شفيق الحوت: هي بدأت في عهده، والشعبة الثانية يعني من نتاج النهج الشهابي، فقال لي: أنتوا 150.. 180 ألف في ذلك الحين، وليل نهار فاتحين ها الراديات وبتسمعوا إذاعات العرب عائدون وقادمون وهاجمون وهيا يا عرب، واتحركوا يا عرب، قال لي: قد أيش حلو، و أنتوا عاملين لي شي حركة على الحدود، وتورطوا الجيش اللبناني والشعب اللبناني، لأن إحنا مش المجابهة مع إسرائيل، قال لي: مش عليكم بس، قال لي حتى القرى الجنوبية اللبنانية الشعبة الثانية حريصة على أن تكون في منتهى الهدوء، قال لي: حتى إطلاق الرصاص بالزفاف في الجنوب أنا مانعه، أحسن ليفتكر الجيش الإسرائيلي إن إحنا عم بنقوس عليهم ونعلق في حرب، وإحنا ما عندناش خبر، كان هو -الله يرحمه- كان من الظرفاء، يعني يعتمد الأسلوب الساخر الفكِه في التعبير عن الرأي..
أحمد منصور: حتى يعني من الظرفاء حتى أثناء التعذيب والقتل والاعتقال..
شفيق الحوت: ومع ذلك وعد.. وعد بأنه يحسِّن هذه الأمور التي تابعناها في عهد شارل الحلو يعني في أواسط الستينات، فـ.. لكن كان استمر موقف الشعبة الثانية، وأنا شخصياً كأول من مارس العمل الدبلوماسي الفلسطيني الرسمي في لبنان عانيت الكثير، يعني تصور في البداية أنا كنت ألاقي عراقيل تحول دون ذهابي لزيارة المخيمات، أنا مرة زرت مخيم اسمه مخيم الرشيدية.
أحمد منصور: يعني المخيمات دي كانت سجون مثلاً؟
شفيق الحوت: أنا مُنعت.. مش مُنعت، دخلت على المخيم، طبعاً كنت أنا بالنسبة للمخيم رمز التغيير الجديد في الحياة الفلسطينية، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية، فالناس كانت تتلهف للقائي كممثل لهذه المنظمة، دخلت لقيت المخيم في حالة شبه إضراب، والسبب كان إيعاز وأوامر إنه ما حدا يطلع من البيت ليشرِّف هذا الأستاذ ويروح، فأتذكر أخذت الميكروفون كان معي ميكروفون محمول، وسرت أنادي: أطفال المخيم، إنه تعالوا ما تخافوش.
أحمد منصور: كان أي مخيم ده؟
(6/214)
شفيق الحوت: مخيم الرشيدية في جنوب لبنان، في جنوب لبنان، فتجمعوا الأطفال، وصرت أحكي لهم إنه مش لازم تخافوا وبتاع، إلا أن بدأ الناس يطلون من نوافذ المخيم بيوتهم، وأخيراً يعني تجرءوا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إلى هذا الحد؟!
شفيق الحوت: إلى هذا الحد كان الخوف نعم.. نعم، إلى هذا الحد، أكثر من هيك أقول لك يا أخ أحمد، ومرة أخرى يعني لا أنكأ جراح ولكن واقعاً.
أحمد منصور: تاريخ.. تاريخ.
شفيق الحوت: أنا في مخيم عين الحلوة ذهبت ذات مناسبة، وما أكثر المناسبات الفلسطينية يعني الأجندة.. الروزنامة الفلسطينية.
أحمد منصور: كل يوم.. كل يوم.
شفيق الحوت: كل يوم فيه مناسبة من بلفور.. فوجدت الإخوان محضرين لي طاولة متواضعة، أقف وراءها وألقي خطابي وحاطين عليه العلم الفلسطيني، وكان هنالك يعني يمكن سرية من الجيش اللبناني ومحيطة في المكان، وجاءني من يطلب أنه شيل العلم وهو على الطاولة، هذا يذكرني بمعركة أخرى خضتها لكي أرفع علم فلسطين على باب مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، رغم أنني سبقت الإشارة وقلت أنه فيما بعد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما أنت عوملت معاملة دبلوماسي هنا..
شفيق الحوت: فيما بعد.. فيما بعد..
أحمد منصور: فيما بعد..
(6/215)
شفق الحوت: لكن بعد معانة وتدخلات يعني من أطراف لبنانية مخلصة ووفية ومُحبة وعاقلة يعني ماذا يضير لبنان رفع العلم الفلسطيني على.. على سارية؟! يعني قد.. قد يزعجهم في عمان في تلك الفترة، لأنه العلم أصلاً واحد، مع فارق النجمة البيضاء في العلم الأردني في البقعة الحمراء وبعدين يعني المجتمع هناك تقريباً نصفه فلسطيني ونصفه أردني، ويمكن.. يعني تسبب في نوع من الغيرة أو نوع من الشعور بالازدواجية، فهذه كانت معاناة الشعب الفلسطيني وبالتالي كانت أهدافنا النضالية نوع من استعادة حقوقنا الإنسانية يعني نريد أن نرفع رأسنا، كلمة لاجئ -زي ما قلت لك مرة سابقة يا أخ أحمد- لحد هذه اللحظة يمقتها الفلسطيني مقتاً شديداً، يكرهها يعتبر أنها إهانة وانتقاص من شخصيته الإنسانية، فكنا نحاول أن يعني أن.. نطلب أن نعامل وكأننا جالية فلسطينية مقيمة في لبنان تحت ظروف مؤقَّتة.
أحمد منصور: لم تجبني أيضاً، كيف تحافظ الدول على سيادتها في ظل وجود هذا العدد الضخم؟
(6/216)
شفق الحوت [مقاطعاً]: ما كانش ضخم لسه، صار فيما بعد أضخم، لسه كان 150 ألف، هذا السؤال الحقيقة أخ أحمد يوجه لي بقدر ما يوجه للدول المضيفة، وكانت الدول المضيفة أولى.. أولى من الفلسطيني في تصور العلاقات التي يجب أن تقوم بين هذا الذي لجأ إلى الديار وبين الدولة المضيفة له، لأن ما حدث في فلسطين.. إلا إذا كانت كمان الدول العربية تظن إنه المسألة مسألة أسبوعين وسيعود الفلسطيني إلى دياره، للأسف الملف الفلسطيني اللبناني، أظن يعني في 59 بعد.. بعد عشر سنين تقريباً، لما أنشئت مديرية أو إدارة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، برضو في عهد الرئيس فؤاد شهاب من الـ 48 للـ 59 لم يكن هنالك مرجعاً مدنيا ينظم حتى شؤون الفلسطينية، يعني من تزوج، من طلق، من مات، من خلف، أين يسجل ما كانش هذا كله وارد في ذهن الدولة اللبنانية، فالسؤال طبعاً محق أنت فيه، ولكن يتحمل أو تتوجب الإجابة من الفريقين يعني يجب على الفريقين أن يساهما في أن أعرف ما هي حقوقي كمقيم قسراً في هذه البلاد، وما هي الواجبات المترتبة عليَّ، ولو تم الاتفاق على هذا الأمر، لربما.. لربما تلافينا الكثير من التناقضات التي طرأت على الساحة اللبنانية، وهنا نصل.. وهنا نصل إلى سنة الـ 69 بعد معاناة ويعني قضايا كثيرة تسببت بتوتير العلاقات الفلسطينية في عهد الرئيس الحلو، حتى وصلنا لسنة الـ 69، وكما ترى الوثيقة التي أتيتك بها، والتي بقيت سراً حتى اليوم، وأُلغيت..
أحمد منصور: وهي بتوصف في.. في المصادر كلها بأنها اتفاقية سرية.
(6/217)
شفيق الحوت: اتفاقية سرية، وكأنها شيء مهم كتير، مع إنه إذا قرأناها، هي من شقين صغيرين يعني ملخص والباقي كله تفاصيل بس حتى يعبوا ورق، الأولى.. البند الأول أو الشق الأول: إنه يحق للفلسطينيين الإقامة، الفلسطيني المقيم في لبنان يعني، أن تشرع إقامته المؤقتة هاي، وحق التنقل والعمل، هذا بالجانب المدني، بالجانب العسكري أن يتم تنسيق بين قيادة منظمة التحرير وأضيف هنا وفتح في ذلك الحين -بتقول لي ليش الاثنين مش واحد- وبين السلطات اللبنانية بالنسبة للعمل العسكري، وهذا نظم كذلك في.. في اتفاقية القاهرة، تمرير عدد من الفدائيين، إلغاء بعض القواعد مساعدتهم إذا ما جرحوا.. إذا ما تعرضوا إلى.. يعني كانوا بحاجات لوجستية أن يساعدهم الجيش اللبناني، يعني كان من الممكن أن نصل إلى هذه من البداية.
وهنا أريد أن أشير أن اتفاقية القاهرة وإن كانت قد وقعت في عهد الرئيس الراحل شارل الحلو إلا أن الفضل فيها للرئيس الراحل فؤاد شهاب هو الذي.. هو الذي تحدثنا عنه قبل قليل وقال: إنه أنا صاحب القرار بقمع وضبط المخيمات الفلسطينية، قال لي في زيارة لي تلت زيارتي الأخرى في خلال سنة تقريباً يعني أو أقل قال لي: الآن علينا أن نتعامل معكم كجيش حليف، هو رجل عسكري فؤاد شهاب أصله خلفيته عسكرية، وقال لي: خلاص يعني كان العمل الفدائي انتشر، وتوسع ووصلنا للـ 69 معركة الكرامة سقوط هيبة الأنظمة العربية بعد الـ67 قال: على لبنان أن يتعامل معكم كقوات حليفة، وليس في هذا بدعة، لقد جرى مثل هذا الأمر في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية بالنسبة للحلفاء بأنه من الممكن التنسيق بين الجيشين اللبناني والفلسطيني، وهو الذي أوعز إلى رجالاته في الشعبة الثانية وكانوا يقودون عملية التفاوض، الأخ العقيد جابي لحود، والرائد (سامي الخطايب) في ذلك الحين، وذهبوا إلى القاهرة، وكان موضع خلاف يعني الحكم في لبنان لم يكن موافقاً بالإجماع..
(6/218)
أحمد منصور: حتى الموارنة؟
شفيق الحوت: لا سيما الموارنة.. لا سيما الموارنة، ورشيد كرامة -رحمه الله- الذي كان في الحكم كمان لم يذهب إلى القاهرة، يعني اتورط فيها فقط -رحمه الله- العماد إميل البستاني.
أحمد منصور: هو يقال هنا إن إميل البستاني كان لديه طموحات سياسية أن يصبح رئيس للبلاد، ومن ثم هو الذي سعى لتقديم هذه التنازلات للفلسطينيين، لأن التنازلات جعلت الفلسطينيين كأنهم شركاء في حكم البلد، كأنهم شركاء في حكم لبنان، والذي تحدثت عنه نقلاً عن فؤاد شهاب، إنه ينظر لكم كجيش حليف، هذا.. عملية الحلف هذه أعطت حقوق وامتيازات للفلسطينيين داخل لبنان، جعلتهم كأنهم يشاركون في حكم الدولة.
شفيق الحوت: لا استطيع أن أنفي تهمة طموح إميل البستاني لرئاسة الجمهورية. أصلا كل ماروني في لبنان يطمح في أن يصبح رئيس جمهورية في يوم من الأيام، ولكن في نفس الوقت السؤال: ماذا كان هنالك من بديل أمام الحكومة اللبنانية غير تنظيم العلاقة بين الفلسطيني واللبناني؟
أحمد منصور: لكن الدولة لا تدار برئيسين.
شفيق الحوت: هذا صحيح، ولكن لم يكن لبنان -للأسف- بقادر على أن يحسم الأمر بقوته الذاتية، لأنه كان يعتمد استراتيجية "أن لا موقف، أن لا سياسة"، ونظرية: قوة لبنان في ضعف لبنان، فلم يكن باستطاعة.. يعني مثلاً بالمقارنة لم يستطع الفلسطيني أن يتحرك في سوريا وأن يثبت في سوريا مرتكزات له مادية بقدر ما استطاع في لبنان، والسبب: أن هنالك.. وفيه حكم يستطيع أن يقوله: لا، و أن يحقق هذه اللا، في لبنان كان هذا أمراً صعباً، أولاً: لضعف الدولة كدولة وثانياً: كما أشرت سابقاً لاختلاف الرأي العام اللبناني بين مؤيد ومعارض للثورة الفلسطينية..
أحمد منصور: كانت بمثابة هذه الاتفاقية تنازل من الدولة اللبنانية عن جزء أساسي من سيادتها؟
شفيق الحوت: أنا لا أعتقد ذلك.. أنا لا.. لا..
(6/219)
أحمد منصور: لكن هذا.. هذه الاتفاقية أما تعتبر هي السبب في الحرب اللبنانية التي قامت بعد ذلك؟
سفيق الحوت: أنا أعتقد -أخ أحمد- أن هذه الاتفاقية يعني كُتبت ووقعت لتحل أزمة في لبنان في الحكم، يعني كان رشيد كرامة..
أحمد منصور: بين اللبنانيين أنفسهم..
شفيق الحوت: بين.. بالحكم نعم.. نعم.
أحمد منصور: لكن كان لها توابعها بعد ذلك التي..
شفيق الحوت: لكن نقضها هذه الاتفاقية قبل أن يجف حبرها اللبناني والفلسطيني.
أحمد منصور: كيف؟
شفيق الحوت: أولاً: الحكومة اللبنانية لم تتخذ أي قرار رسمي وشرعي وقانوني يعطي الفلسطيني مثلاً شيء من حقوقه المدنية، اثنين..
أحمد منصور: إنتو صار لكم دولة داخل لبنان..
شفيق الحوت: لا.. لا.. صار بحكم القوة، وللأسف، يعني هذا أنا مثلاً شخصياً، و أنا بالطرف الفلسطيني كنت أحذر منها، يعني كان أسهل على المسؤول اللبناني أن يقبل بتجاوز الفلسطيني، لبعض القوانين من أن يشرع له قانون يسمح له بمثل هذا العمل، مثلاً.. يعني اخترع ما يسمى الطريق العسكري إلى سوريا هذا كان.. كنا نتفادى من خلاله المرور على دوائر الأمن العام اللبناني..
أحمد منصور: لا زال موجود إلى اليوم.
شفيق الحوت: ولازال موجود لأسباب أخرى، تغيرت الدنيا، لكن لم نستطع.. لم يقبل المسؤول اللبناني أن يعطيني يعني كمقيم في لبنان أن أعامل كلبناني في السفر إلى.. إلى سوريا، والعودة من سوريا، آثر أن.. يعني أن يقبل بأمر واقع ويغلب على أمره بانتظار أن يتغير هذا الواقع، أكثر من هيك، يعني كان فيه حتى في مدينة بيروت، كان يكثر الاحتجاج من بعض السكان، وهم على حق.. من بعض حواجز للفلسطينيين في الطرقات.
بداية السبعينات وتحول وضعية العمل الفدائي الفلسطيني
(6/220)
أحمد منصور: دا دي نقطة ثانية مهمة جداً، يعني الآن الفلسطينيين استغلوا هذه الاتفاقية، في أن يصبحوا دويلة داخل الدولة اللبنانية، انتشر السلاح على نطاق واسع، الغرور وعدم الانضباط بدأ يكون موجود لدى المقاتل الفلسطيني، وكأن هذا بمثابة رد على ما تعرضوا له من عملية إذلال ومن قمع على يد قوات الأمن اللبنانية طوال السنوات السابقة، كان فيه تحرش برجال الشرطة اللبنانيين كان فيه تحرش بالموظفين.. بموظفي الخدمات العامة وبدأت تحدث بداية احتكاك بين الفلسطيني واللبناني.
شفيق الحوت: إن شئت الدقة لا أعتقد إنه الستينات كانت.
أحمد منصور: نهايتها، وبداية السبعينات.
شفيق الحوت: يعني هي الحقيقة بعهد الرئيس فرنجية بدأت الأزمة الفلسطينية في السبعينات..
أحمد منصور: الكلام دا كان في بداية السبعينات نعم.
شفيق الحوت: في السبعينات، يعني الوجود العسكري الفلسطيني في الـ 69 وحتى الـ 70 إلى ما قبل أيلول الأسود، وإلى ما قبل مجيء القيادة الفلسطينية إلى بيروت و.. واعتماد بيروت كمرتكز لمنظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها كانت الأمور يعني مشدودة ولكن لم تصل إلى حدود يعني التوتر المقلق، لأنه كان زي ما قلت لك حتى العمل الفدائي الفلسطيني كان لسه يعني محدوداً، أما بداية عهد الرئيس..
أحمد منصور: سليمان فرنجية.
شفيق الحوت: سليمان فرنجية الذي امتد من الـ 70.. الـ 76..
أحمد منصور: الحرب بدأت في عهده.
شفيق الحوت: وكانت هذه هي السنة الصعبة في تاريخ العلاقات الفلسطينية اللبنانية.
أحمد منصور: قبل أن آتي لها في ديسمبر 68 صوَّت مجلس النواب اللبناني لصالح الاتفاقية.
شفيق الحوت: 69.
أحمد منصور: 69 عفواً، ديسمبر 69 بيير الجميل (رئيس الكتائب) قال: واجهت لبنان شرَّين، إما الحرب الأهلية وإما اتفاقية القاهرة، وكأن يعني كان يمكن أن تكون هناك مواجهات حتى داخلية في لبنان، كما قلت الأمر كان حل أزمة..
(6/221)
شفيق الحوت: تفادي للأزمة اللبنانية، هذا صحيح.
أحمد منصور: لا سيما بين المسلمين وبين الكتائب..
شفيق الحوت: أي نعم، يعني الاتفاقية أخرَّت الحرب إلى حدٍ ما التي اندلعت بعد ذلك..
شفيق الحوت: صحيح أجلتها (...) نعم.
أحمد منصور: وأيضاً كانت سبباً في تأجيجها حينما قامت الحرب.
شفيق الحوت: أي نعم.. أي نعم، هذا صحيح.
أحمد منصور: في يناير 70 وزير الداخلية اللبناني كمال جمبلاط طلب من الفدائيين وقف إطلاق النار عبر الحدود بسبب التوترات، في مارس 1970 قُتل عشرة فدائيين بعد كمين أعده مقاتلون من الكتائب، يعني كانت بداية التوترات ما بين الطرفين، بعد ذلك على الساحة الأردنية كان هناك شيء آخر يتعلق بالفلسطينيين، بعد معركة الكرامة تحديداً في مارس 68 بدأت وفود من مئات الشباب من المقاتلين أو آلاف الشباب سواء الفلسطينيين أو العرب تفِد إلى منطقة.
شفيق الحوت: الأغوار في الأردن..
أحمد منصور: الأغوار في الأردن، وبدأت عملية تدريب ما بين الفلسطينيين وما بين الأردنيين، وكانت بعملية مبادرات من الفلسطينيين أنفسهم، حتى إن أبو إياد في كتابه "فلسطيني بلا هوية" يقول: إن حتى في.. في.. اتصلوا بيهم المخابرات الأردنية، فكانوا يعتبروا إن العلاقة مع المخابرات الأردنية هي جزء من الخيانة في ذلك الوقت عشان يدولهم بعض المعلومات أو شيء من هذا القبيل.
شفيق الحوت: بالضبط.
أحمد منصور: ما حدث في بداية السبعينات في لبنان كان حدث بعد 68 في الأردن، انتشر السلاح بين الفدائيين، الفدائي بدأ يحتك وبدأ يتحرش بالأردني، بدأت تحدث بعد الصدامات التي قادت إلى أحداث أيلول بعد ذلك، والتي أدت إلى ما أدت إليه، حيث..
شفيق الحوت: خرج الفلسطينيين..
أحمد منصور: خرج الفلسطينيين..
شفيق الحوت: من الأردن.
أحمد منصور: من الأردن، وكانت معركة جرش وعجلون في يوليو 71، كانت نهاية الوجود الفلسطيني تقريباً.
شفيق الحوت: هذا صحيح.
(6/222)
أحمد منصور: انتقل الفلسطينيين إلى لبنان، فيه نقطة معينة في اتفاقية القاهرة عايز استوضحها منك، وحضرتك ألمحت ليها إن الاتفاق كان بين منظمة التحرير وفتح، ليه..؟
شفيق الحوت: لأنه كمان من.. لغياب استراتيجية لبنانية في التعامل مع الفلسطيني كانوا يؤثرون في الشعبة الثانية، اللي هم من كانوا أصحاب الحل والربط في العلاقات الفلسطينية اللبنانية، أن يتعاملوا بالمفرق مش بالجملة، يعني أنا بأذكر كنت أذهب كممثل لمنظمة التحرير أبحث في موضوع معين ألاقي خارج من عند سامي الخطايب أو من عند جابي لحود ممثل فتح أو ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يعني كان من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: رغم إن المنظمة المفروض بتحوي كل هؤلاء تحت جناحها.
شفيق الحوت: مفروض.. مفروض.. هي ما كانتش يعني عملياً تحويهم تحت جناحها، ولكن كان من المفروض لو كنت أنا لبنانياً لآثرت التعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية، وبدال ما شوف بتاع فتح أقول له لأ روح على المكتب بتاعك وابعت لي من يخول.. من تخوله المنظمة بالحديث معي حول مطالبك. كانوا يظنون إنه التعامل بالمفرق هو من مصلحة الدولة اللبنانية، وهذا ثبت الحقيقة خطأ هذا التقدير. المهم أخ أحمد في السبعين.. في السبعين منطق الأمور كان أن يكون الأردن هو ساحة ومرتكز للثورة الفلسطينية، أولاً لتكاثر.. لكثرة العدد الفلسطيني المقيم في.. في.. في الأردن.. في الشرق الأردني يعني، ولوجود الحد الطبيعي اللي ممكن أن ينطلق منه العمل الفدائي عبر نهر الأردن. للأسف.. للأسف لم يتم هذا الحلم، وحدثت 1970، واضطرت أن تنسحب منظمة التحرير وقوات فصائل الثورة المختلفة شمالاً.
أحمد منصور: جرش وعجلون.
شفيق الحوت: إلى جرش وعجلون، حيث تصدت لها القوات الأردنية، ويعني ضربتها ضرباً عنيفاً، وكان الجيش العراقي يتفرج، وأنا أذكر..
أحمد منصور: الجيش العراقي في الأردن..
(6/223)
شيق الحوت: نعم. أنا أذكر.. وأنا أذكر أنه يعني هنا مجال النقد الذاتي، وهذا كان موقفي منذ ذلك الحين، أولاً يعني كان.. كان من الممكن تلافي ما حدث في الأردن. قد لا يكون على المدى البعيد مستحيل، لأنه منطق الثورة ومنطق الدولة سيختلفا، ولكن كان من الممكن أن نتفادى هذا الحجم من الخسارة..
أحمد منصور: لا سيما عمليات الإبادة التي تمت في يوليو 71.
شفيق الحوت: مش معقول.. مش معقول هذا الذي جرى. فإخوتنا في القيادة في أغسطس.. أواسط أغسطس/ آب 1970 زاروا عبد الناصر في الإسكندرية، وكانت أيام مبادرة (روجرز) التي سبقت الإشارة إليها، وشرح له موقفه من قصة روجرز، وقال لهم بدي أبني حائط الصواريخ والقصة المعروفة، وأنتم من حقكم أن ترفضوا هذا المبادرة، لكن ليس من حقكم أن.. أن.. أن..
أحمد منصور: أبو إياد روى تفاصيل المقابلة في كتابه.
شفيق الحوت: آه نعم. ومما قاله عبد الناصر: طبعاً من حقكم أن.. أن تنتقدوا حتى النضال من أجل الاكتفاء بآثار العدوان وتطالبوا بتحرير كامل التراب، ولكن حتى تحرير كامل التراب لابد أن يبدأ بإزالة آثار العدوان.
أحمد منصور: لا لكن..
شفيق الحوت: وقال لهم.. وقال لهم، وكان الوضع قد توتر في الأردن، و.. يعني لاحت في الأفق إمكانية الاصطدام مع النظام الأردني، فقال لهم عبد الناصر أنا أحذركم، يعني أنا لا أُتهم -هو قال لهم- بإني يعني على علاقات.. على علاقات ود خاصة مع جمال عبد.. مع الملك حسين..
أحمد منصور: الملك حسين.
(6/224)
شفيق الحوت: ولنا في تاريخنا من الاشتباكات والمؤامرات والانقلابات الكثير، لكن أنا الآن لست مستعداً.. يعني هأبعت لكم فريق مظليين ينقذوكم في.. في.. في عمان وأنا مشغول بحرب الاستنزاف و.. وعندي سيناء محتلة، وعندي يعني وضع لا يسمح لي بأن أتحرك، فأرجوكم.. أرجوكم يعني أيه مطالبكم؟ قالوا له عاوزين حكومة وطنية، قال لهم أيش يعني حكومة وطنية، قالوا له عاوزين سليمان نابلسي قال لهم اسمعوا أقول لكم، كان علي صبري أظن رئيس وزراء في مصر في ذلك الحين، نادى وراه علي صبري، قال له أنت في البلد دي بتقدر تعمل حاجة بدون ما تسألني أو بدون رأيي؟ قال له أبداً يا أفندم، قال لهم رئيس الوزراء العربي في كل البلدان العربية يتبع رئيسه، فسواءً كان سليمان نابلسي أو غير سليمان نابلسي ما فيش هذا الفارق الكبير في هذه المرحلة، فأرجو أن تسيِّروا أموركم، وجاء الوفد ومرَّ على بيروت، والتقينا معهم، وحذرناهم مما قد يجري في الأردن، ودعا.. دعت القيادة إلى.. إلى مؤتمر استثنائي عقد في أواخر.. في 27 أغسطس/ آب 1970 في عمان، أنا بأذكر كان فيه وفد مصري مشارك في هذا المجلس الوطني مراقب بكى.. بكى محمود أمين العالم، بكى أحمد بهاء الدين، بكى كمال.. كامل زهيري بكوا مما سمعوه تجريحاً من بعض الإخوة في موقف مصر وفي جمال عبد الناصر، وهذه كانت يعني على.. إذا ما كانش خطأ استراتيجي فهو خطأ تكتيكي لأنه هذا جعل الكثير من الناس الذين كانوا يؤيدون الثورة في داخل الجيش الأردني لا يحتملوا أن يهاجم جمال عبد الناصر بهذا الشكل.
أحمد منصور: لأن أولاً..
شفيق الحوت: لا سيما وأن المخابرات الأردنية كانت تسعى دائماً إلى تشويه الصورة الفلسطينية مستغلةً سوء الأداء، كان فيه سوء أداء عند بعض الفلسطينيين في الأردن، كانوا يعني يقومون بأعمال شاذة.
(6/225)
أحمد منصور: ارتفعت وتيرته، لكن هنا أرجع للقاء عبد الناصر في يوليو مع عرفات وأبو إياد في اسكندرية، أبو إياد روى..
شفيق الحوت: ماذا قال: هل قال غير هذا الكلام؟
أحمد منصور: قال إن عبد الناصر في البداية فعلاً كما قلت يعني ضغط عليهم ضغط شديد، حتى إن هو قال لهم إن ممارستهم الحالية في الأغوار ممارسة غير واقعية، وقال لهم أنتو عايزين أيه؟ أنتوا عايزين دولة فلسطينية؟ وقال ما نصه يعني: إن دويلة في الضفة الغربية وغزة خير من لا شيء، يعني عبد الناصر أيضاً كان في تلك المرحلة بيرعى عملية التسوية مع إسرائيل..
شفيق الحوت: آه طبعاً.. طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور: وأن تقوم دويلة فلسطينية أو حتى أي شكل من أشكال وجود السلطة الفلسطينية..
شفيق الحوت: عبد الناصر كان رجل يعني خلافاً للصورة السائدة، يعني أنا هو أراد..
أحمد منصور: بالضبط، ما هو أصل الصورة السائدة..
شفيق الحوت: رجل.. رجل كمان عملي يعني عاقل، رجل عاقل.
أحمد منصور: الصورة السائدة وما قيل إن عبد الناصر قال هنرمي إسرائيل في البحر طلع إن كلام ليس له أصل ولم يقله أحد من مصر.
شفيق الحوت: كذب، ثم جيَّروه للشقيري، حملوه للشقيري مسؤولية هذه الجملة.
أحمد منصور: حتى إن.. أنت ذكرت في كتابك حتى هنا وهناك إن..
شفيق الحوت: هيكل عمل بحث حول..
أحمد منصور: إن عبدا لناصر كلف هيكل أن.. أن يقوم بعمل بحث يشوف من الذي قال هذه الكلمة، كأنه يتبرأ من هذا الشيء.
شفيق الحوت: صح.
أحمد منصور: ومعنى ذلك إن القبول بإسرائيل كان أمر محسوم في الحقيقة من عبد الناصر.
(6/226)
شفيق الحوت: وقد وصل هيكل إلى الحقيقة التالية إنه عبد الرحمن عزام باشا (أول أمين عام لجامعة الدول العربية) قال في الـ 47 - 48 إنه قالوا له يعني سألوه سؤال في سياق الحرب الإسرائيلية العربية في ذلك الحين قال: فليعودوا من حيث جاءوا إلى.. إلى.. إلى ديارهم، هذه كل ما يمكن أن يقال عن.. وسُمِّي برمي اليهود في البحر.
أحمد منصور: طيب أنا عايز أسألك بشكل من التجرد قبل أن أنتقل إلى انتقال القيادة إلى لبنان. أنا بس عايز أرجع لشيء تاريخي سريع هنا: إن في يوليو 1968 تم تعديل ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية في الميثاق الوطني والنظام الأساسي، وتضمن أن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد المؤدي إلى تحرير فلسطين، ما كانتش موجودة في الميثاق السابق.
شفيق الحوت: أي نعم.
أحمد منصور: كان ياسر عرفات ناطق رسمي باسم حركة فتح، وفي فبراير 1969 في الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني تم اختيار أو انتخاب ياسر عرفات رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية..
شفيق الحوت: يعني هذه بداية..
أحمد منصور: معنى ذلك إن فتح ركبت على المنظمة.
شفيق الحوت: بداية العبث بمنظمة التحرير الفلسطينية بأعتقد، بدأ بتعديل ما كنا نسميه الميثاق القومي، يعني في عهد الشقيري الوثائق التي صدرت عن المؤتمر التأسيسي النظام الأساسي والمثياق القومي، الذي أصبح سنة 68 يسمى الميثاق الوطني، ولو قارنت بين الميثاقين لاستشعرت الصراع بين التيارين الفلسطينيين داخل منظمة التحرير التيار القومي والتيار الوطني.
[فاصل إعلاني]
تميُّز عرفات واختياره رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية
أحمد منصور: كان أيه تأثير اختيار عرفات رئيس للمنظمة في 69؟
(6/227)
شفيق الحوت: كان يستحيل أن ننتخب إنسان غيره، كان ياسر عرفات أصبح ينافس عبد الناصر في ذلك الحين.. في شعبيته بعد الهزيمة التي أصابت الأنظمة العربية، الرجل الذي قال (لا) لما قبلت به سوريا ومصر والأردن وما وافقوا عليه ضمناً في مؤتمر قمة الخرطوم والقرار 242، قال (لا) وخاض المعركة في 68 في الكرامة، وأصبح يعني القبلة التي.. القبلة التي يتطلع إليها الشباب الفلسطيني والجماهير الفلسطينية في جميع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أيه المقومات اللي كان بيملكها ياسر عرفات في ذلك الوقت؟
شفيق الحوت: هذا.. هذا الموقف، الموقف السياسي، أولاً أنه فلسطيني، ولفلسطين يعني قدسية ويخطئ بعض القادة الفلسطينيين يظنوا إن الناس بيحبوهم هم لشخصهم بينما هو الحب الحقيقي هو..
أحمد منصور: بالضبط، وبعدين معركة الكرامة فُرِضت على الفلسطينيين لم يخضها عرفات..
شفيق الحوت: فرضت.
أحمد منصور: وعرفات يعني هو حقق مكاسبها أو.. أو جنى مكاسبها السياسية..
شفيق الحوت: شاطر.. ياسر عرفات رجل شاطر، رجل يعني لم.. لم يضع دقيقة من..
أحمد منصور: يعني نجح في اقتناص الفرص بشكل..
شفيق الحوت: ما فيه شك، ما فيه شك، وبتعرف يعني..
أحمد منصور: دي بعقليته، أم كان حواليه مستشارين أيضاً بيساعدوه؟
شفيق الحوت: لا بأعتقد هو متميز عن.. هو.. هو الأول.. هو الأول، يعني..
أحمد منصور: أنت مختلف معاه طبعاً ولك عليه ملاحظات كثيرة، لكن أيضاً..
شفيق الحوت: آه، وبتعرف بعد..
أحمد منصور: يعني رسم صورة له من خلال علاقتك الطويلة به.
(6/228)
شفيق الحوت: يعني ميزته.. يعني فيه.. فيه ميزة للزعيم إنه قد أيش بيختلف عن الآخرين، مما يجعله متميزاً كزعيماً، أبو عمار ميزته قد أيش بيشبه الناس لدرجة يعني البساطة، يعني ما يهيج الناس بيهيج ياسر عرفات وبيخليه يتخذ مواقف مماثلة، يعني تصور ياسر عرفات مشّى موضوع، أنا ما كنتش.. وأنا كنت مناضل زيه بكل تواضع يحمل بندقية ويمشي بالشوارع، زعيم ثورة بيحمل بندقية وبيمشي بالشوارع، لكن هذه كانت تروق للناس إنه أبو عمار لا يدخل الأمم المتحدة ويعمل قصة طويلة عريضة إنه..
أحمد منصور: سلاحه..
شفيق الحوت: بيدخل بالمسدس أو لا يدخل بالمسدس، وعملها قصة ولغز حتى الآن ولا يعرف الناس الحقيقة إذا كان دخل بالمسدس أو غير مسدس وقال إنه بيقول للبعض إنه أنتم شوفتوا بيت المسدس، هل كان هنالك فيه مسدس أو لم يكن هنالك مسدس؟ أو ياسر عرفات رجل علاقات عامة في حق ذاته ممتاز، يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني صنع لنفسه زعامة واستطاع أن يفهم نبض الناس وأن يدق على هذه الأوتار.
شفيق الحوت: هذا واحد، و2، و2: كان من الذكاء ما قطع شعرة معاوية معاوية مع الحكام العرب، يعني استطاع لفترة وبالآخر ادَّركب، يعني كان يمشي بالثورة الفلسطينية بفتح كالقطار على خطين سكة حديد خط الأنظمة وخط الجماهير، يعني كان يستضيف الفكهاني في لبنان معظم المعارضين للأنظمة العربية.
أحمد منصور: جمهورية الفكهاني سنة..
شفيق الحوت: جمهورية الفكهاني في جميع أنحاء العالم من مصر، السودان، موريتانيا، من جميع أنواعه، كل واحد غضبان مع ملك يجي عند ياسر عرفات.
أحمد منصور: زعلان بيطلع على ياسر عرفات.
شفيق الحوت: يروح لياسر عرفات تاني يوم يكون في عاصمة هذا الملك أو هذا الرئيس وبيكلمه يعني وإنه يعني الأمور زي ما أنت عارف والحكاية وأنا الله يكون بالعون، يعني رجل.. رجل سياسي (...) بارع.
(6/229)
أحمد منصور: أنا هآتي معاك يعني تباعاً لمراحل شخصية عرفات ولممارساته، ولكن أنا أقصد هنا في 69، هل في هذه المرحلة أيضاً بدأت فتح بالهيمنة على المنظمة؟
شفيق الحوت: منذ أن تسلم ياسر عرفات قيادة منظمة التحرير أو رئاسة منظمة التحرير.
أحمد منصور: في فبراير 69.
شفيق الحوت: في 69، هيمن عليها وازداد نفوذه في فتح.
أحمد منصور:آه الاتنين، يعني حقق مكاسب مزدوجة.
شفيق الحوت: لأنه.. لأنه عندما أصبح رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية أصبح جيش التحرير بإمرته، دوائر التنظيم الشعبي بإمرته، الدوائر السياسي بأمرته، يعني لو أراد أحد أن يشق عصا الطاعة في فتح فعنده جهاز رديف..
أحمد منصور: ودي حصلت، بعدين هو تعامل حتى أبو إياد وغيره كل واحد كان..
شفيق الحوت: والعكس كان.. وكذلك العكس، يعني عندما كنا نقوم أحياناً في منظمة التحرير ونحاول إنه نضبطه مالياً، طول عمر أبو عمار فوضوي في المال، إحنا كان عندنا في منظمة التحرير شيء اسمه الصندوق القومي الفلسطيني، أنا بأعتقد من أشرف ومن أنزه ومن أضبط المؤسسات المالية في الوطن العربي.
أحمد منصور: الآن بعد فبراير 69 خلاص المنظمة أُسِّس هنا حتى في لبنان ما يسمى باللجنة السياسية العليا للفلسطينيين بقيادة أبو يوسف النجار، دي أثرت على وضعك أنت..
شفيق الحوت: دي أسخف.. أسخف لجنة شهدتها منظمة التحرير الفلسطينية وحركة المقاومة، أولاً أبو يوسف النجار تشاء الأقدار -رحمه الله- أن يكون صديقاً تاريخياً، يعني صديق عائلة، فلم يكن بيني وبينه من خصام أو خلاف، لكن واقع الأمر، واقع الأمر -وأقولها للأسف يعني- أن المنظمات الفلسطينية لم تكن مش راضية عن وجودي كممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية وإنما كان كل تنظيم يطمح في أن يكون ممثله هو الموجود على رأس المكتب في..
أحمد منصور: هنا..
(6/230)
شفيق الحوت: في بيروت، بدليل إنه ما اخترعوش لجنة سياسية عليا في دمشق ولا في عمان ولا في القاهرة ولا في أي مكان آخر، إنما هذا يعني شفيق الحوت كان يبدو لهم إنه مستقل أكثر من اللازم..
أحمد منصور: ما أنت مش فتحاوي .. مش فتحاوي.
شفيق الحوت: مش فتحاوي، كما كنت يعني معتزاً أقول: لا أتبع تنظيماً ولا أتبع نظاماً.
أحمد منصور: أنت لم تكن تملك قوة عسكرية تدعم بها وضعك، لم تكن تملك تنظيم تتقوى به، كيف كانت التنظيمات المختلفة تتعامل معك؟
شفيق الحوت: كانت أولاً يعني خلافهم كان رحمة فيَّ.. طب أقول لك حاجة: أنا استقلت في الـ 93 من اللجنة التنفيذية وكرئيس لمكتب منظمة التحرير في لبنان، حتى الآن لم يتفقوا على تعيين بديل، أنا الآن ممثل واقعي De facto زي ما بيقولوا يعني في بعض الإجراءات لابد من توقيعي عليها كممثل وحيد تعترف به الحكومة اللبنانية وعرفات طبعاً لم يقبل استقالتي حتى هذه اللحظة.
تقييم شفيق الحوت للأداء الفلسطيني في الأردن وأحداث أيلول
أحمد منصور: لو رجعت إلى أحراش الأردن وما وقع في العام 70 ما ذكرنا مقدمات له وما سوف يحدث ما يشبهه في لبنان بعد ذلك، كيف تقيِّم الأداء الفلسطيني في الأردن وأحداث أيلول وما بعدها في يوليو 71؟
شفيق الحوت: يعني للأسف يعني أحداث أيلول كان يجب أن نعتبر بها أو منها كثيراً، يعني زي ما قلت أنا الثورة الفلسطينية لم تأتِ بنظرية، جاءت بعفوية المستميت لتحرير وطنه والعودة إليه، ما عندوش نظرية متكاملة، ما عنده استراتيجية، كان ردود فعل هي التي تقود العمل الفلسطيني، ما جرى في الأردن كان يعني يستدعي منا وقفة طويلة عريضة لمراجعة سياستنا، أقول هذا بما في ذلك فتح ولا سيما فتح والعمل الفدائي كله من الـ 65 للسبعين ما هي خبرة 7، 5 سنوات ماذا استفدنا؟ ماذا...
أحمد منصور: لم يحدث عملية تقويم؟
(6/231)
شفيق الحوت: حدثت يعني فردياً، ولكنها لم تعكس نفسها مادياً، يعني قيلت كرفع عتب، يعني مثلاً الأخطاء دا في عمان في الأداء البشري العادي اليومي، مضايقة الناس في بعض مرافق حياتها، يعني أنا مرة سائق سيارة كنت في زيارة لعمان فدائي أقسم لك بالله أوصلني إلى الأوتيل ولم يمر بشارع إلا مخالف للسير، بده يفتح لي الطريق يعني.. يعني كبت وانفجر عند الأخ الفلسطيني، فهذه لم.. لم نُعرها كما تستحق وكما انكشفت فيما بعد في لبنان، يعني كان هذا الدرس عمان كان يجب أن يعطينا حكمة الإقامة في لبنان و عدم الاصطدام.
اثنين: من العبر إنه.. إنه العربي ممكن يقتل العربي وممكن يصطدم معه، ما كانتش هتخطر على البال في الماضي، إنه جيش عربي يضرب ويضرب فدائي ضرب، صار للأسف فيعني ما كان يبدو خيالاً ووهماً صار حقيقة علينا كان أن نضعها في حساباتنا ونحن نتحرك إلى مرتكز ثوري آخر، كان علينا أن نعي أن منطق الثورة ومنطق الدولة لا يلتقيان ونحن يعني نغامر باستراتيجية تهدد وجودنا أو تهدد باصطدام مع الدولة المضيفة أي دول عربية مهما طال الزمن، وهذا يتطلب نوع من الحنكة ومن التعامل الذي يمد بعمرك على الأقل إلى أقصى مدى حتى تغير الظروف الموضوعية المحيطة بك، فنظرية حتى التحرير.. تحرير الوطن من خارج الحدود كانت تستحق وقفة ولم نقف عندها.
فيعني هنالك عدد من العبر التي في واقع الأمر لم نستفد منها.
(6/232)
شيء آخر بأحب أقوله وهو يعني كيف تسير الأمور بعض المرات مغاير للطبيعة.. لطبيعة الأمور، بعض المرات يعني بتعرف في تلك الفترة كانت الثورة الفيتنامية هي الرائدة في العالم، و(الفيتكوم) والعلاقة مع فيتنام الشمالية.. مع (هانوي)، وكانت هانوي كلنا كنا نبحث نحن الفلسطينيين عن هانوي العربي، أين هانوي الفلسطيني؟ طب بعد عمَّان أنا في قناعتي وقناعة أي إنسان عاقل إنه إذا فيه هانوي في المنطقة فهي دمشق، أما بيروت.. بيروت كانت أقرب إلى (سايجون)، بيروت البلد اللي سياسته تقوم على اللا سياسة وقوتنا في ضعفنا وعلاقاتنا مع الغرب وعدم وجود جيش ويعني بلد مسالم...
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من اختيار بيروت مقر للمقاومة الفلسطينية بعد أحداث أيلول في الأردن أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، و هذا أحمد منصور يحييكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(6/233)
الحلقة7(6/234)
الأربعاء 18/12/1423هـ الموافق 19/2/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 11:54(مكة المكرمة)،08:54(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
16/02/2003
- انتقال المقاومة الفلسطينية للبنان بعد أحداث الأردن
- شخصية وديع حداد وارتباطه بعمليات العنف
- طبيعة ونتائج عمليات الفدائيين ضد إسرائيل من الحدود اللبنانية
- أثر حرب أكتوبر على الثورة الفلسطينية
- مدى استغلال منظمة التحرير الفلسطينية لانضمامها للأمم المتحدة
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، وممثلها في لبنان). أستاذ شفيق مرحباً بك.
شفيق الحوت: مرحباً بكم.
انتقال المقاومة الفلسطينية للبنان بعد أحداث الأردن
أحمد منصور: بعدما وقفنا عند التقييم الذي قمت به لما حدث في أيلول في الأردن، وما حدث بعده من توابع، هل كانت لبنان هي المكان المناسب لمجيء الفدائيين الفلسطينيين أو لتصبح مقر للثورة الفلسطينية بعد ما حدث في الأردن؟
(6/235)
شفيق الحوت: كما أذكر أنني قلت في الحلقة الماضية أن من طبيعة ذلك.. تلك الفترة كانت الثورة في فيتنام، وكان المناضلين الفيتناميين يعتمدون على (هانوي) التي كانت قد استقلت في شمال البلاد، وكان الفلسطينيين بعد أيلول 70 من الطبيعي أن يبحثوا عن هانوي لهم تحمي ظهرهم، وتكون صلة الوصل بينهم وبين الأراضي المحتلة، الأمر الطبيعي في تلك الفترة وفي تصنيفنا للدول العربية والأنظمة العربية، أن تكون دمشق هي هانوي الشعب الفلسطيني أو هانوي الثورة الفلسطينية، في السبعين كانت دمشق هي في الداخل تغلي كذلك بين جناحين في النظام القائم الذي انتصر في النهاية باسم الحركة التصحيحية في الرئيس الراحل حافظ الأسد.
سوريا دولة ليست غريبة عن القضية الفلسطينية ولها.. الـfile الفلسطيني هام وفي أولويات الحكم السوري عادةً، سواء من الناحية القومية أو من الناحية الأمنية، لم تفتح دمشق ذراعيها -بأعتقد- للثورة الفلسطينية، لأن تصبح مرتكزاً وبديلاً ومنطلقاً للعمل داخل الأراضي المحتلة.
أحمد منصور: في تصورك ليه؟
شفيق الحوت: لأن.. لأن لسوريا استراتيجيتها الخاصة بها، هي التي تحدِّد قرار الحرب والسلم، لأنه رغم ادعاءاتنا البريئة والساذجة إحنا كفلسطينيين في تلك الفترة بأننا لا نريد ولا نسعى للتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد يستضيف ثورتنا، إلا أننا في الواقع كنا نمارس قرار الحرب والسلم من تلك البلاد، يعني عندما كنا نغيِر على.. أرضنا المحتلة من الحدود اللبنانية، معناه أصبح قرار لبنان مسؤولاً شئنا أم أبينا يعني، شاء لبنان أم أبى، فسوريا كان لها سياستها واستراتيجيتها التي لا تسمح لأحد أن يعبث بها، أنا قلت بعد 13 سنة بعد اجتياح لبنان في 82 و83 في مداخلة لي في المجلس الوطني الفلسطيني في تحليلي لما حدث في لبنان أننا دخلنا لبنان كمقاومة لا بدعوة رسمية ولا بدعوة شعبية، ولكن دخلنا، لأن لبنان كان حديقة من غير سياج..
(6/236)
أحمد منصور: إزاي وضح لي؟
شفيق الحوت: يعني لم يكن هنالك من يستطيع أن يقف ضد هذا التواجد الفلسطيني القادم من عَمَّان، من الأردن، بسلاحه وكوادره ورجاله، يعني هؤلاء لابد لهم من مكان ما، المدفع الأردني كان من ورائهم، سوريا سكَّرت الخشبة على الحدود، لم يكن له إلا أن يتجه صوب الأراضي اللبنانية..
أحمد منصور: وماذا لو سكَّرت الأردن الخشبة هي كمان؟
شفيق الحوت: الأردن كانت مسكَّرة، كان فيه حرب بينا وبين الأردن، الأردن طردتنا، الأردن طردت العمل الفدائي..
أحمد منصور: عفواً..
شفيق الحوت: لبنان؟
أحمد منصور: لبنان.
شفيق الحوت: ما كانش في استطاعته للأسف، لأن كما قلت لك كان لبنان يعتمد سياسة أنه.. منطق اللاقوة، ضعفنا.. قوتنا في ضعفنا، يعني الجيش اللبناني والوضع السياسي في لبنان ما كان ممكن أن يسمحوا باتخاذ موقف مضاد لمجيء الفلسطيني والتمركُّز..
أحمد منصور: هل الأطراف الأخرى شجعتكم أو شجعت على مجيء الفلسطينيين أيضاً إلى لبنان؟
شفيق الحوت: الأطراف العربية قصدك؟
أحمد منصور: نعم، أقصد ذلك.
شفيق الحوت: طبعاً.. طبعاً، لم تشجِّع، لكن الكل كان يتمنى إنه الله يسعدنا ويبعدنا، يعني أنا معك بالإذاعة، أنا معك بالتصريح، أنا معك بالقرار الذي لن أنفذه، ولكن لا أريدك داخل مناطق نفوذي وسيادتي، ومن هنا الحقيقة يعني وأقولها للحق يعني، أنا عربي يعني الخلاف الفلسطيني اللبناني لم يعني يهز في نفسي عروبتي، يعني كنت أرى الأمور بعين لبنانية كما أرها بعين فلسطينية، بتجرد إلى حدٍ كبير، طبعاً عاطفتي مع الثورة ومع المقاومة، ولكن لبنان حُمِّل أكثر مما يستطيع أن يحتمل مما يقول المنطق به، يعني زي ما قلت بيروت (سايجون) وليست هانوي، بيروت كانت مقر المخابرات الدولية، مقر الحرية الليبرالية..
أحمد منصور: العالم كله بيلعب فيه.
شفيق الحوت: الكل بيلعب في فندق السان جورج.
أحمد منصور: حديقة بدون سياج.
(6/237)
شفيق الحوت: حديقة بدون سياج، فكان من الطبيعي.. من الطبيعي يعني إنه نسير..
أحمد منصور: يعني فنادق لبنان حيكت فيها مؤامرات يعني..
شفيق الحوت: أكثر مما تسببت به خنادق القتال، الفنادق وكانت أخطر من الخنادق، هذا صحيح.
أحمد منصور: هل كان يعني..
شفيق الحوت: تفضل.
أحمد منصور: هل النقلة إلى لبنان.. طيب الآن ما فيش غير لبنان، لكن هل النقلة إلى لبنان كانت صحيحة؟
شفيق الحوت: أخ أحمد، كما قلت وأكرر مرة أخرى: أنت تتعامل كما تدفع بك الرياح، يعني أنت شأنك شأن رجل في قارب، في بحر هائج ورياح شديدة، أينما تقذف بك هذه الرياح ترسو، يعني من أين ينطلق الفلسطيني؟ يا من سينا، يا من الأردن، يا من سوريا، يا من لبنان، ونحن نعرف إنه كيف كانت الأوضاع في كل دولة من.. من هذه الدول، لو كان هنالك استراتيجية عربية موحدة، توزعت الأدوار، قالت رأياً ما معيّن، نسقت بين الفلسطيني والجيش العربي في هذه البلد أو تلك لكان الأمر هيِّن، ولكن في واقع الأمر يعني استرخت الأنظمة العربية إلا أنه الفلسطينيين استوعبهم لبنان، والله يكون بعون لبنان، ومن ساعد لبنان، ومن ساعد الفلسطينيين.
أحمد منصور: حينما جاءت القيادة هنا من الأردن إلى لبنان، هل كانت دروس الأردن مستوعبة أو حاضرة في ذهنها حينما دخلت إلى هنا؟
(6/238)
شفيق الحوت: يعني في البداية كان هنالك لسه الوعي جديد يعني حديث، الضربة لسه كانت يعني في الذهن، وكان يعني فيه شيء من الانضباط، وفيه شيء من يعني الطهر الثوري اللي كنا نسميه في تلك الفترة، لكن مع الزمن ومع التواجد اليومي ومع ما فرضه المناخ الثوري من مستجدات في لبنان يعني صار هنالك نوع من ردود الفعل المتباينة لدى القوى السياسية في لبنان بسبب ها المناخ، أولاً: كان فيه الناحية الإيجابية، يعني شباب لبنان مسيحييه وقبل مسلميه في فترة من الفترات كانوا مع الثورة الفلسطينية، كانوا متحمسين للثورة الفلسطينية للتغيير، يعني أنا أذكر حضرت مرة في.. في.. في الجامعة اليسوعية هنا في لبنان، واتُّهمت بأنني يميني ومعتدل، وأنا كنت أمثل..
أحمد منصور: اتُّهمت!
شفيق الحوت: نعم، من الطلبة اللي كلهم -إن ما كانش معظمهم- من الطلاب المسيحيين، يعني كان فيه جو متعاطف، لكن مع الزمن والممارسة اليومية بدأ الاحتكاك وبدأ التفاعل مع القوى السياسية اللبنانية المختلفة، أولاً: يعني هنالك من اختارنا أصدقاء، هنالك من وقف موقفاً حيادياً حذر، هنالك من بادر إلى معاداتنا.
أحمد منصور: مع وجودكم للحد إلى العام 1970 هل تغيرت رؤية القوى السياسية في لبنان لكم بعد مجيء القيادة إلى هنا؟
شفيق الحوت: لم تتغير بالمعنى الجذري الراديكالي، يعني تغيُّر بالمواقف لأ، بقي الموقف.. يعني شوف أنا معك كفلسطيني في قضيتك، يعني هذا حال السياسي المعتدل مسلماً أو مسيحياً في رأيي كان: أنا مع الفلسطيني في قضيته العادلة، في صراعه ضد العدو، لكن لست معه في إنه عامل لي حاجز بهذا الشارع أو حاجز في ذلك الشارع، أو عم بيتسبب بما يرتد عليَّ في لبنان من خسارة خاصة يعني كان فيه بدأت تضيق الرحابة بين الموقف القُطري والموقف القومي.
أحمد منصور: هل القيادة الفلسطينية كانت تستوعب هذا الأمر في تعاملها مع اللبنانيين؟
(6/239)
شفيق الحوت: كانت تحاول، يعني حتى أكون منصفاً، حتى أكون منصفاً، لم يكن في خلد القيادة الفلسطينية ولا في نيتها في البدايات على الأقل يعني أن.. أن.. أن تحكم سيطرتها على لبنان الداخلي، زي ما قلت لك إنه..
أحمد منصور: ربما في البداية في السبعين، لكن ما حدث بعد ذلك.
شفيق الحوت: كما قلت سابقاً يعني، إنه أنا ما أتدخلش في الشؤون الداخلية للبنان، لكن بإيدي قرار الحرب والسلم عن لبنان، يعني وهذا خلل يعني خلل عقلي في العمل السياسي، لكن هذا كان واقع الأمر، وما كانش ممكن أن يلام الفلسطيني، لأنه ليس أمامه من بدائل، أكثر من هيك، الإخوة في لبنان بعضهم بدأ هو يراود الفلسطيني على مزيد من التدخل في الشؤون اللبنانية، يعني أنا بأدعمك..
أحمد منصور: عشان أحقق من وراك مكاسب..
شفيق الحوت: حتى كمان أنا أحقق بعض المكاسب، يعني فيه أحزاب وقوى كانت هامشية في لبنان.
أحمد منصور: لو طلبت منك باختصار شديد أن تذكر لي أولاً القوى الفلسطينية التي وجدت على الساحة اللبنانية، وبعدين القوى السياسية اللبنانية الرئيسية التي كنتم تتعاملون معها في ذلك الوقت؟
شفيق الحوت: أما القوى الفلسطينية فكانت تلك أولاً العاملة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، والمهم منها طبعاً فتح، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش، الجبهة الديمقراطية نايف حواتمة، الجبهة الشعبية القيادة العامة أحمد جبريل، تنظيم الصاعقة، تنظيم جبهة التحرير العربية، وما عدا ذلك بأعتقد -مع احترامي يعني للإخوان- لم يكن يعني..
أحمد منصور: هذه التنظيمات بعضها محسوب على دول.
شفيق الحوت: نعم. الصاعقة محسوبة على سوريا، جبهة التحرير العربية محسوبة على العراق.
أحمد منصور: مين كان يقود جبهة التحرير العربية؟
شفيق الحوت: جبهة.. عبد الرحيم أحمد كان في ذلك الحين، توفي رحمه الله.
أحمد منصور: وباقي الفصائل؟
(6/240)
شفيق الحوت: كان زهير محسن -كمان رحمه الله- كله رحمه الله يعني معظمهم لسبب أو آخر، لكن فتح هي كانت العمود الفقري الحقيقة، يعني كان فيه تنظيمات صغيرة ترعاها فتح، حتى هذه التنظيمات كانت لما تحتفل بذكرى انطلاقتها تستعير بعض البنادق من.. من قيادة فتح حتى ترى..
أحمد منصور: للدرجة دي ما عندهمش بندقية يضربوا طلقتين يعني!
شفيق الحوت: يعني أو بندقية متوسطة الحجم، يعني حتى يمشي (..). وكان أبو عمار يستفيد من هؤلاء..
أحمد منصور: طبعاً.
شفيق الحوت: يعني في إطار التصويت والمجالس الوطنية المختلفة. على الصعيد اللبناني كان هناك ما يسمى بالقوى الوطنية الحليفة التي بدأت كقوى مساندة للثورة الفلسطينية، ثم أصبحت فيما بعد القوى المشاركة في الثورة الفلسطينية، وفي طليعتها الحزب.. حزب التقدم الاشتراكي بقيادة..
أحمد منصور: كمال جمبلاط
شفيق الحوت: المرحوم كمال جمبلاط، الحزب الشيوعي، الحزب السوري القومي الاجتماعي، منظمة العمل الشيوعي وتنظيمات ناصرية متعددة منها المرابطون، يعني ربما خانتني الذاكرة بتنظيم.. أو آخر يعني..
أحمد منصور: لأ ما شاء الله ذاكرتك قوية. نعم.
شفيق الحوت: لكن هذه.. هذه القوى الأساسية كانت. في المقابل كان حزب الكتائب، حزب الوطنيين الأحرار بقيادة كميل شمعون.
أحمد منصور: كميل شمعون، نعم.
شفيق الحوت: كان حزب الكتلة الوطنية برئاسة العميد المرحوم ريمون إده، ولكنه كان متميزاً عن هؤلاء، ثم الرئيس فرنجيه نفسه يعني وهاي كان رئيساً للبلاد في تلك الفترة اتخذ موقفاً وكان أول.. يعني أحد الذين نادوا بتأسيس -وهو رئيس جمهورية- ميليشيا عسكرية تابعة له باسم "قوات المردة"، هؤلاء شكَّلوا ما يسمى بالجبهة اللبنانية التي كانت يعني تعتبر في الموقف المضاد للثورة الفلسطينية وللحركة الوطنية الفلسطينية.
(6/241)
أحمد منصور: الجو العربي أيضاً في ذلك الوقت حدث انقلاب نميري في مايو 69 وتغيِّر نظام الحكم في السودان، ونميري كان موالياً لعبد الناصر، القذافي قام بانقلابه أيضاً في سبتمبر 69 وكان موالي لعبد الناصر، عبد الناصر توفي في العام 1970 وجاء أنور السادات أيضاً كنظام حكم جديد في مصر. في يونيو 69 انقلب سالم ربيعة علي ومحمد علي هيثم على السلطة في اليمن الجنوبي، حزب البعث في العراق سيطر على السلطة في 17 و30 يوليو، وفي سوريا أيضاً سيطر حافظ الأسد على السلطة في نوفمبر 1970..
شفيق الحوت: 70 نعم.
أحمد منصور: يعني معظم الدول العربية أيضاً حصلت فيها عملية تغيرات مع مجيء الفلسطينيين إلى..
شفيق الحوت: إلى لبنان، نعم.
أحمد منصور: لبنان. بدأت مع مجيء أو انتقال الثورة الفلسطينية إلى لبنان تحدث عمليات اشتباك مع الإسرائيليين، في جانب فتح أسس.. أُسست ما يسمى بأيلول الأسود، وحدثت عمليات ضد الموساد الإسرائيلي في أوروبا، وحصلت عملية سبتمبر 72 في القرية الأولمبية في ميونخ..
شفيق الحوت: ميونخ.
أحمد منصور: عمليات اختطاف الطائرات التي كان يقوم بها وديع حداد. وديع حداد كان زميلك في الجامعة الأميركية..
شفيق الحوت: صح.
أحمد منصور: وتعرفه معرفة جيدة..
شفيق الحوت: رحمه الله.
شخصية وديع حداد وارتباطه بعمليات العنف
أحمد منصور: ممكن تدي لنا (profile) يعني وصف لشخصية وديع حداد، لاسيما وإنه أشهر من قام بعمليات اختطاف طائرات في التاريخ الحديث.
شفيق الحوت: يعني ربما لو لم يقم بذلك وديع حداد لما سمع به أحد، يعني وديع -رحمه الله- كان ملتزماً وقومياً يعني نشطاً، لكنه هو..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هو كان أحد مؤسسي حركة القوميين العرب مع جورج حبش.
شفيق الحوت: نعم، وكان.. كان رفيق جورج الدائم، كانوا زملاء وأصدقاء وفي صف واحد في الجامعة الأميركية. وديع لم يكن يعني ذلك المؤهل جماهيرياً يعني..
(6/242)
أحمد منصور: مش مهم يكون عنده كاريزما لكن عنده تخطيط.
شفيق الحوت: جورج.. جورج عنده كاريزما بالنسبة لوديع، وديع كان رجل عمل.. رجل عمل، و.. وكان..
أحمد منصور: هكذا تقوم الحركات يعني، فيه واحد بيأخذ الكاريزما وناس هي اللي بتخطط.
شفيق الحوت: ما هو بتعتمد على شو يخطط، يعني ما فيه شك إنه يعني -رحمهم الله- جميعاً اللي.. اللي قاموا ببعض العمليات في الخارج، من خطف طائرات ومن.. ومن.. ومن، أنا بأعتقد هذا العمل سابقة يعني Contravention موضع نقاش..
أحمد منصور: طبعاً وجدل، نعم.
شفيق الحوت: إنه هل كان صحيحاً أم سيئاً، يعني أن بأعتقد إنه كان صحيح بقدر ما أيقظ الرأي العام العالمي، لكن استمرار هذا العمل كان خطأً، لذلك معظم المنظمات الفلسطينية..
أحمد منصور: لاسيما بعدما تحوَّل إلى عملية ابتزاز للـ..
شفيق الحوت: آه..
أحمد منصور: شركات الطيران كانت بتدفع فِردة بشكل منتظم، خطفوا الألمانية وكدا والخمسة مليون دولار.
شفيق الحوت: للأسف.. للأسف.. للأسف.. للأسف، وإعطاء نموذج سيئ، أعطى صورة سيئة، خصوصاً عملية ميونخ، يعني عمل رياضي الكل كان يعني قاعد يشاهده على التلفاز لعبة عالمية هذا تيجي تعمل هذه المأساة ما.. وجات يعني..
أحمد منصور: لكن ربما وقتها برضو رؤيتك كانت ستختلف عما تتحدث به اليوم.
شفيق الحوت: أنا سُئلت يومها، وكنت على الهواء مع راديو في لوس أنجلوس من بيروت يعني، ويعني هلا هيقول بعض الناس إنه بأدَّعي، قلت أنني لست يعني سعيداً بهذه العملية، لأني لا أعتقد أنها..
أحمد منصور: إحنا سجلنا شهادة أبو داوود في هذا البرنامج وطلعت كاملة أيضاً، تحدث فيها عن الجوانب المختلفة الموضوع، لكن أبقى في إطار شخصية وديع حداد.
(6/243)
شفيق الحوت: وديع رجل آمن بالعنف بدون حدود، بدون ضوابط، وخصوصاً عملية العمل في الخارج.. خارج الحدود، وهذه قضية صارت موضع خلاف حتى في داخل الجبهة الشعبية نفسها، مما أدى إلى يعني خروج وديع عن السرب، وإن كان يعني بقي مكتوماً، وهو طبعاً بيفضل في نظر الكثيرين وأنا منهم يعني بطل شهيد، يعني بالنهاية وديع يعني ما.. ما كانش يعمل ذلك عن..
أحمد منصور: مات.. مات بالسرطان عام..
شفيق الحوت: مات.. عدة روايات، هناك من يقول من.. قتل.. سُمِّم، وهناك من يقول مات في السرطان، حتى طبيبه الخاصة دكتور شماعة لم يستطع أن يعطينا فكرةً يعني واضحة عن سر وفاته، يعني مسألة ملغومة ما معروف كيف توفي، فهذا العمل مر بفترة يعني..
أحمد منصور: هو في البداية عمليات خطف الطائرات اللي.. اللي تمت في 9.. في 70 قبيل أحداث أيلول والأردن، وبعدين بعد كده أصبحت حرفة، عملية خطف الطائرات أصبحت حرفة.
شفيق الحوت: للأسف.. للأسف، يعني صارت كمان -زي ما تفضلت- موضع ابتزاز وأخذ أموال من بعض شركات الطيران أو من بعض الدول، يعني و.. ولذلك..
أحمد منصور: حتى إن بعض شركات الطيران كانت بتدفع أموال بشكل مستمر عشان طائراتها ما تتخطفش.
شفيق الحوت: سلفاً (…) كانت تدفع سلفاً، وأظن بعض الأنظمة العربية كانت تدفع سلفاً كمان.
أحمد منصور: ما هم ما بيجوش إلا بالعين الحمراء.
شفيق الحوت: للأسف.. للأسف يعني، لأ هذا يعني غريزة إنسانية، إنه المقهور والمكبوت أن يتصرف بشيء من.. من العنف، لكن يعني أنا لا أريد.. يعني أريد أن أقول بعد هذه مباشرة أن.. أن السبعينات شهدت في نفس الوقت نضوجاً سياسياً ودبلوماسياً لمنظمة التحرير الفلسطينية، بحيث أنا بأقول إنه.. إنه.. إنه السبعينات كانت المرحلة الفلسطينية في حياة الأمة العربية، ولا سيما.. ولا سيما بعد أن دخلنا الأمم المتحدة عام 74..
أحمد منصور: مش عايز أقفز لـ74
(6/244)
شفيق الحوت: مش عايز بس عاوز يعني حتى لا يبقى في ذهن المشاهد إنه فقط كان هذا العنف و.. وما يسمى اليوم -بلغة اليوم- الإرهاب هو السائد في الساحة الفلسطينية، لأ كان هنالك كذلك نضالاً سياسياً وعملاً ثقافياً وعملاً حضارياً.
أحمد منصور: كيف كنت تقوم بدورك كمدير لمكتب المنظمة أو كممثل للمنظمة في لبنان في ظل وجود الرئيس هنا؟
شفيق الحوت: طبعاً لما..
أحمد منصور: عرفات يعني.
شفيق الحوت: لما إجت القيادة ما عادش فيه ضرورة للسفير، يعني همَّ المفروض بدل ما ييجوا لي على مكتبي حتى أوصل رسالة لعرفات كان الأسهل يتصلوا بعرفات مباشرة، أو هو يتصل بيهم مباشرة. أنا هنا ومن وعيي على طبيعة النضال الفلسطيني والتناقضات التنظيمية الموجودة فيه، ورغبةً مني في أن أؤدي خدمة في المجال الذي يعني بحاجة إلى إنسانٍ ما، أو فيه فراغ ما، بدك من يملؤه، فوجدت إنه الإعلام العالمي أحد نقاط الضعف عندنا، يعني الاتصال بالصحافة الأجنبية والإعلام الأجنبي والتليفزيون الأجنبي والقيام بزيارات أجنبية هو البديل اللي ممكن يملأ فراغي، وبنفس الوقت يعطي مردود، وما يزعلش حد باللجنة السياسية العليا الذي كان عاملة وصية عليَّ، وأعتقد أنني وُفقت في ذلك، مما..
أحمد منصور: وأنت كنت بتملك مقوماته كصحفي محترف..
شفيق الحوت: هو.. ولذلك حتى عدت إلى العمل الصحافي..
أحمد منصور: وكذلك في الجامعة الأميركية تعرف يعني لغة الغرب..
شفيق الحوت: آه اللغة الإنجليزية كان لقاء صحيح.. صحيح..
أحمد منصور: كيف يُخاطبوا، وما هي اللغة التي يمكن أن ينتموا إليها.
شفيق الحوت: فيعني انصرف المكتب كله بإمكانياته إلى يعني مكتب إعلام للصحافة الخارجية، وكان لذلك معظم القادمين من.. من الولايات المتحدة أو من أوروبا يصلون إلى المكتب، ومن عبر المكتب يتصلون بالإخوة ويزورون المخيمات والقواعد المختلفة.
طبيعة ونتائج عمليات الفدائيين ضد إسرائيل من الحدود اللبنانية
(6/245)
أحمد منصور: نعم، بدأت مناوشات في الجنوب عمليات يقوم بها الفدائيين على إسرائيل من الحدود الجنوبية اللبنانية، وإسرائيل قامت بعدة هجمات على لبنان. في سبتمبر 72 قتل 30 من الفدائيين و18 جندي لبناني، عدد الفدائيين في لبنان وصل إلى حوالي 5 آلاف فدائي، الكوماندوز الإسرائيلي عمل غارة في 21 فبراير 73، وبعديها دعا أمين الجميل إلى ضبط العمل الفدائي، وفي 10 أبريل 1973 تم اغتيال كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار..
شفيق الحوت: النجار.
أحمد منصور: في عملية قادها (إيهود باراك) الذي أصبح بعد ذلك رئيساً لوزراء..
شفيق الحوت: رئيس الوزراء.
أحمد منصور: إسرائيل، وكانت عملية اختراق رهيبة لسيادة لبنان، مما دعا رئيس الوزراء صائب سلام وقتيها إلى أن يستقيل، متهماً الجيش بعدم الحفاظ على هيبة الدولة وعدم القدرة على الدفاع عنها.
شفيق الحوت: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: ماذا كانت علاقتك بالثلاثة؟ وروايتك أنت أيه لعملية الاغتيال اللي تمت؟
[فاصل إعلاني]
(6/246)
شفيق الحوت: أولاً هو من 68 فصاعداً كانت إسرائيل يعني حريصة على أن تؤذي لبنان يومياً وتحاول أن تقول للبنانيين: هذا جزاؤكم لأنكم تقبلون بوجود العمل الفدائي فوق أراضيكم، فكان خرق للأجواء، استمرار الضرب في الجنوب وقصف على بعض القرى والمخيمات القصف على المخيمات، وكانت يعني الوتيرة عم تتسارع مع الزمن كلما اشتدت عود المقاومة، كلما كان يزداد الإسرائيليون ضرباً بشكل يعني يحاول أن يفرق بين اللبنانيين والفلسطينيين، ولا سيما في الجنوب ولكن للحق يعني -وهذه شهادة أعتز بأن أقولها- بأن الشعب اللبناني -ولاسيما في الجنوب- بدلاً من أن تعكس عليه هذه العمليات العدوانية موقفاً سلبياً، اشتد عوده بتأييده للثورة الفلسطينية، وكانت الكلمة المشهورة يومئذٍ -المرحوم.. المغيب رد الله غيبته- الإمام موسى الصدر الذي قال: نحن في حركة أمل المحرومين من الوطن نتضامن مع المحرومين.. المحرومين في الوطن نتضامن مع المحرومين من الوطن، يعني حاول أن يجد هذه البلاغة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وحركة أمل وقتها كانت بدأت تشتد..
شفيق الحوت: في البداية نعم.
أحمد منصور: وتصبح قوة على الساحة (الفلسطينية)..
شفيق الحوت: وكانت على علاقة وطيدة مع حركة فتح، ومع أبو عمار بالذات.. وأستطيع كمان أن أعزو شيئاً من الجهد، لتقريب بين الإمام موسى الصدر وبين ياسر عرفات، وبدأت العمليات الإسرائيلية يضيق بها بعض اللبنانيين ذرعاً، وبدأت تعكس ظلالاً ثقيلة على الحكم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأن كانت بتعكس أيضاً عملية اختراق للدولة.
شفيق الحوت: طبعاً، فيها إحراج للدولة، وبنفس الوقت يعني.. يعني لبنان لا يستطيع أن يرد، موضوعياً لا يستطيع أن يرد، يعني يروى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على الأقل يدافع عن نفسه..
(6/247)
شفيق الحوت [مستأنفاً]: للطرافة، ذات يوم كان رئيس وزراء في لبنان، اسمه الحاج حسين العويني -رحمة الله- أدلى بتصريح كان شديد اللهجة إلى حد ما يعني بحق إسرائيل، فردت عليه (جولدا مائير) كانت هي رئيسة الوزراء في ذلك الحين، فقالت ما معناه: إنه فليزم لبنان حده وإلا يعني فليفهم إنه ما فيه مزح معنا، فسئل بعدين الرئيس العويني إنه شو رأيك في.. في رد جولدا مائير؟ فكان هو ظريفاً قال: حدا بيرد على امرأة؟ وانتهت وانتهت الأزمة بهذا..
أحمد منصور: دا مش هو لوحده، دا فيه رجالة كتير ما ردوش عليها..
شفيق الحوت: فكان يصعب على لبنان إن يرد.. لكن وبنفس الوقت مش قادر يقول للفلسطيني وقَّف.. لأنه يعني زي ما قلت لك الجو العام مؤيد للفلسطيني الأنظمة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: واتفاقية القاهرة منحت الفلسطيني..
شفيق الحوت: طبعاً.. شرَّع..
أحمد منصور: نوع من المشاركة في الحكم..
شفيق الحوت: شرَّع، ما هو يعني..
أحمد منصور: والسيادة على الدولة.
شفيق الحوت: لذلك زي ما قلت لك أنا إنه مُزقت ثاني يوم اتفاقية.. بس يعني مهما حاول يعني نأتي في عهد فرنجية كان يحب أنه يعتبر فارس، يعني شارل الحلو كان دبلوماسي هادئ، رجل قانوني، فرنجية.. الرئيس سليمان فرنجية المرحوم كان يعتز بفروسيته، إنه أنا يعني ما حدا بيهزني، فكان يعني محتد في الوضع اللي هو فيه، يعني لا قادر يقول للفلسطيني لأ، ولا قادر يرد على إسرائيل، لكن ضاق في الآخر خصوصاً عندما صارت عملية فردان في.. التي أشرت إليها في 73.
أحمد منصور: نعم، 10 إبريل.
شفيق الحوت: وأُخذ وأخذ على.. قامت الصحافة اللبنانية والقوى اللبنانية إنه كيف بيجي الجيش الإسرائيلي بيدخل أهم شوارع بيروت ويرتكب جريمة بحق ثلاثة من قادة العمل الفدائي وثم يذهب إلى الشط، ويركب البحر ويعود، ولا أحد..
(6/248)
أحمد منصور [مقاطعاً]: وقتها ارتكبت عمليات في نفس الوقت في عدة.. في صيدا.. في مش عارف.. في كذا مكان.
شفيق الحوت: وحتى في (الفكاني) نفسه يعني كان هنالك من حاول أن يعني يلاحق ياسر عرفات، وبأعرف إنه هرب يومها، عندما عرف وذهب إلى أحد مواقع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أبو إياد روى التفاصيل بشكل مصوَّر، لأنه كان في منزل مقابل للمنزل قريب.. كان قريب من الجبهة الشعبية وقتها كان فيه صراعات أيضاً بين الفصائل الفلسطينية.
شفيق الحوت: وهذا يمكن كان من حسن حظنا، إنه كان فيه استنفار داخلي، فظن البعض.. إنه أحد الفصائل الأخرى جاي، فصار تبادل إطلاق نار مما دعا الإسرائيليين إلى.. إلى الفرار، 73 كانت يعني مفصلاً، يعني بدأ زي مال قلت لك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا الحادث تحديداً..
شفيق الحوت [مستأنفاً]: حتى الرئيس فرنجية بدأ يفكر إنه أنا يعني محدود كرئيس جمهورية، يعني مُلْجم كرئيس جمهورية، لكن أنا كزعيم ماروني طويل عريض ما بأرضى بهذا الوضع، فلذلك أسس -زي ما قلت لك- ميليشيا شعبية اسمها "قوات المردة".
أحمد منصور: سنأتي لها تحديداً، ولكن هذا الحادث كمفصل في الوجود الفلسطيني في لبنان وفي علاقة الفلسطينيين بالدولة اللبنانية.
شفيق الحوت: نعم، كان مفصلاً، وكان مرشحاً لمزيد من التوتر والتورط..
(6/249)
أحمد منصور: لكن عمل.. حينما خرج 250 ألف لبناني في جنازة الثلاثة يعني ما يقرب من 10% من سكان لبنان، أدى إلى إن يعني شعور بنوع من التعاطف الكبير مع الثورة الفلسطينية ومع الفلسطينيين، في نفس الوقت خرجت مظاهرات مارونية تطالب بإلغاء اتفاقية القاهرة، على أساس إن اتفاقية القاهرة هي التي منحت الفلسطينيين هذا الوضع، ومن ثَمَّ إذا تم إلغاؤها فممكن إيقاف الحدة مع الإسرائيليين، بدأ صِدَام بين الجيش اللبناني وبين الفدائيين الفلسطينيين، بدأت عمليات خطف ما بين الطرفين، سليمان فرنجية نفسه أعلن عن رغبته باستبدال اتفاقية القاهرة باتفاقية جديدة تضع الفدائيين ومخيمات اللاجئين تحت سيطرة الحكومة، ولكن بعد ضغوط من السادات ومن النميري ومن الأسد ومن غيرهم يعني سحب الموضوع، قامت معركة في 3، 4 مايو 73 بين الجيش اللبناني وبين الفدائيين، وفي 5 مايو تم إيقاف العمليات، ورئيس الوزراء أمين الحافظ قدَّم استقالته مساء 7 مايو، وعُقد في 9 مايو هدنة ما بين الطرفين، اللاجئين كانوا وصلوا 300 ألف في بيروت في ذلك الوقت وكان فيه رغبة من فرنجية إن يتم تخفيض عدد الفدائيين.
أحداث مايو 73، الصدامات التي حدثت كانت تجربة لبداية أو مؤهل للحرب اللبنانية التي اندلعت في 13 أبريل.
شفيق الحوت: وأعتقد كانت من بقايا اندفاع الرئيس سليمان فرنجية، يعني لو كان غيره.. لو كان شارل الحلو ما يعملهاش، لذلك أمر.. واستعمل الطيران، يعني لأول مرة يطير طيارين لبنانيين وبيقصفوا...
أحمد منصور [مقاطعاً]: وبعض الطيارين المسلمين رفضوا أن يقوموا بمهَّمات وحوكموا أو أبعدوا من الجيش وبدأت عمليات فرز داخل الجيش اللبناني.
(6/250)
شفيق الحوت: أيوه وصاروا يعني يرموا قنابلهم في المناطق ما فيهاش سكان، لكن اللي أوقف هذا التوتر من أن يتفاقم أكثر، أولاً: ما كانش يعني فيه ما يبرر فعلاً، أنا بأذكر في هذا اليوم بالذات كنت عند ياسر عرفات في الفترة هذه، وكان معنا للصدفة العميد ريمون إده ونزلت قذيفة قرب مقر ياسر عرفات، يعني في منور البيت الذي كنا نجتمع فيه، وبأذكر العميد ريمون إده اتصل يومتها في قائد الجيش، قائد الجيش نفى، قال له: شو بتنفي؟ أنا قاعد في موقع عند.. أنا عند ياسر عرفات، بأحكي لكم من عند ياسر عرفات، ونزلت القنبلة على بعد أمتار منا، يعني بدأت.. بدأت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ريمون إده كان وزير الدفاع؟
شفيق الحوت: ما أعرفش إذا كان وزير أصلاً في.. في ذلك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا أنا.. أنا أذكر إن رئيس وزراء كان بيصدر أوامر للجيش أن يوقف، وما كانش حد بيسمع كلامه.
شفيق الحوت: لأ، أمين الحافظ يعني مسكين، يعني عمل رئيس الوزراء أسبوعين زمان، ولم يستطع الصبر..
أحمد منصور: حتى بعديه لما جه رشيد كرامة كذلك.
شفيق الحوت: آه، بس يعني رشيد كان يعصى الأمر أو.. أو يحرج رئيس الجمهورية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن في كثير من الأحيان كان بيصدر أيضاً أوامر للجيش وما كانش حد بيسمع له..
(6/251)
شفيق الحوت: آه طبعاً.. لا طبعاً لأنه الجيش عادة إلى ما قبل الطائف كان أولاً جيش فئوي، والقيادة فيه لماروني، وتقليدياً يعني كل ما يجي رئيس جمهورية هو بيعين قائد جيش، فيعني من.. من المناصب المضمونة كانت، اللي وقَّف تطور هذا الاشتباك الفلسطيني اللبناني مع الجيش اللبناني في تلك الفترة -حسب معلوماتي- اتصال من الرئيس حافظ الأسد، بالرئيس فرنجية الذي كان تربطه صلة به، ويقال أنه همس في أذنه، بأننا على أبواب معركة مع إسرائيل، ولا يجوز أن تكون الساحة اللبنانية الآن الداخلية منشغلة بقتال فلسطيني لبناني، أنا أتكلم مايو 73، أكتوبر 73 صارت الحرب المشهورة..
أثر حرب أكتوبر على الثورة الفلسطينية
أحمد منصور [مقاطعاً]: حرب أكتوبر هل كان لها تأثيرات على الثورة الفلسطينية بشكل مباشر وقتها؟
شفيق الحوت: أنا بأعتقد حرب أكتوبر هي التي شكلت منعطفاً جذرياً في مسيرة النضال الفلسطيني.
أحمد منصور: إزاي؟
شفيق الحوت: صار هنالك قناعة في أكتوبر لدى سوريا ولدى مصر ولا سيما مصر، بأن المعسكرين السوفيتي والأميركي لن يسمحا لأي من فريقي الصراع في الشرق الأوسط من الانتصار على الثاني نهائياً وحسم الموضوع، يعني عند حدود معينة ينهزم العرب، يقوم السوفييت ويحاولوا..
أحمد منصور: فبالتالي تعاد تسوية ويصبح هو..
شفيق الحوت: فإذن لابد يعني من التفكير بأسلوب آخر بعيد عن الصراع المسلح لحل هذه الأزمة، طالما فيه معسكرين، معناه فيه توازن رعب، معناه فيه توازن قوى وإن كان الكفين دائماً أميل لصالح إسرائيل، لأن أميركا كانت..
(6/252)
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن الرؤية دي حتى كانت واضحة عند عبد الناصر، لما قبل بروجرز لما قال للوفد الفلسطيني في يوليو 70 إن لو أقمتم دويلة على أي جزء من فلسطين أفضل من لا شيء، معنى كده إن كان في الأفق واضح، إن حتى الحرب التي كان يعد لها عبد الناصر كانت حرب من أجل الدخول في تسوية وليس من أجل تحقيق انتصار شامل.
شفيق الحوت: لأنه أخ أحمد يعني حتى الفلسطيني نحن الذين وضعنا ميثاق منظمة التحرير، وقلنا بتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني وأصلاً قمنا وكانت لنا الضفة والقطاع والقدس من أجل عودة الفلسطينيين وتحرير التراب الوطني الفلسطيني، بعد حرب أكتوبر 73 وكنا نحن فيها فريق بيعني حجمنا المتواضع نحن ساهمنا على الجبهة الشمالية، لكن على أثر ما ترتب عن هذه الحرب من تداعيات سياسية ومن إيحاءات مصرية وسورية إنه بدكم تشوفوا طريقة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هل هذا ما أدى إلى تعديل قرار المجلس الوطني الفلسطيني في يونيو 74 إلى تعديل منظمة التحرير لأهدافها واستراتيجيتها بأن تتخلى عن إقامة سلطة وطنية مؤقتة إلى إقامة.. فوق أي جزء من التراب الفلسطيني تجلو عنه إسرائيل؟
شفيق الحوت: من البداية نعم، كذلك هذا.. هذه الدورة بالذات التي أصدرنا فيها ما يُسمى.. ما كان يُسمى حينئذٍ بالنقاط العشرة، يعني كانت قطعة آية في الغموض الدبلوماسي الفلسطيني الذي لخصه أحد زملائنا المرحومين اسمه عبد المحسن أبو ميزر قال.. قلنا.. المصريين والسوريين دُعوا إلى مؤتمر في جنيف وسألونا إنه تفضلوا يعني ما رأيكم في هذا الموضوع؟ فلم نستطع أن نقول لا.. لم نستطع أن نقول نعم، فقلنا (لعم)، فبنسمي إحنا هذه الدورة دورة النقاط العشرة بدورة (لعم) يعني حيث إذا قرأت من اليمين إلى اليسار تجدها يعني تعني..
أحمد منصور: طب دا بيدفعنا هنا ودا وقع سنة 64 إلى أن..
شفيق الحوت: 74..
(6/253)
أحمد منصور: 74 عفواً، لماذا اتخذ ياسر عرفات والقيادة الفلسطينية هذا الموقف من السادات وهم كانوا مهيأين في 74 إلى أن هم ممكن يمشوا معاه في المسيرة؟
شفيق الحوت: لكن الطلب اختلف، شوف أولاً.. أولاً لم يكن ياسر عرفات عمره ما قال: لا لشيء، حتى موقفه من السادات ومن اتفاقية كامب ديفيد، أبو عمار إذا بترجع للتاريخ كان آخر واحد هاجم كامب ديفيد بعنف، يعني كانت سبقته كل المنظمات الفلسطينية، بس أبو عمار ما بيقدر أن.. أن يغرد خارج السرب، يعني خارج وجبهات طويلة عريضة حواليه منظمات ومنظمات مدعومة، يعني ما سُمي في حينه جبهة الرفض مثلاً، كانت وراها بغداد، وراها دمشق، وراها ليبيا، يعني أن يصمد أبو عمار أمام هذه المنظمات لوحدها كان أمراً ممكناً لكن بدعم من هذه الدول كان أمراً مستحيلاً.
أحمد منصور: وتحالفت هذه المنظمات مع بعضها من 73.. بعد 73
شفيق الحوت: كانت تتحالف وتنفك التحالفات وتتغير وتتبدل، المهم.. المهم بدلاً من جنيف..
أحمد منصور: دي سُميت جبهة القوى الفلسطينية الرافضة للحلول الاستسلامية.
شفيق الحوت: للحلول السلمية حتى يا ريت الاستسلامية معقول يعني.
أحمد منصور: وشُكِّلت في 10 أكتوبر 74.
شفيق الحوت: آه، الحل السلمي، كانوا.. يعني كان إحنا كمان أثار اللفظة العرب أحياناً بيصبحوا أسير للكلمة الواحدة، إيش لون أنت ضد الحل السلمي؟ إذا حل مناسبك ويعني كأنك أنت صاحب القوة والذراع الطويل القادر على ذبح إسرائيل عسكرياً وبتقول أنا بأرفض الحل السلمي، على كل حال، موقف المنظمة كان بعد النقاط العشرة هؤلاء وموقف الـ(لعم) بدلاً من الذهاب إلى جنيف مباشرة والتفاوض مع العدو الإسرائيلي، كان البديل الممكن الوحيد هو الذهاب إلى الأمم المتحدة، ولم يكن هذا القرار بالأمر السهل، أنا أذكر عندما توجهنا من مطار بيروت إلى نيويورك في نوفمبر 74..
أحمد منصور: كنت..
(6/254)
شفيق الحوت: كنت على رأس الوفد الإعلامي، كانت إحدى المنظمات واضعة يافطة على طريق مطار بيروت الدولي "الطريق إلى الأمم المتحدة هي الطريق إلى الخيانة" لهذا المستوى كان الخلاف في الصف الفلسطيني.
أحمد منصور: أمال اللي حصل دلوقتي يتقال عليه أيه؟!
مدى استغلال منظمة التحرير الفلسطينية لانضمامها للأمم المتحدة
شفيق الحوت: لا لا.. فيه كلمات يجب أن تُنْحَت، لأنه لا وجود لها في القاموس العربي، فمع ذكر أنا بأعتبر إنه أحد أهم القرارات السياسية التي اتخذتها القيادة الفلسطينية هي الذهاب للأمم المتحدة ولأسباب يمكن أخرى ليس لها علاقة بكل ما تحدثنا به، إنما على المستوى الدولي كانت إسرائيل فقط في الأمم المتحدة، يعني الأمم المتحدة أوصت بإنشاء دولتين، فيه دولة موجودة كاملة العضوية وفيه فريق كان غايب صار له 16 سنة أو أكثر عن الأمم المتحدة، تواجدنا في الأمم المتحدة، أصبحنا عضو مراقب، ومن هنا بدأت يعني كانت تكتفي الأمم المتحدة بالاستماع إلى تقرير رئيس وكالة اللاجئين المفوض..
أحمد منصور: (الأنروا)..
شفيق الحوت: الأنروا، أصبحنا نذهب وفداً سياسياً كاملاً.
أحمد منصور: ودول كثيرة اعترفت بكم: اليابان وألمانيا وأوروبا وفرنسا وفتحت مكاتب..
شفيق الحوت: وفرنسا وبلجيكا كل.. كل الدول.. كل الدول، وأكثر من ذلك، الأمم المتحدة في الـ74..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هل نجحتم في استغلال هذا الاعتراف وهذه النقلة الدبلوماسية والسياسية بشكل صائب، أم تحولت هذه المكاتب إلى عملية مكافآت للمسؤولين الفلسطينيين المختلفين ويعني لم تساعد فعلاً على الحصول على الحق الفلسطيني كما يجب؟ تقييم. حصلتوا مكسب، كيف استغليتوا هذا المكسب.
شفيق الحوت: والله يا أحمد أنا بأعتقد إنه استفدنا كثيراً منه واستغليناه كثيراً، يعني لم تكن قضية..
أحمد منصور: ودي النتيجة يا أستاذ شفيق.
(6/255)
شفيق الحوت: معلش مش.. مش وجودنا في الأمم المتحدة السبب، نحن الآن نتمنى أن نكون في الأمم المتحدة، وأصلاً يعني إذا تابعت، وهذا يمكن نيجي له في المستقبل في حلقات قادمة، كان هم إسرائيل أن تخرجنا وأن تخرج القضية من الأمم المتحدة، لذلك صار الاتفاق أوسلو خارج إطار الأمم المتحدة، لأنه ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الأمم المتحدة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هو ده اللي أنا بأقوله إن المكاسب اللي حققتموها من وراء الأمم المتحدة لم تستفيدوا بها ولم تستغلوها بالشكل الذي يكون في صالح القضية الفلسطينية.
شفيق الحوت: والله كنا بحاجة يمكن يا أخ أحمد إلى.. إلى موقف عربي أكثر شدة، يعني ما تنساش..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الموقف العربي من أول يوم مش..
شفيق الحوت: ما فيش، هذا موقف.
أحمد منصور: كل حاجة أنتو خدتوها بأيديكم.
شفيق الحوت: أنا مش.. مش مطالبهم يقاتلوا، يعني بس إحنا جينا إلى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ولا الموقف العربي في يوم من الأيام كان واخد موقف من القضية الفلسطينية داعم بقوة نقدر نقول بها العرب وقفوا جنب القضية الفلسطينية، التاريخ قدامنا وأحداثه..
شفيق الحوت: ما تحمسنيش، لأنه أنا يعني..
أحمد منصور: أنا مش بأحمسك بس التاريخ قدامنا وأحداثه.
شفيق الحوت: يعني أنا في الأمم المتحدة استصدرت قرار بحقي في تقرير المصير، حقي في العودة، حقي بالاستقلال.
أحمد منصور: خدت منهم أيه؟
شفيق الحوت: طول لي بالك، لا هأحكي لك و.. وأنا معك في النهاية يعني..
أحمد منصور: لا قيادتك.. لا قيادتك استفادت ولا الدول العربية، والإنسان الفلسطيني بيدفع الثمن.
شفيق الحوت: أكتر.. أكثر.. أكثر من اللازم، عشان هيك..
أحمد منصور: بس قيادتك بتتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الموضوع.
(6/256)
شفيق الحوت: ما فيه. .ما فيه شك، ما فيه شك ولست يعني ولا يشرفني أن أكون في يوم من الأيام ولم أكن أصلاً في موقف المدافع عن قيادتي، وأي قيادة تخطئ وتصيب، لكن على.. إحنا عم نحكي تاريخ حدث.
أحمد منصور: أخطاء قيادتكم أخطاء فادحة، أضاعت كثير من الحقوق التي..
شفيق الحوت: ليس هذا المجال.. ليس في هذه..
أحمد منصور: دفع الناس دماءهم من أجلها.
شفيق الحوت: فيه.. فيه خطايا مش أخطاء، لكن مش هاي، الذهاب إلى الأمم المتحدة رغم..
أحمد منصور: لا مش دي أنا بأقول ما بعدها، بأقول لك رؤية عامة.
شفيق الحوت: آه ما بعدها، عن هذه.. هذه تصور الأمم المتحدة أقامت لجنة اسمها لجنة ممارسة حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، أساسها وأهدافها تقوم على أساس قرار التقسيم وحق العودة وكيف.. تعترف، فيه قرار بالأمم المتحدة تعترف بتقصير المجتمع الدولي في تنفيذ قراراته اللي هو بيتخذها، يعني تصور دول من إفريقيا ومن آسيا كانت عضو في هذه اللجنة وناضلت وعملت شبكة إعلام وشبكة تأثير في جميع أنحاء العالم لزيادة الوعي العالمي لتحقيق أهداف.. قرارات الأمم المتحدة في فلسطين، لكن ماذا تفعل أنت في الوقت اللي كنت تجد إنه يعني انشغلت.. مش انشغلت وأُشغلت، يا أخ أحمد، تقول لي خطايا، إحنا بعد الـ74.. في الـ74 حدث أمرين مهمين، أولاً مؤتمر الرباط وحيث أُعترف بنا عربياً، اسمعني بهاي.
أحمد منصور: أيوه سامعك.
(6/257)
شفيق الحوت: إحنا قمنا سنة الـ64 أصبحنا عضو كامل العضوية في الجامعة العربية سنة الـ74، 10 سنين الدول العربية أخذها من الوقت حتى أصبحنا عضو كامل العضوية في جامعة الدول العربية في مؤتمر الرباط، عندما سُمينا بأننا الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. في الـ74 ذهبنا إلى الأمم المتحدة وأشرت إلى المكاسب التي حصلنا عليها، في الـ74 يا أخ أحمد هذه أنا كنت شاهد عليها، السفير اليوغسلافي في بيروت يتصل في الأخ أبو عمار كنت في الفكاني عنده ونقله رسالة من (تيتو) يقول له: إن (كيسنجر) في أحد اتصالاته مع تيتو.
أحمد منصور: كانت جولاته المكوكية آنذاك.
شفيق الحوت: أعرب عن قلقه من هذا الحجم الذي وصلت إليه منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، ولهذا الانتصار الكاسح في الساحة الدولية، يعني إحنا عشنا إلى التسعينات أوائل التسعينات، أي قرار في الجمعية العامة كان الوفد الفلسطيني كفيل بأن يأتي.. إن لم يأت بالإجماع يعني باستثناء إسرائيل وأميركا فناقص صوتين أو 3 أصوات أو الباقي بأقول لك كان مع الشعب الفلسطيني، أنا بأعتقد هنا.. أنا بأعتقد هنا -ومش عم بدي أحط الشماعة على غيري بغض النظر عن أخطائنا وسوء إدارتنا المستمر ونحن يعني غير معصومين- بدأت أميركا وبدأت إسرائيل في المحاربة الجدية لمنظمة التحرير الفلسطينية ابتداءً من العام 75، نحن في هذه المرحلة بدأنا أن نغوص في الوحل أو الرمال السهلة في لبنان وانشغلنا في حرب عربية عربية حتى كان الاجتياح سنة 1982.
(6/258)
أحمد منصور: خلال سنة 74 على الساحة اللبنانية قام الفدائيون بعشر عمليات فقط على إسرائيل.. إسرائيل شنت في مقابل ذلك 437 هجوم على لبنان، 55 غارة جوية، قتلت 167 مدنياً وجرحت 412 آخرين، بدأت العلاقة تتوتر بين الفلسطينيين وبين الحكومة.. بين المسلمين وبين المارونيين داخل الساحة اللبنانية، لبنان رفضت عدة عروض عربية بمدها بأسلحة للدفاع الجوي منها عرض من ليبيا في ديسمبر 74 لشراء أنظمة صواريخ مضادة لها، في 13 أبريل 1975 انطلقت الرصاصة الأولى في الحرب اللبنانية وأبدأ معك منها في الحلقة القادمة.
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(6/259)
الحلقة8(6/260)
الأربعاء 25/12/1423هـ الموافق 26/2/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 10:45(مكة المكرمة)،07:45(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
23/02/2003
- اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975
- الدور الإسرائيلي في الحرب اللبنانية
- موقف منظمة التحرير الفلسطينية من الحرب اللبنانية
- التعامل السوري والمصري مع الحرب اللبنانية
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان). أستاذ شفيق، مرحباً بك.
شفيق الحوت: مرحباً بكم.
اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975
أحمد منصور: في 13 إبريل 1975 انطلقت الرصاصات الأولى في الحرب اللبنانية، حيث شن مجهولون هجوماً على إحدى الكنائس التي كان فيها (زعيم حزب الكتائب) رياض الجميل، قتل شخص، وأصيب آخرون، وسرعان ما رد المارونيين على ذلك باحتجاز عدد كبير من الفلسطينيين، وقتلوهم ذبحاً، وسرعان ما تفجَّر الوضع بعد ذلك بين الفلسطينيين والكتائب، كيف تفاقمت الأمور؟
شفيق الحوت: أولاً: حدث شيء مهم قبل حادث عين الرمانة يجب الإشارة إليه أعتقد، وهو اغتيال الزعيم الشعبي اللبناني المعروف في صيدا، معروف سعد، وكان من أكبر المناصرين للعمل الفلسطيني للنضال الفلسطيني، وأن كان سبب قتله يعود لأسباب محلية، وقيل يومئذٍ.. اتهم فيه ناس كانوا يحاولون إقامة مشروع صيد سمك في.. في.. في صيدا مشروع بروتين، وقيل.. وكان كميل شمعون متهم، أنه هو كان وراء هذا المشروع، ولم يعرف حتى الآن من قتل معروف سعد، كما لم يعرف حتى الآن ما حدث بعد شهر تقريباً في عين الرمانة.
أحمد منصور: من الذي أطلق الرصاص؟
(6/261)
شفيق الحوت: من الذي أطلق الرصاص؟ أين القضاء؟ أين التحقيق؟ كل هذه أمور حتى الآن مازالت مكتومة وغير معروفة، ولا يستطيع إنسان أن يبت بحسم بالقول أن فلان ارتكب هذه الجريمة أو كذا، بدليل..
احمد منصور [مقاطعاً]: كثير من الحروب الكبرى كان سببها رصاصة واحدة.
شفيق الحوت: دا.. طبعاً، هي الحقيقة الظروف كانت مهيأة، الظروف مهيأة، أولاً: كان يعني طفح الكيل...
أحمد منصور: وأحداث مايو 73 كانت مقدمة.
شفيق الحوت: نعم.. نعم، طفح الكيل في العلاقات اللبنانية الفلسطينية، إسرائيل كانت على الخط باستمرار تؤذي اللبناني لتذكره بأنه لولا الفلسطيني لما كنت قد تعرضت لهذا الأذى، أساء الكثير من الفلسطينيين إلى.. إلى الثورة نفسها، لأنهم لم يكونوا على ذلك المستوى من الطهر المطلوب فارتكبوا بعض الأخطاء التي يعني خسَّرتهم من شعبيتهم التي كانت سائدة، ثم علينا هنا ألا ننكر أن في لبنان سبب بعيداً عن الفلسطينيين دائماً فيه مقومات لإمكانية التفجر، لا ننسى إنه لبنان تعرض في الـ 58..
أحمد منصور: التركيبة العرقية يعني..
(6/262)
شفيق الحوت: نعم.. نعم، يعني الطوائف المختلفة والتنافس على المواقع في المجتمع اللبناني، يعني ليست المرة الأولى التي يشهد فيها لبنان نوعاً من الحروب الأهلية داخل لبنان، أضف إلى ذلك.. أضف إلى ذلك أن الوضع الاقتصادي كان في لبنان، وإن كان على المنظور والظاهر أن لبنان كان يعني يعيش في بحبوحة، إلا أن حزام البؤس حول بيروت كان قد بدأ يتسع ويشتد عمق الفارق الطبقي بين مجموعة كبيرة من اللبنانيين و بين الطبقة المستفيدة من النظام القائم، كانوا يسموها النظام الحر، والذي كانت معظم الأحزاب السياسية اللبنانية باستثناء الحزب التقدمي الاشتراكي يمالئون هذا النظام، في تلك الفترة تقدم كمال جنبلاط بمشروع الإصلاح السياسي، واعتُبر هذا المشروع بأنه مشروع شيوعي، مشروع يعني يدعو إلى توجيه الاقتصاد، ورُفض بشكل يعني قاسي مما جعل الوضع السياسي اللبناني اللبناني متأزماً ومهدداً بالانفجار، إذاً العوامل الموروثة في تاريخ العلاقات اللبنانية الطائفية..
أحمد منصور: يعني الأجواء كلها كانت مهيأة لاندلاع الحرب.
شفيق الحوت: كانت مهيأة.. كانت مهيأة.. كانت مهيأة بالإضافة.. بالإضافة إلى أن هنالك كان من يريد ويشجِّع على تفجير هذا الوضع، اللي هو بقناعة وهذا أمر طبيعي، إسرائيل ومن يدعم إسرائيل.
أحمد منصور: يعني بتعتقد إن كان فيه قوة خارجية وراء تأجيج الصراع؟
شفيق الحوت: ما فيه شك، سبق وقلت أن (كيسنجر) قال (لتيتو)، وتيتو بعث برسالة إلى ياسر عرفات إنه دير بالك هيقوموا عليك، يعني أصبحت يجب تحجيمك، وعليك أن تراعي وضعك الجديد، وتراعي قوانين اللعبة الدائرة في.. على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي.
أحمد منصور: حينما انطلقت الرصاصات الأولى في 13 إبريل 75، كان متوقعاً أن يصل مدى الحرب إلى المدى الذي وصلت إليه؟
(6/263)
شفيق الحوت: طبعاً لا.. طبعاً لا، وأنا عم بأراجع أوراقي، وكنت أكتب يوميات في بعض الصحف اللبنانية، مررت على الحادث طبعاً علَّقت بأسف إنه.. أن يحدث هذا الشيء، ولكنني لا.. لم أشعر من خلال ما كتبت في تلك الفترة أنني كنت أُهيِّج أو أطلب بالثأر، أو.. بالعكس كنت أدعو، وهذا ما كانش موقفي الخاص، الحقيقة كان موقف القيادة ككل، وتوجه الشعب الفلسطيني إلى ضرورة تلافي هذه.. هذا الفخ الذي يريد أن يوقع بين الفلسطيني واللبناني، وكان قد سبق ذلك حوادث اعتداء علينا.. على الشعب الفلسطيني، يعني مرة صار فيه اعتداء قتلوا 18 إنسان على طريق الكحالة، واتهم..
أحمد منصور: ذكرت بعض الأشياء.
شفيق الحوت: الكتائب، نعم، ولكن وكان كمال جنبلاط وزير الداخلية، وأذكر في أعقاب اطلاعه على موقفنا المتسامح والرغبة في طي الصفحة إنه قال هذا شعب من الملائكة الشعب الفلسطيني اللي بيتحمل أن يقتل له 18 إنسان، ذهبت أنا وإياه بعد ساعات، وكانوا لسه الجثث ملقاه في الشوارع، وأنا بأذكر كلمتي في ذلك الوقت أمام جمهور أهل الكحالة هذه الضيعة التي جرى بها هذا الحادث المؤلم، إنه لو جرى في منطقة إسلامية كنا يعني كمنظمة تحرير لا نغفر ذلك، ولا نقبل إلا بالتحقيق وبإنزال أقصى العقوبات بمن ارتكب هذه الجريمة، أَمَّا وقد حدث في منطقة مسيحية، فمن الواضح إنه المستهدف هي الإساءة للعلاقات بين المسلمين والمسيحيين، وبالتالي بين المسيحيين والفلسطينيين، لم تكن هنالك رغبة على الإطلاق، وإن كان هنالك طبعاً فيه حماس وفيه غضب، ولكن ربما كان الغضب في الساحة المسيحية أكثر حدة لشعور..
أحمد منصور: ورد الفعل المسيحي كان عالي..
شفيق الحوت: كان يعني إله..
أحمد منصور: لذلك في 15 إبريل انضمت أحزاب المعارضة أو الكتلة الوطنية اللبنانية إلى التنظيمات الفدائية الفلسطينية، وطالبت بعزل الكتائب.
(6/264)
شفيق الحوت: مش الكتلة الوطنية بتقول الكتلة.. يفتكروا حزب بعدين (ريمون إده)، لأ، الجبهة الوطنية.
أحمد منصور: لأ، الجبهة الجبهة الوطنية..
شفيق الحوت: الجبهة الوطنية آه، والحركة الوطنية كما تريد تسميها.
أحمد منصور: أو الحركة الوطنية.
شفيق الحوت: طيب وبأعتقد كان هذا خطأ، الآن يعني بمنظور اليوم..
أحمد منصور: لأن ده صعَّد المواجهة.
شفيق الحوت: صعد المواجهة.
أحمد منصور: وقسم البلد إلى قسمين.
شفيق الحوت: وقسم البلد إلى قسمين.
أحمد منصور: أيه.. أيه القوى السياسية أو الخريطة كانت أيه عشية اندلاع الحرب اللبنانية؟
شفيق الحوت: يعني كان هنالك من.. ما يسمى بالفريق التقدمي في لبنان، كما أشرت مشروع كمال جنبلاط كان مستقطب عدد كبير من اللبنانيين حواليه، مشروع الإصلاح السياسي اللي كان يقول عنه بيير الجميل إنه هذا مشروع شيوعي، أجا مرة أحد المسؤولين الأميركان اسمه (ديم براون) أذكر في تلك الفترة في زيارة للبنان، استطلاع، فقالوا فرجونا على مشروع الإصلاح يعني تبع كمال جنبلاط اللي يقال عنه إنه مشروع شيوعي، فلما قرأه، قال.. قال لبيير الجميل وللحكومة اللبنانية، قال لهم هذا إحنا حققناه من.. من حوالي 50، 60 سنة في.. في أميركا كإصلاح ضرائبي، و.. وإلى آخره، يعني كان فيه موقفين.. موقف محافظ.
أحمد منصور: يعني كان الدروز كمال جنبلاط.. الدروز..
شفيق الحوت: كمال جنبلاط، نعم.
أحمد منصور: كانت أحزاب لبنانية..
