بعض الإحصائيات أشارت إن هم يزيدوا عن الـ 30 ألف الآن.
جيهان السادات:
دلوقتي ؟!!
أحمد منصور:
آه، نعم.
جيهان السادات:
غريبة جداً، يعني مش عارفة، مش مليونيرات بقى، يعني..
أحمد منصور:
ما هو بقية الناس، يعني إحنا عندنا 44% من سكان الريف، و33 % من سكان المدن -حسب الإحصاءات الأخيرة– بيعيشوا تحت خط الفقر، خط الفقر اللي واضعه البنك الدولي والأمم المتحدة، اللي هو له..
جيهان السادات:
آه له ميزان معين.
أحمد منصور:
حد بسيط جداً، ميزان معين على الدخل السنوي للفرد، فالآن نسبة عالية جداً من المصريين يعيشون في حالة فقر بائسة..
جيهان السادات [مقاطعاً]:
هأقول لحضرتك هم مش قالوا.. أنا مش بأدافع عن ..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وهناك طبقة شريحة بسيطة جداً، طبعاً بتنشر أشياء مخيفة عن البذخ اللي هم بيعيشوه.
جيهان السادات:
ده صحيح.
أحمد منصور:
حتى إن فرح أحدهم تكلف 7.5 مليون جنيه تقريباً مؤخراً.
جيهان السادات:
يا خبر أسود !!
أحمد منصور:
ونشر هذا الكلام، ومشهر بوثائق ومعلومات، يعني ناقص الناس تقول أسماء الناس دول إيه، لكن ..
جيهان السادات:
يمكن برضو فيه كلام مبالغ فيه، إنما أنا عايزة أقول حاجة مش دفاعاً عن عصمت السادات يعني، قالوا عصمت السادات عنده ملايين وعنده وعنده وعنده وعنده، طب ما هي انتهت لإيه يا فندم؟! انتهت إنه ما عندوش هذا المبلغ أبداً، ولا عنده هذه الأشياء أبداً أبداً، والمحاكمة.. رسيت على إيه في النهاية ؟! رسيت على إيه في النهاية ؟! وهو نفسه.. وقف قال.. قال: يا ناس تعالوا خدوا اللي عندي وادوني نص اللي بتقولوا عليه، فيعني الحقيقة فيه.. مبالغات شديدة جداً سواء على المليونيرات.. فيه فيه ناس مليونيرات، وفيه ناس كسبت، وفيه الانفتاح أدي فرص لناس عملت ثروات ما فيش شك، لكن مش بالشكل المبالغ فيه ده برضو.
أحمد منصور:
(7/384)
في هذه الفترة ظهرت مجموعة من السياسيين الجدد أطلق عليهم رجال جيهان السادات في السلطة !
جيهان السادات:
رجال إيه؟
أحمد منصور:
رجال جيهان!
جيهان السادات:
بتوع إيه دول؟
أحمد منصور:
رجالتك في السلطة.
جيهان السادات:
في السلطة؟! زي مين دول؟!
أحمد منصور:
منصور حسن وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
ده راجل فاضل.
أحمد منصور:
صوفي أبو طالب، الدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب.
جيهان السادات:
أيضاً رجل فاضل.
أحمد منصور:
طبيعة علاقتك بيهم إيه؟ وكيف قدمتيهم للرئيس السادات؟
جيهان السادات:
أنا ما قدمتش منصور حسن وماكنتش أعرفه خالص، اللي أعرفه كنت الدكتور صوفي أبو طالب بحكم وجودي في الجامعة، بأدرس في الجامعة وهو كان رئيس الجامعة، كان عميد وبعدين بقى رئيس، يعني مجرد إنه شخصية بارزة ومازالت أكن له كل الاحترام والتقدير، ونفسي تعمل معاه برنامج وتشوف حقيقة عقلية هذا الشخص المثقف المتعلم؟ حبيت قوي إن أنور السادات يشوف هذه الشخصية، وشافه وقابله وهو رئيس جامعة.
أحمد منصور:
وعينه رئيس مجلس شعب.
جيهان السادات:
أنا ماليش دعوة هو قعد معاه، ومش شافه مرة عشان يعينه.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هو بيظل يحفظ لك هذا الفضل.
جيهان السادات [مستأنفاً]:
مش شافه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هل فيه وزراء آخرين قدمتيهم للرئيس السادات؟
جيهان السادات:
ياريت لي فضل في ناس بهذه المقدرة وهذه.. وهذه.. الإمكانيات من العلم والخلق زي الدكتور صوفي أبو طالب، أو زي الدكتور.. زي منصور حسن.
أحمد منصور:
من قدمت أيضاً للرئيس السادات غير صوفي أبو طالب؟
جيهان السادات:
فقط، يمكن أبداً.. هو بقى قدم صبحي عبد الحكيم، هو عرف الريس بصبحي عبد الحكيم اللي بعد كده جه.. رئيس مجلس شورى.
أحمد منصور:
نعم، علاقتك إيه بمنصور حسن كانت؟
جيهان السادات:
(7/385)
علاقة طيبة إلى يومنا هذا، رجل فاضل، على خلق، أنور السادات كان يحبه جداً، وإنسان متفتح، ويعني تحس.. تحس بمستقبل معاه.
أحمد منصور:
منصور حسن كان رجل أعمال ولازال رجل أعمال معروف ومشهور في مصر.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
ويقال إنه من أنظف الناس اللي تولوا مسؤوليات في الدولة.
جيهان السادات:
ده صحيح، ده صحيح.
أحمد منصور:
لكن هناك تقارير بتشير إلى أن الرئيس كان قربه، إلى درجة أنه أصدر قراراً ولم يعلنه بتعيينه نائباً لرئيس الجمهورية، وأنت كنت تدعمي هذا الخط.
أحمد منصور:
لأ، هذا خطأ أيضاً، لم يحدث.. لم يحدث، وفيه قرار حصل إن إدى له.. إدى لمنصور حسن بعض الصلاحيات.
أحمد منصور:
زي؟
جيهان السادات:
مش قادرة أفتكر، يعنى إدى له حاجات يكون مسؤول عنها.
أحمد منصور:
وسحبت بعد ذلك..
جيهان السادات:
وقربوا له علشان خاطر هو كان بيعده، بيعد منصور حسن لكي يكون رئيس وزراء في المستقبل، بس قبل ما يبقى رئيس وزراء عاوزه ياخد خبرة أكتر، يعني يبقى وزير، وبعدين يبقى مش عارفة إيه، يعني.. زي ما تقول يتعلم شوية أكتر لأنه كان خامة طيبة متعلمة شريفة نظيفة، كل المقومات الكويسة فيه.
أحمد منصور:
لكن لما كانش بيعده فعلاً أو ما كانش أصدر قرار..
جيهان السادات [مقاطعاً]:
كان بيعده.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
إنه يكون نائب رئيس جمهورية ؟
جيهان السادات:
لا لا لا.. لأ بيعده لكي يكون رئيساً للوزراء.
أحمد منصور:
كان علاقتك إيه بالسيد حسني مبارك في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
برضو علاقة طيبة.. علاقة طيبة معاه.
أحمد منصور:
كنت بتتابعي أيضاً مواعيد الرئيس ومقابلات الرئيس من خلال فوزي عبد الحافظ؟
جيهان السادات:
لا لا لا.
أحمد منصور:
كان دورك بدأ يزداد شوية في تلك الفترة؟
جيهان السادات:
دوري الاجتماعي؟
أحمد منصور:
لأ السياسي.
جيهان السادات:
فين؟
أحمد منصور:
بعد 79 : 81.
(7/386)
جيهان السادات:
فين السياسي؟
أحمد منصور:
متابعة الأحداث، الكلام مع الرئيس، التأثير في قرارات معينة.
جيهان السادات:
لا لا لا.. كل ده تأليف الناس، هم الناس جم في بيتنا وشافوني وأنا قاعدة معاه وبأثر عليه، كل ده تكهنات بالضبط بتتقال، لكن أنور السادات قادر على القرارات وقادر على اتخاذ القرار، وما هوش محتاج مساعدة جيهان السادات أبداً.
أحمد منصور:
أحداث الزاوية الحمراء اللي أشرت لها كانت وقعت في شهر يونيو في سنة 81، وبدأت الأجواء قبل حادث المنصة تأخذ بعداً درامتيكياً متسارعاً حتى وصلت إلى أحداث المنصة، فيه كلام كتير بيقال عن حياة الرئيس السادات في ذلك الوقت، وكيف أنها كانت مليئة بالاضطراب وعدم الاستقرار، ضغوط داخلية، صراعات داخلية، اعتراض من القوى الوطنية في البلد على خطوة التسوية، الرئيس السادات في نفس الوقت كان بيواجه ضغوط كثيرة في أسلوب.. الإسرائيليين في التفاوض.
جيهان السادات:
صحيح.
أحمد منصور:
وغيرها من الأشياء.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
ومعزول عربياً، كل الأوراق اللي بيلعب بيها مع الولايات المتحدة، أيضاً الأميركان في نفس الوقت أو صديقه كارتر كان بيواجه حملة انتخابية سقط فيها بعد كده، بعد ما قدم له الرئيس تنازلات، وأصبحت مصر رهينة للسياسة الأميركية، ده برضو كله من.. الشخصيات ومن الناس ومن المصادر ومن المعلومات اللي أنا بأتابعها طول الفترة اللي فاتت والناس كلها عاشت الأحداث دي..
جيهان السادات [مقاطعة]:
لا عمر أنور السادات.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وإحنا برضو عشناها وكنا صغار لكن كنا نتابع.
جيهان السادات:
معلش هأقول لحضرتك عمره ما كان رهينة للسياسة الأميركية أبداً أبداً أبداً.
أحمد منصور:
يعني الأجواء اللي سبقت 6 أكتوبر 81.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
تقدري توصفيها لي حضرتك؟
جيهان السادات:
(7/387)
فعلاً أجواء زي ما حضرتك أشرت لبعضها فعلاً كان فيه ضغوط بلا شك، نفسه كان ياخد سيناء يعني.. بشكل نفسه يعيش لغاية ما ياخد سيناء وتكلم معايا في هذا، قال لي يعني آخد سيناء وخلاص مش عايز حاجة من الدنيا، يعني أرضي تبقى مش محتلة وتبقى محررة ومش عايز حاجة خالص بعد كده وسأترك – حتى قال – سأترك بعد المدة التانية وأقعد يعني أستريح بقى، فالحقيقة كان فيه ضغوط عليه كده جامدة جداً يعني، وكان هو.. ودي سبب الاعتقالات بتاعة سبتمبر.
أحمد منصور:
أنا لو جيت لاعتقالات سبتمبر قبليها.. قبل اعتقالات سبتمبر هو توجه للولايات المتحدة في أغسطس على ما أعتقد 81.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
وأنت كنت معه، وكان الدكتور بطرس غالي أيضاً، وكان رؤساء تحرير الصحف.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
هل صحيح عرض عليهم أنه سيقوم بعملية اعتقال وأخبرهم أن من يريد أن يتخلص من أحد في مؤسسته يبلغه؟
جيهان السادات:
لا لا.
أحمد منصور:
وإن رؤساء تحرير الصحف شاركوه في عملية اتحاذ القرار هذه ؟
جيهان السادات:
لا يا فندم لا، ده كلام فارغ بدرجة شديدة جداً، يعني مش عايزة أقول يعني..
أحمد منصور:
لكن هو اجتمع بهم في القناطر الخيرية قبل عملية الاعتقال وأطلعهم على الأسماء بحضور وزير الداخلية النبوي إسماعيل.
جيهان السادات:
لأ، هذا خطأ أيضاً، فيه رؤساء تحرير..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنت أشرت في مذاكراتك إلى جزء من هذا.
جيهان السادات:
لسه بأقول.. لا لا لا، رؤساء التحرير موجودين لغاية النهاردة.
أحمد منصور:
صحيح.
جيهان السادات:
ما قال لهمش كلمة من دي، دي دي زي شغل عيال صغيرة يقول لهم: من عايز حد يعتقل !! لا يافندم.
أحمد منصور:
لأ، غير من حد يعتقل، الآن بعد ما تم ترتيب الأسماء عرض عليهم الأسماء.
جيهان السادات:
(7/388)
ترتيب الأسماء هأقول لحضرتك بالضبط جه النبوي إسماعيل وزير الداخلية، وهو عايش لغاية النهاردة واسأله ارجع له، كنا في القناطر ساعتها، وجه وجاب اللستة، وقال فيها.. بص فيها أنور وكده، وطبعاً ده وزير داخلية وبيثق فيه، وجايب له الناس اللي هي بتعمل تعطيل، وفيه كان فعلاً فيه جو كده..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده القوى السياسية في البلد كلها!
جيهان السادات:
آه، ده صحيح، أنا معاك.
أحمد منصور:
كل الاتجاهات.
جيهان السادات:
اجتمعوا اليمين على الشمال.
أحمد منصور:
مسيحيين، مسلمين، شيوعيين، ناصريين، مستقلين.
جيهان السادات:
الشيوعيين.. بالضبط بالضبط.
أحمد منصور:
كل من تفوه بكلمة ضد السادات.
جيهان السادات:
الجماعات الإسلامية أقصى اليمين مع اليسار أقصى الشمال، واجتمعوا مع بعض على إنهم غير موافقين على السلام، بس دول أقلية جنب الـ 60 مليون أو حاجة وستين مليون.
أحمد منصور:
أقلية إزاي ؟!!
جيهان السادات:
أيوه لما ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هم الستين مليون دايماً فيهم نخبة، دول النخبة بتاعة الستين مليون.
جيهان السادات:
لأ مش النخبة، طب وفيه نخبة تانية موافقة و..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دي نخبة الحكومة والمستفيدين والمستنفعين.
جيهان السادات:
لا لا لا.. لا لا.. ماكانش طلع له كذا مليون وهو راجع بس من زيارة إسرائيل.
أحمد منصور:
يا فندم قلنا دول محشودين، أنا صحيح ماكنتش محشود، أنا بالصدفة كنت موجود.
جيهان السادات:
لا ما فيش حد يا فندم، لا والله إن كنت حشدوك يبقى محشودين.
أحمد منصور:
أنا بالصدفة!
جيهان السادات:
إنما.. لأ أنت بالصدفة، كله كان طالع بقى يشوف الرجل اللي عمل سلام ده لأول مرة في التاريخ، صدقني مش دفاعاً عن أنور السادات.
(7/389)
جه وجاب له اللستة، وبص فيها، وطبعاً هو أعلم بالناس اللي بتثير الاضطرابات كوزير للداخلية، وعلى الأساس ده وافق، وأعلن في التليفزيون بعدها إنهم ممسكوين لمدة معينة بسيطة وهى بضعة أشهر، خمسة إلى ست أشهر إلى أن يأخذ سيناء وسيفرج عنهم، وكانوا بيعاملوا معاملة حسنة، وبيجي لهم أهاليهم يزوروهم، يجي لهم أكل ساعات من البيت، وما فيش بقى يعني.. أكنهم في لوكاندة.
أحمد منصور:
لأ لوكاندة مين ؟! السجن سجن يا فندم!!
جيهان السادات:
آه والله، طبعاً السجن السجن.
أحمد منصور:
مين اللي أشار.. مين اللي أشار على الرئيس بعملية الاعتقالات هذه؟
جيهان السادات:
وزير داخليته مفروض يعني هو اللي بيوري له عشان الأمن يستتب.
أحمد منصور:
لكن دي كانت بتتضمن أسماء وشخصيات من المؤكد إن الرئيس السادات نفسه كان عايز الناس دول يتحطوا في السجن عشان يؤدبهم.
جيهان السادات:
لا، لا لا ، والله هأقول لك حاجة في أنور السادات وليست دفاعاً عنه وأسأل عنه، أنور السادات كل من أساء له قبل الثورة وهو مسجون، وأساء له لما جت الثورة يا إما شغله، يا إما خدمه، يا إما عمل له حاجة كأنه بيكافئة، يعني أنور السادات ما بيشيلش يعنى.. حقد ولا كراهية لحد أبداً أبداً أبداً صدقني.
أحمد منصور:
لو قلت لك إدينى -قبل ما أدخل على عملية الاعتقال وما بعدها- لو قلت لك إدينى يوم في حياة السادات من أول ما يستيقظ إلى أن ينام.. كيوم اعتيادي.
جيهان السادات:
يوم اعتيادي هو كان يقوم بدري، مش بدري قوي زي، يعني أنا مثلاً أقوم خمسة، هؤلاء يقوم سبعة.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الشائع إنه كان بيصحى 9 : 9.30، وأنت كمان قلت كده في كتابك.
جيهان السادات:
(7/390)
8، يعني مش.. مش بدري قوي، لأ.. مش لدرجة 9.30 لأ 9.30 دي متأخر، يعني 8 عادة صحيانه، وأنا اللي كنت أخش أصحيه يعني أفتح الشبابيك لأن أنا بأقوم بدري وأتسحب وأطلع أنزل المكتب، أشتغل عندي حاجات أعملها، أخلصها بتاع، وبعدين أرجع تاني أفتح بقى الستاير، وبعدين أجيب له كوباية شاى صغيرة، بياخدها بعسل حتى مش بسكر، وبعدين نقرأ الجرايد سوا، وخبر يلفت نظري أقول له عليه،مش عارفه إيه، يعني حاجات زي كده، وبعدين يقوم يخش الحمام يحلق دقنه وياخد حمامه، وبعدين يطلع يصلي، ويلبس وينزل لمقابلاته هنا في الصالون، إذا كان هنا، إذا كنا في القناطر، في أي حتة، بعدين بعد المقابلات ما بتنتهي هو ماكانش يتغدى الظهر، ماكانش يعني له.. ماكانش له في الأكل خالص، مش غاوي أكل زيي، يعني أنا أحب الأكل.. أحب أصناف حلوة، لكن هو الأكل لا يشكل شيء عنده في حياته، فيأكل حاجة لا تذكر الظهر، حبة سلطة، يعني حاجة لا تذكر، وبعدين أكلته الرئيسية الساعة 6، ويريح شوية، يقوم من الراحة نمشي ساعة، وبعد المشي يشوف.. يتعشى بدري الساعة 6.30 .. 7، كده يعنى في الحدود دي، وبعدين يسهر بقى على التقارير بقى والحاجات اللي عنده.
أحمد منصور:
أمام السينما.
جيهان السادات:
السينما يخشها ممكن يومياً الحقيقة كان يشوفها.
أحمد منصور:
وفي كل استراحة كان فيه سينما.
جيهان السادات:
ده ضروري، وحتى هنا عندنا كان فيه سينما، قبل السينما بقى هو بينزل متأخر، لأنه كان بيسهر ما بينامش بدري، قبل ما بينزل بيشوف بقى كل التقارير إيه اللي.. ويؤشر عليها لأن فيه حاجات لازم تروح لرئيس الوزارة سريعة، لازم حاجات لوزير الخارجية، فيه النائب.. رئيس الوزراء، يعني كلها تأشيرات ويقراها ويؤشر عليها بأيده.
أحمد منصور:
كنت بتساعديه في القراءة.
جيهان السادات:
لا لا.
أحمد منصور:
يعني إحنا حابين نعرف طبيعة الدور السياسي فعلاً اللي أنت لعبتيه؟
جيهان السادات:
(7/391)
دوري السياسي إني زوجة هيأت لزوجها الجو المناسب الهادئ الجميل في البيت اللي يخليه ينتج لأقصى حدود.
أحمد منصور:
في 3 سبتمبر 1981م تأزم الوضع، بدأ الرئيس السادات متوتر وعصبي أدخل المئات من السياسيين من كل الاتجاهات إلى المعتقل تحت مسمى جديد هو التحفظ عليهم في مكان آمن، وروى كثير من هؤلاء طبعاً كيف كان المكان الآمن، إنه كان سجن طره وغيره من السجون الأخرى.
جيهان السادات[مقاطعة]:
طره، كان اتهد بقى.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
خمسة سبتمبر ألقى خطاب في مجلس الشعب بدا فيه متوتر للغاية وفاقد السيطرة الرئيس.
جيهان السادات:
مش لدرجة فاقد السيطرة، أنا زوجته وأنا عارفاه، هو كان متوتر نعم، وكان عصبي في الآخر شوية أيوه.. أيوه كان عصبي ليه؟ لأن هو اللي.. اللي أمر بهد سجن طره علشان مش عاوز مساجين.
أحمد منصور:
هد طوبتين يعني مش.. مش السجن يعني، السجن ولازال موجود إلى اليوم.
جيهان السادات:
دا أنا كنت معاه.. لا أنا كنت معاه هدوا كتير أكتر من طوبتين.
أحمد منصور:
يعنى جدار.. جدارين.
جيهان السادات:
أربعة.. خمسة! فيعني الحقيقة هي رمز، رمز إن هو اتسجن وقاسى مش عاوز حد يخش في نفس هذه المأساة.
أحمد منصور:
دا فترة الرئيس السادات بني فيها سجون قد اللي كانت في مصر قبل كده!!
جيهان السادات:
لا لا لا، لا يافندم لا حرام، لا حرام أنا مش عايزة..
أحمد منصور:
وبالمعونة الأميركية!!
جيهان السادات:
(7/392)
لا لا لا حرام، لا حرام، ده برضو افتراء، هو الضغط اللي كان عليه إن هو حط ناس في سجن، وهو ضد هذا، يعنى إنسان بيتمزق ما بين مش عاوز يسجنهم لأنه عارف إن هو..و طبعاً زي ما قلت لحضرتك قبل كده إن مش السجن زي ما هو قاسي أيامه اللي كان بيخرج ما أعرفش قد إيه بره السجن، وطابور ويحطوا لهم جردل في الزنزانة، الكلام ده غير مقبول، والسجون بقت مريحة، لكن برضو المبدأ نفسه، قلة الحرية هو عارفها كويس قوي، فكان ضد ده، لكن كان واقع تحت ضغط، عاوز ياخد سيناء، وعارف إن اليهود بيتلككوا، وعارف إن السياسيين كلهم مارحمهوش وانتظروا شوية لما ياخد سيناء وبعد كده يقولوا اللي عايزينه، لكن كل ده كان بيشكل ضغط عصبي عليه، أنا زوجته كنت حاساه طبعاً بلا شك كنت حاساه وشايفاه وعارفاه لكن هو كان يقول: إن بس مجرد إني استلم سيناء وكله هيطلع بره، وكله هيبقى سعيد ومبسوط.
أحمد منصور:
الأجواء قبل 6 أكتوبر كانت أجواء متوترة جداً.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
ما كانش خايف من العرض العسكري اللي اتعود إنه يعمله سنوياً بعد الحرب؟
جيهان السادات:
لا لا اليوم الوحيد، لا.. حأقول لحضرتك كمان فيه حاجة، هو ما كانش خايف أبداً، أنا.. أنا اللي كنت خايفة عليه بدرجة، وكنت حاسه ما أعرفش كان شيء .. كده، ما أعرفش، يعنى كان عندي إحساس إنه هينضرب قريب، يعني كان عندي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أحكي لي الأجواء اللي سبقت 6 أكتوبر بالضبط نفسياً و..
جيهان السادات:
حأقول لحضرتك، يعني كذا مرة يطلع.. لو ترجع حضرتك حتى للجرايد للتليفزيون هتلاقيه في الأسبوع الأخراني كان سافر المنصورة، وراح ما أعرفش فين، دا فيه كان سواق لوري..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لم يكن يستقر في مكان.
جيهان السادات:
(7/393)
لأ، كان بيجامل، دا كان فيه سواق فرح بنته وبعت له وقال له: أنا عايزك حضر، السواق ده خباه عنده وهو هارب، فحتى أنا يومها قلت له.. قلت له: ابعت له هدية، ابعت له فلوس، ابعت له حاجة.. إرضيه يعني، لكن مش ضروري تروح قال لي: استحالة، لازم أروح له، الراجل ده آواني بالظبط قال لي باللفظ كده آواني لما كنت هارب، وخدني في بيته، يعني بت في بيته كل يوم، فلازم أروح له، ولازم ألبي دعوته وفي عربية مكشوفة يعني عربية مفتوحة، ما كانش بيهمه، كان عنده شجاعة وقلة خوف غريب الشكل أنا في كل مرة في الأسبوع الأخير كان بيخرج فيها، كنت بأتصور إنه مش راجع، كل مرة، في يوم قاعدين أنا وهو قبل الحادثة بكام يوم وكان الـ Television قاعدين بنتعشى سوا والـ Television مولع قدامنا، فكان فيه بالظبط القنبلة اللي فرقعت في المجلس الشعبي.. أو البرلمان الإيراني، وبقى ناس طايرة، والكراسي بتتكسر وحاجة منظر بشع جداً، فالحقيقة قلت: يا ساتر إيه ده؟! إيه ده؟! يعني حاجة الواحد يعني يتخض منها، فهو بص كده قال: لا الحمد لله إحنا عندنا شعبنا ما عندوش القسوة دي، إحنا شعبنا شعب هادي و.. وطيب ما عندوش الشراسة اللي في الإيرانيين، يمكن ما فاتش أسبوع، وكنت بأشوف نفس منظر بيتكرر قدامي في المنصة، نفس المنظر قدامي.
أحمد منصور:
6أكتوبر الصبح إيه اللي حصل؟
جيهان السادات:
(7/394)
6 أكتوبر الصبح أنا لأول مرة أنوي إن أنا ما أروحش أحضر، ما أعرفش إيه كان عندي شغل عايزة حاجات أعدها للجامعة، وبصيت لقيت نفسي بأكلم الضابط في المكتب لأن بيحضروا عربيتي وبيبقوا جاهزين عشان أنا خارجة، فقلت له: أنا مش جايه، فالضابط استنكر جداً، ولأول مرة هو عادة بأقول له كده بيقول لي: حاضر يا فندم، وانتهى الموضوع، فقال لى: يا فندم إزاي سيادتك ما تحضريش 6 أكتوبر؟! قلت له: ده عرض عسكري ويعني أنا ماليش..، قال لي لأ إزاي؟! دا أول عرض بيجيبوا جرحى الحرب، ودول أولادك، انكسفت من نفسي لما قال لي الكلمة دي، وفعلاً أول عرض بييجوا على الكراسي العجل، ودول كلهم بأعتبرهم -ولادي- فعلاً، فقلت له: لا.. طيب لك حق أنا جايه، عارف حضرتك بين دي، بين إن أنا ما قررتش إن أنا أروح وقررت إن أنا أروح يعني خلتني ما استعدتش للنزول، ما عملتش شعري، ما وضبتش نفسي، ما لبستش زي ما كنت بأعمل بدري وأبقى جاهزة، فالنتيجة إن هو نزل من غير ما أشوفه، رحت أنا على العرض، وهو كان قايل لي قبلها، يعني قبلها بيوم وكده، أنا عاوز شريف يحضر، قلت له: شريف ده عيل صغير، قال لي: أنا عايزه يشوف العرض العسكري.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده حفيده.. اللي هو أول حفيد ليه.
جيهان السادات [مستأنفة]:
(7/395)
حفيدنا، أول حفيد لينا، فعايزه يحضر، وعايزه يشوف العرض، وعايزه يحس.. لا يا جيهان غرس الحاجات دي في الطفولة مهمة جداً، فقلت له: حاضر، أنا جايه بقى بسرعة بألبس بقى، هو مشي بقى طبعاً سبق لأن هو بيروح على القيادة أولاً فأنا على بال مالبست ويلا يا شريف، كان فيه بنتين ثانيين أحفادي.. جيهان وليلى، عياط.. إشمعنى شريف اشمعنى شريف؟ فخدتهم وخدت الداده وقلت: يحضروا يعني يشوفوا، وإذا اتضايقوا تاخد العربية هي، وتاخدهم وتمشي، وكان يعنى قاعدين بعيد مش.. مش معانا يعني.. إلا ساعة ما أنور كان جاي من العرض فجم يجروا على الشباك يشوفوا بيبقى قبليها بوق بيعمل ومش عارفه ومزيكة وكده على العربية بتاعته وهي داخله، فجه جري شريف وليلى وجيهان قدامي في الشباك، فهو نزل والدكتورة زينب السبكي ورايا في الكرسي اللي ورايا، فهو نزل وبص كده فلقى الولاد التلاتة موجودين وإحنا وقفنا طبعاً كلنا، فضحك ضحكة جميلة بشكل لدرجة إن زينب السبكي نفسها علقت عليها وقالت لي: إيه الضحكة بقى دي يعني يا فندم معناها إيه؟ قلت لها: والله هي أكتر للصغيرين اللي فرح بيهم إن أنا جبتهم يعني.
أحمد منصور:
إنتو كنتو طبعاً فوق في الـ..
جيهان السادات:
في الشرفة، وبعدين جريوا هم بره بقى، وإحنا قعدنا نتفرج على العرض العسكري إلى أن حدث ما حدث.
أحمد منصور:
ماذا حدث؟
جيهان السادات:
(7/396)
أنا ما كنتش لأول مرة كنت ما أعرفش، مش هأقول متوترة بس ما كنتش حاسة براحة، ما كانش فيه راحة نفسية لدرجة إن أنا حرم الرئيس مبارك – وهو في هذا الوقت كان النائب – وهي جنبي على يميني على طول عمّاله أقول لها: العرض مش حلو ليه؟ العرض فيه فجوات ، يعني فيه مثلاً كان الأول تظبط عليه بالثانية، السنة دي ما كانش بالثانية، كان فيه تأخير شوية، موتوسيكل يُقف مش عارفة، قلتها لها كذا مرة، وبعدين تنبهت إن أنا ليه بأقول لها هذا الكلام وهي دخلها إيه؟ يعني فاتكسفت حتى من نفسي يعني إن أنا بأعلق تعليق يعني لا دخل لها فيه وما لوش معنى يعني، طب وليه بأقوله، إلى أن جاء عرض الطيران، وطبعًا هي حرم ظابط طيار، النائب كان طيار، فقلت لها أهي دي بقى اللي حلوة، وجُم بالألوان الطيارات بالألوان وكده، فقلت لها: أهو بقى دي بقى جميلة ومنظمة فعلاً ومش عارفه إيه وضحكنا، وبعدين وإحنا بنبص كده بصينا لقينا العربية اللي وقفت و..الضرب ابتدى، فأنا لسه بأقف أشوف إيه لقيته هو.. أنا شفته قُدامي واقف، وبيدور بالجنب كده زي إيه للحراسة بتاعته يعني تشتبك معاهم، ده اللي أنا حسيته وفهمته، إن يعني مش حاجة هزار لأ، دا بينبه، فأنا..وكانت البرنيطة قدامه وكان هو واقف كده مش بيحيي، فيه بعض الناس قالت واقف يحيي، لا، ما كانش بيحيي.
أحمد منصور:
كتير قالوا إن هو كان فاكر إن دي وحدة جاية تحييه فكان..
جيهان السادات:
لا، لا يافندم لا لا دا تنبه لها، هو حسها.
أحمد منصور:
ما كانش لا بس حزام..قصدي.. السترة..
جيهان السادات:
رفض..رفض يومها الصبح أنا عرضتها عليه، عرضت عليه إنه يلبس فقال لي: بلاش كلام فارغ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
السترة الواقية..نعم.
جيهان السادات [مستأنفاً]:
أنت بتآمني – بالضبط – بالكلام ده؟ طب وإذا جت الرصاصة في راسي هتلبسيني إيه؟ وضحك، فسكت، فلما..وأنا ببص كده وشوفته واقف..وشوفته..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
(7/397)
بس بيقولوا الرصاصة الأولى اللي جت في مقتل بالنسبة للرئيس أطلقت من..العربية.
جيهان السادات:
ده صحيح، قيل هذا فعلاً اللي هو Sniper اللي كان في العربية.
أحمد منصور:
بالضبط، اللي هو كان بيعتبر كان فائز بالرماية الأولى في مصر هو.
جيهان السادات:
أيوه بالضبط.
أحمد منصور:
يعني أنتِ في اللحظة ديِ شوفتيه إزاي وهو بيقف والضرب كان بدأ بالفعل؟
جيهان السادات:
لا ماهو الضرب ما ابتداش في ثانية، هي كلها ثواني حضرتك، أنا..أنا ساعة ما..أولاً هم ضربوا الأول قنابل قبل ما يضرب – حضرتك – ليه؟ عشان تعمل دخان وتعمل حاجات زي كده، فالضرب الدخان ده.. كُلّها ثواني كان ابتدى الضرب يبتدي، وابتدا الإسلامبولي واتنين معاه جايين.. ماسكين.
أحمد منصور:
بالرشاشات.
جيهان السادات:
بالرشاشات بالضبط يضربوا، فيه أنا معايا ظابط حراسة، في ثواني برضو كان شاددني من دراعي وقعني في الأرض..
أحمد منصور:
أنتِ حسيتِ بأيه في اللحظة دي؟
جيهان السادات:
أفندم؟
حسيتِ بإيه باللحظة..شوفتِ الرئيس بيقع؟
جيهان السادات:
لأ.
أحمد منصور:
ما شوفتيهوش، شوفتيه واقف بس.
جيهان السادات:
لا لا، شوفته واقف بس.
أحمد منصور:
وشدك ظابط الحراسة.
جيهان السادات:
(7/398)
وشدني ضابط الحراسة، حتى أنا استغربت قُلت له: إيه بتعمل إيه كده؟ فقال لي دا دوري..أنا شُغلي يا فندم، ويعني بعنف كده، وبعدين اتنقلنا من جنب..، الشرفة كان فيه رصاص داخل فيها، فانتقلنا من الشرفة لبين الشرفتين حائط كده، فقعدنا، وكان فيه حتى ستات بتصرخ فأنا قُلت لهم بلاش صريخ، يعني أولاً فيه العيال اللي كانوا معايا دول جم جري مسكوا فيه، ثانيًا: هنعمل إيه؟ الصريخ هيعمل إيه يعني؟ أنا من الناس اللي ما أحبش..ما أحبش الانزعاج في وقت الشدة حتى مهما كان، فبعد ما خلص الضرب، وكل ده برضو خد حاجة لا تُذكر، جريت جري على الشباك تاني، ودي مسافة زي من هنا والحيطة كده، جريت جري فبأبص لقيت بقى كراسي وبتاع، تصور إن هو كان اتشال فعلاً !!
أحمد منصور:
في ثواني دي؟!
جيهان السادات:
آه والله العظيم، يعني هي لأ، قل دقائق بقى عشان نكون يعني مضبوط كلامنا، في دقائق لا تذكر كان اتشال بسرعة غريبة، ولا صورة طلعت له يا فندم، ولا صورة طلعت له، وأنا حتى وقفت كان في الشرفة من تحت السفير الأميركاني، والسفير البريطاني وأنا عارفاهم الاتنين، فندهت عليه، ما سمعنيش طبعًا، فيه بقى دوشة وإزعاج.
أحمد منصور:
الناس فاقدة..
جيهان السادات:
بالضبط.
أحمد منصور:
السيطرة على أي شيء.
جيهان السادات:
هو ما سمعنيش، فأنا قُلت بدل كده، أنزل جري أشوف إيه لأنه ما تصورتش إنه اتشال، وما.. يعني مش عارفة إيه اللي حصل.
أحمد منصور:
تصورت إنه أصيب؟
جيهان السادات:
(7/399)
ما خطرش يعني شوف..طبعًا أكيد، أكيد يعني فيه إصابة، وأنا نازلة جري عليه فيه سلم بقى عشان أوصله، فنازله جري لقيت ضابط من بتوعنا هنا، بتوع الحرس الجمهوري لابس بدلة بيضا -واسمه الفولى هو حتى- فبص لي كده قال لي: والله يا فندم ما تخافي، والله دا أنا بنفسي وديناه الطيارة وما فيش.. ده جرح بسيط، فببص بيقول لي جرح بسيط ولقيت بدلته كلها دم، كلها دم، وهو لابس أبيض فبصيت له وسكت، فالضابط اللي معايا خدنا بسرعة على العربية بتاعتي، وكانت الدكتورة زينب قالت لي مش هاسيبك، مش هاسيبك وركبت معايا، فركبنا وبعدين الظابط خدنا على كوبري القبة.
أحمد منصور:
دكتورة زينب السبكي كانت أمين عام المرأة في الحزب؟
جيهان السادات:
أظن حاجة زي كده، فركبت معايا -وهي صديقة قبل كل شيء- فركبت معايا ورحنا بالعربية على قصر القبة فيه طيارة هيلوكوبتر هناك، خدتنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا، .. المنطقة الآن هناك كان الجو شكله إيه عند المنصة؟
جيهان السادات:
بشع، بشع، كراسي فوق بعض، وناس.. شفت بعيني بقى الصاغ فوزي وهو طبعاً أكثر من صاغ لأن هو متعين..
أحمد منصور:
فوزي عبد الحافظ.
جيهان السادات:
فوزي عبد الحافظ.
أحمد منصور:
اللي هو سكرتير الرئيس.
جيهان السادات:
سكرتير أنور السادات، شفته شايلينه على..
أحمد منصور:
نقالة.
جيهان السادات:
نقالة، بالظبط وبيودوه للإسعاف.
أحمد منصور:
دراعه هو..
جيهان السادات:
أيوه شفتها بعيني دي، فالحقيقة طبعاً.. وهو قاعد ورا الريس مباشرة يعني الكرسي اللي وراه، فدي خلتني حسيت إن فيه شيء، يعني مش عبيطة لدرجة اللي وراه يطلع بالشكل ده.
أحمد منصور:
ما شوفتيش حد تاني من المسؤولين؟
جيهان السادات:
نهائي.
أحمد منصور:
النائب حسني مبارك، أبو غزالة أي حد؟
جيهان السادات:
لا لا، لا لا نهائي نهائي.. نهائي ركبت العربية ورحت على..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(7/400)
يعني كل دول كانوا مشيوا وأنت كنت قعدت، يبدو قعدت فترة طويلة.. شوية..
جيهان السادات:
لا لا لا هم، لا مش فترة طويلة بالعكس أنا نزلت على طول بسرعة برضو.
أحمد منصور:
دقايق.
جيهان السادات:
بس هم من حتت وإحنا من حتت ففيه كان هرج ومرج، يعني تحس كل واحد.. ولذلك الظابط خدني قال لي: أنا هأروح على القبة، هناخد الطيارة على البيت، فقلت له طب ما نطلع بالعربية قال لي: أنا ما أعرفش السكك شكلها إيه، سيبني سيادتك أتصرف، بالظبط كده.
أحمد منصور:
يعني برضو كان الضابط متوتر.
جيهان السادات:
لا، كان فاهم شغله كويس جداً، فاهم شغله كويس قوي، فقال لي: سبيني.
أحمد منصور:
تسمحي لي.. تسمحي لي في الحلقة القادمة أبداً معك من التفصيلات التي أعقبت ما وقع في المنطقة أشكرك شكراً جزيلاً.
جيهان السادات:
شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة والأخيرة، إن شاء الله، من هذه الشهادة نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/401)
الحلقة11(7/402)
الأربعاء 26/12/1421هـ الموافق 21/3/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 19:36(مكة المكرمة)،16:36(غرينيتش)
جيهان السادات -الحلقة الـ 11 والأخيرة
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- جيهان السادات، أرملة الرئيس المصري السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
19/03/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع في هذه الحلقة الأخيرة إلى شهادة السيدة جيهان السادات. مرحباً بيك يا فندم.
جيهان السادات:
أهلاً.. أهلاً.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند نقطة فاصلة في حياتك و في تاريخ مصر أيضاً.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وهي مقتل الرئيس السادات في المنصة، وذكرتي جانباً من كيفية وقوع هذا الحادث، وكنتِ أنت موجودة شاهدة عليه. بعد ما نزلت وجدت الكراسي في الوضع الذي أشرتِ إليه، سكرتير الرئيس فوزي عبد الحافظ محمول على نقالة، لم تَجِدي الرئيس، طمأنكِ أحد الضباط إلى أن الرئيس بخير، لكنكِ كنت قلقة.
جيهان السادات:
نعم، أما نزلت خدت في الباب الخلفي نزلت خدت العربية للقبة آخد طيارة، فيه طيارة اسمها (جزال) دي بتشيل بس اتنين يعني و.. اللي بيقودها.
أحمد منصور:
الطيار.
جيهان السادات:
(7/403)
وجنبه واحد ووراء اتنين أو تلاثة بالكتير يبقوا مزنقين، فدي اللي خدت أنور السادات، وكان الدكتور محمد عطية -وهو حي يرزق وموجود- كان دكتور الرئيس، وواحد ظابط اسمه توفيق قورة، هم الاتنين اللي خدوه في الطيارة، يعني هو ظباطه اللي شالوه، وبعدين اللي سافر.. اللي طار به دكتور عطية وتوفيق قورة وراحوا على مستشفى المعادي، دا اللي أنا عرفته بعد ماجيت هنا، أنا خدت بقى الطيارة الهليكوبتر التانية، والدكتور زينت معايا، جينا نزلنا هنا، فيه مهبط هنا جنب البيت في الجيزة، نزلنا نزلنا الولاد ونزلنا إحنا علشان خاطر لو كملنا بالطيارة مستشفى المعادي فيه مهبط فيها للطيارة بس بعيد عن المستشفى فقلت وهنتصل إزاي بيهم ومين اللي هيجبنا، يعني حتبقى مسافة من الطيارة لمدخل المستشفى، فالظابط فضل قال: لا، نأخد العربية بسرعة، فنزلنا من الطيارة، الولاد يعني سبناهم يجوا على هنا وإحنا..
أحمد منصور:
يعني أنت ما جتيش البيت؟
جيهان السادات:
نهاي.
أحمد منصور:
ما عملتيش أي اتصالات؟
جيهان السادات:
نهائي.. نهائي.
أحمد منصور:
ما اتصلتيش على الأميركان تطمينهم على الوضع؟
جيهان السادات:
(7/404)
لا.. أطمن مين يا فندم، أنا عايزة أنا اللي أطمن مش أطمن حد، وهذا الكلام كذب أيضاً لأن، يعني مش ممكن أسيب يعني زي ما اتقال سابت جوزها في طيارة أو حاجة، هو سبق بطيارة تانية، المهم يعني مش هأتعرض لدا دلوقتي، ركبت مع الدكتورة زينت في العربية فوراً من باب الطيارة للعربية وطرنا على مستشفى المعادي، ودخلت مستشفى المعادي، ولقيت برضو فيه هرج ومرج وناس قاعدة بتعيط، وناس قعدة مذهولة، وجالي سفير بلجيكا -أفتكر- يقول لي شوفتي شوفتي سفير فرنسا؟ حاجة زي كده بيسألني، فأنا في إيه أو في إيه أو في أيه وبعدين هو الحقيقة وهو بيسألني تنبه أنا مين، فقال لي: أنا آسف، آسف، يعني mrs سادات أنا.. وانسحب، هو بيسأل على السفير اللي اتضرب، المهم إن أنا مشيت.. المعادي بقى، أقول لحضرتك أنا حفظاها، لأن في أيام الحرب، سواء 67 أو 73 فأنا كنت بأتردد عليها يعني مئات المرات، فعرفاها، وعارفة أوضها وعارفة الكوريدور وعارفة هنا إيه وهنا إيه، فمشيت وطول ما أنا ماشية الدكتور زينت معايا الناس بتبص لي كده عايزين يعرفوا أيه اللي بيحصل، أيه اللي حصل، لغاية ما طلعت فوق، والأوضة الانتظار اللي قاعدين فيها الوزراء كانوا أوضتين الحقيقة، فيه أوضة قاعدين فيها وأوضة تانية، وبعدين لقيت ولادي أول ما دخلت لقيت ولادي، ولادي ما كانوش حاضرين العرض العسكري وماكانوش بيحضروه خالص، فلقيتهم هم لما سمعوا الضرب واتقفل الـ televesion .
أحمد منصور [مقاطعاً]:
جمال كان في أميركا طبعاً.
جيهان السادات [مستأنفاً]:
(7/405)
جمال كان في أميركا، فبناتي كانوا هنا فأول ما سمعوا الضرب اتصلوا بالمكتب هنا فقالوا لهم أيوه الريس أصيب الريس وفي مستشفى المعادي، فجريو على مستشفى المعادي بجوازتهم، وأنا لما رحت لقيت بناتي وأزواج بناتي، فدخلت وقعدت، شوية عارف حضرتك اللي هو مثلاً يعني أنا عمري ما خدت مخدرات ولا أشرب ولا يعني ماليش في حاجة من دي خالص، إنما كنت في حالة زي أيه .. حد مخدر، حد تايه، يعني مش عارفة إيه اللي بيحصل بالظبظ، فقعدت شوية لكن متنبهه، لكن زي ما أكون واخدة حاجة من كتر ما أنا مش عارفة إيه اللي بيدور حولي، فبعد شوية فكرت الله!! طب ما حدش جه طمني؟ ما حدش يجي يقول لي مثلاً: دا كان فيه رصاصة وطلعناها؟ اطمنوا دا الريس بخير؟ ما حدش قال كلمة زي دي، فلقيت نفسي واقفة وداخلة على أوضة العمليات، فو أنا داخلة أوضة العمليات لقيت رئيس قسم الجراحة هناك وهو فقد ابن له أثناء الحرب، وأنا كنت بأوسيه وعمالة أحاول أخفف عنه، فلقيته واقف بيعيط فبأقول له: يا دكتور لطفي حتى أنت مش جوه، فقال لي: أنا مش قادر، ففهمت على طول، يعني دي مش عايزة حد يقول لي، خلاص مش قادر إيه؟! يعني إيه مش قادر وهو رئيس الجراحين؟! يعني هو بيحاول كل محاولاته لقي ما فيش فايدة خلاص واللي قدامه بقى ما.. ما فيش حياة، فدخلت على أوضة العمليات فلقيت الريس نايم في السرير ومغطيينه وحاطين حاجة كده اللي هي بيحطوها للميت لما يموت عشان البق ما يسقطش. فطبعاً يعني خلاص المشهد بقى قدامي واضح وضوح الشمس، يعني كان فيه نوع من الصراع الداخلي بأكذب اللي بيحصل حواليه، بأحاول إن أنا ما أصدقش، بأحاول أنفي، بأحاول أهرب من نفسي، فلقيت نفسي مرمية عليه، يعني بدون وعي وعمالة أعيط.. أعيط وحاضناه وبأعيط، المنظر بقى كان فظيع الدكاترة واقفين و.. والممرضات، وبيبكوا بكاء بصوت عالي يعني، فأنا تنبهت بعد شوية وقفت وقلت: اندهوا ولادي، فلقيت حسن مرعي في ظهري، هو جوز بنتي الوسطانية،(7/406)
فقلت له: انده الولاد.. انده البنات فقال لي: لا حرام، قلت له: لأ انده البنات يسلموا على أبوهم، فنداههم وجم هم وأزواجهم، وبرضوا باسوه ويعني الحقيقة كان مشهد صعب.. صعب.. صعب لدرجة يعني لا يتخليها إنسان، لزوج، لأب، لحبيب، لكل شيء تقدر تقول عليه.
وطلبت طلب واحد من الدكاترة وهم واقفين وقلت لهم: أرجوكو يعني ما حدش يخش تاني، سيبوه يعني ما حدش يخش عليه، أنا مش عايزة حد يشوفه، مع إن يعني لو أقول لحضرتك وشه عادي وما فيش أي حاجة، يعني هي كل الحكاية البدلة متقطعة بس الكم علشان كانوا بيحاولوا يدوله ينقلوا له دم.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
والرصاصة اللي كانت في الرقبة؟
جيهان السادات:
حتة خرم صغير.
أحمد منصور:
والرقبة..
جيهان السادات:
لا، الرقبة ما فيهاش حاجة، هو كان في الحتة دي عند الكتف كده طلعوا رصاصة تانية ما فيش غير رصاصتين على الصدر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما كانتش الدماء بتغطي ملابسه؟
جيهان السادات:
نعم؟
أحمد منصور:
الدماء لم تكن تغطي وجهه أو ملابسه؟
جيهان السادات:
لا.. لا، لا خالص، أو إذا كان فيه فهم غسلوها يعني، أنا دخلت على.. نايم ومرتاح خالص، فالبنات -زي ما قُلت لحضرتك- ودعوه، وبعدين رُحت الأوضة ولقيت بقى الريس فبأقول.. بأقول له يعني -للنائب حسني مبارك- بأقول له: يا ريس تفضل أنت وأنور السادات خلاص راح، لكن مصر باقية، فتفضل أنت يعني أنا حسيت إن ما يقعدش ولا الوزرا تقعد خلاص..
أحمد منصور:
أنتِ كنتِ بمنتهى الهدوء زي ما أنت الآن؟
جيهان السادات:
جدًا.. جدًا.. جداً..
أحمد منصور:
ما بكيتيش، ما انهارتيش؟
جيهان السادات:
(7/407)
لا بكيت وأنا حضناه، لكن بعد كده فضلت ماسكة نفسي إلى أن دخلت العربية، بعد ما خليت الرئيس مبارك يمشي والوزرا نزلت بعديهم وركبت العربية وبقيت يعني يمكن بأصرخ أنا وأولادي والسواق، كلنا يعني كنا في حالة سيئة.. سيئة..سيئة.. للغاية، إلى أن جيت هنا في البيت وابتديت بقى يعني خلاص، يعني واقع عشته وشوفته وحاجة -زي- ما تقول حضرتك -كانت في الأيام الأخيرة متوقعاها، بس لما جت كانت عنيفة، عنيفة قوي، يعني مش هأقول لك مفاجأة حصلت، لأ، بس في حد ذاتها كانت صدمة .. صدمة شنيعة قوي.
(فاصل إعلاني)
أحمد منصور:
أنتِ تخيلت إن الأمر واقف عند حد قتل الرئيس فقط، أم أن ممكن البلد يكون فيها انقلاب عسكري وممكن يكون فيها تغير؟
جيهان السادات:
لا طبعاً توقعت أكثر من قتله لأن.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كنتِ تتوقعي إيه؟
جيهان السادات:
أنا كنت متوقعة إن هم قتلوه وعايزين بقى يمسكوا البلد هم نفسهم الجماعات الإسلامية تحكم، نفسهم، فـ.. وده اللي خلاني..
أحمد منصور:
ما كنش باين لحد دلوقتي مين اللي قتله؟
جيهان السادات:
وده اللي خلاني..، لا طبعاً، وده اللي خلاني قلت للرئيس مبارك تفضل أنت مصر باقية وتفضل أنت لأن أنور السادات راح، وكان أنيس منصور واقف، قال: ما تقوليش كده، ما تقوليش كده، أما بأقول: أنور السادات راح خلاص، قال: ما تقوليش كده، بصوت عالي.
أحمد منصور:
طبعاً كان أنيس كان بيعتبر من أكثر الناس.
جيهان السادات:
المقربين.
أحمد منصور:
قرياً.. من المقربين من الرئيس السادات.
جيهان السادات:
نعم..نعم..
أحمد منصور:
يعني نقدر نقول هو وعثمان أحمد عثمان كانوا من أكثر الناس قرباً منه في تلك المرحلة.
جيهان السادات:
(7/408)
نعم، نعم فجيت هنا في البيت ابتدوا بقى يجوا ناس، الحقيقة التليفونات بقوا يقولوا لي مش عارفة (كارتر) على التليفون ومين، ماكنتش قادرة، ما كنتش في حالة أقدر أتكلم في التليفون، وما بأحبش يعني بمنتهى الأمانة يعني ما بأحبش حتى أبكي قدام حد، يعني لو عايزة أبكي لغاية النهارده لو فيه حاجة تعباني أخش الحمام أقفل عليه، أخش أوضتي أقفل عليه، يعني ما أحبش حد يشوفني وأنا بأبكي، فـ..
أحمد منصور:
شأن النساء القويات يعني.
جيهان السادات:
يا ريت، المهم ابني بس اللي أتكلم في التليفزيون، وأول تليفون اتكلمه وإحنا كنا لسه في انتظار حجرة الانتظار زي ما قلت لحضرتك إن أنا رحت لقيت ولادي قاعدين، فتليفون ابني وصلوه بينا فبيقول: يا ماما أنا سمعت إن بابا اتضرب وكده، فأنا هأجيب، أنا قايم من أميركا وجاي، وحجيب.. حأتصل بالدكتور يعقوب..
أحمد منصور:
مجدي يعقوب.
جيهان السادات:
مجدي يعقوب لأنهم قالوا هنا إنه اتضرب في صدره، فأنا هأجيبه وحآجي على مصر، وأنا هأتصل به حالاً، فقلت له: طيب، وإحنا في حالة انتظار، وبعدين قمت ودخلت الأوضة زي ما حكيت لحضرتك، اتصلت بيه بقى أنا لما جيت هنا في البيت اتصلت بيه، أو هو اتصل -بالأصح- بينا لأن أنا ما كنتش عارفة هو فين، اتصل بينا تاني وقال لي: يا ماما أنا في طريقي والدكتور مجدي اتصلت بيه وجاهز، فقلت له: يا جمال ما فيش داعي للدكتور مجدي، وعايزاك راجل زي ما أبوك طول عمره عايزك، فسكت.. فيه حصل سكوت كده فترة، وقال لي: أنا فهمت يا ماما، حاضر وبس لغاية ما جه، ولما جه كلمني الدكتور محيي الدين … فؤاد محيي الدين.
أحمد منصور:
كان رئيس الوزراء.
جيهان السادات:
(7/409)
أيوه، وقال لي: فيه رصاصة في كتف الريس هنشيلها وبناخد إذن سيادتك، كزوجة يعني، فقلت له: إمتى هتشيلوها؟ فقال لي: هنشيلها النهارده بعد الضهر، فقلت له: حاضر، أنا هأكون موجودة هناك، فالراجل اتخض وسكت ما علقش، ورحت هناك، فلقيت الدكاترة بيقولوا: معلش بلاش سيادتك، قلت له: أبداً، ابني كان جه بقى وخدته معايا، فقلت له: لا يمكن أبوك يشيلوا من كتفه رصاصة وإحنا مش جنبه، لازم أنا وأنت نكون جنبه. يعني زي ما يكون بيعمل عملية، إزاي ما أبقاش أنا معاه؟! وكنت في السكة بأقول له يعني بأحاول أخفف عنه وأخفف عن نفسي، المهم وصلنا فكان فيه نوع من الرفض إنهم خايفيين عليه بيقولوا لي حاجة مش هتنسيها ومافيش داعي، فقلت لهم: استحالة، إنتو ما تعرفونيش، مش هتطلع الرصاصة إلا في وجودي، وأنا موجودة، لأني نسيت أقول لحضرتك، قلت لجمال وهو جمال يعرف في الحاجات دي، قلت له: شوف الرصاصة دي نوعها إيه؟ ليكون حد ضربه من ورا مثلاً، يعني المؤامرة أيه؟ صحيح في قدامنا جموضرب دي حقيقة، لكن يمكن حد ضربه من ورا، فأنت شوف الرصاصة هل دي بتاعة رشاش، أو رصاصة عادية بتاعة مسدس، يعني أنت تفهم أنا ما أعرفش. فقال لي: حاضر يا ماما.
(7/410)
فلما رحنا وبعدين أما رفضوا فقلت له: مش هتتشال إلا بوجودي، فكلموا الريس والريس قال.. جمال ابني كلمه، فقال له: خلاص يا جمال، إحنا كنا خايفيين على مامتك عشان يعني مش عايزينها تتعب، لكن أدام هي مصرة ده زوجها ما حدش يقدر يمنعها. ودخلنا أنا وجمال وهو جه على نقالة وعليه ملاية بس، والله والله كأنه نايم مبتسم!! يعني حضرتك أن إما بأصحيه ساعات يبقى صاحي الصبح عينيه تحت عينيه إرهاق، منتفخ، وشه تعبان، ما نامش كفاية، سهر زيادة، كان عنده شغل أكتر، يعني اليوم اللي شوفته يمكن الابتسامة عليه هو ده اليوم ده لدرجة إن أنا… أنا عارفة إنه مات، وعارفة إن أنضرب، وعارفة كل اللي حصل، لدرجة إن أنا وطيت أمسكه أحط إيدي عليه فبصيت لقيقه تلج، ساقع، فتنبهت بقى إن يعني لأ، ده ميت، يعني ما.. بس ولا خدش في جسمه إلا خرمين صغيريين عند صدره بالضبط، اللي هي منهم رصاصة دخلت وخرجت من ظهره وفاتت في قلبه، ودي كانت المميتة. وفيه رصاصة تانية دخلت وطلعت هنا، يعني ردت طلعت هنا، هنا في الحتة دي، اللي هي طلعوها قدامي وأنا واقفة. وفيه رصاصة ثانية في ركبته، بسيطة برضو عاملة خدش لا يذكر حتى في البدلة يعني سليمة كلها وخرم صغير قوي، ده كل.. ولا جروح، ولا حتى حاجة زرقة، ولا حاجة أبدًا في جسمه.
أحمد منصور:
مع تقديري للجانب الإنساني في.. في الموضوع.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
مَنْ قتل الرئيس السادات؟
جيهان السادات:
معاهدة السلام اللي عملها هي دي اللي قتلته.
أحمد منصور:
ألم يقتله غروره؟ ألم يقتله ديكتاتوريته؟ ألم يقتله كونه جمع كل القوى السياسية في مصر واعتقلها؟
جيهان السادات:
لا.
أحمد منصور:
ألم يقتله أنه غيب نفسه عن واقع الشعب المصري ونبضه وتفرغ للقضايا الخارجية؟
جيهان السادات:
(7/411)
بص حضرتك أولاً: ما كانش مغرور، ثانياً: السلام اللي عمله لو ما كانش عمله كان زمان سيناء نضفها محتل إلى يومنا هذا بمستوطنات كثيرة جداً، وصعب إنك تشيلها، ما كانش أنور السادات استلم مصر محتلة أرضها، أنور السادات حرر مصر، ورجع أرضها، أنور السادات استلم مصر بحزب واحد الاتحاد الاشتراكي، ورجع. وعمل أحزاب وبدأ الديمقراطية.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أحزاب صورة.
جيهان السادات:
صورة.. اعتبرها صورة، إنما بداية أحزاب لكي تضع أسس الديمقراطية في مصر، وهو اللي منع الرقابة على الصحف..
أحمد منصور:
لكن هو صوت، هو صوت للديكتاتورية في 27 يوليو 52.
جيهان السادات:
شاب صغير قائم بثورة
أحمد منصور:
واستمر في الديكتاتورية حتى وهو يحكم.
جيهان السادات:
لا، نعم لا، لم يحدث.
أحمد منصور:
وكل القرارات اللي اتخذها كانت قرارات ديكتاتورية فردية..
جيهان السادات:
أبداً.
أحمد منصور:
لم يرجع فيها حتى إلى مستشاريه.
جيهان السادات:
أبداً، أبداً.. بعيداً عن الحق، بعيداً عن الحق، ويمكن يعني.. تشنيع عليه وافتراء على أنور السادات اللي حرر مصر، اللي رجع لها كرامتها، اللي حارب في 73 ولأول مرة حرب تدرس في الأكاديميات العسكرية والمؤسسات العسكرية، وترفع راس الجندي مش المصري فقط بل الجندي العربي، لأول مرة يحصل انتصار، عمل سلام..
أحمد منصور:
لكن ثمارها للأسف لم تكن بالشكل الذي كان يمكن أن تجنى به.
جيهان السادات:
ليه؟! ليه؟! دا هي بداية إنه..
أحمد منصور:
من خلال اتفاقية السلام.
جيهان السادات:
حرر أرضه وخدها بالكامل، أخد أرضه بالكامل وإحنا أحرار.
أحمد منصور:
كانت علاقته توطدت بالأميركان حتى إن.. كان قائد الحراسة أميركي في وقت ما، كان يشرف على الحراسة.
جيهان السادات:
ده بقى من ضمن الـ.. فيه مثل.. فيه بيت شعر للمتنبي…
أحمد منصور:
كان فيه حراسة أميركان كان..
جيهان السادات:
(7/412)
أماتكم قبل موتكم الجهل وغراكم من خفة بكم النمل
يعني هذا جهل.
أحمد منصور:
ما المانع، هناك كثير من رؤساء، عفواً، عفواً..
جيهان السادات:
هذا جهل بالكلام.
أحمد منصور:
عفواً يا فندم عفواً يا فندم.
جيهان السادات:
إزاي قائد جرس أميركي؟! إزاي؟!
أحمد منصور:
عفواً يا فندم يا فندم إحنا الآن أمامنا معطيات.
جيهان السادات:
طب ما أنا شايفة الحرس بتاعه.
أحمد منصور:
أمامناً معطيات كثيرة جداً، معظم الحرس اللي بيحرسوا الرؤساء العرب من أو أولهم إلى اخرهم ودول العالم الثالث بيدربوا في الولايات المتحدة، وبيدربوا في غيرها.
جيهان السادات:
نعم، نعم أنت ما قلتش يدربوا، الحرس بتاعنا.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وليس هناك..
جيهان السادات [مستأنفة]:
كان بيدرب هناك ويجي، نعم.
أحمد منصور:
ليس هناك ما يمنع أن يكون هناك مشرف على هذه.. على هؤلاء الحرس موجود هنا يرتب أمورهم.
جيهان السادات:
لا، لا لا لا، لا يا فندم الحق إيه بقى حضرتك..
أحمد منصور:
مين الحرس الأميركان اللي كانوا في المنصة؟
جيهان السادات:
ما فيش ولا حارس أميركاني إلا إذا كان السفير الأميركاني معاه..
أحمد منصور:
حرس السفير الأميركي.
جيهان السادات:
له هو، علشان أكون منصفة.
أحمد منصور:
صحيح أطلقوا رصاص من الخلف؟
جيهان السادات:
لا لا، لا.
أحمد منصور:
من على المنصة؟
جيهان السادات:
لم يحدث، لم يحدث هذا أبداً، أنور السادات وغير أنور السادات وإلى يومنا هذا، الحراسة بترسل إلى أميركا للتدريب، لأنها عندها تدريب على مستوى عالي، لكن مش معنى كده إن يجي واحد حارس أميركاني، نهائي، بيرسلوا هناك، لكن ما يجيش حد هنا نهائي.
أحمد منصور:
أنتِ أشرت في كتابك وأشرت في الحلقة الماضية إلى أن العرض الأخير لم يكن بالدقة هل عندك شك في إن يعني هذا له علاقة بعملية اغتيال الرئيس؟
جيهان السادات:
والله ما أنا عارفة يمكن …
(7/413)
جيهان السادات [مستأنفة]:
ربنا الذي يعلم بقى لأن أنا قعدت فترة أنا وابني بالذات نفسنا نعرف مين ورا دي، يعني إيه الأربعة دول؟! ايه قيمة أربع عساكر حتى مش ظباط، منهم ظابط أو اثنين يعني اثنين ظباط والباقي صف ظابط، يعني أنا بقيت في حيرة من اللي بيحصل، وخصوصاً إن إزاي يعني ايه اللي حصل؟ معلهش هو كان فيه إهمال، بصراحة بقى أقول: كان فيه إهمال فقط لا أكثر ولا أقل..
أحمد منصور:
هل تعتقدي أن التحقيقات التي أجريت كانت كافية أم بتطالبي بفتح التحقيق مرة أخرى؟
جيهان السادات:
لا، لا أطالب بشيء، لا أطالب بشيء، اللي راح راح مش هيرجعهولي، لأ مش هنوصل لشيء، كان كيندي وصلوا له الأميركان، ما عرفوش لغاية النهارده مين اللي قتله.
أحمد منصور:
عملية الشك أيضاً هذه لا زالت قائمة عندك؟
جيهان السادات:
والله أنا بعدت كل شيء خالص ولوقت، وكل اللي بنفكر فيه إن الراجل ده كان زي شعلة في بيتنا مضيئة وفي بلدنا افتقدناها، ولكن كل الأحداث بتورينا إزاي هو كان عنده بعد نظر ونظرة مستقبلية لصالح مصر.
أحمد منصور:
السادات انتقد عبد الناصر في إنه كان علاقاته بالعرب ممزقة في نهاية عهده، السادات أيضاً كانت علاقاته ممزقة إلى درجة أنه لم يمش في جنازته أياً من رؤساء العرب سوى الرئيس الصومالي والرئيس السوداني.
جيهان السادات:
(7/414)
والله ما يهمش إنهم يمشوا في جنازته مش هتزوده أو تنقصه، ما تهمنيش دي أبداً، إنما أنور السادات ما.. علاقته مش كانت سيئة بالعرب، أنور السادات طالبهم بإنهم يحضروا معاه هنا في السلام، أو يساندوه، أو يقفوا معاه، أو يراقبوه من بعيد لغاية ما يخلص، هم اللي رفضوا، وهم ما هم رجعوا تاني وعرفوا.. ومصر ما هي عاملة سلام مع إسرائيل ما هو رجعوا تاني وعندهم علاقات بينا، ومصر بتساعد الفلسطينيين مع الإسرائيليين علشان يوصلوا لسلام، يعني مصر دورها قائم، ورجعوا العرب بعلاقتهم لمصر، ومصر مع إسرائيل، إيه اللي زاد أو إيه اللي نقص؟! ما فيش حاجة.
أحمد منصور:
الرئيس السادات بلغ في نهايات أيامه درجة إنه كان بدأ يفكر أو يشعر وكأنه أصبح فرعون جديد في مصر؟
جيهان السادات:
لا.. لا.
أحمد منصور:
دكتور محمود جامع في كتابه بيقول إنه: فكر السادات إن هو يعني يرتدي زي فرعوني، ويأخذ جولة، وتحدث مع بعض من حوله في هذا الأمر.
جيهان السادات:
دا، دا عنده خيال رائع!! دا عنده خيال بديع!! فيه رئيس جمهورية يعمل كده؟! هل من العقل حتى تصدق كلام تافه إلى هذه الدرجة؟!
أحمد منصور:
يعني في الوقت الأخير ممكن الناس المقربين من الرئيس يكون فيه حاجات كتيرة جداً بيعرضها عليهم، خاصة وأنك لست طوال الوقت معه.
جيهان السادات:
لأ.. بس مش لدرجة التفاهات اللي بتتقال، دا.. دي.. دا ولا عيل طفل يقول.. كلام فارغ.
أحمد منصور:
ليست قضية التفاهة، ولكن الشعور بالذات وبالأنا" ارتفع عند الرئيس إلى درجة أن كثيرين يقولون أن غرور الرئيس أيضاً كان له دور في انه قتله.
جيهان السادات:
لأ.. لأ، وبعدين الدكتور جامع ما كانش صديق قريب علشان خاطر ناخذ كلامه يعني، لأ دا كان راجل بيتردد على الاستراحة زيه زي أي واحد.
أحمد منصور:
وكان بيأتيك إلى هنا، وكان عضو مجلس إدارة في جمعية (تلا) التي أنت كنت ترأسيها.
جيهان السادات:
(7/415)
لم يأت إلى هنا، ولم أقابله هنا، وهو قال إن أنا قابلته هنا، لم اقابله هنا نهائي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كنت بتقابليه في..
جيهان السادات:
قابلته في ميت أبو الكوم.
أحمد منصور:
بشكل..
جيهان السادات:
مرة أو مرتين بالكثير..
أحمد منصور:
مرة أو مرتين معنى كده إنه ما كانش بيحضر وهو عضو مجلس إدارة جمعية، أو حضرتك ما كنتتيش بتحضري؟
جيهان السادات:
لا.. لا.. لأ.. لأ، جمعية إيه اللي كان فيها ؟
أحمد منصور:
جمعية تلا
جيهان السادات:
هو كان عضو مجلس إدارة بجمعية تلا؟!
أحمد منصور:
ولازال، وهناك قضية الآن مرفوعة في المحاكم، وهو متهم فيها.
جيهان السادات:
يمكن بعد.. يمكن بعد أنا ما سبت، لكن في وجودي لأ.
أحمد منصور:
لكن هو كان علاقته قديمة بالسادات، ومعروف إنه من الناس المقربين منه.
جيهان السادات:
لأ. مش مقرب يا فندم، ما كل واحد يدعي القرابة، هو حر يدعي على كيفه، ما أنا زوجته وشايفة؟ اسأل فوزي عبد الحفيظ أقرب الناس إليه وهو حي يرزق إلى يومنا هذا، وهو السكرتير بتاعه أبداً.
أحمد منصور:
يعني هو كتابه مليء بالصور اللي بتؤكد ذلك، وأنا كمان علاوة على كتابه نحيت كتابه جانباً، والتقيت معه لساعات مطولة استمع منه.
جيهان السادات:
لأ.. لأ، أنا كتابه –للأسف- عندي بس ما قرتيهوش الحقيقة، لكن مبالغ مبالغة، هو كان على صلة، صلة زيه زي أي واحد، لكن مش صداقة، ومش قرابة إنه مقرب لأنور.
أحمد منصور:
ما هو مش أي واحد بيبقى على صلة بالرئيس، يعني الرئيس يبقى مش صلة على أي واحد.
جيهان السادات:
لأ صلة. ما أن ا هأول لحضرتك صلته إيه، يعني كان أنور السادات له عادة يروح ميت أبو الكوم في المضيفة، والناس تيجي تشرب شاي معاه وتتكلم، وبعدين يقوموا يصلوا الجمعة، ويرجعوا ويسلموا عليه وكل واحد..
أحمد منصور:
(7/416)
واضح إن العلاقة كانت أقوى من ذلك، هناك صحفية أميركية مشهورة كانت تشبهك، وكانت تأتي إلى الرئيس السادات في البداية وهي يهودية، ولعبت دور في ترتيب العلاقات بين (كامب ديفيد) اسمها (جودي سكيبر).
جيهان السادات:
جودي كبير.
أحمد منصور:
جودي كيبر.
جيهان السادات:
وأعرفها إلى يومنا هذا.
أحمد منصور:
وهي تعرف محمود جامع جيداً، وكان من خلال.. تعرف عليها من خلال زيارتها للرئيس السادات، ودعاها عنده في بيته أكثر من مرة، وكان على اتصال بيها، حتى يعني تكون الأمور قريبة من بعضها أيضاً، والرجل يعني ليس معنى إنه قال كلام.. بأقول لحضرتك برضو..
جيهان السادات:
لأ. ما قالش كلام يعني فيه كلام كويس جداً.. في كتابه.
أحمد منصور:
ممكن تكونى أنت رافضاه.
جيهان السادات:
لا أنكر هذا لا بالعكس..
أحمد منصور:
بالضبط، أنا لقيته من الناس اللي انصفوا السادات في جوانب كثيرة.
جيهان السادات:
لأ. بس، لأ لما يقول لك: عايز يلبس لبس فرعوني، هل دا إنصاف يا فندم؟! دي قمة الخيال.. قمة الخيال!
أحمد منصور:
عند الرئيس السادات أم عند الرجل؟!
جيهان السادات:
عند الرئيس السادات أم عند الرجل؟!
جيهان السادات:
عند الرجل.. معقولة رئيس الجمهورية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ويمكن تكون عند الرئيس السادات برضو.
جيهان السادات [مستأنفة]:
يلبس زي فرعوني؟! يا فندم دا ولا عيل صغير تافه ما عندوش تفكير يقول كلام زي ده ولأ عيب.. عيب..
أحمد منصور:
يعني السادات كان بيعتبر نفسه في.. وبالذات في نهاياته..
جيهان السادات:
ولا اعتبر نفسه يا فندم، زي بالظبط….
أحمد منصور:
حقق الحرب وحقق السلام وعاش الجو، والأميركان بالإعلام عيشوه جو وشخصية..
جيهان السادات:
رجل فخور بأفعاله وأعماله فقط لكن عمره ما كان عنده..
أحمد منصور:
وكان حالم الرئيس دايماً معظم الوقت قاعد في الاستراحات، بيحلم وبيخطط وبياخد قرارات؟
جيهان السادات:
(7/417)
يا ريت.. يا ريت الرؤسا كلهم يحلموا وياخدوا قرارات زي أنور السادات، والله كانت الدنيا بقت أحسن.
أحمد منصور:
الرئيس كان له مخصصات سنوية كرئيس للدولة، من أيام عبد الناصر كانت مليون جنية، ارتفعت في عهد السادات إلى 2 مليون جنيه، وكانت تصرف بأوامر شخصية منه.
جيهان السادات:
مليون جنيه؟!
أحمد منصور:
كانت 2 مليون جنيه.
جيهان السادات:
دامين اللي قال الكلام ده؟
أحمد منصور:
هيكل قال إنها في نهاية عهد السادات وصلت إلى 2 مليون جنيه.
جيهان السادات:
والله خلي هيكل يبعت لي نصهم بس، أولاً لم يحدث هذا.
أحمد منصور:
.. مليون مخصصات رئيس..
جيهان السادات [مقاطعة]:
ولا مليون.. يا فندم ما فيش مخصصات..
أحمد منصور:
يا فندم مخصصات رئيس الدولة، يعني الواحد لو بيرأس مؤسسة فيها 50 واحد بيشتغلوا له مخصصات..
جيهان السادات:
أيوه له.. مخصصات.. له مرتب، وبعدين..
أحمد منصور:
رئيس الدولة لأ.. رئيس الدولة له مخصصات.
جيهان السادات:
أيوه هأقول لحضرتك أنا، له مرتب وله مثلاً.. الشغالين اللي في البيت ما بندفعش، دي تعتبر مخصصات، البيت نفسه ما بندفعش إيجاره مخصصات.
أحمد منصور:
لأ. أنا أقصد المخصصات الأخرى اللي هي ممكن تكون نثريات يتصرف فيها هو.
جيهان السادات:
لا يافندم ..لا لا لا.
أحمد منصور:
دي موجودة عند الرئيس الأميركي والفرنسي والمصري وفي كل الدنيا..
جيهان السادات:
موجودة عند الكل، بس إحنا ما كناش عندنا.. بدليل إن أنا كنت بألبس لبس بسيط جداً على قد ما نقدر.
أحمد منصور:
أنا ما بأقولش إنه كان بيديكي المخصصات دي، لكن كان..
جيهان السادات:
بيوديها فين؟
أحمد منصور:
كان بينفق منها على بنود سرية خاصة بين فوزي عبد الحافظ سكرتيره وبين..
جيهان السادات:
فوزي عبد الحافظ شريف يا فندم ورجل…
أحمد منصور:
أنا بأقولش يا فندم، أنا ما بأتهمش حد بسرقة.. أنا أرجو إنك تفهميني.
جيهان السادات:
(7/418)
أيوه، ممكن تصرف على حاجات يعني تنقلات مثلاً تقدر تقول لي؟
أحمد منصور:
لأ. لا لأ. تصرف على عمليات خاصة على ناس معينين، على بنود معينة تكون بين الرئيس..
جيهان السادات:
زي إيه؟ لأ، يعني تصرف إذا كان فيه مصاريف تصرف على مثلاً..
أحمد منصور:
أنا سؤالي مختلف عن كده..
جيهان السادات:
أمال إيه؟
أحمد منصور:
أنا بأقول فيه مخصصات، ودي شيء ما فيش حد يقدر ينكره.
جيهان السادات:
أنا لا أعلم بيه.. دا شيء خالص.
أحمد منصور:
يعني ما كنش فيه أي أموال بعد ما الرئيس توفي موجودة في البيت تخص الدولة؟
جيهان السادات:
لا. لا. لا. لا.. إحنا ما عندناش خزنة في البيت يا فندم، ما عنداش خزنة علشان يحط فلوس في البيت.
أحمد منصور:
الأوراق الرسمية اللي تخص رئاسة الجمهورية اللي كانت في البيت؟
جيهان السادات:
ولا عندنا حاجة، الأوراق كلها بتروح المكتب.
أحمد منصور:
أمال الرئيس كان بيدير الدولة إزاي؟
جيهان السادات:
كل الأوراق فيه مكتب، فيه مكتب لنا، المبنى اللي جنبينا، كل الأوراق اللي بتيجي بتروح المكتب.
أحمد منصور:
ما كانش فيه أي خصوصيات تتعلق بالدولة في هذا البيت؟
جيهان السادات:
نهائي.. نهيائي، بدليل إن أنا ما عنديش شيء أقدر أقول أوراق بتاعته، بدليل إن اللي كان في المكتب كله بعتوه للرئاسة بعد الحادثة، أنا ما عنديش هنا حاجة تذكر.
أحمد منصور:
تعرفي شيء، ولم تطلعي على شيء، ولم تري أي أوراق، ولم..
جيهان السادات:
اللي عندي لا يذكر.. لا يذكر، أوراق لا تذكر.
أحمد منصور:
زي إيه.. عندك أوراق سرية ممكن؟
جيهان السادات:
مش سرية.. مش سرية، أوراق عادية خالص، بتاعة حاجات يعني لا تذكر، عندي شايلاها في شنطة صغيرة، حاجة لا تذكر، لكن سألت لأن كان حتى عقد إيجار هذا البيت موجود في المكتب عنده حتى ما كانش عندي، مش لقياه، فسألت شوفوا طب في أوراقه قالوا الأوراق راحت الرياسة كلها.
أحمد منصور:
(7/419)
يعني البيت دا مؤجر مش ملك الدولة؟
جيهان السادات:
لأ ملك الدولة، ملك الدولة، بس كان فيه عقد إيجار، كنا بندفع إيجار، فالعقد طار..
أحمد منصور:
تدفعوا إيجار إزاي، والبيت مخصص كان للنائب لما كان الرئيس نائب رئيس جمهورية، وخصص للرئيس بعد ذلك.
جيهان السادات:
شوف روح حضرتك شركة مصر للتأمين، وهتلاقي العقد موجود عندهم الأساسي، هم أنا هأقولك حادثة صغيرة حصلت من سنين إنذار يا تدفعي، أنت عليك مش عارفة 10 سنين أم كم 15 سنة، عليكي ما دفعتيهمش، يا تدفعيهم..
أحمد منصور:
يا الدفع يا الحبس!!
جيهان السادات:
لا.. يا ريت حبس، وطرد كمان، فأنا اتخضيت خضة ما تتصورش قد إيه، ودفعنا الفلوس فوراً، وخدنا إيصال بيهم وعندي موجود..
أحمد منصور:
دفعتوا فين؟
جيهان السادات:
في شركة مصر..
أحمد منصور:
أنت دفعت من معاك أم الدولة اللي بتدفع إيجار البيت؟
جيهان السادات:
أيوه، أنا اللي دفعت من معايا لشركة مصر للتأمين.
أحمد منصور:
إيجار هذا البيت تدفعيه من معاكي؟!
جيهان السادات:
آه.. أيوه دفعته. وجالي الوصل وعندي الوصل، وبعدين كان فيه صديق لنا جاي بيزورني بعدها بكام يوم، فبأقول له: هل تتصور إن شركة التأمين تبعت لي، تقول كده؟
فالراجل اتخض الحقيقة، وبعديها –للانصاف- كان قاعد في اجتماع، وكان في الرئيس مبارك وقال له: يا ريس حصل كذا كذا كذا كذا، أنا ما رضيتش أقول للريس، وما جبتش سيرة خالص، سكت ودفعت وخلاص انتهيت.
أحمد منصور:
مبلغ بسيط بقى، إيجار رمزي يعني؟
جيهان السادات:
حاجة زي فوق الـ 10 آلاف 11 ألف 12 ألف.. حاجة زي كده.
أحمد منصور:
لـ 15 سنة؟
جيهان السادات:
آه حاجة كده يعني آه، آه طبعت كان إيجاره قديم، إيجار ما أعرفش 100،100 وشوية أو حاجة.
أحمد منصور:
100 جنيه في الشهر يعني؟
جيهان السادات:
أظن 150 حاجة زي كده يعني. يعني دا الكلام وإحنا واخدينه من كام من سنة..
أحمد منصور:
69.
(7/420)
جيهان السادات:
لأمش 69، 70 حاجة.. آه 69، 70.
أحمد منصور:
70 يعني 69.
جيهان السادات:
يعني في الحدود دي.
أحمد منصور:
نهاية 69.
جيهان السادات:
كان ساعتها إيجار كده، المهم فالريس طبعاً الحقيقة زعل وزعق وإزاى وإدى أمر، ورجعوا لي الفلوس تاني تاني، مع إن الوصل اللي كان عندي ده، هو ده كان بمقام العقد اللي أنا بأودر عليه ومش لاقياه. فرجعوا لي فلوسي تاني، وقال لهم عيب يعني.
أحمد منصور:
أيه الميراث اللي الرئيس السادات تركه لك؟
جيهان السادات:
ترك لنا ذكرى نعيش عليها عمرنا كلنا أغلى من أي ميراث، هو ما سابش فلوس خالص نهائي.
أحمد منصور:
إزاي رئيس الدولة، وله مخصصات وكان عنده أراضي، والمفروض كان فيه فلوس في البيت؟
جيهان السادات:
حأقول لحضرتك ارجع للبنك الأهلي ساب لنا.. أو لبنك مصر، مش عارفة في مين فيهم، طالبنا كان عليه ألف جنيه، والصاغ فوزي قلت له دفعناهم، ألف جنيه ديون مش سابهم، كان عليه ألف ساحب...
أحمد منصور:
منين كانت وسامة الرئيس وشياكته وبدله اللي كانت بتأتي من بره؟
جيهان السادات:
مرتبه.. مرتبه، هأقول لك حاجة إحنا..
أحمد منصور:
كان مرتبه كام؟
جيهان السادات:
أظن خمس آلاف في الشهر.
أحمد منصور:
خمس آلاف جنيه يجيبوا بدلتين!!
جيهان السادات:
لأ يا فندم إحنا بنتكلم من تلاتين سنة، دا هو ميت بقى له عشرين سنة.. كان الفلوس لها قيمة، مش زي دلوقتي، وزي ما قلت لحضرتك عندك سويلم اسأله، كان بيفصل عنده ومش كتير بس حاجة بذوق وحاجة حلوة، قليل لكن..
أحمد منصور:
معروف إنه كان من أشيك الناس في العالم، واختير في سنة من السنوات لهذا..
جيهان السادات:
جداً.. جداً.. دا صحيح.
أحمد منصور:
وأنا ما لقيتش النص، لكن قيل له من أين تنفق على هذه الأموال؟ فقال: إن زوجتي سيدة أعمال.
جيهان السادات:
لم يقلها أبداً، وأنا باستغرب..
أحمد منصور:
(7/421)
أنا دورت الحقيقة كثير حتى أجد النص والمرجع لم أجده..
جيهان السادات:
لأ يا فندم.. إزاي زوجة..، دا أنا يا فندم حتى الحاجة الوحيدة اللي أنا فاشلة فيها الناحية الاقتصادية، يعني أنا في الحسابات والحاجات دي ماليش فيها، وأتركها يعني حتى أنا في أميركا يعني، لأن أنا بأشتغل هناك ولي ضرايب وكده بأتركها لسكرتيري، ولا أعلم، لما تقول لي: أنت حتى بتدفعي ضرايب؟ ما أعرفش.
أحمد منصور:
وأخبار العزبة اللي في أميركا إيه؟
جيهان السادات:
والله خدها! أنا مدياهالك! مدياهالك متبرعة بيها! إذا كان هناك عزبة فخدها مني ليك!
أحمد منصور:
أنا خلال السنة الماضية أثناء عملية الإعداد..
جيهان السادات [مقاطعة]:
عايزة أقول لحضرتك حاجة..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
اتصلت عليك وأنت في الولايات المتحدة، وأعطيتنيي أرقام كنت أتصل عليك.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
لديك بيت؟ لديك فعلاً عزبة هناك؟ لديك.. ماذا تملكين في الولايات المتحدة؟
جيهان السادات:
لا أملك شيء في أميركا، وعايزة أقول لك حاجة، مش بس في أميركا وفي مصر، بعد أنور السادات اتعمل حواليه يعني نوع من التفتيش والبحث عن بس يلاقوا حاجة لجيهان السادات غلطة لجيهان السادات، أرض لجيهان السادات ،بيت ليجهان السادات، غير ميت أبو الكوم فقط.
أحمد منصور:
نشر إن المدعي العام الاشتراكي حقق مع جمال السادات..
جيهان السادات [مقاطعة]:
لم يحدث..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
في تهمة إنه كان معاه حقيبة فيها مجوهرات يخرج بها من المطار.
جيهان السادات:
لم يحدث يا فندم، وكل دا كلام كذب.. كذب، يعني أنا باستغرب جابوا الكلام ده منين!
أحمد منصور:
لم تأخذي شيئاً من مجوهرات العائلة المالكة التي وزعت على كثير من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وكان فيها فضائح كثيرة؟
جيهان السادات:
(7/422)
لا.. حرام.. حرام، وأنا هنا بأدافع عن رجال الثورة، ما حدش خد حاجة أبداً من حاجات الملك، ودي في خزنة، وما حدش يقدر يا خدها..
أحمد منصور:
لا.. ثروة المجوهرات الملك، بددت وأخذت وهناك كلام كثير عليها..
جيهان السادات:
لا يا فندم. لم تبدد.. لا. لا. لأ، لا يا فندم، لأ دا برضو من التشنيعات اللي،بتقال ولا علينا لا على غيرنا، أنا بأقولها.
أحمد منصور:
طب اسمحي لي، كثيرات وكثيرين ممن يشاهدون الحلقات ربما يتساءلون عن سر احتفاظك بوسامتك وأيضاً بـ.. يعني.. حفاظك على أمورك إلى الآن.
جيهان السادات [مقاطعة]:
ربنا يخليك..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وما تنفقينه أيضاً على هذا الجانب، من يرتب لك هذه الأمور حينما كنت تحملين لقب سيدة مصر الأولى وإلى الآن؟
جيهان السادات:
والله حاقول لحضرتك، أنا عمري ما حد بيعمل لي حاجة، وأنا اللي بأسرح نفسي، أنا اللي بأحط كريمات، أنا اللي بأعتني بنفسي، أنا للي بأحط (الميك أب) بتاعي، الماكياج بتاعي، حتى في الأفراح، حتى في الحفلات حتى في أفراح أحفادي وولادي.
أحمد منصور:
يعني مالكيش وصيفات؟
جيهان السادات:
مالياش وصيفات، ولا عمري كان لي وصيفة ولا مساعدة؟
أحمد منصور:
ولما كنت تحملي لقب مصر الأولى ما فيش وصيفة سيدة مصر الأولى؟
جيهان السادات:
أنا ما عملتش اللقب، اللقب أطلق عليَّ، وربما أستحقه، مش ربما، فعلاً أنا أستحق هذا اللقب، لكن أنا ما طلبتهوش وهو قيل عليَّ.. يتقال، لكن ما كانش عندي حاجة من دي أبداً، كان عندي سكرتيرة، ست فاضلة، وهي مدام صادق كانت بتساعدني مثلاً، أو تخرج معايا بدل ما أبقى راكبة لوحدي بتبقى معايا، وست فاضلة، وما كانش مجرد الناس لما تيجي هي اللي تقابلهم يعني.. لا أكثر من هذا.
أحمد منصور:
أزيائك منين بتشتريها؟
جيهان السادات:
فيه مدام إحسان اللوزي هي اللي بأخيط عندها إلى يومنا هذا.
أحمد منصور:
(7/423)
لأ ما بتجيبيش من أوروبا، من باريس، من نيويورك؟
جيهان السادات:
لأ.. ممكن قوى ولادي يكونوا مسافرين، ويجيبوا لي هدية، يعني لا أنكر هذا.
أحمد منصور:
لكن أنت بنفسك ملابس يعني.
جيهان السادات:
نادر.
أحمد منصور:
مش من دور الأزياء العالمية بترتيبها؟
جيهان السادات:
لا لا لا لأ، أنا هأقول لحضرتك، أنا لي صديقة في فرنسا كانت بتاخدني في محلات الجملة في فرنسا، واخد الفستان اللي معروض في (الفبور) بـ.. مش ربع الثمن، أقل بكتير من ربع الثمن، وفي نفس الوقت أنا يعني بأحب البساطة في لبسي، ما بأحبش الكعبلة، ما أحبش خرز، ما أحبش شغل، ما أحبش.. يعني لي نمط معين في لبسي لا أخرج عنه.
أحمد منصور:
والمجوهرات التي لديك.
جيهان السادات:
ما عنديش مجوهرات، إذا كان عندي شيء كان فيه بعضه هدايا فإدينه لبناتي في حياتي، يعني أنا دلوقتي على فكرة ساعات أما أكون في فرح وعايزة ألبس حاجة كويسة أستلف حاجة من بناتي يعنى ما … وبعد عاوزة أقول لحضرتك حاجة أنا مش غاوية والله، مش غاوياها.
أحمد منصور:
الرئيس السادات، كان له وصية أن يدفن في وادي الراحة في سيناء، وكان عمل مجمع هناك، وهناك من يقول إن هناك وصية أخرى إن كان يدفن في ميت أبو الكوم.
جيهان السادات:
ميت أبو الكوم.
أحمد منصور:
ولم يدفن في هذا ولا ذاك، وقيل أنك أنت السبب في هذا، وأنت قررت أن يدفن في...
جيهان السادات:
نعم.. عند المنصة..
أحمد منصور:
قبر الجندي المجهول عند المنصة؟
جيهان السادات:
(7/424)
نعم، هو في وقت من الأوقات كان اتفاقنا إنه هيتدفن في ميت أبو الكوم، في المدفن بتاع ميت أبو الكوم، وعندنا إحنا مدفن خاص بالأسرة مدفون فيه أخوه أبوه، والدته، كل العيلة يعني حتى بقيت أقول له دا بعيد، وهنقعد ناخد ساعة ونص أو ساعتين علشان نوصل وبعيد يا أنور، فجه في وقت من الأوقات في الآخر كان بيتكلم على الدفن والموت، فقال: طيب أنا عايز أدفن في.. في سيناء عند ساتت كاترين بين، وفيه جامع هناك..
أحمد منصور:
نعم.. مجمع الأديان اللي عامله..
جيهان السادات:
مجمع الأديان، كان نفسه يعمل مجمع أديان هناك، فقلت له: لأ. دا ميت أبو الكوم أرحم لأنها أقرب، دا عايز طيارة علشان نوصل له، فمش عملي؟ فضحك وسكت، قال..، قلت: خلاص فكر في حاجة تانية ولا دي ول ادي، يعني فكر حاجة قريبة، فقال: نسيبها دلوقتي لوقتها.
أحمد منصور:
كان ليك طموح سياسي لما الرئيس توفي، وكنت صحيح تريدي أن تذهبي إلى التليفزيون لإلقاء بيان من هناك؟
جيهان السادات:
لا.. لم يحدث.. لم يحدث، من قال هذا؟!
أحمد منصور:
ألم تكوني أيضاً تفكري بأن يكون لك دور سياسي مثل بعض السيدات اللائي ظهرن خلال الخمسين سنة الماضية أو خلال هذا القرن؟
جيهان السادات:
كنت عملته وجوزي موجود، كنت رشحت نفسي في مجلس الشعب ونزلت، وبقيت عضو.. زي (هيلاري كلينتون) كده، كنت نزلت مجلس شعب، ثم طموحي يؤهلني إني أنا أبقى رئيس مجلس شعب وبعدين.. لا.. لأ.
أحمد منصور:
ما فكرتيش في هذا الدور؟
جيهان السادات:
نهائي.
أحمد منصور:
اعتبرت إن دورك انتهى يوم ما قتل الرئيس السادات؟
جيهان السادات:
.. نعم.. نعم.
أحمد منصور:
واستطعت أن تقنعي نفسك بذلك بعيداً عن الأضواء والتليفزيونات؟
جيهان السادات:
نعم، وأنا، مقتنعة، مش حاولت أقنع نفسي، أنا مقتنعة إن كل إنسان بيلعب دور في حياته في فترة ما.
أحمد منصور:
إيه الدور اللي بتلعبيه من 81 إلى الآن؟
جيهان السادات:
(7/425)
بألعب دور في.. إحساسي أنا قوي جداً وهو رسالة السلام اللي أنور السادات عملها، ورسالة عن المرأة المصرية اللي ما يعرفش عنها الكثيرين في الخارج، دي بأقولها بصراحة، وبأعرف العالم الخارجي من هي المرأة، واشتراكها في المجتمع، واشتراكها في التنمية، ودورها في.. اللي بتلعبه في مصر، ودور أنو السادات في السلام اللي بدأه، واللي فتحه، واللي لم ينته إلى يومنا هذا، ولكن هو على أبواب الانتهاء إن شاء الله.
أحمد منصور:
إيه الأخطاء السياسية اللي بتعتبري إن السادات ارتكبها في حياته؟
جيهان السادات:
والله هي حكاية اعتقالات سبتمبر الأخيرة أنا كنت يعني مش موافقاه عليها كلها الحقيقة، وكنت بأقول له يعني دي فيها أخطاء.
أحمد منصور:
لكن غير كده بتعتبري السادات..
جيهان السادات:
مية المية على حق..
أحمد منصور:
نبي مرسل يعني؟!
جيهان السادات:
لأ.. مش مرسل، ولكن إنسان عنده حكمة وعقل وحنكة سياسية، ورجل يعني عنده نظرة مستقبلية، بدليل اللي إحنا شايفينه بيحدث حوالينا النهارده، واللي أنور السادات بدأه وعمله من كذا و عشرين سنة فاتت.
أحمد منصور:
ألم يخطط السادات في حياته -وأنت بعد مماته- لكي يلعب جمال السادات ..لكي يلعب جمال السادات دور سياسي في مصر؟
جيهان السادات:
نهائي.. نهائي وتوصية، توصية حريمة من أنور السادات لي ولا ولأولادي بما فيهم ابني أولاً: ابعدوا عن السياسة ابعدوا عن السياسة قلنا له: ما حدش فينا.. يعني ما حدش فينا بصراحة كمان غاوي سياسة.
أحمد منصور:
تقييمك أيه للدور اللي أنت لعبتيه في تاريخ مصر في الفترة من 70 لـ 81 على وجه الخصوص؟
جيهان السادات:
(7/426)
أفتخر به أنا، ويجب أن تفتخر به كل مرأة مصرية، لأن أنا كان ممكن جداً أكون مرات رئيس جمهورية قاعدة لحفلات، وطلوع مطار، ومقابلة رؤساء دول، وسفر مع زوجي وأبقى مرتاحة ومبسوطة، لكن أنا نزلت وتعبت، نزلت للشعب للقاعدة، وحاولت قدر استطاعتي إن أنا أساعد المرأة، أساعد المعوق، أساعد الطفل، أساعد الطالب، أساعد مريض السرطان، كل دي عملت لها جمعيات، وأنا فخورة مش أنا بس اللي عملتها، أنا عملتها بمجموعة متخصصة معايا في كل المجالات، وقانون الأحوال الشخصية أنا فخورة بيه، كل هذا أنا فخورة بيه، إن أنا لعبت دور يوم ما ربنا إداني الفرصة إن أنا ألعبه، لعبته وأنا مقتنعة باللي عملته.
أحمد منصور:
إيه الشيء اللي أنت حاسة إنك ندمانة عليه، أو كان ممن تعمليه بشكل أفضل من خلال الأدوار التي لعبتيها؟
جيهان السادات:
والله ما فيش شيء ندمانه عليه أبداً الحقيقة، صراحة يعني.. ما فيش حاجة فكرت إن أنا يا ريتني عملتها لأ، أنا عملت قدر استطاعتي وبالظروف اللي قدامي.
أحمد منصور:
لو نظرت إلى سبعة وستين عاماً هي عمرك الآن، وما يقرب من اثنين وثلاثين عاماً حياة مع الرئيس السادات.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
كيف تقييمين هذه وتلك؟
جيهان السادات:
أشعر بالفخر إن أنا ربنا إداني فرصة إن أنا أكون زوجة لرجل عظيم زي أنور السادات. وأشعر بفخر أيضاً إن أنا قدرت أقف جنبه موقف الزوجة المحبة اللي شاركت زوجها في.. أنا في العمل الاجتماعي، وهو في العمل الوطني والسياسي، جبت له أولاد يفتخر بيهم، وأنا أفتخر بيهم، يعني أديت دوري جنبه كأي زوج يفتخر بزوجته كما أنا فخورة بيه.
أحمد منصور:
في ختام هذه الشهادة هل هناك شيء تودين أن تقوليه في النهاية؟
جيهان السادات:
والله أنت ما خليتليش إي حاجة، وأشكرك على كل اللي قلته، لأ.. ما فيش حاجة أبداً.
أحمد منصور:
أنا بأشكر حضرتك كتير.
جيهان السادات:
شكراً.
أحمد منصور:
(7/427)
صبرت على وتحملتيني طوال فترة الإعداد سنة كاملة.
جيهان السادات:
صحيح.. صحيح.. صحيح!!
أحمد منصور:
وطوال الحلقات أيضاً التي استغرق تسجيلها أيضاً مدة.
جيهان السادات:
لأ بس أنا عايزة أقول لك حاجة، أنت أسعدتني بأسئلتك اللي.. اللي فيها صعب كتير جداً، لكن بالعكس أنا سعيدة إنها توضح للجمهور، أو توضح لمن يتصور عكس هذا، فالبعكس أنا أشكرك على كل هذا.
أحمد منصور:
أنا يا فندم اللي باشكر على سعة صدرك، وعلى هذه الشهادة في النهاية، وأتمنى لك التوفيق شكراً جزيلاً.
جيهان السادات:
شكراً.. شكراً.. شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهد جديد على العصر، هذا أحمد منصور يحييكم و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/428)
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق(7/429)
الأربعاء 2/8/1423هـ الموافق 9/10/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 13:20(مكة المكرمة)،10:20(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
06/10/2002
- نشأة بن بيلا وتأثير النشأة الدينية في شخصيته
- أهداف فرنسا في الجزائر وبداية الوعي السياسي لدى أحمد بن بيلا
- القوى الجزائرية السياسية وتأثيرها في بن بيلا
- التحاق بن بيلا بالجيش الفرنسي واشتراكه في الحرب العالمية الثانية
- مذابح 1945م وأثرها في حركة النضال الجزائرية
أحمد منصور:
أحمد منصور: يعتبر الرئيس الجزائري أحمد بن بيلا أول من حكم الجزائر بعد إعلان استقلالها في الخامس من يوليو عام 1962، وذلك بعد 132 عاماً من الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي.
وُلد أحمد بن بيلا في الخامس عشر من أيلول/ سبتمبر عام 1916 في مغنية التي تقع على الحدود المغربية الجزائرية.
تلقى تعليمه الثانوي في تلمسان، وانخرط في صفوف حزب الشعب الجزائري وهو في الخامسة عشرة من عمره.
التحق بالخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش الفرنسي بين عامي 1937 و1940، حيث احترف كرة القدم أثناء ذلك، وأصبح أبرز لاعبي فريق (أولمبيك مارسيليا) الفرنسي.
وفي عام 1942 عاد إجبارياً إلى صفوف الجيش الفرنسي بعدما تمكن النازيون من احتلال شمال إفريقيا، حيث شارك في الحرب مع الفرنسيين ضد إيطاليا وألمانيا، وأبلى بلاءً حسناً في القتال في معركة (مونت كاسينوا) التي كانت المعركة الفاصلة في الحرب بين ألمانيا والحلفاء، مما جعل الجنرال (ديجول) يقلده عام 1943 أعلى وسام في فرنسا.(7/430)
عاد بعد ذلك إلى الجزائر، وبدأ في أعقاب الحرب العالمية الثانية التحرك لتكوين الخلايا العسكرية لحزب الشعب الجزائري، وفي عام 1949 أصبح رئيس التنظيم السري العسكري لحزب الشعب، حيث قام بعدها بأول عملية عسكرية ضد الفرنسيين من خلال الهجوم المسلح على مركز بريد وهران، واستولى على ما فيه من أموال.
وظل بن بيلا مطارداً من الفرنسيين حتى قُبض عليه في ربيع العام 1950، حوكم بتهمة تأسيس جيش سري وأودع سجن البليدة، لكنه تمكن من الهروب من السجن في مايو عام 1952 حيث تمكن بعدها من الهروب إلى فرنسا، ومنها إلى سويسرا، ومنها إلى القاهرة التي وصلها في شهر أغسطس عام 1953، بدأ بعد ذلك الترتيب مع جمال عبد الناصر لقيام الثورة الجزائرية التي اندلعت بمساعدة وتأييد مصري في الأول من نوفمبر عام 1955.
وفي الثاني والعشرين من أكتوبر عام 1956 تعرض أحمد بن بيلا مع محمد بوضياف وحسين آية أحمد ومحمد خيدر ومصطفى الأشرف إلى عملية اختطاف من القوات الفرنسية في أول عملية قرصنة جوية في التاريخ، حيث كانوا في طائرة خاصة تقلهم من الرباط إلى تونس أُجبرت على الهبوط في الجزائر وأُودع بن بيلا مع رفاقه السجون الفرنسية حتى أُفرج عنه في التاسع عشر من مارس عام 1962، وذلك بعد يوم واحد من توقيع اتفاقية (إفيان) التي وضعت الخطوط العريضة لاستقلال الجزائر.
انتقل بن بيلا بعد الإفراج عنه إلى المغرب ومنها إلى مصر، حيث بدأت مرحلة الصراع الداخلي بين أقطاب الثورة لاسيما بين الحكومة المؤقتة التي كان يرأسها يوسف بن خده يدعمه محمد بوضياف، وكريم بلقاسم، وكانت تُعرف باسم مجموعة (تيزي أوزو) وبين هيئة الأركان برئاسة بن بيلا ودعم هواري بومدين وفرحات عباس ومحمد خيدر، وكانت تُعرف باسم مجموعة تلمسان.
(7/431)
تم إجراء استفتاء على الاستقلال في الأول من يوليو أُعلن في أعقابه عن استقلال الجزائر رسمياً في الخامس من يوليو عام 1962، وهو اليوم الذي يتوافق مع احتلال الفرنسيين لها عام 1830، ورغم أن الحكومة المؤقتة برئاسة بن خده كانت قد دخلت إلى الجزائر إلا أن بن بيلا بقي في تلمسان مع جيش الحدود، وأسس مكتباً سياسياً لجبهة التحرير الوطني في الثاني والعشرين من يوليو، وفي الرابع من أغسطس دخل بن بيلا مع جيش الحدود الذي كان يقوده هواري بومدين إلى العاصمة الجزائر ووضع حداً للحكومة المؤقتة التي كان يرأسها يوسف بن خده.
وفي السادس والعشرين من سبتمبر تم إعلان أول حكومة بعد الاستقلال في الجزائر برئاسة أحمد بن بيلا عين فيها خمسة وزراء، كلهم من جيش الحدود، بعد ذلك أصبح بن بيلا رئيساً للجزائر وسط صراعات على السلطة بين قادة الثورة انتهت بانقلاب قاده هواري بومدين ضد أحمد بن بيلا في التاسع عشر من يونيو عام 1965.
أُودع بن بيلا بعد ذلك السجن في ثكنة عسكرية، تزوج أثناء سجنه من أشهر معارضة سياسية له، وهي الصحفية الجزائرية زهرة سلامي وذلك في الخامس والعشرين من مايو عام 1971، وبقيت معه زهرة سلامي طواعية في السجن حتى أُفرج عنه صيف العام 1981 في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد.
نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر الثورة الجزائرية.
أحمد منصور: سيادة الرئيس، مرحباً بك.
أحمد بن بيلا: أهلا وسهلاً.
نشأة بن بيلا وتأثير النشأة الدينية في شخصيته
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً على أن شرفتنا في هذا البرنامج لتدلي بشهادتك بعد عامين من المحاولات المتواصلة.
أود أن أبدأ معك من (مغنية) القرية التي وُلدت ونشأت وترعرعت فيها في الجزائر ومع اختلاف نسبي في تواريخ الميلاد إلا أني حصلت على تاريخ ميلاد آمل أن يكون هو الأقرب، هو الخامس والعشرين من سبتمبر عام 1916.
(7/432)
أحمد بن بيلا: أنا وُلدت في مغنية فعلاً، ولكن التاريخ لا أضمن التاريخ، أنا ما أعرفوش.
أحمد منصور: يعني تقريبي أو نسبي كم؟
أحمد بن بيلا: تقريباً، لأن في ذلك الوقت كانت ما فيش.. ما فيش يعني أحوال شخصية يعني تسجل مفيش تسجيل، كان حكم عسكر، وكان شبه حتى يعني رفض من طرف الجزائريين يعني أن يسجلوا إلى آخره، أن كل ما يُسجل عند الفرنسيين كان في ذلك الوقت يعني فيه تردُد، ولهذا... ولا أعرف اليوم ولا حتى الشهر.
أحمد منصور: لكن السنة بالكام بالتقريب؟
أحمد بن بيلا: السنة كذلك أرشح 1916 على حسب بعض.. بعض التسجيلات 1918، لكن أنا أرشح 1916.
أحمد منصور: لماذا؟
أحمد بن بيلا: على حسب التحريات بتاعي يعني.. مش دقيقة.. مش طبعاً مش ممكن تكون دقيقة، لكن على حسب التحريات بتاعي محلياً.
أحمد منصور: ما هي طبيعة التحريات التي قمت بها للتحقق من ذلك؟
أحمد بن بيلا: طبيعة التحريات هي مع بعض الأشخاص الذين عندهم يعني هم أو عاشوا شوية قريباً من هذه الفترة وحتى هذا.. هذا.. هذا التاريخ أنا ما أجزمش به اللي هو هو الحقيقي، ما أجزم، أنا ما أعرفش حقيقة.
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: والله ما.. ما أعرفش لا اليوم ولا الشهر،.. (تأمين) هو 1916 معناها أنا في عمري اليوم ماشي في الـ 85 يعني.
أحمد منصور: لكن.. كيف كانت نشأتك وبدايتك الأولى؟ ربنا يديك طولة العمر والصحة.
أحمد بن بيلا: نشأتي كانت نشأة طبيعية يعني، ولكن الأب الكريم والأم كانوا من أصل مراكشي، وبالذات مدينة..
أحمد منصور: مغاربة يعني.
(7/433)
أحمد بن بيلا: مغاربة، وبالذات مدينة مراكش، في نواحي مراكش، واحد.. (مولاد ناصر) على 60 كيلو متر على مدينة مراكش، ولكن الأب الكريم أتى الجزائر في.. في وقت ما، وهو صغير في.. في العمر، كان أخوه أكبر منه، وكان أتى للشغل يعني في.. في.. في الجزائر، واستقر في مغنية ونجح في أعماله، فطلب من أخوه يعني يأتي إليه، وأتى إليه الأب الكريم وعمي كذلك العربي، يعني الأول هو الحاج محجوب الميلود.. الميلود بن محجوب، والأب الكريم بتاعي كان اسمه مبارك، إحنا نقول لمبارك، والتالت اللي جه في الآخر اسمه العربي.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: في.. حينما يعني أبصرت الدنيا من حولك في هذه القرية.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: التي تبعد عن تلمسان.. التي تتبع تلمسان.
أحمد بن بيلا: نحو 60 كيلو متر.
أحمد منصور: وتبعد عنها حوالي 60 كيلو متراً.
أحمد بن بيلا: ولكن تُعدُّ من نواحي تلمسان، نعم.
أحمد منصور: نعم، كيف كانت البيئة الأولى لك؟
أحمد بن بيلا: البيئة الأولى هي أن فيلا متواضعة يعني في.. في مجتمع طبعاً يعيش في.. في وضع معروف وهو الاستعمار، ولكن الاستعمار استيطاني، استعمار استيطاني.
أحمد منصور: طبعاً فرنسا دخلت الجزائر في عام 1830.
أحمد بن بيلا: في عام 1830.
أحمد منصور: وسعت إلى عملية فرنسة كاملة للجزائر.
أحمد بن بيلا: طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور: وكنتم أنت كجزائريين تعتبرون من رعايا الدولة الفرنسية.
أحمد بن بيلا: من رعايا الدولة، وفي النهاية من.. من ولاية، من بعد.. من ورا البحر مثل كثير من.. من الأقطار في أميركا جويانا إلى آخر، أو (فينكالينوني) في آسيا.
أحمد منصور: كانت نصف إفريقيا تقريباً كانت تتبع فرنسا كولايات محتلة.
أحمد بن بيلا: آه كلها تتبع فرنسا، ولكن مش كلها كانت تعتبر يعني.. يعني استعمار استيطاني، في الجزائر استعمار استيطاني.
أحمد منصور: كان هناك مليون مستوطن فرنسي.
(7/434)
أحمد بن بيلا: لأ، مليونين، مليونين في النهاية.
أحمد منصور: مليونين.
أحمد بن بيلا: مليونين وشوية يعني..
أحمد منصور: من الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: مع ما يتبع هذا وهو التسلط على.. على ثروات البلاد وبالذات على الأرض، بالذات الزراعة و.. و، ومع هذا إن الجزائر لاقى ما.. ما ركعتش لحكم الاستعمار، يعني ما مرتش 10 سنين 15 سنة إلا وفيه ثورة، يعني من اليوم الأول، الأمير عبد القادر 15 سنة.
أحمد منصور: من الأمير عبد القادر الجزائري.
أحمد بن بيلا:.. كل 15 سنة فيه.. فيه ثورة، هذه إدت لهم فرصة إنه يتسلطوا على..على الثروات طبعا، لأخذ الأرض مثلاً لأنها كان صعيب أخذ الأرض. لأن الأرض يعني أرض.. أرض صعيب يعني تجزيئها أرض مثلاً عائلة عندها أرض يعني صعيب تجزيئها، حتى يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم، فكانوا يستولون عليها.
أحمد بن بيلا: ولهذا يستولون بقوانين يعني.. يعني جعلوا.. اخترعوها لهذا الغرض بالذات، بأن يمكن يعني تجزئة الملكية وطبعاً تسلطوا عليها..
أحمد منصور: الملكية نعم.
أحمد بن بيلا: ولهذا أصبحت تقريباً كل أراضينا، ثم كل ما تكون له ثورة إلا والجزائر يكون حتى يعني مال.. لازم يدفعوا مال وياخدوا أراضي، و.. فباستمرار يعني لمدة 133 سنة وهي يعني مسألة الأرض، مسألة الثروات طبعاً..
أحمد منصور: أين درست في البداية؟
أحمد منصور: درست في مغنية في البداية.
أحمد منصور: درست في كُتَّاب.. في زاوية؟
أحمد بن بيلا: درست.. درست في.. الدار كان زاوية يعني..
أحمد منصور: داركم كانت زاوية..
أحمد بن بيلا: دارنا كانت زاوية، الأب الكريم كان مقدم زاوية، لا مادرستش في.. في الزاوية درست في الكُتَّاب.. في كتاب، كنت بأمشي للكتاب وفي نفس الوقت أمشي يعني للمدرسة الفرنسية في نفس الوقت.
أحمد منصور: المدرسة الفرنسية في نفس الوقت.
أحمد بن بيلا: يعني بأمشي 3 ، 4 صباحاً
(7/435)
أحمد منصور: يعني كنت تدرس القرآن الكريم وما يدرس في الكتاب..
أحمد بن بيلا: طبعاً ما يدرس في الكُتَّاب
أحمد منصور: وفي نفس الوقت تذهب إلى المدرسة الفرنسية..
أحمد بن بيلا: نعم، إلى هذا، ولكن بعدين تعبت كتير يعني في هذا، لأن لازم نمشي 3 صباحاً أو 4 صباحاً وقاعدين بعد تنتهي الدروس بالفرنسية، في الليل لازم كذلك أمشي حتى من 5 حتى لـ8 أو حتى..
أحمد منصور: لا، عفواً سيادة الرئيس إديني بس بشكل موجز، متى كان تبدأ الدراسة في أي ساعة وفي أي ساعة تنتهي والمسافة بين بيتك وبين المدرسة؟
أحمد بن بيلا: طبعاً كانت الدراسة في الكُتَّاب، خارج ساحات الدراسة الفرنساوية يعني ولهذا كنا مثلاً نذهب للكتاب الصبح 3، 4 صباحاً..
أحمد منصور: قبل الفجر يعني.
أحمد بن بيلا: وبعدين 8، قبل الفجر، ثم الـ8 لازم نمشي للمدرسة الفرنسية حتى للرابعة بعد الظهر يعني وبعدين نمشي للكُتَّاب كذلك.
أحمد منصور: مرة ثانية.
أحمد بن بيلا: من الرابعة حتى لـ6، 7، 8 لكن من بعد.. بعض السنين فأصبحت عليَّ يعني..
أحمد منصور: صعبة.
أحمد بن بيلا: صعبة، بالخصوص كيف استمريت في الدراسة يعني استمريت في الدراسة ولهذا ضحيت بالكتاب هذا وضحيت..
أحمد منصور: ضحيت بالكتاب وانتقلت..
أحمد بن بيلا: مش أنا لوحدي يعني تقريباً أغلبية كنا كتار.
أحمد منصور: انتقلت إلى.. إلى..
أحمد بن بيلا: إلى الفرنسية.
أحمد منصور: إلى المدرسة الثانوية وانتقلت..
أحمد بن بيلا: أيوه.. لأ في البداية.. في الابتدائية، في مغنية الابتدائية..
أحمد منصور: أنهيت الابتدائية.
أحمد بن بيلا: الثانوية انتقلت لتلمسان.
أحمد منصور: في تلمسان نعم، حينما انتقلت لدراسة المرحلة الثانوية في تلمسان انتقلت بالكلية للإقامة في مدينة تلمسان..
أحمد بن بيلا: أيوه. نعم.
(7/436)
أحمد منصور: مؤثرات انتقالك من البيئة الريفية القروية إلى المدينة، وكانت تلمسان في وقت من الأوقات عاصمة للجزائر يعني مدينة كبيرة لها وزنها ووضعها.
أحمد بن بيلا: آه،.. عامة وثقافة عظيمة كذلك يعني مدينة حقيقة مازال، مدينة ابن خلدون مدينة –على كل حال- سلالة يعني بتاع ملوك الجزائر كانت عندها ملوك جزائريين، فالانتقال بالنسبة ليَّ كان.. كان.. كان.. كأنه وصلت لمفترق طرق.
أحمد منصور: كيف؟
أحمد بن بيلا: كيف.. مشيت وأنا طفل في عمري 13 سنة، 14 سنة في وقت المراهقة ابتداء المراهقة، فإذا بي نصطدم بشيء اللي.. يعني كنت كنت شوية أجهله وهو الوضع.. وضع الجزائر والاستعمار واستعمار قريب جداً، لأنه كان يعيش..
أحمد منصور: كيف كانت الصورة تحديداً؟
أحمد بن بيلا: كانوا يعيشوا معانا أولادهم على كل حال.
أحمد منصور: الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: الفرنسيين عاشوا ويعيشوا معانا وندرس معاهم وهم موجودين معانا، وفي نفس الوقت أنا ما بقتش الطفل الصغير اللي يعني .. بقيت يعني مفتح الأشياء، تلمسان كانت بالنسبة كانت محطة يعني بالنسبة لي حياة، يعني محطة مهمة جداً.. جداً.. جداً.
أحمد منصور: باختصار لو قلت لي أيه..
أحمد بن بيلا: باختصار..
أحمد منصور: لو قلت لي إيه أهم الأشياء -كمرحلة انتقالية في حياتك- أيه أهم الأشياء التي أثرت فيك أثناء الدراسة في تلمسان؟
أحمد بن بيلا: هي مثلاً أيه.. أيه أنا، أيه هويتي، أيه موقعي، أيه موقع بلادي أيه موقع شعبي، أيه حقيقة فرنسا، أيه.. هذا في تلمسان وشيئاً فشيئاً، الأشياء دي صدمتني في النهاية، لأن وقع لي حادث صغير ولكن بالنسبة لي كان حادث يعني هو الأساس في تلك الفترة.
أحمد منصور: ما هو؟
أحمد بن بيلا: وهو أستاذي اللي كان متعود يتكلم على.. على الدين المسيحي وعلى الدين الإسلامي..
أحمد منصور: فرنسي؟
(7/437)
أحمد بن بيلا: فرنسي ولكن هو من أصل أسباني وحتى اسمه عربي، اسمه بن افيداس، هذه بن افيداس بالعربية أعلي (أفي) هي أعلي، يعني هذا معناها أسباني من أصل عربي، ما فيش شك ولكن متشدد في.. في اعتقاداته الدينية بالخصوص، كان في وحدة.. وحدة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان بروتستانتي كاثوليكي؟
أحمد بن بيلا: اسمها Advantist.. Advantist هذه طريقة مسيحية معروفة متشددة، مثل عند الجماعة بتاع (صن سيتي) هادول (نورما) وها الشيء وكان يُكِّن للإسلام عداوة ما بعدها عداوة ويوماً ما وأنا قلت له بعض الكلمات وأنا صغير يعني ما.. ما أحسنش الرد عليه ولكن مجروح، لأنه كل مرة لو يجرحنا بكلمة، قلت له مش..
أحمد منصور: كم عدد الطلبة المسلمين كانوا في الصف؟
أحمد بن بيلا: أغلبية كانوا يعني مسلمين أغلبية.
أحمد منصور: والباقي فرنسيين.
أحمد بن بيلا: لا فيه فرنسيين فيه..
أحمد منصور: لكن هنا..
أحمد بن بيلا: كان التلت.. الثلث فرنسيين.
أحمد منصور: الثلث فرنسيين في الصف.
أحمد بن بيلا: الثلث فرنسيين نعم، آه.
أحمد منصور: ومع ذلك كان يتعمد المدرس أن يجرحكم.
أحمد بن بيلا: كان يتعمد كل مرة إلا ويجرحنا بكلمة، رجل متشدد حقيقة و.. ومشحون بكراهية للإسلام.
أحمد منصور: رد الفعل عندكم أيه؟ أنت تربيت في زاوية أو في كُتَّاب.. و
أحمد بن بيلا: رد فعلي يعني إحنا وإحنا صغار، يعني ما.. ما يعني لا نحاول نواجه يعني الفرنسيين، لأن بكلمة يرفدوك من الدراسة، ولكن يوم من الأيام ما صبرتش، وأنا في عمر الـ14 سنة وقلت له مش هبقى عليك كل مرة تمس في.. في مقدساتنا فجاوبني: محمد هذا بتاعك دجال..
أحمد منصور: على الرسول، صلى الله عليه وسلم..
أحمد بن بيلا: نعم، صلى الله عليه وسلم، هذه كانت نقطة شيء، هذه كانت نقطة ها الرجل اللي يصبح بن بيلا بعدين التي عرفه التاريخ..
أحمد منصور: يعني هذا الموقف الذي وقع لك وأنت في المرحلة الثانوية..
(7/438)
أحمد بن بيلا: هذا الموقف يا أخي..
أحمد منصور: حينما قال لك مدرسك أن محمد دجال، هذا غير..
أحمد بن بيلا: هذا غيَّر تاريخي كله، يعني هذا غير ما جاء.. يعني مساري.. مساري يعني..
أحمد منصور: كيف هنا بشكل..؟
أحمد بن بيلا: كيف يا أخي أنا صغير وأنا خارج من.. من محيط بتاع زاوية وبتاع ذكر وبتاع ومازال في أذني يعني حتى إذا اليوم ممكن نذكر ببعض الأذكار، الإسلام عندي في العمق يا أخي، ما أحسوش بمفاهمي يعني أنا طفل، ولكن أحسه في أعماقي هذا هو في أعماقي وكل العائلة تعيش يعني من الفجر يعني تصلي وأنا عايش في هذا.. في هذا الجو فإذا بي يصدمني واحد يعني يرفض كل هذه الأشياء، فهذه جرحتني ورفضت، يعني كنت متفوق في دراستي، أصبحت ولا ما.. ولا أقبل..
أحمد منصور: أيش كان رد فعلك؟ كان لك رد فعل مباشر؟
أحمد بن بيلا: رد فعلي هو نرفض نرفض الدراسة وما..
أحمد منصور: آه الدراسة وليس على الأستاذ نفسه.
أحمد بن بيلا: نرفض الدراسة ولا.. ولا نحاول نكون أستاذ معكش معلم بعدين يا أخي هذا، رفضت.. رفضت وبقيت نتأمل على كل حال، وهذا واقع في.. في فترة كانت خصبة من الناحية السياسية.
أحمد منصور: عمرك كان كم بالضبط في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: تقريباً 14، 15 سنة.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول في 1930 تقريباً؟
أحمد بن بيلا: 30، 31 كده.
أحمد منصور: في هذه الفترة كان هناك قوى سياسية عديدة على الساحة الجزائرية كانت تستقطب أو كانت في عمليات استقطاب.
أحمد بن بيلا: أيوه، نعم.. نعم.
أحمد منصور: تقول لي أيه أهم هذه القوى؟
أحمد بن بيلا: أولاً مثلاً 1930 كان.. كانت فرنسا يعني قامت باحتفالات كبيرة لأن مرت مائة سنة على احتلال الجزائر وبالأسلوب اللي جرحت عواطف الجزائريين بكتير..
أحمد منصور: أيه هي المظاهر اللي جرحت عواطفكم؟
(7/439)
أحمد بن بيلا: المظاهر هي.. هي حفلات وهي يعني أشياء وكلمات كذلك عظيمة يعني اللي جرحت يعني عواطف الجزائريين ومستهم في.. في العمق الاستعمار يا أخي والتسلط واستنكار لشي، استنكار لذاتنا، استنكار ثقافتنا، هذا كانت مثلاً.. مثلاً كان سبب بتكون جمعية العلماء في تلك السنة بالذات 1930..
أحمد منصور [مقاطعاً]: 1930 شكلت جمعية العلماء..
أحمد بن بيلا: (......) تلمسان كانت عاصمة جمعية العلماء في ذلك الوقت، وكانت كذلك 1930 مازال عايشة الحادث اللي وقع في فرنسا 1926 تكوين نجمة شمال أفريقيا سياسية..
أحمد منصور: نجمة شمال أفريقيا هذه اللي أسسها مصال الحاج.
أحمد بن بيلا: نعم، ومصال الحاج في تلمسان بالذات لا تنس، ولهذا كان عنده أتباع كثيرة في تلمسان.
أحمد منصور: ورجع إلى الجزائر؟ أعتقد..
أحمد بن بيلا: ما رجعش في ذلك الوقت.
أحمد منصور: بعد.. بعد عامين.. بعد عدة سنوات.
أحمد بن بيلا: رجعها بعدين.. بعدين من بعد.
أحمد منصور: 37 أعتقد.
أحمد بن بيلا: 37 إلى آخره..
أحمد منصور: نعم، لكن كان الشيخ عبد الحميد بن باديس هنا..
أحمد بن بيلا: كان الشيخ.. كان الشيخ البشير إبراهيم في تلمسان.
أحمد منصور: البشير إبراهيم نعم.
أحمد بن بيلا: وكان موجود الشيخ..
أحمد منصور: عبد الحميد بن باديس.
أحمد بن بيلا: عبد الحميد بن باديس.
أحمد منصور: يعني كان هناك في فترة بداية الثلاثينات ثلاث شخصيات جزائرية برزت على الساحة: مصال الحاج، بنجمة شمال أفريقيا، الشيخ عبد الحميد بن باديس في.. نعم جمعية العلماء.
أحمد بن بيلا: بن باديس، نعم.
أحمد منصور: ومحمد بن جلول كتيار..
أحمد بن بيلا: أيوه بتاع تيار، إحنا نقولوه تيار ليسعى لاندماج الجزائر، سعى لأن الجزائريين يتمتعون بحقوق فرنسية.
أحمد منصور: دا اللي فرحات عباس واصل بعديه على نفس النهج.
أحمد بن بيلا: هذا اللي كان معاه، كان نايبه فرحات عباس، كان نايبه.
(7/440)
أحمد منصور: طب في الفترة دي سيادة الرئيس، في الفترة دي 1930 بداية التلاتينات بعد احتفال فرنسا بمرور مائة سنة على احتلالها للجزائر، ماذا كانت أهداف فرنسا تحديداً في الجزائر؟
أهداف فرنسا في الجزائر وبداية الوعي السياسي لدى أحمد بن بيلا
أحمد بن بيلا: أهداف فرنسا هي أن تجعل من الجزائر يعني وطن لها، إحنا كنا ولاية، هذا كلامهم De patronment de la mer يعني ولاية فرنسية من وراء البحار مش.. يعني قطعة فرنسية، ما فيش فيها كلام يعني، فهاي فرنسا كانت تسعى إليه مع كل ما يتبع هذا من مذلة للجزائريين ورفض ثقافتهم و.. ونهائياً يعني مش رفض دينهم ولكن تقريباً يعني رفض حتى الدين يعني..
أحمد منصور: كانوا حتى يسموكم لستم جزائريين وإنما مسلمين؟
أحمد بن بيلا: مش لأ قبل ما يسمونا مسلمين هذه أن يتعطفوا علينا بـ..
أحمد منصور: 39.
أحمد بن بيلا: بالسيوجيه.. sujet franceمعناها خدام لفرنسا..
أحمد منصور: هكذا!!
أحمد بن بيلا: هكذا (sujet) معروفة سيوجيه فرنسا.
أحمد منصور: يعني ليس من رعايا فرنسا وإنما من خدم فرنسا.
أحمد بن بيلا: لا.. لا تحت.. تحت.. تحت الرحمة الفرنسية (سيوجيه).. (سيوجيه) هي تقريباً يعني خدام بتاع رق.. رق يعني escalavage هذا اللي بيسموه هذا.. تقريباً مش بعيد هذا سيوجيه فرنسا تحت الحماية يعني رجل وبغير قدر يعني قصر سيوجيه.
أحمد منصور: شعورك أيه بالمواطنة في هذا الوقت بالانتماء في هذا الوقت في بداية يعني جرح شديد أصابك، وكانت هناك قوى سياسية على الساحة؟
(7/441)
أحمد بن بيلا: أنا.. أنا وقعت أنا ما جاتنيش الأشياء يعني بمراتب كده لا، بصدمة، وانصدمت كذلك وابتديت نحاول كيف أنا نتميز وكيف.. وكذلك أنا أطلع على الفرق ما بيني وبينهم، ولهذا في ذلك الوقت حقيقة، كان وقت كان خصب، كان الوقت يعني بتاع طفرة في.. في التوعية، في التوعية وأنا كنت قرأت بعض الكتب، مثلاً كتاب "مدنية العرب" لـ (بيستر لوبان) هذا الكتاب مشهور معروف يعني حتى كان ممنوع عندنا، اللي يقبض وعنده سنتين سجن.
أحمد منصور: رغم أن الكاتب فرنسي؟
أحمد بن بيلا: فرنساوي، فاضل، عالم، اتكلم على..على.. على الإسلام وعلى الثقافة الإسلامية وأتى بكل ما يعني ما أتوا به العرب، وهذا شيء عظيم حقيقة، وكان ممنوع هذا، يعني تداوله ممنوع عندنا، سنتين سجن لو..، أنا قرأته في ذلك الوقت، قرأت هذا الكتاب، وطبعاً كنت عطشان لأن نقرأ أي شيء يعني يشبعني بهذا.. بمعرفتي.. بمعرفة يعني ثقافتي وبمعرفة يعني أعماقي هذا ويعني في ذلك الوقت وكان لي كان.. كان.. كان الميدان السياسي خصيب جداً جداً.
أحمد منصور: كان هناك رموز سياسية، كان.. كان جمعية العلماء.. كان شمال إفريقيا، كان الحزب الشيوعي الفرنسي، بعدين جاء الاتحاد الديمقراطي لأنصار البيان لفرحات عباس.
أحمد بن بيلا: بعدين هذا.. بعدين.. بعدين.
أحمد منصور: دي الفترة من 30.
أحمد بن بيلا: جه في 42 هذا، إحنا في 32 عايز تقول قبل.
أحمد منصور: 32.. 32.
أحمد بن بيلا: كان.. كان حزب الشعب.. حزب الشعب يعني ممنوع يعني.
أحمد منصور: كان سري.
أحمد بن بيلا: كان يعني كان سري.. كان سري وكان رئيسه هو مصال الحاج اللي كان في ذلك الوقت بفرنسا، وكانوا في فرنسا كونوا نجم شمال إفريقيا وكانوا مرتبطين مع شكيب أرسلان اللي كان في ذلك الوقت..
أحمد منصور: الزعيم الدرزي اللبناني.
أحمد بن بيلا: في سويسرا.
أحمد منصور: كان نعم.. كان في سويسرا.
(7/442)
أحمد بن بيلا: وشكيب أرسلان كان له أثر عميق في هذه التيارات كلها بكل صراحة.
أحمد منصور: لكن هنا كان عفواً.
أحمد بن بيلا: تفصل.
أحمد منصور: مصال الحاج كان توجهه شيوعي في تلك الفترة.
أحمد بن بيلا: كان شيوعي.. كان شيوعي ليه؟ كان لأن في ذلك الوقت كان.. كانت الشيوعية شيء، الشيوعية لتقديم ثورة ضد.. ضد.. ضد النظام الرأسمالي وكانت.. كان.. كان الحزب الشيوعي والشيوعي بصفة عامة تؤيد يعني 100% الأمير عبد الكريم، لا تنسى..
أحمد منصور: صحيح..
أحمد بن بيلا: سنة 1924، حرب الأمير عبد الكريم، كانوا معاه على طول.
أحمد منصور: الأمير عبد الكريم الخطابي في المغرب، نعم.
أحمد بن بيلا: في أيوه، هذا كان له.. كان له تأثير كبير..
أحمد منصور: بس سيادة الرئيس، هنا يعني هل كان.. كانت العقيدة الشيوعية لدى مصال الحاج ليست عقيدة فكرية بقدر ما هي عقيدة ثورية.
أحمد بن بيلا: ولا مرة كانت عقيدته فكرية، ولا مرة، هو بنفسه كذلك من زاوية من تلمسان..
أحمد منصور: أنا أتعجب من ذلك، لأن هنا كنت أجد من.. من جمعية العلماء يأخذون النهج الشيوعي في ثوراتهم يعني، كانوا يخلطون ما بين إن هم أبناء عروبة، أبناء زاوية، وفي نفس الوقت النهج الشيوعي هنا كنهج ثوري في الحركة.
أحمد بن بيلا: أيوه لأنها.. لأن جمعية العلماء اتكونت في 1930، والحزب الشيوعي ابتدى ييجي من 1920 وهو اللي عمل..
أحمد منصور: مبكر صحيح.
أحمد بن بيلا: وكان يساند تحرير الممتلكات يعني الفرنساوية يعني الاستعمار الفرنساوي وكان عنده موقف في هذا لا غبار عنه، ما فيش شك، وقضية عبد الكريم كان خاضها يعني وكان مع الأمير عبد الكريم على طول في قضيته، فغير الحزب الشيوعي بنفسه بعدين تغير، وقعت مؤتمرات وخرج الحزب الاشتراكي، هذا خرج من.. من جسد والحزب..
القوى الجزائرية السياسية وتأثيرها في بن بيلا
(7/443)
أحمد منصور: أنت في الفترة هذه من 32 إلى 37 حيث دخلت الجيش الفرنسي في 37، من 32 إلى 37 أيه المؤثرات الأساسية التي تجاذبتك من هنا وهناك؟
أحمد بن بيلا: أصبحت عضو في.. في.. في حزب..
أحمد منصور: الشعب، وكان حزب الشعب سرياً.
أحمد بن بيلا: سري.
أحمد منصور: و حُلَّ بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: حل بعدين، حتى خلينا..
أحمد منصور: لكن هو نقدر نقول إن حزب الشعب إن جبهة التحرير الوطني هي امتداد لحزب الشعب الذي ستأتي فيما بعد في 54؟
أحمد بن بيلا: نعم هي نفس.. نفس الحزب.
أحمد منصور: نستطيع أن نقول أنك بدأت عملك السياسي في 32؟
أحمد بن بيلا: ولكن في نفس الوقت كنت في جمعية العلماء.
أحمد منصور: في نفس الوقت.
أحمد بن بيلا: في نفس الوقت، كنت في جمعية العلماء.
أحمد منصور: في تلمسان لـ..
أحمد بن بيلا: أنا اللي كنت سبب، مثلاً البناء بتاع المسجد اللي انبنت فوقه جمعية العلماء.. باسم جمعية العلماء..
أحمد منصور: في تلمسان؟
أحمد بن بيلا: في مغنية.
أحمد منصور: في مغنية.
أحمد بن بيلا: أنا كنت في جمعية العلماء.
أحمد منصور: أيه طبيعة يعني أنت الآن لك انتماء سياسي إلى جمعية العلماء إلى حزب الشعب، أيه طبيعة الدور اللي كان المنتمين السياسيين بيقوموا به في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: في ذلك الوقت..
أحمد منصور: في الفترة من 32 إلى 37؟
أحمد بن بيلا: كان ممكن الوفق بين هذا وهذا، ما كانش.. ما طلعتش.. بعدين الأشياء اللي فرقت حقيقة ما بين يعني التيارات هذه كلها، ما بين (...)جمعية العلماء وحزب الشعب..
أحمد منصور: تقدر تقول لي كعضو سابق في تلك المنظمتين في ذلك الوقت أيه كان أهداف باختصار جمعية العلماء، وكان أيه أهداف حزب الشعب؟
أحمد بن بيلا: أهداف حزب الشعب هي الاستقلال.. حزب الشعب..
أحمد منصور: كشعار وكلمات.
أحمد بن بيلا: لا.. أي شيء (...) يعتبره كفر.
(7/444)
أحمد منصور: رغم إن زعيم الشعب كان يقيم في فرنسا مصال الحاج؟
أحمد بن بيلا: لا ولكن خرج عليهم.. خرج عليهم خرج عليهم، وكون نجم.. اليوم اللي كون نجم شمال إفريقيا خرج عليهم.. خرج عليهم، فالفرق بين هذا..
أحمد منصور: جمعية العلماء..
أحمد بن بيلا: يعني جمعية العلماء وحزب الشعب نفس المنبع بكل صراحة، ولكن لما.. لما شاف بأن يعني الظروف على حسب الظروف على تحليلها على كل حال، لا يسمح بإعلان يعني ربما الاستقلال كده، وعملياً يعني وهذا ما شعر معي الإخوان في جمعية العلماء، لأن من بعد انضموا لجبهة التحرير وخذوا يعني مسؤوليتهم معانا ولليوم يعني، اللي يجمعنا هو انتماؤهم للإسلام، انتماؤهم للغة العربية بالأخير، ولكن أنا كشاب وكرجل ثاير على الوضع الفرنسي الموجود إلى آخره يعني شيء مثلاً شيء يعني هو الاعتقاد بأن لازم بارود لازم يعني يقوم القيامة.
أحمد منصور: لابد.
أحمد بن بيلا: مش ممكن نخرج من هذا الحال بغير ما نستعمل القوة، وهذا كان.. كان امتداد لأشياء أخرى ولا تنس أنا قلت لك يعني.. يعني عبد القادر يعني ثار ضدهم وقتلونا مليونين نصف الشعب الجزائري قتلوا بشهادة المؤرخين الفرنسيين.
أحمد منصور: صحيح، هذا في.. في الفترة من 1830 – 1850.
أحمد بن بيلا: من 1830.. 33 حتى..
أحمد منصور: 47..
أحمد بن بيلا: 47 و.. وبعدين القبائل يعني المقراني.. المقراني معاه لمدة كذلك وكاد ينجرف ورا (......) وبعدين (......) شيخ 25 سنة هذه من العمل بتاع وهران، زاوية كذلك في الجنوب، وبعدين (الهابشة) وبعدين (ضهراو) وبعدين يعني كل 15 سنة، إحنا اتكلمنا عن الأمير عبد الكريم حتى 1914 للحرب الأولى العالمية ابنه.. مش ابنه.. يعني ابن ابنه الأمير خالد كان ضابط في فرنسا يعلن بضرورة الاستقلال، نعم.
أحمد منصور: صحيح، المقاومة ضد الفرنسيين، سيادة الرئيس..
(7/445)
أحمد بن بيلا: فأنا يعني شيء بأرجع أصبحت يعني (...) تماماً (...) يعني وأنا صغير وأنا ولكن..
أحمد منصور: لكن حتى هذه اللحظة لم تقم بأي عمل عسكري ضد الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: لأ ما قمت بأي عمل، لكن كل أعمالي كانت على أن يعني تكون توعية على أن لازم نأخذ سلاح..
التحاق بن بيلا بالجيش الفرنسي واشتراكه في الحرب العالمية الثانية
أحمد منصور: في 1937 أصبحت جندياً في الجيش الفرنسي على اعتبار أنكم كجزائريين كنتم خدام فرنسا ويتم تجنيدكم بشكل إجباري.
أحمد بن بيلا: أي نعم.. أي نعم.
أحمد منصور: بقيت من 1937 إلى 1940 كيف تخدم.. تكون جندياً تخدم الدولة التي تستعمر بلادك وتحتلك؟
أحمد بن بيلا: لكن في ذلك الوقت ما كانش ما كانش ما كانش يعني أمكانية على الأقل ما يعني ما أعمل شيء آخر، وفي نفس الوقت يعني الشيء اللي كان من فيه.. هو نمشي نتعرف.. نتعرف على أشياء نتعرف على الفن اللي ما أعرفوش وهو وهو السلاح وكيف أستعمل السلاح و.. و..
أحمد منصور: كانو يدربوكم بشكل جيد؟
أحمد بن بيلا: آه طبعاً دربوني وما شاء الله يعني لمدة سنتين تدربت وأصبحت متفوق وأصبحت يعني ضابط..
أحمد منصور: فين ذهبت حينما جندوك؟
أحمد بن بيلا: في.. في.. في.
أحمد منصور: أين أخذوك؟
أحمد بن بيلا: في.. في مارسيليا.
أحمد منصور: انتقلت إلى فرنسا.
أحمد بن بيلا: في مارسيليا لازم يعني كل سنة، ففي ذلك الوقت من هذه الفترة حتى لمارسيليا، ومن بعده رفضت يعني التعليم وما أعرفش أيه.. ولقيت إني ألعب كرة القدم وكنت..
أحمد منصور: آه احترفت وأصبحت محترف كرة قدم، نعم.
أحمد بن بيلا: أصبحت محترف وبصفة عامة يعني الرياضة.. الرياضة، وكنت كذلك بطل بتاع 400 متر.
أحمد منصور: كنت بطل عدو 400 متر.
أحمد بن بيلا: أيوه 400 متر.
أحمد منصور: وأصبحت محترف كرة قدم في فريق أولمبيك مارسيليا.
أحمد بن بيلا: أصبحت محترف.. مارسيليا اللي كان بطل..
(7/446)
أحمد منصور: يعني أشهر نوادي فرنسا الآن.
أحمد بن بيلا: أيه.. هو أشهرهم بذلك الوقت وكان بطل لمدة 5 سنين، 5 سنين هو بطل.
أحمد منصور: كنت قلب الدفاع وأصبحت قلب الهجوم بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم، هو نفس الشيء قلب الدفاع في ذلك الوقت و قلب الهجوم كذلك، كذلك قلب الدفاع هو اللي بيصوِّب.
أحمد منصور: يعني رأس الحربة كما يقال في الكرة.
أحمد بن بيلا: على كل حال كنادي كان.. كان يتماشى مع شخصيتي على كل حال، ولعبت يعني وتركت الدراسة وتقريباً تماماً يعني، وناضلت في البداية كان.. كان أفول فقط.. حزب الشعب يعني ما كانش قوة كبيرة لكن فيه، فيه مناضلين قليلين جداً جداً، لكن..
أحمد منصور: كنت لما احترفت اشتهرت في وسط الفرنسيين؟
أحمد بن بيلا: لا في فرنسا صعيب، يعني في نشتغل، ولكن كنت بنفس الأفكار.
أحمد منصور: كنت من 37، لـ 40 في الوقت الذي كنت فيه جندياً في الجيش الفرنسي كنت في نفس الوقت محترف لكرة القدم في فريق أولمبيك مارسيليا، وبقيت إلى العام 1940 وبعد ذلك رجعت مرة أخرى إلى الجزائر.
أحمد بن بيلا: هم عرضوا علي أن لا أمشي يعني أستمر في الجيش، وأنا أمشي يعني للجامعة العسكرية حتى نكون ضابط في الأخير، ورفضت.
أحمد منصور: لماذا رفضت؟
أحمد بن بيلا: رفضت لأني كنت منخرط أولاً وكنت يعني أنا عندي.. عندي هدف وهو حزب الشعب وهو تحرير البلاد هذه واحدة، ثم فيه كانوا قالوا لي في.. في يعني في أسرتي في تلك الفترة ضيعت الأب الكريم وكل أخوتي، تقريباً
أحمد منصور: هذا في 43..
أحمد بن بيلا: بقي واحد.. بقي واحد فقط منهم، بقي واحد من أخواتي.
أحمد منصور: في 43 سآتي لها بشكل منفصل.
أحمد بن بيلا: رجعت للجزائر رفضت يعني..
أحمد منصور: أنت رجعت الجزائر مرة أخرى 1940.
أحمد بن بيلا: 1940.
أحمد منصور: في الفترة من 1940 كانت الحرب العالمية الثانية كانت..
أحمد بن بيلا: كانت الحرب العالمية الثانية استمرت.
(7/447)
أحمد منصور: استمرت؟
أحمد بن بيلا: وقيل بالنسبة لفرنسا.. فرنسا سقطت من الحسبان ولهذا ما بقي شيء، أرجعت لبلادي مغنية.
أحمد منصور: النازيون نزلوا إلى شمال إفريقيا في 1942.
أحمد بن بيلا: 42.
أحمد منصور: فالفرنسيين قاموا بتجنيد جيش ضخم من..
أحمد بن بيلا: تقريباً كله عربي مش فرنساوي لأن فرنسا كانت محتلة، تقريباً كله جيش بعض الضباط (المتسامين) بالخصوص.
أحمد منصور: طبعاً هنا فرنسا هزمت وقامت حكومة فيشي في فرنسا وديجول راح بريطانيا.
أحمد بن بيلا: أيوه بريطانيا.
أحمد منصور: وبدأ مرة أخرى يعمل عملية حشد ضد النازيين.
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: في هذه الفترة حينما نزل النازيون إلى شمال إفريقيا قامت فرنسا بعملية تجنيد كبيرة من الجزائريين ومن المغاربة بشكل عام..
أحمد بن بيلا: أيوه، نعم.. نعم.
أحمد منصور: بشكل عام حتى إن 80% تقريباً من الجيش الفرنسي كانوا..
أحمد بن بيلا: لو حد سأل قول أكثر من 80، أنا قلت لك 80 قول 90 وما تخافش يعني..
أحمد منصور: 90%
أحمد بن بيلا: نعم.
أحمد منصور: كنت أنت أحد هؤلاء الجنود.
أحمد بن بيلا: كنت واحد.. أحد، لأن كنت ضابط صف، وهم كانوا في حاجة لضباط صف وطلبوا بشنا ننخرط ولكن هربت 6 شهور يعني..
أحمد منصور: في البداية؟
أحمد بن بيلا: أيوه في البداية، ولكن بعدين كان أيه اللي أنا عملته؟
أحمد منصور: فين هربت رحت؟
أحمد بن بيلا: يعني مش بعيد، يعني على مغنية وتلمسان إلى آخره، لكن يعني هربت، ما مشيتش ما.. ما حللتش نفسي، لأن ما كانش عندي مراقبة إلى آخره، لكن بعدين يعني طلعوا وشفت بأن فيه خطر إلى أنا استمر في هاذيك الحالة ومشيت.. مشيت يعني رجعت، كان..
أحمد منصور: انضميت للجيش الفرنسي.
أحمد بن بيلا: كان بدهم يحاكموني لكن ما حاكمونيش لظروف يعني اللي كان في دا اليوم كل اللي أنا أعرفهم يعني في الجيش كانوا فرنسيين يعرفوني كلاعب..
(7/448)
أحمد منصور: تفتكر كتيبتك أيه؟ المكان اللي رحت فيه، المعارك اللي خضتها ضد النازيين والإيطاليين؟
أحمد بن بيلا: نعم سيدي؟
أحمد منصور: بعدما جندت في 1942.
أحمد بن بيلا: أيوه.. أيوه.
أحمد منصور: هل تذكر المعارك التي شاركت فيها إلى جوار الفرنسيين ضد النازيين والإيطاليين؟
أحمد بن بيلا: المعارك.. من ضمن المعارك كما أذكر يعني المعركة اللي معروفة كتير وهي (كاسينو) هي كانت هذه المعركة فاصلة بالنسبة..
أحمد منصور: هذه كانت في إيطاليا أظن.
أحمد بن بيلا: في إيطاليا.
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: لأ في فرنسا.. فرنسا المعركة نعم، لأنها كانت معركة فرنسا كذلك، معركة في مرسيليا بالذات، يعني أتوا وقنبلوه.. قنبلوه يعني مرسيليا وأنا كنت في فرقة أنت..
أحمد منصور: ضربوها بالقنابل يعني.
أحمد بن بيلا: بالطيران، بالطيران، طبعاً ضربوه وإحنا أسقطنا إحنا، 2 أو 3 طائرات يعني وأنا كنت في كنت.. كنت رئيس فرقة هذه ضد طيار.. طيارين.
أحمد منصور: ومدافع مضادة للطيارات.
أحمد بن بيلا: وادولي نيشان.. بتاع..
أحمد منصور: أنت حصلت من ديجول على نيشان بيعتبر من أعلى الأوسمة في فرنسا في العام 1943.
أحمد بن بيلا: في.. هذه في كاسينو.
أحمد منصور: آه في هذه المعركة بسبب ما أبليت به بلاء حسناً في الدفاع عن الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: لا والله ما أدافعش عن الفرنسيين، والله ما دافعت عن..
أحمد منصور: دافعت يا سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: والله أنا كنت في وضع أقول لك يعني أمام الموت يا أخي كيف الموت هذا؟ وفقت وكنت ما يعني بكل صراحة أنا مش.. مش آمن بهتلر مش معاه بكل صراحة، من ذلك الوقت، مش آمن بيهم وكذلك في.. في وضع أيه أو نكون معاهم أو نمشي عند الـ.. أهرب عند الألمان، ما الحقيقة..
أحمد منصور: يعني خيارات كلها أسوأ من بعضها.
أحمد بن بيلا: كلها واحدة أسوأ من الأخرى، وبأخاف كيف الموت أنا واقف ولا ما أعرف شيء حتى..
(7/449)
أحمد منصور: أبليت بلاءً حسناً.. في القتال ضد الألمان والطليان؟
أحمد بن بيلا: بلاءً حسناً، كفرنساوي أما بنموت فقط، يعني فقط يا أخي، كمسلم مش كفرنساوي أقول لك يعني، كنت في حال الموت وأنا مسلم، نشوف الموت أمامي،..
أحمد منصور: كان معاك جزائريين في فرقتك؟
أحمد بن بيلا: كانوا معاي ما شاء الله، ومراكشيين..
أحمد منصور: كم عددهم تقريباً؟
أحمد بن بيلا: أنا قلت لك يعني ما أعرفش كم، كانوا في الكل بالأقل 150 ألف، يعني كحرب.
أحمد منصور: لا.. لا أنت كنت قائد فرقة، كم عدد اللي معك في الفرقة؟
أحمد بن بيلا: أنا.. أنا خدوني في فرقة مراكشيه، وخدوني في فرقة مراكشية على أساس الموت، لأن الفرقة هذه خاصة، هذه الفرقة هي فرقة الهجوم، والهجوم في الليل، يعني في الليل، معروفة ها الفرقة، وهي بتاع القوم، كانوا يسموهم القوم، وهذه الفرقة يعني (.....) يعني فقط واحد.
أحمد منصور: القوات الخاصة يعني، الصاعقة نعم.
أحمد بن بيلا: القوات الخاصة، يعني أول.. أول هجوم هجمنا في الليل كنا 180، ر جعنا 25.
أحمد منصور: والباقي قتلوا؟
أحمد بن بيلا: كلهم ماتوا، كلهم، يعني فرقة حقيقة، هذا اللي أخرج الألمان من إيطاليا، هم العرب اللي أخرجوهم، وكنا إحنا العرب يعني في.. في.
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول..
أحمد بن بيلا: يعني الضعف بتاع الألمان هو هذا، هو كان نهاجمهم في الليل.
أحمد منصور: نستطيع أن نقول هنا كحقيقة تاريخية بأن العرب من شمال أفريقيا هم الذين انتصروا على النازيين وعلى الإيطاليين في الحرب العالمية الثانية؟
أحمد بن بيلا: همَّ اللي أخرجوا.. همَّ اللي.. همَّ اللي أخروجهم من إيطاليا، وبعدين من فرنسا. 90% هم عرب، وهذه بشهادتهم.
أحمد منصور: و.. والفرنسيين والأوروبيين لا يشهدون بذلك.
أحمد بن بيلا: لا كانت فرنسا محتلة، وكان اللي.. الذين كانوا معنا هم اللي يهربوا على أسبانيا، هذا الضباط الكبار السامين.
(7/450)
أحمد منصور: الفرنسيين؟
أحمد بن بيلا: الفرنسيين، يعني كضباط، قبطان.. عقيد، ما أعرفش أيه.. إلى آخره.
أما الجيش لأ، ثم أنا اختصرت لك بس يعني، أنا أرسلوني في فرقة.. في.. في.. في فرقة مراكشية، أنا جزائري، أرسلوني على أن أموت، لأنها فرقة معروفة هذه، معروفة تهاجم بالليل، و.. ودايماً تعمل في المناطق الخطيرة جداً.. جداً، أنا قلت لك أول هجوم كنا 180، رجعنا 25، وهذا.. هذا وقع في نفس الوقت على مدة 6 شهور، 7 شهور، هجومنا في الليل، ونموت بالجملة..
أحمد منصور: حينما مُنحت..
أحمد بن بيلا: ولكن.. ولكن نموت بالجملة لكن ننجح ضد الألمان، يعني باستمرار.. باستمرار.
أحمد منصور: حينما مُنحت الوسام من ديجول، وكنت العربي الوحيد الذي مُنح هذا الوسام، ما هو شعورك كان؟
أحمد منصور: شعوري مش مفتخر بهذا، ولكن أنا مفتخر بأن الحمد لله يعني أنا..
أحمد منصور: نجوت من الموت..
أحمد بن بيلا: ما.. مش نجوت والله –يا أخي- الموت اليوم أنا عندي و الله –يا أخي- الحياة.. هي الموت هي حياة أخرى، يعني أنا كمسلم..
أحمد منصور: أنت -ما شاء الله، ربنا يديك طولة العمر- تعرضت للموت عشرات المرات.
أحمد بن بيلا: بس يعني.. فأنا بنفسي شعرت بنفسي بأن ما أخاف من الموت يعني بتاعهم.. من الحرب الأول بتاع فرنسا هذه.. يعني الأيام كيف يعني هذاك، لكن نموت كمسلم.
أحمد منصور: شعورك النفسي أيه وأنت بتدافع عن فرنسا في الحرب وفي نفس الوقت تنتمي إلى حزب الشعب الجزائري، هذا التناقض في الهوية أو في الشخصية؟
(7/451)
أحمد بن بيلا: لا والله ها مش تناقض، كان شيء مفروض عليَّ، وهذا اللي خلاني بعدين أن أحارب فرنسا، ونعرف.. ونحاربها بدراية، لأنه تعلمت كتير والله في.. في هذا الحرب، اتعلمت كتير، وأصبحت نعرف أيه كيف.. كيف نحارب، وكيف بتاع، وكيف.. يعني الحرب كل الإخوان يعني مسؤولين في.. كثير.. كثير مش كلهم، كانوا.. كانوا.. كانوا يعني خدموا الخدمة العسكرية، وكان من.. من شروط الانضمام للفرقة اللي كنت فيها وهو الجيش السري، هوناس اللي خدموا في العسكر بيعرفوا ذلك.
أحمد منصور: يعني تكوين الجيش السري الجزائري بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: أغلبيته..
أحمد منصور: كان معظمه ممن قاتلوا مع الفرنسيين في الحرب العالمية الثانية؟
أحمد بن بيلا: كثير منهم.. كثير اللي قاتلوا اللي.. اللي.. الذين قاتلوا مع الجيش الفرنسي.
أحمد منصور: يعني عملية الانضمام للجيش الفرنسي في الحرب العالمية أفادتكم كثيراً في قتال الفرنسيين بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: كتير.. كتير.. كتير.. كتير، فادتنا وفادتنا أشياء أخرى، كذلك الكشافة الإسلامية.. الكشافة الإسلامية تقريباً اللي .... الجماعة اللي خدموا في.. في هذا النظام السري بتاعنا كلهم مروا في الكشافة الإسلامية.
أحمد منصور: هذه جمعية العلماء اللي أسستها، الكشافة الإسلامية؟
أحمد بن بيلا: لأ، كانت شاركت فيها، ولكن أغلبيتها كان حزب الشعب هو اللي عنده نفوذ فيها.. حزب الشعب عنده نفوذ فيها.
أحمد منصور: حزب الشعب له ميول شيوعية زعيمه، ومع ذلك عمل الكشافة الإسلامية.
أحمد منصور: أي نعم، عمل الكشافة الإسلامية، وعمل مدارس كذلك عربية.
أحمد منصور: نعم، في 1944 تم ترخيصك أو تسريحك من الجيش الفرنسي؟
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: الحرب لم تكن انتهت بعد، لماذا رخصت أنت؟
(7/452)
أحمد بن بيلا: نعم كانت ما انتهتش لأن.. لأن.. أنا ما طلبتش يعني رخصة على أن يعني نمشي في عطلة، لأنها مرفوضة في ذلك الوقت، ولا فيه حد، ولكن بما أن كان يعني دول اللي هذا.. يعني هذا.. ديجول يعني جاء وقلدني هذا الوسام يعني الخاص.
أحمد منصور: ديجول هل ذكرك بعد ذلك في تقييمه؟
أحمد بن بيلا: كان دايما يتذكرني.
أحمد منصور: كان دائما يتذكرك؟!
أحمد بن بيلا: ولا.. ولا.. ولكني شفته بعدين ولا مره اتكلمنا عن هذا، لا هو اتكلم معاي على هذا، ولا أنا اتكلمت معاه، أنا شفته بعدين.
أحمد منصور: لكن هو يذكرك كعربي وحيد منحك هذا الوسام الرفيع.
أحمد بن بيلا: يذكرني كده نعم، وهذا اللي خلاه كذلك ربما كيف جاي لي الحكم، أنا كنت في وضع يعني علشان أمشي للمقصلة بكل صراحة، هو في.. في.. في إعلان هكذا صحافي فقال أحمد بن بيلا ما بقاش اليوم، و الجماعة أنت ما بقاش.. يعني في السجن هذا بتاع اللي.. إحنا نعتبرهم سجناء عسكري سجناء عسكرية.
أحمد بن بيلا: هذا بعد ما اختطفوا.. بعد ما خطفوكم في 56.
أحمد بن بيلا: إيه بعد ما خطفونا..
أحمد منصور: لا أريد أنا أقفز على هذه، أنا في.. في تلك المرحلة 1944 حينما تم تسريحك من الجيش الفرنسي.
أحمد بن بيلا: آه.. آه.
أحمد منصور: نعم، الظروف التي تم تسريحك فيها والحرب لا زالت قائمة.
أحمد بن بيلا: تسريحي هو.. هو الجزاء.. جزوني بشيء اللي كان مش موجود، ما فيش واحد رجع من إيطاليا في.. في يعني رخصوا له يعني على أن يرجع، ما فيش، وحتى الضباط، ولا.. ولا عقيد ولا شيء، أنا الواحد اللي رخصوا لي.
أحمد منصور: لماذا؟
أحمد بن بيلا: ما طلبتش، حلال على أعمالي في هذا..، على التقليد بتاع.. ولكن..
أحمد منصور: هل كان وفاة ثلاثة من إخوانك ووالدك كان له تأثير في إن هم أيضاً يسروحك؟
أحمد بيلا: من هم؟
أحمد منصور: وفاة إخوانك.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.
أحمد منصور: كان لعبت الدور في إن هم سروحك؟
(7/453)
أحمد بن بيلا: لعبت الدور، لأن.. أنا ما كنتش حتى على بالي إن أخي الآخر مات في تلك الفترة وأنا في كاسينو، ومات الآخر، وما قالوليش، لكن همَّ كانوا مطلعين، فاليوم اللي.. اللي طلبوني مشيت للعمدة.. الكولونيل هذا.. العقيد، وقال لي عندك رخصة، أنا ما طلبتش رخصة، ما قلتلوش إني ما طلبتش، قال: تقدر تمشي لبلادك، أخوك مات، فرُحْت بهذا المناسبة، لكن قلت له واحد ما إدوش رخصة واحد للجماعة اللي كانوا.. كانوا ما أعرفش 120، 150 ألف يعني.
أحمد منصور: أيه أثر الحرب العالمية الثانية كنتائج، أثرها على فرنسا وعلى احتلالها للجزائر؟
أحمد بن بيلا: أيه طبعاً، أعتقد كثير، لأنها خسرت المعركة.
أحمد منصور: فرنسا؟
أحمد بن بيلا: وضاعفت المشكلات يعني، خسرت المعركة و..
أحمد منصور: رغم النصر الأخير.
أحمد بن بيلا: النصر الأخير هو اللي كان نصر دخلت من الباب الصغير، يعني مش انتصار كبير الحقيقة، وحتى يعني عملياً يعني أيه العمل اللي قامت.. اللي قامت على أن تحرر بلادها؟ همَّ.. همَّ الإخوان العرب في شمال إفريقيا، يعني جيش أغلبيته الساحقة من أول الحرب، لما من بعد (كاسينو) مشوا لفرنسا، وصلوا حتى ألمانيا.
مذابح 1945م وأثرها في حركة النضال الجزائرية
أحمد منصور: في 8 مايو 1945 ارتكب الفرنسيون مذابح كبيرة في مدينتي (صطيف) و(قلمة) وقتل 45 ألف جزائري.
أحمد بن بيلا: طبعاً.. نعم، آه.
أحمد منصور: ما أثر هذه المذابح؟
أحمد بن بيلا: هذا اللي كان ليها الأثر الأساسي فيما يخص.. فيما يخصني أنا، وفيما يخص كثير من الإخوان.
أحمد منصور: كيف؟
(7/454)
أحمد بن بيلا: أنا كانت أفكاري كلها يعني هذا استعمار، هذا عنف.. استعمار وعنف، ولم.. لا يزول بغير استعمال العنف، كان هذا يعني كان.. كان (ديدان)ي، كان يعني عقيدة راسخة فيَّ، هذه الحوادث هذه يعني خلصتني من الشكوك اللي كان.. اللي داخل الحركة، كان الاستقلال طبعاً، لكن كيف الاستقلال؟ بل.. بالانتخابات؟ هذه خلَّت يعني هذه يعني فصلت شيء، أنا جاي من.. من داخل الجزائر، وفي.. في وجداني لازم نمشي علشان السلاح، لازم ناخد سلاح، ولازم نحرر بلادي بالسلاح، يعني فصلت هذا الشك اللي كان كيف.. كتير يعني كنا فعلاً نطالب الاستقلال، لكن كيف الاستقلال؟ هذه كانت باقي.. باقي سؤال، كيف..؟ حوادث.
أحمد منصور: 8 آيار/ مايو.
أحمد بن بيلا: 8 آيار، هذه فصلت.
أحمد منصور: 45.
أحمد بن بيلا: مش أنا فقط يعني كتير من الإخوان، يعني جينا معولين ما فيش..
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول أن هذه الأحداث هي التي دفعتك.
أحمد بن بيلا: هي الفاصل.. هي الفاصل.
أحمد منصور: كانت فاصلاً في تاريخ حركة النضال الجزائرية التي أدت إلى الاستقلال؟
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم، ولهذا بعد اللي يتكون مؤتمر في 49 للحزب، بعد رجوع مصال حاج من أفريقيا شافوا بأن هذا الضرب ما أداتش.. ما أداتش يعني النتيجة الذي.. التي كانوا ينتظرونها، فقدموا اقتراح وكونوا حزب مثل الأحزاب الأخرى، لأنه الحزب بتاعنا كان.. كان في السر يعني، كان حزب يعني ممنوع في ذلك الوقت، فراجع مصالي والفكرة على أن نكون حزب، إحنا الشباب قلنا ما فيه شيء، هذا فخ، ولازم نكوِّن حزب نمشي للانتخابات أن نكوِّن جيش، لأن فرنسا هذا خبث، يعني عايزه تعرف عروقنا على أن تضربنا، بس هذا هو، وهو لهذا كوَّنا جيش هذا النظام السري.
أحمد منصور: النظام السري الخطوات الأولى لتأسيسه..
أحمد بن بيلا: في 46.. 46.
أحمد منصور: 1946، هذه المنظمة كانت منظمة سرية تابعة لحزب الشعب الجزائري.
(7/455)
أحمد بن بيلا: مناضلين لكن..
أحمد منصور: لكن هل مصال الحاج الذي قام بفكها بعد ذلك هل أعطاكم موافقة؟
أحمد بن بيلا: كان مضطر، لأن هذا تكونت في.. في اجتماع عام.. مؤتمر عام.
أحمد منصور: من هي الشخصيات الأساسية التي وقفت وراء تأسيس المنظمة السرية العسكرية لحزب الشعب الجزائري 1946؟
أحمد بن بيلا: فيه.. فيه هذا.. فيه راجل يا أخي أساسي عندنا، نعتبره هو أب كل شيء بكل صراحة، هو بلوزداد.. محمد بلوزداد هذا كان في المكتب السياسي، ومات -رحمه الله- قبل ما يشوف الثورة، مات بمرض السل، هذا الأب يعني الروحي للثورة الجزائرية بكل صراحة، فهذا..
أحمد منصور: محمد..؟
أحمد بن بيلا: محمد بلوزداد.. بلوزداد.. بلوزداد.
أحمد منصور: بلوزداد، نعم.
أحمد بن بيلا: لكن الآخرين كذلك آية أحمد، وأنا، وكثيرين من.
أحمد منصور: لأ، قل لنا الأسماء يعني لأن...
أحمد بن بيلا: هاي الكبار ها دول اللي معروفين، لأن.
أحمد منصور: محمد بوضياف؟
أحمد بن بيلا: لا ما كانش في.. في المكتب.. ما كانش في اللجنة المركزية في ذلك الوقت، ما كانش في هذا.. هذا المؤتمر اللي.. اللي.. اللي اجتمعنا فيه، وكان..
أحمد منصور: المؤتمر الذي اجتمعتم فيه تم فيه 1946.
أحمد بن بيلا: يعني ما كانش، هو كانت عدد محدود، مش يعني مؤتمر كبير، ولكن كان أساسي، هو الفاصل.. يعني الأغلبية أنا سعيت على أن ما نطلعش كحزب سياسي بغير ما نأخذ تدابير، وطرحت الفكرة بأن يتكون حزب سياسي، ولكن نكوِّن نظام سري.. جيش سري، في حاجة أن فرنسا يعني بمكرها إلى آخره، تضرب الحزب مرة تانية و تضربنا في الجذور.. هذه الفكرة هي اللي أصبحت الأغلبية داخل.. داخل الحزب، وتكون حزب، وكان مسؤوله هو محمد بلوزداد.
أحمد منصور: كان هو المسؤول الأساسي.
أحمد بن بيلا: هو.. هو المسؤول.
أحمد منصور: أبدأ معك في الحلقة القادمة من تأسيس المنظمة السرية العسكرية لحزب الشعب الجزائري في العام 1946.
(7/456)
أحمد بن بيلا: حاضر، نعم.. نعم، إن شاء الله.
أحمد منصور: وكيف.. الصفات الأساسية التي وضعتموها لاختيار المنتمين إليها؟ وكيف بدأتم العمل..
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم، شروطها و.. نعم.
أحمد منصور: وكيف بدأتم العمل العسكري بعد ذلك. سيادة الرئيس أشكرك شكراً جزيلاً.
أحمد بن بيلا: شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم -مشاهدينا الكرام- على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/457)
الحلقة2(7/458)
الخميس 10/8/1423هـ الموافق 17/10/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 14:28(مكة المكرمة)،11:28(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
13/10/2002
- مذابح الاحتلال الفرنسي ضد الجزائريين وآثارها على أحمد بن بيلا
- تأسيس المنظمة السرية العسكرية لحزب الشعب
- مقاييس اختيار أعضاء الجيش السري الجزائري وطبيعة النظام الإداري فيه
- تفاصيل هجوم بن بيلا على مكتب بريد وهران
- القبض على بن بيلا ومحاكمته
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا. سيادة الرئيس، مرحباً بيك.
أحمد بن بيلا: أهلاً.
مذابح الاحتلال الفرنسي ضد الجزائريين وآثارها على أحمد بن بيلا
أحمد منصور: في الثامن من مايو عام 1945 ارتكب المحتلون الفرنسيون مجازر ضخمة في مدينتي سطيف وقلمة في الجزائر أسفرت..
أحمد بن بيلا: ومدن أخرى.
أحمد منصور: ومدن أخرى، نعم.
أحمد بن بيلا: ومدن أخرى.
أحمد منصور: أسفرت عن مقتل 45 ألف جزائري.
أحمد بن بيلا: وأربعين ألف جزائري.
أحمد منصور: كان لهذا أثره الكبير في دفعكم إلى السعي لتشكيل ما عُرف باسم المنظمة السرية العسكرية التابعة لحزب الشعب الجزائري، تحدثنا في الحلقة الماضية بشكل موجز عن البداية، ولكن كيف كانت فكرة البداية؟ ومن هم المؤسسون لهذه المنظمة؟
(7/459)
أحمد بن بيلا: آه، أولاً مليح.. يعني شوية نرجع للوراء ونتكلم على هذا الحوادث اللي وقعت، هذا الحوادث وقعت في كذلك تاريخ فيها رمزية عظيمة.. هذه اليوم هو يوم احتفال نصر الحلفاء في الحرب العالمية، نفس اليوم بتاع الاحتفال، هذا الاحتفال بهذا النصر لنصرنا إحنا كعرب، مش فرنسا والله، إحنا اللي حاربنا، أنا قلت لك 90% جيش فرنسا عرب، إحنا شاركنا.. إحنا اللي شاركنا عملياً في هذا النصر، فإذا به في هذا اليوم في احتفال هذا النصر إحنا يجازونا بقتل 45 ألف جزائري.
أحمد منصور: اللي هو 8 مايو 45.
أحمد بن بيلا: طيران يضرب والبواخر تضرب، والفرق في الأرض تضرب 45 ألف جزائري ماتوا في هذا اليوم، هذا اليوم اللي كان فرح لانتصار الحلفاء، اللي هو كان بالنسبة لنا كجزائريين هو انتصار الجزائر.. الجزائر، لأن أبناء الجزائر هم اللي شاركوا فيه، أبناء الجزائر، وأبناء.. والأخوة التوانسة.. والإخوان المراكشيين، العرب في شمال إفريقيا، هذا.. هذا النصر ما كانش نصر بتاع فرنسا، فرنسا سقطت في.. في الحرب العالمية، هذه الحرب التانية اللي انتصرت فرنسا فيه هو انتصار عرب جيش عربي مكون من 90% من العرب، في هذا اليوم وفي هذا الاحتفال وكيف وقعت هذه المجزرة، لأن احتفلنا لكن بصفة سلمية، في الشوارع بلافتات يعني.. يعني نطلب استقلالنا، إحنا استحقينا هذا الاستقلال.
أحمد منصور: يعني المجزرة كانت رداً على طلب الاستقلال.
أحمد بن بيلا: رداً على..، مجزرة يعني متعمدة على القتل.
أحمد منصور: أين كنت في ذلك اليوم؟
أحمد بن بيلا: أنا كنت عسكري والله، كنت عسكري، ولكن بصدد نخرج يعني من.. من الجيش، وكنت في مدينة اسمها وُجدة في.. في مش بعيدة على مسقط رأسي، على عشرين كيلو متر، في الحدود المراكشية الجزائرية، لكن داخل مراكش كنت في وجدة، وقعدت، وكدت في إنه نتمرد ونهرب ونكوِّن فرقة في ذلك النهار، ولكن شفت بأن هذا يكون انفعال مش الانفعال..
(7/460)
أحمد منصور: وقعها أيه كان على الشعب الجزائري بشكل عام؟
أحمد بن بيلا: كانت مصيبة نزلت علينا يا أخي، مصيبة نزلت علينا وغضب وحزن كبير مما عملوا.. مما عملوه فينا ضربوا الفرنسيين، لكن ضربوا كذلك المزارعين، قتلوا، حرقوا ناس يا أخي، وقتلوا أبرياء في.. في.. في الريف، يعني اللي ما فيش تليفزيونات، ما فيش إعلام، ما فيش بتاع في بيوتهم.
أحمد منصور: كان رد الفعل الجزائري أيه على هذه المجزرة؟
أحمد بن بيلا: رد الفعل هو بالنسبة للمناضلين للشعب الجزائري ككل كانت نقمة عارمة ضد فرنسا، في الوقت اللي إحنا نشعر بإحنا خدمنا أشياء حقيقة، إحنا ضحينا يا أخي بولادنا، هذا الحرب كانت قاتلة، طاحنة الحرب هذه في 1940 حتى الـ 45، يعني في إيطاليا الأخير، أنا قلت لك إديت لك.. إديت لك رقم، يعني الفرقة بتاعي مشينا 180 ورجعنا 25 يا أخي، وتيقن كل ما نعمل كان نفس الشيء حقيقة يعني.. فإذا به هذا النصر اللي يحتفلون به وبالخصوص في الجزائر يعني اللي فرنسا تحتله هو نصر لنا إحنا، فشوفنا بأن من الطبيعي إحنا نطلب حقوقنا يعني بصفة سلمية يعني مش بصفة أخرى، فإذا بهم يعني دخلوا فينا ويذبحوا، ويقتلوا، ويحرقوا، ضربوا حتى بالبواخر، وفي القرى.. في القرى يعني مش فقط في المدن، في القرى.. في القرى، بالخصوص هذه الجهة الشرقية جهة سطيف، قلمة، لكن مش فقط كل.. كل منطقة سطيف، قلمة، مدن أخرى.
تأسيس المنظمة السرية العسكرية لحزب الشعب
أحمد منصور: في 1946 قررتم أن تقيموا أو تؤسسوا المنظمة السرية العسكرية لحزب الشعب.
أحمد بن بيلا: في الـ 46 سنة من بعد هذا مش 9... 9.. 49.
أحمد منصور: ما هي الشخصيات الرئيسية الأساسية التي اتخذت هذا القرار؟
(7/461)
أحمد بن بيلا: هو الشخصيات الأساسية اللي اتخذت هذا القرار واللي دافعت عن القرار هي مجموعة من.. من.. من المناضلين.. الإطارات اللي اجتمعت على أن تكون حزب رسمي، لأن فرنسا طلعت من بعدها بأن هذا الضرب ولا.. ولا فاد في شيء فيما يخص يعني تقليص يعني الاتجاه.. الاتجاه الوطني التحرري بأن الضربة هذه ما كانتش لها ما كانتش لها أثر يعني كبير ما عدا يعني الجريمة اللي كانت بشعة، ففكرت بأن، وفي رأيي كانت حيلة هو نكون حزب.. حزب يعني معترف به، ويشارك في الانتخابات، وكان.. كنا مقبلين على انتخابات.
أحمد منصور: صحيح.
أحمد بن بيلا: شافوا بأن الضربة بتاعة الـ 45 هذه يعني ما فادتش، مازال يعني.. مازال الحزب يعني يتحرك في.. في.. في الدرى يعني يتحرك تحت الأرض، فكانت فكرة حقيقة خبيثة وهي أن نصل.. ندي لهم فرصة يشتغلوا ونشوف يعني عروقهم ربما في وقت ما نضرب هذا..، فعرضوا علينا إنا نُكوِّن حزب، نُكوِّن حزب.
أحمد منصور: وبعد ذلك؟
أحمد بن بيلا: بعد ذلك اجتمعنا على أن نتفق على هذا، اجتمعنا في الـ 46، وطلع داخل هذا الاجتماع تيار عارم يطلب بأنا لا نشارك في هذا بغير ما نآخذ يعني.. بغير ما.. ما نحطاط.
أحمد منصور: كان مصال الحاج هنا حُكم عليه في 28 مارس 41
أحمد بن بيلا: 41.
أحمد منصور: أمام محكمة عسكرية بالأشغال الشاقة 16 عاماً والنفي خارج الأراضي الفرنسية والمحميات لمدة عشرين عاماً علاوة على غرامة 30 مليون فرانك.
أحمد بن بيلا: آه.. آه، نعم.
أحمد منصور: لم يكن في.. في الجزائر مصال الحاج في ذلك الوقت.
أحمد بن بيلا: ما كانش في الجزائر من ذلك الوقت.
أحمد منصور: لكن من الذي كان ينوب مكانه أو يحل محله كذلك؟
أحمد بن بيلا: كان.. كان نظام سري، كان..
أحمد منصور: النظام السري، من هم أبرز قادة النظام السري غيرك؟
(7/462)
أحمد بن بيلا: والله كان مكتب سياسي كله كان (...) حسين، كان الدكتور الأمين، ما.. ما (...) بالـ.. فيه آخرين.. فيه آخرين، كان فيه.. كان فيه مكتب سياسي قائم بالأعمال في السر وفي.. في يعني في الخفاء، وكان له نشاط وعارفين نشاط قوي.
أحمد منصور: أيه كان الخلاف الرئيسي الآن بين فرحات عباس الذي كان يعتبر الجزائر جزء من فرنسا في ذلك الوقت وبين أنصار مصال الحاج اللي هو أنتم؟
أحمد بن بيلا: الخلاف هو أن فرحات عباس كان في ذلك الوقت مقتنع بأنه لازم ما نخرجش من.. من الدائرة الفرنسية، وبأنه يستحيل إنه نخرج من هذه الدايرة وبأن المفيد هو نقبل بالجنسية الفرنسية بصفة عامة، ونطلب حقوق الفرنسيين، هذا هو.. هذا..
أحمد منصور: كان معكم، يعني أنا عندي بعض الأسماء محمد خيضر كان معاكم في 46؟
أحمد بن بيلا: كان معانا محمد خيضر.
أحمد منصور: حسين آية أحمد؟
أحمد بن بيلا: طبعاً.
أحمد منصور: مصطفى بن بولعيد؟
أحمد بن بيلا: بولعيد، وحسين آية أحمد للتاريخ يا أخي لازم نعرف إنه شيء.. هو كان عمل تقرير في هذا الاجتماع بتاع الـ 46 ليعبر عن آرائنا كلها يعني.
أحمد منصور: هو اللي عمل التقرير الذي عبر عن أرائكم؟
أحمد بن بيلا: هو عمل تقرير وكانت تقارير أخرى، لكن هو من ضمن الناس يعني اللي هذاك..
أحمد منصور: محمد العربي بن مهيدي؟
أحمد بن بيلا: لأ، ما كانش فيه في ذلك الوقت.
أحمد منصور: رابح بيطاط؟
أحمد بن بيلا: ما كانش موجود في هذا، ما كانش موجود.
أحمد منصور: بوضياف؟
أحمد بن بيلا: ما كانش كذلك موجود.
أحمد منصور: مراد ديدوش؟
أحمد بن بيلا: لأ، ما كانش موجود.
أحمد منصور: كريم بلقاسم؟
أحمد بن بيلا: ما كانش موجود.
أحمد منصور: كان بس المجموعة التي أشرت إليها في البداية.
أحمد بن بيلا: كريم بلقاسم كان في الجبل، كان من الجماعة المتمردين، وعنده سلاح وطلع في الجبل.
أحمد منصور: يعني هو بدأ بشكل مبكر قبل 46.
(7/463)
أحمد بن بيلا: أيه، نعم لأنه في بلاد القبائل كانت بعض الأعمال يعني ابتدأت بأعمال تكون بعض.. بعض المجموعات في الجبل كده..، وكانت.. كانت هدفها هي القضاء على بعض القواد هادول اللي كانوا يعني فرنسا تعمل بواسطتهم في.. في.. في القرى.
أحمد منصور: المجموعة هذه التي اتخذت قرار العمل العسكري السري في عام 1946 تعتبر هي بداية لحركة التحرير القومية الجزائرية..
أحمد بن بيلا: بداية غير مبرمجة..
أحمد منصور: التي..
أحمد بن بيلا: هي المفروض بيش تكون في الصورة، يعني بيش ندي لك بعض.. بعض التفاصيل لأن أنا ما نقدرش ندي لك تفاصيل لأن ما ننتهيش يعني، إحنا كانت وقت ما..
أحمد منصور: هذه نقطة مهمة، لذلك نريد التفصيل فيها.
أحمد بن بيلا: مهمة جداً، وقت ما كانت الفكرة على أن نعمل شيء بالسلاح، ونبتدي بالعمل داخل هذاك، وكان حتى تقرير بأن هذا اليوم انتهى بتاع الاحتفال بانتصار الحلفاء ضد الألمان إلى آخره، كنت.. كنت في نفس الوقت اليوم.. لكن الحزب تدارك أمره، وشاف بأنه الأعمال يعني مالهاش يعني ما علهاش يعني فعالية.. لا يمكن أن يكون لها فعالية على أن ننجح في هذه العملية، وأرسلت أناس على أن يبلغوا بأن ما فيش عمل إلا في بلاد القبائل ما وصلش لأنها وعرة، فيه جبال وفيه..
أحمد منصور: نعم.. نعم.
أحمد بن بيلا: والإخوة من بلاد القبائل قاموا بعمل، قاموا بعمل وقتلوا بعض القياد و.. و..، وهذا يكون له مفعول من بعد.. يعني لأنه بعض الناس هادول أصحاب الأمازيغية خذوها بأنها كانت خداع.. كانت خداع، وهذا كذب فاضح تاريخي، إن إحنا نعتز يا أخي بهذيك الجهة، إن هذه الجهة شاركت في كل الأعمال الوطنية من وقت الأمير عبد القادر مش من..، كل تاريخنا مملوء بالأعمال، فهذه.. هذا.. هذه فكرة خبيثة يعني..
أحمد منصور: سيادة الرئيس..
(7/464)
أحمد بن بيلا: حقيقة هي تقصير في النظام ما استطعش لأنه يعني طبيعة الجهة القبائل جبال وعرة، إلى آخره، اللي يمشي على أن يبلغ ما يستطعش يصل، ما مش ممكن يتصل بأي.. أي كان، لأ لازم يتصل بشخص ما، ما استطعش ولهذا وقع عمل في بلاد القبائل.
أحمد منصور: حينما أسستم..
أحمد بن بيلا: وناتج على هذا.. اسمح لي، وناتج على هذا بعض.. بعض.. بعض العمل في بلاد القبائل وتكوين بعض النظام في الجبال.
أحمد منصور: كان.. كان متصلاً بكم أم كان منفرداً؟
أحمد بن بيلا: لأ، متصل بينا دائماً.
أحمد منصور: متصل بيكم.
أحمد بن بيلا: دائماً بينا متصل بينا.
أحمد منصور: الخلايا الأولى التي شُكلت من الذي وقف وراءها؟
أحمد بن بيلا: هي كان فيها مثلاً الأخ كريم بلقاسم، يعني وآخرين كذلك وآخرين مش هو فقط يعني.
مقاييس اختيار أعضاء الجيش السري الجزائري وطبيعة النظام الإداري فيه
أحمد منصور: تذكر الصفات الأساسية التي وضعتموها لاختيار الأعضاء؟
أحمد بن بيلا: هذه.. هذه تأتي من بعد 46 كونا جيش.. جيش سري، في 45 ما كانش جيش..
أحمد منصور: أنا أريد..، 46 هذه..
أحمد بن بيلا: 46 أيوه أنا تذكرت..
أحمد منصور: الجيش السري.
أحمد بن بيلا: أيوه، فيه بعض المقاييس مثلاً نختار اللي يمشي لهذا النظام لازم يكون مناضل أحسن من الطراز الرفيع بتاع النضال، كل.. كل مناضل عندنا معروف يعني بنشاطه والجماعة اللي معاه دايماً يعني.. يعني تقارير إلى آخره، ففيه هذا.. هذا الإنسان على أن يدخل لازم يكون عنده صفحة بيضاء ما فيش كلام في سلوكياته هذه واحدة، خمس سنين بالأقل بتاع نضال، بالأقل خمس..
أحمد منصور: يكون له خمس سنوات سابقة في النضال.
أحمد بن بيلا: سابقة في النضال، ثالثاً: تكون عنده إذا.. إذا ممكن تكون عنده تجربة عسكرية، خدم في الجيش الفرنساوي.
أحمد منصور: نعم، هذه أفادتكم كثيراً؟
(7/465)
أحمد بن بيلا: خليني أكمل لك مازال شروط ثانية، كذلك إذا يمكن مش متزوج وعنده أولاد.
أحمد منصور: تفضلون الأعزب.
أحمد بن بيلا: آه نعم، الأعزب، وهذه هي بعض.. هاي الشروط الأساسية هي كده يعني هذا هو، أولاً النضال صفحته كمناضل، بالأقل خمس سنين بتاع نضال الأحسن اللي عنده تجربة عسكرية وما يكونش متزوج، ما عندوش أطفال مش متزوج، باستثناء إذا كان متزوج في.. في بعض الظروف يكون متزوج مع...
أحمد منصور[مقاطعاً]: ما هي الأعداد في البداية؟
أحمد بن بيلا: أعداد وصلنا لـ 2500.
أحمد منصور: في سنة كم؟
أحمد بن بيلا: هذه في.. في البداية أصلاً.
أحمد منصور: 46؟
أحمد بن بيلا: البداية اللي عُين هو الأخ بلوزداد.
أحمد منصور: بن بلوزداد.
أحمد بن بيلا: ولكن بلوزداد كان مريض.. مريض بمرض السل، وكان يتابع العمل لكن من بعد، كان النائب بتاعة هو الأخ حسين آية أحمد، هو اللي كان يشرف، هذه لمدة سنتين..
أحمد منصور: يعني نقدر نقول من 46 لـ 48.
أحمد بن بيلا: 48 كذلك.
أحمد منصور: في 48 أصبحت أنت المسؤول العسكري عن الجيش؟
أحمد بن بيلا: أصبحت أنا المسؤول العسكري في 49.. 48، 49 أصبحت أنا المسؤول العسكري.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: طيب حينما أصبحت المسؤول العسكري عن الجيش السري الجزائري الذي كان يقاوم الاحتلال الفرنسي في تلك الفترة.
أحمد بن بيلا: كان فيه 2500 أصبح 5000
أحمد منصور: كان تحت إمرتك 5000 مقاتل؟
أحمد بن بيلا: 5000 لأن..
أحمد منصور: كيف كان تسلسل، عفواً سيادة الرئيس، كيف كان تسلسل القيادة والخلايا؟
أحمد بن بيلا: تسلسل هو فيه نظام يعني في هذا هو مش نظام.. نظام مختصر يعني ولازم ما يقومش اتصال ما بين طبقة وطبقة وأخرى إلا (بالكاجول) إلا وأنت مختفي يعني، وفيه أركان قيادة.. فيه قيادة، فيه قيادة محلية، فيه قيادة الجهوية، وفيه القيادة العامة.
(7/466)
أحمد منصور: يعني كان الاتصال نقدر نقول عنقودي –كما يوصف- القيادة فوق والاتصال بالخلايا كان يتم بشكل إن.. منقطع؟
أحمد بن بيلا: لأ لا.. لا.
أحمد منصور: لو اكتشفت خلية كانت ممكن أن تدل على أخرى؟
أحمد بن بيلا: نعم، لأن فيه.. فيه قيادات محلية.
أحمد منصور: فيه قيادات محلية.
أحمد بن بيلا: آه فيه قيادات محلية، في كل مستوى فيه قيادات محلية.
أحمد منصور: كيف كان يتم الاتصال بينك -كمسؤول عن الجيش السري- وبين بقية القيادات؟
أحمد بن بيلا: بواسطة القيادات اللي تحتي واللي تحت تحتي وهي ماشية حتى القاعدة.
أحمد منصور: حتى القاعدة.
أحمد بن بيلا: أي.
أحمد منصور: أما يمكن أن يؤدي ذلك إذا قُبض على أي مجموعة إن..
أحمد بن بيلا: لا، ولا لأن هذا اتصال ما بين هذا واللي تحته ولا مرة يشوف راسه لأخوه اللي يعرفه.
أحمد منصور: آه، مختفي.
أحمد بن بيلا: مقنعين مقنعين نعم.. نعم.
أحمد منصور: هل تمت أي عمليات اختراق؟
أحمد بن بيلا: وقعت عملية اختراق ونتج عندها.. يعني القبض على بعض الـ..
أحمد منصور: سنة كم؟
أحمد بن بيلا: في.. في الخمسين يعني من ستة..
أحمد منصور: بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: من ستة وعشرين.. من ستة وأربعين، قبل خمسين بشهور كده يعني.
أحمد منصور: كيف وقعت عملية الاختراق؟
أحمد بن بيلا: العملية هو قبضوا على كان في وقع غلط يعني في.. في الجهة الشرقية وأرادوا يقبضوا كانوا قاطنة داخل الحركة نعرات، لكن في القيادة لفوق، فهذا النظام لازم ما يدخلش في هذه النعرات يعني أساساً، ما يدخلش في هذا.. خطه الآخر لكن في جهة..
أحمد منصور: سواء نعرة قبلية أو جهوية.
(7/467)
أحمد بن بيلا: فيه يعني جهة جهوية، وقع.. كانت عندنا مشكلة بتاع الدكتور الأمين مع القيادة خارج على.. ذاك عنده إنذار، عنده أفكار تجاه.. وقضوا عليه لأن.. لأ يعني مش قضوا عليه، ما قتلوهش يعني، أقالوه.. أقالوه، وعنده أتباع، هذه الأتباع استمروا في نشاطهم.
أحمد منصور: نقدر نقول فتنة داخلية في.. في التنظيم.
أحمد بن بيلا: ما نقولش فتنة، هي صغيرة بكل صراحة، يعني مش فتنة كبيرة الحقيقة يعني..
أحمد منصور: طيب أنا..
أحمد بن بيلا: هو وقع غلط، الغلط فين؟ هو إحنا لازم لا نتدخل في هذا، اللي كل في هاذيك الجهة تدخل يا للأسف وهذه ادِّت لاكتشاف.. اكتشاف النظام.
أحمد منصور: أنا أريد أبقى في الفترة ما بين 47، 47، 48 الآن أصبحت أنت المسؤول عن الجيش السري في..
أحمد بن بيلا: 9.. 49 أصبحت أنا مسؤول عن الجيش السري.
أحمد منصور: 49.
أحمد بن بيلا: في 49.
أحمد منصور: وقمت بالهجوم على بريد وهران.
أحمد بن بيلا: كنت قمت قبله.
أحمد منصور: قبل ذلك.
أحمد بن بيلا: أيه.
