنسبة للوجود الإسرائيلي وفلسطين، هذا لا يمنع بأن تكون له طرق للتخلص من ذلك، هذا الموضوع متفقين عليه.. متفقين..
أحمد منصور: على.. على نظام طريقة الاستعمار الثقافي والسياسي والاقتصادي وشكل الخروج العسكري.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا، لا، أنت دائماً فكرة الاستعمار الثقافي والثقافي وغيره إحنا نحكي.. نحكي الآن.
أحمد منصور: أخطر شيء يا سيدي الآن، أخطر ما هو قائم الآن.
الطاهر بلخوجة: نحن نحكي على الاستعمار الثقافي الفرنسي، تو نرجع لاستعمار ثقافي إسرائيلي؟ فيه استعمار يهودي إسرائيلي.
أحمد منصور: ماله نظرية..
الطاهر بلخوجة: ويستعمرها..
أحمد منصور: النظرية البورقيبية في حل القضية الفلسطينية.
الطاهر بلخوجة: لا، هي لا.. لا نظرية.. نظرية صائبة.. ونتائجها واضحة يا سيدي، اسمع.. يا سيدي، قلت لك أن بالنسبة للمبدأ وللحكم على إسرائيل واضح، الحكم على إسرائيل بالنسبة لبورقيبة وبالنسبة لعبد الناصر وبالنسبة للعرب واضح، هادولا ناس صهيونيين، معناها عندهم استعمار استيطاني
أخرجوا العرب ومأساة القرن ومأساة الدهر هي القضية الفلسطينية لا شك في ذلك، لا عند الحكام ولا عند المواطنين، الأساس وهذه مسؤولية المسؤولين كيف نتخلص من ذلك بأقل التكاليف وبأقرب الأوقات؟ هذا الموضوع أنا.. لأن.. لأن الشعب..
أحمد منصور: بأقل التكاليف وهو دعا إلى الاعتراف بإسرائيل وإلى قبولها؟
(9/152)
الطاهر بلخوجة: لا لا لا، أنا بأقولك، أنا.. أنا جيت، أنا جيت يا سيدي، مش عبارة على موضوع شعارات وتخميرات وتظاهرات وغير.. أساس المسؤول إلى (Charge..) كما قلت في المرة الأخيرة عنده مسؤولية (بيش) يجد الحلول، مش مسؤولية بش هو يتاجر بالقضية أو يخمر الجماعة وفي (...) الأخضر على..
أحمد منصور [مقاطعةً]: هو من الأول بيتاجر بكل شيء.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي أنا أعطيك أنا كيف..
أحمد منصور: كل القضايا تاجر بها.
الطاهر بلخوجة: لا شوف يا سيدي، عملت أنت.. وأثبتها أنت في قبل.. قبل ما نبدأ في الحصة الأخيرة أنه كيف.
أحمد منصور: في قضية الجزائر بالذات والمتاجرة بها، وكان واضحاً حينما كنت قائماً بالأعمال في فرنسا.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا يا سيدي، اسمع إيش إحنا ما بندخلوش هذا بهذا.
أحمد منصور: وكيف تاجر بالقضية.
الطاهر بلخوجة: خلي هذه.. أنا
أحمد منصور: تجارة يا سيدي.
الطاهر بلخوجة: لا يا سيدي، طيب نرجع للجزائر لا ماكانش تجارة.. أبداً، والله السند الأول الذي كان للجزائر ويعرفه الجزائريون ويحترمونه إلى للآن، وكان بوتفليقة أول من جاء معناها في.. لدفن في.. في موت معناها في موت بورقيبة، ومعناها الشيء اللي قامت به الجزائر، أكثر حتى من تونس في موت بورقيبة، يوماً كاملاً حداداً ثلاث أيام، ويوماً كاملاً والتلفزة الجزائرية تحكي على بورقيبة معناها ما.. وقت مماته؟ احتراماً له، شو.. إذا مثلاً، ما ندخل هذا في هذا.
أحمد منصور: نأتي إلى فلسطين.
الطاهر بلخوجة: في هذا نرجع إلى فلسطين، نرجع إلى فلسطين، ولهذا..
أحمد منصور: نأتي إلى فلسطين ودعواته للعرب بالاعتراف بإسرائيل وقبول الأمر الواقع والسياسة الواقعية.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. يا سيدي.. يا سيدي، لا.. يا سيدي أنت قلت المرة الأخيرة..
أحمد منصور: الواقعية تعني قبول ما هو موجود والخنوع لهم.
(9/153)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، لا.. لا.. لا، مش الخنوع، لا أبداً، لا لأ خلاص الخلاص.. الخلاص من المشاكل.
أحمد منصور: أي خلاص؟ ما هو خلص ما شاء، الدنيا مشلبكة.
الطاهر بلخوجة: هو.. هو فيه هو مشاكل فلسطين مش مشلبكة، هي فيه سياسة مش مشلبكة
أحمد منصور: حتى تونس مشلبكة.
الطاهر بلخوجة: والأساس كيف تحاول تخرج من الشلبيكة؟ هذا أنا صحيح بيش تخلص من الشلبيكة، آه يا سيدي، على كل أنت قلت لي المرة الأخيرة في الحصة أن جمال عبد الناصر تحدث إلى بورقيبة وكان حين.
أحمد منصور: هذا في زيارته حينما قام بزيارة إلى مصر.
الطاهر بلخوجة: زيارة 65.
أحمد منصور: في شتاء العام 65
الطاهر بلخوجة: 65 قابل.
أحمد منصور: وبعدها قام.
الطاهر بلخوجة: قابل.. قابله يا سيدي قبل تصريحه في أريحا
أحمد منصور: بزيارة للأردن وأريحا.
الطاهر بلخوجة: قابل.. طيب، وقلت لي كان ممكن تعود لي، ما قلت لي ذاك أن
أحمد منصور: يعني ما نشر أنه حينما التقى بعبد الناصر في تونس.
الطاهر بلخوجة: أيوه يا سيدي، نعم سيدي.
أحمد منصور: دار بينه وبين عبد الناصر حديث طرح فيه آراءه.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: حول قبول إسرائيل والتفاوض معها والقبول بحلول سلمية معها، فقال له عبد الناصر أنا لي مكانة وزعامة لدى الشارع لا أستطيع أن أهزها بإعلان هذا الكلام فيمكنك أن تعلنه، بحيث إن لو أعلن وتقبله الشارع يكون عبد الناصر شريكاً لبورقيبة.
الطاهر بلخوجة: و لهذا.
أحمد منصور: وإذا رفض يظل عبد الناصر بشكله كما هو، هذا ما هو منشور في عدة مصادر.
الطاهر بلخوجة: ولهذا.. هذا مش صحيح، ولهذا ما هو استنتاجك يا سيدي؟ استنتاجك أن هنالك بين.. أن هنالك اتفاق.
أحمد منصور: عبد الناصر نفسه أعلن في إحدى خطاباته في تلك المرحلة أنه لا توجد لديه خطة واضحة لتحرير فلسطين.
الطاهر بلخوجة: آه.. يا سيدي، شو بدك.. اسمعني.. اسمعني يا سيدي، عشت.
(9/154)
أحمد منصور: مش هو لوحده كل العرب كانوا يتآمرون على بعضهم في تلك المرحلة.
الطاهر بلخوجة، لا.. لا..، لا.. لا.. لا أبداً، لا أبداً، وقت ذاك كان الحادث بين، معلش -ضمن.. التدقيق، إحنا في هذا التدقيق، وقتها كان الحديث بهذه الصفة بين بورقيبة وعبد الناصر على أنه في أصلاً متفقين أن هذاك الوضع أن الحل هو في.. في الاعتراف بالواقع، هذا الأساس، ولكن الفرق بين بورقيبة وعبد الناصر يا سيدي أن كونه.. أن كونه عبد الناصر أسير المجتمع الشعب.. وأسير المجتمع لأنه ورَّط نوعاً ما بكل صراحة ورَّط نوعاً ما الشعب المصري والشعب العربي في المتاهات وفي التخمينات وفي العروبة وفي فلسطين، وفي الحروب التي خسرها، وكذا.. وكذا وكذا.. وأحكي.. وسمعت...
أحمد منصور: كيف ورطه عبد الناصر كان الزعيم الأوحد الذي كل الشعوب العربية تجتمع حوله...
الطاهر بلخوجة: آه، لا.. لا.. لا، ورطها، لأن ورطها لأن الأمور تشعبت أكثر ولم يكن لها حل، وخاصة...
أحمد منصور: لكن كان هو الزعيم الشعبي الأول.
الطاهر بلخوجة: وخسرت لا.. لا، وخسر كل الحروب، يا سيدي، أنت كيف تدخل حرب مرة ومرة ثاني وتخسرها، شو قال له بورقيبة في هذا؟ يعني قال له أنت ما ممكن ندخل حرب ونخسرها، هذا الأصل عند.. عند المسؤول، أي حرباً كانت وأي مشاكسة كانت يجب أن يدخلها ويعرف أنه سيربحها، وإلا.. و
أحمد منصور: الحروب.. الحروب
الطاهر بلخوجة: وإلا.. وإلا.. ما يجب أن يكون مسؤول، شوف اسمع يا سيدي، هذا كان ولهذا اعتبر أن.. بأن كان أسير، ولهذا قال: أنا لا يمكن قال بورقيبة قال له: لا يمكن أن أقول ذلك أمام الشعب، أنت.. أنت تزعم أنك رجل مسؤول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن عبد الناصر كان مقتنعاً في تلك المرحلة بتوجه بورقيبة؟
الطاهر بلخوجة: استنى، لا بعد قال أنا متفق مع بورقيبة، أنت قل لي.. أنت قل لي أن كونه.
أحمد منصور: أنا بأقول لك ما هو منشور، قل لي أنت ما قاله لك بورقيبة.
(9/155)
الطاهر بلخوجة: لا، منشور هذاك صحيح، مش ما هو منشور، هذاك صحيح.. صحيح 1000%، وأنا أعرفه، وليش حبيت أنت تقوله بنفسك، هذا صحيح.
أحمد منصور: لأ أنا.. أنا أعبر عما هو مكتوب.
الطاهر بلخوجة: هذاك كان أساس.. هذاك أساس، هذا كان أساس اللي قاله معناه عبد الناصر وعبد الناصر.. ولكن عبد الناصر قال أنا لا ممكن أن أقوله، يعني الفرق ما بين بورقيبة أنه بورقيبة يصارح الشعب، ويقول له كلمة حق، ولهذا الشعب التونسي مشى مع بورقيبة مدة طويلة، لأنه كان يصارحه، ما كانش وراء الشعب، كان.. ما كانش أمام الشعب معناه.. كان معناها..
أحمد منصور: كان يسوق الشعب أمامه بالكرباج.
الطاهر بلخوجة: يسوقه ويقول له حقيقة الأمر.
أحمد منصور: بالكرباج.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. لا، كان يقول له حقيقة الأمر، وقال له حقيقة الأمر في فلسطين، ولهذا معناها شوف.. شوف معناها الفرق ما بين هذا وهذا، ولكن هذا.. هذا لا يعني.. أن هنالك..
أحمد منصور: يعني تريد هنا أن تقول.
الطاهر بلخوجة: اسمعني أن هنالك...
الصراع على الزعامة بين بورقيبة وعبد الناصر
أحمد منصور: تريد أن تقول أن بورقيبة كان زعيماً واقعياً وعبد الناصر كان زعيماً يعني يعيش في الأحلام وشعبه؟
الطاهر بلخوجة: لا..لا، مش في الأحلام، لا مش في الأحلام، كما قلت سيادتك أنت أن كونه قال أنا ما ممكن أجابه الشعب، هذا كان بورقيبة كان يجابه الشعب، هذا لا يعني أن كان -أنا واعتقادي- أن عبد الناصر وبورقيبة ماكانوش.. ما كان على عداء ما بينتهم، أبداً، ولا كانت كراهية.. ما فيه كراهية، لأن هم كانوا في مستوى عالي، عبد الناصر رجل عظيم عبد الناصر يا سيدي.
أحمد منصور: كانا يتنازعان على الزعامة في ذلك الوقت.
الطاهر بلخوجة: الزعامة، لا ثمة تنافس.
أحمد منصور: بورقيبة كان يرى نفسه زعيماً تاريخياً أكبر من عبد الناصر.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح، لا..
(9/156)
أحمد منصور: وهو أحق بزعامة الأمة العربية منه.
الطاهر بلخوجة: لا أبداً، أنا أقول لك على أيش، لأن يا سيدي عبد الناصر كانت له أطماع في البلدان العربية، أطماع وحدوية، يا سيدي..
أحمد منصور: ما هو بورقيبة كانت له أطماع في المغرب العربي.
الطاهر بلخوجة: لا.. اسمعني يا.. اسمعني..
أحمد منصور: وكان بيحلم يبقى زعيم المغرب العربي.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. كان عنده.. كان عنده أطماع وحدوية، عبد الناصر أطماعه وحدوية في المشرق وفي المغرب، ما في المشرق فقط، وين الموضوع، هو.. هو معناها العمل اللي قام به، والنشاط اللي قام به مع بن بلا عبد الناصر، على أساس وحدة المغرب في نطاق الوحدة العربية، وأن التذكير أن بن بلا أول زيارة قام بها عام 62 قام بها، ما قامش بها إلى تونس التي ساندته في الحرب وكذا، لأ قام بها إلى مصر، نعم، طيب بارك الله، ورجع من مصر.
أحمد منصور: مقر الزعامة.. مهد الزعامة العربية..
الطاهر بلخوجة: استنى عايش، استنى مهد الزعامة طيب، ولكن على كل اعترافاً يا سيدي، اعترافاً بالناس اللي دعمته.
أحمد منصور: بعدين ييجي.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي عايشة الناس اعترافاً بالناس الذين..
أحمد منصور: هو لم يكن يحب بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: ما ماتوش مصريين في الجزائر، ماتوا تونسيين.
أحمد منصور: لم يكن يحب بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: ماتوا تونسيين يا سيدي بالمئات، في الساقية..
أحمد منصور: المصريين في كل مكان.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا ما هذه حقيقة.
أحمد منصور: المصريين رووا دماءهم في كل مكان يا سيدي.
(9/157)
الطاهر بلخوجة: تقول لي أنت، تقول لي مهد.. مهد العروبة، طيب مهد العروبة ولكن أنت يا سيدي، إيجي اعترف بالأموات التونسيين الذين ماتوا في الساقية، ماتوا بالحدود لأجل الجزائر، ويزور تونس قبل، هذا اعتقادي أنا، طيب زار يا سيدي مصر، بارك الله فيه، ولما في رجوعه إلى الجزائر، توقف في مطار تونس وماذا قال في مطار تونس، أما معناها جمع.. جمع الناس وجمع المسؤولين وكنا موجودين، نحن عرب، نحن عرب، نحن عرب، 3 مرات، وكأننا.. وكأن التونسيين صهيونيين.
أحمد منصور: فرنسيين.
الطاهر بلخوجة: فرنسيين.. لأ صهيونيين مش معقول، فرنسيين مش معقول، أخذناه.. أخذناه، وثم يا سيدي لا مازال.. مازال.. مازال.. مازال، ثم يا سيدي جاء عبد الناصر إلى الجزائر بعد أشهر قليلة، وخطب في الجزائريين وقال لهم: أني لما أراكم أشعر.. أشعر بمعناها تنفسكم وشعوركم بالوحدة العربية وانتمائكم إلى الوحدة العربية وكذا وكذا، ولا شيء معناها عبد الناصر كانت له أطماع وهذا..
أحمد منصور: ليس أطماع.
الطاهر بلخوجة: مش أطماع.
أحمد منصور: توحيد الأمة العربية حلم كل العرب.
الطاهر بلخوجة: ولكن حلم.. هل.. هل وحدت؟
أحمد منصور: لكن بورقيبة وجه وجهه تجاه أميركا وفرنسا.
الطاهر بلخوجة: لأ، هل وحدت؟ ولا فائدة في الكلام، معناها أنت.. أنت بتغر بالناس وبالشعوب على كأس وحدة وتعطي لهم أحلام، وبالتالي ما تعمل شيء، لا يا سيدي..
أحمد منصور: حسناً.. حاول قدر ما يستطيع..
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا الذي صار وقتئذٍ بالنسبة لـ.. ولهذا بورقيبة ماكانتش عنده سمعني إليه في الحديث بتاعه، كانت لعبد الناصر أطماع وحدة، وكان عنده تفكير وحدوي نبيل.. نبيل.
أحمد منصور: طيب بورقيبة..
الطاهر بلخوجة: في مبدئه، في مبدئه نبيل على أساس توحيد العرب وتوحيد.. يبقى نبيل، ولكن لسوء الحظ ماكانش عنده الطرق الموصلة لذلك، على كل..
أحمد منصور: حاول.
(9/158)
الطاهر بلخوجة: حاول.. حاول لكن الناس ما الأساس في المسؤول مش في المحاولة، في النجاح، يا سيدي وبورقيبة لم تكن له أطماع وحدوية في الشرق أبداً، كان في تونس الصغيرة الوحيدة وكان يصمم على توحيد ماكو شك مغرب عربي وتوسيع، ما كان عنده أطماع وحدوية للعالم العربي، شفت ولهذا.. ولهذا..
أحمد منصور: على قده بيفكر على قده.
الطاهر بلخوجة: ولهذا التنافس، وكان وفي نطاق الوحدة، كان لعبد الناصر رأي في الوحدة، وكان بورقيبة يقول له: لأ، لا يا سيدي الوحدة ماهياش ممكنة على الشيء اللي مشيته في.. شوف الوحدة بتاعكم مع سوريا، شوف الوحدة بتاعكم مع ليبيا، شوف الوحدة بتاعكم مع العراق، شوف كذا.. كذا، وشوف معناها على أساس الوحدة دخولكم للحرب مع إسرائيل وخسرتموها، هذا ما قاله بورقيبة كله، قال هذا في هذا الموضوع ثم تنافس وثم كذلك معناها بالنسبة للآراء، معناها أرى رأي ثاني بالنسبة لبورقيبة، وأعتبره أنا رأيي واقعي جدي، وكذلك.. كذلك رأي عبد الناصر كان جدي، ولكن ربما ماكانش واقعي، هذا الأساس..
أحمد منصور: الواقعية.. الواقعية هنا في مفهوم بورقيبة وفي أدائه بالنسبة لقضية فلسطين هي القبول بإسرائيل كدولة على أطلال فلسطين، والتعامل معها والاصطلاح معها، وبعد ذلك التفاوض معها على الحقوق..
الطاهر بلخوجة: لا، الفضل.. الفضل لبورقيبة أن قال ذلك سنة 65 وأن يقولوه العرب سنة 2001.
أحمد منصور: مش العرب.. الحكومات العربية..
الطاهر بلخوجة: الحكومات العربية..
أحمد منصور: هناك فرق بين الحكومات وبين الشعوب.
الطاهر بلخوجة: على.. على.. على كل الحكومات العربية، حكوماتنا يا سيدي، "كيفما تكونوا يولى عليكم".
أحمد منصور: يعني الشعوب تستاهل اللي بيجرى لها ده.
(9/159)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا طيب، كل الحكومات يا أستاذ تقول لا، ما في حكومة واحدة قالت معناها مش صحيح، كل الحكومات العربية غلطانين، آه يا سيدي، شوف يا سيدي، على كل.. لما معناها في بعد ما قال عبد الناصر وعبد الناصر لبورقيبة أنه.. أنه متفق على ما سيقال، قال له إذاك في أريحا.
دعوة بورقيبة للاعتراف بإسرائيل في أريحا
أحمد منصور: ذهب.. ذهب إلى أريحا في 3 مارس ودعا للتفاوض مع إسرائيل.
الطاهر بلخوجة: ذهب إلى أريحا، ولم يكن لا.. لا، أنا أقول ما قاله دا مش كلام دعا للتفاوض لا.. لا، يا سيدي، هو في أريحا لم يكن في.. في برنامجه أن يتحدث وأن يلقي خطاب، ولكن أمام الفلسطينيين، وأمام مشاكلهم ومما قيل له، ارتجل خطاباً، ولهذا شوف ما كانش مسبق معناها مش بيقول.. ارتجل خطاب..
أحمد منصور: معنى كده إنه رجل يعني أيه على البركة كده.
الطاهر بلخوجة: بركة.. لا.. لا على البركة، لا.. لا.
أحمد منصور: لا عنده خطط ولا أفكار ولا أي شيء.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا عنده أفكار، ارتجل.
أحمد منصور: زي ما بتيجي بتيجي.
الطاهر بلخوجة: لا، ما رتبش معناها الخطاب، ما فيه سياسيين.
أحمد منصور: هو كان.. هو كزعيم كان مهووس بالخطابات، مهووس إنه وراءه الجماهير تصفق له، مهووس إن يشوف الناس كلها تلتف حوله.
الطاهر بلخوجة: لا.. فهذا.. وهذاك.. هذاك سلاح الرجال.. سلاح الزعماء هو القوة في الخطابة.
أحمد منصور: الزعماء اللي بيوهموا.. يوهموا الشعوب بالأوهام وبعيداً عن الواقع.
الطاهر بلخوجة: ما هو عبد الناصر.. عبد الناصر كذلك كان..
أحمد منصور: أنا مالي ومال عبد الناصر الآن؟ أنا في بورقيبة..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي على كل، أنا أعتبر أن كونه هو.. هو كل واحد بيجي بيخطب، هو الخطابة سهلة، هو الإقناع..
أحمد منصور: كلام في الهواء.
الطاهر بلخوجة: هواء؟ إقناع الناس..
أحمد منصور: كلام ليس له مسؤولية.
(9/160)
الطاهر بلخوجة: لا له مسؤولية، كيف؟
أحمد منصور: حياة الناس في الوهم.
الطاهر بلخوجة: على كل، يا سيدي قال في أريحا في 3 مارس 65 أنا أقول "لابد لنا من الصبر ومن التخطيط وتهيئة البشر والعتاد وحشد الأنصار والحلفاء، وألا نتسرع ونرتمي في المعركة الحاسمة قبل أن نوفر لها أسباب النجاح -ها هي المسؤولية- إن عجز -وهذا.. وهذا.. وهذا الحكم الذي لم.. الذي لم يرتضيه عبد الناصر يرتضي له- إن عجز.. عجز الجيش عن تحقيق النصر يدل عن خطأ القيادة". كلام بورقيبة دقيق في أريحا وعندك أنت التسجيل..
أحمد منصور: طعنة في عبد الناصر.
الطاهر بلخوجة: "ولا يمكن.. ولا يمكن أن نتمسك بسياسة الكل أو لا شيء، فقد أبى العرب الحل المنقوص ورفضوا التقسيم وها هي الحالة اليوم".
(9/161)
صوت/ الحبيب بورقيبة: هذا إذاً يلزم الصبر والتخطيط وتوفير الأسباب سواء في البشر أو في العتاد أو في الأنصار أو في الحلفاء وأن لا نتسرع قبل أن نضمن أن نوفر للمعركة الحاسمة أكثر ما يمكن من أسباب النجاح. مادمنا إحنا على الكارثة اللي منينا بها ومادمنا على حدود الوطن بتاعنا العربي في فلسطين فهذا دليل على أن القيادة ما كانش موفقة، مادام الحماس موجود في الجنود والجيش ما انتصرش، لابد الخلل من القيادة، يلزم شوية بمعنى تعقل وتفهم والاعتقاد، وأن المعركة مش سهلة، وأن الخصوم أقوياء يلزم تفتيت صفوفهم، جلب بعض أنصار، وجلب بعض الأنصار، ما يقعش بسياسة الكل ولا بلاش، سياسة الكل ولا بلاش هي اللي وصلتنا لهذا الحال، لها الهزايم هذه، لأن مش عايزين يتفاهموا ويشوفوا الوضع والمعطيات الجديدة، وما وصلت إليه اليهود هنا، والعرب وقوة العرب وقوتهم، وجيشهم، وتدريبهم فلو.. فلو رفضنا الحل المنقوص، كيف ما رفضوا العرب التقسيم أو الكتاب الأبيض، وبعدين يقعدوا ندمانين.. ندمانين عليه، ياليت كانت يكون أفضل من الحالة اللي إحنا فيها، هذه النصيحة اللي أقولها لكم، ولكل العرب حتى تضعوها في الميزان.
الطاهر بلخوجة: هذا ما قاله في أريحا، الكلام صحيح أم لا؟ يا سيدي عام 65 بعد 20 سنة من القضية الفلسطينية كلام صحيح ولا.. لا.
أحمد منصور: لأ مش كلام صحيح، هذا كلام المنهزمين.
الطاهر بلخوجة: ولكن يا سيدي.
أحمد منصور: هذه نظرية المنهزمين.
الطاهر بلخوجة: صحيح طيب ولكن..
أحمد منصور: كل الشعوب التي ضاعت وحقوقها ضحت من أجلها وأعادت حقوقها بالقوة.
الطاهر بلخوجة: على كل.. عرفات.. عرفات بنفسه.
أحمد منصور: أما الزعماء المنهزمون فهذا منطقهم.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، زعماء منهزمون.
أحمد منصور: نعم.
الطاهر بلخوجة: زعماء منهزمون.
أحمد منصور: دعوة للانهزام.. دعوة لقبول العدو.
الطاهر بلخوجة: لما قال -يا سيدي- لما قال..
(9/162)
أحمد منصور: دعوة لعدم القتال، والقتال على مدار التاريخ هو الطريق الوحيد لاسترداد الحقوق.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي لما قال.. اسمعني معلش لما قال في قمة فاس، الملك فهد هذا ما قاله في قمة فاس سنة 81، أي تأييداً لذلك، إحنا نرجع سنة 81 تأييد لكلام بورقيبة، بعد مدة بعد 20 سنة على كل، "الحق لكل الدول بالتعايش سلمياً في المنطقة"، اعتراف ضمني..
أحمد منصور: خلاص كل العرب قبلوا الآن..
الطاهر بلخوجة: اعتراف.. ضمني هذا قالوا به استنى هذا.
أحمد منصور: كان مؤتمر مدريد كله.. قبل الآن.
الطاهر بلخوجة: أبو إياد بنفسه في 3 فبراير 89، يقول في الأراضي المحتلة نريد سلماً عادلاً واتصالاً مباشراً مع إسرائيل، هذا ما قاله.
أحمد منصور: يا معالي الوزير.. معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، أنا وجات.. وجات بعد عام 91 ندوة مدريد..
أحمد منصور: للحقيقة وللتاريخ، ومن يقرأ التاريخ من مصادره -لاسيما فترة الخمسينات والستينات- لا يجد زعيماً عربياً واحداً يسعى لقتال إسرائيل أو لديه خطة لذلك، كان كل الزعماء العرب متفرغين لقضية أساسية وهي التآمر على بعضهم البعض، عبد الناصر كان يدبر انقلابات في سوريا وانقلابات في العراق وانقلابات ضد الملك حسين، والجيش المصري في اليمن، وانقلابات.. ومحاولات ضد الملك سعود، الملك سعود عمَّال يرد على عبد الناصر، والملك حسين عمَّال يرد على عبد الناصر، والبعثيين عمَّالين يضربوا في القوميين، والقوميين عمَّالين يضربوا في الشيوعيين، وصراعات.. وبورقيبة عمال بيحلم بالمغرب العربي، كل واحد يسعى لضرب الآخر، ولذلك لم يكن أحد يفكر في إسرائيل، لا تقل لي الآن إن فيه زعيم عربي واحد كان بيفكر في إسرائيل، بإقرار بعض الناس الذين عملنا معاهم وأخذنا شهاداتهم، إسرائيل لم يكن لها وجود على خريطة الصراع، ولذلك تمكنت من سحق العرب في العام الـ 67.
(9/163)
الطاهر بلخوجة: عندك ألف حق، عندك ألف حق.. عندك ألف حق، ومتفق معاك على مأساة العرب منذ الثلاثين أو أربعين سنة.
أحمد منصور: لذلك ليس أمامهم سوى هذا الكلام الذي قلته.
الطاهر بلخوجة: متفق معاك، لا.. لا والتجارة ولكن يا سيدي في هذه المأساة، فيه معناها من قال كلمة حق، وكان بورقيبة قال كلمة حق، هذا اعتقادي، قال كلمة حق، ماكانش عاجب الوفود، ولكن ها كلمة حق معناها على كل كانت تأتي.
أحمد منصور: بأي شيء واجهه الناس في.. في أريحا.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، أحسن.. أحسن.. أحسن، يا سيدي، ما هو..
أحمد منصور: بصقوا عليه، رموه بالطماطم، شتموه.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا ما هذا هو الكلام اللي قلته إنت مأساة العرب في تخميرة العرب، وفي.. وفي معناها دز.. لز الشعوب إلى التخميرة وإلى معناها وحتى يكون كما قال عبد الناصر ولأسير الشعوب لأنه خمَّرهم قبل، ولا يمكن أن.. أن.. أن يسيطر على الوضع، هذا الأصل، ولأن الشعوب قيل لهم كلام غير صحيح، وأحلام غير صحيحة لأن يا سيدي.
أحمد منصور: يعني الشعوب خُدعت منكم طوال الفترة الماضية!!
الطاهر بلخوجة: يا سيدي عايش لا.. لا يا سيدي حروب.. حروب العرب.
أحمد منصور: الزعماء خدعوا على الحروب.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، يا.. أي نعم، حروب العرب، يا سيدي كيف تدخل في حرب؟ كيف تدخل في حرب مرة أولى وثانية وثالثة وتخسرها، وتعرف أن دخولك الحرب وأنت بيش تخسره، لأننا يا سيدي الواقع شو هو؟ أن إسرائيل مش وحدها، إسرائيل معها أميركا، ومعها (...) ومعها.. معناها الستالايت اللي يعطوها كل شيء، ومعها قوة كبيرة.
أحمد منصور: مهما كان معها، مافيش إرادة عربية لمواجهتها.
الطاهر بلخوجة: يمكن تبعث.. تبعث بعرب، وتبعث بناس ليموتوا..
أحمد منصور: ليس هناك مواجهة.. استعداد لمواجهة عربية حقيقة مع إسرائيل.
(9/164)
الطاهر بلخوجة: ما..، ما تدخلش مواجهة، أنت بتعرف هو الخسران، يا سيدي، أنت تضرب راسك على الحيط، طب الحيط أمامك وإسرائيل بقوتها وكل شيء.. أنت تبعث وتبعث الناس يموتوا.
أحمد منصور: يا معالي الوزير، على مدار التاريخ.. على مدار التاريخ وأنت قرأت في التاريخ أكثر مني.
الطاهر بلخوجة: أيوه.
أحمد منصور: كل الأمم كانت تضحي في سبيل حقوقها، التضحية في سبيل الحق شيء طبيعي، لا.. لا حق يأتي بدون تضحية.
الطاهر بلخوجة: تضحية.. تضحية، ولكن مش التضحية معناها على.. من غير نتيجة..
أحمد منصور: بنتيجة.
الطاهر بلخوجة: نتيجة أيش؟
أحمد منصور: لكن أنا أقول لك لم يكن هناك أي تخطيط سليم، لأن المواجهة واتفقت معي على ذلك.
الطاهر بلخوجة: متفق معك، أيوه متفقين يا سيدي، على أي شيء..
أحمد منصور: كلها كان يتم تخدير الشعوب في شيء.
الطاهر بلخوجة: قل بورقيبة.
أحمد منصور: والانقلابات والمؤامرات، كانت هي التي تسيطر علينا.
الطاهر بلخوجة: متفقين لأنه قال في (عريضة) أريحا لابد لنا من تخطيط، ولم يكن لنا تخطيط، وأتفق معاه أن مأساة مدة 40 سنة بالنسبة لفلسطين (...) على سيقولوا كلمتهم رجال التاريخ في ذلك، وأنَّا ضيعنا الوقت، ومكننا إسرائيل بيش تستنصر في البلاد، وبيش تتقوى في البلاد، وبيش تعمل معنا سلاح نووي، وبيش تواجهنا الآن، ونحن في حالة ضعف، أنا متفق معك على طول الخط، هذا ما يمنع أن كونه بورقيبة قال كلمة حق في يوم ما.
أحمد منصور: كرر بورقيبة كلامه الذي قاله في أريحا في كل من القدس وبيروت، وفي أثناء وجوده في بيروت.
الطاهر بلخوجة: أي نعم يا سيدي.
أحمد منصور: أحرقت السفارة التونسية في مصر.
الطاهر بلخوجة: حرقت.. حرقت السفارة في مصر بمرأى.. بمرأى من الشرطة المصرية حرقت تماماً كرد فعل، عبد الناصر من قبل يقول له والله أنا الكلام هذيك كنت لازم نقوله، وبعد منها عشرة أيام تحرق السفارة التونسية.
(9/165)
أحمد منصور: بس دا يناقض كلا حضرتك الآن لما قلت لي إن لم يكن لديه استعداد، منين لم يكن لديه استعداد أن يلقي خطاب في أريحا، ومنين كان متفق مع عبد الناصر على أن يقول هذه الأفكار؟ وقيل أنه التقى أيضاً بالملك حسين ملك الأردن قبل إلقاء خطابه في أريحا، وقال له أنه سيتحدث في هذه الأشياء وأقرها.
الطاهر بلخوجة: ومن القدر.. والحمد لله ألا يكون متفقين معاه، على الأقل معناها تحت.. بالسر مع بورقيبة على الأقل.
أحمد منصور: وقيل أنه كانت هناك اتصالات سرية حتى بين الإسرائيليين وبعض الزعماء العرب في تلك المرحلة.
الطاهر بلخوجة: على كل حال.. على كل الشيء الذي معناه أقوله أن لم.. لن.. لم تكن أي.. لم يكن بين تونس بين.. لا يا سيدي، وكانت تسمع، وكانت تعرف معناها خطابات الإسرائيل وتصريحات الإسرائيليين في بورقيبة، لأن قالوا أن بورقيبة هذا هو الذي كما قالوا الفرنساويين في.. في.. في كفاحنا، كانوا يعتبروا بورقيبة هو أساس.. هو أساس.. أساس فشلهم في.. بالنسبة للإمبراطورية الفرنسية، وعدوهم الألد، والفرنسيين اللي كانوا مقيمين في تونس كانوا بيعتبرون بورقيبة هو أذكى وأخطر ما تم، لأنه كانت عنده.. عنده فكرة نفس الشيء، نفس الشيء كانوا الإسرائيليين بالنسبة لخطاب.. خطاب أريحا وغير ذلك قالوا أخطر ما تم، لأنه مش يجرنا إلى الاتفاق على 67 وإلى دولة فلسطينية وإلى غير ذلك، وإحنا عندنا البلاد.. عندنا البلاد بعد الفلسطينيين، وإحنا متمسكين فيها.
أحمد منصور: ربما على ما تم تحقيقه الآن كان يمثل كلام بورقيبة في العام 65 رؤية بعيدة المدى على ما قام العرب بتحقيقه.
الطاهر بلخوجة: طيب أيوه.
أحمد منصور: ولم يحققوا شيئاً بالنسبة لشعوبهم، استمر بورقيبة لمدة شهرين في جولته وخرجت المظاهرات في دمشق والقاهرة وبغداد.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح، وأُلغي.. لا.. أُلغى..
(9/166)
أحمد منصور: تشتم في بورقيبة وتلعنه وتصفه بالعميل الأكبر بدل المجاهد الأكبر.
الطاهر بلخوجة: لأ، شوف.. صحيح، جايين لهذا يا سيدي، ألغى.. ألغى زيارته في العراق لأن بغداد قالت له أنها لا يمكن أن تؤمن أمنه، وأُلغيت.
أحمد منصور: الشعوب خرجت تطالب بقطع لسانه لأنه طالب..
الطاهر بلخوجة: آه، الشعوب التي.. التي غُلِطت.. غُولطت فعلها و.. و، والشعوب التي.. التي كانت لها العاطفة، ولم يكن لها إعمال العقل.
أحمد منصور: بهذه الجولة وهذه التصريحات في العام 65 خسر بورقيبة العالم العربي والشارع العربي، وكسب أوروبا وأميركا واليابان.
الطاهر بلخوجة: لأ.. لا أبداً، آه لا.. لا شوف يا سيدي كان بورقيبة محترماً من طرف أوروبا ومن طرف الغرب لمواقفه الواقعية، خسر.. خسر، ربما معناها بصفة وقتية، وهذا هو التاريخ، والتاريخ أنصفه اليوم، مدة 20 سنة خلص أن..
أحمد منصور: أنصفه إلى جوار ما قدمه من بعده.
الطاهر بلخوجة: أنصفه بأنه كان على حق، وياليت ما في والله يا.. يا سيد أحمد ولا فيه عربي، ولا فيه..
أحمد منصور: على.. على.. على مذهب أوسلو طبعاً.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا مش مذهب أوسلو.
أحمد منصور: على مذهب أوسلو و.. ومذهب مدريد يعني.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي مذهب مدريد أو مذهب أوسلو أو غير ذلك، أنا أعتبر أن يا سيدي، والله بكل صراحة أقول أعتبر أن كونه الفلسطينيين لما تواجدوا في شبر من الأرض هذا كونه أساس.. أساس الشبر بعد..
أحمد منصور: بيعملوا أيه بالشبر والشبرين؟!
الطاهر بلخوجة: يا.. الله، كانوا مشردين يا سيدي، ما كان..
أحمد منصور: بيعملوا أيه الآن يا سيدي في فلسطين؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي كانوا ملوحين مشردين.
أحمد منصور: ماذا تفعل بهم إسرائيل؟
الطاهر بلخوجة: ضاع الوقت.
أحمد منصور: أصبحوا الآن كل.. كل وظيفتهم الأساسية تأمين أمن إسرائيل.
(9/167)
الطاهر بلخوجة: أتفق معاك، لا.. لا.. لا أبداً، أتفق معاك، والله مع الوقت.. اسمع يا سيدي شوف.. مع الوقت معناها .. فلسطين مش تكون رابحة، وتكون الأرض بيش ترجع فلسطين، ولكن بغير شك مع التعايش مع الإسرائيليين، لأنه.. مفروغ منه.
أحمد منصور: التعايش مع إسرائيل.. التعايش مع المغتصب مع المحتل.
الطاهر بلخوجة: التعايش هنا بصفة أخرى بمعناها تأمين.. بتأمين بـ..
أحمد منصور: اللي بيفعلوه الإسرائيليين الآن..
الطاهر بلخوجة: لا بتأمين العالم هل.. هل ممكن؟
أحمد منصور: يا معالي الوزير، اللي بيفعلوه الإسرائيليين الآن، في أي مجال من مجالات التعايش أم السحق والسحل والضرب والقتل والهدم، وكل شيء؟
الطاهر بلخوجة: أتفق معاك، الآن متفق معاك.. متفق معاك، في الحالة..
أحمد منصور: هل الإسرائيليين يُتعايش معهم؟
الطاهر بلخوجة: في.. في الحالة الوقتية عندك حق أما بعدين..
أحمد منصور: مش وقتية وقبلية.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا بعدين.
أحمد منصور: من 50 سنة الحال..
الطاهر بلخوجة: هل ممكن.. هل ممكن أن تبعث.. هل ممكن..
أحمد منصور: الحالة منذ ثلاثة وخمسين عاماً منذ قيام إسرائيل، ومن قبلها إذا الارتباط الصهيوني.
الطاهر بلخوجة: بدي أسألك سؤال.. أسألك سؤال، نظراً للوضع الإسرائيلي والوضع العالمي هل ممكن أن يلوح اليهود كلها في البحر؟
أحمد منصور: ممكن.
الطاهر بلخوجة: ممكن، إزاي؟ بأي قوة؟
أحمد منصور: إذا العرب عندهم إرادة، عبد الناصر قالها..
الطاهر بلخوجة: آه، هاي قوة العرب، هاي بنرجع لهذا، ما كانت القمم العربية المتتالية مدة الثلاثين سنة..
أحمد منصور: كانت إسرائيل بتتجسس عليها كلها وبتسمع اللي بيحصل فيها...
الطاهر بلخوجة: على كل، هادوم العرب بتاعنا.. العرب من بتاعنا، هذا دمنا.
أحمد منصور: وكانوا يتقابلوا في القمم يشتموا في بعضهم.. عليه..
(9/168)
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا.. هذه عروبتنا وهذه دمنا وهذه أصالتنا مع ما نيجي تذكر إليه، هذا أساسي، "كيفما تكونوا يولى عليكم" يا سيدي.. وكانت القمم الأخيرة..
أحمد منصور: يعني أنت الآخر بتلبِّس الشعوب المسؤولية.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا المسؤولين الذين غالطوا شعوبهم، ولكن الأساس يا سيدي ما.. ما هو سلاح الأساسي بيش.. بيش يكون للعرب كلمة؟ تعرفهم أنت ونقول لهم ونتجرأ، أولاً الأرصدة اللي موجودة في البلدان العربي هل ممكن..
أحمد منصور: ولا العرب يستطيعوا يستردوا منها فلساً واحداً.
الطاهر بلخوجة: هل ممكن.. هل ممكن للعرب بأن.. بأن يأخذوا ويسترجعوا أرصدتهم في الدول الغربية؟
أحمد منصور: كانت إيران أشطر منهم.
الطاهر بلخوجة: أه؟
أحمد منصور: كانت إيران أشطر منهم.
الطاهر بلخوجة: على كل، هذه.. هذه حالة أولى، مش عارف.. مش..
أحمد منصور: أرصدة إيران مجمدة إلى الآن.
الطاهر بلخوجة: هذا الشرط الأول. الشرط.. الشرط.. الشرط الثاني، هل ممكن أن تمنع الدول العربية بأن تسدد حاجيات الغرب من النفط؟ ثانياً.. هل ممكن؟ جاوبني..
أحمد منصور: لا طبعاً، النفط فيه غيرهم الآن.
الطاهر بلخوجة: تقوم القيامة.. تقوم القيامة.
أحمد منصور: يا سيدي قواتهم في الخليج.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، الحاجة الثالثة هل ممكن أن معناها يكتنف.. تكتنف الدول العربية عن التسلح، وعن معناها دفع أموال طائلة في التسلح، معناها و.. ونفع.. ونفع الغرب في شراء طائرات، وقت ما تطلع الطائرة مثلاً في.. مرة وتيجي تطلع الطائرة مازالت ماوصلتش في سماء (.....) في البلاد الثانية، معناها شيء مهول، التسلح في الجزائر، التسلح في ليبيا، التسلح في المغرب، التسلح في مصر، لماذا؟
أحمد منصور: من أجل إسرائيل.
(9/169)
الطاهر بلخوجة: من أجل.. ما عملوش حاجة بـ.. هلا وصلوا إلى شيء به ما هو ما هذا الموضوع، إذا كان العرب.. وأنا قلت بكل صراحة، أنا خرجت وعمري 70 سنة، وخرجت أنا من المسؤوليات وكذا ودا، أقول بعد ما..
أحمد منصور: ما هو بعد المسؤوليات يتكلمون، أثناء المسؤولية..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أقول.. يا سيدي على.. أقول فيما أقول.. لا يجعلنا في.. أقول على كل حال استنتاج كل ما نقوله إذا كان العرب في حاجة بيش يستعملوا.. التلات وقت ما.. ما ينجموش، ولهذا الواقع يجبرهم بأن يتعاملوا مع الواقع، وأن يجدوا حل معناها بالتعايش مع الناس هادول يلقوا حلول، والأصل أن نصل إلى نتائجنا بأقل التكاليف وبمساندة الجميع، ولنا كلمة حق، والحق معناها يعلو ولا يعلى عليه، معناها استعمال خصم.
هزيمة 67 وأثرها على الشعب التونسي
أحمد منصور: في العام 67 وقعت الهزيمة، وخرجت المظاهرات في شوارع تونس احتجاجاً على هزيمة العرب وتحولت إلى صدامات في تلك الشوارع، وعينت أنت في 7 يونيو مديراً للأمن الوطني في تونس، أثر هزيمة 67 على الشعب التونسي في ذلك الوقت، لاسيما وأن بورقيبة كان بيعتبر القضية الفلسطينية.. كانت له أطروحاته الخاصة بالنسبة لها؟
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي أنا كنت موجود إذاك في.. مديراً لديوان أحمد بن صوالحة عام 67.
أحمد منصور: اللي هو كان.. كان وزير السوبرمان.
الطاهر بلخوجة: كان وزير.. وزير السوبرمان.
أحمد منصور: اللي بيجمع سبع وخمس وزارات أو ست وزارات.
الطاهر بلخوجة: ست وزارات، مش عارف عم نحكي عليه، طيب نحكي عن مين؟
أحمد منصور: سيكون له حلقة لوحده.
(9/170)
الطاهر بلخوجة: أنا كنت مدير ديوانه وصارت.. وفاجأتنا.. كان المفاجأة الكاملة اللي كانت حرب ستة أيام (......)، وانهزم فيها العرب، ومن المعقول ومن البديهي بأن يكون الشعور الشعب التونسي، والتونسي معناها بالنسبة لإخواني العرب، وأن يهتز وأن يتظاهر وأن ينزل إلى الشارع وأصح، ولكن الشيء اللي مش تو نحكي فيه في الاشتراكية، الشيء اللي زايد عن هذا أن كونه الشعب إذاك كان في ضنك وكان في مأساة كبيرة نتيجة للسياسة الاشتراكية والسياسة التعددية، كانت الشرارة.. الشرارة التي اتفق فيها شعورهم بالنسبة لفلسطين وبالنسبة للعرب و..
أحمد منصور: يعني انهزام في كل شيء.
الطاهر بلخوجة: انهزام في كل شيء، وخرجت.. خرجت..
أحمد منصور: حالة الضنك في تونس وهزيمة في فلسطين فخرج..
الطاهر بلخوجة: أيوه، أي نعم، وخرجت تو.. وخرجت البلاد وأحرقت البلاد، وأنا زرت.. أنا قلت في الكتاب أنا بيدي خرجت للشوارع وأشفهم كيف حرقوا (ناجلوندرا) هذا كان كله كان ملاك باليهود، وحرقوا المجامع.. جامع اليهود، وحرقوا المركز الثقافي الأميركي، وكانت انتفاضة شعبية معناها ولا (...) نحكي عليه.
أحمد منصور: كنيس اليهود.. كنائس اليهود.
الطاهر بلخوجة: الكنيس.. الكنائس بإمكانه، بيت صلاة بيسمى (سناجوجا) كنيس اليهود وكان انتفاضة شعبية لا مثيل لها ولا ممكن لا بو رقيبة ولا أي حد أن يوقف ذلك..
أحمد منصور: اليهود لهم نفوذ واضح
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا نفوذ أبداً..
أحمد منصور: في تونس..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، كان اليهود..
أحمد منصور: ولازالوا إلى الآن..
الطاهر بلخوجة: لا اليهود أيش تقول؟ هه؟
أحمد منصور: ويقيمون احتفالاً سنوياً في جربة
الطاهر بلخوجة: أيش يكون؟
أحمد منصور: اليهود.
(9/171)
الطاهر بلخوجة: لا ذاك حاجة تانية كيهود.. كيهود، ما مش كصهيونيين وكإسرائيليين، يعني هدمه اليهود يا سيدي عايشين، هادولا ناس عندهم- ما بين قوسين- هادولا عندهم كنيسة.. بيت صلاة مش كنيسة، كنيسة للمسيحيين..
أحمد منصور: أنا لا أتكلم عن ما وقع في 67، ولكن أنا أكلمك الآن عن النفوذ اليهودي في تونس في ظل بورقيبة وفي ظل الوضع الحالي حتى.
الطاهر بلخوجة: لا نفوذ لليهود في تونس لا في وقت بورقيبة ولا في بعد بورقيبة، الشيء الوحيد.. الشيء الوحيد هو الذي يقال..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وعن طريق..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. خليني.. خليني اتكلم..
أحمد منصور: وعن طريق هؤلاء اليهود إسرائيل لها اختراقاتها في تونس
الطاهر بلخوجة: لا عندك حق، خليني أتكلم خليني أتكلم، الحاجة الأولى هو كونه.. الحاجة الأولى هو أن كونه بورقيبة الحاجة الوحيدة كان يحترم الإنسان، أكان يهودياً أو مسيحياً في معناها.. في.. في.. في الوقائع، في الكفاح المعنوي المسلح وغير كذا كان يطالب إحنا نحارب System لا نحارب أشخاص ولا يجب أن نقتل الأبرياء معناها المدنيين أكانوا فرنسيين أو كانوا مسيحيين أو كانوا يهود، هذا.. هذا موقف من المواقف كان يحترم اليهود، واليهود يحترم.. أنت تقول لي التو أن كانوا اليهود موجودين في تونس معقول، موجودين في تونس وموجودين في.. تعرف يا سيدي أن كون كل يهودي.
أحمد منصور: لكن لهم نفوذ خاص..
الطاهر بلخوجة: كله.. لا.. كل يهودي موجود في..
أحمد منصور: لهم نفوذ خاص، وعن طريقهم قامت إسرائيل باختراقات كثيرة في تونس.
الطاهر بلخوجة: لا أبداً، اليهود موجودين كيف موجودين يا سيدي؟! اليهود.. هو أنت ما تعرف تفرق..
أحمد منصور: ما هم فيه يهود في اليمن، كان فيه يهود في العراق، كان فيه يهود في مصر..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. وكلهم.. وكلهم
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذه قضية وقضية اختراقهم..
(9/172)
الطاهر بلخوجة: وكلهم جاسوس، وكلهم جسس.. لكن كيف تقول؟
أحمد منصور: جواسيس..
الطاهر بلخوجة: جواسيس، هذه اليهود ما.. هو أخيراً في أميركا وقت اللي صارت محاكمة واحد إسرائيلي، قال: أنا يهودي قبل أن أكون أميركي، وقال نفس الشيء..
أحمد منصور: إسرائيلي.
الطاهر بلخوجة: قال أنا إسرائيلي قبل أن أكون أميركي، وقامت القيادة، هكذا صحيح أم لا؟ وكان نفس الشيء في.. وكلهم، وهذا إذا ما نقول بكل صراحة، فأي يهودي في أي بلاد عربية أو غربية اعتبر روحه أولاً منتمي إلى.. ويكلف ويكلف بعمليات ويقتل، هذا معروف والشبكة كبيرة بالنسبة لهذا، هل معقول.. هادول.. هذا وجودهم في تونس معناته بالقصة هاديك شو كان نفوذهم على الحكم؟ ما كنش ضمن..
أحمد منصور: سأعود إلى تفصيلات دورك كمدير للأمن الوطني..
الطاهر بلخوجة: في الحلقة.. في..
أحداث أيلول الأسود ودور تونس فيها
أحمد منصور: آه، لكن الآن أريد أستكمل قضية فلسطين.
في أيلول اندلعت المواجهات في الأردن 1970 بين الفلسطينيين وبين الأردنيين ولعب الباهي الأدغم (رئيس الوزراء [الأردني]) من خلال الجامعة العربية دوراً في المفاوضات كان رئيساً للوفد الذي ذهب من الجامعة العربية لمحاولة وأد الصراع الموجود في فلسطين ويقال أنه أسهم بشكل رئيسي في إخراج ياسر عرفات في النهاية.
(9/173)
الطاهر بلخوجة: صحيح، صحيح يا سيدي إحنا كان هو كان الباهي الأدغم وزير الأول، وزير الأول، وبطلب من الجامعة العربية اتفق مع.. مع بورقيبه وأوفد باهي الأدغم كان وزير الأول كرئيس في الوفد، معناه التصالح نوعاً ما، لأن.. أن قضية أيلول الأسود قضية طويلة وعريضة ومأساة كبيرة، أن معناها أن.. أن تداس حرمة الفلسطينيين وأن يقتلوا ويشردوا بتلك الصفة، وأن يسجنوا وكان عرفات وأبو أياد مسجونين سُجنوا في الأردن إذاك، معناها لأول مرة وهم زعماء فلسطينيين، في الأردن، مأساة كبيرة والتاريخ سيقول كلمته فيها، وكان باهي الأدغم إذ ذاك وكنا أنا.. كنا باتصال مع باهي عام 70 وكنا نعرف بيبعث لنا ما يقال وكان معناها كانت مهمة ثقيلة، صعبة إلى أقصى حالة الأردنيين يقولوا أنهم يدافعوا على كيانهم، والفلسطينيين يقولوا أنهم معناها.. أنهم شُردوا وأنهم قتلوا وأنهم..
أحمد منصور: عملية تهريب ياسر عرفات رُويت فيها روايات كثيرة..
الطاهر بلخوجة: يا.. صحيح.. صحيح..
أحمد منصور: قيل أنه خرج في زي كويتي مع الوفد الكويتي.
الطاهر بلخوجة:.. أي نعم يا سيدي خرج..
أحمد منصور: وقيل أنه خرج في زي امرأة مع الباهي الأدغم، ما هي الحقيقة؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي لا.. لا.. خرج في زي امرأة وأخرجه باهي الأدغم وأوصله إلى.. إلى الحدود، حتى معناها قالوا أنه خرج وجاء إلى تونس، بدون علم الأردن وقامت قيامة ضد الباهي الأدغم من طرف السلطة الأردنية، كيف يقوم بذلك وهو معناها رئيس وفد ويعرف ذلك، وهو عرفات يعترف بهذا ويقول كلمة حق في هذا وقلنا.. قلنا قام بواجبه باهي الأدغم، مش عجباً قام بواجبه كعربي بالنسبة معناها لإخوانه الفلسطينيين شردوا وغير ذلك، ولهذا قضية أيلول الأسود وكان معناها سوء –الحظ معناها (….) كل ذلك الدنيا.. الله يرحمه السيد باهي الأدغم توفي ولكن.. ولسوء الحظ لم يكتب في ذلك، لم يكتب في ذلك ولو كتب في ذلك معناها لو.. لو قال لك..
(9/174)
أحمد منصور: وأقاله.. وأقاله بورقيبة وهو يقوم بمهمته.
الطاهر بلخوجة: آه؟
أحمد منصور: أقاله بورقيبة وهو يقوم..
الطاهر بلخوجة: لأسباب داخلية، لأسباب أخرى، مش لأسباب هذا،.. لا أبداً، إحنا كنا نتشرف، نتشرف بعمل باهي الأدغم وكنا نكتب عليه في الجرايد رغم ما كنا.. كان بورقيبة ما كان متفق معاه داخلياً.
أحمد منصور: 72، في العام 72 وقعت أحداث ميونيخ في القرية الأولمبية حينما اختطفت مجموعة كوماندوز فلسطينيين مجموعة.. الفريق الإسرائيلي.. جزء من الفريق الإسرائيلي وروى لنا أبو داوود في شهادته على العصر جانب منها وقيل إن أحد هؤلاء اتصل على هاتف في تونس وأصبحت تونس بذلك متورطة في الموضوع.
الطاهر بلخوجة: صحيح يا سيدي، أنا معناها حكى لي الموضوع أبو إياد وأنا عشت معاه شوية أبو إياد الموضوع وأبو إياد كان هو الأساس في عملية ميونخ، هو الذي رتبها.
أحمد منصور [مقاطعاً]: هكذا أكد أبو داوود أيضاً..
الطاهر بلخوجة: أنا.. رتبها والتي رتبها من أولها إلى آخرها وكان رتبها وهو حتى لا يدخل.. تدخل تونس في الأوضاع كنا على علم بدقائقها ولكن كانت سفارة الأردن الحقيقة، سفارة الأردن لأنه كان السفير الأردني إذاك من.. الناس من جامعة أبو إياد وكان استعمل أبو إياد السفارة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سفير تونس في الأردن؟
الطاهر بلخوجة: سفير لا سفير الأردن في تونس.
أحمد منصور: سفير الأردن في تونس
الطاهر بلخوجة: سفير الأردن استعمل وكان الهاتف.
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنتم على علم بها قبل أن تتم؟
الطاهر بلخوجة: نعم، كنا على علم.. كنا على علم كنا على علم
أحمد منصور: أنت شخصياً كنت على علم؟
الطاهر بلخوجة: أنا شخصياً كنت على علم، كنت على علم بصفة..
أحمد منصور: قبل أن تتم؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، كنا.. كنت على علم بصفة..
أحمد منصور: شخصية..
(9/175)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا بصفة معناها إجمالية على أنه أبو إياد سيقوم بعملية..
أحمد منصور: كبيرة..
الطاهر بلخوجة: كبيرة.. ما.. ما عندي..
أحمد منصور: ولكن أين مكانها وتفصيلاتها لم تكن تعلم.
الطاهر بلخوجة: لا.. بعدين.. بعدين عرفنا تفصيلاتها كلها.
خروج الفلسطينيين من لبنان وتوجههم إلى تونس
أحمد منصور: في العام 79 نقلت الجامعة العربية إلى تونس بعد ما قام السادات بتوقيع اتفاقية مع إسرائيل، وفي العام 82 حينما أخرج الفلسطينيين من لبنان توجهوا إلى تونس، قيل أن هذه كانت مؤامرة من بورقيبة لكي يكون هناك مسافة أربعة آلاف كيلو متر بين الفلسطينيين وبين فلسطين ومن ثم يحقق ما نادى به في العام 65 عن طريق إجبار الفلسطينيين بقبول الأمر الواقع
الطاهر بلخوجة: لا إله إلا الله
أحمد منصور: محمد رسول الله.
الطاهر بلخوجة: على كيف.. كيف معناته تُرتب الأمور بمسائل؟ يا.. يا سيدي..
أحمد منصور: يعني كان فيه مخطط لإبعاد، عدم وجود جبهة مع إسرائيل..
الطاهر بلخوجة: لا يا سيدي.. يا سيدي..
أحمد منصور: وتأمين إسرائيل ومساعدتها على تحقيق ما حققته الآن..
الطاهر بلخوجة: من يا سيدي من أجبر..
أحمد منصور: ومن ثم أفضل الدول ولها كانت تونس.
الطاهر بلخوجة: من أجبر الفلسطينيين على المجيء إلى تونس؟ لماذا اختاروا تونس؟
أحمد منصور: ما فرض عليها.
الطاهر بلخوجة: ما هي الدولة العربية التي احتضنت المساكين الفلسطينيين والقيادة الفلسطينية بعد مأساة لبنان وما وقع في لبنان من تشرد ومن قتل ومن ذبح، كما وقع لهم في.. في أيلول الأسود في الأردن؟ يا سيدي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: علشان.. علشان بورقيبة يقول لهم..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي هذا ما..
أحمد منصور: ألم أقل لكم منذ العام 65 تعالوا أويكم..
الطاهر بلخوجة: مرحباً، يا سيدي هم اختاروا، اختاروا.. يا سيدي اسمح لي. هذه معناها.. هذا..
أحمد منصور: كنت وزيراً للإعلام عندما..
(9/176)
الطاهر بلخوجة: كنت وزيراً للإعلام، آه يا سيدي، أولاً هذا هو أساس.. أساس السياسة التونسية بفلسطين أن كون "أهل مكة أدرى بشعابها"، وكان.. كنا نقول ذلك..
أحمد منصور[مقاطعاً]: القضية الفلسطينية عمرها قضية العرب مش قضية الفلسطينيين.
الطاهر بلخوجة: استنى علشان.. لا.. لا.. سأقول.. استنى أنت..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كل الحروب قامت من أجل فلسطين.
الطاهر بلخوجة: خليني أحكي لك.
أحمد منصور: مافيش حرب قامت من أجل دولة عربية.
الطاهر بلخوجة: عندك حق، سأحكي لك شو معناها على أنه أنتم يا فلسطين اختاروا سياستكم ومعناها سلوككم وأنا مع.. ونحن معكم، لا نفرض عليكم سلوك وهذا الموضوع هو للعرب أرادوا أن يتاجروا بالقضية للفلسطينيين ويفرضوا معناها حلولاً للفلسطينيين، والفلسطينيين كانوا معناها في الوحدة وكان الحروب ما بين الدول العربية ودولة إسرائيل، هذا الموضوع لا أبداً، إحنا موقف.. موقف تونس دائماً يا سيدي اختاروا أنتم الفلسطينيين وإحنا معكم ويقول إذاك أيضاً أن المسؤولية الكبرى والأولى للدول المجاورة لفلسطين، كان نفس الشيء بالنسبة للجزائر المجاورة لتونس.
أحمد منصور: كانت تونس.. كانت تونس..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. ولهذا..
أحمد منصور: مصيدة.. مصيدة لتصفية الزعماء الفلسطينيين الحقيقيين.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا استنى.. لا.. لا استنى.. استنى نكمل هذا، لا.. لا.. لا..
أحمد منصور: قُتل أبو إياد، قُتل أبو جهاد..
الطاهر بلخوجة: لا ما تخرج هكذا..
أحمد منصور: في العام 64 قصف حمام الشط من قبل الإسرائيليين.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا ما تخرج من الموضوعات هكذا بالصفة هذه، لا يا أستاذ.. لا.
أحمد منصور: مما يعني أن تونس كانت بلد مخترقة بشكل أساسي من قبل الموساد الإسرائيلي.
الطاهر بلخوجة: يا سيد.. سأكمل لك.. ترمي لي معناها حجارة وأنا ما نقيم معناها الحجارة ولا أعطيك..
(9/177)
أحمد منصور: لا.. لا يا معالي الوزير أنا بأرمي لك تفاح وورد وياسمين.
الطاهر بلخوجة: ترمي حجارة.
أحمد منصور: أنا لا ألقي حجارة لا.. لا..
الطاهر بلخوجة: ترمي حجارة في الوادي.
أحمد منصور: دايماً بأرمي لك ورد وياسمين..
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي ولهذا.. ولهذا لما اختار الفلسطينيون المجيء إلى تونس رحبنا بهم يا سيدي، وأقول لك أنا كنت وزير الإعلام.
أحمد منصور: يعني كانت تونس مكان مصيدة لتصفية القضية الفلسطينية؟
الطاهر بلخوجة: لأ، شوف.. يا سيدي هذا.. في هذا معناها الموضوع أصله معروف فلسطين أنا كنت وزير داخلية وأعرف ها الموضوع هذا وباشرته هذا، الفلسطينيين في تونس كانوا هم حريصين على أمنهم بصفة خاصة ولا يريدون أي معناها أمن قريب منهم خارجي..
أحمد منصور: أمن الدولة نفسه.
الطاهر بلخوجة: أمن اسمع.. اسمع.. أمن.. أمن..
أحمد منصور: اختراق الحواجز الإسرائيلية واختراق المجال الجوي لتونس لضرب الطائرات..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. يا سيدي هو أنت عندك هذا..
أحمد منصور: هو الفلسطينيين مسؤولين عن هذا؟
الطاهر بلخوجة: لا شوف يا سيدي.
أحمد منصور: أنتم دولة احموا أمنكم.
الطاهر بلخوجة: ربما الخطأ الوحيد الذي أعترف به وأقوله هو كونه، وقلت أنا أن كونه أبو إياد قال لي في داري في منزلي، في الحمامات معي أن.. لأن إحنا جمَّعنا الفلسطينيين في حمام الشط جمعناهم..
أحمد منصور: علشان إسرائيل تصطادهم..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، لا لازم أقول لك أبداً ما كان واحد يفكر إذاك أن إسرائيل ستأتي من إسرائيل لتقصف تونس.
أحمد منصور: كيف.. كيف معالي الوزير؟
الطاهر بلخوجة: لا أبداً.. أبداً، ماكانش فيه.. أنا أقول لك، إحنا ربما.. ربما قصرنا في ذلك، ولكن لما قال لي أبو إياد إذا.. إذا واصلتم تجمعنا كذلك في حمام الشط ستأتي إسرائيل وتقصف..
أحمد منصور: وجاءت وقصفت في..
(9/178)
الطاهر بلخوجة: أنا.. أنا.. أنا شخصياً.. أنا شخصياً قلت أبداً، قلت أنت بتخرف أبداً، كيف أنت تخمن هذا؟ هذا أخطأت في التفكير، قلت له أبداً، إسرائيل مش تأتي من إسرائيل وتقصف تونس إذا يكونوا موجودين.. موجودين ما يكونوش في حرب معها.. وبعيدين عنها، و(...) الناس معناها الفلسطينيين.. بعض الآلاف معناها مسالمين، ما قلت أبداً بذلك..
أحمد منصور: فيه عجز تام عن حماية الفلسطينيين.
الطاهر بلخوجة: فيه عجز تام، لأنه كانت موجودة الغواصات، وموجودة غواصات.. معناها في البحر الأبيض المتوسط، شو يكون يتحكم فيها، يعملوا ما يشاؤوا، وهذه هي قوة إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط، هي كونه أن كل الأسلحة وكل الغواصات كلها في خدمة إسرائيل إلى الآن، هذا واقع لازم نعترف بيه على مر الأيام ولا.. ولا ذنب لنا ولا.. ولا إمكانية لنا ولهذا لسوء الحظ معناها جاءت إسرائيل وقصفت.. وقصفت على أساس أنها لو كانت قصفت إسرائيل وكانت سبعين.. سبعين ميل.. سبعين ميل، من غرب كان فيه بعض التونسيين لسبعين ميل، لحد ما.. وكانت لأنها أيش عملنا كانت.. كنا.. كنا طالبنا مجلس الأمن ليقول كلمته.. وكانت..
أحمد منصور: ده اللي إحنا فالحين فيه.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا كان مجلس الأمن اسمع يا سيدي لا والله..
أحمد منصور: مجلس الأمن والأمم المتحدة..
الطاهر بلخوجة: والله كان لبورقيبة موقفه الرجولي إلى أقصى درجة، نادى للسفير الأميركي قال له إذا تصوتوا مع إسرائيل هادي المرة، وما نعرفه أن أميركا كانت تصوت كل مرة مع إسرائيل، وفيتو وكانت تستعمل الفيتو مع إسرائيل في كل مرة، إلا هذه المرة، قال لهم إذا كان هادي المرة تستعملوا الفيتو ضد تونس، أنا أقطع علائقي مع تونس، وصداقتي قد تموت مع أميركا، ولأول..
أحمد منصور: طبعاً، الصديق.. الصديق اللدود.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، نعم يا سيدي.
أحمد منصور: من الحرب العالمية الثانية.
(9/179)
الطاهر بلخوجة: والحمد لله على كونه، ولأول مرة لم تستعمل أميركا الفيتو، وكان معناها واحتفظت بصوتها وكان.. وكان معناها التصويت في الأمم المتحدة ضد إسرائيل 66%، 66%..
أحمد منصور: شيء من الإقرار بما قامت به إسرائيل.
الطاهر بلخوجة: على كل، على كل، معناها كل شيء نسبي يا أستاذ.
أحمد منصور: في بداية الستينات.
الطاهر بلخوجة: إحنا مش ممكن.. مش ممكن.. مش نيجي نقولوا في قضية إسرائيل، شو يكون.. شو يكون كان اجتهادات، كان اجتهاد كثيراً، ولا ذنب للدول العربية، ولا ذنب لأي كان، ولكن قلنا اجتهادات ربما وكان.. وكان.. وكان يا سيدي كنا ضعفاء الحال.
أحمد منصور: هو ذنب الشعوب.
الطاهر بلخوجة: ضعفاء الحال مادياً وضعفاء الحال سياسياً، وضعفاء الحال معناها وكان وكانت قوة إسرائيل وقوة الغرب غاشمة واستغلتنا واستعملتنا العرب، وهذا هو.. هذا واقع هذا ما رضيناه.. ما رضيناه، هذا ما.. ما فيه أساس أن كون ممكن أن نقل وأن نجزم أن لم تكن أي خيانة من أي دولة عربية ومن أي زعيم عربي بالنسبة للقضية الفلسطينية ولم يكن ذلك، كان هنالك فشل، كان هنالك سوء تدبير، كان هنالك سوء تفكير، كان هنالك، ولكن لم.. لم نسجل، وهذا شيء كبير في التاريخ، لم نسجل أي خيانة بالنسبة لأي مسؤول عربي، ولأي دولة عربية بالنسبة لفلسطين وبالنسبة للقضايا العربية كونه على أشياء (...) على مر الأيام.
أحمد منصور: في بداية الستينيات دخلت تونس مرحلة اقتصادية جديدة فيما عرف باسم العهد الاشتراكي الذي قاده أحمد بن صالح، الذي اعتبره بورقيبة وزيراً متميزاً، أنت كنت مديراً لمكتب بن صالح طوال العام 67.
في الحلقة القادمة نتحدث عن التجربة الاشتراكية في تونس وفشلها، وآثارها على اقتصاد تونس إلى الآن.
الطاهر بلخوجة: طيب الله يبارك فيك.
أحمد منصور: أشكرك معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: الله يبارك فيك، شكراً.
(9/180)
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/181)
الحلقة5(9/182)
الثلاثاء 14/4/1423هـ الموافق 25/6/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 14:32(مكة المكرمة)،11:32(غرينيتش)
الطاهر بلخوجة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق - الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
23/06/2002
- تجربة تونس الاقتصادية الاشتراكية في الستينيات
- تعيين أحمد بن صالح وزيراً لست وزارات وفشل التجربة
- محاولات بورقيبة لتزعم الدول الأفريقية
- مخطط بن صالح للإصلاح الاقتصادي
- أحداث 26 يناير 69 وتقييم تجربة بن صالح
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة، مرحباً معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: شكراً.
تجربة تونس الاقتصادية الاشتراكية في الستينيات
أحمد منصور: في بداية الستينيات دخلت تونس تجربة اقتصادية اشتراكية استمرت إلى نهاية الستينيات تقريباً.
الطاهر بلخوجة: تقريباً.
أحمد منصور: وجرت أزمات طاحنة على البلاد، كان أحمد بن صالح في نهاية الخمسينيات وزيراً للصحة، وبعد ذلك كان من المقربين جداً من بورقيبة، وطرح مشروعه للإصلاح الاقتصادي، فدعمه بورقيبة، ولاَّه في البداية وزارة، ثم وزارتين، ثم ثلاث وزارات، ثم خمس وزارات دفعة واحدة، وأصبح كما كان يطلق عليه "الوزير السوبرمان"، كل شيء عنده من التربية الوطنية إلى الاقتصاد والتخطيط إلى غير ذلك، أنت عُينت مديراً لمكتبه في العام 67 إلى أن أصبحت في 7 يونيو 67 مديراً عاماً للأمن الوطني، شهادتك على تلك المرحلة من خلال كونك كنت مديراً لمكتبه، كيف بدأت فكرة التعاضديات كما تُطلق عليها بالتونسية أو التعاونيات، أو التجربة الاشتراكية، وعملية التأميم التي تمت في بداية الستينيات؟
(9/183)
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي في الستينيات كانت كما يقول الموضة أو معناها المعمول به كانت.. كانت الستينيات كانت عشرية التخطيط في كل بلدان الدنيا، حتى في البلدان الغربية بالنسبة حتى.. حتى الجنرال (ديجول) نفسه يقول.. ويقول والله معناها التخطيط هو واجب مقدس ولا محال، لهذا مش شيء جديد بالنسبة لتونس أن.. وخاصةً بالنسبة للبلدان النامية والذين.. مازالت كيف استقلت، إحنا استقللنا عام 56، واستكملنا استقلالنا إلى.. مازلنا ما استكملناش استقلالنا مازالت بنزرت ومازالت ومازالت الأراضي، بالذات كذا، البلدان الإفريقية كذلك مازالت كيف خرجت من الاستعمار، دخلنا التخطيط هذا عبارة على أساس أن كونه التخطيط، وربما الأساس لخلاص هؤلاء.. هذه البلدان الضعيفة..
أحمد منصور: طبعاً هناك فوارق أساسية.
الطاهر بلخوجة: فوارق أساسية.
أحمد منصور: بين ما.. ما يخططه الآخرون، وبين ما يخطط في الدول العربية.
الطاهر بلخوجة: ويا سيدي.. ويا سيدي..
أحمد منصور: هم أيضاً خرجوا من حرب عالمية ثانية مدمرين منهكين، كانت دولهم محتلة، لكنهم نهضوا لأنهم يعملون لصالح شعوبهم.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح، ولكن على كل معناها كيف تكون في جو معناها عام يساعدك على هذا، هو في الحقيقة هو يا سيدي عام 60، ولكن إحنا أرى هو موضوع التعاونيات وموضوع الاقتصاد وموضوعة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف كان وضع تونس الاقتصادي بدايةً في تلك المرحلة؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، كنا إحنا الموضوع هذا الاشتراكي وغير ذلك كان يلف حوله الموضوع السياسي وموضوع الحكم، أكثر منه من موضوع سياسي وموضوع تجاه الحكم أكثر من موضوع اقتصادي..
أحمد منصور: كيف؟ وضِّح لنا هذه النقطة.
الطاهر بلخوجة: أنا.. يا سيدي، سنة 55 في نوفمبر 55 كان إذاك الأزمة اليوسفية في أقصى معناها في بدايتها.
أحمد منصور: الصراع بين بن يوسف وبين بورقيبة.
(9/184)
الطاهر بلخوجة: الصراع بين بن يوسف، وبدأت الأزمة، وخرج بن يوسف عن الحظيرة معناها إذا.. إذا صح القول، وكان المؤتمر في.. في صفاقس مؤتمر الحسم، الذي سيحسم بين بورقيبة وصالح بن يوسف، وكان بن صالح إذاك في المؤتمر، وكان بن صالح ذلك وراءه اتحاد الشغل، المنظمة الشغيلة العتيدة بعد أن.. أن.. أن أُغتيل فرحات حشَّاد.
أحمد منصور: أحد المنظمات الرئيسية في تونس إلى أن دُمرت بعد ذلك.
الطاهر بلخوجة: أحد.. المنظمة الرئيسية الأولى.. المنظمة.. المنظمة الرئيسية مش أحد.
أحمد منصور: يعني كان هناك 3 أجنحة: جناح السلطة، الاتحاد التونسي العام للشغل، والحزب.
الطاهر بلخوجة: صحيح، وكان منظمات أخرى مهنية، أما هو كان بالنسبة لـ..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن دي الأجنحة الثلاثة الفاعلة فيها.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح، وجاء.. وفي ذلك الأمر وافق كان.. كان بن صالح ساند بورقيبة ضد بن يوسف، سانده سياسياً، ولكن في نفس الوقت طلب بن صالح، وقدم للمؤتمر.. قدَّم إذاك معناها مشروع اقتصادي ومشروع اشتراكي، ومشروع تعاضدي، فقال له بورقيبة طيب يا سيدي، هذا مش وقته هذا، إحنا جينا في مؤتمر سياسي، ويعني نحاسب معناها سياسية، قال له نشوف بعدين الموضوع.. الموضوع الاقتصادي، ولهذا من.. من نوفمبر 59، من نوفمبر 55، وكان بن صالح ومعه وقتها أحد.. أحد أعضاء معناها.. أقرب الناس ليه، طيب.. طيب على كل، عام 56 قبل ما أقل من عام، وهذا تظهر معناها الغاية السياسية، قبل من عام كان مؤتمر اتحاد الشغل، مؤتمر المنظمة التي يرأسها بن صالح في ذلك المؤتمر أُقر ذلك المشروع الذي قُدِّم لمؤتمر الحزب أقره مؤتمر اتحاد الشغل، طيب بقول القائل طيب هذه معناها معقول، لا أفهم معناها غايات معناها اقتصادية، عندها برنامج.. ولكن.. ولكن مع ذلك.. مع ذلك أقر المؤتمر بأن يطلب كتابياً ورسمياً من الحزب الحاكم السياسي الوحدة العضوية (unitee organic).
(9/185)
أحمد منصور: يعني أيه وحدة عضوية؟
الطاهر بلخوجة: وحدة عضوية معناها وحدة عضوية بين اتحاد الشغل وبين الحزب حتى يصبح الحزب حزب عمال، اندماج الشغل.. اتحاد الشغل مع الحزب، واسم الحزب حزب عمالي وحدة سياسية.
أحمد منصور: اشتراكي..
الطاهر بلخوجة: اشتراكي من حزب عمالي وكانت.. كان المطلب رسمي وكتابي بالنسبة للحزب ورفضه من غير شك الحزب.
أحمد منصور: طبعاً.
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا عام 56.
أحمد منصور: الذين يقفون وراء مصالح الحزب والاستفادة منه يرفضون الذوبان في أي كيان آخر.
الطاهر بلخوجة: من غير شك.. من غير شك، لأنه معناها السؤال الذي تسأل من سيذوب في الآخر، هل اتحاد الشغل سيذوب في الحزب أو الحزب سيذوب في اتحاد الشغل؟ والأرجح إذاك أن اتحاد الشغل كان.. أن.. أن النية في.. في ذوبان الحزب في اتحاد الشغل..
أحمد منصور: إذابة الحزب.. طبعاً، نعم.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي هذا عام 56..
أحمد منصور: لأن دي أحزاب.. أحزاب السلطة عادة هي مجموعة من المنتفعين يلتفون حول الزعيم..
الطاهر بلخوجة: آه هذا.. صحيح.
أحمد منصور: ويستفيدون من الكيان دون وجود أي أرضية شعبية.
الطاهر بلخوجة: صحيح ويريدون السلطة.. صحيح.
أحمد منصور: صحيح، وأنت كنت جزء من الحزب.
الطاهر بلخوجة: أي نعم سيدي، أنا وقت هذا.. يا سيدي طيب أنا لو وضع، أنا ما ممكن أن نتنكر إليه ما نتنكرش هذا.. لأنه كنا معناها.. كان عندنا زعيم وعنده شرعية وجاب الاستقلال، ومعناها وما بيجيب الاستقلال وعنده وكنا وراهم، وراهم على قلباً وقالباً، ورجالاً ونساءً ومنظمات وحزب وهذا موضوع..
أحمد منصور: كله طبعاً..
الطاهر بلخوجة: آه طيب، هذا لا يا سيدي ولا.. وكان معناها أنا الحقيقة أنا، كان عندنا عنفوان الانتماء إلى.. الانتماء إلى..
أحمد منصور: الانتماء إلى المصالح.
(9/186)
الطاهر بلخوجة: الانتماء إلى.. مش إلى المصالح إلى.. إلى.. إلى معناها رؤية إلى معناها غاية سياسية، وكنا صغار.. وكنا صغار..
أحمد منصور: هو كان فيه رؤية، دا كل يوم فيه اتجاه.
الطاهر بلخوجة: لأ وقتها كنا صغار السن نحنا من غير شك وكنا معناها، على كل بعد اتحاد الطلبة، كنت أنا وقتها في اتحاد الطلبة ومشينا اتحاد الطلبة كنا مع بورقيبة على أساس أن كونه بورقيبة كان..
أحمد منصور: على أساس هو اللي هيوصلكوا للزعامة..
الطاهر بلخوجة: على كل.. على كل هو.. على كل يا سيدي هذا عام.. عام 60.. عام 60 بدأ الموضوع على أساس –كما قلت سيادتك- على أساس أن كونه سُمي معناها عُين هو قبل.. قبل السنتين سامحني عام 59، إحنا كنا عام 59 كان مؤتمر.. مؤتمر الحزب في (سوسة) وسميناه مؤتمر النصر لأنه جاء بعد الاستقلال، وترشح بن صالح في عضوية الحزب، وكان حزبي.. كان رئيس منظمة الحزب وفشل، أفشلوه، مش فشل أفشلوه، الجماعة اللي كانوا يحتاطوا، مش لازم أسميهم من الحزب..
أحمد منصور: طبعاً لأن كان نفوذه كان كبير.
الطاهر بلخوجة: لأ.. لأ احتاط الجماعة (….) أكثر منه، احتاطوا منه، قالوا اقعد أنت في اتحاد الشغل وخلينا إحنا في الحزب..
أحمد منصور: من كان وراء هذا؟
الطاهر بلخوجة: لأ، على كل حال مش لازم نسمي الأسماء، على كل حال..
أحمد منصور: مضى 1.. 42 سنة معالي الوزير..
الطاهر بلخوجة: 42 سنة والله والأساسي هو كان مدير الحزب إذاك عبد المجيد شاكر وأنا كان هو في اتحاد الطلبة و.. وعمل بنفسه وجماعته في ذلك وأفشل أحمد صالح، والأساسي أن حرب..
أحمد منصور: حرب مصالح..
الطاهر بلخوجة: أنا.. حزب.. مصالح الحزب.. مصالح الحزب.. مصالح..
أحمد منصور: ونفوذ.. ونفوذ..
الطاهر بلخوجة: وكان بورقيبة لم يرتضي بذلك وكان..
أحمد منصور: كان يريد.. كان يريد لبن صالح..
تعيين أحمد بن صالح وزيرا لست وزارت وفشل التجربة
(9/187)
الطاهر بلخوجة: كان يريد لبن صالح أن يدخل الحزب وكلَّف.. أنا قلتها في.. كلف الكاتب الخاص بتاعه أقرب الناس ليه علال العويطي إذاك بإجراء بحث وكان على علال العويطي أن يدَّعي.. يدعو معناها عبد المجيد شاكر ويسأله كيف معناها صار كذا، وعلى كل.. ولكن المؤتمر قرر.. قرر وكان فاشل وكان لم.. مع ذلك بورقيبة عام.. في أوائل الستينات أو أواخر 59 سامحني في التاريخ، فأراده في الديوان السياسي..
أحمد منصور: وزيراً..
الطاهر بلخوجة: لأ، فأراده عضواً في الديوان السياسي الحزبي..
أحمد منصور: عضواً في.. هو كان وزير في ذلك الوقت.
الطاهر بلخوجة: لأ، قبل أن يكون الوزير، فأراده.. يمكن ولي وزير، والله سامحني.
أحمد منصور: ولاه وزير صحة 57، 59.
الطاهر بلخوجة: يمكن وزير صحة، سامحني سبق وكان وزير صحة سامحني على كل..
أحمد منصور: كان وزارتين أيضاً، مش وزير صحة بس.
الطاهر بلخوجة: هو مش طلع خدها كان وزير فرضه على أساس أن كونه هو ما.. ما ارتضى أنه يفشل وكان لربما عنده هو.. عنده غايات معه، فنظروا في الحزب كعضو في الديوان السياسي وولاه بن صالح عضو في الديوان السياسي بدون أن يُنتخب في المؤتمر في مؤتمر (سوسة)، طيب..
أحمد منصور: لكن يُقال إن محمد الصياح هنا كان على منافسة شديدة مع بن صالح.
الطاهر بلخوجة: بعدين، مش وقتها..
أحمد منصور: بعد الستينات.
الطاهر بلخوجة: بعد الستينات، عام ستين ولى –كما قلت لسيادتك- أحمد بن صالح رئيس ووزير ست.. لست وزارات.. ست وزارات.
أحمد منصور: ما هي؟
الطاهر بلخوجة: التخطيط، والمالية، والاقتصاد، والتجارة والفلاحة.
أحمد منصور: والتربية الوطنية.
الطاهر بلخوجة: والتربية الوطنية على أساس التربية الوطنية هي اللي مش تكون إطارات للتخطيط.
أحمد منصور: سدس أو خمس مقاعد الوزارة.
(9/188)
الطاهر بلخوجة: ستة مقاعد وزراء.. ستة مقاعد وزراء، مع كتاب دولة مساعدين وغير ستة مقاعد وزراء، وكان لبورقيبة أنه قال طلب منه ذلك قال خذ.. خذ كل شيء، الأساس هو النجاح، وحتى كلمة اشتراكية إذاك وغير ذلك.
أحمد منصور[مقاطعاً]: ما معنى ذلك؟ إن رئيس دولة..
الطاهر بلخوجة: لأ رئيس دولة.
أحمد منصور: يولي واحد ستة وزارات، كل وزارة محتاجة خمسة وزراء.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، اسمع بالنسبة لبورقيبة هذا ربما من حسناته ومن سيئاته..
أحمد منصور: يعني فيها حسنات!!
الطاهر بلخوجة: لا.. لا خليني أفسر لك.
أحمد منصور: الشكل دا فيه حسنات؟!!
الطاهر بلخوجة: خليني.. فيه حسنات، حسنات وعلى أنه يعطي ثقة كاملة عنده غاية The right man in the right place يأخذ شخص ويعطيه مهمة منظمة في الوقت في.. في الغاية ويعطيه كل شيء.
أحمد منصور: لكن التجربة تدل على غير ذلك.
الطاهر بلخوجة: لأ.. لأ.. لأ، مش التجربة أبداً.
أحمد منصور: تجربة بن صالح تحديداً تدل على غير ذلك.
الطاهر بلخوجة: أعطاه.. أعطاه كل شيء، ولكن فشل بن صالح، كيف فشل؟ دا رجعة له معقول، أول مرة طلب من ستة وزارات قال له تفضل أعطاه كل شيء وأعطاه ثقة كبيرة...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هذا برهان على..
الطاهر بلخوجة[مستأنفاً]: على أيش قلت لك أنا فيه حسنات.. على أيش قلت لك أنا فيه حسنات؟ لأنه هذا.. هذا سيقع مدة عهد بورقيبة كله، وأدى.. جاب لنا مع.. ما شاء الله من المشاكل، وخاصة..
أحمد منصور: وزارة التخطيط كان مسؤوليته.
الطاهر بلخوجة: أستاذ أحمد سامحني.
أحمد منصور: قل لي مسؤوليات الوزارات علشان نعرف حجم المسؤولية اللي تحملها بن صالح في تلك المرحلة، كان وزير للتخطيط مسؤولية وزارة التخطيط..
الطاهر بلخوجة: نعم يا سيدي، مسؤولية وزارة التخطيط هو.. هو الإعداد المخطط للسياسة الاقتصادية والاجتماعية وتمويلها وإمكاناتها وكيفية تحقيقها.
(9/189)
أحمد منصور: الوزارة الثانية وزارة الاقتصاد.
الطاهر بلخوجة: الوزارة.. وزارة الاقتصاد هو كل ما يخص الاقتصاد الوطني والتمويل والأمور، وفيما يخص سياستنا الاقتصادية عامة.
أحمد منصور: ثالث وزارة.
الطاهر بلخوجة: ثالث وزارة المالية، هو إدارة المال.. إدارة المال كاملة والتجارة.
أحمد منصور: والرابعة.
الطاهر بلخوجة: هي وزارة التجارة الخارجية والتجارة الداخلية وغير ذلك، ووزارة الفلاحة هي كل معناها ما يخص الزراعة، إحنا نقول وزارة الفلاحة هي وزارة الزراعة، والتربية القومية كل ما يخص معناها تربية النشء الجديد.
أحمد منصور: يعني الآن بن صالح سيطر على كل شيء، أمال كان بقية الوزراء بيعملوا أيه؟!!
الطاهر بلخوجة: يا سيدي بقية..
أحمد منصور: كان باقي وزير الداخلية، ودا طبعاً رجل الرئيس.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أخذه.. أخذه معه وزير الداخلية، تحدث في.. هو بقية الوزارات كانوا معناها قريبين له، ومن غير شك هذا.. هذا هو الاستحواذ.
أحمد منصور: وكان هذا.. كانت (وسيلة) غير راضية عن هذا النظام.
الطاهر بلخوجة: والله يا سيدي شوف، (وسيلة) لو نرجعوا لها في هذا، وسيلة ذكية، كانت تمشي مع الرئيس.. فين.. فين الرئيس فين هي، فين الرئيس موجود هي موجودة معاه.
أحمد منصور: يعني كانت في ظله.
الطاهر بلخوجة: ولما يتراجع الرئيس تتراجع معاه، وقتها وتبين لك كيف.. كيف تراجع ضد بن صالح.
أحمد منصور: لكن فيه جملتين اثنين.
الطاهر بلخوجة: لما تراجع بورقيبة عن بن صالح.
أحمد منصور: فيه جملتين في كتابك في النهاية قارنت بين بورقيبة وجيهان السادات، وقلت إن جيهان السادات.
الطاهر بلخوجة [مقاطعاً]: بين.. بين مرات بورقيبة وجيهان السادات..
أحمد منصور: آه بين.. بين (وسيلة) عفواً وجيهان السادات.
الطاهر بلخوجة: وسيلة مش بورقيبة عفواً.
(9/190)
أحمد منصور: قلت إن جيهان السادات كانت في ظل زوجها وتدفعه، أما وسيلة فكانت بمحاذاة زوجها وأحياناً تسبقه.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي المفيد هو الدفع، المفيد هو النتيجة، كيف تدفع الرئيس، لما نرجع لهذا ونحكي في هذا كل.. كل بجانب.
أحمد منصور: إحنا هناخد حلقة كاملة –اسمح لي- عن (وسيلة) لأن يقال، بتوصف أنك أحد وزرائها المقربين.
الطاهر بلخوجة: نعم يا سيدي، وأتشرف بذلك وكنت من أقربائها ولأنني كنت واقعي، لأني أعرف أن زوجة الرئيس عندها مكانتها.
أحمد منصور: حلقة كاملة عن وسيلة.
الطاهر بلخوجة: ماذا تحكي فيها؟
الطاهر بلخوجة: ودورها، لأن هي لم تكن امرأة عادية في السياسة العربية وليس في السياسة التونسية فقط.
الطاهر بلخوجة: صحيح، صحيح، فيها.. فيها معناها نجحت في بعض الدول.
أحمد منصور: أعود الآن إلى بن صالح وإلى تجربته وإلى الست الوزارات التي كان يتولاها.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. على الـ 6 وزارات الوكيل وإلى غير ذلك، ولكن لم.. لم يقطع نعم بالـ 6 وزارات فقط
أحمد منصور: كمان.
طاهر بلخوجة: أنا إذاك.. أنا إذاك وقتها مشيت إلى.. إلى.. ذهبت إلى..
محاولات بورقيبة لتزعم الدول الأفريقية
أحمد منصور: كنت سفيراً لمدة من 61 إلى 66، كنت سفيراً في داكار لـ6 أو 7 دول أفريقية.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: يعني كنت.. يعني مسؤول عن المنطقة الإفريقية الغربية كلها، غرب أفريقيا كلها كنت مسؤولاً عنها.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح.
(9/191)
أحمد منصور: وكان أحلام بورقيبة بالزعامة في تلك المرحلة كان لأنه فقد الأمل في المشرق لأن عبد الناصر يسيطر عليه ففكر في المغرب وفي أن يكون له امتداد إفريقي قبل الذي فكر فيه الرئيس القذافي الآن في الامتداد الإفريقي، بورقيبة فكر في الامتداد الإفريقي في بداية الستينيات، وقمت أنت بترتيب رحلة أو جولة طويلة لبورقيبة في العام 65 في مجموعة كبيرة من الدول الإفريقية، حتى يحظى بزعامته وبنفوذه في تلك المنطقة.
الطاهر بلخوجة: ولما لا؟ ولما لا؟ ألا يعقل
أحمد منصور: أنا لا أنتقد هذا، ولكن..
الطاهر بلخوجة: لا.. لم يعقل أن رئيس دولة لا يسعى بأن يكون له صيت ونفوذ واحترام.
أحمد منصور: يعني فعلاً كان بيسعى أن يكون زعيم للمغرب الإفريقي؟
الطاهر بلخوجة: لا مش زعيم لا لا، إفريقيا..
أحمد منصور: لما لا؟ ليس قليلاً عليه، يعني مقارنة مع عبد الناصر من حقه أن يتزعم.
الطاهر بلخوجة: في إفريقيا ما فيهاش زعامة، إفريقيا ما فيهاش زعامة، المشاكل اللي فيها ما فيهاش زعامة فيها..
أحمد منصور: زعيم المشاكل.
الطاهر بلخوجة: ليش وين، لا يا سيدي ليش به؟ ليه؟ حق من حقوقه، بيش يكون هو.. معناها رجل، يا سيدي هو أساس بورقيبة أنا قلت إنه أساس بورقيبة هو راجل معناها عظيم وقدير وتونس صغيرة، صغيرة كان مخنوق في تونس.
أحمد منصور: ودي.. ودي طبعاً كانت عاملة له خنقة كبيرة جداً،
الطاهر بلخوجة: إش يكون
أحمد منصور: كان بيشعر إن تونس ديه يعني إن هو أكبر من أن يحكم تونس
الطاهر بلخوجة: أي نعم.. صحيح، صحيح، كان يشعر صحيح.
أحمد منصور: وإنه يجب إنه يكون زعيم لـ4/3 العالم العربي
الطاهر بلخوجة: صحيح، ألف مرة صحيح، صحيح وكان مخنوق، وكان يريد أن يخرج من ها الوحدة هذه وأن ما
أحمد منصور: وإن عبد الناصر دا عامل له حلقة في الزور في المنطقة الأفريقية
(9/192)
الطاهر بلخوجة: لا، عبد الناصر.. لا لا.. عبد الناصر.. عبد الناصر أولاً شوف، هو يعرف الشرق هو سافر الشرق سنة 45، 40 و45، ويعرف الشرق
أحمد منصور: وعاش في مكتب المغرب العربي في مصر.
الطاهر بلخوجة: وعاش في مكتب المغرب العربي، معناها إيش، وعنده معها أسطورات في هذا ويحكي لنا كيف 43 مثلاً في.. في 46
أحمد منصور: هي حياته كلها أساطير، نعم..
الطاهر بلخوجة: 46.. الحكاية من 46 كيف هو جاء للجامعة العربية لعزام باشا وقال له جايين ندرس قضية تونس في الجامعة العربية، وحكاها لنا هو عدة مرات قال له عزام باشا إحنا مشتغلين بفلسطين وهذه كلمة.. والمشغول لا يشغل، دائماً كان يعودنا فيها، بعد سنة أدرجت القضية التونسية في الجامعة.. في الجامعة العربية.
أحمد منصور: أعود إلى زعامته لإفريقيا ومحاولته
الطاهر بلخوجة: لا.. لا مش زعامته هو كان..
أحمد منصور: محاولته الزعامة..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي لو لم يكن له قبل 65 صيتاً وإحتراماً من طرف إفريقيا لما كانت تنجح زيارته في إفريقيا، لأنه هو ما بين.. ما بين 65 وإلى 65 ما بين 10 سنوات نمى بصفته الخارقة للعادة صداقاته مع إفريقيا المعتدلة، كما نمى صداقته مع البلدان العربية المعتدلة، هذا لا شك فيه، كان لا.. كان يكره الانقلابات العسكرية، وكان ضد تدخل معناها عبد الناصر مثلاً في اليمن، وضد تدخل عبد الناصر مثلاً في.. في.. في (دُفار) في عُمان، وكان ضد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عبد الناصر ما تركش مكان ما تدخلش فيه، لم يترك مكاناً لم يتدخل فيه.
الطاهر بلخوجة: آه، طيب على كل.. على كل حال، بورقيبة هذا موقفه.
أحمد منصور: كان زعيم المشرق.
(9/193)
الطاهر بلخوجة: زعيم المشرق، ولهذا خلاه زعيم المشرق، وخلاه في مشاكله في.. في المشرق، ويعرف إنه ما عنده صيت في الشرق، ورمى (…) عبد الناصر هو وجماعته في.. في الشرق، ونظراً معناها أن الشرق صعب، مش زي إفريقيا، أفريقيا سهلة، صعب، ودخل، وجاء لإفريقيا وأنا كنت في نطاق 10 سنوات كانت عنده صداقات كبيرة، ومعناها مع الدول المعتدلة نظمت له تلك الزيارة مادامت شهراً كاملاً، شهراً كاملاً وهو في زيارة رسمية من موريتانيا إلى النيجر، في شهر نوفمبر.. نوفمبر 65، 65، وكان زيارة في معناها بعد هذا بالنسبة لإفريقيا وهو كونه مع غير هذه، والله أنا عديت فيها في 5 سنوات، وتعبت فيها كثير، لأنه معناها سفير في.. في 6 أو 7 بلدان مش سهل، ولكن كان أحلى ما.. ما.. ما ما عشت أنا.. في إفريقيا لأنهم الناس كانوا.. كانوا بسطاء..
أحمد منصور: أصقلتك التجربة وأضافت إلى تجربتك في فرنسا.
الطاهر بلخوجة: التجربة، وكانوا مسلمين.. كانوا مسلمين، كانوا مسلمين بأتم معنى الكلمة، معناها رغم أنها كان ثمة طرق صوفية وشوية كذا، شوية مع التيجان وشوية موجودين في.. في.. في داكار وعشت معها في موريتانيا، ولكن كانوا معناها مسلمين، وكانوا رغم اضطهاد 100 سنة استعمار فرنسي في إفريقيا، كانوا متشبثين بإسلامهم معناها خارق للعادة رغم (المعاناة)، وكان معناها والجوامع اللي موجودة عندهم ونظافتهم، شيء كبير، معناها أنا أعطيك حتى مثال، أنا كان مثلاً رئيس الجمهورية.. رئيس جمهورية السنغال (سانجور) هو.. هو الحقيقة هو عائلته مسلمة، ولكن كان تربى في (جوال) في جزيرة (جوال) مع.. مع.. مع (mission) معناها مع بعثة...
أحمد منصور: تبشيرية.
(9/194)
الطاهر بلخوجة: بعثة تبشيرية، وتمسح ولَّى مسيحي، ولّى رئيس جمهورية مسيحي، يا سيدي يوم العيد الكبير، يوم العيد الكبير يوم عيد الأضحى، كنا نمشي السفراء إلى.. إلى معناها عيد الأضحى سموه.. يسموه في السنغال (تابسكي) (تابسكي)، وكان ييجي (سانجور) وهو مسيحي، وبييجي الوزراء المسيحيين ونقعد في المنصة، وننزل إحنا السفراء المسلمين ونمشي نصلي صلاة عيد الأضحى، ويبقى (سانجور) يترقبنا بالساعة حتى نرجع ويسلم علينا، معناها اعتباراً لأن تلك البلاد مسلمة، ويصبح اعتبار ذلك، وإذا معناها.. هذا معناها الشيء الذي هذا تم مثلاً في هذا، أنا عشت في داكار مثلاً شيء آخر معناها أمور.. أمور طفيفة دقيقة ولكن ما فيه بأس عليها، أول.. أول ما سميت سفير في داكار 61، كان السفير الإسرائيلي موجود، أول شيء عمله السفير الإسرائيلي شو؟ أنه.. أنه.. أنه حول السفارة الإسرائيلية إلى معبد.
أحمد منصور: كنيس يهودي.
الطاهر بلخوجة: إلى كنيسة يهودية، وكل سبت كل اليهود اللي موجودين أكانوا في سفارات أجنبية أو كانوا في جهات أجنبية أو كانوا، مهما كانوا أو في بعثة ثقافية أو معلمين، كلهم يجوا معناها فضلت سفارة يهودية...
أحمد منصور: طبعاً ناس أصحاب قضية.
الطاهر بلخوجة: أصحاب قضية، يتعبدوا من جهة ومن جهة ثانية يتسيسوا، يتسيسوا
أحمد منصور: طبعاً، يجيبوا الأخبار.
الطاهر بلخوجة: يجيبوا الأخبار، ويتسيسوا، هادول هذا معناها بالنسبة للبلدان هذيك معناها السنغال أو بالنسبة لموريتانيا التي زرناها، وموريتانيا عنده فضل كبير لأن بورقيبة.. بورقيبة كان عنده.. عنده ضغوط كبيرة.. كان عنده الضغط معناها السنغال لأنه فعلاً الحدود بتاعه كان عنده بعض السود الذين موجودين.
(9/195)
أحمد منصور: هناك علامات استفهام كثيرة على كل الزعماء الأفارقة الذين جاءوا في أعقاب الاستقلال، والذين لازال كثير منهم يحكمون حتى الآن، من أنهم لم يكونوا سوى صنيعة للاستعمار أو بديلاً له، وبالتالي فإن دولهم لم تخرج من الكوارث ومن الأزمات الاقتصادية ومن الأوضاع المادية السيئة رغم غنى هذه الدول حتى الآن، لكنها في تبعية كاملة ثقافياً واقتصادياً وحتى في العملة بالنسبة لفرنسا التي استعمرت أكثر من نصف الدول الإفريقية.
الطاهر بلخوجة: عندك ألف حق في هذا، ولكن أقول.. أصحح ذلك بأن أولئك الزعماء لا ناقة لهم ولا جمل. يا سيدي.. يا سيدي
أحمد منصور: يعني مجرد.. مجرد ناس موجودة بتقوم بدور.
الطاهر بلخوجة: على (….) يا سيدي اسمع أفريقيا.. ما يسمى بالفرنسية يقولون Lapalkanisasion البلقنة.
أحمد منصور: نعم.
الطاهر بلخوجة: البلقنة وتقسيمها.
أحمد منصور: هنا فرنسة.
الطاهر بلخوجة: لأ، تقسيم.. تقسيم الأرض، تقسيم البلاد، لأن فيه قبل.. قبل معناها الاستقلال كان يسمى أفريقيا الوسطى وأفريقيا
أحمد منصور: الغربية.
الطاهر بلخوجة: الغربية، وكانت أفريقيا الغربية فيها عديد من البلدان.
أحمد منصور: صح.
الطاهر بلخوجة: المالي وموريتانيا والسنغال و.. وغير ذلك، وأفريقيا الوسطى والأخرى كان فيها.. جاءت فرنسا وهذا معناها الذنب الكبير لفرنسا والإدارة السياسية لا مثيل لها، معناها وتحاسب.. أنها قسمتها، رغم أن الناس كانوا في نفس القبيلة، نفس القبائل موجودين ومفرقين، قسمتها، مالي شي، موريتانيا شيء، معناها السنغال شيء، ساحل العاج شيء وإلى غير ذلك، (Lapalkanisasion) هذه كان أولاً السبب الأول لضعف تلك البلدان لأفريقيا وأنا عشتها
(9/196)
ثم ثانياً: كان –كما قلت سيادتك- أي كيف.. كيف؟ كان معناها الاستعمار الفرنسي دام معنا حتى الثمانينات، والامتصاص معناها تلك الدول الأفريقية كان كاملاً، وكانوا هم معناها عبارة على.. على.. على عبيد، على خدمة وغير ذلك، هذا معقول منه، ولكن هذا لا يمنع بأن رؤساء دول كيف ولد داده أو كيف سانجور ولا كانوا وطنيين، ولكن ما كانوش ربما عندهم الجدوى الكاملة في سياستهم وغير ذلك، ولكن ضعفاء الحال في.. في جميع الأمور.
أحمد منصور: لم يفعلوا شيئاً ذا فائدة لشعوبهم.
الطاهر بلخوجة: أيوه، ولكن طيب لشعوبهم، ولكن.. ها الحالة.. هل.. هل يا سيدي وقتها آن وسؤال عديد من المواطنين ومن الشعوب إخوان، فأين العرب؟ أين العرب؟ أين إخواننا المسلمين؟ لماذا معناها ما يجوش يعاونونا؟ و.. ولا أقول لأقرب شيء ثاني، أنا أقول بعد.. بعد
أحمد منصور: فالمشغول لا يُشغل، مشغولين بالمؤامرات على بعض.
الطاهر بلخوجة: لا يا سيدي وإن قيل لا.. لا أقول لك، كما قيل لي مثلاً تفاوض لي وفي الإجازة يقوم لي غرقنا بالكتب.. بالقرآن وغرقنا بالجوامع وغير ذلك، الأساس، هم جاءوا يا سيدي وعاونونا وادخلوا معانا في شراكة اقتصادية، وما المانع؟ ما المانع بيش يدخلوا البلدان العربية بأموالهم من الآن؟
أحمد منصور: أموالهم من الدول الغربية.
الطاهر بلخوجة: وأقول إلى الآن، ومازال الوقت أن تدخل البلدان العربية في تلك البلدان المسلمة القوية رغم فقرها وإلى غير ذلك، و.. وتتنافس مع الشركات الأخرى الأجنبية وتكون لها شراكة و.. ولأن الناس هادوكها معانا. يا سيدي وقت إسرائيل كل تلك البلدان رغم وجود سفارات إسرائيل كانت معنا.
أحمد منصور: قطعت علاقاتها بـ..
الطاهر بلخوجة: وإسلامها معناها صحيح، ورجال معناها قريبين لينا، معناها إنها (….) منا الأمور.
أحمد منصور: أعود إلى
الطاهر بلخوجة: أنا أتحدث بذلك لأني أنا عشت سبع سنوات مع هادول، وعرفتهم وحبيتهم الحقيقة.
(9/197)
مخطط بن صالح للإصلاح الاقتصادي
أحمد منصور: أعود إلى مارس 63 أُعلن عن.. أحمد بن صالح عن المخطط العشري الذي سيُخرج تونس من التخلف والفقر إلى النعيم والتقدم، وبدأ المخطط الثلاثي من 63 إلى 66 وتغير اسم الحزب من الحزب الدستوري إلى الحزب الاشتراكي الدستوري، وعدت أنت في 66، وفي العام 67 عينت مديراً لمكتب أحمد بن صالح.
الطاهر بلخوجة: هذا طويل عريض.. طويل عريض الكلام في هذا، اسمح لي عشت..
أحمد منصور: الآن أنت أصبحت مدير مكتب الوزير السوبر مان، 6 وزارت وأنت مدير مكتبه.
الطاهر بلخوجة: قبل ما نولي مدير..
أحمد منصور: مدير ديوانه..
الطاهر بلخوجة: صحيح.. أنا أحكي لك يعني أيش، قبل ما أولى أنا مدير مكتبه فيه قصة طويلة لم أتشعب في خطة طويلة.
أحمد منصور: ممكن نختصرها.
الطاهر بلخوجة: نختصرها، سامحني، ولكن أعيد مرجعي للتاريخ –يا سيدي- التاريخ عشر سنوات تحب نحكيه في دقيقة مش ممكن، معناه..
أحمد منصور: في عشر دقائق، كل سنة بدقيقة
الطاهر بلخوجة: عشر دقائق. يا سيدي أنا بعدما خرج.. بعد ما خرج بن صالح عام 60 وأخذ 6 وزارات استحوذ على البقية الباقية.
أحمد منصور: كيف؟
(9/198)
الطاهر بلخوجة: كيف؟ اتحاد يا سيدي الصناعة والتجارة، واتحاد الأعراف غيّر المسؤول عليه، كان معناها راجل، معناها مناضل قديم، الفاشيلي بن الحاج عمار غيره.. راجل من رفقاء بورقيبة القُدم، غيره وجاب واحد تاني، كان معناها الاتحاد الطلبة.. اتحاد الطلبة كذلك مد يده عنه وقال اتحاد الطلبة أن الجامعة لخدمة الاشتراكية، ثم جاء مؤتمر الحزب عام 64.. مؤتمر الحزب أي عام 64 ولى مؤتمر اشتراكي، هو.. هو أول مؤتمر الحزب هو المؤتِمرِين، يكونون من المتعاضدين.. من المتعاونين، وآخر الوقت جاء وبدل.. تغير الاسم معناها بتاع الحزب، والله حزب اشتراكي، وهو ومحمد.. والمدير الحزب هناك، ولي حزب معناه ماشي معناها، وعام 65 كان نفس الشيء بالنسبة لوزارة الداخلية، هو الذي عين أو الذي ساند وزيراً للداخلية إذ إذاك معناها حتى تكون كل شيء في يده، لكن هو لا..
أحمد منصور: لكن وزير.. وزير الداخلية كان مقرباً من وسيلة جداً، وكانت وسيلة حريصة بشكلٍ دائم على أن يكون منصب وزير الداخلية من نصيبها هي.
الطاهر بلخوجة: لأ، وزير الداخلية أنا كنت وقتها إذ إذاك، مش وقت 65، 65 كانت.. كانت.. كانت.. بالنسبة لـ65 كان المفروض أن يكون وزير الداخلية بعد موت السيد المهيري كان يكون وزير الداخلية مدير الحزب.. مدير الحزب، لأن
أحمد منصور: نعم، كان الطيب المهيري من أقرب المقربين إلى وسيلة
الطاهر بلخوجة: أيوه متى؟ إلى متى؟ كان يا سيدي أول وزير داخلية.. أول وزير داخلية كان المنجي سليم، انتقل المنجي سليم.. انتقل من إدارة الحزب إلى وزارة الداخلية.
أحمد منصور: نعم.
الطاهر بلخوجة: وبعدين جاء الطيب المهيري انتقل من إدارة الحزب إلى وزارة الداخلية.
أحمد منصور: من إدارة الحزب إلى وزارة الداخلية.
الطاهر بلخوجة: ثم عام 65 مات الطيب المهيري وكان مديراً لحزب عبد المجيد شاكر، وكان محمد الشاكر المرشح المعقول الطبيعي أن يكون وزير داخلية.
(9/199)
أحمد منصور: نعم.
الطاهر بلخوجة: وفرض ابن صالح واحد ثاني كوزير داخلية أخرى.
أحمد منصور: من هو؟
الطاهر بلخوجة: باجي قابسيسيو
أحمد منصور: آه، نعم باجي قابسيسو
الطاهر بلخوجة: وهذا قابسيسيو كان وزيراً.. وزيراً للداخلية، وبذلك معناه استحوذ على البلد كله، طيب، ولكن يا سيدي.
أحمد منصور: وسيلة كانت تدعمه في تلك المرحلة أيضاً.
الطاهر بلخوجة: والله وسيلة هي كانت تدعم.. كان لها.. معناها.. ربما هذه من الأمور الخاصة بها كانت جماعة العاصمة وجماعة تونس تؤيدهم ربما أكثر من (…)، لأنهم هم بنفسهم كانوا يعتبروا أرواحهم هدايك الأساس بالنسبة لهم.
أحمد منصور: لكنها بدأت تخشى منه بعد ذلك حينما بدأ يتوجه لتأميم أملاك عائلاتها.
الطاهر بلخوجة: مش كلها أملاكها بتأميم عائلات بورقيبة؟
أحمد منصور: أملاك عائلة وسيلة، أحمد بن صالح
الطاهر بلخوجة: لا.. لا ما فيش تأميم
أحمد منصور: حينما بدأ يعني.. عملية التأميم بدأت تنال حتى الفلاحين والبسطاء.
الطاهر بلخوجة: التأميم، لا أبداً.. أبداً، ولا كانت فداء عن الجماعة، بل هي الجماعة هي.. أبداً.. أبداً، هو المشكلة هي..
أحمد منصور: كان ليها أملاك، كانت من عائلة ثرية بورجوازية.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي المشكل هو.. لأن المشكل بتاع بن صالح وهو فشلنا في التعارف يجب نفهم هذا، أن ما فرضناه على الشعب لم نفرضه على الكبار. يا سيدي عام 63 بدأنا
أحمد منصور: لكن.
الطاهر بلخوجة: بـ63 بدأنا في.. في.. في الإصلاح التجاري، قلت أنا في الفترة الأخيرة الإصلاح التجاري على أي أساس؟ عام 63.. 63 الإصلاح التجاري قررنا أننا.. أن لا ولا ممكن أن.. أن يتواجد الدكاكين التجارية وصغار التجار تدخل في تعاضدية تجارية بتجارتهم.
أحمد منصور: جمعية تعاونية.
الطاهر بلخوجة: تعاونية.. تعاونية، وما عادش عندهم معنى التجارة، لأن التاجر الصغير كان
أحمد منصور: طيب بصفتك..
(9/200)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي كان يبات في.. في الدكان، وكان يبيع بالعشرة جرامات، وكان ضعيف الحال، تخرجه أنت من.. من لقمة عيشه وتحطه في تعاونية ما يتبشر، ضاع
أحمد منصور: معالي الوزير بصفتك أنت كنت مديراً لمكتب ابن صالح.
الطاهر بلخوجة: دا قبل.. قبل هذا كله، وقبل..
أحمد منصور: اسمعني من قبل ما
الطاهر بلخوجة: من قبل كل..
أحمد منصور: يعني قرابة ما يزيد عن عام كامل، ممكن توجز لنا أفكار بن صالح وتطبيقاته التي قام بها، والتي أدت إلى الانتكاسة الاقتصادية الكبرى؟
الطاهر بلخوجة: أي نعم، أي
أحمد منصور: باختصار.
الطاهر بلخوجة: باختصار التجارة..
أحمد منصور: في مجال التجارة.
الطاهر بلخوجة: التجارة أمم التجارة.. تأميم التجارة.
أحمد منصور: أمم التجارة، كل الشركات التجارية.
الطاهر بلخوجة: كل الشركات والتعاونيات، ما عادش استيراد كله.
أحمد منصور: معنى ذلك هروب رؤوس الأموال الغربية والشركات الدولية من تونس.
الطاهر بلخوجة: لأ.. لا.. لا هذا.. لا.. لا، من دون هذا معناها هم صغار.. صغار التجار دخلوا..
أحمد منصور: كمان حتى صاحب دكان بيبيع بعشرة، أمم دكانة
الطاهر بلخوجة: أي نعم يا سيدي دخل.. أي نعم يا سيدي دخل في التعاونية الدكاكين.. حتى الدكاكين ما عادتش موجودة، وخاصة منهم الجماعة الجوربان من جماعة صالح بن يوسف ما عادوش موجودين، كله دخل، هذا.. هذا الموضوع
أحمد منصور: فدَّمر حتى الأملاك الصغيرة للناس.
الطاهر بلخوجة: أملاك.. و.. و.. وفي.. وفي.. بالنسبة لتأميم الفلاحة نفس الشيء، عام 64.. عام
أحمد منصور: الفلاحة.. ضم كل الأراضي الزراعية اللي عنده فدان واتنين وأربعة.
(9/201)
الطاهر بلخوجة: عام 64 كان تأميم الأراضي، وأخذنا الأراضي من.. من.. من المزارعين الفرنسيين، وأخذناهم وأجبرنا الفلاحين الصغار الذين حول.. اللي حول تلك الأملاك الفرنسية بأن يدخلوا التعاونية والتعاضدية في العائلة الأخرى وماتت الفلاحة الصغيرة، مات الفلاح الصغير وقلت أنا عام 64 يا سيدي عام 64 الحادثة الأولى الدموية التي باتت فيها وكانت الانتفاضة الأولى في مساكن لما.. لما معناها.. لما قررنا بأن نقلع الزيتون، 80 ألف عود زيتون ونعوضهم بأشجار مثمرة، والأعواد الزيتون نعرف أن كون التونسيين هذاك عنده شجر والآخر عنده زيتونة، لأن العقلية التونسية..
أحمد منصور: والزيتونة لها مكانة عند أهلها في تونس وعند.. وفي فلسطين وفي كل مكان..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي معناته أنت تفك الزيتونة.
أحمد منصور: لأنها تعمر مئات السنين.
الطاهر بلخوجة: أنت تقوم في الصبح تلقى على الزيتون بتاعك شرط بالدهن الأحمر حتى تقلع من الغد كيف ما بتكونش انتفاضة، وكانت انتفاضة شعبية وما.. و.. وفي ذلك اعتبر أن كانت النقلة الأولى أو بالنسبة..
أحمد منصور: لكن بورقيبة لم يغير شيء.
الطاهر بلخوجة: لا، عام 64 قال بورقيبة إذاك بعد حوادث مساكن قال: إحنا ليس.. لا.. لا نكن ضد الملكية وقام الباهي الأضغم إذاك وقلت، قام الباهي الأضغم..
أحمد منصور: القضية الأساسية إن كانت..
الطاهر بلخوجة: وعمل الخطاب في مجلس الأمة.
أحمد منصور: كان رئيس الوزراء.
الطاهر بلخوجة: أيوه، وقال إحنا مع الثورية.
أحمد منصور: إنما النقطة الأساسية..
الطاهر بلخوجة: ولكن مع الثورية في المبدأ، ولكن في أسلوبنا لازم أن نكون معناها متدرجين.
أحمد منصور: يُقال إن الباهي الأضغم كان بيأخذ دائماً مواقف وسطى، يعني ما كان بيسعى إنه يتصادم مع بن صالح ولا مع رئيس..
الطاهر بلخوجة: والحمد لله أحسن.. أحسن، من غير شك لأنه معناها، هذا كان.. كان واحداً، كان..
(9/202)
أحمد منصور: أحسن إزاي؟! زعيم أو مسؤول بدون ما يكون إنسان حاسم وصاحب قرار.
الطاهر بلخوجة: كان بمثابة.. لا يا سيدي.. كنت.. كنا.. كنا..
أحمد منصور: يعني موظف، رئيس وزراء موظف.
الطاهر بلخوجة: لا يا سيد.. تورطنا..
أحمد منصور: بيشوف الدنيا ماشية إزاي يمشي وراها.
الطاهر بلخوجة: مش تمشي يا سيدي، البلد تورطت من 61 في الموضوع هذا..
أحمد منصور: اتورطت مسؤولية مين يا معالي الوزير؟
الطاهر بلخوجة: آه، مسؤوليتنا كلنا جميعاً رئيس الدولة والوزراء وورطنا بن صالح في ذلك وتورط الحزب في ذلك وقامت القيامة وتورطنا في الداخلية واستسلمت الداخلية إذا تراجعوه في موضوع الأمن..
أحمد منصور: هأجيلها وأنت وزير للداخلية.
الطاهر بلخوجة: استسلمت وزارة الداخلية بولاتها المحافظين بتاعها وبأمنها العام وأصبحت تكذب ولا تقول الحقيقة، وكنا.. كان كل رئيس كان وقتها لما يزور بلاد يجوا لبير الفارغ ويملؤوه ماءً ويقولوا البير الارتواز.. الارتوازي هذا، كانوا يوريهم معناها غلال ويقولوا يا سيدي هذه الغلال هذه من التعاضدية والغلال اشتريت من الماركت الأساسي.
أحمد منصور: هذه الخدع ليست في تونس وحدها في كل مكان.
الطاهر بلخوجة: آه، ولكن أنا أحكي على.. على تونس.
أحمد منصور: نجد التليفزيون بيصور حدائق لا نهاية لها وهي أشجار مقتلعة من مكان ومحطوطة وهتموت بعد ساعتين.
الطاهر بلخوجة: آه، صحيح.. صحيح.. يا سي.. يا سي أعود لك..
أحمد منصور: كنتم تفعلون ذلك.
الطاهر بلخوجة: نفعلون ذلك وأكثر من ذلك، ولسوء الحظ هذا.. هذا واقع أمامكم..
أحمد منصور: يعني دايماً.
(9/203)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي هذا تاريخ بعد 50 سنة لازم نقول الحقيقة وأقول أنا في.. بعد انتقادات بس في الناس قالوا.. كيف أنت تقولها، وكيف أنت تكون وحدك، وتقول لهم، لا يا سيدي، أنا بعد أربعين سنة أنا أعمل (....) بتاعي وأقول أنا كنت مسؤول معكم، ولكن لسوء الحظ هذا الموجود ورجالنا والجيل الجديد لازم نعرف أيه حقيقة الأمر، حتى على الأقل تعاد الأمور.
أحمد منصور: دُمرت التجارة البسيطة الصغيرة.
الطاهر بلخوجة: ودمرت الفلاحة.
أحمد منصور: دُمرت الفلاحة، على مجال الصناعة..
الطاهر بلخوجة: على مجال الصناعة يا سيدي ماكنتش عندنا صناعة.
أحمد منصور: ما كنش عندكوا صناعة.
الطاهر بلخوجة: أكثر من هذا كونَّا صناعة ربما في مبدئها صحيح، مثلاً صناعة الحلفا في القصرين لأن كان عندنا حلفا.
أحمد منصور: وعندكوا زيتون تقدروا تعملوا صناعات وعندكم..
الطاهر بلخوجة: ثم كانوا عندنا.. لا.. لا زيتون ولا، عندنا مثلاً صناعة.. صناعة الشركات السياحية، ولكن تبين في عام 70 لما خرجنا من التعاضد أن كل الشركات هاذيك الأساسية الصناعية كانت فالسة مثلاً الفوسفات في صفاقس في (قابس) كانت في.. أساساً هو الأصل شوف يا سيدي العيش، الأصل أن نرجع من العيش، اسمعني شوي دقيقة فقط، هو كونه المبدأ صحيح، والرجال الذين طبقوا كانت لهم غايات سياسية دون الاقتصاد، هذا الأساس، وزيادة عن ذلك لأنه وقت اللي بدأنا في.. في وقت..
أحمد منصور: بعد الدمار دا كله بتقول لي المبدأ صحيح؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا..
أحمد منصور: بعدما سقطت الشيوعية والاشتراكية وكل شيء وتقول لي المبدأ صحيح؟!!
(9/204)
الطاهر بلخوجة: لا هذا.. لا مبدأ وقتها.. وقتها، آنذاك وقتها.. وقتها كنا معناها كانت آمال، ماكنش هذا في بالنا، كانت آمال على التخطيط أن.. لأن.. وأكثر من ذلك، أن في عام.. في عام يا سيدي في عام 60 مع توليه الوزارة بن صالح كان لنا مكتب أجنبي فرنسي يعد لنا التخطيط، كان يديره أساتذة من جامعة ليون مسيو (فرانسوا بيرو) و(دوجر نيس).
أحمد منصور: يعني هم اللي غرقوكوا؟
الطاهر بلخوجة: لا، هم نفس هادوما يا سيدي هم نفس الشيء كونوا عندنا في تونس، كونوا مكتب ثاني، نفس المكتب في الجزائر، وكونوا مكتب ثالث نفس المكتب في السنغال، على أساس إعانتنا على إعداد المخطط وكان هذا إعداد.
أحمد منصور: على أساس استعماركم اقتصادياً.
الطاهر بلخوجة: على كل حال، إعداد.. لا.. لا والله لكانوا..
أحمد منصور: واستمرار التبعية الاقتصادية لفرنسا.
الطاهر بلخوجة: والله كانوا.. لا والله كانوا هم اقتصاديين ويمكن كانوا غالطين، أكثر من هذا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أنت في عام..
الطاهر بلخوجة: أكثر من هذا يا سيدي دقيقة فقط، أكثر من هذا البنك العالمي بنك (mondial) البنك العالمي..
أحمد منصور: البنك الدولي.
الطاهر بلخوجة: البنك الدولي.. الدولي في عام 60 قررت أن تكون تونس مخبر بالنسبة للاشتراكية والتعاون ونحنا.. وأعطتنا الأموال فلذلك..
أحمد منصور: المستعمر الاقتصادي.
الطاهر بلخوجة: إذا استعملت..
أحمد منصور: أداة الغرب في الاستعمار الاقتصادي.
الطاهر بلخوجة: إحنا على كل حال دخلت وعاونتنا ولسوء الحظ عام 68 ظهر لنا كل شيء فسد..
أحمد منصور: أنت في العام 67 كنت مديراً لمكتب بن صالح، كيف وجدت الأمور تُدار؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: معنى مدير لمكتب بن صالح يعني مدير للدولة، للنظام الأساسي في الدولة لست وزارات، للرجل الأول في السلطة بعد بورقيبة، وليس رئيس الوزراء.
(9/205)
الطاهر بلخوجة: لأ، ماكنتش معناها لأ كنت مدير ديوانه على أساس أنه.. لأنه بعد 64 وفي 65 في زيارته بورقيبة إلى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أيه المشاكل والأخطاء التي وجدتها؟
الطاهر بلخوجة: وقت اللي جاء بورقيبة في 65 لأفريقيا تحدث عن الاشتراكية في السنغال التي أدت إلى الانقلاب، مع ضد.. أنها محاولة انقلاب محمد ضياء ضد (سانجور) وهذا التاريخ يقوله، وتحدث عن الليبرالية، مع ساحل العاج وقت إذاك وتبين له أن وتحير نوعاً ما، وأتى بي وفرضني نوعاً ما كمدير ديوان كرئيس ديوان، مش.. ماكنش عندنا مديرية، كرئيس ديوان على.. على بن صالح، ولكن ما.. ما أمكن أن أفعل شيء إذاك.
أحمد منصور: كيف كانت علاقتك ببن صالح؟
الطاهر بلخوجة: كان وقتها كانت علاقة طيبة على أساس أنا كنت أحكي له حقيقة الأمور نوعاً ما وكان معناها هو بأيده معاه احتياطاته الكاملة، لأن كنت معناها دخيل.
أحمد منصور: كان يشعر أنك دخيل عليه من الرئيس؟
الطاهر بلخوجة: دخيل هو وجماعته دخيل..
أحمد منصور: طيب عزلوك؟
الطاهر بلخوجة: لأ، عزلوا.. لأ ما ممكن يعزلوني لأني فرضت نفسي أنا، كانوا..
أحمد منصور: حاولوا أن يعزلوك.
الطاهر بلخوجة: معناها.. كنت ملحق بالديوان لأن أنا دخلت من الأول.
أحمد منصور: يعني جيت بالبراشوت من عند الرئيس.
الطاهر بلخوجة: براشوت نعم، كنت ملحق.. كنت ملحق بالديوان وعزلوني، توليت مدير ديوان فرضت أن كل المراسلات تعدي على مدير الديوان قبل أن تصل للوزير.. الوزير، واختبرت نفسي وصارت لي مشاكل كبيرة وغيرها، إلى أنقذني.. أنقذتني معناها الحرب الإسرائيلية...
أحمد منصور: حينما وقعت هزيمة يونيو 67.
الطاهر بلخوجة: هزيمة يونيو 67.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إن الفترة اللي قضيتها في العام 67 رئيساً لديوان بن صالح كانت فترة صراعات بينك وبين من قبلك؟
(9/206)
الطاهر بلخوجة: لأ، مش صراعات ولكن ماكانش فيها فايدة كبيرة، لكن ما كانش عندي تأثير كبير وحاولت..
أحمد منصور[مقاطعاً]: شعرت في ذلك الوقت إن الدولة في اتجاهها إلى أن تنهار؟
الطاهر بلخوجة: آه، ما إحنا ذكرنا من غير شك وأنا قلت في الكتاب أنا كنت عندي بعض..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أنت قلت لي..
الطاهر بلخوجة: بعض العلاقات الطيبة مع وزير المال ومع كذا على أساس تذمر على.. على الأمور وكانت معناها الإخوان المسؤولين أخذوا مواقف هذه أخذوا موقف عام.. عام 64 والحبيب (….) أخذ موقف عام 66 وأحمد المستيري كان معناها من غير شك مواقف طيبة وأحداث كانت..
أحمد منصور: استمر بن صالح في منهجه والدولة كانت مستمرة في الانهيار، عُينت أنت مديراً للأمن الوطني في 7 يونيو 1967.
الطاهر بلخوجة: معلش أنا 70 ومش على أساس مش على أساس تعضد، سميت في 67، كما قلت لك قبل The right man in the right place أنه حُرقت البلاد واعتبر بورقيبة وقتها.. استدعاني وقتها أن كونه لا فائدة في التعاضد وفي الاقتصاد الأصلي وحماية البلاد ونظام البلاد، وكان يعتقد يعني قد أنني سأمسك الأمور أمنياً.
أحمد منصور: سآخذ معاك حلقة عن الأمن، أنت كنت مديراً للأمن لفترة ليست بسيطة ووزير للداخلية كمان والأمن في تونس، تونس دولة بتوصف إنها دولة أمنية مش وصفي أنا.
الطاهر بلخوجة: أنا دولة.. دولة.. منظمة..
أحداث 26 يناير 69 وتقييم تجربة بن صالح
أحمد منصور: توصف إنها دولة أمنية وبصفتك أنت أحد القائمين على الأمن لفترة ليست بسيطة، سأتناول مع الجانب الأمني، ولكن أنتهي من قصة بن صالح، في 26 يناير 69 أطلقت الشرطة النيران على الفلاحين في قرية الوردانيين..
الطاهر بلخوجة: أي نعم سيدي.
أحمد منصور: بعدما رفضوا التنازل عن الأراضي التي يملكونها.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
(9/207)
أحمد منصور: وقتل بعض هؤلاء الناس كان بورقيبة في سويسرا وأبلغه عبد الله فرحات اللي هو من الوردانيين وكان عضو في المكتب السياسي للحزبي عما جرى، فانتفض بورقيبة وشعر بعد.. أو أفاق بعدما يقرب من عشر سنوات إلى أن التجربة الاشتراكية التي دعم فيها بن صالح والتي سار وراءها سوف تُدمَّر البلاد.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. ألف صحيح، معناها يا سيدي، بدت الأمور كما قلت لك عام 64 في مساكن بالانتفاضة وكان فيها الأموات، وخُتمت في الوردانيين عام 69.. عام 69.. في يناير (Janvier) 69، بعدما خرجت أنا من الأمن، وكانت معناها كما قلت أُطلق لأن كان يا سيدي مع.. مع وزير.. مع وزير الست وزراء، كان إذاك معناها والي 3 ولايات، كان عندها والي، ووالي معناها هو المسؤول على قضية الوردانيين، كان عندها والي عنده ولاية (سوسة)
أحمد منصور: من هو الوالي؟
الطاهر بلخوجة: عمر شاشية.
أحمد منصور: آه؟
الطاهر بلخوجة: عمر شاشية اسمه.
أحمد منصور: هذا عُيَّن سفير بعد ذلك؟
الطاهر بلخوجة: كان.. كان سفير في قطر.
أحمد منصور: نعم.. نعم
الطاهر بلخوجة: كان عندكم سفير في قطر، كان مدير سجون
أحمد منصور: يعني تأتوا.. رجال الأمن معظمهم سفراء، يعني الدولة كلها قايمة على هذا الشكل
الطاهر بلخوجة: يعني على كل.. أخذها على كان قادر، معناها كان شيطان قادر بيش.. ذكي، كان.. كان عنده ود.. عمره ما ثار أبداً، كان عنده 3 ولايات، 3 محافظات، معناها.
أحمد منصور: إذا وزير معاه 6 وزارات، واحد 3 وزارات شوية عليه!!
الطاهر بلخوجة: يشتغل..، معناها.. عنده سوسة، والقيروان، و(نابل) هذا ثلثي
أحمد منصور: كم ولاية كانت في تونس؟
الطاهر بلخوجة: كان عندنا وقتها.. وقتها كانوا عندنا 15 ولاية تقريباً، أما الثلاثة ولايات همَّ الأساسيين هادوما.
أحمد منصور: خُمس الولايات.
(9/208)
الطاهر بلخوجة: أكثر من الخمس ولايات، هادول سوسة معناها الوسط التونسي كله نابل، الشمال والوسط كله، والقيروان معناها الجهة الأخرى، وهكذا
أحمد منصور: ما هي عزبة الرئيس بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: لأ، بطلب من بن صالح.
أحمد منصور: يولي من يريد و..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا، أبداً، والله يا سيدي وقتئذٍ وأقول هنا صراحةً
أحمد منصور: دولة قائمة على التعيين والإقالة والأوامر بالتليفون.
الطاهر بلخوجة: أنا قلت لك من أول مرة أن من أخطاء بورقيبة ومن حسناته، من أخطاء بورقيبة إنه يعطي ثقة عمياء في مسؤولين، وبن صالح كان معناها الفاتق الناطق في كل شيء يُعيِّن من يشاء ويبعث من يشاء، الأساس هو كونه –أعتذر- وكان نفس الشيء، وأنا أقولها لك ما بين قوسين، المشاكل والمآسي اللي صارت في البلاد، لأنه أعطى ثقة عمياء أيضاً في الوزراء الأول، ولم يحسنوا التصرف، وسنتحدث في ذلك.
أحمد منصور: طوال فترة حكمه لم يُعيِّن سوى ثلاثة فقط
الطاهر بلخوجة: آه فقط هو المدة هذيك.. هذه أساس
أحمد منصور: واحد 13 سنة، وواحد 10 سنين وبعدين.
الطاهر بلخوجة: هذا كانوا 30 سنة، هذا كان سنة، لأن هو
أحمد منصور: هو مش مهم هو معينه كم سنة، لأنه طالما إن بورقيبة هو الذي يدير كل شيء، فرئيس الوزراء صورة والوزراء موظفين.
الطاهر بلخوجة: والله.. بورقيبة كان.. بورقيبة كان يحكم وكانوا الآخرين يتصرفون، حقيقة كان بورقيبة كان يحكم من القصر، كان يحكم، ويفكر ويدبر، ويناور، وميكيافيلليزم)، وغير ذلك عنده
أحمد منصور: بالتليفون.
الطاهر بلخوجة: (ميكيافيلليزم) قالت معناها هاذيك المنشد الكبير (إندسيكولوبيديا)، فيه معناها كيف يقولوا (البورقيبيزم) البورقيبية، يقول هي الميكافيللية العربية، على كل هو كان ميكافيللي.
أحمد منصور: نعود إلى أحداث..
(9/209)
الطاهر بلخوجة: ولكن هو كان يا سيدي كان معناها يحكم، ولكن التصرف الأساسي معناها كان.. ولمحافظ المصاري.. ولمعناها..
أحمد منصور: نعود إلى أحداث 26 يناير، وكيف أن بورقيبة أصدر أوامره بعد ذلك بوقف عمليات الاستيلاء على أراضي الفلاحين بعدما رفض أهالي الوردانيين الاستيلاء على أراضيهم
الطاهر بلخوجة: نعم يا سيدي.
أحمد منصور: وبدأ الانقسام في الوزارة أو في الحكومة بناءً على التجربة بدأت عملية تقييم الآن للتجربة، حُلَّت وزارة الاقتصاد في 8 سبتمبر 69
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح
أحمد منصور: وعُزل بن صالح من جميع مناصبه في 7 تشرين نوفمبر 69.
الطاهر بلخوجة: صحيح وحُكم عليه.
أحمد منصور: وحُوكم بن صالح أمام المحكمة العليا.
الطاهر بلخوجة: هو وجماعته.. صحيح.
أحمد منصور: حُكم عليه في 24 مايو 1970 عشر سنوات سجن وعشر سنوات
الطاهر بلخوجة: أشغال شاقة.
أحمد منصور: أشغال شاقة، وكان بن صالح يعتبر نفسه ابن بورقيبة، كما كان بورقيبة يقول له، وكان يعتبر عملية سجنه هذه هي عملية مرحلية إلى أن طال به السجن إلى العام 73، فدبَّر محاولة للهروب، واستطاع أن يهرب إلى أوروبا عن طريق الجزائر.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: هل لعبت الجزائر دوراً في تهريب بن صالح؟
الطاهر بلخوجة: والله ما.. الجزائر كحكومة وكدولة لأ، أما.. أما تبين- وقلت أنا في كتابي- تبيَّن أن كان وقتها وزير الجزائري طالب إبراهيمي.. طالب إبراهيمي يعني كونه هو الذي أعان بن صالح على دخول الجزائر، ولكن إعانة فردية، إعانة شخصية، ما الجزائر كان.. يا سيدي، الجزائر بنفس هي الساعة هي بنفسها غرقت في التعاضد، وغرقت مع نفس المكتب في الاشتراكية..
أحمد منصور: الجزائر مأساتها كبيرة.
الطاهر بلخوجة: نعرف، ولو لم تكن معناه إمكانياتها النفطية وإمكانياتها المالية لصار ما صار فيها، لأن هي في الستينات.
أحمد منصور: أكثر من كده..
الطاهر بلخوجة: كمان
(9/210)
أحمد منصور: أكثر من حوالي 50 مليار ديون ووضع مأساوي بائس؟
الطاهر بلخوجة: لأ مش أكثر.. يا سيدي، إحنا.. الستينات كانت عندنا الاشتراكية مع بن صالح، وفي الستينات كانت الاشتراكية مع بومدين وعبد السلام في.. في.. في، وكانت الاشتراكية مجحفة أكثر، لأن كانت فيها الصناعة الثقيلة وإلى غير ذلك، وغطرسة الجزائر، ولهذا مش ممكن بيش الجزائر كحكومة، والجزائر عندها مصالحها وغير ذلك، وفشل بن صالح، لماذا تكون الجزائر هي بنفسها كدولة تقوم هي.. معناها؟ ما بأدري.
أحمد منصور: أنت عُيِّنت وزيراً للداخلية في أعقاب هروب بن صالح، وأُوفدت ضمن وفد يضم المصمودي وزير خارجية الهادي خفشة لأ كان الهادي خفشة كان هو وزير
الطاهر بلخوجة: لأ.. فشه.. فشه
أحمد منصور: فشه وزير الداخلية، والحبيب الشطي كان مدير المكتب الخاص بالرئيس، هؤلاء ذهبوا في أعقاب عملية الهروب إلى الجزائر في محاولة لتبين الموقف.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، إحنا عام وقت اللي هرب.. فرَّ معناها بن صالح إلى.. إلى الجزائر كان المصمودي ذهب إلى الجزائر حتى يستفسر الوضع، ورجع إلينا وقال أن.. أن الجزائريين معناها دخل بن صالح ولم يستفيقوا إلى ذلك، وخرج بن صالح إلى روما، هذا لم يُصدَّق من غير شك، وتبيَّن أنه لما دخل بن صالح معناها احتُضن نوعا ما، وطلب منه بأن يخرج تفادياً للمشاكل مع تونس، هذا الذي وقع، وفهم بورقيبة وفهمنا أن بن صالح معنى هذا من غير شك دخل الجزائر، والجزائريين ماحبوش يعملوا مشكل، ومشى على نفسه إلى روما، وخرج بن صالح إلى روما، هذا.. هذا الذي وقع.
أحمد منصور: كان هروب بن صالح إلى روما كان يمثل بالنسبة لبورقيبة عملية إحباط وكآبة، لأن كان بيعتبر ده نوع من الانكسار والهزيمة بالنسبة له، بن صالح صنعه بورقيبة من ألفه إلى يائه…
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: ثم كبر عليه
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: وحاول أن يدمره فالتقمه بورقيبه
(9/211)
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: ثم هرب وكانت عملية الهروب كانت ضربة قاتلة لبورقيبة.
الطاهر بلخوجة: لأ، مش ضربة قاتلة، ارتياح.. ارتياح لبورقيبة.. وارتياح لنا كلنا، لأنه كان قاعد في تونس
أحمد منصور: قِبل إن بورقيبة كان يُدبِّر لعملية اغتياله وبن صالح قرر الهرب لأنه خاف من عملية اغتيال
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، وقتذاك أنا قلت.. أنا قلت وقتذاك كان هو في.. في.. في السجن، بس الآن أنا سمعت بهروبه قبل الناس الكل، وأنا كنت سفير في جنيف إذاك خرج.. خرج وفين المشكل؟ بن صالح ما عادش يمثل شي، لأن يا سيدي
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت كان ليك مصادر دائماً دايماً داخل السلطة بتبلغك أحياناً بالأخبار قبل علم الرئيس؟
الطاهر بلخوجة: نعم، يا سيدي، والحمد لله على ذلك، كيف.. وزير الداخلية ما يكونش عندي خيوط؟ معقول هذا يكون عندي خيوط، وعندي رجال، وعندي..
أحمد منصور: قبل أن تكون وزير للداخلية، كان فيه أشياء كثيرة بتحصل
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، لا.. لا ما هو هذا صحيح، طيب ولكن معناها إنه (….) أنه ما يكونش معناها واحد معناها.. مُغلق على نفسه، متفتح نوعاً ما. على كلٍ يا سيدي، الموضوع ما كانش موضوع بين بن صالح وبورقيبة، كان الموضوعة ما بين بورقيبة وبن صالح والشعب من جهة ثانية، بورقيبة وبن صالح معاً والشعب من الجهة الأخرى.
أحمد منصور: وسيلة لعبت دور في إطار..
الطاهر بلخوجة: استنى.. الشعب.. والشعب في 69 أطاح.. معناها كان ارتاح لإطاحة بابن صالح، وخروج من.. من الحلم الضيِّق.. الحلم.. الحلم المؤلم.. المؤلم بتاع التعاضديات
أحمد منصور: لكن كلكم كنتوا شركاء فيه.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، كلنا كنا شركاء من غير شك، اسمع
أحمد منصور: وبورقيبة المسؤول الأول عن هذه التجربة.
الطاهر بلخوجة: أنا.. أنا قلت.. أنا قلت هي.. هي مسؤولية جماعية، ولكن في الأساس هي مسؤولية جماعة.
أحمد منصور: تقييمك أيه لتجربة بن صالح؟
(9/212)
الطاهر بلخوجة: والله التقييم..
أحمد منصور: أو التجربة الاقتصادية بالشكل اللي طبقها بن صالح على الشعب التونسي؟
الطاهر بلخوجة: لأ شركة.. شركة مش كانت مجدية على أساسها كونه لم يعتبر عقلية التونسيين.
أحمد منصور: هل تعتقد أن ما يعيش فيه التونسيين من وضع اقتصادي سيئ يعتبر امتداد لهذه التجربة أثَّرت عليه؟
الطاهر بلخوجة: لأ.. لأ.. لأ، تممنا التجربة ونسيناها ورجعت الأمور إلى مجراها بعكس.
أحمد منصور: عشر سنوات عاش الناس في وضع اقتصادي مطرد.
الطاهر بلخوجة: عشنا.. رجعت الأمور في السبعينات، ورجعت الأراضي للناس، ورجعت التجارة، ورجع لك شيء، ونسوا أحمد بن صالح، وتو وقت أحمد بن صالح وقت اللي يرجع يحكي على التعاونيات ما يسمعه حد، فات الموضوع، لا أبداً.. أبداً والحمد لله أنا كان.. كان قوس فتحناه عام 61، وأغلقناه عام 69
أحمد منصور: في 7 يونيو 1967 عُيِّنت مديراً عاماً للأمن الوطني في أعقاب مظاهرات صاخبة اندلعت في تونس ودمرت كثيراً من الممتلكات، وبقيت إلى نهاية العام 68، توليت وزارة الداخلية في مارس 1973، وبقيت إلى العام 78، وتُوصف بأنك واحد من أخطر وزراء الداخلية الذين تولوا الأمن في تونس
الطاهر بلخوجة: والله.. ربما
أحمد منصور: قضية الأمن في تونس قضية خطيرة للغاية اسمح لي تكون محور الحلقة القادمة
الطاهر بلخوجة: والله.. حاضر.. حاضر.. حاضر.. حاضر يا سيدي.
أحمد منصور: أشكرك معالي الوزير شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/213)
الحلقة6(9/214)
الاثنين 20/4/1423هـ الموافق 1/7/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 15:40(مكة المكرمة)،12:40(غرينيتش)
الطاهر بلخوجة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق - الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
30/06/2002
- تعيين الطاهر بلخوجة مديرا للأمن الوطني
- دور الأمن الوطني بين حماية النظام وحماية الشعب
- طبيعة العلاقات الأمنية بين تونس وأميركا
- توازنات بلخوجة بين التوجهات المختلفة في السلطة
- مظاهرات الطلاب سنة 1968 ومسؤولية بلخوجة عن تعذيب الطلاب
- عزل بلخوجة وسجنه بتهمة التجسس على المسؤولين
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة.
معالي الوزير، مرحباً بيك.
الطاهر بلخوجة: أهلاً وسهلاً، مرحباً.
أحمد منصور: الحوارات مع وزراء الداخلية ورجال الأمن صعبة، ليست سهلة.
الطاهر بلخوجة: وحتى أنت..
تعيين الطاهر بلخوجة مديرا للأمن الوطني
أحمد منصور: في 7 يونيو 1967 عُينت مديراً للأمن الوطني في تونس في أعقاب مظاهرات اندلعت بعد إعلان الهزيمة في العام 67، وأحرقت كثيراً من الممتلكات الأميركية واليهودية في تونس.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: كيف.. لماذا اختارك بورقيبة لهذا المنصب؟
(9/215)
الطاهر بلخوجة: والله اختارني بورقيبة.. اصطفاني بورقيبة، لأنه.. هذا والله من الشعور اللي كنت أنا أشعر به مع بورقيبة أنا كل مرة في.. في كل مشاكل معناها أنا أكون دائماً في الواجهة، وخلصتها بعض أحيان معناها غالياً، على كل اعتبر أن ربما كنت أنا من الناس ممكن أهل لهذه المسؤولية وقلت له أنا لما دعاني في.. في المساء، مساء اليوم الحادثة، في المساء نفسه لأنها حُرقت البلاد وكان طلب بأن يكون اجتماع دستوري وحزبي مع المنجي سليم مدير الحزب، وأحمد بن صالح نفسه، ما جاء أحد، لم يأت أحد إلى الاجتماع، ما تبين أن الفراغ، خليه فراغ كامل فراغ في الدولة، فراغ في الحزب، فراغ في الأمن، فراغ في كذا وغير ذلك، ولهذا أنا أعطيك مسؤولية الأمن وغير ذلك، قلت له: ما أنيش مؤهل لذلك، ما عنديش تجربة في هذا، أنا رجل كنت في الخارجية..
أحمد منصور: لم تكن رجل أمن أصلاً أم رجال النظام كلهم رجال أمن؟
الطاهر بلخوجة: لا.. هو مش رجال النظام، ولكن ربما.. هو كان عنده ثقة، ثقة لأنه ربما تخيل له أن.. أن البلاد معناها اضمحلت ومشت ويلوج في ذلك الحين المسؤولين يلوجوا أقرب الناس ليهم ربما، ربما، على كل.. على كل اصطفاني وبارك الله فيه، معناها وأتشرف بأنها.. بأن أكون في حسن ظنه هيك وغير هذا، ما ميزة بأقول له إحقاقاً للحق، ويقول معناها وطلبت منه بأن فسرت له الوضع، لأن كنت تجولت يومها وغير ذلك وأعطاني معناها مسؤولية لأول مرة ولآخر مرة، يعني ما تعاودت مسؤولية كاملة على الأمن.
أحمد منصور: يعني أيه مسؤولية كاملة؟
الطاهر بلخوجة: مسؤولية الأمن كله والحرس الوطني بنفس الوقت.
أحمد منصور: فين وزير الداخلية؟
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية عندهم، أنا معايا، أنا كنت مع.. أنا كنت مدير.. مدير عام الأمن وهو كان وزير، هو كان وزير وعضو الديوان السياسي، وأنا كنت مدير.. مدير أمن والداخلية..
(9/216)
أحمد منصور: يعني تعتبر أنت الرجل الأول المسؤول عن الأمن في البلاد الآن..
الطاهر بلخوجة: الأمن في البلاد، معايا الحرس وغير ذلك وأُعطيت منه الحرس الوطني وأعطاني الحرس.
أحمد منصور: الحرس الوطني دا اللي يُعتبر الجيش؟
الطاهر بلخوجة: لأ، هو اللي تابع الجيش.
أحمد منصور: يتبع الجيش.
الطاهر بلخوجة: كان في فرنسا يتبع الجيش. في السعودية مثلاً، ما عندكم الحرس الوطني اللي هو رئيسه معناها السلطات.
أحمد منصور: في السعودية؟
الطاهر بلخوجة: في السعودية.
أحمد منصور: الأمير عبد الله.
الطاهر بلخوجة: الأمير عبد الله.
أحمد منصور: ولي العهد، نعم.
الطاهر بلخوجة: الأمير عبد الله ومعناها.. أنه معناها جهاز.
أحمد منصور: ليس هناك جيش يعني؟
الطاهر بلخوجة: لا فيه جيش هذا، إحنا ولكن..
أحمد منصور: لا في السعودية ليس هناك جيش هو الحرس الوطني هو اللي يعتبر بمثابة الجيش.
الطاهر بلخوجة: هو.. هو اللي.. ولكن.. ولكن صرفوا ما شاء الله من الأموال في الجيش والطيران وفي..
أحمد منصور: فيه جيش قوي الآن هناك.
الطاهر بلخوجة: يا رب يتمم.. يا سيدي..
أحمد منصور: ما أنتم صرفتوا.. أنتم أصلاً ميزانية دولتكم كلها قائمة على الأمن.
الطاهر بلخوجة: إحنا.. أبداً، يا سيدي وهذه من الأمور الأساسية أنه من اختيارات المجدية، الخارقة للعادة ببورقيبة أن لم.. أن لم نصرف أموال في التسلح.. شوف.. شوف.
أحمد منصور: لأنه هو لا يريد.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا بالعكس، نقطة.. نقطة..
أحمد منصور: معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: لا نقطة.. نقطة معناها أساسية.
أحمد منصور: بورقيبة كان لديه رعب كبير من إمكانية قيام انقلاب عسكري عليه، لذلك حرص ألا يكون هناك جيش، وإذا هناك جيش لا يكون مسلح، بحيث إن هذا الجيش يفقد أي مقومات للانقلاب على الرئيس، وإذا فيه قوة مسلحة تكون قوة الأمن التي تحمي الرئيس.
الطاهر بلخوجة: ربما.. ربما، ربما..
(9/217)
أحمد منصور: لأ مش ربما، أقول أنت رجل دولة، وليس راجل دولة بسيط.
الطاهر بلخوجة: لأ ربما.. هذا أقول معلش..
أحمد منصور: رئيس.. قائد أمن.
الطاهر بلخوجة: خليني أقول لك.
أحمد منصور: وزير داخلية.
الطاهر بلخوجة: خلينا نعطيك.
أحمد منصور: ووزير إعلام ومن أبناء بورقيبة كما كان يصفك.
الطاهر بلخوجة: أنا أعطيك رأيي، ربما هذا صحيح، ولكن مع هذا.. هذا صحيح وخوفه من الكلام كان معناها يخاف ربما من كل.. وكل رجل سياسي في ذلك الوقت وفي هذه الأنظمة الهشاشة –كما يقولون- الهشة..
أحمد منصور: ولذلك، كما قلت لي في الحلقة الماضية، جت إسرائيل وعملت مافيش جيش يدافع، لأن الجيش اللي موجود والأمن اللي موجود لحماية الرئيس وليس لحماية الدولة.
الطاهر بلخوجة: الأنظمة هذه.. هذه الأنظمة هشة، هذا بيقول هشة، إحنا نقول هشة معناها.. معناها.. معناها مش.. مش متينة صحيح أو غير ذلك ولكن الأساس هو كونه في المنطقة يا سيدي، في المنطقة الجزائر تسلحت إلى أبعد حد نظراً لمشاكلها مع المغرب في الصحرا، والمغرب تسلح إلى أقصى حد، نظراً لمشاكله في الصحراء وغير ذلك، وليبيا لا كلام عليها من قال إذاك أنه كونه لم.. إذا.. إذا حطينا معناها الدبابات واحدة قريب الأخرى توصل معناها الدبابات من طرابلس إلى تونس من كثرتها، ولكن معناها.. ولكن إحنا ما كان عندنا إمكانيات بيش نتسلح كيفهم ونتسلح لماذا؟ لأي شيء؟ ولأي.. أنا ما شفتش موضوع أسلحة..
أحمد منصور: لحماية أمن الرئيس..
الطاهر بلخوجة: أمن الرئيس.. لا أبداً أبداً ما كانت يعني ولهذا..
أحمد منصور: للدفاع ضد الهجوم الإسرائيلي اللي شنته عليكم.
الطاهر بلخوجة: كل شيء اختيارات أو مش نرجع معناها، تفهم أنت يعني أيش اختيارات، ولما اختار الغرب، لما اختار الغرب على أساس أنه إذا كان فيه مشكلة أمنية يلقى..
أحمد منصور: الغرب يحميه.
(9/218)
الطاهر بلخوجة: يلقى.. يلقى أصدقاءه وفعلاً مثلاً في (جفصة) صارت في (جفصة) وكما صارت.. انتفاضة (جفصة) عام 80، ودخلوا جماعة من طرابلس، وشوية افتكوا البلاد، طالبنا بقنصل موجود طلبنا من الأميركان وطلبنا من الفرنسيس وأتوا ببواخرهم في السواحل التونسية وطلبنا من الحسن الثاني مثلاً وبعث لنا بطيارات، لماذا؟ معناها أموال طائلة وبلاد ضعيفة، وبلاد معناها في.. في وخاصة ما تنساش..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أيه معنى نظام بتحميه فرنسا وأميركا؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا اسمعني.. ماتنساش حاجة..
أحمد منصور: لا بس معالي الوزير، بس قل لي: أيه معنى نظام المفروض إنه نظام عربي وعروبي وإسلامي بتحميه فرنسا وأميركا؟
الطاهر بلخوجة: لأ ما تحميش، تحميه في المناسبات، إذا لزم ذلك، لأ ما عندناش إحنا قواعد فرنسية وقواعد أميركا..
أحمد منصور: مش لازم قواعد.
الطاهر بلخوجة: آه، ما عندناش قواعد فرنسية عديدة وما عندناش..
أحمد منصور: مش لازم قواعد، إذا أنتم جزء من.. من أميركا وفرنسا، فمش محتاجين قواعد.
الطاهر بلخوجة: لا ما عندناش.. يعني هم ما عندناش ارتباطات، ارتباطات عسكرية أو أمنية، أو دفاعية، أبداً إحنا..
أحمد منصور: أنا عايز أستوضح منك.
الطاهر بلخوجة: إحنا يا سيدي إحنا عندنا أصدقاء، يا سيدي أصدقاء معناها نطالبهم إذا كان فيه حاجة إليهم، ثم.. ثم بالنسبة.. بالنسبة لإمكانياتنا.. يا سيدي تونس بين طرابلس.. ليبيا..
أحمد منصور: والجزائر.
الطاهر بلخوجة: وبين الجزائر، فإذن تدفق البترول والنفط والغاز في الجزائر وكذلك نفس الشيء بليبيا وفي تونس لا..
أحمد منصور: الشعوب استفادت منه أيه؟
الطاهر بلخوجة: وفي تونس لا شيء، على كل اسمع يا سيدي.
أحمد منصور: استووا مع التوانسة في الآخر الشعوب تشرب من نفس الكأس..
(9/219)
الطاهر بلخوجة: لا يا سيدي.. يا سيدي شوف، هو لو لم يكن ذلك النفط وذلك الأموال في الجزائر وفي تونس لقضي على النظام ألف مرة، لأنه يصرف الليبيين، ونقول بكل صراحة يصرفوا ما شاء الله ويبذروا ما شاء الله ومازال موجود، فيه معنى فارق ما بين الشيء عندك وما عندك شيء، هادول هذا.
دور الأمن الوطني بين حماية النظام وحماية الشعب
أحمد منصور: ما هي كانت طبيعة العلاقة؟ الآن أصبحت مديراً للأمن العام، الأمن الوطني ضم إليك..
الطاهر بلخوجة: شوف إذا.. ولكن في ظروفي.. ظروف معناها صعبة، لأن قبل مجيء أنا مدير عام الأمن، كانت لنا معناها مع انتفاضة 67 اللي جابتني الأمن، كانت أمور أخرى كان عندي مؤامرة في 68، وتبين أن.. تبين أن.. أن الأمن غائباً فيها، ثم كانت معناها حوادث.. حوادث (برج عالي الرايس) بيسموه، هذا كان (برج عالي الرايس) معناها حبينا نخرج المتساكنين في الأكواب ونخرجهم وصارت أموات، وكان.. كان الأمن أمن ذلك مؤاخذ على ذلك، وكانت كذلك أحداث..
أحمد منصور: أبسط حاجة الأمن بيعملها بيفتح النيران على الناس.
الطاهر بلخوجة: أحداث.. أنا قبل ما آجي أنا، أحداث مساكن عام 64 وفتحنا النار على الناس ولهذا جئت في ظروف صعبة، وكان الأمن معناها.. معناها..
أحمد منصور: هل شعرت من البداية أن دورك هو أمن الدولة أم أمن النظام وأمن الحاكم؟
الطاهر بلخوجة: والله في الأول.. من أول النظام.. نظام أول.. أول ما توليت ماكنش فيه نظام حماية أمن النظام وأمن بورقيبة وأمن البلاد لأن في وقتها..
أحمد منصور: لأ، مش فاهم أنا الإجابة وضحها لي، هل دور أمن الدولة الآن هو حماية.. حماية أمن..
الطاهر بلخوجة: آه.. الأمن، آه شيء ثاني.
أحمد منصور: لأ مش ثاني، ما أنت كنت جزء منه، أنت كنت مدير الأمن العام.
الطاهر بلخوجة: أحكي لك طيب، أنا..
(9/220)
أحمد منصور: دورك كان أمن الدولة وأمن الشعب وأمن الناس البسطاء دول، أم أمن الحاكم والناس دول يُضربوا بالرصاص وبغيره؟
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي بدون أن يضربوا إذا كان مش نحكي على أمن الدولة وأمن الشارع حاضر مش نحكي فيه.