شفيق الحوت: الحزب السوري القومي، الحزب الشيوعي، منظمة العمل الشيوعي، حركة القوميين العرب اللبنانية.
أحمد منصور: في المقابل كان المارونيين يتألفوا من 5 قوى تقريباً.
شفيق الحوت: يعني أنا ما أحبش أقول المارونيين، لأنه كان هنالك مارونيين في الأحزاب الأخرى في الحزب السوري القومي وفي الحزب الشيوعي، فيه مارونيين.
أحمد منصور: لكن نقدر نقول كان أو حسب التقسيم..
شفيق الحوت: بس للأسف صارت يعني.
(6/265)
أحمد منصور: كانوا حوالي 17 حزب وتكتل سياسي.
شفيق الحوت: يعني فرقوا كمان عند المسيحيين، كما فرقوا عند المسلمين.
أحمد منصور: فرقوا عند المسيحيين 5 تقريباً، أو ربما زادوا عن ذلك، الجيش كان هنا وضعه أيه؟
شفيق الحوت: الجيش كان في حيرة من أمره، وكان للجيش تجربة سابقة في 58 عندما قامت حركة برضو يعني تمرد وشبه ثورة في لبنان، بس كان قائد الجيش يومئذٍ فؤاد الشهابي الذي رفض أن يقحم الجيش بين أي من الفريقين، فبقي على الحياد.
أحمد منصور: كانت محاولة انقلاب، ونجح في قمعها قمعاً شديداً.
شفيق الحوت: آه طبعاً.. طبعاً، ففي.. في السبعينات كان الجيش وضعه صعب، يعني وكان يعني هو بتركيبته السابقة لم يكن متوازناً، وكان يعني يمكن تسميته بأنه كان جيشاً -إلى حدٍ ما- طائفياً، يعني هذا اللواء معظمه سني، هذا لواء معظمه شيعة، هذا لواء معظمه موارنة، وهكذا كان الوضع، فكان يصعب على الجيش أن يتدخل، لذلك سبق وقلت إنه حتى سليمان فرنجية، عندما شعر إنه مش قادر (يمون) على الجيش 100% أنشأ الميليشيا الخاصة به لكي يعني يتحرك عسكرياً بمعزلٍ عن الجيش اللبناني، لكن من الممكن القول أن الجيش كان أقرب إلى الإخوة في الخندق المضاد منه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كما سيتضح من مسار الأحداث بعد ذلك، جرت محاولات لمحاولة استيعاب الوضع وإيقاف.. وعمل وقف لإطلاق النار، و3 مايو شكلت لجنة مراقبة لوقف إطلاق النار، إلا أن كان هناك تجاوزات، أُجبر رشيد الصلح على الاستقالة رئيس الحكومة في 15 مايو 75 بضغوط من المارونيين، وأعلن سليمان فرنجيه في.. فرنجية في 23 مايو عن تشكيل حكومة عسكرية برئاسة الجنرال نور الدين الرفاعي إلا أن المسلمين..
شفيق الحوت: لم تبصر النور هاي.
(6/266)
أحمد منصور: آه بقيت عدة أيام، ورجع رشيد كرامة مرة أخرى في 28 مايو ليشكل حكومة جديدة. في هذه الأثناء عقد علي حسن سلامة، اللي كان رئيس حرس ياسر عرفات اتفاق سري مع الموارنة، لكن قيل باقي الفصائل الفلسطينية رفضت هذا الاتفاق، عندك معلومات عن هذا الاتفاق؟
شفيق الحوت: اتفاق لم يكن أبو حسن، هذا اسمه كان -الله يرحمه- مخوَّلا بتوقيع اتفاقيات، كان هو مبعوثاً من ياسر عرفات، وتستغرب كم كان يلتقي مع أمثاله في ذلك الحين من الطرف الآخر، ولا سيما بشير الجميل -رحم الله الاثنين، في رحاب الله صاروا- حتى باتوا أصدقاء تقريباً، يعني كانوا شباب أول طلعتهم يعني أقرب إلى القبضايات منهم إلى رجال..
أحمد منصور: طبعاً فيه أساطير بتروى حوالين اللي كانوا بيعلموه في البلد وقتيها.
شفيق الحوت: يعني كانوا.. شباب صغار شباب وفي موقع قوة.
أحمد منصور: يعني حينما توضع القوة في أيدي أمثال هؤلاء الناس يمكن أن تصل الأمور..
شفيق الحوت: لكن زي ما قلت إنه لم.. لا يملكون كانوا حق إبرام اتفاقيات كان.. كانت الاتصالات تجري لوقف إطلاق النار، وهنا البطل كانوا رجال بلا أسماء، أبطال هذه المرحلة. أنا شهدت وساهمت في حوالي 90 اتفاق لوقف إطلاق النار.
أحمد منصور: 90؟
شفيق الحوت: تقريباً، يعني بعض مرات في..
أحمد منصور: واللي غبت عنهم قد أيه؟
شفيق الحوت: بعض مرات في النهار يصير وقفين لإطلاق النار، وأعود إلى البيت مطمئناً..
أحمد منصور: ويتم التوقيع، ... الورق..
(6/267)
شفيق الحوت: آه إنه هآقدر أتغدى هلا بدون ما أسمع أصوات، فأفاجأ بأن هنالك اشتباك في المنطقة الفلانية. هنا دخل ما يسمى على الخط الطابور الخامس أو الفريق الثالث، ثم طلع شعار ما يسمى بالعناصر غير المنضبطة، يعني نتلفن، كانت التليفونات مفتوحة بين شقي المدينة، شو يا شيخ بشير، شو القصة؟ يقول والله دول عناصر غير منضبطين كذا، على ما نرتب الوضع. يتصل الشيخ بشير بعد 10 دقائق بأبو حسن سلامة: شو يا علي القصة عندكم؟ والله ما عارف، هادول بيظهر شباب..
أحمد منصور: غير منضبطين.
شفيق الحوت: آه غير منضبطين شربانين كأس عرق وعملوا اللي صار، لكن في الواقع أنه بأعتقد أنه كانت القصة أكبر من هيك.
أحمد منصور: إزاي؟
شفيق الحوت: كان هنالك دخل على الخط الموساد، ودخل على الخط فكراً على مستوى استراتيجي في.. في الساحة اللبنانية حيث أصبح الصراع إقليمي أكثر منه فلسطيني كتائبي.
الدور الإسرائيلي في الحرب اللبنانية
أحمد منصور: في 3 يونيو 75 وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك (إيجال آلون) قال.. تحدث عن وجود علاقة إسرائيلية مع المارونيين، والآن تقول إن الموساد دخل في تلك المرحلة، كيف عملية الاختراق؟
وكيف كانت العلاقات بتتم؟ وإيه الدور الإسرائيلي اللي اتلعب في الحرب؟
شفيق الحوت: طبعاً فيما بعد انكشف بالكتب من بعض الكتائبيين..
أحمد منصور: "كرة الثلج"، وعشرات الكتب، وحتى الكتائب اللي..
شفيق الحوت: لا وفيه كتب جوزيف أبو خليل يعني..
أحمد منصور: وحتى نفسه أمين الجميل اعترف..
شفيق الحوت: وأمين الجميل..
أحمد منصور: اعترف، كتير من الكتائبيين اعترفوا..
(6/268)
شفيق الحوت: يعني هذه الفترة.. بهذه الفترة كانت الكتائب تنكر إنكاراً هائلاً أي اتصال بإسرائيل، وكان كذب، يعني أنا أذكر لقاء في 76، 75 في السفارة الكويتية.. أو 77، كان فيه الشيخ بيير والشيخ بشير، وياسر عرفات، أنا وأبو علي حسن سلامة.. أبو حسن علي سلامة، وكان البحث يعني تحت رعاية السفارة الكويتية إنها نحلها بقى يعني..
أحمد منصور: تفتكر التاريخ بالضبط؟
شفيق الحوت: يعني يمكن 76.. يمكن 76.
أحمد منصور: يعني قبل أن تقف الحرب، أو بعد..
شفيق الحوت: أيه.. أي.. أي لسه.. لسه على الآلة يعني، آه لسه على الآلة، وكان الشيخ بشير موجود، و..
أحمد منصور: بس كانت تصاعدت الـ..
شفيق الحوت: آه عم تتصاعد.. عم تتصاعد.
أحمد منصور: في 76خلاص المنظمة دخلت طرف.
شفيق الحوت: كان تتصاعد على.. تتصاعد داخليا وتتصاعد مع إسرائيل. في 78 لا تنس الغزو الإسرائيلي الأول. قال السفير الكويتي في هذا اللقاء، واسمه -الله يسهل عليه- عبد الحميد بايجان، بعد ما لقى إنه يعني.. اتباوس أبو عمار والشيخ بيير، وأنا سلمت على الشيخ بشير، وسلم عليَّ، وسلم هو.. هو وعلي تباوسوا يعني، إنه يا شيخ بيير، ماذا هذا الذي يقال عن تعاونكم مع إسرائيل؟ وفزَّ الشيخ بيير الجميل يعني وفَجَر إنه: إلى متى تتهمونا بهذا الشيء؟ نحن لم نتصل، لا يمكن أن نتصل، لا علاقة لنا بإسرائيل على الإطلاق، وانفض الاجتماع على أساس أنه نوع من المساهمة في إيقاف وقف إطلاق النار. بيقول لي يوميتها حسن.. علي سلامة، أبو حسن -الله يرحمه- قال لي: يا أخ شفيق الإخوان على علاقة، قلت له: كيف عرفت؟ قال لي أنا والشيخ بشير عم نتداول فيما بيننا، فقال لي الشيخ بشير -يقول علي سلامة- إنه والله يا أبو حسن إنه بلادكم تستاهل وبلادكم حلوه..
أحمد منصور: راح!!
(6/269)
شفيق الحوت: قال لي يعني ما معناه، أراد أن يقول لي إنه نحن على اتصال مع إسرائيل، المهم يعني.. وهذه يمكن كانت الخطيئة التي لا تغتفر لإخوتنا في الخندق الآخر، يعني أزالت كل مبررات موقفهم الاتصال في إسرائيل في ذلك الحين، يعني يمكن لو اعتمدوا على سوريا فقط...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أيه دوافعهم في الاتصال في إسرائيل، وكانت علاقتهم بالسوريين حسنة؟
شفيق الحوت: هنالك فيه.. فيه.. كان في فكر لبناني بنسميه إحنا في ذلك الحين الفكر الانعزالي، وهو فكر للأسف يعني يتشبه إلى حدٍ ما بإسرائيل، يعني الفكر التعصبي، دولة المسيحيين، وحتى في يوم من الأيام كان يعني في الأدبيات التي شاعت إنه لبنان مش بس لمسيحيين لبنان، ولمسيحيين الشرق، وكان هنالك من يروج لهذه الأفكار.. في.. في ما يسمى في الجبهة اللبنانية ووثيقة الجبهة اللبنانية التي صدرت عن (دير مار عوكر)، أظن اسمه (دير عوكر) أو شيء من هذا القبيل، يعني.. وكان هناك من يساهم فعلاً في الدعوة للبعد.. الابتعاد عن الانتماء العربي..
أحمد منصور: يعني أنت بتعتقد..
شفيق الحوت: يعني واحد زي سعيد عقل وبين هلالين كان.. كتب معتزاً يقول أنني أنا لم أتلفظ بكلمة (ع رب) كذا سنة. كتب مرة يدعو إنه يكفي إذا ارتكب فلسطيني واحدة خطأ لإبعاد الفلسطينيين كلهم عن لبنان. بدأت لغة عنصرية عرقية غريبة عن اللبنانيين، غريبة حقيقة عن اللبنانيين، متأثرة بالدولة الصهيونية.
أحمد منصور: يعني أنت بتعتقد إن جزء رئيسي من الحرب اللبنانية كان مواجهة ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين عن طريق طرف ثالث هو مستفيد أيضاً من هذا الموضوع؟
شفيق الحوت: يعني إسرائيل.. في مذكراته (شاريت) أظني..
أحمد منصور: موسى شاريت.
(6/270)
شفيق الحوت: هو أظن مذكرات شاريت يقول نحن بحاجة إلى ضابط لبناني وبيحل لنا المشكلة في لبنان، هذا الحكي بالأربعينات، وذلك طبعاً في المياه وفي جنوب لبنان، وكان سعد حداد هو.. هو ذلك الضابط اللي..
أحمد منصور: وهو شاريت بانى سياسته كلها على إنه يعمل علاقات، و.. ويسوِّي أموره كلها، حتى عمل علاقات مع عبد الناصر في 54.
شفيق الحوت: آه طبعاً.. طبعاً، هو كان شرقياً، يعني من اليهود الشرقيين (موسى شرتوك) أصلاً اسمه.. ربيان يعني وهو مولود في.. في.. في هذه المنطقة، فيعني.. وكان زي ما قلت لك إنه.. اللبناني، الماروني -إن جاز التعبير- سياسياً كان يضيق بهذه الأزمة الدائمة بإنه كل ما قام زعيم عربي، سواءً في مصر مثل عبد الناصر، أو زي الأسد في سوريا، أو هذا، تجد جزء من اللبنانيين يتبعون هذا الخط، يعني دايماً كان ولاء...
أحمد منصور: المد القومي والناصري كان هنا (..) كمان.
شفيق الحوت: هنا، وفيما بعد الموقف من سوريا اللي حتى الآن يشكل نوع من المشاكل بالنسبة لجزء.. جزء من اللبنانيين، وحتى كميل شمعون رغم حنكته السياسية وقع في الفخ، واتصل بإسرائيل، طبعاً عذره إن الفلسطينيين وراءهم كل العرب، إحنا مين ورانا، بدنا كمان من يدعمنا ومن يدربنا، من يمولنا، وكانت يعني.. وهذا كمان أعطى بعض العرب مبرر للاستمرار في دعم المقاومة..
أحمد منصور: يعني هل إسرائيل أيضاً.. هذه العلاقة جعلت بعض الخبراء العسكريين الإسرائيليين أو الموساد يدخل على الخط في تخطيط بعض المعارك والأحداث؟
شفيق الحوت: ما فيه شك.
أحمد منصور: لأن إحنا كنا بنلاحظ إزاي..
شفيق الحوت: دربوهم.
(6/271)
أحمد منصور: أو أنا لما جيت أتابع يوميات الحرب اللبنانية كنت ألحظ إزاي إن الفلسطينيين والقوى كلها في البداية كانت ضعيفة جداً إنها تواجه الكتائب، في الوقت اللي كان بينتظر فيه إنها قوة كانت أكبر من الكتائب، ولها قدرة على إنها تواجهها، لكن الكتائب قدرت في مراحل كثيرة تحقق..
شفيق الحوت: نعم.. نعم، فتحت معسكرات تدريب إسرائيل، فتحت معسكرات تدريب، بدءاً أولاً في بعض الموالين لهذا الخط من جنوب لبنان في.. بعد عصيان سعد حداد، أو فيما بعد أنطوان لحد طبعاً وقسم من الكتائبيين البعيدين يعني في.. من بيروت ومن الشمال كانوا في البحر يذهبون إلى إسرائيل، ويتدربون.
أحمد منصور: هل جولات (كيسنجر) المكوكية آنذاك في المنطقة كان لها علاقة بتطور الأحداث على الساحة اللبنانية؟
شفيق الحوت: كان.. كان كيسنجر يعني أسعد الناس فيما يجري في لبنان، أولاً عم يضعف منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا لصالح إسرائيل، ولم يكن كثير الإكتراث في المصير اللبناني، وهذه مأساة بعض إخوتنا المسيحيين اللي كانوا يظنون ويعلقون آمال على فرنسا ساعة وعلى أميركا ساعة إنه.. إنه.. إنه والله هدول يعني مسيحيين أو تاريخياً لنا صلة بهم، ناسيين إنه كان النفط أهم من العلاقات المسيحية المسيحية بين اللبناني وبين الأميركي، أو بينه وبين الفرنسي، لأنه كان النفط قد بدأ يلعب دوره، وحتى سليمان فرنجية -رحمه الله- وفيه كثير ساروا في ركبه السياسي يقولون إنه كل المؤامرة كان شغل كيسنجر، وكان يعد المراكب لترحيل المسيحيين عن.. عن لبنان، وربما كان ذلك.. ذلك وراد يعني، أميركا أي حل بيريح إسرائيل ما عندها.. ما عندها رادع من.. من المرور به، فكيسنجر كان سعيداً فيما يجري في لبنان، لأنه كان يخدم السياسة الأميركية لصالح إسرائيل.
(6/272)
أحمد منصور: في مقابل 30 منظمة فلسطينية- لبنانية، كان هناك خمس ميليشيات كبرى مارونية: الكتائب ونمور حزب الوطنيين الأحرار وحزب حراس الأرز ولواء المردة والتنظيم، في منتصف سبتمبر 75 وبعد وقف لإطلاق النار من الـ90 إيقاف..
شفيق الحوت: أيوه رقم 1..، أحدهم
أحمد منصور: اللي أنت شهدت عليهم.
شفيق الحوت: أي بعضهم
موقف منظمة التحرير الفلسطينية من الحرب اللبنانية
أحمد منصور: اندلع القتال مرة أخرى في قلب بيروت في أعقاب الاتفاقية الثانية لفصل القوات بين مصر وإسرائيل اللي أعلنها كيسنجر في أول سبتمبر وكأن كان هناك علاقة بين هذه الأحداث، منظمة التحرير أين كانت تقف في تلك الأحداث آنذاك؟
شفيق الحوت: في أي سنة؟
أحمد منصور: سبتمبر 75.. سبتمبر 75 لأن كان واضح إن عرفات بيحاول أن يكون طرف وسيط ما بين المنظمات الفلسطينية المتشددة التي كانت واللبنانية وما بين الموارنة.
[فاصل إعلاني]
(6/273)
شفيق الحوت: لأ. يعني كان فيه نوع من المزايدات بين الفصائل الفلسطينية وهذا مستمر، سواء كان بصراعنا مع لبنانيين أو في عملياتنا في الجنوب يعني كثيراً ما كان يقوم بعض الإخوان بعمليات في الجنوب في توقيت يغيظ ياسر عرفات، حتى يقولوا إنه لست أنت وحدك قائد هذه المسيرة ولست وحدك صاحب القرار، لكن في النهاية يعني ياسر عرفات ومنظمة التحرير هي التي تتحمل المسؤولية الأساسية لأنه كانت تمثل الكتلة الفلسطينية الكبرى في الساحة، ففي 75 و76 و77 و78 قضيناها في تدخلات عربية لا أعتقد أنها كانت يعني على مستوى من الجدية، وهنا لا أريد أن أنبش كمان بيني (وبينك) حوار سابق، كان ينقص الساحة العربية القائد المسؤول القادر على إيقاف مثل هذه المشاكل، يعني أكاد أقول -ولتأذن لي- إنه لو كان عبد الناصر موجود لأنهاها كما انتهت على الأقل في الأردن، ولكن لا الرئيس السادات ولا الإخوة الآخرين كانوا قادرين أو راغبين بعضهم في وضع حد لهذه المشكلة، أكثر من هيك أخ أحمد، نحن عثرنا كفريق فلسطيني في لبنان أحياناً على عتاد عند الكتائب والنمور الأحرار وغيرهم جاية من أقطار عربية، آه طبعاً. يعني كان هنالك من يغذي -للأسف- يعني نيران الفتنة، وأظنه الهدف الأساسي إنه أسعدنا وأبعدنا، فليتلهوا هؤلاء في بعضهم البعض، لأنه كان السادات كمان مشغول، محتار يعني شو هيعمل بعد حرب أكتوبر، لا حرب ولا سلم. وتعرف هذه الفترة اللي كانت مريرة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو يُقال إن فيه دول عربية كثيرة كانت متورطة، حتى إن كثير منها كان يدعم الكتائب وكان يدعم الفلسطينيين في نفس الوقت.
شفيق الحوت: آه طبعاً.. طبعاً.. طبعاً.. فيه لبنانيين كانوا..
أحمد منصور: خمس دول.. حتى الدول.. لاسيما الدول العربية الغنية على وجه الخصوص.
شفيق الحوت: تصدق إنه مرة جاءت يعني باخرة حاملة أسلحة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: نصها للي هنا ونصها للي..
شفيق الحوت: وُزِّعت.
(6/274)
أحمد منصور: فعلاً؟!
شفيق الحوت: فعلاً، يعني وُزعت وبالتساوي، يعني كانت زي ما قلت لك..
أحمد منصور: كان مين اللي دافع الفلوس؟
شفيق الحوت: الفلسطينيين.
أحمد منصور: أي فلسطينيين؟
شفيق الحوت: هو تجارة سلاح كانت، هذه كانت تجارة سلاح..
أحمد منصور: آه، نعم، لأ ما هو فيه حد دافع فلوس الآخر..
شفيق الحوت: يعني ما هو شوف بتعتمد من وين كانت جاية على (...) بالضبط..
أحمد منصور: يعني جاية كادو مثلاً؟
شفيق الحوت: آه، لأ وبعدين فيه تمرير مصالح، شيء غريب. يعني.. يعني..
أحمد منصور: لأ، تطلَّع لنا شوية خبايا من الحاجات..
شفيق الحوت: تاجر أسلحة معروف لبناني، ونحن بحاجة إليه كنا كما كانوا بحاجة إليه الفريق الآخر، فاختلفنا على هذه الصفقة، فبعدين اتفقنا إنه يوزع نصف هنا ونصف هنا ومشيت، فيه أسلحة كانت تأتي بدون علمنا عبر موانئ المنطقة الشرقية من دول عربية، ومكتوب عليها يعني، اسم البلد.. بلد المنشأ أو المصدِّر لهذه الأسلحة، يعني كان.. كانت اللعبة الإقليمية بدأت تتسع أكثر منا ومن الـ...
أحمد منصور: كان مين يهمه يغرق.. أن يغرق الفلسطينيين في هذه.. من العرب؟
شفيق الحوت: يعني لا أدري إذا كان هنالك تمنِّي، التمني اللي كان فعلاً موجود وقائم، إنه اللهم أبعد عني شر الفلسطينيين، لأنه.. لأن القضية -زي ما قلت لك- مقدسة ولكن تأييدها مكلف، وأرخص شيء إنك تبعث سلاح أو تبعث مال، وربما أحد أسباب يعني ما تسميه أنت خطايا منظمة التحرير أو أخطاء القيادات الفلسطينية..
أحمد منصور: أنا لسه هأجي لها في..
شفيق الحوت: آه هتيجي لها، يمكن إغراقها في الدولار الأميركي، في دولار النفط، يعني لم يكن هذا كله..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأن النفط هنا كان بدأ يزدهر..
شفيق الحوت: آه يلعب دور..
أحمد منصور: والدول النفطية كانت بدأت تلعب دور..
شفيق الحوت: آه طبعاً بدأت تلعب دور.
أحمد منصور: وتغذي الاثنين.
(6/275)
شفيق الحوت: آه يعني وقل ما تشاء عن دول النفط، لأنه مش ثورية..
أحمد منصور: لأ قل أنت.
شفيق الحوت: مش مشهورة.. يعني إنه أياً كان يقول من يشاء، لكنها.. يعني ليست مشهورة ولا تريد هذه الشهرة أصلاً، بأنها كانت يعني مستعدة للذهاب في قضية الصراع مع العدو الإسرائيلي لدرجة التحدي المباشر.
أحمد منصور: أنتم كفلسطينيين في ذلك الوقت، هل كانت هذه ساحة معركتكم؟
شفيق الحوت: إحنا.. لبنان؟
أحمد منصور: آه.
شفيق الحوت: طبعاً لأ.. طبعاً لأ.
أحمد منصور: كيف غرقتم فيها ولم تستفيدوا من درس الأردن وكررتم المأساة؟
شفيق الحوت: إحنا.. يا أخ أحمد ما جيناش بقرار، إحنا جينا هاربين من الأردن.
أحمد منصور: جيتوا هاربين من الأردن..
شفيق الحوت: جينا ورانا..
أحمد منصور: وكررتم نفس المأساة.
شفيق الحوت: جئنا..
أحمد منصور: نفس الأخطاء..
شفيق الحوت: جينا ورانا مدفع عربي عم بيضرب، يعني ما كانش عندك خيارات والله الدول العربية مقدمة عروض واتفضل زورنا، أصلاً لما رحلنا من لبنان، يعني فيليب حبيب استعمل كل نفوذ أميركا، حتى يجد من يقبلنا ونحن راحلين من الساحة اللبنانية.
أحمد منصور: يعني الآن أنتم بدل ما توجهوا بالسلاح إلى إسرائيل التي كانت على الحدود، في خلال سنة 74 العمليات الفدائية كانت عمليات محدودة للغاية، في 75 و76 وبعديها كان شبه التفرغ للحرب الداخلية اللبنانية، وإسرائيل كانت في نعيم مقيم، من أول ما طلعت لحد الوقت وهي عمالة تتنعم بسبب الغباء العربي -إن شئت أو أي وصف ثاني- في التعامل معها على كل المستويات؟
شفيق الحوت: لأ، هنا الغباء فلسطيني-لبناني والتواطؤ كان عربياً، يعني إحنا واللبنانيين فعلاً كنا كتير أغبياء بحق أنفسنا، عندما لم نستطع أن نخرج من الحفرة التي وقعنا بها.
أحمد منصور: هل كان فيه إمكانية للخروج؟
شفيق الحوت: لأ.
أحمد منصور: بالذات في الفترة دي؟
(6/276)
شفيق الحوت: يعني كان ممكن تخفيف الآلام، لأنه.. لأنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إمتى شعرت إن الحرب وصلت لورطة لا خروج منها؟ إلا أن يقضي طرف على الآخر؟
شفيق الحوت: والله أنا يعني كنت دائماً راغب التفاؤل، وراغب بالتصالح..
أحمد منصور: في وسط الدماء التي كانت تسيل؟ في ديسمبر 75 وقعت أحداث هائلة قتل 300 مسلم..
شفيق الحوت: آه.. مع ذلك..
أحمد منصور: وناس كانت بتتدبح بالسكين..
شفيق الحوت: أخ أحمد..
أحمد منصور: يعني أنا وأنا بأقرأ الحقيقة يوميات الحرب اللبنانية وأتابع هنا وهناك، يعني كنت أشعر أن يعني هذه الكتب مكتوبة بالدماء وليس بالحبر.
شفيق الحوت: مضبوط.
أحمد منصور: يعني كنت أقشعر في بعض الأحيان وأنا أقرأ وصف لبعض حالات القتل التي كانت تتم.
شفيق الحوت: المأساة دي انتهت بعد سنتين، يعني حرب فلسطيني اللبناني مع الكتائب ومن كان يدور في.. في ذلك الفلك، حقيقة سنتين وانتهت..
أحمد منصور: هم سنتين مش شوية...
شفيق الحوت: بس، على رأسي، لكن بيئة...
أحمد منصور: أنا هنا في 75.
شفيق الحوت: معلش.
أحمد منصور: أنا في يوم السبت الأسود هذا أحد أيام ديسمبر 75 قتل 300 مسلم فيما عُرف بالسبت الأسود، اجتاحت الحركة الوطنية قلب بيروت ونهبت هذه المنطقة وهذا.. أنا ذهبت إلى بعض البنوك هنا، حتى وصف لي بعض الشباب كيف كانت يعني عمليات النهب من أين، وفيه كنيسة هنا خلفك تم اختراق في عملية.. يعني وُصفت هذه العمليات بأنها أكبر عملية سطو على البنوك في العالم، ربما في تاريخ الحركة المصرفية، تمت هنا في لبنان، بدأت عملية تطهير طائفي بين المناطق، ترحيل للناس، في 3 يناير حوصرت المخيمات وسعى عرفات كتير لفك الحصار، وعُرِّضت حياة 150 ألف شخص للخطر، وبدأت المعركة في يناير 76 تأخذ شكل آخر من الأشكال..
(6/277)
شفيق الحوت: ما أعرفش إلى أي مدى تشاركني الرأي مع عالم نفساني يؤمن بالجنون الجماعي، يعني إحنا أُصبنا بالجنون الجماعي في الساحة اللبنانية لبنانيين أو فلسطينيين، تعرف أخ أحمد معظم ما أشرت إليه الآن كان جزء منه كبير من صنع اللبنانيين أنفسهم مع بعضهم البعض، إحنا الفلسطينيين.. إحنا الفلسطينيين ما فيه يوم من الأيام -ويعترف لنا الكل في هذا- إنه كان عندنا تعصب مسيحي-إسلامي على الإطلاق.. على الإطلاق، بدليل وجود قيادات عندنا تقرر مصير الشعب الفلسطيني مسيحية، وكانت تختلف مع ياسر عرفات المسلم، وفي.. ما فيه يوم من الأيام ومش بقرار سياسي لأ بموقف طبيعي تلقائي أُخذ على الجبهة الشعبية إنه رئيسها والله جورج حبش أو على الديمقراطية رئيسها نايف حواتمة، أنا بأذكر.. أنا بأذكر وساهمت وشاركت في إنقاذ العديد من.. من مسيحيين لبنانيين من أيدي مسلمين لبنانيين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لبنانيين. والفلسطينيين كانوا بعيد؟
شفيق الحوت: نعم.. نعم.. نعم..
أحمد منصور: لكن الرواسب أيضاً كانت بين الطرفين مش...
شفيق الحوت: مش..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن تعتقد وجودكم أنتم كفلسطينيين ساهم في تأجيج الحرب؟
شفيق الحوت: ما فيه شك.. ما فيه شك إحنا.. إحنا التعلة وإحنا السبب وإحنا الشماعة وإحنا الحقيقة، هذا لا.. لا أستطيع أن أنكره، لكن..
أحمد منصور: القوى الوطنية أو..
(6/278)
شفيق الحوت: لكن الكتائب ما كانت مضطرة مثلاً إنه تعمل مجزرة في (النبعة) وكلهم لبنانيين، وتقتل ناس ترشهم على الجدران وتشرب الشمبانيا وتُصور هذا الحكي في أواخر الـ75، وقال لي يومئذ ريمون إده، وكان في الأمم المتحدة.. التقينا هناك.. وحدثت هذه القصة ونحن في الأمم المتحدة شاف على التليفزيون، قال لي.. قال لي انتهت سمعة الموارنة في لبنان بعد هذه الجريمة، لبنانيين قتلوا لبنانيين، فيما بعد -يا أخ أحمد- في الشوف مش فلسطيني قتل لبناني؟ لأ لبناني قتَّل في لبناني، يعني هنالك.. يعني حرام أن نحمل حتى.. حتى نتفادى في المستقبل أي.. أي جرائم مماثلة، أن نعترف كلنا بأقساطنا من المسؤولية، الفلسطيني يتحمل المسؤولية.
أحمد منصور: قد أيه؟
شفيق الحوت: بقدر.. بقدر ما هو كان قادراً على أن يتفادى.. يتفادى الاستمرار في هذا العمل، الاستمرار فيه أو الدعوة إلى..، طب يا سيدي نحن في الـ 76 حرب الجبل، رحم الله كمال جنبلاط قادها وليست برغبة فلسطينية.
أحمد منصور: لكن هو الآن جزء من التحالف.
شفيق الحوت: على راسي، ونحن لم نستطع أن ننفض عنه.
أحمد منصور: بالضبط.
شفيق الحوت: لكن كان هنالك برضو للوجود اللبناني في المعسكرين طموحات معينة، يعني ربما خطر على بال كمال جنبلاط وهو المفكر العميق أنا بأستغرب إلى كيف يمكن حلم ذات يوم بأنه آنت المناسبة، آن الأوان لتغييرها في لبنان، أن يقيم الدولة الديمقراطية الاشتراكية التي كان يحلم بها وأن.. وأن.. أن ينتهي من أسطورة ضرورة أن يرأس لبنان الماروني.
أحمد منصور: الفرصة كانت مواتية لكل واحد بيحلم إنه يسعى لتحقيق حلمه في تلك الأجواء، وكما قلت جنون جماعي.
التعامل السوري والمصري مع الحرب اللبنانية
شفيق الحوت: آه، ونسي الفريقين الوجود السوري، الجيرة السورية.
(6/279)
أحمد منصور: السوريين دخلوا في 22 يونيو 1975 كتيبتين فقط.. كتيبتين فقط سوريتين دخلوا، لأن السوريين دخلوا بعد ذلك في يناير أو تحديداً بالضبط 9 إبريل سيطرت القوات السورية على الحدود، إبريل 76 لواءان مدرعان وكتيبة مشاة ودخلوا سهل البقاع في 12 إبريل وبلغ عدد القوات السورية في لبنان آنذاك في ذلك التاريخ إبريل 76، 17 ألف رجل، لكن كان لهم وجود قبل كده كتيبتين، سوريا لما دخلت كان فيه وليد جنبلاط.. كمال جنبلاط كان رغم علاقته بحافظ الأسد اجتمع بحافظ الأسد في اجتماع مطول جداً ولم يصل معه إلى نتيجة، سليمان فرنجية اجتمع مع الأسد في دمشق في 14 فبراير 76 وأُعلن اتفاقاً اعترضت عليه الحركة الوطنية، وقع صِدام بين منظمة التحرير وسوريا بسبب هذا الاتفاق، وبدأت العلاقة بين سوريا وبين المنظمة تتأزم وكان فيه بُعد سياسي في المسألة خلفي حوالين ما يدور من تسوية في المنطقة، سوريا كان عندها جيش التحرير الفلسطيني، استخدمت الكتائب بتاعته في عدة مراحل منها يناير 76.
شفيق الحوت: صحيح.
أحمد منصور: حتى لضرب الفلسطينيين.
شفيق الحوت: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: فلسطين هنا (......) الفلسطينية.
شفيق الحوت: وأنا كان يعني أذكر قائد جيش التحرير كان في حينها العميد مصباح البديري، وفي مكتبي سألته إذا.. إذا -لا سمح الله- وقعت بينا وبين سوريا، أنت لمن؟ قال: أنا لسوريا، على..
أحمد منصور: فلسطيني.
شفيق الحوت: آه طبعاً ما هو.. ما هو يعني.. يعني جيش التحرير هذا كان..
أحمد منصور: وجيش التحرير فلسطيني.
(6/280)
شفيق الحوت: هو قوة حطين التي يعني نشأت وتربت ومازالت قائمة حتى هذه اللحظة في.. في سوريا، يعني فيه كانت طبيعة لبعض الأمور شو بدك من الأسماء، يعني فيه واقع إقليمي، سوريا بدأت.. بدأت تتحسس خطورة الوضع في لبنان عندما صار.. أولاً دخلت إسرائيل على الخط عندما تيقنت سوريا بأنه صار لإسرائيل من يوجد في المنطقة الشرقية يُقيم باستمرار ويوجه ويدرب، ولما صار فيه تدخلات عربية كذلك تلعب في الساحة بشكل أو بآخر، ولتردد مصر عن لعب أي دور، السادات -الله يرحمه- كان يرفض أن يتدخل في القصة اللبنانية من بعيد لبعيد يعني يكتفي بدور المرشد.
أحمد منصور: هو كان بيرتب لقضيته مع إسرائيل بشكل آخر.
شفيق الحوت: كان بيرتب عنده مشروعه الخاص.. عنده مشروعه الخاص، ليبيا..
أحمد منصور: لكن..
شفيق الحوت: أحلام العقيد القذافي كانت قد وصلت إلى لبنان كذلك وأصبح له من له في الساحة، فسوريا بدأت..
أحمد منصور: يعني الدول العربية كمان كلها كانت بتلعب هنا..
شفيق الحوت: آه.. آه طبعاً.
أحمد منصور: وإسرائيل بتلعب هنا.
شفيق الحوت: آه، فسوريا هي..
أحمد منصور: وسوريا انتزعت قرار..
شفيق الحوت: والأردن، حتى الأردن.
أحمد منصور: أو طلَّعت قرار من الجامعة العربية عشان قوة الردع الموجودة في المنطقة حتى ما يبقاش اللعب على.. عند أطراف...
شفيق الحوت: والله سوريا أنا كنت حاضر هذه القمة، الرئيس حافظ الأسد ترجى مصر، وترجى أنور السادات أن يرسل قوات مصرية، ورفض أنور السادات، وهنا تيقن حافظ الأسد أنه سيكون مطلوب منه بالرجاء أن يتحمل المسؤولية في لبنان، لأنه بقية الدول العربية جربت..
أحمد منصور: تعتقد أن مصر لو تدخلت كان يمكن أن تفعل شيء؟
شفيق الحوت: مصر قوة كبيرة يا أخ يعني على الأقل.
أحمد منصور: مصر الثقل العربي الأساسي التي لو غابت..
(6/281)
شفيق الحوت: يعني.. يعني بعتوا لنا إخوتنا في الإمارات مثلاً جنود وضباط شو بيقدروا يعملوا؟ أو اليمن شو بيقدر يعمل؟ أما لما تبعت مصري ولو بعتت ضابط..
أحمد منصور: لأنك لو بعت مصري بتبعت معاه الثقل السياسي.
شفيق الحوت: Exactly، تماماً، فلهذا السبب كان السادات حريص، وبأذكر يعني هل كان..
أحمد منصور: هل يحسب له أم عليه هذا الموقف؟
شفيق الحوت: والله لا أدري، بس أنا بأعرف إنه الرئيس حافظ الأسد كان حريص جداً على أن يرفع الصوت بالرجاء وهو كان ربما يعرف، وكان داهية الرئيس الأسد -رحمه الله- لم..
أحمد منصور: طبعاً..
شفيق الحوت: لم يكن سياسياً هيناً، كان يعرف أن..
أحمد منصور: والسادات كان مصيبة هو كمان أو داهية يعني..
شفيق الحوت: أن السادات.. آه طبعاً و.. ولم يورط السادات في المجيء إلى لبنان، ساعتها أصبحت قوات الردع العربية في معظمها قوات سورية، وبالتالي يعني من.. من يريد أن يتحمل المسؤولية كان من حقه أنه يكون حصته هي المضمونة.
أحمد منصور: سوريا..
شفيق الحوت: أضف إلى ذلك أنه سوريا جغرافياً.. جغرافياً موجودة في الساحة، ولا تستطيع أن تترك ما تسميه الآن خاصرتها اللي هو لبنان إنه يكون سداح مداح لكل من يشاء من أجهزة المخابرات ومن المنظمات ومن القوات المختلفة، فهنا حتى انتشار أو امتداد أو رغبة كمال جنبلاط بتحرير ما يُسمى المنطقة الشرقية لم يكن موضع رضا عند سوريا، يعني..
أحمد منصور: لا، سوريا هنا لما دخلت دخولها كان في مصلحة الموارنة بالدرجة الأولى..
شفيق الحوت: آه طبعاً وبناء على طلب.
أحمد منصور: وبناء على طلب.
شفيق الحوت: وبناء على طلب لأنه..
أحمد منصور: ودخلت لحماية الموارنة بعد ما الكفة بدأت ترجح لصالح الطرف الآخر على.. على حساب الموارنة.
(6/282)
شفيق الحوت: يعني.. يعني لا تقبل سوريا في لبنان لها من ضرة، ضرة بالمعنى البلدي يعني، يعني ما.. مافيش منافس، يعني لم تبقِ وهذا أحد أهم أسباب الخلاف بين ياسر عرفات وبين المنظمة السورية، كمان حتى ياسر عرفات لم يكن يرضي سوريا وأنا أستطيع أن أفهم ذلك.
أحمد منصور: أيه السبب؟
شفيق الحوت: أن يكون هو صاحب الكلمة في لبنان، لبنان أمنها القومي، أمنها الوطني.
أحمد منصور: سوريا تقصد.
شفيق الحوت: طبعاً، تاريخياً سوريا تاريخياً، أصلاً فيه أحزاب كانت مشتركة سورية لبنانية، بما فيها الحزب الشيوعي، وغير.. وحتى الأحزاب البرجوازية.
أحمد منصور: في 43 عُرفت لبنان وسوريا قبلها كان..
شفيق الحوت: آه يعني مش هيك، كانت الليرة واحدة.. لما جينا بسنة 48.
أحمد منصور: وكانت قيمتها واحدة.
شفيق الحوت: كان مصرف سوريا ولبنان وماكانش فيه جمرك، يعني كان فيه أشياء أكثر مما هلا الآن موجود في عهد ما يُسمى التوحيد اللبناني.. السوري، فلا تستطيع سوريا أن تتحمل، وأعرف أنا يعني.. حتى خلال عملي الصحفي إنه سوريا كانت عند بعض الأمور تتدخل، يعني عندما يأتي ميشيل عفلق أو صلاح الدين البيطار أو مأمون الكسبري أو خالد العظم أو أي من الزعامات.. ويقعد على قهوة في بيروت ويبلش يحكي على سوريا.. على دمشق، كانت دمشق تتصل بمن يماثلها وتقول له (دبروا) لنا فلان هذا بزيادة هيك، فالأمر الطبيعي عندما أصبح فيه قوات مسلحة و.. فلسطينية وفيه منظمات ذات ولاء لأنظمة عربية أخرى كان من الطبيعي ومن حق سوريا بأعتقد أن تتدخل في.. في الساحة.. في الساحة.
أحمد منصور: في 6 يناير 76 عرفات ترأس اجتماع للمجلس العسكري الأعلى لمنظمة التحرير الفلسطينية للبحث في وضع المحاصرين في المخيمات ودخلت فتح المعركة في 13 يناير 76، معارك يناير 76 كانت معارك قاسية.
(6/283)
شفيق الحوت: مؤلمة ومؤلمة وأحياناً ياسر عرفات يعني يدعي أنه كان خارج البلد وليس له علاقة في هذا الموضوع ولم يكن يتمنى، الحقيقة يعني.. يعني كمان قصور يعني نحن العرب شوية عاطفيين أكتر من اللازم وننسى...
أحمد منصور[مقاطعاً]: عاطفيين لدرجة إن حقائق التاريخ هذه لما بتنقل للناس الناس أحياناً من عواطفها مافيش حد بيصدق التاريخ.
شفيق الحوت: يعني كيف يصطدم الفلسطيني مع السوري أنا لا أفهم، كيف يصطدم؟ يعني أي عقل فلسطيني.. بيسمح لنفسه أن يصطدم مع سوريا؟ وأي عقل سوري يسمح لنفسه -كذلك- أن يصطدم مع الفلسطيني؟ يعني هل صحيح، يعني لم يعد هناك من سبيل غير الاصطدام؟ للأسف كذلك يعني الملف السوري الفلسطيني كان مؤلماً في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية كما هو مؤلماً للسوريين يعني، كمان الشعب العربي السوري متعاطف تاريخياً مع الشعب الفلسطيني وماكانش يعني كتير سعيد أن يسمع بأنه الجيش العربي السوري يقتل فلسطيني أو أن فلسطيني اعتدى على ضابط سوري، ولكن وقع المحظور وهذا يذكرني لحديث لموشى ديان سُئل في أعقاب حرب 67، سأله أحد الصحفيين: هل هذه نهاية الحروب بين العرب وإسرائيل؟ قال: لأ، قال له: ومتى تكون نهاية الحروب مع إسرائيل؟ قال: عندما يبدأ العرب بكره بعضهم البعض أكثر مما يكرهون إسرائيل.
أحمد منصور: وهذا ما حدث على أرض لبنان.
شفيق الحوت: للأسف، هذا ما حدث على.. على أرض لبنان.
أحمد منصور: في 31 يناير 76 قام مسلحون من منظمة الصاعقة الموالية لسوريا بمهاجمة مكتب.. مكاتب صحيفتي "المحرر" وكنت فيها..
شفيق الحوت: صحيح.
أحمد منصور: و"بيروت" المؤيدتين لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكنت أنت في "المحرر" وكدت تقتل ورويت لنا كإحدى محاولات اغتيالك.
شفيق الحوت: صحيح.
أحمد منصور: في 11 مارس 76 قامت محاولة انقلاب في لبنان قادها اللواء عزيز الأحدب قيل إنها تمت بدعم من منظمة التحرير الفلسطينية.
(6/284)
شفيق الحوت: هذه يعني هذه فكاهة في تاريخ القصة.
أحمد منصور: بحلول مارس 76 الجيش اللبناني تقريباً كان قد زال من الوجود، المسلمين فيه انضموا إلى قوات أحمد الخطيب والمارونيين انضموا إلى قوات أنطون.
شفيق الحوت: بركات.
أحمد منصور: بركات، فشل انقلاب الأحدب وفي 14 مارس تصاعدت المواجهة بين السوريين والفلسطينيين واتُّهم كمال جنبلاط.. اتَّهم كمال جنبلاط سوريا بتأييد سليمان فرنجية، في 27 مارس اجتمع جنبلاط مع الأسد وحدث بينهما فراق نهائي، في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذه النقطة، أشكرك شكراً جزيلاً.
شفيق الحوت: شكراً لك.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(6/285)
الحلقة9(6/286)
الجمعة 4/1/1424هـ الموافق 7/3/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 19:13(مكة المكرمة)،16:13(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
02/03/2003
- الأهداف السورية من وراء الدخول إلى لبنان
- أسباب سوء العلاقة بين الأسد وعرفات
- صراع القوى الكبرى على الساحة اللبنانية أثناء الحرب الأهلية
- الصراع السوري الفلسطيني في لبنان
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
أستاذ شفيق، مرحباً بك.
شفيق الحوت: أهلاً بكم.
الأهداف السورية من وراء الدخول إلى لبنان
أحمد منصور: كانت الحرب الأهلية اللبنانية على أشدها في بداية العام 1976، في 19 إبريل 76 سيطرت القوات السورية على الحدود، ودخل لواءان مدرَّعان وكتيبة مشاة إلى سهل البقاع في 12 إبريل. بلغ عدد القوات السورية آنذاك حوالي 17 ألف رجل، الأمر وصل إلى أن حد قوات الصاعقة الفلسطينية الموالية لسوريا كانت تقصف مواقع الفلسطينيين، حتى إنه في 8 إبريل قُصف مخيمي صبرا وشاتيلا من قوات الصاعقة، ما هي أهداف سوريا من وراء دخولها إلى لبنان؟
(6/287)
شفيق الحوت: أولاً: لابد من الإشارة بأن هذه القضية الفلسطينية كانت -ولا تزال- من أعقد قضايا العصر، ودوائرها الثلاث دائمة الاتصال والتفاعل مع بعضها البعض، وأعني: الدائرة المحلية، فالدائرة الإقليمية، فالدائرة الدولية، وقد تجلَّى هذا التفاعل حقيقة بين الدوائر الثلاث أو الثلاثة أبعاد من أبعاد القضية الفلسطينية في عام 1976، فكانت الساحة الفلسطينية منشغلة بذاتها، وكانت الساحة الإقليمية منشغلة بالقضية الفلسطينية، وكذلك الساحة الدولية، بدأ البعد الإقليمي بالتدخل في المقاومة الفلسطينية في لبنان على أوجه في الـ 76، والسبب واضح، أولاً: سوريا ليست غريبة عن قضية فلسطين من حيث المبدأ، هي من بين الدول العربية أكثرهم تاريخاً وعلاقة بقضية فلسطين.
2: سوريا من دول الطوق، وهي الدولة التي يجمعها حدود مع إسرائيل ومع لبنان، وسوريا هي الدولة التي كانت منذ البدايات ترعى العمل الفدائي الفلسطيني، وكان لها بالتالي شعور بأنها مسؤولة إلى حدٍ ما عن مسار هذه المقاومة، أو تعتبر نفسها صديقة كبرى لهذه الوصاية لكي لا نقول ما هو أكثر من ذلك.
هلاَّ ماذا تريد سوريا؟ سوريا تريد أولاً وأخيراً، ومن حيث المبدأ أن لا يعبث أحد في لبنان بما هو -بمنظورها- يؤثر على الأمن القومي السوري، وأذكر في الـ 58 عندما حدث نوع من الثورة في لبنان، وكان أحد رؤسائها ورموزها كذلك كمال جنبلاط كنت صحفياً في ذلك الحين أذكر له بالذات كلمة وكنا على مائدة الغداء عنده في دارة المختارة، حيث قال: أن من يريد تغيير في لبنان لابد أن يكون قد أمَّن ظهيره في سوريا، وأن يكون على علاقة حسنة مع سوريا.
أحمد منصور: لكن يفهم كأن التدخل السوري في لبنان كان موجهاً ضد الفلسطينيين بالدرجة الأولى.
(6/288)
شفيق الحوت: لكن جاءت الأيام لتثبت أنه كان لمصلحة سوريا بالدرجة الأولى بغض النظر عن الفريق المضاد في تلك الفترة، فعلى سبيل المثال يعني الذين استدعوا مجيء القوات السورية علناً، وذهبوا إلى دمشق وطلبوا هم الفريق المنطقة الشرقية فريق الجبهة اللبناني.
أحمد منصور: الموارنة.
شفيق الحوت: وهم الموارنة، وطلبوا ذلك لأنه استشعروا أن القوة الفلسطينية مع المتحالفة مع الحركة الوطنية اللبنانية أصبحت أقوى من أن تتعامل معها لوحدها، فطلبت تدخُّل سوريا، ولكن أخطأ الإخوان عندما ظنوا.. الإخوان في الموارنة عندما ظنوا إنه يعني إن سوريا موظف عندهم يعني بيستدعوها وقت ما بدهم، وبعدين بيقولوا لها: مع السلامة وقت ما بدهم، لذلك سرعان ما انقلبت العلاقة من علاقة استدعاء وطلباً للنجدة ضد الفلسطينيين أخذ هنالك نوع من الصدام بين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنتم كفلسطينيين تدركون أن التدخل السوري موجَّه ضدكم بالدرجة الأولى؟
شفيق الحوت: ما فيه شك.. ما فيه شك، يعني الآن أصبح تاريخ يعني معروف، يعني زي ما قلت لم.. ما لم يدركه الفلسطيني حساسية النظام السوري الذي شاءت أقدارنا أن يرأسه الرئيس حافظ الأسد بالذات، وهو رئيس ليس كغيره من رؤساء سوريا.
أحمد منصور: كيف؟
شفيق الحوت: يعني كان رجلاً يأخذ الأمور جدياً، ولا يساوم، ولا يهادن فيما يتعلق بما هو ثابت لديه بالثوابت التي عنده، وأهم ثوابته إنه لبنان إن كان لابد من قوة إقليمية أن تؤثر به فهي سوريا، وخصوصاً عندما تأكد للنظام السوري أن هنالك فريق من اللبنانيين بدأ التعامل العلني والمباشر مع إسرائيل.
(6/289)
أحمد منصور: (إسحاق رابين) أعلن -رئيس وزراء إسرائيل آنذاك- أن التدخل السوري في لبنان إسرائيل تعتبره مسألة داخلية، (كيسنجر) رئيس الوزراء الأميركي، أعلن أمام الكونجرس في 14 إبريل بأن الخطوة السورية لم تعرِّض أمن إسرائيل للخطر، كان هناك وساطة أردنية، الملك حسين تحدث إلى الأميركيين وإلى الإسرائيليين.. إلى سفير إسرائيل في لندن، للحصول على تأكيدات بأن إسرائيل لن ترد على التدخل السوري في لبنان، ونقل وجهة نظر سوريا إلى أميركا (وزير الخارجية السوري آنذاك) عبد الحليم خدام، وأصبح هناك ضوء أخضر إسرائيلي أميركي بالنسبة لسوريا، ما هو رد المنظمة على التدخل السوري في لبنان؟
شفيق الحوت: أولاً: لشرح هذه المواقف لابد من الإشارة إلى أن أميركا وإسرائيل كانت.. لم تكن سوريا هي الأولوية أمامهم، لم تكن سوريا هي الهدف أمامهم، الهدف كان تصفية منظمة التحرير الفلسطينية في الـ 76..
أحمد منصور: هل تم الاستعانة بسوريا للمساهمة في هذا الدور؟
شفيق الحوت: دعني أكمل، يعني هنا.. لذلك أشرت في البداية -أخي أحمد- إلى تفاعل الدوائر الثلاث، إحنا أصبحنا أقوياء في الساحة الفلسطينية عسكرياً، أصبحنا أقوياء جداً سياسياً، في الـ 76 إحنا كنا في قمة التألق على المستوى الدولي، الاعترافات والانضمام للكتل الإقليمية الكبرى.
أحمد منصور: بعد الأمم المتحدة.
شفيق الحوت: وأصبحنا فعلاً يعني.. أصبحنا يعني..
أحمد منصور: الغرور ركبكم يعني..
شفيق الحوت: استعادة يمكن باستطاعتك أن تقول غرور، لكن في تلك الفترة لفريق من الناس لشعب كان مقهور طيلة كذا سنة، فأصبح يعني يجد من يشير إليه بالمناضل وليس باللاجئ، وبالرجل الثائر وليس بالمستشهد.
أحمد منصور: ولكن هنا أستاذ شفيق ده كلام جميل جداً، لكن هنا إسرائيل اللي هي الهدف الأساسي.
شفيق الحوت: ما فيه شك.
(6/290)
أحمد منصور: كانت مغيبة تماماً، ماكانش بيوجه إليها شيء، حجم العمليات التي قامت ضد إسرائيل في سنة 74 كانت قليلة ومحدودة للغاية.
شفيق الحوت: أخ أحمد..
أحمد منصور: الآن خلاص بدأتم تفرضوا دوركم على الساحة اللبنانية، وتنسوا إن فيه دولة لابد أن تحترم.
شفيق الحوت: هل تعتقد.. هل تعتقد أننا اخترنا هذا الشيء؟ يعني أنا أذكر -على سبيل المثال- إنه سألني الشيخ بيير الجميل -الله يرحمه- إنه أنتم شو رأيكم في كمال جنبلاط، كانوا الاثنين ضدان في الساحة اللبنانية، سياسيين يقفان...
أحمد منصور: جنبلاط كانت مواقفه مؤيدة للقضية الفلسطينية.
شفيق الحوت: وبيير الجميل يعني على كل حال بعيداً عن القضية الفلسطينية كانوا دائماً على غير وفاق، قلت له يا شيخ بيير، لسنا نحن الذين اخترنا كمال جنبلاط، كمال جنبلاط هو الذي اختارنا..
أحمد منصور: سنة كام هذا؟
شفيق الحوت: هذا الحكي في الـ 75، في الـ 75.
أحمد منصور: أثناء الحرب.
شفيق الحوت: أي نعم، وكنا على اتصال دائم، إما تليفونياً أو لقاءات تحدث، يعني نحن لم نسعَ، بالعكس السعي كان من قبلنا نحو الأطراف اللبنانية التي كنا نخشى ألا تساير مسيرتنا وأن تقف ضد مسيرتنا، أما إذا واحد جاي مد إيده لك مصافحاً مؤيداً داعماً ها.. هل تقول له: لا والله، أنا مستغني عن خدماتك؟ ففي لبنان لم يكن القرار وحده فلسطيني،كان هنالك قراراً لبنانياً فلسطينياً يتحمل هذه المسؤولية، نحن لم نكن نرغب، وأنا واثق وأقول هذا من موقع القريب، ويشهد بعض المنصفين من الإخوة في الساحة المضادة بأننا.. بأن المنظمة.. قيادة المنظمة سعت جاهدة لدى شمعون وكان قطباً من أقطاب المعارضة، ولدى الشيخ بيير جميل من أجل تفادي هذه الحرب التي استمرت مدة سنتين داميين بين الشعب الفلسطيني...
أحمد منصور: من الذي تسبب في استمرارها؟
(6/291)
شفيق الحوت: كما أشرت في ربما في حلقة سابقة، اختُرع ما سمي بالفريق الثالث، وقلت أذكر أن كان البطل.. الأبطال رجال بلا أسماء، بدليل كنا نوقف إطلاق النار الساعة 7، الساعة 7.30 تجد من يدخل على الخط، ويقذف طلقة هنا أو هناك، يعني لا.. لا أبرئ الموساد، وكل من كان له مصلحة في تصفية منظمة التحرير الفلسطينية، وأريد أن أقول هنا أن.. أن الفريق الذي كان ضد المنظمة، وأعني بالتالي الموساد وأميركا لم يكن بالضرورة متعاطفاً بصدق مع الفريق المسيحي اللبناني، يعني ما كان هام فعلاً المصير الذي قد تؤول إليه الأوضاع بالنسبة للمسيحيين في لبنان، بدليل إنه بعد.. بعد الاجتياح في 82 باعوهم.
أحمد منصور: في 16 إبريل 76 عُقدت محادثات بين الأسد وعرفات، في دمشق وقعت اتفاقية بين الطرفين، اتحدت الأحزاب المارونية في إطار الجبهة اللبنانية، في 2 إبريل 76 التقى كميل شمعون الذي أشرت إليه أنه أحد أقطاب الموارنة مع إسرائيليين، وأصبحت العلاقة مباشرة بعد ذلك بين الكتائب والإسرائيليين، كما جاء في عشرات الكتابات، الموارنة أقاموا شبه دولة في مناطقهم، شرطة، محاكم، بريد، مواصلات، دعوا في 22 إبريل إلى وساطة دولية لحل الصراع، طالبوا بقوات دولية فرنسية ومغربية وسعودية، وسؤالي هنا: ليه طالبوا بقوات سعودية الموارنة؟
شفيق الحوت: يعني ظناً منهم أن السعودية بلد معتدل، علاقتها باستمرار كانت حسنة مع المسيحيين، يعني لم يكن هنالك.. يعني معظم المستثمرين كانوا في السعودية من اللبنانيين المسيحيين، فبالتالي يعني موضع ثقة بأن جنودها أو مراقبيها لن ينحازوا في تقاريرهم إلى صالح الجانب الفلسطيني.
أحمد منصور: تقرر أن تكون الانتخابات الرئاسية اللبنانية في 8 مايو 76، كان ريمون إده مرشح ضد إلياس سركيس، فاز سركيس بفارق بسيط، لماذا فضلتم في منظمة التحرير دعم ريمون إده ضد إلياس سركيس، وكلاهما موارنة؟
(6/292)
شفيق الحوت: في واقع الأمر لم نؤيد ريمون إده نحن..
أحمد منصور: الحركة الوطنية أيَّدت.
شفيق الحوت: يعني.. لأ، بأذكر يعني كان هنالك نوع من الخلاف، كان بين ريمون إده وسركيس، مش هيك؟ أذكر أن كمال جنبلاط في النهاية، وهو مشهور بأنه صانع الملوك في لبنان رجَّح كفة إلياس سركيس، والأهم من العنصرين الفلسطيني واللبناني في هذه الانتخابات أن الإشارة من سوريا جاءت مؤيدة أكثر لإلياس سركيس، لذلك جرى انتخابه حتى في منطقة (شتورة) حيث الحماية السورية مؤمَّنة لإجراء مثل هذه الانتخابات، والسبب أنه شهابي يعني من مدرسة الرئاسة.. الرئيس المرحوم فؤاد شهاب، وأنه من الممكن أن يكون أقرب للتفاهم معهم في إدارة الأزمة القائمة في ذلك الحين.
أحمد منصور: لكن هل انتخاب سركيس حل المشكلة؟
شفيق الحوت: عهد سركيس بكامله كان مخيِّباً للآمال، كان مديراً للأزمة، أدار الأزمة ولم يحل الأزمة، ولم يتنطح في حل الأزمة، كان نوَّاح باكي باستمرار، ولكني أعذر الرجل لأنه حتى لو حاول لم يكن بمستطاعه أن يحل ما كان قد أصبح من مشاكل متجذرة في الساحة اللبنانية، وبحاجةٍ إلى.. إلى.. إلى.. إلى عملياتٍ جراحية تستدعي تدخلات خارجية وإقليمية.
[فاصل إعلاني]
أسباب سوء العلاقة بين الأسد وعرفات
أحمد منصور: في 15 مايو 76 اجتمع السادات مع الأسد، ووصف أبو إياد في "فلسطيني بلا هوية" الاجتماع بأنه كان اجتماعاً عاصفاً، حيث قرَّر الأسد، أو أبلغ الأسد عرفات بأنه سوف يرسل المزيد من القوات إلى لبنان لإعادة النظام إليه، تضخم الوجود السوري في لبنان بعد ذلك، وساءت العلاقة أكثر فأكثر بين الفلسطينيين وبين سوريا، لماذا كان يكره الأسد عرفات؟
شفيق الحوت: يعني بالإضافة إلى السبب الموضوعي أن عرفات أصبح شريكاً منافساً له في لبنان، أعتقد أن نوع من الكيمياء لم تكن موفقة بين الاثنين.
أحمد منصور: كيف؟
(6/293)
شفيق الحوت: يعني تستغرب أن تمر في الشارع وتصادف أناساً من أجناساً مختلفة، ففيه وجه ترتاح له ووجه لا ترتاح له، فيبدو أن الرئيس الأسد لم يكن يرتاح لعرفات..
أحمد منصور: بس ليس عرفات وحده، حتى أبو إياد..
شفيق الحوت: كان.. لكن..
أحمد منصور: حتى أنه قال لأبو إياد ذات مرة إني أكرهك، ولكني أحترمك، فقال له: إنما يأسى على الحب النساء.
شفيق الحوت: يعني كان الرئيس الأسد على صلة وطيدة بهؤلاء الناس، يعرفهم معرفةً قريبة، والقرب أحياناً مؤذي، يعني.. خصوصاً في العلاقات السياسية.. أنا عندما يكون علاقاتي بالرئيس الفلاني أو الزعيم الفلاني حميمية أكثر من اللازم تُسيء، لإني بأعرف ضعفه وبأعرف قوته، وقد يُترجم هذا في تصرفي السياسي معاه، فيعني الأسد عبارة قال أظني للأخ خالد الفاهوم، كان رئيس سابق للمجلس الوطني الفلسطيني، كان منرفز الرئيس الأسد من بعض الأمور في لبنان، فأظني حاول الأخ خالد الفاهوم وهو صديق كذلك للرئيس المرحوم الأسد، حاول يدافع عن وضع الفلسطينيين، قال له طبعاً، الرئيس الأسد قال له: يعني كيف أنا هأناقش أهم إنسان في العالم؟ استغرب خالد الفاهوم إنه ماذا يقصد الرئيس الأسد بوصفه أهم إنسان في العالم، قال له: مش إحنا العرب -هذا الرئيس الأسد- خير أمة أخرجت للناس؟ قال له: صحيح، قال له: مش أنتوا الفلسطينيين طليعة هذه الأمة؟ ومنظمة التحرير أليست طليعة الشعب الفلسطيني، وأنت عضو في هذه القيادة، فكيف أنا بدي أناقش واحد مثلك؟ أنت أهم واحد في العالم أنت، يعني ربما كان يعني بسبب المعرفة الحميمية ربما تولَّدت بعض العواطف السلبية بين الرئيس الأسد..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كان لها تأثير على العلاقات السورية الفلسطينية؟
شفيق الحوت: أنا بأعتقد كان لها تأثيراً.
أحمد منصور: طيب وأسباب الخلاف والكراهية أيضاً بين كمال جنبلاط وحافظ الأسد؟
(6/294)
شفيق الحوت: أنا ما بأعتقد.. أنا كمان لغز كبير، كيف إنه كمال جنبلاط وقع في الخطأ الذي سمعته يحذِّر منه في سنة 1958؟ هنا يعني و.. و.. وكمال جنبلاط رجل مميز، يعني ليس رجلاً عادياً، رجل عميق الفكر، طويل القامة، مفكر ورقيق وعنيف في نفس الوقت، وواسع الثقافة، ويعني أذكر أن.. أن.. أنه في.. في جلساتنا المشتركة كان دائماً يترك الجميع يتكلم براحته، ثم يحسم الأمر بكلمتين هادئتين.
اللي.. طبعاً كمان كمال جنبلاط شاءت أقداره أن يكون أكبر من حجمه في لبنان، يعني هو بيطلع له تكوينه الشخصي والثقافي والعلمي أن يحتل ما هو أكثر من المقام الرابع في لبنان، هو أصبح في.. فترة من الفترات يُنظر إليه كزعيم إقليمي، وحتى يعني يتلقى جوائز من الاتحاد السوفيتي، ومن الصين الشعبية، أصبح يُنظر إليه كذلك كمناضل عالمي، هذا من جهة.
أحمد منصور: كان أكثر من قائد سياسي.
شفيق الحوت: كان يعني لبنان أصغر منه، أو هو أكبر من لبنان، إن جاز مثل هذا التعبير، وفي نفس الوقت في المقابل الساحة المسيحية.. وأرجو المعذرة باستمرار لاعتماد مثل هذه التعابير..
أحمد منصور: أصل هو واقع في لبنان.
شفيق الحوت: للأسف، لكن أنا بأحب أطرح..
أحمد منصور: يعني الواحد لما بييجي يسأل عن شخص الآن في لبنان يقول لك دا ماروني، دا درزي، يعني أصبحت الهوية هي الوصف..
شفيق الحوت: هذا صحيح، للأسف.. نعم. أصبحوا هم كذلك غير ما كانوا عليه، يعني.. يعني..
أحمد منصور: أسباب الكراهية بينه وبينهم أيضاً لأن..
(6/295)
شفيق الحوت: لحظة شوية. الكتائب و.. والشمعونيين وبقية التكتل المضاد للحركة الوطنية اللبنانية و.. والمقاومة الفلسطينية أصبحوا يؤدلجون موقفهم.. كان موقفاً سياسياً معارضاً عبر التاريخ أصبح مؤدلجاً، يتشبَّهون بإسرائيل، تعاونوا مع إسرائيل، وصاروا.. حتى اقتربوا بطبيعتهم.. كانوا همَّ بيحاولوا يميِّزوا حالهم عن المسلمين وعن العرب إن همَّ أكثر حرية و.. وليبرالية إلى غير ذلك، فنحن نلاحظ إنه بالسبعينات صارت تصفيات للجانب الآخر، ومحاولة استئثار كذلك في.. في.. في الفريق الحاكم، يعني أصبح بشير الجميِّل بعد اغتيال توني شمعون، بعد مجزرة (إيدين) سنة 80 أصبح يعني الشارع المسيحي محكوماً بقبضة فريقٍ واحد، إن لم نقل برجل واحد. هنا استشعر كمال جنبلاط خطورة الوضع، إذا أضفنا إلى ذلك نظرته إلى ذاته إنه يعني هو أكبر من هذا الواقع..
أحمد منصور: أكبر من..
شفيق الحوت: نقدر نفهم.. نقدر نفهم إنه لماذا غامر.. لماذا غامر، وهو كان صاحب يعني القرار في محاولة توسيع الحرب ضد المسيحيين باختراق الجبل وصولاً إلى (فرايا) ومنطقة (عين سليمان)، هنا.. هنا.. وما كانش كمال جنبلاط يعني بالنسبة لسوريا يمثل فقط يعني منافس في لبنان، كان كذلك ينظر إليه البعض أن له آراء معينة في الاشتراكية وفي الوحدة تختلف عن.. عن الطراز الممارس في سوريا، فالحاكم السوري أو النظام السوري ما كان ليتصور أو ليقبل أن يقوم في لبنان نظام يرأسه كمال جنبلاط، ويُغيِّر طبيعته بشكلٍ جذري، أضف إلى ذلك -وهنا يعني على ذمة الرواة - أن.. أن.. أن أميركا نفسها خافت من مثل هذا التغيير، ولذلك لم تلقِ بأي ضوءٍ أحمر تجاه التدخلات السورية في الساحة اللبنانية.
صراع القوى الكبرى على الساحة اللبنانية أثناء الحرب الأهلية
(6/296)
أحمد منصور: واضح الآن إن أميركا وإسرائيل كانوا بيلعبوا من بره، وبيحركوا الأمور من بره، الدروز، الشيوعيين، جورج حاوي وجورج حبش والجبهة الشعبية.. وقع تكتل ضد الوجود السوري في لبنان، كان هناك تقارب سوري أردني على غير العادة في تلك الفترة، وصفه كمال جنبلاط في 2 مايو 76 بالمؤامرة الإسرائيلية العربية لاحتواء المقاومة الفلسطينية، السادات لم يُرد أن يكون متفرجاً على ما يحدث، لاسيما بعد التدخل السوري الكبير، فسمح لمنظمة التحرير الفلسطينية بأن تعود إذاعتها من مصر مرة أخرى، وفي 6 مايو انطلقت إذاعة منظمة التحرير، 6 مايو 76 من مصر مرة أخرى، انتقد سوريا وتحدث عن الذين يريدون أن يفرضوا وصاية على الشعب الفلسطيني.
بدأ الصدام في لبنان بين اليساريين اللبنانيين والفلسطينيين من جهة، والسوريين من جهة أخرى يشتد في مايو 76، وقعت مقتلة عظيمة بين الطرفين حتى إن (رابين) في 13 مايو قال: إن القوات العاملة تحت سيطرة سوريا في لبنان قتلت من الإرهابيين في الأسبوع الماضي أكثر مما قتلت إسرائيل في العامين الماضيين.
(6/297)
شفيق الحوت: يعني لا شك إنه.. إنه جزء كبير من السبعينات مليء بالأحداث التي يفجع لها الإنسان، بغض النظر عن هويته السياسية، سواء في المنطقة الشرقية أو في المنطقة الغربية، والعلاقات العربية- العربية كانت يومئذٍ تترجم نفسها بعنف على الساحة اللبنانية، أنا أعتقد في الـ76، خد موقف مصر مثلاً، مصر أنا أعتقد من الـ 76 أو بعد.. قبل حتى 76 كانت تحاول أن تهيئ الشعب الفلسطيني للقبول في تسوية، وكان السادات يهيئ ربما نفسه لزيارة القدس كما تم في 77 وتحدث يومئذٍ عن إقامة حكومة في المنفى أو شيء من هذا القبيل، وكان يعتمد على هوى الرئيس عرفات الذي كان يقول أن هواه مصرياً باستمرار، وعرفات كان كما هو معروف عنه يعني لا يقطع بين أي عاصمة وأخرى يحاول الاستفادة من الفريقين، الخلاف السوري-المصري كان يدور حول التوجه الاستراتيجي في العلاقة مع إسرائيل، لأنهم اشتركوا في الحرب واختلفوا أو قيل إنهم فيما بعد اختلفوا على الهدف الاستراتيجي، يعني الأسد يقول: أنه دخلت حرب 73 بهدف تحرير، وبينما السادات دخل بهدف تحريك قضية فلسطين، والفرق واسع بين الكلمتين، وهذا كان يعكس نفسه كمان على الساحة الفلسطينية.. على فصائل الثورة الفلسطينية، كان دائماً باستمرار هنالك من الفصائل الفلسطينية من هو مع دمشق، رغم وجودهم في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وكان هنالك من يقف ضدها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا لم أستطع أن أستوعب وأنا أقرأ بين الكتب، فحضرتك قلت لي: العربي قتل العربي واللبناني قتل اللبناني، لكن المأساة هنا أن يقتل الفلسطيني الفلسطيني..
شفيق الحوت: ما هو الفلسطيني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الفلسطيني الذي خرج مهاجراً من بلده، وامتطى السلاح من أجل أن يحرر بلده تحول إلى قاتل لفلسطيني آخر، لأنه ظل.. كان هذا يتبع سوريا وهذا كان يتبع كذا، والفلسطيني.. عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا على أيدي الفلسطينيين في لبنان عدد غير عادي..
(6/298)
شفيق الحوت: والمأساة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عدد الفلسطينيين اللي قُتلوا على أيد الفلسطينيين في الأردن..
شفيق الحوت: مأساة.. مأساة..
أحمد منصور: كان عدد غير عادي.
شفيق الحوت: مأساة المأساة إنه كان كلاهما يعتقد أنه كان على حق، ولكن أليس هذا هو.. يعني أليست هذه هي سيرة كل الثورات في العالم أخ أحمد؟
أحمد منصور: لأ. ليس بهذا الشكل.
شفيق الحوت: لا. الجزائريين قتلوا في بعضهم البعض، الفرنسيين قتلوا في بعضهم البعض، البولشفيك والمونشفيك قتلوا في بعضهم البعض..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن يعني أن تكون السيرة بهذا الشكل..
شفيق الحوت: شيء مؤسف لأنه..
أحمد منصور: فيه عدو واضح موجود، العدو طلع وقال: القوى.. الفلسطينيين قُتل منهم بإيد بعضيهم أكثر من اللي إحنا قتلناهم في هذه الفترة..
شفيق الحوت: لاحظ.. لاحظ.. لاحظ إنه عندما احتدم الخلاف فيما بعد أكثر في الساحة الفلسطينية، وكان مسرح العمليات فلسطين. لم يحدث مثل هذا الأمر.
أحمد منصور: بالضبط.
شفيق الحوت: لأنه كان السمك عم بيسبح في بحره، هنا لم يكن السمك يسبح في بحره..
أحمد منصور: كنتم مستوعبين القضية دي؟
شفيق الحوت: كان التدخل كانت.. كان السفارات العربية والسفارات الأجنبية قادرة على أن تلعب في الساحة اللبنانية في منتهى البساطة، كما قلت: وقف إطلاق نار الظهر عشية يصبح تستعر الأمور من أول وجديد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأيه مصلحة هؤلاء بالذات الدول العربية؟ وللأسف يعني دول عربية كثيرة كانت بتدعم الموارنة وتدعم الفلسطينيين كأن كان يهمها أن تظل الحرب مشتعلة بين الطرفين، الموارنة كما كان لهم علاقات مع إسرائيل، وإسرائيل بتعطيهم سلاح، كانت دول عربية أخرى كانت تعطيهم السلاح أيضاً وسلاح ثقيل.. دبابات، أسلحة ثقيلة.
(6/299)
شفيق الحوت: منذ.. منذ أن قامت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 -وقد أشرت إلى ذلك في حينه- كل دولة عربية كانت تنظر إلى المنظمة من شرفة تختلف عن شرفة النظام الآخر، قسم كبير أو القسم الأكبر كان يحاول ترويض منظمة التحرير الفلسطينية ولا سيما بالسبعينات ولاسيما بعد حرب تشرين إلى الدخول في إطار التسوية، وأنا بأعتقد أنه دخلنا في منظمة التحرير في نفق التسوية من 74 من ذهابنا إلى الأمم المتحدة، لكي لا نخدع أنفسنا، أصلاً أنت لا تصبح عضواً مراقباً في الأمم المتحدة إن لم تكن موافقاً على ميثاقها، وراضياً..، أصلاً إحنا دخلنا بقرار من الأمم المتحدة، ولكننا وجدنا النصف الملآن من الكوب وقتئذٍ.
أولاً: تفادينا الذهاب إلى جنيف الذي كانت تدعو إلى عقده إسرائيل، ورضيت به مصر وفيما بعد سوريا، واعتبرنا أن أصبح لنا وجود في الأمم المتحدة بعد.. بعد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إذا كان هذا كما تقول يعني من 74. ليه استمريتم في خداع نفسكم وخداع شعبكم، وبُذلت كل هذه الدماء، وبُددت مليارات المليارات من الدولارات في حروب داخلية-داخلية بين الفلسطينيين بعضهم وبعض وبين الفلسطينيين واللبنانيين والفلسطينيين والسوريين؟ لماذا لم تبدءوا إذا كانت.. أنتم من 74 قررتم تدخلوا في التسوية، لماذا لم تبدءوا؟ حتى كنتم اللي حصلتم عليه أحسن من اللي حصلتم عليه؟
شفيق الحوت: أحسن.. آه طبعاً على مستوى القرارات نحن حصلنا في 74 و75 على قرارات لا نحلم بها، يعني خد مثلاً بعيداً..
أولاً: إقرار الحق.. الحقوق غير القابلة للتصرف في الشعب الفلسطيني، اللي هي حق العودة إلى الديار والممتلكات التي فقدناها 1948 الحق في تقرير المصير دون أي تدخل خارجي، الحق في السيادة والاستقلال الوطني.
أحمد منصور: أليست القيادة الفلسطينية هي التي تتحمل المسؤولية كلها..
شفيق الحوت: طب ما هو تعالَ نفِّذ يا أحمد القرار موجود، بس حتى تنفذ إسرائيل تقول لا، بس..
(6/300)
أحمد منصور [مقاطعاً]: بغض النظر إن إسرائيل تنفذ أنت الآن يمكن أن تضعها أمام المجتمع الدولي في موقف محرج..
شفيق الحوت: ما وضعناها أمام المجتمع الدولي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما وضعتوهاش لأن أنتم ظليتم رافعين شعارات ومواصلين تقتِّلوا بعض هنا وتقتِّلوا بعض هناك ولم تحققوا شيء.
شفيق الحوت: لأ ما هنا.. هنا.. هنا كمان مرة أخرى أذكِّر بالتفاعل بين الدوائر الثلاث، إحنا بسبب انتصاراتنا السياسية قررت إسرائيل تصعيد العمل ضدنا في الساحة اللبنانية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنتم ما كنتوش بتقاتلوا إسرائيل، أنتم كنتم بتقاتلوا الموارنة، كنتم بتقاتلوا السوريين، حتى إن يطلع.. لما صلاح خلف يطلع في مؤتمر جماهيري في 23 مايو 76 ويقول: إن طريق فلسطين لا يمكن إلا أن تمر في (عنطورة) و(عيون السمان) و(جونيا) حتى لابد أن تصل إلى جونيا، حتى نمنع المؤامرة والتقسيم.
شفيق الحوت: يعني شوف كثير من الجمل ممكن أن تأخذها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ. بس دي ألهبت الحرب مع الموارنة، أنا قابلت ماروني قبل أيام، كنت أسأله عن بعض المعلومات فقال لي صلاح خلف، فظليت أقلِّب في الكتب لحد ما لقيتها في مذكرات أبو إياد ولقيتها في كتاب أيضاً يزيد صايغ، الجملة. هو قال لي طبعاً قال صلاح خلف: الحرب.. الطريق إلى القدس لا يمر إلا عبر جونيا.
شفيق الحوت: يمر في جونيا.. في جونيا..
أحمد منصور: لكن أنا لقيت العبارة نقلتها بنصها كما جاءت في الخطاب يعني دا إلهاب للحرب مع الموارنة.
شفيق الحوت: يعني ما هو بنرجع ونقول إنه لن تبدأ المقاومة الفلسطينية ولم تقم منظمة التحرير الفلسطينية بهدف مقاتلة الموارنة وغير الموارنة، قامت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أهداف منظمة التحرير لم تتحقق..
شفيق الحوت: طبعاً لم تتحقق.
أحمد منصور: ظلت حبر على ورق..
شفيق الحوت: قضية..
(6/301)
أحمد منصور [مقاطعاً]: ورحتوا تقاتلوا في الأردن وتقاتلوا في لبنان وتقاتلوا الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والدنيا، والفلوس بُدِّدت واتعملت يعني حاجات.. شيء مؤذي إن كل فلسطيني بعد كده يقرأ تاريخه، وكل عربي يقرأ تاريخ القضية الفلسطينية على.. على يد الذين تحملوا مسؤوليتها من 64، خلينا إلى الآن لسنة 2002 شيء مؤذي اللي حصل خلال الستينات والسبعينات للشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى ولكل عربي أن يقرأ هذا التاريخ.
شفيق الحوت: تعرف يا أخي أنا لن أخالفك في هذا، لأن الشعب الفلسطيني أصلاً أقسى على نفسه في الحكم مما تفضلت به الآن كقراءة لمرحلة تاريخية، نحن في.. نحن الفلسطينيين حتى الآن لا يوجد لدينا بطل، البطل الذي سيحرر القدس، ونحن كلنا حتى على مستوى القيادات، موضع شبهة إلى أن نستشهد، يعني من لم يمت مغمساً بدمه لا يعتبر.. يعني لا تزول عنه الشبهة، لكن لا تنسَ أن قضية فلسطين هي أحد.. أو هي أعقد قضايا العصر، هي أعقد قضية شهدها القرن العشرين وهي دخلت القرن 21، وأرجو أن لا يكون أبناء هذا القرن يعني بالحظ الذي كنا نحن عليه في..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والقيادة الفلسطينية ساهمت في تعقيدها.
شفيق الحوت: قضية فلسطين كانت باستمرار أخ أحمد.. باستمرار تختلف عن جميع قضايا شعوب الأرض بما فيها من تعرضت لاستعمار استيطاني، بدليل.. بدليل إنه في الأمم المتحدة كان فيه لجنة خاصة اسمها لجنة تصفية الاستعمار وصُفيت معظم -إن لم يكن كل- المستعمرات العالم التي كانت متبقية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، خلافاً لمزاج العصر بأسره، في هذه الفترة قامت دولة إسرائيل، ونحن تعرضنا لمجابهة عدو لا مثيل له في تاريخ شعوب الأرض قاطبة، نحن نحارب شعباً..
أحمد منصور: يا أستاذ شفيق..
شفيق الحوت: يهودي..
(6/302)
أحمد منصور: قل لي من سنة 64 لحد الآن، أنا قعدت أقلِّب في 50 كتاب وأسهر وأطلَّع، علشان أشوف كم مرة واجهت منظمة التحرير الفلسطينية إسرائيل وجهاً لوجه؟ معظم قتال منظمة التحرير الفلسطينية الشرس لم يوُجَّه ضد إسرائيل، وُجه في الأردن ووُجه هنا في لبنان على الساحة اللبنانية، أما إسرائيل المعارك معاها قليلة ومحدودة، معركة الكرامة فُرضت على الفلسطينيين والأردنيين في سنة 68.. في مارس 68 وحققت نجاح وبطولات رهيبة، فيه بطولات كثيرة جداً قام بها، لكن أنا أقصد هنا القيادة الفلسطينية لم تقم وجهاً بوجه في قتال الإسرائيليين في معارك من أجل تحرير.. المعارك الشرسة اللي خاضتها كلها ضد الموارنة وضد السوريين وضد بعضها البعض.
شفيق الحوت: فعلاً يعني شيء مثير للتساؤل، لكن سأرد عليك بكل بساطة، لماذا -ونحن نتكلم عن نفس الشعب- هذا الشعب الذي لم يخض أي معركة شرسة مع إسرائيل كما تفضلت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا ما بأتكلمش على الشعب..
شفيق الحوت: جاي لك.. جاي لك.
أحمد منصور [مقاطعاً]: الشعب دا على رأسي كله.
شفيق الحوت: جاي لك يا أحمد، جاي لك يا أحمد، هو نفس الشعب الذي يخوض مثلاً المعارك الحالية التي يعني تكاد أن تكون أكثر شراسة مما كان في الحرب اللبنانية، يقاومون وأنت ترى...
أحمد منصور[مقاطعاً]: دي قصة أخرى يا أستاذ شفيق، الانتفاضة لها قصة أخرى.
شفيق الحوت: لأ.. لأ، هي الشعب.. الشعب واحد، وأكاد أقول.. وأكاد أقول...
أحمد منصور: بس ده مش القيادة اللي بتحركه، أنا الآن ما بأتكلمش على الشعب.
شفيق الحوت: وأكاد.. على راسي، وأكاد أقول أن..
أحمد منصور: القيادة عمَّالة تقمعه وعايزة توقفه وعمَّالة..
شفيق الحوت: معلش.
أحمد منصور: حتى إن قيادات فلسطينية من التي كانت تقاتل وتناضل صارت تصف الانتفاضة وأبطال الانتفاضة أوصاف للأسف بتضعها في دائرة الخيانة.
(6/303)
شفيق الحوت: ما أنا بأقول لك.. لأ، مع ذلك.. مع ذلك علينا إن توخينا الموضوعية، أنت تعرف، وربما المشاهد يعرف أنني لست من عشاق الدفاع عن القيادة الفلسطينية، عشت حياتي في إطار منظمة التحرير معارضاً، تشهد على ذلك جميع جلسات المجلس الوطني الفلسطيني، تشهد على ذلك استقالتي سنة 1992 من منظمة التحرير.
أحمد منصور: 93.
شفيق الحوت: 93 من.. من القيادة بسبب أوسلو، يعني علاقاتي مع القيادة وحتى مع الأخ أبو عمار بالذات لم تكن إلا نقدية، وتكاد تكون يعني حامية وساخنة في معظم الأيام، ولكن.. ولكن يعني المشكلة أخ أحمد هنالك أسباب موضوعية أخرى أولاً: الحرب تصور الفلسطيني لم يكن همه فقط أن يخترق الحدود الإسرائيلية، كان همه أولاً أن يفلت من الحارس العربي للحدود الإسرائيلية، أنت بتعرف إنه في الستينات وفي السبعينات لم يكن هنالك من مجال لأي عمل فدائي عبر الحدود دول الطوق باستثناء لبنان، مضبوط أو مش مضبوط؟ كان لبنان وحده، وكما قلت مش بسبب خيار لبناني ولا رضا لبناني، ولكن لأنه لبنان لم يكن حدوده لها سياج، حيث كان يمكننا الدخول كنا ندخل، كنا نحاول، كنا نريد.
أخطاء الثورة الفلسطينية إذا بدك لها حلقة خاصة وهي يعني.. يعني شيء يعني يندى له الجبين أحياناً، فيه أخطاء نحن نعترف، أنا أعترف وذاكر هذا في كتبي وفي مقالاتي هنالك أخطاء جسيمة ارتكبتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، لكن أن نضع العبء وحده فقط ونبرئ..
أحمد منصور: العبء الأكبر.
شفيق الحوت: ونبرئ.. أنا دائماً كنت أقول: قضية فلسطين ما ناقصها عروبة، العرب ناقصهم فلسطنة أكثر شوية، يعني هلا الانتفاضة، الانتفاضة وصلت إلى مستوى هائل، لكن لم..
أحمد منصور[مقاطعاً]: مين اللي بيحاربها الوقتي؟
شفيق الحوت: لم.. العرب أولاً..
أحمد منصور: القيادة الفلسطينية في الداخل أولاً.
(6/304)
شفيق الحوت: والعرب ثانياً، الآن تجف جميع مصادر الثوار الفلسطينيين بعيداً عن السلطة الفلسطينية، حتى القوى المناهضة للسلطة الفلسطينية أصبحت تعاني من..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هو ليه يا أستاذ شفيق الشعب الفلسطيني الآن انفلت من قيادته وأخد هو زمام المقاومة ضد إسرائيل؟ لأنه ظل معطياً الزمام لهذه القيادة طوال الفترة الماضية فأوصلته إلى ما وصل إليه، شعارات وضحك على الناس وخطب وهتافات وكذا، والآخر الشعب الفلسطيني يتجرَّع المرار ويتجرع ما تجرعه طوال الفترة الماضية، والآخر لقى نفسه بيحصد أوسلو وما بعدها، فالشعب انفلت من هذه القيادة ولم يعد له سوى... وفعله.
شفيق الحوت: ياريته انفلت، ما انفلتش كفاية..
أحمد منصور: يعني أنت عايزه ينفلت كمان..
شفيق الحوت: لا مش.. مش ينفلت بمعنى إنه ينفلت أنا بأعتقد إنه.. إنه كل الحركة الوطنية الفلسطينية كلها -بما فيها شفيق الحوت كجزء صغير ومتواضع منها- يتحمل مسؤولية المرحلة الماضية، ليس ياسر عرفات وحده ولا أقول هذا دفاعاً عن ياسر عرفات، ولكن حتى هذه اللحظة، حتى هذه اللحظة نجد بعض المشاهد تتكرر مما شاهدناه قبل 20 سنة من علاقات بين فصائل الثورة الفلسطينية، ولم يحققوا الإطار الوحدوي المطلوب، طبعاً هنالك أخطاء.. خطايا هنا تتحمل مسؤوليتها القيادة الفلسطينية،ولكن لا تعفِ -يا أخ أحمد- لا تعفِ أبداً.. لا تعفِ أبداً العواصم العربية المعنية والتي جزء كبير منها والمهم منها ليس له من عمل إلا الضغط على الشعب الفلسطيني وحتى على القيادة الفلسطينية للرضا بما تفرضه أو تحاول فرضه الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.
الصراع السوري الفلسطيني في لبنان
(6/305)
أحمد منصور: في 22 مايو 76 أعلن (فاليري جيسكار دي ستان) رئيس فرنسا، أن أميركا لا تعارض إرسال 7500 جندي فرنسي إلى لبنان، 24 مايو 76 بدأ قتال بين منظمة الصاعقة الفلسطينية التابعة لسوريا وبين حركة فتح، في 27 مايو أُعلِن عن منع عرفات من دخول بيروت، حاول إلياس سركيس القيام بدور لمنع الصدام بين الفصائل الفلسطينية، لكن قُتلت شقيقة كمال جنبلاط واندلع.. اشتعل العنف، وفي 30 مايو أصبحت سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية في وضع صدام لا عودة عنه، جورج حبش -الذي يعيش الآن في سوريا- أعلن وقتها أن الجيش السوري يخدم السياسة الأميركية، أول مايو طالبت منظمة التحرير الفلسطينية القوات السورية بالخروج من لبنان، طالبوا باجتماع لوزراء خارجية الدول العربية، وُصف التدخل السوري بأنه احتلال عسكري، وتعهدت الحركة الوطنية اللبنانية بمقاومته، الآن أصبحت الحرب ضد.. الحركة القومية أصبحت ضد سوريا، جيش التحرير الفلسطيني والصاعقة وهما منظمتين فلسطينيتين يُدعمان من سوريا صدرت لهم أوامر في بداية مايو بالاستيلاء على مكاتب منظمة التحرير، لكن قيادة المنظمة قامت بهجوم مضاد وأصبحت الحرب الآن فلسطينية فلسطينية، فلسطينية سورية، لبنانية، فلسطينية لبنانية أيضاً موجهة ضد سوريا، سوريا في 7 يونيو قامت بهجوم مضاد على الفلسطينيين، يعني بالحرب السوريين قاموا بأشياء ضد الفلسطينيين والفلسطينيين ضد السوريين، وفلسطينيين ضد الفلسطينيين، هل تعتبر ما قام به السوريون ضد الفلسطينيين في لبنان يعادل ما قام به الأردنيون ضد الفلسطينيين في 70، 71 في الأردن؟
شفيق الحوت: المقارنة يعني غير جائزة 100% لأسباب عدة، وأهمها أننا لم نخرج من لبنان بسبب السوريين في النهاية، يعني عادت العلاقات السورية الفلسطينية إلى نوع من الاستقرار والهدوء بشيء من التوتر ولكن توقف الاشتباك و..
(6/306)
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن أبو إياد وقتيها وصف ما يقوم به السوريون قال: إن الأسد يحاول القيام بما فشل فيه الجيش الأردني في تحقيقه.
شفيق الحوت: يعني أنا لي كلمة في إحدى كتبي التي أعدد فيها أخطاء الثورة، كلمة قلت فيها: ومن أهم أخطاء القيادة هذه الزائدة الدودية في ألسنة البعض الإعلاميين، كثيراً ما كان يصدر تصريحات مسيئة من قِبل المسؤولين عندنا، ولكن للأسف تُذكر هذه، ولكن لا تُذكر الردود عليها، أنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن أبو إياد هو.. هو اللي صحيح تصدى أو هو الذي أصدر أمراً عسكرياً بالتصدي للقوات السورية في "فلسطيني بلا هوية" في صفحة 297 يقول: إزاء غياب بقية أعضاء قيادة المقاومة كنت أنا الذي اتخذت في 6 يونيو 76 القرار المؤلم بالتصدي للتدخل السوري والعسكري.. للتدخل العسكري السوري بالسلاح.
شفيق الحوت: من الممكن وهو كان يُسمى الرجل الثاني بس بأعتقد سواءً اتخذ القرار أم لم يتخذ القرار كانت معادلات الأمور قد وصلت إلى حد التفاعل الذي لا مفر منه، وللأسف.. وللأسف وبغض النظر عن الأسباب كان على الجانب الفلسطيني وهنا كمان نقد ذاتي لازم تقدر لي إياه أنت.
أحمد منصور: تفضل.
شفيق الحوت: إنه إحنا ما كان لازم نخاصم سوريا، أولاً: لأنه مش قد سوريا، مش قد سوريا، لا نستطيع أن.. أن نحارب سوريا ونصف لبنان ضدنا، وناهيك عن أننا -كما أشرت- قمنا من أجل تحرير فلسطين ومحاربة إسرائيل، إحنا لسنا قوة عظمى، و.. ولسنا قادمين من كوكب آخر.
أحمد منصور: هل كان فيه استراتيجية بترسم بشكل.. استراتيجية للبحث في قضية شعب وهم شعب أم هي كانت كلها آراء شخصية واجتهادات شخصية وقرارات شخصية؟
شفيق الحوت: لأ، كانت قرارات شخصية واجتهادات شخصية ومنها.. ومنها آراء واجتهادات يعني غير ذات بال، يعني غير محترمة.
أحمد منصور: يعني أفراد الآن غرَّقوا الشعب وضروا .....
(6/307)
شفيق الحوت: نعم.. نعم، لم يكن هناك استراتيجية، وأكاد أقول: الدول العربية نفسها ما عندهاش استراتيجية.
أحمد منصور: السادات في 5 يونيو 76 أغلق السفارة السورية في مصر، استدعى الدبلوماسيين المصريين من دمشق، قرر مجلس وزراء الجامعة العربية إرسال قوات مشتركة عشان الصراع السوري الفلسطيني فهدأ الوضع قليلاً، في 16 يونيو 76 قتل أو اغتيل السفير الأميركي لدى لبنان (فرانسيس ميلوي) أيه تأثير ده على مسار الحركة؟
شفيق الحوت: يعني أخ أحمد هذه الحقبة مليئة..
أحمد منصور: أنا ما بأقفش عند كل يوم وإلا عندي بلاوي بس..
شفيق الحوت: آه، لا.. عندك بلاوي، وهذا من مصدر وفيه مصادر أخرى، يعني فيه مصادر ناسية حدوث أشياء أخرى..
أحمد منصور: آه أنا ما بأقفش عند كل حاجة، لأن أنا جبت.. عندي مجلدات يوميات الحرب اللبنانية، وعندي كتير كنت بأغرق فيها يعني.
شفيق الحوت: آه.. آه ما.. حاجة مصيبة.. مصيبة يعني خلينا المشاهد الذي يسمع الآن عن أحداث مرت بعد.. مر عليها 50 سنة تقريباً أو أكثر أو أقل، 30 سنة أن نشير أن.. أن كل.. يعني أصبحت الساحة هنا ممكن وصفها بالساحة العبثية أكثر من أي شيء آخر، يعني لم يعد يعرف مَنْ يقاتل مَنْ، إلى متى، ومع من وضد من، يعني أنت تذكر أو أشرت حتى الآن عدة مرات إلى قتال سوري فلسطيني، لكن في هذه السبعينات كذلك حدثت اشتباكات مسيحية سورية وقصفت الأشرفية وتجد بعض الكتابات من يصف تلك الحملات.
أحمد منصور: جوزيف أبو خليل اتكلم عن بعض الحاجات في الوضع الماروني وكتب كثيرة.
شفيق الحوت: آه يعني، وإسرائيل لكانت استمراراً على الخط تقصف وتضرب، ضربت (الفكهاني) في هذه الفترة.
أحمد منصور: إسرائيل كانت بتلعب الساحة قدامها مفتوحة.
شفيق الحوت: تلعب بالساحة و.. وحرة.
أحمد منصور: بس ما حدش فاضي لها.
(6/308)
شفيق الحوت: ما حدش.. لا أصلاً يعني ليس أمراً سهلاً أن تقاوم تحالفاً إسرائيلياً أميركياً مع احترامي لقيادتنا وحتى لقادتنا العرب يعني، يعني حط القيادة يعني بكفة وحط القيادة المقابلة بكفة تجد إنه هنالك فوارق في القدرات العقلية والمادية والسلاحية وكل شيء، فاللي.. اللي عاوز أقوله إنه الهدف الأساسي كان وقد نجحت إلى حدٍ ما إسرائيل وتوَّجته بـ 82 هو إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من الأرض اللبنانية، إفقادها للمرتكز المادي الوحيد الذي كان..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وأنتم ساعدتم بسياساتكم المتخبطة على تحقيق هذا.
شفيق الحوت: المهزوم دائماً ممكن أن تحمله كل المسؤوليات، لكن أنا بأعتقد أننا نتحمل جزء من المسؤولية وليست كل المسؤولية، لم تكن أمامنا كعكة على المائدة يعني لا تنتظر سوى أن نلتهمها، كان.. كانت الملاحقات يومية، محاولات الاغتيالات يومية، قصف الجنوب يومي، قصف المخيمات يومي، يعني وصلنا إلى.. إلى حتى مخيمات الشمال لم تنجُ من الغارات الإسرائيلية.
أحمد منصور: في يونيو ويوليو وأغسطس 76 تمت أطول معارك الحرب الأهلية اللبنانية وأكثرها مقتلة ودموية.
شفيق الحوت: للأسف.
أحمد منصور: مخيم تل الزعتر..
شفيق الحوت: للأسف..
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من الحرب على مخيم تل الزعتر.
شفيق الحوت: مأساة أخرى.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(6/309)
الحلقة10(6/310)
الأربعاء 9/1/1424هـ الموافق 12/3/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 10:09(مكة المكرمة)،07:09(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 10
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
09/03/2003
- مجزرة مخيم تل الزعتر 1976.
- تقييم نجاح الجهود الدبلوماسية العربية لإيقاف الحرب اللبنانية.
- محصلة الحرب اللبنانية والخط السياسي الجديد لمنظمة التحرير.
- ردود الأفعال العربية والفلسطينية على قرار السادات الذهاب لإسرائيل.
- تأثير المساعدات المادية لمنظمة التحرير على واقعها النضالي.
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان)، أستاذ شفيق مرحباً بيك.
شفيق الحوت: مرحباً بكم.
مجزرة مخيم تل الزعتر 1976
أحمد منصور: حوصر مخيم تل الزعتر خلال شهور يونيو ويوليو وأغسطس، قُصف بـ 55 ألف قذيفة، بلغ عدد القتلى 4820 قتيلاً، وهو أطول معارك الحرب اللبنانية وأكثرها مقتلة كما ذكر أبو إياد في كتابه "فلسطيني بلا هوية" عجزت منظمة التحرير الفلسطينية عن فك الحصار المضروب حول الفلسطينيين، أُجبر من فيه على الخروج في 12 أغسطس، وقتل الناس أيضاً وهم يخرجون، ما تقييمك لمأساة تل الزعتر؟
(6/311)
شفيق الحوت: يعني هذه الفترة بالذات من عام 76 كانت بالنسبة لي على الصعيد الشخصي من أصعب الأيام في حياتي النضالية في لبنان الحقيقة في حزيران/ يونيو 76 كنت في مهمة في كندا، أحضر مؤتمر للإسكان تابع للأمم المتحدة عندما تلقيت إشارة بأنه أهلي.. يعني أسرتي اضطُرت لمغادرة لبنان بسبب تأزم العلاقات السورية الفلسطينية وكانوا لسه أولاد صغار يعني أطفال مما.. على الصعيد الشخصي يعني، مما أثار شجون خاصة، وذهبوا إلى مصر، ومن مصر إلى ألمانيا، ولحقت بهم في ألمانيا، ومن ألمانيا حاولت العودة إلى بيروت، لم تكن العودة بالأمر السهل لأنه مطار بيروت كان معرض للقصف باستمرار، بهذه المناسبة عندما سافرت إلى كندا في هذه الفترة كان مطار بيروت عم يُقصف، ولا أحد يدري من الذي يقصف مطار بيروت، حتى أننا نزلنا من الطيارة، وكان من.. من أعضاء الوفد الأستاذ محمود درويش شاعرنا الكبير، فنزلنا من الطائرة واختبأنا في بعض البنايات المجاورة، ثم احترنا هل نعود للطائرة نحاول السفر، أم نعود إلى بيروت من حيث أتينا، فبالاتصالات اكتشفنا أن العودة إلى بيوتنا أصعب وأكثر خطورة من ركوب الطائرة مرةً ثانية والذهاب إلى فرنسا في تلك.. في ذلك الحين عبوراً إلى كندا، يعني أعطيك هذه الصورة حتى تتصور مدى سخونة الجو وحماوة المعارك في.. في تلك الفترة.
أحمد منصور: عشتها والله بين الكتب، عشتها للأسف بين الكتب..
(6/312)
شفيق الحوت: كانت أيام غير.. غير.. غير معقولة، فأولاً لكي نضع المشاهد في الصورة تل الزعتر شاءت أقداره أن يكون من المخيمات الفلسطينية في المنطقة الشرقية، في المنطقة المسيحية، كان كالجزيرة محاطاً من جميع جهاته الأربع بتواجد مسيحي أصبح طبعاً معادي أثناء الصِّدام الفلسطيني اللبناني، ولكن المخيم كان من الاتساع، وكان من كثافة السكان، وكان في البداية إمكانية الاتصال واردة، ولاسيما عبر الجبل من منطقة المتن، كان الاتصال ممكن وتزويده ببعض العتاد والسلاح ممكن، ولكن تأزم العلاقات الفلسطينية السورية قطع حتى هذا المنفذ الذي كان يوصلنا إلى تل الزعتر إمداداً ومساعدةً، طبعاً كان.. كانت المساعي العربية الدبلوماسية على قدمٍ وساق، كانوا مبعوثي الدول العربية من السعودية إلى مصر، إلى غيرهم في ذلك الصيف يسبحون في.. في حمامات فنادق المنطقة الغربية، (سمرلاند) و(كورال بيتش) المشهورين في ذلك الحين، والناس في.. تتعرض إلى قصفٍ كما تفضلت وأشرت غير معقول، يعني..
أحمد منصور: طبعاً كان السلاح.. الأطراف اللي كانت بتمول بالسلاح مصر والعراق والسعودية والجزائر واليمن الجنوبي، وهناك دول من هذه كانت تعطي الفلسطينيين فقط، ودول كانت تعطي الفلسطينيين والموارنة في وقتٍ واحد، ودول كانت تعطي الموارنة فقط.
شفيق الحوت: هو كما أشرنا في الماضي السلاح كان يعني يأتي من.. من حيث ننتظر ولا ننتظر، لنا ولغيرنا، يعني كانوا أصحاب العلاقات على المستويين الدولي والإقليمي يعني..
أحمد منصور: من أين التمويل يا أستاذ شفيق؟ مين اللي كان بيدفع؟
شفيق الحوت: مش دائماً كان فيه تمويل، معظمه كان يأتي تبرعاً بهدف تحقيق أهداف سياسية تصعيداً للعمل..
أحمد منصور: و.. والأموال.. لكن الحرب بشكل عام كانت بحاجة إلى تمويل، الأموال اللي نُهبت من البنوك هنا في وسط بيروت راحت فين؟
شفيق الحوت: ليست هي الأساس، هي لم تذهب للمنظمة، يعني..
(6/313)
أحمد منصور: فيليب حبيب قال إن هذه الأموال موَّلت الحرب؟
شفيق الحوت: مش لفتح.. مش لفتح اللي هي كانت أكبر تنظيم، يعني الذي اتهم بسرقة الأسواق من الفريقين الحقيقة، يعني الفريقين ساهموا في سرقة الأسواق والبنوك، هي منظمات صغيرة، وشهدت الساحة اللبنانية الوطنية المحضة في ذلك الحين ظهور فئات متأثرة في الحركات التي كانت شائعة في أميركا اللاتينية، (توتاماروس) وغيرهم من الذين كانوا يعتقدون ويحللون سرقة البنوك ونهب الناس في سبيل أعمال ثورية.
أحمد منصور: لكن فيه ملاحظة مهمة أيضاً بالنسبة للتسليح وللحرب، إسرائيل كانت تستطيع أن تسيطر على السواحل اللبنانية، وتمنع السفن في ذهابها وإيابها وتسيطر عليها أو تغرقها، من بين 43 سفينة حملت أسلحة إلى منظمة التحرير الفلسطينية لم تعترض إسرائيل سوى سفينة واحدة فقط وسمحت لكل السفن التي تحمل سلاح للمنظمة بأن تدخل، عندي علامة استفهام، أيه مغزى ذلك؟
شفيق الحوت: مغزى ذلك يعني إنهاكها في مزيد من الحرب، دفعها للاستمرار، إنهاك لبنان، وكلنا يعرف أن إسرائيل كانت دائماً تطمع أن يكون جنوب لبنان تحت هيمنتها، ولاسيما مياهه، وكانت تريد إضعاف الصيغة اللبنانية، صيغة التعايش القائمة، يعني لم يكن.. عم تبعت سلاح متوفر لديها، جزء منه مما غنمته في الـ 67 من الجيوش العربية، وبتتمتع في رؤية الاقتتال العربي العربي في الساحة اللبنانية، وإلهاء منظمة التحرير بحربٍ لا فائدة منها، بل كل الضرر فيها بعيداً عن مجابهتها على الحدود الجنوبية.
أحمد منصور: أعود لتل الزعتر باختصار.
(6/314)
شفيق الحوت: تل الزعتر يا سيدي سوء العلاقة مع سوريا كان أحد أهم الأسباب التي أسقطت هذا المخيم، يعني لم يكن لأسباب لوجستية، بإمكاننا بأي شكل من الأشكال إنقاذ هذا المخيم، وأنا بأعرف إنه كان بعض الإخوة السوريين يعتقدون منذ البداية، يعني قبل سقوط المخيم بأشهُر بأن المخيم في حكم الساقط استراتيجياً، يعني لا يمكن الدفاع عنه، وأنه خير الوسائل محاولة تفريغه ممن هم فيه بواسطة..
أحمد منصور: كيف عجزتم عن ذلك؟
شفيق الحوت: والله.. مش إحنا اللي عجزنا، عجزنا الوسطاء، يعني أذكر حسن صبري الخوري مثلاً كان مندوب مصر، وهو رجلٌ فاضل وطيب ونواياه حسنة، ولكن لم يكن باستطاعته أن يعني.. أن يمارس على الأرض، مافيش قوة يعني...
أحمد منصور [مقاطعاً]: حينما يحاصر عشرات.. يعني آلاف الناس ويقتل ما يقرب من خمسة آلاف إنسان..
شفيق الحوت: كيوم القيامة، كيوم الحشر تجد الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله عظيم، ما حدث في تل الزعتر كان في منتهى القسوة، يعني لا يستطيع مخرج سينمائي مشهور بإخراج أفلام العنف أن يصوِّر أحداث تل الزعتر ويعرضها على الناس حرصاً على مشاعرهم، الذي حدث في تل الزعتر ليس فقط يعني احتلال المخيم، وإنما ملاحقة الهاربين الفارين..
أحمد منصور: الفظائع كانت صعبة.