تفاصيل هجوم بن بيلا على مكتب بريد وهران
أحمد منصور: أيه أهداف هجومك على بريد وهران؟
أحمد بن بيلا: أهدافنا هي أن الحزب دخل في المعركة بتاع الانتخابات مثل ما قلت لك يعني قالوا اعملوا حزب ودخلوا في المعركة والدخول في المعركة بتاع.. بتاع البلديات أول معركة بتاع البلديات الحزب خد 80% بتاع البلديات.
أحمد منصور: طبعاً إحنا بس عايزين نشير على السريع إن كان فيه أحزاب وكان فيه انتخابات.
أحمد بن بيلا: بس sorry أنا ما أدى لكش، sorry أنا هأمر مرور الكرام ها..
أحمد منصور: نعم.
(7/468)
أحمد بن بيلا: في 46 البلديات الحزب في الانتخابات خد تقريباً.. الذي يستحق عن البلديات وبعدين جت الفكرة بتاع الانتخاب للمجلس الجهوي، شبه برلمان مش برلمان في الجزائر يمثل كل الجزائر، في ذلك الوقت والحكومة الفرنسية شافت إن.. الحزب أصبح.. أصبح انتشر بهذه القوة وقعت المفاجأة كبيرة وقرر بأنه لازم يضرب من الحزب ولازم لا ينتصر في الانتخابات وفي..
أحمد منصور: هذا الحزب السياسي المعلن اسمه أيش؟
أحمد بن بيلا: وهذه في 48.
أحمد منصور: اسمه أيه الحزب المعلن؟
أحمد بن بيلا: الحركة من أجل انتصار الديمقراطية.
أحمد منصور: الحركة من أجل انتصار الديمقراطية. نعم.
أحمد بن بيلا: (...) بالفرنسية قام بالانتخابات ونجح في البلديات في 46 وخد الأغلبية الساحقة وبالخصوص المدن الكبيرة، لكن في الانتخابات اللي نظمت من بعد على أن يكون مجلس.. مجلس وطني في الجزائر يعني مجلس وطني، فرنسا أتت بمسؤول آخر اسمه (ناجلان) وفيه أوامر يعني صارمة بأنه لازم يعوقوا مسار الانتخابات ويضربوا الحركة، ولهذا طبعاً الانتخابات كانت مش لصالحنا أبداً وقبضوا لنا في بعض.. بعض الأفراد اللي كانوا يعني.. كانوا متسرحين يعني مترشحين ووقعت يعني.. وقع ضرب قاسي ضد الحزب وضد أتباع الحزب في المدن، في القرى في.. يعني حقيقة عملية همجية مش بتاع قتل ولكن ضرب، ضرب وملاحقات خطيرة، ومثل الولعة يعني كسب الأموال وهذاك.. جلبوا منهم كل ما يكسبون وضربوهم وقتلوا في بعض الأحيان ولو ما كانش القتل يعني بصفة كبيرة، ولكن وقعت بعض الأشياء، والسجن لأغلبية المترشحين، وظهرت يعني الوجه الحقيقي لفرنسا و.. اللي كنا نقوله إحنا هذا.. هذه مسألة الحزب فخ عايزين يعرفوا عروقنا، ما كانوش عارفين عروقنا وفين يضربوا.
أحمد منصور: لكن الحزب السياسي المعلن كان مختلف تماماً عن الحركة السرية.
أحمد بن بيلا: لأ، مش في ذ لك الوقت كان نفس الحزب.
أحمد منصور: نفسه؟
(7/469)
أحمد بن بيلا: هو اللي.. اللي يسير كل الأمور، وأنا كنت في اللجنة المركزية وبعدين تقريباً اتصلت تقريباً يومين مع.. مع القيادة، ومنهم وعلى أن يعني الحركة لأنه كنت كانت الشكاوي كبيرة بأنه كانوا يعيقونا بلاش نعمل الحزب يعني ما يدوناش المناضلين الباقين، أصبحت مسؤول عن النظام، مسؤول على.. على الجيش على المنظمة السرية، مسؤول على النظام كذلك بتاع الحزب كحزب..
أحمد منصور: السياسي.
أحمد بن بيلا: علشان ما تبقاش إعاقة ما بين طوائف وطوائف.
أحمد منصور: نعم.. نعم ما بين الاثنين.
أحمد بن بيلا: فأنا خضت هذه المسؤولية في 49 في مؤتمر في اللجنة المركزية الموسعة تقريباً مؤتمر على أن ندرس الانتخابات أيه نتيجتها إلى آخره وكان قرار..
أحمد منصور: وهنا إحنا..
أحمد بن بيلا: سامحني.. سامحني كان قرار في هذا المؤتمر بأنه لازم نجهز كل المقدرات الحزب المالية والإنسانية لصالح الجهاز السري..
أحمد منصور: الجهاز السري هنا كان له وجود وامتداد في داخل الجزائر وله وجود وامتداد في فرنسا كمان نفسها؟
أحمد بن بيلا: لأ مش فرنسا.
أحمد منصور: لم تكونوا خرجتم إلى فرنسا في ذلك الوقت.
أحمد بن بيلا: لأ مش فرنسا ما كنا..
أحمد منصور: كان العمل السري مركز داخل الجزائر.
أحمد بن بيلا: الجزائر داخل الجزائر.
أحمد منصور: 1949 حينما هاجمت بريد وهران..
أحمد بن بيلا: 49.
أحمد منصور: 49، ماذا كان هدفك من الهجوم عليه؟
أحمد بن بيلا: أيوه، في هذه الفترة من 46 وقعت الانتخابات وبعدين في 48 والفشل في انتخابات 48 والضرب وإلى آخره، طرح بالتالي فكرة بأنه ما فيش فائدة يعني لازم سلاح، لازم نحضر للضربة في 48.
أحمد منصور: ما كانش عندكم سلاح إلى ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: نعم، ما كانش عندنا كثير كان عندنا بعض السلاح، كان عندنا كذلك بعض الناس عندنا 2500 هذا اللي قلت لك إياه.
أحمد منصور: كم قطعة سلاح كانت للـ 2500؟
(7/470)
أحمد بن بيلا: كانت عندنا أساساً قطعة بتاع سلاح، أخذناها بعدين في 49 بالفلوس بتاع هذا الهجوم على البوستة اللي أشرت.
أحمد منصور: يعني أنت كان هدفك الرئيسي إنك تروح تستولي على الأموال الموجودة في..
أحمد بن بيلا: لا قررنا، قررنا و.. وأقنعنا الجبهة بأنه لازم نجد، لأن الحركة أصبحت يعني فقيرة، لأن الناس.. الناس أنا مثلاً في مغنية، قبل في مغنية يعرفوني والناس يعرفوني ومعاهم الجماعة بتاع القرى، كيف إني أروح لهم، لأن.. يا أخي، القواد إلى آخره أنا أهم شيء اللي يتكلم معايا يقول لي أحمد فيه.. فيه بارود أم ما فيش، أنت موجود في المدينة، أنا موجود في القرية، قائد يعني يجي لي ويخرِّب لي بيتي إلى آخره، ما كان ينفع الانتخابات، يعني إدي لي بيش أدافع على نفسي يا أخي، فيه سلاح أم ما فيش، هذا كلام.. والله.
أحمد منصور: لذلك هاجمت البريد من أجل الاستيلاء على مال لشراء السلاح؟
أحمد بن بيلا: لا، هاجمتها لنقنع.. نقنع أولاً الجماعة بتاع القيادة بأن اللعبة السياسية فشلت وكان الحزب ما عندوش فلوس، ما عندوش مش ممكن يواجه المشكلة بتاع النظام، ففي ذلك الوقت إحنا قدمنا اقتراح يا جماعة خلونا إحنا نتصرف، الفلوس موجودة.
أحمد منصور: أد أيه الفلوس اللي خدتوها من البوستة؟
أحمد بن بيلا: فزنا بذلك الوقت 3 ملايين وشي في ذلك الوقت يعني..
أحمد منصور: كان مبلغ ضخم يعتبر؟
أحمد بن بيلا: آه.. يعني..
أحمد منصور: ماذا فعلتم بتلك الأموال؟
أحمد بن بيلا: أيوه، اللي فعلناه به مشينا.. مشينا لليبيا، لا تنس إن في ليبيا كان فيه حرب عالمية..
أحمد منصور: صحيح.
(7/471)
أحمد بن بيلا: .. والسلاح موجود وإحنا على بالنا.. ثم بليبيا خدت الاستقلال ولو مش استقلال إلى آخره، فيه استقلال يعني رمزي كده، فـ.. وإحنا عندنا نظام موجود حتى في الصحاري حتى في بسكرة حتى قرب غدامس. فاقترحوا علينا بعض المناضلين ليه ما ناخدش سلاح ليه ما نمشيش بهذا الفلوس اشترينا سلاح.
أحمد منصور: أنت اللي رحت اشتريت؟
أحمد بن بيلا: لأ.. لا عندنا نظام يعني وقوي جداً وهذا اللي كان الناس من الجماعة بتاع الصحراء هم اللي يأتوا به، لأن هذا... مر على الصحراء يا أخي لازم الجرة ولازم الناس اللي يعرفوا الصحراء مليح ويعرفوا المسالك الدحَّارة هذه خبرة..
أحمد منصور: كمية السلاح التي جاءتكم من وراء..
أحمد بن بيلا: جاءتنا في واحد اللي يظهر لي يعني 600.. 700 قطعة.
أحمد منصور: تعتبر كم كبير.
أحمد بن بيلا: آه، في ذلك الوقت يعني ما شاء الله.
أحمد منصور: أصبحت أنت مطارداً من الفرنسيين ومطلوب القبض عليك.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم بعد.. بعد..
أحمد منصور: الهجوم على وهران.. على مركز بريد وهران سنة 49.
أحمد بن بيلا: آه.. نعم.
أحمد منصور: الفرنسيين بيتهموك بأنك أنت يعني هدفك من وراء الهجوم كان إنك طلبت وظيفة عسكرية لديهم ورفضوا منحك هذه الوظيفة.
أحمد بن بيلا: لا.. والله ولا طلبت شيء أنا ولا.. أنا من.. من اللي كنت في تلمسان يعني أنا رفضت نطلب أي شيء منهم ونمشي في طريق اللي بشدي واللي يعني، و.. أبداً ولا طلبت منهم حتى شيء أبداً، في ذلك الوقت كنت معبأ يعني مَوْتور ضدهم ومنتظر كيف يعني..
أحمد منصور: بعد وصول السلاح بدأتم عملياتكم ضد الفرنسيين؟
(7/472)
أحمد بن بيلا: لأ، بعد ما.. وجود السلاح وُما كانش هل يا أخي كان لازم ييجي من ليبيا ويمر على الصحراء يمر على غدامس ومن غدامس يمر على الوادي ومن الوادي يمر على بسكرة ومن بسكرة نطلعوه للأوراس، (بنشو لش) في أوله وبعدين في.. اسمه.. في أريس.. أريس اللي كان فيها الأخ مصطفى بن بوريد هو اللي كان مسؤول معانا في الحركة، فالحمد لله العملية فاتت لأن كلهم بارعين يعني في هذا العمل وكان بالذات.. بلمهيدي في بسكرة.. الأخ بلمهيدي اللي عطى.. اللي ما تنساش هذا وكان في بسكرة.
أحمد منصور: ومحمد العربي..
أحمد بن بيلا: يقال لنا عنه كان ناجح تماماً وعملنا في مطامر من 49، حضروا كل 4 شهور.. 5 شهور نزيته من جديد وبعدين كله في المطامر حتى..
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول بأن هذه أول عملية تهريب سلاح لجيش.. جيش التحرير الجزائري السري؟
أحمد بن بيلا: أي نعم، أي نعم، هي الأولى.
أحمد منصور: هي الأولى..
أحمد بن بيلا: البداية هي الأولى يعني بهذا.
أحمد منصور: من خلال الأموال التي أستوليتم عليها من مركز بريد وهران.
أحمد بن بيلا: من المركز بتاع بريد وهران.
أحمد منصور: بسبب.. بالعملية العسكرية اللي قدتها أنت.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.
أحمد منصور: وهذا السلاح حصلتم عليه من ليبيا.
أحمد بن بيلا: لأنه حتى آيت أحمد شارك فيها بش تكون في الصورة يعني.
أحمد منصور: حسين آيت أحمد.
أحمد بن بيلا: شارك فيها ولكن هذه وقعت في العام اللي اعتبر إن هو جاء في ذلك الوقت كان مسؤول عن النظام ككل.
أحمد منصور: قبلك أنت.
أحمد بن بيلا: هو حضر وحضر إلى آخره، ولكن أنا ما أقعدش يوم العملية، يعني أنا اللي مشيت وكنت حضرت معاه..
أحمد منصور: تفتكر مين كان معاك في التنفيذ؟
(7/473)
أحمد بن بيلا: في التنفيذ تنفيذ كانوا معانا بعد.. والله هذه تفاصيل مهمة جداً تاخذ منا وقت ولكن مهمة جداً يا أخي، أنا قلت لك يعني الإخوان هادول بتوع القبايل عملوا لي إنما ما استطعناش وعملوا وقتلوا وما شاء الله قوي يعني في الجبال، من بعد كده جت المسألة بتاع نكون حزب إلى آخرها، وقعتنا مشاكل لأن مشينا الأحزاب.. مشينا لانتخابات البلدية وكسبنا البلديات..
أحمد منصور: لا.. لا يا سيادة الرئيس بس أنا هنا في 49 هذه العملية العسكرية على بريد وهران، تفتكر مين كان معك، كنتم كام واحد عددكم كان كام اللي نفذتوا العملية؟
أحمد بن بيلا: هذه أنا قلتها، اتكلمت فيها يا سيدي أنا.
أحمد منصور: أصل رجعنا ورا فأنا ظنيت.
أحمد بن بيلا: المفروض أنت ما تعرفش التفاصيل، مسؤولية..
أحمد منصور: التفاصيل عندك وحدك.
أحمد بن بيلا: لا ولكن تفاصيل مهمة يا أخي، لأن مافيش اللي يعرفها كثير ومهمة جداً لأول مرة حتى أنا نفصح عليها، ولكن تستحق بيش..
أحمد منصور: اتفضل.
أحمد بن بيلا: هذه الجماعة اللي طلعوا في الجبال في بلاد القبايل، قعدوا تمسكوا في الجبال، ولكن بعدين صعبت المسألة، وقع ضرب، وقع قتل ومقاتل وما شاء الله من.. من القواد هذه ومن الحكام ومن..
أحمد منصور: الفرنسيين.
(7/474)
أحمد بن بيلا: وإلى آخره، وبعدين أصبحوا لأن داخل الحركة بما إننا خضنا بعض البلديات إلى آخره والاحتكاك مع الفرنسيين الحس هذا اللي كان يعني تجاه البارود إلى آخره خف شوية، ولو.. وبما أن هذه الجماعة بعدين أخذناهم من بلاد القبائل وأتينا بهم للعاصمة الجزائرية ورجعت القرى لأن بلاد القبايل كان لا يمكن يستمروا، أصبحت وحد النعرة الناس قالوا علينا ليه ما يقدموش نفسهم ورغم إنه يأخذوا حاجات بسيطة لأنها وقعت.. وقعت حقيقة اتصالات في ذلك الوقت مثلاً (جيوفاني) عندنا.. كان ها جيوفاني هذا من المعمرين والمفكرين، كان مع بعض الإخوان كانوا عندنا كذلك في البلدية قال ليه ما قدموش نفسهم يعني وهذه فضيحة أصبحت فضيحة حقيقة، إحراج لـ.. إحنا ومهانة وطلع للجبل وقاتل وإلى آخره، وبعدين بيسلم نفسه، يعني كان أنا بالنسبة لي أنا كفر، وفي النهاية استطعت نقنع الجماعة قلت أنا اللي نأخذها قالوا لي إن أنا أخذها، ونأخذ المسؤولية أي شيء يقع يا أخي أنا مسؤول عليها، أيه اللي نعمله؟ قلت لهم نأخذهم أنا وما نيجي لكمش ونقودهم، في النهاية قدتهم وهُمَّ 61-70 لأن عمل أعتبر أنا عندي في هاديك عندنا.. عندنا الكيل عندنا كثير، وعندي أنا نظام ما بعده نظام، كل يوم خطة..، هذه اللي عملوا العملية، المقصد منهم.
أحمد منصور: دول اللي عملوا معاك العملية.. دول اللي عملوا معاك العملية.
أحمد بن بيلا: لأن هي العملية هذه لازم كان لعله يقول خدعناهم يعني اللي عملوه كله يعني ما نأخذوش وحدنا، اللي عنده يعني شكله أسمر لأ، كلهم شكلهم أشقر، لأن في ذلك الوقت كان تحدد مثلاً بتاع العمليات ضد.. ضد البنوك في فرنسا كان واحد فرنساوي اسمه (كيورولوف) وهذا كان مشهور يا أخي، عملياته كلها نجح فيها إلى آخره، إحنا قلنا نعملوا عملية يصبحوا هم بأن (كيورولوف) هو اللي عملها ومن هذا كلهم للقبايل أغلبيتهم يعني..
(7/475)
أحمد منصور: ما أنا كنت هأسألك أنت منين أخذت هذه الفكرة؟ فكرة السطو على مكتب بريد.
أحمد بن بيلا: منهم وبعض آخرين من عندنا تم، ولكن كذلك الشكل بتاعهم يكون الشكل فرنساوي حتى..
أحمد منصور: استغرقت العملية كام؟
أحمد بن بيلا: استغرقت يعني واحد بالنصف ساعة بالأكثر..
أحمد منصور: يعني أنت.. أنت في بداية..
أحمد بن بيلا: ليه؟ لأن.. سامحني سيدي لأنه أنا كنت استطعت في يعني وأنا عندي ناس يشتغلوا يعني فدخلوني وأنا يعني.. يعني لابس مثل العمال، في الليل عشان يعني ندرسوا..
أحمد منصور: الخريطة.
أحمد بن بيلا: الخريطة بتاع العمل لأني دخلت 3 مرات أو 4 مرات يعني، وأدرت الخريطة إلى آخره وحضَّرت كل شيء الحقيقة العملية كانت مدروسة تماماً ونجحت الحقيقة.
أحمد منصور: كيف تنظر سيادة الرئيس الآن إلى عملية السطو المسلح هذه التي قمت بها؟
أحمد بن بيلا: نعمل سطو ونعمل أكثر من سطو والله يا أخي، في ذلك الوقت لازم.. لازم بيش نقول لغتنا، لازم تمطرك البارود والسلام هذا هو، ما فيش يعني كنت.. كنت ما فيش حاجة ممكن تثنيني على هذا يعني كنت مقتنع من بعد حوادث سطيف وقلمة وقتل 45 ألف ما فيش حل يعني.
القبض على بن بيلا ومحاكمته
أحمد منصور: أصبحت بعد ذلك زعيماً للجيش السري الجزائري، في 1950 تمكن الفرنسيون من القبض عليك في بليدة واتهموك بتهمة تأسيس جيش سري، كيف قبض عليك؟
(7/476)
أحمد بن بيلا: أي نعم، نعم.. قبض عليَّ لأن نتيجة لذلك لأول مرة يعني أتكلم عليها، يا أخي يعني فيه هذه سنة الله يعني فيه منافقين يعني داخل النظام كان عندنا راجل منافق وكان جانا بطريقة مش كويسة هو كان ابن قائد، هذا القائد انضم لحركة الانتصار اللي كلمتك عليها حزب معروف هو، وهذا كان عنده تجربة عسكرية، هذا يصبح من بعد يا أخي يكون فرقة ضد.. ضد الجيش الجزائري، وعنده 2000 أو 3000 وهو على رأسهم وعنده تجربة كان متخرج.. من مدرسة عسكرية في (شرشن) عندنا مدرسة عسكرية كبيرة كانوا الفرنسيون يعني نظموها وخريج منها هذا، وإحنا خذناه معانا لأنه عنده تجربة وكذلك أبوه كان في الحركة، لكن أبوه قبل كان قائد، فطلب مننا دخول الحركة واللي يمثل النشاط السياسي إلى آخره، خذناه معنا على أساس تجربته في العسكرية وكذلك يعني باباه يعني مناضل يعني هو حتى مسؤول يعني جهوي عندنا، لكن يا أخي كان.. كان يعني.. كان.. فهو فقط اللي كان يعرف وين أسكن..
أحمد منصور: هو فتن عليك..
أحمد بن بيلا: ولا واحد في القيادة يعرف أنا فين أسكن، ثم في ذلك الوقت عادة نسكنوا في.. في القصبة يعني القصبة هي.. لكن أنا شوفت بأنها.
أحمد منصور: حي القصبة في الجزائر العاصمة يعني؟
أحمد بن بيلا: العاصمة نعم، لكن القصبة مهما كان الأمر عيونهم مفتوحة و..، أنا كنت مشيت.
أحمد منصور: إلى وهران.
أحمد بن بيلا: لا مش وهران.
أحمد منصور: إلى البليدة.
أحمد بن بيلا: لا.. لا زاير بالذات في زاير كنت فيها لكن أسكن مع الفرنسيين تحت تغطية، أيوه.
أحمد منصور: في وسطهم!
أحمد بن بيلا: في وسطهم.
أحمد منصور: كنت تخرج تتحرك؟
أحمد بن بيلا: نخرج نتحرك ولكن عندي يعني مدة من حوالي يعني فين نسكن في كلهم يعني.
أحمد منصور: ما كانوا يعلنوا صورك؟
(7/477)
أحمد بن بيلا: وعندي.. عندي.. عندي.. عندي كله أوراق يعني نشتغل في يعني شغل معروف إلى آخره ورجل محترم و.. و، ما إلا واحد يعرف فين نسكن أنا، إلا واحد ولا حد يعرف، هو هذا بالذات هذا الرجل.
أحمد منصور: ما تريد تذكر اسمه؟
أحمد بن بيلا: أيوه نذكر اسمه لأنه هذا أصبح لنا مصيبة، أصبح.. أصبح ضدنا وقت الثورة وكون.. وكون فرقة فيها 3 آلاف..
أحمد منصور: من هو؟
أحمد بن بيلا: اسمه.. هو الاسم اللي أعطاه مش اسم اسمه قبوس لكن اسمه الحقيقي الجيلالي.. الجيلالي.. بلحاج جيلالي، وكان يسكن في مدينة صغيرة معروفة اسمها روينا بلاد بالذات بلاد وطنية..
أحمد منصور: هذا دل الفرنسيين عليك..
أحمد بن بيلا: هذا كان أصبح ضابط في الجيش الفرنساوي اللي بعدين جاء وأصبح عندنا داخل النظام السري..
أحمد منصور: اخترق يعني كده عملية اختراق للنظام السري.
أحمد بن بيلا: اخترق.. اخترق.. اخترق النظام السري نعم، هذا اللي أدى اللي أدى..
أحمد منصور: وكان تحت إمرته 2000 مقاتل؟!
أحمد بن بيلا: بعدين هذه كونها، بعدين يكونها بعدين يكونها، في ذلك الوقت لا عنده حاجة إحنا في البداية إحنا نتكلم في الوقت اللي قبضوا عليَّ فيه..
أحمد منصور: كيف قبض عليك؟ كنت في البيت فقبضوا عليك؟
أحمد بن بيلا: في البيت نعم جاءوا هجموا وأنا في السرير خذوني وأنا في السرير نعم، خذوني وأنا في السرير..
أحمد منصور: كيف كان فترة التحقيق معك؟
أحمد بن بيلا: التحقيق كان صارت.. هم كانوا قبضوا.. قبضوا على.. قبضوا أولاً على هذا بالذات هذا قبضوا عليه، وكان دلهم كثير، حتى على العملية بتاع البوستة بتاع وهران كان إدَّى لهم كل تفاصيلها.
أحمد منصور: كان على علم بها؟
أحمد بن بيلا: يعني كان معانا في القيادة.
أحمد منصور: كان معكم في القيادة.
أحمد بن بيلا: في القيادة، وادَّى تفاصيل كبيرة يعني كل شيء مكتوب الحقيقة، أنا قبضوا علي أنا الآخر.
(7/478)
أحمد منصور: من قبلك قبضوا عليه؟
أحمد بن بيلا: كله.. كله قبضوا عليهم، المئات يعني الوحدة الرابعة 100 و500 لكن 400 مش.. الحمد لله يعني، اللي كان ديداني هو ما يآخذوش علي شيء مثلاً أنا نعرفوا وين يعيش آية أحمد؟
أحمد منصور: لم يقبض عليه آية أحمد.
أحمد بن بيلا: أبداً.. ولا.. أنا عذبوني بكل صراحة. يعني ما نرضاش أتكلم..
أحمد منصور: كيف عذبوك؟
أحمد بن بيلا: عذبوني بالمسلة بتاع الماء.
أحمد منصور: عفواً؟
أحمد بن بيلا: بتاع الماء، التعذيب بتاع الماء، يعملوا في.. ما..
أحمد منصور: كيف عذبوك في الماء؟
أحمد بن بيلا: تشرب الملح بتقدر ويغطسوك..
أحمد منصور: آه، يغطسوا راسك..
أحمد بن بيلا: وغطسوك وغطسوك وغطسوك، ولكن ما..
أحمد منصور: وضربوك؟
أحمد بن بيلا: لا، ضرب ما ضربونيش، ولكن..
أحمد منصور: أيه التعذيب النفسي الآخر اللي تعرضت له؟
أحمد بن بيلا: التعذيب المائي هذا خطير كتير الحقيقة.
أحمد منصور: خطير الماء؟
أحمد بن بيلا: لأنه يريد اشتنشق الماء من... ويتعمر معاه، وبعدين.. ولكن بعدين جابوا لي، قالوا لي إحنا كنا عايزين نعذبوك بس ما كل المعلومات نعرفوها، وجابوا لي كل التقارير مثل كان الآخر، كنت خائف على مسألتين بكل صراحة، المسألة الأولى على المسؤولين اللي كانوا معايا ما عرفونهم بالذات آية أحمد..
أحمد منصور: كان مين غير آية أحمد؟
أحمد بن بيلا: كان بوضياف، كان محساس.
أحمد منصور: علي محساس.
أحمد بن بيلا: آه، بوضياف معاه.. بوضياف عند.. عند محساس، في البيت بتاعه
أحمد منصور: يعني محمد بوضياف كان مختفي عند علي محساس.
أحمد بن بيلا: كان مختفي مش.. غير هو ومسؤولين معاه، مسؤولين آخرين معاه في مثل مستواه عندهم محنة أنا نعرف السلاح فين لياخدنا..
أحمد منصور: كان لازال مختفي السلاح إلى الآن؟
(7/479)
أحمد بن بيلا: أيوه طبعاً مازال، مختفي في أريس عند مصطفى بن نور بولعيد، في المطامر هو، ونحضروه كل 4 شهور 5 شهور عشان نزيتوه.
أحمد منصور: تزيتوه وتعينوه
أحمد بن بيلا: والنهار اللي خضناه يعدى وكأنه مثل اللي عملناه..
أحمد منصور: يا سلام.
أحمد بن بيلا: ولا ضيعنا قطعة واحدة فاستطعنا هذا كنت خايف يعني والحمد لله يعني كان هم قالوا لي إحنا يهمنا.. يهمنا أيه تقول لنا أنا المسؤول لأن أنا أنكرت أنا المسؤول فقلت لهم أنا المسؤول.
أحمد منصور: اعترفت أنك المسؤول.
أحمد بن بيلا: أنا.. أنا المسؤول.
أحمد منصور: لكن لم تعترف على أحد.
أحمد بن بيلا: ولا حد ولا حد، أنا قلت لك يا أخي أشياء أساسية لو كان يا أخي.. مسألة السلاح هي الأساس هي، هو النظام بغير سلاح أيه؟ ما تقدرش، ولا هتك، ولا.. ولا جابو هذا السؤال، ولا.. ولا..
أحمد منصور: يعني هنا يا سيادة الرئيس، اسمح لي بس عشان نعمل ربطة صغيرة وسريعة.
أحمد بن بيلا: هُمَّ كان توقعاتهم الفضايح بتاع التعذيب كان دا يتكلم عن التعذيب حقيقة، عذبوا ناس يا أخي، عملوا فيهم...
أحمد منصور: أيه طبيعة العذاب الآخر اللي عذبوه ليهم؟
أحمد بن بيلا: العذاب الآخر هي.. يا أخي سامحني والله يا أخي إذا.. والله أنا أحجم أكلمك يعني على الأشياء الأخرى...
أحمد منصور: للتاريخ هذا حقيقة.
أحمد بن بيلا: يا أخي التاريخ أراه معروف هذا، و"الأهرام" اتكلموا عليه، أشياء خبيثة يا أخي، أحجم أكلمك عليها والله.
أحمد منصور: بلاش أنت، الآخرين كيف عذبوهم؟
أحمد بن بيلا: الآخرين.. الآخرين ما أني أحجم كذلك أتكلم عليهم يا أخي....
أحمد منصور: يعني أشياء...
(7/480)
أحمد بن بيلا: تعذيب يا أخي مباح، يعني في الأشياء اللي الإنسان يخجل و.. يحجم يتكلم عليها، نعم. أنا ما أقولش يعني عذبوني كل ها التعذيب، لأ، ولكن عذبوني الكفاية اللي هذاك، وشفت بأن ممكن.. كيف قال لي أنا نريد بس يعني.. وكان وقعت على الفضائح بتاع التعذيب، كان وقع كلام إلى آخره، فقال لي تعترف بأن أنت مسؤول عن هذا، واعترفت، كل التقارير عندهم كل، أنا الآخر، ما فيش واحد قُبض بعدي، ولا واحد، ولا اكتشفوا شيء الحمد لله، ولا أخذوا سلاح، ولا.. ولا.. ولا.
أحمد منصور: الآن قبض على 400، قبض على زعيم التنظيم أنت، بقي آية أحمد، وبوضياف، وعلي محساس وآخرين من القيادات في الخارج، كيف كان وضع التنظيم في الخارج بعد القبض عليك في 1950؟
أحمد بن بيلا: ما قلت لك إحنا كنا في الحزب، كنا 5000، قبضوا على 400، بقي 4600.
أحمد منصور: العدد اللي بره كانوا...
أحمد بن بيلا: لا الحركة ما شاء الله.
أحمد منصور: كيف هربوك من السجن بعد..؟
أحمد بن بيلا: أنا الواحد المسؤول اللي قبضوا عليه. كيف هربوني؟ لأ..
أحمد منصور: قبل.. قبل تهريبك، هنا مصال الحاج والمكتب السياسي أوصوا بعد القبض عليك بحل المنظمة السرية.
(7/481)
أحمد بن بيلا: أي نعم، ليه؟ لأنها في ذلك الوقت يا أخي هذا اللي وقع مع إخواننا اللي في اللجنة المركزية كانت الأغلبية بتاع الإطارات من اللجنة المركزية، ما يسمى باللجنة المركزية. وكنا شاركنا في انتخابات البلدية، وفيه بعض الناس اللي خدوا.. خدوا.. خدوا يعني بلديات، أغلبية البلديات، وكانوا يشتغلوا وخدوا البلديات ولكن كان.. كان ممثلين عرب، وكان ممثلين فرنسيين معنا يشتغلوا إجمالاً. ميزانية البلاد، الأشغال بتاع البلاد، في.. في بلدية، فيه يعني مجلس بلدي، مكون بثلث من.. تقريباً ثلث عرب، وثلثين فرنسيين، ورئيس البلدية فرنساوي طبعاً، ولكن يشتغلوا جميعاً، ففي ذلك الوقت.. طلعت هذا النعرة بتاع.. ما يسمى باللجنة المركزية، لأن الأغلبية داخل اللجنة المركزية من بعد المكتب السياسي، الأغلبية هي.. هي الهيئة الأساسية للجنة المركزية. اللجنة المركزية أغلبيتها كان ضد.. ضد.
أحمد منصور: العمل العسكري.
أحمد بن بيلا: العمل العسكري، وطلعت نعرة كانوا ضد كذلك مصال الحاج، وقعت نعرات يعني.
أحمد منصور: هنا حصلت أزمة ثقة في الجزائر بشكل عام، الجماهير الشعبية وقيادات الحركة، حركة انتصار الحريات الديمقراطية هذه حركتكم، اللي هي كانت امتداد لنجمة شمال إفريقيا ولحزب الشعب.. كان هناك الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري اللي كان يرأسه عباس فرحات، كان هناك الحزب الشيوعي الجزائري، كان هناك جمعية العلماء، هذه القوى السياسية الرئيسية ربما كانت هي على الساحة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: كانت هي.. هي الرئيسة.
أحمد منصور: كان هناك أزمة ثقة، الشعب يريد الاستقلال، وهناك تخبط ما بين هؤلاء، ما بين ناس يدعون..
(7/482)
أحمد بن بيلا [مقاطعاً]: لا، والله كان تخبط ما بين ها دُوُل فقط، لأن الحقيقة الشعب.. الشعب اليوم اللي.. اللي.. اللي ينادينا بهذا وعملنا من أجل هذا إحنا كنا.. هو هذا النظام السري مش حتى الحزب، وكل.. كل.. كل الحركة، لكن كانت فشلت كان استعمار استيطاني يا أخي.
أحمد منصور: قضيت أكتر..
أحمد بن بيلا: وحابل كبيرة، وإلى آخره، والثقة في الأحزاب نزعت بكل، بما فيه الحزب بتاعنا، داخل الحزب يعني بيقاتل مناضلين لا... نعمل عملية البوستة بتاع وهران لأنه ما بقاش فلوس، ما كانش عندنا فلوس حتى بيش ندفع للمسؤولين الكبار بتاعنا، عارف لأن إحنا أرسلنا.. قال الفلوس موجودة، تركونا ما معناش فلوس.
أحمد منصور: في مايو 52 استطعت أو تمكنت من الهروب من السجن مع علي محساس.
أحمد بن بيلا: نعم. تمام.
أحمد منصور: فترة.. كنت في أي سجن قضيت الفترة، ما يزيد عن عامين؟
أحمد بن بيلا: كنت في البليدة.. في البليدة.. البليدة.
أحمد منصور: في البليدة.. علي محساس قبض عليه بعد ذلك..
أحمد بن بيلا: كان المفروض.. المفروض هذا السجن ما فيش.. ما فيش واحد في التاريخ هرب من هذا السجن..
أحمد منصور: يهرب من السجن ده.
أحمد بن بيلا: ما فيش واحد.
أحمد منصور: كيف هربت؟
أحمد بن بيلا: هربت لأن إحنا استطعنا، لأنا دبرنا، تدبرنا أمرنا بصعوبة و.. لكن فلتنا.
أحمد منصور: احكي لنا قصة هروبك باختصار.
أحمد بن بيلا: والله قصة هروبي باختصار، الاختصار هو المحاكمة بتاعنا، إدت لنا فرصة بيش نصطدم مع.. مع.. مع الحاكم محاكمة، لأن إحنا قررنا إحنا اللي نحاكمهم، مش هم اللي يحاكمونا.
أحمد منصور: أنتم تحاكموهم مش هُمَّ!
أحمد بن بيلا: نحاكموهم.
أحمد منصور: كيف؟
أحمد بن بيلا: هو يسأل وأنا نجاوبه على فرنسا، أيه اللي عملت فرنسا، أيه تاريخها، أيه كده، وأنا طرحت الأسئلة إلى آخره، و.. والمنطق.. نتناقض معاهم ويقع ضرب داخل.. ويقبضوا علينا..
(7/483)
أحمد منصور: داخل المحكمة؟
أحمد بن بيلا: أيه شهر وهم يقبضوا علينا ويدخولنا في السجن، ما هم كل واحد منفرد إلى آخره، وعاودوا يحاكمونا نفس الشيء يقع، لأن أنا كان جاني أمر من الحزب، بيش ما يكنش.. ما يكنش حكم سياسي، ما.. ما سياسي، وأنا عارضته وأنا كنت شاعر.. شاعر بكل بصراحة، لأن القيادة بتاعنا يعني ما بقتش في مستواه، وقررت أنا نعمل اللي نشوفوه، يعني قلت ما..
أحمد منصور: يعني قررت أن تخرج عن أوامر القيادة داخل السجن، وأن تتخذ ما تراه مناسباً لك.
أحمد بن بيلا: نعم، كيف إذا.. إذا اقتضى الأمر، هم قالوا ما.. ما تعملوش يعني محكمة سياسية، أنا هي اللي عملتها، لكن استشرت الجماعة اللي في السجن بحالهم، قالوا لأ.
أحمد منصور: كان مين أبرز اللي معك في السجن؟
أحمد بن بيلا: اللي برز معاي طلعوا من بعد، كان معي محساس اللي يصبح يعني من.. من مؤسسي..
أحمد منصور: الجبهة بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: كانوا معاي الأغلبية بعدين بتاع الإخوان القبائل اللي كنت قدتهم.
أحمد منصور: في موضوع البريد.
أحمد بن بيلا: وكانوا هم اللي بيبدءوا العمل في بلاد القبائل، هدول جم علشان يحاكموهم، لأنه كانوا من ذلك الوقت ما حاكموكش، أتوا بهم في السجن بتاعنا على أن يحاكموهم، وكان ييجوا شوية متفرقين، كذلك تعرف السجن وطال عليهم شوية من.. من الـ 45 حتى الـ 50، وقعت نعرات شوية بعضهم البعض، ولكن هم غلطوا والفرنسيين جابوهم في وسطنا على أساس ما يبقاش نعرات. اتصلنا بيهم، ومشوا..
أحمد منصور: كيف هربت؟
أحمد بن بيلا: مشوا عملوا.. عملوا.. عملوا المحاكمة بتاعهم، وكانت كذلك فلتة يعني، عملوا فيهم الفرنسيين ما عملوا فيهم حتى، ما عرفوش كيف يتعاملوا معهم.
أحمد منصور: احكي لي.. طيب احكي لي هنا جو المحكمة.
أحمد بن بيلا: ما أنا بأحكي لك والله فيه... عشان ما نحكي لك.
أحمد منصور: احكي لي سيادة الرئيس جو المحكمة، أنت الآن..
(7/484)
أحمد بن بيلا: جو المحكمة.. هي إحنا ماشي المحكمة، ولكن كيف نمشوا للمحكمة الشعب يعرف ييجوا.. ييجوا بالمئات، ما.. ما يتركوهمش يدخلوا مع إن دول كانوا يدخلون بيش يسمعوا للمحكمة، وبعدين يدوا لهم حواجز ولكن يقعدوا بالآلاف، إحنا في المحكمة غنينا الأناشيد الوطنية، جه البوليس يضرب فيهم وهما يضربوا كذلك، يجيبوا الجيش أصبح يعني، هذه المحكمة أنت إخوان ولا قبائل، ولما حاكمونا إحنا، نفس الشيء، شهر وإحنا بهذا... الحقيقة.
أحمد منصور: ممكن تقول لي جزء من حوار تم بينك وبين القاضي في المحكمة؟
أحمد بن بيلا: الحوار هو أن هم يطلبوا منا شيء وإحنا.. وإحنا نجيبهم تاريخهم واللي عملوه فينا، من الأمير عبد القادر حتى الهذاك، وتنتهي أنتم مستعمرين، أنتم يعني.. أنتم..
أحمد منصور: كنتوا في مواجهة معهم.
أحمد بن بيلا: نعم مواجهة، ما فيش كلام، نعم ما فيش..
أحمد منصور: صدر عليك حكم؟
أحمد بن بيلا: الحكم كم عام؟ اللي ما أعتقد الـ 20 سنة ما أعرفش حكم.. حكم.. و..
أحمد منصور: 20 سنة سجن.
أحمد بن بيلا: لأن كذلك حكموا عليَّ في وهران في مسألة البوستة بتاع وهران، أي نعم كان بتاع النظام السري هذا إلا مش محاكمة كبيرة، ما أعرفش 10 سنين أو 8، ما أنا مش متذكر، ولكن بتاع وهران 20 سنة..
أحمد منصور: يعني أخذت 30 سنة سجن.
أحمد بن بيلا: ربما، هذا ما عنه شيء.
أحمد منصور: لكنك تمكنت في مايو 1952 من الهروب من السجن.
أحمد بن بيلا: الهروب من السجن، نعم.
أحمد منصور: السجن العتيق الذي لا يستطيع أن يهرب منه أحد.
أحمد بن بيلا: إحنا تدربنا على..
أحمد منصور: وهربت من السجن وذهبت إلى فرنسا.
أحمد بن بيلا: ذهبت فرنسا، وزي ما أحكي لك أنت قبل شوية ما أعرفش هادي متخرجها ولا متخرج أنت تختار.
أحمد منصور: اتفضل.
أحمد بن بيلا: أيش تضحك أنت، فيها الطريف. وين أتدربنا يا أخي؟ أتدربنا لأن يعني أنا كنت عندي صحة بدنية من عمري وأنا أكون..
(7/485)
أحمد منصور: ربنا يديك الصحة.
أحمد بن بيلا: ويعطيك الصحة هو، وكذلك محساس.. وكذلك محساس، ولازمنا مبرد.. مبرد، بيش هناك فيه بتاع الحديد كبار الحديد كده كبار، وعندنا مختص في هذا، معاي في السجن في هذا، عندنا مختص، وجبنا له هذا كله بش، هذيك جبناه، أخطر كنا كل أسبوع ممكن يدخلوا لنا الكسكسي بشوية، يدخل في الكسكسي. فاليوم اللي.. اللي عملناه كان لازم نغنوا لنا أناشيد، لأن طبعاً في حس شوية وكيف المبرد يعني، مش ..
أحمد منصور: يعني أنتوا بتغنوا والثاني بيبرد في الحديد.
أحمد بن بيلا: أيه حتى يتم شغله، وبعدين هربنا كان، لأن...
أحمد منصور: لا.. لا يا سيادة الرئيس اسمح لي.
أحمد بن بيلا: اتفضل سيدي.
أحمد منصور: قصة الهروب الكبير هذه ما تروى بسرعة، لأن هروبك من سجن عتيق بهذا الشكل.
أحمد بن بيلا: أيوه صعب.
أحمد منصور: ما يستطيع أحد أن يهرب منه ويحرسه، وأنت مسجل خطر، رئيس لجيش سري جزائري، محكوم عليك بـ 30 سنة سجن، واستطعت أن تهرب.. اسمح لي في الحلقة القادمة.. وهربت.. ذهبت إلى فرنسا، ومن فرنسا إلى سويسرا، ومن سويسرا وصلت إلى القاهرة....
أحمد بن بيلا: هربت بيش نعمل أول نظام –يا أخي- أول النظام هاذي، لأن أصبحنا أيه ما زي ما بأحكي لك، استطعت نجتمع مع القيادة في.. في فرنسا، من القيادة، بوضياف، ومحساس اللي معاي أنا بعادي.
أحمد منصور: محساس هرب معك.
أحمد بن بيلا: أيه بعادي الثلاثة، يعني الثورة ابتدت من هنا.
أحمد منصور: لأن.. لأن دي نقطة حساسة جداً.
أحمد بن بيلا: في فرنسا، في باريس، اجتماع في أحد الحيات اسمها.. الحي اسمه (لاروش) تلات أيام وإحنا نشتغل..
أحمد منصور: ربما لا يعرف الجزائريون والعرب كثيراً هذه التفصيلات.
أحمد بن بيلا: ما يعرفوش.. ما يعرفوش، مازال ما يعرفوش، والله.
(7/486)
أحمد منصور: اسمح لي أبدأ الحلقة القادمة بقصة الهروب الكبير من السجن، والذهاب إلى فرنسا، ومن فرنسا إلى سويسرا، ومن سويسرا إلى القاهرة، حيث التقيت بعبد الناصر، وبدأت تجهز لانطلاقة الثورة الجزائرية في الأول من نوفمبر 1954. أشكرك سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: شكراً لك.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة إن شاء الله نبدأ بقصة الهروب الكبير من السجن للرئيس أحمد بن بيلا عام 1952.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/487)
الحلقة3(7/488)
الأربعاء 16/8/1423هـ الموافق 23/10/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 19:45(مكة المكرمة)،16:45(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
20/10/2002
- هروب أحمد بن بيلا من سجن البليدة العتيد
- هروب بن بيلا من الجزائر إلى فرنسا
- هروب بن بيلا من فرنسا إلى سويسرا
- انتقال بن بيلا إلى القاهرة ولقاؤه بعبد الناصر
- الترتيب لقيام الثورة الجزائرية ودور جمال عبد الناصر
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا. سيادة الرئيس، مرحباً بيك.
أحمد بن بيلا: أهلاً وسهلاً.
هروب أحمد بن بيلا من سجن البليدة العتيد
أحمد منصور: حُكم عليك بالسجن بعد القبض عليك في العام 1950 من قِبَل الفرنسيين لمدة 30 عاماً في قضيتين، الأولى هي رئاسة التنظيم السري لجيش التحرير الجزائري والاتهام الثاني هو الهجوم على مركز بريد وهران عام 49 والاستيلاء على ما كان فيه من أموال، قمتم بشراء سلاح بها.
في مايو 1952 قمت بالهرب من السجن بعد الحكم عليك مع زميلك ورفيق دربك علي محساس، قبل أن تروي لنا قصة الهروب الكبير من السجن وكيف تمت، وهو سجن عتيد سجن البليدة، سجن عتيد والهروب منه ليس سهلاً.
أحمد بن بيلا: لأ، مش ليس سهلا ولا مرة.. ولا هرب منه واحد.
أحمد منصور: لم يهرب منه سواك فقط. هل كنت على صلة بالتنظيم في الخارج وأنت في السجن؟
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.
أحمد منصور: كيف كانت الصلة؟
أحمد بين بيلا: الصلة كانت أولاً كان ...... هو كانت الصلة بواسطة المحاميين، حتى بعض المحامين الفرنسيين اللي جاءوا أتوا الجزائر علشان.. يعني يكونوا محامون لنا.. يكونوا محامين لنا.
(7/489)
أحمد منصور: إيش كانت توجهاتهم المحامين الفرنسيين؟
أحمد بن بيلا: يساريين كلهم.
أحمد منصور: يساريين.
أحمد بن بيلا: كلهم يساريين طبعاً، وكذلك مسألة التعذيب هذه كانت خرجت وطلعت يعني إذاك، وكانت الجالية الفرنسية من ذلك الوقت حقيقة فيه التيار الفرنساوي كان ضد الحرب هذا وضد التعذيب بالخصوص، وكانوا شنوا هجمة كبيرة فيما يخص التعذيب، وكانوا محامون فرنسيون يأتون من فرنسا، لأن كان.. كان في الجزائر كان.. كان ضغطوا على المحامين العرب يعني، كان عندنا محامون عرب، ولكن الأغلبية كانوا فرنسيين، وكان اتصال يعني ما بيننا وبين الخارج بواسطة، وكذلك بواسطة وسائل أخرى حقيقة يعني، حتى من.. من ضمن الذين كانوا يحرسونا.. يحرسوا علينا من الفرنسيين كان منهم اللي كان كنا استطعنا يعني بواسطتهم بلغوا بعض الأشياء لإخواننا أو يأتينا ببعض الأشياء، هادول كذلك يساريين كانوا يعني نقابات، كان الاتصال موجود، وكان.. وبالخصوص.. بالخصوص فيما يخص خروجنا هروبنا من البليدة، الاتصال وقع بطبيعة الحال، كنا نخرج تقريباً في مظاهرات، كل ما نخرج للمحاكمة، ويختلط معنا طبعاً الشعب، يختلط معنا طبعاً الشعب يجي يهتف كذلك وفكان.. فيقبضوا عليهم، ويضعوهم في السجن معنا، الذين قاموا..
أحمد منصور: بالمظاهرات.
أحمد بن بيلا: منهم المسؤول بتاعهم من.. من.. واحد آخر اسمه بوديسا بعدين يصبح وزير هذا، كان هو الرجل الأساسي اللي كان صلة ما بيننا وما بين المناضلين، وبالخصوص مناضلين بتاع (....) بتاع نظام السري، حقيقة الهرب ما.... شاركوا مش فقط النظام السري، يعني بعض الإخوان في الحزب شاركوا من بعد شاركوا، لكن الذين شاركوا في.. في الهرب بتاعنا كلهم من النظام السري كلهم.
أحمد منصور: كيف تم ترتيب قضية الهروب؟
(7/490)
أحمد بن بيلا: اتصال.. اتصال بواسطة هادول اللي كانوا يقدرون يعملون بالسجن معنا، مش في.. البيت معانا لكن قاربوا نشوفهم نتكلم معاهم بواسطتهم حضَّرنا الهرب.
أحمد منصور: ما هي أدوات الهروب التي استخدمتموها؟
أحمد بن بيلا: الأدوات هي الأماكن بره مش أدوات أخرى، يعني أدوات طبعاً فيه بعض الأحبال.. بعض هذاك، لكن الأدوات هي كيف المكان.. المكان فين، المكان.. الأماكن فين يعني السرية.
أحمد منصور: المهم كان.. المكان الذي ستلجأون إليه.
أحمد بن بيلا: المهم هي الأماكن.. الأماكن.
أحمد منصور: لكن في البداية هنا وأنتم داخل السجن.
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: هناك أسوار عالية، هناك حراس، هناك زنازين.
أحمد بن بيلا: آه، فيه زنازين.
أحمد منصور: هناك حديد.
أحمد بن بيلا: حديد.
أحمد منصور: كيف تغلبتم على هذه العوائق؟
أحمد منصور: تغلبنا أولاً.. الأول هي الآلة اللي بيش المبرد اللي بيش يعني هذا اللي...
أحمد منصور: تنشروا به الحديد.
أحمد بن بيلا: ننشر به الحديد، هذه الأولى، وهذه دخلت مع الأكل اللي عادةً يدخل بيوم الجمعة كالكسكسى مثلاً، دخل في الكسكسي، آلة واحدة طبعاً هم كانوا دائماً يعني يفتشوها، ولكن ما قدروا يشوفوها، ودخل ودخل كذلك بالواسطة بتاع هذا الإخوة اللي كانوا عندنا يجيئوا لأي عائلة بتاع نزورهم يوم جمعة إلى آخره، فإحنا كنا في حاجة لأشياء بسيطة، الأحبال لازم تكون بره مش عندنا أولاً، إحنا لازم نتقلص [نتسلق] الجدران تقلص [تسلق] مثل هذا المحترفين.
أحمد منصور: ارتفاع الجدران كان كم تقريباً؟
أحمد بن بيلا: وكان لازم يكونوا في حالة يعني جسدية يعني رائعة، وكنا طبعاً تدريب كل يوم مش يعني.. لأ تدريبات يعني حتى يعني نكون في.. في المستوى، لا أنا لا الأخ محساس.
أحمد منصور: أنتو الاثنين فقط أم فيه مجموعة أخرى؟
(7/491)
أحمد بن بيلا: إحنا اثنين اللي هربنا إحنا الاثنين مسؤولين يعني..، وأما مسألة.. مسألة الرياضة هذه المسألة سُنَّة عندنا داخل ما فيش الرياضة باستمرار والدروس باستمرار حتى تعليم يعني بعض المسرحيات إلى آخره وهذه اللي فرضوها عليهم، كيف انفرضوا عليهم؟ إحنا عملنا تجربة في هذا، يعني كيف ندخل السجن أصبح في حالة بتاع حرب أو أنت اللي تكون قوي أو الحارس يكون قوي، فيش يعني هادولا..
أحمد منصور: هل يمكن أن تكون مسجوناً وتكون أقوى من سجانك؟
أحمد بن بيلا: أيوه، أنت تعمل كيف.. كيف تكون ناجح، هي مش مسألة بتاع سلاح أو.. لأ، الإضراب عن الأكل، لازم.. لازم تجد.. تجد سبب .. تخترع سبب حتى هذا يدِّيك على كأنه إرغام عليك تدير إضراب.
أحمد منصور: إضراب عن الطعام.
أحمد بن بيلا: آه. لازم تخترعه، مش هم يعلموه فينا، لأ، إحنا لازم نخترعه.
أحمد منصور: موضوع الإضراب عن الطعام كيف يقلق إدارة السجن مثلاً؟
أحمد بن بيلا: يقلقها لأنه ممكن يستمر الإضراب الإضراب عن الأكل يا أخي، أنا استمريت 23 يوم، أصبح يعني مثلاً الإضراب، عملنا.. في فرنسا الأخ آية أحمد كاد يعني يموت جات له أزمة قلبية وكاد يعني، وفي النهاية يعني فرضوا علينا نمشي لمستشفى خاص يعني مختص في هذه الأشياء بالذات يعني، ولكن رفضنا ها.. ها الأشياء وحتى بالضرب حتى..
أحمد منصور: بعض الأنظمة تترك المساجين يضربوا عن الطعام حتى يموتوا.
أحمد بن بيلا: لأ، و الله..
أحمد منصور: ودي حصلت في تركيا وحصلت في بعض الأنظمة.
أحمد بن بيلا: حصلت في تركيا، ولكن وحتى إحنا كانوا يعملوا هذا، وفيه عندنا ناس اللي كان اللي ماتوا من جراء هذا، ولكن الأتراك موجودين في.. في.. في حبس واحد يعني في..، إحنا كنا منتشرين في كل الجزائر يا أخي.
أحمد منصور: غير الإضراب عن الطعام؟
(7/492)
أحمد بن بيلا: وكيف نضرب على.. ترى بالكل يتضامن ما فيش كلام، يتضامن مع أن ها الإضراب هو اختبار، هو.. هو حتى تصبح أنت أقوى منه.
أحمد منصور: اختبار للإرادة.
أحمد بن بيلا: ولا هو.. هو بالطبيعي لازم ينزلك يعني يطلقوا عليك الجماعة اللي عندهم هادول المسجونين يعني يأتون إلى الأبد يعني طبعاً قطاعين طرق بلطجيين يعني، واللي هم اللي هادول لازم بيش.. لازم تقترح، الصراع معاهم..
أحمد منصور: غير الإضراب عن الطعام.
أحمد بن بيلا: إضراب.. ما فيش إضراب، والكل.. واللي تضامن معك هاديك السجن من جهة (....) واللي فرنسا ما كانش يعني هي.. اللي هي كانت تتحاشى على أن يقع شيء من هذا النوع، إحنا لازم نفرضوه، ليه؟ هذا اللي يدينا فرصة بش يتركونا ننظم نفسنا كما.. كما نريد، وما كل ما يحرص عليه إنه لا نهرب من السجن، ولكن داخل ما يفرضش عليَّ شيء، ندخل في الساعة الفلانية ونخرج الساعة الفلانية، ولكن ننظم نفسي، نعلم اللغة العربية، نعمل مسرحيات، ندير رياضة.
أحمد منصور: يعني تخلقون العالم الخاص بكم داخل السجن.
أحمد بن بيلا: نصبحوا مش إحنا اللي في السجن معنوياً اللي في السجن، على.. هذه قاعدة ما فيش كلام، ما فيش كلام لازم يعني.. هذا اللي وقع يعني إحنا أنا كنت داخل ولا يتدخلوا فينا أبداً، ولا نسمح لهم يتدخلوا فينا أبداً.
أحمد منصور: كيف عملتم عملية النشر؟
أحمد بن بيلا: لأ مش عملناه هي مسألة هذا، لكن فيه جدران يقدرون.. وبعدين..
أحمد منصور: ارتفاع الجدران كان كم؟
أحمد بن بيلا: لا أعرف.. لازم رمي بحبل يعني لازم حبل يعني، طب ما الجدران الأول لا، شوفنا بأن إحنا ممكن لأن فيه..
أحمد منصور: تقفزون.
(7/493)
أحمد بن بيلا: فيه اثنين.. اثنين جدران، فيه.. فيه الجدار الأول، وفيه جدار لآخر الممر ما بينهم بتاع.. بتاع الكلاب وبتاع.. بتاعه لازم نعرف الأوقات، لازم نحضر كيف، فلازم هذاك، لازم، الجدار الأول هو اللي صعب، لأن الثاني رموا لنا حبال، لكن الأول كيف؟ اتدربنا.. اتدربنا.. اتدربنا.. لكن يوقع علينا ما يقال، بعدين أحكي لك، فها كيف يعني أولاً المبرد هذا، وهذا خد منا وحده ساعتين بش يعني استطعنا الحديد هذا لأنه كثير إلى آخره، لكن كان عندنا خبير في هذا، أخ كان في الكشافة وما زال حي يرزق.
أحمد منصور: ما اسمه؟
أحمد بن بيلا: و الله اسمه على.. على طرف لساني.
أحمد منصور: هو تكريماً له أن تذكر اسمه.
أحمد بن بيلا: هو.. هو تكريماً له.. هو من.. من.. من الجنوب من بسكرة كان هو وكان.. كان في الكشافة مسؤول من الكشافين.
أحمد منصور: هو الذي برد لكم..
أحمد بن بيلا: ودا اللي.. اللي وجمع مع أصحاب.. أصحاب خبراء كذلك في نشر الحديد.
أحمد منصور: قلت لي كنتوا بتغنوا أناشيد.
أحمد بن بيلا: وإحنا نغنوا علشان ما يسمعوش يعني هذاك يعني، ولكن وقعنا بمشكل، المشكل الأول هو الجدران كيف وصلنا؟
أحمد منصور: الجدران الأول.
أحمد بن بيلا: الجدران أنا طلعت، محساس..
أحمد منصور: لأنك طويل شوية.
أحمد بن بيلا: طويل شوية، وكنت في حالة حقيقة.
أحمد منصور: رياضية.
أحمد بن بيلا: رياضية رائعة، كنت يا أخي كنت.. كنت بطل بتاع 400 متر، كنت لاعب Foot boll، كنت رياضياً، استطعت مو.. بصعوبة استطعت، لكن ها المشكل هو محساس، وكان أنا لازم تطلع في. الفوق شد.. لأن أنا لازم اتحرك كثير، لأن ما كانش في الحسبان فيه خط بتاع كهربا.
أحمد منصور: آه..!!
(7/494)
أحمد بن بيلا: ما نستطعش ولو 5 سنتيمتر نتحرك أو يضربني، معناها مش ممكن ننزل له أكثر من اللازم بش نأخذه، لازم هو يطلع، يصل وأنا في إيديك، يصل كده.. يصل على 5 سنتيمتر وينزل.. ونزل المرة الأولى ونزل المرة الثانية، وعاد ثاني و احد وكيف ينزل؟ المرة الثانية انتهى الأمر، إن يا أخي يكون في حالة يعني أنت.. وأنت تعرف لو أنت عصبياً لا تسمح له قال لي يا أحمد روح إحنا في حالة كنت.. كنت أنا أنا بدأت نسبُّه ونقول له كلام قبيح.. قبيح.. قبيح..
أحمد منصور: حتى تشجعه إنه يأتي.
أحمد بن بيلا: حتى نشجعه ما نقول لكش الكلام هذا.. حاول.. حاول نط ومسكته طلعته معايا، وبعدين نزلنا وبعدين رمينا حجرة كده.. عرفوا، رموا لنا الحبل، على كل بصعوبة، ولكن خرجنا.
أحمد منصور: كان ارتفاعه كم؟
أحمد بن بيلا: والله ما أعرف 6 متر أو 7 متر يعني.
أحمد منصور: 6 متر؟!
أحمد بن بيلا: نعم، اللي بره نعم.
أحمد منصور: والداخلي كام متر.
أحمد بن بيلا: الداخلي هذا الآخر اللي.. اللي مش كثير ربما خمسة..
أحمد منصور: خمسة متر؟!
أحمد بن بيلا: ربما خمسة، ربما خمسة أو أقل من خمسة، إذا مش 5، 4.50 كده مش سهل، أنا قلت لك لازم كهذا اللي يتسلقوا الحيط، يقفشوفوا فيه
أحمد منصور: آه مثل متسلقو الجبال.
أحمد بن بيلا: ما فيش يا أخي.. ما فيش ما عندناش حاجة حقيقة، لكننا فيه مسألة لعلنا نحكيها لك ما أعرفش تطلعها، أو ما تطلعهاش.
أحمد منصور: اتفضل، كل الذي ستقوله سيخرج إلى الناس.
أحمد بن بيلا: نعم، ما أعرفش، على كل حال هنشوف، فنزلنا عند الإخوان.. الأخ في هذا.. هذا
أحمد منصور: تجاوزتم الـ..
أحمد بن بيلا: الكبير، وكان.. كان فيه برد في هاذيك الليلة فيه برد، أخ محساس ضربه برد، ضربه برد هذا من بعد يكون نتيجة. خلينا، إحنا في ذلك الوقت عارفين بأن الأسلوب بتاعهم، خصوصاً الكلاب مختصين يجيبوا الكلاب..
أحمد منصور: الفرنسويين.
(7/495)
أحمد بن بيلا: فرنسا، واحد.. واحد مشهور كتير كلاب بعدين أحكي لك عليه، فكيف نعرف بأن لازم هذه الشمة هذه اللي.. هذه الشمة، كي تعمل الشمة يعني تتلف للكلب ما يقدر يقتفي، يريد وإحنا ماشيين ونرمي الشمة يعني، ما بش يجر لمثل.. عارفين يجيبوا الكلاب هذا، كان فيه معانا أخ مناضل في بيت .. البليدة، هي موقع خاص عندها الجبل فيه تزحلق بتاع.. الثلج.
أحمد منصور: بتاع التزحلق على الجليد نعم.
أحمد بن بيلا: وفيه غابة بتاع الأرز هذا ورائع، يعني الحقيقة منظر رائع وجبال وفي الطريق ها البيت اللي تكلمت لك عليه الأخ مناضل، مناضل.. والمناضل بتاع الجيش بتاع النظام السري، ومعاه عائلته، أخته متزوجة كانت حامل بهذا الانفعال إجي الولد، ها المشكل المشكل.. في الأسبوع، إحنا عندنا عادة الأسبوع يديروا الأسبوع كل الجيران يجوا، إحنا.. في ذلك الوقت البوليس في الشارع، الجيش في الشارع..
أحمد منصور: يبحث عنكم.
أحمد بن بيلا: يبحث عنا وعندهم أوامر يضربونا بغير ما.. بغير إشارة، يضربوا..
أحمد منصور: يقتلوكم.
أحمد بن بيلا: يعني كل الطرقات مقلوبة الدنيا، بن بيلا هكذا، كيف نعملوا يا أخي؟ هم عندهم عادة يوم الأسبوع هذا ما يسدوش الباب يعني، لازم يخلوا البيبان مفتوحة عيب يعني يعني.. تضيِّف ناس العادة يعني في.. ولكنهم يعملون أجبرونا، وإحنا مش ممكن نتحرك من هاذاك البيت أبداً وإحنا في هذا الحالة جانا ما هو.. ربما فيه حل أيه الحل؟ عنده كلب -حاشاك اسمح لي والله- هذا الكلب.. كلب.. كلب من أصل عربي هذا من أصعب الكلاب في العالم والله ياكل حتى مولاه، يعني صعيب..
أحمد منصور: يا ساتر.
أحمد بن بيلا: وكبير ما شاء الله وعنده النوالة إحنا نقول له نوالة، يعملوا.. النوالة هذه يعملوها.. يعملوها بهذا اللي..
أحمد منصور: ينسجوها يعني.. منوال ينسجوه؟
(7/496)
أحمد بن بيلا: نوالة يعملوها بالتبن، هذا أنت.. بتاع الحصاد، يعملوه ويصير كويس على النول بس يعني الكلب يعملوا نوالة، كأنه بيت. يعني ومغطي من كل جهة يعني دار، قال هذا الحل هو هذا، ما عندناش حل آخر لأن ما الكلب..
أحمد منصور: أن تختفوا في بيت الكلب.
أحمد بن بيلا: آه لأننا.. الأطفال يخافوا يعني يقتربوا للكلب يعني، وكان بيت صغير كده يعني، فقلنا قعدنا يومين بش استطعنا ندخلوا مع الكلب هذا
أحمد منصور: كنتم معاه؟
أحمد بن بيلا: معاه، لأن لازم قبل السابع يوم لازم نوجدوا حل كيف الحل؟ أصبح مش ممكن يعني ظهر ويشوفوا، نجد اللي فوق يشوفوا السطح، إحنا يومين وإحنا بش الكلب يعني شوي، خدنا معاه.
أحمد منصور: تقبلكم الكلب؟
أحمد بن بيلا: ما تقبلناش والله، نص ونص ما مرة.. مرة.. شيء يوم الأسبوع هذا جاء وجاءت خلق ما أعرفش يا أخي جاء وكل جهة وبالخصوص الهروب عندنا ولا نسمع بن بيلا.. بن بيلا.. بن بيلا..
أحمد منصور: كله عمال يقول بن بيلا هرب.
أحمد بن بيلا: ارجع.. ارجع نقول لك إحنا المشكل ومحساس يكح، قلت له الكلب مايكحش، ما لازمش يسمعوا الكحة بره. ففي النهاية هو قال يا أحمد الوسادة، عندنا وسادة، كل ما تجيه الأزمة ويكح لازم نغمه، ما فيش.. ما عنديش حل آخر وأنا معاه هأقدر وأنا يغم فيه هو أصبح والله أزرق أصبح أزرق، حتى خفت يعني، كل ما يكح نغمه، كل ما يكح، نسمع أحد المرات يتكلم ها بن بيلا قالت لهم هذا، (….) ما يقبضوش، ما يقبضوا عليه..س عنده خاتم سليمان؟! وأنا في بالي كنت هاين أقول لها أنا عندي وسادة راح نغم فيها، وفاتت الحمد لله.
أحمد منصور: والكلب لم يهجم عليكم؟
أحمد بن بيلا: ما هجمش علينا لليوم أنا كنت.. محساس..
أحمد منصور: كم يوم بقيتم مختبيين؟
أحمد بن بيلا: قعدنا واحد الأسبوع وبعدين أحمد.. متخلق شوي، قال لي أحمد أنا لازم نمشي، مشي، خرج..
أحمد منصور: محساس.
أحمد بن بيلا: آه محساس
(7/497)
أحمد منصور: خرج وحده؟
أحمد بن بيلا: خرج واتصل بالجماعة بتاع الحركة والحركة قلت لك المشاكل اللي كانت عندنا الـ(...) وإلى آخره أرسلوه لفرنسا بيش ما يقعد في الجزائر.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أنت بقيت في البيت هذا؟
أحمد بن بيلا: بقيت في هذا البيت.
أحمد منصور: مع الكلب.
أحمد بن بيلا: مع الكلب.. لا بعدين راح وقت ما رجعت..
أحمد منصور: بعد سبع أيام.
أحمد بن بيلا: ودخلوني البيت يا سيدي، الكلب قعدت معاه النهار بتاع الأسبوع فقط.
أحمد منصور: بس؟
أحمد بن بيلا: يكفيني يا أخي يكفيني، وبعدين..
أحمد منصور: الفرنسيين لم يأتوا للتفتيش في البيت؟
أحمد بن بيلا: لا أبداً، لا ولا.. ولا اطلعوا ولا، وما أقدرش حقيقة البيت صغير يعني بتاع فلاحين وبتاع.. يعني ولكن مش بعيد..، تلات.. تلات مائة متر طرقات فيه كذا، يعني وبكثافة الجيش والكاست، والله بيش تضحك كذلك، صح، أنا مع المدعي العام هذا، هذا كان من الفرنسيين ها..
أحمد منصور: الفرنسي..
أحمد بن بيلا: ها الطاغيين يعني كبار يعني وصعب، يعني (……) معاه في الكلام، شهر وأنا معاه ومسن
أحمد منصور: أثناء محاكمتك
أحمد بن بيلا: دائماً يطلب وقت بيش يمشي يعالج إلى آخره، كانت عنده شوي أزمة، أنت هذا الربو، فاليوم أيه صار، سامحني، يوم من الأيام ما عدش يوقع الكلب هذا اسمه (فيكتوري) لو سمحت نتذكر، فيك تورا جابوه من هاذاك ما عدتش أتوقع له، مع الأخ اللي كان اللي هربني، قال لي يا أحمد فيكتوري الكلب راح مات ما عدش تتوقع له مات، على غدوة يجيني يقول لي استنى مش هو اللي مات،.. المدعي مات، أنا قلت الحمد لله. اتنين كلاب ماتوا والله، هذا.. هذا بالخوف كي هربنا، وأنا كنت هددته بكلامي إذن وهو كبير إلى آخره، جته أزمة قال له هربوا من السجن جاته أزمة مات، والله جاته أزمة مات، كان عندي الأسماء بتاع هذا، معروف يعني هذا جابوا لنا راجل..
هروب بن بيلا من الجزائر إلى فرنسا
(7/498)
أحمد منصور: طيب أنت كيف الآن هربوك من داخل فرنسا بعدما بقيت في.. في داخل الجزائر، كيف هربوك إلى فرنسا من البليدة؟
أحمد بن بيلا: كيف هربوني، أولاً ما اتصلوش فيَّ الجماعة بتوع الحركة اللي أثق في هادول..
أحمد منصور: تركوك.
أحمد بن بيلا: تركوني يا أخي لمدة شهور.
أحمد منصور: شهور.
أحمد بن بيلا: شهور، نعم.
أحمد منصور: يعني أنت في مايو 52 هربت؟
أحمد بن بيلا: آه، ما اتصلوا فيَّ حتى يونيه أو بش..
أحمد منصور: بقيت في نفس هذا البيت؟
أحمد بن بيلا: لأ، انتقلت لبيوت أخرى انتقلت لبيوت أخرى.
أحمد منصور: لما.. كانوا يؤوك هؤلاء الناس.
أحمد بن بيلا: هم اللي كانوا يؤوني.
أحمد منصور: أيش كان الفرنسيين وضعهم أيه الآن؟ كانوا لازالوا يطاردونك؟
أحمد بن بيلا: آه، شوية في أي بقعة.. شوية في كل بقعة يعني مازالوا يعني مطاردين، مطاردين فلول الحركة وبالخصوص النظام هذا السري اللي كنت أنا مشرف عليه، انتقلت لثلاث لأربعة أماكن في هذه.. هذا، قبل ما نخرج من البليدة يعني..
أحمد منصور: من البليدة، نعم.
أحمد بن بيلا: أنا عاقل أذكر يوم كنت يوم من الأيام وأنا عند واحد الأخ مناضل مازال ابنه عايش نعرفه مناضل كذلك يجيني يا أحمد يقول لي بالله في سر.. إمبارح في مصر راح وقع انقلاب ناصر..
أحمد منصور: يوليو 52
أحمد بن بيلا: هذا تم في.. في قريب للبليدة والله..
أحمد منصور: يعني أنت الآن سيادة الريس قعدت أكثر من سنة مختفي؟ آه مايو –يونيو- يوليو. يوليو
أحمد بن بيلا: يعني يوليو.
أحمد منصور: عفواً هذا مايو 52 يوليو بعد ثلاث شهور.
(7/499)
أحمد بن بيلا: وأنا مازال، ما أنا كنت أقاطع البليده، ما اعتنوش بي ولا شيء من بعد كده إذا.. وأنا أتذكر والله، تسمح لي والله هذه الكلمة، وجاني يومها البيت، قال لي يا أحمد ها اللي كان قال إمبارح كده وها وها.. والله اسمح لي قلت له شوف يا أخي أرى أبواب السما انفتحت علينا، والله ولا أعرف من اللي جاء، لكن كنت شايف إن فاروق ونتمنى طبعاً كيف يتغير هذا..
أحمد منصور: يعني في هذه اللحظة وصلك..
أحمد بن بيلا: في هذا اللحظة..
أحمد منصور: قيام ثورة يوليو 52 في مصر.
أحمد بن بيلا: الثورة وقعت وأنا في هذه النواحي..
أحمد منصور: مختفي هارب.
أحمد بن بيلا: مختفين عندنا.. عند أخ.. أخ لي مازال لليوم على قيد الحياة، كان مريض كبير..
أحمد منصور: تذكر اسمه؟
أحمد بن بيلا: بن عيسى اسمه بن عيسى.
أحمد منصور: من البليدة.
أحمد بن بيلا: مناضل بن مناضل، وأبوه مناضل مات رحمه الله. وعائلة مباركة عائلة متواضعة ولكن ما تقولش يعني متوفرة في هذاك، لكن لا بأس يعني.
أحمد منصور: كيف ذهبت إلى فرنسا؟
(7/500)
أحمد بن بيلا: أيوه، كيف ذهبت على فرنسا، إحنا أرجعك لشيء كيف كنت مسؤول على.. على الحزب ومسؤول على النظام السري، اطلعت بأن فيه مشكل بتاع تلاتة مناضلين، أقالوهم بغير ما يسقطوا من الحزب، لكن أقالوهم من ضمن الدوسيهات اللي.. اللي وجدتها وأنا مسؤول وجدت هذا الدوسية هذا مرتبط مع بلاد القبائل اللي كانوا طلعوا الجبل، أيوه.. لأن الرئيس كيف هادوا كانوا في جبل.. يعني يضربوا في.. في عملاء فرنسا إلى آخره قتلوا قيَّاد، قتلوا كذا إلى آخره، كونوا لهم كذلك نظام اللي حاربهم، رئيس هذا النظام اللي كان يقتل من الجماعة بتاعتنا، إحنا حاولنا نقتله طبعاً وكان.. كنا نسمع إنه يأتي من بلاد القبائل يأتي للجزائر من حين لحين تتبعنا جرته حتى وجدناه فين يروح من حين لحين، حاشاك أن يمشي عند.. عنده امرأة، هو متزوج عنده أولاد كل وشيء وعنده مرأة فداروا له الجماعة كمين علشان يضربوه، ما نجحش الكمين، هذاك الوقت الأمور صارمة إلى آخره، فاتهموا الناس بأنهم يعني ما قاموش بكل..، ولكن مش محقق هذا وكانت افتراء بكل صراحة يا أخي.
أحمد منصور: دول اللي عملوا الكمين اتهموهم يعني..
أحمد بن بيلا: كيف.. عشان كيف.. اللي عملوه معاهم عطلوهم، قالوا سيب.. تغيير عام من..
أحمد منصور: جمدوهم يعني.
أحمد بن بيلا: جمدوهم، من أحسن خلق هدول اللي جمدوهم، وأنا أعرف أنا في سيرتهم ونعرف...
أحمد منصور: تذكر أسماءهم؟
أحمد بن بيلا: مازال حيين والله، ويوم من الأيام ممكن تشوفهم والله.
أحمد منصور: تذكر أسماءهم؟
أحمد بن بيلا: واحد.. واحد.. واحد.. واتنين باقين، واحد.. واحد مات، الله يرحمه ديدوش مراد، هذا اللي مات ديدوش هيه.. ديدوش هيه.
أحمد منصور: آه معروف طبعاً.. طبعاً.
أحمد بن بيلا: كان هو اللي.. هو اللي.. هو اللي كان لازم يعني ينفذ هذا العمل يعني، أنا ما.. ما.. مقتنع بهذه الحقيقة، شفت بأن..
أحمد منصور: ظلموا بهذا التصرف.
(8/1)
أحمد بن بيلا: أنا.. أنا متعود لهذه الأشياء، والناس نعرفهم هادوم، البعض ما يعرفونيش، لكن أنا نعرفهم.
ديدوش ما كانش نعرفه لأنه كان في النظام يعني في.. في.. مش في المستوى.. إلى آخره، لكن نعرفه أنا، نعرفه كاسم، إلى آخره، فقلت أنا لازم أفتش، بحثنا.. بأن هذا.. هذا القرار كان على خطأ.. أيه اللي عملته؟ هم عشان أرجعهم للنظام صعيب، عملت لهم نظام خاص، قايمين بالأعمال الخاصة، كيف...
أحمد منصور: جداً جداً.
أحمد بن بيلا: أيوه يعطيك.. هم اللي فوتوني..
أحمد منصور: ويتبعوك بشكل مباشر.
أحمد بن بيلا: هم اللي فوتوني لفرنسا.
أحمد منصور: هم اللي هربوك لفرنسا.
أحمد بن بيلا: هم اللي هربوا، وداروا الخيط، كيف.. كيف المركب، وكيف كذا..
أحمد منصور: يعني..
أحمد منصور: والجماعة اللي في إسبانيا.. اللي في فرنسا، ووين أروح.. هم اللي عملوا الخيط، هم اللي وصلوني لمصر.
أحمد منصور: هم.. نعم. أنت استغليت نقطة خطأ القيادة معاهم.
أحمد بن بيلا: خطأ القيادة.
أحمد منصور: وإخلاص هؤلاء الناس..
أحمد بن بيلا: وإخلاصهم.
أحمد منصور: واستغليت إن هم يوصلوك لفرنسا.
أحمد بن بيلا: هم اللي يوصلوا.. هم
أحمد منصور: كيف بقى وصلوك لفرنسا؟
أحمد بن بيلا: وصلوا لأن عندهم النظام.
أحمد منصور: كيف؟ قل لي..
أحمد بن بيلا: كيف النظام، عندهم.. بش نمشي لفرنسا دا بحروا فيه..
أحمد منصور: مساحة.
أحمد بن بيلا: نظام.. نظام في المركب الكبيرة هذا، بتاع وهران أو الجزائر اسمه (وهران) أو (الجزائر) أو وهران واحد من الاتنين هذا اللي.. اللي مشيت معه، هادوم أواخر يعني مراكب يعني مهمة إلى آخره. النظام الداخل.. كيف ندخل ما نمرُش على البوليس؟ كيف ندخل..
أحمد منصور: كيف ما مريتش على البوليس وأنت مطارد، وهذه.. من الفرنسيين، ومركب فرنسي؟
(8/2)
أحمد بن بيلا: لا.. فيه نظام –يا أخي- فيه نظام. لا مركب فرنسي، فيه نظام، وداخل عندهم مناضلين بتاع الحركة هم اللي.. يعني ما هذه بحارة.
أحمد منصور: يعملوا بحارة.
أحمد بن بيلا: أيه بحارة، هم اللي البيت في البيت، بيت بتاع واحد منهم.
أحمد منصور: داخل...
أحمد بن بيلا: هو.. هو يمشي ينام مع أخوه في النظام، إلى آخره، وخلي لي بيته أنا، الأكل، تم كل شيء وما نتحركش حتى ما نوصل، وكيف نوصل؟ ما نمرش يعني على.. على الجمرك؟ نمر كذلك.. فيه طريق – يا أخي- حتى للقاهرة..
أحمد منصور: يعني أنت.. آه البحارة.. أحد البحارة أخذك وأدخلك؟
أحمد بن بيلا: هذا.. هذا شغل.. هذا شغل الثلاثة هدول اللي كانوا معاي.
أحمد منصور: الثلاثة.
أحمد بن بيلا: شغلهم هذا.
أحمد منصور: قل لنا أسماء، أنت قلت لنا ديدوش مراد، مين الآخرين؟
أحمد بن بيلا: فيه واحد اسمه.. إبراهيم دوقاوه فيه.. ممكن أنا نعرفك بيهم اليوم، فيه واحد.. وفيه واحد آخر اسمه الحسام دا كان من بعد أصبح سفير.. سفير يعني، يعتبر رائع، ومازال موجود في السلك بتاع الدبلوماسيين، وفيه يعني.. فيه أخونا اسمه ديدوش مراد، رحمه الله، هذا قبل..
أحمد منصور: يعني الآن هم عن طريق البحارة الذين في التنظيم دبروا هربك عن طريق الباخرة.
أحمد بن بيلا: هم مش بحارة، هم نظام، بحارة نظام تابعين لهذا، هم يكونوا نظام، هذا النظام..
أحمد منصور: بتقول دخلوك الكابينة جوه السفينة.. جوه الباخرة
أحمد بن بيلا: نعم، جوه السفينة، ولكن كذلك نصل فرنسا، البيت اللي نمشي له، وكيف يفوتوا من الحدود بتاع فرنسا لسويسرا، وهذا النظام كله ذا..
أحمد منصور: كنت خائفاً؟
أحمد بن بيلا: آه.. نعم؟
أحمد منصور: كنت خائفاً؟
أحمد بن بيلا: ما كنت خائفا..
أحمد منصور: أثناء عملية الهروب؟
أحمد بن بيلا: ولا خايف، ولا مرة خايف.
أحمد منصور: كان معك جواز سفر أو أي شيء؟
(8/3)
أحمد بن بيلا: كله عندي.. عندي طبعاً، كل..
أحمد منصور: مزور يعني.
أحمد بن بيلا: مزور طبعاً.
أحمد منصور: تفتكر الاسم اللي هربت بيه؟
أحمد بن بيلا: ما أتذكرش، ربما هذه.. مسعود..
أحمد منصور: مسعود مزياني؟
أحمد بن بيلا: مزياني ربما.
أحمد منصور: هذا الاسم الحركي لك؟
أحمد بن بيلا: لا، ولكن استعملت 100 واحد مثل هذا، هذا واحد ربما.. يكون هذا ربما، مش بأتذكر فيه. كنت...
أحمد منصور: حينما وصلت إلى فرنسا مين اللي استقبلك هناك؟
أحمد بن بيلا: النظام.
أحمد منصور: مين كان في النظام تذكر؟
أحمد بن بيلا: كان في النظام يزيد، هذا يزيد من اللجنة المركزية، بيجمع رجل.. رجل قادر مقتدر، ولكن يشتغل معاه بوضياف في النظام.
أحمد منصور: بوضياف كان في فرنسا في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: كان في فرنسا، لأنه قلت لك يعني الجماعات وزعوهم، كل اللي كان في.. في النظام هذا وزعوه كل واحد.. حتى ما يوقعش اتصال من بعد.
أحمد منصور: آيه أحمد كان في مصر؟
أحمد بن بيلا: آيه أحمد كان في مصر.. كان في مصر، نعم.
أحمد منصور: وخيضر.. محمد خيضر وكان أبو ضياف في فرنسا؟
أحمد بن بيلا: أنا أتكلم لك عن النظام هدول كانوا في مصر دُوُل راحوا لمصر.
أحمد منصور: كل دول كانوا مختفين، بوضياف كان مختفي في فرنسا؟
أحمد منصور: مختفي طبعاً، بيفتشوا عليهم فرنسا في..
أحمد منصور: مين شخصيات أخرى في القيادات زعيم؟
أحمد بن بيلا: دول ديدوش مراد، يعني بلمهيدي قل يعني 5 آلاف واحد.
أحمد منصور: عجيب إنه أنتم فرنسا تطاردكم في داخل الجزائر، وأنتم تهربون إلى داخل فرنسا نفسها لتختفوا هناك.
أحمد بن بيلا: أيوه، ولكن بش أنزل لك في وقت الحرب إحنا ضربناهم في فرنسا بالذات، لأن عندنا مليونين.. مليون جزائري.
أحمد منصور: في فرنسا.
أحمد بن بيلا: وكان عندنا نظام ضربناهم في فرنسا، ضربنا (سوستال) هذا اللي كان عندنا ضربناه في (شانزليزيه) في وسط باريس.
(8/4)
أحمد منصور: اغتلتوه.
أحمد بن بيلا: أيه.. ما قتلناش يعني للأسف يعني، ولكن جرحناه.
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول أن النظام الخاص بتاعكم كان له جناح قوي في فرنسا؟
أحمد بن بيلا: لا كان عندنا نظام، كان عندنا.. إحنا هددناهم في باريس، في قلب فرنسا هددناهم، كان عندنا نظامنا أقوى..
أحمد منصور: كان عندكم سلاح؟
أحمد بن بيلا: نعم، عندنا السلاح، عندنا كل شيء.
أحمد منصور: كم عدد الذين كانوا في فرنسا يتبعون النظام؟
أحمد بن بيلا: كان واحد.. 150 ألف.. 90% فيهم في النظام، 90% منهم النظام.
أحمد منصور: 150 ألف؟!!
أحمد بن بيلا: أيه، هم اللي زودوا الثورة –يا أخي- وقت ما الذين يعملون في الهجرة هم اللي كانوا يمولوا للحركة، عمل.. حتى قبل الثورة.. حتى قبل الثورة.
أحمد منصور: اللي كانوا في فرنسا.. اللي كانوا يعملوا في فرنسا؟
أحمد بن بيلا: آه، نعم كانوا كلهم في النظام. استطعنا نضربوهم كلهم. إحنا تعرف كل المراكز بتاعنا وقت ما.. مراكز بتاع الشرطة كلهم فيه أكياس بتاع.. بتاع رمل لأننا نضربهم في فرنسا، فرنسا كلها..
أحمد منصور: نعم، آه، يعني كنتم تقوموا بهجمات على الشرطة الفرنسية، ولذلك كانوا يضعوا أكياس رمل للحماية.
أحمد بن بيلا: نعم، وهذا الشرطة، والمسؤولين إحنا ضربنا.. قتلنا الراجل اللي كانوا خذوه بأيش يكون رئيس جمهورية يعني الجزائر، قتلناه في جانب رئيس الجمهورية الفرنساوي، وكنا أعطينا أوامر ما يقتلش رئيس جمهورية فرنسا يقتل الرجل، قتلناه في باريس ملعب..
أحمد منصور: سنة كام؟
أحمد بن بيلا: ما أعرفش والله.
أحمد بن بيلا: إلى هذا الأمر وصل عملية اختراقكم للنظام في الجزائر؟
أحمد بن بيلا: لهذا.. لهذا..
أحمد منصور: كان فيه فرنسيين بيساعدوكم؟
أحمد بن بيلا: إحنا قتلنا.. إحنا قتلنا الرجل اللي كان مترشح وأيش يكون رئيس جمهورية.
أحمد منصور: تذكر اسمه؟
(8/5)
أحمد بن بيلا: بعد نشوف لك اسمه، والله نسيت يا أخي..
أحمد منصور: معنى ذلك إن كان فيه فرنسيين يساعدونكم؟
أحمد بن بيلا: آه نعم، يساعدونا ويأخذوا سلاح عندهم، وأنا هنا.. إحنا..
أحمد منصور: دا الجيش السري الفرنسي اللي كان ضد الحكومة؟
أحمد بن بيلا: منهم (سارتر) أكبر فيلسوف في العالم، سارتر.
أحمد منصور: (جان بول سارتر)
أحمد بن بيلا: جان بول سارتر، وآخرين مش هذا فقط.
أحمد منصور: كان ليك علاقة أنت بهؤلاء؟
أحمد بن بيلا: كانت عندي.. مش أنا عندي علاقة، النظام كانت عنده علاقة، وبعدين أصبحت لي علاقة من بعدين، يعني كل.. لكن أنا ما كانش عندي علاقة مباشرة، أنا في الجزائر.
أحمد منصور: كم شهر بقيت في فرنسا؟
أحمد بن بيلا: بقيت حوالي 3 شهور، 4 شهور كدا.
هروب بن بيلا من فرنسا إلى سويسرا
أحمد منصور: من فرنسا هربت إلى سويسرا، كيف؟
أحمد بن بيلا: ما هربتش، مريت مع الجزائريين، كذلك طريقهم عندي، طريق مريت في الحدود مع..
أحمد منصور: جبلي، أو من الحدود؟
أحمد بن بيلا: لا مش.. جبلي مش كبير.. مش جبال مرتفعة كتير، مش سهلة.
أحمد منصور: يعني طريق غير طبيعي يعني، غير الطريق..؟
أحمد بن بيلا: لا.. لا في الطريق الطبيعي، بأوراق وداخل عمال.
أحمد منصور: على إنك عامل.
أحمد بن بيلا: أوراق كلها مزيفة، وأنا ماشي لأن فيه جهة في فرنسا قريبة لسويسرا، إحنا في الحدود.
أحمد منصور: جداً، صح.
أحمد بن بيلا: يمروا كل أحد يمشوا أو يدخلوا، وهذا كان.. كذلك مريت يوم الأحد معاهم.. يوم السبت.
أحمد منصور: في العطلة يعني.
أحمد بن بيلا: داخلهم.. داخلهم.. داخلهم.
أحمد منصور: جئت هنا إلى سويسرا، في أي مكان ذهبت؟
أحمد بن بيلا: كنت في برلين، جئنا هذه برلين.
أحمد منصور: برلين في ألمانيا.
أحمد بن بيلا: لأ في سويسرا.. وأنا قلت (برن).. برن.. برن.
أحمد منصور: بيرن.. بيرن، نعم، اللي هي عاصمة سويسرا.
(8/6)
أحمد بن بيلا: لأن بس لتكون في الصورة، يعني راح فيها في سويسرا لتنظيم الثورة، القيادة.
أحمد منصور: القيادات في..
أحمد بن بيلا: اجتمعوا.. جو من القاهرة هنا نجتمعون في سويسرا.
أحمد منصور: هل إن سويسرا تعرف..
أحمد بن بيلا: بعدين هذا الكلام يجي بعدين.
أحمد منصور: في سويسرا الآن.. يعني كانت سويسرا ولازالت ربما.. أمس فقط يعني صوتوا للانتماء للأمم المتحدة، الأمم المتحدة.
أحمد بن بيلا: إيه نعم، لا إحنا.. إحنا اغتنمنا الفرصة بتاعت سويسرا، لأن هي كانت دايما كان تجري.. تسعى للحياد.
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: كأنه بلاد يعني مش فيها بوليس وأشياء يعني اللي موجود في البلدان الأخرى الأوروبية، شوية منفتحة.
أحمد منصور: كان مين اللي موجود هنا من قياداتكم في سويسرا؟
أحمد بن بيلا: كان عندنا جزائريين موجودين في..
أحمد منصور: تذكر مين من القيادات، يعني بوضياف مثلاً كان في فرنسا..؟
أحمد بن بيلا: شوف أنا اللي وصلوني حتى لسويسرا.. اللي وصلوني وصلوني للجماعة بتاع الجهاد اللي قلت لك كانوا ثلاثة، هادول اللي وصلوني لأن كانوا هادول على رأس جهات عالمية، مش فقط يعني في سويسرا، هذا جهاز عالمي، هم اللي مقتدرين..
أحمد منصور: آه، جزائري.
أحمد بن بيلا: قادرين مقتدرين يعني حقيقية إحنا كي اختارنا.
أحمد منصور: يعني عملية التزوير والهويات و..
أحمد بن بيلا: كل الأشياء، والأوراق وشيء.. وكل شيء، ومتصلين بمنظمات يعني غربية.
أحمد منصور: منظمات عالمية.
أحمد بن بيلا: نعم عالمية.. طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور: طيب دا يدفعني لسؤالك عن علاقتكم، أيه أهم المنظمات العالمية اللي كنتم على علاقة بيها؟
(8/7)
أحمد بن بيلا: والله دا في فرنسا كان.. كان مش غير اليساريين، بكل صراحة، وكان فيه ناس آخرين مش يساريين، ولكن شيء بينا، هذا حرب، حرب غاشمة، وحرب يعني وتعرف الحرب كلهم خسائر ما بعدها خسائر وطلعت كتب على التعذيب، اطلعوا ها الكتاب اسمه (le torture) هذا التعذيب هذا كون.. كوَّن ضجة في فرنسا، وكان له أتباع فرنسيين في الحقيقة.
أحمد منصور: من اللي اتخذ قرار ذهابك إلى القاهرة؟
أحمد بن بيلا: الحركة.. الحركة في ذلك الوقت اللي كانت موجودة في الجزائر.
أحمد منصور: كيف أنت..
أحمد بن بيلا: أنا المفروض كان مش القاهرة.. مش القاهرة، أنا كان المفروض نوصل القاهرة وبعدين نمشي لجاكرتا حتى يبعدوني.
أحمد منصور: يبعدوك؟
أحمد بن بيلا: يبعدوني.
أحمد منصور: كنت عامل قلق.
أحمد منصور: أيه هذا.
أحمد منصور: في أغسطس 1953.
أحمد بن بيلا: إي نصل القاهرة.
أحمد منصور: وصلت إلى القاهرة.
أحمد بن بيلا: ووصلت القاهرة، نعم.
انتقال بن بيلا إلى القاهرة ولقاؤه بعبد الناصر
أحمد منصور: كيف ذهبت إلى القاهرة من هنا في سويسرا؟
أحمد بن بيلا: طال شوية في سويسرا، طال شوية يعني ذهابي للقاهرة، لأن وقعت شوية فيما يخص القيام بالعمل، وقع شوية بطء في هذه، ولهذا يعني استمرينا في.. في.. في سويسرا ما ربما شهر أو شهر ونص.
أحمد منصور: إيش عملت هنا؟
أحمد بن بيلا: رحنا للجبل، كنا ننتقل من حتة لحتة في الجبل.
أحمد منصور: كهارب يعني.
أحمد بن بيلا: في الجبل كناس ييجوا يعني مصدورين من.. مصدورين ييجوا يعالجوا يعني.
أحمد منصور: آه، لأن هنا الأجواء تعتبر من أنظف الأجواء في العالم.
أحمد بن بيلا: أدخلنا.. أدخلنا يعني في الغياهب يعني ما دوريناش، يعني مشينا الجبال أكثر.
أحمد منصور: والتلاتة دول كانوا معك اللي هربوك؟
أحمد بن بيلا: لأ.. لأ، أنا كيف رحت؟ كنت وحدي، هم مرروني.
(8/8)
أحمد منصور: مروك و تركوك، وخلوا لي.. خلوا لي يعني الجماعة اللي يتصلوا في، داخل.. سويسريين، داخل.. داخل سويسرا.
أحمد منصور: سويسريين؟
أحمد بن بيلا: نعم، سويسريين.
أحمد منصور: لم يكونوا جزائريين؟
أحمد بن بيلا: لا.. لا و.. والجماعة الجزائريين اللي في الحدود يعني على 20 كيلو متر، ييجوا ويمشوا وييجوا ويمشوا، منهم هذا الجماعة اللي اتكلمت لك عليهم اللي موجودين اللي هُمَّ التلاتة بالخصوص هذا الحسين اللي كان سفير ومثل باقي.. سفيره اللي كان خارج يعني من العمل إلى آخره.
أحمد منصور: اتخذوا قرار بأن تذهب إلى القاهرة ومن هناك إلى.
أحمد بن بيلا: قرار كانوا خدوه الحركة عشان نذهب نمشي لجاكرتا، نمشي للقاهرة ومن القاهرة لجاكرتا.
أحمد منصور: ذهبت إلى القاهرة في أغسطس 53 وكان هناك محمد خيضر وحسين آية أحمد.
أحمد بن بيلا: كان محمد خيضر وآية أحمد، نعم.
أحمد منصور: وكان هناك ما يسمى بمكتب المغرب العربي.
أحمد بن بيلا: آه، كانوا في المكتب العربي.
أحمد منصور: آه، وهذا المكتب كان خاص بثوار تونس والجزائر والمغرب.
أحمد بن بيلا: والجزائر وكان.. وكانت في البداية المشرف عليه هو الأمير عبد الكريم.
أحمد منصور: الأمير عبد الكريم الخطابي.
أحمد بن بيلا: ما كان (ديداني) كيف وصلت أول شيء حاولت اتصل فيه هو الأمير عبد الكريم، نعم.
أحمد منصور: نعم، كيف.. كيف التقيت به؟
(8/9)
أحمد بن بيلا: التقيت به بسرعة، بواسطة 2 إخوان من أصل مراكشي كانوا واحد منهم هو ريفي والآخر مشرفي ولكن كانوا ضباط خرجوا من المدرسة العسكرية من العراق وملتفين حوله مثل الجماعة الأخرى كانوا كتير ناس ملتفين حول الأمير عبد الكريم، هذا اسمه محمدي شوفته هذه شهر مثلاً موجود في مراكش وواحد آخر اسمه الهاشمي الطود كان ذيك ضابط خارج.. خريج من جامعة عسكرية من.. من العراق، هادولا كنت باتصال مستمر بهم، اتصلت بالأمير، اتصلت بأخوه محمد اللي كان هو المحرك بتاع الأشياء.
أحمد منصور: أيه طبيعة الدور اللي كان بيقوم به حسين آية أحمد ومحمد خيضر.
أحمد بن بيلا: دور سياسي يعني محض، دور سياسي محض.
أحمد منصور: كانوا على اتصال بالجماعة في الجزائر؟
أحمد بن بيلا: كانوا باتصال مع الجماعة في الجزائر.
أحمد منصور: في 23 مارس 54 تأسس هيكل جديد في الجزائر تحت اسم اللجنة الثورية للوحدة والعمل.
أحمد بن بيلا: آه، نعم.
أحمد منصور: وأسس صحيفة اسمها "الوطني" واشتبك في صراع ما بين أنصار مصال الحاج وما بين الذين يدعون إلى الثورة، كان مازال أنصار مصال الحاج..
أحمد بن بيلا: هادو.. هادو كلهم من النظام السري بتاعنا.
أحمد منصور: بتاعكم.
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: كان هناك من.. من.. من المنظمة بتاعتكم السابقة أو من نظامكم السري كان رابح بيطاط، العربي بلمهيدي.
أحمد بن بيلا: آه كلهم من.
أحمد منصور: مصطفى بلعيد، عبد الحفيظ بوصوف.
أحمد منصور: وكنت أنت ومحمد خيضر وحسين آيه أحمد.
أحمد بن بيلا: أي نعم أنا، لا محمد خيضر لا، محمد خيضر بس هما كانوا في عملية وهران، إحنا علشان نخرج الفلوس من وهران، لأن العملية على بكرة أصبحت فزغ يعني وحالة طوارئ، كان لازم نخرج الفلوس من وهران، لأنها كانت عند مناضلين ممكن يقبضوا على مناضلين.. قرر.
أحمد منصور: هذه الفلوس اللي أنتوا سرقـ...
أحمد بن بيلا: اللي سرقناها.
(8/10)
أحمد منصور: اللي سرقتوها من...
أحمد بن بيلا: شوفنا بإن أحسن وسيلة هو خيضر كان.. كان نائب في البرلمان يعني يتمتع بحصانة، لا يُفتش هو، ما كانش في النظام هو، ولكن نعرف هو يعني رجل بتاع.
أحمد منصور: لكن ضحى الرجل يعني.
أحمد بن بيلا: آه، نعم؟
أحمد منصور: الرجل ضحى يعني.
أحمد بن بيلا: آه ضحى والرجل.. الرجل فاضل.. رجل فاضل الحقيقة وكلفناه بيش هو ياخد الفلوس وفعلا هو اللي خرج الفلوس من وهران وخدها إلى الجزائر.
أحمد منصور: في الأول.
أحمد بن بيلا: ولكن بعدين طلعوا من بعد اللي هذا أخونا اللي تكلمنا عليه بلحاج هلالي.
أحمد منصور: أيوه.
أحمد بن بيلا: هذا فضح المسألة بعدين.. فضح المسألة.
أحمد منصور: وتكلم عن كل هذا، فاضطر محمد خيضر أن يهرب.
أحمد بن بيلا: من أولها لآخرها.
أحمد منصور: فهرب محمد خيضر إلى الخارج ومنه إلى القاهرة.
أحمد بن بيلا: فهرب إلى القاهرة.. هرب إلى القاهرة.
أحمد منصور: كيف التقيت بعبد الناصر للمرة الأولى؟
أحمد بن بيلا: والله التقيته كان حظ يعني بكل صراحة.
أحمد منصور: صحيح أن.. أن رغم وجود آية أحمد ومحمد خيضر في القاهرة من قبلك، لكن لم تتح لهم فرصة لقاء عبد الناصر.
أحمد بن بيلا: لأ، لأن كان عند الإخوان الضباط الأحرار كان عندهم فيما يخص موقفهم تجاه الأحزاب، عندهم.. تردد كبير يعني.. تردد كبير يعني حقيقة، والإخوة اللي كانوا في القاهرة يعني من دواعي الأشياء بتاع العمل بتاعهم يتصلوا يعني مش بالملك.. بالبلاط يعني.
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: كان علي الفاسي موجود، كان بورقيبة موجود، وكان من الحين للحين نمشي لهم، وهذا كان كله كان في السجلات عند الإخوان من باطن.. موجود وعندهم.. عندهم نفور –خليني أقول- من الأحزاب، حتى الأحزاب الأخرى الجزائرية و.. و..، وفي البداية هم راهنوا على الأمير عبد الكريم فقط، ومش راهنوا عليه، هو اللي كان مسؤول عن المكتب هذا بتاع.
(8/11)
أحمد منصور: المغرب العربي.
أحمد بن بيلا: آه نعم المغرب العربي، وبعدين خرج منه، لأنه وقعت سوء تفاهم مع.. مع السياسيين ما يسموا بالسياسيين يعني مع.. والأمير عبد الكريم نفر في الحقيقة وهو رجل تعامل بكل صراحة، ورجل هو شعلة حقيقة يعني ما نمدح، وكأنه يعني ما يخرجش من بيته أو ما يعتنيش بهذا، فالإخوان الضباط الأحرار اتصالهم كان معاه هو الأول هو.. وحاولوا على أنه هو اللي يتشرف على أي عمل، لكن طلعوا على شيء وهو إن العمل في الوقت اللي كنا فيه في ذلك الوقت، والعمل اللي كان فيه الأمير في 24، إحنا رحنا في.. رحنا في.. في 53 أنا قلت لك يعني ف.... رحت..
أحمد منصور: نعم، والأمير بدأ من..
أحمد بن بيلا: أقول 52 من بعد اللي كان رجع من المنفى بتاعه ونزل في القنال والتحق بالجامعة العربية إلى آخره، طلبوا منه تقريرات على كيف يشوف تحرير إلى آخره، شافوا إن ما يزال في الأفكار بتاع الحروب اللي كانت تجري في.. في الريف في ذلك الوقت، (محن) كلاسيكية وهو كسب معركة ضد.. ضد الأسبان وحتى الفرنسيين في (أنوال)، وسجن 10 آلاف وأسر منهم ألوية يعني منهم 3، أو 4 ألوية إلى آخره، فمازال هو الحقيقة في هذه الأفكار فيما يخص العمل، هذا بكل صراحة، يعني الإخوان تداركوا بأن هذا العمل ما يفيدش في شمال أفريقيا، تغيرت الأشياء وكانت العهد بتاع الحروب التحررية، معناها حروب عصابات يعني مش حروب بتاع واحدة تحرير
أحمد منصور: مش منظمة، صح.
أحمد بن بيلا: منظمة إلى آخره، وشيئاً فشيئاً يعني شافوا بأن البرنامج هذا..
أحمد منصور: يعني منهجية الأمير عبد الكريم..
أحمد بن بيلا: هذا أول المنهجية.
أحمد منصور: في.. في.. في تحرير..
أحمد بن بيلا: وأنا بودي ألح هنا أنا ما أمسِّش كرامته أو أمس شيء، الرجل هذا كان..
أحمد منصور: لا بالعكس الرجل كان مجاهد، والكل بيشهد له بذلك.
(8/12)
أحمد بن بيلا: يا أخي من أروع الخلق أنا عرفتها، وهذا شعرت منه تكلمت معاه إلى آخره، كان من أخلص الناس وأطهر الناس أنا عرفتها.
أحمد منصور: كيف كان لقاءك مع عبد الناصر؟
أحمد بن بيلا: كان لقائي مع عبد الناصر كان في البداية الحقيقة ما استمرش كتير وسمع بأن اتصلت مع.. أولاً مع عقيد اللي كانوا من الجماعة اللي كانوا حول ناصر، لكن والله..
أحمد منصور: غير فتحي الديب.
أحمد بن بيلا: لا غير فتحي الديب في ذلك الوقت لأ، وهذا اللي كان السبب الحقيقة وأحد..
أحمد منصور: نسيت اسمه هذا العقيد.
أحمد بن بيلا: والله لليوم ناسي اسمه، لأن شفته مرتين أو3 مرات بس يعني بعدين مشيت اشتغل يعني مع.. مع فتحي الديب وجماعة أخرى يعني شفته مرتين بس هذا، ولكن الفترة هذه كافية، كيف شفت ناصر كان مشكل وأنا ما أتكلم بالعربية.
أحمد منصور: كنت وقتها تتكلم الفرنسية.
أحمد بن بيلا: آه الفرنسية آه، ولكن اسمح لي والله شيء مر ما بيناتنا، شيء مر وأنا شعرت بهذا، شعرت وبعدين مع يعني.. مع العناية بتاع التكلم باللغة العربية ومع المشاكل ومع الترجمة ومش ترجمة كويسة بالفرنسية، شعرت بإن أنا أخوه والله بعد سمعنا هذه الكلمة، وهو شعر بهذا والله، وامشي من ذلك الوقت يعني من هذا..
أحمد منصور: يعني تآلفتم رغم عدم وجود اللغة التي توصل بينكم.
أحمد بن بيلا: أيوه، نعم، ومن ذلك الوقت يعني
أحمد منصور: تفتكر التاريخ؟
أحمد بن بيلا: البداية يعني أنا وصلت في أغسطس..
أحمد منصور: أنت وصلت في أغسطس 53
أحمد بن بيلا: أغسطس 53، في أواخر يعني 53
أحمد منصور: أواخر 53
أحمد بن بيلا: 53 أغسطس سبتمبر أكتوبر ربما في أكتوبر، لا إذن لحتى في أغسطس، لأن البداية يعني في.. في الأسابيع الأولى..
أحمد منصور: أيه اللي دار فيها.
(8/13)
أحمد بن بيلا: وإنه لولا هذا.. لولا هذا أنا كنت أمشي لجاكرتا، الإخوه هون كيف شافوا أنا اتصلت مع جمال ومعتني بيَّ ونشوفوه فقالوا لي تقعد مكان الأخ.. الأخ.. الأخ خيضر والله كان راجل.. الراجل هذا كان مع.. مع الشيء اللي وقع ما بيننا، يعني تركنا ولكن يا أخي ما..
أحمد منصور: مَنْ؟
أحمد بن بيلا: خيضر..
أحمد منصور: آه محمد حيدر.. خيضر.
أحمد بن بيلا: رجل فاضل هذا والله.
أحمد منصور: نعم، أيه اللي دار بينك وبين.. أيه اللي طلبته من عبد الناصر في أول لقاء؟
أحمد بن بيلا: هذا هو اللي طلبت منه هو قال لي: أيه حاجاتكم أيش؟ قلت له: إحنا حاجاتنا هو السلاح.
أحمد منصور: السلاح.
أحمد بن بيلا: السلاح، ولا كلمته وقال.. وقالي الفلوس قلت له: أنا ما بأبغاش فلوس، ما أخدش الفلوس، أنا كنت نعيش في بانسيون في كذا.. في
أحمد منصور: كنت تعيش في بانسيون في شارع 26 يوليو
أحمد بن بيلا: مش.. مش بانسيون واحد، نغير يعني كل 3 شهور، 4 شهور، لأن حاولوا يضربونا وأنا حاولوا يقتلوني..
أحمد منصور: الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: قتلوا أخ مصري مسكين يعني.
أحمد منصور: مكانك أنت يعني؟
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: كانوا عايزين يقتلوك أنت وقتلوه هو؟
أحمد بن بيلا: قتلوه لأن إداله طرد، وكله يعني مشحون
أحمد منصور: آه متفجرات..
أحمد بن بيلا: وجاء على أن يديه للمركز هذا اللي عندنا في شارع عبد الخالق ثروت.
أحمد منصور: أيوه، نعم.
أحمد بن بيلا: وكان عندنا قانون يعني ما.. ما يستلموا أي شيء ولازم يلافيه الطرد يخرجوه على طول، جاء.. بالتاكسي وعندهم طرد وهذاك الطرد كان قال أحمد بن بيلا، قالوا له تمشي، عمل 300 متر.
أحمد منصور: انفجر.
أحمد بن بيلا: انفجر فيه مسكين مات يعني.
الترتيب لقيام الثورة الجزائرية ودور جمال عبد الناصر
(8/14)
أحمد منصور: بدأ التنسيق لقيام الثورة الجزائرية عبر الترتيبات مع مصر، هل مساعدة أو استعداد جمال عبد الناصر أو الثورة في مصر لمساعدتكم هو الذي دفعكم إلى عملية التعجيل والترتيب لقيام الثورة في الجزائر؟
أحمد بن بيلا: يا أخي أنا ما بش.. بش ندير الثورة بش يعني، ولكن إحنا يعني اللي.. اللي وقع وجدنا تجاوب يعني كامل من.. من المرة الأولى من الاتصال الأول مع جمال عبد الناصر.
أحمد منصور: أنت بدأت في هذه المرحلة الاتصال بفتحي الديب الذي كُلِّف من عبد الناصر بـ..
أحمد بن بيلا: مش معاه فقط، يعني كنا مع آخرين، وحتى زكريا محيي الدين.
أحمد منصور: وزكريا محيي الدين كان رئيس المخابرات في ذلك الوقت.
أحمد بن بيلا: وعلي.. علي صبري وحتى..
أحمد منصور: وعلي صبري الذي أصبح بعد ذلك نائب رئيس جمهورية، بدأت ترتب مع هؤلاء جميعاً ومع جمال عبد الناصر لعملية توصيل السلاح للجزائر.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: وبدأت عملية الإعداد ابتداءً من بداية العام 54 لإيصال السلاح، كنت..
أحمد بن بيلا: لا قبل.. من 54 نعم.
أحمد منصور: كنت تنتقل ما بين مصر وليبيا وما بين دول أخرى.
أحمد بن بيلا: نعم، وبالخصوص ليبيا في البداية، لأن إحنا شفنا بإن ليبيا تصبح حبل الوريد بتاع السلاح اللي يأتينا من مصر في ذلك الوقت، إحنا الحقيقة راهنا على مصر مفيش بلاد أخرى في العالم العربي يا أخي في ذلك الوقت، العالم العربي.. عالمنا العربي عبد الإله في.. في الأردن ونوري سعيد في.. في بغداد..
أحمد منصور: عبد الله كان الملك عبد الله.
أحمد بن بيلا: عبد الله وأنا أقول عبد الله.. الملك.. الملك مش.. الملك عبد الله اللي هو الأب يعني الكبير في الحقيقة.
أحمد منصور: نعم، نعم.
(8/15)
أحمد بن بيلا: و.. والعالم العربي وليبيا، السنوسي وهو راجل فاضل هذا ولكن يا أخي مش هو اللي كان يحكم ومش هو اللي كان يحكم بكل صراحة، هم ليبيا كانوا ماسكينها تماماً، كان القاعدة (لويس) هذه كانت أكبر قاعدة عالمية في العالم.
أحمد منصور: كان هناك قاعدة أميركية، قاعدة أميركية وقاعدة بريطانية.
أحمد بن بيلا: والإنجليز همَّ اللي مسيطرين، حتى رئيس البوليس يعني إنجليزي، ولكن استطعت نكوِّن شبه جماعة يعني..
أحمد منصور: من الليبيين.
أحمد بن بيلا: كانت مختفية من الليبيين، كأنه ممكن تقول يعني حكومة مختفية، وهمَّ عندهم.. عندهم خيوط على كل.. كل.. كل المنطقة تقريباً، يعني اللي عملناه في ليبيا –يا أخي- شيء غريب والله، يعني كان الحكم ضار، ولكن الحكم الحقيقي الشعبي كان بين.. بين أيادي إخوة ليبيين استطعنا نكونهم، وكانت بواحدة فعالية من أروع ما يكون.
أحمد منصور: بدعم السلاح المصري وبمساعدة الليبيين في عملية التهريب.
أحمد بن بيلا: السلاح المصري فقط يا أخي لمدة سنتين ونص، ولا قطعة واحدة جاتنا من بلاد أخرى، مصر هي.. هي اللي زودتنا لمدة سنتين ونص، واستمرت بعدين، ولكن البداية كانت صعبة يا أخي كان صعبة البداية، فصعبة (……)، كل السلاح اللي أتت لمدة سنتين ونص ولا قطعة راحت ما نقولش ولا قطعة.. ربما واحد يجد قطعة في مراكش يأتي بها، لكن السلاح بصفة عامة يعني هو سلاح مصري، وفيه جهاز يزود ويراقب على صلاحية الأسلحة، ويزود وخيط موجود حتى مع المنطقة الريفية، لأن وقت ما اضطرينا نأخذوا الباخرة دينا، اللي كانت الملكة دينا.
أحمد منصور: سآتي معك إلى وسائل التهريب والسلاح.
أحمد بن بيلا: ولكن بس يعني نختصر في هذا لمدة سنتين ونص، سنتين.. سنة سنتين.. سنتين ونصف ولا قطعة وحدة جاءت من غير مصر يعني والعالم العربي كان أتعس من اليوم بكل صراحة.
أحمد منصور: الأول من..
(8/16)
أحمد بن بيلا: لكن أعانونا كلهم، شعوب كل الشعوب العربية..
أحمد منصور: في الأول من نوفمبر عام 1954 تفجرت الثورة الجزائرية
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: وتحولت إلى جبهة التحرير الوطني.
أحمد بن بيلا: أيوه. نعم.. نعم
أحمد منصور: كانت الجناح السياسي وجيش التحرير الوطني كان هو الجناح العسكري وكنت أنت المسؤول عن هذا الجيش وعن عمليات إمداده بالسلاح..
أحمد بن بيلا: لا والله سامحني.. سامحني ليعني ما قلناش وهو كيف نظمنا حالنا وكيف وقعت الثورة وإن إخواننا الفداء..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في الحلقة القادمة أبدأ معك من هنا.
أحمد بن بيلا: آه كويس.
أحمد منصور: كيف نظمتم حالكم.
أحمد بن بيلا: لأن لازم نرجع لباريس إحنا نظمنا في باريس.
أحمد منصور: كيف بدأت.. نعم، كيف بدأت الثورة، كيف هربتم السلاح...
أحمد بن بيلا: أيوه يعطيك الصحة
أحمد منصور: المخاطر التي واجتهموها في البداية.
أحمد بن بيلا: نعم، يعطيك الصحة، نعم.
أحمد منصور: أشكرك سيادة الرئيس، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا، حيث نبدأ من اندلاع الثورة الجزائرية في الأول من نوفمبر عام 54 وما سبقها من عملية إعداد.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/17)
الحلقة4(8/18)
السبت 26/8/1423هـ الموافق 2/11/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 09:13(مكة المكرمة)،06:13(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
27/10/2002
- الاستعداد لقيام الثورة الجزائرية
- عملية نقل السلاح من مصر للجزائر
- محاولة اغتيال أحمد بن بيلا ونجاته منها
- دور المصريين والليبيين في دعم الثورة الجزائرية
- موقف التونسيين من الثورة الجزائرية
- علاقة بن بيلا مع الملك محمد الخامس
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر).
حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بيلا. سيادة الرئيس، مرحباً بيك.
أحمد بن بيلا: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: بعدما سُجنت من قِبَل الفرنسيين في الجزائر عام 1950تمكنت من الهروب من السجن عام 1952 ومن الجزائر هربت إلى فرنسا، ومن فرنسا هربت إلى سويسرا ومن سويسرا وصلت إلى القاهرة في أغسطس عام 1953، كان هناك مكتب المغرب العربي، وكان هناك من القادة الجزائريين حسين آية أحمد ومحمد خيضر.
أحمد بن بيلا: خيضر.
الاستعداد لقيام الثورة الجزائرية
أحمد منصور: التقيت مع عبد الناصر بعد شهرين تقريباً ربما أو ثلاثة أشهر من وصولك إلى مصر، رغم إن زملاءك سبقوك، لكن لم يكن قد سبق لهم أن التقوا مع عبد الناصر، من خلال لقاءات مع عبد الناصر كما أشرت كان هناك شيء بين روحيكما جذبكما إلى بعضكما البعض، وبدأت عملية التمهيد لقيام الثورة الجزائرية.
بقيت في القاهرة من أغسطس 53 إلى إبريل 54، سافرت لسويسرا في أبريل 54، لكن في خلال هذه الفترة ما هي الترتيبات الأساسية التي قمتم بها للثورة؟
(8/19)
أحمد بن بيلا: الترتيبات هي.. هي تحضير.. تحضير للعمل لصالح الثورة وتجنيد بالذات تجنيد بعض الجزائريين الذين كانوا يدرسون في القاهرة في الأزهر، منهم المرحوم هواري بومدين كان في الأزهر، وبعض.. وبعض الجماعة الذين كانوا يدرسون معه.
أحمد منصور: تذكر أسماء أخرى معروفة؟
أحمد بن بيلا: والله فيه واحد بالخصوص أنا أذكره كويس وهو جزائري ما كانش درس في.. في الأزهر، جزائري كان عنده جنسية فرنسية، وكان.. كان.. كان في مراكش كان بمثابة عوالي بتاع منطقة.. منطقة مرجبات.. وكان عنده جنسية فرنسية، في يوم من الأيام شعر بالذنب من الأشياء اللي.. اللي.. اللي ارتكبها كغلطات، ثورة بعد فيه شيء جديد، فإذا به يوم من الأيام يسيب كل شيء ويأتي إلى القاهرة.
أحمد منصور: من مراكش إلى القاهرة؟
أحمد بن بيلا: من مراكش إلى القاهرة، اسمه بزار، ورجل مثقف يعني عنده ثقافة يعني لا بأس بها، وكذلك كان وقت ما خدم الخدمة العسكرية في.. في، وكان ضابط.. ضابط يعني عنده تجربة كذلك يعني كضابط، في البداية إحنا فكرنا بأن..
أحمد منصور: لكن مراكش كانت في ذلك الوقت أيضاً تخضع للاستعمار الفرنسي.
أحمد بن بيلا: كانت تخضع للاستعمار الفرنساوي.
أحمد منصور: كيف يفكر.. لماذا هو لم يقاتل ضد الفرنسيين في المغرب؟
أحمد بن بيلا: لأ، هو كان بالعكس يعني كان خايد الجنسية الفرنساوي وداخل في السلك..
أحمد منصور: الفرنسي.
أحمد بن بيلا: الإداري.. الإداري لفرنسا، وكان.. كان فرنساوي يعني، وحتى أفكاره كانت في ذلك الوقت يعني، وخد الجنسية الفرنسية.. و
أحمد منصور: هل قام بدور مميز معكم في الثورة بعد ذلك؟
أحمد بن بيلا: أيه نعم، قام بدور.. دور خطير
أحمد منصور: طبيعة هذا الدور المميز؟
(8/20)
أحمد بن بيلا: الدور هو تكوين الجيش المراكشي لأن ماكانش في ذلك الوقت فيه جيش، فيه.. فيه أعمال فدائية، ولكن ما فيش جيش، وهذه إحنا يعني بالنسبة لنا في بالجزائر يعني تجربتنا.. هو اعتبرها فضيحة يعني لإن الفدا.. العمل الفدائي لا يمكن يعني هو يكفي وحده على أن يعني.. يفض المشكل اللي كنا فيه.
أحمد منصور: لكن يعني عندي هنا أن الكفاح المسلح بدأ في مراكش في العام 53.
أحمد بن بيلا: ده العمل الفدائي، لأن.. لأن ماكانش.. ماكانش محضر.
أحمد منصور: لكن الجيش يبدو نفسه في 58 يبدو بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: ما فيش جيش.. ما فيش جيش.. ما فيش جيش، يعني ابتدى..
أحمد منصور: ثورة الريف التي كانت..
أحمد بن بيلا: ده كان شيء.. أشياء عفوية.. عفوية، مناضلين يعني طبعاً إقالة الملك وتعويضه (..) فطبعاً الشعب.
أحمد منصور: طبعاً الملك عُزل في 19 أغسطس 53
أحمد بن بيلا: عُزل نعم.
أحمد منصور: من قبل الفرنسيين بسبب رفضه التوقيع على مراسيم الإصلاحات الفرنسية، وتم نفيه إلى مدغشقر.
أحمد بن بيلا: تم نفيه إلى مدغشقر، والشعب يعني بعفوية والأحزاب يعني وقعت.. وقعت بعض الأعمال لكن فردية.. فردية.
أحمد منصور: طيب نعود من مراكش الآن إلى القاهرة.
أحمد بن بيلا: إلى القاهرة.
أحمد منصور: من.. من الذي تعرف في البداية على هواري بومدين وقام بتجنيده؟
أحمد بن بيلا: أنا اللي.. اللي تعرفت.
أحمد منصور: أنت الذي جندت بومدين؟
أحمد بن بيلا: أنا اللي جندته، أنا اللي رحت.. رحت للأزهر، وما.. مش هو بس يعني، كانوا 7 أو 8 إخوان جزائريين كلهم يعني يدرسون في الأزهر، فقنعتهم بأن لازم يعني التحرر..
أحمد منصور: كيف أقنعته؟ كيف كان لقاؤك الأول مع بومدين تحديداً؟
أحمد بن بيلا: كان لقاء بتاع جزائري مع جزائري يعني أخوي، ولكن الظروف كان ظروف حرب تعرف هو.. وكلامي معه كان كلام بتاع رجل مسؤول يعني في.. في الثورة..
(8/21)
أحمد منصور: اذكر لي سيادة الرئيس، لأن أنت لست شخص عادي، لم تصبح في تاريخ الجزائر شخص عادي وبومدين لم يصبح شخص عادي وهو الذي انقلب عليك في العام 65.
أحمد بن بيلا: آه.. آه.
أحمد منصور: لكن أنت الذي جندته وأدخلته إلى جبهة التحرير أو إلى الجيش..
أحمد بن بيلا: أي نعم.. نعم.
أحمد منصور: اللقاء الأول عادة في.. للشخصيات التاريخية بيكون لقاء مؤثر، وبيكون لقاء غير عادي، وربما أنا لم أجد الحقيقة في كل ما اطلعت عليه شيء يتحدث عن مثل هذه الأمور، فأبلغنا تاريخياً كيف كان اللقاء الأول وكيف جندت بومدين؟
أحمد بن بيلا: اللقاء الأول كان ما بين إنسان عنده مسؤولية في الثورة طبعاً المسؤولية الكبيرة، وطالب يدرس في.. في يعني في الأزهر ومنذ.. منذ.. منذ زمن، ويعني لقاء عادي يعني أنا كان هدفي هو أن نبعث فيه روح، لأنه يعني سيب الدراسة تبعه أو نقنعه يعني بما أنه يعني طالب ومثقف، وأنا أشوف فيه أنه كان راجل ممكن يكون إطار.
أحمد منصور: كان بيدرس..
أحمد بن بيلا: كان يدرس..
أحمد منصور: كانت دراسته شرعية؟
أحمد بن بيلا: شرعية يعني هي دراسة بتاع الأزهر معروفة.
أحمد منصور: وهي أصول الدين أو..
أحمد بن بيلا: معروفة يعني، وبعدين جاء الأمر بعدين بتجنيد كل الطلبة في 56 بعدين، لكن أنا من البداية أنا شفت الجامعة اللي تم كان لازم يعني وبما أن متوفرة الظروف على أن ندربهم، وفعلاً دربناهم في عين شمس.
أحمد منصور: لأ، قل لنا دربتوهم فين؟ الآن الطلبة اللي كان يتم تجنيدهم من الجزائريين في القاهرة.
أحمد بن بيلا: في القاهرة.. في القاهرة.
أحمد منصور: كيف كان يتم تدريبهم؟
أحمد بن بيلا: تدريبهم كان في عين شمس.
أحمد منصور: يعني في منطقة عين شمس؟
أحمد بن بيلا: عين شمس.
أحمد منصور: أُعطيتم من ا لحكومة المصرية معسكر للتدريب؟
أحمد بن بيلا: كان معسكر للتدريب.
أحمد منصور: تفتكر مين كان بيدربكوا من الضباط المصرين؟
(8/22)
أحمد بن بيلا: والله كانوا ضباط عاديين، يعني مش.. مش ضباط ساميين، كان ضباط طبعاً كانوا.. كانوا عاديين وبالخصوص الدور الأول هذه مش دور بتاع مدرسة عليا وإلى آخره، يعني دور على أن إنسان يحسن استعمال سلاح.
أحمد منصور: عددكم كان كم اللي جندتهم؟
أحمد بن بيلا: في البداية كان مافيش يعني في هذا.. في هذه الفترة بتاع عين شمس ما فيش أكثر من 10، 15 يعني فقط.
أحمد منصور: فقط.
أحمد بن بيلا: كان هُدُول.. كنا نعتبرهم إطارات يعني، تدريب خاص.
أحمد منصور: كان مين غير بن بيلا.. بن.. قصدي عفواً بومدين، بومدين شخص أصبح رئيس دولة بعد ذلك؟
أحمد بن بيلا: كان بومدين في.. في حتى العشرة جزائريين والله ما أتذكرش أسماءهم بكل صراحة، لأن يعني، لأنه انقطعت ما بيني وبينهم صلة يعني حيث.. حين وصلوا يعني للجزائر، وصلوا لمراكش هم ومن مراكش دخلوا الجزائر.
أحمد منصور: طيب الآن عملية الترتيب للثورة، عملية تجنيد وتدريب، طيب الثورة ستندلع في الجزائر وليست في القاهرة.
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: ما الخطوات التي قمتم بها من أجل نقل العمليات من القاهرة إلى الجزائر؟
أحمد بن بيلا: النقل هو أولاً تدريب الأفراد ا للي كان الذين كانوا موجودين بعض الأفراد تدريبهم تدريب سريع، بش تدريب بتاع شرح كده فقط يعني، ثم على طول يعني مسألة السلاح، مسألة السلاح والوسائل بالخصوص التي يعني نجدها حتى نحمل السلاح من مصر للجزائر حتى نجيبها..
أحمد منصور[مقاطعاً]: طيب الآن في مسألة السلاح عندنا شقين، الشق الأول: السلاح الذي اشتريتموه من قبل بالأموال التي أخذتموها من مكتب البريد.
أحمد بن بيلا: آه.. آه
أحمد منصور: وهذا السلاح كان مخزن في الجزائر.
أحمد بن بيلا: كان مخزن في الجزائر.
أحمد منصور: كان لازال في وضعيته مخزن إلى ذلك الوقت؟
(8/23)
أحمد بن بيلا: مخزن في ذلك الوقت في منطقة الأوراس، ومخزن وبنظام، يعني بعض الشهور لأنه كان مخزون يعني في..
أحمد منصور: لكن لم يكن هذا السلاح يكفي للقيام بالثورة.
أحمد بن بيلا: لأ، ماكانش يكفي.
أحمد منصور: طيب الآن الحصول على السلاح من مصر كيف رتبتم قضية السلاح من مصر؟
أحمد بن بيلا: هذا.. كيف رتبنا السلاح، السلاح موجود، لكن الوسائل الحقيقة كان المشكلة الوسائل، أيه المركب الذي يمكن يعني يوصل هذا السلاح، إحنا كان لنا مشكلة، أولاً قمنا بعملية بتاع.. بتاع نقل سلاح إلى ليبيا في شهر فبراير دا من بعد يعني..
أحمد منصور: سنة 55.
أحمد بن بيلا: من بعد إحنا.. إحنا نتكلم.. إحنا نتكلم بالوقت..
أحمد منصور: لأ، عفواً سنة في بداية 54.
أحمد بن بيلا: إحنا نتكلم بالوقت قبل يعني قبل.. قبل اندلاع الثورة التدريب إلى آخره.
أحمد منصور: قبل أن.. الثورة.. الثورة اندلعت في..
أحمد بن بيلا: اندلعت في نوفمبر.
أحمد منصور: في نوفمبر 54.
(8/24)
أحمد بن بيلا: في فبراير عملنا سلاح في المركب "فخر البحار" اللي كان فيه الفريق بش تعرف يعني ماكانش عندنا سلاح.. ما.. ماكانش عندنا وسائل، يعني المراكب ماكانتش موجودة، هذا مركب بتاع سياحة "فخر البحار"، خدنا سلاح من مصر إلى ليبيا إلى بلدة الخُمس مدينة خُمس على الشاطئ يعني ميناء، وكانت العملية تقريباً بتاع تهريب كأنه تهريب يعني في ذلك الوقت، كان حكم ليبي، كانت.. كانت ليبيا حصلت على استقلالها، ولكن عملياً مازال الإنجليز هم اللي كانوا يعني يسيروا الأمور، وفي ليبيا كانت.. كانت.. كانت القاعدة بتاع (لويس) أكبر قاعدة أميركية في العالم يعني، كان استقلال يعني محدود تماماً يعني، والإنجليز ترى بالذات يعني.. مسيطر عليه، كل.. ولهذا العملية هي كانت عملية تهريب، دخلوا البحار بصفة يعني مستورة وطرح السلاح على.. على الشاطئ وانسحبت على طول، فخر البحار هذا المركب كان مركب.. للسياحة مش مركب بتاعنا..
أحمد منصور: نعم، كان يخت.
أحمد بن بيلا: هذه العملية كانت في شهر فبراير يعني.
أحمد منصور: دي أول عملية تهريب سلاح تقومون بها من مصر إلى الجزائر.
أحمد بن بيلا: أول عملية تهريب سلاح فخر البحار على طريق ليبيا، في مدينة الخمس معروفة هذه المدينة الخمس..
عملية نقل السلاح من مصر للجزائر
أحمد منصور: طيب هنا نستطيع أن نقول إن أول إمداد بالسلاح للثورة الجزائرية كان من مصر.
أحمد بن بيلا: كان من مصر.
أحمد منصور: وأنت الذي أشرفت على عملية..
أحمد بن بيلا: وأنا.. وأنا الذي أشرفت على كل العملية تقريباً، حتى.
أحمد منصور: ركبت.. ركبت في المركب إلى ليبيا؟
أحمد بن بيلا: لأ، أنا ماكنتش في المركب، أنا كنت.. كنت في الشاطئ أنتظر المركب.
أحمد منصور: آه. ذهبت إلى ليبيا قبلها.
أحمد بن بيلا: ليبيا كنت طبعاً أنا ليبيا كنت أتردد عليها كثير..
(8/25)
أحمد منصور: كيف يتم.. كيف قمتم بنقل السلاح من الشاطئ، قل لي الميناء اللي وصل له السلاح؟
أحمد بن بيلا: أيوه.. والله يا أخي..
أحمد منصور: الميناء اللي وصل له السلاح اسمه أيه؟
أحمد بن بيلا: والله يا أخي، أشياء حقيقة لا تصدق، ثقني إحنا العملية كانت عملية كأنه تهريب، تهريب يعني سلاح، السلاح كله نزله البحارة المصريين ولازم ينسحبوا في مدة بتاع.. بتاع نصف ساعة مش أكثر يعني ينزلوه للشاطئ، ثم بعدين.. بعدين كان لوري وكان أخ عقيد ليبي متصل فيَّ أنا، أنا في ليبيا.
أحمد منصور: كان عقيد في الجيش الليبي.
أحمد بن بيلا: ولكن ما لزمش اتصل إلا في إنسان ليبي اسمه العقيد أو رئيس الحكم بن حليم أو.. أو الملك..
أحمد منصور: محمد السنوسي.
أحمد بن بيلا: ثلاث.. ثلاث ولا.. لا يمكن أتصل في إنسان آخر، ولازم يعني يكون مختفي واسم مستعار و..
أحمد منصور: اسمك كان أيه المستعار اللي كنت بتتحرك به؟
أحمد بن بيلا: كان في ذلك الوقت أظن اسمه (مزياني مسعود) أظن لأني غيرت، كل مرة نغير أسماء، ثقني السلاح نزل نزلوه البحارة وانسحبوا، السلاح كله إحنا التلاتة،.. نزلناه على أكتافنا، العقيد والسائق وأنا، السلاح علشان نشيله في اللوري..
أحمد منصور: تفتكر كمياته كانت قد أيه؟
أحمد بن بيلا: والله كانت كمية لا بأس بها يعني..
أحمد منصور: كم صندوق؟
أحمد بن بيلا: لوري كبير، والله مش ممكن نقول لك كم صندوق ولكن كانت مئات القطعات يعني بتاع رشاشات..
أحمد منصور: هو ذكر تفصيل الكمية بالكامل في كتابه عن الثورة الجزائرية فتحي الديب، "عبد الناصر وثورة الجزائر".
أحمد بن بيلا: ربما فقبل كل..
أحمد منصور: ذكر كل كميات السلاح بالقطعة..
(8/26)
أحمد بن بيلا: أي نعم، لا بالرقم وبالإمضاء للذين يستلموا، فراح كان فيه كلام من بعض كان.. كان الناس، كان ما جاش سلاح، لا والله، يا أخي الإنسان اللي كان يستلم يمضي، أنا كنت أمضي وبعدين جاءوا آخرين ومضوا يعني، مش ممكن.. لكن ممكن نحكي لك شيء اللي شوية يعني ظريف وهو: أنا يعني خدنا السلاح خدناه للفيلا بتاع العقيد في.. في طرابلس.
أحمد منصور: في بيته.
أحمد بن بيلا: وفي بيته في الكهف يعني تحت تحت الفيلا يعني، على أساس ياخدوه في 15..
أحمد منصور: السرداب يعني
أحمد بن بيلا: على أساس يا خدوه في 15يوم، لكن طالت المسألة ما استطاعوش في 15 يوم..
أحمد منصور: مين اللي كانوا ياخدوه هنا، مين اللي كانوا..؟
أحمد بن بيلا: الجماعة اللي.. أوراس بدك يعني أوراس كان ليبيا كانت هي حبل الوريد يا أخي يعني..
أحمد منصور: للثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: آه، كانت حبل الوريد يا أخي واللي.. الذين كانوا أقرب للحدود الجزائرية يعني هم الإخوان بتوع أوراس.
أحمد منصور: الأوراس.
أحمد بن بيلا: الأوراس، وبالخصوص مدينة لعبت دور كبير تبسة..
أحمد منصور: مدينة تبسة
أحمد بن بيلا: بمدينة تبسة معروفة يعني.
أحمد منصور: هذه على الحدود الليبية- الجزائرية..
أحمد بن بيلا: الحدود الجزائرية- التونسية.
أحمد منصور: الجزائرية- التونسية.
أحمد بن بيلا: ولكن أوراس تبتدي من.. من معنى هذا كله من أوراس كان لهم دور يعني أساسي فيما يخص استلام السلاح، ونقل السلاح من.. من.. حتى.. حتى الجزائر يعني على البر.. على البر بعدين..
أحمد منصور: كيف كنتم بتنقلوه على الخيول، على الجمال؟ على..
أحمد بن بيلا: على الجمال.. على الجمال في البداية، أولاً باللواري حتى الحدود ومن الحدود للجزائر، لأن شوية موضوع الصحراء يعني شوية لازم يعني جمال.. جمال يعني، كانت عملية معقدة شوي ولكن يعني كان أصبحت.. أصبحت عملية يعني روتينية رغم..
(8/27)
أحمد منصور: كان بيساعدك ناس من الليبيين؟
أحمد بن بيلا: طبعاً يا أخي الشعب كله..
أحمد منصور: مين أبرز اللي ساعدوكم من ليبيا..
أحمد بن بيلا: والله ما نقولش اسم لأنه كانوا مئات يا أخي، كانوا مئات..
أحمد منصور: ياه!!
أحمد بن بيلا: والله.
أحمد منصور: إلى هذه الدرجة!
أحمد بن بيلا: إلى ها الدرجة يعني فعلاً.
أحمد منصور: وكانوا كلهم يدركوا أن هذا لمساعدة الجزائريين في الثورة على الفرنسيين؟
أحمد بن بيلا: طبعاً.. طبعاً، كلهم يدركون هذا وكلهم عارفين وكلهم متلاحمين معانا ليلاً نهار يا أخي.
أحمد منصور: تفتكر اسم العقيد اللي.. تكريماً له، تفتكر اسمه العقيد الليبي اللي..؟
أحمد بن بيلا: اسمه درنة.. عبد الحميد درنة.
أحمد منصور: عبد الحميد درنة.
أحمد بن بيلا: درنة، العقيد.
أحمد منصور: هو مصطفى بن حليم أفرد في كتابه صفحة من..
أحمد بن بيلا: سامحني أريد أكمل لك والله غير.. ما كملناش الكلام شوية فيه، فهم قالوا لي لازم يجي.. هيجي على 15، لكن طالت المسألة شهرين بش خدوهم أو ما ينامش لأنه تعرف لو شوية يعني شوية في نار ولامسه هتنفجر يا أخي أو ما ينامش، يعني جايين يا أحمد مادام تعيش معاه، نصبر فيه وجايين شهر.. شهرين، ربما شهر و.. ما نامش والله فكان رائع الرجل هذا، أنه عقيد ويهز معانا السلاح على أكتافه ويعني ويتعب معايا ويجري معايا حقيقة يعني كان رائع رائع، وكانوا رائعين كل الإخوة الليبيين اللي عملوا معانا الحقيقة يعني هناك نظام فيه حكومة فيه ولكن ربما كان فيه حكومة عندها (الخبرة)، يعني أربعين مرة..
أحمد منصور: كان مصطفى بن حليم..
أحمد بن بيلا: أحسن من الحكومة الأخرى وتعمل معايا ليل نهار..
أحمد منصور: كان مصطفى بن حليم رئيس وزراء ليبيا في هذا الوقت.
أحمد بن بيلا: كان رئيس الوزراء نعم.
أحمد منصور: سجلنا شهادته في نفس هذا البرنامج..
أحمد بن بيلا: الحق.. الحق..
(8/28)
أحمد منصور: كان.. وأفرد كتاباً فصلاً كاملاً في كتابه "صفحات مطوية من تاريخ ليبيا السياسي" حوالين الثورة الجزائرية والدور الذي لعبة الليبيون في عملية الدعم.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم.
أحمد منصور: عملية إدخال أول شحنة سلاح طبعاً أدخلتم كميات كبيرة، لكن دائماً أول عملية بيكون لها..
أحمد بن بيلا: هذه هي الأولى.. هذه الأولى.
أحمد منصور: كيف نقلتم السلاح من بيت العقيد درنة إلى داخل الجزائر؟
أحمد بن بيلا: كان فيه نظام سيدي عندنا أولاً في.. في طرابلس عندنا اتنين.. مزرعتين يعني، مزرعتين اللي.. اللي كنا يعني فيه جزائريين وعندنا سلسلة بتاع محطات حتى داخل الجزائر، هم الليبيين مع ها السلسلة داخل.. داخل ليبيا ليبيين، داخل تونس تونسيين، يعني حتى اللي تبث في سلسلة بتاعة محطات.. هذا نظام يا أخي..
أحمد منصور: كيف رتبتم هذا وأنتم لسه يعني.. لم تكن..؟
أحمد بن بيلا: والله أنا كنت أولاً مشيت إلى ليبيا، أنا كنت مشيت على ليبيا يعني شهور وشهور قبل الثورة يعني ووجدت معارف كويس ليبيا ونعرف يعني ناسها، والإخوان كذلك المصريين لعبوا دور يعني مهم جداً كي تعرف أنت الناس اللي ممكن يتعاملوا معنا، أو اللي كانوا يتعاملوا مع.. مع ليبيا يعني ومتصلين مع الإخوان، مع الضباط الأحرار وبعدين إحنا بنفسنا.. بنفسنا يعني استطعنا يعني نكون اتصالات مع إخوان في.. في ليبيا، والحقيقة العمل في الجزائر كان صدى.. كان له صدى كبير وليبيا.. الشعب الليبي كله حقيقة يعني تأثر بهذا العمل اللي كان عندنا وأصبح يعني حقيقة تجند كشعب.
محاولة اغتيال أحمد بن بيلا ونجاته منها
أحمد منصور: مصطفى بن حليم ذكر في كتابه أنك تعرضت لمحاولة اغتيال في ليبيا على يد الفرنسيين في عام 1955.
أحمد بن بيلا: آه نعم.. نعم.
أحمد منصور: كيف وقعت هذه المحاولة وكيف اكتشف الفرنسيين وجودك في ليبيا؟
(8/29)
أحمد بن بيلا: الفرنسيين عندهم.. عندهم أذنابهم وعندهم.. وعندهم سفارتهم وعندهم الممثل العسكري العقيد وعنده كله كذلك خيوطه، وعنده كذلك الإنجليز معاه والأميركان معاه.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: الشخص.. كيف يعني محاولة اغتيالك كيف وقعت؟
أحمد بن بيلا: كيف وقعت، هذا أولاً شخص علشان تكون في الصورة هذا الشخص اسمه (أونري ديفيد) هذا كان رئيس منظمة إرهابية مثل المنظمة اللي كانت في الجزائر اسمها (لويس) دي كانت اسمها (لامي روج) le main rouge اليد الحمرا، هذا كان رئيسها، ثم بيش تكون.. بيش. بيش تعرف يعني، هذا اللي قتل فرحات حشاد بأيده، هذا (أونري ديفيد)، وكان مُدرَّب من أجل هذا، يعني كان مدرب تدريبات.. تدريبات..
أحمد منصور: فرحات حشاد طبعاً زعيم تونسي معروف
أحمد بن بيلا: تونسي معروف، يعني النقابي المعروف..
أحمد منصور: ورئيس منظمة الاتحاد..
أحمد بن بيلا: حقيقة.
أحمد منصور: التونسي للشغل واغتيل في سنة.. في بداية الخمسينات
أحمد بن بيلا: هذا الإنسان بنفسه هو اللي قتله، هو اللي أتى علشان يقتلني، ست شهور ويحضر يعني للعملية، وطبعاً الحكومة الفرنساوية عندها عيونها وعندها.. عندها أجهزتها وكانوا يعني يرصدوني، لأنها مش هذه المحاولة الوحيدة يعني كانت محاولات أخرى، فهذا الرجل هذا ست شهور ويحضر هذه العملية ست شهور تقريباً وقام بها..
أحمد منصور: كيف؟
أحمد بن بيلا: كيف.. هو استطاع بالوسائل وإلى آخره يدخل في البيت اللي كنت فيه أنا في اللوكاندة.
أحمد منصور: كنت في فندق أم في البيت؟
أحمد بن بيلا: فندق صغير يعني اسمه (ريكسيلسيور)، كنت أتردد عليه.
أحمد منصور: في طرابلس؟
أحمد بن بيلا: وباسم مستعار.. في طرابلس، فاستطاع يرصدني ورصدني كما ينبغي، ويوم من الأيام وأنا.. وأنا داخل ولكن كنت في.. عندي هاجس بأن فيه حاجة بكل صراحة حقيقة يعني والإنسان، في ذلك الوقت..
أحمد منصور: كيف إحساسك إن فيه شيء؟
(8/30)
أحمد بن بيلا: كنت أنتظر أول ضربة، كنت أنتظر أي ضربة، ولهذا نعيش وأنا.. وأنا كل يعني هذاك داخلي حافز على أن لازم يكون الواحد.. لازم نعرف كيف.. ثم كانت عندي قوة يعني بدنية رائعة في ذلك الوقت يعني..
أحمد منصور: سيادة الرئيس أوصف لي.. أوصف لي هنا..
أحمد بن بيلا: أيه.. هذا..
أحمد منصور: يعني أنت رجل.. أنت رجل تعتبر رجل مسؤول عن الترتيبات الأولى لقيام ثورة، بتقوم بعمل سري كبير، متوجس من عملية اغتيال..
أحمد بن بيلا: أيوه.. طبعاً.. طبعاً
أحمد منصور: كنت عايش إزاي؟
أحمد بن بيلا: عايش أنا..
أحمد منصور: كيف كنت تأكل، تنام تتحرك؟
أحمد بن بيلا: لكن نائم وأنا مش نائم يعني.
أحمد منصور: كيف، قل لي؟
أحمد بن بيلا: هي هذا هو يعني نائم ولكن أي شيء أي حس أي شيء.. يعني، أولاً..
أحمد منصور: كم ساعة كنت بتنام في اليوم؟
أحمد بن بيلا: في اثنين ليلاً، أنا داخل بيتي وهو ضربني داخل بيتي، هو استطاع يخش البيت يعني..
أحمد منصور: في الفندق، في الغرفة يعني.
أحمد بن بيلا: ثم ما فيش الحارس يعني نائم..
أحمد منصور: لا لأ، أنا بأقول لك كم ساعة كنت تنام في اليوم؟
أحمد بن بيلا: والله ما ننامش أكثر من 3 ساعات، 4 ساعات يعني
أحمد منصور: كيف كنت تأكل، تشرب تتحرك؟
أحمد بن بيلا: نأكل وأنا.. وأنا نعمل وأنا واقف وأنا نجري، نأكل مرة في النهار، نأكل شيء خفيف الحقيقة يعني، وما ننامش أكثر من 3 ساعات، ما ننامش أكثر من 3…
أحمد منصور: هاجس الخوف كنت خايف؟
أحمد بن بيلا: لأ، الخوف أنا بكل صراحة..
أحمد منصور: بس كنت متوجس؟
أحمد بن بيلا: كنت متوجس وكنت يعني.. هذا اللي.. هذا اللي.. اللي خلاني أتغلب عليه يعني، هو ضربني الضربة الأولى تعرف الضربة الأولى
أحمد منصور: أطلق عليك الرصاص؟
أحمد بن بيلا: إحنا نعتبر الضربة الأولى هي القاضية ما فيش كلام، واللي ضربني..
(8/31)
أحمد منصور: أنا.. أنا.. سآتي لعملية لمحاولة الاغتيال بالتفصيل.
أحمد بن بيلا: أي نعم، أي نعم.
أحمد منصور: لكن أنا الآن أريد أدخل إلى نفسية إنسان بيقوم بعمل سري وبيتحرك كيف يأكل كيف ينام، كيف يتعامل مع الناس، كيف كنت تتعامل مع الناس؟
أحمد بن بيلا: لا ما أكلش.. أولاً ما نأكلش في.. في محل واحد.. ما نترددش على محل واحد، ما عنديش طبايع، مرة نأكل عند اتنين مرة ما نأكلش، مرة نأكل عنده عشرة ليلاً، مرة ما.. ما ننام وأنا مش نائم، هذا هو..
أحمد منصور: كان فيه ليبيين بيترددوا عليك في الفندق؟
أحمد بن بيلا: نعم، مش في الفندق أبداً الفندق ولا أحد يتردد عليَّ ولا أحد يأتي للفندق، عندي محلات يعني
أحمد منصور: فين الأماكن هذه؟
أحمد بن بيلا: الأماكن موجودة في طرابلس والله، وأنا بطرابلس كانت عندي 10 لـ15 أماكن داخل هذاك..
أحمد منصور: كان فيه..
أحمد بن بيلا: وعندي المزارع، اثنين مزارع بره كذلك ولكن..
أحمد منصور: كان فيه جزائريين بيتحركوا معاك؟
أحمد بن بيلا: كان.. كان نظام.. كان نظام جزائري.
أحمد منصور: كيف استطاع هذا الشخص إن هو يدخل إليك..؟
أحمد بن بيلا: ست شهور ويحضر نفسه، ست شهور هو يعني على ذريعة أنه يتعامل في أشياء تجارية، 6 شهور هو يتعامل وأصبح في الحدود يعني يشوفوه جاي يمر، لأنه يأتي لهم بأشياء، يعني أتاوات، و6 شهور، و.. ويشتغل لهذا الغرض، وجاء هو أن يعني بأن.. بأن مافيش يعني هينفذ عمله، لأن 6 شهور ويحضر لدرجة.. لدرجة، هو جاب معاه خيش، وفي الخيش فيه النجارة، وفيه الموس اللي بيش.. يقطع راسي، أي نعم، كيف قلناه جابوا لنا خيش نتاووا فيه النجارة وفيه موس.. موس يقطع، وفيه.. وفيه النجارة والخيش علشان يقطع راسي، هو بنفسه قبل ما يموت اتكلم على هذا، قال أنا جيت علشان آخذ راسه، ولكن هو اللي مات الحمد لله يعني، ليه...
أحمد منصور: قول لي.. قول لي كيف دخل عليك؟
(8/32)
أحمد بن بيلا: ودخل.. الحادث وقع عند 2 ليلاً، أنا داخل البيت فتحت ضربة جاتني على اليمين، وأنا عندي جرح، ولا أنا حتى يعني..
أحمد منصور: ضربك بأيه؟
أحمد بن بيلا: بالمؤخر.. بالمؤخر.
أحمد منصور: مؤخرة المسدس؟
أحمد بن بيلا: بالمؤخر حتى لم.. ما يطلعش يعني، عشان ما يكونش حس أو شيء، لكن يعني هو واثق بأن..
أحمد منصور: كاتم للصوت.
أحمد بن بيلا: هو راجل مدرب حقيقة بعدين تعرفنا بأنه.. أنه فيه مدرسة خاصة في (جيت بوردو) تدرب كيف الإنسان يقتل، هذه حرفة يعني، فيه ناس يعني مدربين على هذا، وجاء رجل مدرب يعني، وكان قتل فرحات حشاد و.. ورجل قادر مقتدر حتى يعني من الناحية ذاك يعني حقيقة.
أحمد منصور: رأيت وجهه؟
أحمد بن بيلا: شفت.. شفت وجهه طبعاً بعد.. كيف مات إلى آخره، يعني راجل يعني ممتلئ، يعني عنقه كده يعني رجل..
أحمد منصور: بعد الضربة الأولى.
أحمد بن بيلا: بعد الضربة الأولى يعني كأنه فقدت شوية وعيي، ولكن ما فقدتش وعيي يعني حتى يعني لأ، أنا أعرف بأن كيف إن.. إن الضرب في هذه الحالة لازم ما تنفعلش يعني، هذا كيف.. لازم.. لازم قدر ما يعني اقترب، وهو لازم.. ولهذا حاولت أقترب وأخذته كده، ورميت نفسي وهو في.. في.. في الدرج يعني.
أحمد منصور: في الأرض.
أحمد بن بيلا: في.. لا في الأرض، وفي.. في.. اسمه دروج يعني...
أحمد منصور: درجات السلم، نعم.
أحمد بن بيلا: درجات، نعم، مش ننزلوا لتحت أنا في الدور الأول يعني، أنا في الدور الأول، وإحنا في..
أحمد منصور: هو كان كامن لك.
أحمد بن بيلا: هو كان.. هو كان كامن داخل في البيت يعني، لكن أخذته، واستطعت نأخذه
أحمد منصور: ونزلت..
أحمد بن بيلا: ورميت نفسي وهو في.. في هذا..
أحمد منصور: في الدَرَج.
أحمد بن بيلا: هو يضرب.. طلق 2 طلقات، وأنا طلقت طلقة واحدة.
أحمد منصور: من مسدسك أنت.
(8/33)
أحمد بن بيلا: ولا.. ولا واحد جرح الآخر يعني، تبقى في.. في الجدران، موجودين.. موجود يعني هذا في الجدران يعني، وهرب.. وهرب، مشيت والتحقت بيه، ما عنديش سيارة أنا، مشيت للتاكسي أوصل له.
أحمد منصور: هو ركب سيارة؟
أحمد بن بيلا: هو عنده سيارته. تاكسي في الليل، قلت له تتبع شوية تردد، أنا قلت له هذاك، قلت له تتبعه يعني..
أحمد منصور: الدم نزل منك؟
أحمد بن بيلا: لأ مازال.. الدم يعني وجهي كله معمر دم. ولكن شفت اللي صار لي، كيف إحنا نعمل 100 متر، وهو يعمل 500 متر، يعني عنده.. عنده طائر، ففي ذلك الوقت أنا شفت بأنه لازم رجعت للنظام اللي عندنا، أنا في الحالة عندي خطر ولازم نتصل برئيس الحكومة أو.. ورئيس البوليس، أو بالملك، أو ألا.. أو بعبد الحميد برنة اللي هو..
أحمد منصور: العقيد.
أحمد بن بيلا: شفت... بأن لازم يعني نسرع، اتصلت بالبوليس، وطلعت.. طلعت له، قلت لهم اعتُدي علي، والرجل هرب نحو الحدود.. ماشي للحدود، ماشي لفرنسا، وإلى آخره.. إلى آخره، كونوا له حواجز، هو كان.. كان مهيأ لهذه، وعنده سيارة المقدمة بتاعة معمولة علشان تكسر أي شيء، الحاجز الأول مر، الحاجز الثاني مر، الحاجز الثالث مش بعيد عن.. على الحدود التونسية، كان الجيش الفرنساوي دخل كلهم منتظرين علشان يستلموه، شاف الحاجز كبير، فمشى للبحر عشان يسحب علشان يدخل لتونس، ضربوه الجماعة، ضربه البوليس الإيطالي ضربوه.. الليبي ضربوه وجرحوه.. جرحوه، لكن ماكانش.. ماكانش جرح..
أحمد منصور: قاتل.
(8/34)
أحمد بن بيلا: قاتل، كان جرح يعني. في الفترة ضبَّط الإخوان الليبيين اتفقوا كانوا ثلاثة، قال لو نسلموه لحكومتنا، هيسلموه...، أيه اللي عملوه؟ عملوه فلول و.. ييجوا في الأرض المعبدة، جاوا في.. في الصحراء، فالصحراء والرمال وكل ما اللوري يعني ينزل ويطلع والدم بتاعه ينزف، كيف وصل لطرابلس، مافيش قطرة بتاع دم قتلوه يعني بهذا الكيف، علشان لا يُسلَّم لفرنسا، واقعد وهو في.. في....
أحمد منصور: أنت رأيته بقى في هذه المرحلة؟
أحمد بن بيلا: واحد لقيته.. لأ أنا لقيته أنا شفته كيف.. كيف تغالبت معاه، وفي الدروج، وبعدين وهو هارب أنا شفته الحقيقة.
أحمد منصور: لأ رأيته بعد ما قتل؟
أحمد بن بيلا: رأيته بعد اللي قتل في.. في التلاجة بتاعة.. في التلاجة.
أحمد منصور: آه في.. في المستشفى يعني.
أحمد بن بيلا: و.. وماخذوش خافوا، وخافوا..
أحمد منصور: الفرنسيين لم يأخذوه؟
أحمد بن بيلا: الفرنسيين خافوا نقتلوا العائلة بتاعه وإلى آخره، وبعدين اتصلوا فيَّ بصفة غير مباشرة.
أحمد منصور: الليبيين.
أحمد بن بيلا: مش الليبيين لأ، واحد اللي سفير تركيا كنت أعرفه كده، وكلمني وقال لي..
أحمد منصور: الأتراك لعبوا دور في.. في دعم الثورة الفرنسية في أيام حكومة عدنان مندريس.
أحمد بن بيلا: آه نعم.
أحمد منصور: آه، لكن لنبقى في هذه القصة.
أحمد بن بيلا: لنبقى في هذه القصة، هو على كل حال كان يتلطف معايا.. معايا، أنا كنت من حين لحين نشوفه يعني كيف يمكن مريض أو شيء، لكن ما يعرفش هو، لكن بعدين اطلعوا، بالواسطة اتصل في قال لي أحمد العائلة عنده عايزه تشوفه، لكن خايفة.. عايزه تأخذ.. تأخذ.. لكن خايفين يعني تنتقموا منهم، إلى آخره، قلت له إحنا لا ننتقم من نساء، قال لي ممكن نيجي؟ قلت له نعم، ممكن تيجي تاخده.
أحمد منصور: عائلته الفرنسية.
أحمد بن بيلا: عائلته الفرنساوية.. الفرنسية وأولاده كذلك.
أحمد منصور: يريدون يأخذوا جثته.
(8/35)
أحمد بن بيلا: أخذوا الجثة بتاعه بعد شهر أو شهرين بس.
أحمد منصور: يعني هنا نستطيع أن نقول بأن الليبيين كان عندهم وطنية؟
دور المصريين والليبيين في دعم الثور الجزائرية
أحمد بن بيلا: آه يا أخي، إحنا دور ليبيا لا ننساه أبداً يا أخي، (...) علينا يعني لا نناسه أبداً الشعب الليبي أبداً لا ننساه، لأن لمدة سنين –يا أخي- وهم واقفين معانا، وهم.. يعني وكل الشعوب العربية، بما فيهم الشعب الليبي، والشعب الليبي خاصة، لأن كان في.. في جانبنا، وكان هو الحبل الوريد بتاع السلاح اللي يأتينا.. الذي يأتينا من.. من مصر.
أحمد منصور: طيب الآن المصريين كانوا بيدعموكم بالسلاح، الليبيين كانوا بيلعبوا دور في علميات تهريب السلاح وإدخاله وفي دعمكم.. دعمك أنت أيضاً وإيواءك وترتيب الأمور لك.
أحمد بن بيلا: أي نعم.. نعم.. نعم.. نعم.
أحمد منصور: الشحنة الأولى هذه التي هُربت عن طريق ليبيا، وتم إدخالها إلى الجزائر عن طريق..، تبعتها عشرات الشحنات المختلفة.
أحمد بن بيلا: أي نعم، أي ماشي نعم.
أحمد منصور: كما هربتم الشحنة الأولى في.. في فخر البحار، هربتم شحنة أخرى في يخت الملكة دينا. نعم.
أحمد بن بيلا: دينا، نعم، هذه كانت ثاني.. ثالث أو رابع عملية، فإحنا المشكل كان كيف، لأن الحقيقة يعني الوضع هو...
أحمد منصور: هذه في مارس 54.. 55.
أحمد بن بيلا: الوضع يعني مافيش مركب ممكن يعني نستعملوه بصفة جدية، مركب يعني صالح لهذا العمل، الجزائر على لـ 2500 إلى 3000 كيلو متر، ففين المركب؟ الإخوان في مصر ما عندهمش، مافيش، الدينا.. خطفناه دينا، دينا خضنا عملية بتاع سطو، وخفنا.. خفنا الـ Crew تقع منا في سجن، وعملنا الكرو بتاعنا وعملنا العملية، يعني أوجدنا المركب الواحد اللي صالح لهذه العملية هو دينا.
أحمد منصور: كيف هذه؟
أحمد بن بيلا: هذا كان في.. في القناة بتاع السويس، وكان.. وكان..
أحمد منصور: كان في بورسعيد.
(8/36)
أحمد بن بيلا: كان مش للملكة، الملكة يعني بتأخذ أجر عليه، وكان.. كان إنسان.. هو اللي.. اللي.. اللي يستعمل لهذا المركب هذا، يوم من الأيام أخ ناداني وقال لي أحمد فيه مركب فيه واحد مافيش.. اللي صالح لهذا، أيه؟ قال لي فيه الملكة دينا، مافيش آخر، لأن لازم كنا قررنا لازم نمشي لمراكش، يعني...
أحمد منصور: نعم.. نعم.
أحمد بن بيلا: وهذا.. هذا مصنوع كأنه مصنوع للتهريب والله يعني فيه.. مش ممكن تشوف.. يعني فيه.. فيه.. فيه 2 جيوب، مش جيب واحد، فيه جيب عادي، وفيه جيب آخر.
أحمد منصور: سري من تحت.
أحمد بن بيلا: فأيه اللي نعملوه؟ كيف نعملوه؟ كيف..؟ قال لنبقى إلا.. الشيوخ، ممكن نأخذوه بصفة غير عادية، وتعملوا بيه العملية وترجعوه، هذا اللي عملناه، لكن شوف اللي.. اللي كان كرئيس المركب كان يوغسلافي.. يوغسلافي كان ضد (تيتو)، من الجماعة اللي ضد (تيتو) وكان قبل يعني شارك في الحرب العالمية، وكان طيار.. طيار ماهر، معناها مسألة الملاحة كان رائع من أروع ما يكون، اليوم اللي أخذنا الكرو، وعرفنا نأخذوا.. نجيبوا كرو بتاعنا مصري، الرجل واعي، قال لي لو فيه عملية للصالح العربي إلى آخره أنا متطوع، بلاش تمشوا عليها كرو، خذناه هو، شوفناه متشجع مشحون هذا يموت في.. في الاعتداء بتاع السويس، متطوع، والله مات شهيد.
أحمد منصور: سنة 56.
أحمد منصور: طلب تطوع ومات في.. وبنته.. بنته كانت من بعد كنا إحنا اللي ندفع لها [نصرف عليها] مع الأخ جمال، هي زوجة الأخ إبراهيم، إبراهيم اللي بتاع.. بتاع.. بتاع أفغانستان، زوجته هي بنت هذا القبطان بتاع.. بتاع دينا.
أحمد منصور: إبراهيمي بتاع أفغانستان؟
أحمد بن بيلا: أفغانستان.
أحمد منصور: آه، نعم.. نعم.
أحمد بن بيلا: هذه زوجته.
أحمد منصور: يعني.. يعني زوجة الأخضر الإبراهيمي.
أحمد بن بيلا: زوجة الأخضر الإبراهيمي، ونحكي الكلام
أحمد منصور: دي ابنة هذا القبطان اليوغسلافي اللي..
(8/37)
أحمد بن بيلا: اللي مات، اللي كان متطوع، واللي مات شهيد يوم في. الاعتداء في...
أحمد منصور: في حرب 56 في الاعتداء الثلاثي، وهو الذي قاد اليخت دينا، لتهريب السلاح لكم..
أحمد بن بيلا: اليخت دينا.. عن التهريب.. هذه بنته، أنا اليوم اللي خرجت من السجن بعدين نرجعوا.. بعدما خرجت من السجن.
أحمد منصور: أي سجن فيهم؟
أحمد بن بيلا: مشيت للقاهرة.. مشيت للقاهرة، في 62، هذا.. هذا العام اللي.. اللي كان بتاع.. بتاع المركب، هذا في...
أحمد منصور: المركب في 55.. في مارس 55.
أحمد بن بيلا:.. واللي في.. لا، كيف أحمد كيف تزوج يعني الأخ.. الأخ الإبراهيمي، كيف اتزوج يعني، كان سفير بتاعي في مصر في ذلك الوقت، وأنا كيف خرجت الأخ جمال قال لي أحمد رايح فين؟ بنت فلان اللي كان بتاع دينا، ورحنا كل شهر ندفعوا لهم، لأن نعتبره شهيد إلى آخره، قلت له لازم أنا ندفع لهم كذلك، لازم، قال لي معلهش، أنا ندفع بلاش أنت، قلت له لأ لازم ندفع، فاستدعيت السفير وقلت له ما ترسلش فاقد فلوس، لا تمشي بالسيارة بتاعك مع (…..) بتاعنا حتى الإسكندرية وكل شهر تدفع لها الراتب بتاعها، شاف البنت تجوزها.
أحمد منصور: يعني بعد ما أنت خرجت من سجن فرنسا سنة 62.
أحمد بن بيلا: بعد ما خرجت في 62 على جيت على طول أنا لمصر.
أحمد منصور: صحيح ذهبت إلى مصر، والقصة سنأتي لها في ذلك الحين.
أحمد بن بيلا: هس يعني بغيت تيجي تشوف الأشياء يعني أيام الله.
أحمد منصور: طيب سيادة الرئيس، الآن عمليات توصيل السلاح من مصر كانت مستمرة؟
أحمد بن بيلا: أيوه مستمرة.
أحمد منصور: وطبعاً هناك يعني كل شحنة سلاح، لها قصة مختلفة عن الأخرى.
أحمد بن بيلا: مفيش شك مفيش شك.
أحمد منصور: حتى دينا.. هذه لها قصة حينما وصلت إلى ليبيا وتعطل..
أحمد بن بيلا: قصة طويلة ممكن كتاب أؤلف كتاب وقعت منها أشياء.. وقعت منها أشياء.
موقف التونسيين من الثورة الجزائرية
(8/38)
أحمد منصور: نعم، الآن هذا موقف المصريين، موقف الليبيين كيف كان موقف التونسيين معكم؟
أحمد منصور: التونسيين كانوا يا أخي معانا كانوا هم يحاربوا معانا.
أحمد منصور: الشعب.
أحمد بن بيلا: الشعب، لا لا حتى تونس كانت تتحارب.
أحمد منصور: تونس طبعاً.
أحمد بن بيلا: كانت ما خدتش استقلالها يعني كانت لازالت..
أحمد منصور: لم.. لم تكن قد حصلت على استقلالها واندلعت في 53 الثورة في.. في تونس.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم، نعم.. نعم.
أحمد منصور: لكن يبدو إن العلاقة بينكم وبين بورقيبة لم تكن على ما يرام.
أحمد بن بيلا: ما كانش كويس، ليه ما كانش كويس؟ لأن الحقيقة إحنا اليوم اللي على الثورة الجزائرية كنا متصلين، يعني من الإخوان التوانسة والإخوان المراكشيين بواسطة المعهد اللي كان عندنا في القاهرة يعني بتاع.. بتاع تحرير شمال إفريقيا، يعني كنا متصلين بالأخ صالح بن يوسف، مع علي الفاسي، مع..، فقلنا ما أعرفش إن هذا الكلام ربما كان.. كنا تكلمت فيه كان عندنا اتفاق وهو الاستقلال.. نرفض أي استقلال انفرادي، لازم استقلال الشمال الإفريقي كله.
أحمد منصور: أنتوا لذلك.. لذلك ولدت في أكتوبر 55 وحدة الكفاح الشعب الجزائري المراكشي.
أحمد بن بيلا: المراكشي.
أحمد منصور: والتونسي بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: وكان التونسي من الجهة الأخرى كذلك عندنا اتصال يعني مع الإخوان في.. في.. وكان في ليبيا بالذات بعدها عندنا اتصال مع الإخوة التوانسة وكانت بعثة عندهم موجودة في.. في ليبيا وكان تدريبات إلى آخره في مصر، نحن كنا رابطين الجزائر رابطين مع.. من جهة مع الإخوان المراكشيين، وحتى مع إخواننا التونسيين، وعندنا حتى بعض الأيام اجتمعنا في القاهرة، والقيادة...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أسستم جيش تحرير المغرب العربي.
أحمد بن بيلا: المغربي، وعندي صورة.
أحمد منصور: هذا في يناير 56.
(8/39)
أحمد بن بيلا: أيوه عندي صورة يعني مع الإخوان.. مع مثلاً طاهر الأسود في تونس وعبد الكريم خطيب في.. في.. في مراكش.
أحمد منصور: في المغرب، نعم.
أحمد بن بيلا: وأنا وحتى الأخ يظهر لي الأخ آية أحمد كان موجود في هذه الصورة عندي صورة.
أحمد منصور: كنت في يناير 56 بن بيلا، بوضياف، بلمهيدي عن الجزائر.
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: المهدي بن عنود ومحمد عبد الله المساعدي عن المراكشيين، وكان فيه هناك.
أحمد منصور: كان ساسي الأسود.. الساسي طاهر.. الطاهر الأسود.. الطاهر الأسود بتاع تونس.
أحمد منصور: وعبد الكريم الخطيب.
أحمد بن بيلا: وعبد الكريم.. لا عبد الكريم الخطيب كان.. كان يعني.
أحمد منصور: متأخر في مرحلة.. في.. في مرحلة متأخرة.
أحمد بن بيلا: مش.. مش مع القيادة العسكرية هذه كنا نتصل فيه بره والقيادة العسكرية موجودة.
أحمد منصور: في فبراير 56.
أحمد بن بيلا: وكنا متفقين بإنه مفيش حل جزئي في شمال إفريقيا متفقين على هذا، فإذا به الفرنسيين قدموا شيء للحبيب بورقيبة وقِبل قبل وانفرد و.. وخرج من هذا.. خرج يعني من الاتفاق اللي كان عندنا.
أحمد منصور: لكن بن يوسف ظل على اتصال معكم.
أحمد بن بيلا: ظل على اتصال بتعرف في قضية بن يوسف وقعت أشياء ما بين بن يوسف وفي صالح.. وبورقيبة حتى قتلوه في ألمانيا إلى آخره، ولكن الجماعة بتاع صالح بن يوسف لازالت يعني معانا متصلة فينا وإنا نعمل معاهم، وبعدين لما استقلينا جم عندي في الجزائر.
أحمد منصور: صالح بن يوسف قُتل.. قُتل صالح بن يوسف في سنة 61 أو 62 في.. في ألمانيا، لكن في الفترة دي كان صالح بن يوسف كان على علاقة معك.
أحمد بن بيلا: الفترة كان.. كان عنده علاقة.
أحمد منصور: وعلى علاقة وثيقة بعبد الناصر.
أحمد بن بيلا: جاء ومعايا.
أحمد منصور: ومعك أنت، لأن أنت كمان علاقتك وثيقة بعبد الناصر.
(8/40)
أحمد بن بيلا: وكان موجود.. أكثر من هذا كان موجود في طرابلس يعني، كان موجود تقريباً قريب يعني المجال بتاع العمل كان في طرابلس.
علاقة بن بيلا مع الملك محمد الخامس
أحمد منصور: الملك محمد الخامس حينما نفي إلى مدغشقر.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: عاد في 1955 إلى مراكش بعد توقيع بروتوكول مراكش مع الفرنسيين، أنت كان لك علاقة خاصة تربطك بالملك محمد الخامس.
أحمد بن بيلا: كانت عندي علاقة من بعد كيف قبل.. كيف عمل معاهم لما رجعوه من.. من.. ما كانش عندي علاقة قبل، كانت عندي علاقة، أنا اليوم اللي.. اللي تحركنا بالجزائر كان هو قبضوا عليه يعني وخدوه مدغشقر.
أحمد منصور: صحيح، كيف التقيت فيه أول مرة؟ وكيف كان التنسيق بينك وبينه؟
أحمد بن بيلا: أول مرة التقيت فيه اليوم اللي من بعد العمل المشترك بتاع الجيش، كونا جيش في المنطقة الريفية والجيش هذا هجم من المنطقة الريفية معناه من الريف وفي نفس اليوم هاجمنا في.. كذلك كان عمل مشترك في.. في الجزائر، كل (….) بتاع وهران تلت الجزائر تحركت في نص النهار 2 أكتوبر 1955.
أحمد منصور: صح.
أحمد بن بيلا: هذا العمل هو اللي رجع.
أحمد منصور: ولادة الكفاح الجزائري المراكشي.
أحمد بن بيلا: المراكشي، هذا العمل هو اللي رجعه الفرنسيين شافوا بأنه كل اللي عمل مع بورقيبة كل هذه.. كله يُنسف، قرروا عزل الجزائر بكل صراحة وإدوا يعني الاستقلال حتى الملك، يعني حتى يعزلوا الجزائر تبقى الجزائر وحدها.
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: وقدموا.. يعني عرضوا على الملك من بعد طبعاً الأحاجيج الأخيرة عرضوا عليه الاستقلال التام، فالملك كان طلع بإنه فيه اتفاقات قبل ما.. قبل ما يأتي وطلب يشوفني في مدريد كان سافر إلى مدريد على أن يتفاوض مع.. مع الأسبان من أجل رجوع المنطقة العربية في المراكش.
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: وطلب في ذلك..
أحمد منصور: تفتكر التاريخ؟
(8/41)
أحمد بن بيلا: والله في تلك الفترة يعني في...
أحمد منصور: يعني إحنا.. ولدت في أكتوبر 55 وولد الـ..
أحمد بن بيلا: 50 وبعد.
أحمد منصور: ورجع بعدها محمد الخامس إلى.
أحمد بن بيلا: وبعدين يعني بشهرين بعدين كان.. كان في الرباط يعني، أي نعم بشهرين وبعدين كان في الرباط في قول في أكتوبر ربما في نوفمبر شوفته أنا في.. في إسبانيا ربما في نوفمبر شوفته في إسبانيا والحقيقة هو طالع وقال لي يا أحمد أنا مطلع على الاتفاق بتاعكم لكن. أعمل أيه، هم قدموا لي الاستقلال، نرفض الاستقلال؟ ليه ما نخدش الاستقلال بيش تصبح مراكش عمق استراتيجي لكم ونتعاهد معكم بأن نكون معاكم في السراء وفي الضراء. و.. وسرد لي حتى بعض النقاط ممكن ندي لكم هذا ونعطي هذا ونشوف، أنا كيف شوف كانت عندي لائحة بتاع 20 نقطة، بعد اللي سمعت منه هذا حتى اللائحة ما قدمتها لوش يعني، لأن هو قدم لي ضعف بتاع.. بتاع الطلبات بتاعنا واتفقنا بأنه يقبل الاستقلال وتصبح مراكش هي العمق الاستراتيجي بتاعنا وهكذا كانت، وفى بكل الشروط اللي اتفقنا عليها.
أحمد منصور: وافق عليها.
أحمد بن بيلا: وافق عليها والله.
أحمد منصور: وانتوا بالتالي اعتبرتم هذه أيضاً خطوة جديدة في العلاقة بينكم وبينهم.
أحمد بن بيلا: خطوة.. خطوة.. خطوة مهمة جداً، لأن الخطوة لصالحنا.
أحمد منصور: يعني في هذه الفترة أيضاً سوء علاقتكم أو العلاقة بينكم وبين بورقيبة هل.. وكون إن هذه العلاقة لم تكن جيدة هل كان لها تأثير سلبي عليكم؟
أحمد بن بيلا: كان لها تأثير سلبي لأنه بموجب الاتفاق اللي مع فرنسا واللي يعني.. يعني يهاجم القافلات بتاعنا اللي كانت تاخد السلاح من هذا وذاك وإنما ضربوا بالرصاص بعضنا بعض.
أحمد منصور: يعني كان بورقيبة بقواته كان هو يهاجم قواتكم؟
أحمد بن بيلا: كان يمنع المرور بتاع هذاك وفي النهاية يضربه بالرصاص وقتل ما شاء الله في الناس.
أحمد منصور: يعني.
(8/42)
أحمد بن بيلا: وقتل لنا جِمال و.. ومنعها يعني.. كان حاجز ولكن تغلبنا عليها بعدين، تغلبنا يعني على هذا، طبعاً إحنا كذلك عندنا إمكانياتنا وفي ذلك الوقت أصبح هم طالبين اتصلوا فيَّ عشان يشوفوا كيف نتفق إلى آخره.
أحمد منصور: وبعد ذلك؟
أحمد بن بيلا: بعد ذلك صالح بن يوسف بنفسه كان فيه مشكل.. مشكل بتاع 2 إخوان مسؤولين كبار رضا بن عمار وحمادي هادوا كانوا مسؤولين في.. في تونس بالذات هم اللي قتلوا (ابن ودَّاي) معروفة هذه.
أحمد منصور: نعم، صح.
أحمد بن بيلا: وكان قبض عليهم بورقيبة وكان.. كان المفروض يعني ينفذ فيهم حكم الإعدام، وطلب مني صالح بن يوسف بأن نتدخل ويعني نجد الحل لأن لا ينفذوا فيهم هذا الحكم، وأنا شفت ما فيش حل إلا نتكلم معاهم هو، وطبعاً هو بيتكلم معاهم، هم هيطلبوا مني على أن أتخلى عن صالح بن يوسف، قال لي معلش عمل لي ولكن انقذ.. انقذ يعني حياتهم، وفعلاً أنقذنا حياتهم، أنا شفت الباهي الأضغم، و طلبت منه إنه كان.. كانوا طالبين الاتصال.. وأنا كنت المتعرض بكل صراحة، أنا معي صالح بن يوسف ورافض لمدة شهور وأنا.. وأنا.. وأنا رافض، التقيت به في.. في طرابلس كان موجود في طرابلس الباهي الأضغم، الباهي الأضغم عندي صلة يعني بيني وبينه بتاع إخوان بكل صراحة، وكلمني في.. ليه يا أحمد ما بتدخلوش إلى آخره مثل ما بتعرفوا فيه نعرات مع الأخ بن يوسف، أنا مع بن يوسف عندي، قال لي: لا نشوف ومعلش يعني المسألة هذه ممكن نجد لها حل هذه داخلية عندنا أيضاً وليه، أنا قلت له وقال لي كلام ما أثقش فيه لأنه حتى يعني الأمن بتاع الحدود ما عندكمش، الفرنسيين هم كيف.. أين تعينني لي.. بيش تعيني بيه؟
(8/43)
فقال لي: مسألة الحدود أنا معاهدك يعني على مدة بتاع.. بتاع 15 يوم 20 يوم نخدوها ونساعدوكم في المرور، قلت له: أنا عندي طلب أنتم حكمتم بالإعدام على.. على رضا بن عمار وعلى حمادي، لازم نسمع اليوم في.. في الإذاعة بتاعكم 8 ليلاً بأن الريس بورقيبة بأنه عفى عنهم، قال: كيف يعني؟ قتل العرب..؟ قلت له: هذا هو شرطي، لو تنفذوا فيهم الحكم ما راح ما فيش حل وفعلاً 8 بعد الليل طلعوا الإذاعة بأنه المجاهد الأكبر قرر العفو على.. يعني مش.. مش مش العفو تنفيذ يعني.
أحمد منصور: إيقاف تنفيذ الحكم.
أحمد بن بيلا: تنفيذ الإعدام، وبالفعل يعني وقع هذا
أحمد منصور: يعني العلاقة بينك وبين بورقيبة بشكل عام لم تكن جيدة كذلك.
أحمد بن بيلا: أي نعم، ما كانش.
أحمد منصور: ربما آت لها بالتفصيل الزمني في حينها، لكن في.. إحنا الآن أخذنا الظروف المحيطة تقريباً بالثورة الجزائرية من كل مكان من مصر، من ليبيا، من تونس، من مراكش، وبقي الوضع داخل الجزائر نفسها، في الأول من نوفمبر عام 1954 اندلعت الثورة الجزائرية، هل صحيح كان مقرراً لها 30 من أكتوبر وليس أول نوفمبر؟
أحمد بن بيلا: كان.. كان مقرر لها، ولكن كانوا الإخوان إحنا تركنا لهم يعني المجال واسع بيش يقرروا النهار، يعني ما حددناش يوم، خلينا هذا يعني، فهم قرروا كانوا قرروا وبعدين غيروا البتاع و..
أحمد منصور: أنا يعني حينما قامت الثورة في نوفمبر 54 كان رئيس وزراء فرنسا في ذلك الوقت (مانديس فرانس).
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: كنتم أنتم خارج الجزائر كقيادات تاريخية تسعون للتمويل بالسلاح ولترتيب الأمور السياسية، كان هناك مجاهدون ومناضلون آخرون في داخل الجزائر هم الذين تولوا العبء الأساسي لتنفيذ الثورة.
(8/44)
في الحلقة القادمة أبداً معك من الأول من نوفمبر داخل الجزائر والظروف التي أدت إلى اندلاع الثورة في الداخل، وكيف اندلعت، ثم اختطافك بعد ذلك في أول عملية قرصنة جوية في التاريخ على يد الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: نعم، الفرنسيين نعم.
أحمد منصور: وسجنك في فرنسا، أشكرك سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: أشكرك.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة - إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.(8/45)
الحلقة5(8/46)
الأربعاء 1/9/1423هـ الموافق 6/11/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 14:29(مكة المكرمة)،11:29(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
03/11/2002
- الترتيبات الداخلية لاندلاع الثورة الجزائرية.
- مواقف القوى السياسية الجزائرية من الثورة.
- مؤتمر الصمام وتأثيره على الثورة الجزائرية.
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا. سيادة الرئيس، مرحباً بيك.
أحمد بن بيلا: أهلاً.
الترتيبات الداخلية لاندلاع الثورة الجزائرية
أحمد منصور: في الحلقة الماضية استعرضنا الظروف التي أحاطت باندلاع الثورة الجزائرية وموقف الشعب المصري والحكومة المصرية، كذلك ليبيا وتونس والمغرب ولقاءك مع الملك محمد الخامس في مدريد، وأنا حصلت على التاريخ في الأسبوع الثالث من إبريل عام 1956، لم نتناول الظروف الداخلية في الجزائر نفسها، ظروف اندلاع الثورة في الأول من نوفمبر عام 1954 كيف كان الوضع داخل الجزائر؟
أحمد بن بيلا: الوضع الداخلي في الجزائر كان وضع.. أنت ابتداء تعمل بعقلية ثورة، الثورة تقوم بغير ما تتوفر كل الشروط بتاع النجاح، وبالذات يعني الثورة قامت وإحنا تقريباً ... عمل مهم وهو معطيات مهمة وهو مثلاً السلاح مش متوفر، ما عندناش سلاح، عندنا السلاح الذي اشتريناه من ليبيا، وكان موجود في.. في أوراس اللي مر على غدامس والوادي وبسكرة ومشوا... وفي النهاية فيه أوراس، في هذا كان غير كاف ولهذا كانت العمل يعني الثورة قامت وتقريباً معدومة من.. من.. من الوسائل يعني بأشياء يعني بسيطة.
أحمد منصور: عدد المجاهدين كانوا كم تقريباً داخل الجزائر؟
(8/47)
أحمد بن بيلا: والله العدد من.. مش ممكن نحصره، العدد كان بالنسبة للعمل مثل هذا ما كانش كافي، ليه؟ مش.. مش العدد بتاع المناضلين، لأن المناضلين بغير سلاح لا.. لا لا يتعدوا.. لا يتعدون يعني، السلاح كان مخصوص يعني.. سلاح كانت.. كان السلاح الأساسي موجود في أوراس، وكانت حكمة يعني الحقيقة إحنا يعني أخذنا قرار كانت فيه حكمة وكان هو اللي ترتب عليه نجاح الثورة..
أحمد منصور: كيف كان تعاطف..
أحمد بن بيلا: عندنا.. عندنا سلاح.
أحمد منصور: تعاطف الناس معكم؟
أحمد بن بيلا: أنت عايز سلاح خلينا.. أوراس المنطقة مؤهلة على أن تعمل لأنها جبلية، والأوراسي رجل نعرفه رجل ثابت ورجل شجاع من وقت روما مش فقط يعني، والأرض كذلك مؤهلة جبال ما شاء الله ثم وجود.. بوجود فرنساوي قليل، لأن الأراضي الزراعية مش موجودة.. مش.. فيش ثروات كبيرة، أرض شوية ما فيهاش فلاحة قوية، ما فيهاش..، جبال، ولكن الرجال موجودة، ولهذا أكبر عدد بتاع السلاح إديناها لهذه الجهة، تقريباً نصف السلاح اللي اشتريناه من ليبيا خليناه..
أحمد منصور: نوعية السلاح كانت أيه؟.. سلاح خفيف كله؟
أحمد بن بيلا: كان خفيف تقريباً خفيف يعني.. يعني فيه قليل سلاح أوتوماتيكي مثلاً إن فيه بنادق وفيه بعض.. بعض رشاشات صغيرة إلى آخره، ولكن ما عندناش، فيه.. فيه رشاشات هذه (بريطا).. يعني وفيه مش.. مش عدد كبير، لكن فيه البندقيات وفيه حتى مش البندقيات الكبيرة (موسكتو)، بندقيات صغيرة موسكتو هذه بريطا من.. من.. من.. من زي اللي اسمه بريطا دا مش سلاح يعني نوعه إيطالي اللي اشتريناه من.. من.. في ليبيا، ووصل لأوراس.
أحمد منصور: كلها كانت من مخلفات الحرب العالمية الثانية من الأسلحة.
(8/48)
أحمد بن بيلا: العالمية الثانية، أغلبيتها مخلفات الحرب العالمية الثانية، ومش سلاح متطور بريطا، هذا سلاح.. سلاح يعني بندقية صغيرة، إيطاليا مش.. مش من النوع يعني لا.. بالعكس، وكانت بالعكس يعني معتبرة سلاح مش كويس، لكن الحمد لله كيف تجيبها بين يد الرجال تصبح..
أحمد منصور: تفتكر مين من قادة الثورة في الداخل؟ تفتكر بعض الأسماء الذين كانوا في الداخل؟
أحمد بن بيلا: كانوا كلهم يا أخي، كلهم كانوا..
أحمد منصور: مين بعض الأسماء تذكرها؟
أحمد بن بيلا: بعض الأسماء كريم بلقاسم، بعض الأسماء مصطفى بولعيد، بعض الأسماء بلمهيدي، ديدوش مراد، بيطاط، كل هادا القادة
أحمد منصور: كل دول كانوا داخل الجزائر؟
أحمد بن بيلا: تاريخياً كلهم داخل الجزائر ما عدا.. ما عدا بوضياف، خيضر، آية أحمد وأنا.
أحمد منصور: أنتم الأربعة التاريخيين اللي كنتم في الخارج.
أحمد بن بيلا: اللي.. اللي كنا.. كنا بره.
أحمد منصور: هل نستطيع أن نقول هنا بأنه كان هناك قيادة سياسية كنتم أنتم تمثلوها في الخارج وقيادة عسكرية في الداخل كان يقودها كريم بلقاسم؟
أحمد بن بيلا: نعم، كريم بلقاسم كان في المنطقة بتاع القبائل بس يعني، المناطق هذه..
أحمد منصور: آه، كانت مقسمة إلى 5 مناطق..
أحمد بن بيلا: مناطق مقسمة يعني مناطق.. فاللي.. اللي ممكن يعني يقال وشيء شيء مش معروف كتير، وهو إحنا بطبيعة الحال كنا عينا الأخ بوضياف هو المنسق بتاع كل العمل بتاع الثورة، ليه؟ بكل صراحة مش لأن كان عنده مرتبة داخل النظام سري هو العالي، لأ، لأنه مش معروف، ولأنه كان موجود في ذلك الوقت في فرنسا، واشتغل في.. في النظام، وكانت عنده إمكانيات بكل صراحة.
أحمد منصور: ما هي الإمكانات؟
أحمد بن بيلا: إمكانات فلوس، إمكانيات كذا كانت..
أحمد منصور: من أين؟
أحمد بن بيلا: من النظام اللي موجود في.. في.. في فرنسا، كان هو اللي..
(8/49)
أحمد منصور: نعم، الجزائريين الموجودين في فرنسا..
أحمد بن بيلا: موجودين في فرنسا، والجزائريين ما شاء الله كان عندهم نظام أروع ما يكون.
أحمد منصور: هذا كان نظام سري.
أحمد بن بيلا: سري لأ، مش سري.. يعني مش سري بعد في وقت الثورة أصبحت بعض منهم نظام سري، وإحنا هددنا فرنسا في.. في.. في باريس، يعني إحنا ضربنا (سوستان) في باريس بش نقتله.
أحمد منصور: متى؟
أحمد بن بيلا: وقت.. وقت الثورة، (سوستان) في.. في.. في الشانزليزية في باريس يعني منع ماماتش.
أحمد منصور: من سوستان.
أحمد بن بيلا: سوستان هذا اللي كان.. كان وقتاً ما هو.. هو اللي.. هو اللي رئيس، هو اللي على النظام الفرنساوي في الجزائر، هادول اللي كانوا عاملين..
أحمد منصور: طيب، الآن ما طبيعة الدور الذي كان يقوم به محمد بوضياف كمنسق..؟
أحمد بن بيلا: يعني أنا جاي لهذا، إحنا كنا يعني ربما في حاجة لشوية ما اتكلمناش عليها وهو البداية كانت اجتماع في باريس ما بيني وما بين محساس وما بين بوضياف.
أحمد منصور: علي محساس أم أحمد محساس؟
أحمد بن بيلا: علي محساس.. على محساس، وكلفنا بوضياف على أن يدخل للجزائر، لأن النظام السري أنا قلت لك كانوا خذوا قرار يعني فكوه النظام السري.
أحمد منصور: طبعاً.
أحمد بن بيلا: فإحنا كنا بصدد كيف ننمي الفلول بتاعة النظام السري.
أحمد منصور: هذا الاجتماع كان في سنة 52؟
أحمد بن بيلا: كان في باريس في.. في وأنا مار على فرنسا..
أحمد منصور: بعد هروبك من الجزائر.