أحمد منصور: تفضل.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي معناها لما تكون لنا مسؤولية ثقيلة وجسيمة وأخطر ما ثم هي مسؤولية أمن البلاد.. أمن البلاد، والفائدة ما هي مسؤولياتك وتختلف المسؤوليات من بلاد إلى أخرى، ولنا إحنا في تونس الوارثين النظام الأمني عن الفرنسيين اتجاه معين في نطاق الأمن.
أحمد منصور: يعني طبقتوا النظام الفرنسي في الأمن؟
الطاهر بلخوجة: ورثنا ذلك.
أحمد منصور: لكن لصالح النظام وليس لصالح الشعب.
الطاهر بلخوجة: ورثنا النظام أن النظام..
أحمد منصور: زي ما كانوا الفرنسيين بيعملوا في الشعب التونسي واصلتم أنتم.
(9/221)
الطاهر بلخوجة: لأ مش هذا الموضوع، لأ مش هذا الموضوع، في الموضوع الهيكلية والمسؤوليات، النظام الفرنسي إلى الآن وفيه مشاكل كبيرة، النظام الفرنسي فيه خلط ما بين أمن الشارع وأمن الدولة وكل شيء فيه وزير عدل ووزير الداخلية، المخابرات أمن الدولة عند وزير الداخلية، في فرنسا وفيها مشاكل كثيرة في هذا جلد، في أميركا وفي ألمانيا وفي إنجلترا شيء ثاني أمن الدولة عندهم هياكله مستقلة، لأنه أمن الدولة معناها أمن الوطن معناها لا أمن الأشخاص، لا أمن النظام، هو فوق كل شيء تشوف في أميركا بالنسبة لكلينتون مثلاً، بالنسبة لكلينتون معناه أمن الدولة معناها بعيد ويعطي معناها كل الإرشادات وكاملة على أساس الدولة وعلى أساس بعيد، هذا معناها إحنا، وبالنسبة للدول العربية.. الدول العربية المخابرات وأمن الدولة.. ما يسمى بأمن الدولة عند رؤساء الدول على أساس حماية النظام وحماية رئيس الدولة هو أحسن بيش يكون مخابرات عند رئيس الدولة على الأقل يكون بعيد عن الاتجاهات وبعيد عن الأشخاص، ولكن الأمثل والأحسن.. أحسن من أمثل يكون كيف أميركا أن كونه جهاز أمن الدولة بعيد
أحمد منصور: يحمي الوطن نفسه
الطاهر بلخوجة: يحمي الوطن.. ويحمي
أحمد منصور: لكن أجهزة الأمن في الدول العربية قائمة على حماية الأنظمة.
الطاهر بلخوجة: قلت لك معناها هو هذاك الشيء ثانوي أفسد منه هو.. هو.. هي.. هو النظام الفرنسي، وقت أن يكون أمن الدولة في وسط وزارة الداخلية، وخدمنا بذلك معناها التعاضديات ولأمن الدولة كان غايب في.. في ما يخص معناها قول الحقيقة فيما يخص الاشتراكية، وخدمنا بن صالح، وخدمنا كذا وكذا، أفسد مثلاً.
طبيعة العلاقات الأمنية بين تونس وأميركا
أحمد منصور: في بداية الحلقة قلت لي على نقطة مهمة جداً، وهي أن حينما تتعرضون لمأزق في تونس تستعينون بالأميركان وبالفرنسيين
الطاهر بلخوجة: لأ، نستعين بكل.. بأصدقائنا
(9/222)
أحمد منصور: ما همَّ دول أصدقاؤهم الرئيسيين.
الطاهر بلخوجة: أي أصدقاء بورقيبة من نهاية الحرب العالمية الثانية لا سيمِّا الأميركان
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح
أحمد منصور: بُيلاحظ إن فيه علاقات أمنية خاصة تربط تونس بالأمن الأميركي في عمليات التدريب، في وقت ما كنت أنت مدير الأمن
الطاهر بلخوجة: تدريب أيش تدريب؟
أحمد منصور: تدريب على الأمن، تدريب الأميركان يدربوكم على الأمن، الأميركان لهم علاقة وثيقة
الطاهر بلخوجة: لأ.. لا.. لا
أحمد منصور: أمن السفارات الأميركية في معظم الدول بالذات في دول الشرق الأوسط بيقوم عليه تونسيين مدربين في الولايات المتحدة، الآن طبيعة العلاقة الأمنية إيه اللي بتربطكم بأميركا؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. يا سيدي عشت، أنا وقت اللي كنت مدير عام أول ما سمعت.. صار، أول ما اتسميت في أمن في.. في.. في مدير عام للأمن الوطني تبيَّن لي أن جل المسؤولين في الأمن هم كانوا من الشرطة وقت العهد الفرنسي عهد الاستعمار، ولم يغيروا.
أحمد منصور: يعني همَّ كانوا نفسيهم اللي بيخدموا الفرنسيين؟
الطاهر بلخوجة: أكثرهم، غالبهم.
أحمد منصور: يعني امتداد
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، مش امتداد، لأنهم كيف.. كيف الجيش اللي كان في.. في جيش الجزائر.
أحمد منصور: زي ما قلت لك يا معالي الوزير، كل اللي حصل إن فرنسا خرجت كفرنسا، ولكن بقي رجالها في الجزائر.. في تونس
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. لا، إحنا ليس.. هادوما.. هادوما رجال.. هادوما ناس تونسيين خدموا فرنسا كخدمة، معناها هو في..
أحمد منصور: ما هو خدم فرنسا ضد مين؟ ضد الشعب
(9/223)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، خدموا فرنسا، ثم رجعوا إلى وطنهم، وإحنا في حاجة إليهم واستعملناهم طيب، ولكن أنا وقت اللي جيت.. ليش صارت بعض تجاوزات.. تجاوزات عام 67 على أساس الجماعة، هم هادوما كانوا عملوا التجاوزات كان عندهم أسلوب فرنسا وغير ذلك، طيب، أنا لما جيت معناها كان معناها أن أُغيِّر الوضع الأمني إذاك، واخترت شبان الإنجازات بتاعهم، إجادة في الحقوق، إجادة في التعليم، وغير ذلك، ومستوى عالي ورفعت من المستوى، وبعثنا.. بعثنا.. بعث أنا شخصياً أولئك الشبان إلى فرنسا، إلى كندا، إلى أميركا إلى بلجيكا لتكوينهم لأن ليست لم تكن..
أحمد منصور: على يد الأمن في تلك الدول.
الطاهر بلخوجة: لم تكن عندنا مدارس، أمنية مثلاً، هذا فن الأمن، مش كلام فارغ مش.. مش تخميرة.. فن.
أحمد منصور: يعني المدرسة.. المدرسة الأمنية الآن التونسية قائمة على الخبرة الأميركية والفرنسية والبلجيكية والألمانية.
الطاهر بلخوجة: معلش ولِمَ لا؟
أحمد منصور: لأ، أنا بأسأل بس معالي الوزير، طبعاً من حقكم أنكم..
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح، رجال..
أحمد منصور: أنا بس بأستفهم.
الطاهر بلخوجة: لا، رجال تونسيين عندهم معناها تفكيرهم، مشاركة القرار بالفرنسية ما قرأش باللغة العربية أم مشان مدرسة معناها فرنسية ولا مدرسة بلجيكية مش هو اللي يبلش أم مش هو الاستعمار، لا.. لا مستحيل هذا الأمر.
أحمد منصور: لكن الأميركان لهم دور كبير في..
الطاهر بلخوجة: عنده أصالته، وعنده عقليته، وعنده رجوليته، هذيك آلة هذيك استعملها
أحمد منصور: لكن..
الطاهر بلخوجة: إحنا ما درسناش في فرنسا، وبورقيبة ما درسش في فرنسا؟ بقينا فرنسيين كيف درسنا في فرنسا؟ أبداً.
أحمد منصور: ما الفرنسيين.. الفرنسيين جوا لكم يدرسوا لكم.
الطاهر بلخوجة: تعلمنا على فرنسا كيف نقاوم فرنسا
أحمد منصور: الفرنسيين كانوا بيدرسوا كم عندكم، مش محتاجين تروحوا لهم هناك.
(9/224)
الطاهر بلخوجة: أي نعم الفرنسيين، درسوا لنا بارك الله فيهم، بيدرسوا لنا.
أحمد منصور: بأقول لك العلاقة الأمنية الخاصة التي تربطكم بالولايات المتحدة.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، علاقة أمنية شوف يا سيدي، ما فيش بلاد في الدنيا حطها في بالك –عيشت- ما فيش.. ما فيش مصلحة أمنية في الدنيا ما عندهاش ارتباطات مع مصالح أمنية وكل مصالح أمنية على أساس المصالح، أعطني وأعطيك، عاوني وأنا أعاونك.
أحمد منصور: ما الذي تعطونهم حتى يعطوكم هم؟
الطاهر بلخوجة: تعطيهم معناها نعطيهم ونعطيك على أساس إن كونه في بعض الحالات، أن كونه ربما عندهم بعض الإشادات بعض الأمور.. وغير ذلك، بدون أن نمس بمصلحة البلاد مصلحة الوطن، هي أمور عادية، الأمور العادية وإلا ما كانش فات الدنيا، وفات اللي فات الأمن العام في الدنيا وفات إذا كان ما فهمناش أنت شوف هذا شرنجل وشوف معناها الفرنسيين و.. فيه..
أحمد منصور: يعني الآن.. الآن أنت
الطاهر بلخوجة: هادوما مصالح.. هادوما.. هادوما معناها ارتباطات فنية مش ارتباطات سياسية.
أحمد منصور: دول أمورهم.. معالي الوزير، دول أمورهم بتختلف عننا، دول لهم سياسات أخرى تختلف عن السياسات القائمة ما بين تبادل المصالح
الطاهر بلخوجة: أنت.. أنت ما تحصلش
أحمد منصور: ما بين دولة قوية هي أميركا وما بين دولة قد كده زي تونس.
الطاهر بلخوجة: المفيد، المفيد هم كانوا، أنت ضعيف لا تحصل، ما يؤثروا عليك، هو المفيد هو عنده مصالح هو عنده تأثيره ويحب يستغل.. يستغلك ويحب إشي، أنت كون ذكي وكون صحيح بس ما تغترش..
أحمد منصور: يعني أنت الآن لعبت دور رئيسي في تأسيس أمن الدولة في تونس على أسس علمية قائمة على المدارس
الطاهر بلخوجة: نعم سيدي صحيح.. صحيح
أحمد منصور: الأميركية والفرنسية والبلجيكية
الطاهر بلخوجة: بلجيكية وكندية، وغير ذلك
أحمد منصور: وكندا
(9/225)
الطاهر بلخوجة: هادوما معناها شوف رجال الأمن، ولكن شوف يا سيدي ثم حاجتين، ثم.. ثم في الأمن رغم .. ويجب أن يكون ذلك، ولم نصل به إلى ذلك إلى اليوم في تونس، وبالنسبة للدول العربية وبالنسبة للحكام أن.. أن تنظيم الأمن بصفة حديثة ديمقراطية على أي أساس؟ أساس عندك أولاً أمن الشارع، أمن الشارع.
أحمد منصور: أنت بتتكلم على ما ينبغي أن يكون
الطاهر بلخوجة: ما ينبغي أن يكون، وما كنا عليه وما حاولنا إليه وما لم نصل إليه
أحمد منصور: ولم تفعلوه.
الطاهر بلخوجة: ولم نفعله.. ولم..
أحمد منصور: ظليتم دوركم الأساس هو أمن النظام.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أنت بتخلط.. هذا أمن النظام صحيح.. صحيح، ولكن أمن النظام وكل معناها كل وخاصةً –كما قلت لك- في (.....) على كل.. على كل يا سيدي، أمن الشارع.. أمن الشارع هو الشرطة العادية اللي هي اللي يصير حتى يكون ضد الشغب، وكونت بذلك، وعلمت على ذلك، وفسرت لماذا أنا مثلاً كونت إلى البوب ما يسمى بالبوب هي فرقة النظام العام، الجماعة بالكاسك وبكذا...
أحمد منصور: الذين يضربون الناس بالعصي ويقمعونهم في الشارع.
الطاهر بلخوجة: ما.. ما.. وكان فيه ضرب العصي، قتلوش وما قتلوا الناس.
أحمد منصور: قتلوا بعد كده
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا
أحمد منصور: في مظاهرة واحدة قتل 100 واحد
الطاهر بلخوجة: حاجة.. حاجة أخرى ثانية
أحمد منصور: وأنت اللي أسست يا معالي الوزير
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، أنا.. أنا أسست مش للقتل أبداً، أنا يا سيدي.. يا سيدي وقلت لك أنا أخليت مسؤوليتي لأنهم صارت انتفاضة 67، كان الفراغ الكامل في البلاد، وكان ممكن أن يُطيح بالنظام بـ.. وأيًّا كان يأخذ النظام من القاع.
أحمد منصور: فقمت بتأسيس الأمن على قمع هؤلاء إذا تحركوا بعد ذلك.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أبداً، كان مثل كل البلدان موجودة في.. في أميركا..
أحمد منصور: سآتي إلى مظاهرات 68
(9/226)
الطاهر بلخوجة: لا موجودة في سويسرا، موجودة في فرنسا، موجودة هنا في إنجلترا.
أحمد منصور: ولكن لا تفعل في الناس ما تفعله قواتكم
الطاهر بلخوجة: آه.. أيوة وهذا.. وهذا الاستعمال، ولكن على الأقل موجودين، عشان خاطر أنت تخاف من استعمالهم وألا...
أحمد منصور: ليس أحد ضد نظام.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، وألا.. وأنت تخاف إساءة.. إساءة الاستعمال ما يكونوش موجودين، هو..
أحمد منصور: مش إساءة هو بيتربى على كده، لأن الثاني الفرنسي والألماني وكذا مُربَّى على حماية.. أمن الدولة نفسها وليس أمن النظام
الطاهر بلخوجة: وما.. وما ينقصنا بأن نربي معناها أجيالنا وأمننا على هذا المنوال؟
أحمد منصور: الآن بعد ما سبت الداخلية والأمن بتطالب بهذا، لكن حينما كنت مسؤول كنت بتربيهم على أمن الحاكم.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، أنا كونتهم على أساس أن كونهم في يوم ما، في أي شغب، في أي كذا، ثم ناس على الأقل تصد.. تصد
أحمد منصور: فهم بعد ذلك هم الذين.. هم الذين عذبوا وهم الذين قتلوا.
الطاهر بلخوجة: لا مع بعض، (....) ما عذبوش
أحمد منصور: سآتيك إلى 68، هل كنت تشعر أنك توليت الأمن، إن رجال الأمن مكروهين، وأنك ستدخل في نطاق الكراهية الشعبية؟
الطاهر بلخوجة: والله رجال الأمن في الوقت..
أحمد منصور: في الدول.. في دولنا إحنا بس
الطاهر بلخوجة: في دولنا إحنا صحيح.
أحمد منصور: إنما في الغرب طبعاً سويسرا كل واحد بيعتبر نفسه رجل أمن، كل الناس بره بتحب رجال الأمن.
الطاهر بلخوجة: أيوه، بارك الله فيك، أيوه
أحمد منصور: لكن طبعاً في الدول العربية ودول العالم الثالث رجل الأمن معروف إنه رجل النظام.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: الذي يمكن أن.. أن يعني يقسو على الناس.
الطاهر بلخوجة: ويجب أن.. ويجب أن يتغير ذلك، ويجب إن يتغير ذلك، لأنه معناها أولاً.. أولاً
(9/227)
أولاً: رجل الأمن هذا من الشعب، ومن غالب الوقت من عائلات فقيرة، وغالباً قريب إلى الشعب أكثر من غيره، أنت توظفه معناها هذا للقهر توظفه حرام حرام أولاً، ولهذا.. ولهذا
أحمد منصور: لكن كنتم تفعلون ذلك.
الطاهر بلخوجة: ولهذا التربة.. التربة بتاع رجال الأمن تربة طيبة، على أي أنا أقول دائماً الناس يقولوا الأمن به وعليه، ليه؟ رجل الأمن رجل طيب، فإذا هي السياسة التي تطالبه بأدائها، هذا الأساس، تربة طيبة.
ثم ثانياً.. ثم ثانياً جاء الوقت بأن معناها نفرق ما بين الأمن العادي أمن الشارع وغير ذلك، ويكون من.. من مشغولات الداخلية ومن مشغولات رئيس الدولة وأمن.. أمن الدولة وأمن الوطن، ثم نفرق ما بين أمن يحكم ما بين أمن معناها يساند ويخدم الاتجاه، ويخدم الأشخاص، وماهواش وبين أمن فوق كل أحد وفوق الأشخاص وفوق الاتجاهات.
أحمد منصور: موجود ده.
الطاهر بلخوجة: ولا يخدم، هذا لازم أن يكون..
أحمد منصور: آه، لكن ليس موجود.
الطاهر بلخوجة: أنا قصدي؟ شو أنا قصدي بشيء أن يكون أنت تطالب أنت بالديمقراطية ما ممكن بيش تكون ديمقراطية إذا كان لم.. تتدمقرط، ولكن تتدمقرط معناها –إذا كان صح التعبير- الهياكل مش ممكن الشعب الديمقراطي هو هياكل مش أتى، ولهذا لازم أن يكون، يا رسول الله بعد أربعين سنة استقلال بأموالنا، بإمكانياتنا، لماذا لا.. لا نعمل؟ ما.. ما نخترع شيء، نعمل كالبلدان الأخرى.
أحمد منصور: أنت الذي بدأت يا معالي الوزير
الطاهر بلخوجة: نعم؟
أحمد منصور: يعني أنت عليك وزر ما فعله الأمن التونسي في الناس إلى الآن
الطاهر بلخوجة: ما.. ما فعل
أحمد منصور: لأنك أنت الذي أسسته اللي بيحصل في تونس
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا يا سيدي، ناس مين؟ أنت عندك
أحمد منصور: اللي حصل في المظاهرات، مظاهرات الخبز بعد ذلك، قتل 100 شخص من الناس في مظاهرات لو في معركة..
(9/228)
الطاهر بلخوجة: لا يا سيدي أنا عندي.. أنا مسؤول على استعمال الأمن، مش مسؤول عن اعتقال الأمن
أحمد منصور: أنت اللي وضعت الأسس، ووضعت الأسس الديمقراطية التي تتحدث عنها دية
الطاهر بلخوجة: يا.. وضعت الأسس، وضعت الأسس لنظام، لأن أنا رجل نظام، مش رجل عنف أو تعنيف، أنا وضعته لأحمي البلاد ولأحمي الوطن
أحمد منصور: لتحمي النظام وليس البلاد.
الطاهر بلخوجة: ولأحمي النظام.. ولأحمي.. صحيح، ولأحمي النظام ولأحمي..، لكن والحمد لله أنني مدتي لم أستعمل ذلك الأمن..
توازنات بلخوجة بين التوجهات المختلفة في السلطة
أحمد منصور: سآتيك.. سآتيك، كيف كان توازناتك في السلطة؟ الآن موجود الحزب، موجود الاتحاد التونسي للشغل، موجود وسيلة، موجود الرئيس، وأنت رجل الأمن اللي بتعتبر الآن الرجل القوي اللي الرئيس أعطاك الصلاحيات
الطاهر بلخوجة: ما هو قريب.. قريب.. قريباً من الجماعة
أحمد منصور: كيف كنت تتعامل وتعمل توازناتك مع هؤلاء؟
الطاهر بلخوجة: بذكاء.
أحمد منصور: لكن كنت أقرب إلى من؟
الطاهر بلخوجة: لا، كنت أقرب إلى بورقيبة أولاً، وإلى زوجته ثانياً كذلك اللي هي معناها
أحمد منصور: هي لم تكن هي أولاً؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا، هي أولاً أو ثانياً زوجته، وهم مربوطين ببعضهم، ما فيه فرق.
أحمد منصور: أحياناً هي تبقى قدام برضو.
الطاهر بلخوجة: مش، إذا كان..
أحمد منصور: يعني أحياناً تكون هي في الأمام
الطاهر بلخوجة: مرة هذا ومرة هذا مش.. من غير شك
أحمد منصور: ومن هنا بدأت علاقاتك مع وسيلة تتوثق بشكل أساسي.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي اسمع شو
أحمد منصور: مش عيب يا معالي الوزير، أنا بس بنقرأ واقع.. بنقرأ واقع
الطاهر بلخوجة: أنا بس.. أنا صحيح.. صحيح يا سيدي هذا واقع، هذا رئيس دولة موجود، ورئيس دولة معناها عنده زوجته، وزوجته عندها مكانة وعندها مكانة سياسية، والمكانة السياسية مع.. مع بورقيبة قديمة من سنة 43
(9/229)
أحمد منصور: ده المكانة العاطفية دي مش السياسية
الطاهر بلخوجة: آه عاطفية، ولكن هو قال.
أحمد منصور: أنا سآتي لها بالتفصيل.
الطاهر بلخوجة: نرجع لها.. وأنا عندي مقولة في ذلك، هي أمور إنسانة عادية.. عادية يا سيدي تعتبر على أيش يستنكرها
أحمد منصور: طبعاً.. طبعاً.
الطاهر بلخوجة: وغير ذلك، ومن الأمور التي تكون الدنيا معناها يا سيدي، كانت عندها مكانة سياسية، وكان عندها قوة سياسي، وكان عندها ذكاء سياسي، أنت.. أنت تفكر يوماً ما أن وسيلة بذكائها تتحدث مع أياً كان
أحمد منصور: لا طبعاً
الطاهر بلخوجة: لأ أبداً
أحمد منصور: كانت امرأة تجيد
الطاهر بلخوجة: أيوة، تجيد هنا
أحمد منصور: انتقاء وتعيين الرجال
الطاهر بلخوجة: لا، أبداً يا سيدي، كان بورقيبة يقولوا له وما أنه عندك تأثيرات وسيلة وكذا يقول لهم أنا.. هذا كان.. يقول أنا.. أنا.. أنا.. أنا بيبي أرضع في صُبعي أنا أعرف آكل، ولم يشرك أبداً بورقيبة وقالوا ذلك حتى (...) الوحدة (...)، ولم يشرك أبداً بورقيبة في المؤسسات الأساسية.. ولم يحضرها أبداً في معناها في...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن كان لها كانت ممكن أن تقبل لكن تسعى لاستعادة رجال لصالحها
الطاهر بلخوجة: مش.. هذا يا سيدي.. يا سيدي عايش
أحمد منصور: أنا سآتي لها، هي إحنا اتفقنا أن نخصص لها حلقة
الطاهر بلخوجة: نخصص لها
أحمد منصور: لأن هي لها دور رئيسي، كيف كان أسلوب من سبقوك في إدارة الأمن؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، كان أسلوب من سبقوني في أنهم تصرفوا، التصرف في الوضع، التصرف في الحالة، ما كانش عندنا مشاكل، هو هذا المشكل هو أنه كونه نتصرف بإمكانياتنا وبأمور دون أن نقرأ حساب للمستقبل والأمور داهمتنا وتطور ذهابنا ولم نقرأ حسابنا نقول إنه كوَّن معناها ما يجب أن نكوِّنه من رجالات ومن عتاد ومن.. من مقومات لحفظ النظام وحفظ البلاد.
(9/230)
أحمد منصور: كيف كان.. كيف كان دورك أنت وأسلوبك في إدارة الامن.
الطاهر بلخوجة: أنا كان أسلوبي يا سيدي، أولاً معناها النزاهة في العمل وغير ذلك، ومعناها العمل أولاً.
أحمد منصور: يعني إيه النزاهة؟
الطاهر بلخوجة: العمل.. العمل.. عمل.. عمل.
أحمد منصور: يعني إيه النزاهة في الأمن؟
الطاهر بلخوجة: النزاهة في الأمن على أساس أن كون شيء اللي أقوله أعمله، والكلمة وكان لي في غير شك، كان لي معناها سند طويل مع بورقيبة، هو السند الأول لي في الأمن وغير ذلك، وكنا الحقيقة مش لوحدينا، كنت دخل مع الفريق الجديد الذي أخذته وكونته في (ليون) دخلنا معناها في ميدان الأمن، وحورنا وغيرنا، وأخطأنا وأسأنا وكذلك أيضاً.
أحمد منصور: إيه الأشياء الأساسية.. ما هي الأشياء الأساسية التي وضعتوها في موضوع الأمن؟
الطاهر بلخوجة: الموضوع الأساسي هو كونه أن يكون الأمن له كيان، وهذا كونه موجود، وأن يحترم.
أحمد منصور: لم يكن له كيان قبلكم.
الطاهر بلخوجة: لأ ما كانش له كيان، معناها ذكرت لك بالكشف أن كونه قلت لك أنا في عام 62 باغتنا الانقلاب.. محاولة الانقلاب باغتنا في (يورجينس) باغتنا في 67، وإلى غير ذلك.
مظاهرات الطلاب سنة 1968 ومسؤولية بلخوجة عن تعذيب الطلاب
أحمد منصور: في عام 67، يناير 68 اندلعت مظاهرات الطلاب في تونس، وقبض على 69 منهم وعذبوا عذابا شديداً وكنت أنت مديراً للأمن.
الطاهر بلخوجة: صحيح، لكن ما اتعذبوش، أنا راح أحكي لك.
أحمد منصور: عذبوا يا معالي الوزير.
(9/231)
الطاهر بلخوجة: لأ، اسمع يا أخي، شوف.. يا سيدي بعد أن وضع الحزب يده على اتحاد الطلبة عام 62، وهذه الغلطة الأساسية، لازم نرجع للأساس، لأنه الجماعة ها دول اللي تظاهروا واليساريين كانوا في صلب الاتحاد، وكنا.. كما قلت لك سابقاً أننا نتجادل معهم ليالي طوال ونتفق على اتجاهات، لما وضع الحزب يده على.. عام 61، معناها وخذ بن صالح، لما بن صالح أراد أيضاً أن تكون الطلبة معه، ووضع يده على اتجاه الطلبة، كما وضع يده على اتحاد الشغل، كما وضع يده على اتحاد الصناعة والتجارة، الجماعة ها دول خرجوا، خرجوا على الصف، وكان من غير شك غالبية الطلبة على.. (...) وكونوا هذه أفاق.. آفاق.. آفاق (...)، أفاق على أساس معناها أفاق المستقبل، وجمعوا بعضهم على الشيء اللي خارج عن الاتحاد جمعوه، وكانوا نوعاً ما من الخليط كانوا فيه معناها الشيوعيين، التروسكيتين.
أحمد منصور: التروتسكي.
الطاهر بلخوجة: اللينيين، الـ..
أحمد منصور: كل ملل الشيوعية..
الطاهر بلخوجة: كل ملل الشيوعية، والعام اللي قامت فيه العام التونسي، وفيه معناها كذلك العرب القوميين العرب، وكان فيها البعثيين، كلهم.. خليط.
أحمد منصور: لمتوهم كلهم وحطيتوهم في مطحنة التعذيب.
الطاهر بلخوجة: لا.. لم.. أكرر لموا بعضهم هم لموا بعضهم سياسياً في فرنسا مع، وحبوا يعملوا معناها سياسة لتونس، هذا الموضوع، ولكن هم في نفس الوقت معناها كانوا أذكياء كانوا وطنيين، كانا معناها.. ولكن ما كانوش واقعين، لأنهم معناها حبوا يعطوا الميدان، أولاً.
أحمد منصور: طبعاً أي واحد يقول رأي.. يخالف رأي الحزب الواحد، يبقى مش وطني ويبقى خاين ويستحق إن هو يجرى له..
(9/232)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. شوف، صحيح، صحيح هم طيب، هم جاءوا أول ما بدوا بدأوا بن صالح، قالوا اليسار بتاع بن صالح مش يساري، وأن التعاضديدات هذه برجزت.. برجزت معناها المجتمع التونسي، وزادوا على أنها وقالوا لا، من الأمور التي.. التي (.....) لا اشتراكية بدون حزب ثوري لينيني، لا اشتراكية بدون تدمير جهاز الدولة، قالوا هذا في.. في مجلتهم وهذا كان معناها اتجاههم، وأكثر من ذلك خلي القول.. اللي قاله أكثر من ذلك، دخلوا...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لو فتحتم الحرية للناس لكي تتنفس تتحدث، لمنعتم كل أشكال التطرف الموجود.
الطاهر بلخوجة: لا.. يا سيدي.. أنا.. أنا رجل أمن كان.. رجل أمن أمامي ضغوط وأواجه ضغوط، ونزلوا إلى الشارع ومعناها كتبوا المناشير، وهبطوا ونزلوا مع الطلبة، ومع اتحاد الشغل ونزلوا يعني.
أحمد منصور: المهم قبضتم عليهم.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي قبضنا عليهم، قبضنا..
أحمد منصور: وعذبوا عذاباً أليماً.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا يا سيدي، شوف أولاً حتى قبل من ما نجيء أنا قبل ما نجيء أنا لإدارة الامن، عام 66 كانت المشاجرات الأولى والاحتكاك الاول، هذا الأساس، بين رجال الأمن وعضلات الحزب، لأن حزب الدولة.. الحزب الواحد كانت له عضلات، ما يقال عنه ميليشيا، أنا لا أقول ميلشيا هذا وحزبي أنا وغير ذلك، وأقول معناها، ولكن نوعاً ما من الميليشيا، عضلات تسيطر وتواجه اليساريين، وصارت اضطرابات كبيرة في 66 في الجامعة التونسية قبل أن آتي.. قبل أن آتي إلى تونس، بعدين عام 67.
أحمد منصور: حدث ما حدث بعد 5 يونيو.
الطاهر بلخوجة: لأ.. لا، عام 67 و68 تواصلت الأمور، شو المشكلة اللي صار، المشكل أن صار هو.. مضبوطة.. مضبوطة، المشكلة اللي صار أن كونه جماعة الحزب واصلوا الأمر، وخاصة مع 3 أو 4 أو 5 من من رجالات اليسار، واسميهم زهير السافي، وأحمد السماوي والحبيب عطية و(...)، يأخذوهم يعنفوهم ثم...
(9/233)
أحمد منصور [مقاطعاً]: إزاي قل لي، قل لي بيعنفوهم إزاي؟
الطاهر بخلوجة: يعني أنا قلت، أنا قلت يعنفوهم بصفة، أنا كنت.. أنا كنت احترز بأن يكون أي.. لي أي علاقة مع ذلك، أنا كنت رجل دولة، أمن الدولة.
أحمد منصور: آه أنت رجل الامن بس.
الطاهر بلخوجة: لأ، أمن الدولة وراءه.
أحمد منصور: تدي أوامر استحقوا، عذبوا، علقوا، اشنقوا، وأنت ما لكش دعوة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. اسمعني لا.. لا كانت مسؤولية.. كانت مسؤولية.
أحمد منصور: ما هو مش معقول وزير الداخلية أو رجل ألامن هو اللي ينزل يعذب الناس بإيديه، الزبانية اللي تحته يعذبوا.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا لا يا سيدي.
أحمد منصور: الناس اللي بيقتل فيهم الضمير هم اللي بيطلب منهم يضربوا.
الطاهر بلخوجة: يا.. يا سيدي أحمد، استنى شوية عشان أقدر اختم مع.
أحمد منصور: يا سيدي أنا الآن بأسألك، أنت في كتابك اعترفت بأنك مسؤول عن عمليات التعذيب التي وقعت.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا شوف يا سيدي، مسألة توقيت أنا عام 67.. 67 اللي بنحكي عليه الآن، ما كونتش وزير الداخلية يا سيدي، كنت في عام.
أحمد منصور: الآن كنت مدير الأمن في 69، أنا بأسألك عن حادثة 69 وتعذيب الطلبة.
الطاهر بلخوجة: لا يا سيدي، 68 كنت مدير أمن وما كونتش عضو.. ما كونتش عضو في الديوان السياسي.
أحمد منصور: لم تكن عضو في الديوان السياسي، ولكن عذب هؤلاء.
الطاهر بلخوجة: لا شوف يا سيدي.
أحمد منصور: وأنت كنت مسؤول عن الأمن.
الطاهر بلخوجة: عُنِّفوا، أنا أقول عنفوا أو عذبوا.
أحمد منصور: يعني إيه عنفوا؟ قل لي عنفوا إزاي؟
الطاهر بلخوجة: عنفوا معناها على أساس ضرب وعلى كذا وعلى غير ذلك ولُوِّحوا.
أحمد منصور: ممكن تقول لي أساليب التعذيب اللي اتبعت معهم؟
الطاهر بلخوجة: لا مش أنا أعملها.
أحمد منصور: مش أنت عملتها، لكن أنت على دراية بها.
(9/234)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أنا على غير دراية، لأنه ما كانوا يشاوروني.
أحمد منصور: معنى أيه إنك المسؤول الأول عن الأمن والناس تعذيب وأنت لست على دراية؟!
الطاهر بلخوجة: وهذا.. وهذا المشكل وهذا الخلل، هذا الخلل أن كونه الحزب كان يعتبر نفسه أمة برأسها ودولة برأسها، وهو الحارس على الدولة وهو الحصن الحصين على الدولة وهو الممارس معناها النظام.. النظام على الدولة، والدولة هي تطبق ما يشاء، هذا أمر (...) أقول وأصل المشكل، الحزب.. الحزب المهيمن المهمين.
أحمد منصور: هذا الذي سألتك عنه قبل قليل، كيف توازن بين السلطات المختلفة الموجودة؟
الطاهر بلخوجة: ما هو.. ما هو في حزب، ما هذه الشيوعية الشيوعية في ذلك، ما عملنا وقت اللي عملنا المؤتمر عام 64، على هذا ونظمنا الحزب الشيوعي، الشيوعية هو أن الحزب هو الأول، قبل معناها الدولة وقيل كل شيء، ثم.. ثم...
أحمد منصور [مقاطعاً]: من المسؤول عن عمليات التعذيب التي وقعت في 69 وكنت مديراً عاماً للأمن الوطني؟
الطاهر بلخوجة: استنى.. استنى يا سيدي.
أحمد منصور: ما هو سؤالي مباشر والقصص المفصلة لا تهم الناس يا سيدي.
الظاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. لا، لا أكمل لك أنا.. أكمل لك علشان تعرف، اللي عنفوا جماعة ويلوحون وأخذناهم ومعناها ووقتها طلبت من وزير الداخلية (...)، طلبت منه بأن آخره مرة أقبل أحد يعذب ويلوح، يلوحوه أمام مركز.. أمام شارع في الشارع، أمام مركز الأمن، طيب وشدينا ها الجماعة ها دول كلهم، شدينا ها الجماعة ها دول لكهم، وكان الممارسة.. ممارسة استنطاقهم من غير.. من طرف قبل ما أن حدث 67، قبل أن يرجع الشباب الجديد، معناها هذا الأمن من جماعة اللي.. كانوا مع الفرنسيين وغير ذلك، وأقولها معناها كاملاً أنه لم يكن هنالك، كان هناك نوع ما من التعنيف، وهنالك ربما تجاوزات ولم يكن لذلك تعذيب.
(9/235)
أحمد منصور: يعني الأمن الفرنسي.. والأمن التونسي، الأمن التونسي في ذلك الوقت كان في جله كله أو في أغلبه أو في معظمه، إلى أن قمت أنت بعمل تعديلات...
الطاهر بلخوجة: لا لا لا لا.
أحمد منصور: هو ممن عملوا مع الجيش الفرنسي أثناء الاحتلال.
الطاهر بلخوجة: لا لا لا، إحقاقاً للحق غيروا شيئاً ما.
أحمد منصور: ما هم مشيوا على نفس النهج.
الطاهر بلخوجة: لا غيروا نوعاً ما، الطيب المهيري.
أحمد منصور: على نفس النهج.
الطاهر بلخوجة: غيروا نوعاً ما، ولكن.. لكن الأساسي.
أحمد منصور: يعني أنت لست مسؤول عن العذاب الذي تم، وأنت مسؤول أم مسؤول؟
الطاهر بلخوجة: لا اسمعني شيوية.. اسمعني شوية، أنا كونه.
أحمد منصور: عايز أقفل دي يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: اسمعني، وقت.
أحمد منصور: عندي لسة كثير والله، لسة أنت هتبقى وزير داخلية وفيه حاجات كثير قد كده.
الطاهر بلخوجة: لا لا، عشان الناس تفهم، وقت أكثر من هذا، أكثر من الأمن، وقتها إحنا غلطنا في الشوط اللي كانت مع فرنسا، وزدنا عليها.
أحمد منصور: طبعاً.
الطاهر بلخوجة: تونس زاد عليها، أن الحزب لا، زدنا عليها، إن الحزب أجبرنا وأدخل في الأمن كل المقاومين القدامى، لا عندهم مؤهلات ولا عندهم تكوين، على أنه كان مقاوم في الحزب، وكان فلاك في الحزب، وكان عنده دراية أدخل للداخلية.
أحمد منصور: نفس.. كل منهجية الشرطة تقريباً في المنطقة قائمة على إنه يجيب حتى في.. في كثير من الأحيان كانوا يجيبون المساجين اللي محكوم عليهم بأحكام طويلة والقتلة وكذا ويشغلهم في الشرطة علشان دول ما عندهمش ضمير، يذبحوا الناس ويقتلوهم.
الطاهر بلخوجة: لا لا مش مساجين لا لا لا لا لا أبداً.. أبداً.. لا، إحقاقاً للحق لا كانوا مساجين.
أحمد منصور: كل الفتوات اللي مش متعلمين ولا...
الطاهر بلخوجة: كانوا.. كانوا عضلات.
أحمد منصور: عضلات.
(9/236)
الطاهر بلخوجة:عضلات الحزب ووطنين، وطنين وتعذبوا أيام الاستعمار، ولكن ما كانش عندهم دراية، وكانوا معناها آلة للحزب، ودخلوا كآلة في الأمن، استعملوا هذا الجماعة هادول، ولهذا كان ذاك.
أحمد منصور: بس عشان الشعوب تفهم الناس اللي بتؤذيها وتعذبها دي جاية منين.
الطاهر بلخوجة: مش سهل.. مش سهل تغيير الأمور يا سيدي مش سهل مؤقتاً مؤقتة عدت.. عدت سنة كمدير عام للأمن أو.. أو سنة ونصف، ما ممكن نغير كل شيء، ولكن.. وغيرت كل شيء لما رجعت إلى.. إلى وزارة الداخلية عام 74.
أحمد منصور: يعني نقول لي.. قل لي يا معالي الوزير عشان أقفل ملف الـ 69 اللي عذبوا وأنت مدير للأمن، أنت اعترفت بأنك مسؤول عن هذا الأمر، كونك مسؤول عن الأمن، ومن تحتك قام بالتعذيب.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.
أحمد منصور: هل أنت مسؤول أم لا.
الطاهر بلخوجة: مسؤولية، هذه مسؤولية أدبية خلاقية سياسية، أن كل مسؤول مسؤول على كل الجماعة المسؤولين على تحت هذا أساسي عادي وأنا أتحمل المسؤولية وأقول أنا مسؤول ولسوء الحظ معناها أخذت مسؤولية مع إني ما.. لم أباشرها مباشرة شخصية، ولكي كان الجماعة الموجودين باشروا شيء وأنا مسؤول عليه.
عزل بلخوجة وسجنه بتهمة التجسس على المسؤولين
أحمد منصور: في 6 ديسمبر 1968 بلغت بإقالتك من المنصب تماماً كما بلغت في 7 يونيو 67 بتعيينك، كان الرئيس بورقيبة يعين الوزراء ويعزل الوزراء بالتليفون، ويعين المسؤولين ويعزل المسؤولين بالتليفون، وكان معجب بواحد يدي له كامل الصلاحيات، غضب عليه يسحب منه كل شيء ويسحقه وربما يحاكمه، بل لم تعزل فقط وإنما قبض عليك وأدخلت إلى السجن بتهمة.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: كيف حيكت قضية عزلك وسجنك؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. يا سيدي هو.. وكل شيء عنده سوابق، مش عكاكة.
أحمد منصور: باختصار.
(9/237)
الطاهر بلخوجة: وأنا.. واعتقادي أن.. لو لم أبين لك أنا كيف أُجبر بورقيبة على ذلك؟ يا سيدي لما عُينت أنا في الأمن عام 67 كان تنظيم الأمن وتنظيم أمن الشارع كما قلت معناها بالضوابط وإلى غير ذلك، أنا كان لي.. كان لي.. ولكن كان إذاك أن نظم أمن الدولة يا سيدي، أمن الدولة إذاك الذي كان في خدمة الاشتراكية وفي خدمة التعاضديات، وكان أمن الدولة إذاك تحت سلطة الولاة.. الولاة الذي كان يعينهم أحمد بن صالح، وكانوا لا يكتبوا ولا يقولوا كل شيء إلا إذا أمضى عليها الوالي، وكانت التقارير التي تأتي عام 67 إلى.. لما.. لما سميت إلى وزارة إلى مديرية الأمن كلها غالطة، لأنها لا تقول الحقيقة، وكان بن صالح وبنفسه قال لي.. قال لي أنت الأمن هذاك هو الأمن في خدمة الدولة ولا خارج، قلت له: لا الدولة شيء، والاتجاه شيء والحكومة شيء آخر تاني، غيرنا كل شيء.
أحمد منصور: كيف كانت تعد التقارير الأمنية؟
الطاهر بلخوجة: تعد التقارير من الأمن، لأن يُشار على.. على الأمن.. على المسؤول في الأمن ويُكتب، وبعدين بعد ما يُكتب..
أحمد منصور: وبتقول لي إنها كلها تقارير مغلوطة
الطاهر بلخوجة: مغلوطة لأ، مغلوطة..
أحمد منصور: إزاي كانت بتصنع وبتُرتب؟
الطاهر بلخوجة: هيرتبها لأنه.. لأنه رجال الأمن أذكياء مش بهايم، أذكياء يعرف أن كونه الاتجاه كذا، ويعرف أن التقرير بتاعه بيش يمضي عليه الوالي، لا يكتب شيء لا يريده الوالي ولا يحبه الوالي، والوالي كان.. طيب يا سيدي.
أحمد منصور: يعني قائم على الأكاذيب
(9/238)
الطاهر بلخوجة: لا.. ما.. لا، هكذا على بورقيبة علم بهذا الوضع، لأنه معناها هذا.. هذا الأساس اللي كنا نحكي عليه أن أمن الدولة في خدمة النظام وفي خدمة الاتجاهات وفي خدمة الأشخاص، ولا في خدمة الوطن، ولا في خدمة الضمير ولا في خدمة الحقيقة، هذا الأساس وبهذا على إيش قلت لك أنا؟ أبداً كان من الأهم لمصلحته أن تخرج أمن الدولة من الهياكل التصرفية العادية الحكومية، وأن تكون خارجة عن الوضع، والدولة والوطن قبل كل شيء، والحقيقة قبل كل شيء وفوق كل أحد.
أحمد منصور: كيف أُقلت في 8 ديسمبر 69؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي ولهذا.. ولهذا وقتها معناها كتبت وقت اللي وصلت الأمور إلى هذا واستفحل.
أحمد منصور: 6 ديسمبر.
(9/239)
الطاهر بلخوجة: واستفحلت أمورها، كان معناها تبين إذ ذلك من عام 64 بينت لك أنه كونه الفشل، فشل بن صالح، وواضح في.. في التعاضديات، وواضح معناها في كذا و.. وبدت.. وبدت التقارير تأتي حول معناها.. حول حقيقة الأمر في.. في.. في البلاد، وكان وزير الداخلية نفسه الذي.. الذي سماه أحمد بن صالح الذي اللي اعتقل و(...) أنا.. أنا كنت مدير.. مدير أمن إذاك، وتبين إذاك، تبين أن.. أن.. أن الأمور ستضمحل، ستتفكك تماماً، ولسوء الحظ أو لحسن الحظ.. كان لنا إذاك كان لنا معناها غذاء جمع مدير الأمن أنا، ومدير اسمه سعد محمود بنور، ومدير الحزب محمد الصياح، وشو اسمه؟ مناضلين، و..، تحدثنا على.. على الأمن، وتحدثنا عن التعاضديات وعلى أمن الدولة وكذا، وقلنا أن البلاد مش في (...) تسير في خدمة يوسفية اغتنم الفرصة إذاك بن صالح، وانتقل إلى رئيس الدولة وقال له يا سيدي كان هنالك غذاء من جماعة.. من مدير الحزب ومدير الأمن وتحدثوا، ضد التعاضد وضد سياستك، وكان له شيء خطر ثاني أن كونه صهرك إذاك الذي واخد بنت مرتك توفيق ترجمان آنذاك قال لوالي.. والي صفاقس أن التعاضديات والأمور فلست وأن معناها البلاد في خطر، وكان هنالك واحد آخر ثالث سليمان الطوبجي، هذا يحكيها لك، وحكيتها في كتاب أن كان طالب في موسكو، وتقابل مع الطاهر بلخوجة في المهدية وقالوا له أن الفتنة اليوسفية آسية، وأن أحمد بن صالح سيقع.
أحمد منصور: معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: ولهذا أنا معناها معناه حاجتين، إما أن تقضي على الجماعة هذه الكل وحتى نمشي (...)، وإلا ما كانش الجماعة هدوما أن.. أن.. أن أستقيل، ولهذا..
(9/240)
أحمد منصور [مقاطعاً]: التهمة الأساسية اللي وجهت إليك هو أنك من خلال هؤلاء الذين أرسلتهم وجاءوا بالمدارس الأمنية من بريطانيا.. من أميركا، ومن كندا، ومن فرنسا، ومن بلجيكا، هؤلاء حينما عادوا صنعت منهم أجهزة أو جهاز تجسس قوي على المسؤولين في الدولة حتى يصب عندك المعلومات، كان السبب الرئيسي وراء إقالتك هو اتهامك بأنك تتصنت وتجسس على المسؤولين في الدولة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا شوف يا سيدي.. شوف يا سيدي.. شوف يا سيدي..
أحمد منصور: وبالتالي أصدر بورقيبة كمان أمراً ليس بإقالتك وإنما باعتقالك.
الطاهر بلخوجة: لا، يا سيدي.. لا يا سيدي يومها.. يومها كانت هنالك قلت.. هنالك كانت ثلاثة معناها لجان بحث، اللجنة الأولى عند الباهي الأضغم، ولجنة ثانية عند واحد من.. من الإدارة، ولجنة ثالثة قوم عليها الأساس البحث عن بورقيبة، بورقيبة دعا من حضر الغذاء إذاك، دعا مدير الحزب محمد الصَّياح، ودعا وزير.. وزير وقتها.. وزير الصحة إذاك مدير.. وكان منجي القوعلي، وذهبوا وقال لهم: هل قال بلخوجة أن التعاضدات عبارة على شاشيت، شاشيت هذا على رأس ذلك أم لا؟ وما قيل في التعاضد هذا الأساس.. وكما تعرف أن كونه لما تريد معناها إغراق أحد ما تعطيه.. ما تحمله معناها مسؤولية سياسية وتعطيه عنفوان سياسي، وتعطيه معناها ضحية.. اللي ضحية سياسية، أبداً، تخلق له مشاكل أخرى، وتحدث.. وجاءت حكاية التجسس وإلى غير ذلك.
أول الأساس أنا قلت أن كونه الأمن الدولة إذاك هو يقول الحقيقة، ويقول الحقيقة على أياً كان، وكتب في كل المسؤولين.. ولأنه حملناه المسؤولية أن يكتب كل ما يسمع وكل ما يقال، صحيح أم أراجيف ومغالطة وقيل كثير إذا الأمور على بن صالح، وقيل كثير من الأمور على الوزراء اللي كانوا مستهترين وغير ذلك، وثبت.. وتبين إذاك أنه كانوا تجسس، ما هو تجسس، كتبوا.. كتبوا وفعلاً..
أحمد منصور: كل دا كان بيصب عندك الآخر
(9/241)
الطاهر بلخوجة: هيصب.. هيصب عنده موجود.. موجودين.. موجودين الآن، ومن المعقول، والحمد لله أنه كونه ها المسألة..
أحمد منصور: كل ما يقال يعني الآن أصبح كل وزير كان بيعتقد نفسه في أمن..
الطاهر بلخوجة: في أمن لأ، وجاءت أمن الدولة..
أحمد منصور: أمن الدولة الآن.. أنت رسخت من أمن الدولة مش على المواطنين كمان.
أحمد منصور: وإنما حتى على الوزراء والمسؤولين
الطاهر بلخوجة: لا.. لا على.. لأ مش على المواطنين، ما كانوا يتجسسوا على المواطنين
أحمد منصور: لا.. لأ.. لأ إزاي؟ المواطنين مسحوقين أصلاً.
الطاهر بلخوجة: لا يكتبوا.. يكتبوا.. يكتبوا يسمعوا وما يروا، وهذه أصل الأمن، وهذا لازم يدخل العقول
أحمد منصور: دا أصل الأمن؟
الطاهر بلخوجة: أيوه.
أحمد منصور: إن هو يسلب الناس حتى ما يمكن أن يقولوه في مجالسهم الخاصة أو على غذاء أو على عشاء.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. لا.. لا مش مهمة.. مش من..
أحمد منصور: يعني الأمن يحرم الناس من الخصوصية
الطاهر بلخوجة: وخليه يكتب.. ودي أكتب.. أو المفيد أن كونه أنت.. أنت اتجريت على..
أحمد منصور: يعني أن.. أن تعلموا الناس إن هم يعني يصبحوا متصنتين على كل كلمة، يتحول إلى إنسان أذن
الطاهر بلخوجة: لا.. لا (....) أخبرك على كل شيء لا.. لا أبداً.
أحمد منصور: هو كده معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا
أحمد منصور: بتقولوا بتغربل
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، هذا.. هذا الفرق ما بين النظام الأمني البوليسي الذي يتصنت..
أحمد منصور: أنتوا كنتم شيء تاني غير كده؟ كنتم شيء آخر؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا نتصنت على.. لا.. هذا.. هذا لا.. لا
أحمد منصور: هل كنتم شيئاً آخر غير نظام أمني بوليسي؟ وأنت أقريت بهذا.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، نظام البوليسي.. نظام بوليسي.. النظام البوليسي بدائي هذا اللي يحب يتصنت يروح جاي..
أحمد منصور: أنتم متطورين شوية بالأجهزة.. بالأجهزة.
(9/242)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، من غير شك في هذه المواضيع بدائي، ويحب يستمع كل شيء، ويحب يعرف كل شيء، ويحب يدخل في كل شيء، ويحط بوليسي وراء كل مواطن، نظام بدائي ولا أي نتيجة. النظام الذكي.. وغير ذلك هو كونه يختار كمبيوتر..
أحمد منصور: كمبيوتر وأجهزة
الطاهر بلخوجة: آه ما غير شك، يحب يعرف كل شيء من غير شك، شوف يا سيدي، ولهذا..
أحمد منصور: يعني الآن ما فيش واحد يعتقد إن هو أمن، تليفونات بتتصنتوا عليها، تليفونات
الطاهر بلخوجة: استنى.. استنى.. استنى.. استنى يا سيدي.. استنى يا سيدي.. استنى يا سيدي عيشت، لأ استنى هادوا الأمور بتصنتوا عليهم، عملوا..
أحمد منصور: دي أمور بدائية التليفونات
الطاهر بلخوجة: عملوا.. عملوا تقاريرهم، عملوا تقاريرهم وأحيلت على العدالة، لما سجنت في الشهرين ونص، والحمد لله أنا سجنت أحيلت تلك تقارير للعدالة، والعدالة قررت عدم سماع الدعوى، و.. ولوحت التقارير اللي كانت مبينة لأن معناه لا كان عندها حتى معنى، وخرجت أنا بعد شهرين ونص من السجن بدون أي محاكمة.
أحمد منصور: لأن اتضح أن التقارير دي هي جزء من نظام الدولة ونظام الأمن
الطاهر بلخوجة: اتضح أن.. لا.. لا.. لا اتضح إذاك أنها كل.. أن كل الأمور كلك لُفِّقت لأن.. لفقت
أحمد منصور: لفقت إزاي وسعادتك بتقول الآن إن كنت مخلي الناس تتصنت وكل حاجة تكتبها؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لأن.. لا لفقت حتى لا يكون الطاهر بلخوجة جاء ضد التعاضد، وأن موضوع التعاضد شيء وأن ثمة مشكلة واسمها تعاضدية، واسمها بن صالح، لا هي مش اسمها التعاضد، لا التعاضد لم يسمى البلاد، باسمها، هو موضوع سي طاهر بلخوجة عمال يتجسس على الإرشادات، تبين إذاك وخرجت من السجن، يا سيدي خرجت شهر مارس من السجن، بعد شهر مشيت سفير لداكار.
أحمد منصور: ما هو بورقيبة كان كده يا سيدي، يقرب ويبعد كان كده
الطاهر بلخوجة: لا ما أنا رجعت.. ويرجعك إذا سفير لدكار
(9/243)
أحمد منصور: آه بورقيبة زي اللي معاه الجنة والنار
الطاهر بلخوجة: لا.. شوف يا سيدي لا.. لا.. لا، يوم.. يوم.. يوم اللي صار معناها البعث بتاع بورقيبة في اليوم صارت اجتماع الديوان السياسي (...) اجتماع الديوان السياسي، وكان بورقيبة هائجاً ضدي معناها في الديوان السياسي، ولكن كان هائجاً بصفة كان هو أُرغم على ذلك، وكان ليمرر الأزمة حتى لا يستقيل بن صالح، وحتى لا يلوح له المسؤولية، وكان.. ما كان بن صالح، ذكي.. ذكي جداً، لأنه في 74 كتب إلى بورقيبة قال له "أنا حضرت الكوميديا التي قمت بها في الديوان السياسي ضد الطاهر بلخوجة الذي كان يعمل والذي طبق سياسة بورقيبة، كوميديا.. أعمال كوميديا كان بورقيبة، وهذه من.. من عبقرياته في الديوان السياسي، أنه مغشش وأنه كذا ما هواش الصحيح.
أحمد منصور: طبعاً.. طبعاً الآن لعبت دور.. لعبت دور.. لعبت دور خلال وجودك كمدير للأمن في إمداد بورقيبة بتفصيلات دقيقة عما يفعله بن صالح، ومددته بتقرير.. بتقرير أمني..
الطاهر بلخوجة: ...، وهذا المشكل.. هو هذا المشكل.. هاو المشكل.. أهو المشكل.
أحمد منصور: فكنت.. فكنت.. يعني تجسس على بن صالح لصالح بورقيبة في الفترة الأخيرة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. لا أنا أقول له ما هو موجود في البلاد، أي (....) مرة تانية، وأساسية والتي جعلت.. جعلت الجفوة معناها تجسدت.. رخت.
أحمد منصور: رفعت تقرير في فبراير 68 لبورقيبة
الطاهر بلخوجة: هو في هذا العام يا سيدي ذلك التقرير
أحمد منصور: رفعت أول تقرير عن بن صالح فأوغر صدر بن صالح عليك، وأصبحت أنت..
الطاهر بلخوجة: لا.. يا، لا مش تقرير يا سيدي بتاعي، لا هذا التقرير اختلسناه.. يا سيدي اسمعني..
أحمد منصور: اختلسوه إزاي؟
الطاهر بلخوجة: اختلسته الأمن
أحمد منصور: إزاي؟
(9/244)
الطاهر بلخوجة: اختلسته الأمن من سفارة أوروبية، لأن كانت المجموعة الأوروبية تجتمع وتقرر وتكتب لدولها عن الوضع الاقتصادي في البلاد.
اختلسنا تقرير تقرير كتبه الجماعة الأوروبية وتقول فيه أن كل الاحصائيات غالطة، وأن البلاد ماشية إلى.. إلى.. إلى الخراب، وأن الاقتصاد كذا وكذا، وأخذت التقرير وبعته لبورقيبة، وقتها كلمني في التليفون بورقيبة قال لي شو ها التقرير هذا؟ قلت له هذاك التقرير كذا، قال لي ابعته لوش لبن صالح، قلت يا سيدي أنا التقرير هذا خاص، وإلى غير ذلك، خليني أجي نحكي لك، قال لي لأن ابعته لابن صالح، وبعته لابن صالح، في المساء يعمل لي تليفون آخر تاني بورقيبة، يقول لي: يقول ابن صالح أن التقرير غالط، قلت لا يا سيدي أنا آتيك إذن الآن بأتيك بالأصل، وذهبت إلى القصر و.. وأعطيت الأصل لبورقيبة قلت له هذا الأصل، ولهذا بنعيشه، لا نحكي على الأمر، لأن الأمور معناها الأمور دقيقة، ولكن هذا الأصل، وقتها معناها تغيرت الأمور، ووليت أنا معناها أكبر عدو لبن صالح وللتعاضد وإلى غير ذلك، وأنا قيمت القيامة
أحمد منصور: أصبح..
الطاهر بلخوجة: ولهذا صارت (...) الوضع، و.. والحمد لله أنني معناها دخلت السجن شهرين، وصارت ديك المرة هذيك، و.. وعاونت بورقيبة..
أحمد منصور: بعد خروجك من السجن
الطاهر بلخوجة: خليني أنا أقل.. طيب هذا الشيء.. عشت، أنني عاونت بورقيبة أن خرَّج البلاد من أزمة، ولو فعل ذلك وزير الداخلية إذاك أو المسؤولين لخرجنا من الأزمة أربع أو خمس سنوات قبل، ولو لم يكن ذلك لكانت تتمادى الأمور على الأقل أربع، خمس قبل، ولهذا أنا أعتبر.. أنا فضلي البلاد في الموضوع هذاك كبير جداً أن أساعد بورقيبة وأعود بورقيبة حتى قلبنا الأمور، ودفعت..
أحمد منصور: ورسخت نظام الأمن.. رسخت نظام أمن متسلط على الشعب.
(9/245)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا أنا دفعت.. دفعت أن.. دفعت.. لا.. لا كي أدافع على نفسي، دفعت ثمن غالي ودخلت السجن شهرين، و.. خرجت منه بدون حاله.. بدون
أحمد منصور: رجعت سفير بعديها وبعدين وزير وكذا
الطاهر بلخوجة: وسفير.. وبعدها سفير ست أشهر، وبعد كده (....)، وبعدين وزير.
أحمد منصور: رحت إلى إسبانيا.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. يا سيدي عيشت، عيشت، والله اسمعني عيش شوية، هل ممكن
أحمد منصور: معالي الوزير
الطاهر بلخوجة: لا والله ما قلت، لا والله لا
أحمد منصور: هآجي لك بالتفصيل، ما تقلقش.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أنا عيش لا عايش، لا.. لا هاي والله اسمعني. هل ممكن.. في جاوبني، هل ممكن لأحد يتجسس ويعمل على.
أحمد منصور إذاك: ما هو لصالح الرئيس.. لصالح الرئيس، مش لصالح حد تاني.
الطاهر بلخوجة: أنا قلت أنا خليني نكمل ها شوية، خليني نكمل عيش، خليني نكمل عيش، عيش، خليني نكمل، هل ممكن الواحد أن.. أن يعمل تجسس في الأمن وأن يعمل ذلك ويرجع وزير داخلية بعد عامين في نفس الجهاز؟ هل ممكن يعني..؟
أحمد منصور: طبعاً، آه طبعاً يكافأ، طبعاً آه وهذا ما حدث معك.
الطاهر بلخوجة: وكان وكان.. وإن كان.. لأن..
أحمد منصور: بعد ذلك عينت وزير للداخلية من 73 إلى 78
الطاهر بلخوجة: مصلحة.. مصلحة البلاد، مصلحة.. ولهذا عملت في مصلحة الوطن ومصلحة البلاد، ولا مصلحة بن صالح ولا مصلحة الأشخاص..
أحمد منصور: لمصلحة بورقيبة، معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: يا نعم سيدي بورقيبة كان رجل، أنا بالأخير.. بالأخير.. بن صالح أو تخدم بورقيبة، جاوبني؟
أحمد منصور: لا بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: يا سلام، أنا.. أنا
أحمد منصور: بتعمل لمصلحة بورقيبة. إنما أنت بتقول مصلحة الوطن، الوطن حاجة تانية.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، بورقيبة يجسد الوطن إذاك، حتى
أحمد منصور: أوه الوطن أنا وأنا الوطن، سنأتي إلى هذه المفاهيم، سنأتي إليها.
(9/246)
الطاهر بلخوجة: هذا كان لا سنأتي نحكي.. نحكي
أحمد منصور: بعد ذلك ذهبت إلى إسبانيا، داكار ثم إسبانيا
الطاهر بلخوجة: أيوة ست أشهر بعدها كنت رجعت في.. رجعت تاني أزاول الفلاحة
أحمد منصور: وبعد ذلك في 6 نوفمبر.. في 6 نوفمبر 1970 تم إقصاء حكومة الباهي.. أو إقصاء الباهي الأضغم من منصبه، وأصبح الهادي نويره هو رئيس الوزراء.
الطاهر بلخوجة: أي نعم يا سيدي.. أي نعم يا سيدي، صحيح.
أحمد منصور: عينت في حكومته كاتب دولة للفلاحة في العام 70
الطاهر بلخوجة: صحيح، الشباب
أحمد منصور: وزير للشباب من 71 لـ73
الطاهر بلخوجة: وزير الشباب والرياضة أي نعم سيدي.
أحمد منصور: ويقال أن دور وزير الشباب كان المهم إلهاء الناس .. الشباب عن السياسة في ذلك الوقت.
الطاهر بلخوجة: كيف ذلك؟
أحمد منصور: بعد ذلك في 18 مارس 73عينت وزيراً للداخلية إلى ديسمبر 78
الطاهر بلخوجة: أيوه.
أحمد منصور: وخرجت بأسلوب مآسوي أقرب ما يكون إلى الأسلوب الأول. في الحلقة القادمة..
الطاهر بلخوجة: هي لنفس.. لنفس الأسباب تعطي نفس النتائج، سأبين ذلك، لأنني اخترت أن أقول الحقيقة، وأن لا.. وأن تكون وزارة الداخلية فوق كل شيء، وأن لا يستعملها الحزب إذاك ضد المواطنين وضد اتحاد الشغل، و.. وسنحكي فيها.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة وزارتك للداخلية ووزارتك للإعلام.. أيضاً أشكرك معالي الوزير شكراً جزيلاً.
الطاهر بلخوجة: ألف شكر.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة.
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/247)
الحلقة7(9/248)
الثلاثاء 28/4/1423هـ الموافق 9/7/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 15:15(مكة المكرمة)،12:15(غرينيتش)
الطاهر بلخوجة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق - الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
07/07/2002
- تعيين بلخوجة وزيرا للداخلية وإدارة بورقيبة للدولة
- وزارة الداخلية وتعاملها مع المواطنين
- بورقيبة والعمل على فكرة الوحدة مع الجزائر
- سيناريو الوحدة التونسية مع ليبيا عام 1974
- بورقيبة ووقوفه ضد كل ما هو إسلامي
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة معالي الوزير مرحباً بيك.
الطاهر بلخوجة: السلام عليكم، أهلاً وسهلاً.
تعيين بلخوجة وزيرا للداخلية وإدارة بورقيبة للدولة
أحمد منصور: في السادس من نوفمبر عام 1970 حينما كان الباهي الأضغم في مهمة للإصلاح بين الأردنيين والفلسطينيين في أعقاب اندلاع أحداث أيلول أقصاه بورقيبة من منصبه وعيَّن مكانه الهادي نويرة في حكومة استمرت إلى العام 1980 عُينت كاتباً للدولة للفلاحة في العام 1970. وزيراً للشباب من العام 71 إلى العام 73، ثم وزيراً للداخلية من الثامن عشر من مارس عام 73 إلى ديسمبر عام 78، كيف تلقيت نبأ تعيينك وزيراً للداخلية؟
الطاهر بلخوجة: والله تلقيت نفس الشيء كما تلقيته في سنة 66 وأنا في السنغال كسفير.
أحمد منصور: كيف؟
الطاهر بلخوجة: كيف؟ تلقيت برقية من وزير الخارجية إذَّاك كان الحبيب الابن، يطلب مني الرجوع فوراً إلى تونس بطلب من الرئيس لمهمة سأُعين فيها، فكان جوابي إذاك أنني أنني سأكون أنني سفير في ثمانية بلدان، ويتطلب وقت لتوديع رؤساء الدول على الأقل شهر.
أحمد منصور: هذا 66؟
(9/249)
الطاهر بلخوجة: هذا 66، فكان جوابه على أساس الرئيس أن أودَّع كتابياً، أبعث لرؤساء الدول رسائل للتوديع وأرجع ورجعت وكانت إذاك تكليفي بمهمة في ديوان أحمد بن صالح ورأينا.. نفس الشيء بالنسبة لتعييني في وزارة الداخلية، هو تعييني في وزارة الداخلية إثر فرار أحمد بن صالح، فر أحمد بن صالح في شهر مارس 73، وأنا كنت ممثل الدائم، السفير الممثل لدى الأمم المتحدة في جنيف وفي نفس الوقت سفير في الفاتيكان في روما.. نتنقل من هنا وهناك، وكان نفس الشيء كان ليست.. لم تكن برقية، بل كان..
أحمد منصور: استدعاء هاتفي.
الطاهر بلخوجة: لا استدعاء هاتفي من طرف الوزير الأول يضبط إليَّ طريق الوصول إلى تونس.
أحمد منصور: كمان..
الطاهر بلخوجة: لأن إذاك من الغد ليست هنالك طائرة..
أحمد منصور: من جنيف.
الطاهر بلخوجة: على طول، من جنيف إلى.. إلى تونس فقال لي أنا رتبت لك ذلك، ستذهب إلى روما ومن روما تأخذ Tunis Air، تونس الجوية، ومن تونس الجوية وقت لتوصل إلى تونس تلقى السيارة أمام.. أمام.. أمامها..
أحمد منصور: طبعاً أنت في جمهورية بورقيبة؟
الطاهر بلخوجة: والله.. لا يجب على أي أساس..
أحمد منصور: أنت في جمهورية بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: على أساس بورقيبة هو نفسه لا، على أساس بورقيبة لما.. لما تكون له غاية ولما يكون له موضوع يريد أن يفض الموضوع في أقرب الأوقات.. غير معقول.
أحمد منصور: طبعاً، جمهورية بورقيبة الخاصة.
الطاهر بلخوجة: أحسن.. أحسن من الخذلان أحسن من الخذلان وعدم اتخاذ الموقف..
أحمد منصور: ليس هناك نظام دول ولا بروتوكولات ولا.. ولا شيء..
الطاهر بلخوجة: لا.. بروتوكولات.. مع.. مع..
أحمد منصور: تعال.. تعال، روح.. روح
الطاهر بلخوجة: مع الناس اللي تعمل معاه فيه بروتوكولات ما فيه، هنا دي.. هذا من غير شك أحسن، ولو كان معناها حتى يصبر وحتى يدرس وحتى يسمع وحتى أيش وتفوت الأمور لا.. لا، لأن..
(9/250)
أحمد منصور: لذلك الدول الأخرى متأخرة.
الطاهر بلخوجة: لا، لم أقل هذا لا.. لا المسؤول لا، المسؤول هي حنكته في القرار، في أخذ القرار بسرعة وأخذه لأحسن القرارات التي أمامه وفي أقرب الأوقات، هذا الأصل وإلا يكون كيف الناس كلها.
أحمد منصور: هؤلاء ملاك العزب، ملاك الضيعات الخاصة، مش رؤساء الدول يا سيادة الوزير.
الطاهر بلخوجة: كيف الضيعات الخاصة؟
أحمد منصور: يعني الدول لها نظامها في اختيار الناس وتعليم الناس..
الطاهر بلخوجة: آه لا.. النظام هذاك الشأن.
أحمد منصور: وذهاب الناس ومجيء الناس أما بالتليفون يُقيل رئيس وزارة وبالتليفون يعين رئيس وزارة، بالتليفون وبالبرقية يجيب سفير من آخر الدنيا..
الطاهر بلخوجة: لا.. من مؤهلاته.. من مؤهلاته..
أحمد منصور: كل شيء فيه نظام.
الطاهر بلخوجة: ها ذاك من مؤهلاته الرسمية البروتوكولية العادية، رئيس الدولة يقيل من يشاء، ويثبت من يشاء ويعين من يشاء، الحاجة الطريفة في بورقيبة إنه لما يعين يريد أن يقع التعيين تواً فوراً، وإنما تكون.. وأن تأخذ المسؤوليات فوراً، هذا طيبة، لأن هي العديدة ومش عديم المسؤولية يدخل في ثبات، ولهذا أنا أعتبرها لنا على كلٍ أنا.. أنا شرف إلي ومعناه تقديره، معناها أن اختارني..
أحمد منصور: فقط أن يتعرف على أسلوب إدارة الدولة.
الطاهر بلخوجة: أن يختارني بذلك.. حاضر.. أنا على ذمته.
أحمد منصور: نتعرف على أسلوب إدارة الدولة كيف كان بورقيبة يدير الدولة؟ كيف كان يُعين ويُقيل ويذهب ويأتي بالناس فقط نريد أن نفهم هذا الأمر.
الطاهر بلخوجة: يدير ويعمل لأن.. لأن يا سيدي المشاكل عديدة والأمور معناها صعبة في بعض الأحيان ويجب أن نتخذ القرار وأن.. وأن يعرف كل الناس أنك معناها في مسؤولية معينة..
أحمد منصور: يعني أنت توافقه على ما كان يفعله في الإقالة والتعيين والأسلوب الذي كان يتبعه في إدارة الدولة؟
(9/251)
الطاهر بلخوجة: والله يا سيدي فيه وعليه.. فيه وعليه، صحيح عندك حق فيه وعليه، معناها كان أقال عدة مرات عن.. عن كثب معناها، وفي بعض الأحيان ربما ينفعل وإقالته مش.. مش مجدية، صحيح كان كل..
أحمد منصور: هل لعبت (وسيلة) دوراً في تعيينك وزيراً للداخلية؟
الطاهر بلخوجة: والله لعبت دوراً، لا أقول أنها كانت هي التي عينتني في وزارة الداخلية.
أحمد منصور: هي التي أوحت بتعيينك.
الطاهر بلخوجة: لا لم تكن لا.. لا.. لا، بورقيبة لا حاجة.
أحمد منصور: هي التي أشارت، هي التي اقترحت، هي التي دعمت، هي التي دفعت.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا بورقيبة.. لا بورقيبة ليس في حاجة إلى.. إلى الوعي وإلى الدفع هذا أن تقول أن كونه استبشرت.. بورقيبة بتعييني صحيح.. وسيلة بتعييني؟ صحيح
أحمد منصور: نحطها تحت أي لغة يعني؟
الطاهر بلخوجة: وعليه أنت تفتخر مسؤولية من الأحسن لازم يكون عندك كل الناس معاك
أحمد منصور: أنت جئت في أعقاب الهادي خَفْشة..
الطاهر بلخوجة: الهادي فشه.
أحمد منصور: فشة.
الطاهر بلخوجة: خشَّة.
أحمد منصور: وكان الهادي فشة كان.
الطاهر بلخوجة: خشَّة.
أحمد منصور: يعني من أكبر مرافقي المجاهد الأكبر بورقيبة ومن حوارييه كما يقال..
الطاهر بلخوجة: والله.. والله مش..
أحمد منصور: ولكن (وسيلة) لم تكن راضية عنه
الطاهر بلخوجة: لا أبداً.. أبداً، لا يا سيدي الهادي خشَّة راجل طيب ما عنده أعداء، أنا لازم أؤكد لك، أولاً هو قريب من بورقيبة من العائلية لإنه من بلدة (ابوستير) حتى مسؤوليات شخصية، ما عندوش معناها عنده مكانته بالحزب، ولكن ما كانش من كبار المناضلين أو المسؤولين ولكن كان قريب لبورقيبة، صارت معناها تنحيته من وزارة الداخلية إثر فرار أحمد بن صالح، وفي الحقيقة.. في الحقيقة..
أحمد منصور: كان هذا سبباً رئيسياً في إقالته..
الطاهر بلخوجة: كان هو السبب الرئيسي وهو ده المعقول..
(9/252)
أحمد منصور: وعلاقته السيئة بوسيلة.
الطاهر بلخوجة: لا أبداً ما عندوش حق لا أبداً اسمع يا سيدي أي المسؤول لما تكون.. وهذا مسؤول.. وهذا الشيء الذي يجب أن نتبعه، شوف يا سيدي أنت في ألمانيا وإلا شوف.. وإلا في..
أحمد منصور: دول عالم وإحنا عالم تاني.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا اسمع، خليني.. اسمع بس..
أحمد منصور: وبعدين جمهورية.. جمهورية بورقيبة جمهورية مميزة ليس لها مثيل
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. معلش يا سيدي أنا تحب دائماً نفكر قبل ونفكر أمم وإحنا عالم ثاني وإحنا عالم منحط وإحنا قراراتنا معناها...
أحمد منصور: لا.. لا إحنا مش عالم منحط
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أنا..
أحمد منصور: إحنا أرقى الناس لو أردنا أن نكون كذلك.
الطاهر بلخوجة: ولهذا أنا أعطيك مثال أن في ألمانيا وفي.. لما تكون أي مسؤولية قام بها شخص، المسؤول الأول هو الذي يخلص (....) يخلص الثمن، معقول.. معقول هذا ويجب أن يكون ذلك، بث أعرف أن المسؤول الأول أنه المسؤول على كل الجهاز وفي كل خطواته وفي كل مسؤولياته هذا شيء معناها تقليدي بروتوكولي معروف.
وزارة الداخلية وتعاملها مع المواطنين
أحمد منصور: حينما.. حينما توليت الأمن في العام 67 في أعقاب اندلاع المظاهرات التي قامت في الخامس من يونيو والسادس من يونيو في تونس وجدت حالة مزرية –كما وصفت قبل ذلك- للأمن
الطاهر بلخوجة: صحيح..
أحمد منصور: كيف وجدت وزارة الداخلية حينما توليت مسؤولياتها في العام 73؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي وزارة الداخلية لأنها أولاً أنا أعرافها، وعملت فيها مدة سنتين كمدير عام للأمن الوطني وحتى بعد ما تعرف راح تدخل أنت في البوتقة بتاعة الأمن..
أحمد منصور: خلاص بتظل لك الشبكة.
(9/253)
الطاهر بلخوجة: لأ مش شبكة، تروح تتبع ما فيش لا، نوعاً ما من الشغب في.. صحيح، معناها تلك المهنة، المهنة.. وتتبعتها وما كنتش معناها غريب.. غريب عنها، وكنت –في الحقيقة- معتز لأن عديد من الأمور كانت في بالي ومن شان نطبقها ومن شان نحورها وما كان.. ما كان أمكن جت الأزمة وخرجت ولهذا لما جئت إلى الداخلية كنت مليء بالأفكار ومليء بالاتجاهات والحمد لله.
أحمد منصور: كيف وجدتها قبل الأفكار والاتجاهات؟
الطاهر بلخوجة: لا وجدتها لم..
أحمد منصور: كيف كانت تتعامل مع الناس؟ كيف كانت مستوى الإهانات ومستوى التعامل السيئ الذي توصف به وزارات الداخلية دائماً بالنسبة للمواطنين في العالم العربي؟
الطاهر بلخوجة: العالم العربي.. هذا.. هذا من الهموم التي معناها نكركر فيها معناها الناس أن الداخلية عبارة على.. على شرطة وعلى عصاه وعلى هذا مش صحيح، والله وزارة.. وزارة..
أحمد منصور: مش صحيح، أمال اللي بيجري للناس أيه ده يا معالي الوزير؟
الطاهر بلخوجة: أنا أعتبر والله وزارة الداخلية معناها فيها.. فيها من الإنسانية بكثير والله لأنها ضد هذه المشاكل.
أحمد منصور: يعني لسه أمس مأساة كبيرة في تونس، إن أستاذ جامعي كبير، منظمة دولية تتدخل من أجل منحه حقه في الحصول على جواز سفر.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي..
أحمد منصور: قضية جوازات السفر قضية مأساوية في تونس، حتى الآن المواطن مش من حقه أن يستخرج جواز سفر ليخرج به ويذهب به، منظمات حقوق الإنسان، الناس اللي بيُعتقلوا وبيفرج عنهم، كل واحد يفتح فمه يعني يذهب وراء الشمس كما يُقال، وبتقول لي حضرتك وزارات الداخلية ممتازة وكويسة ولطيفة..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، وزارة الداخلية شيء كهيكل لا بأس به، أما..
أحمد منصور: في كل الدنيا شيء مطلوب إنه يكون فيه وزارة داخلية.
(9/254)
الطاهر بلخوجة: لا السذاجة.. السذاجة، في استعمال الداخلية، في سوء استعمال الداخلية، هناك هيكل أساسي، هيكل نظام لا بأس به.
أحمد منصور: في كل الدنيا لا يختلف اثنان على ذلك، أنه النظم والقوانين شيء رائع وشيء راقي وشيء تقوم عليه الدنيا، ولكن أسلوب تطبيقها
الطاهر بلخوجة: والرجال.. والرجال.. الرجال
أحمد منصور: والرجال الذين يقومون بهذا.. بهذا التطبيق في القضية.
الطاهر بلخوجة: أنت والرجال، إنه فيه رجال معناها طيبين وفيه رجال معناها يقوموا بأعمال..
أحمد منصور: في أول قضية اعتقال سياسي في عهدك كوزير للداخلية اعتُقل 33 وقُدموا للمحاكمة وكانوا أعتقد من اليساريين وقلت في كتابك أنهم يعني تم التحقيق معهم بصورة حضارية، قل لنا الفرق في التحقيق بين الصورة الحضارية والصورة غير الحضارية؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أولاً (....) ما كانوا يساريين، هو في الحقيقة كانوا ذيول.. كانت ذيول لأحمد بن صالح، كيف كان الموضوع؟ كان أحمد بن صالح اجتمع بهم أظن في مدريد أو في..
أحمد منصور: اليوسفيين موضوعهم خلص من الستينات..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. ما بأحكي.. لا.. لا..
أحمد منصور: والآن دخلنا في أحمد بن صالح وذيوله..
(9/255)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أنا أحكي لك، أنا أحكي لك أنا، لما خرج أحمد بن صالح سبعين ودخل، كانت معناها قرروا أعيانه وجماعته وإلى غير ذلك، القريبين منه اجتمعوا معه في ذلك وكونوا حزب.. الحزب الشعبي.. الحزب (union popular) الوحدة الشعبية.. الوحدة الشعبية، وأتوا إلى تونس ومنهم بعض مش مع أصدقائي معناها ما مش، ممكن بلاش نقلقهم أنا مثل محمد حاج.. صديقي، معناها صديق الطفولة وجاءوا إلى تونس وكتبوا المناشير، وقالوا أن الوحدة الشعبية موجودة وكذا وأنهم وانتقدوا سياسة الهادي نويرة بصفة لاذعة، اعتبار أن سياسة ليبرالية وبرجوازية ومعناها قهرية وإلى غير ذلك وإلى غير ذلك من الأمور، وأنا قلت حتى في الواحد والله يا سيدي أنا.. أنا لأن أنا أفرق بين مناشير وتوزع ويجب أن توزع وبين معناها ربما مواقف التي تسيء خاصة أن لازم نعرفوا أن إذاك في وزارة الداخلية في تونس لأن كان عندنا الحزب الحاكم (
ووزارة الداخلية وكل يعتبر نفسه حريص على النظام ويتتبع مشاكل النظام.
أحمد منصور: والحزب لديه ميليشياته...
الطاهر بلخوجة: آه وإذا كان في الداخلية أنت ما تقوم..
أحمد منصور: ولديه دولة
(9/256)
الطاهر بلخوجة: وإذا كان في الداخلية أنت ما تقوم بواجب. وإذا كان في الداخلية أنت ما تقومش بواجبك وإلا ما كنش معناها تسكت على بعض المواضيع يجيك جماعة حزب في الديوان السياسي مثل.. كيف هذا؟ هو فعلاً جاني في الديوان السياسي وجاءوا المسؤولين في الحزب وقالوا ريس شفت يا سيدي أمام الوزير الأول.. الديوان السياسي للحزب، ما هذه المناشير، ما هذه الأمور وإذا سمع بها رئيس الدولة الذي.. الذي تعرفون معناها رأيه فيما يخص أحمد بن صالح وجماعة وكذا وكذا..، ومعناها من غير شك هذا جعلني من الغد أبعث شماعه هادوم الإخوان، وأقول ماعيش الوضع شويه، ننزل إلى المناشير إلى مدة، لأن أنا مشيت بيش أكون مجبور على إيقافهم وعلى إعادتكم للعدالة، والوقت الحاضر ما إحناش في.. الجو لا يلائم هذه.. هذه الأوضاع، لا لأ، حددنا..
أحمد منصور: المهم قُبض على 33..
الطاهر بلخوجة: قُبض على 33 و..
أحمد منصور: وأنا سؤالي عن التحقيق الحضاري في وزارة الداخلية والتحقيق غير الحضاري.
الطاهر بلخوجة: التحقيق الحضاري أنه قيل الكثير عن سنة 67، وتحدثنا في هذا وفسرنا هذا..
أحمد منصور: طبعاً..
الطاهر بلخوجة: أنا في سنة 77 كان نوعاً من التعنيف، كان تعنيف معناها من طرف كانت الأجهزة، أجهزة من ناس كانوا مع.. تعاملوا في فرنسا، ولهم أساليبهم وهكذا، وكانت التعنيف..
أحمد منصور: يعني الآن أنت حضرتك محول التعذيب إلى التعنيف.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا سيدي، لا.. لا، التعنيف ما حصل مش كيف.. مش كيف وتم تعذيب مش نفس الشيء ما أقل، ولكن هو كهذا وهذا ما يستحق، لأ، أنا ضد التعنيف، وضد التعذيب.. متفق معاك.. أنا ضده، ولكن أنا كنت ما أنيش وحدي أنا، أنا في جهاز، جهاز كامل يعمل معناها بي وبغيري أنا..
أحمد منصور: بس الجهاز كله بيخضع لسلطة وزير الداخلية.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا وزير الداخلية لأ، وزير الداخلية مش موجود معناها.. موجود في نطاق.. في نطاق..
(9/257)
أحمد منصور: زي ما كنت مدير للأمن، وأنكرت أنك لا تعرف أن.. أن هناك تعذيب.
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية في النطاق الرابعة ولا الثالث مو.. مو يعرف شو موجود في نطاق الأول.
أحمد منصور: لازم يعرف يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: لازم.. عندك حق..
أحمد منصور: بالذات عندكم في أنظمتكم لازم يعرف..
الطاهر بلخوجة: عندك حق.. عندك حق..
أحمد منصور: يعني همَّ يعذبوا الناس بدون علم وزير الداخلية؟
الطاهر بلخوجة: عندك حق لا لأ.. عندك حق.
أحمد منصور: أنت في الآخر تريد اعترافات، الاعترافات دي تُنتزع بأي طريقة.
الطاهر بلخوجة: فيه.. فيه هو بييجي معناها الشرطي ييجي لوزير داخلية يقول أنا عذبت، أبداً، هو يجيب له نتيجة الأبحاث، ما يقول لك على الوسائل اللي استعمالها.
أحمد منصور: لا يا معالي الوزير لا.. لا.. لا..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا..
أحمد منصور: كيف؟ يعني الآن معلش اسمح لي هذه مغالطة كبيرة جداً إن وزير الداخلية لا يعلم ما يحدث للمعتقلين السياسيين، وكيف تُنتزع منهم الاعترافات.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، أما متفق أن وزير الداخلية يجب عليه أن يعلم، بأتفق معك، أما أنا أقول لك أنا لم أكن أعرف..
أحمد منصور: طب إزاي قلت إن تم التحقيق بصورة حضارية.
الطاهر بلخوجة: صورة حضارية أنا قلت لك، مقارنةً مع ما كان عليه.. ما كان عليه البحث سنة 69، كان البحث في سنة 74 بالجماعة كان بصورة حضارية لا بصورة على الأقل معناها تحت رغم..
أحمد منصور: يعني بدل التعليق والتعذيب والكرباج أصبحت فيه وسائل أخرى يعني..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا، ربما اسمح لي..
أحمد منصور: منها وسائل نفسية.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي أنا أقول لك والله بالنسبة..
أحمد منصور: ما هو.. حضاري يعني أيه؟
الطاهر بلخوجة: يا.. يا.. يا سيدي.
أحمد منصور: فيه تعذيب حضاري، وتعذيب رجعي؟
(9/258)
الطاهر بلخوجة: شوف يا سي أحمد، هو.. لماذا تعذب الإنسان لما هو..
الطاهر بلخوجة: إحنا بنسألكم في الكلام ده.
الطاهر بلخوجة: لأ، خليني.. خليني أفسر لك عن شيء..
أحمد منصور: فلسفة الداخلية كلها قايمة على التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة من المعارضين.
الطاهر بلخوجة: خليني.. أفسر لك.. خليني..
أحمد منصور: اتفضل يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، أنا معناها شرطي.. أنا شرطي وجيه أمامي معناها مذنب، أطلب منه معناها أن يقول لي شيء، وهو ينفي ذلك ويتنكر وقتئذٍ استعمل معاه القوة، ولكن وقت اللي هو المذنب بيقول لك: لا يا سيدي، أنا أقول لك كل شيء، وأكثر من ذلك أريد أن أجاهرك بمواقفي و.. بالمبادئ اللي عندي وأنا ضد الحكومة وأنا ضد كذا..
أحمد منصور: من حقه.. من حقه ألا يعترف..
الطاهر بلخوجة: طب استنى لا.. لا..
أحمد منصور: مش أنت بعثت لبلجيكا ولأميركا، هناك فيه تعذيب؟!
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا، شوف يا سيدي، هادوم الناس اللي شدناهم في عام 69، وعام..
أحمد منصور: أنا في 73..
الطاهر بلخوجة: خليني أكمل لك.
أحمد منصور: اتفضل.
الطاهر بلخوجة: يعيشك.
أحمد منصور: اتفضل.
الطاهر بلخوجة: عام 69 وعام.. همَّ ناس أيديولوجيين، ناس معناها في مستوى راقي، أذكياء، عندهم مبادئ، عندهم اتجاه، يحبوا أن يتحدثوا عن اتجاههم، ولهذا ما كان لزوم.
أحمد منصور: يتحدث مع مين، مع رجل الأمن؟
الطاهر بلخوجة: مع رجل الأمن حتى يكتب.. حتى يكتب وحتى نقرأ أن.. أننا في ذلك الاتجاه، وأننا سنواصل المسيرة، وأننا كذا كذا، ولهذا يقول أولاً..
أحمد منصور: معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: استنى يعيشك.. استنى، يقول كل شيء، ويقول اتجاهه، ولهذا مافيش فائدة لتعذيبه، بعدما.. إذ لم نتمكن..
أحمد منصور: ليس من حقك أن تعذبه إذا رفض أن يعترف..
الطاهر بلخوجة: أتفق معاك، لم يرفض، أنا أقول لك أن لا جماعة 69.
(9/259)
أحمد منصور: اللي بيرفض بتعذبوه.
الطاهر بلخوجة: ما رفضوا، لأن.. لا..
أحمد منصور: والآن سعادتك بتقول إن اللي بيرفض ما بيتكلمش يبقى إحنا هنعذبه..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا ما قلت إحنا كمان أحب نفسر لك.. كيف تقع الأمور، لأن هم لا.. لا يرفضوا، لأنهم كلهم كانوا في مستوى معين، هذا.. ما هذا ما يعنيش أن لا..
أحمد منصور: الآن فيه محاكم دولية..
الطاهر بلخوجة: أنا.. أنا نفسر لك، هذا ما يعنيش أن لا..
أحمد منصور: الآن فيه محاكم دولية.
الطاهر بلخوجة: أنا.. أنا نفسر لك، هذا ما يعنيش أن كون الشرطي في تقاليده هو وخاصة جماعة اللي كانوا هم في فرنسا وغير ذلك، وحتى الشرطي العادي اللي هو التقني يجب عنده لسوء الحظ.. لسوء الحظ بعض منهم عنده.. معناها نعرة للإهانة نوعاً ما..
أحمد منصور: يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: حتى إذا كان قال الحق، فيه شويه هذا.. فيه موجودة، لهذا..
أحمد منصور: الآن فيه محاكم.. فيه محاكم دولية فيه محاكم دولية الآن يستطيع أن يلجأ إليها هؤلاء الناس الذين عُذبوا حتى قبل ثلاثين عاماً ليجروا معاقبيهم.
الطاهر بلخوجة: أتفق معك من غير.. من غير شك.
أحمد منصور: ويحاكموهم محاكمة.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: وللأسف معظم هذه وسائل التعذيب وغيرها التي تتم.. بتتم في دولنا وفي دول العالم الثالث الأخرى.
الطاهر بلخوجة: ماعادش.. ماعادش ممكن، اسمع حتى إذا كان موجود.
أحمد منصور: إلى اليوم فيه تعذيب.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا فيه تعذيب.
أحمد منصور: إلى اليوم فيه ناس طالعة من السجون الأسبوع اللي فات والأسبوع اللي قبليه وتشكو مرارة من التعذيب الذي تعرضت ليه.
الطاهر بلخوجة: ولكن.. ولكن الفضيحة كامنة، قبل.. ونقول الحقيقة، قبل ماكانش ثمَّ فضائح كانت أمور ربما مستترة...
أحمد منصور: ماكانش فيه إعلام، ماكانش فيه عولمة، ماكانش فيه إنترنت، ماكانش فيه الدنيا اتفتحت.
(9/260)
الطاهر بلخوجة: ماكانش فيه صحيح.. صحيح.. أيوه، بارك الله فيك.
أحمد منصور: ويرتكب جريمته ضد المواطن البسيط ويعتقد أنها لن تكشف.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. كله صحيح.. كله صحيح، والحمد لله أن تغيرت الأوضاع، والحمد لله أن كل شيء انكشف، والحمد لله أن الإنترنت موجود والمحاكم الدولية موجودة حتى في أي.. كل بلد في تونس أو في غيرها يجب أن نبتعد عن هذه الأشياء التي هي ليست إنسانية، ولا تأتي حتى فنياً وأمنياً، لا تأتي بفائدة أن تعذب أحد، لأن فيه طرق أخرى بالحجة وبحجج أن.. أن يقول.. أن يقول لك كذا، ما هو أنا.. أنا المرة الأخيرة ما أنا قلت لك على مسألة ما عنديش.. على.. على.. على المنشور اللي عملته على.. يخص الإيقاف التحفظي، وذكرت الأمن بالدستور، وذكرته بكذا وغير ذلك.
أحمد منصور: دستور أيه؟ الدستور بيتغير كل يوم على حسب هوى الحاكم.
الطاهر بلخوجة: صحيح، بصفة مطلقة عندك حق، الحاكم وطريقته في الحكم وغير ذلك، عندك حق في هذا وخاصةً في العالم الثالث، أنا أقول لك بالنسبة.. بدون أن أخرج من المسؤولية أنا.. أنا مسؤول، وقلت لك المرة الأخيرة أن ولو حتى جرح صغير ولا تعنيف أي شيء أنا مسؤول عليه، وأتحمل مسؤوليته، وأقل لك وأطلب العفو لمن.. لذلك لأن لي في تركيبتي وفي طبيعتي وغير ذلك مش من.. من.. من أخلاقي، مش من طبيعتي أنا الأساسية، وعلى بركة الله، أنا ساير على بركة الله، لا أنكر ذلك ولا.. وأعمل كما يقول الفرنسيين (...).
أحمد منصور: أشكر لك شجاعتك فعلاً يعني في الحديث بهذه الطريقة.
الطاهر بلخوجة: لأ هذا الحديث.. هذا..
أحمد منصور: وربما كثير من الناس الذين يُعتقد أنهم تضرروا من ولايتك للداخلية أو للأمن ربما يسمعونا الآن، ويعني أنت تطلب العفو منهم، لكن أيضاً مشكلة الجوازات معالي الوزير في تونس على وجه الخصوص وحقوق الناس في الحصول عليها إلى اليوم الأمر قائم، وهو امتداد لما كان في عهدكم.
(9/261)
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح، يا سيدي والله أنا في عهدي.. والقوانين موجودة، كان.. كان أنا أقول.. موجود كان في وقتي أنا عام 73 يا سيدي كان جواز سفر كل مرة وقت اللي بتمشي البداية إذاً ترجع بجواز سفر بس يزيدوك بلاد ثاني على أساس ما تمشيش بإسرائيل، نحيت هذا كله وحطيت جواز السفر بكل البلدان، الحاجة الثانية كان جواز سفر لثلاث سنوات مدة صلاحيته مديته لـ 5 سنوات، وعملنا لجنة قلت أنا بالكتاب ولا أحد معناها كدِّب ذلك، عملنا لجنة ما بين الداخلية وبين العادية على أساس نصفي الأمور، وصفينا العديد من الأمور، ولكن لسوء الحظ ما ممكن أن تمنع بأن معناها بعدي قبلي.. بعدي أنا أو مع.. لأسباب أخرى وغير ذلك أن.. أن.. أن نُستعمل ها الجهاز على السبب جواز سفر لمنحه وعدم منحه، وهذه معناها أكبر معناها.. أكبر معناها، الشيء يستعمل ضد البشر، على أساس تمنعه من.. من.. من الدخول ومن الخروج من البلاد، هذا طبعاً متفقين فيه، ويجب أن.. أن بالنسبة للمسؤولين وهو ويجب أن.. أن.. أن بالنسبة للمسؤولين أكانوا في.. في.. في الداخلية أو خارج الداخلية أن يعتبروا أن ذلك غير.. غير ممكن.
بورقيبة والعمل على فكرة الوحدة مع الجزائر
أحمد منصور: كانت أحلام زعامة.. المغرب العربي تسيطر على بورقيبة من قديم، في مايو من العام 73 التقى بورقيبة مع الرئيس الجزائري بو مدين وعرض الوحدة، ولكن بورقية كان يتخوف كثيراً من بو مدين، كنت في ذلك الوقت وزيراً للداخلية، هل شاركت في حضور اللقاء الذي تم بينهما؟
(9/262)
الطاهر بلخوجة: شاركت.. كنت موجوداً في (الكاف) في ذلك الاجتماع المفاجئ، لأن لنا.. لم يكن في علمنا لا.. لا بورقيبة ولا على الأقل المسؤولين الذي كان بعض المسؤولين، ربما بعض المسؤولين كان على علم، وفوجئنا بتلك الزيارة، حبذناها، لأن معناها بين الإخوان طالب بو مدين أن يأتي إلى الكاف قلنا مرحباً، وكان ذلك العرض.. العرض.. العرض، وكان عرضاً في الحقيقة مش نفس العرض اللي كان، لكن عرض معناها معقولاً.
أحمد منصور: كيف كان باختصار.
الطاهر بلخوجة: في أن كان باختصار لأن..
أحمد منصور: فكرة الوحدة بين الجزائر وتونس في ذلك الوقت؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، لأن كيف كان الاختصار على..
أحمد منصور: فكرة الوحدة هذه التي تمت في هذا..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، جاء بو مدين وقال يا سيدي، وخاصةً أن قبل 73 كان جانا القذافي.
أحمد منصور: في 72 في الخطاب الذي ألقاه في مسرح..
الطاهر بلخوجة: في 72 جانا، وعمل خطاب عمل خطاب في (البلمريون)، وطلب منا الوحدة وجاء الرئيس.
أحمد منصور: على الهواء في التليفزيون.
الطاهر بلخوجة: في التليفزيون.
أحمد منصور: الرئيس كان في البيت، ركب سيارته وراح له القاعة.
الطاهر بلخوجة: ركبت سيارة شرطة.. ركبت سيارة شرطة، وقفل معناها حذاءه، ومعناها جاء وجاوب القذافي، وقال له هذا تحكي أنت على الوحدة فأنا وحدة.
أحمد منصور: حتى من سرعته نسي أن يربط حذاءه.
الطاهر بلخوجة: صحيح، ربط حذاءه وجاء وجاوب القذافي وبذلك..
أحمد منصور: وحدة في التليفزيون كده في خطاب، هكذا تتم الوحدات.
(9/263)
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا.. هذا على كل حال هذا ما اقترحه علينا القذافي، وكان لبو مدين من غير شك أن.. أن كانت مع نوع من المنافسة في الجهة، هذه تونس الصغيرة من يحتضنها؟ هل.. ستسير معناها نحو على.. إلى الشرق أو إلى الغرب؟ وكان معناها بين القذافي وبين بو مدين صحيح فيه معناها شيء حتى.. حتى تونس على الأقل إما تكون معناها واحدة بدون معناها شراكة، وإلا على الأقل معناها ما تمشي لاهون ولا هول، جاء بو مدين بعد 72 هنا، ما جاش وحده جاء بعد 72 وقال لنا شيئاً معناها معقول كما قلت على أساس يا سيدي الخبز إلى.. هذا كلام.. الخبز اللي عندنا في.. في الجزائر، خبز لا بأس به، إحنا على ذمتكم، نحن لازم نقسم وبعضنا، ويا سيدي الرئيس كان كلامه.. كلام معقول طيب يا سيدي.
أحمد منصور: يعني عرض الوحدة جاء من بو مدين..
الطاهر بلخوجة: مش عرض الوحدة، قال لرئيس الدولة يا سيدي اختار ما تشاء، إما وحدة كاملة أو كونفيدرالية أو فيدرالية، أو أي تنسيق ما، ولكن تونس والجزائر في حاجة إلى أن تتعايش مع بعضها وأن تتحد في اتجاه.. بصفة لم يفرض علينا أي معناها..
أحمد منصور: لكن هكذا جاء العرض في جلسة رئاسية مباشرة.
الطاهر بلخوجة: هكذا..
أحمد منصور: دون أي ترتيبات ودون أي إعداد مسبق، ودون علم منكم أنتم الوزراء.
الطاهر بلخوجة: بدون علم منا، وإحنا يا سيدي في هذا الموضوع، والله أحب أن أقول هذا الموضوع رأيه بو مدين ما قالش حاجة ثانية بالنسبة لما قاله ورئيس الدولة سنة 60، لقيته أنا سنة 60 يا سيدي، في 7 أكتوبر 60، 13 سنين قبله، في خطاب لبورقيبة يقول بورقيبة: ساندنا الكفاح الجزائري لنتمكن بعد التحرير من ضبط الطرق الشرعية والديمقراطية لإرساء الوحدة في نموذج كونفيدرالي أو فيدرالي أو نظام آخر نفس الكلام جاء به بو مدين ولكن لم نذكر بو مدين بخطاب 60.
(9/264)
أحمد منصور: ما هو إحنا الآن معالي الوزير، قدامنا حقيقة ثابتة أن الكلام الذي يقوله الزعماء للشعوب أو في الخطابات هو مجرد كلام في الهواء في العالم العربي، ليس هناك من يسأله أو يحاسبه وليس هناك سلطة وليس هناك مؤسسة رئاسية لها إدارة تناقش فيها الأمور، ولكن الرئيس القذافي قاعد في القاعة قدامه الناس وبيخطب، في التليفزيون، راح يتكلم عن الوحدة، بو مدين قاعد بيتفرج في البيت قام لبس بسرعة وراح جري يرد على موضوع الوحدة، التقى الرئيسين مع بعض، وأنتم الوزراء الرئيسيين حتى لا تعلمون شيئاً وعرض بو مدين الوحدة على بورقيبة، بورقيبة طبعاً خاف..
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي حاجتين.
أحمد منصور: لأن بو مدين كان بالنسبة له بيعتبر بعبع مخيف.
الطاهر بلخوجة: لا مش خاف.. ما خاف، لكن.. حاجتين، أنا لسه هأجاوبك حاجتين، الحاجة الأولى أن كون إن بو مدين وإن القذافي وإن بورقيبة لاشك في أن نيتهم طيبة، لاشك أنهم..، يريدون الخير ولكن لم يكونوا واقعين وكانوا ربما يحلمون نوعاً ما، كان نوعاً ما من الحلم، يعتبروا أنهم بمكانتهم وبرئاستهم وبقوتهم معناها مكانتهم، يمكن أن يفرضوا معناها وحدة واندماج وكذا وكذا، هذا الخطأ، أما إن.. طيب ما قولتش اتجاه طيب(...)، ها الحالة الأولى.
أحمد منصور: أنت...
(9/265)
الطاهر بلخوجة: الحالة الثانية: بأتفق معك على طول الخط أن لم يكن في عاداتنا ولا في.. ولا في نظامنا هذا.. هذا التفكير المنسق والتفكير الجماعي واستعمال المؤسسات الشرعية، فقط هو ما.. هو دانا ومشاكلنا في الستينات وفي السبعينات وفي الثمانينات وحتى اليوم، هو تقاعس المؤسسات الشرعية، لا وجود لمؤسسات شرعية إلا على الورق، والاجتماعات.. اجتماعات صورية، هذا الموضوع، هو الخندق الموجود.. الخندق -إذا صح التعبير- بين الشعب وبين مؤسساته، وفيه رجال طيبين لا بأس بهم ربما فيهم وعليهم يحكموا.. والمؤسسات الشرعية لا تعمل، هذا الذي وقع في الستينات.. في الاشتراكية وصلنا إلى ما وصلنا إليه، لا لشيء لأن مجلس الأمة لم يقل كلمته، لأن لسوء الحظ..
أحمد منصور: غير منتخب شرعي، بـ 99.999%..
الطاهر بلخوجة: أتفق معاك، انتخاب صوري ولكن موجود، لتقرأ إنت.. عندك الجمهورية التونسية ولها مؤسساتها وكذا ولكن.. ولها برلمانها ولكن لا يعمل ولا..، ولهذا معناها تلك المؤسسات التي تعمل تقع ولسوء الحظ مع تقاعس المؤسسات، كان نوع من الهروب الحقيقة، كان سبات نوعاً ما، بالنسبة للمجتمع المدني الذي أُقحم في.. في.. مع.. مع في زمرة ومخاض الاشتراكية.. ومخاض معناها الكذا، ولم.. ولم نصل إلى شيء، وكانت لنا يا سيدي نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج، نفس الأسباب هو تقاعس المؤسسات، وتقاعس الدولة يؤدي إلى ما أدى إليه (...)، وما سيؤديها فيه السبعينيات إلى الخميس الأسود، وسنتحدث في ذلك.
أحمد منصور: في 12 يناير.
الطاهر بلخوجة: ولهذا معناها بالنسبة للوحدة.. بالنسبة للجزائر، إنت قلت إن بورقيبة خاف، لا بورقيبة تخلص منها بصفة ذكية...
أحمد منصور: لأنه كان خائفاً، رغم أنه أشار له..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا ما يخافش.. ما يخافش.. لأنه..
(9/266)
أحمد منصور: في مقالة لا أعتقد أن الجزائريين سيقبلون رئيساً للدولتين، رغم أن حلم بورقيبة أن يخرج من نطاق تونس الضيقة إلى نطاق المغرب العربي.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، الله يخليك، نكملوها دي، مسألة الجزائر دقيقة لأن السلام معناها أكيدة، هو.. إحنا خارج منها هو ليس خرج منها بصفة ذكية معناها، قال.. شو قال؟ قال بو مدين قاله يا سيدي.. قاله يا سيدي إنتم الجزائر كبير.. حجمكم كبير، يعني تونس صغيرة الحجم، هاي يا سدي نرجع إلى ما كنا عليه قبل وأعطينا القسطنطينة جهة القسطنطينة كلها.
أحمد منصور: عايز يأخذ الصحراء طبعاً..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. لا..
أحمد منصور: عشان يبقى عنده نفط.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا، مش عايز صحراء عايز..
أحمد منصور: اللي كان عايزه.. يأمل من الفرنسيين أن يمنحوه إياها.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، يا أخي اسمعني هاشويه، مش مسألة صحراء، قال له قسطنطينة هي كانت قبل وقت الرومان (إنو ميدية) (إنو ميدي) (إنو ميدية) في الجغرافيا اللي يعرفوها رجال التاريخ، (إنو ميديا) كانت تبع تونس، قال له أعطيني (إنو ميديا) القديمة، وأنا وقتها تونس نقول لي بعدها لا بأس بها، ونعمل الوحدة.
أحمد منصور: طبعاً تكبر شوية.
الطاهر بلخوجة: فهم.. فهم بو مدين أن.. أن في معناها مزح.. مزح، وقال هو قال أن.. أن.. أن الأمور ماهياش طيبة، غير صحيح معناها غير صحيح، هذا ما يمنعش إنه كون.. وربما.. وربما.. وهذا نقعد نحكي فيه شوية، وربما أن بعضهم داخلياً.. بعضهم داخلياً عمل في نطاق المنافسة على الخلافة البورقيبية، أن معناها تعطي الوحدات مع ليبيا ومع الجزائر، وينتصر..
أحمد منصور: سنأتي في نطاق الخلافة.
الطاهر بلخوجة: في الخلافة.
سيناريو الوحدة التونسية مع ليبيا عام 1974
(9/267)
أحمد منصور: سنتحدث عن الخلافة، في 12 يناير 74 كما حدث سيناريو للوحدة مع بو مدين في مايو 73، حدث سيناريو آخر للوحدة في 12 يناير 74 بين القذافي وبورقيبة هذه المرة، التقيا في جربة، وأنت كنت حاضراً هذا اللقاء، وفوجئ وزراء بورقيبة بإعلان للوحدة بين ليبيا وبين تونس.
الطاهر بلخوجة: صحيح، يا سيدي إحنا كنا..
أحمد منصور: تماماً كأن تونس دية ملكية خاصة لبورقيبة، حتى وزراءه المقربين لا يعلمون عنها شيء، ويفاجئهم..
الطاهر بلخوجة: حتى هو.. حتى هو فوجئ تماماً، فوجئ كوزرائه، المفاجأة جاءت من ليبيا ومن الجزائر، مش جات من.. من بورقيبة، يا سيدي، أمامك مفاجأة، أنا.. أنا كنت حاضر، ومعناها.. وأكثر من هذا إن أنا كنت حاضر معاه وهو يتجول في الحمامات، كنا مع بعض، وجاءنا وقتها مدير الديوان صلاح الدين الشابي الله يرحمه، وخلانا نراه مدير الديوان.. وزير الخارجية التونسي كلمني في التليفون وقال له القذافي في حاجة أكيدة إلى.. إلى الالتقاء ببورقيبة، في حاجة أكيدة ومستعجلة، معناها.. بوغتنا.. فكرنا فيه، فهو اللي جاء في بالنا شو جاء في بال وزير الداخلية، وشو جاء في (.....) لازم فيه موضوع أمن خطير على البلاد، ويريد القذافي أن يتحدث إلينا عليه، هو صار الحديث في هذا، واتفقنا على أن نمشي، وعلى.. اخترنا جربة، كان هو على (...) الحدود، واخترنا.. العام الثاني كنا.. في اليوم الثاني كنا في جربة.. في جربة معاه، لكن المفاجأة جاءت من الجهة الأخرى، مش من جهة بورقيبة، ولما وصلنا إلى ذلك، كان السيناريو.. السيناريو دخل بورقيبة والقذافي في بيت.. في فندق..
أحمد منصور: وحدهما.
الطاهر بلخوجة: وحدهما، وتحدثا والشيء الذي نعرفه..
أحمد منصور: وبنيا أحلام الوحدة.
الطاهر بلخوجة: لا.. مش بنيا، وقدما.. قدم القذافي ليبيا إلى تونس نوعاً ما، ولأن الرئيس بورقيبة سيكون رئيساً للجماعة، وأن ليبيا بإمكانياتها.
(9/268)
أحمد منصور: طبعاً انتشى حلم بورقيبة في الزعامة.
الطاهر بلخوجة: بإمكانياتها البترولية، وغير ذلك، وتونس بإمكانياتها البشرية، وجه بورقيبة ظنها فكر أنها كونه حلم من أحلامه تتحقق وقبل ذلك، وفاجئنا بذلك، صحيح، لهذا يا سيدي.
أحمد منصور: وأعلن عن ميلاد الجمهورية الإسلامية العربية الكبرى وعاصمتها القيروان.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، وهذا نفس الشيء.. شوف معناها..
أحمد منصور: والخليفة بورقيبة.. الجمهورية الإسلامية العربية وعاصمتها القيروان، يريد أن يعيد أمجاد.. أمجاد الزعامة.
الطاهر بلخوجة: عاصمتها.. عاصمتها تونس.. عاصمتها تونس في الشتاء.. في الصيف، وعاصمتها القيروان في الشتاء.
أحمد منصور: كمان، زي.. مثل الأطفال الذين يجلسون على البحر ويبنون قصور من الرمال وتنتهي بعد قليل.
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا.. هذا ما اقترحه ... القذافي، وهذا ما قبلناه، يا سيدي، عاد من الصدف وليس..، من الصدف ما قيل الجزائر، ما قاله بورقيبة بالنسبة للجزائر، عشان أوريك أن بورقيبة ما كان ضد الوحدة، كان في الوحدة في مبدأها وفي أبعادها كان متفق عليها.
أحمد منصور: أقيمت عشرات الوحدات بين الزعماء العرب، وهي وحدات فاشلة.
الطاهر بلخوجة: اسمعني.. اسمعني.. اسمعني يا سيدي. ولكن هو غير متفق على أسلوب الوحدة، الأساليب التي اقترح فيها الوحدة، أساليب غامضة.
أحمد منصور: هل كانت هناك أسس للوحدة قائمة؟
الطاهر بلخوجة: لأ استنى، لا في مبدأها طيبة الوحدة فيها وفي أبعادها.
أحمد منصور: كان فيها أسس، فيه أسس ممكنة، يعني كل شيء بيتواجد أسس للبناء فوقه، هل كان هناك أي أسس..
الطاهر بلخوجة: ماكانش، لا صحيح، اسمعني، اسمح لي دقيقة فقط أقول لك ما قال بورقيبة في 10 ديسمبر 58، 10 ديسمبر في خطاب..
أحمد منصور: خُطب في الهواء.
(9/269)
الطاهر بلخوجة: لأ، أنا مش هأبين لك أنا كيف.. كيف.. كيف جاء رأيه في الوحدة، وكيف الأمور معناها الصدق أن نفس الشيء يقع بعد 20 سنة، في 10 ديسمبر 58 بصفاقس، هذه أمور تاريخية بحتة، قال بورقيبة في خطابه: قال إن الشعب الليبي والتونسي.. هذه ترجمة
"إن الشعبي الليبي والتونسي يكونان تقريباً نفس الشعب، ونعتبر أنفسنا طرفاً لوطننا الكبير المغرب العربي، ونتمنى إذاً إرساء مع ليبيا بلداً واحدة ودولة واحدة بشرطة واحدة وجيش واحد وعلم واحد. الوحدة في طبيعة القول وستتكون في إبانها، ويجب أن نمكن الوقت من فعل مفعوله".
أقول ذلك يا سيدي خليني أقول لك، نفس الكلام الذي جاء في الاستفتاء، في ورقة الاستفتاء التي حضرها لنا القذافي وأعطاها..
أحمد منصور: خلينا قبل الاستفتاء، المصمودي.. المصمودي لعب دوراً وكان وزيراً للخارجية واحتل مكان أحمد بن صالح في تلك المرحلة، هل لعب دوراً كابن بورقيبة المدلل يعني، هل لعب دوراً في ترتيب الوحدة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، أنا أولاً.. ابن بورقيبة المدلل، ما أظنش إن بورقيبة كانت عنده أبناء مدللين.
أحمد منصور: لأ كان فيه.
الطاهر بلخوجة: معناها كلنا نفس الشيء، والله كان احترمنا حسب.. حسب..
أحمد منصور: كلكم كان يتعامل معكم بشكل..
الطاهر بلخوجة: كان يتعامل معانا.
أحمد منصور: يعني أنت كنت من أبنائه المدللين.
الطاهر بلخوجة: أنا من أبنائه، لا أقول، بداية فيه وقت، ولكن على كل يا سيدي أنا معناها رسمياً ومعناها لا علم لي يتدخل المصمودي أو غيره في الوحدة قبل معناها في شهر.
أحمد منصور: قرأ إعلان الوحدة في جربة، هل كنت على علم بالإعلان.
الطاهر بلخوجة: لا أنا ما كنتش على علم، ولكن هذا لا يمنع أن الدلائل تدل كما كان ذلك في الكاف، أو كما كان ذلك في جربة أن الأمور ليست عفوية.
(9/270)
أحمد منصور: اتفق على أن يتم استفتاء للوحدة وتحدد أن يتم الاستفتاء بعد أسبوع وأنت كوزير للداخلية وجدت أن هذا مستحيل.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي أنا.. أنا..
أحمد منصور: أنبأت بورقيبة أن هذا مستحيل.
الطاهر بلخوجة: إحنا في جربة عملناها في يوم 12.. 12..
أحمد منصور: يناير..
الطاهر بلخوجة: 12 يناير.
أحمد منصور: وطلب الاستفتاء أن يكون 18 يناير..
الطاهر بلخوجة: استنى، يوم 14، لأ اسمعني يوم 14 يناير، 48 ساعة فقط بعد آجي خويلدي الحميدي كان وزيراً للداخلية، وجي بورقة الاستفتاء اللي موجودة عندكم تقدروا تصوروها، ورقة الاستفتاء تقول هل توافق فيها تصويرة القذافي وتصويرة بورقيبة، والاستفتاء هل توافق أن يكون الرئيس الحبيب بورقيبة رئيساً للدولة الإسلامية كذا كذا كذا.
أحمد منصور: طبعاً 999%.
الطاهر بلخوجة: لأ ما عملناش انتخابات، هذا شيء يأخذ وقتاً، قلت يا سيدي.. يا سيد خويلدي 48 كيف، كيف أنتم أعددتم هذه الأوراق..
أحمد منصور: الصناديق جاهزة والورق يطبع وكله يطلع تماماً.
الطاهر بلخوجة: ولهذا.. ليش قلت لك مش عفوية الأمور، مش عفوية، أظن لا من طرف ليبيا ولا من طرف بعض التونسيين.
أحمد منصور: يعني كان مرتب لها قبل ذلك.
الطاهر بلخوجة: خلي التاريخ.. خلي التاريخ يقول كلمته في هذا، في 48 ساعة تجد الأوراق قلت له كيف جبت الأوراق، وأكثر من ذلك جاب العلم الجديد.
أحمد منصور: كمان.
الطاهر بلخوجة: العلم الجديد اللي فيه يا سيدي (...) فيه معناها النجمة والهلال التونسية، وزاد فيها اللون الأخضر، معناها في الوسط، قلت له لا هذا طيب، ولكن يا سيدي هذا كله متفقين عليه، طيب ما تخلينا الوقت نتفق في هذا وغير ذلك، وأكثر من هذا في ليلتها.. في ليلتها.. في ليلة بعد ما جاب هذا، إحنا نتعشى قلت وأنا نتعشى و.. وتبين أن هنالك مسيرة على أساس المسيرة اللي صارت لمصر وقت الوحدة.
أحمد منصور: المسيرة الخضراء.
(9/271)
الطاهر بلخوجة: والمسيرة الخضراء، و(...) مسيرة خضراء في المغرب، هي المسيرة الأولى انتهت كذكرى، ومش (...) مش هنمشي تاني، القذافي هو الذي فكر واستنبط المسيرة الخضراء كانت بيش تمشي من طرابلس إلى.. إلى مصر حتى تفرض الوحدة على السادات وكان.. كان استنبط نفس الشيء وجاءت الناس على الحدود التونسية معناها من الحدود التونسية لـ 8.. 500 كيلو متر إلى بورقيبة في قرطاج وتقول له أن الشعب معك
أحمد منصور: يريد الوحدة.
الطاهر بلخوجة: يريد الوحدة.
أحمد منصور: طبعاً.
الطاهر بلخوجة: من غير شك وقفت أنا (....) كلها عن الحدود وقلت لهم ما هوش ممكن.
أحمد منصور: أصيب.. أصيب بورقيبة بالرعب طبعاً من جراء ما صار.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا، وكانت.. كانت نفس المسيرة الخضراء فيما يخص الصحراء الغربية من طرف الحسن الثاني..
أحمد منصور: طلبت تعديل الدستور، بومدين غضب، حينما أقر بورقيبة مثل هذه الأشياء كان وزيره الأول مسافراً في طهران، وكانت (وسيلة) أيضاً خارج البلاد وكلاهما له نفوذ أساسي
الطاهر بلخوجة: فيما يخص الوحدة، فيما يخص جربه هذا.
أحمد منصور: نعم، كان الهادي نويرة كان في طهران
الطاهر بلخوجة: في جربه أي نعم سيدي، ووسيلة كانت
أحمد منصور: حينما رجع عاد وكان غاضباً حينما اجتمع مع بورقيبة
الطاهر بلخوجة: إحنا من غير شك كيف ما يكونش غضب؟
أحمد منصور: ووسيلة وأنت يعني رجلها المقرب منها.
(9/272)
الطاهر بلخوجة: لا كا.. لا.. لا يا سيدي أنا بأحكي لك، يا سيدي إحنا كما فوجئنا وذهبنا إلى.. إلى جربه كان الهادي نويرة قبل.. قبلها بيوم واحد، علي أيش قلت لك الأمور ما هياش عفوية، قبلها بيوم فقط سافر ويومه سافر الهادي نويرة إلى طهران في زيارة رسمية، وقبلها بيومين أو ثلاثة سافرت وسيلة إلى الشرق، شرق وقابلت معناها رؤساء الدول في الشرق وإلى غير ذلك، وقت لما مشينا وصار اللي صار.. صارت الوحدة في.. في جربة من الغد رجع الهادي نويرة من غير شك، رجع الهادي نويرة هو لم حتى .. وفي الحقيقة لم نستشره حتى بالتليفون، ولما آتى كان
أحمد منصور: مش مهم ما هو موظف لما يجي يعرف.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. لا صحيح.. صحيح، صحيح، ولكن كان بورقيبة يملأ كل شيء وقتها هذا.. هذا واقع، وجاء.. واجتمعنا معه ليلة كاملة أنا.. أنا والحبيب الشطي وأنا ووقتها محمد الصياح سيحضر معانا، وتحدثنا على ها الوحدة وكيفية الوحدة، وتبين لنا أننا.. أنها فيها وعليها، وأن معناها ما هوش.. بسيطة هذه وبعدين معناها كانت الاتصال مع
أحمد منصور: كان غير راضي، ووسيلة غير راضية و..
الطاهر بلخوجة: وسيلة.. وسيلة هو بنفسه أنا قلت هو بنفسه كلمها.. هو كلمها في
أحمد منصور: وحتى بورقيبة كان متقلقاً، يعني لم يكن مرتاحاً كثيراً.
الطاهر بلخوجة: لا لم يكن مرتاحاً لأنه لم.. لم يكن يترقب خاص هذا.. هذا.
أحمد منصور: لكنه مشي في التيار.
الطاهر بلخوجة: مشي في التيار لا هو.. هو في الحقيقة.
أحمد منصور: وحددتم موعد لاحق للاستفتاء وكنتم تعدلوا الدستور، لأن الدستور يعدل في دقيقتين مش مشكلة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا كنا.. كنا.. نحن كنا.. كنا أرجينا.. أرجينا الوحدة وأرجينا إلى أن ندخل الاستفتاء ولهذا السبب القاهر، الهادي نويرة بيش بش أقبرنا الوحدة.
أحمد منصور: طبعاً.
(9/273)
الطاهر بلخوجة: ولكن معناها، والأساس شوف الضدية الأساسية للوحدة قبل وسيلة وقبل الهادي نويرة كانت الجزائر.
أحمد منصور: الجزائر طبعاً كانت غير راضية ومدين كان غاضباً.
الطاهر بلخوجة: هذا وقال بومدين للرئيس أنا
أحمد منصور: اتصلت وسيلة وزير الخارجية آنذاك اللي هو الرئيس الحالي الجزائري.
الطاهر بلخوجة: عبد العزيز.
أحمد منصور: عبد العزيز بوتفليقة وطلبت منه أن يهدد بومدين.. أن يهدد بورقيبة بأن إذا الوحدة صارت يعني وكمان بورقيبة يعشق الجزائر كثير
الطاهر بلخوجة: إنما على كل.. على كل حال
أحمد منصور: المهم الأمور وصلت إلى طريق مغلق فحدث اجتماع في 24 يناير في جنيف..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا هذا والله شوف يا سيدي بدون أن تطلب وسيلة بيش أن يهدد بوتفليقة الرئيس ولذلك كان واضحاً وطبيعياً بأن بومدين ليس راضٍ على هذه الوحدة، ولا نعرفه بذلك
أحمد منصور: قصور.. قصور في الرمال
الطاهر بلخوجة: وقال.. معناها وقال للرئيس وقت اللي كلم الرئيس بالتليفون بالبيت بالحمام قال له هو إحنا يا سيدي عملنا وحدة مع (...) قال له وأنا لا.. لا آخذ القطار وهو يمشي هذه كلمته، وتبين أن كونه ضد، ثم ذلك.. ذلك بالنسبة للدول الغربية و.. كان ثم تساؤل، ثم تبين أن الأمور وكان وضدية.. وضدية.
أحمد منصور: صحيح أنتم حلفاء لأميركا ودائماً لابد تاخدوا الإذن يعني
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا والضدية لكانت أكثر أنا وكنت أنا وزير الداخلية وقلت هي من النساء من البنات لأنهم قالوا أن كل ما اكتسبنا مع بورقيبة سيضيع هذه الوحدة وتتغير.
بورقيبة ووقوفه ضد كل ما هو إسلامي
أحمد منصور: طبعاً لأن بورقيبة كان كل القوانين الإسلامية سعى لتدميرها من البداية غير قانون الأحوال الشخصية.
الطاهر بلخوجة: .. والله كان إسلامي، آه
(9/274)
أحمد منصور: غير.. لا إسلامي أيه؟ معالي الوزير.. معالي الوزير بسرعة أجيب لك ما فعله.. ما فعله بورقيبة بشكل سريع فيما يتعلق بالقوانين الإسلامية حتى وصلت إلى مرحلة
الطاهر بلخوجة: هات.. هات.. هات، هات يا سيدي هات
أحمد منصور: دا ممتاز جداً إن حضرتك بتقول لي بورقيبة كان إسلامي.
الطاهر بلخوجة: آه إسلامي ومسلم ومسلم
أحمد منصور: بورقيبة كان يكره.. كان يكره العروبة والإسلام كراهية شديدة.
الطاهر بلخوجة: كان مسلم لا.. لا.. لا يكره
أحمد منصور: مش كلامي أنا كلام المؤرخين والناس الذين عايشوا
الطاهر بلخوجة: أيوه ما فيه ناس مؤرخين
أحمد منصور: في مايو 56 ألغى الأوقاف، وكانت الأوقاف تمثل تلت الأراضي التونسية، وتونس كانت أول دولة في العالم الإسلامي كله تُلغي الأوقاف الإسلامية.
الطاهر بلخوجة: بس استنى أجاوبك على هذا لا.. لا.. شوف شوف يا سيدي.. يا سيدي أحمد
أحمد منصور: ما هأقول لك، في 3 أغسطس.. 13 أغسطس 13 أغسطس 56 أصدر ما يسمى بقانون الأحوال الشخصية ومنع
الطاهر بلخوجة: لا هذه مش طريقة لا.. لا مش طريقة، مش طريقة أنت تقول كلمة أنا أجيبك على الكلمة.
أحمد منصور: ما أنا هأقول لك وجاوبني عليهم كلهم
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. بنضيع..
أحمد منصور: ما علشان بس أبين لك إزاي.
الطاهر بلخوجة: لا بالنسبة للمستمعين، ما.. ما يفهموا الموضوع، يا سيدي.
أحمد منصور: هأقول لك معالي الوزير 5، 6 حاجات يبينوا حتى قوانين الإرث سعى لتغييرها.
الطاهر بلخوجة: هتخليني أجاوب على الـ6؟
أحمد منصور: في فبراير 6 دعى الناس للإفطار وقام في نهار رمضان علناً يشرب أمام الناس وسعى قبل ذلك في مدينة القيروان في العام 58 وتناول كأساً من الحليب في نهاية رمضان ودعا الناس مما يعني استفز مشاعر الشعب التونسي المسلم. في يوليو 59 مجلة الأحوال الشخصية نصت على إلغاء تعدد الزوجات، هذه الأشياء.
الطاهر بلخوجة: خليني
(9/275)
أحمد منصور: سعى لعمل مساواة المرأة بالرجل في الإرث وجمع حاشية العلماء الذين يضبجون له كل شيء ولكنهم...
الطاهر بلخوجة: آه شوية، خليني أجاوب لا أنا
أحمد منصور: باختصار.
الطاهر بلخوجة: لا مش باختصار، لا لازم هذا أنا.. أنا بالنسبة للمستمعين والله بالنسبة للمستمعين
أحمد منصور: أنت ستدافع عنه في هذه المشكلة؟
الطاهر بلخوجة: بالنسبة لا.. لا مش هأعطيك رأينا.. نعطيك حقيقة الأمر، ونقول لك شو صحيح، بالنسبة للمستمعين، بالنسبة للتونسيين، بالنسبة لإخواننا العرب المستمعين شيء أكيد لأنه فيه ملابسات كبيرة وفيه عديد كبير وأنا إحقاق الحق الرجل مات أما معناها ننصفه فيما له وما عليه، يا سيدي بالنسبة أنا أقول أن بورقيبة مسلم بأتم معنى الكلمة أولاً.
أحمد منصور: هو الآن عند ربه
الطاهر بلخوجة: لا، خليني أكمل، هو أولاً
أحمد منصور: إحنا لا نكفره عفواً يعني
الطاهر بلخوجة: إحنا يا سيدي شوف لا.. لا كفاره لا.. لا كلمة كفره.. كفره.
أحمد منصور: أنا.. أنا بأنقل من المصادر ومن المعلومات ومن الوثائق.
الطاهر بلخوجة: أنا أقول لك كفره تم كيف الغنوشي أنا أقول عملية
أحمد منصور: أنا مالي ومال الغنوشي ليس لي علاقة بالآخرين.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، لأن الغنوشي،
أحمد منصور: أنا دوري هنا إني بأقرأ التاريخ وأناقشك فيه.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أقول هنا بأن وقت اللي مات بورقيبة قال الغنوشي أنا لا أترحم عليه، وهذا من الأمور الذي لم يسامحه التونسيين في ذلك، رغم الآن علاقتي طيبة مع الغنوشي وأحبه معناها وعنده أفكار، ولكن غالط.. غالط وقت إن كان.. هذا ما بين قوسين.
أحمد منصور: ليس الغنوشي وليس أحد يحاسب البشر، الذي يحاسب البشر هو الله سبحانه وتعالى.
الطاهر بلخوجة: شوفت الله سبحانه وتعالى، هاي ولكن هو قال لا أترحم
أحمد منصور: والآن هو عند ربه.
أحمد منصور: ترحم عليه الغنوشي أم لم يترحم ربنا اللي هيحاسبه.
(9/276)
الطاهر بلخوجة: ما حقوش ما حقوش على كل هذا ما بين قوسين ما بين.. ما بين
أحمد منصور: هو يحاسب على كلامه، لست مسؤولاً عنه
الطاهر بلخوجة: ما بين قوسين بيحاسب على كلامه هذا ما.. ما بين قوسين
أحمد منصور: أنا الآن أمامي وقائع حدثت في تونس كلها ضد الإسلام وضد العروبة.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي خليني أجاوب، خليني أجاوب خليني أجاوب. الأوقاف يا سيدي الأوقاف إحنا نسميه الحُبُص.. الحبص الأوقاف، والأراضي الاشتراكية، الأوقاف والأراضي الاشتراكية، نفس الشيء، أنا أحكي لك يا سيدي.
أحمد منصور: لا مش نفس الشيء عفواً.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي خليني أحكي لك.
أحمد منصور: هناك فرق بين إنسان وهب أرضه لله أن يكون ريعها للفقراء والبسطاء وكذا، حتى هنا الكنائس لها أوقاف، في الغرب الكنائس لها أوقاف.
الطاهر بلخوجة: خليني أحكي لك.. خليني أحكي لك، خليني أحكي لك يا سيدي علشان...
أحمد منصور: ولا الدولة تستطيع أن تمسها من قريب أو بعيد.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي عندك ألف حق يا سيدي، ولكن.. لكن الأوقاف.. الأوقاف كانت معناها بالنسبة للمساجد وبالنسبة للمدارسة وبالنسبة لكذا، والأراضي الاشتراكية كانت أراضي لا بالنسبة معناها للحبوسات، لا أراضي اشتراكية على أساس اشتراكية بالنسبة للقبيلة، اسمعني مليح، للقبيلة أو للملك
أحمد منصور: ليس هناك وقت للإسهاب في هذه القضية حتى الحلقة هتنتهي وأنا أريد أغلقها قبل نهايتها..
الطاهر بلخوجة: لا شوف شوف، لا.. لا، بيش تعرف، أن كونه أراضي اشتراكية نشتت الأرض.. تشتت الأرض ويجب.. ويجب الحل فيها.
أحمد منصور: في النهاية مش الأوقاف ألغيت أم لا؟
الطاهر بلخوجة: ألغيت، ولكن معناها أخذت الدولة على عاتقها أن تعتني بتلك المساجد وإلى غير ذلك، وأن تلك.. تلك.. تلك الأملاك التي اندثرت والتي طاحت في.. معناها ولا أحد، ولا ثم أموال معناها للتعهد بها أخذت الدولة وكالتها.
(9/277)
أحمد منصور: منع بورقيبة تعدد الزوجات.
الطاهر بلخوجة: نعم، منع تعدد الزوجات على أساس.. على أساس.. على أساس.. على أساس.. على أساس ما قيل في القرآن.
أحمد منصور: لا القرآن ما.. ما كانش فيه
الطاهر بلخوجة: وإن لم تعدلوا.
أحمد منصور: (وإن خفتم) (وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) وتركها لهم يقيموها.
الطاهر بلخوجة: ولن تعدلوا.
أحمد منصور: لا ماقلش لم تعدلوا.
الطاهر بلخوجة: آه قال ولن تعدلوا (وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة) ولن تعدلوا
أحمد منصور: يا سيدي إحنا مش هتدخل على القرآن نصوص من عندنا، معالي الوزير.. معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: أيوه.. أيوه.
أحمد منصور: فيه حد في الدنيا لغى تعدد الزوجات ربنا فتحها للناس وأحلها يأتي بورقيبة ويحرم على الناس ما شرعه الله؟!
الطاهر بلخوجة: يا سيدي خلي..
أحمد منصور: ويحاول أن يجعل نفسه مفسر قانوني ويجعل نفسه فقيه في.. في القرآن وفي الإسلام!!
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، لا يا سيدي إحنا رأينا عام 56 بأن هذاك الشيء طيب والحمد لله أتوا بالحق بالنصوص القرآنية وغير ذلك، ولا أحد من يعدد الزوجات، شو يتزوج ويجعل يخرج منها، مش يجعلها 2 وثلاثة وأربعة ما..
أحمد منصور: إحنا في.. يا معالي الوزير
الطاهر بلخوجة: إحنا كنا.. كنا سباقين عاونا معناها
أحمد منصور: سباقين لكي يعني تزيلوا.. لكي تزيلوا
الطاهر بلخوجة: مواطنين لا.. لا.. لا
أحمد منصور: تسمحون للعاشقات، سوء يعدد العاشقات
الطاهر بلخوجة: لا لا لك
أحمد منصور: إذا عشيقة القانون عندكم يسمح بذلك، لكن لا يسمح بزوجة.
الطاهر بلخوجة: لا هو بتعدد.. بتعدد الزوجات، بتعدد الزوجات وبغير تعدد الزوجات وقت اللي ثم عاشقات موجودين، آه، مش تعدد الزوجات اللي هيمنع العاشقات أو عدم تعدد الزوجات.
أحمد منصور: القانون إحنا في القانون هنا، سعى بورقيبة لتغيير قانون الإرث أم لا؟
(9/278)
الطاهر بلخوجة: إحنا.. إحنا كنا سباقين.. سباقين في الحداثة.
أحمد منصور: في الحداثة يعني في.. في العلمانية يعني في إبعاد الناس عن دينهم.
الطاهر بلخوجة: بالتحديث، لا مش علمانية، لا مش في العلمانية، لا مش علمانية، دي حداثة على أساس أن كونه نجعل الرجل التونسي في.. يبقى في معناها وسط، معناها يجعله معناها يرتقي
أحمد منصور: وارتقيتوا به؟!
الطاهر بلخوجة: وارتقينا به.
أحمد منصور: دا الإنسان التونسي مدمر يا سيدي.
الطاهر بلخوجة: لا والله ما هو مدمر والله لا (...)، على كل أنا أقول لك أنت عندك حق في هذا، بس معناها بيش نقول لك أنا بورقيبة معناها.. لم.. لم يفرض ذلك، فكر في المساواة في الإرث، صحيح فكر في ذلك، ولما تبين أن ذلك بالنص الصريح في القرآن وقيل له رجع إلى ذلك، فيما يخص رمضان لم يفرض معناها الإفطار في رمضان، يا سيدي لم يفرض، قال يا سيدي بالنسبة لتلاميذه، وبالنسبة للجيش وبالنسبة للناس اللي عندهم أعمال مرهقة ما أنا ممكن تفطروا في رمضان وتعوضوا ذلك، هذا مش يمنع إن كونه مش أتاتورك.. ما كانش أتاتورك.
أحمد منصور: ليه أتاتورك كان قدوته أتاتورك صح؟
الطاهر بلخوجة: ما كانش هو
أحمد منصور: ألم يكن أتاتورك قدوته؟
الطاهر بلخوجة: لا والله أبداً.
أحمد منصور: في كتابك ذكرت هذا
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أتاتورك أخذ عن أتاتورك كثير، أخذ عنه
أحمد منصور: طيب أنت في كتابك
الطاهر بلخوجة: أخذ عنه، ولكن لم يكن كأتاتورك معناها أتاتورك معناها أخذ من القوانين وأخذ من الإجحاف هذا شيء كبير على كلٍ على كل
أحمد منصور: في.. في.. في
الطاهر بلخوجة: اسمعني يا سيدي، بورقيبة أنت عايش وياه أو أنا كان معناها أنه قراره ونستمع، لو تعرف أن كل مولد نبوي شريف ينتقل بورقيبة وجماعته وبحكومته وبطانته إلى القيروان ويقضي اسمعني لي
أحمد منصور: دا كده.. كده أصبح خليفة المسلمين
(9/279)
الطاهر بلخوجة: لا يا سيدي، وقضي ما كانش يصبح خليفة المسلمين، ولكن يقضي ليلة كاملة بالجامع ويصلي وغير ذلك ويعمل خطاب والخطاب كله إسلامي والخطاب
أحمد منصور: ثم يغير القوانين الإسلامية ويعذب الناس ويمرمط الناس ويجبر الناس على قوانين واحدة.
الطاهر بلخوجة: الخطاب عمر ما كان كفر.. عمره ما كان كفر، هو الخطاب كله اجتهاد.. اجتهاد في أن يكون الإسلام في خدمة المواطن المسلم وبعدين وهذا..
أحمد منصور: وتحريف للنصوص وللقرآن
الطاهر بلخوجة: لا تحريف أيه، ولهذا..
أحمد منصور: في 24 يناير –عفواً- في 24 يناير 73 أي بعد فقط 12 يوماً من إعلان الوحدة انهارت الوحدة بين ليبيا وبين تونس في لقاء تم في جنيف بين القذافي وبين الرئيس بورقيبة وحضرته (وسيلة) وحضره بعض الشخصيات المقربة.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: لم تكن حاضراً في هذا اللقاء.
الطاهر بلخوجة: صحيح، لا أنا كنت حاضر، أنا كنت الوحيد في تونس لأحمي
أحمد منصور: طبعاً علشان تحمي أمن الدولة.. أمن النظام عفواً.
الطاهر بلخوجة: معقول.. معقول وأنا.. أنا.. أنا
أحمد منصور: ودُفنت الجمهورية العربية الإسلامية في جنيف.
الطاهر بلخوجة: لا مش دفنت في جنيف هي
أحمد منصور: في 24 يناير...
الطاهر بلخوجة: لا.. لا مش دفنت صحيح.. صحيح
أحمد منصور: وكأنها كانت قصراً من رمل، بدأ بعد ذلك الصراع بين الفرقاء على خلافة بورقيبة لاسيما وأن صحته بدأت تتدهور، في الحلقة القادمة أبدأ من هذه النقطة.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: أشكرك معالي الوزير، تتحملني كثيراً لكن أنا.....
الطاهر بلخوجة: لا.. لا والله لا والله هذا شيق، والله الكلام معاك شيق ومكنتني من الحديث ومن التفسير، قلت ربما نحب أكثر وقت ولكن بارك الله فيك، لأن معناها على الأقل أقول الأصل الأساس.
أحمد منصور: أشكرك معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: عشت
(9/280)
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/281)
الحلقة8(9/282)
الأربعاء 7/5/1423هـ الموافق 17/7/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 15:14(مكة المكرمة)،12:14(غرينيتش)
الطاهر بلخوجة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق - الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
14/07/2002
- تعديل الدستور التونسي وفرض بورقيبة رئيساً مدى الحياة
- مرض بورقيبة والصراع على خلافته
- أحداث قصر هلال وتصاعد التوتر بين القوى التونسية
- إقالة الطاهر بلخوجة واتهامه بالتصنت على الهادي نويرة
- أحداث الخميس الأسود
- هروب بلخوجة إلى فرنسا وعودته سفيراً لتونس في ألمانيا
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق الطاهر بلخوجة.
معالي الوزير مرحباً بيك.
الطاهر بلخوجة: هو والله أكثر من شهادة هو متعة الحديث معك.
أحمد منصور: أشكرك معالي الوزير، شكراً جزيلاً، دا تحقيق، وزير داخلية.
الطاهر بلخوجة: شهادة معناها.. شهادة مزدوجة مع بعضها.
أحمد منصور: يعني الحديث مع وزراء الداخلية ليس سهلاً يعني؟
في الرابع والعشرين من يناير عام 1954 دفنت الجمهورية العربية الإسلامية في جنيف التي كان عاصمتها القيروان وكان رئيسها الحبيب بورقيبة ونائبه معمر القذافي، وقامت حرب باردة بين ليبيا وبين تونس تمثلت في هروب عمر المحيشي من ليبيا إلى تونس وهروب المصمودي ولجوءه إلى ليبيا.
(9/283)
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي أولاً كما قلت قبرت الوحدة في.. في جنيف لما طلب القذافي من رئيس أن يحترم إمضاءه، وكان جواب الرئيس أن هذا.. كان لذلك الإمضاء كان في.. في وقت معناها غير الذي كان هو بنفسه مستعد إليه، ولكن في جنيف وأنا قلت هذا في جنيف، وحتى آخر وقت، يا سيدي بالنسبة للحبيب بورقيبة -وهذا إحقاقاً للحق- كان ساعيا بأن نلقى طريقة لا إلى الوحدة، ولكن إلى معناها أولاً تخوفاً من.. من مشاكل القذافي وغير ذلك ربما وثانياً: اقتناعاً به كما قال هو في صفاقس معناها قرأت اقتناع بأنه.. بأن فيه فائدة إلى تونس بأن يكون هنالك تنسيقاً أو وحدة أو معناها تعاملاً خاصاً بين ليبيا وتونس، أكثر مما كان يفكر فيه في الجزائر، كان يفكر الجزائر كبيرة وبعيدة عنا ومشاكلها كبيرة وثورية وكذا وكذا وكذا ويجب أن نحتاط منها، بالنسبة لليبيا هذا أقوله إحقاقاً للحق بأن كان الرئيس لأن، إلى آخر وقت في.. في فبراير.. في فبراير في شهر فبراير في السنة اللي بعد وأنا مشيت وكنت مشينا أنا وأولادي منها إلى سويسرا بعد اجتماع (....) وقلنا له أن.. أن مما يخص الوحدة ما قال لنا بومدين فيما يخص الوحدة وغير ذلك كان مثلما قلت في الكتاب كان متألماً، لأنه كان.. كان يسعى وكان.. كان آملاً بأن يلقى طريقة ما في تعاملنا مع.. مع ليبيا، ولسوء الحظ.. ولسوء الحظ أن معناها التجاسر واستفزاز القذافي نوعاً ما ومفاجأته لنا بذلك و الأسلوب الذي.. الذي اتخذه كانه هو الذي قبر الوحدة.
تعديل الدستور التونسي وفرض بورقيبة رئيساً مدى الحياة
(9/284)
أحمد منصور: المهم بعد ذلك كانت صحة بورقيبة تتدهور وكان يدخل في مشاكل صحيحة عديدة وبدأت مرحلة جديدة من الصراع على خلافته في المؤتمر الحادي عشر للحزب الدستوري الذي عقد من الثاني عشر إلى الخامس عشر من سبتمبر عام 74، طرد المصمودي من الحزب، وفرض بورقيبة كرئيس مدى الحياة وتم تعديل الدستور التونسي، من كان صاحب فكرة أن يكون بورقيبة رئيساً مدى الحياة؟ ورئيس صحته متدهورة وعمره 74 سنة ويفرض رئيس مدى الحياة!!
الطاهر بلخوجة:شوف يا سيدي رئيس.. رئيس مدى الحياة هم تتمة لأمور أخرى قبلها.
أحمد منصور: ما هي باختصار؟
الطاهر بلخوجة: ما هي.. ما هي باختصار، يا سيدي إحنا الموضوع موضوع الحكم، موضوع الحكم وموضوع الخلافة هو مش.. مش جديد، من قبل الاستقلال، قلنا أن كان التنافس على الحكم ما بين صالح بن يوسف ثم بعدين ولَّي موضوع الخلافة.. الاشتراكية السياسية سنة الستينات كلها مع بن صالح هي للوصول للحكم أكثر من ذلك، التغطية الاشتراكية والأمور.. التغطية هي للوصول إلى.. إلى الحكم، في سنة.. وبعد..و بعد الستينات، بعد الستينات ربما الشيء وربما الأساسي يجب أن يتحدث فيه بعد.. في سنة 69، في سنة 70 كانت وقفة تأمل على أساس أن وقفة تأمل وكانت كأنها كما –إذا صح التعبير- ثورة ثقافية، لأن طلبنا من الناس، وطلبنا من المواطنين وخاصة من الحزبين أن يقولوا كلمتهم في الوضع، فكانت كلمتهم.. خارقة للعادة انهم طالبوا بتحويل الدستور وطالبوا بالديمقراطية وطالبوا بحزب ثاني..
أحمد منصور: قمع وكبت..
الطاهر بلخوجة: قامت ثورة ثقافية أوقفناها، لأنها تعددت الأحداث تعددت الأحداث، لأن مش بورقيبة أنا بنفسي لم نكن مستعدين لمواجهة..
أحمد منصور: عايشين.. عايشين في أبراج عاجية بعيداً عن الناس.
الطاهر بلخوجة: عايشين في أبراج عاجية، وكنا نعتبر أن الشعب معنا وغير ذلك ولم نقرأ حساباً..
أحمد منصور: اتضح لكم أنكم في واد والشعب في وادٍ آخر..
(9/285)
الطاهر بلخوجة: صحيح، وكنا لم نقرأ حساب لذلك وأوقفنا.. أوقفنا الموضوع، ولكن سوء الحظ، وربما أوقفنا تلك الوقفة كان من سوء الحظ كان مؤتمر مش مؤتمر 74، مؤتمر 71، الأول في (المنستير) المؤتمر 71، وكان الرئيس في حالة..حالة صحية متدهورة نوعاً ما، ولكن.. لم يكن معناها مريضاً على الفراش، وكان مؤتمر 71، وكانت إذاك جماعة أحمد المسيري اللي كانت.. ليبراليين وغير ذلك وطالبوا بالتحذير وطالبوا.. وفي الحقيقة كان مؤتمر 71 كان الأساس كان يجب أن يكون..أن يكون أساس نستخلص فيه العبرة بالنسبة للستينيات، وما كانت عليه دواوين الدولة، ولماذا لم تقم بواجبها؟ ولماذا تقاعست دواليب الدولة مش...
لم يكن الحديث عن ذلك إطلاقاً فقط، بل كان الحديث على تحويل السلطة، تحويل السلطة من بورقيبة إلى المؤتمر نوعاً ما على أساس الديمقراطية، وعلى أن أساس انتخاب الديوان السياسي وانتخاب اللجنة المركزية يكون في المؤتمر ولا يعينه رئيس، وهذا.. هذا من أساليب معناها المشي للخلافة معناها السعي للخلافة..
أحمد منصور: في كل مرحلة...
الطاهر بلخوجة: سنة 74، سنة 74 جاء مؤتمر 74 أفسخ ما قاله مؤتمر 71.
أحمد منصور: يعني أيه أفسخ عفواً؟
الطاهر بلخوجة: ما بين 71، 74 اطرد بورقيبة مسيري والجماعة كلهم وجاءت مؤتمر 74 وفسَّح ما قاله المؤتمر وحده أم 71، معناها..
أحمد منصور: ألغاه يعني..
الطاهر بلخوجة: ألغاه.. مش ألغى معناها قال.. قال حاجة أخرى.. حاجة.. أخرى ثانية، ثم يا سيدي جيت معناها هذه وحدة 74، في 74 وقبل 74 الخلافة جاء عام 72، وقت الوزير الأول واقتراح علي بورقيبة بأن..
أحمد منصور: الهادي نويرة..
الطاهر بلخوجة: لأ، بأن يعني نائب رئيس.. نائب رئيس، وقلنا مش ندخل في استفتاء ثاني وتحويل الدستوري ونغير..
أحمد منصور: سهلة في يومين.. مش في يومين، في خمس دقائق بتغير الدستور..
(9/286)
الطاهر بلخوجة: لا لا كنا فكرنا في ذلك وجمعنا لا لا.. جمعنا.. جمعنا البوم..
أحمد منصور: هو الدستور.. الدستور بتاعكم يعني، غير، بدل..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا فيه مجلس أمة على الأقل فيه أمور معناها..
أحمد منصور: الدساتير لا تحترم مطلقاً في العالم العربي.
الطاهر بلخوجة: أيضاً.. أيضاً واجتمعنا مجلس.. مجلس الأمة وقال كلمته في ذلك وكانت قراءة ثانية وبطلنا هذه مسألة نائب رئيس.. نائب رئيس الجمهورية، عام..وقتها.. وقت اللي صارت المشاكل هذه كانت مدى الحياة، الرئيس كان عمره 75 سنة ياس يدين كان عمره 75 سنة، يا سيدي، كان في بال أي أحد أن رئيس يقعد مائة سنة معناها..
أحمد منصور: عاش 100 سنة.. قعد لكم 100 سنة.
الطاهر بلخوجة: وعاش.. وعاش 100 سنة وله رب، رب يطول في عمره، بارك الله فيه، معناها بارك.. بارك فيه و مات هو الحقيقة مولود عام 1900 ومات 2000 ولكن ما كنت أظن أن..
أحمد منصور: ومات 2000 عاش 100 سنة
الطاهر بلخوجة: ما كنت أظن أن يكون إن كان كان.. أن يبقى في الحكم مائة سنة، وعندك حق في هذا كان ربما كان..
أحمد منصور: لو تركتوه لبقى..
الطاهر بلخوجة: لا، كان ربما بورقيبة كان يعمل كيف (ماوتسي تونج) يخرج من الدولة ويقعد هو معناها رئيس شرفي، للحزب كان ممكن، ولكن وقت اللي إحنا قررنا.. وقت اللي اقترح عليه 75 واللي هو معناها.. كان معناها حب ذلك، أو رأى.. أرى أنه كونه من الاعتراف..
أحمد منصور: رد فعله أيه؟
الطاهر بلخوجة: من العرفان، من العرفان الشعب التونسي وكذا وكذا.
أحمد منصور: عرفان بأيه دا الشعب في وادي وأنتم في وادي كما قلت معالي الوزير؟
الطاهر بلخوجة: عرفان.. لا لا، عارفين عارفين به هو، ربما إحنا كان المشاكل سياسية، كان ما بيوافق عليها الشعب، ولكن مثل بورقيبة الشعب كان ملتصق مع بورقيبة، لأن كان..
(9/287)
أحمد منصور: طبعاً كان في كل الانتخابات فيه هناك انتخابات في العالم 74 وكنت أنت وزيراً للداخلية، وفاز الرئيس بـ 99.98%..
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: الأنبياء لا يحصلون على هذه النسب، والمرسلين من عند الله -سبحانه وتعالى- فكيف أنتم كوزراء داخلية بتوصلوا الرؤساء إلى أن يحصلوا على هذه النسب؟
الطاهر بلخوجة: عندك.. عندك ألف حق، يا سيدي لأن الحكاية..
أحمد منصور: بيدو فيه خلل برضو، لأن عادة في تونس بتطلع النسبة 99.999 عند خلل في النسبة وطالعة 0.98..
الطاهر بلخوجة: 0.98 صحيح، شوف يا سيدي هو الحقيقة الانتخابات التي كانت انتخابات بلون واحد، ما كنش فيه معناها مرشحين ثانين لا كان رئيس.. رئاسة الجمهورية ولا إلى معناها الانتخابات التشريعية، لأن معناها الطريقة اللي ألغاها الطريقة الرئيس الذكية إذاك أن يجمع في نطاق الجبهة القومية.. الحزب الاشتراكي الدستوري والمنظمات المهنية، ومن يمثل المنظمات.. المهنية، وفي الحقيقة هم المنظمات المهنية كانوا يدورون في تلك الحزب وكان الحزب الواحد..
أحمد منصور: لكن الرئيس كان بيحدد لكن النسبة أم أنتوا اللي بتحددوها؟
الطاهر بلخوجة: لا لا هو.. هو، لأن بما أن ما فيش.. ما فيش طرف ثاني معناها مترشح، ورئيس الجمهورية وكانت الصناديق موجودة..
أحمد منصور: هو حد بيجرؤ يترشح؟!
الطاهر بلخوجة: الصناديق موجودة عند الولاة وغير ذلك، وكانت منافسة نوعاً ما عند الولاة بين الولاة، من.. تكون
أحمد منصور: من سيجيب النسبة أعلى 100%..
الطاهر بلخوجة: والنسبة أعلى وغير ذلك، وكانت مسألة صورية عندك حق في هذا، مسألة صورية نوعاً ما..
أحمد منصور: طب قل لنا معالي الوزير...
الطاهر بلخوجة: ولكن هذا لا يمنع بأن نقول ولو كانت صورية أن الشعبية لبورقيبة كانت تؤهله لـ 90% و99%..
أحمد منصور: بعد موته..
(9/288)
الطاهر بلخوجة: لا قبل موته، وقتها.. وقتئذ لا لأن ما فيش محاك، ما فيش رجل ثاني وكان مقبول ومعترف بيه ومحبوب وذاك رئيس الدولة، ما فيش كلام ولهذا..
أحمد منصور: هو ما سبش مجال لحد تاني يطلع، لكن هنا معالي الوزير، بس للحقيقة وللتاريخ، وأنت وزير داخلية، ووزراء الداخلية في العالم العربي كلهم بيطلعوا نسب قريبة من هذه النسبة،..
الطاهر بلخوجة: ما عادش معقولة.. ما عادش معقولة أبداً..
أحمد منصور: يعني قل لنا كيف يتم التزوير والوصول إلى هذه النسبة..
الطاهر بلخوجة: لا ما فيش.. مش تزوير، لأن التزوير لما تختار أحد على الآخر هذا ما فيش تزوير، لأن فيه مرشح واحد، فيه مرشح واحد، ولهذا معناها تقول.
أحمد منصور: حينما يكون هناك أكثر من مرشح، كيف تقومون بعملية التزوير
الطاهر بلخوجة: هذيك صارت عام 81، عام 81.
أحمد منصور: كنت وزيراً للإعلام.
الطاهر بلخوجة: لا كنت وزيراً للإعلام وكان قوتها.. وصار.. وصار التزوير على أساس أيش؟ على أساس أن كونه المعارضة خرجت وملئت الصناديق.
أحمد منصور: طيب، أنا سآتي لها الآن هي في.. في عهد حكومة (مزالي) وكنت أتت وكان (إدريس جيجا) هو رئيس.. هو ووزير الداخلية في ذلك الوقت.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح.
مرض بورقيبة والصراع على خلافته
أحمد منصور: بدأ هناك شكل من أشكال الصراع، الهادي نويرة بدأ يعتقد أنه الخليفة الرسمي وفعلاً تم ترتيبه بعد ذلك ليصبح الخليفة الرسمي لبورقيبة، لكن (وسيلة) لم تكن راضية عن هذا الوضع، صحيح أنها أسرت إليك أنها لو أرادت أن تتخلص من الهادي نويرة، فإنها ستجعل بورقيبة يتخلص منه في ليلة واحدة؟
الطاهر بلخوجة: والله، أنا عمري ما سمعت الكلام هذا، وأنا أشك إنه يقولوا ها الكلام، هذا الكلام..
أحمد منصور: دا منشور في أكثر من مصدر
الطاهر بلخوجة: وشو نوع المصادر؟ شو أساس المصادر؟ كرجال تاريخ..
أحمد منصور: روايات قيل أن أحمد..
(9/289)
الطاهر بلخوجة: رجال كانوا.. كانوا جالسين..
أحمد منصور: أحمد بنور.. أحمد بنور..
الطاهر بلخوجة: عمره ما قال أحمد بنور هذا، الرجال كانوا جالسين مع بورقيبة وقتها مع الرئيس، هاي كان.. كلام أرجايف.
أحمد منصور: أنت تروي لنا.
الطاهر بلخوجة: معناها حكاية.. ولكن الناس اللي يقولون هذا؟
أحمد منصور: ما هو طبعاً لأنك مقرب من وسيلة.
الطاهر بلخوجة: أنا رويت.. أنا رويت الحقائق، أبداً.. اسمع.
أحمد منصور: لأنك مقرب من وسيلة.
الطاهر بلخوجة: ما هوش منطقي، يا أستاذ، ما هوش منطقي ها الكلام اللي يقولوا فيه، طب وهذا يجي معناها رئيس.. دولة يعني يعفي وسيلة هذه...
أحمد منصور: طيب هذا أحمد بنور..
الطاهر بلخوجة: يا أخي شوف.. يا سيدي..
أحمد منصور: أحمد بنور (كاتب الدولة للأمن) رواه للصافي سعيد بشكل مباشر وذكر في صفحة 345 من كتابه.
الطاهر بلخوجة: وقال؟
أحمد منصور: وأن.. إن الكلام اللي أنت قلته ده إن وسيلة أسرت إليك أنها لو أرادت أن تتخلص من الهادي نويرة وتتخلص..
الطاهر بلخوجة: أنت تقوله، معلش يقولوا عليه أحمد بنور وغير أبداً شوف يا سيدي.
أحمد منصور: قالت لك..
الطاهر بلخوجة: الصافي.. الصافي معناها عنده كما يقولوا بالفرنسية imagination خيال معناها..
أحمد منصور: ليس هنا خيال..
الطاهر بلخوجة: خيال معناها..
أحمد منصور: كل كلام بيرجعه وهو التقى مع الجميع ونقل عنهم.
الطاهر بلخوجة: لا.. كان عندي الكتاب الأول بتاعه والكتاب الثاني (...) هو
أحمد منصور: لكن هنا.. هنا قل لي، إحنا ننسى الجميع، أنت الآن صاحب الموضوع وأمامنا، ويعني أنت رجل وسيلة المفضل لها ولك علاقة وثيقة وهي لعبت دور، وكان لك علاقة وثيقة بها سنأتي لها في التفصيل فيما بعد..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، خليني أنا حكي لك كيف، كيف الهادي نويره.
أحمد منصور: كيف كانت علاقة الهادي نويرة بوسيلة؟
(9/290)
الطاهر بلخوجة: استنى، كيف كان.. لأ كيف الهادي نويرة كان يريد الخلافة.