شفيق الحوت: الذين حاولوا أن يجدوا ملجأً عزَّلاً يعني من قلب المخيم إلى حوالي.. إلى شعاع ما لا يقل عن ثلاثة كيلو مترات، كان الناس تجد أن الفلسطينيين ما لهم.. مقتولين من الجدران وهم عزَّل من السلاح أطفالاً ونساءً ورجالاً، العائلة الفلسطينية طيلة الوجود الفلسطيني الثوري في لبنان على امتداد كذا سنة.. 15 سنة أو أكثر لم تصب الأسر الفلسطينية بفواجع بقدر ما أصيبت في مذبحة تل الزعتر، وكانت هذه نهاية الفرز السكاني نهائياً تقريباً في لبنان بين مسلم ومسيحي، وبين فلسطيني ولبناني.
أحمد منصور: أصبحت بيروت الغربية خالصةً مسيحية.
(6/315)
شفيق الحوت: أصبحت الشرقية خالصةً مسيحية.
أحمد منصور: وأبيد تل الزعتر وأُنهي..
شفيق الحوت: وأبيد ولا تجد له أثراً الآن، ولا..
أحمد منصور: هم لم يبقوا له أثراً من..
شفيق الحوت: على الإطلاق.. على الإطلاق، وكأنه يعني كان يمثل.. كانت أيامها ذروة التعصب، فعلاً هو ذروة التعصب.
أحمد منصور: أنا عايز أفهم الحقد اللي يوصل الإنسان إلى هذه المرحلة، إلى مرحلة إنه يمسك واحد وبسكينة يذبحه..
شفيق الحوت: أنا لا أريد أن أذكر أسماء، ولكن هناك تصريحات لمسؤولين في المنطقة الشرقية أننا لن نبقي من الفلسطينيين في لبنان إلا زوجين اثنين نضعهما في قفص لنفرِّج الناس عليهم، قيلت ورُويت ونُشرت في الصحف يعني..
أحمد منصور: أنا قرأت أشياء كثيرة أيضاً لا أريد أثير...
شفيق الحوت: وأنا لا أريد، وأنا لا أريد، يعني اللي بيحكوا عن مقولة أبو إياد يمر في جونيا أم هو كان في يقال من الطرف الآخر كذلك كلاماً أولاً: غير لائق لا باللبناني ولا بالفلسطيني ولا حتى في الإنسان كإنسان، يعني خرجنا عن إنسانيتنا في بعض ما حدث في لبنان من تشنيع ومن خطف ومن قصف، ومن ضرب، الضرب العشوائي، يعني كيف أنت تضع مدفع على مدينة غابة من الأسمنت المسلح، مدافع "هاوزر 155 ملليمتر"، يعني كانت سنة الـ 67 هي تعتبر من المدفعية الثقيلة في.. في الحرب ضد إسرائيل.
أحمد منصور: نعم، دي كانت بتمسح المبنى مسح.
شفيق الحوت: دي كانت بتمسح.. وتنزل على بيروت هنا وهناك، أو صواريخ "لجراد" وغيرها من الصواريخ التي كانت تدمر أي شيء تمر به أو تصطدم به، ولم يكن يضرب واحد منا على الإطلاق من الفريقين على يعني أهداف محددة، يعني فيه بعض الأهداف، مثلاً مكتب منظمة التحرير، بعض الثكنات كانت مستهدفة، لكن 90% من.. من القصف عليها كان يصيب محيط هذه المراكز ويُقتل العديد من الأبرياء.
تقييم نجاح الجهود الدبلوماسية العربية لإيقاف الحرب اللبنانية
(6/316)
أحمد منصور: عرفات عاد سراً إلى لبنان في 4 يوليو اتفق على وقف إطلاق النار مع السوريين في 23 يوليو، لكنه لم ينفِّذ، سوريا بدأت تواجه ضغوط من الدول العربية، وفد من منظمة التحرير ذهب لدمشق في 20 يوليو، واتفق على تنظيم العلاقات اللبنانية الفلسطينية وفق اتفاقية -فضلت اتفاقية القاهرة دي زي.. زي مسمار جحا- 69 ومقترحات سوريا اللي قُدِّمت في 76، القوى الفلسطينية -كما يقولون- اليمينية أو المتشددة رفضت هذا الاتفاق، وقيل إن عرفات نفسه كان غير راضٍ عن هذا الاتفاق.
شفيق الحوت: مع سوريا؟ يعني أنا لا أعير هذه اللقاءات كبير أهمية.
أحمد منصور: لأن برضو كانت بتنقض بعدها بشوية..
شفيق الحوت: تنقض، وبعدين يعني ما كان بيننا وبين سوريا للأسف ليس خلافاً على ما هو معروف وما هو مكتوب وما هو منصوص عليه، كان الخلاف على ما.. ما لا نقوله نحن وما لا يقولونه هم، هذا الخلاف الحقيقي، يعني اللي بده يحرِّر فلسطين من جنوب لبنان، وما بدوش يأخذ بعين الاعتبار ردة فعل لبنانية وردَّة فعل سورية، وأعتقد يتحمل مسؤولية كبيرة، ويكون واهماً إن ظن أن باستطاعته أن يلعب في لعبة الحرب والسلم لوحده وأن يتركه الآخرون يعني ويقفون كمتفرجين، فـ.. ولم تكن تجرؤ سوريا تقول كمان إنه أنا ضد الفلسطينيين، لم يكن الأمر سهلاً، وكان يتمتع بعض العرب بحراجة الموقف السوري، وسوريا تحتار ساعة المسيحيين يستجيرون بها، ساعة الفلسطينيون يستجيرون بها، وخلافها بينها وبين القاهرة، يعني الناس ماشية بمشروع التسوية، كامب ديفيد بالـ 77 لا تنسَ كان السادات راح على القدس، وأصبح بين دمشق والقاهرة ما صنع الحداد.
أحمد منصور: أنا عايز أفهم إن المفاوضات كانت المصرية الآن ماشية في اتجاه التسوية والتهدئة والحرب في لبنان كانت على أشدها.
(6/317)
شفيق الحوت: هو الحرب كانت تستهدف إضعاف القوى وإنهاكها ووصولها إلى التسليم بضرورة الذهاب إلى التسوية، أنا بأعتقد هذا الهدف الاستراتيجي كان من ذلك، وهذا ما حدث بالنهاية على كل حال.
أحمد منصور: اشتعلت الحرب بين الفلسطينيين وبين الموارنة مرة أخرى، علاقة علي حسن سلامة مع بشير الجميل كانت علاقة جيدة، وأوعز إليه عرفات بالتفاوض معاه، لكن سليمان فرنجية الذي كان رئيساً في ذلك الوقت كان متشدِّداً، طالب بتجريد الفلسطينيين من السلاح وتخفيض أعدادهم من 300 ألف إلى 120 ألف.
شفيق الحوت: كذلك يعني من.. من إرهاصات ومن إفرازات تلك الظروف الدامية في هذه السنة كانت تطلع اقتراحات كثير ما إلها قيمة حقيقية، إنما كانت للاستهلاك اليومي، يعني إذا صح هذا الذي تقوله، وأنا ناسيه الحقيقة، يعني بده يقلِّص عدد الفلسطينيين أين يريد أن يذهب بهم؟ يعني ماكانش فيه حل..
أحمد منصور: الدول.. زي الدول العربية اللي خدتهم بعد كده.
شفيق الحوت: أي دول؟ ده فيليب حبيب سنة 82 كان أقسى ما عانى منه أن يجد الدولة العربية المستعدة أن تستضيف الفلسطينيين، فما كانش في قدرة سليمان فرنجية يعني أن يفرض على أي دولة عربية أن.. أي دولة عربية يظهر عندها استعداد أن تستقبل الفلسطيني، وقد رأت ما يحدث في لبنان أي دولة؟ أي دولة عاقلة –ها- بتجيب الدب إلى كرمها كما يقال في المثل الشعبي؟ فكانت اقتراحات يعني على قدر القائلين بها من وحي الساعة، من وحي الحدث اليومي.
أحمد منصور: أبو نضال قامت قواته في 11 أكتوبر 76 بالهجوم على سفارات سوريا في روما وإسلام آباد، وقامت سوريا بتجديد هجومها مرة أخرى على المنظمة، ولكن في 16 أكتوبر 76 عُقد مؤتمر قمة حضره عرفات، وإلياس سركيس، وأنور السادات، جابر الصباح، الملك خالد في الرياض، واتُفق على وقف إطلاق النار في 21 أكتوبر 76، هل معنى ذلك.. هل دول فعلاً كانوا.. هذا الاجتماع فعلاً هو الذي أوقف الحرب اللبنانية؟
(6/318)
شفيق الحوت: لا أعتقد، ولكنه كان بداية التمهيد، لأنه تبع ذلك.. هذا في الـ 76 أظن مش كده؟
أحمد منصور: 21 أكتوبر 76.
شفيق الحوت: 76، عُقد اجتماع آخر.
أحمد منصور: بعد 18 شهر من القتال.
شفيق الحوت: في الـ 78 صار اجتماع آخر في القاهرة.
أحمد منصور: آه، واتفاقية القاهرة هي التي وقِّعت وطبِّقت.
شفيق الحوت: هذه.. هذه..
أحمد منصور: أنا بأقصد الآن إن الحل جه حل عربي.
شفيق الحوت: يعني هنا..
أحمد منصور: هل لو كان هناك إرادة لدى القيادة العربية لإيقاف الحرب اللبنانية من البداية، هل كان يمكن أن تقف وأن يتحاشى الفلسطينيين واللبنانيين والسوريون هذه الدماء التي سالت طوال 18 شهراً؟
شفيق الحوت: أنت تفترض وجود شيء لم يكن موجود.
أحمد منصور: لأ، ما هم عملوها أهو.
شفيق الحوت: وين القيادة العربية؟
أحمد منصور: ما همَّ دعوا وقتها القيادة العربية ما هو..
شفيق الحوت: القيادة العربية بإطار الجامعة العربية يعني تعكس مواقف الدول الأعضاء، وليس هذا سراً على أحد، ولم تكن يعني هنالك.. لم يكن هنالك تراضي أو توافق بين الدول العربية على موقف موحَّد من الساحة اللبنانية، كما أنه لم يكن هنالك في الساحة العربية قائداً عربياً قادراً على أن (يمون) على الأقل على جميع الأطراف، وأن يضع حدًّا لهذا الذي يجري في الساحة اللبنانية، ماكانش فيه رئيس عربي، ماكانش فيه شيخ قبيلة قادر يلف على العشائر ويوقف، ويضع حداً لهذا القتال.
أحمد منصور: لكن أيضاً كما قلت لك قمة عربية هي التي وضعت حداً واتفاقية القاهرة..
شفيق الحوت: لأ، ما هو تبع ذلك أشياء كثيرة أخ أحمد.
أحمد منصور: طبعاً كان فيه صراعات..
شفيق الحوت: لجان متابعة وخرق لهذه الاتفاقيات، ثم ذهاب إلى المغرب، ثم تشكيل لجنة ثلاثية، قمة عربية.
أحمد منصور: محصلتها إن لو فيه إرادة عربية ممكن ينجحوا فيها.
(6/319)
شفيق الحوت: طبعاً لو فيه إرادة عربية صحيح، ولو فيه إرادة فلسطينية لبنانية كان ممكن أن تتوقف، ولكن هذه الإرادات كان يوجد من يشلها، إما يعني سوء الفهم وسوء التقدير، وإما أيادي خارجة عن إرادة الذات.
محصلة الحرب اللبنانية والخط السياسي الجديد لمنظمة التحرير
أحمد منصور: أنا حاولت أجمع محصلة الحرب، لقيت الحقيقة أرقام كثير متضاربة بين المصادر المختلفة، لكن ربما يكون أقرب ما وصلت إليه، هو أن القتلى من المقاتلين الفلسطينيين: 1800 قتيل، الحركة الوطنية اللبنانية: 900 قتيل، المقاتلين الموارنة: حوالي 3000 قتيل، لم تُعرف خسائر السوريين، المدنيين اللبنانيين حوالي أو الفلسطينيين حوالي 14 ألف مدني، منهم 10 آلاف قُتلوا على يد الموارنة والباقي بيد القوات المشتركة، أيه تقييمك لهذه المحصلة ولهذه الحرب؟
[فاصل إعلاني]
شفيق الحوت: يعني أنا في هذا الموضوع بالذات، موضوع الاستشهاد والشهداء والقتلى..
أحمد منصور: لأ، محصلة الحرب.
شفيق الحوت: وجهة النظر.. آه، محصلة الحرب كان دمار وإعاقة لشعبين عربيين لا يستحقان هذا المصير هما الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، كانت الخسارة في الدرجة الأولى للشعب الفلسطيني ثم الشعب اللبناني، لم نستفد على الإطلاق، الكل خرج خاسراً من هذه الحرب، هذه حرب لم يكن فيها من منتصر غير العدو الإسرائيلي.
أحمد منصور: أيه طبيعة علاقة منظمة التحرير مع القوى الفلسطينية اللبنانية بعد الحرب؟
شفيق الحوت: هنا بعد.. الحقيقة العلاقات الفلسطينية اللبنانية لم تتأثر إلا بعد الاجتياح الصهيوني، إذا أردت أن تدخل..
أحمد منصور: 78 أم 82؟
(6/320)
شفيق الحوت: لأ، 82، يعني على استمرار حتى الاجتياح الصهيوني كانت العلاقات أقرب إلى الإيجابية، كان يعني يحدث أحياناً بعض التنافر وبعض التباين مع فريق ما، ولكن إجمالاً كانت الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية طيلة السبعينات على اتفاق، ووصولاً إلى.. إلى 1982 و.. ومجابهة الاجتياح الإسرائيلي، بدأ الخلاف فيما بعد.
أحمد منصور: أنا لاحظت أن بعد هذه الحرب فيه مسار سياسي بدأت حتى منظمة التحرير تدخل فيه، ذكرت بعض المصادر إن علاقة محمود عباس بالإسرائيليين بدأت في ذلك الوقت، لكنها لم تكن مؤكدة، 5 فبراير 77 التقى عرفات مع (فيلدهاين)، وأصبح مع (كرايسكي) مستشار النمسا و(شاوشيسكو) يسعون لجس نبض أميركا من أجل التسوية ودخول الفلسطينيين فيها، وكرايسكي طبعاً مستشار النمسا كان يهودي، لكنه كان متعاطف مع الفلسطينيين.
شفيق الحوت: آه يهودي من غير يعني..
أحمد منصور: عرفات أعلن استعداده لحضور مؤتمر (جنيف) للسلام، (سيروس فانس) 17 فبراير طلب بتعديل الميثاق الوطني الفلسطيني حتى يعترف بإسرائيل إذا كانت المنظمة تريد عقد محادثات سلام حقيقية.
شفيق الحوت: والسبب أن (كسينجر) كان قد قَيَّد الولايات المتحدة بعدم الاتصال بمنظمة التحرير الفلسطينية، لذلك هنا طلب سيروس فانس بس إشارة يعني.
أحمد منصور: نعم، عرفات التقى مع إسماعيل فهمي من أجل بحث الموضوع، معنى ذلك أن المفاوضة.. أن المنظمة بدأت في طريقها إلى التسوية في وقت مبكر من 77.. 76، 77.
(6/321)
شفيق الحوت: من الـ 74 عندما ذهبنا إلى الأمم المتحدة كانت الأمم المتحدة بشكل من الأشكال، ولفريق من القيادة الفلسطينية الباب الموارب للاتصال بالولايات المتحدة الأميركية، وكان هنالك المصريون، وكان هنالك السعوديون يساعدون، ويسعون جهدهم لكي يحدث اتصال بين الإدارة الأميركية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا أمر كان ياسر عرفات يعرفه، ويعني يشرف عليه ويشجعه، وفي هذه الفترة بالذات بدأ الاتصال بكرايسكي وأمثاله واتصالات قامت بها بعض المحسوبين على منظمة التحرير الفلسطينية مثل الأخ عصام سرطاوي وغيرهم، بأن يتصلون، وهذا وفق قرارات المجلس الوطني الفلسطيني على فكرة، للاتصال بالعناصر غير الصهيونية التي تقول بما تنص عليه وصايا.. قرارات الأمم المتحدة، أي اليهود المؤمنين بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيرهم، وإقامة دولة فلسطينية.
أحمد منصور: يعني خلاص بدأت التنازلات ماعادش إقامة دولة فلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، خلاص دا باي باي الآن.
شفيق الحوت: من الـ 74 قلنا لك يا أخ أحمد.
أحمد منصور: بس ده عفواً، ده كان بيتناقض مع المعارضة الشديدة اللي عملتوها للسادات بعد كده.
شفيق الحوت: في الـ 74 أخ أحمد عُقدت دورة كانت في المجلس الوطني أظن هي الدورة الثانية عشر، هذه الدورة اللي سُميت بالنقاط العشرة، وعُقدت في القاهرة، وفي هذه نص.. في هذه الدورة نص على إقامة ما سمي بالسلطة الفلسطينية على أي جزء يتم تحريره أو التنازل عنه بتفاوض سياسي.
أحمد منصور: الدورة الكام؟
شفيق الحوت: الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني.
أحمد منصور: وفي الثالثة عشرة اللي عُقدت من 12 لـ 20 مارس أعلن القدومي استعداد المنظمة لحضور مؤتمر السلام في جنيف.
شفيق الحوت: هذه مش مهمة جنيف، لأنه اللي راح على الأمم المتحدة ما عادتش تفرق معه.
أحمد منصور: لأ، يعني خلاص يعني فيه استعداد.
(6/322)
شفيق الحوت: لأ، بس عم بأحكي لك أنا عن موقف المنظمة، وفي الـ 77، وهي السنة التي اُغتيل بها كمال جنبلاط، الدورة أظن الخامسة عشرة أو الرابعة عشرة.
أحمد منصور: الثالثة عشرة 16 مارس.
شفيق الحوت: في الـ 70.
أحمد منصور: 12 لـ 20 مارس 77.
شفيق الحوت: تم.. تم اقتراح توصية بإقامة دولة فلسطينية على أي جزء من التراب الوطني الفلسطيني.
أحمد منصور: صح.. صح توصيته...
شفيق الحوت: يعني كان فيه تطوير أكثر من ذلك، يجب يعني أن.. أن نلفت النظر إنه حتى السبعين كانت قرارات المجلس الوطني لا تقر بأي وسيلة للنضال غير الكفاح المسلح، بوحدانية الكفاح المسلح تحريراً لفلسطين، في الـ 74، وتأكد فيما بعد في دورة 77 ورد نص يسمح أو يقول إلى تعدد وسائل الكفاح، يعني لم يعد الحل السياسي أو النضال السياسي مستثنى من العملية السياسية.
أحمد منصور: الفترة دي أيضاً كان القتال لم يتوقف على الساحة اللبنانية كانت فيه مناوشات مستمرة.
شفيق الحوت: لا طبعاً.. لا طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور: (مناحم بيجين) قال: إن إسرائيل قدمت للميليشيات المارونية، في السنة الماضية أعلن ذلك في أغسطس 77 مساعدات قيمتها مائة مليون دولار، تتضمن 110 دبابة، و500..، 5000 رشاش، 1500 مقاتل، تدريبهم في معسكرات جيش الدفاع ده كان في 14 أغسطس 77 في مجلة "التايم".
قبليها حصل شبه مصالحة بين منظمة التحرير وسوريا في أغسطس 77، وسُلِّم عدد من الأسلحة الثقيلة والذخائر، أيه موقف الموارنة من التقارب السوري الفلسطيني؟
(6/323)
شفيق الحوت: طبعاً لم يكن يعني هو أصلاً التقارب جاء بعد حرب -للأسف يعني- ضروس بين الفلسطينيين والسوريين يعني يحزن الإنسان عندما يتذكرها، وكان.. وكان أثرها على الرئيس حافظ الأسد مريراً جداً جداً جداً، وأذكر كنت في عداد وفد زاره بعد ذلك بفترة، يعني فترة المصالحة والاتجاه نحو تصحيح الأمور، وهو قال لنا بالحرف الواحد، قال: إذا كنتم تظنوا إنه أنا حاربتكم في لبنان فأنتم مخطئون، أنا كنت أضرب في البحر ماكنتش أضربكم، أما لو كنت أضربكم كنت أبدتكم، هذا قاله لنا أمامنا جميعاً، وكان متأثراً، لأنه وقع كذلك ضحايا من الجيش العربي السوري، فمن الطبيعي أن تكون الفريق الآخر حزين جداً أن.. أن تعود الأمور إلى نوع من الاستقرار والهدوء مع.. مع سوريا.
ردود الأفعال العربية والفلسطينية على قرار السادات الذهاب لإسرائيل
أحمد منصور: مصر كانت بترتب لموضوع التسوية، الأسد دعا إلى تشكيل في 27 يونيو 77 تشكيل جبهة رفض عربية تضم العراق وليبيا، والجزائر وسوريا، أمام مجلس الشعب المصري في 9 نوفمبر 77 فاجأ السادات العالم باستعداده للذهاب إلى القدس لإقامة سلام مع إسرائيل، وبحضور عرفات الذي صفق، ثم واجهته حملة عاصفة مضادة، وقبليها، قبل ما عرفات يصفق، كان صلاح خلف، وفاروق القدومي أعلنوا استعداد المنظمة للقبول بقراري 242 و338، والتخلي عن الكفاح المسلَّح، تناقضات على الساحة الفلسطينية.
شفيق الحوت: آه، طبعاً.. طبعاً الساحة الفلسطينية كما تعرف كانت مؤلفة من عدة فصائل وعدة قوى.
أحمد منصور: وعرفات كان يروح هنا، بس يلاقي الدنيا هايجة هناك.
شفيق الحوت: كان عرفات يعني يسير على قدمين، قدم مع المعتدلين وقدم مع المتطرفين.
أحمد منصور: ما هو إحنا كلنا على قدمين ماشيين.
(6/324)
شفيق الحوت: آه، بس هو يعني بالآخر سار على قدم واحدة، بدليل أنه اختار فقط في المدة الأخيرة القاهرة، وتخلى عن دمشق، ويمكن هنا أحد الخطايا برأيي أنا التي مارستها القيادة الفلسطينية، يعني عندما وقعنا فقط في حضن القاهرة، وهذا يمكن.. لولا هذا الوقوع لما كانت (أوسلو).
أحمد منصور: موقفكم هنا في بيروت أيه حينما أعلن السادات عن استعداده للذهاب إلى القدس؟
شفيق الحوت: ما حد صدق يا أحمد، لم يصدِّق أحد.. لم يصدِّق أحد، تعرف وقَّع يعني.. وصل القدس أنا بأذكر كنا في البيت، وكان عدد من..
أحمد منصور: وخاطب الكنيست في 19 نوفمبر 77.
شفيق الحوت: من الصحفيين، وراقبناه على التليفزيون، كان هنالك فريق من الصحفيين في.. في منزلي، بعضهم راهن قبل دقائق من نزول السادات من الطائرة إنه سيكون هنالك مفاجأة لا يمكن أنه السادات يعمل هذه..
أحمد منصور: همَّ الإسرائيليين نفسهم كانوا كمان مذهولين ومنتظرين المفاجأة.
شفيق الحوت: إذاً الإسرائيليين وبمخابراتهم وباتصالاتهم ومعرفة الأميركان بما يجري وكان مفاجأة، فإحنا غلابة يا سعادة البيه يعني هنعرف أكتر من دول، ومع ذلك يعني كانت صدمة كانت صدمة، غير ذهول مش معقول، لأنه يعني..
أحمد منصور: ليه.. ليه يا أستاذ شفيق ليه؟ ليه ذهول وليه صدمة وليه كذا والكل الآن كان متهيئ إن يكون فيه تسوية مع إسرائيل؟ أنتو كمان.
(6/325)
شفيق الحوت: لا تنسَ يعني أنه الصراع كان عمره حوالي 30، 40 سنة مع إسرائيل، لا تنس إنه فيه كان حرب الـ 67، حرب الـ 73، حروب الفلسطينيين، تاريخ من التعبئة القومية ضد الكيان الصهيوني والوجود الصهيوني استراتيجية مصر، أنت لا تنس إنه كان سلفه عبد الناصر، يعني رجل القومية والتحدي و.. و.. والمقاومة، أن يأتي و.. ويذهب إلى القدس، مصر!! وعندما تقول مصر –كما سبقت الإشارة- يعني أنت تتكلم عن نصف الأمة العربية (plus) النصف الأقوى من الأمة العربية هي القوة العسكرية والسياسية و.. والثقافية الأساسية في الوطن العربي، حتى في مصر -يا أخ أحمد- لا ننكر أنه لم يكن هنالك وفاق تام على مشروع الرئيس السادات في الذهاب..
أحمد منصور: وإلى اليوم..
شفيق الحوت: وإلى اليوم.. وإلى اليوم هنالك من يتهمه هو إنه هو هذه كانت خيانة، وهنالك من يتهمه إنه كان بطلاً حل ما لم يحله..
أحمد منصور: السادات اسمه.. اسمه البيان الختامي اللي عقد للصمود والتصدي حضره رؤساء سوريا والجزائر واليمن الجنوبي وليبيا ورئيس منظمة التحرير عرفات وصف السادات في البيان الختامي بأن ما قام به هو خيانة عُظمى، وأسست جبهة الصمود والتصدي في المؤتمر اللي عُقد في الفترة من 2 لـ 5 ديسمبر 77 في طرابلس، هل عرفات كان على قناعة؟ عرفات كان قاعد في مجلس الشعب وصفق مع المصفقين حينما أعلن السادات أنه سيذهب.. هل وُرِّط في هذا التصفيق؟ كيف..
شفيق الحوت: لا أدري يعني مسألة التصفيق زي مسألة المسدس في الأمم المتحدة، زي.. يعني من القصص الملتبسة باستمرار والتي يحبها ياسر عرفات يعني ما.. ما بتزعجه كتير، لكن..
أحمد منصور: بيحب حاجات كتيرة.
شفيق الحوت: آه، لكن يعني واقع الأمر إن ياسر عرفات -وهذه ميزة- كان يعرف القادة العرب معرفة جيدة، يعني أنا كنت عضو في هذه، لكن كنت.. كان عندي بعض الأوهام حول بعض القادة العرب..
أحمد منصور: ما شاء الله دوِّب ثلاث أرباعهم يعني.
(6/326)
شفيق الحوت: آه ودوِّب ثلاث أرباعهم، كان يعرف عندما يصدق فلان أو يكذب فلان، أو يبالغ فلان أو يعرف حتى ما لم يقله فلان، لذلك يعني أكتر زعيم صمد وعاش بين هؤلاء القادة العرب زي ما قلت دوَّب ثلاث أرباعهم ويمكن يدوب الباقين يعني ما حد بيعرف، (He is survivor ) ويحترم.. لسانه دافئ جداً عندما تأتي الأمور بالنسبة للقادة والحكام العرب، حتى الآن أنا أعرف أنه مغتاظ من بعضهم حتى الموت: خصوصاً بعد أن أصبح أسيراً في مقره في رام الله، لكنه لم يصدر عنه حتى الآن أي تأفف من موقف أي زعيم أو قائد عربي..
أحمد منصور: ليه؟
شفيق الحوت: لأنه يعني يعتقد إنه في النهاية هم أصحاب الحل والربط إذا كان هنالك من حل أو ربط.
أحمد منصور: مش عشان برضو هم صحاب الـ…؟
شفيق الحوت: هذا.. ما عادتش هذه يعني أساساً، لأن الآن هوة في يعني مدَّ الله في عمره في أواخر أيامه السياسية.. في أواخر أيامه السياسية، فليس هذا هو ما.. ما يشغله، ولكن أبو عمار كان مؤمناً باستمرار -زي ما قلت لك يعني- بالحاكم وبالشعب ويراهن على.. على الاثنين ويحاول أن يلعب لعبة التضامن مع هذا والتضامن مع هذا.
أحمد منصور: هو لعب دي في المؤتمر بتاع طرابلس إنه هو راح حضر وكان كذا ضد السادات ومش عارف أيه والكلام ده، لكن الآخر خلى أبو إياد هو اللي يوقع على الوثيقة، مش هو اللي وقع على الوثيقة اللي اتهم فيها السادات بالخيانة، وهو.. وأبقى أحمد صدقي الدجاني وسعيد كمال في القاهرة برضو ممثلين للمنظمة زي ما هم بحيث إن هو لم يقطع الخطوط كما قطع الآخرون، بقي يلعب على الحبلين.
شفيق الحوت: هل تعرف النكتة المشهورة عن الأخ أبو عمار أنه ذهب مرة للحج أو للعمرة، فلما وصل في تلك البقعة التي يُرجم بها الشيطان.
أحمد منصور: نعم، أكيد دا في الحج، أكيد.
(6/327)
شفيق الحوت: قيل إن أبو عمار غض النظر ولم يرم حجر، فقيل له لماذا فعلت ذلك يا أبو عمار؟ قال من بيعرف يمكن فيه يجي يوم من الأيام بدي أفاوضه ! فهو لا يقطع.. هو لا يقطع.
أحمد منصور: ممكن يكون بيشوف الحلقة وهيضحك كمان.
شفيق الحوت: شوف.. شوف يعني بعد جبهة هذه الصمود والتصدي قال.. جاء مؤتمر القمة في 78 في..
أحمد منصور: صح.
شفيق الحوت: في بغداد، بتعرف أهم قرار اتخذوه العرب رغم كل ما.. يعني عزلوا مصر وطردوها من الجامعة العربية إلى آخره، لكن بعثوا الرئيس سليم الحص كان رئيس الوزراء اللبناني في ذلك الحين يترجوا السادات أن يعود عن موقفه مقابل 5 مليارات دولار، هذه معروفة القصة بس يعني لم تسلط عليها الأضواء، مما يثبت..
أحمد منصور: لا قول لنا هذه القصة دي.
شفيق الحوت: لأ.. قرار، توجه من بغداد إلى.. إلى.. إلى القاهرة، يعني..
أحمد منصور: يعني السادات طلع خايب، يعني 5 مليار دولار كان ممكن يحل بهم..
شفيق الحوت: يعني دلالة على ميوعة الموقف، كان كسبهم وبرضو عمل اللي هو عاوزه وكانوا هم..
أحمد منصور: هم كانوا هيجوا وراه بعد كده زي ما هم دلوقتي بيركضوا ورا إسرائيل..
شفيق الحوت: هذا.. هذا صحيح..
أحمد منصور: يعني ضَيَّع على مصر 5 مليار دولار.
شفيق الحوت: يعني يمكن ضيع أكتر من هاي كمان.
أحمد منصور: 4 يناير 78 قُتِل ممثل المنظمة في لندن سعيد حمامي، 11 مارس 78 دلال المغربي قامت بعملية في جامعة حيفا..
شفيق الحوت: استشهادية.
أحمد منصور: استشهادية قتل فيها 36 إسرائيلي، في 14 مارس اجتاح 30 ألف جندي إسرائيلي جنوب لبنان بهدف ترتيب حزام.. حزام أمني.
شفيق الحوت: وترتب عليها صدور القرار الشهير 425.
(6/328)
أحمد منصور: بالضبط. إسرائيل انسحبت جزئياً، لكن بقي وأسس ما عرف وقتها بجيش سعد حداد اللي أصبح اسمه جيش لبنان الجنوبي، قوات (اليونيفيل) أيضاً وُجدت في تلك الوقت واللي هي الأمم المتحدة 5 آلاف جندي، فين جبهة الصمود والتصدي لما وقع الهجوم الإسرائيلي على جنوب لبنان في 78؟
شفيق الحوت: يعني جبهة الصمود والتصدي كانت جعجعة دون طحين، يعني كانت تكثر من التصريحات، ولكن لم يكن في استطاعتها أن.. أن.. أن تدفع بالاتجاه الذي تريده بالقدر اللي كان باستطاعتها أن تدفع له، يعني دولة مثل العراق، مثل ليبيا، مثل سوريا كان عندهم قدرات يعني مالية وقدرات عسكرية هائلة، ولكن كانوا يعرفون إنه الأمور بدون مصر يصعب أن يكون هنالك قرار بالحرب، حتى لو تمنوا ذلك وهو ما لا أظن أنه هو خطر على بالهم، أن يخوضوا حرب ومصر تقف على الحياد.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: كان.. الدول العربية كان بعضها بيتلاعب بالقوات الفلسطينية أو بالمنظمات الفلسطينية، منظمة التحرير أصدرت بيان في 16 يونيو 78 تتهم المخابرات العراقية رسمياً باغتيال علي ياسين ممثل المنظمة في الكويت وهوجمت السفارة العراقية في بيروت في 17 يوليو، كان فيه صدامات في مخيم عين الحلوة بين القيادات، السلاح الفلسطيني كأنه أصبح بندقية للإيجار كما يقولون..
شفيق الحوت: يعني صار شيء هذا النوع ومررنا على شيء مماثل من هذه القصص، وكما قلت يعني لم أفجع كثيراً عندما اكتشفت أننا لسنا شعب من الملائكة وأننا شعب عادي عرضة للإغراء، عرضة للإرهاب، عرضة للضغوط، وهنالك بعض ضعاف النفوس وهنالك من كانت ظروفهم موضوعية، يعني إذا تتصور إنسان مقيم في سوريا فلسطيني ويقف ضد.. ضد النظام السوري، شو بده يكون مصيره؟ السجن، في الأردن نفس الشيء، يعني باستثناء لبنان..
أحمد منصور: يقوم يقتل أخوه الفلسطيني!
(6/329)
شفيق الحوت: يعني هو لا يتمنى ذلك ولا يريد ذلك، لا أعتقد إنه هذا من طبيعة الإنسان، ولكن زي ما قلت لك يعني بيصير الإنسان يضحك على حاله ويبرر ذلك، إنه هذا انحرف، هذا خان، هذا بدد، هذا فسد، ولكن في واقع الأمر إنه.. إنه.. إنه التبعثر الجغرافي للشعب الفلسطيني كان أحد أهم الأسباب التي تمس قراره السياسي في ذلك القطر أو هذا القطر.
أحمد منصور: 17 سبتمبر 78 وقع السادات وبيجن اتفاق المبادئ وتم إحياء جبهة الصمود والتصدي في مواجهة ذلك. 13 مارس 79 أعلن الرئيس الأميركي (جيمي كارتر) أن مصر وإسرائيل وقعتا اتفاقية سلام، وقعت الاتفاقية بالفعل في البيت الأبيض في 26 مارس 79. أيه ردة فعلكم على توقيع كامب ديفيد أو اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل؟
شفيق الحوت: طبعاً كانت ردة فعل سلبية.. سلبية، وشأن يعني حتى.. يعني حتى الدول العربية المعتدلة وقفت ضد اتفاقية كامب ديفيد بغض النظر على..
أحمد منصور: بس هم اكتفوا بالتنديد.
شفيق الحوت: مدى جدية..
أحمد منصور: يعني آه، يعني ما.. ما تكلموش عن السادات حتى قبل أن يوقع الاتفاقية اكتفوا بالتنديد، وحتى البعض طلب بمقاطعة مصر وكذا ومش عارف أيه، لكن الفدائيين يبدو كانوا يدركوا إن.. إن الدور جاي على الكل فيعني..
شفيق الحوت: وإحنا... الفلسطينيين.. يعني ووقفنا مع هذا الشكل من.. من المعارضة للاتفاقية.
تأثير المساعدات المادية لمنظمة التحرير على واقعها النضالي
أحمد منصور: المؤتمرات هذه.. مؤتمر القمة بالذات في بغداد أقر بمساعدة سنوية لمنظمة التحرير 300 مليون دولار، فين المليارات اللي راحت لمنظمة التحرير؟
شفيق الحوت: والله يا أحمد يا ليتك تساعدني على معرفة ذلك، ولكن بأعرف إنه لم يكن مصروف الثورة الفلسطينية بالأمر القليل.
أحمد منصور: مهما كان هذا المصروف؟ حجم الأموال كان ضخم.
(6/330)
شفيق الحوت: أولاً لا تنسَ يعني إنه مشروع الحروب التي خاضتها منظمة.. مشاريع الحروب التي خاضتها منظمة التحرير الفلسطينية لم تكن ببلاش. يعني..
أحمد منصور: لكن بعد قمة بغداد تحديداً بدأ المال يتدفق بشكل غير عادي على المنظمة.
شفيق الحوت: هو مش هذا المصدر الأساسي اللي يعني..
أحمد منصور: بشكل عام المال بدأ يتضخم بشكل عام.
شفيق الحوت: آه، بدأ المال النفطي، البترودولار وهذا من نتائج يمكن حرب الـ 73.
أحمد منصور: هل لعب هذا المال دور في إفساد المقاتلين الفلسطينيين؟
شفيق الحوت: آه، ونعم أفسد المنظمة..
أحمد منصور: كيف؟
شفيق الحوت: أفسدها وحولها أكثر فأكثر نحو دولة..
أحمد منصور: اللي هي جمهورية الفكهاني اللي أنا اتكلمت عنها...
شفيق الحوت: لما.. لما زاد المال صرنا نفكر أو القيادة صارت تفكر بمفاهيم دولة، يعني لم تعد منظمة التحرير الفلسطينية حركة تحرير بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، أصبحت نوع من دولة وثورة في آن واحد، يعني أبو عمار جاب دبابات مرة أنا بأعتقد إنه كان غلط يجيب دبابات يشتري دبابات من رومانيا يوميتها لأنه لا تُجدي..
أحمد منصور: اشترى دبابات، كان عنده طيارين بيبعتهم يقاتلوا في جنوب إفريقيا...
شفيق الحوت: آه، طبعاً.. طبعاً..
أحمد منصور: قصدي في أميركا الجنوبية.
شفيق الحوت: يعني إذا طيارين لا بأس يعني بس يعني كان..
أحمد منصور: بتأجرهم دول جايين يقاتلوا إسرائيل بتأجرهم يروحوا يقاتلوا مرتزقة!!
شفيق الحوت: كان بيفكر بعمل مطار في جنوب لبنان أبو عمار يعني..
أحمد منصور: صحيح كان لكم مطار في إفريقيا مطارات وحاجات في إفريقيا؟
شفيق الحوت: إفريقيا بلد فقير أو البلدان الإفريقية بلد فقير واستطاعت الثورة الفلسطينية أن تستثمر الكثير من.. من الأموال في إفريقيا..
أحمد منصور: تعتقد حجم الأموال اللي.. اللي جه للمنظمة في تلك الفترة يقدر بكام؟
(6/331)
شفيق الحوت: والله يعني إن توخيت الموضوعية يجب أن أمتنع عن الرد، ولكن بأعتقد in terms of يعني بتحكي بمليارات يعني ما بتحكي بملايين.
أحمد منصور: عرفات استخدم هذا المال في عملية استقطاب عملية صناعة صارت القضية أبوية، ينفق يجذب هذا بالمال ويبعد هذا بالمال وأصبح المال هنا وسيلة حتى المنظمات المعارضة له كانت تشتم فيه، بس آخر الشهر تيجي تاخد منه المصروف بتاعها، فبعض الحاجات اللي.. اللي موجودة طبعاً، طبعاً الناس اللي كانت قريبة وعندها الأسرار لن تتكلم في هذه الأشياء وستموت هذه الأشياء وعرفات حريص وإلى اليوم إن مثل هذه الأمور المتعلقة بالأموال تظل سر، وهذا حق الشعب الفلسطيني، لابد أن الشعب الفلسطيني يعرف كيف جاءت هذه الأموال وكيف صُرفت..
شفيق الحوت: صحيح..
أحمد منصور: سعيتم داخل المنظمة لفتح هذه الملفات؟
شفيق الحوت: بعضنا سعى أنا منهم وما.. ما كانش فيه نتيجة، للأسف.. للأسف كان الكثير من الذين يرون نقد السياسة العامة والنهج العام للقيادة أيد الرئيس عرفات بالذات يعني بمن فيهم بعض أقطاب حركة فتح، يعني يعارضون بالخارج الجلسات الخاصة، عندما تلتئم الجلسات لتتحول إلى جلسات رسمية ويتخذ فيها قرارات يصمتون للأسف..
أحمد منصور: عشان؟
شفيق الحوت: والله يعني نوع من العلاقات الشخصية، نوع من الارتباطات.
أحمد منصور: واستخدم الرئيس هذا الأمر في يعني قبل داخل السلطة الفلسطينية ظهرت فضيحة في الحكومة و.. وجهاز المحاسبات فجر أشياء حوالين الفساد اللي موجود فيها، والآن مبرر الأنظمة المهترئة المليئة بالفساد إن يطلع المسؤول أو الرئيس أو الزعيم يقول ما الفساد في كل مكان، وكأن هذا مبرر لإفساد الناس ولعمومية الفساد، حتى صار الفساد له مؤسسات في الدول. للأسف.
شفيق الحوت: أصبح موضة اليوم الفساد، يعني اللي مش فاسد بيسموه حمار اليومين دول..
(6/332)
أحمد منصور: أحد المسؤولين قابلته مرة فبيقول لي: أصل الريس بتاعنا ما بيحبش اللي ما بيسرقش..
شفيق الحوت: أبو عمار قلت وأقول أن سياسته المالية كانت أحد أهم ركائز حركته النضالية، ولا سيما في إطار التنظيم وفي إطار التعامل مع المنظمات الأخرى، هو كان ممسك بالخزنة لمنظمة التحرير، كما كان ممسك بخزنة فتح وهي أكبر التنظيمات الفلسطينية وأعتقد إنه في يوم من الأيام كانت ميزانية فتح أكبر من ميزانية منظمة التحرير الفلسطينية، لأنه كان هنالك من الأنظمة العربية من يؤثر أن يعطي فتح أو يعطي حتى الأخ ياسر عرفات بالذات وأن لا يعطي لمنظمة التحرير.
أحمد منصور: كيف استخدمت الأموال في صناعة الولاءات داخل المنظمة؟
شفيق الحوت: هو من.. من يمنع.. من يمنح يمنع فمن اعتاد.. بتعرف يعني ظروف صار هنالك عشرات الآلاف من المتفرغين في العمل الثوري الفلسطيني في إطارات منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الأخرى، بدءًا من العناصر المقاتلة، من عناصر التنظيم المتفرغة، العاملين في الإعلام، العاملين في الإدارة، العاملين في السلك الدبلوماسي، كان هنالك يعني حجم كبير من المتفرغين اللي بحاجة إلى رواتب شهرية أو مخصصات كما يسمونها في لغة أهل.. أهلنا في.. في فتح، هذه المخصصات لم تكن يعني مجزية في معظم الأحيان أو كانت في..
أحمد منصور: لأ أقل حاجة كانت 200 دولار..
شفيق الحوت: يعني خصوصاً على مستوى العناصر.
أحمد منصور: يعني أقل حاجة 200 دولار، فيه ناس كانت يعني.. فيه ناس مَلْيرت وناس..
(6/333)
شفيق الحوت: لكن فيه ناس أولاً كانت تأخذ رواتب هائلة وقيادات على أساس إنه هذه القيادات لها كمان جماعتها وإداراتها وتنظيمها وكل عضو مثلاً قائد في حركة فتح كان عنده تنظيم هذا يسميه تنظيم أمن، هذا يسميه تنظيم إعلام، هذا يسميه تنظيم كذا، فكان لكل واحد منهم كذلك ميزانية، فـ.. وأعتقد.. وأعتقد فيما بعد إنه أصبح هنالك بين الفلسطينيين من يتقاضى مباشرة من بعض الأنظمة العربية تفادياً لخلافات أو لتهديدات أو لوهم بأن الفلسطيني يستطيع أن يعيق هذا النظام ويعرقل ذلك النظام.
أحمد منصور: لكن هذه الأموال أفسدت مسيرة النضال الفلسطيني.
شفيق الحوت: المال دائماً يُفسد الثوار، لأنه ساعتئذٍ بيصيروا يتطلعون إلى هذه الدنيا وإلى الربح السريع ولا يتطلعون للاستشهاد ولا للجزاء في الآخرة.
أحمد منصور: هذه الأموال ساعدت على قيام ما سُمى بجمهورية الفكهاني في لبنان والتي استمرت وحتى الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982.
في الحلقة القادمة نتناول جمهورية الفكهاني والاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 82، أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(6/334)
الحلقة11(6/335)
السبت 19/1/1424هـ الموافق 22/3/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 13:57(مكة المكرمة)،10:57(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 11
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
16/03/2003
- قيام جمهورية الفكهاني في بيروت
- الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982م
- دور الشهيد سعد صايل في الدفاع عن بيروت
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
أستاذ شفيق مرحباً بك.
شفيق الحوت: مرحباً بكم.
قيام جمهورية الفكهاني في بيروت
أحمد منصور: بعد انتهاء الحرب في العام 76 كان هناك ما يشبه الهدنة أو الهدوء تدفقت الأموال على منظمة التحرير الفلسطينية، أموال البتلودولار.. البترودولار كما أطلقت أنت عليها، وبدأت معالم ما أطلق عليه جمهورية الفكهاني، حيث أسس ما يُشبه الدولة للفلسطينيين في الخارج، البناء العسكري للمنظمة بدأ أيضاً يأخذ شكل آخر غير ما كان عليه، بدأ السلاح يتدفق بشكل غير عادي، بدأت المنظمة تشتري دبابات، تشتري أسلحة، بدأت تدرِّب كوادرها في كليات عسكرية في دول مختلفة، فتحت هي كلية عسكرية كانت تدرِّب فيها حركات التحرر المختلفة، كيف كانت الصورة في ذلك الوقت؟
(6/336)
شفيق الحوت: أولاً: يعني تعبير جمهورية الفكهاني يثير شيء من الحقيقة، ولكن بأسلوب ساخر مقبول فعلاً يعني.. يعني لا تنسَ أن نصفي الآخر لبناني، وكنت أستشعر أكثر من غيري ثقل الوجود الفلسطيني في لبنان، وأفهمه على.. على الأقل يعني، يعني أنا هنا بين أفراد عائلتي من تضرروا من الوجود الفلسطيني وربما أكثر مما تضررت أنا من خروجي من مدينة يافا، ولكن يعني هل كان من الممكن تلافي هذه الظاهرة؟ يعني لا أملك فعلاً حق يعني القدرة على الإجابة على هذا السؤال، والسبب إنه لا نحن كفلسطينيين ولا الدول العربية المضيفة لنا كانت تملك استراتيجية للصراع ضد العدو الإسرائيلي أو لتقرير مصير الشعب الفلسطيني بعد كارثة 48.
أحمد منصور: حتى أنتم كمنظمة تحرير لم يكن لديكم استراتيجية لمواجهة إسرائيل.
شفيق الحوت: لأ طبعاً، يعني كان فيه أهداف، أنا مفهوم الاستراتيجية عندي فكر وتنظيم، يعني الأهداف محددة تماماً.
أحمد منصور: نقدر نقول إن.. إن الانتفاضة في الداخل الآن لديها هذه الرؤية..
شفيق الحوت: هنالك خلاف حول الهدف، لذلك تجد اليوم فيه بعض التباين، الانتفاضة بين مقولة تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني وبين مقولة الاكتفاء بإزالة آثار عدوان 1967.
أحمد منصور: همَّ الآن كلهم تقريباً بدءوا، حتى حماس بتقول إن مستعدين نوقف إطلاق النار وكذا لـ 67 كمرحلة يعني.
شفيق الحوت: هو منطق الأمور أن تنبع في التطرف وأن تصب في الاعتدال، هذا تاريخ الثورات في جميع أنحاء العالم، لا يستطيع المرء أن يدرك كل ما أضاعه من قبل.
أحمد منصور: نعود لجمهورية الفكهاني.
(6/337)
شفيق الحوت: نعود لجمهورية الفكهاني، أريد أن أقول كمان باستهلال محاولة الإجابة على هذا السؤال أنه لابد أن تكون فلسطينياً حتى تفهم معاناة الفلسطيني في الشتات، يعني مهما كنت متفهماً متضامناً مع الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تستوعب ما يعتلج في نفس الفلسطيني الذي كان يعيش في الشتات، وما كان يتعرض له قبل قيام منظمة التحرير الفلسطينية من ظلم لا مبرر له على الإطلاق، ومن عَسَفٍ لا مبرر له على الإطلاق فيما يتعلق في معيشته، في ظروف تنقلاته، في.. في مكان إقامته يعني تصور أنه.. أنه منذ الـ 48 كان قادة الدول العربية عندما تؤشر على وثيقة السفر التي تحملها كفلسطيني من بلد إلى بلد، أنا رايح مصر مثلاً تؤشِّر لي السفارة المصرية ممنوع أن أعمل بأجر وبدون أجر.
أحمد منصور: يعني حتى كمتطوع.
شفيق الحوت: حتى كمتطوع يعني مقابل يمكن أكلي وشربي، هذا كان ممنوعاً، يعني نوع من القسوة، "وظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضة". أضف إلى ذلك معاناة الشعب الفلسطيني السياسية والتنظيمية والإحساس بالكرامة المهدورة، فمن هنا لما استقرت منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بعد خروجها من الأردن في أيلول، وما عانت ما عانته من ذبح، الناس.. الناس أصبحت يعني تميل إلى شيء من وهج الدنيا إذا كان التحرير هو هدف الآخرة، يعني الهدف الاستراتيجي البعيد المدى اللي هو تحرير كامل التراب الفلسطيني بدأ يعني ينحسر مقابل الرغبة في بعض المكاسب الآنية في هذا البلد أو في ذاك البلد، رغم أننا لم نحقِّق شيئاً على الإطلاق من هذا التمني.
أحمد منصور: الشعوب دائماً بتوكل قضاياها إلى أناس بتنتخبهم وبتختارهم أو بيُفرض عليها هؤلاء الناس من أجل تبني قضاياهم، الشعب الفلسطيني أنا رحت المخيمات وشفت الناس عايشه إزاي وضع..
شفيق الحوت: مزري.
أحمد منصور: مزري.
شفيق الحوت: صحيح.
(6/338)
أحمد منصور: مؤلم، مبكي، أنا هنا بأتكلم عن القيادة التي أوكل إليها مصير هذا الشعب، وبأتناول هنا دور هذه القيادة وكيف فعلت في القضية، أنا لا أختلف مطلقاً على معاناة الشعب الفلسطيني بالعكس، الشعب الفلسطيني حتى الآن لم تدوَّن معاناته كما تستحق أن تدوَّن، كل شخص فلسطيني عنده قصة تصلح أن تكون قصة مؤلمة، إن الناس من الجانب الإنساني إن هم يتناولوها، لكن أنا الآن في إطار هذه القيادة التي أوكل إليها أو فرضت نفسها على هذا الشعب لتحل قضيته فراحت تناور هنا وهناك، والقضية الأساسية والأهداف الأساسية حتى غير واضحة حتى عندها هي.
شفيق الحوت: يا أخ أحمد، أنا أذكر في الـ 64 عندما تسلمت مهامي كرئيس مكتب منظمة التحرير في بيروت حاولت كإنسان يعني مثقف أن أحصي عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، هل في هذا العمل ما يدعو لاستنكار أو استهجان أو لمنع؟ وكأنني مسست قدس الأقداس.
أحمد منصور: لمن؟
شفيق الحوت: من قبل الدولة اللبنانية، إحصاء، فقط أردت أن أحصي، وحتى هذه اللحظة يعني من 48 إلى اليوم كم سنة.
أحمد منصور: 54، 55 داخلين..
شفيق الحوت: أعطني مصدراً يقول وأنت.. ويكون على ثقة بأن عدد الفلسطينيين في لبنان.
أحمد منصور: بالعكس أنا كل المصادر ملخبطة عندي، حتى المصادر حوالين قتلى أي حادث بألاقيها في كل كتاب مختلفة.
شفيق الحوت: يا سيدي، القتلى يمكن محرجة، لكن الأحياء.. الأحياء، يعني أنا أحياناً أسمع إنه في لبنان حدود 600 ألف، أحياناً أسمع 150، 200 ألف، وهكذا أكورديون.. يعني رقم..
أحمد منصور: الأرقام متباينة جداً.
شفيق الحوت: لأ، وأصبح لغزاً سياسياً وورقة سياسية، بتقول لي يعني أن تأتي قيادة منتخبة إذا مُنعت من إجراء إحصاء، وقيل لي يومئذٍ بعض يعني أصدقائي اللبنانيين..
أحمد منصور: دي حاجات كثيرة يا أستاذ شفيق.
(6/339)
شفيق الحوت: قالوا لي: يا أستاذ شفيق، إحنا اللبنانيين مش محصيين حالنا، كيف تحصوا حالكم؟ لأنه أي عملية إحصاء فيها تفاصيل بقى مين مسلم ومين مسيحي، مين سني، مين شيعي، مين درزي، إلى آخره، يعني القيادة الفلسطينية يأخذ علينا البعض أنها لم تأتِ نتيجة انتخابات..
أحمد منصور: أمامي..
شفيق الحوت: ما هي معظم الدول العربية مافيش لحد الآن مافيهاش انتخابات.
أحمد منصور: أنا هنا بس عندي أكبر مهمة فيما يتعلق بما أُطلق عليه جمهورية الفكهاني، في الوقت اللي أُتيح لمنظمة التحرير الفلسطينية أن تستريح من عناء القتال سواء مع السوريين أو الموارنة، أو القتال الداخلي في لبنان وجهت الطاقة والمال والجهد إلى أشياء غير إسرائيل، أصبحت.. نَمِّت علاقتها بجبهات التحرير في أماكن مختلفة، وده شيء كويس، لكن إن التدريبات تصبح لهؤلاء الناس، النفقات، إرسال طيارين للساندنست يقاتلوا معاهم، في أميركا الجنوبية طيارين فلسطينيين، مافيش توجه للعدو الحقيقي، عملية بناء.. استفحال، وكأن صارت دولة، فلسطين صارت دولة هنا في مخيم الفكهاني، تأسيس بناء إداري وبناء تنظيمي ومدني وكذا، وعمل الاتساع أيضاً في قضية الأجهزة الأمنية والشرطة، حتى كانوا بيبعثوا ناس من القوة 17 يعتقلوا ناس في المنطقة الغربية ويجيبوهم، ومحاكم وسجن ودنيا، دي القضية الفلسطينية في هذا الوقت كان يجب أن تفعل هذا؟
شفيق الحوت: لأ، طبعاً.. لأ هي ما عملته بقرار، ما جاء هذا بقرار، ما جاء نتيجة استراتيجية...
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو فيه قرار حاجة؟ ده هي كل حاجة كده.
شفيق الحوت: لأ، معلش هناك..
أحمد منصور: اللي بيجي في دماغه حاجة بيعملها.
شفيق الحوت: ما هو هذه المأساة، يعني وكيف تأتي الأمور بالتدريج، أولاً: قلت في.. في الـ 73 ما هو يعني حتى بس يستفيد الكل من التجربة يا أخ أحمد.
أحمد منصور: ما إحنا بنتناولها عشان كده يا أستاذ شفيق.
(6/340)
شفيق الحوت: في 73 حدث حادثين مثلاً متناقضين مش معقولين، في الـ 73 صارت عملية (فردان) أنت تذكر ذلك.
أحمد منصور: طبعاً.
شفيق الحوت: وكان موقف الحكومة اللبنانية تجاهل ما جرى، يعني بنحلم يعني.
أحمد منصور: استقال رئيس الحكومة بعديها..
شفيق الحوت: معلش لأ.. لأ، يعني إنه الجيش اللبناني، السلطة اللبنانية، موقف الحكومة الرسمي إنه أنا لا أستطيع الدفاع عن الفلسطينيين، هم يدافعوا عن أنفسهم.
أحمد منصور: كان عندكم في فبراير 69.
شفيق الحوت: معلش خليني بس أكمل القصة يا أحمد، وهي مختصرة مش هأطوِّل عليك.
أحمد منصور: اتفضل.. اتفضل.
شفيق الحوت: في.. هذا في نيسان 73، في مايو/ أيَّار يعني بعد 30 يوم الطيران اللبناني قصف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، يعني هنا موجود الجيش، في.. في أيار موجود، في مايو موجود، وفي 73 يغتال ثلاثة قادة في الشارع، ولا يوجد من يتحرك، يعني كان فيه مواقف تدفع كذلك الفلسطيني باتخاذ قرارات هي التي يعني كانت بداية أو حجر الأساس في إقامة ما أسميته جمهورية الفكهاني، غلط -أنا في قناعتي- الرئيس سليمان فرنجية –رحمه الله- عندما اتخذ هذا الموقف قائلاً: أنا ما أني مستعد أدافع عن الفلسطينيين، فليدافعوا عن أنفسهم، فكانت فرصة لإخواتنا الموجودين في المخيمات المكبوتين عبر عشرات السنين، المحكومين من قبل الشعوب العربية.
أحمد منصور: أن يعيشوا وهم الدولة.
شفيق الحوت: مش يعيشوا وهم الدولة، أن يتحرروا، تحرير المخيمات، وليس ما.. ده كان يوم احتفالات عندما أُقفلت مخافر الدرك في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
أحمد منصور: ده كان صح أو غلط؟
شفيق الحوت: على المدى البعيد كان غلط، وكان هناك من يطالب بعودتها بين اللبنانيين وبين الفلسطينيين، ولكن حكم التطرف عند الفريقين في الموقف..
(6/341)
أحمد منصور: الآن كل اللي كان بيتعمل من بناء جمهورية الفكهاني هنا في لبنان كان من أجل فلسطين، من أجل مقاومة إسرائيل، أم من أجل البحث عن مقعد على مائدة المفاوضات؟
شفيق الحوت: في النهاية أي عمل ثوري، أي حركة تحرير وطنية فلسطينية كانت تستهدف الجلوس على طاولة المفاوضات في لحظةٍ ما، يعني أنت تناضل وتقاتل بالنهاية من أجل هدف سياسي.
أحمد منصور: هذا ما يتم داخل الاجتماعات والغرف المغلقة، ويطلعوا يخدروا الشعب بخطب، هنقاتل وهنمشي وهنعمل، والناس الفدائيين يأتوا من كل أنحاء الدنيا إلى هنا ومن أجل التطوع للقتال من أجل الثورة وضد إسرائيل، والقادة السياسيين بيلعبوا بالكل فوق.
شفيق الحوت: يعني أرى قسوة في هذا الحكم.
أحمد منصور: دي الصورة، أنا مش شايف صورة غيرها.
شفيق الحوت: شوف.. شوف يا أخ أحمد، يعني كما قلت وأكرر لست بموقف المدافع عن أخطاء منظمة..
أحمد منصور: لأ إحنا..
شفيق الحوت: لأ.. لأ..
أحمد منصور: أنا يا أستاذ شفيق هنا أمثل الرجل البسيط اللي في الشارع.
شفيق الحوت: وأنا أريد أن يعرفني المشاهد الذي لا يعرفني بأنني لست هنا يعني من غُزيَّا إن غوت غويت وإن ترشد غُزيَّا أرشد، أنا رجل عربي، لا فرق عندي بين لبناني وسوري ومصري وفلسطيني فعلاً على المستوى السياسي، وطبعاً عندي عاطفتي الفلسطينية لأني إنسان من أصول فلسطينية، الأخطاء موجودة وباستمرار، لكن لم يرتكبها فريق واحد، ليست.. ليس الفلسطيني وحده المسؤول، يعني الآن.. الآن خذ.. خذ.. خذ الآن..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن أنا الآن بأحاول أفهم.. أفهم الدور الفلسطيني نفسه.
شفيق الحوت: الدور الفلسطيني أن يدافع عن نفسه، وحتى يدافع عن نفسه يجب أن يكون –في قناعتي- على أحسن العلاقات مع محيطه العربي الذي هو في وضع لا يحسد عليه، متناقض بين حاكم أكاد أقول منحاز، وبين شعب مؤيد و.. ومدافع عن قضية فلسطين.
(6/342)
أحمد منصور: أنتوا كناس حوالين عرفات كيف سمحتم إن عرفات يبدأ يأخذ زمام كل شيء بإيديه، حتى كل صغيرة وكبيرة، وبالذات التحكم في المال وشراء الولاءات للناس، وهذه الأشياء، حتى أصبح هناك شيء من الديكتاتورية والاستبداد حتى للحركة وهي في الخارج؟ وأصبح الطقم اللي موجود حوالين الزعيم عرفات يتعامل بأُبوَّة مع هؤلاء يقرِّب هذا ويبعد ذاك ليس وفق ما تقتضيه أصول ناس مقاومين وناس في ثورة، وإنما يعني أصبحت القضية زي عزبة.
شفيق الحوت: أولاً كان هنالك دائرتين للتحرك بالنسبة للرئيس ياسر عرفات، للأخ أبو عمار كقائد في حركة اللي هي فتح، ثم فيما بعد كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، لا أعرف عندما تشير بسؤالك اللي أشرت نحن الذين حول ياسر عرفات، نحن نوعين من الناس كنا، نوع هم من الحركة، يعني مما يسمى اللجنة المركزية لحركة فتح..
أحمد منصور: لحركة فتح.
شفيق الحوت: أبو مازن، وأبو لطف، المرحوم أبو إياد، المرحوم أبو جهاد، المرحوم أبو الهول، هؤلاء هم القيادة المسؤولة مباشرة عن قيادة حركة فتح، اللي هي العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية ككل، هؤلاء يجب أن يوجه إليهم السؤال بالدرجة الأولى: كيف استطاع أو لماذا سمحوا؟ أو.. هل أُكرهوا؟ كيف أصبح ياسر عرفات...؟ وأنا في حلقة سابقة أشرت إلى بعض الأسماء إنه ياسر عرفات كان أكثرهم احترافاً ومهارة وقادة..
أحمد منصور: شيء عادي، ولذلك أصبح زعيم..
شفيق الحوت: و.. وأصبح زعيماً.
أحمد منصور: لكن أنا.. أنا أتحدث على ما بعد ذلك.
شفيق الحوت: بعد ذلك عندما أصبح رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية اكتسب أبو عمار بالإضافة إلى ما كان قد أضافه إلى رصيده كقائد ثوري.
أحمد منصور: هو لسه كان في البداية 69 كذا كان لسه بيضيف كل يوم..
شفيق الحوت: كان اسمه..
أحمد منصور: الأمور تضخمت هنا، بعد 76 تضخمت وصار الوضع مختلف.
(6/343)
شفيق الحوت: في.. يعني تضخمت بعد الـ 70 بالمجيء إلى لبنان، بالأول لم يكن هنالك للثورة مرتكز مادي حقيقي، يعني وين كان مقر الثورة الفلسطينية؟ نحن حسب الدستور مقرنا القدس، القدس راحت في 67، أين مقر القيادة الفلسطينية كان؟ كان في عمان، ولم يطل المقام به، أبو عمار إجا رئيس لمنظمة التحرير سنة 68، سنة السبعين كان أصبح خارج الأردن، يعني لم يكن أبو عمار ولا الحركة الوطنية إجمالاً قام..
أحمد منصور: أنا.. كل شويه بأرجع لاتفاق 69، هل اتفاق 69 كان تمهيد لمجيء الفلسطينيين فعلاً من الأردن إلى لبنان؟ اتفاقية القاهرة 69 بين عرفات وبين البستاني؟
شفيق الحوت: مش الاتفاقية، يعني الاتفاقية كانت نتاج واقع سياسي مادي، كان زي ما قلت في الماضي: إنه لم يكن أمام الفلسطيني من مفر غير اللجوء إلى جنوب لبنان، سوريا أقفلت الحدود، الأردن قاوم وحارب، فلم يكون هنالك غير الجنوب اللبناني، عندما أصبح للقيادة السياسية وجود في الجنوب، عندما أصبح لها بندقية في الجنوب طبعاً تمكن وجودها السياسي في الساحة اللبنانية، وهذه كانت البداية، وصارت ردات الفعل الإسرائيلية..
أحمد منصور: أنا بأرجع لقضية مَنْ حول عرفات، قلت لي فيه رجال حركة فتح، وقلت لي اسألهم همَّ.
شفيق الحوت: ثم بقية الفصائل وما يسمى بالمستقلين من أمثالي، يعني الشخصيات الوطنية الفلسطينية ما.. مش منظمة.
أحمد منصور: أنتوا بتمثلوا منظمة التحرير، هذه المجموعة.
شفيق الحوت: يعني ما.. لا أعتقد أننا نمثل غير أنفسنا، لأنه برضو نحن كمستقلين لم نكن سوية واحدة، لم نكن يعني تجمعاً واحداً.
أحمد منصور: بس المفروض.. منظمة التحرير هي المظلة التي..
شفيق الحوت: هي المظلة.. هي المظلة.. هي المظلة.
أحمد منصور: الكل يجتمع تحتها.
شفيق الحوت: يعني كنا من المقبولين على هويتنا الوطنية الفلسطينية مش على هويتنا التنظيمية.
(6/344)
أحمد منصور: كان فيه تمايز في معاملة أعضاء فتح وأعضاء المنظمة؟
شفيق الحوت: طبعاً هدولا كان إلهم كوتات مضمونة، يعني مثلاً بالمجلس الفلاني أو النقابة الفلانية أو الهيئة العلانية، كانت تُقسم ثلاثة فتح، اثنين شعبية، واحد ديمقراطية، واحد كذا كان، إلى آخره، إن تبقى مكان لمستقل يعني يتنافسوا عليه، يعني إنه هذا أقرب إلى فتح، لأ أقرب إلى الجبهة الشعبية، لا أقرب إلى الصاعقة، وهكذا، فهذه المنظمات كذلك ارتضت صيغة أنا بأعتقد ساهمت في إمساك ياسر عرفات بزمام الأمور، عندما ارتضت صيغة الكوتة أولاً، يعني الحصة والمخصص الشهري من منظمة التحرير الفلسطينية يعني أصبحت.. يعني بدل من أن يتجهوا كلهم اتجاه وحدوي ويكون هناك ميزانية واحدة ومجلس عسكري واحد، وراية تنظيمية واحدة أصبحوا دول صغيرة، وأنا مرة يعني في إحدى جلسات النقد لهم قلت لهم: لم يبق إلا أن تتبادلوا السفراء فيما بينكم، حتى في الفكهاني، يعني كل يوم نسمع فيه ذكرى انطلاقة للجبهة الفلانية، للتنظيم الفلاني، للتنظيم العلاني، ويحضروا يتجمعون ويقبلوا بعض و.. وبيسلموا على بعض، يعني حاجة فعلاً..
أحمد منصور: والناس جوه بتشرب مرار في فلسطين..
شفيق الحوت: والناس تشرب مرار، وأين هو..
أحمد منصور: و.. والغلابة في المخيمات.
شفيق الحوت: وأين الوحدة الوطنية؟ وين هي الوحدة الوطنية؟ كيف بدك تحارب وأنت حوالي 17 تنظيم في ذلك الحين، ثم تقلصت مع الزمن إلى عشر تنظيمات تقريباً، أكتر من هيك يعني كان.. كان يشتغلوا في البعض بنوع من الابتزاز، يعني تحريك جبهة في الجنوب مثلاً أحياناً كانت تقوم بها منظمة ابتزازاً لياسر عرفات، يكون مؤخر مثلاً المخصص تبع تنظيم صغير ما فيه غير مدفع هاون واحد.
أحمد منصور: يضرب له طلقتين هاون.
(6/345)
شفيق الحوت: ويضرب له رصاصتين.. طلقتين ويردوا الإسرائيليين، يسأل أبو عمار مين اللي ضرب؟ يقولوا له فلان (...) بيقولوا له اتأخرت يا أبو عمار، الشهرية ما جاش مع.. يعني إجا معادها وما دفعتش، يعني –للأسف- كان فيه شيء من هذا الكاريكاتير اللي عم بأحكيه، و.. وهو من النوع المضحك المبكي.
أحمد منصور: والمضحك، والمفروض يبكي والله.
شفيق الحوت: لأ هو المضحك المبكي، لكن واقع.. واقع يعني أخ أحمد أنا قضيت العمر، وحتى هذه اللحظة داعياً وساعياً للوحدة الوطنية الفلسطينية، ولكني سلمت في النهاية إنه لأ، فلتكن تعددية، لكن خلينا ننظم ها الفوضى، ننظم ها التعددية، للأسف.. للأسف كل فصائل الثورة الفلسطينية تآمرت على منظمة التحرير الفلسطينية، كل فصيل مهما صغر كان يحاول أن يكون أكبر مما يسمى منظمة التحرير الفلسطينية، حوَّلوها في فترة من الفترات وكأنها صندوق بريد وعنوان لا أكثر ولا أقل، ومصرف يتقاضوا منه مخصصاتهم الشهرية، مع إنه المنظمة -في رأيي- كانت الإطار الأساسي الذي كان يجب أن يُرعى، وأن يُحافظ على مؤسساته، وأن تكون هي البوتقة التي تصهر جميع منظمات العمل الفلسطيني، ولكن للأسف لأ، كانت بقرة حلوب آخر الشهر يأخذوا منها المخصصات، حتى يوم ذكراها لا يحتفلوا بيه.
الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982م
(6/346)
أحمد منصور: انتشر الفساد، تجارة السلاح والبضائع المهرَّبة والسجائر، في ظل جمهورية الفكهاني، كان هناك أكثر من مائة مكتب دبلوماسي، وكان مشهور الدبلوماسيين الفلسطينيين بتهريب الأشياء –للأسف- كما دوَّن يزيد صايغ بدقة جداً، والمصادر في كتابه، مش من عندي، ومصادر تانية، بس هو لأنه أكثرها دقة ومرجعية فأنا بأرجع ليه، أصبح التنظيمات -كما أشرت- كل تنظيم له حصة، و.. وقضية الحصص، وبدأت تتفاقم أزمة أو.. أو شكل جمهورية الفكهاني إنها جمهورية المنافع بالنسبة للذين يريدون الانتفاع والمغانم والأموال التي كانت تأتي من الخليج ومن الجزائر ومن ليبيا، ومن غيرها بشكل كبير جداً للمنظمة، في هذا الوقت اللي كان هذا الأمر يتضخم كانت إسرائيل تعد لعملية اجتياح كبيرة للبنان، مصادر منظمة التحرير الفلسطينية وصلتها معلومات إن إسرائيل بتُعد لهجوم كبير، إيه المعلومات اللي وصلتكم قبل عملية الاجتياح اللي تمت سنة 82؟
شفيق الحوت: الحقيقة يعني لم يكن سراً أنه سبق 82 إشارات أكثر من واضحة تدل على إمكانية حدوث اجتياح صهيوني للبنان، موضع الخلاف كان حجم ومدى هذا الهجوم، يعني إلى أين سيصل؟ هل سيصل إلى الجسر الأولي، إلى صيدا، إلى ما هو أبعد من ذلك، أم سيصل إلى بيروت؟ وكانت إسرائيل يعني كيف الآن يُحكى عن العراق والتحضير لحرب ضد العراق كانت إسرائيل تحكي وتتكلم وتذيع عن مساعي غزوها إلى لبنان، وقال بوقتها (بيجين) إنه أي عملية استفزاز فلسطينية واحدة تكون كافيةً لأن نهاجم لبنان حتى لو كانت سيارة مفخخة في عكا أو مقتل سفير أو دبلوماسي إسرائيلي في الخارج، وقُتل أو صارت محاولة قتل لهذا السفير في.. في بريطانيا.
أحمد منصور: نعم..
(6/347)
شفيق الحوت: وكانت السبب المباشر -كما قيل يومئذٍ- لحرب 1982، طبعاً السفارة السوفيتية، السفارة الفرنسية، العديد من الدبلوماسية الأجانب من الأصدقاء حذرونا، لا بل أن ياسر عرفات نفسه في جميع المناسبات التي سبقت يعني بداية عام 82.. بداية عام 82، وهو يحذر من إمكانية هذا الهجوم، حتى أنه..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كان تصوركم أيه لهذا الهجوم؟ مجرد إسرائيل تؤمن حدودها على 40 كيلو؟
شفيق الحوت: يعني شيء من هذا.
أحمد منصور: لأن كانت بعض المدفعية الموجودة في جنوب لبنان تقصف من آن لآخر وبشكل مستمر المستوطنات.
شفيق الحوت: لم يكن.. لم يكن من المتوقع يعني قلة الذين ارتأوا إمكانية اجتياح بيروت.
[فاصل إعلاني]
(6/348)
أحمد منصور: أنا رجعت لمذكرات (شارون) باعتباره كان وزير الدفاع وكان قائد هذا الغزو، قال: أنه سئل في اجتماع مجلس الوزراء في 16.. في 5 يونيو 82 سئل من نائب رئيس الوزراء آنذاك (سمحا إيرليخ) إذا كانت العملية ستشمل بيروت، فقال: إن بيروت ليست جزءاً من المخطط. وقال: إن (بيجن) قال: لو اضطر الأمر لاحتال بيروت فسيتم احتلاله، لكن هو هنا قال شيء هام جداً في صفحة ثانية، الكلام دا قاله في 604 في 615 لقيته قائل شيء ثاني، بيقول: إن إسرائيل لم تكن تفكر في احتلال الجولان في 67، لكن حينما وجد (ديان) الفرصة مناسبة اقتنصها، وكذلك فعل في سيناء عام 67، وهو قرر أن يسير على نهجه إذا وجد الفرصة مواتية لاحتلال بيروت فلما لا، لكن الذين كانوا يعرفون أن بيروت هدف، كانوا هم القادة الشماليين واجتمع معاهم شارون في مارس 82 وقال لهم: إن بيروت هي الهدف والهدف هو إخراج الإرهابيين من لبنان، وكان يقصد طبعاً الفلسطينيين، ولكن في اجتماع مجلس الوزراء قال لهم: إن المسافة فقط هي 40 كيلو، ولما رجعت ليزيد صايغ لقيت إن مصادر كثيرة قالت فعلاً إن مجلس الوزراء لم يكن يعرف الهدف الأساسي لشارون إن هو كان بيهدف ولم يُفضح ذلك إلا في سنة 94 تقريباً، المصادر اللي أنت قلت لي عليها إن.. إن فيه أصدقاء ليكم فرنسيين أو السوفييت..
شفيق الحوت: أي نعم..
أحمد منصور: أبلغوكم فعلاً والمصريين أبلغوكم حتى إن هنا لما دخلوا الإسرائيليين إلى مكتب منظمة التحرير حصلوا على وثائق عبارة عن اجتماعات كانت بين المصريين وبين الإسرائيليين، وأعطوها للفلسطينيين حتى يعرفوا بعض الأسرار منها، لكن وقعت في إيد شارون وشارون قرأ بعضها في الكنيست الإسرائيلي، المقصد هنا إن كان هناك عملية ترتيب واضحة، ولكن كان فيه عملية ارتخاء على الجانب الآخر وأقصد الجانب الفلسطيني تحديداً، واستنعام بجمهورية الفكهاني وما كان يحدث فيها.
(6/349)
شفيق الحوت: أعود مرة أخرى وأكرر إن الهدف الإسرائيلي المرضي عنه أميركياً هو تصفية منظمة التحرير الفلسطينية، بكل ما تعنيه وترحيلها عن المنطقة، إن لم يكن إبادتها، وكانت إسرائيل تتربص بالفرص المناسبة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن كانت قيادة منظمة التحرير قريرة العين بأن إسرائيل لن تصل إلى بيروت، وأن أقصى مدى يمكن أن يصل هو 40 كيلو، وبالتالي المجموعات اللي كانت موجودة ومش عايز أقول الحجم بتاعها قد أيه، المقاتلين اللي في الجنوب، لو قُتل منهم شوية وكم مدفع طأطأوا طأطأتين وخلاص إسرائيل هتقف عند هذا الحد؟
شفيق الحوت: يعني مرة أخرى.. مرة أخرى أتساءل ماذا كان باستطاعة القائد الفلسطيني أن يفعل؟ أشهد لله أن أبو عمار كان..
أحمد منصور[مقاطعاً]: دا أنتم الآن صار لكم دولة وصار فيه جيش، وصار فيه نظام..
شفيق الحوت: لا.. لا هذا.. دولة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وصار فيه تدريب..
شفيق الحوت: دولة.. اتفقنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وصار فيه أسلحة، واشتريتم دبابات، وعندكم طيارين يعني..
شفيق الحوت: حديث..
أحمد منصور: الدنيا ربيع صارت؟!
شفيق الحوت: حديث يا أحمد.. حديث يعني 30دبابة شو رومانيا.. صنع الثلاثينات يمكن قبل ما تصير رومانيا دولة اشتراكية..
أحمد منصور[مقاطعاً]: جالكم دبابات إنتاج سنة 44 من مخلفات الحرب العالمية الثانية من اليمن الجنوبي.. اليمن بعث لكم دبابات؟
شفيق الحوت: دبابتين.. ثلاثة، أربع دبابات.. خمس دبابات، يعني مش حرام.
أحمد منصور: ليه الإسرائيليين بيقولوا خدوا 40 دبابة من عندكم..
شفيق الحوت: يعني إسرائيل ما أنها..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وبعدين هأسألك عن السلاح اللي باقي بعد كده، لأن أنت اللي اتصرفت فيه..
شفيق الحوت: منزهة عن الكذب.. منزهة عن الكذب إسرائيل؟ ما شارون أكبر كذاب في العالم.. أكبر كذاب، يعني.. حكايته بصبرا وشاتيلا الحالة شاهدة على..
(6/350)
أحمد منصور: دا مطلع نفسه في مذكراته..
شفيق الحوت: كذب..
أحمد منصور: بريء خالص، وكأنه ماكانش يعرف حاجة..
شفيق الحوت: آه لا طبعاً.. طبعاً بريء لكن..
أحمد منصور: واحد صحَّاه من النوم قال له دا حصل كذا وكذا.
شفيق الحوت: آه صحيح، صحيح، وهو.. وهو الذي يعني يديه مدميتان حتى الرسغ على كل حال..
أحمد منصور: ربما يكون صادق في اللي قاله هنا.
شفيق الحوت: في اللي قاله صادق، لأن هو كان طموحاً، طول عمره شارون معروف إنه رجل يسعى لأن يصبح..
أحمد منصور[مقاطعاً]: حقق طموحاته.. رجل بيخدم بلده..
شفيق الحوت: خدم بلده، وذبح في الجبهة المصرية..
أحمد منصور[مقاطعاً]: بيخدم بلده، المهم اللي عندنا يخدموا بلدهم..
شفيق الحوت: لأ معلش.. فيه كثير ضباط يمكن خدموا، لكن ماكانش لديهم نفس الطموح الذي كان عند شارون، شارون كان واضح إنه رجل يسعى نحو مستقبل، فيه كثير خدموا، ما صدقوا يخلصوا من الجيش الإسرائيلي، يعني ليس كل جنرالات الجيش الإسرائيلي أصحاب طموح سياسي، لكن هو من بينهم كان من أكثرهم طموحاً، لذلك كان مستعد هو.. هو يُقال في رواية أخرى أنه تحدى (بيجن) كذب على بيجن وأنه بيجن لم يكن على علم..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أهه هنا كذب عليه.
شفيق الحوت: آه.
أحمد منصور: وهو في كتابه قايل كده.
شفيق الحوت: آه، فيعني.. وكان يعني يرضى ويتحمل كقائد إسرائيلي.. ضابط إسرائيلي.. جنرال إسرائيلي نوع من المغامرة، لكن غيره من الضباط الإسرائيليين أكثر التزام وأكثر انضباط، المهم إنه ماذا كان باستطاعة المقاومة الفلسطينية أن تفعل أكثر من أن تفضح هذا المخطط وأن تضع الأمم المتحدة وأن تضع الأمة العربية والحكام العرب أمام هذا الوضع؟
(6/351)
أحمد منصور: لكن كان واضح عندكم كل معالم المخطط، في نهاية مايو 82 اجتمع أبو جهاد خليل الوزير في سوريا مع مصطفى طلاس (وزير الدفاع السوري) ورئيس الأركان رفعت الشهابي وأبلغهم بالترتيبات الإسرائيلية بالكامل، لكن هم اعتبروا هذه المعلومات مجرد أمر رتيب ورفض طلب منظمة التحرير بنشر مزيد من الوحدات، فعلاً السوريين عرقلوا نشر مزيد من الوحدات السورية لمقاومة هذا..؟
شفيق الحوت: لا أعرف بالتفصيل بس ما .. أتوقع، سوريا لها استراتيجيتها الخاصة، سوريا لا تسمح لأحد أن يقرر لها خوض المعركة أو عدم خوض المعركة، حتى هنالك من قال أن السوريين فوجئوا حتى في 82 بذلك الهجوم الذي استهدف قواتهم في البقاع الشرقي..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لأن كل المعلومات هنا بتقول إنه كان فيه ترتيب إن هم بعثوا للسوريين..
شفيق الحوت: ألا يُمسوا..
أحمد منصور: تطمينات إن.. إن هم مش هيمسوهم، بس يفتحوا لهم الطريق.
شفيق الحوت: إنه وفقاً للاتفاق فك الاشتباك الماضي الأمور مستمرة على.. على الساحة، ولكن إسرائيل لقت الفرصة مؤاتية، ولذلك كان غضب الأسد غضباً شديداً إنه.. إنه انضرب الجيش العربي السوري ضرباً مبرحاً.
أحمد منصور: سوريا ضُربت ضرباً شديداً.
شفيق الحوت: آه معلوم..
أحمد منصور: حجم خسائرها كان هائل..
شفيق الحوت: هائل.. هائل..
أحمد منصور[مقاطعاً]: سواء في المعدات..
شفيق الحوت: وكان غير متوقع..
أحمد منصور: أو في الطيران أو في القوات حتى..
شفيق الحوت: في الدبابات وفي الطائرات وفي الصواريخ سام وعلى جميع المستويات.
أحمد منصور: أنا حصلت على معلومات لكن ربما آتيها في النهاية.
شفيق الحوت: فكان من الطبيعي إنه سوريا أن لا تربط نفسها.. سواء بما تخططه إسرائيل للفلسطينيين أو يخططه الفلسطينيين للإسرائيليين..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كان واضح عندكم إن الهدف إخراجكم من لبنان؟ أم دفعكم إلى مائدة المفاوضات؟
(6/352)
شفيق الحوت: يعني إخراجنا على الشكل الذي تم لم يكن في.. يدور في خلد إلا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: حتى فيليب حبيب نفسه كان يعني في مفاوضاته مع الإسرائيليين كانت ترتيباته الخروج بالشكل الذي تم لم يكن وارداً، لكن شارون هو الذي فرضه أو الإسرائيليين فرضوه.
شفيق الحوت: صحيح.
أحمد منصور: واستجابت له الولايات المتحدة.
شفيق الحوت: صحيح، لأنه..
أحمد منصور[مقاطعاً]: حتى هم عرضوا إن بس تُجردوا من السلاح، ويبقى الفلسطينيين في لبنان، لكن أيضاً هم رفضوا.
شفيق الحوت: يعني هم ما بإيدهم أي حل الأميركان يرضي إسرائيل، لكن بنفس الوقت مابدهمش.. بدهم يعني يتفادوا إغضاب ما يمكن أن يغضب من العرب، إذا كان غضب أحد يعني هه.. يعني كان مضطرين العرب، ولو على مستوى تبييض الوجه إنه يبعثوا مذكرة احتجاج يا (ريجان) أفندي وبعدين.. إلى آخره، كفاية ما يجري، إسرائيل ما بيهمها هذا الأمر، يعني ما عندها علاقات تحرص عليها مع الدول العربية، وبالعكس كان يلذ لها ويفيد مصلحتها أن تضع الدول العربية في مزيد من الحرج، ولذلك -كما سيتضح فيما بعد- أن فيليب حبيب كان يعرف مدى صعوبة إخراج منظمة التحرير وجماهير منظمة التحرير من لبنان لأنه إلى أين يريد أن يذهب بهم وقسم كبير من وقته قضاه في السعي لدى الدول العربية أن تقبل، ولاحظ إنه معظم الدول العربية اللي قبلت هي اللي بعيدة في أقصى المغرب العربي، الجزائر وتونس، وفي السودان وفي اليمن..
أحمد منصور[مقاطعاً]: طبعاً تبقوا في آخر الدنيا، روحوا قاتلوا إسرائيل..
شفيق الحوت: في آخر الفيافي..
أحمد منصور: وإذا أنتم جنب إسرائيل وماكنتوش بتضربوا عليها فما بالك بهناك؟
شفيق الحوت: في.. في هنا..
أحمد منصور: في 3 يونيو أطلق مسلحون النار على السفير الإسرائيلي في لندن (شلو مارجوف) فأصابوه بجراح وكان هذا ذريعة لـ.. دائماً الحروب بتبدأ بطلقة.
شفيق الحوت: آه طبعاً.
(6/353)
أحمد منصور: لبدء الهجوم الإسرائيلي –كما قال شارون في مذكراته- كانت الشرارة التي كان عليها أن تشعل فتيل الحرب.
شفيق الحوت: آه يعني إسرائيل كانت مليانة، بقى ما ناقصها غير ها الضربة، حتى تقتحم..
أحمد منصور: مستنيين رصاصة.
شفيق الحوت: (.....) يعني معروف كانت..
أحمد منصور: يعني بس أنتم كنتم هنا في ترقب للاجتياح وللحرب؟
شفيق الحوت: كنا متوقعينها.. كنا متوقعينها.
أحمد منصور: استعدادكم لها كان أيه؟
شفيق الحوت: الاستعداد العادي شو.. قدرات، تعرف منظمة التحرير وقوات منظمة التحرير، ويمكن كمان هذا نتحمل جزء من مسؤوليته كانت دعايته أكثر من حقيقته يعني.. يعني قواتنا اللي بيسمع قواتنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: دا كان واضح أنا لما تابعت الحرب اللبنانية، طلع إن فيه حاجات صغيرة خالص، القوات بتاعتكم لا كانت متدربة..
شفيق الحوت: لا.. لا..
أحمد منصور: وفعلاً كانت واخدة هالة ضخمة، وحاجات كثيرة في الحرب ما قدرتش تعمل فيها حاجة.
شفيق الحوت: لا طبعاً.. لا.. لا طبعاً.. طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور: مش الحرب دي، حتى الحرب الأهلية.
شفيق الحوت: وحتى يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]: والحرب دي كمان فيه بطولات الحقيقة يعني.
شفيق الحوت: حتى الضخامة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: تستحق إنها توصف.
شفيق الحوت: كانت نقطة ضعف، يعني الضخامة المظهر اللي حكيته، لأن عن طيارات وعن دبابات..
أحمد منصور: زي الفيل...
شفيق الحوت: هذه كانت مؤذية هه ها لا.. لا تجدي حركة تحرير وطني هذا بالجيش النظامي اللي..
أحمد منصور: عصابات.. حرب عصابات.
شفيق الحوت: إحنا حرب عصابات..
أحمد منصور: أسلحة خفيفة وعمليات..
شفيق الحوت: إحنا كنا.. أبداً..
أحمد منصور: كمائن كذا.
شفيق الحوت: قاذفات RBJ وبنادق..
أحمد منصور: إنما دا ما يتناسبش مع حجم الأموال اللي كانت بتيجي ومع الدولة اللي يجب أن تقوم..
شفيق الحوت: للأسف.
(6/354)
شفيق الحوت: والزعيم، والبساط الأحمر اللي هو عقدة العقد..
شفيق الحوت: للأسف.. للأسف.. للأسف، هذه من الأخطاء اللي يمكن أن الواحد يعني يبصم عليها بأصابعه العشرة، وبدليل..
أحمد منصور: أنا بأتكلم..
شفيق الحوت: وبدليل أنها..
أحمد منصور: بأحاول أتكلم بلسان المواطن الفلسطيني العادي، اللي أنا رحت المخيمات وشفت معاناته، بأحاول أعكس نبضه هنا.
شفيق الحوت: صح، فماذا وجدت؟
أحمد منصور[مقاطعاً]: وأنت بتذهب.. بتذهب للمخيمات أكثر مني.
شفيق الحوت: طبعاً.
أحمد منصور: ولما قلت لك تعالَ نروح المخيمات مع بعض، قلت لا أتحمل، لأن فعلاً الوضع هناك..
شفيق الحوت: مزري.. مزري وهذا برضو كمان مسؤوليته مشتركة. يعني أنا لا أفهم تحت أي ظرف من الظروف أن يمنع عربي عربي آخر من إيجاد سقف له على الأقل في فصل الشتاء، أنا لا أفهم هذا، لا بقوانين قومية ولا بقوانين وطنية ولا حتى في.. في.. في إطار يعني نظام أسرى حرب، وأكثر من ذلك، أنا بأعرف إنه فيه عائلات عربية فلسطينية مشتتة بسبب.. طب يا سيدي قبل أيام.. قبل أيام لاجئ فلسطيني صار له 6 أشهر أظن في.. في موسكو في.. في.. في المطار رفضت 5 دول عربية أن تستضيف هذا اللاجئ الفلسطيني الذي يحمل وثيقة لاجئ مصري، استضافته السويد، ماذا.. ماذا تريد يا أخ أحمد أكثر من ذلك؟
لذلك قلت: عليك أن تكون فلسطينياً لتعرف معنى المرارة التي يتحسسها الإنسان، صار له في مطار موسكو أشهر، 6 دول عربية، البلد اللي معطية وثيقة مصر للأسف لم تقبل أن يدخل، سوريا رفضت، لبنان رفض، العراق رفض، السعودية رافضة، وأخيراً تطوعت السويد وقالت: أهلاً وسهلاً به لاجئاً سياسياً.
أحمد منصور: في 4 يونيو 82 بدأت الغارات الإسرائيلية على بيروت، هل أدركتم أن هذا بداية الهجوم الإسرائيلي؟
(6/355)
شفيق الحوت: أي نعم، لأنه يعني أصلاً لم نسترح بعد هذه الغارة التي أودت يومئذٍ بحوالي 120 إنسان وجرحت حوالي 800 آخرين في محيط الدائرة.. المدينة الرياضية، في محيط ما تسميه جمهورية الفكهاني، في اليوم الثاني مباشرة صباحاً كانت إسرائيل قد اقتحمت الجنوب وتحدياً للأمم المتحدة من معابر يُشرف عليها قوات الأمم المتحدة واحتلت النبطية أهم مدينة في الجنوب، ثم استمر بعد ذلك أظن يوم 9 حزيران كانوا قد وصلوا إلى أطراف بيروت.
أحمد منصور: في 11.. في 6 يونيو بدأ الهجوم على الجنوب، 5 آلاف جندي تابعين للقوات الدولية (اليونيفيل) أيه كان موقف هؤلاء؟
شفيق الحوت: بيتفرجوا اليونيفيل تفرجوا، وبعتوا تقارير للأمم المتحدة إنه صار فيه هجوم إسرائيلي وطبعاً حسب المادة تبعهم لا يملكون أن يفعلوا شيئاً يعني إلا إنه.. لا يستطيعوا.. لا يملكوا حق المقاومة، ولكن حق إبلاغ الأمم المتحدة بما جرى.
أحمد منصور: عرفات وصل السعودية صباح 6 يونيو عند الظهر كان الاجتياح الإسرائيلي واضحاً، 75 ألف مقاتل إسرائيلي، 1240 دبابة، 1520 ناقلة جند مدرعة، على الجانب الفلسطيني عدد المقاتلين لا يزيد عن ستة آلاف مقاتل أسلحتهم طبعاً غير متناسبة مع حجم الأسلحة، ومع ذلك أعتقد استطاع هؤلاء أن تكون لهم بطولات وأن يعرقلوا المخطط الإسرائيلي كان -كما قال شارون- كان مخطط في عدة أيام أن يحققوا أشياء ولكن ظهرت بطولات كثيرة عرقلت هذا الوضع، لكن في نفس الوقت حدثت انسحابات..
شفيق الحوت: مشينة.
أحمد منصور: مشينة.
شفيق الحوت: صح.
أحمد منصور: وأنا أقرأها كأني كنت بأقرأ ما حدث في سيناء سنة 67، وكانت تصدر أوامر لكثير مما لديهم استعداد لمقاومة الإسرائيليين ومواجهتهم بأن ينسحبوا.
(6/356)
شفيق الحوت: هذا صحيح، وهذه يعني عملت إشكال طويل عريض في أول جلسة للمجلس الوطني بعد الاجتياح في الجزائر سنة 83 ومن المؤسف أن بعض رموز هذا الانسحاب بقيت في مواقعها واستلمت فيما بعد حتى مراكز مهمة في السلطة بعد توقيع اتفاقية أوسلو، ولكن في نفس الوقت هنالك العديد من الضباط ومن الشباب الذين استشهدوا في معارك كان من المعروف ومن المؤكد أنهم لن ينتصروا بها، ولكن رفضوا الاستسلام لقوات العدو قبل أن ينفذ آخر واحد منهم، ولا يتمكن من الفرار بعد انتهاء الذخيرة التي لديه، يعني هنالك في الراشدية، وفي مخيم عين الحلوة، وفي جوار صيدا وفي منطقة الساعدية وفي الأوزاعي على مداخل بيروت هنالك ملاحم وأعتقد أكاد أقول: إنه يعني في هذا الجوار المحيط في بيروت هنالك مئات من الجثث التي أهل أصحابها لا يعرفون عن.. عن وجودها، يعني طمرت في أرض المعركة.
أحمد منصور: المدن والمخيمات الفلسطينية بدأت تسقط تباعاً.
شفيق الحوت: ولكنها لم تهاجر أماكنها، وهذه الظاهرة مثيرة للإعجاب والتقدير، يعني الفلسطينيين في مخيمات الجنوب لم يغادروا الجنوب، بقوا في مخيماتهم رغم تعرضهم إلى ما تعرضوا إليه من عذاب ومن يعني من احتلال ومن اعتقالات إلى آخره، تجربة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: القادة الفلسطينيين اللي أصدروا أوامر لقواتهم بالانسحاب، يعني بعد المجلس الوطني الفلسطيني أجري تحقيق مع أكثر من مائة ضابط بما فيهم قائد قوات القصر الحاج إسماعيل جبر اللي خد منصب بعد ذلك في السلطة.
شفيق الحوت: أي نعم.
دور الشهيد سعد صايل في الدفاع عن بيروت
أحمد منصور: قائد قوات الكرامة غازي عطا الله، سعد صايل كان حريص أن يتم هذا لولا أنه هو استشهد طبعاً بعد أيام قليلة في فلسطين.
شفيق الحوت: من أشرف الضباط.. أشرف الضباط الذين عملوا في الساحة الفلسطينية رحمه الله.
أحمد منصور: سعد صايل كان له دور كبير.
شفيق الحوت: كان رجلاً وقائداً يعني محترفاً..
(6/357)
أحمد منصور: أتمنى أن تعطي المشاهد نبذة عن هذا الرجل الذي لا يعرف عنه الكثير من الناس شيئاً.
شفيق الحوت: لأنه كان يعني أصلاً يبتعد عن الإعلام، لأنه رجلٌ كان الصامت الضاجُّ أسميه أنا، صمته كان يخيف دائماً، لأنه ما كان يقول غير الضروري، هو خرِّيج الجيش العربي الأردني، أصلاً خدم في الجيش الأردني برتبة عقيد ومسؤول عن لواء اليرموك، في السبعين كان أحد الضباط الذين يعني احتجوا مع جنودهم على ما أصاب الفلسطينيين في أيلول الأسود المشهور، فاستقال وتحرك هو ومجموعة من الضباط ومجموعة من العناصر وانضموا للثورة الفلسطينية، ولم.. في بدايته لم يكن دخوله إلى.. إلى قيادة العمل أمراً سهلاً، يعني لأنه كان من البداية واضح أنه رجل له شخصيته وله وزنه العسكري الحقيقي، يعني ماكانش ما هو كان أبو عمار كل يوم يعني يعطي رتب عقيد ومقدم ولواء يعني..
أحمد منصور: وهذا كان عقيد حقيقي.
شفيق الحوت: هذا كان عقيد حقيقي وخريج حتى كليات عسكرية في.. في الولايات المتحدة الأميركية.
أحمد منصور: أيه ظروف استشهاده في 27 سبتمبر؟
شفيق الحوت: يعني مازالت هذه لغز، يعني قُتل في منطقة المفروض ضمن..
أحمد منصور: في 82.
شفيق الحوت: ضمن الحماية السورية.
أحمد منصور: في سهل البقاع.
شفيق الحوت: كان.. كان في طريقه إلى دمشق، من قتله يعني ربنا أعلم، غالباً يعني إسرائيل.
أحمد منصور: لكن هذا الرجل قام بأدوار بطولية غير عادية.
شفيق الحوت: كان.. كانت يعني.. كنت أنا على مقربة إلى حدٍ ما..
أحمد منصور: دا من خلال ما قرأت في الصفحات وقلت لابد أن تعطي المشاهد صورة عنه.
شفيق الحوت: يعني كان هو القائد الحقيقي، الأخ أبو عمار هو القائد العام، بيشتغل سياسة وتنظيمات و.. ومنظمات واجتماعات ولقاءات، بينما الذي كان يقود المعركة والذي استطاع أن يحمي بيروت الغربية مدة الحصار اللي امتد حوالي 80 يوماً يعود الفضل فيه.
أحمد منصور: 88 يوم.
(6/358)
شفيق الحوت: 88 يوماً هو سعد صايل، أذكر أنني كنت أنا مكلف بملف الاتصال بالأمم المتحدة وانعكاسات الحرب على ما يجري هناك، فكنت على اتصال، وجئت مرة قلت له: نحن بحاجة إلى.. إلى.. إلى 72 ساعة كي نتمكن من عقد مجلس الأمن و.. و.. وإلى آخره، فقال لي: يا أخ شفيق –بأذكر هذه الكلمة- قال لي: أنتو ناسيين إنه.. إنه الدبابة الإسرائيلية عم بتكون أسرع من برقياتكم أنتم الدبلوماسيين، فأنت عم تطلب مني مستحيل الصمود 72 ساعة ليس أمراً سهلاً، لكني مع ذلك سأحاول جهدي، وقام بعملية شاهدت جزءاً منها في إعادة ترتيب القوات المرابطة في ضواحي بيروت، وصمد، قال لي بأعطيك 48 ساعة، حاول أن يعني تصلوا إلى قرار في مجلس الأمن بحدود 48 ساعة لأن الوضع متأزماً، وكان يقود المعركة بهدوء ينام كما ينام الناس، يلبس مهندماً باستمرار، يعني مافيش ها المظاهر الادعاء الثوري، أشير لك حذاؤه كان دائماً يلمع، هادئاً وأسرته بقيت طيل إقامته في لبنان في دمشق يزورها كأي جندي يأخذ إجازة في الشهر مرة ويزور هذه العائلة، لم يسجل أي اتهام له فساد أو ارتكاب أو سوء ائتمان أو إساءة...
أحمد منصور: معظم الشخصيات النظيفة ذهبت شهداء.
شفيق الحوت: آه، ذهبت شهداء.
أحمد منصور: بدأ الفلسطينيين.. الإسرائيليين يصلوا إلى بيروت في 10 يونيو ربما أدركت القيادة الفلسطينية إن الهدف بيروت وليس مجرد الأربعين كيلو في الجنوب، بدأت وساطات من أجل يعني إنهاء الحرب، فيليب حبيب رايح جاي على المنطقة، في 18 يونيو احتُل قصر الحكم في بيروت في.. وصل الإسرائيليين إلى المطار، في كتابك "لحظات لها تاريخ" فيه قصة لطيفة حوالين سقوط قصر بعبدة.
شفيق الحوت: بعبدة، (....) القصر في منطقة بعبدة، والقصر الجمهوري في منطقة بعبدة، وراوي القصة هو جوني عبده.
أحمد منصور: رئيس المكتب الثاني أو المخابرات.
شفيق الحوت: رئيس المكتب الثاني.. المخابرات العسكرية.
(6/359)
أحمد منصور: اللي كانت بتخوفكم دائماً.
شفيق الحوت: اللي كانت تخوفنا دائماً.
أحمد منصور: بتخوف الناس في كل حتة في العالم العربي.
شفيق الحوت: آه طبعاً مخابرات وعسكر يعني شيء يعني غير محبب إلى القلب عادة، وإن كانت مهمة ضرورية يعني عندما تخدم الوطن، هو الذي روى لنا ذلك في بيته، وكان ذلك في لقاء حضره ياسر عرفات وهاني الحسن والمرحوم سعد صايل وكان الموضوع موضوع انسحاب القوات الفلسطينية من لبنان فروى لنا القصة، قال: كنا قاعدين في القصر الجمهوري فاتصل بنا ضابط من بيت الحسن كان مسؤولاً عن مقر المحافظ في.. في بعبدة، اتصل في القسم الجمهوري فرد عليه جوني عبده فقال له شو؟ قال له وزير الداخلية عندنا؟ قال له: جوزيف بك شو جابه عندكم؟
أحمد منصور: وزير الدفاع أصلاً.
شفيق الحوت: مشيراً إلى (جوزيف إسكاف) رحمه الله، وكان وزير الدفاع آنذاك، ومن أهالي زحلة، قال له: وشو جابه على بعبدة؟ قال: لأ، أنا بأحكي عن شارون.
أحمد منصور: وزير الدفاع الإسرائيلي.
شفيق الحوت: نعم.
أحمد منصور: شارون طبعاً بيروي .. بيروي شارون إن هو التقى مع (جوني عبده) مساء 15 يونيو، جوني عبده التقى معك أنت وعرفات مساء 18 يونيو، والتقى مع شارون مرة ثانية بحضور (فيليب حبيب) بعد ذلك بأسبوع.
شفيق الحوت: نعم.
أحمد منصور: في مساء 18 يونيو 1982 فوجئت بياسر عرفات يطرق..
شفيق الحوت: باب بيتي و..
أحمد منصور: باب بيتك، في الحلقة القادمة نبدأ من هذا الأمر، باقي تفصيلات الحرب اللبنانية والخروج الفلسطيني من لبنان، وأيضاً اتفاقية أوسلو نختم بها. أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة والأخيرة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
(6/360)
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(6/361)
الحلقة12(6/362)
الأربعاء 13/3/1424هـ الموافق 14/5/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 14:34(مكة المكرمة)،11:34(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 12 والأخيرة
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
11/05/2003
- خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان
- اغتيال بشير الجميل رئيس الدولة اللبنانية
- مجزرة صبرا وشاتيلا
- تقييم الأداء الفلسطيني في حرب لبنان
- تقييم السلطة الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،وأهلاً بكم في هذه الحلقة الأخيرة التي نتناول فيها شهادة الأستاذ شفيق الحوت على عصر الوجود الفلسطيني في لبنان.
أستاذ شفيق: مرحباً بك.
شفيق الحوت: مرحبًا.
أحمد منصور: في 18 يونيو ليلاً 1982 فوجئت بياسر عرفات يطرق باب بيتك، ماذا حدث؟
خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان
شفيق الحوت: نعم، وعلمت منه أنه كان قد أعطى موعدًا لمسؤول المخابرات العسكرية العامة في الجيش اللبناني جوني عبده، لأن يلتقي معه عندي في المنزل، ثم لحق به الأخ أبو الوليد سعد صايل.. العميد سعد صايل، كان قائد القوات الفلسطينية والمشتركة في ذلك الحين، وكان المفروض الأخ هاني الحسن أن يصاحب جوني عبده من وزارة الدفاع إلى منزلي، وكان الوضع طبعًا يعني مضطربًا وساخنًا، وكان البحث قد بدأ يجري حول ضرورة سحب القوات الفلسطينية من لبنان.
أحمد منصور: ماذا كان هدف اللقاء؟
شفيق الحوت: هدف اللقاء كان اقتراحًا من جوني عبده، قال بأنه اتفق مع بشير الجميل على أن لا يتعرض لانسحاب قوات منظمة التحرير الفلسطينية برًّا من بيروت.
أحمد منصور: إلى؟
شفيق الحوت: إلى خارج لبنان.
أحمد منصور: خارج لبنان.
شفيق الحوت: خارج لبنان، خارج لبنان.
أحمد منصور: فين؟
(6/363)
شفيق الحوت: سوريا، يعني منطق الأمور الجغرافي كان يقول سوريا، على أن يتولى الجيش اللبناني مسؤولية الأمن في بيروت الغربية، وقال أنه بهذا يضمن عدم اقتحام إسرائيل لبيروت.
أحمد منصور: طبعًا إسرائيل كانت تحاول اقتحام بيروت، لكن المقاومة للإنصاف..
شفيق الحوت: كانت شديدة..كانت شديدة على جميع المحاور.
أحمد منصور: كان فيه بطولات كبيرة مع الخيانات والانسحابات التي وقعت؟
شفيق الحوت: نعم، بيروت كانت يعني فصل آخر مُشرِف.. مُشرِّف بجميع فصوله الحقيقة، يعني أنا بأعرف على أحد المحاور، منطقة المتحف..
أحمد منصور: طبعًا الملفات الخاصة بالتحقيق مع المنسحبين اللي خذوا مناصب في السلطة الفلسطينية بعد ذلك، أخذها أبو عمار، ولم يطلع عليها أحدًا إلى الآن.
شفيق الحوت: يعني...
أحمد منصور: كمثل أشياء كثيرة.
شفيق الحوت: يعني لا أدري إذا كان هناك ملفات، يعني لما طلع أبو عمار وقال..
شفيق الحوت: إذا أخذت ملفات لا.. لا أدري.
أحمد منصور: هكذا يعني ذكر هذه الأشياء.
شفيق الحوت: يزيد صايغ؟
أحمد منصور: يزيد صايغ.
شفيق الحوت: يعني شوف لك مصدر ثاني غير يزيد.
أحمد منصور: لا، هو يزيد ما بيجبش من عنده، كل سطر كاتبه كاتب له مصدر.
شفيق الحوت: أبقى عارف، لكن يعني.
أحمد منصور: وبعدين عفوًا يعني سعد صايل هو اللي..هو الذي طالب بالتحقيقات، وفعلاً يقال إن التحقيقات تمت مع أكثر من مائة ضابط، وأنا ذكرت لك الأسماء.
شفيق الحوت: ولعل هذا السبب في اغتياله..
أحمد منصور: وإن.. ربما..
شفيق الحوت: يعني إشارتك الآن لفتت نظري إلى هذه الحقيقة، لهذا...
أحمد منصور: لأن..لو ..لو رجعت..لو رجعت لهذه التحقيقات، يبدو إن كان فيها بلاوي سودة، عشان كده خذها ياسر عرفات، ورفض أن يطلع أي أحد عليها إلى الآن.