أحمد بن بيلا: بعد هروبي من الجزائر.
أحمد منصور: هذا في.. في العام 52.
(8/50)
أحمد بن بيلا: وكان.. وكانوا الجماعة عازمين على أن لا نلتقي مع المسؤولين الآخرين بتاع النظام السري وقتها أنا كنت هربت من السجن، مع محساس لكن محساس كان معزول علي ما أشوفوش، بوضياف كذلك اللي كان في باريس ما أشوفوش، لكن يوم من الأيام لما نخرج فاقت 11 ليلاً يعني في السر نخرج في الليل، نجد روحي الوجه بالوجه مع محساس.
أحمد منصور: بدون ترتيب.
أحمد منصور: ها الصورة كيف.. كيف قلت، شوفته هذا محساس اللي هرب معايا من.. من السجن من بتاع البليدة.
أحمد منصور: رويت لنا القصة.
أحمد بن بيلا: آه وقال لي بوضياف إحنا لازم نتشاور في يا أحمد، قلت له: لازم نجتمع، اجتمعنا.
أحمد منصور: تفتكر الشهر؟ لأن الاجتماع ده مهم.
أحمد بن بيلا: الشهر.. الشهر.. الشهر، كان في أواخر الصيف.
أحمد منصور: لأنك أنت هربت في مايو.
أحمد بن بيلا: هربت في مايو.
أحمد منصور: إلى أن ذهبت إلى فرنسا قلت في أغسطس.. سبتمبر.
أحمد بن بيلا: إلى فرنسا في عدة شهور في الجزائر، وبعدين كان في الصيف، وبما أنه وصلت تقريباً في الخريف، لأ في أغسطس.
أحمد منصور: أغسطس.
أحمد بن بيلا: معناها يوليه.. يوليه، يوليه بصدفة كده يعني يا أخي بيش فيه أشياء إلهية والله تقع، إحنا المفروض لا نشوف محساس ولا يشوفني، وهم مرتبين الإخوان معنا في الحزب ألا يشوفني ولا أشوفه، ولا أشوف بوضياف، فإذا بـ11 ليلاً يعني أنا أستنشق شوية الهواء وأخرج في الليل.
أحمد منصور: طب قل لنا ليه، اشرح لنا ليه مش عايزينكوا تتقابلوا مع بعض؟
أحمد بن بيلا: ما قلت لك يعني الحركة قررت بأن النظام السري يتفكك..
أحمد منصور: آه، لأن هم خايفين أن تعيدوا النظام مرة أخرى.
أحمد بن بيلا: آه، خايفين من هذا، أول نوفمبر هو هذا الاجتماع اللي وقع، كل بقى.. بهذا الاجتماع اللي وقع ما بين محساس وبوضياف وأنا واحد..
أحمد منصور: أول نوفمبر 52..
(8/51)
أحمد بن بيلا: لأ قبل.. قبل نوفمبر، هذا قبل أغسطس اللي بيش نوصل.. إني ما وصلتش لمصر، أنا ماشي لمصر.
أحمد منصور: أنت وصلت لمصر في أغسطس 53.
أحمد بن بيلا: 53 أيه نعم.
أحمد منصور: مش 52، لكن هربت من السجن 52.
أحمد بن بيلا: 3.. خليني أكلمك على 53 هذا الاجتماع اللي وقع في باريس
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: أنا هربت ماشي مار على فرنسا قلت لك مار على فرنسا.
أحمد منصور: سردنا هذه القصة، لكن أنت نقول في أغسطس 53؟ قبلها.. قبلها؟
أحمد بن بيلا: وصلت.. قبل.. قبل أغسطس.. قبل أغسطس.
أحمد منصور: نقول في يوليو التقيت مع بوضياف.
أحمد بن بيلا: بشهر ونصف أو بشهرين، قل يوليو.. يونيو.. يونيو هذاك مريت بباريس، وإحنا الحزب خد قرار فك (Loose) هذا فك، وعملوا قدر.. قدر المستطاع على أن لا.. لا نشوف واحد ولا يشوفني واحد، فإذا بي 11 ليلاً نلتقي، وجه بالوجه، هذا الرجل اللي هرب معي من البليدة، فتم.. تم قال لي أحمد، إحنا وبوضياف لازم نجتمع، كان في ذلك الوقت طبعاً كانت الحوادث في.. في مراكش وفي تونس وفي.. نجتمع في حي اسمه (ماروج)، ثلاث أيام وثلاث ليال وإحنا نشتغل، وإحنا نحضر ونقرر بأن بوضياف يدخل الجزائر أن يلم.. الإطارات الموجودة، لأن كانت كلها مبعثرة يلم اللي في قسطنطينة في الجزائر، وفي وهران يلم اللي في وهران من.. في قسطنطينة علشان يلم، إحنا اللي دخله لم 22 هذا اللي يقول 22، ثورة انطلقت من بعد الاجتماع بتاع 22، هاي 22 مش المسؤولين الكبار مسؤولين بتاع المناطق، يعني مسؤولين درجة ثانية ممكن نقول يعني، لكن الأركان بتاع.. بتاع النظام السري هو بوضياف واللي كانوا باقيين بوضياف، محساس، وأنا، هذا في.. يعني ها البداية.. البداية هي اللقاء.
أحمد منصور: وكيف كانت علاقاتك وارتباطاتك مع بوضياف بعد ذلك؟
(8/52)
أحمد بن بيلا: كانت كويسة والله، كانت كويسة، يعني علاقتي في ذلك الوقت علاقة كانت بتاع مسؤولين يعني فيه نظام خاص.. وعلاقة..
أحمد منصور: من الذي كنت تلتقي به في الجزائر، تتصل فيه في الجزائر؟
أحمد بن بيلا: أنا كنت مسؤول على ها النظام السري، والتقي تقريبا كل شهرين.. كل مع الجماعة ها بالذات يعني..
أحمد منصور: اللي هم..
أحمد بن بيلا: محساس وبوضياف، وآخرين كانوا في ذلك الوقت يعني..
أحمد منصور: في.. في طرابلس أم في تونس؟
أحمد بن بيلا: لأ هذا في ذلك الوقت كان في الجزائر نلتقي بالجزائر.
أحمد منصور: كنت تدخل سراً إلى الجزائر؟
أحمد بن بيلا: لا.. لا.. لا.. لا قبل كيف كان النظام..
أحمد منصور: لأ الآن سيادة الرئيس إحنا في سنة 54
أحمد بن بيلا: هم في 54 سيدي هذا وأنا ماشي.. ماشي لفرنسا، من بعد الحزب أخد قرار بأن يحل هذا النظام السري..
أحمد منصور: خلاص أنتم أعدتم النظام وأنت رحت لعبد الناصر وبعد ذلك..
أحمد بن بيلا: لا لا، كنت عندها ما وصلتش لمصر.
أحمد منصور: لا لا، إحنا بس علشان نقفز تاريخياً، أنا أقصد العلاقة التي كانت تربطك بمحمد بوضياف بعد اندلاع الثورة في 1 نوفمبر 1954.
أحمد بن بيلا: بعد.. بعد اندلاع الثورة لأن اللي وقع ليش.. ليه، لازم نشوف كيف يعني اتنظمت الثورة، يعني هذا حزب مبعثر ما فيه، ما بقاش حزب، كيف.. يجمع نفسه وكيف عمل؟
أحمد منصور: كيف لميتوا بعض؟
أحمد بن بيلا: لمينا لأن هذا.. لأن البداية كانت الاجتماع بتاع باريس، بعدين بوضياف دخل وجمع 22، وإحنا في القاهرة متصلين فيه، وقررنا أول نظام بعملنا، أنا.. كنا نتكلم كيف يعني على.. على، كلمناك كيف مريت على.. على..
أحمد منصور: الأوامر كانت تصدر منكم في الخارج إلى.. من في الداخل؟
(8/53)
أحمد بن بيلا: كان سامحني.. ليه.. سامحني، فقط، وبغيت تقول لك يا أخي إحنا عيَّنا بوضياف، ها اللي وقع في أول نوفمبر.. ليومين قبل أول نوفمبر يأتي لي بوضياف ويقول لي أحمد أنا مش ممكن أنسق، لأن عندي مرض السل دا.. فقط.. يعني، هذا الشيء اللي وقع في باريس بيش.. بيش..
أحمد منصور: قال لك التقيت معاه أم بالتليفون؟
أحمد بن بيلا: لا، التقيت معاه في باريس.
أحمد منصور: في باريس.
أحمد بن بيلا: في باريس، هذا.. هذا البداية في باريس، يعني كل البداية كيف النظام اجتمع من جديد وحضَّر، ومن باريس هذا الاجتماع الأول، وعيَّنا في ذلك الوقت بوضياف، فإذا به ليلة أول نوفمبر بوضياف يأتي.. بوضياف نشوفه من بعد في.. في.. في.. سويسرا ،ما قلت لك، أول نوفمبر بيومين قبل يجيني، هو اللي منسق اللي لازم يكون فسق في الجزائر يجيني بيقول لي مش ممكن ننسق، مع أنها ثورة ابتدت بغير راس، ... ابتدت بغير راس.. بغير منسق، أنا اضطريت ناخد الأمور يعني، طبعاً..
أحمد منصور: اضطريت أن تأخذ زمام المبادرة حتى لا تضيع الجهد كله.
أحمد بن بيلا: كل الأمور.. كل الأمور يعني.. يعني العمل.. العمل ابتدى يا أخي لأن هذه اللي.. اللي.. اللي كنت نقول لك الثورة، الثورة ابتدأت وما عندناش راس، في الثورة ما عندناش الرجل اللي ينسق، المنسق مريض، عنده مرض السل، وغير قادر أن يقوم بهذا العمل لأنه العمل شاق، والدليل أُجريت له عملية جراحية وإحنا في السجن وعنده رئة واحدة بوضياف..
أحمد منصور: نأتي إلى هذه..
أحمد بن بيلا: ولكن اضطرينا يعني ناخدوا الأمور، واضطريت أنا بكل صراحة لأن نأخذ الأمور..
مواقف القوى السياسية الجزائرية من الثورة
أحمد منصور[مقاطعاً]: القوى السياسية اللي كانت موجودة على الساحة الجزائرية آنذاك ماذا كان موقفها؟
أحمد بن بيلا: كل موقفها كان سلبي ما عدا.. ما عدا.. حتى حزبنا كان موقف.. الحزب الرسمي موقف سلبي مع هاي الشيء.. مع هاي الشيء.
(8/54)
أحمد منصور: اللي هو.. اللي هو يعني نقول الحركة الوطنية يعني؟
أحمد بن بيلا: الحركة من أجل.. من أجل انتصار.
أحمد منصور: الديمقراطية.
أحمد بن بيلا: الديمقراطية.
أحمد منصور: هذه كانت امتداد للمصاليين أو أتباع مصال الحاج.
أحمد بن بيلا: كلها كان.. كانت، ولكن كانت كانت توقع شقاق داخل الحزب ما أنا أقول لك أي واحد..
أحمد منصور: الحزب الشيوعي الجزائري رفض بشدة أن يتعاون معكم..
أحمد بن بيلا: 3 نوفمبر ندد بالعمل بتاعنا مش رفضه فقط، ندد بالعمل.
أحمد منصور: جمعية العلماء.
أحمد بن بيلا: ما كانش معانا.. ما طلعش الكلام، لكن هي كانت متفقة مع فرحات عباس، وفرحات عباس جمع اللجنة المركزية وندد بالعمل بتاعنا.
أحمد منصور: فرحات عباس اللي هو كان رئيس الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، والذي سيصبح بعد ذلك..
أحمد بن بيلا: نعم.. الكل ندد بعملنا، الكل ندد بعملنا، الكل.. كل الأحزاب نددت، واللي ما نددش ما كانش معنا على كل حال، جمعية العلماء ما بتطلعش بيان ولكن هي معروفة، هي رابطة مع.. مع فرحات عباس.
أحمد منصور: سآتي للمواقف تفصيلياً بعد ذلك..
أحمد بن بيلا: أما حزب..
أحمد منصور: لأن كل هؤلاء غيروا رأيهم، فرحات عباس ظل يعارضكم إلى أن أعلن انضمامه في القاهرة في 22 أبريل 56 إلى جبهة التحرير الوطني الجزائري بعد عامين أو ما يقرب من عامين من استمرار العمليات المسلحة وبعدما أصبحتم قوة موجودة على الساحة.
أحمد بن بيلا: قوة.. إحنا قوة.. قوة.. قوة يعني مسيطرة على الموقف
أحمد منصور: كان هناك يوسف بن خدة وسعد دحلب وما.. أو ما يسموا بالمركزيين وهؤلاء عارضوكم أيضاً ثم انضموا لكم بعد ذلك..
أحمد بن بيلا: ثم انضموا.. انضموا كذلك نعم.
أحمد منصور: الحزب الشيوعي انضم بعد ذلك أيضاً..
أحمد بن بيلا: لا من بعد.. من بعد سنة لسنة ونصف.
أحمد منصور: جمعية العلماء انضم أحمد طالب الإبراهيمي ومحمد شعباني.
(8/55)
أحمد بن بيلا: انضموا.. انضموا.. انضموا.
أحمد منصور: وانضموا بعد ذلك، لكن كل هؤلاء جاءوا في وقت متأخر.
أحمد بن بيلا: لكن جمعية العلماء..
أحمد منصور: بعد مرور فترة على الثورة.
أحمد بن بيلا: يعني ما طلعتش بيان ضد، ما طلعتش ولكن هي معروفة كانت رابطة مع.. مع فرحات عباس معناها ما كانش معنا في أول نوفمبر.
أحمد منصور: وُصفت العلاقة بين قيادات الثورة الجزائرية في ذلك الوقت بالذات ما بين العسكريين وما بين أو ما بين الجناح السياسي ما يقال عن وجود جناح سياسي وجناح عسكري وأن كان هناك تداخل فيما بين الاثنين.
أحمد بن بيلا: الاثنين..
أحمد منصور: يعني كان أعضاء جبهة التحرير الوطني السياسيين هم نفسهم العسكريين الذين يقومون بهذا.
أحمد بن بيلا: هم نفسهم العسكريين ما فيش واحد يعني كان مسؤول بغير مثلاً حزب الشعب، غير ما كان فيه.. فيه الحركة من أجل انتصار الحرية.. الديمقراطية
أحمد منصور: التداخل.. التداخل هذا في.. في الصلاحيات ألم يؤدِ إلى وجود حزازات ووجود مشكلات بين..
أحمد بن بيلا: لأ، المشكلات اللي كانت هي داخل الحركة كان عندنا مصال من جهة و.. طبعاً مصال كذلك ما كانش معنا في أول نوفمبر، لأن كان.. وكان.. كانوا المركزيين كذلك مش متفقين على ذاك، ولكن كان النظام سري، البداية النظام السري فقط، ها بالأول.
أحمد منصور: جوان جليبي في كتابه "ثورة الجزائر"..
أحمد بن بيلا: من هو؟
أحمد منصور: جوان جليبي، جون جليبي كاتب.. كتابه مترجم يقول: لم يكن هناك.. لم تكن جبهة التحرير الوطني الجزائري في البداية إلا مجموعة عصابات تعمل في كثير من الأحيان على مسؤوليتها هنا وهناك، يعني لم تكن عملية منظمة.
أحمد بن بيلا: لأ هذا.. هذا كلام بتاع رجل مش مطلع.. أو مش مطلع أو يعني الرجل.. الرجل يعني..
أحمد منصور: كيف كانت العمليات الأولى للثورة؟
(8/56)
أحمد بن بيلا: العمليات الأولى كانت منسقة تماماً، كانت.. كنا.. كانت تعوزنا مسألة السلاح فقط يعني، الحقيقة إحنا خططنا بأن نركزوا على أوراس، وتقع عمليات في.. في كل أنحاء البلاد وهذه نجحنا فيها في البداية، ولكن كان ها اللي يعني المستطاع اللي كان موجود عندنا في أوراس، لأن في أوراس ابتدينا بحرب العصابات من البداية، شي اللي كان مش موجود في جهات أخرى من.. يعني من أجل عدم يعني السلاح نقص السلاح، فالسلاح ابتدا يصل، ابتدا يصل وعلى مر الأيام ومر.. إلا والثورة..
أحمد منصور: هل كانت مصر هي الجهة الوحيدة اللي بتمول الثورة؟
أحمد بن بيلا: الوحيدة لمدة 3 سنين يا أخي ولا قطعة واحده خدناها من بلاد ما عدا مصر، يعني لأن ما كانش عندنا اتصالات، لأن ما كانش عندنا كذلك يعني النظام اللي بيش نوصل سلاح من بره، حتى.. حتى الجزائر وفي البداية ابتدينا يعني بمصر.
أحمد منصور: حينما قامت الثورة في أول نوفمبر 1954 كان (مانديس فرانس) رئيس وزراء فرنسا.
أحمد بن بيلا: أيوه وكان وزير داخليتها الرئيس الذي جاء بعد ذلك (فرانسوا ميتران)...
أحمد بن بيلا: أيوه ميتران.
أحمد منصور: ميتران قال حينما اندلعت الثورة الجزائرية إن الجزائر هي فرنسا.
أحمد بن بيلا: فرنسا.
أحمد منصور: وإن الأراضي الممتدة من حدود فرنسا الشمالية إلى إقليم الكونغو جنوب خط الاستواء تخضع كلها لقانون واحد ولبرلمان واحد وتشكل أمة واحدة.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم ولا.. ولا يكون سلام مع (….) يعني السلام كان مع ... هو الحرب مع ....
أحمد منصور: معنى ذلك إن فرنسا كانت..
أحمد بن بيلا: هذا الكلام في (باتنا) في عاصمة أوراس.
أحمد منصور: معنى ذلك..
أحمد بن بيلا: كان موجود في الجزائر كيف اندلعت الثورة.
أحمد منصور: كيف، متى ذلك إن فرنسا لم يكن لديها أدنى استعداد في تلك المرحلة للتفريط في الجزائر
أحمد بن بيلا: أبداً.. أبداً.. أبداً.
(8/57)
أحمد منصور: في بداية يناير 1954 رفعت الحكومة الفرنسية أعداد قواتها في الجزائر بحيث أصبح هناك ما يزيد على مائة ألف جندي؟
أحمد بن بيلا: لا كان أكثر، مائة ألف كان من البداية، رفعت زادت مائة ألف جندي.
أحمد منصور: أصبحت في نهاية ديسمبر 55 مائتي ألف وارتفعت في مارس 56 إلى 250 ألف، وفي أبريل إلى 320 ألف جندي..
أحمد بن بيلا: وفي النهاية 850 ألف.
أحمد منصور: وصلت إلى 850 ألف.
أحمد بن بيلا: نعم.
أحمد منصور: أنا أذكر المعدلات، كيف أن الثورة كان لها تأثير شديد جداً على الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: أيوه.. هذا أولاً.. هذا أولاً، الثورة من الأول كان لها تأثير.
أحمد منصور: وكان عدد المستعمرين الفرنسيين كانوا ما يقرب من مليون مستعمر.
أحمد بن بيلا: مليونين ونصف..
أحمد منصور: مليونين ونصف..
أحمد بن بيلا: مزارعين، مسلحين كلهم.. مسلحون كلهم..
أحمد منصور: بعدما بدأت الفصائل المختلفة تدخل إلى جبهة التحرير الوطني الجزائري زي المصاليين، البيان من أجل الديمقراطية، فرحات عباس، الشيوعيين بدأت المشاكل تحدث داخل جبهة التحرير الوطني.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم.. نعم، ولكن أنا أقول يعني كل الثورات كانت عندها مشاكل وعندها ذاك، يعني بكل صراحة المشاكل هذه اللي وقعت ما.. ما عرقلتش يعني مسيرة الثورة بكل صراحة مع عظمتها مع.. الثورة كانت أعظم من هذا، الثورة استطاعت تستمر وكل سنة وهي العود بتاعها يصبح صلب أكثر من السنة الماضية حتى الاستقلال.
أحمد منصور: هذا كلام جميل من الناحية العاطفية، ولكن من الناحية الواقعية نجد مثلاً إن عباس.. فرحات عباس هذا الذي.. يعني أنا جمعت بعض أقواله التي قالها عن فرنسا، يعني من أقواله أنه لا يفصلنا عن باريس إلا البحر..
أحمد بن بيلا: هذا صح.. صح.
أحمد منصور: أما المشرق العربي أو الإسلامي فتفصلنا بيننا وبينه صحاري عديدة.
أحمد بن بيلا: أيوه صح نعم.
(8/58)
أحمد منصور: وفي سنة 36 قال: نحن فرنسا وفرنسا نحن، وقال لا توجد أمة اسمها الأمة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم.
أحمد منصور: يعني رجل كان فرنسياً أو متفرنساً إلى أبعد حد.
أحمد بن بيلا: آه صح.
أحمد منصور: هذا الرجل الذي أعلن انضمامه.. معارضته في البداية لجبهة التحرير الوطني، أعلن انضمامه في أبريل 56 وفي يوليو 56، 7 يوليو 56 تحديداً، يعني بعد ثلاثة أشهر فقط من انضمامه أعلن استعداد جبهة التحرير الوطني للتفاوض مع فرنسا بشأن وقف إطلاق النار.
أحمد بن بيلا: آه، نعم.. يعني الثورة الجزائرية استطاعت تعمل شيء اللي ربما مش موجود كتير وهي كل المجالات اللي انصهرت فيه كل.. كل الطاقات الموجودة ولكن ولا مرة مسار الثورة كان في يد الجماعة اللي.. اللي أتونا واندمجوا معانا..
أحمد منصور: يعني أصبح.. أنا سآتي لك بالتفصيل سيادة الرئيس الآن.
أحمد بن بيلا: طيب اتفضل.. اتفضل.
أحمد منصور: أنتم الآن كعروبيين قوميين وطنيين فجرتم الثورة في البداية في أول نوفمبر 1954 وتحملتم الضغوط الداخلية من أبناء جلدتكم من الذين عارضوا اندلاع الثورة.
أحمد بن بيلا: أيوه صح.
أحمد منصور: ومن الفرنسيين ومن بورقيبة ومن.. الضغوط الخارجية الكثيرة التي شُكلِّت عليكم بدأتم في العام 1956 تفرضوا.. تفقدوا السيطرة والتوجيه على الثورة وبدأ هؤلاء يأخذوا مواقع متقدمة للغاية.
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: صح؟
أحمد بن بيلا: آه، ولكن..
أحمد منصور: فرحات عباس كان أصبح بعد ذلك هو رئيس أول حكومة جزائرية في العام 58
أحمد بن بيلا: رئيس حكومة، آه.. رئيس حكومة آه.
(8/59)
أحمد منصور: لكن الرجل هنا كان متزوج من فرنسية تقيم في جنيف، كان بيعتبر فرنسا هي الأساس بالنسبة له، دخل إلى جبهة التحرير الوطني سنة 56 وتبوأ موقعاً أساسياً، وأصبح هو الذي يتحدث باسمكم أنتم الذين بدأتم والرجل يتحدث، قلتم أنكم جمعتم الجميع ولكن لم يحدث مطلقاً في تاريخ الثورات أن يأتي الشيوعي والمتغرب والعلماني و.. وجبهة التحرير.. قصدي جمعية العلماء وأنتم القوميين والعروبيين وتقول لي أن الثورة يعني صهرت الجميع في بوتقتها.
أحمد بن بيلا: لا شوف سيدي أنا بودي يعني يكون توضيح هنا.
أحمد منصور: وضَّح لنا.
أحمد بن بيلا: فرحات عباس ولا مرة يعني ولو أصبح رئيس حكومة، كان عنده يعني الصلاحية بيش هو اللي يقود الثورة والعمل بتاع الثورة، أبداً.
أحمد منصور: كان هو اللي في الواجهة.
أحد بن بيلا: لأ هو في الواجهة فيما يخص سياسة.. فيما يخص اجتماعات الأمم المتحدة، فيما يخص يعني صوته يرفعه لصالح الثورة، لكن مش من.. من يعني حريته الكاملة.. كاملة داخل النظام، وقعت منه بعض الأشياء لليوم.. لليوم نعاني منها وهي الخط العروبي بتاع البداية، وقول الخط الناصري، ما تغلطش والله، إحنا في وقت الثورة صح وقعت محاولات بش تضرب هذا الخط.. وقعت فعلاً، ووقعت بالخصوص كيف الثورة.. كيف الجماعة اللي كانوا في.. في مصر قرروا يقتربوا من الثورة ويجوا للرباط أو ويجوا لتونس وأصبحت الحكومة المؤقتة موجودة في.. في تونس بالذات.
أحمد منصور: سيادة الرئيس، أنا لا أريد أستبق الأحداث هنا وأصل لسنة 58 وأنت كنت في السجن.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.. نعم.
أحمد منصور: ولكن أنا الآن في سنة 56 وفي بدايتها تحديداً.
أحمد بن بيلا: 56.. 56.
مؤتمر الصمام وتأثيره على الثورة الجزائرية
أحمد منصور: في 56 وبدايتها تحديداً، و.. وهذه الأشياء التي أنا أشرت إليها أدت إلى ما وقع في 20 أغسطس 1956 وما يسمى بمؤتمر الصمام والذي كان له تأثير كبير.
(8/60)
أحمد بن بيلا: أي نعم كان له تأثير كبير، صحيح.
أحمد منصور: مؤتمر الصمام وتأثيره عليكم.
أحمد بن بيلا: صح، ووقعت داخل الثورة لكن هذه مش.. مش من فرحات عباس هذه لأ، أنا في رأيي، أنا أرى..
أحمد منصور: أنا لا أقصد هناك فرحات عباس تحديداً ولكن دخول...
أحمد بن بيلا: داخل.. داخل الثورة.
أحمد منصور: دخول هؤلاء، يعني مثلاً.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم
أحمد منصور: التاريخ يكرر نفسه يبدو في كل مكان، بجماعة الأصفياء في البداية حينما يأتي الناس الآخرين يلتحقوا بهم فتحدث عادة مثل هذا.
أحمد بن بيلا: لأ، والأحداث الأخرى اللي تحدث يا أخي هو.. هو الموت يعني إحنا.. إحنا صفوة الرجال اللي كانت عندنا ماتوا، يعني سنتين من بعد 3 سنين من بعد صفوة الرجال اللي كانوا معانا في.. النظام.. الرجال اللي هم اللي.. اللي فجروا يعني الثورة إلى آخره، لا.. لا تنسى بأن مليون و نصف جزائري ماتت يا أخي وقول لأن الرجال بتاعنا ماتت في السنتين الأولى 3 سنين ولكن ثقني هذا ما أثرش في.. في العود بتاع الثورة والدليل يعني.. الدليل فرنسا رحلت أو ما رحلتش؟ فرنسا رحلت أو ما رحلت؟
أحمد منصور: لم ترحل.
أحمد بن بيلا: لا لا خليني معنويا والأشياء الأخرى الثقافية، لكن...
أحمد منصور: لا لا لا لا، فرنسا لم ترحل عن الجزائر إلى اليوم، أنا سآتي معك بالتفصيل إلى ذلك ولا أريد أستبق الأحداث، أنا ليه أركز على هذه الأشياء؟ لأن واقع الجزائر اليوم رسم في تلك المرحلة.
أحمد بن بيلا: نعم من بعد، رسم من بعد 3 سنين.
أحمد منصور: ربما في 58.
أحمد بن بيلا: في.. في 58، 59 في.. في كيف فرنسا فقدت الأمل بأنها تعوق يعني.. تعوق مسيرة الثورة، وابتدت تخطط على أن ترسل لنا بعض الضباط بتاعها، ولكن الثورة.
أحمد منصور: عُقد مؤتمر الصمام.
(8/61)
أحمد بن بيلا: مثلاً.. مثلاً يعني في القاهرة كنا في القاهرة، القرارات كيف كنت موجودة أنا والإخوان معاي، القرارات المهمة لا تؤخذ في.. في الإطار السياسي، تؤخذ ما بين المسؤولين بتاع النظام السري، بوضياف، بلمهيدي، محساس وأنا، أساساً يعني في القاهرة كل القرارات التي تتخذ الأساسية تأخذنا بين الأربعة بتاعنا عندنا غطاء سياسي، عمل سياسي يعني اقتراحات سياسي ولكن الأشياء الأساسية داخل الثورة مسار الثورة كان.. كان.
أحمد منصور: لذلك عقد مؤتمر الصمام في 20 أغسطس.
أحمد بن بيلا: من بعد الـ 6 جينا.
أحمد منصور: 56.
أحمد بن بيلا: في الـ 56.
أحمد منصور: حتى يتم.
أحمد منصور: 4 سنين من بعد يا أخي.
أحمد منصور: سنتين فقط سيادة الرئيس من 54 لـ 56. سنتين فقط.
أحمد بين بيلا: سنتين.. كانوا سنتين نعم.
أحمد منصور: هذا المؤتمر الذي يعني قاده عبان رمضان هذا المؤتمر كان له تأثير كبير للغاية على مسار الثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم نعتبر بأنه كانت طعنة كان يعني ضربة خنجر للثورة الجزائرية...
أحمد منصور: كيف؟ أشرح لنا بقى قول لنا كيف كان خنجر للثورة الجزائرية.
(8/62)
أحمد بن بيلا: كيف.. كيف.. كيف؟ الثورة ابتدت في إطار معروف ونظام سري إلى آخره، ولكن يعني كان المفروض بأن هذا النظام السري ما يبقاش نظام سري يعني منحصر لأنه غير قادر يعني وحده يعني، هذا النظام من بعد كل.. كان هذا هو الغرض يعني إحنا انضم إلينا كل من يمكن يدفع إلى.. إلى الاستقلال، لأنه كان الهدف هو الاستقلال ها اللي كان الهدف -الحقيقة- وقررنا نكون إطار أوسع من الإطار اللي كان حتى الحزب.. حزب واحد قررنا ما يكونش حزب واحد ولو الذين عملوا أو نظام ما فيش واحد خارج من الحزب ولا واحد من جمعية العلماء ولا واحد من الجماعة بتاع فرحات عباس، ولا واحد من الحزب الشيوعي، ولا واحد.. واحد من حزب آخر كلهم من حزب الشعب كلهم..، النظام ولا واحد خارج هذا، ولكن ما فيش شك يعني كان لو بقينا في هذا الإطار إحنا كنا مش ممكن.. كان ممكن أن.
أحمد منصور: صحيح.
أحمد بن بيلا: ولهذا فتحنا المجال للأحزاب الأخرى، ولكن كنا دائماً في.. في رأينا تبقى الثورة ما بين الناس اللي فجروا.. اللي فجروا الثورة، لكن هذا هو اللي وقع هو الناس اللي يفجروا الثورة شيئاً فشيئاً ماتوا أو بقى العدد القليل منهم وجاء زحف كبير وفعلا اللي وقع هو مثلاً.. مثلاً الحكومة الأولى المؤقتة اللي كوناها تقريباً الأغلبية بتاعها كانت من جماعة.. جماعة هذه (السنتراليت) هذا الجماعة اللي كانوا دخلوا الحركة وكانوا في شنئنات مع مصال الحاج وكانوا ضده والنظام، الحكومة الأولى المؤقتة التي..
أحمد منصور: سنة 58.
أحمد بن بيلا: تكونت من الناس اللي ما كانوش يؤمنون..
أحمد منصور: مش عايز أسبق الأحداث، لكن أنا الآن أبقى في إطار مؤتمر الصمام وأنت تقول أنه..
أحمد بن بيلا: لا هذا.. هذا.
أحمد منصور: طعنة.
(8/63)
أحمد بن بيلا: هذا كان ينبئ لهذا، كان يتنبأ لهذه اللي وقع في الصمام نقصد إن الثورة حصلت يا أخي وشيئاً فشيئاً هذا.. هذا.. هذا العمود الفقري اللي كان هو اللي.. اللي فجَّر الثورة آخره الثورة شيئاً فشياً داب مات يعني أوقات بعض.. والدليل تكوين الحكومة الأولى في.. وكان في.. في مصر في ذلك الوقت الحكومة المؤقتة جه فرحات عباس هو رئيس الحكومة.
أحمد منصور: مؤتمر الصمام في 20 أغسطس 58 كنتم أنتم..
أحمد بن بيلا: 56.
أحمد منصور: 56 عفواً كنتم أنتم كقادة رئيسيين أنت تقول أنتم كنتم تسيرون الأمور، بدأت تتفجر الصراعات من الداخل ويقولون الداخل أولى من الخارج.
أحمد بن بيلا: أيوه صح، صح.
أحمد منصور: والعسكريون أولى من السياسيين.
أحمد بن بيلا: ابتدت.. ابتدت.. ابتدت.
أحمد منصور: وكانت هذه نواة أول مؤتمر لحزب جبهة التحرير الوطني الجزائري أو كما يقول محمد حربي أن هذا كان بداية الصراع داخل الثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: كان فيه صراع ما فيش.. ما فيش.. ما فيش عمل -اسمح لي، والله- ما فيش عمل يعني إلزامي ما فيه أشياء ما تقعش فيها أشياء حتى.. حتى داخل.. داخل الإسلام مش.. مش وقع كده يعني؟ في الوقت اللي.. اللي إحنا.
أحمد منصور: فتحي الديب يقول أنه التقاك بعد مؤتمر الصمام ووجد نفسيتك متأثرة بشكل كبير.
(8/64)
أحمد بن بيلا: أي نعم، لأن كنت وصلت لي المقررات وصلت لي المقررات وما فاتحتوش بهذا ما فاتحتوش لا هو ولا ناصر، (....) بأن فعلاً الثورة ضاعت، وكتبت للجماعة بالداخل وقلت لهم ما تعلنوش هاي المقررات، لأنها أولاً هذا الاجتماع ما كانش اجتماع بتاع كل.. كل الولاة، بعض الولاة الأساسية ما حضرتش أوراس ما حضرتش، الولاية الخامسة ما حضراش ولو يعني كان بلمهيدي يعني يبدأ اللي هو.. هو يمثل الولاية، بلمهيدي من الشرق جاء.. جاء العمل بتاع.. في الوقت اللي الحركة قررت تغير الجماعة اللي كانوا في.. في الشرق ترسلهم للغرب واللي في الغرب ترسلهم للشرق.. لكن مش هو رجل بتاع.. بتاع بتاع.. بتاع الغرب الجزائري، فيه رجال مثلاً بن علاَّ هو اللي كان مسؤول، جاء معانا بن علاَّ إلى آخره.
أحمد منصور: كان مؤتمر الصمام هدفه سحب البساط من تحت أقدامكم أنتم.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم.
أحمد منصور: أحمد بن بيلا، محمد بو ضياف.
أحمد بن بيلا: مش غير البساط، يعني الشيء اللي أخطر من هذا يعني كانت الثورة يا أخي عربية، ثورة يعني رابطة مع المشرق و.. والثورة منتمية لجذورها وترجع لأصلها من بعد 133 سنة انتهى الاستعمار و.. وشايفة بأن أصلها هو القاهرة هو المشرق ورابطة مع المشرق، وكان في.. في المشرق كذلك كانت نهضة وكانت ثورة ناصرية وكانت هي عايزة تربط معَ.. معَ هذه الثورة، و هذا هو فعلاً.. فعلاً المؤتمر بتاع الصمام لما جاء ضرب هذا و.. على أن الثورة تمشي في.. في مسار آخر، مسار ما يسمى بالديمقراطية ومسار..
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول أن مؤتمر الصمام كان بداية.. أنت قلت في حوار مع التليفزيون الفرنسي في العام 82 أن الثورة الجزائرية بدأت الانحراف عن مسارها في العام 56.
أحمد بن بيلا: نعم.
أحمد منصور: هل كنت تقصد هذا المؤتمر؟
(8/65)
أحمد بن بيلا: هذا المؤتمر، أنا أعتبر المؤتمر أول ردة ضد الثورة الجزائرية وأصل الثورة الجزائرية، أنا أعرف بأن هذا هيزعج كثير من الجزائريين ولكن هذه هي الحقيقة، هذا.. هذا الصمام اللي هم يطبلوا له يا أخي كان خيانة بالنسبة للثورة، خيانة بالنسبة للانتماءات بتاعنا الأساسية العروبية الإسلامية، والعلة طلعتنا من.. من ذلك الوقت ومازال باقية، مازال عند الناس يشوفوه لأن الصمام والصمام وبيني وبينك فيه بعض الناس اللي حضروا.. حضروا هذا المؤتمر مثل.. مثل (زيغوت يوسف) اللي هو خارج من.. من الاجتماعات وصرح بأن الاستقلال حالنا نحصله ولكن الثورة انتهت، هذا زيغوت بتاع المنطقة الولاية الثانية.. بالاغتيالات بخصوص التكالب على.. على الولاية الواحدة بتاع أوراس..
أحمد منصور: كيف؟
أحمد بن بيلا: قتلوا بعض المسيِّرين فيها، كانوا.. احنا ما.. ما حضرتش لا صمام، و.. وقفتُ وقفة يعني ضد الصمام، أوراس.. عندنا يعني مسألة مهمة جداً.
أحمد منصور: يعني أنا لاحظت أيضاً في متابعتي التاريخية لهذه المرحلة أن عملية الاغتيالات والتصفيات الداخلية للقادة بين بعضهم وبعض بدأت بعد هذا المؤتمر.
أحمد بن بيلا: بطبيعة الحال، بالخصوص الضحايا اللي يعني الكبار بتاع هذا.. هذا.. هذا.. هذا الانحراف وقعت في.. أوراس.
أحمد منصور: أنت هل تعتبره انحراف عشان المنهجية، أو انحراف عشان الصراعات الشخصية؟
أحمد بن بيلا: لا المنهجية.
أحمد منصور: المنهجية نفسها؟
أحمد بن بيلا: آه المنهجية.
أحمد منصور: كيف انحرفت منهجية الثورة الجزائرية؟
أحمد بن بيلا: أيه فيه ناس –يا أخي- كانوا لا.. لا يؤمنون بالعروبة والانتماء.
أحمد منصور: مثل من؟
أحمد بن بيلا: مثل عبان مثلاً، عبان.. مثل عبان.
أحمد منصور: عبان رمضان.
(8/66)
أحمد بن بيلا: هذا.. هذا.. هذا.. هذا المؤتمر بتاع الصمام، والبرنامج بتاع المؤتمر الصمام تقراه ولا تجبر كلمة على العروبة أو على الإسلام، كلمة واحدة، الوقت اللي إحنا كل ما كان تطلع يعني.. تطلع.. يطلع قرار من طرف الثورة، إلا ونركز على الانتماءات العروبية والإسلامية. البيان بتاع أول نظام يركز على هذا، يعني البنية بتاع الحكم في الجزائر تكون على.. بناءً على.. على المقاييس الإسلامية.
أحمد منصور: هو أنا باختصار عندي القرارات، تشكيل جهاز تنفيذي يقود الجبهة، وهي لجنة التنسيق والتنفيذ من خمس أفراد، بينهم 2 فقط من مؤسسي الجهاد.. وثلاثة مؤسسين..
أحمد بن بيلا: لا.. لا وقول أكثر من هذا، منهم.. منهم ثلاثة أو أربعة كانوا ضد أول نظام.
أحمد منصور: كان من غير المؤسسين عبان رمضان ويوسف بن خده، وسعد دحلب، وكان من المؤسسين العربي بلمهيدي، وكريم بلقاسم فقط.
أحمد بن بيلا: طبعاً.. طبعاً
أحمد منصور: وكان عبان رمضان أصبح هو المسؤول، وشكلوا جهاز سياسي من 34...
أحمد بن بيلا: هو عبان رمضان بيش تكون في الصورة كذلك، ولا مرة كان في الجهاز السري، ولا مرة كان في النظام.. النظام السري.
أحمد منصور: طبعاً تم اغتياله بعد ذلك، وسآتي إلى هذه النقطة بالتفصيل، لكن أنا في القرارات شُكِّل جهاز سياسي من 34 عضو.
أحمد بن بيلا: عضو، آه.
أحمد منصور: إعادة تنظيم جيش التحرير الوطني الجزائري مرة أخرى، ودي الإشكالات التي حدثت والصراعات التي وقعت، وإقرار أولوية الداخل على الخارج.
أحمد بن بيلا: على الخارج.
أحمد منصور: والعسكري على السياسي.
أحمد بن بيلا: وحاجات أخرى والله، في هذا.. هذا.. هذا التقرير الرسمي هذا، و
أحمد منصور: وأنا باختصار نقلته، لأن المقر...
أحمد بن بيلا: لا.. لا نسيت الحاجات اللي هي أخطر يا أخي.
أحمد منصور: ما هو الأخطر؟
(8/67)
أحمد بن بيلا: فيه بعض.. بعض الملحقات هذه اللي ما تطلعش في البرنامج، تطلع ملحقات .. تفسير، وهي مصر اغتنمت يعني الفرصة، الثورة الجزائرية مش تبيع القطن بتاعها، من ضمن يعني الملحقات فيها هذه، هذا اللي خلاني أنا كيف قرأت، لأني اندهشت حقيقة، وحتى أن بل ما بلغتش الإخوان المصريين على.. على.. على الاجتماع بتاع الصمام، وهذا الأشياء اللي قرأتها، إلى آخرها، ما طالعتهمش.
أحمد منصور: كيف أنتم تقبلتم قرارات الصمام وتعاملتم..؟
أحمد بن بيلا: بالرفض، أنا.. أنا كتبت جواب وقلت هذا لا.. مش ممكن يعني نقر هذه المقررات اللي قلتموه، وهذا المؤتمر اللي عملتوه ما حضروش، لأن إحنا بالذات، يعني كان لازم إحنا نكونوا حاضرين.. نحضروا هذا، وطلبوا لنا بش نأتوا لطرابلس علشان ياخدونا بش ندخل وقعدنا 20 يوم، وأنا والأخ.. الأخ خيضر ولا واحد يعني جاء لطرابلس علشان ياخدنا بيش ندخل الجزائر نحضر المؤتمر.
أحمد منصور: آه يعني هم تعمدوا ألا...
أحمد بن بيلا: 20 يوم وإحنا ننتظروا.. اعتماداً، يعني ما فيش عندي ... خطة.. يعني خطة يعني مدروسة.
أحمد منصور: على.. على أساس ألا تحضروه.
أحمد بن بيلا: على أن لا نحضروا في المؤتمر.
أحمد منصور: لكن أنتم رتبتوا أن تحضروا..
أحمد بن بيلا: مشينا، يعني هم طلبونا بش.. بش نأتي لطرابلس علشان ندخلوا، قعدنا 20 يوم إحنا في طرابلس، ولا حد جانا، وبعدين سمعنا المؤتمر اجتمع وطلع.. طلع المقررات من.
أحمد منصور: هنا أصبح عبان رمضان يعني يعتبر هو الزعيم الذي كان يحرك الداخل.
أحمد بن بيلا: صح هو المنسق.. هو المنسق بتاع الثورة.
أحمد منصور: كيف كان وضعكم أنتم في الخارج؟
أحمد بن بيلا: إحنا رفضنا على كل حال، وضعنا في الخارج، وبالخصوص يعني أنا والأخ محساس، وحتى بوضياف رفضنا هذه المقررات.
أحمد منصور: هل كان فيه قوة خارجية تقف وراء مؤتمر الصمام؟
(8/68)
أحمد بن بيلا: أنا ما.. ما نجزمش على الشيء اللي مش ملموس عندي، لكن الشيء اللي أنا حاسس بيه، وهو الرائحة بتاع فرنسا مش بعيدة على هذا يعني، لأن بعدين كذلك داخل.. داخل المقررات فيه الخطة اللي لازم يعني كيف نكون مجال علشان نكسب يعني الفرنسيين الموجودين الديمقراطيين، وما أعرفش أيه الطلبات، و.. و.. الإطارات يعني الثقافية الموجودة الفرنسية اللي ممكن يعني يدخلوا عندنا إلى آخره، هذا كلهم كنا ضد هذا الحقيقة إحنا.. إحنا بلاد يعني استعمار استيطاني، مليونين ونص فرنسي موجودة، فإحنا بكل صراحة مع اللي شاف اللي وقع عندنا والثورة يعني و.. والوقعة العظيمة اللي وقعت والدم والهم، إلى آخره، بكل صراحة كنت أنا.. أنا من.. مش أنا فقط، شوف بأن ما فيش مجال يعني لوجود أقلية فرنسية، وعملت بكل صراحة بكل ما في وسعي على أن ما تكونش أقلية مثل (الأهالي اللي هم) عند (موجابي)، ونجحت في هذا..
أحمد منصور: نعم. طيب الآن...
أحمد بن بيلا: نجحت كذلك لأنهم تكلبوا علينا وعملوا ما عملوا وقتلوا لنا مليون ونصف يا أخي، بكل صراحة من يوم اللي.. اللي.
أحمد منصور: دول مليون ونصف فقط دول اللي قُتلوا من 54 لـ 62، لأنه قتل ملايين الجزائريين على مدى 132 عام.
أحمد بن بيلا: عن 133 سنة 7 ملايين ونصف هذا بشهادة المؤرخين الفرنسيين، مش كلامي.
أحمد منصور: سبع ملايين ونصف بالضبط.
أحمد بن بيلا: سبع ملايين ونصف، نعم.
أحمد منصور: قتلوا على يد الفرنسيين، من 1830 إلى 1962.
أحمد بن بيلا: على يد الفرنسيين والجيش الفرنساوي إلى آخره في الانتفاضات المتلاحقة، كل 15 سنة تقريباً كانت انتفاضة عندنا.
أحمد منصور: الشائع بلد المليون شهيد، لكن المليون ونصف قتلوا من 54 لـ62 فقط. وست ملايين على مدى...
أحمد بن بيلا: هذا.. الشائع.. الشائع الحقيقي.. الشايع الحقيقي هو سبع ملايين ونصف قتلوها في 133 سنة، وهذا كلام المؤرخين، ممكن ندلك على المراجع.
(8/69)
أحمد منصور: الآن المؤتمر.. بعد مؤتمر الصمام كيف كان علاقتكم بالداخل الجزائري، هل استمريتم في توصيل الإمدادات، في توصيل الدعم؟
أحمد بن بيلا: والله لا تنسى بأن إحنا، هذه جاءت مع حادث معروف كتير، إحنا كنا موجودين في.. في أسبانيا بيش ندرسوا هذه المقررات، فإذا بيه الجماعة يدخلوا لمراكش، ومراكش.. لأننا كنا في نفس الوقت كنا في.. كنا في مفاوضات مع الفرنسيين، وكنا مشينا بعيد في المفاوضات، كان المفروض نجتمع في تونس، بيش نُطلع إخواننا المراكشيين والتوانسة على ما أبرمناه وما أبرمناش مع الفرنساويين، كيف وصلنا فيه، يعني لأن مش ممكن نمشي لصلح بغير ما نطالع إخواننا في تونس ومراكش على هذا، وهذه المسألة بتاع الطائرة.. الطائرة...
أحمد منصور: طبعاً كانت 2 مارس.. 2 مارس 56 حصلت المغرب على استقلالها، ومن 54 بدأت تونس تتفاوض على قضية الاستقلال إلى أن وصلت له في 56 أيضاً، فبقي أنتم الذين كنتم تكافحون وتناضلون ضد الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: على.. هذه مسألة.. مسألة بش تكون في الصورة مسألة الصمام هذه في 56 ..
أحمد منصور: أيوه نعم، الصمام في 20 أغسطس 56.
أحمد بن بيلا: وإحنا في الـ 56.. وإحنا في 56، في 2 أكتوبر.. في 22 أكتوبر أُقبض علينا في مسألة الطائرة.
أحمد منصور: أنا سآتي لقضية الطائرة، ولكن يعني أنا الآن في هذه المرحلة مرحلة إن عبان رمضان ومن معه بدءوا السيطرة على الوضع في الداخل، وبدءوا يقسمون الثوار أو القادة الجزائريين، أنتم الذين قمتم بالثورة بدءوا يفصلوكم عن الداخل.
أحمد بن بيلا: وبالخصوص أنا، كان.. كان الهدف هو أنا بكل صراحة، يعني هو...
أحمد منصور: لماذا أنت تحديداً وليس الآخرين؟
أحمد بن بيلا: لأن أنا اللي اللي نكوِّن مشكل لعبان.. لعبان رمضان.
أحمد منصور: لماذا تشكل مشكلة لعبان؟
(8/70)
أحمد بن بيلا: لأن ما عندوش هو، ما عندوش صلاحيات، ما عندوش أرضية اللي بش يكون مسؤول، هو ماكانش حتى في النظام السري، هو ما كانش يعني من اللي.. ومن اللي.. من اللي..
أحمد منصور: لماذا ليس بوضياف أو محمد خيضر، أو حسين آية أحمد؟
أحمد بن بيلا: لماذا هو عداوة، لأن الحقيقة إحنا اللي وقع شوف يا أخي، والله.. وأنا بغير ما أنبش في القبور أو.. الثورة المصيبة بتاعها اللي كانوا ضد الثورة هذا المركزيين، هم اللي أصبحوا في اللجنة بتاع عبان، اللي كانوا ضد الثورة هم اللي أصبحوا.
أحمد منصور: صحيح يوسف بن خده، و.. وصح.
أحمد بن بيلا: هذوا كانوا ضد الثورة، كانوا.. أنا ما.. ما أنبش في.. في.. في إخلاصهم، ولا في نزاهتهم، أنا الناس هادول كل اللي يدخل الحركة بكل صراحة، اللي.. منها دُوُل نضاف، مش ما يأخذوا الرشاوي إلى آخره، لأ، لكن في الخطة لا كانوا غلطانين.. كانوا غلطانين، هدول أصبحوا.. لكن هذه خطة يا أخي، عبان ليه يختار الذين ما كانوا.. لا كانوا يريدوا.. يطيقونه وإن هم مش يكونوا في القيادة، بالله عليك!!
أحمد منصور: هذا العجيب في الثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: هذا هو العجيب.
أحمد منصور: إن في خلال سنتين كل المعارضين أصبحوا هم الذين يتزعمون ويفرضون..
أحمد بن بيلا: المعارضين على أول نوفبمر.
أحمد منصور: معارضي أول نوفمبر نعم، معارضي انطلاقة الثورة.
أحمد بن بيلا: هم اللي.. هم.. هم اللي في القيادة أنا ندي لك أمثلة.
أحمد منصور: تفضل.
أحمد بن بيلا: اللي.. اللي مش معروف.. معروفة والله. يوم من الأيام جينا خبر من الجماعة اللي كانوا في السجن اليوم اللي إحنا عملنا فرنسا قضت على الكل، لأنها كانت تظن اللي هادول اللي كانوا في اللجنة المركزية هم اللي عملوا، إلى آخره، شوف بعد ما طلعوا، طلعوا بأن ولا عندهم.. ولا عندهم دخل في هذا.
أحمد منصور: نعم، حينما اندلعت أول نوفمبر.
(8/71)
أحمد بن بيلا: آه، ابتدت.. ابتدت تفاوضهم وهم في السجن، ويخرجوا بره، ويتفاوضوا، يوم من الأيام ييجي لنا خبر وإحنا بالقاهرة بأن فلان وفلان وفلان
أحمد منصور: لأ قل لي فلان وفلان مين؟
أحمد بن بيلا: أقول لك فلان، آه والله، هذا لأول مرة أقولها.
أحمد منصور: قول.
أحمد بن بيلا: بن خده.
أحمد منصور: يوسف بن خده.
أحمد بن بيلا: بن خده مازال على قيد الحياة. وواحد اسمه تمام.. تمام كان في اللجنة المركزية كذلك هذا، وواحد اسمه صالح الونشي، الثلاثة هدول كلهم من اللجنة المركزية طلبوا اتصال بينا في (سان ريمو) في إيطاليا، وطلبوا على أن يشوفوا خيضر، هذا بالاسم خيضر.
أحمد منصور: محمد خيضر، نعم.
أحمد بن بيلا: نجتمع إحنا في القاهرة بلمهيدي وبوضياف ومحساس وأنا، ونقرر مش خيضر اللي يمشي يشوفهم، أنا اللي يمشي يشوفهم، واللي مشي أنا ونشوفهم في (سان ريمو)
أحمد منصور: تفتكر التاريخ، شهر كام، سنة كام؟
أحمد بن بيلا: التاريخ هو..
أحمد منصور: 55، أو في نفس سنة الثورة 54؟
أحمد بن بيلا: 55.. 55 آه.
أحمد منصور: 55، أولها، منتصفها؟
أحمد بن بيلا: والله ما أنا التاريخ ممكن ترجع له بعدين، هذا...
أحمد منصور: مشكلة إنك مش كاتب مذكراتك.
أحمد بن بيلا: والله ما أكتبش مذكرات يا أخي، لأول مرة أنا أتكلم على هذه الأشياء، وأنا عارف هذا الكلام..
أحمد منصور: أنا آمل أن هذه الشهادة الناس تستفيد.
أحمد بن بيلا: أنا عارف هذا الكلام هيكون ضجة كبيرة، إلى آخره، لكن هذه هي الحقيقة، وربي أعلم يا أخي.
أحمد منصور: قل لي الحقيقة.
أحمد بن بيلا: فكيف شفتهم ثاروا.. قالوا يا أحمد إحنا.. إحنا طلبنا نشوفوا خيضر، قلت لهم أنتم طلبوا ولا إحنا اللي بيش نعين كيف، أنتم.. أنتم.. أنتم كنتم ضد الثورة، ما عملتوش ثورة، كنتم ضدها...
(8/72)
لا نشوف خيضر، هي اسم خيضر، اليوم عملتوش.. بالقيادة، وإحنا قررنا مش خيضر اللي يشوفكم، أنا اللي نشوفكم، اتفضلوا، فتمتموا، وبعدين قالوا نعم، قالوا إحنا جينا نتصل فيكم لأن الفرنسيين اتصلوا فينا، والفرنسيين يقولون أنهم مستعدين على أن يدخلوا المفاوضات معنا على.. على شرط، تكونوا حزب غير جبهة التحرير، حزب آخر، أنتم تكونوا حزب، هذا كله في السجن، الجماعة دول أطلقوا سراحهم، مستعدين يتفاوضوا معانا، قلت لهم.. عبان على باله هذا؟ قالوا هذا، قالوا نعم، هو فيه كيف عبان ما يكونش على باله، هو موجود في.. في العاصمة، وهادو جايين على أن يتكلمون على أمر عظيم وكانوا في السجن.. في.
أحمد منصور: هذا كان قبل مؤتمر الصمام.
(8/73)
أحمد بن بيلا: كان قبل مؤتمر الصمام. فقلت لهم هذا السفر أنا نقول لكم أنتم على.. أنتم ارتكبتم غلطة كبيرة، قالوا ليه؟ قلت لهم لأن هذا أنا ممكن نعتبرها خيانة، أيه اللي يحولكم أنتم اللي يدي لكم هذا.. على أن تتصلوا فينا وتجيبوا هذا.. قال لي نحن نشوف الصالح العام، الصالح العام أنتم اللي تعملوا.. تتفاوضوا مع فرنسا ومن بعد إنكم أنتم لا تؤمنون بهذه الثورة، وهذا كلام قلته للأخ للأخ.. اسمه بن خده وآخرين معاه قوموا يا جماعة ما نبغيش على كل حالنا في وقت الكلام إلى آخره ومش حق عليكم تيجوا تبلغوا لنا هذا الكلام، ما فيش حزب غير جبهة التحرير، ما فيش حزب آخر، وتقولوا لعبان.. غلط كيف أرسلكم هنا، أو سمح لكم على أن تأتوا هنا، أما ما يأتوش معنا، إن شاء الله يأتوا بيش يتفاوضوا معانا، وهم راكعين وكانوا راكعين، هيتفاوضوا معانا وهم راكعين، وتبقوا على خير إلى آخره، هذه في روما، يعني في روما، بن خده اللي راح يتكلم دا اتنين كتب إلى آخره، مع خده، تمَّام. بصراحة الوجه كلهم الثلاثة باللجنة المركزية ها اللي أتوا لي وأنا في سان ريمو، وطبعاً رجعوا.. ما.. على كل حاجة وقت معاهم واتغديت معاهم وكلت معاهم إلى آخره، ودخلوا.. دخلوا فيعني بش تعرف يعني المحاولات هذه يعني ابتدت قبل مؤتمر الصمام من قبل كده، وهو تنصيب لأناس اللي ما كانوش.. إنما ما كانش فيه خلاص، لكن اللي كانوا لا يؤمنون بأول نوفمبر كانوا يعتبروا هذا مغامرة، ويعتبروا أنا أول مغامر، فإذا به يصبحوا هم.. هم.. هم اللي.. اللي ماسكين يعني هذا بدفة.. دفة هذا، ها.. فعلاً.. ها المصيبة اللي أصابت الثورة الجزائرية.
أحمد منصور: في الثاني والعشرين من أكتوبر عام 1956 وقعت أول عملية قرصنة..
أحمد بن بيلا: قرصنة جوية.
أحمد منصور: جوية في التاريخ حيث قام الفرنسيون باختطافك أنت وأربعة زعماء آخرين خيضر محمد خيضر وبوضياف..
أحمد بن بيلا: وبوضياف.
(8/74)
أحمد منصور: وحسين آية أحمد.
أحمد بن بيلا: كان المفروض إحنا ما نمشيش للرباط المفروض نجتمع في.. نجتمع في مدريد.
أحمد منصور: القصة سنبدأها من الحلقة القادمة بالتفصيل.
أحمد بن بيلا: إن شاء الله.
أحمد منصور: حيث قضيت بعد اختطافك أنت والأربعة الآخرين.
أحمد بن بيلا: رجعتني لأشياء عظيمة والله يا أخي.
أحمد منصور: في السجن، أنا اللي بأشكرك سيادة الرئيس، هذه من حق الناس أن يعرفوها، ظللت تحبس هذا التاريخ في داخلك طوال هذه السنوات. نكمل في الحلقة القادمة.(8/75)
الحلقة6(8/76)
الأربعاء 8/9/1423هـ الموافق 13/11/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 11:16(مكة المكرمة)،08:16(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
10/11/2002
- اختطاف فرنسا لأحمد بن بيلا ورفاقه وسجنهم
- محاكمة بن بيلا ورفاقه في فرنسا وسجنهم في سجن لاسنتيه
- اغتيال عبان رمضان وظاهرة تصفية الكوادر في الجيش الجزائري
- موقف بن بيلا من تشكيل الحكومة الجزائرية المؤقتة
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بيلا، سيادة الرئيس، مرحباً بيك.
أحمد بن بيلا: أهلاً.
اختطاف فرنسا لأحمد بن بيلا ورفاقه وسجنهم
أحمد منصور: في الثاني والعشرين من أكتوبر عام 1956 وقعت أول عملية قرصنة جوية في التاريخ.
أحمد بن بيلا: آه.. آه، نعم.
أحمد منصور: حيث قام الفرنسيون باختطافك أنت ومحمد خيضر، وحسين آية أحمد، ومحمد بوضياف، ومصطفى الأشرف.
أحمد بن بيلا: نعم.. آه.. آه.. آه.
أحمد منصور: حيث كنتم تستقلون طائرة من المفترض أن تكون من الرباط إلى تونس، قبلها وقعت بعض الأحداث الهامة التي لا يمكن أن نفصلها عن الثورة الجزائرية، في 26 يوليو 1956 أعلن عبد الناصر تأميم قناة السويس، وكان لهذا الأمر أيضاً أثره عليكم في العشرين من أغسطس وقع مؤتمر الصمام، وتحدثنا عنه بالتفصيل في الحلقة الماضية. في 25 سبتمبر قامت البحرية الفرنسية باحتجاز الباخرة لاتوس، وهي كانت في عرض البحر المتوسط، وهي كانت إحدى السفن التي كانت تنقل لكم..
أحمد بن بيلا: السلاح.
(8/77)
أحمد منصور: السلاح، وكانت ضجة كبيرة يعني أدت إلى وقوع عاصفة من العلاقات السيئة بين مصر وبين فرنسا، ويقال أنها أيضاً لعبت دور في الاعتداء الثلاثي الذي وقع على مصر بعد ذلك في 28 أكتوبر 56، ما هي الظروف التي سبقت عملية اختطافك لا سيما وأنك في العشرين من أكتوبر التقيت مع الملك محمد الخامس في الرباط؟
أحمد بن بيلا: الظروف هذه أتت.. في هذا الجو بتاع مؤتمر بتاع الصمام والنتائج بتاع المؤتمر بتاع الصمام، وضرورة اجتماع عند القادة اللي كانوا بره أن يدرسوا هذا المقررات، وتقرر أن يكون الاجتماع في مدريد ما بين بوضياف، خيضر، آية أحمد يأتي من أميركا والعبد لله ... في مدريد وقبل هذا كنت أنا طلبت تزويدنا من طرف الأخ جمال بـ 5 آلاف قطعة.
أحمد منصور: من جمال عبد الناصر.
أحمد بن بيلا: جمال عبد الناصر.
أحمد منصور: 5 آلاف قطعة سلاح.
أحمد بن بيلا: آه، وكانت العادة أن اتصل المشير، والمشير يعني.
أحمد منصور: عبد الحكيم عامر.
أحمد بن بيلا: المشير عنده عنده.. عنده يعني صلاحيات لهذا، ولكن في ذلك الوقت كان الجواب كان أحمد السلاح ما يبقاش، إحنا وزعنا السلاح، لأن لا تنسَ إحنا كنا على وشك يعني العدوان الثلاثي بتاع 29.
أحمد منصور: 56.
أحمد بن بيلا: أيه، وهم وزعوا سلاح، كل الأسلحة كانت بين أيد الشعب وإلى آخره، يعني كيف نأخذ السلاح من يد الشعب، لازم قرار، القرار لازم الأخ جمال، فمشينا عند الأخ جمال، والمشير -رحمه الله- فاتح الأخ جمال قال له أحمد يطلب 5 آلاف قطعة، وإن مش ممكن يعني ندبر المرة دي لإن سلاح من الشعب و.. وجدته مشغول، يعني كأنه طبعاً، وإدي له.
أحمد منصور: جمال عبد الناصر.
أحمد بن بيلا: جمال آه.
أحمد منصور: كان ذهنه مشغول.
أحمد بن بيلا: على وشك.. على وشك عدوان، أنا ما كنتش آمن في حقيقية العدوان كنت يعني شاكك، فكنت كلمته قال لي: أحمد، لأ، أكيد كل معلومات آتيين يضربوا هم.. كيف؟
(8/78)
أحمد منصور: اللي هي إنجلترا وفرنسا وإسرائيل.
أحمد بن بيلا: أي نعم، فقال لي: فين رايح؟ قلت له أنا رايح لمدريد لاجتماع، أنا كنت ما كلمتوش من قرارات بتاعة الصمام، أنا.. وما كلمتوش فيها، ليه؟ قلت له: نجتمع مع الإخوان فيها.. في حاجة للاجتماع إلى آخره، قال لي: مش الرباط.. شوف يا سيدي، والله يا سيدي هذه أول مرة يعني أتكلم عليها..، قلت: لا.. لا، مدريد يا أخي، فها البيت هذا صغير والله مش كبير يعني، وكنا في الركن، وجه مسكني من أكتافي وأنا أمشي معاه، كيف وصلنا للوسط وأنا ماشي من الباب.
أحمد منصور: عبد الناصر.
أحمد بن بيلا: عبد الناصر، قال لي: مش.. مش راح مدريد، قلت له: يا أخي، كيف.. أنا أتكلم أنا قلت لك ماشي يا أخي إلى مدريد.
أحمد منصور: تساؤله لم يوقع في نفسك..
أحمد بن بيلا: هو يسألني مش الرباط يعني.
أحمد منصور: حينما قال لك..
أحمد بن بيلا: هو كانت عنده حاجة، يعني شاكك..
أحمد منصور: لم تشعر أنت بها؟
أحمد بن بيلا: لأ والله ما.. ما شعرتش في ذلك الوقت بكل صراحة، بعدين طبعاً شعرت، مش فقط مرتين، كيف يوصل للباب.. مش.. مش مدريد مش.. مش.. مش الرباط.. مدريد، وإحنا أساساً.. يا أخي سبحان الله، قال لي 3 مرات.
أحمد منصور: أنت فاكر أنه بيستفسر منك، لكن هو بيحذرك.
أحمد بن بيلا: يعني عادي هو.. هو أيه.
أحمد منصور: هو بيحذرك.
أحمد بن بيلا: هو يحذرني هو يحذرني، سيدي والله ربي يشهد على هذه الكلمة، و إحنا ما عندناش خبر على الباخرة اللي كانوا مسكوها.
أحمد منصور: لاتوس.
أحمد بن بيلا: أيوه، لاتوس، ماسكينها وما.. وما عندناش خبر عليها، وشوية ما.. مش مرتاحين لنا، يعني أمورنا تمشي بالدقيقة نعرفه يعني لمدة ليلة وإحنا ما عندناش خبر دخل في شك شوية شك إلى آخره، نسافر أنا.. نمشي إلى..
(8/79)
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إن لقاءك مع عبد الناصر ده كان 24 سبتمبر تقريباً؟ لأن لاتوس أعلنت.. قال عنها الفرنسيون عنها 25..
أحمد بن بيلا: لا.. لا.. لا، لأن إحنا قبل 22 أكتوبر.
أحمد منصور: سبتمبر ليس أكتوبر.
أحمد بن بيلا: لا.. لا قبل فيه.. هذه أيام.. قبل.. قبل سفري يا أخي، أسبوع قبل 22 أكتوبر يا أحمد، أسبوع، سافرت، وأنا مسافر لمدريد نسمع بأن الملك أتى لمدريد وأخد الجماعة بتاعنا دخلوا في التو.. كيف زرت مدريد؟ مش موجودين، فاتصلت بهم قالوا لي: أحمد، إحنا..
أحمد منصور: كانوا سبقوك جميعاً؟
أحمد بن بيلا: سبقوني.. كانوا كلهم سبقوني.
أحمد منصور: خيضر وآية أحمد وبوضياف.
أحمد بن بيلا: خيضر موجود.. كان بوضياف موجود، وآية أحمد جاي من.. من.. من أميركا، كان ممثل الدعم في أميركا، كان وصل، وصلت لمدريد نجدهم مش موجودين، اتصلت فيهم قالوا لي أحمد، الأخ كان الحسن الثاني اتصل فينا وأخذنا الطائرة أنت نروح نمشي.
أحمد منصور: الحسن الثاني وليس الملك محمد الخامس.
أحمد بن بيلا: الحسن الثاني، و إحنا على وشك بش نجتمع في.. في تونس، لأن إحنا كنا وصلنا لحل مع فرنسا، 8 شهور وإحنا متصلين، أنا كنت كلمتك.. جينا لمصر وبعدين انتقلنا شهرين، بعدين انتقلنا ليوغسلافيا، وبعد 3 شهور وبعدين انتقلنا لروما 8 شهور وإحنا وصلنا لصيغة.
أحمد منصور: لأ، أنت ما قلت ليش ده في التسجيل، أنت قلت في الدردشة.
أحمد بن بيلا: ولكن ربما ما سألتنيش يا أخي، أرى في.. هذه رزمة عن الأشياء اللي ما قلتلكش.
أحمد منصور: الآن كيف بدأت علاقتكم بفرنسا وترتيب الاتصال مع فرنسا؟
أحمد بن بيلا: أنا كنت ما قلتلكش إن يوماً ما اتصلوا مع الأخ جمال في وقت (ديمولي)، وزير خارجية (بينو)، اتصلوا بالأخ جمال، وقالوا إحنا بودنا نشوف الجماعة ونتحرك، وإنما ندخل بمفاوضات.
أحمد منصور: تفتكر التاريخ الوقت؟
(8/80)
أحمد بن بيلا: والله قل 8 شهور قبل 22 هذا أكتوبر تقريباً.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول في بداية 56؟
أحمد بن بيلا: في بداية 56، فطبعاً الأخ جمال كان كلمني في هذا، قلت له وإحنا.. أنا متفق على كل حال، هم طلبوا وجودي، أنا ما حضرتش، كان الأخ يزيد وخيضر هم اللي يعني يفاوضوا.. يتفاوضوا مع، ووصلنا لصيغة.. وصلنا لصيغة الحقيقة صيغة، وتقريباً يعني هذا هو يعني مشى الأمور يعني.
أحمد منصور: أنتوا في 3 فبراير 56 أعلنت جبهة التحرير الوطني استعدادها للتفاوض مع فرنسا من أجل وقف القتال وحل المشكلة الجزائرية في فبراير.
أحمد بن بيلا: استمرت.. استمرت، من ذلك الوقت وإحنا.. من ذلك الوقت والمفاوضات ماشية، وأخدت شهر ونص شهرين في مصر، وبعدين يوغسلافيا 3 شهور كده، وبعدين انتقلنا لروما بعد 3 شهور، وصلنا لصيغة.. صيغة تقريباً نفس الشيء اللي خدناه وهو الاستقلال يعني، ولكن يكون الاستفتاء يكون.. عارفين نحضر الاستفتاء، كل يحضر عارفين الاستفتاء يديم استقلال.
أحمد منصور: الحوار كان معكم أنتم الأربعة؟
أحمد بن بيلا: كان حوار مع خيضر ومع يزيد، ها اللي كانوا يحاورون، يعني خيضر إحنا عينا خيضر هم طلبوا نكون أنا موجود، رفضت أن نكون موجود، يعني استراتيجياً يعني مش..
أحمد منصور: وكان آية أحمد في أميركا؟
أحمد بن بيلا: أميركا، وما حضرش ولا مرة حضر..
أحمد منصور: وبوضياف.
أحمد بن بيلا: بوضياف ما حضرش كذلك.
أحمد منصور: كان في القاهرة معاك؟
أحمد بن بيلا: إحنا عينا اثنين سياسيين وهو خيضر ويزيد.
أحمد منصور: يزيد اسمه الكامل؟
أحمد بن بيلا: يزيد معروف هذا، يزيد من..
أحمد منصور: صحيح، بس أنا.
أحمد بن بيلا: أجمع هذا..
أحمد منصور: سأجده في.. نعم.
أحمد بن بيلا: أيه بتاع اللجنة المركزية، يوم كان وقت ما هو السفير بتاعنا في.. في.. في أميركا يعني في الولايات المتحدة، أنا مشيت على..
(8/81)
أحمد منصور: التقيتم الآن، توصلتم إلى ما يشبه الاتفاق مع الفرنسيين بالنسبة للاستقلال.
أحمد بن بيلا: آه، تقرير..
أحمد منصور: لكن قلتم لابد أن يتم استفتاء من الجزائريين على ذلك.
أحمد بن بيلا: وإحنا.. وإحنا قررنا بأنه نطلع الإخوان المراكشيين والتوانسة على هذا لأنه الحلفاء بتاعنا دول جيراننا، مش ممكن يعني نبرم اتفاق بغير ما نطالعهم، هذا هو الأساس يعني، هذا هو الأساس، لكن أساساً في البداية مش حتى هذا.. كنا المفروض كان موجود، وكنا بش نتصل فيهم ونطالعوهم، التوانسة كان المفروض إحنا.. التوانسة نجتمع عندهم في تونس، لكن الإخوان المراكشيين نطالعوهم يعني.. نطالعوهم، ولكن..
أحمد منصور: مين من التوانسة كنتوا بتتصلوا بهم؟
أحمد بن بيلا: بورقيبة يعني كان في ذلك الوقت.
أحمد منصور: رغم سوء العلاقة التي كانت بينكم؟
أحمد بن بيلا: لأ، بعدين، على كل حال الأمور شوية تحسنت يعني، لا..
أحمد منصور: لأ، ما هي ساءت بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: نعم؟
أحمد منصور: ساءت بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: لأ العلاقات ولا مرة كانت كويسة بيني وبين الحبيب بورقيبة، والله وأنا متأسف أقول هذا، ولا كان.. كان من صنفي ولا.. لا أنا من صنفه بكل صراحة، يعني هو غربي وأنا مش غربي، وهذا وانتهى الأمر يعني، أنا عربي يا أخي، فهو.. وفي ذلك الوقت بالخصوص وإحنا وجمال إلى آخره يا أخي كان كان مناخ آخر بكل صراحة، لأن..
أحمد منصور: هل لأنك أنت كنت.
أحمد بن بيلا: أنا مش منه أو هو مني بكل صراحة، هذا أقوله بكل صراحة.
أحمد منصور: لأنك كنت تحب عبد الناصر، وعبد الناصر.. وبورقيبة كان ينافسه على الزعامة.
أحمد بن بيلا: أنا مش أحب يعني.. مش.. مش فقط مش.. مش فقط أنا عربي يا أخي، أنا قلت لبورقيبة نحن عرب ست مرات، اللي نقولها مليون مرة والله.
أحمد منصور: هذه شهيرة سآتي لها في حينها.
أحمد بن بيلا: أنا عربي يا أخي.
(8/82)
أحمد منصور: في 62 تقريباً.. لكن نرجع إلى الفرنسيين وأن الهدف الأساسي كان من لقائكم مع الملك محمد الخامس في مدريد هو أن تطلعوه على..
أحمد بن بيلا: الهدف الأساسي -إذا سمحت لي- الهدف الأساسي كان عندما نجتمع بيش ندرس المقررات بتاع الصمام اللي كانت مصيبة، لكن الهدف الثاني كان لازم نطالع إخواننا المراكشين، ولكن.. متفقين أنا نمشي من طرابلس.. من طرابلس يأخذني (..) علشان ندخل تونس، كيف نمشي لمراكش بيش ندخل؟ كيف وصلت.. وصلت للمغرب، نجد الإخوان ثلاثة دخلوا مع الحسن الثاني اللي هذا كان أجت يعني راجعت الكلام بتاع ناصر مدريد، ماشي لمدريد أم ماشي للرباط؟
ولكن في ذلك الوقت كان طلع كلام بأن فيه حزازات ما بيننا، بيش ما.. هذا، قلت أنا مش ممكن نرجع لتونس بغير ما نشوف الجماعة، أنا جيت نشوف، مع هذا.. على المقررات بتاع.. بتاع الصمام ولهذا التحقت بهم، وقالوا لي يا أحمد لازم تلحق بنا، التحقت بهم، التحقنا بهم على أساس نمشي مع الملك محمد الخامس إلى تونس في نفس الطائرة، ها الشيء اللي اتفقنا عليه.
أحمد منصور: صحيح.
أحمد بن بيلا: لكن بعدين جا خبر بأن الحريم بتاع الملك –رحمه الله- ماشي معاه، ولهذا كان لازم ناخدوا طائرة أخرى، فهذا اللي وقع خدنا طائرة أخرى..
أحمد منصور: تأخرتم يوم؟
أحمد بن بيلا: والله إحنا كنا وصلنا ثلاث أيام قبل يعني..
أحمد منصور: لأ يعني هو الملك ذهب قبلكم بيوم؟
أحمد بن بيلا: الملك.. لأ.
أحمد منصور: يوم 21 ذهب الملك؟
أحمد بن بيلا: ذهب قبلنا، نعم ذهب قبلنا.
أحمد منصور: وأنتم 22 تحركتم.
أحمد بن بيلا: لأ في نفس النهار يظهر..
أحمد منصور: في نفس اليوم.
أحمد بن بيلا: في نفس النهار.
أحمد منصور: 22 أكتوبر.
(8/83)
أحمد بن بيلا: في نفس النهار تحركنا ما أتذكرش كويس على كل حال، المهم هو كنا المفروض نسافر معاه، ولكن بعدين نعم يجي خبر بأن الحريم مسافر معاه، ولهذا كان لازم نمشي بالطائرة خاصة، كانت الطائرة.. كانت الطائرة، وكان واقعة.
أحمد منصور: فقط كنتم أنتم الذين في الطائرة؟
أحمد بن بيلا: لأ، كان معنا.. كان معنا بعض الصحفيين الفرنسيين، كان فيه صحفيين فرنسيين..
أحمد منصور: وهم وصفوا.. الصحفيين كتبوا في الصحافة الفرنسية عن عملية الاختطاف بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: أي نعم.. نعم، هذا كانوا صحفيين.
أحمد منصور: وكان معاكم صحفيين جزائريين أيضاً؟
أحمد بن بيلا: جزائريين كذلك صحفيين كان معنا (الأشرف) كان معنا، هو صحافي.
أحمد منصور: كيف وقعت عملية الاختطاف؟
أحمد بن بيلا: عملت ببساطة وإحنا.. وإحنا مارين في البحر جاءت طائرات حربية وأرغمت الطيار على أن ينزل في.. في هاذاك في العاصمة، ما كناش بعاد عن..
أحمد منصور: في الجزائر.
أحمد بن بيلا: كنا في البحر، ولكن يعني على مائة كيلو عن..
أحمد منصور: يعني أنتم الآن مسار الطائرة أنها كان من المفترض أن تتجه من الرباط..
أحمد بن بيلا: إلى.. إلى تونس.
أحمد منصور: إلى تونس.
أحمد بن بيلا: لكن مش.. مش في السماء الجزائري في البحر.
أحمد منصور: طبعاً من السماء الدولية في البحر..
أحمد بن بيلا: على البحر.
أحمد منصور: أثناء مرورها في البحر قبالة الجزائر صعدت طائرات حربية فرنسية، وأجبرت الطائرة..
أحمد بن بيلا: أجبرت الطائرة على أن تنزل في العاصمة..
أحمد منصور: على أن تنزل في العاصمة.
أحمد بن بيلا: في العاصمة.
أحمد منصور: شعوركم أيه وقتها كيف بُلغتم بأن الطائرة قد اختطفت؟
أحمد بن بيلا: والله يا سيدي ما اطلعنا بأنها اختطفت حتى نزلت الطائرة وشهدنا الجيش طوق الطائرة.
أحمد منصور: يعني ظليت تعتقد بشكل عادي إنها كانت نازلة في تونس؟
(8/84)
أحمد بن بيلا: لا أنا والله كان عندي هاجس والله، مش مرتاح بكل صراحة مش مرتاح، والجماعة يقولوا لي يا أحمد أنت دائماً شاكك وأنت دايماً هاذاك..
أحمد منصور: أيش اللي قلته لبوضياف ولآية أحمد؟
أحمد بن بيلا: ما.. ما عجبتنيش الأشياء هذه، ما كنتش مرتاح بكل صراحة.
أحمد منصور: أيه اللي ما عجبكش من الأول؟ إنك ما ركبتش مع الملك في الطائرة؟
أحمد بن بيلا: جاءتني كل.. جاءتني كل.. هذه كذلك، والكلام كذلك بتاع ناصر يعني ها الكلام كله هو حقيقة كأنه فيلم وابتدى يرجع يعني الكلام اللي.. اللي سمعته ومش مرتاح، وعندي.. عندي يعني عندي شيء بداخلي، وهذا عندي هذا، يعني أنا نحس بالأشياء بكل صراحة، يعني عندما حدث يعني، شاعر بشيء، شاعر بأن الأمور مش ماشية كويس ومش مرتاح..
أحمد منصور: لكن شعرت بالطائرات الحربية الفرنسية؟
أحمد بن بيلا: وإحنا في الأرض وإحنا نزلنا والجيش..
أحمد منصور: لكن وأنتم في الجو لم تشعروا بأي شيء غير طبيعي.
أحمد بن بيلا: لا أبداً.. أبداً ولا شيء ولا شيء.
أحمد منصور: كان عدد ركاب الطائرة كم واحد تقريباً؟
أحمد بن بيلا: والله كان 21 إلى 25 يعني الطائرة.
أحمد منصور: قل لي تاني أسماء من.. مَنْ مِنْ القيادات الجزائرية؟
أحمد بن بيلا: قيادات كان فيه.. كان بوضياف، كان آية أحمد، كان خيضر، أنا أربعة من القيادة، ومعانا (الأشرف) لكن كصحافي وكانوا معانا صحفيين مراكشيين، صحفيين فرنسيين، الكل ربما عشرين، كده يعني عشرين.
أحمد منصور: عشرين، بعدما نزلت الطائرة في مطار الجزائر ماذا حدث؟
أحمد بن بيلا: الجيش محوط..
أحمد منصور: الفرنسي..
أحمد بن بيلا: كل الجيش الفرنسي موجود في الساحة وحوطها، وطلب النزول بالصوت هاذاك النزول من الطائرة نزلنا من الطائرة وشعرنا معهم بأن حقيقة..
أحمد منصور: أي لحظة شعرت فيها أن الطائرة خطفت بالضبط؟
أحمد بن بيلا: لا كيف شفت.. كيف شفت الجيش الفرنساوي.
(8/85)
أحمد منصور: الطيار لم يبلغكم بأي شيء؟
أحمد بن بيلا: ولا شيء أبداً.
أحمد منصور: كانت جنسيته أيه الطيار؟
أحمد بن بيلا: أبداً ولا بلغ أي شيء، ولكن أنا مسكون أنا مش مرتاح، من مدريد وأنا مش مرتاح.
أحمد منصور: الطيار جنسيته كانت أيه؟
أحمد بن بيلا: فرنساوي، لكن طائرته مراكشية يعني.
أحمد منصور: هل كانت طائرة تابعة للملك أم طائرة.
أحمد بن بيلا: طائرة للشركة.
أحمد منصور: للشركة.
أحمد بن بيلا: للشركة.
أحمد منصور: للشركة المغربية.
أحمد بن بيلا: للشركة المراكشية المغربية.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: كيف قُبض عليكم؟
أحمد بن بيلا: والله دي بسهولة طلعوا، وهم متسلحين مدججين وخدونا مش..
أحمد منصور: هل نزلتم أنتم من الطائرة أم صعدوا هم وأخذوكم منها؟
أحمد بن بيلا: لأ هم طلعوا وأخذونا.
أحمد منصور: أخذوكم أنتم فقط الأربعة؟
أحمد بن بيلا: الأربعة إحنا فقط الأربعة، كنا خمسة، حتى الأشرف كان معنا.
أحمد منصور: أخذوا معكم الأشرف وباقي الصحفيين تركوهم.
أحمد بن بيلا: والباقي تركوا كانوا صحفيين وكانوا..
أحمد منصور: إلى أين أخذوكم؟
أحمد بن بيلا: ما شفناهمش على كل حال خدونا على جهة إحنا ودونا للـ.. ودونا للبوليس يعني الرسمي اللي عندك في العاصمة، معروف هذا، وودونا في زنزانات يعني.
أحمد منصور: شعورك أية لحظة ما قبضوا عليك أنت هربت من السجن الفرنسي في البليدة في عام 52
أحمد بن بيلا: آه.. آه.
أحمد منصور: الآن أنت تزعمت أو أحد الزعماء الذين فجروا الثورة ضدهم كانوا يريدون.. سعوا للتفاوض معكم والآن قبضوا عليك بهذه الحيلة شعورك أيه لحظة ما قبضوا عليك؟
أحمد بن بيلا: أنا.. أنا شاعر بأن العملية الجيش الفرنساوي عاملها والدليل كان على بكرة جاء رئيس الأركان فرنساوي.
أحمد منصور: جاء في اليوم التالي للجزائر..
(8/86)
أحمد بن بيلا: واتصل فيَّ، في البداية رفضت على أن أتكلم معاه، وبعدين قال لي أنا جايب لك رسالة من بتاع جنرال (ديفي ليكور) هذا كان رئيس الفرقة بتاعي في.. في كاسينوا
أحمد منصور: في إيطاليا.
أحمد بن بيلا: إحنا أنقذت حياته هذا والله مرتين، أنقذت حياته مرة خدته من إيد الآرمن يعني..
أحمد منصور: تحدثنا في الحلقة الأولى..
أحمد بن بيلا: ومرة كان.. كان مجروح وتقريباً يعني يموت لو كان.. يعني قضى كل الليلة في.. في 3 آلاف متر المرتفع، أخذته على أكتافي مع 8 إخوة مراكشيين ونزلناه يعني على أن هاذاك ورجل فاضل هذا حقيقة..
أحمد منصور: هذا في الحرب العالمية الثانية.
أحمد بن بيلا: هذا في الحرب الثانية..
أحمد منصور: ونحن تحدثنا عنه..
أحمد بن بيلا: ورجل فاضل اسمه ديفي ليكور، عنده شارة النبلاء بتاعة فرنسا، وكان أصبح جنرال، قال لي يسلم عليك ويثني عليك..
أحمد منصور: قبل أن تلتقي برئيس الأركان أنا عايز معاك لحظة بلحظة لأن هذه الرواية لم تُروَ منك من قبل.
أحمد بن بيلا: اتفضل.. اتفضل. نعم.
أحمد منصور: بعد.. بأقول لك لحظة ما قبضوا عليك ماذا شعرت؟
أحمد بن بيلا: شعرت بأنه هيقتلونا، ولكن ما كناش نعرفوا هذا، كان توقعات بعض اللي قبضوا علينا أنه شاع الخبر بتاعه، نزلوا الإخوان في مراكش وفي تونس وقتلوا بالمئات الفرنساويين، بش.. بش أقول دي كده.. قتلوا المئات.
أحمد منصور: يعني بعد القبض عليكم قامت ثورة شعبية.
أحمد بن بيلا: ثورة شعبية..
أحمد منصور: ضد كل ما هو فرنسي.
أحمد بن بيلا: في تونس وفي مراكش وحتى الثورة الجزائرية صعَّدت بالعمل مش بدها.. بأن يعني..
أحمد منصور: يعني لم يحدث نوع من..
أحمد بن بيلا: أبداً بالعكس.
أحمد منصور: الإحباط وإنما العكس..
(8/87)
أحمد بن بيلا: بالعكس، ولا مرة، حاربوهم داخل الجزائر ثورة مثل الأيام اللي قبل (...)، والله بقصد حتى يظهروا للفرنسيين بأن يعني.. ولكن كانت.. كانت خيانة، كيف يتفاوضوا معنا 8 شهور يا أخي، 8 شهور؟! توصلنا لصيغة إلى آخره، قلنا لا كان من ذلك اللي يحضروا لثورة الجيش ضد.. ضد الحكومة الفرنساوية، وعملوا هذه.. على سبيل، على.. وكل الضباط الكبار عندهم قاموا ضد فرنسا، وكانوا المفروض ياخدوا الحكم من فرنسا.
أحمد منصور: دي محاولة الانقلاب التي وقعت ضد (ديجول) ولكن..
أحمد بن بيلا: هذه ضد ديجول..
أحمد منصور: ضد ديجول، ولكنها لم تنجح.
أحمد بن بيلا: ضد ديجول آه نعم.
أحمد منصور: أنا لسه لم آت لها.
أحمد بن بيلا: لأ فقط بيش أنا نقول لك كيف هم.. تسلسل بتاع الأشياء تسلسل، لأن هذه في 56، لكن في 58 وقع هذه الأشياء، يعني كانت كان.. كان تحضير على أن الجيش يعمل شيء فيها، إحنا كانت الحكومة تتفاوض معانا، ولكن حقيقة الأمر كانت ما بين الجيش، جيش 850 ألف عسكري يا أخي وكانت جاءت مسألة الجزائر من بعد الهند الصينية، وكان جيشهم يعني مجروح، أنا قال لي رئيس الأركان كيف كلمني قال لي، في البداية أنا ما بغيتش نتكلم وبعدين قال لي..
أحمد منصور: سآتي لك سيادة الرئيس..
أحمد بن بيلا: جنرال ديفي ليكور يبلغ لك سلامي إلى آخره وبدا يتلطف إلى آخره.
أحمد منصور: رئيس أركان الجيش الفرنسي بنفسه هو الذي جاء ليحقق معك.
أحمد بن بيلا: بنفسه.. بنفسه معاه عشرة أو 15 ضابط، سألني، قال لي إحنا عايزين ندخل مفاوضات معاكم، قلت له أنا مفاوضات إحنا فيه منذ 8 شهور معاكم، قال لي هادوك خونة، إحنا.. إحنا جيش لا نقبل، لا نقبل بيع الجزائر من بعد.. بعد الهند الصينية، عملوها فينا في الهند الصينية المرة دي لأ..
أحمد منصور: فيتنام يعني.
(8/88)
أحمد بن بيلا: قلت له أنا هذا شأنكم على كل حال، أنت ضابط إحنا متفاوضين مع حكومتكم الدستورية الموجودة اليوم هي اللي تحكم، قال: لأ مش هي اللي تحكم، إحنا نتفاوض معاكم قلت له أنا التفويض.. تتفاوض معانا على أيه أنت عسكري، إحنا سلوك عسكري اليوم اللي نتفاوض على كيفكم، يعني إيقاف القتال، قال لي: يا بن بيلا (...)، قلت له معناه أيه؟ قال لي بن بيلا انتهى هكذا، أيوه حينها أنا قلت له، قلت له عم نتكلم ومتأدبين اليوم، أنا نقول لك بن بيلا انتهى، لكن اليوم راح فيه 8 ملايين بن بيلا.
أحمد منصور: كان عدد سكان الجزائر وقتها.
أحمد بن بيلا: قلت له فيه 8، قال لي وممكن نضيف لك شيء على سبعة هي سبعة أيام، زميلك هينتهي، قلت له من هذا زميلي قال لي ناصر، قلت له راح ينتصر فيكم والله، قلت له ممكن تكون ضابط سامي وقائد بالأمور العسكرية ولكن خليك.. ما تخشش في السياسة، بعيد عليك، وهي أكبر منك، وانتهى الكلام..
أحمد منصور: يعني اللقاء كان حاد وعصبي.
أحمد بن بيلا: حاد وواحد منهم شو فرد بالجيش وياه، قال له مسيو كولونيل اسكت، سكته يعني بدأ يتكلم كلام.. كلام خارج على..
أحمد منصور: كم استمر اجتماعك برئيس الأركان؟
أحمد بن بيلا: عشر دقائق.
أحمد منصور: ماذا كان يريد بالضبط؟
أحمد بن بيلا: كان يريد ندخل معاهم مفاوضات مع الجيش الفرنساوي.
أحمد منصور: وليس مع الحكومة.
أحمد بن بيلا: وليس مع الحكومة.
أحمد منصور: أيه كانت أسس المفاوضات التي تمت معك؟
أحمد بن بيلا: يعني ما رضيت نسمع منه حتى شيء يعني، قلت له أنت عسكري يا أخي، وإحنا هذه 8 شهور واحنا نتفاوض، وصلنا لصيغة، ها الصيغة، وجد.. عندي، ها الصيغة، قال لي نعرف، الصيغة نعرفوها، ولكن نرفض هذه الصيغة.
أحمد منصور: هل وضعت لوحدك في زنزانة وكل واحدة في زنزانة، أو كله مع بعض؟
أحمد بن بيلا: كل واحد في زنزانة.
أحمد منصور: يعني صلتك انقطعت بالآخرين؟
(8/89)
أحمد بن بيلا: انقطعت بالآخرين، نعم.
أحمد منصور: كانت الزنزانة في السجن في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: صغيرة نعم الزنزانة.
أحمد منصور: نقلوكم إلى السجن مباشرة؟
أحمد بن بيلا: إحنا.. أنا كنت شاعر بأن هيقتلونا ما فيش كلام دا، كل صراحة يعني، شفت اللي جاءوا، وحتى هجموا عليَّ يعني بعض الضباط، وبعدين على كل مسكوهم، أنا شاعر بأن ما فيش يعني، وشاعر بأن الجيش تقريباً متمرد علي..
أحمد منصور: شعرت إن فيه خيانة في قضية القبض عليك؟
أحمد بن بيلا: والله أنا ما بودي ما اتكلمش في هذا بكل صراحة.
أحمد منصور: باختصار.
أحمد بن بيلا: ولا باختصار.
أحمد منصور: يعني هناك خيانة؟
أحمد بن بيلا: أنا ما أقولش خيانة، ما عنديش الدليل، ما عنديش، ولكن الأمور جاءت بصدام، يعني مش.. مش طبيعية.
أحمد منصور: فيه معلومات تتحدث عن صفقة معينة تمت مع الفرنسيين لتسليمك إليهم.
أحمد بن بيلا: أنا.. أنا ما اتكلم في هذا.
أحمد منصور: حتى للتاريخ وللناس؟
أحمد بن بيلا: حتى للتاريخ.
أحمد منصور: كم بقيت في السجن؟
أحمد بن بيلا: من.. شوف الصالح العام هذا اللي يهمني.
أحمد منصور: كم.. ما هي المدة ا لتي بقيتها في الجزائر؟
أحمد بن بيلا: من 56 حتى لـ 62.
أحمد منصور: في الجزائر؟
أحمد بن بيلا: لأ، في الجزائر ما فيش أسبوع.
أحمد منصور: فقط.
أحمد بن بيلا: خاصة.. وخاصة بعد القتل اللي وقع جماعي في تونس في.. في.. في مراكش بتاع الملك محمد الخامس –رحمه الله- فكان كذلك يعني وقع لقاء ما بينه وما بين بعض المبعوثين من الحكومة الفرنسية، وكان يسمعوا منه كلام خطير كتير، وشافوا بأن عليهم يخرجوا من، إلى آخره، حتى ننقذ ما يبينوا بالجيش هذا هو... طائرة أخذتنا ورحنا له.
أحمد منصور: محمد الخامس موقفه كان يختلف كثيراً عن الحسن الثاني؟
أحمد بن بيلا: أراه..
أحمد منصور: موقفه كان يختلف عن الحسن ابنه؟
(8/90)
أحمد بن بيلا: والله ما اتكلمش في هذا –لو سمحت لي- والله. محمد الخامس أنا أحترم الرجل هذا كان رائع.
أحمد منصور: ما الذي قام به بعد اختطافكم من الفرنسيين؟
أحمد بن بيلا: ما اللي؟
أحمد منصور: ما الذي قام به محمد الخامس بعدما اختطفكم الفرنسيون؟
أحمد بن بيلا: قام.. قام وأخذ موقف مشرف، وهدد وحتى يعلن الحرب بين فرنسا، وهذا مشكلة أنا فقط يعني عندي يعني..
أحمد منصور: أدركت أن عدم ركوبك الطائرة معه كان مقصوداً؟
أحمد بن بيلا: أنا ما بديش أتكلم في هذا، اسمح لي والله يا أخي، هذا للصالح العام ما اتكلم في هذا، ولا أتكلم فيه اليوم ولا بكره ولا بعد بكره، أنا ما أتكلم في هذا.
أحمد منصور: يعني...
أحمد بن بيلا: والحمد لله مرت المسألة وإحنا بخير والحمد لله.
أحمد منصور: ربما يفهم الناس كثيراً من الأشياء التي لا تريد أن تتكلم فيها..
أحمد بن بيلا: يا أخي يفهم اللي يفهم، أنا.. أنا أعمل اللي.. اللي.. اللي يمليه علي ضميري، ويشوفه يعني هو الصالح.
أحمد منصور: بعد سجنك في.. لمدة أسبوع في الجزائر.
أحمد بن بيلا: الجزائر.
أحمد منصور: خلال هذا الأسبوع تعرضت لتعذيب؟
أحمد منصور: لأ، ولكن يعني رائحة الموت كانت موجودة يعني عند الذين حولنا في..
أحمد منصور: هل رأيت خيضر أو آية احمد أو بوضياف؟
أحمد بن بيلا: من؟
أحمد منصور: التقيت مع خيضر أو آية أحمد؟
أحمد بن بيلا: مرة للصورة، يعني خمس دقائق كدا، بيش صورونا.
أحمد منصور: لا تدري ماذا فعلوا فيهم طوال هذا الأسبوع؟
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم.
أحمد منصور: كيف تم ترحيلكم إلى فرنسا؟
أحمد بن بيلا: بطائرة.
أحمد منصور: كلكم مع بعض؟
أحمد بن بيلا: كلنا مع بعض.
أحمد منصور: تحدثتم مع بعض أثناء وجودكم في الطائرة؟
أحمد بن بيلا: آه طبعاً.. طبعاً، تحدثنا مع بعض.
أحمد منصور: ما هي الأشياء التي تحدثتم فيها؟
(8/91)
أحمد بن بيلا: تحدثنا على أشياء، ولكن في رأيي ما تحدثناش على مسألة تفاصيل مسألة الطائرة ومسألة الأشياء هذه، هم كل واحد عنده رأي، وكل واحد.. ما مشيناش في هذا، إحنا تحدثنا على كيف يعني إلى مشينا وتقع محاكمات كيف يعني يكون.. يكون موقفنا، وكيف يعني.. واغتنمنا الفرصة.
أحمد منصور: شعرتم...
أحمد بن بيلا: بيش يعني كما كنا.. كنا معاكم، وكنا نتفاوضوا معاكم 8 شهور، وطلبكم مش طلبنا إحنا، وكان المفروض هم اللي يأخذون، مش ندخل، أنا داخل بيش نقنع القيادة الداخلية العسكرية، بيش يكون صالح، هذا هم، قال لازم.. لازم بن بيلا ليدخل، فاتفقنا بعضاً بعض كيف ندخل، وكيف.. والمخاطر، وأنا قلت لا ندخل، كان هم.. هم قبلوا في النهاية قبلوا، قالوا إحنا نأخذوه على ذمتنا و.. و.
أحمد منصور: كان فيه عمليات تعذيب كان يقوم بها الفرنسيين بشكل كبير لمن يُقبض عليه من الثوار، و.. وتحت التعذيب قُتل العربي بلمهيدي.
أحمد بن بيلا: لا ما.. آه نعم، طبعاً.. طبعاً، عملوا فيه هذا، آه، يمكن في الجزائر إحنا ما عذبوناش بكل صراحة.
أحمد منصور: حينما أخذتم إلى فرنسا...
محاكمة بن بيلا ورفاقه في فرنسا وسجنهم في سجن لاسنتيه
أحمد بن بيلا: وعلشان أخذونا، و.. كيف أخذونا ومشينا إلى فرنسا كنا على وشك مشي يحاكمونا.
أحمد منصور: توقعتوا المحاكمة.
أحمد بن بيلا: وكان جو.. كان جو يعني الحكم بالإعدام.
أحمد منصور: توقعتم محاكمة أم سجن؟
أحمد بن بيلا: لا وابتدءوا يعني حكم عسكري، ابتدأ.. يعني ابتدأ القاضي العسكري يعني يبحث معانا.
أحمد منصور: أيه الأشياء الأساسية اللي كان يحقق معكم فيها؟
أحمد بن بيلا: ما بين مرة ومرتين فقط، وبعدين يعني ما استمروش.
أحمد منصور: قضيتم الفترة في سجن (لاسنتيه).
أحمد بن بيلا: أي نعم، في 6.. ما 6.. من 56 حتى 62.
أحمد منصور: إلى 62.
أحمد بن بيلا: 62.
أحمد منصور: اوصف لنا كده هذا السجن، كيف كان وضع هذا السجن؟
(8/92)
أحمد بن بيلا: في البداية كان صعيب كتير.
أحمد منصور: كيف؟
أحمد بن بيلا: كنا.. كنا معزولين تماماً، وزنزانات صغيرة و..
أحمد منصور: كل واحد في زنزانة منفردة؟
أحمد بن بيلا: كل واحد في زنزانة، ولا نشوفو، نلتقوا بيهم بعضنا بعض ولا شيء، وبعدين .... وبالخصوص كيف جاء (ديجول) مع ديجول تغير.. اتغير..
أحمد منصور: ديجول جاء في 58.
أحمد بن بيلا: آه جاء في 58، كيف جاء ديجول؟ أولاً هو في.. في.. في مناسبة قال الجماعة اللي قبضنا عليهم أنا أعتبرهم سجناء عسكريين مش.. مش يعني، والوضع بتاعهم سيتغير، وفعلاً أخذونا و...
أحمد منصور: سجناء سياسيين تقصد أم عسكريين؟
أحمد بن بيلا: أي نعم، هو قال عسكريين.
أحمد منصور: سياسيين، هو قال عسكريين.
أحمد منصور: يعني زي أسرى الحرب يعني.
أحمد بن بيلا: وغير.. وغير.. وغير بعض السلوكيات، مثلاً قبل هذا كان.. كان يستعملوا يعني في تنفيذ حكم الإعدام يعني المقصلة، وقرر بأن يعني نعتبرهم اللي يقتلوهم نعتبرهم عسكريين، وننفذوا بيهم، يعني ورمي باللي هذا كان.
أحمد منصور: بالرصاص.
أحمد بن بيلا: تعتبر مسألة بسيطة، لكن لأ إحنا من الناحية المقاتل كأنه اعترف بشيء، ومن ذلك الوقت تغير وضعنا كذلك إحنا، أخذونا من سجن، وضعونا في واحد في الجزيرة، اسمها (بالين).
أحمد منصور: قل لي.. قل لي.. آه.. نقلوكم إلى سجن آخر يعني.
أحمد بن بيلا: سجن.. ما.. سجن ولكن في جزيرة، يعني هو سجن حقيقة، لأن محروسين وإلى آخره، ولكن..
أحمد منصور: كان فيه حرية مفتوح يعني؟
أحمد بن بيلا: داخل السجن مش بره، ما.. ما.. ما نخرجوش للجزيرة، ما نشوفوش..
أحمد منصور: نعم.. نعم، لكن داخل السجن تتحركوا مهما كان...
أحمد بن بيلا: داخل السجن نتحركوا يعني هو وضع آخر، لكن ثم الزيارات كثرت إلى آخره.
أحمد منصور: من اللي كان يزوركم؟
أحمد بن بيلا: يزورنا المحامين بتاعنا يعني.
(8/93)
أحمد منصور: أنا هنا خليني في الفترة من 54 لـ 56، صف لي يوم في سجن لاسنتيه في فرنسا، صف لي.. صف لي يوم، من أول ما تستيقظ لحد ما تنام، كيف كان برنامجك؟
أحمد بن بيلا: هو صار فيه.. في.. في الزنزانة ولا نخرجوا من الزنزانة؟
أحمد منصور: من الزنزانة لبره الـ 24 ساعة.
أحمد بن بيلا: ما كانش فيه.. في البداية ما كانش بره.
أحمد منصور: كله داخل الزنزانة؟
أحمد بن بيلا: كنا.. كنا ما أعرفش 10.. 10 أيام أو 15 يوم ولا نخرج من الزنزانة.
أحمد منصور: شكلها أيه الزنزانة، مساحتها كام؟
أحمد بن بيلا: جردا جردا واحد...
أحمد منصور: تنام على الأرض؟
أحمد بن بيلا: لأ فيه.. فيه.. فيه سرير يعني، سرير يعني سرير عادي، ما فيش.. مش سرير لأ، سرير يعني عسكري.
أحمد منصور: سرير زنزانة يعني.
أحمد بن بيلا: زنزانة، سرير زنزانة هذا، وزنزانة.. وزنزانة، ما فيش..
أحمد منصور: طول الوقت وحدك؟
أحمد بن بيلا: وحدي.
أحمد منصور: كان يسمح لك بالخروج لساعة أو ساعتين؟
أحمد بن بيلا: لأ.
أحمد منصور: ممنوع؟
أحمد بن بيلا: لا لمدة 10 أيام ما فيش ولا خروج ولا شيء.
أحمد منصور: أول مرة شفت بوضياف والجماعة؟
أحمد بن بيلا: شفتهم بعد 10 أيام أو شيء، نخرجوا في.. في واحد.. في حتة صغيرة.
أحمد منصور: هل تم التحقيق معكم خلال هذه المدة الأولى؟
أحمد بن بيلا: نعم، تحقيق عسكري لمدة ما أعرف شهر أو شهرين كدا.
أحمد منصور: أيش كانت المحاور الأساسية في التحقيق؟
أحمد بن بيلا: لا شاعرين بأن عايزين يحكموا علينا، ويحكموا بالموت يعني.
أحمد منصور: ما هي التهم التي وجهت لكم؟
أحمد بن بيلا: التهم هي خيانة، وهي أشياء من هذا النوع، وكل حاجة.
أحمد منصور: بعد ذلك قضيتم المدة بدون محاكمة إلى أن..
أحمد بن بيلا: بدون محاكمة، واللي كان.. كانوا يهيئوا، يعني كأنه يهيئوا على أن نستمر في.. في التحقيق.
(8/94)
أحمد منصور: ما الذي منع فرنسا من إعدامكم، وأنتم كان يُعدم من هو أقل منكم في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: في رأيي هو الوضع في.. في تونس، وفي مراكش، وهذا هو.
أحمد منصور: كيف؟
أحمد بن بيلا: لأن.. لا.. لا يا أخي، المشكلة مع.. مع الملك، مع مراكش يعني.
أحمد منصور: محمد الخامس؟
أحمد بن بيلا: طبعاً إحنا، لإن أخذونا في الطائرة مراكشية وفي ظروف معروفة، إلى آخره، ولهذا كان الملك ينظر بأنا إحنا يعني سجناء من جراء يعني هذا..
أحمد منصور: الملك شعر بمن يعني يقف وراء عملية الخيانة في تسليمكم؟
أحمد بن بيلا: والله يا أخي أنا ما..ما أدخلش في.. في نفوس الناس، واللي أعرف من، واللا ما أعرفش من، واللي كان واللي ما كانش اللي آخره، أنا جاوبتك عليها، بودي ما نرجعش لهذه المسألة.
أحمد منصور: بس لأن إحنا اتعرضنا لـ…
أحمد بن بيلا: الملك محمد الخامس كان.. كان موقفه من أروع ما يكون، طيلة وجودنا في السجن، وحتى خرجت من السجن أنا وشفته بعدين، كان موقفه رائع مع يعني.. فيما يخص القضية الجزائرية كان موقفه من أروع ما يكون.
أحمد منصور: طيب الآن وأنتم في السجن وُكِّل لكم محامين كان واحد منهم كان مغربي؟
أحمد بن بيلا: كان واحد منهم مغربي هو عبد الرحمن اليوسفي اللي يرى الآن رئيس..
أحمد منصور: اللي الآن رئيس وزراء.
أحمد بن بيلا: نعم.
أحمد منصور: كان هو المحامي الخاص بك.
أحمد بن بيلا: وكان الآخر هو من أصل جزائري كان مستشار الملك اسمه شرجي، هذا الرجل عنده مقدرة هائلة في.. يعني في المحاماة يعني، رجل رائع يعني، يمكن محامي من الطراز الرفيع، وكان في نفس الوقت مستشار قانوني للملك.
أحمد منصور: محمد الخامس.
أحمد بن بيلا: محمد الخامس.
أحمد منصور: محمد الخامس هو الذي وكَّل لكم المحامين؟
أحمد بن بيلا: أي نعم، كان هو الصلة ما بيننا وما بين محمد الخامس. أيوه.
(8/95)
أحمد منصور: المحامين كانوا يقوموا بدورهم، وكانت الحكومة تسمح لهم بلقاءكم بشكل جيد؟
أحمد بن بيلا: لأن بعدين يصبحوا كان فيه كذلك محامين فرنسيين يعني.
أحمد منصور: نعم، من اليسار الفرنسي.
أحمد بن بيلا: من اليسار طبعاً.
أحمد منصور: هؤلاء ربما سعوا لتهريبكم من السجن؟ هل عرض عليكم…
أحمد بن بيلا: بعدين.. يحاولوا من بعدين، بعد كده وقع الخطر الآخر بتاع الهواس على أن تنزل في فرنسا قبل ما ييجي ديجول وحتى جاء ديجول، كانت محاولة لأن ينزلوا في فرنسا، كادوا ينزلوا، والله وكان حكم هش –تقني- اتصلوا بنا عشان نكون.. نكونوا جبهة ضد ..
أحمد منصور: قل لنا هذه القصة كيف اتصلوا فيكم؟
أحمد بن بيلا: والله في وقت ما ... وقعت.. وقع تمرد في.. في الجزائر والجيش كله أصبح يعني متمرد ضد فرنسا وكان الهدف هو ما يمشوه حتى بفرنسا وينزلوا بفرنسا، وكان.. كان.. كان هاجس كبير بأن هينزلوا مفيش يعني قوة.. اتصلوا فينا وإحنا..
أحمد منصور: يعني هنا.. هنا بس عشان المشاهد يفهم الصورة.
أحمد بن بيلا: نعم، عندنا نظام.. نظام قوي في فرنسا نظام جزائري قوي فيه مليون جزائري موجود في فرنسا وعندنا النظام هذا اللي كان يمول تقريباً الثورة الجزائرية، نعم
أحمد منصور: الجزائريين المقيمين في فرنسا.
أحمد بن بيلا: الجزائريين، وهددناهم في فرنسا وضربنا (سوستان) في فرنسا في الشانزليزية، وحتى المراكز بتاعه الشرطة كانوا يعملوا فيها..
أحمد منصور: في 56 تحركت.. تحرك جيش التحرير الوطني الجزائري وعمل عمليات كبيرة في داخل فرنسا.
أحمد بن بيلا: في فرنسا، نعم.
أحمد منصور: وكان له تأثير كبير على الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: كبير كتير بوضع عام.
أحمد منصور: لكن بس حتى نفهم هذه الصورة إن بدأ جنرالات من الجيش الفرنسي المقيمين في الجزائر يتمردوا على قيادة الجيش ويرفضوا طاعة..
(8/96)
أحمد بن بيلا: في باريس هم شايفين الفرنسيين عندنا.. عندهم قوي وعارفين نحن ضد.. ضد العسكر طبعاً ضده، اتصلوا فينا.. الحكومة اتصلت فينا..
أحمد منصور: من اللي.. الحكومة الفرنسية؟
أحمد بن بيلا: من طرف الحكومة بواسطة المحامين بتاعنا، لأن..
أحمد منصور: ماذا كان توجههم السياسي هؤلاء الناس؟
أحمد بن بيلا: كلهم يساريون، هذه كلهم ضد الجيش وكلهم مع استقلال الجزائر.
أحمد منصور: عرضوا عليكم أن يهربوكم من السجن.
أحمد بن بيلا: آه، بعض منهم.. بعض منهم، آه.
أحمد منصور: وبعد ذلك لم تنجح المحاولة أم لم تتم؟
أحمد بن بيلا: ما.. ما نجحتش المحاولة، ولكن أتوا لنا بسلاح. كان عندنا سلاح.
اغتيال عبان رمضان وظاهرة تصفية الكوادر في الجيش الجزائري
أحمد منصور: كأنما كان اختطافكم من قِبَل الجزائريين هو نوع من تدخل القدر لإراحتكم من الدخول في مواجهة مع عبان رمضان وأصحاب مؤتمر الصمام. بعد ذلك قتل عبان رمضان وتم تصفيته في مراكش في 7 ديسمبر 1957.
أحمد بن بيلا: نعم.
أحمد منصور: يُقال أن الذي اغتاله كريم بلقاسم، بل ربما اعترف كريم بلقاسم بذلك.
أحمد بن بيلا: والله لا يؤمن هذا بكل صراحة، ومعنديش كل تفاصيله، لكن اللي نعرفه هو كان مش كريم بلقاسم فقط يعني، كان تقريباً مسؤولين أساسيين لأن حتى في ذلك الوقت بش تكون في الصورة تماماً أنا أتكلم دلوقت يعني على فرحات عباس، وعلى.. حقيقة الحكم كان في ذلك الوقت مش.. كان ما بين الكريم بلقاسم وبو يوسف وبن طوبال هذه كلهم نظام سري إحنا، هم اللي كانوا.. كانوا واحد.. واحد وزير دفاع وآخر وزير داخلية والآخر وزير بتاع.. بتاع المواصلات يعني المخابرات إلى آخره يعني الحكم الحقيقي كان في.. بين الثلاثة.
أحمد منصور: بين.. في أيدي الثلاثة.
أحمد بن بيلا: الثلاثة نعم.. 3،
أحمد منصور: بن طوبال ويوسف وعبد الكريم بلقاسم
أحمد بن بيلا: فهذه قاعدين تعرف تقول الـ3 على أن يقتلوا عبان.
(8/97)
أحمد منصور: كان اغتيال عبان رمضان هو بداية لظاهرة بدأت تتكرر كثيراً في الجيش الجزائري بعد ذلك وهي أن يتم تصفية بعض الكوادر ثم يتم نعيهم وتقديمهم على أنهم شهداء بعد ذلك وعملية التصفية كانت تتم بأيدي داخلية، صحيفة "المجاهد" الجزائرية في 29 مايو 58 على الصفحة الأولى نعياً كبيراً لعبان رمضان وصفته بأنه شهيد وبأنه مجاهد.
أحمد بن بيلا: دخلت نعرات دخلت الثورة.. دخلت نعرات وبكل صراحة النعرات هذه مازال موجودة وهي تمس مسألة الهوية.. مسألة الثقافة، ومسألة الجذور، وهذه الأشياء ابتدأت من وقت الثورة وتكلمنا عليها وقتها يعني الأخ..
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: وهذه وقعت على كل حال و.. وعملت عملها ومازال عندنا.. عندنا.. مازال ما قلة آثارها الحقيقة.
أحمد منصور: كنتم تتابعون بدقة وأنتم في السجن التطورات التي كانت تحدث على الساحة الجزائرية؟
أحمد بن بيلا: نعم، إحنا كنا مطلعين على كل صغيرة وكبيرة.
أحمد منصور: كيف؟
أحمد بن بيلا: يا أخي بالخيوط اللي عملناها، إحنا كان مثلاً حتى بعض.. بعض الذين كانوا يحرسونا
أحمد منصور: من الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: من الفرنسيين كانوا يرسلون مثلاً بعض الأخبار ويجيبون بعض الأخبار.
أحمد منصور: أنت كنت تهرب كثير من الرسائل إلى جمال عبد الناصر وكانت تأتيك ردود وكذا..
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.. نعم.
أحمد منصور: ما هي الخطوط التي كانت تصل؟
أحمد بن بيلا: ما بنقولكش الخطوط لأن حتى اليوم يعني..
أحمد منصور: لازالوا أحياء بعض الناس؟
أحمد منصور: أحياء وكان طبعاً، وكان فرنسيين وكان كذا
أحمد منصور: بعض الفرنسيين ساهموا في ذلك؟
أحمد بن بيلا: نعم كان..
أحمد منصور: كانوا مسؤولين سياسيين أم حراس عاديين؟
أحمد بن بيلا: كانوا حراس وفيه.. فيه أحزاب إلى آخره، فيه.. فيه هذه كلهم.. هذه الحراس من.. في أحزاب سياسية فرنسية.
أحمد منصور: كانت تلعب دور في عملية التهريب؟
(8/98)
أحمد بن بيلا: نعم تلعب دورها، نعم.
أحمد منصور: بدأتم تشعروا بالأمان متى أنكم لن تقتلوا؟
أحمد بن بيلا: والله إحنا ابتدينا نشعر بأن هذا من الوقت اللي دخلوا في.. في.. في مفاوضات جدية.. جدية.
أحمد منصور: متى بدأت هذه قضية المفاوضات الجدية؟
أحمد بن بيلا: المفاوضات ابتدت وإحنا في السجن وإحنا في.. وكان الجماعة اللي كانوا أتوا من الجزائر يعني يمثلوا يعني جانب كان مع الجزائريين، كانوا طلبوا على أمل أن يكون موجود فيهم، ورفض ديجول يعني رفض.
أحمد منصور: دا طبعاً ديجول دا بعد كده في سنة 59.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: يعني في سنة 59 ديجول عرض التفاوض فتم الحكومة المؤقتة عينت مفاوضين بينهم أنتم الخمسة، ولكن ديجول رفض ذلك.
أحمد بن بيلا: وابتدأ.. رفض، ولكن جددت المحاولة.. جددت الاتصالات والتي..
موقف بن بيلا من تشكيل الحكومة الجزائرية المؤقتة
أحمد منصور: أنا قبل هذا في 19 سبتمبر 58 أعلن عن تشكيل الحكومة المؤقتة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: المؤقتة، نعم.
أحمد منصور: برئاسة فرحات عباس، ماذا كان موقفكم من إعلان تلك الحكومة؟
أحمد بن بيلا: والله كان.. كان بكل صراحة كان موقف غريب يعني إحنا شوفنا هذا التعيين كأنه أنا أتكلم على باسمي ولكن حتى بعض اللي كانوا بالسجن، بكل صراحة ما نعرفش كان لا يؤمن بكل صراحة يعني ثورة ولا حتى في.. في الهوية وقت ما، ولكن كان شفنا بأن كان ممكن ننضم للثورة الجهادية، ولكن ما يصلحش.. رمزياً ما ما يصلحش هو رئيس الحكومة بكل صراحة.
أحمد منصور: شعرتم أن الثورة وثمارها قد قطفت؟
أحمد بن بيلا: شعرنا بأن فيه شيء خطير وقع داخل الثورة.
أحمد منصور: شعرتم أنها اختطفت منكم الثورة الجزائرية؟
(8/99)
أحمد بن بيلا: والله أنا كان دائماً عندي أمل لا.. لا يمكن الواحد يخطفها كان هذا هو أملي، ولا.. ولا يكون.. والدليل.. الدليل بعد ما خرجنا وقعت الأزمة بتاع (الصيف) عم.. وقعت الأزمة وبعدين رجعوا لها مسألة المؤتمر اللي وقع في طرابلس إلى آخره، بعدين تتكلموا عليها.
أحمد منصور: سآتي لهذا بالتفصيل.
أحمد بن بيلا: وأنا.. وأنا اللي جيت للحكم وبعدين يعني كل هذه الفترة اللي كانت يعني إلا.. إلا وقضينا عليها وأصبحت.. أصبحت الجزائر الثورة رجعت لأصلها ورجع ترابطها مع ناصر ومع..
أحمد منصور: ممكن باختصار تقول للمشاهدين مَنْ هو فرحات عباس؟
أحمد بن بيلا: فرحات عباس رجل مثقف ثقافة يعني كبيرة بتاع فرنسا باللغة الفرنسية ورجل محنك سياسياً ولكن رجل مش.. ما عندوش ربط مع الثوابت ومع الثقافة العربية الإسلامية وجذورها يعني قوية وهذا..، رجل نظيف نزيه يعني مش رجل بتاع صفقات وبتاع يعني رشاوي وبتاع.. لا.. ولكن ارتباط.. انتماءاته جذوره يعني مختلفة على جذور..
أحمد منصور: في هذا الوقت بدأت الحكومة الجزائرية اتخذت مقراً لها في القاهرة.
أحمد بن بيلا: خرجت من القاهرة ورجعوا لتونس ومراكش قبل أن يجوا من القاهرة.
أحمد منصور: لا بعد 58، ولكن في البداية مقرهم الرئيسي كان في مصر.
أحمد بن بيلا: أيه بعد 58 أيه.
أحمد منصور: لكن بدءوا يبتعدوا عن مصر التي هي كانت بالنسبة لكم كانت الأساس في دعم الثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم، هي اللي كانت الحقيقة.. مصر هي العنصر الأساسي في الثورة الجزائرية.
أحمد منصور: ما هي القوى الأخرى التي كانت تجذب الحكومة الجزائرية المؤقتة أو تحاول أن تنزع ما بين الثورة الجزائرية و..؟
(8/100)
أحمد بن بيلا: بصفة.. بصفة عامة.. بصفة عامة يعني عشان ما ندخلوش في تفاصيل لأن بياخد منا ساعات وساعات، الثورة اللي وقع عليها هو يعني خرجت من مسارها الأساسي، ثورة… وتعانقت مع مصر وبالذات مع جمال عبد الناصر لمدة سنين وسنين، وكان لمصر دور أساسي لمدة سنين بكل صراحة، ولكن.. ولا كانت لنا إعانة من دولة، كل الشعوب العربية معنا الشعوب، ولكن ما كان معنا لمدة 3 سنين إلا مصر يا أخي، ولا قطع سلاح جتنا من غير مصر، بعدين طبعاً إحنا بلاش نتكلم كلامنا، نقولوا العرس لازم له سنة بتاع تحضير وبعدين يوم العرس يجوا أصحاب الحنة.. يحطوا لهم حنة.
أحمد منصور: يعني أنتوا حطيتوا.
أحمد بن بيلا: ناصر مش بتاع الحنة جانا كتير بعدين.. يوم.. الجمعة بتاع الحنة..بتاع يوم العرس، لكن اللي حضر سنة بيش يحضر زواج ويحضر هي مصر يا أخي.
أحمد منصور: بدأت الحكومة الجزائرية أيضاً كانت بتتكون من ناس تتنازعها تيارات مختلفة.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.
أحمد منصور: كان بومدين كان يدرس في الأزهر ويمثل تيار وطني وهو على يديك دخل إلى جبهة التحرير.
أحمد بن بيلا: هو عربي (….) العمل العربي.
أحمد منصور: توجه عروبي، فرحات عباس
أحمد بن بيلا: ولكن.. ولكن توجه عروبي يعني اللغة العربية إلى آخره، لكن الانتماء، يعني الجذور في كده في مصر لأ ما كانش ولو.. ولو.. هو ما كانش معاه الفرنسة، ما كانش معاه هذا في الحقيقة مازال لغة عربية مازال كده ومازال..
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إنه كان هناك تيارات مختلفة ما بين الموجودين بالنسبة للحكومة..
أحمد بن بيلا: تيارات مختلفة.. أي نعم.
أحمد منصور: وما بين ناس متغربين تماماً وناس عروبيين في بعض الأحيان.
أحمد بن بيلا: عروبيين واسمه بومدين عروبي.
أحمد منصور: أنتم تم تعيينكم كوزراء.. كنت أنت نائب رئيس الحكومة رغم أنك موجود في السجن.
أحمد بن بيلا: أيوه.
(8/101)
أحمد منصور: وكان الآخرين أيضاً معينين الذين معك وزراء في الحكومة، وكان فيه وزراء آخرين لكن كيف كان متابعتكم وأنتم في السجن للحكومة وأدائها؟
أحمد بن بيلا: لا والله متابعة ما كانش متابعة كبيرة بكل صراحة حتى المراحل بتاع.. بتاع.. بتاع المفاوضات إلى آخره ماكناش نتابع خطوة بخطوة إلى آخره لدرجة.. لدرجة بعد اللي.. اللي اتفقوا يعني على هذا جابوا لنا اللائحة بتاع.. إحنا رفضنا بعض.. بعض
أحمد منصور: سنة كم دا الاتفاق الأخير؟
أحمد بن بيلا: في الآخر في الآخر لأن هم غيروها..
أحمد منصور: لا أنا هآجي لك هنا في 14.. في 14 يونيو 1960 ديجول دعا قادة الثورة الجزائرية للتوجه إلى باريس وإيجاد حل للقضية الجزائرية، هل هذا كان بداية تنازل فرنسا وشعورها بأنها..
أحمد بن بيلا: آه صح.. صح.
أحمد منصور: يعني كُسرت في الجزائر أو ينبغي أن تتخلى بعد 6 سنوات من القتال وفقدان الآلاف من الجنود؟
أحمد بن بيلا: فرنسا ابتدت تشعر بأن القضية الجزائرية لا تحل باستعمال..
أحمد منصور: لكن هم بالفعل كانوا بدءوا يتفاوضوا معكم لمدة 8 أشهر، كان 8 أشهر من الخداع من الحكومة أم كان الخلاف بين العسكريين والسياسيين لعب دور؟
أحمد بن بيلا: لأ.. لأ ما كانش.. ما كانش خداع، الخداع كان لأن أصبحون لا يمثلون شيء، أصبح الجيش هو اللي شيئاً فشيئاً ضيعوا يعني فعالياتهم فيما يخص.
أحمد منصور: عقدت مفاوضات (ميلون) في يونيو 1960 بعد إعلان ديجول هذا، هل كنتم على اطلاع بها أو تتابعوها؟
أحمد بن بيلا: بالتفاصيل لأ، حتى كان ممنوع الاتصال بينا يعني تقريباً، ولكن بعدين جاءتنا –جابوا لنا النصوص وفيه بعض الأشياء اللي عالجناها، ما قبلنهاش، وعولجت وبعدين نعم..
أحمد منصور: يعني هل كانوا..
أحمد بن بيلا: وقبلنا الاتفاق.. الاتفاق قبلناه يعني.
أحمد منصور: كانوا ينصتون لكم، كانوا يرحبون بآرائكم؟
(8/102)
أحمد بن بيلا: لا، ما كانش مش مشاركة فعالة، لأن من بعد.. يعني عالجنا بعض النقاط اللي مش مقبولة، تعالجت هذه النقاط و.. وبعدين قبلنا النص الختامي لأن شفنا هذا إلنا يعني لازم نقبله.
أحمد منصور: أعيد تشكيل الحكومة الجزائرية المؤقتة مرة أخرى في 18 يونيو سنة سنة 1960 واستمرت هذه إلى أغسطس 1961 وأجريت بعض التعديلات منها أن بومدين.. أُبعد كريم بلقاسم عن قيادة الجيش..
أحمد بن بيلا: داخل الجيش.
أحمد منصور: آه، وأصبح بومدين هو وزير الدفاع والمسؤول عن ترتيب أو موضوع الجانب العسكري بالكامل بالنسبة للجيش، وأُبعد كريم بلقاسم، بداية نفوذ بومدين في هذه المرحلة وبداية سيطرته على الجيش، هل لعبت تعتقد من 18 يونيو 1960 دور فيما قام به بومدين بعد ذلك سنة 65 من انقلاب ضدك؟
أحمد بن بيلا: الانقلاب نعم، بعدين نتكلم من..
أحمد منصور: لأ أنا بأقصد الآن إن بومدين يعني أصبح هو المسؤول الأول عن الجيش في سنة 60.
أحمد بن بيلا: عن الجيش آه وقعت أزمة إحنا.. إحنا يعني وإحنا مقبلين على أن ندخل الجزائر فيه أزمة قاتلة ما بين الجيش وما بين الحكومة المؤقتة.
أحمد منصور: طبعاً أنا سآتي لهذه بالتفصيل فيما يتعلق بالعام 62، ولكن أنا هنا بس علشان المراحل التاريخية تكون واضحة عند الناس، كنتم لازلتم في السجن حينما سواء أعلنت الحكومة في 58 أو التعديل الأول عليها في يونيو 1960.
أحمد بن بيلا: إحنا كنا خارج.. خارج اللعبة دي بكل صراحة، كنا خارج اللعبة.
أحمد منصور: بالمرة.
أحمد بن بيلا: خارجين اللعبة، إحنا وإحنا مقبلين على أن نخرج من السجن، وتلك وقع ما بين الحكومة المؤقتة إلى آخره تقع أزمة لأن.. لأن يعني ولا كان حد ينتظرها، هذا كأنها وقعت ما بين الجيش، وما بين الحكومة المؤقتة.
أحمد منصور: هذا سنتعرض له بالتفصيل حينما نبدأ بالحديث عن اتفاقية (إيفيان) التي وقِّعت في مايو 1961.
أحمد بن بيلا: هنا ابتدأت.. هنا ابتدأت..
(8/103)
أحمد منصور: لأن كانت هذه تعتبر الاتفاقية الأساسية التي مَنَحت الاستقلال بالنسبة للجزائريين.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم.. نعم
أحمد منصور: نبدأ بها الحلقة القادمة؟
أحمد بن بيلا: إن شاء الله.
أحمد منصور: وخروجكم من السجن.
أحمد بن بيلا: نعم، إن شاء الله.
أحمد منصور: ورئاستك للحكومة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: نعم، إن شاء الله.
أحمد منصور: وكونك أصبحت رئيساً للجزائر بعد الاستقلال.
أحمد بن بيلا: أي نعم، كل هذا.
أحمد منصور: سيادة الرئيس أشكرك شكراً جزيلاً.
أحمد بن بيلا: شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/104)
الحلقة7(8/105)
الثلاثاء 14/9/1423هـ الموافق 19/11/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 21:43(مكة المكرمة)،18:43(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
17/11/2002
- موقف بن بيلا من مفاوضات الحكومة الجزائرية الانتقالية مع فرنسا
- تفجير فرنسا لقنابلها النووية في الجزائر
- موقف بن بيلا من اتفاقية إيفيان والانتقادات الموجهة لها
- اختراق ضباط فرنسا الجزائريين لجيش التحرير الوطني الجزائري
- حقيقة الحركيين ودورهم في الجزائر
- الإفراج عن أحمد بن بيلا ورفاقه
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا. سيادة الرئيس مرحباً بك.
أحمد بن بيلا: أهلاً.
موقف بن بيلا من مفاوضات الحكومة الجزائرية الانتقالية مع فرنسا
أحمد منصور: توقفنا عند مرحلة هامة في تاريخ الجزائر، وهي بداية شعور فرنسا بأن أيامها في الجزائر أصبحت معدودة، ومن ثم أصبحت تعد العدة للخروج من الجزائر، ولكن للبقاء –في نفس الوقت -بشكل آخر من أشكال الاحتلال، في العاشر من نوفمبر عام 1959 عرض (ديجول) على الجزائريين الدخول في المفاوضات، وبالفعل قبلت جبهة التحرير الوطني الدخول في المفاوضات في العشرين من نوفمبر، وأعلنت أنها كلفتك أنت ورابح بيطاط وحسين آية أحمد، ومحمد بوضياف.
أحمد بن بيلا: وخيضر.
أحمد منصور: ومحمد خيضر، كنتم أنتم الخمسة في سجون فرنسا، كلفتكم بإجراء مفاوضات مع الفرنسيين، ولكن ديجول رفض ذلك.
أحمد بن بيلا: رفض.
أحمد منصور: هل بلغكم هذا القرار؟
أحمد بن بيلا: بلغنا هذا القرار.
أحمد منصور: كان لديكم استعداد للدخول في مفاوضات؟
(8/106)
أحمد بن بيلا: نعم، يعني كان لدينا استعداد، إحنا نقوم بعمل يعني.. يعني طبيعي وهو.. إحنا ولا مرة رفضنا يعني الاتصالات والمفاوضات، أنا كنت سبق وتكلمت على.. على المفاوضات اللي ابتدت في.. في مصر يعني كأنه.. كأنه يعني كمبدأ إحنا مستعدين للمفاوضات.
أحمد منصور: طيب لماذا رفض ديجول ذلك؟
أحمد بن بيلا: والله هذا ما أعرفش أنا.. ما أعرف.. ما أعرفش أيه يعني الأسباب اللي.. التي كان.. كانت عنده حتى يرفض هذا، وصعب عليَّ يعني أترجم، ما فيش شك الموقف هذا كان يعني شايف بأن ربما وجودنا ربما كان يكون له متاعب أكثر عن.. في المفاوضات.
أحمد منصور: في 16 ديسمبر عام 1959 طبعاً بعد العرض الفرنسي والرد الجزائري، ورفض ديجول جمدت الأمور إلى حدٍ ما.
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: في 16 ديسمبر عام 59 اجتمع المجلس الوطني الجزائري في طرابلس، واستمر الاجتماع أكثر من شهر، وحدثت تغييرات جوهرية في قيادة الجيش الجزائري، إذ كلف هواري بو مدين بقيادة الجيش خلفاً لكريم بلقاسم، ويساعده المقدم سليمان وعز الدين ومنجلي كقيادة جديدة للجيش الجزائري. كريم بلقاسم كانت ملاحظاتكم عليه أيه؟
أحمد بن بيلا: كريم بلقاسم كان.. كان في الحركة من قبل، وكان في الجماعة اللي.. اللي أنا كلمتك عليها اللي كانوا خذوا السلاح وطلعوا الجبال في 1945 في.. في الحوادث بتاع قلمة وسطيف والقتل بتاع 40 ألف جزائري، وكان بقي في.. معتصم في الجبال، والرجل يعني بتاع.. بتاع رجل مناضل حزب الشعب و..
أحمد منصور: لكن هذا التغيير الآن وبداية قيادة بومدين للجيش الجزائري هل كان له ما بعده بعد ذلك؟
أحمد بن بيلا: طبعاً هذا وقع في الوقت اللي كانت مش فوضى، ولكن كان ضروري بأن نلم شملنا فيما يخص جيش التحرير يعني.
أحمد منصور: كان لديكم علم وأنتم في السجن بما يدور في الخارج؟
(8/107)
أحمد بن بيلا: والله كان إحنا عندنا علم من حين إلى حين، ولكن ما كانش عندنا اتصالات حتى نتابع كل ما.. ما.. ما يقرره الإخوان في الخارج الحقيقة، وإحنا أخذنا.. أخذنا عليهم بعض.. عاتبناهم على بعض.. بعض الشيء في هذا الموضوع، يعني ما تقريباً كنا في.. مش في عزلة 100%، ولكن لا يستشيرونا يعني في.. في، وحقيقة..
أحمد منصور: لكن هل كانت استشارتكم سهلة في كل شيء؟
أحمد بن بيلا: كانت سهلة طبعاً، لأن كان عندنا محامين وعندنا بكل صراحة يعني متروكين يعني ولو كانوا حتى فرنسيين إلى آخره ولا محامين.
أحمد منصور: لكن.. لكن أيضاً كونكم كنتم في السجن، هل يمكن يعني أن تقاد حركة من داخل السجن؟
أحمد بن بيلا: أخي، إحنا مش.. مش حركة، لكن في.. في.. في المفاوضات في أمور يعني من هذا النوع إحنا في قيادة، إحنا كنا في القيادة.. يعني.
أحمد منصور: يعني أنت كنت نائب رئيس حكومة فعلية.
أحمد بن بيلا: أي نعم، كنت.. رئيس نعم.
أحمد منصور: والآخرين كانوا وزراء، لكن أنتم كنتم مسجونون.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم.. نعم، فما قلناش ما طالعوناش.. يعني بالكيفية اللازمة يعني حتى ما كناش في الصورة بأتم الكلمة الحقيقة.
أحمد منصور: كان مقصود أن تغيبوا؟
أحمد بن بيلا: والله كان فيه شيء من هذا النوع وكان فيه يعني ابتعاد من.. من.. من...
أحمد منصور: هل فيه طرف معين بيتحمل أو أنتم بتحملوه مسؤولية العزلة بينكم وبين..؟
أحمد بن بيلا: والله كان مبرر يعني هذا اللي كان، يعني أنا كنا كلنا في عزلة، الكل يعني اللي كنا في السجن، تقريباً يعني مش مشاركين في.. في إدارة يعني العمل، ولو حتى في العمل السياسي..
أحمد منصور: لكن ربما يكون للآخرين العذر في أن من في الداخل أو من في السجن لا يستطيع أن يحدد صورة الواقع ويشارك فيه؟
أحمد بن بيلا: لا والله، أنا في.. مش مع هذا الرأي بكل صراحة، كان فيه نوايا مش كويسة.
أحمد منصور: مِن مَن؟
(8/108)
أحمد بن بيلا: يا أخي، فشيئاً فشيئاً أنه كان جاء ما يخفاش عليك يعني كان جاء.. جاء عبان، وجاءت.. يعني اتغيرت الأمور.
أحمد منصور: عبان قُتل في 57.
أحمد بن بيلا: هذا من بعد.. دي في الآخر يا أخي، دي جت في الآخر يعني قلت له.
أحمد منصور: لأ، أنا أقصد هذه المرحلة أنا الآن في سنة 59.
أحمد بن بيلا: من بعديه.. من بعده، لأ بصفة عامة بكل صراحة حتى يوم أبرموا يعني اتفاق مع الفرنسيين ما كانش لنا مشاركة.
أحمد منصور: سآتي إلى الاتفاق تحديداً واتفاقية إيفيان، ولكن إحنا الآن في تلك المرحلة.
أحمد بن بيلا: أي نعم، ما كانش لنا مشاركة لدرجة.. يعني إحنا طلبنا مراجعة الاتفاق في بعض النقط المهمة جداً.. جداً.
تفجير فرنسا لقنابلها النووية في الجزائر
أحمد منصور: سآتي لها، في تلك المرحلة قامت فرنسا بتفجير قنابلها النووية في الجزائر.
أحمد بن بيلا: أي نعم.. نعم.
أحمد منصور: ماذا كان رد الفعل على ذلك؟
أحمد بن بيلا: طبعاً كان رد الفعل هو يعني غضب وطبعاً لأن انفجار يعني القنبلة الذرية في ذلك الوقت، وحتى يهمنا هذا والله يعني يصعب للإنسان أن يدرك كل المخاطر بتاعها، لأن مسألة جديدة إلى آخره، وإحنا كنا على حق.. محقون، لأن إلى يومنا هذا عندنا مشاكل.
أحمد منصور: من القنبلة.. من القنابل التي فجرتها...
أحمد بن بيلا: من القنبلة الذرية نعم.
أحمد منصور: فرنسا في الجزائر في تلك المرحلة.
أحمد بن بيلا: اتضح بأن كثير من المواطنين يعني اتصابوا في هذه الأشياء، وعانوا وحتى توفوا يعني.
أحمد منصور: يعني أنا يعني منذ مدة أعد يعني بحث حول هذا الموضوع، ولكن ليس في إطار إن إحنا نتناوله الآن، أثر القنابل الذرية التي فجرتها فرنسا في الجزائر على الشعب الجزائري.
(8/109)
أحمد بن بيلا: ولا حد اليوم ولحد اليوم ولا حد ممكن يحدد يعني بصفة علمية أيه المخاطر وأيه حدود المخاطر، ما فيش، لكن اللي معروف هو فيه مخاطر، وقعت إصابات، فيه ناس توفوا من جراء هذا إلى يومنا هذا.
أحمد منصور: نعم، في 14 يونيو 1960 دعا ديجول قادة الثورة الجزائرية من جديد للتوجه إلى باريس وإيجاد حل للقضية، وبدأت مفاوضات في (ميلون) في يونيو 60 تعثرت بعد ذلك وتحدثنا عنها في حلقة سابقة، ولكن الآن بداية الدخول من فرنسا في مفاوضات، وصلت الأمور إلى الاتفاقية الأساسية التي وقعتها الثورة الجزائرية مع فرنسا وهي اتفاقية إيفيان.
أحمد بن بيلا: آه، صح.. مع فرنسا نعم.
موقف بن بيلا من اتفاقية إيفيان والانتقادات الموجهة لها
أحمد منصور: إتفاقية إيفيان بدأت المفاوضات فيها في مايو عام 1961، واستمرت المفاوضات فيها حتى إعلان وقف إطلاق النار في مارس 62 وبعد ذلك.
أحمد بن بيلا: آه في مارس 19 مارس.
أحمد منصور: في الفترة من مايو 61 وحتى مارس 19 مارس 62، وهو نفس يوم الإفراج عنكم من السجون الفرنسية، في هذه الفترة هل كنتم تتابعون ما يحدث من مفاوضات بين الفرنسيين وبين الجزائريين في إيفيان؟
أحمد بن بيلا: لا.. لا، كنا في.. كنا ما نقولش في عزلة تامة، ولكن مش مطلعين، والدليل وهو يعني أكرر راجعنا بعض النقاط اللي كان اتفقوا عليها.
أحمد منصور: أيه هي أهم.. يعني هناك انتقادات كثيرة وجهت للاتفاقية على اعتبار أنها لم تكن سوى ترسيخ للاحتلال الفرنسي للجزائر بصورة أخرى غير الصورة التي كانت عليها، هل تتفق مع هذا؟
أحمد بن بيلا: لا، مش متفق أنا في هذا، لأن، مثلاً.
أحمد منصور: ما هي ملاحظاتك وانتقاداتك الأساسية؟
أحمد بن بيلا: لأن مثلاً من بعد معالجة بعض النقاط اللي اتفقنا.. اللي.. اللي إحنا أثرناها وعولجت بعض النقاط 3 أو 4 ومش.. مش بسيطة، فإحنا قررنا الاتفاق اللي وقع.
(8/110)
أحمد منصور: طيب سيادة الرئيس، قل لي ما هي.. ماذا كانت ملاحظاتكم أنتم الزعماء الخمسة الموجودين في سجون.. في السجن الفرنسي في ذلك الوقت على اتفاقية إيفيان؟
أحمد بن بيلا: الملاحظات هي كانت بعض النقاط هذا، أولاً: إحنا ما شاركوناش يعني الحقيقة، ولا شاركنا تقريباً يعني في.. في، كنا في.. كأنه في.. في حالة عزلة من هذا.. من هذا في هذا المجال بالذات، ثم بعدين رسموا لنا صيغة.
أحمد منصور: في هذه الفترة سنة 61، هل كان متعمد أيضاً أن تعزلوا عن تلك المفاوضات؟
أحمد بن بيلا: كانت ما فيش شك..
أحمد منصور: عما يدور على الساحة الجزائرية؟
أحمد بن بيلا: ما فيش شك يعني كنا في شبه عزلة على ما يجري في الأشياء المهمة.
أحمد منصور: كل الأطراف كانت تسعى لعزلكم أم أن هناك أطراف كانت تسعى لمشاركتكم وأطراف أخرى لعزلكم؟
أحمد بن بيلا: ما.. يعني بصفة عامة ما يسمى في ذلك الوقت بالحكومة المؤقتة بصفة عامة.
أحمد منصور: الحكومة المؤقتة ظلت قائمة وحتى يوم الاستقلال.
أحمد بن بيلا: ظلت قائمة حتى هذاك العام، إحنا كان اتصال مع الحكومة المؤقتة.
أحمد منصور: نعم، كان فرحات عباس لازال بيتزعم الحكومة المؤقتة في ذلك الوقت.
أحمد بن بيلا: نعم، فرحات عباس، وبعدين جاء.. شو اسمه أخونا؟
أحمد منصور: يوسف بن خده، جاء بعده نعم.
أحمد بن بيلا: بن خده.. بن خده، نعم.
أحمد منصور: نعم، هل تذكر بالضبط أيه النقاط اللي اعترضتم عليها في اتفاقية إيفيان؟
(8/111)
أحمد بن بيلا: ندى لك مثلاً نقطة، أيوه نقطة بالخصوص الأساسية يعني كانت عندنا واحدة القاعدة اسمها المرسى الكبير كانت قاعدة بحرية يعني، وفيه أسطول فرنساوي معروفة يعني، فهذا النقطة، هذا القاعدة في جانب في الجهة الوهرانية يعني مش بعيد على وهران هذه المرسى الكبير ففي الاتفاق الأول كانت مش بس هذا القاعدة، تقريباً يعني حتى.. حتى الطريق الوطني.. الطريق الوطني اللي يمشي ما بين.. ما بين وهران – وجدة، مراكش، الطريق الأساسي داخل في المنطقة تقريباً يعني كان يظهر يعني رقعة أرض يعني تشبه بسرايا، وإحنا رفضنا هذا طبعاً رفضنا، لأن حتى الطريق يا اللي الأساسي كان لازم يعني.
أحمد منصور: لكن نصت الاتفاقية على احتفاظ الجيش الجزائري بالمرسى الكبير لمدة 15 سنة.
أحمد بن بيلا: بالمرسى لا.. لكن أنا أتكلم عن الرقعة يا أخي، إحنا اتفقنا صح، ولكن الرقعة تقلصت لبعدين، يعني بعد ما رفضنا.. كش الرقعة كأنه فيه.. فيه ازدواج يعني فعلاً، والدليل يوم اللي وقع الانقلاب، شبه الانقلاب.
أحمد منصور: زي مشكلة سبتة ومليلية في الجزائر زي المغرب.
أحمد بن بيلا: لأ أكثر.. أكثر، يعني رقعة مش مدينة فقط، لأ رقعة أرض.. رقعة أرض، الدليل وهو الذين تمردوا ضد.. ضد ديجول.. نزلوا فيها، نزلوا في هذه.
أحمد منصور: دول تمردوا ضد ديجول في 22 أكتوبر 61
أحمد بن بيلا: صار لهم..
أحمد منصور: الجنود الفرنسيين اللي موجودين في الجزائر..
أحمد بن بيلا: جاءوا يتمركزوا.. تمركزوا كانوا عايزين.. لأن هذه المنطقة كانت مش بعيدة على إسبانيا، يعني تقريباً على على 200 كيلو متر عن إسبانيا بس، وما يخفاش عليك فرنسا وإسبانيا كانوا عاملين خيوط..
أحمد منصور: أيه كان هدف فرنسا من الإبقاء على تلك المنطقة كبعد استراتيجي عسكري؟
(8/112)
أحمد بن بيلا: ربما يوماً ما يضطروا حتى يكونوا.. ولكن الاتحاد الفرنسيين اللي كانوا موجودين يعني ربما، وهذا اللي وقع يوم اللي وقع يعني شبه انقلاب على.. ضد ديجول كونوا أرضية ومشوا كلهم هذا اللي كانوا متمردين ضباط يعني سامين صار لهم إلى آخرهم،.. إلى هذه المنطقة، وثم..
أحمد منصور: هربوا إليها
أحمد بن بيلا: هربوا واللي تم.. وتحصنوا داخلها وكونوا شبه (…)، فإحنا شفنا هذا الخطر هاذاك، وطلبنا منهم ضمن النقط هذه المسألة الأساسية.
أحمد منصور: معنى ذلك أنهم استجابوا لكم الحكومة المؤقتة فيما يتعلق..
أحمد بن بيلا: استجابوا.. استجابوا لنا وغيروا، لأن إحنا قلنا كذا يعني كيف يعني الطريق الوطني لازم يمر، لازم لنا رخصة بيش الطريق الوطني، رخصة من الفرنسيين هذا نمر من جهة لجهة.
أحمد منصور: ما هو سيادة الرئيس هنا يعني وجودكم أنتم في السجن لا يقتضي ضرورة إطلاعكم على كل شيء لأن هناك قرارات..
أحمد بن بيلا: لا نعم.. لا نعم صح، كانت في كل.. بكل صراحة كانت خطة لأن لا نكون مطلعين على كل..
أحمد منصور: لا لا أنا أقصد إن من حق الحكومة المؤقتة ألا تطلعكم على كل شيء.
أحمد بن بيلا: لا والله، إحنا في القيادة لازم نطلَّع في النقط الأساس إحنا ما.. ما طالبينش يطلعونا على العمليات العسكرية والخطوط العسكرية، لكن الصلح.. السلم في الجزائر مسألة أساسية، السلم الذي يتم من بعد حرب طاحنة يعني مات فيها مليون ونصف وإحنا.. أنا.. أنا نائب.. نائب رئيس الحكومة يا أخي لازم أكون مطلع، لازم نطَّلع وجا بعدين (..) واطلعنا، كل شيء..
أحمد منصور: طيب، ما هي الأشياء التي تجاوزوكم فيها تحديداً؟
أحمد بن بيلا: هذه مثلاً الأشياء، المعطيات بتاع الاتفاق، ما كانش عندنا نقط ما عارفينش النقط الأساسية اللي بتاع الحوار..
أحمد منصور: يعني هل وافقتم على دعم دخول الذين يخدمون في الجيش الفرنسي إلى جيش جبهة التحرير الوطني؟
(8/113)
أحمد بن بيلا: لا، هذه ما كانتش مطروحة أبداً.
أحمد منصور: موجودة في اتفاقية (إيفيان).
أحمد بن بيلا: من.. الذين كانوا فيه؟
أحمد منصور: فيه نقاط أساسية..
أحمد بن بيلا: لا كانت.. كانت مسألة..
أحمد منصور: فرنسا حرصت على أن تتواجد في الاتفاقية، حتى تضمن بقاءها..
أحمد بن بيلا: أيوه. معاك.
أحمد منصور: يعني إذا خرجت من الباب تدخل من الشباك كما يقال.
أحمد بن بيلا: نعم، ولكن هذه فشلت الخطة هذا، أنا..
أحمد منصور: كيف فشلت؟ أنا سآتي لك بالتفصيل..
أحمد بن بيلا: هو هذا، وهم كونوا، قالوا في المدة ما بين يعني إيقاف القتال والاستفتاء لفترة، يعني من (مارش) [شهر مارس] لحتى.. ليوليه، هذه تكون قوة.. قوة محلية force local)) كانوا يسموها..
أحمد منصور: لا سيادة الرئيس..
أحمد بن بيلا: جزائرية..
أحمد منصور: هنا..
أحمد بن بيلا: تتكون لصالح.. لصالح الحكومة اللي كانت.. كانت شبه حكومة موجودة داخل.. داخل الجزائر، مش بعيدة على الجزائر في..
أحمد منصور: لا اسمح لي هنا فيه نقطة خطيرة جداً ونقطة مهمة جداً..
أحمد بن بيلا: اتفضل.. اتفضل.. اتفضل.
أحمد منصور: حينما.. في بداية حصول الجزائر على الاستقلال في العام 62 كان عدد الجزائريين المتورطين في الدخول إلى الجيش الفرنسي يزيد على 250 ألف جزائري.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.. نعم.
اختراق ضباط فرنسا الجزائريين لجيش التحرير الوطني الجزائري
أحمد منصور: هؤلاء نصت فرنسا في اتفاقية (إيفيان) أو فرضت أن يُسمح لمن أراد من هؤلاء أن يلتحق بالجيش الجزائري في الدولة المستقلة أن ينضم دون أن تعترضوه، وهنا حدثت أكبر عملية اختراق منظم للجيش الوطني الجزائري من خلال الجزائريين الذين كانوا فرنسيين في نفس الوقت أو يحاربون إلى جوار فرنسا..
أحمد بن بيلا: آه، وكانوا ضباط.
أحمد منصور: وكانوا ضباط، وعندي أسماء وتواريخ سآتي معك بالتفصيل..
أحمد بن بيلا: لا.. لأنه..
(8/114)
أحمد منصور: لأن هؤلاء تبوءوا مناصب كبرى..
أحمد بن بيلا: لا وأكثر من هذا، أنا مطلع على هذا.. وبغير.. بغير تفاصيل ومش ممكن نخوض فيه، لأن.. لأن هو الصالح العام الجزائري، هذه النقطة بالذات كانت من أسباب الخلاف الأساسي ما بين بومدين وأنا.
أحمد منصور: بومدين..
أحمد بن بيلا: أنا طرحت المسألة بتاع الضباط هادول اللي كانوا أتوا من فرنسا ولكن ما لا أريد اليوم أخوض في التفاصيل، لأن أنا شوف يعني ما..
أحمد منصور: سيادة الرئيس أنا..
أحمد بن بيلا: لأن المصلحة العامة ما أخضش في هذا التفاصيل هذا واقع.. هذا واقع..
أحمد منصور: اسمح لي أن..
أحمد بن بيلا: يوماً ما جاءني.. أتونا الضباط..
أحمد منصور: طيب إحنا الآن يعني حتى نفهم ما يدور على الساحة الجزائرية اليوم مرده بالدرجة الأولى يعود إلى تلك الأيام الأولى من الاستقلال وكيف أنكم.. كيف أنكم أنتم كزعماء للاستقلال فرطتم في بعض الأشياء التي أدت إلى ما وقع في الجزائر بعد ذلك، أولاً السماح لجنود فرنسا أو ضباط فرنسا الموجودين في الجيش الفرنسي بأن يلتحقوا بجيش التحرير الوطني بعد الدماء التي بذلها أبناء الجزائر الحقيقيون وأن يسيطروا بعد ذلك على الجيش وعلى السلطة في البلاد هذا من أكبر الأشياء اللي أنتم كمسؤولية تاريخية بتتحملوها.
أحمد بن بيلا: لا والله أنا في رأيي لازم تعالج شوية هذا.. هذه النظرة يعني الوجود بتاع الإخوان اللي أتونا من الجيش الفرنسي ابتدت من قبل والله.
أحمد منصور: من 58
أحمد بن بيلا: من 58 نعم.
(8/115)
أحمد منصور: يعني هي فرنسا حينما أدركت أن أيامها القليلة، أيامها في الجزائر أصبحت قليلة بدأت تعد العدة من العام 58 وحتى الاستقلال أو من 57 ربما وحتى الاستقلال في أن تدفع هؤلاء الضباط أو الجنود والضباط الجزائريين الموجودين في جيشها أن يتسربوا شيئاً فشيئاً للدخول في جبهة التحرير، ومن ثم تبوء مناصب أساسية فيها، وأن يصبحوا هم المسؤولون في الدولة بعد ذلك، أما المجاهدون الحقيقيون..
أحمد بن بيلا [مقاطعاً]: لكن.. لكن في بعض من هذا كله، حتى والله.. مش حتى 58 حتى وصلوا يعني في 61
أحمد منصور: آه بعضهم..
أحمد بن بيلا: سنة قبل ذاك..
أحمد منصور: أنا.. أنا عندي بعض الأسماء والتواريخ اللي نُشرت في..
أحمد بن بيلا: أيوه.. نعم.. نعم
أحمد منصور: يعني مثلاً في الفترة من 55 إلى 56 يعني في فترة السنوات الأولى للثورة الجزائرية كان فعلاً بعض الضباط، حتى لا نظلم كل من كانوا في جيش فرنسا..
أحمد بن بيلا: أنا في رأيي..
أحمد منصور: كان بعض هؤلاء..
أحمد بن بيلا: لازم فرز شوية، مش كل اللي.. اللي أتوا يعني ممكن ينطبق عليهم هذا كله..
أحمد منصور: بالضبط، بس دول سيادة الرئيس إحنا كان عندنا حاجتين..
أحمد بن بيلا: فيه بعض.. فيه بعض الضباط أتونا من.. من فرنسا وكانوا من أروع ما يكون..
أحمد منصور: بالضبط تماماً.. تماماً
أحمد بن بيلا: داخل جيش التحرير، هذا لازم يقال يعني..
أحمد منصور: بس دول كانوا بينتموا إلى جيش التحرير وليس إلى جبهة التحرير، إحنا عايزين هنا نفرق ما بين حاجتين، جيش التحرير الجزائري اللي كان موجود في داخل الجزائر، وكان بيقاتل الفرنسيين بشكل مباشر الذين كانوا ينتقلون من الجيش الفرنسي إليه كانوا فعلاً ناس مخلصين وبيقاتلوا ضد الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: مقاتلين.. مقاتلين
(8/116)
أحمد منصور: لكن الآخرين كانوا يهربون من جيش.. من الجيش الفرنسي إلى جبهة التحرير في تونس وفي مراكش، في الأماكن التي ليس فيها قتال حقيقي، وإنما فيها نضال سياسي، حتى يستطيعوا أن..
أحمد بن بيلا: حتى.. علشان ينضموا إلى الجيش لازم يمروا بها الطريق هذا شيء يكون..
أحمد منصور: فيه أسماء كثيرة من الأسماء التي ظهرت بعد ذلك في تاريخ الجزائر من اللي هربوا من الجيش الفرنسي وانضموا زي الجنرال (العربي بلخير) (حمود بوزاده) (خالد نزار) (سليم سعدي) قبلهم كان (عبد القادر شابو) و(سليمان هوفمان) ودول تبوءوا مناصب في عهد بن بيلا، والآخرين متبوئين مناصب ربما موجودة الآن في الجزائر، قضية.. أنا بأجي للنقطة الأساسية اللي موجودة في اتفاقية إيفيان وسماحكم بهذا والسماح أيضاً لهؤلاء بأن يتبوءوا مناصب أساسية في جيش التحرير الوطني وأن يُبعد المجاهدون الحقيقيون عن المشاركة.
أحمد بن بيلا: والله هي هذه الأشياء نظرية شوف يا أخي أنا بكل صراحة، أنا أريد أكرر بأن هذه النقطة كانت من النقاط الأساسية اللي بعض المشاكل اللي وقعت ما بيني وما بين المرحوم هواري بومدين لكن ما أخوض في هذا، لأن عندنا وضع اليوم موجود يا أخي، ولازم نتدرج مع هذا حتى يعني نحل مشاكلنا، وأنا بودي يعني ما نخوضش في.. في هذه الأشياء والتفاصيل ونحكم بأحكام جامعة يعني ما.. على هذا.. هذه الظاهرة، أنا بودي يعني ما أخوضش في هذا، أنا اليوم مع الإخوان في الجزائر بالذات الأخ عبد العزيز بوتفليقة بإخلاص نعين لإنجاح الوئام الوطني، لأن ما نشفش حل من غير هذا بكل صراحة..
أحمد منصور: لكن..
أحمد بن بيلا: وأنا ضد أي نعرة اللي تحارب الوئام الوطني.
أحمد منصور: بعيداً عن النعرات، هل تعتقد أن الوئام الوطني يمكن أن يتحقق أو يحدث في الجزائر وهناك دمامل وجروح يُغطى عليها هذا الأمر دون أن يتم علاجها؟
(8/117)
أحمد بن بيلا: لا.. أن يقع هذا يا أخي ولازم يقع، لأن لو ما.. لو ما نعملوش هذا هيقع اللي وقع في إسبانيا هنجر معانا جروح إلى أن يأتي الإمام المهدي والله، إحنا لصالح الجزائر، لرجوع.. يعني صحة الجزائر، إحنا لازم نمشي لازم نطوي الصفحة ولازم ما.. ما نقبلوش بأن جانب من الجزائر ينتصر على جانب آخر، وأكثر من هذا يستأصل جذوره مثل ما يقولون بعض.. البعض، نعتبر هذه.. هذه حقيقة من أخطر الأشياء اللي ممكن يعني تعوق مسيرة الجزائر للأبد، وأنا مع الوئام الوطني أنا مع.. يعني نطوي الصفحة، مش لصالح ما أعرفش أيه، لا لصالح البلاد واللي فيه مشاكل من هذا النوع أنا في رأيي على مر الأيام إلى آخره.. هنعفى منها –إن شاء الله- ونشوف بأننا ما لناش حلول إلا مع هذا الوئام الوطني، الوضع ما هو.. نعم، أما يعني الخوض في هذه الأشياء، أنا ما أخضش في هذا بكل صراحة، الذي يهمني، هذا اعتقادي يعني هذا اعتقادي وهو لازم الوئام ينجح ولازم الوضع مثل ما هو اليوم يظل يتدرج حتى ندخل في مجتمع مدني.
أحمد منصور: طب أنا لا أناقشك في.. في الواقع، ولكن أناقشك في التاريخ، أناقشك في أحداث التاريخ، لأن عادة التاريخ العربي أو الواقع العربي الحديث ليس سوى إفراز لما وقع قبل 40 أو 50 سنة في سنوات الاستقلال الأولى أنت كنت أول رئيس للجزائر..
أحمد بن بيلا [مقاطعاً]: والله.. والله.. والله تناقشني في هذا حتى أنا.. أنا مستعد نتحمل كل مسؤولياتي، ولكن أنا أصارحك ولا كان عندي ضلع في هذا، أنا كنت في السجن وكنت كنت في حال بتاع يعني انعزال تقريباً تام مع الإخوان.
أحمد منصور: لكن هل كنت راضياً.. هل كنت راضياً عن أن يأتي الآن الضباط الذين خدموا في الجيش الفرنسي وكانوا مخلصين للفرنسيين بخطة فرنسية ليخترقوا جيش جبهة التحرير الوطني ويدخلوا إليه ويصبحوا هم الذين يسيطرون على قياداته بعد ذلك، ويصبح لهم الدور الأساسي في إدارة البلاد؟
(8/118)
أحمد بن بيلا: أنا بودي ما أخضش كتير في هذا، لكن أكرر ما أريدش أتكلم في هذا الموضوع، أنا قلت بأن من بعض النقاط اللي كان فيها مشكل ما بيني وما بين المرحوم بومدين، الهواري بومدين، ها النقطة بالذات يعني، هذه النقطة مابديش أتكلم في هذا الموضوع كان يشوف بأن صالح البلاد هو أن نتجاوز هذا.. هذا المشكل ونمشي الأشياء المطروحة.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أصبح بومدين هو قائد عام الجيش التحرير الوطني الجزائري في 16 ديسمبر عام 59، بدأ بومدين يعد الترتيبات ليكون هو القائد والزعيم الأساسي للجيش وبدأ يراهن على وجود أو على قيام اتصالات بينه وبينكم أنتم الزعماء السياسيين البارزين الموجودين في سجون فرنسا، هل صحيح بعد ذلك وتحديداً في العام 61 أرسل إليك بومدين الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة ليتفاوض معك حول انضمامك إلى مجموعته أو أن تكون زعيماً للمجموعة ومحركاً لها وأنت لازالت في السجن في فرنسا؟
أحمد بن بيلا: فعلاً الأركان الجزائري مش بومدين الأركان.
أحمد منصور: قيادة الأركان.
أحمد بن بيلا: في ذلك الوقت، لأن وقعت عداوة.. وقع مشكل ما بين الأركان وما بين الحكومة المؤقتة.
أحمد منصور: صحيح.
أحمد بن بيلا: هذا معروف، وقعت أزمة في تونس.
أحمد منصور: صحيح.
أحمد بن بيلا: ويعني تفاصيل الحرب ما.. بعيد يا أخي ها اللي وقع، فيوم ما الأركان أرسل لنا الأخ عبد العزيز بوتفليقة على أن هنعرض للأزمة الناجمة من.. من حادث معروف يعني بتاع طيارين فرنسيين سقطوهم الدفاع الجزائري في..
أحمد منصور: استطاع الجزائريون أن يسقطوا طائرتين وأن يأسروا طيارين.
أحمد بن بيلا: وسجنوهم.. وسجنوهم.
أحمد منصور: وسجنوا الطيارين.
أحمد بن بيلا: سجنوا.
أحمد منصور: فقام بومدين بتسليم الطيارين للفرنسيين بدون إذن الحكومة.
(8/119)
أحمد بن بيلا: لا أبداً إحنا.. إحنا ما.. عندنا كل المعلومات، ما سلمهمش ورفض يسلمهم، لأن الإخوان في تونس والحبيب بورقيبة –رحمه الله- بالذات هو طلب تسليم..
أحمد منصور: عفواً هو رفض التسليم.
أحمد بن بيلا: آه رفض التسليم و الأزمة نجمت من هذا وقدم استقالته مع الأركان، لكن داخل جيش وقعت.. وقعت بلبلة واجتماعات متتالية وأقروا يعني الموقف بتاع القيادة بتاع الأركان بعدم تسليم وكأنه كانت.. كان.. كان موقف معادي للحكومة المؤقتة وطلعت أزمة طلعت، ولهذا الأركان فكر بأن يطلع مع.. على المشكل ويرسل الأخ عبد العزيز بوتفليقة مش لأحمد بن بيلا، للجماعة اللي كانوا في السجن كلنا شافنا، ما شاف على حدا أو شيء كنا مجتمعين.
أحمد منصور: كيف التقى معكم، بأي صفة؟
أحمد بن بيلا: الصفة هو.. هو يعني دخلوا في مفاوضات مع فرنسا.. رحنا إلى آخره على ما يجري في.. في الساحة وفي الناحية العسكرية بالذات الأكيدة هو جاء وطلب رخصة من الحكومة الفرنسية وسمحوا له واتصل فينا، ما جاش يشوفني أنا شخصياً لا .. شافنا الكل مجتمعين الكل.
أحمد منصور: لكن قيل أنه يعني أبرم ما يشبه الاتفاق الخاص بينك وبينه.
أحمد بن بيلا: لأ أنا كنت بكل صراحة يعني متعاطف مع.. مع.. مع.. معهم فيما يخص الحادث بتاع الطيارين.
أحمد منصور: لكن كأن الزعماء الخمسة.. الزعماء الأربعة الباقين لم يكونوا على نفس موقفك.
أحمد بن بيلا: كان.. نعم.. كان.. كان بوضياف وكان آية أحمد لأننا كنا مش منسجمين من ذلك الوقت بكل صراحة، يعني إحنا 5 لكن 2 يعني آيه أحمد وبوضياف موقف يعني مثل الموقف، وإحنا الثلاثة موقف آخر، وفي هذه النقطة بالذات يعني انقسمنا تقريباً... تلاتة مؤيدين لموقف بتاع الأركان وكنا شايفين بأن القيادة كان في كان في حاجة بتغير يعني لصدام.
أحمد منصور: صحيح أنك وخيضر وبيطاط يعني أنت كنت يعني ما يشبه زعيماً للاثنين أو آراءك كان الآخرين يتبعوك فيها بشكل دائم.
(8/120)
أحمد بن بيلا: لا ما فيش والله زعيم وما فيه شيء.
أحمد منصور: فميا كان.. فيما كان بوضياف يعارض بشكل دائم ومستبد.. وبشكل دائم ومستمر، وكذلك آية أحمد باعتبار الجانب القبلي عنده أو الأمازيغي، هل هذا كان سبب للخلافات الدائمة بينكم؟
أحمد بن بيلا: والله إحنا خرجنا.. حقيقة خرجنا من السجن وإحنا.. وإحنا في هذا الوضع يعني إحنا الخمسة، 2 في نفس الموقف والـ 3كذلك في نفس الموقف يعني هذا.
أحمد منصور: أرجع لاتفاقية إيفيان بشكل أساسي وبقية بنودها التي كانت تعتبر بمثابة يعني إدخال للفرنسيين بجانب آخر من الاحتلال، نصت الاتفاقية على الإبقاء على الجهاز الإداري للدولة وهو 80 ألف موظف منهم 65 ألف فرنسي على أني يبقوا كما هم، الحفاظ على هيمنة اللغة الفرنسية التي لازالت مشكلة قائمة في الجزائر حتى اليوم، والحفاظ على النهج الاقتصادي التي.. الذي وضعته فرنسا بالنسبة للجزائر، ردك أيه على هذه أو ملاحظاتك أيه على هذه.
أحمد بن بيلا: أجاوب.. هو إحنا أقرينا بالاتفاق اللي تم طبعاً ما كناش أنا شخصياً ما كنتش.. ما كنتش متفق على كل البنود ولكن بكل.. بكل شيء..
أحمد منصور: أيه البنود اللي كنت معترض عليها؟
أحمد بن بيلا: لكل شيء أنا في ذلك الوقت أقريت لأن شايف بأن الصالح العالم يقضي كده، نقرر الاتفاق اللي وقع، لأن المهم هو هذا الاتفاق يعني يدي للجزائر فرصة على أن.. أن يعني ممكن من بعد أن تعالج كل النقاط هذه الضعيفة اللي كانت وهذا اللي وقع بكل صراحة، مثلاً كان المزارعين الفرنسيين لازم نحافظ على.. على.. على أراضيهم، الفرنسيين كانوا مليونين وتقريباً 500 ألف هكتار يعني وأحسن يعني أراضي في الجزائر.
أحمد منصور: أحسن أراضي في الجزائر.
أحمد بن بيلا: هذه والله ما مرتش 6 شهور بقرار أخذت قرار واغتنم الفرصة بتاع القنبلة الذرية التجربة التانية اللي عملوها و.. وأممت ما خلتش هكتار واحد.
(8/121)
أحمد منصور: التجربة التالتة تقصد، لأن هم عملوا تجربتين.
أحمد بن بيلا: التالتة نعم، والجزائر قائمة والحكومة الجزائرية موجودة إلى آخره، كنت أنا رئيس الجمهورية عموماً اجتزنا هذا بسهولة بكل صراحة حضرنا نفسنا إلى آخره وبقرار..
أحمد منصور: يعني تقصد.
أحمد بن بيلا: قرار يعني أخذت كل الأراضي اللي.
أحمد منصور: تقصد أن القبول بمقررات إيفيان كان يعني قبوله مرحلة؟
أحمد بن بيلا: كانت خطوة.. خطوة مرحلة، كيف.
أحمد منصور: لكن لازالت فيها بعض الأشياء التي جاءت بآثار سلبية مثل اللغة الفرنسية على سبيل المثال.
أحمد بن بيلا: لا والله أنا ما.. مش بكل صراحة أنا ما أشوفش بأن هذه كانت غلطة، لأن إحنا التعليم بنجيبه من أول وقعة في الجزائر يعني ما فيش ها اللي ما تعرفوهاش، إحنا فرنسا إدتنا شيء، ولكن بيتت على الجزائر تركع تماماً، مثلاً في يوم واحد.. يوم واحد كل..كل المعلمين الفرنسيين انسحبوا من الجزائر يعني، المشكلة الأولى اللي كان بهذا الحكومة الجزائرية بعد الحرب وهو كيف تضمن دخول المدارس؟ ولا فيه.. ولا فيه معلم فرنساوي، أقل من بعض العشرة (...) وكلهم انسحبوا على أن الجزائر تنهار، أيه اللي عملناه؟ هو توجهنا لإخواننا العرب وطلبنا منهم أن يرسلوا لنا في اليوم الأول بدنا التعريب لكن كذلك باليوم الأول إحنا كنا مضطرين الاستمرار بالفرنساوية، لأن اللغة العربية كانت مجهولة عندنا اسمح لي والله مجهولة تماماً.
أحمد منصور: حتى أنت في هذه المرحلة لم تكن تتقن العربية.
أحمد بن بيلا: حتى أنا لم أكن أتكلم اللغة العربية.
أحمد منصور: نعم.
(8/122)
أحمد بن بيلا: ومثلي يعني 90% جزائريين أيوه، ولهذا هذا كلام يعني مسألة اللغة الفرنساوي هادي لا ما عقدش أبداً التعريب، التعريب بدأ من اليوم الأول بتاع الاستقلال ويأخذوا علىَّ هذا أعدائي إلى يومنا هذا بأن يعني فتحت باب التعريب و.. وأتوا الإخوان المصريين وعربوا الكل وأغلبية الإخوة المسلمين كانوا الإخوان المصريين كانوا إخوان مسلمين و.. و.. وإلى يومنا هذا، الفرنكفونيين يأخذوا عليَّ هذا، ولاكننا لا ولا يحركني هذا أبداً من عملية يعني اللي كان يملي علي واجبي وطلبت من الإخوان العرب يمدونا بـ.. ومدونا وما شاء الله ووقعت التعريب يعني في اليوم الأول بتاع الاستقلال.
أحمد منصور: يعني أنا سآتي معك لفترة الاستقلال بشكل مفصل، ولكن مع توقيع.. توقيع وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 تم الإفراج عنك.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: أنتم الخمسة إفراج عنكم أنتم الخمسة.
أحمد بن بيلا: 19 مارس.
أحمد منصور: في 19 مارس تم الإفراج عنكم أنتم الخمسة، هذه النقطة أتوقف إليها وأعود إلى نقطة فرنسا والمخطط الذي قامت به من أجل عملية الاختراق للجزائر، بحيث أنها تكون قد خرجت بشكل عسكري ولكنها بقيت بأشكال أخرى كثيرة، أنا تكلمت لك عن الوضع العسكري وعملية انتقال الضباط الجزائريين من جيش فرنسا إلى الجيش الجزائري واختراقه والوصول بعد ذلك إلى أماكن متقدمة فيه، وهناك نقطة خلاف بينك وبين بومدين حول هذه القضية لا سيما وأن إدخال بومدين وتشجيعه لهؤلاء على أنهم مدربين وأنهم يتولون مناصب أدت إلى ما أدت بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: أنا كنت.. كنت ضد هذا.
حقيقة الحركيين ودورهم في الجزائر
أحمد منصور: كان هناك 200 ألف جزائري ممن يسموا بالحركيين، قل لنا أيه هم الحركيين ودروهم كان أيه؟
(8/123)
أحمد بن بيلا: الحركيين كان.. كانوا نحو 100 ألف ولكن شوف يا أخي هم ياخدوا علينا يعني أيه اللي عملناه مع الحركيين، فرنسا عملت مع الحركيين بتاعها مع ألمانيا أكثر من اللي عملناه إحنا بكل صراحة، لكن إحنا الحركيين بتاعنا ولو أنا ما تكلمت فيه أنا يعني أبناء هذا الحركيين يعني ما شوفناش بأن يعني لازم.. لازم يعني نطبق عليهم يعني ما.. ممكن نطبقوا وعلى أدائهم إلى آخره. بمشوا فرنسا ولا.. ولا.
أحمد منصور: ولكن أنت سيادة الرئيس الناس.. الناس في المشرق لا يفهمون من هم الحركيون.
أحمد منصور: لا و الله.
أحمد منصور: قل لنا أيه هم الحركيون.
أحمد بن بيلا: الحركيون هم يا سيدي هم بعض الجزائريين اللي يعني جندوهم ضد الثورة الجزائرية وقاموا بأعمال وحشية ما قاموش بها حتى الفرنسيين.
أحمد منصور: ضد أبناء الجزائر يعني.
أحمد بن بيلا: ضد أبناء الجزائر نعم.. نعم.
أحمد منصور: دول عددهم وصل لـ 200 ألف وكانت فرنسا وعدتهم حينما بدأت المفاوضات أنها ستنقلهم جميعاً إلى..
أحمد منصور: نعم.. نعم ولا نقلتهم ولا شيء ولكن بكل صراحة وأنا سمعت في.. في الحصة الآخر اللي تكلموا عليها، الفرنسيين ابتدوا أول اليوم يكشفوا أشياء اللي إحنا نعرفوها منذ زمان، ابتدوا يكتشفوا أشياء، الحمد لله على كل حال، إن شاء الله يستمروا شوية أشياء بعض من هذا.
أحمد منصور: ضمائرهم بدأت تستيقظ.
أحمد بن بيلا: لأنه ابتدأ.. بدأت.. نعم.
أحمد منصور: الجنرال (أوساريس) فضح.
أحمد بن بيلا: لا والله هذاك أتكلم عليه حتى ما نوسخ فمي والله.
أحمد منصور: هذا قتل بعض زعماء الثورة الجزائرية.
(8/124)
أحمد بن بيلا: والله، آه هو اللي قتل هو بلمهيدي هو يعترف بهذا يا أخي، قتله.. هو اللي قتله، اليوم الفرنسيين بدءوا يكتشفوا بعض الأشياء، ابتدءوا فقط يكتشفوا بعض الأشياء نحن ننضم لهذا مليح كويس، لكن يمشوا أشياء أبعد من هذا والله ماذا فعلتم في الحركيين بعد خروج الفرنسيين؟ والله يا سيدي هادول بقيت أقول لك بكل صراحة، والله يا أخي ولا أنا عندي علم على هذا لأني دخلت شوف سيدي هم اتفقوا في 19 يونيه، وأنا دخلت من بعد 5 يوليه، 5.. 19 مارس دخلت 19 مارس.
أحمد منصور: مع اتفاق وقف إطلاق النار.
أحمد بن بيلا: فقط.. يونيه... قلت حتى في أواخر يعني يوليه من بعد الاستفتاء، دا الاستقلال بكل صراحة ما فيه شك يعني يكون وقعت تصفيات يعني، ولكن..
أحمد منصور: وقعت تصفيات دموية.
أحمد بن بيلا: تصفيات كانت كانت الولايات.. كان حتى ولايات في ذلك الوقت مش الجيش ولايات كان..
أحمد منصور: كل ولاية 5 ولايات لها جيش مستقل.
أحمد بن بيلا: كل ولاية عندها مشاكلها يا أخي وعندها.. عندها يعني كذلك جروحها، وكل ولاية اللي.. اللي حقيقة كان لها فضل كبير على أن تستمر في الأرض لأن.. لأن كانت تقريباً محصورة وما عندهاش إمكانيات كثيرة، إمكانياتنا بالنسبة لإمكانيات جيش فرنسا قليلة جداً، وكل هذه الولايات إلا وشاهدوا هذا الأعمال الوحشية اللي قام.. قاموا الجماعة الحركة ضد أبنائهم.. ضد أبناء العم، وما فيش شك كانت وقعت التصفيات، ولكن تقني يعني ست شهور بعدين كيف ندخل نحنا كان ما فيه مشكلة ولا شفنا حركي واحد -بيش تكون في الصورة- ولا حركي واحد شفناه، يوم من الأيام يعني شفت ولا واحد كيف والله ولا شفت واحد.
أحمد منصور: ما هم كانوا تم تصفيتهم.
أحمد بن بيلا: ما أعرفش اللي قالوا هم، إحنا في ذلك الوقت ما عارفنيش نمشوا إلى فرنسا والله بكل.. لا خدوهم أو ما أخدوهمش، يعني ما علمناش، إحنا كان..
(8/125)
أحمد منصور: فيه أرقام بتشير إلى إن فرنسا هم الآن عايشين في فرنسا مذلولين ويعيشون عيشة بائسة.
أحمد بن بيلا: نعم.
أحمد منصور: وطالعين يشتكوا في التليفزيونات حتى في برامج مختلفة (....).
أحمد بن بيلا: كان المفروض يعني.. المفروض كان.. كان يأخذوا.. يأخذوا معهم هذا الجماعة، ها اللي كان في بالي أنا بكل بصراحة يعني.. نحن ولا يوم من الأيام طرح المشكل بأن فيه حركة أو فيه نشاط.
أحمد منصور: بس ألا تعتقد أن 200 ألف جزائري يتحولوا إلى عملاء قتلة لأبناء شعبهم بهذه الطريقة البشعة التي كان يقومون بها شيء كبير؟
أحمد بن بيلا: والله هي المسألة متعلقة.. العدد، والله ما عنديش يعني في هذا، ما فيه شك إنه فيه بعض الحركة، ولكن في رأيي ييجي هذا الـ 200 يعني ألف وشوية يعني.
أحمد منصور: 200 ألف سيادة الرئيس
أحمد بن بيلا: 200 ألف، نعم أنا يجيني بأن هذا كبروه أكثر من اللازم فعلاً.
أحمد منصور: ليس تكبير، يعني أرقام من عدة مصادر مختلفة، أنا رجعت لخمس مصادر ذكرت أرقام، يعني أنا رجعت للرقم بالتقريب.
أحمد بن بيلا: ربما يمكن يا أخي، يمكن لإعلان استعمار مثال يا أخي، وهذا الاستعمار يعني ضرب جذوره في العمق 133 سنة، والحرب يعني كانت حرب يعني حقيقة ولا حرب مثلها يعني فيما يخص المواجهات، والتضحيات، و.. و.. و، واستمرت –يا أخي- تقريباً 8 سنين، ولهذا يعني..
أحمد منصور: كان فيه قوات مختلفة طبعاً زي المخازنية والمفارز المتنقلة، ومفارز الدفاع الذاتي، كل دي قوات مختلفة، دي طبعاً غير اللي.. اللي كانوا..
أحمد بن بيلا: لا أنا أتكلم عن الحركة.. عن الحركة.
أحمد منصور: آه، كل دي.. غير الحركيين، هؤلاء الآخرين..
(8/126)
أحمد بن بيلا: لا الحركة هي شيء خاص يا أخي، هو ناس كانوا مدنيين، وقبلوا على أن يعني يعملوا ضد إخوانهم ويكونوا في الواجهة، مش اللي يعملوا بس يا أخي، يكونوا في الواجهة، وكل الأعمال الوسخة اللي كانت ترتكب همَّ اللي ارتكبوها قبل ما يرتكبوها الفرنسيين، هاي يعني الحركة ولا ونزيد قد يعني (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) يعني أبناؤهم إلى آخره إحنا يا أخي، ثم إحنا (...) السماحة، غداة الاستقلال، ولا فيه فرنساوي كان يزور الجزائر وضربوه أو قتلوه، إلى آخره، غداة الاستقلال، ما فيش، ما عندناش ثقافة بتاع يعني الحقد هذا ويعني..
أحمد منصور: العربي بلمهيدي قتله (أوساريس) في سنة 57، بس كحاجة تاريخية، لأن أنت ذكرتها.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم.
الإفراج عن أحمد بن بيلا ورفاقه
أحمد منصور: إذاً الوضع كان غداة الإفراج عنكم، وتحريركم بعد توقيع وقف إطلاق النار بين الحكومة المؤقتة وبين الحكومة الفرنسية في 19 مارس 1962، كيف تلقيتم خبر الإفراج عندكم؟
أحمد بن بيلا: هو خبر الإفراج عنا جاء.. جاء عقيد من عند.. من عند.. من الرئاسة، من عند جنرال ديجول عقيد، وبلغنا بأن هذا وقع أسبوع كده قبل يعني الإفراج عنا، بأن 19 مارس كان حان الإفراج عنه، ونحضِّروا أنفسنا على أن نمشوا بطائرة لمراكش.
أحمد منصور: كان جاء لكم دعوة من الحسن الثاني؟
أحمد بن بيلا: لا مش دعوة يعني، كأنه فرنسا.. يعني مسألة الطائرة لا تنساها يا أخي..
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: تسلمنا ليدها.. فأنا رفضت.
أحمد منصور: أن تسلموا للمغرب.
(8/127)
أحمد بن بيلا: أيوه رفضت يعني يسلمونا، لأن كان في ذلك الوقت كانت الحكومة المؤقتة موجودة في سويسرا، كنت أتفاوض معاهم إلى آخره، قلت أنا من.. من.. الأول لازم نشوف إخواننا، إحنا.. إحنا يعني أعضاء من الحكومة المؤقتة، أولاً نشوف إخواننا، وبعدين نشوف فيه.. أيه اتجاه لنروح له يعني، أما هدول يعتقدون، فـ.. 8 أيام وإحنا في شد ورد وحتى يعني تهديد بأن يأخذونا بالقوة، وقلنا لهم إحنا مستعدين.
أحمد منصور: موقفكم أنتم الخمسة كان موحد؟
أحمد بن بيلا: كان موحد في هذه، أنا الحقيقة كان موحد، أنا اللي كنت أتكلم، لكن باسم الخمسة، بكل صراحة، أو رفضت، وفي النهاية خضعوا لرأينا، و.. ومشينا لسويسرا قبل ما.. قبل ما نمشي..
أحمد منصور: الحكومة السويسرية كانت متعاطفة معكم في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: لا كانت موافقة يعني، يعني كانت الحكومة السويسرية كانت شوية ضلع يعني في مفاوضاتنا،.. كان.. كنا.. كان المفاوض بيقعد في الأرض فرنسية، ولكن مقرهم بتاع اللجنة.. بتاع الوفد بتاعنا كان في سويسرا.
أحمد منصور: من الذي استقبلكم عند باب السجن وأنتم خارجون؟
أحمد بن بيلا: مشينا في طائرة.. مشينا في طائرة.
أحمد منصور: نقلتكم إلى..
أحمد بن بيلا: و.. والضابط هذا الكولونيل هذا، العقيد، ومشينا في طائرة، في الطائرة نص ساعة، ساعة إلا ربع كنا بين إخواننا.
أحمد منصور: كان.. كانت مصر على اتصال معكم في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: مَنْ؟
أحمد منصور: مصر.
أحمد بن بيلا: كان.. كانت باستمرار في.. في اتصال معنا، لأن.. لأن..
أحمد منصور: أيه طبيعة الاتصالات المصرية بكم؟
أحمد بن بيلا: كانت اتصال بالواسطة بتاع السفارة في.. في.. في سويسرا.
أحمد منصور: كان السفير فتحي الديب في ذلك الوقت.
أحمد بن بيلا: فتحي الديب في ذلك الوقت، وإحنا كنا قررنا كذلك الزيارة الأولى اللي نقوم بيها هي لمصر يعني..
أحمد منصور: ليس إلى..
(8/128)
أحمد بن بيلا: بعد زيارة.. بعد زيارة الحكومة بتاعنا، وبعد زيارة الرباط، و..
أحمد منصور: طيب أيه اللي دخل الرباط هنا في الزيارة؟
أحمد بن بيلا: الرباط هي إن.. إن المسألة بتاع الطائرة –يا أخي- مسألة الطائرة، يعني كأنه يعني فرنسا.. يعني تريد تسلمنا.. ما سلمتناش قبل، تسلمنا يعني اللي.. لإخواننا في..
أحمد منصور: للمكان اللي اختطفتكم منه؟
أحمد بن بيلا: اللي خطفتنا منه.
أحمد منصور: مع وجود هواجس ومخاوف في داخلكم حول الدور الذي ارتكب من قبل في عملية تسليمكم إلى فرنسا..
أحمد بن بيلا: خلينا على كل حال ما نرجعوش نتكلموا في هذا، مش نحن.. خليني من هذا.. إحنا في 19 مارس ومشينا، وكان استقبال رائع حقيقة.
أحمد منصور: التاريخ كله مرتبط ببعضه، إذا رجعنا لـ19 مارس لابد.. لا ننسى يوم اختطافكم في 22 أكتوبر.
أحمد بن بيلا: طبعاً يا أخي كان.. كان يوم مشهود هذا كان، ولكن.. ولكن كانت من الغلطات الأساسية اللي ارتكبت يعني ضدنا، وضد العرب.. ضد العرب.
أحمد منصور: ما سمعتش كلام عبد الناصر.
أحمد بن بيلا: لأن لا تنسى والخطوة بتاع الفرنسيين في ذلك الوقت هي خطة موحدة لاعتداء.. للعدوان الثلاثي، وضرب الثورة الجزائرية.
أحمد منصور: الثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: إحنا 22 أكتوبر.
أحمد منصور: يوم 28.
أحمد بن بيلا: والاعتداء 29.
أحمد منصور: 29
أحمد بن بيلا: يعني 29 يعني أسبوع، وهذا كلام رئيس الأركان معاي أنا.
أحمد منصور: ما سمعتش كلام عبد الناصر.
أحمد بن بيلا: ما سمعتوش، هترجعنا تاني يعني، ترجعنا.
أحمد منصور: طيب الآن بعد ما خرجتم وجئتم إلى هنا إلى سويسرا، ما هي الأشياء الأساسية التي.. الآن أصبحتم أحرار الحكومة المؤقتة كانت تتفاوض مع الحكومة الفرنسية.
(8/129)
أحمد بن بيلا: أي نعم، إحنا الإخوان طالعونا.. طالعونا على كل.. كل الأشياء، وإحنا قررنا طبعاً من سويسرا مشينا.. مشينا لمراكش، يعني مشينا مع إخواننا مع.. لأن يعني الحكومة المؤقتة كانت موجودة في تلك..
أحمد منصور: صحيح أنكم كانت وُجهت لكم دعوة من الحسن الثاني لزيارة مراكش، أم أن الحكومة الفرنسية هي التي أجبرتكم على الذهاب إلى هناك؟
أحمد بن بيلا: لا الحكومة الفرنسية هي اللي حددت كانت مع.. لا.. لا.. لا وجهت يعني..
أحمد منصور: لم تكن خائفاً من الذهاب إلى مراكش مرة أخرى؟
أحمد بن بيلا: نعم؟
أحمد منصور: لم تكن خائفاً من الذهاب إلى مراكش مرة أخرى؟
أحمد بن بيلا: لا.. لا، في ذلك الوقت الحمد لله إحنا منتصرين يعني، منتصرين، ومشيت وكان.. كان يوم مشهود حقيقة، يعني كان.. كان يوم مشهود بكل صراحة.
أحمد منصور: كيف استقبلتم في المغرب؟
أحمد بن بيلا: شعب يعني.. شعب إخواننا يعني في مراكش، يعني في.. ما فيش فرق ما بين شعبنا والشعب المراكشي، إخواننا استقبلونا، وكان حقيقة كانت فرحة كبيرة يعني إللى وكان جاءوا ضباط الجيش كذلك ...، يعني كل الضباط اللي كانوا موجودين في الحدود إلى آخره إلا وكانوا معنا، وكان يوم.. يوم كبير، يوم عظيم الحقيقة.
أحمد منصور: كان بومدين كان هناك..
أحمد بن بيلا: كان هناك، .. يعني كله كان هناك.
أحمد منصور: وكان هناك قيادات الجيش المختلفة، وعقد اجتماع كبير للحكومة المؤقتة في 22 مارس في الرباط، وأنت استقبلت بحفاوة بالغة في وجدة.