أحمد منصور: كيف؟
الطاهر بلخوجة: أولاً.. أولاً في اعتقادي قلت أنا قالت لي وسيلة مش.. لا فائدة في.. في.. في السرعة على الخلافة، لأن خليفة الرئيس بورقيبة اختاره منذ سنة 45 وقت قبل.. بعد الحرب، لما كانوا في (سان دي كولا)، اختار.. اختار وفي ذهنه وفي باله أن الهادي نويرة هو خليفته
أحمد منصور: ده الرئيس اختار 100 خليفة
الطاهر بلخوجة: وتبين آنذلك صحيح..
أحمد منصور: ده اختار 100 خليفة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا هو لا.. لا بعديه لأ، أبداً
أحمد منصور: في كل شوية كان بيختار خليفة..
الطاهر بلخوجة: لا، هذا كله، هذا كله..
أحمد منصور: وكل من حوله كان يطمح في الخلافة
الطاهر بلخوجة: ما كان يطمح الطموح موجود وكل
أحمد منصور: حتى أنت معالي الوزير؟
الطاهر بلخوجة: أيوه، نعم سيدي.. كله عنده طموح
أحمد منصور: ألم تطمح لخلافته؟
الطاهر بلخوجة: لأ.. لأ، أنا كان عندي طموح أقل، لأني كنت أعرف أن الخليفة.
أحمد منصور: لا.. لا.. لا، كان طموحك أعلى
الطاهر بلخوجة: هو والله.. أنا.. أنا كان طموحي أعلى من هذا، وأنا بينت أن كونه في يوم من الوقت لو كان هو مريض صحيح كان هو مريض وكان.. كان طلب من الهادي نويرة وقال وأنا.. وأنا كنت مشيله وقت اللي كان هو عنده.. عنده depression عنده معناها مشاكل عقلية وغير ذلك، وكنت أشوفهم كان طلب من الهادي نويرة.
أحمد منصور: حدث له انهيار عصبي عام 76
الطاهر بلخوجة: انهيار عصبي، وكنت.. أن أكون وزير دولة معاه، على أساس أن في باله هو ثم الهادي نويرة يخلفه، ثم بعده أنا، وفيه معناها تكامل معناها بورقيبة إذا كان، قلت له: أنا أبداً يا سيدي الرئيس، بعدين ربي يحيينا، وأولاً نمشي يعمل ربنا يحيينا، وأنت ابرأ وأشفى وبعدين نشوف ونشوف
أحمد منصور: يعني الرئيس حط قدمك.. حط قدميك على طريق خلافته.
(9/291)
الطاهر بلخوجة: هذا عنده، هذا فيه رئيس بورقيبة أن كان يؤمن أنه كانت له.. أنه رسالة ولم تكتمل تلك الرسالة وكان يريد، وكانت له.. كانت له مدرسة في البنية، وكانت له أسس..
أحمد منصور: ليس لها مثيل.
الطاهر بلخوجة: على كل حال وكان يريد خلفاء له.. إليه، معناها حتى يكتملوا تلك المسيرة، وهذا..
أحمد منصور: يعني في تلك المرحلة وضع
الطاهر بلخوجة: وهذا موجود في كل..
أحمد منصور: وضع الهادي نويرة خليفة أول وأنت خليفة ثاني.
الطاهر بلخوجة: أبرز ما هو الآن.. طوال حكم.. كل إن كونه على ملوكيات دستورية مش دستوريات الوقت الحاضر، أمر بكثير، هلا كونه بورقيبة على الأقل اختار ناس معناها
أحمد منصور: هو له..
الطاهر بلخوجة: عملوا في السياسة سنوات، مش..
أحمد منصور: كانت علاقاته بابنه متوترة وإلا كان قربه ووضعه.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، ولده لا كان اعتبار أن ولده مش.. مش مش ممكن يكون خليفة فقط، يا سيدي ولهذا نرجع للخلافة إحنا إنا قلنا عام.. بعد.. بعد
أحمد منصور: بس هنا معالي الوزير، عشان أمشي شيء مرتب، الهادي نويرة أصبح خليفة بشكل دستوري لبورقيبة في العام 76
الطاهر بلخوجة: 76.
أحمد منصور: في نفس العام.
الطاهر بلخوجة: وهذا.. وهذا الخطأ، هذه الغلطة -سامحني- هذه الغلطة الكبيرة اللي قام بها الهادي نويرة وقمنا بها، لأن الهادي نويرة لم.. ما كانش عنده معناها فائدة في ذلك
أحمد منصور: الهادي نويرة كان عنده
الطاهر بلخوجة: كان.. كان هو المرشح، وكان يمثل قوة وقت اللي قنن.. قنن الخلافة على أساس أن الوزير الأول يكون هو الخليفة إذا.. إذا معناها إذا.. إذا.. إذا غاب الرئيس معناها عن الحكم وإذا كان..، هذيك أشعلت.. أشعلت الطموحات للخلافة.
(9/292)
أحمد منصور: الآن كان هناك عدة قوى متصارعة على الساحة، القوة الأولى القصر، ونقول فيه الرئيس ووسيلة، القوة الثانية الحكومة وكان يتزعمها الهادي نويرة، القوة الثالثة وزارة الداخلية، وكنت أنت على رأسها الطاهر بلخوجة، القوة الرابعة الحزب، وكان على رأسه محمد الصيَّاح، القوة الخامسة الاتحاد التونسي للشغل وعلى رأسه الحبيب عاشور هذه القوى الخمسة كانت تتصارع السلطة في النصف الثاني من السبعينات، يعني بعد العام 75، وكان التنافس بينها كان قوي على امتلاك مواطن النفوذ، وزارة الداخلية كانت بتعتبر أقوى شيء باعتبارها الحامي الأساسي للنظام.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: ولم يكن هناك جيش يحمي ولا شيء
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح
أحمد منصور: وإنما كنت أنت الرجل المكلَّف بأمن بورقيبة وأمن النظام بشكل أساسي، الحزب اللي كان مديره محمد الصياح في ذلك الوقت.. الوقت أو على رأسه كان عنده ميليشيا خاصة تابعة له، كان اتحاد النقابات كان.. لأن أنتم لم تسمحوا بنظام الحزب إلا بنظام الحزب الواحد، فحوى اتحاد النقابات كل التيارات السياسية الموجودة على الساحة التونسية، وكانت الحكومة بقيادة الهادي نويرة تمثل ثقلاً آخر، كيف كان توزيع القوى بين هؤلاء الخمس؟
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، أولاً القوى كلها تصب، كلها تصب في.. في جعبة بورقيبة..
أحمد منصور: لكن كل قوة لها نفوذ في مكان ما
الطاهر بلخوجة: إذا كان النفوذ في مكان لسبب واحد أنا كنا في هيكلة للحكم غير.. غير معناها مُجدي، كانت هيكلة الحكم كنا في نظام الحزب الواحد، ونظام المنظمات القومية تحت الحزب، وكانت معناها.. وكانت بالنسبة الحكومة بنفسها ما.. ماكانتش معناها تعمل بصفة عادية في استشارة معناها مجلس الأمة، في استشارة.. المجتمع.. المجمع المدني، وكان هنالك تقاعس كبير وعدم ترتيب الحكم في.. في ذلك.
(9/293)
أحمد منصور: كان هناك صراع بين الحكومة وبين الحزب كان بشكل واضح..
الطاهر بلخوجة: والله الحزب كان
أحمد منصور: كانت.. كانت.. كانت علاقة وسيلة مع الهادي نويرة كانت علاقة متوترة، لا سيما وأن كان لها ما يقرب من 5 أو 6 وزراء في الحكومة، أنت كنت على رأسهم، بدأ.. بدأت الحكومة تسعى.. بدأت الحكومة تسعى إلى عملية.. أنا بأقرأ.. أنا رصيت كل الأحداث جنب بعضيها وطلعت بنتائج.
الطاهر بلخوجة: اقرأ طيب، لا.. لا.. لا، في القراءة.. لا.. لا.. لا التخمينات.. التخمينات لا بأس بها.
أحمد منصور: ليس تخميناً.. معالي الوزير..
الطاهر بلخوجة: مش تخمينات سيادتك لأ، تخمينات من كتب.
أحمد منصور: ليس تخميناً، ليس من كتب، أنا لا أتبع.. أنا أضع الأمور.
الطاهر بلخوجة: أنت نقلت.. نقلت.. نقلت بعض التخمينات.
أحمد منصور: لا.. لا.. لا.. عفواً.. عفواً معالي الوزير، أنا بأضع كل النصوص جنب بعض، ولا أتأثر باتجاه واحد، وأخط لنفسي خط في مسار الحوار أنت تلمسه بشكل جيد ويلمسه كل ضيف، أنا لا أتبع خطاً معيناً.
الطاهر بلخوجة: أنا أعتبر نفسي.
أحمد منصور: أنا أجمع المعلومات.
الطاهر بلخوجة: أنا شاهد معناها مباشر، والجماعة كانوا يسمعوا بالآذان..
أحمد منصور: أنا الآن.. أنا الآن قرأت كل الأشياء ووضعت كل الخيوط على بعضها، والآن أقول لك...
الطاهر بلخوجة: لم.. لم.. لم تكتب.. لم يكتب شيء كبير، يا سيدي أنا قلت في الكتاب لم يكتب شيئاً عن تونس، وطالبت الإخوان بيش يكتبوا لأن هذا الوضع.
أحمد منصور: مع قلة المصادر
الطاهر بلخوجة: الوضع اللي قعدنا عند الأراجيف والناس الشهدا.. الناس الذين شاهدوا الأوضاع لم يكتبوا هذا الوضع.
أحمد منصور: مع قلة المصادر كلها
الطاهر بلخوجة: مصادر..
أحمد منصور: استطعت أن أوثق بعض الأشياء التي اقرأ من خلالها معك الطريق..
الطاهر بلخوجة: طيب.. طيب.. طيب أنا.. أنا أصححها إذا كان ممكن
(9/294)
أحمد منصور: أنا الآن بأطرح عليك قراءاتي.. في.. من خلال هذا الوضع، طلب الهادي نويرة من قيادة الاتحاد التونسي للشغل أن تندمج في الحكومة، لاسيما بعدما رفض أن يكون، هو طلب منهم التوقيع على ما يُسمى بعقد اجتماع بين الاتحاد والدولة يستمر في الخطة من العام 77 إلى العام 81، صحيح؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي..
أحمد منصور: صحيح؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا مش.. مش إن.. مش طلب من اتحاد الشغل أن يندمج في الحكومة، لا كان الهادي نويرة إذاك يا سيدي صراحةً
أحمد منصور: ليس اندماجاً وإنما توقيع عقد باجتماع.. اتفاق.
الطاهر بلخوجة: طيب خليني أكلمك.. عيشك
أحمد منصور: لإنهاء.. لعمل هدنة بين الطرفين
الطاهر بلخوجة: لا معلش يا سيدي أن الهادي نويرة بعد تحوير الدستور سنة 6.. سنة 76 وأقرها مجلس الأمة تحوير الدستور على أساس الخلافة لمرشح.. لمرشح الحزب والكاتب العام للحزب، والمعني بذلك هو الهادي نويرة أراد الهادي نويرة بعد ذلك وتهنأ على الخلافة وعلى كرسي الخلافة أن يكون في.. مع اتحاد الشغل علاقة لا.. لا.. لا ما تعبوش معناها في الحياة في.. في مسيرته السياسية ومسيرته الاقتصادية، واستنبط ذلك الميثاق الاجتماعي سنة 77 وأمضيناه سنة 77 على أساس أن اتحاد الشغل نعطيه زيادات ويرضى بتلك الزيادات ولا.. ولا يعمل أي شغب، و.. يمشي مع الهادي نويرة مدة 5 سنوات.. سنوات المخطط الخماسي، هذا ما وقع.
أحمد منصور: كانت مشكلة الهادي نويرة أنه رجل لا يتمتع بكاريزما، أي بشعبية أو حضور يستطيع من خلاله أن يصل للناس.
الطاهر بلخوجة: لأ كان.. لأ كان ما.. مع شعبية عنده
أحمد منصور: أو شعبية ما كانش، ما هو اللي مالوش كاريزما مالوش شعبية
الطاهر بلخوجة: هو والله محترم.. محترم، كان محترم.
أحمد منصور: الكريزما هذه هي الحضور والزعامة وقيادة الناس..
الطاهر بلخوجة: بالنسبة لبورقيبة صحيح، أما هو.. هو رجل محترم.
(9/295)
أحمد منصور: وكان هذا بيمثل عقدة، أيه طبيعة الصراع باختصار بين الحبيب.. بين الحبيب عاشور وبين الهادي نويرة؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، شوف.. شوف يا سيدي، لأن.. لأن الهادي نويرة معناها كان المدة الأولى كلها من سنة 70 إلى 77 كان اتفاق تام بما تم عليه بين الحبيب عاشور والهادي نويرة،.. كان الهادي نويرة يُلام من طرف الإخوان في الحزب، وخاصةً منهم العضلات في الحزب، وأنه كيف تتعامل معناها تتفاهم مع الحبيب عاشور، والحبيب عاشور بيَّن ذلك وأخذ موقفاً مثلاً في جربة مع الهادي نويرة ضد معناها الاتفاقية، وكان متماشي، وخاصة أنه كان الهادي نويرة إذا بالعلم، الهادي نويرة كان كاتب في مدة معينة في الأربعينات أخذ الكتاب العام لاتحاد الشغل، كان كاتب عن اتحاد الشغل؟ معناها سياسياً.. سياسياً فرضها بورقيبة، فيه حاجة اتحاد الشغل، وإنه كانت.. وكان.. وكان هو المدافع المحامي.. المحامي للحبيب عاشور في الأربعينات ضد الاستعمار الفرنسي، الحبيب معناها الهادي نويرة بنفسه، على كل أولاً: كانت علاقات طيبة.
أحمد منصور: كيف كان علاقتك أيضاً مع الهادي نويرة؟
الطاهر بلخوجة: لأ، علاقات.. علاقات طيبة، وفيها وعليها، يعني نكمل لصالح الحبيب عاشور، ولهذا في سنة 76 بعد تحوير الدستور أصبحت المشاكل، أنا أقول لك معناها أن ممكن أن الحبيب عاشور كان غير راض على.. على..
أحمد منصور: كان يطمح إلى أن يخلف بورقيبة هو الآخر؟
الطاهر بلخوجة: لأ كان هو.. كان.. كان.. كان يعتبر نفسه إنه ربما.. على أيش لا ربما أن كونه وقال هو.. هو قال كذلك في هو ووسيلة قالوها بعدين في.. في.. في آخر السبعينيات أنهم أن.. أن هذا الدستور الذي يعطي بصفة آنية الخلافة غير معقول أن الشعب في حاجة إلى انتخابات وغير ذلك، قالوها.
أحمد منصور: كيف كانت علاقة نويرة مع وسيلة؟
(9/296)
الطاهر بلخوجة: والله يا سيدي شوف.. لما نرجعوا لها إحنا ووسيلة معناها.. معناها وسيلة –بين مقطعين كما يقولوها- كل شيء نرجعوه على وسيلة.. يا سيدي، قلت أنا من أول مرة، قلت لك وسيلة تتنفس بأنفاس بورقيبة، ولها في ذلك معناها.. ولهذا.. ولهذا معناها كانت.. كانت تتعدانا نوعاً ما إحنا، لأن ما.. ما كناش في.. في نفس الوضع، لما كان بورقيبة مع بن صالح كانت معه، لما احتار ولما.. بدأ.. واحتار مع بن صالح كانت مع بورقيبة، نفس الشيء معناها.. معناها هي تميل مع بورقيبة وحصانها.. وحصانها الوحيد هو بورقيبة، وسياستها وأمورها كله مع بورقيبة، هذا لا يمنع.. لا يمنع بأن لها اختيار بعض الاختيارات في الأشخاص وبعض.. وبعض التدخلات، ولكن لا أظن أن بورقيبة بنفسه كان معناها تحت كلكة معناها وسيلة، وألا تحت تأثير وسيلة كامل، أبداً.
أحداث قصر هلال وتصاعد التوتر بين القوى التونسية
أحمد منصور: أُقصي الحبيب عاشور من الديوان السياسي أو قدم استقالته في 17 سبتمبر عام 77 وبدأت الأمور تتصاعد، وقعت أحداث قصر هلال في 10 أكتوبر 77.
الطاهر بلخوجة: أي نعم سيدي
أحمد منصور: إضراب.
الطاهر بلخوجة: تجمهر.. تجمهر
أحمد منصور: كنت أنت وزيراً للداخلية، وتم الاستعانة بالجيش لمحاولة قمع هذا الموضوع.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: وهذه فجوة من فجوات العداء، واتهام لك بأنك أيضاً مسؤول عما حدث للناس في ذلك الوقت.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، أنا.. أنا متهم من سنة 77 إلى أن خرجت من الداخلية متهم بأني لم أستعمل قوى الأمن ضد المتظاهرين، هذا الأساس، كانت هنالك توتر كبير بين الحزب وبين اتحاد الشغل، وأنا من الناس مش وحدي وها الجماعة اللي استقالوا معناها 6 وزراء استقالوا وكانوا كذلك، ومعناها وسيلة
أحمد منصور: بعد ذلك حدث.. لسه هذا قبل الخميس الأسود، إحنا في الآن أحداث قصر هلال لم يكونوا استقالوا بعد.
الطاهر بلخوجة: كله في 77، 77
(9/297)
أحمد منصور: لم يكونوا قد استقالوا بعد.
الطاهر بلخوجة: ليه.. لأ، معناها.. هو استقالوا الجماعة تهمة في عام 77 كانوا في نفس الطريق، كانوا معناها مع عبد الناصر و.. كان
أحمد منصور: يعني كان هنا فيه انقسام في الحكومة ما بين وزراء وسيلة وما بين وزراء..؟
الطاهر بلخوجة: في انقسام في الحكومة لأ، كان انقسام في الحكومة على أساس جماعة في الحزب معناها يريدون أن يقضوا بصفة قطعية على اتحاد الشغل، لأنه رفع رأسه، وأن ذلك في السياسة العادية للحزب الواحد الذي يجب أن تكون كل المنظمات تحت كلكلته وإلى غير ذلك، وأن مع الحبيب عاشور معناها، والحبيب عاشور دخل مرتين أو ثلاثة الحبس في ذلك، لما.. كل مرة ويسعى إلى استقلال الاتحاد وتقع عليه الضربة.
أحمد منصور: تحديت أنت..
الطاهر بلخوجة: إنما هو.. هو في.. وأول.. أول مش أول.. أول دخل الحبس أول مرة، ثاني مرة بعد الاستعمار وقت بن صالح.. وقت بن صالح..
أحمد منصور: أنت تحديت الهادي نويرة
الطاهر بلخوجة: ولهذا كانوا الجماعة.. كانوا الجماعة ضد توجه معناه العنف واستعمال العنف، لأنا كنا كنا نقول إذاك يا سادة اتحاد الشغل قوي الآن ودخل معه وكما قلت سيادتك يا أستاذ أحمد، دخلت الإطارات الكبيرة والإطارات العريضة في اتحاد الشغل، وعنده قوة كبيرة، وأنا بوصفي في الداخلية أعرف أن ما هي قوة الحزب، وأقول إذاك يا حزب أنتم عندكم قوتكم هي قوة الدولة، أنا قلت لهم يا حزب ما عندكمش قوة كبيرة، ومعناها قوتكم هي قوة بورقيبة وقوة الدولة، وإذا كان صارت هنالك عداوة وصارت مواجهة بيش تكونوا خاسرين، ولهذا أنا في الداخلية لا أريد تلك المواجهة ولا..
أحمد منصور: صار تحدي.
(9/298)
الطاهر بلخوجة: وقلته يا سيدي.. وقلته بصفة علنية في مجلس الأمة قبل أن استقيل.. قبل أن.. أن أُقيل، وقلت لا.. وقلت في (جندوبة) في ندوة الولاة في ندوة معناها (وكلو) معناها ما تغير شهاد في.. في (جندوبة) للولاة، والهادي نويرة مدير الحزب إذاك وقلت استعمل عصا القوة معناها ضد المتظاهرين، لأن المتظاهرين يمكن أن نصدهم، ولكن الموضوع موضوع سياسي مش موضوع أمن.
أحمد منصور: كنت تتحدى الهادي نويرة، استقبلت أحمد المستيري وكان يوصف بأنه على رأس المعارضة وزير الداخلية السابق، بعدها كان وزير الداخلية والعدل، كنت تسعى بدعم من وسيلة لإسقاط الهادي نويرة وبالتالي أصبح الصراع مباشراً بينك وبين الهادي نويرة، كل منكما يريد أن يسقط الآخر.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، الصراع بين.. بين مسيرتين، المواجهة وعدم المواجهة، الهادي نويرة وجماعته في الحزب بيحبوا المواجهة والقضاء على.. على الحبيب عاشور، وجماعة ثانية تقول تلك المواجهة تكون خسارة للنظام وربما تأخذ بالنظام، هذا.. هذا الأصل، أما معناها بالنسبة.. بالنسبة للهادي نويرة، شخصياً أنا أعتذر و(...) أكثر من ذلك يا سيدي، الهادي نويرة لآخر الوقت والله أنا أحترمه كثير، إلى آخر الوقت في 77 كان ميال للاتجاه.. الاتجاه الذي يريد المصالحة.
أحمد منصور: حدثت مشادة بينك وبين الهادي نويرة في البرلمان، تلاسنتما فيها بكلام جارج؟
(9/299)
الطاهر بلخوجة: لا.. ممكن.. ممكن أن يقع في البرلمان معناها تشاجر معنا بين وزير أول ووزير، عمره ما صار هذا أبداً لكن.. لكن.. لكن يا سيدي الهادي نويرة عمل خطاب وخطاب كبير طويل عريض فيما يخص الموضوع هذاي، وقال أن معناها بعدما اختار، وقت اللي اختار معناها جهة من جماعة العضلات، قال أن هنالك شيوعيين وبيهم وعليهم في المنظمة الشعبية، طيب أنا كان لي خطاباً في.. في ديسمبر بعده بأيام قبل أن أقيل وقلت فيه أن كونه لا فائدة في الصراع ولا فائدة في المواجهة، اختلاف الرأي قلنا كل في خطابه، كيف تكون مشاجرة علنية في..، لم تكن أبداً أي مشاجرة أو أي عراك علني واي كلام علني معناها بيني وبين.
أحمد منصور: ذهبت بعدها لقضاء إجازة في باريس.
الطاهر بلخوجة: نعم يا سيدي، لأن كنت أنا مرتاح.
أحمد منصور: الوضع كان متوتر، تصاعدت الأحداث في 19 ديسمبر 77.
الطاهر بلخوجة: هذه كانت غلطة مني أن سافرت صحيح، ولكن أنا كنت.
أحمد منصور: الأمور متوترة للغاية وتسافر وتترك المكان.
(9/300)
الطاهر بلخوجة: لا الأمور متوترة ولكن أنا أخذت أنا 48 ساعة بيش أشوف أبنائي كانوا.. أنا هو.. أكثر يا سيدي.. أنا ربما احزن، أما الأخطر من هذا هو كونه يا سيدي وقت اللي عملنا قبل هذا هو كونه يا سيدي وقت اللي عملنا قبل هذا كله في.. في ديسمبر 77، كان الغداء عند الهادي نويرة، وحضره أبو أياد وحضره الحبيب عاشور وحضره السيد المقدم الحبيب (...) ومحمود الصياح وأنا وعبد الله فرحات وكلنا، وقتها كانت الأزمة وحولها لي نويرة محترم، معناها الهادي نويرة كان في أزمة كبيرة وطلب من المجموعة وإحنا كنا وإحنا المسؤولين عن الوضع إذاك كلنا، من وزير الداخلية، وزير الخارجية، اتحاد الشغل كذا.. كذا، وكان أبو أياد.. كان أبو أياد في طرابلس، وجاء أبو إياد يؤيد لنا ويقول لنا يا ناس راعوا الله.. راعوا الله ثم احتيار كثير حول النظام، أراه أنا كنت في طرابلس والناس تتساءل في طرابلس عما سيكون معناها الفائز في.. في العراك الموجود عندكم، قال لنا هذا، ولهذا بالله إلقوا حل وإحنا الفلسطينيين بنحبوكم وإحنا كذا وكذا، سمع (...)، واجتمعنا وتحدثنا في الموضوع وكان الهادي وكان وقتها اقترح.. اقترح الحبيب عاشور 10.. 3 مليار دولار وقال له الآخر أنا ما عنديش فلوس بس يكون له.
أحمد منصور: كان هيجيب منين؟ علاقاته كانت سيئة بالسعودية والليبيين.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا إيش يكون.
أحمد منصور: حتى يحضر لكم منها.
(9/301)
الطاهر بلخوجة: طيب.. طيب، لكن لا.. أنا أقول لك. قال له أبو إياد قال.. قال أبو إياد أنا ممكن إذا كانت المسألة بتاع فلوس أنا أجيبها، طيب مش ممكن علاقتهم بالفلسطينيين يجيبوا فلوس، ولكن يا سيدي اتفقنا إذاك على هذه الأساس، اتفقنا آخر اجتماع الأساسي أن يكون من الغد اجتماعاً يجمع الحبيب عاشور شخصياً وجماعته، وإذاك وزير الدفاع كممثل الحكومة لأنه وزير الدفاع كان من جماعة اللي ضد كل شيء يجمع ويتفقوا على.. على حل معناها، وإيجاد حل حتى.. حتى نبتعد عن هذه المواجهة اللي كانت وشيكة.. وشيكة، من الغد الأساسي من الغد يا سيدي وزير الدفاع كان معه وزير الاقتصاد يأخذ معناها هليوكوبتر ويسافر إلى (قرقرة) لصيد الأرانب، أقولها بكل صراحة.
أحمد منصور: ما أنتم عايشين في وادي والشعب في وادي آخر.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. هذه من المسؤوليات.. المسؤوليات التاريخية، لأن هذا الأساس لو.. لو.. لو.
أحمد منصور: أنت أيضاً تركت الأمور وذهبت إلى باريس.
الطاهر بلخوجة: لو اجتمع وزير الدفاع إذاك بالحبيب عاشور للقوا معناها حل معناها أخرجنا منه، وبعدين أجرى اجتماع.
أحمد منصور: في 19 سبتمبر في 19 سبتمبر.
الطاهر بلخوجة: بعدها (...) لكل شيء.
إقالة الطاهر بلخوجة واتهامه بالتنصت على الهادي نويرة
أحمد منصور: في 19 ديسمبر 77 أعلن عمال السكك الحديدية عن الإضراب، وفي 20 ديسمبر أعلن عن فشل المفاوضات، وفي 22 ديسمبر حوصرت وزارة الداخلية.
الطاهر بلخوجة: هذا كله.. هذا كله.
أحمد منصور: وتمت إقالتك..
الطاهر بلخوجة: نعم سيدي.
أحمد منصور: ذهب الهادي نويرة إلى الرئيس وقال له إما أنا وأما الطاهر بلخوجة.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: وفشلت كانت وسيلة مسافرة وإلا لو كانت موجودة طبعاً لدعمت موقفك.
(9/302)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا ما كانت تعمل شيء، ما كانت تعمل شيء، لأن الموضوع، اسمع هذا كيف موقف بن صالح في عام 66، يجي الوزير الأول ويضع المشكل، معناها الرئيس يحترم، مش ممكن شو يدخل في أزمة، ماحدش يدخل (.....) يمشي على نفسه، ولكن ما يمنعش إنه كونه كيف.. كيف ما صار في عام 69 خرجت في 78، وفي 80 وليت.. صرت سفير في بون.
أحمد منصور: تمت إقالتك وأسندت وزارة الداخلية بشكل مؤقت إلى وزير الدفاع عبد الله فرحات.
الطاهر بلخوجة: 6 أيام.. 3 أيام.. يومين.. يومين..
أحمد منصور: يومين اثنين، وأعلن بعده بيومين تعيين (الضاوي حنابلي) وزيراً للداخلية، في 26 ديسمبر 77.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح..
أحمد منصور: بدأت الأمور تتصاعد، كيف تلقيت خبر إقالتك؟
الطاهر بلخوجة: أنا كنت في يا سيدي كنت.. كنت في (نيس) وقتها، أنا مشيت أنا بأشوف أولادي، كنت في نيس...
أحمد منصور[مقاطعاً]: كنت في نيس والثاني راح يصطاد أرانب، والشعب ياكل تراب.
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا.. هذا الواقع، هذا الموجود، أنا كنت في نيس، وأخبرت بذلك، وأخذت الطائرة من الغدد رجعت، لأن قيل لي ترجع، أنت معناها أقلت في.. وفي معينة، والحبيب عاشور بيش هيدخل السجن، لأن أنا راجع ورجعت، وقابلت الهادي نويرة وتبين أن ما قيل للرئيس حول معناها قيل للرئيس أنه هناك ليبيين جاءوا معناها.. معناها عن طريق البر وكان الطاهر بلخوجة أذن لهم بجوازات سفر، وجيئوا معناها حتى للعداء معناها ضد.. ضد النظام وضد الهادي نويرة، كلام فارغ، تبين أن الجماعة الليبيين جاءوا لحضور المجلس الإداري لدار جربة، هذا.. هذا كله ادعاء واتهامات.. واتهامات..
أحمد منصور: طبعاً إيهام.. إيهام الرؤساء دائماً لأن الأمن غير مستقر، وأن هؤلاء الذين يحفظون الأمن وجزء من الحاشية التي حول الرئيس دائماً للحفاظ على مكاسبها.
(9/303)
الطاهر بلخوجة: لكن مش إيهام، لأ.. لأ الإيهام مش هذا، الإيهام هو كونه وهذا صحيح والرئيس اختيار موقف صحيح، أنا قلت الرئيس جه وزير أول وقال له إما أنا أو فلان، والموضوع كذا كذا، أقول والله ذلك، هذا صحيح.
أحمد منصور: أنت كنت متهماً –عفواً- كما اتهمت في المرة الأولى، متهم في المرة الثانية من قبل رئيس الوزراء ووزير الدفاع بأنك كنت تتنصت على مكالماتها وعلى أحاديثهما وعلى كل شيء، ويبدو أن قضية التنصت ملصقة بك ومحترف تصنت على المسؤولين حينما تتولى مناصب أمنية.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، من الأمور التي.. هذه من الأمور التي تلفق وقت الحاجة، الحاجة السياسية لما تريد أن تلفق.
أحمد منصور: ليه تلفق، يا معالي الوزير، الآن وزارات الداخلية في كل الدولة العربية بتتصنت على الناس.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لتلفق وتضخم وتضخم، أنا سأعطيك مثال أنا قلته.
أحمد منصور: يعني بعض المسؤولين أنا أتصل عليهم يقول لي ما تكلمنيش في التليفون، معنى كده إن فيه تصنت عليهم.
الطاهر بلخوجة: صحيح، صحيح، شوف يا سيدي.
أحمد منصور: وعلى المسؤول قبل المواطن العادي.
الطاهر بلخوجة: أنا بأعطيك.. بأعطيك موضوع التصنت صحيح الرسمي، موضوع التصنت الرسمي قلته في كتاب واضح أن كون الرئيس لما قبل.. لما اقتبل مع (نيكسون) عام.. في الستينات مع (نيكسون) طلب.. طلب -ابنه قال - طلب بأن يسجل ما سيقوله حول فلسطين وحول ما يقوله الأميركان، حتى يعرف أن كون بورقيبة ما هوش عميل معناها لأميركا، وقال ما قال (نيكسون) وسجل، بعدين قال بورقيبة...، خلي خلي آلة الاتصال، أنا كل ما..كل ما أقوله تاريخي وللتاريخ، وأريد أن.. أن يسجل، وأنا قلت لك المرة الأخيرة وقت اللي كانت عنده أمور سرية كبيرة يخرج معي خارج المكتب ليقولها وليهمس بذلك في أذني.
أحمد منصور: يعني كان خايف إن فيه تنصت.
الطاهر بلخوجة: يعرف.. يعرف نفسه.. يعرف كانوا تصنت.
(9/304)
أحمد منصور: يعني الأميركان كانوا بيتنصتوا عليكم، وأنتم بتتنصتبوا على الشعب.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا مش الأميركا، إحنا كنا بنتنصت، هو كان.. كان تسجيل، ويعرف الهادي نويرة.. ويعرف مع الهادي نويرة، يعرف جمع الكل أن كونه كلام رئيس المكتب معناها مسجل...
أحمد منصور: مسجل.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، مسجل، هذا بيخص رئيس الدولة بيش يسجل ما يشاء.
الحاجة التانية اللي قلت عليها وعندك فيها حق: التنصيت على المواطنين وعلى القيادة، هذا معناها عبارة على تخلف كبير وعلى معناها إدانة كبيرة بالنسبة للمواطنين التصنت، هذا شيء في بلداننا بنناقشه الواقع، في بلداننا فيه تصنت ولكن بإذن من وكيل عام الجمهورية على أساس الإجرام أو على أساس بعض الأمور الأساسية اللي تمس الدولة معناها في.. في بالأساس أجانب، وفيه معناها -ما شاء الله- من.. من الأذنونات في هذا، وهنالك معناها وفي.. وهنالك هيئة.. هيئة مستقلة تنظر لهؤلاء للتنصيت حتى تحترم الناس، هذا.. هذا متفق معاك أن رجعنا إلى نفس الشيء أن أمن الدولة ما هوش أمن النظام ما هوش أمن الأشخاص.. ويجب أن يكون.. أمن الدولة مستقل حتى يحترم حرمة الناس ويقي الناس من الاستماعات، وأنا أقول لك حتى أمنياً الناس اللي يتصنتوا تو ما عنده حتى فائدة للأمن، لأن وقتها أنت يعرف الناس بتتصنت.. ما يتكلم، كانوا.
أحمد منصور: لا بيتكلموا..
الطاهر بلخوجة: حتى.. حتى التصنت على الناس، يقول له ما عنتش تكلم حد، ولهذا أمنياً وفنياً، معناها يخسر أموال طائلة عشان يتصنت على الناس معناها ويسمع الأمور التافهة وغير ذلك.
أحمد منصور: يعني كنتم تتنصتون بترتيب مع رئيس الجمهورية وترتيب مع النظام.
الطاهر بلخوجة: لأ.. لأ كانت.. كانت وقتها بالذات كان الوضع معناها من أول الدنيا أن فيه بعض التنصيت على بعض.. فيه وزراء داخلية ينصتوا كثير وفيه ينصتوا شوية وفيه ينصتوا.
أحمد منصور: طب وسعادتك كنت بتتصنت قد أية؟
(9/305)
الطاهر بلخوجة: على كل.. التنصت على كل حال فعلاً موجود التنصيت صحيح المبدأ معقول، المبدأ.. المبدأ معقول، المبدأ.. المبدأ ما هوش.
أحمد منصور: يعني.. المشاهدين يخلوا بالهم يعني
الطاهر بلخوجة: لأ يخلوا بالهم، ولكن يعرفوا أن التنصيت معناها طبعاً إنما ضرورة، وإنهم يعرفوا روحهم منصتين ولا يتكلموا المواطنين.
أحداث الخميس الأسود
أحمد منصور: في.. تصاعدت الأمور بعد ذلك، أقلت من الداخلية، 6 وزراء في 25 ديسمبر أعلنوا عن استقالتهم ومعظمهم كانوا من أنصار أو وزراء وسيلة وفي السلطة، حدد يوماً للإضراب، ذهب الحبيب عاشور في 8 يناير وقدم استقالته من المكتب السياسي للرئيس وحدد يوم الإضراب في 26 يناير كانون الثاني الذي هو يصادف يوم الخميس الأسود.
الطاهر بلخوجة: والله يا سيدي..
أحمد منصور: طبعاً هنا لما عين وزير الداخلية –عفواً- كان مدير الأمن.. عُيِّن مدير لأمنه الرئيس الحالي.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: زين العابدين بن علي.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: عين مديراً للأمن، نفس الوظيفة التي كنت قمت أنت بها..
الطاهر بلخوجة: من قبل.
أحمد منصور: في 67.. 68.
الطاهر بلخوجة: في 68 كان عندي.
أحمد منصور: قوات الأمن قامت بإطلاق الرصاص على الناس في 26 يناير 78، قتل وجرح 500 شخص.
الطاهر بلخوجة: 200 شخص، حسب التقارير 200.
أحمد منصور: حسب التقارير 200 قتيل و300 جريح، وتقارير أخرى بتقول.
الطاهر بلخوجة: صحيح فيها.. فيها قتلى.. فيها قتلى ولكن مأساة.
أحمد منصور: لكن على الأقل فيه كم قتيل.
الطاهر بلخوجة: مأساة، مأساة، والحمد لله أنا خرجت من الداخلية.
أحمد منصور: وفيه 300 جريح، قتلوا على أيدي الأمن.
(9/306)
الطاهر بلخوجة: الحمد لله أنا خرجت من الداخلية شهر قبل ولما.. ولما أنا خرجت من الداخلية أساساً، لأنه كما قيل للريس أن الحاجز الأساسي مش مقضي على.. على الاتحاد هذا هو الطاهر بلخوجة، ولا يمكن ولما خرجت صارت وزارة الداخلية في يد الحزب والجماعة واستعملوها، والحمد لله أنا خرجت قبل ولا مسحوا أيديهم في.. في الطاهر بلخوجة في الأمن وغير ذلك
أحمد منصور: يعني أنت بتعتبر نفسك لا تتحمل أي مسؤولية فيما حدث يوم الخميس الأسود 26 يناير 78؟
الطاهر بلخوجة: أنا يا سيدي لو كنت.. لو بقيت وزير داخلية ما كانش دا حصل 26 يناير.
أحمد منصور: أنت متأكد من ذلك؟
الطاهر بلخوجة: ليه؟ لأني كنت أمنع بأن استعمال السلاح ليه؟ شيء.. من مسؤوليتي
أحمد منصور: من يتحمل مسؤولية الدماء التي نزفت؟
الطاهر بلخوجة: أنا بس هو الوضع.. هو الوضع والوضع معناه..
أحمد منصور: لأ الوضع مين فيه رئيس دولة، فيه وزير داخلية وفيه مدير أمن وفيه ناس
الطاهر بلخوجة: لأ هو الوضع هو.. هو مسؤولين إذاك اعتبروا وكأن المواجهة سهلة، لأ دا سوء تقدير، اعتبروا أن المواجهة سهلة وأنا سنقضي على اتحاد الشغل وسنقضي على الشغب في.. في ظرف دقيقة وتبين كما تبين ذلك في 67 وغير ذلك أن الشعب.. أي أدنى شرارة معناها تطلق الشعب ويخرج إلى الشوارع ويعرف ما.. هذا سوء تقدير من أحد السياسيين في الحزب وفي الدولة أنا كنت في داخلية وكان عندي تقدير أحسن، لأني أعرف الواقع، سوء تقدير على أساس أن إحنا ماسكين كل شيء، وما يقع شيء في البلاد وإحنا كذا والمتظاهرين إحنا نقضي عليهم في أربع ساعات والحزب.. وما فيه شيء.. ما فيه شيء..
أحمد منصور: معنى ذلك إن فيه عزلة تامة بين السلطة وبين الشعب.
الطاهر بلخوجة: ما فيش عزلة تامة ولكن سوء تقدير.. سوء.. سوء تقدير
أحمد منصور: لأ في عزلة تامة ما فيش إحساس بمطالب الشعب وحاجات الشعب، والمسؤولين بيصطادوا أرانب وبيقاتلوا..
(9/307)
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح سنة 67 وفي اتحاد الشغل أن كونه شرارة للناس.. للناس معناها.. معناها لأن كان الناس عندهم كبت نوعاً ما
أحمد منصور: أثر الخميس الأسود أيه على نفسية الشعب التونسي؟
الطاهر بلخوجة: الخميس.. الخميس الأسود هي وصمة كبيرة في تاريخنا.. في تاريخ تونس صحيح وسميناه الخميس الأسود لأن هذه كانت تلك هي أول مرة اللي فيها أكثر أموات تصير في هذيك وكانت معناها إطلاق النار ووصلنا معها إلى درجة متناهية
أحمد منصور: يعني ما يفعله الإسرائيليين في الفلسطينيين في إطلاق الرصاص المطاطي وغيره..
الطاهر بلخوجة: لأ هو مش.. وغيره، مش.. مش بنفس الشكل
أحمد منصور: لا.. لم يحدث في أي مسيرة أو مظاهرة إن قتل وجرح 500 شخص في يوم واحد، حدث هذا في تونس في 26 يناير 78
الطاهر بلخوجة: أيوه مش.. مش.. لا.. لا هدوك.. هدوك الصهيونيين هدوك الصهيونيين وأخطر من هذا هدوك الصهيونيين مع العرب ومع العرب، هذا التونسيين مع التونسيين هذا.. هذا.. هذا.
أحمد منصور: يعني أيه معالي الوزير؟
الطاهر بلخوجة: يعني أساس أن كونه.. أن كونه غلطة من غلطات الحكم وأن.. أن الأساس معناها إذاك لو.. لو اجتمع مجلس الأمة لو لم تقاعس الهيئات لو اقفوا معناها الأوضاع معناها باسم لكن أبداً لا يتم معناها جماعة تحكم وكل الهياكل معها ووصلنا إلى ما وصلنا إليه.
أحمد منصور: الهادي نويره شعر أنه تخلص من مناوئيه، الحبيب عاشور اعتقل وحكم وسجن، حكم عليه بعشرة سنوات سجن.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: أنت أبعدت عن السلطة وكذلك الوزراء.. وزراء وسيلة أيضاً الآخرين أقيلوا و..
الطاهر بلخوجة [مقاطعاً]: لا مش وزراء وسيلة ولا غيره أنا أعود لك لهذا أنه كونه الوزراء الذين استقالوا حسب.. لأن حسب مبدأ المواجهة وعدم المواجهة مش على أساس..
أحمد منصور: حلفاء وسيلة..
(9/308)
الطاهر بلخوجة: مش على.. لا.. لا مش حلفاء.. ما حلفاء.. كنا حلفاء وسيلة وهنرجعوا لها الحكاية بتاع حلفاء وسيلة.
هروب بلخوجة إلى فرنسا وعودته سفيراً لتونس في ألمانيا
أحمد منصور: سآتي لها في 25 فبراير 78 جاءك أحد أقارب وسيلة بن عمار زوجة الرئيس
الطاهر بلخوجة: أي نعم يا سيدي.. أي نعم يا سيدي
أحمد منصور: وأبلغك بأن هناك شيئاً يحاك ضدك ونصحك
الطاهر بلخوجة: صحيح طارق بن عمار صحيح
أحمد منصور: ونصحك.. طاهر بن عمار أخوها يعني؟
الطاهر بلخوجة: طارق بن عمار
أحمد منصور: طارق بن عمار
الطاهر بلخوجة: وكان ولد.. ولد.. ولد أخوها
أحمد منصور: طيب وأبلغك بأنك يجب أن تغادر
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: يعني هي حريصة عليك حرصاً شديداً
الطاهر بلخوجة: صحيح بارك الله فيها ما علهش أنت ما..
أحمد منصور: أنا لا.. أنا.. أنا بأتكلم عن وقائع وأحداث
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. لا يا سيدي تلقى عطف أنت بعض الناس معناها يعينوك ويقولوا لك الحقيقة من ما تحبش، بارك الله يا سيدي هذا ما مرجعه إنه معناها لا..
أحمد منصور: ما الذي كان يدبر لك؟
الطاهر بلخوجة: بيدبر لأ أنا وقت إذاك ما هو.. ما هو دا الوضع كان في نطاق (Confusion) والاختلاط معناها كان يقع ما يقع مثلاً ناس تموت ومثل.. مثل
أحمد منصور: تشوش يعني.
الطاهر بلخوجة: تشوش معناها وقتها ربما الناس اللي كان.. أنا كنت أنا ماسك الأمور وإلى غير ذلك، كانت عداء كبيرة معاهم لأطحت معناها أطحت واللي ربما أحد يدان..، ومعناها ربما من.. من
أحمد منصور: كيف هربت إلى باريس في 25 فبراير؟
الطاهر بلخوجة: هربت.. هربت إلى باريس بصفة غالطة لأن على أساس أنا أخذت الطائرة.. أنا.. أنا بت عند البشير زرق العيون وسيدي لا.. لا.. لأن ما أنا..
أحمد منصور: طبعاً دا حريف القتل بتاع بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: على كلٍ والله بت عنده ليلتها بت عنده...
أحمد منصور: ما كانتش خايف؟!
(9/309)
الطاهر بلخوجة: لكن.. لكن احترمني.. احترمني، وأنا كنت احترمه وكان معناها أنا وقت ما جاني طارق بن عمار ما فيش فائدة تقعد في الليل خرجت.. خرجت من.
أحمد منصور: هذا الذي قام بتصفية ابن يوسف؟
الطاهر بلخوجة: هنيجي لك مش مع كل حاجة بوقتها كل حاجة بميعاده أنا بت ليلة بحداه ثم من عنده الصبح أخذت الطائرة صباحاً من سبعة صباح و.. ومشيت إلى مارسيليا ونظمنا الأمور حتى أركب الطائرة في آخر وقت وقيل لي أن إذاك وزير الداخلية الجديد أراد أن ترجع الطائرة من.. من الفضاء إلى تونس والهادي نويره كرجل دولة وغيره قال لا أبداً ذهب مع السلامة أنا لا.. لا أرجع الطائرة و.. وكان لي أن.. أن كان.. أن بقيت في باريس سنتين أو سنة ونص
أحمد منصور: جاءتك وسيلة..
الطاهر بلخوجة: وجاءت وسيلة خرجت أنذاك وهذا الموضوع أن يكون وسيلة بنفسها كان.. كانت في كذلك في مشاكل أيضاً وخرجت لتنقية الجو وجاءت الغد وجاء.. وجاء بورقيبة إلى.. إلى باريس لإرجاعها وصار.. قلت وصار حديث طويل مع.. وقتها مع الهادي مبروك كان سفير حول المسؤولين على الوضع وإلى غير ذلك، كان فيه خلبطة.. خلبطة في.. في الموضوع هذا ولكن بعدين الأمور رجعت إلى.. إلى مجراها لما.. وتغيرت من..
أحمد منصور: في 26 يناير 1980 أي بعد.. في الذكرى السنوية الثانية لأحداث الخميس الأسود اندلعت أو وقعت أحداث قفصة التي قيل أنها رتبت بين الجزائر وليبيا وكان بعض الكوماندوز قاموا بالهجوم على قفصة واستولوا عليها لعدة ساعات استولوا على بعض الأماكن واضطرت أميركا أن تنادي.. تونس أن تنادي حليفتها أميركا لكي تساندها هي وفرنسا، وكذلك طلبتم من الحسن الثاني.
الطاهر بلخوجة: الثاني
أحمد منصور: قطعت العلاقات مع ليبيا حوكم المتهمون عن هذه الأحداث وحكم على 15 منهم بالإعدام و25 بالأشغال الشاقة المؤبدة وعقد مؤتمر للحزب من رشح فيه الهادي نويره
(9/310)
الطاهر بلخوجة: استثنى.. قبل الحزب هذا.. هذا من مفهوم كل.. كل ما قلته صحيح وأنا شخصياً ما كنت عايش في الوضع إذاك كانت أنا ما كنتش
أحمد منصور: أنا بس.. ما أنا لذلك مرت عليه وما سألتكش فيه.
الطاهر بلخوجة: خلال هاي ما كنتش أنا في حكم ولكن أنا أعطيك بعض.. بعض الإرشادات
أحمد منصور: بشكل موجز.
الطاهر بلخوجة: بشكل موجز هي اللي أحداث قفصة هي جمع.. جمع.. جمع الرواسب الأخيرة من بتاعة بن يوسف لأنها جهة القفصة والشيء اللي نصححه فقط هو كونه.. كان حقيقة جو على طريق ليبيا أو جاءوا على طريق لبنان وجاءوا على طريق الجزائر وغير ذلك و.. وما كانش ليبيا كان ليبيا وأنا أظن.. أظن ولا كان الجزائر.. وقال لنا ذلك أبو ميدين أن الحكومة أخذت موقف تعمل لتلك المواقف كان من المسؤولين في الجزائر مسؤولين في ليبيا الذي رتبوا.. رتبوا كل ذلك ولكن الخطير في هذا أن كون الجماعة اللي في قفصة مكثوا شهراً كاملاً في جفصة ويجلبوا بالكيلو.. بالعشرات الكيلوات من الخبز وغيره ولم.. ولم معناها
أحمد منصور: تنتبهوا إليه
الطاهر بلخوجة: ننتبه إله
أحمد منصور: لأن الانتباه كله مسلط ضد الشعب ولصالح النظام
الطاهر بلخوجة: لأ مش هذا الموضوع، وثم هذا من.. من الهفوات.. من الهفوات فقط من الهفوات وصارت..
أحمد منصور: هفوات أيه؟ إسرائيل تضرب من هنا وهفوات ودول يطلعوا هفوات!!
الطاهر بلخوجة: ولكن شوف.. شوف، ولكن الحاجة الذي لم أفهمها إلى الآن أنه ها دول الجماعة في قفصة في 26.. أزار في معناها رمز لـ 26.. أزار بورقيبه كان في (تونس) على 60 كيلو إذا مثلاً إذا كان تحبوا تعملوا مؤامرة أمشي في (تونس) بورقيبه على أيش تعملوا في قفصة وبورقيبه على.. على.. على 60 كيلو، ولهذا الأمور معناها.. كيف هي مش منظمة معناها مش.. مش عبارة على الناس معناها حقيقة نظموا مؤامرة وكذا.. وكذا.. وكذا
(9/311)
أحمد منصور: في فبراير 80 استدعاك بورقيبه وعينك سفيراً في ألمانيا
الطاهر بلخوجة: صحيح..
أحمد منصور: خلفاً لـ (إدريس جيجا) الذي عاد وعُيِّن وزيراً للداخلية في ذلك الوقت..
الطاهر بلخوجة: كوزيراً للداخلية صحيح.. صحيح
أحمد منصور: وبدأت تضع قدمك مرة أخرى على السلطة بعدما أبعدت عقب اختيارك وزير للداخلية
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح.. صحيح وهي دي السياسة.. السياسة فيها معناها السياسة هو معناها لازم الواحد يعتبر أن يكون عنده كتاف عراض ويقبل أن.. أي يقيل ويقبل أن يرجع ويقبل النقد فهمتني أم لا؟ ويدخل ميدان السياسة مش معناها على أساس يتمخطر معناها وسائل ولهذا أقلت ورجعت وعملت الخطوة ورجعت خطوة وهذاك.. هذاك.. هذاك الأساس لنا إحنا.. إحنا كنا بنعتبر معناها أنه كونه قائم بواجب، ولك أفكار وتتهم في نفس الوقت و.. وترجع في نفس الوقت
أحمد منصور: تعرض الهادي نويرة لانتقاد شديد بعد أحداث قفصة أصيب من خلالها بجلطة في رأسه..
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: وأصبح قعيداً في الوقت الذي كان ينظر إليه على أنه خليفة بورقيبة..
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: كان بو رقيبة يأمل أن يعود الرجل بعد فترة وجيزة ولكن طال مرضه فاستدعى محمد مزالي وعينه وزيراً بالإنابة من يناير إلى مارس 1980 ثم وزيراً أول من 24 أبريل 1980 ولعبت وسيلة دوراً كبيراً في تعيين مزالي وليس غيره في هذا المنصب، وهذا أحد مواطن النفوذ التي كانت لها، في ديسمبر 80 عينت أنت وزيراً للإعلام في حكومة محمد مزالي.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: وبقيت في منصبك إلى العام 83، وسيلة كان لها دور كبير ونفوذ كبير في السلطة وفي حياة بورقيبة، حتى مثَّل تعيين مزالي قمة نفوذها.. في الحلقة القادمة نتناول الدور الخطير الذي لعبته وسيلة في السلطة التونسية.
الطاهر بلخوجة: صحيح حاضر.. حاضر.
أحمد منصور: بصفتك كنت أحد رجالها وأقرب المقربين إليها
(9/312)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لأن رجال نظاماً أنا رجال.. أنا من جماعة نجمعك برجال نظام ووسيلة كانت مع بو رقيبة وأنا كنت مع بو رقيبة وكنا معنا مع نظام ولهذا صحيح اخترنا.. اخترنا اتجاه ومشينا فيه ونتشرف فيه وقمنا بواجباتنا و.. وقمنا بأخطاء ربما ومأساة، ولكن خدمنا نظام والتصقنا بذلك الرجل هذا ما لا شك فيه.
أحمد منصور: أشكرك معالي الوزير، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة. في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/313)
الحلقة9(9/314)
الثلاثاء 13/5/1423هـ الموافق 23/7/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 08:22(مكة المكرمة)،05:22(غرينيتش)
الطاهر بلخوجة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق - الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
21/07/2002
- طبيعة علاقة بورقيبة ووسيلة وتطورها
- تأثير وسيلة على تاريخ بورقيبة وتونس السياسي
- العلاقة بين بلخوجة ووسيلة
- الخلافات بين وسيلة والهادي نويرة وتصاعدها
- طبيعة الدور الذي لعبته سعيدة ساسي في السلطة في تونس
- سوء العلاقة بين وسيلة وبورقيبة ودوافع طلاقهما
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة معالي الوزير مرحباً بك.
الطاهر بلخوجة: أهلاً وسهلاً.
طبيعة علاقة بورقيبة ووسيلة وتطورها
أحمد منصور: كان هناك أكثر من امرأة في حياة بورقيبة لكن وسيلة بن عمار لعبت الدور الأساسي في حياة بورقيبة وفي تاريخ تونس الحديث وفي فترة حكم بورقيبة بشكل أساسي، روايات كثيرة رويت حول علاقة وبداية علاقة وسيلة ببورقيبة وزواجه منها بعد ذلك، ثم دورها الأساسي الذي كانت تلعبه في السلطة منذ أن تولى بورقيبة المسؤولية حتى قبل زواجه منها، رأيت.. وصلت لأكثر من رواية تتعلق بأول لقاء تم بينهم، هناك من تحدث عن أول لقاء –وهذا أكثر من مصدر- قال إنه كان في 12 أبريل 1943.
الطاهر بلخوجة: صحيح..
أحمد منصور: ما مدى معرفتك؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي هذا التاريخ هو الصحيح، ولا يعتبر هذا الكلام على وسيلة معقول، لأنها.. لأنها عاشت 50 سنة مع بورقيبة وكانت ملتصقة به وكان لها تأثيرها ومعقول أن نعتني بها ونتحدث في موضوع وسيلة وبورقيبة وغير ذلك والحكم أنه حكم واحد..
(9/315)
أحمد منصور: وأنت كنت قريباً من الاثنين.
الطاهر بلخوجة: أنا قريباً من الاثنين صحيح قريباً من الاثنين و.. ومن المعقول بأن أكون قريباً من.. من رئيس الدولة وزوجته التي..
أحمد منصور: لكن كنت أقرب منها إليه.
الطاهر بلخوجة: لا والله.. لا والله أنا.. هذا كنت معناها، أجيد في هذا الشيء وأجيد في آخر شيء آخر، فصحيح..
أحمد منصور: متى عرفت وسيلة لأول مرة؟
الطاهر بلخوجة: فصحيح، صحيح أن بورقيبة أولاً عرف وسيلة –كما قلتم- في 14.. في 12
أحمد منصور: أبريل..
الطاهر بلخوجة: أبريل في 43، وكان ذلك في حمام الألف في مدينة إن واحد طبيب أصله من المهدية أيضاً اسمه صادق الصفارة.. وكان بعد الحرب وجاءت لتهنئته من خروجه من سجن (بورس نيكولا) الذي قضى فيه خمس سنوات في فرنسا، جاءت لتهنئته فأعجبته، وكان هو ذلك كانت له زوجته الفرنسية..
أحمد منصور: كانت زوجته (ماتيلدا)
الطاهر بلخوجة: (ماتيلدا) الفرنسية وكانت..
أحمد منصور: التي أسلمت في العام 58
الطاهر بلخوجة: صحيح مناضلة..
أحمد منصور: وكان عمرها سبعون عاماً وسمت نفسها مفيدة.
الطاهر بلخوجة: صحيح، وبعد طلاقها..
أحمد منصور: وكانت أيضاً وسيلة متزوجة حينما التقاها بورقيبة في 12 أبريل 43.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح
أحمد منصور: من طبيب يدعى علي الشاذلي.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح،.. هذا كله صحيح، ولما طلقها كان أولاً ما طبقت تعدد الزوجات، طبقه على نفسه من غير شك، طلق مفيدة بورقيبة، ولكن واصل الاتصال بها، وكان يزورها تقريباً كل أسبوع.
أحمد منصور: إحنا لسه الآن قبل قضية الطلاق.
الطاهر بلخوجة: وهذا.. هذا أنا مش بأبين لك إن كون الرجل احترم زوجته الأولى، احترم زوجته.
أحمد منصور: إحنا كيف.. كيف نمت العلاقة.. كيف نمت العلاقة بين وسيلة وبين بورقيبة بعد لقائهما الأول في 12 أبريل 43؟
(9/316)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي بعد 43 ثم.. ثم كان اللقاء يا سيدي، وكانت الرسائل، أنا أعطيك شيء، مثلاً بورقيبة لأنه بعد.. بعد 43 كان دائماً في المنافي في السجون وغير ذلك، أنا أعطيك واحد مثال أو اثنين عام 53 كان بورقيبة منفي في جزيرة (جالطا) هذه في جزيرة طبرقا في شمال.. في شمال تونس، شمال البلاد التونسية و.. وهذه.. هذه جزيرة نائية ولا فيها سكان وفيها معناها مع.. كان إذَّاك يراسل وسيلة، وفي مراسلة من المراسلات قلتها أنا.. أنا.. وكان.. كان الحديث نوعاً ما تأثيرها وغير ذلك قال إذِّاك..
أحمد منصور: رسائل غرامية يعني.
الطاهر بلخوجة: أيوة رسائل.. رسائل غرامية وقال إننا، قال طلبت مني بأني يلوح مسوداتها ورسائلها، قال أبداً تلك المسودات هي التي تحميني وهي التي معناها لا يمكن أن أنام، على كل حال غراميات، لا أحبها صحيح أحبها.
أحمد منصور: يعني الحب والعشق والغزل شيء فطري وإنساني، لكن الآن هو كان..
الطاهر بلخوجة: إنساني.. شيء إنساني شيء إنساني يا سيدي وقال.. قال
أحمد منصور: كانت المرأة متزوجة في ذلك الوقت وكان هو متزوجاً ولكن نشأ العشق بينهما وهما على هذه الحالة، بس إحنا
(9/317)
الطاهر بلخوجة: كل الناس.. وهذا يا سيدي –كما قلت لك- تحدثوا عن معناها تأثيرها سياسياً، كتب لها وقال أنا.. أنا بالنسبة إليك لي حباً جماً لم يحملني، هذا قاله في.. في 53، لم يحملني على الـ.. على الحيد عن واجبي إزاء وطني، وفي 54 جاءت طائرة من فرنسا فيها يقلها واحد من الداخلية الفرنسية ومعاهم واحد تونسي إذ ذاك كان يعمل معاهم في.. في الداخلية اسمه بن حسين وجاؤوا لبورقيبة وقالوا له: يا سيدي رتب أمورك معانا مع فرنسا وغير ذلك وإحنا نحبوك وأنت وحدك هنا، إحنا ممكن نجيبوا لك معناها زوجتك، لا.. معناها عشيقتك لا صاحبتك ولا التي تعاشرها وسيلة بورقيبة، فرفض وقال إذَّاك أنه يفرق بين حياته الخاصة وحياته العامة، هذا من.. من.. من الأمور إنه مش تبين أن كونه كل شيء فيه على أساس ولكن وتزوج، ولكن عنده رموز، تزوج يوم 12 أبريل، يعني عرفها يوم 12 أبريل 43 وتزوج معها..
أحمد منصور: قبل الزواج.
الطاهر بلخوجة: في 12 أبريل.
أحمد منصور: 62.
الطاهر بلخوجة: 62.
أحمد منصور: قبل الزواج.
الطاهر بلخوجة: واختار.. واختار ذلك رمز، هو عنده الرموز هذه ما أنا قلت لك المرة الأخيرة أنه كان بالنسبة مثلاً..
أحمد منصور: بين هذا وذاك.. بين هذا وذاك معالي الوزير، بين هذا وذاك تسعة عشر عاماً كيف كانت علاقة بورقيبة مع وسيلة خلال هذه الفترة؟
الطاهر بلخوجة: لأ كان يزورها وكان لا.. كان.. كان يحترم الأمومة..
أحمد منصور: كانت عشيقة.
الطاهر بلخوجة: لا عشيقة كان هناك
أحمد منصور: وكانت تسافر معه وتذهب معه وتتحرك معه.
الطاهر بلخوجة: كانت.. لا..لا كان في بعض الأحيان
أحمد منصور: وبدأت تلعب دوراً.
الطاهر بلخوجة: كان النفس..
أحمد منصور: معالي الوزير بدأت تلعب دوراً، أنت الآن تقول شهادة للتاريخ وأنت كنت قريب، إحنا لا نذم ولا نتحدث عن أشياء، إحنا الآن بنصف واقع موجود..
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح أنا أقول
(9/318)
أحمد منصور: وموجود في الكتب.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: وبورقيبة سن قوانين وبدأ يطبقها على نفسه، حرم تعدد الزوجات وسمح بالعشيقات وكانت له عشيقة وهو متزوج.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا تعدد الزوجات قانونياً، هو مش.. مش.. ما اتزوجش بيها مرة ثانية قانونياً.
أحمد منصور: ما هو لم يتزوج زوجة ثانية، لكن كان له عشيقة كانت على الملأ تذهب وتأتي.
الطاهر بلخوجة: مش عشيقة كان يخالطها كان يحبها وكان يخالطها وكانت طيب ووقتها إذاك قبل ما أن من.. وكان يسافر معاها ويعرفها وكان.. وكان روَّضها على السياسة، علمها السياسة وتحدث معها سياسياً، لأن بورقيبة، كان –كما قلت لك- رجل زاهد، زاهد معناها ينام ويأكل ويفكر سياسياً، ومعه زوجته، ما كنش عنده حياة عائلية..
أحمد منصور: ما فيش زوجته هنا، فيه عشيقته.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا عشيقته ولكن معناها ربما هي عندها.. عندها دراية سياسية أكثر من.. من الأولى.
أحمد منصور: إحنا ما لناش علاقة بالدارية السياسية الوقت إحنا الآن إحنا بنوثق حالة وواقع وطبيعة العلاقة التي جمعت بين هذه المرأة وبين هذا الرجل، الرجل الآن أصبح شخصية مش مجرد شخصية عامة وإنما رئيس دولة، يصحب عشيقته معه في ترحاله وحله في أسفاره وأصبح لها دور رئيسي وتتدخل في السياسة...
الطاهر بلخوجة: لا.. لا مش في ترحاله.. لا.. لا.. لا مش دور رئيسي لها أبداً..
أحمد منصور: وتلعب في تعيين الوزراء المسؤولين.
الطاهر بلخوجة: وقتها ما كنش عندها الدور الرئيسي أبداً، ما كنش عندها هي والله ما كان..
أحمد منصور: يعني حينها التقى.. حينما التقى عفواً، حينما التقى صالح بن يوسف في اللقاء المرير الذي وقع بينهما
الطاهر بلخوجة: في زيورخ أيوه.
أحمد منصور: في زيورخ، كانت هي مع بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: أيوه.. ولا كان.. كانت هي
(9/319)
أحمد منصور: لم تكن متزوجة له واستند بن صالح في اللقاء العنيف إلى أنه قال كيف أنت رئيس دولة إسلامية وتصحب عشيقتك معك أينما ذهبت وجئت
الطاهر بلخوجة: هذه.. هذه كلها أمور معناها يُحكى فيها على أساس معناها الأمور الدينية والأمور معناها كذا، لكن هذا الرجل هذا رجل.
أحمد منصور: إحنا الآن في شق.. في شق التوصيف التاريخي للمسيرة.
الطاهر بلخوجة: هذا رجل كان معه امرأة ويعرفها ويحبها وماشي معاها.. ما فيش مشكلة، إنما على كل.. على كل أنا أكدت لك أن في زيورخ كانت واحدة وواقفة وقتها قبل كتب لها صالح بن يوسف ولم تتفوه بكلمة، خلافاً لما قاله بعض الناس..
أحمد منصور: كانت ماتيلدا زوجة بورقيبة ترفض الطلاق بشكل مطلق..
الطاهر بلخوجة: ترفض الطلاق أيوه.
أحمد منصور: وتصر على أنها تظل زوجة بورقيبة..
الطاهر بلخوجة: ممكن.. ممكن ما عنديش مانع.
أحمد منصور: وكان بورقيبة في هذه الحالة لا يستطيع الزواج من وسيلة طالما أن (ماتيلدا) ترفض.. (ماتيلدا) ترفض هذا الأمر أو مفيدة بعدما أسلمت وأطلقت على نفسها هذا الاسم.. كان بورقيبة يرسل الرسل إلى (ماتيلدا) أو إلى مفيدة بعد إسلامها في محاولة لإقناعها بأن تقبل الطلاق، كان الحبيب الابن كان رافضاً لهذا الأمر وكانت وسيلة تسعى بكل الطرق لكي تقبل (ماتيلدا) أن تطلق نفسها من بورقيبة حتى تتزوجه وبدل ما تتحرك معاه كعشيقة تتحرك معاه كزوجة، هذا الكلام صحيح؟
الطاهر بلخوجة: لا اسمع أولاً… حتى إذا كان رفضت (ماتيلدا) الطلاق كان ممكن يطلقها على أساس معناها القانون ويطلب هو طلاقها ما فيش مشكلة، ماهوش.. ما هوش حاجز..
أحمد منصور: لأ فيه حاجز..
الطاهر بلخوجة: شو الحاجز؟
أحمد منصور: كان هيدخل قوانين الأحوال الشخصية التي سنها كانت هتدخله، لأنه ليس هناك سبباً للطلاق.
الطاهر بلخوجة: لا القوانين الشخصية ومن ثم محكمة، يطلب من المحكمة ويطلب الطلاق.
(9/320)
أحمد منصور: المحكمة على أي سبب؟ المحكمة كانت بتصلح بين الزوجين في الأول، القانون التونسي، المحكمة لا تطلق مباشرة، كانت تصلح بين الزوجين وترى الأسباب الحقيقية لهذا السبب، وإذا رأت الأسباب وجيهة كانت تطلق..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي هو كان..
أحمد منصور: فإذا دخل في مسار المحكمة بالقانون الذي سنَّه لم يكن ليخرج منه إذا كان القاضي نزيهاً..
الطاهر بلخوجة: المحاكم ما تصعد في الأمور هذه، لو وقت اللي طلقها المرة الثانية، عام.. عام 86 لم يطبق القانون
أحمد منصور: ما هي كانت غائبة في فرنسا
الطاهر بلخوجة: لا كانت موجودة
أحمد منصور: أو كانت في أميركا.
الطاهر بلخوجة: لا كانت موجودة في تونس
أحمد منصور: لم تكن.
الطاهر بلخوجة: هي.. ولكن كان..
أحمد منصور: لم تكن في تونس.
الطاهر بلخوجة: لا ولكن.. ولكن كان الحاكم عليه أن يترقب مجيئها…
أحمد منصور: كان أسرع طلاق في تاريخ تونس 86 سنأتي له بتفصيل حينما نصل..
الطاهر بلخوجة: أسرع.. ولهذا نفس الشيء
أحمد منصور: كان عمر (ماتيلدا) سبعين سنة، وكانت تكبر بورقيبة بـ12 عاماً في الوقت الذي كان عمر.. كانت وسيلة تصغر بورقيبة بعشر سنوات
الطاهر بلخوجة: صحيح، صحيح.
أحمد منصور: بعد مفاوضات وافقت.. بعد مفاوضات قام بها الباهي الأدغم
الطاهر بلخوجة: أنا ما عندي.. ما عندي علم بهذا، أنا شخصياً ولا أعرف.
أحمد منصور: بعد مفاوضات قام بها الباهي الأدغم قبلت (ماتيلدا) الطلاق بشرطين
الطاهر بلخوجة: ممكن هذا كله.
أحمد منصور: الأول: أن تبقى تحمل اسم بورقيبة، والثاني: أن تدفن في مدافن المسلمين في تونس بعد موتها.
الطاهر بلخوجة: والله هذا مش
أحمد منصور: وقبل بورقيبة هذا الأمر وتمت عملية الطلاق في.. بين بورقيبة وبين ماتيلد.. (ماتيلدا) وكان تم عملية الزواج بين بورقيبة وبين وسيلة في 12 أبريل 62 صح؟
الطاهر بلخوجة: أيوه.. هذا صحيح كل شيء
(9/321)
أحمد منصور: حضر حفل الزواج..
الطاهر بلخوجة: هذه حياة عائلية خاصة..
أحمد منصور: 250 مدعو.. ليس حياة خاصة هنا، حياة الشخصيات العامة
الطاهر بلخوجة: واحد يطلق و.. واحد يطلق ويتزوج وأيش حياة خاصة..
أحمد منصور: إحنا ما بنتكلمش الآن في إنه طلق، من حق كل الناس، ولكن حياة الشخصيات العامة عادة بتكون مفتوحة للناس.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح للناس.
أحمد منصور: في حفل أقيم في هذا الأمر دعي له 250 كنت وقتها سفيراً في السنغال
الطاهر بلخوجة: 62 صحيح كان الزواج..
أحمد منصور: 62، هل حضرت حفل الزواج؟
الطاهر بلخوجة: نعم يا سيدي؟
أحمد منصور: حضرت الحفل؟
الطاهر بلخوجة: لا ما حضرت الحفل.
أحمد منصور: لا، كنت وقتها في داكار
الطاهر بلخوجة: في.. في السنغال ولكن أعرف أنه كان زواج كبير ورأسه السيد.. السيد الطيب المهيري كان وزير داخلية وكان رئيس بلدية (المرصا) وهو الذي..
أحمد منصور: طُلقت (ماتيلدا) في نفس الوقت يوم مذبحة بنزرت يعني 21/يوليو 61، كان بورقيبة لما تزوج وسيلة عمره 62 سنة وكان وسيلة عمرها 50 عاماً أو 52 عاماً، كيف استطاعت وسيلة أن تسحر بورقيبة؟
الطاهر بلخوجة: سحر، أنا.. أنا لا أؤمن بالسحر أولاً.
أحمد منصور: لا.. لا أنا ما بأقولش سحر
الطاهر بلخوجة: هذا صحيح ما بأؤمنش بالسحر، ثم
أحمد منصور: سحر الحب والهيام و..
الطاهر بلخوجة: وياليت الناس كلها عندهم سحر الحب يا سيدي.. ما هو إنسان هو أحبها وسحرته بحبها، طيب.
أحمد منصور: كلنا عرضة يعني كلنا.. كلنا بشر طبعاً.
الطاهر بلخوجة: آه كلنا عرضة إنسان عن العواطف ومن العاطفة سيدي.
أحمد منصور: لكن إحنا الآن بنحاول نشوف ما هي الأشياء الأساسية التي كانت تجذب هذا الرجل لهذه المرأة بشكل..
الطاهر بلخوجة: والله يا سيدي..
أحمد منصور: جمع بينهما الحب أكثر من أربعين عاماً.
(9/322)
الطاهر بلخوجة: والله ما عندكش فكرة على بورقيبة وعلى قناعاته وعلى مبادئه، الذي قرأها وتعلمها في السجون، وقرأ ما قرأ لمدة وغير ذلك، وعنده قناعات راسخة لا يؤثر فيها لا وسيلة، ولا الطاهر بلخوجة ولا نويرة، ولا أي كان، ولا هو معناها كان عنده من قوة الإقناع وخاصةً لما يُخاطب، ولما يخطب عند الشعب، ويقول كلمته.. وتبين.. وتبين أن رؤيته في عديد من الأمور صالحة.
أحمد منصور: أنا الآن لا أشكك في بورقيبة ولا في قدراته ولا في زعامته.
الطاهر بلخوجة: .. أن.. أن.. أن بورقيبة ألعوبة في أيد وسيلة.
أحمد منصور: لا لأ ما بأقولش إنه ألعوبة.
الطاهر بلخوجة: مش صحيح.. مش صحيح.
أحمد منصور: بأقول الوصف اللي سعادتك وصفته قبل كده من أنها تقف وراءه، وأحياناً إلى جانبه، وأحياناً أمامه.
الطاهر بلخوجة: نعم سيدي، صحيح، أحسن، أما كيف يكون وحده هي بتحب مسكين.
أحمد منصور: وكانت هي وهو يتكاملان مع بعضهما.
الطاهر بلخوجة: تحب مسكين يكون وحده بمفرده؟ ما عندوش حياته السياسية ما عندوش امرأة معاه.
أحمد منصور: أنا يا معالي الوزير، معالي الوزير، أنا أقرأ التاريخ معك، أنت شاهد عيان على الأحداث.
الطاهر بلخوجة: أيوه.. أيوه.
أحمد منصور: وأنا أحاول أن أستخرج من شهادتك ما يفيد الناس وما يقدم لهم شيئاً جديداً في هذا الأمر.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح، وأنا أقول كذلك شهادتي.
أحمد منصور: وأنا هنا لا أتدخل في خصوصيات بورقيبة، وإنما أتحدث عن الأمور العامة.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: لأن وسيلة لعبت دوراً أساسياً في الحياة العامة.
الطاهر بلخوجة: صحيح لعبت دوراً صحيح.
أحمد منصور: في الحياة العامة.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
تأثير وسيلة على تاريخ بورقيبة وتونس السياسي
(9/323)
أحمد منصور: يقال إن أول دور أساسي لعبته وسيلة كان في العام 57 في عملية إنهاء حكم البايات في تونس، وأنها كانت ضد حكم البايات، وساعدت بورقيبة الذي كان يفكر في ملكية دستورية في أن يُلغي الملكية ويعلن الجمهورية.
الطاهر بلخوجة: آه ممكن.. ممكن ساعدته، ممكن التقت معه في التفكير، هو بورقيبة.. بورقيبة بتكوينه الذي كان من أول الدنيا مشغول، وأنا بينت لك كيف كان مختلف كان يختلف مع صالح بن يوسف، لأن صالح بن يوسف قبل الملكية الدستورية، هو بتكوينه وأساسه كان دائماً وفي اتجاهه كان جمهوري، التقت معه بورقيبة والتقينا معه شو العيب؟
أحمد منصور: أيضاً لعبت دوراً أساسياً في عملية صالح بن يوسف، وكانت مع صالح بن يوسف في اللقاء الذي تم.. مع بورقية في اللقاء الذي تم في زيورخ، ويقال أنها هي التي أشارت وتبنت مع وزير الداخلية آنذاك قضية تصفية صالح بن يوسف.
الطاهر بلخوجة: هذا كان واحد كان حاضر قال الكلام هذا؟ أيش يكون قال الكلام هذا؟ لازم يكون واحد حاضر، وسمع ذلك، أنا ماكنتش حاضر ولا سمعت ذلك.
أحمد منصور: الكلام.. الكلام بيخرج يعني ليس كل.. ليس كل سر جرى بين اثنين..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.
أحمد منصور: يظل محبوساً، الروايات تُروى.
الطاهر بلخوجة: شوف مش منطقي الكلام اللي تقول فيه عليه، شوف نقول لك..
أحمد منصور: ومجتمع النميمة في قصور الرئاسة مجتمع واسع.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، لا.. لا معلش مش منطقي الكلام اللي تقول فيه، ولا الكلام اللي كتبه هو، لأن في لقاء زيورخ كان لقاء عفوي نوعاً ما، وكان لقاء..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كيف عفوي والدنيا كلها مرتباه؟
الطاهر بلخوجة: سيد، لا رُتِّب ولكن..
أحمد منصور: وحاضر فيه مسؤولين من الأمن التونسي.. السويسري.
(9/324)
الطاهر بلخوجة: عفوي على أساس إن كونه ما كانش تدخل في سياسة بورقيبة، معناها كان التقاء على أساس إن ربما يقع تصالح ما بين الاثنين، عمره ما كان فكرة في.. في.. في قتل..
أحمد منصور: لكن الذي وقع غير ذلك.
الطاهر بلخوجة: اللي وقع غير ذلك.
أحمد منصور: وخرج كلا الرجلين كل منهما متربص بالآخر.
الطاهر بلخوجة: اتفقنا في هذا أن كونه فيه منافسة خاصة.
أحمد منصور: وتحدثنا بهذا بشكل.. في حلقة سابقة.
الطاهر بلخوجة: تحدثنا فيها بشكل.. صحيح.. صحيح، تحدثنا..
أحمد منصور: الآن دورها الآن كواحدة حاضرة في هذا اللقاء.
الطاهر بلخوجة: تحب أنت في كل..
أحمد منصور: كإهانة وُجِّهت لها من صالح بن يوسف، كإهانة وجهت لها.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أبداً مش صحيح، أبداً.
أحمد منصور: على أنها عشيقة تتحرك مع عشيقها رئيس الدولة المسلمة.
الطاهر بلخوجة: لا أبداً، أنا أكدت لك أنا تحدثت مع الطبيب الخاص، وتحدثت مع توفيق ترجمان، وتحدثت مع الجماعة كل كان كلهم ساكتين حول بورقيبة ولا كلمة، وكان الحديث ما بين بورقية وصالح بن يوسف فقط، ولا أحد قال كلمة، ولا يمكن أن يقول أحداً كلمة في.. في موقف رهيب كذلك الموقف؟
أحمد منصور: كنت سفيراً خلال السيتينيات، لكنك رجعت وأصبحت مديراً لديوان أحمد بن صالح.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: ثم مديراً للأمن الوطني، مسؤولية كبيرة جداً إلى نهاية العام 68.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: وكانت الحكومة آنذاك هي حكومة الباهي الأدغم، كيف كانت علاقة الباهي الأدغم مع وسيلة؟
الطاهر بلخوجة: والله.. اسمع يا سيدي، هو كلنا.. كلنا في الهوى سوى.
أحمد منصور: يعني أيه؟
الطاهر بلخوجة: كما يُقال.
أحمد منصور: لأ، مش كلكم في الهوا سوى.
الطاهر بلخوجة: و الله كلنا.. كل..
أحمد منصور: فيه ناس في الهوا سوى مع وسيلة، وفيه ناس في الهوا سوى ضد وسيلة.
(9/325)
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا معناها -إذا صح التعبير- على أساس كان وضعاً معين، وكان رئيس دولة، وكانت له زوجة عندها تأثيرها وعندها صيتها، وكلنا كنا نتحدث إلى رئيس الدولة وليس زوجته، وكان الوضع كذلك.
أحمد منصور: تغير وضعها بعدما كانت عشيقة قبل 62.. قبل 63.
الطاهر بلخوجة: أيوه.
أحمد منصور: 62 عفواً وبعدما أصبحت زوجة بعد ذلك؟
الطاهر بلخوجة: ككل الناس قبل ما تتزوج المرأة شيء وبعدما تتزوج تبقى المرأة شيء آخر ثاني.. الثاني أقوى.
أحمد منصور: بس بشكل رسمي ليس أكثر.
الطاهر بلخوجة: رسمي أو مش رسمي، كيف.. كيف؟ على كل حال معناها هي.. هي موجودة في حياته الخاصة وحياته العامة صحيح.
أحمد منصور: طبيعة النفوذ الذي كانت تميل إليه، أو الذي.. شكل نفوذها أيه كان في السلطة؟
الطاهر بلخوجة: لأ، نفوذها في السلطة هي والله أساساً إعانة بورقيبة، وهذا معناها والله أقول بكل معناها ... إعانة بورقيبة، وكانت هي التي تحكي لبورقيبة كل شيء، ولهذا..
أحمد منصور: بتجيب منين بقى كل شيء؟
الطاهر بلخوجة: لا، تحكي.. تحكي..
أحمد منصور: بتحكي له كل شيء، مصادرها أيه؟
الطاهر بلخوجة: مصادرها عندها مصادر.
أحمد منصور: ما هي مصادرها؟
الطاهر بلخوجة: عندها مصادر مع النساء، وعندها مصادر مع الجماعة اللي يحكوا لها والوزراء اللي يجوا يحكوا لها، وعندها مسؤولين كلهم عندها مصادر، وكان يسمع بورقيبة، يستمع إليها، كما يستمع كذلك إلى بعض المناضلين اللي يجيوا، كما يستمع إلى وزير الداخلية، وهذا معقول.
أحمد منصور: يعني كانت..
الطاهر بلخوجة: هي كانت له جميع مصادر ويختار..
أحمد منصور: كانت تسعى لاستقاء الأخبار من زوجات الوزراء، وكانت تسعى لاستقاء الأخبار من الوزراء.. وكان وزير الداخلية..
الطاهر بلخوجة: شو.. شو العيب؟ وشو العيب في هذا؟
أحمد منصور: يا معالي الوزير، أنا ما بأقولش حاجة عيب، أنا لا أعيب شيئاً.
(9/326)
الطاهر بلخوجة: أيوه.. أيوه.. أيوه.
أحمد منصور: أنا بأقرأ الشيء كما هو.
الطاهر بلخوجة: هي بتحكي وإحنا نحكي معاها، شو العيب؟
أحمد منصور: إحنا بس بنشوف كيف كانت تسير الأمور في الدولة؟ كان دي بتشكل مصادر أساسية بالنسبة لها وزير الداخلية، زوجات الوزراء، الوزراء أنفسهم.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: لم يكن كل الوزراء يذهبون إليها، وإنما كان بعضهم والبعض الآخر.
الطاهر بلخوجة: لأنهم الآخرين تافهين نوعاً ما.
أحمد منصور: إنما اللي يذهب ليها غير تافه.
الطاهر بلخوجة: لا هي لا، هي تتحدث مع وزراء سيادة تتحدث مع وزير.. وزيرة البناء وأنا ما عندي..
أحمد منصور: يعني فيه وزراء تافهين يعني؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. هي تتعامل.. هي تتعامل في السياسة، هي القائد.. هي تعمل في السياسة وتتحدث سياسياً، وتتحدث مع الرجال، معناها قول في السياسة أما في الحزب أو في..
أحمد منصور: أيه أهم الوزراء التي كانت بتسعى لربط علاقات بيهم؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لأ معناها والله..
أحمد منصور: من حيث المناصب وليس الأسماء.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا حسب وزراء سيادة.. وزراء سيادة.
أحمد منصور: مثل؟
الطاهر بلخوجة: وزراء السيادة معناها عندك وزير الداخلية، عندك الوزير الأول، عندك معناها وزير العدل، عند الوزراء المعنيين بالأمر، كلهم وزير معناها.. الحقيقة يا سيدي، والله أنا أقول لك الصحيح، إحنا نسعى للحديث إليها مش هي تسعى للحديث إلينا.
أحمد منصور: طبعاً.
الطاهر بلخوجة: أيوه.
أحمد منصور: لأن هي.. هي.. هي السلطة ورئيس سلطة.
الطاهر بلخوجة: نعم، وهذا فيه.. وهذا فيه.. يا سيدي هي حتى.. إحنا نسعى ليس نتحدث ليه؟ نسعى للحديث ليه؟ حتى ننير لربما في بعض القضايا الرئيس ما عندوش معلومية كاملة نضعها في الجو، ونحكي لها ما.. ما.. ما هو الوضع، وهي تعيننا على فض المشكل.
أحمد منصور: منكم مباشر للرئيس.
(9/327)
الطاهر بلخوجة: وشو المشكل يا سيدي؟ اسمع، حط في بالك حاجة أولاً.
أحمد منصور: الرئيس لم يكن يستمع لكم؟
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، أولاً طريقة الحكم في تونس بيش تكون عالم بالسياسة.
أحمد منصور: آه عرفنا طريقة الحكم في تونس.
الطاهر بلخوجة: طريقة الحكم ماكانش فيها أسرار، ماعندناش أسرار في الدولة، وبورقيبة ماكانش عنده أسرار، هو.. هو ماكانش عنده معناها الأمور العالمية ونظافة وشفافة اللهم أسرار الدولة القضايا الكبيرة، ولهذا حديثنا في أمور وغير ذلك ماكانش يختلف معناها.. معناها.. أبداً.. أبداً.
أحمد منصور: هل لعبت دوراً في إبعاد أحمد بن صالح وسجنه ومحاكمته؟
الطاهر بلخوجة: لأ، هي لعبت دوراً لما.. لما.. لما.. لما أبعد سياسياً الرئيس بورقيبة، وقرر إبعاد أحمد بن صالح.
أحمد منصور: ما طبيعة الدور الذي لعبته هي في إبعاد أحمد بن صالح؟
الطاهر بلخوجة: هي لعبت دور.. لا، لعبت دور أنها يا سيدي مش ممكن بيش يكون عندها مصداقية مع الرئيس، وإن يسمعها الرئيس، وإن يتأثر بها رئيس دولة، إذا لم تكن على الأقل عندها معلومية بحقيقة الأوضاع، حقيقة الأوضاع إذاك مع بن صالح كانت يُرثى لها، كونها في الحضيض، كنا أمام معناها خندق، كيف تقول كلام آخر تاني للرئيس؟ تقول له الحقيقة وقتئذٍ، وكانت معه من البداية، ولهذا ثم تكامل، ثم تعامل، كان معها مصداقية، وكما قلتها أنا مرة في.. في جهة من الجهات أبداً ولا كان واحد يحاول بيش يغالط الرئيس ويكذب على الرئيس، لأنه كل مرة تحكي له حكاية، يقول لك: آه يا سيدي، أعطني السوس.. أعطني معناها الأساسي شو قال، ويتثبت أن كلامك صحيح، ولا يمكن أن نقول له كلاماً تافهاً أو كلاماً معناها ولا أراجيف، ويقول له اللي كذب أراجيف هو أراجيف كذا.. كذا، على كل هذا أمور.. أمور واضحة مافيهاش في معناها.
أحمد منصور: حين.
الطاهر بلخوجة: التباسات معناها وهو معناها وهو في معناها.. لا.. لا.. لا.
(9/328)
أحمد منصور: ما إحنا عايزين نفهم منك يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: بأحكي لك.. أحكي لك.
العلاقة بين بلخوجة ووسيلة
أحمد منصور: كيف نشأت العلاقة بينك وبينها؟
الطاهر بلخوجة: بين.. بين أيش تكون؟ بين..
أحمد منصور: بينك وبين وسيلة.
الطاهر بلخوجة: لا وقت دخلت الحكم فقط، أبداً دخلت الحكم، وقت اللي دخلت الحكم.
أحمد منصور: بالضبط سنة كام في الوقت دهه؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا يا فندم وقت اللي كنت في اتحاد الطلبة.
أحمد منصور: من اتحاد الطلبة وأنت على علاقة بها؟
الطاهر بلخوجة: اتحاد الطلبة أيوه مع.. مع اتحاد الطلبة، مش علاقة بي أنا شخصياً أبداً.
أحمد منصور: لأ، علاقة.. يعني..
الطاهر بلخوجة: لا، يعني أزور معناها الرئيس ولما يجي يبقى عندي علاقة نعرفهم.
أحمد منصور: لكن برضو كنت تقصدها هي بشكل خاص لتروي لها وتتحدث معها.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا أتحدث معها.. أتحدث معها ومع عائلتها ومع جماعتها،...، أنا اخترت إذاك أن..
أحمد منصور[مقاطعاً]: الآن هي السلطة، أنت لما تذهب لها تذهب إلى السلطة.
الطاهر بلخوجة: أيوه أذهب إلى السلطة ونستمع.
أحمد منصور: طب وأيضاً.
الطاهر بلخوجة: وشوف فيها أنا أستمع.. أنا.. أنا يؤثر عليَّ أي كلام تشبيه.
أحمد منصور: لأ يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: أنا أكمل.
أحمد منصور: أنا بأسألك عن طبيعة العلاقة كيف كانت؟ وكيف نمت؟ وأصبحت أنت من المقربين إليها.
الطاهر بلخوجة: أكمل.. أكمل معلوماتي لما أقابل أحد وأتحدث إليه أكثر من معلوماتي وأتعرف عن.. عن كل الخبايا وكل الخبايا.
أحمد منصور: دي مش أحد، دي وسيلة.. دي وسيلة.
الطاهر بلخوجة: مع وسيلة وغيرها.
أحمد منصور: ليست أحد، وليست مثل غيرها.
الطاهر بلخوجة: لأ هي.. وهي أحسن، وسيلة هي الأصل.
أحمد منصور: طبعاً.
الطاهر بلخوجة: هي المنبع، نمشي إلى المنبع أم نمشي إلى..؟! وما..
(9/329)
أحمد منصور: أنا بأسألك عن هذه الأشياء، أنا بأسألك عن هذه الأشياء، هي لعبت دوراً أيضاً في إقصاء الباهي الأدغم عن المسؤولية.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا، أبداً قلت لك يا سيدي كان..
أحمد منصور[مقاطعاً]: إذا لعبت ليه ما تقولناش يا معالي الوزير؟ لا يعيبها شيء.
الطاهر بلخوجة: كان.. لا.. كانت.. كانت.
أحمد منصور: أنت شاهد وموجود في المسؤولية.
الطاهر بلخوجة: كانت تثق في تفكيرها مع تفكير بورقيبة، إذا رضي عن أحد، هي راضية عنه، إذا كان لم ترضَ عن حد هي تخليه على جنب.
أحمد منصور: لأ، هي غيرت آراء بورقيبة في كثير من الناس.
الطاهر بلخوجة: لأ، غيرت.. غيرت ربما باستحسان وربما بعض الحالات، طيب ولكن بأمور طفيفة، المسؤول الأول يا سيدي.. المسؤول الأول هو بورقيبة، هو.. هو رئيس الدولة، ولا هو كان من.. من.. من المواهب وكان ما في قلبه ولا كان من.. ما كان يجعله هو يأخذ مسؤولية ويقولها.
أحمد منصور: كل هذا لا ننكر فيه مسؤولية بورقيبة، لكن إحنا عايزين نعرف التوازنات كيف كانت تسير بينها وبينه؟
الطاهر بلخوجة: والله والله ما.. والله والتفاصيل معناها.. معلش.. معلش.
أحمد منصور: يا معالي الوزير، من اقترحك لوزارة الداخلية عفواً؟ من اقترحك لوزارة الداخلية في العام 73 في حكومة الهادي نويرة؟
الطاهر بلخوجة: قلت لك أنا.. جاوبتك أني كوني اختارني الرئيس وربما هي.. وهي معناها ساندت ذلك الشيء.
أحمد منصور: طيب ساندت اختيارك.
الطاهر بلخوجة: طيب.. نعم سيدي.
أحمد منصور: ساندت الصادق بن جمعة، الباجي قائد السبسي، الحبيب بلعراس.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.
أحمد منصور: والمصمودي، وكنتم توصفون بأنكم أنتم رجال وسيلة في الحكومة.
الطاهر بلخوجة: والله اسمع شوف، هذا كلام الشارع.
أحمد منصور: مش كلام الشارع.. كلام موثق.
الطاهر بلخوجة: كلام الشارع يفصله.
أحمد منصور: مش عيب.. مش عيب يعني..
(9/330)
الطاهر بلخوجة: كلام الشارع يفصله الناس على هذاك.. وهذاك مع وسيلة وهذاك ضد وسيلة.
أحمد منصور: مش كان فيه أجنحة في السلطة؟
الطاهر بلخوجة: والله العظيم ما في حد معنا ما عنده قيمة في البلاد إلا بأفعاله وبجاهه وبكذا..
أحمد منصور: طبعاً.
الطاهر بلخوجة: وكذا، هذا كان أساس البقية الأخرى كان حكاية فارغة.
أحمد منصور: طبعا هذا لا خلاف عليه؟ ولكن بتبقى العلاقات الخاصة والشخصية بتلعب دور.
الطاهر بلخوجة: اه بتلعب من غير شك.
أحمد منصور: التقارب اللي موجود لعب دور.
الطاهر بلخوجة: هذه طبيعة الأمور.. طبيعة الأمور.
أحمد منصور: الطيب المهيري كان وزير للداخلية.
الطاهر بلخوجة: أي نعم ياس يدي.
أحمد منصور: كانت علاقته بها كانت علاقة سيئة ولذلك حينما.
الطاهر بلخوجة: أبداً والله.
أحمد منصور: حيثما ذهب الطيب المهيري أصرت أن تكون أنت لان وزارة الداخلية وزارة سيادة رئيسية وجاءت بك بعد.
الطاهر بلخوجة: لا لا لا، مش بعد أيام بعد الطيب المهيري بما كنت أنا وزير داخلية كان معناها الباجي.. معناها وزير الداخلية..
أحمد منصور: أيوه أيوه بعد الباجي..
الطاهر بلخوجة: لا بعد ما جيت بعد، أنا جيت هو الباجي سابها عام 65 وأنا جيت عام 73، 8 سنوات في، أبداً.. والله الناس كلها تعرف، والله كبيرهم وصغيرها معناها وهذا التصريح اللي بيقولوه، أن مع الطيب المهيري كانت معناها متسقة، عملت مواجهة وكانت معناها ربما بإثراء بنوع ما مع الطيب المهيري إلى أقصى درجة، كانوا متفاهمين معناها متكاملين ربما بيش نقولها Complex معناها متواطنين مع بعضهم في السياسة إلى آخر الوقت، وكانت هي تحب.
أحمد منصور: لكن لكل رجل مرحلة يعني كل واحد للسلطة.. السلطة لها مرحلة، وانتهت مراحل الآخرين وجاءت مرحلتك أنت.
(9/331)
الطاهر بلخوجة: هذا مش.. طيب هذه حاجة أنا حبيت أنصحها أن تكون مع الطيب المهيري كنت أنا مع الطيب المهيري كانت ساءت علاقتهما ما بينهم أبداً، علاقات أنا.
أحمد منصور: نحن اتفقنا على أن علاقات الحب والغرام وغيرها علاقات إنسانية، هناك قصص كثيرة تنسج حول علاقتك مع ابنتها نبيلة وأنك في فترة من الفترات حينما كنت أرملاً نشأت قصة حب بينك وبين نبيلة كانت سببا رئيسياً في دعم.. في دعم.
الطاهر بلخوجة: خرف.. خرافات.. خرافات.
أحمد منصور: ليس عيباً يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: لا لا خرافات، هو ليس صحيح.
أحمد منصور: يعني الزواج من السلطة والقرب لها شيء كل إنسان يتمناه.
الطاهر بلخوجة: أنا.. أنا قلت لك من أول مرة قلت لك أنا كنت قريب من العائلة، كنت قريب من العائلة لأن أزورهم هي وأختها وابنتها وأنا رجل كان.
أحمد منصور: يعني أنت كنت أرملاً ونبيلة كانت مطلقة، ليس هناك ما يمنع من قيام علاقة حب ومساعي للزواج.
الطاهر بلخوجة: لا لا لا لا .
أحمد منصور: الزواج من ابنة وسيلة يعني الزواج من القصر.
الطاهر بلخوجة: لا يمكن.. لا يمكن والله.
أحمد منصور: يعني الزواج من السلطة، كل واحد يسعى لذلك يعني.
الطاهر بلخوجة: والله كان.. كنا التقينا هي وأنا وتزوجنا وهي كلمة مش صحيحة ما كانت صحيحة، كانت معناها علاقتي مع العائلة هذه عائلة طيبة على أساس أنا كوني مع الناس ها دول نحترم بعضنا، وكنت قريب من وسيلة وقريب للرئيس وقريب للعائلة كلها، مش مشكلة، كون الناس اعداءك يخرجوا الخرافات معقول، أنا رجل سياسي.
أحمد منصور: الحب مش خرافة.
الطاهر بلخوجة: لا لا.. قبل كل شيء.
أحمد منصور: وبعدين فيه نية للزواج.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي.. يا سيدي أعدائي في السياسة.
أحمد منصور: فيه نية للزواج يا معالي الوزير
(9/332)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أعدائي أنا في السياسة دخلوا حتى في موضوع زوجتي وطلقت زوجتي للسياسة، علاقات.. على أمور سياسية، ولازم أحكي هذا، بس ما تعرف هذا وقت الواحد ما يكون سياسي ويكون قوي.. يخرج ما شاء الله من الخرافات ومن الأراجيف ومن العلاقات ويدخلوا حياتي الخاصة.. في وحياتي العامة هذه لربما صارت، ربما أحكي أن الناس أثروا عليها، لأن معقول أن كل رجل سياسي عنده حياته الخاصة وتدخل الخرافات، وهذه من الخرافات التي صارت، وهذا لا يمنع بأن نقول بأن نتشرف بأن كنت معناها من العائلة وكنت من الجماعة وكنا اتفقنا وربما كنت منسجم، أنا أقول لك صحيح، منسجم فكرياً.. منسجم معناها في السياسة لأن تبع بورقيبة وعائلة بورقيبة وجماعة بورقيبة وأنا معهم إلى آخر رمق.
أحمد منصور: وعاطفياً.. وعاطفياً
الطاهر بلخوجة: إلى آخر رمق.
أحمد منصور: وعاطفياً
الطاهر بلخوجة: لا، عاطفيا لا.. أنا احترمهم، ها العطف كان عاطفة احترامهم.. العطف احترام الناس.
أحمد منصور: دعنا من هذا، ألم تسعى للزواج من نبيلة؟
الطاهر بلخوجة: عودة للحكاية دي، عودة للحكاية، جوابي إذا كانت هي كانت راضية، وبما هي لم تكن راضية، ما جاشي الموضوع، ما كان الموضوع.
أحمد منصور: مش عيب يا معالي الوزير دا زواج من السلطة.. من القصر.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي اسمع، شو هي الفائدة؟ الفائدة في الزواج.
أحمد منصور: لا كان يرتقي بك ويصعد بك إلى مراتب الخلافة.
الطاهر بلخوجة: لا لا والله.. والله و قت ما طلقت ارتحت معناها اتلهيت في السياسة وخليت الزواج.. خليت النساء على جانب.
أحمد منصور: ما حدش يقدر يخلي النساء على جانب يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: خليت على لساني أكثره وأقله.
أحمد منصور: السياسة.. السياسة لا تسرق الناس بالعكس يعني النساء لهن دورهن في السياسة لا سيما في القرب من السلطة.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي المرأة نصف الرجل يا سيدي ونصف الأمة.
(9/333)
أحمد منصور: طيب ما أنت قلت إنك أنت طلقت وخلاص وتفرغت للسياسة الطاهر بلخوجة: مشكلنا إحنا معناها أن كوننا.. ما أعطيناش حظ للمرأة، حظاً سياسيا وعاطفيا وكل شيء، مرحباً بها إذا عندها أفكار وإذا كان عندها معناها مستوى.. مرحباً بها.
الخلافات بين وسيلة والهادي نويره وتصاعدها
أحمد منصور:الطيب المهيري وزير.. عفوا كان العلاقة بين وسيلة وبين الهادي نويرة بدأت تتوتر في فترة الصراعات التي نشأت والتي تحدثنا عنها في الفترة..
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. لما زارها.. لما زارها هادي نويرة ولما تغيرت الأمور وتبين.. كما تبين وقت أحمد بن صالح أننا ماشيين إلى الهلاك، ما كانش وقتها.. دارت على الهادي نويرة، معقول.
أحمد منصور: كان العلاقة التي كانت تربطك بوسيلة في هذا الوقت كانت اقوى من العلاقة التي تربطك بالهادي نويرة، نويرة كان يعتبرك نقيضا على الطرف الآخر.
الطاهر بلخوجة: شوف هو كان وزير أول وزير أول.
أحمد منصور:أحمد الشيخ: خليني اكمل سؤالي، اكمل سؤالي، كان هذه العلاقة أدت إلى ذلك نويرة حينما ذهب وصعد الأمور لدى الرئيس كانت وسيلة مسافرة خارج البلاد، وأنت أيضاً كنت ذهبت إلى باريس حينما اتخذ الرئيس قراره.
الطاهر بلخوجة: أي نعم سيدي.
أحمد منصور: أما تعتقد وبشكل.. وبشفافية وللتاريخ ليس لشيء آخر، أن وسيلة إذا كانت موجودة في ذلك الوقت إلى جوار بورقيبة ألم تكن كانت ستدفع في طريق إبقاءك وزيرا للداخلية؟ وإقصاء طلب الباهي الأدغم؟ الهادي.. الهادي نويرة عفوا
الطاهر بلخوجة: يا سيدي شوف أنا أقول لك بكل صراحة، ولو سعت لكانت تنجح.
أحمد منصور: كانت تنجح.
الطاهر بلخوجة: لا كانت.. لا كانت تنجح ولو سعت.
أحمد منصور: لا كانت نفي أم إثبات.
(9/334)
الطاهر بلخوجة: لأ، أولاً ها الساعة ما كانتش غايبة كانت موجودة مش صحيح كانت موجودة، و الهادي نويرة حتى الهادي نويرة دخل بيت النوم بتاع بورقيبة صباحاً وقال له هذا.. هذا الطاهر بلخوجة وهذا ما صار في جربة على أساس الليبيين الذين إجوا وبشتايم للرئيس وكذا وكذا وكذا، ووصلت الأمور إلى كذا ويا هو أو أنا؟ وهو قام امضى وجابوا.. جابوا ووقع القرار وأمض ووسيلة.. وسيلة في البيت.
أحمد منصور: لكن الثابت بعد ذلك.
الطاهر بلخوجة: ووسيلة في البيت.
أحمد منصور: الثابت بعد ذلك أنها أرسلت لك أحد أقاربها ابن أخيها حتى يبلغك بأن مؤامرة.
الطاهر بلخوجة: وبارك الله فيها.
أحمد منصور: معنى ذلك إن العلاقة بينك وبينها وثيقة.
الطاهر بلخوجة: بارك الله فيها.
أحمد منصور: وأنها تعتبر أن حمايتك هو شيء يخصها.
الطاهر بلخوجة: وعلى.. وبورقيبة اللي قال لي على ذلك، هذه إمارة على العاطفة وعلى غير ذلك، تسمع عنها فيه ناس إجي اغتالوك وأنا الناس تبعي ما تحميك.
أحمد منصور: الاستقالة الجماعية التي قامت بها الحبيب الشطبي وعبد العزيز.
الطاهر بلخوجة: عبد العزيز الأحرم ومحمد الناصر.
أحمد منصور: الأحرم ومحمد الناصر ويوسف بلحاج.
الطاهر بلخوجة: ويوسف بلحاج وأحمد بنوري.
أحمد منصور: هي التي دفعتهم إلى ذلك لأنهم كانوا على علاقة بها وكانوا يوصفون بأنهم وزراءها في السلطة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، يا سيدي هم الذين استقالوا فيه معناها كانت لهم بينانات صحافية لم تنشرها الصحافة التونسية وتابعتها الصحيفة اللي وكالة (فرانس برس) فرانس معناها برس، وقالوا انهم استقالوا لأنهم ضد المواجهة العنيفة التي...
أحمد منصور: طبعا ما هو دا المعلن، اللي بيعلن شيء، ومن وراه.. هم هيقولوا استقلنا علشان وسيلة طلبت منها نستقيل.
الطاهر بلخوجة: ما هم رجال سياسيين.. معلش..
(9/335)
أحمد منصور: ما هم رجال سياسة لكن فيه شبه تكتلات وفيه سياسات أنت عارف كيف تلعب بالسياسة يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: أنت فيه سياسة ما فيها شي تكتلات تعرف أنت تقول لي.
أحمد منصور: طب ما أنت قل لي بقى، أنا بأقول لك.
الطاهر بلخوجة: كانت تكتلات على أساس.
أحمد منصور: إحنا دا اللي بنقوله، إن دول كانوا تكتل وسيلة، ووسيلة قالت لهم استقيلوا استقالوا.
الطاهر بلخوجة: لا كنا تكتل.. كنا تكتل جماعة ضد العنف وأكثر من هذا قلت أنا الجماعة هذه بنفسي، يا سيدي.
أحمد منصور: ممكن نسميه تكتل وسيلة علشان الصورة تكون واضحة.
الطاهر بلخوجة: لا لا تكتل الجماعة ها دول مع بورقيبة ومع وسيلة فيه، يا سيدي إحنا قبل.. أعدنا بيان وامضينا فيه السبعة هذا، والبيان الموجودة أنا أبعثه لك، البيان موجود، ما خرج..، حتى نبعث للرئيس ونقول له البلاد ماشية للهاوية، وآخر وقت صار عدم الاتفاق إن نقول له إحنا من.. فخرج بورقيبة ما خرجنا، ولهذا اتفقنا من قبل معناها يوم: يوم إقالتي أنا يا جماعة على أن فيه مواجهة.. المواجهة وعدم المواجهة، ويجب أن نأخذ موقف، وأخذنا موقف ضد المواجهة.
أحمد منصور: هذا الموقف عقَّد العلاقة بين الهادي نويرة وبين وسيلة، وحينما وقعت أحداث قفصة في العام 1980 ووقع اجتماع الحزب صبت وسيلة جام غضبها على رأس الهادي نويرة، ويقال أن الشلل الذي أصابه كان بسبب الإهانة العلنية التي وجهتها له وسيلة، والتوبيخ الشديد على التقصير الذي قام به.
الطاهر بلخوجة: أبداً أبداً أبداً أبداً شوف يا سيدي، أولاً لا الهادي نويرة في طبيعته وفي اخلاقه ولا بغير ذلك يوصف معناها العراك والتشاجر مع.
أحمد منصور: مش عراك.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.
أحمد منصور: أنت رسمت معه.
الطاهر بلخوخة: لا أساس له و لا وسيلة في أخلاقها وفي طبيعتها عندها شيء، ينطبق الصحيح على جلطة، أنا أقول لك أنا الصحيح الجلطة لسببين:
(9/336)
السبب الأول هو يا سيدي بعد أحداث قفصة كانت باخرة في البحر الأبيض المتوسط فيها معناها (بوادر) الإذاعة وتسمى إذاعة قفصة.. إذاعة قفصة وكانت تلقي بواسطة إذاعيين تونسيات وتونسيين عن أخبار الهادي نويرة وعن عائلته وجماعته، وتعرف البلاد العربية تعمل هذا مش لازم نسميها، عملت ذلك مع فهد.. عملت ذلك مع السعودية وعملت ذلك مع، وكانت الهادي نويرة يتألم وكان.. وكل الناس تتساءل وأنا كنت إذاك وزارة الداخلية والله كنت أتساءل أتعجب كيف إن دولة عربية عندهم الأخبار الخاصة على رجال الدولة التونسيين.
أحمد منصور: وكانت صحيحة؟
الطاهر بلخوجة: فيها الصحيح وفيها الغلط.
أحمد منصور: لكن فيه نسبة.. معنى ذلك إن فيه تسريب من داخل القصر الملكي.
الطاهر بلخوجة: لا مش داخل القصر، يمكن من الداخل.. يمكن بواسطة الداخلية ممكن.. ممكن كل شيء، على كل.
أحمد منصور: يعني التنصت اللي كنت بتعملوه على الناس كان بيتسرب.
الطاهر بلخوجة: على كل.. على كل إذاعة قفصة.
أحمد منصور: لأ يعني التنصت اللي أنت بتعلموه على الوزراء والمسؤولين كان يتسرب بعضه إلى الإذاعة.
الطاهر بلخوجة: لا مش تصنت، لا هذه أخبار.. هذا عائلية، أخبار عائلية.
أحمد منصور:ما هو التنصت على التليفون فيه كل حاجة، انتوا بتخلوا حد يعرف ينام في أوضة نومه.
الطاهر بلخوجة: وكلام بذيء حتى الرئيس بورقيبة قال له.. قال له جاوبني.. كلام بذيء في مستوى منحط، سب وشتم على الهادي نويره لا مثيل له مدة تقريبا شهر كامل في إذاعة قفصة، وكان.. وكان الهادي نويرة كان رجل محترم مالوش أساس في ذلك.
الحاجة الثانية، السبب الثاني في اعتقادي أن كون لما قرر الرئيس تعييني تعيين كسفير في ألمانيا والإتيان بادريس جيجا كوزير للداخلية.
(9/337)
أحمد منصور: مين اللي فرض (إدريس جيجا) بقى؟ وسيلة، هي التي طلبت إدريس جيجا وكان رجلها لأن وزارة الداخلية لابد.. هي المصدر الرئيسي للتصنت والأخبار لابد كل خيوطها تكون عند وسيلة.
الطاهر بلخوجة: أنا مش أعطيك أسباب بتاع الجلطة بتاع الهادي نويرة، خليني أكمل، خليني أكمل، وقتما قرر بورقيبة ذلك وذلك ما قلت (...) في قفصة وأنا كان مغلوب علي، قال لي ستذهب إلى بون كسفير لأول وهلة.
أحمد منصور: ويأتي إدريس جيجا وزير للداخلية.
الطاهر بلخوجة: ويأتي وزير للداخلية.
أحمد منصور: مقترحات وسيلة طبعا، عشان ترجعك شيئاً فشيئاً.
الطاهر بلخوجة: وقتئذ، كان الوضع أنا أحكي الحدث أنا في كتابي احترم الحدث.. الحدث.. الحدث.
أحمد منصور: هو الحدث دا بيتصنع إزاي، إحنا في البرنامج هنا بنتناول ما وراء المكتوب.
الطاهر بلخوجة: عطني الحدث.. الحدث وبعدين نتحاور وبعدين نتحاور.. بعدين.. اعطني الحدث.
أحمد منصور: اتفضل.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي وإذَّاك قرر الوزير الخارجية وقتها.. وزير الخارجية.. وزير.. المستشار، وقتها ابن الرئيس والهادي نويرة أن ينتقل صباحاً بطائرةٍ خاصة إلى (تونس) أو قفصة.. تونس وقتها تونس حيث كان الرئيس ليسعوا لأن يعدل عن تسمية.. على هذه التسميات صباحاً.
أحمد منصور: يعني التعيينات، تعيينك سفير في بون و(إدريس جيجا) وزير للداخلية.
الطاهر بلخوجة: تعيين سفير الدولة وتعيين كذا..، وفي الصباح جاء ابن الرئيس إلى المطار، وقيل له آه ما فيه سفر لأن الهادي نويرة في نصف الليل صار له كذا وكذا.
(9/338)
وسبب ثالث دون هذا، هو كونه.. ما سمعته وأنا فاكر أن كونه في ساعة متأخرة من الليل كان أحد الولاة في الجنوب أخذ الهاتف وطلب الوزير الأول وقال له أن هنالك طائرات تحوم حول قفصه وحول (….)، وطائرات ربما تكون الدولة المجاورة وكذا وكذا، كل هذا جعل أن.. أن.. أن الهادي نويرة والوزير الأول وقتها كانت له تلك الصدمة، صدمة بجميع العوامل هذه، وكانت له جلطة، هذا هو الأساس، هذه هي حقيقة الأمر، لا وسيلة ولا غير وسيلة، وسنتوجه..
أحمد منصور: إزاي دا وسيلة وراء كل حاجة!!
الطاهر بلخوجة: ليه، وزيادة على هذا إنه.. وزيادة عن هذا أحد..
أحمد منصور: معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: أيوه.
أحمد منصور: وسيلة كانت وراء كل شيء، وسيلة كانت وراء أن جاءت بك كوزيراً للداخلية.
الطاهر بلخوجة: لا مش مشكل
أحمد منصور: وكانت وراء ذهابك سفيراً إلى بون، ثم مجيئك وزيراً للإعلام بعد ذلك، وليس عيباً في ذلك، الآن..
الطاهر بلخوجة: ليه، ولكن.. ولكن ثم.. ثم رئيس دولة.. ثم رئيس دولة يفكر ويقرر هيروح فين.
أحمد منصور: رئيس الدولة هأقول لك مثال..
الطاهر بلخوجة: رئيس الدولة أنا ألعوبة في يد وسيلة، ما..
أحمد منصور: هأقول لك أنا مش.. سحر.. سحر الحب.. سحر الحب
الطاهر بلخوجة: هذا الأمل من وجه السحر
أحمد منصور: أنا بأقول سحر الحب ومؤثراته
الطاهر بلخوجة: أنا الحب دا.. الحب دا كان.. الحب كان في الأربعين، الحب في الأربعينيات، أما أنا نحكي عن السبعينات، الحب يا سيدي..
أحمد منصور: استمر.. استمر، وكانت وسيلة إذا غضبت وذهبت إلى أي مكان كان يروح يصالحها.
الطاهر بلخوجة: يا.. يا سيدي
أحمد منصور: بس اسمح لي معالي الوزير..
الطاهر بلخوجة: الحب يتلاشى بعد 30 سنة أو 40 سنة بصفة خاصة وبصفة عامة
أحمد منصور: يعني أنت كمجرب وخبير يعني
الطاهر بلخوجة: لأ، مُخبِّر يعني كيف يجي كيف للناس، كل الكيفات…
(9/339)
أحمد منصور: الآن بدأت وسيلة بعدما أصاب الهادي نويرة، كان يريد أن يعين محمد الصياح رئيس وزراء.
الطاهر بلخوجة: أي نعم سيدي.
أحمد منصور: الرئيس بورقيبة كان يريد يعين الصياح رئيس وزراء
الطاهر بلخوجة: أي نعم يا سيدي نعم، صحيح.
أحمد منصور: ونادى الصياح على أن يكون رئيس وزراء، إلا أن وسيلة استطاعت في الفترة التي سيأتي فيها الصياح من هناك إلى هنا أن تقنعه بأن مزالي هو أولى من الصياح
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح
أحمد منصور: واتصل وجاء بمزالي، ومزالي روي لي ذلك في شهادته على العصر في هذا البرنامج أيضاً.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صح.. صح.. صح.. صحيح
أحمد منصور: حينما جاء الاثنين دخلا إلى القصر، وقال لهما بورقيبة ما نصه "أنا كنت نويت أني أعين محمد الصياح، ولكن أنا سأعين بورقيبة [مزالي]".
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح
أحمد منصور: دا مؤثرات وسيلة
الطاهر بلخوجة: لا، صحيح.. صحيح.. صح
أحمد منصور: كيف وسيلة تلعب الدور في عملية إبعاد هذا وتقريب هذا؟
الطاهر بلخوجة: لا.. صحيح، شوف يا سيدي أنا أقول لك كيف
أحمد منصور: وهذا ما لعبته أيضاً
الطاهر بلخوجة: خليني أحكي لك، أنا أقول لك كيف صار التأثير؟ لأن التسمية بيها ما كانش معناها عندنا معنى كبير، أنا أقول لك على إيش، لأن يا سيدي وقتها صارت الجلطة.. مش نعطيك دقائق.. تاريخ
أحمد منصور: كان في.. ما إحنا اتكلمنا فيها
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا
أحمد منصور: هنتكلم فيها.. هنتكلم فيها لما نيجي نتكلم عن الحلقة الجاية حكومة مزالي ونهاية بورقيبة، لكن أنا بس في الشاهد.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. لا استناني.. لا.. لا استناني يعيشك استناني
أحمد منصور: اتفضل.
(9/340)
الطاهر بلخوجة: عندما صارت الجلطة جاء الحبيب بورقيبة من (تونس) إلى المكان الذي فيه.. إلى.. إلى دار الهادي نويرة، وحب ما رأي بعينه ينظر إلى الهادي نويرة يمكن أن يُشفى أم لا، وقال إذاك سيُشفى، ثم يا سيدي لما قرر وواقع ذلك قال ما فيه وزير أول، أنا أكون رئيس جمهورية والوزير الأول
أحمد منصور: ما هو كل حاجة أصلاً، ما هو الوزير الأول موظف
الطاهر بلخوجة: ما هو يا سيدي.. لا، لأنه كان يأمل أن الهادي نويرة سيُشفى بالقريب العاجل، وأخذ المسؤولية، ثم بعد أربع أيام تبين أن كل.. ما يمكن أن يتحمل تلك المسؤولية، وقرر..
أحمد منصور: وأمر…
الطاهر بلخوجة: لأ.. لأ ما خلافاً لما قلت، وقرر مش وزير الأول أبداً، قرر أن يُعين منسقاً يعمل للعقوبة…
أحمد منصور: صح، واستمر 3 شهور، وبعد ذلك عُين وزيراً أول في أبريل
الطاهر بلخوجة: لا لنعرف.. لا على إيش.. على إيش سمى منسق؟ دائماً أن في باله الهادي نويرة سيرجع إلى الحكم، ولما…
أحمد منصور: بعد..
الطاهر بلخوجة: استناني، ولما اختار بين محمد الصياح ومحمد مزالي ما كان عنده معنى كبير، لأنه كان دائماً يعتقد أن الهادي نويرة سيرجع كوزير أول.
أحمد منصور: من الذي رجح.. من الذي رجح الاختيار؟
الطاهر بلخوجة: الذي رجح الاختيار، أنا أقول لك على إيش رجح الاختيار بيش (….) والله كان.. ورجح الاختيار، وربما كانت هي على حق نوعاً ما، لأن خرجنا معنا..
أحمد منصور: وسيلة هي التي رجحت الاختيار.
الطاهر بلخوجة: هي.. هي، وعلى أيش رجحت الاختيار؟
أحمد منصور: أعلى منصب في الدولة رئيس الوزراء، خليفة الرئيس، من الذي لعب فيه بعد وسيلة؟
الطاهر بلخوجة: على أيش؟ على أيش؟.. على إيش؟ وعلى إيش رجحت؟ وعلى أيش؟ وعلى أيش رجحت الاختيار؟
أحمد منصور: أنا ما ليش دعوة…
الطاهر بلخوجة: يعني أنت لو رجحت الاختيار.. لو رجحت الاختيار كان معناها ما يتنكرو لهاش، ما بين قوسين، يعني بين قوسين عجباً.
(9/341)
أحمد منصور: معالي الوزير، الآن ساءت العلاقة.. ساءت العلاقة.. ساءت العلاقة.. ساءت العلاقة بعد ذلك بين مزالي وبين بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: يعني أيه ساءت؟ تفكر
طبيعة الدور بالذي لعبته سعيدة ساسي في السلطة في تونس
أحمد منصور: وبدأت تسوء كذلك بين.. بين بورقيبة وبين وسيلة نفسها، وأخذت وسيلة تغضب وتذهب إلى هنا وهناك، وبدأت سعيدة ساسي تأخذ مكانها، ابنة أخت الرئيس بدأت تأخذ مكان وسيلة شيئاً فشيئاً.
الطاهر بلخوجة: صحيح
أحمد منصور: وأصبحت وسيلة تغار من هذه الأمور، وبدأت سعيدة ساسي تلعب دوراً في السلطة، كنت وزيراً للإعلام في ذلك الوقت، ما طبيعة الدور الذي بدأت تلعبه سعيدة ساسي في السلطة في تونس؟
الطاهر بلخوجة: يا سيدي الفرق معناه شاسع بين السماء والأرض، بين امرأة كوسيلة معناها ذكية ولها، وتروضت على السياسة مع بورقيبة، ولها رأي ولها تأثير، وبين معناها جاهلة.. اللي هي سعيدة ساسي، وقال بنفسه بذلك هو نفس الشيء، لأنه بذلك معناها تعامل معها وتعرف على.. على.. على أساسها، ما كان.. ما كان عندها تأثير، هو.. هو.. هو..
أحمد منصور: لكن هذه هي التي كانت قريبة من السلطة..
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أبداً، يا سيدي هي كانت مع بورقيبة بنت أخته، كانت معنية بأمره فيما يخص معناها ما أكل.. ما يأكل، وكان ليس مع.. ما يستمع.
أحمد منصور: يا معالي الوزير، كانت بتنسق الاجتماعات والمرواح والمجيء.
الطاهر بلخوجة: أبداً.. أبداً، ولا كان يستمع إليها، أبداً ولا كان بورقيبة يستمع إلى سعيدة أبداً.
أحمد منصور: ما قصة نجاة خنتوش؟ قصة نجاة خنتوش، وما يقال عن أن سعيدة قربتها منه، واحتلت مكان وسيلة؟
الطاهر بلخوجة: إيش كونها هذه أيش كون؟
أحمد منصور: نجاة خنتوش
(9/342)
الطاهر بلخوجة: هذه يا سيدي.. هذه من الأمور، أنا.. أنا ما كنتش أنا وقتها، خرجت من الحكم عام 83، مش مسؤول عليها، هذه صارت ما بين معناها 84 و87 حتى اللي.. حتى التغيير، وربما عاد ذلك على التغيير.
أحمد منصور: ليس لديك معلومات عن هذا الموضوع؟
الطاهر بلخوجة: عندي لأ، أنا أسمع.. أسمع، ولكن.. ولكن أنا أقول لك حكمي على هذا، هو كونه هو جريمة.
أحمد منصور: من مين؟
الطاهر بلخوجة: من المسؤولين في الحكومة أو في القصر بأن.. بأن خلوا الأمور تصل.. تتصل إلى هذا.. إلى هذا المستوى المنحط. أنا كوزير داخلية كنت أدخل على رئيس الدولة وأقول له الأمور هذه مش معقولة، هذه خنتوش مش.. أمور مش معقولة هذه. لم يتجرأ لا الوزير الأول ولا المسؤولين معه، ولا أياً كان بأن يدخل إلى رئيس الدولة ويقول له أنت رئيس دولة، وهذا مش ممكن، وأنت قاعدة تنساق الأمور في متاهات، وربما أدخلوه في هذه المتاهات حتى يبعدوه عنها.. حتى يبعد عن الحكم، وحتى معناها.. يسيب من الدولة.
أحمد منصور: راجل عنده 85 سنة في..
الطاهر بلخوجة: والله كان لا بأس عليه
أحمد منصور: كمان
الطاهر بلخوجة: 75 سنة أنا عمري.. أنا عمري، آه أنا عمري 70 سنة معناها مش تقول لي (…)، بأستطيع أنا أعمل في الـ70 سنة (…) عليها
أحمد منصور: لا ربنا يديك الصحة، أنت شباب معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي العروق.. عروق الدم والفكر والقلب قبل سنوات يا سيدي..
أحمد منصور: ما فيش فايدة يعني، لكن.. لكن يقال أن يعني الأمور فسدت في ذلك الأمر، ووصلت إلى مستوى منحط، بسبب قضية النساء بعد خروج وسيلة من القصر.
الطاهر بلخوجة: بالطبع منحط، صحيح.. صحيح.. صحيح، ومتاهات، وقلت لك أنا أكم متاهات جامة، وتحاسب عليها كل الجماعة الذين.. الذين عملوا ذلك، والذين سكتوا على ذلك.
أحمد منصور: يعني هو بورقيبة.. بورقيبة يعني كان مخرف الآن حتى يفتح القصر للنساء ويصبح الأمر كذلك.
(9/343)
الطاهر بلخوجة: على.. على.. على.. على بركة الله.. حمسني.. حمسني سياسي.
سوء العلاقة بين وسيلة وبورقيبة ودوافع طلاقهما
أحمد منصور: ساءت العلاقة.. ساءت العلاقة
الطاهر بلخوجة: والله إني كنا فيك شفت، فيك والله بمجيء..، بجوارحي.. بجوارحي كلها والله.. والله أبداً، بجوارحي كلها.. بجوارحي كلها
أحمد منصور: إحنا كنا.. يعني أنا بأشكرك معالي الوزير لأن شهادتك مهمة. أنت رجل كنت قريباً بشكل كبير من السلطة.
الطاهر بلخوجة: وأقول الحقيقة والله.. والله، أنا ربنا يطول في عمري أنا وكذا، مش ممكن أقول أياً كان معناها عاطفياً، لهذا.. هذا ماتت وسيلة ومات بورقيبة، وماتوا الجماعة، ودفاعاً عليه، ولكن هذا.. هذا الوضع، وقلت لك أنا من أول مرة هذا أعرفه.
أحمد منصور: لكن حتى نفهم كيف وصلت الأمور في قصر الرئاسة في نهاية حكم الرئيس.
الطاهر بلخوجة: نهاية حكم الرئيس، هو حق.. عندك ألف حق.. عندك ألف حق.
أحمد منصور: طلقت وسيلة من بورقيبة في 11 أغسطس 1986
الطاهر بلخوجة: وكانت بداية النهاية كما قلت
أحمد منصور: لبورقيبة؟
الطاهر بلخوجة: أي نعم يا سيدي.
أحمد منصور: ما الذي دفعه إلى طلاقها، وهما في هذا السن؟
الطاهر بلخوجة: ما هو الطلاق.. من غير شك ما هو.. إنما هو هذا هو.. هذا هو أُلهي بالمتاهات، وعندما..
أحمد منصور: النساء تقصد؟
الطاهر بلخوجة: لأ، متاهات.. متاهات، والنساء وغير النساء وغير ذلك، هو الأساس.. مش من الأساس هو كونه بورقيبة يبعد عن الحكم، ويعتني بالأمور الأخرى، وهذه سعيدة ساسي عندها مسؤولية كبيرة في هذا، ما هذا هو الموضوع هذا، هذا هو..
أحمد منصور: يتفرغ بقى لأموره..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. معناها أعطيت.. من حكاية يتفرغ بقى للسلطة، و… والأمور دا، هاي والأمور الإنسانية طيبة، ولكن قلت كانت جريمة.. جريمة معناها راجل معناها ما كان.. على كل معناها و.. ومش كنت
(9/344)
أحمد منصور: طلاقه من بورقيبة وتأثيره على ذلك، يعني أسباب الطلاق بينهما في تلك المرحلة؟
الطاهر بلخوجة: أسباب طلاق.. أسباب طلاق لأن.. لأن، ومعناه أن من غير شك معناه قالوا.. وحتى حسب ظني وكان عنده حقه أنه كونه معناه صار هاتف تليفونياً بينها وهي في جدة وكلام، وكانت وسيلة مش راضية على الحكايات هذه كلها، وكانت…
أحمد منصور: كانت تصلها الأخبار طبعاً من القصر؟
الطاهر بلخوجة: من غير شك، وإلى أن مات ولا أقبل على القصر، والله إلى أن مات بورقيبة ولا كنت أشوف.. ولا كنت أشوف..
أحمد منصور: طبعاً أنت احتفظت..
الطاهر بلخوجة: ولا كنت أشوف وسيلة، وكانت يومياً تعرف أخبار بورقيبة على.. على العمل وغير ذلك، وأكثر من هذا هو طلقها عام 86، وهي ماتت عام 2000.
أحمد منصور: 99.
الطاهر بلخوجة: .. عام.. 99.
أحمد منصور: توفيت عام 99.
الطاهر بلخوجة: عام 99، ستة أشهر قبل الرئيس، إلى آخر الوقت، وكنا نكتب في اللي كانت تقوله، ورغم ذلك تقول كلمة على بورقيبة مش صحيحة ولا مرضية، كانت يعني إلى…
أحمد منصور: كانت بتحبه يعني
الطاهر بلخوجة: والله إلى ما ماتوا، بعد أن طلقها وبعد أن شردها.
أحمد منصور: طلقها هو في 86، وانتقلت إلى شقتها في باريس وأقامت فيها، وأنت كنت على علاقة مستمرة معها في تلك الفترة
الطاهر بلخوجة: صحيح، إلى آخر لحظة.
أحمد منصور: كيف كانت حياتها قبل النهاية؟ قبل الموت؟
الطاهر بلخوجة: والله حياتها قبل النهاية أن كونه معناها كانت.. كانت من غير شك منزعجة كتير لما.. لما وقع في تونس، وكانت سخيفة.. كانت سخيفة إلى أقصى درجة على بورقيبة وعلى حالته، وكيف يهتم بحياته…
أحمد منصور: كان بتتابع أخباره رغم أنه كان معزولاً وما إلى ذلك..
(9/345)
الطاهر بلخوجة: إلى آخر وقت كانت بتعد أخباره بالدقيقة أكثر من أي كان، إلى.. إلى يوم مات. أنا قبل أيام ما ماتوا أنا كنت أتلفنها وأقول لها شو حال الرئيس، في صحته كيف، معناها ماشي..
أحمد منصور: منها هي تقصد..
الطاهر بلخوجة: أيوه منها هي، وهي تعطيني خبر، طيب أيش بيه؟.. إيش بيه؟ هذا حبت رجل لو تعرفه وتعرف أخباره مثلاً عايزه بيه، هذا ماموش..
أحمد منصور: آخر مرة شفتها متى؟
الطاهر بلخوجة: والله شفتها أخيراً.. شفتها آخر مرة أشهر قبل
أحمد منصور: قبل وفاتها
الطاهر بلخوجة: قبل وفاتها أشهر قلايل..
أحمد منصور: يعني.. يعني في العام 99 أيضا.
الطاهر بلخوجة: أشهر قلايل قبل وفاتها، وجاءت إلى باريس للتداوي، وعندها مرض القلب وقت إذاك، وقعدت تقريباً 6 أشهر أو 7 أشهر، وكنت ملازمها نوعاً ما أكثر من غيري، وأكثر من (برجينت)، وكانت في.. ما كانش في حياة عادية، وكأنها ماشية إلى الممل، كانت عندها نوع من.. من (….)، مش تقول معناها من.. من.. من الفرحة معناها ومن.. ومن الحالة معناها كأني حالة سنوية، في السياسة، في التليفونات مع رؤساء الدول، وفي التليفونات مع الناس، في التقاط الأخبار، في كذا.. معناها كانت وسيلة كأنها مازالت رئيسة دولة.. مازالت زوجة رئيس دولة.
أحمد منصور: باختصار.. باختصار وفي كلمات بسيطة ما هو تقييمك لهذه المرأة ودورها في صناعة الأحداث في تونس؟
الطاهر بلخوجة: والله هي.. هي مرأة أولاً، ولها أخطاءها، ولها سيئاتها، ولها حسناتها، ما فيش مشكل.
(9/346)
دورها السياسي أعتبر أن كونه معناه الميزان أحسن معناه للحسنات من السيئات، هذا هو، أنا.. أنا.. والحاجة الثانية أن كونه هي وبورقيبة شيء واحد بالنسبة للنظام الدستوري.. بالنسبة للنظام اللي وضعه بورقيبة.. أحد واحد، وإذا كان حكمنا هذا بيحكم على الله، ولهذا معناها تقييمي بالنسبة لبورقيبة ولوسيلة على أساس أن كانوا عهداً كان ومضى وانقضى، وأيضاً لرجال التاريخ أن يحكموا فيه ما يشاؤوا.
أحمد منصور: في العام 1980 أصبح محمد مزالي وزيراً.. رئيساً للوزراء، وعينت أنت في نهاية العام وزيراً للإعلام في حكومته، وبعد إقالة مزالي الذي كثر الطامعون في نهاية بورقيبة، جاءت نهاية بورقيبة في العام 87 على يد زين العابدين بن علي.
في الحلقة القادمة والأخيرة نتناول هذا الفصل الأخير من شهادتك على العصر ومن حياة بورقيبة والنظام، أشكرك معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: شكراً.. شكراً، يعيشك.. يعيشك.
أحمد منصور: كما أشكركم _مشاهدينا الكرام- على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة. في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/347)
الحلقة10(9/348)
الثلاثاء 20/5/1423هـ الموافق 30/7/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 15:10(مكة المكرمة)،12:10(غرينيتش)
الطاهر بلخوجة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق - الحلقة 10(الأخيرة)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
28/07/2002
- إعلان التعددية السياسية في تونس عام 1981
- علاقة الطاهر بلخوجة مع مزالي
- اندلاع ثورة الخبز وسقوط حكومة مزالي
- الديمقراطية في الدول العربية
- نهاية حكم بورقيبة وإزاحته عن السلطة
- تقييم فترة حكم بورقيبة
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق) الطاهر بلخوجة. معالي الوزير مرحباً بيك.
الطاهر بلخوجة: أهلاً وسهلاً مرحباً.
أحمد منصور: في هذه الحلقة الأخيرة من هذه الشهادة المطولة والتي نلقي فيها الضوء على الفترة الأخيرة من حقبة حكم بورقيبة والتي عُين فيها محمد مزالي وزيراً أول بالإنابة من يناير إلى مارس 1980 ثم وزيراً أول في 24 أبريل 1980 وعُينت أنت وزيراً للإعلام في حكومته في ديسمبر من العام 80.
الطاهر بلخوجة: 80، صحيح.
أحمد منصور: نعم، كان إدريس جيجا وزيراً للداخلية وكنت قد ذهبت مكانه سفيراً في بون.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: إلا أن.. إلا أن وسيلة لعبت دوراً أيضاً في عودتك للحكومة مرة أخرى ليس عيباً معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: ليس عيباً.
أحمد منصور: ليس عيباً، وأصبحت وزيراً للإعلام
الطاهر بلخوجة: أنا لأنني اعترفت أنني كنت مُسانداً.. مُسانداً من وسيلة بورقيبة على أساس بعد اختيار بورقيبة أن أكون بجانبه.
إعلان التعددية السياسية في تونس عام 1981
(9/349)
أحمد منصور: نعم، في 10 أبريل 1981 عُقد المؤتمر الحادي عشر للحزب وفاجأ فيه بورقيبة الجميع بإعلانه عن التعددية السياسية في تونس..
الطاهر بلخوجة: والله ما فيش مفاجأة يا أستاذ.
أحمد منصور: كيف؟
الطاهر بلخوجة: ما فيش مفاجأة لأن.. لأن هي خاتمة طبيعية لما وقع بسنة 78.. 78، بعد انتفاضة 78 تبين أن كلنا خسرنا كل شيء وأن البلاد مش في أيدينا وأن معناها الطامة الكبرى.. نزل.. نزل.. نزل الشعب التونسي إلى الشوارع وعمل.. وعمل معنا كما عمل.. كما فعل ذلك في 67 ويجب أن تتغير الأوضاع أن الحزب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وقمعتموه بالرصاص.
الطاهر بلخوجة: وأن الحزب..
أحمد منصور: وقُتل منه 200 شخص وجرح 300.
الطاهر بلخوجة: وتبين أن الحزب ما هوش ماسك أموره، لأنه لو كان الحزب ماسك أموره، لكان.. لكانت المواجهة ما بين الجيش والشعب، لأن إن تخلى الحزب وإن غادر الحزب ولذلك أمام الشغب لعب دوره الجيش معلوم.
أحمد منصور: بعد 35 عاماً من الحكم الشمولي الأحادي الديكتاتوري المستبد..
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا مش مستبد، لا مش مسألة مستبد، مسألة معناها أن كونهم موضوع..
أحمد منصور: أي حكم شمولي مستبد
الطاهر بلخوجة: موضوع إن كونه.. لا يا سيدي موضوع أن كونه لم نتطور..
أحمد منصور: لا تسمح للناس بأن يفكروا خارج نطاق حزبك مستبد.
الطاهر بلخوجة: لم نتطور ولم نطور أوضاعنا وهياكلنا في الإبداء هذا.. هذا أساس..
أحمد منصور: قتل الناس في الشوارع مستبد
الطاهر بلخوجة: هذا أساس.. هذا أساس لم نطور هياكلنا.. كنا.. وكنا معناها وكان الفرق معناها ازداد مع.. مع الوقت، على كل عام 72 يا سيدي تبين أن كونه فيه لزوم ومتأكد إلى.. إلى التغيير واتفقنا مع.. أن نغير ذلك وكانت..
أحمد منصور: اتفقتم مين؟
(9/350)
الطاهر بلخوجة: اتفقنا جماعة.. كان جماعة الديوان السياسي، كان.. كان الديوان السياسي وكانت هياكل رسمية ثم أخذنا جماعة من الديوان السياسي وجماعة قريبين من مزالي وجينا نتعشى في منزل من المنازل مع محمد مزالي ونتحدث في هذا.. في هذا الموضوع، واتفقنا بأن ندرج..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مزالي كان يرحب بالتعددية.
الطاهر بلخوجة: كلنا.. كلنا.. ما فيش واحد ما كانش يرحب بالتعددية حتمية..
أحمد منصور: الآن هو رئيس وزراء..
الطاهر بلخوجة: حتمية يا سيدي.. حتمية وكان ما كان يرحب بالتعددية ما كان وزير أول..
أحمد منصور: طب، لكن الرئيس بورقيبة هل كان لديه استعداد للتعددية؟
الطاهر بلخوجة: لا، يا سيدي الرئيس بورقيبة كل مرة تحكي له وتقول له وتثبت أقوالك ولك معناها من الحجج الكافية يمشي معاك، جانا.. جاء للرئيس بورقيبة وقالوا أن حان الوقت للتعددية، قالوا الله يبارك، الرئيس بورقيبة لم يفاجئ الجميع، بورقيبة وافقنا على اقتراحنا في الدخول بالتعددية.
أحمد منصور: كان مقتنعاً بهذا؟ كان مقتنعاً؟
الطاهر بلخوجة: لا.. كان يقتنع على.. يا سيدي لماذا لا يقتنع؟ إذا لم يقتنع إذا قلت له..
أحمد منصور: لأن إحنا سنأتي إلى أحداث بعد ذلك، لنرى فيها كان مقتنعاً بما كان يقوله أم لا.
الطاهر بلخوجة: اسمع.. أعمال شوية نفكر على شوية، إذا جئنا له وقلنا له إحنا سنعمل تعددية لإزالتك بالحكم كان لا يتفق، ولكن وقت اللي جئنا إليه وقلنا تعددية ستكون مُتنفس للمجتمع ومتنفس للحزب وأننا معناها سنكون متفقين مع الوضع الجديد للبلاد هذا شيء.
أحمد منصور: معنى ذلك أنك تقر بأن الشعب التونسي كان مقهوراً ومقموعاً؟
الطاهر بلخوجة: لا مش كان مقهوراً معناها كان الوضع الحكم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الكلام متناقض الآن.
الطاهر بلخوجة: لا كان الحكم لا.. كان لم.. كان لم يتماشى ما كان متماشي مع.. مع الوضع الشعبي..
(9/351)
أحمد منصور: يعني الشعب كان عايش في حرية وديمقراطية أم كان مقموع؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا مش عايش في.. معناها ربما كنا.. كنا غالطين كنا معناها في دوامة، كنا في دوامة، كنا في دوامة.
أحمد منصور: أنتم في دوامة لكن الشعب..
الطاهر بلخوجة: لا حتى الشعب دخلناه معانا في الدوامة، ما.. ما دخلناه معانا في الدوامة، بتاع بن صالح الاشتراكية ودخلناه في دوامة ما بين الحزب و..
أحمد منصور: من الذي كان يدفع الثمن؟
الطاهر بلخوجة: والمبارزة بين الحزب واتحاد الشغل.
أحمد منصور: من الذي كان يدفع الثمن؟
الطاهر بلخوجة: من.. من الذي دفع الثمن؟
أحمد منصور: أيوه.
الطاهر بلخوجة: كلنا دفعنا الثمن دفع الشعب ودفعنا إحنا..
أحمد منصور: أنتم ما دفعتوش ثمن حاجة أنتم في السلطة بتتنعموا في نعيمها..
الطاهر بلخوجة: صحيح دفع.. دفع الثمن..
أحمد منصور: والشعب هو الذي يدفع الثمن..
الطاهر بلخوجة: صحيح دفع الثمن وقت اللي صارت معناها الانتفاضة في 26.. ومات ما مات وذاك.. وذاك ثمن غالياً وكان.. وكنا ممكن أن نتجنبه لو كان شوية.. عند بعض المسؤولين شوية.. شوية رصانة.
أحمد منصور: ما هي القوى السياسية التي كانت موجودة على الساحة والتي فكرتم في التعددية لتفسحوا المجال أمامها؟
الطاهر بلخوجة: لا ما في هاي.. ما فيه حتى قوة، فيه قوى سياسية ورئيس الدولة، وهذا ديوان سياسي للحزبي ما فيش قوة ثاني، ما فيش تعددية.
أحمد منصور: أنا أقصد على الساحة.. ساحة الشارع التونسي، أنتم سمعتم بالتعددية ما هي القوى التي ستدخل في إطار التعددية؟
(9/352)
الطاهر بلخوجة: هذا هو الموضوع يا سيدي هذا الموضوع الذي لم يحل وقتئذ وقت ولم يحل في 60 ولم يحل اليوم ومازلنا معناها في التيارات هذه ولن يحل، على أساس أيش لم يحل ولن يحل؟ على أساس أن كونه أولاً: يجب أن تكون لنا إرادة سياسية ولو كان حتى إرادة سياسية، مش إرادة سياسية وقتية لتعددية ما، ثم.. تم مخطط في ذلك، يا سيدي قدر ما تعمل أنت ديمقراطية مع شعب اعمل ديمقراطية داخل.. داخل النظام.. قبل كل شيء، داخل النظام وداخل الحزب الواحد واجعل التعددية.. التعددية دولة داخل الحزب.
أحمد منصور: يعني في ديكتاتورية داخل النظام وداخل الحزب؟
الطاهر بلخوجة: آه، ما هذا هو.. الحزب الواحد، ما هو هذا هو.. غيرنا الحزب عام 64 إحنا عملنا ديكتاتورية الحزب الواحد والديكتاتورية في وسط الحزب، لأنه في الأحزاب حتى في الأحزاب، الاشتراكية والأحزاب الشيوعية كان فيه تيارات ما كان عندنا تيارات في الحزب، كان..
أحمد منصور: أسألك الآن عن التيارات السياسية التي كانت في الشارع التونسي والتي كنتم تتحدثون عن التعددية لإفساح المجال أمامها، كان فيه اشتراكيين، كان فيه يساريين، كان فيه إسلاميين؟
الطاهر بلخوجة: لا كان فيه.. كان فيه جماعة أحمد المستيري الذين كانوا يريدون معناها تحوير الأوضاع والديمقراطية وما كنا تحدثنا عنه في مؤتمر 71 وكيف خرجوا وإلى غير ذلك، كان فيه تيار يساري معناها اليساري بالنسبة أولاً كان متلاشي نوعاً ما وإلى غير ذلك ولكن الأساس يا سيدي أنه في الميدان هذا يجب أن التعددية بنفسها نعينها نساعدها بأن تتكون..
أحمد منصور [مقاطعاً]: التيار الإسلامي لم يكن له وجود؟
الطاهر بلخوجة: سنة.. سنة 81 والله كان عنده، كان موجود ولكن ما كان.. ما كان في.. في العيان معناها ما كان موجود بصفة.. بصفة علنية ولا حتى كان هذا بصفة.. يعني ما كان منظم، ما كنش عنده هيكل منظم.
(9/353)
أحمد منصور: في 20 يونيو سنة 81 في اجتماع دستوري في ضاحية الكرم قلت أن الشعب التونسي لا يستحق لا القهر ولا الاضطهاد..
الطاهر بلخوجة: أي نعم سيدي، أي نعم سيدي.
أحمد منصور: وقد أقام الدليل على أنه لا يتحملهما، صحيح؟
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح
أحمد منصور: معنى ذلك أنك تقر بأن الشعب التونسي كان يعيش تحت الاضطهاد وتحت القمع والقهر؟
الطاهر بلخوجة: لا أنا.. أنا لا.. لا أنا أحكي على حوادث 26 يونيه.
أحمد منصور: لأ معنى كلامك إن الشعب كان عايش تحت القهر والاضطهاد.
الطاهر بلخوجة: لأ أن.. أن الشعب لا يستحق.. لا يستحق الضرب ولا يستحق القتل، صحيح.
أحمد منصور: لكنه استحق وأكل على رأسه.
الطاهر بلخوجة: أكل على رأسه لسوء الحظ معناها هو هذه.. هذا معناها من غير شك ما هو يرتضيه أحد معقول.
أحمد منصور: الانتخابات بعد قضية التعددية قامت الانتخابات ما بين 0.7% إلى 29 أكتوبر، كان فيه هناك حملة انتخابية وقامت الانتخابات في 2 نوفمبر على اعتبار ما قيل أنه تعددية..
الطاهر بلخوجة: أي نعم سيدي.
أحمد منصور: وزوِّرت الانتخابات تزويراً بشعاً وأُعلن أن الحزب الحاكم فاز بـ94.6%
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: والديمقراطيين الاشتراكيين بـ3.2، والشيوعيين بـ.7%
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح
أحمد منصور: ما تقييمك لهذه الانتخابات؟
(9/354)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أنا عشتهم.. عشتهم وكنت فاعل فيهم، لأني كنت وزير الإعلام إذاك وحرصت في وزارة الإعلام بأن يُطبق قانون الانتخاب وأن تعد الناس القائمات المترشحات تاخد كلمتها وتتحدث لأول مرة في تاريخ تونس في الإذاعة وفي التليفزيون وتقول كلمتها وكان أحمد المستيري يخطب وكان محمد مزالي يخطب وكان (….) بالشيوعي يخطب.. كله بيخطبوا وعلى أساس قلنا بعدئذ بعد الانتخابات من هذه الجماعة من يحصل على أكثر من 5% وقتها ياخد طريقه وياخد طريقه إلى تكوين حزب وإلى غير ذلك، وبدأنا في هذا الموضوع وكانت.. وكانت القناعة موجودة عند كل المسؤولين.. عند بورقيبة وعند مزالي وعندنا إحنا وعند الكل وكان معناها شيئاً طيباً لأنه كان يعد..
أحمد منصور: ألم تحددوا نسب في البداية لهذا التيار وذاك؟
الطاهر بلخوجة: لا أبداً.. أبداً.. أبداً لأ.
أحمد منصور: لماذا بتُحدد في كل مكان؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا يا سيدي ما كنا نحدد لأن في اعتقادنا وفي اعتقاد الجماعة اللي يحبوا التعددية ويحبوا المعارضة، في اعتقادنا أن الأغلبية هي الحزب الحاكم.
أحمد منصور: كيف الحزب الحاكم والحزب الحاكم معزول عن الشعب وآلامه وطموحاته ومشاغله..
الطاهر بلخوجة: لا.. لا مش لا..
أحمد منصور: والشعب الحاكم.. الحزب الحاكم بيقتل الناس في الشوارع؟
الطاهر بلخوجة: لا شوف يا سيدي ثم فرق ما بين الشعب والحزب الحاكم كان معناها إطارين ما كان معناها دولاب كبير في.. في إشادة الأمور كلها، الحزب..
أحمد منصور: دولاب الأمن طبعاً
الطاهر بلخوجة: لا الأمن كان يعاونه..
أحمد منصور: والقمع..
(9/355)
الطاهر بلخوجة: الأمن كان يعاونه على أساس الخلط.. هاذاك كان مشكلة كبيرة على أساس الحزب والدولة والخلط ما بين الحزب والدولة، الحزب كان يكون الدولة معاه، والدولة هي في أيد الحزب ودي معناها حزب وهي حزب قائم، عندك ألف حق وهذاك علشان تتحدث عن بعدين عن الفصل بين الحزب والدولة ولكن وقت اللي الحزب كان موجود يومها يا سيدي، الحزب الاشتراكي الدستوري له مش حزب، حزب عام 37 كونه بورقيبة وكان مكون الشهاب بالدستورية وكان.. وكان لنا
أحمد منصور: معالي الوزير بس
الطاهر بلخوجة: اسمعني، وكان معناها ماسك البلاد.. ما سك البلاد تعرف كيف؟
أحمد منصور: بالقمع والقهر والميليشيات.
الطاهر بلخوجة: لا ماسك البلاد، لأنه عنده 70 عام.. لا عنده 70 عام
أحمد منصور: وإذا خرج الناس إلى الشوارع ليحتجوا على لقمة الخبز بتقتلوهم في الشارع.
الطاهر بلخوجة: لا، لأن المصالح الناس تخلَّطت مع مصالح الدولة ومصالح الحزب، وأصبح.. وأصبح الحزب…
أحمد منصور: كيف تخلَّطت؟ الحزب له مصالحه، بيصطادوا أرانب، وبيروحوا نيس، وبيروحوا هنا، والناس بتاكل تراب في الشارع، مش لاقيه خبز تأكله
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا مستبعد، لا.. لا مش تاكل التراب ولا هذاك الشيء.
أحمد منصور: طبعاً، أزمة الخبز كلها تدل في الأزمات الطاحنة التي يعيشها الشعب التونسي.
الطاهر بلخوجة: لا، دي غلطة من الغلطات.. غلطة من الغلطات، أنت بتغالط من الغلطات.
أحمد منصور: أخطاء فادحة كلها.
الطاهر بلخوجة: .. غلطات هذه.. غلطات شخصية.
أحمد منصور: شخصية؟!
أخطاء النظام الآن أصبحت أخطاء شخصية، قتل عشرات الناس في الشوارع أخطاء شخصية.
(9/356)
الطاهر بلخوجة: أخطاء من.. من.. أخطاء من قرر زيادة الحرص وليس التحدث عنها سنتحدث.. على كل يا سيدي، كل (...) وقت اللي قررنا في هذا مع بورقيبة على التعددية وغيرها كانت الأمور ماشية، كيف.. كيف اختلطت الأمور؟ وهذا قلته أنا وأعيده معناها اختلط الأمور وفسدت الأمور مش من الحزب الحاكم، إن أردنا إحنا التعددية، من المعارضة بنفسها، أعني بذلك..
أحمد منصور: كمان المعارضة هي اللي غلطانة؟
الطاهر بلخوجة: أنا أحكي لك.. أنا أحكي لك الحكاية يا سيدي، أنا أحكي لك.
أحمد منصور: المعارضة اللي زورت الانتخابات.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي لا.. أحكي لك الحكاية عليَّ شوية أحكي لك.
أحمد منصور: اتفضل.
الطاهر بلخوجة: كان يا سيدي أحمد المستيري هو رئيس المعارضة، وكان هو رئيس القائمة بتاع الاتحاد الاشتراكيين وغير ذلك، وكان.. كان معه في جماعته قبل معناها وزير الداخلية قبل معناها ذلك شو اسمه؟ القائد السبسي.
أحمد منصور: الباجي قائد السبسي.
الطاهر بلخوجة: رجع.. رجع قائد السبسي رجع إلى.. إلى.. إلى الحزب، رجع إلى الحزب ولم يلتحق بالمنظمة الجديدة ولا بالحركة الجديدة لأحمد المستيري، ولكن كان معه، وأمضى معه.. وكذا وكذا.. وكذا، وكانت وصارت أحدث غلطة في.. في.. في الديوان السياسي وأنا معهم أن كونه اخترنا أن نواجه أحمد المستيري كضابط بأحد كان انشق عنه عن جماعته وعن حركته وهو الباجي قائد السبسي، وصارت المبارزة بتونس بين الباجي قائد السبسي الذي كان.. الذي كان مع أحمد المستيري وانشق عنه وجاء معنا، وبين أحمد المستيري، في ذلك الوقت تبين.. تبين برغم خطب مزالي وبرغم الخطب تباعنا كل أن.. أن تونس العاصمة ستصوت إذا كانت شفافية إلى أحمد المستيري تماماً.
أحمد منصور: ضد الحكومة.
الطاهر بلخوجة: ضد الحكومة.. ضد قائمة الباجي قائد السبسي.
أحمد منصور: ضد قائمة الحكومة.
(9/357)
الطاهر بلخوجة: ضد قائمة الحزب، وغلطة فيها لو كان اخترنا واحد من الحزب كانت الأمور تكون واضحة، وهذا واحد حزبي أساسي مافيش..
أحمد منصور: ماحدش من الحزب سمعته حلوة عند الناس.
الطاهر بلخوجة: الحزب والله كان نسبي.. حلى كل.. على كل يا سيدي، وقت صارت المبارزة، وصار شو اسمه؟ وشافوا أن كونه شال وزير الداخلية، هذا صحيح عندما قاله..، شال وزير الداخلية هو وشال معاه مع والي تونس.
أحمد منصور: من كان؟
الطاهر بلخوجة: والي تونس وقت كان الروسي.. الروسي، والي تونس وهزه معاه، ليقول والي تونس لمجلس الدولة سنخسر العاصمة، وزاد عن ذلك وزير الداخلية أن قال له سنخسر أقصى الجنوب معناها (...) وسنخسر أقصى جنوب جنوب، لأن كان عنده..
أحمد منصور: دي مكانتكم، ماحدش بيحبكم، ماحدش يريدكم، الشعب لو صوَّت بحق لا يريدكم.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. لا.. لا.. لا كان فيك على.. على ثلاث.. فقط، سنخسر ذلك، وقال بورقيبة إحنا لم نتفق على ذلك، هذا كيف أنا حزب حاكم.
أحمد منصور: طبعاً.
الطاهر بلخوجة: 60، 70 سنة ونخسر العاصمة؟ شو مازال في الحزب؟
أحمد منصور: كرهتكم الناس لا يريدونكم.
الطاهر بلخوجة: لا، لأن إحنا غالطنا بورقيبة، لأن وقتها قلنا لبورقيبة على التعددية لم نقل له في أول مرة أننا سنخسر تونس وسنخسر معناها الجنوب والشمال، قلنا له سنكون تعددية، وستأخذ المعارضة قسطها في الحكم، وإحنا معها.
أحمد منصور: وكانت نسبة المعارضة حاطين لها كام؟
الطاهر بلخوجة: ده.. لا، سوء تقدير المسؤولين.
أحمد منصور: مقدرين للمعارضة كام؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا قد تجد حتى 20، 30، أنا قلتها طب 20%..
أحمد منصور: 20%، و30%.
الطاهر بلخوجة: و30% و40 مثالي.. مثالي..
أحمد منصور: تسمحوا بذلك؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا والله نسمح.
أحمد منصور: دا أنتوا لا تسمحوا للناس تفتح فمها.
(9/358)
الطاهر بلخوجة: الأصل.. الأصل ماسك الحكم، مَنْ هو ماسك الحكم؟ وكنا نقنع الرئيس أننا ماسكين الحكم بـ 50% و60%.
أحمد منصور: دول يقولوا اللي هم عاوزينه.
الطاهر بلخوجة: وكان يمشي.. وكان يمشي.. لا.. لا ولكن يجب.. يجب أن تفهم المفيد أن الحكم في يدك ويفرط منك، إحنا كان مش تفرط تماماً تفرط منك العاصمة، إحنا..
أحمد منصور: إحنا نسمح بالديمقراطية في إطار الديكتاتورية.. في إطار الحزب الواحد.
الطاهر بلخوجة: لأ.. تدرجاً..
أحمد منصور: في إطار السيطرة على كل شيء، وفي إطار أن السلطة على كل شيء.
الطاهر بلخوجة: لا فيه.. ليش.. ليش تحب تكون فك يفك يفك جماعة حكم من جماعة أخرى، على أيش ما بيصرش تدريج.
أحمد منصور: تدرجاً يا معالي الوزير.. يا معالي الوزير، عمالين تتهموا الشعوب أنها ما بتفهمش وأنها لا تستحق الديمقراطية.. ولا تستطيع.. ولا تستطيع أنها تتعايش.
الطاهر بلخوجة: لا أحسن.. أحسن لو رجعنا إلى الديكتاتورية لا يا سيدي لو رجعنا يا سيدي إلى نظام الحزب الواحد، ياريت عملنا هذا أمر أخير نقص معناها نوعاً ما ولا نرجع رئيس الدولة دخلنا في مأزق وأسأنا التصور وأسسنا تقديرنا بالنسبة للمعارضة، وغالطنا الرئيس وفي آخر الوقت معناها..
أحمد منصور: زوِّرت الانتخابات.
الطاهر بلخوجة: زوِّرت، لأ مش زوِّرت الانتخابات.
أحمد منصور: برضو مش زوِّرت، الدنيا كلها بتقول زوِّرت.
أحمد منصور: زوِّر.. لأ.. أفهم.
أحمد منصور: دا رئيس الوزراء مزالي كان إنها زوِّرت.
الطاهر بلخوجة: أحكي لك.. أحكي لك.. أحكي لك.
أحمد منصور: إدريس جيجا وزير الداخلية قال إنه زوَّر الانتخابات.
الطاهر بلخوجة: لأ، مش.. ده موضوع..