شفيق الحوت:أنا لم أعرف عن هذه شيئًا، حتى لا أدعي شيئًا لا ..لا علم لي به.
(6/364)
أحمد منصور: أما يجب التحقيق في هذه الخيانات والانسحابات التي تمت في الحرب اللبنانية؟
شفيق الحوت: يعني لننته أولاً من موضوع زيارة جوني عبده إلى البيت، رفض أبو عمار هذا الاقتراح، وكان الرافض بشدة سعد صايل، والسبب كان يعني ملفت فعلاً للنظر ولجدية الرجل وفكره العسكري، قال لجوني عبده، قال له: من يضمن لك أولاً إنه بعد أن تتم هذه العملية أن الجيش الإسرائيلي ما يضرب مثلاً على الجيش اللبناني عندما يدخل المنطقة الغربية، وعندئذ من سيتحمل المسؤولية؟
يعني سيقع نوع من الخلاف بين الجيش اللبناني وبين إسرائيل، وبالتالي يبقي الخلاف بين المنطقة الغربية والمنطقة الشرقية، المهم اترفض هذا الاقتراح، وأذكر كلمة لأبو عمار، قال له: اللي بده يدخل بيروت، هيدفع مهر غالي لهذه المدينة، يعني لن يكون الأمر سهلاً، وكان بالفعل الأخ أبو عمار والحركة الوطنية اللبنانية وشباب بيروت البواسل يجب أن نذكر هذا، يعني فيه ناس ما فكرت أنا بحياتي إنها بتحارب، قاومت في.. في بيروت مقاومة الجبابرة على محور المتحف على متحف.. على محور خالدة، على محور المواني، المينا اللبنانية، حيث هاجم الإسرائيليون بيروت الغربية عدة مرات من جميع هذه المحاور.
أحمد منصور: صحيح.
شفيق الحوت: وكانت تصد صدًا عنيفًا، مرة يعني اعتزَّت إسرائيل بأنه على طريق المتحف تقدمت دباباتها 8 أمتار، 8 أمتار، يعني غير الدبابة أصلاً طولها 4 متر، فكان يعني يستحق.. تستحق بيروت التحية والتقدير على موقفها رغم صعوبة الأمر ومرارة الظرف الذي كان يعيش فيه البيروتي، يعني كان هنالك بيروتي يقاتل حتى الاستشهاد، ومنهم من مات عطشًا في الوقت اللي كانت فيه بيروتٌ أخرى تحتفل بالوجود الإسرائيلي للأسف في البلد.
(6/365)
أحمد منصور: (شارون) بمناسبة الوجود الإسرائيلي أنا لقيت في مذكرات شارون يعني جملة اسمح لي بسرعة أقول -في صفحة 661 من مذكراته، يقول.. بعد زيارة التقى فيها بشير الجميل يقول: كنت قد قمت بزيارات كثيرة إلى لبنان حتى أني تعرفت إلى الصحافة المحلية والأدباء وغيرهم من رجال الفكر، وأقمت علاقات مع عدد كبير منهم تمتعوا بالموهبة والشخصية المميزة، وفي غمرة الفرح الجنوني الذي تلا رحيل منظمة التحرير الفلسطينية وجدتني محاطًا بمئات الأصدقاء المغتبطين، ولقيت في بيروت ترحيبًا حارًا حملني على القول من باب المزاح، أني لو احتجت يومًا إلى طلب اللجوء السياسي لوقع اختياري على لبنان أولاً.
أنا أعود لهذا الذي كان يقع في شهر يونيو، حدثت حوارات، كيف كان وضع المارونيين في الحرب؟
شفيق الحوت: يعني بدأ بشير الجميل يتحسس خطورة الموضوع، يعني كان يهيئ نفسه للعهد الجديد، وكان في هذه الفترة قد بدأ إلياس سركيس شخصيًا وجوني عبده بالذات تهيئة بشير الجميل لرئاسة الجمهورية في هذا البلد، يعني اعتبروا أن الاجتياح الصهيوني خلاص، أودى بالمقاومة، وبالتالي أنهى الحركة الوطنية، ولا مرشح بين القوى المسيحية يستطيع أن يجاري الشيخ بشير الجميل، فبدأ الشيخ بشير يعني يتحسس أنه لم يعد قائدًا لميليشيا..
أحمد منصور: لفصيل أو ميليشيا.
شفيق الحوت: أو طائفة واحدة، وبدأ يتحسس موقعه كرئيس جمهورية محتمل، وهذا ما حدث بالفعل عندما انتخب رئيسًا للجمهورية، أذكر له تصريح في 15 يونيو، قال: هذه آخر أيام حرب السنوات الثمانية، قال بشير..
أحمد منصور: يعني كان يمكن أن تتفاهموا مع بشير الجميل؟
شفيق الحوت: أنا بأعتقد كان مستحيلاً، يعني بالرغم من إنه أنا شاءت أقداري أن أبقى بعد انتخابه ورحيل منظمة التحرير الفلسطينية..
أحمد منصور: أنا هآجي لده بالتفصيل، مش عاوز أستبق الأحداث، لأني واخذ المشاهد معايا، 13 يونيو...
(6/366)
شفيق الحوت: نعم، بأعتقد كان صعبًا، بشير جميل، كان صعبًا، يعني مش فلسطينيًا.. لبنانيًا كان يستحيل أن يكون رئيسًا للجمهورية رغم ما ظهر بعد انتخابه من بعض التأييدات من القيادة الإسلامية...
أحمد منصور: سآتي لها تفصيلاً، 13 يونيو 82 طلبت إسرائيل من منظمة التحرير إلقاء سلاحها ومغادرة العاصمة، هل صحيح إن هاني الحسن بعد اجتماعه في 15 يونيو مع المبعوث الفرنسي، الفرنسي(جولمان) وافق على نزع سلاح منظمة التحرير؟
شفيق الحوت: كان المطلوب رحيل قوات منظمة التحرير بسلاحها.. بسلاحها، وحتى يعني حددوا الرقم بعشر آلاف مقاتل، وصدقني إنه وجدت القيادة الفلسطينية نفسها في حرج بحثًا عشرة آلاف مقاتل.
أحمد منصور: ما كانش عندهم عشرة آلاف ...
شفيق الحوت: لا، ما كانش العشر آلاف مقاتل، بدليل إنه لبسوا كثير من المدينين لباس عسكري، كانوا موظفين في الإعلام وفي التنظيمات الشعبية وبالميليشيا، حتى يكتمل العدد بحدود العشرة آلاف كما قررته إسرائيل.
أحمد منصور: يعني كما قلت كانت الضجة أكبر من الحجم؟
شفيق الحوت: أكبر من الحقيقة، طبعًا أكبر من الحقيقة، وبدأ الضغط.. بدأ الضغط على..
أحمد منصور: وبدأت المفاوضات هنا للخروج من لبنان.
شفيق الحوت: بدأت المفاوضات.
أحمد منصور: وبدأت إسرائيل تشعر إن هدفها الحقيقي بدأ يتحقق؟
شفيق الحوت: والمصحوبة بالقصف الذي لا تتصوره كنا دخلنا بيوليو.. في آب، في شهر آب كان..
أحمد منصور: لسه ما جيتش على آب، أنا في 25 يونيو، 25 يونيو لسه، كانت إحصاءات الشرطة اللبنانية إنه هناك 10112 قتيل، 19 ألف جريح، 84% منهم من المدنيين من المدنين، أما الإسرائيليين فكانوا..
شفيق الحوت: مين اللي إداك ها الإحصاء ما كانش فيه شرطة لبنانية في تلك الفترة؟ ما كانش فيه وجود للمؤسسة.
أحمد منصور: من 269 قتيل، وألف..
شفيق الحوت: شو.. شو بدك؟
(6/367)
أحمد منصور: في 2 يوليو82 أو ليلة 3 يوليو 82 قدَّم ياسر عرفات رسالة خطية إلى شفيق الوزان (رئيس الوزراء اللبناني آنذاك) وأنا حينما رجعت إلى ما كتبته أنت..
شفيق الحوت: كنت معه..
أحمد منصور: كنت أنت مع ياسر عرفات، في تسليم هذه الرسالة، حتى لا أخوض في كثير من تفصيلاتها، كيف كانت صياغتها؟ وكيف سلمت إلى شفيق الوزان؟
شفيق الحوت: هي كانت الرسالة التي طلب بها (فيليب حبيب) الحكومة اللبنانية بأن يوقع ياسر عرفات على رسالة تقول بأنه وافق، وهو يضمن سحب قوات منظمة التحرير الفلسطينية العاملة في لبنان.
أحمد منصور: لم يكن لديكم خيار آخر؟
شفيق الحوت: البقاء والمقاومة، وكان هذا ربما يفوق ما تستطيعه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فين جبهة الصمود والتصدي اللى تعهدت بأنها تحمي من يتعرض للاعتداء؟
شفيق الحوت: اقترح علينا أحد أعضائها أن ننتحر، أن نتقاتل حتى الانتحار، ولم يكن يعني هذا الاقتراح له شعبية، ولم يعني نستجب له.
أحمد منصور: ما هو طالما أنتوا اللى هتنتحروا مش هو..
شفيق الحوت: آه..، يعني يا أخ أحمد...
أحمد منصور: على الأقل يرتاح منكم ومن اللي كان بيدفعه.
شفيق الحوت: بعض.. بعض أهل بيروت اشتهوا.. اشتهوا الماء ها..، وتدخل أحد رؤساء العرب قادة العرب، كانت كل وساطته أن يسمح بدخول البعض قوارير الماء إلى بيروت الغربية، هذا أقصي ما قدمته يعني الدول العربية في تلك الفترة الصعبة.
أحمد منصور: تقييمكم أيه للموقف العربي؟
شفيق الحوت: أنا كنت حزين يا أحمد، كنت حزين وغضبان، ليس على الملوك فقط، ولا على الحكام فقط، وإنما كذلك على ما كان يسمي بالقوى القومية والتقدمية والثورية الشعبية في الوطن العربي بجميع فصائلها وبجميع أيديولوجياتها.
أحمد منصور: أصبحت مستأنسة..
(6/368)
شفيق الحوت: يعني كان أذكر أظن كان فيه دوري مباراة قدم إفريقي في.. في بعض العواصم العربية كانوا يشيروا إلى نتائج هذه المباريات في الجزائر كانت، قبل أن يشيروا عما كان يجري في .. في بيروت، كانت فيه مرارة، كان فيه مرارة لدى البعض، أنا مش منهم، لأني كنت متوقع ذلك من الاتحاد السوفيتي، الاتحاد السوفيتي كذلك كان موقفه غير متوقع يعني كان استسلم تقريبًا في البداية إلى.. إلى هذا الاجتياح، كان السفير المشهور( سول داتوف) أيامها في لبنان يعني قيل أنه نصح بعضنا بأن نقبل بأي اقتراح بالرحيل من لبنان بأي سفن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين اللي تحسبوا به مواقف جيدة في هذا الحصار وهذه الحرب؟
شفيق الحوت: مين.. مين، يعني دول؟
أحمد منصور: حتى ولو أفراد.. لو جماعات أو أي شيء، مش لاقيين حد؟
شفيق الحوت: المواطن اللبناني الشريف الذي صمد في بيروت وفي جميع الأراضي التي تعرضت للغزو في صيدا.. في غيرها من المناطق التي تعرض، هؤلاء كانوا هم فعلاً يعني مصدر الأمل الوحيد في إنه هذه الأمة فيها ناس..، طبعًا قامت بعض المظاهرات الشكلية، ولكنها كانت دون المستوى المطلوب.
أحمد منصور: هل كان هناك موافقة فلسطينية كاملة على ما قدمه عرفات؟
شفيق الحوت: الشهادة لله. نعم، رغم..
أحمد منصور: أمال الإذاعات طلعت والميكروفونات والدنيا بعد كده؟
شفيق الحوت: كان هنالك من يتمني ذلك يعني حتى ..حتى إخواتنا في .. في فتح، يعني كانوا..
أحمد منصور: الدنيا قامت على أبو عمار بعدين وعلى الرسالة وعلى الانسحاب والخيانة.
شفيق الحوت: أنا حضرت آخر اجتماع في إحدى الملاجئ في بيروت بحضور الجميع، حضور.
أحمد منصور: كل ممثلي..
شفيق الحوت: كل ممثلي..
أحمد منصور: منظمة التحرير؟
(6/369)
شفيق الحوت: نعم.. نعم، وقالوها لأبو عمار بصراحة، حتى هناك من كان يشك إن أبو عمار بده يخلص منهم ويبقى هو، فقالوا له طيب يعني.. يعني كانوا مستكثرين على أنفسهم أن يبدءوا هم بالرحيل أو بالانسحاب، قال أبو عمار بصراحة مطلوب مني أخرجكم أولاً، ثم أنا أخرِّج نفسي بنفسي، فعرفوها، ولا تخافوا إنه أنا يعني باقي وراكم، فذهبنا إلى الرئيس الوزان رحمه الله..
أحمد منصور: أيه تقديرك لدور شفيق الوزان في هذا الوقت؟
شفيق الحوت: شفيق الوزان كان يعني مسكين، يعني رجل فاضل رحمه الله يعني تركوه القادة السنة التقليديين أن يتحمل عبء هذه المسؤولية القذرة، وهي أن يكون شاهدًا على رحيل قوات منظمة التحرير في عهد كان يرأس هو الحكومة، ولكن لو كان أي إنسان آخر غيره ما بأعتقد إنه كان بيقدر يعمل أكثر مما فعله شفيق الوزان، يعني حرام أن نضع اللوم على الرجل أكثر مما يحتمل قال لي الوزان -رحمه الله- إن هذه الرسالة التي سلمناه إياها في تلك الليلة، والتي تسلمها وهو يبكي، هو بكى ليس ياسر عرفات، هو بكى. جاب القرآن الكريم وعطاه لياسر عرفات وقال له ما عندي ما أقدمه لك غير المصحف الشريف أرجو أن يعينك على العودة إلى القدس يا أبو عمار، قال لي قبل أن يرحل عن هذه الدنيا أن الرسالة ما زالت في أرشيفه، ولم يسلمها إلى فيليب حبيب، وإنما اكتفى بنقل الرسالة شفويًا إلى المبعوث الأميركي، لا أعرف مدى صدق هذه القصة، ولكن هذا ما أذكر أنني سمعته عنه..
أحمد منصور: طبعًا الحرب بعد كده ظلت تراوح إسرائيل، كان فيه وقف إطلاق النار، إسرائيل كانت بتقصف بشكل قاسي للغاية في نهاية يوليو يبدو أن الكيل فاض بياسر عرفات، فأعلن أن بعض الدول العربية أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل، حتى تغزو لبنان أيه تفسيرك للموقف العسكري السوري في هذه الحرب؟
(6/370)
شفيق الحوت: سوريا كما يهيَّأ لي أنها لم تكن متوقعه أن تضرب هي في هذه الحرب، أعتقد أنها لم تكن تتوقع أنها ستصل إلى بيروت، وإلا لكانت احتاطت، لأنه كان للسوريين في بيروت كذلك قوات لا بأس بالعدد بعديدها، بأعتقد شارون وسَّع (بكار) حربه، واعتدى على السوريين منتهزًا فرصة..خصوصا إنه كانت بدأت سوريا تهدد بإقامة حائط صواريخ سام 7 في البقاع.
أحمد منصور: دمروه الإسرائيليين.
شفيق الحوت: دمروه..دمروه ، واغتنموا الفرصة، وضربوا القوات..
أحمد منصور: رغم أن السوريين لم يعلنوا عن خسائرهم، إلا أن بعض التقديرات بتقول إنهم خسروا 1200 قتيل، و3000 جريح، و3000 دبابة و140 ناقلة جند، و84 طائرة ومقاتلة، و21 عربة سام 6، 8 و400.. و150 دبابة من بعض مصادر..
شفيق الحوت: صدق، وهذا يعني إن..يعني تصدقه الأحداث التي تلت .. التي فوجئت فيها جري، لها بذاتها وسوريا أوقفت الحرب قبل ما تنهي الحرب مع الفلسطنين، وهذا أحد أسباب سوء التفاهم أو سوء .. الخلاف بين ياسر عرفات وبين المرحوم الرئيس حافظ الأسد يعني أظن في 9 أو 10 صار وقف إطلاق النار على الجبهة السورية.
أحمد منصور: نعم ، 11يوليو.
شفيق الحوت: في 11، بينما إحنا استمرينا لآب و أواخر آب ونحن نضرب في بيروت، فيما يؤكد إنه سوريا ضربت فأوجعت، أنها فيما بعد لم تنس هذا الدرس الإسرائيلي، وكان الانتقام فيما بعد وكان قد استلم الحكم بعد (بريجينيف) مين استلم..نسيت الآن..
أحمد منصور: ما هم جم 3 بعد بريجنيف كل واحد 3 أشهر..
شفيق الحوت: (أندروبروف) أندروبروف.
أحمد منصور: أندروبروف.
شفيق الحوت: آه..أندروبروف هذا كان رجل كان KGB وكان رجلاً قاسياً، لكن لم يعمر طويلاً، هادول.
أحمد منصور: هم كانوا فيه ثلاثة كده جم من غرفة الإنعاش هم الثلاثة.
شفيق الحوت: آه، ثم مات..
أحمد منصور: قبل (يلتسين).
شفيق الحوت: وأقول أنا حتى للأسف.
أحمد منصور: قبل (جورباتشوف) عفوًا.
(6/371)
شفيق الحوت: نعم، هذا مكَّن الجيش السوري بمده بجسر جوي من الأسلحة ومن الروح المعنوية ومن السند السياسي، وبدأت ردة الفعل على الاجتياح الإسرائيلي، وطبعًا كان الضحية الكبرى فيها القوات اللبنانية التي أخذت تأخذ مكان القوات الإسرائيلية التي كانت في منطقة الشوف وفي منطقة...
أحمد منصور: نعم، هل صحيح إنه سوريا مرارًا منعت وصول شاحنات سلاح للفلسطينيين المقاتلين في هذا الوقت؟
شفيق الحوت: مش بعيد، فيه فترات كان قتال يعني بيننا وبين السوريين أمر طبيعي.
أحمد منصور: في 25 يوليو حضرت أنت اجتماعًا مع وفد أميركي مع أبو عمار؟
شفيق الحوت: وفد كان من النواب اللي أظن واحد منهم اسمهم (ماكلاويسكي) كان نائب لأحد الولايات، كان متعاطفًا معنا، مع زملاء كان له وكان يعني يسعى لأن يفعل شيئًا مع الإدارة الأميركية، لتخفيف العذاب الذي كانت تتعرض له منظمة التحرير الفلسطينية.
أحمد منصور: أقر له عرفات بقبول كل مقررات الأمم المتحدة، واعتبر هذا انتصارًا وخرج به للصحفيين..
شفيق الحوت: آه..مضبوط.. مضبوط.
أحمد منصور: مساء 30 يوليو..
شفيق الحوت: مع أنه هذا كان شيئًا يعني مكررًا، يعني ..
أحمد منصور: إسرائيل حاولت تسيطر على جانب من المطار في 30 يوليو، الفترة من الأول إلى الثاني عشر من أغسطس كانت..
شفيق الحوت: مش معقولة..
أحمد منصور: دموية..
شفيق الحوت: كان جنون ..كان جنون.
أحمد منصور: آه الإسرائيليين كانوا يقوموا بهجمات بشكل..
شفيق الحوت: ضرب منهجي ..ضرب منهجي لبيروت الغربية، يعني كاد أن.. أن يعني يدمرها.
أحمد منصور: متى..
شفيق الحوت: كانت تقصف من البحر ومن الجو ومن البر.
أحمد منصور: يقال إن يوم 4 أغسطس كان يومًا تاريخًيا في الحرب على بيروت الغربية، ويوم 5 أغسطس تكاد تكون بيروت الغربية احترقت تمامًا أما يوم 12 أغسطس فكان يوم الموت في بيروت.
(6/372)
شفيق الحوت: يوم الجحيم.. يوم الجحيم.. يوم القنابل الفسفورية، هذا اليوم لا أنساه..
أحمد منصور: أنا لا أنكر إن يعني قُبيل أن أعد هذه الحلقات كانت صورة الحرب اللبنانية عندي كانت غير الصورة اللي لقيتها بين الكتب، وفيه ناس من الذين كتبوا يستحقوا أن يُقدروا مثلاً (روبرت فيسك )كتب "ويلات وطن"، عبر عن الحرب اللبنانية بشكل..
شفيق الحوت: يستحق التحية والتقدير، نعم.
أحمد منصور: يستحق التقدير، كتب كثيرة الحقيقة يعني حتى لا يفوتني كان مفتوح على مكتبي أكثر من 40 كتاب فيها أشياء كثيرة جدًا.
شفيق الحوت: صحيح ..صحيح
أحمد منصور: لكن التعبير عن المشاعر الإنسانية وعن البطولات أيضًا شيء يستحق إن هو يذكر هنا، في 12 أغسطس وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على انسحاب الفلسطينيين من لبنان، وصلت كتيبة فرنسية وأخرى أميركية لضمان أمن ميناء بيروت في 21 أغسطس، رحل أول 400 فدائي إلى قبرص، شعوركم أيه، الآن نكبة أخرى مثل نكبة ما حدث في الأردن، والآن يعني.. هل شعرت إن الآن انتهت الثورة الفلسطينية؟
شفيق الحوت: أنا سآتي إلى آخر يوم اللي سافر فيه أبو عمار بالذات.
أحمد منصور: دا يوم 30.
شفيق الحوت: آه يعني لأن هو اليوم الدراماتيكى.
أحمد منصور: طبعاً الشعب اللبناني، الناس كلها خرجت..
شفيق الحوت: خرجت بعرس، عرس ترش المقاتلين بالرز، وبالعطر نحن أمة غريبة، يعني شعب غريب يعني الأمة العربية إجمالاً، يعني الهزائم لا تفت من عزائمنا ، وربما يعني.
أحمد منصور: لكن الوداع كثير كان..
(6/373)
شفيق الحوت: كان..كان غير معقول أولاً يعني وداع العناصر مع من أحب مع من ترك في لبنان مرته، وحبيبته، وعشيقته، وأخته، والدته، هذا كان يعني ترى العيون والأيادى الممتدة من البوستات والتراكات الحاملة للعناصر وبين الأهالي من حواليهم، اللبنانيين كانوا يعني يوم الرحيل كأنه كان يوم النصر للقوات الفلسطينية يعني لم يكن يوم ذل، يعني صحيح في النهاية هي كانت هزيمة وانسحاب ولكنه كان في تمام الشرف العسكري المطلوب لجيش يعني محترم أو لثورة محترمة، رغم إنه الإسرائيليين حاولوا أن ينغصوا هذا اليوم باستمرار يعني محاولات قنص، محاولات تهديد، محاولات وعيد، وكان وداع أبو عمار لجمهورية الفكهاني، في هذه اللحظات مثير للعاطفة حقيقة بالنسبة للجيران واللبنانيين بالذات الذين عايشوه فترة طويلة من الزمن، فحرص على أن يصافحهم جميعًا، وأن يركب سيارته ويذهب إلى المرفأ، أنا رفضت أرافقه إلى المرفأ.
أحمد منصور: كيف ودَّعك؟
شفيق الحوت: هو كان قبل يومين ثلاثة رافقني إلى عدد من القيادات الوطنية اللبنانية، وأوصاهم بي خيرًا باعتبار أنني قررت البقاء في لبنان؟
أحمد منصور: حتى تحمل الهم الفلسطيني.
شفيق الحوت: حتى لا أجرب هجرة أخرى، قلت بعد يافا لن أهاجر مرة أخري.
أحمد منصور: يعني المستقبل كان مجهول بالنسبة لك.
شفيق الحوت: كان مجهولاً سنأتي إلى ما هو أصعب أنني هددت، بل أجبرت على هجرة أخرى فيما بعد، فودعته على باب قصره في جمهورية الفكهاني، كنت مصاب بذهول، وماشي كالضايع وأتساءل إنه بعد كل هذا التاريخ، بعد كل هذا النضال، هل هذه هي النتيجة، هل هذا هو المصير؟
أحمد منصور: كنت تشعر أن الثورة الفلسطينية انتهت..
شفيق الحوت: من بحر إلى بحر آخر، وسرت في طريقي إلى المنزل الذي لم أقم به سوى أيام لأنه اضطرتني الأحداث مرة أخرى إلى أن أغادره بحثًا عن ملجأ آخر.
أحمد منصور: لماذا اختار عرفات أثينا وليس أي دولة عربية في رحيله؟
(6/374)
شفيق الحوت: هو ما اخترش أثينا، هو اختار تونس ولكن كان خط السير يفترض الوقفة في أثينا، يعني لم يكن خيارًا سياسيًا كما حاول البعض أن يفسره.
أحمد منصور: رحل المقاتلون إلى سوريا والعراق.
شفيق الحوت: لأنه الطريق.. والطريق البري كان عبر سوريا ولم تكن العلاقة بين سوريا ومنظمة التحرير في تلك الفترة تسمح له أن.. أن يختار البر سبيلاً له.
أحمد منصور: سوريا والعراق والأردن والجزائر وتونس طبعًا أخذت المقاتلين الفلسطينيين.
شفيق الحوت: السودان واليمن..
أحمد منصور: يعني الآن انتهت الثورة الفلسطينية.
شفيق الحوت: في تقديري وهذا لا.. لم تقر به الفصائل الوطنية الفلسطينية المختلفة، في رأيي إنه انتهت هذه المرحلة.
أحمد منصور: مرحلة الكفاح المسلح.
شفيق الحوت: مرحلة منظمة التحرير الفلسطينية، استراتيجيتها إن كان هنالك استراتيجية التي اتبعتها حتى رحيلها من لبنان، ولكن للأسف أن أركان المنظمة من الفصائل ومن شخصيات المنظمة الكبرى استمرت فترة طويلة، لا أقول تحلم بالعودة في لبنان بقدر ما أنها لم تستطع أن تخرج من الحلم في لبنان.
أحمد منصور: بقيت أنت في لبنان ما الذي بقي لبنان ما الذي بقي معك؟
شفيق الحوت: معي لم يبق شيء.
أحمد منصور: 350 ألف فلسطيني.
شفيق الحوت: لا العدد..لا تقرب العدد، لا تقرب العدد، لأن العدد سر مقدس لا يعرفه أحد إلا الله سبحانه وتعالى، لكن أعرف أنني تركت مع مجموعة من الشعب الفلسطيني بحاجة إلى كل شيء، مصابة مدمرة ، مخيمات معطلة، جرحى، معاقين...
أحمد منصور: كنت تستشعر حجم المسؤولية على عاتقك.
شفيق الحوت: يعني ... يعني..
أحمد منصور: الأهم من كل ده هو الرواسب والأحقاد وبقايا الحروب؟
شفيق الحوت: هو يعني.. يعني أقول حتى.. حتى هذه هي يمكن كان الواحد يقدر بفهمهما، وبدأت حتى الاتصال في..في الدوائر الرسمية، بعد انتخاب.
أحمد منصور: يشير الجميل.
شفيق الحوت: بشير الجميل.
(6/375)
اغتيال بشير الجميل رئيس الدولة اللبنانية
أحمد منصور: انتخب بشير الجميل في 23 أغسطس رئيسًا للبنان بدلا من إلياس سركيس، توترت العلاقات بينه وبين الإسرائيليين، بعد ذلك بعدما بدأ يشعر إنه رئيس دولة في 14 سبتمبر 82 تم تدمير مقر حزب الكتائب حيث قتل الرئيس المنتخب بشير الجميل مع 85 آخرين بين قتيل وجريح من أعضاء حزبه واجتمع مجلس النواب على عجل، واختار أمين الجميل شقيقه الأكبر منه في 21 سبتمبر رئيساً للبنان، تقيمك أيه لبشير الجميل؟
شفيق الحوت: بشير الجميل إفراز طبيعي لظروف غير طبيعية، يعني هو شاب في مستقبل الحياة.. مقتبل الحياة، كان من الطبيعي أن يقف المواقف التي اتخذها والتي تتسم بشيء كثير من التطرف، يعني بشير فاق والده، المعروف تاريخياً بالتطرف الشيخ بيير جميل، طبعًا كان المقارنة بينه وبين الشيخ أمين إنه فرق كبير إنه كان أمين محسوب إنه ضد الاتجاه العربي بينما بشير ضد اتجاه إسرائيلي أو الخيار الإسرائيلي كان شاب متحمس...
أحمد منصور: لكن تعتقد إنه هذا الخيار بدأ يتغير بعد ما انتخب رئيس؟
شفيق الحوت: أنا بأعتقد إنه بدأ يتغير بعد.
أحمد منصور: وإنه ربما رفع الغطاء الإسرائيلي عنه هو الذي أدى إلى اغتياله.
شفيق الحوت: ليس هذا بعيدًا على الإطلاق، لأنه برضو الإسرائيليين ما أنهم عباقرة آخر زمان وكانوا يعني يظنوا أنهم باستطاعتهم أن يقولوا للشيء كن فيكون، هو كان بصدد التوقيع معاهدة لاشك، ولكن أراد منهم مهلة إنه يهيأ الرأي العام اللبناني، ويعني إذا الرأي العام المسيحي كان مهيَّأ للصلح، الرأي العام المسلم لم يكن مهيأً بعد للصلح، وكان فيه قوة وطنية، وكان لسه منظمة التحرير رغم رحيلها الرسمي ما زالت موجودة في الساحة، وبدليل في 83 جاء أبو عمار في محاولة أخرى ودخل لبنان عن طريق طرابلس.
أحمد منصور: آه، دي قصة ثانية.
(6/376)
شفيق الحوت: وهادي قصة تانية، ولكن يعني إنه الوجود الآخر كان مازال قائما، فمن الطبيعي كان أن يكون حذرًا الشيخ بشير في رفض الإقدام على توقيع المعاهدة سريعة مع إسرائيل، كان يسقط فورًا.
أحمد منصور: اتهم الحزب القومي السوري بقتله، صحيح ؟
شفيق الحوت: والله أخوه أَوْلَى بالسؤال هذا، أخوه الشيخ أمين يعني استلم الحكم ورئاسة الجمهورية 6 سنين، ولم يقل .. ما يقل ..ما يشير بغير ذلك، فأنا لا أدري هل هناك دائماً تدور السؤال من قتل الشيخ بشير، في المجالس، ولكن ما حداً قدر أن يحسم من قتله غير الرواية التي تقول عن أحد أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي، والذي ألقي القبض عليه، وحقق معه من قبل القوات اللبنانية، وحقق معه من قبل الدولة اللبنانية، وكان في سجن (رومية) إلى أن فر من السجن فيما بعد وما زال فاراً؟
أحمد منصور: في 15 سبتمبر 1982م دخل جيش الدفاع الإسرائيلي كما يسمى بيروت بحجة حماية المدنيين الفلسطينيين من انتقام المسلحين الموارنة يعني.. يعني شيء عجيب جدًا هذا الإعلان، وخلال 48 ساعة كان هناك مقاومة عنيفة ليه، لكن لم يتمكن الإسرائيليون من دخول بيروت الغربية إلا بعد خروج الفلسطينيين منها؟
شفيق الحوت: هذا صحيح.. هذا صحيح.
أحمد منصور: لم يتمكن شارون من السيطرة على بيروت الغربية إلا بعد ما أُلقي السلاح وخرج المقاتلون.
شفيق الحوت: هذا صحيح.
أحمد منصور: في 16 سبتمبر وقع مقر منظمة التحرير الفلسطينية في أيدي الإسرائيليين وأصبح مقرًا صهيونياً.
شفيق الحوت: صحيح..
أحمد منصور: كنت أنت هائماً على وجهك في الشوارع تبحث عن مأوى.
شفيق الحوت: صحيح، عن مأوى، في 15 كنت في منزلي ثم .. حتى الساعة التاسعة مساءًا لم يكن قد تأكد نبأ اغتيال الشيخ بشير الجميل ثم يعني اتُصِل بي من قِبَل شخص من الجيش اللبناني وقال لي أنصحك بمغادرة البيت لأن الشيخ بشير قد توفي، يعني كانت الإشاعة إنه كان...
(6/377)
أحمد منصور: وطبعًا ما كانش حد متخيل.. صدمة.. عمل صدمة هائلة..
شفيق الحوت: أدركت إنه سيكون لها رد فعل هائل ومخيف، وقررت أن أغادر البيت، لكن كانت يعني انتصف الليل ولا أعرف إلى أين أذهب وزوجتي قررت البقاء، وهي الأخرى من مواليد القدس وقررت هي أن لا تهاجر بيتها مرة أخرى، وأن لا تغادر مكتبتها التي تعتز بها، ففي الصباح وأنا أسكن قريبًا من منطقة الفكهاني، فوجئت من شباك منزلي بأن الدبابات الإسرائيلية أصبحت على بعد أمتار من المنزل، يعني كان قد تم القرار بدخول المنطقة الغربية، فذهبت وقصدت وزيرًا كان في حكومة الوزان المرحوم الدكتور عبد الرحمن اللبان كان صديقًا لي، ولجأت ساعات عنده، ثم في بيت مقابل له لي أصدقاء لجأت عندهم فترة طويلة من الزمن.
أحمد منصور: ظلت تتنقل من مكان إلى آخر، شعورك أيه وأنت كنت مطارد؟
شفيق الحوت: والله يا أخ أحمد كان شعور يعني مختلط، فيه يأس المقاتل، وفيه فروسية المغامر، وفيه خوف المواطن، وفيه حسرة معرفة الصديق وقت الضيق، يعني بيروت أنا لي فيها يعني الكثير من الأصدقاء والكثير من الأحباء والكثير من الأقرباء، ولكنني كنت أضن بأن أزورهم و أطلب اللجوء إليهم، لكني كنت أعرف أن وجودي عندهم عبء خصوصًا عندما علمت وتأكدت بأن إسرائيل تبحث عني، وهذا ما حدث بالفعل في الثامن عشر أو التاسع عشر من شهر أيلول عندما دخل الإسرائيليون منزلي بحثاً عني.
أحمد منصور: روت لي زوجتك ما دار بينها وبينهم.
شفيق الحوت: يعني كان حوارًا لا بأس به، أما المفارقة..
أحمد منصور: وأنت كتبته في "لحظات لها تاريخ"، لكني سمعت القصة منها مباشرة.
شفيق الحوت: آه نعم، سُئِلَت هل تشهدين بأننا كنا حضاريين معك، ولم نمسَّك ولم .. مع أنهم قلبوا البيت فوقاني تحياتي، قالت لهم أشهد لكن لا أعرف ماذا تفعلون بالخارج؟
مجزرة صبرا وشاتيلا
أحمد منصور: في الخارج كانت صبرا وشاتيلا في 15 ، 16 سبتمبر 1982.
(6/378)
شفيق الحوت: كانت صبرا وشاتيلا، و 17 ، 18.
أحمد منصور: اجتمع (رافائيل إيتان) وأمير الدروري قائد الجبهة الشمالية في جيش الدفاع الإسرائليي مع مسؤول الاستخبارات في القوات اللبنانية إيلي حبيقة وضباط موارنة آخرون، (قصاد) المذبحة إحصاءات متعددة ، لكن لجنة دولية مستقلة أعلنت إن العدد النهائي للقتلى 2750 قتيل، وشارون في مذكراته بيبين إنه بريء وغلبان، وإنه فوجئ من صحفي اتصل عليه، وقال له إن فيه حاجة حصلت، أو إن فيه مذبحة حصلت، لكن هو لا يعلم عنها شيء، مع إن لجنة تحقيق إسرائيلية أدانته بعد كده في هذا الموضوع.
شفيق الحوت: أنا سعيد أنه زوجتي استطاعت في الأيام التي تلت المجزرة أن تزور المنطقة وأن تسجل...
أحمد منصور: هي الآن بتوثق كتاب عنها.
شفيق الحوت: نعم، وسيصدر إن شاء الله في خلال أشهر قليلة، عندها شهادات حوالي 150 شاهد عيان، بالكاسيتات، بالصوت الحي يعني، وتروي القصة.
أحمد منصور: أعتقد أنه سيكون كتاب هام.
شفيق الحوت: أعتقد لأنه كُتب الكثير، ولكن لم يكن دقيقاً معظم ما كتب عن مأساة العصر.
أحمد منصور: في 26 سبتمبر 82 بدأ خروج القوات الإسرائيلية من بيروت، 29 انسحبوا للضواحي الجنوبية، أيه رؤيتك للمحصلة النهائية للاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 82.
شفيق الحوت: لا أدري إذا كان في المدى البعيد ممكن، يعني الآن فيه كثير من الإسرائيليين حتى يعتقدون أن غزو لبنان كان خطيئة إسرائيل، وخطأً كبيرًا، أولاً لأنه هم اللي يعني الإنسان عندهم عزيز هم بيعتبروا إنه الحرب اللبنانية كلفتهم أكتر من...
أحمد منصور: طبعًا قُتل من عندهم 418 جندي وجرح 2383 حسب تصريحاتهم هم، ووزير الاقتصاد الإسرائيلي جاد يعقوبي قال: إن خسائر إسرائيل المباشرة تقدر بملياري دولار مباشرة و 1.5 مليار دولار..
شفيق الحوت: هم المصاري مش مشكلة أميركا بتعوض.
أحمد منصور: صح.
(6/379)
شفيق الحوت: بس الإنسان الإسرائيلي عزيز عليهم، ولذلك بيقال إن (بيجين) أصيب بالاكتئاب Clinical depression بسبب عدد الضحايا الذين وقعوا في لبنان.
تقييم الأداء الفلسطيني في حرب لبنان
أحمد منصور: أيه تقويمك للأداء الفلسطيني في الحرب؟
شفيق الحوت: متوسط أقرب إلى السيئ، لكن هنالك شرارات يعني أو لحظات كان فيها بطولات ليست غريبة عن الشعب الفلسطني على أي حال وعلى الشعب..
أحمد منصور: كان ينتظر من المنظمة كجيش منظم في جمهورية الفكهاني أسسته إنه يكون.. تكون موقفها كقوى منظمة أفضل من ذلك.
شفيق الحوت: يعني أنا بأعتقد إنه.. إنه ..إنه كونها قوى منظمة هو سر ضعفها، ما كان يجب أن ..أن تنحى منظمة التحرير عسكريًا باتجاه إنشاء قوات نظامية وقوات بحاجة إلى ثكنات وإلى مقرات لأسلحة وعتاد ثقيل، كانت بحاجة إلى أسلحة خفيفة ومتوسطة وإلى أسلحة مقاومة للدرع والدبابات، يعني أكثر من هيك كان يعود سلبًا على.. على الثورة الفلسطينية، بدلاً من أن يعودوا..
أحمد منصور: لماذا لم تعتمدوا مبدأ المحاسبة وتقيموا أداءكم بشكل أفضل من أجل الأجيال القادمة، وهذه المليارات التي جاءت، والأداء السيئ الناس كوفئوا الناس اللي انسحبوا وهزموا كوفئوا بعد ذلك يعني.
شفيق الحوت: صح، ومن الأسف يعني جرت محاولة في أول مجلس وطني عقد في الجزائر في أعقاب الحرب 83 وكانت فيه يعني بدايات تذمر حقيقة.
أحمد منصور: فبراير 83.
شفيق الحوت: نعم، وأستطيع بكل فخر أن أقول: أنني كنت أحد طلائع الذين قاموا بانتقاد شبه كامل إلى ما جرى في لبنان وإلى ضرورة إيجاد نهج جديد واستراتيجية جديدة للعمل الفدائي والعمل الثوري الفلسطيني وبتعرف هنا بدأ كذلك بذور الانشقاق في.. في فتح، ربما نتيجة لمكافحة أو رغبة الناس في مكافحة الفساد.
أحمد منصور: دا الفساد دلوقتي تأصل وبقي..
(6/380)
شفيق الحوت: قام..قام ما يسمى بالانتفاضة، انتفاضة فتح، وظن البعض أن هذه الانتفاضة قد تكون هي السبيل، ولكنها أثبتت أنها مش قد الحمل اللي ادعته، وتحولت إلى تنظيم آخر من جملة هذه التنظيمات التي في النهاية أصبحت تشكل عبئًا أكثر مما هي يعني لمصلحة الشعب الفلسطيني.
أحمد منصور: في 22 أغسطس 93، أي قبل أسبوعين من الاعتراف المتبادل بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اتخذت قرارك بتعليق عضويتك في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، اتصل بك ياسر عرفات في 23 أغسطس، هل أطلعك على ما يدور سرًا آنذاك؟
شفيق الحوت: لا بالعكس، بالعكس أخفى مش أنا يعني.. وحدي كان هنالك العديد يعني أبو اللطف اللي هو.
أحمد منصور: وزير خارجية فلسطين..
شفيق الحوت: وزير خارجية فلسطين، وجاء لي أبو اللطف يعني يسألنى لماذا استقلت ..علقت عضويتي؟ قلت لهم هنالك أحاديث عن لقاءات سرية، قال: شو بدك في هذا الحكي ما فهمني، وكان جاء إلى لبنان في أوائل أيلول، سبتمبر حيث كان هنالك اجتماع لدولة الطوق.
أحمد منصور: وزراء خارجية دول الطوق.
شفيق الحوت: ومعه صائب عريقات الصديق الحميم.. صائب، وزاروني، وكنت أنا يعني..
أحمد منصور: وكلاهما لم يكونا يعرفا شيء؟
شفيق الحوت: لم .. لم يكونا على علم بما يجري .
أحمد منصور: هو ..هو في النهاية صائب عريقات كبير المفاوضين.
شفيق الحوت: وهذا كبير المفاوضيين، فلم يكن.. لأ، كان أبو عمار متحفظًا على العديد من أعضاء ما يُسمى بالقيادة الفلسطينية.
أحمد منصور: تقييمك لده أيه؟ أنتو ناس شركاء الآن القضية مش قضية قضية شخص قضية شعب، قضية أمة.
(6/381)
شفيق الحوت: هذا النهج غلط، نهج غلط أسلوب غلط ومش نحن بس يا أخ أحمد من المؤسف.. من المؤسف أنا يعني أستطيع أن أقول ذلك عن خبرة أن الكثير من الدول العربية ما يعرفه الرئيس لا يعرفه رئيس الوزراء وحتى وزراء خارجيته، يعني يحتفظ الرجل الأول دائمًا في قمة الهرم بالكثير من الأسرار لنفسه، لا أقول هذا تبريرًا.
أحمد منصور: مبدأ المحاسبة..
شفيق الحوت: لو كنت أرضي به لارتضيت به، ولكني لم أرضَ به.
تقييم السلطة الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو
أحمد منصور: في سبتمبر تم إعلان رسائل الاعتراف بين عرفات ورابين وأعلن عن اتفاق مبادئ غزة وأريحا، 13 سبتمبر تم توقيع الاتفاقية في احتفال مثير في البيت الأبيض، بدأت ترتيبات الحكم الذاتي في مايو 94، دخل عرفات غزة في يوليو 94، تقييمك أيه للسلطة الفلسطينية بعدما يقرب من 10 سنوات الآن؟
شفيق الحوت: وصف أبو عمار اتفاقية أوسلو بأنها ورد أحمر الخدين، وعندما ساهمت في المجلس المركزي الذي أقر للأسف باتفاقية أوسلو وصفتها بأنها يعني قلت له: يا أخ أبو عمار ابحث عن هذا الورد الأحمر الخدين فقرأت الاتفاقية فلم أر إلا سعدانًا أحمر الردفين وفنَّدت هذه الاتفاقية التي جاءت الأيام الحقيقة لتثبت.. لتثبت أن الخلل بدأ في توقيعنا على اتفاقية أوسلو، بدأ التفريط الذي نشهد بعض آثاره حتى هذه اللحظة، يعني أبو عمار في رسالة التعارف للأسف أنا لا أريد أن أنكأ جراحًا وأنا معه في.. ضد إسرائيل ومعه في حصاره، ولكن هو أبو عمار وافق على أنه أن.. أن .. عدم اللجوء إلى العنف، رسائل الاعتراف وأنه سيتولى المقاومة...
أحمد منصور: الآن.. الانتفاضة بتدان من قيادات السلطة الفلسطينية.
شفيق الحوت: آه طبعًا، ومن هنا كان.. وبعدين.
أحمد منصور: وأصبحت المقاومة الآن ضد الشعب.
(6/382)
شفيق الحوت: وبعدين اعترف بإسرائيل مقابل شو؟ كان أبو عمار دفع الحساب مسبقًا أكثر من اللازم، حساباته لم تكن هذه المرة -لكي لا أقول أي كلام آخر- دقيقة، يعني حتى اعترافه.. اعتراف إسرائيل في المنظمة اللي ظنه ياسر عرفات في ذلك الوقت كسب..لم يكن كسبًا، إسرائيل حتى هذه اللحظة تستطيع أن تسحب اعترافها من منظمة التحرير، بل سحبته بينما العكس لا يستطيعه ياسر عرفات حسب اتفاقية (مونتفيديو) سنة 1933، ثم تبع ذلك من الاتفاقيات يعني تنازل وراء تنازل، تراجع، وراء تراجع حتى وصلنا إلى وقفة الاستحقاق النهائي عندما.. وهذا كان رهان الكثيرين من شباب فتح الأوفياء والطيبين، يعني ومنهم فك الله أسره، الأخ مروان البرغوثي اللي مرة حاورته في إحدى الفضائيات وكان يعني ابن فتح ومؤيدًا للرئيس عرفات وسياسته، لكن كان مراهنًا وقال لي في حينه: يا أخ شفيق عندما نصل إلى القضايا الأساسية إلى مسألة الحدود، إلى مسألة السيادة إلى مسألة الوطن، إلى مسألة القدس، إلى مسألة العائدين، وكان كل هذه القضايا مؤجلة..
أحمد منصور: هم وصلوا لحاجة أصلا؟
شفيق الحوت: لا، يعني عندما يصل الزمن في طرحهم على الأجندة سيكون لنا وقفة، طبعًا هو وقف وقواعد كثيرة من فتح وقفت، والآن نصف الانتفاضة فتح يعني ما حداً يقدر ينكر ذلك، القيادة لا زالت للأسف تراوح وتراهن على نفس النهج الذي اتبعته في أوسلو وهو نهج التنازل والرضا، يعني..
أحمد منصور: وأنت الآن ..وأنت الآن تستقبل بعد أيام عامك الثاني والسبعين أطال الله عمرك.
شفيق الحوت: الله يخليك.
أحمد منصور: مسيرة 55 عام من النضال، كيف تنظر لهذه المسيرة الطويلة؟
(6/383)
شفيق الحوت: والله يا أخ أحمد يعني ينتابني شعور مختلط، يعني أنا أشعر بالغضب، وأشعر بالحزن، وأشعر بالإحباط وأشعر بالأمل، وكلها أشياء يعني تبدو متناقضة، ولكنها ليست في واقعها إلا انعكاس للواقع الذي نحياه.. يعني أنا بينما أجد شبابًا في عمر الربيع يقدمون على عمليات استشهادية في الوقت الذي أسمع بعض القادة التاريخيين يقولون إن عسكرة الانتفاضة كان خطيئةً كبرى ودمرت كل آمال الشعب الفلسطيني، أجد نفسي بين نقيضين واحد محبط وواحد يبعث الأمل.
الذي لا شك فيه أخ أحمد، أننا.. جيلنا حاول، له أجر، وربما يعني كان يستحق أجران ولكن من كثرة ما أخطأ له أجر واحد وهو أنه حاول، أنا أنتمي إلى جيل استقبل نكبة 48، وخرج من لا شيء وحاول أن يسترد هذا الوطن.
أحمد منصور: وصيتك أيه للجيل القادم؟
شفيق الحوت: الجيل القادم.
أحمد منصور: واللي عايش الآن بيقاتل.
شفيق الحوت: أولاً: أن يتمسك بالثوابت، ولكن يدرك أن هذه الثوابت لا تتحقق بصاروخ واحدًا وبدفعة واحدة وأن لا يكون الإنسان أناني ويظن أن النصر سيتم ربما في حياته، معركتنا مع العدو معركة أجيال ستحتاج إلى وقت طويل ويجب أن -بطبيعة الأمر- أن تتمرحل، وأن نعرف كيف أن نتعايش مع هذا التمرحل النضالي حتى نصل إلى تحقيق أهدافنا، أنصح بأن يتمسكوا بضرورية .. بضرورة الديمقراطية داخل التنظيم أنا أستطيع القول أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد تنظيم فلسطيني ديمقراطي، بدليل إنه مازال الأبوات أبوات، الأمناء العامين أمناء عامين، يأخذون على الغير بقاؤهم في السلطة وهم في السلطة المقابلة مازالوا على ما كانوا عليه، ضرورة التغيير، تداول القيادة والسلطة هو ما أنصح به، يجب.. نحن القضية قائمة ومستمرة، يجب أن تتداول الأجيال قيادة هذه القضية.
(6/384)
وفي قناعتي أنه طالما هنالك قهر وظلم لن يستطيع المجتمع الدولي أن يجد الحل المقبول لهم في الصراع المستمر، وأقول الحل المقبول ولم أقل الحل العادل، لأن الحل العادل هو الحل الاستراتيجي الذي يقول بأن فلسطين.. كل فلسطين عربية ومن حق الشعب الفلسطيني أن يعود إليها وأن تعود إليه.
أحمد منصور: أستاذ شفيق، أشكرًك شكرًا جزيلاً، أرهقتك طوال ثلاثة أسابيع.
شفيق الحوت: شكرًا لك، الفضل يعني في أسئلتك وفي إثارتك للذاكرة.
أحمد منصور: أشكرك على هذه الشهادة، وأتمنى أن تكون نافعة سواء للذين عاشوا أحداثها أو الأجيال التي ستأتي فيما بعد.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهد جديد على العصر، هذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(6/385)
سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق(6/386)
الأحد 17/1/1423هـ الموافق 31/3/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 22:46(مكة المكرمة)،19:46(غرينيتش)
سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري الأسبق
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
- سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق
تاريخ الحلقة
6/02/1999
- نشأة سعد الدين الشاذلي وتأثيرها عليه
- دخول الشاذلي الكلية الحربية وانضمامه إلى الحرس الملكي
- تقسيم فلسطين وحرب 48 وأسباب هزيمة العرب فيها
سعد الدين الشاذلي
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله و بركاته. شاهدنا على العصر هو سعادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في حرب عام 1973م).(6/387)
ولد الفريق الشاذلي في إحدى قرى محافظة الغربية في مصر عام 1922م، تخرج من الكلية الحربية في عام 1940، ثم انضم إلى الحرس الملكي، شارك في حرب العام 1948، بدأ اتصاله بالضباط الأحرار وجمال عبد الناصر في عام 1951. أسس القوات الخاصة المصري قوات المظلات في عام 1954، كما شارك في حرب العام 56. كان رئيس أول بعثة عسكرية مصرية خارج الحدود المصرية حيث كان قائد الكتيبة المصرية في الكونغو عام 1960 إلى عام 1961، عُيَّن بعدها ملحقاً عسكرياً في لندن، ثم شارك في حرب اليمن خلال الفترة ما بين عامي 65، 66، عاد بعدها إلى مصر، وشارك في حرب العام 67، عين بعدها رئيساً للقوات الخاصة المصرية حتى عام 69، حيث أصبح رئيساً لمنطقة البحر الأحمر العسكرية، وفي عام 1971 أصبح الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، وظل يشغل هذا المنصب وحتى ديسمبر عام 1973، عُيِّن بعدها سفيراً لمصر في لندن حتى ما بين.. ما بين عامي 74 و75، وفي الفترة من 76 إلى 78 كان سفيراً لمصر في البرتغال، لجأ بعدها إلى الجزائر بعد قيام الرئيس السادات برحلته إلى القدس وإعلانه صدر للفريق سعد الدين الشاذلي ثمانية كتب، من أهمها: "حرب أكتوبر"، و"الحرب الصليبية الثامنة"، و"الخيار العربي العسكري"، كما صدرت له أوامر نشر له عشرات المقالات التحليلية العسكرية في القضايا المختلفة.
حوكم غيابياً في مصر بتهمة إفشاء الأسرار العسكرية عام 83، عاش في الجزائر أربعة عشر عاماً، وفي العام 92 عاد باختياره إلى مصر، وقضى عاماً ونصف عام في السجن الحربي تنفيذاً للحكم الذي صدر عليه مسبقاً بتهمة إفشاء الأسرار العسكرية بعد صدور كتابه المشهور أو المعروف عن حرب أكتوبر.
(6/388)
حياة حافلة بالأحداث والإنجازات، نتعرف عليها من خلال شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي، ضيفنا، شهادته على العصر، وهذه الحياة العسكرية الحافلة التي بدأت مبكراً في العام 1940، مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي: شكراً.
أحمد منصور: حياة حافلة وطويلة.
سعد الدين الشاذلي: فعلاً.. فعلاً.
أحمد منصور: ونسأل الله لك طول العمر والعافية يعني الاستمرار في تكملة هذه الحياة المليئة بالأحداث.
سعد الدين الشاذلي: إحنا وأنت إن شاء الله.
أحمد منصور: أريد أن أبدأ معك من هناك من القرية الصغيرة التي ولدت بها في إبريل عام 1922 في إحدى قرى محافظة الغربية في مصر، كيف كانت بداياتك؟ وكيف كانت النشأة وكيف كانت البيئة التي ترعرعت فيها؟
نشأة سعد الدين الشاذلي وتأثيرها عليه
سعد الدين الشاذلي: الحقيقة الفترة اللي أنا عشت فيها في القرية كانت فترة لها ذكريات جميلة جداً، وأنا عشت في القرية بصفة مستمرة حتى كان عمري 11 سنة، لأن في هذه الفترة كنت أتلقى العلوم في المدرسة الابتدائية في مدرسة بشتون التي تبعد عن قريتنا حوالي 6 كيلو مترات.
أحمد منصور: اسم قريتكم؟
(6/389)
سعد الدين الشاذلي: القرية اسمها شبراتنا مركز بشتون -محافظة الغربية، فالحقيقة هذه الفترة لها ذكريات جميلة، لأني ولدت في أسرة متوسطة أو فوق المتوسطة كان والدي من الأعيان، ووالدي ووالدتي يملكون 70 فدان، فكانت الحياة سهلة ومريحة، وإن كانت لا تخلو من المشاق يعني مثلاً كنا نطلع كل يوم نروح المدرسة، لما يكون في الشتاء المدرسة بتبدي الساعة 8، الجرس بيضرب 8 إلا ربع، وإحنا بنروح بنأخد ساعة في الطريق، يعني بنمشي حوالي 6 ونص من القرية، ففي الشتاء 6 ونص يبقى قبل الشمس ما بتطلع يعني، وفي أوقات يكون فيه برد، وفيه مطرة، وفيه كذا.. كذا.. كذا.. كذا، يعني ولكن بالرغم من كل هذا فكانت الحياة سهلة ومريحة وبعد ما حصلت على الشهادة الابتدائية والدي أخد لنا بيت في مصر علشان نكمل..
أحمد منصور: في القاهرة.
سعد الدين: في.. في القاهرة.
أحمد منصور: التي كل المصريين يطلقون عليها مصر.
سعد الدين الشاذلي: بالضبط.. بالضبط في القاهرة، لكي أتم الدراسة الثانية وما بعد الثانوية، ولكن صلة.. صلتي بالقرية لم تنقطع لأن كنا في فترة الإجازات النصف سنوية والإجازات الصيفية لازم نعود إلى الأيه؟ إلى البلد، وكان الحقيقة في فترة الإجازات الصيفية دي كان بيبقى زي منتدى، لأن تبص تلاقي كل الأقارب والعشيرة اللي هم موجودين في القاهرة، وأسكندرية، وفي بلاد أخرى، وفي صغار الموظفين اللي هم بيشتغلوا في الحكومة بيجوا يقضوا الإجازات بتاعتهم فتبص تلاقي البلد بتبقى فيها منتدى، وتناقش كل المشاكل السياسية والاجتماعية، وتعلمنا من هذا المجتمع كيف نحترم الكبار.
أحمد منصور: فيه مبادئ معينة تذكرها من تلك الفترة ترسخت في ذهنك، وكان لها دور في بناء شخصيتك؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً، لأن أولاً إحنا لما بنقعد مع الكبار كنا لا نتكلم، يعني بتوع الابتدائية والثانوي دول لا نتكلم.. بنستمع إلى الحوار الذي يدور مع الناس الأكبر بتعلم منهم.
(6/390)
أحمد منصور: طب أساس الحوار كيف؟ يعني ما هي.. مصر كانت في ذلك الوقت تحت الاحتلال البريطاني، الوضع الاجتماعي كان مختلف عن الوضع اللي نحن عليه الآن، كيف كان حوار الكبار في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، الحوار عل أساس مفاهيم كانوا بيتكلموا على الثورة العرابية لأن جدودنا كانوا شاركوا فيها مثلاً، ثورة 1919، وبعدين في الثلاثينات كانت القلاقل اللي موجودة في مصر.. في القاهرة يعني أو في اسنكدرية بمناسبة.. المعاهدة التي كللت بالنجاح أو يعني تم إبرامها بواسطة الفود سنة 1936.
أحمد منصور: معاهدة 36.
سعد الدين الشاذلي: معاهدة 36، كل ده كان بيكون مجال للمناقشة، وبعدين أهم حاجة إن بيبقى فيه مثل، يعني مثلاً من ضمن الحاجات اللي أنا تأثرت بيها وأثَّرت على حياتي بعد ذلك كان ابن عم والدي كان وصل إلى رتبة الباشوية، كان اسمه عبد السلام باشا شهد، وكان مدير للبحيرة، يعني كانوا يقولوا مدير ما كانش بيقولوا المحافظ، مدير للبحيرة، فكان يعني جريء في تصرفاته لدرجة إنه كسر اللوائح والقوانين في بعض الأوقات فقدم للتأديب، يعني حُوكم تأديباً.
أحمد منصور: يعني الجرأة هذه كانت في أي مجال يعني؟ هل كانت جرأة تخطي القوانين الموجودة، أم نصرة الضعفاء، أم يعني في أي مجال كانت الجرأة؟
(6/391)
سعد الدين الشاذلي: كانت يعني تقدر تقول إنها خليط بين هذا وذاك، لأننا كنت في هذا الوقت برضو سني أيه.. في يعني في.. في الابتدائي، كان عمري يمكن 10 سنين، 11 سنة، أو حاجة زي كده، فلما حُكِوم تأديباً، قام مجلس التأديب مش برأه، ده قال قعد يشيد بالأيه..؟ بالأعمال، فلما حكوا الحاجات دي، فالناس الكبار بقى جابوا الأيه الحيثيات بتاعة المحاكمة دي، وبيقروها وإحنا قاعدين بنستمع، فالواحد بقى عنده شعور يمكن الواحد يبقى زي ده في يوم من الأيام؟ إنه يقول كلمة الحق ويحاكم لأن هو بيقول كلمة الحق؟ دي بتخلق عند الواحد أيه.. يعني تترسب عنده حاجات إن هو لازم يقول كلمة الحق زلازم..، وبعدين ما تسمع إن فيه ناس مثلاً كانوا بيحاربوا في.. كانوا اشتركوا في.. في.. في ثورة 19، لما تسمع إن جدي مثلاً إن هو مات في حروب أيه.. إسماعيل باشا السودان، كل دي حاجات بتدي للواحد نوع من الكبرياء والشعور بإن هو بينتمي إلى إيه.. إلى فيصل له ماضي وله.. وبيؤثر وبيشارك في الحياة الاجتماعية في مصر.
أحمد منصور: متى بدأت في تفكر أن تصبح رجلاً عسكرياً وأن تسعى للالتحاق بالكلية الحربية؟
سعد الدين الشاذلي: يعني تقدر تقول إن.. أنا قلت لك إن إحنا يعني جدودنا شاركوا في حروب إسماعيل باشا وفي الثورة العرابية والكلام ده، ولكن بعد الاحتلال انقطعت صلة العائلة بالحياة العسكرية، لأن كان فيه احتلال يعني، إلى أن يعني أول مرة بقى يدخل واحد من أبناء العائلة في الكلية الحربية كان سنة 33، يعني الفترة بتاعة الاحتلال إنها كانت في الوقت ده بقى يعني فيه شواهد وبوادر عن الاستقلال، ومعاهدة 36 لسه ما تمتش والكلام ده كله، فأنا كنت تاني واحد أدخل في الكلية الحربية سنة 39.
أحمد منصور: هل دخول قريبك أيضاً جعلك تفكر جدياً بأن تصبح رجلاً عسكرياً؟
سعد الدين الشاذلي: إلى حدٍ ما، لأن التفكير كان بيسبق دخوله كما يعني.
(6/392)
أحمد منصور: ما الذي جذبك؟ ما الذي جذبك في الحياة العسكرية؟ البزة، والشكل، والفخامة والوجاهة أم يعني كان واضح لديك في هذا الوقت عملية الطموح لتحرير مصر من المحتل وغيرها من.. من الأشياء التي ربما كانت يتحدث فيها الناس؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. طبعاً الطموح أساساً في أنك أنت تخدم بلدك، يعني في هذا الوقت لأن أقو لك بداية التفات القيادة السياسية في هذا الوقت لتدبير الجيش وإن يبقى عندنا جيش والحركات.. مصر كانت بتغلي في الثلاثينات بالحركات الوطنية، والكلام ده هو..
أحمد منصور: لكن كان المحتل يتحكم في مثل هذه الأمور.
سعد الدين الشاذلي: ما فيش شك.
أحمد منصور: يعني في الكلية الحربية أو غيرها كان برضو السيطرة البريطانية واضحة؟
سعد الدين الشاذلي: مش بشكل واضح قوي يعني، يعني إنما كان فيه طبعاً يعني طبعاً الإنجليز كانوا موجودين لغاية سنة 56.
أحمد منصور: و56 نعم.
سعد الدين الشاذلي: يعني مانقدرش ننكر هذا، ولكن ما فيش شك إن أيه.. أنت بتتصرف طبقاً للمتاح إليك، المتاح إليك أنك أنت.. طيب ما هو أنت هتحصل إزاي، ما هو يا إنك أنت.. كنا بنطلع مثلاً في الخديوي أيام الخديوي إسماعيل، وبنطلع وبنهتف ضد وعد (بلفورد) والمظاهرات والكلام ده كله، إنما لما تخش نواحي الكلية الحربية هيكون فيه هناك مجال أوسع، أو هكذا تتصور يعني، أو هكذا تتصور إنك أنت يكون الفرصة عندك أكبر لكي تخدم بلدك أكبر يعني.
أحمد منصور: سعادتك كنت تعيش في القاهرة، القاهرة كانت تموج في ذلك الوقت بالحركات السياسية والأحزاب والتوجهات المختلفة، ألم يجذبك أي تيار من هذه التيارات التي كانت موجودة؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، الحقيقة لأ، ولم أنضم إطلاقاً إلى أي تيار من هذه التيارات.
أحمد منصور: لكن كنت تتابع.
(6/393)
سعد الدين الشاذلي: ولكن.. كنت.. يا سلام!! كنت أتابعها، وكان الناس اللي همَّ بأتأثر بيهم وبيعجبوني في الكتابة كان الأستاذ أحمد حسين والأستاذ.. وإحسان عبد القدوس، في هذا الوقت فكانت مقالاتهم مقالات نارية، وكنا بنتابعها باستمرار، وكل أسبوع "روزاليوسف"، "مصر الفتاة"، مصر الفتاة بتاعة.. أبو مجدي حسين، فمافيش شك إن إيه.. تأثرت، يعني دول أكثر كاتبين كنا بنتأثر بيهم لأن كان لهم آراء تقدمية..
أحمد منصور: لكن الشخصيات السياسية والأحزاب زي الوفد والسعديين وغيرهم، يعني لم تفكر في الانضمام لأي حزب منهم؟
سعيد الدين الشاذلي: الحقيقية لم أفكر إطلاقاً، لأن أنا برضو يعني الفترة بتاعتي ما كانتش تسمح لأن على ما بقى عندي 18 سنة كنت في الجيش، وفي الجيش ماتقدرش.. يعني تكون حر في إنك أنت تنضم، فلم أنضم إلى أي حزب من الأحزاب المصرية في ذلك الوقت.
دخول الشاذلي الكلية الحربية وانضمامه إلى الحرس الملكي
أحمد منصور: في فبراير 1936 دخلت إلى الكلية الحربية وعمرك ربما كان أقل..
سعد الدين الشاذلي: أقل من 17 سنة.
أحمد منصور: من 17 سنة.
سعد الدين الشاذلي: أقل من 17 سنة.
أحمد منصور: وربما كنت أصغر الطلبة.
سعد الدين الشاذلي: صحيح.
أحمد منصور: في الكلية الحربية في ذلك الوقت، وخلال عام ونصف فقط تخرجت وأصبحت ضابط برتبة ملازم ملازم ثان، كيف كانت حياتك في الكلية الحربية فترة الدراسة؟
سعد الدين الشاذلي: حياة عادية، يعني فيها نوع من التقشف، والحياة اللي بتنقل الواحد من الحياة المدنية للحياة اللي فيها خشونة، وده طبعاً ما كانش جديد علينا، لأن أنا قلت لك وإحنا صغيرين كنا.. نطلع من القرية شبرا تنا نروح بشتون في السقعة وفي المطرة، وفي الشتا وبتاع ونرجع، فإنما يعني كانت حياة عادية مافيش فيها.
أحمد منصور: هل الوضع الأسري ساعدك في دخول الكلية الحربية؟
(6/394)
سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. طبعاً لأن طبعاً.. في هذا الوقت كان برضو دخول الكلية الحربية ماهوش متاح لكل واحد يعني.
أحمد منصور: نعم، ولهذا أنا أسأل.
سعد الدين الشاذلي: والمصاريف بتاعتها كانت غالية، كانت بـ 60 جنيه في.. في السنة يعني، فطبعاً كانت نسبة كبيرة ما.. في هذا بالنسبة هذا الوقت تعتبر غالية يعني.
أحمد منصور: في يوليو 1940 تخرجت من الكلية الحربية برتبة ملازم ثان وانضمت إلى الحرس الملكي، هل الحرس الملكي كان يختلف عن الجيش في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: هو كل ضباط الحرس الملكي بينتدبوا من القوات المسلحة، يعني لازم يبقى هو أصله من الجيش ومنتدب يعني، نوع من الخيار والاختيار يعني، فاخترت من ضمن الذين اختيروا للحرس الملكي، وقعدت فيها من سنة 43 لـ 49 لغاية 49 حوالي 6 سنوات مستمرة، كان الحرس الملكي المشاة.
أحمد منصور: نعم، الحرس الملكي يعتبر ميزة للضابط أو للجندي.
سعد الدين الشاذلي: آه طبعاً، في هذا الوقت يعتبر ميزة، ولغاية دلوقتي الحرس الجمهوري يعتبر ميزة بالنسبة للي بيخدم في القوات المسلحة.
أحمد منصور: ما هي طبيعة عمل الحرس الملكي كان في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: حراسة الملك وحراسة.. يعني القيادة السياسية الممثلة في الإيه.. في.. في الملك في هذا الوقت.
أحم منصور: هل فيه شخصيات من قياداتك من الضباط في ذلك الوقت أيضاً تأثرت بهم، أعجبت بشخصياتهم بأدائهم؟
سعد الدين الشاذلي: في الحرس الملكي؟
أحمد منصور: آه.
سعد الدين الشاذلي: لأ، ما أعتقدش يعني، ما أعتقدش إن.. إن في هذا الوقت زي ملازم أول قعدت.. 6 سنين في الحرس ملازم أول وخدت رتبة النقيب في السنة الأخيرة يعني، فكانت خدمة عادية، هي خدمة ممتازة ما فيش شك، خدمة ممتازة، إنك أنت بتخدم في حتة نظيفة، أولاً مجرد إنك أنت مُنتقى فدي بتشعرك بنوع من الأيه؟
أحمد منصور: من التميُّز.
(6/395)
سعد الدين الشاذلي: من التميُّز، وفي الوقت نفسه رمز البلاد وهو الملك، وكان في هذا الوقت -على فكرة- الملك كان محبوب جداً يعني، وأعتقد..
أحمد منصور: رغم ما كان يُشاع عن فساده.. ويعني ولائه للإنجليز، وتغييره للوزارات بطلب من البريطانيين وغيرها؟
سعد الدين الشاذلي: شوف يعني دي حاجات برضو يمكن ماكناش نعرف عنها الكثير، ويمكن بالإضافة إن فيها شيء من المبالغات، يعني أنا أضرب لك مثل، أنا قلت لك أنا رحت الحرس سنة.
أحمد منصور: 43
سعد الدين الشاذلي: 43 لغاية 49، حصل إن القصر الملكي حوصر في 4 فبراير 42
أحمد منصور: صحيح حادثة فبراير 42..
سعد الدين الشاذلي: 42، وعندما فُرض على الملك إن هو يأتي بحكومة النحاس باشا، وأحمد ماهر في هذا الوقت قال إن إيه النحاس جه على أسنة الرماح الأيه..؟
أحمد منصور: البريطانية.
سعد الدين الشاذلي: البريطانية، الملك في هذا الوقت كان زعيم شعبي، يعني الشعب كله وقف مع إيه.. مع النحاس.. مع..
أحمد منصور: الملك
سعد الدين الشاذلي: مع الملك على اعتبار إن هو أيه.. واقف ضد الإنجليز، وإحنا العدد بتاعنا الأساسي كان ضباط أصاغر، والإنجليز فأي واحد يُعادي الإنجليز يبقى هو إيه ده رجل وطني
أحمد منصور: يعني هل كنتم كضباط موجودين في الجيش في ذلك الوقت عداؤكم للإنجليز كان واضح؟
سعد الدين الشاذلي: واضح.. واضح.. واضح طبعاً
أحمد منصور: كيف كان شعور البريطانيين تجاهكم؟ غير قادتكم الأساسيين؟
سعد الدين الشاذلي: لا لأ، البريطانيين أساساً الاستعمار البريطاني يختلف عن الاستعمار الأيه.. الفرنسي، الاستعمار البريطاني بيسيطر على الأيه.. على الرؤوس ومالوش دعوة بالأيه..
أحمد منصور: بالشعب
(6/396)
سعد الدين الشاذلي: باللي تحت ده كله، هو بيخلي بيسيطر مثلاً.. إذا سيطر على الملك أو يسيطر على رئيس الوزارة، بيقول له اعمل كذا رئيس الوزارة بيعمل كذا، فأنت ما يهموش بقى.. ما بيدخلش نفسه في الأيه في اللي
أحمد منصور: اللي تحت
سعد الدين الشاذلي: القواعد اللي تحت، فإحنا كنا نقعد نتكلم بصراحة عامة، وننتقد الإنجليز، ونشتم في الإنجليز وكل حاجة ما فيش مشكلة، ماحدش هيقبض عليك وبأيه.. ويحقق معاك علشان الناس اللي كانت بتشتم في الإنجليز، دا شتيمة الملك نفسه كانت العيب في الذات الملكية 3 أشهر حبس، ويتحبس في الأيه في سجن الأجانب في ميدان المحطة ويلبس المدني بتاعه، ويجي له الأكل من بره، وكأنه قاعد في لوكانده، فمافيش، ما كانش فيه القمع...
أحمد منصور: كان في ذلك الوقت كان فيه عمليات قتل كثيرة بتتم للجنود البريطانيين، سواء في معسكرات العباسية أو في أماكن مختلفة، هل كان هناك تنظيمات. سرية داخل الجيش كانت بتقوم بهذه العمليات أم أنها كانت التنظيمات السياسية الخارجية الموجودة على الساحة مثل الإخوان المسلمين أو..؟
سعد الدين الشاذلي: تنظيمات.. تنظيمات مدنية بيُشارك فيها بعض الضباط
أحمد منصور: كانت تقوم بهذا
سعد الدين الشاذلي: يشارك فيها بعض الضباط
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إن علاقة ضباط الجيش بالتنظيمات المدنية السرية التي كانت تُعادي الإنجليز كانت قائمة في الأربعينات؟
سعد الدين الشاذلي: كانت قائمة.. كانت قائمة في الأربعينات، وزادت بقى في مرحلة من المراحل.
أحمد منصور: أسس الملك في ذلك الوقت ما يُعرف باسم "الحرس الحديدي" للرد على هذه التنظيمات السرية، هل كان لك علاقة أو معرفة بهذا التنظيم؟
سعد الدين الشاذلي: الحمد لله أن لم يكن لي أي علاقة بهذا
أحمد منصور: كنت تعلم عن الحرس الحديدي؟
سعد الدين الشاذلي: علمت.. علمت في مرحلة لاحقة
أحمد منصور: سنة كام تقريباً؟
(6/397)
سعد الدين الشاذلي: الحقيقة علمت بعد قيام الثورة، وأعرف بعض الأسماء، ولكن أرجو ألا تطلب مني إن أنا أذكر الأسماء، لأنهم لازالوا عايشين يعني
أحمد منصور: لازالوا أحياء.
سعد الدين الشاذلي: آه، لازالوا عايشين يعني.
أحمد منصور: هل بيعتبر الحرس الحديدي يعني شيء معيب حتى للانتماء ليه، ولا هذا خدمة أيضاً للملك؟ أنتم كضباط حرس ملكي كنتم تحمون الملك وهم يحمون الملك.
سعد الدين الشاذلي: والله ده.. ده يتوقف على القناعة بتاعتك، يعني هو دلوقتي إذا كان فيه ضابط من الحرس الحديدي والهدف منه إن هو يقتل الإنجليز أو يقتل الناس اللي همَّ بيمالؤوا الإنجليز، فمن ناحية هذا القناعات يعتبر كأنه رجل وطني، إنما إذا كان بيقتل ناس سياسيين لمجرد إنهم أعداء للملك يبقى هذا وضع مش شريف.
أحمد منصور: وهذا حدث من الحرس الحديدي.
سعد الدين الشاذلي: حدث.. حدث
أحمد منصور: مين أهم الشخصيات السياسية اللي تم تصفيتها من الحرس الحديدي؟
سعد الدين الشاذلي: اللي تم أيه؟
أحمد منصور: تصفيتها من قِبل الحرس الحديدي؟
سعد الدين الشاذلي: أمين عثمان
أحمد منصور: أمين عثمان
سعد الدين الشاذلي: أمين عثمان، وده طبعاً يعني لما اتقتل شخصية ليس مأسوف عليها أحد، لأنه كان يُعتبر بالنسبة لنا عميل إنجليز، إنما لما تيجي تقتل مثلاً بقى واحد مثلاً زعيم سياسي في هذه الحالة يعتبر غلط.. يعتبر
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل فيه زعماء تم تصفيتهم؟
سعد الدين الشاذلي: ما تقدرش تعرف مين يعني، ده طبعاً النقراشي لما قُتل قيل أن اللي قتلوه الإخوان
المسلمين، خدت بالك أحمد ماهر نفس الحكاية، وكان الرد عليه بقتل حسن البنا، إنما الحقائق فين ما نقدرش نعرفها بالضبط يعني، إنما مافيش شك إن الحرس الحديدي كان له دور في هذه الأيه العملية.
تقسيم فلسطين وحرب 48 وأسباب هزيمة العرب فيها
(6/398)
أحمد منصور: في عام 1948 أو في 47 صدر قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، وكان هذا تمهيداً لقيام حرب 48، هل كنت في ذلك الوقت في مرحلة من الوعي والإدراك للمؤامرات اللي بتدور حوالين فلسطين وقضيتها القضايا العسكرية؟
سعد الدين الشاذلي: إلى حدٍ ما بقدر الأيه المعلومات المتاحة وبقدر ثقافة الواحد السياسية في هذا الوقت
أحمد منصور: كان فهمك إيه لقضية فلسطين في ذلك الوقت أو توقعك أيه لما يمكن أن يحدث؟
سعد الدين الشاذلي: كان هو حصل رد عربي كامل لموضوع التقسيم.
أحمد منصور: صحيح
سعد الدين الشاذلي: على أساس إنه إيه، لأن إحنا ما تنساش إن إحنا ا لجيل بتاعنا اللي إحنا كنا بنهتف بسقوط وعد بلفور، فوعد بلفور أخف بكثير من إيه.. من التقسيم
أحمد منصور: من التقسيم.. نعم
سعد الدين الشاذلي: من التقسيم، فبالنسبة لنا ده مرفوض جداً، فلما نسمع أي زعيم سياسي، ويقول لك إن هو أيه.. ضد.. ضد التقسيم فلابد أن نصدقه، لابد أن نصدقه، لأن زي ما بأقول لك إحنا بنرفض وعد بلفور، فكيف نقبل بالتقسيم؟
أحمد منصور: هل كنت تتوقع قيام الحرب 48؟
سعد الدين الشاذلي: سنة 48؟
أحمد منصور: في سنة 47 حينما صدر قرار التقسيم، هل كنت تتوقع قيام الحرب 48؟
سعد الدين الشاذلي: يعني كنا بنتخيل إن هيحصل نوع من الحرب الأهلية، إنما هل الحرب هتخش بواسطة قوات وجيوش عربية، وقتها يمكن ما كانش عندنا الإدراك بهذا إلى أنه إيه.. حصل فعلاً، فوجئنا به..
أحمد منصور: تقصد الحرب الأهلية، صراعنا بين اليهود والفلسطينيين على أرض فلسطين.
سعد الدين الشاذلي: صراع بالضبط، صراع ما بين اليهود والفلسطينيين وممكن أن يرتفع.. يساعدهم بعض العناصر المتطورة، إنما التخيل بإن هتحصل حرب يُشارك فيها الجيوش العربية ضد جيش إسرائيلي منظَّم ما كانش في الحسبان
أحمد منصور: حينما قامت الحرب، ماذا كان شكلها؟ وماذا كان انعكاسها عليك أنت؟
(6/399)
سعد الدين الشاذلي: هو طبعاً قبل الحرب بفترة اتعمل مؤتمر (إنشاص) برياسة الملك فاروق وحضروا رؤساء الدول العربية اللي كانوا موجودين في هذا الوقت يعني، يعني 726 لا أذكر بالضبط يعني إنما لما أنت تيجي تشوف إن الجيوش اللي دخلت.. اللي دخلت فلسطين في هذا الوقت هو كان الجيش المصري، والجيش السوري، والأردني، والعراقي، وفيه يمني، وفيه سوداني، يعني تقريباً الست دول ولبناني بقوات شعبية أو نصف إيه..
أحمد منصور: متطوعين
سعد الدين الشاذلي: آه، متطوعين أظن كان اسمه خاشقجي أو حاجة زي كده، فتقدر تقول إن همَّ دول واتعمل المؤتمر ده، ويبدو إنه تم الاتفاق على أيه.. دخول الحرب في هذا الوقت، فلما دخلت الجيوش العربية الحرب، أنا قلت لك وقتها كنت في الحرس للملك في سنة 48، وكان في هذا الوقت طبعاً الحرس الملكي في القاهرة ما بيحاربش، قمت أنا دخلت لقائد الحرس، وطلبت منه يعني أن يعفيني من الخدمة في الحرس الملكي وأن أعود مرة أخرى للجيش على إن أنا.. أُشارك في الحرب، لأن كان دخلنا في 15 مايو بقى، يعني 15 مايو سنة 48 دخلت الجيوش الأيه..
أحمد منصور: الحرب
سعد الدين الشاذلي: الحرب
أحمد منصور: تفتكر مين كان قائد الحرس الملكي في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: الله يرحمه العقيد حلمي عبد الرحمن، فلما دخلت وقلت له كده زعق لي، وقال لي: أنت
مجنون، فيه حد في الدنيا يبقى في الحرس الملكي ويقول أرجع من الحرس الملكي.
أحمد منصور: أرجع الجيش
سعد الدين الشاذلي: كأنها جريمة يعني، كأنها جريمة وزعق لي ومش عارف إيه، واتفضل اخرج ومش
عارف إيه، وبعدين ما فيش ساعتين.. بصيت لقيته هو نفسه بيضرب نوبة ضباط ويجمع الضباط كلهم ويقول لهم إيه جلالة الملك قرر بأن يشارك في الحرب الدائرة في فلسطين بسرية من الحرس الملكي.
أحمد منصور: كنوع من المشاركة الرمزية..
(6/400)
سعد الدين الشاذلي: على.. على أساس أن تكون هذه السرية من التطوع، طبعاً أنا كنت من المتطوعين يعني،… إيه اللي حصل في الساعتين دول بقى؟ يعني لازم حصلت اتصالات يعني لأن من.. من رفض بات إلى بعد ساعتين قرار بإن إحنا نطلع، فرحت أنا بقى من ضمن هذه السرية، وفي خلال 3 أيام تقريباً كنا جهزنا نفسنا، ولما طلعنا طلعنا لاستعراض مشي من أشلاقات الحرس الملكي اللي في عابدين لغاية ميدان المحطة، ومن المحطة القطر مستنينا، وركبنا وتننا ماشيين لغاية ما وصلنا إلى أيه.. إلى فلسطين في القطر، النواوي يعني وقتها كان هو قائد.. قائد القوات المصرية في الإيه
أحمد منصور: في الحرب.. يعني في أي المواقع شاركت هل شاركت في الحرب بشكل مباشر أم كنت في صفوف خلفية أم في المواجهة؟ في أي نوع؟
سعد الدين الشاذلي: في.. في معركة ديرزنين، وميت سليم بعدها دول المعركتين
أحمد منصور: يعني شاركت في معركتين رئيسيتين مع اليهود في الحرب؟ كيف كان مسار الحرب لك كرجل عسكري في ذلك الوقت؟ هل قيمت مسار الحرب وشعرت بأن وضع الجبهة ليس في صالح العرب؟
سعد الدين الشاذلي: ما أقدرش أنا، وأنا في هذه الرتبة القصيرة أن أُقيّم
أحمد منصور: كنت ملازم أول أم ثان؟
سعد الدين الشاذلي: ملازم أول. خدت بالك لأن دي.. لازم يكون واحد يكون عنده إلمام بالموقف العام، إنما لما آجي انظر نظرة تاريخية لما آجي أنظر نظرة تاريخية كمحلل أجد إن مثلاً حرب 48 والمشاركة العربية فيها لم يعادله أي حرب أخرى إلا 73، آه يعني حرب 56 وحرب 67 لم يشارك فيها العرب المشاركة الحقيقية ولم يُحشد المجهود العربي وتحت قيادة مجمعة وتنسيق زي ما حصل في 48، يعني 48 وبعديها 73 على طول.
أحمد منصور: كعملية تنسيق وتآلف ما بين الجيوش العربية؟
سعد الدين الشاذلي: كعملية تنسيق وحشد للقوة.
(6/401)
أحمد منصور: سعادة الفريق، لكن رغم هذه الحشود العربية الكبيرة التي أشرت إليها، هل كانت القوات الإسرائيلية أو اليهودية في ذلك الوقت كانت أقوى وأكثر عُدة وعتاداً من العرب؟
سعد الدين الشاذلي: للأسف الشديد آه، لأن الجيوش العربية بصفة عامة كانت في هذه الفترة معمولة للأمن الداخلي وليس للإيه.. للقتال يعني، يعني كان…
أحمد منصور: للحفاظ على الأنظمة؟
سعد الدين الشاذلي: الحفاظ على الأنظمة، لأن المحمل اللي كان بيسافر كل سنة من مصر إلى السعودية حراسة المحمل.. حاجات يعني، ففوجئنا إحنا بهذه الحرب دون أن يكون الجيش مُدرَّب لهذا، وبعدين الجيش عبارة عن كوادر ناس بيتعلموا من اللي قبل منهم، طب إحنا نتعلم من مين؟
أحمد منصور: طب عفواً اللي اتعلمتوه إيه أثناء دراستكم في الكلية الحربية وما بعدها؟
سعد الدين الشاذلي: بنتعلم على.. على الورق
أحمد منصور: لأ، برضو.. يعني دائماً الجيوش بتفترض أعداء ليها تحاربهم، هل كان هناك عدو مُفترض في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، يعني أنا أضرب لك مثل، يعني إحنا في الكلية الحربية لما نيجي على.. على القنبلة اليدوية، يوم يرسموا لنا القنبلة اليدوية على.. ما شفناش قنبلة يدوية وإحنا طلبة في الكلية الحربية لم نرى القنبلة اليدوية ولا.. يرسمها لك، ولما تشيل كده.. تشيل الفِل اللي هو ده هوت وتشيل دي بإيدك يقوم الطارق يضرب تقوم تنفجر تقوم المدة بتاعتها 7ثوان، كلام نظري، كلام نظري
أحمد منصور: لكن لم تقوموا فعلياً بالتدريب على ذلك؟
سعد الدين الشاذلي: إطلاقاً.. إطلاقاً إذا كنت ما شفتش…
أحمد منصور: حتى بعد ما تخرجت من كلية الحربية؟
(6/402)
سعد الدين الشاذلي: حتى بعد ما تخرجنا من الكلية الحربية، حتى بعدما تخرجنا من الكلية الحربية، فكانت الجيوش معمولة أساساً.. عندك البندقية وعندك الرشاش، الحاجات الأساسية اللي أنت متمرن عليها البندقية والرشاش، وفي بعض أوقات جابوا لنا بندقية اسمها بندقية مضادة للدبابات.. كانت يعني الواحد يضرب بيها طلقة يتملخ كتفه، آه يعني حاجة.. حاجات كلها، بالإضافة إلى إن إحنا بنعتمد على الجيش النظامي، يعني هل تعلم مثلاً إن الجيوش العربية كلها مجتمعة في حرب 48 كانت حوالي 40 ألف مثلاً، 40، 45 ألف كويس
أحمد منصور: في الوقت اللي كان فيه عدد الإسرائيليين أو اليهود؟
سعد الدين الشاذلي: 100 ألف، شوف بقى.. يعني تتخيل إزاي إن هُمَّ الجيش الشعبي حسب نجاحهم
أحمد منصور: كل يهودي مقاتل
سعد الدين الشاذلي: حسب نجاحهم التوراة، وحسب زي الإسلام عندنا الجهاد ما بيحددش سن، 50، 55 سنة ويجاهد في سبيل الله.
أحمد منصور: 80 في بعض…
سعد الدين الشاذلي: مضبوط.. مضبوط، فتبص تلاقي يعني بالرغم من إن عددهم في هذا الوقت لا يزيد عن مثلاً أيه 400 ألف 300، 400 ألف يقوموا يحشدوا 100 ألف، والدول العربية دي كلها حاشدة حوالي 40، 50 ألف لأنه بيعتمد على الإيه على القوة
أحمد منصور: النظامية
سعد الدين الشاذلي: النظامية.
أحمد منصور: طب المتطوعين كانوا كثرة في ذلك الوقت؟
(6/403)
سعد الدين الشاذلي: المتطوعين بكثرة، وكانوا بقيادة المرحوم أحمد عبد العزيز في القطاع اللي هو جنوب القدس، ودول كانوا عملوا أعمال كويسة مافيش شك يعني، إنما اليهود لعبوا لعبة أثناء الحرب العالمية الثانية إنهم كانوا بيلعبوا على الطرفين، طرف منهم بيلعب مع الأيه.. مع الحلفاء، لدرجة إنهم شكلوا لواء يهودي يقاتل مع الحلفاء، اللواء اليهودي ده طبعاً اكتسب خبرة.. خبرة قتالية الحرب العالمية الثانية.. الحرب العالمية الثانية، فلما قامت الحرب اللواء اليهودي ده كان هو النواة بتاع الهاجانه اللي هو كان الجيش الإسرائيلي الأساسي في.. في الحرب علاوة على الفصائل الأخرى، إحنا بقى مافيش، وبعدين..
أحمد منصور: مافيش تدريب؟ مافيش قوة عسكرية؟ مافيش استعداد لحرب؟
سعد الدين الشاذلي: أضف إلى ذلك إن فيه جزء.. فيه قوى احتلال.
أحمد منصور: بريطاني يعني.
سعد الدين الشاذلي: احتلال بريطاني هنا، واحتلال فرنساوي في سوريا وفي..
أحمد منصور: وفي لبنان.
سعد الدين الشاذلي: وفي لبنان وفي العراق، وفي.. كل البلاد العربية.
أحمد منصور: والأردن حتى، كله كان فيه بريطانيين، نعم.
سعد الدين الشاذلي: والأردن يعني.. فكل ده كان يعني فيه قيود.. فيه قيود، ولكن أقل ما فيها إنهم حشدوا اللي موجود عندهم، حشدوا..
أحمد منصور: لكن كان فيه استعداد فعلي للحرب أو كانت أيضاً في الحشود لمجرد ذر الرماد في العيون كما يُقال أو لتحقيق نصر عسكري إسرائيلي من خلال حرب لم تتم أصلاً، أو كانت فيها خيانات، كما ذُكر في كثير من كتب التاريخ؟
(6/404)
سعد الدين الشاذلي: همَّ القيادات السياسية والقيادات العسكرية الكبيرة كانوا مفهمينا إن إيه اليهود دول عصابات، بمجرد الجيش ما هيخش هيـ.. إيه؟ هينتهوا، وبعدين ظهر إن العملية عكس كده تماماً يعني، دول ناس مدرَّبين تدريب عالي، وعندهم أسلحة متفوقة، حقيقي ماعندهمش طيران، كان في هذا الوقت ما عندهمش طيران، خدت بالك، إنما.. وفي الوقت إن المصريين عندهم طيران، خدت بالك، إنما عندهم عمل ونظام، إن يجي باللوري.. لوري عادي يروح مصفحه عامل له تصفيح، بحيث إن هو عارف الأسلحة اللي عندنا إيه، ما عندناش أسلحة مضادة للدبابات، يعني تقدر تدمر العربية، ولا الأربيجيه اللي موجود عندنا دلوقتي ولا المدافعة المضادة للدبابات، والكلام ده، معاك البندقية والرشاش، البندقية والرشاش لما أنت تعمل صفائح من اللي هي مانعة هي من صلب الرصاص، لما تضرب اللوري ده الطلقات بتاعتك ما تخترقوش، وهو يكون راكب جوه مركب ناس، فأصبح فيه حاجات فوجئنا بيها، لما تيجي تحسب بالعربيات المدرعة، هي مش عربية مدرعة بمعنى عربية مدرعة قوات مدرعة، عربية جيب ودُرِّعت..
أحمد منصور: ودُرِّعت..
سعد الدين الشاذلي: أو لوري ودُرِّعت، عندهم أعداد كبيرة جداً من.. حوالي مثلاً 400 عربية أو 600 عربية من هذا النوع، الأرقام دي تعتبر تافهة دلوقتي، ولكن بالنسبة لسنة48 تعتبر أرقام إيه.. رهيبة يعني.
أحمد منصور: يعني هم كان لديهم استعداد فعلي للحرب، جاهزية كاملة من حيث التدريب، المشاركة في الحرب العالمية الثانية بغرض التدريب على الحروب ومواجهة العرب.
سعد الدين الشاذلي: بالضبط.. بالضبط..
أحمد منصور: استغلال الطاقات الموجودة عندهم، واستخدام وسائل أفضل، للمواجهة دراسة حالة الخصم اللي هو العرب وتقديم ما لديه من سلاح وكيفية مواجهة هذا السلاح.
سعد الدين الشاذلي: تمام.. تمام كده.
أحمد منصور: في المقابل بقى العرب كانوا إيه؟
(6/405)
سعد الدين الشاذلي: العرب قلبت لك جيوش نظامية غير مدرَّبة على القتال، مفيش جيش منهم حارب، وخبرتهم القتالية محدودة، بيتعلم الحرب في.. بالأخطاء اللي هو بيرتكبها، السلاح بتاعه ماهوش متحكم فيه، ابتدى يشتري من السوق السودا، خدت بالك، فطبعاً اللي بيشتري من السوق السودا مافيش دول بتساندك في هذا الوقت، مفيش دولة، لأن لما قامت الدولة العبرية دي في 15 مايو، أميركا وروسيا أو الاتحاد السوفيتي في هذا الوقت أيدوها في الدقائق الأولى، فكل.. كل العالم المتمدين.
أحمد منصور: كان بيدور في إطار الدولتين؟
سعد الدين الشاذلي: وكلهم أيدوها، طب أنت هتشتري سلاح منين؟ مين هيدي لك السلاح؟ تلجأ إلى إيه.. السوق السودا.. السوق السودا بيدِّي لك مخلفات بيجي لك.. بيجيب لك حاجات مش مضمونة مالكش حق إنك أنت تختبرها وتقول إنها مش كويسة أو لأ، فأصبح متفوق عليك في السلاح، ومتفوق عليك في العدد، ومتفوق عليك في التدريب.
أحمد منصور: سعادة الفريق، هو ده السبب اللي بيثار حولين وجود أسلحة فاسدة في حرب 48؟
سعد الدين الشاذلي: هو فيه أسلحة فاسدة مافيش شك.
أحمد منصور: إيه مفهوم أسلحة فاسدة؟ الأجيال.. الأجيال، أجيالنا الآن وما بعدنا، يعني عشان يفهم أسلحة فاسدة وسعادتك رجل عسكري، كيف توضح لنا قضية الأسلحة الفاسدة؟
سعد الدين الشاذلي: أنا عايز أقول لك حاجة.. من المؤكد إن كان فيه بعض الأسلحة الفاسدة، ولكن بولغ فيها كثيراً، يعني على.. على سبيل المثال أنت بتبعث لجنة تشتري حاجات من السوق السودا، القنبلة اليدوية اللي إحنا تعلمنا عليها في الإيه.. في الكلية الحربية إنها المنظر كذا.. وكذا.. وكذا، وبعد ما ترميها تحتاج إلى 7 ثوان للانفجار.. كويس، القنبلة اليدوية دي كويسة في الدفاع، إنما لما تيجي تهجم 7 ثوان تعتبر مدة طويلة، فطلعت قنابل يدوية المدة بتاعتها 3 ثوان، ماحدش قال لنا إنها 3 ثواني.
أحمد منصور: آه!!
(6/406)
سعد الدين الشاذلي: هنا لما القنبلة بتنفجر في 3 ثواني يقول لك القنبلة بايظة، أو القنبلة مش كويسة، كجهل.. نوع من الجهل من عندنا.. من طرفنا، فيقوم يسموا مثل الأسلحة، إنما فيه أسلحة يعني يكفي بما حصل مثلاً إنه إيه أثناء مدفع ما بيضرب قنبلة انفجرت والمدفع انفجر، ممكن، حاجات فردية، بس ما هواش إيه.. حاجة عامة يعني، يعني مش عايزين نرجع الهزيمة إلى الأسلحة الفاسدة.
أحمد منصور: وإنما إلى..؟
سعد الدين الشاذلي: إنما إلى.. قلت لك متفوقين علينا في العدد، وفي العدة، وفي التدريب، يبقى هيكون أيه أكثر من كده؟
أحمد منصور: سعادة الفريق، هل كنت ترى إن.. إن حرب العصابات هذه لا تواجه إلا بحرب عصابات، وكان المتطوعين أو الفلسطينيين كما كان يرى البعض في ذلك الوقت يتم تسليحهم بشكل قوي ويستمروا في حرب عصابات مع الإسرائيليين، أم أن الأمر أيضاً كان يمكن لهذه الجيوش النظامية أن تقوم بعمل شيء متميز خلال...؟
سعد الدين الشاذلي: الجيوش اللي كانت موجودة ما كانتش تقدر تعمل أكثر من اللي عملته، لأن قلت لك ليست مؤهلة لهذا، وماكانتش تقدر تعمل أكثر من كده، إنما مفيش شك إن إمكانيات.. حرب العصابات تكون أكثر وتكون ماهياش مقيدة بالأرض، هي مشكلة الفرق بين القوات النظامية والغير نظامية إيه؟ القوات النظامية بتتمسك بالأرض فمكانها بيبقى معروف ولها خطوط مواصلات، والكلام ده كله.. خطوط مواصلات، إنما العمليات الفدائية والعمليات حرب العصابات مابيتمسكش بالأرض، أنا موجود النهارده هنا بأضرب وبأرجع ما.. ما.. ماليش أرض ثابتة إن أنا أحتفظ بيها، فالأرض الثابتة دي بتخلق عندك نقطة ضعف إنك أنت معروف إنك أنت في الحتة الفلانية وتنضرب، ولك خطوط مواصلات تهاجم فيها، فما أقدرش أقول إن هزيمة 48 ترجع أساساً للأسلحة الفاسدة، ده تحميل.. بنحط الأخطاء بتاعتنا على شماعة..، قلت لك ناس كانوا متفوقين عدداً، وعدةً، وتدريباً.
(6/407)
أحمد منصور: سعادة الفريق، لو كمحلل عسكري في أي درجة يمكن أن تضع حرب 48 في التاريخ العربي الحديث؟
سعد الدين الشاذلي: والله هي كانت مجرد بداية، لأن مجرد إن أيه بعض الزعماء عرب رغماً عن وجود الاحتلال البريطاني والفرنسي الجاثم على صدورهم، ويقرروا إنهم يتحدوا هذا ويخشوا الحرب، ده يعتبر قرار جيد، وبيكسر حاجز الأيه.. الخوف وحاجز التردد يعني.
أحمد منصور: فيه اتهامات تاريخية أيضاً بتوجَّه إلى بعض الزعامات العربية في ذلك الوقت من أنها يعني لم تكن جادة في هذا، وأنها ساعدت الإسرائيليين، وكان لها علاقات خاصة معهم في عملية التمكين لهم وقيام دولتهم على أرض فلسطين؟
سعد الدين الشاذلي: هذا حقيقي.. هذا حقيقي، وما نقدرش ننكر، وهذا في الماضي وفي الحاضر، وفي المستقبل ما تضمنش إن هو ما.. ما يتكررش ثاني، لأن دي طبيعة البشر، فيه ناس بيحبوا يكونوا انتهازيين، يقول لك يكسب بالنسبة للمستقبل، فهذا حصل فعلاً.
أحمد منصور: حينما عدت من الجبهة بعد الهزيمة، ماذا كانت مشاعرك كعسكري رجل عسكري في أول حرب تخوضها؟
سعد الدين الشاذلي: هي ماكانتش هزيمة بالعكس، ده حرب 48 ما نقدرش نقول لها.. نقول إنها هزيمة، ده كان..
أحمد منصور: كيف وولدت فيها دولة على أرض دولة عربية وإسلامية هي فلسطين؟
سعد الدين الشاذلي: أيوه.. أيوه، ما هو أصل دلوقتي أنت عايز ما تحكمش على حاجة من ناحية عسكرية ومن ناحية..، الحرب فيها جانب سياسي وفيها جانب عسكري، خدت بالك، هو استغلال العدو والمجال الدولي والتأييد الدولي من أكبر دولتين في العالم أميركا وروسيا أو الاتحاد السوفيتي وكل الدول الأخرى، هل فعلاً مثلاً إن أثناء الحرب الطيران بتاعنا.. ما أنا قلت لك إسرائيل كان عندهم كل حاجة إلا الطيران، الطيران بتاعنا راح ضرب إيه في.. فيه داخل إسرائيل، وعمل فيهم خساير، ثاني يوم راح اللي طلع له الطيران الإنجليزي وقع 5 طيارات.
أحمد منصور: مصرية؟
(6/408)
سعد الدين الشاذلي: أمال إيه، أمال إيه، فأصبحت دلوقتي يعني اللي وقع الـ 5 طيارات دول الطيران الإنجليزي هو اللي طلع اعترض الطيارات المصرية وأسقطها، فأنت دلوقتي.. كل يعني وحدة أو تشكيل أو جيش له طاقة، إذا أنت كلفته بأكثر مما يطيق، يبقى الخطأ هل على الجيش أو على الذي كلفه بما لا يطيق؟
أحمد منصور: هذه ظروف الحرب، لكن المحصلة إن كان فيه هزيمة للعرب.
سعد الدين الشاذلي: المحصلة بس كان فيه حتت محتلة بواسطة القوات المصرية وقوات عربية، يعني حصل إن هو تقدر تقول الهزيمة في إن إيه.. همَّ احتلوا أجزاء أكثر مما كان لهم في الإيه.. في التقسيم، أنت واخد بالك؟ يعني في التقسيم.
أحمد منصور: ما هو الآن فيه رفض لقرار التقسيم، فبالتالي اعتبار وجودهم حتى في التقسيم هو عملية احتلال غير مشروعة للأرض العربية.
سعد الدين الشاذلي: بتقول دلوقتي إيه، دلوقتي ده فيه أوسلو وفيه اتفاقيات أخرى، لا.. لا.. لا، ما تقولش دلوقتي..
أحمد منصور: هذا موجود وقتيها، أنا بأقول في 48.
سعد الدين الشاذلي: لأ، ده دلوقتي ألعن من.. من 48.
أحمد منصور: أنا أقصد 48 سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي: إذا كنا هندين 48 يبقى لازم ندين دلوقتي عشرات المرات، لأن 48 كانت أحسن من دلوقتي.
أحمد منصور: عفواً سعادة الفريق، إحنا بننظر للتاريخ بشفافية، وأنت كشاهد على العصر تقول رؤيتك وشهادتك بغض النظر عن ظروف المرحلة، يعني إحنا بنشوف ظروف المرحلة، ونقيمها ولكل وقت سنقيمها.
سعد الدين الشاذلي: بشفافية بأقول لك إن 48 نهايتها إن اليهود خدوا أكثر مما كان لهم في قرار التقسيم، بالرغم من إن العرب كانوا.. بيرفضوا التقسيم، النهارده أكثر من 48، فإذا أدنا 48 لازم ندين الواقع الحالي قد 48 عشر مرات.
أحمد منصور: يعني إحنا عايزين يعني عايزين الآن 48 نفسيها.
(6/409)
سعد الدين الشاذلي: 48 نفسها تعتبر بالنسبة للإمكانيات الموجودة كان يعتبر نجاح معقول يعني، يعني لا.. لا أقدر أقول عليه انتصار ولا أقدر عليه هزيمة، يعني نصف ونصف.
أحمد منصور: ده.. ده دي يعني مفهوم جديد ربما لأجيالنا إن إحنا نعرف إن حرب 48 لم تكن هزيمة بمعيار رجل عسكري مثل سعادتك.
سعد الدين الشاذلي: وما بأقولش إنها نصر، ما بأقولش.. ما بأقولش إنها نصر.
أحمد منصور: هل هناك مواقف ممايعة المعارك؟
سعد الدين الشاذلي: لها موقف..
أحمد منصور: المعارك إما هزيمة أو نصر.
سعد الدين الشاذلي: بأقول.. لأ، فيه.. فيه نصف نصر وفيه نصف هزيمة.
أحمد منصور: أنت تعتبرها نصف هزيمة 48؟
أحمد منصور: نصف.. نصف انتصار ونصف هزيمة.
أحمد منصور: أي انتصار؟ ما الذي حُقق من انتصارات؟
سعد الدين الشاذلي: فيه جزء من الأرض العربية ما سبتش الأرض العربية كلها، يعني لو أنت ما دخلتش وما عملتش الكلام ده، كان ممكن يأخدوا إيه فلسطين بالكامل.
أحمد منصور: قوتهم ما كانتش تسمح في ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي: لا.. تسمح..
أحمد منصور: همَّ خدوا ما في طاقة اليهود في ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي: ما إحنا.. ما هو ما في طاقتهم لأنه قدامهم 45 ألف مقاتل من إيه.. من الجيوش العربية علاوة على القوة الثانية اللي هي شبه عسكرية، إنما لو افترضنا جدلاً إن دول ما دخلوش، ما الذي يمنعهم إنهم يأخدوا الأيه.. كل فلسطين؟
أحمد منصور: لم يملكوا القوة لتغطية وحماية المساحة في ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي: لا، يملكوا.
أحمد منصور: عدد اليهود كان قليل كل القوى الضاربة ليهم كان مائة ألف يادوبك تسيطر على المنطقة التي كانوا عليها.
(6/410)
سعد الدين الشاذلي: لا.. لا.. لا، هو أصل الأسلوب اليهودي يختلف عن الأسلوب الآخر، هو بيخش في بلد في قرية، ويروح دابح 600 واحد، مدنيين، نساء على بتاع.. ويروح كل القوى المجاورة واخدين عزالهم وإيه ومهاجرين، هذا الأسلوب اليهودي، كان مافيش جيش، وما كانش فيه قوة فلسطينية تقدر تحاربهم، لأن الـ 100 ألف دول اتربوا في كنف الاستعمار الأيه.. البريطاني، في الوقت اللي ماترباش فيه أي.. إيه.. أي قوة فلسطينية كجيش أو كبوليس يستطيع أن يقف أيه.. ضدهم، فما كانش فيه حاجة تمنعهم إطلاقاً لو لم تدخل الجيوش العربية سنة 48 إنهم يحتلوا كل فلسطين.
أحمد منصور: سعادة الفريق، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- سوف نتناول طبيعة العلاقة التي بدأت بينك وبين جمال عبد الناصر وتنظيم الضباط الأحرار، ثورة يوليو، تأسيس سلاح المظلات، ذهابك إلى الولايات المتحدة كأول ضابط مصري للدراسة هناك وحرب 56.
أشكرك شكراً جزيلاً على ما تفضلت به في هذه الحلقة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقات قادمة من برنامج (شاهد على العصر) لنكمل استماع شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس الأركان السابق للجيش المصري)، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(6/411)
الحلقة2(6/412)
الأحد 17/1/1423هـ الموافق 31/3/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 08:34(مكة المكرمة)،05:34(غرينيتش)
سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري الأسبق الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
- سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق
تاريخ الحلقة
13/02/1999
- علاقة الشاذلي بالضباط الأحرار ودوره في ثورة 23 يوليو
- سفر الشاذلي لأميركا وعلاقة الأميركان بالثورة
- تأسيس سلاح المظلات وأهمية دوره في الحرب
- حرب 56.. أسبابها وتقييم الشاذلي لها
- طبيعة ودوافع العلاقات المصرية السوفياتية في عهد عبد الناصر
- أسباب ودوافع البعثة العسكرية المصرية إلى الكونغو
سعد الدين الشاذلي
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل سماع شهادة سعادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق)، مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي: أهلاً وسهلاً.