أحمد بن بيلا: آه، لأن وجده مش بعيدة على.. على مسقط رأسي، مغنية على 20 كيلو متر تقريباً من وجدة.
أحمد منصور: تكلمت بحرية، وألقيت كلمات؟
أحمد بن بيلا: و.. والتقينا كمان مع (مانديلا) مانديلا والجماعة اللي.. اللي.. الذين دربناهم، لأن الجزائر درَّبت.. درَّبت مانديلا، دربت (شيسانو) بتاع موزمبيق.
(8/130)
أحمد منصور: كانت المرة الأولى التي تلتقي فيها مع مانديلا؟
أحمد بن بيلا: مع.. أول مرة.
أحمد منصور: التقيت مع مانديلا في المرة الأولى في..
أحمد بن بيلا: في.. في وجدة.. في وجدة التقينا.
أحمد منصور: في مارس 62.
أحمد بن بيلا: في.. في مارس، نعم.
أحمد منصور: كانت الثورة الجزائرية كانت تدرِّب الثورات في ذلك الوقت.
أحمد بن بيلا: كل الثورات في.. تقريباً في.. في إفريقيا كل زعمائها إلا وكانوا في الجزائر.
أحمد منصور: بعد الاستقلال أنت قمت بدور تصدير صواريخ.
أحمد بن بيلا: (نيتو) بتاع الأنجولا، (أميركال كابرال) بتاع غينيا بيساو، شيسانو بتاع الموزمبيق، و.. و.. واسمه مانديلا بتاع..
أحمد منصور: هؤلاء دربوا في فترة قبل 62 أم بعد قيام الدولة؟
أحمد بن بيلا: قبل 62.. قبل 62. نعم.
أحمد منصور: قبل 62. كانوا بيدربوا في..
أحمد بن بيلا: واستمروا.. واستمروا 62، وبعد 62.
أحمد منصور: في معسكراتكم التي كانت موجودة في تونس ومراكش؟
أحمد بن بيلا: كانت موجودة في.. في تونس، وفي.. بالخصوص في.. في.. في.. في وجدة، وبعدين داخل الجزائر، في مسقط رأسي بالذات في مغنية بعد الاستقلال.
أحمد منصور: في خطابك الذي ألقيته في وجدة قيل أنك انتقدت.. تُركت لتعبر عن أراء ربما تخالف أراء الحكومة المؤقتة، وانتقدتها، وكنت منحازاً إلى حدٍ ما إلى جهود بومدين؟
(8/131)
أحمد بن بيلا: نعم أنا هذا قلت، يعني من البداية بكل صراحة، أنا بكل صراحة –يا أخي- يا اللي شوفي، أنا رجل.. أنا.. أنا مناضل بتاع حزب الشعب الجزائري، وبعدين أصبحت مسؤول الجيش السري هذاك، و.. وقعتنا مشاكل على أن نقوم بالعمل يعني.. يعني اللجنة المركزية كانت ضد أول نظام يعني، وعملناها.. عملنا أول نظام تقريباً، والحزب يعني منكسر على اتنين، حتى مصال الحاج ما كانشي يعني متفق في.. معنا في أول نظام، وإحنا خارجين ومازال هذه الأشياء في.. في.. في.. في ذهننا يعني ما فيه شك، فيه.. فيه فوارق يعني خطيرة ما بيننا وما بين.. ما بين بعض الجماعة اللي كانوا في الحكومة المؤقتة، وبكل صراحة إحنا جايين بنية على التغيير يعني مش هذا فقط، لأن كان موجود هذا، حتى.. حتى الجيش، بما أن الجيش يرفض يعني قرار الحكومة المؤقتة كانت.. كانت فيه أزمة، ولكن الأزمة إحنا لا ضلع فيها، إحنا كنا في السجن، وتقريباً في القطيعة، يعني ما عندناش معلومات.. هذا، والأزمة طلعت وإحنا لا.. لا.. لا.. لا.. لا يعني لا دخل عندنا فيها أبداً.
أحمد منصور: لكن لقاء بوتفليقة معكم.
أحمد بن بيلا: إحنا.. إحنا وجدنا أزمة..
أحمد منصور: لقاء بوتفليقة معكم في السجن في العام 61.
أحمد بن بيلا: أي نعم، هو اللي طالعنا، ولكن في ذلك إحنا مازال يعني باقيين في السجن، ووقع فرز في ذلك الوقت، 2 يعني مع الحكومة المؤقتة، و3 يعني مع التغيير، وبصفة عامة يعني..
أحمد منصور: مع قيادة الجيش.
أحمد بن بيلا: مع قيادة الجيش في ذلك الوقت، ولكن مع التغيير.
(8/132)
أحمد منصور: بدأت بعد الإفراج عنكم في التاسع عشر من مارس عام 1962 مرحلة الصراعات الداخلية بين قيادات الثورة الجزائرية وأبنائها، والتي امتدت إلى سنوات طويلة، ولكن في المرحلة الأولى وحتى يوم الاستقلال في الأول من يوليو عام 1962، من 19 مارس 62 إلى الأول من يوليو 62 مرحلة صراعات وتصفيات داخلية بين الحكومة المؤقتة وقيادات الجيش، والقادة الداخليين في الولايات، وبدأت مرحلة جديدة في عمر الثورة الجزائرية، أبدأها معك من الحلقة القادمة. أشكرك سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: أهلاً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/133)
الحلقة8(8/134)
الأربعاء 22/9/1423هـ الموافق 27/11/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 11:28(مكة المكرمة)،08:28(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
24/11/2002
- الصراع بين الحكومة المؤقتة وجيش الحدود قبيل الاستقلال
- الانقسام بين قادة الثورة الجزائرية
- زيارة بن بيلا لمصر والالتقاء بعبد الناصر
- اجتماع قيادة الثورة الجزائرية في طرابلس والبرنامج السياسي المطروح
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا. سيادة الرئيس، مرحباً بيك.
أحمد بن بيلا: أهلاً وسهلاً.
الصراع بين الحكومة المؤقتة وجيش الحدود قبيل الاستقلال
أحمد منصور: بعد الإفراج عنك مع الزعماء الأربعة الآخرين من سجون فرنسا في التاسع عشر من مارس عام 1962 بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الثورة الجزائرية، حيث بدأت الصراعات الداخلية تأخذ صورتها على السطح، بدأ الصراع يبدو جلياً بين الحكومة المؤقتة التي كان يرأسها يوسف بن خدة وبين رئاسة الأركان التي كان يقودها هواري بومدين، تشكلت مجموعتان متنازعتان، أطلق على المجموعة الأولى مجموعة "تيزي أوزو" كانت تضم كريم بلقاسم وبوضياف، وكانت متحالفة مع يوسف بن خدة، وانضمت إليها من داخل الجزائر الولاية الثالثة والرابعة والثانية ويقال أن فرنسا وتونس كانت تقف وراء دعم هذه المجموعة، مجموعة ثانية سُميت مجموعة "تلمسان"، كانت تضم أحمد بن بيلا، محمد خيضر، فرحات عباس، وكانت على علاقة وثيقة بهيئة الأركان التي كان يقودها بومدين، وكانت تحظى بدعم الولايات الأولى والخامسة والسادسة مع دعم مباشر من عبد الناصر ومن الأجهزة الأمنية المصرية، هذه الصورة كانت صحيحة؟
(8/135)
أحمد بن بيلا: الصورة هذه يعني مختزلة يعني تماماً، يعني أولاً ما كانش تلمسان في ذلك الوقت، لأن كنا ما اجتمعناش في تلمسان يعني، لا كانت.. كانوا يسموا في ذلك الوقت.. مجموعات وجدة، هذه يعني.
أحمد منصور: عفواً.. عفواً مجموعة وجدة لها قصة، لأن مجموعة وجدة كان بدأ أسسها.. هواري بومدين سنة 58.
أحمد بن بيلا: أيوه.. أيوه.. أيوه..
أحمد منصور: وكانت تضم عبد العزيز بوتفليقة وقيادات أخرى كثيرة، نعم.
أحمد بن بيلا: ولكن بعدين تبلورت.. أصبحت يعني الأركان.. أركان الجيش بصفة عامة الجيش، وهذا أول مشكل بيش تكون يعني في الصورة، إحنا مع خروجنا من.. من السجن وجدنا.. وجدنا نفسنا يعني أمام.. أمام مشكل، وهو هذا الصراع يعني الخطير داخل الثورة الجزائرية ما بين الحكومة وبين يعني الجيش، هذا إحنا ماكناش.. مش ضلع فيه إحنا، مع الحقيقة إحنا كنا في السجن وبعيدين عن هذا، خروجنا توقف مع.. مع هذا، يعني فيه أزمة وأزمة خطرة ما بين القيادة السياسية وما بين الجيش، ناجمة من الحدث اللي وقع في تونس، ولكن نجمت أشياء من قبل هذا، الحقيقة اتصالات ما كانتش كويسة، وكانت يعني..
أحمد منصور: حادث تونس هنا حتى نذكِّر به، وهو حادث أسر طيارين فرنسيين.
أحمد بن بيلا: فرنسيين.
أحمد منصور: ومطالبة الحكومة المؤقتة ومن ورائها مطلب فرنسي –عفواً- تونسي بتسليم الطيارين إلى فرنسا، ورفض قيادة الأركان التي كان يرأسها بومدين تسليم الطيارين.
(8/136)
أحمد بن بيلا: تبلور هذا، ولكن لا تنس بأن الصراع هذا كان موجود من قبل الحقيقة، تجده.. تجده حتى في اجتماعاتنا بتاعة مجلس الثورة الجزائرية، تعرف بأن كان.. كان موجود مجلس ثورة كان يجتمع في.. في ليبيا، في أغلب الأحيان يعني وكانت أزمات يعني متتالية ما بين الجيش وما بين الحكومة، لكن إحنا داخلين وماشيين يعني الاستفتاء على أن الجزائر تصبح مستقلة، فإذا به ثورة، وهي كانت ثورة مش منسجمة، وبالذات في هذا الشيء الخطير وهو ما فيش.. فيه تقريباً يعني مواجهة ما بين الجيش اللي كان موجود في الحدود والحكومة المؤقتة، هذه هي، فإحنا خروجنا من..
أحمد منصور: جيش الحدود هنا حتى نستطيع أن ندرك الصورة أيضاً، كان هناك جيش للحدود موجود في وجدة في المغرب؟
أحمد بن بيلا: في وجدة وفي.. وفي تونس.
أحمد منصور: وكان جيش آخر موجود في تونس.
أحمد بن بيلا: في تونس.
أحمد منصور: كان عدد الذين في وجدة حوالي ثمانية آلاف مقاتل وعدد الذين في تونس حوالي 16 ألف.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: تقريباً؟
أحمد بن بيلا: تقريباً.. تقريباً، فالمهم هو هذا الصراع كان موجود، كيف.. كيف إحنا داخلين يعني الاستفتاء، فإحنا من خروجنا..
أحمد منصور: طب سيادة الرئيس اسمح لي.. اسمح لي عشان.
أحمد بن بيلا: اتفضل.
أحمد منصور: أنا هنا ملاحظ إن فيه كل يوم من أول خروجكم إلى يوم الاستفتاء في أول يوليو في 19 مارس إلى أول يوليو، كل يوم فيه تطور معين، اسمح لي آخذ الأحداث كده يوم بيوم.
أحمد بن بيلا: اتفضل.. اتفضل.
(8/137)
أحمد منصور: الآن بعد وجودك في المغرب والخطاب الذي ألقيته في الاجتماع الذي حدث في وجدة والاستقبال الحار لك، وظهور الانقسام الواضح بينك وبين الطرفين الآخرين الذين كان يمثلهما بوضياف وحسين آية أحمد، وانحياز محمد خيضر وبيطاط إليك، كنتم أنتم ثلاثة مقابل اثنين، أنتم كنتم تميلون إلى بومدين، وبومدين سَعِد بالنقد الذي وجهته أنت إلى الحكومة المؤقتة آنذاك، الفترة التي قضيتها في المغرب هذه والتي امتدت إلى ربما آخر مارس تقريباً، أيه أهم الأشياء التي دارت فيها؟
أحمد بن بيلا: لأ، في.. في.. في المغرب أنا ما استمرتش كثير، الأكثر يعني كانت عند 10 أيام كلها.
أحمد منصور: بالضبط ما أنا بأقول من 19 لـ 29 تقريباً، لأنك وصلت إلى مصر يوم 30 مارس.
أحمد بن بيلا: أيوه.. لأن بعدين إحنا.. إحنا سافرنا مشينا لمصر.
أحمد منصور: صحيح، ما أنا بأسألك عن فترة الـ 10 أيام هذه.
أحمد بن بيلا: 10 أيام هي كنا ما فيش شك فيه أزمة موجودة، وابتدينا نتحرك لأن هذه المشكلة لازم يفض قبل ما ندخل الجزائر، قبل استفتاء.. قبل.. ندخل وإحنا المشكل الموضوع خطير يعني بالنسبة لنا..
أحمد منصور: هل توقعت وجود هذا الانقسام الخطير؟
أحمد بن بيلا: هو مش هذا انقسام حقيقة.
أحمد منصور: لأ، توقعت وأنت لسه طالع من السجن وجود هذا بالخارج؟
أحمد بن بيلا: مش أنا بس يعني الكل.. الكل شعر بشيء خطير يعني ومش.. مش إحنا فقط يعني اللي خرجنا من السجن حتى خارج.. خارج.. يعني داخل الثورة فيه أزمة خطيرة.
أحمد منصور: ممكن تحدد لنا في نقاط 1، 2، 3، 4 أيه معالم هذه الأزمة؟
أحمد بن بيلا: المعالم هي أن فعلاً يعني عندنا جيش لا.. لا.. لا يتافهم مع الحكومة بتاعه.
أحمد منصور: يعني خلاف؟
أحمد بن بيلا: داخل.. داخل جهاز أساسي هو الجيش.
أحمد منصور: خلاف أساسي بين الجيش وبين القيادة السياسية.
أحمد بن بيلا: خلاف سياسي ما بين الجيش والحكومة المؤقتة.
(8/138)
أحمد منصور: برئاسة يوسف بن خدة.
أحمد بن بيلا: أيه وتعيين.. تعيين.. تعيين أركان آخر وإلى آخره، والجيش رفض هذا التعيين بتاع.. معناها فيه أزمة حقيقة خطيرة، دخول البلاد معناها ندخله وفيه بوادر بتاع.. بتاع حرب أهلية.
أحمد منصور: أيه أسباب الخلاف ما بين الحكومة المؤقتة التي كان يقودها يوسف بن خدة، والتي كنت أنت نائبها وبين قيادة الأركان اللي كان يرأسها هواري بومدين؟
أحمد بن بيلا: أسباب الخلاف متعددة.
أحمد منصور: 1، 2، 3، 4.
أحمد بن بيلا: أولاً: داخل.. داخل الثورة كان ما نقولش خليط شبه خليط يعني، فيه جماعة بتاع.. إنا ما انتهيناش من التيارات اللي كانت موجودة، الأحزاب، فيه اتجاه مثلاً بتاع فرحات عباس، فيه اتجاه بتاع جمعية العلماء، فيه اتجاه بتاع (Centralist).
أحمد منصور: المركزيون.
أحمد بن بيلا: الجماعة يعني اللي كانوا ضد مصال الحاج، وفيه الجماعة بتاع مصال الحاج كذلك موجودين يعني داخل ثورة فيه نعرات يعني وخطيرة، وإحنا عندنا الحقيقة عندنا يعني إحنا.. إحنا عندنا.. عندنا أسلوب وعندنا قوانين، وفيه المجال اللي ممكن تحل كل هذا المشاكل، وهو مجلس الثورة، فأنا اقترحت نجتمع قبل ما ندخل الجزائر.
أحمد منصور: مجلس الثورة كان يتكون من ستة تقريباً؟
أحمد بن بيلا: مجلس الثورة بيتكون من.. من.. من تقريباً بالعشرات يعني.. مجلس الثورة.
أحمد منصور: آه، المجلس.. المجلس الوطني تقصد.
أحمد بن بيلا: الوطني للثورة.
أحمد منصور: نعم، المجلس الوطني للثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: كان يجتمع باستمرار.
أحمد منصور: ده اللي كان بيجتمع دائماً في ليبيا في طرابلس.
أحمد بن بيلا: في ليبيا، أغلبية اجتماعاته وقعت في ليبيا، وقعت في.. في مصر وقعت، ولكن أغلبية ما.. استقرت في ليبيا، لأنها كان يجدون.. وجدوا يعني مجال للعمل يعني بغير ما.. ما.. ما يخرج للغير يعني أخبار الثورة إلى آخره داخل.. داخل الثورة.
(8/139)
أحمد منصور: يعني كان الملك السنوسي متعاون معكم بشكل كبير؟
أحمد بن بيلا: كان الحقيقة كان.. كان متعاطف معنا كثير، ولكن مش هو اللي كان يحكم، هو رجل بتاع دين يا أخي وبتاع عبادة.
أحمد منصور: طيب آدي رقم واحد الاتجاهات المختلفة وتأثيرها، رقم 2؟
أحمد بن بيلا: هذه يعني عندنا المشكل هذا بتاع.. بتاع.. بتاع اللي موجود ما بين الجيش وما بين.. ما بين الحكومة، أنت تقول يعني عندنا جيش ضد الحكومة.
أحمد منصور: ما إحنا قلنا السبب بيعود إلى، هذا يعود إلى عدة أسباب، أول سبب: وجود صراعات داخلية ما بين الأحزاب.
أحمد بن بيلا: لكن فيه أشياء أخرى.. فيه أشياء أخرى.
أحمد منصور: مثل 2.
أحمد بن بيلا: مثلاً عندنا واحد المثلث كان خطير وهو تقريباً المرفوض، وهو المثلث اللي مكون من طرف كريم بلقاسم وبوصوف وبن طوبال.
أحمد منصور: وبن طوبال.
أحمد بن بيلا: وبن طوبال.
أحمد منصور: الثلاثة دول أيه المشاكل؟
أحمد بن بيلا: هادول أساسيين دخلوا الثورة بكل صراحة، هادول يعني كانوا في.. في.. في النظام السري (..)، هادو.. وحتى بعضهم بعض كانت فيه مشاكل.
أحمد منصور: هم..
أحمد بن بيلا: مثلاً ما بين كريم بلقاسم وما بين.. ما بين بوصوف يعني، ولكن في النهاية هم مكونين تقريباً دولة داخل دولة.. داخل..
أحمد منصور: يعني كان لهم رجالتهم وقوتهم ونفوذهم.
أحمد بن بيلا: نفوذ.. نفوذ.. نفوذ يعني كبيرة جداً.. جداً.
أحمد منصور: وكانوا منعزلين عن الجيش وعن الحكومة؟
أحمد بن بيلا: منعزلين عن الجيش، هم داخل الحكومة، هم اللي يمشوا يعني الأمور في الحكومة يا أخي، هم اللي كانوا أساسيين، بالخصوص بوصوف الذي عنده جهاز.. جهاز معروف يعني بتاع المخابرات وبتاع ده. ولكن كذلك كريم بلقاسم بأن.. بصفته يعني كان هو المسؤول عن الجيش.
أحمد منصور: كان قائد سابق للجيش.
أحمد بن بيلا: للجيش، وبن طوبال اللي كان وزير داخلية، فهذا..
(8/140)
أحمد منصور: ودول نقدر نقول إن حسين آية أحمد وبوضياف كانوا منحازين لهم؟
أحمد بن بيلا: منتمين إلى.. إليهم.
الانقسام بين قادة الثورة الجزائرية
أحمد منصور: يعني الآن الصورة حتى تكون واضحة الزعماء الخمسة حينما خرجوا من السجون الفرنسية، بن بيلا وبوضياف، بن بيلا وخيضر.
أحمد بن بيلا: وبيطاط.
أحمد منصور: وبيطاط.
أحمد بن بيلا: بيطاط.
أحمد منصور: أنتم الثلاثة أصبحتم في صف بومدين.
أحمد بن بيلا: في صف يعني ضد.. ضد.. ضد الحكومة.
أحمد منصور: ضد الحكومة.
أحمد بن بيلا: ضد الجهاز اللي كان يمثل الحكومة في ذلك الوقت.
أحمد منصور: الجهاز اللي يمثل الحكومة اللي كان يرأسها بن خدة.
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: بن خدة كان أصبح مع حسين آية أحمد ومحمد بوضياف، وكان معاه المثلث الخطير أو الثلاثي الخطير اللي يملك زمام الأمور كريم بلقاسم وبن طوبال.
أحمد بن بيلا: وبوصوف.
أحمد منصور: وبوصوف.. نعم.
أحمد بن بيلا: وبوصوف، فإحنا عملنا على قدر الإمكان ونجحنا في هذا بأنا نمشي ونجتمع في طرابلس.
أحمد منصور: قبل اجتماع طرابلس.. قبل.
أحمد بن بيلا: قبل اجتماع طرابلس.
أحمد منصور: لأ، قبل اجتماع طرابلس أنا بس هآجي لك يوم بيوم.
أحمد بن بيلا: آه، اتفضل آه.
أحمد منصور: الآن أنت بقيت في المغرب إلى يوم.. يعني إلى نهاية شهر مارس تقريباً.
أحمد بن بيلا: أيوه، نعم مش كثير.
زيارة بن بيلا مصر والالتقاء بعبد الناصر
أحمد منصور: المصريون رتبوا لك أن تذهب إلى مصر لمقابلة عبد الناصر.
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: أنت كنت تريد تذهب إلى مصر أولاً قبل المغرب؟
أحمد بن بيلا: طبعاً، أنا كنت.. بعد.. كنت شاعر بكل صراحة، لأن كان مسألة بتاع انتماءات يا أخي طبعاً، يعني فأنا شايف بأن الزيارة لمصر هي الأَوْلى.
أحمد منصور: يعني أيه مسألة انتماءات؟
أحمد بن بيلا: يا أخي، انتماء فيه داخل الثورة في.. في.. في التيارات طبعاً.
(8/141)
أحمد منصور: وأنت كنت تنتمي لمصر مثلاً؟
أحمد بن بيلا: أنا أنتمي للعروبة.
أحمد منصور: والتيار الثاني كان ينتمي لمين؟
أحمد بن بيلا: وفي ذلك الوقت اللي كان يمثل العروبة بالنسبة لي هو جمال عبد الناصر، هي مصر، انتماءاتي واضحة ومعروفة هذه، ولليوم يعني لا أخفيها، انتماءاتي عربية هذا هو، وفي ذلك الوقت وفي نفس الوقت يعني الثورة الجزائرية ولا وجدنا بكل صراحة وبالخصوص في الأيام الصعبة ولا وجدنا إلا مصر إلا جمال عبد الناصر، فكان لازم يعني كاعتراف بالجميل يا أخي نزورهم يعني، هم الأَوْلى بكل صراحة.
أحمد منصور: رغم وجود خلاف من أول يوم ظاهر بينك وبين بوضياف وحسين أية أحمد، مع ذلك..
أحمد بن بيلا [مقاطعاً]: ما بيننا إحنا الثلاثة والاثنين.
أحمد منصور: مع ذلك أنتم الخمسة ذهبتم إلى مصر؟
أحمد بن بيلا: مش الخمسة يظهر لي، بوضياف ما جاش معانا.
أحمد منصور: بوضياف لم يأت معكم.
أحمد بن بيلا: لم يأت معنا آه.
أحمد منصور: فقط..
أحمد بن بيلا: كان معنا آية أحمد جا معانا.
أحمد منصور: آه جاء معك آية أحمد..
أحمد بن بيلا: لكن..
أحمد منصور: بوضياف ليه ما كان..
أحمد بن بيلا: زوجته.. زوجته كانت موجودة في القاهرة يعني وزوجة خيضر موجودة في القاهرة، والإخوان في القاهرة هم اللي كانوا يعني معتنين بالعائلات بتاعهم طول وقت الثورة كلها، حتى.. حتى خروجنا زوجة الأخ حسين، وزوجة خيضر -رحمه الله- إخواتات يعني. كانوا موجودين في القاهرة.
أحمد منصور: نعم، كانوا الاثنين أصهار.
أحمد بن بيلا: كانوا موجودين في القاهرة يعني كان معتني بهم الإخوان المصريين.
أحمد منصور: فيه هنا نقطة مهمة جداً، محمد خيضر رغم إنه كان متزوج من أخت زوجة حسين آية أحمد، لكن كان الرجلان على اتجاهين مختلفين؟
(8/142)
أحمد بن بيلا: لأ، في رأيي يعني خيضر.. أولاً خيضر من أول المناضلين الأولين يعني اللي كان مع.. مع مصال الحاج من البداية مع الجماعة اللي كونوا يعني حزب الشعب، ثم فعلاً هو أصله.. هو من أصله من الصحراء، هو يعد يعني من الجزائر من العاصمة لكن لا هو أصله من سيدي عقبة في الصحراء، وحقيقة عروبي، يعني انتماءاته عروبية إسلامية.. واضحة يعني.
أحمد منصور: جئتم إلى هنا.. إلى سويسرا ومن سويسرا ذهبتم إلى مصر.
أحمد بن بيلا: مصر.
أحمد منصور: لماذا لم تذهبوا..
أحمد بن بيلا: من سويسرا ذهبنا إلى مراكش.
أحمد منصور: في البداية من سويسرا إلى مراكش وفي طريقكم إلى مصر..
أحمد بن بيلا: وبعدين رجعنا إلى سويسرا..
أحمد منصور: رجعتم إلى سويسرا مرة أخرى..
أحمد بن بيلا: رجعنا لسويسرا ومن سويسرا إلى مصر.
أحمد منصور: لماذا لم تذهبوا إلى مصر بشكل مباشر؟
أحمد بن بيلا: على كل حال كانت ما بيننا..
أحمد منصور: ترتيبات أمنية..
أحمد بن بيلا: أنا كان هذا هو رأيي، ولكن شفت..، يعني لازم نمشي نشوف الجيش بتاعنا يعني، ونشوفوا إخواننا يعني..
أحمد منصور: لا لا لأ، أنا بأقول لك لماذا لم تذهب من.. من مراكش إلى مصر بشكل مباشر ولم تعد إلى سويسرا مرة أخرى؟
أحمد بن بيلا: لأنه مافيش خط من مصر إلا.. من مراكش إلى مصر ما فيش خط..
أحمد منصور: فقط يعني ليس إجراءات أمنية سرية ولا شيء.
أحمد بن بيلا: لا لا، ولا فيه حاجة.
أحمد منصور: هل كان الملك يعلم أنكم ذاهبون إلى مصر، إلى عبد الناصر؟
أحمد بن بيلا: لا، هذا الكل كان يعلم هذا.
أحمد منصور: الكل كان يعلم هذا.
أحمد بن بيلا: الكل يعلم.
أحمد منصور: التقيت.. ذهبت وصلت إلى مصر في 31 مارس 1962، التقيت مع عبد الناصر في يوم 2 أبريل ويوم 9 أبريل لقائين خلال هذه الزيارة، ماذا دار بينك وبين عبد الناصر؟
أحمد بن بيلا: أولاً قل يا أخي اللي التقونا 3 ملايين مصري، يعني..
(8/143)
أحمد منصور: استقبلوكم.
أحمد بن بيلا: استقبلونا 3 ملايين كان.. كان لقاء ما بعده لقاء يعني جماهيري، وكان روعة والله يا أخي فكان حقيقة عرس كبير كبير كبير، وبعدين التقينا مع جمال عبد الناصر.
أحمد منصور: ماذا دار بينك وبين عبد الناصر؟
أحمد بن بيلا: دار بيننا اللي جاري ما بين.. ما بيننا وبالخصوص هذا اللي.. وجمال عبد الناصر كان على كل حال عنده دراية على كل ما يجري عندنا بخصوص هذا الصراع ما بين.. ما بين الأركان ما بين الجيش وما بين الحكومة المؤقتة.
أحمد منصور: الصراع كان رأي عبد الناصر وموقفه أيه؟
أحمد بن بيلا: رجل هو عاطف علينا على كل حال، ولكن لا.. ما كانش مستعد على أن يعني يخش في هذا الصراع بكل صراحة يعني ويكون له موقف رسمي وتأييد كده يعني لجانب ضد جانب آخر وكان على باله بإن إحنا عايزين نشوف ونجتمع مجلس الثورة وانتظر يعني نتيجة. هذا هو.
أحمد منصور: هل طلبت منه سلاح في تلك المرحلة؟
أحمد بن بيلا: إحنا كان معنا في ذلك الوقت زيارة كان معنا آية أحمد اللي مش معانا..
أحمد منصور: هل عقدت لقاءات خاصة مع عبد الناصر أم أن كلكم كنتم تحضرون؟
أحمد بن بيلا: يمكن لا ما كانش لقاءات خاصة، كلنا اجتمعنا.
أحمد منصور: حتى يوم 9 حينما التقيت به مرة أخرى؟
أحمد بن بيلا: آه نعم.
أحمد منصور: صحيح في تلك الزيارة التقيت مع الملكة دينا التي كنتم استخدمتم يختها..
أحمد بن بيلا: آه نعم.. أيوه نعم صح.
أحمد منصور: في نقل السلاح إلى مصر؟
أحمد بن بيلا: صح.. صح، التقيت معها.
أحمد منصور: عرفتها؟
أحمد بن بيلا: زرتها مشيت لبيتها، زرتها..
أحمد منصور: عرفتها أنكم استخدمتم يختها في نقل الأسلحة..؟
أحمد بن بيلا: لا وعرفت كل شيء وخاطرت عليَّ ليه ما طلبتونيش كنا ندي لكم مش فقط دينا ندي لكم مراكب أخرى، كان ده رأيها في الحقيقة.
أحمد منصور: بقيت في مصر من 31 مارس إلى 11 أبريل.
أحمد بن بيلا: آه.
(8/144)
أحمد منصور: أيه أهم الأشياء اللي أنجزتها في مصر في تلك المرحلة؟
أحمد بن بيلا: والله ما.. ما أتذكرش كويس في الحقيقة، أنا رجعت لمصر اللي كنت.. كنت قمت فيها لمدة سنين، ومصر كانت بالنسبة ليَّ يعني حقيقة يعني موقع.. موقع عقائدي وموقع روحي، ولقائي دائماً.. زيارتي دائماً لمصر لا يعني ما أشعر بشيء خاص بالنسبة..
أحمد منصور: في 11 أبريل توجهت من مصر إلى ليبيا.
أحمد بن بيلا: إلى ليبيا نعم.
أحمد منصور: أيه هدفك من الذهاب إلى ليبيا؟
أحمد بن بيلا: لتحضير المؤتمر، المؤتمر اللي انعقد في ليبيا..
أحمد منصور: المؤتمر انعقد بعدين في..
أحمد بن بيلا: بعدين أيوه مشيت لليبيا علشان نزور كذلك ليبيا، لا تنس بأن أنا كنت من قبل يعني ليبيا نتردد عليها باستمرار يعني.
أحمد منصور: التقيت بالملك في الزيارة؟
أحمد بن بيلا: التقيته في زيارة وشوفت الملك نعم شوفته، التقيته، رحت البيضا وشفته في البيضا.
أحمد منصور: مين.. مين آخر من المسؤولين الليبيين شفتهم؟
أحمد بن بيلا: التقيت بالرجل اللي كان كذلك في.. في الديوان في البروتوكول.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: ذهبت من ليبيا إلى تونس في 14 أبريل 62
أحمد بن بيلا: والله أنا التاريخ ما.. ما أتذكروش..
أحمد منصور: أنا حافظ لك التواريخ أنا مذاكر لك التواريخ.
أحمد بن بيلا: آه.. آه.. مشيت.. مشيت لتونس، إحنا.. نحن عرب ثلاث مرات.
أحمد منصور: أيوه، "نحن عرب نحن عرب نحن عرب"، قلتها ثلاث مرات وكأنك ترمي برسالة إلى بورقيبة.
أحمد بن بيلا: لأ مش.. على طول يعني.. على طول.
أحمد منصور: ماذا كنت تقصد بهذا؟
أحمد بن بيلا: أقصد لأنها حقيقة كنا منتمين للجماعة الأخرى بورقيبة يعني..
أحمد منصور: مين الجماعة الأخرى..؟
أحمد بن بيلا: اللي يؤيد.. يؤيد الحكومة المؤقتة ضد الأركان، ما هو لا تنس بأن الأزمة وقعت يعني في تونس بتاع الطيار..
(8/145)
أحمد منصور: إحنا هنا عندنا نقطة خطيرة جداً، أيه الدور اللي لعبته تونس ومراكش بالذات في تلك المرحلة وما يقال عن إن تونس ومراكش كانا يسعيان لتنفيذ المخططات الفرنسية ضد الثورة الجزائرية؟
أحمد بن بيلا: والله أنا ما أخضش في هذا يا أخي، أنا اللي أعرفه بفترة..
أحمد منصور: سيادة الرئيس، مش عايز تخوض في حاجة خالص.
أحمد بن بيلا: لا لا، بس لا أنا أتكلم على الشيء اللي أعرفه أقوله أما هذا نحاجي ما نحاجيش أنا بكل صراحة، أتكلم عن الشيء اللي أعرفه، وأتكلم عن الأشياء المهمة، ما أبقاش يعني في..
أحمد منصور: هو فيه أهم من كده؟
أحمد بن بيلا: لا والله، شوف سامحني أنا اللي أعرفه هو الشعب التونسي والشعب المراكشي لولاهما لكنا نتعب كتير، ها اللي أعرفه..
أحمد منصور: الشعوب.. لا كلام عن الشعوب، الشعوب قامت بواجبها ولازالت..
أحمد بن بيلا: أيوه، لكن الشعوب هذا هو اللي كان الحقيقة، في.. في مراكش محمد الخامس يعني اتفقت أنا معاه في مدريد ووفَّى بكل النقاط اللي اتفقت معاه، وحتى أكثر منها..
أحمد منصور: وما بعد محمد الخامس؟
أحمد بن بيلا: بعد أنا ما أتكلمش في هذا. في تونس فعلاً كان عندنا مشكل إن تونس ما عندنا مشكل..
أحمد منصور: أيه طبيعة المشكلة معكم؟
(8/146)
أحمد بن بيلا: المشكل هو أنه يعني متحيز يعني لشيء داخل الثورة، الحكومة المؤقتة وضد الجيش إلى آخره، وكان توقعاتنا الأزمة هذه بتاع الطيارين هذا هو.. أما بصفة عامة.. وكان كذلك قبل هذا كانت عندنا مشاكل لأن لا تنس بأن يعني هم قبلوا على أن يعني يقبلوا استقلال ذاتي داخلي وكان مزيف تماماً يعني، الأخ بورقيبة –رحمه الله- قبل يعني من بعد اللي كنا اتفقنا بأن مافيش حل انفرادي يعني هذا اتفقناه في القاهرة، فهو انفرد وهذا كله كان له يعني أثر واضح في أن يعني حقيقة مع بورقيبة، ما كناش في نفس.. إحنا الكل يقظان وكنا.. ثم كانت الحكومة موجودة في.. في تونس، وفيه كلام كتير بأن حقيقة يعني.. كانت فيه انتماءات داخل الحكومة وقعت يعني مشاكل، فيه..
أحمد منصور: أيه أهم المشاكل؟
أحمد بن بيلا: مشاكل هي فيه ناس اللي ينتموا لتونس كان تأثير بتاع تونس واضح..
أحمد منصور: مين اللي كان بينتمي لتونس؟
أحمد بن بيلا: والله بصفة عامة يعني بعض الأفراد اللي كانوا في الحكومة المؤقتة هذا المعروف يعني بصفة عامة مع الحكومة المؤقتة ضد الجيش بيش نختصر يعني هذا..
أحمد منصور: قل لي الأسماء سيادة الرئيس تاريخ مهم إنك تقول..
أحمد بن بيلا: كانوا في تونس.
أحمد منصور: فيه ناس كثيرين كتبوا مذكراتهم..
أحمد بن بيلا: اللي كانوا موجودين، كلام.. كان.. كان.. كانت الحكومة المؤقتة وكان يعني.. كانت عبد الكريم بلقاسم وكان بن طوبال، ولكن اسمه بوصوف كان.. كان في مراكش يعني أغلب التوقعات كان وقتها في مراكش، يعني كان تدخل بالنسبة لنا كان تدخل يعني أكثر من اللازم يعني في شؤوننا اللي كان يعني، ها الحس اللي كان موجود عندنا وتأثير.. تأثير غربي بالخصوص فيما يخص تونس يعني تأثير غربي فرنساوي واضح، ها اللي كان عندنا ومش مرتاحين من هذا، من أجل هذا..
اجتماع قيادة الثورة الجزائرية في طرابلس والبرنامج السياسي المطروح
(8/147)
أحمد منصور: في الفترة هذه من أبريل.. من أبريل كنت تتنقل ما بين تونس، مصر، ليبيا، من أجل التمهيد للمؤتمر الذي عُقد المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي عُقد من 25 مايو إلى 7 يونيو في طرابلس، في تلك الفترة أيه الأهداف الأساسية من تحركاتك إلى هنا وهناك، لاسيما وأنك في شهر يونيو 62 انتقلت من ليبيا إلى مصر والتقيت مع عبد الناصر في يونيو 62، وكان علي كافي وقتها الذي أصبح رئيساً لمجلس الرئاسة في الجزائر..
أحمد بن بيلا: آه، كان موجود في ذلك الوقت.
أحمد منصور: كان رئيساً للبعثة الدبلوماسية الجزائرية في مصر.
أحمد بن بيلا: الجزائرية، نعم.
أحمد منصور: نعم، أيش كان طلباتك الأساسية من عبد الناصر؟
أحمد بن بيلا: طلباتي الأساسية هو.. أولاً في ما يخص الأزمة اللي كانت لأن من بعد استفحلت الأمور يعني إحنا اجتمعنا، كان بودي تسألني يعني أيه اللي وقع في.. في طرابلس، إحنا اجتمعنا يا أخي، طرابلس اللي وقع وهو الجيش، الجيش كان عنده كان ست ولايات كل ولاية عندها خمسة، سبعة.. سبعة وعشرين صوت كان لصالحنا، ثلث الأصوات.. هذا هو يعني، وكان المفروض يكون عندي الثلثين، الجيش سبعة وعشرين كانت حتى أبناء القبائل انتخبوا معايا..
أحمد منصور: هذا في اجتماع..
أحمد بن بيلا: الاجتماع بتاع مجلس الثورة اللي كان بيش نحل المشكل بتاعنا، وصلنا.. وصلنا تقريباً لحل..
أحمد منصور: آه.. آه عفواً، أنا.. أنا هنا اسمح لي سيادة الرئيس أنا تجاوزت ربما شوية، في 25 مايو عُقد الاجتماع فعلاً في طرابلس.
أحمد بن بيلا: الاجتماع، نعم.
أحمد منصور: للتصديق على البرنامج السياسي، أيه البرنامج السياسي الأساسي اللي كنتم..
أحمد بن بيلا: هذا البرنامج كنا حضرنا إحنا كنا خرجنا من السجن ومحضرين برنامج سياسي، لأن نمشوا.. نمشوا للمؤتمر يعني المجلس الوطني..
أحمد منصور: نعم، أيه أهم نقاط البيان السياسي؟
أحمد بن بيلا: مش البيان.. كان برنامج..
(8/148)
أحمد منصور: البرنامج السياسي.. عفواً.
أحمد بن بيلا: كان يتضمن.. بعد تطلع اسمه البرنامج طرابلس.
أحمد منصور: صح.
أحمد بن بيلا: هذا كان حضرناه وإحنا في السجن بكل صراحة، وبعدين..
أحمد منصور: ما أنا بأقول لك قل لي أيه أهم نقاطه.
أحمد بن بيلا: أهم نقاطه.
أحمد منصور: تفتكرها أم..؟
أحمد بن بيلا: لا نفتكر يعني النقاط هي تكوين يعني هذا اللي وقع على الجمهورية الجزائرية الشعبية الديمقراطية هذا هو، والبرنامج الاقتصادي وهو النهج.. النهج يعني..
أحمد منصور: الاشتراكي.
أحمد بن بيلا: الاشتراكي، اشتراكي ولكن مش ماركسي -يعني بيش تكون في الصورة يعني- ولا مرة يعني هذا كان، ها.. ها النهج، وكان فيه بعض....
أحمد منصور: والنهج السياسي.. النهج السياسي جمهوري، النهج الاقتصادي اشتراكي؟
أحمد بن بيلا: اشتراكي ولكن إحنا دخلنا في.. في النهج بتاع التسيير الذاتي (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) هذا اللي إحنا نمشي عليه نشوف يعني (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) ولكن ولا مرة كان نهج ماركسي أبداً، كان نهج عربي إسلامي، وفي ذلك...
أحمد منصور: لكن كانوا بيصفوكم..
أحمد بن بيلا: نعم؟
أحمد منصور: كانو بيصفوكم بالنهج دا، لما آجي بعد كده ليه إنكم شيوعيين في هذا النهج.
أحمد بن بيلا: ما فيش يا أخي، ولا واحد عندنا من الجماعة بتاعنا اللي كانوا معايا ولا واحد شيوعي، ولا واحد، كلهم.. كلهم وطنيين عروبيين إسلاميين.
أحمد منصور: في هذا.. في هذا الاجتماع الذي عقد لمجلس الثورة الجزائرية من 25 مايو إلى 7 يونيو في طرابلس طفحت كل المشاكل الداخلية في هذا الاجتماع بشكل واضح.
أحمد بن بيلا: لا والله ما فيه شيء تخلف..
أحمد منصور: الصراع بين الداخل والخارج بدا واضحاً.
(8/149)
أحمد بن بيلا: أيوه، ولكن.. ولكن وصلنا طرف في هذه المناسبات يعني، المشاكل لا تفض بالمداولات المستمرة، لأ هذا خارج الاجتماع يعني، وفي.. في اللوكندا، وفيه.. تقريباً ليل نهار فيه اتصالات، فيه.. لتحضير يعني التحضير القرار..
أحمد منصور: بدأت عملية إبعاد لقادة الثورة الحقيقيين من الداخل، وبدأ القادمون من الخارج يهيمنون على الأمور؟
أحمد بن بيلا: لأ ما فيش من هذه، اعطني تفاصيل في هذا.
أحمد منصور: أعطيك تفاصيل؟
أحمد بن بيلا: أيوه.
أحمد منصور: أنتم الآن أصبحت.. شُكَّل مكتب سياسي من سبعة، حسين آية أحمد، أحمد بين بيلا.
أحمد بن بيلا: هذا الأغلبية اللي.. لصالح التغيير، ضد.. ضد.. أي نعم.
أحمد منصور: بيطاط، بوضياف، محمد خيضر، كريم بلقاسم، وأبعدتم بوصوف وبن طوبال.
أحمد منصور: لكن بلقاسم لأ، أبعدناه، أي نعم أبعدنا كريم بلقاسم، أبعدنا بن طوبال، وأبعدنا...
أحمد منصور: بوصوف.
أحمد بن بيلا: بوصوف نعم.
أحمد منصور: لماذا أبعدتوهم؟
أحمد بن بيلا: أبعدناهم لأن يعني حقيقة كان فيه انتقادات يعني خطيرة.. خطيرة.
أحمد منصور: ألم يكن هذا بداية لصراع داخلي؟
أحمد بن بيلا: صراع داخلي، ولكن داخل.. داخل الثورة يعني، مش صراع.. صراع خارجي.
أحمد منصور: ما هي الثورة تأكل أبناءها، كما يقولون.
أحمد بن بيلا: لا يا أخي تأكل أبناءها، صح هذه.. هذا كلام عام يا أخي، فهذه..
أحمد منصور: ما هو الآن.. لأ إحنا في وضع عملي بدأت الثورة تأكل أبناءها.
أحمد بن بيلا: يا أخي.. يا أخي الثورة تأكل أبناءها حتى في.. في.. في وقت الخلافة يعني، وقت العهد بتاع هذا كيف.. شوف كيف الخلافة وقعت إلى آخره، هذه سنة الله يا أخي، ليه نبقوا نتكلموا على الأشياء عامة كده.
أحمد منصور: أنا بأقول أسماء يا سيادة الرئيس.
(8/150)
أحمد بن بيلا: فيه في كل عمل كتير فيه مشاكل، فيه اتجاهات، فيه حساسيات موجودة، إلى آخره، لكن.. مش.. مش نكبرها حتى تصبح، يعني كأنه.. كأنه شيء خاص بالنسبة للجزائر، لأ، كل عمل كبير عظيم، إلى آخره هو تجد فيه حساسيات وبتجد فيه بعض المواقف، وبتجد فيه رجال تختلف في أفكارها، في حساسيتها، في مفهومها، في هذاك إلى آخره، لكم ما حد رضى يقعد في إطار معقول إلى آخره، تصبح هذه.. هذه سنة الله، إحنا كان عندنا هدف، ولكن..
أحمد منصور: تم انتخابكم؟
أحمد بن بيلا: تم.. كاد يتم كيف؟ شافوا باللي راح يتم يتعين المكتب السياسي، صنعوا شبه خلاف كدا، وطلعوا وهربوا خدة وأربعة...
أحمد منصور: خرج بن خدة دون أن يقول لكم.
أحمد بن بيلا: أيوه راح، أخذوها ذريعة على أن نلغي المؤتمر، وقعنا بينتنا إحنا، وقع كلام قال إحنا نرد، ما علمنا ولا على.. على المجلس.. على المكتب السياسي، لقينا الأغلبية موجودة، واللي.. واضحة إلى آخره، أنا ما أقريت باللي (..)، لأنه كان مازال.. الاستفتاء مازال، يعني ما وقعش وكان فيه خطر، فيه خطورة لأن (لواس) هدول (لوموند).. جماعة الفاشية (لواس).. يعني بأعمال خطيرة، تقتل يعني كل يوم في.. في الجزائر، اليوم تقتل أطباء، بكرة تقتل المهندسين، بعد بكره تقتل هذاك، وشفنا بأن يعني..
أحمد منصور: من كان يقف وراءها؟
أحمد بن بيلا: اللي هو يسموهم الجماعة السرية الفاشية الفرنسية المعمرين داخل الجزائر.. داخل الجزائر.
أحمد منصور: اللي هم المستوطنين.
أحمد بن بيلا: المستوطنين، و.. وأذنابهم، المستوطنين ومعهم كذلك من الجيش يعني الفرنساوي، وفيه.. كانوا.. كانوا فيه يعني، كان تعاطي مع بعضهم البعض، شفنا بأن لو نطلعوا.. نطلعوا إحنا.. إحنا مش متفقين إلى آخره، ونطلعوا لمكتب سياسي، هذا يستفحل هذا العمل قبل استفتاء، و.. وقررنا نجتمع في تلمسان.
(8/151)
أحمد منصور: لأ إحنا خليني دلوقت لسه في اجتماع طرابلس. علي كافي بيصف هذا الاجتماع الذي وقع في طرابلس من 25 مايو إلى 7 يونيو 62 بأنه كان يعني مؤتمر الصراعات والحصول على المكاسب، كل طرف يريد أن يحصل..
أحمد بن بيلا: والله كل.. إذا كان.. إذا كان يعني على حساب المقاييس بتاعة، كل اجتماع بتاع مجلس الثورة إلا وكانت كده. أنا أجزم لك ما كانش يعني اجتماع اللي ما وقعش فيه هذا.. يعني.
أحمد منصور: كل الاجتماعات كان فيها صراعات؟
أحمد بن بيلا: (..) نفس اتجاهات.. اتجاهات يعني وربما مختلفة إلى آخره، وفي النهاية تطلع صيغة، أما يعني هذا..
أحمد منصور: مدى قبول الآخرين بهذه الصيغة؟
أحمد بن بيلا: أغلبية كانت قابلة، هم هربوا، خذوا ذريعة بأن أربعة هربوا، إحنا كنا تقريباً ثمانين، أيه 4 يعني يهربوا، أيه بمعنى اللي.. اللي يعني اللي يفضوا الاجتماع، لا كانت.. كانت مؤامرة.
أحمد منصور: يعني الذي حدث أن يوسف بن خدة وآخرين ذهبوا يوم 6 يونيو ليلاً إلى تونس دون أن يخبروا أحداً.
أحمد بن بيلا: ذهبوا.. هم.. هم أربعة.. هم أربعة، أيوه نعم.
أحمد منصور: فوجئتم أنت بأنهم ذهبوا ولم يخبروكم.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: الكل بدا ينفض وبدأ يرجع، وبقيت أنت وحدك في ليبيا.
أحمد بن بيلا: شيئاً فشيئاً، هذه كانت خطة.. كانت خطة.
أحمد منصور: وبقيت أنت وحدك في ليبيا مع آخرين.
أحمد بن بيلا: لا ما بقيتش أنا وحدي والله، الإخوة اللي كانوا معاي قالوا إحنا الأغلبية، يللا نعلن المكتب السياسي، أنا رفضت هذا، نظراً للوضع اللي كان عندنا في الجزائر، واللي من بعد شفنا خطة يعني كيف أنت ترفض هذا الإعلان شوف لنا خطة، قلت نعملوا هذا، لكن بعد استفتاء، ونجتمعوا في تونس، واتفقنا على خطة، نذكروا كل واحد من شأنه أن يطبق هذه الخطة، هذا اللي وقع.. هذا اللي وقع.
(8/152)
أحمد منصور: شعورك أيه في.. شعورك أيه في هذه المرحلة، في هذه المرحلة تحديداً الآن بعد سنوات النضال والكفاح والسجون الطويلة؟
أحمد بن بيلا: شعوري يا أخي أنا.. أنا كل حياتي مملوءة بمشاكل مثل هذه، مش هذه، لولا ولا.. يعني كل شيء اجتماع بتاع حزب الشعب إلا وكان مشاكل، وفيه اتجاهات وفيه كذا، وفيه..
أحمد منصور: الآن فيه ثمرة، ثمرة سنوات الجهاد والنضال الطويلة، وأصبح هناك مغانم بتوزع.
أحمد بن بيلا: فيه نعم، وأنا شايف بأن.. لا، أنا شايف بأن هذه على كل حال المسألة فيه سحبان بسيط كله، وهذا اللي وقع، اجتمعنا في.. في..
أحمد منصور: هذه كانت لها ما بعدها يا سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: لأ سامحني أكمل يا أخي، سامحني أكمل. مشينا.. دخلنا بعدين وأعلنا على المكتب السياسي، ودخلنا الجزائر ولا طلقة واحدة، وأصبحت رئيس الحكومة، ولا طلقة واحدة.
أحمد منصور: وسط ومشاكل وقتل ودم وأشياء كثيرة.
أحمد بن بيلا: لا ما فيش.. ما فيش ولا قتل واحد. في البداية هذه طلعوا يا أخي، ما عندكش معلومات دقيقة، أنا وصلت للحكم...
أحمد منصور: أنا هآجي لها، بس حضرتك قفزت على المعلومات. أنا لسه في ليبيا، في يونيو 62.
أحمد بن بيلا: أنا أقول لك أنا وصلت للحكم ولا فيه قتل واحد، مشيت لتلمسان، وجيت داخل بالسيارة، واللي كان هذا النظام اللي كانوا عملوه الإخوان داب ونزل، شال تيزي أوزو انتقلوا بوضياف، وكريم بلقاسم إلى آخره في تيزي أوزو، وبعدين راحوا لفرنسا، ولا واحد، ولا.. ولا صراع واحد.
أحمد منصور: سآتي إلى هذه المرحلة بالتفصيل. هل بُلغت في تلك المرحلة وأنت في ليبيا أن هناك محاولة لاغتيالك بالفعل؟
أحمد بن بيلا: ما أعرفش على الاغتيال أنا ما سمعتش عليه والله.
أحمد منصور: وقيل إنك انتقلت إلى بني غازي في حراسة مشددة، ومنها انتقلت إلى مصر لمقابلة عبد الناصر.
(8/153)
أحمد بن بيلا: يا أخي في ليبيا أنا كنت في.. في.. في.. يعني في أتم الراحة، لأن أنا في وسط الإخوان الليبيين، والليبيين معايا والله، لا شعبهم ولا الحكام بتاعهم، ولا كانت محاولة..
أحمد منصور: هل صحيح حينما ذهبت إلى مصر في يونيو 62 اقترحت على علي كافي، وكان رئيس البعثة الدبلوماسية الجزائرية أن يصبح رئيساً للبعثة الدبلوماسية الجزائرية للجزائر في المشرق العربي كله؟
أحمد بن بيلا: لأ أبداً.
أحمد منصور: هو قال هذا في مذكراته.
أحمد بن بيلا: يقول اللي يريد هو، أنا نقول لك أبداً ما فيه شيء.
أحمد منصور: كلام غير صحيح؟
أحمد بن بيلا: أنا ما.. ما كلفتوش بذلك.
أحمد منصور: هو قال لك أنه يريد أن يأخذ التكليف من وزير خارجيته سعد دحلب، وليس منك.
أحمد بن بيلا: لا أبداً، ولا قال لي هذا، مشيت... كان معاي و.. و.. وطبق كل اللي قلته له أنا.
أحمد منصور: هل صحيح أنك رفضت أن.. أن تصحبه معك في لقاءاتك مع عبد الناصر؟
أحمد بن بيلا: هو.. هو أيه الدخلة بتاعة، شو يقول أيه عندك؟
أحمد منصور: هو يقول أن العرف الدبلوماسي يقوم على إن هو يذهب..
أحمد بن بيلا: هو.. هو عنده أعراف، مش عرف واحد والله أخونا هذا، الله يخليك في كل اللي.. أنا ما كانش.. ما كانش مفروض علي يكون معي عند جمال عبد الناصر.
أحمد منصور: أيه اللي دار بينك وبين عبد الناصر في تلك المرحلة بعد أن الصراعات أن أصبحت طافحة على السطح؟
أحمد بن بيلا: هي أننا أطلعته على المشاكل، إلى آخره، و.. وهو أيد، قال لي أنا معك يعني في.. أنا معكم في.. يعني مؤيد موقفكم لصالح.. لصالح الأمور، إلى آخره، بس يعني ما فيش أشياء خاصة، أو .. لأ.. بصفة عامة، يعني كان مؤيد لموقفنا وهذا.
أحمد منصور: في يونيو 62 أيضاً، ونحن لازلنا فيه تخليت أنت ورابح بيطاط ومحمد خيضر، ومحمد السعيد عن الحكومة المؤقتة وتحالفتم مع قيادة الأركان؟
(8/154)
أحمد بن بيلا: الحقيقة يا أخي إحنا متحالفين مش متحالفين مع.. إحنا جايين على أن نغير الوضع، ما كانش غير المسألة، يعني مسألة الأركان كانت المسألة اللي ظهرت بأن داخل الثورة فيه حاجة للتغيير، والحقيقة يعني هذا.. هذا.. هذا الطلب للتغيير كان عام، كان عام طلب يعني التغيير، كان داخل.. داخل الثورة الناس تطلب ندخل الجزائر لازم تغيير، لازم يعني، لازم.. لازم.. لازم مسؤولين آخرون يطلعوا.
أحمد منصور: أنتوا إلى الآن كان المفروض ألا تدخلوا إلى الجزائر حسب اتفاقية (إيفيان) التي وقعتوها مع الفرنسيين، إن القادة لا يدخلون، ومع ذلك دخل محمد بوضياف ودخل آية أحمد إلى الجزائر.
أحمد بن بيلا: لا إحنا ما.. دخلوا شوية قبل يعني اللي..
أحمد منصور: قبل بشوية.
أحمد بن بيلا: الأعضاء دخلوا قبل.
أحمد منصور: أنت تعتبر المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي عقد في ليبيا من 25 مايو إلى 7 يونيو كان نهاية للحكومة الجزائرية المؤقتة بالفعل؟
أحمد بن بيلا: أنا أعتبر هذا، يعني معنوياً كان النهاية، وكان.. كان.. كان طلعت يعني هيئة وهي.. وهي اللي.. يعني المكتب السياسي.
أحمد منصور: لكن لم تعلن.. لم يعلن المكتب السياسي.
أحمد بن بيلا: لأ لأن أنا...
أحمد منصور: لكن عملياً أصبح هو الذي يقود؟
أحمد بن بيلا: عملياً أصبح هو الذي.. اللي يقود، وبعدين شهر أو شهر ونص بعدين في تلمسان طلعناه، وطلع يعني هو.. هو المسؤول.
أحمد منصور: أيضاً تعتبر جبهة التحرير الوطني الجزائري انتهت في اجتماع طرابلس؟
أحمد بن بيلا: لا أبداً.. لا أبداً، ما انتهتش، وما انتهتش حتى من بعد الاستقلال، إلى آخره، واستمر الجبهة..
أحمد منصور: أصبحت صورة.
أحمد بن بيلا: لا.. لا مش صورة.
أحمد منصور: الحزب أصبح كل شيء.
أحمد بن بيلا: لا.. لا الحزب.
أحمد منصور: حينما أصبحت رئيساً استفردت في كثير من الأمور.
(8/155)
أحمد بن بيلا: لا.. لا أصبح هو الأساس، أصبح هو الأساس في كل صغيرة وكبيرة.
أحمد منصور: ما الذي أصبح الأساس؟
أحمد بن بيلا: الحزب.. الحزب.. الحزب أصبح...
أحمد منصور: الحزب، وانتهت الجبهة.
أحمد بن بيلا: لا ما انتهتش الجبهة. يا أخي، وكيف إحنا بالله عليك أيه اللي خلىَّ من الجزائر مليون ونص قتيل؟ 500 ألف طالعين من المهجر، 500..
أحمد منصور: مهجرين في تونس.
أحمد بن بيلا: 500 ألف خارجين من السجون، مليونين ونصف راجعين من المناطق اللي...
أحمد منصور: الداخلية.
أحمد بن بيلا: الداخل منذ.. محرومة..
أحمد منصور: بين الريف و.. والحضر.
أحمد بن بيلا: محرومة مليونين وخمسمائة ألف، وست ملايين (سنتيم) هذا هو رزق الجزائر، فرنسا سلمته لنا يعني، بيش نأكله في ست أيام، أيه اللي خلَّى البلاد الحمد لله تقف على رجليها وتخرج من الأزمة في سنة؟
أحمد منصور: ما وقفتش يا سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: نعم؟
أحمد منصور: لم تقف، عندكم 60 مليار ديون في دولة غنية.
أحمد بن بيلا: خلينا من اليوم يا أخي.. خلينا من اليوم بالله عليك، يعني في ذلك الوقت..
أحمد منصور: ما هو سيادتك بتقول لي الدولة ما وقفتش.
أحمد بن بيلا: فيه.. لكن في ذلك الوقت ما عندنا سنتيم دين، لكن عندنا في رزقنا 6 ملايين سنتيم لكن إحنا ناكلوا 6 أيام بس، ها فرنسا اللي سلمتوه لنا، يعني لولا عشان نرجعوا لكلامنا قلت لي: الجبهة، لولا الجبهة كيف تقوم هذه الدولة والله؟! هو يعني الدولة بغير ما عندنا.. ما عندنا افترض أنشأوا الجامعات أو أنشأوا بعض المدارس يعني لتكوين الدولة إلى آخره، هذه..
أحمد منصور: أنا سآتي معك بالتفصيل إلى وضع الجزائر يوم ما استلمت فيها السلطة وعشية الاستقلال في 3 يوليو.
أحمد بن بيلا: لكن يعني الجزائر كانت.. لا الجزائر دي كانت يا اللي هي شوف دخول الجزائر..
أحمد منصور: الجبهة كانت ممزقة لـ100 قطعة الوقتي.
(8/156)
أحمد بن بيلا: لا.. لا ما كانت ممزقة.
أحمد منصور: كل تيار كان له وضعه، هي اسمها جبهة عشان بتضم ناس كثيرين وليس تياراً واحداً.
أحمد بن بيلا: لا هي.. هي اللي كسبت.. كسبت المعركة بفرنسا، وهي اللي..
أحمد منصور: أي جبهة؟ مجموعة الذين كانوا منحازين لفرنسا أم مجموعة الذين كانوا منحازين إلى عبد الناصر والعروبة؟
أحمد بن بيلا: كان الناس اللي كانوا منحازين لفرنسا في وقت ما من قبل وكان حتى الحزب الشيوعي يعقد، ولكن اللي وقعت الجبهة؟ انخرط الكل في.. في.. داخل الجبهة، والكل عامل..
أحمد منصور: انخرط لكن بأفكاره هو وبمبادئه وكل واحد قاعد يجذب إلى.. إلى تياره.
أحمد بن بيلا: لا لا لا جبهة.. جبهة كان عاملها برنامج.. والبرنامج بتاع طرابلس وهذا برنامج كامل.
أحمد منصور: لم يُقر يا سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: ابتدينا نعمل به، ابتدينا نعمل به.
أحمد منصور: بدون أن يأخذ شرعية واعتماد؟
أحمد بن بيلا: لا كان عنده شرعية والشرعية بتاع طرابلس.
أحمد منصور: هرب بن خدة والآخرين إلى تونس وتركوه.
أحمد بن بيلا: لا هربوا هم، ولكن أقروا الاجتماع اللي كان في.. في.. في تلمسان..
أحمد منصور: في تلمسان أنتم أصبحتم تدعوا مجموعة تلمسان التي أقرت هذا الموضوع.
أحمد بن بيلا: ما أقرت..
أحمد منصور: وأصبحت المجموعة الأخرى، الآن المجموعتين المتنازعتين حصل بينهم.
أحمد بن بيلا: لا هذا الكلام أنا.. هذا الكلام -سامحني يا أخي- هذا الكلام بتاع ما فيش جبهة هذا كلام قاصر.
أحمد منصور: ما أنا هأقول لك الجبهة مكونة..
أحمد بن بيلا: عايزه مش.. مش مطلع يا أخي سامحني.
أحمد منصور: سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: مش مطلع يا أخي.
أحمد منصور: طيب هأقول لك..
أحمد بن بيلا: لتقول لي جبهة ما فيش جبهة، الجبهة هي.. هي اللي أنقذت الجزائر.
أحمد منصور: اسمعني سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
(8/157)
أحمد منصور: ألم يحدث وجود انفصام تام بين اتجاهين؟
أحمد بن بيلا: كان موجود، وهذا موجود في كل.. حتى وقت النبي –صلى الله عليه وسلم- كان موجود.
أحمد منصور: أنا.. يعني أنا لا.. أنا لا أحاسبكم على هذا، ولكن أنا أريد إن المشاهدين يفهموا الواقع اللي حصل.
أحمد بن بيلا: نفهم والجزائريين يفهموا لأن عاشوه إلى آخره، الجزائر كانت..
أحمد منصور: الأجيال الجديدة لم تعش هذه.
أحمد بن بيلا: كان انقلابات بين الجزائر.. لمدة هذاك لا بأس بها، دخلت وخاضت وأممت كل الممتلكات الفرنسية.
أحمد منصور: لسه بعد الثورة أنا لسه الوقتي.. اسمح لي سيادة الرئيس إحنا..
أحمد بن بيلا: نعم، لا يعني تقول لي الجبهة ما كانش أنا نقول لك الجبهة هي اللي انقذت الجزائر.
أحمد منصور: إحنا عايزين الناس تفهم الصورة.
أحمد بن بيلا: هي الممثل الوحيدة اللي كانت موجودة في ذلك الوقت، وقامت بعملها، ونجحت في هذا العمل وسنة.. سنة.. سنتين بعد هذاك الحمد لله أصبحنا لا بأس بنا، لا..
أحمد منصور: كلها صراعات..
أحمد بن بيلا: لا والله، إحنا لا بأس والله، إحنا مش لا بأس بنا فقط، أصبحنا لا بأس للغير يجوا عندنا الناس ونعاونهم للتحرير، وكل هذا الكلام ييجي بعدين.
أحمد منصور: طيب خليني أنا الآن في شهر يونيو سنة 62
أحمد منصور: تقول لي لأ، كلام هذا وفين..
أحمد منصور: أنا بأقول لك.. أنا هأقول لك أهه بالمعلومات.
أحمد بن بيلا: أيوه.
أحمد منصور: كان كريم بلقاسم وبوضياف وبن خده كانوا بيمثلوا اتجاه، صح؟
أحمد بن بيلا: أيوه.. أيوه صح.
أحمد منصور: وكنت يعني سيادتك أنت ومعك خيضر وفرحات عباس وهواري بومدين بتمثلوا اتجاه.
أحمد بن بيلا: ولكن الشعب معنا كله.
أحمد منصور: أنا ما ليش دعوة بالشعب فين، أنا دلوقتي بأتكلم عن..
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.. أيوه نعم.
(8/158)
أحمد منصور: الشعب بقى معاكم بعد كده أو مش معاكم كان أفرزت في النهاية قُبيل الاستقلال والاستفتاء التيارين دول.
أحمد بن بيلا: فيه.. فيه أيوه.
أحمد منصور: تيار كان يُقال أنه موالي لتونس ولفرنسا وللغرب، وتيار يُقال أنه كان موالي لعبد الناصر وللعروبة.. صحيح؟
أحمد بن بيلا: للعروبة خلينا في جمال عبد الناصر وهذا كلام فيه تقصير، إحنا كنا موالين للعروبة والإسلام هذا كان موالي، مش لرجل والله، كان جمال عبد الناصر ونفتخر يعني بيعني عملنا مع جمال عبد الناصر واللي عملناه واللي قمناه من بعد كذلك مع جمال عبد الناصر، لكن مع إنسان لا مع مصر يا أخي مع كل العرب.
أحمد منصور: التيارين دول حتى في داخلهم كان هناك أفكار أيديولوجية مختلفة.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: صح؟
أحمد بن بيلا: صح.
أحمد منصور: أيه الجامع اللي كان بيجمعكم أنتوا، خليني الآن في مجموعة تلمسان التي.. أنتم اجتمعتم في تلمسان والمقررات التي لم تنجحوا في إقرارها في مؤتمر طرابلس أو مقررات طرابلس، أخذتوها إلى تلمسان وأقررتوها بالمجموعة المتفقة معكم.
أحمد بن بيلا: آه نعم.
أحمد منصور: وتركتم الآخرين ولم تكونوا بحاجة إليهم، صحيح؟
أحمد بن بيلا: لأ، ما هو شاركوا في الانتخابات كانوا في البرلمان وكانوا في المعارضة آية أحمد.
أحمد منصور: بعد الدولة ما طلعت بعدين..
أحمد بن بيلا: لا الانتخابات يعني ابتدينا بها من البداية، يعني كان المفروض يعني الاتفاق بتاع.. بتاع إيفيان يقضي بأن لازم تقع انتخابات يكون.. يكون مجلس وطني، وقعت مرتين في المدة بتاع سنتين وأنا 2 مرات المجلس ينتخب.
أحمد منصور: سيادة الرئيس، أنا لسه الوقتي ما جتش لواحد يوليو اللي هي يوم الاستفتاء يوم الاستفتاء على استقلال الجزائر، أنا لسه في فترة يونيو فترة الصراعات الأخيرة وتمكن تيار..
(8/159)
أحمد بن بيلا: لا أنا قلت لك الكلمة.. الجبهة متفرقة وما فيش إلى آخره قلت لك هذا خطأ.
أحمد منصور: متفرقة.
أحمد بن بيلا: لا لأن الجبهة.
أحمد منصور: جبهتين.
أحمد بن بيلا: لأن الجبهة هي اللي.. اللي خلتنا، يعني ندخل الجزائر ونستلم من فرنسا، لأن الحكم وهنا عملنا..
أحمد منصور: أي جبهة؟ الحكومة.. يعني الآن سيادة الرئيس الحكومة التي كان.. المؤقتة التي كان يرأسها يوسف بن خدة والتي تفاوضت مع الفرنسيين في إيفيان وأقرت اتفاقية إيفيان مع الفرنسيين ووقف إطلاق النار في 19 مارس والإفراج عنكم من سجون فرنسا في ذلك الوقت، وخروجكم بعد ذلك وذهابكم إلى المغرب ومنها إلى مصر ومن مصر إلى ليبيا ومن ليبيا إلى مصر وإلى تونس، هذه الجولات والأشياء المختلفة..
أحمد بن بيلا: هي اللي.. ومنها كذلك المؤتمر اللي وقع الداخل.. بتاع.. بتاع الجبهة في العام الأول، المؤتمر.. المؤتمرات كذلك بتاع النقابات إلى آخره، يا أخي مش مطلع، الغرب يا أخي، وقعت في هذا السنة.. في هذه السنتين أولا دستور، ثم انتخابات...
أحمد منصور: سآتيك بالتفصيل إلى فترة رئاستك.
أحمد بن بيلا: انتخابات، ومن بعد المؤتمر بتاع.. بتاع.. بتاع جبهة التحرير.
أحمد منصور: أنا بس أريد أن أفهم ويفهم معي المشاهدون تلك المرحلة التي بدأت من أول الإقرار باتفاقية إيفيان ووقف إطلاق النار في 19 مارس وحتى الاستفتاء على استقلال الجزائر في 1 يوليو إعلان استقلال البلاد في 3 يوليو وهو تقريباً نفس التاريخ الذي احتلت فيه فرنسا الجزائر عام 1860، صح؟ في تلك الفترة، الآن استقرت الأمور لصالحكم أنتم مجموعة تلمسان.
أحمد بن بيلا: استقرت في الداخل.
أحمد منصور: وأصبحت المجموعة الأخرى الآن ليس لها سيطرة كبيرة على الأمور.
(8/160)
أحمد بن بيلا: لا ما وقعش طلقة واحدة، هذا كان.. كان سوء.. يعني صورة فشلت وراحت، إحنا دخلنا تلمسان وجيت أنا دخلت من تلمسان بالسيارة إلى الجزائر وتنصبت في الجزائر ومشيت إلى..
أحمد منصور: لا أنت لسه يوم الاستقلال ما كنتش لسه دخلت يوم الاستفتاء يوم 1 يوليو.
أحمد بن بيلا: يوم.. يوم الاستفتاء ما كانش.. ما كانش..
أحمد منصور: صورة الاستفتاء التي تمت والنتائج التي حصلت..
أحمد بن بيلا: آه؟
أحمد منصور: ماذا تم في الاستفتاء؟ دوركم أيه في قضية الاستفتاء؟
أحمد بن بيلا: الاستفتاء كان.. كان.. كان الاستفتاء كان منظم من طرف يعني جبهة التحرير ومن منظمة الحكومة المؤقتة في ذلك الوقت اللي كان فيها.. كان فيها..
أحمد منصور: يوسف بن خده
أحمد بن بيلا: يوسف بن خده طبعاً ونجح الاستفتاء وأصبح.. أصبحت الجزائر..
أحمد منصور: 97% من الجزائريين وافقوا على الاستفتاء.
أحمد بن بيلا: إحنا كنا متفقين على الاستفتاء وكل هذا.. الإجراءات كنا متفقين عليها وإحنا في السجن يعني يعني وقع، لكن المشكل اللي كان داخل الثورة ولازم يعني يفض ويفض.. هذا حاولنا يعني المشكل هذا يفض في طرابلس، ومعنوي انفض هربوا 4 وخدوا هذا.. هذا تمشي وأنا رفضت إن الأغلبية تعلم هذا، وقلت نعلنوه في تلمسان بعد الاستفتاء حتى ما نديش فرصة للمزارعين إلى آخره، ومشيت إلى تلمسان وفعلاً أعلنا هذا ودخلت بغير ما تكون طلقة واحدة ولا مات واحد ولا انجرح واحد.
أحمد منصور: لأ فيه.
أحمد بن بيلا: أبداً.
أحمد منصور: في 22 يوليو شُكِّل المكتب السياسي للجبهة في تلمسان، زحف جيش الحدود على العاصمة في 4 أغسطس 62 بعد حرب أهلية سقط فيها الكثير.
أحمد بن بيلا: لا أبداً.. لا أبداً هذا خطأ.
أحمد منصور: من القتلى يُقال أن آلاف القتلى سقطوا فيها.
أحمد بن بيلا: هذا خطأ ما وقعش.
أحمد منصور: في 26 سبتمبر عينت..
(8/161)
أحمد بن بيلا: لا لا ولا وقع.. هذا وقع بعدين مع الولايات، المشكل بتاع الولايات يأتي بعدين، يأتي من بعد سنة، أما الهيئة اللي كانت موجودة يعني الحكومة بتاع اسمه هنا الحكومة المؤقتة اللي كانت موجودة هذه يا سيدي من بعد إعلاننا في تلمسان على.. على مكتب سياسي آخر دخلنا الجزائر ولا فيه طلقة واحدة، ولا فيه واحد مات.
أحمد منصور: زحفتم بالجيش على.. على الجزائر..
أحمد بن بيلا: لأ.
أحمد منصور: جيش الحدود هو الذي دخل..
أحمد بن بيلا: لأ، لا لا لا، جيشنا دخل حتى بعدين إحنا دخلنا، أنا جيت وحدي، وحتى الولايات اللي كانت.. الولايات الموجودة هي اللي استقبلت الولاية الرابعة مش الجيش، في ذلك الوقت الجيش عاد ما دخلش، الولاية الرابعة.
أحمد منصور: كنت تدخل على إنك يعني ستصبح أنت رئيس الجزائر وزعيمها؟
أحمد بن بيلا: أنا دخلت نعم.. دخلت..
أحمد منصور: من الذي نصبك في ذلك؟
أحمد بن بيلا: أنا.. أنا المسؤول بتاع المكتب السياسي دخلت بموافقة الولاية الرابعة مثل.. الرابعة وكان معايا رئيس الولاية إلى آخره ندخل الجزائر واستقبلنا الشعب إلى آخره والجماعة مشوا لتيزي أوزو وبعدين تيزي أوزو طلعوا بإعلان وبعدين راحوا لفرنسا، ولا فيه واحد انجرح، جه من بعد مسألة الولايات حاجة أخرى جه من بعد هذه.
أحمد منصور: سآتي معك بالتفصيل إلى كل هذه الأمور التي وقعت في الجزائر من إعلان الاستقلال في الثالث من يوليو عام 1962 أولاً الاستفتاء في أول يوليو، الاستقلال في 3 يوليو، دخولك إلى الجزائر بعد 22 يوليو من رئاستك للمكتب السياسي الذي أعلن في..
أحمد بن بيلا: تلمسان.
أحمد منصور: تلمسان.
أحمد بن بيلا: تلمسان.
أحمد منصور: دخلت في 4 أغسطس 26 سبتمبر..
أحمد بن بيلا: أنا ما أدخلش مع الجيش، الجيش بقي.
أحمد منصور: 26 سبتمبر تمت.
أحمد بن بيلا: ما أدخلش مع الجيش مشيت مع الولايات.. الولايات اللي كانت موجودة.
(8/162)
أحمد منصور: تم إعلان أول حكومة مستقلة في الجزائر برئاسة أحمد بن بيلا، بعد ذلك أصبحت رئيساً للبلاد.
أحمد بن بيلا: رئيس الحكومة.
أحمد منصور: رئيس الحكومة.
أحمد بن بيلا: وإن مازال يعني رئيس الحكومة.
أحمد منصور: بعدها رئيساً للبلاد.
أحمد بن بيلا: بعدين.
أحمد منصور: بعدها أطاح بك تلميذك بومدين.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: بالتفصيل أبدأ معك من الحلقة القادمة من يوم الاستفتاء والاستقلال.
أحمد بن بيلا: إن شاء الله.. إن شاء الله.. إن شاء الله.
أحمد منصور: أشكرك سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/163)
الحلقة9(8/164)
الخميس 30/9/1423هـ الموافق 5/12/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 09:29(مكة المكرمة)،06:29(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
01/12/2002
- الأجواء السياسية قبيل الاستفتاء على استقلال الجزائر
- القوى الداعمة لبن بيلا قبيل دخوله الجزائر رئيساً للبلاد
- مدى حقيقة دخول بن بيلا الجزائر العاصمة بواسطة الجيش
- وضع الجزائر عند تولي أحمد بن بيلا السلطة
- حيثيات انتخابات سبتمبر 1962 بالجزائر
- علاقة حكومة بن بيلا بفرنسا وديغول
- الصراع على الهوية في الجزائر بعد الاستقلال
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بيلا. سيادة الرئيس، مرحباً بك.
أحمد بن بيلا: أهلاً وسهلاً.
الأجواء السياسية قبيل الاستفتاء على استقلال الجزائر
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند الأجواء التي سبقت مرحلة إعلان استقلال الجزائر، اتفاقية إيفيان وُقِّعت في 18 مارس 1962 وأُفرج عنكم في التاسع عشر من مارس مع إعلان وقف إطلاق النار، عُقد اجتماع المجلس الوطني للثورة الجزائرية في طرابلس في الفترة بين 25 مايو و7 يونيو وظهرت خلافات كثيرة أدت إلى نهاية الاجتماع على الشكل الذي تحدثنا عنه، توجهت أنت إلى القاهرة ثم بعدها رجعت إلى ليبيا، ومن.. وإلى المغرب، وكان هناك ترتيبات مختلفة، يوسف بن خدة رجع إلى الجزائر، ذهبت أنت إلى المغرب أُجري الاستفتاء على استقلال الجزائر في أول يوليو عام 1962، وأُعلنت النتيجة بأكثر من 97% خلال يومين بالموافقة على الاستقلال، ما هي الأجواء التي سبقت قضية إعلان الاستقلال أو الاستفتاء أولاً؟
(8/165)
أحمد بن بيلا: الأجواء كان يخيِّم عليها هذا.. هذه الأزمة اللي وقعت داخل الثورة الجزائرية، ووقعت في تونس بالذات ما بين الجيش الذي كان موجود في.. في الحدود، وأثروا على الداخل حتى على الولايات إلى آخره، وما بين الحكومة المؤقتة طبعاً يعني كان وضع خطير يعني، كان لازم. كان لازم..
أحمد منصور: كيف كان هذا الوضع سيادة الرئيس؟
أحمد بن بيلا: الوضع بيش نمرروش الكلام..
أحمد منصور: أيوه نعم.
أحمد بن بيلا: ما كان وقع ما بين القيادة ما بين الجيش اللي كان موجود في الحدود، لكن مرتبط مع ولايات في الداخل، والحكومة المؤقتة، والحقيقة كان.. كان فيه..
أحمد منصور: الحكومة المؤقتة كان يرأسها يوسف بن خدة..
أحمد بن بيلا: بن خدة.
أحمد منصور: والجيش كان يقوده هواري بومدين.
أحمد بن بيلا: لكن فيه ولايات في الداخل يعني لا يقودها يعني بومدين فيه مثلاً الولاية الواحدة وهي الولاية أساسية.
أحمد منصور: كلمنا عن شكل الولايات حتى يفهم المشاهد الصورة بعد ذلك، لأن الولايات لها تأثير في قضية الاستقلال كيف حافظتم على وحدة الجزائر في ظل الوضع؟
أحمد بن بيلا: الولايات كانت حاضرة.. الولايات كانت حاضرة موجودة في المؤتمر اللي وقع في طرابلس يعني، هذا المؤتمر ما وقعش يعني في خارج الجزائر لأ، يعني كان يضم كل يعني الجيش في الداخل ولايات بالداخل، والجيش اللي كان موجود في.. في الحدود، وقع انقسام بالداخل فيه الولايات اللي انضمت للحكومة المؤقتة وفيه، لكن أغلبية كانت يعني مالت ضرب يعني الحكومة المؤقتة.
أحمد منصور: ممكن تقول لنا باختصار ما هي هذه الولايات، ومن الذي انضم..؟
(8/166)
أحمد بن بيلا: الولايات فيه ستة بتاع الولايات، فيه الولاية، ولكن الولايات التي انتخبت ضد الحكومة كانت تقريباً كل الولايات ما عدا 3 أشخاص، كل ولاية فيها 5 أشخاص، معناته 30، 5 أشخاص، ما عدا 3 أشخاص الولايات يعني في الجيش داخل وخارج التي انتخبت لصالح..، 27 كان ضد، 3 للحكومة، و27 ضد، حتى الولاية التي..
أحمد منصور: هذا في أي..؟
أحمد بن بيلا: في طرابلس.
أحمد منصور: في الجزائر..
أحمد بن بيلا: في طرابلس.
أحمد منصور: في طرابلس، عفواً.
أحمد بن بيلا: في طرابلس في المؤتمر، في..
أحمد منصور: لكن عفواً سيادة الرئيس المؤتمر انفض بشكل لا نستطيع أن نعتمد على نتائجه.
أحمد بن بيلا: لأ ما انفضش.. انفض في الآخر، كيف ما وصلنا لنتيجة؟ وكانت النتيجة ظاهرة يعني فيه 27 صوت داخل الجيش من ضمن 30 صوت، معناها 3 أصوات..
أحمد منصور: في النهاية كان هذا الاجتماع الذي وقع في طرابلس في 6 يونيو.. اللي انتهى في 6 يونيو حيث ذهب بن خدة إلى تونس وأنت بن بيلا وخيضر ذهبتم إلى مصر.
أحمد بن بيلا: نعم.
أحمد منصور: ثم ذهبتم إلى الرباط في 17 يونيو هذا كشف عن وجود خلافات عميقة وكبيرة داخل سقف الثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: أيوه، كانت.. كانت..
أحمد منصور: وأن دخول الجزائريين على الاستقلال كان هناك مشكلات كبيرة ونزاعات كبيرة قبيل الاستقلال مباشرة.
أحمد بن بيلا: آه كانت ما فيش شك اللي كان ظاهر هو إحنا انتصرنا يعني الثورة انتصرت، ولكن فيه رغبة مُلحَّة على التجديد داخل القيادة، يعني رغبة مُلحَّة من طرف كل الجيش اللي في الحدود وفي الداخل كذلك بما أن 3.. 3 ولايات في الداخل انضمت يعني الجيش اللي كانت.. باعتبارهم أغلبية، في الحقيقة يعني كان..
أحمد منصور: وأنتم كزعماء هنا انقسمتم..
أحمد بن بيلا: كان باقي شوف سيدي.. كان لازم مثلاً لازمني ثلثين أصوات بش يعني نقرروا التغيير، كان يأخذ صوت واحد.. وصوت واحد، وفي النهاية..
(8/167)
أحمد منصور: بس سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: سامحني، في النهاية جت 5 أصوات، وهو الأصوات بتاع المنظمة اللي كانت فرنسا كانت في البداية مع.. مع الحكومة، من بعد ما انضمت اتصلوا فيَّ (…) معناها أصبح عندنا أربع أصوات أكثر من ثلثين، أما في الجيش أنا قلت لك ما عدا 3 أصوات في الـ30 كلها انضمت إليَّ، وللتغيير يعني فكرت في التغيير، معناها كان المؤتمر معنوياً كان تمت الحقيقة الإعلان فقط الدخول والإعلان، إحنا قعدنا 3 أيام، 4 أيام وإحنا نشتغل، الإعلان عن نتيجة، النتيجة هي تعيين.. تعيين مكتب.
أحمد منصور: النتيجة أهم شيء.
أحمد بن بيلا: مكتب.. مكتب سياسي يعني جديد..
أحمد منصور: النتيجة سيادة الرئيس هي أهم شيء، والنتيجة لم تعلن بشكل أساسي، ولكن الإفراز الذي حدث، أنك أنت ورابح بيطاط، ومحمد خيضر، ومحمدي السعيد تخليتم عن الحكومة وتحالفتم مع قيادة الأركان العامة..
أحمد بن بيلا: آه.. آه
أحمد منصور: وهناك انضم محمد بوضياف، كريم بلقاسم إلى بن خدة.
أحمد بن بيلا: لا.. لا.. لا.. لا، فيه 2 فقط من المكتب السياسي الذي كانوا على.. على وشك يُعلن، فيه 2 اللي كانوا مع الحكومة المؤقتة وهو بوضياف وآية أحمد، 5 آخرين لأ، هادول.. ها المكتب السياسي التي.. الذي كان على.. على.. على أن يُعلن يعني في الجلسة الآخرة، ما وقعتش الجلسة الآخرة على الأسباب اللي تكلمنا عليها.
أحمد منصور: طيب.
أحمد بن بيلا: إحنا اتفقنا يعني فيه.. تم بأن ما نعلنش عليه، كان ممكن نعلن..، لكن مازال القتل في الداخل وكان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن فيه مصادر كثيرة بتقول أنك تعرضت لمحاولة اغتيال في.. في طرابلس في ذلك الوقت.
أحمد بن بيلا: لا.. هذه، هذه من قبل يعني، هذه وقعت..
أحمد منصور: لأ.. لأ هذه هنا.. بعد في.. في اجتماع المجلس الوطني.
أحمد بن بيلا: لا.. لا ما فيش محاولة اغتيال أبداً، محاولة الاغتيال جاء فرنساوي هذا قبل..
(8/168)
أحمد منصور: لا.. لا.. لا سيادة الرئيس، أنا هنا في اجتماع المجلس الوطني للثورة الجزائرية في طرابلس في هذه الفترة بعد حدوث الخلافات..
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: يقولون يعني أكثر من مصدر منها مصادر فرنسية، يقولون أنك تعرضت لمحاولة اغتيال، وبالتالي ذهبت مسرعاً إلى مصر.
أحمد بن بيلا: أبداً.. أبداً
أحمد منصور: تؤكد غير هذا؟
أحمد بن بيلا: ولا وقعت ولا شيء، وقع كلام، يعني كلام داخل.. داخل المؤتمر، وهذا الكلام سيدي كانت عادة عندنا، كل ما نجتمع نلاقوا فيه كلام، وكلام شويه قاسي ما بيني وبين أخ اسمه بوغديدر، ولكن ما.. ما حاولش يعني.. ما أعرفش يعني يقوم بعمل، يعني على أن يقتلني، لأ كان كلام ما بيني وبينه، وبس.
أحمد منصور: ملاسنة يعني بينكم؟
أحمد بن بيلا: ملاسنة، هذه الملاسنات عندنا في الاجتماعات هذه، والله عادة يعني الملاسنات يعني ما شاء الله منها..
أحمد منصور: في 17 يونيو..
أحمد بن بيلا: يعني غادت يعني في آخر المطاف وإحنا داخلين البلاد مافيهش هذه المشكلة بتاع..
أحمد منصور: لسه هاجيلها..
أحمد بن بيلا: يعني محاولة.. لا.. لا
أحمد منصور: مش عايز أستبق الأحداث، لكن في 17 يونيو وُقِّع اتفاق بين ممثل الحكومة المؤقتة مصطفاي وبين ممثل المنظمة المسلحة الجزائرية الفرنسية.
أحمد بن بيلا: آه، نعم، وهذا.. وأنا في تونس، موجود في تونس في ذلك الوقت.
أحمد منصور: وهذه المنظمة هي التي قامت بارتكام.. بارتكاب جرائم ومجازر ضد الشعب الجزائري.
أحمد بن بيلا: نعم، معروف اسمها.. اسمها (الوايز) هذه المنظمة الإرهابية اللي قتلت ما شاء الله الآلاف من آلاف بتاع الجزائريين..
أحمد منصور: كان ممثل هذه المنظمة اسمه سوزيني.
أحمد بن بيلا: سوزيني.. نعم.
أحمد منصور: نعم، توصلوا إلى اتفاق يعترف باتفاقية إيفيان، وأنت أعلنت رفضك لهذا، لماذا؟
(8/169)
أحمد بن بيلا: لأن أنا ما أقبلش بأن نتفق مع الرجل هذا اللي اسمه سوزيني مع هذا النظام يعني الإرهابي اللي معروف عندنا في البلاد، وكان عيب علينا كثورة نتفق ثم هذا كان يكون يدي كأنه ضمان للجالية الفرنسية، لما نتفق مع سوزيني كيف ما نتفقش يعني مع الجالية الفرنسية؟ كيف يعني؟ ولهذا إحنا.. أنا رفضت يعني رفضت الاتفاق اللي وقع.
أحمد منصور: هل إعلانك الرفض في ذلك الوقت كان مفاصلة نهائية بينك وبين الحكومة المؤقتة التي كان يرأسها يوسف بن خدة؟
أحمد بن بيلا: لا.. لا كانت الحكومة المؤقتة بالنسبة لي انتهت، إحنا داخل الجزائر، ومكتب سياسي يعني موجود ومتفق عليه ما عدا الحكومة المؤقتة إلى آخره، همَّ الأغلبية الساحقة يعني مع التغيير ومع المكتب السياسي الجديد، وهذا اللي وقع.. هذا اللي وقع مهما دخلوا وقع الاستفتاء.
أحمد منصور [مقاطعاً]: بالضبط أنا هنا يا سيادة الرئيس أنا مش عايز أستبق الأمور، أنا يوم بيوم معك. في الأول من يوليو تم الاستفتاء في الجزائر، والذي نظم الاستفتاء الحكومة المؤقتة الجزائرية كانت موجودة يوسف بن خدة كان في الداخل.
أحمد بن بيلا: مش الحكومة المؤقتة كانت حكومة.. حكومة في.. في الداخل حكومة شبه حكومة طبعاً متصلة مع الحكومة المؤقتة طبعاً.
أحمد منصور: لكن هي كان لها شعبية كبيرة في داخل الجزائر.
أحمد بن بيلا: ما فيش شك فيه شعبية، ولكن أغلبية مش.. مش معاه.
أحمد منصور: الأغلبية كانت معها يوم 3 يوليو خرج الناس إلى الشوارع.
أحمد بن بيلا: لأن عندهم وعي الناس، وعايزين.. وهذا اللي حتى إحنا يعني اتفقنا بأن لا نعلنه قبل هذا، لأن كان.. كنا متفقين بأن إذا نعلن تظهر يعني انشقاقات خطيرة، وهذه تشجع المخطط الفرنساوي بالذات (الوايز) اللي كان ضد الاستقلال وضد القتال إلى آخره، وقلنا ما نطلعش الخبر هذا، يوقع الاستفتاء وبعدين نجتمع في.. في تلمسان على طول بعد الاستفتاء..
(8/170)
أحمد منصور: لأ.. أنا هآتي لتلمسان، أنا بس أريد هنا أنقل الصورة التي كانت عليها الجزائر في أعقاب توقيع اتفاقية إيفيان وفي أعقاب الإفراج عن بن بيلا والزعماء الخمسة، وفي أعقاب مؤتمر المجلس الوطني الذي عُقد في طرابلس
أحمد بن بيلا: في طرابلس.
أحمد منصور: أن أجواء الصراعات والمشاحنات بين أنصار القيادة الثورية الجزائرية بدأت، وحدث انقسام كبير دخلت الحكومة المؤقتة برئاسة بن خدة إلى الجزائر، وتوجهت أنت وبعض الآخرين إلى المغرب، وبقي جيش الحدود الذي كان يتزعمه هواري بومدين..
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: كان موجوداً في تلمسان وفي المناطق الغربية، كان هناك انقسام، وكانت هناك بوادر للدخول في صراع حاد بين قيادات الثورة الجزائرية، هذه هي الصورة؟
أحمد بن بيلا: هذه هي الصورة، ولكن ما وقعتش.. ما وقعتش، وقع الاستفتاء، وأنا دخلت بغير الجيش اللي في الحدود..
أحمد منصور: أنت دخلت كما يقولون..
أحمد بن بيلا: دخلت بغير جيش ولا.. ولا جندي.
أحمد منصور: يقولون أنك دخلت على رأس دبابة، وقمت بأول عملية انقلاب عسكري على الجزائر.
أحمد بن بيلا: يا أخي، أنا دخلت بواسطة الولاية الأربعة، الرابعة اللي كانت الحكومة المؤقتة في طرابلس اللي بعدين يصبحوا مع الحكومة المؤقتة، أنا دخلت بالحماية بتاع الولاية الرابعة، ما فيش جندي واحد كانوا لازالوا في الحدود.
القوى الداعمة لبن بيلا قبيل دخوله الجزائر رئيساً للبلاد
(8/171)
أحمد منصور: طب هنا.. هنا فيه مصادر.. مصادر مختلفة قدرت أجمع منها القوى التي كانت تدعمك للدخول، يقولون إنه كان يدعمك عدة قوى، أولاً: الجيش الوطني بقيادة هواري بومدين أو جيش الحدود، ثانياً: فيدرالية فرنسا أو جبهة التحرير الوطني في فرنسا، جبهة التحرير الوطني الفرنسي، الجزائريين المقيمين في فرنسا والذين كانت تربطك بهم علاقات قوية و الذي قلت أن هؤلاء كانوا هم الدعم الرئيسي للثورة الجزائرية، ثالثاً أن ملك المغرب الحسن الثاني كان يدعمك بشدة واتفقت معه -كما تقول المصادر وأنت تؤكد هذا أو تنفيه- على بعض التعهدات بأن تعترض بحق المغرب في ضم موريتانيا إليه، والثانية وإعادة أو منح المغرب منطقة تندوف.. تندوف..
أحمد بن بيلا: أبداً ولا وقع كلام ما بين الحسن الثاني وأنا في هذا الموضوع بالذات هذا وقع بعد الاستقلال، وبعد ما وصل أصبحت أنا رئيس الجمهورية عام بعد دخولي، ولا وقع كلام مع الحسن الثاني على ما جرى ما بين الحكومة المؤقتة والحسن الثاني والاتفاق، يعني غير المعلن بأنها تقع محادثات من بعد الاستقلال.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هنا..
أحمد بن بيلا: ولا وقع ما بيني وبينه.
أحمد منصور: طب علشان أجي لنقطة الحسن الثاني هذه قبل.. قبل دخولك إلى الجزائر، السفير محمد التازي في مذكراته، بيقول: إن في شهر مارس 63 الحسن الثاني أرسل وفد إلى الجزائر لإقامة تعاون في كل المجالات وجاء الحسن الثاني بعدها إلى الجزائر وطلب منك الوفاء بتعهداتك فيما يتعلق بمنطقة تندوف، قلت له أن الأوضاع..
أحمد بن بيلا: بعد الاستقلال هذا..
أحمد منصور: يعني معنى ذلك إن فيه تعهدات سابقة؟
أحمد بن بيلا: لا فيه تعهدات ما بين الحكومة المؤقتة ومحمد الخامس..
أحمد منصور: على؟
أحمد بن بيلا: على أن يفتح هذا الملف بتاع الحدود ما بعد الاستقلال.
أحمد منصور: يفتح ملف الحدود أم فيه تعهدات بالوفاء لهذه التعهدات بعد الاستقلال؟
(8/172)
أحمد بن بيلا: لا..، يفتح الملف، ويبقى حوار يفتح، والحقيقة لأن للفرنسيين قدموا يعني بعض.. بعض الأشياء للإخوان في مراكش على أن يدخلوا معهم في محادثات وربما يدوا لهم بعض.. بعض من القطعة اللي كانوا مسيطرين عليها الفرنسيين، و لكن ما وجدوش وهذه لازم نقطة تقال هذه الكلمة يا أخي هذه لأن محمد الخامس كان حقيقة إنسان إحنا نحترمه، وكان رجل يعني حقيقة..
أحمد منصور: أنت ألم تتعهد لمحمد الخامس؟
أحمد بن بيلا: أبداً ولا تعهدت لواحد.
أحمد منصور: ولم تتعهد للحسن الثاني؟
أحمد بن بيلا: ولا تعهدت لأني ما كنتش أنا في الحكم بكل صراحة كان..
أحمد منصور: لم تكن في الحكم، ولكن الحسن الثاني..
أحمد بن بيلا: كنت في السجن..
أحمد منصور: لا.. لا، أنا أقصد هنا..
أحمد بن بيلا: أبداً.
أحمد منصور: قبل دخولك إلى..
أحمد بن بيلا: أبداً ولا مرة واحدة..
أحمد منصور: أُمَّال لماذا دعمك الحسن الثاني؟
أحمد بن بيلا: دعمني.. ما دعمنيش يا أخي.. دا في إيش دعمني؟ ما إداني حاجة اللي ولا شيء أنا مريت على.. على مراكش بس ومشيت لمصر، ما دخلش من بعد..
أحمد منصور: كان موقف الحسن الثاني منك أيه؟
أحمد بن بيلا: كان موقف..
أحمد منصور: في تلك المرحلة وذاك التاريخ؟
أحمد منصور: كان.. كان مش موقف معادي، بقي في الحقيقة.. في الحقيقة كانت الحكومة المؤقتة موجودة عنده واستقبلهم كحكومة مؤقتة يا أخي ولكنه ما كانش موقفه سلبي مثل موقف بتاع الحبيب بورقيبة، هذا لازم يقال كذلك بكل صراحة، وهذا.. ما اتدخلش لا لصالحي ولا لصالح..
أحمد منصور: لكن من المؤكد أنه كان له موقف.
أحمد بن بيلا: كان له موقف، ولكن الموقف في أيش يفيدني في إيش؟، في ذلك الوقت..
أحمد منصور: تقارير كثيرة بتقول إنه لم يَكُنْ يُكِّنُ لك وداً.
(8/173)
أحمد بن بيلا: لا من قبل هذا بكل صراحة هذه ظهر من بعد أن.. بكل صراحة وربما هذا كان متبادل بش.. بش يعني أنا.. نكون يعني صرحاء، ولكن ولا مرة يعني ظهر هذا.. بالعكس أنا شفته في إشبيلية، الوقت اللي شفت أبوه -رحمه الله- في مدريد واتفقنا وشفته وكان لقاء يعني طيب حقيقة.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: طب سيادة الرئيس حتى أنتهي من هذه النقطة، لأن كثير من المصادر وأنا هنا يؤسفني أن المصادر التي تتحدث عن الثورة الجزائرية معظمها باللغة الفرنسية، وتعبت كثيراً..
أحمد بن بيلا: أيوه، نعم.. نعم..
أحمد منصور: طلبت من بعض الأصدقاء قرءوا بعض المصادر وترجموا لي بعض الأشياء المهمة فيها، باللغة العربية لم أجد إلا مصادر معدودة للغاية وحتى..
أحمد بن بيلا: صح.. صح.
أحمد منصور: لكن يعني أنا بأتمنى أن أكون كل النقاط الرئيسية حرصت إنها تكون موجودة وندرسها بشكل جيد..
أحمد بن بيلا: يا سيدي أنت تسأل وأنت.. وأنا أجاوبك في كل..
أحمد منصور: فيه عدة مصادر، هنا حتى هذه النقطة تحديداً، أريد أن تتكلم بشكل واضح، هل تعهدت للحسن الثاني.. للحسن الثاني قبل دخولك إلى الجزائر في 22 بعد تشكيل المكتب السياسي في 22 يوليو 62، بأن تمنحه منطقة تندوف...
أحمد بن بيلا: أبداً.
أحمد منصور: بعد دخولك وبعد تمام الاستقلال؟
أحمد بن بيلا: أبداً ولا.. ولا حتى ولا حتى تكلمنا في الموقف المسألة بتاع الحدود، أنا قلت لك يعني، هذا الكلام وقع وأنا في السجن، وما.. وفي نفس الوقت أنا ما أهاجمش يعني الأخ فرحات عباس اللي كان رئيس الحكومة في ذلك الوقت، قبل ما يأتي حتى.. حتى بن خدة، هذا هو وقع مع فرحات.. مع فرحات عباس واتصلوا فيه وتعهدوا معاهم على أن نفتح الحوار في هذا من بعد.
أحمد منصور: فتح الحوار.
أحمد بن بيلا: تحت..
أحمد منصور: وليس التعهد بتسليم.
أحمد منصور: لا.. لا ولا مرة، هو راح..
(8/174)
أحمد منصور: ألم تتعهد بدعم الحسن الثاني أيضاً فيما كان يطالب به من ضم موريتانيا إلى المغرب؟
أحمد بن بيلا: أبداً، ولا كان هذا الكلام.
أحمد منصور: فتح معك هذا الملف؟
أحمد بن بيلا: لا أبداً.. أبداً.
أحمد منصور: ولم يطلب منك ذلك؟
أحمد بن بيلا: ولم يطلب مني من بعد كيف أصبحت رئيس.. رئيس جمهورية ما كنتش أنا مع موريتانيا بكل صراحة ما كنتش مع.. لأن..
أحمد منصور: يعني كنت تؤيد ضم المغرب لموريتانيا؟
أحمد بن بيلا: ما كنتش لأ.. ما كنتش حتى أؤيد هذا، حتى جاء.. ما صافحتش رئيسها الموريتاني وأنا في الأمم المتحدة، أتى علشان يصافحني وتعاطيته بالظهر والله. لأن بكل صراحة ما كنتش مع.. مع تقسيم يعني..
أحمد منصور: أنا هنا برضو حتى أنتهي من هذه النقطة السفير التازي قال إنك وعدت الحسن الثاني حينما زار الجزائر في..
أحمد بن بيلا: السفير التازي؟
أحمد منصور: آه محمد التازي، هذا سفير مغربي، كتب مذكراته وكان قريب يقول: أن.. وكان مع الحسن الثاني في زيارته هذه، يقول: أنك وعدت الحسن.. أو تعهدت للحسن الثاني وعدته بأن قرار إعادة تندوف إلى المغرب حينما جاء لزيارة الجزائر أول مرة بعد الاستقلال، هو قرار لا رجعة فيه، ولكن طلبت منه أن يتريث.
أحمد بن بيلا: أبداً.. أبداً ولا وقع مع الحسن الثاني كلام عن الحدود أبداً.
أحمد منصور: أنا أعود هنا إلى 22 يوليو 1962 انتقلت من المغرب إلى تلمسان وقمت بتشكيل مكتب سياسي مهمته تسيير البلاد وسعيت للإطاحة بالحكومة المؤقتة ودخول الجزائر عبر جيش الحدود الذي كان يتزعمه بومدين.
أحمد بن بيلا: دخلت.. دخلت فعلاً لتلمسان تطبيقاً لما اتفقنا فيه في طرابلس مع الجماعة الذين كانوا معايا واللي كانوا هُمَّ يعني..
أحمد منصور: مين اللي كان بيدعمك الآن سيادة الرئيس؟
أحمد بن بيلا: يا أخي أنا قلت لك كان كل الجيش اللي في الحدود، الحدود المراكشية والتونسية وتلات ولايات.
(8/175)
أحمد منصور: ما هي الولايات التي دعمتك؟
أحمد بن بيلا: الخامسة والسادسة والواحدة..
أحمد منصور: ممكن.. لهم أسامي أم..؟
أحمد بن بيلا: لا، لهم أسامي كل الولاية بتاع وهران مثلاً..
أحمد منصور: كل ولاية وهران..
أحمد بن بيلا: الغرب الجزائري أوراس والصحراء تقريباً نص.. كل الصحراء تقريباً الجزائر، ها.. ها الولايات التي كانت..
أحمد منصور: من الذين كانوا..؟
أحمد بن بيلا: ولكن.. ولكن، سامحني.. سامحني.
أحمد منصور: اتفضل يا سيدي.
أحمد بن بيلا: هذه من بعد تطورت الأشياء، لكن في.. في طرابس، كل الولايات انتخبت عليه، عليَّ الولايات ما عدا تلات أصوات.
أحمد منصور: الآن مين الولايات اللي كانت ضدك هنا في تلمسان؟
أحمد بن بيلا: في تلمسان كانت فيه تلاتة.. تلات ولايات، كانت الولايات.
أحمد منصور: يعني تلاتة معك وتلاتة ضدك.
أحمد بن بيلا: نعم هذا اللي كان، يعني بعد.. أما في.. في طرابلس كل الولايات انتخبت عليَّ، حتى الولاية بتاع بلاد القبائل، الولاية الرابعة..
أحمد منصور: الآن أنا..
أحمد بن بيلا: الولايات الثانية فاقت الولاية..
أحمد منصور: تغير الزمان يا سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: سامحني.. سامحني، الولاية الثانية فقط مش كلها خمس أصوات، اتنين معايا وتلاتة ضدي، أما الآخرين هنا.. معناها تلاتين صوت، سبعة وعشرين معايا ها اللي كان في طرابلس، بعدين تطورت الأشياء، وأصبحت تلات ولايات ضدي، ولكن.. ولكن دخولي.. دخولي بيش يكون.. تكون الصورة واضحة.
أحمد منصور: أعطني الصورة واضحة.
مدى حقيقة دخول بن بيلا الجزائر العاصمة بواسطة الجيش
أحمد بن بيلا: دخولي للجزائر مش بواسطة الجيش أو حتى الولايات التي كانت معايا، دول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل المصادر بتقول إنك دخلت بالجيش.
(8/176)
أحمد بن بيلا: دخلت.. دخلت وحدي، دخلت بواسطة الولايات اللي اللي انضمت اللي كانت ضدي، الرابعة مثلاً.. الرابعة، الجزائر العاصمة الرابعة أنا كيف دخلت للجزائر؟ ما.. ما دخلتش مع الجيش اللي في الحدود، ولا واحد دخل، كان لا يزال في الحدود، دخلت بواسطة الولاية الخامسة اللي كانت معايا وهران، والرابعة اللي قبلت هي.. ما جيش.. ما جاش المسؤولين بتاع الولايات الخامسة وهران لمعايا للجزائر لأ، الإخوان اللي كانوا.. الولاية الرابعة، أنا دخلت بحماية بتاعهم، ولا فيه واحد من الجيش اللي في الحدود..
أحمد منصور: على رأس دبابة دخلت؟
أحمد بن بيلا: على رأس دبابة؟! معي أخ اسمه حسان اللي كان رئيس الولاية الرابعة اللي كان ضدي.
أحمد منصور: كل المصادر بتقول إن في الثالث من سبتمبر أصدرت.. أصدر أحمد بن بيلا أوامره إلى قوات جيش التحرير بالزحف على مدينة الجزائر حيث كانت الحكومة المؤقتة تواصل نشاطها فيها، وفي التاسع من.. من سبتمبر دخلت مع بومدين.. دخل بومدين بجيشه مدينة الجزائر.
أحمد بن بيلا: لا أبداً..
أحمد منصور: وأوقف نشاط حكومة..
أحمد بن بيلا: لا أبداً ما دخلش معاي الجزائر وشوف الصور أبداً، ولا دخل مع جيش.
أحمد منصور: بعد كم دخل؟
أحمد بن بيلا: دخل بعدين كيف.. كيف وصله الجيش اللي كان في الحدود وقرر إنه يدخل، هذه.. هذه اللي وقعت هذه الأزمة وقعت تقريباً 8 شهور بعدين..
أحمد منصور: توقعت سيادة الرئيس أن تحدث مواجهات مسلحة بينكم وبين..؟
أحمد بن بيلا: لا والله شيء وما وقعت سيدي أنا.. أنا أجزم بهذا، ولا كان طلقة واحدة، أنا دخلت العاصمة ما فيش طلقة واحدة ولا فيه و أحد جريح أبداً، دخلت واستلمت الحكم ولا طلقة واحدة.
(8/177)
أحمد منصور: قبل أن تدخل أيضاً كانت الأجواء مشحونة، في 25 يوليو كريم بلقاسم، نائب رئيس الحكومة المؤقتة ووزير الداخلية ورئيس الوفد المفاوض في إيفيان ومحمد بوضياف اللي كان وزير دولة أيضاً في الحكومة والذي أصبح رئيس للجزائر بعد ذلك بدءوا في تنظيم معارضة ضد الحكومة المؤقتة، يعني حدثت حتى داخل الحكومة المؤقتة...
أحمد بن بيلا: آه، هذا وقع.. هذا وقع.. هذا وقع.
أحمد منصور: انقسامات.
أحمد بن بيلا: هذا وقع.
أحمد منصور: في 3 سبتمبر أنت غادرت مدينة وهران، مشيت إلى الجزائر دخلتها في 9 سبتمبر برفقة جيش الحدود، كله بيقول..
أحمد بن بيلا: لا، أبداً.. أبداً، ولا جيش الحدود.. أبداً.
أحمد منصور: أنت الآن تقول معلومة أخرى تختلف عن كل المصادر.
أحمد بن بيلا: أبداً.. لا هذه هي وهذه ممكن يعني تحقق وكل الجزائريين الذين شاركوا في ذلك الوقت..
أحمد منصور: طب وضح لنا دخلت مع مين ودخلت إزاي؟
أحمد بن بيلا: دخلت.. دخلت.. دخلت من.. من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت تعرف أن كل هذا التاريخ كتب وأنت في السجن.
أحمد بن بيلا: آه ربما.
أحمد منصور: وأنت لم تكتب أي مذكرات.
أحمد بن بيلا: ولا ولا.. ولا كتبت..
أحمد منصور: ولم ينقل أحد عنك شيء.
أحمد بن بيلا: أبداً.. أبداً..
أحمد منصور: وربما هذه الشهادة ستكون هي تاريخ بن بيلا الحقيقي.
أحمد بن بيلا: وهي.. هذا هو التاريخ.. هذا هو التاريخ.
أحمد منصور: قل لنا التاريخ سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: التاريخ هو أن..
أحمد منصور: قل لنا ما حدث بدقة حتى كل هذه المصادر تعيد صياغة تاريخها..
(8/178)
أحمد بن بيلا: شوف الحقيقة هو فعلاً الأزمة اللي وقعت في طرابلس كانت.. كانت مفتعلة يعني على أن لا نصل للنهاية وناخد قرار أما أنت تعرف إحنا.. إحنا اشتغلنا أيام تعرف بأن القرارات المقررة.. لا تتخذ يعني من البداية في الجلسة المعلنة للرئيس.. تقع بره، يعني تقع يعني، مثل ما كل الثورات هذه حقيقة يعني القرارات المهمة في حوار دائم ليل نهار في اللوكاندة اللي عايشين فيها وفيه أشغال.. فيه أشغال متتالية حتى نصل لنتيجة وبعدين نمشي للجلسة المعلنة علشان.. نعلن النتيجة بكل صراحة، هذا معروف يعني، وهاي الطريقة اللي كان ماشي فيها يعني لجنة.. لجنة الثورة الجزائرية، فهذا اللي وقع وكان معروف بأنه حقيقة كان لازم تغيير يعني، كان لازم لأن فيه أزمة، أو الأزمة هذه تفض في الخارج أو تفض في الداخل وربما حرب أهلية وهاي اللي وقع، إحنا اتصلنا.. إحنا استطعنا نمشي على أن نحل المشكل في طرابلس وفعلا وقعت مداولات إلى آخره، ووقت القرار اللي كان معروف 3 إحنا دخلنا.
أحمد منصور: إحنا تكلمنا عن هذه.. أنا الآن.
أحمد بن بيلا: 3 مش كل الجماعة الأخرى 3 فقط دخلوا لتونس.
أحمد منصور: ماشي.. ماشي.
أحمد بن بيلا: أيوه، هذا هو والجماعة اللي كانوا.. الذين كانوا معايا بل بما فيهم فرحات عباس طلب مني على أن نعلن النتيجة لأن الأغلبية لنا إلى آخره.
أحمد منصور: سيادة الرئيس كررنا هذا مرتين إحنا الآن.
أحمد بن بيلا: كررنا هذا.. لا هذا.
أحمد منصور: الآن في داخل الجزائر نفسها.
أحمد بن بيلا: أنا عثرت على هذه لأن كان لازال الاستفتاء، أنا أتفق إن بأيدنا ننتظر الاستفتاء والاستفتاء يعني يقضي بإنه الجزائر مستقلة، يبقى المشكل ما بيننا في ذلك الوقت، قلت في ذلك الوقت نجتمع في.. في تونس ونعلن على.. على هذه النتيجة اللي.. اللي إحنا وصلنا إليها إحنا هذا اللي وقع، و.. دخلت الجزائر بغير طلقة واحدة مش بالجيش، لأ.
أحمد منصور: قل لنا دخلت إزاي.
(8/179)
أحمد بن بيلا: دخلت والله.
أحمد منصور: الكل بيقول إنك دخلت على رأس دبابة مع الجيش، قل لنا أنت دخلت إزاي.
أحمد بن بيلا: لا سيدي الدبابة أبداً ولا فيه دبابة، الدبابة كانت في.. في.. في الجزائر، وكانت الولاية الرابعة هي اللي.. اللي مسيطر على الولاية والولاية الرابعة ما كانش معايا والله، ربما كانوا معايا معنوياً إلى آخره، ولكن بتطورات وقعت في الداخل في العام في.. وبعدين يصلحوه مع.. مع الحكومة المؤقتة، لكن كانوا شوية عندهم موقف حيادي في ذلك الوقت، وفي طرابلس انتخبوا لصالحي، هم اللي.. هم اللي.. هم اللي كانوا.. هم اللي نظموا الحماية بتاع دخولي، وكان الدخول كذلك ورا الشعب كله.
أحمد منصور: تفتكر الأسماء بتاع القيادات اللي ساعدتك على الدخول؟
أحمد بن بيلا: نعم سيدي؟
أحمد منصور: تذكر أسماء القيادات والشخصيات التي رافقتك في الدخول؟
أحمد بن بيلا: أغلبيتهم كان.. كان.. كانوا من الولاية الرابعة.
أحمد منصور: آه يعني تفتكر أسامي، تفتكر.
أحمد بن بيلا: آه فيه.. فيه.
أحمد منصور: أنا عارف -ربنا يديك الصحة- أنت في الـ 89 ولكن..
أحمد بن بيلا: فيه.. فيه العقيد.. فيه العقيد حسن فيه العقيد بروجيه مش عقيد يعني كومندان الرائد بروجية منهم هادول هم 5 أو 6.
أحمد منصور: كنت تدرك أن بومدين بالجيش أيضاً يقف خلفك لدعمك؟
أحمد بن بيلا: أي نعم، بومدين ولكن 3 ولايات في الداخل، أوراس والولاية الخامسة ثم..
أحمد منصور: كيف دخل جيش الحدود إلى العاصمة بعدك؟
أحمد بن بيلا: بعدين يدخلها الجيش دخل.. دخل الجزائر ودخل بالخصوص العاصمة بعدين دي سنة.. بعدين وقعت من أن.. لذلك الوقت مشكلة كانت الولايات.. مشكلة كانت الولايات.
أحمد منصور: كيف كانت مشكلة الولايات في ذلك الوقت؟
(8/180)
أحمد بن بيلا: المشكل هو يا أخي أساساً هو في رأيي كل الثورات إلا ولقى وعرفته وهو الثورة تتنظم بشيء يعني مثلاً وتستمر على.. على عدم يعني المركزية، على المركزية يعني مثلاً بتاعة الجهات ويعني بتاع الحرب هو اللي فرض هذا بكل صراحة، لأن يعني العمل يكون.. يكون متفق ما يكونش يعني موحد حتى يعني كل..
أحمد منصور: يعني كانت كل ولاية لها نظامها وجهازها ومستقلة تقريباً.
أحمد بن بيلا: لها نظامها وتقريباً جيش وتقريباً حتى دولة والله يعني حتى فيما يخص يعني لأن هي اللي قائمة بالتنظيم، فلمدة 7 سنين وهم في هذا.
أحمد منصور: هل كان هناك مخاوف إن هذا النظام يؤدي إلى تفكيك الجزائر؟
أحمد بن بيلا: أيه كان مخاوف. كان فيه مخاوف.
أحمد منصور: كان فيه.
أحمد بن بيلا: لأن هذه هذه وقعت في تونس، هذه وقعت في.. في.. في المراكش ووقعت في كل الثورات والله هذه وقعت، فيعني في 6 بتاع.. بتاع يعني النظامات اللي ولها.. ولها فضل كبير في الحقيقة وقت الثورة، وبعدين تكون جيش واحد، جيش واحد هذه تكون مشاكل هذه تكون مشاكل، وهذا الكلام ممكن يعطوه إلى آخره ممكن إذا تريد نفسحوا.
أحمد منصور: أنت.
أحمد بن بيلا: مجال.. في ذلك الوقت كانت عندنا 6 بتاع الولايات، الولاية موجودة الجيش اللي بره ما دخلش أبداً، دخل بعدين 6 شهور، 8 شهور بعدين وكانت الأزمة مع الولايات أما في ذلك الوقت لأ، أنا دخلت تحت الحماية بتاع الولاية الرابعة.
أحمد منصور: دخولك أما كان يعتبر انقلابا على الحكومة المؤقتة؟
(8/181)
أحمد بن بيلا: لا أبداً مش.. لا أبداً أبداً، بالعكس يا أخي هذه الحكومة لدرجة ما لهاش.. ما لهاش نفوذ، يعني أنا دخلت للجزائر هم مشوا لتيزي أوزو على إنهم معارضة، لكن بعدين بشغل فرنسا، أنا دخلت بغير طلقة، دخلت الجزائر بغير طلقة.. بغير جرح واحد أبداً أيش تكون هذا كان هش يعني هذا حقيقة يعني كانت الناس كلها تريد تغيير جذري داخل القيادة ودخلت للعاصمة بغير طلقة واحدة، ثم فعلاً كان شيء وهو شعب رافض أي مواجهة ما بين.. ما بين الأطراف المتصارعة وخرجوا للشارع وأعلنوا بطل واحد وهو الشعب.. مثلاً بطل واحد وهو الشعب فيه الجدران، في كذا.. ولا نريد يعني حرب ولا نريد نقطة دم يعني تسيل في.. في البلاد، كان حقيقة يعني الهجوم بتاعي استنكار يعني يقع أي شيء اصطدام ما بينهم.
أحمد منصور: آية أحمد، سعد دحلب كان وزير خارجية وآية أحمد.. حسين آية أحمد كان وزير دولة في 25 يوليو أيضاً استقالوا من الحكومة وبدأت الحكومة يعني تقريباً تتفكك و.. وتنتهي، هل كان دخولك الفعلي إلى الجزائر في 9 سبتمبر 1962 كان يعتبر نهاية للحكومة المؤقتة؟
أحمد بن بيلا: سيدي، كانت فيه اتفاقات مع.. مع فرنسا، والاتفاقات مع فرنسا تقضي ببعض من المراحل، مثلاً بأنه لازم دستور للبلاد، قبل التاريخ الفلاني، ولازم انتخابات قبل التاريخ الفلاني، وقعت 2 مرات انتخابات برلمانية وانتخاب تحت دستور، في هذه الفترة اللي أنا استمريت فيها سنتين ونصف كان مملوءة بالنشاطات، مرتين وإحنا بننتخب على البرلمانات، معناها مع دخولنا...
أحمد منصور: لا أنا هنا سيادة الريس.
أحمد بن بيلا: سامحني، مع دخولنا إحنا دخلنا.. دخلت في سبتمبر في سبتمبر.. في نهاية سبتمبر الانتخابات.
أحمد منصور: 20 سبتمبر.
أحمد بن بيلا: آه، هذا.. هذا قرار بتاع اتفاق ما بيننا وبين فرنسا، ثم الجيش الفرنساوي مازال 240 ألف جندي موجودة داخل الجزائر إحنا ما دخلش أنا في بلاد يعني ما شاء الله يعني..
(8/182)
وضع الجزائر عند تولي بن بيلا السلطة
أحمد منصور: طب قبل.. قبل انتخابات 20 سبتمبر ودخولك في 9 سبتمبر إلى الجزائر العاصمة، كيف كان صورة الوضع؟ صف لنا الوضع في الجزائر حينما دخلتها 9 سبتمبر.
أحمد بن بيلا: بكل صراحة.
أحمد منصور: من كل النواحي.
أحمد بن بيلا: بكل النواحي كان الحمد لله ولا فيه شيء ولا فيه.. ولا فيه..
أحمد منصور: لأ، قل لنا الصورة ووضع الفرنسيين كانوا أيه؟ وضع الجزائريين كانوا أيه؟ الوضع الاقتصادي كان أيه؟ الوضع السياسي كان أيه؟
أحمد بن بيلا: الفرنسويين.. الفرنسويين بصفة عامة كان.. كان وضعهم معروف تقريباً أغلبيتهم كلها رحلت وراحت لفرنسا خوفاً من..
أحمد منصور: دول المستعمرين.. المستوطنين؟
أحمد بن بيلا: كل المستعمرين تقريباً، أغلبيتهم.
أحمد منصور: ودول كانوا بيزيدوا على مليون؟
أحمد بن بيلا: كانوا يزيدوا.. كانوا.. كانوا مليونين.. كانوا مليونين ونصف فرنساوي عندنا آه.
أحمد منصور: طيب، حينما بدأ هؤلاء يخرجون بدأ رجالك أنت رجال الثورة.
أحمد بن بيلا: يخرجون.
أحمد منصور: يستولوا على هذا الممتلكات بدون أي نظام وبدون أي تخطيط.
أحمد بن بيلا: نعم هذه وقعت هذه من بعض.. من بعض المشاكل اللي وقعت ومش رجال الثورة أو وغير رجال الثورة اللي.. اللي.. الذين اشتغلوا ودفعوا ثمن إلى آخره ففي كل..
أحمد منصور: ليس هناك ثمن يعني مثلاً كان مستعمر جزائري له قصر أو بيت وله أراضي ممكن العمال اللي عنده كانوا يستولوا على هذا.
أحمد منصور: أو يأتي ضابط من الجيش ويستولي على هذا.
أحمد بن بيلا: لا أبداً، ولا فيه جزائري واحد كان عنده ممتلكات من هذا النوع.
أحمد منصور: لا.. لا، أنا بأقول الفرنسيين.
أحمد بن بيلا: الفرنسيين نعم.
أحمد منصور: حينما كان يخرج الفرنسي كان الجزائري.
أحمد بين بيلا: نعم الجزائري هو اللي يحتل.
(8/183)
أحمد منصور: لكن كان من المفترض إن هذا الدولة تأخذ كل هذه الأشياء وتوزعها باختصاص على الناس.
أحمد بن بيلا: ولكن يا أخي.. ولكن يا أخي هذا يعني في الحلم، يعني كأن الإنسان يحلم توقع الأشياء هيك، أما كي تقع فأنا ما أتصورش الأشياء سامحني والله.
أحمد منصور: طيب.
أحمد بن بيلا: الفرنسي يخرج والجزائري اللي كان يشتغل عنده ياخد المكان بتاعه متى..
أحمد منصور: بقى 250 ألف جندي جزائري.. فرنسي كانوا في الجزائر حينما دخلتها؟
أحمد بن بيلا: 200، 240 ألف جندي فرنساوي موجودة في الجزائر، وهذه يعني على حسب المقررات بتاعة إيفيان.. اتفاق إيفيان، لأن مش فقط الفرنسيين يعني فرضوا عندنا، لأ هذا اتفاقية إيفيان، وكانت نظراً لربما حماية بعض الفرنسيين الذين يبقوا في الجزائر إلى آخره، فكانت الإخوان مضوا معهم الاتفاق وإحنا الاتفاق هذا يعني ما.. ما رفضناش بالعكس يعني قبلناه يعني.
حيثيات انتخابات سبتمبر/ أيلول 1962 بالجزائر
أحمد منصور: أقيمت انتخابات في 20 سبتمبر 1962 ووصفت هذه الانتخابات بأنها كانت انتخابات صورية.
أحمد بن بيلا: لا أبداً والله ولا صورية ولا شيء.
أحمد منصور: وأنك قمت بتصفية كل من كانوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية ولم تُبقِ إلا أصحابك الذين يدعمونك فقط.
أحمد بن بيلا: لا أبداً هذا.. هذا كلام، البرلمان الأول كيف. كيف أولاً.. كيف صنعناه؟ صنعناه بواسطة الولايات يا أخي.
أحمد منصور: ينفع بلد بعد الاستقلال بـ 10 أيام تعمل انتخابات؟
أحمد بن بيلا: آه نعم، ولكن كانت..
أحمد منصور: يعني أنت دخلت في 9 سبتمبر، 20 سبتمبر تعمل انتخابات!!
(8/184)
أحمد بن بيلا: ولكن.. ولكن كانت.. كانت اتفاقية.. اتفاقية إيفيان كان لازم نطبق وفرنسا عندها 240 ألف عسكري وممكن تتردد إلى آخره، ولهذا كون الانتخابات اللي كانت.. أخذنا من كل الولايات حتى الولايات اللي كانوا ضدها أخذنا منهم في البرلمان وكان.. كان آية أحمد في البرلمان مثلاً آية أحمد كان في البرلمان وكان عنده موقف معادي للحكم إلى آخره معروفة دي مش هو فقط يعني، كل الولايات 3 ولايات هذه اللي كانت معنا كان ضدنا كان.. كان عندهم معارضين داخل البرلمان وبودي والله لو قارنت بعض النصوص بتاع المداولات، كان برلمان حي، وكانت معارضة حقيقية وكان كذلك حكم يعني واجه هذه المعارضة.
أحمد منصور: لكن سعد دحلب (وزير الخارجية) في كتابه "من أجل استقلال الجزائر.. مهمة تم القيام بها "يقول: إن بن بيلا هو أصل الأزمة الجزائرية التي وقعت في العام 62 وقد دشن نظامه بالقهر والاضطهاد ضد خصومه وأصدقائه.
أحمد بن بيلا: هذا كلام يا أخي، هذا كلام، وأنا أقول لو كنت يعني بالقهر وبكده ما كانش عندي يعني فرصة على أن أدخل بالجيش خليته في الحدود، أنا أدخل بالواسطة بتاع الجيش اللي كان في الداخل اللي معايا واللي ضدي وبالخصوص العاصمة ما كانش فيه.. الولاية اللي كانت معايا، كانت الولاية اللي ضدي، وبلاد القبائل مش بعيدة كذلك عن العاصمة، ولهذا دخلت في أرض اللي ما عندي يعني حماية فيها ودخلت بواسطة هادول لأن هادوا كانوا يضمروا في أنفسهم بأن أنا أحق من.. من الآخرين، وفعلا ما وقع حتى شيء ولا وقعت مواجهة، ولا وقع ضرب ما بيننا ولا رصاصة واحدة.
أحمد منصور: ما هو تقييمك لهذه الانتخابات التي أجريتها في سبتمبر 1962.
(8/185)
أحمد بن بيلا: والله كانت انتخابات ممتازة والله، أنا قلت لك شوف ما كانش عندي كانت ما عنديش أغلبية كبيرة داخل البرلمان -بيش تكون في الصورة- ما كانش عندي أغلبية كبيرة، كانت معارضة وفي الانتخابات اللي وقعت، فرحات عباس اللي كان رئيس المجلس أخذ أصوات أكثر مني، يعني رئيس البرلمان..
أحمد منصور: هو أصبح فرحات عباس رئيس الجمعية الوطنية.
أحمد بن بيلا: أي نعم.. أنا.. أنا اللي رشحته يا أخي.
أحمد منصور: رشحته ثم أقلته بعد ذلك، ونفيته إلى الجنوب.
أحمد بن بيلا: لا قد.. نعم، ولكن كان ضد الجماعة الآخرين، في ذلك الوقت كان معاي.
أحمد منصور: ورقة يلعب بها في مرحلة.
أحمد بن بيلا: والله هو ما أنا ما ألعبش، والله أنا معروف -يا أخي- اتجاهاتي معروفة إلى يومنا هذا، إلى يومنا هذا ما غيرتش والله، رئيس حكومة، ولا رئيس جمهورية ولا مناضل اليوم مازال البقاء على نفس الدرب على.. هذا كل.. الكل يعرفه، مش أنا اللي غيرت يا أخي.
ثورة.. المعروف هو فرحات عباس كان عنده ماضي، ما أقولش يعني راجل عنده فضله، وعنده.. عنده يعني مزايا، إلى آخره، الثورة مش هو اللي.. اللي.. اللي كان معاه، مش هو اللي كون البنية اللي انطلقت منها، في وقت ما كان.. كان يظن بأن لازم الجزائر تصبح داخل فرنسا، ولسنين عديدة هو يعني ينوي ويعمل على أن نصل لهذه النتيجة، ولكن ما وقعتش اللي وقع.. وقع الثورة، ولكن على أن نجمع شملنا.
أحمد منصور: هل أنت ألقيت القبض على الأخضر بن طوبال؟
أحمد بن بيلا: أبداً ولا مرة.
أحمد منصور: ولا مرة.
أحمد بن بيلا: ولا مرة.
أحمد منصور: بعد هذه الانتخابات أعلنت رفض اتفاقية إيفيان لأنها تعترف بحرية التملك للمواطنين، وبدأت التوجه الاشتراكي للجزائر.
أحمد بن بيلا: اتفاقية إيفيان كانت اتفاقية لازم.. كانت اتفاقية مؤقتة، لازم نمر عليها، ولو.. لو.. ولو دواء مر، لكن لازم دواء.
(8/186)
أحمد منصور: لكن إعلان إلغاء الاتفاقية هو دخول في تحدي مباشر مع فرنسا.
أحمد بن بيلا: لأ والله أنا ما أدخلش في.. في.. لا بالعكس كانت عندنا علاقات لا بأس بها مع فرنسا، بكل صراحة، بداية..
علاقة حكومة بن بيلا بفرنسا وديغول
أحمد منصور: قل لي العلاقات مع فرنسا كان شكلها أيه؟
أحمد بن بيلا: كانت كويسة ما.. ما عدا..
أحمد منصور: لأن فيه أيضاً هناك من يشير إلى أن الفرنسيين كانوا راضيين عن مجيئك رئيساً للجزائر، بل دعموا هذا الاتجاه.
أحمد بن بيلا: ليه.. ليه.. ليه يعني، ليه؟ والله بودي نعرف ليه. أنا اللي خرجتهم مع ناس آخرين، وبعدين أنا اللي أخذت لهم الأراضي بتاعهم، ولا مرت عام حتى أخذت مليونين ونص ما خليتلهمش هيكتار واحد. وأنا اللي..
أحمد منصور: دي أرض الجزائريين في النهاية.
أحمد بن بيلا: نعم؟
أحمد منصور: هي أرض الجزائريين في النهاية.
أحمد بن بيلا: أرضنا يا أخي.. يا أخي، في أيه إن أنا اتساهلت مع الفرنسيين، كان فقط عندهم رجل عظيم اسمه ديجول، وبنوعية يعني عمله هو حتى مع فرنسا، حرر فرنسا إلى آخره يفهم ربما يعني رغبتنا في التحرر وكذلك، أكثر من الآخرين، وكان..
أحمد منصور: كيف كان علاقتك بديجول؟
أحمد بن بيلا: كانت علاقتي مليحة بديجول، لكن هو ربما اللي لعب دور هو، دوري في داخل الجيش الفرنساوي في (كاسينو)، وإلى آخره.
أحمد منصور: يعني أنت ديجول حينما تعامل معك الآن على أنت.. على أنك رئيس للجزائر كان يذكر أنك كنت أحد جنود الجيش الفرنسي، وأنه قلدك وسام؟
أحمد بن بيلا: نعم، مش.. مش عارف هذا بس، بيعرف كل يعني المدالية اللي.. اللي.. اللي.. يعني هو بنفسه يعني قلدها إليَّ في.. في.. في (كاسينو) إلى آخره، ولكن هو كان رجل فرنساوي بالدرجة الأولى، ورجل يعني عنده نظرة استراتيجية وشاهد بأن هذا الاستعمار بالنوع اللي كان فيه من.. من قبل انتهى.
الصراع على الهوية في الجزائر بعد الاستقلال
(8/187)
أحمد منصور: كان فيه هناك صراع داخل للجزائر في تلك المرحلة حول الهوية، بعد 132 عاماً من الاحتلال الفرنسي من عمليات التغريب، من إلغاء اللغة العربية تقريباً في معظم المدن والمناطق الرئيسية، من اعتماد الفرنسية كلغة أساسية للبلاد، من معاملة الجزائريين على أنهم من رعايا الدولة الفرنسية، بعد كل هذا حصلت الجزائر على الاستقلال، وبدأ ما يسمى بصراع الهوية.. دكتور توفيق الشاوي..
أحمد بن بيلا: لا.. لا ما بقاش والله، هذا..
أحمد منصور: دكتور توفيق الشاوي تعرفه؟
أحمد بن بيلا: من هو؟
أحمد منصور: دكتور توفيق الشاوي.
أحمد بن بيلا: لا، أعرفه كويس والله.
أحمد منصور: تعرفه جيداً.
أحمد بن بيلا: أعرفه وزميلي والله.
أحمد منصور: توفيق الشاوي كتب مذكراته وقال إن هو كان علاقته طيبة معك ومع الثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: وأنه كلف من قبلك حتى بإعلان بيان الاستقلال وبعمل بعض الترتيبات للدستور، وأن كان هناك صراع في تلك المرحلة حول الهوية، حتى المصادر الأخرى، حتى بعض المصادر الفرنسية..
أحمد بن بيلا: لأ ما كانش..
أحمد منصور: تكلمت حول صراع الهوية فيما يتعلق بهل الجزائر عربية إسلامية، أم الجزائر دولة اشتراكية علمانية؟
أحمد بن بيلا: لا والله يا سيدي الحقيقة هذا كلام، أنا أحترم الأخ توفيق الشاوي، ولكن بيني وبينك وأصارحك هو من الإخوان المسلمين. صح.
أحمد منصور: نعم، ما أنت آويت الإخوان المسلمين عندك، وعبد الناصر كان..
أحمد بن بيلا: نعم والله أنا كنت.. كنت أصلي معاهم والله، أنا أصلي مع الهضيبي، كل جمعة نصلي مع الهضيبي، نعم، ولكن ما اتفقتش بعدين معاهم، لأسباب بلاش يعني إننا نتكلم عنها.
(8/188)
أحمد منصور: بغض النظر يا.. يا سيادة الرئيس، إحنا هنا بنتكلم عن أحداث تاريخ، فلان ينتمي إلى هذا، أو فلان ينتمي إلى هذا، قضية الانتماءات لا تقيم، الناس لا يقيموا بانتماءاتهم، وإنما يقيموا بآدميتهم وأدائهم لما يقومون به تجاه بلادهم وتجاه الآخرين.
أحمد بن بيلا: أي نعم، نعم، لا أنا معك أنا معك.. أنا معك.. أنا معك في.. لابد تكون في الصورة، يعني الجانب الإسلامي أنا أفتخر به، هذا أعرفه، وعملت عليه، وإلى اليوم أعمل به يعني، وإذا تسألني أنا نقول لك أنا مسلم، قبل ما..
أحمد منصور: لا أنا هنا..
أحمد بن بيلا: لا بيش.. بيش تكون في الصورة.
أحمد منصور: طيب أنا هأقول لك هنا..
أحمد بن بيلا: يعني الشاوي.. الشاوي كان من الإخوان المسلمين، وكان.. لكن كان من العناصر (...) اللي تعاملت مع الثورة الجزائرية، وعانق الثورة الجزائرية، وبعدين طلب منه الأخ خيضر على أن يرحل من.. كان في مراكش على أن يتعاون معانا، وأنا ما كنتش مع هذا الموقف، لأن عبد الناصر، وعندما مشكل مع ناصر، ووقع المشكل، أكثر من هذا إحنا مشينا زرنا مصر، وأخذه الأخ خيضر معاه، أخذناه في مصر، هو مش مرغوب فيه.. في مصر، ووقعتنا مشاكل مع الأخ ناصر، وكذلك حاول في اليوم.. اليوم.. اليوم.. اليوم اللي.. اللي.. اللي يعني.. يعني كانت شفنا.. يعني على.. اللي عالج لنا المسألة بتاع.. بتاع الدستور حاول يدخل بعض الأشياء يعني الإسلامية اللي شفتها أنا، مش اللي..
أحمد منصور: هو قال إن برغبة منك أنت.
أحمد بن بيلا: أنا طلبت منه..
أحمد منصور: وإن الآخرين همَّ اللي اعترضوا، فرحات عباس والآخرين.
أحمد بن بيلا: لا.. لا.. لا ما كانش هذا، لأ، اللي كان حقيقة في ذلك الوقت بكل صراحة ما كانش المشكل بتاع الهوية، ما كانش مطروح في ذلك الوقت المشكل بتاع الهوية، وبنقول لك خلي.. لأ اسمح لي..
(8/189)
أحمد منصور: الكلام دا ذاكرة أنا.. أنا.. أنا هأسيب توفيق الشاوي، لكن أرجع لسعد دحلب، قايل نفس الكلام.
أحمد بن بيلا: لا هو سعد دحلب يا أخي كان من الخصوم بتاعنا، بكل صراحة..
أحمد منصور: ما هو كاتب عن قضية الهوية.
أحمد بن بيلا: لا.. لا، ثقني ليه ما وقعش، لأن كان.. كانت فخ فرنساوي، كانت خطة على أن الجزائر تنهار في البداية، ما يبقاش معلم واحد فرنساوي، يا الله مش واحد، لكن هناك قومية ولا مافيش، انسحبوا يعني بالجملة على أن الجزائر لا تيجي.. تنهار تماماً، وأنا توجهت للإخوان العرب وطلبت يأتونا بالمعلمين، التعريب وقع من يوم الاستقلال، ما فيش مشكل الهوية كانت في ذلك الوقت، وبكل صراحة، حتى مسألة الأمازيغية ما كانتش مطروحة، مع آية أحمد، المشكلة اللي وقعت سياسة كان يعني هو يعني كان ضد الحكم.. الحكم الفردي، كان مشكل سياسي يعني ولا مشكل ثقافي، أبداً، المشكل الثقافي أتانا بعدين، والله بعدين.. بعدين، أما في البداية التعليم مشى يا أخي، والجزائر عربية، وأزيد لك أكثر من هذا حتى في الفن المعماري إحنا أتينا بمصطفى موسى المعماري العظيم هذا كل البنيان بتاعنا الجديد في ذلك الوقت هو اللي قام به.
أحمد منصور: هذا كان وفدي، وأنت كنت.. عبد الناصر يقول لك أنت تجمع المعارضة المصرية عندك.
أحمد بن بيلا: ما يهمنيش أنا وفدي، أنا شايف منه بأن هو خامس معماري في العالم، وهو رائع وممكن..
أحمد منصور: ألم أقل لك ألا يقيَّم الناس بانتماءاتهم وإنما بعطائهم وبآدميتهم.
(8/190)
أحمد بن بيلا: أنا والله.. ولا.. هذا.. هذا هو اللي كان، أنا عارفه، وحتى ناصر اليوم اللي طلبته منه قال لي يا أخي هذا وفدي وما أعرفش أيه، قلت له يا أخي وفدي ولكن هذا معماري، وأنا عايز يكون عندي يعني بناء 9 آلاف قرية دُمر، نبني بمسحة عربية، وهذا يدي لي هذا، ومتفق معاي، وفي النهاية جاء، هو اللي بنى قصر الأمم، هو اللي بنى لنا يعني الجامعة في.. في قسطنطين، هو اللي بنى لنا الأشكال الرائعة اللي أراها اليوم في الجزائر بكل صراحة، وبأثمان يعني باهظة والله، ناقصة تماماً، نص التمن بتاع المعماريين الغربيين، هذا معروف للمشاهدين العرب يعرفوه كله، التعريب بدأ في المرحلة الأولى، التعريب..
أحمد منصور: لكنه توقف بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: توقف نعم، بعدين.. فين توقف؟ لا التعريب ما توقفش.
أحمد منصور: في عهدك أنت.
أحمد بن بيلا: لا أبداً، التعريب والله سيدي مشى من اليوم الأول، مشى حتى في.. في المعماري، ما فيش حد.. في كل الاتجاهات، التعريب مشى إلى يومنا هذا، مافيش..
أحمد منصور: 40 سنة والجزائر إلى اليوم كأنها جزء من فرنسا في...
أحمد بن بيلا: لا والله هذا كلام فقط يعني، والله التعريب ماشي حتى مثل في بلاد القبائل اللي فيها مشاكل، إلى آخره، التعريب ماشي، الكل يتكلمون عرب، ما فيش كلام، التعريب مشى في البلاد، ومازال ماشي والحمد لله، أبداً في البداية ما كانش مشكلة الهوية، أبداً كان مشكل سياسة بالدرجة الأولى، ولا مرة آية أحمد اتكلم على.. على مشكل هذا، اتكلم على مشكل سياسي، هو ضد الحكم الفردي، هذا اللي كان مطروح.
أحمد منصور: أنت أول من فرضت السياسة الاشتراكية اليسارية في البلاد، وبدأت الجزائر مرحلة الدولة الاشتراكية منذ بداية عهد أحمد بن بيلا، بعد.. بعد هذه الانتخابات عُينت، وبعدما أصبحت رئيس للحكومة، أصبحت رئيس للجزائر، وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ الجزائر. أبداً معك من.. من اللقاء القادم.
(8/191)
أحمد بن بيلا: لا والله، لا أنا أتكلف..
أحمد منصور: سأبدأها معك من الحلقة القادمة سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: لأ نبدأ في الحلقة القادمة نبدأها، ولكن هذيك ليك مش متفق معاك، أنا ولا مرة كنت ماركسي، أنا مسلم، ولا اتكلمت على الاشتراكية العلمية مثل الإخوان في مصر، ها الفرق كذلك، لأن أنا.. أنا أعرف قيمة الكلام، نعرفه ولا مرة اتكلمت على.. على الاشتراكية العلمية، ولا مرة، وأنا أعتبر بأنه (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) هذه الاشتراكية، وقلت هذا الكلام حتى النظام هذا بتاع التسيير الذاتي اللي قام في البلاد، يعني التسيير الذاتي في كل المستويات، هذا مبني على.. على قاعدة عندنا إسلامية، (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) ولا مرة أنا كنت ماركسي، والجزائريين كلهم يعرفوا هذا، اليوم ياخدوا عليَّ ليه اللي أنا كنت مسلم من.. من البداية، وأنا مسلم، وأعترف بهذا، أنا ديداني أساسي هو الإسلام.
أحمد منصور: أبدأ معك من الحلقة القادمة في هذا الموضوع.
أحمد بن بيلا: نعم.
أحمد منصور: أشكرك سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا.
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/192)
الحلقة10(8/193)
الأربعاء 7/10/1423هـ الموافق 11/12/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 08:23(مكة المكرمة)،05:23(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 10
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
08/12/2002
- أحمد بن بيلا رئيسا للجزائر وموقفه من اتفاقية إيفيان
- الوضع الاقتصادي للجزائر إبان تسلم أحمد بن بيلا السلطة
- أحمد بن بيلا وتطبيقه للمنهج الاشتراكي بمرجعية إسلامية
- هروب خيضر بخزينة الدولة وخلافه مع أحمد بن بيلا
- تعيين بومدين نائبا أول لرئيس الحكومة
- اتهام أحمد بن بيلا بتصفية رفقاء الثورة
- الانقلابات العسكرية ضد بن بيلا وكيف واجهها
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا، سيادة الرئيس، مرحباً بيك.
أحمد بن بيلا: أهلاً وسهلاً.
أحمد بن بيلا رئيسا للجزائر وموقفه من اتفاقية إيفيان
أحمد منصور: في 29 أيلول/ سبتمبر 1962 كُلِّفت من قِبَل الجمعية الوطنية الجزائرية المنتخبة بتاريخ 20 سبتمبر بتشكيل أول حكومة في الجزائر المستقلة، طبعاً الحكومة التي كانت موجودة قبل ذلك كانت الحكومة المؤقتة التي يرأسها بن خدة والتي يعتبر أنتم انقلبتم عليها أو قضيتم عليها.
(8/194)
أحمد بن بيلا: لأ، هو اللي كان يعني حقيقة هو اللي كان في إيديه الأمور هو الحكومة اللي كانت مشكلة من طرف الفرنسيين والجزائريين، وكانت موجودة فيما يُسمى بالروشنوار (roche noir)، هذه الصخرة السوداء، كانت حكومة يرأسها.. يرأسها بعض الجماعة اللي حتى فرنسا كانوا متفقة عليهم، هم اللي كانوا على.. على.. على رأس هذه الجزائر، حكومة يعني مثل طبعاً حكومة معنوياً هي المؤقتة، هي اللي بتطلع بهذه الهيئة، ولكن كان طريقة هيئة بمثابة حكومة هي اللي سيرت الأمور.. لأن كانت اتفاق إيفيان تقضي لهذه، هي تسير الأمور منذ 19 من مارس حتى اللي الانتخابات كان.. كانت المغرب لازالت موجودة يعني.
أحمد منصور: حينما أعلنت اتفاقية.. إلغاء اتفاقية إيفيان، ماذا كان رد الفعل الفرنسي؟
أحمد بن بيلا: أنا.. أنا ألغيت.. ما ألغيتش.. ما كنتش لسه ألغيت اتفاقية إيفيان فيما يخص القنبلة الذرية، هذا اللي لغيته، أما اتفاقية إيفيان أنا قبلتها، وصرحت بهذا، وأنا.. وأنا في.. في طرابلس..
أحمد منصور: إحنا هنا عايزين.. طالما تكلمت عن القنبلة الذرية، فرنسا أجرت عدة..
أحمد بن بيلا: أجرت.. أجرت كذلك على أساس كذلك اتفاقية إيفيان، اتفاقية إيفيان كانت..
أحمد منصور: 5 تفجيرات نووية أجرتها فرنسا في الجزائر.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم، الآخر، هذه كانت بمثابة الآخر يعني في التجربة، يعني اللي كانت.
أحمد منصور: كثيرون قالوا.. يعني أنت.. أنت هنا لغيت الشق الذي يتعلق بالتفجيرات النووية فقط.
أحمد بن بيلا: آخر.. آخره، وكان اتفاقية إيفيان يعني كانت.. كانت يعني طرحت اتفاقية إيفيان، أبرمت يعني الحكومة المؤقتة لأنه وافقت على هذا.
أحمد منصور: طيب أنا هأمشي بالتسلسل، لأن برضو أريد المشاهد يمشي معي، وتاريخ الجزائر اسمح لي يعني شيبني.. شيب نصف.. نصف الشيب الذي في رأسي.
(8/195)
أحمد بن بيلا: مش سهل.. مش.. مش سهل، وأنا.. وأنا.. أنا أفهم بأنك تسألني كيف أن دخلت في الخصم مع الخصم حتى العاصمة ما أدخلش مع الجيش، ثق أنا كنت معايا 95%، الشعب الجزائري معايا، وإلى يوم الاستقلال هو معايا، قال لي: خليه ندخل وأنا نفتح لك، الخصم هو اللي دخلني، أنا دخلت في وسطه، وربما هذا الخصم ما كانش يرفضني أنا كشخص، كان يرفض بعض الأطراف إلى آخره، هذا.. هذا اللي.. اللي يفسر أنا دخلت مع الولاية الرابعة اللي كانت خصم.. دخلت العاصمة.. العاصمة داخل الولاية الرابعة.
أحمد منصور: دخلت.
أحمد بن بيلا: كيف أنا خصم ندخل في وسط الخصم ونمشي، إحنا كان لازم تمشي، يعني هذا الهيئة اللي كونوه الخصم بتاعي الحكومة المؤقتة كانت ولا تمثل شيء، هشة، مشى بعض منهم، مشوا كلهم مشوا لتيزي أوزو وأعلنوا عن المعارضة، ولكن مشوا فرنسا وانتهى الأمر، وأنا دخلت بغير طلقة واحدة، لأن ليه؟ الشعب معايا 95% دا السبب..
أحمد منصور: الآن دخلت سيادتك في 20 سبتمبر، دخلت في 9، أجريتوا الانتخابات في 20، 29 كُلفت.
أحمد بن بيلا: ما كانش.. ما كانش فيه الوقت بسرعة.. بسرعة إلى آخره.
أحمد منصور: بسرعة، يعني أنتم الآن بلد محتلة 132 سنة.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.. نعم.
أحمد منصور: في عشر أيام تعملوا انتخابات وفي عشر أيام تشكل حكومة.
أحمد بن بيلا: أيه، نعم، هذه طبعاً.
أحمد منصور: كيف شكلت الحكومة في ظل هذا الوضع؟
أحمد بن بيلا: كنا شكلنا مش الحكومة، شكلنا البرلمان.
أحمد منصور: البرلمان كلفك بتشكيل حكومة.
أحمد بن بيلا: كان برلمان كان.. يعني كلف.. كلفني المكتب السياسي على أن أقوم يعني، ومعايا الإخوة اللي معايا، في.. في هذه الأيام نعم، اتصلنا مع كل الولايات حتى مع الخصم، وكنا يعني.. كنا يعني القائمة بتاع المترشحين من طرف.. باتفاق مع.. مع.. مع الكل.
(8/196)
أحمد منصور: لكن لم يكن التوزيع فيها عادلاً على الولايات ولا على المجاهدين الذين شاركوا في الثورة.
أحمد بن بيلا: لا والله كان أكثر من عادلاً، والدليل وهو أن يعني كانت تقريباً الأغلبية كانت للأخ فرحات.. فرحات.
أحمد منصور: فرحات عباس.
أحمد بن بيلا: عباس اللي..
أحمد منصور: هو كان رئيس الجمعية الوطنية الجزائرية.
أحمد بن بيلا: أدوا أصواتهم بقصد يعني حتى.. حتى ينقصوا شوية من.. من يعني من هيبتي إلى آخره، هو خد أصوات أكثر مني.. مين اللي أدوا له؟ الولايات اللي كان ضدي مع آخرين طبعاً، البرلمانيين أول والله كانت..
أحمد منصور: كيف انقلبوا الآن يا سيادة الرئيس؟ كيف كانوا في طرابلس الكل الأغلبية معك وكيف الآن بقوا ضدك هنا بعد.. بعد الاستقلال؟
أحمد بن بلا: لأ، هذه البرلمان إحنا في البرلمان.
أحمد منصور: البرلمان ممثلي الولايات.
أحمد بن بيلا: لأ، أنا أكلمك على الشعب يا أخي، الشعب شيء والبرلمان اللي كان شيء آخر بكل صراحة.
أحمد منصور: البرلمان ممثل للشعب.
أحمد بن بيلا: ممثل للشعب، لكن ممثل حتى للخصم يعني.. حتى للخصم، وفيه في البرلمان كان عندي الأغلبية، الأغلبية لي، ولكن فرحات عباس خذ أصوات أكثر مني، وهذه كانت مقصودة، يعني كانت مبرمجة على أن يأخذ أكثر مني حتى ينقصوا شوية الهيبة بتاعي إلى آخره.
الوضع الاقتصادي للجزائر إبان تسلم أحمد بن بيلا السلطة
أحمد منصور:حينما تسلمت رئاسة الحكومة في الجزائر، كيف كان الوضع الاقتصادي.
أحمد بن بيلا: الوضع الاقتصادي زفت.
أحمد منصور: كيف زفت؟
أحمد بن بيلا: كيف زفت؟ والله لأنه الاقتصاد هو كيف يعني.. تضحك والله، سلموني..
أحمد منصور: أصل زفت دي مصري.
أحمد بن بيلا: والله.. يعني الفرنسيين سلموا لي يعني.. رزق الجزائر كما يقولون 6 ملايير سنتيم عندنا بيش.. بيش نأكلوا 5 أيام.
أحمد منصور: يعني كم مبلغ؟ يساوي كم؟
(8/197)
أحمد بن بيلا: ست ملايير سنتيم، يعني مش فرنك اليوم، فرنك قديم، يعني عندنا نأكلوا قل أسبوع بس، قال لي بش.. يعني وأنا هذا اتكلمت فيه للشعب قلت أنا ما عندي ندي لكم والله، ها.. ها الوضع بتاعي، واللي وقع، هي وقعت معجزة، هو الناس.
أحمد منصور: كيف كان الفقر في الشعب الجزائري؟
أحمد بن بيلا: الفقر يا أخي، شوف ندي لك مثل بعض الأرقام، الجزائر في 62 كنا تقريباً 8.. 8 مليون تقريباً، 7.5، 8 مليون، 500 لاجئ داخلة ولا عندها شيء، 500 ألف.. 500.
أحمد منصور: نصف مليون.
أحمد بن بيلا: نص مليون.
أحمد منصور: دول كانوا في تونس.
أحمد بن بيلا: كانوا في تونس، في مراكش.
أحمد منصور: لاجئين في الخارج.
أحمد بن بيلا: 500 ألف خارجين من سجون والسجون غير معلن عليها داخل الجزائر، 500 ألف، آه، مليونين ونصف راجعين للمناطق المحرمة، لأن كان نظام يحرموا بعض المناطق.
أحمد منصور: على الشعب الجزائري.
أحمد بن بيلا: على.. على الجيش الجزائري، على إنه لا يجد ما يأكله، حتى الدجاج ما فيش كانوا يقتلوه، حمير يقتلوه.. يقتلوا.. يقتلوا البهائم، أي شيء حي يقتلوه بالطائرات، حتى الجيش الجزائري لا يجد ما يأكله، مليونين ونصف جزائري خرَّجوهم بالقوة من المناطق، وفرغوا المناطق حتى يضربوا أي شيء حي حتى لا يجد الجيش الجزائري..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كانت الجريمة لم تكن ضد الإنسان فقط، وإنما كانت ضد الحياة نفسها.
(8/198)
أحمد بن بيلا: ضد الحياة يا أخي لمدة.. لمدة سبع سنين ونص، ومش.. مش انهار، يعني حالة الجيش والحرب الجزائرية استمرت 7 سنين، فهذا ها الوضع اللي في.. اللي في الجزائر أنا إديت لك يعني بعض الأرقام، 500 ألف لاجئ، 500 ألف خارجين من السجون، ومليونين ونص راجعين أراضين بتاعهم مفروغة من أي شيء حي، أخرجوهم بالقوة منها، وهربانين في الجزائر ما أعرفش فين، وراجعين بغير.. بغير مأوى، بغير أكل، هذه الجزائر يا أخي.. حقيقة ومجاعة ما بعدها مجاعة، وكنا في فصل بتاع.. بتاع.. بتاع الشتا، ثم التعليم ولا.. يعني في سبتمبر هي وقت التعليم، ولا فيه.. فيه معلمين فرنسيين، لأن هم الأغلبية الساحقة يعني معلمين فرنسا، معناها اضطرينا نأتوا بالإخوان العرب يعني، هذه قلت لك التعليم ابتدى من اللحظة الأولى في الجزائر، ثم وقت الحرث كذلك، ولا عندنا -اسمح لي والله- بغال ولا كذا، كلهم قتل في المناطق هذه المحرمة، اضطريت مع (تيتو) يدينا 500 جرار أتينا بها مفككة بالطائرات، وابتدينا بالحرث ليل نهار.. ليل نهار بهذاك بالأشياء بالشمعة بالليل.. بيش تشوفوا ، ونأخذوا الجرارات اللي.. اللي في.. في المنطقة الشرقية، وفي الليل نأتوها بالسكك الحديدية إلى المنطقة، الغربية ليل ونهار بش يعني استطعنا.
أحمد منصور: يعني استلمتم بلد مدمرة..
أحمد بن بيلا: مدمرة تماماً، أنا نخرج يعني بالليل ما.. ما ننامش 3 ساعات.. نأكل مرة وننام 3 ساعات والله، وفي الليل حتى 2، 3 نمشي الشوارع مملوءة الناس مرمية في الشوارع.
أحمد منصور: الناس مرمية، مالهاش مأوى يعني؟
أحمد بن بيلا: بالشوارع.. ها؟
أحمد منصور: مالهاش مأوى؟
أحمد بن بيلا: من المجاعة، ماعندناش مأوى.
أحمد منصور: ولا أكل ولا عمل ولا أي شيء.
أحمد بن بيلا: ولا أكل ولا مأوى ولا..
أحمد منصور: بطالة؟
(8/199)
أحمد بن بيلا: بطالة ما فيش ولا..و لا.. ولا معمل واحد يشتغل، ما فيش، الميناء يدخلها 2 مراكب 3 في النهار، هذه الجزائر يا أخي 62 يعني حالة لا تطاق.
أحمد منصور: كان فيه ميزانية؟
أحمد بن بيلا: ما فيش ميزانية، الميزانية 6 ملايير سنتيم من الدولة الفرنسية.
أحمد منصور: وفين أموال جبهة التحرير؟
أحمد بن بيلا: لأ، أموال التحرير نأخذها بعدين، هذه سنة من بعد ولو مش موالية لجبهة التحرير 2 ملايير يعني سنتيم كانت هنا موجودة.. في..
أحمد منصور: لأ، أنا هآجي لك ليها.
أحمد بن بيلا: وهنا مشكلة بتاع خيضر وإلى آخره، ما عندناش، مافيش ولا عندنا مليم واحد.
أحمد منصور: التعليم كيف كان وضعه؟
أحمد بن بيلا: التعليم وضعه أتوا.. الإخوة من مصر، من الأردن.
أحمد منصور: قبل مصر الآن كيف استلمت الوضع؟
أحمد بن بيلا: التعليم كان بيش نديلك كذلك الصورة بتاع التعليم، التعليم في الجامعة ما بين العاصمة والجزائر عندنا 500، في الجامعة 500 فرد، فرنسا ما علموناش.
أحمد منصور: معلمين ولا طلبة؟
أحمد بن بيلا: لا، طلبة.
أحمد منصور: آه، يعني فقط كل الجزائر عدد الجامعيين كانوا 500 فرد؟
أحمد بن بيلا: كانوا 500 واحد نعم آه، للمهندسين و9 آلاف قرية مدمرة، 2 معمرين جزائريين 2.
أحمد منصور: 2 مهندسين في دولة كاملة؟!
أحمد بن بيلا: مهندسين معماريين 2 معمرين، وهذا الكلام أنا قلته في التليفزيون، واتحديت الفرنسيين يعني يواجهوني بحقائق أخرى، نعم عندنا 2 معماريين جزائريين، ما عندناش أكثر من 120 طبيب وأجزاخانة، ما عندناش، يعني الجزائر اللي فرنسا أتت علشان تعمرها (...) هناك بالتعمير وبالمدنية وما أعرفش أيه.. إلى آخره، الحال كان..
أحمد منصور: يعني حينما خرجت فرنسا من الجزائر خرج معها كل شيء؟
(8/200)
أحمد بن بيلا: كل شيء خرج لأنه كانت خطة على أن الجزائر تُترك وأن تسقط، كل المعلمين الفرنسيين إلا وانسحبوا، ما عاد بعد العشرة (...) يعني هذا بس، المعلمين كلهم كانوا عرب، لهذا بدأ التعريب اللحظة الأولى بتاع استقلال الجزائر من اليوم الأول ولكن هو له عداوات كذلك، بيش الحرث إلى آخره، فاضطرينا نأتي بـ500 جرار من عند تيتو، على أن نحرث ليل نهار بالأشياء المشمعة في الليل إلى آخره، ليل نهار بيش.. بيش كذلك، لأن.. هذا كله مع الانتخابات كذلك البرلمان، مع الانتخاب بتاع الدستور، في السنتين هذه والنص، أنا قعدت سنتين ونص بالحكم يعني ها السنتين ونص، مرتين انتخابات البرلمان، مرة على الدستور هي الثالثة، والمؤتمر الحزب والمؤتمرات بتاع النقابات كلها في السنتين ونصف هذه كلها.. كل شهر.. كل شهرين عندنا أو مؤتمر أو إلى آخره، كلها مملوءة معناها نشاطات يعني بيش يعمر البلاد وبيش قادرين نكون دولة، أين أولاً دولة كيف نكون ما عنديش حتى.. حتى واحد خارج من مدرسة عليا مثلاً، مثلاً الوالي.. الوالي لازم له.. لازم يكون طلع يعني الفن بتاع الإدارة إلى آخره ولا كان واحد ولا فيه واحد يعني كوَّنا دولة فعلاً واتكونت دولة في سنتين ونصف.
أحمد منصور [مقاطعاً]: سآتي معك..
أحمد بن بيلا: ولا.. ولا تريد ندي لك النتيجة بعدين.
أحمد منصور: هأخذ النتيجة.
أحمد بن بيلا: ولكن النتيجة، النتيجة بعدين ما فيش واحد يطلب كده، ما فيش والله مافيش واحد..
أحمد منصور: يعني كان التسول منتشر في الجزائر؟
أحمد بن بيلا: ما فيش واحد..
أحمد منصور: كيف قضيت على قضية التسول؟
أحمد بن بيلا: قضيت عليها بالثورة بالكلام للناس وبيغيب على الناس مثلاً.. مثلاً، ومسألة الأحذية هذه الفكرة جاتني من (بومعزة) والله.
أحمد منصور: أي أحذية.. أي أحذية؟
(8/201)
أحمد بن بيلا: أحذية يعني في هذا اللي مساح الأحذية، فجاني وزير حقيقة ونبهني قال يا أحمد: دراني أسمع كلام عيب، أطفال صغار يركعوا أمام..، تعرف الجزائري مريض باللي نقوله إحنا أَنفِ هذه.. وجاني.. 3 آلاف.. في النهار يا أخي، أغلبيتها تتكلم على أشياء، مثلاً كيف أحمد إحنا استقلينا وأطفال صغار يركعوا أمام رجل ويدي له الجزمة بتاعه، فأنا اليوم من الأيام اللي قال لي كذلك جاتني النخوة وفي التليفزيون قلت لعنة الله على الرجل اللي يقبل بأن الطفل الصغير يركع أمامه ويدي لها الجزمة بتاعه، لليوم مافيش.
أحمد منصور: يعني مافيش ماسحي أحذية في الجزائر؟
أحمد بن بيلا: مافيش.
أحمد منصور: يعني أنت عملت ثورة القضاء على ماسحي الأحذية؟
أحمد بن بيلا: ما فيش إنه يطلب والله اليوم لا.. اليوم -ما شاء الله- ممنوع ولكن في ذلك الوقت.. كل الجزم يشهدوا ما فيش.. ما فيش الجزائريين يطلبوا ولكن كل مش بس بقرار لما كانت أماكن وين ناكل، وين نشرب وين نغسل وين.. وين وإحنا مشينا لمدة سنة أو لسنة ونص ولا فيه حد يعني..
أحمد بن بيلا وتطبيقه للمنهج الاشتراكي بمرجعية إسلامية
أحمد منصور: سيادة الرئيس.. سيادة الرئيس.. أنت كده بدأت تأخذ المنهج الاشتراكي في عملية التطبيق
(8/202)
أحمد بن بيلا: والله ولا مرة كنت اشتراكي ولا ماركسي يا أخي أنا مسلم، لكن طبقت أنا عملياً يا أخي، مثلاً ندي لك مثال.. ندي لك مثال: أنا تسلمت من فرنسا مليونين وخمسمائة ألف هكتار مزارع، فيه مزارع اللي فيها 5 آلاف هكتار، فيه مزارع اللي فيها 3500 يعني، البلاد مملوءة بهذه المزارع فرنسية كلها، كلها.. فكيف كان بعد اللي استلمناها من الفرنسيين أيه النظام بتاعها، كيف نعمل، أنا فكرت يا أخي إن أنا أعمل جزائري أصبح لي مثل.. على 15 سنة أصبح لي مثل الفكر.. الفكر بتاعه مثل الكروم والله، ولهذا الذين كانوا في المزارع أغلبية المزارع اللي كان بهذا الشكل، الذين كانوا يمشُّون الأمور هم جزائريين، لأن التجربة من جده مثلاً واحد (...) معروفة هذا عندنا بالجزائر، من الجد كان يشتغل جده وابنه يشتغل والابن الثالث في وقت هو اللي.. يعني عرفوا كيف يمشُّوا الأمور، ولهذا كوننا نظام التسيير ذاتي معناها الرزق هذا للعمال، الرزق للدولة، ولكن الريع بتاع العمل للعمال، وفيه نظام على كل هذا اللي اسمه التسيير الذاتي، التسيير الذاتي أنا خدته على فكرة وهو أمر (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) هذا هو فقط، هو ولا مرة أنا كنت ماركسي.
أحمد منصور: سيادة الرئيس لكن أنت..
أحمد بن بيلا: ولا مرة كنت ماركسي.
أحمد منصور: لكن طبقت السياسة الاشتراكية..
أحمد بن بيلا: طبقت.. مش العلمية ولا مرة أنا ما أغلطش في المصطلح ولا مرة اتكلمت على.. على، ومشيت وأنا زائر موسكو، أنا و(خروشوف) وقلت له إحنا اشتراكية بتاعنا، اشتراكية مبنية على.. على تراثنا العربي الإسلامي مش الماركسية مش كذا.. مش كذا.
أحمد منصور: أنت طبعاً كان علاقاتك بالسوفييت كانت قوية.
أحمد بن بيلا: لأنهم اللي إدوا لي السلاح.. السلاح يا أخي.
أحمد منصور: كيف كانت علاقاتك بالسوفييت؟
أحمد بن بيلا: كانت علاقات طيبة الحقيقة، لكن كانت علاقاتي مع.. مع الصينيين أكثر..
(8/203)
أحمد منصور: مع الصينيين.
أحمد بن بيلا: أقوى.. أقوى أكثر.
أحمد منصور: وكان علاقاتك مع (فيدل كاسترو) أيضاً كانت قوية.
أحمد بن بيلا: كان زميلي والله.. كان زميل..
أحمد منصور: كنت تعتبر كاسترو قدوة بالنسبة لك، كسياسي؟
أحمد بن بيلا: لأ يعني هو ما عندوش تسيير ذاتي، هو..
أحمد منصور: (ماو تسي تونغ) كان بالنسبة لك..
أحمد بن بيلا: هو ماركسي.. هو ماركسي.
أحمد منصور: كنت بتعتبر منهجه منهج..؟
أحمد بن بيلا: لأ نعتبره المنهج بتاعه قابل لأنه هو من عالم.. من العالم الثالث، ثم الصين نعرفها مليح، هي ثقافة من أروع ما يكون، هي كانت عندها 500 سنة متقدمة على أوروبا.
أحمد منصور: دا زمان.
أحمد بن بيلا: والله زمان.. زمان مش بعيد يعني، والله مش بعيد إنما ممكن يطول الكلام في هذا، ولهذا هم جوا مثلاً الثورة الثقافية، هم حاولوا يعالجوا بعض الهفوات بتاع الماركسية في كل..
أحمد منصور: كان هناك فرق بين اشتراكيتك واشتراكية عبد الناصر؟
أحمد بن بيلا: أنا في.. في لأ، أنا كنت ناصري بكل صراحة، أنا ناصري أنا ناصري وطني ناصري، ولكن المنهجية إحنا كانت عندنا التسيير الذاتي مش موجود في.. في مصر كانوا يتكلموا شوية في مصر على.. على الاشتراكية العلمية، وأنا هنا اللي.. ها النقطة الأساسية.
أحمد منصور: قل لي الفرق.
(8/204)
أحمد بن بيلا: لا لأ، الفرق هو كانوا يتكلموا عن الماركسية العلمية هي.. عن الاشتراكية العلمية هي ماركس، بالضرورة ماركس، الاشتراكية فقط إحنا ما نقول كانت اشتراكية والله النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف.. كيف عدل ما بين الصحابة في المدينة النظام الأول كان اشتراكي والله. كان اشتراكي شاركوهم، اللي عنده عان اللي ما عندوش، شاركوهم والله، والكلام ممكن يطول في هذا، اشتراكية أنا النموذج بتاع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة هذا هو الاشتراكية، وهو الثروة أن توزع لكن مش توزع بالكيفية الماركسية والطبقة بتاع العمال هي اللي ما أعرفش أيه.. لأ هذا لا آمن فيها أبداً، ولكن آمن ... آمن بالنظام الإسلامي، آمن باللي اسمه بالزكاة بالصدقات، آمن بالأوقاف وكان نظام يعني الإسلام 800 سنة هو.. هو.. العام.
أحمد منصور: لكن سيادة الرئيس..
أحمد بن بيلا: دا غير النظام.. دا غير نظام..
أحمد منصور: سيادة الرئيس فيه أكثر.. فيه أكثر من مصدر قال إن بداية عهد بن بيلا أيضاً كانت بداية لكل ما.. ما يتعلق بالإسلام، حتى مظاهر الصوم في رمضان كان هناك سخرية منها لم يكن هناك احترام لهذه الأشياء.
أحمد بن بيلا: آه دا.. هذا يا سيدي هذا كلام فارغ سيدي، أبداً، حتى الخمر يا أخي إحنا الوحيد اللي كنا ما نشربوش خمر والله في السفارة بتاعنا في هاذاك في واشنطن.
أحمد منصور: بقرار منك يعني؟
أحمد بن بيلا: بقرار مني نعم وأنا بنفسي بيني وبينك أنا بنفسي سديت أبواب سبعين موخر في نهار واحد بتاع الخمر، وأقول لك والله اليوم ما أكرروش هذا، لأن كل.. كل ممنوع مرغوب فيه.
أحمد منصور: هؤلاء أيضاً ينتقدونك في هذا المكان إن كان بتأخذ قرارات ثورية وتمشي بنفسك أحياناً تضرب الناس في الشوارع..
(8/205)
أحمد بن بيلا: لا لا.. لا ضرب واحد ولا إيدي وصلت لواحد أبداً ولا ضربت أحد أبداً في حياتي، أنا ممكن اللي يقول أنا ضربت هذا كذب ولا رفعت إيدي على واحد ولا كنت كنا نأخذ قرارات أي نعم لأني شفت يا أخي الثورة أصبحت ما بين أيدي ناس قافزين كي ما نقول إحنا، مش أهل لهذاك، كل الثروة بتاع الغربيين البنايات بتاعهم.. بتاعهم إلى آخره كان ثروة ما بعدها ثروة إلى آخره، فالناس اللي كانوا قافزين مش اللي عملوا الثورة هم اللي استفادوا...
أحمد منصور: بالضبط هنا النقطة المهمة.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: كل المجاهدين ورجال الثورة أبعدوا وجاء الانتهازيون وقت النصر.
أحمد بن بيلا: لأ مش كلهم، ما نقولش الكل.
أحمد منصور: الأغلبية.. الأغلبية يا سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: لا لا ما نقولش حتى.. لا لا.. هذا كلام كذلك يعني زودوه أكثر من اللازم فيه..
أحمد منصور: طب أنا هأقول لك الآن من قيادات الثورة الحقيقيين ومن القيادات التي جاهدت وناضلت وذهبت وجاءت بعضهم قُتل، بعضهم اُعتقل، بعضهم ذهب إلى الجبل لم يبقَ إلا كثير أو معظم الناس الانتهازيين..
أحمد بن بيلا [مقاطعاً]: لا لا هذا حكم كذلك غلط.
أحمد منصور: جيش.. الجيش الوطني اخترق من الجيش الفرنسي أيضاً وأصبح..
أحمد بن بيلا: لا لا هذا.
أحمد منصور: هؤلاء لهم وجود كبير.
أحمد بن بيلا: هذا غداة، اليوم صبحت هاذاك، لكن غداة..
أحمد منصور: اليوم ما هم بدءوا من يومها.
أحمد بن بيلا: لا لا غداة الاستقلال ما كنش الأشياء كدة أبداً، كانت رجعت وأنا موجود، هو وقت غلطات مثلاً، الثروات، أنا في رأيي غلط كيف ثروات ياخدوها الناس بتاع الثورة.
أحمد منصور: كيف؟
أحمد بن بيلا: لأن الثروة يا أخي بالطبيعي يعني تفسد يعني أخلاق الناس يعني اللي يعمل ثروة مش بيستفاد يا أخي، مش بيستفاد، ماذا.. مش يخلط يعني الجاه بالمال، الجاه هو الثورة، ولكن..
(8/206)
هروب خيضر بخزينة الدولة وخلافه من أحمد بن بيلا
أحمد منصور: من بين الحاجات الأساسية التي وقعت صديقك وأحد زعماء وقادة الثورة محمد خيضر.
أحمد بن بيلا: ماله؟
أحمد منصور: استولى على خزينة جبهة التحرير الوطني وتُقدر قيمتها بـ40 مليون دولار، وهرب بها من الجزائر.
أحمد بن بيلا: لا لا غلط هذا ما فيش 40 مليون دولار..
أحمد منصور: هذا منشور في أكثر من مصدر، أنا ناقل منه..
أحمد بن بيلا: 40 مليون فرنك.. فرنك بتاع اليوم، 40 مليون فرنك مش..
أحمد منصور: فرنك.. فرنك، هذا كتبه..
أحمد بن بيلا: آه.. 40 مليون دولار يا أخي!
أحمد منصور: 40 مليون، هذا كتبه (جاك دولنيه) في كتابه الإشكالات الكبيرة في الجزائر 54، 55..
أحمد بن بيلا: 40 ألف..
أحمد منصور: 40 مليون..
أحمد بن بيلا: 40 مليون فرنك، نعم 40 مليون فرنك.
أحمد منصور: إحنا لأننا في عصر الدولار الوقت، فأنا..
أحمد بن بيلا: لا.. لا
أحمد منصور: بأطبق عليها..
أحمد بن بيلا: لا مش 40 مليون فرنك فرنك قديم، 40 مليون أي نعم يجي 4 ملايير فرنك سنتيم نعم 4 ملايير سنتيم، يعني مش 40 مليون دولار.
أحمد منصور: 40 مليون فرنك.
أحمد بن بيلا: أي نعم، هذه.. هذه وقعت ولكن أنا كذلك لازم.. لازم..
أحمد منصور: وضح هذه لأن كل الكتب متكلمة حوالين هروب خيضر بالأموال وإن خيضر صديقك هذا، وكيف إن خيضر قُتل بعد ذلك أيضاً.
أحمد بن بيلا: شوف خيضر قتل .. ما قتلش من أجل يعني هذا يعني ذريعة فقط أولاً أنا أقول بكل صراحة وباختصار خيضر مش رجل خطاف ولا..
أحمد منصور: عفواً.. عفواً!
أحمد بن بيلا: مش راجل بتاع سرقة راجل فاضل في هذه الناحية.
أحمد منصور: يعني خيضر ليس لصاً.
أحمد بن بيلا: أبداً.. أبداً، خيضر مش لص، خيضر من مؤسسي حزب الشعب مع.. مع نصار، ثم أخلاقه رجل فاضل، أنا اختلفت معاه في بعض الأشياء..
أحمد منصور: ما الذي اختلفت معه؟
(8/207)
أحمد بن بيلا: أنا اختلفت معاه كثير ذاتي. هو كان ضد التسيير الذاتي ماكانش متفق معايا.
أحمد منصور: أنا مش فاهم أيه التسيير الذاتي ده.
أحمد بن بيلا: يا أخي هي هذا الذي فهمتك، يعني هل.. هل مازال إنه أخذناهم من الفرنسيين ونعطيهم للجزائريين.
أحمد منصور: آه فهمت، يعني أنت الآن عملت قضية أيه الاشتراكية إن كل حاجة ملك الدولة يعني.
أحمد بن بيلا: الاشتراكية هي مش خارجة.. على المنطق الإسلامي.
أحمد منصور: أنا فهمت المصطلح بس اللي ما كنتش فاهمه.
أحمد بن بيلا: يعني هذا.. هذا ما كانش متفق معايا، وربط حتى مع بعض الناس اللي هو..
أحمد منصور: يعني أنت كنت ضد التملك الشخصي للناس.
أحمد بن بيلا: كنت ضد التملك الشخصي لأن هذا مش تملك يا أخي، هذه 5 آلاف هكتار، وكلها عنب.. كلها.. كلها يعني فواكه كلها حتى رايحة هذا.. يعني في بعض.. بعض المزارع اللي كانت تصنع يعني الرائحة.. الرائحة.
أحمد منصور: العطور يعني.
أحمد بن بيلا: العطور، في الحالة دي اللي تصبح الراجل واحد يصبح رجل آخر، يبقى ما فيش كلام هذه بطبيعة الحال يا أخي فأنا كنت ضد المال اللي يتوزع بهذه الكيفية أبداً، ما كانش معايا في نفس..، كان ضد التسيير الذاتي، مثلاً، ولكن خيضر مش رجل فاسد أو.. أو.. لأ أبداً، رجل من أنضف خلق أنا نعرفه.
أحمد منصور: ولِمَ أخذ الأموال وهرب؟
أحمد بن بيلا: كان يشوف لأنها لازم يعني يستعملها ضد الحكم اللي كنت أنا فيه لأنه ما كانش راضي عن الحكم، يعني مسألة سياسية محضة، أما يعني لص أبداً، أنضف خلق..
أحمد منصور: إحنا عايزين نفهم الآن، إحنا ناس عايزين نفهم الآن، كيف أن أحد القيادات السياسية المؤتمن على خزينة الدولة ياخد الخزنة ويهرب عشان يهدد الحكومة!
أحمد بن بيلا: لأن.. لأن كان أمين عام للحزب وقتها وكان هو.
أحمد منصور: صح، وهو استقال سنة.. في 16 إبريل 63 وأنت توليت مكانه.
(8/208)
أحمد بن بيلا: هو.. هو.. هو يعتبر.. يعتبر يعني هو الإنسان الأساسي في النظام هو.. اللي كان عندنا.
أحمد منصور: يعني الإنسان الأساسي في النظام ياخد الفلوس ويهرب ونقول إنه هو لم يكن يقصد أي..
أحمد بن بيلا: شوف هو يفكر.. يفكر بأن هو أصح مني في اتجاه، ولكن الحقيقة لم توقع كذلك أنا.. أنا في المكتب السياسي قلت له: لتقريباً الواحد اللي رافض ينقبض عليه، يعني كان.. كان دخل في الجزائر في ذلك الوقت واتفق معايا لأن يخرج ويدور على أن يسلم من الفلوس اللي عنده، والحقيقة ما عملش هذا، هذا الغلط أنت ما عملش هذا وخرج بره وقام بالمعارضة بره، ولكن..
أحمد منصور: راح لـ.. جاء هنا لسويسرا وبعدين.
أحمد بن بيلا: أنا مش (..) ولكن مش رجع.
أحمد منصور: رجع المغرب.
أحمد بن بيلا: أيوه ولكن ما خدش فلوس وعاش بيها، أنا نقول ما كانش عنده فلوس هو، أنا عارف بأن كان.. كان بعد.. بعد.. بعد.
أحمد منصور: وضع الفلوس هنا في بنوك سويسرا.
أحمد بن بيلا: في بنوك سويسرية.
أحمد منصور: وظللتم أنتم كحكومة على خلاف مع.. على خلاف مع البنوك السويسرية بعد ذلك..
أحمد بن بيلا: و.. و.. وطرحنا قضيته وكسبنا القاعدة.. القضية ورجع الفلوس ولكن منقوصة، منقوصة لكن ما كانش فلوس كتير بكل صراحة، كانت أدى بعض الفلوس للمعارضة في ذلك الوقت لكن مش لص.
أحمد منصور: أنت كيف تدافع عنه سيادة الرئيس؟
أحمد بن بيلا: أدافع عليه لأننا نعرفه يا أخي، رجل مش متفق.. متفق عليه ولكن.. رجل بتاع اختلاس لا هذا ما أقبلوش أبداً، وهذا قلته في اجتماع شعبي، قلت خيضر هو خرج بره، وخرج عن اللي الاتفاق اللي كنت أنا معه وقلت مش رجل لأنني أعرفه كنت معه في السجن يا أخي، أنا أعرفه وهو معايا في السجن يقعد 5 سنين وشيء وأنا معاه في السجن نعرفه، أعرف رجل مختلس ورجل غير مختلس، ولليوم..
أحمد منصور: تقييمك أيه لما فعله خيضر وتأثير هذا على.. على.. على؟
(8/209)
أحمد بن بيلا: خيضر مناضل من أعظم المناضلين عندنا من أول الذين كونوا حزب الشعب ورجل نظيف هذا اللي أقول.
أحمد منصور: هناك من يقول أن قتله.. مقتل خيضر كان نتيجة مؤامرة بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: أي نعم هذا معروف يعني هو ما ماتش كده هم قتلوه.
أحمد منصور: من؟
أحمد بن بيلا: قتلوه.
أحمد منصور: من؟
أحمد بن بيلا: الحكومة اللي كان في ذلك الوقت.
أحمد منصور: كانت مين حكومة مين؟
أحمد بن بيلا: يا سيدي كان.. كان.. كان بومدين في ذلك الوقت قتلوه في مدريد هذا معروف يعني، هم طبعاً يعني لا.. لا يقروا بهذا، ولكن كل الشعب..
أحمد منصور: لماذا قتلوه؟
أحمد بن بيلا: يا أخي لماذا قتلوه، لأنه كان معارض في ذلك الوقت.
أحمد منصور: هو كل معارض يُقتل؟!
أحمد بن بيلا: أيه هذا..
أحمد منصور: رجل ممن قاموا بالثورة.
أحمد بن بيلا: هذه.. هذا من.. من الأشياء اللي تحسب ضد الثورة الجزائرية بكل صراحة.
أحمد منصور: هناك أيضاً وزير الخارجية الخمستي أيضاً قتل ماذا..؟
أحمد بن بيلا: لأ، وزير الخارجية الخمستي قتل لأشياء..
أحمد منصور: قُتل في عهدك أنت.
أحمد بن بيلا: والله أنا هأتكلم عنها لأول مرة ما أعرفكمش هم كثير من الناس اللي تكلمت عن أشياء سياسية أبداً مافيش.
أحمد منصور: أنا سألت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في لقاء على الهواء حول مقتل الخمستي وقال اسأل الرئيس بن بيلا، هو الذي كان رئيس الدولة.
أحمد بن بيلا: أي نعم، أنا أعلم أين.
أحمد منصور: والآن جاءت الفرصة بعد 3 سنوات ربما لتتكلم.
أحمد بن بيلا: وأنا أجاوبك.. أنا أجاوبك أنا أعرفه كويس يعني وهو ميلادي حتى من مسقط رأسي ومن أحسن خلق كذلك نعرفوه الرجل هذا، من أحسن ومن أنضف خلق، هي الحقيقة كان مسألة، مسألة خاصة وهو أراد أن يتزوج مع.. مع امرأته اللي كانت مخطوبة لإنسان آخر وهو ما عرفش، الرجل اللي كان..
(8/210)
أحمد منصور: يُقال أن هذا الرجل الذي كان يريد أن يتزوج امرأته دُفع إلى قتله وأن ينسج.
أحمد بن بيلا: لا أبداً.
أحمد منصور: القتل على أنه قتل على خلاف بين رجلين على امرأة.. على الزواج من امرأة.
أحمد بن بيلا: لا هو بهذا هو.
أحمد منصور: ولا يكون القتل الحقيقي هو قتل سياسي، خاصة وأن الذي جاء بعده وزيراً للخارجية كان الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة.
أحمد بن بيلا: لا أبداً والله مش.. مش قضية سياسية أبداً هو قتل يعني قتل خاص، رجل كان على.. على وشك يتزوج مع امرأة، وبعدما طلبها بغير ما يعرف الأخ الخمستي وقبلت التزوج معاه وأتى وقتلوه وما عترش بأن قتله من أجل لا قال من أجل لا قال من أجل سياسي لأن كان الرجل بتاع فرنسا، والناس كلها تعرف بأن خمستي مش.. مش الرجل بتاع فرنسا أبداً، هذا الرجل.
أحمد منصور: يعني.
أحمد بن بيلا: بعفوية منقطعة النظير فيه.. فيه شوارع اسمها الخمستي في البلاد إن الشعب ما يغلطش والله.. الحس بتاع الشعب ما يغلطش.
أحمد منصور: الشعب بيحبه.
أحمد بن بيلا: الشعب بيحبه بكيفية مذهلة.
أحمد منصور: يعني لم يكن قتله هو نتيجة للصراعات السياسية التي كانت بدأت بين الثوار بعد ذلك؟
أحمد بن بيلا: لأ لأبداً أنا طالعة.. أبداً أبداً قتله ما قالوا حتى عرضوا أن يتهموا خيضر في هذه، وأنا أعرف بأن خيضر ولا عنده طمع في هذه أبداً.
تعيين بومدين نائبا أول لرئيس الحكومة
أحمد منصور: في 17 مارس 1963 عُين العقيد هواري بومدين نائباً أول لرئيس الحكومة، بومدين أنت الذي جندته في جبهة التحرير الوطني حينما كان يدرس في الأزهر في مصر.
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.
أحمد منصور: وبومدين هو الذي قامت بينك وبينه علاقات وثيقة ودعمك ودعمته في الخلافات التي وقعت بين قيادات الثورة الجزائرية بعد ذلك، بومدين كان قائد الجيش الذي..
أحمد بن بيلا: الجيش نعم.
(8/211)
أحمد منصور: يُقال أنك دخلت على دبابته ولكنك الآن تؤكد أنك لم تدخل على دبابات الجيش.
أحمد بن بيلا: أبداً.. أبداً.. أبداً.
أحمد منصور: تقريب بومدين وجعله نائباً أول لرئيس الجمهورية، كنت مقتنعاً بهذه الخطوة أم أن نفوذ بومدين وتأثيره هو الذي أجبرك على أن تضعه؟
أحمد بن بيلا: لأ والله كنت مقتنع، أنا في ذلك الوقت أنا جاي من حزب وقعت أزمة في الحزب.. الثورة وقعت من بعد أزمة في الحزب وخدت قرار بالثورة علشان نتخلص من الأزمة ونتخلص من فرنسا، وهذا اللي وقع، وأنا بصدد بيش نجد.. نجد شبان جدد.. جدد ثوريين يشاركوا في الثورة إلى آخره عشان يعملوا ثورة أخرى.. ثورة الثقافية وثورة اقتصادية.. وثورة.. ثورة ولهذا كان لازم تغيير.. تغيير يعني المسؤولين فين ناخد.. نأخدهم جيش تحرير هذا اللي خلاني نختار بومدين، نختار الأخ عبد العزيز بوتفليقة والمدغري و.. و..
أحمد منصور: طبعاً أنت اسمح لي هنا أنت أجريت عدة تعديلات هنا عينت عبد العزيز بوتفليقة وزير الخارجية ومعز بو معزة وزيراً للاقتصاد، وكلاهما كان من جيش التحرير في 5 سبتمبر 63 بدأت تدخل.. بدأت تمهد لهيمنة وسيطرة الجيش على كل المقاليد السياسية في البلاد.
أحمد بن بيلا: لا لا لا لا ما كلهم كانوا جيش التحرير، الأساسيين والله ما كانوا جيش تحرير مثلاً كان.. كان بومعزة مش من جيش التحرير، كان الأخ أحمد المحساس هذا من مؤسسي الثورة ولا مش تحرير كان الأخ نقاش كذلك رجل عظيم وفي الثورة هدول كلهم مش من جيش التحرير، يعني الأساسيين داخل المكتب السياسي ما كانوا جيش التحرير، لأ أبداً.
أحمد منصور: لكن سيادة الرئيس الجيش هنا بدأ يهيمن.
أحمد بن بيلا: كان.. كان عندنا زهواً لمعروف كذلك.
أحمد منصور: لما تجيب نائب.. لما تجيب نائب.. لما تجيب قائد الجيش وزير الدفاع وتعينه نائب أول لرئيس الحكومة أنت كده بترسخ نفوذ الجيش في النظام السياسي في الدولة.
(8/212)
أحمد بن بيلا: يا أخي هذا.. هذا مش جيش.. جيش.. مش جيش كلاسيكي، هذا جيش هذا عمل ثورة هذا جيش كان من الجبال، وأساساً مش دخل يعني..
اتهام أحمد بن بيلا بتصفية رفقاء الثورة
أحمد منصور: بدأت تقضي على المخالفين لك في الوقت اللي بدأت تقرب فيه بومدين.