أحمد منصور: أنت وزير الإعلام تقول لي ما زوِّرت؟
الطاهر بلخوجة: لا.. أقول لك كيف زور.. زُوِّرت.
أحمد منصور: يعني زوِّرت؟
الطاهر بلخوجة: زوِّرت، وأقول لك كيف زور.
أحمد منصور: طيب كيف زوِّرت؟
(9/359)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، كيف زُوِّرت؟ لأن مش زُوِّرت في آخر الوقت وشفنا أيش يكون عنده هذا، وزوِّرت لأن جماعة المعارضة..
أحمد منصور: برضو المعارضة السبب.
الطاهر بلخوجة: جدوا نفسهم.. جدوا.. جدوا نفسهم، ولهذا كالعادة تعبئة الصناديق، وزوِّرت.
أحمد منصور: مين اللي عباها؟
الطاهر بلخوجة: عبَّاها.. اتعبت كالعادة في البلاد.
أحمد منصور: لأ، قلنا كالعادة بتتعبأ إزاي؟
الطاهر بلخوجة: لأن يا سيدي بيكون عندك أنت جماعة في.. وماعندكش معارضين ومراقبين تملأ ما تشاء، وتقول ما تشاء، ومُلئت وغير ذلك، وكان يعطيها أحكي لها معناها.. معناها المغالطة معناها..، وكذلك.
أحمد منصور: طبعاً النتيجة طلعت نتيجة سيئة جداً.
الطاهر بلخوجة: سيئة جداً وقال..
أحمد منصور: طبعاً، كيف يفوز.. كيف الحزب الحاكم يفوز بـ 94% فقط ودايماً بيفوز بـ 99%؟
الطاهر بلخوجة: أنا.. أنا كنت وزير إعلام، والله لو كان كنت وزير الداخلية لكان عندي موقف آخر، أنا كنت وزير إعلام.
أحمد منصور: كنت هتخليها كم يا معالي الوزير؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا، كنت على كل حال يكون عندي رأي في الموضوع، على كل معناها صار الوقع خسرنا.
أحمد منصور: يعني وزير إعلام مش مسؤول؟
الطاهر بلخوجة: خسرنا إحنا كنا مسؤولين، خسرنا.
أحمد منصور: هم يطبخوا وأنت تعلن الطبخة.
الطاهر بلخوجة: خسرنا رهان التعددية، خسرنا.. أنا.. أنا جبت 50.. أنا استدعيت من غير ما أشاور أحد 50 صحفي بينجمع بينا على أساس بيش يشهد هادول دخول تونس إلى الديمقراطية في آخر وقت، ولكن هنا في الدول.. كيف أنت تجيب لنا 50 صحافي بش يشهدوا علينا إن إحنا غلطنا؟ طبعاً أنا قلت في بالي أيش تقع المغالطة؟ على كل..
أحمد منصور: عشان يشهدوا على التزوير.
الطاهر بلخوجة: لا، أنا والله جبتهم على أن يشهدوا على الدخول.. الدخول للديمقراطية مش علشان التزوير، وكان وكل شيء..
(9/360)
أحمد منصور: فشهدوا على الحقيقة وهي التزوير.
الطاهر بلخوجة: الحقيقة، وقالوا ما قالوا وكتبوا ما كتبوا.
أحمد منصور: إدريس جيجا يقول إنه نفذ تعليمات بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: لا، هو كيف؟ اسمع يا سيدي، استحالة بورقيبة، رأيت شكل بورقيبة وقلت بش نخسر كذا وكذا، وقلت لإدريس جيجا ما هو شال مزالي وشال الوزير الأول ....، وقال له معناها هذا.. هذا.. هذه.. هذا رأي بورقيبة، قال: والله يبارك طيب يا سيدي، هذا رأي بورقيبة واستسلمت الناس كلها، ومشينا للحضيض ومشينا معناها للتزوير ومشينا لكذا ومسؤولية كبيرة وكبيرة جداً بالنسبة كلنا من رئيس الدولة إلى رئيس الوزراء إلى الوزراء وغير ذلك وخسرنا رهان التعددية، مافيش كلام.. مافيش كلام.. مافيش..
أحمد منصور: حينما اكتشفتم أن ما حدث كان مهزلة بكل ما تحمل الكلمة من معنى وتزوير مفضوح للعملية الانتخابية، لماذا لم تستقيلوا كوزراء من دعاة التعددية؟
الطاهر بلخوجة: آه، قلت.. أنا قلتها.. قلتها في الكتاب، قلتها غلط معناها أنا وقت كنا جماعة.
أحمد منصور: حتى رئيس الوزراء محمد مزالي في شهادته معي على العصر قال أنا ندمت أني لم أستقل.
الطاهر بلخوجة: قال.. والله ما سمعت عن ذلك، أنا ما سمعتش، ما سمعتش بيقولها، ذلك لأنه..
أحمد منصور: أنا أسألك عن شهادتك أنت.
الطاهر بلخوجة: أنا أقول لك ما سمعتش على ذلك، أقول لك، أنا أقول لك، لأن كان عندي أنا تصريح بعد انتخابات، وقلت هذه الانتخابات هذه ما.. ما.. ما تفيدش، وكان تصاريح في صحافة للوزير الأول والجماعة الآخرين وهم يقولون أن الانتخابات صحيحة وكذا.. وكذا، صحيح، لكن التاريخ سيقول كلمته في الموضوع.
أحمد منصور: لكن أنت كوزير للإعلام الآن هل فكرت في الاستقالة؟
(9/361)
الطاهر بلخوجة: أنا والله كان أقول لك فكرت ومش فكرت مش معناها كان أمور.. أمور خاصة داخلية، فكرنا جماعة وفي الآخر المفيد ما.. ما تجرينا، وهذه الغلطة، لو تجرأنا واستقلنا هذا يكون أساسي، أنا طبعاً أقول بعدين أنا استقلت واستقلت.
أحمد منصور: كان دورك خطير جداً أنك تروِّج لنظام مستبد، نظام مزوِّر.. نظام.. وزير إعلام، وزير إعلام يا معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: عمال تروج، هل كنت على قناعة بما تروج له؟
الطاهر بلخوجة: أروج في أيش أروج؟ أنا في.. في..
أحمد منصور: وكوزير إعلام تروج لنظام.
الطاهر بلخوجة: لا، يا سيدي..
أحمد منصور: بتروج للأحادية وللفردية وللتزوير.
الطاهر بلخوجة: لا، أسأل الصحفيين إذاك كانوا الفترة هذه كان كل يسمونها ربيع الإعلام، لأن ما وقع إذاك وما كان من تصريح، وما كان من تنظيم، وكان من دخول الفضائية الفرنسية، وما كان من دخول معناها فضائية من دخول الجرايد، شيء لا، ولكن كانت لا.. لا.. لا جدوى له، أنا قلت لا جدوى له، وكان معناها تعنُّت ومعناها هو يضرب.. وأنا.. وأنا دخلت معناها إلى المآزق بذلك تعنُّت لأن الجو السياسي كان لا يسمح بالديمقراطية، ولهذا وزير إعلام مهما يعمل ومهما يدير وعملت الكثير، وكانت ليست له أي جدوى يشير بأن الجو السياسي كان يمنع أي معناها تفتح وأي ديمقراطية في البلاد.
علاقة الطاهر بلخوجة مع مزالي
أحمد منصور: كيف كان علاقتك مع مزالي؟
الطاهر بلخوجة: والله أنا علاقتي مع مزالي معناها طيبة مثل ما أول.. من قبل.. وأنا أحترمه هو رجل معناها صادق لا بأس عليه وغير ذلك، ولكن ربما ماكانش عنده تجربة كبيرة في.. في.. في وزراء السيادة ومعناها في المسؤوليات الكبيرة، لأنه كان وزير الصحة ووزير.. ووزير..
أحمد منصور: التربية والتعليم.. نعم.
(9/362)
الطاهر بلخوجة: التربية وغير ذلك كان لابد، ولكن رجل رصين ومحترم، وعنده أفكار وعنده كل شيء، ولكن معناها في.. في.. في بعدك موضوع التعددية، والخلاف الأساسي أنا حاجتي، الحاجة الأولى: أنا أقلها بكل صراحة الحاجة الأولى هو كونه ما كان يدور في القصر كان على الوزير الأول أن يأخذ موقف.
أحمد منصور: كيف وما يدور في القصر؟
الطاهر بلخوجة: كان ما يدور في القصر من متاهات..
أحمد منصور: التي أشرت إليها في الحلقة [القادمة].
الطاهر بلخوجة: التي.. التي تحدثنا فيها كوزير أول، كان يأخذ على عاتقه ويدخل لوزير الدولة ويخلي مسؤوليته أولاً.
أحمد منصور: بدأت الآن نساء يدرن القصر من على سرير الرئيس.
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا.. لا، هذه الحاجة الأولى لأن هو المسؤول الأول بعد الرئيس.
الحاجة الثانية: هو كونه بالنسبة بعد.. بعد عامين أو ثلاثة أو معناها يكون أخرج عديد من.. من المسؤولين الصحاح القوميين الذي جاءوا لمساعدته، معناها أخرج منصور معلَّى وزير اقتصاد، معناها من الوزراء القدامى، الصحاح مالياً ومادياً، خرجت أنا من الأعلى، خرجت أنا من الإعلام خرج بعد تاني معناها عزوز الأصرم، خرجوا عديد من الوزراء.
أحمد منصور: بدأ صراع بين بورقيبة ووزرائه.
الطاهر بلخوجة: لأ، أبداً.. أبداً.
أحمد منصور: بين.. بين مزالي.. مزالي ووزرائه.
(9/363)
الطاهر بلخوجة: لأ.. فيه.. فيش صراع ما بينا، الصراع اللي صار ما بيني وبين مزالي هذا.. هذا غير في مجلس وزراء، جاء مزالي جاء في مجلس الوزراء، ومعناها جاء منصور معلى وقال أنا.. أنا ممكن أحكي حقيقة الأمور، جاء منصور معلى وقال يا سيدي أنا كنت بعد رئيس يومين قبل وأقنعت الرئيس بأن نلغي بعض المشاريع الاقتصادية، لأننا ليست لنا من المال الكافي فقال وقتها قال مزالي إذاك أن كونه لأ، مشاريع.. مشاريع الرئيس بورقيبة مقدسة معناها أقول بالحرف مقدسة، وأنا سأجد، قلت أنا وقت اللي قلت أنا قلت مش معقول إذا كان يا سيدي اتفق وزير المالية ووزير ورئيس الدولة على أيش؟ ثم انقلبت أمور، وتبين أن كونه، وفي نوع ما.. ووراء كل ذلك ثمة خوف من الخلافة وربما طاهر بلخوجة معناها كذا عندهم مطية معناها للخلافة ومنصور معلَّى وعديد من الأمور تلخبطت في رأسي لسوء الحظ معناها الوزير أو وكان أن.. أن انتقل إلى رئيس الدولة وطلب بأن يُعفى، وأعفاه.. أعفانا رئيس الدولة واقتبلنا بعد يوم وقال لنا طيب أنتم ما.. مش..
أحمد منصور: في 18 يونيو 83 أُعفيت من الوزارة وزارة الإعلام.
الطاهر بلخوجة: صحيح هذا، أعفيت هكذا.. أُعفيت هكذا.
أحمد منصور: وكان هذا آخر منصب رسمي توليته.
الطاهر بلخوجة: لأ، قعدت معناها وزير قعدت في مجلس الأمة.
أحمد منصور: ليس منصب رسمي منصب شعبي.
الطاهر بلخوجة: أيوه، ماهوش منصب.. ماهوش منصب حكومي.
أحمد منصور: تقييمك أيه لفترة وجودك في وزارة الإعلام من 81 لـ 83 في حكومة مزالي؟
الطاهر بلخوجة: والله معناها فترة من 81 إلى.. إلى 83 كانت ثمة آمال وطُمست، آمال بيش ندخل تعددية، آمال بيش نغير أوضاع، أمال كذا.
أحمد منصور: دايماً.. دايماً بتخرج من السلطة قبل مذبحة أو مجزرة يتعرض لها الشعب.
(9/364)
الطاهر بلخوجة: والحمد لله والحمد لله، ولو لم أخرج.. أنا أقول لك بصراحة، والحمد لله إن أنا خرجت عام 83، وفضلاً عليَّ مزالي كبير في هذا، لأن لو لم أخرج عام 83 لجاءت مسألة الخبز، ولو كنت ضد معناها الزيادة في الخبز، ولو صار مثل ما صار لجيجا ودخلت السجن.
اندلاع ثورة الخبز وسقوط حكومة مزالي
أحمد منصور: اندلعت ثورة الخبز في 27 ديسمبر 83، واستمرت إلى 6 يناير 84، حيث وقعت مذبحة كبيرة أيضاً للشعب التونسي من أجل الخبز.. لقمة العيش.
الطاهر بلخوجة: صحيح صحيح، وأنا نظمت.. وأنا كنت نظمت أي نعم، سيدي، وأنا نظمت.. أنا كوزير إعلام نظمت الجبات معناها معناها الحديث التلفزي حول الزيادة في الخبز، وكان مزالي قال لي حاضر آنذاك واتفقوا كما قال مزالي صحيح، مثلما قاله في.. في هيك.. في (الجزيرة).
أحمد منصور: في (شاهد على العصر).
ماهر بلخوجة: في (شاهد على العصر) قال لك هو معناها هو تدخل لعدم زيادة في الخبز وكذا، وكان منصور معلى، لم يكن له قرار في زيادة الخبز، وقال أن صندوق الدعم وصل إلى درجة أن كله رجل أن.. نقع.. أن نقع..
أحمد منصور: الآن التجربة الاشتراكية في الستينات جرت على الشعب التونسي الويلات، حكم بورقيبة الذي استمر من الاستقلال إلى العام 87، والشعب يشكو الفقر، مشرد في أنحاء الدنيا، وضعه الاقتصادي سيئ.
الطاهر بلخوجة: والله.
أحمد منصور: ثورة خبز الناس تقتل فيها.. ثورة ثانية الناس تنتفض عشان لقمة الخبز ويطلق عليها الرصاص بشكل مباشر، حقوق إنسان مدمرة في البلاد، الإنسان ويستطيع أن يحصل على جواز سفره، واستمر وبورقيبة.. أزيل.. سقط محمد مزالي بعد ذلك في العالم.. 86.. 85
الطاهر بلخوجة: 86
(9/365)
أحمد منصور: 86، انتهى مزالي في الوقت الذي كان يهيأ فيه أن يخلف بورقيبة، وجاءته إشارات من عدة دول حتى يهيئ الانقلاب، أو لم يكن يفكر فيه كما ذكر هو في شهادته، جيء بعد ذلك برئيس وزراء هو رشيد سفر خلف مزالي عام 86، ثم جاء بزين العابدين بن علي وزيراً، وقام بانقلابه على.. انقلاب غير دموي غير.. لأنه كان وزير للداخلية واستطاع أن يسيطر على الحكم في 7 أبريل 1987.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، أولاً الساعة سعى.. ثار في هذا أمور معناها.. كلها أمور لازم نحكي فيها لأن عيشتها فإن المرور عليها يجب أن يكون فيها راوي، لكن ما نجيش نحكم عليها، الحاجة الأولى أن كونه.. حكم.. حكم سيادتك معناها مش حكم معناها القيام..
أحمد منصور: الخلاصة.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا خليني أكمل عايشك خليني أكمل، الخلاصة على أن العهد البورقيبي كله هو قتل، وكله كذا وكله كذا، مش صحيح، العهد البورقيبي.
أحمد منصور: إحنا قدامنا نتائج.
الطاهر بلخوجة: العهد البورقيبي.
أحمد منصور: يعني كان فيه ديمقراطية وانتعاش وحقوق الإنسان والناس عايشة في ازدهار وناس كذا، الناس بتاكل تراب.
الطاهر بلخوجة: خليني أكمل.. خليني أكمل.. خليني أكمل.. خليني أكمل عايشك، خليني أكمل، العهد البورقيبي في مدة نصف قرن معناها جعل تونس ما هي عليه الآن، والآن.. والآن مازلنا نعيش على رصيد ذلك العهد البورقيبي، وقال.
أحمد منصور: أي رصيد.
الطاهر بلخوجة: رصيد فيه الرجال فيه النساء في الثقافة في التعليم في كذا في بلاد معناها محترمة، ما رصيد قبل كده.
أحمد منصور: أي رصيد والناس خرجت في عام 84 تنتفض على لقمة الخبز.. على الفقر الذي تعيش فيه، الخزينة كانت خاوية.
(9/366)
الطاهر بلخوجة: لا خليني أجاوبك.. لا خليني أكمل يا سيدي عايش، ولكن عندك حق في حاجة، أن كونه في الـ 40 سنة ما طورناش الحكم، والحكم كان حكم فردي وبورقيبة من الأخطاء ربما ما حذرش بعد ما بعد بورقبية، وإن معناها الشيء الذي نستخلصه أن عليهم للأسف لما تطور الحكم إذاك، وشال ولا كونه من الحقيقة المتأكدة أن كانت منذ 86 أو 87 بعد التغيير أن تتغير الأوضاع وبسرعة فائقة، والسؤال هل تغيرت الأوضاع أم لا؟ هذا السؤال.. لكن...
الديمقراطية في الدول العربية
أحمد منصور: سأسألك عن هذا الموضوع بعد ذلك، ولكن بصفتك عملت مدير للأمن.. عملت وزير للداخلية.. شاهدت حوادث كثيرة بالنسبة لفترة حكمك.
الطاهر بلخوجة: أي نعم سيدي، صحيح كل الحوادث تقريباً.
أحمد منصور: نعم، فيه هناك أيضاً كثيرة كانت بترتكب وكان يظن القائمون عليها أنها لن تكشف إلى الناس يوما ما،لم يكن يتوقع أنه ستكون هناك شفافية إعلامية تناقش فيها الأمور بمثل هذا الوضع، ويذكر أسماء الناس الذين قاموا بالحوادث وقاموا بالقتل وقاموا بتعذيب الناس وقاموا باضطهاد الناس بالشكل الذي تذكر فيه الآن، ويشاهدها ملايين الناس من هنا وهناك، ماذا تقول لوزراء الداخلية الذين في السلطة الآن؟
(9/367)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي أقول وزراء الداخلية عندهم من غير شك مسؤولية شخصية، ما فيش شك، و لازم أن يكون وزير للداخلية معناها عنده صحيح وعنده مستواه وعنده معناها شرعية وعنده رأي بيش يؤثر على رئيس الدولية ويؤثر على المجموعة، و لكن الأساس هو الجو العام، وزير الداخلية من هنا حتى شيء، ما يقوم إذا كان الجو العام موجود.. يمكنه من الارتقاء والتطور التطوير الجيد، كما قلت لك أنا نفس الشيء في الإعلام كما قلت، كان الإعلام وقوة بورقيبة كان عنده ولكن كان الجو العام مش موجود، ولهذا الأساس أن كون النظام العام في البلاد يجب أن يتطور في جميع هياكله، وأن نقر بأننا.. أن.. أن الشيء حتمي، و أن معناها نحن يا سيدي.. نحن في آخر القافلة، في آخر القافلة يجب أن نلتحق بالقافلة قبل.. وقبل الدول المتقدمة كتونس أم الجزائر أم المغرب أم عديد من البلدان العربية في آخر القافلة رغم إمكاناتنا ورجالاتنا ورغم همومنا ورغم أيش...
أحمد منصور: أنتم السبب.. أنتم السبب.
الطاهر بلخوجة: إحنا لا.. لا.
أحمد منصور: الذين حكموا طوال المدة الماضية، والناس الآن تتجرع نتيجة حكمكم.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا يا سيدي، على أساس أن كون القرن الماضي كان كذا كذا، والآن حكام الآن، حكام.. حكام البلاد والآن ورجالات البلاد الآن، طوروا البلاد.
أحمد منصور: على نهجكم يسيرون.
الطاهرة بلخوجة: لا.. لا، وعلى إيش يسير ها الرجال.. ما هوش.. ما هوش.
أحمد منصور: نهج الحزب الواحد والديكتاتورية وكل الأشياء التي قمتم بها.
الطاهر بلخوجة: ولماذا.. ومن منعهم من تغيير ذلك؟
أحمد منصور: أنتم ما غيرتوش.
الطاهر بلخوجة: وعلى أيش هم ما غيروش؟
أحمد منصور: هم يحبوا أن يمشوا على نفس المنهج.
(9/368)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي، لا يا سيدي، أنا بأغير الناس، وللأسف وإحنا مخطئين وأنتم.. وأنتم يا سائر الحكام عليكم تغيروا، أنتم ما عندكم مسؤولية، لأن كان وقتها في الخمسينات والستينات كان وضعها خطير، كنا نعيش الحزب الواحد ولكن.
أحمد منصور: يعيشون في رعب.
الطاهر بلخوجة: لا أبداً، أبدا، يا سيدي عايشك، انظر إلى المستقبل.
أحمد منصور: الشعوب العربية بتعتقد إن هي الآن يعني واخدة حقوقها.. الشعوب.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا هي.. هي واخدة حقوقها، هي تفتك حقوقها، وتفتك حقوقها وتغير.
أحمد منصور: تنتزعها يعني.
للطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، أنا معناها عندي.. أنا معناها بالنسبة للطريق.. لطريقة الحكم علشان تعرف أنت، أولاً، سامحني عايشك.
أحمد منصور:لا لا اتفضل خذ راحتك.
الطاهر بلخوجة: أيام الكفاح كنا.. كان لنا مبدأ أساسي وكنا نقوله معناها بيت شعري وكان.. وأصبح ذلك البيت الشعري في النشيد الرسمي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.
لكلام الشابي شعر الشابي.
أحمد منصور: نعم، حفظناها ونحن صغار.
الطاهر بلخوجة: الصورة.. الصورة حتى سبب استقلال بهذا الكلام ولكن لم يطبق بعد، وهذا أساس، قال إذا الشعب أراد الحياة لابد أن، حاجة ثانية وقت الحكم.. وقت الحكم استعمل بورقيبة كلام (ابن خلدون):
العصبة مصدر السلطة والجاة ميزة الزعيم، وميزة الزعيم، هذا إيش قاله، وهذا.. هذا أنا أجعل كون الحكم فردي وكنا عايشين نوعاً ما على عصر ابن خلدون وغيهر وفي.. وللإصلاح كنا معناها كان شيء يقوله و يكرره بورقيبة: "لا يغير الله بقوم.. بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، ولهذا كلنا مسؤولين، شعبا وحكومة ومعارضة وحكماً حتى نغير أوضاعنا ونغير..
أحمد منصور: دا لما الشعب يبقى له وأي.
الطاهر بلخوجة: لا.. لازم يتفق أن كونه.
أحمد منصور: لما الشعب يبقى له رأي وبيحترم رأيه.
(9/369)
الطاهر بلخوجة: طيب، لازم نأخذ طيب إحنا.. إحنا إذا كان الاحترام.
أحمد منصور: لكن الشعب يأكل بالكرباج وينضرب في الشوارع بالرصاص ويمنع الناس من جوازات السفر، و يلقى الناس في السجون.
الطاهر بلخوجة: إذا كان.. يجب التنديد بهم، باتفق معاك، التو، في العصر الفضائي الهائل في الوقت الحالي، يجب التنديد بكل ذلك وبقسوة كاملة لازم تكون شجاعة من الرجال والصحفيين ومن (...) السياسية لقول كلمة الحق، لأنه هناك لابد.. لا يمكن أن نواصل على هذا الطريقة في تونس أو في لجزائر أو في المنطقة العربية، يجب أن تتغير الأوضاع، لازم أن يكون حكمنا على أساس الوفاق، الوفاق والتركيز على أساس وفاق بين أعضاء التركيبة السياسية، والتركيبة السياسية تقوم بدور بعد ما علمنا الناس وأصبحت الناس في هذا المستوى، أفجرنا خيراتنا وغير ذلك، يجب على الأقل نتفق على.. على أساس الحكم.. على أساس الحكم أن ونعطي.. وأن لا تتغلب فئة على كل الفئات الأخرى وتقر، هذا كله لازم نقوله وننادي فيه ولا مفر من ذلك، (...) لا مفر من ذلك لأنه يا سيدي حتى الدول التي تساعدنا والتي تعيننا والمجهر الموجود بطرف الدول يفرض علينا ويطالبنا بالديمقراطية و..
أحمد منصور: الديمقراطية بشكل شكلي، كل هم الدول التي تقف وبورقيبة يبدو أنه ألتفت إلى أن الولاء للغرب هو منقذه الأساسي بشكل مؤثر..
الطاهر بلخوجة: الخمسينات.. خمسينات وأربعينات.
أحمد منصور: من.. من الأربعينات وهو رتب أموره مع أميركا ومع فرنسا، ولكن الآن الدول الأخرى رتبت أمورها بشكل متأخر.
الطاهر بلخوجة: بلا شك يا سيدي، يا سيدي ما فيش دولة ما فيهاش، الاستقلال المطلق ما عادش موجود، ثمَّ معناها ارتباط مالي وارتباط اقتصادي وارتباط عسكري وارتباط فضائي وارتباط الدنيا وما فيها، لازم أنت تعرف هل في الشبكة هذا، كيف أن تدخل وكيف أن تخرج.
(9/370)
أحمد منصور: الدول الغربية بقى.. الدول الغربية لو أدركت أن الشعوب سوف تقرر مصيرها وسوف لن لم ترضى عن هذه الاتفاقات والتدخلات بالشكل اللي هي قائمة عليها الآن لأنها تعني التبعية وليس الاستقلال المطلق، ربما يكون لها شكل آخر، ولذلك فإن الحكومات الغربية تدعم حلفاءها الموجودين الذين يحكمون، بغض النظر عن إنهم يعلموا ديمقراطية، يقتلوا الناس هذه ليست مشكلة.
الطاهر بلخوجة: عندها مصالح، هي مصالح لا.. لا.. لا، أنا أعطيك المثال، لها مصالح، أنا أعطيك مثال، مثل.. إحنا عملنا اتفاق شراكة مع أوروبا، وممضي عليه المغرب وسيمضي عليه الجزائر، في اتفاق الشراكة بيقول لك في البند الثاني يقول أن تونس والجزائر والمغرب يجب أن يتجهوا إلى دمقرطة النظام.
أحمد منصور: ما اتجهوا.
الطاهر بلخوجة: لا.. وفي لجنة يا سيدي.
أحمد منصور: على طريقة النظام.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا يا سيدي.
أحمد منصور: على طريقة الـ 99.99
الطاهر بلخوجة: لا.. لا يا سيدي، لا يا سيدي، مش يجبهم هذا.. من مشكلتنا، إذا إحنا نعمل 99 وهم ما مش. وهنالك لجنة في أوروبا في بروكسل تجتمع كل ستة أشهر وتسمع تقارير وتقرأ ما يكتب لها وما يرسل لها وتقول هذه.. تلك البلاد.. وتعمل بيان.
أحمد منصور: هل هناك أي توجه حقيقي للديمقراطية في هذه الدول؟
(9/371)
الطاهر بلخوجة: لا.. يجب أن نوجهه نحن، هو من المستحسن أن لا يفرض علينا، وأن نسعى إليه بوحدنا، وممكن أن نسعى إليه وحدنا، بلاش هنا الفرق، شو.. شو المشكلة بيش إحنا نعمل وفاق، شو المشكلة بيش يكون أغلبية وتكون أقليات على حق في الكلام وعلى حق في الرأي، وأن نبتعد عن السخافات وعن نسجن أي كان، ومعناها.. ونسمع على الأقل الرأي المخالف، شو المشكل؟ ليش التخوف هذا والانكماش.. والانكماش والتخوف عن أن ربما.. ربما تتزحزح، لكن هو مش معقول، لكن على أساس لازم يكون عنده شفافية، ولازم تحترم الناس، وما يكونش فيه رشوة.. ولا يكونش مشاكل وغير ذلك وهذا كله كنت موجود، وهذا معناها حببنا أو كرهنا أن ترانا ولو خسرنا بعض السنوات إحنا ماشيين إلى هذا، ماشيين إلى هذا، ومن يشاء في ذلك في هذا الطريق فيبقى في الحكم، وإلا سوف تزيله الأحداث، أنا بالحق أقول، وفي أقرب الأوقات وفي أقرب مما يفكر عديد من الناس في دول المغرب العربي ولا في الدول العربية، ولا في غير الدول المتخلفة.
أحمد منصور: لكن هل سيتخلى هؤلاء عن القمع؟
الطاهر بلخوجة: لا.. ما يفيد، لأ.. لا يا سيدي ذلك القمع وتقوليش فين هو لذا أود.. لأ، مش يتعب الشعب، ويمحوا وقته بعدين يحاسب، يا سيدي شوف المحاسبة، اللي صارت في (موبوتو)، شوف المحاسبة اللي صارت معناها.. لأيش اسمه؟ لـ.. بتاع الأرجنتين، وشوف المحاسبة اللي صارت في تونس، شوف المحاسبة مع.. مع.. المحاسبة
أحمد منصور: المحاسبات التي ستفتح الآن في إسبانيا وفي بلجيكا وفي هذه الدول التي أصبحت قوانينها تتيح محاكمة كل من قام بارتكاب جرائم.
(9/372)
الطاهر بلخوجة: هي.. والحمد لله.. والحمد لله.. والحمد لله الذي ذلك على الأقل، كيف إحنا ما لناش.. ما لناش نحاكموا بعضنا بعض، خلي يحاكمنا الغير، ونستاهل في ذلك، هذا الأصل، معناها ما فيش شيء لأن الإنسان في هذه الدنيا ما عادش يلاشي اللي عم يحبوه، ما عادش في رقعة صغيرة، ثمَّ مجهر عليه، والإنسان عنده حق في الحياة، وعنده حق في.. في الشفافية، وعنده حق في الحياة الراقية، ويجب أن نحترمه، هذا أساس، وحتى باحترامه ما يؤثر بكل، يا سيدي أنت عندك العقم وعندك كل شيء، شو إيه المشكل مش.. الناس هدول معناها ما يكونوش.. الحالة دي.
نهاية حكم بورقيبة وإزاحته عن السلطة
أحمد منصور: كأحد رجالات بورقيبة القريبين منه والمشاركين في صناعة عهده وفي صناعة عهده وفي صناعة تاريخه، ما رأيك في الطريقة التي أُزيح بها بورقيبة عن السلطة؟ وفي نهايته من الحكم؟
(9/373)
الطاهر بلخوجة: والله يا سيدي شوف إذا إيش الحكم معناها في هذا الموضوع خلي معناها تغيير الحكم في التاريخ مش نحكم أنا، على كلٍ، معناها بورقيبة وصل إلى درجة كما قلنا حقه من قبل خرج من الحكم، حقه ولو كان معناها عنده ما.. ما.. ما صُوت له معناها وانتخبناه مدى الحياة، هذا صحيح، وتغيير الحكم الأساسي.. الحاجة.. الحاجة الطيبة أن كونه.. أنا.. أنا نحكيش على.. على بورقيبة وعن ما جاء بعده وغير ذلك، أحكي على أن كون الشعب التونسي كان.. كان يمكن أن يدخل في انتفاضات كبيرة، لأن تغيير حكم دام 50 سنة صعب، غاية في الوقت، وخاصة إنه كان.. إذا لم يتطور، ولم تتطور هذه وغالب في الوقت، شوف ما وقع في فيتنام، إيش وقع في.. في جهات أخرى في.. في أفريقيا في مدغشقر، إلى غير ذلك، إذا كان لم تهيأ له الخلافة، وتهيأ له الدوام معناها يقع في.. يدخل في مسار (……)، والحمد لله اللي ما ندخلناش في دماء وفي غير ذلك وهادول، وأن الأساس والآن، وهذه.. هذه نقطة تاريخية..، الأساس هو كونه.. هو التغيير هذا يجيب شيء جديداً له، هذا ما الناس مش تحبه في تونس، بحبوا أن كونته يا سيدي هذا.. هناك تاريخ، يحبوا يسمعوا عليه، ويحبوا ينصتوا لي أنا في (الجزيرة) ويحبوا يعرفوا إيش (……) وما عادوش يخاف كامل من الشعب، ويمكن بيش كانوا.. بيش كان البلاد هذه وأيش هي تاريخ بورقيبة، ويريدون أكثر من كل ذلك بأن يكون الحكام في الوقت الحاضر في المستوى.. في المستوى المطلوب، نقارن البلدان راقية مش نقارن نفسنا بزيمبابوي، نقارن نفسنا بإفريقيا، وأقول أن.. يعني أنا والله.. إحنا والله خير من اللي في إفريقيا إحنا والله خير من الجزائر واللي فيها كانوا قاتل ومقتول، ليه مش صحيح، نقارن.. نقارن بالبلدان.. بالبلدان الكبيرة ولهذا معناه لازم تعيش حياةً.. حياةً.. حياة القرن الواحد وعشرين، هذا الأساس، ما في ذلك..
(9/374)
أحمد منصور: كيف كانت حياة بورقيبة منذ إزاحته من السلطة في 87 إلى وفاته في فبراير.
الطاهر بلخوجة: والـ87.. اللي صحيح إنها..
أحمد منصور: وكنت مطلعاً عليها من خلال علاقتك بوسيلة.
الطاهر بلخوجة: لا أكثر من خلال كل.. كل الناس يعرفوا، كل الناس هنا كانوا معناها، كان معناها في.. في (البستيل) بلد في بلده في.. في ، وكان معناها في.. في ضعف في منزل الوالي، وربما كان من المستحسن أن يكمل حياته في قصره في البستيل، قعد في القصر الفارغ في بستيل إلى مات.. إلى أن مات
أحمد منصور: يعني برغبته هو؟
الطاهر بلخوجة: لأ مش برغبته.
أحمد منصور: أُجبر على أن يعيش هذه الحالة
الطاهر بلخوجة: لأ مش أُجبر، معناه كان في منزل في المنزل، وهذا رأيي، رأيي وأقوله بصراحة، ما فيش مشكلة، لهذا كان بودي.. وكنت.. أن يكون رئيس الدولة، هو كان أُزيح أي يعيش في قصر صغير بتاعه في بستيل.
أحمد منصور: كيف كانت حياته في أيامه الأخيرة؟
الطاهر بلخوجة: لا والله حياته كان محترم.. كان محترم، وعنده الأطباء بتاعه، وعنده الناس بتاعه، وعنده الفلوس بتاعه، وعنده الشهرية بتاعه، وعنده الأمن بتاعه ما فيش مشكلة، هذا وما عندوش حرية فقط، ما عندوش حرية بالطريقة..
أحمد منصور: يعني كان معتقل الرئيس؟
الطاهر بلخوجة: لا مش معتقل، لما كان في.. في المدينة مثل..، وكانش هو مريض هنا أيضاً، وكانت عنده مشاكل..
أحمد منصور: كان رهن الإقامة الجبرية في بيت الوالي
الطاهر بلخوجة: لا رهن إقامة جبرية، على كل حال كان مقيم بصفةٍ.. خلي الناس تحكم على ذلك.
أحمد منصور: كيف كان رضاه عن هذا الوضع الذي كان يعيشه؟
(9/375)
الطاهر بلخوجة: كان هو.. هو والله شخصياً معناها من غير شك.. من غير شك ماهوش في الحال أن كونه (……) وما كانش مريض ولا مجنون أو مهبول، كان واعي بأموره كلها، هذا لا شك فيه، وإلى غير ذلك، ولكن شاءت الأمور أن كونه أزيح عن.. أزيح عن الحكم، وكمل معناها 12 سنة أو 15 سنة حتى.. حتى أن جاء ربي معناها و..
أحمد منصور: توفي في فبراير 2000.
الطاهر بلخوجة: 2000 أي نعم يا سيدي
أحمد منصور: كيف كانت نهايته؟
الطاهر بلخوجة: والله توفي.. توفي بعد المرض، كان وصل لـ100 سنة يا سيدي.
أحمد منصور: نعم.
الطاهر بلخوجة: يا سيدي مولود عام 1900، وعاش إلى.. إلى سنة 2000، كيف.. كيف..؟
تقييم فترة حكم بورقيبة
أحمد منصور: ما تقييمك لفترة حكم بورقيبة؟
الطاهر بلخوجة: والله فترة فيها وعليها، ولكن فيها أكثر من عليها.
أحمد منصور: قل لي باختصار مالها وما عليها
الطاهر بلخوجة: والله فيها.. فيها.. فيها أن كونه معناها جمع شعباً كان مشتت بين قبائل وبين كذا، وبين معناها، وبين كيف قال هو.. هو ربما أفرط في.. في حكمه قال أنا.. قيل معناها سراب، صحيح، كنا قبائل مشتتين، كان الحكم الفرنسي أزاحه بأقل التكاليف، وأزاحه بأقل معناها بأقل معناها مشاكل وهو.. وربحنا المعركة معركة الاستقلال، معناها كانت له رؤية سديدة في عديدة من.. في عديد من الأمور، كان كيان تونسي وحداثة لتونس معناها و.. وربما معناها في.. في تقييمه مثلاً لليساريين، أو تقييمه للإسلاميين، أو تقسيمه لكذا، معنى ربما كان ثم شوية خطأ على أساس ما قيل له.. مش على أساس هو بنفسه، لأنه هو مع نفسه معناه.. وكان دوافع حكمه ما يخاف من هذا ولا من ذاك، ولكن.. والشيء اللي أُتيح الذي عليه هو أن كان وكنا معه لم نفكر أبداً أننا.. أن بورقيبة سيذهب، ولم نعد العدة.. ولم يعد..
أحمد منصور: أو أنكم أيضاً ستذهبون، ستؤبدون معه في السلطة
(9/376)
الطاهر بلخوجة: صحيح، ولم.. ولم نعد العدة لذلك، ولم يعد العدة لذلك، وعد العدة التي عدت وزالت بيه، معناها تحويل الدستور عام 76 وبخلافة آلية ضد الشعب كله وذاك، وأكثر من الخلافة الآلية في شعبه كان الهياكل.. الهياكل كانت يجب أن تتحول سيدي.. كان يجب أن نفصل ما بين الحزب والدولة في وقت بورقيبة، وأن يكون رئيس الدولة رئيس الدولة.. لكل التونسيين، ولا رئيس دولة ورئيس حزب كما كان وقت بورقيبة وكما هو الآن، أبداً، حتى نفرق بين الحزب والدولة يكون الدولة معناها شيء، عندها أمنها، أمن الدولة، أمن الوطن، الدولة فوق كل شيء، وكل الأحزاب وكل الأخرى، هذا كله ما عملناهوش، ولسوء الحظ معناها وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وأنا آمل.. آمل. آمل كل الأمل وأنا في حكم.. أن تتغير الأمور في أقرب الأوقات، ويجب أن تتغير حتمياً في أقرب الأوقات، ونكون معناها كالبلدان المتقدمة (…) أن نكون مالها في هذا الموضوع.
أحمد منصور: هل أنت راضٍ عن دورك الذي لعبته في الحياة السياسية أم تعتبر أن هناك هفوات وأخطاء أنت..؟
الطاهر بلخوجة: فيه.. في هفوات وأخطاء، لا..
أحمد منصور: تقييمك إيه للدور الذي لعبته؟
الطاهر بلخوجة: في راضي وغير راضي لا، غير ولا غير راضي، راضي أني كنت مع بورقيبة وعملت واجتهدت في ذلك وكذا، وغير راضي أن ربما أخطأت في بعض معناها التقادير وغير ذلك، وخلاص معناها ثمن غالي بعديد.. في عديد من الأوقات، ولكن كنت كما يقول هو كنت شوية معناها مقدام.. مقدام، وكنت والحمد لله هاج بي أن أكون سعيد لأني عشت 30 سنة سياسة، مش كله يعيش 40 سنة سياسة ولو كان معناها في.. ضنك وفي أمور، كنت أعيش 40 سنة سياسية، بآلامها وبمسائيها.. مآسيها، وبأحزانها، وبفرحها والحمد لله.
أحمد منصور: ما رؤيتك للمستقبل في نهاية هذه الشهادة المطولة على عصر بورقيبة ووسيلة؟
(9/377)
الطاهر بلخوجة: أنا رؤيتي هذه الشهادة أنا.. لأ أن يكون أنا لي فكر معناها أفكر به، وأتحدث به، وأقول ما يجب.. ما يمكن أن أقول بكل صراحة، بكل شفافية، وأن أكون محترماً، وأن.. أن.. أن أكمل حياتي محترماً، وهذه.. وهذه الأمور.. أمور أنا علمت في حياتي كثيراً، الأدبيات كنت دائماً نسعى أن أعرف ما هي أدبياتي، ما هو احترام الناس لي، هذا الأساس، وقتها تشحن، من غير شك عندك أعداء وعندك ناس ضدك، وعند ما معقول، وإما أن يدخل السياسي اسمه يعرف يقول أنا عندي أعداء، ويقول عندي.. بأقول لك على الأقل الأغلبية معناها على الأقل معناها.. كما سي.. سي أحمد.. سي أحمد منصور، يا سيدي أنت معناها رغم مكانة الكبير…
أحمد منصور: أشكرك معالي الوزير
الطاهر بلخوجة: لو تسمع.. تسمع الناس وهي بتتحدث عنك في تونس وغير تونس
أحمد منصور: أشكرك معالي الوزير، أنا أقوم بواجبي.
الطاهر بلخوجة: لا، وهذا كان.. هذا كان رصيدي الأساسي
أحمد منصور: أنا أخدم الناس، عملي وشغلي هو أن أخدم المشاهد العربي في كل مكان.
الطاهر بلخوجة: رصيد.. وبتلعب كرصيد كيف هذا كيف هذا عند التونسيين وعند غير التونسيين العرب بأنك في المستوى تقوم معنا في خدمة العرب، وتكسر المحرومات وتكسر المحظورات، وتسعى لإنارة السبيل، بارك الله فيك، وإن شاء الله- كثيرين منك.
أحمد منصور: أشكرك معالي الوزير، أشكرك على سعة صدرك، وعلى تحملك لي طوال الأيام الماضية.
الطاهر بلخوجة: أشكرك.. لا.. لا
أحمد منصور: أرهقتك معي طوال الأيام الماضية.
الطاهر بلخوجة: شكراً، والله لم ترهقني، والله كنت سعيد.. سعيد لأني معناها مكنتني من أن.. بأن أقول كثير من الأمور، وأن معنى.. أعيش مرة ثانية حياة سياسية.
أحمد منصور: دائماً في السياسة إن شاء الله.
الطاهر بلخوجة: شكراً، يعيشك، بارك الله فيك.
أحمد منصور: شكراً جزيلاً لك.
الطاهر بلخوجة: بارك الله فيك.
(9/378)
أحمد منصور: مع كامل الشكر والتقدير.
الطاهر بلخوجة: يعيشك.. يعيشك
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهدٍ جديد على العصر، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/379)
ردود الفعل على الشهادة(9/380)
الأحد 25/5/1423هـ الموافق 4/8/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 11:33(مكة المكرمة)،08:33(غرينيتش)
ردود الفعل على شهادة الطاهر بلخوجة
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الطاهر بلخوجة: وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق
تاريخ الحلقة
31/07/2002
- العلاقة بين بورقيبة والإسلاميين
- بورقيبة وإلغاء العمل بالشريعة الإسلامية
- النظام الأمني في تونس وانعكاسه على أوضاع الشعب التونسي
- غموض تاريخ عهد بورقيبة وأسباب عدم تدوينه
- بورقيبة بين طبيعة الديكتاتورية وتأثير الإطار السياسي عليه
الطاهر بلخوجة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود).
سيظل عصر الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة عصراً مثيراً للجدل، ليس في تونس أو المغرب العربي وحده وإنما في الأمة العربية كلها، فالرجل الذي حكم تونس بين عامي 57 و87 صنع نظاماً للحكم لم يختلف الكثيرون على أنه كان نظاماً ديكتاتورياً مستبداً شأنه شأن الكثير من أنظمة الحكم التي عاصرته، وقد عاش بورقيبة قرناً كاملاً من الزمان هو القرن العشرون، حيث وُلد عام 1900 وتوفي عام 2000 وجمع الكثير من الألقاب مثل: المجاهد الأكبر، والزعيم، والرئيس الأبدي، وصانع الأمة، ولذلك فإن القرن العشرين بالنسبة للتونسيين وتاريخ بلادهم سيظل هو قرن الحبيب بورقيبة.
وقد تابعتم مشاهدينا الكرام على مدى الأسابيع العشرة الماضية شهادة وزير الداخلية والإعلام التونسي الأسبق الطاهر بلخوجة في برنامج (شاهدٍ على العصر).
شاهدٌ على العصر.. على عصر الحبيب بورقيبة، حيث كان الرجل.. حيث كان الرجل هو أحد المقربين من بورقيبة والذين عايشوا عهده وشاركوا في صناعة القرار في مراحل مختلفة منه.
(9/381)
وفي هذه الحلقة من برنامج (بلا حدود) نتلقى ردود الأفعال وآراء السياسيين والمثقفين والمشاهدين في شهادة بلخوجة على عصر الحبيب بورقيبة، ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على الهواتف ورقم الفاكس الذي سيظهر تباعاً على الشاشة أو عبر موقعنا على شبكة الإنترنت:
http://www.aljazeera.net/
معالي الوزير، مرحباً بيك.
الطاهر بلخوجة: أهلاً وسهلاً مرحباً سعيد باللقاء مرة ثانية.
أحمد منصور: أمتعت المشاهدين طوال الأسابيع العشرة الماضية.
الطاهر بلخوجة: وأنتم أيضاً، كنت في تونس بالأمس وأحب أنقل لك تقدير إخوانك في تونس.
أحمد منصور: شكراً معالي الوزير، من خلال مشاهدتك أنت لشهادتك على العصر، هل هناك إضافات أو تقييم في البداية قبل أن نبدأ في تلقي ردود الأفعال يمكن أن تتحدث عنها؟
الطاهر بلخوجة: والله أنا ألتقي بالنسبة للكلمة أنا قلتها إن القرن العشرين بالنسبة للتونسيين هو قرن الرئيس بورقيبة وأظن لا بالنسبة للتونسيين فقط، بالنسبة للعديد من المواطنين، أكانوا مواطنين في الدول العربية أو غيرها، تحدثنا عشرة ساعات تقريباً ولم نتحدث على كل شيء، لأن الحقيقة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وقضينا عاماً نعد لها.
الطاهر بلخوجة: وقضينا عاماً نعد لها وبارك الله فيك، وكنا إحنا الحقيقة سمعناك وعرفنا أنك مطلع على كل شيء.
أحمد منصور: شكراً معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: وتعرف معناها تاريخ تونس وتحب تونس، ورغم أن سؤالاتك شديدة، ولأن (الجزيرة) الرأي والرأي الآخر، ثم من المستحسن أن.. أن قلت ما سمعت وما قرأت وكان لي أن أصحح بعض الأراجيف وغير ذلك، وهذا.. هذه.. هذا.. هذا أصل المهنة، بارك الله فيك في ذلك، لأن البشر ما بيفهموش الأمور هذه، وبما أنا كوزير إعلام شوية أعرف الشيء هذا وأنا أكبر فيكم وفي الإخوان في (الجزيرة) هذه الميزة، يا سيدي..
أحمد منصور: شهادة نعتز بها ونشكرك عليها.
(9/382)
الطاهر بلخوجة: يا سيدي بالنسبة.. بالنسبة لـ.. لبورقيبة فينا أن نعتز به كل العرب أنه.. أنه اصطف بنا عمالقة.. عمالقة.. عمالقة القرن العشرين، وأنا نعرف أن رؤساء الدول إما يكونوا في مستوى معين كبير وتكون لهم معناها صيت وتاريخ وغير ذلك وإلا يتعدوا معناها كبقية المسؤولين، أن الرئيس بورقيبة في الحقيقة في.. في القرن هذا إحنا ما تحدثناش على بسالته في السنوات الأولى، نصف القرن الأول أي من.. من 37 إلى 57، العشرين سنة كان ناضل عشرين سنة كاملة وكان باسلاً فيها لأنه طرق القادوم على.. على إمبراطورية فرنسية وله من معناها في.. من النضالات ما شاء الله أكسبت له شرعية كاملة، تحدثنا على بورقيبة كرئيس دولة، وكرئيس دولة كان.. كان ربما الصفة الأساسية اللي هي ممكن نقولها لبورقيبة أنه كان واقعي، اتسم بالواقعية، وتلك الواقعية التي كانت مثلاً للمهاتاما غاندي الذي واجه الإمبراطورية البريطانية بمرونة على أساس نفس.. نفس المبادئ المواجهة، المراوغة، المصالحة والتشدد في المبدأ، كذلك أنا نفس الشيء بالنسبة.. بالنسبة (لمانديلا)، الذي قارع العنصرية، بنفس الواقعية على أساس أن.. وأرجع الأغلبية لبني.. لبني جنسه.. لبني.. بشيء من الواقعية والرصانة وأظن أن.. وأعتقد بأن هؤلاء الرجال صنعوا تاريخهم وصنعوا وطبعوا عهدهم ولهم مش دروس لهم على كل حال صفة تمكننا إحنا في تونس وفي غير تونس بأن نعتز بها.. بزعيمنا.
(9/383)
أحمد منصور: على أي الأحوال نحن قضينا عشر ساعات وأضفت الآن إضافة والحلقة هي حلقة المشاهدين وحلقة السياسيين أيضاً لتقييم ما أدليت به من شهادة، وأنا أبدأ ببعض الأشياء التي وصلتني طوال الأسابيع الماضية، هذا بداية فاكس وصلني يقول صاحبه: أنا الموقع أسفله السيد بن الحمادي فرج، مقيم في بلجيكا منذ العام 73 يقول: أن الرئيس بورقيبة حكم على العمال بالإفطار في رمضان وواصل ظلمه الجائر على الناس ووضع الكثيرين في السجن، لكن يتحدث عنك أنت ويقول أنك حينما كنت رئيساً للأمن في العام 68 قمت بهدم منازل الشعب البدوي البسيط وجعلت الشرطة تهدم بيوت الناس بالجرافات في مدينة (نابل) بسيدي عمر.
الطاهر بلخوجة: لا إله إلا الله، لا.. لا أنا ما عنديش ذكرى أبداً بالواقعة كيف..
أحمد منصور: وأنت كنت تجد مساندة كاملة من طرف أحمد بن صالح فيما قمت به.
الطاهر بلخوجة: معناها شيء مُتناقل.
أحمد منصور: هل تذكر شيئاً من هذه الحادثة؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا، شيء متناقل أو ننسى هذه هدم البيوت وكانت هاذيك في سياسة المعتمدة إذاك في الستينيات أي سياسة الاشتراكية، وكانت الاشتراكية على أساس تسوية العباد.
أحمد منصور: كنت مديراً لمكتب أحمد بن صالح في عامه الأخير.
(9/384)
الطاهر بلخوجة: كنت مديراً لمكتب بن صالح. مدير بن صالح ولكن المسؤولية في الجهة هي مسؤولية الوالي، ربما كان -وأنا لا أتذكر ذلك- ربما كان من مشاريع والي بن نابل إذاك أن يهدم بيوت وأن يبني بيوت أخرى، أنا لا أعرف مثلاً من.. من برامج الاشتراكية، عندنا في الجزائر نفس الشيء، في الجزائر كان المشروع الكبير لبومدين في الجزائر أيام الاشتراكية في الستينات هو بناء ألف قرية اشتراكية وآخر وقت بقيت تلك القرى الاشتراكية فارغة، لأن العمال الفلاحين الذين كانوا يسكنوا في القرى لم يأتوا.. لأنهم يريدون البقاء على.. في الحقل وهذا عيب المكان، نفس الشيء ربما كان عندنا في تونس أن تهديم وفي ذلك معناها.
أحمد منصور: من كان المسؤول عن هذا؟
الطاهر بلخوجة: والله المسؤول عن هذا هو.. هو المسؤول عن هذا هي.. هي التفكير.. تفكير عام بالنسبة لوزير إذاك بن صالح وبالنسبة للولاة.
أحمد منصور: الوزير السوبرمان.
الطاهر بلخوجة: للسوبر مان، تحدثنا فيه، وبالنسبة للولاة، حتى معناها..
أحمد منصور: يعني الشعب التونسي.
الطاهر بلخوجة: يغيروا.. يغيروا الوضع معناها السكن..
أحمد منصور: الشعب التونسي ظل يعني أيه؟ يتعرض للتجارب.
الطاهر بلخوجة: والله يتعرض للتجارب والله هو..
أحمد منصور: وللقمع وللقهر، حتى هدم البيوت، يعني ليس..
الطاهر بلخوجة: والله نية طيبة.. نية طيبة لنا وهدم.. مع هدم البيوت كان لازم بناء بيوت أخرى ثانية.
أحمد منصور: والآخر..
الطاهر بلخوجة: عمره ما كان هدم البيوت.
أحمد منصور: وفي النهاية ماذا حدث لهم؟
الطاهر بلخوجة: مش يخليهم في الشارع معناها يموتون.
أحمد منصور: في الآخر ماذا حدث للناس؟ قلت أن.. أن القرى لم تُسكن، الظاهر بقوا الناس في الشارع.
الطاهر بلخوجة: لأ، القرى لا تُسكن قلت في.. في الجزائر، ما بنيناش قرى إحنا، أما في تونس ربما بعض المساكن هُدِّمت ليسكنوا في.. في جهة أخرى، وربما السيد هذا..
(9/385)
أحمد منصور[مقاطعاً]: وسكنوا أم لم يسكنوا؟
الطاهر بلخوجة: نعم؟
أحمد منصور: سكنوا أم لم يسكنوا؟
الطاهر بلخوجة: والله أنا ماعنديش فكرة بعد 30 سنة، مش كل..
أحمد منصور: هو بيتكلم هنا، معنى كده إن ده ظلم وكذا يعني إن شيء مما يتعرض له الناس..
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: لكن هو كان يحملك المسؤولية باعتبارك مدير.
الطاهر بلخوجة: لا أنا أفهم.. ما أقدرش المسؤولية، أنا كنت مدير ديوان..
أحمد منصور: مكتب بن صالح.
الطاهر بلخوجة: الوزير هو مسؤول ومدير ديوانه مسؤول والوالي مسؤول طيب أنا أفهم السيد هذا، لأنه ربما منزله الخاص ومنزل أمه وهو مغترب وهدم.. هدم بيت.. ربما لم.. لم يسكن صحيح، ولكن معناها بصفة خاصة، الأساس هو كونه.. تحدثنا في هذه الحلقة كاملة، أن السياسة التي كانت في الستينات واعتمدنا فيها الاشتراكية واعتمدنا فيها تجميع الناس في.. القرى وتجميع الأراضي وتجميع التجارة وغير ذلك أتت.. كانت الطامة الكبرى بالنسبة لتونس واعترفنا بذلك، والحمد لله خرجنا منها بعد.. ولكن بعد.. بعد شقاء وبعد عذاب كبير بالنسبة للمواطنين.
أحمد منصور: خليل أبو أيمن من إيطاليا يقول أن الرئيس بورقيبة هو الذي ساهم في بعث وتقوية التيار الإسلامي لضرب التيار اليساري، ثم انقلب على الإسلاميين في العام 81 بمحاكمتهم أمام محاكم أمن الدولة والمطالبة بإعدام البعض من قيادتهم، وأن الرئيس الحالي أنقذ التيار الإسلامي من الإبادة والإعدامات لمرات عديدة، آخرها سنة 87 لضمان الاستقرار، ثم التف ضد التيار من 91، ما تفسيرك لهذا؟
[فاصل إعلاني]
العلاقة بين بورقيبة والإسلاميين
(9/386)
أحمد منصور: معالي الوزير، فيه جزء كبير من السؤال يتعلق بفترة كنت أنت موجوداً فيها في السلطة وهي العلاقة التي كانت بين الرئيس بورقيبة وبين الإسلاميين، بداية شجع الإسلاميين للقضاء على اليسار -كما يقول خليل أبو أيمن من إيطاليا- وبعد ذلك انقلب عليهم في العام 81، كنت وزيراً للإعلام، ثم بعد ذلك.. يعني الأمور تذهب وتجيء وحتى الآن يعني..
الطاهر بلخوجة: والله موضوع اليساريين والإسلاميين هي في فترة كانت في السبعينات وفي آخر الستينيات، السبعينيات في إعانة الطبة، كان إذاك صحيح أن.. أن في نطاق الحزب أن شجعوا نوعاً ما من اليساريين معناها ضد معناها الطلبة الإسلاميين الذين خرجوا من الزيتونة وغير ذلك، شجعوا على أساس الـ.. بعض المناورات وبعض المشاكل، ثم بعدئذٍ في السبعينات انقلبت الأمور وشجعنا الإسلاميين، ولكن كانت قضايا طالبية بحتة فقط مانزلتش إلى الشارع، الشيء.. الشيء موضوع الشارع وهبطنا.. نزلت أمور للشارع لما كانت المظاهرات والمواجهات مع الأمن، لسوء الحظ في الثمانيات، ولكن الشيء الذي يمكن أن.. أن أجزم به أن لم يكن أي إعدام لأي إسلامي أيام بورقيبة.. في عهد بورقيبة، كانت هنالك قضايا، كانت هنالك –من غير شك- محاكم ولكن لم تكن هنالك أي إعدام بالنسبة للإسلاميين.
أحمد منصور: طيب أنا معي السيد.. الشيخ راشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة)، الشيخ راشد الغنوشي من لندن، الشيخ راشد معنا؟
راشد الغنوشي: مرحباً نعم.
أحمد منصور: أهلاً بك يا فضيلة الشيخ.
راشد الغنوشي: مرحباً.
أحمد منصور: تابعت طوال الأسابيع العشرة الماضية شهادة السيد الطاهر بلخوجة وأعتقد أنك كنت أحد المتهمين في أحداث العام 81 وقضيت عدة سنوات في السجون، ما تقييمك بداية لشهادة الوزير؟ وإذا كان لديك تساؤلات إليه؟ تفضل.
(9/387)
راشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة): نعم، أولاً أحيي الأستاذ أحمد منصور وضيفه السيد طاهر بلخوجة بما وفراه من فرض للتونسيين وللرأي العام للإطلاع والحوار حول جوانب من تاريخ تونس،تاريخ تونس الذي عمل بورقيبة كل ما في وسعه للسيطرة عليه وكتابته بما يلغي غيره ولا يبقي إلا على شخصه، ومن باب أولى أن يفعل ذلك مع الشخصيات والأحزاب التي عاصرته.
ثانياً: أنا أشكر سي طاهر وعفويته وصراحته وتواضعه وشجاعته في الاعتراف بما اقترف النظام الذي عمل فيه من أخطاء بعضها على الأقل يُعد جرائم من مثل تعذيب المعارضين بل تصفيتهم كما حصل مع الزعيم بن يوسف.
ثالثاً: أنا أعجب كيف أن الحركة الإسلامية في سياق هذا الحوار، في سياق هذه الشهادة لم تعط حظها، مع أنها كانت فاعلاً أساسياً منذ أول محاكمة لها سنة 81 بعد الإعلان عن نفسها حركة سياسية ومطالبتها باعتمادها كذلك وقد كان سي طاهر في الحكومة، أما سنة 87 فقد كانت في قلب الأحداث التي هيأت لانقلاب 87، وهنا.. يعني أنا أسأل سي طاهر ربما كلمة وردت عفوية يعني في جوابه عن سؤال أن الحكومة وأن السلطة شجعت الإسلاميين لضرب اليساريين، في الحقيقة هذه يعني مقولة طالما رددها اليساريون وبدون حجج في الحقيقة، أنا أسأل سي طاهر يعني هل هنالك حجة تثبت أن السلطة ممثلة يعني في وزارة الداخلية اللي هو كان فيها وإلا ممثلة في الحزب أم في أي هيئة من هيئات الحكومة شجعت بشكل واضح مباشر شجعت الإسلاميين لضرب اليسار؟ في الحقيقة يعني هذا وهم طالما أشاعه اليساريون وأظن أنه ورد على لسان سي طاهر يعني بشكل عفوي يعني ماهوش بشكل يعني معتمد.
(9/388)
رابعاً: تعرض سي طاهر -وهذا أمر مهم- تعرض سي طاهر بالعتاب لموقفي من بورقيبة عندما ذكرت بصدد وفاته أني كنت أتمنى أن أترحم عليه لولا أن ديني يمنعني من ذلك، وربما الكثير من البورقيبيين وكثير من الأجيال الجديدة لم تعرف.. التي لم تعرف قهر بورقيبة وما عرفت القهر إلا في العهد الجديد الذي أعاد الاعتبار -ربما بدون قصد- لبورقيبة بما سلطه العهد الجديد من ظلم، قلت يعني أجيال جديدة ما تعرفش اللي حصل من قهر في عهد بورقيبة، أنا بدوري أسأل سي طاهر باعتباره مسلماً كيف يدافع.. كيف يعني.. هل ضميره مرتاح أن يدافع على بورقيبة باعتبار بورقيبة أول حاكم في تاريخ تونس، بل في تاريخ الإسلام قاطبة، تجرأ على انتهاك مقدسات الإسلام كانتهاكه لحرمة الصيام برفعه الكأس في نهار رمضان واحتساء.. ودعوته التونسيين أن يفطروا في نهار رمضان ودعوته الجماهير.. أيضاً تمزيقه لحجاب امرأة متحجبة على المنصة وإصداره قرار رقم 108 بمنع الحجاب ولا تزال آلاف التونسيات خلال العشرين سنة الماضية تُشنق بهذا القانون، كيف سي طاهر يعني ضميره مرتاح، يدافع عن إسلام بورقيبة لمجرد أنه بورقيبة كان يأخذ الوزراء بتاعه إلى القيروان في المولد، يعني هل هذا كافي؟
أحمد منصور: شكراً لك فضيلة الشيخ.
راشد الغنوشي: يبدو من هذا في الحقيقة يعني أنه بورقيبة خطب سنة 74، في كلية الصحافة -والتلفزة تنقل ذلك- ساخراً من الجنة ومن النار ومن معجزات الأنبياء واتهم القرآن بالتناقض، ولذلك سارع أئمة الإسلام كابن باز وغيره ودعوا واستتابوا بورقيبة، يعني دعوا بورقيبة إلى أن يتوب.. أن يرجع للإسلام وكان ذلك في الحقيقة...
أحمد منصور[مقاطعاً]: شكراً لك فضيلة الشيخ، أشكرك ومداخلتك واضحة، لك تعليق معالي الوزير في دقيقة؟
الطاهر بلخوجة: والله تعليقي أن.. أن أكثر من دقيقة، لأن موضوع شيق.
أحمد منصور: أكثر من دقيقة، آخذ منك التعليق لأن هذه جزئية هامة جداً.
(9/389)
الطاهر بلخوجة: من غير شك.
أحمد منصور: تاريخ الحبيب بورقيبة.
[موجز الأخبار]
أحمد منصور: ردك معالي الوزير على ما ذكره الشيخ راشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة)؟
الطاهر بلخوجة: والله هي.. الشيخ راشد الغنوشي يقول أن.. أن بورقيبة انتهك المبادئ الإسلامية وغيرها..
أحمد منصور: ليس وحده.
الطاهر بلخوجة: والله هو قالوه ولكن الفعل ما قام به بورقيبة، أنا أولاً..
أحمد منصور: أنا تعرضت معك..
الطاهر بلخوجة: تعرضت.
أحمد منصور: لما قام به بورقيبة من أول ما تولى السلطة في 57 من موضوع الطلاق، موضوع تعدد الزوجات، حتى موضوع الإرث، حتى موضوع الإفطار في نهار رمضان، يعني أشياء لا أول لها ولا آخر ولا نريد أن نعيدها ونكرره.
الطاهر بلخوجة: صحيح، وأنا فسرت وصححت ما قلته وصححت.. وبينت أن بورقيبة فيما يخص الصيام لم يأخذ قانون أو إجراءات.
أحمد منصور: هو لازم يقول للناس؟!
الطاهر بلخوجة: إلزام الناس بالإفطار.
أحمد منصور: لازم يطلع قانون يقول: يلزم الناس بالإفطار؟
الطاهر بلخوجة: لأ هو.. هو قال..
أحمد منصور: شرب قدام الناس كاس..
الطاهر بلخوجة: شرب هو الناس تعرف أن..
أحمد منصور: قدام التليفزيون..
الطاهر بلخوجة: لا هو.. هو.. هو بورقيبة نفسه من أصله معناها ما يصوم رمضان لأنه لحالته الصحية ولغير ذلك.
أحمد منصور: هو ما يصمش يتدارى ويفطر.
الطاهر بلخوجة: و.. ولكن.. ولكن وقت اللي طلب.. ما طلب من الطلبة.. من.. من التلاميذ في المدارس، من الجيش، من الناس لا قال لهم يا سيدي إذا كان عندهم أعمال متعبة افطروا ثم عوضوا ذلك.. عوضوا ذلك.
أحمد منصور: عوضوا فين يا معالي الوزير؟!
(9/390)
الطاهر بلخوجة: عوضوا ذلك بعدين، هذا كان اجتهاد، كان اجتهاد. كان اجتهاد ربما خاطئ، اتفق معك وصدم نوعا ما التونسيين.. صدم التونسيين، ربما صدم التونسيين، وربما مش أكثر من اللازم ولكن عمره ما كان أن أبداً بيش هو يقول معناها في الإسلام أو.. أو لأنه.. لأنه بورقيبة مسلم بأتم معنى الكلمة، مسلم و.. وكما قال الغنوشي زيارته القيروان مش زيارات معناها..
أحمد منصور: الشيخ راشد قال في العام..
الطاهر بلخوجة: بروتوكولية، زيارات عامة في المولد النبوي.. في المولد..
أحمد منصور: في العام 94 حينما خطب، طلبه الشيخ بن باز استتابه، يعني طلب توبته، لأنه قال كلاما استهزأ بالجنة والنار في التليفزيون..
الطاهر بلخوجة: لا لا ما استهزأ بالجنة والنار وأبداً. أبداً هو.. هو في أمور ظاهرية اخذ وقت حجاب المرأة أمور ظاهرية..
أحمد منصور: ظاهرية أية؟! أمر رباني بالحجاب.
الطاهر بلخوجة: لا لا هو لا.. لا اعتبره ظاهرية والتونسيين اعتبروه..
أحمد منصور: هو هيطلع شيخ كمان ويفتي للناس؟!
الطاهر بلخوجة: لا يا سيدي شوف هو معناها في.. في الحجاب، في أوائل الاستقلال كان وقت اللي يدخل الجمهور ويلقي معناها بعض النساء بيمنع هم بنفسهم إن يحيوا.. وهو يقعد بيحييهم وتقع الزغاريد وانعتقت المرأة.
أحمد منصور: هي المرأة كانت أسيرة؟!
الطاهر بلخوجة: انعتقت لأن.. هذه الظواهر..
أحمد منصور: انعتقت من أيه بالضبط؟
الطاهر بلخوجة: أنا اعتبر أن كونه أمور ظاهرية..
أحمد منصور: من أيه انعتقت؟
الطاهر بلخوجة: لا انعتقت، لأ،هذا معناها كانت ربما عندها قيود.. قيود مجحفة
أحمد منصور: هو الحجاب قيد؟
الطاهر بلخوجة: في مظهرها وفي حجاب.. قيود قيود اعتبرها لأنها..
أحمد منصور: ربنا لما يفرض على الناس الحجاب يبقى قيد؟!
الطاهر بلخوجة: لا، ربنا.. ربنا لم يفرض الحجاب.
أحمد منصور: لأ إزاي؟!
الطاهر بلخوجة: لا أبداً لم يفرض.
(9/391)
أحمد منصور: والقرآن اللي فيه؟
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.
أحمد منصور: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) الآية دي نوديها فين؟!
الطاهر بلخوجة: أنا.. أنا طيب.. طيب ولكن في العهد هذا شيء.. يا سيدي.
أحمد منصور: عهد أيه يا معالي الوزير؟!
الطاهر بلخوجة: أما إلى تتحدث..
أحمد منصور: عفواً لا تقل كلاماً أيضاً يعني لا يقبله الناس وكلاماً يخالف نصوص قرآنية، يعني. يعني.
الطاهر بلخوجة: لا ما يخالفش.. أنا أقول لك بورقيبة الآن..
أحمد منصور: نبقى في إطار.. نبقى في إطار وزارة الداخلية والأمن والأشياء هذه ونبتعد عن النصوص القرآنية.
الطاهر بلخوجة: أنا أقول لك معناها أيش كان أيش شارة ثارت عنوان صحيفة العمل وأيش كانت شارة الحزب.. الحزب الدستوري (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) وقالها بورقيبة الآية دي ألف مرة في الخطاب بتاعه.
أحمد منصور: أيه يعني؟
الطاهر بلخوجة: لو لم يكن مؤمناً لم يقل ذلك.
أحمد منصور: مش هو لوحده.
الطاهر بلخوجة: أعطيك في حاجة تانية.
أحمد منصور: لما يقول هذا ويفعل غيره.
الطاهر بلخوجة: عارف 160 في خطاب يقول في خطاب: يحق لنا أن نعتز بروح الاعتدال الذي اتسمت به تعاليم الإسلام كتابا وسنة.
أحمد منصور: إحنا في الفعل يا معالي الوزير مش في القول.
الطاهر بلخوجة: تلك هي فلسفة الذين.. تلك هي فسلفة الدين الإسلامي التي جاء بها الرسول، في 66: إن الإسلام هو العامل الإنساني في تكوين الأمة التونسية والحاجز لها في.. والحافز لها..
أحمد منصور: خطب، كلام في الهوا.
الطاهر بلخوجة: لما.. لا أبداً.. أبداً.
أحمد منصور: كلام في الهواء.
الطاهر بلخوجة: لا أبداً أبداً.
أحمد منصور: كان يرتجل الخطب وزي ما يجي، لكن الفعل مختلف.
(9/392)
الطاهر بلخوجة: لا لا يرتجل الخطب، لا مسلم بأتم معنى الكلمة ونحن في تونس وهذه.. من المفاهيم الغالطة عند بعض.. بعض.. بعض..
أحمد منصور: إحنا ما.. أنا لا أتكلم فيما..
الطاهر بلخوجة: وبعض الجهات أن تونس ليست مسلمة.
أحمد مصور: معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: وأن تونس فرنسية وأن تونس.. أبداً، تونس مسلمة بأتم معنى الكلمة..
أحمد منصور: فيه فرق بين تونس وبين بورقيبة عفوا.
الطاهر بلخوجة: وقت بورقيبة وبعد بورقيبة.
أحمد منصور: مش عايزين خلط، فيه فرق بين الشعب التونسي وفيه فرق بين الحبيب بورقيبة، إحنا الآن بنتكلم عن الحبيب بورقيبة.
الطاهر بلخوجة: لا لا الحبيب، الشعب.. الحبيب.. الحبيب بورقيبة هو يجسد الشعب التونسي والعكس بالعكس.
أحمد منصور: أيه ده؟! أيه ده؟!
الطاهر بلخوجة: والعكس بالعكس في كل شيء
أحمد منصور: الشعب أنا و..
الطاهر بلخوجة: والحمد لله أن المرأة التونسية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عفواً معالي. عايزين تفهم دي عايزين نفهم دي..
الطاهر بلخوجة: والله أحدث بلد في العالم إسلامي هي تونس، والآن يحاولوا عديد من البلدان الإسلامية أن.. أن يسعوا كتونس لتحديث بلدانهم في هذا الميدان ولم يصلوا..
أحمد منصور: فهمني التحديث ده، فهمه لي؟
الطاهر بلخوجة: اسمع بورقيبة عام 56 ست اشهر بعد الاستقلال قام بإعلان عن أحوال الشخصية وانعتقت المرأة وتحددت.. والمرأة.
أحمد منصور: الأحوال الشخصية دا اللي فيه مخالفه النصوص ربانية..
الطاهر بلخوجة: المرأة يا سيدي.. المرأة يا أستاذ..
أحمد منصور: تقول لي انعتقت المرأة وتونس استحدثت؟!
الطاهر بلخوجة: المرأة نصف.. نصف الأمة ما هوش ممكن بس نصف الأمة تكون في.. في الحالة دي.
أحمد منصور: يا معالي الوزير أنت بتقول كلام خطير.
الطاهر بلخوجة: لا خطير، لا أنا.. أنا..
أحمد منصور: أنت بتقول كلام خطير..
الطاهر بلخوجة: أنا متفق..
(9/393)
أحمد منصور: اسمعني بس، علشان بس تراجع نفسك، لا تتحدث عن إن الإسلام مقيد وإن المرأة انعتقت من الإسلام لأن دا كلام خطير.
الطاهر بلخوجة: لا ما قلتش انعتقت من الإسلام.
أحمد منصور: يعني إيه إن المرأة انعتقت سنة 57؟
الطاهر بلخوجة: قلت انعتقت من بعض المظاهر المجحفة التي كان تتبعها..
أحمد منصور: اية المظاهر المجحفة؟ الحجاب مظهر مجحف؟!
الطاهر بلخوجة: التي كانت تتعبها..
أحمد منصور: قل لي بس. رد عليَّ الحجاب مظهر مجحف؟ الحجاب الأمر الرباني للمرأة المسلمة..
الطاهر بلخوجة: لا هو يا سيدي..
أحمد منصور: أن تتميز عن غيرها مجحف؟ النص القرآني بالحجاب مجحف؟
الطاهر بلخوجة: لم نجبر النساء عن بس..
أحمد منصور: ربنا أجبرهم بالنص القرآني..
الطاهر بلخوجة: عن لباس الحجاب، لا.. عن طواعية خليى المرأة تلبس حجاب وتتيح الحجاب لا تلزمها بذلك.
أحمد منصور: أنتم ألزمتوها بخلع الحجاب.
الطاهر بلخوجة: لا لم نلزمها..
أحمد منصور: ألزمتوها بخلع الحجاب.
الطاهر بلخوجة: طلبنا منها.. طلبنا..
أحمد منصور: المرأة غير مصرح ليها الآن أنها تقدم صورة وهي محجبة.
الطاهر بلخوجة: لا، نحن طلبنا منها بأن..
أحمد منصور: وتعرف أنت المرأة المحجبة ماذا يحدث لها في تونس..
الطاهر بلخوجة: لا ما عندناش مرأة محجبة.
أحمد منصور: دعوا النساء بحريتهم..
الطاهر بلخوجة: ما عادش عندنا مرأة محجبة ما عدش موجودة، إذن تونس..
أحمد منصور: ما عادش موجود محجبات خلاص؟
الطاهر بلخوجة: والله وهم بنفسهم ما عادش يلبسوا الحجاب هذا. هذه..
أحمد منصور: لو حدهم.. اختيارهم.
الطاهر بلخوجة: هذا.. لوحدهم ما.. يلزمهم دخلناهم السجون مش نحل عنهم الأحجبة أبداً، وهذا موجود.
أحمد منصور: لا لا الناس عايشة في حرية وفي نعيم وذاقت على أيديكم الكثير من الخير!!
(9/394)
الطاهر بلخوجة: لا هي والله الشيء اللي لقته التونسية في تونس لا مثيل له في أي بلد من بلدان العالم العربي.
أحمد منصور: نسمع معالي (رئيس وزراء تونس الأسبق) السيد محمد مزالي معنا من باريس، معالي الوزير.. رئيس الوزراء، اعتذر إليك تفضل.
محمد مزالي:تفضل.
أحمد منصور: كان معك السيد الحبيب بلخوجة وزيرا للإعلام في حكومتك..
الطاهر بلخوجة: الطاهر بلخوجة.
أحمد منصور: الطاهر بلخوجة.. عفواً.. وزيراً للإعلام في حكومتك وكنت أنت أحد الرجال أيضاً المقربين من بورقيبة، حتى أنه في إحدى خطبة، أعلن عن استخلافك وقد سمعنا شهادتك على العصر قبل عامين تقريباً ما تعليقك على ما ورد في شهادة السيد الطاهر بلخوجة.
محمد مزالي: السلام عليكم أولاً.
أحمد منصور: عليكم السلام.
محمد مزالي (رئيس وزراء تونس الأسبق): ثانياً: من سوء الحظ لم أستطع متابعة كل الحلقات، لأنه في وقت من الأوقات وقع تلخبط في ساعات البث، نظراً للحوادث اللي جدت في فلسطين إلى آخره، لكن أظن شفت ثلاث، أربع حلقات تقريباً.
أحمد منصور: إحنا يهمنا الحلقة اللي كان فيها بالذات الكلام عن حكومتك.
محمد مزالي: وأود قبل الدخول في الموضوع أن أصحح خطأ بسيط جرى على لسان السيد الطاهر بلخوجة فيما يخص كفاح الرئيس الراحل بورقيبة، قال إنه بدأ كفاحه عام 37 والواقع أنه أسس الحزب في، مارس 34 وأبعد إلى أقصى الجنوب فيما كان يسمى (ببرج لدورف) ويسمى اليوم برج الخضراء في 3 سبتمبر 34، حيث قضى سنتين هو ورفاقه وأفرج عنهم في مايو 36 يعني هذا تصحيح بسيط.
(9/395)
بقى فيما يخص ما قبل عن.. عني شخصياً، أولاً في قضية الديمقراطية، أنا لا أدعي أنى زعيم ديمقراطية ولا أريد أن انسب لنفسي ما لا أستحقه ربما، ولكن الذي أعلمه وقلته في حلقات (شاهد على العصر) أني لم أزل أسعى بكل الإمكانيات إلى إقناع بعض الزملاء وإلى إقناع الرئيس بضرورة مماشاة العصر واعتبار طموحات الشباب وعندما عُينت وزير أول وهنا أصحح خطأ السيد الطاهر بلخوجة وهو أني لم أتولى وزارة السيادة كأنه يقول إن وزارة الدفاع ليست وزارة سيادة، وكأن المسؤولية في الإعلام يعني في التلفزة والإذاعة ليست سيادة، على كل حال، فعندما كلفت حينئذ حاولت أنا وبعض الزملاء طمأنة الرئيس الراحل والسير بالمراحل نحو مزيد الديمقراطية، ولذلك أقنعت الرئيس بورقيبة بأن يحل البرلمان السابق نفسه تمهيداً لإجراء انتخابات، وقضية خطاب الرئيس الذي ألقاه في 10 أبريل 1981 والفقرة الخاصة بعدم الممانعة من التعددية السياسية والاجتماعية يقول السيد الطاهر بلخوجة حررنا نص، في الواقع الاجتماع كان في بيت الأخ المناضل صادق بن جمعة، وعندما قرأنا مشروع الخطاب الذي حرره الأستاذ الشادي القليبي ظهر لكل الإخوان أنه ينقصه شيء، فقلت للأخ الطاهر.. الأخ صادق بن جمعه اعطني ورق وكتبته أمام الجميع والبعض هم منهم مازال حي، كتبت الجمل بيدي، و يقول الطاهر بلخوجة إني منعت، والحقيقة أني أنا الذي هتفت للأستاذ الشادي القليبي ويستطيع الأخ شادي أن يشهد بهذا وأمليت عليه الفقرة، وأنا الذي دخلت على بورقيبة من الغد يوم 9 إبريل الساعة التاسعة، وحضر الأخ شادي القليبي وقرأنا الخطب وسألني الرئيس وقال لماذا هذا؟ فأقنعته من غير ما أن أطيل أقنعته على كل حال، فهذا للتاريخ يعني من دون أن.. أن أنسب لنفسي أشياء أعتبرها في آخر العمر أنها مساهمة في التاريخ يعني ومجرد مساهمة.
أحمد منصور: شكراً لك.
(9/396)
محمد مزالي: الشيء التاني هو إني يعني أقصيت الوزراء الذي نعتهم الطاهر بلخوجة بأنهم أقوياء يعني كأنه يقول أني استبقيت الضعفاء يعني، ورواية خروجي من الوزارة في june 83 هو والسيد منصور معلى تحتاج إلى إضافة، فليس صحيح كما قال إن منصور معلى قال يجب تجميد مشاريع الرئيس في الاقتصاد، وإنما عبر الأخ منصور معلى عن آراء واقتراحات وإجابة الأخ عزوز الأشرم وكان جواب عزوز الأشرم معناها متناقضاً ومخالفاً لما اقترحه الأخ منصور معلَّى، حتى أن وزير الداخلية السابق إدريس جيجا قال لي يا سيدي الوزير الأول ماذا نفعل نحن، والمسؤولين الكبيرين عن الاقتصاد غير متفقين، وأنا كالعادة، وهذه سنة من أيام المرحوم الهادي نويرة والمرحوم الباهي الأدغم الوزير الأول يستخلص يعني وفي خلاصتي اجتهدت وكنت أميل وأشيد اقتناع بما قاله الأخ عزوز الأشرم، فقال لي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أشكرك. أشكرك معالي رئيس الوزراء، حتى لا نغرق في تفصيلات ربما لا يدرك المشاهدون الكثير منها، ردك أيه معالي الوزير؟
الطاهر بلخوجة: والله كما قلت نغرق في التفصيلات، نغرق في التفصيلات ودي معناها بش عديد من التفصيلات ما تعنيش هذه المستمعين.
أحمد منصور: لكن أنت نسبت لنفسك أشياء، رئيس الوزراء محمد مزالي صححها الآن.
الطاهر بلخوجة: والله أنا نسبت اسمع، الموضوع هو أن بعد 79 تبين أننا في حاجة إلى تغيير الوضع وقلت أنا اجتمعنا مع مزالي ومع عديد من الإخوان واتفقنا على نص حرره يقول مزالي أنه حرره أو حررناه، معناها تفصيل من التفاصيل، تحرر النص والأساس هو أن بورقيبة قبل ذلك.
أحمد منصور: لكن هي النقطة مهمة أيضاً في عملية تحرير النص أنك نسبت إلى نفسك شيئاً من هذا ومزالي..
الطاهر بلخوجة: لا لا حررنا النص، أنا قلت لم أنسب إليِّ شخصياً..
(9/397)
الطاهر بلخوجة: تحرير النص، قلنا حررنا النص، حررنا الجماعة الموجودة بأن حتى ولو حرره مزالي كنا صححنا البعض منه، بعض من.. من.. من.. الذي جاء فيه وقدمناه إلى رئيس دولة.
بورقيبة وإلغاء العمل بالشريعة الإسلامية
أحمد منصور: أنا تذكرت آية قرآنية حتى أن.. أنت رجل مسلم ويجب أن تعيد النظر فيما تتكلم به بخصوص الحجاب في سورة الأحزاب (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ)، وفيه أيه ثانية بتقول (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) حتى تدرك إن الحجاب دا أمر من ربنا وليس إنك بتقول إن إحنا المرأة انعتقت وأنت فرحان الآن إن تونس ما عادش فيها نساء محجبات.
الطاهر بلخوجة: لأ أنا أجاوبك، هل مكن اليوم لأي مسؤول إسلام.. مسلم في أي دولة عربية ودولة مسلمة أن يجبر النساء أن تكون بالحجاب؟
أحمد منصور: ما حدش يجبر..
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا هل ممكن..
أحمد منصور: فيه أمر رباني..
الطاهر بلخوجة: أنت قلت أنه أمر رباني
أحمد منصور: أنت الآن، أنتم أجبرتم إنه هو العكس بقى أجبرتم المرأة على أن تخلع الحجاب..
الطاهر بلخوجة: هل هو مطبق؟ هل هو مطبق وهل فيه..
أحمد منصور: يا معالي الوزير..
الطاهر بلخوجة: وهل فيه مسؤول سياسي يطبق ذلك؟
أحمد منصور: فيه فرق بين إن إحنا بنقول دا أمر رباني..
الطاهر بلخوجة: لأ، أمر رباني تحترمه ولكن الآن تطبيقه صعب.
أحمد منصور: الآن أنتم منعتم..
الطاهر بلخوجة: هو تطبيقه صعب.
أحمد منصور: يا معالي الوزير دعوا الناس ترتدي ما تشاء.
الطاهر بلخوجة: لم نمنعهم ولكن طالبنا..
أحمد منصور: بتمنعوهم.
الطاهر بلخوجة: لا، اقترحنا عليهم بأن.. أن يأخذنا الحجاب..
أحمد منصور: أنا بس حبيت.. حبيت أصحح مفاهيمك في هذه القضية.
الطاهر بلخوجة: أنا متفق..
(9/398)
أحمد منصور: لأن الكلام اللي قلته كلام خطير.
الطاهر بلخوجة: إحنا نحترم كلام.. لا أبداً، نحترم كلام وإلى غير ذلك ولكن أقول فيما يخص الحجاب أن ولا واحد..
أحمد منصور: مش عايزين نغرق في مسألة أنت مش متخصص فيها، سيبها للفقهاء، أنتم سياسيين سيبوا الفقهاء يقولوا اللي في الدين، الآن عمالين.. بورقيبة يفتي في الدين ويفتي في السياسية ويفتي في الزراعة ويفتي.. وبهدل الناس تلاتين سنة..
الطاهر بلخوجة: لا لا الحجاب.. الحجاب.. الحجاب مش في الدين، الحجاب..
أحمد منصور: الحجاب مش في الدين أما في أيه ده؟!
الطاهر بلخوجة: ما هوش داخل ماهوش داخل ماهوش داخل معنا.
أحمد منصور: في أيه؟ في البطاطا الحجاب؟!
الطاهر بلخوجة: معناها.. معناها ليه طيب ولكن..
أحمد منصور: في الدين..
الطاهر بلخوجة: هي موجود في الدين..
أحمد منصور: بأقول لك أمر برباني وقرآن ويقول لي مش في الدين؟
الطاهر بلخوجة: لا لا موجودة..
أحمد منصور: يا معالي الوزير، أرجوك اللي ما لكش فيه ما تدخلش فيه.
الطاهر بلخوجة: موجود في الدين ولكن يصعب..
أحمد منصور: الآن فيه ملايين الناس بتشاهدنا، لا تستفز مشاعر المسلمين بهذا الكلام.
الطاهر بخلوجة: يصعب.. يصعب تطبيقه.. يصعب تطبيقه، وخلي الحرية للمرأة..
أحمد منصور: يا معالي الوزير..
الطاهر بلخوجة: تلبس حجاب أو (....) حجابها عايش.
أحمد منصور: أرجوك لا تستفز مشاعر المسلمين بكلامك.
الطاهر بلخوجة: لا استفز، والله لا استفزهم.
أحمد منصور: هذا استفزاز لمشاعر المسلمين.
الطاهر بلخوجة: لا هذا..
أحمد منصور: بيشاهدنا ناس مسلمين ما تستفزش مشاعرهم.
الطاهر بلخوجة: لا لا، احترمنا للمسلمين واحترمنا للمرأة التونسية التي..
أحمد منصور: أنا الآن باقول لك فيه نص..
الطاهر بلخوجة: تبقى بحجابها، وأحترم المرأة الأخرى التي.. التي تنزع حجابها.
أحمد منصور: وأنت فرحان إن ما عادش عندكم محجبات.
(9/399)
الطاهر بلخوجة: لا.. أحترم الاثنين.
أحمد منصور: أحمد نجيب الشابي (الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي) من تونس، تفضل يا سيدي.
أحمد نجيب الشابي: مساء الخير.
أحمد منصور: مساك الله بالخير.
أحمد نجيب الشابي: أود أولاً أنا أحيي الأستاذ أحمد منصور.
أحمد منصور: حياك الله يا سيدي.
أحمد نجيب الشابي: من أجل الدور المتميز الذي يلعبه في إحياء الذاكرة العربية وإزكاء كان الحوار حول أمهات القضايا، ثم أحيي الأخ الطاهر بلخوجة الذي عُرِف كرجل أمن متشدد، ولكن للحقيقة كان أيضاً رجل يعاكس التيار وتجلى ذلك في محطات أساسية أذكر منها ثلاثة:
الأولى عندما أُريد فرض التعاضد على صغار الفلاحين وصغار المهنيين وقف في وجه هذا التيار.
ثم سنة 78 لم يتيسر تنظيم المذبحة التي تمت في Janvier في يناير 78 إلا بعد أن أقيل السيد الطاهر بلخوجة من وزارة الداخلية واقتحم مكتبه بالعنف.
ثم المحطة الثالثة: هي ما عرفت بربيع الإعلام سنة 81.
لكن شهادة السيد طاهر بلخوجة ليست تاريخياً، هي مجرد.
الطاهر بلخوجة: شهادة.
أحمد نجيب الشابي: رواية ذاتية لأحداث عاشها السيد طاهر بلخوجة، يبدو لي أن سؤال أساسي طرحه السيد الطاهر بلخوجة وهو: هل تغير شيء بعد إزاحة الحبيب بورقيبة؟ للجواب على هذا السؤال الذي لم يجب عنه، أعتقد لابد من التذكير بأن النظام البورقيبي وإن كانت له بعض الإيجابيات تتمثل أساساً في التنمية، في أنه ورث بلداً معدوم الإمكانيات وشعباً كانت تنتشر فيه الأمية توصل في خلال ثلاث عقود إلى إحداث تنمية يمكن أن تعتبر نموذجية.
(9/400)
لكن في نفس الوقت أقام الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة نظاماً استبدادياً تعددت خلاله المحاكمات التي طالت جميع العائلات اليوسفيون سنة 56، 58، اليسار في محاكمات 68، 73، و75، النقابيون سنة 78، الإسلاميون سنة 81 و87، وكل هذه المحاكمات انبنت على أساس اعترافات اقتُلعت بالتعذيب المنهجي التي.. الذي طال كل هذه العائلات، وهذا النظام الاستبدادي كان يصادر حرية الإعلام ويصادر حرية التنظيم، ويزيف الانتخابات، وكان يخفي في الإدارة إلى نظام الحزب الواحد الذي سيطر على الحياة العامة، ولذلك عاشت تونس باستمرار بالذات سنة 65 الفلاحين، 72 الطلبة، 78 العمال، الانتخابات المزورة سنة 81، ثم انتفاضة الخبز 83، وانتهى كل ذلك إلى تفكك الدولة والمجتمع سنتي 86/87، أقول هذا حتى أسأل: بعد أن تم التغيير في نوفمبر 87، هل تغير شيء؟ أقول -مع كل أسف- لم يتغير شيء من النظام السياسي إذ أُبقي على جميع المؤسسات، بل أن الوضع شهد تفاقماً وارتداداً، تفاقم من حيث عدد المحاكمات، من حيث استشراء التعذيب، لأن هذه المحاكمات كانت تختص بها محكمة أمن الدولة في النظام السابق، ثم الآن أصبحت جميع محاكم البلاد في كل الولايات تتعهد بالقضايا السياسية، ثم أن التعذيب كان ممركزاً في أقبية وزارة الداخلية، وأصبح يمارس على شكل واسع وبدون أي مراقبة، ثم عشنا ارتداداً حيث..
أحمد منصور: أنا أستاذ أحمد.. أستاذ نجيب..
أحمد نجيب الشابي: نعم.
أحمد منصور: أنا الآن آخذ الشق المتعلق بفترة الوزير حتى لا نغرق في أمور أخرى، وأنت كنت وزير للداخلية ووزير للإعلام، ومدير للأمن، واعترفت بالمسؤولية، ويعني أنا شكرتك وأكرر شكري لك على الاعتراف بالمسؤولية عن بعض الأشياء التي حدثت بالنسبة للناس حتى أنك طلبت العفو عن من أُوذي من الناس، ما رأيك في هذه الأشياء التي تجرعها التونسيون ولا يزالوا بفصل ما وضعتموه من أنظمة أمنية استبدادية؟
(9/401)
النظام الأمني في تونس وانعكاسه على أوضاع الشعب التونسي
الطاهر بلخوجة: والله أنا.. الاعتراف.. اعتراف مبدئي كمسؤول على الداخلية إذاك، ببعض تجاوزات، وطلبت العفو فيها أولئك.. لأولئك الذين تجاوزوا معناها مهنتهم، وخالفوا الأساس معناها أساس سياستنا، أننا لا.. لا.. لم تكن لنا أبداً في عهد بورقيبة أن.. أن تكون.. أن تكون الدولة.. دولة بوليسية، أو دولة مخابرات.
أحمد منصور: وكانت.. وكانت..
الطاهر بلخوجة: أبداً.. أبداً، كان هنالك، عنده حق.
أحمد منصور: أنا..
الطاهر بلخوجة: سي نجيب الشابي كانت محكمة أمن الدولة حاكمت، وكانت عندنا المحكمة العليا حاكمت اليوسفيين وحاكمت و..
أحمد منصور: بس دا إحنا لو جبنا تاريخ بورقيبة من الأول للآخر هتشوف إن ما مرش على الناس يوم فيه هناء.
الطاهر بلخوجة: والله لا.. والله اسمع كان.. مرتبط بنظام الحزب الواحد.
أحمد منصور: يعني هنا.. هنا معالي الوزير، هو تكلم..
الطاهر بلخوجة: كان لا يسمح بأي معارضة.
أحمد منصور: تكلم عن أحداث 78، وأنت يعني قبلها تركت الوزارة، كنت وزير للداخلية، يعني قبلها يعني..
الطاهر بلخوجة: لأني امتنعت بأن..
أحمد منصور: حينما يُقتل 200 تونسي في الشارع.
الطاهر بلخوجة: أنا خرجت.
أحمد منصور: ويُجرح 300، لأنهم خرجوا يتحدثون عن الخبز.
الطاهر بلخوجة: خرجت من الحكم لأنني امتنعت.
أحمد منصور: وتقول لي الناس كانت عايشة في أمان.
الطاهر بلخوجة: لا يا سيد.. لا..
أحمد منصور: عندي.. عندي رمزي.. من ليون في فرنسا يقول لك: يعني أنت خرجت من.. من المسؤولية من وزارة الداخلية، ويقول أنك مش مسؤول عن الجرائم التي.. الجريمة التي ارتُكبت.
الطاهر بلخوجة: أيوه، عام 78.
أحمد منصور: في سنة.. في سنة 78، ولكن من تعتقد المسؤول عن مقتل 200 تونسي وجرح 300؟
(9/402)
الطاهر بلخوجة: لأ، قلت المرة الأخيرة أن.. أن.. أن هو الـ 78 والمشاكل الصغيرة ها دية هي.. هي خاتمة لوضع سياسي تعفن مدة سنوات بين الحزب واتحاد الشغل وفي الدولة معناها.. السياسي ومع الإخوان، وفسرت ذلك، حتى وصلنا إلى درجة معناها وصلنا إلى المواجهة، وخرجت أنا شهر قبل المواجهة، وكانت المواجهة وشيكة.. وشيكة، ولكن لسوء الحظ اغتنم بعض الإخوان الفرصة لـ.. حباً في الحكومة والقضاء على.. على المنظمة الشهيرة وهذا كان.. كان الوضع أنا.. أنا امتنعت إذاك باستعمال السلاح، باستعمال.. بقتل.. بصد المظاهرات بالسلاح.
أحمد منصور: حينما يقوم نظام بقتل شعبه في الشوارع عشان خرج يقول الخبز.
الطاهر بلخوجة: والله لسوء الحظ.. لسوء الحظ كانت لسوء الحظ إحنا رتبنا معناها انتفاضات كفاية سنة انتفاضة 67، ماكانش فيها أموات ولكن صارت انتفاضة كبيرة، صارت انتفاضة الـ 78، صارت انتفاضة الخبز وماتوا فيها أكثر حتى من.. من.. من الـ 76 لسوء الحظ، وهذا سوء تصرف، صحيح، متفق معاك.
أحمد منصور: بس سوء تصرف، نحطها تحت سوء تصرف.
الطاهر بلخوجة: سوء تصرف سياسي، سوء تصرف سياسي وخلافات، وكتل و إلى غير ذلك.
أحمد منصور: والشعب هو الذي يدفع الثمن.
الطاهر بلخوجة: الشعب بالطبع دفع الثمن، وأحس..
أحمد منصور: أنت أسست جهاز الأمن التونسي سنة 68 على أحدث المستويات.
الطاهر بلخوجة: لا.. للقمع.. لا.. لا.. لا، أنا قلت.. قلت أسسنا حتى تكون للبلاد هيكل أمني وتكون وحتى نقي..
أحمد منصور: يعني الوزر.. وزر كل ما يحدث للشعب أنت تتحمله.
الطاهر بلخوجة: نقي البلاد من الفوضى ومن الجرايم، والمفيد قلت لك أن الأمن شيء واستعمال الأمن شيء آخر تاني.
أحمد منصور: يعني هو الأمن بيتعمل عشان أيه؟
الطاهر بلخوجة: لأ، الأمن على أساس أن كونه يقي الناس من الجرائم ومن المسألة، ويقف حاجزاً حتى..
(9/403)
أحمد منصور: ما بيعملش كده، الأمن في العالم العربي الآن شغلته أن يقمع الناس، وأن يُعذب الناس.
الطاهر بلخوجة: أقول لك حاجة أخرى ثانية أيه.. أنا أقول استعمال..
أحمد منصور: حاجة أخرى وكنتم تقومون.. ويتصنت على الناس.
الطاهر بلخوجة: استعمال.. هذا.. هذا الاستعمال..
أحمد منصور: إحنا معنا وزير أمن تونسي سابق أيضاً السيد أحمد بالنور من باريس، اتفضل معالي الوزير.
غموض تاريخ عهد بورقيبة وأسباب عدم تدوينه
أحمد بالنور: حضرة الأخ أحمد منصور، السلام عليكم.
أحمد منصور: حياك الله يا معالي الوزير، عليكم السلام.
أحمد بالنور: شكراً يا سيدي.
أحمد منصور: معنا وزيرة داخلية في الأستوديو ووزير أمن على التليفون، إن شاء الله ليلتنا تعدي على خير!!
أحمد بالنور: بارك الله فيك.
أحمد منصور: اتفضل.
أحمد بالنور (وزير الأمن التونسي الأسبق): أنا أردت أن أشكرك، وأشكر قناة (الجزيرة) على هذا البرنامج المميز الذي يتيح لنا وللمواطنين العرب فرصة الحوار وطرح مشاغلهم ورأيهم حول أهم القضايا العربية، أولاً: متابعتي برنامج (شاهد على العصر) مع ضيفك الأخ الطاهر بلخوجة، الذي أغتنم هذه الفرصة لنحييه، اكتشفت..
أحمد منصور: طبعاً تحية أمنية متبادلة.
أحمد بالنور: متبادلة..
الطاهر بلخوجة: صداقة.. صداقة قديمة.
أحمد بالنور: اكتشفت ما نسبه لي غلطاً الأخ سعيد الصافي في كتابه "حول النظام البورقيبي" من تصريحات ومعلومات أوردها بهذا الكتاب على لساني، وإني أؤكد بشدة أنني لم أدلي له بأية معلومة أو رأي يهم الحكم البورقيبي، وأن مثل هذا التصرف يتنافى حسب رأي وأخلاقيات مهنة الكاتب والمؤرخ، إنه إحنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: معالي الوزير، أنا.. أنا أمامي الكتاب الحقيقة وكان أحد مراجعي الرئيسية في الشهادة.
أحمد بالنور: أيوه، ولكن أنا.. أنا..
أحمد منصور: وفي جوانب كبيرة منه يعني كان يستند إليك أنت.
(9/404)
أحمد بالنور: والله أنا.. أنا عمري.. عمري ما تحدثت معاه في هذه المواضيع ولا...
أحمد منصور: ما تحدثت معه مطلقاً؟
أحمد بالنور: لم.. أبداً.
أحمد منصور: معايا الصافي سعيد؟
أحمد بالنور: نعم.
أحمد منصور: الصافي سعيد معي؟
الصافي سعيد (كاتب صحفي): معك الصافي سعيد.. نعم.. معك صافي سعيد.
أحمد بالنور: تفضل.
أحمد منصور: صافي سعيد، الوزير ينفي أنه أدلى لك بأي معلومات.
الصافي سعيد: أهلاً وسهلاً بيك.
أحمد منصور: أهلاً بيك.. الوزير ينفي أنه أدلى لك بأي معلومات، وأنت استندت إليه في عدة مرات في كتابك عن بورقيبة.
الصافي سعيد: يا سيدي، أولاً: لا أريد أن أدخل في مثل هذه المناقشات، العفو، أولاً أنا السيد أحمد بالنور.
أحمد منصور: لأ، أنا فقط.. أنا فقط.. فقط.. فقط يعني أنا.. أنا..
الصافي سعيد: السيد أحمد بالنور، أنا أعرفه جيداً، والتقيت معه في باريس عدة مرات، وأنا التقيت معه على الكازينو أو إلى المقهى.
أحمد منصور: معالي الوزير أرجو أن تبقى معي معالي الوزير.
الصافي سعيد: أنا ألتقي معه لأتحدث معه في تاريخ تونس، وأعرفه وزرته في بيته عدة مرات، وعشت معه جلسات حقيقة كانت ممتعة، وهو الذي أخبرني بأنني كنت محكوم بالإعدام، وأنه لو قُبض عليَّ لكنت أعدمت.. أُعدمت بيده وهو يعترف بذلك، هذا السيد.. هذا من جانب السيد أحمد بالنور، بس أود أوصل شهادات هؤلاء..
أحمد منصور: أنا.. أنا بس أستاذ صافي.. أستاذ صافي.. أستاذ صافي، ابق معي، الآن أنا أتيح الفرصة للوزير يقل ما عنده.
أحمد بالنور: النظام، عايش خارج البلاد، ولكن عمري ما كنت عندي علم أنك أنت محكوم عليك بالإعدام، وهذا.. هذا غلط ومش صح.
أحمد منصور: طيب معالي الوزير..
أحمد بالنور: يعني أحبك تكون.. أحبك تكون.. وصادق، عمري ما تحدثت معاك في كتاب أو معاك في..
(9/405)
الطاهر بلخوجة: يعني ولا أبداً عمري ما سمعت إن الصافي محكوم عليه بالإعدام، أي محكمة؟ وأي تاريخ؟ كلام.
أحمد منصور: سنسأله.. سنسأله..
أحمد بالنور: لا.. لا.. لا..
أحمد منصور: لكن معالي الوزير.. معالي الوزير..
أحمد بالنور: كنت ألتقيه مرتين أو ثلاثة في مقهى.. مقهى باريس في باريس.
أحمد منصور: الآن..
أحمد بالنور: وأن اشتغلنا على موضوع كتابك، وتحدثنا على موضوع كتابك.
أحمد منصور: معالي الوزير، الآن..
أحمد بالنور: هذا تجني.
أحمد منصور: الآن الصافي سعيد بين قبضة وزير أمن ووزير داخلية، سيبقى معنا، لكن أكمل لي.. أكمل لي معالي الوزير ما لديك بخصوص كتاب الصافي سعيد باعتبار كتاب الصافي سعيد من أهم المرجعيات عن تاريخ بورقيبة.
أحمد بالنور: يا سيدي أنا..
أحمد منصور: "بورقيبة سيرة شبه محرمة".
أحمد بالنور: لا أعترف بهذا المرغى الذي نسبه إلي، ولا حدثته مطلقاً في.. في.. في أي شيء يهم الحكم في تونس.
أحمد منصور: طيب.
أحمد بالنور: كنت نتقابل في المقهى مع أصدقاء، نشرب قوة ونحكي بأوضاع عامة، ولكن عمرنا ما.. ما جبنا سيرة النظام ولا بورقيبة نتحدث في عموميات، هو..
أحمد منصور: لكن هو ربما.. ربما استند إلى أحاديث المقهى هذه، وأخذ.. ودونها في الكتاب..
أحمد بالنور: أنا أتحدث في مقهى على.. ما نتحدث عن.. عن.. عن المرحومة وسيلة بالطريقة هذه، أنا متجني عليها، عمري ما قلت لي الكلام اللي قاله هو..
أحمد منصور: يعني المشكلة إن بعض السياسيين حينما يتحدثون إلى الصحفيين يسترسلون في الكلام، وحينما يُنشر الكلام ممكن أن يتنصلوا منه.
أحمد بالنور: يا سيدي، أولاً: استعمل.. أخلاقية المهنة وقت اللي بتستعمل كتاب تعلمني أنت كيف تتحدث أنت عندك كتاب.
أحمد منصور: أنا عندي الكتاب، نعم.
أحمد بالنور: لا.. لا، تعلمني أنت قبل.. وقت اللي نتحدث معاك.. تعلمني عن أنت تعد في كتاب بيش تكتب كتاب.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
(9/406)
أحمد بالنور: أولاً، وما علمني لا كتاب لا يطبع كتاب إلا وقت.. عصره، عمره ما قال لي يحضر في كتاب.
أحمد منصور: آه، هو لم يخبرك أنه يحضر في كتاب.
أحمد بالنور: معناها عمره ما علمني أبداً.
أحمد منصور: طب ليس من الضرورة المهم أنك بتقول له معلومة هو يرجع لها.
أحمد بالنور: ما قلت له إعدام، ولا كنت على علم.
أحمد منصور: طيب خلينا الآن.
أحمد بالنور: أنا أعلم أنه معارض عايش في لبنان فقط، ولا كنت أعلم بالموضوع.
أحمد منصور: طيب.. طيب.
أحمد بالنور: هذا تجني يا أخي.
أحمد منصور: أستاذ صافي.. أستاذ صافي.
الصافي سعيد: أموره وتفاهاته وعظمته أيضاً، بورقيبة شخص آخر، وما يهمني أنا -سي أحمد منصور- يعني 5 دقائق عن بورقيبة لكن أتحدث عن شخصية بورقيبة.
أحمد منصور: أنا سأعطيك المجال، لكن الأول..
الصافي سعيد: لأنه كلكم تودوا بعد.. بعد أن توفي بورقيبة....
أحمد منصور: الأول.. أستاذ صافي.. أستاذ صافي، أجبني.. يا أستاذ صافي، أرجوك جاوبني الأول على سؤالي: متى حُكم عليك بالإعدام؟ ومن أي محكمة؟
الصافي سعيد: في.. في.. في قضية قفصة كنت أنا في بيروت -والسيد أحمد بالنور يعرف- وكانت فيه مؤامرة للقبض عن أكثر من ثلاثة عشر تونسي آخر لكي يقدمونهم كوجبة ثانية للإعدام، وأنا الذي توسطت لإطلاق سراحهم، وكانوا مسجونين عند أبو إياد كمان الله يرحمه رغم كل ذلك، وكان السيد الطاهر بلخوجة والسيد أحمد بالنور هم الذين ينتظرون هؤلاء للإعدام، وفوجئ.. هو الذي أطلق سراحهم، وكنت من بينهم.
الطاهر بلخوجة: عيب.. عيب، حرام عليك.
الصافي سعيد: وأحمد بالنور هو الذي أخبرني..
الطاهر بلخوجة: حرام.. حرام عليك تحكي حكايات يا سي صافي، حرام عليك.
الصافي سعيد: وفيه ما يفيد، وفيه وثائق تفيد ذلك وتصبح هي..
أحمد منصور: يعني إعدام بدون محاكمة؟ يا أستاذ صافي، إعدام بدون محاكمة؟
الطاهر بلخوجة: كلام.
(9/407)
الصافي سعيد: لأ، هو.. وهم كانوا يحاكمون هؤلاء، لم يكونوا يحاكمون.
الطاهر بلخوجة: يقول نجره إلى الإعدام، ماقالش حُكم عليه بالإعدام، يناقض نفسه بنفسه.
الصافي سعيد: هؤلاء كانوا يرجعون الزور بالزور والمهاترات، والذين يقبضون عليه يدخلونه إلى السجن، ويذهبون إلى السجون.
الطاهر بلخوجة: لا أبداً، أنت تشوف..
الصافي سعيد: وهذا الكلام أنا.. أنا أعرف من عدة مصادر وعليه تحليت.
أحمد منصور: معالي الوزير أحمد بالنور.. معالي الوزير أحمد بالنور، معي؟
أحمد بالنور: وعطيناهم منازل وعطيناهم رخص للشغل، وشغلناهم وكرمناهم، ويعرفوا الجميع، هذا الكل يعرفه، هذا الكل جماعة الكل.. اتفقنا مع الإخوان الفلسطينيين بيش.. بيش يرجعوا تونس، وكنت أنا شخصياً نشغل، كنت أشغل فيهم، والآن حالياً عدة إطارات كانوا في المؤتمر.
أحمد منصور: طيب، معالي الوزير.. معالي الوزير.
أحمد بالنور: وفي الآخر رجعوا لتونس.
أحمد منصور: معالي الوزير أحمد بالنور، معالي الوزير.. معالي الوزير، وزير الأمن ووزير الداخلية معانا، لك ملاحظات أو لك شيء تضيفه فيما قاله وزير الداخلية الطاهر بلخوجة؟
أحمد بالنور: لأ، حبيت أنا فقط أخ أحمد منصور، والله نقول أن الكلام اللي جاء على لسان المرحومة وسيلة غير صحيح، لأنه مش.. مش من أخلاقياتها، ومش.. مش من طبيعتها القول بهذا.. بهذه الطريقة، بل..
أحمد منصور: الكلام اللي قيل على لسانك أنت؟
أحمد بالنور: نعم؟
أحمد منصور: على لسانك أنت فيما يتعلق بوسيلة؟
أحمد بالنور: أيوه، نعم.
أحمد منصور: نعم، أنت تتحدث عن.. عن ما ورد في كتاب الصافي على لسانك فيما يتعلق بوسيلة؟
أحمد بالنور: في كتاب صافي هو غير صحيح وغير وارد تماماً، حبيت أعطيك إن المرأة هذه عندها إيجابيات كثيرة، وبطبيعة الحال عاشت مع بورقيبة، وتنتمي لمدرسة بورقيبة اللي معروفة بالرصانة وبالمسؤولية، ما يسمح.. مش معقول تقول كلام كما هذا يا شيخ.
(9/408)
أحمد منصور: شكراً لك.
أحمد بالنور: وحتى لو كانت ما تقولوش..
أحمد منصور: أشكرك يا معالي الوزير، أشكرك شكراً جزيلاً، ويعني أول مرة يكون وزير أمن ووزير داخلية في وقت واحد، وزير داخلية.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، خلاصة يا سيد أحمد خلاصة.. وخطيرة.
أحمد منصور: اتفضل.
الطاهر بلخوجة: لأنه، هذا كله معنى هذا كله.. هذا كله..
أحمد منصور: أنا لسه هأسيب لصافي الفرصة أنه يتكلم.
الطاهر بلخوجة: لأ، هذا كله.. هذا كله لغياب..
أحمد منصور: أخلي الصافي يتكلم وبعدين الآخر أنت تمارس معه ما يمارسه وزراء الداخلية مع البسطاء من الناس.
الطاهر بلخوجة: لا.. لا.. لا.. أنا ما..
أحمد منصور: مع الصحفيين بالذات.
الطاهر بلخوجة: أنا كنت وزير إعلام كنت أكثر من.. أكثر من..
أحمد منصور: لأ، وزير داخلية ووزير أمن أهم حاجة دي.
الطاهر بلخوجة: شوف يا سيدي، والله هذا كله لأن.. لأن ثم هنالك نقص، فهذا في الكتاب أو في الشهادات حتى يجيش الصافي يكتب ما يشاء ويقول ما يشاء.
أحمد منصور: أستاذ صافي.
الطاهر بلخوجة: وهذا.. وهذا..
أحمد منصور: أستاذ صافي، معي الصافي؟
الصافي سعيد: نعم، أنا أسمعك.
أحمد منصور: أستاذ صافي، أنا قرأت كتابك بدل المرة عدة مرات، أسلوبك رشيق وجميل، وتكتب بشيء معلوماتي مركز مع اختلافي مع الوزير وطبعاً.
الصافي سعيد: شكراً.
أحمد منصور: أكيد الآخرين بيختلفوا كثير في الموضوع.
الصافي سعيد: لا..
أحمد منصور: وطبعاً أنا أتحفظ على بعض الأشياء بشكل نقدي، لكن يعني كتابك بيعتبر..
الصافي سعيد: لأ، ليش؟
أحمد منصور: غيرك لم يكتب، يتحمل مسؤولية أنه لم يكتب، لكنك أنت كتبت بشكل منظم.
الصافي سعيد: هذا هو.. هذا هو الفرق بيني وبينهم.
(9/409)
أحمد منصور: كتابك لمن أراد أن يقتنيه، وليس دعاية، لأن الكتاب يستحق لمن يعرف "بورقيبة سيرة شبه محرمة" من منشورات رياض الريس لمن أراد أن يعرف الجانب الآخر لفترة حكم الحبيب بورقيبة من 57 إلى وفاة الرئيس في العام 2000، وكذلك وسيلة، ممكن تقول لي -باختصار- تعليقك على شهادة الوزير الطاهر بلخوجة، لاسيما وأنك تعرضت له في الكتاب بشكل كبير للغاية؟
الصافي سعيد: أنا السيد.. السيد الطاهر بلخوجة.. حقيقة لم أتكلم أعرفه التقيت معه مرةً واحدة في باريس مع بعض الزملاء، وتحدثت معه، لكنني واحد من هؤلاء الذين لم آخذ بشهادتهم ولم أسع للحديث معهم، لكن كنت أعرف أنه مرتبط بصحفي آخر حتى ولو ذكرته ما يعنيش، وهو اللي كتب ما.. ما.. ماذا يحدث في تونس، كان مرتبط بهذا الشخص، وساءت علاقته فأنا لم أراه، بينما أنا رأيت كل الوزراء الذين عرفوا بورقيبة من الصَّياح إلى زوجته وسيلة المرحومة، عرفت بوتفليقة، عرفت بن بيلا، عرفت كل الناس الذين عرفوا بورقيبة من الصغار إلى والكبار.
أحمد منصور[مقاطعاً]: نقلت عنهم جميعاً في الكتاب.
الصافي سعيد: وأخذت بكل الشهادات ورويت روايتي، أنا أعتقد أنه لو نشاهد أنا وياك يا أخ أحمد حادث سيارة في الطريق في نفس اللحظة، ستروي أنت رواية وسأروي أنا رواية.
أحمد منصور: صحيح.
الصافي سعيد: أنا هذا أعتقد به، ولا نتخالف في ذلك، لكن الزبدة واللب ولب الموضوع أنا كتبت هذا الرجل الذي سيطر على القرن الكذا، ولا أحد تشجع لا من النخبة الثقافية، لا الفرانكفونيين ولا الأوروبيين ولا اليساريين.
الطاهر بلخوجة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: صح.
الصافي سعيد: ولا الإسلاميين ولا الوزراء كتبوا حتى مذكراتهم بصدق.
أحمد منصور: أنا عانيت.. أنا عانيت..
الطاهر بلخوجة: هذا.. هذا..
(9/410)
أحمد منصور: أنا عانيت معاناة مريرة، إضافة لكلامك أنا عانيت معاناة مريرة جداً وأنا أُحضر في شهادة رئيس الوزراء محمد مزالي وكذلك شهادة معالي الوزير الطاهر بلخوجة عانيت معاينة.. معاناة شديدة في تاريخ تونس وتجميع المعلومات، وبقيت سنة كاملة أبحث من هنا ومن هناك، وأنت ما تقوله محق، والوزير يؤكد على كلامك أيضاً.
الطاهر بلخوجة: أؤكد على ذلك، وفيه معناها طلب ملح من طرف المواطنين.. من طرف الشبان أن يقرءوا عن ماضيهم.
أحمد منصور: وأن.. أن.. أن يكتب تاريخ تونس بشكل..
الطاهر بلخوجة: لأ أنا ليش كتبت أنا، ليش كتبت أنا قلت أنا..
أحمد منصور: أنت أيضاً لك كتاب حتى أيضاً لا أبخسك حقك، "الحبيب بورقيبة.. سيرة وزعيم، شهادة على العصر"، هذا كتاب أيضاً للوزير الطاهر بلخوجة.
الطاهر بلخوجة: مساهمة.
أحمد منصور: وإن كان طبعاً أنا لي ملاحظات نقدية على الكتابة في.. في كتابك.
الطاهر بلخوجة: لأنه كتب بالفرنسية من الأول.
أحمد منصور: كتب بالفرنسية وقيل أنك يعني أضفت هنا أشياء.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: ليست موجودة في الطبعة الفرنسية.
الطاهر بلخوجة: صحيح.
أحمد منصور: ولم تلتزم بالتواريخ بشكل أزعجني أنا أيضاً في التحضير، اكمل يا أستاذ صافي.
الصافي سعيد: نعم، وكل ما أريد أن أقوله هو عنى بورقيبة، أن بورقيبة كثير من الناس يعتقدون أنه شخصية عقلانية وواقعية، أنا ضد هذه النظرة، أولاً نظرة سفسطائية ونظرة دعائية، بورقيبة هو شخصية هستيرية، ولا يجب أن يؤخذ هذا التعبير بالمعنى السلبي، شخصية هستيرية.
أحمد منصور: أنتم في تونس لكم عبارات لازم نفهمها بشكل واضح.
الصافي سعيد: شخصية (...) بشكل واقعي، أريد أن أفسر ذلك.. أريد أن أفسر ذلك.
أحمد منصور: باختصار.
(9/411)
الصافي سعيد: وهذا.. وهذه الميزة يتميز بها كثير من العباقرة الحقيقة ومن العظماء وبورقيبة عنده.. عنده لذتين يتمتع بهما هو لذة الذم في مكان في الأكل أو في الخطاب أو في الكلام، ثم لذة الدموع، روى لي مرة المصمودي قال دخلت عليه ووجدت أمامه كراسة فكاتب عليها ربع ساعة في خطاب، ربع ساعة للتعرض للحركة الوطنية، ربع ساعة لفرنسا، 5 دقائق على الإطلاق، وفاصل من البكاء، كان بورقيبة يمثل، وكان ممتهن التمثيل، وكان يحب التمثيل، وهو يتصرف.
أحمد منصور: معظم القادة السياسيين كده حتى لا نظلم الرجل يا أستاذ صافي، معظم القادة السياسيين هكذا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: لك تعليق على ما ذكره الصافي؟
الطاهر بلخوجة: إلا والله أنا اتفق مع الصافي سعيد أن كونه ما فيش كتابة وإحنا في حاجة إلى الكتابة، ولكن هو من غير شك كتابة صحافي مش كاملة.
أحمد منصور: إحنا اللي بنكتب التاريخ يا معالي الوزير حتى للسياسيين.
الطاهر بلخوجة: أيوه أي نعم، رجال التاريخ هي اللي تصفى بعدين، أنا أكتب وأساهم، ويكتب الصافي، ويكتب غيره، ويكتب مسؤولين آخرين، ما شاء الله، يا سيدي في البلدين الغريبة تكتب الكتب بالآلاف عن رؤساء الدول، إحنا معناها.
أحمد منصور: أنتم زرعتم الرعب، أنتم كوزراء داخلية..
الطاهر بلخوجة: والله يا سيدي، أنا أعطيك.
أحمد منصور: زرعتم الرعب في نفوس الناس والناس بتخاف تكتب وبتخاف تتكلم وبتخاف تقول أي حاجة، لإن إما.. إما السجن بينتظره أو تعذيب أو مشنقة أو أي شيء، أنتم الذين زرعتم الرعب في نفوس الناس.
الطاهر بلخوجة: والله أنا ما زرعت، والله ما فيش.. ما فيش رعب في هذه.
أحمد منصور: ما فيش رعب؟!
(9/412)
الطاهر بلخوجة: والناس ممكن يكتبوا يا سيدي، أنا أعطيك.. أنا أعطيك وضعية الأهرام في الكتابة، البلدان العربية أعطيك، هذا (...) معناها المنظمة العالمية ما تقول؟ فيما يخص الكتابة والله أنا، تقول أن الترجمة.. ترجمة الكتب الأجنبية إلى العربية وشيء أساسي، حتى يعرف العرب ما يكتب في الخارج، 300 كتاب سنوياً كل البلدان العربية تترجم 300 كتاب سنوياً ما يساوي 1/5 الكتب التي تترجم سنويا في اليونان، هذه مش مهزلة؟! معناها كيف.. كيف.. كيف تقول أنا.
أحمد منصور: إحنا مش عايزين نترجم، إحنا عايزين نعرف واقعنا، عايزين نعرف تاريخنا، عايزين نعرف نعرف الحقائق والمعاناة التي تعيشها الأمة خلال الخمسين سنة الماضية.
الطاهر بلخوجة: إحنا.. إحنا كتابات عربية مش موجودة.. إن على بورقيبة نلقي كتاب الصافي سعيد وكتاب الطاهر بلخوجة ومات المنجي سليم ومات الهادي نويره ومات عبد الله فرحات ومات، ولم يكتب أحد.
أحمد منصور: أنا رجعت لأكثر من عشرة كتب على الأقل.
الطاهر بلخوجة: يا ليت الآخرين الموجودين طب يكتبوا يا سيدي، وخلي الرجال الثانية تكتب، أنا.. أنا شفنا للشهادة على العصر،
أحمد منصور: طيب كيف؟
الطاهر بلخوجة: شوفت الشغف بتاع الشبان لمعرفة ماضيهم.
أحمد منصور: هيكتبوا إيه عن الديكتاتورية والتعذيب والسجون
الطاهر بلخوجة: لأنه ما فيش كتابة، وابتدوا وبفضل.. بفضل (الجزيرة) وبفضلكم اكتبوا أنتم لكن.. لكن عشرة حصص هاديك معناها التونسيين كانوا كلهم مشدودين (بالجزيرة) على.. للاستماع إلى.. ولمشاهدة الحصة، لأن ما فيش.. ما فيش حصص أخرى، وياليت مع (الجزيرة) إذاعتنا القومية أيضاً وصحافتنا القومية تكتب عن تاريخنا وتكتب عن رجالاتنا، هل يعقل أن الرئيس بورقيبة لا.. لا نتحدث عنه؟
أحمد منصور: هيكتبوا عن أيه؟ أحل كلها ذنوب، الحسنات قليلة.
الطاهر بلخوجة: صحيح، والله قول بحسناته وبسيئاته قول فقط، اكتب فقط.
(9/413)
أحمد منصور: ما أنتم مش عاجبكم السيئات اللي كاتبها الصافي في الكتاب.
الطاهر بلخوجة: لا تتجاهل، لا.. لا مرجع من المراجع، ولكن أنا أعرف أن كونه مش مرجع كامل فيه وعليه، كما في كتابي ربما فيه وعليه أيضاً وخلي رجال التاريخ تصفي.
أحمد منصور: مراسل صحيفة الحياة في تونس، الأستاذ رشيد خشاني، في أستاذ رشيد.
رشيد خشاني: السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام.
رشيد خشاني (مراسل صحيفة الحياة في تونس): والله يا أستاذ أحمد أولاً ينبغي توجيه تحية إلى (الجزيرة) لأنها أتاحت لنا ما هو غير متاح في الإعلام التونسي.
الطاهر بلخوجة: أيوه.
رشيد خشاني: فقد مكنت الأجيال الجديدة من التعرف على بعض من تاريخها القريب.
الطاهر بلخوجة: ما قلته.
رشيد خشاني: وكذلك الأجيال التي عاشت تلك الوقائع، يعني اتاحت لها أن تتجادل حولها في حلقات سابقة مع السيد محمد مزالي، ثم مع السيد الطاهر بلخوجة، وفي.. وفي التليفزيون التونسي مثلاً لم تكن هنا أي حلقة بهذا المستوى من المهنية.
أحمد منصور: شكراً.
رشيد خشانة: لذلك نحن نحتاج إلى شهادات سياسيين آخرين حول الحقبة، وكذلك عن مرحلة ما بعد 7 نوفمبر 87، في الحقيقة تابعت معظم شهادات السيد الطاهر بلخوجة، وأتيح لي أن أتابع في مؤسسة التميمي في تونس شهادات وزراء آخرين أحمد بن صالح والباجي قائد السبسي والمنجي القعلي ومحمد الصيَّاح، وأنا أندهش –كتونسي- عندما أقارن حجم الجدل حول التجربة الناصرية في مصر مثلاً ومنع أي حوار حول بورقيبة والبورقيبة في الإعلام التونسي، يعني هذا في تقديري هو جزء من عصر الظلمات الذي تعيشه تونس ليوم، فالمهم أننا إذا تابعنا كل هذه الحلقات نستنتج بعض الاستنتاجات والاستخلاصات التي تهم التونسيين جميعاً.
أحمد منصور: باختصار.
(9/414)
رشيد خشاني: وأنا استنتج من شهادة السيد الطاهر بلخوجة والوزراء الآخرين أن تونس عاشت بين 64 و81 سيطرة الحزب الواحد والرأي الواحد وقمع الرأي المخالف، وفي مرحلة ثانية مع بداية الثمانينات انتقلنا إلى تجربة تعددية، لكنها أجهضت كما قيل في الحلقة الأخيرة من برنامجكم، وبالتالي خسرت تونس (...) التعددية حسب العبارة التي استخدموها أستاذ أحمد واستخدمها السيد الطاهر بلخوجة، معنى ذلك أننا كنا سننطلق على سكة الديمقراطية والتداول السلمي قبل 20 سنة من الآن، ولكن التجربة -كما قلتم- أجهضت، لماذا؟ لأن الحزب الواحد الذي تزوج الدولة قطع السبل بواسطة القانون وبواسطة السواعد المفتولة أمام وصول الرأي الآخر إلى الهيئات المنتخبة، هذا يقودنا إلى مشكلة جوهرية طرحت في الحلقات العشر التي تابعناها، وهي هيمنة الحزب الحكام على الدولة والإدارة مما أفسد آلية الانتخابات وعطل إرساء الديمقراطية، والنتيجة طبعاً هي أن التعددية جاءت في عام 94 أي بعد تنحية بورقيبة جاءت مشوهة وفاقدة لأي مصداقية أما الرأي العام، هنا أريد أن أتوقف عند جانب لم يعطه السيد الطاهر بلخوجة ربما ما يستحقه من التركيز، ربما بسبب الوقت، وهو أن بورقيبة لم يميل إلى الديكور الديمقراطي في 81 وخاصة في 83 اعترف بورقيبة بتشكيلات سياسية حقيقية، لم تكن أحزاب مصطنعة أو مستنسخة كان هناك الحزب الشيوعي وهو حزب قديم كما تعرفون، كانت هناك حركة الديمقراطية الاشتراكيين بزعامة السيد أحمد المستيري والتي يعني كانت حركة حقيقية وحزب حقيقي وكان هناك حزب وكان يصدر آنذاك صحيفة أسبوعية، كان هناك الاتجاه الإسلامي رغم المحاكمات والسجن، قبل أن تسود السياسة الاستئصالية الشاملة في التسعينات.
(9/415)
أحمد منصور: أشكرك يا أستاذ رشيد لم لأني لم يعد لدي وقت للأسف باقي.. أعطي الأستاذ صلاح الدين الجورشي (الكاتب الصحفي التونسي المعروف) دقيقتين يا أستاذ صلاح وأعذرني واعتذر إليك عن تأخري عليك، اتفضل.
صلاح الدين الجورشي: مساء الخير.
أحمد منصور: مساك الله بالخير.
صلاح الدين الجورشي (كاتب صحفي): أنا أولاً أريد أن أحييكم وأحيي ضيفك السيد الطاهر بلخوجة، عندي ملاحظتين أقولها.. أقولهما بسرعة.
أحمد منصور: تفضل.
بورقيبة بين طبيعة الديكتاتورية وتأثير الإطار السياسي عليه
صلاح الدين الجورشي: أولاً يعني لبورقيبة أوجه متعددة منها الإيجابي ومنها السلبي، فالحكم عليه مطلقاً حكم يبقى بعيد عن الموضوعية، لكن هناك شبه إجماع أن بورقيبة بإسلوب إدارته للحكم حال دون قيام دولة حديثة ترتكز على المؤسسات والاحتكام للشعب، إذن بورقيبة كان ديكتاتورياً له مميزاته وله مواصفاته، السؤال الذي لم يناقشه بشكل عميق السيد الطاهر بلخوجة أو الكثير ممن عملوا مع بورقيبة هو هل أن بورقيبة ولد ديكتاتوراً أو بالتالي سيطر بحكم نزعته الاستبدادية عنده، وبالتالي شاركوا مشاركة فعالة وخطيرة في تأسيس نظام استبدادي في تلك المرحلة؟
أحمد منصور: سؤال هام أختم به الحلقة، وأشكرك عليه يا أستاذ صلاح، تفضل معالي الوزير.
الطاهر بلخوجة: والله إذا متفق معه أن كونه الإطار السياسي هو المسؤول، ولكن لم.. لا أتفق معه وقف اللي يقول إن الإطار السياسي هو الذي ساهم في إرساء الديكتاتورية وإلى غير ذلك، كان وضع عام كلهم، وكلما.. كان.
أحمد منصور: لكن هو.. هو بورقيبة بنفسه ألم يكن بطبيعة أنه دكتاتورية؟
الطاهر بلخوجة: والله أبداً والله أبداً والله إنسان إلى أبعد حد.
أحمد منصور: لما كان بيضرب الوزراء بالعصاية ما كانش ديكتاتور؟
الطاهر بلخوجة: إنساني، أبداً هذا.. هذا من كان.. هذا من الأمور الفولكلورية.
أحمد منصور: دلع يعني.
الطاهر بلخوجة: دلع.
(9/416)
أحمد منصور: بيدلعهم بالعصاية.
الطاهر بلخوجة: أما وزير يقبل معناها أن يضرب بالعصا، ولا يضرب.. بورقيبة أخلاقه هو رجل متربي في مستوى عالي، عمرك شفت رجل متربي في مستوى عالي كبورقيبة، رئيس دولة يضرب بالعصاية وهو عنده حاجة في ذلك.
أحمد منصور: رئيس الوزراء قال يا سيدي.
الطاهر بلخوجة: لا أبداً أبداً، لا.. لا مش صحيح، لأن معناها من الأمور الفولكلورية، ولكن إحنا نيجي هذا على كل حال خلى اسم أم لا؟
معناها العهد بتاعه عهد.. عهد عظيم أم لا؟ هل له معناها إنجازات خارقة؟ هذا الأساس.. هذا لا.. لا.
أحمد منصور: عهد مليء بالاستبداد والديكتاتورية والقمع الأمني للناس.
الطاهر بلخوجة: لا القمع لا، القمع معناها ظرفي، ما هو أشي كان.. ما هوش ما هيش المنظومة.
أحمد منصور: يعني أيه ظرفي؟
أحمد منصور: يعني ايه تقتلوا الناس في الشارع وتقول لي ظرفي؟ يعني ايه تعذبوا الناس في السجون وتقول لي ظرفي؟
الطاهر بلخوجة: ما كانش المنظومة والـ system معناها system بوليسي وقمع هذا.
أحمد منصور: الأنظمة تأتي للحفاظ على كرامة الناس وليس لإهانتها.
الطاهر بلخوجة: كانت بعض.. كنا بعض أقواس معنا في بعض الحالات عشان صار فيها نوعاً من التجاوزات، ولكن انظر إلى.. إلى بورقيبة لو عاش.. شوف الانجازات شوف.
أحمد منصور: في دقيقة بقيت كيف تنظر إلى مستقبل تونس بعد قرن بورقيبة؟
الطاهر بلخوجة: والله أنا.. والله أنا مستقبل تونس انظروا في مستقبل البلدان.. البلدان.. البلدان العربية، على أساس أن لنا أن في حاجه أكيدة أن تواكب العصر، وأن نجعل من.. من البلدان العربية أن تلتقي مع.. مع البلدان الراقية، وأن تركب القافلة، وأن لا يكون معناها من.. من.. من.. ككل البلدان الأخرى نكون إحنا في طريق النمو.. في طريق النمور، ولنا رجالات، ولنا إمكانيات، ولنا مال، ممكن أن ندخل السوق، ونحجز ما شاء الله.
(9/417)
أحمد منصور: أشكرك يا معالي الوزير، أحد عشر ساعة ونصف الساعة، تحملت كل شيء فيها بصدرك الرحب مني.
الطاهر بلخوجة: شكراً، لك والله، الفضل فيه لك يرجع الكثير، لأن مكنت التونسيين من الاستماع إلى عديد من الأمور، وشكراً وتقديراً (للجزيرة) لذلك.
أحمد منصور: أشكرك يا سيدي.. شكراً جزيلاً لك، كما، أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج ومخرجه فريد الجابري، وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/418)
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق(9/419)
الخميس 9/12/1422هـ الموافق 21/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 15:29(مكة المكرمة)،12:29(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصرى الأسبق
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
25/09/1999
حسين الشافعي
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة مع شاهد جديد في برنامج (شاهد على العصر).
المكان: مدينة القاهرة.
الزمان: 1999م.
الشاهد: السيد (حسين الشافعي) نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق.
ولد السيد (حسين الشافعي) في مدينة (طنطا) في 8 فبراير 1918م، التحق بالكلية الحربية في 6 أكتوبر 1936م، وتخرج منها في يناير 1938م، التحق بسلاح الفرسان فور تخرجه من الكلية الحربية، انضمَّ للضباط الأحرار، وكان من المشاركين الأساسيين في قيام الثورة في 23 يوليو 1952م، كان أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعُيِّن وزيراً للحربية في أول حكومة أسسها (جمال عبد الناصر) عام 1954م، كما عُيِّن بعد ذلك وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل، واستمر في منصبه حتى عام 1961م، حيث عُيِّن نائباً لرئيس الجمهورية، وظل في منصبه حتى وفاه (جمال عبد الناصر) عام 1970م، كما ظلَّ نائباً لرئيس الجمهورية في عهد الرئيس (محمد أنور السادات) وحتى 4 من إبريل عام 1975م، حيث ترك منصبه دون إقالة أو استقالة.
سيد (حسين الشافعي) مرحباً بك.. (حسين الشافعي) الطفل في مدينة (طنطا)، (حسين الشافعي) الطالب في الكلية(9/420)
الحربية.. (حسين الشافعي) الضابط في سلاح الفرسان.. (حسين الشافعي) الذي شارك في قيام ثورة يوليو وكان أحد أعمدتها.. (حسين الشافعي) وزير الحربية في أول حكومة شكَّلها عبدالناصر عام 1954م.. (حسين الشافعي) نائب رئيس الجمهورية من 1961م إلى 1975م.. (حسين الشافعي) خارج السلطة وخارج الحياة السياسية، حياة حافلة بالأحداث الجسام، وبالأمور الهامة التي عاشتها مصر طوال هذه الفترة التي كنت أحد الشهود الرئيسين فيها على الأحداث.. أبدأ بك من مدينة (طنطا) من حياة الطفولة، كيف كانت طفولتك؟ وكيف كان تأثيرها على حياتك فيما بعد؟
حسين الشافعي: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن سيدنا محمد رسولَ الله –صلى الله عليه وسلم- صلاة وسلاماً عليك يا رسول الله في شهر الهجرة النبوية التي كانت منطلقاً لعهد جديد، ولبناء أمة، ولبناء مجتمع، ولإقامة منهج نفتقده إلى الآن حتى تعود للأمة الإسلامية التي يُنكَّل بها على آفاق بعيدة، وفي مجالات متعددة إلى أن تستعيد عزتها وكرامتها بنفس المنهج الذي أقامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
إنني أشكر هذا البرنامج، وعلى وجه التحديد أن أكون شاهداً على العصر، فهذه أمنية كنت أتطلَّع إليها، لأن هذه الشهادة أمانة في أعناقنا، وواجب علينا، وحق للمواطنين الذين ينبغي أن يعرفوا الحقيقة، ولنبدأ من مدينة (طنطا) حيث وُلدت في 8 فبراير 1918م من المنزل الذي أقامه الوالد وكان برقم (6) في شارع
(حسن باشا راضون) المتفرع من ميدان (كتشنر) والغريب أني أنا أسكن اليوم في منزل أيضاً رقم (6) أيضاً في شارع وزارة الزراعة عند منزل كوبري 6 أكتوبر، ومن المصادفات الغريبة أنني أول ليلة أقضيتها في هذا البيت بعد أن تمَّ تأسيسه كانت ليلة (6) أكتوبر 1958.
(9/421)
ولدت في (طنطا) في هذا المنزل واحد من (11) أخ وأخت، أنا كنت رقم (7) في هذا العدد، وكنت ما بين الذكور رقم (5)، درست في المدرسة الفرنسية التي تدعي (مدرسة الفرير) لمدة ثلاث سنوات، وكانت قريبة من المنزل، ومن الغريب أن اسم هذه المدرسة تُسمَّى باسم القديس (لويس) ومن المفارقات الغريبة أن والدي الذي كان يعمل (باشمهندس) لبلدية (طنطا) نُقل ليكون (باشمهندس) لبلدية المنصورة، وسكنا في منزل يملكه عائلة.. العائلة اللبنانية، عائلة (الجُمِّيل) وكان هذا المنزل في الدور الثالث يُطلُّ على (ميدان الموافي).
أحمد منصور: في المنصورة.
حسين الشافعي: حيث مسجد (الموافي) وحيث السجن الذي سجن فيه (لويس التاسع) بعد معركة المنصورة.
أحمد منصور: أنا عايز أسأل سعادتك، قلت: إن من الأشياء العجيبة اسم مدرسة القديس (لويس) أو مدرسة (الفرير) ما هو وجه الاستغراب الذي تقصده؟
حسين الشافعي: لأن ها دي كانت أول خطوات الاستعمار الفكري عندما فشلوا في أن يحولوا المسلمين عن إسلامهم.
أحمد منصور: يعني أنت تعتبر المدارس.. مدارس الإرساليات التي وجُدت في مصر طوال القرن، ولازال لها امتداد ووجود إلى الآن هي...
حسين الشافعي [مقاطعاً]: بالطبع هي أفادت، ولكن هي ماجتش عشان سواد عنينا ولا عشان تعلمنا، إنما كانت مدخل إن لم تستطع أن تحول المسلمين عن إسلامهم فلا أقل من أن يكون هناك تعاطف -ولو فكري- بالنسبة لهذه الثقافة.
أحمد منصور: أنت شعرت بشيء من التعاطف حينما درست في هذه المدرسة، أو شيء من التغيير في أفكارك كطفل مسلم؟
(9/422)
حسين الشافعي: أنا لم أدرك هذا إلا متأخراً، عندما اتضحت الصورة بما لا يقبل الشك، وأصبحنا فعلاً بيصدق فينا قول الله (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاًّ ولا ذِمَّة) وقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: تكاد تتكأكأ الأمم عليكم كما تتكأكأ الأكلة على قصعتها، قالوا: أمن قِلَّة نحن إذ ذاك يا رسول الله، قال: لا، بل أنتم كثير ولكن كغثاء السيل.
أحمد منصور: لكن أنت في هذه المرحلة من الطفولة لم تشعر بأن هناك رواسب معينة رُسِّبَتْ في ذهنك حينما درست في مدرسة (الفرير) الفرنسية؟
حسين الشافعي: وأنا في المدرسة دي أنا قضيت فيها 3 سنين قبل ما أنتقل إلى المدرسة الأميرية اللي هي مدرسة (القاصد) الابتدائية اللي دخلتها سنة 1926م.
أحمد منصور: في (طنطا) أيضاً؟
حسين الشافعي: في (طنطا) برضة ثم انتقلت إلى المدرسة الثانوية في (طنطا) إلى السنة الرابعة.
أحمد منصور: لكن أنت أخبرتني أنك حصلت على الثانوية من المنصورة.
حسين الشافعي: وعندما انتقل والدي ليكون (باشمهندس) لبلدية (المنصورة) لحقنا به في سنة 1934م لنكون في السنة الأخيرة اللي خدنا منها (البكالوريا) من مدرسة (المنصورة) الثانوية.
أحمد منصور: مؤثرات وجودك كطفل سابع أو خامس بين الذكور في وسط هذه العائلة، هل لها كان لها تأثير في بناء شخصيتك أو تكوينها؟
حسين الشافعي: الحقيقية يعني هذه الأسرة كانت أسرة متماسكة إلى أقصى حد، وكان بيربطها قيم، واحترام متبادل لدرجة أني لم أسمع الوالد وهو ينادي على الوالدة إلا يسبقها بكلمة "يا هانم" لدرجة أني تصورت أن اسمها (هانم) وحقيقة الأمر اسمها (أسماء) وهي (أم إسماعيل) أكبر الأبناء، بدأ بإسماعيل، ثم أحمد، ثم حميدة، ثم فاطمة، ثم محمد، ثم حسن، ثم حسين، ثم كريمة، ثم سعاد، ثم صلاح، والأخير كان عبدالعزيز.
(9/423)
أحمد منصور: بعد حصولك على الثانوية العامة توجهت للالتحاق بالكلية الحربية، هل توجُّهك للالتحاق بالكلية الحربية في ذلك الوقت الذي كان هناك فيه احتلال بريطاني لمصر كان أيضاً الالتحاق بالكلية الحربية قاصر على أبناء الطبقات العليا تقريباً في المجتمع حتى يستطيعوا أن ينفقوا عليهم في هذا الالتحاق، ما هي الدوافع التي جعلتك تسعى للالتحاق بالكلية الحربية؟
حسين الشافعي: عندما حصلت أنا وأخي الأكبر من مدرسة (المنصورة) الثانوية على الثانوية، على شهادة (البكالوريا) كما كانت تُسمَّى في هذا الوقت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الأكبر حسن؟
حسين الشافعي: حسن.
أحمد منصور: نعم.
حسين الشافعي: فذهبنا إلى الوالد في مكتبه، وكان سراي البلدية على النيل، وكان مكتبه هو في الدور الأعلى بيطل على النيل، فلما دخلنا عشان نُحييه ونستأذنه قبل السفر إلى القاهرة للتقديم في الجامعات، وفي المدارس العليا، فلما دخلنا كان الوالد معه أحد الأصدقاء، أو أحد الزائرين، ولما علم إن إحنا متجهين إلى القاهرة للدخول في المعاهد العليا، والمدارس العليا، وفي الجامعات، فقال كلمة، ومازلت أنا بلوم نفسي على الردِّ اللي أنا تسرعت فقلته...
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي؟
حسين الشافعي: فهو بيقول: إن شاء الله تكونوا رجال عظام ذي أبوكم، فأنا بدون يعني، الكلمة قَدَر قلت: لا إن شاء هنكون أحسن، ومازلت يعني بلوم بنفسي على هذه الكلمة.
أحمد منصور: هو يسعده أن تكون أحسن.
حسين الشافعي: هو طبعاً يسعده، إنما أنا حزنت أني أنا قلت هذه الكلمة، لكن يظهر كانت كلمة قَدَر.
أحمد منصور: حينما ذهبتما إلى القاهرة كان واضح في ذهنك تماماً أنك رايح تلتحق بالكلية الحربية؟
حسين الشافعي: والله هي كانت بتتفق مع تكويني واستعدادي من جهة الالتزام والنظام، فأنا في حياتي ملتزم.
أحمد منصور: أي التزام، أي التزام؟
(9/424)
حسين الشافعي: التزام بالقيم والمبادئ اللي أنا لمستها في حياتي في (طنطا) في وسط أهلي، يعني أنا جدي لأبويا كان عمدة (كفر طه شبرا) مركز (قويسنا) في (المنوفية)، وجدي لوالدتي كان عمدة مدينة (طنطا) (مصطفى العزيزي) وأقمنا في (طنطا) وتقريباً بعتبر طنطا هي المكان اللي أنا نشأت فيه، وتربَّيت فيه، ولكن طبعاً تجربة المنصورة أضافت إليَّ أن أنا ألتقي بأهل المنصورة بكل ما يمثلوه من اعتبارات وقيم لا أزال أذكرها حتى الآن.
أحمد منصور: طيب أنا أنتقل معك الآن إلى القاهرة مع شقيقك (حسين) حينما جئتما للالتحاق بالجامعة بعد حصولكما على (الثانوية العامة).
حسين الشافعي: طبعاً ردّاً على الكلام اللي أنت قلته ماكنش دخول الكلية الحربية إلا بواسطة، وكان لي واحد قريب الوالد اسمه (فتوح باشا) كان كبير المعلمين العسكريين في الكلية الحربية لما أنا دخلت الكلية، وكان هو يعني من ضمن اللي إحنا يعني لجئنا لهم عشان يبقى فيه توصية، لكن فيه حادثة غريبة، لأن أنا قدمت في كلية البوليس والمدرسة الحربية في نفس الوقت، وكان أخويا الأكبر (حسن) كان أيضاً مقدم في كلية الشرطة، كان سِنُّه بيتجاوز.. وكان نظره.. ما يقدرش يخش الحربية، الوالد كان بيخدم مع واحد اسمه (رشاد باشا) كان مدير في الغربية في وقت من الأوقات، والغريب أن (رشاد باشا) ده، أبو يوسف كان اسمه (يوسف رشاد) والد (يوسف رشاد).
أحمد منصور: اللي هو طبيب الملك.
حسين الشافعي: كان طبيب الملك.
أحمد منصور: وكان مسؤولَ الحرس الحديديِّ.
حسين الشافعي: فالوالد كلم (رشاد باشا) فدخلنا إحنا الاتنين في كشف الهيئة في الشرطة، أنا و(حسن) أخويا كان على رأس الاجتماع، كان انتقل بقى وكيل الداخلية وكان على رأس الاجتماع.
أحمد منصور: (رشاد باشا).
(9/425)
حسين الشافعي: (رشاد باشا) وكان من ضمن اللجنة واحد اسمه (تيت بيه) اللي هو راجل إنجليزي كان بيتولى برضه الأمر في الشرطة زي برضه (حكمدار) العاصمة برضه كان أجنبي، كان إنجليزي.
أحمد منصور: يعني إحنا نفهم من كده –عفواً- أن الشرطة المصرية، أو جهاز الشرطة، والكلية الحربية في فترة الثلاثينيات -حينما تقدمت- في سنة 1935م أو 1936م كان البريطانيون يسيطرون عليها؟
حسين الشافعي: كانوا يسيطرون عليها، يعني إحنا لما دخلنا المدرسة الحربية كان كبير المعلمين كان إنجليزي كان اسمه (سُوربرن بيه) وكان يلبس (الطربوش) ويحضر ويجي يدي محاضرات في التاريخ العسكري العام، وطبعاً بيجيب معارك انتصرت فيها بريطانيا، وعمرنا ما سمعنا على هذه المعارك.
أحمد منصور: وكشف الهيئة؟
حسين الشافعي: برضه ده كله بيوري صورة المجتمع.
أحمد منصور: إحنا حريصين على نقل الصورة هذه نعم..
حسين الشافعي: فلمَّا دخلنا قدام اللجنة إحنا الاتنين مع بعض (فرشاد باشا) قال: أنا والدكم يعني كلَّمني، وأنا يعني هاخد واحد منكم.
أحمد منصور: قال لكم الكلام ده هذا في حضور..
حسين الشافعي [مقاطعاً]: قدام اللجنة، هاخد واحد منكم، وبص للجنة، قال تخدوا مين؟
فشاوروا عليَّ، وأنا عايز أسيب الفرصة لأخويا اللي ماقدرش ينجح في الحربية.
أحمد منصور: نعم.
حسين الشافعي: فقلت: بس أنا مقدم في المدرسة الحربية، فهو سأل قال: الكشف بتوع اللي قبلوا في المدرسة الحربية جه؟ فقالوا لأ لسه ماجاش.. وهو عايز (عيشى) شُغلة، قال لي: يعني لو قُبِلتَ في الحربية وفي الشرطة تفضل أيه؟ قلت له –طبعاً- الحربية، قال لي: امش.. اطلع بره، فطلعت لأعطي الفرصة لأخويا (حسن) وفعلاً أخويا (حسن) دخل الشرطة، ولكن مقعدش فيها إلا فترة، وبعد كده طلع، وراح كلية الزراعة.
أحمد منصور: بس همه اختاروك ليه، وماختاروش حسن؟
حسين الشافعي: اختاروني وبعدين أنا رجعت على باب الله مش عارف هأُقبَل أو لأ.
(9/426)
أحمد منصور: لأ.. ما أنت.. قل لي السِّر همه اختاروك ليه وما اختاروش حسن وأنتوا الاتنين واقفين؟
حسين الشافعي: يمكن كنت أطول منه شويه ولا حاجة.
أحمد منصور: يعني مش حليوة شويه عنه؟
حسين الشافعي: لا، لجنة بقى يعني إنت عارف حكمها ماحدش عارف إزاي، القصد فرحت ماشي على رجلي من كلية الشرطة في اتجاه المدرسة الحربية فرحت متأخر عن الميعاد، ذي أنت ماجيت متأخر كده في الـ…
أحمد منصور: بس ما كنش فيه أيامها زحمة القاهرة دي.
حسين الشافعي: أعمل أيه؟ فبصيت لقيت اللي قُبِلم راجعين وبيقولوا لي: مبروك إنت قُبِلتَ، فحتى هو مكلفتش خاطري إني أروح أتأكد، أخدت المعلومات منهم، أيه اللي هجهزه؟ وأكون أمته موجود وكده؟ ورحت، وهو قُبِلَ في الشرطة، وأنا قبلت في الكلية الحربية، إنما المهم في هذه العملية أنه كان مقدم معانا (جمال عبدالناصر)..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في نفس الدُّفعة؟
حسين الشافعي: في نفس الدُّفعة، ولكن هو ماقبلش معنا في هذه الدفعة.
أحمد منصور: أيه أسباب عدم قبوله؟
حسين الشافعي: أعداد بتبقى أكتر من العدد المطلوب، فيعني أنا قُبِلتُ...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن الحربية.. ما احتاجتش واسطة زي الشرطة في ذلك الوقت؟
حسين الشافعي: هو يظهر إحنا دخلنا مع معاهدة 1936م، وكانوا عايزين يبقى فيه نوع من التوسع، ولو إن لحد دفعتنا ما كنتش دفعة كبيرة، كنَّا (52) واحد.
أحمد منصور: فقط!!
حسين الشافعي: آه.
أحمد منصور: تفتكر منهم مين؟
حسين الشافعي: أفتكر منهم، واللي كان أخ، وعزيز، وصديق يعني وكان وإحنا داخلين مستجدين كان سريرنا جنب بعضه كان المرحوم الشهيد (محمد عبد المنعم رياض).
أحمد منصور: نعم استشهد في حرب الاستنزاف.
حسين الشافعي: أيه؟
أحمد منصور: استشهد في حرب الاستنزاف.
حسين الشافعي: استشهد يوم 9 مارس سنة 1969م في حرب الاستنزاف.
أحمد منصور: نعم.
(9/427)
حسين الشافعي: والغريب أن هو كان كل واحد بيبقى واخد نمرة السلاح المخصص له، فيبقى فيه عدد من البنادق بعدد الطلبة اللي في العنبر فنمرة السلاح هي النمرة اللي معروف بيها، يعني كل ملابسك تحط عليها نفس النمرة، فكان
(عبدالمنعم رياض) نمرة (96) و(حسين الشافعي) كان نمرة (99) في الوقت ده بقى كان (يوسف السباعي) موجود في الكلية في الدفعة اللي قبلنا.
أحمد منصور: اللي هو الروائي المعروف بعد ذلك.
حسين الشافعي: (يوسف السباعي).
أحمد منصور: الأديب والروائي المعروف.
حسين الشافعي: والصديق، لأنه ده كان زميلَ سلاح، عشنا طول فترة الصحرا دي مع بعض، وله معزَّة ومودَّة كبيرة جداً، والسلاح بقى كان بيشمل طاقات غربية قوي مختلفة يعني مثلاً من اللي أعتز بيهم (أحمد حافظ مظهر) كان برضه أحد زملاء السلاح، وكان دفعة (جمال عبد الناصر) أيضاً.
أحمد منصور: جمال عبد الناصر جاء في الدفعة اللي بعد كده.
حسين الشافعي: جه في الدفعة، يعني قضى 3 أشهر في كلية الحقوق إلى أن أُعلِن عن دفعة جديدة اسمها دفعة مارس 1937 فدخل فيها.
أحمد منصور: أنت درست مع (جمال عبد الناصر) وتزاملت معه في الكلية رغم أنك كنتَ أقدم منه.
حسين الشافعي: آه.. بس هو كنا إحنا في المتوسط لما كان هو...
أحمد منصور [مقاطعاً]: في الأول.
حسين الشافعي: في الإعدادي، ولكن اتخرجنا في نفس السنة بفارق برضه 6 شهور، واللي هي الفرق بين الدُّفعة دي والدُّفعة دي.
أحمد منصور: مين أيضاً مِن الشخصيات الأخرى التي عُرِفَتْ في الحياة السياسية والعسكرية المصرية زاملك أثناء دراستك في الفترة من 1936م ل 1938م في الكلية الحربية؟
حسين الشافعي: والله طبعاً السيد (زكريا محيي الدين).
أحمد منصور: نائب رئيس الجمهورية الأسبق وعضو مجلس قيادة الثورة.
حسين الشافعي: و(أنور السادات) يعني من الدُّفعة في المجال العام يمكن ماكنش في حد.. فيه بدرجة سفير وكده..
(9/428)
أحمد منصور: لكن نقدر نقول: إن علاقتك (بجمال عبد الناصر) و(بأنور السادات) و(بزكريا محي الدين) بدأت أثناء دراستكم جميعاً في الكلية الحربية من 1936م إلى 1938م؟
حسين الشافعي: آه.. طبعاً.. طبعاً، وجودنا في الكلية كان بيدي نوع من الارتباط والزمالة والمعرفة يعني.
أحمد منصور: أنا أقصد أن هذه كانت بداية الزمالة التي تواصلت بعد ذلك، إلى الضباط الأحرار، إلى الثورة، إلى ما بعد ذلك، كانت الكلية هي الأساس؟
حسين الشافعي: يمكن أثناء الكلية بيبقى المعرفة خاصة يا إما بالدُّفعة يا إمَّا بالعنبر أو بالفصيلة، يمكن ما كانتش الفترة ديه فيها معرفة (بجمال عبد الناصر) بالقدر الكافي، إنما ساعة مطلعنا الجيش وطلعنا سوا في الصحرا الغربية أثناء الحرب طبعاً زادت معرفتنا.
أحمد منصور: تخرجت من الكلية الحربية عام 1939م، وهو نفس العام الذي اندلعت فيه الحرب العالمية الثانية، وكانت مصر محتلة من (بريطانيا) وكانت (بريطانيا) إحدى الدول الرئيسية التي دخلت الحرب، أنت تحدثت عن معاهدة 1936م، وكيف أنكم في دخولكم إلى الكلية كان مقصود توسيع حجم الضباط، هل كان هناك ترتيبات لكي تشارك مصر والمصريين في الحرب العالمية الثانية إلى جوار البريطانيين.
حسين الشافعي: هو طبعاً إنجلترا لما عملت المعاهدة سنة 1936م مع حزب الوفد ومع (النحاس باشا) على وجه التحديد كان كل الاهتمام أن يجعلوا من مصر قاعدة حربية في توقُّع قيام الحرب، لأنه قبل كده كان طبعاً بانت البوادر باحتلال إيطاليا أيام (موسوليني) للحبشة سنة 1935م و(عصبة الأمم) اللي هي كانت بدل (الأمم المتحدة) في وقتها ما قدرتش تعمل حاجة ولذلك ده كان فيها قضاء على (عصبة الأمم).
أحمد منصور: ومصداقيتها الدولية.
(9/429)
حسين الشافعي: وبالتالي كان فيه تهيؤ نفسي واستعداد حقيقي، وخصوصاً لما (هتلر) خد السلطة في التلاتينات، ويعني عملوا المحور بينهم وبين (إيطاليا) وطبعاً كانت دي بوادر قيام الحرب، فطبعاً أول ما قامت الحرب في سبتمبر 1939 كنا إحنا بقالنا سنة في الخدمة، لأن إحنا تخرجنا في يناير 1938م وإعمالاً لاعتبارات المعاهدة خدوا ظباط وبعثوهم بعثات لإنجلترا .