علاقة الشاذلي بالضباط الأحرار ودوره في ثورة 23 يوليو
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند محور هام، ليس في حياتك فقط، وإنما في تاريخ مصر الحديث، وهو تنظيم الضباط الأحرار وثورة يوليو 1952 في عام 1951 بدأت علاقتك بجمال عبد الناصر وبالضباط الأحرار، كيف كانت هذه العلاقة؟
(6/413)
سعد الدين الشاذلي: هو- الحقيقة- علاقتي بجمال عبد الناصر بدأت قبل 51، لأن إحنا في الأربعينات كنا ساكنين في عمارة واحدة، أنا في الدور الثاني، وهو في الدور الثالث، فنتيجة هذا كان فيه علاقات أسرية، وسنة 51 كنت أنا ضابط مدرس في مدرسة الشؤون الإدارية، وكان جمال عبدالناصر هو نفسه برضو ضابط مدرس في نفس مدرسة الشؤون الإدارية، فكان هناك بقى اتصال يومي، يعني نروح كل يوم بنشوف بعض في المدرسة اللي إحنا مدرسين فيها، فكنا في هذا الوقت -كما سبق أن قلت في الحلقة الماضية- بنتأثر بالأيه؟ الكتابات بتاعة الأستاذ أحمد حسين "مصر الفتاة" والكتابات بتاعة إحسان عبدالقدوس، وكنا بنقرأ المقالات اللي بتطلع في "روز اليوسف" والمجلة اللي كان بيصدرها أحمد حسين قبل كده. ونقعد نتناقش ومبسوطين لما يكون فيه بيحصل هجوم على..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كضباط؟
سعد الدين الشاذلي: كضباط، كضباط يعني ما كانش فيه قيود في الـ..
أحمد منصور[مقاطعاً]: في فترة الأربعينات كيف كانت علاقتك بعبد الناصر؟ علاقة -فقط- جيرة وزمالة في العمل أم ناقشك في قضية الضباط الأحرار؟
سعد الدين الشاذلي: لا. لم يناقشني في الأربعينات، إنما المناقشة كانت سنة 51، ولا أعتقد إن جمال عبد الناصر -نفسه- ناقش أحداً في الأربعينات، لأن التنظيم بتاع الضباط الأحرار اتولد في فكر جمال عبد الناصر بعد حرب 1948م.
أحمد منصور: ليس قبلها.
سعد الدين الشاذلي: ليس قبلها، وكما قال هو بعد ذلك في الكتاب بتاعه بتاع "فلسفة الثورة" وخلافه، فلما شاهد مني بقى هذا الحماس يعني بصيت لقيت جاء لي في البوستة منشور من منشورات الأيه؟
أحمد منصور: الضباط الأحرار.
سعد الدين الشاذلي: الضباط الأحرار، بس.. فبرضو..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أيش كانت مشاعرك حينما تلقيت هذا المنشور؟ هل كنت سمعت من قبل عن الضباط الأحرار؟
(6/414)
سعد الدين الشاذلي: كنت سمعت، ولكن ماكنتش أعرف أيه الكلام بتاعهم، ولقيت الخط بتاعهم ضد الإنجليز وضد الاحتلال البريطاني، وضد كذا كذا، وإن القيادات السياسية متخاذلة و.. و.. الى آخره نفس الخط اللي إحنا أيه؟ اللي الواحد حاسس به، فطبعاً وجد تجاوب في نفسي فأثناء المناقشات قلت له، فبعد مناقشات فهمني إن أيه؟ يعني ممكن إنك إنت تكون في أيه؟ في الضباط الأحرار، وطبعاً..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كان فيه ثالث يجلس معكم، أم فقط أنت وعبد الناصر؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، وقت ما يكلمني ما فيش غير أنا وهو بس، نطلع في البلكونة وبتاع، هو الأسلوب بتاعه إنه يبقى إيه؟ مجموعات بحيث إن ما حدش يعرف الثاني إطلاقاً.
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني كان تنظيم ذو خلايا سرية؟
سعد الدين الشاذلي: خلايا سرية، آه.
أحمد منصور: مين كان في خليتك؟ أم لم يعرفك على أحد؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، إزاي؟ ما هو بعد فترة زمنية عرفني، قال لي: معروف الحضري هو الأيه؟ حلقة الاتصال الله يرحمه.
أحمد منصور: معروف الحضري كان ضابط من الإخوان المسلمين في هذا الوقت.
سعد الدين الشاذلي: من الإخوان المسلمين في هذا الوقت.
أحمد منصور: هل كان الإخوان المسلمين على علاقة بتنظيم الضباط الأحرار، أم كانت علاقات فردية من ضباط ينتمون للإخوان بالضباط الأحرار؟
سعد الدين الشاذلي: لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال، لأنه ما أعرفهوش يعني أنا بأجيب.
أحمد منصور[مقاطعاً]: لم تعرفه.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]: على الحاجات اللي أنا إيه؟ بأتأكد منها يعني، فإنما كان معروف الحضري هو حلقة الاتصال، وعرفت أنا بعد كده إن معروف الحضري له علاقة بالإخوان المسلمين، بس Later on يعني مش في المراحل دي.
أحمد منصور: كان هناك ضباط آخرين -أيضاً- من الإخوان لهم علاقة بالضباط الأحرار من بينهم عبد المنعم عبد الرؤوف مثلاً.
سعد الدين الشاذلي: أيوه.
(6/415)
أحمد منصور[مستأنفاً]: وكان أبو المكارم عبد الحي، وكان لهم أدوار في الثورة.
سعد الدين الشاذلي: أيوه.
أحمد منصور[مستأنفاً]: لكن مع ذلك لم تستطع أن تدرك طبيعة العلاقة بين الإخوان والضباط الأحرار؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، يعني أنا كنت أعرف أبو المكارم كشخص، وأزوره ويزورني، وكل حاجة وعارف الاتجاهات بتاعته، ولكن لا علم لي بأن أيه؟ هناك علاقة تنظيمية بين الإخوان المسلمين والضباط الأحرار.
أحمد منصور: لكن كان قائد خليتك أو المسؤول التنظيمي عنك في تنظيم الضباط الأحرار معروف الحضري؟
سعد الدين الشاذلي: معروف الحضري.
أحمد منصور: كيف كان علاقتك بمعروف الحضري؟ وكيف كان دور معروف الحضري في الضباط الأحرار؟
سعد الدين الشاذلي: معروف الحضري هو شخصية دينية، وله شيء من الاندفاع، وطبعاً هو ما كانش يخفي الاتجاهات الدينية بتاعته يعني، ومافيش.. علاقات عادية يعني.
أحمد منصور: هل كان لكن لقاءات منظمة أم مجرد إبلاغ تعليمات، ترتيبات، لقاءات تتم على فترات ممكن أن تكون متباعدة؟
سعد الدين الشاذلي: أيوه، لقاءات على فترات متباعدة، يعني مافيش حاجة مؤكدة يعني.
أحمد منصور: فيه شخصيات أخرى تعرفت عليها من الضباط الأحرار غير معروف الحضري في ذلك الوقت وجمال عبد الناصر؟
سعد الدين الشاذلي: فيه طبعاً عرفت حلمي السعيد - ربنا يدي له طولة العمر - وفيه ناس تانيين يعني.
أحمد منصور: سعادة الفريق، كان 51 قريبة من يوليو 52 هل كنت تشعر أن هناك شيئاً ما كان يعد مثل الثورة، مثل انقلاب عسكري، مثل شيء في الجيش ضد البريطانيين والملك؟
سعد الدين الشاذلي: يعني عندك حساسية إن فيه قلق عام، وفيه كذا، إنما امتى هيحصل؟ ما نقدرش نعرف.
أحمد منصور:لم يكن، أو لم تكن تبلغ باستعدادات معينة، بمهام معينة، بترتيبات معينة؟
سعد الدين الشاذلي: هو النقطة بقى إن أنا سنة 52 كنت بأؤدي دورة في كلية أركان حرب.
أحمد منصور: نعم.
(6/416)
سعد الدين الشاذلي: فكوني في دورة في كلية أركان حرب كطالب ماعنديش القوة العسكرية اللي أقدر أساهم فيها يعني، فيمكن ده كان أحد الأسباب إلى إن إيه؟
أحمد منصور: لم تكلف بدور مباشر في الثورة.
سعد الدين الشاذلي: لأ، لم أكلف بدور مباشر في ليلة الثورة.
أحمد منصور: نعم، لكن حينما قامت الثورة.
سعد الدين الشاذلي: تأييد على طول طبعاً أنت عضو موجود سواء نجحت الثورة أو ما نجحتش الثورة، اسمه مكتوب زي ما بيقولوا.
أحمد منصور: نعم، بعد قيام الثورة في عام 52 كيف كان وضع البلد؟ كيف كان تقبلها الشعب؟
كيف تقبلها ضباط الجيش؟ هل كان التأييد على إطلاقه أم -أيضاً- كان هناك تململ ومخاوف من بعض الفئات داخل الجيش المصري؟
سعد الدين الشاذلي: والله يعني الواحد لما يرجع بذاكرته، كان هناك قبول كاسح لأن كان الحملات اللي سبقتها بسنة مثلاً، وحريق القاهرة اللي حصل كان كل ده يدل على إن إيه؟ الشعب بيغلي، يعني الشعب غير قادر، يعني غير راغب بالوضع الحالي، ولكنه غير قادر على التغيير، فلما يتحرك الجيش للتغيير فده خلى الشعب يطلع من عقاله، ويؤيد الثورة تأييد كامل وتأييد مطلق.
أحمد منصور: كيف كانت علاقتك مع عبد الناصر بعد قيام الثورة؟
سعد الدين الشاذلي: علاقة صداقة، واستمرت فترة زمنية، وبالعكس عرض علي إن إيه؟ أسيب الجيش وأنضم إلى جهاز المخابرات، وأنا اعتذرت، قلت له: لا.
أحمد منصور: سنة كام؟
سعد الدين الشاذلي: سنة.. أواخر 52 وأوائل 53.
أحمد منصور: يعني بعد قيام الثورة مباشرة.
سعد الدين الشاذلي: آه، آه. بعد أواخر 52 وأوائل 53 على اعتبار إن أنا إيه؟ أخدم في جهاز من أجهزة الدولة الأخرى السيادية ومنهم المخابرات، ولكن أنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن المخابرات يُقال: إنها أسست في 54، المخابرات العامة نفسها، أم كان هناك جهاز مخابرات في ذلك الوقت؟
(6/417)
سعد الدين الشاذلي: كان فيه لا.. لا.. كلها كان فيه طبعاً، يعني كان فيه زي ما تقول إعادة التنظيم ده اللي إنت بتتكلم عليه، إنما كان فيه جهاز مخابرات.
أحمد منصور: سعادة الفريق، في ذلك الوقت كان رتبتك العسكرية رتبة.
سعد الدين الشاذلي: مقدم.
أحمد منصور[مستأنفاً]: رائد.
سعد الدين الشاذلي: رائد. عندما قامت الثورة كنت رائد.
أحمد منصور: كنت برتبة رائد؟
سعد الدين الشاذلي: كنت برتبة رائد.
أحمد منصور: طُلب منك بعد ذلك، أو قمت في عام 1953م يعني بعد الثورة..، أنا قبلها أريد أن أسألك عن شيء مهم جداً، وآمل أن يكون لديك معلومات -أيضاً- عنه، وهو طبيعة العلاقة ما بين الرئيس نجيب وما بين الضباط الأحرار.
سعد الدين الشاذلي: برضو معلوماتي نقلية، وأنا لا أحب أن أنا إيه؟ أقول لك معلومات نقلية منقولة عن الجرائد، وده بيقول كذا وده بيقول كذا، أنا أحب أكون شهادتي على الحاجات اللي أنا إيه؟
أحمد منصور: عشتها ورأيتها.
سعد الدين الشاذلي: عشتها وأعرفها.
أحمد منصور: أو سمعتها، نعم.
سعد الدين الشاذلي: أعرفها.
سفر الشاذلي لأميركا وعلاقة الأميركان بالثورة
أحمد منصور: طيب أتجاوز هذا -أيضاً- إلى فترة 53، واختيارك للقيام بدورة تدريبية في الولايات المتحدة الأمريكية، كيف كانت علاقة الأمريكان بالثورة؟
سعد الدين الشاذلي: برضو هذه أشياء تعتبر أكبر من..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وضعك في ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي: وضعي في هذا الوقت، فلا أستطيع أن أجيب عليها، إنما أنا كونك إنك إنت بتبعث ناس علشان يتعلموا في بلد معينة، يبقى لازم العلاقات إيه؟ تكون جيدة.
أحمد منصور: نعم.
(6/418)
سعد الدين الشاذلي: مش ممكن تكون علاقة سيئة، وإنت تروح إيه؟ تبعث ناس يتدربوا، ولو إن.. يعني فيه بعض المحاضرات كانوا يكتبوا لنا يقولك Allied officers not Allowed يعني الضباط كانوا يسمونا Allied officers لما الفرقة فيها أمريكان وفيها ناس من دول مختلفة، فالناس اللي من مختلفة يقولوا Allied إيه؟ كأننا متحالفين معاهم. ففي بعض المحاضرات وبعض حصص لا يسمح لنا بحضورها.
أحمد منصور: يعني كان ينظر لكم كمتحالفين في هذه الدورة؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً، مجرد إن هو بيقول لك Allied officers وallied officers مش المصريين بس، وكل الإيه؟ الناس اللي موجودين.
أحمد منصور: هل كان هناك مصريين غيرك ابتعثوا إلى الولايات المتحدة للدراسة هناك؟
سعد الدين الشاذلي: كان فيه واحد قبل مني اللي هو حسن فهمي عبد المجيد قبل مني بحوالي أربع، خمسة أشهر، ولكن بعد ما جه ما قعدش في المظلات غير بضعة أشهر ومشي فما كانش له..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كانت مهمة مظلات أيضاً؟
سعد الدين الشاذلي: كانت مهمة مظلات أيضاً.
أحمد منصور: كنت الوحيد المصري الذي كُلف بالدورة؟
سعد الدين الشاذلي:
لما رحت أنا كنت أنا الوحيد، إنما كان قبل مني حسن فهمي عبد المجيد.
أحمد منصور:
كيف كانت فترة دراستك في الولايات المتحدة؟ أنت الآن ضابط مصري برتبة رائد، قادم من الشرق الأوسط الى الدولة التي بدأت تتصدر زعامة العالم، أو تصبح قوة رئيسية ورثت بريطانيا في نفوذها وفي امتدادها بالنسبة للغرب. كيف تلقيت أو تفاعلت أو تعاملت مع المجتمع الأمريكي؟
سعد الدين الشاذلي: والله المجتمع الأمريكي كمجتمع ممكن الاندماج فيه بسرعة.
أحمد منصور: إحنا بنتكلم عن سنة 53.
(6/419)
سعد الدين الشاذلي: آه طبعاً، ما أنا بأتكلم على 53، وأعتقد أنه باقي حتى هذه اللحظة، بس هناك فرق بين الشعب وبين القيادة السياسية، يعني طبعاً إحنا دلوقتي شايفين إن القيادة السياسية شيء والشعب..، إنما الشعب كشعب سهل الاندماج عليه، لأنه شعب بسيط، مافيهش العنجهية و (...) اللي هم مثلا تجدهم في دول أخرى فهو كشعب يندمج الواحد فيه بسرعة، وكان زي ما قلت لك بيسمونا ضباط حلفاء Allied officers ولو إن بالرغم من هذه التسمية كان لا يسمح لنا بحضور بعض الإيه؟ المحاضرات.
أحمد منصور: هل كنت تشعر فعلاً إنك في دولة حليفة أو صديقة للولايات المتحدة؟
سعد الدين الشاذلي: حتى هذه اللحظة -طبعاً- كنت أشعر بذلك، لأن الشعب المصري والدول العربية عموماً التاريخ بتاعهم ارتباط بالغرب أكثر من الشرق، وكان لذلك حتى هذه اللحظة لم تظهر.. لم يظهر الاتحاد السوفيتي في الميدان، وكان كل الدعاية والإعلام بيتكلم على الشيوعية، وبيتكلم على كذا، يعني بحيث إن كلنا كارهين الشيوعية، وكارهين النظام حسب ما يقال لنا، فما كانش فيه أمامنا أي قيود على إن إحنا.. نعتبر الأمريكان أصدقاء يعني.
أحمد منصور: في فترة دراستك هناك، هل شعرت بنقلة نوعية في حياتك العسكرية، في مستواك العسكري، في بناء شخصيتك أو اكتمال بناء شخصيتك من خلال فترة التدريب التي قضيتها في الولايات المتحدة؟
سعد الدين الشاذلي: كل يوم بيفوت على الواحد بيتعلم فيه حاجات، ويزداد خبرة، مافيش شك يعني.
أحمد منصور: نعم.
(6/420)
سعد الدين الشاذلي: فمافيش شك إن الدورة اللي أنا قعدتها هناك استفدت خبرة، وخبرة فنية لأن طبعاً لن.. يعني ماكانش عندنا لسه سلاح المظلات لم ينشأ، فبتنشيء حاجة جديدة، وطبعاً شيء يفرحنا، وبعدين نفس بتوع المظلات سواء في أمريكا أو في مصر أو في أي حتة ثانية بيبقوا منتقين، لأن كله بالتطوع، يعني ما يجيش واحد يقول له: تخش المظلات، فالشعور بأنك إنت متميز قدي طبعاً بتدي للواحد شيء من الكبرياء و..
أحمد منصور: والزهو.
سعد الدين الشاذلي: آه، والزهو، والزهو بس بشرط ألا يصل الى إيه؟
أحمد منصور: إلى الغرور.
سعد الدين الشاذلي: درجة الاستكبار والغرور.
أحمد منصور: نعم، كنت تعلم قبل ذهابك للولايات المتحدة أن مهمتك هو العودة وتأسيس سلاح المظلات أم كانت دورة يمكن أن ينتج عنها تكليفك بهذا الأمر من عدمه؟
سعد الدين الشاذلي: أصل لم يسبقني أحد غير حسن فهمي وكان ماسك المدرسة، ولسه بننشيء المظلات فقطعاً هيكون لي دور، يعني إذا لم يكن الدور الأول هيكون إيه؟ الدور الثاني.
فاللي حصل إن بعد بضعة أشهر بقى الدور الأول يعني.
تأسيس سلاح المظلات وأهمية دوره في الحرب
أحمد منصور: يعني كلفت من الرئيس عبد الناصر بتأسيس سلاح المظلات.
سعد الدين الشاذلي: لا. ما تقدرش تقول: عبد الناصر في هذا الوقت هو الذي يتدخل في مثل هذه الحاجات يعني.
أحمد منصور: من الذي كلفك؟
سعد الدين الشاذلي:
مجرد القيادة العسكرية اللي موجودة في هذا الوقت، هي اللي موجودة، واتعينت على أساس إن أنا قائد كتيبة المظلات، وكتيبة المظلات لما جينا سنة 54، يعني فيه حاجة افتكرتها لطيفة جداً يعني، أنا قلت لك إن مجرد إن الواحد ينتمي الى المظلات بيشعر بشيء من التميز يعني.
أحمد منصور: نعم.
سعد الدين الشاذلي: وجينا هنعمل الاحتفال بتاع 23 يوليو سنة 1954م.
أحمد منصور: نعم.
(6/421)
سعد الدين الشاذلي: فكتيبة المظلات هتشترك في هذا الاستعراض، هي كانت لسه ما اكتملتش يعني مجرد إنها إيه؟ سريتين، إنما طلع في دماغي قلت: الله، لازم نعمل شيء متميز في الاستعراض، يعني إيه اللي نمشي بالخطوة المعتادة والكلام ده كله؟
إحنا كل يوم بنجري الصبح على الريق كده قبل ما نبتدي نعمل تدريب ثلاثة كيلو يومياً، فقلنا: نعمل استعراض بالخطوة السريعة، فكان قائد قسم القاهرة كما كان يسمى في هذا الوقت اللواء نجيب، مش اللواء محمد نجيب طبعاً.
أحمد منصور: نعم، نعم، بالطبع.
سعد الدين الشاذلي: نجيب غنيم، اللواء نجيب غنيم، فأنا قلت له: يا سيادة اللواء- وكان هو مدرس علينا في الكلية الحربية- قلت له: دلوقتي إحنا عايزين نعمل استعراض بتاع المظلات بطريقة إيه؟
أحمد منصور: متميزة. نعم.
سعد الدين الشاذلي:
جديدة، عايزين نجري بالخطوة السريعة قدام الإيه؟
أحمد منصور: القيادة العسكرية.
سعد الدين الشاذلي: نقطة الذات يعني، عجبته الفكرة، اللي حصل، بس قال لي ما تقولش لحد بقى وخلينا إيه؟ خلي العملية لغاية ما إيه؟ علشان ما حدش ينقدها يعني.
فجيه في يوم 23 يوليه القوات البرية بتمشي، وبعدين بعد منها خلاص وقفت الدبابات، وبعدين المفروض إن القوات البرية بتمشي بتمشي بالموسيقى، الموسيقى بتضرب الخطوة المعتادة، بتبقى القوات فاصل بسيط والقوات ماشية ورا بعضها، إنما علشان إحنا هنجري يبقى لازم إيه؟ نعمل فاصل لازم يتخلي الميدان.
أحمد منصور: نعم.
سعد الدين الشاذلي: فكنا في ميدان عابدين، ونقطة الذات اللي هي في منتصف
أحمد منصور: الشرفة نعم.
سعد الدين الشاذلي: في منتصف الميدان، الناس مشيوا وخلصوا والميدان بقى فاضي وماحدش بيمشي، ما حدش بيمشي، كل الناس بقوا قلقانين في إيه اللي حصل؟ إيه اللي حصل؟
ما حدش عارف إيه اللي حصل، وبعدين ضربت الموسيقى بالخطوة الإيه؟
أحمد منصور: السريعة.
(6/422)
سعد الدين الشاذلي: السريعة الرتم بقى علشان الرتم، بصوا لقوا ناس جايين بيجروا.. استعراض بيجروا، فكان لها تأثير كبير جداً، ومنذ هذا التاريخ أصبح تقليد لضباط المظلات، للضباط والجنود في المظلات والصاعقة، ليس في مصر فقط بل في كل البلاد العربية يعملوا الاستعراض بتاعهم بالإيه؟
أحمد منصور: بالخطوة السريعة.
سعد الدين الشاذلي: بالخطوة السريعة.
أحمد منصور: تمييزاً عن باقي القوات.
سعد الدين الشاذلي: تميزاً، بداية يعني لو تعرف تحصل على الشريط بتاع إيه؟ يوليو، 23 يوليو 1954م هذا هو أول استعراض بالخطوة السريعة، وكان الكتيبة 75 مظلات اللي أنا كنت بأقودها في هذا الوقت.
أحمد منصور: حينما شعرت بأنك كلفت بتأسيس هذا السلاح، ممكن بإيجاز سريع تعرف المشاهد ما هو دور سلاح المظلات؟
سعد الدين الشاذلي: سلاح المظلات، أولاً نشوف المظلات عبارة عن إيه، المظلات طيارة نقل وبيركب فيها واحد، والطيارة لا حدود لها فبتنزل في عمق العدو، وتفتح الباب بتاعها، وينط منها الجندي بالمظلة بتاعته، فيجد نفسه في إيه؟ في مؤخرة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: في قلب أرض العدو.
سعد الدين الشاذلي: في مؤخرة العدو.
أحمد منصور: في مؤخرة العدو.
(6/423)
سعد الدين الشاذلي: فمؤخرة العدو يقدر يعيث فيها زي ما هو عايز بقى، يضرب خطوط المواصلات، يدمر مركز قيادة، يمنع احتياطيات، يعطلها علشان ما توصلش للقوات البرية، فبيكون هو معتمد على نفسه لمدة أربعة وعشرين ساعة تقريباً على ما القوات البرية المتقدمة أرضاً إنها تتصل به، فلازم يكون في خلال الأربعة وعشرين ساعة دي لديه الاكتفاء الذاتي من السلاح والذخيرة والتعيين والميه، بحيث إن هو عايش معاه كل ما يحمله لمدة 24 ساعة ودي خدمتي في التخطيط لـ 1973م، لأن عملية العبور تصورت إنها لازم تكون كأنها عملية مظلات، فلما المشاة بتعدي ولسه هتقعد حوالي 18 ساعة قبل ما الدبابات والأسلحة الثقيلة بتاعتها تظهر لها من 12 لـ 18 ساعة يعني، فإديت لجندي المشاه كل ما يحتاجه، أقصى ما يمكن من سلاح وذخيرة وأقل ما يمكن من إشعار بالمظلات، أقصى ما يمكن أن تحمله من سلاح وذخيرة، وأقل ما يمكن من المطالب الإدارية، علشان تستطيع إنك تصمد في مواجهة العدو لغاية ما تيجي لك الإمدادات من الخلف.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول: إن المظلات في المعارك ذات مهمة شاقة، وتعتبر مهمات استشهادية.
سعد الدين الشاذلي: فيها نوع من الـ..
أحمد منصور[مقاطعاً]: نسبة المخاطرة العالية.
سعد الدين الشاذلي: نسبة المخاطرة أعلى مافيش شك، نسبة المخاطرة وهي..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وهذا يحتاج الى تدريب خاص، إلى إعداد خاص؟
(6/424)
سعد الدين الشاذلي: نسبة المخاطرة في إن الطيارة ممكن تضرب قبل ما توصل، وبعدين حتى لو ما اضربتش لما تنزل ممكن يفاجأ بضرب من مدفعية وكذا وكذا. وممكن إنه تتأخر القوات اللي هي إيه؟ هتيجي تتصل به، فبدل ما يقعد أربعة وعشرين ساعة يجد نفسه إن هو إيه؟ مضطر إنه يقعد ثمانية وأربعين ساعة، فكل دي فيها مخاطرة، مخاطرها أخطر ما فيش شك، ومخاطرها في السلم قائمة، يعني مش في الحرب بس، لأنك إنت وأنت بتدرب، وإنت في وقت السلم بتتدرب وبتقفز من مظلة، فيه احتمال مظلة ما تتفتحش.
أحمد منصور: صحيح.
سعد الدين الشاذلي: فكل دي احتمالات، فنسبة المخاطرة فيها أكثر، إنما ده بيخلق أولاً: بتنقيهم كلهم بالتطوع حتى الجنود بيبقوا متطوعين، فدي بتخلق نوع من التميز برضو، ولما الشخص بيحس إن هو نوع من التميز فتبص تلاقيه إيه؟ بيكون قادر على العطاء أكثر.
أحمد منصور: لكن اسمح لي، في داخل المجتمع المصري جندي المظلات أو الصاعقة أو القوات الخاصة، وقد توليت مسئولية الاثنين فيما بعد، بيشعر بالاستعلاء حتى على الجنود الآخرين، حتى يعني عملية الزهو اللي بتحدث له في تعامله بزيه بشكله المتميز بكذا. هل دي بيتم غرزها في نفس الجندي؟
سعد الدين الشاذلي: لا. هذا خطأ بقى، إحنا قلنا: لازم نعمل خط فاصل بين الشعور بالذات والشعور بالتميز والكبرياء والغرور، طبعاً الخط بيختلف من شخص الى آخر، إذا عدا الخط ده ودخله غرور، ده مش كويس ومش أخلاق حميدة، وقد تؤدي إلى إنه يقتل يعني، ما هو لازم يكون فيه إيه؟ عقلانية وخط فاصل بين الثقة بالنفس والغرور، الثقة بالنفس مطلوبة، الغرور مش مطلوب.
أحمد منصور: في عام 54، في نهايتها تقريباً حدث خلاف ما بين الرئيس نجيب وما بين الضباط الأحرار والرئيس عبد الناصر هل كان لك علاقة أو صلة أو معرفة بطبيعة هذا الخلاف وأسبابه؟
(6/425)
سعد الدين الشاذلي: برضو كلام نقلي، ولا أريد أن أقحم نفسي في حاجات نقلية اتكتبت في الجرائد، وده بيقول كذا، وده بيقول كذا، لأن دي متروكة للباحثين ويكون عندهم الحاجات الموثقة يعني.
حرب 56.. أسبابها وتقييم الشاذلي لها
أحمد منصور: في عام 56 وقع الاعتداء الثلاثي على مصر من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، ماذا كان وضعك في الجيش المصري في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: كنت في هذا الوقت قائد الكتيبة 75 مظلات، وصدر لي الأوامر بأن تستعد الكتيبة للهبوط في داخل سيناء -خلف العدو- وكان مفروض إن أنا أقلع بالطيارات، أو أركب الطيارات في الفجر تقريباً يعني أو قبل الفجر بساعة علشان أسقط في المطار، في هذه الليلة بالذات تدخلت القوات البريطانية والفرنسية وضربوا المطارات، ودمرت القوات الجوية الإيه؟
أحمد منصور: المصرية على الأرض.
سعد الدين الشاذلي: المصرية، بما فيهم الطيارات اللي أنا كنت هأركبها، فألغيت الإيه؟
أحمد منصور: المهمة.
سعد الدين الشاذلي: المهمة طبعاً، لإن إذا كانت الطيارة تدمرت على الأرض، وده بيوري لك نوع المخاطرة، يعني كويس إنها تدمرت على الأرض، كان ممكن تدمر وهي إيه؟ وهي فوق يبقى هاتبص لخسائر أكتر، إنما دمرت وهي على الأرض، فألغيت العملية، ومنذ هذا التاريخ ابتديت أشتغل ككتيبة مشاة عادية بقى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في الحرب؟
سعد الدين الشاذلي: في الحرب، مافيش مظلات بقى، يعني الكتيبة بتاعتي أذكر إنها راحت السويس، وأحتلينا
في المنطقة بتاعة السويس، لغايت ما انتهت الحرب، ولو إن طلب مني سرية في مرحلة من المراحل، علشان تساعد في وقف صد القوات الإنجليزية اللي هي متقدمة من بورسعيد.
أحمد منصور:
سعادة الفريق.. فيه تشكيلات ثابتة، وواضحة، سرية كم واحد؟ كتيبة كم واحد؟ لواء كم واحد؟
سعد الدين الشاذلي:
(6/426)
طبعاً ده بيختلف اختلاف بين وحدة مشاة، ووحدة مدفعية، ووحدة مهندسين أو إشارة أو خلافه، ولكن roughly كده -السرية بتكون في حدود مائة فرد.
أحمد منصور[مقاطعاً]: مائة.
سعد الدين الشاذلي: مائة فرد.
أحمد منصور: في كل الجيوش أم في الجيش المصري فقط؟
سعد الدين الشاذلي: لا.. في كل الجيوش تقريباً، بيكون الكتيبة بتتراوح بين 500 فرد، وألف فرد، والكتيبة بتتكون من إيه؟ 3 سرايا مشاة، وبعدين سرايا معاونة زي هاونات، زي مضادة للدبابات، الحاجات دي.. يعني بتصل ما بين 500 إلى ألف، اللواء بيتكون من ثلاث كتائب مشاة وكذا، بتكون قوته تتراوح بين 3 آلاف -4 آلاف جندي، الفرقة بتكون تترواح بين حوالي 12 ألف، 15 ألف، دي اللي هي الإيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]: التشكيلات العسكرية الأساسية.
سعد الدين الشاذلي: التشكيلات العسكرية كده، سواء في الجيش المصري أو الجيش الإسرائيلي، أو أي جيوش عالم تقريباً، بتزيد أو تقل، حاجة زي كده.
أحمد منصور: ما هو تقييمك لحرب 56؟
سعد الدين الشاذلي: حرب 56 يعني ما نقدرش نقول كان فيه حرب، زي ما قلت لك إن الطيارات بتاعتنا انضربت على الأرض، طبعاً لما اتكلم على حرب 1956م هاتكلم كإيه؟ كناقد عسكري، لإن أنا برضو في هذا الوقت أنا قائد كتيبة، أنا ما أقدرش أتكلم غير على كتيبتي يعني، إنما كناقد دلوقتي لما أقول إن إيه؟
(6/427)
القوات بتاعتنا عدت القناة، ودخلت وصلت إلى إيه؟ إلى مر "متلا" وانضربت عند "متلا" -واخد بالك- وبعدين الإنجليز بعتوا الإنذار، وقال لك إيه؟ الفصل بين القوات، الفصل بين القوات يعني قواتنا إيه؟ تنسحب، ونزلوا في إيه؟ في بور سعيد وصدر أوامر بسحب القوات الإيه؟ المسلحة كلها من سينا، فما كانش فيه حرب بالمعنى المفهوم يعني، يعني القوات المصرية لم تعط أي فرصة للقتال، فابتدا همها كله إن هو إزاي يوقف الهجوم البريطاني الفرنسي اللي هو نزل في بورسعيد، القوات المصرية انسحبت، وأصبح الدفاع عن جنوب بور سعيد، لمنع الانتشار جنوباً، واحتلال السويس لمنعهم من الدخول من اتجاه السويس.
أحمد منصور: هل ساعدت هذه الحرب في ترسيخ أقدام إسرائيل في المنطقة.
سعد الدين الشاذلي: طبعاً، طبعاً، لأن كان هناك اتفاق سري بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على أساس إنهم إيه؟ يعني بريطانيا وفرنسا كانوا بيوفروا الحماية الجوية لإسرائيل، لأن هذه اللحظة، كانت القوات الجوية الإسرائيلية ماهياش بالقوة الخطيرة يعني، فهم كانوا بيوفروا لها الحماية الـ.. إيه؟ الجوية، وكونهم يدمروا القوات الجوية المصرية بدون إسرائيل ما تحارب أو حاجة، فكل ده بيصب في إيه؟ في النتائج الإيجابية بالنسبة لإسرائيل مافيش شك يعني.
أحمد منصور:
إذا كانت أسباب حرب 48 قد ذكرناها في الحلقة الماضية، لو أردنا أن نحدد أسباب الحرب 56.
سعد الدين الشاذلي: طبعاً أسباب حرب 73 هو..
أحمد منصور: 56.. 56.
(6/428)
سعد الدين الشاذلي: 56.. حرب 56 هو تأميم قناة السويس، لو تذكر إن جمال عبد الناصر أمم قناة السويس، وطبعاً هذا التأميم اتخذته بريطانيا على أساس إن هو يعني موجه لها مواجهة.. توجيه مضاد لها، وفي الوقت نفسه فرنسا كانت بتجد إن إيه؟ عبد الناصر بيساعد ثوار الجزائر، فالأخرى عايزة إيه؟ تساهم في إسقاط جمال عبد الناصر، فاجتمعت دولتين عظمتين إنجلترا وفرنسا، مع إسرائيل طبعاً النتيجة لازم تكون محسومة يعني ذهنياً، كما قلت قبل ذلك: كل قوات مسلحة لها قدرات لا تستطيع أن تتجاوزها، لا تستطيع أن تتجاوزها يمكن جمال عبد الناصر ما فكرش إن ممكن إن بريطانيا، وفرنسا.
أحمد منصور[مقاطعاً]: يدخلوا في الحرب.
سعد الدين الشاذلي: يقدم على هذه الخطوة، إنما اللي حصل إنهم أقدموا، وعلشان كده أول ما أقدموا، سحب كل القوات اللي موجودة في سيناء، وخلي المعركة الرئيسية إن هو يواجه البريطانيين والفرنسيين اللي هم جايين بيحتلوا الأراضي المصرية من اتجاه بورسعيد، وطبعاً لولا تدخل الاتحاد السوفياتي، والضغوط التي مارستها أمريكا على كل من إنجلترا وفرنسا، كان الموقف هايبقى صعب طبعاً.
أحمد منصور: نتائج الحرب كان لك رؤيتك الخاصة لنتائج حرب 1948م، فما هي رؤيتك لنتائج حرب 1956م؟ هل كانت هزيمة أم نصر؟
(6/429)
سعد الدين الشاذلي: شوف بقى.. عايز أقول لك، كناقد عسكري، وليس.. قلت لك أنا كنت قائد كتيبة، كتيبة هتروح فين في وسط الهلمة دي كلها يعني؟ إنما كناقد عسكري، وكشاهد على العصر، أقول لك إيه؟ كل حرب الهدف منها، الهدف من أي حرب إنك أنت تنتصر على الخصم بتاعك، وإذا انتصرت على الخصم، فإنك أنت ترغم العدو على أن يتصرف طبقاً لإرادتك، إذا أنا دخلت الحرب، وما نجحتش في أن أرغم الخصم على أن يتصرف طبقاً لإرادتي، فيبقى أنا محققتش حاجة، فلو افترضنا مثلاً إن إيه؟ إنجلترا وفرنسا دخلوا الحرب، لإسقاط جمال عبد الناصر، وتشجيع الشعب المصري مثلاً على إنه يسقط عبد الناصر، ما سقطش عبد الناصر يبقى هم ما نجحوش، خدت بالك؟ إذن بالرغم من إن حصل هزيمة عسكرية سنة 56، ومانقدرش ننكر إنها هزيمة عسكرية، وبعدين ما نقدرش نقول إنه عيب، القوات المصرية تحارب ضد إنجلترا وفرنسا وإسرائيل مجتمعين؟! مش ممكن، مش ممكن شيء غير معقول يعني، وكان السلاح بتاعنا لغاية دلوقتي.. كان الروس ابتدوا يدونا أسلحة، بس كان لسه ما أيه؟ ما اتهضمش، وما.. ما وصلش.. فإذن ماقدرش أقول إن إيه حرب 56 كانت نصراً عسكرياً، بالنسبة لإنجلترا وفرنسا وإسرائيل.. ولكن لم تحقق الهدف السياسي بتاعها وهو إرغام القيادة السياسية المصرية على أن تتصرف طبقاً لما تريد.
طبيعة ودوافع العلاقات المصرية السوفياتية
في عهد عبد الناصر
(6/430)
أحمد منصور: سعادة الفريق.. من السهل -الحقيقة- فلسفة نتائج الحروب بشكل أو بآخر لكن سعادتك هنا تطرقت الى الاتحاد السوفيتي، وبداية علاقته بمصر، وإرسال سلاح وغير ذلك، بدأت علاقة الاتحاد السوفيتي تتوطد بمصر، في الوقت الذي بدأت تسوء فيه العلاقات مع الولايات المتحدة، وبدأت البعثات السكرية المصرية تتوجه الى الاتحاد السوفيتي، وكنت أحد الذين أرسلوا في بعثة إلى الاتحاد السوفيتي في عام 1958م، كيف كانت بعثتك إلى الاتحاد السوفيتي؟ وما الذي أفادته لك من الناحية العسكرية؟ وكيف كانت طبيعة العلاقات العسكرية المصرية السوفيتية في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: هو مافيش شك إن واحد زي حالاتي حضر بعثات في أمريكا، وبعثات في الاتحاد السوفيتي، تشعر بمدى الجدية في جانب الاتحاد السوفيتي، لأن يعني مثلاً تبص تلاقي البعثات بتاعتنا إلى أمريكا، والدول الغربية بتبعت واحد أو اتنين، إنما في البعثات بتاعت الاتحاد السوفيتي تبعت مائة، تبعت فصل كامل مثلاً من القادة مثلاً ثلاثين يعملوا فصل، بيتعلموا.. فطبعاً دي بتعمل عملية إسراع شديد جداً في الإيه؟ في أسلوب التعليم لأن المفروض إنك أنت اللي بيروح بعثه ده بيتعلم، ويجي يعلم الناس اللي إيه؟ التانيين، فلما تبعت واحد غير ما تبعت ثلاثين يبقى فيه إيه؟ ثلاثين معلم وثلاثين قائد، بالإضافة الى ذلك كان فيه خبراء -مثلاً- سوفييت ييجوا في مصر علشان يعلموا في نفس الوقت، فعلشان.. يعني كانت الماكينة شغالة بأقصى سرعة.
أحمد منصور: إيه دوافع التوجه إلى السوفيات وليس إلى الأمريكان في ذلك الوقت؟
(6/431)
سعد الدين الشاذلي: هو زي جمال عبد الناصر ما أشار قبل كده، إن هو خطى خطوة في اتجاه أمريكا، خدت بالك؟ ولم يجد استجابة من أمريكا، لأن هو -كرجل استراتيجي- فهم إن لا يمكن إن هو عايز سلاح علشان يحارب به إسرائيل، هه؟ إنها مش هاتدي له السلاح، فما ستجابوش يعني، فوصل إلى إن الخيار اللي قدامه هو إيه؟ هو الاتحاد السوفيتي.
أحمد منصور: ما مصلحة السوفييت في إمداد المصريين بالسلاح، وتدريبهم والوقوف إلى جوارهم، وهم أيدوا قيام إسرائيل في 47، 48؟
سعد الدين الشاذلي: تمام، ولكن السياسة ما هياش ثابتة أبد الدهر، يعني هو فعلاً أيد إيه؟ أيد إسرائيل، وكان بيعتبر مصر والدول العربية منطقة نفوذ تقليدية لأمريكا، لذلك لما عبد الناصر حب يصلح المسار بتاعه، وإن هو يتقرب للاتحاد السوفيتي، الاتحاد السوفيتي كانوا متشككين، متشككين وبياخدوا خطوات مترددة، وعلشان كده هو أول صفقة عملوها في السلاح سنة 55 مع جمال عبد الناصر، معملوهاش علني، خلوها تعقد مع تشيكوسلوفاكيا، وكأن الاتحاد السوفيتي إيه؟
أحمد منصور: ليس له صلة مباشرة..
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]: ليس له صلة مباشرة، ده يوري لك قد إيه الحساسية اللي كانت بتحسبها الاتحاد السوفيتي، ولكن.. أنا عايز أقول لك حاجة، دلوقتي مجرد إن مصر تطلع من النفوذ الأمريكي ده يعتبر مكسب للاتحاد السوفيتي، حتى لو لم تدخل ضمن النفوذ الأيه؟
أحمد منصور: السوفياتي.
سعد الدين الشاذلي: الاتحاد السوفياتي فهنا كانت نظرة الاتحاد السوفيتي، إذا ساعدت مصر، والدول العربية من بعد ذلك على أن تخرج من دائرة النفوذ الأمريكي، فهو يعتبر مكسب للاتحاد السوفيتي، وعلاقة بتقود إلى علاقة، بتتوط العلاقة سنة بعد سنة، وبعد ما توطدت عن طريق مصر انتقلت الى سوريا، والعراق.. وهكذا، وكثير من الدول.
أحمد منصور:
(6/432)
ما هي الفوارق الأساسية التي لاحظتها ما بين فترة التدريب السابقة في الولايات المتحدة، وفترة التدريب في الاتحاد السوفيتي بعد ذلك؟
سعد الدين الشاذلي: قلت لك فترة التدريب بتاعة السوفييت، كانت بتشمل المستويات العليا، يعني بتشمل قيادة الجيوش، وتنظيم القوات المسلحة، واستخدام القوات الجوية، والدفاع الجوي، مع القوات البرية، يعني بتعالج المشاكل العليا الكبيرة، دوكها كان يعني الحاجات الفنية اللي هي في القيادات الوسيطة، إنما مابيطلعش فوق..
أحمد منصور[مقاطعاً]: الإمكانات العسكرية.. لاحظت إن الأمريكان كانوا أكبر في إمكاناتهم العسكرية من السوفيت حتى في التدريب؟
سعد الدين الشاذلي: من ناحية مساعدات التدريب أيوة، يعني هم مساعدات التدريب.. كلمة بنطلق عليها مساعدات التدريب، ميدان مخصوص علشان تضرب فيه النار، تستعرض فيه نيران الدبابات وخلافه.. عندهم مساعدات التدريب أفضل، إنما السوفيت مهوماش متخلفين عنهم.
أحمد منصور: هل نستطيع أن نقول أن السوفيت بدأوا في تلك الفترة بعد 56 أن يلعبوا دور في بناء الجيش المصري؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. طبعاً، بس مش في بناء.. مش في الناحية التنظيمية أو من ناحية.. من ناحية الخبرة، من ناحية الخبرات بيقدموا الخبرات بتاعتهم، والضباط والقادة اللي بيرحوا البعثات في الخارج وبيجوا متأثرين بهذه التنظيمات، ولكن عندما نضع تنظيم فالتنظيم مصري، والفكر مصري، ولكن، مافيش شك إنه متأصل بالنظريات الحديثة وبالخبرات السوفيتية.
أسباب ودوافع البعثة العسكرية المصرية إلى الكونغو
(6/433)
أحمد منصور: سعادة الفريق.. في العام 1960م تم تشكيل أول قوة عسكرية مصرية، للمشاركة في مهام تابعة للأمم المتحدة، وكانت مهمتها إلى الكونغو، وكنت أنت قائد هذه الكتيبة، يعني فيه أشياء كثيرة أنت كنت أول من فعلها، وكان هذا أول مشاركة مصرية في قوات الأمم المتحدة، كيف حدث هذا؟ وما طبيعة العلاقة التي كانت قائمة ما بين الرئيس عبد الناصر وما بين (لومومبا) في الكونغو في تلك الفترة؟
سعد الدين الشاذلي: الرئيس عبد الناصر في هذا الوقت لم يكن بطلاً مصرياً عربياً، فحسب، بل كان بطلاً عربياً، وزعيماً عربياً وزعيماً إفريقياً، وكان بيساعد معظم الحركات التحررية في العالم العربي، وفي إفريقيا، فكان له شهرة كبيرة جداً..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هل وضع مصر كان يسمح لها أن يكون لها هذا الامتداد، وهذا النفوذ في الوقت اللي أمامها عدو واضح هو إسرائيل، كان يجب أن توجه طاقاتها إلى ..
سعد الدين الشاذلي: مرة أخرى أقول: أنا كنت قائد كتيبة، فأنا لا أريد أن أناقش مواضيع إلا اللي أنا عنصر أساسي في إحداثها أو على اتصال مباشر بها.. على اتصال مباشر بها.
أحمد منصور: سأحقق لك هذه الرغبة، وإن كنت أنت أيضاً محلل عسكري..
سعد الدين الشاذلي[مقاطعاً]: صح.
أحمد منصور[مستأنفاً]: ومن خلال -أيضاً- تحليلك، ورؤيتك وشهادتك تستطيع أن تدلي برأيك في هذه الأمور.
سعد الدين الشاذلي: ممكن في هذه الحالة أدلي بتحليل، ولكن ليس مبني على بيانات موجودة في هذا الوقت يعني أعود مرة أخرى على إن إيه؟ نتيجة هذا الموقف الزعامي لجمال عبد الناصر، فإنه كان بيشارك في العمليات التحررية ضد الاستعمار في أفريقيا كله، ومنهم لومومبا، لما راح على الاستعمار البلجيكي، و(لومومبا) وصل الى الحكم كان من الطبيعي إن جمال عبد الناصر يقدم له الإيه؟
أحمد منصور: المساعدة.
سعد الدين الشاذلي: المساعدة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: رغم أن الكونغو تبعد عن مصر خمسة ألاف كيلو؟
(6/434)
سعد الدين الشاذلي: تمام كده، ولكن الغريب إن إحنا رحنا بطائرات أميركية، ما هو شوف التناقضات يعني، ولكن -كما قلت- السياسة الخارجية مافيهاش زواج كاثوليكي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إحنا مش سعادة الفريق- نتجاوز النقطة دي، كيف ذهبتم بقوات أميركية لدعم.. بطائرات أميركية لدعم لومومبا وكانت العلاقات بين عبد الناصر وأميركا ظاهرها أنها علاقات متوترة في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: مش لدعم.. مش لدعم لومومبا، إحنا لدعم الأمم المتحدة، وما هو شوف.. قلت إن السياسة مالهاش -للأسف الشديد- أخلاقيات يعني، لها مصالح، وأميركا عندما تجد أن الحليف بتاعها أصبح عبء عليها تتخلى عنه على طول، وهذا حصل في التاريخ، حصل مع شاه إيران.. وخلافه وكثير فأمريكا عرفت إن جمال عبد الناصر له قوة تأثير، ولا يمكن إنها تعمل حاجة في أفريقيا ما لم يكن إيه؟ مصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هناك ترتيب معها..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: مصر لها مشاركة فيها، فلما حصل إن إيه؟ البلجيك انسحبوا ولومومبا وصل إلى الحكم لازم يكون فيه قوة تضمن هذا الموقف، تضمن سلامته، فكان قرار الأمم المتحدة والأمم المتحدة هاتبعث قوات، علشان تسيطر على هذا الموقف، وتثبت الموقف، أو بمعنى آخر تملا الفراغ اللي كان إيه؟ ملياه إيه؟ بلجيكا.. فأنا رحت مش علشان أدعم لومومبا، أنا رحت علشان جزء من قوات الأمم المتحدة، لمليء الفراغ نتيجة طائرات انسحاب إيه؟
أحمد منصور: البلجيكيين.
سعد الدين الشاذلي: البلجيك، ففي إطار الأمم المتحدة طائرات C 130 أميركية، هي اللي جت، ونزلت هنا في مطار القاهرة، وهي اللي نقلتني بالكتيبة بتاعتي إلى إيه؟ إلى (ليوفودليت).
أحمد منصور:
نعم، سعادة الفريق.. في ذلك الوقت كان هدف الرئيس عبد الناصر هو دعم لومومبا أم فعلاً المشاركة أو إدخال إلى نطاق المشاركة في عمليات السلام، وقوات حفظ السلام في العالم؟
سعد الدين الشاذلي:
(6/435)
ما تقدرش تفصل الاتنين عن بعض، ما تقدرش تفصل عن بعض، طبعاً الظاهري والرسمي، إن إحنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تحت راية الأمم المتحدة وحفظ السلام
سعد الدين الشاذلي:
تحت راية الأمم المتحدة، إنما أنا كقائد كتيبة ما أقدرش أنسى إن أنا جزء من النظام المصري، و.. ومؤمن -في هذا الوقت- بهذه التوجهات، وإن لازم نساعد الدول الإفريقية في إنها تنهض، وإنها تناهض الاستعمار وكذا.. ولازم نثبت أقدام لومومبا، فمتقدرش تفصل دول عن دول، إنما ده موجود، وده موجود.
أحمد منصور: كيف كانت تجربتك كأول قائد مصري لكتيبة مصرية، للمشاركة في مهام حفظ السلام بعد عام 52 كيف كانت تجربتك في الكونغو؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. تجربة ثرية جداً، لأنك أنت يعني أي قائد مهما كبر وهو موجود هنا في وسط البلد بتاعته، دايما هناك من هو أكبر منه، إنما لما تيجي أنت تبص تلاقي على بعد خمسة آلاف كيلو زي أنت ما قلت، خلاص أنت معتمد على نفسك on your own بشكل في كل حاجة، يعني كأنك ممثل لرئيس جمهورية، وأذكر جمال عبد الناصر كان عنده برضو رؤية، هو.. أنا قائد كتيبة وهاروح ضمن الأمم المتحدة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هو اختارك -الرئيس عبد الناصر؟ يعني هل كان له دور في اختيار قائد هذه المهمة التي كانت الأولى؟ وله أهداف أيضاً سياسية من ورائها؟
(6/436)
سعد الدين الشاذلي: برضو مقدرش أضيف على هذا، وإن كنت أعتقد أن هذا حصل يعني، أعتقد يعني برضو كتحليل يعني، لأن لا يمكن حتى القائد العام لما ييجي هكذا يقول لك أولاً هنبعت كتيبة، هنبعت إيه؟ كتيبة مظلات، طب كتيبة مظلات.. طب مين اللي هايقودها؟ يبقى.. خدت بالك؟ فلازم يحصل نوع من التشاور قطعاً، حصل هذا، إنما اللي حصل بقى، فوجئت أنا بقى.. يعني عايز أجهز الكتيبة في 24 ساعة، بالمظلات بتاعتها باللي.. باللي.. باللي.. كل ده في وقت.. وبعدين تبص تلاقي بقى كان وقتها.. المهم قالوا لي إن جمال عبد الناصر قال لهم إيه؟ قال لهم: الراجل ده هايروح دلوقتي وهايبقى في آخر الدنيا وجايز تطلع له مشاكل مايعرفش يحلها، طب إيه الفكرة؟ قال: أدو له 50 ألف دولار باسم الكتيبة أصرف منها، مفيش قيود، يعني خدت بالك؟ أنا فعلاً يعني مهياتنا والجنود دي موجودة هنا، وبناكل هناكل على حساب الأمم المتحدة، وهناخذ Pocket Money من الأمم المتحدة، إنما فيه حاجات unexpected، وفعلاً ظهرت حاجات unexpected فراح محول باسمي على بنك في (ليوفودليت) خمسين الف دولار، أنفق منها دون أي قيود، مافيش (أهوه) يعني ماتقوليش لا سلطة وزير مالية، ولا سلطة بتاع، المهم إن أنا بأقول: بصرف كذا، وبقول كذا كذا كذا، فدي برضو من ضمن اللمسات اللي إيه؟ مش كل واحد ياخد باله منها، فرحت هناك طبعا أنا رايح تبع الأمم المتحدة، تبص تلاقي الناس الكونغوليين اللي هم العاديين، رجل الشارع يعني، مقبلنا بالأعلام المصرية، أنا رايح أمم متحدة. فده يوريلك إيه؟ سمعة مصر، وسمعة جمال عبد الناصر، هه؟ عند الناس دول، فقلت لك ما تقدرش..
أحمد منصور [مقاطعاً]: انطباعك إيه؟ وأنت على بعد خمسة آلاف كيلو، ولقيت مصر والأعلام، وعبد الناصر وكذا..؟
(6/437)
سعد الدين الشاذلي: آه.. ده مش كده وبس، ده أنا معايا شحنة من المطبوعات بالعربي وبالفرنساوي، علشان أوزعها على الناس دول كمان، زي ما قلت لك ما تقدرش تفصل دي عن دي، فطبعاً بأوزع لهم الحاجات الإعلامية دي كلها، فطبعاً كانت فترة ثرية وفي الوقت نفسه الأمم المتحدة هي مصدر المعلومات، وهي مصدر السلطة.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة سعادة الفريق.. سوف نتناول هذا الجانب الهام، تقييم تجربة أول بعثة مصرية تابعة للأمم المتحدة في الكونغو في عام 1960، الى 1961م وأنت كنت قائد هذا الأمر، حرب اليمن ومشاركة القوات المصرية فيها، وقد -أيضاً- كلفت بقيادة جانب معين من القوات المصرية في اليمن، ثم بعد ذلك هزيمة 1967، أسبابها، وكيف وقعت.
أشكرك سعادة الفريق على ما أدليت به في هذه الحلقة، كما أشكركم- مشاهدينا الكرام- على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس الأركان الأسبق للقوات المسلحة المصرية) في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(6/438)
الحلقة3(6/439)
الثلاثاء 19/1/1423هـ الموافق 2/4/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 20:59(مكة المكرمة)،17:59(غرينيتش)
سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري الأسبق الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
- سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق
تاريخ الحلقة
20/02/1999
- المشاركة المصرية في الكونغو وتأثيرها على الشاذلي سياسياً وانعكاسها على وضع مصر دولياً
- تعيين الشاذلي ملحقا حربيا في لندن
- مشاركة مصر في حرب اليمن وتقييم الشاذلي لها
سعد الدين الشاذلي
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر).
حيث نواصل الاستماع إلى شهادة سعادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق).
مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي: أهلاً.
المشاركة المصرية في الكونغو وتأثيرها على الشاذلي سياسياً وانعكاسها على وضع مصر دولياً
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند الكونغو والمهمة التي انيطت بك لقيادة الكتيبة المصرية للمشاركة في القوات التابعة للأمم المتحدة لحفظ السلام هناك بعد خروج.. بعد مجيء (لومومبا) وخروج البلجيك من تلك الدولة التي كانوا يحتلونها.. سعادة الفريق من المعروف أن الرئيس عبد الناصر كانت له طموحات في أفريقيا وكان له دعم خاص لحركات التحرر، الولايات المتحدة كان لها أيضاً مخططاتها ولها استراتيجياتها، هل وجدت حينما وصلت بالقوات المصرية إلى هناك إن مشاركتكم في هذا الأمر يجب أن تكون تحت سيطرة وتوجهات الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة، خاصة وأنكم ذهبتم بطائرات أميركية؟ هل لكم كانت أيضاً مقاصد أبعد من مجرد حفظ السلام في تلك المهمة؟
(6/440)
سعد الدين الشاذلي: كما سبق أن قلت ما تقدرش.. لا تستطيع أن تفصل هذا عن هذا، نحن ذهبنا تحت علم الأمم المتحدة، ولكن توجهات مصر معروفة، وكان ذلك واضحاً من المكان الذي خصص للكتيبة العربية.
أحمد منصور: كيف؟
سعد الدين الشاذلي: وضعت في.. لو تتخيل الخريطة بتاعة الكونغو في أقصى الشمال الغربي من الكونغو، الكونغو مساحة واسعة جداً، فكان تبعد عن (ليوبرلفيل) العاصمة أكثر من ألف كيلو، يعني المنطقة اللي أنا فيها...
أحمد منصور [مقاطعاً]: حتى لا يكون لك أي شكل من أشكال التأثير.
سعد الدين الشاذلي: أيوه يعني تصور المكان اللي أنا متمركز فيه يبعد عن (ليوبولفيل) العاصمة ألف كيلو.. ألف كيلو...
أحمد منصور [مقاطعاً]: فأتاحوا لكم فرصة المشاركة والعزل في نفس الوقت عن ممارسة أي دور.
سعد الدين الشاذلي: تقريباً آه، وكنت أنا ماسك على الحدود بين الكونغو وإفريقيا الاستوائية اللي هي كان فيها الاستعمار الفرنسي مازال قائم، كان بيننا وبينهم نهر يعني النهر هو الحد الفاصل بين الدولتين، كنا بنسمع الموسيقى بتاعتهم حتى في الطرف الآخر، فأولاً إنما كانت فرصة.. فرصة الاحتكاك العسكري لأول مرة مع قوات مسلحة أجنبية بس كلهم أفارقة.. كلهم أفارقة، فيعني على سبيل المثال...
أحمد منصور: قبل هذه، اسمح لي سعادة الفريق فيه جملة حضرتك ذكرتها وهي الكتيبة العربية، ماذا كنت تقصد بالكتيبة العربية وليس المصرية؟
سعد الدين الشاذلي: أيوه، كان الاسم بتاعها كده لأنها كانت كتيبة مشتركة من المصريين والسوريين، وكانت مصر في هذا الوقت الجمهورية العربية المتحدة.
أحمد منصور: كانت الوحدة السورية المصرية قائمة.
سعد الدين الشاذلي: واسم.. مصر اسمها الجمهورية العربية المتحدة تشمل الإقليم الشمالي اللي هو سوريا والإقليم الجنوبي اللي هو مصر.
أحمد منصور: هل كان معك سوريين في؟
سعد الدين الشاذلي: معايا سوريين.
أحمد منصور: كانت نسبتهم كم؟
(6/441)
سعد الدين الشاذلي: الكتيبة، 3/1 الكتيبة سوريين و3/2 مصريين، وده برضو المرة الأولى و الأخيرة التي يدمج فيها المصريين والسوريين في وحدة واحدة تحت قيادة واحدة.
أحمد منصور: عسكرياً.
سعد الدين الشاذلي: الأولى والأخيرة، الكتيبة العربية في الكونغو، وبعد العودة حلت وعاد الأمر كما كان عليه القوات السورية سورية والقوات المصرية مصرية.
أحمد منصور: هل كان السوريين، عفواً طالما تطرقنا لهذا، السوريين كانوا بيستشعروا إن هم سوريين وكانوا وحدهم ولهم قيادتهم، أم كانوا فعلاً بيشعروا بشكل من أشكال الامتزاج والذوابان مع المصريين؟
سعد الدين الشاذلي: ده يتوقف على الفرد نفسه، إنما أقدر أقول إن أيه، المزاج العام كان فيه قناعة من الطرفين إن قوتنا في إن إحنا نتحد، هي المسألة ما دام تكون فيه قناعة، أنا لوحدي غير قادر، وأنت غير قادر لوحدك، إنما لما نندمج فيبقى فيه قوة للطرفين، فلازم يكون فيه مكسب للطرفين، أصل لا يمكن إنك أنت تعمل وحدة، ويكون فيها مكسب لطرف واحد، ولا يتماشى مع العقل والمنطق يعني.
أحمد منصور: نعود إلى الكونغو وما ذكرته سعادتك من إن كان فيه شكل من أشكال الاستفادة من خلال الاحتكاك مع..
سعد الدين الشاذلي: مافيش شك، الإفادة العسكرية مثلاً إني أبدأ.. لأول مرة بنشوف قوات مسلحة أجنبية، يعني إحنا ما كانش أيامينا لا بنعمل قولة مناورات مشتركة مع دول أخرى، لأنه أميركا وإنجلترا دول كلهم أعداء بالنسبة لنا يعني بالعكس بنخفي عنهم كل أسرارنا، وهذه الأسرار لا يمكن إنك أنت تخفيها لما تعمل مناورات مشتركة مع دول أخرى يعني، فشوفنا الدول بس كل القوات الأجنبية اللي كانت هناك قوات يا إما عربية يا إما أيه، يا إما أفريقية.
أحمد منصور: ما هي الدول العربية الأخرى التي شاركت؟
(6/442)
سعد الدين الشاذلي: كان فيه تونس، وكان فيه المغرب، المغرب كان لها قوات، وتونس كان لها قوات، فيه إندونيسيا كان لها قوات، أثيوبيا لها قوات، كثيرين يعني بس دي اللي هي القوات الرئيسية الكبيرة يعني، السودان كان له عدد محدد من الأفراد، فشوفنا وبعدين ده بيشعرك مرة أخرى بالتميز، لأن مثلاً تبص تلاقي الله دا التنظيمات والتسليح بتاعهم زي التسليح بتاعنا قبل الثورة، اللي هي البندقية...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كنتم أنتم أحدث تسليحاً من كل القوات الأخرى الموجودة؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً، يعني الكتيبة بتاعتي اللي هي عددها لا يتراوح أكثر من 500، إنما قوة النيران بتاعتها.. قوة النيران بتاعتها تعادل قوة نيران أكثر من لواء.
أحمد منصور: يعني كنتم تقدروا تعملوا انقلاب فعلاً. ولهذا أبعدوكم إلى منطقة نائية.
سعد الدين الشاذلي: قوة النيران.. فتبص تلاقي التنظيم يعني كل جندي يعني بيحمل بندقية رشاشة، فكمية النيران كبيرة يعني، وعندي أسلحة مضادة للطائرات رشاشات ثقيلة ويعني فيه تسليح متميز عن التسليح بتاع الأيه؟ الدول الأخرى خدت بالك، تحس إن أيه، الله طب أنت لما تقارن نفسك هم أكثر عدداً، خدت بالك، ولكن يعني تبص تلاقي لواء، ولكن كمية النيران بتاعته لما تيجي تحسبها كمية النيران بتاعة الكتيبة بتاعتي تكون أكثر، فالاحتكاك ده كان له فوايد في إن إحنا بنشوف دول بيفكروا إزاي وكذا كذا كذا.
أحمد منصور: كان فيه فوائد لمصر نفسها من وراء هذه المشاركة؟
سعد الدين الشاذلي: مرة أخرى بتقذف وأنا كقائد كتيبة إلى مستوى رئيس وزارة مثلاً أو أيه.. أو حاكم، فهذه أيه.. أكبر من..
أحمد منصور: أنا آمل.. أنا آمل سعادة الفريق إن ده ما يكونش هروب من السؤال يعني.
(6/443)
سعد الدين الشاذلي: لا أبداً ما هوش هروب يستحيل، لابد أنا لا أريد أن أجيب على حاجة نظرية إلا زي ما بأقول لك لما بنيجي نتكلم على الحل العسكري، لما أنظر على التجربة كلها وآجي أقيمها أتكلم كمحلل عسكري.
أحمد منصور: كمحلل عسكري.
سعد الدين الشاذلي: وكقارئ للأيه.. للتاريخ يعني.
أحمد منصور: عفواً أنا قبل ما آخذ رأيك كمحلل عسكري، الآن أنت كنت تذهب أو ذهبت إلى هناك وفي ذهنك يعني أشياء محددة، فوجئت بأنهم قد وضعوك هناك في أقصى الشمال الغربي بحيث لا تستطيع أن تحقق شيئاً مما كنت تصبو إليه من وراء الوجود العسكري كهدف من أهداف الذهاب، ماذا فعلت؟
سعد الدين الشاذلي: وفي ذهنك شيء معين، لا لم يكن في هذا في ذهني، دا استنتاج بقى لما بصيت لقيت نفسي موضوع في أيه..
أحمد منصور: في أقصى الشمال الغربي.
سعد الدين الشاذلي: في أقصى الشمال الغربي ومش كده بس دا أنا الجار بتاعي على طول بقى دولة معادية فرنسا، فرنسا موجودة على الحدود ووصل بيهم إن في يوم من الأيام دخلوا بسيارتين على كان فيه بلد اسمها (الليجنجي) دي على الحدود على طول كان فيها سرية وفاتوا على طيران واطي بارتفاع مثلاً 50 متر أو 100 متر، Show Force يعني استعراض للقوة، استعراض قوة عشان يشوفوا أيه اللي هيحصل.
أحمد منصور: رد الفعل.
(6/444)
سعد الدين الشاذلي: أيه رد الفعل، طبعاً أنا قلت لك أنا على مسافة 5000 كيلو ولازم أتصرف، طبعاً السرية أنا كنت حاطط سرية في هذه المدينة، أو مش مدينة تجمع يعني هي بين.. بين القرية وبين المدينة، فيعني زي ما تقول مستعمرة يعني، ما عندوش أسلحة مضادة للطيران، قمت قلت أنا أعمل كمين لهذه الطيارات عندي 6 مدافع مضادة للطائرات الثقيلة يعني، رشاشات ثقيلة رحت واخذ الأربع مدافع دول كلهم اللي عندي وموديهم هناك عند.. في منطقة (اللينجيجي) دي وقعدت على أساس إن أنا أعمل كمين إن لو جم أضرب على طول أنا سواء تبع الأمم المتحدة أو أنا تبع.. تبع مصر مافيش قائد يسمح لناس إنهم أيه.
أحمد منصور: ينتهكوا مجاله.
سعد الدين الشاذلي: أنا موجود هنا هوت يعني، المفروض إنك أنت لما تيجي كده أنت معتدي، سوا بتعتدي على الأمم المتحدة أو بتعتدي على مصر ده النتيجة واحدة، ولكن ما بأقدرش أقول لمحسن الحظ أو لسوء الحظ ماكرروهاش أيه..
أحمد منصور: قيادتك في.. في ذلك الوقت كانت.. كنت بتعود إلى القيادة المصرية أم إلى قيادة الأمم المتحدة؟
سعد الدين الشاذلي: لأ إلى قيادة الأمم المتحدة طبعاً، إلى قيادة الأمم المتحدة، لأن أنا تابع للأمم المتحدة والقيادة بتاعة الأمم المتحدة في (ليوبولغيل) وأنا كانت القاعدة بتاعتي في (جنزآب) أو في يمكن ما تتخيل مثلاً المساحة اللي أنا كنت مثلاً مسؤول عنها بالكتيبة دي يعني مساحة (...) مساحة ضخمة يعني، مساحة ضخمة.
أحمد منصور: سعادة الفريق هل سعيت إلى إنك أنت تحاول تكون قريب من العاصمة، تحاول إنك يعني تدعم حركة التحرر هذه التي كان الرئيس عبد الناصر يدعمها ويقف إلى جوارها وهي حركة لومومبا؟
(6/445)
سعد الدين الشاذلي: هذا الفكر بدأ يتولد عندنا بعد سقوط (لومومبا)، لأن طول ما (لومومبا) في الحكم ما تفرقش معانا إن أنا موجود في الشمال أو موجود في الجنوب، ولكن لما حصل انقلاب ضد لومومبا وجه (موبوتو) للحكم منذ اليوم الأول ابتدى يهاجم مصر بصفة عامة ويهاجم جمال عبد الناصر هجوم شديد وإنهم مستعمرين وإنهم مش عارف أيه والكلام ده وما يصحش يستنوا في الأمم المتحدة، حاجات من هذا القبيل، فكان الحكم بدل ما كان فيه موالاة مع مصر أصبح أيه.. معادي لمصر، وهنا بقى ابتدى الفكر إن لازم يكون لنا أيه.. قوة تأثير، وأنا موجودة في أقصى الشمال، وكان عندي طائرة، كانت مصر سيبة لي طائرة إليوشن 14، الطيارة بتشيل 20 واحد، إنما بالطيارة دي ابتديت أسرب بعض من القوات بتاعتنا مرة 10 ومرة 20 يروحوا كده ويروحوا، يروحوا 20 ويرجع 5..، فبعد فترة زمنية كنت حطيت في مطار (ليوبولفيل) يجي 200 عسكري.
أحمد منصور: مصري.
سعد الدين الشاذلي: مصري، آه خذت بالك، حبس قائد قوات الأمم المتحدة كان اسمه جبرال (رانهور) حس بإن أنا أيه عملت العملية دي، فطلبني في المكتب، وقال لي: أنت نقلت قوات إلى مطار (ليوبولفيل) في إنما اللي هأنقلهم في (ليوبوفيل) احطهم فين، ففي المطار في حتة فاضية كده وأيه.
أحمد منصور: وقعدوا على الكفر.
سعد الدين الشاذلي: قعدوا على الكفر، فحاجة ما تقدرش تخبيها يعني، 200 عسكري بالخيام بتاعتهم بالتباع ومش عارف أيه، بأكلهم مش ممكن، فطلبوني فرحت قابلت جنرال (رانهور) في المكتب فقال لي: أنت نقلت قوات كذا وما خدتش إذن بيها، ومين اللي قال لك تنقلها وبتاع؟ أنا سبته يتكلم في الآخر وبعدين قال لي: لازم تسحب القوات دي، هنا كانت بقى الأمور كانت شدت إلى مرحلة المواجهة وطبعاً بمبادرة مني يعني الحقيقية.
أحمد منصور: قيادتك.. قيادتك في مصر ليس عندها علم بهذا الخطوة.
سعد الدين الشاذلي: ليس.. ليس لديها علم.
(6/446)
احمد منصور: اجتهاد شخصي بحت منك.
سعد الدين الشاذلي: اجتهاد شخصي.. اجتهاد شخصي إنما أنا فاهم الخط العام بتاع أيه..
أحمد منصور: يعني سعادتك بادي المشاغبة من بدري.
سعد الدين الشاذلي: لأ، وإدخال النواحي العسكرية مع الناحية السياسية بدايتها.. بداية إيجاد نوع من الترابط بين الأيه القوة العسكرية والقيادة السياسية، خدت بالك، فقال لي اسحب القوات فوراً ورجعها..، قلت له: لا مش هأسحب القوات، الراجل فوجئ بهذا الرد يعني.
أحمد منصور: ده مش عصيان عسكري يعتبر؟
سعد الدين الشاذلي: ده.. ده تمرد عسكري، ده تمرد عسكري واحد برتبة عقيد، أنا عقيد وهو جنرال خدت بالك، فإزاي بيقول هذا الكلام، أنت إزاي بتقول هذا الكلام؟ أنا أقدر أقدمك للمحاكمة وأقدر مش عارف أيه، أقدمك للمحاكمة دي فيما معناها بعد كده كمان.. خدت بالك، فالراجل بقى يعني وشه أصفر وأحمر وأخضر وبقى قايم رايح جاي، فكان المساعد بتاعه واحد (...) اسمه جنرال (ريخي) دا كان هندي قال له يا جنرال سبني أنا هأكلم الكولونيل ده وبتاع واتفاهم وخدني وطلع من المكتب، قال لي: اسمع بقى أنت لازم تشيل من دماغك خالص إنك أنت مصري، أنت هنا لابس البريه الأزرق وأنت تبع الأيه..
أحمد منصور: الأمم المتحدة.
سعد الدين الشاذلي: تبع الأمم المتحدة، أنت دلوقتي لازم تنفيذ الأمم المتحدة وإزاي.. إزاي بتقول للجنرال إنك أنت مش هتسحب القوات، أنا.. بيتكلم عن نفسه. بيقول له: أنا كنت قائد الكتيبة الهندية في قطاع غزة تبع الأمم المتحدة، وكنت تابع للأمم المتحدة 100% وبأنسى حكاية إن أنا علاقتي مع الهند خالص سبتها، يعني قلت له ما أقدرش أفصل بين الاثنين مع بعض، فالمهم..
أحمد منصور: يعني كان واضح الآن هم فهموا إن.. إن سعادتك الآن بتعكس وجهة النظر أو التوجه السياسي المصري تجاه انقلاب (موبوتو)؟
سعد الدين الشاذلي:بالضبط، بالضبط كده.
أحمد منصور: كانت واضحة.
(6/447)
سعد الدين الشاذلي: بالضبط كده.
أحمد منصور: وكانت واضحة عندك كمان؟ كنت ناوي تعمل أيه بالضبط؟
سعد الدين الشاذلي: لا طبعاً واضحة طبعاً، لا لا من غير، المهم يكون فيه قوة.. يعملوا لنا حساب بس، يعني.. يعني يبقى فيه لك قوة وتأثير.
أحمد منصور: يعني بتقول لموبوتو اختشي عيب بطل شتيمة في مصر.
سعد الدين الشاذلي: يتعمل.. يتعمل حساب للموقف المصري، ما تبقاش يعني لقمة سائغة يعني، و200 في (ليوبولفيل) دول يعلموا انقلاب يعني، فالمهم بقى قام لما وجدوا مني هذا الموقف المتصلب قام قالوا المشكلة بقى سياسية، خرجت عن النطاق العسكري بقى، ده راجل تبع الأمم ال متحدة وما بينفذش أوامر الأمم المتحدة ما فيش حل، فاتفقوا معايا قالوا لي أيه: الساعة 6 مساءً -كان الكلام ده الصبح يعني- الساعة 6 مساءً تيجي ومعاك الأيه.. السفير المصري.
أحمد منصور: في ليبرازفيل.
سعد الدين الشاذلي: لا لا في (ليوبولفيل).
أحمد منصور: في ليوبولفيل..
سعد الدين الشاذلي: ليوبولفيل كانت العاصمة ليوبولفيل اللي هي (كنشاسا) اللي هي (كنشاسا) فرحت أنا قابلت مراد غالي، كان مراد غالي في وقتها.
أحمد منصور: الذي أصبح وزير خارجية مصر.
سعد الدين الشاذلي: الذي أصبح فيما بعد وزير خارجية مصر، قلت له: حصل كيت وكيت وكيت وحكيت له القصة علشان ما.. وأنا عملت كذا وكذا، والراجل قال لي كذا وقلت له ما..
أحمد منصور: لكن لم يكن هناك أي تنسيق بينك وبين السفير قبل ذلك.
سعد الدين الشاذلي: لا.
أحمد منصور: في تحريك القوات.
سعد الدين الشاذلي: لا لا لا لا، أنا.
أحمد منصور: كله تقدير.
سعد الدين الشاذلي: تقدير شخصي.
أحمد منصور: منك للوضع..
(6/448)
سعد الدين الشاذلي: أنا أولاً ما أحبش إن أنا أحرج واحد معايا علشان يتحمل مسؤولية حاجة هو مالوش دعوة بيها وبعدين ثانياً: أنا ما أحبش إن واحد يتدخل في اختصاصاتي، يعني يمكن هو لو قال لي أعمل كده أقول له لأ مالكش دعوة.. مالكش حق إنك أنت تقول لي هذا الكلام، أنا الذي أعمل، عمل، فقلت لمراد غالب ورحنا في الميعاد نقابل بقى مش هنقابل رانهورن بقى، الجنرال (رانهورن) هنقابل ممثل (همرشولد).....
أحمد منصور: اللي هو الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي: ممثل.. ممثلة، مندوب في الكونغو، كان واحد يسموه Ambassador على وزن ... مثلاً، وكان يعرف مراد غالب عن طريق الأمم المتحدة فرحنا قعدت أنا ومراد غالب دخلنا وانضم إلينا الراجل اللي هو ممثل الأمم المتحدة ده مندوب (همرشولد) و(ريكي) يبقى إحنا الأربعة فقعدنا ضيفونا وقعدوا يتكلموا، اتكلموا في مش عارف أيه.. ذكرى.. ذكريات يتذكروا الذكريات واتمدت الكلمة القعدة نصف ساعة، ساعة ونصف.
أحمد منصور: وموضوع الجلسة؟!
سعد الدين الشاذلي: والموضوع اللي إحنا جايين فيه ما اتفتحش وبعدين بصيت لقيت مراد غالي بأيه.. بيقول طيب نستأذن إحنا بقى ونمشي، بس أنا غمزته قلت له.. قلت له بالعربي بصوت واطي كده –ما أنا قاعد جنبه على طول- قلت له ما اتكلمنا في الموضوع اللي إحنا جايين.. جايين نتكلم عليه، ما قلت لك فترة الكونغو دي كانت بداية دمج الأيه.. العسكرية مع السياسة.
أحمد منصور: نعم.. نعم.. نعم أنت اعتبرت ده درس سياسي كبير لك.
سعد الدين الشاذلي: درس سياسي كبير جداً..
أحمد منصور: أنت تروح لقضية معينة وتقعد عدة ساعات وما تفتحوش الموضوع وتقوم تمشي!!
سعد الدين الشاذلي: وحصلت بعد كده مع السادات، يعني قصة تانية حصلت لما جيت من لندن استدعوني وقعدت مع السادات ساعة ونص نتكلم ومافتحنيش في الموضوع اللي هو جايبني علشانه.
(6/449)
أحمد منصور: نعم، سنأتي لها إن شاء الله، نعم لكن ده كان أول درس تأخذه من..
سعد الدين الشاذلي: ده كان أول درس، أول درس دبلوماسي سياسي يفوت عليَّ، وكان غريب جداً، يعني أنا بقيت قاعد مستغرب أيه الكلام الغث اللي إحنا بنتكلم فيه ده وسايبين الموضوع الرئيسي.
أحمد منصور: لما خرجت ماسألتش مراد غالي؟
سعد الدين الشاذلي: ما أنا.. طبعاً، طبعاً مجرد دا أنا بقيت يعني وإحنا في الأسانسير عايز أتكلم بس خايف ليكون حد بيعمل أو بتاع، فتنِّي ساكت لغاية ما وصلنا تحت وركبنا العربية قلت له: أيه الحكاية؟ إحنا ما تكلمناش في الموضوع، قال لي: يا جدع كبر مخك، كبر مخك الموضوع أكبر منك وأكبر مني، دا موضوع سياسي الحل بتاعه بين جمال عبد الناصر و(همرشولد).
أحمد منصور: مع إن أنت اللي صنعته.
سعد الدين الشاذلي: أنا اللي صنعته.
أحمد منصور: لكن معنى كده إن عبد الناصر.
سعد الدين الشاذلي: زي.. زي ما يكون ساهمت في عمله مثلاً يعني، قال لي دا موضوع أكبر منك وأكبر مني ده موضوع بتاع جمال عبد الناصر شخصياً و(همشولد) إحنا هنبعت نقول لهم حصل كيت وكيت وكيت وهم هيتفقوا وهم هم هيتفقوا.. يتفقوا مع بعض واللي يتفقوا عليه هيبعتوه لنا نعمله، في خلال 3 أيام كان جه قرار بإن مصر قررت سحب الأيه؟
أحمد منصور: قواتها من الكونغو.
سعد الدين الشاذلي: قواتها من الكونغو، لأن شايفة إن السياسة اللي هي أيه ماشية في الكونغو ماهياش سياسة أمم متحدة وسياسة تنفيذ الخطط الاستعمارية ومش عارف والكلام الكبير ده بقى اللي هو بيتقال يعني وانسحبنا من الكونغو.
أحمد منصور: وتعتبر تجربتك في الكونغو تجربة ثرية ويعني تعتبر أول مزيج لك في حياتك العسكرية بالسياسة.
سعد الدين الشاذلي: صحيح.
أحمد منصور: وقمت باجتهاد شخصي منك ولعبت دور سياسي بقواتك العسكرية ووصل الأمر إلى هذه المرحلة التي وصل إليها الأمر.
(6/450)
كمحلل عسكري الآن لو طلبت منك أن تقيم تجربة الكونغو في ظل الضغوط العسكرية التي كانت تواجهها مصر بالذات مع عدو كإسرائيل.
سعد الدين الشاذلي: جمال عبد الناصر كان في مرحلة صراع ضد الاستعمار أساساً وضد القوى الداخلية، نجنب القوى الداخلية والصراع ضد الأيه؟ ضد الاستعمار، وسبق إن حصل الهجوم عليه بتاع سنة 56 ولم يحقق هذا الهجوم أهدافه وبعد كده حصل يعني إحنا رحنا سنة 60، 61 حصول ضغوط من أميركا علشان أيه؟ تحتوي النظام المصري وبرضو فشلت في هذا.. في هذا.. في هذه المحاولة، فكان جمال عبد الناصر شاعر بقوته، لإن إحنا قلنا المهم بالنتائج، يعني حقيقي في 56 هزيمة عسكرية، ولكن طب حققتوا أيه؟ حققتوا أيه سياسياً يعني؟ فكان شاعر بقوته وكان بيمشي فيها، ونقدر نقول إن المكاسب كانت أكثر من الخسائر، أنت قلت يعني هل مصر قوتها تسمح بهذا، لما تيجي تنظر لها نظرة يعني مجردة تقول: لا فعلاً، فعلاً ما عندهاش الإمكانيات لأن دي إمكانيات دولة عظمى، يعني هم حتى بيقول لك أيه؟ جمال عبد الناصر كان عامل لنا مشاكل وهو داخل مصر يقوم يبعت قوات خارج.. خارج مصر على مسافة 5 آلاف كيلو ويبقى لها قوة تأثير، دي عملية يعتبر تحدي للقوى الاستعمارية العالمية اللي موجودة في هذا الوقت طبعاً يعني، علشان كده ماكانوش يسمحوا بقبول هذا الوضع، ولكن ما هو الثمن اللي.. اللي جمال عبد الناصر أيه خسره في هذه العملية؟ طبعاً اللي بيجوا يتكلموا على جمال عبد الناصر بيتكلم على 56 ويتكلم على الكونغو، ويتكلم على اليمن، ويتكلم على 67، طيب بالرغم من ذلك كان كل دول يعملوا بالميزانية المحدودة بتاعة مصر، يعني ما كانش بيستدين.
أحمد منصور: لكن كان مصر كان ليها احتياطي ذهب، كان عملتها كانت عملة قوية، كان لها اقتصاد قوي.
سعد الدين الشاذلي: صحيح، ولكن..
أحمد منصور: لكن بدأ يستدين الرئيس عبد الناصر في نهاية الخمسينيات علشان يقوم بهذه الأمور.
(6/451)
سعد الدين الشاذلي: كلام جميل، كلام جميل، عند وفاة جمال عبد الناصر 1970، وليس 60 اللي إحنا كنا فيها بنتكلم فيها دلوقتي أهوه على 60، 61 كانت ديون مصر أقل من 2 مليار دولار.
أحمد منصور: بعض التقارير تقول إنها كانت 18 مليار.
سعد الدين الشاذلي: إطلاقاً، أيام السادات، أنا هأقول لك الأرقام الصحيحة، أيام.. وقت وفاة جمال عبد الناصر كانت أقل من 2 مليار دولار، لو تحسب أنت المصانع والسد العالي اللي اتبنى والكلام ده كله تلاقي ثمنه أكثر من 2 مليار دولار.
أحمد منصور: لكن كان فيه –عفواً سعادة الفريق- كان فيه رصيد ضخم كان للبلد، كان يعني يكفي إن البلد تظل كما كان وضعها بلد اقتصادها قوي، لكن الدخول في موضوع الكونغو، الدخول في موضوع اليمن، الدخول في 67 وما حدث كل ده دخل مصر دوامة الديون التي تعيشها الآن والتي بدأت في عهد عبد الناصر.
سعد الدين الشاذلي: هذا اتهام يوجه إلى خلفاء جمال عبد الناصر أكثر مما يوجه إلى عبد الناصر.
أحمد منصور: هو الذي بدأ.. هو الذي بدأ..
سعد الدين الشاذلي: الله، اللي بدأ إذا كان اللي يجي بعد منه ويلاقيه بدأ خاطئ يُصلح، إنما لما أنا دلوقتي جمال عبد الناصر يموت ومصر عليها أقل من 2 مليار دولار، عندما توفي السادات كانت الديون وصلت إلى 18 مليار، النهارده لما تحسب الديون الداخلية والخارجية والديون الداخلية أحسبها بالدولار لأن الجنيه تقريباً عايم.. عايم تلاقيها حوالي 75 مليار.
أحمد منصور: مليار نعم.
(6/452)
سعد الدين الشاذلي: 75 مليار دين خارجي ودين داخلي، الله إذن لا يمكن إن أنا ألوم وفي الوقت نفسه من سنة 73 ما دخلناش حرب، يبقى الفترة اللي دخلنا فيها 5 حروب إداينا فيها بـ 2 مليار دولار، والفترة اللي إحنا مادخلناش فيها حروب إداينا فيهم بحوالي 70، 75 مليار دولار، فلازم الأيه؟ المناقشة تكون موضوعية وبالأرقام، إنما الكلام المطلق لأ، أنا معلوماتي إن الأرقام اللي بأقولها لك دي صحيحة 100%، اللي ما أقدرش أعرفه احتياطي الذهب والاحتياطي البتاع ده في هذا الوقت كان كم، إنما الدراسة الجادة ممكن إنها تجيب لنا الأرقام الاحتياطي كم ونشوف، الاحتياطي كان كم والديون كم، لازم الاتنين ينسجموا مع بعض، إنما ما تحسبش حاجة لوحدها، إنما أنا أعرف أرقام الديون.
أحمد منصور: طيب، في تقييمك لهذا الأمر هل هذا أعطى مصر بُعد خارجي موضوع الكونغو كأول موضوع خارجي لقوات مصرية؟
سعد الدين الشاذلي: مفيش شك.
أحمد منصور: هل أعطى لمصر بُعد خارجي أكبر من حجمها؟
سعد الدين الشاذلي: مفيش شك.
أحمد منصور: أكبر من حجمها؟
سعد الدين الشاذلي: مفيش شك.. مفيش شك، أكبر من حجمها ده يعتبر تقدير الشخص نفسه، يعني أو نقدر نقول بالنسبة لشخص الآخر أدي الحجم الحقيقي، واحد تاني يقول لك إداها الحجم الحقيقي وقوة التأثير على الأحداث التي تجري في القارة السوداء، واحد تاني يقول لك: أكثر.. أكثر من حجمها الطبيعي، يعني مفيش شك، وبعدين لما تيجي تقول لي: طب اتكلفت كم؟ ما اتكلفتش حاجة!! أنا قلت..
أحمد منصور: 50 ألف دولار رجعت منهم بشيء؟
سعد الدين الشاذلي: 50 ألف دولار ما صرفتهمش كلهم، لما رجعت رجعت بجزء منهم، خدت بالك، لأن أنا المصاريف تبع الأمم المتحدة.. تبع الأمم المتحدة، كل حاجة السلاح بتاعي رُحت بيه ورجعت بيه، فيبقى أيه ما خسرناش حاجة، يعني.. يعني لازم نحسب المكاسب والخسائر.
(6/453)
أحمد منصور: في العام 62 أنت رجعت في عام 61 وفي عام 62 اندلعت حرب اليمن حول الانقلابية العسكرية في اليمن ووقفت مصر إلى.. إلى جوار الثوار، ووقفت المملكة العربية السعودية إلى جوار حكم الأئمة، وبدأت حرب اليمن وأرسل عبد الناصر قوات مصرية إلى اليمن، بقيت هناك تقريباً أواخرها إلى العام 1970، في عام 65 أوفدت -سعادتك- إلى اليمن وشاركت لمدة عام أو أكثر قليلاً في حرب اليمن، هل كان من الصواب أن يُرسل عبد الناصر قوات مصرية إلى اليمن بهذه الكثافة للمشاركة في تلك الحرب التي كانت ضد عرب أيضاً؟
تعيين الشاذلي ملحقا حربيا في لندن
سعد الدين الشاذلي: أنت نسيت حتة وهي إن أنا بعد ما رجعت من الكونغو رحت ملحق عسكري.. ملحق حربي.
أحمد منصور: عفواً ملحق عسكري في لندن، نعم في عام 61.
سعد الدين الشاذلي: ملحق حربي، لأن كلمة حربي غير عسكري، حربي يبقى ليمثل القوات الجوية والبحرية والبرية، عسكري يبقى يمثل القوات البرية بس، أنا كنت ملحق حربي أمثل أيه؟ جميع أفرع القوات المسلحة، فده حصل أيه؟ في 61.
أحمد منصور: هل أضافت لك تجربتك لملحق حربي في بريطانيا في عام 61؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً، كل بأقول لك.. كل يوم تقضيه في حياتك العسكرية أو حياتك العملية بتستفيد خبرة، لأن أنا قلت لك في الكونغو اتصلت بالوحدات الأفريقية، إنما في إنجلترا حضرت مناورات بيعملها الأيه؟ الجيش البريطاني وشاركت يعني اتفرجت عليها وركبت حاملة طائرة عشت معاهم لمدة أسبوع في المناورات، فطبعاً اتصلت بالقوات البريطانية فطبعاً بتدي لك خبرة، بتدي لك خبرة، الناس بتفكر إزاي بتعمل إزاي.
أحمد منصور: البعض بيفهم إن قضية ملحق حربي –عفواً- أو ملحق عسكري هي قضية إبعاد للشخصية عن ساحة الجيش التي هي الساحة الحقيقية للاحتكاك.
سعد الدين الشاذلي: ده يتوقف على من هو في الحكم.. فيه حالات بيبقى نوع من الإبعاد، وفيه نوع بيبقى نوع من التقدير.
(6/454)
أحمد منصور: هذا كان تقدير أم إبعاد في سنة 61؟
سعد الدين الشاذلي: لا، سنة 61 أقول لك إنه هو كان تقدير.
أحمد منصور: ما هي الحصيلة الأساسية التي رجعت بها بعد ما قضيت سنتين تقريباً كملحق عسكري في بريطانيا من 61 إلى 63.
سعد الدين الشاذلي: قلت لك الاحتكاك بالقوات الأجنبية، أولاً بريطانيا لأن حضرت مثلاً المناورات بتاعتهم، إنما علاوة على ذلك أنت في الحفلات الشبه يومية بتلتقي بالأيه؟ الملحقين العسكريين، ممكن تتكلم، تتناقش، بتشوف الثقافة بتاعتهم، والأمر برضو يعني بيتدرج إلى نوع من التنظيم وكذا وكذا وكذا، هو تقدر تقول: إن إلى حدٍ ما ممكن اسم جاسوس تعتبر تقيلة شوية إلا إن هو جاسوس رسمي يعني، إذا عرف حاجة بتفيد بلده بطريق مباشر أو..
أحمد منصور[مقاطعاً]: ده متعارف عليه في العرف يعني، يعني ليس شيء سري إن.. إن بتدخل ضمن المهام الأساسية التي يمكن أن يقوم بها، هل هذا أيضاً زاد من الحصيلة الدبلوماسية والسياسية عندك؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. طبعاً، لأن أنا برضو كان ليَّ نشاط، خدت بالك، كل من هو عدو لإسرائيل يبقى صديقي، فنتيجة هذا كان لي اتصالات مع الأحزاب والدنيا هناك مفتوحة يعني، يعني هنا مش مثلاً أيه تزور حزب ماهوش في السلطة يبقى معناها التانيين يزعلوا لا أبداً، يعني تزور اللي في السلطة وتزور اللي ماهوش في السلطة، فكان فيه أحزاب معادية لليهود، يعني هم كانوا يعني بيعتبروه حزب نازي، لأن هو كان عايز يطرد الأيه؟ اليهود وكذا وكذا وكذا، المهم الرجل بيزورني زيارة عادية وزارني في المكتب خدت بالك وأنا استقبلته، المهم لسبب أو لآخر، لسبب أو لآخر حصل إنهم أيه اقتحموا المكتب بتاعه فوجدوا فيه أيه خطاب مثلاً طالع ليَّ أو حاجة زي كده فالجرايد البريطانية عملت منها أيه يعني وقال لك إنه هو بيتصل بالأيه.
أحمد منصور: بالنازيين.
سعد الدين الشاذلي: بالملحق، لأ..
أحمد منصور: آه على..
(6/455)
سعد الدين الشاذلي: على الراجل بتاعهم، على الرجل بتاعهم.
أحمد منصور: نعم، نعم، بيتصل بالمصريين.
سعد الدين الشاذلي: بيتصل بالمصريين بمكتب الملحق العسكري ويدوله فلوس ومش عارف، طبعاً ده كذب يعني ولا بيدي له فلوس ولا حاجة، خدت بالك، إنما الراجل بيقول أيه؟ على وجهة نظره وإنه هو معادي لليهود وللصهيونية ومش عارف والكلام ده كله بيصب عندنا، كله بيصب عندنا.
أحمد منصور: ماذا كانت نتيجة الاتهامات التي وجهت إليك بالعلاقة بالفاشتيين كما أطلق عليهم اليهود في بريطانيا حينما عينت ملحق حربي في سنة 61؟
سعد الدين الشاذلي: الاتهام لم يصل إلى موضوع التحقيق، لأن لو وصل موضوع التحقيق وثبت إن أنا انتهكت القوانين البريطانية يعتبروني في Persona non Grata وأمشي، فهذا لم يحصل دي جرائد بتكتب لأن كذا كذا والكونونيل سعد الشاذلي الملحق الحربي المصري له اتصالات بفلان الفلاني ودكهه راح زاره في المكتب، أنا مازرتوش، هو اللي إيجي زارني، خدت بالك، فإنما اللي بيحققوا لازم يكون عندهم حاجة Facts فمفيش أي حاجة..
أحمد منصور: هل دا يعكس بداية أو.. أو وضوح النفوذ اليهودي في بريطانيا حتى في ذلك الوقت في..
سعد الدين الشاذلي: طبعاً طبعاً، نفوذ موجود باستمرار في أثناء وجودي كملحق عسكري وفي أثناء لما رحت سفير كان مستمر يعني.
مشاركة مصر في حرب اليمن وتقييم الشاذلي لها
أحمد منصور: رجعت إلى مصر في يناير في العام 1964، واسمح لي أن أعود إلى سؤالي الرئيسي عن موضوع اليمن، لا أريد أن أكرر نص السؤال بحجمه، ولكن هل كان عبد الناصر مصيباً في إرسال قوات مصرية إلى اليمن؟
(6/456)
سعد الدين الشاذلي: أتكلم كمحلل عسكري، لأن في هذا الوقت أنا قائد لواء، أتكلم على قائد لواء من الناحية العسكرية في الخط اللي أنا اتخذته لنفسي منذ البداية، إنما كمحلل عسكري أنظر دلوقتي نظرة Flash Back على اليمن، المكاسب والخسائر. المكاسب السياسية إن سقوط نظام رجعي متخلف بشكل بشع في الأية؟ في اليمن زي نظام القرون الوسطى وكان ألعن، ووجود نظام مش عايزين نقول تقدمي، نظام يعيش في القرن العشرين.. في القرن العشرين، حتى بكل تخلفاتنا، إنما نقلة من العصور الوسطى إلى الأية.. إلى القرن العشرين ودخل في النسيج العربي.
المكسب الثاني: هو استقلال عدن، ودي نقطة يجب ألا ننساها، ما كان لعدن أن تستقل، إلا بوجود القوات المصرية في اليمن الشمالي اللي هو.. أيه؟ لأن ليس سراً إن إحنا كنا بنساعد الثوار دول وبنبعث لهم السلاح والذخيرة..
أحمد منصور: بس الاستقلال جاء متأخر في 68، إحنا الآن..
سعد الدين الشاذلي: لا ما هو.. ما هي الصراعات بتاعة الدول ما بتتمشى في شهر أو شهرين، إنما أنت لما بتشوف الثوار وتمدهم بالسلاح والذخيرة وبيزدادوا قوة.
أحمد منصور: هم من أواخر الخمسينيات كانوا حتى يأتون إلى مصر للتدريب وكذا، اليمن الجنوبي، ثوار اليمن الجنوبي كانوا يأتون إلى مصر للتدريب.
سعد الدين الشاذلي: معلش، ولكن إن أنا تدي له السلاح إزاي، إنما إحنا وجودنا في اليمن سهل جداً إنك أنت تدخل له سلاح وذخيرة بكميات كبيرة، بكميات كبيرة، وأصبحوا عبء على يعني أيه.. على القوات البريطانية، فأصبحت القوات البريطانية، دائماً الاستعمار عايز مكاسب رخيصة، لما يجد إن أيه؟ وجوده في عدن هيكلفه الكثير بيبتدي أيه؟ يخلع، فاستقلال عدن استقلال كل الدول الأخرى اللي هي سلطنة عَمَّان
أحمد منصور: سلطنة عُمان
(6/457)
سعد الدين الشاذلي: الإمارات، البحرين، قطر، الكويت، كل ده جه سنة 70 كان خلصت، انظر للعملية كلها إحنا كنا هناك لغاية سنة كام؟ لغاية سنة 67، لغاية 67
أحمد منصور: يعني بقيت إلى سنة 70 بعض القوات المصرية
سعد الدين الشاذلي: بسيط يعني، إنما تقدر تقول إن بعد..، فإذن وجودنا هناك هو الذي عجَّل باستقلال هذه الدول، استقلال هذه الدول، فدي كل دي مكاسب سياسية لا يمكن أيه؟ إهمالها، القول على الهجوم، برضو أنا بأقيم التجربة…
أحمد منصور: كمحلل عسكري
سعد الدين الشاذلي: كمحلل عسكري.. كمحلل عسكري، يقول لك إن إيه؟ صرفنا وأنفقنا وخسائرنا وخسائرهم، خسائرنا في اليمن كما أعلن هي ألف شهيد، زائد جنبهم 2000، 3000 إصابات ثقيلة يعني تسبب عاهات مستديمة، الإنفاق، الإنفاق فيه ميزانية دولة عادية بتاعة وزارة الدفاع، وفيه ميزانية اسمها ميزانية طوارئ، ميزانية الطوارئ دي بتصرف منها على الحاجات الإضافية، كويس، أنت عندك جيش، الجيش ده الضباط والعساكر بيخدوا الماهيات بتاعتهم وبياكلوا وبيشربوا وكل حاجة يعني
أحمد منصور: لكن كانت ماهيات مميزة اللي في اليمن.
سعد الدين الشاذلي: ما هياش مميزة زي ما أنت شايف
أحمد منصور: وسعادتك.. وسعادتك اتكلمنا عن مخزون الذهب المصري وقلت أنك لا تعلم عنه، ويُقال إنه استنفذ في حرب اليمن.
(6/458)
سعد الدين الشاذلي: هأقول لك، هو استنفذ في حرب اليمن أو في حرب عدن، أو في حرب الكونغو، ما هو لازم نعرف أيه هو؟ الأرقام دي أنا ما أقدرش أجادل فيها، أنا ما أقدرش أجادل فيها، أنا اللي أعلمه تماماً وعن.. من فم عبد الناصر إن كان فيه ميزانية الاحتياط اللي هي 40 مليون جنيه مصري للإنفاق منها على حملة اليمن، 40 مليون دي بيصرف منها أيه؟ مصاريف النقل اللي هي من السويس إلى اليمن ذهاباً وإياباً زائد الفلوس (Pocket mony) اللي هي الماهية المتميزة، عارف الماهية المميزة دي عبارة عن أية؟ أولاً كل واحد بياخد ماهيته بتاعة مصر زي ما هي، وبعدين في اليمن بيصرف لنا وجبات التعيينات، الضباط في السلم.. في وقت السلم من غير الحرب مالهمش أكل بياكلوا على حسابهم في.. فكنا بناكل زي الأكل بتاع الجنود وبعدين فيه مكافأة Pocket money يعني الضباط كانوا بياخدوا 40 ريال في الشهر، 40 ريال أيه؟
أحمد منصور: يمني
سعد الدين الشاذلي: يمني من بتاع (ماريا تريزة) الأخضر ده، احسب كل ده الـ40 مليون جنيه كان بيغطي كل الكلام ده، خدت بالك، فإذن إحنا في حاجة فعلاً إلى إن إحنا نعرف الأرقام.
أحمد منصور: 40 مليون، 40 مليون جنيه في ذلك الوقت رقم يعتبر ليس يعني..
سعد الدين الشاذلي: وماله معلش
أحمد منصور: مبلغ بسيط، يعني كان يزيد على 120، 130، 150 مليون دولار ربما.
سعد الدين الشاذلي: حلو، شوف أنا بأكلمك.. يعني عايزين أرقام، يعني أنا دي.. دي الأرقام اللي هي بتاعتنا اللي موجودة، إنما احتياطي الذهب واحتياطي مش عارف أيه ده ما أقدرش أقوله لك، الديون ما أقدرش أقوله لك، لأن أنا عارف الدين وقت وفاة جمال عبد الناصر، فوقت وفاة جمال عبد الناصر دخل فيه كله بقى، دخل فيه حرب.. الحرب بتاع 56و67، وحرب اليمن والكونغو، كل دول دخلوا فيه.. كل دول دخلوا فيه، وكان أقل من 2 مليار دولار.
(6/459)
أحمد منصور: سعادة الفريق، الآن تجربتك، الآن رأيك كمحلل عسكري، لكن رأيك كلواء أو كقائد لواء شاركت في هذه الحرب لأكثر من عام، حرب اليمن، كيف كان وضع القوات المصرية في هذه الحرب؟ وكيف كان، يعني أوصف لنا الساحة اليمنية وما دوركم الرئيسي هناك؟
سعد الدين الشاذلي: للأسف الشديد إن أيه؟ حرب اليمن ما كانش قدامنا جيش نحاربه، لأن الطرف الآخر بيحارب بأسلوب العصابات، أسلوب العصابات زي أيه؟ يعني بيجي على الطريق بتاع المواصلات بتاعتك بيروح دافن.
أحمد منصور: لغم.
سعد الدين الشاذلي: لغم، هو بنفسه ما يعرفش هو حطه فين، تدوس أي عربية كل واحد وحظه.
أحمد منصور: عربية مدنية.. عسكرية.
سعد الدين الشاذلي: مدنية، عسكرية، فيها لواء، فيها عسكري، فيها بتاع كل واحد وحظه، خدت بالك، فالخسائر، معظم الخسائر كانت بتحصل نتيجة الأيه؟
أحمد منصور: الألغام
(6/460)
سعد الدين الشاذلي: الألغام فيه طريقة ثانية إن تبص تلاقي الإمدادات بتاعتك جيالك أنت متمركز في حتة، محتاج إلى تعيين، بلاش المية، المية هندق بيار ونطلع المية من هنا، إنما محتاج إلى تعينات على شكل تعيينات جافة دقيق وسمن ورز وبتاع وتطبخ أنت مثلاً، أو على شكل معلبات، بتيجي لك من صنعاء، الأول بتيجي من مصر إلى أيه؟ بالبحر إلى جده، وبعدين بتطلع على أيه؟ على صنعاء وبعدين بتطلع على الإية؟ على القوات، العربيات اللواري وهي ماشية دي تبص تلاقي بيطلع عليها مجموعة من الأفراد 15، 20 واحد يضربوها وينهبوها، أنت واخد بالك، هتمشي معاها حراسة خدت بالك فتبص تلاقي القوات بتاعتك أيه بتتبرد، فدي كانت للأسف الشديد إن القوات المسلحة بعض الضباط والجنود اكتسبوا عادات سيئة وخاطئة لأنه ماهواش شايف العدو بالمعنى المفهوم، واستهتر بالعدو لدرجة إن بقى يخطئ أخطاء قاتلة، العدو ماعندوش طيران وإحنا عندنا طيران، والطيران بيضرب، ولكن بيوطي وما بيعملش حسابه على إن فيه أيه؟ عناصر تجابهه كل دي عادات سيئة ولكن ماكنش فيه يد منها، لأن ألعن حاجة تتعب أي جيش في العالم هو أنه هو يريد أن يحارب بأسلوب نظامي والعدو يحارب بأسلوب غير نظامي.
أحمد منصور: يعني أنتم الآن دخلتم في حرب غير متكافئة من حيث أسلوب الحرب، هم يحاربون بشكل حرب العصابات وأنت والجبال تساعدهم على ذلك الطبيعة الجبلية اليمنية تساعد على ذلك، وأنتم كجيش نظامي اعتبرتم يعني غرقتم في هذه الساحة التي لم تكونوا متعودين، هل هذا تحليل تتفق معاه؟
سعد الدين الشاذلي: ونتيجة لهذا قلت لك الخسائر بتاعتنا كانت في حدود حوالي ألف قتيل.
أحمد منصور: طوال السنوات
سعد الدين الشاذلي: طوال.. طوال سنوات الحرب
أحمد منصور: يعني لو.. لو طلبنا أن تحدد منذ سنة كذا إلى
سعد الدين الشاذلي: لا أستطيع
أحمد منصور: لا تستطيع
(6/461)
سعد الدين الشاذلي: لا أستطيع إن أنا أطالب بأن إحنا نكشف الأية؟ المستندات بتاعتنا ونقول، لأن الكلام المطلق دلوقتي يعني عيب قوي إن حاجات زي دي فاتت بقى لها أكثر من 30 سنة ولسه لغاية دلوقتي أيه ده بيتكلم وده بيتكلم وماحدش بيقول الحقيقة أيه، يعني أنا لما أقول لك كلام بأقول لك هذا الكلام سمعته من جمال عبد الناصر، حكاية الـ40 مليون.
أحمد منصور: يعني دي سمعتها مباشرة من جمال عبد الناصر
سعد الدين الشاذلي: مباشرة.. مباشرة من جمال عبد الناصر، فإذن الحقائق عايزين نعرفها، عايزين نعرفها.
أحمد منصور: ماذا سمعت أيضاً من جمال عبد الناصر بالنسبة لليمن؟ هل هناك أشياء تاريخية -كشاهد على العصر- يمكن أن تذكرها الآن من خلال سماعك لأشياء من جمال عبد الناصر حول هذه الحرب؟ حول أهدافها، حول ما حققته، حول خسائرها، حول الضغوط الأخرى التي كانت تمارس على اليمن من دول المنطقة يعني بشكل عام؟
سعد الدين الشاذلي: لم أسمع من جمال عبد الناصر بصفة مباشرة عن هذه الحاجات، لأن جمال عبد الناصر ما أعتقدش إن هو زارنا في اليمن يعني، أنا ما شفتوش لما كنت هناك يعني عبد الحكيم عامر كان هو اللي جه مرة أو مرتين فإنما بتاعة جمال عبد الناصر دي كنت سمعتها ونحن في القاهرة بعد اليمن.