أحمد بن بيلا: لا دي.. دي.
أحمد منصور: بوتفليقه، بومعزة، بدأت تقضي في.. في بداية العام 63 ألقيت القبض على محمد بوضياف رفيق دربك في الثورة وفي السجن وفي الجهاد.
أحمد بن بيلا: لا ما كانش في السجن.
أحمد منصور: ووضعته.. ووضعته.
أحمد بن بيلا: سامحني.. سامحني أولاً ماكانش في السجن.
أحمد منصور: وضعته في السجن في ظروف جهنمية...
أحمد بن بيلا: لا كان..
أحمد منصور: كما هو يصف.
أحمد بن بيلا: هو يصف ولكن ما كانش في السجن، كان في..
أحمد منصور: عباس فرحات اللي كان رئيس حكومة مؤقتة أولى وثانية كان رمز تاريخي للجزائر عُين بعد الاستقلال رئيس للمجلس التأسيسي وأنت الذي عينته، وكان ينادي بالتعددية والديمقراطية والرجوع للشعب في الاختيار، لم تقبل هذه الأطروحات منه، وأيضاً أخذته وألقيته في الإقامة الجبرية في مدينة (أدرار) في أقصى الجنوب.
أحمد بن بيلا: هذه قراءة.. وهذه قراءة مبسطة شوية أكتر من اللازم.
أحمد منصور: قل لي القراءة.
أحمد بن بيلا: آه، أولاً هادوا الاتنين ولا واحد دخل السجن، ولا واحد دخل.
أحمد منصور: ما هي الإقامة الجبرية زي السجن.
أحمد بن بيلا: هذا، يعني لأ الإقامة الجبرية هي في.. في بلاد وعنده حق يمشي في الشوارع ويمشي..
أحمد منصور: لا في بيت محبوس في ثكنة عسكرية.
أحمد بن بيلا: لا لا لا ولا في بيت محبوس ولا شيء إقامة جبرية في مدينة، عباس.. فرحات عباس ولا مرة دخل في.. في زنزانة أو شيء.
أحمد منصور: دخلته.. وديته أدرار أقصى جنوب الجزائر يعني نفيته نفي.
أحمد بن بيلا: في الجنوب.. في الجنوب.. في الجنوب.
(8/213)
أحمد منصور: ليه يا سيادة الرئيس؟ قل لي ليه.. ليه أخذت هذا؟
أحمد بن بيلا: لأن.. لأن في ذلك الوقت كيف جت الثورة كان لازم يقع فرز بكل صراحة مثلاً الثورة لازم توزيع.. توزيع الثروات مش توزيع رأسمالي وإلى آخره، ثروات ترجع لأهلها وبتصير كذلك محدودة حتى لا توقع سيطرة بتاع المال ضد الآخرين، وفرحات عباس ما كانش معايا في هذا بكل صراحة حتى.. حتى خيضر ما كانش معايا في مسألة تسيير ذاتي. ما كانش معايا.
أحمد منصور: هو اختلف معاك.
أحمد بن بيلا: وانتخب.. وانتخب معاه المجلس الوطني ضدي.
أحمد منصور: هنا النقطة المهمة جداً.
أحمد بن بيلا: أي نعم، تفضل.
أحمد منصور: وأنت يعني اسمح لي اكتويت بنارها فيما بعد.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: هل الخلاف السياسي يعني.. يعني بعد تاريخ طويل من النضال من المنافي، من الثورة، من الجهد.. ثم يأتي الثوار بعد ذلك ليختلفوا في الآراء، فأحدهما ينفي الآخر أو يسجنه أو يقوم باغتياله، أو..
أحمد بن بيلا: لأ، ممكن.. ممكن.. ممكن ينفيه، ولكن السجن لا، السجن أنا.. أنا قلت لك، أنا كنت صوت واحد..
أحمد منصور: النفي أحياناً، فيه ناس تحب أن تسجن في أوطانها، ولا تنفى خارج بلادها، النفي شيء أيضاً قاسي على النفس.
أحمد بن بيلا: لا.. لا.. لا.. لا.. لا.. لا هذا.. لا.. لا.. لا، شوف سيدي، كان جاء وقت فرز بكل صراحة، إحنا عملنا الثورة والثورة بيش كذلك ثروة ما تصبحش كذلك ملك لبعض الجزائريتين يصبحوا سيطرة على.. على الآخرين، و..
أحمد منصور: هل كنت أنت الصواب والآخرون خطأ، أم كان اجتهاداً يحتمل أن تكون أنت خطأ والآخرون صواب أيضاً؟
أحمد بن بيلا: ما هذا.. هذا اللي كنت.. هذا اللي.. هذا لا أثق فيه أنا، يعني تعين جزائري وندي له مزرعة فيها 5 آلاف هكتار على 20 سنة يصبح مخه يمشي مثل.. مثل الفرنساوي اللي كان موجود، يسيطر على الآخرين، هذا رأيي.
(8/214)
أحمد منصور: يعني اللي أنت عملته -سيادة الرئيس- في تلك المرحلة ما الذي جناه على الشعب الجزائري بعد ذلك؟
أحمد بن بيلا: يا أخي اللي جنى على الشعب الجزائري هو النظام العالمي، سامحني والله، ثقني، أولاً نقول لك مسألة، وهذه بش نكمل كلامي، شوف أنا بودي ما ندخلش كتير في مسالة الانقلاب، وإلى آخره، لأن..
أحمد منصور: لأ أنا عايز هنا.. أنا زملاءك وأصدقاءك..
أحمد بن بيلا: زملائي يا أخي فيه.. فيه..
أحمد منصور: بوضياف، حسين آيه أحمد، فرحات عباس، يعني كما يقولون إنه الرئيس بن بيلا بدأ عهداً من الاستبداد ومن الديكتاتورية، ومن عدم السماح لأصدقاء الثورة والجهاد أن يقولوا أراءهم.
أحمد بن بيلا: والله ولا.. ولا استبداد، لأ.. لا، لا بالعكس أنا.. أنا سديت. سديت الثلث بتاع المساجن اللي كانت موجودة، سديتها،..
أحمد منصور: السجون تقصد؟
أحمد بن بيلا: السجون.
أحمد منصور: أغلقت السجون.
أحمد بن بيلا: أغلقتها نعم، وهذه ما أعرف يعني، أغلقت حتى (سركاجي) ها اليوم مفتوح من جديد.
أحمد منصور: سجن سركاجي.
أحمد بن بيلا: سركاجي أكبر سجن عندنا، واللي كانوا يعني يستعلموا فيه المقصلة إلى آخره، هذا سديته، سديت التلث بتاع السجون بتاع..
أحمد منصور: دي سجون بناها الفرنسيون في الجزائر.
أحمد بن بيلا: آه سديتها.. سديتها نعم، و.. و.. وما كانش.. كان.. ما كانش دي بكل صراحة أنا أكرر هذا، وهذا مش.. مش نشكر في نفسي والله، مشاكل مع.. ها قوتي كان الشعب معاي.
أحمد منصور: ما الشعب معاك لما اتعمل عليك انقلاب ما حدش وقف جنبك.
أحمد بن بيلا: لا الشعب.. لأن الشعب.. ليه؟ لأن كان عاني 7 سنين ونصف.. مع فرنسا، قتلت منه مليون ونص، هذا متاعب هل الشعب.
أحمد منصور: أنت ليه ألقيت القبض.. ليه ألقيت القبض على بوضياف في سنة 63؟
أحمد بن بيلا: ما ألقيتش القبض عليه أنا، ولا مرة وقع القبض عليه، كان في..
أحمد منصور: الكتب دي كلها غلط؟
(8/215)
أحمد بن بيلا: لأ غلط، هو كان في إقامة جبرية؟
أحمد منصور: ما هي يعني و.. هو اللي في الإقامة الجبرية دا ما بيقبضش عليه؟
أحمد بن بيلا: لا.. لا.. لا مش اللي.. لا.. لا مش هي، لا.. لا.. لا مش هي هي يا سيدي، مش هي هي، أبداً، هو بيحكم عليه يمشي لجهة، أنا كنت في إقامة جبرية، ما خرجت من بعد اللي أطلقوا سراحهم، ما مشيتش برة، مشيت لإقامة جبرية، وكانت مش غير إقامة جبرية، أنا فين كنت مسجون في الجيش كان في.. كان معاي في البيت، اللي يحرسني.
أحمد منصور: أنا هآجي لدي بالتفصيل، كيف كنت تعيش 15 عاماً في.. في السجن؟
أحمد بن بيلا: سامحني، واللي يضرني.. واللي.. الذي يضرني لازم يمر على.. على.. على.. على البوليس، على الشرطة.
أحمد منصور: فرحات عباس بعد ما استقال من رئاسة الجمعية الوطنية سنة 63 استقال معلناً عدم موافقته على مشروع الدستور الذي أعدته جبهة التحرير.
أحمد بن بيلا: أي نعم، نعم.. نعم، ولكن الدستور في هذاك هو كان هنا وقع الصراع، هو أتى بدستور من طرف إنسان يقرر النظام الرأسمالي، إلى آخره، ومعروف هذا، وأنا أتيت لحد الفرنساوي ألا يقر توزيع الثروة، وكان.. كان المستشار بتاعي الشاوي اللي تعرفه اللي كان مع الإخوان المسلمين، اللي كان المستشار بتاع الرئاسة، فإحنا افترقنا يا أخي، إحنا افترقنا في.. في.. في اتجاهات، فرحات عباس مع.. مع.. مع النظام الليبرالي، المطلق ليبرالي، أنا مش مع النظام الليبرالي.
أحمد منصور: طبعاً هنا..
أحمد بن بيلا: و.. واليوم هذه التجربة بتاع 50 سنة والله هذا، النظام الليبرالي هو المصيبة، المصيبة حتى في قتل..
أحمد منصور: المصيبة الليبرالي أم الاشتراكي؟
أحمد بن بيلا: الليبرالي.
أحمد منصور: الاشتراكي جوع الناس.
أحمد بن بيلا: لا.. لا شيء آخر.. شيء، آخر، الاشتراكي جوع الناس، ولكن حاول يتلافى بعض الأمور.
أحمد منصور: ومخلي البلد عليها ديون فوق الخمسين مليار.
(8/216)
أحمد بن بيلا: يعني إن النظام هو..
أحمد منصور: والبؤس في دولة غنية بالغاز و وبالنفط بلا حدود بسبب النظام الاشتراكي.
أحمد بن بيلا: شوف.. شوف المشكل.. المشكل هو النظام العالمي، النظام الرأسمالي هو واللي اليوم..
أحمد منصور: المشكل سيادة الرئيس مش عايزين نلقي المشكل على الآخرين، المشكل داخل الأنظمة.
أحمد بن بيلا: نرجعوا ليه.. نرجعوا ليه، لا.. لا.. لا.. لا مش على الآخرين اليوم ليه هذا العولمة، الناس ضد العولمة حتى الغربيين، ضد..
أحمد منصور: العولمة الآن إحنا في سنة 2002، لكن إحنا الآن في 1962.
أحمد بن بيلا: هي الرأسمالية، نفس الشيء، النظام العالمي موجود منذ 500 سنة، منذ اكتشاف أميركا وسقوط غرناطة، و.. وانكماش دور العرب، 1492 ها العلة بتاعنا.. من ذلك الوقت طلع النظام رأسمالي سلط جاء.. جاء الاستعمار، ما هي مشكلة نظام، الاستعمار جاء، وظل إحنا مستقلين منذ 40 سنة بس.
الانقلابات العسكرية ضد بن بيلا وكيف واجهها
أحمد منصور: حسين آيه أحمد بدأ ثورة في منطقة القبائل في 9 يوليو 1963، وساعده محمد ولد الحاج، قائد.. القائد السابق لهذه الولاية في هذا التمرد، يعني الآن أصبح فيه تمرد عسكري ضد النظام حكمك مِن مَن؟ من رفيق دربك.. رفيق دربك.
أحمد بن بيلا: إحنا.. إحنا.. شوف، جبنا.. جبنا تسلسل شوية بنشوف..
أحمد منصور: ما إحنا بنشوف.. بنشوف كل.. كل من كانوا حولك..
أحمد بن بيلا: أي نعم، اللي كانوا..
أحمد منصور: الزعماء الذين تحملوا المشاق بدءوا في صراعات معك.
أحمد بن بيلا: مين اللي كان.. أنا آيه أحمد ولا مرة كان معاي، والله كان معانا في أول نوفمبر سنة..
أحمد منصور: كان معاك في السجن 7.. 6 سنين.
(8/217)
أحمد بن بيلا: كان معاي في السجن.. كان معاي في السجن، ولكن كنا مشاربنا من ذلك الوقت عندنا مشكلة راح عندنا اليوم موجود في دار القبائل، كنا مش متفقين على إيش، والهوية بالذات، اللي ما بيني وبينه بدا المرة الأولى كيف.. في دخول الجزاير في السنة بتاع الحكومة.. المرة الأولى كيف دخول الجزائر مثلاً بتاع الحكومة الذاتية ما وكانش المشكل بتاع ثقافة، المشكل بتاع الثقافة جاء من بعد والله، جاء من بعدي بكل صراحة، لأن ما كانش مسألة الأمازيغية مطروح مثلا، أنا حاجة صغيرة.. لازم نقرها، أنا المشكلة الأزمازيغية طرحه لي (مامري) هذا اللي.. الأخ المعروف، الأستاذ المعروف طلب مني إيش يكون شعبة، أنا قبلت مين اللي بتكون عنده شعبة، ودرست الأمازيغية من اليوم الأول بتاع الاستقلال، وما بيني وبينك ما كانش كثير مثلاً.
أحمد منصور: الآن أعلنت الأمازيغية، الرئيس بوتفليقة أعلن إنها لغة رسمية.
أحمد بن بيلا: لا.. لا سامحني، لا.. لا، لأنه في ذلك الوقت 3 سنين هو يدرس عنده 3 بتاع تلاميذ، هاي مش.. مش معروفة، ولا..
أحمد منصور: فقط 3 تلاميذ..
أحمد بن بيلا: 3 تلاميذ 3 سنين، الأمازيغية، ولكن كان عنده شعبة، ولا طرحت مسألة الأمازيغية في ذلك الوقت.
أحمد منصور: بقي حسين آيه أحمد يحمل السلاح ضدك لسنة.. إلى تاريخ 17 أكتوبر 1964 حيث ألقيت القبض عليه.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم.
أحمد منصور: الآن كل خصومك السياسيين اللي همَّ رفقاء دربك كانوا في السجن، الآن ألقيت القبض على.. على.. على حسين آية أحمد، محمد بوضياف، فرحات عباس نفيته للجنوب، صاحبك خيضر خد الفلوس وهرب، يعني..
أحمد بن بيلا: دا اللي عندك يا أخي، ورق.. وورقة خاصة يا أخي اللي..
أحمد منصور: هذه الثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: شوف يا أخي ممكن.. شوف..
أحمد منصور: ما أنا دايماً أقرأ الصفحات بشكل خاص.
(8/218)
أحمد بن بيلا: بلاش.. بلاش أنا.. أنا بلاش نقول لك كلام عظيم والله.. ما بلاش نقول لك كلام عظيم.
أحمد منصور: اتفضل.
أحمد بن بيلا: لكن.. ولكن سنة الله كده، سنة الله ممكن الناس يشتركوا في عمل ما وعظيم إلى آخره ويتفرقوا من بعض، أو أقول لك كيف تفسر لي والله، هذا الكلام هذه نقوله، وأنا أعرف اللي يزعلش كتير من الناس، لكن أنا.. أنا مسؤول، ليه ما يتفقش السيد طلحة والزبير مع.. مع سيدي علي؟ ومش.. مش وقعت مسألة.. مسألة الجمل؟
أحمد منصور: تلك أمة خلت..
أحمد بن بيلا: أيوه، أنا نقول لك يا أخي، ليس من الطغاة سيدي نشوف، أنا مابغيش ما نخلطش هذا بهذا، والصحابة شيء آخر، و أنا مسلم مؤمن، ما.. بوديش يعني، لكن ثقني ولا كنت أنا أميل يعني لمسألة الدم، ولا مسالة يعني القتل، ولا مسألة.. في المكتب السياسي، مثلاً مسألة آية أحمد اليوم اللي.. اللي.. الي قبضنا عليه، وكان طلع الجبال وقتل.. ووقعت.. وقع 500 قتلى في دار القبائل، والله، اليوم اللي قبضنا عليه صدقني في المكتب السياسي كنت الوحيد اللي ضد القتل بتاعه، والحمد لله يعني ما ماتش، وأراه مازال حي يرزق، إلى آخره، أنا ما أميلش يعني..
أحمد منصور: لكن مات.. مات كثير من الناس.
أحمد منصور: ماتوا كثير منا، أنا اللي قتلتهم مات واحد بكل صراحة.
أحمد منصور: مين؟
أحمد بن بيلا: وهو الشعباني، الله يرحمه، مات شعباني.
أحمد منصور: ما هي ظروف مقتل شعباني؟
(8/219)
أحمد بن بيلا: ظروفه هو أن رجل.. لا.. رجل فاضل، هو رجل كذلك، وعروبي إلى آخره، ولكن كانت المسألة بتاع الولايات هذه، ما قبلش النظام الواحد، ورفض على أن يصير عندنا جيش واحد، وثار مرتين، ثار مرة وقت مسألة بتاع.. بتاع تندوف ومسألة كذلك تيزي أوزو إحنا نرجعوا لها بعدين مسالة الولايات، كان مشارك في القضية بتاعة تيزي أوزو، واستطعت إنني نكلمه في التليفون ونلح عليه، و.. و.. و، ونقنعوه بإنه ييجي، وقال لي راح يقبضوا عليَّ، أقول له من يقبضوا عليك، قال لي بومدين يبقض عليك، يقبض عليك ولكن أراك تتسرح في الربع ساعة من بعد، وفعلاً قبض عليه وربع ساعة بعدين كان عندي، أنا طلبت بومدين يأتيني به، واليوم اللي اتكلمت الجمهور وقعت لنا المسألة بتاع تندوف، وقلت هاجرونا وها الكلمة..، هاجرونا لأنا ما عندناش طائرة واحدة، ما عندناش دبابة واحدة، وضربونا في الصحراء، بودي ما أتكلم في كتير على هذا، لكن في هذيك المسألة كان مشارك في القضية بتاع تيزي أوزو، ولكن جبته معاي، جبته.. جي عندي الدار، و.. وما يقع حدث، فعلاً جاءوا وقبضوا عليه، قبض عليه بومدين، وأطلقت سراحه أنا، وكان معاي اليوم اللي خطبت وقلت للجمهور ها الأخ شعباني اللي يتكلم إلكم، لأن التمرد لأ هو معاي، ولكن تمرد مرة تانية كذلك، لا في.. في.. وكلمته في التليفون ساعتين وأنا نترجى منه، وقلت له المرة دي أراني نفضي إيدي، وأرسلت له 3 وفود بتاع ولايات، بيش أترجاه ومن بعد اللي.. اللي.. اللي قام بعمله، وحاكموه الجيش، حاكموه، ونفذ فيه أمه جاءت شافتني من بعد، من بعد اللي خرجته أنا من السجون، قالت لي أحمد أنا كنت موجود كيف كنت تقول له تليفون، وأنا أعرف باللي.. مش أنت اللي قتلته.
أحمد منصور: أنت طلبت إنه هو هيقتل.
أحمد بن بيلا: بس نقول لك هذا الكلام، ما أقلش كلام آخر شوف يا أخي، وندخلوا في متاهات وفي..
أحمد منصور: حاطين دماء شعباني في رقبتك أنت.
(8/220)
أحمد بن بيلا: لا سامحني نشوف، ونزيد.. نزيد نقطة..
أحمد منصور: سيادة الرئيس..
أحمد بن بيلا: أنا وقع انقلاب ضدي، نقول لك حاجة أخرى، لو ما عملوه همَّ كانت أميركا هتعمله، كان لازم يضربوني، جاءت بهذه الكيفية، وأنا نقول مسألة.. مسألة.. مسألة الانقلاب هذا ما اتكلمش لك عليها إذا غلطت أنا، 15 سنة يا أخي، الحمد لله، يعني دفعت الثمن، ولو ما غلطوه الله يسمح عليهم.. الله يسمح عليهم، أنا اليوم نشوف كيف بلادي تخرج من الأزمة اللي أراها فيها، وأنا مع.. مع الأخ عبد العزيز، مع الوئام، لأني ما أشفش حل آخر، ليه؟ على أن مش نعين أخ عبد العزيز، أنا نعينه، نعين شعبي والله، بيش يخرج من هذه، وما نطرحش كذلك مشكلة الانقلابات ما أعرفش إلى آخره، إحنا في هم آخر، سامحني قفزت قفزة كبيرة.
أحمد منصور: سأعيدك سيادة الرئيس، أو سنعود.. سأعود معك. أشكرك.
أحمد بن بيلا: الله يعزك يا سيدي، شكراً.
أحمد منصور: شكراً جزيلاً.
أحمد بن بلا: الله يعزك.
أحمد منصور: أنا شكلي أقلب في داخلك تاريخ الأيام.
أحمد بن بيلا: لا عندك حق يا أخي بيش تقلب.
أحمد منصور: بس ما بأعملش انقلاب ولا حاجة.
أحمد بن بيلا: لا.. لا.. لا أبداً.. أبداً، بالعكس.
أحمد منصور: أشكرك سيادة الرئيس شكراً جزيلاً.
أحمد بن بيلا: الله يعزك.. الله يعزك.
أحمد منصور: نكمل في الحلقة القادم إن شاء الله.
أحمد بن بيلا: إن شاء الله.. إن شاء الله.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/221)
الحلقة11(8/222)
الخميس 15/10/1423هـ الموافق 19/12/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 13:33(مكة المكرمة)،10:33(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 11
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
15/12/2002
- علاقات عبد الناصر بالجزائر بعد الاستقلال
- توتر العلاقات بين الجزائر والمغرب ودعم عبد الناصر للجزائر
- علاقة بن بيلا ببورقيبة بعد الاستقلال
- علاقات بن بيلا بحركات التحرر الوطني ودعمه لها
- عقد أول قمة عربية في مصر عام 1964م
- سياسة بن بيلا في علاقاته الدولية
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا.. سيادة الرئيس، مرحباً بك.
أحمد بن بيلا: أهلاً.
علاقات عبد الناصر بالجزائر بعد الاستقلال
أحمد منصور: في هذه الحلقة سوف نتناول مرحلة هامة في تاريخ حكمك للجزائر، وهي مرحلة العلاقات العربية الجزائرية والعلاقات الدولية والإفريقية للجزائر، وأود هنا أن أشير إلى نقطة تاريخية مهمة، وهو أنه في الخامس عشر من أيلول/سبتمبر عام 1963 انتخبت كأول رئيس للجزائر بعد الاستقلال، بعدما ظللت رئيساً للحكومة في الفترة من 29 سبتمبر 62، يعني بقيت رئيس حكومة لمدة عام، ثم بقيت بعد ذلك رئيساً للدولة حتى وقوع الانقلاب عليك بعد ذلك في العام 65، العلاقات التي ربطتك بالزعيم جمال عبد الناصر كانت علاقات خاصة وعلاقات قوية وعلاقات متينة، وكانت مصر -كما ذكرت من قبل- هي الداعم الأول للثورة الجزائرية، باختصار شديد كيف كانت علاقات عبد الناصر بالجزائر بعد الاستقلال؟
(8/223)
أحمد بن بيلا: بعد الاستقلال العلاقات سارت على.. على النهج الذي كان يعني موجود ما بيننا، معنى معنوياً أنا كنت أعتبر الجزائر يعني مرتبطة بمصر وموحدة يعني مع مصر، شكلياً طبعاً كان فيه أشياء، ولكن فعلاً كنا صوت واحد واتجاه واحد وتعاون واحد، يعني موحد، مصر كانت هي البلاد اللي يعني لها فيض علينا تمام، وساعدت الثورة في البداية، والبداية هي الأساس، وعانت من.. من أجل هذا العدوان الثلاثي وأشياء أخرى، مصر كانت كل شيء بالنسبة لنا هي الرمز، هي.. هي الوحدة العربية هي كذلك بلاد مناصرة لكل الحركات يعني..
أحمد منصور: هل لعبت دوراً بعد الاستقلال في إعادة العلاقات المصرية الفرنسية التي أُعيدت بشكل رسمي في الثالث من أبريل عام 63؟
أحمد بن بيلا: إحنا بكل صراحة كانت عندنا علاقات مع فرنسا بمقتضى يعني اتفاقية إيفيان إلى آخره، وكان (ديجول) في ذلك الوقت، وكنا لا نشوف.. لا مانع يعني في علاقات كويسة مع.. مع مصر.
أحمد منصور: لأ، هل لعبتم دور؟
أحمد بن بيلا: لعبت دور.. لعبت دور لرجوع العلاقات ما بين فرنسا والبلاد العربية.
أحمد منصور: بشكل عام.
أحمد بن بيلا: بصفة عامة
أحمد منصور: ومصر بشكل خاص أم أن مصر..
أحمد بن بيلا: خاص.. بشكل خاص، ديجول الطلب الأول بتاعه هو قال سيادة الرئيس، بودي ترجع العلاقات ما بيننا ما بين فرنسا والدول العربية، وبالذات مع جمال عبد الناصر.
أحمد منصور: طبعاً العلاقات قُطعت بعد العدوان الثلاثي على مصر في العام 56؟
(8/224)
أحمد بن بيلا: طبعاً كل.. كل الدول العربية إلا وكانت قطعت علاقتها مع فرنسا، وهذا كان طلب من.. أنا طلبت من ديجول رجوع العلاقات مع يوغسلافيا، لأن (تيتو) طلب مني هذا، وهو ضحك، وقال لي: وأنا عندي طلب آخر، هي ترجع العلاقات ما بين فرنسا والدول العربية وبالخصوص مع ناصر، وسألني يأخذ كم وقت هذا؟ قلت له: إن شاء الله يأخذ وقت أسبوع، قال لي: مش ممكن، فأخذت 24 دقيقة.. 24 ساعة رجعت الجزائر.. تليفون، وناصر قال لي: مش هذا بس يعني، إحنا نقدم له دعوة يزور مصر مش فقط العلاقات.
أحمد منصور: يعني كنت أنت الواسطة في الموضوع.
أحمد بن بيلا: كنت أنا الواسطة.
أحمد منصور: في 4 مايو 1963 قام جمال عبد الناصر بأول زيارة رسمية إلى الجزائر.
أحمد بن بيلا: آه.. آه
أحمد منصور: ما هو أثر هذه الزيارة ودورها في تدعيم الجزائر بعد الاستقلال؟
أحمد بن بيلا: والله كان.. كان دور بتاع توطيد العلاقات يعني، ولكن الزيارة بدافع كانت يعني فلتة مع..
أحمد منصور: ما الذي حدث؟ أوصف لنا ماذا حدث.
أحمد بن بيلا: اللي حدث هو أن وقعت مظاهرة شعبية، وهذا كادت ربما تأتي بحياتنا، يعني بكثرة الحماس.
أحمد منصور: كيف؟ عدد الحضور كانوا كم تقريباً؟
أحمد بن بيلا: بالمئات الآلاف، قل مليون ربما كانوا موجودين في.. في الجزائر، وما استطعناش كيف دخلنا في وسط الجماهير غلقوا علينا وما كان بوليس ولا درك ولا ما عاد شيء، وممكن بالحماس الإنسان يقتلك، وكاد يقع..، يعني خدونا ودخل.. دخل.. دخلوا في وسطنا بالآلاف ومسكونا، و.. لكن الحمد لله جاءت الفكرة بتاع .. بتاع المطافي.. في سيارة مطافي عالية إلى آخره هي اللي.. هي اللي نقذتنا.
أحمد منصور: كيف؟ أوصف لنا.
أحمد بن بيلا: جاءت دخلت في الشعب.
أحمد منصور: سيادة الرئيس، أنت تتكلم عن شيء وقع قبل حوالي 40 عاماً، معظم المشاهدين..
(8/225)
أحمد بن بيلا: اللي وقع.. اللي وقع هو أن أولاً الأخ جمال وصل بالباخرة، ودشنا..
أحمد منصور: الحرية اليخت الحرية.
أحمد بن بيلا: نعم، الحرية، ودشنا هذا الموقع في وسط العاصمة اللي اسمه بورسعيد، يعني نظراً لبورسعيد رمزياً إلى آخره، ولكن على أن ندخل في المدينة فيه 100متر كدة نمر فيها.
أحمد منصور: يعني عملتوا موكب يعني.
أحمد بن بيلا: موكب بنظر..، لكن لازم تمشي والشعب يشوف.
أحمد منصور: سيارة صغيرة.
أحمد بن بيلا: انحرقت ثلاثة.. ثلاثة في مسافة بتاع 50 متر، وحاصرونا وكانت، أنا خفت على حياة الأخ جمال، لأن دخلوا فينا ومسكونا.
أحمد منصور: من الحماس والحب.
أحمد بن بيلا: الحماس، يعني كادوا يجيبونا والله يا أخي، فأنا طلبت من الأخ جمال، قلت له: نجيب مصفحة؟ قال لي: لأ، أعداؤنا يقولوا خافوا من شعبهم، آتنا ببتاع المطافي لأن هي كبير وعالية، وطلعنا مثل المطافي، هذا اللي خلانا استطعنا أن نخرج.
أحمد منصور: مشيتوا.. ركبتوا على سيارة المطافي.
أحمد بن بيلا: وبعدين جولنا البلاد وإحنا كالمطافي يعني شوف.
أحمد منصور: كانت الشعوب مجنونة بجمال عبد الناصر.
أحمد بن بيلا: مجنونة بكل صراحة.
أحمد منصور: أيه الأسباب في تصورك التي دفعت إلى هذا؟
أحمد بن بيلا: يا أخي، هذا لا.. لا.. لا يفسر بالكلام، هذا شيء عميق يسكن الإنسان يدخل في عمق.. أعماقه وأسبابه كثيرة، ولكن جمال كان بالنسبة للجزائر، ولكن مش بالنسبة للجزائر فقط أنا في رأيي بالنسبة للعالم العربي ككل.
أحمد منصور: زيارة الجزائر هذه دعمت حكم.. زيارة عبد الناصر للجزائر دعمت حكم بن بيلا تحديداً ضد خصومه السياسيين في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: والله ما نظنش يعني ممكن يُقال هذا، يا أخي، بكل تواضع أنا كنت رصيدي هو شعبي بكل صراحة.
أحمد منصور: لكن كل رفقاء الثورة كانوا برضو يختلفوا معك.
(8/226)
أحمد بن بيلا: طبعاً علاقاتي.. علاقاتي مع جمال عبد الناصر، ونوعية العلاقات هذه.. هذه طبعاً وطدتها يعني.. وطدها وهو الوعي العربي بصفة عامة طبعاً، وبما أن الجماهير قلوبها كانت مع ناصر، وهذه..
أحمد منصور: لكن هل تعتقد إن الشعوب هذه التي يعني كانت تمنحكم هذا الحب، قدمتم لها فعلاً ما ينبغي أن تقدموه كحكام، الشعوب أحبتكم وأنتم لم تقدموا لها الشيء الذي كانت تنتظره.
أحمد بن بيلا: قدمنا ما يمكن أن نقدمه في تلك الظروف. يا أخي، إحنا مش أسباب يعني سقوط غرناطة، إحنا دور العرب انكمش في 1492 عام اكتشاف أميركا، في ذلك الوقت انكمش دور العرب، حضارياً إلى آخره، بعدين طبعاً..
أحمد منصور: سيادة الرئيس.. سيادة الرئيس الأمم إذا توافقت لها الإرادة
أحمد بن بيلا: خليني، سامحني نكمل بس وبعدين..
أحمد منصور: اتفضل.
أحمد بن بيلا: أنا نشوف بأن الدور العربي انكمش 1492 في السنين يعني أو القرن في ذلك القرن، بعد يعني من ابن رشد ولآخر ابن.. ابن خلدون إلى آخره، ومسألة الطوائف وما وقع في الأندلس، إلى آخره، هذا اللي.. هذا اللي وقع، ومحاولة يوسف بن تشفين ومحاولة..
أحمد منصور: كل ده تاريخ سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: شوف سيدي.
أحمد منصور: أنا.. أنا.. أنا بأتكلم عن واقع الآن 62، الشعوب ضحت، الجزائر..
أحمد بن بيلا: أنا.. الشعوب على الواقع وعلى.. حتى.. حتى.. حتى النظم العالمية، يعني هذا اللي الطروح بتاع ابن خلدون..
أحمد منصور: يعني طرح.. طرح المشكلات التي يعني الحكام يقومون بها دائماً على الآخرين، وإن دول السبب وعلى التاريخ هو نوع من الهروب من الواقع.
أحمد بن بيلا: لأ، خلينا من الحكام هذه بعدين..
أحمد منصور: لأ، أنا بأقصد أنتم.. أنا بأتكلم
أحمد بن بيلا: أنا معاك.. أنا معاك..
أحمد منصور: شعب ضحى بملايين.
أحمد بن بيلا: سيدي، الحكام اليوم بكل صراحة، الحكام هم مسخرين سامحني الكلمة.
أحمد منصور: لمن؟
(8/227)
أحمد بن بيلا: للغرب.
أحمد منصور: والشعوب.
أحمد بن بيلا: بمقتضى.. القوائم للنظام العالمي، بعدين تريد أن نعالجوها بالأرقام هذا.. هذا.. هذا النظام العالمي كيف هي العلاقات ونوعية العلاقات وبنتيجة بتاعها، إحنا في.. في.. في حالة بتاع سخارى، إحنا بالنسبة للغرب في حالة بتاع سخارى، عندنا علام وعندنا..
أحمد منصور: سخرة يعني تقصد؟
أحمد بن بيلا: أيوه نعم، والله هانشوف يعني حكامنا غير قادرين وغير كذلك أغلبيتهم غير مخلصين مع شعوبهم، ها المشكلة بتاعنا إحنا إلى يومنا هذا، والمعالجة هي..
أحمد منصور: طب أيه الحل؟ أيه المخرج؟
أحمد بن بيلا: الحل هو التوعية، لازم إحنا نتغير من الداخل حتى نغير الكل، وبالذات نوعية الحكم بتاعنا، كيف نتغير ونتحسن من الداخل ونصبح واعي يتغير الحكم، ونواجه الغرب بأسلوب وبإمكانيات أخرى، ها المشكل مش ناصر هو المسؤول على الوضع اللي كان في.. في مصر.
أحمد منصور: ناصر أعطى للناس..
أحمد بن بيلا: كان.. كان..
أحمد منصور: أعطى للناس أمل كبير، ولكن لم يحقق منه الكثير.
أحمد بن بيلا: حقق الأمل، وحقق.. حقق.. حقق لفترة طفرة في.. في الروح وفي الأماني وفي..
أحمد منصور: في الكلام بس!!
أحمد بن بيلا: لا.. لأ مش في الكلام بس، هذه تراكمات، التاريخ يمشي كده. يا أخي، أنا مش موافقك يعني بأن ناصر اللي عمله راح لأ، اللي عمله بقى كرصيد، وإحنا في حاجة تراكمات، بعد ناصر أتوا آخرين إلى آخره، إن شاء الله مثل ناصر، لكن أنا ثق.. أنا في رأيي على مدة بتاع 100 سنة والله ما يأتينا رجل مثل ناصر، هذا اللي أشوفه، ولكن أعماله لا مش ضايعه أبداً، أعماله تبقى.. تبقى للشعوب، ويجو من بعدنا شعوب أخرى، إحنا مشكلتنا هي 500 سنة بتاع ركود، ابتدأت بسقوط غرناطة، وإحنا.. شوف..
أحمد منصور: محتاجة زعيم.. زعيم ينهض بالأمة.
(8/228)
أحمد بن بيلا: بعد الاستعمار إحنا خرجنا من.. من.. من قبضة الاستعمار منذ 50 سنة بس، إحنا خرجنا..
أحمد منصور: أوروبا أيضاً كانت مدمرة قبل 50 سنة.
أحمد بن بيلا: لأ، كانت في أوروبا شيء آخر.
أحمد منصور: نهضت وقاومت.
أحمد بن بيلا: أوروبا.. أوروبا قاومت، أوروبا..
أحمد منصور: أوروبا قبل 100 سنة كان عبارة عن قبائل بيقتلوا بعض وبيعاملوا بعض معاملة قاسية.
أحمد بن بيلا: لا.. لا.. لا جاءت بعد المسلمين.
أحمد منصور: لماذا لا نأخذ المثال الجيد ونأخذه مثال لنا، ودائماً نأخذ الأمثلة السيئة؟
أحمد بن بيلا: ما نأخدوش من الغرب يا أخي، لأن الغرب باني عمله على ثقافة أخرى وعلى..
أحمد منصور: لا نأخذ الثقافة يا سيادة الرئيس، نأخذ النهوض اللي موجود، النهوض الصناعي..
أحمد بن بيلا: النهوض يجي.. يرجع لمقاييس..
أحمد منصور: أسلوب الحياة.
أحمد بن بيلا: يرجع لأسلوب حياة، يرجع لأمور الثقافة، يرجع للثقافة بالدرجة الأولى، هذا نظام جاء بثقافة أخرى متسلطة قاتلة، ارتكبت جرائم ما بعدها جرائم، قتلها بتاع الهنود الحمر كملة مش شعب فقط، هذه أميركا اللي تتغنىٍ ما أعرفش أيه وعندها تاريخ بتاع 210 سنين فقط، هذه بانية على كَبَر، ملة مش شعب.. ملة قُتلت من طرفهم ومن طرف الأسبان، ثم الرق السود 400 سنة ما يأخذوا ناس من.. من قارة إلى قارة أخرى، ولاحظ تقديرات المؤرخين الغربيين قتلوا 140 مليون سود، لأنه كانوا كل يأخذ واحد يمشي الأميركي يقتل 10، 15 يدافعوا على نفسهم، ها الحصيلة، إفريقيا اليوم متخلفة، هي أغنى قارة في العالم، عندها ثقافة كان فيه هذا بتاع السنغال هذا.. حكم السنغال كان كبير من أكبر من أوروبا..
أحمد منصور: السنغال.
(8/229)
أحمد بن بيلا: وكان في (تمبوكتو) هذه تمبوكتو يتكلمون.. كانت سكانها مائة ألف سكان، باريس ما كانش مائة ألف سكان وكان يدرسوا العلوم، بتاع الخوارزمي اللي كان باريس ما تعرفهاش يعني إفريقيا مش كانت.. إفريقيا كانت في بعض الأحيان أقدم من أوروبا، لكن أصابوها بمسألة الرق، بعد الاستعمار، هي أغنى قارة في العالم، أغنى قارة أصبحت هي أفقر قارة في العالم والأرقام وإلى آخره، بلاش يعني.. فيعني مش لأن الإفريقيين متخلفين لأ، فيه 1300 كانوا متقدمين عن أوروبا وفيه كل مراجع، عندي المراجع والله.
أحمد منصور: طيب أنا الآن أبقى في إطار العلاقات الجزائرية العربية علاقاتكم مع ناصر كانت بهذه القوة وكانت تعتبر امتداد وزيارة ناصر إلى الجزائر تعتبر زيارة تاريخية ربما لم تتكرر لزعيم آخر...
أحمد بن بيلا: أبداً.
توتر العلاقات بين الجزائر والمغرب ودعم عبد الناصر للجزائر
أحمد منصور: من بعده، علاقاتكم مع المغرب كانت علاقات بدأت تدخل في إطار التوتر، وفي 19 أكتوبر 1963
أحمد بن بيلا: التوتر ما بين..
أحمد منصور: قامت الجزائر بهجوم على (حاسي البيضا) و(تنجوب) وذكرت الجزائر.. ذكرت المغرب أنه تم اعتقال ضباط مصريين داخل الأراضي المغربية، وأنكم تلقيتم دعماً من جيش عبد الناصر، وعبد الناصر قال لكم أنه معكم ضد ملك المغرب ما الذي حدث باختصار وأنت كنت رئيس الدولة؟
أحمد بن بيلا: اللي حدث.. اللي حدث بالذات وهو أن العلاقات ما بين مراكش والجزائر وتونس كذلك فيه كانت..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لأ أنا تونس هأجيبها لوحديها، أنا الآن في المغرب.
أحمد بن بيلا: في المغرب كانت مشاكل مع.. ما بين الحكام.. ما بين الحكام.
أحمد منصور: بينك وبين الملك الحسن.
أحمد بن بيلا: أيوه كانت لأنه نمط..
أحمد منصور: أيه.. أيه هي أسباب هذه المشكلة؟
أحمد بن بيلا: كان نمط.. كان نمط بتاع حكم غير حكم.. غير النمط اللي كان موجود في هذا..
(8/230)
أحمد منصور: ليست قضية النمط، وإنما هم يقولون وأنا قلت لك من قبل..
أحمد بن بيلا: لا.. لا،..
أحمد منصور: أنك لم تفِ.. لم تفِ بتعهداتك بمنحهم منطقة تندوف.
أحمد بن بيلا: أتكلم والله. كأنه عن إمبارح.. والله ولا.. ولا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أيه سبب المعركة دي؟ وأنتم..
أحمد بن بيلا: ولا وفيت مرة واحدة.. وفيت وفا اسمه الأخ فرحات عباس حين كان رئيس الحكومة المؤقتة بأن المشكل هذا ما وافاش بشيء إلا وأنه هيُفتح بعد الاستقلال، لكن بعدين اجتمعت المنظمة الوحدة الإفريقية في أديس أبابا وأقرت استلام الحدود اللي كانت وقت.. وقت الاستعمار لأنه شافوا بأن كل البلاد عندها مشكلة بتاع حدود..
أحمد منصور[مقاطعاً]: دا الكلام دا سيادة الرئيس الآن بتسبق لقضية الحدود في الحل اللي جه نهائي.
أحمد بن بيلا: آه بس هي مشكلة..
أحمد منصور: أنا.. أنا بس عايز أسأل في الأول..
أحمد بن بيلا: مشكلة ما بين الجزائر.
أحمد منصور: لماذا قمتم بالهجوم على المغرب.
أحمد بن بيلا: ما قمناش بالهجوم، إحنا ما عندناش بيش نقوم بهجوم، ما عندناش طيارة واحدة، ما عندناش..
أحمد منصور: أُمَّال من اللي قام بالهجوم؟ أنتم قمتم بالهجوم والمغاربة صدوكم..
أحمد بن بيلا: لا لا أبداً، أبداً هذه إحنا مش إحنا اللي نقوم بالهجوم، هم دخلوا لبلادنا صدوهم فقط، وهذه كانت مفتعلة.. إحنا لا..
أحمد منصور: كل المصادر بتقول أنتم هاجمتم المغرب.
(8/231)
أحمد بن بيلا: لا، يا أخي الحقيقة أنا كلامي هو مش إحنا اللي قمنا، وبكل صراحة ما عندنا حتى الوسائل اللي بيش نقوم، ثم ما كناش حقيقة في المناخ اللي يخلينا ندخل في حرب، إحنا كان هذا بالنسبة لنا كُفْر، ليه؟ لأن وقت.. وقت الحرب الشعب المراكشي والشعب التونسي والشعب الليبي والشعوب العربية كلها يعني تفاعلت لصالحنا بصفة مذهلة الثورة الجزائرية كشفت كل يعني.. يعني أنا مثلاً أنت من طرف العرب كلهم بغير باستثناء مذاهبهم وما أعرفش أيه، مع مراكش يا أخي الشعب المراكشي نفس الشيء شعب الشعب التونسي..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هل حقيقة أن الرئيس عبد الناصر دفعكم للهجوم على المغرب؟
أحمد بن بيلا: لأ.. لا..
أحمد منصور: وأيدكم وأرسل لكم قوات وأرسل لكم..
أحمد بن بيلا: أبداً إحنا طلبنا من الرئيس جمال عبد الناصر، لأن المعركة وقعت في الصحراء وإحنا عندنا جيش مش.. مش كلاسيكي، مش جيش بتاع .. بتاع عصابات، معناها جيش بتاع جبال بتاع غابات، مش بتاع صحراء واطية وما عندناش طيارة واحدة وما عندناش يعني مدرعة واحدة.
أحمد منصور: بس أنت في 28 أكتوبر 1963 -كما ذكرت (وكالة أسوشيايتد برس) في ذلك التاريخ- وصلتك ثلاث سفن محملة بالأسلحة وبالمدرعات من كوبا، من عند صديقك (كاسترو).
أحمد بن بيلا: آه.. آه. نعم.
أحمد منصور: واستخدمت هذه في الحرب ضد المغرب.
أحمد بن بيلا: لا ما استخدمناهاش والله وصلت في الآخر ولا استخدمناها ولا استخدمنا كذلك للطائرات اللي أرسلها لي جمال عبد الناصر، طائرات..
أحمد منصور: عبد الناصر أرسل لك طائرات وضربت بها.. وضربت بها الحدود المغربية..
أحمد بن بيلا: ولا ضربت فيها حدود.. ولا طيارة واحدة طلعت، ولا.. ولا جندي مصري ساعد في يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]: بس المغاربة أعلنوا عن اعتقال 2 مصريين.
(8/232)
أحمد بن بيلا: جاءوا.. جاءوا على أن يساعدونا ولكن الحمد لله المعركة هذه وقعت في شهر يعني انتهت، يعني مشينا.. مشينا لمالي وفضينا المشكل..
أحمد منصور: لماذا فشلت الجامعة العربية في ذلك الوقت في حل المشكلة وحلتها منظمة الوحدة الإفريقية؟
أحمد بن بيلا: لأنها كانت المنظمة، لأن إحنا الاتنين لا مراكش ولا إحنا كنا من المنظمة الإفريقية وفي رأيي الأميركان هم اللي ضغطوا على.. على حسن الثاني، على أن الحل يكون سريع لأنه شافوا الطائرات وصلت الطائرات اللي بتاع.. بتاع يعني قصف وصلت الجزائر وشافوا بأن المسألة كانت تتطور..
أحمد منصور[مقاطعاً]: من عند عبد الناصر طبعاً.
أحمد بن بيلا: آه جمال عبد الناصر.
أحمد منصور: يعني واضح إن الآن..
أحمد بن بيلا: عرف من..
أحمد منصور: مصر دخلت.. كانت مصر في ذلك الوقت.
أحمد بن بيلا: فأميركا..
أحمد منصور: كانت مصر في ذلك الوقت دخلت بقواتها في اليمن وأيضاً عبد الناصر أرسل لك قوات إلى الجزائر..
أحمد بن بيلا: كان في اليمن..
أحمد منصور: لضرب المغرب.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: وإسرائيل ما فيش حد بيدور عليها..
أحمد بن بيلا: لا أنت هذا تفسيرك أنت مش تفسيرنا إحنا..
أحمد منصور: لأ الأحداث قدامي أهه.
أحمد بن بيلا: لأ يا أخي..
أحمد منصور: تُرسل القوات إلى اليمن ترسل القوات لضرب.. للصراع بين الشعب اليمني وغيره.
أحمد بن بيلا: لأ شوف..
أحمد منصور: الملكيين والقبليين ترسل القوات إلى الجزائر لضرب المغرب وإسرائيل لأ..
أحمد بن بيلا: لا.. لا تريد.. لا ما تخلط ليش الحابل بالنابل، إذا تريد نتكلم على ناصر أتكلم على ناصر والله، وأنا نقول لك ما فيش عندنا ظاهرة يعني الحقيقة المشرفة هي ناصر، هذا.. أنا يعني مش ممكن.. لأني عشت..
أحمد منصور: أنا بأقدر عواطفك.
أحمد بن بيلا: لأ مش عواطف يا أخي، أنا عشت في مصر.. أنا عشت.. أنا..
(8/233)
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن أيضاً نريد أن ننظر للتاريخ بتجرد..
أحمد بن بيلا: أنا.. سامحني أنا كنت نقود ثورة، أنت ما كنتش تقود ثورة هذا هو..أنا كنت نقود ثورة...
أحمد منصور: لا أنا غلبان ثورة أيه..
أحمد بن بيلا: ولكن جيت بحكاية ما هكذا يعني قاطعة، وناصر ما أعرفش أيه إلى آخره..
أحمد منصور: لأ، أنا بأقرأ التاريخ يا سيادة الرئيس، الآن مع..
أحمد بن بيلا: إذا كان التاريخ اللي ما كُتبش إلى يومنا هذا، هذا الكلام اللي نقوله لك ولا مرة سمعه واحد، لأول مرة نتكلم، جيت تأخذ الأشياء بالنسبة لنا المقدسة وتنهار -حسب كلامك- ناصر.. ناصر بالنسبة لنا هي ظاهرة مقدسة بالأرقام، بالأشياء اللي عشناها مقدسة، إحنا عشناها يا أخي، عشنا إحنا المحنة، عشنا الاستعمار الاستيطاني، عشنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن هل معنى ذلك إذا كانت هناك أخطاء لعبد الناصر..
أحمد بن بيلا: ومين اللي ما يخطأش.
أحمد منصور: هل لا تتحدث عنها؟
أحمد بن بيلا: العصمة لله.
أحمد منصور: ما هو هذا ما يقوله يعني..
أحمد بن بيلا: العصمة لله، حتى بعض الصحابة ويسمحوا لي الشيوخ يعني ينقلوا هذا الكلام..
أحمد منصور: ما حدش معصوم إلا الرسول. معروف..
أحمد بن بيلا: سامحني أي والله إلا الرسول، حتى الرسول في الأشياء الدينية.. تاخدوش عليها، ها الأشياء الدنيوية إلى آخره، ولهذا ناصر كذلك رجل هو إنسان وأنا إنسان، أنا في رأيي ما غلطش غلطات كبيرة أبداً له غلط.. الغلطات هي.. هي إخواننا من قبل اللي.. اللي.. اللي.. اللي ما كانوش في المستوى في.. من وقت يعني الزحف الإسلامي في.. في إسبانيا وسقوط غرناطة والاستعمار..
أحمد منصور: إحنا هنجيب أخطاء عبد الناصر ونحملها لسقوط غرناطة يا سيادة الرئيس؟!
أحمد بن بيلا: يعني تقول العرب قبله هم اللي.. هم اللي.. اللي فَرَّطوا، هو.. هو وجد تركة، هو وجد فاروق ووجد يعني المشكلة بتاع.. بتاع..
أحمد منصور: يعني أنا.. أنا.
(8/234)
أحمد بن بيلا: بتاع الملوك.. بتاع الملوك..
أحمد منصور: لا أريد أن أبقى في.. في دائرة مفرغة، ولكن كل ما نقصده أن رواية التاريخ لهذه المرحلة لديك أنت وحدك وأنت لم تكتب مذكراتك.
أحمد بن بيلا: لم أكتب مذكراتي نعم..
أحمد منصور: وهي المرة الأولى التي تتحدث فيها.
أحمد بن بيلا: نعم، وحتى ما أتحدثش بشيء...
أحمد منصور: بتفصيلات الشعوب.. تنتظر أن تسمع شيء.
أحمد بن بيلا: لأول مرة.. لأول مرة أو حتى... اقرأ بكل صراحة، أنا عملت التاريخ، اللي عمل التاريخ، مش هو اللي يكتب التاريخ، أنا مش ممكن أتكلم على التاريخ بصفة مجردة، أنا عواطفي يعني وكل ذاتي ينفعل كلما نتكلم على ناصر نتكلم.. أنا دي شهادة فقط، والشهادة ممكن تكون منقوصة، وجم المؤرخين بعدينا اللي عندهم أسلوب علمي هم اللي يكتبوا التاريخ، لكن الشهادة هي المادة الأولى اللي يكتب عليها العالم المؤرخ، أنا دي شهادة وشهادة مخلصة ولا.. ولا مؤرخ بعدين ممكن يغير رأيه لإنسان في الحياة على ناصر.
أحمد منصور: وإحنا بنقدر لك أن تدلي بهذه الشهادة إلى الناس.
أحمد بن بيلا: أنا ما.. نقول هو.. هو مصاب مثل أنا مصاب، هو إنسان والإنسان مصاب والعصمة لله إلى آخره، لكن يعتبر كل هذه الأشياء هو قدم شيء للعرب ما قدموش إنسان آخر منذ مائة سنة، وعلى حسب تقديراتي حتى مائة سنة بعدين ربما ما يكونش.. ممكن يقدم والله أحسن من شو الحكام بتاعنا هذا والله.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: تم وقف إطلاق النار على الحدود في 2 نوفمبر 1963، لكن يبدو أن مشكلة الصحراء بقيت عليها مشاكل إلى اليوم، حتى أنه قبل أيام..
أحمد بن بيلا: شوف سيدي.. شوف سيدي، حتى بيش تكون كذلك ندخلوا أحد.. أحد العنصر، بش شوية تكون عندك بعض.. بعض الأشياء اللي ممكن تتحكم فيها وتدي لك يعني ربما..
أحمد منصور: اتفضل.
(8/235)
أحمد بن بيلا: حكم سالم، كل المعارضة المراكشية كانت عندي، كلهم بما فيهم يوسف هذا أخونا عبد الرحمن يوسفي..
أحمد منصور: رئيس الوزراء الحالي.
أحمد بن بيلا: كل المعارضة اللي أنا اشتغلت معاها، واللي خلتني.
أحمد منصور: يعني أنت كنت عمال تؤوي المعارضة ضد الحسن الثاني.
أحمد بن بيلا: أنا ما عملتش يا أخي، هم هربوا عندي وكانوا معايا إمبارح هم يأكلوا معايا ويتعاملوا معايا ويتعبوا معايا، يعني.. منين نعرف؟ ما نعرفش الحسن الثاني كان في مدغشقر نعرف اللي كانوا طلعوا الجبل وضحوا إلى آخره سعيد بن عيلات، حسن الأعرج، عبد الرحمن يوسفي، ومشوا بالعشرات والبصري، وبعدين جاءوا عندي نطردهم؟! نفس الشيء فيما يخص تونس.
أحمد منصور: يعني تعتقد إن دي كان لها دور رئيسي في تأجج الصراع بين المغرب والجزائر؟
أحمد بن بيلا: كان فيها دور، كان فيها دور، ما فيش كان لها دور..
أحمد منصور: لكن المشكلة لم تنته إلى الآن، ويقال أن لك الدور الرئيسي في استمرارها على مدى أكثر من أربعين عاماً.
أحمد بن بيلا: والله يا أخي أنا مسؤول أنا ما بأعرفش على العرب.. على..، هذا لم يُطرح، هذا أنه المسؤول، إذا أنت بتاخدها كده..
أحمد منصور: لأ أنا سيادة الرئيس بأطرح..
أحمد بن بيلا: يا أخي- سبحان الله- يا أخي، أنا فقط إديت لك عنصر كنت ما تعرفوش المعارضة كلها اليوم الموجودة القدماء اللي كانوا في مرحلة.. كلهم كانوا عندي، وكانت المعارضة بيش... حسن الثاني..
أحمد منصور: وظلت العلاقات بينك وبين الحسن الثاني سيئة؟
أحمد بن بيلا: يعني مصابة، يعني مشوبة بهذه الأشياء..
أحمد منصور: إلى 19 مايو 65 حيث وقع الانقلاب عليك..
أحمد بن بيلا: حتى وقع الانقلاب علي نعم.
علاقة بن بيلا ببورقيبة بعد الاستقلال
أحمد منصور: طيب الآن على الجانب الآخر كان المجاهد الأكبر بورقيبة.
أحمد بن بيلا: كان المجاهد الأكبر.. نعم.
(8/236)
أحمد منصور: كان في تونس وعلاقتك به كانت علاقات سيئة.
أحمد بن بيلا: زفت، بالنسبة لنا بودي أنا(....) إخواننا التوانسة، لكن على حساب هذيك تلك الظروف اللي كانت موجودة في ذاك الوقت، بالنسبة لي أنا كان غربي محض، نعم، كانت الظروف يعني، كانت العروبة، وكنا يعني حقيقة يعني في.. في.. في حالة بتاع زخم في رأيي، يعني زخم وطالعين يعني، وكانت عنده ارتباطات أخرى ها أنا لا أنقص يعني في نضاله وفي يعني اجتهاده.. اجتهاداته يعني، وحبسه، وما عاناه في السجون، إلى آخره، لكن في داخله ما كناش ماشيين على نفس.. نفس اتجاه. إحنا نشوفوا للمشرق، ونشوفوا للثقافة العربية الإسلامية...
أحمد منصور: لكن كنت بتتعمد أنت إهانة بورقيبة دائماً.
أحمد بن بيلا: لا أبداً، لا.
أحمد منصور: قولك: " نحن عرب.. نحن عرب.. نحن عرب".
أحمد بن بيلا: هذه لأن هو يا أخي.. هذه سببها والله هذه اختصر لك كيف يعني، أولاً أنا جاي من ليبيا، وما أعرفش ماشي ندخل لمصر.. لتونس بصفة عادية، فإذا به يطلع رجل ديوان في الطائرة يقول لي أحمد أراه اللقاء يكون.. يكون... فيه لقاء رسمي، ويكون موجود المجاهد الأكبر ثم يستقبلوك، إلى آخره،... عليه قلت له يا أخي حتى نطلع للطيارة، ليه أنا كنت.. كنتوا معايا سفارة موجودة عندكم، تعلمون من قبل يعني، وكيف قالوا لازم كلمة ولازم كدا، فجيت بإخلاص يعني، وجبت 300 ألف أو 400 ألف أناس إلى آخره، وقع حادث مش معروف هذا، هأسرده لك، كنا اتكلمنا على.. على المشكل اللي كان ما بين الحكومة المؤقتة والجيش في.. في تونس وحكاية الطيارين إلى آخره.
أحمد منصور: نعم، صحيح.. صحيح.
أحمد بن بيلا: وكان.. الفرنسيين..
أحمد منصور: الطيارين الفرنسيين الذين تم اعتقالهم، وطُلب من الحكومة المؤقتة تسليمهم فيما رفضوا همَّ..
(8/237)
أحمد بن بيلا: وكان.. الفرنسيين، وكان يعني الحادث هذا، و.. وبورقيبة كان هو سبب في ها المشكل وقع لدرجة طوَّقوا جيشنا، وقطعوا عليه الماء، و.. و.. وكان فيه توتر في العلاقات، ففي المطار، وهذا معروف يعني، الرؤساء ينزلوا يمشوا ينحنوا أمام الراية يعني، وأمام الجيش يعني المحلي، وفي.. في نفس الوقت كان الجيش الجزائري موجود، فرقة كذلك موجودة، أنا رحت معاه للجيش التونسي وانحنيت أنا، وماشي بيش نمشوا كذلك نتموا يعني مشوارنا، أنا مشيت لكن الرئيس -رحمه الله- رفض ييجي معايا، معناها وقعت.. كأنه طعنة بالنسبة لي، مسَّ عواطفنا لأن هذا جيشنا، ما.. ورفض أن ييجي وينحنى أمام.. أمام الراية الجزائرية، وهذا لأنه كان طبعاً كان موالي للحكومة المؤقتة، أنا هذه مسَّتني يا أخي، هذه جرحتني، ثم فيه كلامه قال كلام بتاع عتب، والجهاد الأصغر والجهاد الأكبر، وما أعرفش أيه، وهذا.. أنا والله...
أحمد منصور: لكن..
أحمد بن بيلا: أنا انفعلت بكل صراحة وقلت له "نحن عرب نحن عرب نحن عرب".
أحمد منصور: وماذا قال لك؟
أحمد بن بيلا: إيش يقول؟ كشكش وغلط ومش عارف وأيه.
أحمد منصور: في.. في 13 ديسمبر 1963 قمت أنت مع الرئيس جمال عبد الناصر بزيارة إلى بورقيبة في تونس.
أحمد بن بيلا: نعم..
أحمد منصور: وأضفيتم عليه يعني شيئاً من ترسيخ الزعامة العربية والدعم بالنسبة إليه.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: وذلك بمناسبة احتفالات 15 أكتوبر، أو معركة بنزرت.
أحمد بن بيلا: بنزرت.
أحمد منصور: معركة بنزرت جرَّت على بورقيبة كثير من النقمة بالنسبة للشعب، وأراد أن يحوِّلها إلى انتصار.
أحمد بن بيلا: أي نعم، أيوه لكن كان...
(8/238)
أحمد منصور: رغم أنها كانت هزيمة، وأنتم ساعدتموه في هذا الموضوع، هذا ما ذكره الصافي سعيد في كتاب "بورقيبة.. سيرة شبه محرمة"، وقال إن بورقيبة كان يتمتع.. أو كان عليه سخط وكراهية شديدة، احتشد 300 ألف تونسي في انتظاركم أنت وعبد الناصر.
أحمد بن بيلا: أي نعم، صح، فعلاً، نعم.
أحمد بن بيلا: وكان صالح بين يوسف صاحبكم الناصري كان قد قتل، كان قد صفاه وتخلص منه بورقيبة.
أحمد بن بيلا: أي نعم، فعلاً كان قتل، نعم.
أحمد منصور: وأنت أيضاً كررت هنا "نحن عرب نحن عرب نحن عرب"، رد عليك بورقيبة وقال: "وهل نحن هنود؟.. وهل نحن هنود؟.. وهل نحن هنود؟".
أحمد بن بيلا: لا.. لا.. لا، لا ولا فيه هذا الكلام.
أحمد منصور: هذا ذكر -سيادة الرئيس-.. هذا الكلام أنت قلته في كتاب "بن بيلا يتكلم"، كان عبارة عن حوارات نشرت بعد. نعم.
أحمد بن بيلا: لكن هذا الكلام أنا قلتها مرة واحدة في تونس للظروف اللي أنا ذكرتها. اليوم اللي مشينا.. مشينا على أساس يعني نعطي.. له يعني مساعدة، يعني هو يحتفل بالشيء اللي كان هو بالنسبة ليه جرح، وحتى إحنا، لأنها كانت هزيمة يعني بنزرت إلى آخره.
أحمد منصور: صحيح أنكم حملتم بورقيبة على الأعناق أنت وعبد الناصر؟
أحمد بن بيلا: والله ما حملناش، هو اللي يطلع فوق أكتافنا والله، ما حملناه شيء، والله اسمح لي، يعني والله. هذا كلام...
أحمد منصور: كيف سيادة الرئيس؟
أحمد بن بيلا: ما أعرفش هو شاف روحه قصير شويه وجمال -ما شاء الله- كبير إلى آخره، والناس ما تشوفوش يعني، فلازم...
أحمد منصور: وكان بينكما؟
أحمد بن بيلا: الناس..
أحمد منصور: بس أنتم حملتوه، يعني ظهرت الصورة أنكم.. وقيل إن..
(8/239)
أحمد بن بيلا: لا ولا حملناه، والله هو.. لا ما حملناش هو طلع على.. على.. على أكتافنا، نسير... وأصبحنا في.. محروجين حقيقة. خلينا من هذه والله، خلينا على كل حال. المهم المناسبة هذه مرت كويسة الحقيقة، وأنا كان وقع لي شوية..
أحمد منصور: لكنها لم تؤد..
أحمد بن بيلا: كان وقع لي مشكل.. فيه حاجة أخرى في هذه.
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: كان معانا ولي العهد في.. في ليبيا في ذلك الوقت، ولا تنسى بأن كان.. كان الملك إدريس يعني وجاء ولي العهد.
أحمد منصور: صحيح.
أحمد بن بيلا: و.. وكان المفروض يعني.. ولكن في البروتوكول في.. في هذا.. في وقت الاحتفال هذا شوية مسوا كرامته وكرامة يعني الشرعية للشعب الليبي، لأن قرروا بأن ما يكونش معنا في السيارة إحنا اللي.. اللي تنقلنا، ويكون في سيارة تانية تيجي من بعد، إلى آخره، هو الإخوان الليبيين كان سفير (شكيني) أظن اسمه شكيني جاء شافني، وقال لي أحمد الإخوان همَّ...، وإلى آخره، وأنا تدخلت الحقيقة، وجاء (الباهي الأدغم) وقلت له هذا ما يصيرش، وهذه إهانة لشعب يعني، وما أقبلوش، أيه اللي نعملوه؟ قلت له أنا نمشي معاه حتى يعني ما تكونش.. قال لأ لازم أنت تقعد مع المجاهد الأكبر ومع هذا، قلت لازم يكون معانا هو، في النهاية جاء بورقيبة وتكلم معاي، وحاول يقنعني، وما أقنعنيش، وطلعناه معانا، أصبحنا أربعة، يعني مثل هدول اللي كانوا في روسيا، (الترويكا) هذه (بريجنيف) ولا وما أعرفش إلى آخره، لكن إحنا أربعة، ناصر بارك الله ما شفته، وأنا مش بعيد عليه، وحتى.. حتى ولي العهد يعني مش قصير.. قصير يعني، لكن بورقيبة قصير كتير يعني، والناس هايجة مايجة، وكذا إلى آخره، وتدعي أنت وتقول الرئيس أحمد بن بيلا والرئيس هذا إن أخذوا أخاهم و.. وعلى.. على أكتافهم، ولا.. ولا وضعناه على أكتافنا، هو اللي طلع بنفسه فعلاً، وحرجنا...
أحمد منصور: في...
أحمد بن بيلا: المهم الاحتفال فات كويس و..
(8/240)
أحمد منصور: هل هذا لم يؤد إلى تحسن العلاقة بينك وبين بورقيبة؟
أحمد بن بيلا: كانت العلاقات مع تونس ولا وقعت بيننا مشكلة، أبداً، ليه؟ كان الراجل رائع فاضل، رئيس الحكومة هو الباهي الأدغم.
أحمد منصور: الباهي الأدغم، نعم.
أحمد بن بيلا: الباهي الأدغم اللي.. هو معروف، هو كان حاضر في.. في، وما إلى ذلك.
أحمد منصور: نعم.. نعم معروف طبعاً، بقي إلى العام 70 رئيساً للحكومة، نعم.
أحمد بن بيلا: وكان هو المبعوث من طرف الجامعة العربية في الحوادث اللي وقعت في الأحزاب.
أحمد منصور: في.. في حل حزب.. حزب أيلول الأسود.
أحمد بن بيلا: وكان عنده موقف رائع في.. في عَمَّان يعني ضد الملك...
أحمد منصور: صحيح، وتوفي.. توفي قبل أعوام قليلة.
أحمد بن بيلا: و.. ورجل فاضل الحقيقة.
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: وهذا اللي كان زميلي الحقيقة، وكانت العلاقات كويسة.
علاقات بن بيلا بحركات التحرر الوطني ودعمه لها
أحمد منصور: سيادة الرئيس أنت في الفترة ديت كنت زعيم الثورة، وقمتم بثورة في الجزائر، وحولتم الجزائر.. يعني الثورة الإيرانية وُصف لها مصطلح تصدير الثورات، لكن أنتم بدأتم تصدروا ثورات من بدري.
أحمد بن بيلا: والله من قبل.
أحمد منصور: بدأت فتحت الجزائر لكل الحركات الثورية في إفريقيا.
أحمد بن بيلا: كلها.. كلها.
أحمد منصور: أقمت علاقات قوية مع (كاسترو)، أقمت.. آويت أيضاً (جيفارا) و.. يعني..
أحمد بن بيلا: وأبو جهاد.. أبو جهاد قبل.. قبل ما يكون مسؤول يعني كان فيه..
أحمد منصور: كيف حولتم الجزائر إلى مهد للثورات؟
أحمد بن بيلا: لا والله، مش إحنا حولنا، يعني كانت فترة بتاع الحروب التحررية، والجزائر فعلاً إحنا بمقتضى يعني العمل بتاعنا، وكان عمل شاق، ولكن انتصرنا في النهاية، وبكل صراحة يعني..
أحمد منصور: مين أهم الشخصيات اللي أويتوها والحركات؟
أحمد بن بيلا: (مانديلا) مثل، إحنا دربنا مانديلا.
(8/241)
أحمد منصور: (نلسون مانديلا).
أحمد بن بيلا: إيه، دربنا (تشيسانو) اللي أراه اليوم موجود، ورئيس جمهورية في.. موزمبيق، دربنا (نيتو) رئيس الجمهورية في.. في أنجولا، دربنا (أميكار كابرالو) بتاع بيساو، دربنا الرئيس بتاع (كابرالو) اللي موجود اليوم دربنا (صاموئيل ميشيل).
أحمد منصور: (كابيلا).. كابيلا أيضاً كان عندكم؟
أحمد بن بيلا: كان كابيلا، ولكن كان لأ.. كان.. كان ضابط صغير، وعرفة (تشي جيفارا).. تشي جيفارا.
أحمد منصور: تشي جيفارا.. جيفارا.
أحمد بن بيلا: عرفوه، كيف راح.. عرفوه، لكن كنت أنا اللي كنت..
أحمد منصور: جيفارا.. جيفارا أيضاً جاء لكم؟
أحمد بن بيلا: أنا اللي.. أنا اللي قمت بتقريباً يعني ما يسمى بجسر.. جسر يعني سماوي لصالح الثورة في.. في أنجولا بالسلاح، أنا اللي التقيت مع...
أحمد منصور: منين.. منين وأنتم دولة فقيرة وغلبانة؟
أحمد بن بيلا: لا والله أنا استطعت.. في أديس أبابا اتفقنا، يعني إحنا 8، أو 9 بتاع رؤساء دول، الأخ جمال عبد الناصر و(سيكوتوري) و(ميدي بوكيتا) و(نيكروما) و(كنياطا) بتاع كينيا، ونعم.. وجمال عبد الناصر وأنا اتفقنا على أن نعين إخواننا في جنوب إفريقيا، لأن كان مازال الاستعمار هناك، وأنجولا.. كان إفريقيا تقريباً يعني كلها مازال..
أحمد منصور: مازلت تتمتع بعلاقة قوية مع هؤلاء الزعماء إلى الآن؟
أحمد بن بيلا: دارنا.. مش دارنا بس، يعني كوَّنا جيش وكونا تدريب في تنزانيا، وكان الجزائري هو اللي قايم على التدريب يعني..
أحمد منصور: ما الذي جعلكم تأتون..
أحمد بن بيلا: ونفس الوقت السلاح، لأن كانت المعركة في هذا كانت.. كنت مكلف على أن نجيب سلاح.
أحمد منصور: من أين كنتم تأتون بالسلاح؟
أحمد بن بيلا: من الجزائر، سلاح كله تقريباً روسي.
أحمد منصور: لم تأتِ من يوغسلافيا وكوبا بالأسلحة لهؤلاء؟
(8/242)
أحمد بن بيلا: لأ.. لأ.. لأ، ما تأتيش من يوغسلافيا ولا.. إحنا كان عندنا ما يكفينا الحقيقة.
أحمد منصور: أنتم كنتم رغم إنكم دولة فقيرة، و.. والنظام ما كان لديكم أموال، لكن كنتم تتعاملوا بشيء غريب بينكم وبين الأنظمة الثورية المختلفة.
أحمد بن بيلا: أي نعم، ولكن ما نشتروش ما السلاح كنا نأخذوه...
أحمد منصور: يعني أرسل لك مثلاً، أرسل لك (كاسترو) ثلاث سفن محملة بالأسلحة.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: وكيف دفعتم ثمن هذه السفن؟
أحمد بن بيلا: ولا.. الثمن اللي دفعناه ما دفعناش، إحنا بنشتغل معاه، مع كل هذه الدول اللي تكلمت عليها، مع.. مع (سيكوتوري) مع (مودي بوكيتا)، ما كانش.. التبادل ما كانش عندنا تبادل، ويدخل في الوسط يعني وزير، لأ نأخذ شيء ونعطي شيء بغير ما نحسب.
أحمد منصور: كيف، بدون.. بدون مديونية، بدون أي شيء؟
أحمد بن بيلا: بدون ما حسابات، من عملي كنت والله ربما الثلث بتاع التجارة أنت مع الجزائر.
أحمد منصور: يعني كما يفعل الناس البسطاء، واحد يبعث لواحد هدية يملأ له الطائرة، يرجع له فيها.. كيف؟!
أحمد بن بيلا: والله.. والله.. والعالم عام ولا.. ولا رقم، مع مصر نفس الشيء.
أحمد منصور: لأقول لي مثلاً، اضرب لي أمثلة، الآن لك...
أحمد بن بيلا: يعني كانت الحاجة مثلاً.. مثلاً في.. في مصر، في الجزائر كان أول.. أول معمل من أحسن المعامل، ربما أحسن معمل، إداتهولنا مصر أيام ناصر، ولا دفعت ولا مليم.
أحمد منصور: كان معمل أيه؟ نسيج أو أيه؟
أحمد بن بيلا: معمل بتاع.. بتاع أقمشة إلى آخره من أروع ما يكون.
أحمد منصور: ماشي. نعم.
أحمد بن بيلا: لليوم موجود يعني، وكنا نصدر من العام الأول أقمشة إلى آخره من أحسن يعني طراز.
أحمد منصور: ماذا رددتم لمصر في المقابل؟
أحمد بن بيلا: ما رديناش شيء لمصر، أيه ندي لمصر، ما عندناش إحنا من...
أحمد منصور: كوبا ماذا رددت لكاسترو؟
(8/243)
أحمد بن بيلا: كوبا.. كوبا.. أرسلنا سلاح إحنا أرسلنا له.. أرسلنا له خيل مصيلة لأنه خيل كوبا مش كويسة، أرسلنا له زيت.. زيت زيتون، أرسلنا له خمر، فقط الجزائر يعني تنتج خمر وهو.. هو طلب منا هذا بالذات، أنا سألت السفير قال لي ها الحاجات اللي هو بحاجة لها.
أحمد منصور: في مقابل السلاح.
أحمد بن بيلا: في مقابل السلاح والسكر.. السكر لأنه هو..
أحمد منصور: دون بالضرورة أن يكون.. والسكر، دون أن يكون هذا بالضرورة يوافق هذا من حيث القيمة المادية.
أحمد بن بيلا: لا أبداً ولا عارفين..
أحمد منصور: لكن أنتم أنظمة ثورية مع بعض مش فارقة الحكاية.
أحمد بن بيلا: وهذا عملته مع.. مع سيكوتوري كذلك.
أحمد منصور: ماذا.. ماذا فعلت مع سيكوتوري؟
أحمد بن بيلا: أرسلت له مثلاً الحبوب، ما عندوش الحبوب وكان ياخدها من أميركا وبعدين يعني رفضت تدي له هذا وأصبحت مجاعة إلى آخره، 8 أيام، 8 أيام ..
أحمد منصور: 8 أيام..
أحمد بن بيلا: بحالها نشتغل عشان نطحن له وأرسلنا له.
أحمد منصور: وماذا رد لك هو؟
أحمد بن بيلا: ما رد لي ولا.. لا لا المركب جت بالحطب هذا اللي بنان لي أسود، ولكن أنا كنت قلت لهم المركب يرجع لي فارغ لكن هو عَمَّره بالحطب و.. وما عدش والله يعني
أحمد منصور: يعني كان هذا.. هذا أنت ذكرت لي أيضاً أنكم اشتريتم تراكتورات من.. من يوغسلافيا من أجل الزراعة.
أحمد بن بيلا: لا دي من عند تيتو.
أحمد منصور: تيتو.
أحمد بن بيلا: بغير ما ندفعوا فيه مال ما كانش عندي مال.
أحمد منصور: يعني ألم تدفع له مقابل أيضاً؟
أحمد بن بيلا: لأ، في هذه ما دفعت له شيء
أحمد منصور: خمرة أو أي حاجة من..
أحمد بن بيلا: فيه عندي 500 تراكتور ولا دفعنا فيها فلس. ولكن بعدين، مش غير هذه جابهم يعني بواخر إلى آخره كانت هذه..
أحمد منصور: لكن كأنظمة ثورية واشتراكية في ذلك الوقت كنتم بتدعموا بعض بشكل رسمي.
(8/244)
أحمد بن بيلا: كنا ناخد و.. كنا.. كنا نرسل مثلاً بعض الفواكه إحنا عندنا فواكه وتأتي في المواسم اللي هم بلادهم فيها برد وفيها ثلج إحنا عندنا، كنا نرسل كتير مثلاً البرتقال، مثلاً الطماطم، مثلاً..
أحمد منصور: أنا عايز أعرف العلاقة اللي ربطتك بتشي جيفارا على هذا الخصوص
أحمد بن بيلا: إحنا.. إحنا ما كانش عندنا علاقة.. ما كانش عندي علاقات مع كل دول بالحسابات.. الوزير ما فيش وزير الوزارة اللي تعرف اللي ما فيش هذا، كان ندفع الشيء اللي يطلبه مني واللي نقدر نعطيه وناخد ربما أوهم يرسلوا لي.
أحمد منصور: بس هنا بيؤخذ عليك إنك لم تبن نظام إداري في الدولة يستطيع أن يقوم بهذه الأشياء
أحمد بن بيلا: أنا اللي بنيت الدولة في سنتين ونصف انتخاب بتاع دستور معناها دستور.. دستور، انتخاب بتاع البرلمان مرتين مش مرة واحدة مرتين، مؤتمر الحزب..
أحمد منصور: الدستور أُقَّر في 8 سبتمبر 63.
أحمد بن بيلا: أي نعم، دستور ومرتين الانتخابات البرلمانية هذه في سنتين ونصف وكل..
أحمد منصور: ما هو الشعب فقير وبيتهموك إنك أنت الانتخابات هذه كانت صورية وتأتي بها بأصحابك وكل معارضيك تبعدهم.
أحمد بن بيلا: ما فيش معارضين في ذلك الوقت.
أحمد منصور: طيب حتى أبقى في إطار العلاقات الدولية والعربية في.. في عام 1964 عقدت أول قمة عربية.
أحمد بن بيلا: لا.. لا، تصطاد.. تطرحها.. تطرح المشكل بتاعك وتقفز لحاجات أخرى، لا خليني أجاوب يا أخي، معلش، زد أيوه تفضل.
أحمد منصور: لا أصل أنا طرحتها عليك قبل كده ولسه راجع لها بشكل ظرفي
أحمد بن بيلا: لا.. لا بترسل لي.. بترسل لي حاجة، لكن لو.. معلش معلش، أيه اللي تريد نجاوب عليه؟ تفضل.
أحمد منصور: تسلم سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: تفضل.
عقد أول قمة عربية في مصر عام 1964م
أحمد منصور: في عام 1964 عُقدت أول قمة عربية في مصر.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
(8/245)
أحمد منصور: آه نعم، وربما أنت والرئيس السوري الأسبق أمين الحافظ -أطال الله في عمره -كما يعني الرئيسين الوحيدين الباقيين من خلال هذه القمة، هناك القمم عقدت.. كل القمم وتقريباً نفس الموضوع موضوع فلسطين من 1964 إلى اليوم بالقوة..
أحمد بن بيلا: آه على المية.. بالخصوص على المية.. وكان.. كان في ذلك الوقت..
أحمد منصور: بخصوص تحويل نهر الأردن يعني.
أحمد بن بيلا: يعني نهر الأردن وكاد يعني كان.. كان يعني شوية روح الحرب يعني كانت مخيمة علينا الحقيقة يعني كلنا، ولكن كانت.. كان لإقامة كتير يعني كان.. كنا ما نخشاه..
أحمد منصور: تقييمك أيه للمؤتمر؟ هل كان فيه وحدة عربية؟ هل كان فيه..؟
أحمد بن بيلا: لا كانت.. كانت محاولة لأول مرة.
أحمد منصور: أو نفس صورة الحكام في 64 لنفسها اليوم؟
أحمد بن بيلا: لا.. لا يا أخي شوف على حسب نوعية الحكام اللي كانت موجودة مش ممكن يكون شيء يعني هذاك، ولكن لحسب يعني الظروف مقتضيات ها البتاع، ظروف أنا في رأيي كانت هي.. هو الاجتماع الأحسن في كل اللقاءات بتاعنا، كوننا قيادة عسكرية، وبالخصوص كان برنامج تنمية لصالح.. صالح الأردن بخصوص التعليمية وإدى نتيجته، كان كذلك يعني ترميم يعني المسجد الأقصى وإلى آخره، في رأيي كانت من الاجتماعات اللي وقعت الأحسن يعني اللي وقع فيها في النهاية جو يعني بنَّاء إلى آخره..
أحمد منصور: يعني القرار الخاص بتشكيل اللجنة العربية.
أحمد بن بيلا: وكان دور.. وكان دور الجزائر مهم في هذه بكل صراحة.
أحمد منصور: أية طبيعة الدور اللي لعبتوه كجزائر في هذه الفترة؟
أحمد بن بيلا: هي التوفيق ما بين مثلاً الأخ جمال عبد الناصر والأردن تعرف العلاقات كانت يعني مش كويسة، وكان الروح بتاع تصادم، يعني مش الروح بتاع.. فأنا سعيت، على كل حال شوية أنا لأن أنا أول..
أحمد منصور: تعتبر الدور اللي أنت قمت به في هذه القمة دور بتعتبره شيء تاريخي؟
(8/246)
أحمد بن بيلا: والله كان إيجابي.. كان إيجابي، أولاً: لأن كتير من الإخوان كانوا على يعني يسعوا على أن يعني أن يصعدوا المسائل ربما نمشي للحرب وإحنا كنا مش مستعدين لهذا، ما عندناش جيش تحرير، ما عندناش طائرة واحدة، ما عندناش ما عايزش إنا ندخل في معركة لنخسرها ضد إسرائيل، ولهذا طلبت من الأخ جمال بأن نشوف اللي ممكن يعني يفيد، وفعلاً يعني اتفقنا على برنامج اقتصادي رائع، ولا تكون قيادة عسكرية و.. وبعد يعني المشروعات اللي..
سياسة بن بيلا في علاقاته الدولية
أحمد منصور: في.. في علاقاتك الدولية كان هناك تناقضات كثيرة ما بين الشرق والغرب، وقمت بزيارة (كنيدي) وخرجت من عند كيندي، لتزور كوبا كاسترو العدو اللدود كان للأميركان..
أحمد بن بيلا: لا والله..
أحمد منصور: علاقاتك بالسوفييت وبالصينيين كانت علاقات قوية حتى أن السوفيت يعني كان عندي كتاب من الكتب التي استندت إليها اسمه "بن بيلا عند أصدقائه السوفيت"، حوى كل زياراتك للاتحاد السوفيتي بالصور وبالتواريخ وبالأحداث، وكأن علاقاتك بالسوفيت كانت من العلاقات المتميزة في تلك الفترة، علاقات قوية بالسوفيت، بالصينيين، في نفس الوقت رحت زرت كنيدي، في نفس الوقت تحتفظ بعلاقات قوية مع كاسترو في كوبا، في نفس الوقت كنت تأوي الحركات الثورية والمعارضين في نفس الوقت أقمت علاقات خاصة مع تشي جيفارا وجاء عندكم إلى الجزائر، كيف نفهم سياسة.. هل هي سياسة تخبط أم كانت سياسة واضحة المعالم؟
(8/247)
أحمد بن بيلا: لا مافيش.. مش.. مش تخبط فقط، فقط أنا جيت في.. في.. في فرحة.. في فترة تاريخية مش.. مش فيها طفرة ما فيهاش (القسم) بالنسبة لنا بالنسبة كالعالم الثالث هو العرب بصفة عامة، لكن كانت هي أخصب فترة في الحقيقة وانتصرنا في عمل كان يظهر المستحيل يعني وهو خروج فرنسا.. خروج 850 ألف عسكري فرنساوي وخروج مليونين ونصف فرنساوي من الجزائر، انتصرنا عليهم مش في معركة فاصلة، لكن بعمل مستمر وأساسه هي الشهادة، هذه بالذات اللي تستعمل اليوم عند الإخوان الفلسطينيين، وهذه اللي خلتنا ننجح في عملنا، وكانت المعجزة وقعت بفضل أولاً وقبل كل شيء مساعدة إخواننا العرب، وبفضل كذلك يعني شعبنا العظيم.
أحمد منصور: كيف استقبلك كنيدي لما ذهبت إلى الولايات المتحدة؟
أحمد بن بيلا: استقبلني كويس كنت رئيس حكومة فقط، لكن استقبلني كرئيس جمهورية، ولكن ما اتفقناش.
أحمد منصور: أيه الخلافات اللي كانت بينك وبين..
احمد بن بيلا: كان أولاً فيما يخص الشاه.. فيما يخص الشاه في ذلك الوقت بتاع إيران...
أحمد منصور: شاه إيران.
أحمد بن بيلا: وكان لازم نقدم للسلك الدبلوماسي وكان رئيس هذا.. هذا الدبلوماسيين كان.. كان إيراني مثلا أنا يعني وأنا قلت له أنا أرفض هو اللي يقدمني يعني حتى، قال لي.
أحمد منصور: كنت ضد نظام الشاه.
أحمد بن بيلا: كنت نظام الشاه وكانوا عندي..
أحمد منصور: طبعاً كنت بتؤيد ثورية مصدق.. نعم
أحمد بن بيلا: كل المعارضين كانوا عندي، وبأتفق مع جمال على هذا، وعندنا خطة واحدة ضد الشاه.
أحمد منصور: وكانت لك علاقة مع مصدق.
أحمد بن بيلا: مع مصدق.
أحمد منصور: ..... يعني قبل ذلك.
أحمد بن بيلا: والله ما شفتوش ما نعرفوش.
أحمد منصور: مصدق 53 طبعاً وثورته انتهت في الخمسينات.
أحمد بن بيلا: فيوم انفرض علي أن يعني..
أحمد منصور: يعني أنت آويت كل المعارضين في أنحاء العالم.
(8/248)
أحمد بن بيلا: أنا آويت كل اللي كانوا ضد.. ضد النظام العالمي وضد أميركا بالدرجة الأولى وحاولت نخرب بيتهم ولليوم نحاول نخرب بيتهم والله، هذا هو.. هذه هي سياستي.
أحمد منصور: كنت تريدهم أن يتركوك في السلطة!!
أحمد بن بيلا: أنا السلطة والله ما جيتش رغبة فيها ولا كنت عايز..
أحمد منصور: لأ، يعني كنت عايز تقعد تخرب عليهم وهم يتفرجوا على سعادتك يعني كنت تدرك تماماً أنك تحارب الكل بهذا النوع.
أحمد بن بيلا: لا.. لا.. لا.. لا، يا أخي اللي عانى في الحرب الجزائرية ما (يغركش) فيها دي والله.. ما أعرفش سبب.
أحمد منصور: لكن ألم يكن الشعب الجزائري في ذلك الوقت أولى بتوجيه التنمية إليه بدل من جمع كل الثوريين والمعارضين ومن أنحاء العالم؟
أحمد بن بيلا: هذا كلام هم.. هذا كلام الأميركي (ستيفنسون) معايا، اللي كان مرشح ليه أنت عندك هذاك البؤس وهذاك وباقي تحرر لنا العالم. حرر الجماعة بتاعكم فيهم بؤس، قلت له أنا بش البؤس ما يبقاش مش فقط في الجزائر، لازم البؤس يتحرر فيه في العالم ككل، وأنتم مصوتين عن البؤس للعالم ككل.
أحمد منصور: كيف كانت علاقتك مع كاسترو؟
أحمد بن بيلا: كويسة الحقيقة كويسة.
أحمد منصور: وكيف علاقتك مع تشي جيفارا؟
أحمد بن بيلا: آه رائعة..
أحمد منصور: هل صحيح أنك آويته في الجزائر بعد ما اختلف مع كاسترو؟
أحمد بن بيلا: والله أنا ما أتكلمش على الاختلاف أنا مفهمك ما فيش اختلاف كبير إلى آخره و.. هو أرجنتيني، وهو كل حياته يعني وظفها لصالح تحرير العالم من النظام العالمي، كماركسي، ولكن نلتقي مع بعض في يعني أشياء، وأنا اللي الرجل هذا يعني قدرته لأنه رجل من الناحية الإنسانية رجل حقيقة رائع،.. من الناحية الإنسانية فقط يعني وإن كان الرجل مريض كتير، عنده.. عنده الربو، والربو لدرجة حتى يختنق، وكان كيف تجي له الأزمة ناخده في السيارة..
(8/249)
أحمد منصور: لكن صف لنا هذا الرجل الذي باختصار شديد اللي ينظر إليه الآن كأسطورة.
أحمد بن بيلا: والله هو أسطورة، هو ضحى وقبل أن .... وعرف بأن المسألة أكبر منه ولكن.. ولكن راهن ومش وقدم حياته لهذا ومات هو رايح، والصورة بتاعة يعني ما بقتش صورة أخرى وأكتر منها يعني حقيقة أعضاء مكان مثل الصورة بتاعه وهو منشور ونشروه وكأنه نور طالع من وجهه من جسده إلى آخره، شباب اليوم في العالم بيشوف فيه كصورة رائعة.
أحمد منصور: لازالت النزعة الثورية تسيطر عليك يا سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: لا والله النزعة مش.. نعرة.. نعرة..
أحمد منصور: حتى وأنت -يعني أطال الله عمرك- في السادسة والثمانين يعني.
أحمد بن بيلا: نعرة بتاعة جمال، جمال في الحياة، جمال هو الثورة، هو الاسم يثور على الظلم هذا هو فقط يعني.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أتناول معك الصراعات الداخلية التي قامت بين الولايات والصراعات الداخلية التي كانت في السلطة والتي وصلت إلى التاسع عشر من يونيو/ حزيران عام 1965 حيث قام بومدين بانقلابه عليك وأودعك السجن 15 عاماً أو تحت الإقامة الجبرية.
أشكرك سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: شكراً لك.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/250)
الحلقة12(8/251)
الجمعة 23/10/1423هـ الموافق 27/12/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 13:45(مكة المكرمة)،10:45(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 12
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
22/12/2002
- الصراعات الداخلية في الولايات وتعامل بن بيلا معها.
- طبيعة الوضع الاقتصادي الجزائري أثناء حكم بن بيلا.
- بداية الصراع وأسبابه بين بن بيلا وبومدين.
- أحمد بن بيلا يعترف بأخطائه أثناء الحكم.
- تأسيس أحمد بن بيلا لقوات الأمن الوطني والهدف من ورائها.
- أسباب انقلاب بومدين على بن بيلا.
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بيلا.
سيادة الرئيس مرحباً بك.
أحمد بن بيلا: أهلاً.
الصراعات الداخلية في الولايات وتعامل بن بيلا معها
أحمد منصور: بعد استقلال الجزائر بحوالي عام تقريباً بدأت صراعات داخلية كبيرة بين الولايات المختلفة، كان هناك ست ولايات، كانت كل ولاية لها جيشها، ولها استقلالها الذاتي في أثناء فترة الثورة، ولها قيادتها أيضاً المستقلة، ولها ميزانيتها، ولها صندوقها، ولها كل شيء يتعلق بها، ثم بدأت الصراعات بعد ذلك، وحسين آية أحمد أحد الزعماء الأساسيين، مثلاً قاد ثورة مسلحة في منطقة القبائل، وقمتم بحرب أيضاً ضد هذه المناطق، وفي 12 تشرين/ أكتوبر 63 أعلنت احتلال جميع مراكز ولاية القبائل من قِبَل قوات الحكومة، وتم اعتقال حسين آية أحمد وغيره، هذه الظروف المعقدة التي يعني توصف بأنها فترة صراعات وقلاقل في فترة حكم بن بيلا، كيف وقعت هذه الأشياء؟ وكيف تم ضبطها؟ وكيف المجاهدون يتحولوا إلى قتلة لبعضهم البعض في النهاية؟
(8/252)
أحمد بن بيلا: هذه نتيجة طبيعة الثورة بالذات يعني، والثورة على أن تحمي نفسها توزعت يعني، انقسمت حتى أصبحت يعني تقريباً كيانات يعني مكتملة تدافع على نفسها، تحدد عملها، وأصبحت كأنه دولة يعني صغيرة، لكن يعني تنظيمات يعني تسير أمورها على حسب ظروفها ظروف صعبة وسلاح قليل، والتموين قليل والعدو قوي، وبطبيعة الحال وقع كأنه انكماش، كل منطقة إلا ولازم تتحصل على كل ما تستحقه من أشياء على أن تستمر في العمل، وكانت نوع من الاستقلالية ما بين.. ما بين الولايات، وهذا فرضته الظروف الحقيقة.
أحمد منصور: لكن هل كل الولايات كانت تريد الاستقلال وتريد.. وكان فيها صراعات، أم ولايات محددة؟
أحمد بن بيلا: ما فيش صراعات في ذلك الوقت إلا صراعات ربما داخل كل ولاية، هذه.. هذه دي سنة الله، لكن العمل بتاعنا فرض علينا أن نوزع العمل، ونديه شبه تسيير ذاتي، استقلالية لكل منطقة، لأن كله.. كله مش متشابهة، فيه.. فيه ولايات في داخل الجزائر يصعب تمويلها يعني مباشرة من الحدود إلى آخره، فيه ولايات بالعكس يعني هذه في الحدود موجودة مع الحدود إلى آخره، وكان يسهل تزويدها، على أن السلاح هذا يصل للولايات الأخرى ما كان مش من السهل، كل ولاية يعني إلا وتتمسك بما عندها، لأن وضعها خطير، وهذا استمر سنين وسنين وسنين، بعدين يوم الاستقلال اللي كان مثلاً عندنا ست كيانات، ست جيوش نقضي بأن يكون كيان واحد دولة واحدة وجيش واحد هذا اللي كان مش من السهل، وكون صدامات مش مع كل الولايات، لأ، الخامسة ولا وقع فيها صدام، والواحدة ولا وقع فيها صدام، وقع فيها صدام بالقبائل بالدرجة الأولى مع..
أحمد منصور: أنا عايز أفهم أيه الخامسة، وأيه الواحدة وأيه يعني..؟
أحمد بن يبلا: الواحدة هي.
أحمد منصور: ... الأولى يعني.
أحمد بن بيلا: هي أوراس.. باتنة (أوراس).
أحمد منصور: منطقة الأوراس.
أحمد بن يبلا: هذه سلسلة الجبال الرايحة..
(8/253)
أحمد منصور: أنا سأحاول أضع خريطة لها، اتفضل.
أحمد بن بيلا: اللي كان فيها روح الثورة بكل صراحة.
أحمد منصور: والثانية؟
أحمد بن بيلا: والثانية هي شمال قسنطينة من الحدود التونسية حتى.. حتى بلاد القبائل.
أحمد منصور: والثالثة؟
أحمد بن بيلا: عنابة سكيجدا هي الثانية.
الثالثة بلاد القبائل، بلاد القبائل، الرابعة وسط الجزائر.
أحمد منصور: اللي كان فيها أيه مثلاً؟ فيها مين..؟
أحمد بن بيلا: الرابعة كان فيها حتى العاصمة، كانت.. في العاصمة، الرابعة كان داخل العاصمة، العاصمة وفيه مدن كبيرة مثل شلف مثل بليدة، مثل.. مثل، والخامسة هي وهران، هي وهران يعني الغرب الجزائري، والصحراء.. الصحراء.
أحمد منصور: كانت السادسة.
أحمد بن بيلا: الخامسة عندها حتى الصحراء بتاعها ولكن الصحراء الشرقية أغلب الصحراء كانت ولاية.. كانت ولاية هي يعني سادسة، وهران هي الخامسة، والصحراء هي السادسة، هذه هي الأولى أوراس، الثانية قسنطينة، الثالثة بلاد القبائل، الرابعة العاصمة، الخامسة وهران، السادسة الصحراء.
أحمد منصور: هل وقفت على الأسباب التي أدت إلى وقوع هذه الصراعات؟
هل كانت الأسباب تختلف من ولاية إلى أخرى؟
أحمد بن بيلا: الأسباب.. أسباب أساسها هي الخلاف اللي وقع في ما بين الحكومة المؤقتة والجيش اللي كان في الحدود والـ 3 ولايات اللي تابعة للجيش اللي كان في الحدود.
أحمد منصور: يعني هنرجع..
أحمد بن بيلا: ولكن.. ولكن كانت بعض الولايات مثلاً الرابعة كانت على حالات، أنا كنت اتكلمت في هذا وهي اللي دخلت.. هي اللي دخلتني العاصمة.
أحمد منصور: صحيح، يعني هنرجع ثاني لما حدث في مؤتمر طرابلس وتونس بعدها؟
أحمد بن بيلا: هو نتيجة بتاع هذا الحقيقة، نتيجة بتاع هذا، نتيجة بتاع طبيعة الثورة، الثورة بمقتضى المعطيات اضطرت على أن تتوزع الثورة.
أحمد منصور: تفسيرك أيه سيادة الرئيس الآن؟
(8/254)
أحمد بن بيلا: هذا وقعت مش في عندنا في الجزائر بس، في.. يعني في كل بلاد يعني.
أحمد منصور: بالضبط عايزين نفهمها دي، الثوار بعد نجاح ثوراتهم يقوموا بحركات مسلحة ضد بعضهم البعض، يعني مثلاً ويعتقلوا بعضهم البعض، وأنا ذكرت في المرة الماضية كيف أنت اعتقلت بوضياف، وعددت الأسماء، وأنت قلت أنك دفعتهم للإقامة الجبرية وليس الاعتقال.
أحمد بن بيلا: الإقامة الجبرية.. ما فيش.. ما كانش...
أحمد منصور: حسين آية أحمد قام بحركة مسلحة ضد الحكومة، ضد إخوانه الثوار.
أحمد بن بيلا: آه، وقبض عليه، لأن.. لأنه في كل..
أحمد منصور: أنت قبضت عليه في سنة 64، 16 إبريل.
أحمد بن بيلا: سامحني سيدي.
أحمد منصور: 17 أكتوبر 64.
أحمد بن بيلا: لكن مع هذه الأشياء اللي وقعت مع كل مع عظمتها ومع.. إلا وكانت بسيطة يعني مع الولاية الرابعة ولا الولاية..
أحمد منصور: بسيطة فيها دماء الناس؟!
أحمد بن بيلا: لا فيها دماء، ولكن مش في كل القبائل يا أخي اللي أصبحت تقريباً حرب أهلية.
أحمد منصور: لماذا؟
أحمد بن بيلا: لماذا؟ لأن كانت وضع خاص بلاد القبائل، وضع خاص وطلعت فيها نعرات شوية جهوية.
أحمد منصور: لازالت إلى اليوم مشكلة الـ...
أحمد بن بيلا: مازال مشكلة إلى يومنا هذا، مازال جذورها باقية إلى اليوم.
أحمد منصور: إعلان الرئيس بوتفليقة عن اللغة الأمازيغية لغة رسمية هل سيحل مشكلة القبائل؟
أحمد بن بيلا: أنا مع..مع.. مع هذا، يعني كل الدول اللي عندها لغات، لغات مش رسمية، لأ.. وطنية، الرسمية هي تكون.. معناها اللغة الرسمية لازم تدرس بصفة يعني ضرورية، أما اللغة الوطنية، نعم ممكن تكون فرنسا عندها 3، 4 لغات وطنية.
أحمد منصور: أنا أريد أصل.. نعم، أريد أصل الآن إلى كيف تم حل هذه المشكلة، لأنها تعتبر من المعضلات الأساسية التي واجهتك في السلطة.
أحمد بن بيلا: والله ما كان هذا المشكل في هذا المشكل بتاع الولايات.
أحمد منصور: أيوه.
(8/255)
أحمد بن بيلا: ما كانش المشكل بتاع الأمازيغية كان مشكل سياسي والحكم الفردي، كل هذه الأعمال قامت بشعار العمل ضد الحكم الحركي والديكتاتوري إلى آخره، ولا كان لمعناها الأمازيغية أبداً.
أحمد منصور: يعني كانوا يتهمونك بالديكتاتورية؟
أحمد بن بيلا: أيوه، نعم.. نعم.
أحمد منصور: ديكتاتور.
أحمد بن بيلا: شوف سامحني، والله أنا أحكي لك حاجة.
أحمد منصور: احكي لي اتفضل سيدي.
أحمد بن بيلا: يوم.. يوم من الأيام يجيني رئيس.. رئيس الولاية اسمه محمد الحاج.. محمد ولد الحاجي، رجل عظيم رجل فاضل، طلع بيقول لنا كان غلط كيف قام بالعمل بتاعه، وجاني الجزائر واستقبلته، وأقنعته، وبعدين جاني: أحمد.. سي أحمد أنا بودي نأتي لك بـ 50، 60، 70 مسؤول عسكري وتتكلم معاهم بنفس اللهجة ونفس الأسلوب، لازم تقنعهم، لأن صعيب على أن أنا أقنعهم، وأنا كان يوم ثلاثاء أتاني.
أحمد منصور: ده كان محمد ولد الحاجي ده كان أحد قادة ولايات القبائل مع حسين آية أحمد.
أحمد بن بيلا: هذه كانت وقعت في نفس الوقت بتاع مسألة تندوف.
أحمد منصور: أنت عزلته في 29 سبتمبر، وهو في 12 أكتوبر 63 أعلن عن عودته بعد ما وجد الهجوم من.. أو المعركة التي وقعت بين الجزائريين.
أحمد بن بيلا: أيوه، اللي كانت.. في آخره، و كان راجع راجع.. كان راجل فاضل ورجع وجاني معاه 2، 3 معاه، وقنعتهم وطلب مني على أن أشوف الجماعة بتاعه.
أحمد منصور: أقنعتهم انك لست ديكتاتور ومستبد وليس حكمك فردي،
أحمد بن بيلا: هم.. هم قالوا لي كده، مثل ما أنت تقول، فاستقبلتهم وما عنديش حتى كراسي، جلسنا في الأرض كلهم 60، 70، وأنا.
أحمد منصور: في مقر الرئاسة على الأرض؟
أحمد بن بيلا: في مقر الرئاسة، وطلعت من..
أحمد منصور: وما فيش كراسي في مقر الرئاسة؟
أحمد بن بيلا: ما فيش 70، ما فيش..
أحمد منصور: وبتدعم الحركات الثورية في العالم كلها؟!
(8/256)
أحمد بن بيلا: ما فيش 70، في داري، في بيتي، هذا في بيتي ما عندي 70، جلسنا في الأرض والله وطلبت منهم من اللي يريد يتكلم، ترد طلع شاب شوية.. مش شاب شاب، ولكن يعني مش سن كثير يعني، فأول كلمة قال.. قلت له اتفضل اتكلم، قال لي: إحنا قلنا إن أنت ديكتاتوري، قلت له: زيد، اتفضل، قال لي هذا: أنت ديكتاتوري، فقلت له: تميت خليني أجاوب، قال لي: اتفضل جاوب، قلت له: يا أخي، إلى اليوم ما تعرفش أنت الديكتاتوريين، والله ما تعرفهومش، لو تعرفهم ديكتاتوري تراه ما يجلسش معاك على الأرض، وتقول له: أنت ديكتاتوري، وبعدها تمشي تأكل القديد مثل ما نقولوا، يقتلك، لكن الحمد لله أنت هتخرج، والله قل لي ديكتاتوري مليون مرة وتخرج ما فيش حد..، ضحكوا لي الكل وسكت، واستمر كذا لمدة ساعتين، وأنا أجاوب لكل حتى انتهت، والله يا أخي وفي النهاية محمد ولد الحاجي أخذ الكلمة، يقول هذا الكلام، وأنا أقول هذا الكلام ونتردد شوي لأن أشياء كهذه يقول فيه إطناب وما أعرفش أيه قال لي أحمد، لولا المراتب على (...) أتى به لكنا نذبح بعضنا بعض في كل.. في كل ركن، وانتهت المسألة، انتهت.
[فاصل إعلاني]
طبيعة الوضع الاقتصادي الجزائري أثناء حكم بن بيلا
أحمد منصور: لكن سيادة الرئيس يعني هنا أيضاً في ظل هذا الوضع بدأت الأمور تتفاقم شيئاً فشيئاً ضدك، اتهمت بأنك تقرب الانتهازيين منك وتبعد المجاهدين الحقيقيين، وإن الوضع الاقتصادي بدأ يتدهور، وإنك بتركز على الإصلاح الزراعي فقط وتجاهلت القطاع الصناعي، وإن البطالة ارتفعت بنسبة كبيرة، وزادت عمليات السلب والنهب والفوضى في البلاد، وهذا ما ذكره صديقك فتحي الديب في كتابه "عبد الناصر وثورة الجزائر" نقلاً عن محمد خيضر صديقك أيضاً.
(8/257)
أحمد بن بيلا: أي نعم، خيضر كان كلامه هذا، وأنا أقول إن إحنا استلمنا بلاد يا أخي في خراب، فرنسا سلمتنا بلاد، وأنا إديت لك بعض الأرقام، إديت لك يعني بلاد قتلوا.. قتلوا لنا مليون ونصف شهيد.
أحمد منصور: لكنك كنت تجمع الأموال من الشعب.
أحمد بن بيلا: أيه والله، لأن فرنسا ما تركت لي شيء، ما عندي شيء..
أحمد منصور: ما حجم ما جمعته، ألم يكن كافياً للقيام بهذا؟
أحمد بن بيلا: لا أبداً هم إدولي والله 7 ملايير سنتيم بيش نأكل 5 أيام.
أحمد منصور: دول الفرنسيين، لكن أنت طلبت من الشعب أن يمدك بالذهب..
أحمد بن بيلا: لا أنا أولاً قلت لهم ما عنديش، ما عندي ما ندي لكم والله شوفوا أنتم شوفوا شأنكم وهم تدبروا أمرهم.
أحمد منصور: ماذا فعلوا؟
أحمد بن بيلا: قال إحنا لازم ننظم نفسنا وإحنا فقراء ولو كان عندنا شيء نديه لشعبنا، لحكومتنا، لأن إحنا..
أحمد منصور: تبرع لك الناس.. النساء بالذهب و..
أحمد بن بيلا: نساء ورجال وبالعشرة آلاف كل يوم من الصبح 8 صباحاً حتى 2 ليلاً لمدة 6 أشهر وناديتهم مرتين يكفي يا جماعة، بعدين لأني شفت الحمد لله.
أحمد منصور: ما حجم ما جمعتم؟
أحمد بن بيلا: نعم سيدي؟
أحمد منصور: حجم الأموال والذهب.
أحمد بن بيلا: حجمها هو موجود والله عندي حتى ورقة هنا نتركها لك حقيقة مع.. هاي فيها الصورة بتاعي.
أحمد منصور: أنت قلت لي سيادة الرئيس إن دي.. هذه؟
أحمد بن بيلا: ورقة هذه طلعت في جريدة جزائرية منذ..
أحمد منصور: أيش الورقة هذه؟
أحمد بن بيلا: منذ.. منذ أسبوع..
أحمد منصور: فقط منذ أسبوع؟
أحمد بن بيلا: منذ أسبوع، تصرح بأن كل.. كل الأشياء التي جمعت في قضية صندوق التضامن كلها موجودة وكلها..
أحمد منصور: هذا صندوق التضامن الأموال التي جمعتها أثناء فترة حكمك من الشعب، لازالت الأموال موجودة كما هي لم تمس؟
(8/258)
أحمد بن بيلا: طبعاً.. لأ، بص هذا بجريدة كلها تدي الأرقام إلى آخره.. إلى اليوم مرسومة.
أحمد منصور: أنا لا أعرف الفرنسية لو تقول لي باختصار.
أحمد بن بيلا: بالفرنسية أكثر من 3 طن ذهب، و48 طن بتاع مجوهرات كلها موجودة في البنك الجزائري.
أحمد منصور: هذا الذي جمعته.
أحمد بن بيلا: مصونة..
أحمد منصور: أثناء فترة حكمك.
أحمد بن بيلا: وموجودة ولا.. ولا وقع فيها أي.. أي يعني شيء غير منقوصة.
أحمد منصور: ألم يكن هذا يكفي لكي تقوم بثورة صناعية في البلاد، لكي تقوم..
أحمد بن بيلا: لأ أنا ما كنتش مع الثورة الصناعية في البداية كنت مع الثورة الزراعية.
أحمد منصور: الزراعية، والصناعة؟
أحمد بن بيلا: أيه ولكن الصناعة..
أحمد منصور: وهذا ما أُخذ عليك أيضاً.
أحمد بن بيلا: لأ أنا.. أنا.. لأ هذه الصناعة أتت بعدين، اللي جاءوا بعدين اللي طرحوا الصناعة الثقيلة مش الصناعات الخفيفة لأ أنا ما كانش عندي هذا المنظور بتاع الصناعة، الصناعة هي الفخ في ذلك الوقت وحتى لليوم.
أحمد منصور: لماذا؟ قل لنا لماذا، لأن يؤخذ عليك إنك أنت رفضت أن يكون هناك صناعة.
أحمد بن بيلا: لأن.. لأن الصناعة.. الصناعة هي التي يعني الصناعة تأتي من بعد اللي نحصل على ما يمكن يعني يلبي الحاجات الأساسية بتاع الأكل وبتاع هاذاك إلى آخره، المسألة الأساسية هي لقمة العيش ولليوم أميركا عندها قانون اسمه قانون الأرض تمنع الزراعة، تأتي بالمزارعين وتسألهم كم عايز تزرع؟ قال عشرة هكتار، أيه اللي تربحه أنت في العشرة هكتار؟ عندي أقل الأرباح، ها الفلوس ولا.. ولا تزرع لليوم..
أحمد منصور: دا طبعاً هدفها علشان تحافظ على الأسعار وتحتكر الأسواق.
أحمد بن بيلا: علشان لقمة العيش لأن قمة العيش لهم هذا اللي ماشي هي اللي تدي لقمة بتاع العيش لبعض الدول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن.. لكن هذا لا.. سيادة الرئيس لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك صناعة في البلاد.
(8/259)
أحمد بن بيلا: لأ سامحني، لقمة العيش هذه هي سياسة حتى يعني تكون رجل طيب بالنسبة..
أحمد منصور: لكن هل نجحت فيها؟
أحمد بن بيلا: بالنسبة لهم تديني لقمة العيش لكن لازم تكون رجل طيب والله!
أحمد منصور: لكن هل نجحت في هذا؟
أحمد بن بيلا: نجحت..
أحمد منصور: هل نجحت في عمل ثورة زراعية في الجزائر..
أحمد بن بيلا: نجحت في العام، نجحت في العام،.. نجحت لدرجة لبينا في السنين الأولى الحاجات بتاعنا وجا طبعاً كانت الظروف كذلك جت فلاحة -ما شاء الله- لمدة سنين رائعة والحمد لله العوز إلى آخره ما فيش وما فيش طوابير لتطلب وماشيين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ فيه عوز.. فيه عوز، فيه بطالة وفيه فقر..
أحمد بن بيلا: لأ.. لا أبداً.
أحمد منصور: كل هذا كان فيه عهدك أيضاً.
أحمد بن بيلا: يا سيدي أنا قعدت في.. في الحكم سنتين ونصف والله..
أحمد منصور: أهم سنتين ونصف في..
أحمد بن بيلا: بس كل ها السنتين ونصف يعني كل هذا المشاكل يعني..
أحمد منصور: كل المشاكل دي موجودة فيهم.
أحمد بن بيلا: ما خذلت بلادي اسمح لي والله، وطلعت الفرنسيين، مليونين ونصف فرنساوي، 850 ألف عسكري كسروا البلاد وهدموها وتركونا يعني حقيقة يعني في حالة لا تُصدق في العوز وفي.. في الجوع وفي التشرذم وفي.. وأنا.. أنا سردت لك كنت أتمنى..
أحمد منصور: لكن أيضاً ما كان هناك أمن في البلاد، كان فيه سلب ونهب..
أحمد بن بيلا: كان أمن.. كان أمن..
أحمد منصور: وأنت لم.. لم تسع لتأمين الناس.
أحمد بن بيلا: من أروع ما يكون في وقتي كان أمن من أروع ما يكون.
أحمد منصور: فتحي الديب صاحبك هو الذي يقول في كتابه "عبد الناصر وثورة الجزائر" نقلاً عن محمد خيضر وهؤلاء ذهبوا واشتكوك إلى..
أحمد بن بيلا: إذا اتكلمنا على محمد خيضر..
أحمد منصور: إلى عبد الناصر..
أحمد بن بيلا: محمد خيضر كان معارض وما كانش..
أحمد منصور: هو كل اللي معارض يبقى وحش.
(8/260)
أحمد بن بيلا: لا وأنا.. أنا قلت لك محمد خيضر رجل طيب، أنا قلت لك رجل طيب، وهذا ما يعجبش ناس.
أحمد منصور: أنا سآتي لمحمد خيضر بشكل مفصل، لكن أيضاً أنت اتبعت سياسة التأميم وسياسة التأميم أدت إلى هروب رؤوس الأموال من الجزائر ومن ثم لم يكن هناك صناعة.
أحمد بن بيلا: لأ هذا الكلام.. هذا.. هذا كلام مختصر وهذه تعميمات يعني مش.. مش حقيقية.
أحمد منصور: طب قل لنا الحقيقة.
أحمد بن بيلا: أنا أممت الفرنسيين ما أممتش الجزائريين، ما كانش عندهم الجزائريين بيش نأممهم والله ما عندهم أرض، الأرض كلها للفرنسيين، أممت كل الأراضي الفرنسية، أممت الصناعات الفرنسية نعم، شيئاً فشيئاً ها اللي عملته، الجزائر ولا خدت لهم شيء، بالعكس إديت لهم شيء، إديت لهم الأرض اللي ما كانش لهم، إديت لهم مليونين وخمسمائة ألف هكتار ما كانش لهم من أحسن أراضي في الجزائر ها الجزائر..
أحمد منصور: اعتقلت رفقائك في.. في الجهاد وبوضياف كتب عنك كتاباً في السجن سماه "ديكتاتورية بن بيلا"..
أحمد بن بيلا: من هو اللي؟
أحمد منصور: بوضياف.
أحمد بن بيلا: والله بوضياف حتى هو رجل عظيم والله بكل صراحة، إنسان مش..
أحمد منصور: لم وضعته في السجن..؟
أحمد بن بيلا: ما وضعتوش في السجن.. وضعته..
أحمد منصور: لما وضعته في الإقامة الجبرية..؟
أحمد بن بيلا: وضعته لأن.. لا كانت مشاكل هو منه مش هو طلع في المعارضة وكون حزب هو.. هو من المسؤولين بتاع الثورة اللي هم كانوا عروبيين وإسلاميين.. وكون حزب ماركسي حزب (ماويست).
أحمد منصور: إيه يعني أما يكون..؟
أحمد بن بيلا: لا والله أنا مش ماركسي يا أخي وبلادنا مش ماركسية وغالبية شعبنا مسلم يا أخي.
أحمد منصور: لكن أنت كنت بتحب (ماو) وكان لك علاقة به.
أحمد بن بيلا: نحبه (ماو) وما نحبش أميركا، نفضل ماو 40 ألف مرة ماو هو خير من أميركا لليوم يعني..
أحمد منصور: لكن الرجل عمل حزب ماو..
(8/261)
أحمد بن بيلا: ولا أخي أنا عندي أنا شايف العيب كله، العلة في أميركا وفي النظام اللي عملته إلى آخره، ماو في ذلك الوقت..
أحمد منصور: طب دا الرجل دا ماوي مش أميركا.
أحمد بن بيلا: ماو في ذلك وقت يدي لي مركب.. يسلم مركب ولا إديت فلس، يدي لي أطبا ولا أدي له فلس، روسيا تدي لي سلاح ولا أدي لها فلس.
أحمد منصور: كنت لا تسمح بأي صحفي أجنبي بأن يكتب عنك كلمة واحدة وطردت صحفي فرنسي..
أحمد بن بيلا: أبداً.
أحمد منصور: خلال 24 ساعة طردته من البلاد لأنه..
أحمد بن بيلا: الفرنسيين؟
أحمد منصور: نعم.. صحفي.
أحمد بن بيلا: أنا.. أنا كنت معاه قبل الفرنسيين، لأن..
أحمد منصور: هذا الصحفي نفسه قابلك بعد خروجك من السجن..
أحمد بن بيلا: لكن من هو هذا الصحفي هذا اللي طردته أنا؟
أحمد منصور: أنا هأجيب لك اسمه.
أحمد بن يبلا: والله إدي لي الاسم بتاعه والله.
أحمد منصور: هو عمل معك حوار أيضاً وقال لك أنك طردته خلال 24 ساعة..
أحمد بن بيلا: من هو هذا يا سيدي اللي طردته؟
أحمد منصور: من السجن.. حينما أجرت معك إذاعة "أوروبا الحرة" حواراً في عام 1981 أنا سآتي لك به سآتي لك باسمه، عندي تفصيلات ولكن هذه من الأشياء التي كانت تؤخذ عليك إنك لم تكن تسمح بالرأي الآخر.
أحمد بن بيلا: لا والله اسمح بالرأي الآخر وبكل صراحة.
أحمد منصور: بالرأي الآخر إزاي وهنا..
أحمد بن بيلا: أنا وهأكرر لك..
أحمد منصور: كل واحد -معارض سيادة الرئيس- كنت بتحطه في السجن؟!
أحمد بن بيلا: أنا هأكرر لك يا أخي وهذا مش.. مش إنصاف نفسي داخلي أنا 95% في شعبي كانوا معايا، وحتى.. حتى المعارضين يا أخي.
أحمد منصور: لكن لم يتحرك منهم أحد حينما وقع عليك الانقلاب..
(8/262)
أحمد بن بيلا: لأ لأنه كانوا مجروحين يا أخي، شعب يعني قتلوا له مليون ونصف ومجروح، 8 سنين وهو.. هو يعاني إلى آخره وبعدين يطلع، فاهم اللي أقوله؟ وقتلوا منه والله وقاتل، ما شاء الله. ولكن الشعب كان.. كان جرب يعني محنة كبيرة وخارج من محنة كبيرة وبعدين يطلع في حرب يعني.
أحمد منصور: ارتفعت وتيرة المعارضة ضدك بعد تفاقم الخلاف بينك وبين محمد خيضر وشكلت جبهة مضادة لك في العام 64 تتشكل من رجال الثورة الأوائل بوضياف وآية أحمد ورابح بيطاط ومحمد خيضر رفقائك اللي كانوا معك في السجن الأربعة أصبحوا ضدك هم الأربعة.
أحمد بن بيلا: آه.. آه، أيوه.. أيوه.
أحمد منصور: وشكلوا.. معنى ذلك إنك لم تكن على صواب.
أحمد بن بيلا: وبعدين.. هك يتفقوا بعضهم مثلاً، هل بوضياف اتفق مع آية احمد؟ وهل آية أحمد اتفق مع بوضياف؟
أحمد منصور: أيه الأسباب التي جعلتهم جميعاً يتفقون ضدك؟
أحمد بن بيلا: الأسباب أسباب شخصية، أسباب يعني هذه.. وأنا هذا ما أعتبروش يعني الحقيقة كانت فيه مشاكل ولكن البلاد كانت بخير والثورة بتاعنا بخير وطالعين السماء والله، أنا قلت لك على مدة ست شهور، سبع شهور ما بقاش واحد يطلب في الطريق، ما فيش واحد.. ما فيش واحد مساح أحذية، فيه أكل فيه شرب، فيه كذا وفيه أمن 100% ولا فيه خطف ولا فيه سطو.
أحمد منصور: دا بيخالف كل اللي في الكتب سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: أي نعم، يخالف كل.. البلاد في ذلك الوقت كانت حقيقة في حالة كانت..
أحمد منصور: يعني أنت بتعتبر تاريخ بن بيلا لم يكتب بشكل صحيح في المصادر التي كتبت فيه؟
أحمد بن بيلا: نعم، أنا أعتبره تاريخياً قصير جداً، سنتين ونصف.
أحمد منصور: سنتين ونصف في تاريخ الأمم، وفي تاريخ الثورات كبير.
(8/263)
أحمد بين بيلا: يا أخي أنا أعتبر بأن البلاد في ذلك الوقت كانت أحسن من أي بلاد عربية وأحسن من أي بلاد في العالم الثالث بما أن ما فيش واحد يطلب في الشارع ما فيش واحد ماسح أحذية، ما فيش طابور، ما فيش مجاعة ما فيش.. من بعد.. من بعد يعني من بعد محنة ما بعدها محنة بتاع حرب التحرير والتسلط الفرنساوي، ها اللي كان عندنا.
أحمد منصور: العلاقة اللي بينك وبين الرئيس بومدين أو بين بومدين وكان هو نائب رئيس الوزراء بيؤخذ عليك أيضاً إن.. يعني وصفك بالديكتاتورية والاستبداد إنك كنت رئيس الدولة ورئيس الوزراء وتجمع تلت أربع وزارات أيضاً في حكمك.
أحمد بن بيلا: في الآخر هذه.. كيف هذه.. ليلة الأزمة هذه وقعت..
أحمد منصور: ليس.. يعني الأمور بدأت شيئاً فشيئاً من.. منذ أن أصبحت رئيس للدولة في العام 63 وتحديداً..
أحمد بن بيلا: أنا نكرر لك بأن أنا كنت في..
أحمد منصور: في 15 سبتمبر 63
أحمد بن بيلا: ونكرر لك أصبحت رئيس دولة في عام.. يعني عام من بعد الاستقلال، وبأن..
أحمد منصور: بالضبط التاريخ.. التاريخ 15 سبتمبر 1963.
أحمد بن بيلا: هذا هو 63 صح، في 65..
أحمد منصور: وقبلها بسنة كنت رئيس للوزراء..
أحمد بن بيلا: في جوان.. في جوان 65 معناها في نصف معناها سنة.. سنة ونصف كذلك، كل تجربتي سنتين ونصف، لكن في هذه التجربة بتاع سنتين ونصف وقعت فيها انتخابات للدستور، انتخابات البرلمان الأول انتخابات البرلمان الثاني، مؤتمر الحزب، مؤتمرات المزارعين، مؤتمرات الصناعة، كل المؤتمرات اللي وقعت في هذه السنتين ونصف، وكانت الدولة فيه برلمان، فيه حكومة، فيه.. فيه كل المؤسسات بتاع الدولة، أنا اللي كونت الدولة..
أحمد منصور: لكن كان فيه استبداد..
أحمد بن بيلا: سامحني.. سامحني، وبعدين وقع قرار نبقى لا برلمان ولا دولة مجلس ثورة اللي فيه نعم تحضر أربعين شخص في النهاية بقوا 44 بعد ست شهور.
(8/264)
أحمد منصور: أنا لن أستبق الأحداث وسآتي لها بشكل مفصل.
أحمد بن بيلا: آه ولا فيه برلمان ولا فيه.. ولا فيه.
أحمد منصور: كنت سيادتك عامل برلمان وعامل كل حاجة وعامل سجون كثيرة برضو بتلم فيها الناس.
أحمد بن بيلا: لأ أنا السجن والله سديتها والله، الإخوة الجزائريين يعرفوا هذا بما فيها (الزركاشي) اللي كان هو السجن الأساسي سديته، الثورة طبعاً فيه معارضات وفيه هذاك، ما كناش على نفس المنهج بكل صراحة، وكان جبهة التحرير.. جبهة التحرير فيها مشارب كثيرة، فيها أحزاب، فيه حتى أحزاب لا كانت تؤمن بالثورة ما عملتش الثورة وانجرت للثورة وبعدين في وقت الاستقلال فيه اللي كان مازال يطلب بأن يبقى على قمع فرنسا، ويبقوا فرنسيين في الجزائر مثلاً فرحات عباس، وأنا ماكنتش مع هذا، لأن قايل دا شعبي الفرنسيين همَّ اللي عندهم الأرض، وهمَّ اللي عندهم الرزق، هذا مثل (موجابي) هذا اللي.. اللي ترك لهم البلاد لمدة ما أعرفش أيه، واليوم عاد عايز يأخذ الأرض منهم. أنا في العام الأول في الشهور الأولى خذت الأرض، خذت كل المكتسبات بتاعهم، وهذا كان محق، لأن الثورة تستحق هذا.
بداية الصراع وأسبابه بين بن بيلا وبومدين
أحمد منصور: بدأ صراع خاص بينك وبين بومدين من خلال تجاهلك لبومدين في كثير من الأشياء، أولاً رفضت تعيين رئيس وزراء، وكنت أيضاً حينما صدر الحكم على حسين آية أحمد بالإعدام اتفقت أنت من وراء ظهر بومدين مع القبائليين أن تحتجز حسين آية أحمد لمدة ثلاثة أشهر، ثم تفرج عنه بعد ذلك ليذهب إلى فرنسا، اعتبر بومدين أن هذا أيضاً نوع من عدم التقدير له.
أحمد بن بيلا: لا أنا.. أنا.. أنا اللي اطَّلعت عليه..
أحمد منصور: أبعدت أحمد مدغري عن وزارة الداخلية.
أحمد بن بيلا: آه.
أحمد منصور: وقمت بتعيين طاهر الزبيري قائد الأوراس السابق رئيساً لهيئة أركان الجيش.
أحمد بن بيلا: آه.. آه.
(8/265)
أحمد منصور: كل هذا ووزير الدفاع ونائبك الأول لا يعرف..
أحمد بن بيلا: آه.. آه، لسبب.. لسبب واحد وهو الفرق.. الخلاف مع بومدين ومع الجماعة بتاعه كانت لسبب واحد أساسي، من اللي يحكم في الجزائر، الجيش أم الحزب، أم جبهة التحرير؟ ها.. ها عنصر مشكل، من اللي يحكم الجيش أم يعني جبهة التحرير؟ هو كان مع.. ومدغري وكل الجماعة الآخرين، الجيش هو اللي يحكم، وهذا اللي وقع إلى يومنا هذا.. إلى يومنا..
أحمد منصور: بس سيادتك..
أحمد بن بيلا: أنا كنت لأن أنا منخرط في حزب منذ.. أنا أتذكر أنا اللي كنت صغير في تلمسان كنت أدرس.. دخلت حزب الشعب، وأنا كان عمري 16 سنة، 15 سنة. الفرق ما بيننا..
أحمد منصور: يعني أنت كنت ضد النفوذ الذي كان للجيش في السلطة في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: أنا كنت ضد أن الجيش هو اللي يكون في يده الحكم، أنا كنت.. لأن الحكم يكون مدني، ويقوموا بيه مناضلين يمارسوا النضال.
أحمد منصور: إزاي وأنت أصلاً دعَّمت وجود العسكريين في الهيئة السياسية و..؟
أحمد بن بيلا: فين؟ هدول العسكريين كانوا كلهم مدنيين. يا أخي إحنا ما عندناش جيش.. جيش كلاسيكي مثل فرنسا، إحنا هدول مدنيين ارتدوا يعني لباس عسكري لمرحلة التحرير، مدنيين، وبعدين أغلبيتهم رجعوا.. رجعوا للمدنيين، يعني للعمل المدني، ما قعدوش في الجيش، القليل منهم اللي قعدوا في الجيش. رؤساء الولايات العسكريين واللي معاهم كلهم أصبحوا مدنيين اليوم، لأنهم مدنيين..
أحمد منصور: لكن سيادة الرئيس هنا كان الجيش هو الذي يسيطر بشكل أساسي على مقاليد السلطة في البداية، وأنت دعَّمت هذا الأمر في البداية؟
أحمد بن بيلا: لا أبداً، والله أبداً، والله هذا ما كان في.. لأ أبداً.. أبداً. المدنيين في.. حتى في الحكم يا أخي مثلاً كانوا إخوان مثل.. مثل محساس، مثل النقاش، مثل بو معزة.. مثل آخرين، وأنا بالذات، هدول اللي كانوا أساسيين في الحكم، مش العسكريين بكل صراحة.
(8/266)
أحمد منصور: ممكن تقول لي الأسباب الأساسية التي أدت إلى بداية الصراع بينك وبين بومدين وجماعته؟
أحمد بن بيلا: أنا في رأيي النعرة اللي.. اللي يوم إن.. اللي لأن.. اليوم اللي يعني أصبح حكم عسكري هذه تولدت في وقت الثورة وفي الخارج يعني، في الخارج، وبغير ما.. يعني من غير إساءة في هذا بودي أنا، لأن هذه الجروح إلى آخره وقع لنا جرح فيها، وإحنا فيه مشاكل اليوم إحنا فيه عندنا مشاكل داخل البلد. أنا ما يعني..
أحمد منصور: لكن هذا تاريخ، وهذه..
أحمد بن بيلا: ما تجرنيش.. ما تجرنيش للأشياء اللي.. التي تزيد للبلاد أكتر مما فيها بكل صراحة، وما تجرنيش بأن نطرح مشكلة.. يعني نطرح مشكلة و.. اللي في البلد.. اللي.. اللي فيها يكفيها والله، وأنا عملي على أن نعين على أن البلد تخرج من هذه الأزمة، وما.. بودي ما تدخلش كتير في التفاصيل اللي ممكن تعطل يعني هذا اللي.. اللي هذه الفترة اللي لازم نخرج منها من هذا.. هذا المرض اللي إحنا فيه، وما نسهبش في التفاصيل، و.. و.. و، ولا اليوم كذلك حتى أنا مش في السلطة، ولكن أؤيد بعض الأشياء، مثلاً سياسة الوئام الوطني أشوف بأن ما فيش حل إلا هذا، واللي يسلكها الأخ عبد العزيز بوتفليقة، وأنا معاه في هذا، ونؤيد على قدر الإمكان، وأنا خارج من سلطة في هذا، وما نشوفش حل آخر إلا هذا، وربما نشوفش واحد آخر أحسن منه اللي ممكن يخرِّج البلاد في هذا الوقت من هذا.. من هذا المشكل اللي هي فيه، مع كل..
أحمد منصور: سيادة الرئيس، أنا الآن بأتكلم..
أحمد بن بيلا: سامحني، خليني نكمل.. خليني نكمل.
أحمد منصور: اتفضل.
أحمد بن بيلا: وكتير ناس تستعجب اللي أنا يعني ما أتكلمش كتير على الانقلاب، وعلى 15 سنة، في (....) نعم.
أحمد منصور: لأ لازم تتكلم.
أحمد بن بيلا: نتكلم على هذه مش بإسهاب، ومش على أن نطرح مشكلة كأنه مشكل يعني عايز نأخذ حقي، اللي في البلاد يكفيها والله..
(8/267)
أحمد منصور: دا تاريخ سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: ونقول لك كلمة كمان بودي نختم بيها.
أحمد منصور: لأ لسه إحنا.. ختام أيه؟ دا لسه بدري على الختام.
أحمد بن بيلا: أيوه صح.. صح، ولهذا يعني أنت تمر تسأل المسألة وقبل ما نجاوبك تسرد لي التاريخ.. كأنه واحد عنده نبل ويضرب.. يضرب الأخرى، ما علهش أنا.. أنا متعود، لا أنا متعود والله، متعود..
أحمد منصور: خلاص أنا..
أحمد بن بيلا: ما علهش بس أنا.. أنا.. أنا في.. في نفس الشيء..
أحمد منصور: أنا بس نفسي توضح الآن، الآن عندك أسرار في هذه القضية ليست عند أحد.
أحمد بن بيلا يعترف بأخطائه أثناء الحكم
أحمد بن بيلا: أنا نقول لك، أنا مش معصوم والله، وارتكبت غلطات لأن العصمة لله.. العصمة لله.
أحمد منصور: أيه أهم الأشياء اللي أنت شايف إنك ارتكبتها كأخطاء؟
أحمد بن بيلا: أهم.. أهم الأشياء اللي..؟
أحمد منصور: التي ترى أنك ارتكبتها كأخطاء في فترة حكمك؟
أحمد بن بيلا: والله ما شايف يعني أخطاء أساسية، أنا قعدت في الحكم سنتين ونصف في..
أحمد منصور: ما هو سيادتك الآن بتقول إنك لا تنكر إنك ارتكبت أخطاء.
أحمد بن بيلا: مثلاً.. مثلاً أمَّمت بعض الأشياء كانت مش كبيرة، أمَّمتها.
أحمد منصور: زي أية؟
أحمد بن بيلا: ليه لأن دخلت هذا الجماعة الذين ما خدموش الثورة، ولكن تدبروا أوامرهم همَّ اللي أخذوا.. أخذوا..
أحمد منصور: أيه أهم الأشياء هذه سيادة الرئيس؟
أحمد بن بيلا: مثلاً أمَّمت مقاهي كبيرة للفرنسيين يعني، وأخذوها كبيرة، معروفة أو لوكاندات كبيرة كذلك أخذوها ناس اللي ما عندهمش يعني ضلع في الثورة، وأخذوها، لأن.. أنا أمَّمت.. أمَّمت هذا، وربما هذه كانت بشوية أكثر من اللازم يعني، وأكثر من اللازم.
أحمد منصور: أيه أخطاء ثانية بتراها؟
أحمد بن بيلا: والله أنا ما..
أحمد منصور: كنت بتعتبر نفسك يعني لك أخطاء في الحكم أيضاً الفردية، الاستبداد؟
(8/268)
أحمد بن بيلا: لا والله.. لا والله، يا أخي أنا أكرر لك مرة ثانية أنا ما قعدتش في الحكم إلا مرتين ونصف.. إلا سنتين ونصف.
أحمد منصور: حتى لو قعدت أسبوع واحد.
أحمد بن بيلا: ولو قعدت أسبوع والله يا أخي، ما أعرفش أنا إلا في أسبوع ممكن تحكم عليَّ..
أحمد منصور: السنين ونصف دول عمر بن عبد العزيز قعد سنتين الدنيا اتقلبت، لكن..
أحمد بن بيلا: شوف.. نعم.. انقلبت نعم، ولكن كان فيه حكم قبله، وكان فيه صرح بتاع حكم، هو ما أتاش كده، أتى من بعد يا أخي الأمويين، و.. و.. وكان ما قبله -ما شاء الله- كان الخلفاء الراشدين، وكان.. وكان.. وكان.
أحمد منصور: صحيح وقع صدام بينك وبين بومدين، و.. و.. وقبل انعقاد مؤتمر جبهة التحرير الوطني في 16 أبريل 64 قدم بومدين استقالته كورقة.. كورقة ضغط ضدك.
أحمد بن بيلا: لا أبداً ولا مرة قدم استقالته..
أحمد منصور: هذا الكتاب.. هذا الكلام.. نعم.
أحمد بن بيلا: آه نعم.. نعم قدم.. قدم استقالته، مش هو بس، خمسة قدموا استقالتهم، حتى الأخ عبد العزيز قدم استقالته..
أحمد منصور: بالضبط.. نعم.
أحمد بن بيلا: وشريف بلقاسم ومدغري، ويظهر لي.. الرائد سليمان يظهر لي، ورفضت.. الحق.. الحق أرفض.
أحمد منصور: لكن هذا كان يشكل ضغط عليك ورفض لسياستك.
أحمد بن بيلا: لأن همَّ كانوا ضد انعقاد.. انعقاد المؤتمر.
أحمد منصور: وكانوا أيضاً ضد سياستك إنك بتنفرد باتخاذ قرارات دون أن تستشير الآخرين.
أحمد بن بيلا: لا كانوا ضد.. لا في ذلك الوقت لا .. كانوا ضد انعقاد المؤتمر، وفي.. في المؤتمر وقعت انتقادات كبيرة ضد بومدين والجيش، إلى آخره، ولكن أنا شفت بأن مش من حقي نغتنم هذا الفرصة على أن يعني أسيبهم، وبأن عندهم ما عندهم، عندهم مزايا وعندهم كدا و..
تأسيس أحمد بن بيلا لقوات الأمن الوطني والهدف من ورائها
(8/269)
أحمد منصور: بدأت تعد من خلال.. بدأت تخد.. تعد من خلال الجيش شيء مضاد للجيش بإنك بدأت ترتب قوات وزارة الداخلية حتى تحميك، تستغلها لإمكانية المواجهة مع بومدين، وأنشأت ما يسمى بقوات الأمن الوطني.
أحمد بن بيلا: هذه في كل الثورات اللي تتكون هذه، ما فيش ثورة في العالم مكونة..
أحمد منصور: بس أنت أسستها على أساس إنك تعمل توازن بينك وبين بومدين في الحكم.
أحمد بن بيلا: لا.. لا أبداً، أنا.. أنا مالغيتش صلاحية الجيش، وكنت..
أحمد منصور: لأ ليس إلغاء صلاحيات، وإنما بناء قوة عسكرية لحمايتك ضد الجيش.
أحمد بن بيلا: لأ فيه.. فيه بعض.. لأ هذه.. هذه التجربة بتاع بلاد القبائل هي اللي خلاتنا يعني نفكر في هذا. إحنا فعلاً بلاد القبائل يعني كوَّنا شبه يعني ميليشيات، لكن قبائلية، من بلاد القبائل، و.. ومن طرف مناضلين من أروع ما يكن، وهذا وسع..
أحمد منصور: هل يمكن أن تقوم بتعيين رئيس لهيئة أركان الجيش ووزير الدفاع ليس عنده علم أو موافقة به؟
أحمد بن بيلا: لا والله أنا عندي صلاحيات، بش.. نضيف لك أكتر من هذا، اليوم الأخ عبد العزيز طالب بالحكم اللي كنت أنا بنوعد الحكم اللي كان عندي، وهذا كلامه، قال والله أحسن حكم كان عندنا هو الحكم بتاع أحمد بن بيلا، هذا كلام الأخ عبد العزيز...
أحمد منصور: ما هو مقارنة باللي الناس شافوه بعدك.. مقارنة بما رآه الجزائريون بعد حكمك يعتبر حكمك حكم عادل جداً.
أحمد بن بيلا: يا سيدي.. مش.. أيوه نعم أراك بديت شوية..
أحمد منصور: لا أنا بأقارن باللي حصل، أنا ما بأقارنش.. أنا بأقارن بالأنظمة الأخرى كما ذكر يعني.
أحمد بن بيلا: ما فيش.. ما فيش.. ما فيش.. ما أنا أولاً ما أكونش رئيس مثل الرؤساء؟ عندي 2 حراس في.. في داري، كنت في بيت.. ما عنديش فيلا، أنا كنت في.. في شقة، وحتى كل الوزراء..
أحمد منصور: هذا يحسب لك من الجزائريين.
(8/270)
أحمد بن بيلا: نعم، وسيارتي كانت 400 أو شيء، ما عنديش سيارة فخمة، وأتقاضى 250 ألف فرنك سنتيم في.. في.. في الشهر، وما تكفينيش إني.. إني نصل لـ20 يوم لازم مأخذش فلوس، ما يكفينيش، ولا استطعت ندي حتى فلس واحد لأمي، ولا تمشي تحج ولا عندي شيء، ولا عند عائلتي، ولا حتى أعدائي في هذا المسائل.. في هذا الجانب يقولوا أحمد نظيف، ولا.. ولا يعني كسبت شيء، ولا.. وحاولت، ولا نعرف هذا الريحة بتاع ما يسمى بالرشوة، وإلى آخره، هو.. ومنعت، ولا كان عندي حكم فيه رشوة، أبداً.. أبداً، وكنت قريب لشعبي، كل يوم أنا في مقاهي، وأنا نشوف ناس بيتكلموا معاي، ما عنديش حراس، ها اللي كنت.
أسباب انقلاب بومدين على بن بيلا
أحمد منصور: بدأ الصراع يتصاعد بينك وبين بومدين، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقولون..
أحمد بن بيلا: سيدي اللي كان، هذا بدكوا تضخَّموا الأشياء، بومدين بالنسبة للثورة يا أخي رجل عادي تماماً، أنا اللي مشيت شفته في.. في.. الثورة كانت.. كانت وقعت.
أحمد منصور: بعض المؤرخين يقولون العكس.
أحمد بن بيلا: لأ بعد الثورة إلى آخره أنا اللي مشيت للأزهر، وأنا اللي.. وأنا معاه، لمدة شهر وأنا نقنع فيه على أن يطلع للجزائر، وفي النهاية طلع الجزائر في المركب هذا "دينا" اللي اتكلمنا عليه، إلى آخره، ما عندوش رصيد، يعني في الثورة ما كانش مناضل داخل حزب الشعب، إحنا الثورة ما أتتش كده نزلت لنا من السماء، لأ نضال من 1926 حتى 54، 28 سنة نضال، ولا كان مرة يعني كان مرة في الحزب.
أحمد منصور: سيادة الرئيس الآن..
أحمد بن بيلا: كان.. كان راجل يعني طالب يدرس في الأزهر..
أحمد بن بيلا: لكن بقى قائد الجيش ونائب رئيس.. وهو اللي عمل الجيش اللي دخل به ودعمك وكذا
أحمد بن بيلا: لا هو.. لا هو إحنا..
(8/271)
أحمد منصور: لكن هنا بيقال إن هو بن بيلا.. بو مدين.. بو مدين -كما يقول بعض المؤرخين -استغل بن بيلا لمرحلة كما استغل عبد الناصر محمد نجيب لمرحلة، هل تعتبر أن هذا الأمر..
أحمد بن بيلا: لا ما فيش مقارنة أبداً ما بين يعني نجيب كان.. كان..
أحمد منصور: أنت كنت زعيم سياسي معروف وهم كانوا كعسكريين في حاجة إلى زعيم يحتموا به لفترة.
أحمد بن بيلا: أنا كنت مناضل وكنت مناضل وأنا كان عمري 16سنة وأنا مناضل..
أحمد منصور: ما أنت كزعيم سياسي معروف احتموا بك لفترة ووضعوك لفترة حتى يتمكنوا من السلطة بعد ذلك.
أحمد بن بيلا: لأ، ما فيش مقارنة وحتى المقارنة خاطئة حتى لما ما يخص مصر الراجل اللي كان روح الثورة هو ناصر مش نجيب هو اللي كان تراكمات داخل ضميره وإلى آخره اللي خلاه تتطور على تقاعد لازم تنجح، هو ناصر مش نجيب.
أحمد منصور: لكن أيضاً هم هؤلاء مسحوا تاريخك من الجزائر ويعتبروا أن بومدين هو اللي عمل الثورة وهو اللي عمل كل شيء.
أحمد بن بيلا: أيوه يا سيدي.
أحمد منصور: تماماً كالذي وقع في مصر.
أحمد بن بيلا: أنا بودي نقول كلمة وننتهي بها، ممكن نقولها؟
أحمد منصور: لا بس مش هننتهي بها، تفضل.
أحمد بن بيلا: أيوه لكن يا أخي..، هذه سنة الله يعني الخصم دائماً يأتي لك بأشياء أيه هي الأشياء اللي..؟
أحمد منصور: الآن قل لنا الحقائق أنت.
أحمد بن بيلا: الحقيقة يا أخي أنا قلتها والله وأكررها أراني نكرر فيها 3 مرات، 4 مرات هي أن نعمل ثورة وأنا كنت... كنت من رؤساء هذه الثورة وأصبحت.. أصبحت رئيس جمهورية، بطبيعة الحال وقعدت في الحكم لمدة سنتين ونصف فقط، وأنا أقول بأن لو ما كانش بومدين لكانت أشياء أخرى، كانت أميركا كان لازم تفتعل أي شيء بس أحمد بن بيلا لا يبقى في الحكم، لأن أنا ما.. ما راودتنيش أميركا ولليوم ما راودتنيش، ونبقى إلى الأبد أنا عدو أميركا، لأن نشوف العلة فيها، كل العلة فيها، قبل قتل..
(8/272)
أحمد منصور: يعني أميركا لها دور في إبعادك عن السلطة في الجزائر؟
أحمد بن بيلا: أول برقية لتأييد اللي عملوا العمل جت من أميركا.
أحمد منصور: أول برقية تأييد..
أحمد بن بيلا: أول برقية تأييد من أميركا.
أحمد منصور: لانقلاب بومدين ضدك كانت من أميركا.
أحمد بن بيلا: انقلاب بومدين، نعم. من أميركا، نعم.
أحمد منصور: معنى ذلك إن أميركا كانت على علم أو على دعم بالانقلاب؟
أحمد بن بيلا: لا ما أمشيش لهذا والله خلينا ما ندخلوش في التفاصيل إلى آخره، أنا ما عنديش يا أخي بيان على هذا وما عنديش..
أحمد منصور: كنت تشعر أن بومدين سينقلب عليك؟
أحمد بن بيلا: لا والله لأن كنت أنا كل يوم يمكن يتكلمون 10 انقلابات تأتي إلى آخره بكل صراحة، عندي مشاكل معه ولكن ذلك حاجة ولا وقعت خصومه بيني وبينه أبداً يعني كلام يعني كلام.. ما.. ما وقعتش على الأقل كانت.. كانت..
أحمد منصور: هو كان.. كان بيمكر بك ليقوم بانقلاب أنت لم تكن تفكر في أن تبعده عن السلطة؟
أحمد بن بيلا: لا ونسيت نقول لك يعني فأقول لك مسألة هو ما كانش من المتشجعين ضد الانقلاب مش هو اللي ودا بكل صراحة.
أحمد منصور: من الذي خطط للانقلاب؟
أحمد بن بيلا: خلينا والله عن هذا الكلام.
أحمد منصور: أنا هأقول لك الرواية اللي أنا حصلتها.
أحمد بن بيلا: خلينا من الروايات إلى آخره وخلينا في الكلام يعني الجاد إلى آخره،، إحنا البلاد اليوم تعاني من أشياء وأنا بودي نخرج من هذه الأزمة ويعني شوية نرجعوا جروحنا إلى..، ما يفيدش.. ما.. ما أتكلم في هذا.
أحمد منصور: سيادة الرئيس أنا أقدر هذا الموقف الوطني الكبير جداً منك، ولكن التاريخ بيبقى ملك الأجيال.
أحمد بن بيلا: تاريخ يكتب.
أحمد منصور: وأنا لا أسمع من مؤرخ وإنما من رئيس قام بثورة ورجل تم انقلاب ضده.
أحمد بن بيلا: نعم، أنا.. أنا مش.. أنا بكل صراحة مش أنا التاريخ، أنا شهادات.. وقلت لك شهادات.
(8/273)
أحمد منصور: أنت صنعت التاريخ.
أحمد بن بيلا: نعم صنعت.. ولكن أنا مش التاريخ خلي.. خلي مؤرخين علماء..
أحمد منصور: إذا لم تتحدث أنت فكيف للمؤرخين أن يأخذوا وليس لك مذكرات مكتوبة؟
أحمد بن بيلا: لأ فيه.. فيه شهادات تاريخ لم يكتب.. فيه..
أحمد منصور: لأ أنا.. إحنا نريد شهادتك أنت.
أحمد بن بيلا: أيه شهادتي في أيه يعني؟
أحمد منصور: شهادتك أنت في الخطوات التي سبقت الانقلاب عليك في 19 يونيو 1965
أحمد بن بيلا: أيوه الخطوات اللي.. نعم نعم، أنا.. أنا رأيي لأن أشوف بعد الانقلاب بتاعي وقعت في سنتين 22 انقلاب، النظام العالمي من بعد الاستعمار شاف يعني الأمور أصبحت خطرة كان الرد بتاعه دوة..
أحمد منصور: أنا سأسمع منك الـ22 انقلاب اللي حصلوا بعد انقلابك، ولكن الآن أنت كان متولداً لديك شيئاً ما بأن بومدين قد ينقلب ضدك فبدأت ترتب أو تتهيأ لمواجهته؟
أحمد بن بيلا: لا والله أنا ماكنتش بالعكس، كنا مشرفين على عمل.. على عمل رائع وهو.. وهو تكوين نظام عالمي جديد، إحنا اتفقنا لمدة 6 شهور وإحنا في مداولات ما بيننا مع ناصر والآخرين، تقريباً 60 دولة على أن تعلن على نظام عالمي جديد يحاور النظام الآخر، مش ندخل في حوار معاه بغير ما في أيدينا شيء ها اللي كنا متفقين وتعرف بأن قبل أي مؤتمر..
أحمد منصور: دا طبعاً كنت بتعده اللي هو المؤتمر الإفريقي الآسيوي اللي كان المفروض يُعقد في الجزائر في 29 يونيو.
أحمد بن بيلا: نعم كان.. كان يوقع في الجزائر وكنا اتفقنا لمدة 6 شهور وإحنا في المداولات على أن إعلان نظام عالمي جديد.
أحمد منصور: طبعاً كان هذا المؤتمر سيتوج أحمد بن بيلا زعيماً عالمياً بشكل جديد.
أحمد بن بيلا: أنا.. مش هذا المهم، هو اللي مش هذا.. مش هذا..
أحمد منصور: لا أنا بس دا مهم عندي جداً، سيادة الرئيس بس هأقول لك قراءتي أنا..
(8/274)
أحمد بن بيلا: لا ما.. لا.. لأن في ذلك.. في ذلك الوقت يا أخي كان جمال عبد الناصر كان..
أحمد منصور: طب هأقول لك قراءتي.. قراءتي.
أحمد بن بيلا: نعم، أيوه.
أحمد منصور: كان لابد من قيام الانقلاب ضدك قبل 29 يونيو حتى لا تستطيع أن تكتسب تعاطف دول العالم الثالث.
أحمد بن بيلا: ربما الذين قاموا بالانقلاب كان عندهم هذا.. ربما.
(8/275)
أحمد منصور: طيب أنا هأقول لك الرواية اللي من كتاب "الإشكالات الكبيرة في الجزائر" لـ(جاك دولونيه) وطبع في لوزان عام 67، بالنص من خلال اللي كتبه بشكل ملخص قال: أن المؤامرة ضد بن بيلا اتفق عليها في 26 مايو عام 1965 في بيت علي منجني في فيلته واتفق 6 على الإطاحة ببن بيلا، الستة هُمَّ: المقدم علي منجني، المقدم سُليمان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، أحمد مدغري كان وزير داخلية في عهدك، عبد العزيز بوتفليقة كان وزير خارجية والآن هو رئيس الدولة، النقيب عثمان، علاوة على بومدين الذي كان نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للدفاع، اتفقوا على الإطاحة بك على أن يتم.. بك أن تتم الإطاحة قبل 29 يونيو 65، لأن يوم 29 يونيو كان من المفترض أن يكون المؤتمر الإفريقي الآسيوي في.. في الجزائر، وبعده شُكِّلت منظمة عدم الانحياز التي أصبح لها نفوذ، وبومدين لم يكن يريد لبن بيلا شهرة دولية إذا قام.. كنت أنت ستقوم برئاسة المؤتمر، كنت ستكتسب شهرة دولية، ذهب بوتفليقة سراً إلى فرنسا والتقى (ديجول) في العام 65.. في أبريل سنة 65 بعدما اتفقوا في بيت.. بعدها اتفقوا في بيت بومنجل، وأرسل النقيب عثمان إلى باريس بعد اللقاء مباشرة الذي ذكرت تاريخه والذي وقع في 26 مايو 65 أرسل مباشرة في مهمة سرية إلى فرنسا والتقى مع الكولونيل (تريكو) الذي كان الأمين العام بوزارة التسليح آنذاك اللي هي وزارة الدفاع، أخبره بنية بومدين -القيام- وأصحابه القيام بالإطاحة بك، وطلبوا موافقة الجنرال ديجول على هذه الخطوة، بقي عثمان ينتظر موافقة ديجول.. ديجول 10 أيام، في 10 يونيو جاءه الرد من طرف تريكو وكان رد الجنرال هو بالنص كما في الكتاب: "إن الجنرال ديجول يتمنى أن تستمر العلاقات الجزائرية الفرنسية وإنه لا يريد التدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية غير أنه يتمنى أن تتمكنوا من اجتناب كل إسالة للدماء". ذهب عثمان مباشرة وأبرق إلى بومدين وحينما جاء(8/276)
الرد اتفقوا على القيام بالانقلاب ضدك في 19 يونيو 1965 في منتصف الليل وأطلقوا على عملية الانقلاب ضدك "عملية جبل طارق". ما رأيك في هذه الرواية؟
أحمد بن بيلا: عندي رأي، ولكن رأيي أنا ما.. بنشوف بأن من الصالح العام أدلي برأيي وننهي كلامنا.. في رأيي ننهي كلامنا أنا نشوف بأن البلاد تعاني من مشاكل كبيرة وحاولنا في..
أحمد منصور: الآن تعاني من مشاكل كبيرة، لكن وقتها سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: نعم، لا سامحني.. سامحني، بأن البلاد غير قادرة عن أن نضيف.. ونضيف لها يعني مشاكل على المشاكل اللي فيها، وحتى أنا ضد مشكل.. مشكلتي والقبض علي لمدة 15 سنة إلى آخره.
أحمد منصور: سآتي للقصة بالتفصيل.
أحمد بن بيلا: يتاجر فيه يصبح ريع أو عقار للعبث أنا ما.. لا أريد مسألة 19 جوان ومسألة بن بيلا تصبح قميص عثمان للآخرين، وبكل صراحة أنا طُلب مني والأخ عبد العزيز طَلب مني..
أحمد منصور: الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الحالي والذي كان وزير للخارجية آنذاك.
أحمد بن بيلا: الرئيس والأخ.. وأقول الأخ اليوم أصبحنا زملاء.
أحمد منصور: أصبحتم زملاء.
أحمد بن بيلا: وشاف بأن.. نعم؟ بأن.. بأن الصالح العام هو أن نقف معاه ونعينه على أن البلاد تخرج من الأزمة اللي فيها وبالخصوص الكيفية اللي.. اللي طرحها وهو الوئام الوطني وأنا أشوف بأن ما فيش حل إلا الوئام الوطني يعني لصالح..
أحمد منصور: رغم أن العلاقات بينك وبين بوتفليقة حينما كان وزير للخارجية لم تكن على وئام.
أحمد بن بيلا: نعم، ولكن هو طلب مني وهو من بعد جرب وشاف أشياء ربما..
أحمد منصور: فترة رئاستك..
أحمد بن بيلا: ليه يعني الإنسانية.. ليه أسمي الإنسان أن يرجع لطريق الخير إلى آخره أنا أظن..
أحمد منصور: أحد أسباب الانقلاب يُقال أنك كنت تُصر على عزل بوتفليقة من وزارة الخارجية وكان بومدين يصر على بقائه.
(8/277)
أحمد بن بيلا: أنا ما أتكلمش في هذا والله.. ما اتكلمش في هذا، خليني أكلم.. أكمل كلامي.
أحمد منصور: كثير من المصادر تؤكد أن الرئيس.. أن الرئيس بوتفليقة كان مهندس الانقلاب الذي وقع.
أحمد بن بيلا: كتير من الكلام.. كتير من الكلام بالأطنان إلى آخره لا يُفيد، لا يُفيد البلاد وهي تمر في هذه المرحلة، أنا مع عبد العزيز بوتفليقة وبإخلاص معاه في مسألة الوئام الوطني ولو أنا مش داخل الحكومة، أنا مش.. مش.. أنا خارج السلطة، ولكن كيف يطلب مني على رأي ندي رأي اللي نشوفه صالح، ونشوف بأن ممكن نخرج من الأزمة بواسطة سياسات الأخ عبد العزيز بوتفليقة، وأنا معاه في هذا، وحتى مشكلتي.. حتى 15سنة هذه ما خرجت به من مرارة بكل صراحة استفدت يعني (وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ) وما خرجت به من مرارة والحمد لله أنا في عمر 84 سنة ومازال الحمد لله بصحتي وبيت، وكانت لي فرصة للتأمل و.. وطالع.. اطلعت على كتير أشياء، ونشوف بأن وصلت.. وصلت للقرار وهو أن إذا أنا غلطت أنا دفعت الثمن والله 15 سنة وأنا في السجن و8 سنين عند الفرنسيين 23 سنة كلها، أظن بأن أنا دفعت الثمن، إذا الإخوان هم اللي غلطوا وهذا رأيي الله يسامحه والله الله يسامحه بكل إخلاص في هذه الدنيا وفي دنيا أخرى، هذا، يعني..
أحمد منصور: مش فاهم هذه..هذه جملة جزائرية لم أفهم.
أحمد بن بيلا: أي يصعب للإنسان يفهم هذا ولكن هذا هو رأيي التقني والله.
أحمد منصور: لأ أنت بتقول لو هم اللي أخطئوا أيه؟
أحمد بن بيلا: إذا اخطئوا يعني في.. في القرار سنة 19 جوان والقرار اللي خدوه يعني لا أخطئوا أنا قلت لك يعني المولى تبارك وتعالى يُطلب لهم السماح هذا فقط يعني.. ما طلبش..
أحمد منصور: يعني أنت مسامحهم يعني؟
أحمد بن بيلا: أنا.. أنا مسامحهم، صح، والله..
أحمد منصور: رغم أنهم سجنوك وانقلبوا ضدك؟
(8/278)
أحمد بن بيلا: رغم سجنوني ورغم كل هذا، أنا اليوم في جانب الأخ عبد العزيز بوتفليقة، وأعمل معاه على أن ينجح في عمله.
أحمد منصور: يا سيادة الرئيس أتمنى لك التوفيق في هذا، ولكن أنا أريد أن تقول كلمة تتعلق بالحقيقة والتاريخ، وأنت رئيس الدولة التي تم الانقلاب عليك.
أحمد بن بيلا: والله أنا.. أنا.. أنا.. أنا سردت لك حقيقتي يا أخي، الحقيقة اللي.. اللي طلبتها مني أنا سردتها أديتها ليك.
أحمد منصور: تسمح لي أبدأ الحلقة القادمة بليلة الانقلاب عليك في التاسع عشر من يونيو عام 1965 وفترة الحكم عليك بـ15 عاماً السجن والإقامة الجبرية
أحمد بن بيلا: آه وفيه هذا قلت كلام كتير كذلك، يعني ما.. يعني ما أسرد لكش كلام كتير إلى آخره، قضية 15 سنة.
أحمد منصور: سأترك لك المجال سأترك لك المجال لتتحدث بما تحب وتريد.
أشكرك سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: شكراً.. شكراً.. شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة (الرئيس الجزائري الأسبق) أحمد بن بيلا.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/279)
الحلقة13(8/280)
السبت 2/11/1423هـ الموافق 4/1/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 22:47(مكة المكرمة)،19:47(غرينيتش)
أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال
الحلقة 13
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
29/12/2002
- تقييم أحمد بن بيلا لفترة حكمه للجزائر
- أحداث انقلاب بومدين على بن بيلا
- أحمد بن بيلا وخمسة عشر عاماً في السجن
- زواج أحمد بن بيلا من معارضة سياسية لنظام حكمه
- الإفراج عن بن بيلا وخروجه من السجن
- رؤية بن بيلا لمستقبل الجزائر
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل في هذه الحلقة الأخيرة من شهادة الرئيس أحمد بن بيلا الاستماع إلى شهادته على عصر الثورة الجزائرية.
سيادة الرئيس، مرحباً بك.
أحمد بن بيلا: أهلاً وسهلاً.
(8/281)
أحمد منصور: أنا أود أن أبدأ الحلقة، اسمح لي بداية ربما تختلف عن الحلقات الأخرى، هذه هي الحلقة الأخيرة، وأنا حاولت معك في الحلقة الماضية أن تتحدث بالذات عن الخلافات الأخيرة التي حدثت قبيل الانقلاب عليك في 19 يونيو عام 65، واضطررت أن أُحضر، يعني أذهب وأحضر بعض الكتب التي قضيت أسابيع طويلة حتى أحاول أن أوازن التواريخ، وأعد الأحداث منها، ويؤسفني أن تاريخ بن بيلا لم يُكتب بشكل واضح في معظم الكتب أثناء عملية البحث التي استمرت معي عدة أسابيع طويلة عرفت أن أكثر من أربعمائة وخمسون كتاباً كتب باللغة الفرنسية عن الثورة الجزائرية، الكتب العربية لا تتعدى الخمسين كتاباً، ويؤسفني أني اتصلت على كثير من الناشرين فوجدت أن معظم الكتب نافذة وغير موجودة، لكن استطعت أن أحصل على ما يساعدني، بقي عليك أنت العبء الأكبر في أن تتكلم لتميط اللثام عن بعض الأحداث الجسام التي وقعت لاسيما في تلك الفترة الحرجة التي أنا في صدد تناولها معك، وهي الانقلاب الذي وقع عليك في 19 يونيو عام 1965، وقبل أن أبدأ كنت في الحلقة الماضية قلت لك أن أحد الصحفيين يعني الفرنسيين طردته من الجزائر، وأنه ضاع الاسم بين الأوراق، ولكن قضيت وقتاً بين الكتب حتى أخرجته، هذا كتاب اسمه "بن بيلا نحو عالم جديد"، يضم مقابلات لك، وهذه ندوة عُقدت لك في مقر إذاعة أوروبا رقم واحد في 27 سبتمبر سنة 1981، وشارك فيها عدد من الصحفيين الفرنسيين، وهذا الصحفي الذي ذكرت لك اسمه.. اسمه (أندريه بوتار).
أحمد بن بيلا: أندريه؟
أحمد منصور: أندريه بوتار.
أحمد بن بيلا: بوتار.. بوتار.
(8/282)
أحمد منصور: آه، قال لك في سؤاله، سؤاله كان طويل، لكن بيقول لك: السيد الرئيس، من استمع إلى أقوالكم منذ ثمانية عشر شهراً، وأصغى إلى ما تقولونه الآن يجد بين السطور نوعاً من النقد الذاتي لنظام حكمكم الذي استمر من العام 62 إلى العام 65، أرجو أولاً أن تقولوا لي إذا كان ذلك صحيحاً أم لا؟ وعلى أي حال سأكون مرتاحاً جداً لهذا النقد، لأنني شخصياً عوملت بخشونة يوم وُجهت إليَّ.. يوم وجَهتَ إليَّ.. يوم وجهتُ إلى حكمكم انتقادات طفيفة.
وثانياً: ذكرتم منذ لحظات أن البلدان غير المنحازة ما عادت موجودة، وعلى ذلك فإن بلدان العالم كلها منحازة، إلى آخر سؤاله، لكنك قلت له: أريد أولاً أن أستمع إلى انتقاداتكم الموجهة إلى نظام حكمي، وهذا يمكننا من المتابعة، فقال لك: كنت آنذاك مراسلاً لصحيفة "لوموند"، وأجبرتموني على مغادرة البلاد في ساعتين، وكان ذلك في 19 تشرين أول/ أكتوبر 63، فقلت له: نعم، عرفتك لقد غطى الشعر الأبيض رأسك، هل تذكرت القصة؟
أحمد بن بيلا: آه، تذكرتها.. تذكرت.. تذكرت نعم.
تقييم أحمد بن بيلا لفترة حكمه للجزائر
أحمد منصور: قضيت وقتاً طويلاً حتى أخرجتها، لأن أنا كتبت اسمه والحادثة في أوراقي، وتاريخ الجزائر يعني..، فقط أنا أردت أن أدلل على ما ذكرته أنا، وأنا اسمح لي أبدأ لك بالسؤال الذي سألك أندريه بوتار قبل حوالي عشرين عاماً، هل توجه انتقادات إلى نظام حكمك الذي استمر من العام 1962 إلى 1965؟
(8/283)
أحمد بن بيلا: والله أخلي أتركها لخصومي هم اللي يعني ينتقدوا يعني الفترة الوجيزة يعني بتاع سنتين ونصف يعني كحكم في.. في وقت كانت الظروف يعني حقيقة ظروف خاصة، وهي بلاد مستعمرة منذ 133 سنة، وخاضت حرب طاحنة ضد.. ضد دولة من أكبر دول العالم مدججة بالسلاح بتاع بوتان ثم بـ150 ألف عسكري، ومليونين و500 ألف معمر مدججين كذلك بالسلاح، مثل.. اللي موجود في.. في..، وكان الحرب كانت حرب حقيقة حرب تحررية من -في رأيي- من أعظم يعني الحركات التحررية في العالم، إذا مش الأعظم والله.
أحمد منصور: طيب أنا..
(8/284)
أحمد بن بيلا: ونجحنا فيها، وبعدين استلمت الحكم أنا بكل صراحة، ولا ربما مؤهل من.. مش سياسي محنك، مش ... الرجل قام بعمل ثوري وبعدين يصبح رجل دولة، رجل حكومة داخل نظام عالمي متسلط، يعني لا يترك لنا فرصة على أن حقيقة نبني مستقبلنا، يعني ظاهر بالنسبة لنا وعلى حسب ثقافتنا وعلى حسب معتقداتنا، أنا غريب في نظام معمول على أن.. على أن يتسلط على أن يفرض.. يفرض منطقه فيما يخص.. ما يُسمى بالتنمية وما يسمى بالمستقبل، وحاولت.. حاولت نكمل يعني التحرر الحقيقي وهو إحنا رجعنا الأرض ورجعنا، وكان عندنا نشيد وعندنا، لكن التنمية يعني البلاد الحقيقية إلى آخره تنمية طالعة من.. من.. من أحكام ومن دراسات ومن علم لا يتماشى مع تقاليدنا، كلها نابع من ثقافة أحياناً تتناقض مع بعض ثقافتنا يعني، وحاولت نعمل على أقل ضرر فقط لما شفت بأن العلة هي إحنا نسبح في.. في بحر مش لنا، وكل قوانين بتاع.. قوانين النظام العالمي كلها تعكس الحالة يعني الحالة المزرية بتاعنا، وإحنا مستقلين وعندنا أرضنا، ولكن نعيش بمقاييس بتعليم حتى التعليم، حتى ما يُعلَّم في.. في.. في مدارسنا وبالخصوص في جامعاتنا كلها علم لا يتماشى مع تقاليدنا، ومع مقاييسنا، ومع معتقداتنا الدينية، حاولت مع هذا ما أعملش اللي.. اللي ربما يكون نموذج للخروج من هذا.. هذا المعطيات التي لا تخدم.. لا تخدمنا وما نجحتش، مثل كل التجارب التي جرت في العالم الثالث من ذلك.. من ذلك الوقت إلى يومنا هذا، ما فيش تجربة واحدة ناجحة مما يُسمى بالتنمية إلى آخره، لأن هذا النظام الرأسمالي الغربي وثقافته تمنع على أن -فعلاً- نتمكن من أن يعني ننجح في ما يسمى بتنمية.. تنمية حقيقية، إحنا اليوم نأخذ من الغير نأخذ مقاييس لا تتماشى مع معتقداتنا، لا تتماشى مع.. مع.. مع ما يسمى بمعناة الحياة بالنسبة لينا.
أحمد منصور: سيادة الرئيس، تسمح لي أرجع بك إلى 17 يونيو/حزيران عام 1965
(8/285)
أحمد بن بيلا: تفضل.
أحمد منصور: في آخر خطاب ألقيته لك في سيدي بلعباس بمناسبة تدشين محطة لتقوية الإذاعة الوطنية، وقلت ما نصه: "قبل كل شيء إني أريد تحديد تعاليق بعض الصحف التي تعودنا منها القيام بهذا النوع من الحملات وربما ما.. أسميته.. أسمته نزاعاً يكون قد وُجد ضمن إدارة الثورة في الجزائر، وأريد أن أجيب هذه الصحافة، وأقول لها مرة أخرى إنها تكذب، ذلك أنه في الجزائر توجد قيادة اشتراكية موحدة".
ألم تكن في ذلك الوقت إرهاصات الخلافات والصراعات بينك وبين مجموعة بومدين بدأت تطفو على السطح حتى أن الصحف تكتب فيها؟
أحمد بن بيلا: كانت إرهاصات.. كانت إرهاصات، ولكن بكل صراحة أنا ما فكرتش يوم من الأيام إن هذه الإرهاصات تؤدي لانقلاب، وإحنا مقبلين على حدث رائع ومهم وهو الحادث بتاع باندونج الثاني، باندونج الأول وقع في...
أحمد منصور: باندونج نعم.
أحمد بن بيلا: باندونج نعم، ورجعنا الأرض.. ولكن باندونج الثاني هو يقضي بأن كيف نبني على هذه الأرض، كيف نعبر..
أحمد منصور: كنت تتوقع.. كنت تتوقع القيام بحركة عسكرية ضدك؟
أحمد بن بيلا: لا، والله ما كنت، يومين قبل انعقاد المؤتمر أنا ما كنتش هذا، نسمع هذه مسألة الانقلابات ما فيش يوم اللي ما نسمعش على 3، 4 بتاع انقلابات منذ الاستقلال.
أحداث انقلاب بومدين على بن بيلا
أحمد منصور: احكِ لي الساعات التي سبقت عملية الانقلاب، كنت في المغرب يوم.. يوم الانقلاب صباحاً؟
أحمد بن بيلا: كنت في الغرب.. الغرب الجزائري..
أحمد منصور: في الغرب الجزائري.
أحمد بن بيلا: كنت في وهران.
أحمد منصور: في وهران.
أحمد بن بيلا: ورحت بلعباس ودخلت.. دخلت العاصمة.
أحمد منصور: الجزائر.
أحمد بن بيلا: الجزائر نعم.
أحمد منصور: يوم 19 ليلاً.
أحمد بن بيلا: ولا.. ولا.. ولا يعني أنا أفكر بأن فيه يعني فيه.
(8/286)
أحمد منصور: كان هناك أحد من هذه المجموعة التي أنا ذكرت تفصيلاتها في الحلقة الماضية، والتي قيل أنها مجموعة الخمس التي انقلبت عليك أو رتبت لعملية الانقلاب عليك علاوة على بومدين كان المقدم علي منجلي، المقدم سليمان، أحمد مدغري، عبد العزيز بوتفليقة، النقيب عثمان، علاوة طبعاً على بومدين، هل كان أحد من هؤلاء معك في جولتك التي قمت بها؟
أحمد بن بيلا: لأ ما نظنش.
أحمد منصور: آخر مرة شوفت بومدين إمتى قبل الانقلاب؟
أحمد بن بيلا: والله ما أتذكرش يعني، أنا كنت أشوفه كل يوم يعني قبل الانقلاب، كل يوم أشوفه مرة أو مرتين إلى آخره، لأن إحنا (...)
أحمد منصور: لم يكن يدور في من خلال جلساتك من خلال لقاءاتك إن أي شيء يدبر لك في الخفاء.
أحمد بن بيلا: أبداً.. أبداً، وبالذات أنا مع.. مع بومدين -رحمه الله- ما وقعت ليش مشادات يعني خاصة، ربما وقعت المشادات من بعض الإخوة اللي كانوا معاه إلى آخره، ولكن معاه لأ.
أحمد منصور: مين من الشخصيات اللي وقعت معهم مشادات؟
أحمد بن بيلا: يعني مسألة يا أخي الحكم والثورة إلى آخره تخلق مشادات حتى مع يعني أقرب الأقارب ليك.
أحمد منصور: لكن كنت تدرك..
أحمد بن بيلا: ولكن مش مشادات ما كانتش بكل صراحة عندنا مشادات خطرة أبداً. لأ.
أحمد منصور: في هذا اليوم 19 يونيو 1965 بعدما رجعت من الغرب الجزائري إلى العاصمة الجزائر، احكِ لي الساعات التي فوجئت.. سبقت مفاجأتك يعني..
أحمد بن بيلا: والله يا سيدي ولا كان شيء يعني يدل بأن فيه شيء كان يُدبر، مشيت لبيتي ونمت.. ونمت كويس.
أحمد منصور: عبد الناصر كان رأيه أيه في الخلافات هذه في ..؟
أحمد بن بيلا: ما هو لا عنده ضلع ولا شيء كان بعيد على هذا الخلاف.
أحمد منصور: لم يحذرك من قيام انقلاب ضدك؟
أحمد بن بيلا: لأ ولا مرة.. ولا مرة.
أحمد منصور: فتحي الديب قال إن بعض خصومك السياسيين يعني ذهبوا إلى عبد الناصر وأرسلوا له رسائل.
(8/287)
أحمد بن بيلا: ربما كانوا يتكلموا معاه، وعبد الناصر كان حقاً عتب له منا بكل صراحة، أنا كذلك كنت مشيت لمصر كان فيه بعض الإخوان حول ناصر يكلموني في بعض الأشياء داخلية في مصر، لأن ما كنتش غريب عليهم، ولكن هذه الأشياء ما كانتش يعني، ما كنش..
أحمد منصور: كان تصورك أيه للخلافات والصراعات التي بينك وبين الآخرين؟ أن تفضي لانقلاب..
أحمد بن بيلا: خلاف.. لأن أنا بكل صراحة ولا مرة حاولت يعني نعمل عمل ضد هذه المجموعة أنا هذا المجموعة قد قدمت لي استقالتها، تقريباً كله ورفضت الاستقالة، وكان.. وكان..
أحمد منصور: رفضت الاستقالة لأنهم كانوا أقوياء ولا تستطيع إنك تبعدهم عن السلطة.
أحمد بن بيلا: لا ما كان.. بالنسبة لي ما كانوش أقوياء، بالنسبة للشعب يعني، فيه جيش إلى آخره.. لكن بالنسبة للشعب مش أقوياء بكل صراحة، ثم أنا مش.. مش رجل يعني نسمع كل حاجة، وإشي فأنا عارف أيه عملي وواثق بعملي.
أحمد منصور: تعتقد وجود قوى خارجية دعمت الانقلاب وهناك رواية عن إن (ديجول)....
أحمد بن بيلا: ما نظنش باللي هي..
أحمد منصور: ديجول أعطى ضوء أخضر.
أحمد بن بيلا: ما نظنش باللي هي أساسية بكل صراحة، نظن بأن مسألة داخلية، ثم وبيني وبينك يعني ما كانش بومدين متشجعين كبار في هذا العمل اللي كان تربط، حتى..
أحمد منصور: مين المتشجع الأكتر؟
أحمد بن بيلا: لأ، والله ما أقول لك من اللي كان متشجع..
أحمد منصور: سيادة الرئيس..
أحمد بن بيلا: لا والله أنا بودي يعني ما.. ما.. ما..
أحمد منصور: المصادر تقول..
أحمد بن بيلا: ما بودي نعمق الجروح ونرجع لشيء..
أحمد منصور: ليس تعميقاً للجراح.
أحمد بن بيلا: لليوم ما استحقش بأن..
أحمد منصور: بعض المصادر البسيطة وصفت الرئيس بوتفليقة بأنه كان مهندس الانقلاب.
(8/288)
أحمد بن بيلا: يا أخي شوف أنا ما أكلمكش في هذا الموضوع بكل صراحة، يعني لما الرئيس بوتفليقة قال أنا معه في جنبه وفي عملية الوئام الجزائري، واحترمني واحترمته..، لأن كل ما هو صحيح.
أحمد منصور: وكيف عرفت أن الانقلاب؟
أحمد بن بيلا: هو عرفته..
أحمد منصور: أنت.. أنت..
أحمد بن بيلا: نعم كيف عرفته..
أحمد منصور: كيف عرفت أن الانقلاب.. أن هناك انقلاب عسكري وقع عليك؟
أحمد بن بيلا: اليوم اللي دخلوا علي البيت.
أحمد منصور: كيف دخلوا عليك البيت؟
أحمد بن بيلا: دخلوا الساعة 2 كده ليلاً فالبيت كسروا الباب ودخلوا علي.
أحمد منصور: كان مين عندك، ألم يكن لديك حراسة؟
أحمد بن بيلا: كان.. كان اسمه.. كان العقيد الزبيري.. هو اللي..
أحمد منصور: كان مسؤول الحراسة عندك؟
أحمد بن بيلا: لا ما كنش، ما عنديش الحرس عندي اتنين حراس.
أحمد منصور: اتنين عساكر فقط، رئيس دولة اتنين عساكر بيحرسوه؟!
أحمد بن بيلا: أنا ما.. أنا ما كنتش.. ما كانش عندي حراس بكل صراحة ما كنتش حتى في قصر ولا شئ، كنت في.. في شقة.
أحمد منصور: ساكن في شقة، يعني فيه سكان آخرين معك في البيت؟
أحمد بن بيلا: فيه سكان آخرين نعم مش بعيدين يعني، قبلي فيه شقة كبيرة.
أحمد منصور: ناس عاديين، سكان عاديين من سكان الجزائر؟
أحمد بن بيلا: عاديين.. عاديين نعم.
أحمد منصور: لم يكن لديك حراسة.
أحمد بن بيلا: لأ ما فيش حراسة.
أحمد منصور: أو موتسيكلات أو..
أحمد بن بيلا: ما فيش.. ما فيش، فيه اتنين حراس داخل البيت داخل.. داخل الشقة، كنت تدخل الشقة ولكن في بيوت أخرى.
أحمد منصور: طبعاً أنت..
أحمد بن بيلا: فيه اتنين حراس.
أحمد منصور: أنت كنت أعزب، غير متزوج إلى ذلك الوقت.
أحمد بن بيلا: آه كنت أعزب آه.
أحمد منصور: كيف كنت أنت رئيس الدولة الآن إحنا بنشوف رؤساء الدول كيف يتحركوا في مواكب والشوارع تتوقف، كيف أنت كنت تتحرك وتذهب وتأتي؟
(8/289)
أحمد بن بيلا: ما كنتش.. ما كنتش لا هذا، وأنا ما كنتش رئيس دولة من هذا النوع، نخرج بغير حراس وتقريباً ما فيش حراس.
أحمد منصور: كان عندك سائق يسوق السيارة وخلاص؟
أحمد بن بيلا: يسوق السيارة، لا فيه ربما واحد أو اتنين أو تلاتة.
أحمد منصور: كان فيه سيارات أمامك وسيارات..؟
أحمد بن بيلا: وفيه سيارة أخرى.. فيه سيارة أخرى.
أحمد منصور: سيارة أخرى.
أحمد بن بيلا: لا سيارتين.. سيارتي وسيارة أخرى، وأجول وأمشي وأحياناً في المقاهي أمشي أشوف ناس أمشي للمزرعة، أمشي..
أحمد منصور: أنا برضو عايز أرجع إلى كونك.. أنت كنت نائم في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: كنت نائم والله.
أحمد منصور: وماذا حدث؟
أحمد بن بيلا: تمام، اللي حدث هو الباب.
أحمد منصور: اتكسر.
أحمد بن بيلا: كسروه ودخلوا، قالوا أحمد لازم تأتي معنا علشان نشوف نمشي لوزارة الدفاع..
أحمد منصور: شعورك أيه أنت رئيس جمهورية ولقيت عساكر كسروا باب شقتك عليك وبيقولوا لك تعالَ لوزارة الدفاع؟
أحمد بن بيلا: هكذا وقع.. يبقى..
أحمد منصور: شعورك أيه، قل لي شعورك.
أحمد بن بيلا: فيه شعور وشعور يحدث بأن فعلاً فيه انقلاب، فيه انقلاب طبعاً ما فيش كلام، فهذا اللي كان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كم عسكري هجموا على البيت؟
أحمد بن بيلا: أيه نعم؟
أحمد منصور: كم عسكري كانوا هاجمين على البيت، عدد الجنود الذين هاجموا البيت؟
أحمد بن بيلا: والله كانوا لحد 15، 20 يعني، وعلى رأسهم الزبيري، والحقيقة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا الزبيري اللي جه اعتقلك..
أحمد بن بيلا: أيوه، ولكن.. و الحقيقة يعني ما كانش كلام يعني بتاع جرح أو بتاع هذا.. أحمد، لازم تأتي معايا نمشي الوزارة الدفاع..
أحمد منصور: يعني قال لك أحمد أم سيادة الرئيس يعني؟
أحمد بن بيلا: نعم؟
أحمد منصور: كان بيعاملك كرئيس أم بيعاملك..
(8/290)
أحمد بن بيلا: لأ أبداً مش.. لا رئيس ولا كذلك يعني مغلظ الكلام لأ، لأ. جه معايا يمشي.
أحمد منصور: أيش كان وضع الزبيري؟ ما هي مسؤوليته في..؟
أحمد بن بيلا: مسؤوليته كان رئيس الأركان..
أحمد منصور: كان رئيس الأركان.
أحمد بن بيلا: أيوه رئيس الأركان.
أحمد منصور: أنت الذي عينته أم..؟
أحمد بن بيلا: أنا الذي عينته، ومن.. على من صلاحياتي..
أحمد منصور: أنت الذي عينته وهو الذي انقلب عليك!
أحمد بن بيلا: آه، نعم.
أحمد منصور: تركوا لك فرصة تحضر ملابسك وأشياءك حتى تأخذها.
أحمد بن بيلا: لأ ما أخدش ملابسي فمشيت معاهم باللي كان عندي ولا خدت ملابسي ولا خدت حاجة خالص.
أحمد منصور: ببيجامة النوم ذهبت؟!
أحمد بن بيلا: لأ لبست.. أظن شيء بسيط يعني، لا مش..
أحمد منصور: تركوا لك فرصة أن تحضر نفسك؟
أحمد بن بيلا: أنا ما طلبتش أحضر نفسي لبست يعني شيء بسيط ورحت معاهم، ما أطلبش أحضر نفسي.
أحمد منصور: أيه اللي دار في ذهنك في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: اللي وقع يعني ما فيش ما وقعش كلام يعني مس بتاع إهانة أو شيء، لأ ما كنش..
أحمد منصور: ما الذي وقع في ذهنك في ذلك الوقت؟ شعورك أيه؟
أحمد بن بيلا: شعوري هي وقع انقلاب يعني..
أحمد منصور: توقعت أن تعدم؟
أحمد بن بيلا: مش هذا اللي كان في بالي، والله بكل صراحة أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: توقعت أنت قلت الشعب كله كان معاك، توقعت إن الشعب يتحرك؟
أحمد بن بيلا: متعود على.. على الأشياء..
أحمد منصور: الآن الوضع مختلف أنت رئيس دولة.
أحمد بن بيلا: أيوه، رئيس دولة ولكن يعني مسألة الموت، مسألة الإعدام، أنا عملت حروب ووقعت محاولات ضدي، ويعني متعود أنا عايش في هذا الجو، في هذا.. يعني مش مسألة بالنسبة إلي يعني غريبة.. غريبة ما عدش فيه هذا..
أحمد منصور: توقعت أن يعدموك؟
(8/291)
أحمد بن بيلا: والله ما أفكرش في ذاك في ذلك الوقت، اللي فكرت هو أن المؤتمر انتهى، ما فيش مؤتمر..
أحمد منصور: كل اللي جه في ذهنك مؤتمر الأفروآسيوي.
أحمد بن بيلا: المؤتمر وبأن يعني صرح كبير انهار تماماً، هذا اللي فكرت به..
أحمد منصور: شعرت إن الآن بومدين هو الذي قام بالانقلاب؟
أحمد بن بيلا: أه نعم طبعاً.
أحمد منصور: قبل أن تذهب، الآن أنت في البيت لسه.
أحمد بن بيلا: قبل ما.. ما إنه جاء الزبيري إلى آخره ما فيش، وقال لي نمشي ونشوف بومدين في..
أحمد منصور: لم تحتج، لم ترفض، لم ترفع صوتك؟
أحمد بن بيلا: ولا شيء.. ولا شيء ولا احتجيت ولا شيء أبداً.
أحمد منصور: ما قلت لهمش أنا رئيس جمهورية وأيه اللي جايين تعملوه ده؟
أحمد بن بيلا: أبداً.. مش هذا النوع أنا.. لا.
أحمد منصور: بعد ذلك حينما ذهبت إلى وزارة الدفاع من وجدته هناك؟
أحمد بن بيلا: الحقيقة في وزارة الدفاع ما وجدتش بومدين ولا.. ولا أي إنسان، من بعد أتوا أخدوني ومشيت للموقع، يوم مش ممكن حتى إن إحنا نتذكره ربما مش بعيد يعني على الموقع.. الموقع اللي كنا فيه، وقعدت لحد يومين 3 أيام.
أحمد منصور: يومين، 3 أيام.
أحمد بن بيلا: وبعدين أخدوني ومشيت في ناحية البليدة في السُّمعة أحد.. المدينة اسمها السمعة في تكلا..
أحمد منصور: طوال يومين أو 3 أيام هل قام أحد بالتحقيق معك بالكلام معك، بسؤال عن أي شيء؟
أحمد بن بيلا: ولا شيء.. ولا شيء أبداً.
أحمد منصور: توقعت إن الشعب الذي كان تقول أن 95% منه حولك يتحرك لصالحك؟
أحمد بن بيلا: في ذلك الوقت أنا محصور تماماً ولا عندي يعني اتصال بالخارج..
أحمد منصور: لكن الشعب بيحبك وفيه انقلاب ضدك.
أحمد بن بيلا: أيوه ولكن هذا الشعب عانى، الشعب وقتلوا منه مليون ونصف، في 7.. 8 سنين حرب..
أحمد منصور: توقعت إن أنصارك في الجيش يتحركوا لنصرتك؟
(8/292)
أحمد بن بيلا: دا كان كله تكهنات وكله ما عنديش.. ما عنديش يعني ترتيبات بأن ممكن يعني..
أحمد منصور: لم تطلق طلقة واحدة في هذا الانقلاب؟
أحمد بن بيلا: لأ، ف .. بالنسبة من حولي ولا.. ولا طلقة واحدة.
أحمد منصور: قبض عليك وحدك في صمتٍ تام؟
أحمد بن بيلا: وحدي.. وحدي
أحمد منصور: وكان انقلاباً أبيضاً لا دماء فيه.
أحمد بن بيلا: لا وقع بره وقعت كانت مظاهرات وقعت..
أحمد منصور: فين؟
أحمد بن بيلا: في عدة مدن في العاصمة، في عنابة، في وهران، في تلمسان، في..
أحمد منصور: مجرد مظاهرات من الشعب.
أحمد بن بيلا: الشعب آه.
أحمد منصور: لكن الجيش لم يتحرك.
أحمد بن بيلا: لأ، الجيش ولا تحرك.
أحمد بن بيلا وخمسة عشر عاماً في السجن
أحمد منصور: حينما.. بعد ثلاثة أيام من القبض عليك أين ذهبوا بك؟
أحمد بن بيلا: ذهبت إلى.. إلى لأ.. قعدت في صمام لمدة، صمام في منطقة العاصي.. البليدة و بعدين أخدوني مشيت للمديَّة هذه اللي فيها اليوم.. لمدة شهور كده.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ ودوك فين؟ قعدوك أيه؟ كنت بتأكل إزاي بتنام إزاي؟
أحمد بن بيلا: كنت كنت في.. في ثكنات.. ثكنات..
أحمد منصور: ثكنات عسكرية.
أحمد بن بيلا: لأن كنت داخل حبيش.. كنت داخل فرقة جيش طبعاً يعني 500 عسكري.
أحمد منصور: يعني لم تكن في السجن.. لم تكن في سجن أو معتقل؟
أحمد بن بيلا: لأ، ثكنات أو.. أو حتت كده.
أحمد منصور: هل تعرضت لأي تعذيب أو أي إهانة في تلك المرحلة؟
أحمد بن بيلا: لا.. لا ما مفيش إهانة.
أحمد منصور: لكن من الناحية النفسية؟
أحمد بن بيلا: الناحية النفسية يا أخي أنا قبض عليَّ وأنا يعني في.. هذا هو من الناحية النفسية، ولكن..
أحمد منصور: صحيح وضعوك في جب عميق؟
أحمد بن بيلا: في.. لا والله.. في؟!