أحمد منصور: أنت اخترت سلاح الفرسان، أم أنك وُزِّعتَ عليه بعد تخرجك؟
حسين الشافعي: دي بقى قصة أصلها تتطلب حكاية، كان وإحنا في المدرسة الحربية كل اتنين وخميس، نروح (السواري) زي ما كان بيسمى سلاح الفرسان في السابق، ونحضر طابور ركوب خيل، كان نطلع بالطابور من المدرسة الحربية لحد سلاح الفرسان، لأن كان الجدار في الجدار تقريباً، ونروح عند الإسطبلات نلقى الخيل مصطفَّة بكل واحد يجري –هوَّ ونصيبه- يأخذ الحصان اللي يقع فيه، فكان فيه حصان خسيس ورديء، زي البشر فيه كده.. الحصان كان رقم (117) وكان معروف للكل، فيظهر في يوم من الأيام أنا...
أحمد منصور: ملقيتش غيره.
حسين الشافعي: تباطأت، فملقيتش إلا هو، فركبت وطلعت الطابور من كان (الركبدار) اللي هو بيشرف على... كان البطل (أحمد عبدالعزيز).
أحمد منصور: اللي هو بطل حرب فلسطين 1948م.
(9/430)
حسين الشافعي: آه، وكان بقى يعني أيه مثالي.. وله أفكار في مجال الشجاعة والفروسية، فكان فيه سدود 80 سم كده بالطين، كان مفروض الكل ينطها سواء كان... ده أقل مستوى ممكن أي حمار ينطه، فنهايته وإحنا بنط بالخيل.. طبعاً (أحمد عبد العزيز) عارف أن الحصان ده بليَّة، وهيقصر رقبة اللي.. فجه من وراه، وهو كان دايماً معاه (كرباج) فراح (مطرقع) بالكرباج، فإذا بالحصان بدل ما ينط راح واخد زاوية قايمة، فبالقوة المركزية للدفع بصيت لقيت نفسي أنا في الناحية الثانية فرحت متعلق في رقبة الحصان، والحصان بقى هو غيته إنه يلقي بالراكب اللي عليه، ويروح ينام في الإسطبل، فلقيته قاعد يجري وأنا متعلق في رقبته يجري ويرمح، يرمح، يرمح، يرمح، لحد ما ايدي كلت فرحت واقع، السكة بقى من مكان التمرين لحد الإسطبلات، ومقر السلاح مفروش بالتبن والدريسة، فنهايته لما وقعت الاصراع في يدي فقعد يجرجرني على الأرض لما تقلى ما امكنش إنه يستمر أكثر من كده، فوقف فأنا قمت، رحت مديلة قلمين، ورحت راكب تاني.
أحمد منصور: للحصان؟
حسين الشافعي: راكب آه.. على الحصان.
أحمد منصور: أديت قلمين للحصان.
حسين الشافعي: وراجع تاني.. لمين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أصفعت الحصان؟
حسين الشافعي: ... للطابور، أتاري (أحمد عبد العزيز) مراقب هذه العملية، وبصيت لقيت بيستقبلني استقبال غير معقول، قال لي: أنت ظابط شجاع، أنت مثل، نزلني من على الحصان، وكان عنده حصان اسمه (فهد) كان لونه أسود غطيس كده، كان بيعتز بيه، وبيحضر بيه حفلات منافسات فروسية مع الجيش الإنجليزي، وكان بياخد كاسات وبيكسب، وطبعاً الحصان بيبقى عزيز على اللي بيدرِّبه.
أحمد منصور: صحيح.
(9/431)
حسين الشافعي: فنزل، وقال لي: اركب الحصان، وكان عامل بقى سدود عالية من اللي بيخش بيها المسابقات، قال لي: نط، فالحصان مدرب، وأنا مليش بس إلا إني اسيبه على راحته، فسبته على راحته،وإذا به ينط كل السدود بدون غلطه، فاداني أكبر نمرة في الركوب، وطبعاً حط وساطته الكبرى أن أخش سلاح الفرسان.
أحمد منصور: كان دخول سلاح الفرسان مش بالسهولة؟
حسين الشافعي: كان بالنسبة للمتقدمين الأوائل يختار.. يختار السلاح اللي يريده، الأربعة الأول أنا ما كنتش من الأربعة الأول، وبقى يعني بقيت –تقريباً-أكاد أكون متأكد أني رايح بالسلاح، بعدين في يوم التخرج بيجي كاتم أسرار بقى يقول بقى التوزيع على الأسلحة، الملازم حسين أفندي محمود الشافعي الكتيبة الثانية (مدافع مكنة.. الله.. خلاص) قلت: أمر الله.
أحمد منصور: كده وزِّعْتَ مدفعية؟
حسين الشافعي: آه قبل بقى بنأخذ 15 يوم إجازة قبل أن ما نقدم نفسنا للأسلحة، وبعديها نروح إلى قائد قسم القاهرة يقولنا كلمتين ونصايح وبتاع، فرحت أنا بقى يوميها متأخر غير مكترث، ولابس لبس بقى (البيادة) ولافف (الألشين) وماسك السيف في جانبي ورحت، فبصيت لقيت واحد من الصف اللي قدامي بيدورلي وبيقول لي أيه: مبروك أنت رحت للسواري.
أحمد منصور: اللي هو الفرسان.
حسين الشافعي: غيروا، بقى ما اعرفش اتغيرت إزاي، ولا أدري.
أحمد منصور: وجودك في سلاح الفرسان، والذي استمر حتى قيام الثورة، وكان سلاح الفرسان له دور رئيسي في قيام الثورة عن طريق الكتيبة التي كنت ترأسها في الفترة دي فترة الأربعينيات فترة الحرب العالمية الثانية ومؤثراتها عليكم أنتم كضباط مصريين، من المفترض أنكم وطنيين، ومساعي بريطانيا أن... كان لك دور في الحرب العالمية الثانية.
(9/432)
حسين الشافعي: طبعاً في سنة 1939م ماكنش لسه بقى لي سنة خدمة، جالي قائد (الألاي) اللي أنا فيه، وقال لي: بلغ (يوسف السباعي) و(أنور البارودي) إنهم يروحوا مكتب وزير الحربية عشان رايحين بعثة في إنجلترا، بعدما مضت المعاهدة ابتدأوا يودوا بعثات رحت أبلغتهم، بعدين خادني على جنب وقالي: أصل أنا كنت حاطت اسمك عشان تروح البعثة أثناء (أنور البارودي) ما كان في الاستيداع، و(أنور البارودي) كان يبقى ابن اخته ابن أخت القائد، فلما جه يبعت الأسماء كان في الاستيدع، فقاموا راحوا حاطين، اسمي محله، فلما جه ميعاد السفر كان رجع من الاستيداع، فعايز يوديه فراح حاطت اسمه، فيظهر الوزير لما لقى اسم اتحط واسم اتشال فقام بعد شويه، بصيت لقيت القائد باعت لي، بيقول: أنت مطلوب كمان تروح مكتب وزير الحربية، رحت لبست، كان بقى عشان تقابل الوزير.
أحمد منصور: نعم.
حسين الشافعي: تروح تلبس الجذمة (boot) الطويلة دي وبنطلون الركوب وتاخد السيف وتعمل وشغلانه... كان بيتي في
(مصر الجديدة) خدت عربية، ورحت لبست، ورجعت على أيه وزارة الحربية.
أحمد منصور: كان مين الوزير في ذلك الوقت؟
حسين الشافعي: كان أيامها (حسين باشا سري) غير (حسين سري عامر)، (حسين باشا سري).
أحمد منصور: آه.. ده اللي شكَّل حكومة فيما بعد، كان رئيس حكومة.
حسين الشافعي: آه.. بعدين لقيت بقى، وجدت عدد كبير كنا تقريباً حوالي سبعة أو تمانية، ورئيس الأركان كان (محمود باشا شكري) كان راجل طويل ورفيع كده، ودورنا بالطابور قدام وزير الحربية، وقفنا لقينا وزير الحربية داخل هو، كان قصير كده، لقيناه مجذوع في الكرسي، وحاطط رجليه فوق المكتب، ومع دخول الطابور قدامه بقيادة رئيس الأركان بيدور الطابور مانزلش رجليه من على المكتب، ودي عملت في نفسي احساس ومرارة فظيعة جداً.
أحمد منصور: تعتبرها أنت من الناحية العسكرية أيه؟
(9/433)
حسين الشافعي: أعتبرها يعني تعبير عن الاستهانة بالناس، وبتبقى يعني ممكن مُركَّبات نقص، لأن زي ما قال سيدنا عليٌّ: "ما من امرئٍ أحسَّ كبراً في نفسه إلا من مهانة أصلا في نفسه" أنا معرفش عمل كده إزاي؟! وبعدين.
أحمد منصور: كان رتبتك ملازم وقتها؟
حسين الشافعي: كت أنا ملازم.
أحمد منصور: وباقي الضباط اللي معاك.
حسين الشافعي: كلنا ملازمين في الوقت ده وبعدين أول واحد سأله: مين (أنور البارودي)؟ قاله: أنا (يا فندم) (أنور البارودي) كان له لازمة معينة قبل ما يقول أية كلمة، من (أنور البارودي)؟ قال له: أنا (يا فندم) قال له: أنت كنت في الاستيداع؟ قال له: أيوه يا فندم، قاله: عشان أيه.. ابتدى يحكي له بعدين قال له: can you say that in English بشخط كده، فطبعاً قال: I was driving a lorry and I want to over come the car in front of me and then the lorry was capsiedقال له: what قال له:
the lorry was capsied فعرف أنه متمكن من اللغة فعداه، وبعدين راح سأل
(يوسف السباعي) برضه بالإنجليزي أنت تخرجت سنة كام؟
(يوسف السباعي) ده فنان.. عشان نفتكر السنة خد شوية وقت.. فراح معديه.
أحمد منصور: ده ما بقلوش سنة.. نسي؟
حسين الشافعي: آه.. مايعرفش أن من وراء هذا رجل أديب عظيم، بعدين سألني.. لقيته بيتألط، قلت أنا كمان أتألط قال لي: ما اسمك أيه؟ قلت له: حسين الشافعي، قال: مين أبوك؟ قلت: محمود بك الشافعي، قال: بيشتغل أيه؟ قلت:
the chief engineer of Tanta municipality.
أحمد منصور: كبير مهندسين بلدية طنطا.
حسين الشافعي: وهكذا ورسيت العملية على أننا سافرت إنجلترا لمدة 3 تشهر قبل الحرب العالمية الثانية مباشرة.
أحمد منصور: كانت فترة وجودك في (بريطانيا) 3 أشهر قبل الحرب العالمية الثانية، هل غيَّرتْ شيئاً في تفكيرك؟
(9/434)
حسين الشافعي: آه طبعاً، لأن أولاً: أُلحقنا بمدرسة المدرعات في جنوب إنجلترا اسمها (بوفنتن) ودي أضافت للواحد في السن الصغير ده تجربة، وخبرة، ومفهومية وعلم، ورجعنا قبل الحرب ما تنتهي مباشرة، سافرنا في إبريل ورجعنا في أوائل سبتمبر.
أحمد منصور: الحرب العالمية الثانية نفسها، هل أنت فهمت أيضاً من خلال هذه البعثة أنها في مقابل أن تساندوا (بريطانيا) أو تشاركوا معها؟
حسين الشافعي: شوف بقى في الفترة دي على طول رجعنا من (إنجلترا) وتشكلت حاجة اسمها (القوى الخفيفة) و(القوى الخفيفة) دي راحت الأول عسكرت في منطقة عند (إمبابة) وكان فيه مدينة اسمها مدينة (رمسيس) كانت بنياها (عايشة فهمي) لـ(يوسف وهبي).
أحمد منصور:مدينة سينمائية.
حسين الشافعي: على بعضها.. فكنا القوات كانت نازلة فيها، في الفترة دي بقى حصل إنه مصر أعلنت إنه تجنيب مصر ويلات الحرب، وكان رئيس الوزراء في هذا الوقت (علي ماهر)، والشيخ (المراغي) كان شيخ الإسلام قال كلمته المشهورة: هذه حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وبعدين مرت الأحداث وإذا بخط (مجينو) اللي كان بيعبر عن خط الدفاع الأول للحلفاء مجتمعين في فرنسا تم اختراقه بعد 15 يوم من الحرب.
أحمد منصور: من الألمان.
حسين الشافعي: والذي اخترقه مين؟ (روميل) وعمل ثغرة، وطوَّق البتاع ده ومن يوميها بقى الدفاع، الخطوط الدفاعية الخط واحد ما بقيتش هي...
أحمد منصور: نعم.
حسين الشافعي: اتغيَّرت النظرية الحربية أن تبقى فيه جزر مقاومة كل جزيرة، يعني وده يمكن نفس الصورة التي حصلت في غزوة (الخندق) أو غزوة (الأحزاب) كانت بنفس العملية دي.
أحمد منصور: نفس النظرية.
(9/435)
حسين الشافعي: خنادق من حوليها من كل الجهات، ودفاع من كل الجهات، القصد، لما طلعت (القوة الخفيفة) وفي سنة 1940م، حصلت أن خط (مجينو) تم اختراقه والكل تصور أن الحرب هتنتهي بالشكل ده، لأن خط الدفاع الرئيسي اللي كانوا بيقولوا: شئ لا يمكن اختراقه، فطبعاً (موسوليني) له تطلعات، فافتكر أنه مادام الحلفاء خسروا المعركة الأولانية باختراق خط (مجينو) أنه بقى أيه فرصة أن يحقق آماله اللي بيتطلع إليها.. فراح هاجم على (مصر) هجم على مصر واحتل الأرض حتى (سيدي برَّاني).
أحمد منصور: في الصحراء الغربية.
حسين الشافعي: وهجم على اليونان، وتصدى له القائد اليوناني في هذا الوقت واضطر إن الألمان يخشوا الحرب علشان يحموا الحليف بتاعهم في المحور قبل الأوان، فدخلوا عند اليونان وخلصوا العملية.
أحمد منصور: في هذه الفترة طُلِب أو تم السعي لنزع الأسلحة من الضباط المصريين بسبب رفضهم المشاركة مع الحلفاء، وتزعمت أنت هذا الأمر، وتم التحقيق معك في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذه النقطة، التمرد الذي تزعمته.
حسين الشافعي: .. لا منا جايلك.. لا.. وهو كذلك.
أحمد منصور: مع الضباط المصريين بعدم تسليم السلاح للبريطانيين، وعدم المشاركة في الحرب العالمية، كما أتناول معك أيضاً حرب فلسطين، وبداية تشكيل الضباط الأحرار. شكراً جزيلاً لك.
حسين الشافعي: إن شاء الله.
أحمد منصور: شكراً سعادة النائب، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد
حسين الشافعي (نائب رئيس الجمهورية الأسبق في مصر).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحيِّيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/436)
الحلقة2(9/437)
الجمعة 10/12/1422هـ الموافق 22/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 21:20(مكة المكرمة)،18:20(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصرى الأسبق
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
2/10/1999
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر"حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد (حسين الشافعي) نائب رئيس الجمهورية المصرية الأسبق..مرحبًا سيادة النائب.
حسين الشافعي:
أهلاً.
أحمد منصور:
نحن توقفنا في الحلقة الماضية عند مرحلة هامة في تاريخ مصر الحديث أثناء الحرب العالمية الثانية،حينما طُلِبَ من الضباط المصريين المشاركة إلى جوار
البريطانيين،وحدث شكل من أشكال الرفض للدخول في الحرب،إلى جوار البريطانيين،وسعت بريطانيا إلى جمع الأسلحة التي كانت وزَّعتها عليكم،وأنت تزعَّمتَ،وكنتَ وقتها برتبة ملازم..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
كنتُ نقيبًا.
أحمد منصور:
كنتَ نقيبًا في سلاح الفرسان،وتزعمت مع بعض زملائك رفض تسليم الأسلحة للبريطانيين،بإيجاز يمكن أن تروي لنا ما حدث؟
حسين الشافعي:
طبعًا،بعدما أعلنت مصر عدم مشاركتها في الحرب،فمعاهدة(1936م)كانت لتهيئة مصر لتكون قاعدة-على الأقل-للحلفاء في هذه المنطقة الهامة،ولذلك تجد أن المعاهدة عبارة عن طرق للمعاهدة،كي تسهل الاتصال بين الشرق للغرب،وعندما أعلنت مصر موقفها أنها لن تشارك في الحرب،حدث في ذلك الوقت أن تقدمت قوات إيطالية(لسيدي براني)وأصبح موقف القوات البريطانية في منطقة الشرق الأدنى،والشرق العربي سيِّئًا للغاية؛لأنه شيء غير متوقع.
أحمد منصور:
لا تحب أن تقول الشرق الأوسط؟
حسين الشافعي:
لا أحب،فهناك المشرق العربي،والمشرقين المشرق العربي والمغرب العربي.
أحمد منصور:
أتعتبر تسمية الشرق الأوسط تسمية؟
(9/438)
حسين الشافعي:
هذه تسمية من أجل إدخال إسرائيل في المنطقة،ليس لها هدف آخر إلا إدخال إسرائيل في هذه التسمية.
أحمد منصور:
هل تعتبر هذا مسمى استعماريًّا؟
حسين الشافعي:
ولذلك أنا أرفض هذه التسمية ولا أقبلها،المهم عندما رأى الإنجليز موقفهم حرجًا بدأوا يتصرفون كالمُفْلِس الذي يبحث في دفاتره القديمة،فيه أسلحة قد تسلَّمها الجيش المصري-طبعًا-دفع ثمنها،وهم كانوا ذوي سياسة واستراتيجية أن تتحمَّل فرنسا العبء الأكبر في المراحل الأولى للحرب حتى إعداد مراكز
التدريب ،وتطوير الأسلحة على واقع التجارب الجديدة،لكن تمت مفاجأتهم بأن فرنسا بعد(15)يومًا من الحرب استسلمت،فماذا يفعلون؟أخذوا في جمع قواتهم من هنا وهنا وهنا،ثم تذكروا أن هناك أسلحة سلَّموها للجيش المصري
بالثمن ..وأسلحة حديثة..فطرأ في ذهنهم أن يجمعوها،وكان هذا أول شيء تلقائي مثلما يقولون توارد الخواطر.
قبل أي تنظيم كل الناس الوطنيون كانوا على نفس الموقف،ورفضوا تسليم الأسلحة،الحرب بالنسبة لنا كنا موجودين في مواطن الخطر،ولكن لسنا في حالة حرب،وطبعًا كانت تحدث مواقف
متعبة،وغريبة،وشاذَّة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
على سبيل المثال؟
حسين الشافعي:
كانت القوات المصرية مسئولة عن حماية خطوط المواصلات السكة
الحديد،أنابيب المياه في الصحراء،المطارات خطوط التليفون،ثم عندما(ويفل)تولى المعركة،وهاجم الإيطاليون،وقع أسرى بأعداد خرافية،من كان يتولى حماية الأسرى أيضًا؟
الجيش المصري،في يوم مازلت أذكره يوم(26 يوليو 1942م)كنا في هذا الوقت عند(الضبعة)قبل(مرسى مطروح)يمكن بـ(80)كيلو..فجئنا في وقت المغرب،كنت أنا في رئاسة اللواء أزورهم،وإذا(بريغادير)إنجليزي قادم مترب الثياب تتضح عليه آثار الشمس،قال:كيف تبقون هنا؟هذا هو المكان الذي سينسحب إليه الجيش الثامن.
(9/439)
الجيش الثامن كان في ليبيا على مسافة(1500)كيلو،إذ إنهم وقعوا في"كمين"تم تدمير كل المدرعات التي يملكها الجيش الإنجليزي فوجدوا أنفسهم بدون(دِرع)فاضطروا أن ينسحبوا،والانسحاب كان غير منظم،وظلوا يجرون إلى أن اختاروا(العلمين)مكانًا يرتكزون فيه على أنها أضيق نقطة محصورة ما بين المنخفض والبحر الأبيض.
الرجل قال(البريغادير ردمن):وأنا قادم من الجيش الثامن،وهذا المكان لابد أن تخلوه قبل الساعة السابعة مساءً،كيف يُخلى؟نحن لسنا في حالة حرب مثلكم،وعندنا أكياس رمل لازم تفرغ من الرمل؛لأن هذه تدخل في العهدة في أثناء الحرب..كل هذا الجيش المصري كان يتحمله..وموضوع في أوضاع..
في الصباح جاءنا اثنان برتبة أركان حرب من رئاسة الجيش معهم تعليمات بأن ننسحب؟ننسحب إلى أين؟نترك ثلث القوة التي هناك في المنخفض تحسُّبًا لأيِّ تسرب عن طريق الواحات،ويكون حماية للجانب الأيسر للجيش الإنجليزي عندما يتمركز في العلمين.
باقي القوة نزلت إلى القاهرة..إلى مخارج القاهرة،وذهبت مرة أخرى على الواحات البحرية إلى أن بدأت عمليات الألمان،إنهم أنزلوا ألغام من الجو كي
يسدَّوا(قناة السويس)ويمنعوا الملاحة في قناة السويس،فاستدعونا كي نذهب إلى قناة السويس،واستلمنا العملية من وحدة إنجليزية كان اسمها(باسكوتوفاردس)(Pescotfardes).
استلمنا عملية تحديد مكان الألغام التي يلقيها الألمان كانت تطفئ محركات الطائرات،وتنزل طيران منخفض جدًّا ليلقي اللغم في القناة(وبالباراشوت)ينزل و(الباراشوت)يذوب عندما ينزل الماء فكان عمل الدوريات التي كانت على طول القناة تحديد مكان اللغم،ثم يكون(سلاح المهندسين)اليوم الثاني..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يفجَّر اللغم.
حسين الشافعي:
(9/440)
أقول لك هذا الكلام كي أظهر لك الصورة التي كان فيها هذا الجيل منذ تخرجنا من الكلية الحربية،ثم تبدأ(الحرب العالمية)وما أن انتهت الحرب العالمية إلا وأتى قرار التقسيم ثم حرب 1948م في هذه المرحلة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
اسمح لي سعادة النائب،نستطيع أن نقول إن في أثناء الحرب العالمية الثانية شارك الجيش المصري في هذه الحرب كدعم للجيش البريطاني الموجود على الأرض المصرية.
حسين الشافعي:
بدون شك.
أحمد منصور:
أيضًا استطاع البريطانيون،أو الحلفاء بشكل عام أن يستفيدوا من الجيش المصري في الفترة من(1939م)إلى(1944م).
حسين الشافعي:
هذا لا شك فيه،حتى وصلت الديون نتيجة الخدمات التي قدمتها مصر بالنسبة للمجهود الحربي إلى(400)مليون إسترليني..
أحمد منصور(مقاطعًا):
على بريطانيا لمصر؟
حسين الشافعي:
على بريطانيا،فبدأت تعمل(رليز)على(10)مليون..ثم ارتفعت إلى عشرين
مليون،هي كانت على قدر المكاسب التي يحصلون عليها من شركاتهم في مصر بالضبط بحيث إنه لا يدفع من ميزانيته أي شيء..
أحمد منصور(مقاطعًا):
نعم،في هذه الفترة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية،كيف كان الجو السياسي في مصر بشكل عام قبل قرار التقسيم؟
حسين الشافعي:
هذا هو المدخل حقيقة للاعتبارات التي أدت إلى الثورة..كان في هذا الوقت النشاط بعد انتهاء الحرب مباشرة نشاط التكوينات السياسية الموجودة على الساحة شديدة جدًّا،وخاصَّة(الشيوعيون)و(الإخوان المسلمون)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما هي التيارات الأخرى التي كانت موجودة على الساحة،وكان لها
ثقل-أيضًا-في الحياة؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
واضطر الملك أن يعمل شيئًا يسمى "الحرس الحديدي"من أجل أن يستعين به في داخل الجيش يكون له تنظيم يواجه التدخلات؛لأن الشيوعيين كانوا يحاولون عمل نشاط في داخل الجيش،والإخوان المسلمون كذلك كانوا يحاولون عمل نشاط داخل الجيش.
أحمد منصور:
(9/441)
الآن لو طلبت منكم طالما تحدثت عن الحرس الحديدي،وذكرت أن(رشاد)بك والد الدكتور(يوسف رشاد)كان موكلا له قضية الحرس الحديدي،وكان طبيب الملك في نفس الوقت،هل يمكن أن تعطينا صورة موجزة عن الحرس الحديدي ودوره؟
حسين الشافعي:
الحرس الحديدي كان محاولة استقطاب بعض الضباط كي يقوموا بحماية الملك ضد أية تحركات داخل الجيش..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل تم دعوتك،أو عُرض عليك أن تنضمَّ؟
حسين الشافعي:
طبعًا حدثت محاولات،ولكن أنا ارتباطي بالضباط الأحرار كان مانعًا،وكان الملك قد فقد كثيرًا من الاعتبار،وخاصة بعد أحداث معينة حدثت.
أحمد منصور:
متى عرض عليك الانتماء للحرس الحديدي؟
حسين الشافعي:
كان هناك ضابط في سلاح الفرسان كان اسمه(مصطفى صدقي)حاول ذلك هو كان ملازمًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
في أية سنة؟في أية فترة بالضبط؟
حسين الشافعي:
في الفترة(1945،1946م)أنا كنت في هذا الوقت قائد مدرسة المدرعات سنة(46)ونشاط الإخوان،ونشاط الشيوعيين كان على أشده في هذه الأوقات.
أحمد منصور:
هل صحيح أن الرئيس(السادات)انضم إلى الحرس الحديدي؟
حسين الشافعي:
ما أعرفه كان(السادات)كان فيه واحد اسمه(أنور حبيب)كان فيه واحد اسمه(حسن فهمي عبد المجيد)كان فيه واحد اسمه(خالد فوزي)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
المفروض أن هذا تنظيم سري،وهؤلاء يجب ألا يعرفوا؟
حسين الشافعي:
لا،كان بالعكس يتباهون أنهم على صلة؛لأن هذا يعني أنهم محروسون من الملك
أحمد منصور:
هل توجد أشياء،أو أعمال معينة نسبت إلى الحرس الحديدي تذكرها..تُعتبر أشياء سيئة؟
حسين الشافعي:
نعم قُتِل واحد،كان ضابطا اسمه(عبد القادر طه)قتل.
أحمد منصور:
كان ضابطا وطنيَّا؟
حسين الشافعي:
لا أعرف لماذا قتلوه،لكن كان معروفًا أنه أداة تنفيذ،وبعدما مات(حسن البنَّا)لا نعرف من قتله..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(1949م)نعم.
حسين الشافعي:
نعم.
أحمد منصور:
(9/442)
ألا تذكر مَنْ مِنَ الحرس الحديدي نسب إليه تهمة القتل،وأنتم بعد قيام الثورة حاكمتم بعض من اتهموا بقتل(حسن البنَّا)؟!هل كانوا ينتمون إلى الحرس الحديدي؟!
حسين الشافعي:
لا نحن لم نقتل أحدًا من الذين قتلوا حسن البنَّا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لم تقتلوهم،ولكن حاكمتموهم.
حسين الشافعي:
لا،المحاكمات كانت في أمور أخرى،هم أخذوا ثأرهم من بعض عندما قتلوا(النقراشي باشا)وقتلوا(سليم زكي)وقتلوا(الخازندار).
أحمد منصور:
في هذه الفترة كان كثير من ضباط الجيش ينتمون إلى بعض التنظيمات
السياسية،ألم تُدعىَ إلى أي التنظيمات السياسية؟
حسين الشافعي:
أنا كان فيه نوع من التعاطف مع الإخوان المسلمين كإسلام،وكان يأتي للاجتماع معنا واحد مسئول عن الاتصال بالنسبة للإخوان في داخل القوات المسلحة،كان ضابطًا متقاعدًا اسمه الصاغ(محمود لبيب)وهو كان من دفعة
(صالح حرب)و(عزيز المصري)وكانوا يحاربون مع الليبيين في أثناء سنة(1912م)في ليبيا ضد الغزو الإيطالي،وكان(محمود لبيب)يتصل،وكان اتصاله بي أنا في سلاح الفرسان،وكان يحضر إليَّ كل يوم اثنين،يجلس معنا حوالي عشر ضباط عندي في بيتي في(مصر الجديدة).
أحمد منصور:
متى بدأت علاقتك(بمحمود لبيب)؟
حسين الشافعي:
والله أعتقد أواخر سنة(1945م).
أحمد منصور:
كنت تعلم أن(محمود لبيب)يلتقي مع ضباط آخرين في أسلحة أخرى؟
حسين الشافعي:
طبعًا.
أحمد منصور:
هل كنت تعرف أن هذا كان نواة لتنظيم يسمى(التنظيم الضباطي)للإخوان المسلمين في الجيش؟
حسين الشافعي:
تمكَّن أناس من أن ينضموا،ويكونوا أعضاء في الإخوان.
أحمد منصور:
لكن(محمود لبيب)لم يعرض عليكم الانتماء لإخوان،أو الدخول..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا هو كان يهمه أن يجمع معلومات،وأن يكون هناك نوع من التعاطف.
أحمد منصور:
هل تستطيع أن تقول:إن هذه الفترة فترة(1945،1946م)كانت البداية الحقيقية لنشأة الضباط الأحرار؟
حسين الشافعي:
(9/443)
لا نستطيع أن نقول هذا؛لأن الذي بلور العملية أكثر(حرب فلسطين)سنة 1948م.
أحمد منصور:
في هذه الفترة مَنْ الذي تعرَّفت عليه من الضباط الأحرار الذين كان لهم نشاط ولقاءات مع الصاغ(محمود لبيب)؟
حسين الشافعي:
كان هناك كثيرون.
أحمد منصور:
(جمال عبد الناصر)كان معكم؟
حسين الشافعي:
(عبد الناصر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
والسادات؟
حسين الشافعي:
ولا أعرف(السادات)أم لا..لكن كان(لبيب حسين)(صلاح سالم)فيه أناس كثيرون كان لهم صلات،لكن لم يكن أحد عضوًا إلا(عبد المنعم عبد الرؤوف).
أحمد منصور:
فقط(عبد المنعم عبد الرؤوف)؟
حسين الشافعي:
فقط(عبد المنعم عبد الرؤوف)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(معروف الحضري)؟
حسين الشافعي:
(معروف الحضري)كان-طبعًا-منتميًا لهم.
أحمد منصور:
(أبو المكارم عبد الحي)؟
حسين الشافعي:
وطبعًا.
أحمد منصور:
هؤلاء كانوا أعضاء في الإخوان؟
حسين الشافعي:
أعضاء في الإخوان..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وأعضاء في الضباط في نفس الوقت؟
حسين الشافعي:
لا(أبو المكارم عبد الحي)لم يكن عضوًا في الضباط الأحرار.
أحمد منصور:
أنا أقصد الآن..الضباط الأحرار-هؤلاء في المرحلة بعد(1948م)-أنا أقصد في مرحلة(1945،1946م).
حسين الشافعي:
سبب انفصال(عبد المنعم عبد الرؤوف)أنه قال هذا التنظيم..لأنه كان في اللجنة التأسيسية،إنما اشترط أن يكون هذا التنظيم لحساب الإخوان المسلمين..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن نستطيع القول أن فترة(1945،1946م)كان بداية لقاءات مع بعض الضباط لاستثارة الجوانب الوطنية في نفوسكم.
حسين الشافعي:
بالضبط كان نشاطًا عامًّا؛لأن الأحزاب فقدت فاعليتها،فكان الأكثر نشاطًا الشيوعيون والإخوان المسلمون،وكردِّ فعل لعملية الحرس الحديدي.
أحمد منصور:
(9/444)
أنت تكلَّمت عن الإخوان،لو أخذنا جانب الشيوعيين تذكر من الضباط الشيوعيين الذين كانوا معروفين أنهم شيوعيون،ولهم نشاط،أو طليعة نشاط الشيوعيين بين الضباط في ذلك الوقت؟
حسين الشافعي:
واحد مثل(يوسف صديق منصور)رحمه الله،واحد مثل(خالد)مازال هو رئيس حزب التجمع..
أحمد منصور(مقاطعًا):
خالد محيي الدين..هدف قرار التقسيم في عام(1947م)كان له انعكاس..قرار تقسيم فلسطين من(الجمعية العامة للأمم المتحدة)كان له انعكاس عليكم أنتم كضباط بدأت تُبَثُّ فيكم روح الوطنية..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
العملية لم تطل؛لأن هذا كان قرارًا تبعه فورًا قرار الحرب،وإعلانها في 15 مايو سنة 1948م.
أحمد منصور:
ما هو دورك في حرب فلسطين سنة 1948م؟
حسين الشافعي:
أنا كنت منتدبًا في إدارة الجيش التي كانت في هذه المرحلة،كنت مساعدًا لمدير المستخدمين العسكريين..
أحمد منصور(مقاطعًا):
في الإدارة العامة؟
حسين الشافعي:
في إدارة الجيش.
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
وهذه كان يتجمع عندها كل المسئوليات عن الضباط،والتحقيقات،والمحاكمات والتنقلات،والإصابات،وتقدير نسب العجز و..إلخ،وطبعًا سلاح الفرسان كان عدد الضباط فيه قليلاً،لكن الدبابة لها قيادات محدودة ليس مثل وحدات المشاة يكون فيها العدد أكبر..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ماذا كانت متابعتك،وتصورك للحرب،وتقيمك لها الآن؟
حسين الشافعي:
(9/445)
حرب 1948م كانت عبارة عن إعطاء شرعية لليهود على أن يحتلوا الأرض التي تم الاتفاق على إعطائها لهم في سنة(1942م)في مؤتمر(يلته)وأتى قرار التقسيم كمرحلة أولى كي تعطي هذا الحق..ومثلما نقول:إن القائد العسكري يكسب الحرب ثم يأتي الذي موّل الحرب يأخذ حقه سليمًا"بدون مخاطرة"وأخذ حقه سليمًا في الحرب العالمية الأولى بوعد(بلفور)في(2نوفمبر سنة 1917م)(اللمبي)دخل القدس في سبتمبر سنة 17،ولما الجينرال(شى)هو قائد الفرقة(53)التي احتلت القدس كان يسلمه مفتاح المدينة قال كلمته المشهورة(اليوم انتهت الحروب الصليبية).
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
أتى بعد ذلك(المرابي)من أجل أن يأخذ رطل لحم من جسم الأمة الإسلامية ممثلاً في(فلسطين)مثل عملية(شايلوك)في مسرحية(شكسبير).
أحمد منصور:
أثناء الحرب نستطيع القول أنه حدثت بعض الأشياء التي أظهرت كأن هناك نوعًا من الخيانات التي ساعدت اليهود على الانتصار في المعركة؟
حسين الشافعي:
والله أنا لا أستطيع أن أعطي لك معلومات أكيدة في هذا المجال إنما كل عملية من هذه العمليات قبل تحقيقها يكون هناك لعب من وراء الستار لا أول له ولا آخر.
أحمد منصور:
لكن أنت كنت في قيادة الجيش،وربما تكون على اطلاع على أشياء ليس للذين على أرض المعركة أن يطَّلعوا عليها؟
حسين الشافعي:
لا،قيادة الجيش في هذا الوقت،هذا كان موضوع سياسات عليا بالنسبة للقوى الكبرى ومصر كانت محتلة،وكل الدول العربية كانت محتلة،كيف لبلاد محتلَّة أن تحرر أرضًا أو تتصدى؟ أولاً:التسليح لم يكن على المستوى..وتسليح اليهود مرتفع المستوى،وكانوا يتلقون أسلحة من الشرق،ومن الغرب،وإذا حدث انتصار ولو قليل فورًا يوقفون القتال،ويطلبون هدنة،ويعيدون التسليح،القصد الهدف لازم يتحقق.
أحمد منصور:
حوصرت قوات مصرية في(الفالوجة)وكان(جمال عبد الناصر)
(9/446)
(معروف الحضري)وضباط كثيرون آخرون ممن عرفوا فيما بعد كان ضمن،أو يدخلون في إطار هذا الحصار،هل كان لك علاقة،حيث إن جمال عبد الناصر كان زميلك،وكنتم على علاقة ببعضكما،وكثير من الضباط الآخرين عندما كانوا في الحصار،هل كان لك علاقة بهم في ذلك الوقت؟
حسين الشافعي:
لا،لكن أنا بصفتي وبوجودي في إدارة الجيش مسئول عن الضباط وتنقلات الضباط أتت إلى الإشارات لأول مرة بعد إمكان الاتصال باللاسلكي مع(الفالوجة)الضباط الموجودين في الحصار أرسلوا رسائل لأهاليهم فتجمعت هذه الرسائل عندي في المكتب،وكان من بين هذه الرسائل رسالة لبيت
(جمال عبد الناصر)وقمت بتبليغها.
أحمد منصور:
(حسين التهامي)ذكر،وكذلك نقل عن(معروف الحضري)أن
(جمال عبد الناصر)أثناء حصار(الفالوجة)بدأ علاقته مع اليهود،وأنه كانت تأتي(لجمال عبد الناصر)بعض الفواكه والأشياء من أصدقائه من اليهود،كما نُقِلَ في ذلك الوقت،ما هو تعليقك؟
حسين الشافعي:
والله الذي يقول حاجة ممكن أن تسأله عنها..أنا لا أستطيع التعليق على كلام واحد قاله؛لأن هو الذي قاله،إنما أنا ليس عندي معلومات عن هذه القصة.
أحمد منصور:
اللقاءات التي كانت تعقد في(1945،1946م)قرار التقسيم(1947م)الحرب في(1948م)هل هذا كله ساعد على وجود فوران داخل الضباط قادت إلى ما يسمى بالضباط الأحرار فيما بعد؟
حسين الشافعي:
مثلما قلت لك،بالنسبة لعملية محاولة سحب الأسلحة هذا كان أول"توارد خواطر"ما بين الأسلحة بدون تنظيم،وبدون لقاءات المنطق الثاني في سنة(1942م)في 4 فبراير لمَّا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
حادث 4 فبراير.
حسين الشافعي:
(9/447)
حادث 4 فبراير طبعًا الناس على الرغم من أن الملك كان فقد كثيرًا من شعبيته إلا أن الاعتداء على الرمز بهذه الصورة،وفرض(وزارة الوفد)كي تتولى حماية القاعدة،لأن هي التي قامت بالمعاهدة..،فهذا عمل شيئًا من التعاطف مع الملك..،لكن عمل ردود فعل؛لأن الاعتداء على الرمز جعل كل الناس تحسُّ أن كرامتها جرحت.
وكان فيه تعاطف غير معلن،ولكن إحساس داخلي،وهذا الحدث الثاني،طبعًا الحدث الثالث الملك عندما طلّق(فريدة)وتزوج(ناريمان)وأنجب
(أحمد فؤاد الثاني)كانت الناس أصبحت(روحها في أنفها).
أحمد منصور:
نحن بهذا دخلنا على الخمسينات؟
حسين الشافعي:
نعم..كنا حاضرين في ميدان(عابدين)لأن حضر من يمثل جميع الرتب كي يتلقوا خبر مولد(أحمد فؤاد الثاني)ولي العهد،وكنا نقف وراء السور الحديدي الذي يوجد في ميدان(عابدين)داخل السرايا ثم خرج الملك،وعلى ما أذكر كان يوم 17 يناير على وجه التحديد.
أحمد منصور:
سنة؟
حسين الشافعي:
سنة(1952م).
أحمد منصور:
سنة(1952م).
حسين الشافعي:
سنة(1952م).
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
خرج الملك يحمل ابنه نظر من الشرفة،وكان(حيدر)يقف أمام تجمع الضباط،وقال له:يا(حيدر)أبلغ الضباط أني أهديها أعز ما أملك وهو ابني،فـ(حيدر)يبدو أنه لم يسمع،فقال له:أفندم،فرجع يكرر،أبلغ الضباط أني أهديها أعّز ما أملك وهو ابني،المهم التعليق بين الضباط-طبعًا-هم غير محتملين،قالوا وهذا من أين يفك؟وكيف يُصرف؟
(9/448)
حدث أيضًا في عيد جلوس الملك الذي كانت تصدر فيه النشرات العسكرية بالترقيات،فكانوا دائمًا يقيمون حفلة في نادي الضباط في(الزمالك)فتقدم رئيس الأركان في ذلك الوقت وكان(إبراهيم باشا عطا الله)وأزاح الستار المسرحي على لافتة مكتوبة بالنيون،ومكتوب عليها-كان شعار الجيش قبل هذه الحادثة-(الله الوطن الملك)فهو تقدم ورفع الستار،وقال:نحن غيرنا شعار الجيش ليكون(الله الملك الوطن)انظر إلى تعليق الضباط:هذه مصيبة إنه سيرجع السنة القادمة يأخذ أقدمية ثانية،يعني يتقدم خطوة أخرى..
والذي يقول يريحون أنفسهم،ويجعلوا شعار الجيش(الله الله الله)وهكذا فهذا كان يظهر الروح التي وصلت لها الأمور بالنسبة للنظام،وبالنسبة للسرايا،وبالنسبة لنتائج حرب(1948م)كل هذا تجمع،وأنا أعتبر التحرك الإيجابي بدأ سنة(1951م)أي إذا كان يوجد لجنة تأسيسية أو..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الضباط الأحرار تقصد؟
حسين الشافعي:
بالنسبة للضباط الأحرار،إنما أنا بالنسبة لي أعتبر العمل الجاد الحقيقي بدأ بالنسبة لي في سنة(1951م)وعلى وجه التحديد في شهر سبتمبر.
أحمد منصور:
أنت التقيت في سبتمبر(1951م)مع(جمال عبد الناصر)في قيادة الجيش،هل هذا صحيح؟هل هذه كانت بداية علاقتك بالضباط الأحرار،أم كانت لك علاقة تنظيمية سابقة على هذا التاريخ؟
حسين الشافعي:
اللقاء الذي حدث في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر سنة 1951م في إدارة الجيش وكان عرضًا،(جمال عبد الناصر)كان يمرُّ على إدارة الجيش،والتقينا على السلم الخارجي،وبدأت أكلمه،وأنا لهذه اللحظة لم أكن على يقين أنه على رأس التنظيم،وأتكلم إليه على أنه أحد الضباط الأحرار،وأقول له:نحن في وضع لا نحسد عليه،والأحزاب تعمدت القتال مع السرايا.
(9/449)
وفي النهاية الذي يدفع الثمن هي القوات المسلحة،ونحن أصبحنا نخجل أن نلبس البدلة العسكرية،وإذا لم نكن نبدأ عملاً بأسرع ما يمكن سنلام؛لأن الوضع أصبح لا يحتمل الانتظار،هو بطبيعة أخذ يسمع دون أي تعليق لدرجة أني قلت هل هو غير متابع،أو غير مهتم،ولكن تلقيت الإجابة.
في نفس اليوم جاء إلى الأخ الزميل والصديق(ثروت عكاشة)ومعه ضابط اسمه(عثمان فوزي)ليبلغوني بمسئوليتي عن قيادة سلاح الفرسان لحساب الثورة بمدرعاته،ودباباته،وعرباته المدرعة لحساب الثورة اعتبارًا من الآن.
أحمد منصور:
(ثروت عكاشة)علاقتك به قديمة،وقد قلت لي أنكم كنتم تجلسون سويًّا في منتصف الأربعينات،وواضح الآن أن(ثروت عكاشة)كونه جاء ليبلغك أن له وضعًا في التنظيم.
حسين الشافعي:
هذه كانت ظروف الخدمة أي الضباط عندما يكون مع(جمال عبد الناصر)في كلية (الأركان حرب)أو معه في التدريب.. إلخ،فالظروف هي التي تجعل الاتصال ميسرًا،أو غير ميسر؛لأن عمليات الجيش ليست بسيطة.
أحمد منصور:
أنت في سبتمبر(1951م)عندما التقيت مع(عبد الناصر)كنت لازلت في إدارة الجيش،أم أنك نزلت إلى..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا كنت مازلت في إدارة الجيش،ولذلك أنا وجدت أن إمكانية أن أقوم بهذه المسئولية وأنا بعيد عن السلاح لا تكون ميسرة..
أحمد منصور:
صحيح.
حسين الشافعي:
ولكن الَّرد جاء أسرع مما أتصور؛لأن حدث عامل جديد،وهو أن الوفد ألغى المعاهدة يوم 8 أكتوبر،وبإلغاء المعاهدة.
أحمد منصور:
8 أكتوبر(1951م).
حسين الشافعي:
نعم(1951م).
أحمد منصور:
إلغاء معاهدة(1936م)
حسين الشافعي:
نعم،وقال(النحاس باشا)كلمته:وقعنا المعاهدة من أجل مصر،وها نحن نلغي المعاهدة من أجل مصر،وأراد بهذا أن يستعيد بعض شعبيته التي كان بدأ يفقد الكثير منها،وفي نفس الوقت كي يضع السرايا في حرج.
أحمد منصور:
(9/450)
كيف كُلّفت بهذه المهمة الصعبة وأنت في إدارة الجيش،وليس تحت يدك ولا سلطتك العسكرية أي قوات أو مدرعات؟
حسين الشافعي:
من حسن الحظ أن أُنهي انتدابي في إدارة الجيش يوم 20 أكتوبر.
أحمد منصور:
عام(1951م)؟
حسين الشافعي:
(1951م)
أحمد منصور:
ورجعت مرة أخرى إلى السلاح؟
حسين الشافعي:
فلما رجعت إلى السلاح كانت هي نقطة البداية لتجنيد كل الناس التي شاركت في الثورة،وكانت السند الأساسي للعملية.
أحمد منصور:
في هذا الوقت أنت رجعت،ما هو الدور،أو طبيعة العمل الذي رجعت فيه..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أنا عندما وصلت هناك وجدت وزارة الوفد-في ذلك الوقت-أوجدت أن إمكانيات ردود الفعل بعدما قامت حركة الفدائيين في قناة السويس..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سنة(1951م).
حسين الشافعي:
ثم تصدي(فؤاد سراج الدين)للعملية،ومقاومة الإنجليز برجال الشرطة الذين مات بعضهم في الإسماعيلية.
أحمد منصور:
لازال عيد الشرطة إلى الآن.
حسين الشافعي:
كان هذا في الوقت الذي كان(فؤاد سراج الدين)وزيرًا للداخلية والمالية،أي كان يملك سيف المعز وذهبه،وأغدق على الضباط فأنا عندما ذهبت وجدت الضباط ليس لهم حديث إلا أنهم لم يأخذوا علاوة طوارىء..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ضباط المدرعات.
حسين الشافعي:
لا كل ضباط اللواء،كان اللواء الثاني للمشاة،وملحق به كتيبة دبابات،وكتيبة سيارات مدرعة ومدفعية..إلخ فكان كل الناس في ظروف صعبة وبدون علاوة طوارىء التي من المفترض أن تغطي،ولو جزءًا مما تتكلفه أنك خارج بيتك وكانت علاوة الطوارئ في هذه الأيام"عشرة قروش"فوجدت أن لها رد فعل وجو عام لدرجة أن الضباط ليس لهم حديث إلا هذا الموضوع..
أحمد منصور(مقاطعًا):
إلا"العشرة قروش"
حسين الشافعي:
(9/451)
ثم حضرت اجتماعا يحضره القادة..فكان اللواء الثاني للمشاة في(الهيكستب)ودفع بقوات في الكيلو(40)من طريق السويس عبارة عن كتيبة دبابات وكتيبة سيارات وكتيبة مشاه،ومعها الأسلحة،قائد الكتيبة عمل اجتماعا عاديًّا لكل القيادات وهو جالس قال:كي نصرف علاوة الطوارئ ليس أمامنا إلا أن نمتنع عن صرف مرتباتنا في أول الشهر،وطبعًا هذا نوع من التمرد،وأنا كنت راجع من إدارة الجيش فنظر إليَّ،وقال لي ما رأي حضرة(البكباشي)فقلت:له والله هذه وجهات نظر ونحن لسنا "أُجَرِيين)فقال اثنين قالوا:نحن لسنا مثل جماعة السواري فهم أرستقراط،ومستغنيين،ونحن لا نجد ما نأكل قلت لهم:أنا متزوج وعندي ولدان وليس لي دخل إلا راتبي،ولكن العملية أكبر من هذا.
المهم أننا عدنا إلى بيوتنا والكل غير راضٍ،فأتوا إلى الضباط الذين معي في السواري،وقالوا لهم:لولا(البكباشي)كنا صرفنا علاوة الطوارئ،قلت لهم:أتريدون صرف علاوة الطوارئ،قالوا:نعم،قلت:احضروا لي ورقة وقلم،ذهبوا وأحضروا ورقة وقلم،قلت له:اكتب تليغرافًا واحدًا لكبير الياوران(عمر باشا فتحي)ونفس التلغراف أرسلوه إلى(حيدر باشا)طبعًا بدون إمضاء،أو إمضاء مجهول ونص التلغراف كان(ماكناش لنشكو لأسباب مادية،أو معنوية لولا التفرقة في المعاملة بين ضباط الجيش،وبين ضباط البوليس الذي يحتضنهم(فؤاد سراج الدين)وأرسلنا التلغراف،أخذوا التلغراف جريًا على مكتب المغربي،وأرسلوا التلغراف هذا ما توقعته؛لأن أنا كنت في إدارة الجيش يأتي تلغراف بثلاثة أبيض..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يقلب الدنيا.
حسين الشافعي:
يقلب العالم كله..يظنون أنهم عندما يسدون التلغراف والشكاوي هذه يكون كل شيء في السليم،أتعلم في اليوم الثاني..مثلما توقعت في الصباح الساعة السابعة كان رئيس الأركان(حسين فريد)مع(حيدر باشا)أتيا كي يحققوا في هذا الموضوع وقررا صرف العلاوة في نفس اليوم.
أحمد منصور:
(9/452)
متى تم الاتصال بك مرة أخرى وإخبارك أن هناك ثورة،أو أن تستعد بالقوات التي وُكِّل إليك بها وهي قوات المدرعات هي وقوات رئيسية؟
حسين الشافعي:
استمر الوضع على هذا إلى عشرين يوليو سنة 1952م.
أحمد منصور:
ولم يكن لك في طول هذه الفترة أي اتصال منظم(بجمال عبد الناصر)ولا من..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا..كان هناك اتصال..وكان يأتي إلى البيت..ويمكن أنت أثرت لنقطة هامة؛لأن البيت كان له دور مهم في الثورة؛لأن أنا جلست خمس سنوات في(الأشلاء)في فيلا..هذه الفيلا كانت أمام مستشفى الأمراض العقلية بعيدًا عن النظر،وبعيدًا عن العالم كله.
أحمد منصور:
في العباسية؟
حسين الشافعي:
في العباسية،وفي يوم من الأيام جاءني زميل قال لي توجد فيلا خلت،كانوا 13 فيلا،كان يسكنها القادة الإنجليز قبل ما يتركوا العاصمة،قال أسرع توجد فيلا خلت،وإذا كان لك واسطة تقدر تحصل عليها قبل أن يأخذها أحد،أكلم من؟كان(حماي)مدير السكة الحديد بالنيابة،وكان مجلس إدارة السكة الحديد يجتمع عنده في المكتب بما فيهم(حيدر باشا)فقلت له،فقال لي:سأفعل فبعدما انتهى الاجتماع قال(لحيدر باشا)فنادى رئيس الإمداد والتموين،وقال له خصص الفيلا هذه لفلان الفلاني،هذه الفيلا كان يأتي فيها(جمال عبد الناصر)وكانت فيها الاجتماعات كلها،ولا أحد يدري..
أحمد منصور:
قبيل الثورة،الآن نحن دخلنا إلى شهر يوليو من خلال هذه الاجتماعات التي كنتم تعقدونها،هل صحيح أنكم حددتم موعدًا آخر غير يوليو للقيام بالثورة كان هناك موعد آخر؟
حسين الشافعي:
هذا الكلام يقال،أنا لم أحضره،يمكن تمت مناقشته في اللجنة التأسيسية،لم يكن لدي معرفة به إنما كل الذي أعرفه إن يوم عشرين يوليو،وأنا أتناول الغداء أنا و(ثروت عكاشة)جاء له تليفون من زوج أخته(أحمد أبو الفتح)وكان يعمل..
أحمد منصور(مقاطعًا):
رئيس تحرير(المصري).
حسين الشافعي:
(9/453)
المصري،وعرفوا الخبر الخاص بتشكيل الوزارة الخاصة بـ(نجيب باشا الهلالي).
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
فبلّغه أن هناك وزارة جديدة برئاسة(نجيب الهلالي)وسيكون وزير الحربية فيها هو(حسين سري عامر)مدير سلاح الحدود الذي بالنسبة له الضباط الأحرار،أعلن أنه يستطيع أن يتخلص منهم بمنتهى السهولة.
أحمد منصور:
اختيار(حسين سري عامر)في حكومة(نجيب الهلالي)يوم 20 يوليو 1952م هل كان الملك بدأ يشعر بخطورة الضباط الأحرار؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
طبعًا.
أحمد منصور:
مما اضطره للقيام بهذا .
حسين الشافعي:
لأن هذه كانت بعد انتخابات نادي الضباط،وظهرت قوة وفاعلية التنظيم وأن أي واحد مرشح للضباط الأحرار كان نجاحه محقِّقًا،و(محمد نجيب)لم يكن لينجح انتخابات نادي الضباط إلا بمساندة تنظيم الضباط الأحرار.
أحمد منصور:
يوم عشرين يوليو كنت تتناول الغداء مع ثروت عكاشة..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
فتركنا الأكل،وذهبنا إلى بيت(جمال عبد الناصر)وكان بيته في ذلك الوقت بين ضريحه الآن ومحطة بنزين في الجانب الثاني من المترو-كان هو في وسط المسافة-كان في الدور الذي فوق الأرضي صعدنا إليه،وأبلغناه الخبر فقال هم بدءوا يتحركون ولا يوجد إلا أن نتغذى بهم قبل ما يتعشوا بنا،ولذلك الثورة تبدأ والتحرك يوم(21)واتفق على يوم(21)الساعة 11 مساء وبلغنا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
اتفق معك(جمال عبد الناصر)أنت و(ثروت عكاشة)فقط دون باقي الضباط؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،بعد هذا أخذ هذا الكلام مع اللجنة التأسيسية،وانتهوا إلى مناقشة الموضوع وأنها تقوم يوم(21)وأبلغنا إن يوم 21 تبدأ الثورة.
أحمد منصور:
هل من الممكن أن تقول لنا مَنْ هم أعضاء اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار بسرعة؟
حسين الشافعي:
(9/454)
هم تسعة أعضاء معروفون(جمال عبد الناصر،عبد الحكيم عامر،كمال الدين حسين،صلاح سالم،جمال سالم،حسن إبراهيم،خالد محيي الدين)لا أعرف من هو الأخير(أنور السادات).
أحمد منصور:
ألم يكن معهم(عبد المنعم عبد الرؤوف)؟
حسين الشافعي:
كان خرج في هذا الوقت.
أحمد منصور:
توجد رواية رواها(عبد المنعم عبد الرؤوف)في مذكراته أنه تم تأسيس،أو النشأة الأولى للضباط الأحرار عام 1944م عندما استشعر الشيخ(حسن البنَّا)مرشد الإخوان في ذلك الوقت أن الولايات المتحدة ستبدأ بالدخول بنفوذ قوي في المنطقة بعد تغير خريطة القوى الدولية،وسوف تبدأ اتصالها مع الجيش،ومن ثم بدأ هو اتصاله مع الجيش في الجلسات التي كان يعقدها الصاغ(محمود لبيب)الذي كان عضوًا في الهيئة التأسيسية للإخوان في ذلك الوقت،من أجل رفع الحس الوطني،وعدم سقوط ضباط الجيش في أيدي المخابرات البريطانية.
وأنت ذكرت أنك كنت أحد الذين يجلسون مع الصاغ(محمود لبيب)في سنة 1949م،بدأ(جمال عبد الناصر)بعد حرب 1948م-كما ذكرت-توسيع قاعدة الضباط الأحرار واختلف بذلك مع الأخوان المسلمين الذين كانوا يرون ضرورة التقاء الأفراد الذين ينتمون إلى تنظيم الضباط،والذي كان
(عبد المنعم عبد الرؤوف)من المفترض أنه شارك في تأسيسه سنة(1944م)
(عبد الناصر)رأى أن يوسع القاعدة وأن يضم إليها من كل الاتجاهات بما فيها الشيوعيون من كل التوجهات ما رأيك في هذه الرواية؟
حسين الشافعي:
كل هذا قبل التحركات الحقيقية،ولذلك أنا أتحدث عن 1951م هذه نقطة البداية الحقيقية للعمل الجاد..قبل هذا كثير من الناس وتجمعات كثيرة تشكلت،وحاولت إنما كانت مجرد أماني لكن العمل الحقيقي الذي دخل في الجد بالنسبة لي سنة 1951 مقبل هذا فيه أناس كانت في اللجنة التأسيسية إنما لم تشارك في التنفيذ،المحك الحقيقي هو الدخول في المخاطرة.
أحمد منصور:
(9/455)
هل نستطيع القول إن الدخول في المخاطرة بدأ مع تشكيل حكومة الهلالي التي كانت في 20 يوليو 1952م.
حسين الشافعي:
هذا صحيح.
أحمد منصور:
ولقاؤك مع(عبد الناصر)و(ثروت عكاشة)وقرار اللجنة التأسيسية.
حسين الشافعي:
وقرار اللجنة أن أتولى قيادة المدرعات.
أحمد منصور:
نحن الآن أصبحنا على مشارف قيام الثورة وأنت شاركت بدور رئيسيٍّ مع سلاح المدرعات فيها سيادة النائب في الحلقة القادمة أبدأ من حيث الدور الذي قمت به في قيام الثورة،وما حدث بالضبط من توزيع للأدوار،وعلى القيادات والقيادات الأساسية التي شاركت في قيام الثورة،لا سيما وأنت كنت أحد الضباط الذين التقيت بالملك حين خروجه من مصر في 26 يوليو في الإسكندرية عام 1952م،أشكرك سعادة النائب.
حسين الشافعي:
شكرًا.
أحمد منصور:
أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم،في الحلقة القادمة-إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج،وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله.(9/456)
الحلقة3(9/457)
الجمعة 10/12/1422هـ الموافق 22/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 19:49(مكة المكرمة)،16:49(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصرى الأسبق
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
9/10/1999
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج(شاهد على العصر)حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق،مرحبًا سعادة النائب.
حسين الشافعي:
أهلاً.
أحمد منصور:
وقفنا في الحلقة الماضية عند مرحلة هامة في التاريخ المصري،وربما التاريخ العربي الحديث،وهي ثورة(23 يوليو)،وقبلها توقفنا عند يوم عشرين(يوليو)وتشكيل حكومة جديدة عُيِّنَ فيها(نجيب الهلالي)رئيسًا للوزراء،واختير وزير دفاع لكي يقوم بتصفية الضباط الأحرار،وكان على عداء شديد لهم،وبالتالي أنت ذهبت إلى(جمال عبد الناصر)بعدما أُبلغت،وأنت في بيت(ثروت عكاشة)من قِبَل(أحمد أبو الفتح)بما حدث،حتى تتحركوا في وقت مبكر عن الوقت الذي كان مخصصًا لقيام الثورة.
حسين الشافعي:
والله،قبل أن أدخل في تفاصيل أحداث(23 يوليو)أحب أن أشير إلى بعض النقط،لأن شهادة(حسين الشافعي)على العصر تعتبر شهادة متكاملة،لأنه قد أُتيحت لي الفرصة أن أشهد المراحل قبل الثورة،والإعداد لها منذ الحرب العالمية بكل أبعادها،وكل مقدماتها،وكل ما انتهت إليه،من حرب(فلسطين)بعد هذا،ثم حرب(1956)ثم(1967)ثم(1973)،وحضرت في هذه المرحلة رئاسة(محمد نجيب).
ثم رئاسة(جمال عبد الناصر)إلى وفاته في عام(1970)،ثم مرحلة(أنور السادات)إلى أن خرجت في(14 إبريل سنة 1975م)،ومد الله في الأجل كي تكتمل الصورة فيما بعد هذه الأحداث،وبارك في الذاكرة التي تمكن الواحد أن يتذكر الأحداث،على الرغم من مرور عشرات السنوات عليها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(9/458)
أنت-ما شاء الله-تذكر الأحداث-ربما-بالساعة والتاريخ الدقيق عليها في كثير من الأوقات.
حسين الشافعي:
الحقيقة،أعتبر هذه شهادة،ليست لغرض إظهار بطولة،أو أظهر تطلعًا إلى أي مطمع،ولكني أقول الحقيقة لوجه الله،ولوجه الوطن،ولمصلحة الأجيال القادمة،لكي تعرف مضمون هذه المرحلة بكل أبعادها،وأنا-طبعًا-أقول هذا الكلام،وقد نكون وقفنا في هذه المرحلة التي عدت فيها إلى سلاح الفرسان من انتدابي في إدارة الجيش يوم 20 أكتوبر سنة(1951م)،وقبل أن ندخل في تفاصيل ما حدث في(23 يوليو)أشير إلى نقطتين أساسيتين وهي إشارة لقدرة الله.
الأولى هي التأليف بين القلوب،القرآن يذكر هذه الظاهرة -كنقطة بداية،وكنقطة أساس-عندما يخاطب الرسول-عليه الصلاة والسلام- فيقول(وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله،هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين،وألف بين قلوبهم،لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألفت بين قلوبهم،ولكن الله ألف بينهم،والله عزيز حكيم)،هذه النقطة كنت قد شاهدتها بجلاء،عندما التف حولي ضباط السلاح في الصحراء عند الكيلو(40)في طريق(السويس)،عندما رأت الحكومة أن تدفع بالجيش بدعوى صد(الإنجليز)لو تقدموا(للقاهرة).
وطبعًا كانت دعوى غير حقيقية،ولكن كانت للتخلص من ردود الفعل التي يمكن أن تحدث في داخل القوات المسلحة،إلا أنها ساعدت على أكبر عملية تجمع وتأليف بين القلوب،بين الضباط الأصاغر الذين قاموا فعلاً بعملية التنفيذ.
(9/459)
الأمر الثاني وهو السكينة،السكينة من ضمن أسلحة الله-سبحانه وتعالى-التي يمد بها المؤمنين لإنفاذ قدره؛ولذلك أيضًا يخاطب العرب بقوله-تعالى-(إلاّ تنصروه فقد نصره الله،إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين،إذ هما في الغار،إذ يقول لصاحبه لا تحزن،إن الله معنا،فأنزل الله سكينته عليه،وأيده بجنود لم تروها،وجعل كلمة الذين كفروا السفلى،وكلمة الله هي العليا،والله عزيز حكيم)،هذان الأمران شاهدتهما،التأليف بين القلوب،وإنزال السكينة،ونبدأ من حيث توجهت بالسؤال..
أحمد منصور(مقاطعًا):
قبل أن نبدأ..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
عن يوم 20 يوليو..
أحمد منصور(مقاطعًا):
قبل أن نبدأ،تتحدث عن الثورة وكأنها ثورة إسلامية،وكأن الضباط الذين التقوا من كافة المشارب للمشاركة في هذه الثورة،كانت تجمعهم أهداف معينة،وأشياء نفسية موحدة،في الوقت الذي كان بينهم الشيوعي،وكان بينهم الوطني،وكان بينهم الإخوان المسلمين،وكانت هناك كل التوجهات التي كانت موجودة في الضباط،هذا الاستنتاج الذي أشرت إليه،وأردت أن تؤكد عليه-الآن-من ألفة القلوب والسكينة،هل هو استنتاج لرؤية(1999م)التي نحن فيها الآن؟أم أنه استنتاج لذلك الوقت الذي حدثت فيه الثورة(1952م)؟
حسين الشافعي:
عندما يتكلم(حسين الشافعي)-كشاهد على العصر-فإنه يعبر عما كان يحسه،ويشعر به من هذا التأييد الغير متوقع بالنسبة لصعوبة قيام الثورة في مثل تلك الظروف..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذا الإحساس كان لك في 23 يوليو؟
حسين الشافعي:
بالتأكيد..
أحمد منصور(مقاطعًا):
1952م؟
حسين الشافعي:
بالتأكيد،وهذا ينقلنا إلى نقطة أن (جمال عبد الناصر)مثلاً-كمسئول عن التنظيم وعن مراحل الثورة وقيامها،وطبعًا هو كان يحب أن يطمئن بالنسبة للمشتركين وعددهم،وكان الدليل-هو دليل مادي-أي الاشتراكات التي تُحصل كَمْ حجمها؟وكان الاشتراك في وقتها(25 قرش)وكان يغطي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الاشتراك في التنظيم؟
(9/460)
حسين الشافعي:
الاشتراك في التنظيم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ماذا كان يغطي؟
حسين الشافعي:
كان يغطي المصروفات والمنشورات،وإذا كان يوجد أحد متضرر من أي شيء يقع عليه،وهكذا..
أحمد منصور:
كم عدد الضباط الملتزمين بدفع الاشتراك؟
حسين الشافعي:
هو-طبعًا-عندما كان يسأل عن سلاح الفرسان،أقول له:إن القضية أعمق من حجم الاشتراكات،لأنني أخاطب قلوبًا مرتبطةً،ومستعدةً أن تصل في التضحية إلى أبعد الحدود،وأنا أعدك ألاّ يكون هناك وحدة من وحدات سلاح الفرسان بدباباته،وبعرباته المدرعة،وبقوته،وبكل ما فيه،إلا ستكون في داخل هذه العملية،ولن يشذ أحد،وأنا-طبعًا-أطلب منك أن تطمئن وأن(تضع في بطنك بطيخة صيفي)وتتوكل على الله،وابدأ وستجد ما يسرك.
أحمد منصور:
لو رجعنا لليوم الذي ذهبت فيه إلى(جمال عبد الناصر)في بيته في(منطقة القبة)وأبلغته ومعك(ثروت عكاشة)بالتغيرات التي حدثت في الحكومة،وأنه يجب أن تتحركوا،وقال لك سنتحرك يوم(22 يوليو)..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أحسسنا أننا مقبلون على مرحلةٍ لا بد أن يتم التنفيذ فيها بأسرع ما يمكن،ويمكن أن القرار كانت بدايته في هذه الإشارة وفي هذا التبليغ،لكن بعد هذا،اُتُّخِذ القرار،وأُبلِغنا به(أن يتم تنفيذ الثورة يوم(21)ليلاً..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يوم 21 ليلاً،تصبحون(22)؟
حسين الشافعي:
هي ليلة(22).
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
ثم بعد أنْ انتصف النهار،فات الوقت،وانصرف الضباط،جاء الخبر أن تؤجل العملية لليوم التالي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما الأسباب التي أدت إلى التأجيل؟
حسين الشافعي:
(9/461)
ما قيل في ذلك الوقت أنه كان هناك واجبٌ-من الواجبات-كان مفروضًا أن يكلف به(أنور السادات)على أساس أنه ضابط إشارة،وهو أن يعطل تليفونات (القاهرة)بحيث لا تكون وسيلة لإمكانية الاتصال والتجميع،وتكون العملية المضادة بتعطيل التليفونات تكون في المصلحة،ولكن لما لم يأتِ،وحتى في يوم التنفيذ لم يأتِ،لأنه كان في السينما،ومع إمكانية السيطرة السريعة على الوحدات،أصبحنا في غير حاجة إلى قطع التليفونات،وبالعكس أصبح استمرارها في مصلحة الثورة بدل أن تكون ضد مصلحة الثورة.
أحمد منصور:
هل الخطة-المتعلقة بالتحرك العسكري لكل الضباط المشاركين في الثورة-كانت واضحة لدى كل واحد منهم؟أم أن البعض كانت الخطة واضحة،عنده والباقون منتظرون،في انتظار التحرك حتى يكون لهم دور؟
حسين الشافعي:
لا،طبعًا في الاجتماع الذي تم الاتفاق فيه على تفاصيل الخطة وهو(الساعة 2.30 ظهر 22 يوليو)في منزل(خالد محيي الدين)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من الذي حضر هذا الاجتماع؟
حسين الشافعي:
الذي حضر هذا الاجتماع طبعًا(جمال عبد الناصر)(وعبد الحكيم عامر)و(زكريا محيي الدين)(وكمال الدين حسين)(وحسين الشافعي)ويمكن أن يغيب عن بالي أي شخص(وعبد اللطيف البغدادي)؛لكن هؤلاء بالتأكيد.
كان الاجتماع الساعة 2.30،وكان الواحد لا بد أن يتواجد في مكتبه إلى آخر وقت،درئًا للشبهات كان عندي سيارة(مورس 8خيل)كنت اشتريتها-مثلما يقولون-(Second hand)وذهبت بها إلى هذا الاجتماع،ووقفت بها على مسافة كيلو أو كيلو ونصف من(العنوان)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أين كان يسكن(خالد محي الدين)؟
حسين الشافعي:
في(مصر الجديدة)،ومشيت،وحضرت الاجتماع الساعة 2.30 و-طبعًا-قيلت تفاصيل الخطة،وأخذت الأجزاء الخاصة بواجبات سلاح الفرسان،وكانت تغطي كل الأهداف تقريبًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(9/462)
هل من الممكن أن تقول لنا-بإيجاز-موجز هذه الخطة؟!كيف كانت مراحلها ستنفذ-وأنتم مجموعة ضباط رئيسيين-ما دور كل واحد فيكم؟
حسين الشافعي:
كانت الفكرة السيطرة على القوات المسلحة،بحيث نكون متأكدين أن القوات المسلحة أصبحت تحت السيطرة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
تعني القيادة العامة؟
الشافعي(مقاطعًا):
تحت السيطرة الكاملة،وهذا يعني أنك تغلق المنافذ التي تصل إلى القوات المسلحة من أي طريق،وتطمئن على تأمين هذه القوات،بحيث أنه عندما تتحدث باسم القوات المسلحة تكون متمكنًا ومتحكمًا في أمورها،هذا باختصار شديد،كون أن التفاصيل تشمل السيطرة على الإذاعة،والسيطرة على التليفونات،والسيطرة على مداخل القوات المسلحة في كل المجالات،ومحاصرة(قصر عابدين)كرمز،وهذه لها ناحية معنوية..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الملك كان في الإسكندرية طبعًا؟
حسين الشافعي:
وكذلك،حتى القصر وإن لم يكن به أحد،فهو رمز،وله معنى-أيضًا-إلى جانب تأمين الأسلحة المختلفة،سواء الطيران،ولم نكن نأمن على المشاركة إلا إذا ذهبت قوات أرضية لتأمينه،وكذلك باقي الوحدات،كتيبة(13)-أيضًا-أرسلنا لها قوات من المدرعات،وكذلك الحدود أرسلنا لها قوة من المدرعات،وهكذا..
أحمد منصور:
لكن تلاحظ أنه لا يوجد أحد منكم يتبع سلاح الطيران في كل المجموعة،ليس منكم أحد من سلاح الطيران؟
كيف استطعتم السيطرة؟
حسين الشافعي:
لا،كان يوجد(البغدادي،وجمال سالم،وحسن إبراهيم)،كانوا موجودين،وهم كان تفكيرهم في الثورة تفكيرًا مبكرًا،وكانوا من أعضاء اللجنة التأسيسية(بغدادي وجمال سالم وحسن إبراهيم).
أحمد منصور:
وأنتم في هذا المجلس في يوم(22 يوليو الساعة الثانية والنصف ظهرًا)،نسبة النجاح التي كنتم تتوقعونها للثورة-في هذه اللحظات وأنتم تضعون الخطة النهائية للتحرك-كم كانت تقريبًا؟
حسين الشافعي:
(9/463)
هذه مشاعر شخصية،قد تختلف من شخص إلى آخر،إنما نحن-جميعًا-كنا دخلنا في عجلة،والعجلة تحركت،ولا يوجد مجال لإبداء الرأي،وبدأت العجلة تتحرك،وانتهى.
أحمد منصور:
كنتم تدركون المخاطر التي ستتعرضون لها في حالة فشل الثورة؟
حسين الشافعي:
نعم،بدون شك،ولكن كانت حالة البلد من السوء لدرجة أن كل شيء أمامها يهون،حتى لو لم يحدث نجاح للثورة،فيكفي أن يقال أنه في عام(1952م)هناك أناس قاموا وضحوا بأنفسهم كي يعبروا عن حتمية تغيير ما هو قائم.
أحمد منصور:
التغييرات التي تلت بعد ذلك في نظام الحكم كانت واضحةً لديكم-قبل التحرك-قبل طرد الملك،وإلغاء النظام الملكي،وتحويل النظام لجمهوري؟
حسين الشافعي:
والله،الذي يقول أنه كان يوجد تخطيط بالنسبة لهذه المسائل،يكون تجاوز الحقيقة،وإنما كانت هذه مواقف تواجه أولاً بأول،و-طبعًا-كان في ضميرنا كلنا –كأناس عاشوا،وعرفوا،أو سمعوا عن(ثورة عرابي)ولماذا فشلت؟أو لماذا لم تحقق أهدافها؟-أن عنصر الخيانة الممثل في الخديوي(توفيق)الذي استدعى الإنجليز من أجل حماية عرشه،وهذه كانت ماثلة في ضميرنا،وفي أذهاننا جميعًا؛ولذلك كان من المحتم ضرورة التخلص من البؤرة التي من الممكن أن تتجمع حولها القوى المضادة.
أحمد منصور:
لم يكن في ذهنكم طرد الملك،أو إلغاء النظام الملكي في ذلك الوقت،أي كان من الممكن أن كل ما تريدونه هو السيطرة على الجيش فقط،ومن الممكن أن تتعايشوا مع نظام ملكي قائم؟
حسين الشافعي:
بعد ما أمكن التحكم في القوات المسلحة،والسيطرة عليها،المسائل التي كانت بعد ذلك كانت تلقائية،وكل مسألة كانت نتيجة مناقشة،والانتهاء إلى قرار.
أحمد منصور:
(9/464)
أنت استشهدت بالخديوي(توفيق)الذي استدعى(البريطانيين)كي يحمي عرشه،لم تكن القوات البريطانية على بعد كبير من(القاهرة)،وكانت(مصر)لا تزال تحت الاحتلال البريطاني،ألم يدُر في خلدكم،وفي مخططاتكم-في ذلك الوقت-احتمالات تدخل القوات البريطانية؛لتحمي عرش الملك،وهو كان حليفًا لهم؟
حسين الشافعي:
كان هذا أمرًا واردًا،كان موضوعًا له الاحتياطات التي في قدرتنا،ويمكن من الأمور التي ساعدت في عدم التدخل أمران:الأول أنهم انسحبوا من تلقاء أنفسهم من(الإسكندرية،والقاهرة)سنة(1947م)من أجل ألاّ يكونوا كالقذى في أعين الناس،وتحدث ردود فعل عليهم.
الثاني:أنه بعد الحرب العالمية الثانية أصبح هناك قوة أخرى على الساحة،والكل يتطلع إلى هذا المكان القائد،إن صراع القوى لا بد أن يتحكم في هذا المكان القائد،وهذا يحملنا عبئًا باستمرار،إذا لم تكن مصر-في ظروف الزمن-على مستوى المكان القائد،فلابد أن تتسابق أقوى القوى،أيهم يسبق ويكون له موطئ قدم في هذا المكان،وهذا يؤكده أنه بعد أن رحل(الإنجليز)وبعد الجلاء الثاني في (23 ديسمبر 1956م)ظهر علينا مبدأ(أيزنهاور)وهو ملء الفراغ،أيُّ فراغ؟أنه كيف تكون هذه المنطقة لا يوجد فيها وجود،أو سيطرة غربية؟
أحمد منصور:
هذه كانت نقطة يهمنا أن نستوضحها،قبل قيام الثورة كانت الولايات المتحدة قد برزت كقوة-كما أشرت-جديدة في المنطقة،أنتم-كضباط-يسعون للقيام بانقلاب على النظام القائم،هل كان لكم أي شكل من أشكال الاتصال مع الأمريكيين قبل قيام الثورة؟
حسين الشافعي:
على الإطلاق،ولكن بالنسبة لتقدير الموقف،يجوز أن الصراع على السلطة،والصراع على السيطرة،من الممكن أن يوجَد في العقل الباطن،لأن الملك أول ما استنجد،استنجد بالأمريكان؟
أحمد منصور:
وأنتم-أيضًا-سعيتم للالتقاء بالسفير البريطاني،والسفير الأمريكي..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(9/465)
أكيد-طبعًا-كي نوضح ونبدي نوعًا من التأمين،ونوعًا من الاستقرار،إننا لا نبغي غير تحرير البلد من الفساد الموجود فيها ونبني بلدنا.
أحمد منصور:
نريد أن نعرف دور الرئيس(نجيب)في هذه المرحلة،قبل قيام الثورة؟
حسين الشافعي:
الرئيس(نجيب)كان ضابطًا ممتازًا شجاعًا،أقدم على هذه المشاركة متحملاً كل مسئولياتها،وإذا كانت الثورة فشلت،كان-طبعًا-سيكون من الذين يفقدون حياتهم،وهذا أمر لا ينسى بالنسبة(لمحمد نجيب)،ولكن الأحداث التي كانت بعد هذا موضوع قائم بذاته..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سنأتي له،ولكن كان(نجيب)على دراية تامة بكل التحركات التي تتم،بكل الاجتماعات التي تتم،وربما الذي حال بينه وبين المشاركة أن رتبته أعلى كثيرًا من رتبكم،أنتم جميعًا في رتب متقاربة،النقطة الثانية أنه كان مراقبًا بشكل أساسي،وهناك مخاوف فعلاً..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
نعم،هذا صحيح،انتخابات مجلس نادي الضباط سلطت عليه الضوء،وجعلته معرضًا ومستهدفًا.
أحمد منصور:
اجتماعكم أنتم-كمجموعة رئيسية-بهذه الطريقة،في بيت واحد منكم،ألم تكن لديكم أية مخاوف؟وقد رصدت أسماء ثمانية من الضباط الاثني عشر لدى القصر،ولدى وزارة الحربية في ذلك الوقت،ألم يكن لديكم مخاوف أن تراقبوا،وأن يقبض عليكم جميعًا،وينتهي الأمر؟
حسين الشافعي:
تصديقًا لهذا الكلام،إنه كان واردًا،وأذكر أنه في(يوم 17 يناير سنة 1952م) وكانت بعض الأسماء قد عرفت لدى السلطات،وهذا ما دعا(جمال عبد الناصر)عندما اجتمعنا في(قصر عابدين)كي يبلغ الملك السابق الضباط بمولد(أحمد فؤاد الثاني)بعد انتهاء الاجتماع،وجدت(كمال الدين حسين)يبحث عني ويقول(جمال عبد الناصر)يبحث عنك كي يبلغك أن بعض الأسماء عرفت،وإذا تم القبض عليهم؛فأنت الذي تتولى أمر الثورة،وأعطاني كلمة السر للاتصال بالمجموعات التي سُمِح في وقتها أن أعرفها.
أحمد منصور:
كم عدد المجموعات تقريبًا؟
حسين الشافعي:
(9/466)
والله،يعني أنا اتصلت..هذه العملية لم تأخذ وقتًا كبيرًا،أذكر أنه كان من ضمن القيادات التي سأتصل بها المرحوم(صلاح بدر)كان أحد الضباط،وكان في(الهايكستب)؛فمررت عليه للتأكد من الأمر،وأنا أميل لعملية الرسم،رسمت على منشفته رسم(أبو الهول)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كانت كلمة السر؟
حسين الشافعي:
نعم،كلمة السر؛فأدرك،واحتضنني،وكانت بداية التعارف،فيما إذا اقتضى الأمر أن أتولى هذه المسئولية.
أحمد منصور:
كم كان عدد الضباط الذين من المفترض أن يشاركوا معكم تقريبًا؟
حسين الشافعي:
الذين قاموا بالعمل الحقيقي لا يتجاوزوا التسعين؟
أحمد منصور:
90 ضابطًا؟
حسين الشافعي:
نعم،ولكن الكشوف الخاصة بالضباط الأحرار تجاوزت 200 ضابط،طبعًا ينضم إليهم الذي كان(نوبتجيًّا)والذي كان موجودًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
والذي صادف أنه موجود؟
حسين الشافعي:
نعم.
أحمد منصور:
أنتقل-الآن-بعد الساعة الثانية والنصف،من المفترض أنكم-في الليل-سوف تتحركون للسيطرة على الأوضاع,وإعلان قيام الثورة،أو الانقلاب..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،قبل هذا هناك ملاحظتان:أثناء الاجتماع كان التأجيل لساعة الصفر من الساعة(11)إلى الساعة(12)،هذه تضع مسئولية،لأننا لم يكن لدينا وسيلة لنتصل بالضباط في بيوتهم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من(11)إلى(12)ليلاً؟
حسين الشافعي:
نعم،الاجتماع كان(2.30)وتقرر فيه أن ساعة الصفر تكون الساعة(12)كيف نبلغ؟لم تكن هناك فرصة للتبليغ،وهذه من النقاط التي أثرتها،قلت:إن هذه ستضع علينا مسئولية،لأن الضباط سيأتون في الصباح الساعة(11)،ويمكن أن مجيئهم- مبكرًا ساعة ممكن-يكشف الثورة قبل أوانها،ولكن حدث تصميم على أن تكون الساعة 12.
أحمد منصور:
الآن نود أن نعرف تفاصيل ما حدث ليلة الثورة،ودورك الرئيسي؟
حسين الشافعي:
(9/467)
والله،قبل أن نخوض في تفاصيل هذا اليوم المجيد بكل أبعاده،أحب أن أنبه أني لا أقول هذا الكلام تفاخرًا،أو لإثبات بطولة،هذا قدر كتبه الله علينا،وسبحانه الذي يقول:(سبح اسم ربك الأعلى،الذي خلق فسوى،والذي قدر فهدى)فلا يوجد أحد-حقيقة-يعمل؛لكن الله هو الفَّعال لما يريد،كونه أنه يختار من خلقه،ومن عباده،مَنْ يُجْرِي على أيديهم دورًا معينًا،فهذا فضل إن كان خيرًا،وهذا قدر إن كان شرًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن يبقى دور من ينفذ أيضًا..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ففي هذا اليوم،بعد أن انتهينا من مناقشة الخطة بكل أبعادها،وطبعًا انتهى الاجتماع في الساعة الرابعة والنصف،كل واحد انصرف منفردًا،وذهب إلى المهام المطلوبة منه،كي يعمل على تنفيذها؛فطبعًا كان هناك ميعاد مُسبق مع الأخ الزميل الدكتور(ثروت عكاشة)في منزله؛كي نتبادل الرأي بالنسبة للأدوار،وبالنسبة لتوزيع الواجبات على الأفراد،وطبعًا أنا كنت على علم بأسماء الضباط كلها نتيجة لأني كنت في السلاح لمدة سنة قبل الثورة،هذا لم يكن متوفرًا لا للأخ(ثروت)،ولا للأخ(خالد)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(خالد محيي الدين)؟
حسين الشافعي:
(خالد محيي الدين)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كلاهما كان في سلاح الفرسان؟
حسين الشافعي:
لأنه كان الأخ(ثروت)في إدارة التدريب،والأخ(خالد)كان في حرس الجامعة،تدريب أيضًا،فعندما اجتمعت في البيت عند(ثروت عكاشة)كان هناك فاصل زمني،ساعتان ما بين هذا الميعاد وذاك،قضيت هذا الوقت..كان لي أخت في(مصر الجديدة)فقضيت الوقت هناك،غيرت فيها ملابسي،واستعددت لمواجهة هذا اليوم بكل أبعاده،وعندما التقيت بالأخ(ثروت)ابتدأنا نراجع الواجبات،وهو بخطه بدأ يكتب الأسماء التي كنت على علم بها،ووزعنا الواجبات،وكتب هذه الواجبات على ورق بخط يده،لأننا حين نكون في مواجهة الضباط لن يكون هناك وقت للحديث،وإنما يأخذ كل واحد واجباته،وينفذ.
أحمد منصور:
(9/468)
حينما ذهبت إلى أختك،علمت بأنك مقدم على شيء؟
حسين الشافعي:
لم يعلم أحد من أهلي-على الإطلاق-حتى يوم الثورة،طبعًا أخذت العملية مناقشات طويلة،بدأنا من الساعة(6.30)لم ننزل إلى وحدتنا إلا الساعة(10.50)،في هذه الفترة-طبعًا-قلبنا الأمور كلها،وحددنا الواجبات،وحددنا الأسماء،مَنْ سيقوم بماذا؟ومن يعمل أين؟وهكذا.
أحمد منصور:
طبعًا سلاح (المدرعات أو الفرسان)كان عليه الدور الرئيسي،أو العبء الرئيسي في الحركة،والسيطرة على المواقع التي من المفترض أنكم تسيطرون عليها؟
حسين الشافعي:
هذا حقيقي،لأنه لم يكن هناك أي وحدة تستطيع أن تتحرك إلا إذا تم تأمينها بالمدرعات،وهذا ألقى على سلاح الفرسان-كمقدمة،ورأس حربة ودرع-أن يتواجد في جميع المواقع التي تحركت فيها القوات،وعليه طبعًا،ثم تناولنا العشاء،وكان في عز الصيف..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كان بطيخًا أكيد؟
حسين الشافعي:
جبنًا وبطيخًا وغيره،الساعة(10.45)مَّر علينا(جمال عبد الناصر)طبعًا يريد أن يطمئن،هو مشى من هنا،ومشينا بعده،الساعة(10.45)مَّر علينا،ولم يكن له أي تعليق،اطمأن أننا موجودون،وعلى استعداد للمشاركة في هذه المأمورية الخطيرة،ومشى..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كان يرتدي زيه المدني أم العسكري؟
حسين الشافعي:
والله،بعض الناس قالوا:إنه كان يرتدي مدنيًّا،أنا لا يعنيني،لأنه مدني أو عسكري فهو(جمال عبد الناصر)،وهو الذي عليه المسئولية الأولى،ولا أستطيع أن أحدد..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن هناك عوامل(مصادر)كثيرة علقت على أن(عبد الناصر)كان يرتدي ملكيًّا أم مدنيًّا في ليلة الثورة؟
حسين الشافعي:
(9/469)
أغلب الظن أنه كان بالملابس العسكرية ونهايته،الشيء الوحيد الذي استرعى الانتباه أنه تحدث إلى(ثروت عكاشة)بوجه خاص،وقال له يا(ثروت)،اليوم ليس هناك مجال للعواطف،لأنه يعلم أن(ثروت)إنسان حساس ورقيق،فقال له:يا ثروت،الليلة لا مجال للعواطف-قالها باللغة الإنجليزية-ولا بد أن نكون مستعدين لكل شيء..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لا مجال للعواطف،ولابد أن..لشد الأزر وأن يكون الواحد مستعدًا لأي شيء..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ثم بعد أن مضى،والميعاد اقترب،نزلنا في عربتين،كنا أربعة ضباط،أنا في العربية(المورس 8 خيل)وجواري(ثروت عكاشة)و(الزميل خالد)ومعه(عثمان فوزي)يركبان العربة الثانية،كنا في هذا الوقت-مثلما كان(ثروت عكاشة)يسكن في داخل(القشلاق)في بيت من البيوت-أنا-أيضًا-كنت أسكن داخل(القشلاق)،ومن داخل(القشلاق)كان سلاح الفرسان خلفيته لها سور من السلك،وكان السور به فتحة،فدخلنا من هذه الفتحة كي لا ندخل من البوابة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
المدخل الرئيسي؟
حسين الشافعي:
الرئيسية،إنما الذي لفت نظرنا أن هناك عربة سوداء كبيرة،كانت تمشي وراءنا،ودخلت من نفس المسار،ودخلت من نفس فتحة السلك،فهذا أثار الانتباه والشك،وبقيت عملية عالقة في العقل الباطن-يعني في مجال التساؤل-ما هذه العربة؟بعدما دخلنا في السلاح مسافة 200 متر تقريبًا،جئنا في مفترق طرق الذي به الدبابات في الاتجاه الأيمن،والسيارات المدرعة في اتجاه الشمال..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنت كنت قائدًا..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أنا كنت عامل الاجتماع في السيارات المدرعة في الجانب الأيسر،فعندما وصلنا مفارق الطرق نور(القشلاق)كله انقطع،طبعًا أضاف إلى القلق الذي رأيناه بالنسبة للعربة القادمة وراءنا نوعًا من..في مجال التشاؤم ومجال التفاؤل عندما يطفأ النور هكذا،وأنت مقدم على عمل مثل هذا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وعربة سوداء؟
حسين الشافعي:
(9/470)
ألقت شيئًا من الظل،لكن استكملنا المسيرة،حتى وجدنا العربة السوداء لم تأت خلفنا،وانتقلت في اتجاه اليمين جهة الدبابات-طبعًا-علمنا فيما بعد أن هذه العربة كان فيها اللواء(علي نجيب)أخو(محمد نجيب)،وكان قائد قسم (القاهرة)،وكان مبعوثًا من القوات المضادة-كما يقال-أو من قبل السلطة،كي يرى الموقف في داخل سلاح الفرسان،وقابل الضباط-فعلاً-وعندما وجدهم ظن أنهم يؤمنون السلاح،وطمأنوه،وأمنوه،وانتهى..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الأمور مستقرة؟!
حسين الشافعي:
ذهبت أنا و(ثروت عكاشة)،وقابلنا الضباط في الكتيبة الأولى سيارات مدرعة التي كنت أقودها،ووجدنا الضباط جميعًا مجتمعين،ولم يكن هناك كلام كثير،مساء الخير،هذا الوقت ليس هناك مجال للكلام،هناك واجبات لكل فرد مكتوبة في ورقة،عندما يأخذ كل واحد واجباته يقرؤها،وإذا كان له أي سؤال يسأل،وإذا لم يكن له سؤال،يعطي تمامًا أنه جاهز.
وبالصدفة أن أول من تقدم،وقال تمام يا أفندم،أنا جاهز(إبراهيم العرابي)الذي أصبح بعد ذلك رئيس الأركان،ثم رئيس هيئة التصنيع،فقلت له:يا إبراهيم،خذ العربتين الخاصتين بك،وقف عند بوابة السلاح من الداخل،تحسبًا لأي شيء نستطيع أن نتفاداه،ذهب ووقف هناك.
في هذا الوقت الساعة(11.05)دق جرس التليفون،وكان الذي يتكلم هو أركان حرب قسم(القاهرة)المسئول عن قوات المنطقة المركزية كلها،كان اسمه(عبد الخالق عابد)وكان(قائم مقام)تساوي(عقيدًا)اليوم؛فرد عليه أحد الضباط الذين معي،قال له:كتيبة الطوارئ جاهزة؟فسألني:كتيبة الطوارئ جاهزة؟قلت له:رد عليه،وقل له:ستكون جاهزة بعد نصف ساعة،ومرت خمس دقائق ثانية،فإذا به يتصل مرة ثانية،ويقول:كتيبة الطوارئ تحضر إلى قسم القاهرة فورًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يعني الوقت تغير؟
حسين الشافعي:
فورًا،فأنا قلت له:لا ترد عليه،واقطع سلك التليفون،وفعلاً قُطِع سلك التليفون وانقطع الرنين..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(9/471)
كتيبة الطوارئ جاهزة،كانت كلمة سر؟
حسين الشافعي:
لا،أبدًا هو يريد كتيبة الطوارئ،كي يتصدى بها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لأي تحرك ؟
حسين الشافعي:
لتحركات الثورة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
نعم،نعم.
حسين الشافعي:
إلى أن كانت الساعة(11.15)أنا كنت..في هذه اللحظة طلبوا أن يحضروا صناديق الذخيرة،كي يعطوا ذخيرةً للأسلحة الصغيرة(البنادق)،لأن الدبابات جاهزة من الأول،إنما الأسلحة الصغيرة،لا،فأنا وزعت الذخيرة على الأفراد،وإذا بواحد قادم،وهو يلهث،وفاقد النفس-في وسط الظلام مثل الأشباح-يقول لي إن(حسن حشمت)دخل السلاح،وحدثت مناقشة استطاع أن يفهم منها أن هناك انقلابًا،أو شيئًا غير عادي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
مَنْ(حسن حشمت)؟
حسين الشافعي:
قائد مجموعة اللواء المدرع،وكان سلاح(الفرسان)عبارة عن إدارة السلاح،وهذه تشرف على مدرسة المدرعات،والأساس وهم المستجدون،وإدارة السلاح،مجموعة اللواء المدرع،فيها القوات المحاربة-كتشكيل حرب-بالكامل،مجموعة اللواء المدرع بقيادة الأميرالاي(حسن حشمت)،قالوا(حسن حشمت)يبدو أنه قدم مع رئيس الأركان(حسين فريد)عندما كانوا مجتمعين في رئاسة الجيش؛فقدموا ليروا الموقف في سلاح الفرسان،لأنه في الجانب المقابل للقيادة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
نعم.
حسين الشافعي:
فوصلوا حتى حرس سلاح(الفرسان)و(حسن حشمت)قال له:سعادتك تفضل في مكتبك،وأنا سوف أصفي الموضوع،وأنهي الأزمة،وأحضر كي أعطي لسيادتكم التمام،فلما دخل اعترضه الضباط الذين معي،ومنهم(حسن الدمنهوري)حاول يدخل بالعربة فأوقفوا العربة،وكان يرتدي مدنيًّا(قميصًا،وبنطلونًا،وصندلاً) واستدعوه من البيت؛فحضر على عجل،فلما أوقفوه حضر الذي أبلغني هذا الكلام؛فقلت:الثورة كشفت..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(9/472)
اسمح لي-سعادة النائب-في الحلقة القادمة ننطلق من هذا الموضوع،المحاولات التي بُذلت من قِبل القوات الموالية للملك لكشف الثورة،وما حدث بعدها،العوامل التي أدت إلى نجاح الثورة،في الحلقة القادمة-إن شاء الله-نستكمل سماع الشهادة.
حسين الشافعي:
إن شاء الله
أحمد منصور:
مشاهدينا الكرام،في الحلقة القادمة-إن شاء الله-نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق في(مصر).
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج،وهذا(أحمد منصور)يحييكم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/473)
الحلقة4(9/474)
الجمعة 10/12/1422هـ الموافق 22/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 20:43(مكة المكرمة)،17:43(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصرى الأسبق
الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
16/10/1999
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور:
السلام عليكم،ورحمة الله،وبركاته،وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج(شاهد على العصر)حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق في(مصر)،مرحبًا سعادة النائب.
حسين الشافعي:
أهلاً.
أحمد منصور:
توقفنا في الحلقة الماضية عند محاولات إجهاض تحرك الجيش ليلة(23 يوليو 1952م)وكنت أنت القائد المسئول عن تحرك سلاح المدرعات،الذي كان عليه العبء الأكبر في الاستيلاء على ثكنات الجيش الأخرى،والتهيئة لقيام انقلاب،أو ثورة(23 يوليو)،قبيل تحرككم بحوالي 40 أو 45 دقيقة،كشفت المحاولة،وكانت هناك مساعٍ لإجهاض الحركة،كيف تصرفتم إزاء هذه المساعي؟
حسين الشافعي:
هو في الحقيقة،بعد أن قلت عن العربة السوداء التي كانت آتية خلفنا،وانقطاع التيار الكهربائي،وطلب كتيبة الطوارئ مرتين،مرة الساعة(11.05)،ومرة الساعة (11.10)ثم عندما جاء الخبر بأن قائد اللواء المدرع الأميرالاي(حسن حشمت)برتبة الرائد في هذا الوقت-وكان قائد اللواء المدرع-أنه دخل بعربته المدنية متجاوزًا التعليمات والحصار المفروض،والتعليمات بأنه لا أحد برتبة تفوق البكباشي(المقدم)أن يدخل القشلاق(المعسكر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذه كانت أعلى رتبة للضباط المشتركين في الثورة؟
حسين الشافعي:
(9/475)
فهو بنفوذه،وباسمه،وبوضعه،اقتحم،ومشي إلى أن أوقفه أحد الضباط المرتبطين بالثورة،وهو(حسن الدمنهوري)،أنا في هذه اللحظة أبلغوني أن(حسن حشمت)دخل السلاح،تجمعت كل هذه الاعتبارات في ساعتها،أنا قلت الثورة كشفت،وبدلاً من أن يثبط هذا الأمر من عزمي،بالعكس جعلني أكثر تصميمًا على التصدي للموقف بأن أخذت المدفع الذي كان بيدي،وجريت على قدميّ،كي أقابل(حسن حشمت)قبل أن يدخل مكتبه،ويستخدم نفوذه،ويعمل اتصالاته.
عندما وصلت-مِن فضل الله-وجدت الضباط المرتبطين بي قد أوقفوه،وأخذوا عربته،ووضعوها جانبًا،ووجدته-عندما وصلت-في نصف المسافة في دائرة من الجنود شاهري السلاح،والسناكي جاهزة،وهو في وسط الدائرة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
محاصرًا؟
حسين الشافعي:
محاصر..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ومعزولاً بدون سلاح؟
حسين الشافعي:
لقد كان قومنداني(قائدي)أول تخرجي من الكلية،وكنت أُكنُّ له احترامًا وتقديرًا كثيرًا جدًّا،لأنه في أول خدمته كان مثلاً من أمثلة الشهامة والشجاعة،وبعد ذلك أُخذ،واستغرب جدًّا عندما رآني موجودًا في التنظيم،فأول ما رآني قال:أنت أيضًا معهم؟!فآخر شيء كان يتوقعه،وخصوصًا أني في انتخابات الضباط،في عملية الانتخابات في النادي،والتي كنت مرشحًا فيها من سلاح الفرسان،وهو كان يرشح نفسه أيضًا،فأنا انسحبت قبل الانتخابات بيوم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
له أم هو تكتيك؟
حسين الشافعي:
تستطيع أن تقول:أنه تقدير إلهي أكبر من أي اعتبار،وظهرت فائدته..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما هي فائدته الأساسية؟
حسين الشافعي:
فائدته أن(حسن حشمت)حملها لي جميلاً كبيرًا جدًّا،ساعدني أن أتحرك بكل حرية في داخل السلاح إلى أن تم قيام الثورة،الأمر الثاني:أن اسمي ظل غير معروف إلى آخر لحظة،وهذا ما جعل(جمال عبد الناصر)يلجا إلى أن يكلفني في حالة إذا قبض عليهم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
تواصل..؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(9/476)
أقوم بمسئولية الثورة،هذان الأمران،فعندما رآني قال:أنت أيضًا معهم،فأنا لم أجب،ثم تقمصه روح القائد الموضوع في مثل هذا الوضع،وقال لي:كيف تسمح للعساكر أن ترفع السلاح في وجه قائد اللواء؟أنا هنا قائد اللواء؟!هنا يتحدث الإنسان عن السكينة التي سبق أن تحدثنا عنها؛فالسكينة كانت لو وزعت على أهل مصر لتبقى منها فائض أيضًا،ثم قلت له:على كل حال،احمد الله أنني أتيت في الوقت المناسب؛وإلا كانوا ذبحوك،فقال لي:أنتم ستضيعون البلد،وأنتم تلعبون بالنار،قلت:على كل حال،هذا ليس أسوأ مما هي فيه الآن.
وهذا هو المحك الرئيسي الذي تصل الأمور إليه،وهو أن يصبح الموت أهون منها،وبعد ذلك قال لي:أنت تفعل بي هذا،وأنا الذي ربيتك في(برنج أورطه)؟..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ماذا تعني(برنج أورطه)؟
حسين الشافعي:
هذه الأسماء التركية التي كانت قبل أن تتغير إلى الأسماء العربية؛فبرنج أورطه تعني الكتيبة الأولى،فقلت له:والله لو أن أبي في نفس الموقع،وفي نفس الظرف،لما تصرفت معه إلا كما أتصرف معك،تفضل معي،ولكن مازالت روح القيادة موجودة فيه،فقال لي:إذن أركب عربتي؟!فقلت له:لا يوجد مانع،ولكنْ في هذه اللحظة جاء الأخ الزميل(ثروت عكاشة)،وأنقذ الموقف،وجاء بعربة(جيب)،وحسم الموقف بأن ركبت العربة الجيب،وأركبت(حسن حشمت) بجانبي،وقدت الجيب،ومعنا الأخ(ثروت عكاشة)إلى أن وصلت إلى مكتبي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل كان لديكم مخاوف من انكشاف الثورة إلى هذه اللحظة؟أم أنك اطمأننت بعد هذا الموقف؟
حسين الشافعي:
لا،أنا بعد هذا اطمأننت،وأخذته عندي في المكتب،فهو-طبعًا-قائد اللواء،فكيف يجلس في مكتب قائد الكتيبة؟!كتيبة سيارات مدرعة،فقال لي:اسمع-يا(حسين)-أنا هنا لي مكتبي،فقلت له:على كل حال،المكتب هنا فيه كل ما تريد،تشرب قهوة،أو شايًا،هناك سرير لترتاح،نهايته،فدخل وجلس،وبعد قليل أركان حربه وكان مساعده(سعد الدين مأمون)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(9/477)
الذي أصبح محافظًا بعد ذلك؟
حسين الشافعي:
الذي كان في حرب 1973م قائدًا لأحد الجيوش،فجاء(سعد مأمون)،وكان في ذلك الوقت برتبة رائد(صاغ يعني)،فجاء ووجدني..أنا كنت وزعت كل القوات؛فأصبحت قائدًا بلا جنود،وجلس معي ضابط آخر،فقال لي:مساء الخير يا أفندم،فقلت له:مساء الخير يا(سعد)،فقال سيادة اللواء موجود؟فقلت له:نعم،فقال لي:هل أستطيع أن أكلمه؟فقلت له:لا،فقال لي:سيادة اللواء هنا،ولا أستطيع أن أكلمه؟!قلت له:نعم-أنا فاضي-ولكن تستطيع انتظاره في حجرة قائد ثاني الكتيبة،قال لي:كيف أكون في الحجرة المجاورة له،ولا أستطيع أن أكلمه؟قلت له :نعم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ألم يحس(سعد مأمون)أن الوضع غير طبيعي؟
حسين الشافعي:
طبعًا أحس بأن هناك شيئا،في رئاسة الأركان استبطئوا(حسن حشمت)الذي سيخبرهم،فأرسلوا من يسأل عنه،وهو مدير المكتب،وكان(قائم مقام)(عبد العزيز فتحي)فجاء(عبد العزيز فتحي)وهذا كان مدرسًا لنا في المدرسة الحربية،وكان لسانه يتجاوز الحدود أحيانًا،فعندما رآني قال لي:ما الذي(تهببوه)تفعلونه هذا؟فقلت له:ألن تكف عن طريقتك التي كانت في المدرسة الحربية هذه؟!تفضل بالانتظار في هذه الحجرة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل كان مسلحا؟
حسين الشافعي:
لا،فدخل كيف يدخل سلاح الفرسان مسلحا،ماذا سيفعل بالسلاح فيه،ثم دخل المكتب مع(سعد الدين مأمون)وجلس إلى أن جاء المسئول عن تجميع حصاد الوحدات المختلفة كلها،فجاء(أحمد أنور)وكان يمسك البوليس الحربي في ذلك الوقت،فسلمته الثلاثة(حسن حشمت)(وسعد الدين مأمون)و(عبد العزيز فتحي).
أحمد منصور:
أنتم في هذا الوضع كل من فوق رتبة البكباشي لم يساهم في الثورة،إلا اللواء (نجيب)فقط،هناك رتب كثيرة أقل من البكباشي،مثل(سعد مأمون)مثلاً،لماذا لم تشركوه معكم؟
حسين الشافعي:
لأن عملية الثورة كانت عملية ظروف،واطمئنان..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وقادة ميدانيين؟
حسين الشافعي:
(9/478)
ظروف المعاشرة،وأن يكون قريبًا منك،بعد ذلك أن تكون مطمئنًّا،لأن هذه مسئولية،وفي مجال المسئولية أقول لك:كان معي واحد في نفس الكتيبة التي كنت فيها،وكان قائد ثاني الكتيبة،وكان برتبة الرائد-في ذلك الوقت الصاغ-،وأنا كنت أحبه،وأعتز به كثيرًا،لكن لأن والدته كانت رئيسة لجنة النساء في حزب (الوفد)،طبعًا أصبحت حذرًا من إبلاغه بهذه العملية،أو إشراكه.
أحمد منصور:
أي أنت ترى جانب السرية المطلقة والثقة؟
حسين الشافعي:
المطلقة نعم،والثقة،وبعد ذلك بلغتني قصة أن له أخًا اسمه(مصطفى)أصغر منه في أساس الفرسان الخاص بالمستجدين،فوجدتهم يقولون لي إن واحدًا من ضباط الشرطة-لأن بيته كان أمام كلية الشرطة،وهو كان من المنفتحين الذين يحبون المرح والمزاح-فوجدته-ضابطًا من الشرطة-يقول له:هل تنوون عمل انقلاب؟،فقال له:نعم سنفعل،ونفعل..كلام..
فأنا عندما بلغتني هذه الرواية انزعجت،فكيف يقول لضابط الشرطة مثل هذا،فقلت لأخيه(سعد)أن يرتب لي لقاء مع(مصطفى)وفعلاً ذهبت إلى البيت،وهو أمام كلية الشرطة في العباسية،وقلت له ما أساس هذه القصة؟فقال لي:هذا كله مزاح،ولا أساس له،فإلى هذا الحد كان الخوف والحرص من أي شخص بالنسبة لأي شيء يتسرب،لكن الظريف أن هذا الشخص قال:إن هذا هو اليوم الذي يتمناه-أن تقوم ثورة.
وبعد أن وصلت كل القوات لواجباتها،وجدت عددا كبيرًا من السيارات تضيء أنوارها،وتتقدم في اتجاهي،وليس لي بهم علم،ووجدته ومعه 150 جنديًّا من المستجدين مسلحين بالذخائر،ويقول لي:تمام يا أفندم،نحن تحت أمرك،إذا كان الأمر يتطلب أي شيء،طبعًا هذه مواقف لا ينساها الإنسان لأصحابها ولا ينساها بالنسبة لهذه الظروف.
أحمد منصور:
قضيت ليلة 23 في الكتيبة إلى أين تحركت بعد ذلك؟
حسين الشافعي:
بعد ذلك في الساعة 1.30 سمعت طلقًا ناريًّا في القيادة العامة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذه الطلقات التي أطلقها(يوسف منصور سلطان)على بعض الذين قاوموا؟
(9/479)
حسين الشافعي:
نعم سمعتها،يمكن بعد 1.30 يمكن قبلاً،لكن بعد أن انتهيت من كل الواجبات والالتزامات،بعدها جاء ضابط ليس من الضباط الأحرار،ولا داعي لذكر اسمه وجاء-كما لو كان مشككا في العملية-ورفع صوته،وقال:ما الذي تفعلونه هذا؟ ولحساب مَنْ؟..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما رتبته؟
حسين الشافعي:
رتبته(يوزباشي)في هذا الوقت(نقيب)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يقول لك أنت هذا في الكتيبة؟
حسين الشافعي:
نعم،يقول هذا الكلام في مقر الكتيبة،وطبعًا أي كلمة مثل هذه من الممكن أن تعمل اهتزازًا في مشاعر الناس،أو في حساباتها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل هو في موقع سلطة-الآن-ولا تريد أن تقول اسمه؟
حسين الشافعي:
لا توفي،إنما في وقتها اضطررت أن أتعامل معه بشدة،وفتحت مخزنًا للمستهلكات وقلت لهم:احبسوه حتى الصباح،وبقى في الحبس،حتى جاء اثنان إليَّ-صباحًا- وقالوا لي:هل نفتح المخزن؟قلت لهم:افتحوه،أي أن تأمين الثورة كانت عملية في منتهى الدقة.
أحمد منصور:
متى تبين لكم بالتأكيد أن الحركة العسكرية قد نجحت؟
حسين الشافعي:
طبعًا بعد أن استولينا على القيادة،وتيسرت الاتصالات،والناس أي الشعب التف التفافًا-لا يمكن تصوره-ترحيبًا بهذا الحدث الذي كان غير ممكن أن يتصوره فطبعًا أعطانا الأمان والاطمئنان من أوسع نطاق شعبيًّا،وفي داخل القوات المسلحة،وطبعًا هذا انعكس على الطرف الآخر،وجعله-بسرعة-يقبل الشروط ويمضي على التنازل،و يبارح الأرض المصرية في الميعاد الذي حدده مجلس الثورة.
أحمد منصور:
(9/480)
قبل أن نذهب إلى 26 يوليو وهو تاريخ إخراج الملك من مصر حيث كان يقيم في الإسكندرية،هناك تشكيك في أدوار ثلاثة أشخاص،(أنور السادات)ذهب متعمدًا إلى السينما،رغم استدعائه من قبل الضباط الأحرار،وإبلاغه بموعد الثورة باعتباره ضابط إشارة،ليقوم بمهمتين أساسيتين المهمة الأولى التي أشرت إليها قبل ذلك،وهي قطع التليفونات،والمهمة الثانية:التعامل مع الإذاعة باعتباره ضابط إشارة.
الشخصان الآخران هما(عبد الحكيم عامر)و(جمال عبد الناصر)حيث ذكر الرئيس(نجيب)في مذكراته أنهما شوهدا بملابسهما المدنية في منطقة(القبة)أثناء التحركات التي كان يقوم بها الضباط،وأن ملابسهما العسكرية كانا يحتفظان بها في السيارة.
كلكم-الآن-الضباط المسؤولون عن التنفيذ في مواقع خطرة للغاية والثلاثة كانوا في مواقع،حتى إن الرئيس(السادات)قيل أنه افتعل مشاجرة في السينما،وسجلها في قسم البوليس حتى إذا كان هناك شكل من أشكال الفشل يستطيعون أن يأمنوا أنفسهم.
حسين الشافعي:
بالنسبة(لأنور السادات)هذا أمر مفهوم لطبيعته وتكوينه،والماضي الذي مرَّ به والسجون التي تخرج منها،سواء في عملية التجسس لحساب الألمان في(الذهبية)التي ذهب يصلح فيها جهاز استقبال،وكان الإنجليز وراءه بالمرصاد في الذهبية التي تمتلكها الراقصة(حكمت فهمي)وهذه حادثة معروفة،ودخل بسببها السجن وقضى عقوبة،والعملية الثانية مقتل(أمين عثمان)كل الاعتبارات هذه قد تكون وراء محاولة تغطية موقفه بالنسبة للمشاركة في الثورة،وأنه عمل محضرًا بحادثة معينة،كي يثبت أنه-في هذا الوقت-لم يكن موجودًا مع الثوار،لكن الأدوار التي قام بها أدوار تدعو إلى التساؤل..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا لا أتحدث عن أدواره،اسمح لي سعادتك أن أبقى في إطار الموقف،وهذه الحادثة،كثيرون اعتبروا هذا التصرف من السادات ذكاءً.
حسين الشافعي:
(9/481)
ممكن،لكن الإيمان الحقيقي أن يعرض الفرد نفسه للمخاطرة،إنما أن يترك غيره يعرض نفسه للمخاطرة،ويأتي هو ليستغل الوضع،ليس هذا هو الوضع النضالي الحقيقي.
أحمد منصور:
ماذا عن(عبد الحكيم عامر)و(جمال عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
(عبد الحكيم عامر)و(جمال عبد الناصر)أسماؤهما كانت معروفة،وتم التحقيق معهم قبل هذا،وارتباطنا(بجمال عبد الناصر)ارتباط شخصيات كبيرة جدًّا،ارتبطت(بجمال عبد الناصر)لثقة فيه،كونه يرتدي مدنيًّا أو عسكريًّا،هذا لا يغير من الأمر شيئًا
أحمد منصور:
(يوسف منصور صديق)يعتبر أحد الأبطال الذين تحملوا على عاتقهم عبء التنفيذ،وهو الذي استولى على قيادة الجيش،ومع ذلك لقي نكرانًا شديدًا من رجال الثورة بعد ذلك،ماذا تعرف عن دور(يوسف منصور صديق)ليلة 23 يوليو؟
حسين الشافعي:
والله،دور(يوسف منصور صديق)دور بطولة بكل المعاني،لكن هو تم إبرازه بأكثر مما يستحق،وخصوصًا من العناصر الشيوعية التي كانت تريد أن يظهر أن الشيوعيين هم القائمون بالثورة،وأنهم هم الذين كانوا يطبعون المنشورات على مسئوليتهم،كل هذا لإبراز دور الشيوعيين،وليس لإبراز دور(يوسف منصور)،كون أنه بطل،هذا لا يحتاج جدالاً،إنما كون أن هذا الدور هو الذي أنقذ الثورة لا،لأنه عندما ذهب إلى إدارة الجيش(رئاسة الجيش)كانت القوات المدرعة تؤمن المبنى قبل أن يصل.
أحمد منصور:
في 26 يوليو،كلفت أنت بالهجوم على قصر..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
رأس التين.
أحمد منصور:
(رأس التين)في(الإسكندرية)على اعتبار أن الملك كان موجودًا في هذا القصر،من يوم 23 إلى يوم 26،حدثت تغيُّرات كثيرة-كما سألنا من قبل-هل كان في مخطط الضباط أن يكون هذا انقلابًا،أو ثورة شاملة يتم تغيير نظام الحكم فيها؟ فأنت قلت:إن الخطوة الأولى كانت الاستيلاء على المناطق العسكرية،ثم جاءت الخطوات الأخرى تباعًا،ما الذي شجع على عملية طرد الملك ولم تكن في الحسبان قبل ذلك؟
حسين الشافعي:
(9/482)
أولاً:طرد الملك كان مفروضًا أن يكون أول إجراء تأميني بالنسبة للثورة،لأننا تعلمنا من ثورة(عرابي)أن وجود بؤرة الخيانة في البلد ساعدت على تجمع الانتهازيين،والذين يريدون أن يصطادوا في المياه العكرة،ويصلوا إلى السلطة،فهذا كان أمرًا مسلمًا به كليةً،الأسلوب والطريقة والوسيلة،أنا من أول لحظة كانت كتيبتي أول وحدة ندفع بها-لأنها كانت جاهزة دائمًا ندفع بها-إلى (الإسكندرية)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
بعد تأمين الوضع في(القاهرة)؟
حسين الشافعي:
مباشرة،وذهبت حتى أوصلتهم،وصافحتهم عند(مينا هاوس)في أول طريق(مصر-إسكندرية)الصحراوي،ثم تتابعت القوات،أرسلنا الدبابات بالقطار،والقوات كلها تجمعت في يوم 25،وذهبنا نحن بالطائرة،يمكن يوم 24..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من الذي كان معك في الطائرة؟
حسين الشافعي:
كان(محمد نجيب)و(زكريا محيي الدين)و(أنور السادات)ويمكن(جمال سالم)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(وصلاح سالم)؟
حسين الشافعي:
لا،لم يكن(صلاح سالم)فأخذنا طائرة،وذهبنا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وبقي(جمال عبد الناصر)والباقون في(القاهرة)؟
حسين الشافعي:
وباقي الزملاء في(القاهرة)،عندما وصلنا(الإسكندرية)قابلنا قائد المنطقة في المطار،و-طبعًا-لم تكن الأوضاع قد استقرت،ولكن خرجنا من المطار إلى مكتب القائد العام،واتخذنا من مكتب القائد العام مقرًّا للإقامة،ثم استعرضنا القوات التي جاءت كلها،وكانت مجمعة في إستاد(الإسكندرية)،وذهب في هذا الاستعراض(محمد نجيب)و(حسين الشافعي)و(كمال الدين حسين)ثم بعد ذلك،وفي يوم 26 كان المفروض الحصار الرئيسي على(قصر المنتزه)من قوة مشتركة من جميع الأسلحة بقيادة(حسين الشافعي).
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
ووصلنا الساعة السابعة صباحًا،لكن من ضمن الأشياء التي تذكر أنني يوم 25 التقيت بأخوين من أخوتي في(الإسكندرية)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من هما؟
حسين الشافعي:
أحمد وحسن ،الله يرحمهما..
(9/483)
أحمد منصور(مقاطعًا):
الاثنين كانا من الإخوان المسلمين؟
حسين الشافعي:
كانا من الإخوان،وانشقوا على الشعبة التي كانوا فيها،لأن الإخوان لم يحددوا موقفهم من الثورة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سوف نقيم حلقة خاصة عن الإخوان والثورة،لكن..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
نعم،إنما المهم هو ما حدث في هذا،أنني قلت لهم:غدًا سننزع الملك يوم 25،كان المغرب..
أحمد منصور(مقاطعًا):
متى اتخذتم قرار طرد الملك من(مصر)؟
حسين الشافعي:
يمكن يوم 24،25
أحمد منصور(مقاطعًا):
بعد تشكيل حكومة(علي ماهر)؟
حسين الشافعي:
بعد ما فاتت أيام،قابلني الأخوان،قالا لي:لماذا قلت لنا؟نحن لم ننم طوال هذه الفترة حتى غادر الملك،هذا يظهر لك مدى المخاطرة،والشعور بالنسبة للخاصة والعامة بالنسبة لهذا الحادث..
أحمد منصور(مقاطعًا):
و-أيضًا-أن هذا سر دولة،من المفروض ألاّ تقوله لأخوتك؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،لأنه كان قد دخل في حيز التنفيذ،لأنه قد ذهبت المجموعة بطلب الاستقالة وبطلب المغادرة قبل الساعة 6،نأتي إلى يوم 26..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الساعة السابعة صباحًا،أنت قائد القوات التي حاصرت قصر(رأس التين)؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
كان فيها الكتيبة 13،وعناصر من المدفعية،وعناصر من الأسلحة المختلفة،ومجموعة من الدبابات ومن السيارات،وذهبنا،و-حتى-كان القصر على مساحة 400 فدان،لم يكن هناك مخلوق يستطيع أن يمشي على الرصيف(التلّ توار)خارج القصر،طبعًا لم نكن نعلم-حتى الساعة التاسعة-أن الملك خرج خلسةً في منتصف الليل الساعة 3.30 في عربة(جيب)مع(الياور)الطيار(حسن عاكف)،وطلع على قصر(رأس التين)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
تأخرت مخابراتكم في الحصول على المعلومة؟
حسين الشافعي:
لا،كل واحد كان يقوم بواجبه،ثم إن عربة تدخل،أو تخرج،لم تكن نضعها تحت الرصد،ومسئوليتنا عن الحصار لم تبدأ إلا الساعة السابعة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
صباحًا؟
(9/484)
حسين الشافعي:
نعم،ولدرجة أن في(مصطفى باشا)أحبوا أن يستيقنوا أن الملك لم يهرب على قطعة بحرية،فطلبوا مني أن أتأكد،أخذت نفسي،وذهبت إلى منطقة(أبو قير)وجمعت رؤساء البحارين،وسألتهم،قالوا:لم تخرج قطعة بحرية،وعندما رجعت كان الخبر أنه في قصر(رأس التين)كان قد عرف،في هذه العملية حدث أن كان لقاء الناس وأنا ذاهب إلى(أبو قير)وأنا راجع من(أبو قير)كان لقاءً فوق ما يمكن أن تتصوره..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنت بقيت محاصرًا لقصر(المنتزه)بالقوات التي معك،وكلف(عبد المنعم عبد الرءوف)بحصار قصر(رأس التين)وإخراج الملك منه،هذا ما حدث؟
حسين الشافعي:
(عبد المنعم عبد الرءوف)لم يعين بصفته،إنما هو كان ضابطًا عاديًّا في السلاح في كتيبته،وهذه الكتيبة أرسلت لأداء هذه المهمة،وليس باعتبار(عبد المنعم عبد الرءوف)(كعبد المنعم عبد الرءوف)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(عبد المنعم عبد الرءوف)كان قائد الكتيبة،وكان برتبة(بكباشي)وكان على علاقة وثيقة معكم،وله دور قديم في قضية الضباط الأحرار؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذا صحيح،لكن ليس من أدوار الثورة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هو نفسه لم يقل في مذكراته أنه..إنما كان موجودًا؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
بالصدفة.
أحمد منصور:
كان موجودًا بالصدفة في(القاهرة)والضباط الأحرار كلفوه بأن ينضم إليهم،وأن يقوم بهذا الدور معهم،قالوا:انتظر الأوامر؛فانتظر الأوامر،فجاءته الأوامر بأن يتحرك بهذه الكتيبة التي حاصرت..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
من أعطاك هذه المعلومة؟
أحمد منصور:
في مذكرات(عبد المنعم عبد الرءوف).
حسين الشافعي:
هو يقول كما يشاء،إنما هذا لم يكن دورًا من أدوار الثورة،ولم يكلف من قبل الثورة،لكن-حتى-هو كان نوعًا من الاندفاع عندما ضرب-بدون اتفاق-على الضرب،ويمكن هذه الغلطة،أو هذا الانفعال والاندفاع ساعد في أن الملك اهتزت أعصابه حتى كان الإمضاء مرتعشًا،لأنه ظن أنه سيكون هناك..
(9/485)
أحمد منصور(مقاطعًا):
هو قال أنه-أيضًا-حينما أطلق الرصاص،أطلقه ردًا على رصاص أطلق من جهة القصر،ولم يكن في نيته أن يقوم بعمليات إطلاق،واستشهد بشهادات الضابط الذي كان مسئولاً عن حماية الملك في ذلك الوقت،وشهد أنه هو الذي تفاوض مع(عبد المنعم عبد الرؤوف)باعتباره قائد الكتيبة التي كلفت بهذا الأمر،أنتم لماذا لا تظهرون دور(عبد المنعم عبد الرؤوف)وهو له دور في الثورة؟
حسين الشافعي:
لأنه أحب أن تكون الثورة لصالح الإخوان المسلمين،وهذا سبب خروجه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذه قضية أخرى،إنه في البداية-حينما-كان هناك تنظيم(الضباط الإخوان)وبعد ذلك حُول إلى(الضباط الأحرار)وكان(محمود لبيب)هو الذي ينظم الأمور،اختلف(عبد المنعم عبد الرؤوف)مع(جمال عبد الناصر)وترك(جمال عبد الناصر)يواصل ما يقوم به،لكن حينما قامت الثورة استعان به(عبد الناصر)باعتباره أحد الناس الذين أسسوا الضباط الأحرار في البداية؟
حسين الشافعي:
أنا أشك أن(جمال عبد الناصر)استعان به،لأنه انفصل،وأصبح ليس له ارتباط بالضباط الأحرار كلية،كون أنه كان في اللجنة التأسيسية،إنما سبب انفصاله أنه صمم أن لا يكون موجودًا في النظام إلا لحساب الإخوان،وهذا كان مرفوضًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وهو كان يعلن هذا-حتى-في مذكراته قال:إن السبب الرئيسي في إنكار حقه من قبل الضباط الأحرار هو إصراره على أنه..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذا كان مرفوضًا من الجميع..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هو قام بدور،وأنتم مصرون-كضباط أحرار-أن تغمطوه حقه في هذا الدور الذي سعى في مذكراته أن يبرزه،هو شهد معه كثيرون،ومنحه(السادات)معاشه عن كل هذه الفترة التي حدثت بعد هذا،أنا ذكرت قصة(عبد المنعم عبد الرؤوف)لأنك من أبرز الشخصيات التي شهدت عليه،أيضًا الرجل بحاجة إلى إنصاف..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(9/486)
(عبد المنعم عبد الرؤوف)دفعتي،هو كان من الدفعة التي قبلي،ورسب وأعاد السنة،وتخرج معنا في دفعتنا،فأنا أعرفه معرفة كاملة،ثم يمكن أن إصراره على أن يكون لحساب الإخوان يعني:أنه لا يريد أن يدخل في المخاطرة-مثلما فعل الإخوان،هم كان عندهم خبر بالثورة،لكن قالوا:نحن نترك الناس المجانيين يقومون بالثورة،ثم نحن بالتنظيم الإخواني ودعوتنا للإسلام،لن يستطيع أحد الوقوف أمامنا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن كل الكتابات-حتى الكتابات البعيدة عن كتابات الإخوان-تؤكد أن الثورة لم يكن لها النجاح لولا دعم الإخوان لها؟
حسين الشافعي:
يقولون كما يحلو لهم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا لا أقصدهم-باعتبارهم التنظيم الشعبي الرئيسي-هم لو عارضوا قيام 12ضابطًا-عفوًا-وبهذه الحركة كان من الممكن أن يعملوا خللاً بالنسبة للدعم الشعبي الذي تم للثورة؟
حسين الشافعي:
والله،إن كان عندهم العزم والإرادة لأن يعملوا عملاً حزبيًّا،غير ممكن أن يتركوا هذه الفرصة،إلا أنهم رأوا أن التأييد الشعبي عملية كاسحة،لا يستطيعون أن يقفوا أمامها.
أحمد منصور:
حزب(الوفد)كذلك أيد الثورة،و(مصطفى النحاس)ذهب إلى..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذا تأييد المضطر،وليس تأييد..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(محمد نجيب)قال أنه أيدهم..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ليس تأييد المؤيد،هذا تأييد المضطر،هذا أمر،وهذا أمر آخر.
أحمد منصور:
مع ذلك أنت ترفض أن تقر(لعبد المنعم عبد الرؤوف)بحقه في حصار قصر(رأس التين)وإخراج الملك منه؟
حسين الشافعي:
ألم يكتب مذكراته؟
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
خلاص.
أحمد منصور:
حينما خرج الملك من القصر إلى يخت(المحروسة)الذي نقله إلى(إيطاليا)بعد ذلك،كنت أنت والرئيس(نجيب)و(صلاح سالم)..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(جمال سالم)
أحمد منصور:
(9/487)
(جمال سالم)ومعكم-ربما-اثنين آخرين من الضباط كنتم في وداع الملك،ماذا حدث في قضية خروج الملك؟وما الذي حدث بينكم وبين الملك؟
حسين الشافعي:
طبعًا،بعد رجوعي من(قصر المنتزه)بعدها كل واحد-لأول مرة-خلع حذائه وجواربه،وجدد وضوءه،وجلسنا،كل واحد مستريح،هذا الكلام كان يوم 26 فوجئنا بأن القائم بالأعمال الإنجليزي؛لأن السفير كان متغيبًا،طالب مقابلة مع قائد الثورة(محمد نجيب)،كان ميعاده الساعة 3.30 طبعًا كل واحد يستريح،عندما يكون مثلاً فرد غريب قادم،المفروض أن تهيئ نفسك،إذا كان هناك حاجة غير طبيعية تهيأ،كل واحد جالس إمّا نائمًا،أو مادًّا ساقيه،أو خالعًا حذاءه،أو خالعًا جواربه،لم يتغير أي شيء على الإطلاق.
عند مجيء القائم بالأعمال البريطاني،وطبعًا قادم بالعربة(الرولز)بالعلمين على الرفرف اليمين،وعلى الرفرف الشمال،وكان(الكونستبل)كان وقتها لا توجد(سارينة)كان(كونستبل)بصفارة،يصفر طول الطريق حتى يصل،وصل 3.30،وطبعًا هو قادم ممثلاً لسلطة الاستعمار بهدف أن يؤثر علينا معنويًّا،دخل وكان طويل القامة يرتدي بذلة(سكروتة)بصفين(منشية)يتبختر في خطواته،كي يحدث هذا التأثير النفسي والمعنوي علينا.
نحن خارجون على القانون،تقوم أنت تعمل لنا(قنصل)نهايته،دخل حتى وصل إلى المكتب،وجلس على كرسي أمام المكتب،(محمد نجيب)جلس على المكتب،وأخرج من جيبه اليمين ورقة كي يقرأ،ويلتزم بالكلمات التي سيقولها.
قال:نحن نعرف أنه سوف تقوم مظاهرات وإضرابات،ونحن حريصون على الأقليَّات،وحكومة جلالة الملكة تحب أن تؤكد كذا وكذا وكذا..نفس الكلام الذي كانوا يقولونه منذ أيام الاحتلال،وكانت تأتي(البارجة)تسقط الوزارة،ويأتي المستشار الشرقي يقول تصريحًا فيعزل الوزير وهكذا.
(9/488)
هو جاء بنفس هذا المفهوم،توزيع الصفات يكون له قيمة في بعض المواقف،فقال له(جمال سالم)وكان معه عصاه التقليدية،وضرب بها على المكتب الذي يجلس عليه(محمد نجيب)،وقال له:أنا أريد أن أعرف أنت قادم بصفتك الرسمية؟هذا الكلام حكومتك التي تقوله؟أم هذه مبادرة منك أنت؟
الرجل بدل أن يفزعنا،وضع في موقف حرج،فقال هذه مبادرة مني أنا،ثم كان الميعاد الساعة 6،المفروض أن الملك يغادر البلاد حسب القرار،فذهبنا أنا و(محمد نجيب)و(جمال سالم)وخرجنا؛فالمظاهرات في الطريق،وخاصة في منطقة(الأنفوشي)عطلتنا دقائق،فعندما وصلنا إلى المرسى الخاص بقصر(المنتزه) وجدنا المودعين في طريق عودتهم بعدما ودعوا الملك،وكان على رأسهم(علي ماهر)فقال:يا جماعة لماذا تأخرتم؟كان يريد أن يسلم عليكم،قلنا له:والله نحن أيضًا كنا نريد أن نسلم عليه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(علي ماهر)الذي كان رئيس الوزراء؟
حسين الشافعي:
نعم،قال:يمكن أن نحضر(لنشًا) يوصلكم،وفعلا جاء اللنش،ونزلنا أنا و(محمد نجيب)و(جمال سالم)،و(محمد نجيب)كان يصطحب معه(أحمد شوقي)والسكرتير الخاص به وهو(إسماعيل فريد)،وركبنا جميعًا في(اللنش)ودرنا حول المركب،عندما اقتربنا من المركب،هو كان ينظر من الشرفة من المركب؛فقدمنا له التحية،فلم يجب،فرجعنا درنا لفة أخرى لعل وعسى أن يكون لم يرنا.
فلما أدى التحية،صعدنا على السلم،هو واقف في طرقة المركب،ووراءه أسرته،تقدم(محمد نجيب)سلّم عليه،ولا أعرف ما قال له،ثم دخل(جمال سالم)وكانت معه العصا،فوضعها-كالقانون تحت إبطه،وقدم له التحية،فقال له الملك:اترك العصا،(فجمال سالم)-بعدما كان يقف انتباهًا-وقف براحته،ونفخ نفخةً معناها(اللهم طولك يا روح)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
التزم وأنزل العصا؟
حسين الشافعي:
نعم،ثم تقدمت،قال لي ما اسمك؟
أحمد منصور(مقاطعًا):
الرئيس(نجيب)في مذكراته يقول:إنه رفض أن ينزل العصا،إلا عندما أمره الرئيس(نجيب)أن يترك العصا.
(9/489)
حسين الشافعي:
هم كانوا أمامي،ولم أسمع هذا الحوار،لكن أنا أخبرك عمّا رأيته،ثم تقدمت،قال لي ما اسمك؟قلت له(حسين الشافعي)،مثلما يكون الاسم جديدًا عليه،لأن اسمي كان غير معروف،فقال لي:ما اسمك؟فرجعت قلت له اسمي،ثم بدأ يقول كلامًا-إن شاء الله-ترعوا جيش أجدادي،وغير ذلك،طبعًا هذا أمر طبيعي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كيف كانت صورته وأداؤه؟
حسين الشافعي:
لا،أبدًا،إنسان في وضع..أكيد كان يتوقعه؛لأن شعبيته بدأت تتقلص بشكل كبير جدًّا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ماذا كانت مشاعركم-أيضًا-أنتم،وقد نجحتم في الثورة أو في الانقلاب،وبدأ الملك يخرج،وأصبح أمامكم مسئولية وأعباء أخرى؟
حسين الشافعي:
حدث أنه في الإعلان عن المشاركة في حرب(فلسطين)سنة 1948،جيء بالضباط في(قصر القبة)وكانت أول مرة يدخلون فيها(قصر القبة)الملك أعلن أننا سندخل الحرب،وطبعًا لاقى هذا القرار تأييدًا شكليًّا من القادة بدايةً من وزير الحربية كان(أحمد باشا عطية)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما علاقة هذا الموقف بخروج الملك الآن؟
حسين الشافعي:
ستعرف الآن،اصبر،طبعًا كان السلام معه تقبيل اليد،فبدأ وزير الحربية،ثم رئيس الأركان(إبراهيم باشا عطا الله)ثم كبير(الياوران)كان(عمر باشا فتحي)الخ الخ،وبدأ الضباط بالدور،وطبعًا كان سوف يأتي علي الدور..وإذا جاء عليّ الدور..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لا بد أن تقبل.
حسين الشافعي:
لازم أقبل،وإلاّ أعمل موقفًا يكلفني وظيفتي فيما لا يساوي،فدعوت ربنا أن يخلصني من هذا الموقف،وإذا بي قبل أن أصل بخمسة أفراد،يبدو أنه مل من عملية التقبيل ففض هذا المولد،ولكن ربنا ادخرني لعملية التسليم عليه بدون تقبيل فوق المركب،هذه هي المناسبة أننا نرجع لهذا الموضوع.
أحمد منصور:
(9/490)
في الحلقة القادمة،أبدأ معك من التحديات التي بدأت تواجه الثورة،والتغيرات التي بدأت تحدث على أرض(مصر)،وبداية حقبة جديدة وصفت في كثير من الكتب بأنها حقبة استبدادية..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ماذا؟
أحمد منصور:
حقبة استبدادية؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
سوف نرى في الحلقة القادمة،ونحاول أن نرد على هذه الافتراءات.
أحمد منصور:
شكرا-سيادة النائب-كما أشكركم-مشاهدينا الكرام-على حسن متابعتكم،في الجمعة القادمة-إن شاء الله-نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية الأسبق في(مصر)في الختام،أنقل لكن تحية فريق البرنامج،وهذا(أحمد منصور)يحييكم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/491)
الحلقة5(9/492)
الجمعة 10/12/1422هـ الموافق 22/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 20:44(مكة المكرمة)،17:44(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصرى الأسبق
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
23/10/1999
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج(شاهد على العصر)،حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق،مرحبًا سعادة النائب.
حسين الشافعي:
مرحبًا.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية ودّعت الملك(فاروق)،أنت والرئيس(نجيب)و(جمال سالم)في (الإسكندرية)وأبحر إلى(أوروبا)،وعدتم-أنتم-لتبدأ حركة(الضباط الأحرار)مواجهة الواقع المصري والحياة السياسية في(مصر)،كان من المفترض- حينما قمتم بحركتكم هذه-أن تكون حركة لتغيير النظام،والعودة إلى الثكنات،أم أن هناك تخطيطًا مبدئيًّا كنتم قد قمتم بتخطيطه للاستيلاء على السلطة،وأن تكونوا أنتم الحكام الفعليين للبلاد؟
حسين الشافعي:
في واقع الأمر كنّا نتمنى أن نسلم السلطة،ونكون حرّاسا على الاتجاه الثوري القائم،وربما يكون هذا هو ما جعل أول تشكيل للوزارة،وزارة(علي ماهر)،لم نكن مشاركين فيها،وربما كان الإخوان ممثلين فيها بثلاثة من الوزراء إقرارًا منا وتقديرًا أن الإخوان لهم وزن في نظرنا،واعتبار،وتقدير أن يكونوا مشاركين.
أحمد منصور:
الإخوان لم يشاركوا في هذه الحكومة،الإخوان شاركوا في الحكومة التي شكلت بعد ذلك برئاسة الرئيس(نجيب)،وشارك فيها(أحمد حسن الباقوري)،وأعلن الإخوان عن فصله.
حسين الشافعي:
(9/493)
هذا كان تمهيدًا لهذا الاشتراك في الوزارة التي شكلها(محمد نجيب)،لكن ما اضطررنا إلى أن نشكل الوزارة التي رأسها(محمد نجيب)،في واقع الأمر كانت كل التصرفات تنسب إلينا،ونحن ليس لنا إشراف مباشر،ولكن كل شيء منسوب لنا في النهاية..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يعني أنتم في النهاية ضباط جيش،وهناك حكومة مدنية؟
حسين الشافعي:
فأي تصرف يحدث-في النهاية-نحن المسئولون عنه،وهذا في الحقيقة-في النهاية- اضطرتنا الظروف إلى الذي كنا لا نتمناه،وجدنا أنفسنا مضطرين بالتدريج إلى أن نباشر السلطة،لأنه في النهاية المسئولية علينا نحن.
أحمد منصور:
لكن كل تدرج الأحداث،والرصد التاريخي لهذه المرحلة،يؤكد أنه لم يكن هناك أي نية لديكم للعودة إلى الثكنات مرة أخرى،حتى من زملائكم الذين تمردوا بعد ذلك في(1953م،1954م)للمطالبة بعودتكم إلى الثكنات،كان مخططكم الرئيسي أن تكونوا-أنتم-الحكام الفعليين للسلطة،وأبعدتم المدنيين،وتم تشكيل حكومة برئاسة الرئيس(نجيب)في ذلك الوقت.
حسين الشافعي:
هذا حقيقي،ولكن عملية العودة للثكنات..هذا كان كلامًا يعبر عن تجرد مطلق،ولكنه كان بعيدًا عن الواقع بالنسبة للمسئوليات الفعلية.
أحمد منصور(مقاطعًا):
نستطيع القول أن هذه كانت شعارات أطلقها ضباط الثورة لطمأنة الناس فقط؟
حسين الشافعي:
ليست شعارات؛لأنه-ربما-كان إحساسًا داخليًّا،لأننا ثرنا من أجل تخليص البلد مما هي فيه،لكن عندما تريد أن تدخل في الواقع بهدف عمل التغيير،تجد نفسك مضطرًا أن تعمل أمرًا بعيدًا عن الذي كنت تتمناه أو تتوقعه-كأمر نظري،النظرية شيء،والواقع شيء آخر.
أحمد منصور:
(9/494)
انتقلتم-الآن-إلى مرحلة المسئولية،وواجهتم أول اختبار حقيقي للثورة في أحداث(كفر الدوار)التي وقعت في(أغسطس)عام 1952م،وحكم فيها بالإعدام على اثنين من العمال،هما(خميس)و(البقري)،واتُّهِمت الثورة،أو حركة الضباط -منذ ذلك الوقت-بأنها دشنت عهدها بالدماء التي سالت بتعليق هؤلاء العمال البسطاء على أعواد المشانق عبر محكمة عسكرية حاكمت مدنيين.
حسين الشافعي:
قبل هذه الأحداث صدر قانون الإصلاح الزراعي وقانون العمل..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الإصلاح الزراعي صدر في( سبتمبر)1952م،قبل الأحكام ربما.
حسين الشافعي:
نعم،وكذلك قانون العمل،وكان أهم بند فيه المادة 39 التي تمنع الفصل التعسفي،وطبعًا الفصل التعسفي تعبير عن أنه بلا سند،يعني واحد يذهب للعمل صباحًا فيجد صاحب العمل تشاجر مع أهل بيته،ولم يعجبه عامل؛فيفصله بلا أي ضابط ولا رابط،نحن أردنا في قانون العمل والمادة 39 أن أي جزاء يُوقع على العامل لابد أن يكون ضمن لائحة الجزاءات،بحيث يمكن تنفيذه.
طبعًا التعامل مع المشاكل العمالية موضوع دقيق غاية الدقة،ولذلك إذا صدر قانون فيه أمر يتعلق لصالح العمال،العمال يظنون أن كل شيء مباح،وبالتالي تعطيهم قوة تتجاوز الحدود التي يلتزمون بها،كذلك في الجانب الآخر،إذا حدث تصرف إلى جانب أصحاب العمل،فيأخذون من هذه العملية مستندًا كي يتخلصوا من كل واحد يقف في طريقهم،سواء يمثل النقابة،أو..أو..الخ.
ولذلك شئون العمال من الشئون الدقيقة غاية الدقة،ثم إننا كنا نتوقع أن الثورة المضادة قد تتمثل في تصرفات عمالية تقوم بإضرابات،وتشلّ حركة الإنتاج،وتضع الثورة في حرج،أو التوقف أي أن يتوقف صاحب العمل عن العمل،ولذلك مثلما مُنِع الإضراب،أيضًا منع بالنسبة لأصحاب الأعمال أن يتوقفوا عن العمل-جزئيًّا،أو كليًّا-فُشكِّلت في وزارة العمل لجنة يرأسها(وزير العمل)،وهي(لجنة الإنتاج وفرص العمل).
(9/495)
أي صاحب عمل عنده مشكلة،سواء في خامات لا تصل،أو في تصرفات تعوق العمل،أو تضع عقبات في الطريق،فيطلب التوقف،طلب التوقف الجزئي أو الكلي،لابد أن يعرض على الوزير،وفي خلال(15)يومًا لابد أن يبت في هذه الشكوى،وكان الوزير يحضر المسئولين،ويحل المشاكل أولاً بأول.
أحمد منصور:
لا نريد أن ندخل في تفصيلات الأسلوب الإداري في الدولة التي كانت تتم،ولكن أنا أمامي حدث محدد..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
سوف أصل إليه.
أحمد منصور:
ألا توجد طريقة أقصر للوصول؟
حسين الشافعي:
مثلاً أول مبدأ هو:القضاء على الاستعمار وعلى أعوانه من الخونة الأجانب،من المصريين،البند الثاني القضاء على الاحتكار،وعلى سيطرة رأس المال على الحكم،فعندما يقبل سيطرة رأس المال على الحكم كل القوانين لا تصدر إلا في صالح رأس المال،وعلى حساب العمال،فنحن بقانون الإصلاح الزراعي،وقانون العمل المؤقت الذي صدر في(سبتمبر)1952م،كان يعطي إشارة للبندين الأساسيين التي قامت الثورة من أجلهما من الناحية الاجتماعية..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن هذا-في قضية الممارسة-أضر-أيضًا-بحقوق أناس،وأنا الآن أعود للسؤال الرئيسي عن أحداث(كفر الدوار)،وإعدام(خميس،و البقري)واتهام الشيوعيين بأنهم كانوا وراء هذا الإعدام،وتدشين عهد الثورة بإعدام عاملين مصريين؟
حسين الشافعي:
هذا الحدث في(كفر الدوار)كان نقطة بداية،وإذا لم يحسم كان من الممكن أن يتكرر في أكثر من موقع،ويضع الثورة في أزمة شديدة جدًّا،بحيث أنك لا تستطيع منعها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يحسم بالدماء يحسم بأن أناسًا تعبر عن موقف-أيًّا كانت أخطاؤهم-فيتم إعدامهم؟
حسين الشافعي:
هذا هو الشكل الذي تقوله،لكن الأحزاب التي وراء هذه العمليات تريد(جنازة ويشبعون فيها لطمًا)
أحمد منصور(مقاطعًا):
لماذا لم تحاسبوا الأحزاب نفسها،وليس العمال البسطاء،وتلطيخ عهد الثورة في بدايته بمقتل اثنين من العمال؟
حسين الشافعي:
(9/496)
لأن هذا-جسم الجريمة-مُرَكَّز في الناس الذين تحركوا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لماذا تمت محاكمتهم محاكمة عسكرية،ولم يحاكموا محاكمة مدنية؟
حسين الشافعي:
هذا ينسحب على كل التصرفات التي رُؤِي فيها،لأن الثورة ليست روتينيًّا عاديًّا،أية ثورة لم تلجأ إلى هذه الأساليب القانونية التي قد تضيع فيها الحقيقة، والأمر لا يحتمل أن تنتظر(ومن يده في الماء ليس كمن يده في النار).
أحمد منصور:
ألا تعتبر هذه الأحكام من أخطاء الثورة؟
حسين الشافعي:
إذن حاكم الثورات التي قتلت أعدادًا لا أول لها ولا آخر،ربما-بدون قضية-بمجرد الشبهة،إنما نحن نريد تأمين الثورة،نحن ليس بيننا وبينهم ثأر،ونريد أن ننتقم لمجرد الانتقام،لكن هذا لتأمين البلاد،مثل الحريق،أنت عندما تجد حريقًا،هل تطفئه أم تقول لا،لابد من الديمقراطية،وتترك الحريق يشتعل ويأخذ مجراه.
أحمد منصور:
قمتم بإلغاء الدستور،وإصدار قانون(الإصلاح الزراعي)الذي في ظاهره هو توزيع للثروة،وتحقيق للعدالة الاجتماعية،لكنه أضر بفئات كثيرة من الناس،إلغاء الدستور والإصلاح الزراعي-أيضًا-في بداية عهد الثورة،ما هي رؤيتك لهذه الأشياء الآن بعد أكثر أو ما يقرب من خمسين سنة؟
حسين الشافعي:
(9/497)
أريد القول بأن الدستور صدر في أيام الإنجليز،وصدر بعد الاستقلال،وصدر أساسًا بهدف تصفية ثورة 1919م،لأن ثورة 1919م كانت ثورة شعبية لها فاعلية،ولها تأثير،ولها وزن،والإنجليز وهم محتلون،هل يتركون مثل هذه الثورة تستمر أم يُصَفُّونها؟طريقة الإنجليز-وهم معرفون بالخداع والنفاق-سمحوا بالدستور 1923م ليصفوا الأحزاب،وبعد هذا بدأ الخلاف على السلطة ،لذلك عندما قامت(23يوليو)كانت الأحزاب بلا محتوى وبلا مضمون،والهدف الذي قاموا من أجله وهو تحقيق الجلاء كان مجرد شعارات تردد،ولم يتحقق الجلاء،قالوا(الجلاء التام أو الموت الزؤام)لا حدث جلاء تام،ولا موت زؤام،إنما حدث بعد أن أصبحت الأمة كلها يدًا واحدة،وفي أول اجتماع سنة(1954م)وجدوا أن الشعب والجيش والدولة والعالم كله يدًا واحدة،فلم يكن أمامهم إلا التسليم باتفاقية الجلاء.
أحمد منصور:
في 17 يناير 1953م تم حل الأحزاب،وإنهاء الحياة السياسية الديمقراطية في مصر على أيدي الضباط الأحرار..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هي ديمقراطية شكلاً،إنما في ظل الاحتلال لا يوجد شيء اسمه ديمقراطية.
أحمد منصور:
اجعلوها ديمقراطية حقيقية؟
حسين الشافعي:
نحن فضلنا أن نأخذ الصعداء،ثلاث سنوات فترة انتقالية،لم يعطنا أحد الفرصة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أخذتم كل شيء بعد ذلك؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ماذا تعني بكل شيء؟
أحمد منصور:
لم تعد هناك ديمقراطية في البلد،ولم يعد هناك أحزاب،وكان هناك نظام الحزب الواحد الذي استمر حتى إنهاء وضع الاتحاد الاشتراكي في السبعينات بعد ذلك،أي قضية منحكم ثلاث سنوات كفرصة أو غيرها من الأمور،أنتم لم تكونوا تنتظرون أن تُمنحوا شيئًا من أحد..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(9/498)
حسنٌ،فلماذا نحن وضعنا بند الديمقراطية آخر بند؟لأنه لا بد أن نطهر الأرض أولاً،ونهيئها،وإلا إذا حكمت بديمقراطية في اليوم التالي سوف يأتي لك في نفس الصورة وكأنك لم تفعل شيئًا(وكأنك يا أبو زيد ما غزيت)وكأن لم تقم الثورة.
أحمد منصور:
تضعون الضوابط التي تناسب..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ضوابط ماذا؟هذه الضوابط تأتي مع الممارسة إنما تقول لي هذا اليوم،فكل الأحزاب اشتركت في أنها كانت تنادي بالديمقراطية،أيْ حق يراد به باطل(وكل واحد يغني على ليلاه)،من خلال هذا يريدون أن يصلوا إلى السلطة قبل تطهير الأرض وتهيؤ الأمر،لو كنت حكمت بديمقراطية مباشرة كانت رجعت كل الأحزاب بالصورة التي كانت عليها.
أحمد منصور:
أيًّا كان الشكل الذي يمكن أن يكون موجودًا،لكم حق وضع الضوابط الكفيلة بهذا الأمر،وإنهاء وضع الأحزاب التي كانت-ربما-تتهم بالعمالة للبريطانيين،والبلد كانت-حتى ذلك الوقت-يوجد فيها احتلال بريطاني،لكن اعتبرت هذه الخطوة لوأد الديمقراطية،واستثني الإخوان المسلمون من عملية حل الأحزاب،على اعتبار أنهم ليسوا حزبًا-ربما-لأنهم كان لهم قوة..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لم يكن لهم دور في الحياة السياسية حتى الآن.
أحمد منصور:
بالمرة،في الحياة السياسية المصرية ألم يكن لهم قوة..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
كان لهم وزن،لكن لم يكن لهم دور.
أحمد منصور:
ألم تسع الثورة-كما قلت-لاحتواء الإخوان-حتى-في أول وزارة،والمساهمة لهم،ومنحهم جزءًا من البيان..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذا صحيح..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذا يدل على أنهم كان لهم دور،كان موجودًا في الحياة السياسية في(مصر)؟
حسين الشافعي:
لهم دور،لكنهم اعتبروا أن الثورة أخذت منهم شيئًا،الثورة لم تأخذ منهم شيئًا،ولذلك بدءوا يحاربون الثورة من أول يوم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما هذه الحرب التي أعلنوها؟
حسين الشافعي:
(9/499)
في أول أيام الثورة تشنيع،يقولون مازال الأذان السلطاني يردد،ماذا يعني أذان سلطاني؟أنا لا أعلم!هل يوجد أذان سلطاني،وأذان مملوكي؟لمجرد أنهم يقولون أي كلام،استمروا على هذا حتى أول انقلاب في المدفعية هم كانوا وراءه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
انقلاب المدفعية هذا سعى به ضباط المدفعية إلى تذكير زملائهم الذين اعتادوا عدم الرجوع إلى الثكنات،وتشكيل مجلس لقيادة الثورة،والانتقال من حماية النظام المدني الموجود إلى أن يصبحوا هم الفاعلين،هم زملاءكم ذكروكم بالواجب الذي كان يجب أن تقوموا به،وأن تعودوا إلى ثكناتكم مرة أخرى.
حسين الشافعي:
هم لم يُذكروا بالواجب،هم كان لهم تطلعات،إنهم ظنوا أن العملية سهلة مثلما قامت الثورة،فيقوموا بدور لهم؛فيسرقون الثورة مرة أخرى،هذا ليس ما حدث؟
أحمد منصور:
ماذا حدث إذن؟
حسين الشافعي:
ما حدث هو أنهم كانت لهم تطلعات في أن يحكموا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هم كانوا يريدون أن يقوموا بعمل انقلاب على مجلس قيادة الثورة؟
حسين الشافعي:
طبعًا.
أحمد منصور:
لم يكن لهم الثقل والقوة التي تمكنهم؟
حسين الشافعي:
من أجل هذا فشلوا.
أحمد منصور:
لا،(جمال عبد الناصر)ذهب،وحاول أن يجتمع بهم،ويهدئ الأمر،وأرسل-أيضًا-بعض الزملاء إلى..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
وعلى العموم،الكلام في هذا الموضوع أصبح كلامًا بلا نتيجة،لأنه تحصيل حاصل..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذا جزء من تاريخ البلد،وأنت شاهد عليه،وهناك روايات كثيرة..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(9/500)
أنا شاهد على شيء،وهو أنك عندما تقوم بثورة،وتحملت كل أعبائها والقلق،لا يمكن أن تفرط فيها لمجرد أن بعض الناس قالوا:الديمقراطية قبل أوانها،وهم غير قادرين على تقدير المسئولية،أنا سوف أقول لك شيئًا،هل الإسلام كان فيه ديمقراطية،أم كان شورى بين المؤمنين فقط،ليس كل من(هبّ ودبّ)أبدًا،مع المؤمنين فقط شورى،إنما مع المضادين والمناهضين والكفار وغيرهم،وأعمل ديمقراطية هذا ليس ممكنًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما هو معيار المؤمنين عندك؟
حسين الشافعي:
المؤمنون هم(الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون).
أحمد منصور:
هذه رؤيتك الخاصة؟
حسين الشافعي:
طبعًا.
أحمد منصور:
ما هي رؤية رجال الثورة؟
حسين الشافعي:
لا،أنا أتكلم عن رؤيتي أنا،الديمقراطية ليس لها أي ذكر في الإسلام..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الديمقراطية هذه نظام غربي؟
حسين الشافعي:
هل سمعت كلمة(ديمقراطية)في القرآن؟
أحمد منصور:
لا،هناك شورى.
حسين الشافعي:
في الحديث؟
أحمد منصور:
هناك شورى.
حسين الشافعي:
شورى،أنا مع الشورى لأقصى حد؛لأنه عندما يقولها مطلقة،حيث الشورى تقدر أن تباشرها في بيتك،في موضوع وتستشير فيه زوجتك،موضوع ثان تستشير فيه أحد الأولاد،موضوع ثالث لازم تستشير الكل،وهذا من أجل أن تصل للقرار السليم،ولكن عندما تحدث ضغوط عليك فتعطي فرصة أن تتحكم الأقلية في الأكثرية بقليل من الشعارات،لا.
أحمد منصور:
كنتم تمثلون القوة،وليس بالضرورة أنكم كنتم تمثلون الأكثرية المعبرة عن الشعب في ذلك الوقت؟
حسين الشافعي:
ولماذا اجتمع الشعب كله وراء الثورة؟
أحمد منصور:
الذي يملك القوة يستطيع أن يفرض ما يريد على الناس.
حسين الشافعي:
إذن القوة هي السند.
أحمد منصور:
(10/1)
بدأ الصراع بينكم داخل مجلس قيادة الثورة،كلكم،أو معظمكم كنتم برتبة(البكباشي)وحرصتم على ألاّ تكون هناك رتب كبيرة إلا رتبة اللواء(نجيب)للتخلص منه بعد القيام بدوره،وهذا ما حدث،ودُفِع الرئيس(نجيب)إلى إعلان استقالته في فبراير 1954م؟
حسين الشافعي:
لم يكن في النية-أبدًا-التخلص من(نجيب)،إنما هو الذي قدم استقالته في 23 فبراير 1954م،بعدما أصبح له اسم مدوٍ اكتسبه من أنه يمثل رمزًا للثورة،ليس بمجهوده الشخصي،أو بشخصيته المستقلة،لا،هو بحكم وجوده على رأس الثورة تركزت فيه كل هذه المحبة كرمز.
أحمد منصور:
ألم يكن مؤهلاً للوضع الذي كان فيه؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ماذا تعني ب(مؤهلاً)؟
أحمد منصور:
مؤهل لأن يكون قائدًا،يملك صفات القيادة التي تؤهله للوضع الذي كان فيه؟
حسين الشافعي:
كونه شخصية لها اعتبارها،ولها وزنها،ولها محبة الناس على أنه يمثل الثورة شيء،وأن يكون على الروح الثورية التي قام بها الثوار وعرضوا أنفسهم للخطر شيء آخر.
أحمد منصور:
ما مفهوم(الروح الثورية)هنا،وأنتم تحكمون شعبًا مدنيًّا،وليس جيشًا أو عسكرًا تحت أيديكم،أنتم الآن تحكمون شعبًا مدنيًّا،ما هو مفهوم(الروح الثورية)هنا في حكم شعب مدني،وأنتم ضباط؟
حسين الشافعي:
(الروح الثورية)أن نحافظ على الثورة في استمرارها؛لأن هذا يؤكد أنك تستعيد الإرادة؛لأن الشعب قبل هذا كان بلا إرادة،والنظام بلا إرادة يحتكم إلى الإنجليز،يعني الإنجليز هم الذين يحكموه،فأنت عندما تقوم بثورة أمام كل هذه التحديات تريد أن تستحوذ على إرادة حرة ومن أجل إعادة البناء،الوقت الذي ضاع منا كبير جدًّا لدرجة أن تضيعه في جدال أفلاطونيٍّ،وسفسطة ليس لها نتيجة،كل هذا من يستغله؟
الذين يريدون أن يثبوا على السلطة يرددون كلامًا،هل المبدأ السادس وهو(إقامة حياة ديمقراطية سليمة)لماذا وضعناه ضمن المبادئ؟إذا كنا لا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أخر شيء؟
حسين الشافعي:
(10/2)
أكلاشيهًا!