أحمد منصور: هل الأهداف السياسية من وراء التواجد العسكري المصري في اليمن تعتبرها تم تحقيقها؟
سعد الدين الشاذلي: ما أنا قلت لك استقلال دول الجزيرة العربية ده مكسب كبير جداً
أحمد منصور: بس كان هناك خلاف رئيسي ما بين السعودية ومصر حول إرسال قوات مصرية إلى اليمن.
سعد الدين الشاذلي: صحيح.. صحيح.. صحيح، وللأسف الشديد أنا وأنا بأخلي منطقة الجوف القوات السعودية اللي كانت موجودة بتساعد الملكيين ضربت عليَّ وأنا ضربت عليها أثناء إن أنا لما طلبت إن أنا أخلي منطقة الجوف وأرجع إلى صنعاء هذا حصل، وهذه من الأخطاء اللي طبعاً يعني.
(6/462)
أحمد منصور: شعورك أيه كعربي وأنت كلفت بمهمة يُقاتل فيها عرب أيضاً؟
سعد الدين الشاذلي: يعني للأسف الكلام دهوَّة برضو بيبقى صعب على الواحد في إن هو يفكر فيه، وإن هو يستضجره إلى أن يطلق أحد عليك النار، ساعة كده خلاص ما ينساش، مفيش غير إن أيه هناك طرف بيطلق عليك النار وأنت تطلق.. تطلق عليه النار، والعملية دي أيه؟ بتختفي اختفاءً كاملاً من..
أحمد منصور: هل تعتبر تجربة حرب اليمن خطأ استراتيجي مصري؟
سعد الدين الشاذلي: لا أستطيع، قلت لك كمحلل عسكري أنا راجل بأقول ما هي المكاسب وما هي الخسائر
أحمد منصور: هل ترى أن المكاسب كانت أكبر؟
سعد الدين الشاذلي: الخسائر، الخسائر البشرية والمادية التي تحملتها مصر قليلة جداً إذا ما قورنت بالمكاسب السياسية التي كسبها العرب، هي المشكلة إن مصر ماكسبتش، إنما كسبت in The longe range يعني لما جينا في 73 والدول الخليجية دي ساهمت بكذا مليار دولار للسادات.. بعد (……) أظن 17مليار دولار، لو كانت البلاد دي ماهيش مستقلة ما كانش هتساهم تعمل هذا خدت بالك، فبالعكس، يعني أنا شايف إن مصر ما أستفادتش وقتها، ولكن استفادت على المدى الطويل، وبان نتائج هذا في أيه؟ في حرب 73 لما جينا إحنا قفلنا باب المندب على إسرائيل سنة 73 وكانت القوات البحرية بتاعتنا بتتمركز في اليمن، لولا استقلال اليمن وعدن ما كناش نقدر نعمل العملية دي، فإذن فيه استثمار للأية؟
أحمد منصور: للمستقبل.
سعد الدين الشاذلي: للمدى البعيد، إنما اللي استفادوا مباشرة هي دول
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل ترى أن هناك صلة مباشرة بين وجود.. بين حرب اليمن وبين هزيمة 67؟
سعد الدين الشاذلي: والله شوف بقى، أصل فيه بعض أوقات يعني بنحاول إن إحنا نجد باستمرار مبرر للخطأ ونضع الخطأ بتاعنا على شماعة بتاعة واحد تاني
أحمد منصور: كأسباب
(6/463)
سعد الدين الشاذلي: أولاً هناك أخطاء ارتكبت، يعني إذا كنت أنت فعلاً عندك قوة كبيرة مشتركة في اليمن، ما الذي يدفعك إلى أنك أنت تخش في حرب مع إسرائيل وأنت عندك حوالي نصف قواتك في اليمن، طب أليس من الممكن سياسياً إنك أنت تتغاضى عن هذا؟ كان من الممكن طبعاً مفيش شك، فهناك أخطاء عسكرية وأخطاء سياسية، إنما ما أقدرش أقول إن أيه اليمن هي اللي السبب في 67، هناك أخطاء قيادية، لازم نعرف هناك أخطاء قيادية ارتكبت عسكرياً وسياسياً في 67 فلازم نعرفهم.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة سيكون هذا -إن شاء الله- محور حديثنا عن هزيمة 67 والأخطاء الاستراتيجية والعسكرية والسياسية التي أشرت إليها سعادة الفريق حتى نتناولها بشكل مفصل من خلال شهادتك على العصر
سعد الدين الشاذلي: إن شاء الله.
أحمد منصور: أشكرك سعادة الفريق، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة، -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق) في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(6/464)
الحلقة4(6/465)
الثلاثاء 19/1/1423هـ الموافق 2/4/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 09:26(مكة المكرمة)،06:26(غرينيتش)
سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري الأسبق الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
- سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق
تاريخ الحلقة
27/02/1999
- الأجواء السياسية والعسكرية في مصر قبل حرب 67
- بداية حرب 67 والسيطرة الإسرائيلية على الجو
- الشاذلي ومجابهة الطيران الإسرائيلي والموقف الحرج
- مناورات الشاذلي وما تكبده من خسائر في انسحابه
سعد الدين الشاذلي
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق والمخطط الرئيسي لحرب أكتوبر من الناحية العسكرية).
مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي: مرحباً بك.
الأجواء السياسية والعسكرية في مصر قبل حرب 67
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند عودتك من اليمن في العام 66 وعودتك إلى هيئة التدريب، وأصبحنا الآن قبل عام من حرب 67 أو هزيمة 67 كيف كانت الأجواء العسكرية في مصر والأجواء السياسية بشكل عام في تلك الفترة 66 قبل يونيو بعام؟
سعد الدين الشاذلي: كان جو عادي جداً لا ينذر بالحرب، لأن في هذا الوقت كان معظم القوات بتاعتنا موجودة في اليمن أو جزء كبير منها يعني، وكان كل اهتمام الناس بحرب اليمن ولم يكن في الأفق إطلاقاً أي مواجهة بيننا وبين إسرائيل في عام 66 وحتى في عام 67 إلى يمكن شهر مارس وأبريل، يعني الحرب جت مفاجئة بشكل غريب جداً، مفاجئة للرأي العام المصري وللقوات المسلحة المصرية.
أحمد منصور: كيف كانت مفاجئة، والرئيس عبد الناصر هو الذي صعَّد أجواء الحرب؟
(6/466)
سعد الدين الشاذلي: هنا يجب إن إحنا نعود بالذاكرة إلى إن أيه كيف بدأت الحرب؟ وكيف بدأ التصعيد؟ وكيف بدأ إغلاق المضيق بتاع تيرانا؟ فكل الكلام ده يعني حسب ما قيل برضو، وبأرجع وأقول لك كشاهد على العصر بأحب إن أنا أفرق بين الأحداث التي أنا كنت أحد أركانها وبين الشهادة النقلية، فالشهادة النقلية بتقول إن كان هناك إشارة أرسلت من.. من شمس بدران ومن عبد الحكيم عامر إلى..
أحمد منصور: عبد الحكيم عامر كان في ذلك الوقت..
سعد الدين الشاذلي: كان في زيارة في الهند وباكستان، فبعث إشارة مفتوحة مثلاً يعني يهاجم فيها الجانب الإسرائيلي حتى دي برضو دي شهادة نقلية يعني..
أحمد منصور: في شهر كم سعادة الفريق أو قبيل الحرب بكم؟
سعد الدين الشاذلي: قبيل الحرب بفترة قصيرة يعني، بفترة قصيرة.
أحمد منصور: كان عبد الحكيم عامر في ذلك الوقت وزير الدفاع.
سعد الدين الشاذلي: هو كان أكتر من وزير الدفاع، هو كان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية يعتبر خاضع له، يعني كان آه يعني وزير الحربية، لدرجة إن هو جه.. جاء.
أحمد منصور: كان شمس بدران وزير الحربية.
سعد الدين الشاذلي: جاب شمس بدران وكام واحد قبل منه يعني يعتبر سكرتيره، جاب سكرتيره وعمله....
أحمد منصور: وزير..
سعد الدين الشاذلي: وزير حربية، فكان وزير الحربية أقل منه يعني في هذا المنصب يعني، وأضف إلى ذلك إن قيل هناك حشود إسرائيلية على الحدود السورية وسافر الفريق فوزي اللي كان وقتها رئيس أركان إلى سوريا ليتأكد من هذه الحشود، يعني فيه أجواء صعدت تصعيد سريع جداً، يعني فيه..
أحمد منصور: لم يكن محسوباً.
سعد الدين الشاذلي: لم يكن محسوباً بالنسبة لنا كضباط صغيرين مش كضباط صغيرين.
أحمد منصور: سعادتك كنت برتبة لواء في ذلك الوقت.
(6/467)
سعد الدين الشاذلي: كنت برتبة لواء ولكن لست أحد أفراد المطبخ العسكري اللي هو بأيه؟ بيرسم الخطط، أنا بتيجي لي جزء خاص بيَّ علشان أنفذه، فكانت مفاجأة لنا.. للغالبية العظمى من ضباط وجنود القوات المسلحة لأن الوقت غير مناسب، يعني أنا لما أحب أحارب إسرائيل ما أحاربهاش وجزء كبير من القوات بتاعتي في.. في اليمن، يعني أ، ب في.. في الشؤون الاستراتيجية إن الواحد ما يحاربش في جبهتين إذا.. إذا استطاع ذلك، إلا إذا فُرض عليه ذلك، فأيه اللي يخليني إن أنا أحارب في جبهتين في.. في اليمن وفي إسرائيل، وإسرائيل ماهياش عدو بسيط يعني.
أحمد منصور: لكن أنتم كعسكريين في.. في تلك المرحلة كنتم على قناعة بالدور اللي بتقوموا به في اليمن أن تنفذوا أوامر عسكرية فقط.
سعد الدين الشاذلي: تقدر تقول يعني الجزء الثاني وهو إنك أنت بتنفذ أوامر أكثر من إنك أنت بتأيه؟ بترسم.. بترسم الخطة المعينة يعني، أضف إلى ذلك إن في بلد يسيطر عليها الإعلام الموجه بيحصل عملية أيه؟ غسيل مخ وتأثير، يعني.. يعني حتى أنت لو ماكنتش مقتنع بشيء بعد فترة زمنية تجد نفسك مقتنع به، لأنك أنت ما بتسمعش لأيه؟ وجهات النظر الأخرى.
أحمد منصور: وكل الحشد النفسي العسكري والبناء العسكري لشخصيتكم طوال الفترة من 52 إلى فترة الستينيات واعتبار إسرائيل العدو الرئيسي لكم، كيف كنتم تضعون.. كيف كنتم تزنون المعايير فإن قوتكم المفروض.. التي من المفترض أن توجه إلى إسرائيل وجهت الآن في طريق آخر لم يكن في الحسبان وهو طريق اليمن.
(6/468)
سعد الدين الشاذلي: هذا حقيقي إذا افترضت إنك أنت جنبت إسرائيل، ما هو علشان كده بأقول لك إن أيه؟ فتح جبهة إسرائيل في هذا الوقت يعتبر خطأ من الناحية العسكرية ومن الناحية تقدير الموقف والسياسية كمان، إنما لما تيجي أنت تقول لك أيه؟ طيب ما هي القوات المسلحة موجودة وأنت بتعبء القوة العربية الفاعلة لكي تحشدها في مواجهة الاستعمار، في مواجهة العدو الرئيسي، فأصبحت شبه مقتنع بإن الحرب في اليمن لصالح العرب (In the long range) يعني خدت بالك، قد يكون ما هواش النهارده أو بكره، ولكن في المستقبل المنظور هيكون في صالحك.
أحمد منصور: لكن واضح إن البعد الاستراتيجي ده كان غايب، يعني لم يكن البعد الاستراتيجي الذي تتحدث عنه سعادتك الآن واضح حتى بالنسبة للمواجهة مع الإسرائيليين، فكيف يكون البعد الاستراتيجي مدروس بالنسبة لحرب اليمن بالشكل الذي أشرت إليه وهي على المدى البعيد -كما أشرت في الحلقة الماضية- وهو ما حدث في حرب أكتوبر وإغلاق باب المندب وشيء من هذا القبيل، يعني أيضاً البعد الاستراتيجي، إحنا نأخذ البعد الاستراتيجي لإشعال الحرب هل كان واضح؟ إذا عدوك الرئيسي موجود و.. وهناك قوة رجعية أو غيرها من المسميات التي كانت تطلق على القوى الموجودة في اليمن، هل تبدأ بالعدو المباشر أم تبدأ بالعدو الفرعي؟
(6/469)
سعد الدين الشاذلي: قلت لك خطأ إنك أنت نفتح في جبهتين مفيش شك، إنما هذا الخطأ يُسأل عنه الذين خططوا والذين يعني حاولوا عملية غسيل مخ للقيادات بتاعة القوات المسلحة وللشعب المصري بحيث إن هو أصبح مقتنع تماماً بإن حرب اليمن، وحرب اليمن أنا عايز أقول لك أنا ليَّ رأي فيها، حرب اليمن إذا استبعدنا أنها جاءت في وقت أرغمنا فيه على المواجهة مع إسرائيل كانت هتكون مفيدة للاستراتيجية العربية، إنما هو الخطأ إن في التوقيت، الخطأ في التوقيت أن نفتح جبهة مع إسرائيل في الوقت الذي تكون فيه قواتنا مشتركة في اليمن، وإن فيه جزء هام من قواتنا موجودة في اليمن.
أحمد منصور: يعني التصعيد لحرب 67 لم يكن مدروساً ولم يكن مخططاً له.
سعد الدين الشاذلي: لأ، لم يكن.. لم يكن وفوجئ، يعني في..
أحمد منصور: حتى من القيادة السياسية نفسها؟
سعد الدين الشاذلي: القيادة السياسية أنا لست في وضع على إن أنا أحكم فيها، إنما أنا كل اللي أعرفه إن في خلال شهر واحد، يمكن شهر مايو أو أسبوع أو أسبوعين في مؤخرة أبريل هو اللي بدأ عملية التصعيد، وبعد كده على طول في.. بدأت الحرب يعني.
أحمد منصور: كيف كان انعكاس ذلك عليكم كقادة عسكريين وأنت كنت برتبة لواء في ذلك الوقت؟ حكاية التصعيد هل توقعتم أن تقع الحرب أم هو مجرد أيضاً تصعيد.
سعد الدين الشاذلي: برضو هذا من الصعب إن أنا أجيب عليه يعني فيه كثير من الأوقات بتلجأ القيادة السياسية والقيادة العسكرية إلى عملية تصعيد كلامي دون أن أيه يكون في الأفق يعني إصرار على التنفيذ فدي برضو لا أستطيع أن أجيب عليها، إنما اللي أنا فاكره تماماً إن حصل تصعيد خطير وسريع في خلال الفترة بتاعة شهر مايو وقد يكون أسبوع أو أسبوعين في أبريل على وفجأة وجدنا نفسنا في أيه؟ في..
أحمد منصور: ما هي أشكال هذا التصعيد وصولاً إلى يوم 5 يونيو؟
(6/470)
سعد الدين الشاذلي: كان أهم مظهر من مظاهر التصعيد هو حشد القوات ودفعها إلى سينا، وكان بيتم بطريقة فيها المظهرية والمظاهرة العسكرية أكثر منها السرية، أنا لما بأحب أحشد مش ضروري أمشي القوات بتاعتي في النهار وفي الشوارع الرئيسية وقدام عيون الناس كلها وطبعاً بنفترض باستمرار إن إسرائيل لها جواسيس موجودة وبتبلغ هذا الكلام، فكان يعني واخد شبه مظاهرة عسكرية لدرجة إن غالبيتنا كان متصور إنها عملية مظاهرة عسكرية ولن يكون هناك حرب، يعني فيه.. فطبعاً كل ده كان يدل على إن يعني فيه بلبلة في الفكر، هل فيه حرب أو مفيش حرب.
أحمد منصور: كان تمركز القوات المصرية في منطقة سيناء، كان تمركز دفاعي أم هجومي؟
سعد الدين الشاذلي: هو فيه ما تقدرش تحط القوات بتاعتك كلها في سيناء في بعض الأوقات بيبقى فيه خطة مبدئية فيه قوات موجودة في منطقة العريش بصفة أساسية، المنطقة الأمامية للعريش ورفح وبيبقى فيه خطة حشد للقوات عندما تبدو بوادر الحرب، وخطة الحشد هي التي تبين ما إذا كان الخطة بتاعتك دفاعية أو الخطة بتاعتك أيه؟ هجومية.
أحمد منصور: كيف كانت خطة الحشد؟
سعد الدين الشاذلي: خطة الحشد كانت مرتبكة لدرجة إن في بعض الأوقات تبدو كأنها هجومية وفي بعض الأوقات قد تبدو وكأنها دفاعية.
أحمد منصور: لكن الخطة، الوضع العسكري، العسكريين، أو القادة العسكريين كان تخطيطهم أيضاً عشوائي أم تخطيط منظم أن تكون خطة هجومية طالما أن عملية التصعيد كانت على أشدها.
سعد الدين الشاذلي: أفتكر إن أحسن واحد يستطيع أن يجيب على هذا السؤال والأسئلة القريبة منه هو الفريق فوزي، لأن هو كان أيه؟ رئيس أركان حرب القوات المسلحة في هذا الوقت.
(6/471)
أحمد منصور: أنا آمل أن تُتاح الفرصة لنسمع شهادته أيضاً ونسأل الله أن يُطيل في عمره لازال موجود، لكن أريد أن يعني طالما أنت أحلت الأمر إلى الفريق فوزي باعتبار إن سعادتك كنت برتبة لواء وكنت في هيئة التدريب ولم يكن لك ربما صلة مباشرة بالقرار العسكري، قبل 5 يونيو كيف كان.. لو قلنا 4 يونيو هل وصلت المرحلة إلى حد الإحساس بوجود حرب يوم 5 يونيو لديكم كعسكريين؟
سعد الدين الشاذلي: أنا طبعاً هأتكلم على نفسي، أنا تقريباً استدعيت للقيادة في النصف الأخير من مايو، النصف الأخير من مايو، ولما ذهبت هناك شعرت بأن هناك تخبط في الأيه؟ في الخطط من طبيعة الأمر التي بتصدر لي، أطلع في الشمال، أطلع كذا كذا كذا، مافيش أقعد يومين أنزل في الحتة الفلانية أنزل لكذا كذا، أتحرك كذا كذا، ماألحقش أقعد يوم أو يومين أتحرك في الحتة الفلانية، حتى إني خدت سيناء ذهاباً وإياباً وده كلام خطأ بالنسبة للدبابات، لأن كان معايا كتيبة دبابات لما تبقى ماشية على الجنزير كل ده استهلال للأيه؟ للدبابات.
أحمد منصور: في اللحظة دي عفواً أنت حضرتك انتقلت من هيئة التدريب إلى موقع المعركة نفسه.
سعد الدين الشاذلي: أيوه.. أيوه ما قلت لك إن أنا لما ذهبت إلى سيناء لما عينت بقى انتدبت من هيئة التدريب، لأن هيئة التدريب مافيهاش قوات، إدارة من إدارات القيادة العامة للقوات المسلحة، فوقت الحرب لما يكونوا عايزين ينشؤوا قيادات جديدة أو حاجة زي كده بياخدوا من الناس اللي هم موجودين، أو يبدلوا بيهم قيادات أخرى، فشكلت مجموعة.. مجموعة عمليات خاصة بتشكيل خاص من.. بتعتمد على.. تحت بعض وحدات من تشكيلات مستديمة كان منهم على ما أذكر كتيبة مشاة وكتيبة صاعقة وكتيبة دبابات ثم قيادة، أنا بأقود هذه المجموعة.
أحمد منصور: يعني.. يعني الآن أُنشئت قوة جديدة.
سعد الدين الشاذلي: أنشئت قوة جديدة، أنشئت قوة جديدة.
(6/472)
أحمد منصور: تتكون من القوات أو الفئات التي أشرت إليها سعادتك الآن..
سعد الدين الشاذلي: أيوه..
أحمد منصور: وأنت أصبحت قائد لها.
سعد الدين الشاذلي: وأنا القائد بتاعها.
أحمد منصور: تتبع أي لواء، أي جيش، أي قيادة الآن؟
سعد الدين الشاذلي: ما تتبعش لأي جيش ولا أي فرقة، بتتبع للقيادة.. قيادة سيناء.
أحمد منصور: مَنْ الذين كان قائدك المباشر؟
سعد الدين الشاذلي: الفريق صلاح محسن الذي كان قائد القوات.
أحمد منصور: منطقة سيناء.
سعد الدين الشاذلي: في سيناء.
أحمد منصور: يعني أنت كنت تتبعه بشكل مباشر.
سعد الدين الشاذلي: على طول، على طول.
أحمد منصور: كانت مهمة قواتك أيه بقى الآن كقوة خاصة شُكِّلت حديثاً قُبيل حرب 5 يونيو، ماذا كان الدور المناط لهذه القوات الخاصة التي عُرفت في الدراسات العسكرية باسم يعني مجموعة الشاذلي كما أطلق عليها في الكتب؟
سعد الدين الشاذلي: وهذا صحيح، أنا هأجيب لك الموقف الأخير، لأن أنا قلت لك أنا خدت حوالي 3، 4 مهمات في خلال 10 أيام اتغيرت المهمة بالنسبة لي حوالي يجي 3، 4 مرات، فالمرة الأخيرة اللي استقريت عليها والتي افتتح الحرب وأنا قائم بها هي أن أقوم بحراسة وسد المنطقة اللي هي موجودة بين المحور الأوسط والمحور الجنوبي، سيناء...
أحمد منصور: موقعها منين؟ حتى يستطيع المشاهد أن يتخيلها.
(6/473)
سعد الدين الشاذلي: سيناء لها 3 محاور رئيسية، بنسميهم المحور الشمالي اللي هو بيمشي من القنطرة ويميل.. يمشي جنب الساحل الشمالي وإلى أن يصل إلى العريش ورفح ثم غزة وخلافه، وفيه الطريق الأوسط اللي هو بيطلع من عند الإسماعيلية وبيمشي في اتجاه الحسنة وبير سبع وخلافه، وفيه المحور الجنوبي اللي هو بيطلع من منطقة الشط والسويس ويتجه غرباً إلى نخل والتند وإلى الحدود الإسرائيلية، فالمسافة بين المحور الأوسط والمحور الجنوبي واسعة، وكان هناك فيه خوف إن العدو لو هاجم بدل ما يمشي على المحور الرئيسي اللي هو بالأسفلت إن هو يمشي عبر الأراضي المفتوحة ويجي من هذه المنطقة، فأنا كنت أيه؟ بأحرس هذا المنطقة.. هذه المنطقة اللي هي جنوب المحور الأوسط.
أحمد منصور: كانت القوة اللي معاك كفيلة إنك تحرس المساحة الواسعة دي؟
سعد الدين الشاذلي: لا طبعاً طبعاً، وبعدين هو عمر القوات ما كانت كفيلة، ما هو المهم إنك أنت كيف تستخدم القوات بتاعتك، لأن لو أنت شفت المسافة هتبص تلاقيها مسافة كبيرة جداً، إنما أنت بتراقب وبتشوف العدو هيجي منين وبعدين بتندفع في اتجاهه، فأنا كنت متمركز في جنوب المحور الأوسط، وعلى مسافة حوالي 20 كيلو من الحدود الدولية.
بداية حرب 67 والسيطرة الإسرائيلية على الجو
أحمد منصور: كيف وقعت الحرب يوم 5 يونيو وأنت كنت في سيناء وفي خط مواجهة أول مع الإسرائيليين؟
سعد الدين الشاذلي: في يوم 4 يونيو وصل ضابط اتصال من القيادة.. قيادة سيناء وقالوا لي إنك أنت مطلوب باكر الساعة 8، خلي بالك من التوقيتات 4 يونيه وبيقول لي: مطلوب يوم 5 يونيو الساعة 8 صباحاً في المنطقة الفلانية حيث سيصل المشير عبد الحكيم عامر ليعني يلتقي بالقادة الموجودين كلهم، أنا
أحمد منصور: منطقة في سيناء كانت؟
سعد الدين الشاذلي: أفندم؟
أحمد منصور: المنطقة كانت في سيناء؟
(6/474)
سعد الدين الشاذلي: لأ، كانت في مطار فايد، كانت في مطار فايد، فأنا أبعد واحد بقى في الأية؟ في القادة.. القادة دول كلهم.
أحمد منصور: على اعتبار أنك في خط المواجهة الأول هناك.
سعد الدين الشاذلي: في.. آه، والمسافة بينه.. وبعدين ماليش طرق أسفلتية كمان يعني، المواصلات بتاعتي صعب، يعني علشان أوصل أخد لي يجي 5 ساعات أو بتاع علشان أوصل بالعربية يعني، فقالوا لي صباحاً هتكون عندك طائرة هليكوبتر الساعة 6 صباحاً علشان تاخدك توصلك إلى الأية؟ إلى المؤتمر.
أحمد منصور: في أي موقع بالضبط كنت في سيناء في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: ما هو لازم يكون عندنا خريطة يعني لإن
أحمد منصور: لو حددت لنا الموقع ربما تستطيع على الخريطة أن نحصل عليه.
سعد الدين الشاذلي: ما أنا قلت لك اللي هو تبص تلاقي.
أحمد منصور: لأ، فيه مدينة معنية؟ فيه نقطة معينة؟
سعد الدين الشاذلي: لا مفيش نقط إشارية يعني
أحمد منصور: لكن كنت في القطاع الأوسط
سعد الدين الشاذلي: جنوب القطاع الأوسط.. جنوب القطاع الأوسط بمسافة بسيطة يعني، وبعدين، المهم، لو فيه خريطة كنت أشرح عليها الموقف بالضبط، ففي الميعاد المحدد اللي هو الساعة 6 صباحاً جت طائرة هليكوبتر وركبت فيها ووصلتني إلى
أحمد منصور: 6 صباحاً 5 يونيه
سعد الدين الشاذلي: 6 صباحاً 5 يونيه
أحمد منصور: يعني كانت ربما الطائرات الإسرائيلية تحركت لضرب
سعد الدين الشاذلي: لأ لسه، لسه، فوصلت هناك وجدت القادة كلهم، يعني فتبص تلاقي مجموعة القيادة اللي هم القادة الكبار يعني هيكونوا في حدود 8، 9 وحاجة زي كده.
أحمد منصور: مَنْ الشخصيات تفتكر اللي كانت حاضرة؟
(6/475)
سعد الدين الشاذلي: قادة الفرق أولاً أساساً، قادة الفرق اللي هو الفرق اللي ماسكة في القطاع الشمالي أفتكر كان عبد العزيز سليمان، وقائد الفرقة اللي في القطاع الأوسط، وافتكر إن هو كان نصار، نصار، واللي في المنطقة أو المحور الجنوبي كان أعتقد إن هو عبد القادر حسن، وبعدين على مستوى القيادة الثانية وكان فيه بقى يعني صلاح محسن والـStaff بتاعه وعدد آخر من الناس اللي هم يعني معاونين زي ما كان قائد مدفعية بتاع حاجة زي كده يعني، إنما دول القادة الميدانيين اللي هم مشاة، وكان فيه طبعاً أظن يمكن قائد الفرقة المدرعة كمان أنا لا أذكر مَنْ هو كان في هذا الوقت، المهم يعني المجموعة كلها حوالي 7،8.
أحمد منصور: وصلت إلى الموقع لم يكن هناك أي إطلاق نار حتى ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: حتى هذا الوقت، حتى هذا الوقت.
أحمد منصور: أي ساعة صباحاً بالضبط وصلت إلى فايد؟
سعد الدين الشاذلي: ما هو أنا هأحكي لك أهه، ما أنا جاي لك ما تستعجلش، ما تستعجلش، وبعدين طبعاً القادة لما بيشوفوا بعض، فيه ناس يمكن ما شفتهمش بقالك كذا وبتاع بيتبادلوا الحديث وبتاع والكلام دوَّه، وقاعدين كلنا في انتظار أيه؟
أحمد منصور: وصول المشير
سعد الدين الشاذلي: وصول المشير، وفجأة سمعنا انفجار، وانفجار تاني، طلعنا نستطلع الموضوع لقينا المطار اللي إحنا فيه بينضرب، بينضرب، فشوف بقى السؤال، يعني في الوقت التي بدأت الحرب بدأت إسرائيل الحرب ضد مصر لم يكن هناك قائد في أية؟ في موقعه، كل القادة، فهل دي جت بطريق الصدفة؟ هل إسرائيل كانت عندها؟ علامات استفهام كبيرة يعني، علامات استفهام كبيرة.
أحمد منصور: لم يتم الإجابة عن التساؤلات أو توضيح علامات الاستفهام حتى الآن؟
(6/476)
سعد الدين الشاذلي: حتى الآن.. حتى الآن ما أنا بأقول لك أهه، كيف يمكن إن يحصل.. تبدأ الحرب مافيش قائد موجود في وسط الجنود بتاعته، المشير عامر راكب الطيارة بتاعته في الجو، طبقاً لتأمين الطائرة بتاعة المشير فيه تقييد للأيه؟ للصواريخ علشان..
أحمد منصور: ممنوع إطلاق أي صواريخ؟
سعد الدين الشاذلي: يعني على الأقل الطريق اللي هو بتاع الطيارة بتاعة المشير مثلاً، فكيف يبدأ هذه؟ دي علامات استفهام ماحدش عارفها لغاية دلوقتي، وده برضو بيدفعنا إلى إن إحنا ضروري يحصل نوع من الأيه؟ البحث والتدقيق والكشف عن هذه الحقائق، المهم وبعدين بصينا لقينا المطار بتاعنا بينضرب.
أحمد منصور: تفتكر الساعة كم بالضبط؟
سعد الدين الشاذلي: حوالي الساعة 8
أحمد منصور: صباحاً.
سعد الدين الشاذلي: حوالي الساعة 8 صباحاً، ولو إسرائيل تعرف إن مجموعة القيادة دي موجودة هنا وجت ركزت على الحتة اللي إحنا موجودين فيها كانت تبقى مكسب مهول، يعني تضيع كل القيادات بتاعة أيه.. بتاعة سينا في ضربة واحدة، في ضربة تصبح.. تصبح الإية كل القوات اللي موجودة بدون رأس، جسم بدون رأس، إنما اللي حصل بقى غلطات، وبعدين اكتشفنا إن بالاتصالات بقى إن مطارات مصر كلها بتنضرب مش مطار فايد بس..
أحمد منصور: في لحظة واحدة
سعد الدين الشاذلي: والمطارات التانية، كل المطارات ابتدت أيه تبلغ، نتيجة الاتصال يعني إن المطارات كلها بتنضرب، وإن المشير عامر قالوا له إن المطارات بتنضرب وابتدى يرجع، طب إحنا أيه موقفنا أية؟ صار موقفنا حوار سريع كده لازم كل واحد يرجع لأيه؟
أحمد منصور: لمكانه، لموقعة، لقواته.
سعد الدين الشاذلي: لموقعه وقواته، كل واحد خد الأية العربية بتاعته جايين كلهم بالعربيات، أنا بقى الطيارة بتاعتي ما تقدرش تطلع، لأن خلاص بقى فيه سيطرة جوية، يعني أنا.. أنا الوحيد اللي جاي بالأية؟
أحمد منصور: بالهليكوبتر
(6/477)
سعد الدين الشاذلي: بالطيارة الهليكوبتر
أحمد منصور: علشان موقعك بعيد
سعد الدين الشاذلي: علشان موقعي بعيد، فأصبح دلوقتي بعد السيطرة الجوية، ما دام فيه سيطرة جوية ما تقدرش تركب لا طائرة هليكوبتر ولا طائرة تانية الطيران الإسرائيلي بقى مسيطر على.. على المنطقة كلها، لأن
أحمد منصور: يعني الآن نقدر نقول إن في اللحظات الأولى من 67 أو الساعة الثامنة أو التاسعة صباحاً لم يكن في مقدور أي طائرة حربية عسكرية مصرية أن تقلع أو تقوم بأي عمليات عسكرية.
سعد الدين الشاذلي: آه، ما هو تم تدمير الطائرات المصرية كلها في خلال ساعة أو ساعتين على أكثر تقدير عمله..
أحمد منصور: وأنتم حتى كقادة جبهته سيناء لم يكن لديكم أي خطة هجومية حتى ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي: برضو ما تسألينش خطة هجومية، أنا مانيش قائد، أسأل الكلام ده لصلاح محسن قائد الفرقة، أنا راجل واخد مهمة محددة وهي المنطقة.. حراسة المنطقة بجنوب الطريق الأوسط إلى الطريق الجنوبي، خدت بالك.
أحمد منصور: ولا كان لديكم خطط دفاعية حتى؟
سعد الدين الشاذلي: كان في.. حتى هذا الوقت هو أيه.. خطة هجومية.. خطة دفاعية فيها بعض المحاور، أو فيها بعض التصرفات الهجومية يعني كده مش، وده يدلك على إن أنا أيه؟ أنا علشان أوصل للقوات بتاعتي، أنا علشان أوصل للقوات بتاعتي طب أنا ما عنديش عربية، أقرب واحد ليَّه كان قائد الفرقة الأية؟ التانية اللي هي كان أظن نصار فقلت أركب معاه، ركبت معاه
أحمد منصور: كان شعورك أية في اللحظات دي؟
سعد الدين الشاذلي: شعور إنه حرب بدأت ولازم.. ولسه ما احناش عارفين مدى الكارثة حتى هذه اللحظة لم ندرك مدى الكارثة التي حلت بمصر بصفة عامة وبالقوات الجوية بصفة خاصة، لأن كما عرفنا بعد ذلك إن القوات الجوية كلها دمرت على الأرض فيما عدا أعداد طفيفة جداً استطاعت إنها تهرب خارج…
(6/478)
أحمد منصور: أنت في اللحظات الأولى دي لما المطار دُمر ولم يعد لديك قدرة إنك تتحرك وعرفت إن فيه غطاء جوي إسرائيل قوي شعرت بالهزيمة في اللحظات دي؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، لسه.. لا لسه لم نشعر بهذه الهزيمة، لأن بأقول لك لم نشعر حتى هذه اللحظة بمدى الكارثة التي أيه؟ أحلت بنا، المعلومات بتيجي دائماً حتة حتة، يعني ما تجيش المعلومات كلها بهذا الشكل، طبعاً وإحنا رايحين شايفيين العربية ماشية، الطيارات الإسرائيلية رايحة جيَّة في السماء ومفيش يعني أي ظهور للطائرات بتاعتنا خالص يعني، وصلت نصار إلى القيادة بتاعته واداني العربية بتاعته أو عربية أخرى علشان توصلني إلى أيه؟
أحمد منصور: إلى قيادتك
سعد الدين الشاذلي: إلى قيادتي، كنت في القيادة أنا تقريباً قبل المغرب بحوالي ساعتين من..
الشاذلي ومجابهة الطيران الإسرائيلي والموقف الحرج
أحمد منصور: وحتى ذلك الوقت لم تكن القوات الإسرائيلية دخلت إلى سيناء.
سعد الدين الشاذلي: حتى هذه اللحظة بالنسبة لي أم بالنسبة للجبهة كلها؟
أحمد منصور: بالنسبة لموقع المنطقة التي أنت مكلف بحراستها
سعد الدين الشاذلي: أنا مكلف بها، لا ما.. ما دخلوش عندي خالص، إنما حسب ما قرأنا بعد ذلك إنهم كانوا ابتدوا يدخلوا في المحور الشمالي.
أحمد منصور: كنت على بُعد كم كيلو بالضبط من الحدود الفلسطينية؟
سعد الدين الشاذلي: 20 كيلو، كنت 20 كيلو، وبعدين بأقول لك بعد أنا ما وصلت لقيت الطيران الإسرائيلي ضارب القوات بتاعتي وضرب.. عمل عملية إغارة عليها ولقيت الولاد مستنفرين يعني وواقفين منتظرين كل حاجة.
أحمد منصور: القائد اللي بينوب عنك لم يتصرف بشيء.
سعد الدين الشاذلي: لأ، هيتصرف بأيه ما هو مفيش حاجة، مفيش..
أحمد منصور: ولا فيه أوامر جت من القيادة ولا أي شيء.
(6/479)
سعد الدين الشاذلي: ولا.. ولا جت من القيادة ولا كذا، إنما هو المهم إنه هو واخد وضع الاستعداد علشان يتخذ أي موقف ضد إذا كان العدو الإسرائيلي يهجم أو تيجي أوامر أخرى يعني، فلما وصلت وبعدين حاولت بقى اتصل بالأيه؟، باللاسلكي مع القيادة بتاعة سيناء مفيش.. مفيش رد حاولت بيبقى عندنا اتصال آخر مع القيادة الأكبر اللي هي القيادة المصرية، القيادة العامة مفيش اتصال، وبعدين لقيت الموقف، الطيران جه زارني برضو مرة ثانية غير المرة..
أحمد منصور: قواتك كانت مكشوفة؟
سعد الدين الشاذلي: مكشوفة طبعاً في الصحراء، صحراء، عربيات وأرض مفتوحة.
أحمد منصور: ماذا فعلت بعد ما وجدت إن اتصالك بقيادة سيناء منقطع واتصالك بالقيادة العامة كذلك مقطوع؟
سعد الدين الشاذلي: الحقيقة اعتمدت على الاستماع إلى إذاعة العدو ووجدت إنهم قاعدين يقولوا بلاغات بدت خطيرة بالنسبة لي، إنهم دخلوا رفح، وإنهم بينادوا لسكان العريش إن مش عارف أيه، ارفعوا الرايات البيضاء وحاجات زي كده، يعني الله!! أنا مش.. مش عارف الموقف بالضبط، وفيه انقطاع كامل في المواصلات، وكما قلت سابقاً إن أنا وصلت تقريباً حوالي الساعة يمكن 3 أو 4 بعد الظهر، 3 أو4 بعد الظهر على ما وصلت القوات بتاعتي وابتديت آخد في الموقف دهوة وابتديت أفكر خد مني برضو ساعة أو حاجة زي كدا هوة، ماذا أفعل؟ ماذا أفعل؟ وكل.. لغاية دلوقتي مفيش عدو بري أمامي اللي نشوفه كله
أحمد منصور: للاشتباك معاه
سعد الدين الشاذلي: الطيران جه مرتين وضرب وخسائر طفيفة
أحمد منصور: هل استطعت أن تقيم أية اتصالات بينك وبين قوات المجموعات المجاورة لك؟
سعد الدين الشاذلي: لا مفيش
أحمد منصور: اتصال.
سعد الدين الشاذلي: مفيش اتصال
أحمد منصور: مقطوعة تماماً.
سعد الدين الشاذلي: مفيش اتصال خالص، مفيش اتصال خالص.
أحمد منصور: يعني لم تعرف وضع الجبهة المجاورة لك؟
سعد الدين الشاذلي: إطلاقاً، إطلاقاً، إطلاقاً
(6/480)
أحمد منصور: صرت في عزلة عسكرية تامة
سعد الدين الشاذلي: تماماً، تامة.. تامة، طيب كيف أتصرف؟ كيف أتصرف؟ بأدرس الخريطة لقيت بعد الـ20 كيلو دول داخل حدود إسرائيل فيه منطقة جبلية يعني أصبح العدو الرئيسي بتاعي دلوقتي الأيه؟ الطيران، ومعنديش إمكانيات أيه إمكانيات...
أحمد منصور: لمهاجمته، لم يكن لديك لا صواريخ مضادة للطائرات ولا مدفعية ولاشيء؟
سعد الدين الشاذلي: لأ.. لا لا.. أبداً ما فيش أي أسلحة مضادة للطائرات، فيه الأسلحة الرشاشة الخفيفة اللي هي بتضرب على مسافة 200 متر، 300 متر يعني هو التأثير بتاعها ضعيف، ولكن ما تعتبرش كأنها أسلحة مضادة للطائرات، فقلت أنا أتحرك شرقاً، بدل ما أتحرك غرباً أو أثبت في مكاني، المكان بتاعي مكشوف، المكان مكشوف، فقلت أنا أتحرك شرقاً واخش داخل المنطقة الجبلية دي، داخل المنطقة الجبلية دي هيكون تأثير الطيران عليَّ أيه؟ ضعيف.. ضعيف
أحمد منصور: ودي داخل حدود فلسطين.
سعد الدين الشاذلي: داخل حدود فلسطين، داخل حدود فلسطين
أحمد منصور: يعني القوات الأخرى تنسحب وأنت..
سعد الدين الشاذلي: دخلت، أنا ما أعرفش هم ينسحبوا أو ما ينسحبوش، فرحت داخل في، قبل المغرب كنت أيه؟ دخلت داخل الأيه؟ قطعت العشرين وخمسة كيلو تقريباً جوه حدود.. يعني حوالي 25 كيلو وأيه؟ وعسكرت جوه وفيه منطقة فيها بير، وجبت ميه منهم هناك، فاستقريت في هذا الوضع.
أحمد منصور: حسيت إنك حميت قواتك وأمنتها؟
سعد الدين الشاذلي: أيوه طبعاً.
أحمد منصور: الخسائر كانت في ذلك اليوم في قواتك قد أيه؟
سعد الدين الشاذلي: ضعيفة جداً، بضعة أفراد يعني لما تيجي الغارة يستشهد 2 أو يتعور..
أحمد نصور: كان عدد قواتك وحجمها قد أيه؟
سعد الدين الشاذلي: حوالي 1500 جندي.
أحمد منصور: والمدرعات والناقلات والحاجات اللي معاك؟
سعد الدين الشاذلي: لا ما هو كتيبة دبابات، كتيبة دبابات.
أحمد منصور: كتيبة دبابات.
(6/481)
سعد الدين الشاذلي: كانت هي حوالي 30 دبابة، كتيبة دبابات، ده العنصر الأساسي يعني، ده العنصر الأساسي، فلما دخلت أنا في هذه المنطقة داخل سيناء أنا في بطن جبلين والوادي معووج كده شوية، فالطيران لما يجي كده على ما يشوفني يكون عدَّى ما يلحقش يضرب..
أحمد منصور: مايلحقش يضرب.
سعد الدين الشاذلي: ولو جه من الناحية دي، ولو جه بالطريقة دي برضو مش، يعني بقيت في بطن الجبل، فتلافيت الأيه؟
أحمد منصور: الخسائر ضرب الطيران.
سعد الدين الشاذلي: القصف الجوي، خلاص، ما هو إذا ما كنتش أنت تقدر تقوم بعمل إيجابي قوم بالعمل الأيه؟ السلبي الصحيح، الذي يجنب، لأن لو فشل العدو في إنه يعمل فيك خسائر يبقى ده انتصار لك، ما هي دي لازم تعرف لأن كل واحد.
أحمد منصور: فلسفة.. فلسفة الشؤون العسكرية.
سعد الدين الشاذلي: في حدود إمكانياتك، أنت بتتصرف في حدود إمكانياتك، أنت ما عندكش إمكانيات إنك أنت تضرب الطيارة وتوقعها، طيب إزاي تختبي من الطائرة بحيث إنها لا تستطيع أن تصيبك بمنتهى البساطة، ففاتت ليلة أيه.
أحمد منصور: 5 يونيو.
سعد الدين الشاذلي: 5 يونيو.
أحمد منصور: وأصبحنا في 6 يونيو.
سعد الدين الشاذلي: وأصبحنا في 6 يونيو، أحاول الاتصال برضو مفيش اتصال إطلاقاً والأخبار برضو غير مطمئنة، فبعت ضابط اتصال على إنه ينزل بعربية يشوف أيه المواقف يعني، دي أحد الوسائل لما ينقطع الاتصالات التليفونية واللاسلكية، وما كانش فيه اتصالات تليفونية لأن مفيش، فأحد وسائل الاتصال إن أنا أبعت لضابط اتصال راح ما رجعش، يا ترى ده مات اتقتل، بتاع، وصل ما وصلش ما أعرفش، جه يوم أيه؟ 7 الطيران في يوم 6 و7 بيزروني وما بيضربش لأنه ما يعرفش يضرب.
أحمد منصور: لكن عرف مكانك وموقعك.
(6/482)
سعد الدين الشاذلي: عرف مكاني.. عرف مكاني.. عرف مكاني طبعاً لأنه شاف الحتة القديمة لقاها أيه؟ فاضية سهل قوي يدور فعرف مكاني فبقى أيه يزروني مرتين في النهار تقريباً أو 3 مرات، إنما ما كانش فيه ضرب في يوم أيه؟ يوم 6 لأنه هيضرب فين؟ جه يوم 7 تفاقم الموقف برضو وأنا مش عارف الموقف خالص وأنا موجود.
أحمد منصور: منصور: لكن كنت تواصل الاستماع للإذاعات كمصدر رئيسي للمعلومات.
سعد الدين الشاذلي: للإذاعات، المصدر الرئيسي للمعلومات، والمصدر.. والرديو بتاع مصر برضو معلوماته شحيحة ودي مشكلة كبيرة جداً إن لما بيبقى يعني الناس، القوات العسكرية دائماً تستمع برضو للأيه؟ للراديو الوطني، فلما الراديو الوطني يدوم معلومات خطأ فده.. بيساهم في المشكلة، يعني.
أحمد منصور: وكانت المعلومات خطأ اللي كانت...
سعد الدين الشاذلي: أه طبعاً، ويتكلموا عن إسرائيل، بيتكلموا عن إنهم دخلوا دول مفيش وبتاع ووقعنا كذا طيارة والكلام اللي.. اللي كان بيتقال ده كلام..
أحمد منصور: لكن كنت وأنت على الجبهة تشعر إن هذه المعلومات غير صحيحة؟
سعد الدين الشاذلي: أشعر طبعاً لأن أنا مش شايف أي طيران، مش شايف أي طيران لنا، وشايف طيران العدو هو اللي أيه؟ اللي موجود في السما كله، فطبعاً بيبقى فيه شكوك يعني، خصوصاً لما يكون ضابط محترف يقدر أيه يبين يستبين المعلومة الصحيحة من المعلومة الخطأ.
أحمد منصور: مشاعرك النفسية أيه يوم 7 يونيو بعد يومين فقد الاتصال، معاك 1500 جندي وضابط تريد أن تحافظ عليهم، مقطوعة علاقتك تماماً بالعالم وبقواتك وبقيادتك وبكل شيء، وأنت معزول بين جبلين في فلسطين؟
سعد الدين الشاذلي: مافيش يعني شعور قائد في المعركة هو موجود هذا قدره وإما أن ينتصر أو إما أن أيه يهزم.
أحمد منصور: يعني كنت متوتر، كنت مسرور، كنت حاسس إنك يعني عرضة إن قواتك وأنت تضيعوا في لحظة واحدة يعني؟
(6/483)
مناورات الشاذلي وما تكبده من خسائر في انسحابه
سعد الدين الشاذلي: لا لغاية دلوقتي أنا مطمئن لأن يعني شايف إن العدو مش قادر يعمل لي حاجة ومش متبين الموقف على الجبهات الأخرى الأجناب وكذا، المهم يوم 7 بصيت لقيت حصل اتصال حوالي العصر تقريباً كده، جه اتصال من القيادة العامة.
أحمد منصور: من القاهرة؟
سعد الدين الشاذلي: من القاهرة، مش بقى من قيادة سينا، ثبت لي فيما.. فيما بعد إن قيادة سينا كانت انسحبت من سينا وأنا لا أعلم، فقالوا لي: أنت قاعد بتعمل أيه دلوقتي؟ اللي موجود ينسحب فوراً العدو وراك.. دخلوا بقى في حتت ثانية وأصبحوا في الغرب يعني داخل سيناء بكذا، يعني أصبح العدو ورايا وأنا...
أحمد منصور: دلوقتي أنت محاصر كده.
سعد الدين الشاذلي: كأني محاصر.. كأني محاصر، فانسحب فوراً، حاولت أقول لهم إن يعني، هو مش متخيلين بقى الموقف بتاع الطيران بتاع العدو اللي بيصدر هذا الأمر قاعد في القاهرة مش عارف.
أحمد منصور: تفتكر مين اللي أصدر لك الأمر؟
سعد الدين الشاذلي: الأمر جاي من القيادة العامة، من قيادة عبد الحكيم عامر يعني مش مين هو اللي قال لا أذكر بالضبط يعني، الإشارة رسمية..
أحمد منصور: لما طلب منك الانسحاب شعرت بأيه؟ إن الهزيمة وقعت؟
سعد الدين الشاذلي: شعرت بمدى الكارثة بقى، القوات بيقولوا لك: دا القوات كلها انسحبت وانسحب فوراً لأنا لعدو وراك، يعني أصبت سينا كلها أيه؟
أحمد منصور: منصور: في أيد إسرائيل.
سعد الدين الشاذلي: في أيد إسرائيل، أو في طريها إلى أنها تكون في أيدين إسرائيل يعني العدو وراك، فأنا طبعاً علشان اسكتهم وأهديهم وأحافظ على قواتي قلت لهم: طيب، ولكن ما عنديش النية بإن أنا أنسحب بالنهار أبداً، لأن أنا عارف تأثير الأيه؟ القوات الجوية، استنيت لغاية أيه؟
أحمد منصور: الليل ما دخل.
(6/484)
سعد الدين الشاذلي: لغاية الليل ما دخل، فات يوم 7 آه نسيت أقول لك إن في خلال يوم 6 و7 فيه مناوشات بسيطة كده، يعني العدو عايز يشعرني بإن.. إن هو شايفني وهو موجود، فحاجات نسميها كده أيه يعني مناوشات.
أحمد منصور: مناوشات مدرعات ومشاة.
سعد الدين الشاذلي: مناوشات على مسافة 2300 كيلو يبص وقيوم يضرب طلقتين وإحنا نضرب عليه طلقتين في.. من ناحية الجنوب؟
أحمد منصور: 2300 كيلو؟
سعد الدين الشاذلي: 2300 متر.
أحمد منصور: متر، نعم.
سعد الدين الشاذلي: 2300 متر، 2000، 3000 متر كدا هوة يعني على مسافة بعيدة.
أحمد منصور: يعني 2، 3 كيلو.
سعد الدين الشاذلي: 2، 3 كيلو.
أحمد منصور: يعني معنى ذلك إن قواتك رصدت.
سعد الدين الشاذلي: رصدت مرصودة.
أحمد منصور: وأنت عرفت إن العدو قريب منك.
سعد الدين الشاذلي: طبعاً مرصودة مرصودة برياً وجوياً، ولكن العدو الرئيسي حتى هذه اللحظة هو أيه الجو.
أحمد منصور: ماذا كان عفواً سعادة الفريق أيضاً شعور مساعدينك القريبين منك، شعور جنودك؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، هم مطمئنين كلهم ولاد كويسين ومنتقين وشايفين إنه القائد بتاعهم يعني مش متوتر يبقى مش متوترين.
أحمد منصور: يعني للتاريخ أيضاً تذكر بعض أسماء.
سعد الدين الشاذلي: هو له يعني.. يعني القائد بيتأثر بالرئيس بتاعه والجندي بيتأثر، إنما لما يكون شايف القائد
بتاعه أيه؟
أحمد منصور: مهزوز أو.. أو.
سعد الدين الشاذلي: إذا كان مهزوز هيتهز وإذا كان هادي هيشعر.
أحمد منصور: تذكر بعض أسماء هؤلاء.
سعد الدين الشاذلي: أذكر كان ما تنساش إنك أنت بتسأل عن حاجة بقى كذا سنة، يجوز الاسم ما هوش ما هوش موجود عندي دلوقتي، ولكن لما أرجع إلى الأيه؟ إلى الأرشيف بتاعي أستطيع إن أنا أيه؟ إن أنا أ عرف؟
(6/485)
أحمد منصور: هو على اعتبار إن مثل هذه المواقف والأحداث دائماً بتظل محفورة إن لم يكن عندك كقائد فبيظل مساعدينك وجنودك طبعاً يروون لأبنائهم وأحفادهم.
سعد الدين الشاذلي: بالضبط الضبط، هم يعرفوا أكثر، هم يعرفوا، وبعدين الكلام ده لما تبقى حادثة أو حادثتين، إنما التاريخ بتاعي فيه مئات الأحداث فتبص تلاقي أيه.
أحمد منصور: صحيح.
سعد الدين الشاذلي: المهم، إن إحنا بعد أيه؟ ما يعني بعد آخر ضوء يوم 7 ابتديت بقى أيه؟ اتحرك أنا أيه؟ جنوباً، بعد آخر ضوء يوم أيه؟ 7 ابتديت أتحرك.. أتحرك ليلاً وعلى ما أذكر إنها كانت برضو أيه ليالي قمرية، فدي برضو ساعدتنا شوية، لأن ما نستخدمش الأنوار وكلمة إن العدو وراك دي برضو حطيتها في دماغي، فقلت اتحاشى الأيه؟ الطرق، الطرق اللي هي.
أحمد منصور: المطروقة.
سعد الدين الشاذلي: المطروقة يعني، ماشي طبعاً بحذر طول الليل.
أحمد منصور: طيب كيف استدليت على.. على الطريق في صحراء سيناء المخيفة التي إن لم يكن هناك طريق مرصوف.
سعد الدين الشاذلي: ما هي دي شغلتنا بقى، أنت عايز تبقى صحفي وضابط وبتاع جغرافيا وكله في وقت واحد مش ممكن، فمشيت لما طلع عليَّ الفجر وأول ضوء كنت قطعت نص المسافة، يعني طول الليل ماشي بتاع ييجي 100 كيلو مثلاً أو.. أو 110 يعني.
أحمد منصور: وكان الوضع آمن بالنسبة لك؟
سعد الدين الشاذلي: لغاية دلوقتي لغاية الفجر مفيش.. مفيش مشكلة إطلاقاً، مفيش، وطلعت بقى على كنت حوالي 90 كيلو متر شرق الإسماعيلية دا بقينا يوم 8.
أحمد منصور: 8.
سعد الدين الشاذلي: كان يوم 8.
أحمد منصور: 8 يونيو 67.
سعد الدين الشاذلي: 8 يونيو 67، بعد فترة قصر ابتدى الطيران أيه؟ يستلمني.
أحمد منصور: قواتك مكشوفة.
سعد الدين الشاذلي: مكشوفة مكشوفة، وبعدين شفت بقى مدى الكارثة التي حلت بالقوات المسلحة على الطريق بقى وأنا وأنا في العودة.
أحمد منصور: ماذا رأيت في الطريق؟
(6/486)
سعد الدين الشاذلي: رأيت مناظر فظيعة، الدبابات والعربيات محترقة، والطريق مسدود، و.. لأن الطيران، كل.. معظم هذه القوات بعد ما انضرب الطيران ومفيش دفاع جوي ما كانش عندنا في هذه اللحظة الدفاع الجوي الصاروخي المتحرك أو حتى الثقيل اللي هو يقدر يحمي القوات، فالعدو يتصرف كما يريد ودي أحد الدروس اللي إحنا خدناها في 73، وأساس الخطة وفلسفة الخطة بتاعة أكتوبر لما نيجي نتكلم عليها إن إحنا ما أيه.. مانخشش داخل سيناء وليس لنا غطاء جوي وصواريخ (...)، المهم إن إحنا ناخد درس، فالطيران طبعاً استلمني وابتدى يضرب وحصلت خسائر بقى شديدة بقى لأن.
أحمد منصور: في قواتك.
سعد الدين الشاذلي: لأن هو بيركز الأول على الدبابات، وبيركز على العربيات اللي هي الإدارية اللي فيها ذخيرة، وبيحصل مثلاً تبص تلاقي ضرب عربية ذخيرة فالعربية الذخيرة مثلاً ولعت وتبص تلاقي الذخيرة بقى بتنفجر يمين وشمال أنت.. عربية مولعة وتفجرات يمين وشمال، والعربية التانية بتعدي ما واحدة يمين وواحدة شمال، وكل واحد وحظه بقى، كل واحد وحظه، فطبعاً المهم يعني تكبدب برضو أكبر خسائر تكبدتها كان خلال هذه المرحلة اللي هي من 90 كيلو شرق الإسماعيلية إلى أن وصلت إلى المعابر كانت آخر أنا وحدة متماسكة بحيث إن أنا عديت ونسفوا الكباري على طول المهندسين.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة قصة العبور هذه، قصة آخر مجموعة عسكرية عبرت من غرب قناة السويس إلى شرقها يوم 8 يونيو تحت قيادة الفريق سعد الدين الشاذلي وما حدث بعد ذلك من حرب الاستنزاف ستكون محور موضوع الحلقة القادمة.
شكراً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي: شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة لنكمل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس الأركان الأسبق للقوات المسلحة المصرية)، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(6/487)
الحلقة5(6/488)
الجمعة 24/12/1422هـ الموافق 8/3/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 13:50(مكة المكرمة)،10:50(غرينيتش)
سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري الأسبق الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
- سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق
تاريخ الحلقة
6/03/1999
سعد الدين الشاذلى
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق) مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي:
مرحباً بيك.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند يوم 8 يونيو 1967م، حيث كانت قواتك آخر القوات المسلحة، أو أخر مجموعة في القوات المسلحة المصرية التي كلفت بالانسحاب من سيناء، كيف كانت عملية الانسحاب؟وكيف استطعت أن تحافظ على قواتك طوال تلك الفترة؟ ثم كبدت خسائر قبيل عملية الانتقال من غرب القناة إلى شرقها.
سعد الدين الشاذلي:
كما سبق أنا قلت، خسائري كلها كانت خلال يوم 8 بواسطة الطيران، وبالذات في المسافة اعتباراً من حوالي 90 كيلو متر إلى مائة كيلو متر شرق الإسماعيلية إلى أن عبرت قناة السويس في منطقة الإسماعيلية.
أحمد منصور:
كم تقريباً عدد الدبابات التي خسرتها، الشهداء؟
سعد الدين الشاذلي:
يعني تقدر تقول الخسائر كلها على بعضها يمكن حوالي 15 إلى 20%، ولكن النوعيات تختلف، يعني الدبابات كانت هي اللي إيه اللي بتتحمل الخسائر الأكبر، لأن الطيران بينتقي، بينتقي إيه اللي يضربه، فكان بيصطاد الدبابات الأول، فيمكن الدبابات الخسائر بتاعتي فيها يمكن أكثر من 80% آه طبعاً، لأن التركيز كله على إيه؟بيضرب..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
على الدبابة.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
بيضرب علىالدبابات، إنما المجموع كله على بعضه حوالي ما بين 15 إلى 20%.
(6/489)
أحمد منصور:
كيف كان شكل سيناء وأنت جئتها من أقصى نقطة ربما دخلت إلى فلسطين، وانسحبت حتى المنقطة الغربية أو حتى غرب القناة.
سعد الدين الشاذلي:
شكل فظيع جداً، لأن على طول الطريق دبابات وعربيات محترقة، عربات ذخيرة ما زالت مشتعلة وتنفجر الطلقات في كل الاتجاهات، ناس جرحى، المفروض أن إحنا بناخدهم معانا أثناء الانسحاب، منظر سيئ جداً، وأنا ده برضو المنظر ده يعني تذكرته تماماً أيام الحرب العراقية الأمريكية، في أثناء الانسحاب بتاعهم من الكويت،والمنظر اللي شفته في التليفزيون بتاع الحرب العراقية الأمريكية كان أفظع من اللي أنا شفته في سيناء، لأن إحنا كانت القوات اللي الموجودة عندنا في سيناء مثلاً عبارة عن حوالي 80 ألف كلها مثلاً، وبتنسحب على3 محاور في حين إن مثلاً أيام الحرب العراقية الأمريكية، كانت القوات أكثر من هذا بكثير يمكن 400 ألف أو أكثر..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هاينسحبوا من طريق واحد.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
وبينسحبوا على محور واحد، فبقيت متخيل المأساة التي ممكن أن تحصل، لأن الطيران بيحصل إيه؟بيجي على المحور وبيضرب قدام وبيضرب وراء، الطريق بيتسد، اللي بيجي عربية سليمة أو دبابة سليمة مش قادرة تتحرك، لا كده ولا كده، ولا يمين ولا شمال، فطبعاً المنظر ده أنا شفته بطريق مصغر في سيناء، وتخليت كيف يمكن أن يحدث في الحرب العراقية الأمريكية، ولكن هذا أنا خدت منه درس.
أحمد منصور:
إيه، ما هو الدرس الذي أخذته؟
سعد الدين الشاذلي:
الدرس هو تأثير القوات الجوية على القوات البرية في حالة عدم وجود غطاء جوي، أو دفاع جوي متحرك،وعلى ذلك فلسفة الخطة في حرب 6 أكتوبر كانت أساساً كيف نتحاشى تأثير القوات الجوية المعادية على قواتنا، وتحدث خسائر في القوات البرية الإسرائيلية أكبر خسائر ممكنة.
أحمد منصور:
(6/490)
الفريق فوزي أعتقد كان دايماً يقول إن.. أو نقل إلى الرئيس عبد الناصر بأن إذا القوات الجوية الإسرائيلية، الفريق صادق ربما اللي كان نقل ليه أو كان الفريق فوزي، إذا قامت بالضربة الجوية هتكسح-بنفس المفهوم-هتكسح القوات المسلحة المصرية.
سعد الدين الشاذلي:
أعتقد أن هذا كلام مبالغ فيه، لأن إحنا قمنا بالضربة الجوية الأولى في حرب أكتوبر، وما كسحتش الإسرائيليين ولا حاجة!
أحمد منصور:
طب إزاي الإسرائيليين استطاعوا يعني بالقوة الجوية في حرب 67 إن هم يكسحوا السلاح المصري، كما جاء على لسان العسكريين القادة في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي:
هذا حقيقي، لأن التفوق الإسرائيلي على التفوق.. على الموقف المصري في مجال الطيران كان تفوق كبير جداً.
أحمد منصور:
وأين الروس سعادة الفريق؟!
سعد الدين الشاذلي:
الروس مابيحاربوش، ومش مطلوب إنهم يحاربوا معانا.
أحمد منصور:
ليس، ليس كقوات محاربة، وإنما كقوات تمد المصريين بالسلاح كحلفاء لهم في ذلك الوقت ضد الإسرائيليين الذين كانت أمريكا تمدهم بهذه القوة التي ذكرتها.
سعد الدين الشاذلي:
أنت بتتكلم على67 أم على..؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
67، أين السلاح الروسي في حرب 67؟
سعد الدين الشاذلي:
67 برضو كان السلاح الروسي لم يأخذ مجراه، ولم نستوعب كميات الأسلحة اللي الموجودة بالإضافة إلى وجود قوات مصرية كبيرة في اليمن، فلازم نشوف الموقف من جميع جوانبه يعني.
أحمد منصور:
طيب، الآن صف لنا آخر عبور لقوات مصرية عبرت القناة، وكنت أنت قائد لهذه القوات يوم 8 يونيو 67.
سعد الدين الشاذلي:
(6/491)
قبل غروب يوم 8 كنت بقواتي أبدأ العبور إلى الضفة الغربية بما تبقي منها، وقلت لك أن الخسائر عندي، حوالي 15 لـ 20% بالإضافة إلى أن هذه النسبة ليست متساوية في جميع الوحدات الدبابات كانت بتتحمل الجزء الأكبر من الخسائر لأن العدو كان بينتقي في الضرب الجوي إنه هو بيضرب الدبابات في الأول، فبمجرد عبوري كان المهندسين قاعدين منتظريني، يعني على إن أنا إيه هأعبر..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني كان فيه تنسيق واتصال في تلك الفترة؟
سعد الدين الشاذلي:
كان فيه.. ما هو تنسيق، وأنا قلت لهم بقي طبعاً، وحصل اتصال اعتباراً من يوم 7 بعد العصر،وحصل بقي فيه اتصال وبأقول لهم إن أنا موجود في الحتة الفلانية والكلام ده، وهناك ضابط اتصال موجود، فبيقولي حمد لله على السلامة القرار إن ايه القوات بتاعة مجموعة الشاذلي تحل، وكل وحدة تذهب إلى إيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إلى وحدتها الأصلية.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
وحدتها الأصلية، فما بقي من كتيبة الدبابات يروح على لواء الدبابات الذي هو كان تبعه، الصاعقة تروح على صاعقة كتيبة مشاه تنضم على اللواء بتاعها، وبالتالي انتهت القيادة بتاعتي لهذه القوات، وبقيت في منطقة القناة لمدة بضعة أيام، بضعة أيام لغاية يوم 10 تقريباً، 10أو 11 بأقود لواء مشاة للدفاع من غرب؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
من غرب القناة.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
من غرب القناة، برضوا بأقود مشاة كان سريع بقى، محاولة إيقاف عبور..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أي عبور إسرائيلي يمكن أن يتم؟
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
عبور تاني، فكنت بأقود لواء مشاة غرب القناة لمنع العدو من أنهم يعبروا، وبعدين يوم 10 أو 11صدرت، أو بعد كده يمكن بعدها بيوم أو حاجة زي كده، يعني قعدت تقريباً بضعة أيام عينت، وعينت قائد للقوات الخاصة بقى، فنزلت من القناة علشان أقود القوات الخاصة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
(6/492)
قبل قيادة القوات الخاصة إحنا الآن نريد أن نقيم حرب 67من نواحيها المختلفة بصفتك كنت أحد قادة هذه الحرب، تقييمك إيه للحرب؟ لأخطائها، الأخطاء السياسية والأخطاء العسكرية؟
سعد الدين الشاذلي:
الأخطاء السياسية نقدر نقول أن ميعاد الحرب اختيار ميدان الحرب كان خطأ، لأن ليس من الصحيح أن أفتح جبهة ثانية، وجبهة ثانية مع مين؟مع إسرائيل في الوقت اللي جزء كبير من قواتي موجودة في أيه.. في اليمن.
أحمد منصور:
يعني وجود، أيضاً نستطيع أن تقول إن دي من سلبيات التواجد المصري في اليمن، الهزيمة اللي لحقت بالجيش؟
سعد الدين الشاذلي:
إذا قلنا دي، لأ ما هو ما قدرش أفصل يعني أخدها كده كلام مطلق بهذا، لا يعني لو تفادت القيادة السياسية قيام الحرب عام 67 في الوقت اللي قواتها، كان يبقي موضوع اليمن ينظر إليه نظرة أخرى، إنما كون إننا نفتح جبهتين في وقت واحد هذا هو الخطأ، هذا الخطأ، وقطعاً كان في مقدور القيادة السياسية إنها تتفادى هذا، يا إما بأنها تمهد الطريق وتسحب قواتها من اليمن، يا إما إنها تؤجل الدخول في حرب 67، ولا سيما إن إيه طبقاً للشواهد مصر هي التي كان بيدها أن تفتح حرب 67، لأنها مرة أخرى قبل أنها علشان التهديد الإسرائيلي ضد سوريا وإن ده الغرض منه كان كما يبدو لنا كأنه مظاهرة عسكرية حتى لا تقوم إسرائيل بالهجوم على إيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
على سوريا.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
(6/493)
على سوريا، وطبعاً الكلام ده غلط، لأنها أي واحد يعمل مظاهرة عسكرية وليس في نيته بحق أن تتحول هذه المظاهرة العسكرية إلى فعل يبقي خطأ كبير جداً، لأن هو ما يضمنش سير الأحداث، هو بيظهر كمظاهرة عسكرية قد تؤدي الغرض منها، وبالتالي كفي الله المؤمنين شر القتال، إنما لازم يكون مستعد إذا لم تنفع هذه المظاهرة العسكرية وتتحول إلى حرب أنه يكون قادر على هذا، وهذا من الواضح أنه لم يكن موجود، فتقدر تقول إن ده من الناحية السياسية كان خطأ، من الناحية العسكرية.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
من الناحية السياسية أيضاً-إذ بقينا في الناحية السياسية-هل كان الرئيس عبد الناصر سياسي عسكري أم عسكري سياسي؟
سعد الدين الشاذلي:
الحقيقة هو كان الاثنين، هو كمان رجل استراتيجي، والرجل استراتيجي لابد أن يكون سياسياً وعسكرياً.
أحمد منصور:
سياسياً عسكرياً، السياسة تسبق العسكرية عنده، أم أنه لم ينسى البزة العسكرية وهو في موقع رئيس الدولة كموقع سياسي؟
سعد الدين الشاذلي:
ناخد الاستراتيجية أهم.. أهم لأن الاستراتيجية بيدخل في حسابه جميع الإيه؟ العوامل، العوامل السياسية، والعوامل الاقتصادية والعوامل العسكرية، كل ده بيخش تحت بند الإيه؟ الرؤى الاستراتيجية.
أحمد منصور:
لكن بعض المحللين أو شهود العصر، يقولون بأن الرئيس عبد الناصر لم يكن لديه المرونة السياسية والتعامل السياسي الذي كان يؤهله لأن يتجاوز بعض هذه الأخطاء التي ارتكبت، ومنها حرب 67؟!
سعد الدين الشاذلي:
(6/494)
هذه وجهات نظر، والحقيقة يجب إن عندما نناقش مثل هذه المواضيع لازم نناقش العوامل المؤثرة، اللي هي محيطة بهذا الوضع، هناك أشياء عرفناها بعد الحرب، وهو إن كان هناك صراع خفي على السلطة بين جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، فالسؤال هل كان جمال عبد الناصر يتمتع بسلطة رئيس الدولة مطلقة، أم كان مقيد بنفوذ عبد الحكيم عامر؟ فالمشاهد وطبقاً لما ظهر من أحداث إن عبد الحكيم عامر كان أقوى من جمال عبد الناصر لأنه كان بيده القوة العسكرية، وبيؤثر على الإيه؟ على القرار السياسي، وهذه المعلومة ما نعرفهاش غير بعد الحرب يعني .
أحمد منصور:
لكن، شواهد كثيرة تؤكد برضو العلاقة الخاصة التي كانت بين عبد الناصر وعامر، خاصة وأن عبد الناصر هو الذي صنع عبد الحكيم عامر.
سعد الدين الشاذلي:
هو الذي صنع عبد الحكيم عامر، إنما في أوقات الواحد بيصنع واحد وتبص تلاقي اللي صنعه ده بينافسه، والتاريخ ملئ بهذا.
أحمد منصور:
يعني فعلاً كان هناك..
سعد الدين الشاذلي[مقاطعاً]:
مفيش شك.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
منافسه ما بين الرجلين؟
سعد الدين الشاذلي:
مفيش شك، وبعدين من المؤكد إن عبد الحكيم عامر كان في هذا الوقت، وهو عسكري أساساً، وسياسي ثانياً، ولكنه كان يؤثر على القرار السياسي بطريقة أكبر بكثير من وجوده كقائد عام للقوات المسلحة.
أحمد منصور:
هل أيضاً ده دفع الرئيس عبد الناصر، أيضاً كما يقول بعض المؤرخين ومن كتبوا عن تلك المرحلة إلى أن يبقى الجيش المصري في وضع متمزق ومفتت خوفاً من وحدته التي يمكن أن تؤدي إلى انقلاب وسيطرة عامر على السلطة من عبد الناصر، فكان هناك القوات مختلفة، بعضها كان عبد الناصر له صلة مباشرة بها، وبعضها الآخر كان على صلة بعبد الحكيم، وأن التفكك العسكري الموجود في الجيش ساعد على وقوع هزيمة 67؟
سعد الدين الشاذلي:
(6/495)
قد يكون هذا الموقف في مواقف ليس فيها عبد الحكيم عامر كقائد عام للقوات المسلحة، لأن عبد الحكيم عامر أولاً: عضو في مجلس قيادة الثورة بتاعة 23 يوليو، وبعدين وجوده على قمة القوات المسلحة كان بيعطيه يعني.. سلطة .. سلطة تأثير أكثر من أي زميل من زملائه في مجلس قيادة الثورة، وطبقاً لما سمعناه برضو بعد ذلك أن جمال عبد الناصر حاول في مرحلة من المراحل أن يحجم من إيه؟ من سلطات عبد الحكيم عامر ولم يستطع.
أحمد منصور:
كيف؟
سعد الدين الشاذلي:
أمَّال، يعني مثلاً بعد العملية الانفصالية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مع سوريا.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
مع سوريا عام 61، أراد جمال عبد الناصر أن يحجم..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
المشير.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
المشير آه، المشير عبد الحكيم عامر، فأراد أن يأخذ قرار من مجلس قيادة الثورة، أو مجلس السيادة كما كان يسمى في هذا الوقت بأن ترقيه من رتبه عميد فما فوق تكون من سلطة إيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
رئيس الجمهورية.
سعد الدين الشاذلي:
رئيس الجمهورية، وتعيين القيادات تكون من سلطة رئيس الجمهورية،
فعبد الحكيم عامر رفض هذا، وراح قعد في بيته،راح قعد في مرسي مطروح أظن أو حاجة زي كده، فجمال عبد الناصر ابتدى هو اللي يتراجع، وهو اللي يطلب من أعضاء مجلس قيادة الثورة إنهم يقنعوه بالعودة وأن يبقى الموقف كما عليه، هذا يعني إن رئيس الجمهورية غير قادر على إن هو إيه، يفرض سيطرته على القوات المسلحة، وبالتالي عبد الحكيم عامر كان بيجنب جمال عبد الناصر عن السيطرة على القوات المسلحة، وكان السيطرة شبه كاملة لعبد الحكيم عامر، قد تكون هناك عملية مجاملات يعني بين الطرفين، لأن مش ممكن الوضع يصل إلى القطعية، إنما السيطرة الفعلية على القوات المسلحة كانت في يد عبد الحكيم عامر.
أحمد منصور:
ما تقييمك لشخصية الفريق عامر من الناحية العسكرية؟ هل كان الفريق
(6/496)
عامر –للتاريخ- مؤهلاً لقيادة القوات المسلحة المصرية كقائد عام لها؟
سعد الدين الشاذلي:
المشير عبد الحكيم عامر يعني فقد اتصاله بالقوات المسلحة، وبالعلم العسكري منذ أن تولى، يعني منذ أن ترك الجيش للسياسة في عام 52، لأنه كان برتبة رائد، فمعلوماته كرائد لم تزد كثيراً عن معلوماته حتى وصل إلى مشير، ولم يمارس القيادات الميدانية وخلافه، وبالتالي فنقدر نقول إن كانت تنقصه الخبرة الميدانية والثقافية والعلمية، أضف إلى ذلك أن أسلوبه في قيادة القوات المسلحة كان أسلوب العُمدية، يعني ذي راجل عمدة كده،هه، ويحاول إيه؟يعني يبقشش على من حواليه (الأنتوراش) بتوعه يعني.
أحمد منصور:
بالرتب وبالامتيازات.
سعد الدين الشاذلي:
بالامتيازات وبالرتب وبالمكافآت المالية، وبالسفر إلى لندن لعلاج، أو لمش عارف، أو لفسحة أو كده.. لخلافه، الحقيقة الغالبية غالبية الضباط والجنود بتجتذبهم مثل هذه الإيه؟ الخدمات، يعني كان أي واحد يستطيع أن يصل إلى عبد الحكيم عامر، ويطلب منه أي طلب يبقي هيجيب له، إنما كانت المشكلة إزاي يصل إلى إيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إلى عبد الحكيم عامر.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
إلى عبد الحكيم عامر،إنما لو وصل إلى عبد الحكيم عامر وطلب منه أي شيء هينفذه، طبعاً ده أسلوب في القيادة مش سليم يعني، المفروض إن الواحد يكون دائماً مع الحق اللي يكون له.. اللي بيطلب مطالب معقولة، وفي حدود القانون، وفي حدود الأصول، ومافيهاش طمع، ومافيهاش استغلال، من حقه إنه هو إيه؟ يجيبه إلى هذا، إنما مش اكتسب أنا ولاء الأفراد بواسطة الامتيازات والحاجات دي.
أحمد منصور:
معنى ذلك أيضاً أن هذا انعكس على القيادات التي تحته؟
سعد الدين الشاذلي:
مفيش شك، مفيش شك، لأن القيادات كان أساساً هو الولاء نمرة واحد.
أحمد منصور:
ونعتبر هذا أيضاً سبب من أسباب هزيمة 67؟
سعد الدين الشاذلي:
(6/497)
مفيش شك، مفيش شك، إن كان القيادات أساسها الولاء، الولاء لمين! أصل الولاء، إذا كان الولاء لمصر فهذا مطلوب من كل واحد، إنما الولاء لفرد مختلف، الولاء لمصر والوطن شيء، والولاء إلى شخص الحاكم أو شخص القائد شيء آخر.
أحمد منصور:
يعني حتى الولاء لم يكن لعبد الناصر، وإنما كان لعبد الحكيم؟
سعد الدين الشاذلي:
الولاء بتاع القيادات العليا كلها كان أساساً لعبد الحكيم عامر.
أحمد منصور:
سعادة الفريق، مقتل عبد الحكيم عامر أو انتحاره، هل كان مقتل قتل أو انتحار؟
سعد الدين الشاذلي:
لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال، لا بالإيجاب ولا بالنفى، لأن دي حاجة المفروض أنها تخضع لتحقيقات وخلافه هناك إشاعات بأنه يقول انتحر، وهناك إشاعات تقول أنه انتحر؟! فأين الحقيقة؟ لا أعرف ولا أستطيع أن أجيب عنها.
أحمد منصور:
أثر انتحار أو مقتل القائد العام للقوات المسلحة عليكم كقادة عسكريين؟
سعد الدين الشاذلي:
هو الحقيقة هنا يختلف لأن أولاً: بعد جمال عبد الناصر ما حب ينحي عبد الحكيم عامر، بعد هزيمة 67، وحُددت إقامته في القصر الذي يقيم فيه، وهو حاول أن هو يعمل نوع من المظاهرة العسكرية، وبعدين يلم بعض المعاونين بتوعه، اللي هم كانوا القادة أيام 67، أولاً:جمال عبد الناصر بعد 67 غير القيادات كلها، غير القيادات كلها.. جاب الفريق فوزي عمله قائد عام..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وزير حربية.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
قائد عام، ووزير حربية، ما هو قائد عام ووزير الحربية دي صنوانه دي عندنا يعني ، وغير القيادات كلها، وشال القيادات اللي كانت بتاعة عبد الحكيم، فأصبحت القيادات الجديدة كلها إيه ؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
موالية للرئيس عبد الناصر.
سعد الدين الشاذلي(مستأنفاً):
كلها موالية للرئيس عبد الناصر، وكان الحقيقة القيادات معظمها قيادات بقي إيه محترفة.
أحمد منصور:
(6/498)
اعتمد عبد الناصر، يعني على إيه في قوة التغيير هذه التي ربما لم يستطع أن يفعلها من قبل؟
سعد الدين الشاذلي:
اعتمد على أن عبد الحكيم عامر مهزوم، والمهزوم تبقي نفسه مكسورة يعني، يعني هيبقي مهزوم ويبقى، فهو الفكرة إيه بقى؟ إن جمال عبد الناصر قدم الاستقالة بتاعته يوم 10 يونيو 67، وطلعت المظاهرات، ومظاهرات فعلاً عفوية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
تعتقد إنها عفوية وغير مصنوعة؟
سعد الدين الشاذلي:
أعتقد أعتقد إنها عفوية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن هناك من يؤكد إن هذه المظاهرات تم صناعتها وترتيبها!
سعد الدين الشاذلي:
أعتقد لأ.. يعني أنا مثلاً كنت في الجبهة أنا لما رجعت مراتي بتحكي لي بتقول لي لما سمعوا الخبر سمعت صوات في إيه في المنطقة المحيطة، شاهدة مدنية يعني، واخدها نقلياً عنها، فأنا طبعاً ماكنتش موجود وما شفتش المظاهرات دي ولا حاجة، أنا كنت موجود في الجبهة يوميها.
أحمد منصور:
انطباع استقالة الرئيس عليك إيه؟
سعد الدين الشاذلي:
استقالة؟
أحمد منصور:
الرئيس عبد الناصر حينما علمتها؟
سعد الدين الشاذلي:
هي ما أخذتش وقت يعني، هو طبعاً كان الموقف زي ما تقول مثلاً إيه ناس في أزمة وأبوهم مات فجأة، فتبص تلاقي أيه، ومافيش البديل لسه، محدش عارف معروف البديل، لأنه لما قدم استقالته عبد الحكيم عامر راخر قدم الإيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
استقالته.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
الاستقالة بتاعته.
أحمد منصور:
فحسيتوا إن البلد هتغرق.
سعد الدين الشاذلي:
فالبلد بقت فاضية من غير رأس، يعني البلد من غير رأس، فطبعاً كانت فترة قلق شديدة، ولكن دي لم تمض عليها بضع ساعات يعني أقل من 24 ساعة.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن يعني في أنظمة دول المؤسسات، كان ممكن أن يحدث هذا؟
سعد الدين الشاذلي:
دول المؤسسات اللي فيها مؤسسات يعني، لا طبعاً ما تقارناش بدول المؤسسات..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لماذا؟
(6/499)
سعد الدين الشاذلي:
هه؟
أحمد منصور:
لماذا؟
سعد الدين الشاذلي:
لأن هناك فارق شاسع يعني فارق شاسع المؤسسات عندنا كلها مؤسسات موضوعة، مهياش منتخبة، مهياش مؤسسات يعني الحاكم هو صاحب الفضل عليها، وهي التي تكون موالية للحاكم، فمفيش مجال للمقارنة، فيه نظام ديمقراطي أو نظام غير ديمقراطي، النظام الديمقراطي له system والنظام اللاديمقراطي له system، فمن ناحية إن هذا ممكن إن المؤسسات تعمله، طبعاً ممكن، طبعاً ممكن، إنما من المؤكد إن المؤسسات فوجئت بهذا، وقد يكون مثلاً يوم 11 عبأوا ناس، إنما الناس اللي زحفت إلى بيت جمال عبد الناصر يوم 10 بمجرد سماع الخبر، والشوارع بقت مكتظة، ويطالبوا بعدم الاستقالة، لا يمكن إن دي تكون ترتيب، لأن دي عملية مفاجئة للجميع.
أحمد منصور:
تفسير سعادتك إيه لشعب هزم على يد قائدة ومع ذلك يتمسك به؟
سعد الدين الشاذلي:
ده يدل على الكبرياء ورفض الهزيمة، الكبرياء ورفض الهزيمة.
أحمد منصور:
ما يدل على شيء آخر؟
سعد الدين الشاذلي:
ما يدل؟
أحمد منصور:
ألا يدل ذلك على شيء آخر غير الكبرياء ورفض الهزيمة؟
سعد الدين الشاذلي:
والله ده يتوقف على تحليل كل واحد، أنا شايف إن هو نوع من الكبرياء ورفض الهزيمة، لأن الحرب في النهاية، أي حرب نجاحها أو فشلها في أن هو يفشل الخصم في أن يفرض إرادته على الطرف الآخر، النجاح..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وصل إلى الحدود.. يعني الشرقية للقناة، سيطر عليها بالكامل.. من سيناء إلى قناة السويس.
سعد الدين الشاذلي:
صحيح ده.. هذه نصر عسكري حاسم، وهزيمة ماحقة عسكرية، ولكن الحرب دايماً هدفها سياسي، إن أنا أفرض على العدو أن يتصرف طبقاً لإرادتي -إذا نجحت يعني- طب هو وصل إلى القناة، هل استطاع أن يفرض إرادته على القيادة السياسية؟ رفضوا، فهنا بقى هنا الفلسفة بين الهدف السياسي والهدف العسكري، أنا هنا أتكلم كمحلل.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
(6/500)
الناس كلها ما بتقدرش تفهم فلسفة وإنما بتفهم واقع!!
سعد الدين الشاذلي:
بتفهم واقع، ما هو هنا بقى لأن إحنا الحقيقة في مصر والبلاد العربية لا نناقش المواضيع العسكرية بحرية كافية، فعلشان كده الثقافة العسكرية بين الشعب المصري والشعوب العربية ضعيفة، إنما لما تيجي تبص للدول الديمقراطية في أمريكا، وفي إنجلترا وفي الحتت دي، يا سلام، يعني أرجع إلى حرب الخليج الثانية، لما كان كل الشعب يتكلم، وفيه الناس ضد إن أمريكا تشترك في الحرب، وناس كذا كذا، والموضوع مفتوح على مصراعيه، نفس الحكاية بالنسبة لإنجلترا أيام حرب (الفوكلاند).
فإذن المسألة بيبان إن إيه أي حرب لها هدف سياسي، والهدف السياسي أنك أنت ترغم عدوك على أن يتصرف طبقاً لإرادتك، افرض إنك إنت نجحت عسكرياً، وهذا معروف ومؤكد بالنسبة لحرب 1967، الانتصار ساحق، ولكن النتيجة إيه؟ هل أرغمت القيادة السياسية على أن تتصرف طبقاً للإرادة، لا، فهذا في هذه الحالة يعتبر، ما أعتبروش نصر سياسي بأعتبر إن هو إيه فشل في تحقيق الهدف السياسي من الحرب بالنسبة لإسرائيل.
أحمد منصور:
سعادة الفريق، الآن الرئيس عبد الناصر قام بتغيير القيادات العسكرية، وأصبح المشير عامر والقيادات الموالية له أيضاً خارج نطاق السلطة، الوضع العام الآن للقيادة السياسية ولكم كقيادة عسكرية، هل أصبح هناك توجه مباشر إعادة بناء القوات المسلحة وترتيب البيت المصري، بحيث يتم تلافي الأخطاء التي أدت إلى الهزيمة.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً، والفترة اللي هي ما بين تغيير القيادات دي، وانتحار عبد الحكيم عامر ما تنساش إن هي كانت فترة قلق شديد جداً..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كان فيه مخاوف أن يتحرك عبد الحكيم عامر؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً، وأنا بالذات كقائد القوات الخاصة بتشمل الصاعقة والمظلات، الصاعقة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
متى عينت قائداً للقوات الخاصة؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/1)
بعد الهزيمة على طول، يعني حوالي يوم11، 12
أحمد منصور:
أعتقد هذه المرة الأولى التي جمعت فيها الصاعقة والمظلات؟
سعد الدين الشاذلي:
هذه هي المرة الأولى والأخيرة.
أحمد منصور:
والأخيرة.
سعد الدين الشاذلي:
والأخيرة لأن قُدْت القوات الخاصة اللي هي تتكون من المظلات والصاعقة اعتباراً من 11أو 12يونيو إلى آخر ديسمبر سنة 1969، بعد أن تركت القوات الخاصة سنة 1996، ورحت قائداً لمنطقة البحر الأحمر، حُلَت هذه القيادة، وعادت المظلات منفصلة وتحت قيادة منفصلة والصاعقة تحت قيادة منفصلة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ولا زالت حتى الآن؟
سعد الدين الشاذلي:
ولا زالت حتى الآن.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني أنت سجلت سبق في حاجات عسكرية كثيرة يعني.
سعد الدين الشاذلي:
ما هو كان يعني.. ووصلني إن الضابط كانوا.. يعني بيتندروا بهذا، بيقولك مينا موَّحد القطرين يعني.. على إن أنا، لأن كان ديماً فيها تنافس بين الإيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
صحيح.. بين المظلات والصاعقة.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
المظلات والصاعقة، فلما جه واحد بيضمهم الاثنين فحاولت إن أنا يعني أدمجهم في نسيج واحد، وأشُعِر الصاعقة إن أنا كما أنا قائد للمظلات ومتربي في المظلات، ولكني بأنظر لهم كأبناء وإخوة والحقيقة اكتسبت ثقتهم، ولكن كنا حاطين في دماغنا باستمرار إن لازالت القيادات الصغرى.. هه، والوسيطة في الصاعقة مرتبطة ارتباط بالإيه؟ بالمشير أكتر، فكنا على حذر شديد جداً عن احتمال قيام إه..هه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أي تحرك لصالح المشير.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
أي تحرك بواسطة هذه القوات للمشير.
أحمد منصور:
وأنت وأنت كنت في القلق الأكبر باعتبارك قائد لهذه القوات.
سعد الدين الشاذلي:
(7/2)
بالضبط، فعشان كده كنت قاعد مقيم في إنشاص مستديم يعني، لما يعني انتحر المشير واقتحم البيت بتاعه.. واقتحم البيت بتاعه، أصبحت الموقف خلاص، انتهى الخطر، وكل الناس اللي هم كانوا إيه معاونيه كذا وكذا. قُبضِ عليهم، فأصبح الموقف مستقر، وبعد كده سافر جمال عبد الناصر إلى..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
موسكو.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
إلى الخرطوم.
أحمد منصور:
إلى الخرطوم، مؤتمر القمة.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
إلى الخرطوم، وما كان يستطيع أن يسافر إلا بعد أن يصفي الموقف إيه في القاهرة لأن البيت كان إيه.. مهدد بأي إيه هزات تتم في القوات المسلحة لصالح المشير، وده يوري لك إن المشير كان إيه متغلغل، وله قوة تأثير داخل القوات المسلحة.
أحمد منصور:
في أعقاب حرب 1967بدأ ما يعرف باسم حرب الاستنزاف، أولاً عرَّف لنا معنى أو مفهوم حرب الاستنزاف؟
سعد الدين الشاذلي:
حرب الاستنزاف المقصود بيها عدم أن نترك العدو وهو جالس شرق القناة مطمئن 24 قيراط، لا أحد ينغَّص عليه حياته، فلازم نشتبك معاه باستمرار، وبحيث إن إيه نشعره بأن احتلال الأرض المصرية سيكلفه ثمناً لا يستطيع أن يتحمله..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني حرب الاستنزاف صناعة مصرية؟
سعد الدين الشاذلي:
صناعة مصرية.
أحمد منصور:
لم تُفرض من الإسرائيليين؟
سعد الدين الشاذلي:
لا.. الوجود الإسرائيلي هو الذي دفع مصر على أن تبدأ حرب الاستنزاف.
أحمد منصور:
وكان ده جزء من الإستراتيجية العسكرية المصرية الجديدة؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/3)
قطعاً.. قطعاً، لأن بدأ دلوقتي أنت عندك إيه؟ أنت عندك مدفعية، هتضرب به إزاي؟ فابتدي العمليات بإنها إيه نضرب العدو بالمدفعية، وبعد مرحلة من المراحل ابتدينا نقوم بعمليات خاصة تعبر إلى منطقة، إلى شرق القناة دورية صغيرة من خمس أفراد أو عشر أفراد، وأوقات تزيد إلى عشرين فرد مثلاً، ويعملوا كمين في الضفة الشرقية، عربية وهي ماشية، أو دبابة وهي ماشية يعملوا لها كمين يضربوها، يدمروها، يرجعوا بإيه؟ بأسرى والعبء الأكبر من هذه العمليات الاستنزاف كانت تقع على القوات الخاصة.
أحمد منصور:
صحيح.. وهذا بصفتك قائد القوات الخاصة من 67، إلى نهاية 69 فأنت كان عليك العبء الأكبر..
سعد الدين الشاذلي[مقاطعاً]:
العبء الأكبر.. أصل..
أحمد منصور[مستأنفاً]:
في ترتيب هذه المعركة، أو حرب الاستنزاف على وجه الخصوص.
سعد الدين الشاذلي:
آه.
أحمد منصور:
يعني حرب الاستنزاف كانت تهدف إلى إبقاء حالة الحرب قائمة، والقيام بعمليات متناثرة ومتفرقة، لإحساس العدو بأنه غير مستقر، وعدم تمكينه من بناء بنية استقرار في المنطقة..
سعد الدين الشاذلي[مقاطعاً]:
تسخين الموقف باستمرار.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
كقوات خاصة، كقائد للقوات الخاصة..
سعد الدين الشاذلي[مقاطعاً]:
لا.. لسه، بالإضافة إلى رفع المعنويات بتاعة القوات المسلحة، لأن ما تنساش إن ده جيش مهزوم، وقوات مهزومة، فلازم إيه نقوم ببعض العمليات اللي هي إيه.. ترفع المعنويات، فكل ده كان قائم يعني، والقوات الخاصة وبصفة خاصة الصاعقة تحملت العبء الأكبر، 80%من العمليات التي تمت أثناء حرب الاستنزاف قام بها..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
قوات الصاعقة.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
رجال الصاعقة، 80% على الأقل.. مش عايز أقول 80%، أنا بأقول 80% احتياطياً، إنما على الأقل 80% ورجال الصاعقة بالذات.
أحمد منصور:
يعني رغم إنك قائد مظلي في الأصل، لكن أنت للإنصاف وللتاريخ..
(7/4)
سعد الدين الشاذلي:
أنا مع الحق.. أنا مع الحق باستمرار.. رجال الصاعقة قاموا بأعمال مجيدة جداً، لدرجة أن حتى كل جيش يجي يقول عايزين كتيبة صاعقة، عايزين كذا كذا، علشان إيه نمدهم يقوموا بالعمليات الخاصة، وده يوريك قد إيه هم الإسرائيليين حسوا إن الصاعقة هي اللي بتعملهم الإشكالات، فلما جه انهار الدفاع الجوي سنة69، وابتدوا يخشوا بحر البقر وغير بحر البقر، ما فىش أى وحدات عسكرية انضربت غير الصاعقة بالذات وإنشاص، وأنا كنت في إنشاص وجم ضربونا في إنشاص، إنشاص في ضواحي القاهرة، في ضواحي القاهرة جم ضربوا القوات الخاصة وبالذات الإيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الصاعقة.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
منطقة الصاعقة بالقنابل، وده يوري لك قد إيه إن هم حاسين بإن إيه هي اللي عاملة لهم إيه المشاكل، 80% من العمليات كلها كانت.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن سعادة الفريق، الحادث هذا على وجه الخصوص-ضرب بحر البقر وإنشاص-يعطي انطباع وكأن مصر أصبحت ساحة مفتوحة للطيران الإسرائيلي بعد 67.
سعد الدين الشاذلي:
حقيقي.. حقيقي، هو.. أولاً إحنا سنة 67 ابتدينا الطيران من صفر تاني، ما هو دمرت القوات الجوية، ولكن لحسن الحظ إن القوات الجوية المصرية عندما دُمرت على الأرض، دُمرت كطائرات ولكن لم يُدمَر الطيارين، والطيارين لم يُعطوا فرصة بإنهم إيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يقاتلوا أو يطيروا.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
إنهم يقاتلوا أن يطيروا، فالروس وقفوا موقف جيد جداً لأنهم بقوا ينقلوا الطيارات بالجو، يعني تيجي طيارات مثلاً ميج21 وميح17 مفكوكة وشيلاها طيارات نقل، الطيارة شايلاها طيارين، مثلاً ويوصلوا بسرعة وينزلوها، فبسرعة شديدة جداً، يعني يمكن في خلال شهر كانت الطيارات بتاعتنا بتأيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بتطير تاني.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
(7/5)
بتطير تاني بتطير تاني لأن الطيار موجود، ماجرالوش حاجة، وكان ناقص الطيارة والطيارة جت وده يوري لك إن المشكلة بتاعة الطيران والقوات الجوية باستمرار هي مشكلة الطيار نفسه مش مشكلة.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مشكلة الطيار وليست الطيارة؟!
سعد الدين الشاذلي:
لا.. مشكلة الطيارة وليست الطيار، الطيارة ما أنا قلت لك آهو، بتيجي No Time في بضعة أيام يجئ لك عدد من الطيارات، مع الروس..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بس المهم من يمدك بهذا؟
سعد الدين الشاذلي:
أهو كده.. أهو كده إنما مع الاتحاد السوفيتي كانت العملية دي سهلة، النهاردة علشان تشتري سرب من أمريكا يعمل لك عقد، وبعد 3سنوات يجيب لك كذا، وأربع سنين يبقى كذا، إنما دي على طول طيارات بتشحن وبتيجي، فخلال شهر كانت الطيارات بتطير باستمرار، وأذكر أنا إن الفريق فوزي جه زارنا في إنشاص، وجه لقي الطيارات قاعدة تطلع من إنشاص على طول، وبتطلع دوريات وبتاع وحاجات زي كده..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن اللي بيقال -عفواً سعادة الفريق- غير كده، اللي بيقال إن الروس لم يكن موقفهم من إعادة بناء القوات المصرية هو موقف جاد، وكانوا يمدوا القوات المصرية بسلاح قديم لا يتكافأ مع السلاح الأمريكي الذي كان لدى الإسرائيليين فالآن عملية إعادة بناء القوات المسلحة المساهمة الروسية فيها كانت موجودة، ولكنها كانت تتم على قدر ما يحدده الروس، وليس ما يحدده المصريين؟
سعد الدين الشاذلي:
هذا حقيقي في بعض أجزائه وغير حقيقي في بعض الأجزاء.
أحمد منصور:
كيف يا سعادة الفريق؟
سعد الدين الشاذلي:
كيف.. أولاً: هو بيمدك بالخسائر بتاعتك، أنت خسرت كذا طيارة ميج21 هيجيب لك كذا طيارة ميج 21، ما يجيبلكش 23، لأن معندكش الطيار علشان يطير على الميج23، هو عايز يجيب لك طيارات من نفس النوع التي إيه.. هه التي دُمرَت.
(7/6)
ثانياً: فيه معلومة أخرى يجب أن نعملها وهي أن بالذات القوات الجوية لأن هي دي عقدتنا في مصر وفي البلاد العربية هي القوات الجوية والدفاع الجوي، لأن القوات البرية ماهياش مشكلة.. مش مشكلة، الدبابة والجندي المشاة سهل جداً إنك أنت تعملهم ويمشوا بسرعة، القوات الجوية كما قلت إنها المشكلة بتاعتها، إنها مشكلة الاستيعاب كمان، أنك أنت الطيار تستوعب الطيارة بتاعته..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني بناء الطيار.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
بناء الطيار.. بناء الطيار، والطيارة، مش عايزين نهمل الطيارة، ولكن الطيارة عندما سبقت أمريكا الاتحاد السوفيتي في موضوع القنابل النووية، أراد الاتحاد السوفيتي أن يلحق بأمريكا، فرمى كل ثقله بعد الحرب العالمية الثانية في إن هو إزاي يطَّور نفسه، ويحصل على أسلحة نووية توازي الأسلحة النووية الأمريكية، فلحق بهم، ولكن كان ذلك على حساب تطوير الإيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الأسلحة التقليدية.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
الأسلحة التقليدية، وظهرت هذه المشكلة إمتى؟ سنة 1961م في أثناء الأزمة الكورية.. الكوبية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أزمة الصواريخ المعروفة.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
الأزمة الكوبية، الاتحاد السوفيتي كان يساعد إيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كوبا.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
بيساعد كوبا، وأمريكا أخدت موقف صريح بأنها ستقوم بوقف أي سفينة سوفيتية تحمل أسلحة أو غير أسلحة إلى كوبا وتفتشها، فكان عملية إهانة كبيرة للاتحاد السوفيتي، وفي الوقت نفسه ليس سبباً كافيا لأن تدخل في حرب نووية ضد إيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ضد الولايات المتحدة.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
(7/7)
ضد الولايات المتحدة، فظهر الدرس الأول اللي هو ضعف القوة، أنت عندك قوة بأسلحة نووية، ولكن لا تستطيع أن تستخدم هذه القوة، وأن الأسلحة التقليدية لم تفقد دورها، لأن فيه صراعات إقليمية، وصراعات محلية هتحتاج إلى الإيه. .
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إلى الأسلحة التقليدية.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
إلى الأسلحة التقليدية، ولكن في خلال هذه المرحلة اللي هي وصلنا لسنة 61، كانوا الأمريكان سبقوا الروس في الأسلحة التقليدية بجيلين.. جيلين!! فلما.. والروس عادتهم لا يمكن يديلك آخر جيل عندهم، وفي أحسن الظروف يديلك الجيل ما قبل الأخير..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
في الوقت اللي أمريكا بتعطي إسرائيل الجيل الأخير.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
بالضبط.. يبقى فيه فرق كام؟
أحمد منصور:
3أجيال.
سعد الدين الشاذلي:
يبقى فيه فرق 3أجيال.. يبقى فيه فرق..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
دي مهمة جداً في منهم الصراع المصري الإسرائيلي والعربي الإسرائيلي.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور:
إن إسرائيل عندها آخر تكنولوجيا للولايات المتحدة..
سعد الدين الشاذلي[مقاطعاً]:
مضبوط.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
ومصر والدول العربية عندها أجيال متأخرة ثلاثة أجيال عن السلاح الأمريكي لدى الإسرائيليين.
سعد الدين الشاذلي:
تمام، لأ.. ثلاثة أجيال في ظرف معين، هو بيديلك الجيل ما قبل الأخير عنده. يعني إذا كان هو ماعندوش..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني هو متأخر جيلين والجيل قبل الأخير، نعم.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
هو بيديني الجيل ما قبل الأخير، عشان حفاظاً على السرية بتاعته، وإذا كان هو متخلف جيلين، يبقى أنا عندي إيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
3أجيال.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
3أجيال، الفجوة دي في الستينات ابتدت تقل، في السبعينات بدل ما تبقى أمريكا سابقة، إيه بـ..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بجيلين.
(7/8)
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
بـ 3أجيال.. لا، 3 أجيال بقى، هيبقى جيلين، هيبقى جيل، هيبقى في الثمانينات قفلوا إيه قفلوا الفجوة، في الثمانينات، بس ده كان بعد الحرب وبعد 73، فلازم لما نيجي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وانهيار الاتحاد السوفيتي بعد ذلك ولم يعد الأمر.. في هذه المرحلة.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
فإذن لازم نناقش الموضوع نناقشه بالسنة، وبالنسبة للموقف فإحنا دلوقت في الستينات..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أنا أعتقد إن سعادتك الآن ألقيت دور مهم جداً لأي شخص يتابع المرحلة إن هو يفهم كيف كانت طبيعة الصراع والتوازن العسكري في تلك المرحلة، كقائد للقوات الخاصة، كان عليك مسؤولية كبرى في قضية العمليات أو في حرب الاستنزاف، هل كان لديك خطط واضحة؟ كنت تضع الأمور بشكل واضح؟ كانت أهداف حرب الاستنزاف واضحة أمامكم أم أن الظروف هي التي كانت تحدد ما تفعلونه وما لا تقومون به؟
سعد الدين الشاذلي:
حرب الاستنزاف شيء، والتخطيط لعملية هجومية شيء آخر، منذ اليوم الأول للهزيمة بتاعتنا، كانت القيادة السياسية ومن خلفها القيادة العسكرية ترفض الهزيمة، وتخطط لتحرير إيه سيناء، ولكن كان بقية67 والنص الأول من 68، كلنا مشغولين في إعادة بناء القوات المسلحة وخوفاً من إن إسرائيل تعبر الإيه الضفة الغربية للقناة وتسير في اتجاه القاهرة، ولكن اعتباراً من68 بدأنا.. القيادة العامة
-ما أقولش بدأنا عشان حتى لا يفهم إن أنا أحد المشاركين في هذا- بدأت القيادة العامة في إنها توضع الخطط لتحرير سيناء، ولكن كلها كانت طموحة أكثر من الإمكانيات..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
من الواقع.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
(7/9)
الإمكانيات بتاعتنا، فكنا بنعمل كل سنة مشروع تدريبي اسمه، المشروع الاستراتيجي ده يعني سنة 68، والمشروع الاستراتيجي ده بيكون المدير بتاعه وزير الحربية والقائد العام، وبيشارك فيه كل القيادات اللي هي إيه الكبيرة اللي هي هتشارك فيه، فأنا كنت بأشارك، يعني سنة68 شاركت في هذا المشروع كقائد للإيه؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
للقوات الخاصة.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
للقوات الخاصة، وسنة 69كان فيه مشروع تاني..، شاركت فيه برضو كقائد للقوات الخاصة، وسنة 68، 69، و70، برضو شاركت في إيه في هذا المشروع.
أحمد منصور:
كقائد لمنطقة البحر الأحمر.
سعد الدين الشاذلي:
لأ، 70، كنت في منطقة البحر الأحمر 68، 69، و70 في منطقة البحر الأحمر و71 كرئيس الأركان و72 كرئيس الأركان، و73 هي اللي تنفيذ الخطة.. تنفيذ الخطة.
أحمد منصور:
نعم، هل حققت الحرب الاستنزاف أهدافها؟
سعد الدين الشاذلي:
إحنا كنا لسة بتكلم عن حرب الاستنزاف وبيتهيأ لي إن إحنا ما وفينا هاش حقها، إنما أقدر أقولك أيوه، وخدت يعني حققنا بعض الأهداف، إذا بعض الناس ينظروا إلى حرب الاستنزاف كأنها هزيمة، وأننا تحمَّلنا خسائر أكتر مما..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
تحملته إسرائيل، نعم.
سعد الدين الشاذلي[مستأنفاً]:
تحمله العدو وهذه حقيقة إذا نظرنا على التقييم من وجهة نظر الخسائر، لأن إحنا أقصى ما يمكن الدورية بتاعتنا بتطلع بتدمر دبابة وترجع بأسير، أو تقتل لها أربع أنفار، أربع عساكر وبتاع، وإذا رجعت ترجع بأسير، يعني حاجات خسائر محدودة، ولكن ذو قيمة ومعنوية عالية جداً، إنما هو يخش بالطيران بتاعه، ويضرب يعمل لي خسائر20، 30واحد في الغارة الواحدة ويكررها أكثر من مرة، ويدَّمر معدات، ويدمر حاجات أكثر مما دمرناه إحنا، ولكن هذه نظرة يعني تنقصها الموضوعية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
صحيح أن إسرائيل تمكنت في عام69 من تدمير كل بطاريات الدفاع الجوي المصرية.
(7/10)
سعد الدين الشاذلي:
69 صح، وأصبحت سماء مصر مفتوحة تمرح فيها كما تشاء، وفي هذا.. أذكر في خلال شهر ديسمبر 69 جمال عبد الناصر، دعى إلى مؤتمر للقادة، وحضرت أنا هذا المؤتمر، وحضره بعض كبار.. الخبراء الروس، وقعد زي ما يكون بيلومهم على أساس، ويلوم موسكو على إن الموقف بتاعها، وإنها ما ادتناش ومعملناش وبتاع، وحاجات زي كداهو، إن الروس يعني هو فتح لهم الباب في مصر وفي منطقة الشرق الأوسط، وانتهى بإن هو -ودون أن نعلم- راح واخد بعضه ومسافر على موسكو، كان وصلنا إلى حد سماء مصر مفتوحة، ومعندكش أي أسلحة، فلأول مرة بقى دخلوا السوفيت بقوة، بعتوا قوات عسكرية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
سوفيتية؟!