أحمد منصور: في.. في بئر عميق، في مكان عميق.
أحمد بن بيلا: لا.. لا ولا شيء.
أحمد منصور: كنت في زنزانة أو في غرفة أو في أيه؟
(8/293)
أحمد بن بيلا: لأ، في زنزانة لأ، في غرفة صغيرة، غرفة صغيرة..
أحمد منصور: كنت تعيش حياتك بشكل طبيعي؟
أحمد بن بيلا: لأ، في البداية طبعاً كان حراسة مشددة.
أحمد منصور: قل لي البداية كان شكلها أيه؟
أحمد بن بيلا: فيه.. فيه حراسة مشددة، ولكن ما فيش إهانة ولا مرة إهانة في الـ 15 سنة اللي كنت في السجن ولا مرة يعني.
أحمد منصور: المسؤولين الكثيرين هل التقيت بأي مسؤول؟ هل جاء أحد لزيارتك؟
أحمد بن بيلا: ولا التقيت بأي مسؤول، ما عدا رئيس المنطقة العقيد كان سعيد عبيد في البداية وبعدين..
أحمد منصور: رئيس المنطقة العسكرية يعني.
أحمد بن بيلا: وبعدين بلهوشات.
أحمد منصور: دول كانوا يترددوا عليك؟
أحمد بن بيلا: كان يترددوا علي، لأنهم هم في..
أحمد منصور: ما الذي كان يدور بينك وبينهم؟
أحمد بن بيلا: والله كلام.. كلام عادي كلام أيه اللي يخصك.. كده..
أحمد منصور: لكن لم يتحدث معك أحد في أي شيء، لا في السياسة ولا في السلطة ولا في أي شيء؟
أحمد بن بيلا: لا.. لا.
أحمد منصور: كنت تدري ما الذي يدور في الخارج؟
أحمد بن يبلا: مش كثير في البداية ما عنديش اتصالات في الخارج أنا كنت مقطوع لمدة، وبعدين شفت الأم الكريمة.
أحمد منصور: لأ، خليني قبل الأم الكريمة.
أحمد بن بيلا: ما عنديش أخبار.
أحمد منصور: كم، ما هي المدة التي قضيتها قبل أن ترى والدتك؟
أحمد بن بيلا: مدة شهور، نعم شهور.. كم شهر والله ما ...
أحمد منصور: كنت بتعرف تعد الأيام والليالي؟
أحمد بن بيلا: والله أنا كنت متعود يعني في السجن كنت قضيت تقريباً سنين في السجن قبل هذا عند الفرنسيين وأعرف يعني مسألة السجن، ولكن بش هذا ما كانش سجن يعني بأتم الكلمة، سجن يعني داخل زنزانة أو شيء، لأ كنت في حتة، والجيش من حولي، كنت داخل الجيش، 4 مئات أو 5 مئات.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول متحفظ عليك أو محدد إقامتك في مكان؟
أحمد بن بيلا: نعم؟
(8/294)
أحمد منصور: متحفظ عليك أو محدد إقامتك داخل ثكنة عسكرية.
أحمد بن بيلا: متحفظ علي وبشدة في مكان ما، وأتنقل كل شهرين لمكان آخر، استمرت هذه سنين وبعدين...
أحمد منصور: لا أنا عايز.. دا أنا معاك سنة.. سنة، دول 15 سنة.
أحمد بن بيلا: آه نعم، ولكن يا أخي 15 سنة يعني كل سنة تكرار الكلام أيه اللي كان.. يعني 15 سنة في ها الوضع إحنا معزول، بعدين زارني..
أحمد منصور: كان مسموح لك.. كان مسموح لك، عفواً سيادة الرئيس، مسموح لك بأوراق بأقلام، براديو؟
أحمد بن بيلا: آه نعم عندي راديو وبعدين جاتني راديو نعم.
أحمد منصور: كنت تقرأ الصحف؟
أحمد بن بيلا: أه نقرأ صحيفة أو اتنين.
أحمد منصور: متى بدأ هذا؟ يعني الآن أنت في سنة 65.
أحمد بن بيلا: بعدين شهور، بعدين ما أتذكرش والله، شهور بعدين ست شهور، سبع شهور، وبعدين ثمان شهور بعدين صحيفة من بتاعنا و"لوموند"، لوموند الفرنسية كانت.. كان كانت يؤتى.. يؤتى بها يعني.
أحمد منصور: كانت صورتك أيه اللي بتقرأها في الصحف في ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: لا ما عنديش.. ما عنديش الصحف يعني اللي..
أحمد منصور: ما كانش أحد بيتكلم عنك؟
أحمد بن بيلا: لا في ذلك الوقت لا.
أحمد منصور: كان فيه وساطات كثيرة من أجل الإفراج عنك، كان بيبلغك هذا؟
أحمد بن بيلا: لأ ما يبلغنيش هذا، لأني كنت.. كنت معزول تقريباً يعني في البداية، عندي أمي زارتني شهور بعدين يعني.
أحمد منصور: كيف كانت أيامك ولياليك؟
أحمد بن بيلا: أيامي فأنا أول ما قرأت هو القرآن ما عنديش كتاب يعني، لأني كنت في حالة بتاع صمت ولا حد يكلمني ولا نكلم حد، وطلبت قرآن على أن نقرأ وحدي، و.. ونسمع صوتي، وهذا هو.
أحمد منصور: أيه كان المقصود بأن تبقى في حالة صمت ولا يكلمك أحد؟
أحمد بن بيلا: والله يا أخي المقصود ما أتكلمش فيه كتير بكل صراحة، بودي هذه الأشياء ما اتكلمش فيها كتير.
أحمد منصور: سيادة الرئيس، أنت أيام عشتها..
(8/295)
أحمد بن بيلا: لا والله يا أخي أنا ما أتكلم في هذا كتير، أنا هأقول لك..
أحمد منصور: للناس وللأجيال.
أحمد بن بيلا: لأ، هذه جروح هذه ما بلاش الإنسان يبقى يعني ينبش فيها.
أحمد منصور: يعني لقد.. يعني.. يعني تاريخك ممحو حتى من الكتب المدرسية في الجزائر، لا يعلم التلاميذ في الجزائر أن أول رئيس..
أحمد بن بيلا: هذا.. هذا شأن.. شأن.. أنا في رأيي يوم من الأيام التاريخ يتكلم على كل حاجة، كل مسألة..
أحمد منصور: الآن هذا مصدر سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: التاريخ يكتب باستمرار، ربما ما جاش وقته، ولكن يجي وقت.
أحمد منصور: كتب الأولاد أو الطلبة في المدارس في الجزائر ليس مكتوباً فيها أن أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال هو أحمد بن بيلا.
أحمد بن بيلا: نعم، هذا شأن الجزائريين إذا لا يريدون أن يقرروه نعمل أيه أنا؟!
أحمد منصور: أليس حقك التاريخي.. حقك التاريخي أن تطالب بيه.
أحمد بن بيلا: أخي مش أنا اللي نحقق التاريخ، التاريخ..
أحمد منصور: طيب ساعدني إن الناس تعرف ما الذي كنت فيه.
أحمد بن بيلا: تشوف التاريخ يكتب.. يجي وقت.. هذه هي.. هذه هي.. هذا تاريخ التاريخ، التاريخ ما فيهش..
أحمد منصور: كيف يكتبه المؤرخون وأنت تحتفظ به في صدرك ولا تريد أن تخرجه؟
أحمد بن بيلا: لا فيه أشياء دي نحفظها في صدري لأن واجبي نعتبر بأن هذا مش وقت لأن أفصح على ها الأشياء، فيه الأشياء اللي ما بيني وبين المولى تبارك وتعالى فقط، حتى عائلتي ما تعرفوش، وبودي لا أتكلم فيه.
أحمد منصور: شعرت بأن رفاقك خانوك؟
أحمد بن بيلا: بعض الرفاق خانوا باللي.. الجماعة اللي.. اللي قبضوا علي بالذات كانوا رفاقي هدول كلهم.
أحمد منصور: رفيقك الأكبر الذي اخترته أنت في العام 54 حينما ذهبت إلى مصر، وانتقيته من بين طلبة الأزهر ليكون أحد شباب الثورة الجزائرية.
أحمد بن بيلا: أي نعم.. نعم.. نعم.
(8/296)
أحمد منصور: رؤيتك أيه لما سجنك هو وانقلب عليك بومدين؟
أحمد بن بيلا: انقلب عليَّ هو، نعم، هذا شأنه هو مات، رحمه الله، واذكروا أمواتكم بحسناتهم، وأحاول على كل حال، وأنا كتب عليَّ أن أقضي 15 سنة في السجن، وقضيت 15 سنة والحمد لله، يعني في عمري اليوم 84 سنة، وما عنديش مرارة..
أحمد منصور: 86.
أحمد منصور: ما عنديش مرارة في.. ما أخرجش بمرارة، أعتبر هذه محنة، هذا بلاء، وحاولت أحسن البلاء، وفي رأيي أحسنت.
أحمد منصور: من الذي كان يزورك في السجن؟
أحمد بن بيلا: لمدة.. لمدة طويلة ما فيش يعني زوار، فيه أمي، وبعدين بعد سنين بدأت يعني العائلة بتاعي القريبة يزوروني.
[فاصل إعلاني]
زواج أحمد بن بيلا من معارضة سياسية لنظام حكمه
أحمد منصور: في 25 مايو عام 1971 وقعت حادثة فريدة في حياتك وفي تاريخ أي مسجون سياسي.
أحمد بن بيلا: أيوه.. أيوه.
أحمد منصور: سمعتها منك ومن زوجتك السيدة زهرة.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: زهرة سلامي كانت صحفية جزائرية معارضة لنظام أحمد بن بيلا.
أحمد بن بيلا: معارضة نعم.. نعم.
أحمد منصور: وفجأة هي التي تزوجته وهي التي قضت معه المسيرة، و.. وقضت أيامها معه في السجن.
أحمد بن بيلا: هذه هذه.. هذه.. أيوه وهذا هو وفاء. هذا هو كان قدرنا. في الحقيقة كنت في وضع يعني، هذا الوضع اللي تكلمنا عليه إلى آخره، معزول تماماً، ومثل ما نقول تحت الأرض، فالمولى -تبارك وتعالى- يقضي بأن المرأة اللي كانت معارضة هي اللي أتزوج معها.
أحمد منصور: كيف؟ اروِ لنا القصة.
أحمد بن بيلا: والله القصة طويلة وعريضة، وأتكلم عليها و.. هي كان يعني الحقيقة يعني بعيد بأن أتزوج مع زهرة، لأنها كانت في المعارضة.
أحمد منصور: كيف؟ أنت فيه موقف بينك وبين زهرة سلامي أثناء ما كنت رئيس للدولة.
(8/297)
أحمد بن بيلا: والله كانت.. أنا أتذكر شيء، وهو أن يوم من الأيام وأنا.. وأنا نجول في العاصمة وأنا رئيس يعني، وكانت أيام.. أيام كبيرة بداية الاستقلال، فإذا بي نمر على.. على الجريدة الرسمية بتاعة.. بتاعنا، فإذا بي في البلكون الكل يصفق والكل يرقص، إلا.. إلا شخص واحد، إلا زهرة.
أحمد منصور: كانت "ثورة إفريقيا" المجلة، نعم.
أحمد بن بيلا: أيوه "ثورة إفريقيا". وأنا في ذلك الوقت قلت يا أحمد أنت..
أحمد منصور: كل الناس كانت تصفق إلا امرأة واحدة.
أحمد بن بيلا: إلا.. قلت أنا أحمد أرى عندك معارض في الجريدة بتاعك. ومرت الأيام و..
أحمد منصور: هل بقيت صورتها في ذهنك منذ ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا: أي نعم، نعم، والله، نعم ولا.. وبقيت صورتها في ذهني، وطبعاً وبعدين كنا في.. في أشياء أخرى، فإذا بي يوم من الأيام كذلك تقع المعارضة بتاع الأخ بوضياف، وبعدين أخذت شكل خطير باللي أنا وقعت.. وقعت..
أحمد منصور: هي كانت ماوية مؤيدة لبوضياف.
أحمد بن بيلا: أيوه كانت معاه في.. في الحركة بتاعه..
أحمد منصور: ضدك أنت.
أحمد بن بيلا: وكانت ماويست كانت..
أحمد بن بيلا: فإذا بيه يشارك في أحد العملية في الولاية الثانية، ويقبض على زوجة بوضياف، لأنها كانت هي الوسطية بتاع اللي.. كل الكتابات اللي كانت هذا، وما أنا باليش والله، ما على بالي، وتدخل السجن لكن عملوه في.. في.. في المستشفى يعني، مش في.. في سجن.
أحمد منصور: نعم.
أحمد بن بيلا: و.. على أن لا أطيل في الكلام، هي هربت من السجن، لكن مين اللي هرَّبها؟ هي زهرة، هي اللي ساعدتها على أن تهرب..
أحمد منصور: زوجة بوضياف هربت من السجن، وهُرِّبت إلى المغرب، أو استطاعت.. نعم..
(8/298)
أحمد بن بيلا: آه،.. ما كان سجن، كانت.. كان مستشفى طبعاً، ومشوا يعني مشوا عند أخ كان يعرفه بالخصوص زوجة بوضياف تعرفه، وكان.. كانت تظن يعني هو يؤيد الحركة بتاعها إلى آخره، ولكن هذا كان في ذلك الوقت معايا يعني.. يعني حقيقة، عنده حلقة مع بوضياف ولكن يؤيد الحكم، وكان حيران، كان في حيرة حالة حيرة إنه مع الحكم، وفإذا به يصبح هو اللي يأوي زوجة بوضياف في حركة بتاع تمرد، وإلى آخره، وفيه قتلى وفيه.. فزميله كان فرنساوي، فرنساوي معروف بيؤلف كتب معروفة، في نفس الوقت معانا في الحركة وفي.. ويكتب في الجرائد، فإذا بيه 5 صباحاً يدق في.. في الباب عليَّ، وقال أحمد المسألة.. أنا جيتك لأن المسألة خاصة لازم أنت تعتني بيها مش آخر، زوجة بوضياف، والمرأة اللي.. اللي.. اللي أعانتها على أن تخرج من السجن موجودين عند أخ، أما الأخ هو ليك، ولكن في حالة بتاع حرج، وما أعرفش بأن يراني أنا أكلمك في هذا، وأنا في رأيي تتدخل يعني لأن مالزمش العسكر البوليس يعني هو اللي يتدخل شوف كيف تتصرف إلى آخره بتاع من الرياسة إلى آخره، وفعلاً أنا أرسلت أخ للمكان..
أحمد منصور: دون أن تعرف من هي المعتقلة.
أحمد بن بيلا: لا أنا عارف.. قال لي..
أحمد منصور: عرفت أنها زهرة؟
أحمد بن بيلا: قال لي.. قال لي.. هو.. لأ، هي ما كنتش أعرف بأنها زهرة، أعرف زوجة بوضياف..
أحمد منصور: بوضياف، نعم.
أحمد بن بيلا: وأنا ما على باليش بأنها.. قال لي زوجة بوضياف كيف..؟ من اللي..؟ قال لي: قبضوا عليها لأن الأجوبة اللي كانت ما بين..
أحمد منصور: كنت تعرف إن زهرة معاها؟
(8/299)
أحمد بن بيلا: لأ أبداً.. أبداً، قال لي فيه.. فيه معاها.. قال لي معها.. معها بنت تشتغل في.. في.. في الجريدة بس في جريدة بتاع الحركة ما أعرفش، وبعدين أرسلت أنا أخ وقلت لهم.. قلت للأخ تمشي تأتي بزوجة بوضياف والمرأة اللي معاها تشتغل في.. في.. في الجريدة بتاعنا، ترعى بأن لا تطرد من الشغل بتاعها، وفعلاً مشى وأتى بزوجة.. وشربت معي القهوة و.. وتكلمت معاها، وقالت لي وقلت لها موجود زوجك، أراه موجود في.. في.. في باريس، هل تمشي لباريس تروحي لباريس أم تروحي لوهران؟ قالت لي نشوف العائلة، وبعدين نمشي نشوفه، وهذا اللي وقع، وأنا أتكلم معاها، وهي كلمتني على.. قلت من هذه اللي..؟ قالت لي كانت تشتغل في الجريدة هذه اللي..
أحمد منصور: فتذكرت التي اعترضت.. نعم.
أحمد بن بيلا: تذكرت أنا، أيوه قلت لها أعرفها، وأنا.. وأنا شفتها.
أحمد منصور: الوحيدة التي لم تصفِّق إليك.
أحمد بن بيلا: ومرت الأيام وأنا في السجن، في يوم من الأيام الأم الكريمة جاءتني السجن، ودائماً تقضي معايا 3 أيام، 4 أيام داخل السجن.
أحمد منصور: كانت تأتي من بعيد؟
أحمد بن بيلا: تأتي من بعيد، تأتي من بعيد، تأتي من 600 كيلو متر.
أحمد منصور: عمرها كان كام؟
أحمد بن بيلا: 92 كده، 92 نعم.. نعم
أحمد منصور: ما شاء الله. نعم.
أحمد بن بيلا: فقالت لي أحمد أنا أطلب منك حاجة، أنا ما أطلبش منك كتير أشياء، ولكن أطلب منك حاجة، قلت لها أمي اتفضلي والله إلى.. أي شيء عندي، قالت لي تتزوج، أنا ضحكت، أنا.. أنا داخل سجن وداخل.. قلت لها.. قلت لها يا أمي.. يا أمي مين اللي ييجي لي في هذه.. وأنا في هذه الحالة؟ أنا في حالة و.. ونزيد مرأة معي في حالة؟! عيب، قالت لي أنا.. شاعرة بأني ماشية، فقالت لي أرجو ما.. ما ترفضليش الطلب بتاعي، قلت لها طيب أنت يا.. شوفي تتدبر، وأنا قلت الكلام هذا كأنه يعني مش تخلص شيء.
(8/300)
أحمد منصور: كنت تعتقد جازماً أن ليس هناك امرأة مجنونة ستأتي للإقامة معك في السجن.
أحمد بن بيلا: المسألة مستحيلة، وانتهى الأمر، وما.. ولكن مانعكسهاش يعني، قلت لها يا أمي، اتفضلي أنتِ وشوفي، إذا وجدت لي زوجة إن شاء الله تيجي معنا بفرحة وسرور.
أحمد منصور: كنت تعتقد أن هناك أي امرأة تقبل أن تأتي لتقيم معك في السجن؟
أحمد بن بيلا: لا ماكنتش.. لا بكل بصراحة، ما كنتش أظن هذا أبداً، لأن ظروفي يا أخي.. ظروفي ما كانتش فإذا بها تأتي لي يوم من الأيام بالصور وفيها صورة بتاع.. بتاع زهرة.
أحمد منصور: صورتها.. تذكرتها؟
أحمد بن بيلا: كيف في الصورة، قلت لها أيوة هذه المعارضة، قلت له أتزوج هذه، فمشت أيام بعدين فإذا بها حتى جاءت زهرة في الليل كده عند العاشرة، أتوا بها في العاشرة بتاع الليل، فالحقيقة يعني أنا صارحتها قلت لها لولا نزوج في الثلاثة أيام هذه، في رأيي رحنا لا نتزوج أبداً، قلت لها أنت موافقة؟
أحمد منصور: أنت كان ليك شروط للزواج معها؟
أحمد بن بيلا: لها أنا عندي 3 شروط بس يعني، ها أنت مؤمنة، هي في حزب ماوستي..
أحمد منصور: نعم.. نعم..
أحمد بن بيلا: هل تؤمن؟ هذه واحدة، ما عنديش فلوس، يعني ما تظنيش أراك تتزوجي مع رئيس عنده، ما عنديش فلوس، ثم المركز بتاعي يهتز، يعني أرها ما.. ما معاي.
أحمد منصور: يعني رئيس دولة، ولكن مسجون ومعتقل، ولا يعرف..
أحمد بن بيلا: مسجون..
أحمد منصور: ما كان عندك علم متى يمكن أن تخرج من السجن؟
أحمد بن بيلا: أي نعم، إمتى يا أخي؟ ثم ما عنديش إمكانيات، يعني ما فيش.. خرجت ما عنديش إمكانيات، ما عنديش..
أحمد منصور: وليس لديك إمكانات مادية.
أحمد بن بيلا: ولا فلس واحد، ولا عندي.
أحمد منصور: وهل اشترطت عليها أن تأتي للإقامة معك، تقعد 20 سنة، 30 سنة.. سنة، كما تقعد.
أحمد بن بيلا: ولا نعرف.. ولا نعرف أنا..
أحمد منصور: لم.. لم تكن محكوماً بمدة معينة؟
(8/301)
أحمد بن بيلا: لأ أبداً.
أحمد منصور: هل تركوك تتزوج بسهولة؟
أحمد بن بيلا: تركونا البداية، ولكن بعدين وقعت مشاكل، وبودي ما اتكلمش عليها بكل صراحة، هذه قدري، لا أتكلم عليها، لكن تزوجنا والحمد لله من تزوجت فتحت يعني..
أحمد بن بيلا: توفيق الشاوي صديقك كتب في كتابه عن.. عن الثورة الجزائرية أنهم سعوا لعرقلة الزواج بينك وبينها.
أحمد بن بيلا: أنا ما أتكلمش في هذا.
أحمد منصور: وضغطوا على أهلها حتى لا تقبل الزواج منك.
أحمد بن بيلا: أنا ما أتكلمش في هذا.
أحمد منصور: ما هو تكلمت قبل ذلك أيضاً.
أحمد بن بيلا: لا والله ما تكلمش في هذا أنا الحمد لله أنا تزوجت وكأنه باب السماوات انفتحت عليَّ وعندي زوجة يعني إلى يومنا هذا..
أحمد منصور: زوجة جت.. جت تقيم معك في السجن؟
أحمد بن بيلا: قامت معي في السجن.
أحمد منصور: بقيت معك.
أحمد بن بيلا: سبع سنين ونص وهي معايا في السجن تخرج من حين لحين شوف العايلة بتاعها..
أحمد منصور: لكن كان مسموح لها أن تذهب وتأتي.
أحمد بن بيلا: ليس مسموح لها، يعني مسموح في جرعات بالليل وما أعرفش أيه إلى آخره وإجراءات حتى يكون سر و.. و..
أحمد منصور: والدتك متى توفيت؟
أحمد بن بيلا: نعم؟
أحمد منصور: متى توفيت والدتك؟
أحمد بن بيلا: والدتي توفيت بعد السنين قبل..
أحمد منصور: بعد زواجك بعام تقريباً؟
أحمد بن بيلا: عام.. عامين كدا، عام.. عامين.
أحمد منصور: صحيح أنها توفيت من جراء البرد حينما..
أحمد بن بيلا: يا أخي أعفيني من هذا الكلام من فضلك أنا يعني البرد أو شيء وما اتكلمش عليها لا اشتكي من شيء إلى آخره، أنا مريت على..
أحمد منصور: ليس شكوى وإنما الظروف التي كنت فيها..
(8/302)
أحمد بن بيلا: يا أخي، أنا ما أتكلمش في هذا بكل صراحة وما أشوف بإن يعني مفيد أنا على أن أتكلم في هذه الأشياء بكل صراحة، هذا كله أرجعه لله على كل حال، وأنا قلت لك يا أخي اللي وقع إذا أنا غلطت فأنا دفعت الثمن، ولو هم غلطوا الله يسامح لهم يا أخي، وبكل إخلاص..
أحمد منصور: سمحوا لك أن تحضر جنازة والدتك؟
أحمد بن بيلا: لأ.
أحمد منصور: طلبت أن نحضر جنازتها؟
أحمد بن بيلا: لأ، لأن طلعوني بعدين يعني بعد اللي توفت.
أحمد منصور: كيف قضيت سنوات الزواج السبع والنصف في السجن؟
أحمد بن بيلا: قضيت الزواج هو..
أحمد منصور: حياتك تغيرت بعد الزواج؟
أحمد بن بيلا: تغيرت تماماً من الناحية المعنوية بكل صراحة ولو فيها إنسان أتكلم معاه.
أحمد منصور: وهذه المعارضة أصبحت مؤيدة لك؟
أحمد بن بيلا: مش غير مؤيدة أكتر من مؤيدة، والحمد لله يعني هذا وأصبحت يعني حياة أخرى والحمد لله.
الإفراج عن بن بيلا وخروجه من السجن
أحمد منصور: خرجت من السجن في عام 1981، كيف بُلِّغت بالخروج بقرار الإفراج عنك؟
أحمد بن بيلا: بُلغت من طرف العقيد بلهوشات زارني.. يزورني من حين إلى حين يعني رئيس المنطقة، كل شهرين 3 شهور كده يجي مخصوص فيه حاجة بتاع نتكلم ونشربو قهوة ربما، فجاءني كالعادة قال لي الأخ العقيد عايز يشوفك ويشرب معاك قهوة، قلت لهم: يتفضل، لسه معايا 2 دقايق قال لي يا أحمد، الفرج، حضر نفسك هتمشي لإقامة إجبارية في بسيلا، بسيلا بلاد مسقط رأس زهرة، مشيت أجري حتى أشوف زهرة قلت لها: حضري نفسك، كيف نحضر؟ قلت لها ماشيين...
أحمد منصور: كان بومدين مات طبعاً.
أحمد بن بيلا: كان مات طبعاً.. كان مات طبعاً
أحمد منصور: سنة 79، أنت لما..
أحمد بن بيلا: هذا.. هذا في وقت الشاذلي بن جديد.
أحمد منصور: آه طبعاً، كيف تلقيت خبر موت بومدين؟
أحمد بن بيلا: يعني خبر بعدين يعني ما طلعش في البداية الحقيقة يعني..
(8/303)
أحمد منصور: توقعت إن موت بومدين معناه الإفراج عنك وخروجك من السجن؟
أحمد بن بيلا: ما كنتش متأكد من هذا بكل صراحة.
أحمد منصور: كنت تتوقع أن تبقى في السجن إلى النهاية؟
أحمد بن بيلا: ما أعرفش، الحقيقة ما كانش.. ما كانش مؤشرات يعني على أن نخرج من السجن بالخصوص في ذلك الوقت يعني كان مؤشرات لا.
أحمد منصور: لا أريد أن يعني أغوص كثيراً وأنت بترفض الغوص الكثير، ولكن حينما بلغك نبأ موت بومدين الرجل الذي يعني كان لك دور كبير في.. في.. في صناعته كما يُقال وهو الذي وضعك في السجن، كيف كان شعورك؟
أحمد بن بيلا: شعوري إنا لله وإنا إليه راجعون يا أخي، شعوري أنا مسلم.
أحمد منصور: لا تشعر بأي حقد أو نقمة على هؤلاء؟
أحمد بن بيلا: لا والله، لأ، وبالخصوص أنا.. أنا يعني أنا متأكد وعندي معلومات بأن ما كانش.. ما كانش سبَّاق في مسألة الانقلاب بعدين بالطبع ولكن ما كانش من البداية أو.. ما كانش على كل حال.
أحمد منصور: أنت لا تريد أن تكشف من السباقون.
أحمد بن بيلا: يا أخي السباقون عند الله مكشوفون يكفي يعني.. على كل حال أنا مش في القبور ومش في..
أحمد منصور: وفي بعض الكتب، بعد انتقالك من عملية الإقامة الجبرية ذهبت للإقامة الجبرية من..
أحمد بن بيلا: في.. في
أحمد منصور: حسيت إن دي بداية انفراج وخروج لك من..؟
أحمد بن بيلا: يعني حتى الإقامة الجبرية يا أخي كانت.. كانت محصور.. كان في الجيش يعني وأنا في نفس البيت اللي أنا فيه فيه جيش يعني اللي حاصر البلاد واللي كان عندي حق من حين لحين نخرج حتى في البداية كنا نمشي، طبعاً معايا يعني حراسة واتنين وإشي ولكن نمشي فين، لا أريد نمشي فين يعني في داخل المدينة.
أحمد منصور: أحببت أن تقوم بدور سياسي بعد الإفراج عنك؟
أحمد بن بيلا: لأ..
أحمد منصور: لكنك سعيت لإقامة حزب في الجزائر.
أحمد بن بيلا: بعدين هذا جاء أتي من بعد، بعدين أتي..
(8/304)
أحمد منصور: شعرت إن أفكارك السياسية تغيرت؟
أحمد بن بيلا: لأ، ما تغيرتش أنا أفكاري السياسية، يعني تعمقت لأنها 15 سنة كانت الفرصة على أن أطلع على أن.. أقرأ وعلى أن أبحث على أن أتأمل كذلك بكل صراحة.
رؤية بن بيلا لمستقبل الجزائر
أحمد منصور: كيف تنظر الآن لمستقبل الجزائر؟
أحمد بن بيلا: أنظر بأن البلاد فيها مقدرات هائلة وقارة مليونين و400 ألف كيلو متر مربع، 30 مليون أو 32 مليون نسمة كانت 7 ملايين في وقتي، قارة مملؤة بالمقدرات ولكن هنا يكمن المشكل، لأنك تكون عند مقدرات ثم اللي يطلعوا مشاكل مع الغرب ومع النظام العالمي، بترول، غاز، فوسفات، وأشياء أخرى حتى ذهب اليوم وحتى ماس وحتى وحتى، وشعب عظيم له يعني.. يجد من يقوده شعب عظيم بكل صراحة وأنا أفتخر بهذا الشعب.. رائع.
أحمد منصور: هل يمكن للأزمة أن تجد حلاً؟
أحمد بن بيلا: إن شاء الله، إن شاء الله إحنا في طريق الحل إن شاء الله، العنف ابتدأ يتلاشى بكل صراحة، المدن الكبيرة والصغيرة تقريباً ما فيه...
أحمد منصور: في نهاية هذه الشهادة المطولة ما هي كلمتك الأخيرة للمشاهد؟
أحمد بن بيلا: الأخيرة هي أنا كلي أمل بأن الجزائر تخرج -إن شاء الله- من الأزمة اللي تعاني منها وترجع للصف العربي الإسلامي وتقوم بدورها الطبيعي وهو دور عظيم داخل هذا.. هذا المنظومة العربية الإسلامية وترجع لتاريخها، وتؤدي واجبها، ودوري هو أن فقط أتمنى الأزمة هذه تنتهي وأرجع لبلادي مغنية وأشرب فيها قهوة وهذا عندي أعظم من باريس ولندن والعالم ككل، هذا المسقط رأسي اللي عشت فيه وكبرت فيه واللي نعتز به ونشوف بلادي بس يعني خرجت من هذه الأزمة، وليش يبقى.. يبقى لله يا أخي.
(8/305)
وأنا ما عنديش مرارة ما عنديش حقد أتمنى الخير، وبالذات اللي وقع ليَّ من إخواني وما أنا أصبحت في جنبهم أنا في جنب الأخ عبد العزيز بكل صراحة، أنا كان الأمر أتمنى الخير يعني وأعين للوجه اللي فيه الخير، أما مسألتي واللي وقع إلى آخره فإذا أنا غلطت أنا دفعت الثمن والله، وإذا هم غلطوا الله يسامحهم.
أحمد منصور: سيادة الرئيس أشكرك.
أحمد بن بيلا: شكراً لك.
أحمد منصور: أرهقتك على مدى الأيام الماضية.
أحمد بن بيلا: لا والله ما أرهقتنيش بالعكس يعني عشت معاك الأيام العظيمة رجعتني للفيلم بتاع حياتي كله معك، كأن وجدت نفسي من جديد صغرت من جديد.
أحمد منصور: أنا أشكرك، قضيت عامين في محاولة لإقناعك.
أحمد بن بيلا: أي نعم، كنت متردد لأن..
أحمد منصور: وكنت متردداً..
أحمد بن بيلا: كنا ناخد عليكم أشياء ولكن ظهرت أشياء أخرى، وظهرتوا بأن (الجزيرة) عظيمة والله بالخصوص في المحنة هذه الأخيرة بتاع سبتمبر إلى آخره، وتستحقوا بإنه نقف معاكم وندي واجبنا معاكم وحاولنا ندي واجبنا معاك هذا
أحمد منصور: تسمح لي أيضاً اشكر الآنسة مهدية بن بيلا.
أحمد بن بيلا: آه، هي اللي أقنعتني.
أحمد منصور: هي التي أقنعتك وهي التي ساعدتني على إتمام هذه المقابلة.
أحمد بن بيلا: هي نعم اللي أقنعتني، وهي كانت محقة، كانت محقة والحمد لله.
أحمد منصور: شكراً جزيلاً سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: شكراً.. شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهد جديد على العصر، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/306)
ردود الفعل على الشهادة(8/307)
الاثنين 10/11/1423هـ الموافق 13/1/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 14:37(مكة المكرمة)،11:37(غرينيتش)
ردود الفعل على شهادة أحمد بن بيلا
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد بن بيلا: الرئيس الجزائري الأسبق
تاريخ الحلقة
08/01/2002
- ردود الأفعال تجاه اتهام بن بيلا عبان رمضان بالخيانة
- مرجعية الثورة الجزائرية بين مؤتمر الصمام ووثيقة الأول من نوفمبر
- اتهام بن بيلا بالخيانة بسبب مساعيه للمصالحة الوطنية
- حقيقة علاقة بن بيلا بالإسلاميين
- شهادة بن بيلا وضرورة كتابة تاريخ الجزائر من جديد
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود).
حيث أقدمها لكم من العاصمة البريطانية لندن التي كستها الثلوج اليوم بحلة بيضاء لم تشهدها منذ عدة سنوات.(8/308)
عاصفة من الصراع السياسي والجدل التاريخي تعيشها الجزائر منذ أن بدأنا بث شهادة الرئيس أحمد بن بيلا (أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال) على شاشة قناة (الجزيرة) عبر برنامج (شاهد على العصر) على مدى الأسابيع الثلاثة عشر الماضية فشهادة بن بيلا على ثورة الجزائر فتحت كثيراً من الملفات، فكُتبت عشرات المقالات في الصحف الجزائرية والعربية حولها وعقدت ندوات عديدة ما بين مؤيدين ومعارضين طالب الكثيرون خلالها بإعادة كتابة تاريخ الثورة الجزائرية من جديد، ولازلت أذكر في هذا الصدد لقائي الأول مع الرئيس أحمد بن بيلا في جنيف صيف العام 98، حيث جلست معه عدة ساعات في محاولة يائسة لإقناعه بتسجيل شهادته، لكنه قال لي في النهاية آنذاك إن ما لدي من حقائق سوف يقلب كثيراً من الأمور رأساً على عقب، ولذلك فأنا أفضل الصمت إلى حين، لكني لم أتوقف عن ملاحقته والاتصال الدائم معه طيلة ما يقرب من أربع سنوات، حتى أبلغني مدير قناة (الجزيرة) الأستاذ محمد جاسم العلي قرب نهاية العام قبل الماضي، بأن الرئيس بن بيلا قد وافق على تسجيل شهادته، وأذكر هنا الدور الذي لعبته ابنته الآنسة مهدية، سواء في إقناعه بضرورة تسجيل شهادته أو مساعدتنا في التنسيق، حتى إتمام تسجيل الحلقات التي سجلتها خلال شهري فبراير ومارس من العام الماضي في جنيف على مدى ثلاثة أسابيع، ولعلي بذلك أكون قد أجبت على كثير من التساؤلات التي وصلتني من كثير من المشاهدين حول هذه الأشياء.
وفي حلقة اليوم من برنامج (بلا حدود) نفتح ملف العواصف والصراعات السياسية التي أثارها الرئيس بن بيلا في شهادته، آملين أن يكون هذا تماماً للشهادة وتوضيحاً ورداً على كثير مما أثير حولها، ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على: 004420758701560
أما رقم الفاكس فهو: 00442077930979
أو عبر موقعنا على شبكة الإنترنت:www.aljazeera.net
(8/309)
وسوف تظهر هذه الأرقام تباعاً على الشاشة، سيادة الرئيس.. مرحباً بك.
أحمد بن بيلا: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: هل أدهشتك ردود الأفعال والعواصف التي أثارتها شهادتك على العصر أم كنت تتوقعها؟
أحمد بن بيلا: كنت أتوقعها، لأن منذ.. منذ فترة تراكمت بعض الاتجاهات المخطئة وتراكمت وخدت حجم كبير، وربما كان هذا من الأشياء اللي خلاني أتردد، يعني في البداية على أن أدلي ببعض الكلام في الثورة الجزائرية لأن وبكل صراحة، يعني الثورة الجزائرية الآن مازالت يعني مكشوفة، مازالت يعني ولا فيه كتاب واحد أتى بشيء اللي يعني يُطمأن له.
أحمد منصور: يعني لازالت هناك خفايا كثيرة لم تذكر حتى اليوم.
أحمد بن بيلا: كثيرة جداً جداً، وأنا في رأيي، يعني تاريخ الثورة الجزائرية لازال لا يكتب إلى.. إلى هذا الحين.
أحمد منصور: لكن هناك أشياء كثيرة رفضت الحديث عنها..
أحمد بن بيلا: وفيه أشياء..
أحمد منصور: ما هي أسباب ذلك؟
ردود الأفعال تجاه اتهام بن بيلا عبان رمضان بالخيانة
أحمد بن بيلا: وفيه أشياء اللي تبقى ما بيني وبين الله، لأنه شوف مش لصالح لا الجزائر ولا على أن أدلى بها فيه أشياء اللي يعني مازال ما أتكلم فيها ما فيش يعني..
أحمد منصور: تتعلق بأي شيء؟
أحمد بن بيلا: متعلقة بأشياء كثيرة اللي.. اللي أشوف مثلاً.. مثلاً بكل صراحة، أنا كيف.. مثلاً تكلمنا على سرد اللي وقع في الثورة واتكلمت لك على ثلاثة إخوان أتوا لـ(سان ريمو).. منهم الأخ بن خدة، وصالح الونشي، وتمام تمام هادو كلهم من تيار اسمه Centralist يعني..
أحمد منصور: المركزيون.
أحمد بن بيلا: المركزيون، اللي كانت فرنسا قبضت عليهم في البداية، وبعدين بعد ست شهور.. سبع أشهر، ما عندهمش يد في.. في هذا الثورة ودا..
أحمد منصور: كانت فرنسا تعتقد أنهم متورطون..
(8/310)
أحمد بن بيلا: ودخلت معهم في.. في اتصالات وهم في السجن، ففي نهاية هذا العمل أتوا ثلاثة من اللجنة المركزية، أنا كنت تكلمت معاك وقلت لك أتوا..
أحمد منصور: كنت في القاهرة.
أحمد بن بيلا: كانوا.. كنت في القاهرة.
أحمد منصور: وهم طلبوا أن يلتقوا معك.
أحمد بن بيلا: أيوه، أراك اتذكرت مع الأخ خيضر -رحمه الله- دا راجل فاضل.
أحمد منصور: محمد خيضر نعم..
أحمد بن بيلا: رجل فاضل، ولكن كان يعيش في القصبة ويعرفوه أكثر مني، وربما كانوا يرتاحوا له أكثر مني.
أحمد منصور: فلم ترسلوا خيضر وذهبت أنت.
أحمد بن بيلا: لا، لأننا اجتمعنا كلنا، اجتمعنا بوضياف ومحساس وأنا وكان معانا بلمهيدي أظن في ذلك الوقت، وقرروا بأن أنا اللي أمشي، لأن هم طالبين.. جايين طالبين بشيء، مش هم اللي يختاروا إحنا اللي نختار من.. من يمثلنا في هذا اللقاء وبالخصوص الجماعة بتاع اللجنة المركزية، لأننا ما كانوش هم.. كانوا ضد.. ها الحقيقة، كانوا ضد، وعملوا وهذا اللي ما سردتوش كلهم.
أحمد منصور: لكن بلعيد عبد السلام قال: نحن لم نكن ضد ولكن دخلنا في الوقت المناسب.
أحمد بن بيلا: يا أخي، رجل فاضل هذا كذلك، وأنا أحترمه وكان مناضل معايا، والتلاتة هادول مناضلين وأحترمهم بكل صراحة، أحترمهم لأنهم.. عندهم ضعف..، يعني منهم بالذات الأخ بن خدة، ممكن يأخذ كتير على..
أحمد منصور: دا أنت بهدلت بن خدة!
أحمد بن بيلا: لا في اتجاه.. في اتجاه سياسي نخسره، مش في خلقياته، لليوم الرجل مثلاً ما أدخلش في العمليات بتاع الوسخة بتاع الرشاوي اللي.. اللي لطخت يعني الحكم بكل صراحة، يعني أنت تجد القليل من اللي دخلوا في حزب الشعب ولو كنا مش متفرقين في المشارب يعني في الاتجاهات وبالذات مثلاً مع بن خدة، لكن في نفس الوقت يعني مش ممكن تؤخذ عليهم أي شيء فيما يخص هذا الأشياء، خارجين من هذا..
أحمد منصور: ما الذي كنت تريد أن تقوله بخصوص الثلاثة؟
(8/311)
أحمد بن بيلا: بخصوص هو اتجاهاته كان ضد الثورة..
أحمد منصور: كان بن خدة..
أحمد بن بيلا: كان بن خدة، وكان صالح الونشي، وكان تمام ... هادول تلاتة من هذا التيار المعروف بالمركزيين، اللي كانوا ضد مصال الحاج..، طلبوا يشوفونا في (سان ريمو) وطلبوا بالذات الأخ خيضر، اجتمعنا إحنا وقرروا أنا نمشي لهم ومشيت وشفتهم وهم..
أحمد منصور: هم ذهلوا لما رأوك؟
أحمد بن بيلا: نعم؟
أحمد منصور: حسوا بصدمة؟
أحمد بن بيلا: صح.. صح، صح ما كانوش ينتظروني، كانوا ينتظروا خيضر طبعاً، فهم اللي اعترفوا بأنه كانت لهم اتصالات مع الحكومة الفرنسية، والحكومة الفرنسية يعني قالت لهم: كونوا حزب ونتفاوض معاكم لأن ما فيش تفاوض مع جبهة التحرير ولا.. ولا يقع تفاوض إلى الأبد، وسمعت على كل ها الإخوان ولا واجهتم بكلام حاد أول شيء سمعت منهم، لكن في النهاية قلت لهم: معناها أنتم تعرضوا إلينا شيء اللي هم دائماً يعني يفتشوا عليه وهي هذا الخط التالت troisieme ما.. وتجسدت فيكم، أنتم اللي كنتم ضد أول نظام، معناها نسلموا لكم يعني إحنا يعني..
أحمد منصور: يعني كانت فرنسا تريد أن تصنع حزب وتتفاوض مع هذا الحزب وتسلمه الحكم؟
أحمد بن بيلا: طلبت منهم هذا بالذات وتتفاوض معاهم، وقالت ولا جبهة التحرير أبداً ولا يعني، وإحنا كنا.. بعدين أما اتصلوا فينا.. بعدين جينا يعني اتصلوا فينا وصلنا تقريباً لصيغة يعني بتاع حل، في الوقت اللي وقعت مسألة.. مسألة الطائرة اللي قبضتنا.
أحمد منصور: نعم.. 56.
أحمد بن بيلا: لك سبع شهور وإحنا في مفاوضات ووصلنا لحل.. الحل اللي كان في النهاية في النهاية، بعدين يعني وقع.. وقع استفتاء والجزائر استقلت، بنفس الحل تقريباً كان يعني من 56..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن ما هي علاقة هذا الحادث..
أحمد بن بيلا: لو سمحت..
أحمد منصور: بما ذكرته بعبان رمضان؟
(8/312)
أحمد بن بيلا: أنا جاي.. ذكرته.. الفرق هو إني ما قلت لكش كلمة، وهو أنا سألتهم بعدين، بعض اللي رفض..، قلت لهم لكن اسمحوا لي من اللي.. يعني عندي عبان هذا.. على هذا معكم فاتفقوا جميعاً، عبان هو اللي أرسلنا نحن.. هذا الكلام ما قلته لكش أنا في المرة الأولى.
أحمد منصور: هو الذي أرسلهم؟
أحمد بن بيلا: هو اللي أرسل.. هو اللي.. هو اللي أرسلهم، وهذا كلامهم..
أحمد منصور: وهذا اللي بيدفعك على الإصرار على اتهامه بالخيانة؟
أحمد بن بيلا: أي نعم.. وما قلتش.. وما اتكلمتش في الحلقة اللي.. اللي تكلمت فيها المرة الأولى ما اتكلمتش على، بيش ما نثيرش هذا.. هذه الحساسية..
أحمد منصور: أنت لازالت على موقفك فيما يتعلق باتهام عبان رمضان بالخيانة؟
أحمد بن بيلا: أنا مازال نقول إذا ارتكب شيء خطير جداً، من النوع اللي.. اللي.. لحد الخيانة وإلى آخره، لكن أنا نقول اللي الرجل هذا أولا ما كانش مع الرجال الأساسيين ما كانش (...) ولا مرة كان (....) لأن أنا اللي مشيت شفته (...) وكان أمين عام بتاع (كونوليست).. مش بتاع (...) وإديت له مسؤولية في الولاية سياسية، فيه.. بتاع بجاية.. بتاع بجاية أنا اللي شفته.. أنا اللي خرجته.
أحمد منصور: هناك ردود كثيرة عليك سأطرحها بعد.. الفاصل القصير.
أحمد بن بيلا: ولهذا.. لهذا..
أحمد منصور: هناك آية أحمد رد عليك
أحمد بن بيلا: أنا إديت لك..
أحمد منصور: هناك يعني كثيرون ردوا عليك..
أحمد بن بيلا: أنا إديت لك هذا بالذات يعني نموذج بالأشياء اللي قلت لك تبقى خافية إلى الأبد، في المرة الأولى، لكن اليوم أسردها.. اليوم أسردها
أحمد منصور: يعني اليوم أنت تؤكد بأن..
أحمد بن بيلا: صار بها..
أحمد منصور: عبان هو الذي أرسل الثلاثة عن طريق اتفاق مع الفرنسيين؟
(8/313)
أحمد بن بيلا: هو اللي أرسلهم، يعني كان.. كان متصل مع الحكومة الفرنسية بصفة ربما غير مباشرة، ولكن كان متصل هو اللي أرسلهم وهو اللي اقترح عليها..
أحمد منصور: هذا الذي دفع -كما قال الأخضر بن طوبال في شهادته- إلى أن يقوموا باستدراجه وإعدامه في المغرب بعد ذلك، ثم أن يكتبوا المانشيت الرئيسي لصحيفة "المجاهدين" بأنه استشهد في ساحة المعركة.
أحمد بن بيلا: .. طبعاً هذا شيء.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: في 11 نوفمبر الماضي نشرت صحيفة "الأحرار" وصحيفة "الخبر اليوم" الجزائرية وصحيفة "الفجر" تصريحات لرفيق دربك حسين آية أحمد يشيد بدور عبان رمضان السياسي ويرد على اتهاماتك فيما يتعلق به وفيما يتعلق بمؤتمر الصمام، هل لديك تعليق على ما ذكره؟
أحمد بن بيلا: أنا قرأت كذلك مقال الأخ آية أحمد وأحترم الرجل على كل حال هذا رأيي، لكن ما كنتش انتظر منه شيء آخر الحقيقة يعني، من قبل هو كان مع مؤتمر الصمام، يعني هذا شيء غير جديد بالنسبة إليَّ يعني..
مرجعية الثورة الجزائرية بين مؤتمر الصمام ووثيقة الأول من نوفمبر
(8/314)
أحمد منصور: مؤتمر الصمام يُنظر له إلى اليوم على أنه يعني المؤتمر الذي وضع الأسس لاستقلال الجزائر، حتى أن وزيرة.. الناطقة الرسمية باسم الحكومة الجزائرية وزيرة الاتصال السيدة خليدة تومي حينما سُئلت في 6 نوفمبر الماضي، نقلت عنها معظم الصحف الجزائرية تصريحات قالت فيها: "ليس لدي تعليق على التصريحات التي أدلى بها الرئيس السابق بن بيلا لقناة (الجزيرة) والتي وصف فيها الشهيد عبان رمضان (بالخائن) -بين قوسين- واعتبر مؤتمر الصمام انحرافاً عن مسار ثورة الفاتح من نوفمب"ر، وفي ندوة صحفية حرصت السيدة تومي على التأكيد في أن ما صرح به بن بيلا يندرج ضمن حرية التعبير، فالجزائريون أحرار، وحرية التعبير مضمونة، لكنها أكدت قناعتها من أن التاريخ الجدي يكتبه المختصون، ورأت أن مؤتمر الصمام، ودي نقطة مهمة لأنها بتعبر عن وجهة النظر الرسمية للحكومة الجزائرية الآن، أن مؤتمر الصمام كان المؤتمر التأسيسي لجمهوريتنا وهو الذي أعطى البرنامج الذي يعد سلاح ثورتنا، ونحن نتبناه. هذا الموقف الرسمي عبرت عنه وزيرة الاتصالات، تحدثنا معها للمشاركة في البرنامج، لكن وصلنا اعتذار رسمي مكتوب منها أنها خارج البلاد.
أحمد بن بيلا: أولاً: أنا مرتاح على أن الأخت هذه تشارك في حكومة رسمياً يعني الهدف بتاعه هو الوئام الوطني الوئام الوطني.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مرتاح أم غير مرتاح؟
(8/315)
أحمد بن بيلا: مرتاح، لأن هي تشارك في حكومة سياستها، منهجها هو الوئام الوطني، اللي أنا أنادي له كذلك، لكن كلامها هذا أنا عندي جواب، حين تتكلم بأن هذا الوثيقة هي الوثيقة ما بتتكلمش الفرنساوية هي الـ (....) يعني اللي كون.. يعني.. يعني الحكم صيغة الحكم في الجزائر هذا خطأ، هذا غلط وهأبين ليه غلط، إحنا عندنا ورقة واحدة هي اللي هي تتأسس.. تأسس عليها الحكومة والأدوات الحكومية في البلاد لأن هذا فكرنا فيه في ذلك الوقت وأشرنا له، أيه اللي أشرنا؟ أشرنا بأن المؤسسات الدولية بتاعة اللي تطلع في الجزائر لازم لا تتناقض مع القيم الإسلامية.. القيم الإسلامية، أنا أعتبر (feuille) يعني ورقة فيه فكرة اللي هي.. هي اللي تأسس الأدوات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت هنا بتنفي إن مؤتمر الصمام إنه هو يعتبر المرجعية للجمهورية الجزائرية؟
أحمد بن بيلا: هو إن هذا.. هذا المؤتمر فيه ستة اجتمعوا يا أخي، الستة اجتمعوا هذا المؤتمر اللي بنتغنى به.. ستة بتاع..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أمَّال أيه المرجعية للثورة الجزائرية؟
أحمد بن بيلا: سامحني.. سامحني.. سامحني، نزيد حاجة، هذا المؤتمر اللي تلاه اجتماعاً للجنة الثورية الوطنية للثورة الجزائرية في القاهرة سنة بعدين، ما كانوش ستة مثلاً، كانوا 70 أو80.
أحمد منصور: 57.
أحمد بن بيلا: آه 57، لكن كان موجود حتى..
أحمد منصور: كانوا 57 واحد.
أحمد بن بيلا: كان موجود حتى عبان فيها وتنكروا لها.. هذه الكلمة بالذات.
أحمد منصور: تنكروا لمؤتمر الصمام؟
أحمد بن بيلا: تنكروا نعم.. تنكروا..
أحمد منصور: وتنكروا أن يكون الصمام المرجعية؟
أحمد بن بيلا: وتنكروا.. تنكروا أن يكون.. يكون يكون فرق ما بين المدني والعسكري وما بين الداخل والخارج، أما فيما يخص يعني الإسلام يا أخي، لهذا المؤتمر ولكل المؤتمرات واللي تسوي الوثيقة اللي اندلعت على أساسها الثورة..
(8/316)
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي هذه الوثيقة؟
أحمد بن بيلا: أول نوفمبر.. أول نوفمبر.. البداية بتاع أول نوفمبر.
أحمد منصور: أنت تعتبر وثيقة أول نوفمبر هي المرجعية للثورة؟
أحمد بن بيلا: هي.. هي أهم، هي أهم مرجعية لكل ما طلع بعدين، المرجعية الوثيقة بتاع..
أحمد منصور: لكن أنتم لما انطلقتم في أول نوفمبر ما كانش معاكم المركزيين وكثير من الضباط اللي بيحكموا الجزائر اليوم أيضاً كانوا لازالوا بجيش فرنسا.
أحمد بن بيلا: أي نعم.. تغيرت، وهذا كلام آخر، على كل حال ما بقاش، حقيقة حتى الارتباط مع المبادئ إلى آخره وقع شيء آخر، ولو.. ولكن أنا مع هذا أؤيد يعني سياسة الوئام الوطني، أنا مش مع الحكم بكل صراحة، يعني بيش تكون المسألة واضحة، أنا مش.. مش داخل السلطة، أنا مش مع السلطة، لكن أؤيد السياسة بتاع الوئام، أنا ما أشوفش حل.. يا أخي..
أحمد منصور: يعني أنت الآن مش متحالف مع الحكومة؟
أحمد بن بيلا: لأ مش متحالف أبداً أنا.. أنا أغلب أوقاتي أقضيها في الخارج..
أحمد منصور: لكن أنت مؤيد للحكومة.
أحمد بن بيلا: مؤيد لسياسة الوئام.
أحمد منصور: يعني لست مؤيد للحكومة وإنما لسياسة الوئام الوطني؟
أحمد بن بيلا: لا.. لأن.. لأن مش داخلها يا أخي ولا يستشيروني في هذا، مع هذا.. مع هذا أنا أعتبر بأن فيه بعض الأشياء داخل الحكومة اللي إيجابية تماماً إلى آخره، مثلاً: السياسة الزراعية مثلاً، وفيه إجماع اليوم بأن السياسة الزراعية مش هذه فقط، في.. ويسمحوا لي الوزراء الآخرين، إذا يعني ما نعددهم كلهم لأنه فيه كذلك وزراء آخرين كلهم..
أحمد منصور: يعني أنت الآن بترد على وزيرة الاتصالات.
أحمد بن بيلا: أنا أرد عليها..
احمد منصور: كناطقة رسمية باسم الحكومة الجزائرية..
أحمد بن بيلا: على.. على
أحمد منصور: وتقول لها أن المرجعية الأساسية للجمهورية الجزائرية هي وثيقة الأول من نوفمبر وليس مؤتمر الصمام.
(8/317)
أحمد بن بيلا: ولكن فيه أشياء أخرى وهو شهادة الدم اللي سال، إحنا من.. من.. إحنا في..
أحمد منصور: لأ، كشيء مكتوب سيادة الرئيس.
أحمد بن بيلا: سامحني.. سامحني نجاوبك وما تقاطعنيش، لأن هذا مهم جداً ثقني والله، هو تاريخ الجزائر بيُكتب بالدم تاريخ الجزائر فيه.. فيه مش تاريخ واحد، فيه حملات يعني أعمال تحررية كل15 سنة منذ.. منذ البداية، منذ.. منذ الاستعمار.
أحمد منصور: منذ 1860
أحمد بن بيلا: إذن هو الأمير..
أحمد منصور: 30 عفواً، 1830..
أحمد بن بيلا: الأمير عبد القاد من زاوية من زاوية، زاوية وهي مسألة دينية وهو الإسلام وبعدين ولاد سيدي الشيخ عندنا.. ولاد سيدي زاوية، ولاد سيدي الشيخ لمدة عشرين سنة تحارب فرنسا وأبو عمامة وهذا معروف إلى آخره، ثم (....) والشيخ بوزيان والزاوية بتاعه ثم (...) في بلاد القبائل المقراني والشيخ بلحداد بالخصوص اللي كان هو كان روح الثورة، اللي كادت تجر فرنسا بره، فبلاد القبائل هادول كلهم أساس عملهم هو.. هو الإسلام، والإسلام يا أخي ولا.. ولا بلد عربي تكلَّب عليها، تكلَّب على الإسلام الغربي، وعلى الإسلام بالذات في الجزائر، إحنا أرادوا نصبح ورقة بيضاء يكتبوا من جديد علينا، الإسلام هو اللي خرَّج فرنسا مش أنا، سبع ملايين وخمسمائة ألف جزائري ماتت، هذه بشهادة المؤرخين الفرنساويين هات (تكسفون داتور)، هات (تكسفون داتور) اللي يقضي بأن الإسلام واللي كان محرك هو الرفيع، هو اللي خرج فرنسا من.. يا أخي لما تسألني قل لي أيش اللي.. ما نقول لك أنا مسلم والله ثم أنا عربي، معناها أنا عربي متعرب أمازيغي متعرب، جزائري.
[موجز الأخبار]
أحمد منصور: سيادة الرئيس، في جملة أوجملتين، الآن أنت نسفت ما قالته خليدة تومي وزير الاتصالات والناطقة الرسمية باسم الحكومة الجزائرية من أن مؤتمر الصمام هو المرجعية الأساسية للثورة، باختصار: ما هي المرجعية الأساسية للثورة؟
(8/318)
أحمد بن بيلا: باختصار مرجعية أول نوفمبر.. الوثيقة بتاع أول نوفمبر التي تقضي بأن الأدوات والدولة الجزائرية لازم تتكون بغير ما تكون متناقضة مع التعاليم الإسلامية.
أحمد منصور: في موضوع عبان رمضان أثيرت كثير من الأشياء اسمح لي أستعرض بعضها بشكل سريع، الأخضر بن طوبال يوم الأحد 15 ديسمبر نشرت مجلة "الخبر" تحقيق أو تصريح كامل له كشف فيه عن أسباب وهو أحد الذين شاركوا في تخطيط لمقتل عبان رمضان، قال: إن عبان رمضان بطل ولكنه استحق القتل لأنه ديكتاتور وسرد كيفية مقتل عبان رمضان وأنهم اتفقوا على أن يحاكموه، يقبضوا عليه ويحاكموه، ولكن الآخرين أخذوه وقتلوه.
لويزة حنون (رئيسة حزب العمال الجزائري) حاولنا إشراكها معنا في الحلقة واعتذرت لسفرها عقدت مؤتمراً صحفياً في 25 ديسمبر الماضي نقلته صحيفة "الشروق" الجزائرية بتاريخ 26 قالت فيه: إن التصريحات الأخيرة للرئيس بن بيلا مفزعة وخطيرة جداً، وإن الذين يتم الحديث عنهم موتى والجزائر في وضع خطير والأولوية اليوم هي إخراج البلاد من المأزق بدلاً من أن نقوم بإشعال نار الفتنة التي هي مشتعلة منذ مدة.
رضا مالك (رئيس وزراء سابق)، بعد وصفك لعبان رمضان بالخيانة اندلعت حرب كلامية في كثير من الندوات، وفي مؤتمر عقدته (...) في 9 نوفمبر الصحف الجزائرية نشرت مقتطفات منه في 10 نوفمبر، قال: إن أرضية مؤتمر الصمام كانت وراء توحيد المجاهدين وهيكلة جيش التحرير الوطني.
أحمد بن بيلا: أي نعم.
أحمد منصور: تقريباً كلامه نفس كلام الناطقة الرسمية باسم الحكومة فيما يتعلق بمؤتمر الصمام، بلعيد عبد السلام (رئيس الوزراء الجزائري الأسبق) دعوناه للمشاركة في البرنامج، واعتذر لسفره، أدلى بالتصريحات أيضاً لصحيفة "الفجر" نشرت في 5 نوفمبر، قال فيها: إنك لم تقل كثيراً من الأشياء، مثل أن مصال الحاج هو أول من دعا للكفاح المسلح واتهمك بأنك صنيعة الدعاية المصرية.
(8/319)
أحمد بن بيلا: بلعيد عبد السلام آه.
أحمد منصور: ما ردك على بلعيد
أحمد بن بيلا: ردي يعني أنا أحترم كثير يعني لويزة حنون، الأخ بلعيد والجماعة بتاع..
أحمد منصور: المركزيين.
أحمد بن بيلا: المركزيين يعني ورأيه.
أحمد منصور: أيه المركزيين بالضبط عشان المشاهد يفهم من غير الجزائريين؟
أحمد بن بيلا: المركزيين هم اللي.. الذين كانوا في اللجنة المركزية، اللجنة المركزية يعني بتاع الحزب في غياب..
أحمد منصور: مصال الحاج.
أحمد بن بيلا: مصال الحاج، وأنا لا ننسى بأن مصال الحاج، وأيضاً دخل السجن يعني مرة.. مرات ومرات وبعدين..
أحمد منصور: يعني هل هم سياستهم..؟
أحمد بن بيلا: أُبعد.. أُبعد إلى.. إلى الإفريقية في.. في برزافيل يعني وكان غايب لمدة، يعني الحزب تكوَّن في غيابه، أتى دم جديد إلى آخره، وأتى أشخاص بصفة عامة أصبحت اللجنة المركزية الأغلبية ضده.. ضد الاتجاه بتاعه، وفيه..
أحمد منصور: يعني موالين لفرنسا؟
أحمد بن بيلا: ها؟
أحمد منصور: موالين لفرنسا؟
أحمد بن بيلا: لأ، أنا ما نقولش موالين لفرنسا، ويمكن الخط بتاعهم كان خطير يعني، أولاً كانوا ضد أول نظام يعني، وعملوا وأنا ما رضيتش كذلك أن سيبت كثير، عملوا على ألا يقع أول نظام، .. سرداً للحقائق.. حقائق خطيرة
أحمد منصور: ليه بقت حقائق خطيرة؟
أحمد بن بيلا: يعني لأن، لأن هذا رأيي، نشوفوا ربما بذلك الوقت كان هذا خطير.. حقائق خطيرة.
أحمد منصور: كانت رؤيتهم أيه للاستقلال
أحمد بن بيلا: رؤيتهم هي ربما يعني العمل بغير.. بغير استعمال عنف، أعمال انتخاب..
أحمد منصور: طيب إذا حصلتم على الاستقلال بدون عنف مش كان كويس؟
(8/320)
أحمد بن بيلا: ولكن.. لكن يا أخي هذا.. هذا استعمار استيطاني، أخطر حتى من الاستعمار الاستيطاني في جنوب إفريقيا، يعني مليونين و500 إحنا في.. في النهاية مليونين و500 ألف مزارع في الجزائر سلطوا على الأرض، سلطوا على كل ممتلكات الأرض، ثم 850 ألف عسكري في النهاية.
أحمد منصور: فرنسيين.
أحمد بن بيلا: على ساعات سفرهم من مارسيليا في الطائرة إلى الجزائر يعني واجهة لأوروبا، يعني هذا كان ضرب من الخيال بأن نأخذ الاستقلال بالانتخابات، وقعت انتخابات إلى آخره، لكن بعدين وكسبنا يعني الانتخابات، ولكن بعدين تراجعت فرنسا .... علينا في الانتخابات الأساسية... علينا
أحمد منصور: هنا ردك أيه على أن مصال الحاج هو أول من دعا للكفاح المسلح؟
أحمد بن بيلا: مصال الحاج كان رجل ثوري بكل صراحة، وأنا ولا مرة يعني قدحت فيه بكل.. أنا أعرفه كويس رجل ثوري، ولكن ماقضَّاش كما ينبغي الوقت بتاع الثورة، ما كانش حتى هو في ذلك الوقت مع العمل.
أحمد منصور: كثير من الشباب أرسلوا لي على الإنترنت الجزائريين، قالوا إحنا فوجئنا إن فيه واحد اسمه مصال الحاج مغفل تماماً من تاريخ الجزائر، هل تعتقد إن الرجل لم يأخذ حقه في صياغة التاريخ..؟
أحمد بن بيلا: أنا أعتبر إنه ما.. ما خدش حقه، لأنه هو اللي كون هذه الممارسة العظيمة اللي حررت الجزائر، وحزب الشعب والجماعة اللي في حزب الشعب، هم اللي عملوا، وما فيش واحد خارج الحزب اللي كونه مصال في أول نوفمبر واحد غير المناضلين داخل الحزب اللي كونه مصال، ارتكب غلطات ارتكب، وبالذات الغلطة بتاع أول نوفمبر ما كانش متفق، وبيني وبينك عاوز ما كلمتكش أنا عن المحاولة اللي حاولت أنا نخطفوه من فرنسا، نهربوه..
أحمد منصور: أرملة..
(8/321)
أحمد بن بيلا: أنا ما كلمتكش فيها والله، وفي النهاية هو.. رفض، أنا.. أنا حضرت كله مازال باقي فيه.. فيه بعض الإخوان الذين كانوا على أن يشاركوا في.. في خروجه من فرنسا، مازال حياً، مثلاً (كابه)، نعطيه ...كابه هذا اللي مازال حي ..
أحمد منصور: اسمه أيه؟
أحمد بن بيلا: كابه.
أحمد منصور: كابه؟
أحمد بن بيلا: هذا أخ مناضل كبير معروف، اليوم عنده قهوة في (بلكور) في حي بلكور، ومناضل من أروع ما يكون.
أحمد منصور: كان من الجزائر؟
أحمد بن بيلا: فيه حسين كذلك اللي كان سفير في مالي، وكان بعدها سفير في.. في السويد، هذا كذلك اللي كان.. كان على أساس بيش يخرجوا مصال نحو البحر، ونخرجوه على إسبانيا، وأنا حضَّرت لاختطافه، لكن كله.. لكن يا للأسف يا للأسف رفض، قال: لازم تعرف الحزب قبل ما نعمل أي شيء.. لأننا ندخل في.. لثورة مش سهلة، ولازم ندخلوا بكل أعضائنا إلى آخره، لكن الظروف هي.. هي اللي انتصرت.. هي اللي انتصرت، الظروف في ذلك اليوم كانت مواتية للثورة، ماخدش عنده اعتبار هذا، كانت مراكش دخلت في المعمعة، تونس دخلت في المعمعة، وإحنا أصبحنا متأخرين، إحنا اللي عندنا الوسيلة اللي بيش نعمله هو، جهاز سري بتاع.. بتاع الجيش مش.. مش موجود في مراكش، موجود في تونس، دخلوا يعني العمل، لأن أخذوا أقصوا الملك من جهة، وأقصوا كذلك الحكومة حكومة (شنيق)، ودخلوا.. الشعب يدخل المعمعة بغير تنظيم كثير، وإحنا جاء عندنا.. عندنا 5 آلاف مسلح، 5 آلاف رجل داخل النظام باقين يناضلوا، وشفنا إحنا قدرنا الظروف هي اللي يقضي، مش سلاح يعني ربما يكون أقل شيء هذا ولكن ثورة تغذي نفسها، وهذا اللي وقع.
أحمد منصور: سيادة الرئيس
أحمد بن بيلا: إحنا، وهذا اللي وقع، ها اللي نأخذوه على.. على مصال الحاج، لكن رجل عظيم، وما خدش حقه معانا.
أحمد منصور: أود إن الردود قدر المستطاع تكون مختصرة، لديَّ كثير من المشاهدين، وكذلك..
(8/322)
أحمد بن بيلا: أيوه نعم.
أحمد منصور: أرملة عبان رمضان سأذكر ردها من الردود الكثيرة حول الموضوع.. قالت هي تهجمت عليك أرملة عبان، وقالت: إنك لم تكن في حقيقة الأمر إلا مجرد دمية في يد جمال عبد الناصر، بينما كان عبان يؤكد أننا لن نكون تابعين لا إلى القاهرة ولا إلى واشنطن، ولا إلى لندن..
أحمد بن بيلا: أولاً: أنا ما أجاوبهاش، لأن هي.. هي استعملت كلام وأسلوب مش أسلوب يعني ولا أشتم ولا.. ولكن اللي أجاوبها وهو أنا كنت أكبر من كوني يعني دمية في.. في أيد أي إنسان، فيما يخص حتى في جمال عبد الناصر، وعيب نخوض في عبد الناصر بأنه يعني يقود جزائريين يقود ثورة مع.. مع إخوانه إلى آخره كدمية، أنا والله بكل صراحة أنا أكبر من هذا، وجمال أكبر من هذا.
أحمد منصور: في 6 نوفمبر نشرت صحيفة "الرأي" الجزائرية أن مالك بن نبي تحدث أيضاً عن خيانة عبان رمضان قبلك، وقبل رئيس المجلس الأعلى للدولة .. علي كافي أيضاً في مذكراته اللي نشرها سنة 98، قال نفس الكلام وأثار زوبعة، هناك 91 من قادة ومجاهدي الولايتين الخامسة والسادسة أصدروا بياناً أرسلوا إليَّ صورة منه موقعين عليه، كلهم يؤيدونك في كل ما قلته في شهادتك على العصر. دول ممن تيسر تلاقيهم من بين الشخصيات عبيد مصطفى (قائد المنطقة الثانية) عُقدي عبد الغني (قائد المنطقة السياسية وأركان الحرب)، (المسؤول السياسي للقاعدة الخلفية) زواوي عبد الرحيم، 91 اسم، ونشرت الصحف الجزائرية في..
(8/323)
أحمد بن بيلا: سامحني، بودي أنا نجاوبك على هذا، لأنه مهم جداً نديها شوية وقت زيادة ربما الوقت مش كافي، اللي.. اللي ابتدأ هم الجماعة بتاع أوراس، بتاع أوراس 80 ضابط ومناضل في أوراس مجاهدين كلهم، استنكروا هذه الحملة اللي.. اللي قامت ضدي، وأوراس بكل صراحة هو.. هي الجهة اللي تحملت أكثر من أي جهة أخرى هذا الثورة، ولولا أوراس صمدت من أول نوفمبر حتى لـ20 أغسطس، وتلتها الولاية الثانية ما كانت الثورة تنجح، ولهذا أوراس تبقى الفضل بتاعهم إلى الأبد كذلك على الثورة الجزائرية، وأوراس تبقى دائماً هي.. هي المسألة الأساسية في هذا الثورة، الولاية الخامسة، هذه الولاية الخامسة لازم كذلك كلمة والله، لأن.. لأن الحظ ما كانش معاها، الولاية.. الولاية الخامسة في توزيع الأسلحة اللي أتينا بها من.. من ليبيا كان عندها الحصة بتاعها، يا للأسف هذه الحصة ما إدوهاش للولاية، الولاية الخامسة بدأت بالسلاح بالبندقية بتاع صيد، عبد المالك اللي.. اللي مات رحمه الله، وزبانا اللي قطعوا رأسه إلى آخره مشوا بسلاح بتاع الصيد، والمفروض كان عندهم حصة، كان عندهم حصة كان لازم يأخذوا حصة..
أحمد منصور: بيقولوا إنك لم تعطهم سلاح.
(8/324)
أحمد بن بيلا: سامحني، اللي وزع الحصة غلط يا للأسف والحصة بتاعهم إداها لولاية أخرى، وبدءوا بغير بندقية واحدة، أكثر من هذا الحاج بن علا اللي كان هو المسؤول في ذلك الوقت كان إدى للأخ بوضياف مليونين فرنك على أن يشتري له سلاح، ولا قطع.. بدءوا بالسلاح بتاع الصيد بيش يتضامنوا مع إخوانهم في أوراس إلى آخره، هذه الخامسة، هادول اللي بعدين.. بعدين وصل السلاح، بعدين وصل السلاح، لأن إدينا أولاً السلاح لأوراس، يعني أنا.. سلاح بيني أنا كنت كل طلقة.. كل.. كل.. كل بندقية إلا.. إلا وأنا نجربوها في.. في هذاك علشان تكون صالحة إلى آخره، ما فيش قطعة واحدة جت بغيري أنا، وبالسلاح بتاعتي أنا مش بتاع أوراس، وبعدين الولاية الخامسة اللي في الحقيقة ما كانش مع الحظ.. ما خدتش قطعة واحدة في الوقت اللي كان لازم تأخذ حصتها، كان.. كان عندها حصة، إدوها لولاية أخرى، وأول نوفمبر انطلقت ببندقيات بتاع صيد، وبعدين وصل سلاح وصلناه للريف إلى آخره إدينا لهم، ولكن كان لازم نقول هذا، وكذلك نقولها حتى التهمة لأن فيه ناس اللي.. اللي.. اللي الذين لا يسعون لخير البلاد، الولاية هذه ما عملتش.. لأ الولاية هذه عطت رجال، تاريخها كله مملوء بالرجال اللي حاربوا.. حاربوا الغرب، حاربوا فرنسا، من ابتداءً بالأمير عبد القادر وبو معزة، بوعمامة ومصال الحاج بالذات، وسامحني شوية، أحمد بن بيلا، والله ها الجهة أعطت رجال، وشاركت يعني الجزائر ككل يعني، ما فيش منطقة اللي ما عملتش فيها، بما فيها..
أحمد منصور: صحيفة..
(8/325)
أحمد بن بيلا: بلاد القبائل، لكن فيه ناس اللي فرقوا ما بين هذا، الولاية الخامسة هذه اللي 90 منهم كلهم ضباط، وكلهم عندهم صيت كبير في الثورة بالإجماع كذلك انضووا لكلام الأخ أحمد بن بيلا كله على أساس، وهذا.. هذه الحملة سماهم حزب فرنسا، وأنا معهم والله هذه الناس اللي حتى تلبسوا باللائكية وبأشياء اللي أنا أعتبرها خارجة على.. على.. على النسق الجزائري اللي أساسه هو الإسلام.
أحمد منصور: صحيفة "الأهرام" نشرت -المصرية- في 16 نوفمبر تقريراً قالت فيه: أنك متمسك بالاتهامات التي وجهتها إلى عدد من قادة الثورة على رأسهم عبان رمضان، لكنك تراجعت عن تصريحات بشأن مؤتمر الصمام الذي انعقد في 25 أغسطس، وأنك أكدت أنك لم تصف هذا المؤتمر بالخيانة.
أحمد بن بيلا: لأ والله أنا ما.. أنا ما أتكلمش بالخيانة كثير، اتكلمت بأنها كانت ردَّة.
أحمد منصور: ردة.
أحمد بن بيلا: آه ردة، وردة كبيرة، بالذات (..) لشيء عظيم، هي مثلاً هذه الدولة الواحدة اللي بنتكلم عليها اللي كانت أساس الثورة والله أوراس، هذه يا أخي قد قضوا عليها، عبان قضى عليها، قضى على كل.. كل المسؤولين فيها..
أحمد منصور: بمناسبة صحيفة الأهرام..
أحمد بن بيلا: هذه.. هذه.. هذه الولاية الوحيدة اللي بفضلها نجحت الثورة، لأن لو.. لو ما نجحتش هذه الولاية، في الست شهور الأولى إلى آخره والله الثورة كانت.. كانت تقبر بكل صراحة، هذه دفعت ثمن باهظ من جرَّاء السيد عبان، لأن ما مشاش في الخط بتاعه، لأنهم ما قبلوش المقررات بتاع..، هذه شوف خطير.. هذا ممكن تنعته بأي شيء بخيانة نعم.
أحمد منصور: بمناسبة صحيفة "الأهرام"..
(8/326)
أحمد بن بيلا: القتل بتاع.. القتل.. بتاع شريط والقتل بتاع غرور، والقتال بتاع كل.. كل الرؤساء هذه الولايات، وقع من جرَّاء الصمام، نحن ولينا كنا.. نأكل في رؤوسنا والله، ولينا نأكل في رؤوسنا من جراء عبان والجماعة بتاعة وهذا الصمام، وهذا المؤتمر بتاع صمام اللي كانوا ستة، فهذا المؤتمر الكبير بتاع 6، وعقد في بلاد القبائل، وعاماً بعد اتفاق اجتمعوا معك 45 واحد في.. بما فيهم عبان، ووافق على كل المقررات ما عدا مقررات الجنود يعني العسكريين وكل المقررات الأخرى إلا وانتخبوا هو بنفسه عليها، فيه اثنين فقط اللي.. اللي.. اللي امتنعوا عن التصويت عبان والكولونيل (صافي) الإجماع، شجبوا المقررات بتاع الصمام ..
(8/327)
أحمد منصور: بمناسبة صحيفة "الأهرام" الأهرام نشرت عن مقابلتك أكثر من 5 تقارير، منها تقرير على ما يقرب من ثلثي صفحة نُشر بتاريخ 26 ديسمبر الماضي، لكن للأسف لم تذكر صحيفة "الأهرام" أن أي ذكر لقناة (الجزيرة) التي بثت البرنامج أو برنامج (شاهد على العصر)، والأهرام صحيفة عريقة وكبيرة، ومن أقدم الصحف، وهذا الأسلوب -للأسف- الذي أرجِّح أنه وراءه تصرفات شخصية يعني يقزم الأهرام، ألا تذكر المصدر الأساسي لهذه القصص التي ذكرتها 6 نوفمبر، 16 نوفمبر، 20 نوفمبر، 2 ديسمبر، 26 ديسمبر، كتبت تقارير مطولة ومقالات حول المقابلة، ولم تأتِ مطلقاً على ذكر قناة (الجزيرة)، وأقل شيء تعلمناه في صناعة الخبر أن يُذكر المصدر، وصحيفة ضخمة بعراقة "الأهرام" وقدم الأهرام ومكانة الأهرام ينبغي للقائمين على تحرير الأخبار فيها أن يترفعوا، وأن يكون لديهم الأمانة لذكر المصدر مع قرَّائهم، الصحف العالمية تذكر قناة (الجزيرة)، وقناة (الجزيرة) مصدر رئيسي للأخبار العالمية، وكل الذي تناول هذا الموضوع ذكر الأهرام، وأنا آمل من الذين يقزمون أو بعض الذين يقزمون "الأهرام" أن يكونوا كباراً مثل صحيفتهم ومثل تاريخها، وأتمنى من الأستاذ إبراهيم نافع الذي من المؤكد أنه ليس لديه علم بهذا الأمر، الذي هو رئيس مجلس إدارة الأهرام ورئيس التحرير، وكذلك نقيب الصحفيين المصريين الذين أشرف بأني واحد منهم، ورئيس اتحاد الصحفيين العرب بأن يحقق في هذا الأمر، لأن هذا الأمر المشاهد الآن والقارئ لا يمكن أن يدَّلس عليه، ولا يمكن أن يُستغفل، وبالتالي يجب لهؤلاء القائمين على صياغة الأخبار في الأهرام أن يكونوا كباراً مثل صحيفتهم، وأن يذكروا المصدر الذي ينقلون منه. فقط بشكل مهني بحت سيادة الرئيس -عفواً- أردت أن أقول هذه الملحوظة، لأن بعض المصادر الصحفية، لو كانت صحيفة صغيرة ما تعرضت لها، ولكن الأهرام.
أحمد بن بيلا: لكن الأهرام كلنا نحترمها.
(8/328)
أحمد منصور: الأهرام كل الناس تحترمها، وينبغي هي أيضاً تحترم الآخرين، وأن تحترم..
أحمد بن بيلا: نعم، وهذا كلام كله قلته بصدق..
أحمد منصور: أنت المصدر.
أحمد بن بيلا: هذا كلام أنا.. أنا أؤيده والله.
أحمد منصور: دكتور عثمان سعدي (رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية) من الجزائر، دكتور عثمان، أعتذر أخرتك كثيراً على التليفون، باختصار مداخلتك يا دكتور.
عثمان السعدي: آلو.
أحمد منصور: اتفضل يا سيدي.
عثمان السعدي: نعم، أنا عثمان سعدي.
أحمد منصور: اتفضل يا دكتور، نسمعك، ما رأيك فيما أدلى به الرئيس بن بيلا باختصار؟
عثمان السعدي: أولاً، ما أثاره الرئيس أحمد بن بيلا في برنامج (شاهد على العصر) وبخاصة في حلقته الخامسة من انحراف مؤتمر الصمام بمسار الثورة الجزائرية مهم للغاية، فقد سبق لكُتَّاب ومؤرخين أن أشاروا لهذا الانحراف، فقد تطرقت له في كتبي، وبينت ذلك، لكن أن يصدر هذا التقييم من زعيم تاريخي كبن بيلا فهذا أمر مهم.
ثانياً: كانت ردود الفعل لتصريح أحمد بن بيلا في الأوساط الثقافية والسياسية والإعلامية الجزائرية متباينة، الفرنكفونيون بصحافتهم الفرنسية الصادرة بالجزائر والممولة من أجهزة الاستخبارات الفرنسية -ولا أقول الصحافة الجزائرية الصادرة بالفرنسية- هاجموا أحمد بن بيلا، وهذا أمر طبيعي، لأنهم يمثلون اللوبي الفرنكفوني الطابور الخامس الفرنسي المتحكم في رقاب الدولة الجزائرية المنحرف بها، وهؤلاء لا يمثلون سوى 5% من.. من الرأي العام في الجزائر، على أكثر تقدير.
(8/329)
ثالثاً: أما الوطنيون، والذين يمثلون الشعب كله فقد ارتاحوا للتصريح، واعتبروه تصحيحاً للمغالطات التي شابت تاريخ الثورة، وتفسيراً لما يحدث الآن بالجزائر بعد 40 سنة من الاستقلال، ودعماً لهم في نضالهم من أجل تطهير الدولة الجزائرية من عملاء الاستعمار الفرنسي الجديد من عناصر (برميسيو لاكوست) المدنيين والعسكريين، الذين خلفهم الجنرال (ديجول) وراءه بالجزائر، والذين يحكموننا الآن، ويعملون من أجل العودة بالجزائر المليون ونصف مليون شهيد إلى ما قبل 1954، وتحقيق الجزائر الفرنسية، التي عجز الفرنسيون عن تحقيقها بالحكم المباشر طيلة قرن وثلث قرن، هو دعم للغة القرآن الكريم التي صارت غريبة في ديارها، هو دعم للإسلام الذي صار غريباً في بلد الأمير عبد القادر وعبد الحميد بن باديس، هو دعم لأنصار المدرسة الوطنية الجزائرية الأصيلة، التي وضع أسسها أحمد بن بيلا في السنتين اللتين حكم فيهما، والتي لازالت القلعة المتبقية التي تضم بين أسوارها المنيعة العروبة والإسلام والعربية، والتي يُتآمر عليها الآن منذ أبريل/نيسان 1999، وأنا أهيب بأنصار الإسلام والعروبة ولغة الضاد بالجزائر أن يتخذوا من تصريح أحمد بن بيلا نقطة انطلاق لتطهير دولتهم من عناصر الاستعمار الفرنسي الجديد.
أحمد منصور: أشكرك كتير يا أستاذ عثمان.. دكتور عثمان حتى..
عثمان السعدي: نعم؟
أحمد منصور: أشكرك حتى أتيح المجال لآخرين، لديك تعليق سيادة الرئيس على ما ذكره الدكتور عثمان سعدي؟
أحمد بن بيلا: عثمان سعدي أعرفه تماماً، وتعامل معايا في مصر قبل ما يأتي، ومن العناصر الحية الرائعة التي تعمل.. تعمل فعلا لترسخ اللغة العربية في بلادنا، وأحترم كثير الرجل هذا كثير.. كثير..
أحمد منصور: كمال بلعربي من الجزائر، اتفضل يا أخ كمال.
أحمد بن بيلا: كمال؟
أحمد منصور: كمال، انقطع الاتصال مع كمال.
(8/330)
في عددها الصادر بتاريخ 25 نوفمبر نقلت صحيفة "الخبر" الجزائرية عن الهاشمي شريف منسق الحركة الديمقراطية الاجتماعية اتهامك يا سيادة الرئيس بالخيانة، مشيراً إلى أنك بصفتك أول رئيس للجمهورية المستقلة قد وقعت على بياض في إطار إبرام صفقة مع الرئيس بوتفليقة الغرض منها إنجاح سياسة المصالحة الوطنية.
أحمد بن بيلا: أنا ما..
اتهام بن بيلا بالخيانة بسبب مساعيه للمصالحة الوطنية
أحمد منصور: ما ردك على اتهامك بالخيانة، لأنك تسعى للمصالحة الوطنية؟
أحمد بن بيلا: نعم، والله أنا.. أنا أقول للأخ هاشمي.. الهاشمي ضاقت يعني ما ينساش الماضي بتاعي، أنت ما يعرفوش هو مازال صغير، لأن الحزب الشيوعي في 3 نوفمبر، يوم 3 نوفمبر طلع بيان يندد بأول نوفمبر، في اللجنة المركزية عقد الحزب الشيوعي في 3 نوفمبر، 3 أيام من بعد هذا.. من بعد اندلاع الثورة، ويطلع بيان يتنكر بما يُسمى العنف من أي كان، معناها العنف بتاع.. بتاع الجزائر.. بتاع الجزائريين، بتاع الثوار الجزائريين هو العنف بتاع مصر.. في مصر، وما التحق به.. وما التحق بنا حزبه إلا سنة من بعد.. بعد اندلاع الثورة، وأنا أعرف بأن الحزب الشيوعي فيه مناضلين يعني نزيهين إلى آخره، ولكن كذلك آخذ عليهم بالجريدة بتاعهم هذه "اللوماتان" شوَّهت كلامي، وتواطأت مع اللائكيين، وبما أنه هو شيوعي أنا ما أنتظرش منه شيء آخر غير إنه يتنكر للإسلام.
أحمد منصور: أحمد سامح صبري طبيب من الولايات المتحدة الأميركية، يقول: بخصوص تمجيد الرئيس بن بيلا لعبد الناصر، أريد أن أسأله عن فائدة كاريزمة زعامة صاحبتها كوارث عسكرية نعاني منها إلى الآن وتحوُّل اشتراكي أفسد الاقتصاد، وتعذيب من يعارض حتى ولو بالكلام؟
(8/331)
أحمد بن بيلا: أنا كجزائري يا أخي.. كجزائري وكرجل الثورة الجزائرية مع آخرين مع إخوان آخرين أشهد بأن هذا الأرض العربية هو يا الله لو تجود علينا برجل مثل جمال عبد الناصر كل مائة سنة إلى.. لكنا بخير والله، أنا ما أنساش فضل جمال عبد الناصر ومصر علينا إلى الأبد ... أبد الآبدين، هذه أشهد كرجل شارك في.. في الثورة الجزائرية، وأزيد.. وأزيد أكثر من هذا، هذا أخونا الهاشمي اللي تكلمنا إلا القبض علينا في قضية الطائرة معناها في الـ56، والله سيدي ولا جاتنا قطعة واحدة، ولو بندقية، ولو مسدس من روسيا ولا من الصين، ولا.. إلا من العالم العربي، معناها في السنين هذه اللي.. اللي حصل مثل الموقف، إحنا كسبنا المعركة في سنتين ونصف استمرت حتى 62، ولكن في 56 وكانوا اعترف بها الفرنساويين وكانوا تناقشوا معانا يعني فيما يخص الحل السلمي لمدة 8 شهور، وقبلوا بالحل، وقعت الـ..، ولهذا.. لا، إلا ذلك الوقت، والله سيدي ولاجتنا قطعة واحدة وهذا الوقت بنشرف عليه إلا من العالم العربي وبالذات من مصر، واللي ما عندوش سلاح أعاننا مثل الشعب الليبي، الشعب الليبي يا أخي ما أنسالوش خيره أبداً إلى الأبد، أبد الآبدين.
أحمد منصور: عندي سؤال طريف من مشاهد مصري...
أحمد بن بيلا: سامحني.. سامحني معناها.. معنى السلاح لمدة سنتين ونص يعني كانت الثورة حسمت الموقف، والله ما أتتنا قطعة واحدة من دولة غير العالم العربي وبالذات من مصر أساساً، شوية من.. من سوريا، شوية من العراق، واللي ما كانش عنده سلاح إدانا فلوس والله وادونا حاجات أخرى مثل الشعب الليبي اللي أذكره وأذكره مائة ألف مرة والله لأن ماننساش خيره أبداً ما ننساش خير العرب ها اللي أعرفه أنا.
(8/332)
أحمد منصور: سيادة الرئيس، فيه سؤال طريف من مشاهد مصري اسمه سامح منير، بيقول: رغم كل ما لمسته من حديث فخامة الرئيس بن بيلا عن تقديره وإشادته بدور مصر في تحرير الجزائر، وأعتقد أن هذا شعور كل الجزائريين، لماذا كل مشاعر الحقد والعداء التي نراها من جانب الأشقاء الجزائريين في المحافل الرياضية كلما التقى فريق الكرة المصري والجزائري؟
أحمد بن بيلا: آسف على هذا.. اتأسف عليه بكل صراحة ولكن هذا لا يمنع بأن مصر هي اللي كانت في جانبنا وناصر هو اللي كان في جانبنا وادوا لنا السلاح
أحمد منصور: لكن في الكورة مابترحموش حد.
أحمد بن بيلا: تشوف والله يا أخي تشوف الأمور تغيرت.
[فاصل إعلاني]
حقيقة علاقة بن بيلا بالإسلاميين
أحمد منصور: عندي محمد الوردي خلفاوي (نائب سابق بالبرلمان الجزائري) يقول: نشكر قناة (الجزيرة) والقائمين، شكراً لك، يتهمكم الكثير بسجن العلامة الشيخ البشير الإبراهيمي وقيامكم بحل جمعية القيم ومعاداتكم للتوجه الإسلامي للجزائر محاكاة لما كان يجري في مصر، ما حقيقة ذلك؟
أحمد بن بيلا: هذا كذب سيدي، هذا كذب واضح.
أحمد منصور: أكثر من واحد سائلين حول البشير الإبراهيمي.
أحمد بن بيلا: لا.. لأن أنا ما أعرف، صعب الأشياء.. بعض الأشياء حقيقة يعني تروج لأغراض يعني غير..
أحمد منصور: يعني لم تسجنه،لم تعتقله..
أحمد بن بيلا: أبداً سيدي، أكثر من هذا نقول كلام والله، في يوم العيد أنا كان كل يعني الجزائريين كلهم المسؤولين وغير المسؤولين وحتى الشعب يجوا ويباركوا ليوم العيد إلا رجل واحد هو الشيخ البشير الإبراهيمي أنا اللي أمشي له لبيته، أنا أمشي له لبيته وأحترمه، أنا اللي شفت ابنه واقترحت عليه ياخد المسؤولية في.. في.. في يعني كسفير أو شيء إلى آخره.
أحمد منصور: اللي هو البشير.. أحمد.. أحمد طالب الإبراهيمي الذي أصبح وزير خارجية.
(8/333)
أحمد بن بيلا: هذا أحمد البشير الإبراهيمي يا أخي ها هو حي يعني يرزق يا أخي، أنا اللي اقترحت عليه أن ياخد المسؤولية وبالذات يعني في ذلك الوقت اقترحت عليه أن يكون سفير رغم ما يكون حاجة أخرى، والشيخ البشير ولا مرة أبداً يعني هذا دا كفر هذا، لأن البشير الإبراهيمي يعني نقبض عليه حقيقة أنا اللي أمشي أبارك له العيد الواحد اللي أمشي أبارك له وأنا رئيس هو يعني.. هو الشيخ البشير الإبراهيمي، وفيه شاب.. شاب من الإخوان المسلمين ولوه المسؤولية شيبان.. شيبان الرجل اللي يمثل جمعية العلماء اليوم هو اللي كان يأتي ليأخذني في السيارة ونيجي معاه عند.. عند الشيخ...
أحمد منصور: تروح تزور الشيخ في بيته.
أحمد بن بيلا: قبل ما أمشي لبيتي والله.
أحمد منصور: سيادة الرئيس، فيه نقطة مهمة أنت رغم علاقتك الوثيقة بعبد الناصر والعداء بين عبد الناصر والإخوان المسلمين إلا أنك عينت مستشارك شخص مطارد من عبد الناصر.. الدكتور توفيق الشاوي.
أحمد بن بيلا: والله شاوي والله كان مستشار ومعروف يعني باللي هو من الإخوان
أحمد منصور: دكتور توفيق الشاوي عضو هيئة تأسسية للإخوان، نعم.
أحمد بن بيلا: ثم.. ثم وأنا في القاهرة كل جمعة علشان نصلي مع الهضيبي، يا أخي..
أحمد منصور: آه قبل.. قبل ما يقع الصراع بين الإخوان وعبد الناصر في 54.
أحمد بن بيلا: قبل.. قبل ما يقع صراع نعم، يا أخي مسألة الإسلام من صغري والله، أنا سردت لك يعني..
أحمد منصور: فيه.. فيه مشاهد باعت لي يقول لي: أنك أنت في موقف لك مع.. مع عبد الناصر كنتوا بتزوروا إحدى المدارس وكان هناك طفلة اكتشفت أنها ابنة صالح أبو رقيق اللي هو كان عضو مكتب..
أحمد بن بيلا: صالح أبو رقيق، لا مش في زيارة مش في زيارة، في الزيارة بتاع مصر، اللي يعني كان 3 ملايين.. 3 ملايين..
أحمد منصور: حينما زرت أنت مصر استقبلك ثلاثة ملايين مصري.
(8/334)
أحمد منصور: نعم، وإحنا في واحة الساحة وكان يعني المشوار كنا يعني كانت.. كان يعني جمال عبد الناصر شاف بنت صغيرة وهو دار لي قال يا أحمد هذيك البنت بنت صالح أبو رقيق كان في السجن، قلت له أطلق سراحه
أحمد منصور: صلاح أبو رقيق كان عضو مكتب إرشاد وعضو هيئة تأسيسية للإخوان..
أحمد بن بيلا: لا، وكان رجل.. يعني..
أحمد منصور: فرضت على عبد الناصر أن يخرجه من السجن؟
أحمد بن بيلا: لا ما.. ما
أحمد منصور: طلبت منه يعني أن يخرجه؟
أحمد بن بيلا: السجن.. السجن.. أنا طلبت منه قلت له اليوم لازم يخرج.
أحمد منصور: وخرج؟
أحمد بن بيلا: خرج في ذلك اليوم، نعم لكن..
أحمد منصور: يعني إلى هذا الحد عبد الناصر كان يحبك أيضاً؟
أحمد بن بيلا: آه والله لهذا الحد وأكثر.
أحمد منصور: فيه مشاهد جزائري شلقو بن زيان يقول أنا مجاهد جزائري وابني شهيد في سنة 57 وجده شهيد في 1914 يؤسفني ما رأيته من قناة (الجزيرة) وسمعته من أحمد منصور الذي ظل يجادل الرئيس المذكور كأنه صاحب التحقيق بغير أدب وبغير أخلاق، بحيث أراد الإمساس بالمواطن الجزائري والجيش الوطني الجزائري وزعمائه وعندما رفض.. هو الحقيقة بيشيد بك سيادة الرئيس لكن أنا طالع قليل الأدب!!
(8/335)
أحمد بن بيلا: لا.. لا والله.. والله لا أنا.. هذا.. هذا الجانب اللي يشوفه كأنه عيب إلى آخره، لا أنا أعتبره إن هذا دلالة على.. بكل صراحة على يعني قدرتكم كيعني.. سياسات قدرة العمل بتوع مستواك على ما.. اللي اعتبره من.. من أجود يعني عمل في.. في.. في.. في الميدان بتاع يعني الإعلام إلى آخره، اللي كان.. اللي هو مهم جداً جداً، وبصفة عامة يعني (الجزيرة) يعتبر بأن.. بخصوص من بعد يعني الحوادث أفغانستان والدور اللي لعبت فيه واللي قنعني بأن حقيقة.. لازم يعني نديكم كلمة.. لا نعتبر بأن.. أنا فخور بيعني مقدوراتكم يعني بقدر يعني بالمستوى بتاعكم أدائكم، وفي الأداء اسمح لي شوية استثني كذلك كلمة لبعض الجزائريات اللي عندكم، وبعض الجزائريين اللي عندكم في الميدان الرياضي وفي.. في..
أحمد منصور: عندنا أغلبية جزائرية.
أحمد بن بيلا: من غير ما أذكر كل أساميهم.
أحمد منصور: بيغلبونا في ماتشات الكورة وماتشات الـ..
أحمد بن بيلا: نعم، وكذلك في الإعلام، عندكم اتنين أو تلاتة، يعني يستحقوا التقدير إحنا نفتخر بيهم ونفتخر بعملهم.
أحمد منصور: وإحنا بنشرف بهم زملاء ناجحين كلهم.
أحمد بن بيلا: نعم.. نعم.
أحمد منصور: يعني في الآخر أنا مؤدب يعني يا سيادة الرئيس؟!
أحمد بن بيلا: كتير.. لا.. لا أنت مؤدب لا عندك مسألة.. لازم يتحق لك اللي يقول لك الحقة هذا، ما لازمش اللي يجي كده يقوم سارد لك يعني ما.. ما يريد يعني لازم يعني يكون فيه صدق يكون.. أنا بالعكس يعني، أنت تدي لي فرصة، أنا قلت لك في هذا الوقت يحق لي بيش نقول لك حقائق أكتر.
أحمد منصور: بس حتى يفهم المشاهد أن هذه طبيعتي
أحمد بن بيلا: أبداً أبداً لا أنا ما اعتبروش..
أحمد منصور: لأن كثير من الناس بيعتقدوا إني حتى بأدخل في صراعات مع.. مع ضيوفي، بالعكس العلاقات الإنسانية تعتبر علاقات..
أحمد بن بيلا: لا لا يا أخي.. أنا.. أنا أحترمك يا أخي.
(8/336)
أحمد منصور: شرف لي يا سيادة الرئيس أشكرك كتير، شكراً لك.
محمد عيسى محمد (مستشار قانوني من ليبيا)، يُشيد بك ويذكر بعض الأشياء الخاصة بدور ليبيا في ثورة الجزائر..
أحمد بن بيلا: آه لليبيا دور والله..
أحمد منصور: وحب الليبيين للجزائريين ودعمهم لثوراتها.
أحمد بن بيلا: وأنا حبي لهم المفرط لليبيين.
أحمد منصور: عطاري عبد القادر من الجزائر هناك مشكلة في التليفونات يبدو الجزائريين عاملين ضغط على الاتصالات، ففيه صعوبة كبيرة في.. عطاري عبد القادر، معنا عطاري..
عطاري عبد القادر: آلو، نعم.
أحمد منصور: تفضل يا سيدي.
عطاري عبد القادر: شكراً، أحيي الرئيس المحترم بن بيلا وأشكر قناة (الجزيرة) وأؤيد شهادته على العصر رغم أنني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ممكن تخفض صوت التليفزيون يا عبد القادر.. يا عطاري؟ تفضل.
عطاري عبد القادر: رغم أنني من مواليد تقريباً الاستقلال من 58، لأنني رأيت في شهادته المنطق الحقيقي لمسار الثورة الجزائرية، كما أتفق معه على أن بيان أول نوفمبر هو الوثيقة الرسمية والأساسية للثورة الجزائرية، لأنه كل ما حصل بعد أول نوفمبر حتى 62 كانت فيه هناك مغالطات وفيه وزعامات في غياب المؤسسين الحقيقيين لثورة نوفمبر.
أحمد منصور: شكراً يا عطاري، شكراً لأن هناك صدى للصوت، لكن رأيك واضح جداً في أنك تتفق مع ما ذكره سيادة الرئيس. إسماعيل الجزائري من بريطانيا.
إسماعيل الجزائري: السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام.
إسماعيل الجزائري: أخ منصور فيه عندي نقطة جد مهمة.
أحمد منصور: باختصار، تفضل.
إسماعيل الجزائري: وهي في مقتل الشيخ العلاَّمة عضو.. عضو في هيئة يعني كبار العلماء الذين كانوا في عهد الثورة أعلنوا الجهاد على فرنسا..
أحمد منصور: مين هو؟
إسماعيل الجزائري: الشيخ بشير إبراهيمي وبن بيلا هو المتهم في مقتله في..
(8/337)
أحمد منصور: أنت فين؟ فين.. فين يا سيدي من أين لك؟ هل الشيخ.. الشيخ البشير الإبراهيمي قُتل؟
أحمد بن بيلا: أنا اللي كنت أعرفه هو.. كنت متهم بأنه دخلته السجن وهو..
إسماعيل الجزائري: هو وهذا كلام في الحقيقة..
أحمد بن بيلا: وقلت لك أبداً ولا مرة يعني دخلته السجن، أما القتل بتاعه يا أخي سبحانه الله يا أخي..
أحمد منصور: يعني للأسف بعض الناس ليس لديهم معلومات مجرد إلقاء اتهامات، وإحنا نريد هنا أن نستدرك الحقيقة، كثيرون يتهمونك بأن شهادتك في هذا الوقت قد أشعلت الفتنة في الجزائر.
أحمد بن بيلا: لا والله أنا في رأيي الجزائر كان في حاجة بيش على أن الحقيقة نصحح مسار.. مسارها بكل صراحة، أنا ولا مرة أنا في عمري 86.. 86 سنة أخي، أنا هدفي هو نرجع لمغنية والله نشرب قهوة وخير من لندن اللي أنا فيها وخير من باريس 40 ألف مرة أو في تلمسان اللي قريت فيها والله، لا أنا بس يعني شفت بأن حقيقة وقعت تراكمات خلت الجزائر تخرج على الخط الأساسي اللي إحنا ماشيين فيه وبالذات فيه مسألة اللي مش ممكن أنا أسكت عليها وهي الإسلام يا أخي، صح عندنا مشاكل في الإسلام، وأنا ما أوافقش كتير من التيارات الإسلامية، لكن هذا داخل زريبة مثل ما نقول.. دخل زريبة لازم نتفهمه عليه ولازم.. لكن محاربة الإسلام عندي كفر يا أخي..
أحمد منصور: هل لعبت فرنسا دوراً فيما حدث في الجزائر منذ وقبل اندلاعها أحداث التسعينات، ما طبيعة هذا الدور إن وجد؟ هل يد فرنسا ملطخة بدم الجزائريين خلال العقد الأخير؟ سؤال على الفاكس من فضل الله عزيز.
أحمد بن بيلا: لا والله أنا فرنسا أعترف لها بعبقريتها وحتى أكتر من هذا يعني إذا يعني نيجي نختار ما بين فرنسا وأميركا يعني في التعامل إلى آخره الآن نختار فرنسا بكل صراحة، ولكن لم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن يبدو الخيار وقع على أميركا الآن..
(8/338)
أحمد بن بيلا: ولكن والله يا أخي أنا.. أنا شايف بأن فرنسا رحلت ولكن سمومها ما رحلش كله، وبالذات فيما يخص الإسلام واللغة العربية، رحلت ولكن مازال.. تركت سموم مازال يعني ظهرت وبرزت وأنا عملت (...) بيش نؤجج هذه الأشياء بالعكس، أنا مع الوحدة يا أخي شعبنا مع الوحدة مع كل الجزائر وما فيش جهة جزائرية اللي ما شاركتش في الثورة أو في الثورات اللي وقعت، ولكن أنا شايف بأن التراكمات هذه أصبحت خطرة وهتعوق مسار الجزائر الحقيقي وهو جزائر عربية إسلامية أمازيغية نعم، ولكن أمازيغية لا.. لا تتناقض مع العروبة، لا تتناقض بالخصوص مع الإسلام.
أحمد منصور: هواري نور سادات من إيطاليا، تفضل
هواري نور سادات: أيوه، السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام وطي صوت التليفزيون لو سمحت.. خفض صوت التليفزيون وبسرعة مداخلتك.
هواري نور سادات: أيوه أنا جزائري.. نعم أنا جزائري من.. في الأصل، لكن مولود في المغرب.
أحمد منصور: سؤالك..
هواري نور سادات: وسيد بن بيلا أشكره كتير على هذا التدخلات دياله وعلى شهادته على العصر وأنا أظن أنه يعرف عمي هواري الجزائري الموجود حالياً الآن في الجزائر، السيد عباس.. هواري عباس.
أحمد منصور: لديك سؤال؟
هواري: كان من الحراس بتاعه.
أحمد بن بيلا: ربما.. أنا كان عندي حراس يعني لغاية الاستقلال ربما يكون منهم الأخ هذا، لكن ما أعرف كل الأسامي بتاعهم يعني.
أحمد منصور: فيه.. فيه ناس كتير اللي باعت لي بيقول إنه.. إنك كنت صديق لأبوه واللي كنت صديق لعمه، يعني عندي واحد هنا تونسي يقول إنه ابن المرحوم المناضل عبد العزيز المسطوري رفيقكم أيام الجهاد.. الكفاح المشترك التونسي الجزائري عندما كنتم في طرابلس كلاجئين سياسيين سنوات 52
أحمد بن بيلا: آه.. آه أنا أعرف، أعمل كتير كنت في طرابلس كان فيه كتير
أحمد منصور: كنت تجلسون على مقهى فيكتوريا.
أحمد بن بيلا: آه، نعم.. نعم، صح.. صح.. صح.
(8/339)
أحمد منصور: كتير يعني سيادة الرئيس عندي عدد مش عايز كل واحد بيذكرك بشيء.
أحمد منصور: لأننا.. لأننا.. لأننا كنا.. كنا قيادة موحدة ما بين الإخوان التونسيين والجزائريين وكذلك الإخوان المراكشيين والجزائر.
أحمد منصور: فيه سيمون نصار، كاتب في شؤون المغرب العربي لبناني، يقول لك: لماذا لا تريد التحدث عن بعض القضايا والتفاصيل الصغيرة التي قد تمس النظام الجزائري من قريب أو بعيد، وهل هذا الأمر يعود إلى أنك خائف من نقد النظام ولا أقصد النظام الحالي فقط، بل هو امتداد للرئيس بوتفليقة إلى مدرسة هواري بومدين في الحكم، ما أقصده أن الرئيس بن بيلا هل لازال خائفاً من التورط في مسائل قد تحرمه من دخول الجزائر أو الدخول إلى السجن؟
أحمد بن بيلا: لا أبداً والله.. لا أبداً لأني أدخل الجزائر إمتى.. متى أريد وعندي علاقات طيبة مع الأخ عبد العزيز وأكتر من هذا أعينه.. أعينه من بعد في قيادة الوئام الوطني، لأن شوف لأن البلدان اللي عرفت نفس التجربة، يعني الاجتثاث.. الاجتثاث هذا اللي يطلبوه بعد هذا بالذات دعاة اللائكية إلى آخره، الاجتثاث هذا يقسم الجزائريين للأبد، يعني هذه الاجتثاث معناها طائفة من الشعب الجزائري تقضي على طائفة أخرى، هذا جرح لا يعني إذا وقع -والعياذ بالله- أرى البلاد لا.. لا تقوم لها قائمة، أنا ضد ما جرى في.. في.. في إسبانيا مثلاً مع (فرانكو) إلى آخره، لأن طائفة قضت على طائفة أخرى، أنا ضد هذه الاجتثاث لأن مصير الجزائر والله لا تقوم لها قائمة لو يقع هذا، أنا مع الوئام، فيه مشاكل داخل الزريبة بيناتنا يا أخي، مَنْ.. يعني السياسة ما بتاع الاجتثاث..
أحمد منصور: الزريبة دي بالمصري وحشة لكن..
أحمد بن بيلا: نعم سيدي؟
أحمد منصور: زريبة بالمصري وأنت عشت في مصر يعني هي تقال على
أحمد بن بيلا: لا والله الزريبة هي يعني غالباً ما تكون دائماً مجموعة، لكن داخل الزريبة يعني..
(8/340)
أحمد منصور: آه.. آه الغنم يعني.
أحمد بن بيلا: هؤلاء غنم ما عادوش يا أخي..
أحمد منصور: لا يعني مفهوم الزريبة أيه في الجزائرية؟
أحمد بن بيلا: لا مفهوم الزريبة هي هذا ما هي يحيط بالغنم في الليل.
أحمد منصور: آه معروف، إنما إحنا...
أحمد بن بيلا: في نفس.. معناها داخل زريبة يعني عندنا مشاكل داخل الزريبة مش..
أحمد منصور: داخل البيت الواحد يعني.
أحمد بن بيلا: ما نخرجش من الزريبة، يعني نقضي عليهم. ها.. أيوه.
أحمد منصور: نعم، عندي عمار بل لتشر من.. من الجزائر يقول: لماذا هو الشأن كما أوضحتم سيادة الرئيس بالنسبة لمؤتمر الصمام لم تخبروا جيل الاستقلال بذلك وتركتم الشمس تلفحهم سنين احتفاءً بذكراه، ألا ترون أنه من حقنا كجيل الاستقلال عليكم أن كنا نعرف هذه الأشياء؟ يعني فيه أشياء كثير أنت أخرتها أعتقد من حق جيل الاستقلال..
أحمد بن بيلا: وسامحني يا أخي أنا أقعد في الحكم سنتين ونص الحمد لله، والله أنا مش راجل بتاع حكم بكل صراحة، أنا أقعد سنتين ونص وكان في ذلك الوقت يعني ديداني ومشكلتي هو أن الجزائر ما تخش في حرب أهلية بعد الحرب الأولى، ونجحت في هذا والله.
أحمد منصور: مرابط عبد القادر من.. رجل أعمال جزائري يقول لك.. ما موقفك من يوم 19 جوان 65 يوم الإطاحة بك يُحتفل به في الجزائر على أنه يوم التصحيح الثوري.
أحمد بن بيلا: هذه من الأشياء اللي أنا بودي والله ما أتكلمش عليها كتير يعني بكل صراحة، لأن..
أحمد منصور: لا يعني بيعملوا احتفال على الانقلاب عليك..
أحمد بن بيلا: ما.. لا ما هو الاحتلال انتهى بكل صراحة وحتى اللي عملوا احتفال أنا ما أرجعش لهذا لأن هذا..
أحمد منصور: كأنك انحرفت أنت بالثورة وهم صححوها.
أحمد بن بيلا: أخليها للشعب يا أخي وفي رأيي الشعب يحكم بها، ولكن أنا في رأيي لو نخض في هذا معناها تريد للجزائر مشاكل.. اللي.. اللي وهي.. واللي فيها يكفيها والله.
(8/341)
شهادة بن بيلا وضرورة كتابة تاريخ الجزائر من جديد
أحمد منصور: سيادة الرئيس، هل ما أثرته في شهادتك يعني أن تاريخ الثورة الجزائرية ومعها تاريخ الجزائر الجديد يجب أن يُكتب مرة أخرى من جديد؟
أحمد بن بيلا: أيه لازم يُكتب مرة أخرى من جديد؟
أحمد بن بيلا: أيه لازم يُكتب والله إلى يومنا هذا، والدليل هو كلامي هذا أرى.. أرى الحقيقة بنتكلم على أشياء ولا مرة يعني ما الذي..
أحمد منصور: أنا رصدت أكثر من 150 مقال في الصحف الجزائرية وحدها، ويعني واضح إن فيه فعلاً ثورة، فيه ندوات كثيرة عُقدت، فيه صراع بين المؤرخين نفسهم ما بين مؤيد وما بين معارض.
أحمد بن بيلا: إلى يومنا.
أحمد منصور: معنى ذلك إن.. إن كأن نفض التاريخ مرة أخرى وعلى الناس أن يعودوا إليه من جديد.
أحمد بن بيلا: شوف سيدي أولاً مسألة.. مسألة تأريخ كتاب التاريخ أنا أعرف بأن الذين يعملون التاريخ مش هم اللي يكتبوا التاريخ، لأن مهما كان الأمر يعني ما.. ما كان دورهم إلى آخره يعني عندهم حواس.. يعني عندهم في داخلهم يعني أشياء اللي تمنع من.. تمنعهم على أن يتكلموا الأشياء بموضوعية، التاريخ يكتبوه علماء تاريخ بعد وفاة اللي عملوا التاريخ، اللي عملوا التاريخ يقدموا شهادات مثل الشهادة بتاعي ياخدوا منها ويشطبوا منها على حسب.. على حسب غربلة مثل ما نقول في الجزائر لازم غربلة هذه يعملوها، يعملوها المؤرخين يعني.. هذه.. هذه عملية.. عملية علمية محض، يعني بقطع النظر على يعني.. على.. على الأشياء العاطفية وعلى الأشياء اللي.. اللي يعمل التاريخ يا أخي مش هو اللي يكتب التاريخ..
أحمد منصور: سيادة الرئيس..
أحمد بن بيلا: أنا أقدم.. أقدم شهادة فقط وبعدين يأتون علماء نزيهين.. نزيهين ويكتبوا تاريخ، إلى يومنا هذا مازال كتابة التاريخ عندنا مازال منقوصة.. منقوصة كثيراً كثيراً.
(8/342)
أحمد منصور: كثير من المشاهدين يطلبون تدوين هذه الحلقة في كتاب، ستصدر إن شاء الله في سلسلة (شاهد على العصر) كتاب (الجزيرة) السلسلة لم تتوقف، سوف تصدر خلال أيام شهادة الشيخ أحمد ياسين شاهد على عصر الانتفاضة، وبعده السيد حسين الشافعي شاهد على عصر ثورة يوليو، وكذلك الرئيس بن بيلا وغيره من.. كثير من الضيوف.
إبراهيم الأنصاري من مالي يقول لك: سؤال مهم أرجو أن تهتموا بطرحه على الرئيس الجزائري الذي لا يلقى ترحيباً لدينا في مالي بسبب، نرجو أن تُعَرِّفوا مدى تورطه في تسلم الأمير محمد علي بن الطاهر الأنصاري أمير الطوارق بصحراء تمبكتو لحكومة مالي المستقلة لمعارضته لها وعدم رضاه لضم تمبكتو وصحرائها لمالي، أيه ردك على الموضوع لأنه شرح؟
أحمد بن بيلا: ردي.. ردي هو أن كنت حارص على أن علاقتنا مع مالي تبقى علاقة أخوية تماماً، واللي أخذته على بعض الإخوان من هادوا في قضية الطوارق إلى آخره هي أن كان فيه أفكار اعتبرها يعني عنصرية في.. في علاقتهم مع الإخوان السود يعني السود مثلاً الحرفانيين.. هذه مثل الحرفانيين اللي كان بيشتغلوا يعني عندهم إلى آخره، وكانت فيه أفكار حقيقة لا يقبلها الإسلام أبداً.
أحمد منصور: لكن كان لك علاقة ببعض الزعماء السود، هل فعلاً..
أحمد بن بيلا: لأن كان.. كان.. كانوا..
أحمد منصور: هنا محمد أمين من الجزائر بيسأل عن علاقتك مع الزعيم الأميركي الأسود (مالكوم إكس) وأنك التقيت به قُبيل مقتله.
أحمد بن بيلا: لا ما التقيتش به ولكننا..
أحمد منصور: لكنه قتل..
أحمد بن بيلا: أنا كنت مؤيدهم إلى اليوم مؤيدهم، الإخوان اسمهم اليوم (بلاليين) ومشيت عندهم وعشت معاهم مع زوجتي؟ وأؤيدهم إلى يومنا هذا.
أحمد منصور: سيادة الرئيس باقي..
أحمد بن بيلا: ولكن.. ولكن يعني الإخوان هذه معروفة يعني..
أحمد منصور: هل لديك..
(8/343)
أحمد بن بيلا: أنا كانت عندي علاقة مع المالي وأعتز بها إلى يومنا هذا، والشيف المالي والرجل اللي كان في المالي (مودي بوكيتا) رجل عظيم مافيش إفريقي اللي يشك في هذا اليوم وكان.. كنت جاره.. كنت.. كنت معاه عندي علاقات بتاع صدق وبتاع إعانة والماليين يعرفوا أيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حجم.. حجم ما لدي كثير من المشاهدين والتساؤلات كثيرة ولكن بقي دقيقة.
أحمد بن بيلا: وطلبت.. طلبت.. طلبت من الرئيس في ذلك الوقت هذا الجهة بتاع الطوارق وقلت له أي شيء يشوب العلاقات بتاعنا أراني ما أقبلوش..
أحمد منصور: سيادة الرئيس في دقيقة بقيت ماذا تقول في ختام الشهادة وتعليقك عليها؟
أحمد بن بيلا: أقول -إن شاء الله- يا أخي شهادتي تكون.. ساعدت على.. على واحد.. واحد.. واحدة صحوة تطلع في البلاد والله اللي تغير كتير من هذا المفاهيم.
أحمد منصور: أنت أثرت عواصف في البلاد.
أحمد بن بيلا: أنا ما عملتهاش بقصد يا أخي، أنا بلادي يعني.. يعني مش في حاجة بأن أؤكد من جديد بأن.. أنا جزائري و.. وعايز يعني هذا.. هذا البلاد حقيقة تتحرك لنحو الطريق الأصوب يعني هذا اللي أشوفه، أنا اللي أتمناه هي الجزائر -إن شاء الله- تمشي في الطريق الأصوب وتتغلب على المشاكل اللي أراها فيها، وتمشي لهذا العمل في وحدة كاملة.. يعني كاملة أنا ما أفرقش يعني ما بين جهة وجهة بالعكس يعني، وحقيقة اللي يفرق هو اللي.. اللي خطير وفي رأيي يعني العمل هذا بتاع الفرنكفونية وبتاع اللائكية وبتاع هذا يفرق ما يفيدش بلادنا.
أحمد منصور: شكراً لك سيادة الرئيس شكراً جزيلاً.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، وأعتذر للعشرات الذين لم أتمكن من طرح تساؤلاتهم أو الذين أدت تشابكات الخطوط الهاتفية إلى عدم تمكننا من إدخال مشاركاتهم.
(8/344)
حتى نلقاكم في حلقة الأسبوع القادم هذا أحمد منصور يحييكم من العاصمة البريطانية لندن بلا حدود، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/345)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين(8/346)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:55(مكةالمكرمة)،19:55(غرينيتش)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
بهجت أبو غربية
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة مع شاهد جديد على العصر.
عشرات إن لم تكن مئات أو آلاف الكتب سطرت عن القضية الفلسطينية، منذ صدور وعد (بلفور) في الثاني من نوفمبر عام 1917، وكثير من هذه الكتب أو معظمها اعتمدت على الوثائق وروايات الأحداث المختلفة، كذلك ظهرت عشرات أو مئات البرامج التليفزيونية الوثائقية التي تتحدث عن تلك المرحلة، لكن جانبا هاما من هذه الأحداث بقي في صدور بعض الرجال الذين عايشوا تلك المراحل وشاركوا في صناعة أحداثها.
وبقي منهم على قيد الحياة ندرة من الشهود لا زالوا يذكرون الأحداث والأيام وكأنها وقعت بالأمس..
وشاهدنا على العصر في هذه الحلقة والحلقات القادمة هو أحد الرجال القلائل من صناع هذه الأحداث الذين قدر لهم أن يعيشوا أحداث القضية الفلسطينية من داخلها طوال السبعين عاما الماضية، ليدلوا اليوم بشهادتهم للأجيال عن تاريخ النضال الفلسطيني منذ أول مظاهرة شارك فيها في القدس عام 33 وحتى اليوم، وهو كما يلقبه كثير من الفلسطينيين شيخ المجاهدين: بهجت عليان أبو غربية.
- ولد في (خان يونس) في فلسطين عام 1916
- أنهى تعليمه في (المدرسة الراشدية الثانوية بالقدس).
- أمضى معظم حياته في القدس، واشتغل بالتعليم في (الكلية الإبراهيمية) في الفترة ما بين عامي (36-57).
- عمل في الصحافة عام 37 وكيلا ومراسلا لـ(جريدة الجامعة الإسلامية) في القدس.
- شارك في انتفاضة فلسطين عام 33، كما شارك بالسلاح في ثورة 36 إلى العام 39.
- سجن عدة مرات في سجون الانتداب البريطاني(8/347)
- انتسب إلى (الحزب العربي الفلسطيني) في الفترة بين عامي 46 و49.
- شارك بالسلاح في حرب العام 47 إلى 49 في قيادة (جيش الجهاد المقدس) جرح خلالها في القدس ثماني مرات، كما كان أحد قواد معركة (القسطل).
- انتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي بين عامي 49 إلى 59وانتخب عضوا في القيادة القطرية لحزب البعث في الأردن.
- اعتقل وسجن في الخمسينيات عدة مرات في الأردن.
- اختفى في الفترة ما بين عامي 57 إلى 59 ضمن القيادة القطرية السرية لـ(حزب البعث العربي الاشتراكي) في الأردن.
- سجن في الأردن بين عامي 60 إلى 62، وأفرج عنه ضمن عفو عام.
- شارك عضوا في اللجنة التنفيذية الأولى لمنظمة التحرير الفلسطينية بين عامي 64 و65.
- شارك عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بين عامي 67 و69.
- عضو في قيادة الكفاح المسلح بعمان في الفترة بين عامي 68 و71.
- عضو في قيادة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بين عامي 68 و91
- عضو المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بين عامي 64 إلى 91 حيث قدم استقالته بسبب موافقة المجلس الوطني عام 91 على القرار 242 الذي يعترف بإسرائيل، وموافقة المجلس على الدخول في مفاوضات مع الدولة العبرية،
- عضو في التجمع الوطني العربي الديمقراطي في الأردن بين عامي 90 إلى 92.
- ترأس اللجنة العربية الأردنية لمجابهة الإذعان والتطبيع بين عام 93 إلى 95.
- حاليا عضو في اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الأردني لحماية الوطن ومجابهة التطبيع.
أستاذ بهجت: مرحبا بك.
بهجت أبو غربية:
أهلا وسهلا بكم.
أحمد منصور:
حياة حافلة بالنضال والكفاح.
بهجت أبو غربية:
يا سيدي هذا قدرنا.
أحمد منصور:
أود أن أبدأ معك من (خان يونس)، حيث ولدت قبل عام واحد من وعد (بلفور)، ولدت عام 1916، كيف كانت حياتك؟ وكيف كانت طفولتك في فلسطين؟
بهجت أبو غربية:(8/348)
يا سيدي في العهد العثماني كان والدي موظفا، وخلال الحرب العالمية الأولى كان مدير ناحية في أكثر من مكان، في (أريحا) في(خان يونس)، في (الفالوجة) ففي الفترة التي كان فيها والدي في (خان يونس) 1916، وكانت خان يونس أول مدينة إدارية، يعني فيها إدارة مدنية خلف الجبهة، جبهة السويس، جبهة سيناء، فولدت في (خان يونس) مع أن عائلتنا الأساس عائلة معروفة من الخليل، هذا كان مولدي، وبعد الحرب مباشرة، بعد ميلادي تقريبا بسنة اضطررنا، أن نعود من خان يونس لأن الجيش البريطاني جاء واحتل المنطقة، فعدنا إلى الخليل.
أحمد منصور:
2 نوفمبر 1917 صدر (وعد بلفور)، وقبله معاهدة (سايكس بيكو) التي تم تقسيم المنطقة بين القوى الموجودة آنذاك، والتي كانت متمثلة في فرنسا وبريطانيا، فرض الانتداب على فلسطين في العام 1922، وشكلت حكومة الانتداب، بدأ تنظيم النضال داخل فلسطين في العام 1919، في العام 1929 كنت قد بدأت تعي على الأحداث المحيطة حولك، وشاهدت أول مظاهرة اندلعت ضد حكومة الانتداب البريطاني أمام عينيك، وشاركت فيها في العام 1929، وكان عمرك آنذاك حوالي 13 عاما، كيف بدأ وعيك على الواقع الفلسطيني آنذاك في تلك المرحلة؟
بهجت أبو غربية:
منذ الصغر ومنذ فتحنا عيوننا على الحياة كان الصراع قائم في فلسطين، التآمر على فلسطين، وفي اتجاه إقامة الدولة الصهيونية يرجع -الحقيقة- في تاريخه للقرن التاسع عشر منذ 1839، عندما أنشئت أول قنصلية بريطانية في القدس، وقالت يعني القنصلية بأنها مكلفة الواجب الرئيسي حماية اليهود، في الوقت الذي لم يكن اليهود بحاجة إلى أية حماية، بالعكس، هم الذين بدأوا بتشجيع اليهود للمجيء إلى فلسطين، وهم الذين كانوا لديهم مشروع وتنافس حتى ما بين فرنسا أو بريطانيا أو حتى ألمانيا: من الدولة التي ستقيم الدولة العبرية في فلسطين؟ كان فيه منافسة..
أحمد منصور:
مين .. بسبب أيه المنافسة دي؟
بهجت أبو غربية:
(8/349)
فيه دوافع استعمارية، وفيه دوافع دينية أيضا، لا تخلو، لكن فيه دوافع أستعمارية..
أحمد منصور:
لكن هذه دول مسيحية، ما الدوافع الدينية لديها؟
بهجت أبو غربية:
الدوافع الدينية، يعني فيه بعض الطوائف المسيحية تؤمن بضرورة إقامة دولة يهودية في فلسطين.
أحمد منصور:
الإنجيليين مثلا؟
بهجت أبو غربية:
نعم، البروتستانت بصفة خاصة، لكن الأهم -الحقيقة- هو الدافع الاستعماري، موقع بلادنا، قناة السويس، البترول المتوقع، كل هذه العوامل يعني كانت تدفع الغرب إلى.. أية دولة تقوى -أصلا تاريخيا-تحاول أن تسيطر على هذا الجسر، وهو بلاد الشام ومصر، فالتآمر يعني أخد طريقين، الطريق الأول سواء كان بصفة خاصة بريطانيا وأمريكا، أيضا فرنسا شاركت، إرسال بعثات استكشاف آثار فلسطين باسم التفتيش، أو البحث عن آثار العهد القديم، العهد القديم هو تاريخ اليهود..
أحمد منصور:
التوراة، نعم.
بهجت أبو غربية:
فكانت بعثات الآثار تقول: هنا الأثر الفلاني، هنا الأثر..، تذكر اليهود أيضا بأنه كان لهم وجود حسب التوراة -على الأقل توراتهم- لفت نظر اليهود الفلسطينيين، وتشجيعهم صراحة: تعالوا عيشوا في فلسطين، هاجروا، تشجيع الهجرة.
منذ ذلك الوقت كان شعبنا يقاوم هذه الهجرة، ثم يعني في 1862 أول استجابة صهيونية للتحريك الاستعماري، يعني اليهود في العالم كانوا عندهم عواطف بالنسبة للقدس، لكن فكرة العودة -اللي بيسموها العودة- فكرة إقامة دولة ما كانت موجودة، اللي خلقها الغرب.
أحمد منصور:
(8/350)
أنا لا أريد أغرق معك تاريخيا في هذه الأحداث، ولكن في تلك المرحلة كان هناك تفكير -وربما قبلها- في أن يقيم اليهود الدولة الخاصة بهم أو الاستعمار الغربي يقيم هذه الدولة في (أوغندا) أو في أي منطقة أخرى من العالم، ويقال إن المؤتمر اليهودي الأول اللي عقده (تيودور هرتزل) في 1897 في (سويسرا) ربما هو الذي حدد موقع الدولة اليهودية في فلسطين، أنت الآن تقول الأمر يسبق ذلك بكثير؟
بهجت أبو غربية:
هو الفكرة بدأت في العودة بعد عام 1860، لكن قُرِر -مثلما تفضلت- إقامة الدولة وكذا في مؤتمر(بال) الشيء الرئيسي يعني اللي بأريد أقوله: إن هناك مشاركة استعمارية مع الحركة الصهيونية في التآمر على إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، هذا باختصار يعني، وبدأت الهجرة، أول هجرة منظمة لليهود 1882 في العهد العثماني، وفي 84 صار صدام عرب مع يهود, تجدد في 92 و 1904 إلخ، في العهد العثماني كان فيه صدامات، وكان فيه بداية استيطان يهودي استعماري، لكن بطبيعة الحال بعد (وعد بلفور) بدأت العملية تتسارع، وتنضج، وفتحنا عيوننا على هذا الصراع، شعبنا يرفض (وعد بلفور)، يرفض صك الانتداب، يرفض الهجرة، يعتبرها غير شرعية، وعلى حسابنا، وينادي بأن هناك خطر، ومؤتمرات كل سنة تقريبا، واختيار قيادة كل سنة، يعني القيادة حتى استمرت المؤتمرات الفلسطينية قيادتها برئاسة (موسى كاظم باشا الحسيني) من بداية عهد الانتداب حتى وفاته في 33، كان فيه قواعد شعبية، والتي هي عبارة عن مؤتمرات للجمعيات الإسلامية المسيحية، شُكلت من هذه الجمعيات مندوبين تذهب إلى المؤتمر الوطني الفلسطيني، والمؤتمر يختار قيادة، والقيادة كانت تسمى اللجنة التنفيذية، وكان عددها كبير، يعني حوالي 80 إنسان، كانت تقود نضال شعبنا، وحصل خلال هذه الفترة صراعات كثيرة في الـ1920، في الـ 1921، في الـ 1929 كان أخطرها..
أحمد منصور:
(8/351)
أنت شاهدت ما حدث في الـ1929، نرجو أن تصف لنا ما رأيته في الـ1929، والذي بدأ يشكل الوعي السياسي بالنسبة لك.
بهجت أبو غربية:
نعم، في الـ1929 أنا كنت عائلتي تعيش في القدس، وعادتنا في مدينة الخليل في الصيف نقضي فترة الصيف في الكروم، وفي وقت ما بدأت الاضطرابات كنت في الكروم، بعيد عن المدينة حوالي 3 كيلو متر، طبعا إخوتي الكبار شاركوا، الأكبر مني سنا، اللي حصل حسب ما سمعنا من الجميع وفيما بعد ثاني يوم أنا نزلت على الخليل وشاهدت هذا الشيء أنه اليهود برئاسة (جبتونسكي).
جبتونسكي كان هو يترأس حزب، كنا نسميه بالعربي (الحزب الإصلاحي) وهم يسمونه Resunist وهم كانوا معارضين للوكالة اليهودية (حزب الصهيونية العموميين) (وايزمان)، و(بن غوريون) معارضينهم لأنهم كانوا يعتقدون وينادون بأنه إقامة الدولة اليهودية تكون بالقوة، بالمسدس، بالبندقية..وأيضا أن الضفة الشرقية يجب أن تكون من البداية جزء من الدولة اليهودية..
أحمد منصور:
جبتونسكي هنا كان بينادي بإسرائيل الكبرى من أول يوم؟
بهجت أبو غربية:
نعم، هذا جبتونسكي كان مشكل ميليشيات، وقامت بمظاهرة في يافا، صار فيها شيء من الاضطرابات، لكن كانت يعني بسيطة، الأسبوع اللي بعده جاء إلى القدس، وأقام مظاهرة عسكرية، يعني كان الطابور عسكري من المنطقة اليهودية إلى البلدة القديمة إلى (البراق).
أحمد منصور:
مسلحين؟
بهجت أبو غربية:
(8/352)
ما كانوش مسلحين، إلى البراق بس ماشين مشية عسكرية، شمال يمين، عسكر، ومن وسط البلدة القديمة، فكان هذا تحدي لشعور المسلمين(زائد) عندنا احنا كان بالنسبة للبراق وزيارة البراق وكل الأماكن المقدسة، الانتداب وضع قانون أو تقليد بيسموه الـStatico القديم على قدمه، إيش حقوق المسلمين، إيش حقوق المسيحيين؟ إيش حقوق اليهود؟ في احتفالاتهم هذا يجوز، هذا لا يجوز، بالنسبة لزيارة اليهود للبراق فيه أشياء كانت ممنوعة، ممنوع تعمل شيء جديد، ثانيا: كان فيه عند اليهود تقليد في البراق، في عيد الحزن، بيسموه أو اليهود يعتبروه عيد خراب الهيكل، فيه عندهم بوق من العظام بيبوقوا فيه، وهذا ممنوع، ليه؟ لأن هذا نداء "يا يهود العالم تعالوا وابنوا الهيكل.." إلى آخره، ففي المظاهرة لما نزلوا عند (البراق) عملوا كل الممنوعات، واصطدموا مع الشرطة الإنجليز، الأسبوع اللي بعده كان رد فعل. المسلمين قاموا بعد صلاة الجمعة بمظاهرة في القدس، المظاهرة يعني اشتبكت مع البوليس، واشتبكت مع بعض الأحياء اليهودية، وهون برز شيء خطير جدا في القدس، لأول مرة لاحظناه، ظهر أن اليهود عندهم قوة عسكرية منظمة، وعندهم مراكز تجمع..
أحمد منصور:
كيف ظهرت هذه؟
بهجت أبو غربية:
ظهرت، لأنه كان كلما يصير هجوم، هجوم أيش؟ بالحجر، بالعصا، بالكذا على بعض الأحياء اليهودية، رأسا بالتليفون تتحرك سيارات عسكرية مسلحة، مسلحة بالسلاح، ويهود ويجوا للمنطقة، ويبدؤوا بإطلاق نار..
أحمد منصور:
على المسلمين المتظاهرين؟
بهجت أبو غربية:
على الناس المهاجمين، لذلك سقط من القتلى في هذه المظاهرة من المسلمين عدد كبير جدا، ووصلت الأخبار الخليل، قريبة من القدس، يعني 30 .. 35 كيلو مترًا، وصلت الأخبار يوم الجمعة إلى الخليل مهيجة جدا، وإخوتي نقلوا لنا الأخبار، وهكذا، ماذا جرى في القدس؟ ذبح المسلمون، هيك كانت الأخبار..
أحمد منصور:
فهاجت عواطف المسلمين.
بهجت أبو غربية:
(8/353)
هذا الجو العام، اليوم الثاني صباحا فيه نادي في الخليل قام بمظاهرة عادية.
أحمد منصور:
نادي يتبع العرب؟
بهجت أبو غربية:
عرب نعم، تحولت المظاهرة لهجوم على بيوت اليهود الجدد، اللي كان في الخليل اصطلاح "يهودي" و"صهيوني" موجود من ذلك الوقت، اليهودي هو المواطن الخليلي.
أحمد منصور:
الأصلي؟
بهجت أبو غربية:
الأصلي.. الصهيوني هو المهاجرين، يعني مثلا كان فيه بيت واحد في وسط البلد فيه حوالي 22 مدرسة، يسمونها تلمود توراة، يعني مدرسة دينية اللي تخرج حاخاميين كلهم جنسية أمريكية، في بيت واحد، وآخرين كانوا عايشين في بعض بيوت، هادول كنا نسميهم صهيونيين، صهيونيين، صهيونيين، هؤلاء صار عليهم هجوم، بينما اليهود الخلايلة بنسميهم واللي كانوا مواطنين، لما صارت الاضطرابات، طبعا الاضطرابات -تعرف- مرات لا تفرق، لكن هؤلاء حماهم أهل الخليل في بيوتهم، جيرانهم، كل الناس جيرانهم فيلجأوا لجيرانهم فحموهم, اللي قتلوا 90.. 95% منهم من الصهيونيين بناء على الغضبة اللي حصلت على مذبحة المسلمين في القدس، هذا يعني خلاصة ما جرى.
أحمد منصور:
بس اللي قتل كان عدده كبير جدا, يعني مثلا 91 شهيد من المسلمين، 181 جريح، قتل في المقابل 133 يهودي، و336 يهودي جرحوا معنى كده أن معركة مسلحة عنيفة هي التي وقعت في العام 29.
بهجت أبو غربية:
يا سيدي العزيز، الأرقام يعني التي أذاعتها الحكومة البريطانية 62 يهودي, 15 مسلم عربي.. الأرقام، أنا حسب ذاكرتي في ذلك الوقت أن العرب اللي قتلوا -الأرقام هذه ربما تكون بتتعلق بحوادث أخرى- حسب ذاكرتي أنه قتل 15 عربي وقتل حوالي 100 من اليهود، مع العلم أنه لم يستعمل فيها سلاح ناري من قبل العرب، معظمها..
أحمد منصور:
كيف قتل اليهود؟
بهجت أبو غربية:
هجوم على البيوت
أحمد منصور:
يعني قتل بالسكاكين وبالطعن؟
بهجت أبو غربية:
نعم، نعم، سلاح..
أحمد منصور:
(8/354)
أكثر منه قتل في مواجهة أو بالسلاح الـ..
بهجت أبو غربية:
ما صار, يعني، حتى عملوا لجنة تحقيق لأسباب القتل وادعوا اليهود أنه صار نوع من التمثيل بالقتلى، أثبتت اللجنة -لجنة بريطانية يهودية عربية- أثبتت أنه لم يكن هناك لا تمثيل، ولا استعمال سلاح ناري، لأنه لو استعمل سلاح ناري كانوا بدهم يعملوا غرامة عسكرية، يجمعوا أسلحة إلى آخره.
ثبت للجنة التحقيق اللي شكلت أنه لم يجر لا تمثيل في القتلى، ولا استخدام سلاح ناري، بينما طبعا القتلى العرب قتلوا كلهم بسلاح الإنجليز، كان فيه مدير البوليس مستر كافرت (MR .Kafratta) يعني هو لوحده قتل عشرة، حتى يفرقوا المظاهرة.
فيه ملاحظة يعني بأحب أذكرها، أشيع في ذلك الوقت، أنا لا أقدر يعني أن أؤكد أو أثبت هو -أثناء المظاهرة- الشباب الموجودين أثناء المظاهرة لم يكونوا يفكروا في أي شيء اسمه هجوم على اليهود، قيل إن الإنجليز لفتوا نظرهم لأنه كان فيه بوليس يهودي من جملة البوليس اللي مرافقين للمظاهرة، وفيه شباب جربوا يعتدوا على البوليس، وهو وحيد يعني، حتى باتذكره أنا شكلا، فقالوا لهم ليش أنتم بتتعدوا على هذا؟ هذا بوليس مثلنا، هاي بيوت اليهود، حدا مانعكم؟ وهذا الكلام قيل بأن الإنجليز حرضوا يعني..
أحمد منصور:
أنت كنت ما زلت ...
بهجت أبو غربية:
أنا ما كنتش, هذا سمعته..
أحمد منصور:
سمعته؟
بهجت أبو غربية:
هذا سمعته في ذلك الوقت، واستمر إلى أي مدى صحيح، لكن لا أستغربه يعني..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
أنا أريد أن أعرف ما الذي تركته أول مواجهة؟ أنت عشتها، وشاهدتها في العام 29، ما الذي تركته في نفسك، في تكوينك النفسي، في تفكيرك المستقبلي، في احترافك للنضال منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم؟
بهجت أبو غربية:
(8/355)
في الواقع، الذي جرى في القدس هو الذي همني أكثر شيء، في القدس كما ذكرت ظهر أن لليهود تنظيمات، تنظيمات عسكرية، الهغاناه كانت بادية، ولكنها ماكانتش ظاهرة للعيان، واستخدمت بشكل فَعال منظم بأسلحة، والإنجليز معهم يعني تصور أستاذ في دار المعلمين إنجليزي مستر بيرون(MR.Peron) يحمل سلاح ويضرب به مع اليهود، أستاذ! وباقي الموظفين الإنجليز موظفين مدنيين، حملوا سلاح، ووقفوا إلى جانب اليهود، ليه؟ لأنه كان احنا أغلبية، العرب يعني، لكن البرنامج الأساسي والمؤامرة الأساسية, أن البريطانيين الإنجليز ماخذين عطاء إقامة دولة يهودية يعني، في صك الانتداب، الذي صدر عن جمعية عصبة الأمم في جنيف في (المادة 2) مطلوب بموجب صك الانتداب من الدولة المنتدبة، اللي هي بريطانيا أن تضع فلسطين في ظروف سياسية واقتصادية تساعد على إنشاء الوطن القومي اليهودي، هذا صك الانتداب.. حوالي 20 دولة وافقت عليه، بمعنى وافقوا على وعد بلفور، وأمريكا مع أنها لم تكن عضو في عصبة الأمم في ذلك الوقت صدرت بيان خاص أنها تؤيد صك الانتداب وإقامة الدولة اليهودية.
أحمد منصور:
ممكن تذكرنا باختصار بمفهوم الانتداب البريطاني إيه على فلسطين في ذلك الوقت؟ لا سيما وأن في أعقاب الحرب العالمية الأولى وبداية تقسيم وتمزيق المنطقة العربية بعد انهيار الدولة العثمانية -التي كانت تتبعها هذه الدول- وضعت فلسطين تحت الانتداب، ما هو مفهوم الانتداب البريطاني في ذلك الوقت؟
بهجت أبو غربية:
(8/356)
يا سيدي اللي وضع تحت الانتداب -الحقيقة- فلسطين شرق الأردن، لبنان، سوريا، العراق، والفكرة كانت.. أو يعني فلسفة الانتداب أن هذه الأقطار يصعب عليها أن تحكم نفسها، ولذلك بيصير انتداب فرنسي في لبنان وسوريا، وانتداب بريطاني في فلسطين والأردن والعراق، لبينما تتدرب هذه البلدان على حكم نفسها، هذه النظرية، لكن الواقع هو كان نوع من الاستعمار يعني، والحكم في بداية عهد الانتداب هو حكم استعماري.
يعني مثلا عندنا في فلسطين، المندوب السامي بريطاني، السكرتير العام يعني رئيس الحكومة بريطاني، كل الدوائر بريطانيين رؤساؤها ، البوليس في الشارع قسم كبير منه إنجليز بالذات.. الخ، فالانتداب كانت هذه فلسفة، لكن صك الانتداب اللي فيه حوالي 40 مادة أهم مادة فيه هو بناء الدولة اليهودية.
أحمد منصور:
يعني نستطيع أن نقول إن الانتداب البريطاني على فلسطين -على وجه الخصوص ومنطقة الشام والعراق بشكل آخر- هو كان تمهيدا لقيام الدولة اليهودية..
بهجت أبو غربية:
بالضبط، بالضبط.
أحمد منصور:
في العام 1931-1932 كنت في الصف الثاني الثانوي، وتركت الدراسة، وذهبت لظروف عائلية معينة، ذهبت للعمل في بعض الحرف والمهن، وامتهنت مهنة ساعاتي، وكان اليهود هم المحترفين لهذه المهنة، وبدأت تعمل في حي وسط اليهود، عملت لمدة عام تقريبًا، أو عام ونصف؟
بهجت أبو غربية:
أكثر, عام ونصف..
أحمد منصور:
عام ونصف.. تعمل في وسط اليهود الذين تفتح وعيك السياسي في العام 1929 على أنهم جاءوا ليغتصبوا بلادك، ما هي الآثار اللي تركتها هذه السنوات، وكنت في بداية شبابك في نفسك؟
بهجت أبو غربية:
(8/357)
أولا كان المكان اللي أعمل فيه، فيه يهود (سفرديم) يعني شرقيين، وفيه يهود روس طلائع (خلودصيم) بيسموهم الخلودصيمPioneers ، بيسموهم يعني هم بداية الاستعمار والاستطيان الصهيوني, هؤلاء كان واضح عداؤهم إلنا, استعدادهم للصراع, استعدادهم لإقامة دولة يهودية, اليهود الشرقيين حتى ذلك الوقت كانوا غير قانعين بإمكانية إقامة دولة..
أحمد منصور:
لم هاجروا إذن إلى فلسطين؟
بهجت أبو غربية:
نعم ؟
أحمد منصور:
لم هاجروا إلى فلسطين؟
بهجت أبو غربية:
لا، اللي هاجروا, هدولي كانوا مواطنين في القدس اللي بأعرفهم (سفرديم)، أما (السفرديم) لماذا هاجروا؟ دول اضطهدوا في أسبانيا في الأساس، بس من فترة بعيدة.
أحمد منصور:
من 4 قرون كانوا أو 5 قرون.
بهجت أبو غربية:
نعم، نعم، لكن عايشين في فلسطين، يعني (السفرديم)، اليهود (السفرديم) كانوا مش مع قيام دولة، يشعروا بنوع من الضعف نوع من التخوف حتى من قيام دولة، هذه تثير العرب علينا، مع أنهم معاملتهم مع العرب كانت معاملة مواطنين فكانوا يهاجموا، ويسبوهم حتى الطلائع طلائع الصهيونيين المنظمين..، لكن كمان مرة باقول تبين أنه حتى اليهود المواطنين بدأوا ينسجموا وينساقوا في الاتجاه، وحتى في حارة اليهود اللي هي يعني بنسميها حارة اليهود في القدس، بدأنا نشعر بأنه عَمَّال بيتدربوا على السلاح، فيه عندهم بدرومات وما شابه، إحنا كنا صغار وكنا نقدر نشوف، يتدربوا في السلاح، بعدين يعملوا نوع من الكشافة أو ما شابه ذلك..
أحمد منصور:
تحت سمع وبصر حكومة الانتداب؟
بهجت أبو غربية:
بتشجيع حتى، مش بس تحت سمع وبصر، لأنه الهغاناه كانت تعتبر بالنسبة للإنجليز شيء شرعي.
أحمد منصور:
كان وضعكم أيه أنتم العرب في ذلك الوقت وأنتم تروا اليهود أمام أعينكم يستعدون، لهم ميليشيات، لهم ترتيبات، فيه كلام عن دولة يهودية، أيه كان الوضع العربي في ذلك الوقت؟
بهجت أبو غربية:
(8/358)
أبرز كلمة باقدر أقولها إنه كان هناك شعور عميق بالخطر القادم، شعور بالخطر أنه هادول الآن مدعومين من الإنجليز، وشيء فشيء ممكن يقووا، الهجرة عمال تزداد، حكومة الانتداب بتملكهم أراضي من أراضي الدولة وغيره, عم بيشتروا بعض الأراضي، إذن الخطر قائم بإقامة دولة، وعلى حساب ترحيلنا، هذا الخطر كان الشعور فيه، حتى في العشرينات، حتى في العهد التركي، بعض العرائض اللي رفعت للسلطان ذكروا فيها في سنة91 للسلطان أن هؤلاء اليهود المهاجرين ما جايين يعيشوا بس حتى يلاقوا مأوى، ولكن حتى يستولوا على البلاد، ويطردونا، هذا الشعور ازداد جدا في الـ29 وما بعدها، خطورة اليهود..
أحمد منصور:
تكلمت الآن عن موضوع شراء الأراضي، وهذا من الموضوعات الخطيرة التي يدان فيها الفلسطينيين في أنهم يتحملون مسؤولية كبيرة فيما حدث بأنهم فَرطوا في أراضيهم، وباعوها لليهود؟
بهجت أبو غربية:
للأسف، هذا هو الشائع، هذا شائع، الحقائق: أذكر لك أن فيه لجنة سميت:Anglo-American Commissions For Palestine.. شكلت سنة 47، ولها تقرير مشهور، وهو مرجع، في هذا التقرير: أولا: في سنة الاحتلال البريطاني لفلسطين في 1917 نسبة الأراضي لليهود.. ملكية الأراضي لليهود 2% من أراض فلسطين هذا سنة 17، في سنة 47 5,6% يعني 5,5% تقريبا بمعنى 3,5%، تملكوا خلال 30 سنة هذي أرقام وثائق كثيرة يعني تعتبرها حقيقية, هذي الـ 3.5 % اللي تملكوها خلال فترة الانتداب، نسبة كبيرة منها أملاك دولة حولت إليهم، عندك مشروع (روتنبرغ) للكهرباء في جميع فلسطين، عندك مشروع (الحولة) أراضي دولة أعطيت لهم، عندك مشروع (البوتاس) البحر الميت حولت لهم، هذه نسبة..
أحمد منصور:
يعني حكومة الانتداب حولت كل هذه الأملاك إليهم.
بهجت أبو غربية:
(8/359)
من أملاك الدولة.. نعم، من أملاك الدولة، 2- فيه قانون كان عندنا، قانون طبعا الانتداب يسموه recausition يعني قانون وضع اليد، للحكومة والإدارة صلاحية أن تضع يدها على أي أرض تعتبر للمصلحة العامة.
فمثلا الجامعة العبرية، هذه ملك أهل القدس، أراضيها و(هداسة) والجامعة العبرية في القدس، هذه صودرت مصادرة من قبل بريطانيا، وأعطوها لمشروع الجامعة العبرية، وقالوا لهم: هاي فلوسكم في البنك ولسنوات طويلة ما كانوا يقبلوا انهم ياخدوا ثمنها، هذا القسم الثاني: أراضي كثيرة صودرت للمصالح العامة على رأيهم، أيضا كانت فيه أراضي..فيه أراضي ملك لإقطاعيين، لأن فلسطين تابعة لولاية بيروت، فكان (السورسو تيان), (شارباتي) عائلات كثيرة لها ملكيات إقطاعية في فلسطين، فيها فلاحين فلسطينيين، لكن ملكية الأرض مش لهم، لكن مزارعين من أجيال، وما كانوش يعرفوا إن هذه الأرض اللي هم فيها ملك لإقطاعيين.
أحمد منصور:
الضغط الذي أشرت إليه، ولد انتفاضة عام 1933، الانتفاضة المشهورة التي وقعت في فلسطين، واندلعت المظاهرات في القدس ثم في باقي المدن الفلسطينية الأخرى لا سيما في (يافا ) ثم اندلعت في القدس مظاهرات أخرى، ومن هنا بدأ النضال أو المشاركة الحقيقية في النضال بالنسبة لك، وأول مشاركة لك وقعت في العام 1933، كيف تصعدت الأمور ووصلت إلى حد الانتفاضة العامة التي ملأت فلسطين، لا سيما المدن الكبرى والقدس على وجه الخصوص؟
بهجت أبو غربية:
انتفاضة 33، الحقيقة أول حركة قامت في فلسطين كمبادرة، معظم حركاتنا كانت رد فعل، في 33 كانت منظمة ومرتبة.
أحمد منصور:
كيف نظمت؟!
بهجت أبو غربية:
كيف نظمت؟ أولا بعد اضطرابات الـ29 والمذابح التي جرت، كان فيه شعور..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا أعود إلى العام 29 وأؤكد أن الأرقام التي ذكرتها بالنسبة لك هي كانت في عموم فلسطين..
بهجت أبو غربية:
(8/360)
نعم.. في عموم فلسطين، الذي حدث إنه هناك شعور، خصوصًا كان عندنا حزب اسمه حزب الاستقلال، وفيه عقليات مثقفة وواعية، قالوا: إنه يجب أن يوجه النضال ضد الإنجليز مباشرة، هذه الاضطرابات اللي حصلت في الخليل، في يافا، في حيفا، كانت عرب مع يهود العدو الرئيسي هو الإنجليز، ويجب أن تنظم حركة نضالية ضد الإنجليز مباشرة.
أحمد منصور:
ليه العدو اليهودي [الرئيسي] هم الإنجليز، واليهود هم المعنيون أصلاً؟
بهجت أبو غربية:
لأن من كان يبني الوطن القومي مش اليهود، الإنجليز، هم القوة الرئيسية، اليهود حتى ذلك الوقت كنا نعتبر قوتهم لا شيء، لولا الدعم البريطاني لهم، إذن الأساس الإنجليز، حتى رفع شعار "إذا فيه شجرة، وأنت متضرر من ظلها تحفر في الظل أواللا تقطع الشجرة؟"، هذا الشعار الذي رفع في عام 33، إذن يجب أن يوجه، هذا ( عزت دروزي) كان من خيرة المناضلين الفلسطينيين في (حزب الاستقلال) يجب أن يوجه النضال ضد الإنجليز مباشرة وبتنظيم منا، مش كرد فعل.
أحمد منصور:
أدينا فكرة عن حزب الاستقلال قبل أن نخوض في هذا؟
بهجت أبو غربية:
حزب الاستقلال كان رئيسه (عوني عبد الهادي) اللي هو سكرتير الأمير فيصل في الحرب العالمية و..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
(الأمير فيصل) أمير العراق آنذاك؟
بهجت أبو غربية:
فيه عزت دروزي وفيه عجاج نويهض وآخرين، كلهم شخصيات نسميهم استقلاليين من أيام الحكومة الاستقلالية في سوريا، من الحكم الفيصلي تقريبًا لهم علاقات..عوني عبد الهادي من أكبر المحامين في فلسطين، عجاج نويهض من أكبر علماء التاريخ، وكان صحفي يصدر مجلة الخ، فمستوى فكري عالي هم أول من..
أحمد منصور:
يعني نستطيع أن نقول إنه كان تيارا وطنيا داخل فلسطين، أو داخل منطقة الشام على وجه العموم في ذلك الوقت؟
بهجت أبو غربية:
نعم، نسميهم الاستقلاليين حزب الاستقلال هو اسم الحزب.
أحمد منصور:
(8/361)
أنا سأفَصل معك الحياة السياسية في المنطقة بعد ما ننتهي من انتفاضة عام 33، تفضل.
بهجت أبو غربية:
نعم، عقد مؤتمر أيضا في تلك السنة في أوائل سنة 33 في شهر شباط أو آذار لمؤتمر الشباب سمي.. وهو مؤتمر لأول مرة يجتمع فيه كل التيارات السياسية شاركت فيه، أيضًا خرج بنفس التفكير وبنفس التخطيط، تبني الحزب العربي الفلسطيني -وهو أكبر الأحزاب- تبني الفكرة وبدأ التنظيم، الفكرة اللي طرحت كانت..
أحمد منصور:
ده هو الحزب العربي الفلسطيني الذي يرأسه الحاج (أمين الحسيني)؟
بهجت أبو غربية:
نعم، الفكرة اللي طرحت في ذلك الوقت، كان يسود العالم أخبار كفاح(غاندي) ضد البريطانيين، فوضعت الخطة على ما يشبه الأسلوب الغاندي..
أحمد منصور:
اللي هو الكفاح غير المسلح؟
بهجت أبو غربية:
نعم، الهنود يسمونه (ساتيا غراها) يعني المقاومة المدنية، ده المعنى، فعصيان مدني ممكن نسميه، فالفكرة كانت على هذا الأساس، في مرحلة التوعية والمحاضرات وما شابه ذلك مضت بسلام، لكن لما انتقلنا إلى المرحلة الثانية الاضطرابات، لأنه رتب إضراب في القدس، بعد أسبوع أو أسبوعين في يافا، بعد أسبوع أو أسبوعين في (نابلس)، بعد أسبوع أو أسبوعين في..، يعني على برنامج أيضا طويل المدى، ويوم المظاهرة يكون إضراب في كل فلسطين، ليس فقط في المدينة المخصصة، وتأتي وفود من جميع أنحاء فلسطين تشارك في المظاهرة في تلك المدينة تتجمع، وعلى رأس المظاهرة يجب أن تسير اللجنة التنفيذية حوالي 80 واحد، اللي هم وجهاء البلاد، وكانوا في المقدمة بما فيهم(موسى كاظم باشا) اللي هو كان رئيس اللجنة التنفيذية، هذا البرنامج يعني، نفذ..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
يعني نستطيع أن نقول إن أول مواجهة منظمة ضد حكومة الانتداب البريطانية على فلسطين كانت مظاهرات أو انتفاضة العام 1933..
بهجت أبو غربية:
التحرك الشعبي هي أول تحرك شعبي منظم مخطط له ضد بريطانيا مباشرة.
أحمد منصور:
(8/362)
اليهود لم يكونوا معنيين مطلقا في تلك الانتفاضة؟
بهجت أبو غربية:
يعني، بنقدر نقول نعم.
أحمد منصور:
كانت كلها موجهة ضد البريطانيين؟
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
ما هي الأسس أو الخطوات التي تم ترتبيها لمقاومة البريطانيين في انتفاضة العام 1933؟
بهجت أبو غربية:
ذكرت قبل قليل إنا أنه كان أولاً المظاهرات، رأسا لما يكون معلن في اليوم الفلاني فيه مظاهرة تعلنه اللجنة التنفيذية مثلا في القدس، ففي اليوم الفلاني فيه مظاهرة، بريطانيا تعمل نشرة، تعمل لوحات، تعمل التعليمات: أنه ممنوع، ممنوع، ممنوع، ومع ذلك تجري المظاهرة، القوات البريطانية تقاومها، يصير اصطدام يعني.
أحمد منصور:
في 13 أكتوبر عام 1933 قامت المظاهرة الأولى في القدس، وشارك فيها 30 ألف متظاهر وكنت أنت من بينهم، في 27 أكتوبر 1933، قامت المظاهرة الثانية في يافا وكان فيها 50 ألف متظاهر وكنت معهم..
بهجت أبو غربية:
لا عفوًا، لم أكن معهم.
أحمد منصور:
لم تكن في يافا، مظاهرة القدس الثانية في 29 أكتوبر 1933، شاركت فيها؟
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
أول مشاركة لك في مظاهرة القدس الأولى في أكتوبر 33، يمكن أن تصف لنا بإيجاز، كيف بدأ العصيان أو أول انتفاضة فلسطينية في ذلك الوقت في أول مظاهرة في القدس؟
بهجت أبو غربية:
(8/363)
صلاة الجمعة في الحرم، خرجنا من الحرم، وكان فيه تجمع في الحرم من أهل القدس، من قرى القدس، ومن مدن فلسطين، خرجنا في البلدة القديمة باتجاه باب الخليل، وعلى رأس المظاهرة كان موسى كاظم واللجنة التنفيذية، وجدوا أنه خروجنا في داخل البلدة القديمة ما قاومونا الإنجليز، بدهم يمنعونا من الخروج لخارج البلدة القديمة، لما وصلنا باب الخليل، وكان برنامج المظاهرة لباب الخليل لشارع يافا، كان فيه قوات هائلة جدا، اللجنة التنفيذية غيرت خط السير في اتجاه باب آخر اسمه الباب الجديد، لما وصلنا الباب الجديد، أنا كنت مع المقدمة التي فيها موسى كاظم باشا واللجنة التنفيذية.
أحمد منصور:
مين أبرز الناس غير (موسى كاظم الحسيني)، من تذكر من القيادات التي كانت على رأس المظاهرة طالما أنك كنت في المقدمة؟
بهجت أبو غربية:
يعني أنا كنت صغير نسبيا.
أحمد منصور:
لكن تعرف الوجهاء؟
بهجت أبو غربية:
طبعا، كان فيه من كل الأحزاب (الحزب العربي الفلسطيني), (حزب الدفاع) كل وجهاء فلسطين موجودين، أما أسماء يعني ما باتذكرشي بالضبط، مثلا (جمال الحسيني) (إميل الغوري) هادول أتذكرهم, لأنهما حزب عربي فلسطيني.
أحمد منصور:
لا تنسب هذه الانتفاضة إلى اتجاه معين، وإنما هي انتفاضة شارك فيها جميع الفلسطينيين في ذلك الوقت، جميع القوى السياسية شاركت فيها تفضل أكمل.
بهجت أبو غربية:
فلما وصلنا للباب الجديد، المنطقة ضيقة اللي في الخلف ألوف، مش عارفين إيش في المقدمة، في المقدمة كان فيه ضرب، وفيه سيارات بوليس بريطاني مسكره الطريق ومسلحة، على الأرض كان فيه عرب، للأسف يعنى كان فيه ضرب الشرطة وصار اشتباكات مع الشرطة و(موسى كاظم) كان في الثمانين تقريبا، وكان خايفين عليه.
أحمد منصور:
أعتقد مات في هذه السنة أو بعدها بسنة؟
بهجت أبو غربية:
في سنتها تقريبا، فأخذوه منا.
أحمد منصور:
البريطانيون؟
بهجت عليان أبو غربية:
(8/364)
نعم، تكومنا عليه مثل خلية النحل، الرئيس، الرئيس، دخلوا وفرقونا عنه، وأخذوه وأدخلوه على مدرسة، لأنه تقريبًا غمي، واشتبكوا معنا، ووقع بعض الجرحى.
أحمد منصور:
طيب عادة أول حدث بالنسبة لحياة أي مناضل أو أي مجاهد أو مكافح أو كذا، بيكون له رد فعل بيترتب عليه إما أن يسير في هذا الطريق، ويحترف السير، وإما أن يتخوف ويتراجع، قل لي مشاعرك بصدق؟
بهجت أبو غربية:
مشاعري نشوة، نشوة أننا نصطدم بالإنجليز والعدو الأساسي، نشوة، نشوة بالفعل يعني، وفرح ومبسوطين ونتمنى ثاني يوم أن ندخل مظاهرة أخرى، ونتمنى أن يكون معنا أحجار ومعنا عصى، لأنه ما كانش معنا شيء اللي نقاوم فيه.
أحمد منصور:
كان واضح في ذهنك في ذلك الوقت المؤامرة التي يقوم بها الإنجليز على بلدك؟
بهجت أبو غربية:
إلى حد كبير، إلى حد كبير الإنجليز بدهم يقيموا لليهود دولة في بلادنا، والهجرة أكبر دليل، والتسليح اليهودي أكبر دليل.
أحمد منصور:
أثر المظاهرة إيه على الفلسطينيين بعد ذلك، وكانت أول مواجهة منظمة؟
بهجت أبو غربية:
الحقيقة رفعت معنويات الشعب، أنه يعني قادر أن يتحرك، قادر أن يقاوم، بدليل أن مظاهرة يافا كان عليها إقبال ومشاركة أوسع، أوسع بكثير.
أحمد منصور:
شارك فيها 50 ألف، وكانت مظاهرة القدس ثلاثين ألفًا؟
بهجت أبو غربية:
نعم..
أحمد منصور:
مظاهرة القدس الثانية كانت في 29 أكتوبر 1933 يعني في نفس الشهر، وبعد مظاهرة يافا التي كانت في 27 أكتوبر بعدها بيومين مباشرة، معنى ذلك أن خطة المواجهة ضد البريطانيين بدأت تتصاعد شيئا فشيئا، هل كان هناك شيء مميز في مظاهرة 27 أكتوبر تختلف عن مظاهرة 13 أكتوبر؟
بهجت عليان أبو غربية:
اللي في القدس؟
أحمد منصور:
اللي في القدس، نعم.
بهجت أبو غربية:
اللي في القدس -الحقيقة- مظاهرة كانت رد فعل لمظاهرة (يافا)، مظاهرة يافا ووجهت بالرصاص..
أحمد منصور:
من البريطانيين؟
بهجت أبو غربية:
(8/365)
من البريطانيين.
أحمد منصور:
وسقط قتلى؟
بهجت أبو غربية:
وسقط فيها عدد كبير من القتلى لم يعرف، لأنه كانوا الناس يخبوا قتلاهم، ويخبوا جرحاهم، لئلا يترتب عليهم مسؤولية تجاه النظام، ومع ذلك، الإحصاءات والأرقام كبيرة، وصار غضبة في القدس.
أحمد منصور:
أنا عندي بعض الإحصاءات تقول إن في مظاهرة يافا اللي كانت في 27 أكتوبر قتل 100 شهيد فلسطيني وجرح مائتان، وفي مظاهرات القدس 9 شهداء و50 جريح ما دقة المعلومات هذه؟
بهجت أبو غربية:
هذه المعلومات صحيحة وأنا شوف عيني مثل ما بيقولوا في مظاهرة القدس القتلى والجرحى وكانت أول صدمة لي أن أتعرض للرصاص، ومع ذلك لم أصب، يمكن ملابسي تلطخت دم من الشهداء، لأنه خذنا الأرض، فكانت أول صدمة، بس عدد القتلى شوف عيني وكنا نناقل فيهم, في الشهداء، وفي الجرحى بصفة خاصة.
أحمد منصور:
شكرا جزيلا لك، كما أشكركم مشاهدي الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة شيخ المجاهدين في فلسطين، بهجت عليان أبو غربية، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج. وهذا أحمد منصور يحييكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/366)
الحلقة2(8/367)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:55(مكةالمكرمة)،19:55(غرينيتش)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
بهجت أبو غربية
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد (بهجت أبو غربية) أحد زعماء النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية.
مرحبا أستاذ بهجت.
بهجت أبو غربية:
أهلاً بكم يا سيدي.
أحمد منصور:
احنا توقفنا في الحلقة الماضية عند مظاهرات العام 1933، التي شاركت فيها، والتي رأيت فيها لأول مرة الشهداء يسقطون أمامك، ترتب على هذه المظاهرات سقوط أكثر من 100 شهيد في (القدس)، وفي (يافا)، علاوة على ما يقرب من 300 جريح من الفلسطينيين سقطوا برصاص البريطانيين الذين كانوا يتولون حكومة الانتداب في فلسطين في ذلك الوقت، ما الذي ترتب على هذه المظاهرات؟
بهجت أبو غربية:
(8/368)
كان لنا في تلك المرحلة أهداف محددة ومعلنة، نسميها الميثاق الوطني، نطالب فيها بوقف الهجرة اليهودية باعتبارها غير مشروعة، بإلغاء وعد (بلفور)، وقف انتقال الأراضي لليهود، الاستقلال، هذي مطالبنا، طبعا اضطرابات أو انتفاضة 33 لم تحقق أي هدف من هذه الأهداف، ترتب عليها أن بريطانيا أرسلت لجنة، وعادتها كانت، كلما تصير اضطرابات مثل الـ29 أو غيرها، ترسل لجنة تحقيق لتوهم الناس أنها ستتوخى العدالة، وتحقق في الأمور، فأوفدت لجنة، اللجنة الحقيقة كانت لجنة(هوب سامبسون) تقريرها لصالح عرب فلسطين، إنه عرب فلسطين يشعرون بخطر على وجودهم، يشعرون بخطر على أراضيهم، وهذا سبب الاضطرابات، أوصت اللجنة ببعض التواصي، يعني تتعلق بمراعاة حقوق شعب فلسطين، شيء عام يعني، لكن لم ينفذ من هذا شيء إطلاقا، والانتفاضة استمرت حوالي شهرين أو 3 يعني، اضطرابات ومظاهرات، وإضراب موظفين، وامتناع عن دفع الضرائب، صار فيه شعور أنه لن ينتج عنها شيء، وقضية اللجنة هذه قضية تسكين وتخدير، بدون فائدة يعني، إذن ما العمل؟ بدأ الشعور بضرورة كفاح مسلح أن المظاهرات والعمل النضالي الشعبي كله لازم، لكن لا يكفي، فيه شيء أخطر وأكبر من هذا يحتاج إلى عمل مسلح.
أحمد منصور:
من الذي قرر هذا الأمر؟
بهجت أبو غربية:
الحقيقة هذا كان شعور عام، هذا كان شعور عام ما أحد قرره، بمعنى مؤتمر أو حزب أو ما شابه ذلك.
احمد منصور:
أريد أن أسألك أيضا عن المكونات الرئيسية للفسيفساء السياسي أو الاحزاب السياسية أو التوجهات السياسية في فلسطين في تلك المرحلة.
بهجت أبو غربية:
(8/369)
بس تعليق بسيط يعني، أنه في تلك المرحلة بالذات وصل لليهود باخرة من بلجيكا محملة بالأسلحة، وفرغت حمولتها في ميناء يافا، وبالصدفة اكتشف تهريب السلاح فيها، باخرة كاملة لتهريب سلاح، هذي تهريب السلاح انكشفت، لأن (الونش) ما كانش فيه ميناء (PORT)، كان فيه ونش، من المواعين ينزلوا البراميل، برميل أسمنت، هي الشحنة شحنة أسمنت، في داخل برميل الأسمنت، فيه علبة كبيرة فيها أسلحة، وأسلحة من نوع خطير، يعني رشاش خفيف، لكنه ممتاز جدًّا.
أحمد منصور:
نوعه إيه؟
بهجت أبو غربية:
نوعه، هو صناعة بلجيكية يسمونه مينشان.
أحمد منصور:
من الذي مول وصول هذه الأسلحة؟
بهجب أبو غربية:
تهريب منظم، كان عند اليهود، هيئات منظمة لتهريبه...
أحمد منصور:
من الذي اكتشف هذه الأسلحة؟
بهجب ابو غربية:
اللي اكتشف أنه برميلين سقطوا من هالونش. العرب، اللي في الميناء عرب وشرطة وغيره وجمارك، وقعوا البرميلين، انكشف البرميل وترمى السلاح والذخيرة على الارض، فركض وأخبروا البوليس، راحوا يفتشوا وين وين، كان فيه سيارات (شاحنات) تنقل أول أبول، الشاحنات كانت توديها على اطراف تل أبيب، في منطقة يسمونها المعرض، تل أبيب، ترمي هناك، ولما أجا البوليس واتدخل، المحل اللي بتفرغ فيه ما فيش، كان فيه سيارات أخرى تحملها وتوديها الى مستودعات في شركة لليوم موجودة، شركة مقاولات مشهورة (سليلها بنيه)، مستودعات (سليلها بنيه)، لأن كل هذا انكشف فيما بعد وانعرف في مدة قصيرة، الانجليز عرفوه، الانجليز على ما نشر فيما بعد نصحوا اليهود، أنه يا أخي، لا تهربوا اسلحة بهذا الشكل، جيبوا المصنع انتوا وحطوا عليه مصنع بندورة أو معلبات برتقال، والمجمرك العربي ما بيقدرش يعرف هذا مصنع سلاح واللا مصنع...، وفعلا صار عند اليهود مصانع سلاح، في 1948 كان عندهم مصنعين أو 3 ذخيرة وأسلحة، التهريبة هذه تركت رد فعل عندنا وبدينا نتسلح حتى...
أحمد منصور:
(8/370)
أنت قلت لي في الحلقة الماضية أن توجهكم للمقاومة كان ضد البريطانيين بالدرجة الأولى، أنتم كنتم غفلانين عن اليهود أم لم يكن لهم الوزن الذي يقتضي المقاومة؟
بهجت أبو غربية:
هذا كان شعورنا، شعورنا أن العدو الرئيس والخطر الرئيسي هم البريطانيين، بيننا وبينهم بس كان ما فيش مشكلة.
أحمد منصور:
الشعور العام الذي ذكرته بعد أحداث 1933 من ضرورة المقاومة المسلحة، هذه المقاومة كانت موجهة ضد اليهود واللا ضد البريطانيين؟
بهجت أبو غربية:
ضد الإنجليز.
أحمد منصور:
ضد الإنجليز، حتى الآن لم تكونوا تضعون اليهود كعدو أول بالنسبة لكم في فلسطين؟!
بهجت أبو غربية:
العدو الأول بريطانيا.
أحمد منصور:
قضية السلاح هذه واكتشافها، هل وجهت أنظاركم تجاه اليهود؟
بهجت أبو غربية:
ما فيه شك، أشعرتنا بخطورة اليهود وبخطورة يعني استعداداتهم يعني، لكن ظل الشعور بأن أي ثورة قادمة يجب أن تكون ضد البريطانيين، وهذا ترتب عليه فيما بعد حركة (الشيخ عز الدين القسام) رحمة الله عليه.
أحمد منصور:
سآتي لها بعد أن تفصل لي وضع الحياة السياسية والأحزاب السياسية في فلسطين.
بهجت أبو غربية:
سأتكلم عن الأحزاب التي تفضلت بها، الأحزاب السياسية، يا سيدي، الواقع أنه لحد قبل الـ33 ما كان في فلسطين أحزاب مرخصة منظمة، وكذا.. وكان فيه تجمعات، فيه تجمع يسمى (المجلسيين) أو (جماعة الحسيني)أو (المفتي) فيه تجمع آخر كبير اسمه (النشاشيبي) أو بلدية القدس، أو ما شابه ذلك، دول تجمعين كبار، طبعا ما فيش نسبة، يعني، تجمع المعارضة، كنا نسميهم (جماعة النشا شيبي) بالنسبة لتجمع المفتي أو (جماعة المجلسيين) لا شيء. يعني بدك تقول تقول نسبة 80% من شعب فلسطين كان مع التنظيم الرئيسي، وقلت إنه كان فيه أيضا مثلا (حزب الاستقلال) حزب الاستقلال كان موجود، لكن قلة.. صفوة ..
أحمد منصور (مقاطعًا):
(8/371)
يعني لم يكن حزبا شعبيا بقدر ما كان حزب الصفوة المفكرين المثقفين.
بهجت أبو غربية:
لم يكن له قواعد شعبية.. بالضبط نخبة، فالذي حصل أن..
أحمد منصور:
كان فيه حزب شيوعي؟
بهجت أبو غربية:
كان فيه، نعم.
أحمد منصور:
كان فيه (حزب الإصلاح)؟
بهجت أبو غربية:
فيه نعم، حزب الإصلاح كان (عبد اللطيف صلاح) نعم.
أحمد منصور:
(حزب الدفاع) أو حزب عائلة النشاشيبي.. فيه علامات استفهام ألصقت به، أو علامات اتهام حوالين علاقته بالبريطانيين في ذلك الوقت، أو شبهات أثيرت ما مدى دقة هذه الأمور؟
بهجت أبو غربية:
ما فيه شك فيها لأنه في تلك المرحلة كان فيه شعور وفيه مؤشرات يعني أن (جماعة النشاشيبي) أميل لنوع من التساهل مع السياسة البريطانية، وأن العنف ما فيه منه فائدة، ومن ذلك الوقت كان حزب…اللي سمي فيما بعد يعني في الـ34 تقريبا وشكل بشكل منظم، حزب الدفاع كان له علاقات مباشرة مع (الأمير عبد الله) في الأردن، الأمير عبد الله في الأردن كان معروف أن فيه الإنجليز والجيش البريطاني هنا وإلى أخره، أن سياسته كانت مع بريطانيا بالربط بين الجهتين بأن هؤلاء مع السياسة بالبريطانية، لكن ما كان فيه شيء ملموس بمعنى انحرافات أو ما شابه ذلك، بالعكس كانوا بيشاركوا في النضال الوطني.
أحمد منصور:
لكن التوجه العام هو توجه ممالأة السياسة البريطانية.
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
في أعقاب أحداث 33، هذه الصورة السياسية التي أشرت إليها، بدأ التفكير في الكفاح المسلح ضد البريطانيين؟
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
وحتى الآن أنت تذكر أنه لم يكن شيء موجه ضد اليهود، في الوقت اللي انت ذكرت فيه برضه أن اليهود كانوا قد بدؤوا يقوموا بتجمعات مسلحة، وعصابات الهاغاناه كانت موجودة وغيرها، أبرز و أول حركة بدأت تتوجه بشكل مسلح كانت حركة الشيخ (عز الدين القسام)، ماذا تعرف عن (عز الدين القسام)؟
بهجت أبو غريبة:
(8/372)
يا سيدي العزيز، أولا: أحب أن أقول إنه حتى في نفس الفترة التي كانت فيها حركة الشيخ عز الدين القسام كانت بدأت تنظيمات سرية عربية قد بدأت ممكن تسميها خلايا ثورية، أصدقاء، عمال بيعرفوا بعضهم، أقارب، كذا، بدأت عملية تسليح الحقيقة.
أحمد منصور:
ذاتي؟
بهجت أبو غربية:
ذاتي.
أحمد منصور:
يعني مجموعات وخلايا..
بهجت أبو غربية:
تسلح نفسها تشتري لها مسدس، تشتري لها شيء من هذا النوع، على أساس أنه هناك خطر قادم، خلينا نتسلح، خصوصا بعد التهريب الكبير للأسلحة لليهود. لكن الشيخ (عز الدين القسَّام)رحمة الله عليه، أقام تنظيم مسلح، تنظيم كبير في(حيفا) الشيخ عز الدين القسام -كما ذكرت- أنا تعرفت عليه في ذلك الوقت، ولم أكن من تنظيمه، كان سني صغير، كنت في الرابع ابتدائي او الخامس ابتدائي فيما بعد، بمعنى ابن اثني عشرة سنة، كنت في (حيفا) مع أخي، وكان أخي معلم في المدرسة الإسلامية، الشيخ عز الدين، رحمة الله عليه، معلم في الإسلامية، كان أحيانا يزورنا في البيت حتى، وكان يلاعبنا، يلاطفنا كطفل صغير، وكان فيه ود يعني، بيني وبينه، كنت أحضر بعض دروسه في جامع الاستقلال، كان واعظ في جامع الاستقلال في نفس الوقت، وكان درسه نسمي الدرس، كان عليه إقبال شعبي، ويحض على مقاومة الإنجليز.
أحمد منصور:
صفات هذا الرجل إيه؟ الآن حركة حماس تسمي الجناح العسكري كتائب الشهيد (عز الذين القسام) كثير من الناس لا يعلمون شيئا عن(عز الدين القسام) صفات هذا الرجل..أفكاره التي كان يدعو إليها.. إعجاب الناس به والتفافهم من حوله؟
بهجت أبو غربية:
(8/373)
يا سيدي، الشيخ عز الدين القسام، كل المراجع التاريخية تقول بأنه هو تتلمذ في الأزهر على الشيخ (جمال الدين الأفغاني) و(الشيخ محمد عبده) وكذا. اللي كان عندهم نوع من التطلع، لنوع من التجديد بلاش نقول الشعائر في المسالك الإسلامية، والنهوض الإسلامي، وشارك في (ثورة العلي) في جبل الدروز ضد فرنسا قبل مجيئه لفلسطين، حمل السلاح وقاتل.
أحمد منصور:
في سوريا؟
بهجت أبو غربية:
في سوريا، سوريا وفلسطين.
أحمد منصور:
هو سوري الأصل.
بهجت أبو غربية:
نعم هو من جبلة في قضاء (اللاذقية)، سوريا ولبنان، والأردن، وهذا. كلها بلد واحد تعتبر بلاد الشام خصوصا أهل مصر، ما يعرفوش سوريا، ولا فلسطين يعرفون شامي، وهذا كان صحيحا.
أحمد منصور:
الآن الشام اختزلت في دمشق!
بهجت أبو غربية:
الآن حجمت، هو لما هدأت الثورة كان الشيخ (كامل القصاب) أيضا من الثوار. وجاء لحيفا وصديقه وزميل نضاله، وكان مدير للمدرسة الإسلامية، فسعى وشجعه، وجاء إلى حيفا وتعين معلم في الإسلامية.. المدرسة الإسلامية، لكن كما قلت هو شرع في تنظيم، والتنظيم يعني قام على الناس البسطاء الفقراء، رواد المساجد، وحيفا كانت بلد مينا، وفيها عدد كبير من العمال، عمال مصريين، سودانيين، حوارنة، يعني أعداد كبيرة يعني كانت من العمال فيها، هم معظم تلاميذه وتنظيمه.
أحمد منصور:
هو بدأ تنظيمه هذا في العام 1925؟
بهجت أبو غربية:
تقريبا.
أحمد منصور:
لكن بدأ عملياته العسكرية المسلحة في العام 1935، أي قضى 10سنوات في إعداد وترتيب التنظيم بتاعه، تفضل.
بهجت أبو غربية:
الشيخ عز الدين -الحقيقة- كان راجل عاقل وواعي ومجرب الثورة، مجرب فرنسا مثلا، فعلى الأرجح يعني، كما تروي المصادر التاريخية أنه كان متريث في بدء القتال يعني، لكن الأمور فرضت نفسها وبعض تنظيماته عملت بعض عمليات عسكرية، وبدأ التنظيم يكشف.
أحمد منصور:
(8/374)
إيه شكل التنظيم؟ معلوماتك إيه عن تنظيم عز الدين القسام؟
بهجت أبو غربية:
خلايا سرية
أحمد منصور:
خلايا سرية عنقودية متسلسلة
بهجت أبو غربية:
وكل واحد يتسلح من نفسه، من ماله، وذخيرته من ماله، يعني مع نوع من التوجيه الديني والوطني، وإشعار الناس بضرورة خطورة الأوضاع وضروة الجهاد.
أحمد منصور:
طيب أنت في الفترة من 25 إلى 35 كنت قد أصبحت شابا عمرك 19 عاما حينما بدأ عز الدين القسام الثورة المسلحة الفعلية ضد البريطانيين، وضد اليهود أيضا، كان موجه ضد الاثنين.
هل لك كان ليك أي علاقة الآن؟ من المؤكد أن علاقتك تطورت بعز الدين القسَّام، هل كان لك علاقة مباشرة بالرجل في تلك المرحلة؟
بهجت أبو غربية:
ما حصليش الشرف الحقيقة، لكن احنا كنا في القدس، كنا مجموعة من أصدقاء مدرسة، وأصدقاء جيران وغيره، كنا عاملين تنظيم، ولما بدأت حركة القسام في 35 تمنينا أن يكون لدينا معرفة فيه، وأتعاونا، وتكون العملية أوسع.
أحمد منصور:
يعني نقول إن اندلاع ثورة القسام المسلحة في العام 1935 دفعت الحماس في نفوس الفلسطينيين بشكل عام، وأدت إلى تشكيل حركات أو تجمعات أو خلايا مسلحة أخرى في كل أنحاء فلسطين.
بهجت أبو غربية:
هذا كلام صحيح، مع أنه كانت بعض الخلايا مشكلة يعني، لكن هذا أدى إلى توسعها وإلى استعدادها الأكثر لبدء القتال.
أحمد منصور:
ما طبيعة العمليات اللي نفذها القسام، وأدت إلى أن حركته المسلحة لم تستمر طويلا، واستشهد الرجل في نفس العام تقريبا الذي بدأ فيه كفاحه المسلح؟
بهجت أبو غربية:
للأسف حركته لم تستمر فترة طويلة، نعم والسر كما قلت هو كان يشعر بأن لم تكمل استعداداته ولكنه كان مضطر لأن بعض الخلايا تنكشف.
أحمد منصور:
يعني فرضت عليه المعركة؟
بهجت أبو غربية:
(8/375)
فرضت عليه المعركة، لم يختر ساعة الصفر، وخرج إلى الجبال، وكان فيه معلومات صار عند الإنجليز، ولاحقوه قبل أن يعني تتوسع الحركة، وأن تتنظم، الاشتباك اللي حصل معه، هم كانوا سبعة أو ثمانية أشخاص فقط، ولما تجمع عليهم كل شرطة فلسطين، وكل جيش الإنجليز، وكل قوات حدود شرق الأردن، ما فيه مناص، مع أنه كان له خلايا في بعض القرى، لكن بمعركة سريعة قضوا على الحركة، وهو -رحمة الله عليه- رفض الاستسلام، واللا كان ممكن يصير استسلام، بس هو رفض ذلك.
أحمد منصور:
استشهد في 20 نوفمبر 1935، واندلع بعده الكفاح المسلح.
بهجت أو غربية:
هذا استشهاده هذا ترك أثر أكثر من الحركة نفسها، نفس عملية الاستشهاد، عملت حقد وعملت ثورة نفسية عند الناس.
أحمد منصور:
ضد من؟
بهجت أبو غربية:
ضد الإنجليز، لأنهم قتلوا القسام، وهذا عبروا عنه في جنازة ضخمة جدا جدا، حصلت في حيفا، جنازة للقسام هذا ثاني يوم، جنازة من أضخم ما يمكن حصلت في حيفا..
أحمد منصور:
لم تشارك فيها ولم ترها؟
بهجت أبو غربية:
أنا.. لا.
أحمد منصور:
لكن سمعت بها؟
بهجت أبو غربية:
سمعت بها، وحتى أذكر في ذلك اليوم، الإنجليز صدروا بيان"عصابة من الأشقياء، كذا، كذا جريدة فلسطين عملت (مانشيت) "بررة أتقياء لا فجرة أشقياء أيتها الحكومة" ومقال ناري، وكل الصحف مقالات نارية، والشعب نفسه يعني صار عنده روح ثورية ضد الإنجليز وطبيعتها,، وضد الأخطار، وضد كذا، لكن أيضا ثأرا للقسام واقتداء بالقسام صار فيه استعداد للكفاح المسلح.
أحمد منصور:
أنت رجل محترف قتال، وأنت ذكرت لي نقطة مهمة جدا أن الرجل في العام 35 لم يكن قد أعد تنظيمه بشكل جيد أما تكفي عشر سنوات؟
بهجت أبو غربية:
مش بشكل جيد، عفوا، بشكل كامل.
أحمد منصور:
بشكل كامل أما تكفي 10 سنوات لإعداد تنظيم مسلح، أم أن فعلا قضية التنظيمات المسلحة، هذه تحتاج إلى سنوات طويلة وإعداد طويل للناس؟
بهجت أبو غربية:
(8/376)
الحقيقة أن الشيخ عز الدين -رحمة الله عليه- أعتقد أنه يعني في كذا سنوات مرت عليه وهو يهيئ الناس ذهنيا، وليس تنظيميا، وهذا مهم فالتهيئة النفسية للناس، حتى يحمل سلاح، حتى يموت؛ لأنه يستشهد، هناك قوة جبارة مقابلة، والإنجليز، فيكون قضى فترة طويلة مش في التنظيم، بل في إعداد التيار للكفاح المسلح وللتهيئة والاستعداد النفسي. وفيما بعد، طبعا بيكون أخذ وقت، خصوصا يعني، ما فيه موارد مالية اللي تساعد على التسليح، ما في تشجيع أيضا من أطراف أخرى سياسية.
أحمد منصور:
ذكرت لي أنك أيضا، مع مجموعة من رفاقك، كان لديكم خلية يعني، مسلحة وكنتم تفكرون في النضال وفي الكفاح في ذلك الوقت، شأنكم شأن كثير من الفلسطينيين، استشهاد عزالدين القسام في 20 نوفمبر 1935 دفعكم مع آخرين أيضا إلى التفكير في مواجهات، أو بداية مواجهات مع البريطانيين. أنت رأيت البريطانيين وهم يقتلون عشرات الفلسطينيين في مظاهرات العام 1933، تلطخت ملابسك بالدماء، سعيت في حمل الجرحى والشهداء، ترك أثر في نفسك، ما هو الأثر الذي ترك في نفسك، من 33 إلى مقتل القسام في نوفمبر 35، تجاه البريطانيين؟.
بهجت أبو غربية:
الحقيقة أن الحقد على الإنجليز يعني تأصل في مظاهرات الـ33 لما أطلقوا الرصاص بدون تمييز بغية القتل، وليس لتفريق الناس، وفي نفس الوقت الشعور بأنهم عمال يبنون دولة يهودية في أرضنا، وعلى حسابنا.
وبدأت الهجرة تزداد، وبدأ الخطر يزداد، فيه شيء يعني أحب أن أذكرها في تلك المرحلة قبل حركة القسام -رحمة الله عليه- احنا مارسنا بعض النشاط التنظيمي وبتوجيه -تقريبا- غير مباشر من (جمال الحسيني) لا أدري، لكن هذا اللي حصل، مع أن كان الجو كان لابد أن يكون قتالنا كله ضد الإنجليز، كان لنا توجيه أن هؤلاء اليهود تهمهم الناحية المالية، فأحرقوا (دكاكينهم) محلاتهم، وقمنا بعدة عمليات حرق مخازن اليهود في القدس.
أحمد منصور:
شاركت أنت في عمليات الحرق؟
(8/377)
بهجت أبو غربية:
شاركت فيها.
أحمد منصور:
قل لي بقى إزاي كنت تحرق الدكاكين؟
بهجت أبو عربية (ضاحكا):
يعني، مثلا، كان فيه مثلما يسمونه اليوم (السوبر ماركت) (زيلبر اشتايم) مطبعة ومخزن ورق للمطبعة وفوقه طابق كبير جدا لأدوات منزلية وفوقه طابق للفرش، فرحت أنا وسامي الأنصاري -الله يرحمه-، كان زميل دراسة.
أحمد منصور:
كان لك قصص طويلة مع سامي الأنصاري..
بهجت أبو غربية:
كان معنا (غالونين) [وعاءان] من البنزين، وكنا مخترعين فتيل، احنا اخترعناه، فتيل كان عندنا البدو في القرى عشان السيجارة فيه قداحه، وفيه فتيل خاص قطني، هذا بس ولعه صغيرة بيشتعل، فكنا نحط في الفتيل عدد كبير من عيدان الكبريت، ونخلي طرفها ما فيهوش عيدان كبريت.