أحمد منصور:
أخر شيء،بعد أن يتم تحقيق..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،ليس أخر شيء،هذا موضوع آخر على أساس أن تتهيأ الظروف،أن نقيم ديمقراطية كي لا تعود الصورة بكل مساوئها.
أحمد منصور:
وظلت-عشرين سنة-غير مهيأة؟
حسين الشافعي:
لا هم بادرونا بالحرب في(1956م)كي تفسد العملية قبل كل شيء،وهذا أظهر مدى العداء الموجود،يعني إذا كنت قد أقمت ديمقراطية،فقد أتى الذين كانوا يحمون الديمقراطية الزائفة،خرجوا من الباب كي يرجعوا من الشباك مرة أخرى.
أحمد منصور:
كعضو في مجلس قيادة الثورة-في ذلك الوقت-وكشاهد عيان على الخلافات التي كانت بين مجلس قيادة الثورة والرئيس(نجيب)،تستطيع أن تقول لنا:ما هي هذه الأسباب التي دفعت الرئيس(نجيب)إلى تقديم استقالته الأولى في(فبراير) عام(1954م)؟
حسين الشافعي:
يعني-مثلاً-عندما يتفق المجلس على أمر لا يأتي(محمد نجيب)ويعلن أمرًا آخر،لأنه كان لابد أن يكون هناك التزام بالرأي الجماعي الذي تم الاتفاق عليه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وأنتم-أيضًا-بدأتم تهمشونه كرئيس مجلس قيادة الثورة؟
حسين الشافعي:
كيف؟
أحمد منصور:
بدأتم تهمشونه،بدأت العلاقات المباشرة ما بين(عبد الناصر)وما بين بعض،حتى القوى الخارجية التي..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هو-للعلم هو-كان الحلقة التي من الممكن أن القوى المضادة تجد فيها فرصتها،لأنه كان-دائمًا-يقول:هم الذين يعملون)،وما دام قال هم ونحن،أصبح هناك انفصال في العملية خطير جدًّا،وطبعًا هو كان يريد أن يريح الكل،يأتي له الذين طبق عليهم الإصلاح الزراعي يقول هم،يأتي له أي تصرف يقول هم،وبعد ذلك تتفق على أن الحياة النيابية يكون هناك فترة انتقالية ثلاث سنوات،يخرج هو في اجتماع عام ويعلن قائلاً(الديمقراطية مباشرة).
(10/3)
عندما أتى(خالد محيي الدين)في الأزمة التي كانت في(مارس)وقال:أنا مؤمن بالديمقراطية وأنا غير موافق على هذا الكلام،أتى(عبد الناصر)في المجلس وقال:(خالد محيي الدين)يقول:أن الديمقراطية فورًا،فأنا أقترح أن يتولى هو رئاسة الوزارة ويحقق الديمقراطية،ونحن نعود إلى ثكناتنا،وأُخذت الأصوات،لم يأخذ أي صوت في المجلس كله طبعًا،وبعدها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
طبعًا،كيف تتركون السلطة..وكل هذا النفوذ؟
حسين الشافعي:
لا،كي يظهر لك،الجماعة الذين في مجلس الثورة ليسوا صغارًا،كل واحد له وزن كبير جدًّا،وكون أنهم يتفقون على هذا ليس معناه أنهم متشبثون بالسلطة،لا،أبدًا،إنهم حريصون على الثورة،لأن من يدعي الديمقراطية هم،يرونها هي المدخل للوثوب على السلطة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لماذا هي المدخل للوثوب على السلطة؟
حسين الشافعي:
لأنها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الديمقراطية أول شيء،يعني هي الإيمان بمبدأ السلطة؟
حسين الشافعي:
الغرب يبيع لك الديمقراطية كي يجد لك وسيلة للتدخل في شئونك،ويبيع لك الانفتاح،كي يسيطر عليك اقتصاديًّا،ويقول لك حقوق الإنسان من أجل إذا لم تصلح هذه يجد مجالاً للتدخل.
أحمد منصور:
سعادة النائب،أنتم-أيضًا-لم تضعوا النظم البديلة التي تجعل الشعب يثق بهذه النظم..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
الثورة هذه في وسط غيلان،وفي وسط قوى مضادة من كل جانب،من الداخل ومن الخارج،والذين يتكلمون وأيديهم في الماء يتصورون أن العملية بسيطة،العملية في غاية الصعوبة،ونحن اليوم نرى هذا الغل بالنسبة للإسلام والمسلمين،ومن أجل أنهم يخدعونهم ببعض الشعارات،ينجرفون فيها باسم الديمقراطية،وباسم الانفتاح،وباسم..الخ.
(10/4)
ثم هم يقتلونهم في(كوسوفا)وفي غيره،وفي غيره،وإذا لم نفق لأنفسنا،ونعرف أن لن ينصرنا إلا الله،بأن نتمسك به،ونرتبط به،لن نصل أبدًا،وهذا يذكرنا بالديمقراطية،كل هذا كلام،إنما ربنا قال:شورى،وهنا يعني أن تتشاور مع من تأتمن من الناس الجديرين بأن تستشيرهم،كي يبصروك بالقرار الذي تريد أن تتخذه.
أحمد منصور:
أنت تعبير الشورى ملزمة أم معلمة للحاكم؟
حسين الشافعي:
طبعًا ملزمة،لكن بين المؤمنين،لم يقل اذهب للكفار،واستشرهم،لا،وأقم ديمقراطية معهم،ويكونون هم أصحاب الصوت الغالب،وبالتالي المسلمون والإسلام يضيع بمثل هذه الخرافة،أبدًا.
أحمد منصور:
بعد إعلان الرئيس(نجيب)لاستقالته تحرك سلاح الفرسان،وقامت المظاهرات في كل مكان من أجل عودة الرئيس(نجيب)مرة أخرى،الذي عاد بالفعل في 27 (فبراير)إلى السلطة مرة أخرى،ماذا كان موقفكم من الاستقالة؟ومن العودة؟ومن المظاهرات التي قامت؟
حسين الشافعي:
أولاً(محمد نجيب)على مدى مسافة طويلة جدًّا-قبل تقديم استقالته-ونحن نعاني أنه في جانب،ونحن في جانب،وهو يريد أن يريح الناس كلها على أنه غير مسئول،وهم المسئولون وهو غير مسئول،طبعًا المعاناة التي كنا نعانيها،كان في تصورنا أن الشعب على علم بها،لكن هذه كانت جلسات مغلقة،ولا يدري بها أحد.
أحمد منصور:
لكن أنتم لم تكونوا تدبرون-فعلاً-لإزاحته؟
حسين الشافعي:
إطلاقًا.
أحمد منصور:
ألم تكونوا تأتون بتصرفات تدفعه لأن يستقيل؟
حسين الشافعي:
أنا سوف أقول لك على أمر :هو كان يرتاح إلى المستشارين له أساسًا كان(السنهوري)و(سلمان حافظ).
أحمد منصور:
وهما في نفس الوقت كانوا على علاقة(بجمال عبد الناصر)ويدبرون له كل ما يريد؟
حسين الشافعي:
(10/5)
نعم،حتى بدءوا يقيمون له دستورًا يحقق هدفه على أساس أنه رئيس الثورة،ويستطيع أن يتخلص من أعداء المجلس،فكانوا يقولون-مثلاً-الرئيس في مجلسه أو بمجلسه،هل قمنا بثورة كي يتحكم فينا-في النهاية-حرف الجر(الباء)أو حرف الجر(في)؟في مجلسه يعني هو له الرأي النهائي،لكن يسمع الرأي،وبمجلسه يكون الرأي ديمقراطيًّا.
طبعًا بعد(محمد نجيب)تركزت فيه محبة الشعب الجارفة التي تمثل الثورة،وتركزت فيه كرمز أصبح سلاحًا،ممكن أن يهدد الثورة،ولذلك من المؤكد أن مستشاريه أشاروا عليه أنه-بدلاً من(في)و(ب) لو استقال سوف يضعهم في أزمة لا أول لها ولا أخر،وفعلاً هذه الاستقالة،نحن من معاشرتنا المستمرة،رأينا أنها أتت منه لأن الوضع-أصبح بالتوافق معه-كانت العملية في منتهى الصعوبة.
أحمد منصور:
ألم يكن هناك إيحاء(للسنهوري)أو(لسلمان حافظ)بأن يوحوا له بهذه الاستقالة من قبلكم أو قبل(عبد الناصر)على هذا الخصوص؟
حسين الشافعي:
لا بالعكس هم قاموا بذلك لحساب(نجيب)كي يضعوا المجلس في حرج..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وأنتم بالفعل وضعتم في حرج؟
حسين الشافعي:
حرج لا تتصوره،مثل أن تبني شيئًا،وتنميه،ثم تهدمه بقبول الاستقالة،كان رد الفعل فوق ما يمكن أن تتصوره،ولقد قضينا أيامًا في منتهى السوء إلى أن أمكن تأمين القوات المسلحة واستعادة الموقف،ولكن..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذا كان يعكس أن(نجيبًا)له شعبية داخل القوات المسلحة،وله شعبيته بين الشعب.
حسين الشافعي:
داخل القوات المسلحة،والجيش والقوات المسلحة طلبوا أن يجتمعوا بمجلس الثورة،واجتمعوا،واجتمعنا في(نادي الضباط)،والكل تكلم،و(محمد نجيب)تكلم،وفي الآخر طلبوا أن يتكلم(جمال عبد الناصر)،(جمال عبد الناصر)قال ثلاث كلمات،قال إنني لن أستجدي،ولن أساوم،ولن أنافق،وكأنه يلقي على كل ما قاله(محمد نجيب)من كلمات تعرية كاملة للذي قيل على لسان(محمد نجيب)وأخذ تأييدًا بلا حدود.
أحمد منصور:
(10/6)
أنتم-في هذا الوقت-رصدتم الضباط المؤيدين(لمحمد نجيب)وتصرفتم معهم بعد ذلك بإبعادهم عن الجيش؟
حسين الشافعي:
لم يحدث،لم يحدث.
أحمد منصور:
كيف تم علاج أزمة سلاح الفرسان.
حسين الشافعي:
طبعًا،الضباط من هم، منهم من ينتمي إلى عائلة وفدية،ومن ينتمي إلى عناصر شيوعية،ومنهم من ينتمي إلى عائلة مالكة،وهكذا.
أحمد منصور:
يعني كأن الضباط كلهم من أعداء الثورة؟
حسين الشافعي:
فكل أعداء الثورة تركزوا،لماذا؟لأنهم رأوا إن الاستمرار بعد هذا،فالثورة سوف تركز أقدامها أكثر وأكثر،واعتبروا أن هذه فرصة كي يؤكدوا الوفاق بينهم وبعد ذلك يكون الحساب فيما بينهم يأتي لاحقًا،من يستخدمون؟ويخترقون أين؟يخترقون السلاح الذي كانت له اليد الطولى،وهو المقدمة،وهو رأس الحربة وهو الأساس في تأمين الثورة،هو سلاح الفرسان،كيف يدخلون عليه؟
من خلال هذه العناصر،هذه العناصر يلزمها أن تعقد اجتماعًا،والاجتماع يأخذ صفة رسمية،فأتوا يستأذنون قائد السلاح،وهو(حسين الشافعي)أن يجتمعوا،فأنا رفضت؛لأن هذا يتنافى مع النظام العسكري،وقلت الذي يريد أن يقابلني فردًا يأتي إلى مكتبي أو بيتي،بيتي مفتوح في أي وقت.
على الرغم من هذا التنبيه عقدوا الاجتماع،ووجدت عندما وصلت للبيت،وكنت أسكن(االقشلاق)،في ذلك الوقت يتصل بي(عبد الحكيم)ويقول لي(الضباط مجتمعون في السلاح)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
عبد الحكيم عامر؟
حسين الشافعي:
و(جمال عبد الناصر)موجود هناك،ذهبت،وكنت أرتدي ملابس مدنية،نزلت في خمس دقائق؛لأن بيتي جوار(القشلاق)وذهبت،فوجدت(جمال عبد الناصر)واقفًا وحوله الضباط،ليسوا الضباط الأحرار،لا،ضباط السلاح،يعني إذا كان الضباط الأحرار،كانوا(32)أو(34)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يعني هؤلاء(34)من سلاح الفرسان الذين شاركوا؟..
حسين الشافعي:
(10/7)
نعم،كان عدد ضباط السلاح في وقتها(450)،ونظام الجيش لا يسمح بهذه اللقاءات وهذه التجمعات،لكن(جمال عبد الناصر)أخذ يسمع لهم،وعندما حضرت قلت له:الاجتماع هذا غير مصرح به،وهم استأذنوا لعقده،وأنا لم أوافق،وهذا اجتماع غير جائز،قال:لا،ليست هذه القضية ؛لأنه يريد أن يسمع،لكن نيته أنه وجدها فرصة لتصفية ضباط السلاح،لأنهم مثل الشوكة التي لا يقتضي الأمر استمرارها،ثم(جمال عبد الناصر)كان له عناصر-قبل أن أكلف بمسئولية قيادة السلاح-كانوا موجودين؛فلما اطمئن لوجودي،قال لهم:أنتم تجمدون نشاطكم نهائيًّا،ولم يشارك أحد منهم في الثورة،لكن أصبحوا جواسيس على من قاموا بالثورة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لصالح(عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
لصالح(عبد الناصر).
أحمد منصور:
من وراء علمك أنت؟أنت لا تعلم عن هذا الأمر؟
حسين الشافعي:
ثم عندما وجدوني متمسكًا بوحدة القيادة،بدءوا العمل بعيدًا عن علمي،وهذا أثر في نفسي؛لأن هؤلاء الناس كانوا أعز الناس على نفسي،وعلى قلبي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
معنى ذلك أن(عبد الناصر)كان يخون أقرب الناس له،بما فيهم أنت؟
حسين الشافعي:
كي يتمكن من القيادة،وألاّ تكون مقاومات،حتى هذا حماية لهم؛لأنه عندما يظن أحد أنه-وحده فقط-يستطيع أن يعمل ثورة مضادة،أنت يجب أنم تحميه من نفسه،وتحميه بأنك تمنع أن يقوم بأي عمل،وهذا ما قمت به في أزمة(1954م)حيث أني أحضرت الناس الذين أطمئن لهم في القيادة،كيلا يكون هناك إمكانية لأي عمل مضاد فرصة للنجاح.
أحمد منصور:
(10/8)
أنا أقصد هنا أن(عبد الناصر)كان يخطط لعملية تصفية لضباط الجيش،بحيث لا يبقى إلا الموالون له،وفي نفس الوقت،رغم أن(حسين الشافعي)هو أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة،وهو الرجل الذي كان يأتمنه(عبد الناصر)على أن يخلفه في القيام بالثورة في حالة القبض عليه،وهو-أيضًا-الرجل الذي تحرك بشكل أساسي بقوات المدرعات لتأمين قيام الثورة،(عبد الناصر)كان من خلفه قد أقام اختراقًا لقوات سلاح الفرسان عن طريق بعض الضباط الموالين له.
حسين الشافعي:
وأنا أقره في هذا،وأنا إلى جانبه؛لأنني بجانب وحدة القيادة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن أنت قلت أن هذا أثر في نفسك؟
حسين الشافعي:
أثر في نفسي حرصًا على أناس أعتز بهم؛لأنهم استدرجوا،واستدرجوا بواسطة ماذا؟بواسطة القوى المضادة.
أحمد منصور:
ماذا كان شعورك تجاه(عبد الناصر)وهو يخونك في بداية عهد الثورة؟
حسين الشافعي:
لا،أنا مشاعري بالنسبة ل(عبد الناصر)كقائد..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لا،في هذه المرحلة،في مرحلة(1954م)؟
حسين الشافعي:
كقائد في هذا الموقف صحيح(100%)،لأن هذا فيه محافظة على وحدة القيادة،لأنهم تصوروا أنهم في سلاح الفرسان يستطيعون القيام بحركة انقلابية،ولأنهم كانوا العنصر الأساسي في إنجاح الثورة،أنهم يستطيعون القيام..إنما هذا غير حقيقي،الثورة لم تنجح إلاّ لأن كل الناس على مستوى القوات المسلحة شاركت فيها.
أحمد منصور:
عاد الرئيس(نجيب)مرة أخرى،وبُيِّتَت النية لإزاحته وإزالته،بعدما اُعْتُبِر عقبة،وظهرت شعبيته الجارفة بعد عملية الاستقالة،أليس كذلك؟
حسين الشافعي:
أنا سوف أقول لك شيئًا،مثلاً أنه في حرب(1956م)كان-طبعًا-المعتدون يلوحون بأنهم إذا استطاعوا أن يحتلوا البلد مرة أخرى،كان طبعًا(محمد نجيب)-في اعتبارهم-أن يكون هو السند الأساسي كبديل.
أحمد منصور:
من قال هذا الكلام؟وهذا فيه تخوين(لمحمد نجيب)ودوره التاريخي؟
حسين الشافعي:
ماذا؟
أحمد منصور:
(10/9)
هذا فيه تخوين(لمحمد نجيب)ودوره التاريخي؟
حسين الشافعي:
لا ليس تخوينًا(لمحمد نجيب)،فيه اعتداء من الناس الذين يريدون أن تستخدم أي ورقة،أنا لم أقل أن(نجيب)وافقهم على هذا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كان هذا في مخططهم؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
نعم،هذا كان في مخططهم.
أحمد منصور:
الرئيس(نجيب)لم تعطوه حقه،استقال في المرة الثانية في 17 أبريل 1954م،وقبلها وقعت أزمة(مارس)التي اتهم فيها(جمال عبد الناصر)أنه قام بوضع متفجرات في البلد لإثبات عدم الاستقرار،ولدفع الناس إلى محاولة الاحتماء بأعضاء مجلس قيادة الثورة لحمايتهم من هذا الذي حدث في مارس(1954م)،ما هو تعليقك؟
حسين الشافعي:
قامت مظاهرة مدفوعة من الشيوعيين،وطبعًا لم يكن أمام(جمال عبد الناصر)إلا أن يقابل هذا العمل بعمل مضاد؛لأن الثورة ليست لعبة،فإذا كان اليوم قد جمعوا أناسًا،كان في استطاعته أن يجمع الناس،ويجهض محاولة الشيوعيين هذه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
والقنابل التي فُجِّرت واتهم(جمال عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
أنا لم أسمع عن قنابل فجرت؟
أحمد منصور:
هذا يدفعنا-أيضًا-للسؤال عن حريق(القاهرة)،وأنت كنت في(1951م)هذا قبل الثورة،وأيضًا الاتهامات التي وجهت إلى(عبد الناصر)أنه-أيضًا-هو الذي دبر هذا الحريق؟
حسين الشافعي:
أنه ماذا؟
أحمد منصور:
أنه-أيضًا-هو الذي دبر حريق(القاهرة)؟
حسين الشافعي:
والله،هذا الأمر يحتاج إلى تحقيق؛إنما أنا أرى أن إصبع الاتهام يوجه أساسًا للسرايا،لأن حريق(القاهرة)لم يكن منه هدف إلا إحراج وزارة الوفد التي كانت في الحكم بأنها لا تستطيع أن تسيطر على البلد،وبالتالي يكون مقدمةً لإقالة وزارة الوفد.
أحمد منصور:
(10/10)
استقال الرئيس(نجيب)مرة أخرى في(17 إبريل 1954م)وانتهى(محمد نجيب)،وأنتم متهمون بأنكم لم تنصفوا الرجل،بالرغم من الدور الذي قام به،ومُحِي اسم(محمد نجيب)من الكتب الدراسية-كرئيس لمصر،في الفترة(1952م)إلى 17 أبريل(1954م)-ما موقفك من عدم إنصاف الرجل؟
حسين الشافعي:
اسم(محمد نجيب)لا يمكن محوه من التاريخ،بغض النظر ماذا تقول الكتب،وهذه ردود فعل تكون عابرة لوقتها،إنما قد يأتي الوقت لإعادة الاعتبار(لمحمد نجيب) كليةً وتصحيح..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل تطالب بذلك؟
حسين الشافعي:
أنا أطالب بذلك.
أحمد منصور:
تطالب بإعادة الاعتبار(لمحمد نجيب)؟
حسين الشافعي:
100%.
أحمد منصور:
بعد استقالة(محمد نجيب)الثانية في(17 أبريل 1954م)يكون بذلك(جمال عبد الناصر)تخلص من أهم الخصوم الرئيسيين الذين كانوا يهددونه،الأحزاب،وقد تم إلغاء الأحزاب،(محمد نجيب)الذي كان الرمز للثورة خلال 1952م إلى 1954م،بقي هناك الإخوان المسلمون،الذين صدر قرار بحلهم في يناير 1954م،ثم تمت محاكمتهم بعد حادث(المنشية)في محكمة الشعب،التي كنت أحد أعضائها الثلاثة،في الحلقة القادمة نتناول الصراع بين الإخوان،والثورة في محكمة الشعب..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،أنا لي تعليق قبل الحلقة القادمة إن(محمد نجيب)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
إذا أحببت أن يكون لك تعليق-في الحلقة القادمة-على(محمد نجيب)نبدأ به قبل أن نتعرض للإخوان والثورة،لأننا سنتعرض لموقف(محمد نجيب)من الإخوان في الحلقة القادمة،ويكون لك إضافة يمكن أن نبدأ بها.
شكرًا-سعادة النائب-أشكركم-مشاهدينا الكرام-على حسن متابعتكم،في الحلقة القادمة-إن شاء الله-نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي) نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق،في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج،وهذا(أحمد منصور)يحييكم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/11)
الحلقة6(10/12)
الجمعة 10/12/1422هـ الموافق 22/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 21:21(مكة المكرمة)،18:21(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصرى الأسبق
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
30/10/1999
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،أهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج(شاهد على العصر)،حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق،مرحبًا سعادة النائب.
حسين الشافعي:
مرحبًا.
أحمد منصور:
توقفنا في الحلقة الماضية عند مرحلة هامة من مراحل الثورة،بل-ربما-عام التغيرات الكبرى،وهو عام 1954م،الذي وقعت فيه أحداث هائلة بعد عامين من وقوع (حركة الضباط)كما أطلق عليها،ثم الثورة بعد ذلك،في الثاني عشر من يناير 1954م،تم صدور قرار حل(الإخوان المسلمين)،وقبله صدرت عدة قرارات،وتغيرات خلال الفترة منذ يوليو 1952م،وحتى يناير 1954م.
كان من أبرزها استبعاد(رشاد مُهَنَّى)الوصي على العرش،حل حكومة(أحمد ماهر)وقيام حكومة عسكرية برئاسة الرئيس(محمد نجيب)،حل الأحزاب،إلغاء الدستور،صدور قانون الإصلاح الزراعي،وغيره من الأحداث العامة.
كما استطاعت الحركة،أو الثورة التخلص من بعض الشخصيات والقوى الأخرى وعلى رأسها(يوسف منصور صديق)الذي تم التخلص منه في عام 1954م،والذي كان له آراء مغايرة لآراء الثورة،برغم أنه أحد الضباط الأحرار الذين شاركوا مشاركة رئيسية وفعالة في ثورة يوليو،أيضا في عام 1953م،وقع تمرد المدفعية الشهير الذي تمرد فيه خمسة وثلاثون ضابطًا من الضباط الأحرار الذين شاركوا في ثورة يوليو،وتم القبض عليهم،واعتقالهم،وسجنهم.
(10/13)
التغير الكبير الذي وقع في 12 يوليو 1954م،بصدور قرار حل(الإخوان المسلمين)،وبداية الانفصام بين الإخوان والثورة،لماذا صدر قرار مجلس قيادة الثورة بحظر نشاط الإخوان بعد حظر الأحزاب قبلها؟
حسين الشافعي:
كما قلت-قبل ذلك-كنا نتمنى أن الإخوان يكونون مع الثورة على خط واحد،وعندما تعرضت للحديث الذي حدث عند مقابلة(الهضيبي)في 15 يناير سنة 1953م،قال:إنه بعدما أُعلِن عن قيام هيئة التحرير،كتنظيم سياسي يعبر عن الثورة في هذه المرحلة؛لأن هذه المرحلة كانت مرحلة التحرير،وأنا أذكر أنه في سنة 1953م-عند الذكرى الأولى لقيام الثورة-طلب من أعضاء المجلس أن يختاروا شعارات توضع في الميادين،وأنا أذكر أن من ضمن هذه الشعارات تم اختيار شعارين،الشعار الأول عُلِّق فوق كوبري(قصر النيل)،وفيه أقول(إن عدوكم على استعداد للتسليم بقدر ما في نفوسكم من تصميم)
أحمد منصور:
لمن تقول هذا الكلام؟
حسين الشافعي:
الشعار الثاني كان معلقًا في ميدان(التحرير)،وكان يقول(لابد للقوة من عقيدة تدفعها،ولابد للعقيدة من قوة تحميها)،وطبعا الأحداث التي حدثت منذ قيام الثورة إلى سنة 1954م،بينت أمورًا لم يكن من الممكن أن تتوقعها بهذه الصورة قبل قيام الثورة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
نذكر بعض الأشياء كشواهد على هذه الأشياء؟
حسين الشافعي:
فمثلاً موقف الإخوان المسلمين المضاد والمعارض،وعندما قال(الهضيبي):الود ودُّكم أن ترفعوا لافتة الإخوان المسلمين،وتضعوا مكانها لافتة هيئة التحرير..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن ألم يكن هذا حقيقةً مقصودةً..أن يكون هناك نظام سياسي خاص بالثورة بديلٌ عن النظام الشعبي الموجود الذي كان..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/14)
لكن كون أنه يضيف إلى هذا(لكن هذه حركة عالمية لا تذوب في الثورة)،نحن لا نريده أن يذوب في الثورة،لكن ألاّ يكون مناهضًا للثورة،فالمناهضة تظهر في التصرف،وتظهر في النوايا،وطبعًا إذا أتيحت الفرصة تصبح عملاً مثل العمل الذي ظهر في انقلاب المدفعية،كان تعبيرًا واضحًا،فقبل انقلاب المدفعية كانوا يقولون كلامًا عن الثورة،ولم تكن الثورة خطت خطوةً واحدةً بعد.
كما قلت لك أنه من ضمن التشنيعات أنهم كانوا يقولون(مازال الأذان السلطاني يؤذن به)،هم لهم أسلوب في الأذان يقولونه،هذا اتجاه تحزبي وليس نقدًا موضوعيًّا بالنسبة للأذان،لأن الأذان لم يزد فيه ولا نقص منه،فهي بداية بمشاعر كما لو أننا أخذنا منهم شيئًا،نحن لم نأخذ منهم شيئًا،إنما نحن أقدمنا على شيءٍ لم يكن في استطاعتهم أن يؤدوه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكنهم-أيضًا-يقولون:أنتم لم تكونوا تستطيعون القيام بهذا الشيء دون دعمهم؟
حسين الشافعي:
هذا كلامهم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذا كلام بعض المصادر-أيضًا-التي رصدت هذه الفترة..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذا كلامهم،لكنْ-على الرغم من هذا-استمرت الثورة بدونهم.
أحمد منصور:
فالثورة كانت قد بدأت تقضي على مناهضيها،أو مخالفيها واحدًا وراء الآخر،فكان القضاء على الأحزاب هو أكل أو قضاء على الإخوان-أيضًا-وهم دعموا القضاء على الأحزاب،وأُكِلوا كما أكل الثور الأبيض-كما يقول كثير من المؤرخين.
حسين الشافعي:
لا دعم ولا شيء،فهم لم يكن لهم دور ظاهر في هذا،لكن أريد أن أقول لك شيئًا،فهذه الثورة فلك،وكما يشير الله-تعالى-في مواضع كثيرة إلى اختلاف الليل والنهار،وصحيحٌ أن الشمس لها فوائدها المتعددة،لكنها ظاهرة؛فعندما تظهر الشمس لا يظهر شيء آخر في الأفق،وهذه ظاهرة،كل من يريد السير في العمل السياسي،لابد أن يدرك أن هناك فلك،إمّا أن يتوافق معه أو يصطدم به..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/15)
أنت-هكذا-تلغي دور المعارضة،والمخالفة،والديمقراطية..؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا بالعكس..بالمرة،لكن إذا كنت تريد أن تقوم بعمل مضاد؛فينبغي أن تكون مهيأً للاصطدام،فإذا لم تستطع التوافق فسوف تصطدم،وإذا كان في مقدورك أن تقيم فلكًا جديدًا كان بها.
أحمد منصور:
(حسن العشماوي)ذكر في مذكراته أن هناك ثلاثةُ اجتماعاتٍ مطولة عقدت بين مجموعة من قيادات الإخوان ومجموعة من مجلس قيادة الثورة،قبيل قيام الثورة،وتحديدًا في الفترة من 18 يوليو إلى 21 يوليو لضمان دعم الإخوان،وأن الإخوان أعلنوا دعمهم المطلق لحركة الضباط في ذلك الوقت،حضر الاجتماعات من قِبَل مجلس قيادة الثورة أو الضباط الأحرار(جمال عبد الناصر)،(عبد الحكيم عامر)،(كمال الدين حسين)(أنور السادات)،(جمال سالم)،ومن الإخوان(حسن العشماوي)(عبد القادر حلمي)،(منير الدلة)،(صلاح شادي)،(عبد المنعم عبد الرؤوف)،(أبو المكارم عبد الحي)،ألديك معلومات عن هذه الاجتماعات؟
حسين الشافعي:
يسأل فيها من حضر هذا الاجتماع.
أحمد منصور:
لكن أليس هذا دلالةً على أن هناك تنسيقًا بين الإخوان والثورة قبيل قيامها؟
حسين الشافعي:
على أي الحالات،لم يكن بعلمي.
أحمد منصور:
في الفترة من قيام الثورة إلى إلغاء أو حل الإخوان المسلمين في الثاني عشر من يوليو عقدت-كما يقول(حسن العشماوي)-محاضر عشرة اجتماعات،ونشرت صور في مجلة(الوسط)قبل حوالي عامين أو ثلاثة أعوام،فيها اجتماعات ما بين مجلس قيادة الثورة والإخوان،أعتقد أنك حضرت بعض هذه الاجتماعات،أليس كذلك؟
حسين الشافعي:
لم يحدث.
أحمد منصور:
لم تحضر شيئًا من هذه الاجتماعات،وليس لديك علم بما حدث فيها؟
حسين الشافعي:
أنا حضرت عندما جاء(سعيد رمضان)يطلب أن يتكلم عن لقاء يتم بين(جمال عبد الناصر)و(الهضيبي)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
والذي قمت بترتيبه؟
حسين الشافعي:
طلب أن أقوم بهذه المهمة،وسبق أنني شرحته شرحًا تفصيليًّا.
(10/16)
أحمد منصور:
لو طلبت منك أن تحدد الأسباب التي أدت إلى الصدام بين الإخوان والثورة في نقاط،كيف ترى هذه الأسباب؟
حسين الشافعي:
الإخوان تصوروا أنهم يضعون أساسًا جديدًا للإسلام،وهذا أكبر وأول خطأ لهم،لأن الإسلام وضع أساسه سيد الخلق،ولن يستطيع أحدٌ أن يدعي أنه سيضع أساسًا جديدًا،ومع هذا ربنا قال له:(لست عليهم بمسيطر)وهم كانوا يريدون أن يُنَظِّروا من المسلم ومن غير المسلم،وهذه أول غلطة،وأنا أعتبرها غلطة كبيرة جدًّا،والغلطة الثانية أنهم قالوا:نترك هؤلاء الناس الذين سيقدمون على هذه المخاطرة،يتعرضون للخطر ونحن في الأمان إلى أن تتم لهم السيطرة،فإذا نجحوا فلن يستطيعوا الوقوف أمامنا لأن لدينا تنظيمًا ينتظم فيه حوالي 18 ألفًا،إضافةً إلى أن الدعوة للإسلام لن يستطيع أحد الوقوف أمامها.
أحمد منصور:
هل كانوا ثمانية عشر ألفًا في تلك الفترة؟
حسين الشافعي:
والله قد يختلف التقدير،لكن المهم أنهم لديهم قاعدة،يتصورون أنهم بها يستطيعون أن يحتووا بها الثورة.
أحمد منصور:
بعض التقديرات تشير إلى أنها كانت مليوني مصري؟
حسين الشافعي:
والله،دائمًا الأقليات تعطي نفسها الحق أن تقول أيَّ كلام،لتظهر أكبر من حقيقتها.
أحمد منصور:
هل صحيح أن الرئيس(جمال عبد الناصر)أعلن في(مايو)سنة 1953م،أن لديه-في خطاب ألقاه-الاستعداد للتخلص من 20% أو30% من الشعب المصري إذا لزم الأمر،ليستقيم بقية الشعب؟
حسين الشافعي:
أنا لم أسمع بهذا على الإطلاق.
أحمد منصور:
هذا أنا وجدته في أكثر من مصدر من المصادر التي تناولت هذه الفترة..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
تأكد أنها مصادر إخوانية.
أحمد منصور:
حل الإخوان في 12(يوليو)1954م،قرار الحل،هل مجلس قيادة الثورة حين اتخذ هذا القرار كان يعلم ردود الفعل التي يمكن أن تصدر؟وكيف يتعامل معها؟
حسين الشافعي:
طبعًا.
أحمد منصور:
ماذا توقعتم؟
حسين الشافعي:
(10/17)
أبدًا،هم كانوا أظهروا مظاهر العداء غير المباشر،عملية الحل هذه كانت عملية اضطرارية،فنحن أبقينا عليهم دون الأحزاب متوسمين أن يكونوا ملتزمين بالالتزام الإسلامي،الذي يجعل هناك تقاربًا وتآلفًا،ووحدةً وعدم فُرقةً،لكنهم كلما مرّ يوم جديد على الثورة،ازداد شعورهم بأن الثورة تثبت أقدامها،وهذا الذي جعلهم يتعجلون في الأعمال المضادة،ابتداءً من عملية المدفعية،ومشاركةً في عملية الفرسان في سنة 1954م،وعندما فشلوا في الاثنين،بدءوا في التفكير في العدوان على رمز الثورة وهو(جمال عبد الناصر)في سنة 1954م..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سنأتي إلى حادث(المنشية)،ولكن أنتم حرصتم على أن يشترك الإخوان معكم في الحكومة،حكومة(نجيب)التي شكلت في السابع من(سبتمبر)1952م،طلبتم من الإخوان أن يشتركوا في الحكومة،و(حسن العشماوي)أو المرشد العام في ذلك الوقت(حسن الهضيبي)رشح اثنين من الإخوان،رفضهما مجلس قيادة الثورة،وتم تعيين(أحمد حسن الباقوري)في الحكومة،وأعلن الإخوان عن فصله بسبب مخالفته لقرار المرشد،واعتبر هذا بداية الصراع أو الخلاف مع الثورة،هل نستطيع أن نقول أن هذا كان بداية الخلاف بين الإخوان والثورة بشكل معلن وواضح؟
حسين الشافعي:
لكن هذا غير حقيقي،لأنهم في البداية هم الذين اتفقوا على الأشخاص الذين يمثلونهم في الوزارة،وعندما عينوا في الوزارة،انقلبوا عليهم،وهذه هي الحقيقة.
أحمد منصور:
قالوا إنهم لم يحددوا،الأشخاص الذين حُدِّدُوا رُفِضُوا،وكذلك الرئيس(محمد نجيب)-في مذكراته-أشار إلى هذا الأمر-بالضبط-كما وجدته في مصادر الإخوان حول هذا الأمر،أنا سؤالي هنا:هل تشكيل حكومة(نجيب)ورفض الإخوان المشاركة فيها،وفصل من شاركوا في الحكومة،كان مؤشرًا لبداية وجود فجوة بين الضباط الأحرار،أو مجلس قيادة الثورة وما بين الإخوان؟
حسين الشافعي:
(10/18)
هم لو كانوا مسالمين،وبعيدي النظر،وعندهم وعي سياسي..حتى الناس الذين عينوا في الوزارة،ما كانوا ليعادونهم؛بل بالعكس كانوا استفادوا من وجودهم،ولكانوا أصبحوا عينًا لهم في داخل مجلس قيادة الثورة.
أحمد منصور:
هم يتهمون-أيضًا-مجلس قيادة الثورة-و(جمال عبد الناصر)تحديدًا-بأنهم سعوا لقسم صفوف الإخوان عن طريق ضم هؤلاء،وعن طريق السعي لاختراق النظام الخاص،وعن طريق تحييد(عبد الرحمن السندي)؟
حسين الشافعي:
على كل حال،تأمين الثورة..والذين يقومون بأمر إذا لم تكن لديهم القدرة على حمايتها،والمحافظة عليها،لما قاموا بالثورة مطلقًا،فنحن تحت أي مسمى..لا أحد يقوم بمشاجرة،أو خلاف دون أي مبرر،وإنما من يريد فرض نفسه،وتصبح له وصاية على الثورة،أو أنه يثب على السلطة..طبعًا الثورة من حقها أن تحافظ على نفسها،وهذا الإجراء ليس بقصد حل الإخوان؛لأننا لا نريد لهذا الجانب أن يكون موجودًا-بالعكس-إنما تأمينًا للثورة،كان هذا ضرورة.
أحمد منصور:
ألم تكن الانتخابات التي ألغيت وسيلة كفيلة لإبراز من يريده الشعب أيضًا،وأن يكون الخيار للشعب بالدرجة الأولى بدلاً من فرض أي سلطة عليه،أيًّا كانت هذه السلطة؟
حسين الشافعي:
نعود-أيضًا-إلى القضية..الذين ينادون بالديمقراطية قبل أن تنظم بيتك،هم يريدون أن يجدوا منفذًا للوثوب إلى السلطة؛ولذلك هم تجمعوا-جميعًا في عام أربعة وخمسين وتسعمائة وألف-بهدف القضاء على الثورة أولاً،ثم يكون حسابهم فيما بعد،تحت النظام الديمقراطي أو غير الديمقراطي،وأي حزب يسمح لقوة أخرى..؟لأي قوة أخرى لأنه طالما أن الحزب قد وصل للسلطة،فهو يُنَحِّي الآخرين،وهو الذي يتولى..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/19)
لكن المأخذ هنا كان على الدماء التي سالت،بدءًا من إعدام(خميس البقري)وأيضًا إقصاء كل من يبدي رأيًا،أو معارضةً لمجلس قيادة الثورة،حتى من الذين حموا الثورة،ووقفوا إلى جوارها من أول يوم،وأنا عددت عملية الاستبعاد والإقصاء التي بدأت تحدث مباشرة،ابتداءً من(رشاد مُهَنَّى)؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
عندما تقوم بثورة،أَرِنَا ماذا ستفعل!
أحمد منصور:
سعادة النائب،قبض على الإخوان بعد قرار الحل،بما فيهم المرشد نفسه(حسن الهضيبي)وكثير من الإخوان،لكن أفرج عنهم بعد ذلك مع عودة الرئيس(نجيب)إلى السلطة،هل كانت عودتهم مرةً أخرى،أو الإفراج عنهم،واستقبال(عبد الناصر)لهم بعد ذلك،وبداية وجود علاقة بينهم،وبين مجلس قيادة الثورة-مرة أخرى-هو إلغاء لقرار الحل؟
حسين الشافعي:
لا،قرار الحل لم يرجع عنه،لكن كل الإجراءات التي تمت كانت لحماية الثورة،وبعد ذلك لحماية الإخوان من أنفسهم،حتى الأحكام التي صدرت ضدهم كانت لكي لا يحاولون القيام بانقلابات،أو أعمال مضادة،فكانت الفترة..معظم الأحكام-التي لم تتجاوز عشرة سنين-كانت كفيلة أن ترد الناس إلى صوابها،ولتعلم أن الثورة ليست لعبة،وأنها ستسير في خط سيرها،وأنها لا بد ستثبت أقدامها،وأنا دهشت لهذا الموضوع،عندما ربنا توَّه اليهود أربعين سنةً،إلى أن يشب جيل جديد، ويعرف رأسه من رجليه.
أحمد منصور:
أنا سآتي معك إلى المحاكمات،باعتبارك أحد القضاة الذين حاكموا الإخوان في محكمة الشعب في عام 1954م،بعد حادث(المنشية)،ولكن قبل ذلك كانت هناك عمليات سبقت حادث(المنشية)مثل اختفاء مرشد الإخوان،واختفاء بعض قيادات الإخوان..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
من مرشد الإخوان؟
أحمد منصور:
(10/20)
(حسن الهضيبي)..اختفى في(الإسكندرية)في الفترة من(مارس)إلى(أكتوبر)الذي وقع فيه حادث(المنشية)،وكان مطلوبًا القبض عليه،وقبض على كثير من عناصر الإخوان،وقبض على بعض الضباط الإخوان مثل(عبد المنعم عبد الرؤوف)و(معروف الحضري)و(أبو المكارم عبد الحي)هم كانوا من الضباط الأحرار،وشاركوا في قيام الثورة بشكل أساسيٍّ،فكانت هناك إرهاصات إلى أن حادثًا ما من المفترض أن يحدث للقضاء علي الإخوان بشكل مبرم؟!
حسين الشافعي:
هذه إذن مقدمة على أن عملية محاولة قتل(جمال عبد الناصر)كانت تمثيليةً..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذا الكلام-لو رمينا كلام الإخوان في البحر كما يقولون-ذكره بشكل تفصيليًّ (حسن التهامي)أحد رجال الثورة،وأحد الضباط الذين كان لهم علاقة وثيقة بعهدكم طوال الفترة الماضية،طوال عهد(عبد الناصر)وعهد(السادات).
حسين الشافعي:
فلتأت به في حديث في(شاهد على العصر)وتسأله.
أحمد منصور:
سأقول لسعادتك روايته التي نشرت قبل حوالي ثلاثة أعوام..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أنا لا تهمني شهادته،هو يشهد كما يريد،وأنا أقول ما أعرفه.
أحمد منصور:
لكنْ-أيضًا-هناك أدلة أخرى كثيرة وجدتها في هذا الموضوع،هناك روايتان لحادث(المنشية)الرواية الأولى أن(محمود عبد اللطيف)أحد قيادات الإخوان وأحد أعضاء التنظيم السري للإخوان المسلمين،ومعه(هنداوي دوير)الذي كان مسئول النظام الخاص(بإمبابة)ذهبا إلى(الإسكندرية)واتفقا على قتل(جمال عبد الناصر)،وأطلقا عليه رصاصات لم تصبه،وأعلن أن هذا الحادث هو حادث اغتيال (جمال عبد الناصر)؛فتم القبض على الإخوان،وحوكموا في المحكمة التي كنت أحد قضاتها،أعدم ستة منهم،وحكم على عشرات آخرين بأحكام مختلفة،هذه هي الرواية الرسمية للحادث.
(10/21)
الرواية الأخرى،لو ضممنا رواية(التهامي)إلى رواية(محمود جامع)إلى روايات الإخوان؛ستحرج الروايات شبه متقاربة:أنه تم الإشارة إلى(جمال عبد الناصر)بأنه يستطيع القيام بضربة كبرى في شيء واحد،أولا:أن يرتفع نجمه-الآن-بعدما أبعد الرئيس(نجيب)،وأصبح هو رئيس مجلس قيادة الثورة عن طريق محاولة لاغتياله،ومن ثَمَّ إظهاره على أنه بطل،وبداية عصر(جمال عبد الناصر).
الشيء الثاني:أن يتم التدبير لكي يقوم الإخوان بهذا الأمر،ومن ثَمَّ تكون هناك فرصة للتخلص منهم؛فهذا ما حدث بالفعل،تم عمل ترتيبات اختراق لمجموعة أو خلية من خلايا الإخوان..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ماذا؟
أحمد منصور:
اختراق لخلية من خلايا النظام الخاص،التي يوجد فيها(هنداوي دوير)و(محمود عبد اللطيف)،وتم الاتفاق معهم على القيام بهذا الدور لصالح الثورة،ولصالح(جمال عبد الناصر)،وقيل أن الدكتور(عبد العزيز)الذي كان من الإخوان المسلمين-من قياداتهم-لعب دور الوساطة بين هذه المجموعة،و(عبد الناصر)لكي تنفذ ما فعلت،وكوفئ(عبد العزيز)بعد ذلك بأن عُيِّن وزيرًا،ثم نائبًا لرئيس الوزراء،ما رأيك في هذه الرواية؟
حسين الشافعي:
والله،أنا أفضل أن تُجْرِي هذا الحوار مع المصادر التي تقول هذا الكلام،وليس معي أنا.
أحمد منصور:
لكنْ،ما هو تعليقك على هذه الرواية؟
حسين الشافعي:
لا تعليق.
أحمد منصور:
الرواية الرسمية،أو الرواية التي أنت توقن بأنها حدثت فعلاً؟!
حسين الشافعي:
أنت تعلم أن الطرف الذي يخسر المعركة يقول أي كلام،وطبعًا ليس عنده غير أن يتكلم ويدين؛ولذلك أنا غير مستعد للدخول في هذه المساجلات،إنما أي فرد قال كلامًا،تستطيع أن تسأله عنه،إنما أنا لا أدخل في شهادة تعليقًا على كلام قيل من هنا أو من هنا.
أحمد منصور:
ما هي شهادتك على الحادث؟
حسين الشافعي:
(10/22)
شهادتي أن الثورة استطاعت أن تُثَبِّت أقدامها،لتقوم بمهام أكبر-بكثير جدًّا- من"قال لي،وقلت له،يا عواذل فلفلوا"مثل الأغاني التي تقال،لأن تثبيت الوضع وتثبيت النظام هو الذي مكن من الإنجازات التي قامت بها الثورة،والتي لا تقع في حصر.
أحمد منصور:
في 26(أكتوبر)1954م،أطلقت عدة رصاصات على(جمال عبد الناصر)في(المنشية)فيما عرف بحادث(المنشية)،والذي اتُّهِم الإخوان المسلمون بتدبيره،وتم القبض على المئات أو الآلاف من الإخوان المسلمين،وبدأت(محكمة الشعب)التي رأسها(جمال سالم)،وكان الرئيس(أنور السادات)وكنت أنت عضوًا في هذه المحكمة،أنت الشاهد الوحيد-الآن-الموجود على هذه المحكمة،كيف أدرتم (محكمة الشعب)لمحاكمة الإخوان في عام 1954م؟
حسين الشافعي:
محكمة الشعب هي التي حاكمت(مكتب الإرشاد)على أساس أنه لا يمكن لحادث (المنشية)أن يتم دون علمه أو توجيهه،ومع هذا لم يحكم على الجميع،لأن من بُرِّئ بُرِّئ،ومن حكم عليه كان نتيجة عمل محدد،بالإضافة إلى(محمود عبد اللطيف)والذين اشتركوا في عملية الاغتيال.
أحمد منصور:
من الذي أصدر قرار تشكيل المحكمة؟
حسين الشافعي:
مجلس الثورة هو الذي يصدر مثل هذه الانتدابات لأي قضية،أو أي مسئولية..
أحمد منصور(مقاطعًا):
محاكمة شخصيات مدنية-أيًّا كان جرمها-أمام محكمة عسكرية،هل يضمن محاكمة عادلة لها؟
حسين الشافعي:
الثورات لا تتعامل بمنطق الظروف العادية،الثورة عمل استثنائي،ولابد كي تحمي نفسها أن تكون هناك إجراءات استثنائية لتوفير هذه الحماية.
أحمد منصور:
أنتم الثلاثة كنتم ضباطًا،لم تدرسوا القانون الذي يؤهلكم أن تحاكموا أشخاصًا قاموا بجريمة ما،أليس هذا-أيضًا-شكل من أشكال عدم الإنصاف في المحاكمة للذين حوُكموا؟
حسين الشافعي:
(10/23)
لعلمك،أي ضابط-في رتبة مثل رتبنا-يقوم بمحاكم عسكرية،صحيح أن القانون العسكري هو الذي يحكم في هذا الموضوع،ولكن نفس الإجراءات،ودور المدعي،ودور الضمان للعدالة في هذه الأمور..هذا من ضمن الأمور التي يطلع عليها الضابط أثناء خدمته.
أحمد منصور:
هل صحيح أن كثيرًا من المتهمين-أثناء المحاكمة-كشفوا عن ظهورهم،وعن أجسادهم،وأروكم أنهم عُذِّبُوا عذابًا شديدًا للإدلاء بهذه الاعترافات التي أمامكم؟
حسين الشافعي:
والله،ممكن كل قضية يحدث فيها هذا الادعاء،والمسئول عن هذا هم الناس الذين يقومون بهذه الأعمال،وهم الذين يُسَاءَلُون عن هذا الأمر.
أحمد منصور:
لكنْ أنت-بصفتك كنت أحد القضاة-هل أمرت بالتحقيق في عمليات التعذيب التي وقعت للمتهمين الذين كنت تحاكمهم؟
حسين الشافعي:
أنا لم يذكر أمامي-قط-أن أحدًا قال في المحكمة التي حضرت فيها أنه عُذب،ربما في محاكم أخرى..
أحمد منصور(مقاطعًا):
حكمتم بالإعدام على سبعة،أُعدم ستة منهم،واستُثْنِي مرشد الإخوان لكبر سنه،بعض الذين أُعدموا لم يكن لهم علاقة من قريب أو بعيد بحادث(المنشية) مثل(عبد القادر عودة)الذي قيل أنه صدر عليه الحكم بالإعدام بسبب شعبيته الجارفة،حينما وقف في سرايا(عابدين)أمام(عبد الناصر)،واستطاع أن يصرف إحدى المظاهرات الكبرى التي كانت تحتج على بعض ممارسات ضباط الثورة؟
حسين الشافعي:
تعلم أن الذي يضع نفسه في موضع شبهة في ظروف ثورية،لابد أن يكون مستعدًّا أن يلقى شيئًا يتجاوز حدود الذي قام به،لأنه أن يقف في الشرفة إلى جانب(محمد نجيب)في المرحلة التي كانت فيها الأزمة،ويرفع عصًا عليها منديل مخضبٌ بالدماء في(عابدين)في استقبال المظاهرة التي كانت موجودة،هذا في حد ذاته عمل كبير جدًّا،يضع نفسه موضع شبهة،قد يكون الجزاء فيها استشعارًا لخطر هذا المظهر بالنسبة لردود فعله.
أحمد منصور:
(10/24)
أيْ بعد 45 عامًا من المحاكمة،أنت ترى أن(عبد القادر عودة)حُوكم-في هذه المحكمة-على موقفه الذي وقفه من قبل؟
حسين الشافعي:
على كل حال،المرء يقول أنه في الثورات يمكن أن تحدث أمور فيها تجاوزات،لأن تأمين الثورة يكون هدفًا رئيسيًّا،وهدفًا أساسيًّا،والذي يستشعر الخطر الحقيقي يستطيع تقدير هذه المعاني كلها،ثم أرجو من الله،إذا كان قد حدث تجاوز،فأنا أُبَرِّئ نفسي من أي ظلم.
أحمد منصور:
سعادة النائب،أنا أشكرك على هذه الكلمة،لكن-أيضًا-هناك شخصيتان ممن حُكم عليهم بالإعدام،كانا مطلوبين من البريطانيين بسبب بطولاتهم في حرب(فلسطين)،وفي المقاومة المسلحة في عام..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أنا لا أريد أن أشبه ثورتنا بالثورة الفرنسية،أو الثورة الشيوعية،أو أي ثورة قامت على وجه الأرض،ربما أنها كانت أرحم ثورة في تناول الأمور،لأنه كان المبدأ الأول من مبادئ الثورة هو القضاء على الاستعمار،وعلى أعوانه من الخونة من المصريين،ربما الخطأ الوحيد الذي قامت به الثورة هو أنها لم تضع هذا المبدأ موضع التنفيذ الحقيقي،لكيلا يعودوا مرة أخرى،ونرى الخيانة تتجسد مرة أخرى.
أحمد منصور:
إعدام(محمد فرغلي)و(يوسف طلعت)وكلاهما من أبطال حرب(فلسطين)ومن أبطال المقاومة ضد البريطانيين في المحكمة،إلى جوار(عبد القادر)..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
والله،أنا-على ما أذكر اليوم-مرّ..
أحمد منصور(مقاطعًا):
45 سنةً؟
حسين الشافعي:
45 سنةً على هذه الأحداث،كان هناك موضوع الحزام الناسف،الذي كان من المفترض أن يحتضن(جمال عبد الناصر)وهو قادم في القطار،هذا هو ما ثبت للمحكمة.
أحمد منصور:
هذه رواية الثورة عن الموضوع،لكن الروايات الأخرى كلها تناقض ذلك.
حسين الشافعي:
روايات مِنْ مَنْ؟أليس من الإخوان المسلمين؟!طبعًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من الإخوان،ومن غيرهم ممن وقفوا على الأحداث بعد ذلك..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/25)
لا بد أن يقولوا هذا،لأنهم-حتى-قبل أن تبدأ الثورة وهم يشككون فيها،ويتقولون عليها،فهذا أمر طبيعي،لأنهم يتصورون أننا أخذنا منهم شيئًا،ونحن لم نأخذ شيئًا،هم كانوا يتمنون الحكم،ثم جاءت الثورة بتصرفها الشجاع،والذي عرضت فيه نفسها للخطورة المحققة،هم اليوم يريدون أن يأخذوها جاهزة بدون تعرض للخطر،أول مبدأ في الإيمان هو تقديم الدليل على..(وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)إنما من يريدها مجانًا ،ن يصل لشيء.
أحمد منصور:
الآن-سعادتك-تستند للأسانيد الإيمانية في هذا الأمر،وهناك-أيضًا-بعض المراقبين أو المحللين-ربما يكونون من المستقلين-الذين يقولون أنه لم تحدث عملية قتل أصلاً،فكيف يُقْتَل ستة أفراد دون أن يكون هناك دم بدم،أو نفس بنفس؟
حسين الشافعي:
هذا رأيك،فأنت وما ترى.
أحمد منصور:
لا،أنا أسأل سعادتك،وليس رأيي أنا،أيْ-الآن-النفس بالنفس،و(عبد الناصر)لم يُقْتَل،وحكم بالإعدام على ستة،وأعدموا بالفعل في ظل مقياس النفس بالنفس،أنا نفسي أسمع شهادتك للتاريخ بنفس الوضوح الذي تتحدث به سعادتك،أنا أعرف أن هذا أمر قاسٍ،لكنْ أنا أكرر شكري لك على أنك قبلت أن تتحدث فيه،وفي نفس الوقت آمل أن تقول شهادتك فيه التي ستُسأل عنها أمام الله-سبحانه وتعالى؟
حسين الشافعي:
والله،نحن سنحاسب لا بواسطة(قناة الجزيرة)،إنما هو الله،هو الذي سيحاسبنا،وما حدث لظروف واعتبارات تضع مصلحة الوطن والبلد في الاعتبار الأول،و"اللي يشيل قربة مقطوعة،تخرّ على دماغه".
أحمد منصور:
أتعتقد أن هناك تجاوزات حدثت في هذه المحاكمات؟
حسين الشافعي:
(10/26)
لا توجد ثورة لا يحدث فيها تجاوزات،لكنْ المهم النوايا،النوايا-في النهاية-أنك تُثَبِّت الثورة،وتثبت أقدامها،لأن الأعداء الذين في الخارج لا يقل عنهم من هم في الداخل،وإذا لم تحمِ ثورتك،إذن لماذا قمت بالثورة؟كل الناس الذين تتكلم عليهم لم يكن لهم هدف إلا الوثوب على السلطة بأي صورة من الصور.
أحمد منصور:
يعني لا أدري-في هذه المرحلة-هل أستطيع أن أقول أن الفترة من 1952م،إلى 1954م،ملئت بالأخطاء من قبل الثوار؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لم يكن هناك أخطاء،إنما هي أخطاء في نظر أعداء الثورة،إنما بالنسبة للثورة العمل الذي كانت تقتضيه المصلحة لتثبيت أقدام الثورة.
أحمد منصور:
وقيمة الإنسان المصري الذي قامت الثورة من أجله؟
حسين الشافعي:
ماذا يعني هذا؟هذا كلام إنشائي،إنما الذي يقوم بالثورة إذا لم يكن قادرًا على حمايتها كان يجب ألا يقوم بها من البداية،وطبعًا يوجد أناس يتطلعون إلى الوثوب على السلطة بأي طريقة،وينتظرون.. هؤلاء الناس المجانين قاموا بالثورة،ونحن-بعد ذلك-نسرقها منهم بأيِّ طريقة،فإذا لم تكن منتبهًا للهدف ستضيع منك الثورة.
أحمد منصور:
هل أفهم من ذلك أن إستراتيجيتكم كانت واضحة للبقاء في السلطة؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ماذا تعني بالبقاء في السلطة؟!الذي يقوم بعمل لابد أن يحميه،السلطة لحماية شيء أكبر،أيُّ سلطة؟!!ماذا،إنها همٌّ ما بعده هم،ومشقة ما بعدها مشقة.
أحمد منصور:
لكنها نفوذ أيضًا.
حسين الشافعي:
نعم؟
أحمد منصور:
نفوذ وسيطرة.
حسين الشافعي:
والله،إذا كان الذي يريد أن يحكم يريد أن يتركها على عواهنها،بحيث أن كل من هب ودب يعتدي على الذي تعب بدعوى الديمقراطية،وبدعوى الحرية،وبدعوى..لا.
أحمد منصور:
لو طلبت منك أن تقيم لي الفترة من(1952م إلى 1954م)باعتبارها فترة التحولات الكثيرة التي وقعت في فترة الثورة،ما تقييمك لهذه المرحلة؟
حسين الشافعي:
(10/27)
هي مرحلة مخاض حتى يتم الميلاد الحقيقي للثورة،بأن تثبت وجودها،وتثبت فاعليتها.
أحمد منصور:
أيْ أنك تعتبر أن التواجد الحقيقي للثورة وقع بعدما استطاع الثوار التخلص من كل المناوئين لهم؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ليس أن يتخلصوا،على أن الناس تعرف أن هناك فلك واحد لابد أن تمشي فيه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
والذي لا يريد أن يسير في إطار هذا الفلك؟
حسين الشافعي:
إذن يعمل فلكًا جديدًا،ويصطدم،وإذا اصطدم لابد أن يتحمل مسئولية اصطدامه.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة نبدأ من حكومة(جمال عبد الناصر)التي عُيِّنْتَ فيها وزيرًا للحربية،اعتداء 1956م على(مصر)،انفصال(السودان)عن(مصر)-أيضًا-على أيدي الثوار،شكرًا-سعادة النائب-كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة-إن شاء الله-نواصل الاستماع إلى شهادة سعادة النائب(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية الأسبق في(مصر)،في النهاية أنقل لكم تحية فريق البرنامج،وهذا(أحمد منصور)يحييكم،والسلام عليكم ورحمة الله.(10/28)
الحلقة7(10/29)
الخميس 9/12/1422هـ الموافق 21/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 15:30(مكة المكرمة)،12:30(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصرى الأسبق
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
6/11/1999
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج(شاهد على العصر)حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق،مرحبًا-سعادة النائب.
حسين الشافعي:
أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور:
وقفنا في الحلقة الماضية عند انتهاء(محكمة الشعب)والقضاء على الإخوان-تقريبًا- من حيث التواجد السياسي،ومحاكمة مكتب الإرشاد،وكثير من أعضاء الجماعة،وقبلها تم التخلص-أيضًا-من كثير من معارضي الثورة،بما فيهم بعض الضباط الأحرار،في 17 أبريل 1954م.
لو رجعنا للوراء قليلاً،أعلن الرئيس(نجيب)استقالته الثانية؛ومن ثَمَّ-أيضًا-تم لكم التخلص من الرئيس(نجيب)الذي كان على رأس مجلس قيادة الثورة،ولكنكم كنتم تعتبرونه عائقًا أمامكم-كشباب-في تنفيذ طموحاتكم الثورية،وتم تشكيل أول حكومة بزعامة(جمال عبد الناصر)،وكنت أنت وزيرًا للحربية في هذه الحكومة،ما هي الأهداف الأساسية لحكومة(جمال عبد الناصر)الأولى التي شُكِّلت بعد استقالة(نجيب)الثانية في أبريل 1954م؟
حسين الشافعي:
يمكن أن تقول أن هذه الوزارة هي البداية الصحيحة للثورة-كوجود سياسي- بيدها مقاليد الأمر،في الأول كانت وزارة برئاسة(علي ماهر)ثم(محمد نجيب)،ولكن عندما تولى(جمال عبد الناصر)رئاسة الوزارة كانت هي الوزارة التي تكتمل فيها صورة الثورة بكل ما تعبر عنه هذه الثورة من أبعاد.
أحمد منصور:
كان هناك جدول أعمال،أو أهداف رئيسية وضعتموها،تختلف عن الأهداف التي وضعت حينما قام الضباط بحركتهم في 23 يوليو 1952م؟
حسين الشافعي:
(10/30)
طبيعي،لأن كل الأخطاء التي كانت في الوزارات السابقة عن وزارة(جمال عبد الناصر)كانت تلقي علينا مسئولية التصرف الخاطئ،ونكون نحن الملومين،وليس عندنا مطلق الحرية في التصرف،إنما لأول مرة يتوافق ويتواكب مطلق الحرية في التصرف،مع الإحساس بالمسئولية الثورية الكاملة.
أحمد منصور:
كثير من المؤرخين يصفون هذه الحكومة التي أسسها(جمال عبد الناصر)في أعقاب استقالة(نجيب)في أبريل 1954م،بأنها بداية عهد الدكتاتورية في(مصر)؟
حسين الشافعي:
أنا أُحيِّي هذه الدكتاتورية التي استطاعت-في هذه المرحلة-أن توقع اتفاقية الجلاء التي عجزت جميع الحكومات الحزبية السابقة-على مدى سبعين سنة-أن تحقق مثل هذا الإنجاز.
أحمد منصور:
لكن هذه الاتفاقية رفضت الحكومات طوال سبعين سنة توقيعها حتى لا تنفصل(السودان)عن(مصر)،وتصبح كما هي(مصر،والسودان)قطعةً واحدةً،لكن أنتم-كثوار-تنازلتم عن (السودان)في مقابل هذه الاتفاقية؟
حسين الشافعي:
لأول مرة نتكلم بلغة الواقع وليس بلغة الخيال،من يوم أن استخدم الإنجليز الجيش المصري لاستعادة(السودان)بعد مقتل(جوردون)وهذه كانت التكأة،هم الذين قتلوا(جوردون)كي يوجدوا سببًا للدخول في(السودان)بواسطة الجيش المصري،كي يكون لهم حق قانوني في(السودان)،طوال هذه الفترة لم يكن لنا وجود ولا فاعلية في(السودان).
ولا ننسى عندما قتل السير(لي استاك)،وهو المفتش العام للجيش المصري في سنة 1924م،وجدوها الفرصة المناسبة كي يقطعوا كل وجود مصري-على الإطلاق-من هذا التاريخ،فاليوم كان أبقى علينا أن يأخذ (السودان)استقلاله،وأخذ استقلاله،وحصل عنه جلاء قبل(مصر)،إذ كان الجلاء-عندنا كان-في 1956م،تم الجلاء.
(10/31)
وهذه كانت نقطة هامة جدًّا بالنسبة(للسودان)،لأن(السودان)جارتي وأهلي،وامتداد طبيعي(للسودان)في(مصر)و(مصر)في(السودان)وكون أن أقول ملك(مصر والسودان)وأنا ليس لي من هذا إلا مجرد الاسم؛أكون واقعيًّا،وأجعلها مستقلة،وتتحرر من الاحتلال الإنجليزي،عندي هذا أحرى وأفضل،وواقعي أكثر من أن أقول ملك(مصر والسودان)وأنا لا أملك فيها شيء.
أحمد منصور:
سعادة النائب،خبراء الاستراتيجية يقولون أن السودان هي الامتداد الاستراتيجي،والعمق الطبيعي(لمصر)،وتخلي الثوار عن(السودان)في(اتفاقية الجلاء)كان تمهيدًا لما هو عليه الوضع الآن.
حسين الشافعي:
لم يكن تخليًّا من(مصر)،ولكن استجابة لرغبة أهل(السودان)،(الأزهري)الذي كان زعيم حزب(الاتحاد)،والذي كان ينادي بالوحدة مع(مصر)عندما وجد الوضع فرصة كي يتم الجلاء ويكون حرًّا،انحاز إلى الاتجاه الذي يطالب بالاستقلال،ونحن شجعنا هذا،لماذا؟لأن(السودان)أينما تذهب فهي جارتنا مهما تغيرت الظروف.
الأشكال ليست الحقيقة،إنما عندما يكون الشعب-في النهاية- ليس فيه العنصر الأجنبي،فهذا هو المكسب الحقيقي،بعد هذا عندما أخذنا اتفاقية الجلاء،أصبحنا نحن و(السودان)ليس عندنا قوة الاحتلال،وبالتالي التاريخ والظروف والأوضاع ستؤدي إلى الالتقاء الحقيقي،ليس في ظل شعارات كاذبة،أو كلمات جوفاء لا تعبر عن الواقع.
أحمد منصور:
قضية(السودان)قضية حساسة،وتعتبر في نظر معارضي الثورة،أو منتقديها من الأخطاء التي ارتكبها الثوار في بداية عهدهم،وأنه-الآن-بعض الخلافات المصرية السودانية-ربما-تعود إلى هذا الخطأ،الذي يوصف على أنه خطأ من قبل معارضي الثورة في هذا الجانب،لكن-الآن-أنت أوضحت وجهة نظر الثوار في هذا الأمر.
حسين الشافعي:
(10/32)
المثل يقول لك"عدوك يتمنى لك الغلط،وحبيبك يمضغ لك الزلط"فنحن لم يكن لدينا شعار ملك(مصر والسودان)بالنسبة للوحدة مع(سوريا)،إنما كانت الوحدة مع(سوريا)تلقائية،فما بالك بنا-نحن-الجيران المباشرين على مدى آلاف السنين،وحدتنا سوف تكون تلقائية عندما تلتقي وتتحرك الإرادات..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الوحدة بين(مصر)و(سوريا)سنفرد لها حلقة في هذا الجانب،وإن كانت الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى وحدة بين(مصر)و(السودان)،تختلف كثيرًا عن الوحدة بين(مصر)و(سوريا)للعنصر الجغرافي،العنصر الجغرافي عنصر مهم ورئيسي،وعنصر امتداد الشعبين،وذوبانهم في بعضهم البعض.
حسين الشافعي:
أتعلم ماذا يمنع اتحاد الشعوب؟التدخل الأجنبي.
أحمد منصور(مقاطعًا):
والحكومات والأنظمة التي تحكم أيضًا.
حسين الشافعي:
التدخل الأجنبي،ويوم لا يكون للتدخل الأجنبي أساس،تأكد أن الوحدة ستكون طبيعية،وبدون جهد.
أحمد منصور:
أنتم-الآن،بعد القضاء على معارضي الثورة بشكل عام-بدأتم..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لماذا لا تضعها:عندما انتهيتم من تثبيت أقدام الثورة.
أحمد منصور:
سيادتك،ضعها كما تشاء،أنا أعبر عن الآخَرِين..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
كي تضع الكلام الذي يكون مقبولاً على النفس.
أحمد منصور:
لا زال..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
نحن لا نتخلص من أحد،نحن نثبت الثورة التي قمنا بها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنتم ثبتموها بالتخلص من الآخرين؟!..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
إذا كان الآخرون معارضين،ويُعتَبرون عقبة،لابد أن نتخلص منهم،وإلا لماذا قمت بثورة؟وتعرض نفسك للخطر؟
أحمد منصور(مقاطعًا):
كي تحافظ على الناس،وليس إبادتهم.
حسين الشافعي:
عندما تقوم بثورة،افعل ما تريد!
أحمد منصور:
(10/33)
تم حل مجلس قيادة الثورة في 25(يونيو)1956م،وأُعْلِنَ(جمال عبد الناصر)رئيسًا للجمهورية،وهذا-أيضًا-هل تراه..في الفترة من 1954م،إلى 25 يونيو 1956م،هل تمثل مرحلةً-أيضًا-في عمر الثوار وفي عمر الثورة؟
حسين الشافعي:
نعم،لأنه-في النهاية-كل الذي حدث في سنة 1954م،كان آخر محاولة لهز الثورة والاستيلاء عليها،وبدأت باستقالة(محمد نجيب)يوم 23 فبراير،وأنا في تقديري أن هذه الاستقالة كانت بإيعاز،وبدافع من المستشارين الذين ائتمنهم(محمد نجيب)،والذين كان من صالحهم أن يقضوا على الثورة،ويقولون تعود الديمقراطية،ويرجع حزب الوفد بكل ما يمثله،و..وإلى آخره،وكأنك لم تقم بثورة.
أحمد منصور:
في 26 يوليو 1956م،تم الإعلان عن تأميم(قناة السويس)،هل هذا القرار كان مدروسًا؟
حسين الشافعي:
الدراسات لتأميم القناة كانت منذ سنة 1954م،جاري الإعداد لها،ووضعنا جميع الاحتمالات،لكن الظرف هو الذي جعل هذه الدراسات يمكن وضعها موضع التنفيذ بعد هذا التحدي السافر عندما أتى(دالاس)وزير خارجية(أمريكا)،ورفض بطريقة فجة ومستفزة،وقال"نحن نسحب التمويل لأن(مصر)اقتصادياتها لا تمكنها من تحمل تكاليف بناء السد العالي"-طبعًا-شرف الأمة وكرامتها أكبر كثيرًا جدًّا من الأموال التي كانت ستقدمها(أمريكا)و(إنجلترا)والبنك الدولي،و..و..إلى آخره.
نحن قدمنا التمويل الخاص بنا وجهدنا،وتعرضنا للعدوان الثلاثي،كل هذا من أجل عدم المساس بكرامة البلد في الاعتبار الأول،ثم إن هذا مشروع حيوي اليوم،مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن القناة ستؤول بشكل قضائي إلى(مصر)في عام..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذا الكلام يقولونه..أتعلم بعد مرور سنة على 1956م،كانوا سيضعون مسمار (جحا)آخر.
أحمد منصور:
لماذا لم تنتظروا بدلاً من تعريض البلد للخطر والعدوان؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،هي لم تتعرض للخطر،بل بالعكس..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/34)
الذي وقع في 1956م؟
حسين الشافعي:
"ما ترك قوم الجهاد إلا ذُلُّوا"هذا أول خطاب(لأبي بكر)في الخلافة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن أنتم لم يكن لديكم أي استعداد للحرب والمواجهة في هذه المرحلة؟
حسين الشافعي:
من قال لك هذا؟
أحمد منصور:
الواقع هو الذي يقول ذلك.
حسين الشافعي:
كيف؟
أحمد منصور:
والهزيمة التي وقعت في 1956م؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
كيف خرج الإنجليز؟!
أحمد منصور:
لولا تدخل(الولايات المتحدة)ما خرجوا.
حسين الشافعي:
على العموم،ربنا سخر لك(الولايات المتحدة)لتكون في مقاومتها للإنجليز يحدث الجلاء..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن-أيضًا-أنتم لم تكونوا مستعدين،الجهاد له استعداد..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أتعرف؟..النتائج النهائية قدر من الله،كون الأمريكان موجودون؛فأنت تعرف أنه"يحط سم ده(هذا)في ده(هذا)،لكن في النهاية أنت الذي كسبت..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن-عفوًا سعادة النائب-هنا يقال أن الرئيس(عبد الناصر)كان يتخذ قرارات غير مدروسة تورط البلد في أشياء..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذا كلامكم.
أحمد منصور:
نحن مَنْ؟
حسين الشافعي:
أنا لا أعرف،كلام من يسأل السؤال.
أحمد منصور:
كلامهم،وهذا موجود.
حسين الشافعي:
ماذا تعني بقرارات غير مدروسة؟
أحمد منصور:
قرار تأميم قناة السويس.
حسين الشافعي:
أنا أعتبر أن هذا من أعظم القرارات التي صدرت في تاريخ الثورة كلها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
برغم أنه أدى إلى العدوان الثلاثي الذي وقعت فيه..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
فليحدث العدوان!هل أنت متوقع أنهم سيتركونك قمت بهذا العمل،أولم تقم،أتعرف الدول التي لا يعتدي عليها أحد؟هذا لأنها دول لا تتحرك وليس لها فاعلية،يوم أن يكون لها فاعلية سيحاربونها.
أحمد منصور:
هذا يعني أنكم الفاعلية التي كانت تحدث،والشعارات التي كانت تحدث،والتي حركت العالم ضد مصر-في هذه المرحلة-قبل أن يتم البناء..
(10/35)
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أتعرف أن هناك كتابًا(لمالك بن نبي)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
المفكر الجزائري؟
حسين الشافعي:
المفكر الجزائري يقول:نحن نلوم الاستعمار،إنما الذي يجب أن نلومه هو القابلية للاستعمار،وضرب مثلين،قال:(اليمن)مستقلة،ولكن في تقديره-في الكتاب-هي قابلة للاستعمار،بينما(ألمانيا)محتلة،ولكن غير قابلة للاستعمار،فالقابلية للاستعمار هي الأساس،والقابلية للاستعمار تأتي من أمرين:أننا-كمسلمين-تركنا منهج الإسلام،وأصبحنا مفككين،فأصبحنا قابلين للاختراق،نستغل ونستعمر،ويسيطر علينا،لأننا تركنا المنهج،وأصبحنا مفككين.
اذكر لي دولة من الدول التي"لا تهش ولا تنش"ولا تتحرك،ولا تكون مثل القذى في عين الاستعمار،ويقترب منها أحد أو يقول لها"ثلث الثلاثة كم"هم كالمياه الراكدة،أول حركة تحدث في تحريك واقع المنطقة العربية هي ثورة 23 يوليو،وهي عندما حركت الواقع،وطبعًا القوى الاستعمارية،وعملاؤها-في أي صورة من الصور-لا يرضيهم أن يخرج أحد عن النظام العالمي،الذي يسيطر على الكون بالقوة الجبرية وبقوة الاستعمار،أعطوا لك استقلالاً شكليًّا في كل البلاد،لكن الحقيقة أنه ليس استقلالاً..
أحمد منصور(مقاطعًا):
حتى-أيضًا-في(مصر)؟
حسين الشافعي:
(مصر)تجاهد،وتناضل على قدر ما تستطيع،الظروف التي هيأتها الثورة مختلفة عن الظروف التي انتهت إليها حرب 1973م،عندما فقدت إرادتها،(مصر)فقدت إرادتها بعد حرب 1973م،إنما سبعة وستين(1967م)على الرغم من أنها هزيمة،لكنها لم تفقد إرادتها؛بل كانت حافزًا كي تشحذ جميع القوى،وجميع الإمكانيات كي تستعد لما حدث في أول الحرب في 1973م.
أحمد منصور:
هل كنتم في عام 1956م،لديكم أي شكل من أشكال الاستعداد للدخول في مواجهة عسكرية؟
حسين الشافعي:
(10/36)
في 29 أكتوبر هجمت(إسرائيل)،يوم 30 جاءنا الإنذار الفرنسي البريطاني،اجتمعنا جميعًا-أعضاء مجلس الثورة-في القيادة المشتركة في(مصر الجديدة)وعُرِض الأمر،من الذي كان يستطيع في العهود السابقة أن يأتي له مثل هذا الإنذار ويرفضه؟لأننا لو قبلنا هذا الإنذار وسلمنا به،فلماذا قمنا بالثورة؟فرفضنا الإنذار.
يوم 31 بدءوا يضربون أهدافًا فوق(القاهرة)،وفي الإذاعة،وفي (أبو زعبل)،يوم أول(نوفمبر)بدأ الإنزال في(بور سعيد)،يوم 2من(نوفمبر)تحرك(جمال عبد الناصر)وكنت معه إلى(جامع الأزهر)،وقال خطبته الشهيرة،التي جعلت روح المقاومة موجودة،وتم توزيع 500.000 قطعة سلاح على المواطنين،والشعب بإصراره وثباته أمكن أن تبدأ بوادر فشل هذا الهجوم.
بعد هذا بدأت إدانة العدوان من قبل(الأمريكان والروس)،هم لم يدينوا العدوان حبًا في(مصر)أو حبًّا في العدالة،لا،لأنهم المنتصرون في الحرب،وهم-الإنجليز والفرنسيين-عملوا هذه العملية من تحت المنضدة بالتعاون مع(إسرائيل)،إنما لو كانت لحسابهم-طبعًا-كان الأمر اختلف..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كنتم تتوقعون هذه الحرب؟
حسين الشافعي:
نتوقع..؟
أحمد منصور:
حرب 1956م؟
حسين الشافعي:
كان كل هدفنا بعد الجلاء أن(إسرائيل)هي العدو الموجود،لكن أن(إنجلترا)و(فرنسا)تدخلان في المؤامرة مع(إسرائيل)فهذه لم تكن واردة،لكن الإنجليز-عندما وقعوا المعاهدة-إنهم سيتركون البلاد بعد 18 شهرًا،في 18 أغسطس سنة 1956م،كانوا مثل الذي خرج من الباب،وهو في ذهنه أن يعود من الشباك..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن أنتم لا تعتقدون أنكم أغرقتم البلد في حرب 1956م،وتسببتم في هزيمتها بسبب قرارات غير مدروسة كنتم تتخذونها لمجرد إثارة الشعب؟
حسين الشافعي:
أنت تقول غير مدروسة،إنما النتائج تقول كانت مدروسة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
النتائج..وجود هزيمة أُعْلِنَت على أنها نصر!
حسين الشافعي:
(10/37)
النتائج أنك حققت كرامة للبلد،أنها لا تضرب على قفاها،وواحد يقول بيانات على أن(مصر)لا تستطيع أن تسدد نفقات بناء(السد العالي)لماذا؟إذن سوف نأخذ(قناة السويس)،وبدخلها،ومدخراتنا،وبالتعاون مع أي طرف آخر بنينا(السد العالي)،وهذا كان علامة انتصار للكرامة،وانتصارًا لشرف الأمة،وهو أكبر من أي بناء آخر،هناك أناس يتحدثون عن أمور أخرى،وينسون هذه النقطة،شرف الأمة فوق كل اعتبار،ولو مات نصف الشعب،لكن شرفه لا يمس ولا يهان.
أحمد منصور:
23 ديسمبر 1956م،انسحبت(إنجلترا)و(فرنسا)وأعلنتم أنه انتصار،في الوقت الذي كانت حرب 1956م،بكل المعايير العسكرية هزيمة،ألا يعتبر هذا خداعًا للشعب؟
حسين الشافعي:
هل كنت تتصور أنه في المعايير العسكرية أي دولة من الدول العربية-مجتمعةً- تستطيع أن تقف أمام(إنجلترا،وفرنسا)؟
أحمد منصور:
إذن لماذا لم توضحوا الأمر للشعب بهذه الصورة؟
حسين الشافعي:
لأنك عندما تعتمد على الله فقد يصنع لك اعتبارًا أنت لا تفكر فيه،لأن(وما النصر إلا من عند الله)،(إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)،لو قمت بحسابات لها لم تكن لتتحرك،وأنت لو كنت حسبت أمورك،لما قمت بالثورة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
في هذه الفترة وما قبلها،سعيتم لعمل صفقة ما سمي(بالأسلحة التشيكية)؟
حسين الشافعي:
نعم؟!
أحمد منصور:
في هذه الفترة وقبلها قمتم بعمل ما سمي(الأسلحة التشيكية)من أجل إعادة بناء الجيش المصري،ما الذي دفعكم إلى التوجه إلى الكتلة الشرقية؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
الذي دفعنا أنه في سنة 1954م،بمجرد أن وقعنا(معاهدة الجلاء)وتم الاتفاق على أنهم سيرحلون قبل 18 شهرًا بشروط الاتفاقية كلها،مَنْ أول مَنْ تحرك؟(إسرائيل)تريد أن تخرجنا من خندقنا قبل الأوان،وتريد أن تستفزنا؛لأنها أداة الاستعمار في المنطقة؛فقامت بغارات جوية على(غزة)و(الصبحة)ومات فيها من مات،ماذا سنفعل؟
(10/38)
أرسلنا إلى(أمريكا)كي تعطي لنا سلاحًا ندافع به عن أنفسنا،فما كان ردها إلا مثلما رفضت(السد العالي)وتمويله،وقالت نعطيكم أسلحة للأمن الداخلي،أي أمن داخلي ونحن نضرب في الأمن الخارجي؟فهل نقف مكتوفي الأيدي؟وهل الأسلحة فقط عند(أمريكا)؟وهذا ما دفعنا إلى عمل صفقة الأسلحة مع(تشيكوسلوفاكيا)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
صحيح أن هذه الصفقة تمت بموافقة الأمريكان،وبترتيبات سرية معكم،وأن علاقتكم التي كانت معلنة على أنها ضد(الولايات المتحدة)أو ليس بينكم وبين(الولايات المتحدة)أي شكل من أشكال التنسيق،كان هذا مجرد شعارات،وكانت العلاقات السرية بين الثوار والأمريكان بدأت قبل-حتى-قبيل قيام الثورة؟
حسين الشافعي:
هذه معلومات جديدة لأول مرة أسمعها.
أحمد منصور:
منشورة في مئات الكتب؟!
حسين الشافعي:
كثيرًا ما يكذبون.
أحمد منصور:
ليس من المعقول أن نرمي كل هذا في الزبالة،سعادة النائب؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
نعم؟
أحمد منصور:
ليس من المعقول أن كل هذا يرمى في الزبالة،بالنسبة لعلاقة الثوار بالمخابرات الأمريكية،و(بالولايات المتحدة)في تلك الفترة؟!ألم تساهم(الولايات المتحدة)في تأسيس المخابرات العامة؟ألم تساهم(الولايات المتحدة)في ترتيب علاقات الثورة من البداية؟
حسين الشافعي:
على قدر علمي لا،كون أن الشرق والغرب اللذين انتصرا في الحرب ينسقان فيما بينهم الأدوار،هذا موضوع ثانٍ..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وأنتم أين؟أنتم أصحاب الثورة وأصحاب البلد،من المفترض أن يتم التنسيق معكم أيضًا،لم تكن لك أي علاقة بعملية التنسيق؟
حسين الشافعي:
أعداء الثورة يقولون هذا؟
أحمد منصور:
لم يكن أنت..-كشهادة منك-أنت لم يكن لك أي علاقة بعملية التنسيق؟
حسين الشافعي:
نحن طلبنا التسليح من(أمريكا)،فرفضت.
أحمد منصور:
(10/39)
من المعروف أنك كنت محل ثقة وسر الرئيس(عبد الناصر)،ألم يطلعك على أي شكل من أشكال العلاقة والترتيب بينكم وبين الأمريكان في تلك المرحلة؟
حسين الشافعي:
لا.
أحمد منصور:
كيف تحلل حرب 1956م-لو طلبت منك أن تحلل هذه التجربة بسلبياتها وإيجابياتها-ما هي أهم سلبياتها؟
حسين الشافعي:
أهم سلبياتها أنه كان هناك أخطاء عسكرية،وأنه كان لابد أن يحدث محاسبة عسكرية بعد المعركة،ولكن عندما تحقق النصر السياسي-للأسف-لم يعط فرصة لمثل هذا التحقيق،ونقطة أخرى:علاقة(جمال عبد الناصر)(بعبد الحكيم عامر)كانت من ضمن العوامل التي منعت مثل هذا التحقيق أن يتم،وأنا أعتبر أن هذا التحقيق كان من الأمور الأساسية لمصلحة المستقبل؛لأنه كانت هناك أخطاء عسكرية،كان لا بد أن المسئولين عنها يحاسبون عليها.
أحمد منصور:
صحيح أن أخطاء 1956م تكررت نفسها في 1967م،وربما بنفس القادة الذين أخطئوا؟
حسين الشافعي:
لأنه لم يحدث تغير في القيادات،وهذا من ضمن الأمور التي عانى منها(جمال عبد الناصر)في المراحل الأخيرة قبل 1967م،ويمكن 1967م كانت العملية الأخيرة التي مكنت من توحيد القيادة العسكرية مع القيادة السياسية لأول مرة،وانتهت فترة الصراع على السلطة،والنزاع بين السلطة العسكرية والسلطة السياسية..
أحمد منصور(مقاطعًا):
رغم أننا سوف نفرد جانبًا لمناقشة هذا الأمر،ولكن الصراع على السلطة العسكرية والسياسية بين(عبد الحكيم وعبد الناصر)بدأ في 1956م؟
حسين الشافعي:
(10/40)
لا،البذرة كانت في 1956م،1962م طلعت على السطح،1967م كانت الثمرة،في سنة 1962م-وهي السنة التالية للانفصال-(جمال عبد الناصر)أراد لأول مرة أن يضع موضوع القوات المسلحة،وتصاعد الأوضاع فيها بانفراد(عبد الحكيم)بالسلطة،أن وجد هذا فرصة مناسبة كي يضع(عبد الحكيم عامر)في حجمه-كعضو من أعضاء مجلس الثورة-فشكل(مجلس الرئاسة)،ووضع(عبد الحكيم عامر)ضمن المجلس،طبعًا هذا كان إجراءً شكليًّا؛لأنه مازال في خندق داخل القوات المسلحة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سنتناول هذا الأمر بالتفصيل؛لأن قضية الصراع ما بين(عبد الناصر)و(عبد الحكيم عامر)أنت أكثر الناس إلمامًا بها،وربما يكون المشير قد تناول السم أمامك في قضية انتحاره،وأنت شاهد عيان في هذا الأمر.
حسين الشافعي:
لا،الذي أثار الموضوع أنك تقول منذ متى بدأ..؟
أحمد منصور(مقاطعًا):
نحن الآن نقيم الأخطاء التي وقعت في 1956م،لاسيما من الجانب العسكري،وعملية التقييم لهذا الأمر،وسعادتك أشرت إلى أخطاء القادة العسكريين،إلى أنه لم يتم محاسبتهم،وهذا الذي أدى إلى تفاقم الأمور بعد ذلك،وهذا يوضح قضية العلاقة القائمة،أو كيف كانت تدار الدولة من قبل(عبد الناصر)،وكيف كان يتم التغاضي عن بعض الأخطاء التي وقعت في تلك المرحلة أليس كذلك؟
حسين الشافعي:
نعم..؟
أحمد منصور:
سعيتم إلى تكوين بعض الهيئات السياسية بعد استتباب الأمر من الناحية العسكرية،وأنشأتم ما يسمى(بالاتحاد القومي)في 28 مايو 1957م بزعامة(علي صبري)وهو كان نقلاً لتجربة(البرتغال)إلا أن هذه التجربة لم تستمر،ما هو تقيمك لتجربة(الاتحاد القومي)في ظل وجود(هيئة التحرير)التي أُسِّست بعد الثورة؟
حسين الشافعي:
لقد دخلت في أكثر من أمر لدرجة أن الواحد لا يعرف من أين يبدأ؟!على كل حال(الاتحاد القومي)كان تعبيرًا سياسيًّا عن الوحدة ما بين(مصر وسوريا)ولذلك سمي(الاتحاد القومي)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/41)
لم تكن الوحدة قامت بعد،كان هذا إرهاصًا قبلها؟كان عملية إرهاص لعملية الوحدة التي بدأت في 1958م؟
حسين الشافعي:
الكلام عن الوحدة..كان هناك محاولات وكلام،لكنه أخذ مجراه في سنة 1958م.
أحمد منصور:
لأننا-الآن-دخلنا على انتخابات(مجلس الأمة)التي وقعت في 22 يوليو 1957م، وجاء الرئيس(أنور السادات)رئيسًا(لمجلس الأمة)،وربما لعب(السادات)دورًا في ترتيب قضية الوحدة بين(مصر)و(سوريا)من خلال زيارة قام بها(لسوريا)ضمن وفد من مجلس الشعب المصري لزيارة(سوريا)،ورجع بفكرة الوحدة (لعبد الناصر)،هل هذا كان صحيحًا؟ الدور الذي لعبه(السادات)..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
1957م،كان(بغدادي)هو رئيس مجلس الشعب.
أحمد منصور:
(السادات)كان رئيس(مجلس الشعب)الذي انتخب في 22 يوليو 1957م؟
حسين الشافعي:
من المحتمل أنه كان وكيلاً للمجلس مع(بغدادي).
أحمد منصور:
ربما المصادر..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
جائز أنه ذهب في وفد برلماني في..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(سوريا)؟
حسين الشافعي:
(لسوريا).
أحمد منصور:
المقدمات التي وقعت للوحدة بين(مصر وسوريا)،والتي استمرت من 1958م إلى 1961م،وكانت تجربة مليئة بالسلبيات..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
بالسلبيات؟
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
على كل حال،الناس لا تتعلم إلا من التجربة،و-طبعًا-الأمة الإسلامية التي تفككت وتمزقت،لابد أن تكون هناك نقطة بداية للعودة للتماسك؛ولذلك نص (الميثاق)الذي صدر سنة 1961م-وخاصة في الباب التاسع-يقول بالنسبة للوحدة العربية ابتداءً من التعاون البسيط إلى الاندماج الشامل؛فهذه نماذج نرجو أن يكتب لها النجاح من واقع إرادات متحررة،إنما-طالما-الأمم العربية والإسلامية إرادتها لا نستطيع القول أنها متحررة إلا في نطاق محدود-وخصوصًا-بالنسبة للسياسة الخارجية-لا نستطيع القول أن إرادتها متحررة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/42)
هل اُسْتُدْرِج(عبد الناصر)بالفعل لعمل وحدة مع(سوريا)لإخراج(مصر)خارج أرضها،في الوقت الذي لم تكن الأمور قد استتبت فيها؟
حسين الشافعي:
هذا-طبعًا-احتمال وارد؛لأنه بعد النصر السياسي الذي جعل نجم(مصر)يرتفع إلى عنان السماء،واسم(جمال عبد الناصر)أصبح أسطورة،ليس في مجال الوطن العربي وحسب،بل في المجال العالمي،كيف أن دولة مثل(مصر)تتصدى للاستعمار الذي أتعب العالم ممثلاً في(إنجلترا)و(فرنسا)على مدى قرنين من الزمان،وحتى الناحية المعنوية كان هذا النصر السياسي عملية كبيرة جدًّا،فهل كانت القوى الاستعمارية تتقبل أن تترك هذا النجم المرتفع مستمرًّا؟
فمن يوم أن حدث الجلاء الثاني في 23 ديسمبر والقوى الاستعمارية لنا بالمرصاد،وبدأت التخطيط،وأنا في تقديري أنهم استغلوا هذه الشعبية الجارفة على نطاق الوطن العربي-في ارتباطها (بمصر)-بأن يؤيدوا موضوع الوحدة كي يخرجوا(مصر)من خندقها،وتوجه إليها طعنة قاتلة بانفصال لا تستطيع منعه،ولا تقف ضده.
أحمد منصور:
معنى هذا أن قرار الوحدة لم يكن قرارًا مدروسًا؟
حسين الشافعي:
لا،هو قرار مدروس،ولكن المتآمرين يسعون كل السعي،وهذا أمل أن تكون هناك وحدة،فكون أننا نستجيب للوحدة..أنا أذكر في الجلسات التي عقدت مع(سوريا)قالوا:إن لم تتم هذه الوحدة؛فالشيوعيون هم الذين سيسيطرون على (سوريا).
أحمد منصور:
ما هي الإرهاصات والجلسات التي سبقت الوحدة والتي شاركت فيها؟
حسين الشافعي:
في سنة 1958م؟
أحمد منصور:
كيف كانت الإرهاصات والعروض في قضية الوحدة؟كيف اقتنعتم بها وقررتم أن تدخلوا؟
حسين الشافعي:
(10/43)
في البداية أتت وفود من الضباط،ثم جاءت جميع الأحزاب بما فيهم(شكري القوتلي)الذي كان رئيس الدولة في هذا الوقت،وحدث كلام،وكان(جمال عبد الناصر)مترددًا إلى أقصى حد،وكان(عفيف البذري)من الضباط يمثل الحزب الشيوعي بقيادة(خالد بكداش)كان موجودًا في هذه الاجتماعات،وانتهى الأمر رضوخًا وخضوعًا لهذا التيار الموجود،خوفًا من الذي قاله السوريون،من أنه إذا لم تقم الوحدة-اليوم-فالشيوعيون هم الذين سيسيطرون على(سوريا).
أحمد منصور:
لكن-أيضًا-عملية الاستدراج هنا واضحة،عدم الدراسة..غير متوفرة،قرار الرئيس(عبد الناصر)قرار عاطفي،وليس قرارًا مدروسًا،وليس هناك أسس للوحدة سوى تحقيق مطلب ليس له أسس،وهذا الذي أدى لانهيار الوحدة؟
حسين الشافعي:
هذا من ضمن الدروس التي نتعلمها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كلها دروس؟
حسين الشافعي:
إذن متى تتعلم؟!لا بد من دروس،ولابد أن يخوض التجربة واحد،كي تتم فائدة الدرس..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن هذه كلها أخطاء-سعادة النائب..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أخطاء في نظرك،لكن هذه الأخطاء هي التي تبني الأمم،الأخطاء هي التي تبني..
أحمد منصور(مقاطعًا):
تكلمت عن وجود مؤامرة،من الذي كان يقف وراء هذه المؤامرة لدفع(مصر) للخروج من على أرضها،في وقت لم تكن قد ثبتت فيه أقدامها بعد؟
حسين الشافعي:
طبعًا الاستعمار بعملائه أيًّا كان هؤلاء العملاء..
أحمد منصور(مقاطعًا):
العملاء موجودون في الداخل؟
حسين الشافعي:
في كل مكان،وفي كل بلد عربي هناك عملاء..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وموجودون قرب السلطة،أو فيها؟
حسين الشافعي:
نعم،أنا لا أريد أن أقول أكثر من هذا،وأنت تعرف.
أحمد منصور:
أنتم في هذه المرحلة..كنت تدرك العملاء الموجودين أو كان(عبد الناصر)يعرف؟
حسين الشافعي:
هؤلاء العملاء إذا كشفوا قبل الأوان،يكون الذي يستعملهم(حمارًا)لا بد أن يكون مختفيًا إلى أقصى حد،وإذا كشف يكون ورقة محروقة.
(10/44)
أحمد منصور:
كيف تم استدراج(مصر)إلى قضية الوحدة؟
حسين الشافعي:
هم استغلوا سمعة(مصر)بعد الجلاء كي تتم عملية الوحدة،الذين قاموا بالوحدة كانوا متفقين في نفس الوقت على الانفصال..
أحمد منصور(مقاطعًا):
في نفس الوقت؟!
حسين الشافعي:
ممكن،لأن(مصر)-دائمًا-هي المستهدفة،(فمصر)تلقت طعنة بضربة بدون مناسبة،أخرجوها من خندقها،وصوبوا إليها إصابة دفعت ثمنها من صحة(جمال عبد الناصر)،ومن اعتبار الثورة،لأن هذه أول طعنة تطعن فيها الثورة هي الانفصال..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ألم تأت فرصة(لعبد الناصر)ليتخلص من(عبد الحكيم عامر)حينما أرسله ليكون في..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هو أراد أن يستفيد من هذه العملية بأن يضع(عبد الحكيم)في حجمه،وعندما كنت سأتحدث في الموضوع،قلت لي سوف نتحدث عن هذا الموضوع،هذا سوف نذكره عند الحديث عن عملية الوحدة.
أحمد منصور:
كان هناك خلاف شديد بين(عبد الحكيم)والسوريين،ولم يكن(عبد الناصر)يحسم الأمر،كان يتحيز دائمًا إلى(عبد الحكيم)هل هذا صحيح؟
حسين الشافعي:
لا أفهم.
أحمد منصور:
كان هناك صراع بين(عبد الحكيم عامر)وبين السوريين،وخلافات أن(عبد الحكيم عامر)لم يكن يفهم طبيعة الشعب السوري ولا طبيعة السوريين،وهذا أدى إلى صراعات دائمة أثناء وجوده هناك،لا سيما مع مسئولي المخابرات؟
حسين الشافعي:
هذه هي المبررات الظاهرية التي تقال في هذا الشأن،إنما واقع الأمر أن الذي عمل الوحدة عمل الانفصال للإضرار(بمصر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لو سألتك عن الأسباب التي أدت إلى الانفصال بين(مصر)و(سوريا)في عام 1961م،بعد ثلاث سنوات من الوحدة التي كانت مليئة بالمشاكل؟
حسين الشافعي:
(10/45)
الآن ثبت أنه لا يمكن عمل وحدة إلا إذا كانت هناك وحدة في النظم،في النظام المالي،في الضرائب،في القوانين العمالية،بحيث تكون ركائز الوحدة كلها متوفرة قبل حدوث الوحدة،ونحن نرى الوحدة الأوروبية لها شروط محددة،أساسها توافق هذه الأنظمة،وأخذت وقتًا كبيرًا إلى أن صنعوا عملةً موحدةً جديدةً،ومازالت تجربة وبداية لا أحد يعرف النتائج النهائية؛لكن السعي لابد أن يكون مستمرًّا،ولا يحدث يأس من أول تجربة تتعرض لها العملية،ولذلك التجربة الثانية-التي أعتبرها لم توضع موضع التنفيذ-هي محاولة إقامة دولة(اتحاد الجمهوريات العربية المتحدة)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سنعود لها عام 1971م..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذه سنة 1971م..
أحمد منصور(مقاطعٌا):
سنأتي لها في حينها؛ولكن من يتحمل مسئولية الانفصال بين(مصر)و(سوريا)لو أنت تدلي بشهادتك-تاريخيًّا-من الذي يتحمل المسئولية؟كأفراد موجودين في السلطة في كلا الطرفين؟
حسين الشافعي:
الذي يتحمل هذه المسئولية التآمر الخارجي الأقوى من الأوضاع التي قامت عليها الوحدة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وأعوان التآمر؟
حسين الشافعي:
وأعوان الاستعمار طبعًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الموجودون داخل السلطة؟
حسين الشافعي:
في كل مكان موجودون.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أبدأ معك بعد الانهيار الذي وقع في 1962م،وطبيعة العلاقة بين(عبد الناصر)وبين(المشير)في تلك المرحلة،وانزلاق(مصر)إلى خطر آخر بعد خروجها من قضية(سوريا)،وهو حرب(اليمن)،أشكرك سعادة النائب.
حسين الشافعي:
العفو،شكرًا.
أحمد منصور:
كما أشكركم-مشاهدينا الكرام-على حسن متابعتكم،في الحلقة القادمة-إن شاء الله-نواصل الاستماع إلى شهادة سعادة النائب(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق،في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج،وهذا(أحمد منصور)يحييكم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/46)
الحلقة8(10/47)
الخميس 9/12/1422هـ الموافق 21/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 15:31(مكة المكرمة)،12:31(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصرى الأسبق
الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
13/11/1999
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج(شاهد على العصر)حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق،مرحبًا سيادة النائب.
حسين الشافعي:
أهلاً.
أحمد منصور:
سعادة النائب،في الحلقة الماضية توقفنا عند انهيار الوحدة بين(مصر)و(سوريا)في
عام 1961م،وقُبيل انهيار الوحدة صدر قرار جمهوري بتعيينك نائبًا لرئيس الجمهورية،أنت والسيد(زكريا محي الدين)،ما هي الاختصاصات التي وُكِّلْتَ بها -كنائب لرئيس الجمهورية-في ذلك الوقت،وأسباب ودواعي(عبد الناصر)في اختياره لك،وللسيد(زكريا محيي الدين)؟
حسين الشافعي:
في واقع الأمر عام 1962م عامٌ يقف أمامه التاريخ وقفه كبيرةً جدًّا؛لأن هذا العام هو العام التالي لصدور الميثاق في 1961م في 21 مايو،وتعيين كل من
السيد(زكريا محي الدين)و(حسين الشافعي)نائبين لرئيس الجمهورية،كان
قبل ذلك يوجد اثنان من النواب الآخرين هما
(عبد اللطيف البغدادي)و(عبد الحكيم عامر).
التكليف الذي كان يلقي على عاتق كل منا:السيد(زكريا محي الدين)كان من ضمن مسئولياته الإشراف على مؤسسات الإنتاج،و(حسين الشافعي)من مسئولياته الإشراف على مؤسسات الخدمات،و-طبعًا-بالإضافة إلى المشاركة في كل ما يرتبط بالرئاسة بصفته نائب رئيس الجمهورية،في عام 1962م الذي هو عام الانفصال..
أحمد منصور(مقاطعًا):
عام 1961م،هو عام الانفصال.
حسين الشافعي:
(10/48)
عام 1961م،في 28 سبتمبر كان عام الانفصال،والذي يجعلني أقول 1962م؛لأن في هذا العام حدثت أحداث لها أهمية خاصة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الآن نحن في عام 1962م،الذي هو عام التغيرات الكبرى التي حدثت في تلك الحقبة،بعد التغيرات التي-ربما-وقعت بعد 1956م؟
حسين الشافعي:
مجرد ما حدث الانفصال-طبعًا-كان التركيز كله على أن من ضمن أسباب الانفصال شخص(عبد الحكيم عامر)،ومن أجل هذا-في هذا الوقت-لعل
(عبد الناصر)استشعر-بوضوح-أن انفراد(عبد الحكيم عامر)بالسلطة-داخل القوات المسلحة-أصبح يشكِّل وضعًا لا أقول خطرًا،إنما وضعٌ غير مريح،وغير
منطقي،وغير سليم.
أحمد منصور:
بعد عودة(عبد الحكيم عامر)مطرودًا في 26 سبتمبر 1961م-بعد انهيار الوحدة-بعد عودته إلى مصر بدأت العلاقة بينه وبين(عبد الناصر)تأخذ شكلاً من أشكال التوتر في تلك المرحلة،وأنت كنت شاهدًا على ما حدث فيها،ونائبًا لرئيس الجمهورية؟!
حسين الشافعي:
بعد الانفصال(جمال عبد الناصر)أراد أن يضع(عبد الحكيم)في حجمه،بحيث أنه لا يتجاوز حدوده داخل القوات المسلحة،ولا يكون منفردًا بالسلطة بالنسبة للانتدابات،والترقيات،وخصوصًا في الرتب الرئيسية،والتي تبدأ من(قائد كتيبة)إلى من فوقه،وكذلك رتبة(عقيد)ومن فوقه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لم يكن(لعبد الناصر)أي سلطة في إصدار ترقيات لهؤلاء؟
حسين الشافعي:
كانت المؤسسة العسكرية تريد إبعاد الجميع..
أحمد منصور(مقاطعًا):
بما فيهم رئيس الدولة؟!
حسين الشافعي:
أعضاء مجلس الثورة بما فيهم على قدر ما يستطيعون أن لا يكون هناك تشجيع لهذا التواجد بالقدر الكافي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ابتداءً من رتبة(مقدم)نستطيع أن تقول إلى(لواء)لم..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أنا لم أكمل بعد،فتم تشكيل(مجلس الرئاسة)وكان الهدف من تشكيله أولاً..
أحمد منصور(مقاطعًا):
متى أسس سيادة النائب؟
حسين الشافعي:
سنة 1961م.
أحمد منصور:
بعد الميثاق.
(10/49)
حسين الشافعي:
نعم،وكان المقصود به احتواء عملية الانفصال،ووضع(عبد الحكيم)في حجمه ووضعه-كعضو في(مجلس الرئاسة)-شأن باقي الأعضاء..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من هم أعضاء(مجلس الرئاسة)؟
حسين الشافعي:
هم أعضاء مجلس الثورة القدماء،ويمكن أن أضيف إليهم اثنين من
العسكريين،وأربعة من المدنيين.
أحمد منصور:
هل تتذكرهم؟
حسين الشافعي:
الاثنان العسكريان كانا(علي صبري)و(كمال رفعت)،أما المدنيون كانوا(المهندس الشرباصي)،(د.نور الدين طراف)و(كمال رمزي السينو)و(د.محمود فوزي).
أحمد منصور:
هؤلاء من الوزراء الذين-تقريبًا-بدءوا من الخمسينات في حكومات
(جمال عبد الناصر)المتعاقبة!
حسين الشافعي:
بالضبط هكذا.
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
حدثت جلسة تقدم فيها(جمال عبد الناصر)بمشروع قانون للخدمة والترقي في داخل القوات المسلحة،وكان هدفه الأساسي أن يحدَّ من سلطة(عبد الحكيم)داخل القوات المسلحة،وأُخِذَت بعض الإجراءات الشكلية مثل تغيير اسم القائد العام إلى اسم نائب القائد الأعلى،وهذا لا يغير من الأمر شيئًا طالما أنه متخندق داخل القوات المسلحة،كذلك-أيضًا-غير تغيير الاسم،أنه أصبح عضوًا مع باقي أعضاء مجلس الرئاسة.
أمَّا الإجراء الموضوعي فهو مشروع القانون الذي تقدم به للمجلس
(جمال عبد الناصر)،وهذا المشروع كان-فعلاً-يجعل مسئولية تعيين القيادات العليا يُرْجَع فيه إلى(مجلس الرئاسة)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وليس إلى(عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
وليس إلى(عبد الحكيم عامر)وحده.
أحمد منصور:
يرجع لمجلس الرئاسة كله،وليس لشخصية(عبد الناصر)..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
مجلس الرئاسة هو مجلس كي يتخذ الرئيس قراراته بعدما يدرس المجلس هذه النقاط التي تحول إليه.
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
(10/50)
هذه الجلسة كانت هامة جدًّا؛لأنها فتحت المناقشة،وطبعًا ظهر الحماس الطبيعي لمصلحة البلد لهذا القانون؛لأن هذا كان من المفروض أن يحدث من سنة 1956م عندما شعر(عبد الحكيم)أن هناك حماسًا في هذا الاتجاه،تأثر،وتصور أن أعضاء المجلس كانوا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يتآمرون عليه؟
حسين الشافعي:
يقصدون أن يقللوا من سلطته،ولكن الحقيقة هي المصلحة العامة،لأن اختيار القيادات من الأمور الهامة جدًّا،فما كان منه بعدما اقترح أحد الأعضاء-كي لا تصل العملية إلى أزمة-أن نؤجل النظر في الموضوع..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ماذا كان رده؟-عفوًا-صف لنا الأجواء التي كان فيها النقاش.
حسين الشافعي:
عندما طلب التأجيل،كل الأعضاء قالوا:لا،المشروع مقدم من الرئيس،والموضوع فُتِح للمناقشة،وإذا كان هناك من يريد التأجيل نأخذ الأصوات على من يريد التأجيل ومن لا يريد،وأخذت الأصوات،فكان هناك سبعة أصوات ضد التأجيل،وخمسة أصوات مع التأجيل،وبذلك الاقتراح سقط،مما اعتبره-(عبد الحكيم)-أن هذه طعنة موجهة إلى شخصه،فترك الجلسة،واعتصم في منزله،وعمل أزمة،وطبعًا كانت أزمة شديدة جدًّا،و(جمال عبد الناصر)تأثر منها.
بعد الجلسة ذهبنا إلى(جمال عبد الناصر)وأخبرناه بالذي حدث في الجلسة،فأخذ يحسب ويقدر الموقف،لدرجة أنه أخذ يقول من في داخل الجيش مع(عبد الحكيم)ومن مع(جمال عبد الناصر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
إلى هذه الدرجة!
حسين الشافعي:
وهذا كان تقديرًا مبالغًا فيه بالنسبة للموقف،أنا عندما وجدته لا يستطيع أن يأخذ قرار بعد ثلاث أو أربع ساعات..هو كان يتكلم كشخص يدور حول نفسه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أيْ أن(عبد الناصر)كان في مأزق نفسي؟
حسين الشافعي:
أنا أحسست بقلق شديد لدرجة أني رجعت-وعلى هذا المكتب-أمسكت ورقة،وجعلت السائق ينتظر حتى يوصل الخطاب(لجمال عبد الناصر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ماذا كتبت فيه؟
حسين الشافعي:
(10/51)
الخطاب!للأسف أني لا أحتفظ منه بنسخة،ولكن هو مطبوع في الذاكرة بشكل لا توجد فيه كلمة زائدة ولا كلمة ناقصة،ومن الملابسات أن هذا الخطاب وُجد في الخزانة عند فتحها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
خزانة(جمال عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
نعم،فالجواب كان فيه(لقد أزعجني وأقلقني أن أرى(جمال عبد الناصر)وهو لا يستطيع أن يتخذ القرار،وقد تعودت أن أراه القادر على اتخاذ القرار،وتساءلت لماذا لا يستطيع(جمال عبد الناصر)أن يتخذ القرار؟وكانت الإجابة أن(جمال عبد الناصر)لا يستطيع أن يتخذ قرارًا ضد نفسه،على أنه يتصور أنه هو و(عبد الحكيم عامر)شيء واحد،وحقيقة الأمر(أن عبد الحكيم عامر)شيء،و(جمال عبد الناصر)شيء آخر،وإن لم تتخذ القرار فستدفع البلاد ثمنًا غاليًا وستندم.
وأنا لا أستعديك على(عبد الحكيم عامر)،وأنا أعرف مدى ما يربطك به أخويًّا وعاطفيا،ولكن مصلحة البلاد فوق كل اعتبار،وفوق كل شخص،وينبغي أن تعلم أن الجيش معك،والشعب معك،ومجلس الرئاسة معك).
وفي أخر الخطاب،هو كان يشير إلى جرح في ساعده الأيمن فيقول:إن عبد الحكيم جرحني،ومثل هذا الجرح أثره لا يزول،أيضًا جرح(عبد الحكيم)لا يمكن أثره يزول،فقلت له:الذي أنت تستشهد به من رحمة الله،إن الجرح يترك أثرًا كي يتنبه-عندما يراه-إلى عدم الوقوع في نفس السبب الذي أوجد هذا الجرح،وأرسلت له هذا الخطاب في حدود الساعة 1,30..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ليلاً؟
حسين الشافعي:
ليلاً بعد أن أوصلتني العربة،ذهب وأوصل الخطاب..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل تذكر تاريخه؟
حسين الشافعي:
لن يكون إلا في..،يعني بعد الانفصال أكيد.
أحمد منصور:
نستطيع القول أنه سبتمبر 1961م.
حسين الشافعي:
نعم.
أحمد منصور:
بعد سبتمبر 1961م،من المحتمل أن يكون في أكتوبر..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
قد يكون في هذا الوقت.
أحمد منصور:
من الممكن أن نعتبر هذا..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/52)
من المحتمل أن يكون في أوائل 1962م.
أحمد منصور:
هذا الخطاب أو هذه الرسالة-الآن-تعد وثيقة خطيرة لبيان مرحلة خطيرة في تاريخ مصر الحديث،وفي تاريخ الثورة؟
حسين الشافعي:
هذا صحيح،وأنا في مذكراتي أقول إذا كانت 1962م بذرة،في 1967م كانت ثمرة.
أحمد منصور:
هذا أمر خطير جدًّا..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
نعم؟
أحمد منصور:
شيء خطير جدًّا أن الخلاف بين(عبد الناصر)و(عبد الحكيم)يمكن أن يكون أو يصل إلى هذه الدرجة..أن يكون بذرة أساسية لهزيمة 1967م..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
عندما نريد أن نتكلم عن الأسباب الحقيقية وراء ما حدث 1967م،والذي تم استغلاله من القوى المتآمرة،ومن القوى التي في تصوري أنها لها دور في توافق الأعمال في الداخل،مع التآمر الخارجي،وهذا الذي جعلني في 1972م،أني في(جامعة أسيوط)أقول:(إن ما حدث في 1967م كان خيانة،وكانت مؤامرة اتفقت فيها الأطراف،واستدرج فيها من استدرج،وجاز الأمر على السذج لكي نعيش النتيجة)هناك أناس يسألونني من الذي خان؟أقول لهم:لا،أنا رأيت ظواهر الخيانة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا سأبحث معك هذا الأمر في..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ظواهر الخيانة رأيتها في مطار(فايد)عندما كنت مع الفريق(طاهر يحيى)رئيس الوزراء في يوم العدوان 5 يونيو..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سيادة النائب،اسمح لي أنا لا أريد أن نتجاوز المرحلة،لأن 5 يونيو سوف نتكلم عنها تفصيليًّا،لأنك-من أول لحظة إلى أخر لحظة-كنت من شهودها المميزين،أنا-الآن-في بداية الصراع بين(عبد الحكيم عامر)و(جمال عبد الناصر)وتفجُّره في عام 1962م بعد الانفصال بين(مصر)و(سوريا)،هل من الممكن أن نعرف ما هي الأطراف التي كانت تدعم(عبد الحكيم)وتدفعه إلى أن يتبنى هذا الأمر،والأطراف التي كانت تقف إلى جوار(عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
(10/53)
أنا عندما قلت كلمة خيانة،طبعًا هذه كلمة كبيرة جدًّا،والناس سألتني من الذي خان؟أقول لهم:لا أستطيع القول،أنا رأيت ظواهر الخيانة،ولكن هذا يتطلب إعادة فتح ملفات 1967م بالكامل كي نعرف أبعاد الخيانة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن أنت تعتبر أبعاد 1967م بدأت في 1962م؟
حسين الشافعي:
بالتأكيد.
أحمد منصور:
وبدايتها كان الصراع،أو انهيار الوحدة بين(مصر)و(سوريا)،والصراع بين(عبد الحكيم)و(عبد الناصر)بشكل مكشوف أمام أعضاء مجلس قيادة الثورة؟
حسين الشافعي:
وطبعًا في الجانب الآخر بالنسبة للناس الذين يؤذيهم جدًّا،أن الثورة تثبت أقدامها وتنجح،وهم لها بالمرصاد،وهم أعدائنا التقليديون،أنا عندما أقول المؤامرة بين الأطراف،أقصد القوى الكبرى؛لأن المرحلة التي فيها الصراع والسباق من يكون له موطئ قدم في(مصر)كمكان أساسي في المنطقة،طبعًا في النهاية هما الاثنان يريان أنهما هما اللذان سيخسران،وهذا يدعوهما إلى تأكيد الوفاق بينهما،وينسقان العمل،بحيث أن يكون الهدف الأساسي إسقاط النظام الذي يقف لهما مثل(العقلة في الزور).
أحمد منصور:
هل هؤلاء كان لهم امتداد داخل البلد يشجعهم على ذلك،وأناس قريبون من سدة الحكم أو السلطة يدفعون القرارات ويدفعون الأمور في اتجاه يخدم مصالح أعداء الثورة؟
حسين الشافعي:
مثلاً في استقالة(عبد الحكيم عامر)سنة 1962م..
أحمد منصور(مقاطعًا):
التي طبعت،ووزعت على نطاق واسع؟!
حسين الشافعي:
(10/54)
التي كانت من ضمن الأشياء التي طبع منها آلاف النسخ بهدف توزيعها،كما لو كانت منشورًا ينادي بالديمقراطية،مثلما أقول لك:إن الديمقراطية تستخدم من كل فرد يريد أن يبرر موقفه للوثوب إلى السلطة،لأن-في النهاية-الصراع سينتهي إلى ماذا؟كل واحد،يعني لا بد من نهاية الصراع،وهناك أناس مستفيدون من هذا الصراع،بالنسبة للقوى الكبرى،وخاصة(أمريكا)،ولماذا(أمريكا)؟لأن بمجرد ما حدث الجلاء للمرة الثانية في سنة 1956م،وبالتحديد في 23 ديسمبر،ظهر علينا مبدأ(أيزنهاور)لملء الفراغ،أي(إنجلترا)مشت،فلابد أن تحل(أمريكا)محلها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وحلَّت؟
حسين الشافعي:
هذا له قصة في الخيانة،وهذا موضوع طويل.
أحمد منصور:
نريد أن نعرف جزءًا منها-الآن-طالما فتح الأمر؟
حسين الشافعي:
كل شيء في وقته،يعني على قدر الأسئلة التي تسألها.
أحمد منصور:
لو رجعت إلى الصراع ما بين(عبد الحكيم)و(عبد الناصر)،ما هي طبيعة العلاقة الخاصة التي منعت(عبد الناصر)من أن يتخذ قرارًا حاسمًا لتحديد سلطات(عبد الحكيم عامر)وصلاحياته في 1962م؟
حسين الشافعي:
هذا سؤال هام،ويدور في جميع الأذهان،أنا عندما أقول(وإن لم تتخذ هذا القرار فستدفع البلاد ثمنًا غاليًا،وستندم)وكما لو كنت أقرأ كتابًا مفتوحًا،طبعًا القوى المعادية،قيام ثورة في(مصر)عمل يتجاوز احتمالها،لكن أتعلم المثل الذي يقول(يحفر البئر بإبرة)،طبعًا بعد اسم(جمال عبد الناصر)،واسم ثورة(مصر)بعد 1956م،ارتفع إلى أقصى حد،طبعًا،لن يتركونا،ولابد أن يكون التركيز مضاعفًا،ولذلك-فورًا-في 26 سبتمبر 1962م،أي السنة التالية مباشرة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وفي نفس اليوم-تقريبًا-وقعت ثورة..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/55)
قبلها بيومين،حتى تُهَيَّأ النفوس لقبول شيء يغطي عملية الانفصال،فقامت ثورة(اليمن)،ونحن كنا نؤيد جميع الأعمال الثورية والتقدمية،لأن جميع البلاد العربية محتاجة إلى تحريك واقعها،كي تكون على المستوى الدولي في مجال التقدم،لأن البقاء تحت الاستعمار-كل السنوات الطويلة هذه-أوجد نوعًا من السلبية،ونوعًا من عدم المبالاة،وعدم الحركة.
أحمد منصور:
عندما قامت الوحدة بين(مصر)و(سوريا)أنت اعتبرت أن هذا بداية انزلاق لجر أرجل(مصر)خارج حدودها،ومن ثم إضعاف بناءها الداخلي،وتمكين أعداء الثورة من الانقضاض عليها وإضعافها،أليس أيضًا خروج(مصر)إلى(اليمن)بعد عام واحد من انهيار الوحدة بين(مصر)و(سوريا)يعتبر تكرارًا لخطأ وقع قبل ذلك من تدخل في شأن دولة عربية أخرى؟
حسين الشافعي:
نحن اليوم في سنة 1999،ورأينا السيناريو عندما اكتمل،لكن في 1962م،لم تكن تستطيع أن ترى هذا،بل-بالعكس-كنت ترى فيها أملاً،مثل الجموع الغفيرة في(سوريا)أيدت الوحدة شعبيًّا إلى أقصى حد يمكن أن تتصوره،كذلك نحن كنا نتطلع إلى الأمل،إنما لا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لا توجد عوامل..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا تدرك عوامل التآمر،إلا بعد أن يأخذ التآمر مجراه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سعادة النائب،ممكن رجل بسيط يتحدث بهذا؟ أما أناس في موقع سلطة،ولديهم إمكانات،ولديهم قوة،ولديهم مستشارون،ولديهم دراسات،هل يمكن أن ينجح هذا الأمر،أو لا؟فاسمح لي،هذا الكلام غير مقبول منهم،لكن يمكن أن رجلاً يتعاطف مع مظاهرات،أو مع كذا،ويقول إن هناك أملاً..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
تقبل هذا الكلام أو لا تقبله،أنا الذي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لست أنا الذي يقول هذا الكلام..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/56)
عملية القبول على الحكم-اليوم-بعد أن أصبحت الصورة مكتملة،الواحد من الممكن أن يتفلسف فلسفة لا أول لها ولا آخر،إنما في ساعة ما تحدث الأحداث تربطك بها أماني،لأن هذه الوحدة لا شك أنها أمل نترقبه،ونتطلع إليه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أليس لها عوامل من المفروض أن تتوفر،وهي لم تكن متوفرة؟
حسين الشافعي:
مثلاً(صلاح الدين الأيوبي)عندما عمل الذي قام به،أكان يتوقع أنه سيحقق الانتصار؟ولكن..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ولكنه أخذ بعوامل النصر.
حسين الشافعي:
نعم؟
أحمد منصور:
أخذ بعوامل النصر وأسبابه،فتحقق له.
حسين الشافعي:
لا،ليس عوامل النصر؛بل الإذن الإلهي قبل كل شيء يأتي فيه الاختيار،ويأتي فيه التوفيق،ويأتي فيه التيسير..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وهناك(وأعدُّوا)،وهناك(وأعدُّوا).
حسين الشافعي:
مثلاً حدث الثورة ما كان له النجاح،ومن أجل ذلك أنا أقول:إنه حدث كوني،الله يهيئ له الظروف،ولا تعرف كل الذي يحدث اليوم تهيئة لقدر نحن لا نعلمه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الذي يحدث في 1999م،الآن؟
حسين الشافعي:
كل الذي يحدث بما فيه من نكسات،وبما فيه من تجارب،وبما فيه من مراحل نحن نمر بها،قد تكون مقدمة لخلق جديد؛لأن الله-تعالى-يقولLيخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي).
أحمد منصور:
سعادة النائب،لم تخبرنا-أيضًا-بالأسباب التي دفعت(جمال عبد الناصر)في 1962م إلى عدم الحسم تجاه(عبد الحكيم عامر)؟
حسين الشافعي:
لا أريد القول:إن هناك صداقة تتجاوز حدود المصلحة،لكن من المحتمل اعتبارات النجاح التي تحققت بعد 1956م،أعطت إحساسًا بالزعامة أكثر..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(لعبد الحكيم)؟
حسين الشافعي:
لا،(لجمال عبد الناصر)،وهذه الزعامة لها ثمن؛لأنه لا يكون هناك رغبة لأي شيء يهز صورة هذه الزعامة،فقد تكون المواجهة من ضمن الأمور التي قد تنال من صورة الزعامة في المجال العام،وفي المجال العربي ..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/57)
نعم(يا أفندم)،ومصلحة البلد(يا أفندم)،أين موقعها من الصداقة،ومن العلاقة الخاصة؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أظن أنه لن يكون هناك أحد حريص على مصلحة البلد أكثر من(جمال عبد الناصر)،لأن حياته كلها كانت مكرسة-ليس لمصلحة البلد-بل لمصلحة الأمة العربية كلها،واليوم..يعني كان تشجيعنا لأي عمل تحرري حقيقي في أي بلد عربي،كنا نخاطب القاعدة العريضة للمستوى العربي،وهذا الذي جعل ثورة 23 يوليو،على الرغم من التركيز الشديد،ومساءلتها المُسَاءلة التي ليس لها طعم،وليس لها حدود،هو لأنها حركت واقع المنطقة العربية،وهم لا يريدون لواقع هذه المنطقة أن يتحرك.
أحمد منصور:
لكن من الجانب العملي،الرؤية لعدم حسم(عبد الناصر)في 1962م تجاه(عبد الحكيم)جاءت في غير مصلحة البلد،وأدت إلى هزيمة 1962م بالدرجة الأولى،قيام(عبد الحكيم عامر)بتشويه صورة(جمال عبد الناصر)في استقالة تم توزيعها على نطاق واسع،واتهام(عبد الناصر)بالدكتاتورية،أيضًا به شيء ضد مصلحة البلد؛فالمسألة كانت في حاجة إلى حسم بكل المقاييس والمعايير؟
حسين الشافعي:
أتعلم بعد 1967م كان هناك جلسة مطولة لمحاولة معرفة الرأي العام من خلال 28 وزيرًا قالوا كلامهم،كل واحد قال كلمته،وأنا كنت لآخر لحظة مترددًا أن أتكلم،لأن كلامنا يكون ثقيلاً،لأننا على مستوى الزمالة بالنسبة(لجمال عبد الناصر)،ومحاولة الكلام في وسط الناس يكون مثل نوعٍ من التظاهر؛لكن هناك ما اضطرني إلى أن أتكلم،عندما تكلمت..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما الذي اضطرك أن تتكلم؟
حسين الشافعي:
وجدت أناسًا يتكلمون،وفي كلامهم شيء ليس من المجاملة،ولكن يصل إلى درجة النفاق..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لمن؟
حسين الشافعي:
(10/58)
لا أذكر،كل الذي أذكره أن هذا هو الذي حركني لكي أتكلم،ولذلك في أول كلامي قلت-على غير المعتاد-قلت:يقول الحق-تبارك وتعالى-(خُذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)،أنا لم يكن في نيتي أن أتكلم،لأني أحس أن كلامنا يكون ثقيلاً،وغير محتمل،ولكن الموقف أكبر من أي اعتبار،وأكبر من أي شخص،وأنا سوف أتكلم في ثلاث نقاط،أول نقطة:الناس تتساءل هل الحقيقة تصل إلى أذن(جمال عبد الناصر)؟..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل كان يجلس(جمال عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
طبعًا،كان على يميني،وطبعًا قالوا:تصل،بل هناك تسابق بين أجهزة المعلومات،من يكون له شرف السبق في أن يوصل المعلومة قبل غيره..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وهل هذا عيب؟أم..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ألا تصبر حتى أكمل كلامي.
أحمد منصور:
حاضر(يا فندم).
حسين الشافعي:
ثم ينشأ سؤال ثان:هل نستجيب للحقائق التي نعلمها؟قلت:للأسف في كثير من الأوقات نعادي الحقيقة،وهنا ينشأ سؤال أكبر:كيف نعادي الحقيقة؟فكانت الإجابة أن ما أنجزته الثورة يتجاوز كل تصور بالنسبة لأكثر الناس تفاؤلاً،وهذا أقام وجهة براقة مبهرة،وأصبح أنْ لو أن الحقيقة تهتز لها الوجهة،لا،فلنعادِ الحقيقة محافظةً على الوجهة،وهذا كان تصورًا في منتهى الخطورة،ولذلك قلت:وكيف بدأت هذه الظاهرة؟وكيف تفشت؟وكيف أصبحت وباءً؟طبعًا هذا الكلام..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لقد ألقيت قنبلة في حضور(جمال عبد الناصر)؟!
حسين الشافعي:
هذا الكلام كان شديد جدًّا في وقتها،العملية هذه بدأت في منطقة حرام،والمناطق الحرام لا يجوز الاقتراب منها،ولا محاسبتها،ولا مساءلتها،وأنا سوف أضرب مثلاً بالإصلاح الزراعي،من الذي كان يستطيع أن ينتقد الإصلاح الزراعي؟وهو مشروع من مشروعات الثورة؛فيجد نفسه ما بين الناس المضادين للثورة،والناس المناهضين لها.
(10/59)
أريد أن أقول لكم-وأنا رئيس جهاز للمحاسبات-طلبت من الإصلاح الزراعي أن يعطي لي بيانات عن تكاليف استصلاح الفدان،وتكاليف استزراع الفدان،وتكاليف الوصول به إلى الجدية،وتكاليف الوصول به إلى الإنتاجية الكاملة،أتعلمون-يا حضرات-ماذا كان الرد؟
قالوا:نأسف،لا نستطيع أن نعطي هذه البيانات إلا بإذن من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إعمالاً للقانون الفلاني..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وهذا كان يتبع(عبد الحكيم عامر)؟
حسين الشافعي:
لا لم يكن يتبعه،إنما..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنت نائب رئيس الجمهورية،وتطلب طلبًا،ولا ينفذ لك؟
حسين الشافعي:
هذه من ضمن الأمور التي أقولها بعد سبعة وستين،وأوضح أن هذا في مجال العلاج،لأننا-كأناس مسئولين-لا ننام على آذاننا،إنما عندما تأتي الفرصة للتصحيح..
أحمد منصور(مقاطعًا):
بعد خمس سنوات؟
حسين الشافعي:
و 1967م هذه كانت أحسن فرصة عملت تصحيحًا كاملاً،ولولا 1967م،لم تكن 1973م، لأنها شحذت القوى كلها؛لأن الناس تنبهت،صدمت وعلمت كيف تبني،أحضرت القيادات القادرة،وأحضرت الإمكانيات اللازمة،وحشدت كل القوى،وبالتالي حدثت 1973م نتيجةً لهذا.
أحمد منصور:
ألم تستطيعوا أن تتحاشوا وقوع 1967م؟
حسين الشافعي:
والله،عندما توضع أنت في هذا الموقع تصرف التصرف الذي تستطيعه،إنما نحن تصرفنا بما استطعنا أن نراه في هذا الوقت،ولذلك هناك فرق بين إرادتك وإرادة الخالق الذي يدبر لشيء أكبر،من المحتمل أن يكون هذا الحدث أكبر من الذي مر،هل أحد يتصور أن 1967م تكون هي سبب انتصار 1973م،لماذا؟
(10/60)
لأنه أولاً:وجدت القيادة،وقضت على الازدواجية،وحشدت جميع قوى الشعب كي يستطيع استكمال المعركة،ولكن العدو الذي أمامنا لم يكن يتصور أبدًا أن(مصر)-بعد 1967م-تستطيع إعادة بناء القوات المسلحة بهذه الصورة التي تتجاوز كل تصور،نحن كنا في السنوات من 1967م،إلى 1973م نسفّ التراب،إقامة قاعدة الصواريخ كانت تكلفنا مليون جنيه في كل يوم،وكان يموت من العمال الذين يعملون في المواقع يموت 200،300 و400 واحد في كل موقع.
ثم بعد أن وجدت(إسرائيل)أن العملية فلتت،وأصبحت قاعدة الصواريخ حقيقة كي تعطي لك تعويضًا في النقص بالنسبة للقوى الجوية،وتكون عمادًا لبداية المعركة على أساس سليم،بدأت تضربنا في العمق لعل وعسى أن نسحب بعض القوات من الجبهة كي نحمي بها الأهداف الداخلية،فضربونا في مدرسة(بحر البقر)،وضربونا في(أبي زعبل)،وضربونا في(نجع حمادي)،وعملوا كل هذه الأعمال،ولكن لم نسحب أي قوة،وأنشأنا قوات جديدة لحماية العمق.
عندما انتهوا من كل ما لديهم،بدءوا يضربوننا في كل عملية ناجحة،في حرب الاستنزاف يقومون بضرب(السويس)أو بضرب(الإسماعيلية)أو بضرب(بور سعيد)فأصبحت هذه هي اليد التي(توجعنا)،مما اضطرنا-في النهاية-إلى تهجير مليون ونصف،وأنا كنت وزير شئون اجتماعية،وتحملت كل هذا العبء في تهجير مليون ونصف على المدارس،والوحدات المجمعة على طول البلاد وعرضها،كل هذا كي نستطيع أن نواجه المعركة بدون أن يستطيع أحد ضربنا على اليد التي توجعنا،ولذلك أنا أعتبر قرار العبور الحقيقي هو قرار تهجير أهالي(قناة السويس)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سنأتي إلى هذه المرحلة بالتفصيل..
حسين الشافعي:
نعم؟
أحمد منصور:
سنأتي إليها بالتفصيل،وأنا معك-الآن-من 1962م إلى 1967م.
حسين الشافعي:
على كل حال،المسألة ليست مراحل،المسألة عملية متكاملة،كوني أخرج من 1962م،إلى 1967م،إلى 1973م،العملية كلها متكاملة.
أحمد منصور:
صحيح.
حسين الشافعي:
(10/61)
لا تنفصل،كذلك المعركة بدأت من 1956م،وهم يخططون ضدنا،خططوا كي نخرج من خندقنا،فخرجنا من خندقنا،ثم أصابونا بالانفصال،فإذا بعملية(اليمن)،ذهابنا لليمن نحن لا نندم عليه أبدًا،لأنه أخرج بلدًا من البلاد العربية من تحت الأرض 70.000 فرسخ على وجه الأرض،وأصبحت قوة فعالة-الآن-إلى جانب القوى العربية.
أحمد منصور:
من الملاحظ أن الرئيس(السادات)-على قدر حماسه للوحدة مع(سوريا)-كان- أيضًا-متحمسًا لذهاب القوات المصرية إلى(اليمن)،هل كان في مخططكم-وأنتم أمامكم عدو شرس يتربص بكم وهو(إسرائيل)-أن ترسلوا 70.000 جندي مصري إلى دولة عربية أخرى،ولا يكون هناك مواجهة مع(إسرائيل)؟وتتمكن(إسرائيل)من هزيمة(مصر)،وهناك 70.000 جندي..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(إسرائيل)ليست(إسرائيل)،(إسرائيل)هي(أمريكا)،(إسرائيل)هي القوى الكبرى التي تتحكم،الذي يتكلم عن(إسرائيل)على أنها 6 مليون،لا،لابد أن يضع(أمريكا)،هي التي تساندها؛ولذلك الله-تعالى-يقول (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون بها عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن أنتم لم تعدوا،سعادة النائب.
حسين الشافعي:
نحن..نحن أعددنا بأقصى ما نستطيع،هل الوقوف أمام هذه القوى عملية سهلة؟!نحن-من يوم قيام الثورة ونحن-أمام عداء؛لأنهم يريدون إطفاء نور الله بأيديهم(والله متم نوره ولو كره الكافرون)،(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)،لا تظن أن كل ما يحدث هذا هو تدابير بشرية،لا،المدبر هو الله ويدفعك،ويستدرجك إلى أمور قد تبدو أنها شر،ويكون وراءها الخير الحقيقي.
أحمد منصور:
(10/62)
حينما بدأ(عبد الحكيم عامر)يتحكم في كل شيء داخل مصر من 1962م،إلى 1967م،بما فيها النقل والمواصلات،وبدأ يصدر القوانين التي تهين الناس مثل القوانين التي صدرت في 1966م،والتي بدأت تتناول العائلات،وتستعدي الشعب المصري على الثورة،أين كان موقعكم،وموقفكم مما كان يفعله(عبد الحكيم)في الشعب؟
حسين الشافعي:
لعلمك كل الذي حدث بعدما ذهبنا(لجمال عبد الناصر)،وشرحنا له،وقال كلامه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل كان أحد معك؟
حسين الشافعي:
للأسف الشديد كان كل الناس معي،كان معي(زكريا محي الدين)،و(كمال الدين حسين)،كلنا ذهبنا نشرح،و(عبد اللطيف البغدادي)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كلكم كنتم تؤيدون(عبد الناصر)،من الذي كان يقف مع(عبد الحكيم)؟
حسين الشافعي:
نحن نقف مع الثورة،ومع الحق،المسألة ليست عمليات شخصية،العملية أكبر من هذا بكثير،ولذلك عندما أراد(عبد الحكيم)مزيدًا من السلطات،متى؟بعد 1962م،وبعد هذه المواجهة،لماذا؟ لأنه-للأسف الشديد-ثاني يوم بعد هذا الحدث(جمال عبد الناصر)اتصل بنا،وقال لنا جميعًا أن نذهب(لعبد الحكيم)في بيته،لأنه يريد أن يمرر الأزمة،ولا يجعلها تتفاقم،فذهبنا،ولذلك أنا قلت:إن في هذا الحدث حدث انقلاب صامت،انتقلت فيه السلطة إلى المؤسسة العسكرية،أو جزء كبير من السلطة،أو الجزء الخفي من السلطة،وهذا موضوع خطير جدًّا.
أحمد منصور:
اسمح لي-سعادة النائب-أنت-الآن-تفجر قنبلة من زنة ألف رطل،سوف تصيب شظاياها الجميع،هذا أمر-في تاريخ الثورة-خطير للغاية..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/63)
تصيب،أو لا تصيب،أنا المهم أن الحقيقة تصل إلى المواطن،لأن المواطن يوم أن يعرف الحقيقة سيكون ملتزمًا،ومرتبطًا،وتنتهي حالة اللامبالاة،وحالة الإحباط التي يعيش فيها الناس،لأنها لا تعرف الحقيقة،أنا لا يعنيني أنها تصيب من،أو لا تصيب من،المهم أن الشعب يعرف الحقيقة حتى يحس بالانتماء،ويحس أن هذه البلد بلده،ويحس أنه موضع تعبير،وموضع اعتبار؛لأنه طالما نحن نخفي عنه الحقائق،لن يكون أبدًا بني آدم،ولن يكون أبدًا على مستوى المسئولية.
أحمد منصور:
يعني من 1962م،إلى 1967م،كان(عبد الحكيم عامر)هو الحاكم الفعلي لمصر؟
حسين الشافعي:
ليس الحاكم الفعلي،هناك حاكم رسمي،وشرعي،وظاهري،وبطولته لا يمكن لأحد نكرانها،والمحاولات المضادة هذه عملية بشرية على مدى الحياة؛فلابد أن يواجه الفرد كل شيء على قدره،وما الذي كان يدفعنا إلى أن نرتبط بالأمة العربية كلها؟لأن كل ما أصبح لنا سند كبير-نستطيع في مواجهة هذا الاستعمار بشراسته كلها-يكون لنا سند،بدون هذا السند لا تستطيع الوقوف وحدك؛لأن الله-تعالى-يقول(وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة)إنما تكون(طرزان)في أي بلد سيحتوونك وسيقضون عليك،ولذلك المعركة لم تكن حدثت بعد،كل هذا مقدمات للمعركة الفاصلة بين الحق والباطل.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أتناول معك هزيمة 1967م،وكيف وقعت؟والمقدمات التي سبقتها..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أنا من ضمن الأشياء التي وقعت بعد 1967م،أسقطت من اعتباري كل تحفظ،وكل مجاملة،لماذا؟لأن العملية لم تعد تحتمل أي مجاملة في سبيل مناصرة الحق،ومصلحة الوطن،وإرضاءً لله..
أحمد منصور(مقاطعًا):
باسم كل مشاهدي الجزيرة.
حسين الشافعي:
نعم؟
أحمد منصور:
باسم كل مشاهدي الجزيرة،أشكرك على هذه الصراحة،وعلى هذه..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،أنا شاكر على هذا الحديث،الذي وصلت الحلقات التي تريدها بعد هذا كلها في حلقة واحدة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/64)
مازال هناك(يا فندم)..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لأنك ذكرت 1967م،إلى 1973م،إلى 1962م،لكله.
أحمد منصور:
ما زال هناك حلقات،أنا أشكرك على هذه الحلقة،الحلقة القادمة نتناول 1967م،أشكرك شكرًا جزيلاً،كما أشكركم-مشاهدينا الكرام-على حسن متابعتكم،في الحلقة القادمة-إن شاء الله-نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق،في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج،وهذا(أحمد منصور)يحييكم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حسين الشافعي:
والله هذه تكون مسك الختام.
أحمد منصور:
مستحيل(يا فندم) كيف؟مازال هناك حلقات.(10/65)
الحلقة9(10/66)
الخميس 9/12/1422هـ الموافق 21/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 15:31(مكة المكرمة)،12:31(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
20/11/1999
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج(شاهد على العصر)،حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق،مرحبًا سيادة النائب.
حسين الشافعي:
أهلاً،يا أحمد.
أحمد منصور:
في هذه الحلقة نتناول حدثًا تاريخيًّا هامًا،أثَّر ليس على مصر وحدها،وإنما على الأمة العربية والإسلامية،وهو وقوع هزيمة 1967م،قبل وقوع هزيمة 1967م كانت هناك أسباب أدت إلى وقوع هذه الهزيمة،كنت نائبًا لرئيس الجمهورية،لك دور رئيسي في صناعة القرار،على اطِّلاع واسع بكل ما يدور،وكان لك رأي محترم،ومقدر لدى الرئيس(عبد الناصر)،ولدى كل أعضاء مجلس قيادة الثورة،في هذه الشهادة التي تدلى بها للتاريخ وللأجيال،وبشفافية تامة،أرجو أن تبين لنا الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هزيمة 1967م؟
حسين الشافعي:
علاوة على أنها قدر،ولكن-طبعًا-لا نتوارى وراء القدر،ولكن نقول أن هناك أسبابًا-فعلاً-وأهم هذه الأسباب هو الصراع على السلطة،والازدواجية من بعد 1956م،عندما كانت السلطة السياسية في يد(جمال عبد الناصر)،والتواجد العسكري مركز في(عبد الحكيم عامر)في داخل القوات المسلحة،أنا لا أستبعد-في هذا المجال-التآمر الدولي،وأضعه في الاعتبار الأول،لأن كل هذا يُخطط له منذ 1956م.
(10/67)
ومثلما قلت(الذي يحفر البئر بواسطة إبرة)،1956م كانت مؤامرة من تحت المنضدة،تحت ذقن القوى الكبرى ممثلة في(فرنسا،وإنجلترا،وإسرائيل)وهذا لم يكن يعبر عن رضًا بالنسبة(للأمريكان والروس)،وهما الدولتان المنتصرتان في الحرب العالمية الثانية..لو كان لحسابهم،كانوا أيَّدوا عدوان 1956م،إنما هم أدانوا العدوان لأنه ليس من مصلحتهم..هم يريدون التخلص من الاستعمار القديم،ليخلقوا استعمارًا جديدًا.
من أجل هذا أدانوا هذا الهجوم،لكن لم يكن باستطاعتهم إدانة هذا الهجوم،لولا صمود الشعب المصري،ومشاركته الحقيقة مع القوات المسلحة،فقد تم توزيع 500.00 قطعة سلاح على الشعب،وخطاب(جمال عبد الناصر)يوم 2 نوفمبر في الأزهر،والذي صور الموضوع على أنه موضوع حياة أو موت بالنسبة لاستمرار هذه الحرب من بيت إلى بيت،ومن شارع إلى شارع،و-طبعًا-أكبر دليل على هذا الأناشيد التي ظهرت،كلها روح حقيقية.
اليوم لا تستمع لأي أغنية لها طرب،ولا طعم،إلا الأناشيد التي كانت في هذه المرحلة التي تجلت فيها الروح الحقيقية،والانتماء الحقيقي مع الثورة،فطبعًا كل هذا لم يكن يمر بسهولة-أبدًا-على القوات الاستعمارية؛ولذلك نسَّقوا فيما بينهم،وأكدوا الوفاق فيما بينهم.
وكان الهدف الرئيسي لهجوم 1967م هو إسقاط(جمال عبد الناصر)ونظامه،ولذلك-إذا كانوا نجحوا كمعركة عسكرية،وحدثت عندنا خسائر،إنما لم ينجحوا في تحقيق الغرض،وهو إسقاط(جمال عبد الناصر)،بل بالعكس خطاب التنحي كان عبارة عن صدمة لمشاعر الأمة العربية كلها التي انتفضت رافضة كل الرفض،ليس للهزيمة فقط،ومتمسكة بقيادة(جمال عبد الناصر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا-الآن-لم أصل إلى الهزيمة،وكيفية وقوعها،لكن أنا أتساءل عن الأسباب؟سعادتك-الآن-تكلمنا عن الأسباب الخارجية والمتمثلة في..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/68)
لأن الأسباب الخارجية أهم الأسباب،كون أنها استعانت بخيانة من الداخل هذا ما يكمل العملية،وهذا ما جعلني أقول بعدما ذهبت إلى مطار(فايد)يوم 5 يونيو،ورأيت الطائرات(مرصوصةً)الجناح فوق الجناح،كما لو كانت معدة للذبح في مذبح آلي،وهذا ما جعلني أتجرأ وأقول في 1972م،إن ما حدث في 1967م كان خيانة،وكانت مؤامرة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
دعنا نتحدث عن المؤامرة الآن؟
حسين الشافعي:
المؤامرة أن الدول الكبرى لا تريد(مصر)أن تقف على قدميها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الدول الكبرى بما فيها(الاتحاد السوفيتي)؟
حسين الشافعي:
بما فيها(الاتحاد السوفيتي)،لكن الفرق أن هذا يقدم معونة سلبية،وهذا يقدم معونة إيجابية،وجعلوا المنظر كله كما لو كانت(إسرائيل)هي التي تقوم وحدها،وهذا يمدها بالسلاح،ويمدنا-فقط-بالسلاح الذي يغطي ماء الوجه،ولكن كل معلوماتنا كانت تصل عندهم أولاً بأول،حتى في(حرب الاستنزاف)كل عملية كان يعلم بها الروس كانت تفشل،ويوم لا يعلمون فيه..تنجح نجاحًا باهرًا،لماذا؟لأنهم اتفقوا علينا في 1967م،ولذلك أنا لم أقلها من فراغ(إن ما حدث في 1967م كان خيانة وكانت مؤامرة)،وأنا أحب تكرار هذه العملية كي تثبت في ذهن المواطن المصري،وهو الأهم عندي من رضا هذا،أو رضا ذاك.
أحمد منصور:
تفاصيل المؤامرة-لو قلنا أنه كان هناك تآمر سوفيتي أمريكي-(الولايات المتحدة) كانت تدعم(مصر)بمعونة أمريكية استمرت إلى عام 1965م،كيف تدعم(مصر)بمعونة من(الولايات المتحدة)؟وهي في نفس الوقت تخطط..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/69)
هذا هو النفاق الدولي،فهي لا تدفع شيئًا من أموالها،تدفع من الذي تأخذه من هذه البلاد،تعطي نذرًا بسيطًا جدًّا من الذي تسلبه منا،في شكل(البضائع والكنتاكي،والسفن أب)،وهذه الخيبة الكبرى،وغيرها،كل هذه الاستهلاكات الفارغة هي التي تحقق منها أرباحًا،ثم تعطي لك(ملاليم)بصفة مساعدة تخرسك،وتجعلك بدون إرادة،هذه المساعدات هي أخطر شيء على إرادة الأمم،لأن الذي يمد يده،ويأخذ،كيف يكون له إرادة؟
أحمد منصور:
في 15 مايو 1967م،و20،21،22 بدأت مرحلة العد التصاعدي لمعركة 5 يونيو،تم تشكيل لجنة تنفيذية عليا في أواخر مايو 1967م تشكلت من(عبد الحكيم عامر،زكريا محيي الدين،حسين الشافعي،علي صبري،السادات،صدقي سليمان)الذي كان رئيسًا للوزراء،وكان يرأسها(جمال عبد الناصر)،أنت كنت أحد أعضاء اللجنة التنفيذية،ما الذي كان منوطًا القيام به في تلك المرحلة؟
حسين الشافعي:
أنت تتكلم على الناس الموجودين من مجلس الثورة في هذا الوقت،إنما لم تشكل لجنة..،كان يوجد لجنة تنفيذية،وكنا نحن أعضاء اللجنة التنفيذية.
أحمد منصور:
هذه ذكرها(السادات)في كتابه(البحث عن الذات)،وقال أن هذه اللجنة كُلِّفت بأن تعطي توصيات للرئيس(عبد الناصر)بما يمكن أن يُتَّخذ من قرارات،ورأت هذه اللجنة أن يتم تصعيد الموقف لإجبار(إسرائيل)على الدخول في حرب،وأنه إذا تم تصعيد التواجد المصري-فقط-في سيناء؛فإن هذا يؤدي إلى 50% من قيام المعركة،أما إذا تم إغلاق المضايق فإن المعركة قادمة لا محالة،معنى ذلك أنكم أنتم الذين صعدتم لقيام حرب 1967م،وليس القوى الخارجية كما يقول البعض؟
حسين الشافعي:
عندما يكون للقوى الخارجية عنصر خيانة في الداخل،يمكن أن هذه الخيانة هي التي تعمل على هذا التصعيد،ولذلك التصعيد بدأ في القوات المسلحة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذا كلام خطير جدًّا؟
حسين الشافعي:
(10/70)
طبعًا كلام خطير؛لأننا فوجئنا بأن القوات المسلحة تستعرض القوات قبل اجتماع(اللجنة التنفيذية)كما لو كانت تستدرج لهذا الحدث،وأنا في المحاكمات التي حدثت باسم(محكمة الثورة)التي كنت أتولى رئاستها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سأصل لها،لكن اسمح لي،أنت..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
سأقول لك،كي يصبح الكلام متواصلاً،والموضوع يأخذ حقه..،الذي جعلني أقول كلمة الخيانة أني سمعت من واحد مثل(شمس بدران)-أثناء محاكمته-يقول :نحن كان عندنا معلومات-حتى-رئيس المحكمة لم يكن يعلمها!!
أحمد منصور(مقاطعًا):
يقصد سعادتك؟
حسين الشافعي:
المقصود أنا،ونحن في(باكستان)أرسلنا إشارة-لا أذكر بالضبط-يوم 10 نوفمبر أو 10 ديسمبر 1966م،والإشارة تقول:(لكي نوقف الحملات الإذاعية للإذاعات العربية التي تَدَّعي،وتثير أننا لن نحارب،وأننا نتستر وراء(البوليس الدولي)،فلدينا القوة الكفيلة باحتلال(شرم الشيخ)..أنا-عندما سمعت هذا الموضوع-قلت:لا حول ولا قوة إلا بالله..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سمعته في حينه،في 1967م؟
حسين الشافعي:
هذه إدانة كاملة،لأنه ما وجه العجلة أن ترسل من الخارج-من(باكستان)-إشارة تتكلم عن موضوعات عسكرية،وإستراتيجية في إشارة..مهما كانت(الشفرة) فهي ملتقطة،وأي(شفرة)فهي محلولة،ما هي الحكمة؟ليس هناك حكمة كأنهم يقولون للمتآمرين:(نحن معكم على الخط)،ليس لها تفسير إلا هذا،وهذا ما جعلني-بجوار ما شاهدته في مطار(فايد)يوم 5 يونيو-أن أتجرأ،وأقول في عام 1972م(إن ما حدث في 1967م كان خيانة،وكانت مؤامرة اتفق فيها الأطراف،واستدرج فيها من استُدرج،وجاز الأمر على السذج لكي نعيش النتيجة).
أحمد منصور:
تقول سعادتك أنكم فوجئتم،أنت نائب رئيس الجمهورية!!ومن معك من شخصيات من المفروض أنكم أنتم السلطة العليا في الدولة فوجئتم بتحركات للقوات العسكرية..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/71)
ومن قال لك أن هذه التحركات لم تتعمد وضع(جمال عبد الناصر)أمام وضع لا يمكن الفكاك منه،هدفه في النهاية إسقاط(جمال عبد الناصر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من الداخل؟
حسين الشافعي:
من الداخل والخارج..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من القوات المسلحة نفسها؟
حسين الشافعي:
من الداخل والخارج،من أجل ذلك أنا أقول خيانة..كي نصل إلى أساس الخيانة لابد من فتح ملفات 1967م بالكامل،ويُسأل كل فرد،ونرجع إلى شيء كي نعرف أبعاد الخيانة،الخيانة ليست على مستوى(مصر)فقط،لكن على المستوى العربي كله.
أحمد منصور:
ألم توجد وسيلة غير إغراق(مصر)،وإغراق العالم العربي بهذه الهزيمة لتحقيق مأرب هؤلاء؟
حسين الشافعي:
قدر،كي يكون النصر نتيجة للهزيمة بعد ذلك.
أحمد منصور:
اسمح لي،أنتم بقيتم في السلطة بعد ذلك،لماذا لم تقوموا بعمل التحقيق الذي تطالبون به الآن؟
حسين الشافعي:
بسبب بسيط،لأن المفروض أن الذي يقوم بهذا التحقيق(جمال عبد الناصر)،وهو كان يفضل تقديم الدليل على القدرة عندما تتحرر الإرادة،وتتجمع الأمة،أن يقرر إعادة البناء،وإعادة البناء هي التي يسرت،وأعطت الفرصة لما حدث في 1973م،لولا مجهوده،ولولا الجهد الذي قام به القوات المسلحة على كل مستوياتها،ولولا التضحيات التي قام بها الشعب،لم يكن-أبدًا-في الاستطاعة أن يتم 1973م.
أحمد منصور:
لكن ألم يتحمل(عبد الناصر)مسئولية الهزيمة باعتباره ترك(عبد الحكيم عامر)ومن معه من 1962م،إلى 1967م يعبثون في البلاد كما يريدون؟
حسين الشافعي:
هو-أيضًا-صحته انتهت بعد هذه العملية؛لأنه تحمل مالا يمكن تحمله،ورأى ما لم يكن يتوقعه من صديق عمره،وأنا لا أقول أن(عبد الحكيم)كان طرفًا في هذه الخيانة،قدر استغلال الموجودين معه وجوده،وقاموا بكل الذي قاموا به،وهذا من تحت مظلته.
أحمد منصور:
(10/72)
يوم 5 يونيو 1967م،كان هنا رئيس الوزراء العراقي،أو نائبه،وأنت صحبته إلى مطار(فايد)،ماذا وقع في يوم 5 يونيو 1967م أمام نظرك؟
حسين الشافعي:
أنا أُبلغت أن هناك زيارة مرتبة للفريق(طاهر يحيى)رئيس وزراء(العراق)،ومعه مجموعة من الوزراء والقادة،وكان موعد تحركنا من مطار(ألماظة)الساعة 8..
أحمد منصور(مقاطعًا):
صباح 5 يونيو؟
حسين الشافعي:
صباح 5 يونيو،وعندما ذهبنا،وجدنا كل القادة منتظرين(عبد الحكيم عامر)،لأن طائرته كان من المفروض أن تتحرك الساعة 8.30،تحركنا بطائرتين،تحركنا بالطائرة الأولى،كنت موجودًا فيها أنا و(طاهر يحيى)والوزراء والقادة،والطائرة الثانية كان فيها المرافقين بما فيهم الحرس الخاص المعين للحراسة معي،قمنا بالطائرة الساعة 8(طائرة أنتونف)خاصة بالمواصلات.
تحركنا الساعة 8 لنصل فوق مطار(فايد)الساعة 8.45 صباحًا،فوجدنا 3 طائرات مقاتلة في مواجهتنا،لدرجة أننا تصورنا أن هذه الطائرات هي طائراتنا قادمة لتحية القادة،وكانت فكرة الذهاب لمطار(فايد)غير ذات أهمية؛لأنه كان لزيارة كتيبة عراقية موجودة بصفة رمزية في مطار(فايد)،وكان من بين أفرادها الملازم(فيصل)ابن رئيس الدولة في هذا الوقت(عبد الرحمن عارف).
في بداية وصولنا،وجدنا الطائرات،لم نتصور-أبدًا-أن هذه طائرات معادية،وعندما نزلنا وعجل الطائرة أصبح على الأرض،وجدنا(قنبلتين)على يسار الطائرة بما لا يتجاوز 50 مترًا على مدرج المطار..،وقتها كان معنا الياور الطيار(سعد الدين الشريف)قال:المطار يضرب،وهنا جرى إخواننا العراقيون،وكل واحد يريد أن يسبق الأخر إلى الباب كي يجد مخرجًا سريعًا من الطائرة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وأنتم لم تهبطوا بعد؟
حسين الشافعي:
(10/73)
حتى قبل وضع السلم،هناك ثلاثة قفزوا من الطائرة دون سلم..،والذي قطع بنطلونه وغيره،المهم نزلنا،وأنا نزلت آخر واحد،ليس كبرًا ولا غيره،لا إنما هو إيمان بالقدر،سيصيبك حيثما تكن،سواء كنت في الأول،أو في الآخر،المهم نزلنا على أرض المطار،كل فرد بحث له عن ساتر ينبطح وراءه،وجلسنا نرى المهزلة التي حدثت،ولذلك أنا كتبتها في المذكرات،أقول(سأقص عليكم قصة شهيد أراد الله له أن يكون شاهدًا،واختار الله له موقعًا متميزًا،ليرقب منه الأحداث ليكون شاهدًا على العصر).
أحمد منصور:
من خلال الموقع الذي جلست فيه ترقب الأحداث،وتشاهدها،ماذا وقع بعد ذلك في مطار(فايد)؟
حسين الشافعي:
بعد ذلك نزلت الطائرات تجد الطائرات المرصوصة،الجناح فوق الجناح-كما لو كانت معدة للإبادة السريعة-بدون بحث عنها،إنما نحن في 1956م..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ألا توجد(حظائر)للطائرات؟
حسين الشافعي:
سأقول لك،هذه(الحظائر)من 1956م،عملناها بعد الذي حدث في 56 عملنا(الحظائر)،ثم كي تتكرر المأساة على نفس الصورة..وهذا ما جعلني أقول كلمة الخيانة،مع ثقل هذه الكلمة،وفظاعتها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كيف يحدث هذا،والبلد في حالة حرب؟
حسين الشافعي:
سأقول لك،ما دامت الخيانة وجدت،والتآمر موجود،كل شيء جائر،ما داموا ينسقون مع بعضهم كل شيء جائز..،الطائرة الثانية لا نعرف مصيرها؟!على الساعة 11.30 كانوا أجهزوا على جميع الطائرات،وهم كانوا ثلاث طائرات،طائرتان مقاتلتان كانتا مغطاتين بقماش لون الأرض وهذا-من المحتمل- الذي أجل رصدهما بعض الشيء ومعهم الطائرة التي قدمنا فيها،وأصبح ليس لنا(ركوبة)نرجع بها حتى..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كم طائرة ضربت في المطار في ذلك الوقت؟
حسين الشافعي:
والله لا يقل عن 12،14 شيء مثل هذا.