سعد الدين الشاذلي:
سوفيتية.
أحمد منصور:
على أرض مصر؟!
سعد الدين الشاذلي:
على أرض مصر.. على أرض مصر.. يعني بعتوا مائة طيار..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إحنا نقف عند هنا.
سعد الدين الشاذلي:
آه طيب.
أحمد منصور:
هذا ما سوف نبدأ به الحلقة القادمة، التواجد العسكري السوفيتي المباشر على أرض مصر، أثناء حرب الاستنزاف، والإعداد الذي تم لحرب أكتوبر، وإعادة بناء الجندي المصري للدخول في هذه الحرب الكبرى في عام 73، شكراً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي:
العفو، شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(7/11)
الحلقة6(7/12)
الخميس 23/12/1422هـ الموافق 7/3/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 12:32(مكة المكرمة)،09:32(غرينيتش)
سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري الأسبق الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
- سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق
تاريخ الحلقة
13/03/1999
-دور القوات الروسية في صد الهجمات الإسرائيلية على مصر
- كيف قلل الشاذلي من حجم الخسائر في منطقة البحر الأحمر؟!
- كيف أصبح الشاذلي رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة المصرية؟
- كيف بدأت عملية الإعداد لحرب أكتوبر؟
- كيف رفع الشاذلي الروح المعنوية للضباط والجنود، وربط نفسه بأقل جندي؟
سعد الدين الشاذلى
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة المصرية الأسبق). مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي:
مرحباً بك.
أحمد منصور:
في عام 1969م تم تدمير قوات الدفاع الجوي المصرية وبطاريات الصواريخ، وأصبحت سماء مصر مفتوحة أمام الطيران الإسرائيلي، يصول ويجول فيها كما يشاء. تحرك الرئيس عبد الناصر وسافر إلى (موسكو) وأرسلت روسيا قوات عسكرية روسية لحماية مصر، والدخول في مواجهات مباشرة مع الإسرائيليين .. كيف كان حجم هذه القوات؟ وماذا كان دورها بالضبط؟
سعد الدين الشاذلي:
كما ذكرتَ تماماً، بحلول ديسمبر سنة 1969م كان قد تم تدمير عناصر الدفاع الجوي في مصر من رادارات وصواريخ، وأصبحت سماء مصر مفتوحة يمرح فيها طيران العدو كما يشاء، وضرب أهداف مدنية، وضرب بعض الأهداف العسكرية، وأهمها أنشاص، بالذات لأن دي كانت المفرخ اللي بيتربى فيه بتوع الصاعقة اللي هم بيروحوا يعملوا العمليات الخاصة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
حرب الاستنزاف..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
(7/13)
شرق القناة، فجمال عبد الناصر سافر إلى موسكو، لأنه وجد إن الموقف خرج عن أيدينا، ويعني ما عندناش الإمكانيات، فكان لازم تجيب الصواريخ، ولازم يكون عندك إمكانيات ولازم حد يحميك، لأن هو مش .. مش حرب مدي لك فرصة إنك أنت تبني قواعد الصواريخ، فكان لازم عنصر جديد يدخل، فاتفق في هذه المرة على أن تحضر -لأول مرة- قوات عسكرية سوفيتية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طب، والخبراء السوفييت اللي كانوا موجودين؟
سعد الدين الشاذلي:
ما هو هنا .. أنا عايز أوضح شيء .. هناك تعبير خبير روسي، وده راجل خبير يدرب الناس على الدبابات، ويدرب ناس على مركبة جديدة أو سلاح جديد، ليس معه قوات، في مخه بس اللي هو بيقوله وبيدي الخبرة بتاعته، وبعضهم يعمل كمستشارين للقادة، القادة اللي هم لسه لم يتم تأهيلهم، كمستشار بياخد برأيه، بناقشه، ففيه مستشارين، وفيه خبراء، وفيه قوات عسكرية.
وقلنا: المستشارين عبارة عن .. من الاسم بتاعه واضح ده على مستوى القيادات، بعض القيادات يبقى معاه واحدِ روسي علشان يستشيره في أي موضوع قد لا يكون هو قادر على حله.
الخبراء خبراء أسلحة، وخبراء معدة فنية خاصة. الوحدة العسكرية بقى دي عسكرية مقاتلة، ولكن الحاجة اللي عايز أوضحها إن الوحدات العسكرية التي أتت من الاتحاد السوفيتي روعي أن تكون غير قادرة على أن تعتمد على نفسها...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كيف؟
سعد الدين الشاذلي:
كيف؟ يعني مثلاً يجيب لي 100 طيار و20 مُوَجِّه مثلاً، دول يشغلوا لي 2 لوا جوي، اللواء الجوي لما بيقعد في قاعدة، بتبقى فيها حوالي يمكن 4000 ضابط وعسكري...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
حراسة وإمداد وإعداد ومساعدة.
سعد الدين الشاذلي:
تمام كده .. تمام كده، إنما العنصر المقاتل، العنصر الأساسي هو إيه؟
أحمد منصور:
الطيار.
سعد الدين الشاذلي:
(7/14)
الطيار الموجه، فلما يبقى عنده في القاعدة 100 طيار و20 موجه، في حين إن القاعدة بها 4000 عسكري .. ضابط وعسكري مصري، يبقى لا يمكن إن هذه القوات إيه؟ تكون تلعب دور خارج عن سيطرة القوات .. القيادة العامة للقوات المسلحة.
أحمد منصور:
لكن سعادتك، هنا فيه نقطة مهمة، الآن أرسلت روسيا 100 طيار مع طائراتهم...
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]:
الطائرات الـ Channel بتاعها شيء، لأن الطائرات مصرية إحنا بنشتريها وبنتعاقد عليها، إنما هو بيقود طيارة .. هي الطيارة (ميج) 21 ولكن طيارة مصرية لإن إحنا من ضمن العقد ودفعنا ثمنها ولو أن .. لو تعرف ثمنها إيه؟ ثمن الطائرة 250 ألف جنيه مصري مثلاً، يعنى تقريباً ببلاش، والدبابة بنشتريها بـ 25 ألف جنيه، يعني ثمن الحديد اللي فيها أكثر من الإيه؟ أكثر من .. أكثر من ثمن الدبابة. إنما خلاص من ناحية الإيه؟ يعني التشبيه ومن الناحية القانونية الطيارة مصرية، الدبابة مصرية.
أحمد منصور:
ولكن أنا عايز أرجع لـ 67، سعادتك قلت: إن السلاح الجوي المصري دُمِّر على الأرض، وبقي الطيارين، لماذا أرسلت روسيا طيارين رغم وجود طيارين مصريين مؤهلين إن يقودوا هذه الطائرة؟!
سعد الدين الشاذلي:
غير قادرين، وغير كافين، غير قادرين وغير كافين، هو لما نقول: دُمِّر الدفاع الجوي، دُمِّرت الصواريخ، ودُمِّرت كذا .. والطيران بتاعنا غير قادر على إنه يتصدى لهذه الهجمات، لإن إحنا في هذه المرحلة الطيار عليه عبء كبير، أولاً: عبء دوريات إن هو بيطلع دوريات، وعبء التصدي للطيارات المغيرة، وفي الوقت نفسه التدريب، ما هو .. وكل واحد منهم لازم يكون على حساب التاني عشان تدرب طيارين يبقى هتهمل أو إلى حد ما هتقلل الفرصة في القيام بعمليات دورية أو في..
(7/15)
فإذن كله مرتبط ببعضه، عايز تبني إيه؟ ملاجئ خرسانية للطائرات، فكل هذه الأشياء بيتم في وقت واحد، وخارج نطاق القدرات بتاعة القوات المسلحة. إذن لازم ييجي عنصر جديد، الـ 100 دول كانوا يمثلوا ممكن في هذا الوقت يمكن حوالي 50% من القدرات القتالية الدفاعية في الدفاع الجوي، يعني عملية رهيبة يعني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هل لعبوا دور في الدفاع عن مصر؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً .. طبعاً لعبوا دور...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طب، كيف كانوا هم روس؟! ألم تكن هناك مخاوف من أن يقعوا كأسرى في إيدين الإسرائيليين؟
سعد الدين الشاذلي:
لا .. لا .. كان فيه احتياط لهذا الموضوع، لأنهم كانوا بيشاركوا في الدفاع الجوي، الدفاع الجوي معناه إيه؟ إنه لو طائرة مغيرة دخلت الأراضي المصرية، فيتصدى له، إنما ما بيعبرش القناة علشان إيه؟ يضرب أهداف داخل سيناء.
أحمد منصور:
فبالتالي،حتى لو سقطت طائرته، على الأرض مصرية.
سعد الدين الشاذلي:
بالظبط، حتى لو سقطت طائرته هيسقط على الأرض وبحد أقصى 20 كيلو غرب القناة، وبالتالي لا يجوز للطيران السوفيتي إنه هو يطلع للدفاع أو للتصدي للطائرات الإسرائيلية، إن هو يتجاوز خط 20 كيلو غرب القناة.
أحمد منصور:
هل هذا كان سري أم الإسرائيليين كانوا على علم به؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً في المراحل الأولانية الحاجة بتبتدي سر، والسر ما بيستناش على طول، بييجي في وقت من الأوقات .. فطبعاً رصدوا أمريكا رصدت العناصر دي، وهي بتيجي لأن فيه بعضها جاي بطريق البحر الأحمر، واللي يجيني من طريق البحر إبه؟ بيفوت من عند (البسفور) و(الدردنيل) والجواسيس الأمريكان قاعدين بيعدوا إيه؟ كل مركب تعدي وكذا أو كذا، فكانوا على علم ولكن السر أصبح حقيقة يوم 18 إبريل 1970م.
أحمد منصور:
كيف؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/16)
كيف طلع الطيران السوفيتي -لأول مرة- ليتصدى لطائرات إسرائيلية مُغيرة، فطبعاً الطيارات لما بتطلع الموجهين -من تحت- هو بيكلم زميله بالروسي، والموجه بيوجه بالروسي، فأصبح هناك .. واضح، فيه لأن الحاجات دي..
أحمد منصور:
نعم، يستطيع الطيار الآخر أن يلتقط.
سعد الدين الشاذلي:
بيلتقطه والـ .. محطات الاستماع في داخل إسرائيل وداخل الأسطول السادس الأمريكي في البحر .. كل دول بيلتقطوا كل هذا مسموع .. مسموع وضوح. فكان هذا بداية الإعلان الرسمي إن الروس موجودين في مصر، وحصل اشتباك، وفي هذا الاشتباك هم لسه برضه ما عندهمش الخبرة القتالية، فوقع منهم ثلاث طائرات...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
للروس.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
للروس، وقع منهم ثلاث طيارات، واستطاعت طيارة منهم إنها تفلت من الإسقاط، إنما ده كان درس بقى إن السوفييت يعرفوا إن إحنا الحرب .. مش بنحارب عدو أي كلام، إحنا بنحارب عدو على درجة عالية من التدريب، وعلى درجة عالية من الـ .. وعنده أسلحة متطورة، بدليل إن أنتو -السوفييت دولة عظمى أهو- وقع منكم إيه؟
أحمد منصور:
ثلاث طيارات في أول مواجهة.
سعد الدين الشاذلي:
في أول مواجهة من أربع طيارات. وفي خلال أيام، جه قائد القوات الجوية السوفيتية إلى مصر عشان يشوف إيه المشكلة؟
أحمد منصور:
تعتبر كارثة بالمعايير العقلية يعني.
سعد الدين الشاذلي:
إيه المشكلة وكان من نتيجة هذا أنهم جابوا برضه إيه؟ أجهزة إلكترونية جديدة لهم -للطيارين السوفييت- علشان تساعدهم في إنهم يبطلوا العمليات أو عناصر التوجيه في الطيارات المعادية، بل وعناصر التوجيه الموجودة في الصواريخ المضادة لطائرات الهوك (Hook) ولو إنهم كانوا غير مُصرَّح لهم بإنهم يعدوا.
أحمد منصور:
لكن هذه كانت المرة الأولى والأخيرة التي شاركتْ فيها قوات روسية أو سوفيتية بشكل مباشر في القتال إلى جوار المصريين؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/17)
هذا حقيقي، لأن بعد هذه المعركة، دي كانت رسالة لإسرائيل ورسالة لأمريكا إن السوفييت موجودين...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دخلوا على الخط.
سعد الدين الشاذلي:
دخلوا، آه.
أحمد منصور:
بشكل مباشر.
سعد الدين الشاذلي:
بشكل مباشر، فيبدو إن أمريكا برضه ضغطت على إيه؟ على إسرائيل ما تزودهاش في إيه؟
أحمد منصور:
في الهجمات اللي بتقوم بيها على مصر.
سعد الدين الشاذلي:
في الهجمات التي تقوم بيها، وتتفادى الاشتباك مع القوات السوفيتية. وكان الهجمات اللي بتحصل بعد كده في إنهم يقوموا يضربوا أهداف أرضية عندنا ويجربوا، يضرب هدف برضه، وكنا نبني قواعد الصواريخ، ويضربوا الأهداف الأرضية ويجروا. قلت لك: القوات العسكرية كانت تعدادها 6 آلاف، طبعاً السادات في الخطب بتاعته قال لك: 17 ألف لما جه .. ما هو يحب يضخم كل حاجة لازم يضربها في 3، 4، وأوقات يضرب في أكثر من هذا، فهم العدد بتاعهم بالظبط، لأن أنا ساهمت بالورقة والقلم في عملية إجلائهم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
السوفييت لم يزيدوا عن 6 آلاف؟!
سعد الدين الشاذلي:
لأ .. ما أنا هأقول لك أهو .. حوالي ألف مستشار، و6 آلاف قوات عسكرية، وحوالي 700 ما بين عائلات وخبراء، يعني كانوا كلهم حوالي 7600 أو 7700 واحد.
أحمد منصور:
كل الروس اللي كانوا على أرض مصر؟
سعد الدين الشاذلي:
كل الروس اللي كانوا على .. يعني ده أقصى حاجة وصلوا إيه...
أحمد منصور:
بس الـ 6 .. لكن الـ 6 آلاف اللي حضرتك ذكرتهم الآن، الآن إحنا عندنا 100 طيار، طَب والباقيين؟!
سعد الدين الشاذلي:
الباقيين كلهم 27 كتيبة دفاع جوي (سام 2) و(سام 3).
أحمد منصور:
جاءت بكامل قواتها أيضاً.
سعد الدين الشاذلي:
(7/18)
بكامل الأسلحة والمعدات، طبعاً المعدات .. إحنا بنروح شاريينها، ماضيين عليها وتبقى بتاعتنا ويبقوا هم الأفراد اللي بيقوموا تشغيلها إلى أن نصبح قادرين على إن إحنا نربي الكوادر اللي إيه .. وده رد الحقيقة على الناس اللي هم بيقللوا من المساعدات السوفيتية، ويقول لك: ما بيدوناش سلاح، إحنا كان عندنا باستمرار فائض في السلاح، الأفراد...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دي معلومة جديدة جداً!!
سعد الدين الشاذلي:
معلومة يعني قد تكون جديدة على بعض المستمعين اللي بيتأثروا بالإعلام الخطير اللي بيعمل عملية غسيل مخ .. لما نكون أصدقاء الروس نطلع الروس السماء، ولما نكون قطعنا الخط مع الروس يبقوا الروس ما بيدوناش، مش ممكن .. مش ممكن، هذا .. يعني تزوير للتاريخ.
أحمد منصور:
لكن ما هي مصلحة الروس في إرسال 100 طيار و27 كتيبة دفاع جوي بكامل أسلحتها إلى مصر؟ ما هي مصلحة الروس في ذلك؟
سعد الدين الشاذلي:
فيه توازنات دولية، فيه توازنات دولية بين الاتحاد السوفييتي وأمريكا، وفيه توازنات بينهم إقليمياً. ومن المعروف إقليمياً أمريكا بتساند إسرائيل، والسوفييت بيساندوا مصر والعرب، فإذن لو اختل التوازن ده، هيبقى مش في صالح الاتحاد السوفيتي، لأن بمجرد إن السوفييت يساعدوا مصر في أنها تتحدى أمريكا، وتخرج من النفوذ الأمريكي والغربي، هذا يعتبر مكسب للاتحاد السوفييتي.
فهي العملية عملية مصالح مشتركة، مفيش شك إن السوفييت ما بيعملوش الكلام ده يعني حباً في المصريين، لأ .. بيعملوه لأنهم هم بيستفيدوا، وإحنا بنستفيد، وهنا يظهر يعني شطارة الزعيم الاستراتيجي، إنه إزاي يعرف يستفيد من التناقضات الموجودة بين الدول العظمى، ويوظفها لصالحه، ودي الحقيقة .. جمال عد الناصر نجح في إن هو يلعبها صح يعني.
أحمد منصور:
(7/19)
طيب، سعادة الفريق، الآن هناك 27 كتيبة دفاع جوي بالكامل من الروس، وهناك 100 طيار روسي موجودين على أرض مصر في عام 67، والطيران الإسرائيلي أيضاً لازال بيحوم بهجماته. هل نجحت هذه القوات فعلاً في حماية مصر من الطلعات الإسرائيلية؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً .. طبعاً، لأن هو نقدر نقول: إن .. أنا قلت لك: أول اشتباك كان 18/ 4، في شهر يونيه تمكنت مصر من إنها تبني حائط لصواريخ، لأن دلوقتي بقت إيه؟ فاضية لإيه .. يعني عبء الدفاع وعبء التدريب .. كل ده جزء كبير منه اتشال من عليها فأصبح تسرع في بناء الكوادر بتاعتنا، والتحرك بالصواريخ من منطقة القاهرة، والتقدم على وثبات إلى أن تصل إلى القناة أو بمعنى أصح حوالي 15 كيلو غرب القناة، فيما سُمِّي بحائط الصواريخ.
أحمد منصور:
متى اكتمل بناء حائط الصواريخ غرب القناة؟
سعد الدين الشاذلي:
اكنمل في شهر يونيو 70، يعني بعد وصول الروس بشهرين ثلاثة، لأ ده .. الروس ما ابتدوش 18/ 4، ده ابتدوا يصلوا من يناير وفبراير...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن أول اشتباك ليهم كان في 18/ 4!!
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
إنما أول اشتباك لهم كان في 18/ 4، إنما نقدر نقول: إن إحنا اكتمل بناء حائط الصواريخ في يونيو سنة 70. وفي هذا اليوم أو في الأسبوع الأخير من يونيو تمكنت قوات الدفاع الجوي الصاروخية المصرية من إسقاط حوالي 12 طائرة ..
أحمد منصور:
إسرائيلية.
سعد الدين الشاذلي:
إسرائيلية.
أحمد منصور:
في يوم واحد!!
سعد الدين الشاذلي:
في حوالي أسبوع يعني 3، 4 أيام، هنا بقى دي التي أدت إلى مبادرة (روجرز) لأن لأول مرة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ودي كانت أكبر خسائر...
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]:
طبعاً.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
تنالها القوات الجوية الإسرائيلية بعد حرب 67؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/20)
طبعاً .. طبعاً، كانوا يتباهون باليد الطولى بتاعتهم، أنهم يستطيعوا يضربوا في أي حته، طَب ده السلاح بتاعكم اللي أنتو تتباهوا به ابتدى إيه؟
أحمد منصور:
يتهاوى.
سعد الدين الشاذلي:
يتهاوى وتتقطع أطرافه...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده هو اللي خلى الدفاع الجوي يعمل هذا اليوم يوم عيد الدفاع الجوي.
سعد الدين الشاذلي:
عيد الدفاع الجوي، قوات الدفاع الجوي دلوقتي هو .. مش فاكر أي يوم بالظبط ولكن هو خلال الأسبوع الأخير من يونيو من كل سنة اللي هو ده أسقطوا فيه هذا العدد المهول من الطائرات.
لما حست أمريكا بهذا الموضوع وحست بإن إيه؟ القوات الجوية ابتدت تتآكل. هنا تقدم..
أحمد منصور:
روجرز بالمبادرة.
سعد الدين الشاذلي:
روجرز بالمبادرة بتاعته...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
اللي أعلن الرئيس عن قبولها..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
جمال عبد الناصر أعلن قبولها وهو في موسكو، والسادات هو هنا في مجلس الشعب، رئيس مجلس الشعب، فأعلن رفضها، وبعدين لما جه جمال عبد الناصر، وقال له: أنا قبلتها خلاص، طبعاً تراجع على طول يعني هه، ولو لم ينجح المصريون في إسقاط هذا العدد من الطائرات في الأسبوع الأخير من يونيو ما كانش تيجي مبادرة روجرز، يعني دايماً التصرفات العسكرية هي التي تقود إلى المبادرات السياسية.
أحمد منصور:
سعادة الفريق، أنت بقيت .. عُيِّنت رئيساً لمنطقة البحر الأحمر اللي بيقدر مساحتها .. بعد رئاسة القوات الخاصة .. انتهاء فترة رئاستك للقوات الخاصة في الـ 69، تقدر مساحتها بأكثر من 200 ألف كيلو متر مربع.
سعد الدين الشاذلي:
تقريباً .. تقريباً.
أحمد منصور:
(7/21)
وكانت هذه المنطقة مجالاً خصباً للقوات الإسرائيلية للقيام بعمليات شبه يومية ضد المدنيين وضد العسكريين في هذه المنطقة. أود بإيجاز فقط كإثبات تاريخي وكشهادة تاريخية حول كيف استطعت أن تحدَّ من عمليات .. أو عمليات الكوماندوز الإسرائيليين ضد المدنيين في مساحة 200 ألف كيلو متر مربع بعدد محدود من القوات؟!
سعد الدين الشاذلي:
بعدد محدود من القوات أقل من 20 ألف، وطبعاً لو فردناهم على كده تبص تلاقي هيتوهوا في وسط هذه المساحة، ولكن كمبدأ عام: إذا القائد إذا وزع قواته، هيكون ضعيف في كل مكان. فاخترت أن أكون قوي في 4 أو 5 مناطق، وأن أترك المناطق الأخرى فاضية دون أي إيه؟ دون أي حراسة. لأن الواحد يتخيل يقول لك إيه؟ طب، العدو عايز إيه؟ هو بيخش .. كان بيخش في منطقة البحر الأحمر قبل مني ويعمل العمليات الخاصة بتاعته، يمشي يقف على طريق، ما هو دخل جوه ما حدش هيقول له: أنت دخلت إزاي أو بتاع .. يخش بعمل كمين على طريق أسفلت عربية ماشية يروح ضاربها، يقوم إيه؟ قاتل اللي فيها أو يوقفهم وياخدهم أسرى يكون معاه طيارة ويروح راجع بيهم.
وحصلت عملية غربية جداً! نزلوا على طريق قنا- القصير بطيارتين وبالليل عربية أتوبيس جايه من الوادي. بصوا لقوا عسكري واقف وبيوقفها! يعني أي واحد ما يعرفش إذا كان ده عسكري مصري أو عسكري إسرائيلي. اقف .. اقف، انزل .. انزل، خَدُم .. ياخدهم معاه في الطيارة، ويقول لك: أسرنا 20 واحد أو 30 واحد.
أحمد منصور:
وهم ناس مدنيين عاديين!
سعد الدين الشاذلي:
(7/22)
وهم ناس مدنيين أو عسكريين جايين من الأجازات، يعني عمليات انتصار رخيصة .. رخيصة. طيب، أتعامل مع دول إزاي؟ لو منعت أنا المرور على الطريق ليلاً يبقى معناها أنهم لا هيقدروا ياخدوا أسير، ولا يحطوا لغم .. يحطوا لغم بالليل تاني يوم الصبح أشيله، أفتش كل الطرق كل يوم. فعملت system بإن أنا أمنع المرور العسكري والمدني على الطرق بتاعة البحر الأحمر اعتباراً من قبل الغروب بساعتين إلى تاني يوم الصبح، ويكون بالأوامر، وقسمت الطرق الأسفلتية على فصائل مهندسين، كل فصيلة تاخد 200 كيلو، وأدي لكل طريق رقم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بس ده ما يتعارضش مع مصالح الناس؟
سعد الدين الشاذلي:
بيتعارض، ما هو الحرب .. ما هو لازم بتضحي بشيء، وتكسب شيء، مفيش .. الناس المدنيين...
أحمد منصور:
والناس قبلتْ هذا؟
سعد الدين الشاذلي:
اشتكوا في الأول، واشتكوا للمحافظ، والمحافظ اشتكى في مصر وقالوا لي، قلت لهم: أنتو عايزين أأمن المنطقة أو عايزين العدو ياخد، ما هو بيعمل كده مفيش طريقة لمنعه غير كده، فمدني أو عسكري ييجي عليه قبل آخر ضوء بساعتين لازم يخش يبات في المناطق اللي أنا قوي فيها...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني عملت مناطق آمنة؟
سعد الدين الشاذلي:
عامل مناطق آمنة، مناطق آمنة: الزعفرانة، رأس غارب، الغردقة، سفاجة، القُصير، والمسافات اللي بينهم وبين بعض يمرح فيها العدو كما يشاء، كان عندي نقط قوية، مش نقط قوية، نقط مراقبة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ألم يكن هناك لا رادارات للرصد لا قدره على..
سعد الدين الشاذلي:
أفندم؟ عندنا؟
أحمد منصور:
الرادارات .. كيف كان يخترق العدو ويدخل ويأخذ الناس من الشوارع؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/23)
لا .. لما بييجي على ارتفاع واطي، أولاً: احتمال إن الرادارات بتاعتك ما تشوفش. ثانياً: حتى لو شفته، أنت شفته دخل وحددت المكان بتاعه، وبعدين بعد ما دخل ما تعرفش هو فين، وصل في العمق أد إيه؟ عشان كده كان عندنا نقط مراقبة جوبة، كل نقطة فيها خمس أفراد ومعاهم جهاز لاسلكي ومتنمرين، وكل شغلتهم زي الحرب العالمية التانية إن هو يقول لك: الطيارة فاتت من فوق النقطة الفلانية أو من جنوبي كذا كذا اللي جنوبه .. هيقول لك: فاتت من شماله، في غرفة العمليات هتعرف إنه هو مش اتجاه ده، دخل في هذا الاتجاه، راح فين والعمق بتاعه ما تقدرش تعرفه، فكانت من ضمن اللعب اللي بياعبوها يخشوا بالليل، النقط دي مرصودة ومعروفة، يخش بالليل على مسافة 5، 10 كيلو، بييجي يهجم بـ 20 واحد، على نقطة المراقبة دي، نقطة المراقبة الخمسة دول round the clock الـ 24 ساعة على مدار 365 يوم.
فباستمرار في وقت النوم ما يكونش أكثر من 2 صاحيين أبداً، فتبص تلاقي 20 واحد بيهجموا على اثنين، واحد .. فيقتلوهم وياخدوا التاني وياخدوا أسرى ويعملوا.. فجيت برضه عشان أجنب هذه العملية، قلت: قبل الغروب بساعتين النقط دي تسيب النقط بتاعتها بالخيمة مش عارف إيه، فيه ناس كان معاهم جمل يسيبوا الجمل ويسيبوا الخيم بتاعتهم ويبعدوا مسافة في حدود 5 كيلو مهياش مرصودة بقى، ما يعرفهاش.
أحمد منصور:
أنتَ عيشت المنطقة كلها في حالة طوارئ، وأخضعتها لظروف الحرب اليومية.
سعد الدين الشاذلي:
لظروف الحرب والحمد لله، خلال السنة ونص التي قعدتها لا انفجر لغم عندي، كانوا بييجوا يخشوا يعملوا ألغام، تاني يوم الصبح يشيلوها المهندسين بتوعنا. لا أخدوا مني أسير، ولا نجحوا في الإغارة على أي نقطة من 5 أفراد دول.
أحمد منصور:
بس سعادتك عبشت الناس سنة ونص في رعب متواصل.
سعد الدين الشاذلي:
(7/24)
بس كلهم .. تعرف بقى يعني بعد كده يقول لك إيه؟ إحنا لما يكون اللواء الشاذلي موجود كنا نايمين هنا مطمنين .. يعني فيه حالات ما بيحسش بها الشخص إلا بعد ما تسيبه، إلا بعد ما تسيبه.
أحمد منصور:
سعادة الفريق، في 16 مايو سنة 1971م صدر القرار بتعيينك رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، كيف تلقيت هذا النبأ؟ وما هو الدور الذي كان مناطاً بك في تلك المرحلة؟
سعد الدين الشاذلي:
المرحلة اللي هي بعد 16 أكتوبر طبعاً.
أحمد منصور:
لأ، بعد 16 مايو.
سعد الدين الشاذلي:
بعد 16 مايو .. طبعاً هو كان فيه مقدمات قبل 16 مايو دول. لو ترجع بالتاريخ تلاقي كان فيه الصراع بين الرئيس أنور السادات والمجموعة السياسية التي كانت تناصبه...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هل هذا كان له تأثير عليكم كعسكريين؟
سعد الدين الشاذلي:
أنا كنت في هذا الوقت في منطقة البحر الأحمر، وبأسمع للإذاعات، يعني وعزل علي صبري وفي الوقت نفسه، كداهوك عزل الفريق فوزي، وكنا بنسمع...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طب اسمح لي طالما أرجعتني أرجعك قليلاً إلى الوراء، وإلى وفاة الرئيس عبد الناصر، وتأثيرها عليكم، وعلى الوضع في مصر.
سعد الدين الشاذلي:
آه، دي مرحلة برضه اللي هو يعمي بعد 20 سبتمبر أو 28 سبتمبر وفاة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
28 سبتمبر 1970م.
سعد الدين الشاذلي:
28 سبتمبر وفاة جمال عبد الناصر. طبعاً دي كانت صدمة لنا كبيرة، ولكن حصل تجاوز .. مرحلة عبرت بسرعة، وحصل نوع من التفاهم بين السادات وبين المجموعة اللي مجموعة عبد الناصر. هم انتقوا السادات على أساس إن هو يبقى في جيبهم أو يتغدوا بيه، وهو اتغدى بيهم قبل ما يتغدوا به! المهم يعني فحصلت هذه المرحلة وحصلت هذا الاستقرار.
في خلال المرحلة دي كان السادات ما تحسشش إنه بيتصرف كرئيس جمهورية...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كيف؟! كيف كان يتصرف؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/25)
يعني رجل ضعيف، يعني ما لوش .. مفيش العنجهية اللي بناعنه اللي تشوفها يعدين، لأنه عارف أن السلطات ما هياش في إيده، والسلطات الحقيقية كانت في يد المجموعة المناهضة، القوات المسلحة في إيد محمد فوزي، والداخلية في يد شعراوي جمعة يعني ماسكين البلد كلها، والاتحاد الاشتراكي كان محسن أبو النور أظن، فالسلطات الحقيقية كلها موجودة في إيديهم. فكان هو بيماين تبص تلاقي إيه؟ بيمشي المرحلة دي لغاية ما تمكن منهم بقى في إيه؟ 16مايو 1971م.
أحمد منصور:
في 71.
سعد الدين الشاذلي:
في 16 مايو 71، هو كان...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
اللي هو يوم تعيينك أيضاً رئيس للأركان.
سعد الدين الشاذلي:
هو .. هو خلص منهم قبلها بكذا .. يوم، يومين، ثلاثة، يعني أنا لما رحت .. لا أدعي إن أنا شاركت في هذا، لأ .. أنا رحت كان العملية منتهية، لما نزلت من البحر الأحمر، كانت العملية منتهية، وكان كل دول موجودين مقبوض عليهم، مقبوض عليهم وموجودين في السجون يعني.
أحمد منصور:
كيف كنتَ تُتابع هذا الصراع؟
سعد الدين الشاذلي:
مفيش غير إلا عن طريق الراديو، الراديو بتاع الدولة يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لأ .. لم تكن لديك مصادر خاصة معلومات؟
سعد الدين الشاذلي:
لأ.
أحمد منصور:
كأني ألاحظ إن حياتك .. أنت راجل ليس لك إلا السلاح...
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]:
محترف .. رجل عسكري محترف..
أحمد منصور:
فعلاً؟!
سعد الدين الشاذلي:
آه طبعاً.
أحمد منصور:
لم تكن مهتم بالسياسة.
سعد الدين الشاذلي:
لا .. أبداً، ما كنتش مهتم.
أحمد منصور:
ولا كنت تتابع الصراعات، ولا يعنيك هذا الأمر؟
سعد الدين الشاذلي:
السياسية التي تتعلق بمستقبل بلدي آه، إنما السياسة اللي هي...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تتعلق بالحكم نفسه.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
تتعلق بإن ده مع ده و ده مع ده، أبداً.
أحمد منصور:
أنتَ لم تكن محسوب على أي طرف.
(7/26)
سعد الدين الشاذلي:
إطلاقاً.
أحمد منصور:
ولم تكنْ تسعى للتَّقَرُّب من هذا أو ذاك؟
سعد الدين الشاذلي:
إطلاقاً .. إطلاقاً .. الكبرياء بتاعتي تمنعني من إن أنا إيه؟ أتقرب من واحد وأسأله يعني.
أحمد منصور:
كل ما كنت تريده فقط هو الجانب العسكري.
سعد الدين الشاذلي:
فقط .. فقط، وبعدين والحمد لله .. ما أنا بهذا الجانب وحده استطعت أن أصل إلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة دون أن يكون لأحد فضل أن يدعي إن أنا وصلت إلى هذا لأنني كنت من مجموعة فلان أو مجموعة فلان -الحمد لله-ودي برضه ذكاء السادات، إن هو بالرغم من إنه تخلص من خصومه، عايز يجيب ناس محترفين ما حدش يقدر يقول: إن دول إيه؟
أحمد منصور:
محسوبين على طرف.
سعد الدين الشاذلي:
إنهم محسوبين على طرف آخر، فجابني في هذا الوقت.
أحمد منصور:
كنت تتوقع هذا الاختيار؟
سعد الدين الشاذلي:
لأ.
أحمد منصور:
حينما استدعيت من الرئيس السادات ماذا كان انطباعك؟ وماذا كانت مشاعرك؟ ما الذي كنت تفكر فيه؟
سعد الدين الشاذلي:
ما تنساش إن أنا عندما عيِّنِّي الرئيس السادات رئيس لأركان حرب القوات المسلحة، قفز بي 40 لواء أقدم مني، ومن الناحية النظرية أنهم إيه؟
أحمد منصور:
أولى بهذا المنصب.
سعد الدين الشاذلي:
هم أولى مني بهذا المنصب، نعم .. النظرية إذا افترضنا الأقدمية المطلقة، إذا افترضنا الأقدمية المطلقة فمنهم ناس كانوا سابقنِّي بدفعتين! مش دفعة .. دفعتين وبعضهم ثلاثة، بعضهم كان أقدمك مني بثلاث دفع!
أحمد منصور:
ده ما آثارش نوع من الغضب أو الزمجرة؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً مفيش شك، إن هو لابد وأن ترك بعض الآثار عند بعضهم مفيش شك،ولكن أنا طبعاً كنت أعاملهم كلهم معاملة أخوية، بحيث إني أنا محسسوش إن أنا يعني إيه؟ مجرد إن .. وبعدين أصله الفرق كله بسيط يعني، هو اللي دفعتين قبلي بسنة ونص في الكلية الحربية يعني.
أحمد منصور:
(7/27)
ده أحياناً بتفرق في الترتيب الأبجدي في الأسماء!!
سعد الدين الشاذلي:
بالضبط .. بالضبط. فلما رحت بقى ورحت زرت الرئيس السادات كنت أنا وصادق -الفريق محمد صادق- كان هو بقى اتعين وزير للحربية أو قائد عام، وكان قبل كده رئيس أركان، فلما مشي فوزي أصبح هو وزير وقائد عام.
فرحت بقى .. هو فلما ذهبتُ كلفني رسمي بأن أنا هأقوم بأعمال رئيس أركان حرب.
أحمد منصور:
الرئيس السادات كان منتشياً ومنتصراً.
سعد الدين الشاذلي:
في هذا الوقت بقى شخصية غير الشخصية اللي هي ما قبل 16 مايو اللي هي الشخصية ما بين 28 سبتمبر..
أحمد منصور:
و16 مايو.
سعد الدين الشاذلي:
و16 مايو...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
التقيت به خلال تلك الفترة ما بين 28 سبتمبر إلى 16 مايو؟
سعد الدين الشاذلي:
آه، أمَّال كان بيعمل لقاءات، ولكن اللقاءات باستمرار كانت في حضور محمد فوزي مثلاً بصفته القائد العام، وكان بأقول لك: يعني بيحاول باستمرار ما ياخدش دور الرجل الإيه؟
أحمد منصور:
الرجل الأول.
سعد الدين الشاذلي:
الرجل اللي هو يأمر فيطاع وكذا وكذا. أنا كذا والريق فوزي موافق على هذا.
برضه نفس اللعبة لعبها مع محمد صادق في مرحلة سابقة يبتدي إيه؟ وي ما تقول: يتمسكن حتى إيه يتمكن.
إنما موقفه يوم 16 مايو فهو غير موقفه في المرات السابقة. ولو إن طلع له عفريت آخر هو محمد صادق، لأن محمد صادق كان بيعتبر نفسه أحد المساهمين، ولو أنه كان مساهم بالصمت في عملية الانقلاب بتاعة 15 مايو..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مساهم مع أو ضد؟
سعد الدين الشاذلي:
مساهم بالصمت، ولكن لم يتحرك كرئيس للقوات المسلحة وفي يده سلطات وما بيتحركش، يبقى معناها إنه كأنه بيؤيد إيه؟
أحمد منصور:
الرئيس.
سعد الدين الشاذلي:
الرئيس السادات، أنت واخد بالك؟
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن في قرارة نفسه كان موقفه آخر، كان له موقف آخر؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/28)
القلوب لا يعلمها إلا الله.
أحمد منصور:
هل كان يستطيع أن يفعل شيء؟
سعد الدين الشاذلي:
لا، مفيش شك .. مفيش شك إن هو يستطيع، لأني بأقول لك...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لو تلقيت سيادتك أمر -وأنت .. من وزير الحربية- بأن تتحرك بقواتك لعمل انقلاب عسكري، هل كنت ستشارك؟
سعد الدين الشاذلي:
ده سؤال صعب، لأن ما معنى الانقلاب؟ وما هو هدفه؟ إذا كان هذا العمل لصالح مصر ده شيء، وإذا كان هذا العمل ليس لصالح مصر، يبقى صراع على السلطة، يبقى هذا شيء آخر.
أحمد منصور:
أكيد هيتقال إنه لصالح مصر!!
سعد الدين الشاذلي:
لأ، هو ما يتقال شيء، وأنت يكون عندك قناعة شيء آخر. الشخص يحاسب على إيه؟ درجة قناعته، في بعض الأوقات قد يصبح التغيير ضرورة ومفيدة، ولكن -للأسف الشديد- ربنا أعطانا نعمة إن إحنا إيه؟ ما نعرفش المستقبل. فأنت بتعمل حسب تفكيرك وحسب تقييمك للموقف، إنما أنا كشخص لا أحب هذه العمليات الانقلابية اللي هي أساساً بتعمل للصراع على السلطة، للصراع على السلطة.
أحمد منصور:
انطباعكَ إيه حينما كلفك الرئيس السادات بتولي قيادة أركان القوات المسلحة المصرية؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً شعرت بالتقدير، لإن أنا -كما قلت لك- إن أنا سبقتُ عدد ضخم من الضباط الأسبق مني في الأقدمية، واعتبرت إن الموضوع موضوع تكليف وموضوع وطني، وإن أنا سأبذل كل ما أستطيع لإيه؟ لإعداد القوات المسلحة للحرب.
أحمد منصور:
نأتي إلى النقطة الهامة، وهي عملية إعداد القوات المسلحة لحرب أكتوبر من الناحية التكتيكية، من الناحية النفسية، من الناحية العسكرية، كيف بدأت عملية البناء والإعداد للحرب؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/29)
البناء للحرب بدأ في أعقاب يونيو 67، يعني لا أستطيع إن إحنا بدأنا البناء، يعني أنا لما جيت 16 مايو لا أستطيع إطلاقاً أن أدعي أنا ومَنْ معي، ومَنْ هو أعلى مني، ومَنْ هو أدنى مني إن إحنا بدأنا البناء في 16 مايو، وأنا عبرت فيما بعد على أساس إن تقدر تقول: إن جمال عبد الناصر ومعاونوه -وعلى قمتهم محمد فوزي- بدؤوا البناء في أعقاب الهزيمة، اعتباراً من يوم 11 يونيو، خدت بالك؟ وأقدر أقول لك: إن أنا في 16 مايو، عندما وصلتُ القوات المسلحة، وعملت تقدير الموقف، أقدر أقول لك: إن إيه .. وبالأرقام، الأرقام كان تعداد القوات المسلحة حوالي 800 ألف.
أحمد منصور:
في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي:
في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
بالاحتياطي؟
سعد الدين الشاذلي:
بالضباط، بالاحتياطي، بكله. عندما بدأ الحرب كنا وصلنا إلى مليون و200 ألف، يعني أضفنا 400 ألف...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إلى القوات..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
إلى القوات، يعني نقدر نقول 50%، و50% بالنسبة للإجمالي العام. إنما بالنسبة للضباط أضفنا حوالي 100%، يعني كان عندنا 36 ألف ضابط، وعند بداية الحرب كان عندنا 66 ألف ضابط، يعني أضفنا 30 ألف ضابط في خلال سنتين، ودي كانت عملية غير مسبوقة، لأني يرضه ابتكرت .. أنا أحب الحاجات إن أنا أبتكر حلول...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هي أهم الحلول التي ابتكرتها؟
سعد الدين الشاذلي:
قلت لي، أنا حسبتها لقيت عندي عايز أربي 30 ألف ضابط في خلال سنتين مثلاً، وهذه استحالة، كل الكليات .. الكلية الحربية والكلية البحرية وكلية الطيران وكل دول بيدوني maximum 3 آلاف واحد في السنة، يعني عشان أعمل 30 ألف هستنى 10 سنين، وهذا استحالة. طيب، الحل إيه؟! أجيب ضابط، الضابط طبعاً التدريب بتاعه مدة أكبر، ليه؟ لأن أنا بأعلمه إزاي يكون قائد، مش قائد وحدة بس، فصيلة.
(7/30)
فأنا قلت: لا .. أنا عايز ضابط أدِّي له شحنة كبيرة من المعلومات اللي هي تتعلق بحاجة صغيرة، ويستمر فيها إلى نهاية الحرب.
أحمد منصور:
يعني ضابط متخصص.
سعد الدين الشاذلي:
ضابط متخصص، أجيب ضابط، عايز أعلمه على (هاون 82) ياخد الخمس أشهر بتوعه إن هو يشتغل وبقعد يشتغل ضابط هاون لغاية ما تخلص الحرب. واحد هيشتغل مثلاً إيه؟ مدفعية .. مدفعية ميدان، افرض إن هو (مدفعية 105) خدت بالك؟ أو (مدفعية 120) مثلاً أو 130، يقوم يقعد في هذا المدفع ويدَّرَّب عليه ولا غيره، وبعدين بعض المعلومات .. القشور التي تمكنه من إن هو يتعاون مع الرئيس والمرءوس والأجنبي، فضغطت هذه العملية إلى خمس أشهر.
أحمد منصور:
لكن ده ما أثرش على الكفاءة؟ إنك إنت خرجت كمية كبيرة ولكن مستوى الكفاءة العسكرية أقل!!
سعد الدين الشاذلي:
إطلاقاً .. إطلاقاً، لأن أنا بأقول لك: هو على مستوى عالٍ جداً في الكفاءة بالنسبة للتخصص بتاعه، بالنسبة للتخصص بتاعه. طب، أجيب العدد ده كله منين؟! شفت الناس اللي هم حاصلين على شهادات جامعية في القوات المسلحة وابتديت، المهم كلهم .. وأديهم هذا الـ course اللي هو مركز بحيث إن كا خمس أشهر أطلع خمس..
أحمد منصور:
دفعة.
سعد الدين الشاذلي:
آلاف واحد. طب، أدخلهم فين؟! ما عنديش كليات تستحمل ده، فمدارس الأسلحة .. كل سلاح له مدرسة: مدرسة المدفعية، مدرسة المشاة، مدرسة .. فكل دول كانوا بياخدوا، فأصبحت قادر على إن أنا أطلع من خمس آلاف لست آلاف ضابط في إيه؟ يعنى في السنة حوالي 10 آلاف.
أحمد منصور:
قبول القيادة السياسية إيه لهذا الابتكار الذي..
سعد الدين الشاذلي:
هو مفيش ضرر، السياسة ما عارضتش هذا، لأن ده حل...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ولا وزير الحربية؟
سعد الدين الشاذلي:
ولا وزير الحربية عارض.
أحمد منصور:
تجاوب القادة المساعدين لك في هذا الأمر؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/31)
الغريب كله إن بقى إيه؟ الجامعيين نفسهم هم اللي كانوا مش راضيين في الأول.
أحمد منصور:
لماذا؟
سعد الدين الشاذلي:
هو حس بإن هو كضابط وهيبقى ضابط احتياط وضابط حرب، يبقى معناها لو خلصت الحرب هنقعده، خدت بالك؟ فعايز يستنى عسكري.
أحمد منصور:
عشان يروَّح.
سعد الدين الشاذلي:
عشان يروَّح.
أحمد منصور:
ويعيش حياته المدنية.
سعد الدين الشاذلي:
فأنا اجتمعت بهم، وقلت لهم: إن الهدف هو كيت وكيت وكيت، وعندما يتم تَسْريح أي جندي من دفعتك، أنت ستسرح معاه بالضبط يعني، واكتشفوا هم بعد شوية أنه برضه أحسن لهم، فعملنا 30 ألف ضابط في خلال سنتين.
أحمد منصور:
الجو النفسي كان إيه -سعادة الفريق- في عملية الإعداد بالنسبة للجنود، بالنسبة للضباط؟ كانت الناس عايزة تحارب أم كان فيه مخاوف من الحرب؟
سعد الدين الشاذلي:
شوف إنت دلوقتي نقلتنا من موضوع إعداد الضباط إلى الجو العام.
أحمد منصور:
لأ .. للضباط، أنا أقصد الجو النفسي للضباط. أنت الآن في عملية الإعداد...
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]:
الضباط المجندين أو الضباط اللي...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الاتنين، أنت الآن في عملية الإعداد، إعداد عسكري وإعداد نفسي، الجانب النفسي أيضاً.
سعد الدين الشاذلي:
الجانب النفسي إحنا كنا بنشحن القوات المسلحة والضباط والجنود شحن معنوي مستمر، عاملين لهم يفط، يخش الميز بتاعه يلاقي مكتوب "اعرف عدوك"، "معلومات عن عدوك إسرائيل" عدو كذا، والحاجات اللي عملوها إسرائيل كذا وكذا، ده بالإضافة إلى المطبوعات اللي إحنا كنا بنطبعها ونوزعها على الناس كجزء من الإعداد المعنوي للحرب.
يعني مثلاً أنا في قياداتي اللي فاتت كلها كنت دايماً أحب أكون على اتصال مباشر بالضباط والجنود، وكانت القيادات بتاعتي تسمح لي بهذا. يعني أنا لما كنت قائد كتيبة،كنت بأشوف الضباط والجنود يوماتي، وأنكلم معاهم. لما أصبحت مثلاً قائد لواء أو...
(7/32)
أحمد منصور [مقاطعاً]:
فرقة..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
قائد القوات الخاصة، أستطيع إن أنا أشوفهم كل أسبوع، يعني بحيث ما يمرش أسبوع من غير ما أشوف الضابط والعسكري، كل ضابط وعسكري، أتكلم معاه. ولما رحت منطقة البحر الأحمر -الألف كيلو- دي كنت باخد .. آخدها من الشمال في الجنوب تاخد مني 15 يوم!! يعني بأفوت على كل ضابط وعسكري مرة كل شهر.
و15 يوم اللي هم بتوع القمرة دي اللي إسرائيل بيهجموا فيها أقعدهم في غرفة العمليات علشان أحاورهم بقى.
أحمد منصور:
تتابع.
سعد الدين الشاذلي:
عشان أتابع، فكنت بأشوف الضباط والجنود كل شهر. طب، لما جيت أنا رئيس الأركان، والقوات منتشرة من الإسكندرية...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في كل الدولة..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
إلى أسوان، ومن هنا لمرسى مطروح لكذا لكذا لكذا، كيف يمكنني أن أنا أربط شخصيتي وأفكاري مع الضباط والجنود؟ ابتكرت يرضه حاجة جديدة.
أحمد منصور:
ما هي؟
سعد الدين الشاذلي:
ما هي؟ قلت: أنا أعمل مؤتمر شهري أدعو فيه مستويين أقل مني أنا بيني وبين العسكري سبع..
أحمد منصور:
سبع رتب.
سعد الدين الشاذلي:
سبع قيادات..
أحمد منصور:
قيادات عسكرية..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
وكل واحد منهم بيوصل الأوامر للي تحت منه، إذا حصل أي خلل في إيه؟ في حلقة من الحلقات دي، هتبقى النتيجة مش جيدة. فأنا عايز أسيطر على الحلقة دي كلها بحيث الاتصال بيني وبين الجندي يبقى شبه مباشر.
(7/33)
فابتديت قلت: أعمل إيه؟ المؤتمر الشهري إن أنا بأدعو فيه قيادتين أقل، القيادتين الأقل إيه؟ اللي هي: قيادات القوات الكبيرة، القوات الجوية، والدفاع الجوي، والبحرية وإلى آخره. المستوى الأقل منه في القيادة وييجي قائد الجيوش البرية، الجيش الثاني، الجيش الثالث، منطقة البحر الأحمر، وييجي قادة الفرق، يبقى أنا حققت مستويين أقل مني بأشوفهم مرة كل شهر، وكل واحد منهم يحكي لي على مشكلته، وأحلها له وإحنا قاعدين.
أنا رئاسة الأركان بتاعتي فيها عدد ضخم من الضباط، إنما على قمتهم 40 لواء، كل واحد في تخصص معين، فبألم الـ .. 40 لواء دول مع القيادات التانيين اللي هي المستويين دول بيكونوا حوالي 40- 50، يبقى بنكون حوالي 90 أو 100 واحد.
أحمد منصور:
في هذا اللقاء، نعم.
سعد الدين الشاذلي:
ده بيشتكي الحل بتاعه عند التاني.
أحمد منصور:
عند التاني؟
سعد الدين الشاذلي:
وده بيشتكي الحل التاني عنده قائد فرقة، لما ييجوا مثلاً بتوع .. يقول لك: القادة الميدانيين ما بيستخدموش المعدات استخدام صح، وبيرموا الحاجات على الصيانة وكذا وكذا وكذا، والتانيين يقول لك: الروتين كذا كذا كذا. فأنا راجل أصبحت على قمة الجهازين، فبأوفق بينهم فعملت نوع من التمازج والتزاوج بحيث إن أصبح القادة الميدانيين أخذوا .. ياخدوا ثقة في...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ودي لعبت دور في الإعداد للحرب؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً .. طبعاً.
أحمد منصور:
لعبت دور في إزالة المشاكل الموجودة بين القيادات وبين الأسلحة.
سعد الدين الشاذلي:
وإذا كانت هناك مشكلة من المشاكل العويصة اللي ما تقدرش تتحل في الوقت، فأروح مشكل لجنة مشتركة من الطرفين، وعلى أساس أن تعرض عليَّ قبل المؤتمر التاني، فتيجي محلولة في الدور .. اللقاء الآخر.
أحمد منصور:
هذا على مستوى الإعداد فيما يتعلق بالأفراد...
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]:
(7/34)
ده لسه .. ده لسه، ده أنا بعد كده هوك علشان خدت ثلاثة مستويات منهم بالتوجيهات، وصلت إلى قائد سرية.
أحمد منصور:
نعم .. قائد سرية ده يعتبر صف ضابط يعني.
سعد الدين الشاذلي:
لا .. لا.
أحمد منصور:
ضابط أيضاً.
سعد الدين الشاذلي:
قائد سرية نقيب تقريباً، يا نقيب يا رائد، وبعدين والمستوى اللي تحت قائد سرية اللي هو قائد الفصيلة والتانيين، طلع لهم كتيبات صغيرة بحيث إنهم يقرؤوها...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني ربطتَ نفسك وأنتَ في قمة الهرم.
سعد الدين الشاذلي:
بالعسكري .. بالعسكري.
أحمد منصور:
أنت بتعتبر إنك أول رئيس أركان يقوم بهذا الأمر؟
سعد الدين الشاذلي:
صح، ولا أحد يستطيع أن يقول: أنه عمله قبلي، أو حتى استمر عليه من بعدي، أو حتى استمر .. للأسف حتى استمر عليه من بعدي غير موجود.
أحمد منصور:
ما تحليك العسكري لهذا الأمر في عملية الإعداد؟ لعب دور كبير؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً .. طبعاً، لأنه من ضمن التوجيهات اللي بأقول عليها دي التوجيه41 اللي هو الفرقة المشاة في عبور مانع مائي. هذا التوجيه .. اسم التوجيه إلى صفحتين ثلاثة، ده حوالي 750 صفحة، ويشمل واجب قائد الفرقة، اعتباراً من قائد الفرقة إلى أحدث عسكري .. يعمل إيه من ساعة ما نقوله الحرب الساعة كذا، يوم كذا. يصبح بينفذ طابور تكتيكي دوله، يعني بخطة موضوعة.
أحمد منصور:
ده كان جاهز قبل الحرب بأد إيه؟
سعد الدين الشاذلي:
كان جاهز قبل الحرب بأد إيه؟ يعني تقدر تقول .. نقول: إنه جُهِّز في حوالي شهر مارس 1973م، وإنما أخذ إعداده ييجي 4، 5 أشهر، يعني بدأت فيه من بدري، ولكن كل ما فتح أبص تلاقي إيه؟ بتتفتح حاجات.
أحمد منصور:
تقدر تقول: إنك في الفترة دي، إن الجو النفسي في الجيش أعدت أو تم إعادة الثقة للجندي الذي هزم في حرب 1967م؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.
أحمد منصور:
(7/35)
أصبح هذا الجندي وهذا الضابط يتوقع أنه يمكنه أن يدخل معركة وينتصر؟
سعد الدين الشاذلي:
ده كان واثقاً، يعني لأن هذه الثقة كانت منبعةث من عندي فكانت بتنعكس على الجنود. أنا كنت داخل الحرب وأنا أعلم تماماً أننا لا بد وأن ننتصر، لابد أن ننتصر وسننتصر. وانتصرنا بإذن الله، بالعكس ده أنا كنت مقدر خسائر أكثر مما حدث، يعني في تقديري على إن الخسائر بتاعة العبور قد تصل إلى 1500 قتيل...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في هذا الوقت الذي تم فيه البناء النفسي والتخطيط،والعلاقة الوثيقة من رئيس أركان حرب القوات المسلحة إلى آخر جندي، كان أيضاً البناء العسكري بيمشي في نفس الإطار للاستعداد لحرب أكتوبر. في الحلقة القادمة نتناول حرب أكتوبر، وما وقع وما حدث فيها. شكراً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي:
العفو.. العفو.
أحمد منصور:
كما أشكركم -مشاهدينا الكرام- على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(7/36)
الحلقة7(7/37)
الاثنين 9/10/1422هـ الموافق 24/12/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 20:31(مكة المكرمة)،17:31(غرينيتش)
سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري الأسبق الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
- سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق
تاريخ الحلقة
20/03/1999
الفريق سعد الدين الشاذلى
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق) مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي:
مرحباً بيك.
أحمد منصور:
في يوليو 1972م وقع حادث هام، إذ أعلن الرئيس أنور السادات إجلاء أو طرد الخبراء السوفييت من مصر، ما هي الدوافع التي جعلت الرئيس السادات يتخذ هذا القرار في الوقت الذي كان يعد فيه لمعركة أكتوبر؟!
سعد الدين الشاذلي:
ده سؤال من الأسئلة الغامضة اللي بتختلف فيها وجهات النظر، ونبدأ بأن نقول بأن السادات –كما أعلن فيما بعد- أنه كان يريد أن يضغط على السوفييت، وعندما تقوم الحرب فلا يكون أحد منهم موجود.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لماذا؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
(7/38)
ولكن الكلام ده مردود عليه، لأن لو رجعنا إلى الوراء قليلاً، وهو يوم 6 يونيو –يعني قبل هذا الحدث بشهر تقريباً- دعا الرئيس السادات إلى مؤتمر في الاستراحة بتاعته في القناطر الخيرية، وحضرها عدد محدود من القادة، أذكر منهم: الفريق صادق (القائد العام ووزير الحربية)، وأنا واللواء الجمسي و محمود علي فهمي عن الدفاع الجوي واللواء المسيري عن القوات الجوية، واللواء جوهر تنظيم وإدارة، واللواء علي عبد الخبير من المنطقة المركزية. في هذا المؤتمر كان الهدف منه إن يقرأ علينا تقرير كان كتبه أحمد إسماعيل عندما.. وكان يشغل في هذا الوقت رئيس جهاز المخابرات العامة. فملخص التقرير بيقول إن، نحذر أن تقوم القوات المسلحة بأي عملية هجومية حيث أنها ليست مؤهلة لهذا في الوقت الحاضر نظراً لضعف القوات الجوية وعدم وجود دفاع جوي متحرك، وبالتالي يجب أن تؤجل أي عمليات حربية إلى أن تصبح قواتنا الجوية في..، متوازنة مع القوات الجوية الإسرائيلية.. ده يدل على أيه؟.. على إن كان فيه خطة معمولة، قمت بعملها اللي هي خطة (المآذن العالية) اللي هي خطة محدودة، وترمي إلى العبور.. عبور قناة السويس، وتدمير خط بارليف، والتمركز 10 –12 كيلو شرق قناة. وكانت هذه الخطة سرية جداً ولا يعلمها إلا عدد محدود جداً من الإيه.. من القادة اللي لهم علاقة بها، يعني حوالي سبعة، ثمانية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن ما ذكر –عفواً سعادة الفريق- عن تلك المرحلة، وما أكد عليه الرئيس السادات في كتابه " البحث عن الذات" هو إن في تلك الفترة كان الجاهزية العسكرية للقوات المسلحة كانت على أتم استعداد للمعركة، يعني في النصف الثاني عام 72 ذكر بإن القوات المسلحة كانت على أتم استعداد للمعركة.
سعد الدين الشاذلي:
(7/39)
هناك فرق بين التصاريح التي تعلن على الصحف، والحقائق التي يعلمها الناس اللي هم داخل هذه العملية، وعشان كده أنت جاي بتقولي شاهد على العصر، فأنا بأقول لك الحقيقة، لإن هذه الحقيقة تدل على إن السادات لم يكن ينوي فعلاً أن يدخل الحرب عام 72، هو كان قال إن هو هيخلي عام 1971م عام الحسم..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
عام الحسم.. نعم.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
عام الحسم.. وفات عام الحسم دون أي شيء، وعايز أثبت لك إن يوم.. إن 72 كمان لم يكن في نيته هذا، للأسباب الآتية: أنا كنت مختلف مع الفريق صادق -اللي هو كان وزير الحربية والقائد العام- فيما يتعلق بالخطة الـ.. خطة الحرب المحدودة لإن هو كان يريد أن لا نقوم بأي عملية هجومية إلا إذا وصلنا إلي مرحلة تفوق على العدو ونقوم بعملية كاسحة نحرر بها سيناء..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كاملة.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
كاملة.. تماماً كما يجري، كما كان يجري في المشاريع الاستراتيجية اللي إحنا بندرب عليها الناس، واللي هي كانت ابتدت من سنة 68 و69 و70 وآخرها كان سنة 70 قبل أن أتولى رياسة الأركان، وكان في هذا المشروع بيتم تحرير سيناء على الورق وعلى الخطة في 13 يوم!! إنما أنا لما توليت ولقيت إن هذا الكلام كله ورقي ولا يتماشى مع الإمكانيات الفعلية، و..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
والواقع.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
طلبت بإن أنا أعمل الأيه.. عملية هجومية محدودة في صدور إمكانيات.. في حدود إمكانياتنا، وكما قلت لك اللي هي أيه 10 –12 كيلو..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
المآذن العالية.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
المآذن العالية، فلما اختلفنا مع.. اختلفت مع الفريق صادق في هذا الموضوع من الفكر العسكرية، واحد بيقولك.. موضوعة ونقدر نبتدي دلوقتي، وواحد بيقولك لأ نستنى.. ونستنى أد أيه؟ الله أعلم.
أحمد منصور:
(7/40)
لكن سعادتك بتعتمد على استراتيجية عسكرية واضحة، وهو أيضاً يعتمد على استراتيجية عسكرية واضحة..
سعد الدين الشاذلي:
تمام.. بس هو المهم إنك أنت تفصل الاستراتيجية بتاعتك طبقاً لإمكانياتك وطبقاً لإمكانيات العدو. أنا.. هو لما بيقول لي نقوم بعملية كاسحة، قلت له ياريت هل لديك –في أثناء الحوار- هل لديك القوات التي تستطيع أن تفعل ذلك؟ قال لي: لأ، قلت له: طب على أي أساس نوضع خطة ليس لدينا إمكانيات بتنفيذها، هنا الفكر، فأنا بأفصل خطة استراتيجية طبقاً لإمكانياتنا وطبقاً لإمكانيات العدو..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
نعم.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
فلما اختلفنا فكحل وسط يعني compromise ، إن أمشي الخطة بتاعتي اللي هي اسمها.. سميت المآذن العالية وكانت سرية جداً، ونعمل خطة متوازنة.. متوازية لهذه الخطة اسمها الخطة (41) وهذه الخطة 41" لا تتمتع بالسرية، بل بالعكس كنا بنتعمد إنها أيه.. تكون مفتوحة للروس علشان نقول لهم إن لكي نصل إلى المضايق –كانت الخطة الهدف بتاعها الوصول إلى المضايق- يلزمنا الأسلحة كيت وكيت. إذاً فهي خطة مش خطة لتنفيذ دا خطة لتقدير حجم القوات التي يجب أن تتوفر لدينا لكي نصل إلي الإيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وكذلك الإمكانيات والأسلحة.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
وكمان الإمكانيات والأسلحة، حتى يمكن..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني عفواً هنا، المآذن العالية الروس لم يكونوا يعلموا عنها شيء؟
سعد الدين الشاذلي:
إطلاقاً.
أحمد منصور:
لكن القادة السياسية في مصر كانت تلم بها.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.
أحمد منصور:
الرئيس السادات في ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.
أحمد منصور:
وضعتم خطة موازية الخطة 41 من أجل التمويه على المآذن العالية؟
سعد الدين الشاذلي:
تماماً.
أحمد منصور:
تماماً..
سعد الدين الشاذلي:
ومن ناحية.. نعم..
أحمد منصور:
(7/41)
لكن الهدف.. لكن الهدف الرئيسي كان ضربة محدودة للوصول إلى 10 أو 12 كيلو متر اللي هي خطة المآذن العالية.
سعد الدين الشاذلي:
تماماً.
أحمد منصور:
الطريق أو الخطة 41 التي تريد أن تصل إلى المضايق عمق كام كيلو في سيناء؟
سعد الدين الشاذلي:
حوالي 40 –50 كيلو متر المضايق تقريباً.
أحمد منصور:
فبالتالي أنت بتعد لي 40 –50 كيلو علشان تنفذ 12 كيلو؟
سعد الدين الشاذلي:
لأ.. دي علشان.. إن 12 كيلو دي معمولة نستطيع أن نفعلها بإمكانياتنا.
أحمد منصور:
الحالية اللي كانت موجودة..
سعد الدين الشاذلي:
الحالية.. الحالية.. يعني ما إحناش محتاجين.. يعني تيجي هذه الأسلحة أو ما تجيش ما فيش مشكلة، إنما دي.. لكي نصل إلى المضايق نحتاج إلى الأسلحة كيت وكيت، أولاً قلنا موازية لها للتمويه على الخطة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الأصلية.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
الأصلية.. وفي الوقت نفسه لتقدير حجم الأسلحة والمعدات التي تلزمنا ويلزم إن الروس يمدونا بيها قبل أن نفكر في الوصول إلى إيه.. إلى المضايق..
أحمد منصور:
سعادتك قلت حاجة في المرات الماضية وأنا ملاحظ –عفواً هنا- مش عاوز أقول تناقض وإنما أريد توضيح- قلت لي إن الروس كانوا بيمدوكم بالسلاح حتى إن السلاح كان يفيض عن حاجة الجنود.
سعد الدين الشاذلي:
صحيح.
أحمد منصور:
الآن القضية قضية سلاح.. القضية قضية سلاح، وقضية إمكانات مسلحة، كيف نوفق ما بين هذه وتلك؟
سعد الدين الشاذلي:
لأ ما.. ما فيش تناقص إطلاقاً، لما نقول السلاح.. لما يجي السلاح هنجيب الأفراد وهنبتدي ندرب، ما هو ده كان اعتراضي على الخطة بتاعة صادق إن حتى لو جه السلاح عايزين بضع سنوات علشان الأفراد تتدرب وتكون جاهزة، إنما..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
(7/42)
يعني التدريب على السلاح في عرف الحروب –يعني في مفهوم قراءتي واطلاعي أنا صحفي برضه، ولست كما سعادتك تتوقع من حيث أسئلتي بالنسبة للقضايا الاستراتيجية –من المعلوم إن ممكن حتى أي سلاح حديث يعني لا تستغرق فترة التدريب عليه أكثر من ستة أشهر للمحترف إذا فيه عسكري محترف صح؟
سعد الدين الشاذلي:
مش دايماً.. مش دايماً.. وهناك فرق بين إنك أنت تكون عايز مائة فرد للتدريب على هذا السلاح، وتكون عايز ألف فرد أو ألفين فرد للتدريب على هذا السلاح فإمكانياتك في تدبير الأفراد بتختلف.
أحمد منصور:
نوعية الفرد لابد أن تتوافق مع..
سعد الدين الشاذلي:
من عدد.. من النوعية ومن العدد، من النوعية والعدد، وكان هذا أحد الأسباب الرئيسية اللي أنا باعترض على الخطة إني أنا بأستنى لغاية ما أيه.. يجي السلاح..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الأسلحة تيجي.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
أولاً: هأطلب السلاح، وهيجي بعد أد أيه؟!.. وبعدين تجنيد الأفراد وتدريبهم والوصول بيهم إلى المستوى هياخد أد أيه، والكلام ده قد يكون بالنسبة للأيه.. للأسلحة.. سيادتك لما اتكلمت عن الأسلحة البسيطة الصغيرة، إنما الأسلحة المعقدة، زي الطيران مثلاً، طب افرض طيران، الطيران ولا 6 أشهر ولا سنة هتعوز أكتر كمان من..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لأن في الأصل هو طيار يعني، ربما يختلف أو تختلف نوعية الطيارة.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
هذا الطيار لما تنقله من الطيارة (ميج 21) إلى (الميج 23) عاوز طيار تاني يحل محل الـ 21..
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
إذاً أنت عايز طيار جديد -أنت واخد بالك- بس ده بيتنقل لمستوى أعلى.. كل واحد بيتنقل لمستوى.. والطاقة بتاعتك بإنك أنت كلية الطيران بتطلع كام واحد.. عدد محدود كل سنة فعملية مرتبطة ببعضها، وعملية معقدة يعني.
أحمد منصور:
ماذا حدث بعد ذلك.. بعد عملية الخلاف على الخطة؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/43)
عملنا الخطتين. وخطة منهم معلنة والخطة التانية اللي هي أيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
سرية.
سعد الدين الشاذلي:
اللي هي سرية.. لما يجي أحمد إسماعيل ويقول: بنحذر يعني معناه وصله علماً بالخطة اللي هي خطة المآذن العالية، من الذي سرب إليه هذه المعلومة؟ فلاش باك.. أقول لك لازم أيه الفريق صادق لإن وجهة نظره متطابقة مع وجهة نظر أيه.
أحمد منصور:
الفريق إسماعيل.. المشير.
سعد الدين الشاذلي:
لأ هو كان في هذا الوقت هو حتى لواء.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
خدت بالك، إذاً الفكر إن فيه واحد بيقول لك نقوم بالعملية الهجومية بما.. بما لدينا، وفيه واحد بيقول لك تؤجل العملية إلى أن نصل إلى مستوى التوازن مع الأيه..
أحمد منصور:
مع العدو.
سعد الدين الشاذلي:
مع العدو، طيب هناك خلاف فكري، ولما قرأ هذا الموضوع في التقرير اللي هو رافعه أحمد إسماعيل لرئيس الجمهورية، لإن المخابرات العامة تابعة لرئيس الجمهورية.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
فأنا سمعت إلى التقرير، يكاد يكون بيعيد نفس أفكار محمد صادق.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
قمت أنا طلبت الكلمة من الرئيس وقلت له، قلت له: ليس هناك أي اختلاف في حقيقة المعلومة التي وردت في التقرير وهو إن ضعف قواتنا الجوية وضعف الدفاع الجوي يمنعنا من إن إحنا نقوم بعملية هجومية كبيرة، ولكن من قال أننا نريد أن نقوم بعملية هجومية كبيرة؟ في استطاعتنا أن نقوم بعملية محدودة بحيث إن إحنا نعبر القناة وندمر خط بارليف ونحتل 10 إلى 12 كيلو شرق القناة.
أحمد منصور:
أيه هدف الخطة دي طيب إذا كانت محدودة؟
سعد الدين الشاذلي:
هدف الخطة، آهي هي دي بقى فلسفة الخطة اللي إحنا بنقولها. إسرائيل لها مقتلين. المقتل الأول هو عدم قدرتها على تحمل الأيه الخسائر البشرية نظراً لقلة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
السكان.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
(7/44)
عدد الأفراد.. عدد الأفراد بتوعها، المقتل الثاني هو إطالة مدة الحرب، كل الحروب السابقة كانت تعتمد على أساس..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حروب خاطفة.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
خاطفة أو كما يسموها (blitz..) إنها بتنتهي خلال أربع أسابيع –ست أسابيع. لأنها الفترة بتعبئ 18% من الشعب اليهودي، ودي نسبة عالية جداً. الحالة الاقتصادية بتتوقف توقفاً تاماً في إسرائيل لإن.. والتعليم بيتوقف، والاقتصاد بيتوقف، الزراعة بتتوقف، الصناعة بتتوقف لإن كل اللي بيشتغلوا في المصانع وفي الزراعة هم دول بقوا إيه ظباط وعساكر في القوات المسلحة. فأنا عايز استغل نقطتين الضعف دول.
أحمد منصور:
يعني اعتمدت على حاجتين، أولاً إطالة أمد الحرب..
سعد الدين الشاذلي:
أيوه.
أحمد منصور:
ثانياً عدم قدرة إسرائيل على تحمل خسائر بشرية.
سعد الدين الشاذلي:
بالظبط.
أحمد منصور:
لكن في المقابل أنت تستطيع أن تتحمل هاتين؟
سعد الدين الشاذلي:
الاتنين. الاتنين بساط جداً، لأني أنا لما هكون في الدفاع هو هيجبر على إن هو أيه يقاتل بالمواجهة فسأحدث فيه خسائر، وأنا أقد منه في الدفاع، فسأحدث فيه خسائر. مسألة احتلال الأرض دي مش في دماغي خالص ومؤجلة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لماذا؟
سعد الدين الشاذلي:
مؤجلة.. أهم حاجة هدف للقائد في الميدان إن هو يدمر قوات خصمة، بعد ما يدمر قوات خصمة الأرض تبقى مفتوحة. إنما مديش للأرض أسبقية. الأرض لا تكون لها أسبقية على تدمير قوات العدو، تدمير قوات العدو هي الأيه.. هي الأسبقية الأولى.
أحمد منصور:
يعني ده جزء أيضاً من فلسفة الخطة العسكرية.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً.. طبعاً، فإذن لما أنا شرحت الموقف ده، أصبح السادات دلوقتي كرئيس جمهورية في موقف الحكم، فيه اتنين من كبار..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
القادة عنده.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً:
(7/45)
القادة عنده، بيقولوا لا حرب إلا بعد أن نصل إلى أيه التوازي... وواحد بيقول أيه لأ نقوم بالحرب بالإمكانيات اللي موجودة، ونعوض ضعف قواتنا الجوية والدفاع الجوي المتحرك بإن إحنا نزحزح الدفاع الجوي الثابت من غرب القناة 20 كيلو إلى الحافة الغربية للقناة أو 5 كيلو غرب القناة..
أحمد منصور:
فتدي عمق لك في سيناء.
سعد الدين الشاذلي:
فبتديني عمق 10 –15 كيلو. نقطة الضعف بتاعتي غطيتها بالدفاع الجوي الثابت، واستغليت نقط الضعف بتاع العدو. دي فلسفة الخطة اللي بتغيب عن كثير من الناس، حتى العسكريين عندما يناقشوا العملية.. ويجي يقولك الأرض! أرض أيه؟! الأرض دي ما هي.. يوم ما يدمر قوات العدو الأرض تبقى مفتوحة خالص تمرح فيها كما تشاء.
أحمد منصور:
لكن لو خدت الأرض والعدو بتاعك بقوته يستطيع هو أن يستردها منك.
سعد الدين الشاذلي:
لو خدت الأرض وأنا موقفي العسكري وحش يبقى خطر علي. لأن أنا وأنا 10 –12 كيلو ما يقدرش يهاجم أجنابي.. مليش أجناب ومليش مؤخرة. لإن أجنابي مرتكزة في الشمال على البحر الأبيض وفي الجنوب على خليج السويس ومن الخلف على قناة السويس. فمليش أجناب، لازم يهاجمني بالمواجهة وعشان يهاجم بالمواجهة هيتحمل..
أحمد منصور:
خسائره هتبقى أعلى.
سعد الدين الشاذلي:
خسائره أكبر.. وخسائري أنا أقل وبأعوض قدرته في التعاون بين الدبابات وبين بأحرمه من الحاجات الميزات اللي بيتميز بها..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
زي إيه سعادتك؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
هو بيتميز بوسائل الاتصال..
أحمد منصور:
العالية.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
(7/46)
الجيدة جداً بين الدبابات وبين الأيه.. وبين الطيران، ففي الأرض المكشوفة.. يعني تبص تلاقي 7 دبابات أو 8 دبابات ظهر قدامهم عدد أكتر من الدبابات بتاعتنا أو القوات.. تبص تلاقي في 5 دقائق الطيران موجود. لإن هو عنده تفوقه في الطيران فعامل لا مركزية في الاستخدام. إنما إحنا عشان ضعف القوات الجوية بتاعتنا عاملين مركزية شديدة جداً في استخدام القوات الجوية، يعني حتى قائد الجيش مالوش سلطة إنه هو يستدعي الطيران لازم يتصل بالقيادة العامة.. والقيادة العامة تديله أيه..
أحمد منصور:
طيران.
سعد الدين الشاذلي:
تديله الطيران. فنتيحة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن تستطيع سرية دبابات إسرائيلية أن تستدعي الطيران.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
أن تستدعي الطيران، وبالتالي فبتبقى فيه سرعة الأيه.. الاستجابة سرعة غريبة جداً، فأنا بأحرمه من كل هذا، لإن أنا دلوقتي وأنا موجود في الأيه.. على 10 –15 كيلو يعني مليش أجناب وماليش مؤخرة حتى إنه أي.. يستغلها ويطوق الأجناب.. فنعود إلى أيه.. المؤتمر بتاع القناطر الخيرية.. وده مؤتمر مهم جداً. كل اللي بيتكلموا وكل اللي بيناقشوا ما بيجيبوش سيرة أيه..
أحمد منصور:
مؤتمر القناطر الخيرية.
سعد الدين الشاذلي:
مؤتمر القناطر الخيرية، لأن دي مهمة جداً.. هتشوف..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
6 يونيو 72.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
6 يونيو 72. بطل التأجيل، أو أبطال التأجيل تأجيل الحرب مين.. محمد صادق وأيه..
أحمد منصور:
والفريق إسماعيل.. اللواء نعم.
سعد الدين الشاذلي:
وأحمد إسماعيل، والذي ينادي بالحرب بما لدينا من قوات هو سعد الشاذلي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وحدك.. لم يكن أحد من باقي القادة يعني يؤكد على هذه الإستراتيجية أو الخطة التي طرحتها..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
القادة.. كل واحد له تخصص، القادة اللي الموجودين دول كل واحد منهم لا يتكلم إلا في إيه؟
(7/47)
أحمد منصور:
تخصصه.
سعد الدين الشاذلي:
في تخصصه، إذا كانت الخطة تتعارض مع جزء من تخصصه ممكن إن هو يبدي رأيه إذا رأى في ذلك، إنما الناس اللي لهم حق الكلام عن الخطة محدودين –وكما قلت لك- هو التلاتة دول. فدلوقت رئيس الجمهورية لازم.. كان مفروض إن هو يتخذ إيه..
أحمد منصور:
قرار..
سعد الدين الشاذلي:
قرار، ما اتخذش قرار.. مسك العصاية من النص، وأبتدى يتكم كلام إنشائي. حقيقة إحنا –من ضمن اللغة الإنشائية، يعني يجب أن لا ندخل الحرب إلا إذا كنا متأكدين تماماً بإن لنا التفوق ونستطيع أن ننجح بصفة 100%، ولكن يجب أن نفكر ماذا لو أيه.. ماذا نعمل لو فوجئنا وفرضت الحرب علينا. كلام إنشائي لا يودي ولا يجيب. المهم أنت قلت القادة رأيهم أيه.. اللواء المسيري اللي هو كان نمرة 2 في القوات الجوية وهو اللي حضر هذا المؤتمر. لإن اللواء حسني مبارك في هذا الوقت مش عارف السبب اللي تسبب عن إنه هو ما يحضرش وحضر عنه اللواء المسيري. راح اللواء المسيري واقف وقال أؤيد ما قاله الفريق سعد الشاذلي رئيس الأركان 100%.. ده القوات الجوية.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
يعني بيعترف.. لإني أنا بأقول لهم إذا كنا هنستنى على إن نوصل القوات الجوية بتاعتنا إلى المستوى هنقعد سنوات.
أحمد منصور:
سنوات طويلة.
سعد الدين الشاذلي:
سنوات طويلة لا يعلمها إلا الله، فلما يشهد بقى شاهد من أهلها بقى –زي ما بيقولوا- المسيرى.. فكان ده تأييد أكبر تأييد.
أحمد منصور:
تأييد مطلق الآن.
سعد الدين الشاذلي:
(7/48)
تأييد مطلق، قال لك أؤيد ما قاله الفريق سعد الشاذلي 100%. الرئيس السادات ابتدى يتكلم الكلام الإنشائي والله يا مسيري إذا ما كنتوش تحاربوا كويس أنا هربطك في الشجرة.. كلام يعني هزار وبتاع وحاجات زي كده وانتهى الموضوع ولم يتخذ القرار. طيب. لما جه في 24 أكتوبر أو في 26 أكتوبر وقرر إقالة.. إقالة محمد صادق. قرر اقالته بحجة أنه لا يريد أن يدخل الحرب.. كويس طيب لما أنت محمد صادق لا يريد أن يدخل الحرب وعاوز واحد يريد أن يدخل الحرب، قائد عام تجيب سعد الشاذلي ولا تجيب أحمد إسماعيل هو ما أحمد إسماعيل ومحمد صادق نفس الرأي فجاب أحمد إسماعيل. شوف التناقض. هنا بقى الحاجات اللي هي غير معروفة. لإن ما حدش بيناقش أيه.
أحمد منصور:
الرئيس فيما يتخذ من قرارات.
سعد الدين الشاذلي:
الرئيس.. لأ وعلى مستوى الشعب الكلام ده ما بيناقش، وقال لي في كل الأحاديث حد جاب سيرة المؤتمر بتاع أيه.. بتاع 6 يونيه ده..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بس عفواً –سعادة الفريق- دايماً يعني سعادتك الآن قلت فقط كان ثلاثة لهم الحق في الحديث في الخطة. الرئيس السادات كان القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو اللي من حقه أن يحسم في النهاية.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.
أحمد منصور:
كذلك في عملية اختياره للقادة من السهل أن يبرر، أنا لا أريد هذا وأضع ذاك لهذا السبب، فهذا أيضاً يعود له هو..
سعد الدين الشاذلي:
بالظبط.
أحمد منصور:
يعني لا نقول من المفروض أن كان يختار فلان أو يختار علان.
سعد الدين الشاذلي:
إحنا بنحلل بقى، أنا بأتكلم كمحلل..يعني دلوقتي هو مافيش شك إنه له الحق، إنما هو لما يجي يقول لك أيه إنه هو لا يريد الحرب ويجيب أحمد إسماعيل وهو عنده التقرير الرسمي إن هو بيقول لك إن إحنا غير قادرين على دخول الحرب.
الكلام ما يبقاش غير .. بيبقى غير منطقي!
أحمد منصور:
ما هو أحمد إسماعيل ربما يغير وجهة نظره الآن ويصبح من مؤيدي.. الحرب.
(7/49)
سعد الدين الشاذلي:
ما هو هنا بقى الكلام.. هنا بقى الكلام.. هنا بقى الكلام.. لما جه أحمد إسماعيل واتعين، قلت له.. قلت له أنا أذكرك بالتقرير اللي إيه.. اللي بعته لرئيس الجمهورية وقرأ علينا يوم 6 يونيو، 6 يونيو لـ 26 أكتوبر حسبه أيه.. 4 شهور يعني.. 4 شهور ونص حاجة زي كده.
أحمد منصور:
سعادة الفريق، في 26 أكتوبر 1972م تم تعيين اللواء أحمد إسماعيل وزير للحربية وقائد عام وسعادتك بقيت رئيس أركان للجيش. كيف كانت علاقتك بأحمد إسماعيل في تلك الفترة؟
سعد الدين الشاذلي:
كان هناك خلافات سابقة قديمة بيني وبين أحمد إسماعيل منذ أن كنت في الكونغو، ولكن وجود كلينا في منصب رئيسي كان يفرض على كل مننا إنه هو إيه.. يحترم هذا المنصب وأن يجعل أي خلاف فوق.. يعني مصلحة البلد تكون فوق أي خلاف يعني..
أحمد منصور:
هل كانت خلافات شخصية أم خلافات في الأسلوب العسكري في العمل؟
سعد الدين الشاذلي:
الخلافات السابقة اللي هي كانت حصلت، واللي هي كانت أساس الخلاف كانت حصلت في الكونغو- وقت أنا ما كنت أنا قائد الكتيبة العربية في الكونغو، وكان هو..
أحمد منصور:
سنة 60، وكان معاك هناك في الكونغو؟
سعد الدين الشاذلي:
لأ.. لأ، هو ما كانش ضمن قوات الأمم المتحدة، ولكن كان أرسل على أساس بعثة عسكرية تشوف مطالب الجيش الكونغولي أيه.. أيام (لومومبا) وبعدين لومومبا عندما سقط وحل محله (موبوتو) قبل الأيه.. البعثة ما توصل وأصبح حكمه عادي وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك أيه.. اتصال بين القيادة العامة والقوات المسلحة والمصرية والجيش الكونغولي.
أحمد منصور:
ولم يحدث تعامل عسكري بينكم منذ عام 60 وحتى عام 72..
سعد الدين الشاذلي:
لأ ما أنا هأقول لك أهوه بقى.. فلما جه.. وما كانش له عمل يعني يستلمه فموبوتو طبعاً.. فقعد فترة، فحاول أن يتدخل في أيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
في عملك.
سعد الدين الشاذلي:
(7/50)
في عملي، فرضت واختلفت معاه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كانت رتبتكم العسكرية متساوية؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
لأ كان هو أقدم وهو حب يستغل هذه العملية، فقلت له أنا .. أنت مالكش علاقة بيه كنت عقيد وهو كان عميد يعني.. فاختلفنا، وبعت إشارة أنا للقاهرة. ووصل شمس بدران على طول علشان يشوف الموقف، وحسموا الموقف وسحبوه هو والأيه.. والمجموعة بتاعته علشان بدون أي عمل يعني، ولكن تركت آثار بقيت خلال الفترة اللي هي بعد الكونغو إلى 73 إنما بعد تعيينه 73 كان الموقف أيه.. يعني كلنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
72.
سعد الدين الشاذلي:
إيه؟
أحمد منصور:
في أكتوبر 72.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
في أكتوبر 72 كان الموقف يعني كلنا بنحاول إن إحنا نجنب هذا الخلاف.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الآن هو كان عفواً –على خلاف معاك فيما يتعلق بالخطة قبل أربعة أشهر. ماذا بعدما أصبح.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
هو مش خلاف معايا هو بيكتب تقرير مستقل، ولكن وجهة النظر بتختلف معايا.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
لإن هو مالوش علاقة بيه دا هو له علاقة برئيس الجمهورية على طول كرئيس جهاز المخابرات العامة..
أحمد منصور:
الآن أصبحت علاقته مباشرة بيك.
سعد الدين الشاذلي:
هيبقى علاقته مباشرة بي، فبأقول له الخطط اللي عندنا كيت وكيت وكيت ولازال لم يحصل أي تغيير في القوى النسبية ومازالت الحرب المحدودة اللي هي 10 –12 كيلو هي الوحيدة الباقية التي ممكن تنفيذها. أما أي خطة أخرى فأيه.. فهيكلية وورقية واقتنع بهذا، واستمر هذا الوضع بقى إلى حوالي مارس تقريباً مارس أو إبريل على ما أذكر يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
73.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
73، وقال لي عاوزين نعمل خطة الوصول إلى الإيه..
أحمد منصور:
المضايق.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
إلى المضايق. هنا البداية بقى.. الوصول إلى المضايق.
أحمد منصور:
(7/51)
نعم، اللي هي كانت الخطة المعلنة اللي أطلعتم الروس عليها.
سعد الدين الشاذلي:
(41) عايز أقول إن (41) دي خلال سنة 72 تغيرت إلى (جرانيت) تغير الاسم ولكن نفس الفكرة اللي هي الوصول إلى الأيه..
أحمد منصور:
إلى المضايق.
سعد الدين الشاذلي:
إلى المضايق. فقال لي عايزين نعمل خطة إيه.. للوصول إلى المضايق. ما ينفعش عشان كيت وكيت وكيت الأسباب اللي أيه..
أحمد منصور:
اللي أنت ذكرتها.
سعد الدين الشاذلي:
اللي بنقولها باستمرار واللي الناس لازم تكون حفظتها دلوقتي ضعف القوات الجوية، وعدم وجود إيه.
أحمد منصور:
غطاء جوي.. وعدم وجود قوات..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
غطاء جوي، ودفاع جوي متحرك والتفوق الجوي، والعلاقات بين الطيران والدبابات والأجناب بتاعتنا، والوصول إلي.. يعني الحاجات اللي هي متكررة وثبتت في الحروب السابقة مع إسرائيل.. نهايته، فسكت، وبعدين برضو عاد مرة أخرى وقال لي لأ دي عايزينها علشان نعرضها على السوريين حتى يقتنعوا بأيه.. إنهم يخشوا معانا الحرب. فأنا حتى قلت أنا أفضل أن أدخل الحرب مستقل بدون مساعدة من الجبهة السورية، فضلاً عن إن إيه أقوم بإيه بعملية هجومية للوصول إلى المضايق. لإن دي هتعرض قواتنا إلى أيه.. إلى التدمير من الأجناب ومن الخلف و..و.. إلى آخره، زي ما حصل كل سنة، لإن إيه.. ضعف القوات الجوية والدفاع الجوي، كررناها.
أحمد منصور:
نعم.. نعم.
سعد الدين الشاذلي:
(7/52)
فقال لي لأ دا هنعملها ونعرضها على السوريين إنما مش هتتنفذ. بناء على هذا اتعملت الخطة واتعرضت على أساس إنها للعرض على السوريين. هنا بقى السؤال، على الكلام قولة أيه.. هل فعلاً السادات كان يريد أن يدخل الحرب سنة 72؟ أنا بأقول لأ.. وما تخدش تصريحات السادات باستمرار على أساس إنها على أساس مفهوم.. لإنه أوقات يقول لك يمين يخش شمال، ويقول لك شمال ويخش يمين. هو ده الأسلوب بتاعه. أنت لما تشوف ما قاله في اللقاءات بتاعة القادة عن الروس. أوقات يطلعهم السماء يقول لك الروس.. هو إحنا نقدر نعمل حاجة من غير الروس دول هم اللي إدونا وسلحونا جيشين وكذا وكذا وكذا. وثابت الكلام ده في أيه.. في وثائق رسمية.. ويجي مثلاً بعد الحرب يقول لك الروس ما كانوش بيدونا حاجة إطلاقاً. وإحنا اللي عملنا كل الكباري وإحنا اللي عملنا كذا كذا كذا، فإذن ما نخدش كل ما يقوله السادات كأنه قضية مسلمة بل نحطه في..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لأنه بيلعب سياسة سعادة الفريق..
سعد الدين الشاذلي:
بيلعب سياسة.. بس بيلعب سياسة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني أنت رجل عسكري محترف عندك واحد و واحد يساوي اتنين كما يقال.. هو بيلعب سياسة اللي فيها الواحد يساوي 100، ويساوي 200 أحياناً، ويساوي 10 يعني فهو الرئيس السادات كرئيس بيلعب سياسة.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
يلعب سياسة مع العدو، إنما ما يخدعش.. ما يخدعش القادة بتوعه، ما يخدعش الشعب بتاعه.. هنا لما تخش..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أنا مش عارف.. مش يعني ربما لا نريد أن نوصلها إلى مرحلة الخداع المقصود. ولكن أنا برضو هنا في عام 72 قبل أن نغادره إلى 73 وقضية إجلاء الروس اللي إحنا سألناها في أول الحلقة، عملية إجلاء الخبراء الروس وده أعتقد تم على إيديك، عملية الإجلاء.
سعد الدين الشاذلي:
أيوه طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور:
كان هناك أرقام مبالغة في أعداد الروس، الأسباب..
(7/53)
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]:
قال السادات قال إنهم 17 ألف..
أحمد منصور:
نعم، العدد الحقيقي لهم؟!
سعد الدين الشاذلي:
7 آلاف و 500 وتوزيعهم كالآتي: ألف مستشار وخبير، و 6 آلاف وحدات عسكرية، أفراد عسكريين يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
اللي هم كانوا في 27 وحدة دفاع جوي.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
تمام كده.. والطيارين واللي بتاع و 750 عائلات.. مدنيين وأولاد وزوجات وكلام من ده، كل ده دول ال 7 آلاف و 500 الذي أنيط بنا أن إيه.. أن نرحلهم..
أحمد منصور:
لكن بقي آخرون في مصر غير هؤلاء.
سعد الدين الشاذلي:
بقى عدد قليل. عدد قليل، كان فيه عندنا اللي هو (سكود) اللي هو..
أحمد منصور:
صواريخ سكود نعم.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
الصواريخ، صواريخ سكود كان موجودة ومعاهم الخبراء بتوعهم اللي هم بيدربوا الظباط والعساكر بتوعنا، فهم دول اللي بقيوا، أعداد بسيطة يعني.
أحمد منصور:
لكن الرئيس السادات أيضاً ذكر إن قبل الحرب -قبل أكتوبر- بفترة وجيزة أرسل الروس أربع طائرات شحن عملاقة حتى تنقل عائلات السوفييت اللي كانوا موجودين في مصر. بناءً على طلب سوفيتي وليس طلب مصري.
سعد الدين الشاذلي:
دا.. دا أنت رجعتنا ليوم 5 أكتوبر بقى. إحنا قفزنا دلوقتي بعد كده إلى يوم 5 أكتوبر مش.
أحمد منصور:
لأ أنا أقفز لـ 5 أكتوبر ليه، لأن حضرتك بتقول إن كان بقي مجموعات قليلة، لكن الأربع طائرات من المؤكد أنها ستنقل أعداد كبيرة.
سعد الدين الشاذلي:
لأ.. ما أنا أقول بضع مئات.. لما أقول لك بضع مئات، فالمئات يعني ما هو هتبص تلاقي.. لما أربع طيارات يشيلوهم، ويشيلوا العائلات بتاعتهم، ويشيلوا كل حاجة يعني.
أحمد منصور:
لكن النسبة الأكبر خرجت في 72؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً.. دا إحنا دوكهة أقعدنا نرحل فيهم 15 يوم ما خلصوش.
أحمد منصور:
لكن شعرتم إن خروجهم أثر عليكم من الناحية العسكرية؟
(7/54)
سعد الدين الشاذلي:
ما فيش شك، عسكرياً على قدراتنا العسكرية لما أنت أيه.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن أيه حسابات البديلة.. ما هو البديل بعد إخراج الخبراء السوفييت..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
ما فيش بديل غير إن إحنا نعمل ليلاً ونهاراً علشان نعوض الأيه.. علشان نعوض هذا النقص والدفاع الجوي بنهاية 72 كان استطاع إن هو يطقم الأسلحة التي تركها الروس، وأصبح كلها أطقم مصرية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن ليس لديك..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
إنما الطيران، إنما الطيران لم يستطع إنه يعوض الـ 100 طيار في الست أشهر دول.
أحمد منصور:
لكن ليس لديك سبب مفهوم حتى الآن عن أسباب إجلاء الخبراء الروس غير ما ذكره الرئيس السادات؟
سعد الدين الشاذلي:
غير ما ذكره الرئيس السادات، ودي برضو من الحاجات اللي هي عايزة بحث وعايزة تدقيق. ولابد أن نصل إلى مثلاً العلاقات، والأرشيفات السرية في العلاقات بين السادات وبين أميركا، وبينه وبين الاتحاد السوفيتي، ودي حاجات غير متاحة لغاية دلوقتي.
أحمد منصور:
البعض ذكر إن ربما الرئيس السادات كان يريد أن يتحول إلى الولايات المتحدة باعتبارها هي التي تقف وراء إسرائيل. وبالتالي طرد السوفيت ربما يجعل الولايات المتحدة تعيد حساباتها بالنسبة لعلاقاتها مع مصر التي ربما كانت مقطوعة حتى في ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي:
لا أستطيع أن أؤيد أو أنفي مثل هذه الأشياء وأنا شخصياً استبعد أن نكون هذه الخطوة خطوة ساداتية 100%. هو بيقول لك أنا لم استشر حد وأنا خدت هذا القرار بنفس و..و.. إلى آخره. و(كسينجر) علق على هذا الموضوع قال لك إن هي يعني.. الله!! طب أنتو كنتوا بتطلبوا إن الخبراء الروس يمشوا. لما لخبراء الروس مشيوا. طب ما أعملوا حاجة.. قدموا حاجة للسادات قال لك السياسة ما فيهاش أخلاقيات وما فيهاش يعني.. إذا كنت حاجة خدتها بلاش يعني أيه اللي يخليني أدفع فيها فلوس يعني..
(7/55)
إنما هناك علامات استفهام؟!! ما هي الخطوة.. ماذا كان يريد السادات من وراء هذه الخطوة؟ لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي غير إن أنا أقول لك ما سمعناه من السادات في هذا الوقت.
أحمد منصور:
نعود إلى الأيام التي سبقت حرب أكتوبر، على أي شيء استقررتم في النهاية، بعدما الآن أصبحت خطة المآذن العالية مستبعدة، وأصبح هناك مطلوب وضع خطة للوصول إلى المضايق لعرضها على السوريين من أجل دفعهم للمشاركة في الحرب.
سعد الدين الشاذلي:
لأ.. دا اعتباراً من مارس وإبريل اتوضعت الخطة اللي هي الخطة الأيه.. الوصول إلى المضايق وأدمجنا فيها المآذن العالية، وسميناها المرحلة الأولى. المرحلة الأولى هو عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واحتلال 10 –12 كيلو. ثم بعد وقفة تعبوية تتقدم قواتنا للوصول إلى المضايق دي المرحلة التانية.. فالخطة بتعرض على السوريين كأيه.. كخطة واحدة عن مرحلتين. ولكن النية المبيتة عندنا في القيادة العامة للقوات المسلحة هو تنفيذ المرحلة الأولى فقط من هذه الخط. وهذا الكلام أيده السادات في حياته، وأحمد إسماعيل –وإن كان لم يعبر لا بنعم أو بلا- وبعدين سعد الشاذلي وقادة الجيوش، ودخل فيها أبو غزالة، ودخل فيها حافظ إسماعيل في الكتاب بتاعه كل دول قالوا إن الهدف بتاع القوات المسلحة المصرية هو 10 إلى 12 كيلو.
أحمد منصور:
وأعتقد حتى الفريق سعد مأمون أشار إلى هذا أيضاً وقال إنها حرب محدودة..
سعد الدين الشاذلي:
ما هو قادة الجيوش.. قادة الجيوش اللي هو سعد مأمون وعبد المنعم واصل، لم يشذ عن هذا إلا الجمسي، الجمسي هو اللي قال لك إن الخطة الوصول على المضايق. وهو صادق إذا افترضنا إن الخطة اللي هي أيه.
أحمد منصور:
صح.. الذي يريد يقول هذا صادق، والذي يقول هذا صادق، لكن المهم التنفيذ العملي.
سعد الدين الشاذلي:
بالظبط.
أحمد منصور:
أو دي كانت مرحلة أولى، تليها مرحلة تانية.
سعد الدين الشاذلي:
(7/56)
وهو صادق لإن الخطة المرسومة اللي موجودة على الخرايط بنقول فيها أيه.. الوصول إلى المضايق.
أحمد منصور:
سعادتك الآن وضحت لنا الصورة تماماً، يعني الصورة الآن أصبحت واضحة تماماً بالنسبة للمآذن العالية والمضايق، الاتنين الخطة واضحة بالنسبة لنا فيهم..
سعد الدين الشاذلي:
آه واضحة..
أحمد منصور:
نعم.. نعم، الخطة التي اتفق على تنفيذها ما قبل الحرب بأيام كيف كان الاستعداد؟ لماذا.. يعني قبل دية عايز أسألك ليه أنت بترفض السوريين يشارككم؟ كانوا يشاركوا معكم في الحرب وتدخلوا حرب قوية تشتتوا فيها، جهود الإسرائيلين على جبهتين؟
سعد الدين الشاذلي:
صح، بس بشرط ألا أعرض قواتي للخطر، لإن أنا شايف إن وصولي إلى المضايق هيفتح الأجناب بتاعتي ويدي الفرصة لإسرائيل إنها تستخدم الوسائل اللي هي متفوقة علينا فيها وهو الطيران الدبابات ، وتضرب الأجناب وتصل إلى المؤخرة.
أحمد منصور:
نفس الكلام اللي إحنا ذكرناه..
سعد الدين الشاذلي:
آه..
أحمد منصور:
سعادة الفريق، لما لم يتم إشراك الأردن في هذا الوضع طالما تم إشراك سوريا؟
سعد الدين الشاذلي:
برضو هذا هو موقف سياسي ولكن أعتقد أنه أخطر قبل ذلك ببضعة أيام دون أن يحدد له التوقيت. لأن أحمد إسماعيل سافر إلى سوريا يوم 3 أو 4 أكتوبر ليضع اللمسات الأخيرة في التنسيق بين الجبهة المصرية والجبهة الأيه..
أحمد منصور:
السورية..
سعد الدين الشاذلي:
السورية ويتفق على ساعة بدء الهجوم لإن كان حتى هذه اللحظة لم يتم الاتفاق بينا وبين السوريين على بدء الهجوم، اتفقنا على اليوم ، ولكن لم نتفق على الساعة لأننا كنا نريد أن نبدأ في آخر ضوء ليلاً، وهم كانوا يريدوا أن يبدؤوا مع الفجر مع أول ضوء. فبعد أن التقى مع السوريين أعتقد إنه هو بعث باللواء نوفل إلى الأردن ليديهم فكرة على أن فيه احتمال الحرب قريبة دون أن يفصح عن أيه.. عن التوقيت بالظبط.
أحمد منصور:
(7/57)
من الذي حدد 6 أكتوبر بالظبط؟
سعد الدين الشاذلي:
من الذي حدد؟ القيادة العسكرية من ضمن الدراسات بتاعتها بتنتخب الأيه.. التوقيتات المناسبة، يعني لإن فيه عناصر كثيرة بتؤثر على انتخاب هذه الأيام، أولاً: القمر.. أوقات المد والجزر اللي في القناة، يعني في سلسلة من الأسباب التي تخلينا ننتخب يوم معين أو نفضل يوم معين.
أحمد منصور:
يعني معنى ذلك إنه طرحت عدة تواريخ وتم اختيار هذا التاريخ من بينها.
سعد الدين الشاذلي:
تمام.. تمام.. فالقيادة السياسية المصرية والسورية التقوا في 21 أغسطس 1973م في الإسكندرية وكان..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
نعم، هذا اللقاء السري اللي أشار له الرئيس السادات.
سعد الدين الشاذلي:
الأيه؟
أحمد منصور:
اللي الرئيس السادات أعلن إنها كانت زيارة سرية للرئيس السوري.
سعد الدين الشاذلي:
لأ.. دا الرئيس السوري ما جاش، دا القيادة العسكرية هي اللي جت.
أحمد منصور:
القيادة العسكرية.. نعم.
سعد الدين الشاذلي:
القيادة العسكرية ممثلة في وزير الدفاع ورئيس الأركان السوري وكل.. واللي يقابلهم أنا قائد القوات الجوية وقائد الدفاع الجوي، قائد البحرية، مدير المخابرات العسكرية هنا وهنا -خدت بالك- واللواء نوفل كان.. يعني سكرتير عام هذه القيادة.
أحمد منصور:
كان رتبة اللواء نوفل.. كان وظيفته أيه في..
سعد الدين الشاذلي:
لواء.. هو الحقيقة لأن أصبح فيه جبهتين، الجبهة الشمالية والجبهة الجنوبية اللي هي مصر يعني أو الجبهة المصرية والجبهة السورية. و أحمد إسماعيل مفروض إن هو قائد الجبهتين. فاللواء نوفل مفروض إن هو أيه..
أحمد منصور:
منسق أو..
سعد الدين الشاذلي:
(7/58)
منسق وبيساعده في إيه.. في هذه العملية، دون أن يكون له قيادة مستقلة أو حاجة زي كده يعني، ففي هذا المؤتمر عرضت القيادة العسكرية.. القيادتين العسكريتين مجموعتين: مجموعة منهم من 5 إلى 12.. أكتوبر، ومجموعة تانية سبتمبر من 7 إلى 11 أو 12 سبتمبر، وترك للقيادة السياسية إنها تختار أي توقيت داخل هاتين التوقيتين على أن تخطر القيادة العسكرية قبل بدء الهجوم بـ 15 يوم. لإن عاملين جدول زمني بقى: (ي –15) أو يعني يوم الهجوم ناقص 15 نعمل كذا، ونعمل وكذا، يعني فيه حاجات ما بنعملهاش علشان ما نخليش العدو يكتشف نوايانا للهجوم. بنشيلها لغاية آخر لحظة. فده عرض.. المؤتمر خد 3 أيام، 21، 22 و23 وبعدين اتعمل محضر بيه من صورتين، وقع على هذا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ده أغسطس 73.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]:
أغسطس 73.. أغسطس 73، ووقع على هذا المحضر كل من رئيس الأركان المصري ورئيس الأركان السوري يوسف شكور، وبترفع هذه التقارير إلى أيه.. إلى الرئيس السادات والرئيس الأسد. طبعاً الوقت بتاع سبتمبر ده كان ضيق جداً يعني لوفات 4 أيام لو ما قالو لناش قبلها بـ 4 أيام بعد 4 أيام يبقى معناها مش هينفع.
أحمد منصور:
مافيش حاجة في سبتمبر.
سعد الدين الشاذلي:
لإن إحنا قلنا 15 يوم وإحنا أصبحنا 23 أغسطس ودوكهه.. يعني خلاص مافيش أظن كان يبدأ من 7 سبتمبر فاضل..
أحمد منصور:
نعم.. نعم.
سعد الدين الشاذلي:
فلما فات هذه الفترة، أصبح واضحاً إن أيه.. إن الميعاد المنتظر.
أحمد منصور:
سيكون في أكتوبر.
سعد الدين الشاذلي:
هو هيكون في أكتوبر ما بين أيه.. 5 أكتوبر و 12 أكتوبر. دا فيما يتعلق بأيه.. بتوقيت الهجوم إنك أنت بنقول ليه اختارتم 6 أكتوبر، داخل هذا الأسبوع كمان.. بالإضافة إلى القمر والبتاع..
أحمد منصور:
والعوامل الأولى، نعم.
سعد الدين الشاذلي:
والعوامل الأخرى، داخل فيه برضو حاجات تانية مهمة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
(7/59)
أهمها؟
سعد الدين الشاذلي:
أهمها الأعياد الكثيرة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
للإسرائيليين.. لليهود في ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي:
في هذا الوقت.
أحمد منصور:
واختيار يوم الغفران على وجه الخصوص كان مقصود أيضاً.
سعد الدين الشاذلي:
يوم 6 أكتوبر بالظبط كان هو يوم عيد الغفران.
أحمد منصور:
يعني نستطيع أن نقول أن عملية تحديد مواعيد المعارك تخضع لاعتبارات ومعايير كثيرة جداً ليس الجانب العسكري وحده هو الذي يحددها أو هو الذي يحسمها.
سعد الدين الشاذلي:
الاتنين مع بعض سياسياً وعسكرياً.
أحمد منصور:
الجاهزية العسكرية فذلك الوقت كانت.
سعد الدين الشاذلي:
خلاص على الـ top.
أحمد منصور:
تناسب الخطة التي تم إعدادها..
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور:
يوم 6 أكتوبر، يوم 6 أكتوبر في حياتك كيف بدأ من أوله إلى نهايته كيوم؟
سعد الدين الشاذلي:
بالنسبة لي.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
الحقيقة يعني نعود 24 ساعة إلى الخلف، لإن 6 أكتوبر ما كانش فيه حاجة تقدر تعملها يعني.. كنت قاعد تتفرج وتشوف السيناريو اللي أنت عملته ماشي زي ما هو مرسوم أو لأ..