أحمد منصور:
ده اختراع يدوي؟
بهجت أبو غربية:
اختراع يدوي، بالسيجارة لما نعطي السيجارة لـ... تمسك القطن هذا، وتسري فيه النار لحد 5 سم، معناته 5 دقائق، ونكون حاطين عيدان كبريت، نعمل الفتيل هذا اللي نسميه توقيت ونبعد، 5 دقائق، بتمشي مسافة، بيوصل للكبريت، الكبريت يشتعل لما تصله النار، وتصير لهبه كبيرة وتزيد.
أحمد منصور:
لكن احتمال -أيضا- أن الأمور متصيرش، والسيجارة تنطفئ.
بهجت أبو غربية:
ولا مرة، ولا مرة.
أحمد منصور:
كله كان ...
بهجت أبو غريبة:
كله ضبط.
أحمد منصور:
حرقتم كم محل؟
بهجت أبو غريبة:
لأننا كنا نعمل 4 فتايل، ونعمل كوم من الفتيل مربط، والكوم فيه كبريت أو كبريتين، فتصور لما تولع كبريتين دفعة واحدة.
أحمد منصور:
علبتين تعني؟
بهجت أبو غربية:
علبتين كبريت، معناته أن البنزين مش ممكن إلا يأخذ النار اشتعل فعلا المحل وصار فيه خسائر كبيرة وإطفائية، وبعد نصف ساعة رحنا نتفرج على المحل...
أحمد منصور:
كأنكم ما عملتوش حاجة، كم محل حرقتموه بالشكل ده؟
بهجت ابو غربية:
والله يعني بدك تقول، حوالي اربعة محلات. في محل بوسط شارع يافا...
أحمد منصور:
(8/378)
محلات كبيرة، بتحرك فردي، بدون تحديد للأهداف التي لكم..
بهجت ابو غربية:
لا كلنا نعمل استطلاع، يعني مثلا هذا زلبر اشتايم.
أحمد منصور:
يعني انتوا الأثنين كنتم تعتبروا خلية لوحدكم.
بهجت أبو غربية:
لا، إحنا خلية كبيرة. لكن اتصرف بعضنا لأن زملاء صف واحد مع الصداقة الكبيرة، والعملية لا تحتاج أخرى، وبعضنا كان يعمل برضه أعمال أخرى مشابهة... حرائق برضه.
أحمد منصور:
يعني شكل الكفاح هنا، أو بدأتم النضال هنا بعمليات حرق لمحلات اليهود؟ الآخرين كان بيعملوا إيه؟ إيه الأعمال الأخرى التي كنتم بتقوموا بها.
بهجت أبو غربية:
مش أكثر.
أحمد منصور:
كلها عمليات حرق لحاجات لليهود، إيه اللي كان موجه للبريطانيين في ذلك الوقت؟
بهجت أبو غربية:
كعمليات ضد البريطانيين كانت تصير مظاهرات برضو فرعية، وما شابه ذلك، لكن عمل عسكري بالنسبة لمنطقتنا لا أذكر عمل عسكري مباشر. أنا باقولك كان فيه شغلات يعني ما عليش نتكلم فيها، كان فيه 2 من قطاع الطرق، أبو جلدة والعرنيط، هادول بدأوا حركتهم في الجبل كقطاع طرق، الأنجليز يطاردوهم كذا سنة ومش قادرين يقضوا على حركتهم، صار لهم شعبية، لا لأنهم بيقاوموا الأنجليز، مع أنهم قتلوا ضابط بوليس قدسي، من أبناء القدس، مع ذلك صار لهم شعبية ، ليش، لأن الأنجليز مش قادرين يتغلبوا عليهم، بعدين مسكوهم وأعدموهم الاثنين. ولكن لفترة طويلة كان أبو جلدة مضرب مثل، كل واحد شجاع شقي كان يقول أنا أبو جلدة. صار فيه حركات سرية مجهولة، الكف الأسود وما شابه..ما فيش بارز...
أحمد منصور:
نستطيع ان نقول إنه كان فيه تجمعات كثيرة متناثرة، كل منها يسعى لمقاومة البريطانيين وكذلك اليهود في ذلك الوقت دون أن يكون هناك أي شكل من اشكال التنسيق الجماعي بين هؤلاء.
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
(8/379)
بعد ذلك اندلعت ثورة عام 1936، واستمرت إلى عام 39، وبدأت بإضراب استمر لمدة ستة أشهر ووصف بأنه من أطول الإضرابات الجماعية التي تمت في خلال تلك الفترة، ما هي الإرهاصات التي سبقت ثورة العام 1936؟ أو ما سمي بالثورة الفلسطينية الكبرى؟
بهجت أبو غربية:
يعني باقدر أقول بإيجاز عدم الحصول على نتائج لتحركات وانتفاضة 1933.اثنين اكتشاف تهريب السلاح عند اليهود، والتنظيم المسلح ، ثلاثة ازدياد الهجرة، بصفة خاصة الهجرة، الهجرة يا سيدي سنة 1935 ، الهجرة كان مالهاش حد، المندوب السامي الاصطلاح اللي كان شائع-هو الذي يقدر قدرة البلاد على الاستيعاب فيقرر، السنة هذه عشرين ألف و...، سنة 1935 المندوب السامي، وبشهادات هجرة رسمية، 65 ألف وكسور يهودي أعطوا شهادات هجرة رسمية، في سنة الـ35، ونفس المندوب السامي خطب وقال في نابلس،،كان هناك تهريب.. تهريب من الأردن، وتهريب من سوريا، وتهريب من البحر، وتهريب من لبنان، وكنا نلمسه لمس اليد، تهريب يهود غير الخمسة والستين ألف، فقال المندوب السامي: أخشى أن يكون عدد اليهود المهربين، كما يسمى، أكبر من العدد الذي دخل بشهادات هجرة.
بمعنى فوق 120 ألف يهودي دخلوا، هذا من أكبر أسباب الاستعداد للثورة والاضطراب، وجاءت حركة الشيخ عز الدين القسام تقود الكفاح المسلح، شعور بالخطر على المستقبل، كل هذه الأسباب متجمعة.
أحمد منصور:
اندلعت الشرارة الكبرى لثورة 1936 في 15 أبريل 1936، ما هي الإرهاصات التي سبقت هذه الشرارة الكبرى؟
بهجت أبو غربية:
أنا ذكرت يعني، الظروف اللي هيأت للثورة، ومنها استشهاد الشيخ عز الدين القسام، وحصل نوع من التعبئة النفسية عند الناس، الاستعداد النفسي عند الناس كبير، وكان لا يحتاج إلا إلى شرارة حتى يحملوا السلاح ويقاتلوا، فالحادث اللي (بتتفضل فيه) كان حادث يعني، جزئي، سيارة وكمين مسلح..
أحمد منصور:
(8/380)
يشبه تماما الحادث اللي أدى إلى اندلاع الانتفاضة في 1989.
بهجت أبو غربية:
بالضبط الشبه واضح، فيه كبت، واستعداد نفسي، وتهيؤ. شرارة تحدث الانفجار، فاللي بدأوا بالانفجار اليهود، لأن 2 قتلوا على طريق (طولكرم) من نابلس، يهود في bus، يهود راحوا قتلوا عمال في بيارة، حارس بيارة، وصاروا كل سيارات عرب تمر من (تل أببيب) وملبس وهذيك الجهات يرجمونها بالحجار(يافا)أضربت وعملت رد فعل برضه، مجرد أن أضربت يافا أضربت كل فلسطين.
أحمد منصور:
يعني كانت الاتصالات في ذلك الوقت لا تشبه الاتصالات السريعة الآن، التليفزيونات، التغطيات الإخبارية، وغيرها من الأمور.
بهجت أبو غربية:
ما فيه.
أحمد منصور:
كيف انتشر الخبر بسرعة، ووصل إلى عموم فلسطين، أن تشارك في أطول إضراب استمر ستة أشهر؟
بهجت أبو غربية:
كان الأمر سهل، لأن فلسطين مش كبيرة، ثم الصحف، الصحف-في الحقيقة- حتى الثورة كانت لها حرية صحافة لا بأس بها.
أحمد منصور:
إيه أبرز الصحف التي كانت موجودة؟
بهجت أبو غربية:
الصحف التي كانت تصدر في ذلك الوقت أقدمها فلسطين (جريدة فلسطين).
أحمد منصور:
من كان يملكها؟
بهجت أبو غربية:
كان (رَجا عيسى) وأبوه (داود بندلي العيسى) وهو صاحبها، ثم رجل وهو موجود (رجا) حتى اليوم، وكان عمه (بند لي) وكان هذول أصحابها، دار العيسى بالنسبة للدفاع كانت الجريدة الثانية كانت (لأولاد الشنطي) (إبراهيم الشنطي وإخوانه) وكذا.
أحمد منصور:
يعني كانت عائلات، لم تكن صحف حركات سياسية؟
بهجت أبو غربية:
لا، بس التحرير.. لا، الملكية، لكن التحرير كان فيه مقالات لكل واحد قادر على الكتابة كان يتاح له المجال، وما كانش فيه رقابة بريطانية كبيرة على الصحف في الحقيقة.
أحمد منصور:
(8/381)
طبيعة الخطاب في الصحف الفلسطينية في ذلك الوقتن كان إيه؟ أنتم تصدرون صحف ضد حكومة الانتداب، وتهاجمون حكومة الانتداب، وتطالبون بالتحرير وتطالبون بالمقاومة ضد اليهود، ولا يتدخل البريطانيين لإيقاف هذه الصحف؟!
بهجت أبو غربية:
لحد الثورة، لا، لم تكن تتدخل -في الحقيقة- لكن عندما صارت الثورة صارت كل جريدة فيها مراقب. وكل حرف يكتب يا بيجيزه أو يمنعه..
أحمد منصور:
بريطاني؟
بهجت غربية:
لا، يكون موظف عربي، الرئيس (مستر تويدي) مدير قلم المطبوعات، كان إنجليزي، وعنده مساعدين عرب يعني، لكن ما فيه شيء ينشر إلا بتوجيهات (مستر تويدي)طبعًا، فما أردت قوله إن الصحيفة الأخرى التي كانت هي(الجامعة الإسلامية)وكان يصدرها الشيخ (سليمان تاج الفاروق) كانت تعتبر -الحقيقة- جريدة (فلسطين) وجريدة (الجامعة الإسلامية) من معارضة (الحاج أمين)، لكن مقالاتها وكذا مقالات وطنية يعني، بالنسبة (للدفاع) يعني كانت حيادية، كان للحزب العربي الفلسطيني أيضا جريدة، اسمها (الجامعة العربية) شوف التوجه، الجامعة العربية، والحزب الحزب العربي الفلسطيني.
أحمد منصور:
توجه قومي عربي؟
بهجت أبو غربية:
توجه قومي عربي، مع أن رئيسه (الحاج أيمن) رجل دين، ومفتي القدس، ورئيس المجلس الإسلامي.
أحمد منصور:
سنأتي إلى الحاج أمين الحسيني فيما بعد لا سيما وأنت لك به علاقة كبيرة ما هي المظاهر الأساسية الآن التي بدأت في ظل الإضراب ضد البريطانيين في ظل الثورة، التي اندلعت واستمرت حوالي 3 سنوات، ماذا فعل الفلسطينيون ضد البريطانيين، وضد اليهود في العام 36؟
بهجت أبو غربية:
(8/382)
يا سيدي أولا الإضراب في حد ذاته كان تعبير. وباحب أقول أن الإضراب كان بحماس منقطع النظير، يعني إقبال الناس عليه، وكنت أرى النشاشيبي والحسيني، يعني كافة الأحزاب في الشارع تشجع على الإضراب وتحرس الإضراب من الاختراق، وبدأت الحكومة البريطانية في الاعتقالات، لكن الشيء اللي باحب أركز عليه، بعد ما انتشر الإضراب في كل فلسطين بأسبوع حصل اجتماع في القدس، وأنا كنت في الشارع، يعني الاجتماع في بناية، ونحن الشباب في الشارع، الاجتماع حضره كل قادة الأحزاب في فلسطين كلهم، ولأول مرة الحاج (أمين الحسيني) يقوم بنشاط سياسي من هذا النوع، كان دايما هو الأب الروحي بصفته موظف في حكومة الانتداب، هو رئيس الحزب العربي الفلسطيني، لكن بدون ما يكون رسميا، هو يشارك في العمل الوطني، ولكن بدون ما يكون رسميا، المرة الأولى يعني بدأت في ذلك اليوم برئاسته صار الاجتماع، وشكلت الهيئة، اللجنة، عفوا، فيما بعد صار اسمها الهيئة اللجنة العربية العليا، وبرئاسة الحاج أمين الحسيني.
أحمد منصور:
كانت تضم من؟
بهجب أبو غربية:
كانت تضم كل الأحزاب ومستقلين، يعني كان مثلا الحاج أمين الحسيني، كان راغب النشاشيبي، حزب الدفاع، كان الدكتور حسين الخالدي، كان عبد اللطيف صلاح، كان حزب الأستقلال عوني عبد الهادي، وكان آخرين من بعض الأحزاب مثل (جمال الحسيني) كان من الحزب العربي، إميل الغوري من الحزب العربي، فؤاد سابغ وكان مستقل وكان فيه كمان واحد مسيحي برضه من حزب الدفاع، المهم هذه اللجنة شكلت في جو عاصف الحقيقة يعني.
أحمد منصور:
إيه أهم اهدافها؟
بهجت أبو غربية:
(8/383)
هذا هو المهم، البيان اللي صدر عنها كان يتحدث عن نقطتين، يعلن تشكيل اللجنة لكل فلسطين كقيادة يعني للسيطرة على حركة الجماهير، الشيء الثاني استمرار الإضراب -الإضراب كان ماشي، مش إعلان الإضراب، استمرار الإضراب، وأنا كاتب في مذكراتي- وهذه حقيقة في الأسبوع اللي أعلنوا فيه استمرار الاضراب كان الشعب سابقهم وبدأ يحمل السلاح ويقاتل الإنجليز.
أحمد منصور:
يعني هم ما كانوش قرروا المواجهة المسلحة؟
بهجت أبو غربية:
أبدا.
أحمد منصور:
لكن الشعب..
بهجت أبو غربية:
هم ما قرروش الإضراب، هم قرروا استمرار الاضراب، ما قرروش الكفاح المسلح، كانوا هم بس ينظموا أنفسهم حتى يسيطروا على حركة الجماهير، ضروري تكون فيه قيادة لحركة الجماهير، لكن أحيانًا السيطرة على حركة الجماهير توجهها للكفاح وهذا وأحيانا تحجم حركتها.
أحمد منصور:
هي حجمت أم وجهت؟
بهجت أبو غربية:
لا، ما استطاعتشي تحجم أصلا، ما استطاعت.
أحمد منصور:
هل حاولت أن تحجم؟
بهجت أبو غربية:
والله لا أستطيع أن أقول إنها حاولت أن تحجم، لكن الشيء كان أكبر منها حتى.
أحمد منصور:
لكن هي تدخلت لاستيعابه.
بهجت أبو غريبة:
لكن مثلا يوم الاجتماع كان (ديزن كوف) رئيس بلدية (تل أبيب) عامل خطاب ومهاجم العرب وشاتم العرب وإلى آخره.
أحمد منصور:
بريطاني طبعًا؟
بهجت أبو غربية:
يهودي، رئيس بلدية تل أبيب (ديزنكوف)، فطلب في الاجتماع من رئيس بلدية القدس اللي هو الدكتور حسين فخري الخالدي، ألق خطاب هاجم فيه، رد على(ديزنكوف)، فالحاج أمين عمل له حماية: لا، لأنه رئيس بلدية وبكرة يعزلوه إلى آخره.
أحمد منصور:
يعزلوه، الموظف هذا لدى البريطانيين؟!
بهجت أبو غربية:
(8/384)
الأثنين موظفين، قصة الكبح يعني، فثارت الشباب إلا غير الدكتور حسين فقال الحاج أمين: أنا باخطب عنه، فقالوا له: أنت خير وبركة، لكن بدنا الدكتور حسين، طلع راغب النشاشيبي اللي كان خصمه في الانتخابات قبل سنة على رئاسة البلدية، برضه خطب: إلا غير يخطب الدكتور حسين الخالدي، هذا من سيطرة الجماهير، ومش العكس.
أحمد منصور:
وأنا هنا نقطة خطيرة، إلى هذه الدرجة كان قادة الكفاح المسلح الفلسطيني موظفين لدى البريطانيين ويخشون من إلقاء كلمة فيها مهاجمة للبريطانيين أو اليهود؟
بهجت أبو غربية:
مهاجمة يهودي (ديزنكوف) رئيس بلدية تل أبيب.
أحمد منصور:
نعم، نعم.
بهجت أبو غربية:
أقول لك (شغلة) يا سيدي.
أحمد منصور:
هذا كان أمامك، وأنت كنت أحد الحضور؟
بهجت أبو غربية:
احنا كنا غير راضين عن هذا، وأقول لك شيء يعني، يا سيدي أنا أعتقد وهذا أجرى على الله هذا تقديري مش شيء ثابت، تقديري في ذلك الوقت سواء كان الحاج أمين أو راغب النشاشيبي، يعني الحزب العربي الفلسطيني أو حزب الدفاع، كان صك الانتداب نفسه يفرض على الحكومة المنتدبة أن تنشيء بداية حكومة في المنطقة المنتدبة سواء في سوريا أو في لبنان..، في العراق جابوا (فيصل) وعملوا حكومة، في سوريا في 36 بدأوا بحكومة محلية، وحكومة الانتداب تنقل إليها صلاحياتها شيئا فشيئا، فكان فيه تصور -في تقديري- ممكن أن الانتداب ينتهي، واذا طمأنا الانتداب ممكن أن إحنا نشكل الحكومة، الحكومة اللي هي بداية حكومة الاستقلال، الخطأ أنا أعتبره خطأ استراتيجي، لأنه كان فعلاً نواة الحكومة موجودة، اللي هي الوكالة اليهودية مش إحنا، كانت البلد مهيأة حسب وعد بلفور، وحسب السياسة، وحسب الإجراءات مهيئة أن الحكومة التي تحل محل حكومةالانتداب، اليهود، الوكالة اليهودية.
احمد منصور:
وليس العرب؟
بهجت أبو غربية:
وليس العرب.
أحمد منصور:
لم يكن للعرب أي حسابات في المنظور البريطاني؟
(8/385)
بهجت أبو غربية:
أعتقد أن كانوا واقعين زعماءنا في خطأ استراتيجي، أنهم متصورين احتمال أن تغير بريطانيا سياستها تجاه وعد بلفور، وهذا كان مطلب.
أحمد منصور:
وعد بلفور في 17، صك الانتداب في 22، كانت فيه نصوص واضحة، بالذات، البند الثاني على عملية دعم التقسيم، وإقامة وطن لليهود في فلسطين أين كان الزعماء العرب في ذلك الوقت؟ نصوص واضحة في ظل حكومة انتداب جاءت لتحقيقها بناءً على قرارات صدرت في العام 22؟
بهجت أبو غربية:
يا سيدي، كما قلت تقديري الذاتي، أولا: كان فيه مقاومة فلسطينية ومش سهل على اليهود يعملوا دولة، ومش سهل للإنجليز يعني يتحقق لهم هذا الهدف، وكان ممكن أن بريطانيا تغير سياستها، كان هذا أحد المطالب يا بريطانيا..يعني وصل الأمر باللجنة العليا..
أحمد منصور:
اللجنة العربية العليا، نعم.
بهجت أبو غربية:
وصل الأمر في اللجنة العربية العليا في سنة 37 أو 36، يعني مش متأكد، أرسلت مذكرة لبريطانيا، خطية وموثقة، فيه كتاب صدر في ذلك الوقت اسمه (فلسطين العربية بين الانتداب والصهيونية) لعيسى السفري فيه نص الكتاب اللي أرسلوه، النص بيقول: يطالبوا فيه طبعا المطالب الثلاثة؟ وهي وقف الهجرة، ووقف انتقال الأراضي والاستقلال ويقولون في حال الاستقلال نحن على استعداد لعقد معاهدة مع بريطانيا تحفظ حقوق جميع الأطراف.
أحمد منصور:
يعني إيه؟
بهجت أبو غربية:
يعني أعطونا الاستقلال وأنتم مصالحكم محفوظة يا إنجليز، هذه اللجنة العربية العليا، كان هذا التوجه موجود على أمل أنا باقول لك، اجتهادي قلت أنا، إنه خطأ استراتيجي هذا استمر فترة قصيرة.
أحمد منصور:
يعني إزاي كان مغيب عن اللجنة العربية العليا هنا موضوع أن الوكالة اليهودية اللي أيضا نص صك الانتداب وغيره على أن دي تمثل اليهود وكانت تدعم من البريطانيين يعني الناس دول مغيبين مش عارفين ما يدور على أرضهم؟
بهجت أبو غربية:
(8/386)
لا، لا، مش قصة مغيبين، فيه عوامل كثيرة بتلعب دور يعني، أولا الإنسان بيمنى نفسه بالآمال أن بريطانيا ومصالحها في البلاد العربية وكذا وكذا، لابد..بعدين الإنجليز بتوع سياسة، عندهم إمكانيات خلق الأجواء اللي تساعد على أشياء من هذا النوع، فالصورة واضحة للشعب واضحة كانت، أنه فيه تصميم بريطاني فظيع على إقامة الدولة ما فيه عنه ردة ، بالعكس عم بيزداد، ومثلما ذكرت في 35 الهجرة هذه كانت شيء فظيع.. احنا كنا نوصفها جيلنا، نقول: مثل كاسة الماء تحت الحنفية (الصنبور) عم تبتلئ، امتلأت فلسطين، كنا نشعر بالخطر، وين نروح إحنا؟ هذا من 35 فكان الشيء واضح، لكن- خليني أقول أيضا- فيه عوامل خارجية، يعني مثلا، الحاج الأمين عمل مؤتمر لكل علماء المسلمين في العالم الإسلامي، عمل مثل التنظيمات، مثلا في مصر كان فيه جمعية، مش الإخوان المسلمين، جمعية الشبان المسلمين، كانت تقريبا زي سفارة لفلسطين هناك، وفي العراق عمل، لكن كان الدعم العربي والإسلامي أقل من أن يوجد لك الأمل الحقيقي.
أحمد منصور:
لما أرجع معك أيضا لرؤية السياسيين الفلسطينيين الحاليين أجدها ربما لا تختلف كثيرا عن رؤية القادة السياسيين في الثلاثينات.
بهجت أبو غربية:
في الثلاثينات كان فيه تمسك بالحقوق.
أحمد منصور:
لأن الشعب هو اللي فرض عليهم كده؟
بهجت أبو غربية:
لا، لا، لا، حرام، يعني واحد مثل الحاج أمين الحسيني لا يمكن أن يفرط بأي حق من حقوق شعبه، وظل طول حياته بالعكس يوصف بالتشدد إحنا جيل الشباب كنا نشعر أنه (ملاين) للإنجليز أو كذا، لكن الحقيقة أنه لم يفرط، ولم يقبل بأي تنازل إطلاقًا. وحتى الحاج أمين كان يقال عنه أنه متصلب ومتشدد، مش عارف إيه، بالعكس فيه أمثلة بقدر أجيب لك، أنه كان في بعض الحالات تتصور أنه مرن أكثر من اللازم حتى.
أحمد منصور:
هل ألقى الدكتور (حسين الخالدي) كلمة؟
بهجت أبو غربية (ضاحكا):
ألقى، نعم.
أحمد منصور:
(8/387)
ماذا قال فيها؟ شتم أحد من الناس؟
بهجت أبو غربية:
شتم على (ديزنكوف) مش طالبين أكثر.
أحمد منصور:
الآن اندلع-كما قلت أنت- الإضراب الشعب هو الذي حدده، وأوصت اللجنة العليا باستمراره في الوقت الذي كان الكفاح المسلح قد بدأ دون إذن من اللجنة العربية العليا، وتم بشكل شعبي، وكنت أنت أحد الذين بدأوا الحركة المسلحة، وفي 12 يونيو 1936 قمت أنت مع زميلك وصديقك (سامي الأنصاري) بقتل (آلان سيكريست) قائد الشرطة البريطاني في القدس، كانت دي أول عملية قتل تقومم بها؟
بهجت غربية:
بالضبط.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أبدأ معك بتفصيلات هذه العملية التي قتلت فيها قائد الشرطة البريطانية في القدس في الثاني عشر من يونيو في العام 1936.
بهجت أبو غربية:
واستشهد سامي الأنصاري.
أحمد منصور:
أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد بهجت أبو غربية أحد أبرز قادة الكفاح الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية، وأحد قادة الفلسطينيين المتطوعين في القدس في حرب عام 1948.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/388)
الحلقة3(8/389)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:55(مكةالمكرمة)،19:55(غرينيتش)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
بهجت أبو غربية
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل (بهجت أبو غربية) أحد قادة النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية، أستاذ بهجت مرحبا بيك.
بهجت أبو غربية:
أهلا بكم يا سيدي، أهلا.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند اندلاع المواجهات المسلحة في ثورة العام 1936، وهناك أول عملية قتل تقوم بها في حياتك العسكرية، وقد قتلت فيها قائد الشرطة البريطاني في القدس، قبل أن أتطرق إلى تفصيلات العملية التي قمت بها، كيف كان تعامل البريطانيين مع الفلسطينيين في تلك المرحلة؟
بهجت أبو غربية:
يعني أسوأ أسوأ أنواع المعاملة اللي يتصورها الإنسان.
أحمد منصور:
كيف؟ فسر لنا بعض الصور؟
بهجت أبو غربية:
كان فيه قسوة عنيفة، يعني مثلا في المدن..في المدن نوع من الإذلال، أي شخص ماشي في الشارع عرضة للاعتداء عليه، لأنه كان عندهم تعليمات.. أحكام عرفية، ممنوع يتجمعوا أكثر من 3 أشخاص، ويعتبر هذا تجمع غير مشروع، بهذه الحجة أي إنسان في الشارع يضربوه، يهينوه، حتى الناس يعني تذل نفسيا، وتضعف نفسيا. مع ذلك كانت هذه الصيغة تأتي بتيار عكسي، يعني تثير الناس ضدهم.
(8/390)
فيما بعد لما توسعت العمليات في القرى، كان أسوأ ما يمكن أن يتصوره الإنسان، يجوا على القرية، يطوقوها تطويق مع الطيران اللي يساعدهم يعني، على التطويق، يجمعوا أهل القرية كلهم، الرجال لحال [في جانب]، والنساء لحال، أحيانا يجمعوهم ضمن سلك من الأسلاك الشائكة، ويعملوا لهم حوذة في الخلاء تحت السماء يعني يوم ويومين تحت الشمس، لا ميه، ولا أكل، ولا غيره، وفي نفس الوقت يفتشوا البيوت عملية كلمة تفتيش، عملية تفتيش يعني كذب، مش عملية تفتيش، ويدخلوا البيت، في القرية إلا غير ينحرق 6.. 7 بيوت أثناء عملية التفتيش..
أحمد منصور:
هم يحرقون؟ البريطانيون؟
بهجت أبو غربية:
وكان مقصود.. يتلفوا كل ما يستطيعون إتلافه، خزانة مثلا بدهم فتحها يكسروا بابها، عند القروي بيمون [يخزن] للشتوية كلها، عنده زيت، عنده سكر، عنده..، يديروا كلهم على بعض، الزيت على السكر على السمنة، على الجاز، يعني يتلفوا كل تموين الشتوية للقرية، يطلبوا منهم، أو يفرضوا عليهم غرامة عسكرية، لازم تجيبوا 10 بنادق بواريد، تصير في كتير من الأحيان القائد العسكريي، يعني مليش إنجليزي جيش بريطاني، ينادي: 1-2-3-4-5.. تعال.. أنت.. بدك تجيب يا بنقتلك. وأحيانا كان يقتله إن ما جابشي البندقية، يقتله قدام أهل القرية، يجوا للبيوت، هذا إيش بيكون ذنبها الفرية هذي اللي عمالين بيفتشوها، إما بيكون صار جنبها إطلاق نار على الجيش البريطاني أو مجرد قطع أسلاك تلفون، هي عمليات إذلال وإرهاب، أكثر منها عمليات تفتيش وغيرها.
يجوا لبعض البيوت، يختاروا في القرية 4 بيوت 5 بيوت ينسفوها، ينسفوها نسف من على الأرض، ويوضعوا فيها متفجرات، اللي تهد البيت وتضرر المحيط اللي حوله، ويحطوا أيضا علامات على كذا بيت.. 5 .. 6 بيوت 10بيوت، بمعنى أن هدي مرشحة للنسف، إذا صار عندكم في القرية أي شيء هذه معرضة للنسف، حتى يعملوا نوع من الـ..
أحمد منصور:
هل رأيت بعض هذه الأشياء؟
(8/391)
بهجت أبو غربية:
أنا رأيت، نعم، رأيت بعيني في قرية (سلوان) اللي هي قريبة عا القدس، يفتشوا البيوت بالشكل اللي ذكرته، 4.. 5 حرائق شفتها بعيني، ولموا أهل البلد في ساحة عندهم بير مشهور (بير أيوب) وفيه مدرسة ساحة المدرسة حطوا الناس وحولهم رشاشات يعني، وهذه لأنها جنب القدس -يعني فيه إمكانية إعلام أجنبي أو غيره- كانت ألطف معاملة من غيرها، يعني ما استمرتشي كتير، فحرقوا بيوت، نهبوا ساعات.. مصاري [أموال]..
أحمد منصور:
وأنت ترى هذا؟!
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
وأنت ترى هذا؟!
بهجت أبو غربية:
لا احنا خايفين، وبعدين لحد قريب الظهر، جامعين أهل البلد، وقالوا لهم: روحوا خلاص، كيف يروحوا؟ الطريق عرضه لا يزيد عن مترين، طريق قرية، 20 عسكري أو أكثر من هان [هنا] و20 عسكري أو أكثر من ها [هنا]، شو ظل من الطريق؟ وكلهم حاملين عصي، والقرية بدها تمر ما بين الطابور..
أحمد منصور:
القرية كلها؟ بنسائها؟ برجالها؟ بأطفالها؟
بهجت أبو غربية:
كل رجالها، لا النساء لا رجعت.. يمروا من خلال ها الطابور اللي على جنبين الطريق، ونازلين الـ20.. 30 واحد اللي على الجنبين ضرب عصي، ويومها يعني مش أقل من 60 واحد 70 واحد دخلوا المستشفى، غير الإصابات الخفيفة ما دخلتشي المستشفى، هذا أبسط شيء، بينما في بعض القرى أنا ما شفتها، ما ظلش في القرية ولا إنسان حتى إيجوا عندنا في القدس، وسكنوا في أروقة الحرم، حرقوا البلد بأكملها، لأنه صار كمين للجيش البريطاني خطير، وحرقوا جهة الناصرية..
أحمد منصور:
(8/392)
يعني البريطانيين بتصرفاتهم هذه دفعوا الفلسطينيين إلى كراهيتهم إلى أن يمارسوا العنف المضاد ضدهم، في هذا الوقت بدأت كثير من الخلايا الفلسطينية المسلحة تقوم بعمليات ضد الجنود البريطانيين، وفي 12 يونيو 36 قمت أنت مع زميلك (سامي الأنصاري) بقتل قائد شرطة القدس البريطاني (آلان سيكرست) لم اخترت (آلان سيكرست) لقتله في أول عملية قتل تقوم بها؟
بهجت أبو غربية:
باحب أقول إن احنا ذكرت إن انقسمنا.. ناس في الجبل، ناس في المدينة، في المدينة ما كانشي عندنا إمكانيات نقوم بعمليات كبيرة، لذلك بتلاقي العملية يقوم بها اثنين، يقوم بها واحد..
أحمد منصور:
دون أن يعلم أحد إلا الاتنين بس أو الواحد؟
بهجت أبو غربية:
يعني أحيانا تكون فيه معلومات، لكن بصفة خاصة يعني ففيه عملية قبل عملية (سيكرست) الحقيقة مهمة جدا، اليهود كان عاملين ترتيب، ولليوم ليفي بيعبر عنها، كان لما يصير أي حادث اعتداء على اليهود يكون عندهم خطة مجهزة وناس مجهزين: روح انتقم، يعني رد الفعل، ثأر، فكنا نقول لازم كمان يكون عندنا شيء من هذا ثأر، فقتل في (صفد) شمال فلسطين 3 عرب اتفقنا ناخد ثأرهم في القدس.
أحمد منصور:
من الذي قتلهم؟
بهجت أبو غربية:
يهود.
أحمد منصور:
يعني الآن صار عندكم جبهة على اليهود وعلى البريطانيين؟
بهجت أبو عربية:
على اليهود وعلى الإنجليز معلوم، لأن اليهود صاروا يشتغلوا فينا، اليهود صاروا يقاوموا، صارو يقتلوا..
أحمد منصور:
يعني الأمر هنا تحول قبل ذلك، كان موجه للبريطانيين فقط، الآن صار موجه نحو..
بهجت أبو غربية:
(8/393)
كان موجه نحو البريطانيين، وصار موجه للطرفين، يعني اليهود لما يجوا في وسط باب الخليل، وهي منطقة الساحات وفيها باصات وكذا، ويرموا برميل فيه متفجرات، ويقتلوا عشرات، ما بتقدرش تتفرج، إلا غيرتشتبك معاهم أيضا القوافل الخاصة باليهود، اللي كانت بتمر كانت محروسة بالجيش البريطاني، صارت يحدث عليها هجوم، أيضا على القوافل، وعلى الجيش مع بعض وهم يقاتلونا من الجهتين مع بعض.
أحمد منصور:
كان فيه تنسيق بين البريطانيين وبين اليهود؟
بهجت أبو غربية:
مش بس تنسيق، كانت وحدة كاملة، يعني جيش الهغاناه كانوا بيعتبروه يعتبرونه جيش نظامي، كأنه لدولة، وكان بينهم تعاون وبينهم Join Officers ضباط ارتباط.
أحمد منصور:
تنسيق وارتباط؟
بهجت أبو غربية:
تنسيق وارتباط كامل، ارتباط يعني فهم يعطوا سلاح لليهود، هم يدربوا اليهود، فيما بعد جابوا لهم خبراء أيضا يدربوهم على قتال العصابات، ويعملوا لهم مستودعات سرية وإلى آخره، القصد..فاتفقنا أنا وسامي نعمل عملية انتقامية.
أحمد منصور:
مين سامي ده؟ عرفنا عليه؟
بهجت أبو عربية:
سامي الأنصاري.
أحمد منصور:
من هو؟
بهجت أبو عربية:
هو كان في صفي في المدرسة الراشدية ويومها كنت أنا معلم في الإبراهيمية، وهو معلم في المدرسة الرشيدية، أول سنة..يعني
أحمد منصور:
احنا طبعا في حياتك الخاصة فيه سقطة وقعت، ما تطرقناش ليها، أنك أكملت تعليمك، وعملت في التدريس بعد ذلك كمدرس.
بهجت أبو غربية:
فاتفقنا إنا نعمل بعملية في سينما ضد اليهود، سينما أديسون مثلا، والتفاصيل كثيرة يعني عملنا استطلاع.. وإلى آخره.
أحمد منصور:
لا، قل لي إزاي؟ أنتم الآن خلايا الجهاد في الأول إزاي ما عندكوش تنظيم كبير يوجهكم؟ مجرد أنكم مجموعات بتلتقوا لتقوموا بعمليات..
بهجت أبو غربية:
بمسدسات بسيطة..
أحمد منصور:
كيف كنتم تخططون لعملية عسكرية ناجحة في ظل عمليات الكر والفر التي كانت في ثورة 36؟
(8/394)
بهجت أبو غربية:
والله أنا باعتقد أن إحنا كنا نخطط، فعلا كنا نخطط، لكن كنا نتصور بأن احنا مش عم نتعرض لخطر على حسب التخطيط والتصور، يعني نقدر نقوم بعملياتنا، وعاملين طريقة انسحابنا وكذا، بينما يمكن يكون الخطر علينا نسبة 90%.. 95%، واحنا مش شاعرين أن فيه خطر، فتصور أنك بدك تدخل على سينما، وهذه خططنا لها، كيف نروح إلى السينما؟ كيف نطلع من السينما؟ تدخل على سينما، تشتري تذكرة [بطاقة دخول]، وتجلس مع المتفرجين، وتستنى [تنتظر] لما تخلص السينما، يخلص الفيلم، ويطلع الناس على الباب، أنت تتأخر شوية، يكون الأبواب مزدحمة، والخروج بيكون على شارع فرعي شوية مظلم، فتطلق نار على الناس وهم في الباب بالجملة، وبعدين تركض [تجري] معاهم، لأنهم بيطلعوا هاربين، وتطلع تهرب معهم.
أحمد منصور:
والدنيا ظلمة في السينما..
بهجت أبو غربية (مقاطعًا):
وإحنا بنعرف شوية عبراني يعني.
أحمد منصور:
وإيش عرفكم أن كل الناس اللي بيتفرجوا عبرانيين في السينما؟
بهجت أبو غربية:
نعم؟
أحمد منصور:
ما الذي يجعلكم تعتقدون أن كل المشاهدين في السينما يهود؟
بهجت أبو غربية:
لأن سينما يهود في وسط اليهود.
أحمد منصور:
ما بيدخلهاش عرب؟
بهجت أبو غربية:
لا، بيصير بيصير.
أحمد منصور:
طيب احتمال الخطأ وارد هنا أو لا؟
بهجت أبو غربية:
نادر.. نادر، والعرب كانوا يقعدوا في (اللوج) يقعدوا في القاعة.
أحمد منصور:
في الترسو يعني؟
بهجت أبو غربية:
نعم.. نادر يعني كنا عاملين حسابات، حتى فيه بعضها طلع غلط شوية، فصدف ليلة ما بدنا ننفذ فرض منع التجول علي أنا على الحارة اللي أنا فيها، وسامي أصر إلا يروح لوحده.. يا سامي!! قال: مش بدنا نرمي مسدسين؟ قال: أنا بآخد مسدسك وباطلق النار بالاثنين وما كناش مدربين زي الكاوبوي ونرمي بمسدسين، وفعلا ما رضيت، أصر.. راح لوحده. لوحده
أحمد منصور:
المدة أخذت كام اللي خططتم فيها لهذه العملية؟
(8/395)
بهجت أبو غربية:
نعم
أحمد منصور:
كم المدة التي استغرقها التخطيط لهذه العملية؟
بهجت أبو غربية:
والله لا أقل من أسبوعين أو ثلاثة.
أحمد منصور:
وأنتم كل يوم تروحوا السينما وتشوفوا..؟
بهجت أبو غربية:
لا، ما رحناش السينما، بس كنا ندرس طريق العودة في الدرجة الأولى.. المنطقة احنا بنعرفها، كان فيها قهوة اسمها (بارمونت كافيه) قهوة يهود يعني، بس راقية، كنا نروح نلعب فيها شطرنج، وأغلب اجتماعاتنا فيها، وهي جنب (سينما إديسون) يعني هذه هنا وهذه هنا، يعني عارفين المنطقة مليح، القصد فسامي أصر وراح لوحده، وبالفعل نفذ الخطة مثلما احنا متفقين.
أحمد منصور:
ودي كانت أول عملية تقوموا بيها؟
بهجت أبو غربية:
أول عملية إطلاق نار يعني، وانتهى الفيلم، الناس اتجمعوا عند الأبواب، ما عرفش يشهر مسدسين، أشهر مسدس واحد، وبدأ يطلق النار، كان المسدس مخبأ في التراب، أطلق 5 طلقات وتوقف، وواحد -يظهر خادم أو متفرج متأخر- هجم عليه، بده يقبض عليه، كنا احنا يعني..
أحمد منصور:
فتوات
بهجت أبو غربية:
متدربين رياضيا جيد ولاعبين بوكس تمام، ضربه بالمسدس رماه عند صف الكراسي، وطلع مع الناس اللي طالعين يركض ويسألوه إيش فيه؟ قال لهم: ما أعرف مايش [وتحدث بالعبرية] وهو أبيض، أشقر، وعينيه زرق..
أحمد منصور :
يعني شكل اليهود..
بهجت أبو غربية:
أبدا ما بتميزوش عن اليهود، فسلم، ووصل بيته بأمان، ثاني يوم الجيش البريطاني عمل في القدس عرض عضلات، حوالي ألف جندي يستعرضوا، يعملوا طابور يتجول في البلد، جيش بريطاني، واحنا ورا الجيش البريطاني نتفرج عليه.. لإرهاب الناس، هذي العملية هزت القدس هز، لأنها في أوساط اليهود الرئيسية.
أحمد منصور:
رد على العملية بتاعتكم بتاع السينما؟
بهجت أبو غربية:
ما ردوش.. ليش؟ ما أعرفشي
أحمد منصور:
لا يعني هذا الاستعراض رد على علمية السينما؟
بهجت أبو غربية:
رد على عمليتنا
أحمد منصور
(8/396)
قتل كام في هذه العملية؟
بهجت أبو غربية:
قتل 3، وجرح 2..
أحمد منصور:
يهود كلهم؟
بهجت أبو غربية:
يهود، نعم.
أحمد منصور:
شعوركم إيه في أول عملية تقوموا بيها تقتلوا فيها يهود؟
بهجت أبو غربية:
هي كانت أول عملية.
أحمد منصور:
شعوركم إيه في أول عملية تقوموا بها تقتلوا فيها يهود؟
بهجت أبو غربية:
شعورنا والله كنا نقول: يا أخي إحنا عندنا العرب عندنا قصة الثأر، يعني لو واحد ابن عمي قتل أخي بروح باقتله، ثأر، طيب ليش ما بنعملها مع اليهود اللي بيقوموا كل يوم بيقتلوا لنا عربي، وكل يوم بيعملوا متفجرات؟ فيجب أن نثأر، هذا الشعور، شعرنا أن ثأرنا منهم، أذليناهم، لأنه في العرين يعني..
أحمد منصور:
هل علم أحد بهذه العملية أنكم قمتم بها واللا تكتم عليها؟
بهجت أبو غربية:
أعوذ بالله.. أنكرناها عن أهلنا، وعن كل الأصدقاء، ولا أحد بالعكس، فيه واحد انمسك ليلتها في السينما، وكان طالع من السينما، عربي من ولاية القدس، مسكوه، وحاكموه وكذا يعني كأنه هو عمل غطاء لنا، كأنه هو المتهم.. مع إنه ما لوش علاقة، واتبرأ يعني في المحكمة، فهذه العملية، قلت لك إالخطأ في الـ..
أحمد منصور:
في التكتيك.
بهجت أبو غربية:
في التخطيط، فبأقول لسامي تتذكر أن أنا واياك كنا بندرس في نقطة يعني عيب، أن احنا بدنا نطلق النار على الناس في ظهورهم، وهم طالعين، ومش قابلينها، واللي حصل مفاجأة ما كناش نتوقعها، قلت له، إيش هيه؟ قال لي: أول طلقة أطلقناها، كل الناس داروا وجوههم حتى يشوفوا إيه اللي فيه؟. لا شعوريا يعني التفتوا، فكلهم أصيبوا في وجوههم وفي روسهم، مش في ظهرهم، الحاصل، فهذه سبقت حادثة (سيكرست).
أحمد منصور:
طيب سيكرست.. ليه اخترتم (سيكرست)؟
بهجت أبو غربية:
على أثر الحادثة هذي، ونوع من سوء تصرفات الإنجليز، هذا(سيكرست) كان مدير بوليس القدس، بالإضافة إلى طابور الجيش اللي عمل استعراضات وكذا، بدأ يذل شباب القدس.
(8/397)
أحمد منصور:
كيف؟
بهجت أبو غربية:
كيف؟.. أيامها كان إضراب، ما فيش لا سيارات، ولا دكاكين، السيارات كانت مسكرة [مغلقة]، 6 أشهر ما فيش سيارات تمشي عندنا، فالشوارع تتحرك فيها الشرطة والجيش فقط، أغلب الأحيان تكون مليانة مسامير.. مسامير.
أحمد منصور:
عاملينها علشان العربيات
بهجت أبو غربية:
نعم، فهذا (سيكرست) صار وين ما شاف ناس، في الشارع يكون معاه حراسة يعني، السيارة وراه ومعاه بودي غارد ويوقف مين ما كان، بحجة أنه ممنوع تجمهر أكثر من 3، يجي للواحد يفتشه، وينزل فيه ضرب وعلى المستشفى يعني، يكسر له رأسه، عمل تعليمات لنفس البوليس الإنجليزي نفس الشيء، البوليس دوريات كثار وين ما تروح يعني مثلا في البلدة القديمة شوارع ضيقة، في نفس البلدة القديمة، لازم لما يمر دورية 2 بوليس إنجليزي، الناس يصفوا على اليمين هان ويصفوا على الشمال من هون [هنا] وليعملوا تحية للجيش.. للبوليس الإنجليزي، ما عملوش تحية ينزلوا فيهم ضرب.
أحمد منصور:
كنوع من الإذلال.
بهجت أبو غربية:
نوع من الإذلال، نوع من الإرهاب، وباستمرار، كل يوم فلان راح المستشفى، فلان ضربه (سيكرست) فلان.. أنا 3 مرات ضربني.
أحمد منصور:
سيكرست؟
بهجت أبو غربية:
أنا شخصيا. ولذلك..
أحمد منصور:
إيه شكل الضرب اللي ضربه لك؟
بهجت أبو غربية:
يا سيدي.. مرة واقفة سيارته في شارع رئيسي، شارع (يافا) أنا مريت من جنب السيارة على الرصيف يعني بطبيعتي، شفت بوليس إنجليزي مُنحن على السيارة، لا شعوريا اطلعت [نظرت] إلى من في السيارة؟.. هو، مجرد أني اطلعت عليه فتح باب السيارة ولحقني..
أحمد منصور:
جريت أنت؟
بهجت أبو غربية:
(8/398)
معه عصا، ضربني فيها من بعيد، ما وصلنيش، مرة تانية مسكني عند نادي.. النادي الإسلامي تاعنا، كان فيه مسامير، ضربني كفين يعني هيك (على البساطة)، ثالث مرة أرذل مرة يعني كنت ماشي في حي (المصرارة) شارع خالي، أنا ماشي على الشارع يعني مش في الرصيف، وشفت سيارته جاية، أنا ماشي على اليمين، وهو جاي، إيجا على جهتي، وآخد يمين، آجي على اليسار، ووقفت جنبي تعال، وقال لي: قف، صيّح علي [بالإنجليزية] فوقفت، قرب على السيارة، فقربت على السيارة، فتشنى وهو في السيارة، فتح الباب، ونزل من السيارة، فتشنى مرة ثانية، وهو بيفتش في -لا شعوريا- أو مفاجأة ضربني (بوكس)،محرز أنا كنت ملاكم، فكنا نقول لما يضرب الواحد: صابت، أصابتني فعلا، ضربة مليحة، لكن ما هربتش، رجعت للوراء، وأخذت وضعي.
أحمد منصور:
وضع استعداد.
بهجت أبو غربية:
حتى صار متأذي هو بيضرب بإيديه، راح ضاربني برجله، وبرضه صرت أتراجع أنا ووجهي إليه، مش هارب، طربوشي صار داحي لآخر الشارع، في الآخر أشهر مسدسه، جرى ورائي وقال I Shoot you. طيب أنا مش عارف أفلت منه، أنا حاسب حسابي إذا بدي أهرب يمكن يضربني، فحل عني، ويومها حلفت إلا غير أشلحه مسدسه هذا اللي...
أحمد منصور:
أنت شعرت الآن..
بهجت أبو غربية:
بالمذلة الشخصية كمان يعني...
أحمد منصور:
علاوة على الذي يفعله في الفلسطينيين، فعل فيك شخصيا ما دفعك إلى أن تفكر جديا في قتله..
بهجت أبو غربية:
(8/399)
حلفت يمين إلا أقتله، ويومها بالذات أو بعدها بيوم، سامي -رحمة الله عليه- بتتعرض له دورية من البوليس الإنجليزي، وفتشه البوليس الإنجليزي، كان فعلا مرات احنا تحت الطربوش نستعمله مخبأ لبعض الأشياء، فهو بيهزأ بالعسكري الإنجليزي، بيقول له ما فتشتش يعني؟! وكان بيعرف الإنجليزي مليح بيقول له ما فتشتش يعني؟!، فضربه وكسره، فأجا رقد عندي، واقترح نعمل عملية يعني مش مخطط لها، فيه (مخفر للإنجليز) للسير (شرطة السير) كله إنجليز، فقال: إن بدنا نروح ننزل فيهم ضرب، واللي يموت يموت، وبنموت إحنا معاهم، قلت له: لا.. مين علمهم كل ها الشيء؟ سيكرست، سيكرست هو الهدف، وكان سيكرست يعني مطلوب راسه من كل إنسان في القدس، بما في ذلك فوق يعني القاضي (الحاج أمين) بذاته يعني فلذلك يعني..
أحمد منصور:
كنتم بتعتقدوا أنه أيضا هناك كثير من المجاهدين أو المقاتلين مثلكم كلهم بيفكروا في قتل سيكرست؟
بهجت أبو غربية:
لا أستبعد، لكن كان على يدنا يعني، لا أستبعد.
أحمد منصور:
كيف عملتم مخطط قتل (سيكرست) وهو يعني قائد الجيش البريطاني في القدس، شيء مش بسيط يعني؟!
بهجت أبو غربية:
الشرطة
أحمد منصور:
الشرطة، نعم.
بهجت أبو غربية:
يا سيدي العزيز، هو كان مجنون يعني، كان متحرك كتير في البلد، واحنا مضينا شهر بالذات نرصد حركاته..
أحمد منصور:
أنت وسامي؟
بهجت أبو غربية:
(8/400)
أنا وسامي، حتى نعرف.. كل واحد لحاله [وحده]، حتى نعرف ونلاقي المكان الأنسب والمناسب، فتبين لنا أنه كل يوم جمعة قبل الصلاة بفترة قصيرة بينزل لمخفر بوليس عند (باب الأسباط) وهذه منطقة خالية، يعني الطريق إلها ما فيش لا دكاكين، ولا بيوت، ولا هم يحزنون! بيفتش المخفر، وبيرجع من (باب الأسباط) ولما يبقى يرجع هو معاه سيارة (موريس) بيكون طالع طلوع قاسي، وبتكون بطيئة، فأنسب محل هناك، صحيح فيه على بعد منا، أبو 200 أو 300 متر منا فيه Check post بريطاني يعني (نقطة تفتيش)، بس بعيدة نسبيا وعلى زاوية، مش مقابلة لنا تماما. يعني على زاوية فأنسب مكان اخترناه، وكمنه فيه مقبرة هناك حتى نزل وبده يرجع، وما كانشي يطول لما يرجع نزلنا رأسا للشارع إحنا الاثنين للشارع، السيارة جاية من مسافة، وبالتأكيد شافونا يعني، وكان وجودنا مستغرب، لأنه كان متعارف عليه في القدس كل واحد يشوف سيارة (سيكرست) يهرب، ويخش له في عمارة أو دكان أو تكسر رأسه، ويدخل المستشفى، فإإن اثنين يسيروا في نصف الشارع، مش على اليمين، واحنا ما كانشي عندنا تدريب كافي على الرماية، يعني إن ما رميناش من على بعد متر أو متر ونصف عبث يعني، ويمكن ما نصيبش..
أحمد منصور:
مسدسات إيه اللي كانت معاكم؟
بهجت أبو غربية:
مسدس اسمه بريتا (إيطالي) 7 مللي، مسدس عادي بسيط فيه سبع طلقات وسامي كان مسدسه فرنسي (لافاييت) بيسموه، الحاصل..
أحمد منصور:
طبعا مسدسات صناعة الثلاثينيات يعني.
بهجت أبو غربية:
لا، هي مسدسات مليحة، بس كانت صغيرة، وأثرها بسيط يعني، فكنا مصممين يعني أنه احنا نقتل سيكرست، ولذلك يعني بدنا نرمي رماية مركزة، وبتروي وكذا حتى ما يروحشي رصاصنا على الفاضي في السيارة، ماشيين هو [سامي] مسدسه في جيبه، وإيده ماسكة المسدس مسحوب يعني جاهز للرمي، أنا كانت طريقتي ألبس الطربوش، أشلح [أنزع] الطربوش، وأحط المسدس في قلب الطربوش.
أحمد منصور:
(8/401)
طربوشك في إيدك يعني
بهجت أبو غربية:
وماشي إلى أن أصل للهدف، الطربوش إيدي فيه، وماسك المسدس بإيدي، وأكون مسدده نهائي ومفاجئ، مسدده خالص يعني لما بنوصل للهدف فقط أكشف الطربوش لأن سرعة الرماية لها تأثير، فهو كان معاه حارس واحد بس، ما معهوش سيارة وراه، الحارس يعني مش حاسبين حسابه كتير، وإنا نقصده هو بالذات.
ولما يكون طالع يكون هو من جهتنا، طالع يمين، ونحن نكون في نصف الشارع، يكون هو من جهتنا، والحارس من الجهة الثانية، فاتفقنا أننا نرمي على (سيكرست) ونقتله من أقرب نقطة، حتى إنني كنت حالف إني أشلحه مسدسه، يقول لي سامي: لا، بلاش إذا قتلناه بقى خلاص، ولا داعي نؤخر حالنا، يجوز بتيجي دورية، الحاصل.. فلما وصلتنا السيارة، واحنا في وسط الشارع ما فيش كنا يعني ملاصقين للسيارة، ونحن-الاثنين- أدرنا رأسنا على (سيكرست) فمن أول رماية (سيكرست) أصيب، ورمى حاله [نفسه] على المقعد على ظهر الكرسي، ورفع رجليه.. إيديه عن الـStering، ودمه تفجر من صدره، رجليه ارتفعت عن البنزين، وقفت السيارة، وبدأت ترجع، أنا حاطط إيدي على جناح السيارة..
أحمد منصور:
قدامه مباشرة.
بهجت أبو غربية:
(8/402)
قدامه، ما فيش ملاصق للسيارة يعني، لكن للأسف أن هذا الشرطي (البودي غارد) اللي معه يبدو أنه كان حاسب حساب أن هذا منظر غريب اثنين ماشيين في نصف الشارع، وما عرفوش سيارة سيكرست، احنا -الاثنين- مدركين أن عنده بندقية، وما يقدرشي يستعملمها داخل السيارة، كان يحتاط على مسدسه، في أول لحظة احنا أطلقنا، يا إما أن سبقنا بتكة هو يا احنا سبقناه بتكة، أطلق رصاصة صابت سامي أول رصاصة، استغربت أنا، متفقين على عدة أشياء، يعني أني نرمي.. سامي فرغ مسدسه بسرعة، الأول رجع للخلف شوية صغيرة، ما قالشي: أخ، وصاح، أنا بارمي ببطء، وبيقول لي: طخ بهجت، طخ بهجت.. يعني أسرع، فرغ مسدسه بسرعة، مش متفقين يفرغ مسدسه، مش عارف أنه انصاب، ومشي، أنا لحد ما مشى كنت رميت 3 رصاصات.
أحمد منصور:
من فيكم اللي أصاب (سيكرست)؟
بهجت أبو غربية:
نعم؟
أحمد منصور:
من فيكم أصاب سيكرست؟
بهجت أبو غربية:
أعتقد احنا الاثنين لأنه انصاب بعدة رصاصات، مش واحدة، فأنا (البودي غارد) كان استهدفني أنا بالذات، أنا استهدفته، ضربت عليه مباشرة، هذاك اعتبرته أنه منتهي (سيكرست)، والسيارة عم ترجع Reverse لحالها [وحدها بدون سائق]، أنا إيدي على الجناح، وماشي معاها، رميت على البودي غارد، هذا العسكري البوليس، زجاج السيارة انزلقت عليه رصاصتي ما كسرتوش، تصور!. مسدسات صغيرة، هو رمى علي رصاصة كسر إزاز [زجاج] السيارة، صرنا نسبق بعض يعني مين بيرمي أسرع من التاني؟ ما صابنيش بالمرة، أنا صبته في رقبته هو هذا البوليس، وبعدين السيارة ظلت ترجع، ووقعت على جنب الطريق من ارتفاع 3 أو 4 متر نزلت لأسفل، (سيكرست) كان فيها، بس هو نزل قبل منه.
(8/403)
أنا ما عرفتش أن سامي انصاب، واستغربت أن سامي لما انسحب غير الطريقة اللي احنا متفقين عليها، فأتاريه المسكين كان مصيوب برصاصة قاتلة، الرصاصة في الرئة بتكون قاتلة، لكن بيقدر يقاوم الواحد فترة من الزمن فيها، فدخل على بيت عرب، وبعد فترة قصيرة أنا كنت رايح على الطريق اللي متفقين عليها، ومبعد يعني، وفكري أن سامي سبقني، وأجت دورية من الجيش البريطاني تحرس قافلة يهودية قافلة البوتاس، يعني بعد ما عملنا الحادث ما فيش دقائق، ولحقوا سامي، ودخلوا على البيت وخدوه، ورموه في السيارة رمي، وعلى المستشفى، وحاولوا ياخدوا منه إفادة، وكان هو أستاذ لغة إنجليزية يعني، قالوا له: من معاك؟ قال لهم: أنا لحالي [وحدي]، أنا رحت صليت الجمعة، وأنا في الطريق لصلاة الجمعة غيرت ملابسي، وخبينا ها المسدس، ورحت صليت الجمعة، بعدما طلعنا من صلاة الجمعة، بعدما خرجت سمعت كلام: انقتل سامي الأنصاري، انقتل سيكرست، إيه إيه إيه؟!!! ما عرفتش أنه استشهد سامي، ما قالوش استشهد، كان طالع بيان من الحكومة بيقول: أصيب برصاصة قاتلة، وهو استشهد بعدها يعني بساعة.. ساعتين، الحاصل.. فيعني طبعا كان الوقع شديد جدا علي، لكني تجلدت تماما وتجاهلت كل شيء، وتغديت بشهية، ورحت أسأل أصحابي مين اللي كان مع سامي؟ من كان كذا؟ حتى ما انكشفش..
أحمد منصور:
اسمح لي هنا، أنا قدامي شيء مش بسيط، أول مرة في حياتك تحمل مسدس لتقتل أحد، والشخص اللي قتلته هو قائد الشرطة البريطاني في القدس، ومش مجرد أنه قائد الشرطة البريطاني، ولكن الشخص المرعب لكل أهل القدس، وما حولهم، وقفت بصلابة غير عادية، وبقلب ميت -كما يقول المصريين- لتقتل الرجل وترمي حارسه، وأنت تتابع.. يعني أوصف لي حالتك النفسية هنا، كنت مليء بالحقد كنت مليء بالكراهية كنت مليء بالرغبة الشديدة في الانتقام، يعني ما الذي جعلك تقف صلبا إلى هذا الحد في هذا الموقف؟
بهجت أبو غربية:
(8/404)
يعني اللي بتصفه أعتقد أنه صحيح، لكن أعتقد أنه كان ينطبق على كثيرين من أمثالي بسبب ما كنا نشعر فيه من خطر على حالنا وعلى مستقبلنا، وإذا لم يعني نخوض قتال مستميت، معناته احنا في خطر شديد، وبلادنا كلها في خطر شديد مستقبل أمتنا في خطر شديد، وتضحيات كثيرة حصلت من هذا النوع من غيري كمان، استماتة في القتال من الشعور في الخطر. يعني الآن مثلا الفدائيين لحماس اللي بيحملوا الألغام، أو في حزب الله اللي بيحمل المتفجرات وبيروح وينسف نفسه، هذا احنا حتى ما وصلناهوش، يعني احنا دايما كنا لما بنخطط كنا نعمل حساب أنه حنرجع فهذا يكون ناشئ عن شعور عميق بالخطر، وشعور بواجب مواجهته، خصوصا قبل أن يستفحل يعني احنا كنا نشعر في الثلاثينات أنه إذا ما قمنا بواجبنا كشعب ككل يعني، إذا ما قمنا بواجبنا ضعنا.
وشاعرنا بيقول لولي العهد السعودي في الـ35 إيجا زيارة لنابلس، لكلية النجاح (عبد الرحيم محمود) الشاعر يقول له:
المسجد الأقصى أجئت تزوره
أم جئت من قبل الضياع تودع؟!
فكان فيه عندنا شعور بالخطر الشديد، هذا يحفزنا على التضحية، وعندما نتكلم يعني عن ثورة 36 كان فيه تضحيات واسعة جدا جدا.
أحمد منصور:
سيكرست كان هدف للكل، الكل كان يريد قتله، هل شعرت بالنشوة بأنك قتلت هذا الرجل؟ وسعيت إلى أن تقول أنا الذي قتلت سيكرست أيها الفلسطينيون؟
بهجت أبو غربية:
بالعكس يا سيدي جرى في القدس مظاهرات "سيكرست مات سيكرست مات"، مظاهرات بعدها "سيكرست مات.. سيكرست مات" احتفلت القدس في مقتله مع أن البلاغ الذي صدر من الحكومة، هو لما وقع بالسيارة صار معاه كسر في العمود الفقري أيضا غير الرصاصات، قالوا أصيب بجراح Serious
أحمد منصور:
خطيرة..
بهجت أبو غربية:
(8/405)
فيه Dangerous وفيه Serious يعني جدية، أقل من خطيرة، وصار معه كسر في العمود الفقري، وما قالوش مات، مع ذلك، القدس كلها: "سيكرست مات.. سيكرست مات.. ما خلف ولا بنات"، ما عدنا شفنا وشه يعني، وظل خلوها مجهولة، حتى ما يكونشي فيه جرأة على الآخرين، وأؤكد لك أنه من بعدها كل البوليس البريطاني غير سلوكه تغيير كامل تجاه الناس.. البلد احتفلت فيها..، أما أنا شخصيا فبالفعل كان علي فيه خطر أن أنا انكشف، لأن فيه ناس شافوني، وأنا بأقوم بالعملية في الظهر.
أحمد منصور:
فيه ناس شافوك من الفلسطينيين، وعرفوا أن أنت اللي بتعمل العملية؟
بهجت أبو غربية:
شافوني ناس وأنا باطلق النار، وهم يعرفوني، فممكن يحكوا، ممكن يتكلموا، حتى جاءني واحد منهم ثاني يوم.. ثالث يوم، وبيسلم علي، وبيهنئني بالسلامة بهدلته على أساس أنه جاسوس، وباعرف أنه شافني يعني، فقلت له: إنه مش أنا، وأنت جاي تتهمني أنت البعيد مخابرات أم ماذا؟ فتجاهلت الأمر، وبالعكس يعني من يومها أنا رحت على النادي رأسا أسأل الأصدقاء عن سامي شو اللي كان لسامي؟ مين اللي كان مع سامي؟ حتى نغطي على العملية، كان بإمكاني، وهذه كانت عادتي أنه كان كل ما تصير عملية نطلع للجبل أسبوع.. أسبوعين تصير حوادث جديدة، ينسوا القديم الإنجليز، ما يلحقوش يتابعوا، ما رضيتش إلا قبل ما أطلع من القدس، لازم آخد ثأر سامي، وظليت حوالي أربعين يوم، وأخذت بثأره في نفس المكان، وبعدها طلعت عند (القاوقجي) على الجبل.
أحمد منصور:
عملية 10 أغسطس 36، التي قمت فيها بقتل أحد الطيارين البريطانيين وجرح آخر، هذه كانت عملية ثأر لمقتل سامي الأنصاري؟
بهجت أبو غربية:
نعم
أحمد منصور:
كيف قمت بالعملية؟
بهجت أبو غربية
في نفس المكان بالسنتيمتر.
أحمد منصور:
(8/406)
دي كانت ثاني عملية قتل، وأيضا كان هدفك هدف ثمين، طيارين بريطانيين، مش مجرد عساكر عاديين، يعني أنت واضح أنك كنت بتنتقي الهدف بتاعك بشكل جيد، وتدرس العمليات اللي تقوم بها، رغم أنها ربما عمليات وليدة لتحركاتك أنت، كم عدد البريطانيين الذين قتلتهم؟
بهجت أبو غربية:
الذين..
أحمد منصور:
قتلتهم أنت؟
بهجت أبو غربية:
ما هو فيه حالات أنت بترمي فيها عن قرب، خلينا نسميه اغتيال، فيه حالات بترمي من بعيد، ما تعرفشي مين انصاب، ومين ما انصابشي، أما بدقة وبالتأكيد أن غير هذين البريطانيين، ما أقدرشي أحدد..
أحمد منصور:
طيب أنت الآن صيد سمين أنت قتلت سيكرست، وقتلت أحد الطيارين البريطانيين، ما هي المدة التي ظللت تكتم فيها سر هاتين العمليتين على وجه الخصوص؟
بهجت أبو غربية:
إلى انتهاء الانتداب.
أحمد منصور:
أنت الآن تعلن بالصوت والصورة أنك قتلت...
بهجت أبو غربية:
وكاتب في مذكراتي
أحمد منصور:
.. قائد الشرطة البريطاني في القدس في العام 1936، وقتل أحد الطيارين في العاشر من أغسطس وقائد الشرطة في 12 يونيه 36، أبو داود -وسجلنا معه شهادته على العصر- الآن مطلوب من الألمان لمحاكمته بعد مرور ما يقرب من 30 عام على عملية.. العملية التي قام بها الفلسطينيون ضد الرياضيين الإسرائيليين، أما تخشى بعد مرور 64 عاما من هاتين العمليتين وأنت تقر بالتفصيل كيف قمت بهما من أن يطالب البريطانيين بمحاكمتك؟
بهجت أبو غربية:
وكاتبه في مذكراتي، أنا مش بس بأقر على..، يا سيدي العزيز.. أولا: في سنة 41 على ما أذكر صدر عفو عام عن كل أحداث الثورة باستثناء ما يدعيه إنسان بحق شخصي، يعني واحد قتل أبوه عربي، يقول فلان قتل أبي كانوا يمسكوا القضية، أما أي قضية ضد الجيش ضد الشرطة، ضد كذا، صدر عنها عفو في الـ41 عفو عام، أثناء الحرب العالمية، هذا واحد.
(8/407)
اثنين: أنا باعتبر أن ما كنا نقوم به نوع من الحرب يعني إذا في الحرب والله بدك تحاسب كل جندي شو أطلق نار؟ وشو كذا..، ما تقدرش تحاسبه، مش عملية يعني جريمة عادية أو إرهاب، أو ما شابه ذلك، لا، هذا حق دفاع عن النفس، حق قتال في سبيل الحرية، في سبيل الحفاظ على حقوقه وعلى بلده.
أحمد منصور:
أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل الفلسطيني (بهجت أبو غربية) أحد زعماء النضال الفلسطيني البارزين خلال السبعين عاما الماضية، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/408)
الحلقة4(8/409)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:55(مكةالمكرمة)،19:55(غرينيتش)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
بهجت أبو غربية
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد بهجت أبوغربية أحد أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية، أستاذ بهجت مرحبا بيك.
بهجت أبو غربية:
أهلا بكم يا سيدي أهلا.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند الموقف العربي من ثورة 36 إلى 39 وأشرت إلى أن بعض الدول العربية سعت.. الحلفاء مع البريطانيين سعوا لإيقاف هذه الثورة، وفعلا نجح البريطانيين في إنهاء الإضراب وتوقف الثورة إلى حد ما، ثم انطلقت الثورة ثانية في ليلة 14- 15 أكتوبر سنة 37، واستمر الوضع إلى العام 39. بيعتبر العام 1938 من أبرز سنوات ثورة الـ37 إلى الـ39 من حيث العمليات العسكرية التي تمت فيه، من حيث قوة اندفاع الثورة، بإيجاز لو ألقينا رؤية على العام 38.
بهجت أبو غربية:
يا سيدي يعني من الضروري أن نشير إلى أنه اللجنة الملكية لفلسطين أصدرت قرار بالتقسيم، وقرار التقسيم أيضا جرى حوله انقسام بيننا، يعني هو بعد وقف الإضراب وبعدما جاءت اللجنة الملكية صدر قرار التقسيم.
أحمد منصور:
يعني كان فيه قرار أولي لتقسيم فلسطين في العام 37.
بهجت أبو غربية:
(8/410)
تقسيم فلسطين لعام 37، هذا القرار كان مرفوض من الأغلبية الساحقة، وعلى أساس ذلك استأنفنا الثورة من جديد، ولما استأنفنا الثورة يعني كانت أعنف من السابق رغم الانقسام، والذي حصل أن بريطانيا بدأت تأخذ موقف أشد شراسة: أعلنت أحكام عرفية، حلت اللجنة العربية العليا، اعتبرتها غير مشروعة، اعتقلت معظم أعضائها ونفتهم إلى سيشل جزر سيشل، الحاج أمين اختفى فترة في القدس ثم خرج إلى لبنان، وجميع اللجان القومية في المدن حلت، مش حُلت، حلت اعتبرت غير قانونية، لكن كلهم وضعوهم في السجن واللجان الاحتياطية -أيضاً- توضع في السجن، فمقابل ذلك اشتدت المعارك أعنف من أي فترة سابقة، وبريطانيا في تلك السنة -لأول مرة بعد الحرب العالمية الأولى- تعلن التعبئة العامة في الجيش البريطاني وجلبت قوات يعني دفعات ورا دفعات من القوات البريطانية حتى أصبح عدد الجيش البريطاني فرقتين كاملتين، عدا المدفعية، عدا المدرعات، عدا الطيران، بالإضافة إلى قوات عديدة، يعني مثلا البوليس اليهودي الإضافي حوالي عشرين ألف، البوليس الفلسطيني.. الخ
أحمد منصور:
مجموع القوات كم تقريبا؟
بهجت أبو غربية:
مجموع القوات يعني ممكن أن نقول وصل إلى حوالي مائة ألف..
أحمد منصور:
مائة ألف؟
بهجت أبو غربية:
حوالي مائة ألف، وكل سكان فلسطين العرب في ذلك الوقت حوالي سبعمائة ألف، والإجراءات ..
أحمد منصور:
يعني جندي بريطاني لكل سبعة فلسطينيين؟
بهجت أبو غربية:
(8/411)
تقريبا، وإجراءات سريعة يعني أعلن أولا أن جميع الإدارة المدنية كلها في كل فلسطين، وضعت فلسطين بأكملها تحت الإدارة العسكرية، حكم عرفي يعني، وشكلت محاكم عرفية، محاكم عسكرية عرفية، ووضعت القيادة البريطانية خطة أسموها "إعادة احتلال فلسطين"، يعني كانوا مرات يخرجوا يطاردوا الثوار إلى آخره، الآن بدهم يزحفوا زحف كامل لنوع من إعادة احتلال فلسطين، سموه إعادة احتلال فلسطين، في مرحلة من العنف القدس القديمة حررت وكنا فيها وقبض علينا وسجنا إلى آخره، حررت حوالي أربع خمس أيام، وهذه..
أحمد منصور:
من الذي حررها؟
بهجت أبو غربية:
المناضلين اللي ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كيف حرروها من القوات البريطانية وهي بهذه القوة؟
بهجت أبو غربية:
البلد القديمة إلها سور لها أبواب، فصار مرابطة عند الأبواب، وكلها مسدسات وأشياء بسيطة يعني، أي شرطي يحاول يدخل، اللي خرج ماعدش يدخل، فبقيت البلد القديمة محرمة على كل جميع قوات الحكومة سواء كان شرطة أو جيش أو غيره، كذا يوم، واضطروا أنهم يعملوا عملية عسكرية، زحف من باب (الخليل)، زحف من باب (العمور)، طيران يغطي، احتلال المناطق اللي خارج السور المشرفة على داخل البلد، ثلاث أيام معركة دارت، لبينما سيطروا على البلد، واعتقلوا..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
شاركتَ في هذه المعركة؟
بهجت أبو غربية:
نعم؟
أحمد منصور:
أنت شاركت فيها؟!
بهجت أبو غربية:
نعم كنا فيها، كنا فيها.
أحمد منصور:
لو حبيت أخذ محصلة للعام 38م باعتباره أكثر سنوات ثورة الـ 36 إلى 39م عنفًا أو مواجهةً، البريطانيين حشدوا حوالي مائة ألف جندي بريطاني لأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى كما ذكرت يعلن البريطانيون التعبئة، ما هي حصيلة هذا العام الذي تلاه اندلاع الحرب العالمية الثانية في العام 39م؟
بهجت أبو غربية:
(8/412)
أول حصيلة أنه مدن مثل (بير السبع) (رام الله) سيطر عليها الشعب، يعني والجيش البريطاني انسحب منها أخلى كثير من المدن، هذا مظهر، المظهر الآخر الأحكام الشديدة التي صدرت في تلك السنة، بالمقابل عدد العمليات التي يعني، نفذت في تلك السنة، فإذا سمحت لي ببعض الأرقام..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تفضل.
بهجت أبو غربية [مستأنفاً]:
اللي هي تدل بمجملها على عنف الثورة، لكن في نفس الوقت تدل على تصميمنا وشعورنا بالخطر، يعني الناس ما بتقاتل بهذا العنف وبتضحي بهذه التضحية إلا بسبب ما تشعر بخطر على مستقبلها، لأن فيه البعض بيقول مكناش واعيين على ما يجري، الحقيقة كنا واعيين عليه، والدليل إنه ضحينا بالدم يعني. يا سيدي في سنة 38وحدها الإحصاءات لـ 38م..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مصدر الإحصاءات دي إيه؟
بهجت أبو غربية:
مصدر الإحصاءات المصادر الحكومية.
أحمد منصور:
الحكومية البريطانية؟
بهجت أبو غربية [مستأنفاً]:
الحكومة البريطانية، وهذه الأرقام من كتاب ذكرت أنا في حلقة سابقة، صدر عدة مراجع صدرت أثناء الثورة يعني، وأوردتها وهي واردة –أيضًا- في أكثر من مرجع.
أحمد منصور:
أهم المراجع إيه اللي وردت فيها؟
بهجت أبو غربية:
مثلاً في مرجع اللي هو Encyclopaedia الموسوعة الفلسطينية، صدرها الأستاذ (عيسى نخلة) وهو زميلي في الدراسة، وهو مثل الهيئة العربية العليا، واللجنة العربية العليا في الأمم المتحدة أكثر من مرة بالإنجليزي، موسوعة خصيصاً عن فلسطين، عن أحداث وأرقام، هذه أحد المصادر.
أحمد منصور:
بإيجاز تذكر لنا إذا لديك إحصاءات دقيقة، بإيجاز تذكر لنا.
بهجت أبو غربية:
الأرقام يا سيدي بإيجاز: 148 حكم بالإعدام نفذت جميعاً.
أحمد منصور:
ضد فلسطينيين؟
بهجت أبو غربية:
ضد عرب فلسطين نعم، 148 حكم بالإعدام.
أحمد منصور:
في عام 38م وحده؟
بهجت أبو غربية:
(8/413)
نعم عام 38م وحده، ألفين حكم بالسجن مدد طويلة معظمها مؤبد وخمسة عشر [سنة]، ألفين، خمسين ألف حكم إداري اعتقال، كان عندهم صلاحيات إدارية يعتقلوا..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني بحكم الطوارئ؟
بهجت أبو غربية:
آه، لسنة ثم تجدد، سنتين تجدد، وبعضهم مضى أربع خمس سنوات بهذه الأحكام.. عدد الخسائر أو القتلى ثلاثة وستين جندي بريطاني قتلى ومائتين جريح، اثنان وعشرين بوليس بريطاني قتلى وخمسة عشر جريح، مائتان وخمسة وخمسين يهودي قتلى وثلاثمائة وتسعين جريح، استشهد 503 من العرب وجرح 598، الأرقام بخصوص العرب يعني غير دقيقة إطلاقًا، يعني ممكن تحط ثلاث أضعاف هذا العدد، مقابل ذلك عنف الثورة، مجموع العمليات التي أحصتها الحكومة 4969، يعني حوالي 5000 عملية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
عسكرية خلال عام واحد.
بهجت أبو غربية:
في عام واحد، تفاصيلها..
أحمد منصور:
لا، لا أريد أدخل في التفاصيل، لأن ربما تكون التفاصيل كثيرة، ولكن هذه صورة تعكس الوضع العام لحجم العمليات، عدد القتلى، عدد الجرحى من الطرفين، كيف تمت عملية الانحسار بعد ذلك للثورة الفلسطينية الكبرى التي امتدت من العام 36 إلى 39م وتم إجهاضها.
بهجت أبو غربية:
نعم، يعني عوامل كثيرة ساعدت على ذلك، أولاً حل جميع القيادات الشعبية من اللجنة العربية العليا، إلى اللجان القومية، إلى اللجان الاحتياطي، أي هيئة قيادية تسجن.
هذا عامل، اثنين إعادة احتلال القرى، لأنه كان الحصن الحصين للثوار هي الجبال والقرى، إعادة احتلالها بمعنى احتلال مش بس تصير عمليات تفتيش ما عادش فيه عمليات تفتيش، كل قرية يوضع فيها جيش، ويوضع فيها يعني قوة عسكرية، كل قرية بقريتها بتحتل، وطبعًا محيط القرية بيكون مجال إلهم.
(8/414)
ثانياً: عملوا جهود جبارة لقتل القادة، (عبد الرحيم الحاج محمد) كان يعتبر قائد الثورة في الثلاثينات، القائد العام، طبعًا قبله استشهد (سعيد العاص) في منطقة القدس رحمة الله عليه وهو من مجاهدي سوريا، مجاهدي ثورة سوريا، سعيد العاص، جرح (عبد القادر الحسيني) جرح في بني نعيم، وترك في أرض الميدان على أساس أنه ميت، وعثر عليه تاني يوم مصاب بجراح خطيرة يعني، بعض القادة اضطروا إنهم يخرجوا من فلسطين.. الشيخ (فرحان السعدي) مثلاً كان من المعدمين، وهو القساميين.
فالقادة يعني ضربوا، هذه العملية أيضا صار معها نوع من مش هسميها الخيانة نوع من ما أقدرش أسميه الخيانة..نوع من الانقسام، يعني بعض الزعماء الفلسطينيين جندوا ناس منا من فلسطين يعني، لمحاربة الثورة، فالانقسام وصل لهذا الحد، هذه العوامل بمجموعها، خصوصاً بريطانيا كانت شاعرة بأن الحرب العالمية قريبة صممت إنها يعني، تنهي الثورة، ففي 39م كانت الثورة تكاد تكون واقفة باستثناء يعني فيه ناس ظلوا حتى أثناء الحرب العالمية في الجبال ويقاتلوا.
أحمد منصور:
في 7 فبراير 1939م عقد مؤتمر لندن الذي شاركت فيه مصر والعراق والسعودية وإمارة شرق الأردن واليمن بخصوص ما يحدث في فلسطين، وفشل هذا المؤتمر، وفي إثره صدر الكتاب الأبيض عن البريطانيين، أريد منك بإيجاز بصفتك أحد المشاركين في ثورة 36 - 39م تقييمك إيه للدور العربي في ذلك الوقت؟
بهجت أبو غربية:
(8/415)
الدور العربي يعني الحكومات العربية بالتأكيد كانت كلها محكومة للنفوذ الأجنبي، الحكومات.. وبريطانيا كانت ومعها أمريكا بطبيعة الحال من الأساس أمريكا مشاركة، لكن بريطانيا اليد المنفذة المباشرة تمنع على الحكام العرب حتى لو أرادوا نوع من التصرف، بمعنى تسليح شعب فلسطين أو ما شابه ذلك، كانوا يمنعونهم منعاً باتاً، يعني (نوري السعيد) لعب دور في الوساطة وما إلى ذلك، وإقناع الفلسطينيين بالقبول، وإيقاف الثورة وما شابه ذلك، فيما يتعلق بالتسليح مثلاً، يعني كان تروح وفود من الثورة للسعودية راحوا بعض الوفود تعود صفر اليدين، تحاول تحصل على سلاح. الحقيقة أكثر جهة ساعدتنا في ذلك الوقت –ربنا الله- العراق، العراق في مرحلة من الزمن كان الملك (غازي) متحمس لقضية فلسطين..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رغم أنها تقع تحت الانتداب البريطاني؟
بهجت أبو غربية:
نعم؟
أحمد منصور:
رغم أن العراق كانت واقعة تحت الانتداب البريطاني كانت تدعمكم لمحاربة البريطانيين؟
بهجت أبو غربية:
نعم، وقتل غازي، يعني يحتمل أنه كان اغتيال قالوا حادث سيارة ما حادث سيارة، فالعراق الحقيقة بالسر وبخلاف تعليمات الإنجليز كانوا يمرروا بعض الذخائر من الصحراء وكده، نوع من التهريب تقريباً، لكن ضباط جيش يعني يجيبوها..
أحمد منصور:
في واحد سبتمبر 1939م اندلعت الحرب العالمية الثانية، وأنشئت الجامعة العربية في مارس 45 بعد المؤتمر التحضيري الذي عقد في الأسكندرية في أكتوبر 44م، الفترة من 39 إلى 45-46م ماذا كان نشاطكم أو وضع المقاومة في داخل فلسطين في ذلك الوقت؟
بهجت أبو غربية:
(8/416)
أولاً: في خلال الحرب، يعني، لما بدأت الحرب الحقيقة صار فيه شعور بنوع من الرغبة في الانتظار لأنه حرب عالمية، مصير الحرب ونتائج الحرب تقرر مصيرنا أيضا، فتركت في نفوس الناس نوع من روح الانتظار، خليني أسميها، لكن إحنا لم نتوقف، كان هناك نشاط سياسي واسع، يعني مثلاً منذ بداية الحرب الحاج أمين وجه نداء لاستئناف الثورة، لم ينجح هذا النداء، لأن الظروف ماكنتش تسمح.
أحمد منصور:
انتهت الحرب العالمية الثانية في عام 45م وأصدر الرئيس الأمريكي (ترومان) خطة لتقسيم فلسطين في 5 أغسطس 1946م، وانتقلت القضية الفلسطينية إلى مؤتمر لندن في 9 فبراير 47م، ثم تقرر تسليمها إلى الأمم المتحدة في 18 فبراير 49م، وقررت بريطانيا أن تغادر فلسطين في 15 مايو 49م، وتم التصويت في 29 نوفمبر 47م.. عفواً في 15 مارس 47م، وتم التصويت في الأمم المتحدة في 29 نوفمبر بأغلبية 33 صوت ضد 12 صوت وامتناع عشرة عن التصويت على تقسيم فلسطين، ودخلت القضية الفلسطينية إلى معترك جديد وخطير، ماذا فعلتم إزاء هذه الأحداث المتسارعة؟
بهجت أبو غربية:
كمدخل للموضوع، أقول: أنه في 45-46م مارس اليهود عمل عسكري مسلح ضد الإنجليز..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
اليهود ضد الإنجليز؟
بهجت أبو غربية [مستأنفاً]:
اليهود، وكان واضح أن هذا هو ضد الإنجليز، لكن سيتجه بعد فترة ضدنا ليه؟ لأن بدهم استمرار الهجرة وبدهم إقامة الدولة، فإحنا بدأنا نستعد الحقيقة منذ أن أعلنت بريطانيا في أوائل الـ 47م إنها ستتخلى عن القضية وتعيدها إلى الأمم المتحدة، من 47م يعني من نيسان الـ 47م التقيت أنا مثلاً شخصياً مع (عبد القادر الحسيني) –رحمة الله عليه- في القاهرة، وكان يلتقي مع القادة والناس اللي ممكن يكونوا فعالين وقادة في مناطقهم من حيفا من..وكل بلاد فلسطين، وكان هو في القاهرة يجمع سلاح هو والهيئة العربية العليا.
(8/417)
وهنا باتكلم باسم الهيئة العربية العليا، لأنه أعيد تشكيلها بهذا الاسم، وبدأنا نستعد للمواجهة، إحنا في القدس بدأنا تنظيم سري بأقصى درجاته وصل لحوالي 25 إنسان أسلحتنا من جيبنا وذخيرتنا من جيبنا، مع أنه كان في ذلك الوقت إعدام يعني، على السلاح، إعدام حكم إعدام السلاح أو الذخيرة، وحتى بعض الناس كنت أقوله خد لك قطعة سلاح هذه خبيها عندك بالبيت لأن بكرة اليهود بيهاجموك، وما أقولش لأي إنسان، لإنسان أتأمل فيه الخير، يقولي لا.. مش عايز، لأنه فيه إعدام.. السلاح، فكان قصدت أقول إن استعدينا للمواجهة كان فيه أمامه صعوبات كبيرة، وتهريب السلاح من مصر إلى فلسطين أيضاً تأخر وتعثر، سنتها صارت كوليرا أيضاً في مصر زادت المشاكل مشاكل، ووصل يعني قرار التقسيم في 29/11/47م ولم تصلنا أسلحة جديدة غير أسلحتنا المخبئة.
أحمد منصور:
مع صدور قرار التقسيم، كيف كان واقعكم داخل فلسطين أنتم كمقاومة شعبية في الداخل؟
بهجت أبو غربية:
في البداية.. لما أعلن قرار التقسيم شعرنا بخطورة ما سيأتي، وقررنا أن نأخذ موقع دفاعي انتظاري لبينما تصلنا أسلحة، لنكون قادرين إننا نتحرك من خلالها، لكن في نفس الوقت في كل مدينة في كل حي شكلت لجان قومية، ومن مجموع اللجان القومية للأحياء شُكلت لجنة للقدس مثلاً. أنا كنت في لجنة (باب الزهر) وحي(سعد سعيد) والحصران الخ، واللجنة كمان تقسم أنفسها إلى صلاحيات: صلاحيات للتموين، للتمويل، للسلاح وللدفاع، لكن كنا رايدين أن يكون الموقف دفاعي وانتظاري حتى نتسلح، فرضوا علينا اليهود القتال المباشر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وبدأ القتال في ديسمبر 47م.
بهجت أبو غربية [مستأنفاً]:
(8/418)
في التقسيم .. قرار التقسيم إحنا قابلناه بمظاهرات ثلاث أيام، ولم يجرِ فيها أي إطلاق نار، في اليوم الخامس أو الرابع اليهود هاجموا سينما فلسطينية سينما (ركس) حرقوها وصار إطلاق نار، وألقوا قنابل من الحي اليهودي على العرب، لأن الحي هذا مسكون عرب ويهود، وبدؤوا يعملوا نوع من الرعب لحد تصير هجرة، بعد أسبوع من إعلان قرار التقسيم أو أكثر شويه، يعني في 12/12 تقريباً ألقوا برميل من المتفجرات في أوسع ساحة في القدس في باب العمود، وقتل عدد كبير وجرح عدد أكبر، بعدها بأسبوعين كمان برميل، بعدها كمان أسبوع نسفوا فندق (سميراميس) وقتل فيه حوالي عشرين إنسان، فندق (عرب) يعني، بعدها بأيام -أيضاً- ألقوا برميل من المتفجرات في باب الخليل.. كل ذلك من أجل أنه إحنا نرتبك وفي القرى كان بعد مش بس في القدس، أنا باتكلم بالقدس لأني مشارك وشايف يعني.. لكن كان هذا يحصل في كل مدن فلسطين، ونوع من إيجاد جو رعب وهجرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني اليهود فرضوا الحرب عليكم، وكانوا مستعدين لها في الوقت الذي لم يكن لكم فيه استعداد..
بهجت أبو غربية [مقاطعاً]:
نعم، وكانوا يتصورون أن أعمالهم هذه ستؤدي إلى هجرة فورية.
أحمد منصور:
كانت أساليب اليهود في القتال إيه؟ وأساليبكم إنتوا إيه؟ ماذا كانت أساليب اليهود؟ وماذا كانت أساليبكم في القتال؟
بهجت أبو غربية:
أنا قلت: إن إحنا كنا ماخدين موقف دفاعي، اليهود كان عندهم يعني إمكانيات عسكرية كبيرة، كان عندهم ذخائر كثيرة، يعني لما هم بدهم يطلقوا مائة طلقة يدوب إحنا نطلق طلقة طلقتين حتى نحافظ على الشيء الموجود عندنا، لكن ما قام به اليهود في ذلك الوقت، يعني ممكن نجمله بأنه محاولات إرهاب، وإثارة فزع ورحيل. أنا باقول بالنسبة للقدس وقراها هذا فشل في المرحلة هذي، وشيء فشيء بدأنا نحصل على أسلحة، وبدأنا نرد، يعني مثلاً يصير إطلاق نار في مكان إحنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(8/419)
منين حصلتوا على السلاح؟
بهجت أبو غربية:
في الدرجة الأولى، يعني ما أرسله عبد القادر الحسيني.
أحمد منصور:
من مصر؟
بهجت أبو غربية:
من مصر، ثم جاء هو بنفسه، وبدأ نقل السلاح يصل..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هو رجع في 22 ديسمبر 47م.
بهجت أبو غربية:
نعم، مبكر، يوم ما وصل بعت لي ونزلت عنده على (صوريف) لأنه نزل في قرية صوريف، قرية إبراهيم أبودية، وكان جايب معاه شيء من السلاح.
أحمد منصور:
إيه نوعية السلاح اللي كان معاه؟
بهجت أبو غربية:
للأسف، يعني هي معظمها أسلحة من مخلفات الحرب العالمية في ليبيا، يعني أسلحة قديمة بعضها لا يصلح الحقيقة، حتى ذكرت له، قال: إنه كمان عمليات التهريب أحياناً المهربين اللي بيهربوا لنا بيبدلوا السلاح، يقول: أنا ما اشتريت سلاح بهذا الشكل، ورجيتوا يعني بعض الأسلحة اللي كان بيعطيني، ومارضيتش أخذها. لكن في بعضها كان.. في بعضها صار يصلني، يعني مثلا وصلني رشاش، ثم كمان رشاش من نوع أمريكاني يسموه GMC له شريط ويطلق 250 طلقة في الدقيقة، مع ذخيرة جيدة، يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بدأت المعارك تشتعل، وأنت أصبت في شهر يناير 1948م الإصابة الأولى، حيث أنت أصبت ثماني مرات في حرب 48م، وإصابتك الثانية كانت في فبراير 48م أيضاً، وبعد ذلك اشتعلت المعارك، مجرى المعارك ومسار المعارك إيه؟
بهجت أبو غربية:
في القدس بالذات يعني أولاً بدأ قتالنا يعني نحن نوع من الحصار من فرض الحصار حوصر الحي اليهودي، ووصل الحصار لدرجة أنه لا يمكن ليهودي أن يدخل أو يخرج من الحي في البلدة القديمة، مع أنه كان فيه قوة كبيرة، يعني كان تقريباً فيه كتيبة يعني حوالي ستمائة مقاتل.
أحمد منصور:
يهودي؟
بهجت أبو غربية:
يهودي.
أحمد منصور:
كان عددكم أنتم كم؟
بهجت أبو غربية:
نعم؟
أحمد منصور:
عددكم أنتم كم؟
بهجت أبو غربية:
(8/420)
إحنا كان يعني الجهاد المقدس طبعًا توسع في ذلك الوقت، كان فيه عندنا حوالي خمس سرايا كل سرية حوالي 150 بس.
أحمد منصور:
أنت قائد سرية من هذه السرايا؟
بهجت أبو غربية:
نعم، الحقيقة أنا بعدين مجموعتين، فهذا عددنا يعني، إنما فرض على اليهود حصار كامل، بوجود الإنجليز لسه، كان كل اللي بنتكلم فيه قبل ما ينسحبوا الإنجليز، الشيء الآخر فرض حصار على القدس ككل على الطرق، اليهود كانوا عاملين مستعمراتهم بشكل يطوق المدن، لما تقطع الطرق عليهم بتصير هما المستعمرات نفسها محاصرة، مثل نادي يعقوب مثل اللي حوالينا مثل فاراسيون تصير محاصرة، مثلا فاراسيون حوصرت وهي كبيرة، دي أربع مستعمرات، خمس مستعمرات متجمعة. حاولوا يبعثوا لها نجدة، قتلت النجدة بأكملها، (إبراهيم دية) كان على رأس المقاتلين، حوالي 40 من خيرة الهاغاناه، ورثوهم في الإذاعات إلى آخره، هذا نوع من الهجمات.
نوع آخر اللي بنمارسه نحن كان برد على المتفجرات.. المتفجرات بالنسبة لنا للجهاد المقدس هي الميزة الرئيسية من ناحية التسليح، كان عندنا أطنان من الـ TNT كلها من ليبيا ومن صحراء ليبيا، ومكانتش تالفة، يعني كلها صالحة للاستعمال ووصلنا أطنان مش شيء قليل، فاستخدمت أول سيارة مفخخة في شارع سليم ويعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنتو كنتوا تفخخوا السيارات وتفجروها؟
بهجت أبو غربية:
هذي كلها يعني كانت بإدارة عبد القادر الحسيني وبإشرافه –الحقيقة- وتنظيمه والمنفذين مختلفين، أنا ما شاركت في تنفيذ عمليات من هذا النوع، خصوصاً في فترة كنت مسجون، فترة كنت مجروح، المهم فهو في قيادته في (بير زيت) وفي (عين سينا) كان يجهز العمليات، وهو يشرف عليها بنفسه. العملية الثانية: وكانت أكبر عملية حصلت في فلسطين كلها في ذلك الوقت، ثلاث سيارات لوري مشحونة كل سيارة خمسة طن في شارع..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
TNT ؟ خمسة طن TNT؟
بهجت أبو غربية [مستأنفاً]:
(8/421)
خمسة طن TNT في كل سيارة، ثلات سيارات، ومعهم مصفحة حتى لما ينزلوا من السيارات ويشعلوها، يدخلوا المصفحة ويخرجوا، هذا اللي حصل، يعني فدخلت السيارات لأكبر شارع يهودي في القدس، اللي هو شارع (بن يهودا) وعمارات ضخمة وفنادق ضخمة، وقيادة الهاغاناه في القدس إحدى العمارات، وفجرت الثلاث سيارات ودمر الشارع ودمرت عمارات كثيرة، وراح قتلى وصار مظاهرات ضخمة من اليهود ضد قياداتهم، وأن أنتو عملتوا في باب العمود وباب الخليل وكذا، اتفضلوا مظاهرات..
أحمد منصور:
هذه عبد القادر الحسيني اللي أشرف عليها وعلى تنفيذها.
بهجت أبو غربية:
نعم نعم، وبعدها اليهود توقفوا عن عمليات التفجير هذه، وعبد القادر –رحمة الله عليه- عقد مؤتمر في منطقتي عندي، في حيي (باب الزهر) مؤتمر صحفي، وهدد لأنه كان خلف خطوطنا الجامعة العبرية وهداسا شرق القدس وخلفنا، فكانوا هم يقوموا يتخذوا من الجامعة العبرية وهداسا نقاط استعداد وتحرك كقلعة عسكرية ويهاجموا المناطق اللي حواليها.
فأنذر في المؤتمر الصحفي الجامعة العبرية وهداسا بالتوقف ولو أنها جهات إنسانية وعلمية وما إلى ذلك، أما بادمرها إذا لم يتوقفوا، وتوقفوا بالفعل، توقف عمل التفجيرات اليهودية بعد ذلك، بعد المؤتمر الصحفي.
أحمد منصور:
كانت نفسيات اليهود إيه؟ ونفسياتكم أنتم إيه؟
بهجت أبو غربية:
(8/422)
اليهود بدأت نفسياتهم تنهار، لأنه حصار والحصار بدأ يشتد، يعني اليهود في القدس عددهم كان كبير فوق الـ مائة ألف في القدس الشرقية، ويمكن أكثر مائة وخمسين واتصالهم الرئيسي مع تل أبيب ومع باقي فلسطين يعني بس الخط الوحيد اللي بيقولوا عليه تل أبيب، كان تتعرض قوافلهم وسياراتهم لضرب وهجمات عديدة لدرجة فيما بعد توقف نهائياً حتى الميه اللي كانت بتيجي للقدس، بتيجي من هذه الطريق.. المحطات دمرت ماعادش عندهم ميه ولا أكل ولا ميه، ولا بنزين، مع ذلك القوة اللي كانت موجودة في القدس كانت تعبر عن نفسها، اليهود يعني، بقذف الأحياء العربية بالمورتر بهجمات، لكن ماكانوش يحاولوا عمليات احتلال لحد ذلك الوقت، باستثناء شيء محدود إحنا كنا نحاول أنا بصفة خاصة في منطقتي، كنت أحاول آخذ مناطق حرام على حسابهم مش على حسابي، يعني نضغط حتى هما ينسحبوا ويسير بيننا وبينهم منطقه حرام..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بس أنت منطقتك على وجه الخصوص كانت متلاحمة كتير مع مواقع اليهود.
بهجت أبو غربية:
متلاحمة تماماً، حي (مشيرم) من أكثر الأحياءازدحاماً مشيرم بإسرائيل يعني أكثر حي في القدس ازدحاماً.
أحمد منصور:
حتى تكون الصورة واضحة، جيش الجهاد المقدس اللي كان يقوده عبد القادر الحسيني كان يتكون من كم مقاتل تقريباً في القدس؟
بهجت أبو غربية:
ما باستطيعش أعطيك رقم محدد، لأنه جيش الجهاد المقدس، كان الاسم تحمله مقاتلين في القدس، يحمله مقاتلين في يافا..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا، أنا أقصد القدس تحديداً، عددكم كم مقاتلين؟
بهجت أبو غربية:
في القدس نفسها، ولو بير زيت ورام الله تقريباً منطقة واحدة، لكن في القدس بالذات عددنا في أعلى حالاته ماوصلش أكثر من ألف، ألف وخمسمائة يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ألف وخمسمائة مقاتل.
بهجت أبو غربية:
مش أكثر.
أحمد منصور:
كان تحت قيادتك كم مقاتل، أنت؟
بهجت أبو غربية:
(8/423)
أنا قلت أنه كان عندي مائة وخمسين يعني في سريتي، وكان مفرز لي من سارية جيش الإنقاذ حوالي نفس العدد، حوالي ثلاثمائة تحت إدارتي المباشرة، لكن إلي تدخل يعني، في المناطق الأخرى.
أحمد منصور:
عايزك تدي لنا بإيجاز قبل ما أدخل معاك لمعركة (القسطل) بإيجاز إيه هو جيش الإنقاذ؟ وإيه جيش الجهاد المقدس؟
بهجت أبو غربية:
الجهاد المقدس هم المقاتلين الفلسطينيين الذين نظمهم خليني أقول الحزب العربي الفلسطيني بقيادة عبد القادر، والعلاقات معظم القادة اللي قادوا جيش الجهاد المقدس، لهم علاقات مباشرة وشخصية مع عبد القادر الحسيني.
أحمد منصور:
أبرز قيادات الجيش الجهاد المقدس مين؟
بهجت أبو غربية:
أبرز القادة كان فيه عندنا الشيخ (حسن سلامة) مثلا، هو قائد منطقة (يافا) و(اللد) وكلها، هذا من أبرزهم، كان فيه قادة السرايا مثلي، فيه مثلاً (حافظ بركات)، (قاسم الريماوي)، (محمود الحسيني) وهذا استشهد مبكر، (أخي صبحي) وجرح مبكر، كان فيه من المحيط في مثلاً (عين كارم) (خليل ممنون) كان قائد سرية، كان في (صور باهر) (جاد الله جاد الله) قائد سرية، كان (كامل عريقات) وأخوه، سرية قيادة سرية إلى آخره..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طيب، جيش الإنقاذ؟
بهجت أبو غربية:
جيش الإنقاذ جيش شكلته اللجنة العسكرية لفلسطين.
أحمد منصور:
دي اللي بتضم الدول العربية.
بهجت أبو غربية:
جامعة الدول العربية شكلت لجنة برئاسة (طه باشا العشم) و(إسماعيل صفوت) و(القاوقجي) كقائد للجيش، وهذا الجيش جند متطوعين من كل البلاد العربية، بما فيهم فلسطينيين، وحاولوا أنه يعملوا منه جيش نظامي، مع أنه فترة التدريب العسكري كانت قصيرة جداً، استفاد هذا الجيش إلى حد غير قليل من بعض الضباط السوريين يعني سوريا معظم ضباط جيشها إعطوهم إياه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رغم أنه من المفروض إنه جيش متطوعين؟.
بهجت أبو غربية:
(8/424)
هو جيش متطوعين نعم، وحتى كانت تراود الجامعة العربية إنه بلاش تدخل جيوش عربية نعتمد على المتطوعين أو ما شابه ذلك، هذا الجيش لما نظم نظم في (قطنة) قرب دمشق معسكر يعني أنشأ، ثم أدخل إلى فلسطين، لما دخل فلسطين دخل من الأردن، ودخل وعلمت وأعتقد أنه أكيد كان هناك اتفاق بين جامعة الدول العربية والإنجليز على..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كيف؟! كيف؟! كيف هناك اتفاق بين جامعة الدول العربية والإنجليز؟!
بهجت أبو غربية:
الإنجليز في ذلك الوقت موجودين في فلسطين، موجودين في الأردن في شرق الأردن، الجيش بدو يدخل من سوريا على الأردن على فلسطين، فلا يمكن أنه يدخل ويحارب يعني في الأردن جيش بريطاني، فلسطين فيه جيش بريطاني، يعني ما يستطيعش، فعلى ما علمت من الحاج أمين نفسه أن جامعة الدول العربية عملوا مفاوضات مع الإنجليز عن طريق (كلايتون) وعملوا اتفاقية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إيه الاتفاقية؟ الحاج أمين رواها لك؟
بهجت أبو غربية:
أنا ما شفتهاش، هو قاللي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ماذا قال لك الحاج أمين الحسيني؟
بهجت أبو غربية [مستأنفاً]:
قال: أن هناك وثيقة في الجامعة العربية، اتفاقية ما بين الجامعة العربية والإنجليز على دخول جيش الإنقاذ إلى فلسطين، وشروط دخوله، والأماكن التي يعسكر فيها، وطبيعة عملياته.
أحمد منصور:
إيه بقى شروط دخوله؟ والأماكن اللي يعسكر فيها؟
بهجت أبو غربية:
أنه يسمح له أن يدخل من الأردن بدون صعوبات، وأن يدخل إلى فلسطين بدون صعوبات، ما الجيش البريطاني لسه موجود بفلسطين بيقدر يمنع أن يدخل بدون صعوبات، هذا حصل، ودخل ولكن كان عليه أن يعسكر في الأماكن اللي مقررة للعرب في التقسيم.
أحمد منصور:
في خطة التقسيم؟
بهجت أبو غربية:
نعم؟ فترة التقسيم.
أحمد منصور:
لا يتجاوزها؟
بهجت أبو غربية:
لا يتجاوزها.
أحمد منصور:
لا يدخل في معارك –أيضًا- مع اليهود؟
بهجت أبو غربية:
(8/425)
ولا يشتبك مع اليهود، هذه شروط، كان فيه يعني نوع من الخروج في بعض الأحيان على هذه الشروط، مثلاً جاءت كتيبة أو شكلت للقدس، القدس كان المفروض أنها تكون دولية وممنوع يدخلها أحد، مع ذلك كان فيه عندنا كتيبة من جيش الإنقاذ يقودها الرئيس (فاضل رشيد) ضابط متقاعد كان، هذا جيش الإنقاذ، إنما الحقيقة هذا الجيش أصبح حكمه حكم الجيوش العربية، يعني، نحن كجهاد مقدس كان عندنا قدرة على التصرف بالشكل الذي نراه، هذا الجيش كان محكوم، وفيه نوع من الضبط والربط العسكري، إحنا ما فيه ضبط وربط عسكري بالمعنى اللي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مع إن فوزي القاوقجي أبلى بلاء حسناً في ثورة 39-39م وكان له دور كبير في هذه الثورة.
بهجت أبو غربية:
نعم، أنا أمضيت فترة مع فوزي القاوقجي في الثلاثينات، ومن 36 لـ 48م صورته معلقة في بيتي رمز الوحدة العربية فوزي القاوقجي، يعني كنا نعتز لما ييجي واحد مثل سعيد العاص رحمة الله عليه، محمود أبو يحيى من جبل الدروز من القادة العرب، والقاوقجي بالفعل لعب دور جيد في 36م، عسكري فني إلى آخره.. تنظيمي، لكن في 48م كنا نعتبر إن دوره غير طبيعي وغير فعال.
أحمد منصور:
يعني كان مقيد؟
بهجت أبو غربية:
كان يعني يماشي تقريباً سياسة الجامعة العربية سياسة كلايتون.
أحمد منصور:
وأنت بتعتبر سياسة الجامعة العربية لم تكن في صالح القضية الفلسطينية؟
بهجت أبو غربية:
أبداً، في ذلك الوقت سياسة الجامعة العربية بالإجماع في أعلى افتراضاتها، أنها تدخل الجيوش حتى تحمي منطقة التقسيم، حتى نحميها من التوسع اليهودي، وهذا ماحصلش حتى لما دخل الجيوش العربية، اليهود استطاعوا أنهم يأخذوا حوالي25% توسع عن ما خصص لهم من التقسيم.
أحمد منصور:
(8/426)
أنا في الحلقة القادمة سأتناول معك موقف الجيوش العربية، وأتناول معك أو أبدأ معك الحلقة بواحدة من أهم المعارك التي وقعت في القدس، وهي معركة القسطل التي استشهد فيها عبد القادر الحسيني، وأنت قمت بتحرير القسطل بعد احتلالها من اليهود.
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد بهجت أبو غربية أحد أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاماً الماضية، وأحد قيادات المجاهدين في حرب العام 48م.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/427)
الحلقة5(8/428)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:55(مكةالمكرمة)،19:55(غرينيتش)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
بهجت أبو غربية
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل (بهجت أبو غربية) أحد أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية، وأحد قيادات المجاهدين في حرب العام 1948.
أستاذ بهجت مرحبا بك.
بهجت أبو غربية:
أهلا بيكم يا سيدي أهلا.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية كانت حرب العام 48 بدأت وقطعت شوطا، لا سيما في القدس العاصمة التي كانت محورا أساسيا للصراع، وبصفتك أحد قادة السرايا لجيش الجهاد المقدس الذي كان يقوده (عبد القادر الحسيني) في فلسطين للدفاع عن فلسطين بشكل عام في العام 48، في أبريل من العام 48 وقعت واحدة من أكبر المعارك التي وقعت في القدس وهي معركة (القسطل) التي استشهد في نهايتها (عبد القادر الحسيني)، والتي قمت أنت فيها بتحرير القسطل بعد الاستيلاء عليها من اليهود.. ما هي أهمية القسطل من الناحية الإستراتيجية؟
بهجت أبو غربية:
اسمح لي أن أتحدث عن يعني شيء سابق لمعركة القسطل حتى شهر 3..
أحمد منصور:
مارس.
بهجت أبو غربية:
مارس كانت كفتنا راجحة.
أحمد منصور:
ضد اليهود.
بهجت أبو غربية:
ضد اليهود في القدس، القدس محاصرة، معنوياتهم هابطة، مع أنه كان عندهم أضعاف أضعاف قوتنا.
أحمد منصور:
عددهم كان كم تقريبا مقابل 1000 أو 1500 مقاتل؟
بهجت أبو غربية:
مش أقل من 4000 إلى 5000 مقاتل كان عندهم.
أحمد منصور:
يعني ضعفكم ثلاث أو أربع مرات؟
بهجت أبو غربية:
(8/429)
نعم، وصل الأمر بالحصار اشتد جدا على اليهود، وسقط عدد كثير من الضحايا يعني لدرجة -وهذا مهم جدا يعني باحب أتكلم فيه- أن الولايات المتحدة برئاسة (ترومان) التي بذلت كل جهدها، بالذات الرئيس نفسه (ترومان) لاتخاذ قرار التقسيم 47، ممثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة (وان أوستن) ممثلهم في مجلس الأمن أعلن في مجلس الأمن في 19 آذار [مارس] 48 أن الولايات المتحدة لم تعد متمسكة بقرار التقسيم.
أحمد منصور:
بسبب الضغط العسكري الذي كنتم تقومون به ضد اليهود؟
بهجت أبو غربية:
بالضبط، التفسير اللي قالوه الأمريكان نفسه(ترومان) لم نكن نتصور أن قرار التقسيم سيترتب عليه ما قلوش خسائر اليهود وكذا.. الصيغة اللي استعملوها لم نكن نتصور أن قرار التقسيم سيترتب عليه هذه الاصطدامات وهذه الخسائر، هذا النص اللي قالوه، لكن الجوهر أن الولايات المتحدة لم تعد متمسكة بقرار التقسيم، وتقترح على الأمم المتحدة وضع فلسطين تحت وصاية الأمم المتحدة المؤقتة، وماشتها في ذلك بريطانيا وفرنسا والصين، أيدوا الاقتراح، مباحثات كانت، ماصدرش قرار، لكن بعد فترة قصيرة...
أحمد منصور:
السوفييت فقط وقتها؟
بهجت أبو غربية:
السوفييت أبت ...
أحمد منصور:
تمسكوا ببقاء إسرائيل وعملية التقسيم؟
بهجت أبو غربية:
نعم، تمسكت السوفييت بالتقسيم (وتريغيف لي) اللي هو كان سكرتير الأمم المتحدة.. كان له وزن سكرتيرالأمم المتحدة، أيضا تمسك بقرار التقسيم، وبعد فترة قصيرة مش طويلة عادت أمريكا عن هذا القرار تحت ضغط اليهود، وبناء على إعطاء اليهود دعم واسع جدا أوسع من أي فترة سابقة من المتطوعين والذخائر والطائرات و... تفاصيل كثيرة جدا.
أحمد منصور:
يعني نقدر نقول إن قرار التقسيم كان للمرة الثانية يمكن أن يفشل؟
بهجت أبو غريبة:
كاد أن يسقط، نعم.
أحمد منصور:
بعد ما فشل في العام 37.
بهجت أبو غربية:
(8/430)
نعم، هذا كان من وجهة نظرنا بسبب المقاومة العربية التي حصلت حتى ذلك الوقت، لكن لما حصلوا اليهود على الدعم الكبير، بدأت الكفة تتغير حقيقة.
أحمد منصور:
وأين العرب؟ أين العرب الآن من دعمكم أنتم؟
بهجت أبو غربية:
ما كان في عندنا دعم إلا شيء بسيط جدا، اليهود يتلقوا دعم كبير من كل العالم، اشروا صفقة واسعة جدا من (تشيكوسلوفاكيا) أمريكا فتحت مكاتب باسم شركة كذا في كل الولايات المتحدة، متطوعين، وجمع أسلحة وجمع كذا.. بواخر ينقلون لليهود.
أحمد منصور:
متطوعين ممن دخلوا في الحرب العالمية الثانية؟
بهجت أبو غربية:
من كل العالم، من خبراء الحرب العالمية الأولى.. عفوا الثانية، فبدأت الكفة ترجح عبد القادر -رحمة الله عليه- كان يعاني مني ومن أمثالي شكوى مريرة على السلاح حتى أنا مرة بعثت له كتاب استقالة، أنا ماعدتش أكون مسؤول، ليه؟ لأن الشيء المتوفر بين يدي كنت متفق معاك في نيسان 47 على كذا كذا، أنا اللي عندي لا بساويش ربعه، فكيف بدي أنا بكرة تسقط منطقتي، ويقولوا قَصر أو خان أو .. أو..كتبت كتاب استقالة، لكن بعدين رجعت عنه، وقلت لا بعدين لما بدو يسقط الحي أسقط أنا معه، يعني هاي الحل.
أحمد منصور:
يعني قررت أن تقاتل إلى النهاية؟
بهجت أبو غربية:
إلى النهاية، وصدف يوم ما وصلوا إليه كتاب استقالتي، كنت مجروح، مصاب في رصاصة يعني سنتيمتر عن القلب، القصد.. فعبد القادر كان يعاني من هذا، وكان يطالب جامعة الدول العربية، اللجنة العسكرية طبعا، وبعث لي، وقال فرجت، خير إن شاء الله، قال أنا مسافر للشام اللجنة العسكرية وعدتنا، ما هي طلباتك؟ أقول له مثلا بدي 5 رشاشات يقول لي 10، بدي كذا ذخيرة يقول لي ضعفها، وهذا الوعد مش إيلي، حتى أنا كنت أقول، كان 2 من إخوته موجودين يشهدوا على أبو موسى، شي بيقول.
أحمد منصور:
يعني هو في مارس 48 لأنه غادرالقدس إلى دمشق في 26 مارس 1948م.
بهجت أبو غريبة:
(8/431)
وغادرها في أوائل نيسان.
أحمد منصور:
إبريل؟
بهجت أبو غريبة:
نعم.
أحمد منصور:
أنا عندي تاريخ مغادرته 26 مارس 48 يعني نهاية شهر أبريل [مارس]، غادر للالتقاء مع قادة اللجنة العربية العسكرية..
بهجت أبو غربية:
قبل أن يغادر اتصل في كل واحد من قادة الجهاد المقدس، ووعده يعني بمقادير محترمة جدا من السلاح والذخيرة، فلما سافر لدمشق، جامعة الدول العربية، يعني اللجنة العسكرية (طه باشا) و(إسماعيل صفوت)في الدرجة الأولى (مرمطوه) يعني.
أحمد منصور(مستفسرا):
كيف (مرمطوه)؟
بهجت أبو غربية:
بمعنى أنهم لم يستجيبوا إلى طلباته، يعاملوه بشكل فوقي، ما عندناش ذخائر، ماعندناش كذا، طيب ما هو جيش الإنقاذ انتم لما جيبتوله أسلحة تشيكية جديدة، ونحن ما عندناش غير بنادق إنجليزية وألمانية من الحرب العالمية، يعني فيقولوا له...هم أصلا جامعة الدول العربية كانت ممانعة في دخول عبد القادر إلى فلسطين، ودخل بعد وساطات، وبعد ضغوط.
أحمد منصور:
كان يقيم في القاهرة؟
بهجت أبو غربية:
فهم ماكانوش معنا ولذلك بعد كذا يوم وسطُوا الحاج أمين.....
أحمد منصور(مقاطعًا):
الحاج أمين كان في ذلك الوقت يعيش في الشام؟
بهجت أبو غربية:
في الشام.. نعم.. وسطَ ناس من لبنان، وناس من سوريا، وناس من كدا مع طه باشا وإسماعيل صفوت، ما فيه، يعني كل اللي حصل عليه وقتها حتى حوالي ثلاث رشاشات (برين) بدون مخازن، بدون ذخيرة، في منطقة مشتعلة نار حرب....، في النهاية وهو هناك سقطت القسطل في يد اليهود، سقوط القسطل كان عملية ضمن خطة واسعة.
أحمد منصور:
في 3 أبريل 48، سقطت القسطل في أيدي اليهود؟
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
في 3 أبريل 48؟
بهجت أبو غربية:
(8/432)
نعم، نعم 3 أبريل، الخطة كانت... اليهود كانوا محاولين أكثر من مرة يخترقوا الحصار ما بين تل أبيب والقدس حتى يمرروا أكل ويمرروا ذخائر، ويرفعوا معنوياتهم، وضربت هذه القوافل، وفي كثير من الأحيان كانت يعني تحاصر محاصرة شديدة، فتستنجد بالإنجليز، الإنجليز يتفقوا مع المناضلين ينقذوا اليهود الأشخاص ويسلموا السلاح و يسلموا المؤن اللي معهم، فاليهود قرروا في ذلك الوقت في أوائل أبريل في أوائل نيسان لأن هاي الطريق إلى مدخل القدس يسمونه (باب الواد) واد محاصر من الجهتين بمرتفعات وأحراش، ويغلق بالحجارة الكبيرة لمسافة كيلو متر و2 كيلو متر، بيصير صعب يعني اللي بده ينزل، يشيل بيكون عرضة للرصاص، حتى لو بندقية، اليهود قرروا بالخطة هذي أن يحتلوا القرى والجبال المحيطة بالوادي اليهود، وبدأوا فعلا عملية عسكرية.
أحمد منصور:
لحماية وتأمين الإمدادات لهم؟
بهجت أبو غربية:
مش يجوا من الطريق، يجوا القرى نفسها، ويحتلوها.
أحمد منصور:
عشان يحموا الإمدادات عبر الطريق .
بهجت أبو غربية:
عشان يفتحوا الطريق ويمرروا الإمدادات، إحدى القرى اللي كانت مفروض يحتلوها القسطل، فجاءت القسطل في سياق خطة (هاغلغال) كان اسمها يعني، عبد القادر كان في الشام لما سقطت القسطل، فثارت عصبيته لأن القسطل اسمها قسطل القسطل Castle يعنى القلعة، قلعة رومانية كان فيها، موقعها يعني في موقعين رئيسيين في شمال وغرب القدس، النبي صموئيل والقسطل من أهم المواقع العسكرية في منطقة القدس، فعبد القادر يعني صار في حالة عصيبة جدا لما سقطت القسطل، وكل ليلة يتصل فينا: القسطل هي القدس، وكذا.. أنا كان تعليماته إيلي: لا تتحرك من منطقتك إطلاقا لأنه بين حي اليهود مشيرم وباب العمود، يعني منطقة..
أحمد منصور:
منطقتك كانت إيه بالضبط؟
بهجت أبو غربية:
منطقة ضيقة.
أحمد منصور:
منطقتك.. المنطقة التي كنت تدافع عنها في القدس؟
بهجت أبو غربية:
(8/433)
يعني بنقدر نقول شمال القدس، وهي حي (باب الزاهرة)، حي(المصرارة)، حي (سعد وسعيد)، جزء من حي (الشيخ جراح)، لأنه كان آخرين مسؤولين عن الجزء الآخر، حي (وادي الجوز)، وادي(الجوز) أيضا كان أيضا مسؤول آخر، بس كنا نتعاون في هذه المنطقة، هذا شمال القدس، خلينا نسميه تقريبا هو شمال غرب شوية، ولكن خلينا نصطلح على شمال القدس، هذه المنطقة يعني المسافة بينها وبين البلدة القديمة وبين اليهود قصيرة، وأي تقدم..
أحمد منصور:
يعني خط تماس مباشر.
بهجت أبو غربية:
مباشر وقريب، يعني إذا سقطت هذه في خطر على القدس كلها تسقط، فكان يقول لي أنت ممنوع لأنه كنا أحنا أحيانا نروح نجدات يعني تصيرمعركة، وخصوصا كان في بعض القوات مخصصة، إبراهيم أبودية مثلاً، سرية (إبراهيم أبو دية) -رحمة الله عليه- كانت مخصصة نسميها قوة ضاربة تتحرك، جمدت حتى فيما بعد، وصارت بتدافع عن حي (القطمون) وحي (البقعة)، القصد عبد القادر في الشام أصبح في حالة عصبية ومستعجل، وصار يضغط على القادة العسكريين، على إسماعيل صفوت وطه باشا.. وبالعكس كانوا يعيروه: تفضل يا عبد القادر هذه القسطل روح انقذها.. نوع من الهزء هو كان طالب -عبد القادر- مدافع، فكانوا [يطرقعون أصابعهم] ويقولون له: هاي مدفع، هاي مصفحة هذا اللي سميناه نوع من الهزء ....بعبد القادر، هذا أثار غضب عبد القادر وقال لهم: أنتم خونة، أنتم كذا وأنتم كذا، وفي الليل طلع من الشام رأسا جاي على القدس، الصبح يعني وصل القدس مبكر، جاء بحالة نفسية سيئة.
أحمد منصور:
رأيته حينما رجع؟
بهجت أبو غربية:
(8/434)
نعم يا سيدي، أنا كان أخي صبحي مصاب في رصاصة في رأسه، كان يستشفي في الشام، وكان مسؤول عندنا في القدس، فجاء معه، الصبح يعني الصباح الباكر للسه أنا ما قمتش من النوم، وإذا أخي صبحي جاي، كان شوية فاقد النطق وفاقد الذاكرة من آثار الإصابة ففهمت منه أنه جاء عبد القادر وهو جاء معه، رأسا قمت، وين؟ في دار قريبة لي بيتنا، بيت أخوه (فريد بيك) لأن أولاد الباشا كلهم نسميهم بيك، موسى كاظم باشا أبوهم، فكنا نقول لهم: فريد بيك وسامي بيك وعبد القادر بيك، الحاصل قال لي في بيت فريد بيك فرحت رأسا على البيت وجدت حارسه الشخصي، اسمه عوض -شاب طيب يعني- قلت له إيش يا عوض؟ وين أبو موسى؟ قال: والله بيستريح، نائم يعني، قال خليلي ساعة أنام لأنه طول الطريق مش نايم قلت له خير.. شو جبتوا معكم سلاح؟ هذا أهم شيء......
أحمد منصور:
طبعا أنت مستني الوعد الكبير.
بهجت أبو غربية:
مستني الوعد!! وفعلا بأمس الحاجة لأنه بدأت الأمور (تصعب)، وعبد القادر كان قد رفع لهم تقرير ورجاني إياه .
أحمد منصور:
لمين؟
بهجت أبو غربية:
للجنة العسكرية، قرأته قبل ما يسافر، خلاصته أنه احنا الآن ثابتين مش لأنه عندنا قوة تثبت أمام القوة اليهودية، اليهود أضعاف أضعافنا، لكن اليهود مرعوبين، يعني صار من الحوادث، نحن عاملين رعب عندهم، لكن إذا رحلوا الإنجليز، والإنجليز كانوا عاملين منطقة -تقريبا- عازلة مش كل القدس، لكن في منطقة واسعة، الإنجليز عازلين العرب عن اليهود، فتتوسع الخطوط، واللي عنده إمكانيات أكبر بيصير قادر يستعملها، فالقصد.. يومها لما قال لي عوض: ما جبناش حاجة، أسقط في يدي، يعني وتضايقت كثير، واستأت كثير حتى قلت: مسكين بأي وجه بدو يقابلنا؟ وعدني وكذا، مع ذلك بعد ساعة رجعت عليه، سلمت عليه، وكان في حالة نفسية متوترة، ما سألته لا سلاح ولا غيره، واضح يعني كانت الأمور، ورأسا كلفني بمهمة.
أحمد منصور:
ما هي؟
بهجت أبو غربية:
(8/435)
كان في هذه الفترة بالذات اللي هو فيها في دمشق، حصلت معركة مهمة جدا على طريق القدس-الخليل، قرب بيت لحم، قرب مخيم الدهيشة، كان فيه قافلة عسكرية ضخمة من اليهود مصفحات.. باصات كلها مصفحة، ذهبت إلى مستعمرة (كوهارسيون) كنجدة وتموين وغيره، يعني طلعت في آخر الليل، ووصلت للمستعمرة، ولكن لما عادت للقدس كان فيه إلها كمائن هناك، ودارت معركة واليهود ما عادوش يقدروا يتحركوا اتحاصروا، قتل منهم من قتل، نجدة تجيهم من القدس، ما استطاعوا استنجدوا بالإنجليز، الإنجليز تدخلوا في المعركة واتفقوا مع (كامل عريقات) وكان هو مشرف على المعركة من الجهاد المقدس برضه، اتفقوا أن يسلموا السيارات المصفحة والأسلحة كلها والإنجليز ينقذوا الأشخاص، وهذا الذي حصل، فكان من جملة الغنائم مصفحة ورشاشات عند كامل، فقال لي: كامل صاحبك بتروح بتجيب لي المصفحة والرشاشات اللي عنده، ما قالليش إنه عايز يعمل معركة على القسطل، ففعلا أنا في صداقة بيني وبين كامل عريقات ، ورحت عنده، ولاطفته وأخذت وقتها حتى ندخل على الموضوع، وفي النهاية جبت المصفحة وجبت الأربع رشاشات، بس الرشاشات اليهود قبل ما يسلمونها معطلينها بكسر الإبرة، بيعمل شغلة ليعطلها، ومع ذلك جبتهم، يعني كانت صارت الدنيا يمكن الساعة واحدة.
أحمد منصور:
ظهرا؟
بهجت أبو غربية:
ظهرا.. وين أبو موسى؟ قال: في القطمون، القطمون عند (إبراهيم أبو دية)، إبراهيم كان من أكبر قادة الجهاد المقدس الحقيقة، ومن أكثرهم شجاعة وحماس، الحاصل.. اتصلت بالقطمون، قيادة إبراهيم، قالوا لي: تحرك هو وأبو موسى مشيا، ها دي بيمشوا من القدس للقسطل..
أحمد منصور:
كم كيلو؟
بهجت أبو غربية:
يعني بدك تمشى لـ(عين كارم) حوالي من 12 إلى 15 كيلو متر مشيا، فقال تحركوا.....
أحمد منصور:
مجاهدين بقى يعني..
بهجت أبو غربية:
طبعا 10 إلى 15 بالنسبة لنا..
أحمد منصور:
يعني عزائم الناس بتتغير وقت الجهاد.
(8/436)
بهجت أبو غربية:
لا شيء يعني فقالوا لي في قيادة (إبراهيم أبو دية) أنه تحركوا على (القسطل) طيب تحركوا على القسطل، المصفحة ما أخذهاش، ويعني هو بعثني من شأن المصفحة.. إيش جرى في هاديك الليلة؟ ما كنتش عارف لكن..
أحمد منصور:
دي كانت ليلة 7، 8 أبريل؟
بهجت أبو غربية:
لكن كنت محتاط كتير في ذهني نوع من التصور أنه في أخطار..اليهود ممكن أن يعملوا... جية عبد القادر يمكن تثير كذا، فكنت حذر جدا في خطوطي، ما حصلش يعني بالنسبة لي في هذيك الليلة شيء، في الصباح الباكر وإذا بتيجي أخبار أن عبد القادر الحسيني محاصر في القسطل، محاصر ما قالوا استشهد، محاصر فقلنا ما في نجدات.
أحمد منصور:
تركت موقعك، وتحركت.
بهجت أبو غربية:
رتبت أموري بقدر الإمكان، وأخذت معاي مصفحة، غير مصفحة..
أحمد منصور:
مصفحة دي غنايم كل المصفحات دي؟
بهجت أبو غربية:
لا.. أنا كان عندي مصفحة من البوليس، كنا غنمانينها من الإنجليز، وأخذت المصفحة بتاعة اليهود لأنها أقوى كانت، أخذت المصفحة وسيارة لوري، وحوالي 40 شاب مقاتل، وطلعت فيهم، أنا باعرف المنطقة بالسنتيمتر لأني كشافة، ومعلم كشافة ورحلات، وكذا، ما رحت من الطريق اللي ما تمشيهاش السيارات، جيت من طريق من الشمال الشرقي، ورحت بالسيارة لأقرب قرية مجاورة اللي هي بيت سوريك، بين بيت سوريك والقسطل ما في مسافة (يمكن) 2..3 كيلو متر بالأكثر، وهذه قطعناها مشيا، ولما قطعناها مشيا كانت المعركة ناشبة لأنه جاءت نجدات من كل أنحاء فلسطين بما في ذلك من اللد والرملة، قيادة الشيخ (حسن سلامة)، كانوا باعثين قوات كبيرة، من الخليل كان فيه قوات كبيرة، ومن القدس نفس القدس كان فيه قوات، لكن الجهة اللي أنا جئت منها واللي هي الشمال الشرقي، ما كان حدا جاي غيري من جهتها، يعني صارنوع من الحصار، ونضرب اليهود في ظهرهم..
أحمد منصور:
يعني جئت اليهود من حيث لا يحتسبوا، من الخلف..
بهجت أبو غربية:
(8/437)
من مؤخرتهم، وقطع خطوط اتصال القسطل بمستعمرة (الدلب) اللي هي نقطة ارتكازهم، كان فيه مستعمرتين يعني، قطعنا الطريق، دخلنا القسطل، دخلنا القسطل، طبعا هذا كان المعركة ناشبة قبل ما أوصل أنا حقيقة، فلما دخلنا القسطل، الجهة اللي دخلنا منها كان فيها قتلى بأعداد كبيرة، يعني كوم واحد كان فيها حوالى 10.. 12 قتيل على الأغلب كان اليهود يعني ناقلينهم، ومجمعينهم حتى يرحلوهم..يعني
أحمد منصور:
دول قتلى يهود؟
بهجت أبو غربية:
قتلى يهود نعم، ووصلنا قمة القسطل، مجرد ما وصلت قمة القسطل بفترة قصيرة وصلنا نبأ أنه وجد عبد القادر شهيد.. الحقيقة.
أحمد منصور:
قائد الجيش كله، قائد جيش الجهاد المقدس كله الذي كان يحارب في فلسطين.
بهجت أبو غربية:
وواسطة العقد اللي تربط بين الناس يعني، فيعني تصورت مدى الخسارة، ومدى ما سيترتب على هذه الخسارة.
أحمد منصور:
وصلك الخبر بعدما قمتم بتحرير القسطل من اليهود .
بهجت أبو غربية:
بالطبع، اليهود صاروا بعيد، ومسيطرين على القسطل كاملة.
أحمد منصور:
شعورك كان إيه لما عرفت أنه مش القائد المباشر بتاعك، ده قائد كل المجاهدين قتل؟
بهجت أبو غريبة:
الحقيقة يعني ما بديش أقول أنه صار عندي انهيار أو ما شابه ذلك، لكن هدأت، وقعدت على الأرض، ما رحت أشوفه.
أحمد منصور:
لماذا؟
بهجت أبو غربية:
صعب علي أن أشوف عبد القادر شهيد، والمسافة كان بيني وبين المكان اللي هو فيه ما بتزيدش على 100متر 200 متر، ونقلوه رأسا بعدين فتصور ماذا سيترتب على هذا الانهيار؟ للأسف التخوف يعني كان في محله، مجرد ما نقل عبد القادر الحسيني، احنا قوات غير نظامية، ما فيه حد اللي يأمر على الكل، كان في القسطل لا أقل من (3000) مقاتل فلسطيني، وفي يعني أرقام حتى بتوصل لأكثر من ذلك، في فترة نصف ساعة تقريبا لم يبق في القسطل سوى حوالي 40 أو 45 إنسان.
أحمد منصور:
كلهم راحوا معاه!!
بهجت أبو غربية:
(8/438)
حتى صديق من أعز أصدقائي المناضلين كان قائد سرية، أرسل لي رسول لأنه تقرر أنه أنا أبقى، أنا سئلت، قلت أنا باقى ومعي رجالي مع أني كنت لسه مربط.
أحمد منصور:[ مقاطعا]
مربط من أثر الجراحة؟
بهجت أبو غريبة:
نعم.. كنت مجروح هذه الرصاصة اللي عند القلب.
أحمد منصور:
أخدت كم رصاصة؟
بهجت أبو غربية:
وطبعا في عملية هان وعملية هان..
أحمد منصور:
أخدت كم رصاصة ؟
بهجت أبو غريبة:
في ذلك الوقت يعني كان أول في رصاصة في يدي قبل هذه، وهذه كانت الثانية.
أحمد منصور:
مجموع الرصاصات اللي أخدتها الرصاصات التي أخدتها كلها كم؟
بهجت أبو غربية:
والله يعني في مرة واحدة اللي هي في 19/5/48 مرة واحدة، أربع رصاصات دفعة واحدة، وكان قبلها رصاصة وتنتين وشظايا وما شابه ذلك..
أحمد منصور:
يعني مجموعهم فوق الخمستاشر رصاصة؟
بهجت أبو غربية:
لا.لا، أقل.
أحمد منصور:
يعني في الـ8 مرات.
بهجت أبو غربية:
يمكن أن نقول ثمانية مثلا.
أحمد منصور:
8 رصاصات مجموعها، والحمد لله.
بهجت أبو غربية:
هنا إصابة، وهنا إصابة.
أحمد منصور:
في كل حتة في جسمك.
بهجت أبو غربية:
لا، مش كل حته هذه مبالغة.
أحمد منصور:
أنا بقصد في رجلك، في صدرك...
بهجت أبو غربية:
نعم، عملية هنا وعملية هنا، عمليات يعني أيضا، الحاصل فأنا في ساعة بدأت الناس تروح قابلني (أنور النسيبي) كان سكرتير اللجنة القومية لجميع القدس، وكنت أكبر فيه هو كان رجل سياسي باعتبار اللجنة القومية، كان موجود، وشاورني شوف الناس عم تروح شو نعمل وشو كذا؟ فقلت له: أنت شو رأيك؟ قال لي: رأيي أنه جماعتك تبقى لكن أنت كمجروح، تروح، قلت له:لا، (خلاص) أنا مابتركش يعني مجموعتي، فبقينا..
أحمد منصور:
لحماية القسطل.
بهجت أبو غربية:
(8/439)
نعم لأن رد الفعل راح يكون مباشر وفوري، خصوصًا اليهود كانوا دائمًا، وحد الآن حريصين على قتلاهم، ما بيقدروش إلا يحاولوا يحصلوا عليهم، وبعدين موقع القسطل من هنا مستعمرة، ومن هنا مستعمرة والعين عليها يعني، فقلت لأنور، قل لي: شو طلباتك؟ قلت له: أكل (ويقول لي العسكري يسير على معدته) ذخيرة، بديل، قوة تبدلنا بكرة لأننا الليل مش هننام يعني، وبعدين بدنا بديل كبير، لأنه فيه توقعات كبيرة..
أحمد منصور:
كان معاك كم مقاتل وقتها؟
بهجت أبو غربية:
أنا ومجموعتي ومجموعة (محمد عادل النجار) اللي هو كان قائد سرية في وادي الجوز، كنا مش أكثر 45.
أحمد منصور:
فقط!!
بهجت أبو غربية:
فقط.
أحمد منصور:
في الوقت اللي حرر (القسطل) فوق الثلاثة آلاف مقاتل.
بهجت أبو غربية:
نعم وباقول حتى أعز أصدقائي يعني واحد من أعز أصدقائي كان موجود في القسطل، وكان مشارك في المعركة، برضه انسحب، لكن أرسل لى رسول من عنده أنه إذا صار عليكم خطر أبعثوا لنا، وين أنتم؟ قالوا في قرية الصوبا..
أحمد منصور:
أثر مقتل عبد القادر الحسيني إيه على مسار القتال في القدس وفي فلسطين بشكل عام وكانت الجيوش العربية لم تدخل بعد؟
بهجت أبو غربية:
الأثر كان مزدوج، يعني أولا كان فيه شعور بالخسارة الكبيرة، وبأنه المقاومة ستضعف، والألعن أنه كانوا اليهود باديين تحرك عسكري، اليهود أخذوا موقف في البداية مثل ما ذكرت أنا، محاولة إرهاب، إرهاب، إرهاب، مش احتلال، لكن في هذيك المرحلة كانوا بادين يأخدوا مراحل احتلال وإخلاء قرى، في نفس الليلة اللي كنت أنا فيها في (القسطل)هوجمت(دير ياسين) وذبحت (دير ياسين) وبيني وبينها بس وادي .
أحمد منصور:
اللي هي في 9 أبريل 1948.
بهجت أبو غربية:
(8/440)
نعم..ليلتها، يعني ليلة ما شلنا عبد القادر، ليلتها باليل هاجموا دير ياسين وهي موقع عسكري، أيضا في القدس، وذبحت القرية، هذا يعني كان تارك أثر هبوط في المعنويات، لكن ربنا وفق بعد فترة قصيرة جدا، يعني ممكن 5 أيام 6 أيام، قافلة يهودية بتمر من وسط منطقة الشيخ جراح إلى هداسا والجامعة العبرية تهاجم، هم سموها اليهود قافلة الأطباء، لأنها رايحة إلى المستشفى، المستشفى كان معطل لأشهر، هي قافلة عسكرية، القافلة من عدة سيارات مصفحة جميعها أوقفت وحرقت، يعني صاروا المناضليين يتسللوا تحت السيارة يحرقوها، وينحرق من فيها، قتل فيها فوق الـ100 إنسان.
أحمد منصور:
يهودي؟
بهجت أبو غربية:
يهودي، ولولا أن الجيش البريطاني تدخل، وقتل منا حوالي 10.. 15 واحد.. الجيش البريطاني.. كان قضى عليها نهائيًا.
أحمد منصور:
شاركت في المعركة دي إنت؟
بهجت أبو غربية:
أنا للأسف شخصيا ماشاركت، وكان يعني من المقاتلين اللي قاد المعركة في الحقيقة وموجود حي يرزق في القاهرة..
أحمد منصور:
من هو؟
بهجت أبو غربية:
اسمه (محمد عادل النجار) موجود في القاهرة لليوم حيا يرزق، هو الذي قاد معركة الباصات، بنسميها معركة باصات هداسا، ومقاتلين شاركوا معه من رجالي، أنا كنت في هذيك الفترة في العريش، كنت متوجه مع سيارة مصفحة وسيارتين لوري، أستقبل سلاح جاي من مصر، وكان المفروض ألاقيه أنا في (عوج الحفير) اللي هي حدود فلسطين...
أحمد منصور:
يعني السلاح ده مين اللي كان بيوفره لكم؟ وفلوسه كانت من أين؟
بهجت أبو غربية:
الهيئة العربية العليا، الهيئة تحصل عليه من هنا ومن هناك.
أحمد منصور:
يعني الحاج أمين الحسيني بره كان بيلعب دور في هذا الموضوع.
بهجت أبو غربية:
أصلا هو اللي كان بده يجيب السلاح هو الدكتور (داود الحسيني) اللي هو قريبه.
أحمد منصور:
كيف تم اختيار قائد بديل لجيش الجهاد المقدس بعد مقتل عبد القادر الحسيني؟
بهجت أبو غربية:
(8/441)
بعد مقتل عبد القادر الحقيقة كان في شعور بالفراغ، والمفروض أن يملأ هذا الفراغ شخص له صلات بكل ها الناس، ليس فقط في القدس، في كل فلسطين، هم كانت جامعة الدول العربية واللجنة العسكرية اشترطوا على عبد القادر أنه أنت مسؤول فقط في القدس، ما رد عليهم، وصار مسؤول عن كل فلسطين، صار ترشيحات يعني، لكن من أخطر الترشيحات جامعة الدول العربية رشحت مفتش بوليس سابق، مفتش مباحث اسمه (منير أبو فاضل) صار فيما بعد نائب في البرلمان اللبناني، منير أبو فاضل نعرفه من الثلاثينات، احنا أنه من كبار ضباط CID، CID يعني دائرة البحث الجنائية، واقترحته الجامعة العربية، المفتي وغيره، صار صراع يعني بينهم.
أحمد منصور:
كان مين عايز الحاج أمين الحسيني؟
بهجت أبو غربية:
الحاج أمين كان لسه محتار يعني... كان البعض يعني...
أحمد منصور:
كان غير مسموح له هو يرجع إلى فلسطين؟
بهجت أبو غربية:
هو كان بيقدر يمارس يعني يعين، لكن ما كانش يقدر يستغني عن العلاقات مع الجامعة العربية، ومع مصر بالذات.
أحمد منصور:
في 27 أبريل 48 التقيت في مقر قيادتك في حي(المصرارة) (عبد الله رشيد) والشيخ (مصطفى السباعي) رئيس الإخوان المسلمين في سوريا و(ميشيل عفلق)، التناقضات الكبيرة بين الثلاثة الذين التقيت معهم؟
بهجت أبو غربية:
(8/442)
لا..كان فيه إجماع على فلسطين يعني، إجماع على المشاركة في قتال يعني، لنجدة فلسطين، يا سيدي كان في القدس كما قلت كتيبة لجيش الإنقاذ، اللي يقودها (فاضل رشيد العراقي) لكن كان لها نوع من الاستقلالية يعني عن (القاوقجي) وعن كذا، وكلها متطوعين، سوريين لبنانيين، أردنيين وفلسطينيين، كتيبة، هذه الكتيبة كان من جملة ملاكها 2 ضباط سوريين، من الجيش السوري، (جمال الصوفي) فيما بعد صار وزير يمكن في سوريا و(عدنان ملوحي) هدول كانوا مساعدين للقائد، الاثنين ضباط، وكان مساعد للقائد أيضا يعتبر الشيخ مصطفى السباعي باعتباره أنه كان معاه مجموعة من الإخوان المسلمين، المنخرطين في جيش الإنقاذ، فالشيخ مصطفى في هذاك الوقت كان يعتبر من المقاتلين، من قادة المقاتلين، فجاءوا للتعرف علي في قيادتي في مقر قيادتي، ومقر قيادتي كان خطر جدا، وكان قريب جدا من اليهود، وعرضة للخطر، وما طولوش لما شاف خصوصا فاضل رشيد، مسافة الاستحكامات بالقرب من اليهود ما طولوا، فزاروني زيارة تعارف، وما طولوا يعني...
أحمد منصور:
كنت تعرف ميشيل عفلق أو تعرف عنه شيئا؟
بهجت أبو غربية:
الأستاذ ميشيل يعني في ذلك اليوم ما تعرفت.. ما عرفت اسمه، الشيخ مصطفى كنت أعرفه أنا في السابق أصله حزب البعث وكل قادته أجو على فلسطين بعضهم جاء مقاتلا مثل (أكرم الحوراني) مثل (مأمون البيطار) اللي استشهد، وكان قائد المدفعية لجيش الإنقاذ، كثير من قادة البعثيين جاءوا، لكن مثل ميشيل وغيره آخرين مدنيين لنشر الفكر الحزبي، ووزعوا بعض كراسات للحزب، وأنا ما قدم ليش نفسه، ولا قدم لي مذكرات فيما بعد هو ذكرني، وقال أنا تعرفت عليك كذا كذا.....
أحمد منصور:
يعني كان ليك علاقة بعد ذلك بميشيل عفلق أو مصطفى السباعي؟
بهجت أبو غربية:
التقينا فيما بعد، بعد ما دخلنا الحزب، وصرنا نعرف بعضنا البعض.
أحمد منصور:
(8/443)
أنت أصبحت بعثي من قيادات البعث فيما بعد، في شهر أبريل على وجه الخصوص بدأت كفة اليهود تترجح على كفة العرب، 19 أبريل سقطت طبرية، حيفا 23 أبريل، يافا 28 أبريل، صفد في 12 مايو، وعكا في 16 مايو، ثم بدأت بعد ذلك الجيوش العربية تتهيأ لدخول فلسطين، كل هذه التطورات في المعارك والجيوش العربية كانت تتفرج خارج فلسطين؟
بهجت أبو غربية:
يا سيدي.. الجيوش العربية يعني كان فيه وضعين الحقيقة، الجيش السوري كان معظم ضباطه ومعظم رجاله أعطاه لجيش الإنقاذ، يعني ما عادش فيه تقريبا جيش سوري، وكان حديث التشكيل، استقلال سوريا حديث كذلك، وجيشه، وأعطى خيرة شبابه مثلا فيه واحد مشهور في صفد (إحسان قملماظ) استشهد وفيه كثير منهم قاتلوا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
والجيش العراقي..؟
بهجت أبو غربية:
الجيش السوري هذا وضعه، الجيش العراقي والجيش الأردني كان حصل في شهر أذار (مارس) 48 شيء سياسي معروف- فيما بعد- كشفه (غلوب) وكشفه غيره ومراجع كثيرة كشفته أن الملك (عبد الله) اتفق من خلال (توفيق أبو الهدى) وجلوب....
أحمد منصور:
توفيق أبو الهدى اللي كان رئيس وزراء الأردن.
بهجت أبو غربية:
واتفقوا على أن يضم القسم العربي من التقسيم للأردن، وأن لا يجري قتال بين الجيش الأردني والجيش اليهودي (الهاغاناه) والقسم العربي يضم للأردن، الأردن حجم الجيش كان صغير يعني، حتى لو..
أحمد منصور (مقاطعًا):
وتحت قيادة (غلوب) البريطاني؟
بهجت أبو غربية:
(8/444)
وتحت قيادة غلوب، بس (غلوب) هو مستعد ينفذ، لكن الحجم ما بيستطيعش السيطرة على كل المنطقة، فكان الرديف له والمساند له(نوري السعيد) من الجيش العراقي، فالجيش العراقي حكمه حكم الجيش الأردني، أنا لا أنتقص من رجولة ومن استعداد أي جندي أو أي ضابط في الجيش العراقي أو الأردني، بالعكس كان عندهم يعني رغبة في القتال وفي الاستشهاد ليس لها حدود، لكن المرجع السياسي للجهتين مرجع موافق على التقسيم، داخل ينفذ التقسيم، والآن عم تكتب يعني مذكرات لكثير من قادة الجيش الأردني، في ذلك الوقت مثل مثلا (صادق الشرع).
أحمد منصور:
صادق الشرع كتابه معروف، نعم.
بهجت أبو غربية:
يذكر رقم الأمر العسكري وتاريخ الأمر العسكري رقم 3 بتاريخ 14/5 بيأمر الجيش أن يقف على حدود التقسيم..
أحمد منصور:
لأن الجيوش دخلت في 15/5
بهجت أبو غربية:
فكان الجيش الأردني والعراقي واضحة عندهم الغرض من وجودهم ودخولهم.
أحمد منصور:
يعني الجيوش الآن العربية داخلة عشان ترسخ تقسيم فلسطين؟
بهجت أبو غربية:
تنفذ التقسيم، هذا اللي داخل الجيش الأردني والعراقي، مع العلم أنه العراق ما كان... يعني كان يشعر بخطورة من سيطرته على ضباط الجيش العراقي، يعني أنا باعرف واحد تعرفت عليه اسمه (محمد مظلوم) كان قائد كتيبة، ليس مش ممكن يطيع لي نوري السعيد أو غير نوري السعيد،.... لكن كيف عالجوه؟ عالجوه بأنه خرج من العراق قوة لا تقل عن 20 ألف جاية على فلسطين، لم يدخل فلسطين في شهر القتال الرئيسي الأول سوى 1500 إنسان نشروا على خط طوله يمكن 150 كيلومتر، فأصبح خط ضعيف جدا، ومش قادر يدافع عن مواقعه....
أحمد منصور:
أنت عايز تقول القيادة السياسية خانت قضية فلسطين سنة 48؟
بهجت أبو غربية:
(8/445)
يا سيدي كلمة الخيانة كلمة كبيرة، ولكن خلينا نقول كانوا موافقين على التقسيم الذي كنا نرفضه، ويعني ضللونا أكثر لأنهم ادعوا أنهم جايين يقاتلوا.. جايين يحرروا.. وهذا أخطر، في الوقت اللي هم جايين ينفذوا التقسيم، وأكثر من ذلك كان يعني واضح مثل عين الشمس أنه بدأ الجيش الأردني في مواقعه، الجيش العراقي في مواقعه يجند المقاتلين الفلسطينيين ويضعهم أمام الجيوش، ويجمد حركتهم أيضا.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أبدأ معك من دخول الجيوش العربية، وضع القدس صبيحة دخول الجيوش العربية، الجيش المصري، وأنت قاتلت معه، أو اشتركت معه في بعض المعارك أتناولها معك في الحلقة القادمة مع الأيام الحمراء في القدس.
أشكرك شكرا جزيلا.. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد بهجت أبو غربية أحد أبرز المناضلين الفلسطينيين خلال السبعين عاما الماضية وأحد قيادات المجاهدين في حرب العام 1948.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/446)
الحلقة6(8/447)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:55(مكةالمكرمة)،19:55(غرينيتش)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
بهجت أبو غربية
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل (بهجت أبو غربية) أحد قيادات النضال الفلسطيني البارزين خلال السبعين عاما الماضية.
مرحبا أستاذ بهجت.
بهجت أبو غريبة:
أهلا بكم يا سيدي.
أحمد منصور:
احنا توقفنا في الحلقة الماضية عند دخول الجيوش العربية إلى فلسطين في الخامس عشر من مايو عام 1948، واستعرضنا قبلها الوضع بشكل عام.
كيف كان وضع القدس صبيحة دخول الجيوش العربية إليها؟
بهجت أبو غربية:
الجيوش العربية كان يفترض أنها تدخل في 15، ونحن في قيادة الجهاد المقدس في القدس عقدنا اجتماع في 12 الشهر، وبحثنا لأنه الإنجليز كانوا موجودين في القدس، وسينسحبون في 15 الشهر، وحاولنا أن يعني نضع خطط دفاعية لبينما تصلنا الجيوش العربية، وننتقل من الدفاع إلى الهجوم، الذي حصل أنه كان في هدنة عقدها (عزام باشا) مع الصليب الأحمر ومع كذا، وكانت سارية المفعول لفترة قصيرة..
أحمد منصور:
اللي هو أمين عام الجامعة العربية.
بهجت أبو غربية:
(8/448)
نعم، كانت سارية المفعول لفترة قصيرة، ومجرد أن انسحب البريطانيين من القدس.. المندوب السامي انسحب في 14 يوم جمعة.. مجرد ما خرج المندوب السامي، وخرج الجيش البريطاني، قسم منه اتجه إلى (حيفا) قسم اتجه إلى (فايد) في مصر، بدأ اليهود هجوم عام على القدس، وكانوا قد استعدوا له، وثبت يعني فيما بعد -فيما كتب عن هذه الحرب- أن (ديفيد بن غوريون) رئيس الحكومة يعني، وحد كل القوات اليهودية تحت قيادة واحدة وهي (البالمخ) (يوسف سادة) (إسحاق سادة) هذا كان قائد (البالمخ) اللي هي يعني أقوى قوات، وأقدر قوات عند اليهود (الهاغاناه) نفسها، كانت هي جزء من (الهجاناه) لكن بسيطة قوات ضاربة يعني، شال (شالتيل) قائد الهاجاناه وسلم قائد..وكل (الأرغون) و(شتيل) وغيرها كلها وحدها في قوة واحدة، وقال لهم: أريد القدس وتعليماته إلى (إسحاق سادة) Attack and Attack and Attack إسحاق سادة قال له: إذا استطعنا في اليوم الأول إنا نسيطر على (الزون) ، والزون هي المنطقة التي كان فيها الإنجليز، دوائر البريد والمخابرات.
أحمد منصور:
اللي هي المنطقة العازلة.
بهجت أبو غريبة:
المنطقة العازلة.. إذا استطعنا نسيطر عليها أول يوم خلال (48) ساعة أعطيك القدس كاملة.
فكان باختصار اليهود مصممين تصميم لآخر الحدود على احتلال القدس جميعها.
أحمد منصور:
كان عدد المقاتلين الفلسطينيين أو العرب كم في القدس؟
بهجت أبو غربية:
يعني في القدس -في تقديري- يعني ما عنديش إحصاء دقيق يعني، يعني لا يزيد على ألفين، وكان فيه أهالي يعني من نفس أهل القدس شعب جماهير، كل واحد شال سلاحه وذخيرته من جيبه يعني كان يقاتل.
أحمد منصور:
اليهود كانوا كم؟
بهجت أبو غربية:
ماعنديش رقم علمي.
أحمد منصور:
ماعندكش رقم علمي، لكن بعد عملية التوحيد هذه تتوقع .....؟
بهجت أبو غربية:
(8/449)
مش بس عملية التوحيد، هي سبق هذه العملية إنوهم استطاعوا يدخلوا.. يعني تحدثنا إنو القدس صارت محاصرة، استطاعوا يكسروا الحصار، ودخلوا قوافل، ودخلوا قوات، ودخلوا ذخائر، ودخلوا أسلحة، فالقوة عندهم ازدادت كثير، يعني تضاعفت، وانكشفت الجبهة على نطاق واسع، واللي عنده قوة أكبر بيستفيد من الجبهة الواسعة.. احنا ما عادش عندنا إمكانيات نسكر [نغلق] الثغرات، فبدأوا الهجوم على المنطقة كلها في الوقت اللي بدأت معنوياتنا تهبط.
أحمد منصور:
معنوياتكم أنتم؟
بهجت أبو غربية:
نعم، عندك المندوب السامي طلع من القدس الساعة 10 صباحا..
أحمد منصور:
يوم 14.
بهجت أبو غربية:
يوم الجمعة.. يوم 14، فورا بدؤوا اليهود إطلاق النار، مش من 15، ما استنوش حتى يغتنموا فرصة يعني تأخر الجيوش العربية.
أحمد منصور:
يوم 14 هذا كان بداية لخمسة أيام وصفت بأنها الأيام الحمر، أو الأيام الحمراء، بسبب كثافة.. وكانت أقوى معارك تمت في القدس (14، 15، 16، 17، 18 مايو 1948)، هذه الأيام الخمسة أنت عشتها بكل ما حدث فيها من معارك في القدس، بإيجاز خذ لي تسلسل المعارك هذه -أيضا- والنتيجة التي أدت لها في النهاية؟
بهجت أبو غربية:
قلت أنا: أنه مجرد ما إنه خرج المندوب السامي يوم الجمعة اللي هو 14 بدأ اليهود هجوم عام على كل المنطقة، ولكن ركزوا هجومهم على المنطقة الجنوبية من القدس، ليصلوا المنطقة الغربية اللي هي معظم الأحياء اليهودية فيها بالمنطقة الجنوبية.
المنطقة الجنوبية، يعني وصلها كان يتطلب احتلال (القطمون) واحتلال(البقع) وبعض أحياء عربية يعني، والوصول إلى مستعمرات يهودية كانت قائمة هناك (تل بيوت، ورامات رحيل) 3 مستعمرات.
وأيضا بهذا إذا وصلوا لها هم كانوا حاسبين حساب الجيش المصري، هذا معروف يعني، بيغلقوا الطريق على الجيش المصري إلى القدس، لأن هذول جنوب القدس.
(8/450)
فبدأوا الهجوم على منطقة (القطمون) و(البقع) وكذا، واحتلوها في خلال يوم أو يومين، الحقيقة، وحاولوا في نفس الوقت أن يفكوا الحصار عن يهود القدس القديمة.
أحمد منصور:
اللي أنتم محاصرينهم طول الفترة الماضية.
بهجت أبو غربية:
نعم.. وهي محاصرة من جميع الجهات ليتصلوا فيهم، لو اتصلوا فيهم بيصيروا قادرين يتغلغوا في البلدة القديمة يعني بسهولة عسكريا.
وحاولوا من منطقتي أيضا أن يصلوا إلى السور من الجهة الشمالية، حاولوا أيضا أن يصلوا إلى السور من جهة (هداسا) و(الجامعة العبرية)عملوا هجوم، فالواقع أنهم نجحوا في احتلال المناطق اللي في جنوب القدس، وواصلوا خطهم فيها.
في منطقتي نجحوا ثاني يوم، يعني اللي هو أصلا أنا قلت كلمة يعني وما فسرتهاش قلت: إنه احنا كانت معنوياتنا عالية جدا، لكن لما تأخر دخول الجيوش العربية، يعني كنا معتمدين ومتأملين بدخول الجيوش العربية، بنينا عليها يعني آمال كبيرة، لما تأخر دخول الجيوش العربية عمل عندنا نوع من الهبوط المعنوي. مع ذلك صمدنا..مع ذلك صمدنا.
أحمد منصور:
طيب تصورك إيه أسباب تأخر دخول الجيوش العربية إلى فلسطين؟
بهجت أبو غربية:
يا سيدي.. الجيش العربي الأردني كان هو المفروض اللي يوصلنا، هذا كان..
أحمد منصور:
لمنطقتكم يعني.
بهجت أبو غربية:
لمنطقة القدس، اللي حصل إنه الجيش العربي تقدم من 15 الشهر، ووقف عند نقطة يسموها (الخان الأحمر) على بعد 17 كيلو متر من القدس، وبقي هناك دون أن يتقدم، كنا ننتظره احنا يوم 14 ليلة 15 ما جاش.. ثاني يوم ما جاش.. ثالث يوم ما جاش.. صار فيه هبوط في المعنويات، واليهود ركزوا..
احمد منصور:
عرفتم السبب بعد ذلك، لماذا لم يأت؟
بهجت أبو غربية:
السبب يعني فيه مراجع موثقة الآن بتقول..
أحمد منصور:
تذكر منها إيه المراجع دي؟
بهجت أبو غربية:
(8/451)
في كتاب اسموOJerusalem ياقدس (دومينيك لا بيير) مألفه و(لاري كولنز) إنجليزي وفرنسي بيقول بينما في (Chapter) بالإنجليزي Message From Glob pasha عنوانه بيقول: بينما كان رؤساء الأركان العرب مجتمعين، هذا الحكي في شهر 3.
أحمد منصور:
مارس 48.
بهجت أبو غربية:
مارس، مجتمعين في عمان لوضع خطة لمحاربة اليهود أو ما شابه ذلك، جاء ضابط من الجيش العربي الأردني، وبعدين بيذكروا اسمه Brigadier Goldy.Brigadier بمعنى الآن يسموا (عميد) تاج وثلاث نجمات.Brigadier Goldy باعرفه يعني، وكان عندنا في القدس فترة، جاء إلى مستعمرة (نهاريا) هذا موثق، وهيكل أيضا ذكره في كتبه.
أحمد منصور:
نعم. نعم ذكره في كتبه.
بهجت أبو غربية:
جاء إلى مستعمرة (نهاريا) والتقى بكذا (شامير)اللي هو قائد الهغناه هناك.. مش شامير السياسي، وقال له: أنا أحمل لك رسالة من غلوب باشا.
الرسالة: أولا: أن نقتسم نص، هذا نص الكتاب، أنا مش من عندي.. نقتسم فلسطين نحن وإياكم.
أحمد منصور:
الأردنيين والفلسطينيين؟
بهجت أبو غربية:
لا.. هو بيحكي باسم (جلوب) باسم الأردن طبعا.
2- أن لا يجري قتال بيننا وبينكم.
3- نحن على استعداد أن نؤخر حركتنا في منطقتنا لبينما تأخذوا مواقعكم على الخط اللي بتريدوا، فقال له، وهذا وراد يعني... في.. قال له: هذا نوافق على هذا بشرط أن لا تدخلوا القدس.. هذا أحد التفاسير.. أن لا تدخلوا القدس -شرط- سأله غولدي: أنه طيب احنا بدنا نأخر حركتنا لبين تأخذوا.... بدكم توقفوا على الخط التقسيم أو ستجتازونه؟ سأله هذا السؤال صراحة.. فجاوبه شامير: هذا أمر سياسي، نحن جيش، هذا بتقرره الجهات السياسية، وإذا أمرنا أن نجتازه فسنجتازه.
أحمد منصور:
واجتازه اليهود، وأخذوا 77% من الأرض، وليس كما كان مقدرا لهم أن يأخذوا 50%.
بهجت أبو غربية:
(8/452)
نعم.. نعم هذا حصل، فالتأخير أشيع أيامها لا أقدر أنا أن أوثقه، أنه غلوب قال: إنه أعطيتهم 4.. 5 أيام لليهود حتى يصفوا القدس..ما فيش مورد يعني نص في مرجع أن هذا أشيع على أي حال كانت ضغوط كثيرة على غلوب، وكانت حجته، حجة الأردن، أنه هذه منطقة الحجة يعني، حسب قرار التقسيم، دولية.
مش لازم تدخلها،... طيب ما اليهود عم بيهاجموها، وكل يوم بيجيك وفد من البلدية، من الغرفة التجارية، من كذا.. من القدس، يقول لك: القدس ستسقط بعد ساعة..بعد ساعتين، وفعلاً كانت معرضة للسقوط كانت معرضة لسقوط يعني محتم، فيه تفوق وفيه إصرار على..
أحمد منصور:
الجيوش الأخرى، الجيش المصري كان قريب من القدس أم بعيد منها في ذلك الوقت؟
بهجت أبو عربية:
الجيش المصري ما كانش قريب من القدس -الحقيقة- الجيش المصري كانت عنده مجموعتين: المجموعة اللي هي جيش نظامي، اتخدت خط الساحل من الجنوب للشمال في الاتجاه، كان على ميمنتها في المنطقة الجبلية يعني الخليل، بيت لحم من بير السبع وكمل على ميمنتها قوات متطوعة (سودانيين، ليبيين، مصريين، إخوان مسلمين)تقودها يعني قادة معظمهم ضباط من الجيش النظامي. يعني كان (كمال الدين حسين) مثلا واحد كان منهم، و(معروف الحضري) كان ضابط برضه يعني معروف...
أحمد منصور:
اللي كان أحمد عبد العزيز ... قبله.
بهجت أبو غربية:
أحمد عبد العزيز قبله.
أحمد منصور:
وبعده معروف الحضري.. نعم.
بهجت أبو غربية:
فهذي القوات كانت قوات غير نظامية، ويعني ما عندهاش أسلحة أكثر من الأسلحة الفردية تقريبا.
أحمد منصور:
اللي هم كانوا متطوعين.
بهجت أبو غربية:
متطوعين.
أحمد منصور:
شأنهم شأنكم أنتم بالضبط؟
بهجت أبو غربية:
نعم.. وحتى مع الفارق، وهو إنه احنا أخبر بالأرض، والغريب يعني اللي بيجي على أرض مش خبير فيها يعني بيكون صعب عليه.
أحمد منصور:
أنتم في القدس كان معكم متطوعين من غير المقدسيين، من العرب؟
(8/453)
بهجت أبو غربية:
في قواتنا ما فيه، لكن في ذكرت أنا في كتيبة جيش الإنقاذ كان.. كان فيه. لكن كتيبة جيش الإنقاذ والقاوقجي كل... يعني كان القاوقجي داخل فلسطين من الشمال أمر من القائد العام للقوات العربية اللي هو (الملك عبد الله) أن يخرج، وخرج، وأعطى لقب (باشا)، فانسحبت الكتيبة من عندنا.
أحمد منصور:
متى؟
بهجت أبو غربية:
انسحبت 15.
أحمد منصور:
يعني حينما كانت المعركة على أشدها.
بهجت أبو غربية:
تقريبا في 19.
أحمد منصور:
بعد نهاية الأيام الخمس الحمراء.
بهجت أبو غربية:
تقريبا. تقريبا نعم.
أحمد منصور:
لكن هي شاركت.
بهجت أبو غربية:
كانت مهيأة للانسحاب.
أحمد منصور:
القاوقجي شارك في بعض المعارك التي تمت في القدس في ذلك الوقت قبل أن ينسحب؟
بهجت أبو غربية:
لا.. القاوقجي أرسل مدفعية من بعيد، قصفت من (النبي صمويل) قصفت بعض الأحياء اليهودية.
أحمد منصور:
في 25 أبريل 48 قام بهجوم القاوقجي، قام مع قواته بهجوم.
بهجت أبو غربية:
مش صحيح، مش صحيح، أما وصلت مدفعية (للنبي صمويل) يعني شمال القدس قصفت أحياء يهودية.
أحمد منصور:
لو رجعت إلى مذكراتك ستجد أنك كتبت فيها أن القاوقجي قام بهجوم في 25 أبريل، قبل 15 مايو أنا الآن قبل الأيام الخمس الحمراء، القاوقجي قبل أن ينسحب قام بغارة..
بهجت أبو غربية:
مش في القدس، مش في القدس، القاوقجي عمل هجوم في (مشمار هعيمغ) هذي....
أحمد منصور:
أيوه نعم، هذي إحدى الـ.... صحيح، صحيح.
بهجت أبو غربية:
في مشمار هعيمج، وعمل هجوم في الزراعة في في..
أحمد منصور:
لكن قوات الإنقاذ لم تشارك في أي معارك في القدس؟
بهجت أبو غربية:
قوات الإنقاذ بمعنى (كتيبة الإنقاذ.. جيش الإنقاذ) اللي كانت موجودة في القدس شاركت.
أحمد منصور:
شاركت، أقصد، لأنها كانت -كما ذكرت أنت- بقائدها العراقي كانت..
بهجت أبو غربية:
(8/454)
أنا كان مفرز لي من نفس الكتيبة هذي حوالي 150 إنسان.
أحمد منصور:
غير الـ150 اللي معكم.
بهجت أبو غربية:
غير القوات الفلسطينية المحلية، لكن وهذا أنا كمان ذاكره في مذكراتي، صباح يعني أو ضحى السبت 15 أنا جاءني أمر من الرئيس (فؤاد الرشيد) خطي موقع منه، من الشيخ (مصطفى السباعي) ومن (جمال الصوفي) اللي هم يعني معاونينه الـ2: اسحب كل قواتك إلى داخل البلدة القديمة، لأنه كانوا عندي قوات ....
أحمد منصور:
طيب، طلب منك تنسحب ليه؟
بهجت أبو غربية:
طلب مني أنسحب وأنا جيته رأسا، ليش صدرت لي هذا الأمر؟
أحمد منصور:
نعم.
بهجت أبو غربية:
فقال إنه عنده معلومات بأنه وضعنا صار خطير جدا، وأنه في واحد من أهل (المصرارة) اللي كان عضو في لجنة المصرارة اسمه محمد (محمد السبتاني) أنه وصف له وضعنا أنه خطير جدا. فلذلك صدر الأمر. قلت له: طيب أنت سألتني شو الوضع؟
أنا فعلا وضعي خطر، لأنه اليهود سيطروا على كل الطرق اللي احنا ممكن نتحرك فيها، لكن احنا أولاد الأرض، يعني نقدر نتحرك رغم ذلك، وقلت له: إذا أنا بدي أنسحب إلى داخل السور هذي القدس، يعني ممكن أقاتل ثلاث أيام أربع أيام قبل ما أن أدخل السور. خلال ثلاث أربع أيام يخلق ما لا تعلمون، ما تعرفش إيش يصير من تطورات...
أحمد منصور:
رد فعلو كان إيه؟
بهجت أبو غربية:
فرأسا قال لي: إذا بتقدر تصمد ثلاث أربعة أيام، روح، سبيته.. ليش تصدر لي أمر؟! صار صادر أمر، ووصل لبعض الوحدات اللي مفرزة إلي. يعني فيه وحدة، كان يقودها ضابط لبناني اسمه (حنا الحلو) انسحبت، رجعتو. وشفت حنا الحلو في القيادة عند..
أحمد منصور:
يعني استطعت أن تسيطر على الوضع مرة أخرى؟
بهجت أبو غربية:
بعد الظهر، بعد الظهر رجعت كل القوات اللي انسحبت.
أحمد منصور:
وكان أمر الانسحاب بناء على معلومات خاطئة، وليس بناء على..
بهجت أبو غربية:
(8/455)
معلومات واحد مدني ما بيجوز تستند إليها، لا يجوز، وبدون مراجعتي أنا..أنا المسؤول في المنطقة.
أحمد منصور:
الآن استتب الأمر مرة أخرى، والأيام الحمراء الخمس على أشدها، وأنت في قلب المعمعة، وفي قلب المعركة.
بهجت أبو غربية:
المعارك التي دارت في تلك الفترة يعني..أولا: في البلدة القديمة، الحي اليهودي كانوا حاشدين فيه اليهود، وسبق أن ذكرت أنا في حلقات سابقة، قوات من الهاغاناه ومن الأرغون، وعندهم يعني كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة، بدأوا يقاتلوا يعني في الأحياء العربية المجاورة، وبالعكس -أيضا- بالمقابل صار عليهم هجمات مناضلين فلسطينيين في اتجاه حارة اليهود خصوصا كان عندنا فرقة تسمى (فرقة التدمير) يقودها مناضل مشهور -رحمة الله عليه-اسمه (فوزي القطب) سميت فرقة (التدمير). هذي الفرقة، قتال المدن قتال صعب جدا، وكان مرات يعني، المناضلين يحتلوا بعض المناطق اللي هي بحارة اليهود يعني.
اليهود كانوا عاملين مداخل ومخارج وأنفاق وكذا، يودوا يحتلوها، فبدأت فرقة التدمير كل بيت تحتله تهده، مع أنه ملك عرب، بس ساكنيه يهود، حارة اليهود ملك عرب، فالمنطقة اليهودية تصغر، هذا معركة، معركة حارة اليهود والبلدة القديمة، كانت معركة عنيفة.
(8/456)
قلت أنا: معركة القطمون والبقعة، الحاصل أن المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية سقطت -للأسف- يعني مش يعني في قتال كبير، قوات متفوقة، وكانت سابقا يعني ضربوا القطمون، وضربوا قوة إبراهيم أبو دية والمقاومة ما كانتش قوية، واحتلوها بنوع من السرية، أيضا في منطقي يعني فيه عندنا الجامعة العبرية خلف خطوطنا وقريب منها منطقة يسموها (سنهادريا) و(شيرم) احنا المنطقة العربية عازلة بين الطرفين، عملوا هجوم على (الشيخ جراح) نفس حي (الشيخ جراح) وهو حي مشرف، عملوا هجوم، واستطاعوا أن يحتلوا جزء من الشيخ جراح يصل بين الجهتين، هذا طَوق القدس من الجهة الشمالية، ليمنع أي جيش أن يأتينا من (رام الله) وما شابه ذلك. ووضع خطوطي أنا في نوع من النص [النصف] دائرة.. يعني: محاط خطي بقوس من نص [نصف] دائرة، وهذا خطير لأنه أي اختراق من الجانبين بخلينا خارج الـ...
حتى يوم ما صدر لي (فؤاد الرشيد) أمر الانسحاب سألته: كان عندنا معلومات أن اليهود عندهم كذا مصفحة، لكن ما عندهمش بنزين، وفعلا ما كانوش استعملوا ضدي أنا مع أنه كان عندي أنا خمس شوارع فاتحة على، وكنا نسدها حجار، فصار عندي تصور لما جاني الأمر إنه فؤاد الرشيد إجاه معلومات أنه صار عندهم بنزين، ومعناته ممكن يصير علي هجوم مدرع، هجوم مدرع ما بأقدرش أقاومه، يمكن. فسألت....
أحمد منصور:
طيب إيه أسلحتك؟
بهجت أبو غربية:
أنا أسلحتي.. كان فيه عندي رشاشات، يعني طبعا بنادق واستنات وكذا. كان عندي رشاشات، فيه عندي مقاوم للدروع شيء بسيط جدا من مخلفات الحرب الأولى مش الثانية.
أحمد منصور:
العالمية الأولى.
بهجت أبو غربية:
boys بيسموه Tank Raef في الإنجليز بيسموها بندقية طويلة وطلقة واحدة بترمي، الحاصل يعني بس ممكن تخترق الدرع، بس شيء تعيس يعني، كان عندي هاونات 2 هاونات بردو أصغر عيار....
أحمد منصور:
عيار كم ملي؟
بهجت أبو غربية:
2 إنش.
أحمد منصور:
(8/457)
طيب يعني، يعني حينما سقطت القدس بعد هذه المعارك الطاحنة لم تشارك أي من الجيوش العربية في الدفاع عن القدس، وإنما المدافعين الأساسيين عن القدس هم المتطوعين الذين كانوا يدافعون عنها.
بهجت أبو غربية:
نعم، خلال الأربع أيام خمس أيام، نعم.
أحمد منصور:
اللي هي التي انتهت هذه الأيام في 18 مايو 1948.
بهجت أبو غربية:
صباح 19 جاء .. يعني بدأ الجيش العربي يشارك.
أحمد منصور:
بدأ الجيش العربي يشارك.. كان فيه نتيجة لمشاركته؟ هل كانت هناك نتيجة لمشاركته؟
بهجت أبو غربية:
طبيعي، طبعا ليلة ما يعني يوم 14، 13 على 14 عفوا، نعم يعني يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء. الثلاثة ليلة الأربعاء صار على منطقتي أنا هجوم..
أحمد منصور:
اللي هي 18 ليلة 19.
بهجت أبو غربية:
18، 19 نعم صار على منطقتي هجوم مركز لآخر درجات التركيز، وطول الليل والاشتباك قائم، والضغط علي بالمورتر وبمحاولات الاختراق خطنا يعني متواصلة حتى الفجر. وفي الفجر سمعنا صوت مدفع دخل جديد، أنا كنت على رأس تل، يعني مشرف على المنطقة، وكان معي رشاش يعني كنت أقاتل بنفسي كمان، وإذا مدرعة جايه من جهة (رام الله) وهي اللي أطلقت نار في الشيخ جراح، فعرفنا أنه جاءتنا نجدة لأنا كنا كل ساعتين نطلب نجدة جيش الإنقاذ الجيوش العربية، كل ساعتين يعني الجهاز اللاسلكي تاع الجهاد المقدس يطلب النجدات، وفعلا كان ممكن كل ساعتين تسقط البلد كلها.
فلما جاءت المدرعة، وكان فيه معلومات أنها لجيش الإنقاذ، مش للجيش العربي، مجرد ما أطلقت النار تغير الوضع، احنا صرنا نزغرد، اليهود انسحبوا، وقفوا إطلاق النار.
(8/458)
مجرد شعورهم بأنه جاءت قوة يعني تغير الوضع تماما، وفعلا بدأ يعني الجيش بحذر يتقدم من اتجاه القدس من طريق رام الله يعني اتجه من الشمال، أنا حاولت فورا أن أتصل بالجيش لأنه اليهود انسحبوا، وطاردتهم، والشيخ جراح أمام الجيش العربي صار مفتوح، لكنهم دخلوا بحذر، حاولت أتصل فيهم، لما اقتربت سقطت علي قنبلة مورتر من الجيش العربي لأني كنت في منحنى يعني مش مبين لسه فاضطريت أرجع، مصفحة كنت في مصفحة، رجعت، وأصيبت يعني جناح المصفحة نشال، مش من اليهود، لأقول لهم: إني أنا مسؤول عن المنطقة، المنطقة فاضية تفضلوا تقدموا، وحتى قبل ما أتحرك عملنا برقية على أساس جيش الإنقاذ، على موجة جيش الإنقاذ (الشيخ جراح) فاضي إما أن تتقدموا من الشمال، أو نتقدم نحن من الجنوب، أجيبوا. على أساس إنه احنا نتقدم نتصل فيهم إذا هم هلقد حذرين، فما جاناش الجواب لأنه كان الجيش العربي، مش جيش الإنقاذ اللي بيتقدم.
أحمد منصور:
أصبت في معارك 19 مايو 1948، ونقلت إلى المستشفى، وفي 11 يونيو 48 أعلنت الهدنة الأولى في فلسطين، وأنت بقيت في المستشفى إلى 17 يونيو، ثم ذهبت بعد ذلك إلى بيروت ودمشق من أجل استكمال العلاج حيث كانت إصابتك خطيرة، التقيت مع الحاج (أمين الحسيني) في أوائل يوليو في دمشق.. كيف كان لقاؤك به؟
بهجت أبو عربية:
عفوا يعني أريد أن أستكمل شيء ذكرناه في الحلقة الماضية، اللي هو دخول الجيش العربي للأردن، للأمانة التاريخية أقول: إنه لو لم يحضر الجيش العربي الأردني في 19 لسقطت القدس، وتعاونا معه فيما بعد تعاون يعني جدي على حماية القدس باستمرار لأن اليهود ظلوا مصرين على احتلال القدس يعني.. وجود الجيش العربي ويعني قاوم في القدس أيضا استطاع من جهة (باب الوادي) أعيد إغلاق طريق القدس على اليهود..هذا للأمانة التاريخية.
أحمد منصور:
لقاؤك بالحاج أمين الحسيني في دمشق؟
بهجت أبو غربية:
(8/459)
بالنسبة للحاج أمين.. نعم التقيت معه، وفي ذلك الوقت يعني كان الأوضاع صعبة يعني جدا.
أحمد منصور:
انطباعاته كانت إيه عن سير المعارك وعن مستقبلها؟
بهجت أبو غربية:
الحرب كانت يعني تقريبا، مركزة في منطقة القدس، كانت مركزة في منقطة القدس. واليهود مصرين يعني مع وجود الجيش العربي.
أحمد منصور:
طبعا لأن هم سيطروا على المدن الأخرى، كما أشرنا في حلقة سابقة(عكا ويافا..).
بهجت أبو غربية:
اليهود؟
أحمد منصور:
نعم.
بهجت أبو غربية:
نعم.. لكن ما في الجبهة كان يعني مثلا الجيش العراقي تمتد جبهته من بيسان وجنين والساحل، كان جيش العراق لحد رام الله.
الجيش الأردني -تقريبا- انحصرت قواته في منطقة القدس، مش في القدس نفسها يعني من باب الوادي، يعني وشوية من رام الله ومدينة القدس، لأنه قواته كانت قليلة الجيش...
أحمد منصور:
فيه تصور يقال: إن الجيوش العربية كانت قليلة، ولم تكن مدربة وغيرها.. بصفتك أنت كنت أحد القادة الذين اشتركوا في المعارك في القدس طوال هذه المدة.. هل القضية هي قضية عدد جنود وغيرها؟ أم كانت قضية عزيمة جند؟ ولو توفر السلاح والدعم اللازم للمقاتلين العرب بشكل عام، كانت الصورة تغيرت في فلسطين؟.
بهجت أبو غربية:
يا سيدي أنا باقول: لو كان فيه قرار سياسي بالحرب وبالقتال كان تغيرت الصورة. كان فيه قرار سياسي بالنسبة للجيش الأردني، وللجيش..، مش الجيش نفسه يعني، القيادة الأردنية والقيادة العراقية أن يقفوا على حد التقسيم، اللي فرض عليهم القتال أنه اليهود بدهم يتوسعوا خصوصا في منطقة القدس، فُرِض فرض القتال عليهم، واللا هم من ناحية الجيش وقيادة الجيش (جلوب) وغيرو، وبما في ذلك (نور الدين محمود) قائد الجيش العراقي اللي كان عندنا و(طاهر الزبيدي) قائد الجيش العراقي في نابلس مش جايين يقاتلوا.
أحمد منصور:
(8/460)
يعني إذن الجيش العربي الأردني كان داخل عشان اليهود تخطوا حدود التقسيم، وليس لاسترجاع القدس.
بهجت أبو غريبة:
هو يعني ليش دخل للقدس؟ حكينا فيها، دخل تحت ضغط عربي مقدسي شعبي إنه القدس عم بتموت، وعم بتسقط، والقدس تعرف إلها مكانتها يعني. والجيش واقف على بعد 17 كيلو متر، فدخل، لكن كمان مرة بقول: لما دخلنا عدل الكفة، وصمدنا نحن وهم، وكنا بحاجة إليهم، وهم بحاجة إلينا يعني (عبد الله التل) كان وغيره كانوا يشعرونا أنه هم بحاجة إلنا كمان.
أحمد منصور:
حينما لقيت الحاج أمين الحسيني في دمشق في أوائل يوليو 1948.
بهجت أبو غربية:
كانت فترة هدنة، ورحت أتعالج في بيروت، والتقيت معاه طبعا زيارة في دمشق يعني كان، وفي هذه الزيارة يعني درسنا الأوضاع، كان الوضع شبه مستقر يعني، الجيش الأردني في القدس، وكان كف يدنا يعني كف يد المناضلين إلى حد بعيد، وكان فيه هدنة واقف يعني القتال، وبالنسبة لليهود يعني كمان كانوا محتلين، لكن كانوا لسه مرات كتير حاولوا يعني يصير.. فصار بيني وبينه يعني نوع من الاستعراض للوضع العسكري، استعراض للوضع في الـ... وكان فيه عنده رغبة في أنه ننشئ قوات مسلحة يعني للجهاد المقدس، ونقويها في القدس وكذا، وأنا أكون مسؤول عنها يعني.
أحمد منصور:
أنت؟
بهجت أبو غربية:
نعم.. أنا اعتذرت على أساس..
أحمد منصور:
لماذا؟
بهجت أبو غربية:
اعتذرت لأكثر من سبب يعني:السبب الأول: إنه الجيش العربي صار.. حاكم عسكري وكذا، هو حاكم البلد يعني، أنا ما.. باصطدم بالجيش العربي يعني، في المنطقة اليهودية، إذا أنا بدي أعمل قوات مسلحة حتى أشيل اليهود، أنا والجيش العربي ما نقدرش نشيلهم، صاروا قوى ضخمة جدا بعد الهدنة، جابوا مدفعية، وجابوا دبابات، وجابوا كذا...
أحمد منصور:
يعني الهدنة أعطت اليهود فرصة لترسيخ أقدامهم فيما استولوا عليه من مناطق؟
بهجت أبو غربية:
(8/461)
فيه كتاب قرأتو أنا بعد الحرب عنوانه The Story Of The Jewish Army عن تاريخ الهاغاناه يقول هذا الكتاب، إللي مألفه ناطق رسمي باسم جيش الدفاع الإسرائيلي، يقول: في يوم قيام الدولة اليهودية كان مرتب يعني أن تصل باخرة في نفس يوم قيام الدولة اليهودية تحمل لواء مدرع، لوا مدرع بكل أسلحته، ليس من المصلحة أن نذكر مصدرها، أجا أمريكان معاهم، قاتلوا، أجا يعني متطوعين ... باسم متطوعين ودروع صار عندهم، مدفعية صار عندهم بكثافة يعني، فأنا إيش بدي أسوي يعني؟... بعدين إيه بسلاح... أيام (عبد القادر الحسيني) -الله يرحمه- اللي هو قريبه للحاج أمين ما قدرش يحصل هو وياه على أسلحة كافية، أنا لما بيكون عندي قوات، ماعندهاش سلاح، ماعندهاش ذخيرة، إيش أسوي؟ ما فيش إمكانية يعني، وصفت له أنه ما فيه إمكانية لإيجاد ...، واعتذرت.
أحمد منصور:
رجعت إلى الميدان مرة أخرى في يوليو 48، ووقعت الهدنة الثانية في 18 يوليو 48، كان فيه هجوم يهودي كبير بعدما رسخ اليهود أقدامهم على الجيش المصري في أكتوبر 48، استمر إلى نوفمبر 48، تم حصار (الفالوجا) في 20 أكتوبر 48 إلى 26 فبراير 49، وأنت شاركت مع الجيش المصري في بعض الأحداث.
بهجت أبو غربية:
نعم.. في تلك الفترة أنا كنت في القدس يعني، لما بدأ الهجوم على الجيش المصري احنا كنا في القدس كمناضلين ما لنا دور، ما فيش قتال أصلا، فيه هدنة مستقرة يعني في القدس، وقسم كبير من المناضلين اللي في القدس من أهل الخليل، اللي معي واليهود تحركهم ضد الجيش المصري، يعني كان فيه خطورة أن يقطعوا القدس عن الخليل، طيب واحنا قاعدين مكتوفين الأيدي، فأخذت معاي قوة، وتحركت لبيت لحم مشيا حتى بدون أستأذن (خالد الحسيني) اللي هو قائدنا، مع ذلك مريت عليه على القيادة، قلت له: أنا رايح يعني...
أحمد منصور:
معك كم، القوة اللي معاك؟
بهجت أبو غربية:
كان معي حوالي 50 شاب.
أحمد منصور:
مسلحين بإيه؟
(8/462)
بهجت أبو غربية:
بأسلحة جيدة يعني.
أحمد منصور:
إيه نوعية السلاح؟
بهجت أبو غربية:
رشاشات وبنادق، مش أكثر يعني، كان بادي يصير عنا نوع من الرشاشات الثقيلة، المتوسطة خلينا نقول مقاومة للدرع شويه، وأخدنا ذخيرة مليحة يعني، كمية كافية، ورحنا مشيا على بيت لحم. بيت لحم كان فيها حاكم عسكري مصري، وفيها قوات مصرية، كان -رحمة الله عليه- (أحمد عبد العزيز) مستشهد، وكان المسؤول..
أحمد منصور:
معروف الحضري؟
بهجت أبو غربية:
معروف الحضري.. فدخلت أنا في بيت لحم على قيادة الجهاد المقدس، كان فيه قيادة هناك، كان فيه سرية إبراهيم أبو دية موجودة، وقلت لهم: إحنا تحت أمركم فقالوا: الليلة سقطت قرية اسمها (بيت نتيف) وهذي بيظل بينها وبين (كفار عصيون) اللي هي مجمع المستعمرات اليهودية قرية (صوريف) فبدنا نسكر [نغلق] الطريق يعني، نمنع التقدم في اتجاه الشرق، وبكرة بتتحركوا، فتحركنا في اليوم التالي، كان معي (كمال الدين حسين) ومعاه مدفعية مصرية محمولة على لوريات، ورحنا لـ (صوريف) ووقفنا في مناطق يعني بخبرة أهل المنطقة، في منطقة يعني استراتيجية جدا تسيطر على الطريق من جبلين، لكن لسوء الحظ يعني في ذلك اليوم بالذات سقطت (بير السبع)، وأصبح كل الجيش المصري في الخليل، وفي بيت لحم مقطوع عن مصر وعن الجيش المصري، بما فيه الحاكم العسكري، وكل كل القوات المصرية.
أحمد منصور:
إللي هي حصار الفالوجا صارت بعديه.. صار بعديها حصار الفالوجا.
بهجت أبو غربية:
(8/463)
نعم.. فاليهود كانوا هاجمين على الجيش المصري، وانفردوا فيه، وكل قواتهم حتى في القدس، كان ما.. يعني لوحظ بشكل واضح تماما إنه سحبوا قوات كثيرة من القدس بالذات، ودفعوها في اتجاه الجيش المصري، وتغلبوا عليه -الحقيقة- للجنوب، وبدت تسقط يعني بسرعة (بيت جبرين) و(بير السبع) إلى آخره، ووصلوا لسينا، ودخلوا فيما بعد بعد دخلوا سينا، ووصل الجيش اليهودي لمطار العريش، في هذه الأثناء يعني، احنا وقفنا في الموقع اللي كان مطلوب منا، كان خلفي لمسافة كيلو متر، مجموعة من السودانيين المتطوعين مع الجيش المصري. قائدهم كان اسمه أحمد إيش؟ لا أذكر، وكان يعني سندنا التموين وكذا بيت لحم.. بيت لحم كان إمداد يعني، مؤن و..
أحمد منصور:
تصورك إيه لسبب التقهقر والتراجع هذا، وأنت كنت في أرض المعركة؟
بهجت أبو غربية:
تراجع الجيش المصري؟
أحمد منصور:
نعم.
بهجت أبو غربية:
الحقيقة تفوق، أولا: دخول الجيش المصري إلى فلسطين كان مرتجل، كان عند الحكومة المصرية تردد ندخل أو لا ندخل، قيادة الجيش المصري يعني أحمد فوزي، أحمد فوزي اللي كان...، وغيره محمود رياض قالوا: لم نتلق كجيش مصري نظامي أمر دخول غير قبل اليوم، كانوا يعني في عندهم فكرة أنهم يعتمدوا فقط على المتطوعين، فيما بعد صار قرار، ليش القرار؟ تفاصيل كثيرة يعني، فدخل الجيش المصري بنوع من يعني السرعة، وحتى نوع من التسرع يعني، تقدم بسرعة، وتارك حوله وهذي الجيوش يعني لما تكون قوية مرات، تتقدم بسرعة، وبعدين الجيوب اللي خلفها بتصفيها، لكن هذه الجيوب كانت قوية فأصبحت هي تقطع الجيش المصري مش هو يصفيها، فصار الجيش المصري في وضع حرج يعني.
أحمد منصور:
لكن كان وضع المتطوعين أفضل من وضع الجيش.
بهجت أبو غربية:
المتطوعين ما صارش عليهم هجوم كبير، اللي هم في الجبل يعني.