أحمد منصور:
ولم تتحرك فيهم طائرة واحدة للإقلاع،أو لأي شيء؟
حسين الشافعي:
(10/74)
كان كل هدفهم أن يضربوا الممرات بحيث ألاّ تقلع طائرة،رجعنا الساعة 11.30 وأنا-بعد هذه المأساة-أحسست أن شعري حُرق من الغيظ ومن الحزن،لم يكن مجالاً للرعب،أنا أردت أن أرى هذه المصيبة،المهم،واحد تفضل علينا بعربة ركبنا فيها جميعًا،وفي الطريق أوقفونا عند مطار(أبو صوير)يقولون:لا مرور؛لأن هناك غارة جوية على مطار(أبو صوير)،يخافون علينا!!كيف يخافون علينا بعد أن ضاعت البلد بهذا الإهمال،وبالنتيجة الموجعة هذه.
وجدنا أعمدة الدخان في مطار(أبو صوير)مثلما كانت في(فايد)،تقدمنا بعد ذلك إلى(بلبيس)و(أنشاص)،حتى وصلنا(ألماظة)،ووصلنا إلى بيت(جمال عبد الناصر)الساعة 2.30،علمنا-فيما بعد-أن الطائرة التي كان فيها المرافقون،وفيها الضابط الحرس المكلف معي،هم تنبهوا فضربوها(صاروخ جو جو)وكانت النتيجة أن هذا الضابط حرق في أول لحظة،كان اسمه(عبد الله أبو عظمة)من(سمنود)وكان عريسًا جديدًا،ولكن هذه هي الحرب،يمكن هو أول شهيد في 1967م..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هناك(عرسان)كثيرون،وشهداء كثيرون في 1967م؟
حسين الشافعي:
طبعًا،فهذه 1967م بذكرياتها المؤلمة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
مازلنا في أولها!
حسين الشافعي:
بعد أن ذهبنا(لجمال عبد الناصر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
اسمح لي-سعادة النائب-قبل الذهاب(لجمال عبد الناصر)..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أعطينا له الصورة عن الرحلة كلها،ولم يكن وجهه عليه أي تعبير،قال لي:أبلغ هذا الكلام(لعبد الحكيم عامر)فقط..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(عبد الناصر)كان يعلم أن البلد ستهزم وسيحدث فيها ما حدث؟!
حسين الشافعي:
هذا ما يجعل الفرد تدور في ذهنه أسئلة كثيرة،هل الصراع على السلطة يصل بالموجودين في القوات المسلحة أن يهلكوا البلد،كي يسقطوا(جمال عبد الناصر)متآمرين مع الدول المتآمرة-كجزء من الخطة-مصيبة كبرى،مصيبة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هناك سؤال ثان،اسمح لي به.
حسين الشافعي:
تفضل.
أحمد منصور:
(10/75)
وهل(عبد الناصر)ترك هؤلاء..ترك لهم الحبل على الغارب ليوصلوا البلد إلى الهزيمة حتى يتخلص منهم؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هو بالطبع عليه مسئولية،لأنه في النهاية قال:أنا المسئول،لأنه لا يريد أن يرمي المسئولية على أي فرد،وإن كان ترك لهم هذا الوضع من مسئوليته..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما هو حجم هذه المسئولية وقد ضاعت فيها أمة وليس بلدًا؟
حسين الشافعي:
لكن ساعات..كي تُحيي الجسم لابد أن تعمل جراحة،ولو كانت في منتهى الصعوبة،من المحتمل أن تستغني عن عضو كامل في سبيل أن تحيي الجسم،وهذا- فعلاً-ما حدث نتيجة هذا،لأن 1973م كانت إحياءً للجسم؛لأن بعدها الجسم بكل خلاياه تحركت بشكل لا يمكن تصوره.
أحمد منصور:
صحيح أن(عبد الناصر)في 2 يونيو 1967م،وضع خطة كاملة للحرب،وكانت القوات المسلحة المصرية على أتم الاستعداد،وتنبأ(عبد الناصر)أن الحرب ستكون إما(4 أو 5 أو 6يونيو)؟
حسين الشافعي:
نعم،و-فعلاً-أعلن هذا في اللجنة التنفيذية.
أحمد منصور:
وصحيح أن(عبد الحكيم عامر)ألقى بخطة(عبد الناصر)في البحر،ووضع هو خطة أخرى،وهي التي أدت إلى الهزيمة؟
حسين الشافعي:
والله كل هذا شيء جائز،لأنني أقول:إن ملفات 1967م،لا بد أن يعاد فتحها بالكامل.
أحمد منصور:
تعتقد إذا فتحت-الآن-ممكن أن يتم الوصول إلى نتيجة؟
حسين الشافعي:
طبعًا.
أحمد منصور:
رغم مرور أكثر من 30 سنة؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ولو مائة سنة،هذه العملية لا تنتهي،ثم إن مؤشرات الخيانة ومؤشرات الأخطاء واضحة جدًّا،إلا إذا كان هناك أناس-اليوم-يخشون من فتح الملفات.
أحمد منصور:
أنت لا تخشى..؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أنا لا أخشى-أبدًا-فتح الملفات،بالعكس أنا أطالب،وأنادي أن تفتح ملفات 1967م،لمعرفة أبعاد الخيانة،وأبعاد التوافق ما بين الدول الكبرى المتآمرة مع الخيانة في الداخل.
أحمد منصور:
حتى لو تحملت جزءًا من المسئولية؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/76)
أنا لم أكن مسئولاً في أي شيء ذي مسئولية مباشرة.
أحمد منصور:
كنت نائبًا لرئيس الجمهورية؟
حسين الشافعي:
نائب رئيس جمهورية بما يكلف به..لأن نائب رئيس الجمهورية مشاركته فيما يكلف به.
أحمد منصور:
أريد أن أفهم أمرًا سمعته من سيادتك عدة مرات..أنك حينما ذهبت إلى(عبد الناصر)يوم 5 يونيو-بعد ما ضرب مطار(فايد)،وأنت كنت فيه-ومررت على مطار(أبو صوير)،وذهبت إلى(عبد الناصر)في بيته،(عبد الناصر)تلقى منك الخبر بمنتهى الهدوء،دون ظهور أي تغير..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أنا لم أقل بهدوء،أقول وجهه جامد ليس فيه تعبير.
أحمد منصور:
ما معناها؟
حسين الشافعي:
معناها أنه قد يكون متوقعًا لهذا،من إبعاده-بشكل مؤكد-عن شئون القوات المسلحة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن كيف دُفِع لإعلان إغلاق المضايق،ويرفع وتيرة الحرب؟يعني هذا أنه قضى على نفسه بقراراته؟
حسين الشافعي:
هو لم يقض على نفسه،هو قضى على المتآمرين،وبالعكس الناس تمسكوا به؛لأنهم يعلمون مدى إخلاصه،ومدى زعامته،ومدى قدرته أن يقود..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا هنا-اسمح لي-لدي سؤال يدور..إذا كان(عبد الناصر)لم ينجح بعد الانفصال في 1962م..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ماذا تريد؟أتريد إدانة(عبد الناصر)؟انصب له محكمة،يا أخي.
أحمد منصور:
(يا أفندم)لا،أنا لا أدين أحدًا،أنا مجرد أني أتساءل..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أنا قلت الكلام المفيد الموضوعي..هل سنجلس نعيد ونزيد لكلام ليس له طائل؟ لماذا؟..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذه شهادة للتاريخ(يا أفندم)..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
تاريخ من؟تاريخ الناس الذين يريدون محاكمة ثورة 23 يوليو؟وتحاكم(جمال عبد الناصر)؟
أحمد منصور:
ليست محاكمة..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،هي محاكمة،وليست أسئلة للتوضيح،أنا أعطي لك إجابات للتوضيح،لكن أسئلتك تريد أن تكون إدانة،وتجريحًا،ومُساءلة،من هذا الذي يسائل ثورة 23 يوليو؟
أحمد منصور:
(10/77)
يا أفندم،لست أنا،ولا أضع نفسي في هذا الوضع،أنا مجرد أني أعبر عن وجهة النظر الأخرى،وعن الأشياء،اسمح لي بهذا،أنا أساعدك على أن توضح الحقيقة..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،أنت ساعدتني مساعدة جبارة.
أحمد منصور:
من خلال ما يطرحه الآخرون في هذا الأمر،وأنا أشكرك-الحقيقة-على تحملك لي،وعلى إجاباتك التي توضح الكثير،لولا إجاباتك هذه ستظل أمور كثيرة غامضة.
حسين الشافعي:
صحيح،أنا معك في هذا.
أحمد منصور:
كيف كانت صورة(مصر)والعالم العربي بعد هزيمة 1967م،بعد 5 يونيو؟الأيام التي تلت 5 يونيو،6 يونيو،7 يونيو،8 يونيو إلى 8 يونيو فقط؟
حسين الشافعي:
كانت مأساة بكل الأبعاد،ولكن من خلال هذه المأساة ظهر النور الحقيقي؛لأن أعدائنا أعداء شرسون إلى أقصى حد،ويستخدمون كل الوسائل لتحقيق أهدافهم،ويكفي أن الاسم الكودي لمعركة 1967م،من وجهة نظر(إسرائيل)كانت(خيبر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أي البعد العقائدي؟
حسين الشافعي:
نعم،لأنهم يريدون أن يقتصوا من قائد(خيبر)-عليه الصلاة والسلام-ولكن-إن شاء الله-ربنا سيخيب أملهم(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)،وهذه كلها مراحل لقدر الله الذي يعدنا بالنصر المؤكد..لكن لابد أن نكون مؤمنين،ولابد أن نرتبط به ارتباطًا حقيقيًّا؛ولذلك عندما يقول:(واعتصموا بالله..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(واعتصموا بحبل الله)
حسين الشافعي:
(واعتصموا بحبل الله جميعًا،ولا تفرَّقوا)هو هذا الأساس،وعندما يقول في سورة الحشر،ماذا يقول؟يقول:(ألم تر إلى الذين نافقوا)من هؤلاء؟(يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب)ماذا يقولون لليهود؟يقولون(لئن أخرجتم لنَخرُجَنَّ معكم ولا نطيع فيكم أحدًا أبدًا،وإن قوتلتم لننصرنَّكم والله يشهد إنهم لكاذبون. لإن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولُّنَّ الأدبار ثم لا ينصرون).
(10/78)
حتى أنتم-يا مسلمين-لا تعرفون قيمة أنفسكم(لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون لا يقاتلونكم)دعوة للتجمع(جميعًا إلا في قرىً محصنة أو من وراء جدر)وصف لليهود بالجبن المطلق،يختفي في جدار،ويستأسد،يحاربك في قرى محصنة،ويستأسد،إنما يواجهك وجهاً لوجه(لا يقاتلونكم جميعًا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون).
ولذلك نحن الحرب بيننا وبين(إسرائيل)،نحن لسنا ضد اليهود كدين،الدين اليهودي دين منزل من عند الله وله كل الاحترام،إنما(إسرائيل)تحت ستار الدين تأتي كي تنهي حسابات قديمة،لدرجة أنها تستخدم اسم(خيبر)كاسم كودي لمعركة 1967م،ولذلك المعركة لم تكن تخص(مصر)وحدها،كانت تخص الوطن العربي كله،إنما المعركة التي كانت تخص مصر في 1956م كان اسمها الكودي(قادش)،أنا أقول هذا لأن أناسًا كثيرين لا يعرفون التاريخ،ولا يعرفون دينهم،ولا يعرفون مسئوليتهم تجاه الإسلام.
أحمد منصور:
في الفترة من 5 يونيو إلى 8 يونيو،كانت البيانات تصدر من الإذاعة المصرية عن إسقاط عشرات الطائرات الإسرائيلية،بما كان يخالف الوضع الذي آل إليه الوضع في القوات المسلحة..من الذي أصدر القرار بهذا الانسحاب الذي تم بطريقة المذبحة؟
حسين الشافعي:
(عبد الحكيم عامر).
أحمد منصور:
أين كان الرئيس(عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
أين كان الرئيس(عبد الناصر)..قائد القوات يأخذ قرارًا لأنه..طبعًا..أنا لا أريد أن أقول لك أن القوات المسلحة هي التي جرت البلد في هذا المجال،وقد يكون أناس عندهم توافق مع الاستعمار بإسقاط(جمال عبد الناصر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن صحيح،هل(جمال عبد الناصر)لم يكن يريد أن يدخل معركة يونيو؟
حسين الشافعي:
لم يكن يريد أن يدخل المعركة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
صحيح-حقيقة-أنه أُجبِر،أو اضْطُرَّ،أو ضغط عليه لكي يقوم بمعركة،لم يكن عنده استعداد لها؟
(10/79)
حسين الشافعي:
والله،أنا لا أستطيع أن أجيب عن سؤال لا يستطيع أن يجيب عليه إلا(جمال عبد الناصر)نفسه.
أحمد منصور:
في يوم 9 يونيو أعلن(عبد الناصر)عن تنحيه،وخرجت المظاهرات في 9،10 يونيو تطالب(عبد الناصر)بالبقاء،هل درس(عبد الناصر)جيدًا معنى التنحي،وإعلان مسئوليته الكاملة عن الهزيمة؟
حسين الشافعي:
(جمال عبد الناصر)علاوة على أنه زعيم،وأنه لاعب ماهر،لا يمكن أن يقال أنه استدرج في 1967م،ولكن عملية التنحي تظهر أنه-في أدق الظروف-متمالك لأعصابه،وملكاته،ويعرف أبعاد التنحي،و-فعلاً-حقق-من خلال هذا التنحي- كل ما كان يجب أن يباشره من 1962م،تخلص من الازدواجية،وضع البلد أمام مسئوليتها،شحذ كل خلايا الأمة كي تعاون،وتشارك في هذا المجهود الذي لولاه لم تكن 1973م.
أحمد منصور:
أريد أسأل سعادتك:لماذا أعلن استخلاف(زكريا محي الدين)دون غيره من أعضاء مجلس قيادة الثورة في البيان الذي ألقاه في تنحيه؟
حسين الشافعي:
هذه كانت مناورة بارعة منه،لأن كان الاتفاق بين(عبد الحكيم)و(شمس بدران)أن(شمس بدران)هو الذي يتولى السلطة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يكون رئيس الدولة(شمس بدران)؟!..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
يكون رئيس الدولة،وقال لو قرأت كتاب(عبد الله إمام)كتب هذا الكلام..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(عبد الله إمام)؟نعم.
حسين الشافعي:
كتب هذا الكلام..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا سوف آتي بالتفصيل في هذا في قضية المحاكمات..،في 11 يونيو نستطيع القول أن(عبد الناصر)أمسك زمام الأمور كلها في يده،بعد تحديد إقامة المشير أو الطلب إليه أن يلجأ إلى قريته ليستقر فيها بعض الشيء،وعودته مرة أخرى في شبه تحديد إقامة،هل نستطيع أن نقول أن(عبد الناصر)بدأ يمسك زمام الأمور في يده،ويدرك أن 1967م قد خلصته-فعلاً-من(عبد الحكيم عامر)؟
حسين الشافعي:
والله-كقدر-نعم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كتخطيط؟
حسين الشافعي:
(10/80)
كقدر نعم،وأنا عندما سمعت بخطاب التنحي،وأنا لم أكن أعلم بهذا الخطاب قبل سماعي مع باقي المستمعين،فأخذت نفسي وخرجت بالسيارة،في أقل من ربع ساعة كنت في(منشية البكري)،ووجدت البلد كأنها أصيبت بصدمة كهربائية جعلت الأولاد يمشون في الشوارع-وقت الخروج من المدارس-يصرخون بأعلى صوتهم،أخذت المسافة إلى منزل(جمال عبد الناصر)،لم أجد إمكانية للدخول من الباب..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وأنت نائب رئيس الدولة؟!
حسين الشافعي:
من الزحام،مثلك عندما تأخرت عن الميعاد،لأن المواصلات وقفت في طريقك،ماذا تعمل؟..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنت عاتبتني كثيرًا على هذا(يا أفندم)،أذللتني بهذا التأخير.
حسين الشافعي:
فعندما ذهبت ووجدت الموقف بهذه الصورة،دخلت من كتيبة الحراسة،وجدت(جمال عبد الناصر)يقف في وسط مدخل البيت بقامته الفارعة،ويحيط به الذين يعملون معه،منهم من يبكي،ومنهم من يصرخ،ومنهم من أُلقِي على الأرض،وهل هذا جو..فتقدمت له،وسلمت عليه،وقلت له:"شد حيلك يا ريس،واعتبر الثورة قامت اليوم".
قال لي:"أي ثورة-يا(حسين)-بعد 15 سنةً غُلب،تقول لي الثورة قامت اليوم"،قلت له:"اليوم نحن أحسن مائة مرة من الذي كنا عليه في 1952م،لأن القائد يريد من يشد أزره في هذه المواقف،لأن أمامنا إعادة بناء،وأمامنا معركة لم تنته،وأمامنا عدو شرس لن يتركنا،حتى لو قلنا له السماح يا حضرة العدو،لن يتركنا،هو سوف يستمر في عمليته للنهاية"..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ماذا كان رد فعله عليك؟
حسين الشافعي:
طبعًا،كان أقل شيء يسمعه من زميل مخلص يقف بجواره،يعتبر أن مصير الثورة معلق بمدى ثباتنا في هذه الشدائد مهما كانت صعبة.
أحمد منصور:
كانت علاقتك(بجمال عبد الناصر)مجرد علاقة زمالة،وصداقة،أم هناك خصوصية تجمع بينكما؟
حسين الشافعي:
لا،أنا كانت مجرد زمالة وتقدير.
أحمد منصور:
لكن أنت كنت محل ثقته في أشياء خاصة،لم يأتمن أحدًا غيرك عليها؟
حسين الشافعي:
(10/81)
كان-دائمًا-يُعَرِّضُني في المواقف التي تحتاج إلى جهد،وإلى بذل حقيقي،وإلى جدية،مثل(محكمة الثورة)كي يكون الوجه الذي يقابل الناس بعد هذه العملية،كذلك-بعد الانفصال-من يقوم بتأسيس الاتحاد الاشتراكي-كتنظيم سياسي-بعد أن قُضِي على الاتحاد القومي بالانفصال..لأن مثلاً في الانفصال فوجئ أن رئيس الاتحاد القومي في(دمشق)،هو على رأس الحكومة الانفصالية،فهذا ما جعله يقول لي:(يا حسين نحن كنا كلنا في الاتحاد القومي،وكنا هيئة التحرير،نحن نبني على قاعدة من المؤمنين،ويكفي 50.000)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هم بداية تكوين الاتحاد الاشتراكي؟
حسين الشافعي:
أنا أخذت هذا الكلام،و-شأني في أي قضية-رجعت إلى القرآن كي أرى المؤمنين ما مواصفتهم؟فوجدت آية تقول:(قالت الأعراب آمنَّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)..(إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله)فكرًا ومبدأً،وهدفًا ومثلاً أعلى(ورسوله)القائد الذي تجسدت فيه هذه الأفكار وهذه المبادئ،وهذه القيم،وهذا المثل الأعلى.
ثم قال(ثم لم يرتابوا)تأكدوا من وعد الله وتأكدوا أنه يستطيع أن ينصرهم،إذا كانوا مرتبطين به،ثم قال(ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)(وهذه هي المياه التي تكذب الغطاس)تقول لي أنا مؤمن،ماذا بذلت؟بقدر ما بذلت يصدق إيمانك(ليس الإيمان بالتمني،ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل)،ولذلك لا توجد آية تقو(الذين آمنوا)إلا ويتبعها(وعملوا الصالحات).
أحمد منصور:
كيف بدأت النهاية بين(عبد الحكيم عامر)،و(عبد الناصر)واستتبت الأمور(لعبد الناصر)في النهاية؟
حسين الشافعي:
في تصوري أنها كانت تتصاعد من 1962م،إلى 1967م،إنما هي بدأت في 1962م،وبعد الانفصال مباشرة في 1961م.
أحمد منصور:
(10/82)
بعد الهزيمة حُدِّدَت إقامة(عبد الحكيم)،واستطاع أن يحول بيته إلى(ثُكنة عسكرية)،كما جاء في كل المصادر التي اطلعت عليها،وأن تكون هناك مجموعة كبيرة من الضباط الموالين له،يقيمون معه في بيته،وأصبح هناك مخاطرة أن تقوم حرب أهلية داخلية،بين أنصار(عبد الحكيم عامر)،وبين أنصار(عبد الناصر)،ما هو الموقف الذي أخذتموه لاحتواء الأزمة؟
حسين الشافعي:
في يوم 24 أغسطس،أنا كنت في(الإسكندرية)،واتصل بي(محمد أحمد)مدير مكتب(جمال عبد الناصر)،ولم يحب أن يعطي أي تفصيل أكثر من أننا مطلوبون للالتقاء مع(جمال عبد الناصر)يوم 25 في(منشية البكري)،ذهبنا..وإذا به قد دعا(عبد الحكيم)،و(عبد الحكيم)تصور أنه سيحدث في هذه الجلسة مصالحة،مثل ما كل مرة،كان يحدث مصالحة،فنظرنا،فإذا(جمال عبد الناصر)قادم،هو و(عبد الحكيم)من مكتبه إلى الصالون،ونحن كنا موجودين أنا و(زكريا محيي الدين)و(أنور السادات)،واليوم الذي سبقه اجتمعنا،وكان معنا(علي صبري)،لكن في المواجهة استبعد(علي صبري)في يوم 25،وكانت المواجهة بما تم الاتفاق عليه من التآمر؛لأنه كان يوم 26 سيجتمعون من أجل الاجتماع الأخير قبل تنفيذ مخططهم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أرجو أن تقول لنا الذي تم في هذه المواجهة موجزه وخلاصته؟
حسين الشافعي:
طبعًا،كان هناك مواجهة،وكانت من(جمال عبد الناصر)،وقال له الحقائق التي وراء هذا التآمر..
أحمد منصور(مقاطعًا):
التحرك لانقلاب،وهكذا؟
حسين الشافعي:
بما لم يكن هناك مجال للشك والإنكار،وطبعًا كنا جالسين نستمع إلى التفاصيل،وطبعًا أنا-بعد ذلك بحكم أنني قمت برئاسة المحكمة-طبعًا عرفت تفصيل الخطة بالكامل.
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنكر(عبد الحكيم)أن هناك خطةً للانقلاب؟
حسين الشافعي:
(10/83)
طبعًا،لابد أن ينكر،لكن واقع الأمر كان المفروض أن(صلاح نصر)يسلح مجموعة بأسلحة خفيفة من عنده من المخابرات،وتذهب لإحضار(عبد الحكيم عامر)من بيته،وتنتقل به إلى(أنشاص)حيث(كتائب الصاعقة)،ثم يأخذونه،ويذهبون به في القيادة في( الإسماعيلية)،ومن مركز القيادة(الإسماعيلية)كانوا يبحثون عن فرد يتولى قيادة الفرقة الرابعة المدرعة،فأخذوا يبحثون عن شخص،فبحثوا عن(عبد المنعم واصل)الذي أخذ يتهرب منهم.
ثم وقع اختيارهم على واحد اسمه(سعد عبد الحفيظ)،(سعد عثمان)متأسف،ثم عندما لم يستطيعوا الحصول عليه لجئوا إلى أن(شمس بدران)هو الذي يقود الفرقة،ويرسل منها(لواءً)إلى(جمال عبد الناصر)يطالبه أن يتخلى عن كذا،وكذا،وطبعًا عندما يرسل قوة كي تتقدم بهذه الطلبات..معناها أنه إذا لم يستجب فالقوة ستتعامل معه،وإذا استجاب يكون فقد اعتباره،وتكون ثورة جديدة قامت بقيادة مجموعة(عبد الحكيم عامر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
في الحلقة القادمة أتناول معك(محكمة الشعب)،وقبلها انتحار المشير(عبد الحكيم عامر)،ثم حرب الاستنزاف،ووفاة الرئيس(جمال عبد الناصر).
حسين الشافعي:
أنا يسعدني أن أقول كل هذه الحقائق،إنما نجعلها في سنة 2000م،إن شاء الله.
أحمد منصور:
سعادة النائب،اسمح لي أن نكمل،أنا أعرف أنك مللت مني.
حسين الشافعي:
لا..لا،من أجل أن ينتظر الناس شيئًا هل نقول كل شيء؟!
أحمد منصور:
سوف نذيعها في الوقت الذي تحدده.
حسين الشافعي:
لا،على سنة 2000م.
أحمد منصور:
اسمح لي –سعادة النائب-أن نكمل هذه الحلقات،أرجوك.
حسين الشافعي:
سافر،وتعال مرة أخرى.
أحمد منصور:
لا أستطيع،يرفدونني.
حسين الشافعي:
ألا تأخذ بدل سفر؟
أحمد منصور:
أنا لا أريد بدلات.
حسين الشافعي:
هل هذا الكلام مسجل أم لا؟..بدل السفر هذا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/84)
في الحلقة القادمة-إن شاء الله-نواصل الاستماع إلى ضيفنا(حسين الشافعي)وشهادته على العصر،شكرًا-سعادة النائب-وشكرًا-مشاهديّ الكرام-على حسن استماعكم،وفي الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج،وهذا(أحمد منصور)يحييكم،والسلام عليكم،ورحمة الله وبركاته.(10/85)
الحلقة10(10/86)
الخميس 9/12/1422هـ الموافق 21/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 15:32(مكة المكرمة)،12:32(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصرى الأسبق
الحلقة 10
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
27/11/1999
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور:
السلام عليكم، ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة سعادة النائب (حسين الشافعي) نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق، مرحبًا، سعادة النائب.
حسين الشافعي:
أهلاً،يا أحمد.
أحمد منصور:
سعادة النائب نحن-الآن-دخلنا مرحلة خطيرة،وهي مرحلة الحسم في القيادة بين الرئيس(عبد الناصر)و(عبد الحكيم عامر)بعد هزيمة 1967م،ورفض(عبد الحكيم)الأشياء التي تمت في جلسة المصارحة التي-كنت-أنت أحد شهودها،وأحد حضورها،ما الذي تم بعد ذلك،وأدى إلى قيام المشير بعملية الانتحار التي وقعت في 14 سبتمبر 1967م؟
حسين الشافعي:
في نفس الجلسة التي كانت يوم 25 أغسطس في(منشية البكري)-طبعًا-كانت من أصعب الأيام التي مرت في حياة الواحد،أن يقف-مع زملائه-أمام أحد زملائه الذين قاموا بالثورة وله دوره،أن نقف منه موقف المحاسبة،بالنسبة لمحاولة الانقلاب،التي شُكلت(محكمة الثورة)لمحاسبة الناس الذين اشتركوا في هذه المؤامرة،وهي كانت واحدةً من ثلاث قضايا.
كانت القضية الأولى محاولة الاستيلاء على الحكم،وهذه هي المؤامرة.
والقضية الثانية هي انحراف المخابرات،والقضية الثالثة كانت تعذيب أحد المواطنين،وهو المحامي(عبد المنعم الشرقاوي)الذي ادَّعى أنه عُذِّب في المخابرات..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل تذكر تاريخ حدوث هذه القضايا أو تحويلها إلى المحكمة؟
حسين الشافعي:
كل ما أذكره أني جلست على منصة القضاء في هذه القضايا الثلاث في سنة 1968م.
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/87)
نحن-الآن-مازلنا في 1967م،والصراع مع المشير،وقضية ما زعم عن مقتل،أو انتحار المشير(عامر)،ماذا تعلم عن هذا الأمر؟
حسين الشافعي:
أنا أقول،لك في جلسة 25 أغسطس بعد المواجهة،وهذه المواجهة استمرت إلى ساعة متأخرة من الليل،وفي النهاية(جمال عبد الناصر)صعد إلى الدور الثاني ليستريح،وبقينا جالسين مع(عبد الحكيم)،حتى الإجراءات التي كانت لإعداد المكان الذي سيتواجد فيه تم الاتفاق عليه،وكان المقصود أنه سينتقل من بيته إلى مكان..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يعني شبه معتقل؟
حسين الشافعي:
طبعًا تغيرت الحراسة،وتم إخلاء الناس الذين كانوا لاجئين في البيت تم إخلاؤهم،وعندما تم الإبلاغ بكل هذا،وأصبح من الممكن أن يستمر في البيت بعد أن تمت كل هذه الإجراءات..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل نستطيع القول أن هذا كان كمينًا(لعبد الحكيم عامر)؟
حسين الشافعي:
ليس كمينًا بقدر كونها مواجهة.
أحمد منصور:
مواجهة حاسمة؟
حسين الشافعي:
مواجهة حاسمة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
جاءت متأخرة؟
حسين الشافعي:
نعم،هي مواجهة حاسمة،هي(كمين)في أسلوب استدراجه للحضور قد يكون هذا هو الكمين،وإنما هذه هي المواجهة،و-طبعًا-إذا لم يكن هناك دليل ماديٌّ ثابت،لم تكن المواجهة ممكنة.
أحمد منصور:
هل صحيح أن(عبد الحكيم عامر)سعى لتناول السم أثناء جلسة المصارحة؟
حسين الشافعي:
في آخر الجلسة،حوالي الساعة الواحدة،قام،وذهب إلى دورة المياه،وهو في الخارج سمعنا صوت كوب يُكسَر،ثم رجع،وقال:على كل حال أنا أَرَحْتُكُم،وأخذت السم،طبعًا كلنا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ماذا كان رد فعلكم؟
حسين الشافعي:
انزعجنا آخر انزعاج،وأرسلنا في إحضار طبيب،الدكتور(الصاوي)الذي يعالج(جمال عبد الناصر)،وأحضر(حقنةً)مضادةً للسم،وأجبرناه أن يأخذ هذه الحقنة،وأنا-طبعًا-قمت بالجهد الأكبر في محاولة تمكين الدكتور من إعطائه الحقنة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يعني أمسكته؟
حسين الشافعي:
(10/88)
طبعًا.
أحمد منصور:
يعني أنت الذي أمسكت به من أجل..؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
نعم،أنا وغيري،لكن الاعتماد كان عليَّ أكثر،يبدو أنه كان هناك بقية قوة.
أحمد منصور:
ربنا يعطيك الصحة.
حسين الشافعي:
الخلاصة أنه أخذ الحقنة،وأنا انزعجت لدرجة أني صعدت(لجمال عبد الناصر)في الدور الثاني،ووجدته مستلقيًا على السرير،وقلت له:(عبد الحكيم)أخذ سمًّا،(جمال)لم يعلق،وأيضًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
حكيم.
حسين الشافعي:
أيضًا لم يعلق،نفس التعبير الجامد الذي ليس فيه أي تعبير،لأنه-بصراحة-بعدما حدث في 1967م،(عبد الحكيم)أصبح-عمليًّا-لا وجود له،لدرجة أني كلمت(جمال عبد الناصر)وقلت له:(عبد الحكيم)إذا اشترك في أي موقع من المسئولية اعتبرني لا أعمل معك،لماذا؟لأنه سيكون عبئًا معنويًّا بالنسبة لأي نظام بعد الذي حدث في 1967م،أن يكون(عبد الحكيم)يشترك فيه بأي صورة من الصور..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن،اسمح لي-سعادة النائب-الآن أنتم في جلسة الحسم هذه،والمواجهة التي وقعت في..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
يوم 25 أغسطس.
أحمد منصور:
25 أغسطس 1967م،ألم يكن من الممكن أن تتم هذه الجلسة من 1962م،إلى 25 أغسطس 1967م،كان من الصعب أن تتم؟
حسين الشافعي:
أقدار،القدر يرسم صورة ليس بما تتمناه،فعلاً الخطاب الذي أرسلته في 1962م،كان هذا معناه،أنا كنت أتمنى أن يحسم الموضوع في 1962م..
أحمد منصور(مقاطعًا):
طالما رجعت للجواب،أريد أن أسألك سؤالاً،ما معنى أن يبقى هذا الخطاب في خزينة(عبد الناصر)إلى وفاته في 28 سبتمبر 1970م؟رسالتك-على وجه الخصوص-التي وجهتها في 1962م؟
حسين الشافعي:
لا أعلم،إنما هو لم يرد على هذا الخطاب إلا في سنة 1968م..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل رد كتابةً؟
حسين الشافعي:
(10/89)
لا،أثناء نظر القضية قلت له:إن(عبد الحكيم)كان يستخدم الاستقالة التي قدمها في 1962م-كمنشور-طبع منها آلاف النسخ،ووزعها على النقابات،قال لي:مثل الجواب الذي أرسلته يمكن أن تعمل منه منشورًا في يوم من الأيام،وهذا هو التعليق الوحيد الذي سمعته على الخطاب الذي أرسلته في عام 1962م..
أحمد منصور(مقاطعًا):
تعليق إيجابيٌّ؟أم سلبيٌّ في نظرك؟
حسين الشافعي:
هو تعليق والسلام،ولكنه يعبر عن طبيعة(جمال عبد الناصر)في أنه لا يغيب شيء عن باله،لكن متى يستخدمها؟يتوقف على الظرف الذي يستخدمها فيه.
أحمد منصور:
لم يمت(عبد الحكيم عامر)من السم الذي أخذه في يوم 24 أغسطس،وامتد الأمر بعد ذلك،وكان تحت الإقامة الجبرية-تقريبًا-حتى أعلن في 14 سبتمبر 1967م عن انتحار المشير،ما معلوماتك عن عملية انتحار المشير التي مات فيها؟
حسين الشافعي:
والله هو آخر لقاء مع(عبد الحكيم)كان فجر يوم 26 أغسطس،حينما اصطحبته أنا والسيد(زكريا محيي الدين)معنا في السيارة،وأوصلناه إلى بيته في شارع (الجيزة)،وطبعًا بعد هذا قطعت أي أخبار بالنسبة لنا،ولا يستطيع أحد الكلام فيما حدث بعد ذلك إلا الذين كانوا مرافقين له،بعد ذلك..
أحمد منصور(مقاطعًا):
خبر انتحار المشير كيف تلقيته؟وما وقعه عليك؟
حسين الشافعي:
طبعًا نحن تأثرنا جدًّا وكنا في ذلك الوقت في(الإسكندرية)ورجعنا إلى(القاهرة)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كنت مع(عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
وكان(جمال عبد الناصر)في(الإسكندرية)في هذا الوقت،طبعًا القدر يأخذ مجراه،هو –عمليًّا-كان انتهى بعد 1967م،سواء انتحر،أو لم ينتحر، العملية بالنسبة له –كوجود-أصبح منتهيًا.
أحمد منصور:
ما هي الخطوات العملية التي اتخذتموها-كأعضاء لمجلس قيادة الثورة تحت قيادة(عبد الناصر)بعد الهزيمة-لتصحيح الوضع؟
حسين الشافعي:
لا،طبعًا،كان هناك بيان 30 مارس..
أحمد منصور(مقاطعًا):
1968م؟
حسين الشافعي:
(10/90)
1968م،وكان من ضمن الأمور التي ألقيت مسئوليتها علي عاتقي وضع بيان 30 مارس موضع التنفيذ..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل هذا كان ردًّا على ثورة الجماهير في فبراير،ومنها ثورة(الطلبة)المشهورة؟
حسين الشافعي:
احتمال،وطبعًا عندما استقرت الأمور،نفس الكلام الذي قيل في 30 مارس لم يستمر بعد ذلك؛لأنها كانت عملية سياسية،فيها امتصاص لغضب الجماهير.
أحمد منصور:
كرئيسٍ لمحكمة الثورة التي حاكمت ثلاث قضايا رئيسة،قضية محاولة الانقلاب،وقضية انحراف المخابرات،وقضية تعذيب أحد المواطنين،القضيتان الأوليان يعتبران من أخطر القضايا التي عكست طبيعة فئة موجودة في الدولة تسببت في كارثة وقعت للأمة كلها-كرئيسٍ لهذه المحكمة-هل يمكن أن تصف لنا أهم ما دار فيها؟أولاً القضية الأولى وهي قضية محاولة الانقلاب؟
حسين الشافعي:
طبعًا القضية الرئيسية هي محاولة الانقلاب..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من هم المتهمون الرئيسيون فيها؟
حسين الشافعي:
كان المتهمون الرئيسيون فيها-الذين قدموا للمحكمة،كان-عددهم 53-حتى- قبل انعقاد المحكمة،ووصل العدد إلى 52 بعد أن توفي أحد الطيارين،كان اسمه(أيوب)،وبالتالي الذين مثلوا أمام المحكمة كان عددهم 52،قيادتهم كانت تتشكل-أساسًا-من(شمس بدران)،و(صلاح نصر)،و(عباس رضوان)،و(جلال هريدي)قائد الصاعقة،و(أحمد عبد الله)أحد قادة الصاعقة-أيضًا-والطيار(تحسين زكي)،وبعض الناس من الدفاع الجوي،ومن الطيران،ومن الصاعقة.
أي أن العناصر التي كانت مشتركة الصاعقة،والطيران،والدفاع الجوي،والمخابرات ممثلة في(صلاح نصر)،وقيادة القوات المسلحة ممثلة في(شمس بدران)،و(جلال هريدي) و(أحمد عبد الله)كقيادات للصاعقة.
أحمد منصور:
ما هي التهم الرئيسية التي وجهت إليهم؟
حسين الشافعي:
التهم الرئيسية محاولة الانقلاب بالخطة التي شرحتها في الجلسة الماضية..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل هناك أشياء،أو معلومات صدمتك-أنت-كرئيس للمحكمة؟..
(10/91)
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أكثر أمر كان الإشارة التي أرسلت من(باكستان)؛لأنها أظهرت أن هناك نوعًا من التوافق بين التآمر والخيانة،ولم أتصور-أبدًا-هذه الإشارة إلا أنها(كود)،أو علامة اتفاق تعلن أننا على الخط معكم.
أحمد منصور:
ما الذي توصلت إليه في النهاية؟وما هي طبيعة الأحكام التي أصدرتها في القضية الأولى؟
حسين الشافعي:
الأحكام كانت تتراوح ما بين 25 سنة،و15 سنة،و10 سنوات،و5 سنوات،و3 سنوات.
أحمد منصور:
لماذا لم تصدر أحكام بالإعدام،رغم أن هذا اعتداء على أمة،ثبت فيه مقتل عشرات الآلاف من الجنود المصريين،وجريمة واضحة المعالم إذا كانت بهذه الحقيقة؟لأنه من المفترض أنكم أدخلتم هزيمة 67 ضمن إطار المحاكمة؟
حسين الشافعي:
والله،كلامك فيه منطق،لكن انتهت المحكمة إلى هذا،لست من يصدر الأحكام وحده لأنه يوجد عضوان،وإذا لم يكن الإعدام بالإجماع،فلا يمكن صدور حكم بالإعدام.
أحمد منصور:
هل صورة الخيانة التي هي واضحة في ذهنك-الآن-في 1999م،كانت واضحة في ذهنك-وأنت ترأس المحكمة-في 1968م،أو التآمر،أو الخيانة؟
حسين الشافعي:
لا،هذه الصورة كان نصفها تم استنتاجه،وأنا في مطار(فايد)يوم 5 يونيو،والنصف الثاني كان من ملابسات المحاكمة،وما سمعته بالنسبة للإشارة التي أرسلت من(باكستان)بالنسبة لاحتلال(شرم الشيخ)،بالنسبة لاستعداد القوات المسلحة أن تحتل(شرم الشيخ).
أحمد منصور:
في قضية انحراف المخابرات،ما هي أهم التهم التي كانت فيها،والأحكام التي صدرت-أيضًا؟
حسين الشافعي:
(10/92)
للأسف،عملية الانحراف هذه جاءت من تصريح(جمال عبد الناصر)عندما قال: لقد سقطت دولة المخابرات،وكان يقصد بهذا التطهير،وليس التشهير،فأرسلوا لي الملفات الخاصة بالعملية،وأنا كنت مقلاًّ جدًّا في فتح الأبواب،بالنسبة لموضوعٍ الأساسُ فيه التطهير،وليس التشهير،فلم آخذ-مثلاً-من الموضوعات التي عرضت كلها سوى موضوع عملية(اعتماد خورشيد)،وزوجها(أحمد خورشيد)الذي كان صاحب معمل تصوير..
أحمد منصور(مقاطعًا):
تصوير سينمائي؟
حسين الشافعي:
تحميض وغيره.
أحمد منصور:
تحميض،نعم-سعادة النائب-أثيرت أشياء كثيرة حول هذه القضية-على وجه الخصوص-وطالما تعرضت(لاعتماد خورشيد)،وأنا لا أريد أن أخوض فيها بسبب الجوانب الأخلاقية الكثيرة التي فيها،ولكن ما هو الإيحاء والتقييم لجهاز مخابرات من المفترض أن يحمي أمن الدولة،وأن يحمي نظامها،وأن يحمي شعبها من أن يتحول إلى الصورة التي نشر بعض أجزائها في بعض الكتب؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
على كل حال أكبر ابتلاء هو ابتلاء السلطة،وابتلاء المال،وإذا دخلت في السلطة-أيضًا-عملية النساء اللاتي تم استخدامهن لغرض المخابرات-كما هو مأخوذ به في جميع أنظمة المخابرات في العالم-من سنة 1962م،وطبعًا المفروض أن هذا الجهاز-قبل استخدام النساء-عمل عمليات في غاية النجاح،ولم تكن العملية في احتياج..
أحمد منصور(مقاطعًا):
نستطيع القول أنه من 1962م،إلى 1964م-وهي الفترة الأولى في تأسيس جهاز المخابرات-لم يكن عنصر النساء يستخدم؟
حسين الشافعي:
لا،لم يكن.
أحمد منصور:
من الذي قرر إدخال عنصر النساء في المخابرات؟
حسين الشافعي:
بدأت في أيام(صلاح نصر)لما تولى رئاسة المخابرات،وطبعًا كان هناك توافق مع(عبد الحكيم عامر)في هذا،ومن المحتمل أن هذا ما جعل-مع الوقت أصبحت -المخابرات ليست هي الجهاز الذي يعطي الصورة الحقيقية للقيادة السياسية،لأنه -في ذلك الوقت-بدأت عملية الصراعات.
أحمد منصور:
(10/93)
القضية الثالثة كانت قضية تعذيب،وهناك تقارير،وكتب كثيرة كتبت عن عمليات التعذيب التي تمت في عهد الرئيس(عبد الناصر)على أيدي أجهزة المخابرات بشكل عام،الآن قضية تعذيب مواطن واحد في الوقت الذي عُذب فيه عشرات الآلاف من المواطنين،وكثير منهم أخذوا تعويضات من الدولة بعد ذلك،قيمة الإنسان المصري في تلك المرحلة؟!
حسين الشافعي:
عمليات التعذيب موجودة في كل الأنظمة،قبل الثورة،وبعد الثورة،إلى مالا نهاية،وللأسف الشديد هذا الأسلوب أنا لا أقرُّه،وأنا أعتبر إذا أي فرد عذب كما لو كنت أنا أُعذب،ولا شك أن هناك أناسًا من الذين يُعذِّبون ممتلئون بالسادية،فتحدث بعض التجاوزات..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن هل تدين هذه التجاوزات؟
حسين الشافعي:
نعم؟؟
أحمد منصور:
هل تدينها؟
حسين الشافعي:
بالتأكيد،هذا مما لا شك فيه،وأنا لا أسمح به إطلاقًا.
أحمد منصور:
وتحمِّل الأنظمة التي تتم فيها-حتى أثناء وجودك في المسئولية-مسئولية-أيضًا-عدم حماية المواطنين الذين عذبوا؟
حسين الشافعي:
طبعًا،أنا من ضمن دعائي إلى الله أن أقول:إني بريء من كل ظلم،لأني لم أشارك فيه مشاركة مباشرة.
أحمد منصور:
سعادة النائب،من خلال رئاستك لمحكمة الشعب التي أصدرت الأحكام في هذه القضايا الثلاث،هل أصدرتم الأحكام بحرية؟أم كان هناك مرجعية قبل صدورها؟
حسين الشافعي:
سأقص لك،(أنور السادات)عندما تولى،وكان بينه وبين(محمد صادق)،يعني يريد أن يحكم عليه بأي طريقة،بالحق أو بالباطل،فعندما احتار في أمره قال:إنه كان رئيسًا للمخابرات في الوقت الذي حدث فيه تعذيب،وحدث أن قضية من القضايا حُكم للشخص الذي تم تعذيبه بحكم؛فاستنادًا إلى هذا الحكم أقام الدعوى على(محمد صادق)على أساس أنه كان رئيسًا للمخابرات في ذلك الوقت،فصار المحامي موضوعًا في موضع حرج.
(10/94)
إن هناك قضية أثبتت أن هناك تعذيب،وبالتالي عندما يقف(محمد صادق)أمام هذا الاتهام؛فكأن الحكم مؤكدٌّ بالنسبة له،فماذا يفعل المحامي؟لم يَرَ إلا أن يدخل في مدخل يكون فيه عملية تخفيف في الحكم،فاستند إلى مثل هذا الكلام الذي قلت-كدفع يدفع به-فأحضر أناسًا من الذين حاكمتهم،وادعوا أني أحضرتهم بعد المحكمة،واعتذرت لهم بأن هذه الأحكام لم تكن بيدي،وأنها كانت مملاة عليّ.
هو أسس دفاعه على هذا الأساس،وطُلِبْتُ شاهدًا،فقمت،وقلت:والله،أنا أحب أن أسمع السؤال مرة أخرى،فالمحامي قال السؤال مرة أخرى،فقلت:أنا أحب أن أسمع السؤال موجهًا من هيئة المحكمة،فوجه رئيس المحكمة السؤال لي،فقلت:أحب أن أسمعه مرة ثانية،فقاله مرة ثانية،كل هذا..قلت:والله،أنا قبل حضوري إلى الجلسة نمى إلى علمي أن مثل هذا السؤال قد يطرح،وأنا استبعدت إمكانية توجيه مثل هذا السؤال؛لأنه سؤال عبيط،وممكن هذا الادعاء يوجه لأي فرد يجلس على منصة القضاء..
أحمد منصور(مقاطعًا):
السؤال العبيط منهم،وليس مني أنا؟
حسين الشافعي:
لا،من المحكمة،ومن المحامي.
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
وبالتالي،أنت..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لا،يا أفندم.
حسين الشافعي:
وبالتالي ينسحب على كل من يسأل هذا السؤال.
أحمد منصور:
في 19 ديسمبر 1969م،تم تعين الرئيس،أو تم اختيار(أنور السادات)نائبًا لرئيس الجمهورية،في ذلك الوقت كنت أنت النائب الوحيد،بعدما ترك(زكريا محيي الدين)النيابة في 1968م.
حسين الشافعي:
نعم.
أحمد منصور:
هل من الممكن أن تقول لي-عفوًا،بإيجاز-ما هي الأسباب التي أدت للخلاف بين(زكريا محيي الدين)و(عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
الكلام الذي قيل أنه قبل سفر(جمال عبد الناصر)إلى(الرباط)في مؤتمر القمة في سنة 1969م،قيل أن هناك تنافسًا،وحركات،وهو يريد أن يطمئن؛لأنه قيل أن هناك محاولة اغتيال،وغيره..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/95)
هذه عملية اختيار(السادات)،لكني أسألك عن..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
سأكمل لك..سأكمل لك.
أحمد منصور:
حاضر،يا فندم.
حسين الشافعي:
فهكذا قيل كتبريرٍ لمثل هذا التعيين،هذا التعيين أصابني بدهشة كبيرة جدًّا،لأن(جمال عبد الناصر)لم يكن يثق في أن يًكِل(للسادات)على طوال سنوات الثورة أي مهمة حقيقية،لدرجة أننا ونحن في مجلس الرئاسة ذهبت إليه،وقلت له: لا يصح أن نكون في مجلس الرئاسة كلنا بدرجة نائب رئيس ما عدا فلانًا وفلانًا،قال لي:كيف تقول هذا؟!أتريد أن يأكل الناس وجهنا؟ألا تعرف شكل سمعتهما في البلد؟..
أحمد منصور(مقاطعًا):
فلان وفلان من هما؟
حسين الشافعي:
يكفي أن(أنور السادات)أحدهما..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذا الكلام في سنة 1962م؟
حسين الشافعي:
نعم.
أحمد منصور:
سنة 1962م؟
حسين الشافعي:
1962م،ثم فوجئت أنه حدد تحليف اليمين-قبل سفره-الساعة 7 صباحًا يوم 20 ديسمبر..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أي أنك فوجئت بقرار تعيين(السادات)نائبًا لرئيس الجمهورية،وإصرار(عبد الناصر)على أن يحلف(السادات)اليمين الدستورية قبيل سفره إلى(قمة الرباط)التي عقدت في 20 ديسمبر 1969م؟
حسين الشافعي:
بالضبط،والذي أدهشني أن جمال(عبد الناصر)بوزنه،واعتباره،ومقامه كان في حالة لا أريد القول بأنه خجلان أن يُحلف اليمين أمامي(لأنور السادات)،وهو يعلم رأيي في(أنور السادات)،ويعلم أني أعلم رأيه في(السادات) من الستينات،عندما قلت له:ليس من المعقول أن نكون كلنا نواب رئيس ما عدا(أنور السادات)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كيف لك رأي،وفي نفس الوقت..؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/96)
قال لي:أنت لا تعرف ما شكل سمعته في البلد،أتريد أن يأكل الناس وجهنا؟فلذلك كان-وهو يحلفه اليمين كان-في حالة خجل،ولم يستطع رفع عينه في وجهي،فطبعًا هذه تلقي تساؤلات ضخمة جدًّا؛لأن في هذه السنة حدثت تغيرات ضخمة جدًّا في المنطقة،مثل انقلاب(النميري)في السودان في 25 مايو..
أحمد منصور(مقاطعًا):
1969م؟
حسين الشافعي:
1969م،وانقلاب(القذافي)في1 سبتمبر،وانقلاب تعيين(أنور السادات)في 20 ديسمبر 1969م..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أتعتبر تعيين(أنور السادات)نائبًا لرئيس الجمهورية في 20 ديسمبر 1969م انقلابًا؟
حسين الشافعي:
لست من يعتبر،أنا أعتبر بالخط الذي أخذه ضد الثورة في كل اعتباراتها،هذا هو الانقلاب..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(عبد الناصر)أُجبر على تعيين(السادات)نائبًا لرئيس الجمهورية؟
حسين الشافعي:
لا يوجد عندي دليل على هذا،ولكن(محمد علي)أجبر على أن يتخلى عن كل انتصاراته على(تركيا)في سنة 1932م في(كونيا)،وسنة 1939م في(نصيبين)،وقالوا له:ارجع ليس لك حدود إلا إلى(عكا)،وأمامك عشرة أيام،إذا لم تقبل لن يكون الملك لك ولا لأولادك،وخضع،وهذا بعد مؤتمر(لندن)الذي اجتمعت فيه كل القوى الأوروبية في(لندن)في مؤتمر 1840م.
ويمكن أن يعيد التاريخ نفسه،وقد يكون هذا ما حدث،و(جمال عبد الناصر)لم يرد أن يظهر أنه خضع بأي صورة من الصور،لكن من الممكن أن يكون خفض رأسه للعاصفة،ولم يفكر في الموت،ويكون نفس الذين فرضوه هم الذين يدبرون أن ينتهوا منه،ويحضروا من يتمشى معهم،ويمضي معهم كل التنازلات التي حدثت.
أحمد منصور:
من الممكن أن يقول أحد لسعادتك:إنك تقول هذا الكلام لأنك كنت النائب الرئيسي لرئيس الجمهورية،وأنت المرشح لخلافته،وعندما جاء(السادات)أضاع عليك الفرصة؟
حسين الشافعي:
أولاً أنا ليس لي مطمع بدليل أني في 1972م،عندما طلب مني أن أذهب لتهدئة الموقف في المظاهرات التي حدثت،فقلت الآتي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(10/97)
في جامعة(أسيوط)؟
حسين الشافعي:
في جامعة أسيوط،قلت:أنا أول مرة أحضر فيها(أسيوط)بعد وفاة(جمال عبد الناصر)،ومن حق هذا الرجل علينا في البلدة التي أنبتته أن نذكر ما أنجزه خلال 15 سنة،وما أنجزه لا يقع تحت حصر،ولن يذكر له التاريخ في كل ما أنجز إلا أنه بثورة 23 يوليو استطاع أن يحرك واقع المنطقة العربية،إلا أنه مات سنة 1967م،ولكنه تشبث بالحياة ليستر انسحابه سنة 1970م..
أحمد منصور(مقاطعًا):
اسمح لي،قف هنا.
حسين الشافعي:
وفي هذه المرحلة خاض أمجد معاركه،عندما أعاد بناء القوات المسلحة،وأقام قاعدة الصواريخ،وبدأ حرب الاستنزاف،فلما شعر بالأمان مات مطمئنًّا،فتحية لنضاله،وفاتحة لروحه،ثم ألقيت المسئولية على عاتق الأخ الزميل(أنور السادات)،وهي مسئولية لا يسعى إليها عاقل،ولكن إذا ألقيت المسئوليات على عاتق الرجال فينبغي عليهم أن يحملوها-كما يحمل الرجال مسئولياتهم-وإني أدعوكم أن تقفوا إلى جانبه،وتساندوه،وتدعوا له بالتوفيق.
هذا قبل أن أدخل في الموضوع الخاص بتثبيت الناس،وتثبيت إيمانهم،بعد أن هُزت الدنيا بهم،بعدما أعلن أن سنة 1971م هي سنة الحسم،فعندما لم يتم الحسم لم يتحملوا،فقاموا بالمظاهرة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سعادة النائب،أمامي-الآن-كلام خطير للغاية من الناحية التاريخية..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أتعتقد أنك ستتكلم مع(حسين الشافعي)إلا في كلام خطير؟
أحمد منصور:
من أول كلمة إلى أخر كلمة،الآن في قضية اختيار(أنور السادات)على وجه الخصوص،الآن هناك شق يتعلق(بالسادات)،وشق يتعلق(بعبد الناصر)،كأن(عبد الناصر)لم يكن يملك زمام الأمور بالشكل الذي يختار فيه ما يريد،وكأن(السادات)فرض من قوى أخرى على(عبد الناصر)؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(10/98)
الأمور المخفية على الناس كثيرة جدًّا،ولذلك أنا أحكم بالشيء الظاهر أمامي،ولكن أنا لا أعلم،وليس عندي المستندات أنه حدث عليه ضغط،وحدث عليه كذا،أبدًا،إنما أنا أقرر ما شهدته.
أحمد منصور:
في يونيو 1970م،مبادرة(روجرز)أعلنت،وأعلن الرئيس(عبد الناصر)-وكان في(موسكو)-قبوله لها،فيما أعلن(السادات)وهو في(القاهرة)رفضها،كثيرون-الآن-من أنصار التسوية في المنطقة يقولون:أن قبول(عبد الناصر)لمبادرة(روجرز)كان يعني قبوله بالتسوية،والمصالحة مع(إسرائيل)،ما هو تقييمك أنت؟
حسين الشافعي:
هو كان في(موسكو)عندما حدثت هذه المبادرة،وفي عودته كان متوليًا الأمر بالنيابة(أنور السادات)في(مصر)فلما..
أحمد منصور(مقاطعًا):
مع أن سعادتك أقدم منه،لماذا هو الذي تولى الرئاسة؟هل من حق الرئيس أن يتخذ القرار،ويختار؟
حسين الشافعي:
هو أراد بهذا التكليف،لم يستطع أن يقول أنه النائب الأول،إنما تركها مُجملة،وطبعًا(أنور السادات)اعتبر أنه النائب الوحيد،وأني لم أكن نائبًا في ذلك الوقت،وهذا غير حقيقي،لأنني نائب من 1961م،إلى 1975م،وعلى كل حال هذا هو الذي حدث.
أحمد منصور:
مبادرة(روجرز)وتعليقك؟
حسين الشافعي:
مبادرة (روجرز)،جاء(أنور السادات)،ورفض المبادرة متصورًا أن هذا هو الخط الذي سيتبعه(جمال عبد الناصر)،فلما وصل(جمال عبد الناصر)في المطار،وكنا في استقباله،قال له:ماذا فعلت؟لقد قبلت المبادرة،ليس هناك إلا أن تذهب،وتجلس في(ميت أبو الكوم)فذهب إلى(ميت أبو الكوم)،و(جمال عبد الناصر)أقام مؤتمرًا شعبيًّا كبيرًا جدًّا كي يقنعهم بقبول مبادرة(روجرز)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وقال أن الأوراق في يد(أمريكا)الآن؟
حسين الشافعي:
مبادرة(روجرز)هي :
(10/99)
استجابة(أمريكا)لاستنجاد(إسرائيل)بها؛لأن حرب الاستنزاف – كحرب غير تقليدية،وحرب فيها عمل فدائي-أكبر شيء لا تقدر عليه(إسرائيل)،من أجل ذلك لجأت إلى(أمريكا)،كي تبادر بشيء ينقذها من هذه الحرب غير النظامية،لأن أكثر ما يقلق بال(إسرائيل)هي الحرب غير النظامية،الحرب الفدائية،ولذلك حرب الاستنزاف،وانطلاقة الحجارة،والمقاومة في(لبنان)أشد عليها من أي حروب أخرى،تكون حروبًا عسكرية تقليدية تملك فيها التفوق في السلاح.
أحمد منصور:
أتعتبر أن حرب الاستنزاف أجهدت(إسرائيل) للدرجة التي استنجدت؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
طبعًا،أقسى حرب على(إسرائيل)كانت حرب الاستنزاف؛ولذلك كانت مبادرة(روجرز)نوعًا من الإنقاذ،وإذا كان(جمال عبد الناصر)قبلها فذلك كان لاستكمال حائط الصواريخ.
أحمد منصور:
بدأ مرض(جمال عبد الناصر)بعد 5 يونيو 1967م،وظل يتطور الأمر معه إلى وفاته في 28 سبتمبر 1970م،ما هي معلوماتك عن مرض(عبد الناصر)،وبعض ما قيل أن(عبد الناصر)تم التخلص منه من قبل قوى خارجية عن طريق بعض الأشياء التي قدمت له كعلاج؟
حسين الشافعي:
لعلمك،إن عملية مرض(جمال عبد الناصر)حاولوا بكل وسيلة إخفاءها،حتى عني أنا،لولا أنني كنت أتصل به،وأمر عليه في أي وقت،ولذلك لم يكن ممكنًا إخفاء هذه الحقائق عني،لكن-طبعًا-هم-كمتطلعين-مثلما ظهر في المستقبل..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من هم؟
حسين الشافعي:
هم مجموعة،بدأت أولاً مجموعة(علي صبري)،والمحيطون(بأنور السادات)،إلى أن توفي(جمال عبد الناصر)،واستمرت عملية التغطية على هذا الموضوع حتى وفاته..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا مازلت في موضوع وفاته،والأمراض التي تعرض لها،هل كانت أمراضًا تمكنه من الاستمرار في قيادة البلد،على الخطورة التي أشار لها(السادات)مثلاً في كتابه(البحث عن الذات)؟
حسين الشافعي:
(10/100)
الكلام الذي أقوله استنتاجٌ من السيناريو الذي رأيناه؛لأنه إذا كان مطلوبًا القضاء على(جمال عبد الناصر)في حرب 1967م،لم يتم القضاء عليه،حدث انقلاب،لم ينجح الانقلاب، لم يتبق إذن إلاّ وضع النقط على الحروف،نحضر من يتمشى ويتفاهم مع سياسة التبعية،ويُقضَى على الشخص الذي كان يقف لهم مثل(اللقمة في الزور)ومثل(العقلة)في المسار الاستعماري.
أحمد منصور:
في سبتمبر 1970م،عقد مؤتمر القمة العربي الذي تمت فيه المصالحة..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أي سنة؟
أحمد منصور:
عام 1970م،مؤتمر القمة الذي تمت فيه المصالحة بين الفصائل الفلسطينية بزعامة(ياسر عرفات)والملك(حسين)ملك(الأردن)بسبب مذابح(أيلول الأسود)،وكانت هذه هي الأيام الأخيرة في حياة(جمال عبد الناصر)كيف رأيت(جمال عبد الناصر)في هذه الأيام؟
حسين الشافعي:
سأقول لك،في أول سبتمبر كانت(ثورة الفاتح)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
نعم،نعم.
حسين الشافعي:
(حسين الشافعي)انتُدِب كي يحضر الاحتفال..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذه ذكراها الأولى؟
حسين الشافعي:
ثم رجعت،وسألت على(جمال عبد الناصر)بالتليفون،قال لي:أنا ذاهب إلى(مرسى مطروح)يومين لأستريح،قلت له:من سيذهب معك؟قال:لا أحد،قلت له:لماذا؟قل لأي أحد يذهب معك،لا تذهب وحدك،قال لي:أتأتي؟قلت:طبعًا،قال:يا ليت! قلت له:من يذهب معك؟كان يأخذ معه حرمه،وأحد أبنائه-هو عبد الحكيم-وكان معه-أيضًا-الفريق(فوزي)وأخذت أحد أبنائي الذي يعتبر زميلاً(لعبد الحكيم)وسافرنا،ركبنا القطار من محطة(القاهرة)إلى(مرسى مطروح)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أكان سفرًا شعبيًّا؟أم سفر..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،كان سفرًا عاديًّا،إنما-طبعًا-في كل مرور المقابلات الشعبية قائمة،وهكذا،إلى أن وصلنا(مرسى مطروح)،بقينا حوالي 4 أيام أو5،ثم في العودة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
اسمح لي-قبل العودة-أنت رافقت(عبد الناصر)في أواخر أيامه؟
حسين الشافعي:
نعم.
أحمد منصور:
(10/101)
ماذا كان يفكر؟الأشياء التي شغلته؟
حسين الشافعي:
سأقول لك،طوال مشيه يسأل(فوزي)على مواقع الرادار،ومواقع الصواريخ المضادة،والمدافع،والصواريخ،وإلى آخره،والغريب أن كلما أخبره(فوزي)بشيء صحح له(جمال عبد الناصر)إذا كان كلامه غير مضبوط،فكان على علم -كشخص متفرغ على علم-بكل التفاصيل.
كان هناك-أيضًا-مشروع توصيل المياه إلى(الضبعة)؛فكانت ترفع من(النوبارية)24 مترًا،ثم تنزل بالجاذبية على المنحدر حتى تصل،وعملت الترع والمصارف التي من الممكن أن تكون ردمت الآن،إنما في ذلك الوقت-ولآخر لحظة-هو مشغول بشأن البلد سواء في مجال التنمية،أو في مجال الدفاعات،ثم رجعنا،ونزل هو في(المنتزه)كي يذهب إلى الاستراحة،و-تقريبًا-طلب مني أن أنتظر معه،قلت له:أنت معك حرمك والأولاد،أتركك تتمتع بالإجازة،وأنا أرجع يمكن أن يكون هناك طلب،أو حاجة لوجودي في(مصر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل تتذكر اليوم والتاريخ بالضبط؟
حسين الشافعي:
من المحتمل أنه كان يوم 16،أو قريبًا منه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سبتمبر 1970م؟
حسين الشافعي:
المهم،فور رجوعي إلى(مصر)وجدت أنه في يوم أو اثنين حضر(مصر)،وأقلقه جدًّا الذي يحدث بالنسبة(لأيلول الأسود)والفلسطينيين الذين يطلق عليهم النيران في معسكرات اللاجئين،و-طبعًا-قال:كيف نستطيع الإعداد للحرب،والعرب تقاتل بعضها البعض؟وهنا قرر أن يقيم اجتماع دعوة القمة العربية الذي في نهايته توفي،أثناء الاجتماع كان(ياسر عرفات)في(غزة)،وكان الملك(حسين)لا يريد حضور الاجتماع.
(10/102)
عندما اجتمعت القمة أقاموا لجنة كي يحضروا الملك(حسين)لمُساءلته في هذا الموضوع،من يذهب لإحضاره؟عملوا لجنة برئاسة(جعفر النميري)،وأحضروا مندوبًا من(تونس)كان(الباهي الأدغم)،ومندوبًا من(السعودية)،ومندوبًا من(الكويت)،ومندوبًا من(لبنان)،وأنا طبعًا،ومعي(محمد صادق)مدير المخابرات في هذا الوقت،وكان-تقريبًا-كل الذين يقومون بحماية(ياسر عرفات)كانوا جميعًا من المخابرات..
أحمد منصور(مقاطعًا):
المصرية؟
حسين الشافعي:
ووصلنا هناك،ولكي تصل من أي موقع لموقع لابد أن تركب عربة مدرعة،لأن الرصاص كان يُتَبَادل بشكل عشوائي،ذهبنا إلى السفارة،وإذا بالنيران توجه للسفارة،نزلنا كي نبحث عن(ياسر عرفات)،وجدناه بعد مشقة في بدروم من البدرومات،وتقريبًا محاصر..
أحمد منصور(مقاطعًا):
في العاصمة(عمان)؟
حسين الشافعي:
فأخذنا المسئولية أن نحضره،ونلبسه لبس فرد من الكويتيين..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أو امرأة مثلما يقولون؟
حسين الشافعي:
لا،واحد من الكويتيين،وانضم كأنه فرد من وفد(الكويت)،وركب معنا الطائرة،و-طبعًا-أخذنا على عاتقنا المسئولية،لأننا أصحاب الطائرة،وأصحاب المسئولية الأولى،المهم ذهبنا هناك،و-طبعًا-كانت مناقشات عقيمة ليس لها نتيجة،وفي النهاية استطعنا أن نأخذ(ياسر عرفات)ونأتي به،وبعد هذا الملك(حسين)أتى،وعندما دخلنا،ومعنا(ياسر عرفات)قابلنا الملك(حسين)وصافحناه،و(ياسر عرفات)صافحه،وبدأ المؤتمر الذي انتهى بوفاة(جمال عبد الناصر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
بداية،أشكرك على تراجعك عن قرارك بطردي-أنا وزملائي-واستمرارك في الإدلاء بالشهادة،في الحلقة القادمة نتناول وفاة الرئيس(عبد الناصر)واختيار الرئيس(السادات)وما تم بعدها.
حسين الشافعي:
أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور:
(10/103)
كما أشكركم-مشاهدينا الكرام-على حسن متابعتكم،في الحلقة القادمة-إن شاء الله-نواصل الاستماع إلى سعادة النائب(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق،في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج،وهذا(أحمد منصور)يحييكم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حسين الشافعي:
شكرًا،يا سيد أحمد.
أحمد منصور:
شكرًا،يا أفندم.(10/104)
الحلقة11(10/105)
الخميس 2/12/1422هـ الموافق 14/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 22:30(مكة المكرمة)،19:30(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق الحلقة 11
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
4/12/1999
- إنشاء صندوق عربي ولجنة عربية لجمع التبرعات للاجئين الفلسطينيين
- ظروف وملابسات موت عبد الناصر
- أسباب بقاء الشافعي نائباً لعبد الناصر ومن بعده نائباً للسادات
- تقييم الشافعي لفترة حكم جمال عبد الناصر
- كيفية اختيار السادات رئيساً للجمهورية
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد حسين الشافعي (نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق)، مرحباً سعادة النائب.
حسين الشافعي: أهلاً يا سيد أحمد.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند حدث هام جداً في تاريخ مصر الحديث، وهو وفاة جمال عبد الناصر في 28 من سبتمبر عام 1970م، في أعقاب وداعه لأمير الكويت كآخر ضيف مشارك في مؤتمر القمة العربي الذي عقد بمناسبة الإصلاح ما بين الملك حسين والسيد ياسر عرفات أو منظمة التحرير الفلسطينية، كيف كان موت جمال عبد الناصر؟
حسين الشافعي: والله عند عودتنا من الرحلة إلى مرسى مطروح وكان العودة بالقطار، فوقف القطار في محطة قصرة المنتزه، فهو نزل وكان معاه المرحومة حرمه، وابنه عبد الحكيم أصغر أولاده، والحقيقة هو يعني كان بيرجو إن أنا استمر معاه في إسكندرية.
أحمد منصور: نعم.
إنشاء صندوق عربي ولجنة عربية لجمع التبرعات للاجئين الفلسطينيين
(10/106)
حسين الشافعي: ولكن الحقيقة أنا يعني اعتذرت على إنه يبقى فيه حد في القاهرة في هذا.. هذا الوقت، ولكن المدة ماطالتش، لإنه لما حصلت الأحداث في الأردن، وبقى فيه ضرب على اللاجئين، اقتضى من جمال عبد الناصر إنه يدعو إلى المؤتمر الذي انتهى بوفاته، أنا أذكر في هذا الاجتماع جمال عبد الناصر اقترح إنه يبقى فيه تعاون ما بين العرب، تعاون مادي بالنسبة للظروف اللي بتتعرض لها.. الأحوال في أي بلد عربي، فاقترح إنه يبقى فيه لجنة تتولى هذه المهمة، واقترح إن الملك فيصل يرأس هذه إيه.. هذه اللجنة.
أحمد منصور: نعم.
حسين الشافعي: فالملك فيصل بدبلوماسيته قال بس أنا ما ليش في المسائل الإدارية ولا التنظيمية، وإذا كان يعني الأخ حسين الشافعي يعاونني في هذه المهمة أكون شاكر.
أحمد منصور: كان فيه معرفة بينك وبين الملك فيصل تدفعه إلى أن يطلب ذلك؟
حسين الشافعي: آه.. آه لا طبعاً، يعني قمت بزيارة المملكة السعودية في حضوره عدة مرات، ويعني أذكر إن أنا في سنة 54 عندما كنت رئيساً لبعثة الحج، كان المرافق لي كان الملك فيصل بصفته..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان ولي العهد.
حسين الشافعي [مستأنفاً]: ولياً للعهد.
أحمد منصور: نعم.
حسين الشافعي: فطبعاً معرفة قديمة، والثقة متبادلة إلى أقصى حد، فهو طبعاً جمال عبد الناصر كان يقصد من هذا إنه يعني السعودية بأموالها لما ترأس هذه اللجنة ممكن يعني تبقى تحل المشكلة بالنسبة للمعاونة وبالنسبة للمساعدة.
أحمد منصور: نعم.
حسين الشافعي: ولذلك يعني يمكن آخر زيارة طبعاً كانت لأمير الكويت.
أحمد منصور: نعم.
حسين الشافعي: إنما قبل أمير الكويت يمكن كان سفر الملك فيصل، فعبد ما سافر الملك فيصل قام وأنا راجع مع جمال عبد الناصر قام قال يعني ردت إلينا.. (بضاعتنا ردت إلينا)، يعني هو حب يبيع العملية على أساس إن الملك فيصل يتولاها، فإذا بالملك فيصل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يردها عليه؟
(10/107)
حسين الشافعي [مستأنفاً]: يردها عليه، فأنا جاوبته قلت له لأ، ما يكونش عندك فكرة، يعني أنا كفيل بإنه نجيب الأموال من .. بكل وسيلة ممكنة، و(يمكن) البرنامج ما..ما يتسعش لهذه، إنما لأهميتها هأضطر إن أنا أقول اللي حصل، فبعد وفاة جمال عبد الناصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ، إحنا عايزين قبل الوفاة الآن؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: لأ، في هذه الخصوصية.
أحمد منصور: آه في هذه النقطة، نعم.. اتفضل.
حسين الشافعي: بعد وفاة جمال عبد الناصر وجدت إنه يعني زي من مسؤوليتي إني أخلي هذه اللجنة تنجح في..مهمتها.
أحمد منصور: مهمتها، نعم.
حسين الشافعي: فجمعت السفراء العرب في القاهرة، وقلت لهم فيه نداء من الملك فيصل بيناشد البلاد العربية إنها يعني تتبرع من أجل اللاجئين، وأنا بأقول لكوا يعني إنكوا تبلغوا حكوماتكوا علشان نتلقى المساعدات المطلوبة، وقلت لهم يعني ميعادنا بعد أسبوعين، تكونوا اتصلتم ونشوف النتيجة، طبعاً بعد أسبوعين جمعتهم وما فيش أبداً ولا حاجة جت، قلت لهم إحنا فيه عندنا حكاية في مصر هنا، إن واحد من الصعيد جه لمولد السيد البدوي في طنطا، فهو في المحطة فاتوا عليه الأهالي، اللي يقول له والنبي تجيب لي مقطف حمص معاك، واللي يقول له هات لي شوية حلاوة، بعدين في الآخر واحد طلع فلوس وإدهاله وقال له والنبي تجيب لي زمارة لابني، فهو مسك العملة دي كده وقل أهو ده ابنه زمر، فأنا بأقول لكم لوا القصة دية علشان أنا مش عايز بعد الاجتماع ده نيجي من غير نتيجة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من غير ما تزمر!
(10/108)
حسين الشافعي [مستأنفاً]: من غير نتيجة، ورحت مشكل لجنة، وجبت طبعاً فيها العناصر اللي تستطيع إنها يعني تتصل اتصال مثمر يعني، فكانت برئاسة حسن صبري الخولي، اللي كان مسمى كده بالممثل الشخصي لجمال عبد الناصر، وهو كان له اتصال بكل ال... وجبت ممثل للسعودية اللي هي صاحبة النداء، وصاحبة المسؤولية الأولى، وواحد من الأردن، وواحد من قبل ياسر عرفات، وقلت لهم بقى تعدوا الأول على صاحب النداء، ومصر بتعلن إنها بتتبرع بمليون جنيه حاجات مادية، وفعلاً راح للملك فيصل، فكان تبرع السعودية بمليون دولار، ومر على بقية البلاد، وكانت الحصيلة في النهاية ما مجموعه 12 دولار...
أحمد منصور [مقاطعاً]: 12 مليون.
حسين الشافعي [مستأنفاً]: 12 مليون دولار، سنة منهم حاجات مادية، وستة منهم نقداً، واتحطوا في بنوك في الأردن، وكان اللي له حق التوقيع أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: توقيع فردي؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: فبعدما.. يعني كل ما كانوا الفلسطينيين يجوا يطلبوا فلوس أديهم بشيكات متتالية، وبعدين فضل مبلغ، فكل ما الملك فيصل يجي مصر هنا ويقابلني كل همه إن إحنا نصفي العملية دية، ونخلص من هذه الأموال، وأنا طبعاً يعني بأشوف إن هذا الموضوع من المواضيع المهمة جداً، لأن إذا كان التضامن العربي كان دخل في الاعتبارات المادية بدل ما نقعد مستنيين المعاونات من الأجانب ومن الصليب الأحمر، والصليب الأزرق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والكونجرس.
حسين الشافعي [مستأنفاً]: يعني ليه؟! ده إحنا أموالنا كفيلة بإنها تحل مشاكلنا، ولكن يبدو إنه كان وجود هذه النواة كنقطة بداية عملية بتنظر إليها من الأوساط الاستعمارية نظرة في غاية الخطورة، ونظرة ما تحبش إنها تكون موجودة.
أحمد منصور: يعني حوربت هذه اللجنة وهذا الصندوق بشكل..
(10/109)
حسين الشافعي [مستأنفاً]: آه طبعاً، ولذلك تصميم الملك فيصل كل مرة على الانتهاء من هذه العملية، بل بالعكس، أنا كنت بأعتبر إن دي كانت ممكن تبقى خميره ونقطة أساس لحل المشاكل بشكل موضوعي، وبشكل..
ظروف وملابسات موت عبد الناصر
أحمد منصور: لو رجعنا لمطار القاهرة، في وداع أمير الكويت كآخر ضيف بعد الملك فيصل تم وداعه، وكنت أنت مع جمال عبد الناصر في عملية الوداع؟
حسين الشافعي: آه، أنا كنت طبعاً واقف في.. يعني مع المودعين، وكان جمال عبد الناصر يعني من طبيعته إنه لا يغادر المكان حتى تقلع الطائرة، لكن بعد وداع أمير الكويت ما استناش إلى أن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تقلع الطائرة.
حسين الشافعي [مستأنفاً]: تقلع الطائرة، ولكن رجع على طول، لدرجة إنه حتى الواحد ما لحقش يحصله عشان يرجع معاه، وبعدين لقيته وهو يعني راجع،نده قال اندهوا الدكتور، وده ما كانتش بتحصل يعني إنه يجي يركب معاه.
أحمد منصور: تفتكر وشه كان شكله إيه؟ جسمه كان شكله إيه؟
حسين الشافعي: لا، كان سليم، وكان كل حاجة، لأنه هو طبعاً كان يعني حريص دائماً على الشكل الزعامي والقيادي، إنه يعني كان يدي له حقه بالكامل يعني.
أحمد منصور: رغم إنه ما.. كان ممكن الأمراض اللي عنده تؤلمه بشدة؟
حسين الشافعي: طبعاً، وبعدين أنا قلقت، لما قال يعني استدعى الطبيب وكده، فساعة ما رجعت البيت ورحت طالبه في التليفون، فرد علي اللي كان يعني مسؤول عن الخدمة في هذا الوقت؟ اللي هو عبد الحي ده اسمه.. اسمه إيه.. آه فؤاد عبد الحي، قلت له الريس إزيه، قال لي بخير، أنت بتسأل ليه؟ قلت له لأنه لما كان راجع من المطار كان كذا كذا، قال لا أبداً، ما فيش حاجة وبتاع، إنما برضه قاعد يعني المشغولية موجودة، حوالي الساعة 5 اتصل بي محمد أحمد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مساء؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: اللي هو مدير مكتب جمال عبد الناصر.
أحمد منصور [مقاطعاً]: 5 مساءً.
(10/110)
حسين الشافعي [مستأنفاً]: نعم؟
أحمد منصور: الخامسة مساءً؟
حسين الشافعي: 5 مساءً، قال لي يعني أرجو إنك تتفضل لأنه الرئيس تعبان شوية، أنا طبعاً أدركت في التو واللحظة إن الأمر أمر جلل، خدت العربية وبأسرع ما يمكن كنت يمكن حوالي 5 وربع موجود هناك، طلعت لقيتهم الدكاترة عمالين بيحاولوا يعملوا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تدليك للقلب.
حسين الشافعي [مستأنفاً]: عملية تنشيط للقلب وصدمات كهربائية، وهي كانت يبدو إنه الوفاة كانت تمت، وأنا طبعاً يعني أتألمت جداً جداً.
أحمد منصور[مقاطعاً]: شفت مين..
حسين الشافعي[مستأنفاً]: فما كان مني إلا إني قمت صليت ركعتين في نفس الحجرة اللي فيها ال.. وطبعاً بعد كده توافدت الناس المسؤولين.
أحمد منصور: لما وصلت هناك حضرتك شفت مين كان سبقك لهناك؟
حسين الشافعي: ما كانش حد سبقني، يمكن اللي شفته شفت بس يا دوب الدكاترة، طبعاً. يعني الواحد.. طبعاً قضاء الله ده ما فيهوش إلا التسليم يعني.
أحمد منصور: نعم.
حسين الشافعي: فطبعاً الواحد ابتدا يتصور كل الأبعاد بتاعة افتقادنا لهذا الرجل بزعامته وبقيادته.
أحمد منصور [مقاطعاً]: تسمح لي، تسمح لي سعادة النائب، وأنت في هذه الفترة وفي هذه المرحلة وفي هذه اللحظة التاريخية ما هي أهم الأبعاد والتصورات التي تواردت إلى ذهنك وأنت في الغرفة التي كان فيها جسد جمال عبد الناصر مسجى..وأنت (نائبة)؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: يعني هو أول حاجة كان..يعني التفكير في تكريم هذا الإنسان بأقصى ما نستطيعه، ولذلك يعني اقترحت إنه ينتقل مباشرة إلى قصر القبة، وتقام الحراسة اللائقة ويبقى فيه.. وطبعاً بعد ما حصل اجتماعات ابتدى يعني التفكير في شؤون الجنازة.
[فاصل إعلاني]
حسين الشافعي: وهم طبعاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين أهم الشخصيات اللي كانت بتبت في قضية اتخاذ القرار بقى في ذلك الوقت؟
(10/111)
حسين الشافعي: لا، لا، يعني مجلس الوزراء مجتمع مع اللجنة التنفيذية العليا في هذا الوقت كل دول كانوا مجتمعين وبيعرض عليهم الموضوع، وطبعاً كانت احتياطات الأمن واعتبارات التنظيم للعملية كانت هي الأساس في المناقشات في الأول، وطبعاً رؤية النهاية إنه أمام الزحام اللي هيبقى الأمر متعرض له، فكان أسلم حاجة إنه يعني تبدأ الجنازة من مبنى مجلس الثورة اللي في الجزيرة، وعشان الوصول إليه هناك مع ال… فيض الزحام الموجود، فما كانش فيه إلا التفكير في إنه ينقل بالهليكوبتر إلى نادي الجزيرة، ومن هناك في الأرض الواسعة اللي هناك ينتقل إلى مجلس الثورة، فنزلنا مع ال.. على إن الجثمان يتحط في طيارة، فالجميع نزلوا، وكان فيه طيارتين، طيارة علشان ننتقل فيها، وطيارة ينتقل فيها الجثمان، فأنا الحقيقة، ما طاوعتنيش نفسي إنه نسيب الجثمان من غير ما يكون حد معاه، فأنا تخلفت وجيت مع الجثمان وبقية الناس سبقوا في الطيارة التانية.
أحمد منصور: مين أهم الشخصيات تفتكر اللي شاركت في..؟
حسين الشافعي: اللي كانوا في الطيارة التانية، يمكن أنور السادات وعلي صبري، ويمكن بعض رجال الرياسة، فأنا لما وصلت مع الجثمان، ورحنا لقينا بقى الملوك والرؤساء موجودين في مجلس الثورة، وموكب الجنازة في حدود الكوبري كان يعني منتظم، يعني الملوك والرؤساء واخدين وضعهم، ولكن الحاجة اللي تذكر إن كل من علي صبري وأنور السادات يعني مرضوا أو تمارضوا لسبب أو لآخر، وما مشيوش في الجنازة.
أحمد منصور: بالمرة؟
حسين الشافعي: خالص .
أحمد منصور: واحد نائب رئيس جمهورية والآخر رئيس وزراء؟!
حسين الشافعي: آه، فقد يكون يعني هم بقى لهم تطلعات، فأنا ما كانش ليه تطلعات، ولذلك أنا اللي مشيت في الجنازة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده المفروض اللي له تطلعات يتصدر الجنازة؟!
حسين الشافعي: مش كده!! هو كده، ولكن يعني يظهر التطلعات كان فيها خوف على النفس يعني.
(10/112)
أحمد منصور: طب هم جايز حبوا يثبتوا التطلعات على سيادتك،إن إنت اللي ليك تطلعات؟
حسين الشافعي: على كل حال في الأحداث هيبان عكس كده يعني، القصد مشيت أنا بقى في الجنازة لحد ما انتهى كوبري قصر النيل، ابتدى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الجماهير؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: الجنازة المنظمة ينتهي أمرها كلية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والملوك والرؤساء؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: لسيول المصريين كمشيعين ويعني في حالة من الانفعال لا يمكن أن توصف، فابتدت بقى الروافد بقى كلها اللي بتغذي هذه الحشود سواء اللي جاي من ميدان التحرير أو اللي جاي من ناحية الكورنيش، أو أي جاي من ناحية وزارة الخارجية، فكل دي بقى كلها صبت في نقطة واحدة اللي هي بعد النفق مباشرة اللي قبل الهيلتون، كل المسؤولين راحوا في الهيلتون، وانتهت بالنسبة لهم الجنازة بما فيهم الرؤساء وبتاع، وفضلت أنا ماشي في الجنازة، فكان عبد الحكيم بن جمال عبد الناصر ابنه.. أصغر أبناءه كان محضن على الجثمان فوق المدفع اللي بيحمل الجثمان، وبعدين الجموع دي ابتدت بقى تضغط بدرجة إنه لو استمدت في ضغطها إنه مافيش قوة تقدر تدفعها أو توقفها لدرجة إن أنا خفت على عبد الحكيم إنه مع الضغط ده ممكن هو يقضى عليه.. نتيجة...
أحمد منصور [مقاطعاً]: تزاحم الناس.
حسين الشافعي [مستأنفاً]: الضغط ده، فكان فيه كتيبة صاعقة على جانبي المدفع اللي بيحمل الجثمان فرفعت إيدي عالياً وهتفت بأقصى صوت عندي، وقلت لا إله إلا الله، وإذا بكتيبة الصاعقة والناس الموجودين يرددوا لا إله إلا الله، وإذا بالجموع تقف، واستمرت الجنازة وتم يعني تخليص الموقف ده من هذا المشهد الصعب، وطلعنا على شارع رمسيس واستمرينا ماشيين لحد محطة كوبري الليمون اللي هي...
أحمد منصور [مقاطعاً]: الآن أصبحت محطة مصر،نعم.
حسين الشافعي [مستأنفاً]: في شارع رمسيس، بعدين يظهر لقوا كل الناس موجودة وحسين الشافعي مش موجود..
(10/113)
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين اللي لقى؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: زوجتي.. ابتدت تنشغل، فابتدت تسأل فقالوا لها ماشي في الجنازة، فهي.. يعني طلب إن حد كان بقى قوات الأمن، كان رئيس المباحث أظن واحد اسمه حسن طلعت، فبعث لي عربية علشان تجيبني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تجيبك فين سعادتك؟
حسين الشافعي: يعني تجيبني من حيث أنا، فجه تقريباً بعد كوبري الليمون، طلعت أنا علشان أركب العربية، والناس ساعة ماشافتني يعني إنهالت علي من كل جانب لدرجة إن أنا بصعوبة شديدة جداً قدرت أركب العربية وطلعت مباشرة على.. كانوا بقى جت عربية مدرعة خدت الجثمان وطلعت بيه على مسجد اللي هو مدفون فيه اللي هو مسجد جمال عبد الناصر، أنا رحت في قصر القبة، وبقيت أتابع من التليفزيون موقف الجنازة وصلت لفين، وطبعاً كنت بقى يعني في حالة تضطر إن أنا يعني أجدد ثيابي وأجدد لبسي، ونزلت من القبة على المسجد، كان لسه ما حصلش لسه الصلاة عليه ولا عملية الدفن، طبعاً يعني كانت لحظات يعني ما أقدرش أحكي لك إلى أي مدى كانت شديدة على النفس، لأن رحلة استغرقت 18 سنة اللي هي المرحلة اللي عاشها جمال عبد الناصر منذ قيام الثورة وإحنا إلى جانبه، وبنتعرض لما تعرضت إليه البلد، وطبعاً كان يعني موقف بذكرياته كلها يعني الأليمة، ننتهي من هذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ، اسمح لي،أنت الوحيد تقريباً من بين أعضاء مجلس قيادة الثورة الذي لم يختلف معهم عبد الناصر،بل بقيت إلى جواره حتى وفاته، حتى أن السادات حينما أصبح رئيساً كنت أيضاً أنت الوحيد من أعضاء مجلس قيادة الثورة الذي بقي معه أو إلى جواره في السلطة، ما هو السر في ذلك؟
أسباب بقاء الشافعي نائباً لعبد الناصر ومن بعده نائباً للسادات
حسين الشافعي [مستأنفاً]: السر في بقائي؟
أحمد منصور: إلى جوار عبد الناصر، كلهم اختلف معهم عبد الناصر، استقالوا أو أقيلوا،وأنت الذي بقيت؟
(10/114)
حسين الشافعي: هو طبعاً كل إنسان له أسلوب تفكيره، وقوه احتماله للمواقف المختلفة، إنما أنا يمكن أنا اللي خلاني أجتاز كل هذه المواقف إنه عمري ما خدت أي موضوع بصفة شخصية، وإذا يعني حصل اختلاف في وجهات النظر أعتبر إن الموضوع عمره لحد هنا انتهى، وما آخدش الموضوع شخصي يعني.
أحمد منصور: يعني ألم تكن هناك أخطاء أو تصرفات أو قرارات تدفعك أيضاً إلى أن تعلن استقالتك مثل الآخرين، ولا تتحمل جانب من المسؤولية فيما حدث؟
حسين الشافعي:أنا بأعتبر إن أنا في فلك واحد، والخروج من المسؤولية مش بالاستقالة، الخروج بمحاولة الصمود والتصدي، بحيث إنك أنت تبقى زي الضمير اللي يحاسب ده أهم من الاستقالة، لأنه إحنا مش بنسجل مواقف، لأن إحنا ارتضينا جمال عبد الناصر كزعيم، وارتضينا بهذا الفلك إن إحنا نسير فيه، وما زالت ثقتنا في زعامته موجودة، فما كانش فيه مجال إن الواحد ياخد المواضيع بشكل شخصي.
أحمد منصور: منذ عام 51 وهو الذي توثقت العلاقة بينك وبين عبد الناصر، وتلازمتما حتى 28 سبتمبر 1970م، طوال هذه الفترة ألم يحدث بينك وبين عبد الناصر أي شكل من أشكال المواقف المتصاعدة التي دفعتك إلى أن تفكر جدياً في تركه، ألم يحدث بينكما خلافات قوية وشديدة؟
حسين الشافعي: إطلاقاً.
أحمد منصور: في أى مواقف.
حسين الشافعي: إطلاقاً
أحمد منصور: سعادة النائب،أرجو بشفافية وتجرد،أن تقيم لي فترة حكم جمال عبد الناصر بسلبياتها وإيجابياتها؟
(10/115)
حسين الشافعي: والله يمكن أنا قلت هذا التقييم في خطاب في أسيوط سنة 72، و عندما دعيت على أساس إن سنة الحسم مرت بدون حسم، وكانت الناس خلاص صبرها نفذ، فقامت المظاهرات في كل الجامعات،وكان أقواها في أسيوط، مما دعا اتحاد الطلبة ومجلس إدارة الجامعة وأهل أسيوط لأنهم يجوا بوفد علشان يدعوني إن أنا أحضر وأكلمهم، بعد ما راح لهم ناس ما إدوا لهمش القناعة الكاملة بال.. وأنا طبعاً الحقيقة يعني لقاءاتي العامة دية بأديها يعني اعتبار كبير جداً لأنه الواحد لابد أن يحترم عقول الناس ووجدانهم ومش مجرد إن العملية عملية شكلية وسد خانة.. لأ، فنهايته طبعاً علشان أوري لك إلى أي مدى كان التصرفات أنور السادات مبكراً يعني…مضادة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا لسه ما دخلتش على السادات.
حسين الشافعي [مستأنفاً]: مضادة، أنا لما جيت أروح، فكان مفروض على الأقل يجي معايا وزير التعليم بصفتي نائب للرئيس ورايح في.. فراسه وألف سيف إنه يعني يحكم رأيه إنه يناقش سياسة التعليم في اليوم ده.
أحمد منصور [مقاطعاً]: سعادة النائب، معلش اسمح لي،أنا هاجي ل 72 بالتفصيل ولكن..
حسين الشافعي [مستأنفاً]: لا، لا، أنا مش هأتكلم في 72، خلي صبرك معاي بس.
أحمد منصور: حاضر يا أفندم، اتفضل
تقييم الشافعي لفترة حكم جمال عبد الناصر
(10/116)
حسين الشافعي: فنهايته، كان الوزير في أيامها شمس الدين الوكيل –رحمه الله- فاتصل بي في المغرب وقال لي: أنا آسف، مش حأقدر آجي معاك لأن أنور السادات عايز يناقش سياسة التعليم في هذا اليوم، قلت له براحتك، أنا يعني.. القصد رحنا في أسيوط،وهي في مجال التقييم اللي أنت طالب الرد عليه، فقلت أول ما يعني خدت الكلمة، قلت أنا لأول مرة آجي أسيوط بعد وفاة جمال عبد الناصر، ومن حق هذا الرجل علينا في البلد اللي أنبتته إن إحنا نذكر كل ما أنجزه خلال 15 سنة، وما أنجزه لا يقع تحت حصر، ولن يذكر له التاريخ في كل ما أنجز إلا أنه بثورة 23 يوليو استطاع أن يحرك واقع المنطقة العربية، إلا أنه مات سنة 67، ولكنه تشبث بالحياة ليذكر انسحابه من الحياة في سنة 70، وفي هذه المرحلة خاض أمجد معاركه، عندما أعاد بناء القوات المسلحة وأقام قاعدة الصواريخ، وبدأ حرب الاستنزاف، فلما شعر بالأمان مات مطمئناً، فتحية لنضاله وفاتحة لروحه، وكان استهلال يعني بيعبر عن مشاعر حقيقية لا فيها مجاملة، ولا فيها نفاق، ولا فيها إلا تقدير حقيقي لهذا القائد.
أحمد منصور: سعادة النائب، الآن إحنا عندنا أحداث مهمة وخطيرة لم تتعرض لها في تقييم فترة جمال عبد الناصر، إذا كان هناك..
حسين الشافعي [مقاطعاً]: إيه؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت تتحدث الآن عن الإيجابيات، وأنا أود أيضاً أن تتحدث عن السلبيات التي وقعت في ثورة يوليو ومن جمال عبد الناصر شخصياً أثناء فترة حكمه كمسؤول عنها بصفته الرئيس.
حسين الشافعي:على كل حال، يعني إحنا لازم نستشف عدل الله- سبحانه وتعالى- في محاسبة عباده، بيقدر الحسنة بعشر أمثالها، ولكن السيئة بمثلها، يعني مافيش.. وإحنا طبعاً ما زلنا لما نشوف المحصلة النهائية لهذا الرجل بحسناته، وإذا كانت هناك سيئات، فالمجموع الكلي والمضمون الكامل هو اللي أنت بتحسه من تقدير الجموع العريضة لذكراه لحد النهارده.
(10/117)
أحمد منصور: لكن هناك أخطاء أيضاً يعني لا أدري ما هو المانع، وما.. ما هي الحساسية الدائمة في التعرض لها على أنها خطاء وقعت، بعضها طرف فيها جمال عبد الناصر مثل هزيمة 67، مثل ما وقع في السجون والمعتقلات، ما أتيح لمجموعة عبد الحكيم عامر، والقوانين التي أصدروها وأهانوا بها الناس في الفترة من 62 إلي 67، حتى تم يعني التخلص من الازدواجية التي كانت موجوده في السلطة في ذلك الوقت، العلاقات العربية التي أيضاً تأثرت كثير في عهد عبد الناصر بسبب رفع شعار " التقدمية والرجعية" والتأثير على بعض الدول العربية والصراعات والمشاكل التي كانت موجودة معها، انفعالات .. انفعالات عبد الناصر الكثيرة التي كانت تتم في بعض الخطابات دون أي شكل من أشكال الدراسة لتلك الشعارات التي تمت والتي كان لها نتائج وخيمة بعد ذلك على مصر وعلى الأمة كلها، الأموال التي أيضاً ضاعت في حرب اليمن وفي 67 وفي غيرها، حتى إن رئيس الوزراء المصري أعلن مؤخراً إنه هناك 77 طن من مخزون مصر من الذهب يعني في الفترة من 52 إلى الآن ذهب من الحصيلة أليست كل هذه أخطاء؟
حسين الشافعي [مقاطعاً]: هي حساسيات من قبل الدوائر الاستعمارية اللي أساءها جداً وجود شخصية زي شخصية جمال عبد الناصر، وكل من يسير في فلكه، ولذلك دول بيدوروا على .. أنت عارف القطط الفاطسة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس دي مش قطط فاطسة سعادتك...؟
(10/118)
حسين الشافعي [مستأنفاً]: ولا دي قطط فاطسة خالص، لأن المحصلة النهائية بتشوفها في مشاعر الجماهير على امتداد العالم العربي، دي ما جاتش من فراغ، جت من إن أعلت كلمة الشرف وكلمة الكرامة اللي هي أهم من هذه الحاجات اللي هي بتباشر في جميع الأنظمة على مستويات لا.. يعني بس ما حدش بيحصرها ولا حد بيحاسبها، إنما الثورة لأنها وقفت قدام الاستعمار هي اللي بتحاسب، فكان الاستعمار هو اللي بيحاسبنا مش، الجماهير اللي بتحاسبنا، ولذلك ربنا قال إيه؟ قال (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ورسوله والمؤمنون) ما قالش لا الجهات الاستعمارية ولا الناس، إنما قال المؤمنون، فإحنا المؤمنون بنقول اللي إحنا بيرضينا.
أحمد منصور: سعادة النائب، بصفتك أحد الذين صنعوا الثورة، جمال عبد الناصر حينما وقف يوم 9 يونيو وأعلن مسؤوليته عن هزيمة 67، في وقفة وصفت بأنها من أشجع المواقف التي يعترف بها زعيم بمسوؤليته تجاه خطأ معين ارتكب، إحنا بنطلب من سعادتك الآن إنك فعلاً تقول نعم كان هناك أخطاء وهذه هي الأخطاء، لأن أنتم أيضاً ينظر لكم على أنكم تبرروا إن الثورة ليس لها أي أخطاء وإن الأخطاء هي من أعداء الثورة وهم الذين يريدون أن يشوهوا صورتها، ألم ترتكب أخطاء في حق الناس، في حق البلد، في حق الأمة العربية كلها بسبب بعض التصرفات التي وقعت؟
(10/119)
حسين الشافعي: الذين لا يخطؤون هم الذين لا يعملون، وما دام تعمل فأنت معرض للخطأ لأنك بشر، إنما المهم في النهاية هو التقييم الكامل بالنسبة لمجمل المواضيع هل هي ترجح كفة الشخص ولا ما ترجحش كفته، زي الحساب، زي حساب ربنا في النهاية اللي أنت بتشوفه من مشاعر الناس والجماهير على امتداد العالم العربي بتدل على هذا، إنما مين اللي محروق قوي، هو الاستعمار طبعاً وده أمر طبيعي لأنك.. كان هذا النظام واقف له زي العقلة في الزور، وأنا بأعتبر إن 67 لم تكن الا للتخلص من جمال عبد الناصر ونظامه، ولذلك أنا بأعتبر إن هذا العدوان فشل في تحقيق هدفه النهائي، ولذلك كان هناك انقلاب لصالح هذا الهدف اللي هو القضاء على جمال عبد الناصر، فلما..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هو جمال عبد الناصر هيموت هيموت، إن لم يكن بعنصر الزمن والوقت بعنصر الأجل، سينتهي جمال عبد الناصر وبقي جمال عبد الناصر 16 عاماً وحقق منها كثير من الأحداث التي تجني الأمة الآن يعني ثمارها، وسعادتك ذكرت إنه من 62 لـ 67 على سبيل المثال كان عبد الحكيم عامر هو الذي يضغط والذي يسير الأمور، وعبد الناصر كان يشعر إن ليست كل الأمور في يديه، أيضاً.
حسين الشافعي[مقاطعاً]: أدي أنت قلتها بنفسك عبد الحكيم عامر...
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس هل هذا يبرىء ساحة جمال عبد الناصر؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: عبد الحكيم عامر هو كان يعني أنور السادات امتداد له، وامتداد للنظام اللي كان بيأمل إنه يقضي على جمال عبد الناصر، ولذلك يوم ما اتعين أنور السادات نائباً للرئيس في 20 ديسمبر سنة 69، يعني كل المجموعة اللي هي بيقولوا عليها مراكز القوى دي يعني هللت واستبشرت، وراحوا في المطار ياخدوا بعض بالأحضان تهنئة على إنهم نجحوا في أول خطوة لتمكين أنور السادات من إنه يخلف جمال عبد الناصر.
(10/120)
أحمد منصور: طيب، أنا أود منك الآن بالتفصيل أن تحدثنا عن تلك الجلسة التي تم فيها اختيار أنور السادات أو ترشيحه ليكون رئيساً للجمهورية خلفاً لجمال عبد الناصر؟
كيفية اختيار السادات رئيساً للجمهورية
حسين الشافعي: يعني أنا بأقول لك إن العملية بدأت من 20 ديسمبر 69، وبعدين في أول اجتماع...
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين اللي اقترح.. مين اللي اقترح أنور السادات كنائب على جمال عبد الناصر، أم أن عبد الناصر اختاره بتلقائية كاملة؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: ما أنا قلت لك في الأحاديث اللي فاتت.
أحمد منصور: صحيح.
حسين الشافعي: يعني مش عايزين نرجع لنقطة إحنا اتكلمنا فيها قبل كده، وده رأيي، وطبعاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس ده رأي بيضعف شخصية عبد الناصر؟
حسين الشافعي: بيضعف إيه؟
أحمد منصور: شخصية عبد الناصر، وكأنه يملى عليه أيضاً؟
حسين الشافعي: ومحمد علي كان ضعيف الشخصية لما أرغموه بعد مؤتمر (لندن) إنه ينسحب من بعد انتصاراته في (قونية) وفي (نصيبين) على تركيا، واجتمعت كل الدول الأوروبية في مؤتمر لندن عشان يرغموه على إنه يتنازل عن كل انتصاراته، بس دي أعلنت لأنها أعلنت من جانبهم، إنما المرة دي ما أعلنتش، وجمال عبد الناصر بزعامته ما حبش يعلنها، ما حبش يقولها، لكن أنا استنتجتها من عدة شواهد، استنتجتها من عدة شواهد، و.. يعني هو قال لك أطاطي للعاصفة وما أفكرش في الموت، ولكن الناس اللي هم عملوا هذا العمل وفرضوا هذا الإنسان هم في نفس الوقت كانوا من المؤكد السيناريو بيقول كده، هم اللي دبروا عشان ينتهوا منه أو كانوا متأكدين إن حياته قاربت على الانتهاء.
أحمد منصور: مستقبل البلد سعادة النائب؟!
حسين الشافعي: مستقبل البلد أنت اللي هتدور عليه، أو أنا اللي هأدور عليه؟
أحمد منصور: كل الأمة بتدور عليه.
حسين الشافعي: كلنا بندور عليه.
أحمد منصور: صح.
(10/121)
حسين الشافعي: وإحنا أكتر منك في التدوير على مصلحة البلد.
أحمد منصور: صحيح.
حسين الشافعي: مش .. يعني مش.. مش البتاع ده.. قناة (الجزيرة) هي اللي هتدور على مستقبل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إحنا بنتحدث عن القرار اللي اتخذ في تلك الفترة إذا كان بهذه الأبعاد بيضعف موقف جمال عبد الناصر، وبيجعل جمال عبد الناصر بيضع مستقبل البلد في..
حسين الشافعي [مستأنفاً]: على العموم ده تصور، وقد يكون ما هوش حقيقي، إنما ده استنتاج بالنسبة لسير الأحداث، نيجي تاني لأول جلسة اللي أنت كنت بتتكلم عليها للجنة التنفيذية العليا بعد وفاة جمال عبد الناصر، وطبعاً دي جلسة تاريخية، كان فيها اللجنة التنفيذية يعني يمكن كلهم عاملين رباطية واحدة فيما عدا حسين الشافعي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت ما كنتش محسوب على أي طرف؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: أنا ما ليش أطراف، أنا للبلد كلها ما أخدش أنا أطراف ما أعملش مناورات، والسعي للسلطة ده يعني قمة.. يعني قمة عدم الإدراك، زي أنا ما قلت في أسيوط، يعني مسؤولية لا يسعى إليها عاقل، فأنا عامل.. قاعد مستمع ولقيت المجموعة كلها في رباط واحد، فيما عدا الدكتور محمود فوزي والدكتور كمال رمزي…، ودول طبعاً مالهمش يعني صالح في اللعبة السياسية على الإطلاق، فتجمعوا كل الناس دول بقيادة طبعاً علي صبري، ولبيب شقير بقى هو فيلسوف المجموعة، وهو المقرر بتاع القرار اللي حيتخذ في النهاية، وبصينا لقينا...
أحمد منصور [مقاطعاً]: اسمح لي، علي.. علي صبري كان رئيس وزراء، ولبيب شقير رئيس مجلس الأمة؟
حسين الشافعي [مستأنفاً]: ده لسه!
أحمد منصور: في ذلك الوقت يعني في تلك الجلسة؟
(10/122)
حسين الشافعي: هو جه،كيعني..كمقرر لهذه المجموعة، وهو بقى اللي بيصيغ العملية، وبعدين بصيت لقيت إن إحنا حنبقى في النهاية بتملى علينا قرارات من مجموعة، وقلت دي حتبقى بداية يعني بداية خطيرة جداً، وكلهم اتكلموا في نقطة واحدة، و القرارات كانت الإسراع في تعيين أنور السادات رئيساً للدولة، لما خلصوا من المهرجان ده كله اضطريت إن أنا أتكلم، حتى يعني أسجل موقف للتاريخ، لأن دي عملية مش ممكن كانت تمر بهذا الشكل، فقلت الآتي، قلت أنا لما جيت في هذه الجلسة بعد وفاة جمال عبد الناصر لم يكن في ذهني للمناقشة إلا موضوع واحد، وهو كيف نحافظ على نظام جمال عبد الناصر مع تأكيد استمرار ثورة 23 يوليو، إنما إن أنا آجي عشان أبص ألقي كل المناقشة هو الإسراع في تعيين أنور السادات، تعيين الرئيس ده جزء من الاعتبارات والعوامل اللي تحقق الهدف الأساسي، وهو استمرار نظام جمال عبد الناصر، وتأكيد استمرار ثورة 23 يوليو، والله اللي يقدر على هذه المسؤولية ننتخبه على الرحب والسعة، ولازم مع.. يعني إن إحنا ننتهي إلى شخص معين، فيجب أن يعلن معاه المنهج والبرنامج الذي سيتخذ بحيث إنه يبقى وثيقة إلزام بالنسبة للشخص اللي هيتولى هذه المسؤولية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان فيه شخصيات غير السادات مرشحة أو يمكن أن تتحمل المسؤولية في تلك اللحظة التاريخية؟
حسين الشافعي: لأ ما كانش.
أحمد منصور: يعني كان هو السادات برضه!!
حسين الشافعي: لأ، بحكم إنه هو.. طب ما أنا برضه.. إذا كان هو نائب أنا برضه نائب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأنت أقدم منه من62.
حسين الشافعي [مستأنفاً]: وأنا أقدم منه، وأنا لي دور في الثورة أكبر منه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ولماذا تم اختياره وهو..
(10/123)
حسين الشافعي [مستأنفاً]: هو كان في السينما، أنا ما كنتش في السينما، وعليها يعني قام علي صبري وقال: أنا مش قادر أفهم إيه الإعلان وإيه البرنامج إذا كلنا كلنا موافقين على أنور السادات، قلت في عقلي بالي اشربوه.
أحمد منصور: سعادة النائب، اسمح لي في الحلقة القادمة نستكمل الموقف من عند هذه النقطة بعد (اشربوه).
حسين الشافعي: طيب.
أحمد منصور: شكراً جزيلاً ليك، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة نواصل الاستماع إلى شهادة سعادة النائب حسين الشافعي (نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق) في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/124)
الحلقة12(10/125)
الخميس 2/12/1422هـ الموافق 14/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 22:37(مكة المكرمة)،19:37(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق الحلقة 12
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
11/12/1999
- طبيعة علاقة بين الشافعي والسادات بعد توليه الرئاسة
- مراكز القوى والقضاء عليها في ثورة التصحيح
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر).
حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد حسين الشافعي (نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق). مرحباً سعادة النائب.
حسين الشافعي: أهلاً أستاذ أحمد.
طبيعة العلاقة بين الشافعي والسادات بعد توليه الرئاسة
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند الجلسة التي عقدت في أعقاب وفاة الرئيس عبد الناصر وتم فيها اختيار السيد محمد أنور السادات رئيساً للجمهورية في الوقت الذي كنت أيضاً.. أنت أيضاً فيه نائباً لرئيس الجمهورية، وكنت أنت عضو مجلس قيادة الثورة الوحيد المتبقي في السلطة إلى جوار السادات، وكذلك كنت أنت الوحيد الذي أعلنت اعتراضك على ترشيح السادات، بعد ما تبين لك أن الأمور مرتبة في تلك الجلسة، ألم يؤدي اعتراضك على السادات إلى أن يوغر صدر السادات عليك؟
حسين الشافعي: هو ما كانش يعني منتظر الكلام بتاعي، لأن هو يعني الإحساس بالنسبة لي يعني من قبل كده، ولكن أنا لما بأتكلم أنا بأتكلم لمصلحة الثورة ومصلحة النظام، وطبعاً يعني أنا ما كانش اعتراضي على شخص أنور السادات لشخصه، قد ما اعتراضي على الأسلوب اللي بيتخذ وفي نفس الوقت لازم يكون فيه التزام بمنهج وببرنامج معلن..
(10/126)
فطبعاً يعني كان مضمون الكلام طبعاً كان واضح لكل واحد إنه اعتراض على أنور السادات، وقد يكون ده يعني حقيقي إلى حدٍ ما، ولكن مش ده القصد، القصد أكبر من كده، لأنه فيه اعتراض أولاً على أسلوب تناول الموضوع والاستخفاف بالموقف بعد وفاة جمال عبد الناصر اللي كان يحتاج إلى جهود يعني متضافرة علشان تقدر تسد هذا الفراغ، فكون إنهم ياخدوه بهذه الخفة وبهذا الأسلوب وعدم الالتزام بالهدف اللي أنا بأقوله ده هو الخطأ.
أحمد منصور: طب أنا عايز أسأل: أنت كنت أقدم منه كنائب أنت من 61 نائب للرئيس عبد الناصر وهو من 69 نائب للرئيس عبد الناصر، ألم تكن أنت الأولى في الاختيار في تلك المرحلة إذا يعني خدنا الأمور بالخبرة وبالممارسة وبالأقدمية؟ ألم تفكر أنت في المسألة؟
حسين الشافعي: والله أنا يعني العملية ما هياش يعني بالحسابات بهذا الشكل، لأنه أولاً وأخيراً أنا إيماني بإن السلطة دي نوع من التمكين الإلهي، وساعات التمكين ده يكون يا إما للخير يا إما للشر فهو اللي بيمكن (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).
أحمد منصور: لكن هل كنت مهيئاً إذا تم اختيارك أيضاً أن تقوم بالمسؤولية أن تقبل السلطة؟
(10/127)
حسين الشافعي: يعني فيه ناس سألتني هذا السؤال وقالوا لي يعني لو كنت أنت توليت السلطة كنت هتعمل إيه؟ قلت لهم: والله أنا كنت هأحاول إني أكون أكثر اقتراباً لله عسى إنه يفتح عليَّ ويقول لي إيه اللي أعمله، إنما طبعاً عندي في تاريخي وفي ضميري وفي التجارب اللي أنا مريت عليها ما يكفي إن أنا يعني أعرف كثير من الأمور، وإذا كان النهارده أنتو بتسألوني عشان أكون شاهد على العصر فعلاً أنا يعني في طول خدمتي تعرضت لمواقف إدتني خبرة، سواء في مجال الفترة اللي اشتغلت فيها في شؤون الأزهر أثناء عملية تطويره، وفي المراحل الأولى لتأسيس وإنشاء الاتحاد الاشتراكي، وفي مجال المحاسبات، وفي وزارة الشؤون الاجتماعية إن يعني التعرض للقوانين العمالية والتأمينات والاجتماعية والحركة التعاونية، فميادين لا أول لها ولا آخر، فدي طبعاً إدتني يعني خبرات ربنا هو اللي أراد إنه يحصنّي بهذه المعلومات.
أحمد منصور: سعادة النائب، ألم يوغر هذا أيضاً صدرك على السادات باعتباره قد أخذ مكاناً كنت أنت الوحيد المرشح له قبل اختياره نائباً للرئيس.. جمال عبد الناصر؟
حسين الشافعي: على الإطلاق.. على الإطلاق وأنا كنت أتمنى إن هو يسير على مبادئ الثورة وكنت أكون معاون له بقلبي يعني، ليه؟ لأن التمكين ده مش في إيدي.
أحمد منصور: هل بقيت أنت في منصبك لم يتغير اللي هو نائب رئيس الجمهورية، أم أن السادات هو الذي اختارك بعد اختياره رئيساً؟
حسين الشافعي: هو ما اختارنيش، هو ما كانش يقدر سياسياً، ولذلك هو اتلكع شوية في عملية إصدار القرار بحسين الشافعي كنائب لرئيس الجمهورية، وعين محمد.. الدكتور فوزي قبل ما يعيني، عشان يعني برضو لأنه فيه حاجة في نفسه، إنما في الآخر عملياً ما استطاعش إنه يتجاهل هذا الاعتبار.
أحمد منصور: إيه القوى التي تدفعه إلى أن يتمسك بك أو يبقيك في المنصب وهو..؟
(10/128)
حسين الشافعي: الحساب السياسي.. الحساب السياسي واحد له وزن ما يقدرش يتجاهله، إزاي يقدر يعدي من هذه العملية؟
أحمد منصور: لكن معنى كده إنك مهدد له ولسلطاته؟
حسين الشافعي: بإيه؟
أحمد منصور: أنك مهدد له ولسلطاته إذا كان لك هذا الوزن؟
حسين الشافعي: لأ، رقيب عليه وضمير بالنسبة للثورة.
أحمد منصور: أنت الذي..
حسين الشافعي: أنا اللي كنت رقيب وأنا اللي كنت الضمير الحقيقي، ولذلك أن يخشى مواجهتي، ولذلك كل اللي قدر يعمله إنه ما بقاش يدعوني إلى أي اجتماع، لأن في الاجتماعات اللي أنا حضرتها معاه يعني خليته فعلاً يشعر إنه هو مش قادر يعني يقنع، ودي جت في مناسبة يعني مضطر إن أنا أقولها، في زيارة لرئيس بلغاريا في هذا الوقت كان اسمه (جيفكوف).
أحمد منصور: سنة كم تاريخها؟
حسين الشافعي: الكلام ده في سنة 72، فعشان ما أروحش أقعد يعني في انتظار تشريفه وحضوره قلت أعدي عليه في القناطر وآخده معايا، أو نروح سوا، فرحت، نزلنا سوا من القناطر ورحنا حضرنا مراسم توديع الضيف، وبعدين وإحنا راجعين أتاريه عامل اجتماع لمجلس الوزراء ومش عايز.. مش عايزني أحضر فيه وما بلغنيش فشوف الجليطة بقى، أنا اللي رايح جاي معاه في.. من القناطر، وبعدين بصيت لقيته راح واخد عزيز صدقي ومركبه معاه وهيمشي، فطبعاً رحت فاتح الباب وزاقق عزيز صدقي في الوسط وقعدت، لأن لازم يبقى فيه محافظة على الشكل والاعتبار، أنا مانيش.. مانيش أي حد، ورحنا حضرنا، أتاري الجلسة دي كان لقطع العلاقات مع الأردن.
أحمد منصور: بمناسبة؟
(10/129)
حسين الشافعي: هو فيه مناسبات، أهو أي أحداث، فالقصد حضرت الجلسة قعد يقول فزلكة تاريخية كده في المقدمة وفتح الموضوع للمناقشة، فأنا لقيتها فرصة إن أنا يعني أتكلم، دا أنا ما بأحضرش ولا اجتماع، فقلت والله أنا يعني موضوع قطع العلاقات عمال على بطال يعني سياسة ما حققتش يعني نتيجة، وهي عبارة عن رد فعل وما هيش فعل، وحبيت أحط بقى حاجة كده يعني يبقى فيها.. فيها إثارة يعني، قلت أم علشان المجلس الوطني الفلسطيني مجتمع النهارده وعلشان تلقي حاجة تقولها بهذه المناسبة.
أحمد منصور: هكذا كنت تخاطبه؟!
حسين الشافعي: آه، أمال إيه، وأكثر من كده، لأنه مثل هذا النوعية لا يعامل إلا بهذا الأسلوب، وبعدين قلت: أم عشان يعني الرئيس القذافي عمال ينتقدنا إزاي مازلنا على علاقات مع الأردن؟ طبعاً، قلت له: أنا على كل حال أنا بأنتهز دي فرصة لمناقشة الشؤون العربية، ويمكن هذا الاجتماع بيدي فرصة علشان نفتح هذا الموضوع للمناقشة، وأنا ما عنديش فرصة إن أناقش هذه الموضوعات الهامة لأن أنا يا دوب بأقابل الرئيس وإحنا رايحين المطار أو أو إحنا جايين من المطار.
وعلى كل حال أنا عندي تصور بالنسبة للمسألة العربية، وأنا لسه كنت في مؤتمر في أسيوط، وأنا ماليش كلامين، كلامي اللي قلته في أسيوط هأقوله هنا، وإن إحنا معرضين لمعركتين: معركة ما بين الصراع بين القوى الكبرى على أساس إن مصر دي المكان القائد، إذا ما كانت في دورات الزمن ما هياش على مستوى القيادة فلابد أن تتصارع أقوى القوى مين يسبق، علشان يبقى له موطئ قدم في هذا المكان القائد، وإلا ما يبقاش أكبر قوى بدليل إن بمجرد ما إنجلترا ما خرجت في الجلاء التاني في 23 ديسمبر سنة 62، على طول أميركا راحت أعلنت عن مبدأ (إيزنهاور) لسد الفراغ علشان يعني هي إنجلترا مشيت، يبقى هي لازم تحل محلها.
(10/130)
وهذه القضية وهذه المعركة معركة ليس لنا فيها إلا إننا نرتبط بالأقوى، والأقوى هو الله بس لازم نكون على قد المسؤولية، أدباً والتزاماً وتضحية، لأن دي مش كلمة تقال، ولذلك من ضمن الحاجات اللي قالها جمال عبد الناصر في أول خطاب له بعد النكسة مع وفد من الصحفيين اللبنانيين، وكان بيشوف بيقرأ من تقارير الرأي العام، وقال: والناس تطالب بكذا وأنا معهم، والناس تطالب بكذا وأنا.. وأنا معهم، وفي الآخر قال: والناس تطالب بضرورة العودة إلى الله وأنا معهم.
أحمد منصور: يعني ما كانش فيه عودة قبل كده؟
حسين الشافعي: الناس قالت كده لأنه يعني.. يعني شافوا إن أي هزيمة إن ربنا لازم يكون واقف معانا بشكل أكتر.
أحمد منصور: رد فعل السادات إيه على الطرح القوي اللي أنت بتطرحه في حضوره..
حسين الشافعي [مقاطعاً]: هأقول لك.. هأقول لك.. هأقول لك، وبعدين..، أما القضية الكبرى بقى هي الوجود الإسرائيلي، لأن ده بيهددنا وبيهدد بلادنا بيطرد أهالينا وبيحتل أرضنا، وده هو المعركة الأساسية ودي بأشبهها زي ما عبد المطلب راح يكلم أبرهه وبيقول له: يعني أنا ليَّ 200 من الإبل، قال له: دا أنا كنت حامل همك وفاكر هتيجي تكلمنا عن البيت اللي بتقدسوه، قال له: أما البيت فله رب يحميه، إنما أنا رب هذه الإبل، ونحن أرباب هذه الأرض ومسؤوليتنا إن إحنا ندافع عنها، فبعد ما استمع إلى هذا الكلام، قال: أنا يؤسفني إذا كان نائب الرئيس بيقول.. بيشكك في إن إحنا هنحارب.
(10/131)
ونهايته قعد يقول كلام يعني مافيش فيه رد موضوعي، أنا بأتكلم في سياسة محددة، إننا لنا عدوين: العدو الأول صراع بين القوى الكبرى مين يسبق عشان يكون له موطئ قدم في هذا المكان، المعركة التانية الوجود الإسرائيلي المعادي، وهذا الوجود بيطرد أهلنا وبيحتل أرضنا وبيستبيح كل شيء، فبالتالي ده لازم يبقى لنا فيه خطة قائمة بذاتها، هم يستدرجونا إلى معركة عسكرية، هم بيملكوا فيها التفوق في الأسلحة بما تعطيه أميركا اللي بتحتضنها، وإحنا في النهاية بننهزم في معركة غير متكافئة، لأن هم لم يمكنوا لأي تكافؤ، وبالتالي إحنا نزيد إحباط وهم يزيدوا غطرسة، وصلف، وكبرياء على الفاضي، إحنا بإمكانياتنا كأمم إسلامية بثراواتها، وبامتداد أرضها، وبعقيدتها، وبارتكازها إلى الله إحنا أقوى منهم.
فطبعاً لما قلت هذا الكلام، وقلت إحنا لازم يبقى لنا شعار جديد، هو إرهاق الوجود الإسرائيلي فدائياً وليس عسكرياً، لأن هي لا تستطيع أن تتصدى لحرب غير نظامية، إرهاق الوجود الإسرائيلي فدائياً، وسياسياً، واقتصادياً، وفكرياً، وعلمياً، وثقافياً، وإعلامياً، ونقعد نعمل لكل ميدان من ميادين السبعة دي خطة نشوف إزاي يكون الإرهاق الفدائي، وهي إسرائيل لم تخف إلا من حرب الاستنزاف، أو من انتفاضة الحجارة، أو من المقاومة في لبنان، عشان تؤكد المعنى اللي أنا بأقوله، إرهاق الوجود الإسرائيلي فدائياً، وسياسياً، واقتصادياً، فكرياً، وثقافياً، وعلمياً.
(10/132)
ولذلك هم بعد (كامب ديفيد) كان كل همهم إنهم يعملوا اتفاقية ثقافية عشان ما نعيبش فيهم وما نقولش اللي ربنا قاله في حقهم، واتفاقية تجارية عشان يبلعونا اقتصادياً، وبعدين بيدونا سينا عشان تبقى رهينة، شوية رمل بلا مقومات للدفاع عنها، منزوعة السلاح وفيها قوة عسكرية لا تتجاوز الـ 50 كيلو شرق القناة والباقي يعني لها.. لهم الله، هم لما بياخدوا أرض بيحطوا مستوطنات عشان تدافع عنها، أنا لو كانت سينا دية تم التعمير فيها واتحطت مستوطنات عسكرية لتدافع عنها كان يبقى سينا صحيح رجعت لينا إنما سينا بهذه الصورة ما رجعتلكش، ما رجعتش لينا، ولذلك كان كلام جمال عبد الناصر هو الحق، ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: الكلام ده قلته سنة 72؟
حسين الشافعي: 72، طبعاً قام عزيز صدقي قال يعني..
أحمد منصور: رئيس الوزراء.
حسين الشافعي: أنا بدي أفهم كيف يكون الإرهاق الاقتصادي لإسرائيل؟ قلت له: والله بأشكر الدكتور عبد العزيز إنه بيدي فرصة لهذا الفكر إنه يعني يناقش، الإرهاق الاقتصادي لإسرائيل، يعني ده بيحطنا أمام هدف حقيقي نفكر فيه، لما جينا نعمل أول خطة وأنا كنت وزير تخطيط سنة 57 قلنا: إن الخطة بتاعتنا هي مضاعفة الدخل القومي في 10 سنوات لأن ما كانش فيه حاجة متبلورة قدامنا، إنما النهارده مع وجود مثل هذا العدو ومثل هذا الاقتراح، نقوم نقول: إرهاق الوجود الإسرائيلي ده يكون أساس الخطة بتاعتنا كلها، لأن ده يا إما نكون أو لا نكون.
(10/133)
فطبعاً قلت له أنت يعني عملت برنامج.. خطة كان كل هدفها استنفاذ كهربة خزان أسوان، فدي مش خطة تقدر تتصدى لإسرائيل، وأنا بأسأل في الوقت اللي المصانع الحربية في إسرائيل بتعمل بكامل طاقتها هل مصانعنا الحربية وإحنا مقدمين على معركة بتشتغل بكل طاقتها؟ وأنا بأسأل هنا وزير الدفاع كان أيامها محمد صادق هل خد أي اعتمادات، علشان يخلي الإعداد للمعركة بتشغيل المصانع بكل طاقاتها؟ فقال ولا مليم!!
أحمد منصور: وإحنا داخلين حرب في 73؟!
حسين الشافعي: آه، علشان تعرف، العملية بأبعادها فطبعاً لما اكفهر الجو، الدكتور فوزي اقترح إن إحنا نقوم وقمنا، قمنا بقى عشان يعني نهدي الجو، بس آه نسيت، أنا لقيت إن أنا تجاوزت يعني وهيطلع يعني شكله مهزوم.
أحمد منصور: أنت كسرت الدنيا.
حسين الشافعي: فقلت يعني أخليه بس في شكل يقدر يرفع دماغه في الخارج، فقلت والله يعني إحنا في سنة 71 بعد عملية مراكز القوى، يعني كان أنور السادات عنده شعبية تساعد جميع الأجهزة إنها تتصرف بمنطلق النهارده ما نقدرش ننطلق بنفس الصورة اللي كانت في سنة 71، أنا يعني حبيت إن أنا يعني..، طب عارف اللي جه يكحلها!! بصيت لقيت بيقول لي إيه، أنا لو كنت بأدور على شعبية ما كنت أجيب بتوع التليفزيون وأخبطهم خطبة!! بقى ده كلام؟! ده كلام واحد في هذه المسؤولية؟!! وإيه.. الكلام اللي أنا بأقوله ده كانت الطرقة بتاع مجلس الوزراء سامعينه بأعلى صوت، آدي.. آدي الموقف.
أحمد منصور: بقى سعادتك عايزه يدعيك بعد كده لأي اجتماع؟!!
حسين الشافعي: دا من الأول، دا أنا لما لم يدعوني هو ده اللي خلاني يعني أتصرف لأن هو فاكر إن أنا إيه؟ أي.. أي كلام!! يعمل أي تصرف بدون رد فعل!!
أحمد منصور: هل كان يدعوك بعد هذا الاجتماع أم أيضاً استمر على سياسة عدم دعوتك؟
حسين الشافعي: هو ما كانش فيه بقى فيه اجتماعات إلا بقى لما جت الحرب.
(10/134)
أحمد منصور: قبل الحرب عمليات الإعداد للحرب.. لم تشارك فيها؟
حسين الشافعي: لا.. ما هو 72، الكلام ده في 72، وإحنا داخلين على 73 قال طب أنا أخلص من الجدع ده عشان مش عايزه ياخد خبر بالحرب ولا يكون قريب منها، فما إدنيش خبر..
أحمد منصور: ما أدكش خبر..!!
حسين الشافعي: هل تتصور إنه ما يدنيش خبر؟! وبعدين جت..
أحمد منصور: نائب رئيس الجمهورية لا يعلم أن هناك حرب والبلد مقبلة عليها؟
حسين الشافعي: آه، عشان.. عشان تعرف من هو أنور السادات، وبعدين..
أحمد منصور: ما هو لعله هو برضو يريد أن يتكتم على الأمور بحيث يعني..
حسين الشافعي: عايز ينفرد بالفخر.. بالقيادة، عايز ياخد فخر القيادة من أولها لآخرها لأنه إذا ابتدى فيها في مواجهتي مش هيقدر، إجفاءً وتعاظماً بالنتائج، آدي العملية، فنهايته.. جم في كوريا الشمالية دعوني للزيارة.
أحمد منصور: في أي تاريخ لو تفتكر؟
حسين الشافعي: في سنة 73 قبل الحرب في سبتمبر.. شهر سبتمبر.
مراكز القوى والقضاء عليها في ثورة التصحيح
أحمد منصور: طب.. اسمح لي سعادة النائب، أنا الآن أريد أن أعود بك إلى عام 71 وإلى شهر مايو، وإلى ما سمي بمراكز القوى، وبعد ذلك سيكون لحرب أكتوبر لنا معها وقفة طويلة، مراكز القوى هذه بإيجاز ما هي قصتها وهم هم الذين جاؤوا بأنور السادات تم حدث ما حدث منهم بعد ذلك، واتخذ السادات قراراه وأعلن ما سُمي بثورة التصحيح لثورة مايو.. لثورة يوليو، وقال: إن ثورة يوليو كانت عظيمة بإنجازاتها، ولكنها أيضاً كانت عظيمة بأخطائها؟
حسين الشافعي: هي العملية بدأت بالنسبة لاتحاد الجمهوريات العربية، وأنا تقريباً اللي كنت المقرر بالنسبة لهذه العملية والدستور بتاعها ومناقشته مع الأطراف اللي هي سوريا وليبيا، وكان بيمثل سوريا في هذه الاجتماعات كان محمود الأيوبي وكان بيمثل ليبيا في هذه الاجتماعات عبد السلام أجلون.
(10/135)
أحمد منصور: صحيح إن السودان أيضاً كان مقترح أن تكون ضمن الاتحاد..؟
حسين الشافعي: كان من ضمن الاقتراحات وحضر بعض الجلسات كمشاهد، ولكن ما كانتش داخلة في عملية دستور الاتحاد.
أحمد منصور: نعم.
حسين الشافعي: وهذا الدستور الاتحاد الحقيقي هي الصيغة المناسبة بعد الانفصال اللي حصل في سنة..
أحمد منصور: 61.
حسين الشافعي [مستأنفاً]: 61 واللي تولى مأمون الكسبري، كرئيس وزراء انفصالية بعد الانفصال، الصيغة دية ما بيبقاش بعديها يعني إذا حد حب ينفصل ينفصل، حب يدخل الباب مفتوح ما يحصلش انهيار دستوري نتيجة الانفصال كدولة اندماجية واحدة، ونهايته قعدنا يعني في مناقشات هذه.. هذا الدستور مسافة طويلة، وأصبحت الحاجات المعلقة يعني بنحطها على جنب على أساس إن في اجتماع الرؤساء اللي حصل في دمشق نبت في هذه المسائل، وتم البت فيها، وتم الاستفتاء على الوحدة، ودولة اتحاد الجمهوريات في الفاتح من سبتمبر سنة...
أحمد منصور: 71.
حسين الشافعي: 71، وطبعاً مراكز القوى اللي قيل عنها مراكز قوى أرادت أن تتخذ من هذا الموضوع مدخل علشان إثبات وجودها وإثبات قوتها وإحراج أنور السادات.
أحمد منصور: مراكز القوى تم القضاء عليها في مايو 71.
حسين الشافعي: صحيح.
أحمد منصور: وسعادتك الآن بتقول لي إن اتحاد الجمهوريات في سبتمبر 71!!
حسين الشافعي: يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا للأسف عندي النقطة ولكن لم أكتب تاريخها، لكن أعقد إنها كانت في فبراير 71 على ما أعتقد.
حسين الشافعي: في فبراير؟
أحمد منصور: آه.
حسين الشافعي: أيوه.
أحمد منصور: وألقي خطاب في 4 فبراير 71 بمناسبة الوحدة.
حسين الشافعي: بس أنا فاكر لما رحنا نعمل الاستفتاء.
أحمد منصور: في طرابلس.
حسين الشافعي: هه؟
أحمد منصور: في طرابلس.
حسين الشافعي: لما رحنا نعمل استفتاء في طرابلس وحضرت أنا عملية الاستفتاء هناك كانت في 71.
أحمد منصور: في 71.
(10/136)
حسين الشافعي: آه.
أحمد منصور: في فبراير، في أول 71.
حسين الشافعي: لأ، 71 كان يمكن الاستفتاء في.. في سبتمبر.
أحمد منصور: لكن المهم.. المهم إن قصة اتحاد الجمهوريات.. قصة اتحاد الجمهوريات كانت قبل مايو 71، كانت قبل القضاء على مراكز القوى.
حسين الشافعي: أنا على العموم هأقول لك البتاع ما نربطش نفسنا بالتواريخ لأن دي حاجة محددة في..
أحمد منصور: طيب، ماشي يا فندم.. ماشي اتفضل سيادتك.
حسين الشافعي: إنما يعني أنا فاكر أنا رحت بنفسي وحضرت علمية الاستفتاء على دولة اتحاد الجمهوريات العربية..
أحمد منصور: فين؟
حسين الشافعي: في أحد البلاد وفعلاً رحت حضرتها في ليبيا في أول سبتمبر.
أحمد منصور: آه.. نعم.
حسين الشافعي: هل ممكن..؟
أحمد منصور: نعم في أول سبتمبر هذا بعد مراكز القوى، قصة مراكز القوى بقى.
حسين الشافعي: مراكز القوى بقى لما شافت إن عملية الوحدة دي اتخذوا منها على أساس إنها تهرب من المعركة، وهم كانوا مستعجلين على المعركة هكذا قالوا، فعلموا اجتماع، اتعمل اجتماع في اللجنة التنفيذية وابتدي يشكو جمال.. يشكو علي صبري من تصرفات أنور السادات بشكل يعني يكاد تجريح.
أحمد منصور: طب مش هو اللي جايبه؟
حسين الشافعي: مش هو إيه؟
أحمد منصور: مش هو اللي كان مصمم على أن يكون هو الرئيس؟
حسين الشافعي: ما هو بقى خلاص حققوا الهدف وعايزين بثبتوا إن هو يعني مجرد صورة، فوجدوا في هذه العملية مبتغاهم، إن دي الفرصة جت لهم لحدهم إنه يبينوا إن هو صورة، فاجتمعت اللجنة التنفيذية وقالوا بقي في حق أنور السادات ما لا يمكن أن يقال.
أحمد منصور: إيه أبرز الحاجات اللي اتقالت لو تفكر؟
(10/137)
حسين الشافعي: إنه بينفرد بالقرار وما بيستشيرش حد، وبيضرب بالأنظمة عرض الحائط، وبالمؤسسات ما بيدهاش أي اعتبار.. كلام يعني كلا كبير قوي.. قوي.. قوي، وبقى مستجل بالأحداث، وكان علي صبري معاه نوتة كده.. كاتب فيها، وعمال يعني زي ما واحد إيه يعني سم منقع عمال يديه بالقطر واحدة ورا التانية.
أنا خرجت من هذا الاجتماع قلت لأنور السادات: ده.. ده تمرد، وده انقلاب، وأنا منك لازم دول يعتقلوا مباشرة، فهو استنى لما عمل اجتماع للجنة المركزية اللي هي 150 واحد، وبدل ما كانت الفضيحة في عطفة بقت في زفة، ويعني مش يلايم نفسه بقى علي صبري، لا.. دا جود بقى في السم المنقع ده، ويظهر في كان واحده له حبتين (فاليوم) وعمال يعني إيه واخد راحته، لدرجة إن أنور السادات قاعد على شمالي وعمال بتصيب عرقاً ولونه انتقع، والعرق نازل من لغلوغه بشكل غير.. غير طبيعي.
وبعدين في الآخر أنور السادات ما طاقش قاله: أظن كفايا بقى يا علي، فإذا بالقاعة كلها تدبدب في الأرض وتقول: لا عايزين نسمع للآخر!! وإذا بأنور السادات الديمقراطي قال له: كمل يا علي، وإذا علي صبري يكمل مع التجويد ومع الإفاضة ومع التوسع لدرجة ساعة ما خلص أنا لقيت إن مش أنور السادات اللي بيهان في هذه العملية ده النظام كله بيهان.
أحمد منصور: ماذا كان وضع الرئيس السادات والأمور من حوله، وكما قلت سعادتك: النظام يهان وليس أنور السادات وحده؟
حسين الشافعي: هذا مما اضطرني إن أنا أتكلم، وأنا مش طرف في.. في الصراعات دي، فطلبت كلمة محافظة على الشكل بتاع.. شكل.. شكل البلد، شكل النظام فقمت أتكلم، وابتديت الكلام كده بأقول: ما هو الموضوع؟ وما هي القضية؟ هل المطالبة بدولة اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وليبيا وسوريا يتقضي كل ما استمعنا إليه؟ فما هو الموضوع؟ وما هي القضية؟
(10/138)
هل إن إحنا يعني نحاول إن إحنا نضع الباب التاسع من الميثاق الذي ينادي بالوحدة العربية من التعاون البسيط إلى الاندماج الشامل؟ هل إننا نأخذ هذه الخطوة يتطلب كل ما استمعنا إليه؟ فما هو الموضوع؟ وما هي القضية؟ ألم يكن جمال عبد الناصر في نيته أن ينتقل من طرابلس إلى دمشق للإعلان عن هذا الاتحاد؟ فما هو الموضوع؟ وما هي القضية؟ أليس الوحدة العربية أمل فإذا
–يعني- حبينا ننتقل من الواقع إلى الأمل، والواقع بتاع سوريا فيه حزب البعث، فعدم مواجهة هذا الواقع يبقى العيب فينا إحنا، فإحنا لازم نكون على المستوى إن إحنا نواجه هذا الواقع، فما هو الموضوع؟ وما هي القضية؟
أحمد منصور: امتصيت الجو.
حسين الشافعي: الصالة بقى في هذا الوقت نصها تحت سيطرة شعراوي جمعة في وسط الاجتماع، عشان يسيطر على الأعضاء.
أحمد منصور: كان وزير الداخلية؟
حسين الشافعي: كان وزير الداخلية، ورئيس التنظيم.. يعني هي في.. يعني كل حاجة لها.. فكان إدارة التنظيم في داخل الاتحاد الاشتراكي.
أحمد منصور: طليعي يعني؟
حسين الشافعي: إيه؟
أحمد منصور: إيه؟
أحمد منصور: طليعي؟
حسين الشافعي: شعبة التنظيم كان بيتولاها شعراوي جمعة، وفي آخر الصالة كان سامي شرف.
أحمد منصور: يعني منسقين للجلسة؟
حسين الشافعي: عشان يحلق على النص الوراني، ولقوا واحد من خارج الصراع عمال يعني هيبوظ لهم الطبخة اللي هم –يعني- بيفكروا فيها.
أحمد منصور: طب مين اللي كان مع السادات؟
حسين الشافعي: اللي كان مع السادات.. ما فيش حد.
أحمد منصور: لوحده؟!
حسين الشافعي: آه بس أنا يعني على الرغم من كده، يعني وقفت مع.. مش مع أنور السادات، إنما ضد هذا الاتجاه، ضد الاتجاه المضاد.
أحمد منصور: طب وقفت ليه ضد اتجاه هو الاتجاه الكاسح، واللي كان ممكن إن هو يشيلك أنت والسادات؟
حسين الشافعي: قدر بقى، قدر، لأن أنا ما بأفكرش إلا في.. في المصلحة بغض النظر عن إيه اللي يحصل.
(10/139)
أحمد منصور: وأيضاً أنت لم تكن على قناعة بالسادات مطلقة في ذلك الوقت؟
حسين الشافعي: إطلاقاً، نهايته.. لكن بالنسبة لدولة الاتحاد كنت على قناعة كاملة واشتغلت فيها بكل الإخلاص، وبعدين.. فلما أزعجهم الوضع.. فأشاروا إلى أحد أعضاء اللجنة التنفيذية اللي قاعدين على المنصة، عشان يقوم يعترض..
أحمد منصور: على كلامك.
حسين الشافعي: على كلامي عشان يعني.. يغلوش عليا، فقام أحد الأعضاء وأظن.. على ما أذكر إن هو ضياء الدين داود.
أحمد منصور: رئيس الحزب الناصري الحالي.
حسين الشافعي: رئيس الحزب الناصري، وكان هو أحدث واحد عضو الشمال في اللجنة، فقام بأسلوب خطابي قال: عشنا لنرى من يكيل المديح لحزب البعث من نفس المكان الذي كان يجلس فيه جمال عبد الناصر، فأنا رحت أنا.. يعني ده ما كانش طبعاً له إلا رد واحد، لكن أنا طبعاً في المجال العام ما أقدرش أقول كل اللي عايز أقوله، فقلت أنا ما أسمحش لمخلوق إنه يعترض حسين الشافعي وهو بيتكلم، أخوفاً من الحقيقة تصل للناس فيبتدوا يتكلموا؟! حاول أن هو يستعيد البتاع.. ما أمكنش، فأنا رحت بقى إيه مكرر الكلام تاني: ما هو الموضوع؟ وما هي القضية؟ من الأول، مع التجويد بقى.
ففي الآخر ابتدت الناس يعني يدب فيها شيء من الشجاعة إنها تبتدي تتكلم، فأول من تكلم كان.. الأخ محمد محفوظ (وزير الصحة السابق) قال: أنا يعني شايف إن إحنا فيه نقطة نظام، لأن كل الكلام اللي سمعناه ده خارج جدول الأعمال، فأنا بأدعو إن إحنا نعود لجدول الأعمال، فتشجع واحد اسمه مصطفى أبو زيد –اللي بقى مدعي اشتراكي بعد كده- فقال: أنا شايف يعني ما فيش خلاف، لأنه يمكن اختلاف في.. في.. في التعاريف Terminology زي ما قالها باللغة، ففيه حاجة اسمها: اتحاد فيدرالي، وفيه اتحاد..
أحمد منصور: قضية مصطلحات كلها.
(10/140)
حسين الشافعي: اتحاد كونفدرالي، وفيه يونيون، فإذا السادات ينتهز الفرصة، قال: طالما هناك اختلاف، فإحنا نشكل لجنة علشان تبحث الموضوع، من فلان وفلان، وفي ظل هذا الاقتراح خد بعضه إيه؟ وقال: يا فكيك.
أحمد منصور: لكن كان الهدف هو إن تكون هذه الجلسة قضاء على مستقبل السادات السياسي؟
حسين الشافعي: هم أصلهم يعني.. كانوا متصورين أن بيعبروا عن قوة السياسة، وأنا طبعاً يعني أذكر إن بعد وفاة جمال عبد الناصر استدعيت سامي شرف.. عندي هنا في المكتب، وقلت له يا سامي، إحنا حريصين على كل الناس اللي اشتغلوا مع جمال عبد الناصر، لأنهم اكتسبوا خبرة، وبقوا عندهم معلومات ومعرفة بحاجات كتير، لكن حذاري إنكو تتجاوزا هذا الوضع.
قال لي: طب يافندم أن ما دام فتحت لي قلبك تسمح لي أفتح لك قلبي، قلت له: افتح يا سمسم، فقال لي: طلب أنت بتقول لي ليه الكلام ده؟ قلت له: ده اللي بتعتبره فتح قلب؟! أقول لك: ليه؟ بقى إنتو كل يوم خميس في وفاة جمال عبد الناصر تخشوا بعصاية المعلم يتقدمكم علي صبري ووراه محمد فوزي، ووراه شعراوي جمعة، ووراه عبد المحسن أبو النور، ووراه مش عارف مين، عايزين تقولوه إيه..؟ وتروحوا واقفين.. قاعدين صف واحد جنب بعض، ويجي صلاة الجمعة تاني يوم تخشوا برضوا بعصاية المعلم وتروحوا قاعدين صف واحد في المسجد، أنت فاهم الناس بتريل؟!
عايزين تقولوا للناس إيه؟! إن إحنا معانا الجيش، ومعانا البوليس، ومعانا التنظيم السياسي، ومعانا المخابرات، ومعانا.. ومعانا.. ومعانا، وبعدين أخيراً أنت مين علشان تكتب تصريح تقول: سنضرب بيد من حديد على كل من تحدثه نفسه بإنه يعمل ويعمل، أنت مين عشان تقول كده؟!
دا أنا ما أقدرش أكتب هذا التصريح، وينشر فين؟ في جريدة.. أظن "الحرية" أو إيه في لبنان، وإنتو اللي بتمولوا هذه الجريدة، مش كده؟ خد سمع الكلام ومشي، ما أعرفش قاله بقى إيه لأنور السادات بأي صورة، لا يعنيني.
(10/141)
أحمد منصور: لكن أنت الآن يعتبر موقفك في اللجنة التنفيذية العليا أو في.. في.. في اللجنة المركزية –عفواً- موقف مؤيد للسادات، وربما يكون تدخلك هو الذي أنقذ السادات، ألم يرع لك السادات هذا الأمر فيما بعد؟
حسين الشافعي: ما هو مهما رعاه، لكن اللي في القلب في القلب.
أحمد منصور: يعني هو كان بيظل ينظر إليك على إنك منافس ليه؟
حسين الشافعي: آه، طبعاً، هو يعني عارف إنه مجال المنافسة قائم، ولكن أنا ما.. بأنافسش، أنا واقف زي الضمير وزي.. الرقيب.. بس.
أحمد منصور: كيف استطاع السادات أن يقضي عليهم، أو أن يتغدى بهم قبل أن يعضوا به كما...
حسين الشافعي: والله هم اللي قضوا على نفسهم بهذا التصرف الساذج إنهم قدموا استقالة متصورين إنه بالاستقالة دية الشارع المصري سيهتز، والتنظيم السياسي واقع هيقدر يعني يبقى له فاعلية، فده كل ده كان..
أحمد منصور: يعني اللي وقع في 2 مايو من استقالات جماعية كان هو السبب؟
حسين الشافعي: كان خرافة يعني، ولذلك دول يعني زي ما عبرت ناس لموا نفسهم في بؤجة، وقدموا نفسهم على صينية من فضة بدون يعني ما كلفوش أنور السادات مشقة.
أحمد منصور: لكن دول ما يحسبوش على جمال عبد الناصر، باعتبارهم من تلامذته ومن أقرب الناس اللي كانوا مقربين منه؟!
حسين الشافعي: دول كانوا موظفين، يعني ما لهمش ثقل سياسي، هم كانوا.. يعني بيستمدوا كل كيانهم من وجود جمال عبد الناصر، فلم.. لو يتصوروا بعد كده إنهم يعبروا عن شيء، وكلهم كانوا بيشككوا في بعض وبيسجلوا على بعض، ويعني..
أحمد منصور: بس يقال إن جمال عبد الناصر هو الذي منحهم هذه الفرصة، وكان يومياً برنامجه اليومي هو أن يطلع عن التقارير التي يرفعها هؤلاء عن بعضهم البعض وعن الجهات المختلفة في الدولة.
(10/142)
حسين الشافعي: يعني شوف بقى، هناك من صنعوا الثورة، وهناك من صنعتهم الثورة، أما الذين صنعوا الثورة فهم حريصون عليها، أما الذين صنعتهم الثورة فهم حريصون على أنفسهم، واللي حريص على نفسه ده ما بيبقاش فيه هدف عام يربطه..
أحمد منصور: لكن دول من أكثر الناس استفادة حتى من أموال الدولة نفسها، وطالما إحنا تعرضنا لمراكز القوى، أود برضو إني أسأل سعادتك وتجبني بشفافية، عن الذهب الذي يقال أنه سرق من القصور الملكية، وعن الأموال التي قبل إن هناك حسابات في سويسرا لكثير من هؤلاء موجودة..
حسين الشافعي [مقاطعاً]: يكفي أقول لك على حاجة: إن لحد سنة 70 كان مرتب الموظف بيكفيه، وده دليل على إن الموقف الاقتصادي موقف –يعني- متين، النهاردة أي مرتب يستحق زكاة، أي مرتب يستحق زكاة، لأنه لا يستطيع أن يعيش بهذا المرتب، وده للأسف يعني أنا بأعتبره يعني كبيرة الكبائر، لأنه بيدفع الناس إلى أكثر ما كان يتميز به الشعب المصري من.. من نظافة اليد، والعفة، والمروءة والشهامة، والبعد عن.. النهاردة بقت الرشوة هي الأساس، لأنه فيه تجاهل أساسي لأن المرتبات دي تقدر تعيش البني آدم.
أحمد منصور: إيه اللي أدى إلى ذلك؟ يعني.
حسين الشافعي: اللي أدى إلى ذلك مش الدهب..
أحمد منصور: يعني فيه تراكمات.. تراكمات تاريخية..
حسين الشافعي: مش الدهب لأ، لحد سنة 70، وأنا أقول لك: المرتب كان يكفي الضرورات وما يزيد عن الضرورات، إيه اللي جرى؟ القروض اللي بتتجاوز كل تصور.
أحمد منصور: بدأت في عهدكم يا سعادة النائب، في عهد عبد الناصر.
حسين الشافعي: جمال عبد الناصر عندما توفى كان مجموع القروض لا يتجاوز مليار و200 ألف، وكانت معظمها يعني ديون عسكرية، وكانت قابلة.. يعني للسداد بسهولة من إمكانيات البلد.
أحمد منصور: في معيار التضخم الحالي ربما تكون عشرات الأضعاف من هذا المبلغ؟
(10/143)
حسين الشافعي: لأ، لأ، يعني الدليل هو الأسعار، الأسعار إذا كانت تتكافأ مع المرتبات، فهو ده الدليل اللي الناس بتسلمه، تيجي تقول لي: الاقتصاد ما أعرفش إيه، وقضوا على التضخم قد إيه، وعندنا احتياطي بالمليارات من العملة الأجنبية، كل ده البني آدم.. ما يخشش في دماغه إلا مرتبه يقدر يعيشه ولا لأ.
أحمد منصور: أنت لا تعتبر مراكز القوى.. القوى أحد أخطاء عبد الناصر أنه وضع أناساً غير مؤهلين في مواضع خطرة ومسؤولة في الدولة، وهم الذين كانوا يستأثرون أو يتحكمون في حياة الناس بعد ذلك؟
حسين الشافعي: ما أنا لما قلت لك: إن اللي صنعوا الثورة هم اللي استطاعوا إنه يخلو جمال عبد الناصر في مكانه ده، إنما اللي جابهم جمال عبد الناصر، جابهم ناس لينفذوا ما يطلبه.
أحمد منصور: بإيجاز تقييمك إيه لثورة التصحيح التي أعلنها الرئيس السادات على أنها تصحيح لثورة يوليو؟
حسين الشافعي: هو كل الأثر بتاعها إن فيه كوبري باسمها بس!
أحمد منصور: والأخطاء التي وقعت فيها الثورة..؟
حسين الشافعي: اللي هو كوبري 15 مايو.
أحمد منصور: وأخطاء الثورة التي سعى السادات لتصحيحها مثل: الإفراج عن المعتقلين، وانفتاح السوق وغيرها من الأخطاء الكثيرة التي تناولناها فيما قبل؟
حسين الشافعي: والله ده يشكر عليها، ولكن هو في مجال التحبب الرخيص، لأن ما يقدرش يعمل اللي عمله جمال عبد الناصر.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أتناول معك حرب أكتوبر، وخلافك مع الرئيس السادات بعدها، وتقييمك للمرحلة الحالية، أشكرك سعادة النائب شكراً جزيلاً.
حسين الشافعي: لأ، العفو.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة النائب حسين الشافعي (نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/144)
الحلقة13(10/145)
الخميس 2/12/1422هـ الموافق 14/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 22:38(مكة المكرمة)،19:38(غرينيتش)
حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق الحلقة 13 والأخيرة
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق
تاريخ الحلقة
18/12/1999
- إرهاصات وأخطاء حرب أكتوبر ومن المسؤول عنها؟
- قصة خروج الشافعي من السلطة
أحمد منصور
حسين الشافعي
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد حسين الشافعي (نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق) مرحباً سعادة النائب.
حسين الشافعي: أهلاً يا سيد أحمد.
إرهاصات وأخطاء حرب أكتوبر ومن المسؤول عنها؟
أحمد منصور: الآن إحنا دخلنا إلى حرب أكتوبر 73، تلك العلامة المميزة في فترة حكم الرئيس السادات والتي كنت وقتها نائباً لرئيس الجمهورية، كيف بدأت عملية الإعداد للحرب؟ وكيف كانت علاقتك بصناعة القرار، وكان من الواضح أن كان هناك خلاف دائم بينك وبين الرئيس؟
حسين الشافعي: هو الإعداد لـ 73 بدأ على أثر.. النكسة مباشرة، فالقوات اللي هي صمدت في رأس العش وقاومت، وكذلك إسقاط إيلات في البحر في 21 أكتوبر.
أحمد منصور: المدمرة إيلات؟
حسين الشافعي: وبعدين طبعاً يعني مراحل إعادة بناء القوات المسلحة بكل ما تحملته البلد من جهد ومن إنفاق، ومن.. من عناء وتعب، وكذلك إقامة قاعدة الصواريخ، وحرب الاستنزاف ما تبع كل هذا من ضرب العنف ومجالات.. يعني القضاء على حائط الصواريخ ده.(10/146)
وفي النهاية كان ضرب مدن القناة التي انتهت بإن إحنا يعني قررنا تهجير جميع مدن القناة من أهلها اللي يبلغ حوالي مليون ونص، ودي طبعاً كانت الإيد اللي بتوجعنا، ولذلك ماكنش غريب على إن ديَّان بعد الحرب قال: يعني إحنا بنطالب سرعة إعادة فتح قناة السويس وتعمير مدن القناة، طب إحنا مفهوم إن أنت تطالب بإعادة قناة السويس على أساس إن ده قد يكون مطلب دولي ومرفق مفروض بيخدم التجارة العالمية، لكن أنت مال أهلك وتعمير مدن القناة؟! هما يعني.. إنما هما عشان يؤمنوا نفسهم ضد أي شيء ما دام مافيش مدن القناة، والقناة مسدودة في الحرب والاعتداء ممكن.
ولذلك علشان يؤمنوا نفسهم دولياً، إعادة فتح قناة السويس، وإعادة تعمير مدن القناة، ودي طبعاً أنور السادات استجاب لها بعد الحرب مباشرة، فما نقدرش نقول الإعداد للحرب، الإعداد للحرب لم يتوقف منذ 67، ويمكن الجهد الأكبر اللي كان مخلي البلد على أهبة الاستعداد للمعركة.. وأنا بأعتبر إن تهجير أهل القناة هو قرار العبور الحقيقي.
أحمد منصور: يعني كان قرار سياسي قرار التهجير؟
حسين الشافعي: قرار حربي.
أحمد منصور: حربي.
حسين الشافعي: في المقام الأول، لأنه علشان ما يهددكش بحاجة أنت مفروض مسؤول عن حمايتها، وجه بقى سنة 72وطبعاً بعد ما خلص من مراكز القوى في 71، جه في سنة 72 بقى قامت المظاهرات وبان إنه ده مطلب ما يمكنش تأخيره أكتر من كده، كان طبعاً يتمنى إنه يخلص من حسين الشافعي قبل الحرب.
أحمد منصور: اشمعنى؟!
حسين الشافعي: لأنه مش عاوزه يبقى موجود كشاهد على العصر بالنسبة للي حصل، ولا يشاركه في.. في القرار، ولا.. على إن القرار كله مجد، لكن هو يخشى من المواجهة.
أحمد منصور: كانت هناك حرب، لكن النصر لم يكن مضموناً فيه.(10/147)
حسين الشافعي: وهو ما حصلش نصر، هو نصر يعني لما اتجهنا إلى الله وكبرنا، لكن بعد كده يعني لما يعني أشرك بالله وآمن بكسينجر ضاعت القضية وضاعت الإرادة، وهي دي الأهم، يعني يمكن إحنا خسرنا 67 كمعركة، لكن ما خسرناش إرادتنا، إنما 73 قيل أنه نصر، وهو نصر بكل المعنى في المجال العسكري اللي تم الإعداد له من 67، إنما بعد كده تطورات المعركة بوظت وضيعت كل حصيلة النصر.
أحمد منصور: سآتي إليها بالتفاصيل ولكن هل.. هل قامت...
حسين الشافعي: آه، فنهايته في 72.
أحمد حسين: أية محاولات لاستبعادك؟
حسين الشافعي: في 72 جت زيارة.. لإيران.
أحمد منصور: زيارتك...
حسين الشافعي: في الاحتفالات اللي اتعلمت، اللي بيقولوا عليها birth police لمرور 25 قرن على قيام الإمبراطورية الفارسية، وأتاريه هو تاريخ احتفال اليهود بصدور قرار تحريرهم بعد ما بوختنصر ما قضى عليهم، جه قورش صدر قرار بإعتاقهم وتحريرهم، ولذلك يعني من ضمن الهدايا لما رحنا كممثلين لمصر، إدونا حجرة كده مكتوب عليها بالمسماري، اللي هو القرار بتاع إعتاق اليهود بواسطة قورش، وده مرور 25 قرن، فكأنه مش احتفال بتاريخ الإمبراطورية الفارسية، إنما هو كان احتفال بتاريخ إعتاق اليهود منذ 25 قرن.