أحمد منصور:
وهم كانوا بيحققوا خسائر كبيرة في صفوف اليهود أكثر من اللي بيحققها الجيش؟
بهجت أبو غربية:
(8/464)
لا، لا ما أقدرش أقول، ما باقدر أقول هذا لا.
أحمد منصور:
ما تقدرش تقول رغم أنك كنت معهم.
بهجت أبو غربية:
..لا، الجيش المصري خصوصًا في الفالوجا، الفالوجا أنا كنت أعد القنابل اللي ترمى عليها اليهود من الطيارات، يعني كنت على مسافة قريبة، الحقيقة الصمود اللي صار في حصار الفالوجا، يعني يشرف قرن من جيل العرب..اليهود ركزوا عليها سبعة أيام بلياليها مدفعية وطيران، ولم يستطيعوا أن يستولوا على الـ....وبعدين عملوا خطة للانسحاب من الفالوجا، ورفضها السيد طه، وكانت مؤامرة عليهم يعني، معروفة يعني (خطة دمشق) يمكن مرت عليكم.
الفالوجا صمدت صمود الأبطال، أنا باقول لك: بعض مناطق مثل (بير السبع) سقطت بسهولة، بعض مناطق يعني، لكن يعني في عدة معارك خاضها الجيش المصري، قاتل برجولة و..
أحمد منصور:
أصبت للمرة الثامنة، أصبت أنت للمرة الثامنة في يناير 1949.
بهجت أبو غربية:
الإصابة كانت ناتجة عن لغم موضوع في اتجاه اليهود، وأنا جاي بسيارة (جيب) أستطلع الخط الأمامي، وكان في قرية (ترقومية) -بيسموها- في مدخل ترجومية حاطين ألغام أرضية، وأنا كنت حذر جد يعني وحاسب أن كون في ألغام، لكن صرت تقريبا في البلد، فيه ناس ماشيين في اللحظة اللي أمنا فيها انفجر فينا لغم، ووقعت من السيارة..
أحمد منصور:
ذهبت بعدها للعلاج، وتحققت النكبة كما وصفت تاريخيا في العام 1948. تقييمك إيه لحرب العام 48 (47- 49) أنت اشتركت في المعركة من بدايتها إلى نهايتها تقريبا؟
بهجت أبو غربية:
التقييم العام أنه كان فيه تآمر سياسي مع الغرب، ومع اليهود.
أحمد منصور:
ممن؟
بهجت أبو غربية:
من الحكام العرب، ومن الجامعة العربية.
تآمر سياسي على قبول التقسيم دون إعلان ذلك.
(8/465)
يعني لو أعلنوا أنهم بدهم تقسيم ويتنفذ، لسه بيصير الواحد في صورة أخرى وبالنسبة للجيش المصري ولمصر، يعني ما عنديش تقدير كافي، إنما هذا التقدير بقوله بالنسبة للحكومة العراقية والحكومة الأردنية التي كان مسيطر عليها سيطرة كاملة من الإنجليز، أيضا بقوله بالنسبة إلى جامعة الدول العربية كجامعة الدول العربية المسيطر عليها من قبل الإنجليز و(كلايتون) هو رأسها.. فكان فيه اتفاق سري وضمني أنه اليهود تقوم دولة، وياخذوا التقسيم، وإنه الجيوش العربية إذا دخلت، يعني الجيش الأردني والـ.. يضموا القسم العربي للأردن والعراقي.. الجيش المصري ليحمي ما أمكن من الأماكن الفلسطينية اللي يستطيعوا يدخلوها.
هذا كان التقييم العام.
طبعا يعني حتى فيه كلامي، إنه الجيش المصري ما كانش عارف شو واجبه الحقيقي، كان فيه كلام كتخطيط عسكري أنه تلتقي الجيوش الثلاثة. الجيش العراقي والجيش ...
أحمد منصور:
العربي.
بهجت أبو غربية:
الأردني والجيش المصري، يلتقوا في هجوم على (تل أبيب) ويسقطوها. هذا نظريا، ولم يعن تظهر أي بوادر لتطبيقه.
أحمد منصور:
شعورك إيه، وأنت يعني بدأت القتال من العام 36 إلى بداية العام 49، دفنت كثير من رفاقك من الشهداء، رأيت كثير يسقطون، وفي النهاية سقطت القدس، وسقطت فلسطين، وأعلنت الدولة اليهودية.. شعرت إيه بسنوات الكفاح الطويلة هذه التي قمت بها؟
بهجت أبو غربية:
شعوري الشخصي أنه قامت دولة يهودية، وهذه مصيبة، وستتبعها يعني توسع أو ما شابه ذلك، هذا الشعور موجود..كان فيه شعور بالمقابل أنه هذه مؤامرة من القرن الماضي حتى، واستمرت ونجحت لأنه أمامنا قوى كبيرة، وأن شعبنا قاوم بقدر ما يستطيع يعني، ما تخاذل هذا بيعني بيهدئ النفس شيء فشيء، وأنه يجب أن نعمل بوفق تخطيط جديد وفق تفكير جديد لـ...
أحمد منصور:
كان لا زال لديك أمل رغم اقتناعك، كما تذكر الآن بأن هناك خيانات أو تواطؤ على الأقل؟
بهجت أبو غربية:
(8/466)
نعم.. اتفاق حتى مش تواطؤ، اتفاق اتفاق أنا ذكرت لك أنه (توفيق أبو الهدى) و(غلوب) وهذا في 57 من كتاب غلوب.. مع العرب، يذكر حتى وأقدر أقول لك ... في كتابه وكل المراجع يعني إنه اتفقوا إنه الجيش الأردني يقف على حدود التقسيم، والجيش العراقي كذلك.
أنا التقيت -مثلا- في (عابود) يعني في منطقة (رام الله) مع قائد جحفل عراقي اسمه (محمد مظلوم) قال لي يعني شيء واقعي هذا كان وهو الموقع اللي هو فيه مطار (اللد) وبالتالي تل أبيب يعني أمام العين.
قال لي: شايف الخاتم اللي في يدي؟
قلت له: مالو؟
قال: شوفه.
قلت له: ما ليش خبرة في الخواتم، قال: هذا خاتم بنتي، لبستني إياه في بغداد حتى يدخل تل أبيب.. هساع أرجع، أقول لها: ما قدرت؟ كذب والله، وصار يلعن على (نوري السعيد) وغيره لأنهم أعطوه الأوامر.
فالجيوش العربية كانت داخلة تقاتل، داخلة تحرر، لكن ما فيه قرار سياسي، بالعكس القرار السياسي وقفوا على حدود التقسيم، ويا ريت قدروا يوقفوا على حدود التقسيم.
أحمد منصور:
الرؤية دي كانت واضحة عند كثيرين ممن دخلوا حرب 48؟
بهجت أبو غربية:
من فلسطينيين؟
أحمد منصور:
نعم.
بهجت أبو غربية:
والله عبد القادر الحسيني -رحمة الله عليه- كان يقول هذا.
أحمد منصور:
ماذا قال لك؟
بهجت أبو غربية:
أنا قال لي في (بيرزيت): لا تصدق..الدول العربية موافقة على التقسيم، دول العالم (روسيا مع أمريكا مع كذا) موافقة على التقسيم، الجيوش العربية إذا دخلت لن تقاتل.. التقسيم سينفذ، لهذه الدرجة، لكن فلينفذ على أجسادنا..هذه بلادنا يجب أن نقاوم بقدر ما نستطيع، لننبه هذه الأمة العربية إلى خطورة هذه القوة الصهيونية اللي مستهينين فيها.
أحمد منصور:
هل تنبهت الأمة؟هل تنبهت الأمة؟
بهجت أبو غربية:
نسبيا.. نسبيا
أحمد منصور:
ماذا قررت بعد إعلان الدولة اليهودية، وبعد قيام إسرائيل، وبعد تحقيق النكبة وبعد..؟
بهجت أبو غربية:
(8/467)
وقف القتال نهائيا، نعم.. وتصفية الجهاد المقدس.
أحمد منصور:
وقف القتال، ماذا قررت أنت بالنسبة لك؟
بهجت أبو غربية:
أنا شخصيا يعني قررت أني أجلس فترة أفكر: ماذا نعمل؟ ماذا نعمل حتى كتبت أشياء لنفسي يعني تحت عنوان (أنا تائه).
أحمد منصور:
ما شعرت بالإحباط؟
بهجت أبو غربية:
إحباط لا.. بالعكس حتى كل شعبنا، أنا باعتقد الشعب الفلسطيني، والشعب العربي رغم قساوة النكبة، ورغم مآسي المذابح، ومآسي اللاجئين، ومآسي كذا، كان عنده شعور برد الفعل، يجب أن نرد على هذه النكبة.
أحمد منصور:
وقررت أن تواصل الكفاح بطريق آخر.
بهجت أبو غربية:
طبعا.. طبعا.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أبدأ معك مرحلة الكفاح السياسي التي بدأتها بعد ذلك أشكرك شكرا جزيلا. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل بهجت أو غربية أحد كبار المناضلين الفلسطينيين خلال السبعين عاما الماضية.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/468)
الحلقة7(8/469)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:55(مكةالمكرمة)،19:55(غرينيتش)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
بهجت أبو غربية
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل (بهجت أبو غربية) أحد أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية.
أستاذ بهجت: مرحبا بك.
بهجت أو غربية:
أهلاً بكم يا سيدي.
أحمد منصور:
وقعت النكبة، وأعلن قيام إسرائيل، وانتهى الجهاد المسلح الذي كنت أحد قياداته في (القدس) في الفترة بين عامي 47 إلى 49، وتم سحب الجيوش العربية، وأصبح الواقع الآن قيام إسرائيل، وضم (الضفة الغربية) إلى (الأردن)، بعد سنوات كفاح مسلح استمرت من عام 36 إلى 49 ضاع بعدها كل شيء.. كيف كنت تنظر إلى المستقبل في ذلك الوقت؟
بهجت أبو غربية:
أولا: ساد في فلسطين والأردن والعالم العربي ككل جو عام ناقم على ما جرى..
أحمد منصور:
على مين بالضبط؟
بهجت أبو غربية:
ناقم في الدرجة الأولى على الحكام العرب يعني، شعر أن الأنظمة الحاكمة أنظمة خواء مفرغة، غير... عاجزة، غير قادرة، محكومة للنفوذ الأجنبي، فكان فيه ثورة على الحكام العرب، وكان فيه يعني أمثال وغيرها تعبر عن هذا، أمثال شعبية يعني.
أحمد منصور:
إذا كان فيه شيء مقبول للنشر.
بهجت أبو غربية (ضاحكا):
آسف يعني أقول، أقول يعني يقولون: لعنة الله على جميع العرب حسب مناصبهم والرتب.
أحمد منصور:
إنما الغلابة اللي ما لهمش رتب يخرجون من هذا.
بهجت أبو غربية:
(8/470)
كل من كبرت رتبته كلما جاته اللعنة، لكن في نفس الوقت كان فيه شعور عام متحفز للرد على هذا الذي جرى، سواء على الصعيد الشعبي أو السياسي أو العسكري، كل العسكر يعني ضباط الجيش الأردني مثلا، اقرأ مذكراتهم تجدهم كلهم كانوا ناقمين، وكانوا يهيئوا أنفسهم للرد، لأنهم شاهدوا بأعينهم ما فعله اليهود باللاجئين، ما فعله ضباطهم الإنجليز بكبت حريتهم وكبت حركتهم، وما فعلته السياسة بالاستسلام لما جرى، أنا أجيب لك مثل بسيط (صالح الشرع) إله مذكرات.
أحمد منصور:
صادق الشرع.
بهجت أبو غربية:
صالح الشرع، وهذا أخوه، لواء أيضا، صالح عمل مذكرات مؤخرًا تحت عنوان (مذكرات جندي) بيقول: إنه في 14 قبل دخول الجيش الأردني إلى فلسطين (غلوب) عمل اجتماع للقادة، وتكلم إن راح ندخل ونوقف عند حدود التقسيم، وما تعملوش لنا مشاكل, بها المعنى يعني، محاضرة، فبيقول التفت إلى زميلي فلان وزميلي فلان، فقلت لهم: هذه القضية أصبحت إذن إن ما احناش داخلين نحارب، احنا داخلين للتقسيم, ونحن في بلادنا لما نقسم الأرض نقسمها بالحبال (دشروا) هالبواريح وجيبوا حبال، هذا مكتوب ونشر في الأردن يعني قبل عامين يعني الكتاب، و(شاهر يوسف أبو شحوت) مثلا من كبار الضباط فيما بعد كان قائد تنظيم الضباط الأحرار في الأردن، بيقول: عدنا إلى معسكراتنا ونحن نحمل الهموم ونحمل التحفز، يعني الغضب والتحفز، فهذا كان جو عام يعني.
أحمد منصور:
هذا على مستوى العسكريين، على مستواكم أنتم كمناضلين، وعلى مستوى الشعب أيضا؟
بهجت أبو غربية:
أنا شخصيا يعني بدأت أفكر، وبدأت أكتب لنفسي يعني تحت عنوان (أنا تائه) ما العمل يعني؟ وصلت لقناعة بأنه في ذلك الوقت يعني يجب أن نشكل تنظيم سري مقاتل، بعد فترة التقيت بحزب البعث، اتبنيت من فكر حزب البعث (الوحدة طريق التحرير) (الوحدة طريق التحرير)، وهذا الفكر ساد -الحقيقة- في الخمسينات بشكل واسع جدا.
أحمد منصور:
(8/471)
قبل أن تلتحق بالبعث أنت سعيت لكتابة مذكراتك الأولى بعد نهاية الحرب؟
بهجت أبو غربية:
نعم.. أنا من يوم تقريبا من شهر 2 أو 3 سنة 49، بدأت أكتب مذكراتي، لكن للأسف ضاعت في مجرى الأحداث وكذا، واضطررت فيما بعد أكتبها من جديد يعني، أنا كتبت مذكراتي عما جرى بصفة خاصة في منطقة القدس..
أحمد منصور (مقاطعا):
أما تشعر أن نبض كتابتك في سنة 49/50 مذكراتك يختلف عما كتبته بعد ذلك؟
بهجت أبو غربية:
إلى حد غير قليل، لأنه الواقع للأسف يعني في 49 بالذات ساد جو في البلاد العربية يهاجم الفلسطينيين، ويتهمهم بالتقصير، ويتهمهم بشتى التهم، ويلقي المسؤولية على ضياع فلسطين على الفلسطينيين.
أحمد منصور:
لكن الفلسطينيين في تصورك أما يتحملون مسؤولية أيضا في ضياع بلادهم؟
بهجت أبو غريبة:
الحقيقة أنا يعني مش نوع من الانحياز أو غيره، أنا أعتقد أنه الفلسطينيين قاموا بكل ما كان بإمكانهم في ذلك الوقت، لكن كانت القوى أكبر منهم، كان الأمل أمل، وهو الأمل الذي خاب أن ما يقوم به الفلسطينيون مع العرب قادر أن يواجه، فكان فيه خيبة أمل أيضا، فكان فيه هجوم على الفلسطينيين، لذلك مذكراتي لما كتبتها كان فيها روح الدفاع عن الفلسطينيين.
أحمد منصور:
تعرفت على (ميشيل عفلق) كما ذكرت لنا من قبل حينما جاءك مع الشيخ (مصطفى السباعي) رئيس الإخوان في سوريا في ذلك الوقت، وجاءك مع (فاضل رشيد) أيضا في موقعك حينما كنت قائد لموقع شمال القدس في حرب 47-49، وأشرت إلى أن ميشيل عفلق..
بهجت أبو غربية:
لم يعرف عن نفسه.
أحمد منصور:
غير أنه لم يعرف بنفسه، أنت لم تشعر بنوع من الميل أو من الإعجاب به، كيف أعجبت بحزب البعث وأنت..؟
بهجت أبو غربية:
في الواقع أنا اللي كاتبه في مذكراتي، معناه يعني لم يعرف نفسه، ولم يجرِ تعارف بيني وبينه، وبقي صامت، ولم يتكلم كلمة واحدة.
أحمد منصور:
ما الذي دفعك إلى اعتناق فكر البعث وأنت رجل مجاهد يعني؟
(8/472)
بهجت أبو غربية:
أنا يعني باحب أحكي كلمة موجزة، أنا إنسان (مقاتل مسيس) يعني أنا كنت في الحزب العربي الفلسطيني خلال 46..47..48، وقبل ذلك يعني في الثلاثينات لما كنا تنظيم سري، حتي كان لنا فكر، فكر سياسي..
أحمد منصور:
مرجعية الفكرالسياسي إيه لكم؟
بهجت أبو غربية:
وطني، تحرري، قومي.
أحمد منصور:
ما فيهش بعد إسلامي، ما فيهش بُعد عربي؟
بهجت أبو غربية:
بلا شك، كله على بعضه.
أحمد منصور:
بس هذا يخالف منطلقات البعث التي اعتنقتها بعد ذلك.
بهجت أبو غربية:
لا، أبدا، الحزب كان باديء التنظيم في شرق الأردن، في فلسطين ما كانش بادئ، كان في خلال حرب 48 جاء عدد من قادة الحزب، ووزعوا نشرات وكذا.
أحمد منصور:
تذكر مين منهم؟
بهجت أبو غربية:
مثلا الأستاذ (صلاح البيطار) الأستاذ (ميشيل)، وزعوا كراسات للحزب، عن أفكاره، ويسموه، مش البرنامج.
أحمد منصور:
البيان التأسيسي وكذا، لأن الحزب أعلن في 47 رسميا في سوريا.
بهجت أبو غربية:
فاتصلوا مثلا بعدد كبير من الناس وأعطوهم، أنا ما حصلتش في خلال القتال، وكنت مشغول أصلا عن الأمور هذي، (فعبد الله الرماوي) (عبد الله نعواس) كثيرين يعني اطلعوا على فكر حزب البعث وبدأوا يتبنوه، عبد الله الرماوي عمل جريدة صدرها في القدس، في ذلك الوقت في 49 كانت تصدر اسمها البعث، وفيه عمود كان يقول من البعثيين فلان، أنا ما كنتش حتى ذلك الوقت بعثي يعني، ولا هم كانوا بعثيين بمعنى انتساب حزبي، بمعنى اعتناق فكر.
أحمد منصور:
يعني كانت الفكرة السائدة في عملية الإحباط التي حدثت بالذات بعد هزيمة 48 أن الناس تبحث عن شيء تلتف حوله فوجد البعث أمامها فالتفت حوله.
بهجت أبو غربية:
التقوا معي بعض الإخوان من الضفة الشرقية اللي كانوا مع الحزب، يعني هم اتصلوا في وجاءوا علي القدس، وأعطوني كراسة..
أحمد منصور (مقاطعا):
من الذي أقنعك بالانتماء للبعث؟
بهجت أبو غربية:
(8/473)
يعني أمور كثيرة، لكن من أهمها -الحقيقة- الفكر القومي، بمعنى أنه (الوحدة طريق التحرير)، يعني مربوط الفكر القومي مع تحرير فلسطين، وأنه بالفعل يعني تحرير فلسطين يحتاج إلى تجميع قوى، يعني قضية بدك تقاوم الحركة الصهيونية، وتحارب الاستعمار العالمي، بدك تجميع قوى عربية حتى تكون قادرة على الانتصار، احنا كنا أصلا في حزب البعث يعني فيما بعد سنة أو سنتين، خصوصا لما قامت الوحدة بين الضفتين، كان فكرنا متجه أن تصبح الأردن قاعدة انطلاق للتحرير، وجزء من دولة أوسع، هذا الحكي قبل ثورة 52 ثورة مصر يعني.
أحمد منصور:
دولة أوسع -اللي تقصد- تضم الشام والعراق.
بهجت أبو غربية:
نعم ومصر.
أحمد منصور:
في عهد الملك (عبد الله) أفكار طرحت أيضا لقيام دولة أوسع تضم العراق والأردن والشام.
بهجت أبو غربية:
الواقع في عهد الملك عبد الله هو اللي كان يطرحها، وكان بعض المحيطين به يطرحون قضية سوريا الكبرى، قضية الهلال الخصيب، لكن كحقيقة يعني شعرنا فيما بعد، يعني اكتشفنا يعني فيما بعد الإنجليز كذابين يعني، كانوا تقريبا يعطوه نوع من الأمل في شيء من هذا النوع، في الوقت اللي هم ضد أي نوع من الوحدة حتى وحدة قريتين مع بعض، كان الإنجليز ضدها، فكانوا يكذبوا علينا، ويكذبوا عليهم.
أحمد منصور:
هل كنت في تلك الفترة على قناعة بكل أفكار البعث، ولم تجد أي شكل من أشكال التناقض بينها وبين تاريخك السياسي والجهادي الطويل؟
بهجت أبو غربية:
(8/474)
يعني كان بعض النظرات وبعض التأملات يعني مثلا أنا عملت كراس حتى كنت ناوي أعطيك نسخة منه، كراس عنوانه (بذور البعث) الكراس هو مجموعة كلمات نشرتها في جريدة البعث.. عفوا في جريدة اليقظة اللي أصدرناها نحن في الأردن مجلة أسبوعية في الخمسينات، حزب البعث يعني أنا كنت أشعر أنا كان عندي ثقافة وخلفية إسلامية يعني، وأشعر أن الإسلام يعني والتدين بشكل عام يعني فيه جانب كبير أخلاقي، الحزب يعني، بيتطرق للسياسات، لكن من يضمن لي أن هذا الشاب السياسي العضو في الحزب أن يتخلق بالخلق الثوري والخلق العادي والإنساني، فتحت عناوين يعني كتبت بيجي حوالي 10 أو 15 مقال جمعتها في كراسة طبعناها في 56 عندي لسه نسخ منه تحت عنوان بذور البعث، ليه أضع أنا أو أفترض أن هذا ممكن ينشر في الحزب وينتشر؟
أن يكون للحزب أخلاقية تساعده على أن إذا ما كان تبنى الفكر الإسلامي والدين وغيره، تساعده على أن يكون سلوكه كسلوك نضالي وسلوك أخلاقي.
أحمد منصور:
ودي ما كانتش موجودة في مبادئ الحزب؟
بهجت أبو غربية:
لا ما كانش فيه، البعث أصلا كان جديد، هو بدأ يعني عمليا في 47، فكنا احنا نأمل فيه كنا نشعر بجوانب من النقص يعني في الفكر، الوحدة كيف تكون؟
الاشتراكية.. ما هو حدود اشتراكيتنا؟.. إلى آخره، فيه أشياء يعني كنا نقول إن هذا مع مسيرة الحزب تكتمل هذه الأفكار بتأليف وبيعني تجربة وباستنتاجات من تجارب ممكن تتجمع.
أحمد منصور:
في الجزء الذي لم ينشر في مذكراتك، وأنا برضه عشان أنهي قضية حزب البعث وأفكاره.. يعني هل يمكن أن يلتقي فكر (ميشيل عفلق) مع فكر شخص له خلفية إسلامية وخلفية جهادية؟
بهجت أبو غربية:
(8/475)
أعتقد أن الفكر القومي الذي عبر عنه حزب البعث كان بصفة خاصة ميشيل فيه إله كراسة عن الرسول، كان فيه روحانيات كثيرة، ميشيل حتى كنا نشعر أن لديه روحانيات أكثر من اللازم، والشيخ (تقي الدين النبهاني) -رحمة الله عليه- قال لي: كنت أطمع في إسلامه.
أحمد منصور:
دا مؤسس حزب التحرير؟
بهجت أبو غربية:
نعم، الذي أسس حزب التحرير، فكانت فيه روحانيات.
أحمد منصور:
ما هم بيقولوا: أسلم في الاخر وصلوا عليه، ودفنوه في مقابر المسلمين، لكن يعني أعود إلى هذا هل التقيت مع ميشيل عفلق في هذه الفترة في أوائل الخمسينات؟
بهجت أبو غربية:
فيما بعد -طبعا- التقينا كثيرا.
أحمد منصور:
كيف كان شخصية الرجل.. أعجبتك شخصيته؟
بهجت أبو غربية:
يا سيدي، هو ما فيش شك مفكر وعميق وأستاذ جامعي يعني، وعنده عمق تفكير، وعنده بعد نظر، لكن يعني في رأيي كان ينقصه حيوية الإدارة والتنظيم.
أحمد منصور:
يعني ما عندوش حضور، ما عندوش كاريزما.
بهجت أبو غربية:
ميكانزم Mechanism؟
أحمد منصور:
ما عندوش حضور بالنسبة للناس، لما كان يخطب يتكلم، بس يقال إن صالح البيطار كان أكثر حضورا منه، كان هو الذي يتكلم، وينظر بالنسبة للحزب.
بهجت أبو غربية:
التنظير لا، أما.
أحمد منصور:
هو الذي كان ينظر، لكن هو الذي كان يتحدث؟
بهجت أبو غربية:
يعبر.
أحمد منصور:
نعم.
بهجت أبو غربية:
ميشيل لا ينقصه التنظير، التنظير أكثر من اللازم، لكن (الديناميكية) لقائد حزب ثوري حزب يريد أن يغير العالم العربي، يوحد العالم العربي، يعني كنا نشعر أنه ما عنده الإمكانيات المطلوبة يعني.
أحمد منصور:
أنت انتميت للبعث إلى العام 59 وحأمر عليها في حينها، في عام 1950، في الجزء الذي لم تنشره من مذكراتك، والذي أتحت لي مشكورًا قرأته، أشرت إلى أنه كانت هناك أول محاولة للصلح مع إسرائيل قام بها الملك عبد الله في العام 1950.
بهجت أبو غربية:
(8/476)
أنا يعني، اسمح لي بكلمة موجزة عن الوضع العام برضه في الخمسينات، الخمسينات كان من جهة شعبية جو تحرري يريد أن يوحد الأمة العربية، يحرر فلسطين، يتخلص من النفوذ الأجنبي، هذا أنا أعتقد كان في كل العالم العربي بصفة خاصة عندنا في الأردن، في فلسطين، وفي نفس الوقت كان فيه جو آخر مقابل يريد أن يكبت هذه الحركة، ويريد أن ينهي الصراع، ولذلك تفجر الصراع، طرفين يعني، عندك مثلا في الأردن كان في البرلمان فيه صراع مع الوزارة، في الشارع فيه صراع الضباط الأحرار وحركتهم، بالمقابل (توفيق أبو الهدى) يحاول أن يفرض ديكتاتورية وإذلال ومعتقلات بأوسع ما يمكن.
أحمد منصور:
ده رئيس وزراء للأردن لـ14 حكومة؟
بهجت أبو غربية:
(غلوب) أيضا يسيطر، والمعتقلات مفتوحة، الجفر وباير وما إلى ذلك، حاولوا يفرضوا علينا حلف بغداد، معارك طويلة ما لها أول ما لها آخر، فكان جو الخمسينات جو صراع، جو شعبي متحفز مناضل مقابله جو استعماري وعميل يحاول أن يفرض الصلح ويفرض الاستسلام.
أحمد منصور:
يعني فترة الخمسينات كانت فترة غليان ومواجهة وصراع بين الشعب من جهة وبين الحكومات.
بهجت أبو غربية:
والغرب واليهود، اليهود مثلا، اليهود في الخمسينات كلما كانت تقوي الحركة الوطنية يروحوا مهاجمين قرية، يذبحوا قرية..كذا, حتى كنا نقول أنهم يحاولون أن يفرضوا الصلح بالقوة، يعني مذبحة (قبية) مثلا ما لها أي تفسير.
أحمد منصور:
أما ترى أنه بعدما حدث الآن، وما آل إليه الأمر بالنسبة للقضية الفلسطينية أن الصلح في العام 50 كان أفضل للعرب؟
بهجت أبو غربية:
الجو في الخمسينيات كان جيد جدا.
أحمد منصور:
لإيه؟
بهجت أبو غربية:
يعني فيه تحرك شعبي قوي وآمال مفتوحة.
أحمد منصور:
لا..أنا أقول لك عن الصلح؟
بهجت أبو غربية:
الصلح.
أحمد منصور:
الصلح سنة 50.. ألم يكن أفضل للعرب من الصلح عام 93؟
بهجت أبو غربية:
(8/477)
أعوذ بالله!! يعني هو الواحد بدو يقيس الأمور بمواقيتها، يعني لما يكون إحنا رفضنا الصلح ورفضنا التقسيم، ولو قمنا بما يتطلب الرفض من شيء هذا واحد, لكن لما يكون لم نقم بما يتطلبه هذا الموقف ممكن تترتب أشياء تانية, أنا لما أدخل صراع مع الإمبريالية وعندي كل مبررات أن أدخل في صراع، لكن تتغلب علي الإمبريالية، طبعا ممكن تصير نتائج أقسى من ذلك، هذا لا يعني أنه أنا كنت غلطان لما رفضت التقسيم أو لما رفضت الصلح مع اليهود لا يعني، بالعكس أنا لما باعمل صلح مع اليهود من ذلك الوقت باكون مهدت سهلت مهمتهم، لأنهم حتى اليوم لم يتراجعوا عن البرنامج الصهيوني المعروف.
أحمد منصور:
لكن حققوا معظم ما يريدون؟
بهجت أبو غربية:
نعم، استطاعوا أن يحققوا، مش كل ما يريدون.
أحمد منصور:
معظم.. معظم.
بهجت أبو غربية:
أنا في الخمسينات قارئ لليهود يقولون سنحتل دمشق قبل سنة 1960م، كان اتجاههم، في 67 بعد حرب 67، أيضا كان رأسهم في السماء، كان إلهم برنامج ونشر في جرائدهم، برنامج يتحرك في العالم العربي وكأن العالم العربي مستعمرة إلهم، برنامج اقتصادي وسياسي وما إلى ذلك.
أحمد منصور:
يعني أنت لا ترى أن العرب أخطأوا في العام 1950، حينما رفضوا الصلح مع إسرائيل؟
بهجت أبو غربية:
بالعكس، كان هذا الشيء الطبيعي والضروري في رأيي.
أحمد منصور:
في العام 51 عقد في ربيع العام 51، مؤتمرا قطريا في دمشق، في(اللاذقية) على ما أعتقد، لحزب البعث العربي الاشتراكي، وأنت شاركت فيه كأول حضور رسمي لك في أنشطة حزب البعث وفي العام 51..
بهجت أبو غربية (مقاطعا):
عفوا، حضور كان يعني كمراقب، لأن ها المؤتمر قطري للقطر السوري، حضرته أنا والأستاذ (أمين شقير) كمراقبين.
أحمد منصور:
في العام 51 عقد مؤتمرا قطريا سريا في الأردن انتخبت فيه عضوا في القيادة القطرية لحزب البعث.
بهجت أبو غربية:
تشكلت في المؤتمر القيادة يعني القطرية.
(8/478)
أحمد منصور:
في الأردن يعني أنت أحد مؤسسي حزب البعث في الأردن؟
بهجت أبو غربية:
بالضبط.
أحمد منصور:
كيف كانت الحياة السياسية في الأردن في ذلك الوقت، وما هي طبيعة الدور الذي كنتم تقومون به كبعثيين في الأردن؟
بهجت أبو غربية:
نعم, أولا: طبيعة الوضع في الأردن تكلمت أنا عنها، من الناحية السياسية كان هناك نشاط يعني على عدة خطوط، يعني مثلا حزب التحرير بدأ ينشأ هناك، إخوان مسلمين كانوا بدأوا ينشطوا هناك، لأن تاريخ الإخوان المسلمين في الأردن كان حديث.
أحمد منصور:
في 46 أسسوا.
بهجت أبو غربية:
لكن ظل في فلسطين كان بعد ذلك حتى، القصد..
أحمد منصور (مقاطعا):
يعني ربما حرب 1948 أعطت لهم زخما في المنطقة.
بهجت أبو غربية:
بدأ التحرك في فلسطين، على أي حال، يعني الحزب الشيوعي ناشط، حزب البعث ناشط، حزب التحرير ناشط، فكان فيه نشاط حزبي واسع وشيء فشيء استقطب معظم الجماهير يعني إن ما كانش عضو بيكون نصير، أي مدرسة أي صف ثانوي، كنت لا تجد حيادي إلا إما هنا أو هنا أو هنا.
أحمد منصور (مقاطعا):
تعتبر دي ظاهرة صحية سياسيا؟
بهجت أبو غربية:
أنا أعتبرها ظاهرة صحية.. نعم، كانت ظاهرة صحية، يعني شعور بضرورة المشاركة، شعور بالمسؤولية، وهذا انعكس -الحقيقة- على الشارع يعني في أي مناسبة وطنية تجد المظاهرات بسهولة تتكون وتستجيب الناس لأي دعوة، وخصوصا عندما تطرح شعارات يعني مقبولة من الشعب.
أحمد منصور:
كان ميزان القوى إيه ميزان القوة السياسية في الخمسينات في الأردن كان إيه؟
بهجت أبو غربية:
يعني حتى لما نقول لحد 51.. 52.
أحمد منصور:
لا، لا، أنا عايز اوصل إلى 1957 و1958م.
بهجت أبو غربية:
في 1957م و1958م يعني كان فية حزبين، واضح أنهم من أقوى الأحزاب في البلد.
أحمد منصور:
وما هما؟
بهجت أبو غربية:
(8/479)
وهم حزب البعث، والحزب الوطني الاشتراكي، الحزب الوطني الاشتراكي كان يمثل حزب شخصيات سياسية واقتصادية وعشائرية، قواعده يعني ما فيه قواعد شعبية بالمعنى الصحيح.
أحمد منصور:
يعني نخبة؟
بهجت أبو غربية:
عندهم إمكانيات انتخابية، إمكانيات سياسية ولهم تأييدهم الشخصي مثل(سليمان نابلسي) مثلا و(عبد الحليم النمر) و(شفيق إرشيدات)يعني شخصيات سياسية معروفة مرموقة، لكن الحزب حزب البعث كان له انتشار واسع جدا ما بين الفلاحين وبصفة خاصة المتعلمين، الأساتذة، الطلبة إلى حد ما العمال.. كان الفكر مقبول...
أحمد منصور:
يعني الإخوان المسلمون في الفترة دي لم يكن لهم الثقل السياسي على الساحة الأردنية.
بهجت أبو غربية:
كانوا موجودين، لكن ما لهمش ثقل، وبالعكس كان للأسف يعني كان الحركة الوطنية ما نسميها الحركة الوطنية في الأردن في مواجهة مواقف الغرب ومواجهة حلف بغداد وما شابه، كنا نلتقي يعني كل الأحزاب تقريبا، لكن الإخوان المسلمين أو حزب التحرير كانوا لا يشاركون في هذه اللقاءات.
أحمد منصور:
باعتبار طبعا تضموا بعثيين وشيوعيين وغير ذلك؟
بهجت أبو غربية (مازحا):
كفار
أحمد منصور:
لا، لا يعني، هم كانوا بيكفروكم وقتيها؟
بهجت أبو غربية:
لا، لا، ما أقولش كده يعني.
أحمد منصور:
في 16 يوليه 1951م اغتيل (رياض الصلح) في عمان، في 20 يوليه 1951م اغتيل الملك (عبد الله) في القدس..أثر اغتيال أولا: رياض الصلح؟
بهجت أبو غربية:
(8/480)
رياض الصلح كان جاي للأردن يعني لعمان في إطار دعوة من الملك عبد الله، الملك عبد الله قبل مجيء رياض الصلح لعمان في أوائل سنة 50، كان طارح موضوع صلح مع اليهود، وكان فهم أنه مجيء رياض الصلح له علاقة لأنه فشل يعني المشروع اللي طرحه الملك عبد الله حتى نفسه رئيس الوزراء (سعيد باشا المفتي) الذي كلفه بأن يعقد الصلح مع إسرائيل، عمليا ما كانش هو منسجم ولا كان قابل للفكرة، وزير خارجيته (الشريقي) كان أيضا مش موافق، واستشاروا الناس، والناس كلها رفضت بالإجماع عقد صلح، ومع ذلك أصر عليه الملك عبد الله, وحاول يكسب أنصار وكذا للصلح.
فمجيء رياض الصلح للأردن كان ما عرفنا بالدقة أسباب مجيئه، لكن كان فيه شغلتين يعني ممكن يكونوا هم. كان فيه احتمال، وممكن يكون صحيح يعني أنه يريد الملك عبد الله إنه لبنان أيضا يدخل في موضوع الصلح حتى يصير فيه زخم أكبر يتغلب على المعارضة، هذا كان تقدير يعني، ما عنا معلومات دقيقة.
أحمد منصور:
لكن أسباب اغتيال رياض الصلح تعود إلى أشياء شخصية أردنية.. خاصة اللي اغتالوه أردنيين؟
بهجت أبو غربية:
كان فيه سبب آخر الحقيقة في ذهننا يعني، الملك عبد الله في ذلك الوقت كان طارح شيء وهو أنه الأمير طلال لا يصلح للملك، وكان يطرح أنه يصير وحدة بين العراق وبين الأردن، وهو يكون ملك على الطرفين ومن بعده العرش ينتقل إلى عائلة أخوه فيصل يعني للعراق، هذه الفكرة، توحيد العراق والأردن تحت يعني عرش الملك عبد الله قيل في حينها إنه أيضا كانت موضوع بحث بينه وبين رياض الصلح، هذه بطبيعة الحال يعني كانت مرفوضة من الإنجليز أي شيء عملي للوحدة، والصلح نفسه الصلح كان فيه مؤشرات واضحة، الإنجليز ما كانوا في 50 مع الصلح، الإنجليز.
أحمد منصور:
لم يكونوا... لم يكونوا مع الصلح مع اليهود؟
بهجت أبو غربية:
ما كانوش مع الصلح
أحمد منصور:
مع اليهود.. صلح مع اليهود؟
بهجت أو غربية :
نعم، نعم.
(8/481)
أحمد منصور:
لماذا؟ لماذا؟ لأنه يتعارض مع مصالحهم وبقاؤهم في المنطقة؟
بهجت أبو غربية:
ليه؟ لأنه إذا صار صلح مع اليهود, اليهود كانوا من فترة طويلة غيروا علاقاتهم من بريطانيا لأمريكا، فالصلح معناه انتشار النفوذ الأميركي يحل محل النفوذ الإنجليزي، هذا هيك كان واضح، والإنجليز ما كانوش مع الصلح، هذا كنا نلمسه في مظاهر يعني كثيرة، رياض الصلح إيضا كان له مشكلة، في لبنان كان معروف الحزب السوري القومي الاجتماعي، حزب كبير يعني وانتشر شوية في بلاد الشام يعني انتشر، وهذا الحزب رئيسه (أنطوان سعادة) حاول يقوم بعملية عسكرية، واعتقل في سوريا، يعني هرب إلى سوريا، سلمته سوريا. كان رياض الصلح رئيس حكومة، وحكم بالإعدام وأعدم، فقيل وقتها أيضا إن الذين اغتالوا رياض الصلح ثأرا لأنطون سعادة، بالضبط شو هو العامل ممكن أن تكون عدة عوامل شاركت في اغتياله، إنما كان الانطباع أن الإنجليز كانوا وراء اغتياله، هذا الانطباع العام.
أحمد منصور:
في 20 يوليو 1951 اغتيل الملك عبد الله في القدس، وأنت اتهمت بالمشاركة في عملية اغتياله، وقبض عليك...
بهجت أبو غربية (ضاحكا):
لا لا لا
أحمد منصور:
.... وكنت عرضة للتحقيق طيلة شهر كامل بتهمة المشاركة في اغتيال الملك عبد الله؟
بهجت أبو غربية:
اعتقلت على ذمة التحقيق.
أحمد منصور:
بتهمة اغتياله.
بهجت أبو غربية:
لا، مش بتهمة اغتياله.
أحمد منصور:
المشاركة في اغتياله.. التخطيط لاغتياله.
بهجت أبو غربية:
(8/482)
ولا تخطيط ولا شيء جرت حملة اعتقالات واسعة جدا في صفوف المناضلين اللي ناضلوا في الثلاثينات، وفيه كان ما يسمى Black list قائمة سوداء، فقد كانت أيام الانتداب البريطاني لديهم Black list، ونحن في الBlack List عندهم، بمعنى المقاومين للاستعمار والمقاومين للإنجليز، راحت الحكومة الأردنية جابتها من قبرص، لأنه كانت كل أوراق حكومة فلسطين أيام الانتداب صفت في قبرص، فجابوا الـBlack List واعتقلوا على أساسها، حتى بدأوا يبحثوا عن ناس من اللي ناضلوا في 36 وكانوا أموات بدأوا يبحثوا عنهم.
أحمد منصور:
لكن أنت بمجرد اغتيال الملك عبد الله سعيت لإبعاد الشبهات عنك لشعورك بأنك سوف تتهم في قضية اغتياله؟
بهجت أبو غربية:
كنت يعني بالطبع أخشى يوم الحادث بالذات، أنا اعتقلت يومها يوم الحادث مساء في السجن يعني، لكن قبلما اعتقل كنت متوقع ..كنت متوقع يعتقلوني لأن هذا حادث كبير وعادة التحقيق لما يبدأ في حادث من هالنوع، بيفترض عدة افتراضات وكلها بيعتبرها يعني تحت المسؤولية والشبهة، فكنت أتوقع يعتقلوني، وفعلا كنت أنتظرهم يعني في الخليل، ما كنتش في القدس، واعتقلوني وجابوني إلى القدس للتحقيق مش لشيء آخر.
أحمد منصور:
هل كنت على علاقة أو معرفة بقتلة الملك عبد الله بقاتله؟
بهجت أبو غربية:
الواقع أنه معظمهم، كلهم أعرفهم يعني كمعرفة وقسم منهم كان زميل نضال يعني مثل (أبو محمد) نفسه اللي يعتبروه (عبد القادر سدمير) و(عبد عوكة) هؤلاء أعدموا، عابد عوكة تلميذي، أخوه تلميذي، وهم الاثنين إخوة أعدموا فيها، كنت أعرفهم جيدا وهم أشخاص وطنيين وناضلوا في فلسطين بشكل مستمر، وكان شعورهم بأنهم هو بيقوموا بعمل وطني في رأيي باستثناء الدكتور (موسى الحسيني) اللي هو كان رأس..
أحمد منصور (مقاطعا):
المخطط الرئيسي للعملية.
بهجت أبو غربية:
المخطط الرئيسي، الدكتور موسى كنا نشك في علاقاته، لا نرضى عن تصرفاته.
أحمد منصور:
(8/483)
علاقاته بمن؟
بهجت أبو غربية:
يعني كان فيه شبهة أن له علاقات بالإنجليز.
أحمد منصور:
يعني تعتقد أن الإنجليز كانوا وراء مقتل الملك عبد الله؟
بهجت أبو غربية:
أنا ما باستطيعش أقول الإنجليز كانوا أو ما كانوش شغله هذه صعبه الواحد يقرر.
أحمد منصور:
ماذا كان وقع مقتل الملك عبد الله عليك وأنت كنت في القدس؟
بهجت أبو غربية:
يعني مش بس علي أنا يعني, ولكن على الجو الشعبي العام بنوع من الشعور بأن الملك عبد الله كان تحمل مسؤولية كبيرة في نكبة فلسطين، وأن هذا نتيجة لموقفه في الحرب وقبل الحرب، التفاهم مع اليهود، وفيما بعد الحرب التعاون مع اليهود، محاولة الصلح مع اليهود، فكان يعني شعور بأن هذا نتيجة شبه طبيعية يعني عما سلكه الملك عبد الله وعما تحمله من مسؤولية.
أحمد منصور:
من قتل الملك عبد الله في تصورك؟
بهجت أبو غربية:
اليد اللي قتلته شيء، ومن خلفها شيء آخر يعني، أنا أعتقد أن المجموعة اللي أعدمت يعني باستثناء الدكتور موسى كانت دوافعها وطنية، ولكن من وراءهم طبعا فيه عدة افتراضات، وكتب في هذا الموضوع كثير يعني من الآراء، أنا مثلا استطلعت رأي الأستاذ (يحيى حمودة) اللي هو كان محامي للمتهمين، فيه (وليد صلاح) كان هو المحقق والمدعي العام يعني في القضية، عمل كتاب.
أحمد منصور:
كلهم التقيت بهم، وتكلمت معهم؟
بهجت أبو غربية:
مش اتصال، كان الأستاذ يحيى حمودة صديقي وعضو معنا كان في اللجنة التنفيذية وكذا، وكان له رأي مثلا (علي أبو نوار) كتب آراء.. كثيرة يعني، فتفاوتت الآراء ما بين أن الإنجليز وراء الاغتيال، والأمريكان وراء الاغتيال، الدول العربية، السعودية مثلا، (عبد الله التل) وراء الاغتيال، وحوكم غيابي عبد الله التل، هو كان في مصر فاروق وراء الاغتيال، السعودية وراء الاغتيال، كانت فيه افتراضات كثيرة.
أحمد منصور:
لكن في النهاية من ترى أنه قتل الملك عبد الله؟
بهجت أبو غربية:
(8/484)
أنا ما باستطعش أحدد هذه الجهة.
أحمد منصور:
لكن أنت في مذكراتك التي لم تنشرها بعد تقول إن الملك عبد الله هو الذي قتل نفسه؟
بهجت أبو غربية:
بالضبط، هذا أنا باقوله.
أحمد منصور:
ماذا تعني بهذا؟
بهجت أبو غربية:
أعني بأنه ما قام به الملك عبد الله، خلال حرب 48 حمله مسؤوليات كبيرة جعلت هناك يعني استعداد عند كثيرين لاغتياله، إذا تحركت أي جهة هو أصلا حتى الآن على عظم أميركا لما بدها تعمل حادث اغتيال لازم تلاقي ناس من نفس البلد ناقمين على الشخص اللي بدهم يغتالوه، في العراق مثلا، هم عم بيتكلموا صراحة CIA عم بتحاول تجند عراقيين ليغتالوا صدام مثلا.
أحمد منصور:
ده على شاشات التلفزة يتم هذا الأمر؟
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
الآن يتم على شاشات التليفزيون ليس سرا يعني.
بهجت أبو غربية:
بالضبط ليس سرا، فالجو العام اللي حصل في الأردن هو اللي مهد، وسهل عملية الجهة اللي كانت وراء التنفيذ.
أحمد منصور:
أفرج عنك بعد اعتقالك بتهمة المشاركة في مقتل الملك عبد الله، واعتقلت مرة أخرى في العام 1952م وأصبح دخول السجون والخروج منها شيء عادي بالنسبة إليك.. كيف كنت ترى أسباب اعتقالك بعد ما كنت مناضلا مكافحا أصبحت الآن عرضة للاتهام والسجن من آن لآخر؟
بهجت أبو غربية:
يعني، أنا لم أكن أستغرب أني أعتقل لأنه الذي كان يحكم الأردن هو (غلوب باشا) و(توفيق أبو الهدى) توفيق أبو الهدى شكل 14 وزارة.
أحمد منصور:
أنت ناقم على توفيق أبو الهدى.
بهجت أبو غربية:
(8/485)
وكل الشعب ناقم على توفيق أبو الهدى، وأخيرا انتحر هو في بيته، وما نعرفش هو انتحر واللا قتل من غيره؟ مذموما من كل الناس، سواء اللي كانوا وزراء معه أو غير الوزراء، لأنه كان شخص متسلط يعني ينفذ ما يريده الغرب بشكل فظيع وضد الحريات، رغم أن إله في البرلمان مواقف يدعي فيها أنا بدي اعمل كذا وكذا، مثلا إلغاء القوانين العرفية، وعد البرلمان.. كلام إلى أخره، ويطبق أحكام قوانين عرفية، أحكام الطوارئ، عدة قوانين يطبقها ضد وجود الأحزاب، فاتح معتقلات باستمرار.
الحركة الوطنية كانت يعني تعاني من توفيق، لما يراد كبت الحركة الوطنية مثلا وزارة (فوزي الملقي) صار فيه تجاوب بينها وبين الحركة الوطنية، وصار جو يعني جيد في الأردن، لكن فورا أقيلت وجاءوا بتوفيق حداد، تزوير الانتخابات.. غلوب جيب توفيق اللي زور الانتخابات، حتى غلوب في مذكراته بيقول:توفيق أبو الهدى طلب مني أن أشرك الجيش في الانتخابات لكي ينجح هو وجماعته، وبيقول: أنا ترددت، لكن وجدت في النهاية أن هذا مفيد، وزورا له الانتخابات.
أحمد منصور:
أنا ملاحظ برضه أنك بتكن كراهية شديدة للبريطانيين، ربما لا تقل عن كراهيتك لليهود.
بهجت أبو غربية:
بطبيعة الحال.
أحمد منصور:
لماذا؟
بهجت أبو غربية:
أنا تكلمت في حلقات سابقة, الإنجليز هم اللي أوجدوا اليهود، هم اللي بنوا الدولة اليهودية،
أحمد منصور:
لسه بتكره الإنجليز؟
بهجت أبو غربية:
.... لم يخرجوا من فلسطين إلا بعد.. مثل واحد أخذ عطاء لإقامة بناء، هم أخذوا عطاءً لإقامة دولة يهودية أقاموها، الوكالة اليهودية(حكومة)، (الهغاناه) جيش، كل الدوائر الحكومية جاهزة سلموا إياها الإنجليز هم الأساس، وطبعا أمريكا كانت تساند الغرب كله يعني.
أحمد منصور:
لا زلت تكره البريطانيين نفس كراهيتك لهم يوم قتلت (سيكرست) سنة 36 في القدس؟
بهجت أبو غربية:
طبعا، هذا أحد المؤشرات يعني.
أحمد منصور:
(8/486)
إلى اليوم تكرههم بنفس المستوى؟
بهجت أبو غربية:
بطبيعة الحال يعني، مش الإنجليز كإنجليز، تري أنا في 48 في ليلة من الليالي كان جاي واحد من المنطقة اليهودية، وكنا حاملين سلاح يعني، وجاء من المنطقة اليهودية إلى المنطقة العربية، رأسًا أطلقت عليه النار، ما صدتوش واختفى، وفي الاخر استسلم وتبين أنه بوليس إنجليزي، فروحته فكان بإمكاني أقلته.
أحمد منصور:
بدأت الحياة النيابية في الأردن في العام 1950 في 20 أبريل 1950 أُسس المجلس النيابي الأول، وتم حله في شهر مايو 3 مايو 1951، المجلس الثاني في واحد سبتمبر 1951 وتم حله في 22 يونيه 1954 تم الترخيص لحزب البعث رسميًّا بمزاولة نشاطه بشكل علني في الأردن في 28 أغسطس 1955، انتخابات غلوب الشهيرة كانت في 16 في أكتوبر 1954، ظهرت حركة الضباط الأحرار الأردنيين، حلف بغداد فبراير 1955، خرج غلوب من الأردن 1956، حدثت أزمة 1957 وجاءت وزارة الخالدي، قبض على الضباط الأحرار في 18 أبريل 57، فترة مليئة بالزخم وبالصراعات.. هل اختلف وضع ونشاط حزب البعث في الأردن قبل إعلانه والترخيص له رسميا في 55 عما كان بعد ذلك؟
بهجت أبو غربية:
يا سيدي حزب البعث يعني من 1951 احنا كان لنا البرنامج سياسي، 3 نقاط رئيسية: المطالبة بتحرير الجيش، كان لا بد أن نتخلص من النفوذ الأجنبي هذا يبدأ بالجيش يصير الجيش أردني مش منقاد، حتى كان قيادة سرية بمعنى 100 واحد قائدها إنجليزي، معظم الأسلحة قادتها إنجليز.. فبرنامجنا أن نركز على تحرير الجيش وأن يحل الضباط العرب محل الضباط الإنجليز، وهذا كان علنا، ونحاول في كل مناسبة خصوصا لما تتاح فرصة، مثلا، لما صارت حادثة (قبية) وقصر (جلوب) وقصر(إيشتين) اللي كان قائد للواء في (رام الله) هاجمنا (جلوب) وهاجمنا (إيشتن) بشكل عنيف في مظاهرات، وننادي يا شباب الجيش طهروا الجيش، غلوب يستبعدكم وغلوب كذا..هذا كان الشعار الأول.
(8/487)
الشعار الثاني: أنه يجب أن نخلص من المعونة البريطانية، كان الأردن يتقاضى معونة بريطانية على شقين: شق للجيش حوالي 8 ملايين ياخدها غلوب، وما تعرفش الحكومة ولا غير الحكومة عنها شيء، يعني هو يتصرف فيها وهو المسؤول، كان حوالي 2 مليون جنيه أردني للحكومة، للوزارة يعني جزء من راتب الوزير أو إنه جاي من بريطانيا، وهذا مظهر من مظاهر، فالخلاص من المعونة البريطانية واستبدالها بمعونة عربية، الثالث: إذا سقط هذا وسقط هذا، نجحنا يعني في الشيئين إلغاء المعاهدة، حينئذ بيكون الأردن خلص من النفوذ الأجنبي، هذا كان برنامجنا..وهذا كان مكشوف..
أحمد منصور:
أنتم كنتم تقفوا ضد حلف بغداد 55؟حلف بغداد كنتم تقفون ضده
بهجت أبو غربية:
في بغداد
أحمد منصور:
حلف بغداد
بهجت أبو غربية
آه.. حلف بغداد.. بطبيعة الحال كنا ضد حلف بغداد، لأنه حلف بغداد كان حلف استعماري، يعني احنا ضد الشيء اللي عندنا, بدنا شيء جديد أيضا يكرس المنطقة كلها لصالح الغرب.
أحمد منصور:
أثر خروج غلوب من الأردن في 1956 عليكم إيه؟
بهجت أبو غربية:
مشكلة أنه لما خرج غلوب كانت فيه فرصة عارمة، كان شعور بالنشوة وأننا قادرين أن نحقق برنامجنا، ونحقق انتصارات، وكان أمامنا إلغاء المعاهدة، والمعونة العربية وإلغاء المعاهدة، لكن في فترة قصيرة بدأنا نشعر بأن النفوذ الأمريكي عمال يحاول يدخل البلد، وصار صراع داخلي فظيع يعني.
أحمد منصور:
الصراع الداخلي حدث منه عدة محاولات انقلابية منها محاولة انقلاب الضباط الأحرار اللي قبض عليهم في 18 أبريل 57.. هل كان لك علاقة بالضباط الأحرار؟
بهجت أبو غربية:
أنا كان لي علاقة بالضباط بمعنى أن ننشر الفكر القومي بينهم.
أحمد منصور:
شاركت في محاولة الانقلاب التي قاموا بها؟
بهجت أبو غربية:
ما حصلش محاولة انقلاب أصلا، ما حصلش..
أحمد منصور:
الملك حسين أشار لها في كتابه.
بهجت أبو غربية:
(8/488)
الملك حسين حاول يسيطر على الوضع لأنه بدأ يشعر بأن الضباط الأحرار الذين تعاون معهم في طرد (غلوب) بيكونوا عليه خطر، ليه؟ لأنهم بيتبنوا أفكار وحدوية، وحدوية وأن لهم نفوذ في الجيش، فبدأ يشعر بخطر، تعاون مع الأمريكان عليهم، وعلى الحركة الوطنية ككل.
أحمد منصور:
مدى نفوذ حزب البعث الأردني في الجيش في ذلك الوقت؟
بهجت أبو غربية:
في الجيش يعني نحن كنا نرفض، ويعني لا نوافق على انتساب رسمي كعضو في الحزب، كان فيه تيار فكري، وشباب من ضباط الجيش يعتبر نفسه بعثي، لكن هو فكرا يعني، لكن اللي ساد مش التنظيم الحزبي، لأنه ما عندناش تنظيم حزبي, حركة الضباط الأحرار، يعني كان عدد البعثيين اللي فيها كبير، هذا اللي حصل..وكان التحرك..
أحمد منصور:
حاولتم تعملوا انقلاب على الملك؟
بهجت أبو غربية:
ما حصلش..
أحمد منصور
أنت لم تخطط للقيام بانقلاب علي الملك؟
بهجت أبو غربية:
هذا بعد 1957م.
أحمد منصور:
يعني سعيت لانقلاب على الملك.
بهجت أبو غربية:
بعد أن ضربت الحركة الوطنية،
أحمد منصور [مقاطعا]:
يعني سعيت للانقلاب علي الملك
بهجت أبو غربية:
أما حتي الـ 57 اتهم الضباط الأحرار مثلما قلت أنهم بيتآمروا، اتهم الحركة الوطنية بأنها حركة شيوعية، هذول خطين اتهم إنهم عملاء لسوريا لتبرير ضرب الحركة الوطنية.
أحمد منصور:
حينها فكرتم بعمل انقلاب على الملك؟
بهجت أبو غربية:
أبدا، أبدا، إنما بعد أن اعتقل الضباط الأحرار، وأعلنت الأحكام العرفية، وحلت الأحزاب، حلت كل الاحزاب وفتحت السجون، واضطهد الاحرار إضطهاد يعني ليس له مثيل في السجون وساد النفوذ الأمريكي، طبعا جرى التفكير أو الإعداد محاولات لتغيير النظام جرت..
أحمد منصور:
فكرتم أنتم كبعثيين في ذلك؟
بهجت أبو غربية:
نعم، فكرنا.
أحمد منصور:
سعيتم في عمل انقلاب على الملك؟
بهجت أبو غربية:
لم نقم بعمل انقلاب، لم نقم بمحاولة.
أحمد منصور:
خططتم؟
(8/489)
بهجت أبو غربية:
كان فيه تخطيط نعم.. وكان فيه محاولات تنظيم لكن لم تنضج أي محاولة, ليعني، تصل إلى حيز التنفيذ.
أحمد منصور:
تحولتم إلى العمل السري، وأنت اختفيت لعدة سنوات بعد حل الحزب، ثورة العراق في يوليه 58.. هل أيدتم قيامها كعبثيين؟
بهجت أبو غربية:
آه طبعا.
أحمد منصور:
لأنها أنهت النظام الملكي؟
بهجت أبو غربية:
لأكثر من سبب الحقيقة.
أحمد منصور:
ومهدت لمجيء البعثيين إلى السلطة؟
بهجت أبو غربية:
طبيعي، كانت وحدوية يعني في بدايتها، وبصفة خاصة وكان مش (عبد الكريم قاسم) كان (عبد السلام عارف) كان وحدوي، ويسعى للانضمام للوحدة.
أحمد منصور:
هل أيدتم قيام الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 58؟
بهجت أبو غربية:
كانت أملنا!! ليس فقط أيدناها.
أحمد منصور:
وما أثر انهيارها عليكم في 61؟
بهجت أبو غربية:
قيام الوحدة
أحمد منصور:
انهيارها.. انهيارها
بهجت أبو غربية:
لما صار اللي...
أحمد منصور :
الانفصال...
بهجت أبو غربية:
الانفصال... كان أثر مدمر طبعا.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أتناول معك أثر انهيار الوحدة وبصفتك أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1964م نبدأ قصة المنظمة من البداية إلى النهاية، أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل بهجت أبو غربية أحد أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية..
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/490)
الحلقة8(8/491)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:55(مكةالمكرمة)،19:55(غرينيتش)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
بهجت أبو غربية
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل (بهجت أبو غربية) أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية.
أستاذ بهجت مرحبا بك.
بهجت أبو غربية:
أهلا بكم يا سيدي.
أحمد منصور:
احنا كنا في نهاية فترة الخمسينيات في الأردن، وحل الأحزاب والحياة السياسية في الأردن في ذلك الوقت، بعد حل الأحزاب في أبريل 57 أنت اختفيت لعدة سنوات، وكنت تقود.. وكانت هناك قيادة سرية لحزب البعث الأردني، كنت أنت أحد قادتها، في الفترة من إبريل 57 إلى شهر أغسطس عام 60 اختفيت، وأثناء عملية اختفاءك ذهبت سرا إلى بيروت، وحضرت المؤتمر القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهناك تخليت عن الانتماء التنظيمي للحزب، وانفصلت عن البعثيين.. ما هي أسباب ذلك؟
بهجت أبو غريبة:
المعلومات غير دقيقة، أنا حضرت المؤتمر 59 سرا، وعدت إلى الأردن سرا أيضا، واستمرينا وبعدين اعتقلت مرة ثانية.
أحمد منصور:
لا.. أنا أقصد...
بهجت أبو غريبة:
إنما بعد مؤتمر الـ59 صار انقسام، مش تخليت، ومجموعتنا كان معروف عنهم بأن اسمهم حزب البعث الثوري.. حزب البعث الثوري.
أحمد منصور:
في مقابل من؟
بهجت أبو غربية:
في مقابل حزب البعث الأساسي العربي الاشتراكي.
أحمد منصور:
من كانت تضم مجموعتك؟
بهجت أبو غربية:
(8/492)
يعني هذا اللي أضر فيها كثيرا وهي أنها اقتصرت على قسم كبير من أعضاء الأردن، ليس كل أعضاء الأردن، ولم تستطع حركة البعث الثوري أن يعني تقنع بمسيرتها آخرين من الأحزاب يعني مثل العراق أو لبنان أو كذا. طبعا كان فيه تأييد لكن...
أحمد منصور:
ما الذي اختلفت فيه أفكاركم عن أفكار الآخرين؟
بهجت أبو غربية:
يا سيدي في 58 عفوا في 59 كانت الوحدة تقريبا سنة عمرها.
أحمد منصور:
بين مصر وسوريا؟
بهجت أبو غربية:
بين مصر وسوريا، تقريبا سنة، نحن كحزب كنا يعني نرفع شعار وحدة مصر وسوريا نواة الوحدة العربية من الخمسينات، ونعتبر أن وجود يعني، وحدة بين مصر وسوريا هي يعني القوة يعني والإمكانية الكبيرة لإنهاء الوجود الصهيوني ونوالي الوحدة العربية، مصر تتوسع في السودان وفي المغرب وسوريا.. يعني تمتد الوحدة.
فكان أمل كبير، وهذا الأمل يعني مش خيال، في رأيي أنه كان صحيح، الأمة العربية أمة واحدة بطبيعتها، لكن أنظمة سياسية مجزأة هي، ثقافتها، لغتها، إلى آخره، لكن هي مجزأة سياسيا، فالزخم والرغبة الشعبية في الوحدة كانت عارمة يعني في الوطن العربي، التجربة اللي دخلوا في التجربة هي مصر وسوريا احنا في الأردن مثلا كنا مش داخلين في الوحدة، في العراق في الحزب أقصد. فكان تفكيرنا في الأردن يختلف عن تفكير الحزب في سوريا، عن الحزب في العراق، رفض أن يحضر مؤتمر الـ59 لأنو كان يشعر بأن هذا المؤتمر سيتصرف تصرف يضر بالوحدة، رفض واعتذر، أرسل مندوب واحد فقط.
احنا كقيادة أردن قررنا أن نشارك، وأن نبدي رأينا، في ذلك الوقت كنا بدأ في سوريا تيار بعثي ينتقد الوحدة لكن انتقاد يصل إلى درجة الخروج منها.
أحمد منصور:
في 59 بعد سنة واحدة فقط من قيامها؟
بهجت أبو غربية:
بعد سنة نعم واحدة من قيامها،
بهجت أبو غربية:
(8/493)
نعم بعد سنة واحدة من قيامها،فالسوريين -يعني أنا مثلا- بعد ما حدث الانفصال.. نوع من الدراسة والتقييم لماذا حدث الانفصال؟ فيه أسباب خارجية بالتأكيد، لكن كان هناك سبب، أعتقد أنه كان جوهري وهو أن الإقليمية التي أوجدها (سايكس بيكو) والحدود والجوازات متأصلة صارت -للأسف- في شعبنا، المصري بيشعر أنه مصري، صحيح هو عربي ومسلم لكن مصري والسوري سوري. فلما امتزج.. التجربة اللي بتصهر الجهتين مع بعض كانت بدها نفس أطول.
أحمد منصور:
من يتحمل مسؤولية الانفصال؟
بهجت أبو غربية:
الانفصال يعني له أسباب كثيرة، سبب قلت أنا: أن الجو العام بمعنى الشعور الإقليمي الذي كان موجود أثار نوع من الأجواء اللي ممكن يعني تأثر على الوحدة ما انسجم ما اندمج، ما صارشي اندماج، وصار استعجال في معالجة الأمر.
احنا كنا نقول طيب حتى قبل حتى الوحدة -كيف كيف بده يصير العراق وسوريا دولة واحدة، كنا نقول: هذا الشعور عراقي وسوري له علاج واحد أن يوضع الطرفين في دولة وحدة، في ظل..
أحمد منصور:
أما ترى أن الوحدة بين مصر وسوريا لم تقم على أسس تساعدها على الاستمرار أساسا؟
بهجت أبو غربية:
يا سيدي نحن في الخمسينات كانت لنا كل المبررات، جو في كل العالم جو تحرري، في كل العالم الاستعمار ينهار، كان فرصة لنا ثورة مصر رفعت معنويات الناس واستعدادهم للنضال.
ومؤتمر (باندونج) وحركة تحرر العالم الثالث تركت أثر، فالجو كله يوحي بأنه احنا لازم نمشي، لازم نتحرك، ومن خلال الحركة، من خلال وحدة مصر وسوريا فيه مشاعر إقليمية من خلال الوحدة تذوب، لكن هذا يحتاج يعني وقت.
صار فيه تسرع في إبراز الخلافات بين البعث وبين..
أحمد منصور:
وأنت بعثي في ذلك الوقت.. هل تحمل البعث مسؤولية الانفصال؟
بهجت أبو غربية:
الانفصال يتحمل مسؤوليته يعني عربيا الطرفين الحقيقة.
أحمد منصور:
من ومن؟
بهجت أبو غربية:
(8/494)
ثورة مصر والبعث، يعني الطرفين يتحملو المسؤولية لكن مش هم الي عملو الانفصال، في ذلك الوقت كان في سوريا كثير ناس ضد الوحدة، أنا في مصر احتكيت في ناس ضد الوحدة في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
مين؟
بهجت أبو غربية:
فيه كان أستاذ جامعي في مصر اسمه (خليفة التونسي) يمكن تسمعوا فيه، شخصية كان كبيرة جدا. خليفة التونسي التقيت أنا وياه في..
أحمد منصور:
محمد خليفة التونسي؟
بهجت أبو غربية:
أظن محمد، نعم، في الخمسينات وليلة ما زرته كان عنده مجموعة من الأساتذة كانوا يتهكموا على منهج، عندهم كتاب مقرر عنوانه (الوحدة العربية) يتهكموا عليه، فكان فيه ناس منا، عندك اللي صودرت أملاكهم في مصر، السوريين اللي يعني كانوا شاعرين أن الأمور ستتجه في اتجاه التأميم وما شابه ذلك، فيه عناصر كثيرة يعني،
أحمد منصور:
طيب أنت دخلت..
بهجت أبو غربية:
لكن عفوا.. الانفصال جرى بموجب تخطيط أجنبي وتدخل أجنبي وأموال أجنبية هي اللي نفذت الانفصال. هذا الذي قلته أنا، مهد للانفصال.
أحمد منصور:
أنت دخلت البعث وانتميت له لأنه حزب وحدوي، الآن ثبت لك بأن البعث ليس وحدويا من الناحية العملية.
بهجت أبو غربية:
لا..لا.. الفكر البعثي بيظل فكر وحدوي.. الفكر
أحمد منصور:
الفكر موجود في الكتب، احنا بنتكلم عن الواقع.
بهجت أبو غربية:
لا.. لا.. فيه ناس كمان، فيه ناس لا يزالون، أكبر حزب في الوطن العربي ما زال حتى الآن حزب البعثيين السابقين.
أحمد منصور:
أنت لا زلت بعثيا.
بهجت أبو غربية:
سابقًا نعم.
أحمد منصور:
لا زلت بعثيا؟
بهجت أبو غربية:
فكرا؟
أحمد منصور:
نعم.
بهجت أبو غربية:
نعم. متى تركت البعث تنظيمًا؟
بهجت أبو غربية:
(8/495)
اللي حصل يعني في حزب البعث، المشكلة الرئيسية، أول مشكلة هي مشكلة الانفصال، كان، لا.. آخر ناس كان يجب يكون لهم دور ليسوا مش هم بيتحملوا الانفصال، لكن كان لهم دور في النقد العنيف للوحدة، وقبل أن تستقر الوحدة. فطبعا الإدارة.. الإدارة.. الإدارة، يعني الحكومة المركزية وما شابه ذلك وعلاقات عبد الناصر -رحمة الله عليه- بـ(أكرم الحوارني) مثلا كان نائب رئيس جمهورية، لكن بدون صلاحيات، ففيه أخطاء هنا، وأخطاء هناك، لكن..
أحمد منصور:
لكن القسم الأكبر مَينْ اللي أخطأ؟
بهجت أبو غربية:
ما بنقدر يعني نحدد قسم هان..
أحمد منصور:
للتاريخ يا سيدي قلها.
بهجت أبو غربية:
التاريخ.. التاريخ هذا يعني أنك تقول المسؤول الفلاني أو المسؤول كذا..
أحمد منصور:
يعني أنت عشت الأحداث.
بهجت أبو غربية:
المسؤول الرئيس هو أعداء الوحدة.
أحمد منصور:
يعني شماعة الآن أعداء الوحدة والاستعمار والإمبريالية، وكأنكم ملائكة، هل كنتم ملائكة في تصرفاتكم؟
بهجت أبو غربية:
اللي قام بالوحدة [بالانفصال] كان مأجور، وقبض فلوس.
أحمد منصور:
اللي قام بها!
بهجت أبو غربية[ضاحكا ومصححا]:
نعم.. اللي قام عفوا بالانفصال.. اللي قام بالانفصال
أحمد منصور:
مين ده بقى اللي قبض وأخد فلوس؟ عايزين نعرف مين؟
بهجت أبو غربية:
اللي قام بالانفصال؟
أحمد منصور:
أيوه.
بهجت أبو غربية:
الضابط الـ.. الـ.. شو اسمه.
أحمد منصور:
الضباط مثل عبد الناصر والآخرين؟
بهجت أبو غربية:
لا يعني اللي قام بالانفصال ضابط سوري هو (الحناوي) لما قام بالانفصال كان قابض من السعودية وعن طريق الأردن، وهذا شيء نعرفه حقيقة.
أحمد منصور:
قبض قد إيه؟
بهجت أبو غربية:
ما عديتش.
أحمد منصور:
متى تركت البعث تنظيميا؟
بهجت أبو غربية:
(8/496)
صار انشقاق -خليني أقول- لأن المؤتمر الـ59 كان تيارين: تيار يقوده الأستاذ (ميشيل عفلق) ويقول بأن احنا يجب أن نصحح الوحدة، نحن نقول له: السلوك الذي تسلكه ما بيوقفش عند حد التصحيح -خصوصا الوحدة يعني جديدة- يصل إلى حد إنهاء الوحدة. ونختلف يعني من هذا الباب، وصار خلاف في المؤتمر، خلاف في اللجنة السياسية بصفة خاصة، في موضوع طرحه الأستاذ ميشيل فاحنا شعرنا بأن الحزب يسير في اتجاه يؤدي أو يساعد على الانفصال. نحن قيادة الأردن بصفة خاصة كلها مع بعض الأعضاء من لبنان.
أحمد منصور:
من كان معك في قيادة الأردن في ذلك الوقت؟
بهجت أبو غربية:
قيادة الأردن في ذلك الوقت كان 2 منهم في (الجفر) الليى هما الدكتور (منيف الرزاز) و(أمين شقير) كان في سوريا..
أحمد منصور:
الجفر هو السجن تقصد؟
بهجت أبو غربية:
في سوريا، يعني..
أحمد منصور:
لا، تقصد في الجفر أي أنهم كانوا في السجن يعني، أي كانو الاثنين في المعتقل يعني؟ بس فيه ناس بره الاردن ما بيفهموش ايه الجفر.
بهجت أبو غربية:
المعتقل.. نعم.
بهجت أبو غربية:
لكن الذين كانوا حاضرين المؤتمر (عبد الله الرمادي) (عبد الله نعواس) (بهجت أبو غربية) (حسني الخفش) (حمدي عبد المجيد) (سليمان الحديدي) أي الأغلبية.
أحمد منصور:
كلكم أجمعتم؟ كلكم كنتم ثوريين؟
بهجت أبو غربية:
بدون تردد، وانسحبنا من المؤتمر كان 80.. 82.
أحمد منصور:
والباقين كانوا متخاذلين؟
بهجت أبو غربية:
الباقي، مين الباقي، الحزب في سوريا منحل، رسميا اتفقوا مع عبد الناصر على حله، لم يكن الحزب ممثلا باستثناء الأستاذ ميشيل باعتباره أمين عام لكل.. الحزب في الأردن حضر، والحزب في العراق لم يحضر، في سوريا منحل، كان فيه مندوبين لبعض الطلاب، الحزب -الحقيقة- اللي حضروا لبنان والأردن وبعض المندوبين من الأقطار العربية ومن أمريكا والخ.
أحمد منصور:
(8/497)
عدت سرا أنت إلى الأردن في شهر أغسطس عام 1960، اعتقلت في شهر فبراير 1962 أنت كيف قضيت فترة الاختفاء هذه؟ من أين كانت لك الموارد.. الأموال.. الحياة كيف كانت؟
بهجت أبو غربية:
الحياة كانت صعبة ما فيه شك يعني، السجن كان اختياري، وانتقال في فترة كانت خطيرة جدا اضطررت أني أكون في مغارة في عرب السواحل نسميها شرق القدس مغارة مغارة!! وملانه حيايه وفئران وما شابه ذلك. لكن كنا نشعر بالنشوة لأننا نقوم بواجب.
أحمد منصور:
البعث كان يستحق كل هذا؟
بهجت أبو غربية:
الوحدة كانت تستحق.
أحمد منصور:
ممكن أن تحققها عن طريق أي شيء آخر.
بهجت أبو غربية:
لا. لا بد للوحدة حتى تكون من شيء اللي هو الفكر والإيمان بالوحدة، التنظيم الذي يحقق الوحدة، بدون أداة كيف بدها تقوم الوحدة؟
أحمد منصور:
كيف تنظر إلى هذه الأيام، 5 سنوات من الاختفاء والحياة الصعبة، الأفكار التي كنت تحملها وقتها كانت تعادل قيمة ما تعرضت له من مخاطر؟
بهجت أبو غربية:
بطبيعة الحال، ومستعدين نعيدها كمان إذا لزم.
أحمد منصور:
اعتقلت.. كيف اعتقلت؟
بهجت أبو غربية:
أوه أنا لما عدت إلى الأردن كان فيه انقسام في الحزب، وكان جزء من مهمتي أن أقنع الآخرين اللي يعني مش مؤيدين للقيادة القطرية، وظلت علاقتهم مع القيادة القومية أن أقنعهم بأسباب سلوكنا وأسباب الانسحاب من المؤتمر، فصرت أتحرك في عمان بالذات، وكأنه أنا طليق من بيت لبيت، ففي الفترة الطويلة التي سبقت كان الأردن لا يعرف أنا في الأردن أو مش في الأردن، يعني كانت فيه تغطية على العملية، لكن هذيك الفترة صارت فيه معرفة أني أنا موجود..
أحمد منصور:
كان فيه حد غيرك مختف من قيادات الحزب؟
بهجت أبو غربية:
(8/498)
لما رجعت.. في السابق كان طبعا فيه قيادات كثيرة اختفت في أربد وفي القدس وغيرها. لكن توجد قيادة قطرية، احنا كنا نسمي أنفسنا القيادة الأمامية، وكانت القيادة الخلفية اللي هي في الشام: عبد الله الرماوي وعبد الله نعواس وإلى آخره، نحن الذين في الأردن اختفينا، لكن في المرحلة الثانية لما عدت أنا إلى الأردن، أنا كنت أتحرك في عمان، وكأني أنا طليق، وهذا طبعًا يؤدي إلى أن يكشفني يعني فيه احتمالات انكشاف.
صار ضغط، وصار اعتقال هان واعتقال هان، فاعتقل بعض الإخوان، يعني، بعض الزملاء، وتسربت معلومات، ونعرف المكان اللي أنا فيه، وجات المخابرات، وقبضت على.
أحمد منصور:
كم بقيت في السجن؟
بهجت أبو غربية:
سنتين تقريبا.
أحمد منصور:
خرجت في العام 64 التي عقد فيها أول مؤتمر قمة عربي -في أوائلها- وعقد المؤتمر الثاني بعد ذلك وحضرته.. بأي صفة حضرت مؤتمر القمة العربي الثاني؟
بهجت أبو غربية:
بصفتي عضو لجنة تنفيذية، لأن مؤتمر القمة العربي الأول كلف (الشقيري) بأن يضع مشروع...
أحمد منصور:
أحمد الشقيري:
بهجت أبو غربية:
أحمد الشقيري، كلفه أن يضع مشروع لتنظيم فلسطيني سمي (الكيان الفلسطيني) أو ما شابه ذلك.
أحمد منصور:
وكان الشقيري وقتها مندوب فلسطين في الجامعة العربية.
بهجت أبو غربية:
ممثل ممثل.. نعم.. ممثل فلسطين.
أحمد منصور:
ممثل، خلفا لـ..
بهجت أبو غربية:
لأحمد حلمي باشا -رحمة الله عليه-
أحمد منصور:
لأحمد حلمي باشا.
بهجت أبو غربية:
اللي هو كان رئيس حكومة عموم فلسطين في السابق.
أحمد منصور:
اللي كان أساسها الحاج (أمين الحسيني) ولم يتم الاعتراف بها، اعترف بها من مصر وبعض الدول، ولم يتم الاعتراف بها من قبل الأردن ومن قبل العراق.
بهجت أبو غربية:
الجامعة العربية اعترفت بها.
أحمد منصور:
ما عدا الأردن والعراق.
بهجت أبو غربية:
لكن ظل الاعتراف شكلي، ولم تعطَ أي مقومات لتصبح ذات فعالية.
(8/499)
أحمد منصور:
أحمد الشقيري كلف من مؤتمر القمة الأول بتأسيس كيان فلسطيني، وتم اختيارك عضو في أول لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية..كيف كانت علاقتك بالشقيري حتى يتم اختيارك؟
بهجت أبو غربية:
الواقع أنا يعني قبل أكون عضو اصطدمت شوية مع الشقيري، من خلال مؤتمر القدس، هو عقد مؤتمر في القدس لما تشكلت اللجنة التنفيذية، ووضع الميثاق وما إلى ذلك. مش اصطدمت فيه مباشرة، يعني كنت أشعر أن له إجراءات، أنا غير راضي عنها، مثلا: تشكيل المجلس الوطني، لكن لما شكلت اللجنة، وطلب مني أن أشارك كان لي مخاوف: هل هذا الكيان سيوجد من أجل النضال والكفاح أو من أجل تسويات سياسية؟ هذا كان هاجس.. هل الشقيري يعني ممكن يسير في هذا الطريق أو لا؟ فكان جزء من اشتراكي، بحثت مع بعض المرشحين يعني مثل (عبد الخالق يغمور) مثل الدكتور (حيدر عبد الشافي) يعني كتير كنا كتلة، مثل الدكتور (وليد قمحاوي) في سوريا كان الأستاذ (نمر المصري) يعني هم اللي كانوا مرشحين، فقلنا: لا، احنا في دخولنا ممكن نطلع أكثر، وإذا حصل شيء نقاوم يعني نمنع أي نوع من التفريط في القضية الفلسطينية، لكن ما دام قبلت بدك تتعاون، فتعاونت أنا مع الشقيري لفترة شهرين أو 3 أشهر، بعدين بدأ نوع من الاحتكاك.
الحقيقة لم أشعر في هذين الشهرين أو الثلاثة أن هو اتجه يعني اتجاه سياسي يتناقض معي، لكن للأسف كان مسلكه يعني مسلك فوقي وانفرادي، ويتخذ قرارات، وكأنه احنا مش أعضاء لجنة تنفيذية.
أحمد منصور:
كم عضو كنتم؟
بهجت أبو غربية:
كان بالدقة مش متذكر، حوالي 12.
أحمد منصور:
تفتكر منهم مين؟
بهجت أبو غربية:
عبد الخالق يغمور، ونمر المصري ووليد قمحاوي الدكتور وليد، والدكتور حيدر عبد الشافي، حامد أبو ستة، وجيه المدني هو كان قائد الجيش.. الدكتور.. الدكتور..
أحمد منصور:
(8/500)
لا أريد أن أشق على ذاكرتك، وأنت في الرابعة والثمانين -ربنا يديك الصحة يعني- بس يعني حتى يكون متابع المشاهد معنا، كنتم تنتمون كأعضاء أول لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير إلى اتجاهات سياسية متباينة؟
بهجت أبو غربية:
فيه اختلافات طبعا متباينة، مثلا: نمر المصري يومًا ما كان حزب التحرير، حيدر عبد الشافي كان يعتبر يساري مش شيوعي، وليد قمحاوي كان يعتبر من تنظيم القوميين العرب، أنا من خلفية بعث.
أحمد منصور:
مش خلفية، ده أنت مؤسس وزعيم.
بهجت أبو غربية:
لكن فترتها ما كانش حزبي منظم.
أحمد منصور:
أي تركت التنظيم.
بهجت أبو غربية:
كتنظيم نعم.
أحمد منصور:
لكن بقيت فكريا.
بهجت أبو غربية:
لليوم.
بهجت أبو غربية:
وفي رأيي أن أكثر ما أضر بالحزب استعجاله في تولي الحكم، هذه مهمة كبيرة، إذا توليت الحكم، ولم يكن الأرضية ممهدة لك، يعني بمعنى القاعدة الشعبية الواسعة تريدك وتوافق على ما تريد، معناه بدك تحكم بأسلوب آخر، فأصبح الحكم هو الهدف أكثر من الوحدة ونشر الفكر، يعني الحكم نفسه، النظام.
أحمد منصور:
في القمة الثانية العربية الثانية في العام 64 حضرتها بصفتك عضو لجنة تنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، وكنت مكلفا أيضا بالملف العسكري.. ما طبيعة المهام التي أوكلت إليك؟
بهجت أبو غربية:
أنا.. يعني اللجنة التنفيذية وافقت على مشروع قدمته أنا و(قُصي العبادي) وقصي العبادي كان ضابط احتياط في القوات المصرية في غزة. أنا وياه كان كل واحد منا وضع مشروع، وحدناه وطرحناه على اللجنة التنفيذية وقبلته اللجنة التنفيذية كمشروع لإقامة جيش تحرير فلسطيني.
(9/1)
الأردن، كان طرح في المؤتمر الأول الذي عقد في القدس فكرة إقامة جيش تحرير، وكانت الأردن ضده 100%، لكن احنا ظلينا بنتبنى الفكرة، فلما عقد قبل مؤتمر القمة عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب، وحضره الشقيري عن منظمة التحرير، طرح مشروعنا العسكري لإقامة جيش تحرير فلسطيني.
مؤتمر وزراء الخارجية أحال مشروعنا إلى القيادة العربية الموحدة (علي عامر) و(عبد المنعم رياض) كان رئيس أركان..
أحمد منصور:
عبد الحكيم عامر وعبد المنعم رياض..
بهجت أبو غربية:
لا.. علي علي عامر.
أحمد منصور:
الفريق علي عامر نعم عفوا.
بهجت أبو غربية:
وعبد المنعم رياض أحيل إلهم المشروع، وعبد المنعم رياض قدم لما انعقد المؤتمر مشروع غير مشروعنا، لكن كان فيه تحفظ، أنه أنا لم يتح لي غير ليلة واحدة حتى أدرس مشروع المنظمة، لكن المشروع اللي طرحه احنا كنا غير راضيين عنه.
أحمد منصور:
ليه؟
بهجت أبو غربية:
لأنه التشكيل اللي كان يعني مقترحه كنا نشعر بأنه ممكن يكون مجرد قوات رمزية يعني، مش قوات تحرير يعني التشكيل والحجم التسليحي الكذا ما هوش اتجاه تحرير، ولذلك اتصلنا في كل أعضاء المؤتمر: الجزائر، سوريا، غيره..
قلنا لهم: إذا ما بدوش يمشي مشروعنا أو ما يشبهه يعني فتشوا لكم على ناس تانيين اللي تشتغل بالسياسة بس، احنا لجنة منظمة تحرير من أجل التحرير.. فالواقع أنه هذا طرح وتخلى.. طرح في المؤتمر يعني، وتخلى عبد المنعم رياض عن مشروعه، واتخذ قرار أن يوضع مشروع جديد بالاشتراك ما بين منظمة التحرير (اللجنة العسكرية يعني نحن) والقيادة العربية الموحدة، وهذا الذي جرى فيما بعد، هذا فيما يتعلق بالناحية العسكرية.
أحمد منصور:
نشأت (فتح العاصفة) وبدأت عمليات عسكرية في 65
بهجت أبو غربية:
عفوا، في هذه النقطة أريد أن أقول شيء مهم جدًّا..في البداية يعني كان فيه معارضة في مجلس الملوك والرؤساء لإنشاء..
أحمد منصور:
في القمة العربية.
(9/2)
بهجت أبو غربية:
في القمة العربية لإنشاء جيش تحرير من الأردن، ثم قبل (الملك حسين) ولكن..
أحمد منصور:
واختلف الملك حسين مع الشقيري وبعدين تصالحا فيما بعد.
بهجت أبو غربية:
يعني، لكن الشيء اللي أريد أن أقوله: في مؤتمر القمة الثاني في الإسكندرية كان مش بس قضية منظمة التحرير مطروحة، كان مكلفة القيادة العربية الموحدة من قبل مؤتمر القمة الأول أن تضع خطة عسكرية لكل الدول العربية المحيطة بإسرائيل، لتطوير إمكانياتها العسكرية حتى إذا بدنا نحول الروافد نقدر نحول الروافد، لأنه كان فيه موضوع تحويل الروافد.. فعبد المنعم رياض وعلي عامر طرحوا الخطة مع أنه كانوا حاطين عليها (سري للغاية)!! الجيش فيه سري جدا، وسري للغاية، طرحت على الجميع وأصبحت..
أحمد منصور :
لأنها سرية، نعم.
بهجت أبو غربية:
فالخطة جزء منها -هذا مهم- الله يخليك- جزء من الخطة يطلب علي عامر كان يقول:إن بإمرتي لواءين في المفرق في الـH 5 أي: في الحدود العراقية، في إمرتو لوائين من الجيش العراقي، يطلب في الخطة نقل اللوائين إلى الأردن، ووضعهم على خط التماس، الملك حسين عارض وقال له: لا. بعد جدل طويل قال الملك حسين: أقبل دخولهم إذا وقعت حرب. فقال له بالحرف: يا مولاي -والله يا سيدي بالحرف الواحد- يا مولاي إذا وقعت هذه الحرب -المتوقعة يعني- لن تحسب بالأشهر والسنوات، وستحسب بالأيام والساعات، وإذا نقلت أنا القوة هذه بعد نشوب الحرب، أما أن تضرب على الطريق الصحراوي الطويل بالطيران فلا تصل، أو تصل بعد أن تكون المعركة قد انتهت.
أحمد منصور:
وهذا ما حدث في 67.
بهجت أبو غربية:
بالضبط، لذلك أنا حبيت أقوله يعني، هذا كان تقدير على عامر -رحمة الله عليه- هذا اللي حصل.
أحمد منصور:
هل أخذتم الموافقة بإنشاء جيش تحرير فلسطيني، وأخذتم الدعم العسكري الذي يؤهلكم؟
بهجت أبو غربية:
نعم.. وصار تنافس حتى في رصد الأموال لجيش التحرير.
أحمد منصور:
(9/3)
بدأت عمليات فتح العاصفة، وبدأت العمليات العسكرية، أنت كان لك ملاحظات على بداية العمليات العسكرية الفلسطينية في 65؟
بهجت أبو غربية:
نعم، يعني احنا كنا أخذنا هذه القرارات في أواخر الـ 65.
أحمد منصور:
64
بهجت أبو غربية:
في أواخر 64 وفتح بدأت العمليات في 1/1/65 فكان رأينا انوطيب أعطونا فرصة حتى ننظم، وحتى يكون عندنا قوة كبيرة، حتى عندما ندخل..لأنو في العسكرية مثل الطب وغيره إذا أخذت طعم صغير ممكن تتكيف ضده يعني العدو، أما إذا ضربته ضربة كبيرة تصير فعالة، فكنا نتحاور حتى معهم، يعني أنا جلست مع قياداتهم في الكويت، وحاورتهم في هذا الموضوع.
أحمد منصور:
مين؟ جلست مع مين؟
بهجت أبو غربية:
يعني اللي اذكره بالدرجة الأولى كان (أبو إياد) وآخرين، مش مذكر بالضبط لأنه ليل وكنا جداد على بعض، بس أبو إياد كنت أعرفه جيدا.
تاني يوم مع (خالد الحسن) الحاصل.. فكنا نقول لهم، يا أخي أنتم استعجلتم هذا إجهاض، احنا بعد سنة يكون عندنا منظمة تحرير، ومنظمة التحرير للجميع -كنا نقول لهم- ادخلوا، وكانوا داخلين جزئيا كانو هم داخلين، فاستنوا علينا سنتين، لنبني جيش التحرير لا لنهيئ، ونحط خطط، ونحط إجراءات وكذا، وكنا حاطين احن طريقة تحرير فلسطين شو هي وعارضينها على (علي عامر) أنا عرضته على (علي عامر) وقال لي هذه خطة معقولة.
أحمد منصور:
بصفتك مسؤول عسكري في..
بهجت أبو غربية:
في اللجنة التنفيذية.
أحمد منصور:
في اللجنة التنفيذية، نعم.
بهجت أبو غربية:
طبعا أنا كنت أحضر أنا ووجيه المدني وقصي العبادي.. فعلي عامر قال: هذه خطة معقولة.
أحمد منصور:
أنت كنت تلاحظ من المصريين وقتها، علي عامر وعبد المنعم رياض أنو هم متحمسين لتحرير فلسطين فعلا؟
بهجت أبو غربية:
جدا، جدا، كانوا متحمسين جدا، وقالوا: هذه الخطة معقولة.
أحمد منصور:
ومتعاونين معكم؟
بهجت أبو غربية:
(9/4)
متعاونين تماما، لكن اللي حصل أنه لما بدأنا ننفذ خطة الإنشاء، احنا وضعنا خطة الإنشاء.. خطة الإنشاء تقتضي إيجاد قوات في غزة وفي مصر، وقوات في سوريا، وكان في الأردن رفض نهائيا، قلنا: بديلها ننشئ كتيبة في العراق بدل الأردن، فكان واجب علينا أن نعقد اتفاقيات خطية ومكتوبة مع قيادة كل رئاسة أركان، يعني مثلا لما بدنا نقيم قوات في سوريا كيف نجند؟ كيف التدريب؟ كيف الإطعام؟ كيف علميات التسليح؟ من أين السلاح؟ نعقد الناحية المالية، مين يدفع؟ اتفاقية خطية طويلة عريضة، فسوريا عقدنا معهم اتفاقية مع شوية صعوبات، بالضروري خلال المباحثات. في العراق قالوا لنا: اكتبوا اللي بدكم اياه. في مصر يعني تعذر حتى عقد الاتفاقية.
أحمد منصور:
بسبب؟
بهجت أبو غربية:
رحمة الله عليه (محمد فوزي) كان رئيس أركان في مصر، وكان...
أحمد منصور:
توفي قبل أيام.
بهجت أبو غربية:
نعم، رحمة الله عليه، وكان شديد، وكان يعني هو اللي بده إياه يعني يمشي بدون اتفاق وبدون غيره، ونحن نقول له: ماشي.
أحمد منصور:
كيف كان الوضع على الجبهة الأردنية قبيل هزيمة 67؟
بهجت أبو غربية:
حرب 67 يعني.
أحمد منصور:
هزيمة.
بهجت أبو غربية:
قبل الحرب؟
أحمد منصور:
قبل الحرب نعم.
بهجت أبو غربية:
أولا: الجيش الأردني يعني (جلوب) كان دايما يضع خطط أنه إذا صار حرب لو حدث هجوم يهودي ينسحب الجيش الأردني، وهذا كانت عليه ثورة من كل الضباط حتى من الملك حسين، قال هذه مش خطة، مش طريقة أنه مجرد ما يصير قتال أنسحب. قسم يعني من المتنورين ومن القادة الجيدين في الجيش الأردني كان واضع خطط ومقرة -بعد طرد غلوب طبعا- لدور الجيش الأردني إذا وقعت حرب.
وفي الدرجة الأولى تتعلق بشطر إسرائيل إلى شطرين من (طولكرم) إلى البحر، والمسافة قصيرة.. حصار القدس، خطط عسكرية عارفها أنا مطلع عليها، فكان القادة.
أحمد منصور:
كانت ممكنة التنفيذ؟
بهجت أبو غربية:
(9/5)
ممكنة التنفيذ في حالة اشتباك الجيش اليهودي مع جهات أخرى كبيرة يعني.
أحمد منصور:
يعني كان يمكن الجيش الأردني أن ينفذ هذا في حالة دخول مصر والدول الأخرى؟
بهجت أبو غربية:
نعم، نعم، أما لوحدها فلا.
أحمد منصور:
مع وجود اللوائين العراقيين اللذين طلبهم علي عامر أن يكونو موجودين ضمن الأردن قبيل..
بهجت أبو غربية:
نعم، وفعلا دخلوا وضربوا، دخلت كتيبة جيش من العراق.
أحمد منصور:
بعد فوات الأوان؟
بهجت أبو غربية:
نعم، بعد فوات الأوان، وصلو الخان الأحمر الجيش العراقي، قرب القدس وضرب، القصد فالجيش الأردني كان عنده الاستعداد، لكن أيضا الجيش الأردني في ذلك الوقت محكوم بالقرار السياسي، محكوم بالقرار السياسي. مثلا: في ذلك.. بمجرد ما عبد الناصر سحب قوات الطوارئ، كان عندنا شعور أن فيه حرب، هذه مش قضية، ما تتوقفش عند تهديد إسرائيل ما تهاجموش سوريا، لأن اليهود أعلنوا التهديد بأنهم سيحتلون الشام.. ستقع حرب.
حاولت أنا وبعض الأخوان في القدس منهم بصفة خاصة المرحوم (إسحاق الدفدار) أن نعقد مؤتمر شعبي نطلب فيه احنا أهل البلد من الحكومة تسليحنا، نريد إذا حدث قتال أن ندافع عن بيوتنا، بالتعاون معكم.
أنا يعني ترأست مقاومة شعبية في 56 بالتعاون مع الجيش الأردني، يعني تعاون كامل، وأنشأنا كتيبة من المتطوعين مع أنه ما صارشي حرب.
أحمد منصور:
نعم، في الأردن.
بهجت أبو غربية:
فبنشكل قوة، رفض طلبنا، بعد الضغط وغيره قبل طلبنا، وشكلت اللجنة، وبطلب مني أعطيني ضابط من الجيش للجنة، أعطيني ضابط من الأمن للجنة، ضابط الأمن هو سكرتير اللجنة يكتب محاضرها لكل الجهات.
(9/6)
ووقعت الحرب، ولم أستلم رصاصة واحدة يوم الحرب، مساء قدموا لي 200 قطعة مع أنه كانوا -نظريا-قايلين: موافقين لك على 5 آلاف قطعة مع ذخائرها للقدس وقراها.. أثناء القصف على القدس والمدفعية والطيران استلم 200 قطعة سلاح، وكيف يمكنك توزعها؟ صار شيء مرتجل تماما، وتاني يوم الصبح كان اليهود قد دخلوا بعض مناطق القدس فالجيش.. الجيش لم يوضع -في رأيي- في وضع تعبوي حربي.
أحمد منصور:
الأردني تقصد.
أبو غربية:
الأردني، مع أنه قيل: إنه وضع في وضع تعبوي، أنا لست يعني مش عسكري فعلا، لكن أنا شايف ايش اللي بصير، وأنا عندي فكرة: كيف يوضع الجيش في حالة تعبوية. بيتجمع في المناطق البي يبدأ يتحرك منها، وتكون هناك قوة احتياطية.. لكن يكون منتشر مثل الخيط على الحدود، وحتى القوة الثقيلة بعض الشيء يعني بعيدة، وفي الأمام قوات يسموها (حرس وطني)للفلسطينيين أسلحة خفيفة ما تقاومشي شيء.
أحمد منصور:
وضعكم كفلسطينيين كان إيه أثناء المعركة؟
بهجت أبو غربية:
المعركة كانت صريحة، أنت عارف.
أحمد منصور:
أنت كنت في القدس وقتها؟
بهجت أبو غربية:
نعم، كنت في القدس.
أحمد منصور:
كيف خرجت من القدس؟
بهجت أبو غربية:
وحاولنا، وزعت سلاح دوله الماتين قطعة من السلاح، وكنت موعود ليلتها وثاني يوم يجيني ما جاش، وبعض الشباب اللي يعني كنا منظمين، احنا كنا منظمين لكن ما دربناهمش، ما سلحناهمش.
فيه مجموعة رحت لها نص كانوا عم بينظفوا الشحم من البنادق، والساعة 6 صباحا وصلوهم اليهود، وبعض الشباب استشهد يعني في القدس من اللي حملناهم سلاح.
أحمد منصور:
خرجت من القدس في 67؟
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
في أي يوم خرجت؟
أبو غربية:
بعدما احتلوا اليهود معظم القدس، ما كانش عندي إمكانية، والقوة اللي هي وزعنا عليها 200 قطعة سلاح ما كانتشي باينة ما كان لها تأثير أنو نقاوم.
أحمد منصور:
(9/7)
كان عندك استعداد أن تعيد أمجاد 48 في مواجهة اليهود؟
أبو غربية:
100% لو أتيح لنا، لما أنا باطلب 5 آلاف قطعة سلاح كان ممكن حتى كثير بصير نقاش بيني وبين بعض الإخوان أصدقائي يعني من ضباط الجيش ويقولوا لنا: لو أعطوكم سلاح ما كانش تغيروا في مجرى المعركة هذا بيقولوه.
باقول لهم: استنوا شوية، احنا في 48 صمدنا 5 أيام غيرنا في مجرى المعركة، في القدس، لو حصلت على 5 آلاف قطعة سلاح كان ممكن نصمد 5 أيام على الأقل في البلدة القديمة.. ممكن تحدث هدنة، ممكن يحدث وقف إطلاق نار، يكون جزء من البلد ما زال معنا كما حصل في الـ48.
أحمد منصور:
وقعت هزيمة 67 وبدأت مرحلة جديدة من مراحل الكفاح الفلسطيني، استقال أحمد الشقيري من رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في 24 ديسمبر 1967، عقد مؤتمر الخرطوم قبله في 29 أغسطس 1967.. شاركت في مؤتمر الخرطوم؟
أبو غربية:
لا.. بس كنت عضو في اللجنة التنفيذية.
أحمد منصور:
كنت عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أسباب استقالة الشقيري أيه؟
بهجت أبو غربية:
يعني الأسباب كثيرة.
أحمد منصور:
أهمها؟
بهجت أبو غربية:
أهمها يا سيدي أنه الشقيري صار في وضع نفسي مضطرب.
أحمد منصور:
بسبب؟
أبو غربية:
بسبب أولا: الخلاف في مؤتمر الخرطوم، أوجد بينه وبين القيادة المصرية نوع من الجو غير الإيجابي، لأنه الوفد الفلسطيني في مؤتمر الخرطوم انسحب من المؤتمر احتجاجا على ما كان جاري، والمؤتمر قراراته لو راجعنا الآن، ما فيش وقت كافي أننا نتحدث فيها- كانت خط تراجعي بالنسبة لما كان قبل الحرب.
(9/8)
طبعا الحرب تفرض مقتضيات، الهزيمة تفرض مقتضيات أن موضوع البترول يمشي كذا، أشياء كثيرة يعني، وفوض الملك حسين بأن.. يعني فوض بأن يفاوض اليهود، وإذا أمكن أن يصل إلى حل ضمن(اللاءات) الثلاثة، هذي الشقيري كان طبعا لا يقبلها، واشترط أنه إذا وافقنا نحن الفلسطينيين. يعني كان الجو العام قرارات الخرطوم فيه خلاف، هذا أحدث جو بيننا وبين القيادة المصرية..
أحمد منصور:
هل استقال الشقيري أم أقيل أم كانت هناك ضغوط على الشقيري؟
بهجت أبو غربية:
الشقيري -في الحقيقة- اختلف معنا احنا.
أحمد منصور:
على أيه؟
بهجت أبو غربية:
في تلك الفترة كان عنده معلومات، تبين بعدين هذي معلومات، انواحنا ما كناش عارفينها كأعضاء لجنة تنفيذية، في تلك الفترة، وهذه الآن فيه كتاب لـ(هيكل) نحن كنا نسمع بها هو دونها، هيكل في تلك الفترة.
أحمد منصور:
مفاوضات السلام بالأجزاء الثلاثة نعم.
بهجت أبو غربية:
ياسر عرفات قابل عبد الناصر، وقدم هيكل قيادة (فتح)لعبد الناصر بديل للشقيري ولنا.
وحاول الشقيري أنه يعمل لقاء بينه وبين فتح في ذلك الوقت، فتح أخذوا الشرعية، يعني هذا ما كناش عارفينه، ثم تبين فسلك معنا احنا كلجنة تنفيذية سلوك عصبي جدا.
أحمد منصور:
ولم يخبركم بما كان يعرفه.
بهجت أبو غربية:
أنا ما بقدرش أعرف لأي مدى كان عارف هذه المعلومات، لكن بتصور أنه كان عنده علم.
أحمد منصور:
على أي أساس تم اختيار (يحيى حمودة) خليفة للشقيري؟
بهجت أبو غربية:
احنا طلبنا أن يستقيل يعني، أصلا بدأ الخلاف أنه قرر فصلي أنا من اللجنة التنفيذية.
أحمد منصور:
لماذا؟
بهجت أبو غربية:
في جلسة صار حوار حاد جدا بيني وبينه.
أحمد منصور:
على موضوع؟
بهجت أبو غربية:
(9/9)
على موضوع قوات التحرير الشعبية، كان فيه اشي اسمه قوات التحرير الشعبية نحن شكلناها، قوات فدائية غير جيش التحرير، لأن جيش التحرير كان مقيدين احنا فيه بالأركان العرب، لكن قوات التحرير الشعبية أنشأنا قوة مسلحة، وبدنا ننشيء في الداخل قوة مسلحة وأدخلنا ضباط إلى الداخل، أنا كنت العضو الوحيد من اللجنة التنفيذية في قيادة الـ..، والباقي كلهم ضباط يعني، فالشقيري حل القيادة، وعين قيادة جديدة، ووضع نفسه قائد لقوات التحرير الشعبية بالإضافة إلى صلاحيات كذا وكذا كذا، فصار خلاف بيننا حول هذا الموضوع، إجراءاته فيما يتعلق بـ..
أحمد منصور:
على أي أساس اخترتم يحيى حمودة؟
بهجت أبو غربية:
يحيى حمودة لما احنا يعني قدمنا طلبنا من الشقيري أن يستقيل كنا 8 كنا حوالي 8، مش كل اللجنة التنفيذية.
أحمد منصور:
من 12.
بهجت أبو غربية:
من 12، حوالي 8، 8 بالضبط -أظن- فيحيى حمودة أحدنا، ولما استقال كان لا بد أن نختار، فاللجنة التنفيذية بمجموعها اجتمعنا، والطرف الآخر ظل مؤيدًا للشقيري مثل: حامد أبو ستة وخالد الفاهوم وغيرهما، هؤلاء كانوا معنا بعد ذلك.
وكان لا بد من نائب رئيس يعني فاخترنا يحي حمودة.
أحمد منصور:
يحيى حمودة، بعد ذلك أعلن (ياسر عرفات) رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية في العام 69 وأنت تركت عضوية اللجنة التنفيذية.. كيف تم التخطيط لإلغاء اللجنة القديمة وأن تكون حركة فتح هي الممثل الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية؟
بهجت أبو غربية:
(9/10)
احنا بعدما استقال الشقيري قررنا أن نشكل مجلس وطني جديد، وهذا كان خلاف برضو أحد الخلافات بينا وبين الشقيري، كان يتصور أن مجلس وطني جديد أن احنا بدنا نتخلص منه، فشكلنا مجلس وطني جديد بكل صعوبة، انعقد في تموز يعني شهر 7 سنة الـ68، وهذا المجلس يعني احنا كلجنة تنفيذية قصدنا أن يكون مشارك فيه كل التنظيمات الفلسطينية: أحزاب، منظمات إلى آخره، فدخلت فيه فتح بحجم لا بأس به، كانوا هم فاكرين حالهم عندهم أغلبية، هم وبعض الحلفاء وبعض المستقلين وجدوا أنه لا ما عندهمش أغلبية أغلبية.
فيعني نشطوا لحل هذا المجلس، وتشكيل مجلس جديد بعد 6 أشهر، بقينا احنا أعضاء اللجنة التنفيذية، وكلفنا نحن، لكن صار مش احنا اللي نشكل هم يدخلوا، وجهات أخرى تساعدهم.
أحمد منصور:
مين الجهات الأخرى؟
بهجت أبو غربية:
أعضاء مستقلين من المجلس الوطني.
أحمد منصور:
كانت علاقتكم أنتم بمصر ساءت بعد..
بهجت أبو غربية:
استقالة الشقيري.
أحمد منصور:
استقالة الشقيري.
بهجت أبو غربية:
لم يعترف فينا.
أحمد منصور:
لم يتم الاعتراف فيكم، وبالتالي سعت مصر لـ..
بهجت أبو غربية:
مثلا طلبنا مقابلة الرئيس عبد الناصر، ما حصلش، طلبنا يحيى حمودة يقابل الرئيس، ما كناش عارفين ليه، كانوا يقابلون ياسر عرفات والخط ماشي في جهة ثانية يعني.
أحمد منصور:
ليه تم استبعادكم واستبدال ياسر عرفات بكم؟
بهجت أبو غربية:
هي بيجي السؤال عكسي، ليش قَبِل ياسر عرفات يعني؟ يعني في ذلك الوقت كان لفتح دعاية قوية جدا، ومسموعات قوية، وكانت تتجاذبها السعودية وسوريا ومصر، وكذا يعني الكل عايز هي تكون إلى جانبه، ففي تقديري يعني أنه حتى تظاهروا على الأقل (ياسر عرفات وجماعته) أنهم أطوع للسياسة المصرية منا احنا، إذا كانت تريد اتجاه يمين أو شمال.
أحمد منصور:
علاقتك بياسر عرفات بعدها؟
بهجت أبو غربية:
(9/11)
التقينا في كثير من المراحل يعني، بصفة خاصة لما أنشئ العمل الفدائي في الأردن، ولما صارت معركة الكرامة، ولما قبل معركة الكرامة صار تطويق لقوات الفدائيين في (الغور) من قبل القوات الأردنية، قبل شهر من معركة الكرامة، وطبعا فيما بعد شكل في الأردن ما سمي بقيادة الكفاح المسلح، وكنت عضو فيها.
ففترة العمل الفدائي في الأردن يعني -خليني أقول من أوائل الـ 68 لحد الخروج من الأردن- كان نلتقي في قيادة الكفاح المسلح.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أتناول معك معركة الكرامة، ودورك في قيادة الكفاح المسلح الفدائي في الأردن بعد العام 68 وصولا إلى (أوسلو) و(مدريد)، وما يحدث الآن.
بهجت أبو غربية:
موضوع مدريد موضوع غير الكرامة يعني خط آخر.
أحمد منصور:
نتناوله في الحلقة القادمة، أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل بهجت أبو غربية أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(9/12)
الحلقة9(9/13)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:55(مكةالمكرمة)،19:55(غرينيتش)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
بهجت أبو غربية
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل (بهجت أبو غربية) أبرز المناضلين الفلسطينيين خلال السبعين عاما الماضية.
أستاذ بهجت: مرحبا بك..
بهجت أبو غربية:
أهلا وسهلا
أحمد منصور:
بدأت مراحل الكفاح المسلح بعد هزيمة العام 67، وكنت أنت عضوا في قيادة الكفاح المسلح في الأردن..الفلسطيني في الأردن، في بداية العام 68 وتحديدا في مارس 68 وقعت معركة (الكرامة) التي تعد من المعارك القليلة والنادرة التي انتصر فيها العرب على الإسرائيليين..ما هي الإرهاصات التي سبقت معركة الكرامة بالنسبة للعمل الفدائي؟
بهجت أبو غربية:
قبيل معركة الكرامة في شهر 2/ كان فيه مؤشرات يعني أن النظام الأردني لم يعد راضي عن وجود فدائيين، 68 شهر 2/68وحصل بعض التطويق لمواقع الفدائيين في الكرامة أوغيرها، ومضت بخير يعني، لكن طلب منا مثلا، احنا كان عندنا قوات التحرير الشعبية، جزء منها كان في كتيبة لجيش التحرير اسمها كتيبة (القادسية) كانت مؤسسة في العراق، وكانت في الأردن، دخلت وقت الحرب 68 في 67، وكانت ملحقة بالجيش العراقي، أي مسؤولية قيادتها بالجيش العراقي، كنا واخدين منها قسم للغور، طلبوا منا -من قيادة الجيش العراقي- أن نسحب القوات على أساس أن الجيش العراقي مرتبط بالقيادة الأردنية، نسحب القوات هذه، فالجيش العراقي كان يعني متعاون، وبدلا من أن نسحب القوات من الغور احنا نزلنا ناس جديد كمان، فكان لمنظمة التحرير مباشرة مجموعة في الغور.
أحمد منصور:
عددهم كم تقريبا؟
بهجت أبو غربية:
(9/14)
حوالي 120 شاب في الغور عند الكرامة في الدرجة الأولى، وكانت هناك مواقع أخرى في (المشارع) وفي (وقاص) وفي مواقع أخرى في الغور، وكان في ذلك الوقت كل الفدائيين في الغور يعني، مع أنه كانت لا تزال في طور البداية في أول 1968م، فكان هذا يعني مؤشر مزعج، على أي حال..
أحمد منصور:
إيه السبب إيه السبب الذي يجعلك تقول الآن بأن النظام في الأردن لم يكن لديه رغبة في وجود المقاومة على أرضه؟
بهجت أبو غربية:
كانت فيه كثير من المؤشرات، وكانت فيه تعبيرات وخطب، وكلمات تلقى، اتصالات.
أحمد منصور:
ممن؟
بهجت أبو غربية:
من النظام.
أحمد منصور:
بسبب إيه؟
بهجت أبو غربية:
كانت فيه شكوى من نوع من الإساءة إلى النظام العام، والاعتداء على حرية الناس، وما شابه ذلك، وأن فيه تسيب يعني في العمل الفدائي.
أحمد منصور:
وهذا كان واقع أم لا؟
بهجت أبو غربية:
كان واقع إنه كان فيه تسيب، نعم، ولكن الحقيقة: الأمر في كثير من الأحيان الأمر كان مدسوس، حتى يزيد التسيب، ويتخذ ذلك مبررا.
أحمد منصور:
لكن في النهاية لا بد للنظام من أن يحفظ هيبته، وأن يكون هناك نظام واحد، وليس نظامان.
بهجت أبو غربية:
بطبيعة الحال يعني وجود قوتين مسلحتين في دولة واحدة أمر صعب، ويحدث نوع من الارتباك، لكن كانت الظروف في ذلك الوقت قائمة، عدوان 67 على الدول العربية، وهزيمة الجيوش العربية كانت تضطر الحكام يعني أنهم يردوا بشكل أو بآخر، وجاء العمل الفدائي نوع من الرد، ونوع من ستر ماء الوجه، فكان فيه تأييد، وكان الملك يقول إنه الفدائي الأول، لكن عمليا كان مثلما تفضلت كان صعب على الدولة أن توافق على وجود قوتين عسكريتين في نفس البلد، إنما كان هناك تقبل، الشعب متقبل، والجيش الأردني متقبل، لكن الدولة كدولة، النظام كنظام كان غير راضٍ.
أحمد منصور:
(9/15)
لو جئنا إلى معركة الكرامة باعتبارها من المعارك التي اشترك فيها الجيش الأردني بشكل أساسي ورئيسي مع قوات الفدائيين بالدرجة الأولى، في تصورك.. لماذا خططت إسرائيل لهذه المعركة؟
بهجت أبو غربية:
أولا: أحب أن أقول للجميع يعني، أن معركة الكرامة يساء إليها ببعض التصريحات التي تقول أن الفدائيين وحدهم قاتلوا في معركة الكرامة، أو التي تقول أن الجيش الأردني وحده قاتل، هذا غير صحيح، كانت معركة مشتركة ودم مشترك.
أحمد منصور:
هذا هو ما ذكره الفريق/ مشهور حديثة وكان هو قائد القوات العسكرية الأردنية التي دخلت المعركة وأدلى بشهادته وأذعناها على الناس جميعا.
بهجت أبو غربية:
نعم، لكن شيء من التفاصيل حول الموضوع، كان عندنا معلومات يعني قبل دخول الجيش اليهودي إلى الضفة الشرقية بيومين أو 3 بأن هناك حشود في (أريحا) وبأن احنا مستهدفين، وبالفعل يوم المعركة من الساعة الخامسة صباحًا بدأت القوات اليهودية تجتاز النهر من 3 مواقع، 3 جسور: جسر سويمة، جسر الملك حسين، جسر داميه، 3 جسور، وقوات مدرعة ومشاة، وقوات مظليين تنزل على التلال خلف الكرامة، فكان واضح أن العملية عملية بوليسية، وليست عسكرية بمعنى أنه مش من المفروض أن نبعد هؤلاء، لا، الموضوع أن نطوقهم ونبيدهم أو نعتقلهم، فأصبحت معركة حياة أو موت، واستمات الشباب في الحقيقة، وكانوا مستعدين، ألغام كثيرة، وقنابل يدوية كثيرة و (آر بي جيه) ضد الدروع كثيرة ودارت معركة حامية.
أحمد منصور:
عدد الفلسطينيين كم تقريبًا كان فيها؟
بهجت أبو غربية:
يعني يصعب علي أن أقدر لكن تقريبا.
أحمد منصور:
أنت قلت كان هناك 120 شاب.
بهجت أبو غربية:
تقريبا تقريبا يعني إحنا قوات التحرير الشعبية كان عندنا حوالي 200 إنسان أو 150، وكان (فتح) عندهم مش أقل من 200 إلى 300 وآخرين، وآخرين أحمد جبريل والقوى الشعبية والخ.
أحمد منصور:
(9/16)
هل كان لهذه المعركة أن تنجح في صد الهجمة الإسرائيلية، وتسبب الخسائر الفادحة في المدرعات وفي الأفراد وفي غيرها بدون تدخل الجيش الأردني ومدفعيته؟
بهجت أبو غربية:
هو اللي حصل يعني أن إيقاع الخسائر الكبيرة في اليهود، حصل من مدفعية الجيش الأردني يعني، لكن كثير من المدرعات أو الدبابات دمرت بـ (الآر.بي.جي) أيضا، (الآر.بي.جي) سلاح فدائيين، سلاح ضد الدروع، سلاح فعال عالمي، فأرجع وأقول بأنه كان القتال مشترك، لكن الملاحظة الهامة أن اشتراك الجيش الأردني جاء بعد الساعة العاشرة.
أحمد منصور:
الفريق مشهور حديثة يقول غير ذلك، ويقول إنه لم ينتظر أوامر لإطلاق النيران وإنما بعد صلاة الفجر أبلغ من ضابط الاستطلاع عنده بأن هناك هجوم فأعطى أوامر بالإطلاق، وأن عملية تدمير القوة الإسرائيلية كانت إلى الظهر تقريبا كان الجيش الأردني والفدائيين تمكنوا من صد الهجمة بشكل أساسي.
بهجت أبو غربية:
إلى الظهر.. صحيح.
أحمد منصور:
لكن وقف إطلاق النار، أو القتال توقف عند الثامنة مساء.
بهجت أبو غربية:
طبعا، طبعا.
أحمد منصور:
لكن القول بأن الهجمة بدأت الساعة الخامسة، والجيش الأردني لم يتدخل إلا بعد 5 ساعات، معناها أن الجيش الإسرائيلي قد وصل إلى عمان إذا لم يكن الجيش الأردني قد تدخل؟
بهجت أبو غربية:
لا، الجيش الإسرائيلي كان محدد هدفه وواضح هدفه وهو القضاء على الفدائيين.
أحمد منصور:
كان في خلال 5 ساعات استطاع أن يقضي على الفدائيين؟
بهجت أبو غربية (مؤكدًا):
(9/17)
ما استطاعش ما استطاعش..، لكن عمليا عمليا قتل عدد كبير وأسر عدد كبير، أما ما ساتطاعش أن ينهي المعركة خصوصا يعني أنه في اللحظة الحاسمة تدخل الجيش الأردني. مشهور صديقي وأخي، طبعا هذا الذي يقوله، وأنا أفسر ما يقوله مشهور حديثة، للجيش الأردني كان في الغور يعني مش في المحاور، في الغور كان فيه وحدات استطلاع، فيه وحدات مراقبة، هذه اشتبكت من البداية نعم، وهذه الوحدات ما عندهاش إمكانيات أنها تصد هجوم، هذه تشاغل، وتنقل معلومات للخلف، هذه اشتبكت منذ البداية.. صحيح، لكن الاشتباك الحقيقي بالمدفعية، والذي كان فعال ومؤثر، أنا عايشت المعركة كانت في الساعة العاشرة.. هذه شهادتي على الأقل، وهذا الكلام حدث بيني وبينه في أكثر من حوار.
أحمد منصور:
وهذه تناقض شهادة الكثير، وربما كثير من المراقبين للمعركة أيضا يعني لا يتفقون معك، لأن الجيش الأردني لو تدخل في وقت متأخر بهذه الطريقة ما استطاع أن يحقق نصر في المعركة الوحيدة التي استطاع الأردنيون أن يحققوا فيها نصرا على الإسرائيليين.
بهجت أبو غربية:
لا، لا، لا، اللي ساعد الجيش الأردني أن اليهود كانوا كاشفين قواتهم الدروع، ومش حاسبين حساب حد، لما بدأت المدفعية تقصف، والمدفعية الأردنية في المحاور مدفعية يعني ثقيلة ومركزة على نفس الخط اللي فيه الجيش اليهودي، فكان القصف فعال.
أحمد منصور:
أثر معركة الكرامة إيه على الفلسطينيين، على الفدائيين، على العمل الفدائي بشكل أساسي؟
بهجت أبو غربية:
(9/18)
أول أثر الحقيقة أنه ارتفعت معنويات الناس، رغم أنه كانت فيه خسائر، يعني عندنا في قوات التحرير الشعبية كان عندنا 21 أو 23 شهيد وفي فتح كان حوالي 98 شهيد، وفي الجيش الأردني يمكن أكثر حتى، العدد أنا لا أعرفه بالضبط، أما في عدد كبير يعني، هذه، رغم الخسائر كانت المعنويات مرتفعة، واليهود أسروا أعداد كبيرة، المنطقة اللي طوقت من العمل الفدائي، اللي هيه نفس الكرامة، تقريبا أنهاها اليهود، لكن مع ذلك المعركة بسبب الإصابات اللي وقعت في اليهود وبسبب طلبهم الانسحاب، هم طلبوا الانسحاب، طلبوا -عفوا- وقف إطلاق النار، وما استطاعوا أن يسحبوا قواتهم إلا بعد وقف إطلاق النار، والعالم العربي يعني، انتشى من هذه المعركة وارتفعت المعنويات، لأن معنى هذا أن الجيش اليهودي مش جيش لا يقهر، لكن المشكلة أن الجيش اليهودي وخطته، احنا عندنا ضابط من قوات جيش التحرير الفلسطيني وضع دراسة عن كل حروبنا مع اليهود تؤكد أنه في كثير من الحروب لم يجر اشتباك..اليهود يضربوا بالطيارات، يضربوا بالمدفعية ننسحب، أما في الوقت اللي صلر مثلا في العريش صار، في الكرامة صار اشتباك، كل اشتباك والتحام بين الطرفين كنا نحن الذين نكسب.
أحمد منصور:
يعني دائما كما يقول أحد العسكريين المصريين: إن الجيوش العربية لم تتلق دائما أوامر بالهجوم، وإنما كانت معظمها أوامر بالانسحاب أو كلها.
بهجت أبو غربية:
أنا أقول شيء آخر، ما عنديش تفاصيل التعليمات للجيوش يعني من قبل قياداتها.
أحمد منصور:
الواقع.. الواقع.
بهجت أبو غربية:
(9/19)
على أي حال، اليهود كانوا دايما يتفوقوا بأنهم يأخذو الضربة الأولى، يتفوقوا بأن عندهم سلاح جو متفوق، يتفوقوا بأن لديهم تعبئة، نظام تعبوي في خلال 48 ساعة يكون جيشهم 60 ألف، يصير نصف مليون، 400 ألف، أو نصف مليون، فيصبح عدد القوى البشرية أيضا، واللي هي الميزة الرئيسية عند العرب معكوسة، عدد القوى البشرية اللي يرموها في الميدان أضعاف.. فيستطيع اليهود أنهم يهزوا الجيوش العربية، ويجعلوها تنسحب.
أحمد منصور:
بدأ التوتر على الساحة الأردنية ما بين قوات الفدائيين وما بين الحكومة الأردنية يتصاعد، ووصل ذروته في يوم 4/11/ 1968م حينما وقعت قضية أو مشكلة (الطاهر دبلان).. ما هي الأخطاء -بشفافية- التي ارتكبها العمل الفدائي، وأوصل بها الأمر إلى المواجهة مع النظام الأردني؟
بهجت أبو غربية:
يعني أستطيع أن أقول أن النظام الأردني هو الذي كان حابب يشتبك مع العمل الفدائي.. وأمري إلى الله.
أحمد منصور:
كيف؟ كيف؟.
بهجت أبو غربية:
واتخذ من تنظيم الطاهر دبلان حجة ومدخل مع أنه ثبت بالمحاكمة أن الطاهر دبلان قدم للمحكمة العسكرية، وشهد عليه 2 من تنظيمه كانوا معتقلين شهدوا في المحكمة بأنهم كانوا مخابرات أردنية، مخابرات مدسوسين عند الطاهر دبلان نفسه، الذي اتخذ مبررا لإجراءات 4/11/1968م، وفي 4/11 نزل الجيش الأردني إلى الشارع، وفرض منع التجول، وأطلق النيران بغزارة، معظمها في الهوا، لكن أطلق ناس، في الوحدات أطلقت مدفعية.
أحمد منصور:
للحفاظ على هيبة الدولة التي بدأتم تهزوها.
بهجت أبو غربية:
(9/20)
معليهش، الوسيلة بتتختلف، يعني احنا ما كان معنا كقيادة كفاح مسلح أي بحث في الموضوع، وفي ليلتها بالذات جابوا ناس من فتح أبا إياد وآخرين، ويمكن ياسر عرفات أيضا قالوا لهم: احنا بدنا نقوم بعملية ضد الطاهر دبلان، أنتم غير مقصودين، وأنتم الفدائي الشريف، وهذا الفدائي غير الشريف، ولكن عندما بدأ التحرك العسكري أكبر عدد قتل من فتح، هذا اللي حصل، وصار يعني اشتباك مع مخيم الوحدات، وكانت هناك ميليشيات مسلحة.
أحمد منصور:
لكن أيضا عمليات الاستفزاز التي كانت تقوم بها بعض أطراف المقاومة الفلسطينية كان لها دور فيما حدث؟
بهجت أبو غربية:
أنا قلت نعم، أنا قلت نعم، لكن كان هذا يتخذ..
أحمد منصور:
لا سلطة فوق سلطة المقاومة، أنت ضيف في دولة، أنت ضيف هنا في دولة، لا بد أن تحترم نظامها وحكومتها، لا أن تعاديها ولا أن تفرض سلطتك فوقها؟
بهجت أبو غربية:
أولا: أنا مش ضيف، والعمل الفدائي كان عمل فلسطيني وعربي، وكان في قيادة الكفاح المسلح..
أحمد منصور:
في الآخر فيه دولة يا سيدي؟
بهجت أبو غربية:
في قيادة الكفاح المسلح كان الشعب الأردني مشارك.. و(ضافي جمعان) حيٌ يزرق.
أحمد منصور:
في الآخر توجد دولة، يوجد نظام، توجد حكومة؟
بهجت أبو غربية:
ما اختلفنا، هنا حكومة وهنا نظام.
أحمد منصور:
أنتم عملتم حكومة داخل الحكومة.
بهجت أبو غربية:
ما حاولنا أن..
أحمد منصور (مقاطعًا):
دولة داخل الدولة.
بهجت أبو غربية:
ما حاولنا نعمل سلطة، إنما كان هناك وجود مسلح.
أحمد منصور:
ألم يكن عندكم سجون، وكان عندكم محاكم، وكان عندكم اعتقالات.. وكذا؟
بهجت أبو غربية:
للضبط والربط.
أحمد منصور:
طيب دولة داخل الدولة.
بهجت أبو غربية:
لا، لا، طيب أنا مثلا كان عندنا تنظيم، ما كنا نعتقل إنسان إلا إذا كان عضو من أعضاء تنظيمنا أساء التصرف، وطبعا كنا نحاكمه إن قصر.
أحمد منصور:
(9/21)
كل هذه الأشياء أدت إلى اندلاع أحداث أيلول 1970.
بهجت أبو غربية:
هذه كانت السبب، اختلال الأمن كان سبب، لكن أنا أقول بأنه كان النظام يحاول أن ينهي وجود العمل الفدائي.
أحمد منصور:
لمصلحة من؟
بهجت أبو غربية:
لمصلحة النظام.
أحمد منصور:
يعني هنا العمل الفدائي تعارض مع النظام.
بهجت أبو غربية:
طبعا، طبعا.
أحمد منصور:
لمَ لمْ يسعَ الفدائيون للبحث عن أرض أخرى.. طالما أن العرب هم الذين أقروا وجودكم هنا؟ لماذا لم تسعوا إلى البحث عن أرض أخرى للمقاومة؟
بهجت أبو غربية:
أولا: الضفة الغربية والأردن كانت وحدة، وهذا بلد واحد، وأغلب المناضلين كانوا من الفلسطينيين اللي في الأردن، ومن الأردنيين نفسهم.
أحمد منصور:
اعتقلت في أيلول، ذهبت إلى مصر والتقيت مع الزعماء العرب أنت وأبو إياد.. يعني أحداث أيلول نستطيع أن نقول أنك كنت أحد القيادات الفلسطينية التي عاشتها من الألف إلى الياء. ما هي الإرهاصات التي سبقت اندلاع هذه الأحداث؟ ألم يكن هناك مجال لاستيعاب الأمور وعدم اندلاع المواجهة؟
بهجت أبو غربية:
الذي حصل يعني قبل أيلول أنه بدأت المشاكل تزداد خليني أقول يعني.
أحمد منصور:
بسبب؟
بهجت أبو غربية:
من يوم 4/11 بدأت
أحمد منصور:
68؟
بهجت أبو غربية:
68.. بدأ يصير حقد، يعني لما يصير اشتباك إلا ينقتل ناس من هذا الطرف وناس من هذا الطرف، وتتوتر الأجواء، يعني قتل، وشيء فشيء صار يتصاعد، صار يتصاعد، والجيش يعني بالطبع لما يقتل زميل إله بده يتوتر، الفدائي كذلك، فالأمور تصاعدت في الحقيقة ووصلت لدرجة كان متوقع صدام بين الجيش الأردني والفدائيين. كان صار متوقع...
أحمد منصور:
ما سعيتم كقيادة كفاح مسلح للتفاوض مع..؟
بهجت أبو غربية:
سعينا أكثر من مرة، وتفاوضنا مع الملك بالذات ومع رئاسة الأركان.
أحمد منصور:
جلست مع الملك؟
بهجت أبو غربية:
أكثر من جلسة.
أحمد منصور:
(9/22)
ماذا كان يدور في الجلسات التي سبقت اندلاع أحداث أيلول؟
بهجت أبو غربية:
يعني أكثر شي كان النظام يشكو من اختلال الأمن، ونحن كنا نصدر رأسا تعليمات لنوع من الضبط والربط للقوات الفدائية بحيث أن نتجنب ذلك، لكن يوما ما مثلا في السبعين، صدرت الحكومة الأردنية بيان أصدرت بيان فيه 11 أو 12 نقطة تطالب بدون ما تتفاوض معنا، تطالب الفدائيين أن يلتزموا بها، مثلا لما يسموها نقاط يعني فيها خروج على القانون التزموا بالقانون، بدك تعقد اجتماع لازم تأخذ إذن حسب.. كأنه صار أمور الاجتماعات شيء..
أحمد منصور:
البلد بلدكم.
بهجت أبو غربية:
ما عدش فيه يعني.. بدك تجمع تبرعات ممنوع، بدك تاخد إذن، الآن هذه الأيام أيام الأمن، أي واحد بده يجمع تبرعات بده إذن، كنا نجمع تبرعات طبعا بدون إذن، اثنين : ممنوع حمل السلاح.
أحمد منصور:
داخل المدن.
بهجت أبو غربية:
داخل المدن؟ لا، ليس هناك تخصيص، ولكن طبعا المقصود داخل المدن.
أحمد منصور:
المهم صار تفاوض بينكم وبينهم حول هذه الشروط وهذا ما حدث.
بهجت أبو غربية:
هذه الـ11 نقطة، نحن مجرد ما أعلنها النظام، إحنا صدرنا ثاني يوم وقبل أن نتفاوض معهم سميناها المبادئ أو التعليمات الانضباطية، فيه أشياء منطقية مثلاً جمع التبرعات وأن تحمل السلاح.. الخ منعناها، وصدرنا أمر بمنعها الأصح، لأننا لم نستطع تطبيقها للأمانة، بالشكل الكافي، واجتمعنا بعدين مع الحكومة، مع الحكومة بالذات، وطبعا الحكومة كان يحضر معها الجيش والمخابرات.. الخ، وسحبت أكثر من مرة يعني جرى التفاوض، ويصير نوع من التسكين.
أحمد منصور:
قبل اندلاع أحداث أيلول وقعت حوادث خطف الطائرات من جماعة (وديع حداد)، عملية احتجاز الصحفيين في فندق (الإنتركونتيننتال) هنا في عمان، هذه العمليات قام بها فدائيين، وكانت تقصد إلى هز صورة الحكومة الأردنية، يعني عملية الاستفزاز لاندلاع أحداث أيلول كانت من طرفكم أنتم؟
(9/23)
بهجت أبو غربية:
هو يعني فيه قاعدة في عمليات القتال، يعني أنا مثلا باحث مع جماعة حركة التحرير الجزائري، ونوع من المقارنة، فحركة تحرير الجزائري كانوا يقولوا: احنا حركتنا نجحت –ثورة الجزائر- لأن الدول المجاورة: تونس -بالتحديد- والمغرب تحملت مسؤوليتها التي تترتب عليها في مقابل هذا الكفاح، لكن هنا بالنسبة لكم كفلسطينيين ليس هناك من هو مستعد أن يتحمل أعباء، وما يترتب على هذا الكفاح.
فاحنا كنا نكافح لنقاوم اليهود، ولنقاوم الاحتلال، لكن طبعا هذا إله أعباء، أنا مرة واحد زرت قاعدة من قواعدنا، واحد يطلب مني أن أنقله من القاعدة -وهذا الحكي في الجولان مش في الأردن- فقلت له: لماذا؟
فقال لي: لأن أهل (الخربة) وهي قرية صغيرة لا يريدوننا، قلت له يظهر أنكم تسيئون السلوك، قال لي: لا والله نحن لا نسيء السلوك، لكن أنا أقول لك ليش؟ قبل يومين جاءت دورية من جماعتنا -جبهة النضال- وقطعت الوادي، وهاجمت مستعمرة يهودية، مجرد ما أطلقوا عليها نار، بدأت تقصف مدفعية على (الخربة) وقتلت بقرة، فصاحبة البقرة كل يوم تسبنا، فالحرب لها أعباء، وأحيانا بعض الدول التي تكون نظامية وجيشها نظامي ويقاتل تهزم من داخل الدولة، لأنه تصير أعباء على الناس على المدنيين ما بيتحملوهاش، مثلا: مافيش وقود، أو أكل، وهناك شهداء، وهكذا.. فالأردن..
أحمد منصور:
لكن الوضع كان فيه تعبئة عامة مؤيدة للكفاح الفلسطيني في ذلك الوقت شعبيا.
بهجت أبو غربية:
كان فيه في الأردن استعداد نفسي شعبي لمرحلة.
أحمد منصور:
لكن بعض الفصائل الفلسطينية هي التي خربت عليكم كفاحكم؟
بهجت أبو غربية:
يا سيدي كان فيه أعمال يعني، غير مسؤولة أو أعمال تسيب نسميها، أعمال إخلال بالأمن، لكن كمان مرة باقول: هذا ليس هو السبب الوحيد، النظام من فترة.. وأنا باعتبر من شباط شهر 2/68 كان في ذهنه أن يصفي العمل الفدائي، وهذا شعوري.
أحمد منصور:
(9/24)
اندلعت أحداث أيلول في النصف الثاني من سبتمبر 1970م.
بهجت أبو غربية:
أيلول كانت خطة منظمة والجيش ماخذ مواقعه، وعندنا خريطة، وكل وحدات الجيش اللي حول عمان، وكان واضح أن فيه حرب.
أحمد منصور:
اعتقلت بعد 4 أيام من اندلاع المعارك؟
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
من الذي اعتقلك؟
بهجت أبو غربية:
احنا يوم أن بدأ القصف، البداية كانت قصف مدفعية، ثم تحرك، وصلنا إلى المكان اللي كنا فيه قيادة الكفاح المسلح مجتمعين، ووصلنا نوع من القصف وكذا، فتفرقنا في بيوت مجاورة في جبل (الحسين)، ففي بيت من البيوت صدف.. صدفة يعني توزعنا بشكل غير مقصود، في البيت اللي كنت فيه كان (إبراهيم بكر) وأنا و(أبو إياد) و(أبو اللطف) 4 في بيت واحد، ووصل الجيش، وصار حولنا بعد يومين ثلاثة صار عندنا، وحول البيت اللي نحن فيه، وأهل البيت اللي نحن فيه صاروا منزعجين جدا، لأنه كان بالميكروفون ينادوا على فلان وفلان اظهروا، وكذا، وإذا ما ظهرتوش، البيت اللي أنتم فيه بننسفه، على أهله، فأصحاب البيت اللي كنا فيه صاروا في رعب، حتى إن سيدة منهم فقدت أعصابها، فقررنا أن ننتقل، لكن الجيش محتل المنطقة اللي احنا فيها بالذات.
أحمد منصور:
كنتم في أي منطقة في عمان؟
بهجت أبو غربية:
في جبل الحسين، فاللي حصل أنه أعلن رفع منع التجول لمدة ساعتين، لأنه كان فيه حظر تجول، حاولنا في فترة رفع منع التجول أن نخرج من البيت وننتقل إلى مكان آخر، وبمجرد خروجنا -والجيش موجود حولنا- اعتقلونا وأخذونا في البداية إلى معسكر جيش في (طبرقور) ثم إلى رئاسة المخابرات، وحدث معنا شيء من التحقيق البسيط.
أحمد منصور:
تحقيق أو تعذيب؟
بهجت أبو غربية:
لا، لا، بالعكس، عاملونا معاملة جيدة، خصوصا يعني في تلك الرحلة التي كنا فيها مسجونين في المخابرات، دخل الجيش السوري على شمال الأردن، وصار الوضع يعني مختلف تماما، وصار نفس النظام بده نوع من التسوية للأمور.
(9/25)
أحمد منصور:
مين اللي حقق معكم من المخابرات؟
بهجت أبو غربية:
ما صار تحقيق في الحقيقة، يعني إحنا: أنا شخصيا وأبو إياد وكذا، جلسنا جلسة واحدة مع مدير المخابرات في ذلك الوقت -ناسي اسمه-، وبعدين صار شبه تفاوض.
أحمد منصور:
على ماذا كان التفاوض؟
بهجت أبو غربية:
لوجود الكلام اللي كان يقال لحل وسط. حل وسط.
أحمد منصور:
كيف ذهبتم للقاهرة والتقيتم مع الملوك والرؤساء العرب؟
بهجت أبو غربية:
هو اللي حصل أن المعارك كانت حامية في (عمان) وعقد مؤتمر قمة في (القاهرة)، مؤتمر القمة في القاهرة أرسل وفد إلى الأردن، والوفد كان على رأسه (النميري) ووزير خارجية الكويت، والفريق صادق، الحاصل الوفد جاء واجتمع مع الحكومة لإيجاد يعني تسوية أو حل أو وقف إطلاق نار، أو ما شابه ذلك، وبدون علم يعني الثلاثة اللي أخذوهم، اللي هم الأستاذ إبراهيم بكر وأبو لطف فاروق القدومي وأبو إياد أخذوهم للقصر يعني، ويبدو بقدر ما أتذكر -أنه كان الرئيس عبد الناصر طالب من الفريق صادق والوفد العربي اللي جاء إنه يجيبوا لنا -يعني كان عندهم خبر أننا في السجن-. إنه يجيبوا ناس منهم حتى يصير مجال للأخد والعطا معاهم بالذات، مش بس الدول العربية تبحث، يكون البحث مع نفس الفدائيين. فأخذوهم أولا إلى القصر، وبعدين أخدونا للمطار، أنا ما رحتش للقصر، بس لما راحو للمطار أنا أخذوني من المخابرات رأسا على المطار، في المطار بعد فترة يعني، جاء الوفد العربي ومعهم الثلاثة اللي هم: فاروق القدومي وإبراهيم بكر وهذا.. وأنا كنت الرابع، فركبونا طائرة الكويت، وعن طريق سوريا ولبنان على القاهرة، وحضرنا مؤتمر يعني جلسة لمؤتمر القمة.
أحمد منصور:
ماذا دار في القاهرة بينكم وبين الملوك والرؤساء العرب؟
بهجت أبو غربية:
(9/26)
أخذنا مباشرة إلى القصر، وكان الوفود موجودة كلها..يعني الملوك والرؤساء، وجلسة قصيرة كانت يعني، وخلال الجلسة طلب منا الرئيس عبد الناصر ماذا تقترحون؟ ماذا تريدون؟ كنا عندنا احنا في خلال الطريق تشاورنا: ماذا نطلب؟ وماذا كذا؟ لكن، كان أبو إياد مكلف أن يقول فحب يستمهل، فقال: أعطونا مجال لنتشاور، فوافق الرئيس عبد الناصر، وقال: ماشي، وكانت الدنيا..الساعة متأخرة من الليل، أخذنا حسنين هيكل للأهرام، وتعشينا، وهناك طرح السؤال مرة ثانية.. ماذا تريدون؟ فكان طلبنا أنه فيه قتال وحرب في الأردن وأنتم في إذاعاتكم وتصريحاتكم في كذا تنتصرون لنا فقاتلوا معنا، وهذا كان طلبنا باختصار.
أحمد منصور:
يقاتلوا معكم.. ضد من؟
بهجت أبو غربية:
ضد الجيش الأردني -بصراحة- وهذا اللي كان الطلب.
أحمد منصور:
يعني مطلبكم كان أن القوات العربية أو الدول العربية تقاتل معكم ضد الجيش الأردني؟
بهجت أبو غربية:
نعم.
أحمد منصور:
إسرائيل فين يا سيدي؟
بهجت أبو غربية:
إسرائيل!! هذا موضوع إسرائيل يعني دائما..
أحمد منصور:
يعني في الآخر العرب، العرب الآخر، يتركوا كل شيء، ويقاتلوا بعضهم البعض؟
بهجت أبو غربية:
وحتى عندما نقوم بمظاهرة، يقولون لنا: إسرائيل الفزاعة ماذا تعمل؟ يعني قيد علينا دائما، على أي حال كانت معركة العمل الفدائي ناشبة، وقسم كبير -حتى- من الجيش الأردني كان مع الفدائيين، يعني عواطفه، حتى فيما بعد تبين أن كان بداخل الجيش الأردني عدد كبير متعاطف معنا.
أحمد منصور:
وأسسوا فيما بعد قوى للنضال..
بهجت أبو غربية:
فعلى أية حال هذا اللي طلبناه من هيكل.
أحمد منصور:
هل كان يمكن تحقيق هذا الطلب؟
بهجت أبو غريبة:
الواقع احنا كنا -طبعا- سلفا مقدرين بأنه لا يوافق على هذا الطلب، لكن..
أحمد منصور:
ماذا كان رد هيكل على طلبكم؟
بهجت أبو غربية:
(9/27)
ولكن كان غرضنا أن لا نقول الشيء اللي بفكروا فيه هم، هم خليهم يقولون الشيء الذي يفكروا فيه، نحن نفكر هكذا، أنتم تقدروا على أي شيء؟ نحن نحتاج كذا وكذا، وأنتم الذين أردتم، ولسنا نحن الذين طلبنا، هناك فرق، كانت هناك مفاوضات دائما، ونحن نعرف أن أحدًا لن يستجيب، لكن نحن لا نريد أن نقول اعملوا هدنة، هم ما الذي يستطيعونه؟ فلذلك أعدنا السؤال على هيكل، ما دام هذا لا تقدرون عليه أنتم ما الذي تريدونه؟ أنتم إيش تقترحوا، حتى نرد عليه السؤال، أكثر من جدية إنو تعالوا جيبوا جيشكم وقاتلوا.. جدية يعني ما كنا شاعرين إنو في جدية جدية في هذا العرض، خصوصا الرئيس عبد الناصر في الاجتماع لما كنا ما زلنا في القصر رمى نكته، وقال الريس القذافي كان عايز يعلن الحرب على الأردن.
فقلت له: لا، بلاش دي..
أحمد منصور:
القذافي كان قاعد؟
بهجت أبو غربية:
كان قاعدا بجانبه ويضع يده على رجله، الرئيس القذافي كان عايز يعلن الحرب على الأردن، فقلت له بلاش ده أحسن تودي الأربع كتائب بتوعك إلى الأردن فيأتي الأمريكان ويأخدوا منك ليبيا.. هذا واضح الجو كيف كان يعني، احنا لما نطرح أننا نريد أن تحاربوا معنا، بدناش احنا نقترح الشيء اللي في ذهنهم، هم يقترحون، ويتحملون مسؤوليته، فاقترح هو فورا عندما قلنا: ما الذي تريدونه؟ وما الذي تقدرون عليه؟ فقال: أن احنا وقف إطلاق النار، ونبعث مراقبين عسكريين، فقلنا له هذا مش عملي، هنا نار مشتعلة، هناك حرب، حرب حقيقية كانت في عمان، وفي جرش، وغيرها وفي إربد، فلما تبعث لي مراقبين عسكريين بيصير هم بدهم حماية، هؤلاء لا يستطيعون وقف إطلاق النار، مع ذلك، قلنا له: نعمل مشاورات، وذهبت أنا وفاروق قدومي رأًا مع الفريق صادق على الشام حتى نعمل مشاورات، ووصلناها الفجر، وطوال الليلة مضيناه طيران تقريبا، ووصلناها الفجر، وتشاورنا مع إخواننا في درعا وفي..
أحمد منصور:
مين مين الشخصيات تتذكر؟
(9/28)
بهجت أبو غربية:
لا أتذكر أسماء معينة، لكن كان الأغلبية موجودين في الداخل، ونحن الذين بقينا في مصر، وإبراهيم بكر وأبو إياد بقوا بالقاهرة، وكان فيه اتصال من ياسر عرفات ليلا، ياسر عرفات كان يقول: اشتدت الأزمة، واشتد القصف خلي الوفد العربي يعود إلى عمان، لأن الوفد العربي لو يكون موجود كانت تهدأ، فرجع الوفد العربي إلى عمان وأخذوا ياسر عرفات معهم، وانعقد نوع من المشاورات، وصار فيه الاتفاق الذي سمي اتفاق القاهرة.
أحمد منصور:
قضي على العمل الفدائي بعد ذلك في الأردن؟
بهجت أبو غربية:
اتفاق القاهرة يعني كان مش من السهل تنفيذه، ولذلك ترتب عليه احتكاكات كثيرة، يعني، اتفاق القاهرة كان يقضي بأن يخرج الفدائيون من المدن، وأن يسمح لهم بالرجوع إلى القواعد في الجبال ابتداء من الخط الممتد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب (إربد) و(جرش) و(عمان) و(الكرك) والغرب، من الشرق ما يكونش فيه عمل فدائي، واللي حصل أنه صار يطلب منا أن نغادر عمان، نغادر إربد، ولم مكنوناش من عمل قواعد أيضًا في الجبل، فصارت معارك، خصوصا فيما بعد، صفيت القواعد الفدائية متجمعة في منطقة جرش في دبين والأحراش في جرش وصار عليها هجوم عسكري منظم وأنهيت.
أحمد منصور:
في العام 1972 التقيت مع الملك حسين أنت ومجموعة من الفلسطينيين، باختصار ماذا دار بينكم وبين الملك؟
بهجت أبو غربية:
(9/29)
في 72 طرح في هذا الاجتماع، دعينا احنا حوالي 20 وكان متواجد منا 18، وكلهم شخصيات فلسطينية، وبعضهم كانوا وزراء سابقين مثل (أنطوان عطا الله) و(الجيوسي)، الحاصل فدعونا إلى القصر أفراد، لا يجمع بيننا جامع سوى أننا وجهاء فلسطينيين أو شخصيات فلسطينية، في القصر كان فيه وزراء -وكان فيه يعين شغلة كبيرة- وصحفيين وكذا، وجلسنا مع الملك جلسة واسعة، وكان فيها وزراء ورئيس وزارة، والملك طرح، يعني قدم للاجتماع بحديث طويل خلاصته أن الإمكانيات العربية ضئيلة، وما فيه يعني إمكانية حلول جذرية، وما شابه ذلك، ولازم انلاقينا علاج للأوضاع القائمة.
أحمد منصور:
هل تتذكر تاريخ الاجتماع بالضبط؟
بهجت أبو غربية:
والله لا أتذكر.
أحمد منصور:
ولا الشهر.. المهم كان في 72.
بهجت أبو غربية:
بيجوز في أوائل 72، لمش مذكر، المهم.
أحمد منصور:
قل لنا بعض الشخصيات التي كانت معك طالما أنك لم تتذكر التاريخ.
بهجت أبو غربية:
كان معنا الشيخ (عبد الحميد السائح) (إبراهيم بكر) (عبد المجيد شومان) ودكتور (داود الحسيني) وكان (رجا العيسى) وكان أنطون عطا الله، وكان الجيوسي، المهم، الملك قال المقدمة، ثم تلي علينا المشروع كتابة يعني مكتوب وخلاصة المشروع قائم على نقطتين يعني المشروع:
النقطة الأولى: يجب أن يجري حل سريع للأوضاع القائمة للعلاقة مع دولة العدو الصهيوني، والإمكانيات العربية مش متوفرة، يجب أن يجري حل.
أحمد منصور:
صلح يعني؟ صلح.
بهجت أبو غريبة:
(9/30)
بدون تفاصيل، الشيء الثاني أن العلاقة التي كانت قائمة بين الضفتين لم تعد صالحة للمرحلة الحاضرة، وكحل لقضية الوضع السياسي أن تشكل وزارة في الضفة الشرقية ووزارة في الضفة الغربية، ووزارة مركزية ويسمى المملكة الأردنية الهاشمية المتحدة، هذا صلب المشروع، كان في نص المشروع فقرة تقول أو عبارة تقول: ينفذ هذا المشروع بعد التحرير، من هنا لفت نظرنا كلمة بعد التحرير، فأنا لما جاء دوري، فقلت أنا أفهم عبارة بعد التحرير بالشكل التالي -يعني نوع من..سؤال استيضاحي تقريبا- بعد التحرير يعني -قلت أنا- بعد إجراء تسوية سياسية مع إسرائيل في إطار القرار 242 مش ممكن تعمل مشروع إلا بعد ما يكون فيه حل مع إسرائيل، وما دام نقول ما فيش حل عسكري معناته يكون حل سياسي، هذه عبارة بعد التحرير تعني بعد إجراء تسوية سياسية بالنص مع إسرائيل في إطار القرار 242 فالملك قال نعم هذا الذي نعنيه بالتحرير.
أحمد منصور:
وأنتم رفضتم هذا العرض؟
بهجت أبو غربية:
نحن رفضنا هذا العرض على أساس أننا لا نقبل المشاركة في المفاوضات.
أحمد منصور:
ولكن ما حدث بعد ذلك أن الرئيس (السادات) ذهب إلى (القدس) في العام 1977، وقعت (كامب ديفيد) في عام 79، وقعت اتفاقية (أوسلو) في 1993م، (وادي عربة) في 94.. والآن سوريا في تفاوض مع إسرائيل، وأنتم لا زلتم ترفضون.
بهجت أبو غربية:
فيما يتعلق بظروف بلد يحتله عدو، ارجع للتاريخ لكل بلد يحتله عدو، لا بد للشعب أن يقاوم هذا الشيء الطبيعي، رد الفعل الطبيعي للاحتلال المقاومة.
أحمد منصور:
لا زلت تعتقد أن هناك مستقبل للمقاومة؟
بهجت أبو غريبة:
نعم.
أحمد منصور:
وأن فلسطين لن تعود إلا بالمقاومة؟
بهجت أبو غربية:
(9/31)
نعم، كيف؟ ومن الذي يقاوم؟ القضية يعني قيام دولة العدو الصهيوني على أرض فلسطين، من الأساس الكل يقول بأنها ليست موجهة لفلسطين، هي موجهة للعالم العربي ككل، فيجب أن ينظم العالم العربي، ويدعم بالعالم الإسلامي، وكل قوى التحرر في العالم حتى يحرروا هذه الأرض.
أحمد منصور:
أنت تعتقد أيضا أن المستقبل هو للمقاومة، وليس لهذه الاتفاقيات التي وقعت؟
بهجت أبو غربية:
الاتفاقيات هذه لن تحل ولن توقف الصراع، لن توقف لسبب بسيط أننا نحن متمسكين ببلدنا وبأرضنا وبتحريرها، سبب آخر أن اليهود لا يزال برنامجهم الصهيوني، يعني مصرين عليه، وتشجعوا حتى في تنفيذه فهم يريدون التوسع، ويريدون أن يخلوا فلسطين من كل الفلسطينيين.. والاعتداءات اللي حاصلة، والمفاوضات التي جرت كلها تؤشر إلى أن البرنامج الصهيوني مازال هو هو، وهم يفرضون علينا صراع يا احنا يا هم.
أحمد منصور:
ما هو تقييمك لما أقدم عليه السيد ياسر عرفات؟
بهجت أبو غريبة:
ياسر عرفات لما نتكلم عنه نتكلم في سياق موضوع التسوية ككل، الحكومات العربية -قلت أنا في حلقة سابقة- إنه حتى عندما دخلوا فلسطين كان عند بعض الحكومات خصوصا الأردن والعراق موافقة على قيام دولة يهودية، اللي موافق على قيام دولة يهودية، وانتهت الحرب، المفروض أن يعمل معهم نوع من السلام.
(9/32)
وبدأ أول مشروع للسلام وطرحه -وتحدثت أنا في حلقة سابقة- في سنة 50 طلب الملك (عبد الله) من رئيس الحكومة (سعيد باشا المفتي): اعقد صلح مع إسرائيل، فقال له أنا ما باعقد صلح مع إسرائيل، وفي النهاية عقد اجتماع في القدس، وحضرت الاجتماع، وعقد اجتماع مشابه في نابلس، لأنه اختلف مع الملك عبد الله، وسعيد باشا قال له: الناس ما بدها، فقال له: اذهب واسأل الناس، عمل اجتماع في القدس في المدرسة الرشيدية، وأنا حضرت، وقال لنا بالحرف الواحد سعيد باشا: أنا رئيس الحكومة وهذا وزير الخارجية الشروقي، وهذا مدير الأمن العام، يعني كل الدولة موجودة هنا، أنا جاي أسألكم: هل تقبلون أن نعقد صلحًا مع إسرائيل؟ نصا.. أنا شاهد عيان، مش قرأت هذا الكلام.. حاضر، وكنت حاضر، وكنت حاضر لأحبط المشروع، لأنه كانت عندنا فكرة ما الذي سيكون قال بالحرف الواحد الموافق وكان من بين الموجودين أناس موافقون كانوا يتصلون بالملك عبد الله، ويقولون له نحن موافقون، يقول أنا موافق ولا يخاف، والغير موافق يقول أنا غير موافق ولا يخاف، فبدأنا نعارض وكذا، ووصل الكلام، هو نفسه سعيد باشا قال أنا لا أقول نريد صلح، ناس منكم هم الذين يقولون: نريد صلح، ولم يجرؤ واحد من الذين كانوا موجودين ومستعدين للصلح أن يتكلم، ثم تكلم وزير الخارجية (الشريقي) كلام له مدلول وأثر على الموجودين، قال: اسمعوا لأقول لكم لأنه صار الجو عنيف وشعبي وكذا وحماسي واليهود كذا وإلى آخره.. فقال: اسمعوا اهدؤوا أنا بدي أتكلم بشكل هادئ، أنا كوزير خارجية باقول لكم لو كنت أضمن إذا عقدت الآن صلح مع إسرائيل أن اليهود يتوقفون عند النقطة اللي هم فيها بكرة أقيم معهم صلح، لكن هؤلاء اليهود بيننا وبينهم اتفاقية الهدنة، اتفاقية رودس وغيرها، 3 اتفاقيات، 3 أوراق، فلماذا أضيف ورقة رابعة ليش.. هذا وزير خارجية يتكلم عن هذا الأمر.
أحمد منصور:
(9/33)
يعني إسرائيل لن تتوقف عند (أوسلو) ولا عند (وادي عربة) ولا عند أي اتفاقيات؟
بهجت أبو غربية:
من ذلك الوقت إلى اليوم نفس الشيء ثابت، ولن تتوقف الآن لا عند أوسلو أو غيرها.
أحمد منصور:
في ختام شهادتك على العصر.. كيف تنظر إلى 70 عاما من الكفاح النضالي؟
بهجت أبو غربية:
نفس الموضوع.. عندما بدأت المسيرة من الخمسين، الحقيقة كان في الخمسينات وفي الستينات كانت كل قصص التسوية كانت موجودة، لكن وصل الأمر بالعرب، بالحكومات العربية أنهم عاجزين عن عمل التسوية بسبب الرأي العام الشعبي، وبسبب بدهم جهة فلسطينية لتشارك، وشكلت منظمة التحرير ربما كان الغرض منها أيضا أن تشارك الدول العربية -ربما- في التسوية.
أحمد منصور:
تسمح لي آخذ حلقة في ختام هذه الشهادة المطولة لك على الأحداث نتحدث فيها عن عمليات الاختراق التي تمت للمنظمة حتى جعلتها تدخل في الأخير في التسوية مع إسرائيل، حتى لا أريد أن أختزل هذه الشهادة وأنت يعني شاهد عيان على الأحداث منذ العام 33 وحتى اليوم أشكرك شكرا جزيلا، واسمح لي آخذ منك حلقة إضافية، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة الأخيرة القادمة نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل بهجت أبو غربية أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/34)
الحلقة10(9/35)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة:22:55(مكةالمكرمة)،19:55(غرينيتش)
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
الحلقة 10 ( الأخيرة )
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
بهجت أبو غربية، شيخ المناضلين في فلسطين
بهجت أبو غربية
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع في هذه الحلقة الأخيرة من شهادة المناضل بهجت أبو غربية أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية.
أستاذ بهجت مرحبا بك.
بهجت أبو غربية:
أهلا بك يا أستاذ أحمد.
أحمد منصور:
نسعى في هذه الحلقة الأخيرة أن نلملم هذه المسيرة الطويلة ما يقرب من 70 عاما من الكفاح والنضال انتهت بتسوية فلسطينية مع الإسرائيليين.
في الحلقة الماضية أشرت إلى نقاط خطيرة للغاية.. ذكرت بأن العرب كان لديهم الاستعداد من البداية للدخول في مفاوضات صلح مع إسرائيل، لكنهم كانوا يريدون أن يكون الفلسطينيون معهم.
في العام 69 حينما أنت كنت عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تم تسليم قيادة المنظمة إلى ياسر عرفات وأنت قلت إن مصر هي التي لعبت الدور الرئيسي في ذلك، كان هذا في عهد عبد الناصر وأنت لك رأي خاص في عبد الناصر.. أما يعتبر هذا اتهام لعبد الناصر أيضا بأنه لعب دورا في ترتيب عملية التسوية في وقت مبكر؟
بهجت أبو غربية:
(9/36)
موضوع التسوية الحقيقة فيه مؤشرات كثيرة أن الدول العربية كانت موافقة عليه، عندك مثلا تقسيم 37، الأردن كان موافق، وعلى أساس أن يضم القسم الفلسطيني إلى الأردن، وهذا لا يتم إلا من خلال قيام دولة يهودية، وضم الباقي إلى الأردن، محاولة الملك عبد الله في الـ50 واللي ذكرنا عنها في السابق، اليهود كانوا يضغطوا، ويعملوا عمليات قتال ومذابح في القرى مثل معركة (قبية) وكنا نقول هذا بغرض أن تفرض إسرائيل وجودها والصلح، إسرائيل قامت، وبعد ما قامت كان بيهمها أن يجري بها اعتراف عربي واعتراف دولي وتعامل عربي وتعامل دولي مع أن في بعد 48 كان فيه مقاطعة، وكان عربيا ودوليا، فتريد أن تفرض نفسها، الدول العربية فيه مؤشرات كثيرة أنها كانت مع إجراء التسوية، وحصل فيما بعد حرب 67.
أحمد منصور:
ما هي الدول الأخرى غير الأدرن؟
بهت أبو غربية:
فيما بعد عدوان 67، حرب 67 كانت نكبة ما فيه شك، وكانت هزيمة للجيوش العربية، هزيمة للأنظمة، يعني ما كانش كافي، أنه في 48، صرنا نقول إن الأنظمة العربية خواء، والآن 67 أيضا دلت على أن الأنظمة العربية في وضع سيء، لكن الحرب بالذات، في 1968م[1967] كان القصد منها تدمير القوة العسكرية المصرية، ودمرت للأسف، وأصبحت مصر في وضع غير طبيعي، وكل تفسير لموقف مصر في مؤتمر الخرطوم فيما يتعلق بالخط المهادن نسبيا، وفيما بعد مثلا مشروع (روجرز) كله هذا الغرض منه كان حسبما كان يقول لي مثلا محمود رياض نفسه، ومراد غالب وآخرين من مستشاري الرئيس أن الغرض منه هو كسب الوقت لنستعد..
أحمد منصور :
يستعدوا لإيه؟
بهجت أبو غربية:
(9/37)
لكن الشعار الذي رفع كان يلفت النظر، في الأساس كان الشعار التحرير قبل حرب 67، بعد حرب 67 كان إزالة آثار العدوان، إزالة آثار العدوان غير محددة ممكن تخطر في بال الناس، إزالة آثار العدون طبعا ممكن تصير بالقوة، لكن أيضا..ممكن تصير بالسياسة، لا أستغرب أن الرئيس عبد الناصر كان يحاول يوزن الإمكانيات بدليل إنه في الخرطوم قال للملك حسين روح فاوض، بس تحت اللاءات 1.. 2.. 3.
أحمد منصور:
يتفاوض مع مين؟
بهجت أبو غربية:
يتفاوض مع اليهود.
أحمد منصور:
قال للملك حسين؟
بهجت أبو غربية:
هذه قرارات الخرطوم، مش هو، قرارات الخرطوم، فوضت الملك حسين أن يعمل ما يستطيع، هذا النص اللي استعمل، يعمل ما يستطيع لاسترجاع الضفة الغربية تحت اللاءات الثلاثة: لا مفاوضة، لا اعتراف، لا صلح، فهذه الاشتراطات كانت نظرية، أما هي تبيح نوع من الاتصالات، وبدأت الاتصالات من ذلك الوقت ما فيش كلام بين الأردن وبين اليهود، فلا أستبعد يعني أن عبد الناصر كان مثل ما أقول بدائل، أمكن ما أمكنش وكذا، لكن شيء فشيء كان واضح أن هذا مش ممكن، وكما قلت لك كان مستشارين الرئيس، وأركان الحكم في ذلك الوقت يقولوا لي أنا، وكنت على اتصالات معهم أحيانًا..
أحمد منصور:
قل لي بالضبط مين اللي قال لك؟ وكان بيقول لك إيه؟
بهجت أبو غربية:
قالها محمود رياض بنفسه.
أحمد منصور:
كان وزير خارجية في ذلك الوقت.. مراد غالب بعديه كان وزير خارجية في عهد السادات.. مراد غالب.
بهجت أبو غربية:
لا ده موضوع تاني.. الدكتور مراد غالب، كمال الدين رفعت كلهم كانوا يقولوا احنا في وضع انتظاري ننظم أنفسنا.
أحمد منصور:
طيب تفسيرك إيه لقبول عبد الناصر بمبادرة (روجرز) سنة 70 وكانت عبارة عن تسوية بين العرب وإسرائيل؟
بهجت أبو غربية:
لا.. شوف.. مشروع (روجرز) كان نقطتين، يتكون من نقطتين، وقف إطلاق النار، وتطبيق قرار 242.
أحمد منصور:
يعني الدخول في تسوية؟
(9/38)
بهجت أبو غربية:
عفوا، قرار 242 كان مقبول من الأساس، وأنا من يوم ما قبلوا قرار 242 كنت أجادلهم وأقول لهم قبلتم قرار 242 على أي أساس؟ هل تعتقدون -والله هذا الكلام كان بيني وبين محمود رياض بالذات بالدرجة الأولى- هل تعتقدون أن 242 راح يعيد الضفة الغربية؟ الضفة الغربية ما عدناش نتكلم في التحرير يعني في ذلك الوقت، فقالوا لا احنا مش معولين عليه، نحن نريد كسب وقت للاستعداد، هذا الذي أعرفه، هذا الذي قيل لي بغض النظر عن وجهة نظرك، أو تحليلك وهذا شيء آخر.
أحمد منصور:
مش تحليلي أنا بس، ومش بشكل فردي، الناس كلها تقرأ كما أنت تستنتج، آخرون يستنتجون أيضًا من الأشياء التي تطرح على الساحة بل على العكس الدكتور مصطفى خليل قالها بوضوح في شهادته على العصر، الدكتور مصطفى خليل قال إن قبول عبد الناصر لمبادرة (روجرز) كان يعني القبول بالدخول في تسوية سلمية مع الإسرائيليين، وهذا كان رجل بيعتبر من رجال عبد الناصر كما هو كان من رجال السادات بعد ذلك، وهو الذي وقع اتفاقية كامب ديفيد.
بهجت أبو غربية:
هو بيقدر يقول هذا الكلام، لأنه كمان مرة بقول ما هو مشروع (روجرز)؟ وقف إطلاق النار، وتطبيق قرار 242.. تطبيق قرار 242 معناه بده مفاوضات وبحث وكذا نعم، لكن جرى بحث هم من وجهة نظرهم، قبلوا قرار 242 قبل مشروع (روجرز).
وفي سوريا الرئيس حافظ الأسد قبل قرار 242 والأردن قبل قرار 242 والجامعة العربية قبلت قرار 242 فكان هذا واقع، يعني مش جديد في مشروع روجرز الجديد كان -عفوا- وقف إطلاق النار، وقف إطلاق النار كان يقرروه أنا صار بيني وبينهم هنا في عمان يعني جدال بيني وبين ملحق عسكري.
أحمد منصور:
ملحق عسكري مصري؟
بهجت أبو غربية:
(9/39)
كان واحد يسمي نفسه سامي، ما بعرفش اسمه إيش اسمه بالضبط، وكان اسمه مستعار، وهذا الاسم أو هذا الشاب كان زي ضابط ارتباط مع الفدائيين كلهم، ويعرف كل المنظمات، وله علاقات فيها وإلى آخره، وكان يسمي نفسه سامي، والله ما بعرف اسمه الحقيقي بس أنا عارف إن اسم رمزي، فسامي قال لي إنت ليش تخطب ضد مشروع (روجرز)؟ أنا خطبت وتكلمت كثير في ذلك الوقت.
واللي كان حاصل أن مصر كان فيها حرب الاستنزاف، وما كانش فيه عمل فدائي من مصر، لما قلت له يا سامي أنا مش ضد مصر ولا ضد عبد الناصر أنا ضد مشروع روجرز، وافهم ليه؟ قلت له لما يصير وقف لإطلاق النار، البند الأول، مصر تأمر جيشها بوقف إطلاق النار، عندنا في الأردن الجيش الأردني ما فيه إطلاق نار بينه وبين اليهود، وقف إطلاق النار يعني وقف العمل الفدائي، وقف العمل الفدائي في الأردن إحنا لا يمكن أن نقبله، معناه يصير بينا وبين الجيش الأردني اصطدام، وهذا ما حصل، فقال لي هو لا، الرئيس عبد الناصر ما يقبلش أبدا بذبح الفدائيين، فقلت له لا حنذبح، ونحن شايفين حالنا بنذبح ونظل ساكتين؟ فقال الرئيس عبد الناصر ما يقبلش يذبحو الفدائيين، قلت له أنا متأكد أنه ما بيقبلش ذبح الفدائيين، لكن اسمع يا سامي، عندما يبدأ الجيش الأردني أو الملك حسين بمذبحة للعمل الفدائي لن يستطيع الرئيس عبد الناصر وقفه، لن يجد الوسيلة يعني لوقفه، وإذا كان يشعر بأنه عيني له أثر أدبي ومعنوي على الملك حسين هذا شيلوه من الحساب.
أحمد منصور:
فيه نقطة مهمة أيضا خطيرة أنت قلت عنها إنه ربما يكون تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية تمهيد لدخول هذه المنظمة في تسوية مع الإسرائيليين.. ما الذي يجعلك تقول ذلك وهي اسمها منظمة التحرير؟
بهجت أبو غربية:
(9/40)
لأنه قلت أنا في أكثر من مرة في اليوم يعني في أكثر من حلقة أنه كان الحكومات العربية عندها نية، وعندها استعداد لتسوية للقضية الفلسطينية، تسوية سياسية، وكنا دائما نخشى من هذا، وكلما يصير حدث، يعني لما قامت منظمة التحرير الفلسطينية.. ليش قامت؟ وكذا، هل هو حقيقة؟ أنا رحت رأسا وقت ما قامت...
أحمد منصور:
في 64؟
بهجت أبو غربية:
لا والله، هي بدت الفكرة.. الكيان الفلسطيني في 59 في 60، قابلت كمال الدين رفعت فقلت له شو اللي بدكم إياه؟ بدكم كيان فلسطيني، سألوني الشباب يعني هل توافق يعني على قيام فلسطين؟ قلت لهم نفهم ليش؟ مصر هي القوة الرئيسية ماذا تريد؟
فقابلت كمال الدين رفعت ورجاني،يعني أشياء كانت فيه مفاوضات بينه وبين الحاج أمين حول الموضوع، وقال لي:لا احنا بدنا...وقلت لهم: بدكم هيئة سياسية تفاوض بصراحة؟ إذا بدكم هيئة سياسية سووا ليش لا، بس مش احنا.. إذا بدكم للتحري قال: بدنا للتحرير، هذا كل اللي كان يعني مطروح، إنما المخاوف كانت قائمة، مخاوفي أنا بالذات.
أحمد منصور:
ممن؟ مخاوفك مِن مَن
بهجت أبو غربية:
من العرب ككل، من جامعة الدول العربية، جامعة الدول العربية مسيطر عليها إنجليزيا، جامعة الدول العربية من يوم ما انخلقت وهي أداة في إيد الإنجليز؟
أحمد منصور:
إلى اليوم؟ إلى الستينات والخمسينات؟!
بهجت أبو غريبة:
الجامعة؟
أحمد منصور:
نعم.
بهجت أبو غربية:
يعني ما عنديش فكرة واضحة، لكن لحد حرب فلسطين لحد الخمسينات نعم، إلى أواخر الخمسينات كان فيه سيطرة إنجليزية على الجامعة العربية، ولليوم وبكرة يعني فيه سيطرة أجنبية، لأن هي محصلة أصلا..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
يعني أنت تشكك في استقلالية الجامعة؟
بهجت أبو غربية:
الجامعة العربية هي محصلة للدول العربية، معظم الدول العربية خاضعة للأنظمة الأجنبية، فتطلع النتيجة طبيعية، يعني..محصلة.
أحمد منصور:
(9/41)
الآن أنت أشرت لشيء خطير، لأبق في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وكونها صنعت لتقوم بالتسوية مع إسرائيل.
بهجت أبو غربية:
ما باقولش إنها صنعت، باقول كان عندي مخاوف أنها صنعت لهذا!
أحمد منصور:
والمخاوف دية الآن بعد ما هي قامت بالتسوية؟
بهجت أبو غربية:
اللي حصل أنه في عهد الشقيري في أيام ما كنا في اللجنة التنفيذية ما حصلش يعني من اللجنة التنفيذية، ومن الشقيري أي تقدم نحو شيء من هذا القبيل على الرغم من أنه باعتبر أنا إنه جرت بعض الاتصالات مع اللجنة التنفيذية -في أيامنا- بهذا الخصوص.
أحمد منصور:
ممن؟
بهجت أبو غربية:
يعني مثلاً وكالة (الغوث) قالوا لنا: استلموا موضوع اللاجئين، وخذوا الفلوس بتاع اللاجئين واشرفوا على اللاجئين، هذا نوع من التسوية.. بعض السفراء هنا في عمان كانوا يتصلوا ببعض أعضاء اللجنة التنفيذية، السفير الفرنسي مثلا في عمان، هذا الحكي في 67، شايفين قوة اليهود وكذا.. وكذا.. ادخلوا في مفاوضات.
أحمد منصور:
لكن ما فيش طرف عربي طلب منكم؟
بهجت أبو غربية:
أنا شخصيا لا أعرف.. مني أنا بالذات.
أحمد منصور:
يعني أنت تقصد أن مجموعة الشقيري استبعدت في سنة 69 لكي يأتي محلها مجموعة ياسر عرفات، وتسير في التسوية التي تم توقيعها في 93؟
بهجت أبو غربية:
والله مش بها الشكل تماما.
أحمد منصور:
طيب، قل لنا الشكل اللي إنت متصوره؟
بهجت أبو غربية:
(9/42)
اللي حصل أن (فتح) أخذت سمعة وتوسع وPrestiege أهمية لكل الدول العربية، سوريا تخطب ودها السعودية بعد ما كانت معارضة لقيامها، مصر تخطب ودها، فكانت يعني، قوة بارزة، واستطاعت إنها تعمل تنظيم شعبي فلسطيني واسع، هذا حقيقة يعني، لكن فتح من يومها يعني من يوم ما دخلت المجلس الوطني الفلسطيني تموز 68 شاركت، مع أنهم رفضوا، يعني احنا في أول ما رحنا إلى الشقيري، قلنا بنشكل مجلس وطني جديد، ودعيناهم، وأنا كنت أفاوضهم، ودخلوا في إطار واحد وهي منظمة التحرير، واللي لا تتوقعه أنهم كانوا جميعا يعتقدون أن كل الناس لازم يدخلو في فتح، وكانت الجزائر تشجعهم على هذا قياسا على ما جرى في الثورة الجزائرية، وقلنا لهم مش ممكن إلا ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وهم اختلفوا بين بعض، و6 أشهر وأنا أفاوضهم، لحد ما وافقوا بمساعي أيضا جانبيه من هنا ومن هناك على الاشتراك في المجلس الوطني الذي عقد في 68، عقدنا المجلس الوطني في 68، وهم مشاركين كانوا يتصوروا حالهم أغلبية، واتضح إنهم مش أغلبية.
أحمد منصور:
أنت أشرت إلى ذلك في السابق.
بهجت أبو غربية:
لكن الأهم من هذا في الحقيقة أنه بعد فترة قصيرة انفضت الدورة، أبو إياد عمل تصريح في الصحف: "نقترح إقامة دولة علمانية في فلسطين للعرب واليهود ولكل الطوائف".. إقامة دولة علمانية!! كيف بدك يصير؟ بده تكون من خلال المفاوضات، من هنا بدأ الطرح بعده بفترة قصيرة.
أحمد منصور:
سنة كام تفتكر؟
بهجت أبو غربية:
68 في ال68بعد فترة قصيرة بدأ في الطرح يعني، أنا مثلا شخصيا بحث معي ياسر عرفات هنا في جبل الأشرفية شخصيا بيني وبينه.
أحمد منصور:
متى؟
بهجت أبو غربية:
في أيلول، بعد أيلول، بعد أيلول بين أيلول والأحراش، يعني في السبعين بعد ما هدأت الأحوال شوية في عمان.
أحمد منصور:
نهاية السبعين؟
بهجت أبو غربية:
(9/43)
قريب من نهاية السبعين..قال لي ما رأيك في حكومة منفى؟ إنشاء حكومة منفى؟ فقلت له من شان إيش حكومة منفى يا أبوعمار؟ حكومة منفى من أجل التفاوض، التفاوض من وضع الضعف معناه التسليم، قال لا هو مجرد سؤال عابر، لكن بعدها بفترة قصيرة رحت للشام، سألني بعض الشباب شو رأيك في كذا..؟ وقالوا لي إن أبو عمار قال لنا روج لفكرة حكومة منفى.. احنا عرض علينا، واحنا لجنة تنفيذية شيء، وكانت هنا اتصالات لكن رفضناها، جاء إلى عمان بروفيسور أمريكي اسمه البروفيسور (فيشر)، هذا الحكي في أوائل 68، هذا البروفيسور فيشر، قيل إن هو صديق شخصي للرئيس الأميركي وأنه نصير للعرب، جاء إلى عمان، وطلب مقابلة اللجنة التنفيذية الموجودين كان يحيى حمودة و عبد الخالق غمور وأنا، طلب مقابلتنا، رفضنا لأن نشك في هدول الناس وقولة إنه صديق وما صديق... خصوصا الشخص العربي اللي جاءنا يعني ما كانش مريح يعني، فرفضنا، بعت وسيط تاني، بعت وسيط تالت، الوسيط التالت قال يا أخي هذا الرجل ما لوش غرض ليش بدكوش تقابلوه، هو كل ما هنالك عنده اقتراحات، وهذه هي الاقتراحات، وجاب لنا اقتراحات خطية.
أحمد منصور:
ما هي؟
بهجت أبو غربية:
الاقتراحات الخطية بتاعت البروفيسور (فيشر) طبعا قرأناها، جاب لنا اياها الاقتراحات الخطية.. أولا صفحتين من التمجيد في النضال الفلسطيني وأنتو مظلومين وليكم حق و..و.. انتصار هائل للنضال الفلسطيني وللفدائيين.. بعدها تيجي الاقتراحات، الاقتراح الأول تحل منظمة التحرير، وتشكل جبهة التحرير الفلسطينية، وتوافق عليها الدول العربية، تعترف فيها الدول العربية، وبعد ذلك تشترك في كل النشاطات السياسية في الأمم المتحدة وغيرها.
(9/44)
شو الفرق بين منظمة التحرير وجبهة التحرير؟ معناه غيروا ميثاق منظمة التحرير، هذا المدلول السياسي الذي ينادي بالحرب وبالعمل الفدائي، وشكلوا تنظيم جديد له فكر ومواقف جديدة تعترف فيها الدول العربية، ما هي معترفة فينا، بس بده يصير اعتراف جديد على أسس جديدة.
أحمد منصور:
طرح شكل من أشكال الاسس هذه؟
بهجت أبو غربية:
نعم؟.
أحمد منصور:
طرح عليكم شكلا من أشكال الأسس؟
بهجت أبو غربية:
ما قعدناش احنا معاه، هذه اقتراحاته، بس إحنا تحليلنا لها، الاقتراح الآخر، الثاني من البروفيسور فيشر تستقيل الحكومة الأردنية، وتشكل حكومة مناصفة أردنية- فلسطينية يعني من منظمة التحرير بالذات، وهذه الحكومة يعني إذا حصل شيء من هذا، وهذا كان الحقيقة مطروح في الأردن قبل مجيئه، كان فيه اسشارات واتصالات من النظام يعني نفسه، فالوزارة اللي بتتشكل نصها منظمة تحرير، ونصها حكومة أردنية تفتح أمامها الأبواب للمشاركة في الأمم المتحدة، في كل المجالات السياسية اللي بتتعلق بالقضية الفلسطينية.. يعني إيه؟ يعني تدخل في مفاوضات سياسية.. الاقتراح الثالث وهذا اقتراح كان في رأيي غير مقصود منه سياسي بقدر ما هو مقصود منه نوع من الإساءة لنا والإحراج لنا، أنتم استلموا حكم الأردن، وادخلوا في السياسة.
أحمد منصور:
إزاي؟
بهجت أبو غربية:
احكموا البلد، يعني معناته إن أمريكا مستعدة تحكمك البلد، واحكم البلد بس أدخل في سياسة وادخل في مفاوضات مع اليهود.. هذا معناه، هذا اتصال بروفيسور (فيشر) وتبين فيما بعد، لي فيما بعد، أنه اتصل في بيروت فيما بعد بأبو جهاد، واتصل في وليد قمحاوي يعني اتصل في غيرنا فيما بعد، وتبين أنه من عتاة مخابرات C I A البروفيسور (فيشر)، فيه اتصالات، واحنا رفضنا..لكن...
أحمد منصور:
لكن غيركم قبل؟
بهجت أبو غربية:
(9/45)
غيرنا قبل نعم، الدلائل، أول دليل رسالة اللي حملها الدكتور عصام سرطاوي إلى (كرايسكي) مستشار النمسا، والتي اعترف ياسر عرفات في المجلس الوطني لما ضغطنا عليه أنه هو الذي كلفه بإرسالها.
أحمد منصور:
متى سنة كام؟
بهجت أبو غربية:
هذا الحكي في 73 في 74، الاعتراف من ياسر عرفات كان في 74 على ما أذكر، والرسالة حملها كرايسكي لليهود، وقالوا: مش مكلف كان يعني من ذاته نقلها، الرسالة ورد فيها نص صريح، لأنه جبرناهم في المجلس الوطني عام 74 أن نطلع على هذه الرسالة، كان مكتوب عنها في الجرائد شي كتير، فقلنا لهم اسمعوا.. فيه من هذا الكلام أو ما فيش؟ حتى نقدر نقول آه أو لا، قولوا يا آه يا لا، عصام سرطاوي كان موجود، وطلب الكلام، وقال له ياسر عرفات لا تتكلم.. طب بدنا نعرف، قولوا آه أو لا.. وضغطنا عليهم ضغط كبير في المجلس الوطني.
أحمد منصور:
فحوى الرسالة إيه؟
بهجت أبو غربية:
الرسالة بعدين قرئت، وفيها بند رئيسي: "منظمة التحرير على استعداد أن تعقد Non Aggression Agreement With Israel أن تعقد معاهدة عدم اعتداء مع إسرائيل" كان ممكن تصير معاهدة عدم اعتداء مع إسرائيل.
أحمد منصور:
سنة 74؟
بهجت أبو غربية:
نعم، هذه رسالة عصام سرطاوي، اللي سلمها عصام سرطاوي إلى (كرايسكي) وكرايسكي مستشار النمسا نقلها لليهود، بدأ بعدين محاضرات وأحاديث وغيره (هاني الحسن) له محاضرة في لندن عند اليهود بيقول لهم: احنا موافقين على التسوية والمفاوضات مع إسرائيل، لكن شعبنا مش راضي، احنا عم بنهييء شعبنا لقبول ذلك..
أحمد منصور:
سنة كام ؟
بهجت أبو غربية:
محاضرة لندن.. والله لا أذكر بالضبط.
أحمد منصور:
في السبعينات عني؟
بهجت أبو غربية:
يعني في الثمانينات نعم؟
أحمد منصور:
لكن إذا رسالة عصام سرطاوي في 74.
بهجت أبو غربية:
الآن على الستالايت فيه واحد -من أسبوع يعني - فرنسي أظن.
أحمد منصور:
إريك لوريل؟
(9/46)
بهجت أبو غربية:
أظنه، قال قبل أوسلو الأولى كما سماها، قبل أن تعقد مفاوضات أوسلو الثانية كان فيه مفاوضات مع (كوهين) الأمريكي المعروف اليهودي، واللي كان قائم فيها محمود عباس، أصلا محمود عباس من 74، جاب لنا ياسر عرفات حتى يشرح موضوع رسالة كرايسكي وكذا.. وحط مظلة إن هو يقوم بنشاط، وبده ياخد موافقة عليه تقريبا، يقوم بنشاط لتفسيخ وتدمير المجتمع الإسرائيلي من داخله.
أحمد منصور:
طيب هذه نظرية أما يمكن تحقيقها؟
بهجت أبو غربية:
أي نظرية؟
أحمد منصور:
تفتيت المجتمع الإسرائيلي من داخله وتمزيقه؟ كثير الكثير من المنظمة بيقولوا ذلك...
بهجت أبو غربية:
الفكرة كفكرة ممكن تخطر على البال، لكن المهم الإمكانيات، وهل فعلا هذا النشاط من أجل ذلك؟
أحمد منصور:
هم يقولون بأن عملية التسوية الآن شقت المجتمع الإسرائيلي، لأن المجتمع الإسرائيلي فيه ناس مؤيدة للسلام وناس معارضة، وهم استطاعوا أن يشقوا الصف الإسرائيلي.
بهجت أبو غربية:
لا، لم يشقوه.. أنا عايش بين اليهود، اليهود من الثلاثينات، الحزب الإصلاحي جاب (تونسكي) حزب الصهيونيين العموميين (بن غوريون) (ووايزمان) بينهم دائما صراعات، لكن كل الأحزاب عندها موقف واحد 100% من نقطتين ما في عنهم يعني خلاف.
نقطة أن هذه أرض إسرائيل كلها يجب أن تصبح أرض إسرائيل لليهود..اثنين أن القدس يجب أن تظل يحتلوها، وتعود إليهم، وهذا هدف كل الأحزاب ولكل الشخصيات.
أحمد منصور:
أستاذ بهجت الآن منطق الذين دخلوا في مفاوضات تسوية مع إسرائيل، لأنكم أنتم تناضلون منذ الثلاثينيات، وربما قبلها بسنوات عديدة، ولم تستطيعوا أن تصلوا إلى شيء، وكل يوم إسرائيل بتأخذ مكاسب جديدة، وهم دخلوا للحصول على مكاسب على أن تأتي الأجيال فيما بعد لتحاول الحصول على المزيد، الظروف فرضت ذلك.. لماذا لا تتعامل أنت أيضًا مع الواقع المفروض، وتقبل بالتسوية مع إسرائيل؟
بهجت أبو غربية:
(9/47)
هان يطرح سؤال هل -وهذا أصبح فيه شيء منه كثير واقع- هل ما تعمله منظمة التحرير أوياسر عرفات في الوقت الحاضر هو مكاسب فلسطينية واللا تسليم ومخاسر فلسطينية، وبالعكس مكاسب لليهود؟
أحمد منصور:
مكاسب؟
بهجت أبو غربية:
مكاسب فلسطينية، لا أنا أختلف معك..
أحمد منصور:
أنا تحاورت مع قيادات في السلطة، وقالوا: إن كل شبر نكسبه نحن كل يوم نحقق مكاسب منذ أوسلو إلى الآن.
بهجت أبو غربية:
هم ما كسبوا ولا شبر، ما كسبوا ولا شبر، هم أعطوا صلاحية، وحتى الآن واضحة مثل عين الشمس وصلاحيتهم أن يديروا الناس وليس الأرض، أنت أو أنا أو أي واحد لما بده يدخل على اليهود لازم الأول هم اللي يسمحوا له أولا حتى ياسر عرفات وبعض الشخصيات عندما يطلبوا منه أن يدخلوا معه في المفاوضات، يقول لهم سوف أتكلم معهم في البداية (أي اليهود) فأنا من وجهة نظري -هم بقولوا طبعا- السلطة إن نحن نراكم المكاسب، هم يراكموا التنازلات، أنا من وجهة نظري، واليهود في وضع أقوى منهم، وقادر أن يفرض..اليهود مش شيء بسيط.
أحمد منصور:
لكن هم يقولون إن الظروف سوف تتغير مستقبلا، وسوف يثبت أنهم هم الذين على حق، وأنتم على باطل.
بهجت أبو غربية:
ما يجري الآن..فيه قول إن ما يجري الآن مكسب، وأنا عند هذه النقطة بوقف، ما يجري الآن ليس مكسب، هو تنازل عن حقوقنا خطوة خطوة خطوة، ومكسب لليهود خطوة خطوة خطوة.
أحمد منصور:
أنت بتعتبر التنازلات بدأت من 68 حينما طرح أبو إياد قضية الدولة العلمانية الواحدة، ثم بعد ذلك أرسل ياسر عرفات رسالته إلى كرايسكي سنة 74م، أنت كنت موجودا عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني، وأيضا كنت عضو في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، لماذا لم تتخذ خطوات مبكرة لإيقاف هذه المسيرة؟
بهجت أبو غربية:
(9/48)
احنا من 64 عفوا من 74 شكلنا ما يسمى جبهة الرفض، كان الجبهة الشعبية، جبهة التحرير العربية، جبهة النضال الشعبي، يعني عدة منظمات، شكلنا معارضة باسم جبهة الرفض، وقاومنا التيار اللي كان قائم.
أحمد منصور:
والآن الأفكار تغيرت، وفيه مساعي من بعض هؤلاء الرافضين للدخول في مفاوضات وتسوية مع الإسرائيليين.
بهجت أبو غربية:
بالضبط، صار فيه ميوعة، لكن من يوم ما بدأ الخط هذا يتضح، ونحنا نرفضه، عندما طرح نايف حواتمة في المجلس الوطني إقامة السلطة الوطنية، أنا قدمت كرَّاس خطي مطبوع، ووزعته باسم جبهة النضال يعالج موضوع السلطة الوطنية، وقلت إن السلطة الوطنية لا يمكن إقامتها إلا بالصلح مع اليهود، وتجادلت أنا ونايف يقول لا، مش شرط الصلح مع اليهود، فيه فرق بين ما تقيم سلطة وطنية لما أنت تكون بالثورة، وتحتل أرض، طبعا أنت هنا من حقك تعمل سلطة، لكن سلطة وطنية بالقوى المحاطة وميزان القوى القائم لا يمكن إلا بالتفاوض مع اليهود، لأنك بدك تتفاوض من موقع الضعف بدك تكون تستجدي.
أحمد منصور:
متى وصل إليك تأكيدا ويقينا بأن منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات في طريقها للدخول في تسوية أكيدة مع الإسرائيليين؟
بهجت أبو غربية:
(9/49)