وطبعاً يعني دفعني لهذه العملية مش على إنه مشغول لأ، على إن هذه الزيارة ماكانتش فيه لسه.. يعني كانت تثير ردود فعل يعني هو بمنأى عنها، قال لك نبعت حسين الشافعي كده يبقى زي البلدوزر اللي يمهد لعلاقاته بشاه إيران وبإيران بعد كده، فأتاحت لي فرصة إن أنا أشوف مالا يمكن إنه يراه أحد من عوامل البذخ والتبذير اللي طبعاً كانت مقدمة لهذه الثورة الإيرانية الإسلامية، لأن الإسلام كان مضروب في أيام الشاه، وكان لا يستعين إلا بأعداء الإسلام، جت سنة 73.. جت لي دعوة لزيارة كوريا الشمالية.
أحمد منصور: في شهر كام سعادة النائب تفتكر؟
(10/148)
حسين الشافعي: كان نائب الرئيس في كوريا الشمالية كان عمل لنا زيارة في الربيع في مارس، وقال إن أنسب وقت للزيارة هو في الخريف، فكان مفروض إني أعمل الزيارة دي في شهر سبتمبر.
أحمد منصور: 73.
حسين الشافعي: 73، فلما جت لي.. يعني الدعوة، فبعت لأنور السادات، قلت له، يعني إديني إجابة إذا كان الوقت مناسب لقبول الدعوة، عشان أقدر أرد على الناس دول علشان يعرفوا أولهم من أخرهم إن أنا بعت له تأشيرتي على المذكرة دي صباحاً حوالي الساعة 11 كده، قبل انصراف المكتب كانت التأشيرة جايه يعني.. مش.. مش بالموافقة!!
هو يعني بيقول يعني.. والقلب داعي لك، يارب يعني تروح وإن شا الله ما ترجع، فطبعاً أخدت بعضي ورحت، وأنا مش متصور يعني.. ولكن من.. من حظه إن الزيارة بعد ما انتهت رجعت هنا إلى القاهرة يوم 3 أكتوبر الموافق 7 رمضان، وشهدت كل ما كان يتمنى إن أنا ما أكنش حاضر فيه، طبعاً ساعة ما علمت طلعت على طول على الموقع عشرة اللي فيه اجتماعات القيادة.
أحمد منصور: اسمح لي سعادة النائب، أنت لما رجعت من كوريا في 3 أكتوبر هل كان لديك أي علم أن هناك حرب تم الإعداد لها وسوف تقوم بعد ثلاثة أيام؟
حسين الشافعي: أنا عارف إن إحنا بنعد للحرب من 67.
أحمد منصور: لأ، حرب6 أكتوبر.
حسين الشافعي: لا، ما هو أخفى عني حتى الاجتماع اللي اتخذ فيه القرار واتعمل، يعني.. عمله في وقت أنا ما كنتش موجود فيه.
أحمد منصور: يعني معني ذلك إن السادات كان يهمشك تماماً من..
حسين الشافعي: مش يهمشني، هو ده مين اللي يهمشني؟! كلمة يعني ما تتقالش.. يهمشني.
أحمد منصور: اسمح لي سعادتك فيها.
حسين الشافعي: لأ، إن هو مش عايز يواجهني، ومش عايز يقف قدامي ويقول على الحقيقة، علشان يلغوص زي ما هو عايز ويعمل زي ما هو عايز، ولذلك يعني..
(10/149)
أحمد منصور: ماكنش لك أي مصادر داخل السلطة بتخبرك بالحاجات اللي بيتم الإعداد ليها، خاصة القرارات المصيرية مثل قرار حرب أكتوبر؟
حسين الشافعي: أنا طبعاً عارف إن البلد يعني في حالة استبعداد، والقوات المسلحة في حالة استعداد، والحرب يعني ممكن في أي وقت، إنما كون إنه يعلمك.. بميعادها هو ده بس اللي ما.. ما حلصش، القصد..
أحمد منصور: متى علمت بموعد الحرب؟
حسين الشافعي: علمت بموعد الحرب لما رجعت مصر يوم 3 أكتوبر، ونهايته هو اتخذ لنفسه من قصر الطاهرة مقر يعنى يتابع فيه الأحداث، وأنا طبعاً يعني دا إن مصير بلد فكنت إلى جانبه في كل هذه الأوقات، وكنت دائماً أتردد وأعرف الموقف أول بأول..
أحمد منصور: ولم تكن تضع للخلافات الشخصية أي اعتبار..؟
حسين الشافعي: أصل الحرب أكبر من أي خلافات، لأن ده مصير بلد، ولذلك في هذه النقطة بقى كله بيسقط، ويبقى مصلحة البلد ومصيرها هو الأساس، بعدين يوم 12 على وجه التحديد كان يوم جمعة.
أحمد منصور: 12 أكتوبر؟
حسين الشافعي: 12 أكتوبر.
أحمد منصور: طوال أيام الحرب كنت معهم في مركز 10 أو مركز القيادة..؟
حسين الشافعي: على طول آه، يعني ما بين مركز 10 وما بين قصر الطاهرة، وبعدين يوم 12 عديت عليه، قلت له: يا أنور، النهارده الجمعة والشيخ عبد الحليم محمود هيخطب الجمعة…خطبة الجمعة في الأزهر، ومن المناسب إن الناس تشوفك ويعني يبقى فيه نوع من التحريض ونوع من التشجيع، بالنسبة لأن العملية مش عملية عسكرية فقط فيها جانب سياسي، وجانب معنوي وكده، قال لي: لأ، أنا هأصلي في الزاوية اللي جنبي.
طيب.. فحسيت إن أنا يعني مسؤول إني أروح أحضر، فرحت حضرت، وكان الشيخ عبد الحليم -الله يرحمه- كان على المنبر يقول الخطبة، فالناس ساعة ما شافتني قعدت كبرت وهللت وبتاع، وما أن انتهت الصلاة حتى إيه؟ زاد التكبير، وطلبوا مني إن أنا أيه؟ أكلمهم.
(10/150)
قلت لهم: يا جماعة ما إحنا استمعنا إلى خطاب الشيخ عبد الحليم وفيه الكفاية، أبداً، أمام هذا الإصرار طلعت سلمتين على المنبر، وقلت –يعني- كلمة زي ما ربنا بيقول: (يأيها النبي حرض المؤمنين على القتال) فلازم يكون الكلمة هي أساساً تحريض على القتال، وشد من أزر المقاتلين.
فأعتليت المنبر وقلت يعني كلمة مختصرة في 7 دقائق، إنما كأني أنا مش اللي بأتكلم، روح بتتكلم، وذلك يعني تركت أثر على المستمعين على خط القتال لأنهم كلهم كانوا يعني آذانهم على.. على الإذاعة، وكلهم سمعوا هذا الخطاب الذي لم يتكرر بعد كده ولم يعرف به أحد إلا اللي سمعوه.
وطبعاً الخطاب كان كله استنجاد بالله، وبرسول الله، وبشهداء بدر، والخطاب موجه إلى العالم الإسلامي من مشرقه إلى مغربه، يعني كلمة الواحد عمره ما قالها إلا في هذا الخطاب، ثم دعاء لنا بالنصر، ودعاء على الأعداء بالهزيمة والخزي والخذلان، وطبعاً يعني بكل ما يستحقوه، لدرجة إن يعني الإذاعات بتاعتهم قالوا: الله !! هو نائب الرئيس فاهم إن هو هينتصر بالدعاء، طبعاً هم ما يعرفوش لا قيمة الدعاء، ولا قيمة مساندة ربنا –سبحانه وتعالى- للمعركة.
أحمد منصور: ما الذي وقع في أعقاب 12 أكتوبر؟ وهو أيضاً يصادف يوم تطوير الهجوم وما حدث بعده من الثغرة.
حسين الشافعي: وبعديها بقى حصلت يعني المصايب كلها اعتباراً من يوم 16، فكان عامل اجتماع لمجلس الشعب وأنا حضرته وجه في موكب النصر هو والفريق محمد صادق واجتازوا شارع القصر العيني حتى وصلوا إلى المجلس، وقال بقى الخطاب اللي نزل علينا زي الصاعقة، ونزل علينا زي ما ترمي جردل ميه ساقعة على المشاعر المتأججة بالنسبة للحرب.
(10/151)
وقال: أنا يعني كأنه بيعرض السلام، وإنه مستعد يروح آخر الدنيا، وأنه بيقول هذا الخطاب من موقع القوة، وردت عليه جولدا مائير في نفس اليوم بعد الظهر، قالت له: مركز قوة إيه؟ دا أنا بأتكلم وبأخطب من السويس، طبعاً يعني اللي يراجع صور المجلس، ويعني هذا الخطاب يمكن كل الناس صفقت إلا أنا، لأن أنا اعتبرت إن دا بداية الانهيار بالنسبة للنصر اللي تحقق في بداية الحرب.
أحمد منصور: هل بتعتبر هذا الخطاب بداية الانهيار بالدرجة الأولى، وبتعتبر إن النصر الذي وقع أيضاً؟
حسين الشافعي[مقاطعاً]: لا.. النصر نصر، نصر بمعنى الكلمة، أداء.. وبعدين يعني لما الناس هللت وكبرت ربنا تجلى، لدرجة إن إحنا يعني يتم العبور بأقل من 300 شهيد اللي كانوا بيقدروه الناس الميئسين، والناس اللي مش عايزين نحارب، والناس اللي عايزين يعني يعبروا عن آراء العدو، وإنه ولا 60 ألف ولا 30ألف ولا 20 ألف خسائر في مجرد العبور، وبعدين طبعاً ابتدت عملية الثغرة في نفس اليوم دا.
أول معلوماتي عن الثغرة كانت في يوم 16، وقعدوا يقولوا كلام مش راكب، يادوب 7 دبابات ومش عارف إيه وبتاع، وطبعاً يعني أي قائد.. الناس تخش ورا خطوطه الرئيسية بهذا العدد، دي يعني فخ.. عشان يبقى المقتلة، بس يعني كان لازم يتطلب الأمر إعادة التشكيل وإعادة المواجهة بحيث إنك تقضي على الثغرة، وكان القضاء على الثغرة أمر يعني من الناحية العسكرية، أمر يعني حتمي وماهوش صعب، بل بالعكس كان فرصة لا تعوض لكن بقى تقول إيه..
أحمد منصور: لا تعوض لأيه؟
(10/152)
حسين الشافعي: لا تعوض لإننا نحقق نصر حقيقي وإذا حصل حتى سلام يبقى من موقع القوة الحقيقية، ولكن بقى هو اخترع عملية تطوير الهجوم، التي ليست هي ورادة في أي خطة، وبدعوى التخفيف.. التخفيف عن سوريا، وسوريا ما كانتش محتاجة إلى هذا التخفيف، ولكن هي كلمة قيلت لتغطية هذا الخطأ لأنه القوات اللي اندفعت كلها في صحراء مكشوفة بدون غطاء جوي يستفيد من حائط الصواريخ الموجودة كان خطأ فادح وكلفنا لأول مرة خسائر يعني وخصوصاً في القوات المدرعة، خسائر فادحة وماكانش لها أي مبرر.
إنما أنا عارف منطق أنور السادات في هذا، هو يعني قال لك الله!! ما إحنا عبرنا ما ندلهم دعوة كمان هم يعبروا وزي ما حصل عندنا خسائر يحصل عندهم.. عندهم خسائر يحصل عندنا خسائر، ويبقى يا دار ما دخلك شر ونسلم القضية للي في إيدهم الحل والأمر، لأنه داخل على أنه يحل سياسي، مش يحسم الموضوع من مركز قوة حقيقية ومن مركز انتصار حقيقي.
أحمد منصور: اسمح لي سعادة النائب، تصور خطير لو كان حقيقي!!
حسين الشافعي: لأ دا تصور حقيقي، هأقول لك أنا، طب هو لما يسحب الاحتياطي اللي مفروض إن هو يتصدى لأي اختراق، ويدفعه لهذه المقتلة، طب هيدافع ضد أي ثغرة وأي هجوم مضاد بإيه ؟! مافيش.. ماعندوش احتياطي.
أحمد منصور: يعني هل دا تصرف مقصود أصلاً؟!
حسين الشافعي: دي دعوة غير مكتوبة للعدو إنه يبتدي الهجوم المضاد، دعوة غير مكتوبة، وخد الكلام دا عني أنا، لأن مالهاش أي مبرر ولا أي منطق، واحد عايز يحل بالسلام ومن يوم 7 بيقولهم أنا.. هه.. مش هأعمل أي حاجة، وبعت لهم إشارة بهذا المعنى.
أحمد منصور: بيدمر جيشه، ويدمر قواته.. ويدمر الجيش والقوات والنصر الذي تحقق؟!
(10/153)
حسين الشافعي: يدمر.. بقى أنت تبقى منتصر، فيه حاجة اسمها يعني تعزيز واستغلال النجاح، النهارده دا ما بيستغلش النجاح، دا بيضيع النجاح، يستغل النجاح لو كان مثلاً عنده الغطاء الجوي اللي يقدر يضمن بيه أنه يوصل للمضايق، ودا ماكانش وارد في الخطة، لأن خطة اللي كان رئيس الأركان سعد الشاذلي هو الأساس فيها أنه يادوب يعبر ويكلف العدو أكبر خسائر ممكنة بالصمود، إنما تطوير الهجوم هو اللي وده.. النصر كله ضيعه!!
أحمد منصور: ومين يتحمل المسؤولية؟
حسين الشافعي[مقاطعاً]: اللي بيتحمل المسؤولية أنور السادات، وتهمها في.. بعد ما مات أحمد إسماعيل، تهمها في أحمد إسماعيل وقال اللي يعني اقترح تطوير الهجوم أحمد إسماعيل.
أحمد منصور: لكن أنت تؤكد إن اللي اقترح هو السادات، وهو الذي يتحمل المسؤولية؟
حسين الشافعي: طبعاً.
أحمد منصور: ومن يدفع ثمن الدماء التي سفكت بسبب هذه الأخطاء؟
حسين الشافعي: دا تاريخه هو كده.
أحمد منصور: وأيضاً وضع مصر حديثاً..
حسين الشافعي: يعني إذا كان زي ما يعني قلت في البرنامج تاني قبل كده إن الواشنطون بوست قالت: إن السادات زرع كعميل للمخابرات المركزية الأميركية منذ الستينات ليضمن دخلاً ثابتاً، وكانت تدفع مخصصاته عن طريق كمال أدهم، وما حصلش تكذيب لهذا الكلام، لكن جت جيهان السادات في جريدة الأحرار حاولت أنها تنفي هذه التهمة، فخلت اللي ما عرفش الخبر عرفه..!!
أحمد منصور: سعادة النائب التهمة دي أصلاً حتى مجرد يعني كلامها أو إلقاءها بيدمر مصداقية كبيرة جداً.
حسين الشافعي: هذا مش تهمة.. أنا دي مش تهمة.
أحمد منصور: وبيضع البلد في وضع خطير للغاية، وحتى تاريخها.. وتاريخ رؤسائها...
(10/154)
حسين الشافعي: أبداً دي مش تهمة، دي حقيقة واستنتاج منطقي، لإن أنا أضيع النصر بتاعي بإني أدفع ناس وأدفع القوات في مهلكة بلا مبرر وبلا قيمة، وبلا ثمن، ومالهاش أي مضمون، والدعوي بتاعة التخفيف على سوريا لم يكن حقيقي، ولم تكن الوضع يحتاج إلى هذا الكلام، كله كلام كذب في كذب في كذب.
أحمد منصور: يعني الشعب المصري ابتلي باللي دفعوه لحرب 67 وأقيمت مذبحة له ولأسلحته ولمقدراته، وأيضاً في 73 بعد النصر الذي تحقق يتم نفس الخطأ وبنفس الطريقة، وكأن يعني الشعب عبارة عن.. يعني مش عايز أصف الناس بتقذف..
حسين الشافعي: أنا مش قلت.. مش قلت إن 67 كانت خيانة وكانت مؤامرة، أنت عارف عناصر الخيانة ما أنا قلت لك لازم نفتح يعني ملفات 67عشان ما تقول.. تعرف مين مصدر الخيانة...
أحمد منصور[مقاطعاً]: و 73..
حسين الشافعي[مستأنفاً]: ولو دورنا حنلقي برضو أنور السادات واللي هو امتداد لعبد الحكيم عامر كان مشارك في العملية..
أحمد منصور: دا كلام يعني من الناحية التاريخية عفواً يعني..
حسين الشافعي: لا دا هو بقى الكلام اللي لازم ما بأتكلمش من الناحية التاريخية، أنا بأخاطب الشعب، ليتخلص من الإحباط واليأس اللي عنده عندما يعرف الحقيقة.
أحمد منصور: دا الإحباط واليأس سوف يزداد.
حسين الشافعي: لا دا يجدد ثقته ويشعر بالأمل لأنه هو يعني اتظلم في هذه العملية.
أحمد منصور: حتى النصر الذي يعتبره الشعب نصراً؟
حسين الشافعي[مقاطعاً]: دا مش نصر، إذا كان نصر تبقى إرادتنا في إيدنا، إحنا ما بنقدرش نعمل أي حاجة إلا إذا وافقت عليها إسرائيل، وإذا وافقت عليها أميركا.
أحمد منصور: ومن الذي منح أميركا وإسرائيل هذا الحق؟
حسين الشافعي: السادات.
أحمد منصور: وأين كنت..
(10/155)
حسين الشافعي: بتصرفه.. أنا كنت بره، أنا خرجت 75، 75 بقى اتخلص من ضميره وبقى بيتصرف بقى بالكامل، وعشان كدا راح القدس، وعشان يعني أنا بأعتبر يعني رحلته إلى القدس هي استسلام بلا قيد ولا شرط تحت أعلام إسرائيل من أكبر دولة في العالم العربي وأرضها محتلة، ومِدَيِّر ضهره لبيت الله في يوم عرفه، وبيطوف في الكنيست وبيسعى في إسرائيل.
أحمد منصور: يقول: إن 99 من أوراق اللعبة كانت في أميركا، ولم يعد هناك سوى هذا الحل الذي لجأ إليه بهذه..
حسين الشافعي: دا مع المستضعفين، ومع اللي مش عايزين يناضلوا، زي ما قال أبو بكر قال: ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا، إنما حلول سياسية في ظل هذه التبعية!! وهو من يومه عايز يلقى حضن حنين يداري فيه ومايبقاش متحمل أي مسؤولية حقيقية.
أحمد منصور: أنتم لم تتحملوا جزءاً من المسؤولية أنكم كنتم جزءاً من السلطة وهو أيضاً كان يسير هذه الأمور لا سيما في حرب أكتوبر؟!
حسين الشافعي: يعني أنا أتمنى إني أحاكم عشان أقول الكلام دا بقى علناً في المحكمة على رؤوس الأشهاد.
أحمد منصور: أنت تقبل أن تحاكم وأن تحمل جزء من المسؤولية في هذا؟
حسين الشافعي: أنا ما أتحملش لإن القرار مش بإيدي.. إذا كان كان عايز.. مش عايز يقول لي أمتى الحرب، ومش عايز يدعوني إلى أي اجتماع وتقول لي مسؤول! !مسؤول إيه يا أستاذ!
أحمد منصور: تدخل كسينجر..
حسين الشافعي [مقاطعاً]: وما أستقيلش.. أنا حأقعد على قلبه لحد ما يستطيعش إلا أنه يتخلص من ضميره، ما يحتملش الواقع ولا المواجهة.
أحمد منصور: لماذا لم تستقل أيضاً حتى..
حسين الشافعي [مقاطعاً]: لا ما أستقيلش.
أحمد منصور: لماذا؟
حسين الشافعي: لإن أنا مؤسس وصاحب بيت، والثورة دي مش بتاعته، بتاعتنا إحنا كلنا وبتاعة هذا الشعب.
أحمد منصور: لم تكن تخشي من أن يخليك من المسؤولية..؟
(10/156)
حسين الشافعي: ماكنش يقدر، لأنه أجبن من إنه يقيلني، لأنه في.. أنا في مذكراتي بأتكلم على أما خرجت من السلطة، أنا لم أقال، ولم أستقل وهذا هو اللاقرار الجبان، لأنه ما كانش يقدر يصدر قرار، كان يقدر يصدر قرار، لكن هو كان عارف يعني معقبات هذا القرار، ورد فعلها على الناس، بتقيله ليه؟! دا راجل يعني تاريخه وأعماله بتقول غير كدا.. إزاي؟! فهو بيحسبها حساب سياسي.
أحمد منصور: لكن حينما خرجت من مكتبك في 14 أبريل 75 كيف كان خروجك منه..؟
حسين الشافعي: لا.. دي بقى قصة تانية يعني عايزة.. عايزة برنامج لوحده.
قصة خروج الشافعي من السلطة
أحمد منصور: أرجو أن تروي لنا هذه القصة، أو بإيجاز لأن هي ليست عند أحد سواك أنت، ولا زال هناك غموض تاريخي في يوم خروجك من مكتبك كنائب لرئيس الجمهورية في 14 أبريل 75 دون إقالة أو استقالة.
حسين الشافعي: دا طبعاً يعني أنور السادات كان كل أمنيته إنه يتخلص من حسين الشافعي بدون خسائر سياسية بالنسبة له، ولذلك طبعاً يعني أنا عملية مرواحي إلى مطار فايد يوم 5 يونيه..
أحمد منصور: 67.
حسين الشافعي: 67، يعني قد يكون وراها يد خفية، وأنور السادات دا كان دايماً لابد في مكتب سامي شرف، قاعد جنبه، وقد يكون يعني من ضمن يعني محاولاته إنه أوحى بإن أنا أروح في هذه المأمورية على مطار فايد، وأنا لما بأكتب مذكراتي بأقول سأقص عليكم قصة الشهيد أراد الله له أن يكون شاهداً واختار له موقعاً متميزاً ليرصد منه الأحداث، ليكون شاهداً على العصر.
دي محاولة انتهت بإن الحرس اللي كان معايا في الطيارة اللي فيها المرافقين، اللي جت بعدي، انضربت بصاروخ جو جو، وقضي على الضابط في التو واللحظة ويمكن كانت إشارة من الله بيقول لي: هو أنت جايب لي حارس عشان يحرسك، دا أنا اللي بأتولى حراستك، واعتبرتها يعني إشارة بالحفظ.
(10/157)
في سنة 71حصلت حادثة غريبة جداً، وأنا رايح في الثانوية بتاعة جمال عبد الناصر طبعاً خط سيري معروف وإذا بـ (تريلر) من اللي بيحملوا الدبابات، مقطورة اتفكت وعبرت الطريق بتاع صلاح سالم واجتازت الجزيرة اللي في الوسط وهي بقوة الاندفاع بتاعتها، ولولا أنا عربيتي كانت على أقصى سرعة فاصطدمت أيضاً بعربية الحرس وهشمتها بالكامل، شالت سقفها من فوق، ونقلوا كل الناس اللي فيها على مستشفي الحسين، لم أعلم بهذا إلا بعد التعزية، رحت وفت في المستشفى، وشفت المصابين، بعد كدا جت عملية صالح سرية..!!
أحمد منصور: عايزين نفهم بقى قصة صالح سرية..
حسين الشافعي: صالح سرية ديت هي بقى اللي يعني الموضوع اللي بيهم.. الموضوع بتاع خروجي من السلطة، أتكلم في التليفون ممدوح سالم.
أحمد منصور: أي تاريخ؟
حسين الشافعي: 14 أبريل.
أحمد منصور: 75 اللي هو يوم خروجك نعم.
حسين الشافعي: فاتصل بمكتبي وطلبوا مني عشان أحدد له الموعد، فحددت له الساعة واحدة ونص، الساعة واحدة ونص وخمسة ماجاش قمت أصلي..
أحمد منصور: لم يكن لديك أي مؤشرات في أي موضوع يريد...
حسين الشافعي: لا على الإطلاق.
أحمد منصور: كان رئيس وزراء في ذلك الوقت؟
حسين الشافعي: هو ممدوح سالم، فنهايته.. جه وأنا بأصلي لقيت الباب اتفتح وأجهزة الإعلام، والكشافات والكاميرات والصحفيين وبتاع مع ممدوح سالم، طبعاً دخلوا لاقوني بأصلي، وقعدوا واقفين خلصت صلاة، لما انتهيت من الصلاة قلت له لا أسمح.. لا أسمح لنفسي إني أوجه لك كلام أو أحط إيدي في إيديك قبل ما تقول لي على اللي حصل في الموضوع بتاع صالح سرية، لأن أنا يوم الأحد التالي لانعقاد المحكمة يوم السبت جالي واحد، مواطن..
أحمد منصور: سنة كام تفتكر سعادة النائب؟
حسين الشافعي: سنة 74.
أحمد منصور: 74.
حسين الشافعي: آه
أحمد منصور: هذه قضية الفنية العسكرية.
(10/158)
حسين الشافعي: الفنية العسكرية، فجاب لي تسجيل، وفي التسجيل صالح سرية بيحط شهادته، بيقول: أنا استدعاني عميد في المباحث اسمه عبد القادر وقال لي إذا ماكنتش هتشهد في قضية الفنية العسكرية إن حسين الشافعي هو على.. على رأس هذا التنظيم بشعبتيه المدنية والعسكرية وعرى ضهره وورا لهم التعذيب اللي اتعذبه، وقال حينالك ما ينالك إذا كنتش تشهد هذه الشهادة.
وبعدين طلع كشف من الدرج وفيه اسم 12 ضابط من الحرس الجمهوري والأمن المركزي والقوات المسلحة، وبيقول أنا ما أعرفش من الأسماء دي إلا اسم الفريق صادق والفريق سعد الشاذلي وأنا طبعاً أعرف مصيري، ولكن لن ألقى الله بشهادة زور على ناس مالهمش أي علاقة بالموضوع.
أحمد منصور: دا كلام سعد.. صالح سرية.
أحمد منصور: كل دا كلام في شهادة صالح سرية، وبعدين ابتدى المحامي اللي هو عبد الحليم رمضان وهو بيدافع في القضية قال " إن اللي مرتب هذه العملية والمخرج بتاعها هو ممدوح سالم وسيد فهمي، اللي بعديها..
أحمد منصور[مقاطعاً]: سيد فهمي كان وزير الداخلية.
حسين الشافعي: اللي بعديها دا بقى رئيس وزراء والتاني بقى وزير الداخلية، فلما شعروا بهذا.. كانت القضية بتُعرض تباعاً في الصحف فمنعوا النشر، فابتدت أحداث القضية تُنشر في الجرايد في بيروت مما وضع المحكمة في حرج، فابتدت تستدعي رئيس المخابرات، مدير المخابرات والنائب العام، وزير العدل، ولما سألوامدير المخابرات، قالوا له: إيه مصدر المعلومات دي؟ قال: "المخابرات لا تُسأل عن مصادر معلوماتها " بس هي ديت فـ..
أحمد منصور[مقاطعاً]: إيه قضية المعلومات.. يعني إنك لك صلة بتنظيم الفنية العسكرية.
حسن الشافعي: عايز يقيم إدعاء عليَّ إن أنا على رأس هذا التنظيم.
أحمد منصور: لكن الكلام اللي سعادتك بتقوله الآن من إن الكلام اللي نُقل عن عبد الحليم رمضان من إن ممدوح سالم وسيد فهمي كانا على رأس التمثيلية.
حسين الشافعي: دا أن بأقوله له..
(10/159)
أحمد منصور: إن... إن التنظيم كله أصلاً كان مختلق ولا يوجد شيء اسمه تنظيم.
حسين الشافعي: دا أنا بأقوله له كمعلومات عن.. بأقول له أنا مش هأحط إيدي في إيدك ولا أسمح لك بكلام إلا لما تقول لي تفسير للكلام ده، قام قال لي يعني ما أنت عارف المتهم لما بتبقى بتحيط به أدلة الإدانة أهو بيقول أي كلام. قلت له ما علينا، أنت جاي ليه؟ فهو كان جاي عشان يقول لي بقى يعني حاجة تخليني يعني أتقوقع وأكش و.. أنت أنت جاي ليه؟ قال لي: أنور السادات قال لي إنه في نيته إنه يعين نائب للرئيس، قلت له طب ما يعين، ما الدستور بيدي له هذا الحق للرئيس أن يعين نائباً أو أكثر.
وإذا كان تقديره إن الحكاية عايزه أكثر من نائب فالتقدير له والسلطة سلطته، فجاي عشان إيه؟ قال لي: ما تتصل بيه بالتليفون، قلت له: هو اللي قال لك؟ فزاد ارتباكه، قال لي: هو قال لي قبل ما أي حد يعرف تبلغ السيد حسين الشافعي بأنه حيعين نائب رئيس، قلت له يعين، سلطته وتقديره، قال لي: ما تتصل بيه، قلت له هو اللي كلفك أم دي من عندياتك؟ فزاد ارتباكه، قال لي: ما انتوا يعني أولاً وأخيراً زملاء وبتاع، قلت له: دا اللي عندك؟ اتفضل.
طبعاً لقيت العملية يعني مظاهرها لا تدل على إن يعني فيه إمكانية للاستمرار أكتر من كدا، لكن بدون إقالة وبدون استقالة، وهذا هو اللي حصل وهذه شهادتي عن هذا الموقف.
أحمد منصور: يعني أنت خرجت من المكتب ولم يصدر قرار جمهوري بإقالتك كنائب للرئيس؟
حسين الشافعي: لحد النهارده.
أحمد منصور: وأنت لم تقدم استقالة كذلك؟
حسين الشافعي: لحد النهارده.
أحمد منصور: تقييمك إيه لهذه الفترة الطويلة وهذه الشهادة التي أدليت بها للأجيال عن تلك المراحل الهامة التي عشتها، ما هو تقييمك لها، ورؤيتك لها بعد هذه الفترة؟
(10/160)
حسين الشافعي: والله أنا تقييمي إنه الشعب عاش في تعتيم وكذب، والحقيقة آن الأوان إن الشعب يعرفها، ليس للاقتصاص من أحد، وللتشنيع على حد، إنما هناك ما هو أكبر وأعظم إن إحنا يعني نقضي على الإحباط واليأس اللي الشعوب العربية عايشة فيه لعدم معرفة الحقيقة، ويتجدد لها الثقة، لأنه يوم ما تصدقها الكلام ويعرفوا الحقيقة يستعيد ثقته لأنه حيبقى مشارك، وكذلك يتجدد الأمل، ولذلك أنا شهادتي كلها لتجديد الأمل واستعادة الثقة وللتخلص من الإحباط واليأس الذي تعيشه الأمة العربية لعدم معرفة الحقيقة.
أحمد منصور: ورؤيتك للمستقبل؟
حسين الشافعي: والله دا يمكن بقى يعني المستقبل زي ما بيقولوا " المستقبل في يد الله" ولكن الرؤية للمستقبل هي فيما وعد الله به، ربنا وعدنا بالنصر –إذا كنا مؤمنين– وقال يعني حاجات تدل على أن النصر ممكن إذا كان رباطنا بيه رباط حقيقي، ولذلك يعني لما يخاطب رسوله بهذا الوضوح ويقول له (وإن أرادوا أن يخدعوك فإن حسبك الله، هو الذي أيدك بنصره) – أولاً بنصره – (وبالمؤمنين، وألف بين قلوبهم، لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألَّف بينهم، والله عزيز حكيم).
أحمد منصور: رؤيتك إيه للوضع الذي يقع فيه العالم العربي اليوم من يعني سيطرة تقريباً غربية متكاملة على مقدراته وعلى أنظمته وعلى.. يعني.. أليس هذا نتاجاً أيضاً للبدايات التي كنتم طرفاً فيها؟
حسين الشافعي: هو يعني إذا الإنسان بقى عنده ما يحرص عليه، من هذا الحرص قالوا فيه " أذل الحرص أعناق الرجال " أما يبقى واحد عنده حاجة وبيحرص عليها بتخليه يتردد إن هو يأخذ الموقف اللي لازم ياخده.
أحمد منصور: خلال فترة المسؤولية الطويلة التي توليتها هل أنت راضٍ تماماً عما قمت به، أم أن هناك أشياء تعتبر أنها أخطاء أيضاً؟
(10/161)
حسين الشافعي: يعني أحمد الله إن أنا يعني يعني راضي كل الرضا عن ما قمت به، ولو عاد التاريخ مرة أخرى يعني يمكن يبقى فيه تجويد أكتر لما حدث يعني.
أحمد منصور: مع تناسي أو.. أو..
حسين الشافعي: لإن إحنا دايماً يعني الناس بتتناسى إن إحنا أمام أعداء شرسين ولن يستطيع إلا من يتمسك بحبل الله حينتصر في هذه المعركة، ولذلك لما بيتكلم عن الفاسقين بيقول (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) يعني خرج على المنهج اللي ربنا كفل له به النصر، والحاجة التانية وقال ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) أصبحوا مفككين ومتفرقين، والحمد لله لا إحنا ماشيين على المنهج، والتفرقة يعني على ودنه والحمد لله.
أحمد منصور: لو طلبت منك في النهاية أن تقول كلمة أخيرة كنت تود أن تقولها بخصوص الثورة وما يثار حولها من بعض الأشياء..
حسين الشافعي[مقاطعاً]: لا والله أنا يعني كنت.
أحمد منصور: والتي ربما دفعتك أيضاً إلى الاعتراض على بعض ما تناولناه.
حسين الشافعي: يعني.. يعني أنا.. ما.. مش من عادتي إن أنا يعني أتكلم من كلام مكتوب، لأن كل حاجة في ذهني إنما يمكن الخاتمة تتطلب إن الواحد يبدي معنى من انطباعه عن هذه المحاولات وهذه التساؤلات، فأنا بأقول وفي الختام ختام هذا الحوار في البرنامج المتميز (شاهد على العصر).
أحمد منصور: شكراً جزيلاً.
حسين الشافعي: في قناة الجزيرة، والذي وقف فيه حسين الشافعي مدافعاً عن ثورة 23 يوليو 52 المجيدة أحب أن أؤكد أن هذه الثورة أكبر من أن يدافع عنها أحد، فرد أو أفراد، لأن رصيدها في ضمير الشعوب العربية أعمق من أن تهزه محاولات محاكمة هذه الثورة أو النيل منها، هذه المحاولات إنما هي تعبير عن حجم الغل والحقد التي تكنه الدوائر الاستعمارية في نفسها قبل الثورة التي أقلقتها وأزعجتها بما أحدثت مع من تحريك لواقع المنطقة العربية، وما أحدثته من تعرية للاستعمار ومخططاته، وكشفت أعوانه من الخونة.
(10/162)
إن هذه المحاولات لن تجدي ولن تنجح، حيث أن سجل الثورة ومنجزاتها أكبر.. إنها أكبر من كل هذه المحاولات التي لن تطفئ نور الثورة، التي تحدت الاستعمار وأعوانه وكانت لهم بالمرصاد، إعمالاً للمبدأ الأول من مبادئ الثورة وهو القضاء على الاستعمار وعلى أعوانه من الخونة ولما فشلوا في إطفاء نورها والقضاء على آثارها في النفوس المؤمنة، لم يبق أمامهم إلا مساءلتها بل قل محاكمتها، وإني أفخر وأعتز أن كنت أحد هؤلاء الذين اختارهم الله للقيام بهذا الدور التاريخي في قيام الثورة والدفاع عنها في برنامج (شاهد على العصر).
وفي تقديري أن الثورة لم تكن إلا مجرد غطاء لبذرة إسلامية لا يعلم إلا الله متي يأذن بإنباتها، حيث أننا لن ننتصر إلا إذا كنا مؤمنين، تصديقاً لقوله تعالى (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) إن ما نشهده من التنكيل بالمسلمين يدعونا إلى وقفة للمراجعة وإعادة تقدير الموقف والحساب لحشد جميع مصادر قواتنا، وتحديد أعدائنا ومن وراءهم لتكون المواجهة أكثر شمولاً وأكثر وضوحاً، لأن وعد الله بنصر المؤمنين أمر لا شك فيه ولا ارتياب.
وليكن هدفنا وشعارنا قوله تعالى: وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا، والله عزيز حكيم) وصدق الله الذي يقول (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) التوبة 35، صدق الله العظيم.
أحمد منصور: شكراً سيادة النائب، أشكرك شكراً جزيلاً على هذه الشهادة المطولة التي أدليت بها للأجيال، والتي تحملتني فيها كثيراً، أشكرك شكراً جزيلاً باسم كل مشاهدي الجزيرة على ما أدليت به وآمل يعني أن يكون غضبك علي قد انتهى والذي بدأ مع بداية التسجيل، ولكن..
حسين الشافعي: لا.. أنا شاكر، أنا شاكر جداً، ومقدر للمجهود اللي أنت عملته، وكل ثورة وأنت طيب.(10/163)
أحمد منصور: أيضاً آمل إن سعادتك تكون استوعبت إن دورنا هو إن إحنا نسعى لاستخراج هذه الحقيقة من عندك، بدون تبني لأي مواقف..
حسين الشافعي: لا.. دا أنت.. لا دا أنت يعني مخرج من الطراز الأول يعني..
أحمد منصور: شكراً جزيلاً.. أشكر سعادتك على هذا التعب..
حسين الشافعي: ألف شكر كل سنة وأنت طيب.
أحمد منصور: كما أشكرك مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، من فيلا النائب حسين الشافعي في القاهرة استودعكم الله على أن ألقاكم مع ضيف جديد وحلقات جديدة من برنامج (شاهد على العصر).(10/164)
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق(10/165)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:48(مكة المكرمة)،19:48(غرينيتش)
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
تاريخ الحلقة
22/01/2000
د. مصطفى خليل
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلا بكم في حلقة جديدة مع ضيف جديد في برنامج (شاهد على العصر) شاهدنا على العصر في هذه
الحلقة والحلقات القادمة، معالي الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق).
ولد الدكتور مصطفى خليل في إحدى قرى محافظة القليوبية في مصر عام 1920م، درس في كلية الهندسة وتخرج منها في عام 1941م، ابتعث إلى الدكتوراه، وحصل عليها من جامعة (إليني) في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1951م، عمل في الفترة من عام 1951م وحتى عام 1956م أستاذاً مساعداً في كلية الهندسة (جامعة عين شمس) شغل بعدها مناصب وزارية عديدة في الفترة من عام 1956م وحتى عام 1966م.
فقد شغل وزارات المواصلات والنقل والاتصالات، ونائباً لرئيس الوزراء لشؤون النقل والمواصلات، ثم نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الكهرباء والبترول والطاقة، وذلك في حكومة الوحدة، التي نشأت بين مصر وسوريا في الفترة من عام 1958م وحتى عام 1961م.
ظل دكتور مصطفى خليل بعدها في مناصب وزارية عديدة حتى عام 1966م، حيث قدم استقالته لظروف صحية، شغل بعد ذلك منصب رئيس الإذاعة والتليفزيون، أو الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون في الفترة من يونيو عام 1970م وحتى أبريل عام 1971م، انتخب بعدها أميناً عاماً للاتحاد الاشتراكي العربي، الذي كان الحزب الرئيسي الحاكم في مصر في ذلك الوقت، وذلك في أعقاب تكليفه برئاسة مستقبل مصر السياسي، الذي كلَّفه به الرئيس (محمد أنور السادات) آنذاك.(10/166)
كلف من الرئيس محمد أنور السادات بالعمل على تغيير النظام السياسي في مصر، والانتقال من نظام الحزب الواحد إلى نظام الأحزاب الذي أخذت به مصر بعد ذلك، رافق الرئيس السادات في رحلته الشهيرة إلى القدس في نوفمبر عام 1977م، كُلِّف بعد ذلك برئاسة الوزراء، وشكَّل الحكومة المصرية في الفترة من أكتوبر عام 1978م، وحتى مايو عام 1980م، يشغل حتى الآن منصب نائب رئيس الحزب الوطني الحاكم في مصر، مرحباً دكتور مصطفى.
حياة حافلة بالأحداث والمهام الجسام، والتغيرات السياسية العديدة في مصر في الفترة من عام 1956م، حيث توليت أول منصب سياسي عام وحتى الآن، حيث لا زلت تشغل منصب نائب رئيس الحزب الوطني الحاكم، أريد أن أبدأ معك من القرية، من البيئة الأولى التي نشأت وترعرعت فيها، ومؤثرات هذه البيئة في تكوين شخصيتك، بإيجاز لو سمحت، تفضل.
د. مصطفى خليل:
والله، أنا أبدأ باشكر سيادتك على إتاحة هذه الفرصة لي، لأنه يعنيني الشباب الناشئ –الآن- وإنه يعرف إن الحياة حياة مهياش سهلة، وحياة الإنسان يتعرض فيها لنقلات كتير من طريقه، فعلاً أنا ولدت في القرية، اسمها كفر تصفا تاء، صاد، فاء، ألف، ووالدي كان مالك أرض، أو ما كان يُسمى في ذلك الوقت من الأعيان.
ولكنه لم يكن يزرع الأرض بنفسه، وإنما النظام الذي كان سائداً في ذلك الوقت هو تأجير الأرض لفلاحين بملكيات صغيرة، كما تعلم سيادتك، الأرض مفتتة في مصر تفتيت كبير جداً، فالإيجارات كانت تتراوح ما بين فدان إلى اثنين، لأنه كان زراعة باليد في ذلك الوقت، وطبيعي الأثر الذي سابته فيه كان أثر سلبي.
بمعنى إن الواحد بيتعامل مع المؤجرين اللي بيبقوا موجودين، مستوى المعيشة ما كانش يرضيني، وأستطيع أن أقول: إنني خرجت من الحياة هناك بانطباع جعلني أكره الأرض.
أحمد منصور:
(10/167)
ما هي الأسباب التي دفعتك إلى ذلك، وأنت لم تكن معنياً بحياة البسطاء -وإنما– كما ذكرت- كان والدك من الأعيان، ومن المؤكد أنه كان يوفر لك شكلاً من أشكال الحياة الرغدة؟
د. مصطفى خليل:
مما لا شك فيه أن التسمية الأعيان في ذلك الوقت، والفلاحين في مصر مش معناها إن إحنا عائلياً جينا واشترينا أرض في قرية، بل تجد سيادتك إن أقل فلاح حتى ماشي في الطريق لابد إنه يقول أنا قريب فلان، وفعلاً لما بنتتبع التسلسل العائلي بنجد تربطني بيه رابطة تكون موجودة، فإحنا مش أجانب عن المنطقة، ماحناش ملاك أرض نسيوا واشتروا هذه الأرض.
ولكن كان والدي وجدي وجدودي من هذه المنطقة، وفيه فرق كبير في مصر بين اللي بنسميها العزوة، إن يبقى له عزوة في بلده، شيء مختلف كل الاختلاف، عن شخص بيشتري أرض في أي مكان ويزرعه، لكن العزوة عندنا وباستمرار لم تكن عزوة تجبر.
أحمد منصور:
يعني العزة المقصود فيها هناك، الأهل والعشيرة والأقارب اللي بيدعموا الشخص ويعطوه المكانة القوية في مجتمع القرية.
د. مصطفى خليل:
أيوه، بالظبط في مجتمع القرية، ولكن العزوة كانت عزوة رعاية وخدمات تُؤدى لهم، ورغم هذا عندما أعود بالذاكرة، وبمنتهى الصراحة أقول: أنا لم أكن أرضى عن العلاقة بين المالك ومستأجر الأرض عموماً..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كنت تحس أن المستأجر مظلوم يعني؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
كان نتيجة الشعور ده، أنا بقيت أشعر إن الأرض لمن يزرعها..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وليس لمن يملكها؟!
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
وليس لمن يملكها، ولهذا لما كان الإصلاح الزراعي حتى بعد كده، وقت الرئيس عبد الناصر، أستطيع أن أقول بيني وبين نفسي أنا مقتنع تماماً بإن توزيع الملكيات على الفلاحين كانت عمل عادل، ونظام المالك المتغيب عن أرضه انتهت في كثير من البلاد، كانت موجودة في اليابان في فترة، وحصل إصلاح زراعي في اليابان.
أحمد منصور:
(10/168)
يعني بلاد كثيرة لازال فيها هذا النظام، لكن أنا سأعود بشيء من التوسع، ربما حينما نتحدث عن عمليات نزع الملكية التي تمت، والتأميم في عهد الرئيس عبد الناصر، متى تركت مجتمع القرية وانتقلت إلى مجتمع المدينة؟ وهل حدث شيء، يعني شكل من أشكال العزلة بينك وبين القرية؟
د. مصطفى خليل:
لا، إحنا انتقلنا للدراسة.
أحمد منصور:
لكن ظل لك علاقة بالقرية قائمة؟
د. مصطفى خليل:
ظل ليا علاقة بالقرية، كنت أروح في الصيف، وكنا بنمضي الأجازات بتاعتنا، أو كشباب صغير بيلعب كورة، وبيروحوا بيشوف الفلاحين، وعلاقتنا كانت زي ما بأقول، علاقة قوية تربطني بالمجتمع الزراعي الموجود، ولكن مش علاقة مالك بمستأجر على وجه الإطلاق.. لما بفكر في الأيام اللي فاتت.. الوضع كان لازم يتغير، يعني شعوري إن الوضع ما كانش يجب أن يستمر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رغم أنك لم تكن متضرر من النظام الموجود، بل ربما تكون مستفيد؟
د. مصطفى خليل:
أنا بعتقد طول عمري إن الشخص أهم حاجة في حياته التعليم، ولما تسألني عن.. أنا كان والدي يروح ويدفع مصاريف الأولاد المتفوقين في المدارس مثلاً في القاهرة والبلاد الثانية، لأن التعليم هو أساس لكل فرد، وأعتقد إن كل فرد يجب أن يعمل، ويجب أن يكسب ويعيش مما يعمل به، مش عن طريق إرث الأرض أو مثل هذا الوضع.
ولكن طبعاً في نفس الوقت بقول: إن إرث الأرض بالنسبة لي -وأنا ورثت أرض وما بنكرش الأوضاع اللي الإنسان كان فيها- كان بالنسبة لي ضمان لحريتي في العمل بعد ذلك، يعني الدخل اللي بيجي من هذه الأرض ضمن لي استقلالية الرأي، لأن أي إنسان لما بيوضع بين إنه يفاضل بين أمرين، إما استقلالية الرأي، وإما ترك العمل، والبحث عن عمل آخر، أو بيأخذ خط معين مخالف للخط السائد في ذلك الوقت، بيبقى تكاليف المعيشة بالنسبة له قاسية.
أحمد منصور:
(10/169)
أنت دكتور الآن بتطرق -الحقيقة- نقطة هامة جداً في حياة كل إنسان من المفترض أنه بيشارك في صناعة الرأي أو صناعة القرار..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
أو في القضايا العامة.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
ممن يكتب، أو يوجِّه، أو يشارك في الحياة العامة، أو يشارك في القرار السياسي أو في الوظائف العامة، من أن يكون له مورد رزق يجعله يحافظ –يعني- على استقلاليته وعلى نفسه، وعلى قراره، وهذه ربما التي تجعل كثير من الناس يتنازلون عن مبادئهم في بعض الأوقات، من أجل الحفاظ على الوظيفة أو غيرها.
د. مصطفى خليل:
أيوه بالظبط.
أحمد منصور:
دكتور، درست في نهاية الثلاثينات في كلية الهندسة جامعة القاهرة، وتخرجت منها في عام 1941م، في هذه الفترة كانت مصر تموج بالتيارات السياسية المختلفة داخل الجامعة، وكان الطلبة يُعْمل لهم حساب كبير لدى الحكومات المختلفة، وكانت المظاهرات الطلابية لها.. يمكن أن تقيم وزارات، وتُقِيل وزراء ووزارات، هل جذبك أي تيار سياسي في ذلك الوقت لكي تنتمي إليه، وتكون جزءاً مؤثراً أو فاعلاً فيه في الحياة السياسية المصرية؟
د. مصطفى خليل:
نعم، أهم شيء أثر علينا في الفترة دي كشباب كان الاحتلال البريطاني لمصر، وأنا بأعتبر إن احتلال أي جزء من الأرض المصرية بالنسبة ليا، أنا بأعتبر إنه بيبقى مهانة فظيعة جداً، كنا لما بنشوف جيش الاحتلال، كان في قصر النيل، سيادتك عارف الثكنات بتاعتهم هنا، لما الواحد بيفوت وبيمر مبيقدرش إنه هو.. يعني شعور الألم والحسرة في قلب الواحد.. أنا لما كنت شاب اشتركت في بعض هذه المظاهرات، وسابت لي أثر ما زال موجود عندي حتى الآن.
أحمد منصور:
يعني اعتدى عليك في إحدى المظاهرات؟
د. مصطفى خليل:
نعم.
أحمد منصور:
تم الاعتداء عليك؟
د. مصطفى خليل:
(10/170)
أيوه، كان حصل.. وبعدين حقق معايا، أنا كنت في البكالوريوس في ذلك الوقت سنة 1941م، وكان مظاهرات ضد البريطانيين في ذلك الوقت، وفعلاً التحقيق اللي أجراه معايا شخص تربطني به علاقة -بعد ذلك- قوية جداً من الصداقة وخلافه.
أحمد منصور:
تذكره يعني؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
لم تذكر لي هل انتميت سياسياً إلى أي تنظيم من التنظيمات التي كانت تملأ الساحة السياسية المصرية؟
د. مصطفى خليل:
أنا لم أنضم إلى أي تنظيم سياسي على وجه الإطلاق، ولما رجعت من الولايات المتحدة.
أحمد منصور:
قبل الولايات المتحدة.
د. مصطفى خليل:
لا، لم أنضم.
أحمد منصور:
ألم تعجب –أيضاً- بأي تيار سياسي موجود؟ ألم تؤيده من الناحية النفسية؟ ألم..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
من الناحية النفسية، كان حزب الوفد.
أحمد منصور [مستأنفا]:
الوفد؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، أنا بأعتقد إن سعد زغلول كان رمز لنا جميعاً، ما زال في قلوبنا حتى الآن كزعيم وطني بيناضل لاستقلال بلاده، لكن أنا كنت بأشعر دائماً إن التعليم أساس قوة الفرد.
أحمد منصور:
هناك من يتوجه إلى توجه سياسي، أو توجه اجتماعي أو كذا.. أنت توجهت إلى الجانب الرياضي، وجانب التجديف على وجه الخصوص، وانشغلت بهذا في أثناء فترة شبابك، ذكرت لي أثناء جلسات الدردشة التي أجريناها أنك –أيضاً- في الفترة دي كنت تهوى الموسيقى، وذهبت لتدرب الموسيقى، وكان مدربيك من اليهود.
د. مصطفى خليل:
أيوه، اللي حصل في الحقيقة حاولت، بس حاولت وأنا كبير إنه أتعلم العزف على الكمان، فكان فيه موجود في ذلك الوقت كونسرفتوار بتاع واحد اسمه (تجرمان) وكان مدرس الكمان في ذلك الوقت اسمه (منشي) فرحت فعلاً لغاية ما سافرت الولايات المتحدة ما كانش في فرصة إني أكمل.
أحمد منصور:
(10/171)
أنا هنا فيه نقطة مهمة اللي دفعتني إني أسألك هذا السؤال، وهو إن في هذه الفترة قبيل أن تذهب إلى الولايات المتحدة، حينما ذهبت إلى تعلم الموسيقى كان (منشي) هذا كان يهودياً، وأنت تقول: أنك لا تجد من صغرك أي شكل من أشكال الحواجز النفسية في أن تتعامل مع أي إنسان من أي ديانة حتى لو كان يهودي، في هذا الأمر إنت لما عرفت إن المدرس اللي هايدرس لك يهودي، لم يكن لديك أي شكل من أشكال التحفظ على هذا الأمر، أم تقبلك لهذا كان طبيعياً بحكم إن مصر في ذلك الوقت كان يعيش فيها عدد من اليهود لا بأس به؟
د. مصطفى خليل:
ها قول لسيادتك حاجة، أنا تخرجت سنة 1941م من كلية الهندسة، الفترة اللي قبل كده ما كانش فيه الشعور اللي نما بعد ذلك بعد حرب 1948م يعني فيه فرق هنا، أنا لما أُعْلنت دولة إسرائيل كنت في الولايات المتحدة، وكنت في الولايات المتحدة لي أصدقاء من كل الجنسيات الموجودة، وكل العقائد الدينية إزاي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني القضية كانت شغلاك –أيضاً- من الناحية العقائدية، كان عندك شغف بأنك تتعرف على كيف يفكر الآخرون؟ ما هي معتقدات الآخرين؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أيوه، كان عندي شغف فعلاً، وأستطيع إني أقول: إن قراءاتي كانت.. أحب كتاب مثلاً اللي كان على نفسي في ذلك الوقت، كتاب (حياة محمد) اللي عمله محمد حسين هيكل، وأنا بأقول لأني قريت بعد كده كتب بالإنجليزية وخلافه، فأنا بضع كتاب هيكل ده في مقدمة الكتب اللي الواحد يوصي غيره بإنه يقراها.
أحمد منصور:
هو ربما لأنه خاطب المستشرقين، ووجهوا إلى الغرب أو العقلية الغربية بشكل أساسي، فتركت هذا الأثر في نفسك.
د. مصطفى خليل:
بتترك أثر كبير، لأن لما بنقول لي الواحد يعرف أعظم الشخصيات اللي اتوجدت في العالم، أستطيع أقول على طول كان سيدنا محمد..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
عليه الصلاة والسلام.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/172)
مش محتاجة، لأن أنا خدتها بطريقة إن ما دام أنا مسلم يبقى لابد إن محمد يبقى أعظم شخصية في العالم، لا ده نتيجة إن الواحد بيقرأ وبيشوف عظمة الشخصية، كانت فين القيم الأخلاقية بتاعة الطباع معاملة الناس، كل هذا بيدي للإنسان نوع من التمسك بدينه وبعقائده.
وإنما في نفس الوقت ما بيدنيش إن أنا أعادي الطرف الآخر، أو الدين الآخر على وجه الإطلاق، أنا ما زلت بأرى إن الإسلام دين سماحة ودين إقناع، مهواش دين عنف، ولا دين إن أقتل وأسرق وأقول: والله المفتي بتاعي قال لي الكلام ده، لا يعني الواحد ما يقدرش يقبل هذا.
أحمد منصور:
دكتور، في الفترة من 1947م إلى 1951م، وهي الفترة التي قضيتها في الولايات المتحدة للحصول على درجة الدكتوراه، ما هي المؤثرات الأساسية التي تركتها البيئة الأمريكية في ذلك الوقت، وأنا حددت تاريخياً على بنائك النفسي، وعلى شخصيتك، وعلى البيئة –أيضاً- التي انتقلت منها إلى هناك؟
د. مصطفى خليل:
أنا بدي أقول شيء، أنا لما رحت الولايات المتحدة، فيه بعض ناس بينبهروا بالحياة هناك، أنا شخصياً لم أنبهر بالحياة في الولايات المتحدة، وأستطيع أن أقول إن بمنتهى الصراحة: أنا كنت عايش في مصر في حياة في مستوى أحسن من المستوى اللي أنا رحت وعشت فيه في الولايات المتحدة لما كنت بدرس..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مستوى اجتماعي تقصد؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
مستوى اجتماعي، مستوى مادي، مستوى حياتي، أنا بتكلم بمنتهى الصراحة، ولذلك كان اهتمامي الكبير مش بالناحية المادية، يعني في اللي خلصوا معانا في نفس الوقت كان فيه بعض شخصيات أنا كنت أحبهم جداً، ولكن كان معايا زميل خلص الرسالة بتاعته، وخد الدكتوراه في نفس الوقت، وبعدين اثنين - إحنا كنا أربعة – اثنين قعدوا عشان..هناك في الولايات المتحدة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
استقروا واشتغلوا؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/173)
أه، وحصلوا على مناصب عظيمة جداً بعد كده، أنا شخصياً عُرِض عليَّ هذا العرض، وعرض علي من أستاذي، لأن أنا كنت بشتغل –أيضاً- بجانب الدراسة ك Research arristant..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
باحث مساعد؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
وحتى قال لي: طب إنت لما هاتسافر هتاخذ كام جنيه؟ قلت له: مش هاخد كتير، ولكن أنا بأفكر إن أسافر أنا عندي شعور إن ما تعلمته هنا أستطيع أني أطبقه في بلدي، أو أفيد بلدي بيه، وفعلاً أنا مقعدتش، ولكن إيه اللي ساب أثره عندي من الدراسة في الولايات المتحدة؟ المجتمع الأمريكي مفتوح جداً..
أحمد منصور:
حتى في ذلك الوقت في الحرب العالمية الثانية..
د. مصطفى [مقاطعاً]:
أيوه.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
قبل خمسين عاماً تقريباً؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، كان مجتمع مفتوح، لما تقعد مع الأمريكان ممكن يحكي لك أسرار بيته من أول جلسة فمهماش Reserve زي الأجانب الآخرين.
أحمد منصور:
الآخرون محافظون، ويجعلون حواجز بينهم وبين الغير.
د. مصطفى خليل:
مش موجودة، بس هناك الصدقات اللي بتعملها صداقات قائمة once إن الشخص مش خلاص انتهت مفيش صلة، يعني بيجمع، لكن هم كأشخاص طيبين جداً في مرحلة الدراسة، أنا بتكلم مش مرحلة ما بعد الدراسة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هناك فرق؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
لا، حياة مختلفة، تنافس شديد جداً.
أحمد منصور:
يعني أنت كان همك في خلال فترة تواجدك في الولايات المتحدة أن تحصل على رسالتك للدكتوراه، وأن تعود لتفيد بلدك، ولم يكن في تخطيطك بالمرة البقاء هناك، أو الانبهار بوظيفة أو بمنصب، أو بأي شيء مما يشغل الآخرين.
د. مصطفى خليل:
لا، محصلش.
أحمد منصور:
ورجعت من هناك، ولم تتأثر بالحياة الاجتماعية التي هناك، كثيراً حاولت أن تحافظ على قيمك التي سافرت بها من هنا؟
د. مصطفى خليل:
(10/174)
بدون شك، لأن الواحد.. لما بأقول: إيه مستقبل بلادي بالنسبة لمستقبل العرب، مستقبل المصريين، أنا بأقول: فيه فارق كبير جداً بين ناحية العمل والتخصص وناحية البحث العلمي، وفرق القيم الأخلاقية اللي إحنا بنتوارثها، القيم الأخلاقية اللي عندنا على جانب كبير جداً - وأنا باستمرار أقول – من الرقي، يعني أيوه إحنا لينا قيمنا الأخلاقية، ولكن هل قيمي الأخلاقية دي بتعاديك، بتسبب لك إنك تقول: إن أنا مسلم، يعني فيه تفكير في دماغك إنه هو يخليك تنظر لي نظرة غير طبيعية، أيوه أنا لي قيم مختلفة.
أحمد منصور:
في الفترة هذه نفسها من 1947م إلى 1951م وقع شيئين، هما قرار تقسيم فلسطين، وإعلان قيام دولة إسرائيل على أطلال فلسطين في 1948م تأثير هذين القرارين عليك، هل انشغلت بهما وأنت في معمعة الدراسة بعيد عن وطنك بآلاف الأميال، وأمامك مهام –يعني- تختلف عن الجو الذي ربما تكون تمور فيه الأحداث في الشرق؟
د. مصطفى خليل:
طبعاً، كان لها تأثير كبير على الواحد، لأنه كنا بنتابع أخبار حرب اللي سبقت إعلان الدولة، وحرب ما كانتش متكافئة، يعني اللي بيفتكر إن الجيوش العربية اندحرت من شوية ناس عصابات بيحاربوا .. إسرائليين بيحاربوا هذه الجيوش العظيمة.. مش حقيقي هذا الكلام.
أحمد منصور:
أمال إيه الحقيقي؟
د. مصطفى خليل:
الحقيقة إن كان فيه يهود كتير تدربوا على القتال مع الحلفاء ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أثناء الحرب العالمية الثانية؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أثناء الحرب العالمية، ودول نزحوا إلى إسرائيل بعد كده.
أحمد منصور:
دول تدربوا بنيَّة الاستعداد لمواجهة العرب؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
في فلسطين؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، وأنا كنت أعرف بعضهم، وكان بيقول لي هذا الكلام.
أحمد منصور:
التقيت فيهم أنت في الوقت دا؟
د. مصطفى خليل:
(10/175)
أقول لسياتك: تقديرات الجيوش اللي حاربت العرب لا تقل عن ستين ألف، يعني لما نقول (الهغانا) والكلام ده .. دول ما كانوش عصابات، يعني أفراد كده غلبوا جيش نظامي، لا محصلش هذا، حصل غير كده، اللي حصل إن إحنا دخلنا مفككين، دخلنا بدون ارتباط استراتيجي بين القوات اللي داخلة، وكانوا بيحاربوا عساكر محترفين، تدربوا مع قوات الحلفاء (عزرا وايزمان) نفسه كان طيار في الجيش البريطاني.
أحمد منصور:
أنا أعرف أن لك صداقة به، فهل حكى لك شيئاً عن تلك المرحلة؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
بإيجاز ما الذي رواه لك عن دوره؟ عن الأشياء اللي قام بها في حرب 1948م؟
د. مصطفى خليل:
يعني ولو خرجنا شوية عن الموضوع (عزرا وايزمان) غيَّر تفكيره بالكامل بعد جولات المفاوضات، هو كان معتبر من الصقور اللي خاض معركة 1967م..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
نعم، نعم.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
هو كان قائد الطيران في ذلك الوقت وغير تفكيره تماماً.
أحمد منصور:
سنعود له بالتفصيل، ولكن أنا أريد أن أبقي في 1948م والحرب العربية الإسرائيلية، ودور عزر وايزمان فيها، وما رواه لك عن استعدادات الشباب في ذلك الوقت في حرب العصابات؟
د. مصطفى خليل:
إنه دخل كلية طيران بريطانية، اتخرج منها، كان موجود هنا في مصر، وكان المحل اللي كان بيروح له باستمرار جروبي، اللي إنت عارفه في عماد الدين، وكان ياخد فطاره هناك، وكان أول ما جه قال: أنا عايز أروح جروبي أشوف إيه اللي حصل له من الأيام اللي فاتت، ده غير تفكيره، لأنه ابتدى يشوف إن متقدرش إسرائيل تستمر مبنية على الردع العسكري خالص.
أحمد منصور:
دكتور، سنعود لهذا بالتفصيل أثناء حديثنا عن المفاوضات لك فيها صولات عديدة، ولكن أنا أبقى في حرب 1948م والاستعداد اليهودي مقابل الاستعداد العربي في ذلك الوقت، اليهود دربوا في الحرب العالمية الثانية، ودخلوا بنيّة التدرب لمواجهة العرب على أرض فلسطين.
(10/176)
درسوا دراسات عسكرية، ومنهم عزرا وايزمان الذي درس في بريطانيا، وكان طيار، وهو روى لك بنفسه هذه الأمور هذه .. لو جينا نقيم 1948م برؤيتك كسياسي، كرجل سياسي، يعني واصلت العمل السياسي إلى الآن من ذلك الوقت، كيف تقيم هذه المرحلة بإيجاز لأجيالنا نحن؟
د. مصطفى خليل:
لأجيالنا أستطيع إني أقول: إن .. طبعاً لما قرأنا عن إعلان دولة إسرائيل، اللي أَعلن في الأول الاتحاد السوفيتي بعد نصف ساعة (بن غوريون) لما أعلن قيام الدولة، ولما أعلنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ودي لها مغزاها اللي متقدرش نسقطه حول العلاقات السوفيتية المصرية حتى بعد ذلك.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
آه، طبعاً.
أحمد منصور:
يعني منقدرش؟
د. مصطفى خليل:
مش بس العلاقات السوفيتية المصرية، العلاقات السوفيتية بباقي الدول العربية كلها، ولكن اللي أستطيع إني أقوله، والواحد واثق منه، إن هما كانوا ابتدوا عن طريق الهستدروت، والمنظمات الأهلية، إنهم يعملوا أساس للدولة اللي ها تقام، يعني مش بيعلن قيام دولة، وبعدين لسه هينشيء الأنظمة الداخلية اللي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني عن طريق المنظمات القائمة كان عامل تشكيلات تهيئ لأن تدير دولة.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
على طول بالضبط.
د. مصطفى خليل:
إحنا بكل أسف لما بنرجع للتاريخ في ذلك الوقت ما كنش في اتفاق عام بين الدول العربية على وجه الإطلاق..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده السبب مثلاً.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
يعني ده من ضمن الأسباب..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
غيره.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/177)
مكناش بنقيم الطرف الآخر تقييم مظبوط، وأنا أقول: من أهم الأمور إن ضروري القيادات اللي بتبقى موجودة، إن تقيِّم الأطراف الأخرى، اللي بترى إنه ممكن إن مش ضروري أدخل حرب وياها، ولكن فيه مجال تنافس كبير بيني وبينها، فلابد إن نكون نبقى عرفين دول بيفكروا إزاي، دول بيهدفوا لإيه؟ دول بيعملوا إيه عشان يصلوا إلى الأهداف بتاعتهم؟ أما إن أغمي عيني ووداني، وبعد كده أقول: لأ، مفيش أي حاجة تنشر ولا تقال على الطرف الآخر، طب هيفدني بإيه؟ وأخاف إن أنا كل واحد هيقرأ عن الطرف الآخر هاينسى وطنية هاينسى بلده، هاينسى إن هو شخص له صفات معينة، ربما تختلف مع صفات الشخص الآخر، إنما ممكن إن هذا الاختلاف نعمل على إنه ما يكونش موجود.
أحمد منصور:
لكن هل كان العرب في ذلك الوقت يستطيعوا أن يَحُولوا دون قيام دولة إسرائيل رغم التأييد اللي حصلت عليه إسرائيل في الأمم المتحدة، ووعد بلفور في 1917م، والتهيئة الدولية لإقامة هذه الدولة؟
د. مصطفى خليل:
العرب ما كانوش أبداً في وضع إنهم عاملين تقدير أو حسابات مظبوطة للظروف الدولية اللي بتحصل بعد كده، بمعنى إن هل من مصلحة الغرب أو الاتحاد السوفيتي يبقى فيه دولة إسرائيل موجودة بالطريقة اللي اتوجدت بيها، الطريقة اللي اتوجدت بيها كانت دعاية فظيعة جداً في جميع الصحف أو الميديا medea كلها إن فلسطين دي أرض ما فيهاش سكان، وإن دُول جايين يعمروا وتلاقي الصور كلها اللي بتطلع فلاح ماشي، رغم إنهم عمرهم ما كانوا رجال زراعة.
(10/178)
لكن أول حاجة عملوها في المستعمرة إن قال: إن لابد أن أنا أفهم في الزراعة، وأمارس الزراعة، إحنا مقيمناش هذه الأوضاع على وجه الإطلاق، معرفناش إن –أيوه- همَّا لهم نفوذ قوي في الغرب، طب سبب النفوذ ده إيه؟ معرفناش، وإحنا حتى ما زال الوضع لغاية النهارده كيف تواجه الوجود الإسرائيلي في المستقبل مع وجودك ومع ظروفك، ومع ما تتمنى أن تحققه؟، مش بس كدولة مصر، لكن دولة كذا، ودولة كذا وكل العرب.
أحمد منصور:
يعني فيه رؤية استراتيجية مستقبلية عربية غائبة.
د. مصطفى خليل:
أنا بعتقد كده.
أحمد منصور:
تجاه الصراع مع إسرائيل.
د. مصطفى خليل:
أيوه أنا بعتقد كده، وبعتقد اللي أكتر من كده، إحنا حتى مش قادرين لغاية النهارده نصل إلى وضع أساسيات لتكامل عربي في المستقبل، أو لوحدة عربية، إذن قد نذهب بعيداً جداً، أو تضامن عربي، وأنا باستمرار بأقول: إن طيب فهَّمني لما بتيجي مشكلة كذا، إيه اللي العرب ممكن يعملوه؟ هنا مفروض إن يبقى تخطيط، تخطيط بيشمل المواجهة في المستقبل، وأنا مشبعني بالمواجهة عسكرية، ولازم أقول الكلام ده أنا بعني في المستقبل..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ولماذا يا دكتور لا تكون مواجهة عسكرية؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/179)
لأن اللي يطالب بحرب، أولاً ناحية عسكرية دا أمر في غاية الصعوبة، الناحية العسكرية بترتبط بنظام الدولة نفسه، ونظام اللي هو يضمن إن يكون لك جيش محترف، على درجة عالية من الكفاءة، اللي تخليك تعرف إن علاقاتك الخارجية ممكن تبقى إزاي، يخليك تعرف طيب مين اللي هيقف ويايا، ومين اللي هيقف ضدي، مين اللي هيقف وياه، ومين اللي هيقف ضده، هيخليني أقول طيب إيه النتيجة يعني؟ النتيجة يعني مفيش حرب تقوم لمجرد إن أنا أقول: أنا شجاع أنا بحارب، الحرب تقوم لإني عايز أحقق هدف معين، أنا مش قادر أحققه بدون حرب، إذا أقنعتني إن فيه هدف معين ممكن تحقيقه بالحرب مقدرش أحققه سلماً أقول لك: والله دا موضوع تاني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
زي قضية تحرير الأرض؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
بالضبط.
أحمد منصور:
كمحور أساس يمكن أن يدفع إلى قيام الحروب، قامت.. أعلن عن قيام إسرائيل في 1948م، وأنت كنت لازلت تدرس في الولايات..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
إحنا كطلبة، إحنا وقتها كنا طلبة من بعثات حكومية، يعني فيه طلبة النهارده مفتوح.. كتير من المصريين بيتعلِّموا في الخارج، وعلى نفقتهم الخاصة، مكناش على نفقتنا الخاصة، إحنا كنا طلبة مرسلين من الحكومة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
المصرية.
د. مصطفى خليل[مستأنفاً]:
للبعثات، وكان أهم حاجة إحنا عارفين إن لابد إن إحنا نثبت أنفسنا، يعني كطلبة، وأنا أذكر تماماً إن كلية الهندسة كانت -وما زالت- مستواها العلمي مستوى مرتفع، مرتفع جداً، وللعلم إن كان عميد كلية الهندسة كان هو، وقت أنا ما كنت موجود كان هو عميد كلية الهندسة بتاعت (زيورخ) في سويسرا.
أحمد منصور:
في نفس الوقت.
د. مصطفى خليل:
أيوه، لا مش في نفس الوقت، يعني كان قبل كده عميد ال.. ودي كلية مشهورة جداً في العالم الهندسي، إحنا.. كانت المحاضرات بالإنجليزي مش بالعربي.
أحمد منصور:
هنا في مصر؟
د. مصطفى خليل:
(10/180)
وكنا بنقرأ الكتب، المراجع بتاعتنا كانت إنجليزية، وأنا اتوجدت بعد كده في لجان حكومية، اللي كان بيقولوا لابد أن إحنا نعرب الدراسة في كلية الهندسة وكلية طب .. أنا شخصياً ما كنتش موافق على هذا، لأن بأقول: انا مش حكاية الوطنية بدون شك إن لو.. أنا رحت روسيا بعد كده وشوفت المراجع بتاعتهم، لقيت المراجع بتاعتهم مترجمة عن مراجع أمريكية من الإنجليزية إلى بتاع طب، هل أنا عندي جهاز أستطيع إني أتابع التطور العلمي السريع اللي بيحدث في مختلف المجالات والتخصص، زي الطب والهندسة والعلوم وكل الأمور؟ لا مش موجود.
أحمد منصور:
رجعت إلى مصر 1951م عُيِّنت أستاذاً مساعداً في كلية الهندسة، وبدأت تأخذ المجال الأكاديمي في الدراسة، في 23 يوليو 1952م قامت الثورة حينما رجعت من الولايات المتحدة، هل تغيرت –يعني- عقليتك المهنية الأكاديمية، وفكرت في السياسة، أم ظليت تأخذ المسار الأكاديمي بعيداً عن التغيرات السياسية التي كانت في مصر في ذلك الوقت؟
د. مصطفى خليل:
أنا لما رجعت .. أنا حاجة بدي أقولها يمكن للمرة الأولى: أنا بصيت لقيت في اتصال حصل بين الإخوان المسلمين وبيني، والرسول واحد قال لي: تعالى شوف الشيخ حسن البنا، واحضر وشوف..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
حسن البنا قتل في فبراير 1949م.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
نعم.
أحمد منصور:
كان في فبراير 1949م قتل حسن البنا.. فبراير 1949م.
د. مصطفى خليل:
يبقى كان الهضيبي هو اللي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان حسن الهضيبي في ذلك الوقت كان مرشد للإخوان 1951م.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أيوه، فأنا اعتذرت قلت له: لأ.
أحمد منصور:
الذي جاءك كان من الإخوان، كان صديق ليك؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، كان صديق، وقال لي: تعال.
أحمد منصور:
ممكن تذكر اسمه، ولا فيه حرج من ذلك؟
د. مصطفى خليل:
لا، مقدرش.
أحمد منصور:
لازال موجود إلى الآن؟
د. مصطفى خليل:
لا، توفى في الحقيقة.
(10/181)
أحمد منصور:
إذا توفى اذكر لنا اسمه.
د. مصطفى خليل:
لا معلش، أنا في الحاجات دي متاعب بدون شك فأحسن، المهم إن أنا في الحقيقة قلت: لا، أنا ما بنضمش لأحزاب سياسية، الوفد كان ممكن إني أدخل وأبقى نشط فيه، ولكن الكلام عن الوفد وقيادته في ذلك الوقت بتخلي الواحد يحجم عن الانضمام، منضمتش وفضلت إن أبقى موجود، اللي حصل بعد كده إن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني حينما عرض عليك – عفواً خلينا في الإخوان الآن- حينما عرض عليك أن تلتقي مع مرشد الإخوان، أو تنتمي إلى الإخوان رديت رد قاطع، ولم تفكر في الأمر بالمرة، أم إن الأمر استغرق معك وقت، سعيت إنك تروح تشوف إيه أفكار الأخوان إيه؟، ما الذي عند الإخوان؟ ثم أخذت قرار فوري البت بالقطع مباشرة؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، لأنه أنا كنت -وما زلت- وقت كبير بأديه في القراءة، وأنا من ناحية المبادئ نفسها، أنا لا أتفق فيها مع الإخوان..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كمبادئ في الأساس؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
كمبادئ.
أحمد منصور:
ولم يجذبك حسن البنا أثناء فترة دراستك، ولا أثناء ..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
ولم يجذبني حسن البنا، التنظيمات اللي اتعملت، ولا النشاط اللي اتعمل، ولا حاجة، وأنا بعتقد إن حركة الإخوان لو كانت اقتصرت على النشاط الاجتماعي، أو النشاط اللي هي –أنا باخد الدين من ناحية قيمه- مش أقول .. طبعاً كثير من الجماعات يقولك: لا، الدين الإسلامي دين ودنيا.
أحمد منصور:
صحيح.
د. مصطفى خليل:
نعم، دين ودنيا، ولكن أنا أقدر أفسر الدين بطريقة، وأفسر الدنيا بطريقة تانية.
أحمد منصور:
يعني هناك قواعد أساسية، ولا يستطيع أحد أن يخرج عنها، يعني حتى الفقهاء المشرعون، وضعوا ضوابط معينة لمثل هذه الأمور، لكن هل معنى ذلك أيضاً أنك بترى إن الإسلام يبقى قيم فقط، ولاَّ ممكن..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
(10/182)
أنا هقول لك: لما يجي يبقى أول حاجة للعضو إن هو يقسم على المصحف وعليه المسدس.
أحمد منصور:
دا دول أعضاء النظام السري.
د. مصطفى خليل:
الله ؟! طب مش موجود.
أحمد منصور:
كان موجود، لكن إذا أنت ارتضيت تبقى عضو في ..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
بعدين أنا لما أقول إن الحزب دا لابد إنه يبقى حزب مدني، حزب يمارس نشاطه بأسلوب إني معملش له فرع عسكري..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان فيه احتلال بريطاني في ذلك الوقت، ولم يكن الإخوان وحدهم إنما كان هناك القمصان الزرقاء، وكان مصر الفتاة لها تنظيمها العسكري، وكان كل التنظيمات تقريباً السياسية المعلنة لها تنظيمات عسكرية سرية، لمقاومة الاحتلال البريطاني.
د. مصطفى خليل:
مش بس كده، دا حنا كان عندنا القمصان الخضر، والقمصان الزرق.
أحمد منصور:
يعني كان في احتلال فرض على ..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لا، لا.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
التنظيمات السياسية في ذلك الوقت إنها يكون لها..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لا لا، هنا فيه فرق كبير جداً بين إن أقول: الاحتلال كان في.. أو إن دول جماعات بتحارب الاحتلال فقط، فدا شيء يقولوه ويصدقه أي حد، أنا شخصياً لا أصدق هذا، أنا لا أستطيع إن أبداً في تفكيري حتى وأنا شاب صغير إن أقول: إن الحزب يكون له جناح عسكري، أو جناح سري، أو أو أو إلى آخره، لأ هنا بقى بقينا زي الفاشست، وطبع فيه قيادات بعض التنظيمات بعضهم كان ميال جداً لموسوليني، والبعض الآخر لهتر، والكلام..
أنا بالعكس اعتبرت إن مغادرة هتلر للعالم بهذه الطريقة.. أنا كنت أكرهه كراهية التحريم.. والله، أنا بأقولك بصدق، إنت بتسألني بصراحة لا أستطيع إني أقبل الحياة في ظل نظام بهذا الشكل على وجه الإطلاق.
أحمد منصور:
أنت لما عرض عليك الانتماء للإخوان، ودي آخر نقطة في هذا الجانب، عرض عليك إنك تنتمي للتنظيم العام، واللا للتنظيم السري الخاص للإخوان؟
د. مصطفى خليل:
(10/183)
لا، للتنظيم العام.
أحمد منصور:
للتنظيم العام، ومع ذلك أنت لك تحفظاتك العامة، سواء على التنظيم العام أو التنظيم الخاص للإخوان ألم..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
أنا لازم أقول نقطة برضه أكون واضح فيها، وكده أنا لا أعتقد بدخول الدين في السياسة، ولا يمكن إني أوافق عليه.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
إذا كان الدين هو سياسة؟
د. مصطفى خليل:
لأ.
أحمد منصور:
يعني إذا كان القرآن فيه أحكام للسياسة كيف يتعامل الحاكم مع الناس؟ كيف يدبر الدولة؟ كيف يدير دولة؟
د. مصطفى خليل:
ممكن جداً يدير دولة زي ما هو موجود في الدستور المصري، أيوه، أنا باخد القرآن المصدر الرئيسي للتشريع، ولكن مش أجيب رجال دين و..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا فيه نقطة، فيه فرق هنا بين إن رجال الدين يحكموا، وما بين إن الدين كتشريع يحكم به رجال السياسة.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
موجود .. موجود في الدستور، هو أنا مش ضد .. إحنا جميع القوانين اللي بتصدر مفيهاش جملة، ولا كلمة تتعارض مع الشريعة الإسلامية.
أحمد منصور:
هي دي النقطة، حتى حضرتك يفهم الأمر على الوجه الصحيح، أنت لا تطالب بأن يحكم رجال الدين، وإنما أنت تقول أيضاً: أن رجال السياسية يحكموا بالتشريع الإسلامي، وليس رجال الدين.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
يعني دي نقطة واضحة، عشان كلمة التفريق بين الدين والسياسة تفهم خطأ الآن، أنت الآن قلت مفهوم إنك بترفض حكم رجال الدين، وليس حكم الدين نفسه.
د. مصطفى خليل:
لأ.
أحمد منصور:
الدين يحكم، يحكم به رجال السياسة.
د. مصطفى خليل:
من خلال السياسيين.
أحمد منصور:
هذا الذي تقصده؟
يعني معتقدش فيه كثير من الإسلاميين، ماعتقدش يختلفوا معك في هذا الطرح اللي حضرتك..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
(10/184)
أنا بأقولك بصراحة، حقيقة أنا بأقولها كثيراً، أنا من النوع اللي لا أطالب أي واحد إنه يتفق معايا في الرأي، ولا أعتبر الخلاف في الرأي خصومة، الخلاف في الرأي حاجة طبيعية، وممكن جداً، وأنا لي أصدقاء بيختلفوا معايا في الرأي، يمكن 100% فمهواش إن الخلاف في الرأي أنا ضده، لا أنا معاه، ومعاه قلباً وقالباً، وليا أنا كان من الحركات اليسارية أو الإخوان المسلمين أو خلافهم صداقات شخصية دي حاجة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ولا زالت؟
د. مصطفى خليل:
ولا زالت.
د. مصطفى خليل:
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نتناول معك ثورة يوليو، ثم مشاركتك مع الرئيس جمال عبد الناصر في الوزارة لمدة أحد عشر عاماً في الحكم معه، وربما أيضاً نستكمل بعض الجوانب التي فتحناها في نهاية هذه الحلقة.
أشكرك جزيلاً على ما تفضلت به، كما أشكر مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة دكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق) في الختام، أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(10/185)
الحلقة2(10/186)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:48(مكة المكرمة)،19:48(غرينيتش)
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
تاريخ الحلقة
29/01/2000
د. مصطفى خليل
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر"، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق .. مرحباً يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور:
توقفنا في الحلقة الماضية عند عودتك من الولايات المتحدة، وبعض العروض التي تلقيتها للانضمام إلى بعض التنظيمات السياسية ومنها الإخوان المسلمون، وقلت إن هذا كان الإعلان الأول الذي تعلنه عن هذا العرض الذي عُرض عليك وأنك رفضت هذا العرض.. في 23 يوليو 1952م قامت ثورة يوليو.. ماذا كان تأثير قيام الثورة عليك؟
د. مصطفى خليل:
في الحقيقة ثورة 23 يوليو ابتدت بمراحل مختلفة، يعني أول ما أُعلن عنها قالوا الحركة.. حركة الجيش، وبعدين الحركة المباركة، وبعدين بتتطور مع تطور أفكار القادة اللي قادوا الثورة في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
يُفهم من ذلك أنهم حينما قاموا بتحركهم العسكري في البداية لم يكونوا يعنوا القيام بثورة وإنما بحركة تصحيحية؟
د. مصطفى خليل:
دا اللي ابتدوا قالوه، وابتدوا بالست نقاط.. المبادئ الأساسية فقط، ودي طبعاً فُسرت بعد ذلك بأنهم مش عايزين يخشوا في تفاصيل كثيرة، هم عايزين إجماع وطني عليهم في ست نقط لا يمكن الاختلاف حولها، ليكن.. ولكن لما قامت الثورة طبعاً كان ناس كثير فاكرين إن الثورة دي هتقوم، وبعدين جه مصطفى النحاس باشا بعد كده، وقابل فؤاد باشا سراج الدين...
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كان الوفد اللي بيحكم حينما قامت الثورة؟
د. مصطفى خليل:
(10/187)
هو كان الوفد.. والله أنا مش فاكر، لكن قابله على أساس إيه إنك اتفضلوا بقى -الكلام اللي طلع- إنتوا نشكركم على إنكم شلتم الملك والكلام ده، بس الحكم دا مفروض بقى إحنا حزب الأغلبية نحكم، وطبعاً الكلام ده رُفض، لأن الحركة لما قامت أو الثورة لما قامت كان لها الأهداف الستة رغم قصر.. يعني نقول الأهداف الستة نحطها في صفحة واحدة.
والأحزاب النهار ده برامجها ما بتبقاش في صفحة، دا بيقدم لك كتيب ضخم وفي مفاده الإجراءات اللي هتتم، ولكن الناس كانت زهقت من الملك فاروق ومن طريقته ومن أسلوبه وأسلوب الحكم وكل الكلام ده، ورحبوا ترحيب شديد جداً بالضباط اللي قادوا الثورة، لو أنا برجع برضه للماضي، وأستطيع أن أقول إني كنت أعرف عدد منهم.
أحمد منصور:
مين أبرز الشخصيات اللي تعرفها؟
د. مصطفى خليل:
يعني أنا كنت أعرف زكريا محيي الدين، أنا كنت بلعب معاه كورة وإحنا ولاد صغيرين، بلده جنبنا، فكان موجود، وكلهم كانوا اللي عرفتهم أعضاء في نادي التجديف كانوا بيمارسوا رياضة التجديف، كان فيهم زكريا، كان فيهم صلاح سالم، كان فيهم كمال الدين حسين، كان فيهم بغدادي، حسين الشافعي...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كل دول كنت تعرفهم؟
د.مصطفى خليل [مستأنفاً]:
آه، كان فيه قبل قيام الثورة اللي أستطيع أن أقوله بدون ما حد يقول لي فلان كلام مش مضبوط، أو إنه بينافق حد، الشخصيات اللي قادت الثورة كانوا شباب ممتاز، يعني كل واحد لما بتمسك كل واحد حقيقةً بتشوف تاريخه وعمله ووجوده العسكري وطريقة تفكيره بعد كده، كانت شخصيات ناضجة جداً.
مش معنى كده إنه لما الشخصيات ناضجة لما بيتقابلوا مع بعض وبيقوموا بثورة إن كل التصرفات تبقى مضبوطة، أو إن الثورة تحافظ على وحدتها، وأن ما يحصلش انشقاقات فيها زي ما حصل.. دا كله بيبقى مختلف، ولكن أنا بتكلم على صفات الشخصية لكل فرد.
أحمد منصور:
(10/188)
شعورك إيه لما سمعت وقرأت إن ناس.. شخصيات تعرفهم وبينك وبينهم صداقات عملوا ثورة وصاروا حكام البلد؟
د. مصطفى خليل:
أستطيع إني أنا أقول إن أنا كنت واحد من اللي رحَّبوا بقيام الثورة، ولكن لم أتصل بأي من قادة الثورة، وعلى طول أنا باحترم الأوضاع الرسمية...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
خلاص الملك راح وجا حكم جديد.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
ودول جم وبعدين أنا كنت أعرفه .. كنت بكلمه، يعني لما كنا نقعد كأصدقاء يا فلان يا فلان، وكل الكلام ده هنا بقى لما خد وضع متغير، أنا احترمت هذا الوضع، ولما تقعد وتكلمه: سيادة فلان، يعني ما فيش بقى إن أنا بشيل التكليف بيني وبينه.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كنت بتلعب معاه كورة وبتاع.
د. مصطفى خليل:
لا أنا ما أشلش التكليف، والواحد بيتكلم هنا في وضع جديد اتوجد، أنا مش عايز حاجة خالص ولم أطلب أي شيء، وماليش أهداف تخليني أروح والله أكلم فلان ده علشان.. أنا كنت في الجامعة وقاعد مبسوط وكل حاجة وباشغل، وكان لما رجعت طلبوا إني أدخل في مجلس الإنتاج...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إيه هو مجلس الإنتاج؟
د. مصطفى خليل:
مجلس الإنتاج أسس، وكان فيه عدة شُعَب، وكان حسن إبراهيم رئيس المجلس..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده أحد ضباط ثورة يوليو.
د. مصطفى خليل:
أحد الضباط الأحرار، صدقي سليمان اللي هو كان سكرتير عام المجلس كان صديق، وعرفته برضه من نادي التجديف، هو كان صدقي كان وصل للبطولة في [السكف] اللي هو القارب الواحد كنت أعرفه كويس قوي.
أحمد منصور:
يعني نادي التجديف ده مدخل للوصول لمناصب سياسية عليا.
د. مصطفى خليل:
(10/189)
فبصيت لقيت في مجلس الإنتاج كان فيه مجلس إنتاج ومجلس خدمات، مجلس الإنتاج علشان المشروعات والكلام ده، وفيه شعبة اسمها شعبة النقل والمواصلات، اتصلوا بي قالوا: عندك مانع تيجي عضو في هذه الشعبة، قلت: لا طبعاً ما عنديش مانع، فجيت وكنت باقعد مع.. كان أعضاء في هذه الشعبة سليمان متولي اللي هو النهارده السيد سليمان متولي وزير النقل والمواصلات كان عضو في نفس الشعبة اللي أنا كنت فيها، وابتدت علاقتنا شوف من كام.. ومن وقتها لغاية النهار ده.
كان فيها شخصيات، يعني هو ضابط مهندس، وكان إبراهيم صبحي ضابط مهندس، وكان فيه فتحي رزق اللي هو كان رئيس اللجنة ده كان لواء هو توفي -الله يرحمه- فأنا في الفترة دي كتبت تقرير عن كيفية إصلاح مرفق النقل والمواصلات..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سنة كام تفتكر تماماً 54- 55؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، قبل الوزارة على طول.
أحمد منصور:
كنت أستاذاً مساعداً في كلية الهندسة جامعة عين شمس.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
وكانت عضويتك في مجلس الإنتاج بداية لدخولك إلى الحياة السياسية.
د. مصطفى خليل:
قعدت سنتين.
أحمد منصور:
في مجلس الإنتاج.
د. مصطفى خليل:
يعني عضويتي في لجنة النقل والمواصلات دي اللي كانت في مجلس الإنتاج وبعدين لما قدمت التقرير انتظرت بقى هل ممكن الكلام ده يتنفذ ولا مش ممكن.. كنت أتمنى إنه يتنفذ، فلما لم يُنفذ فأنا قلت لزكريا محيي الدين قلت له: والله أنا بقى لي سنتين في مجلس الإنتاج، وأنا شايف إن وجودي مالوش فايدة، وأنا عايز أخرج.. عايز أقدم استقالتي، قال لي: لا يا فلان ما تقدمش استقالتك.. ما تقدمش استقالتك! استنيت.
أحمد منصور:
حسيت إنه فيه حاجة؟
د. مصطفى خليل:
لا أبداً.. أبداً، إنما صديق عزيز وبيتكلم معايا مش هيغشِّني، فقلت طيب بصيت لقيت بعد كده جمال سالم كان هو وزير الموصلات في ذلك الوقت قدم استقالته، فأصبح منصب وزير الموصلات.
أحمد منصور:
(10/190)
خالي.
د. مصطفى خليل:
خالي، الإشاعات ابتدت، منين اللي هييجي.. منين اللي هييجي، كان كل كلام الإشاعات كلها اللي الواحد بيسمعها إن اللواء فتحي رزق هو اللي هيجي...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بصفته رئيس اللجنة.
د. مصطفى خليل:
اللي هو رئيس اللجنة، أنا بصيت لقيت في يوم وأنا موجود في النادي طلبوني بالتليفون من الرياسة: فلان، أيوه.. أه والله فيه السيد الرئيس جمال عبد الناصر عايز يقابلك، حاضر فين؟ بيته في منشية البكري.
أحمد منصور:
نعم.
د. مصطفى خليل:
كام؟ الساعة 6 بعد الظهر، قلت لهم حاضر بكل سرور.. فَرُحت وأنا خالي الذهن تماماً..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان لك أي لقاءات مع جمال عبد الناصر قبل هذا الموعد؟
د. مصطفى خليل:
لا، أبداً.
أحمد منصور:
منذ قيام الثورة؟
د. مصطفى خليل:
منذ قيام الثورة.
أحمد منصور:
قبل ما تدخل على جمال عبد الناصر وتروح له بيته في الفترة من 52 إلى 56م، حدثت تغييرات هائلة داخل النظام السياسي المصري.. بعد قيام الثورة بعام تم إلغاء الأحزاب، بعدها بعام حدث الخلاف ما بين عبد الناصر وبين الإخوان، وتم حل الإخوان واعتقالهم.. حدث الخلاف مع الرئيس نجيب وتم استبعاد الرئيس نجيب وأصبح جمال عبد الناصر هو رئيس الدولة في عام 56م الذي توليت فيه الوزارة. قامت حرب 56م، أود أن تُقَيِّم لي بأمانة الفترة.. فترة التغيرات السياسية التي حدثت في الفترة من 52 إلى 56م قبيل أن تكلف رسمياً بأن تصبح وزير في حكومة عبد الناصر؟
د. مصطفى خليل:
التغيرات دي حصلت، وأنا بدي أقول حاجة يعني على الماشي كده: إن 1+ 1+ 1 إلى اثنين وستين مليون لا يجمعهم تنظيم يساوي واحد، إنما 1+ 1+ 1 في تنظيم سياسي ما يساويش 3 يساوي 10 يساوي 20، يساوي 30 يساوي أكثر.
أحمد منصور:
وضح لنا شويه يا دكتور؟
د. مصطفى خليل:
(10/191)
بمعنى إن اللي بينضم إلى تنظيم سياسي ما بيقيمش على إن ده عدده واحد أو اثنين أو ثلاثة، أو التنظيم دهوت شعبيته أد إيه ومدى التصاق الجماهير به، وكل الكلام ده.. الحركة العسكرية أو الثورة لما قامت ما كانش معروف على وجه الإطلاق الأهداف الرئيسية بتاعتهم، ونتائج الصراعات اللي حصلت.
أحمد منصور:
هم نفسيهم ما كانوش عارفنها لما قاموا؟
د. مصطفى خليل:
أيوه هما ما كانش عندهم برنامج.
أحمد منصور:
يعني هما قاموا كحركة تصحيحية يمكن إن كانت تقبل باستمرار الملك، لكن وجدوا نفسهم لديهم قدرة أن يطردوا الملك فطردوه بعد أيام قليلة من قيام الثورة؟
د. مصطفى خليل:
هي -وزي ما قلت قبل كده- الناس كانت زهقت من الأحزاب اللي موجودة بالفعل، وكانوا قابلين للتغيير، وكان الشعور إن أي تغيير هيكون أفضل مما كانوا فيه.
أحمد منصور:
بتعتبرها ثورة أم انقلاب عسكري؟
د. مصطفى خليل:
أفندم؟
أحمد منصور:
بتعتبرها ثورة أم انقلاب عسكري؟
د. مصطفى خليل:
أنا وقت ما قامت كنت باعتبرها انقلاب عسكري، بعد ما بدأت الأفكار الاشتراكية والأفكار إن إحنا بنحكم عن طريق حزب واحد.. هنا تغير مفهوم الحركة أو الثورة، لأنه في الأول لما باقول...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن ده خد عدة سنوات على ما تبلور.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
ربما إلى بداية الستينات.
د. مصطفى خليل:
بالضبط.
أحمد منصور:
وإلى تأسيس الاتحاد الاشتراكي كحزب واحد.
د. مصطفى خليل:
بالضبط، لأن قبل كده كان فيه هيئة تحرير، وكان فيه الاتحاد القومي.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وفيه التنظيم الطليعي.
د. مصطفى خليل:
لا.. أنا ما كنتش عضو، حقيقةً أنا بقول لك، أنا ولا كنت عضو في هيئة التحرير ولا كنت عضو في الاتحاد القومي.
أحمد منصور:
ولا في التنظيم الطليعي.
د. مصطفى خليل:
(10/192)
لا، التنظيم الطليعي ده جا بعدين مش في الأول، التنظيم الطليعي ده جا في أواخر وقت عبد الناصر وأواخر الستينيات.
أحمد منصور:
ربما سنأتي له حينما نصل إلى تلك المرحلة.. لنعرف أيضاً رأيك فيه، وأنت لا تؤمن بالعمل السري ولا تحبه، وإن كان يُنظر له على أنه أيضاً تنظيم سرِّي أنشأه النظام في هذه الفترة..لنبق في التغيرات السياسية في الفترة من 52 إلى 56م وموقفك منها، واعتبارك إن ما حدث في 23 يوليو في البداية كان انقلاب ولم يتبلور إلى ثورة إلا ربما في بداية الستينات.
د. مصطفى خليل:
لم يتبلور، وبعدين كان هو التركيز كله على نظافة الحكم، التركيز على الكلام بالنسبة للديمقراطية والحريات وكده جا متأخر، ولو أنه كان فيه المبادئ الست بتاعت حركة الجيش.
أحمد منصور:
تحدثت عن النحاس وفؤاد سراج الدين، وأنهم ذهبوا في محاولة إلى أن يعود العسكر إلى ثكناتهم، وأن يمارس المدنيون السلطة.. هل كنت ترى أن الخطوة التي اتخذها العسكر في البقاء في الحكم وإبعاد أو استبعاد المدنيين من أن يعودوا ليحكموا البلاد كانت خطوة صائبة.. بأمانة وللتاريخ؟
د. مصطفى خليل:
(10/193)
انا بدي أقول لك حاجة.. أنا في الحقيقة قارئ جيد، واهتماماتي في مختلف الأمور وعندي مكتبة كبيرة جداً، ويعني..الجزء الغالب فيها باللغة الانجليزية، يعني بقول لك بمنتهى الصراحة، ومتابع للي بيحصل عندنا أو في الخارج، وأنا باقول أول الحركة ما جات كانت بتترجم عواطف عند الإنسان، ولكن العواطف دهيت ما بتستمرش، يعني أنت بتشوف ممارسات بتحصل قدامك، وبتشوف هل ده أنت بترضى عنه داخلياً أو لا، لأن العمل السياسي فيه كثير بيبقوا متهمين، اللي بيخش في العمل السياسي إنهم انتهازيين وعايزين فرصة علشان يرتفعوا سواء على المستوى الاجتماعي أو المستوى السياسي أو الوظيفي، وبعض الناس بياخدوا السياسة.. يعني كلمة سياسي دي لو تقولها في أمريكا الترجمة بتاعتها على طول ده راجل ما تقدرش تثق فيه، يعني في الكلام، طبعاً في مصر غير كده، يعني في مصر السياسة طبعاً بتجد جزء كبير من الناس اللي بيخشوا سواء...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بتعتبر قوة، مرادف للقوة.
د. مصطفى خليل:
ما هو القوة مش هتيجي إلا لو خدت منصب له صلة بالقوة، وأنا باكلمك بمنتهى الصراحة.
أحمد منصور:
يعني حتى لو عندك إيه وليس لك منصب مهما كانت اهتماماتك السياسية فلا تشكل شىء بالنسبة لـ..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
ما بتعوضها إزاي بتعوضها إزاي، ولا بد هنا ما دام بنقول" شاهد على العصر" لابد أني أقول أنه بيعوضوها عن طريق اتصالات وصداقات مع ناس في القوى، ولازم نبقى واضحين، يعني الشباب بتاعنا يعرفوا الأوضاع كما هي، ولكن أستطيع أن أقول إن..
أحمد منصور [مقاطعا]:
يعني أنت كده حضرتك بتعرفنا السكة.
د. مصطفى خليل:
نعم؟
أحمد منصور:
بتعرفنا الطريق يعني اللي ما يوصلش، يوصل بطريق تاني وده الواقع اللي موجود.
د. مصطفى خليل:
آه، ومش في مصر بس، في كل العالم.
أحمد منصور:
في كل العالم؟!
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
(10/194)
يعني أنت لك احتكاكاتك أيضا بكثير من الساسة في الغرب ولك صداقات؟
د. مصطفى خليل:
الغرب يمكن يبقى أكثر، يعني الغرب مجاله لما تشوف مثلاً (تاتشر) ونشأتها، لما تشوف (بلير) ونشأته، لما تشوف (فرانسوا ميتران) والكتب اللي اتكتبت عليه والكلام ده إنه بيحطوه في خانة السياسي الانتهازي نمرة واحد.. دي ما بتأثرش على السياسي على فكرة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
المهم إنه اللي يوصل ويبقى في موقع القوة والصداقة، ويعمل قراره ويقولوا عليه زي ما هما عايزين.
د. مصطفى خليل:
يعني مش مهم، أنا باقول لك الكلام ما بيبقى لوش إطلاقاً نتيجة ولا تأثير، ويقدر الواحد يغطي الحتة دي بأي حاجة بتتقال يعني، أو موقف من المواقف مثلاً اللي تغطي بيه المثالب.
أحمد منصور:
أنت كده كشفت لنا جزء من سر المهنة يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
لا، أنا باقول لك أنا أؤمن بحاجة.. إن إحنا نبقى صادقين مع أنفسنا، وصادقين مع تحليل الأوضاع، وبعدين البشر ما هماش مثل عليا، ما هماش ملايكة، وإذا كنا بنقول في انحراف عن الخط اللي مفروض الواحد ياخده، طيب ما هو بيحصل والواحد بيشوفها قدامه.
أحمد منصور:
هو ربما كثير من الناس يرددوا مثل هذه الأقوال، ولكن أن تصدر من رجل صار له أكثر من 45 عاماً في مواقع مسؤولية وسلطة، فإنما هي أيضاً بتؤكد مثل هذه الأشياء، وبتوضح طريق طبيعي يجب الناس إنها تدرك..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لا، مش لازم، يعني أنا مثلاً أستطيع إني أقول إني شغلت مناصب كثير، وعرفت شخصيات كثير جداً، اللي بيشغل منصب وبيقدر يتعرف على اللي بيشتغل أو الانتهازي أو غير الانتهازي على طول، ماهياش عملية صعبة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن أيضاً بيبقى الانتهازي وغير الانتهازي هذا بيوظفه في...
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
حسب عمل كل شخص وحسب موقعه في خريطة العمل، وحسب نوع اللي أنت بتكلفه بيه من عمل.
أحمد منصور:
(10/195)
حتى نبقى في إطار تقييمك للفترة من 52م، وسؤالي كان عن العسكر وبقائهم في السلطة، وعدم عودتهم إلى الثكنات.
د. مصطفى خليل:
اللي حصل إن الرئيس عبد الناصر -في الحقيقة- بدأ بأنه عايز يحط خط بين الجيش والحياة المدنية، وابتدى إنه مش عايز ضباط الجيش اللي هما في الجيش يدخلوا في الحياة المدنية، مثل أديه لتركيا من أتراك النهار ده .. النظام عبارة عن إيه؟ فيه مصطفى كمال وجه وله اتجاه معين، وسلخ تركيا عن تاريخها، وكان عنده عقدة من العرب ومن الخلافة وكل الكلام ده، فبتجد ده مترجم في الدستور بتاع تركيا، مين اللي بيحرس هذا النظام؟
أحمد منصور:
العسكر.
د. مصطفى خليل:
الجيش.. بمعنى إن إذا الجيش وجد إن الجناح المدني اللي موجود بيخالف رؤيته أو تفسيره للدستور التركي يقول لهم تفضلوا، بيمشوا، تحصل انتخابات.. هنا الجيش ما بيحكمش بنفسه، الجيش قاعد بره، وبيبص للمدنيين اللى بيحكموا، والسبب في كده إن الأتراك عايزين يخشُّوا السوق الأوربية، يبقوا عضو السوق الأوربية، السوق الأوربية ما بتسمحش لدول غير ديمقراطية إنها تنضم إلى السوق، علشان يجدوا المعادلة اللي تسمح لهم أن ينضموا إلى السوق، في نفس الوقت هو متمسك بالتعاليم اللي قال بيها..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أتاتورك.
د. مصطفى خليل:
(أتاتورك) فالنظام مشى على الوضع ده، ومن كلام حتى الرئيس جمال عبد الناصر لما كان شاب إنه قرأ سيرة (كمال أتاتورك) كويس وعارف نظامه كويس.
أحمد منصور:
يعني معنى ذلك إنه هو كان بيحاول أن ينهج نفس نهج أتاتورك؟
د. مصطفى خليل:
يحاول أن؟
أحمد منصور:
يحاول أن ينهج نفس النهج الذي سار عليه أتاتورك.
د. مصطفى خليل:
لا، لا.. مش بيحاول أن ينهج...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ممكن أن يكون تأثر بشخصية أتاتورك.
د. مصطفى خليل:
(10/196)
لا، يعني لما بتقرأ عن النظام في البلد دي، وبعدين أنت بتقارن نفسك بالوضع ده، طب هنا الجيش كمؤسسة عبارة عن إيه؟ هل أخلي زي مجلس قيادة الثورة هو نفسه هو أصبح مجلس وزراء، هل ده يستمر، أو أقطع العلاقة عن الجيش كمؤسسة عسكرية، وبين الحياة المدنية والوظائف وكل ده، وهو في الحالة دهيت الضباط اللي أمكن إنهم يروحوا في الحياة المدنية راحوا في الحياة المدنية.. وزارة الخارجية والوزارات والمؤسسات والهيئات اللي اتعملت كلها.
أحمد منصور:
معنى ذلك إنه بشكل أو بآخر أصبحت السلطة في يد الجيش سواءً المدنية أو العسكرية، يعني كون إن ضابط خلع البزة العسكرية وتحول إلى المجال السياسي هذا لم يُغيِّر من طبيعته، من دراسته، من اهتماماته من أسلوب تفكيره، الكثير يعني؟
د. مصطفى خليل:
لا ما كنش يضمهم تنظيم، ما أنا علشان قبل كده قلت 1+ 1+ 1= 1 لو ما فيش تنظيم، لكن لما يبقى يضمهم تنظيم، بيبقى له قوة تانية متعاظمة، لا.. جمال عبد الناصر أو الريس جمال عبد الناصر يعني، كان فعلاً يسير في سياسة الفصل بين الجيش كمؤسسة، مش كفرد، يعني هنا أنا برضه بدي أوضح إنه هناك خلاف بين إنك بتجيب راجل عسكري وبياخد وظيفته مدنية...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
نعم، هي لازالت موجودة إلى اليوم في نظام الحكم مش في ذلك الوقت بس.
د. مصطفى خليل:
ومش هنا بس، وفي جميع العالم زي.. امسك (إيزنهاور) في أمريكا، امسك شخصيات...
أحمد منصور:
(بوش).
د. مصطفى خليل:
بوش وغيره وكلهم .. يعني مش عملية مقصورة علينا كبلاد عربية.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن هو الفرق بين هنا وهناك إن فيه هناك مؤسسة مدينة وهناك صناع سياسة، يعني مؤسسات موجودة، والرئيس ليس هو الأول والأخير في القرارات..
د. مصطفى خليل:
طبعاً.
أحمد منصور:
هذا هو الفرق، هنا الصورة لها وضع آخر.
د. مصطفى خليل:
(10/197)
النظام نفسه هو اللي بيحدد أشخاص، لا، ممكن فيه ضباط أنا أقول، أحييهم وهقول لك دول من أبرز الشخصيات كضباط...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
عسكريين.. في المجال العسكري تقصد؟ ولاّ حتى في المجال المدني؟
د. مصطفى خليل:
أبداً.. والمجال المدني، هقول لك حاجة إحنا موجودين فيها النهارده، شوف محافظ إسكندرية راجل عسكري، وكان.. يعني ما ليش دعوة مش هقول بقى التاريخ وكل الكلام ده، إنما لما جا وهو عسكري تولى محافظ إسكندرية.. تستطيع أن توافق على الكلام اللي عمله أو بتعترض عليه؟
أحمد منصور:
والله للأسف أنا مش عايش في مصر، ولذلك لا أستطيع أن أقيِّم الأمر.
د. مصطفى خليل:
لما تروح إسكندرية.. والله أنا شفت ثناء عليه من كل واحد قابلته، وأنا بروح إسكندرية بفارق كبير...ا
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هو طبعاً يا دكتور، لا شك إن تقييم كل فرد يختلف عن تقييم المؤسسة، وأنا هنا في إطار نظام المؤسسة، في إطار نظام أن الجيش قد قام بحركة اعتُبرت انقلاب أو حركة عسكرية ولم يعد إلى ثكناته، وزي ما سعادتك قلت إن مجلس قيادة الثورة تحول نفسه إلى الوزارة.
د. مصطفى خليل:
لا، هو سيادتك شوف الجيش رجع إلى ثكناته، لكن قادة الثورة، لا ما رجعوش...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنا لم أقصد.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
إلى ثكناتهم.
أحمد منصور:
وحدثت خلافات بينهم، بعضهم كان بينادي إلى العودة، أنت تقييمك إيه لهذا الأمر.. هل كنت ترى إنه لو لم يتم حل الأحزاب.. لو هؤلاء القادة العسكريين قاموا بمهمتهم وسلَّموا لأناس مدنيين، واللا الوضع اللي الأمور صارت فيه كان هو الوضع الأفضل، تقييمك الشخصي يعني بغض النظر عن أي شيء إنما شهادة تدلي بها: ما هو كان الأفضل لمصر، أن يبقى العسكريون في السلطة أم أن يعود إلى ثكناتهم؟
د. مصطفى خليل:
هو ما كانش ممكن على وجه الإطلاق إنك تتصور إنهم هيعودوا إلى ثكناتهم، يعني لما...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/198)
لماذا يا دكتور؟
د.مصطفى خليل [مستأنفاً]:
لما بتقيم الأمور على أرضية الواقع، مش على أرضية المثل العليا وما يجب أن يكون، وفرضيات بقى ونفضل نقول ده كان أحسن واللا ده، على أرضية الواقع ما بيحصلش، على أرضية الواقع في مصر هنا بندي نموذج لمثل هذا التطور، إنك الأول بتعتمد على مؤسسة لقلب نظام الحكم، بعد كده بتستولي على الحكم، بعد كده بتعمل التنظيمات الشعبية اللي هي تؤيد الحكم.
اللي عايز بقى ينضم من العسكريين يدخل التنظيمات الشعبية، أو التنظيمات السياسية اللي بيعملها النظام، أنت بعد كده بتجد الناس بتتذمر ومش عاجبها، فتبتدي تعمل حياة سياسية معينة، وفيه انتخابات لمجلس الشعب أو مجلس الأمة، وبتنقل بالراحة من النظام العسكري، أو قبضة الحاكم الواحد، أو قبضة المجموعة من الحكام على الحكم، ده اللي إحنا مشينا فيه.
وأنا بقول تحوُّل طبيعي، يعني موجود.. تحول طبيعي موجود، وبعدين النهار ده مثلاً ما شفوش إن فيه ناس يقدروا يشتكوا ويقولوا والله الجيش مستولي على السلطة، هل الجيش مستولي على السلطة؟ لا، طيب هل الرئيس مبارك رجل عسكري الآن؟ ما أقدرش أصف إن هو رجل عسكري الآن...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رغم تاريخه العسكري؟!
د. مصطفى خليل:
آه، أنا بقول لا، ده الرئيس مبارك بقى شخصية مدنية زي الرئيس السادات أصبح شخصية مدنية، ولكن الجيش نفعه في حاجة أساسية، والجيش فيه ميزة، والنظام والعمل (والريديكشن) عارف...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الحياة المنضبطة.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
الانضباط.. كل الكلام، أما إنه ينجح أو ما ينجحش ده متوقف على الشخص نفسه اللي كان بيشغل مثلاً رتبة كذا أو منصب كذا، وكان في الحتة دي اللي بيشتغل فيها.
أحمد منصور:
(10/199)
دكتور مصطفى أعود بك الآن إلى الاستدعاء الذي وُجه إليك لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر في بيته في منشية البكري في عام 56م في الساعة السادسة مساءً.. ماذا تم في هذا الاجتماع أو في هذا اللقاء؟
د. مصطفى خليل:
الرئيس عبد الناصر كان معاه في ذلك الوقت الرئيس أنور السادات، يعني كان الرئيس عبد الناصر ومعاه أنور السادات في حديقة منزله، فلما رحت سلمت عليه طبعاً قعدت فهو قال لي يا فلان أنت تقدر تنفذ -كده على طول- الكلام اللي أنت كاتبه في تقريرك؟ كان قدامه التقرير…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان مضى أد إيه على التقرير؟
د. مصطفى خليل:
كان مضى عدة أشهر اللي -زي ما قلت- دفعتني أني أقول طيب بلاش ضياع وقت، والواحد بيروح على حاجة مالهاش نتيجة.
أحمد منصور:
نعم.
د. مصطفى خليل:
فأنا في الحقيقة الخبر أول مرة، وأنا ولا كان فيه اتصال ولا حاجة، ولا عرفت حتى من أي حد، فقلت له يعني أنفذه إزاي؟ يعني أنا بشتغل في الجامعة ماليش علاقة بـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بالهيئة التنفيذية.. بالسلطة التنفيذية.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
بالجهة التنفيذية.. يعني أنفذه إزاي؟ قال: تمسك المواصلات، قلت له: أمسك المواصلات؟! قال: يعني تبقى وزير المواصلات.. زي ما باقولك أنا فوجئت بـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وكان معظم الوزراء من الضباط في ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
معظم؟
أحمد منصور:
الوزراء.. معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا وزراء في ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
لا.. بس الحكومة وقتها اللي دخل معايا الوزارة كان عزيز صدقي وسيد مرعي...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
شخصيات مدنية وقديمة.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
عزيز لأنه كان في مجلس الخدمات.. أنا كنت في مجلس الإنتاج وهو كان في مجلس الخدمات، سيد مرعي كان في الإصلاح الزراعي فإحنا الثلاثة دول دخلوا في التشكيل اللي جه أثر استقالة -زي ما قلت لسيادتك- جمال سالم.
أحمد منصور:
(10/200)
جمال سالم، نعم.
د. مصطفى خليل:
فأنا كان ردِّي على الرئيس عبد الناصر قلت له: يا سيادة الريس أيوه أستطيع إني أنفذه بس أنا عايز الكلمة اللي قلتها (الباكنغ) بتاعك ما لم يكن فيه (باكنغ) ليّ .. طيب أروح أنقذ إيه؟ كانت العملية هتبقى صعبة.
أحمد منصور:
أنت لما وضعت هذا المشروع وضعته كأستاذ أكاديمي واللاَّ وضعته أيضاً كمشروع قابل للتنفيذ؟
د. مصطفى خليل:
لا.. قابل للتنفيذ.
أحمد منصور:
رغم عدم وجود علاقة سابقة لك بالأشياء التنفيذية.
د. مصطفى خليل:
ما أنا كنت في اللجنة دي.. أنا أساساً اشتغلت بعدما اتخرجت من 41 إلى 47م لما سافرت في البعثة.. أنا كنت مهندس في السكك الحديدية.
أحمد منصور:
يعني عندك خبرة عملية.
د. مصطفى خليل:
كان عندي خبرة عملية.
أحمد منصور:
أضفتها إلى الخبرة الأكاديمية وأنت تضع التقارير.
د. مصطفى خليل:
فأنا قلت له: يا سيادة الريس ممكن يتنفذ لو تديني (الباكنغ) بتاع التنفيذ، قال لي: أيوه أديك (الباكنغ)، قلت له: خلاص بس، وخرجت من المقابلة، اتصلوا بيّ بعد كده حلف اليمين في الأيام كذا، الحكومة كان يرأسها الرئيس عبد الناصر يعني الوزارة، وكانوا حوالي 17 وزير.. اللي كان حاجة بقى كانت مثار باستمرار نقاش بيني وبين سيد مرعي إن سيد مرعي لما دخل الحكومة دخلها كوزير دولة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بدون حقيبة، بدون وزارة.
د. مصطفى خليل:
إحنا دخلنا أنا وعزيز.
أحمد منصور:
كوزراء.
د. مصطفى خليل:
كوزراء، فكان لما يتكلم في حاجة أقول له: اسكت يا أستاذ أنت وزير دولة ما تتكلمش، يعني خد بالك.. لكن في الحقيقة كانوا اللي أتذكرهم كان فيه الدكتور نور الدين طراف كان شخصية كبيرة جداً، كان فيه أحمد عبده الشرباصي من الناس اللي ما يقدرش الواحد ينساهم.
أحمد منصور:
(10/201)
كان يستطيع أو تستطيع الوزارة أو الوزير في ذلك الوقت أن يتصرف بشكل مطلق في وزارته ومسؤولياته، أم أنه أيضاً كان النظام العسكري أو نظام الحكم له تأثيره على كل شخص؟
د. مصطفى خليل:
أنا باقرر واقع، وقلت لي الواحد يلتزم بالواقعية الكاملة وبالصدق..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وبما رأيت ومارست، نعم.
د. مصطفى خليل:
الرئيس عبد الناصر ما كانش زي الناس ما هي فاكرة إنه بعبع قاعد رئيس مجلس الوزراء، أو بتدخل تعمل اجتماع، يبقى هو اللي هيتكلم طول الاجتماع وأنت ما عليك إلا تنفيذ الكلام اللي هو بيقوله.. هذا غير صحيح ولم يحدث على وجه الإطلاق، الرئيس عبد الناصر كان من النوع اللي بيسأل كل واحد رأيه في الموضوع المعروض.
أحمد منصور:
هل كان بيغير رأيه إذا وجد رأي آخر؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
يعني لم يكن عبد الناصر مستبداً في إدارته لمجلس الوزراء؟
د. مصطفى خليل:
إطلاقاً.. يعني إذا تصورنا إن ييجي شخص، وعايز يحكم كحاكم مستبد، إنه هيجيب بقى اللي يشتغلوا وياه ويفضل يدي لهم تعليمات، دي أسوأ طريقة حتى بالنسبة له، يعني الطريقة العملية إنك تسمع مستشارينك، رئيس الجلسة، يعني أنا عمري ما قعدت في جلسة أنا برأسها واتكلمت في الأول...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لو أنت تدير جلسة أنت رئيسها؟
د. مصطفى خليل:
إطلاقاً.
أحمد منصور:
كيف كنت تديرها ولا زلت؟
د. مصطفى خليل:
ولازلت أدير الجلسة بأني أقعد صامت، فيه (رول) للاجتماع يبقى متوزع، لازم أبقى عارف إن كان كل اللي قاعدين قروا المذكرات الموجودة في هذا (الرول)، أبتدي (بالموست جنيور) فيهم الأحدث أسأله، إحنا كنا بنأخد موضوعات ورا بعض، موضوع رقم 1 كذا، أسأل على طول: يا فلان أنت رأيك إيه في الحتة الفلانية، البند كذا علشان أبقى ضامن أنه قرأ، يقول لي: رأيي كذا، اللي بعديه، اللي بعديه.. كلهم.
أحمد منصور:
هل بيكون عندك قرار مُسبق قبل ما تدخل إلى الجلسة؟
(10/202)
د. مصطفى خليل:
لا.. ما تقدرش تدخل بقرار، إنما تقدر تخش باتجاه، إنما أهم حاجة إن اللي جالسين يشعروا إنهم شاركوا في اتخاذ هذا القرار.
أحمد منصور:
كيف كان عبد الناصر يدير مجلس الوزراء؟ باختصار.
د. مصطفى خليل:
باستمرار عبد الناصر كان له (كاريزما) كبيرة، يعني عبد الناصر لما تقعد وياه وتشوفه وتناقشه شخصية تحبها بعد كده، يعني ما فيش أبداً عبد الناصر ييجي زي الناس ما فاكرين إنه كان دكتاتوري يخبط على الترابيزة يقول لك إلا تعمل كذا، مش ممكن دي مش طريقة عمل، ولا تنظيم يعني في أي حتة اللي عايز يستفيد من خبرة الناس اللي موجودين وياه، حاجة من الاثنين، يا فيه ثقة ياما فيش ثقة، يا أنت معتقد إن الأفراد دول على المستوى اللي تقدر يدوك رأي له قيمته، إذا كان جايب نمر يقعدوا وكلام ده .. ما بيقاش طريقة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هل كنت تشعر إن فيه ثمة تنافس ما بين عبد الناصر وما بين بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة الذين كانوا لا زالوا يعني يحكمون معه؟
د. مصطفى خليل:
لا ما شعرتش بهذا التنافس، ولو إن كان بيبقى فيه إشاعات كثيرة على إن فلان مش عارف له كذا وعلان كذا، لا لم أشعر أنه كان فيه تنافس.. شخصية عبد الناصر من الأول في قيادة الثورة، وفي نشأة الثورة، في اختياره لأعضاء مجلس قيادة الثورة خدت سنين منه -في الحقيقة- ولما بتقرأ عن الأوقات اللي حصلت وشخصياتهم وكده، الشخصيات كانت كويسة جداً...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن في وقت الغنائم عادةً ما يختلف الناس، يعني ربما قبل توزيع الغنائم وقبل أن يتولوا المناصب تكون الصورة مختلفة؟!
د. مصطفى خليل:
(10/203)
هقول لك حاجة..هقول لك حاجة.. الحكم مش غنيمة على وجه الإطلاق، واللي بيتعرّض لأنه ياخد مسؤولية الحكم مسؤولية كبير جداً، والشخص بضميره ما يقدرش.. أنت مفروض جاي علشان تحسن الأوضاع، وعلشان الناس تخدمهم، وأنا بدي أقول لك حاجة: أي وزير في أي حتة في أي عهد يستطيع إنه هو يعمل عمل آخر غير عمل الوزير يكسب منه أكثر بكثير جداً من مرتب الوزير...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طبعاً إذا كان عمله وكان أداؤه أداء مهني بعيد عن الإشاعات حتى اللي بتطلق على كل من يتولى منصب سياسي أو منصب يعني...
د. مصطفى خليل ([مقاطعاً]:
شوف أنا بدي أقول لك حاجة.. أنا لما جيت رئيس وزارة فأنا كان عندي طباخ قبل ما أدخل في الوزارة، وبعدين بقى قعد يِزِن عليّ وراجع من بلد عربي وعايز أشتغل في حتة كويسة، وحاضر ووديته لوكاندة في الهرم، فجا لي بعد كده، وقال: سعادة البيه أنا تعبان في اللوكاندة والمرتب اللي باخده مش قادر أعيش بيه، فأنا ضحكت وقلت له: يا.. هو كان اسمه أنور، قلت له: يا أسطى أنور قل لي -هو عايش لغاية الوقت- قلت له: قل لي يا أسطى أنور أنت بيدوك قد إيه؟ قال: بيدوني ألف جنيه في الشهر…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سنة كام؟
د. مصطفى خليل:
لما أنا كنت رئيس وزارة.
أحمد منصور:
يعني 79- 80م.
د. مصطفى خليل:
قلت له: يا أسطى أنور أنت عارف المرتب اللي أنا باخده؟ قال: لا يا سعادة البيه يعني ليه، قلت له: المرتب اللي أنا باخده 325 جنيه و120 مليم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده راتب رئيس الوزارة في سنة 79م؟
د. مصطفى خليل:
والله أنا باحكي لك الواقع، قال: مش ممكن!
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده غير البدلات يا سعادة الدكتور؟
د. مصطفى خليل:
ما كنتش باخد ولا مليم، وعمري ما رحت في لجنة خدت من اللجنة أي مليم ولغاية النهار ده.. أنا مسكت شركات طبعاً...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سعادتك كده، لكن ما نقدرش نقول إن ده مبدأ الناس كلها بتلتزم بيه.
(10/204)
د. مصطفى خليل:
ما هواش الكلام على أن دي غنيمة وده إسراف ودول مش عارف إيه، مش كده.. ربما من الناحية الاجتماعية بيبقى لها ما يعوضها.
أحمد منصور:
في عام 1958 إلى 1961م قامت الوحدة بين مصر وسوريا وكنت نائباً لرئيس مجلس الوزراء لشؤون النقل والمواصلات والطاقة والكهرباء في ذلك الوقت، في الحلقة القادمة أفتح معك ملف الوحدة بين مصر وسوريا من خلال..
د. مصطفى خليل:
بكل سرور.
أحمد منصور:
شكراً جزيلاً يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
العفو.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/205)
الحلقة3(10/206)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:49(مكة المكرمة)،19:49(غرينيتش)
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- د. مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق
تاريخ الحلقة
05/02/2000
د. مصطفى خليل
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق).. مرحباً دكتور.
د. مصطفى خليل:
أهلاً بك.
أحمد منصور:
توقفنا في الحلقة الماضية عند الوحدة بين مصر وسوريا التي استمرت في الفترة من عام 1958م إلى عام 1961م وكنت وقتها نائباً لرئيس الوزراء.. د. مصطفى، هل تعتقد أن التخطيط لقيام الوحدة كان تخطيط دقيق، أم أنه كان نتيجة لعواطف هوجاء، واستجابة لواقع.. يعني غير حقيقي أن يؤهل مصر وسوريا للاتحاد في ذلك الوقت؟
د. مصطفى خليل:
الكلام حوالين الوحدة العربية، ومستقبل البلاد العربية، ومستقبل علاقتها مع بعضها، كلام بعض الأوقات بناخده بشكل شعوري، شكل مش قائم على الواقع اللي إحنا موجودين فيه، أنا بقول: إن العلاقات العربية-العربية هدف لكل واحد فينا..
ولكن نجاح التواصل إلى هذا الهدف، يتطلب أننا ننظر إلى واقعنا اللي موجود، وكيف أبدأ به حتى أصل إلى النتيجة اللي أنا عايز أحطها، الوحدة بين مصر وسوريا كانت ترجمة لشعارات كثير، الرئيس (جمال عبد الناصر) كان بينادي بها..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
شعارات.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أيوه، اللي حصل في سوريا وقتها إن كان فيه اتجاه، إن اليسار الشيوعي يستولي على الحكم هناك، واللي حصل أن لقينا السيد (شكري القوتلي) جا مصر هو، وكان القائد العسكري اللي هناك..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
قائد المخابرات.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/207)
هفتكر اسمه.. وقابلوا الرئيس عبد الناصر، وطلبوا منه إعلان الوحدة، الرئيس عبد الناصر جمع بعد كده مجلس الوزراء وحصلت مناقشات فيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كنت من ضمن الحضور؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أنا مضيت، كنت من الناس اللي مضوا على قيام الوحدة، الرئيس عبد الناصر في ذلك الوقت ماكانش على علم كامل بالظروف بتاعت سوريا، وبالعكس جاء في بعض الكتابات اللي صدرت إن الرئيس عبد الناصر قال: أيوه بالطريقة دي يبقى هنحل أزمة استيراد الأخشاب، لأن سوريا فيها مصادر للأخشاب، وسوريا زي ما بعد كده عرفنا إن كل الغابات اللي كانت عندهم وقت الحرب العالمية، قطعوا الغابات دي، وكانوا بيستخدموا الخشب في تسيير القطارات البخارية، ماكنش في..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني حتى مفهوم الرئيس عبد الناصر عن الوحدة لم يكن -من الناحية الواقعية وليس من ناحية الشعارات- فيه الفهم الكامل أو النضوج الكامل لمشروع وحدة بين دولتين؟!.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
ما كانش فيه دراسات على وجه الإطلاق، وأنا طبعاً ما أقدرش أعرف مدى اللي كان في ذهن الرئيس عبد الناصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن كيف وافقت ولم يكن هناك دراسات؟ يعني أنت شخصياً..
د. مصطفى خليل:
وافقت، يعني زي ما باقول العاطفة هي اللي بتتغلب علينا لما بنتجه إلى الكلام حوالين الوحدة العربية.
أحمد منصور:
أنت رجل مهندس، ودقيق في كل مشروعاتك..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لا.. أقول لك حاجة: ده فيه 17 مشروع وحدة بين دول عربية حصلت بينها وبين بعض، ما فيش موضوع.. وكل الـ 17 مشروع ما قدرش لهم النجاح.
أحمد منصور:
الأسباب كانت واحدة، أم تختلف من مشروع لآخر؟
د. مصطفى خليل:
الأسباب مختلفة طبعاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن فيه أسباب مشتركة؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/208)
لكن فيه أسباب مشتركة اللي أقدر أقول: إن أولا لابد من تحديد هدف الوحدة، أو هدف التجمع، يعني لما بنيجي لمجلس التعاون الخليجي، فيه هدف معين موجود للدول المشتركة فيه، وفيه خاصية معينة بتربط بين أنظمة الحكم اللي موجودة في هذه البلاد، وفيه اقتصاد له أساس شبه مشترك بين هذه البلاد. إذن توقعات أنهم يبقوا على علاقات طيبة أولاً، ومنع التنافس فيما بينهم الضار، أو اتخاذ مواقف ما هياش في صالح كل واحد منهم، ممكن إنها تسهل مش قيام الوحدة، لأننا حتى لغاية قريب خالص ما بنقراش عن بحوث بتطلع بيتناول هذه النقطة، ولكن البحوث كلها اللي بتطلع عبارة عن أنظمة موجودة في ست دول أعضاء موجودة في مجلس التعاون الخليجي.
أحمد منصور:
من خلال ممارستك أنت في قضية الوحدة بين مصر وسوريا على وجه الخصوص؟ كشيء من الوحدات المبكرة، مشاريع الوحدة المبكرة..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
مش بس كده، يعني لما تبص على طبيعة الاقتصاد المصري، لما تبص على تاريخ النشاط بالنسبة للمصريين، المصريين بتقدر تعتبرهم إنهم Prfessionals أكثر منهم تجار، يعني تاريخ مصر كله..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني ناس مهنيين؟ أكثر منهم..
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
مهنيين، ويبقوا مهنيين كويسيين جداً، الناحية بتاعت سوريا والشام والمناطق دي مناطق تجارة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
صحيح.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
ومناطق عبر التاريخ كله كان التجارة العالمية بتفوت من هناك بحراً حتى الخليج، وبعدين من سوريا لتطلع..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الهند وجنوب شرق آسيا..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
(10/209)
تجد السوريين ممتازين كناس رجال أعمال، أيوه موجودين، وتجد أنهم ممتازين كتجار، ما حدش يقدر ينكر الكلام ده، لما تشوف حتى العائلات اللي موجودة في لبنان، اللي هي ماسكة الجهاز المصرفي اللي موجود في لبنان، معظمهم من أصل سوري، فتجد فيه خاصية هنا مختلفة بين الأوضاع في سوريا كأوضاع، والأوضاع في مصر كأوضاع..
لما تبص للناحية السياسية كمان الوضع في سوريا ما كانش زي الناحية السياسية في مصر، حتى تجد إنه ممكن أن أنظمة بتتكلم مع بعضها، لما تيجي للنشاط الاقتصادي نفس الوضع، هما حبوا إنهم ينقذوا البلد من استيلاء نظام الحكم الشيوعي عليها (عفيف بيتس) اللي بقولك جا مع (الشيشكلي)..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مع.. جاء مع؟
د. مصطفى خليل:
أديب الشيشلكي، وقت ما طلبوا من الرئيس جمال عبد الناصر الوحدة بين مصر وسوريا، فهنا بتجد إن فيه اختلاف كبير سواء من ناحية التفكير، من ناحية الشخصية، من ناحية النظام الاقتصادي، النظام السياسي، وإنما كان له هدف. والهدف يتحقق بأن يحصل أنه مش عايز مد شيوعي يحصل في هذه المنطقة في ذلك الوقت، وده كان الأساس، اللي بعد كده تبين لناس كثير، وأنت لما تقرأ الحوارات اللي حصلت بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين السوريين..القادة السوريين بعد كده، ولما حصل انفصال بين مصر وسوريا، وجم تاني علشان محاولة إعادة الأوضاع وفيه مناقشات على جانب كبير جداً من الأهمية.
أحمد منصور:
عايز أسألك عن دور (عبد الحكيم عامر) على وجه الخصوص في قضية الوحدة والانفصال؟
د. مصطفى خليل:
(10/210)
شوف عبد الحكيم عامر كان من الشخصيات.. أستطيع أني أقول على المستوى الشخصي مش المهني، على المستوى الشخصي كان شخصية محبوبة جداً، علاقته بالناس من أطيب ما يكون، له (كريسما) هو كمان لا حدود لها، وإن أنا انتخبت ضابط في Level معين، ومرة واحدة حطيته كقائد عام للقوات المسلحة، ربما كان المنصب كبير شويه، يعني وما بيسندوش خلفية في العمل العسكري..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
من الخبرة ومن..
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
آه، فهنا الوضع كان فيه صداقة كبيرة جداً بين عبد الحكيم عامر، والرئيس (أنور السادات) فدخل..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بين السادات أو عبد الناصر؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
أنا آسف.. بين عبد الحكيم – عبد الناصر.. صداقة كبيرة جداً، وصداقة لدرجة أن عبد الحكيم عامر كان بيعتقد نفسه إنه مع جمال عبد الناصر أخ تمام، واللي يقوله ده يقبله، واللي يقوله ده يقبله.. وهكذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن ما كانش فيه تنافس بينهم، لم تشعر بهذا؟
د. مصطفى خليل:
لا، يعني ما أعتقدش إنه كان فيه التنافس اللي بيقولوا عليه، ما كانش ممكن، لأن.. ما أعتقدش، يعني لو فرضنا جدلاً إن قدر كان عبد الحكيم عامر في ذلك الوقت إنه يأخد مكان جمال عبد الناصر ما كانش يقدر.
أحمد منصور:
ليست قضية مكان أو موقع، ولكن نفوذ يمكن أن يبقى عبد الناصر رئيسا كما كان، ويبقى النفوذ العسكري لعبد الحكيم عامر في الجيش، والجيش هو الذي له السلطة الرئيسية في الدولة.
د. مصطفى خليل:
شوف هو في الحقيقية الرئيس جمال عبد الناصر ترك الجيش بالكامل وظروفه لعبد الحكيم عامر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رغم عدم الخبرة العسكرية الكافية لعبد الحكيم؟
د. مصطفى خليل:
أيوه رغم عدم الخبرة العسكرية.
أحمد منصور:
دور عبد الحكيم في الوحدة بين مصر وسوريا، وأيضا في الانفصال؟
د. مصطفى خليل:
(10/211)
اللي حصل إنه.. بيقولوا إن مدير مكتب.. إيه اللي بيدخل عبد الحكيم عامر في عملية الانفصال، إنه كان مدير مكتبه سوري هو اللي موجود في سوريا، واللي قاد عملية الانقلاب على الوحدة في ذلك الوقت، إنما عبد الحكيم عامر بنفسه ماكانش هو حاكم سوريا، لا، ما نقدرش نقول هذا الكلام..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن كان منافسة بينه وبين السوريين وخلافات أساسية.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
الخلافات اللي حصلت إن مثلاً لما نيجي على الإصلاح الزراعي وبعدين طبق في سوريا، في الوقت اللي سوريا فيها أرض الجزيرة سبعة مليون فدان، عايزين أشخاص علشان يزرعوها، فبتعمل إصلاح زراعي بأنك تأمم الملكية في وضع أنت عندك فائض أراضي، وعايز إن فائض الأراضي دي بيتزرع، ويتزرع يا ريت يتزرع بشركات كبيرة بأفراد كثار بكل الكلام ده..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طبيعة البلد لا تحتمل تطبيق هذه القوانين..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
ما قدروش من الناحية الاقتصادية بقى أنت حطيت مبدأ وعايز تطبقه في الـ.. نقول القطر الشمالي، اللي أنا طبقته في القطر الجنوبي لأسباب مختلفة كل الاختلاف، لا، سوريا فيها فائض أرض، سوريا عندها (كوبيوليتد) ما هياش زي مصر، سوريا لها نشاط تجاري مختلف عن النشاط الموجود في مصر.
الأوضاع التانية اللي اشتكوا منها إن الأطباء.. لما راح الأطباء المصريين هناك، فالسوريين اتضايقوا لأن الأطباء قعدوا في المدن، بينما الأطباء السوريين ودوهم في الأرياف، [كلام غير مفهوم] طب ليه الأطباء المصريين يجوا واحنا في قطر واحد؟ ما يروحوش هما في الأرياف ليه؟ يعني ابتدت حاجات على مستويات مهنية أو اقتصادية زي ما بقول، وبعدين أنت بتخلي الدولة هي تتاجر، سوريا عمرها ما عرفت كلام زي كده، عنده نشاط اقتصادي التاجر بيلف الدنيا كلها، وبيروح ما فيش قيود عليه، تيجي تفرض عليه قيود؟ يعني هنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/212)
يعني فيه ممارسات خاطئة أساسية ارتكبتها مصر.
د. مصطفى خليل:
أنا مش باقول خاطئة، أنا بقول فيه ممارسات تمت دون دراسة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تبقى خاطئة يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
اللي بياخد حاجة في أي نظام مش ممكن عايز ياخد إجراء خاطئ، هو عايز ياخد إجراء صح..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن النتيجة إنها خطأ.
د. مصطفى خليل:
إنما النتيجة اللي بتطلع ضد الفرضيات اللي هو حطها ليه؟ لأنه ماكانش فيه بينا وبين سوريا، ولا حتى إلى الآن بينا وبين البلاد العربية بعضها البعض معرفة كافية بالأوضاع الداخلية والسياسية والاقتصادية اللي موجودة، ودي نقطة ضعف كبيرة جداً.
أحمد منصور:
هل أيضاً أراد عبد الناصر صحيح أن يحمل عبد الحكيم عامر مسؤولية الانفصال بعد ذلك، وأن يحظى بشيء من السلطة على الجيش؟
د. مصطفى خليل:
شوف هو الـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنت كنت نائب رئيس مجلس الوزراء، يعني من المؤكد أنك قريب من السيد عبد الحكيم.
د. مصطفى خليل:
لما تاخد الأوضاع العسكرية في ذلك الوقت، وزي ما بقول: إن حصل خطأ في التقدير، لأنك لما بتشوف وضعك العسكري، وميزة العسكريين إنه ما بيتعاملش مع آمال، ما بيتعاملش مع خيالات، ده بيتعامل مع واقع بيدخل فيه بالتنافس مع طرف آخر بيكشف كل الأوضاع بتاعته، مختلف عن النشاط المدني أو أي نشاط آخر غير عسكري. لما تبص لترتيب القوات المسلحة وقتها، وكل الكلام ده: هل يمكن إن الجيش يخش حرب مع إسرائيل، وفي نفس الوقت أنا حطيت الأسباب اللي تجعل إن هو لو اعتدى علي أبقى أنا اللي مسؤول، اللي هو إغلاق خليج العقبة وطرد القوات اللي تبع..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده في 67م.
د. مصطفى خليل:
ده في 67م.
أحمد منصور:
إحنا لسه الآن في مرحلة الوحدة بين مصر وسوريا.
د. مصطفى خليل:
أنا بحكي لك ليه؟ لأن ده يضطرني إني لما بارجع للوضع بين مصر وسوريا، باقول إن فيه سوء فهم كان موجود أساساً..
(10/213)
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وفيه أخطاء ارتكبت..
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أخطاء جات نتيجة لسوء الفهم، ولسوء التقدير واللي أنا باقوله باستمرار وباحرص عليه، إنه لابد إنك تبقى عارف الطرف اللي إنت بتتعامل معاه بالضبط إيه.
أحمد منصور:
سعادتك قلت لي كلمة في البداية: إن الرئيس عبد الناصر نظر إلى الوحدة مع سوريا على إنها ستحل مشكلة مصر في الأخشاب، هل معنى ذلك إن القيادة السياسية المصرية في ذلك الوقت كانت تنظر إلى قضية الوحدة على أنها منفعة اقتصادية أكثر منها مسؤولية وتكامل ما بين القطرين؟
د. مصطفى خليل:
برضه هنا أنا بدي أبقى صريح، وأقول لك: المنفعة الاقتصادية من وجهة نظري لازم تيجي نمرة واحد، حتقول لي الكلام ده لا ما يتمشاش معانا وكل الحاجات دي، أقول لك: والله أنا رأيي المبني على الواقع اللي إحنا فيه أهم حاجة بالنسبة لأي دولة هي مصلحتها الاقتصادية، وما أقدرش أبداً أصدق إن فيه حاكم في أي دولة عربية ما بيبصش لمصلحة بلده الاقتصادية أولا.
أحمد منصور:
أين شعارات الرئيس عبد الناصر الوحدة، القومية العربية..
د. مصطفى خليل:
والله الشعارات.. أيوه قومية عربية موجودة، وإحنا ما بننكرهاش، ولما بنقول: إن إحنا لا نقبل الوصف بالطريقة دي، طب إيه اللي بندعو له، إحنا بندعو –أيوه- لوحدة تيجي في المستقبل، ولكن علشان أصل إلى هذا لابد إني أكون دارس الأوضاع في كل البلاد العربية اللي باتكلم وياها.
أحمد منصور:
معنى ذلك أن كل ما طرح في فترة عبد الناصر كانت مجرد شعارات دون دراسات واقعية للواقع العربي الذي يخدم هذه الشعارات ويحولها إلى ممارسة فعلية على الأرض؟
د. مصطفى خليل:
مش بس شعارات، ده كان عبد الناصر لما بيخطب خطبة قلب فيها نظام الحكم في العراق..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مجرد خطبة..
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/214)
باقول لك خطبة واحدة ألقاها الرئيس جمال عبد الناصر بقوة شخصيته، والآمال اللي أدوها، ورفضه لحلف بغداد اللي كان موجود، اتغير نظام الحكم وقبضوا على اللي كانوا في الحكم وقتها.
هنا لما بتبص وبنقول: أيوه إحنا اتعلمنا من هذه التجربة أنا لا أستطيع إني أجد أي مصري النهار ده.. أنا ما أقدرش أحكم طبعاً على البلاد العربية التانية، ولكن لما بنيجي نتكلم عن الوحدة، أو نظام فيه زي ما بنقول سوق عربية مشتركة، بتجد فيه دراسات بتتعمل كويسه جداً النهار ده من مراكز بحوث اتوجدت في البلاد العربية. والواحد بيتابع، يعني أنا بشوف الأوراق اللي بيطلعوها الأوراق البحثية، فيهم شباب يفرح، شباب متعلم شباب فاهم الأوضاع، شباب بيكتب بحوث وبيقدر يقول لك والله ده ممكن تنفيذه، وده مش ممكن تنفيذه، أنا ما ازعلش لما واحد يجي يقول لي: والله فكرتك دي مش ممكن تنفيذها، إنما السؤال يبقى ليه؟ واديني طيب البديل؟ قلت لنا تبقى إيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دكتور أنا الآن حتى أغلق ملف الوحدة بين مصر وسوريا، هل كان لهذه الوحدة تأثير في ضغوط خارجية مورست على مصر من القوى الموجودة في ذلك الوقت، وهي الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، وشعروا بالقلق، وإسرائيل -طبعاً- كانت يعني دولة في بين هاتين الدولتين وبينها فيه حروب وكانت العدو الرئيسي للعالم العربي؟
د. مصطفى خليل:
شوف أول انقلاب عسكري حصل في العالم العربي حصل في سوريا..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
انقلاب حسني الزعيم سنة 49م.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
انقلاب حسني الزعيم، لما بتقرأ عن انقلاب حسني الزعيم، وزي ما باقول الواحد بيشوف المراجع الأجنبية، وبعضهم بيربط بين انقلابه وبين مرور خط أنابيب البترول اللي ما كانتش سوريا عايزاه، ولما جا حسني الزعيم نفذ هذا، ده هنا فيه رأي بيقول والله حسني الزعيم كقائد انقلاب عسكري جاء مدفوع بمصالح أمريكية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/215)
ونفس الكلام بيُقال عن الضباط الأحرار في مصر.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
نفس الكلام ممكن جهات تقوله على السلطات في مصر، إنما لما بنيجي وبنقول، وسيادتك بتقول لي: هل المصلحة أو الشعور الوطني الـ كذا.. وأنا باقول المصلحة لازم تبقى نمرة واحد، هذا الكلام الواقعي..الشعور ده بيقوي النظر إلى المصلحة المشتركة. يعني لما أنا بادخل في وحدة مع دولة ثانية، أنا ما يصحش أدخل على إني مستعمر عايز أستفيد، طيب مستعمر تستفيد يعني أنت هتروح تعمل إيه؟..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنا هنا لجانب القلق، الوحدة هذه سببت قلق لدى إسرائيل ولدى الولايات المتحدة ولدى الاتحاد السوفييتي، وأنت قلت: إنها كانت برغبة سورية، حتى لا يكون هناك امتداد شيوعي في سوريا في ذلك الوقت. هل لعبت هذه الدول دوراً في إفشال الوحدة أيضا، أم أن الإفشال تتحمل نتيجته القيادتين المصرية والسورية، لعدم قدرتهم على التفاهم مع بعض، وعدم قيام الاتحاد على أسس متينة؟
د. مصطفى خليل:
أنا أعتقد المسؤولية تقع على الدولتين، مصر وسوريا إنك بتقابل عوامل إحباط، أو بتقابل عوامل إفشال أجنبية، لأي حركة بتقوم بها موجود، موجودة لغاية النهار ده، لكن اللي برضه الواحد بينصح بيه إن أنا لا أستبعد، وأنا بابحث أي حاجة، مدى تأثير الأمر اللي أنا باقول عليه إنه يحدث على البلاد الأخرى.. البلاد الأخرى لو شعرت إن فيه خطر عليهم من هذا الاتجاه، لابد إنهم هيجهضوه أو يعملوا على إجهاضه، لابد أني أعرف هل أستطيع إني أواجه هذا الوضع ولا ما أستطعش.
أحمد منصور:
بعد قضية سوريا لم تتوقف مصر عن الامتدادات الخارجية، في عام 1962م قامت ثورة في اليمن، وبعدها أرسل الرئيس جمال عبد الناصر قوات مصرية كبيرة إلى اليمن بقيت هناك إلى ربما نهاية الستينيات، تقييمك إيه للتدخل المصري في اليمن؟ وكنت لازلت في السلطة نائباً؟
د. مصطفى خليل:
في اليمن؟
أحمد منصور:
نعم.
د. مصطفى خليل:
(10/216)
طبعاً لازم هنا سيادتك ترجع إلى ما الذي حدث؟ اللي حدث إن حصل ثورة على الحاكم اللي كان موجود في اليمن الـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
حكم الأئمة.. على الإمام.
د. مصطفى خليل:
الإمام يحيى.
أحمد منصور:
يحيى نعم.
د. مصطفى خليل:
وابنه.
أحمد منصور:
الإمام أحمد.
د. مصطفى خليل:
هو اللي ثار عليه، وابنه هو اللي طلب من مصر إنها تعاونه، وبعدين لما بنقول: هل الحادث ده مستغرب قوي؟ لا، الحادث مش مستغرب، وبيحصل في بلاد كثير في الدنيا، وبيحصل لأن الكفاءة في الأداء، مصلحة الوطن، كل الكلام ده بيختلف النظرات إليها بين أب وابنه.. هنا لما بنقول الواقع اللي حصل، إن حصل أن طُرد الإمام يحيى، إن الشخص اللي تولى المسؤولية طلب مساعدة مصر في هذا الوضع..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن كان الثوار أو الضباط الأحرار اليمنيين كانوا مقيمين في مصر في ذلك الوقت، وقبض عليهم..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
مش بس قُبض عليهم، ده حصلت أمور ثانية كثير، واللي حصل إن.. فيه نقطة لازم الواحد يشرحها هنا، يعني ليه اليمن؟ وهل يعني سيادتك تسألني، هل لو كان حصل ده في أي بلد ثانية كان ممكن الحكومة في ذلك الوقت تاخد نفس الموقف؟ ليه اليمن؟ اللي بدي أنبه له إن اليمن هي قناة السويس، يعني يوم.. إنت فاتح قناة السويس للملاحة، إنما لو أغلق باب المندب وده حصل، وحصل بعد كده في الحروب بيننا وبين إسرائيل، إنه أغلق باب المندب، وباب المندب فين؟ في اليمن، إذن هنا لما بـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن كانت اليمن الجنوبي في ذلك الوقت، وكانت مستعمرة بريطانية إلى عام 68م، والتدخل كان في اليمن الشمالي.
د. مصطفى خليل:
أيوه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
نعم.
د. مصطفى خليل:
إنما إيه اللي حصل بعد كده؟
أحمد منصور:
استقلت اليمن الجنوبي، وحدث ما حدث.
د. مصطفى خليل:
(10/217)
بالضبط.. إن الإنجليز خرجوا، وجا حكم شيوعي في اليمن الجنوبية، أو نقدر نسميه اشتراكي، علشان يتمشى مع الأوضاع اللي كانت موجودة، وهنا أيضاً لما يبقى الشمال اشتراكي والجنوب اشتراكي، يبقى يسهل عملية وحدة اليمن، ولكن الجيش المصري في استراتيجيته، أو إنت بتبص لمصلحة بلادك في المستقبل، وبتقول فين مواقع الضعف أو القوة بتاعت مصر، لا تستطيع أبداً إنك كشخص يهمه مصلحة بلده إنه يقول: إن اليمن بالنسبة لمصر زي أي دولة ثانية بالنسبة لمصر.. لا..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني ده كان بعد استراتيجي واضح بالنسبة لقضية اليمن؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.. أيوه.
أحمد منصور:
لكن أيضاً ألم يدخل فيها الخلافات المصرية السعودية؟ وأن الثورة التي قامت في اليمن كانت مضادة لنظام الحكم في المملكة؟
د. مصطفى خليل:
أيوه..مش بس كده، لأن فيه بعض قبائل في اليمن كانت بتاخد معونات من السعودية، وكانوا بيدفعوا لهم فلوس، وكانوا بيدوهم دهب، فيه كل الكلام.. أنا هنا مش بالوم السعودية ولا.. كل دولة لابد أنها تنظر إلى مصلحتها، وإذا افتكرنا إن دولة مش هتقف وتراعي مصلحتها، يبقى أنا باقول الحكم بتاعها الحاكم اللي فيها، أو هيئة الحكم ما يصحش إنها تحكم على وجه الإطلاق.
أولاً وأخيرًا مصلحة بلدي، إذا كنا بنعتقد في هذا إن هو ده الوضع الواقع بيسهل علينا حاجات كثير جدا،ً اليمن مهمة لمصر، ولكن وجودك في اليمن يشكل تهديد من وجهة نظر السعودية، إذن هنا كان لابد إنه يبقى فيه اتفاق ما بين إيه أهدافي في اليمن مع السعودية.
أحمد منصور:
هل كانت أهداف مصر في اليمن واضحة؟ أهداف التدخل المصري في اليمن واضحة؟
د. مصطفى خليل:
آه.
أحمد منصور:
حينما أرسل الرئيس عبد الناصر القوات هل كانت الأهداف واضحة؟
د. مصطفى خليل:
في اليمن أيوه.
أحمد منصور:
أم تبلورت بعد ذلك؟
د. مصطفى خليل:
(10/218)
لا.. لا من الأول، من الأول، وأنا بدي أقول يعني أنا مش رجل عسكري، لكن ما باسمعه من القيادات العسكرية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن أنت كنت تشارك في اتخاذ القرار السياسي، أو يفترض ذلك في ذلك الوقت، يعني استشرت في قضية..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
اتعرضت وبتتعرض وبياخدوا الآراء، وفيه حاجات ما تقدرش تاخد الرأي فيها على طول، بتُحال إلى لجان مثلا، ويجي بعد كده الأوضاع، ولكن اللي حصل في اليمن إنه زي ما بتقول تمام: إن السعودية ابتدت كمان تدفع للقبائل يسموها قبائل ملكية حتى ما هواش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
للحفاظ على مصالحها
د. مصطفى خليل:
آه، ما هواش أمر سري الواحد بيذيعه، ولكن هنا لما بنقول، وتسألني أنا شخصياً، وتقول لي إنت إذا كنت ليك جانب في دراسة السياسة الخارحية المصرية، التوصية الأولى لازم أقولها: لابد من تنسيق سياسة مصر مع السعودية نمرة واحد، والسعودية نمرة اثنين، والسعودية نمرة ثلاثة.
أحمد منصور:
ده اليوم ولا من ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
من الأول، يجب إن إحنا نعرف إيه مراكز القوى اللي موجودة في العالم العربي، ولابد إن إحنا نعرف إيه الهدف اللي إحنا رايحين له.
أحمد منصور:
الرؤية دي كانت واضحة عندكم في بداية الستينيات؟
د. مصطفى خليل:
باستمرار.. من أيام محمد علي، إنت سامحني أنا باتكلم، أنا باقول ليه؟ لأني فوجئت في مناقشة مع أحد الأمراء السعوديين، وكنا قاعدين لوحدنا قال لي: إنت نسيت اللي حصل في جيش إبراهيم باشا لما جا، أنا كنت نسيت فعلا، قال لي مش خدوا بعض الأمراء وحبسوهم في القلعة، قلت له آه حقيقي، قال: طب إنت، قلت له: آه أنا نسيت بس أنت اللي ما بتنساش.
(10/219)
يعني هنا لما الواحد بيقول: إنه فيه أمور بتحدث، وفيه تنسيق لابد إنه يتعمل، وفيه توافق في السياسات، وفيه إن أمن الخليج اللي بيهدده والواقع في تهديده، ما هياش نفس الأمن لمصر أو شمال إفريقيا. مين اللي بيهدد أمن الخليج؟ اللي بيهدد أمن الخليج طبقاً للأوضاع الجغرافية اللي موجودة هناك، التهديد اللي يُخشى منه من إيران نمرة واحد، لما آجي سوريا بجد إن سوريا لابد أنهم نمرة واحد بتبقى تركيا وإسرائيل، مصر تبقى إسرائيل، السودان ما فيش حد بيهددها..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دي محاطة بـ.. من الجانبين.
د. مصطفى خليل:
محاطة لأن الجنوبيين لهم أوضاع، وممكن حل الإشكال، ولكن هما مش عايزين يحلوه بالطريقة المقترحة عليهم، يعني أنا مش عايز أخش.. وما ليش دعوة بالسياسات للبلاد العربية، بتجد أن المغرب وتونس مختلف، ومصالحهم فين؟ وبيهاجروا فين وبيروحوا فين؟
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن نستطيع – عفواً يا دكتور- في النهاية أن نقول: إن هناك نستطيع أن نقول إن هناك مصالح مشتركة بين هذه الدول يمكن أن توضع في نقاط محددة، ويبقى لكل دولة مصلحتها الخاصة التي تسعى لتنميتها أيضاً، هناك لغة واحدة..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لا.. أنا بدي أقول أكثر من كده: أنا مش بتربطني مصالح مشتركة كثير، لأني لما تيجي تقول: أنا بتربطني مصالح مشتركة وآجي على مجال التجارة ألاقي حجم التجارة البينية بيني وبين الدول العربية 6%، هل دي مؤثرة على العلاقات اللي بيننا وبين بعض..لا، أنا باطلب المزيد، لكن أنا اللي بادعو له لابد من دراسة الأمور قبل ما يقدم على تنفيذ أي حاجة، ندرسها بشكل موضوعي وشكل يضع في الاعتبار مصالح العالم العربي، مصلحة بلدي أنا مش هتنازل عنها وباقولها صراحة.
أحمد منصور:
(10/220)
الوحدة بين مصر وسوريا لم تدرس ولذلك آلت إلى ما آلت إليه، ذهاب القوات العسكرية المصرية إلى اليمن، هل درس وعرف تأثيره على الواقع المصري في ظل وجود عداء مع دولة إسرائيل؟ أن تفرغ الجبهة من المواجهة وترسل قواتك إلى دولة عربية أخرى؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
شوف دخول اليمن زي ما قلت استراتيجياً بالنسبة لمصر ممكن جداً، إني لما أقول إن فيه تهديد لمصلحة مصر اللي هي إغلاق قناة السويس، لابد يبقى لي وضع في اليمن.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بس ده تهديد بعيد الآن، وأنا أمامي تهديد قريب وهو الجبهة المواجهة مع إسرائيل؟!
د. مصطفى خليل:
لا.. ده مش تهديد بعيد، إغلاق القناة ماهواش تهديد بعيد، وقتها ماكانش تهديد بعيد.
أحمد منصور:
كانت تستطيع إسرائيل أن تغلقها؟
د. مصطفى خليل:
نعم؟
أحمد منصور:
تستطيع إسرائيل أن تغلقها؟
د. مصطفى خليل:
لا.. مش تستطيع إسرائيل أنها تغلقها، إسرائيل لن تغلقها، وإسرائيل بالعكس وقت المفاوضات عايزين يفتحوها.. ليه؟ علشان ما يتقلش في العالم كله إن إسرائيل هي اللي حددت الـ.. عارف وقف قناة السويس والتجارة الدولية والبترول وكل الكلام ده، وبعدين مش من مصلحة إسرائيل إن القناة تتقفل، إسرائيل هتستفيد إيه؟ يقولك هتعمل قناة ثانية بديلة منافسة لقناة السويس، أنا بقول لك مش حقيقي، ونتكلم في الموضوع ده بعدين، لكن لما آجي لليمن وأقول أيوه الوضع ده مفهوم إن مصلحة مصر لابد إنه يكون فيه تفاهم بيني وبين اليمن على موضوعات سياسية معينة، سواء قدرت أعمل هذا التفاهم بدون تدخل عسكري يبقى افضل، إنما لما تيجي فرصة لتدخل عسكري مش هرفضه.
(10/221)