أحمد منصور:
5 أكتوبر.
سعد الدين الشاذلي:
(7/60)
إنما لما أرجع ليوم 5 أكتوبر -وكان يوم جمعة- خدت بعضي ورحت ألقي نظرة أخيرة على الأيه.. على الجبهة.. وبالذات الجيش التالت والجيش التاني، فوصلت يوم 5 أكتوبر إلى قيادة الجيش التالت، وكان فيه اللواء عبد المنعم واصل وكان بيقرأ خطبة. بأقول له بتعمل أيه يا عبد المنعم؟ بيقول لي دا خطبة هأقولها بمناسبة الهجوم، قعدت أسمع كلام حماسي وقوي و.. وإلى آخره، قلت له طب هتقول الخطبة دي إزاي يا عبد المنعم ده أنت المواجهة بتاعتك 40 كيلو. هتجمع قادة الفرق علشان تقول لهم، قادة الفرق ما هم هم مشحونين معنوياً والكلام ده كله ماهماش محتاجينه، أو هتجمع قادة الألوية وتحرم الوحدات من القادة بتاعتهم في وقت هم في أشد الحاجة إليه.. وفي دماغي الموضوع بتاع أيه.. بتاع 67، لما اجتمعنا إحنا في أيه.. في فايد والعدو قام بالضربة بتاعته، لإن دايماً إحنا بنعمل حساب احتمال إن العدو يقوم بضربة إجهاضية قبلك، يعني لو حس بيها.. وكان ممكن يعملها، قال لي طب أمال أيه الاقتراح؟ اقتراحي –وأقولها للتاريخ- أنها لحظية قلت أقوى خطة وأقصر خطة هي (الله أكبر) فمجرد إن إحنا نجيب مجموعات من الأفراد وعلى كل كيلو من قطاع الاختراق. هو لما يكون المواجهة بتاعته 40 كيلو هو ما بيخترقش في الأربعين كيلو، بيخترق من حتت حتت معينة ونحط على كل كيلو فردين أو ثلاثة ومعاهم ميكرفون من الترانزيستور ده ويقول الله أكبر..كل الناس اللي هم بيعدوا.. أوتوماتيكي هيرددوا كلمة أيه..
أحمد منصور:
الله أكبر.
سعد الدين الشاذلي:
(7/61)
الله أكبر، وتشتعل القناة كلها بأيه.. بنداء الله أكبر، وهذه أقوى خطبة وأقصر خطة.. وأقصر خطبة.. قال لي طب ما عنديش أنا الترانزيستورات، قلت له: دي مشكلتي أنا، أنا هأجمعها لك، ومن مكتبه اتصلت بمدير التوجيه المعنوي للقوات المسلحة، قلت له اجمع كل الترانزيستورات اللي موجودة في القوات المسلحة في أي حته، وعايز قبل بكره الساعة 10 تكون 20 ميكرفون في قيادة الجيش.. أنا حسبتها طبعاً اللي أنا جمعته أيه كذا، والجيش التالت عنده كذا. 20 ميكرفون ترانزيستور في قيادة الجيش الثالث، و30 في قيادة الجيش التاني، وعايزك تكلمني بعد ساعتين تقريباً تقول لي قادر على تنفيذ هذا الأمر أو لأ، لإني مش عارف إن هو هيقدر..
أحمد منصور:
يعني إحنا الشاهد هنا هو إن اختيار الله أكبر ..
سعد الدين الشاذلي:
الله أكبر.. لحظية من عند الله.. لحظية من عند الله.
أحمد منصور:
نعم.. نعم.. جاءت في يوم 5 أكتوبر وبهذه الطريقة التي ذكرتها، والجبهة بالكامل وكل الجنود، وكل الضباط كلهم جعلوا كلمة الله أكبر أو إعلان الله أكبر هو المدخل الرئيسي للمعركة، وهو النداء الذي ظل الجيش المصري يردده طوال حرب أكتوبر.
سعد الدين الشاذلي:
تمام.. تمام.
أحمد منصور:
الحلقة القادمة -إن شاء الله- هنتناول الحرب نفسها ابتداءً من يوم 6 أكتوبر وحتى إيقاف الحرب في 22 أكتوبر، الثغرة كيف وقعت؟ وهل أنت السبب فيها كما ذكر الرئيس السادات؟ أسبابها؟ مساحتها؟ لماذا تمكن الإسرائيليون من عمل الثغرة؟ ثم نحلل حرب أكتوبر بجوانبها المختلفة. سعادة الفريق سعد الدين الشاذلي، شكراً جزيلاً لك.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي على العصر، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(7/62)
الحلقة8(7/63)
الخميس 14/9/1422هـ الموافق 29/11/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 09:41(مكة المكرمة)،06:41(غرينيتش)
سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري الأسبق الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق
تاريخ الحلقة
27/03/1999
الفريق سعد الدين الشاذلي
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق). مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي: مرحباً بيك.
أحمد منصور: إحنا الآن دخلنا إلى 6 أكتوبر إلى الحرب. ماذا وقع يوم 6 أكتوبر بالنسبة لك من الصباح؟
سعد الدين الشاذلي: بالنسبة للصباح وحتى الساعة الثانية أو قبل ذلك بقليل، كنت بأمر على مركز القيادة اللي موجود فيه القوات علشان أتأكد من إن كل واحد في مكانه، كل واحد فاهم الواجب بتاعه وخلافه، وفي الوقت نفسه بأتابع ما تقوم به الوحدات والتشكيلات لأن كل واحد بقى عندي جدول زمني قبل الهجوم بساعة ده بيعمل كذا وده بيعمل كذا، فكل شغلنا يوم 6 أكتوبر هو أن نتلقى التقارير ونشوف كل حاجة ماشية حسب ما هو متوقع أو لأ. والحقيقة كانت شيء رائع بحيث إن كل شيء في التوقيتات كما لو كان نقوم بطابور تدريب تكتيكي..
أحمد منصور: ألم يكن لديكم أي مخاوف من أن تعلم إسرائيل بموعد الهجوم وتسبقكم ولو قبلها بساعة؟
(7/64)
سعد الدين الشاذلي: طبعاً هذه الشكوك كانت قائمة، إنما أنا –كما سبق وأن قلت لك- إن أنا يوم الجمعة زرت الجبهة وبعد ما زرت قيادة الجيش الثاني والجيش الثالث طلعت على نقطة مراقبة في الإسماعيلية اللي هي غرب القناة مباشرة وبيني وبين العدو 180 متر، وابتديت أبص عليه بالنضارة وأشوف العادات بتاعته، لقيت العادات ثابتة تماماً يعني ليس هناك أي شيء يدل على إن هو أيه حس؟
أحمد منصور: يشعر بشيء.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: حس بإن ترتيباتنا للهجوم أصبحت وشيكة، لإن الكلام ده كان قبلها بـ 24 ساعة تقريباً.
أحمد منصور: قادة الجيوش متى علموا بموعد الحرب بالدقة؟
سعد الدين الشاذلي: علموا بها يوم أول أكتوبر –قادة الجيوش- طبعاً الخطة موضوعة كلها على أساس إن وقت ما يتعرف اليوم والساعة يبقى فيه توقيتات بنسميها "ي ناقص كذا" اللي هي "يوم ناقص كذا" يتعمل كذا. وساعة س اللي هو ساعة بدء الهجوم بنقول س ناقص 60 دقيقة بيعمل كذا، س ناقص 45 دقيقة كذا كذا كذا. فكل بمجر من إن إحنا نقوله يوم الهجوم بيترجم الياءات الناقصة دي إلى أيام حقيقية، ولما يعرف ساعة الهجوم بيترجمها إلى إيه؟ ساعات حقيقية يعني.
أحمد منصور: الجنود اللي في المعركة متى علموا بموعد المعركة؟
سعد الدين الشاذلي: يوم 6 أكتوبر صباحاً.
أحمد منصور: كل الجنود كانوا على علم أن هناك حرب في الساعة الثانية وخمس دقائق.
سعد الدين الشاذلي: آه، صباحاً. كل واحد يعرف المهمة بتاعته فقط لا غير. المبدأ العام.
أحمد منصور [مقاطعاً]: شعور الجنود أيه سعادة الفريق؟ أنا الجانب النفسي الحقيقة بأجد إجهاد شديد عندي في استيضاحة عندك، لأن أنت عسكري محترف، الجوانب العاطفية والنفسية بألاحظ –اسمح لي- إنها غايبة كتير، بس ما أعرفش هل.. هل حقيقة أنت تتعامل مع.. كنت تتعامل مع الواقع العسكري بهذه الطريقة؟
(7/65)
سعد الدين الشاذلي: شوف: أولاً بالتحضيرات وبالحسابات العلمية أنا كنت واثق تماماً بإن إحنا لازم هنتصر، وبالشحن المعنوي اللي إحنا كنا بنديه للأفراد كنت واثق تماماً إن إحنا هنتصر. ولكن مهما كانت هذه الثقة لابد وأن تشعر بشيء من القلق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنت تعيش القلق.
سعد الدين الشاذلي: ولكن.. آه طبعاً.. ولكن الشعور بالقلق شيء والثقة بإنك أنت ستنجح شيء آخر، يعني بالعكس الشعور بالقلق ده مطلوب في بعض الأوقات، لأن ده بيبعث.. الدماء الحارة في إيه؟ في جسم الواحد ويخلية إيه؟ يتحفز ويصبح ذات قدرات ما يقدرش إيه؟ تكون في الظروف العادية.
أحمد منصور: صحيح.
سعد الدين الشاذلي: فمش عيب أبداً إن الواحد يكون قلق وإن يكون متحفز..
أحمد منصور: لكن عشت القلق والتحفز؟
سعد الدين الشاذلي: آه طبعاً. طبعاً، والقلق كان أكثر ليلة 6 أكتوبر وأنا قاعد بأفكر على السيناريو اللي هيحصل وأيه الاحتمالات وأيه احتمالات كذا كذا وكذا، مفيش شك. ولكن في نفس الوقت بقولك كنت إيه؟ كنت واثق بالحسابات إن لازم هننتصر. حتى فوجئت بإن الخسائر بتاعتنا أقل مما كنت متوقع.
أحمد منصور: كانت نسبه الخسائر أنا قبل الدخول إلى المعركة نفسيها –ما هي الشخصيات التي تواجدت في غرفة القيادة والتي انطلقت الرصاصة الأولى في حرب 6 أكتوبر وهي موجودة تتابع الوضع؟
سعد الدين الشاذلي: مركز القيادة العامة؟
أحمد منصور: نعم.
(7/66)
سعد الدين الشاذلي: اللي هو بيطلق عليه المركز 10، كان يجلس في منصة داخل الغرفة. غرفة كبيرة يعني نقدر نقول إنها مثلاً 7 متر × 10 متر أو 7 × 15 متر، في الناحية العرضية دي فيه منصة مرتفعة شوية، فيها ثلاث كراسي يجلس في النصف رئيس الجمهورية، ويمينه القائد العام وزير الحربية، ويساره رئيس الأركان، ومقاطع في الجنب الشمال على حرف "L" يعني يجلس رئيس هيئة العمليات ومعه ظابط آخر من فرع العمليات، وفي المواجهة بتاعة المنصة الرئيسية دي توجد حاجة زي تخته رمل كبيرة عليها الخرائط وعليها الخطة، وفي المواجهة فيه شاشة بتبين لنا الطيران بتاعنا أو الطيران المعادي أولاً بأول.. دي الأية؟ يعني الغرفة الرئيسية بيطلع منها غرف بقى فيه ظباط عمليات لهم اتصال مباشر بأية؟ بقيادة الجيوش وبكل أجهزة القيادة العامة بحيث إنه كل شيء بيحصل بيتبلغ فوراً وبيصب في إيه؟ في الغرفة دي. بحيث إن الواحد وهو جالس في..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كنتم على دراية حتى لو طائرة سقطت كنتم تعلموا إن طائرة سقطت؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً بس الحاجات التفاصيل دي يعني ما هيياش يعني..
أحمد منصور: لكن بشكل عام مجرى المعركة.
سعد الدين الشاذلي: آه طبعاً.
أحمد منصور: هل كانت تصدر من عندكم –أيضاً- أوامر محددة لتحريك القوات هنا أو هنا وأوامر للجيوش، أم أن هذه كانت متروكة للقادة التنفيذيين في أرض المعركة؟
سعد الدين الشاذلي: ال 24 ساعة الأولنيين ما فيهمش أي أوامر. الأوامر كلها مسبقة وكل واحد بينفذ ال (Role) بتاعه كما لو كان في طابور تدريب تكتيكي، فهنا بقى التخطيط التفصيلي، يعني أنا بقولك إحنا في 6 أكتوبر.. كل حاجة.. قدامي الجدول الزمني.. كل اللي أنا بشوفه إن..
أحمد منصور: تتابع فقط.
(7/67)
سعد الدين الشاذلي: أتابع وأشوفه ماشي أو لأ.. وكان شيء مذهل إن هو ماشي طبعاً للتوقيت مع إن طبعاً أنا يعني أنا مثلاً لما آجي أقول لك أية.. الثغرات اللي هتتعمل في الساتر الترابي هتتعمل من 5 إلى 7 ساعات، يعني بعد الساعة 2 من 5 إلى 7 ساعات، نيجى نقول مثلاً الكباري من 6 إلى 8 ساعات..
أحمد منصور: هو إحنا نقصد –عفواً- الاستشهاد وليس الإغراق في التفصيلات، لكن يعني إحنا نريد أن نضع المشاهد في تصور الجو النفسي والجو التكتيكي وجو المعركة نفسه كيف كانت القيادة تدير هذه المعركة وتعيش أحداثها.
سعد الدين الشاذلي: الحاجات دي بتبان بعد كده في الأيام التالية، إنما بأقول لك الـ 24 ساعة الأولنيين لا تكاد تكون هناك أوامر، لإن الأوامر مسبقة تفصيلياً لقادة الجيوش، وقادة الجيوش تفصيلياً لقادة الفرق، والفرق للألوية كأنه طابور تدريب تكتيكي، إحنا عندنا حاجة اسمها طابور تدريب تكتيكي، اللي هو التدريب تتدرب على إنك تعبر كذا، فبتعمل كذا.. فبينفذ طابور تكتيكي بتوقيتات الحرب.
أحمد منصور: الآن بعد ما بدأت الحرب يوم 6 أكتوبر الساعة الثانية وخمس دقائق انطلقت الطائرات والمدفعية والمشاة وسلاح المهندسين وكل القوات المصرية وتم العبور..
سعد الدين الشاذلي: مش كلهم مع بعض.
أحمد منصور [مستأنفاً]: لا لا يعني أنا أقصد..
سعد الدين الشاذلي: كل واحد له توقيت معين..
أحمد منصور: كل واحد له دوره يعني الأسلحة.. نعم.
سعد الدين الشاذلي: والمدفعية لها..
أحمد منصور: نعم، نعم.. متى بدأتم تشعروا بأنكم فعلاً الخطة بدأت تنجح.
سعد الدين الشاذلي: تقدر تقول يعني أنا كنت قلق جداً لغاية الكباري ما اتنصبت، لأن قبل الكباري ما تتنصب المشاة بتاعتنا هتبقى معرضة للهجمات المضادة بتاعة بالعدو، وهجمات كلها هجمات مدرعة، والعدو له في خط بارليف.. أصل فيه ناس فاهمين إن خط بارليف هو الحصون اللي الموجودة على الأيه؟ على..
(7/68)
أحمد منصور: على ضفة القناة.
سعد الدين الشاذلي: على ضفة القناة، وهذا غير حقيقي، خط بارليف ده الخط الأمامي لشبكة الدفاع الإسرائيلية.
أحمد منصور: عمقه كام؟
سعد الدين الشاذلي: عمقه عشرين كيلو.. إمال أيه..
أحمد منصور: خط بارليف عمقه عشرين كيلو..
سعد الدين الشاذلي: لأ.. ما هو التسميات هي.. الخط الأول اللي هو ملاصق للقناة مباشرة، هذا هو ما أصطلح على أنه خط بارليف، إنما شبكة الدفاع الإسرائيلية. عبارة عن.. فيه خلف هذا الخط بحوالي من 5 إلى 8 كيلو. لما أقول من 5 إلى 8 كيلو فيه حتت تبقى 5 كيلو وفيه حتت بقى 8 كيلو ما يبقاش الخط ماشي مستقيم يعني، لإن ده بيتوقف على تبه.. نسبة.. حاجات من هذا القبيل، فعلى 5 لـ 8 كيلو حاطط 120 دبابة.. كتيبة دبابات للعدو.. العدو كتيبة الدبابات بتاعته 40 دبابة، فحاطط 40 دبابة على المحور الشمالي اللي هو المحور المؤدي إلى القنطرة، 40 دبابة على المحور المؤدي إلى الإسماعيلية، 40 دبابة على المحور المؤدي إلى السويس والشرق –خلف هذا الخط- 20 كيلو من القناة- يعني خلف هذا الخط بحوالي 12 كيلو، حوالي 12 كيلو– يوجد 80 دبابة وراء كل محور. يعني لما تحسب..
أحمد منصور: يعني هناك خطوط متتالية على مدى..
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]: 3 خطوط.. 3 خطوط.
أحمد منصور [مستأنفاً]: العشرين كيلو إذا نجحت في تجاوز خط فأمامك خط آخر..
سعد الدين الشاذلي: لأ مش كده.. لأن هو مش هيستناني دا هو الخطة بتاعته إن عندما يشعر ببدء الهجوم.
أحمد منصور: تتكثف..
سعد الدين الشاذلي: تبص تلاقي الخط الثاني ده ينقله إلى الخط الأولاني، ويملى الفراغات اللي هي بين أيه؟
أحمد منصور: بين الخطوط..
(7/69)
سعد الدين الشاذلي: اللي هي بين حصون خط بارليف، لأن حصون خط باريف 35 حصن على الـ 160 كليو.. ففيه حتت فيها فراغات فهو هيملى الفراغات دي بالدبابات اللي هي الـ 120 دبابة دول، وباقي الدبابات اللي همًّ 240 دبابة هينتقلوا من الخط الثالث إلى الخط الأيه؟
أحمد منصور: الأول نعم.
سعد الدين الشاذلي: الثاني.. الثاني، وهيبقى عنده بدل 3 خطوط هيبقى خطين، فإحنا عاملين حسابنا وفاهمين التكتيك بتاع العدو لإن إحنا في أثناء الحرب عايشين معاهم كذا سنة، فبنعمل أوقات نرفع درجة الاستعداد ونشوفه بيتصرف إزاي وبنشوف أيه التصرفات بتاعته.
أحمد منصور: يعني عفواً نرجع –عفواً سعادة الفريق- لأن أريد برضه الإغراق.
سعد الدين الشاذلي: التفاصيل.. أيوه.
أحمد منصور: في التفاصيل التي ربما لا يدركها المشاهد بشكلها العسكري. ولكن الآن الضربة الأولى نستطيع أن نقول أنها نجحت بشكل تام. الجوية، الضربة الأولى.
سعد الدين الشاذلي: أيوه آه.
أحمد منصور: الجوية، المشاة، سلاح الـ.. يعني تعتبر نجحت، الأيام الأولى من الحرب، في يوم 8 أكتوبر أنت انتقلت إلى الجبهة، كيف رأيت واقع الجبهة هناك؟
سعد الدين الشاذلي: هنا بقى ده تلاقي فرحة عارمة وشعور لم أشهده قبل ذلك بقى، لأن الجنود والظباط شافوا نفسهم منتصرين.
أحمد منصور: يعني أول انتصار يتحقق؟
(7/70)
سعد الدين الشاذلي: وانتصار.. انتصار ماحق يعني ساحق، والأدهى من ذلك إنهم شافوا كل التوقيتات اللي اتقالت لهم هيحصل كذا وهيحصل كذا، حصل بالظبط كأنما نقرأ في كتاب مفتوح، فده علاوة على رفع الروح المعنوية خلق ثقة جبارة بين إيه، بين الضباط والجنود الأصاغر والقادة بتاعتهم كل فيما يتعلق به وأنا عندي صورة بأعتز بيها جداً اللي هي الصورة بتاعة يوم 8 أكتوبر دول والظباط والعساكر مساكيني من كل ناحية، ويقولولي "التوجيه 41" "التوجيه 41" اللي هم عبروا بيه، اللي هو فيه التفاصيل تفاصيل التفاصيل، اللي هم عبروا به ونجحوا. فطبعاً كانت فرحة عارمة، وكانت الجبهة لم تستقر بعد، لإن كان فيه بعض الحصون بعضها كان لسه سقط الساعة 7 صباحاً، أنا كنت هناك 8 صباحاً، وفيه حتت كانت لسه إيه؟ لم تسقط يعني.
أحمد منصور: الآن نجحت الخطة الأولى التي نستطيع أن نقول بأنها كانت " المآذن العالية" واستطاعت القوات المصرية أن تصل إلى المدى المحدد في هذه الخطة وهو مدى ال 10 –11 كيلو أو 12 كيلو.
في 13 أكتوبر حدث ما عرف باسم تطوير الهجوم والوصول إلى المضايق بعد الضغط اللي تم على الجبهة السورية، والذي أشرت سعادتك إلى تخوفك الأساسي منه حتى قبل بداية المعركة من ربط الجبهة المصرية بالجبهة السورية في المعركة. عملية تطوير الهجوم هذه ماذا كان موقفك منها؟ وماذا كان موقف القادة العسكريين الآخرين؟
(7/71)
سعد الدين الشاذلي: قبل أن أجيب على هذا السؤال أريد أن أعود بك مرة أخرى إلى نوفمبر 1971م وهو عندما اجتمع مجلس الدفاع العربي المشترك الذي يتكون من وزراء الدفاع ووزراء الخارجية في الدول العربية. وأنا بصفتي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية اعتبر سكرتير هذا المجلس، وأعرض عليهم الخطط العسكرية بعد التشاور مع رؤساء الأركان ففي هذا المؤتمر قلت –إحنا طبعاً بنتكلم على أساس إن إحنا نرغم العدو على أن يقاتل في جبهتين الجبهة الشرقية والجبهة الإيه؟ الغربية.. الجبهة المصرية- قلت ليكن معلوماً لدى الجميع أنه نظراً للوضع المركزي الذي تتمتع به إسرائيل ونظراً لتفوقها الساحق في الطيران فانه لا الجبهة المصرية نستطيع أن تخفف الضغط عن الجبهة السورية ولا الجبهة السورية تستطيع أن تخفف الضغط عن الجبهة المصرية فيما لو حصل أن العدو ركز على إحدى الجبهتين.
ولذلك طالبت بأن تكون كل جبهة لها القدرة على الصد، القدرة على الصد شيء، والقدرة على الهجوم شيء آخر، القدرة على الصد إنك أنت تكون أقل من العدو في القوة ولكن قادر على أن تمنعه.
أحمد منصور: على أن تصده وتمنعه منن القصف. نعم.
سعد الدين الشاذلي: على أن تصده وتمنعه. هذه المعلومات ثابتة يعني رأيي لم يتغير من 71، وبالتالي أنا ضد هذا التقدم إطلاقاً داخل سينا في ظل تفوق جوي معادي..، خطأ.. خطأ عسكرياً، وخطأ علمياً، وخطأ من جميع الوجوه..
أحمد منصور: من كان يؤيدك في هذا؟
سعد الدين الشاذلي: يؤدني في أيه؟
أحمد منصور: من العسكريين الآخرين..
سعد الدين الشاذلي: أنا رجعت بيك لأيه.
أحمد منصور: أنت رجعت بي لـ 71..
سعد الدين الشاذلي: لـ 71..
أحمد منصور: وإن أنت موقفك موقف استراتيجي ثابت لم يتغير..
سعد الدين الشاذلي: لا مش كده بس، وهذا الكلام طلع أمام وزراء الدفاع ووزراء الأيه؟
أحمد منصور: الخارجية العرب.
(7/72)
سعد الدين الشاذلي: وزراء الخارجية، واقتنعوا بيه وقلت لهم. في هذا الفترة دي. أنا مطمئن حالياً لقدرة الجبهة المصرية على الصد، ولكني غير مطمئن بالنسبة للجبهة الشرقية، ولذلك يجب أن يتم تدعيمها بكيت وكيت وكيت.. كويس؟ إذاً هناك معلومة علمية ثابتة واستراتيجية أنه في ظل تفوق جوي للعدو لا يمكن لأي جبهة أن أيه؟
أحمد منصور: أن تحمل الأخرى.
سعد الدين الشاذلي: أن تخفف الضغط عن الأخرى. فعندما.. وأنا داخل داخلين الحرب بهذا، وعلى إن حكاية التطوير دي.. هيكلية. فيوم 12.
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب اسمح لي قبل ما نروح ليوم 12.. هل أنتم لما وصلتم إلى تنفيذ الخطة لو سميناها "المآذن العالية" كما أطلقت عليها- هل كنتم حققتم الهدف من تدمير قدرت العدو الآن وتستطيعوا أن تتمركزوا بحيث إن تعتبروا هذا نصراً وأن الخطة قد نجحت؟
سعد الدين الشاذلي: المرحلة الأولى نجحت نجاح باهر، لأن المرحلة الثانية ما إدينهاش الفرصة لأنها تحدث، إحنا قلنا مقتلين.. مقتله إيه؟ إن هو لا يتحمل خسائر.. وإن هو يطول مدة الحرب.
أحمد منصور: نعم.
سعد الدين الشاذلي: أنا وصلت في الوضع اللي ليس أمامه خيار إلا الخيارين دول، لو استمر أنا عايز استنى في الوضع ده ست أشهر..
أحمد منصور: تتمركز؟
سعد الدين الشاذلي: آه زي ما أنا كده، هو إما إن هو يهجم وأحدث فيه خسائر أو إن هو ما يهاجمشي وتطال مدة الحرب، وفي الوقت ده يسقط كالثمرة العفنة من الشجرة، فأن.. ما إديناش فرصة لهذه الخطة أن تعمل، إنما البداية الافتتاحية بتاعتها نجحت نجاح باهر.. لما يجي بقى يوم 12 ويقول لي أيه؟ عايزين نطور الهجوم للمضايق.
أحمد منصور: ده طلب الرئيس السادات؟!
سعد الدين الشاذلي: لأ.. ده طلب أحمد إسماعيل. طلب أحمد إسماعيل يوم 12 صباحاً. قلت له: مش ممكن عشان كيت وكيت وكيت.
أحمد منصور: أيه كيت وكيت باختصار؟
سعد الدين الشاذلي: ما إحنا قولناها.
(7/73)
أحمد منصور: آه اللي هي دايماً نتكلم عنها..
سعد الدين الشاذلي: ضعف القوات الجوية..
أحمد منصور: يعني سعادة الفريق أنت لم تغير أي شيء لا على الواقع ولا قبل المعركة..
سعد الدين الشاذلي: إطلاقاً إطلاقاً من 71.. من 71 فكر استراتيجي ثابت، مبني على أصول ومبني حقائق. مبني على حقائق، مش مبني على انتهازية مش مبني على انتهازية، عشان كيت وكيت وكيت.
أحمد منصور: حتى النصر اللي حققته ولم تكن تتوقع ها النجاح الباهر لم يجعلك تغير من هذه الاستراتيجية؟
سعد الدين الشاذلي: أغير إزاي؟ أنا نجحت لأني أنا عارف حدود قوتي وبأشتغل في حدود قوتي، إنما عندما أخرج خارج المظلة بتاعة الدفاع الجوي.. خلاص كشفت نفسي للعدو. ما هو أقوى منى هو هيدمرني، ما هو هيدمرني بأديله فرصة إنه يدمرني.
أحمد منصور: نقل مظلة الدفاع الجوى من الجبهة الغربية إلى الشرقية للقناة، ألم يكن يخدمك في زيادة عمقك؟
سعد الدين الشاذلي: لا.. لا.. لا.. دي أسلحة ثقيلة لا يمكن.. يعني إحنا بننقلها من موقع خرسانة إلى موقع خرسانة، إنما الدفاع الجوي المتحرك ده بيبقى على شاسيه دبابة يضرب وينتقل من مكان إلى مكان، إنماده مادام تثبت المكان بتاعه.. الطيران يدمره على طول، الطيران والمدفعية وكله. فلما قلت له يوم 12 كده.. وبعدين زدت عل الأسباب المتكررة اللي هي الطيران و..
أحمد منصور: نعم.. نعم.. نعم..
سعد الدين الشاذلي: زدت عليها قلت له: ألم نأخذ درساً مما حدث أمس.. أمس اللي هو كان يوم أيه؟
أحمد منصور: يوم 11 أكتوبر، إيه اللي حصل؟
سعد الدين الشاذلي: اللي هو 11 أكتوبر.. لأ أنا آسف أنا آسف.. هو أول ما فاتحني.. فاتحني يوم 11 فكان يوم 10 طبعاً للخطة اللواء الأول المشاة يتحرك من منطقة الجيش الثالث. قبل... بعد آخر ضوء. الأوامر اللي عنده يتحرك بعد آخر ضوء ويتحرك جنوباً ويحتل السائر، ليه بنقوله تحرك ليلاً؟
(7/74)
علشان خايفيين من الطيران وماعندناش القوة التي تحميه، فبأقول له: بالليل يقوم تأثير الطيران يبقى إيه؟ ضعيف. قائد اللواء بمبادرة منه حب يستغل فتره الضوء فتحرك قبل المغرب بساعتين، العدو رصده لغاية ماطلع برة المظلة بتاعة الأيه.
أحمد منصور: الصواريخ.
سعد الدين الشاذلي: الصواريخ وانهال عليه وشتت اللواء شتته.. فأنا رحت الجبهة يوم 11 علشان أيه؟
أحمد منصور: ترى الواقع.
سعد الدين الشاذلي: أطمئن على الموقف، لقيت الـ..، فبعد ما رجعت الضهر كلمني أحمد إسماعيل لأول مرة إن إحنا عايزين إيه؟
أحمد منصور: نطور الهجوم.
سعد الدين الشاذلي: نطور الهجوم قلت له مش ممكن علشان كيت وكيت، وزودت عليها قلت له: ألم نأخذ عبرة..
أحمد منصور: كتجربة.
سعد الدين الشاذلي: مما حدث للواء الأول إمبارح؟ سكت واتهيأ لي إنه هو اقتنع بهذا الموضوع. جه يوم 12 كرر الأيه؟ الطب مرة ثانية.. وزاد عليه بإنه إيه؟ قرار سياسي إنه هو لتخفيف الضغط عن سوريا، قلت له: برضه مش ممكن، ومش هنخفف الضغط عن سوريا، يعني قواتنا هنتدمر ومش هنأيه؟
أحمد منصور: مش هنخفف الضغط عن سوريا.
سعد الدين الشاذلي: مش هنخفف الضغط عن سوريا يبقى ما هي النتيجة، سكت برضه.. دليل على إن هو نفس مش مقتنع أو هو نفسه متردد..
أحمد منصور: لكن ينفذ أمر سياسي..
سعد الدين الشاذلي: ينفذ أمر سياسي يضيع القوات المسلحة علشان ينفذ أمر سياسي؟! مش ممكن هذا خطأ طبعاً هو يتحمل المسؤولية.
أحمد منصور: لكن القرار الحاسم لمين في هذا الوقت إذا أنت في هذا الوقت رئيس أركان وهو وزير دفاع وهناك قرار سياسي ولابد أن يتم هذا؟
سعد الدين الشاذلي: لازم نشرح للقيادة السياسية بوضوح تام أن هذا لن يخفف الضغط عن سوريا، وسوف يؤدي لتدمير قواتنا. يبقى ما حققناش أي نتيجة.
أحمد منصور: شرحت للقيادة السياسية. وأصرت على رأيها. هل أمامك التنفيذ أم عصيان الأوامر؟
(7/75)
سعد الدين الشاذلي: لأ.. يا إما.. أنفذ.. مش يا إما أنفذ، أمتنع عن التنفيذ ويحصل ما يحصل، يا إما أستقيل، إنما ما أضييعش القوات المسحلة علشان قيادة سياسية.. غير واعية.. بمصلحة البلاد فين.. لا يمكن.
أحمد منصور: أنا بأفترض افتراض.
سعد الدين الشاذلي: أيه هو؟
أحمد منصور: ده سؤال.. ده سؤال افتراضي إنه إذا طلب منك وأنت في الجبهة..
سعد الدين الشاذلي: وأنا القائد العام؟
أحمد منصور: نعم.
سعد الدين الشاذلي: ما هو أنا.. خلي بالك إني أنا فوقي منصب اللي هو القائد العام، لما يكلمني بصفة القائد العام أن بألتزم بتنفيذه لأن هو راجل عسكري..
أحمد منصور: ده أقصده، يعني أنت الآن القائد العام متفهم.. ربما يكون متفهم معك، لكن في نفس الوقت لا يستطيع أن يخالف الأمر السياسي، ماذا عليك الآن سوى أن تنفذ؟
سعد الدين الشاذلي: لأ.. لا لا لا.. عندما يتعلق الأمر بمستقبل البلد المسألة مش كده، أنا أسيب المنصب.
أحمد منصور: لكن نفذت..
سعد الدين الشاذلي: يعني أيه نفذت؟
أحمد منصور: نفذت تطوير الهجوم..
سعد الدين الشاذلي: هو مين.. أنا ما بنفذش قرار سياسي أنا بنفذ قرار عسكري.
أحمد منصور: قرار عسكري، ما أنا أقصد قرار عسكري.
سعد الدين الشاذلي: أنا بأنفذ قرار عسكري، قرار عسكري شيء، وقرار سياسي شيء، قرار عسكري هيتحمل مسؤوليته راجل فاهم، إنما راجل سياسي ما هوش فاهم..
أحمد منصور: أنت الآن على خلاف مع القائد العام ومع ذلك أصدر إليك أمر بتطوير الهجوم.
سعد الدين الشاذلي: آه.
أحمد منصور: قمت بتطوير الهجوم ابتداء من 13 أكتوبر فحدثت الثغرة.
سعد الدين الشاذلي: هو المسؤول الأول، هو المسؤول الأول عن تنفيذ هذا.
أحمد منصور: يعني أنت تبرئ ساحتك من المسؤولية؟
سعد الدين الشاذلي: إطلاقاً.. طبعاً.. طبعاً لأن.
أحمد منصور: وكذلك تبرى ساحة القادة التابعين لك بعد ذلك.
(7/76)
سعد الدين الشاذلي: طبعاً طبعاً المسؤولية محصورة في اثنين لا ثالث لهما: السادات وأحمد إسماعيل، لأن هو نصه سياسي ونصه عسكري، إنما لا أنا ولا قائد الجيوش يعتبر مسؤول وإلا بنحض القادة على إنهم ما ينفذوش الأوامر بتاعة القادة بتاعتهم، يبقى كل واحد الأمر اللي يعجبه ينفذه واللي ما ينفذوش ما يعجبوش.. إطلاقاً.
أحمد منصور: يعني في الأول والأخير أنت تقول رأيك لكن تنفذ ما يطلبه منك القائد العسكري؟
سعد الدين الشاذلي: بالضبط.
أحمد منصور: وهذا ما حدث.
سعد الدين الشاذلي: وهذا هو ما حدث، وهذا هو التقليد العسكري. أن لك أن تبدي رأيك بصراحة تامة في مرحلة الحوار، أما عندما نصل إلى مرحلة القرار فيجب أن يلتزم كل شخص بتنفيذ القرار وبنفس الحماس الذي كان إيه.. يعارضه، وإلا يبقى الحماس الذي كان يعارضه، وإلا يبقى فوضى، ما يبقاش جيش، ما تبقاش قوات مسلحة.
أحمد منصور: نعم.. قمتم بتطوير الهجوم ووقعت..
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]: لأ.. لسه.. إحنا دلوقتي لما هو جه يوم 12 وقلت له كذا كذا كذا وسكت للمرة الثانية. وجه ظهر يوم 12 وكرر مرة أخرى وقال إن هذا قرار أيه؟
أحمد منصور: سياسي.
سعد الدين الشاذلي: سياسي، قرار سياسي، أنا شلت إيدي من العملية لدرجة إن الخطة بتاعة تطوير الهجوم هي مختلفة عن الخطة اللي هي كانت موجودة في المرسومة ارسم.. أوضع أنت الخطة.
أحمد منصور: طلبت من الفريق؟
سعد الدين الشاذلي: أيوه.. وهو.. آه طبعاً.. وأنا أصبحت منفذ، لإني أنا لا أريد أن أتحمل مسؤولية أيه؟ هذه الكارثة.. اللي هتحصل، فالخطة اللي هو وضعها وطلعت الخطة لقادة الجيوش، بمجرد ما وصلت اتصل بي قائد الجيش الثاني وقائد الجيش الثالث بيعترضوا على عدم إمكانيتهم تنفيذ هذه الخطة.
أحمد منصور: يعني الفريق عبد المنعم واصل والفريق سعد مأمون اعترضوا على الخط؟
(7/77)
سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. طبعاً.. طبعاً.. أنا حاولت استثمر برضه.. ما أنا بأقاتل في حدود الأيه؟
أحمد منصور: ما هو متاح لك.
سعد الدين الشاذلي: في حدود ما هو متاح، فحبيت استغل هذا الرفض من جانب قادة الجيوش..
أحمد منصور: لدعم موقفك.
سعد الدين الشاذلي: لدعم موقفي، فقلت لأحمد إسماعيل دلوقتي قادة الجيوش اللي إحنا باعتين لهم هذه الأوامر الاثنين بيقولوا محناش قادرين ننفذ هذه الأوامر، يعين إحنا دلوقتي بنحكم على الفشل قبل أن يحدث بين التخطيط بتاع قبل 6 أكتوبر ده.. وشوف، اللي بيحصل دلوقتي بقى، دا أنت بتعمل خطة محكوم عليها بالفشل، محكوم عليها بالفشل.. طيب نبعت نجيبهم.. اسمعهم كمان سمعتني اسمع التانيين. طيب جبناهم جبناهم، هم يوم 12 الساعة 6. قعدنا من الساعة 6 مساءً لمنتصف الليل وإحنا بنتكلم برضو مع أحمد إسماعيل وبندور في دائرة مغلقة وهو ده قرار سياسي وواجب التنفيذ هنا يبان بقى ليه السادات نقى أحمد إسماعيل قائد عام ووزير حربية، جابه من المعاش علشان يعمله وزير حربي، فكان ولاؤه المطلق لمين؟ للسادات، ما بينفكرش أكثر من إنه هو يرضى السادات، وبيرجو.. بيحط نفسه في موضع المتلقي للأوامر وليس أن يكون مصدر الأوامر. فهنا المأساة. هنا المأساة.
أحمد منصور: معنى ذلك أنكم كعسكريين قمتم بتطوير الهجوم، وأنتم لستم على قناعة لا بالخطة ولا بنجاحها؟
سعد الدين الشاذلي: صحيح.. تماماً كده.
أحمد منصور: وهذا ما أدى إلى كارثة الثغرة.
سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. طبعاً وعلشان كده أنا بنادي بأقول أيه، يجب يتم تحقيق زي على نمط تحقيق لجنة "أجرانات" اللي اتعملت في إسرائيل ونشوف مين المسؤول. مين المسؤول عن إصدار الأوامر بتطوير الهجوم، والذي أدى إلى الثغرة، ومن المسؤول عن الثغرة ومن المسؤول عن تطور الثغرة إلى أن حوصر الجيش الثالث كل دي أخطاء لازم يتحاكم من هو المسؤول عنها، ولازم نحدد من هو المسؤول.
(7/78)
أحمد منصور: لكن الرئيس السادات في كتابه (البحث عن الذات) قال إنه كلفك يوم 16 أكتوبر بتطويق الثغرة وحصر الإسرائيليين في البحيرات المرة والقضاء عليهم، ولكنك تلكأت في تنفيذ هذا الأمر مما أدى.. وقضيت الليل في جمع المعلومات مما أدى إلى تمكن الإسرائيليين من الدخول وإحداث الثغرة التي وقعت معنى ذلك إن عملية تطوير الهجوم –في تصور الرئيس السادات- لم تكن سبباً في حدوث الثغرة وإنما تباطؤ رئيس الأركان -اللي هو سعادتك في ذلك الوقت- في تنفيذ أوامره بالقضاء على الفلول الأولى للإسرائيليين.
سعد الدين الشاذلي: هذا يكون صحيحاً لو افتراضنا صدق السادات، ولكن للأسف إن كل ما قاله هذه هي سلسلة من الأكاذيب. نمرة 1 أنا لم أذهب إلى الجبهة يوم 16، أنا ذهبت إلى الجبهة يوم 18 وقال لك إنه عاد يوم 19 وأنا رجعت يوم 20..
أحمد منصور: هو قال إنك رجعت يوم 19 منهار.
سعد الدين الشاذلي: آه.. وهو.. دا لسه.. آه وقال إن أنا منهار، وهذا لم يحدث، ولم يقره أي واحد آخر في هذا الكلام، رغم إنه رئيس جمهورية، ومع إن أنت عارف إن فيه ناس كثير يعتبروا ما يصدقوا إن رئيس الجمهورية يقول حاجة وبعدين يمشوا في الـ..
أحمد منصور: هو اتهم سعادتك أيضاً بتضخيم الحدث وإن كل القادة العسكريين اللي كانوا حوله في ذلك الوقت كانوا متفقين معاه إن الأمر بسيط ويمكن القضاء عليها، ولكنك أنت الذي ضخمت الأمر، لأنك كنت ضد عملية التطوير، فبالتالي سعيت إلى إحباط الخطة و..
(7/79)
سعد الدين الشاذلي: برضو.. برضو هذا خطأ، إحنا عايزين نفرق بين يوم 16 ويوم 20. إحنا دلوقتي بنتكلم على أيه، على الكلام اللي قاله. قال إن أنا ذهبت يوم 16 وأنا لم أذهب غير يوم 18،. وهو ما بيقولش كده اعتباطاً لإن الثغرة يوم 16 بسيطة جداً، وممكن القضاء عليها، إنما يوم 18 يوم أنا ما رحت قيادة الجيش الثاني كان فيه للعدو خمس ألوية مدرعة غرب القناة، يعني هو ما بيقولش الكلام ده اعتباطاً خدت لبالك؟ وبعدين لما يقول لك: وكان في إمكانية إن هو يعمل حصار ويقضي على الثغرة.. برضو كل ده كلام كذب. أنا رحت لقيت خمس أولية مدرعة غرب القناة ولا يوجد في مواجهتهم من الجانب المصري إلا لواء مظلات و 2 كتيبة صاعقة.
أحمد منصور: كيف تمكنت خمسة أولوية من اختراق الجبهة والوصول إلى غرب القناة وتهديد القاهرة والوصول إلى الكيلو 101؟
سعد الدين الشاذلي: لا.. دا لسه.. دا بعد خمسة دا وصلوا سبعة بعد كده، لأن هناك خطأ آخر وهو عدم الرغبة في المناورة بالقوات.. المناورة بالقوات مبدأ من مبادئ الحرب.
أحمد منصور: صحيح.
سعد الدين الشاذلي: ولم يطبق إطلاقاً، بالنسبة للقيادة العامة للقوات المسلحة لأن السادات كان هو اللي بيتدخل في إدارة الحرب، وشخصية أحمد إسماعيل ضعيفة أمامه لدرجة إنه ما كنش يقدر يوقفه، فهو كل واحد يعدي يقولك نستنى إيه؟ معلش ما يرجعش تاني، يعني مثلاً تطوير الهجوم.. تطوير الهجوم اللي حصل يوم 14 كان بيعتمد على أساس دفع الفرقة الـ 21 والفرقة الرابعة المدرعة من غرب القناة إلى الشرق، فلما انضربنا في هذا اليوم.. وفي هذا اليوم وحده.. الهجوم أولاً بيتم بواسطة 400 دبابة شوف الفساد في الخطة –قواتنا الضاربة 400 دبابة.. والعدو عنده 900 دبابة، وهو لديه التفوق الجوي وأنا ما عنديش تفوق جوى، وما عنديش دفاع جوي.. كيف يمكن إن خطة ذي دي تنجح؟!! كيف يكن بإن خطة زي دي.. فخسرنا في هذا اليوم 250 دبابة..
أحمد منصور: من ال 400.
(7/80)
سعد الدين الشاذلي: من الـ 400، من ال 400، 250 دبابة، وانتقلت المبادرة في إيد العدو. طيب بعد ما حصل هذا.. وارتدت القوات بتاعتنا إلى رؤوس الكبارى اللي هي شرق القناة يعني داخل المظلمة بتاعة 10 –12 كيلو.
هل إحنا خففنا الضغط عن سوريا؟ أبداً، تخفف الضغط عن سوريا أيه؟ وهو عنده قوات قدام الجبهة المصرية وقدام الجبهة السورية كافية لأنه حاطط قدامي أنا 8 ألوية فهل أنا هأضغط على 8 ألوية بواسطة 4 ألوية، يقوم يسحب من الجبهة السورية، دا حاطط قدام الجبهة السورية ست ألوية فقط وأنا قدامي 8. المهم فكل دي سلسلة من الأكاذيب.. ويقول لك ضيع يوم كامل في إنه..
أحمد منصور: في جمع المعلومات.
سعد الدين الشاذلي: في جمع المعلومات وينشيء قيادة.. الكلام ده اتضح إنه هو كذب وكل القادة قالوا –ما كتبوه والمذكرات- إنه لم يحصل إن الفريق الشاذلي عمل قيادة ثانية- وأنا كنت قاعد في قيادة الجيش الثاني، خدت بالك؟ فهي سلسلة من الأكاذيب والمصيبة الكبرى إن إحنا في البلد اللي يقوله رئيس الجمهورية يبقى لازم هو اللي صح واللي يقوله التانيين يبقى غلط. لأ عايزين تحقيق..
أحمد منصور: إحنا.. إحنا.. إحنا الحقيقة لا نريد إلا الوصول إلى الحقيقة، بالنسبة للتاريخ..
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]: نفسي أنا نفسي زيك أعرف الحقيقة.
أحمد منصور [مستأنفاً]: ولأن سعادتك كنت عنصر رئيسي، الرئيس السادات بين يدي ربه الآن –الحقيقة-..
سعد الدين الشاذلي: أنا نفسي أعرف هذه الحقيقة.
أحمد منصور: وكل ما في الأمر إن الآن يعني حرب أكتوبر ليست ملكاً لكم كجيل صنعتموها.
سعد الدين الشاذلي: صحيح.
أحمد منصور: وإنما هي ملك للأمة كلها، وليست حتى للمصريين وحدهم، وإن كان كل مصري يفتحر بها. فبالتالي من حق الناس أن تعرف ما حدث من الشخصيات الموجودة التي شاركت في صناعة هذا الأمر.
سعد الدين الشاذلي: صحيح.. صحيح.
(7/81)
أحمد منصور: والآن هناك أشياء مرتبطة بك شخصياً في هذه الحرب نسعى لاستيضاحها، يعني أملاً البعيد [البعد] عن التجريح الشخصي سواء بالنسبة للرئيس السادات أو غيره. هو قال ما قال ونحن نقول إنه هذا حدث أولاً حدث.. أولم يحدث.
سعد الدين الشاذلي: لأ ما هو لما بيجرحني بيقول لك 16 وده كذا وكذا وكذا. لازم أرد عليه وأقول إن هذا الكلام كذب ولم يثبت صحته، مفيش وسيلة إن أنا أنفي هذا الكلام إلا بهذا القول، وإن هات.. (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).. مش كده القرآن بيقول كده (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)..
أحمد منصور: وأنت أيضاً تستشهد بقادة الجيوش الذين كانوا معك على صدقك..
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]: طبعاً.. ولم يؤيده واحد في الكلام اللي قاله ده..
أحمد منصور: تقدر تقول لي سعادة الفريق –برضو للتاريخ كشاهد- من يؤيدك في شهادتك هذه من القادة بالأسماء؟
سعد الدين الشاذلي: أي شهادة في أي حته ما دا فيه سلسلة.
أحمد منصور: في هذه الحزئية الرئيسية المتعلقة بالثغرة وأنك يوم 16..
سعد الدين الشاذلي: اللي هي بتاعة يوم 16.
أحمد منصور: كلفت بها أيوه.
سعد الدين الشاذلي: قائد الجيش الثاني الذي ذهبت عنده وبقيت فيه مدة حوالي 44 ساعة، الجمسي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الفريق سعد مأمون.
سعد الدين الشاذلي: لا.. كان موجود وقتها عبد المنعم خليل.
أحمد منصور: عبد المنعم خليل.
سعد الدين الشاذلي: عبد المنعم خليل، وقال في الكتاب بتاعه اللي هو بتاع سوسن أبو حسين قال: أبداً. الفريق سعد الشاذلي جه يوم 18 وكانت القوات الموجودة.. كانت فرقة شارون كاملة موجودة، فرقة شارون، مكونة من أيه، لواءين مدرعين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني شارون في كل بلوة له وجود.. يعني في كل حدث.
سعد الدين الشاذلي: هذه حقيقة.
أحمد منصور: في كل مواجهة ما بين العرب سواء على لبنان أو فلسطين أو حتى مصر شارون كان موجود.
(7/82)
سعد الدين الشاذلي: كان موجود، كان موجود، بس أيه. بس ما نجحش. دا كانت المهمة بتاعته هو إيه؟
احتلال الإسماعيلية. فلم ينجح في الوصول إلى الإسماعيلية، ولوا مظلات وكتيبتين صاعقة وقفوا فرقة مدرعة إسرائيلية. ده شيء لازم يتكتب في الكتب كدرس من دروس عظمة الدفاع المصري.
أحمد منصور: تفتكر قادة الـ.. المظلات والصاعقة الذين استطاعوا أن يوقفوا..
سعد الدين الشاذلي: قائد لوا المظلات كان اسمه إسماعيل عزمي، وقائد الصاعقة يعني كان فيهم بعض ناس أذكر اسم أسامة.
أحمد منصور: من من الشهود الآخرين الذين يؤيدوا موقفك في يوم 18؟
سعد الدين الشاذلي: لأ دول ما يعرفوش دا إسماعيل عزمي وأسامة دول ما يعرفوش الحاجات اللي زي دي حاجات على مستوى عائلي.
أحمد منصور: لا لا أنا أقصد على المستوى العالي، يعني الآن سعادة الفريق أنت ذكرت اسم قائد الجيش الثاني كان يؤيدك في إنك يوم 18 رحت ويوم 16 ما كانش لك..
سعد الدين الشاذلي: آه.. وأكثر من هذا وهذا والسجل الرسمي بتاع قيادة الجيش والسجل الرسمي بتاع مركز 10 بيبقى فيه سجل رسمي. سجل الأحداث.
أحمد منصور: نعم. نعم..
سعد الدين الشاذلي: فبينكتب فيه، يتكشف هذا السجل. راح الساعة كام وجه الساعة كام، وينكشف العدو كان عنده يوم كذا كذا يوم كذا، السجلات الرسمية.
أحمد منصور: طب كان تصورك أيه بالنسبة للثغرة؟
سعد الدين الشاذلي: كان تصور..
أحمد منصور: للخروج منها عسكرياً، الآن وقعت الثغرة بالفعل.
(7/83)
سعد الدين الشاذلي: ده بقى بيقودنا إلى اللقاء بتاع يوم 20، أنا نزلت بقى من قيادة الجيش الثاني يوم 20 لقيت إن الوضع سيئ. يعني أنا وصلت قيادة الجيش الثاني كان العدو له خمس ألوية. ولما رجعت برضو كان لازال خمس ألوية، ولكن احتمال يزيدوا في المستقبل، فوجدت الموقف سيئ. فاقترحت بقى إن في هذا اليوم اللي هو يوم 20 إني أنا أسحب أربع ألوية مدرعة من الشرق. كان في هذا الوقت لنا في الغرب لواءين مدرعين. يبقى لما يبقى عندي أربعة ولواءين يبقى عندي إيه؟
أحمد منصور: ستة..
سعد الدين الشاذلي: ست ألوية، العدو عنده خمسة احتمال بكرة يبقوا ستة. ما أبصش.
أحمد منصور: تقصد القوة متكافئة أو تكون أقوى قليلاً.
سعد الدين الشاذلي: بالضبط، فاعتباراً من يوم 21 والأيام التالية يتم حصار الجيش.. حصار الثغرة والعمل على تصفيها. كويس؟ أحمد إسماعيل خايف من حكاية برضو أيه؟ السحب عنده عقدة، 67 عقدة 67. ومش عايز السحب. فقمت أنا أصريت على ضرورة استدعاء رئيس الجمهورية علشان دي مسؤولية تاريخية، ويجب أن نحدد من سيكون المسؤول عن الكوارث التي يمكن أن تحصل بعد هذا حاول أن يثنيني عن هذا فأصريت السادات في الكتاب بتاعه يقول لك إيه: أنا رحت لأحمد إسماعيل اتصل بي وقال لي: اتفضل وبتاع ومش عارف ورحت علشان نشوف.. أنا اللي طالب استدعاء رئيس الجمهورية … يعني فيه حاجات بيحاولوا يبتروها. أنا اللي طالبت بضرورة استدعاء رئيس الجمهورية فلما جه رئيس الجمهورية حوالي الساعة 10.5.
أحمد منصور: يوم 20 أكتوبر.
سعد الدين الشاذلي: يوم 20 أكتوبر 10.5 مساءً، دخل على غرفة مين، أحمد إسماعيل. وقعد معاه ساعة. طبعاً.. هيتناقشوا في الساعة دي في أيه؟ خطة سعد الشاذلي وخطة أحمد إسماعيل. خطة سعد الشاذلي بيقول أيه؟ نسحب أربع ألوية مدرعة من الجبهة من الشرق ونحاصر بيهم الأيه؟
أحمد منصور: الثغرة.
سعد الدين الشاذلي: الثغرة.. نحاصر بيهم الثغرة.
(7/84)
أحمد منصور: كان حجم الثغرة –عفواً- قد أيه؟ صحيح وصلت إلى ألف ميل مربع احتله الإسرائيليون؟
سعد الدين الشاذلي: لأ هو في هذه الوقت. يعني في يعني كويس قوي إنك أنت السؤال لازم تسأل السؤال مقروناً بالتاريخ والساعة، لأن الثغرة بتتغير كل إيه؟
أحمد منصور: من يوم إلى يوم.
سعد الدين الشاذلي: من يوم ليوم. فيوم 20 اللي أنا بتكلم عليه دا هو تقدر تقول إن الثغرة مش حدود عمق 10 –15 كيلو في 10 –15 كيلو. في حدود هذا، ولكن لم تصل إطلاقاً إلى طريق السويس، يعني طريق السويس لازال.. مازال إيه؟ مازال مفتوح.
أحمد منصور: لكن أنا قابلت شاهد عيان أحد الزملاء الصحفيين اللي كانوا يصوروا الحرب، وقال إن هو شاف دبابات إسرائيلية وكان على طريق السويس كان متجه من القاهرة إلى السويس وأعادوه.
سعد الدين الشاذلي: يوم كام؟
أحمد منصور: أنا لا أذكر اليوم، أنا لا أذكر اليوم.
سعد الدين الشاذلي: آه شفت بقى.. ما هو شفته بقى يوم كام؟ يوم 24 كان انقطع طريق السويس واتحاصر الجيش الثالث، فلازم تقول لي اليوم كل يوم. فأنا باتكلم على 20 دلوقتي.. ودي الطريقة اللي برضه حاول السادات إنه هو يتوه الموضوع يقوم يتكلم على الثغرة دون أن يحدد تواريخ يقول لك: وكنت أقدر اقضي على الثغرة، وقلت لكيسنجر، دون تحديد تواريخ وقلت لكيسنجر ده بعد وقف إطلاق النار.
أحمد منصور: بعد 22 أكتوبر.
سعد الدين الشاذلي: مش بعد 22 أكتوبر، دا بعد 27 و 28 أكتوبر. مش.. إنما الكلام عن الثغرة يجب أن يكون مقروناً بالتاريخ والساعة.
أحمد منصور: إحنا الآن يوم 20 أكتوبر والساعة 10.5 مساءً.
سعد الدين الشاذلي: إحنا يوم 20.. إحنا يوم 20..
أحمد منصور: في قيادة.. في القيادة العامة للقوات المسلحة.
سعد الدين الشاذلي: بالضبط، الثغرة تكون في حدود من 150 كيلو متر مربع تقريباً يعني زي ما تقول.. من 10 إلى 15 كيلو غرب القناة..
(7/85)
أحمد منصور: لكن خمس آلوية في مساحة 150 كيلو متر مربع ما يبقوش مضغوطين قوي؟
سعد الدين الشاذلي: لا.. لا أبداً أبداً.
أحمد منصور: يعني ممكن القوات تكون مرتاحة في هذه المساحة؟
سعد الدين الشاذلي: آه طبعاً. طبعا. طبعاً.. مش مشكلة يعني، لإنه هو فاتح كمان يعني فيه فرقة كاملة فاتحة في اتجاه الشمال اللي هي بتضغط على قوات إسماعيل عزمي والصاعقة.
أحمد منصور: نعم.
سعد الدين الشاذلي: وفيه فرقة من لواءين أو فرقة من ثلاث ألوية مدرعة بعد كده بتضغط جزء منها في اتجاه متجه غرباً في اتجاه القاهرة وفي تجاه يعني كذا، وجزء ثاني متجه جنوباً. فمفتوحة.. مش.
أحمد منصور: نعم.. نعم.. نعم.
سعد الدين الشاذلي: إنما طريق السويس مفتوح تماماً والسويس مفتوحة تماماً ومفيش مشكلة.
أحمد منصور: نعود إلى 10.5 مساءً 20 أكتوبر.
سعد الدين الشاذلي: تمام.. تمام فعايز أسحب الأربع ألوية المدرعة.. فلما جه.. يعني الخلاف بيني وبين أحمد إسماعيل أنا عايز اسحب الأربع ألوية المدرعة وهو من عايز يسحب الألوية المدرعة خوفاً من أن يتحول الإيه؟
أحمد منصور: النصر إلى هزيمة.
سعد الدين الشاذلي: آه بالضبط، أو خايف من الانسحاب إنه يتحول إلى أيه؟ يعني Panic أو ذعر هو عنده عقدة 67 وما شفش الجندي بتاع 73، حتى هذه اللحظة هو ماشافوش. إنما أنا رحت الجبهة كذا مرة فبشوف الظابط والعسكري فشايفه حاسس بروحه. فهناك خلاف بين لما يكون العسكري روحه المعنوية عالية وعسكري مهزوم. فجه السادات، بديهياً يعني لما يقعد مع أحمد إسماعيل لمدة ساعة هيناقش أيه؟
أحمد منصور: الخطة.
سعد الدين الشاذلي: خطة الشاذلي.
أحمد منصور: وخطة أحمد اسماعيل.
سعد الدين الشاذلي: وخطة أحمد إسماعيل.. لما يطلع بقى قبل ما يطلع كان حط قرار في دماغه.. قرار قاله لنا وحتة من القرار ما قالهولناش ولكن عرفناه فيما بعد.
أحمد منصور: إيه اللي قاله لكم وأيه اللي ما قالوش؟
(7/86)
سعد الدين الشاذلي: اللي قاله لنا إحنا حبينا نعمل سيناريو لاتخاذ القرار، سيناريو لاتخاذ القرار ده بيبدأ إزاي؟ مدير المخابرات يتكلم عن موقف العدو وقواته. وبعدين قادة القوات الرئيسية كل واحد منهم يتكلم عن الإيه؟ عن القوات بتاعته. يعني قائد القوات الجوية يتكلم عن القوات الجوية، الدفاع الجوي يتكلم عن الدفاع الجوي، المدفعية يتكلم عن المدفعية.. رئيس هيئة العمليات يتكلم عن قواتنا وتوزيعها وإمكانياتنا. وبعد كده يتكلم رئيس الأركان الإيه؟ آخر المتحدثين.. آخر المتحدثين..
أحمد منصور: بحيث إن الرؤية تكون واضحة والقرار يتخذ.
سعد الدين الشاذلي: رئيس الأركان لما يتكلم يقول: الخطة، ويقول الخطة. المفروض المستمع اللي هو الضابط الأعلى سواء كان القائد العام أو رئيس الجمهورية يا يقول: تصدق، يا يقول: لم يتصدق، يا يقول: تصدق فيما عدا كذا.. كويس؟
طبعاً الكلام ده له ترتيب. ومش كل واحد يتكلم، يعني اللي هو بيدير الحوار أو بيدير الموقف سواء كان رئيس الجمهورية أو القائد العام يقول: اتفضل اتكلم، ويتفضل واللي بعد منه يتكلم، وهكذا..
أحمد منصور: سيادة المشير اسمح لي الحلقة القادمة نبدأها بتفاصيل هذه الخطة.
سعد الدين الشاذلي: يوم عشرين.
أحمد منصور: ويوم عشرين وماذا حدث في السيناريو الذي تم توزيع الأدوار فيه.. أشكرك شكراً جزيلاً.. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، تابعونا في الحلقة القادمة لمواصلة الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق).
في الختام أنقل إليكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(7/87)
الحلقة9(7/88)
الجمعة 10/12/1422هـ الموافق 22/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 23:02(مكة المكرمة)،20:02(غرينيتش)
سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري الأسبق الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- سعد الدين الشاذلي/ رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق
تاريخ الحلقة
3/04/1999
سعد الدين الشاذلي
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر". حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق. مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي:
مرحباً بيك.
أحمد منصور:
نحن الآن بعد يوم 20 أكتوبر الساعة العاشرة والنصف مساءً في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة الرئيس السادات موجود القائد العام وزير الحربية الفريق أحمد إسماعيل علي موجود، الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان موجود، وأيضاً القادة المساعدين، رئيس المخابرات وقادة الأسلحة أو الأفرع الرئيسية هناك سيناريو تم الاتفاق على وضعه في تلك اللحظة لتقييم الوضع حتى يتم اتخاذ القرار ووضع الخطة لإنقاذ موضوع الثغرة.
سعد الدين الشاذلي:
(7/89)
هو مش سيناريو وضع لهذا الأساس يعني هو ده السيناريو الذي يتم باتخاذ القرار، ولكن حبينا نسجله كـ.. كيف يمكن الوصول إلى هذا القرار فطبعاً رئيس الجمهورية بصفته..، أولاً هو لما طلع..، إحنا عندنا فيه غرفة ملحقة بغرفة العمليات عاملين فيها ترابيزة وكراسي نقعد عشان لما يكون فيه مؤتمر كده، فلما طلع السادات ومعاه أحمد إسماعيل ومعاه اللواء عبد الفتاح عبد الله، اللي هو كان وزير رياسة الجمهورية في هذا الوقت وبيشتغل زي مدير مكتب لرئيس الجمهورية بالنسبة للأعمال العسكرية، فوقف ما قعدش يعني معناها إن هو أيه.. مستعجل.. فوقف، طبعاً، إحنا مش هنقعد وهو واقف، فكلنا أيه.. واقفين.. اتفضل مثلاً لمدير المخابرات في الأول.. اللي هو لازم هو يمثل العدو يتكلم الأول.. وبعدين بنفس الترتيب الجمسي بيتكلم بصفته رئيس هيئة العمليات عن قواتنا بعد كده قائد القوات الجوية بيتكلم عن القوات الجوية.. الدفاع الجوي.. المدفعية.. كذا كذا.. مفروض الدور عليّ بقى..
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
علشان تقول الخطة.
سعد الدين الشاذلي ]مستأنفاً:[
علشان يقول لي اتفضل..
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
قال القرار لا تُسحب أي بندقية ولا أي دبابة من الشرق إلى الغرب.. وكل وحدة وكل تشكلي يقاتل في المكان بتاعه، أنا قلت لك فيما سبق إن حرية الحوار في مرحلة القرار.. في مرحلة الحوار..
أحمد منصور:
ما قبل القرار. ما قبل القرار.
سعد الدين الشاذلي:
ما قبل القرار. ولكن إذا أُتخذ القرار يبقى خلاص.. هذا يعني أيه.. إفرض إن أُتيح لي الكلمة.. أنا هأتكلم أقول إيه؟
أحمد منصور:
هتقول رأيك، وهو يتخذ القرار.
سعد الدين الشاذلي:
(7/90)
أيه هو الرأي.. ما أنا أي معروف.. ما هو أنا مش شرط أبداً إن أنا كل ما أتخذ أي قرار أو خطة إن أنا أجمع الناس دول كلهم لأني أنا عايش المعركة يوم بيوم وساعة بساعة ودقيقة بدقيقة، فأنا عارف موقف كل.. قوات جوية دفاع جوي، كله وعمل.. قواتنا وا إلى آخره.
أحمد منصور:
طب تسمح لي سعادة الفريق.. الآن الفريق الجمسي كان رئيس الأركان.
سعد الدين الشاذلي:
سعد الدين الشاذلي:
لأ.. كان رئيس العمليات.
أحمد منصور:
كان رئيس العمليات -عفواً- قادة الأسلحة الآخرين اللي كانوا موجودين كان رأيهم أيه بالنسبة الأمر، حينما تحدث رئيس المخابرات بصفته ممثل رأي العدو الآخرين ماذا كان رأيهم؟
سعد الدين الشاذلي:
دي نقطة مهمة جداً ولازم الناس تعرفها. قادة الأفرع الرئيسية. كل واحد منهم بيتكلم في اختصاصه. قائد القوات الجوية لا يتكلم إلا فيما يتعلق بالقوات الجوية.. القوات الجوية بتاعتنا كذا.. خسائرنا حتى النهاردة كذا.. القوى.. الصلاحية في الطيارات كذا.. كذا.. كذا.. كذا الذخائر.. يعني موقف..
أحمد منصور:
لكن لا يقول أنا مستعد أعمل كذا؟
سعد الدين الشاذلي:
إطلاقاً.. إطلاقاً.. ليس من اختصاصه.
أحمد منصور:
آه. ليس من اختصاصه.
سعد الدين الشاذلي:
أولاً الدفاع الجوي إن هو يتكلم.
أحمد منصور:
ولا يقول أنا رأيي كذا؟
سعد الدين الشاذلي:
ولا يقول رأيه كذا..
أحمد منصور:
يتكلم موقف فقط.
سعد الدين الشاذلي:
موقف.. تقرير.. اسمه تقرير موقف. اسمه الاستماع إلى تقرير الرؤساء حتى التسمية بتاعته واضحة، الاستماع إلى تقارير الرؤساء، كل واحد يتكلم عن تخصصه فقط.
أحمد منصور:
لكن الرئيس السادات –عفواً- ذكر إن أولاً ده كان يوم 19.
سعد الدين الشاذلي ]مقاطعاً:[
ما أنت هتخليني أجرح في السادات..
أحمد منصور ]مستأنفاً:[
لأ أنا مش عايز تجريح؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/91)
ما هو تقولي كده.. ما هو هذا مش حقيقي.. مش حقيقي، بتقول يا جماعة اكشفوا الأوراق.. وخلينا نثقف الشعب على الأصول أيه، ليس من حق أي واحد من هؤلاء الرؤساء أن يتكلم في الخطة.. يتكلم فقط عن تخصصه وموقفه، اللي مفروض إن هو يتكلم عن الخطة هو رئيس الأركان..
أحمد منصور:
ما هو حضرتك.. سعادتك ما تكلمتش يبقى مفيش خطة.
سعد الدين الشاذلي:
بالعكس.. إفرض إني أنا قال لي إتكلم.. اتكلمت هأقول أيه.. يُسحب أربع ألوية مدرعة من الشرق إلى الغرب، الألوية المدرعة التي تسحب من الجيش الثاني هي اللواء رقم كذا ورقم كذا ورقم كذا.. ويتم الانسحاب ليلة كذا.. ويسحب اللواء المدرع الفلاني من الجيش الثالث. تفصيل بقى شوية يعني ويتم الانسحاب كذا.. ويتمركز في المنطقة الفلانية وهو دوكوهة يتمركز في..
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
لكن لما هينسحبوا دول مش إسرائيل هتاخد المواقع اللي هما فيها؟!
سعد الدين الشاذلي ]مستأنفاً:[
لا.. دول كلهم في النسق الثاني. هنا الكلام..
أحمد منصور:
آه ليس في النسق الأول..
سعد الدين الشاذلي:
هنا الكلام.. يعني ما هماش متصلين بالعدو، مش متصلين. فيه عندنا أنساق. النسق الأول اللي هي كتائب المشاة المتصلة بالعدو.. ودول ورا مفيش اتصال أي اتصال بينهم بالعدو يعني.
أحمد منصور:
طب، هما أيضاً هيسببوا إن قوات النسق الأول تبقى مكشوفة. صهرها مكشوف مش محمية..
سعد الدين الشاذلي:
إطلاقاً.. إطلاقاً.. تقولك أفسر لك. كويس المناقشة دي.. يا أريت المناقشة دي كانت تبقى مفتوحة للناس كلها.. إن العدو عنده 8 ألوية مدرعة قدام الجبهة اللي بتاعتنا، الجبهة المصرية.. لما يدخل خمسة يبقى عنده كام في الشرق؟ ثلاثة.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
عندي في الشرق حالياً يوم 20 زي أنت ما بتتكلم خمس فرق مشاة زائد خمس ألوية مدرعة. أنا سحبت منهم أربعة بس. وسبت لواء مدرع إنه كان على اتصال بالعدو شوية يعني.
أحمد منصور:
(7/92)
يعني نستطيع أن نقول إنه بعد سحب الأربع ألوية اللي تطلب سحبها الخمس ألوية.
سعد الدين الشاذلي:
الأربعة.
أحمد منصور:
أربعة اللي تطلب سحبها، ستكون القوة العسكرية المصرية متكافئة مع القوة الإسرائيلية ربما متفوقة.
سعد الدين الشاذلي:
متفوقة.. مش متكافئة.. مش.. مش متكافئة، متفوقة لأن..
أحمد منصور:
وهذا لن يؤدي إلى إن الإسرائيليين يستطيعوا أن يستولوا على الأماكن التي ستنسحب منها هذه الألوية.
سعد الدين الشاذلي:
إطلاقاً.. تضرب لك مثل بسيط جداً.. الفرقة المشاة.. تنظيمياً قادرة على صد فرقة مدرعة من 3 ألوية.. فلو سحبت أنت كل الألوية المدرعة بتاعتنا اللي في الشرق وعندنا خمس فرق. يبقى فيه الخطورة لو العدو عند 15 لواء مدرع.. بمعدل 3 ألوية مدرعة ضد فرقة مشاة.. العدو كل اللي عند 3 ألوية مدرعة قدام خمس فرق مشاة.
أحمد منصور:
طب العدو ليه قذف بالخمس ألوية المدرعة دي وعمل بها الثغرة.. في الوقت اللي قواته في المواجهة غير متكافئة هلي دي عملية بقى..
سعد الدين الشاذلي:
هو متمن إن إحنا متفوقين..
أحمد منصور:
كل قواتكم قدامه.
سعد الدين الشاذلي:
متفوقين في الدفاع، ولكن لا نستطيع أن أيه؟ نطلع خارج المظلة ما هي العملية أنت قدام موقف معين، إحنا متفوقين عليه في الدفاع بشكل ساحق يعني لا يستطيع إطلاقاً إن هو يدمر قواتنا.. بس هو مش عايز يدمر قواتنا. هو عايز يدمر قواتنا من آلتيه؟ من الخلف والإطناب اللعبة اللي هو أيه برع فيها واللي عملها في كل الحروب.
أحمد منصور:
واللي خطتك قائمة على ألا تتم.
سعد الدين الشاذلي:
(7/93)
قائمة على أساس حرمانه من هذا.. قائمة على أساس إني أنا أحرمه من إمكان إنه هو ينفذ هذا. خد بالك.. فبدواله الفرصة.. فعاير يضرب الخلف والإطناب خد بالك. فإذاً متمن.. ما فيه ناس برضو، اللي هم مش عارفين يقولك أيه طب وأنت ما دام أنت قوي كده طب ما تمشي.. أمشي.. أزايد.. ما فيه طيران وفيه حاجة زي كده..
أحمد منصور:
ومفش غطاء جوي.
سعد الدين الشاذلي:
مفيش غطاء جوي ما فيش دفاع جوي مش ممكن. في هذه الحالة لن يقابلني بالقوات المدرعة بتاعته هيقابلني بالطيران بتاعه.. بالطيران بتاعه.. فإذا اللي عايز أقوله إن سحب الأربعة ألوية المدرعة دول لن يؤثر إطلاقاً على سلامة قواتنا في الشرق..
أحمد منصور:
طب لما اتخلفوا معك إذن طالما إنه لا..
سعد الدين الشاذلي:
مين هما اللي اختلفا مني ما أنت اللي بتقول..
أحمد منصور:
الرئيس السادات والفريق أحمد إسماعيل.
سعد الدين الشاذلي:
ده بقى أنا نفسي أنا نفسي السادات هو اللي يقول.. ما هو قتال كلام ومحدش حاسبه عليه ومات، الأوراق والوثائق هي اللي تتكلم بقه.
أحمد منصور:
الفريق أحمد إسماعيل ما قلش حاجة، لم يترك أي أوراق لم يترك أي شيئ؟
سعد الدين الشاذلي:
أنت هتخلينا نيجي بقى لما عرفناه بعد الأيه.. هو قال هذا الكلام إنه، القرار لا تسحب أي أيه؟ أي قوات أو كتيبة أو بندقية أو دبابة ومش عارف وانتهى الوضع.
أحمد منصور:
وسعادتك لم تتكلم؟!
سعد الدين الشاذلي:
لم أتكلم لأني تكلمت قبلها بـ 3 ساعات لإني تكلمت.. خطي.. هو جاي مخصوص علشان أيه؟
أحمد منصور:
لكن أنت طلبت رئيس الجمهورية ولم يسمع لك هنا.
سعد الدين الشاذلي:
(7/94)
ما هو مش عايز مهو لازم يا إما هنتقاتل بالكلام بقى يا إما بالطبنجات بقى ولا إيه هيصحل أيه اللي هيحصل يعني إنما المهم أنه علم تماماً بخطي ولا يستطيع أن ينكر ذلك. وكل التقارير اللي اتكتبت والكتب اللي ظهرت بعد كده قالك إن الفريق الشاذلي طالب سحب 4 ألوبة هو في الكتاب بتاعه كذب مرة أخرى وقالك إنه كان عايز يسحب كل القوات علشان يبيع الأيه؟ عشان يبيع الخبر للشعب يقولك كان عايز يحسب القوات، وده اللي كانوا عايزينه إسرائيل وهو بيتكلم راجل سياسي عايز يأثر على اللي سامعه وده اللي عايزين.. وكل القادة كانوا ضد رأي الشاذلي.. وهذا لم يحدث.. كل دي سلسلة من الحاجات.
أحمد منصور:
طب اسمح لي سعادة الفريق أنا بس علشان مش عايز أظلم الرئيس السادات وهو بين يدي ربه.. هل تعتقد إن الفريق أحمد إسماعيل نقل له خطتك بالضبط زي ما أنت كان ممكن تنقلها؟
سعد الدين الشاذلي:
الله أعلم.. الله أعلم.. لا أستطيع أن أقول.. أن أجزم في ذلك.. لإن دي شيء بيد الله. إنما اللي عايز أقول ولك بقى كمان أيه؟ الجزء الذي لم نعرفه وعرفناه بعد الحرب. أنه خرج من عندنا بعد منتصف ليل يوم 20 يعني في
أحمد منصور:
سعادتك قلت فيه شقين شق قال ( ) وشق ما قالوش. ده اللي ما قالوش؟
سعد الدين الشاذلي:
ده اللي ما قالوش بقه. اللي عرفناه فيما بعد. بعد الحرب. أنه خرج واتصل بالسفير السوفيتي وأخبره بأنه يطلب إطلاق الناس فوراً على أن تبقى القوات كل واحد في أيه.
أحمد منصور:
في موقعه.
سعد الدين الشاذلي:
في المكان بتاعه.. ما هو المكان بتاعه.. لا الإسماعيلية محاصرة ولا طريق السويس مقطوع والسويس سليمة والجيش الثالث سليم وموقف جيد، بس السؤال من الذي يخلي إسرائيل تقبل وهي في موقف أحسن.. على إنها أيه؟ تديلك الـ.. أو تقبل بهذا. مع كسنجر بقى.. ابتدوا بطولوا في الحرب. ويقول لإسرائيل.. الحقوا خدوا أكثر أيه.
أحمد منصور:
قدر ممكن.
سعد الدين الشاذلي:
(7/95)
قدر ممكن قبل ما نوقف أيه.
أحمد منصور:
الحرب.
سعد الدين الشاذلي:
إطلاق النار.
أحمد منصور:
قبل كينسجر. الرئيس السادات ذكر برضو إنه يوم 19 أحر بإقالتك من قيادة الأركان المسلحة قيادة الأركان العامة للقوات المسلحة، باعتبارك كنت متوتر وكذا.. وهتسبب في فشل القوات وإنه أمر بتعيين المشير أو الفريق الجمسي في موقعك كرئيس للأركان على ألا تعلبه ذلك، حتى لا ييؤثر على القوات.
سعد الدين الشاذلي:
كذب.. كذب ولم يحدث. واستطعت إن أنا أمارس إيه كرئيس أركان حرب لغاية يوم 13 ديسمبر، وإذا كان بقائي في القوات المسلحة.
أحمد منصور:
مارس سطاتك بشكل ملطق لـ 13 ديسمبر؟
سعد الدين الشاذلي:
بشكل مطلق طبعاً..
أحمد منصور:
كرئيس أركان قائم بكل أعماله..
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور:
لم تسحب منك أي صلاحيات ولا أي شيء سعد الدين الشاذلي:
إطلاقاً.. إطلاقاً.. هو الصلاحيات ما هي مسحوبة، أي قرار فيه القائد العام يقدر بنقيصه يعني الصلاحيات تنظيمياً، يستطيع أن ينقص أي ايه.. إنما أقل ما فيها كنت أيه (بقى) يعني مثلاً في 25 نوفمبر أضطرت مرة أخرى بأحمد إسماعيل كان تم حصار الجيش الثالث والسويس..
أحمد منصور:
لأن الثغرة استمرت.
سعد الدين الشاذلي:
استمرت وحوصر الجيش الثالث والسويس وكان كل القوات اللي عندنا في ال غرب هي الفرقة المدرعة اللي هي بقيادة (قابيل) عبارة عن لواءين مدرعين.
أحمد منصور:
هو الرئيس السادات ق.ج "قابيل" كثير وقال إنه استطاع إنه يناور بالقوات وأن يقوم بجهد كبير.
سعد الدين الشاذلي:
لأسباب سياسية.. لأسباب سياسية.
أحمد منصور:
هنا بقى تدخل السياسة بالقرار العسكري وبالحرب وهذه عقدة أيضاً لابد إنه إحنا نفك الاشتباك بينها لفهم كيف تتم الأمور وكيف تحدث.
سعد الدين الشاذلي:
(7/96)
معلهش.. لا إنما يعني زي ما بيقولوا كل شيخ وله طريقة.. ، هذه الطريقة تختلف تماماً مع طريقة جمال عبد الناصر مثلاً يعني.. فجا بقى أحمد إسماعيل جاب قائد الفرقة الرابعة بيقوله متهمك إنك إنت تفك يعني تهجم وتصل.. تفك الحصار بتاع الجيش الثالث. العدو في هذا الوقت عنده في الثغرة كام؟ 3 فرق مدرعة و 6 ألوية مدرعة و 3 ألوية مشاة..
أحمد منصور:
آه يعني الأمر تطور تماماً من يوم 20 أكتوبر.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً من 20 إلى 24..
أحمد منصور:
من 5 ألوية فقط إلى 6 فرق و6 ألوية.
سعد الدين الشاذلي:
بالضبط، بالضبط.. 6 ألوية مدرعة و 3 ألوية مشاه ميكانيكي.
أحمد منصور:
معنى ذلك إن هجم الثغرة..
سعد الدين الشاذلي:
زاد بقى هنا فبقى اللي وصل إلى تقريباً إلى.
أحمد منصور:
ألف ميل.
سعد الدين الشاذلي:
مش ميل.. ألف كيلو متر مربع تقريباً.. لأن العمق تقريباً 20 والطول بتعها من شمالاً من جنوب ترعة الإسماعيلية بشوية اللي هي الحتة اللي بيقاتل فيها لواء المظلات والكتيبي الصاعقة إلى ميناء الأدبية.. إلى ميناء الادبية.
منها بقى قال "لقابيل" إنك أنت مهتك أنت تفتح الطريق.. أنا عارضت.. قلت له إزاي.
أحمد منصور:
عارضت ليه؟
سعد الدين الشاذلي:
عارضت ليه.. كيف أطلب من فرقة مدرعة إنها تهاجم أيه.. فرقتين مدرعتين في هذا الأتجاه والعدو بقى له طيران في المنطقة بتاعة الثغرة كمان..
يعني كان.. قبل الثغرة.. كان العدو لا يستطيع أن يعبر إلى أيه العمق.
أحمد منصور:
خد مكان فايد؟
سعد الدين الشاذلي:
آه خد مطار فايد.. خد مطار فايد والثغرة من ضمن الثغرة والبحيرات المرة.. أصبح الطيران يخش الدفاع الجوي بتاعنا كله انسحب إلى 20 كليو في الأيه في غرب الحدود بتاع الثغرة يعني فأصبح الطيران لأول مرة بتشتغل بحرية داخل الثغرة
أحمد منصور:
أيه اللي أدى إلى أن الثغرة تكبر وتكون بهذا الحجم؟!
سعد الدين الشاذلي:
(7/97)
تاني.. عايزين لجنة زي لجنة اجرانات علشان تجيب على هذا السؤال.. أنا بأقول التدخل المعيب من جانب السادات في إدارة الحرب
أحمد منصور:
يعني أنت تعتبر إن القائد السياسي الآن تدخل في شؤون القادة العسكريين؟
سعد الدين الشاذلي:
آه طبعاً.
أحمد منصور:
وتسبب في هذا؟
سعد الدين الشاذلي:
آه طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور:
كانت الألور مباشرة تصدر من الرئيس السدات إلى قادة الألوية وقادة الفرق..
سعد الدين الشاذلي:
لأ.. لأ.. هو بيسيطر أساساً عن طريق أيه؟ أحمد إسماعيل، ولكن في بعض الأوقات كان يتصل بقادة الفرق ويقوله: كذا وكذا وكذا، وهذا خطأ شديد جداً.
أحمد منصور:
وأنت كرئيس أركان لم يكن لديك علم بهذه الأوامر؟
سعد الدين الشاذلي:
لا أعلم بيها.. حتى لو علمت بيها.. لما علمت النتيجة أيه؟ .. يعني هو التدخل دي أحد الأخطاء الرئيسية إن رئيس الجمهورية وهو قائد سياسي إن هو يتدخل في إيه في إدارة العمليات العسكرية.. أنا ما بقولش كده إن القيادة العسكرية تتجاهل القيادة السياسية.. أبداً علشان كلامي يكون دقيق.. أنا أومن بضرورة إن القيادة العسكرية تكون تابعة للقيادة السياسية، لأن الحرب هي في الأول النهاية بتحقيق هدف سياسي.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
وهي وسيلة من وسائل الصراع وسيلة من وسائل الصراع.
أحمد منصور:
اسمح لي سعادة الفريق ربما يرد عليك واحد من المشاهدين اللي بيسمعون الآن ويقولك إن الرئيس السادات رجل عسكري أيضاً من الـ..
سعد لدين الشاذلي:
لأ.. لا.. لا.
أحمد منصور:
بدراية هو كان من الضباط الأحرار ويمكن أن يكون له آراءه وتقييماته السياسية..
سعد الدين الشاذلي:
(7/98)
لا.. لا.. الضباط الأحرار شيء وإن هو يكون رجل عسكري شيء تاني. دا كان المدة اللي قضاها كرجل عسكري سنتين أو تلاتة في سلاح الإشارة وبعد كده كان طرد من الجيش وكذا.. وكذا ومعلوماته العسكرية لا تؤهله إطلاقاً على إن هو يكون قائد عسكري.. "بوش" الرئيس الأميركي -تقدر تقول عليه راجل عسكري على هذا.. لأنه اشترك في الحرب العالمية.
أحمد منصور:
في الحرب العالمية الثانية.. كان طيار في..
سعد الدين الشاذلي:
ولكن وهو رئيس جمهورية لا يتدخل في إدارة الحرب إطلاقاً.
أحمد منصور:
لكن له القرار.
سعد الدين الشاذلي:
له تخصيص المهمة. يخصص المهمة للقائد العسكري لرئيس الأركان أخدت بالك.. ورئيس الأركان ممكن إن هو يحاوره، يقوله هذا ممكن، وهذا غير ممكن ونتيجة الحوار يصلوا إلى حل. إنما لا يتدخل في إدارة العمليات الحربية.
أحمد منصور:
يعني عايز أسأل سؤال هنا أرجو إنه ما يكونش محرج.. يعني أنت من ليلة 20 أكتوبر 1973. وحتى إقالتك من رئاسة الأركان في ديسمبر.
سعد الدين الشاذلي:
13 ديسمبر.
أحمد منصور:
13 ديسمبر في هذه الفترة لم تكن نقوم بدورك الفعلي كرئيس للأركان؟
سعد الدين الشاذلي:
إزاي بقي بقى بقوم.
أحمد منصور:
طب إذا كان الرئيس السادات بيتصل بقادة الفرق ويتصل.. ويصدر أيضاً وزير الحربية أوامر تخالف كل التوجهات...
سعد الدين الشاذلي:
لا أنا هقولك أهو هقولك أهو هقولا أهو.. يعني جا يوم 25 أنا عارضت القرار وبعدين أم قاله.. طيب تروح ونحول المهمة بتاعتك من فتح الطريق إلى إنك إنت تشيل تعينات تحمي (قولات) تشيل تعينات للجيش الثالث المحاصر برضو هذا خطأ، إذا كان ما يقدرش أيه يقاتل ويفتح الطريق لوحده كيف يكن إن هو أيه،.. كيف يمكن إن هو يحمي (قول) ويصل (بالركل) التعينات دا هو إلى الجيش الثالث.
أحمد منصور:
القوات المسلحة المصرية اللي كانت محاصرة كان يبلغ عددها أد أيه تقريباً؟
سعد الدين الشاذلي:
(7/99)
الجيش الثالث بالناس اللي موجودين معاه كان حوالي 45 ألف تقريباً؟
أحمد منصور:
45 ألف.. انتوا عملتوا طوق الإسرائيليين أيضاً.
سعد الدين الشاذلي:
طوق رفيع.
أحمد منصور:
ليس قوس.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً.. إذا كان عندك شوف 5 فرق موجودين في الشرق.. هتعمل طوق إزاي.
أحمد منصور:
صحيح لبعض المصادر كده نقلت معلومات إن إنت كنت عملت خطة لتدمير المصريين والإسرائيليين في الثغرة.
سعد الدين الشاذلي:
شوف برضو.. دون أن يحدد التاريخ يعني هما بيعتقدوا إن الخطة بتعتي يوم 17.
أحمد منصور:
دي كانت خطة 17 أكتوبر.
سعد الدين الشاذلي:
17 أكتوبر إن أنا هسحب الفرقة الرابعة المدرعة واللواء 25 مدرع ليلة 16 –17 ويوم 17 أضرب الأية؟ الثغرة فهد مرسها.
أحمد منصور:
مصريين في إسرائيليين.
سعد الدين الشاذلي:
مش مصريين وإسرائيليين يعني أنت متخيل إن مثلاً فرقة مدرعة ولواء مدرع يعني أربع فرق.. أربع ألوية مدرعة ولواء مشاة ميكانكي.. ده نرى ما نكون أيه.. هيبقى إعصار كأنه إعصار بيهب على منطقة الثغرة.
أحمد منصور:
كأن عدد الإسرائيليين كام في الوقت ده أو قوتهم؟
سعد الدين الشاذلي:
كان فيه.. وقت ما وضعت الخطة كان التقدير بتاعهم هيكون في حدود لواء مظلات ولواء مدرع.
أحمد منصور:
وكان خسائر المصريين المتوقعة..
سعد الدين الشاذلي:
لأ لسه.. لسه.. أنا وأنا بوضع الخطة بقول أيه احتمال إن هما يوم 17 الصبح يكون عدى هو بالليل بكمان لواء مدرع، يبقى مثلاً هيكون عنده لواءين مدرعين مثلاً أنا بهاجم بأربع ألوية مدرعة ومعايا المدفعية بتاعتي وتحت مظلمة الأية..
أحمد منصور:
الطيران بتاعك؟ الحماية الجوية.
سعد الدين الشاذلي:
الطيران بتاعي الطيران بتاعي.. فالمتاح.
أحمد منصور:
يعني أنت كده بتلعب على أرضك بالكامل يعني.
سعد الدين الشاذلي:
(7/100)
بلعب على أرضي بالكامل. فطبعاً هيكون.. زي ما يكون إعصار بيهب على أيه؟.. على منظمة الثغرة. فطبعاً هيكون فيه خسائر. قد يكون هناك خسائر لبعض المدنيين.. في هذه المنطقة.
أحمد منصور:
مدنيين أيوه.
سعد الدين الشاذلي:
قد يكون بقولك.. قد يكون اللي هيكون في السكة يعني طبعاً لإن أنت بتغرب مدفعية والدبابات بهجم والكلام ده كلهم يعني.
أحمد منصور:
كلن ده شيء طبيعي في الحروب.
سعد الدين الشاذلي:
وده شيء طبيعي في الحرب فهو بيقولك على هذا الكام على قوله يوم 17.ز
أحمد منصور:
صحيح لو أنت كنت نفذت دي كانت ستحدث يعني هزه قوية -هزه قوية ربما تمتد لسنوات طويلة في الجيش الإسرائيلي.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور:
إزاي.
سعد الدين الشاذلي:
والأحسن من كده إن أنا ما كنتش أطور الهجوم خالص والثغرة ما تحصلش خالص، وأخليه يلعب على أنغامنا.. زي ما بنقول، إن هو.
أحمد منصور:
نعم أنت اللي بتحدد له..
سعد الدين الشاذلي:
أنا للي بحدد له يلعب أيه.. أنا اللي بقوله هاجم بالمواجهة.. يهاجم بالمواجهة.. أطول مدة.. الحرب.. بطول مدة الحرب يعني بتصرف طبعاً لإرادتي.
أحمد منصور:
(7/101)
فيه هنا قضية خطيرة جداً.. وهي التدخل الأمريكي. الرئيس السادات قال إن أمريكا كانت أو كل ده حتى أنا قرأت في بول شيذلي .. في كتابه "من يجرؤ على الكلام" وفي مصادر كثيرة –الحقيقة.. "حروبنا مع إسرائيل" للواء صادق الشاره وغيره كلهم أكدوا على إن كان بعد الأيام الأولى من الحرب. كانت الأسلحة بتأتي من الولايات المتحدة مباشرة إلى الجبهة في سيناء. وده اللي جعل الرئيس السادات يقول أنا ما أقدرش أحارب أميركا وطالب وطالب.. اتصل بكسينج وبالسفير السوفيتي –كما ذكرت حضرت –وكده في الحوار. هل فعلاً الآن دخول أميركا على الخط بهذا الدعم.. وربما بطائرات يقودها أميركيين والقنابل التليفزيونية وغيرها من الأشياء والأسلحة الكثيرة والمذكورة في هذا الأمر.. هل هذا أيضاً جعل الحسابات السياسية تتغير ويطالب الرئيس السادات بوقف إطلاق النار.
سعد الدين الشاذلي:
هذه هي المبررات التي أعطاها السادات لكي يبرر موقف إطلاق النار وهو خطأ وتقليل وهناك.. ليه؟ إحنا داخلين الحرب وعارفين إن أميركا بتمد إسرائيل بك شيء.
أحمد منصور:
لكن ليسس لدرجة دي وأكثر من هذه الدرجة لإن السلاح. بتدي لإسرائيل آخر جيل من الأجيال بتاعتها هيكون أيه.. وإحنا في الوقت اللي الروس بيعتبرونا كأعز الأصدقاء، بيدونا ما قبل الجيل الأيه.. الأخير.. فلو أضع أنا هذا الكلام في حسابي م أخشش الحرب خالص ضد إسرائيل خلاص إسرائيل محمية أميركية.. واللي هيهاجمها يبقى كأنه بيهاجم أميركيا يبقى، أحاربهاش.. وده غير منطقي.. إحنا داخلين الحرب وعارفين إن أميركيا وراء إسرائيل.. وهما عارفين إن الاتحاد السوفيتي ورانا. وبعدين لو حللنا..
أحمد منصور:
لكن وقوف الاتحاد السوفيتي وراكم مش بنفس قوة وقوف أميركيا وراء إسرائيل.
سعد الدين الشاذلي:
(7/102)
ساوضع هذا الأمر.. ساوضع هذا الأمر ينجي الأول على أيه الجسر الجوي الأميركي والجسر البحري الأميركي.. الجسر الجوي الأميركي نقل إلى إسرائيل 27 ألف طن. والبحري نقل 33 ألف طن. يبقى الإجمالي بتاعه كام 60 ألف طن. الجسر السوفيتي الجوي نقل إلى مصر وسوريا –بيعتبروهم الاتنين يعني مسرح واحد.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
15 ألف طن. و 63 ألف طن بالبحر يبقى الإجمال هنا 78 ألف طن. وهنا 60 ألف طن سنجد من يقول النوعية هنا.
أحمد منصور:
غير النوعية هنا.. صح.
سعد الدين الشاذلي:
غير النوعية هنا. وهذا حقيقة بس ده جزء من عمليه الصراع اللي إحنا داخلين فيها.. ما هو أنت الحليف بتاعك هو الاتحاد السوفيتي. والاتحاد السوفيتي له إمكانيات ليست بمستوى الإمكانيات بتاعة أيه بتاعة أميركيا.
أحمد منصور:
كلن أيضاً.
سعد الدين الشاذلي:
وهو بيديلك الحاجات اللي أنت خسرتها أساساً بيعوضلك الخسائر والتانيين بيعوضوا الخسائر بتاعة إسرائيل فبديهى إن مثلاً عن أميركيا بتبعت طيارات علشان أيه تعوض القوات الجوية الإسرائيلية عن الطيارات اللي خسرتها. الاتحاد السوفيتي بيبعت دبابات لسوريا علشان تعوض الدبابات اللي خسرتها.. وهكذا يعني.
أحمد منصور:
لكن عفواً في لقائي مع الرئيس اليمن الجنوبي السابعة على ناصر محمد أكد لي إن خطة السوفيت –رغم إن اليمن الجنوبي كانت تعتبر حتى في عرف التاريخ- امتداد للاتحاد السوفيتي من حيث كل شيء الأيد ولوجبة وغيرها. إن السوفيت كانت خطتهم قائمة في دعم حلفائهم على إمدادهم بقدر من السلاح لا يساعد على إن هما ينتصروا في حرب بشكل كاسح بقدر ما هو إما يحافظوا على وضعهم أو يدخلوا حرب محدودة المدة.. وكثير من التقارير أكدت إن الإمداد السوفيتي لمصر لم يكن يكفي لاستمرارية في الحرب لمدة طويلة أو تحقيق انتصار كاسح وإنما حرب محدودة المدة ومحدودة الإمكانات.
سعد الدين الشاذلي:
(7/103)
هذا صحيح غل حد كبير.. بس هما قالوا لنا بصريح العبارة نحن نمدكم- ومن أيام جمال عبد الناصر- لاسترداد الأرض التي فقدت منكم في أيهن في يونيو 67 ولكن تدمير إسرائيل ده خط أحمر بالنسبة لهم. إحنا لسه؟
أحمد منصور:
دي نقطة مهمة الحقيقة..
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً وهذه حقيقة إنما إحنا فين وتدمير إسرائيل فين. يعني لسه فيه مرحلة كبيرة جداً يعني ممكن يديني سلاح وهو مطمئن.. وهو مطمئن إن لسه بينه دين الخط الأحمر، اللي هو بينه وبين أميركا اللي هو تدمير إسرائيل فده طبعاً لا يتم إلا في ظل موازين.
أحمد منصور:
إذا دمرت القوة العسكرية الإسرائيلية على سيناء في الثغرة فأنت يتكون دمرت إسرائيل..
سعد الدين الشاذلي:
لأ.. لأ.. لأ.. أنا لما أدمر الألوية المدرعة، وأنا بدمر علشان يا دوبك مش قادر أوصل إلى المضايق. ما دامت القوات الجوية الإسرائيلية موجودة.. مش مخلياني أقدر أصل للمضايق ولسه ما عنديش دفاع جوي متحرك يبقى لسه قدامي فترات طويلة بيعني.. فلسه تدمير إسرائيل بعيد المنال فهو بيديني فعلاً لكي يساعدني في استرداد الأرض على مراحل كمان.
أحمد منصور:
نعود إلى الدور الأميركي ودور كسينجر اليهودي وزير الخارجية الأميركي الذي كان يهددنا وذلك الوقت والدور الذي لعبه في استغلال الوضع لصالح إسرائيل في تلك الحرب.
سعد الدين الشاذلي:
(7/104)
أميركا وإسرائيل –بكسينجر أو بغير كسينجر هى يكاد و ايكوندا كبان واحد. بس كسينجر بقى كان يعني بيوصل المعلومات أساساً لإسرائيل ويقولهم الحقوا قبل وقف إطلاق النار.. احتلوا كذا وكذا لإن هو.. اللي في إيده إصدار القرار في مجلس الأمن وقاعد يعطل ويعمل والكلام ده.. فأنا لا ألوم كسينجر. كسينجر كوزير خارجية أميركا بيخدم مصالح أميركا لإن همه وروا.. يروا ووضعوا مصالح إسرائيل ومصالح أميركا في سلة واحدة.. أضف إلى ذلك صفته كيهودي فأصبح يعني فيه عاملين مهمين يجعلوه إن هو ينحاز لإسرائيل. والمصيبة الكبرى إن إحنا نيجي نوسط كسينجر وبعدين والمصيبة الأكبر بنيجي نوسط "أولبريت" فيما هو موجود حالياً على أساس إن "أولبريت" الأميركيان همه اللي هيشرفوا على تنفيذ الخطة بتاع واي بلانتشين كلام غريب جداً.
أحمد منصور:
يعني كسينجر لعب دوراً مخادع لمصر ولسوريا في عام 73. وكان دوره واضح في دعم إسرائيل بشكل أو بآخر وحصن إسرائيل على أن تفعل ما فعلته في توسيع قضية الثغرة.
سعد الدين الشاذلي:
أنا لا أرى أن هذا يعفي السادات من المسؤولية. أنا كقائد عسكري.. عندي دلوقت خمس ألوية وفي أيدي إنني أحاصر الجيش الثالث أيه اللي يمنعني من إننا أحاصره وأزمة شروطي. أيه اللي يخليني أسكت وأسبب هذه الثغرة متعاظم بهذا الشكل حتى لو كان يعني.. إنما قولة إن كل أخطاءنا نحطها على شماعة واحد تاني.. أبداً. يعني كان ممكن قوي لو لم ييدخل.. لو قبل السادات الخطة بتاعتي إن أنا سحبت الأربع ألوية المدرعة ما كنش حصل الحصار بتاع الجيش الثالث والجيش.. والسويس وكان نبقى الموقف أحسن. أنا كنت عايز أحل الموقف عسكرياً، الفرق بيني ولين السادات أيه..
أنا عايز أمل الموقف عسكرياً.. وهو عايز يحله أيه؟
أحمد منصور:
سياسياً.
سعد الدين الشاذلي:
سياسياً. والسياسة ملهاش أخلاقيات يعني.. يقوله نقف على المحاور. يقولوا له.ز أقف طيب.. وبعدين يروحوا مغريين الموقف.
(7/105)
أحمد منصور:
لكن الوضع العسكري كتير بيخدم الوضع السياسي إذا..
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً.. طبعاً.. طبعاً. إنما في نفس الوقت.. إنما أوقات كثيرة بقى الوضع السياسي يضر الموقف العسكري. في الحالة بتاعتنا. الموقف السياسي أخر بالموقف العسكري.
أحمد منصور:
يعني أنت تعتبر الوقف السياسي أخر..
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور:
بالموقف العسكري لكم.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. وعلشان كده يقول من هو المسؤول عن حصار الجيش الثالث. أنا بأعتقد إن السادات مجرد إن هو يرفض الخطة بتاعتي الخاصة بسحب أربع ألوية مدرعة ومحاصرة الثغرة وبالتالي ما نتج عنها عن حصار الجيش الثالث هو الذي سبب المصايب اللي إحنا فيها لغاية دلوقتي.. لغة دلوقتي.
أحمد منصور:
أنا سمعت لك تصريح قبل مرة. إن الرئيس عبد الناصر عرض عليه في عام 18 خروج إسرائيل من سيناء بالكامل من مقابل وقف إطلاق النار فقط وليس في مقابل صلح مع.. لماذا رفض الرئيس عبد الناصر هذا وكان جنب مصر عرب مثل هذه؟
سعد الدين الشاذلي:
أنا سمعت هذا التصريح شخصياً من جمال عبد الناصر في أحد اللقاءات اللي كان بيعمها مع القادة، طبعاً هو يعني زي ما تقول عايز بمحو الهزيمة والعار لأن طبعاً يعني كون إنك أنت تسترد سيناء بحرب وإنك أنت تكون ننتصر فيها غير ما يجي إن هو يقولك ضد سيناء أهمية كإن فتات بيرميهولك الرجل السياسي الآخر على الترابيزة علشان يتفادي.. قد يكون هذا، وقد يكون هناك أسباب أخرى في رأسه لا نعلمها.. ولكن هذا التصريح قيل وأظنه الذي يستطيع أن يؤكد هذا كمان، الفريق فوزي.. لإنه في هذا الوقت كان قائد عام للقوات المسلحة.
أحمد منصور:
هل تعتبر ما تم تحقيقه في حرب أكتوبر تصنع بالنسبة لك كصاحب خطة أو مسؤول عن وضع خطة الحرب.
سعد الدين الشاذلي:
(7/106)
طبعاً كل واحد يتمنى أن تكون النتائج أفضل.. فطبعاً كنت أتمنى أن تكون النتائج أفضل وفي اعتقادي أننا لو تمسكنا بالخطة كان، ستكون النتائج أفضل من ذلك بكثير جداً جداً عن، ما حدث عند وقف إطلاق النار يوم 24.
أحمد منصور:
بعد فك الاشتباك وفك قضية الثغرة وإنهائها. هل تعتقد إن إسرائيل فازت أم المصريين بالنتائج التي تمخص عنها فك الاشتباك وفض القوات وإنهاء الثغرة؟
سعد الدين الشاذلي:
أعتقد إن النتائج السياسية كانت انعكاساً للموقف العسكري.. ولما تيجي تبص للموقف العسكري يوم 24 إن الجيش الثالث محاصر ومدينة السويس محاصرة وتدخل الأمم المتحدة وكسينجر وأمريكا هما الذي يتحكموا في القرارات التي تصدر من الأمم المتحدة وبالذات مجلس الأمم. فهو يقول.. كسينجر يقول للسادات إن أيه سيكون هناك حل مشرف لموقف الجيش الثالث.. إنما حاولوا يستغلوا ويستنزفوا مصر فيما بعد وقف إطلاق النار. هغرب لك مثل.. القوات الدولية وصلت يوم 28 يعني بعد يوم أربع أيام من وقف إطلاق النار. التعيينات كانت مفروضة إنها تروح للجيش. اتفاق على مستوى عالي يعني على مستوى أميركا وروسيا مثلاً.. (كول) إداري يحمل التعيينات والمياه إلى الجيش الثالث. عندما يصل (الكول) إلى الحد اللي هو الكيلو 101. يفرض على السائقين المصرية إن هو ينزلوا وتقود العربيات سواقين أيه.
أحمد منصور:
أمم متحدة.
سعد الدين الشاذلي:
(7/107)
أمم متحدة أو إسرائيليين. أوقات الأمم المتحدة ما عندناش. يقوم (…) إسرائيليين وتنهب هذه الإمدادات في الطريق وتوصل عملية إذلال. لما أنا دلوقت تبقى تلافي.. أوصل لغاية هنا وكأنها مش أرضي كأنها مش أرضي.. مش مصرح لي بإننا أفشى فيها وليست للعربية وهو اللي يوصلها.. طيب. اللي بيتحكم في التعبين ده.. يتحكم في القرار بتاعك. ييجي يقولك أيه.. كانت مصر وجهة نظرها إنها تبادل الأسرى لا يتم إلا بعد التوصل إلى حل. تقوم جولدا ما تبر تقولك لن تمر كسرة خبز إلى الجيش الثالث إلا إذا كان يعود إلينا أسرانا. السادات يرضخ على طول ويتم إرسال الأسرى.. أنتم عندكم الجاسوس فلاني "عبيدان" ده عازينه. الجمسي وهو رايح باخده في العربية بتاعته علشان يوصله.. عملية إملاء شروط.. أكثر من هذا..
أحمد منصور:
لكن كان أيه الوراق اللي المصريين بيملكوه علشان يضغطوا بيه على إسرائيل في المغارضات.
سعد الدين الشاذلي:
مفيش ورق.. مفيش ورق قولي أنت أيه الورق اللي فيه، دا هما عندهم كل الأوراق وأنا ما عنديش ورق. هغرب لك مثل ثاني.. عندنا مسلاحين خطرين كانوا لسه بداير النتائج بتاعتهم لسه ما ظهرتش السلاح الأول وهو حصار إسرائيل. هو محاصر الجيش الثالث بس أنا محاصر إسرائيل. لأن عندنا الغواصات بتاعتنا والمدمرات في البحر الأحمر قافلة.
أحمد منصور:
باب المندب.
سعد الدين الشاذلي:
(7/108)
مضيق باب المندب وبالذات تمنع مرور أي ناقلات شايلة بترول إلى إسرائيل.. فيجي يقولك لازم الناقلات تفوت على وإلا مفيش حاجة تروح للجيش الثالث. والجيش الثالث بيدوله أيه يوم بيوم علشان يبقى باستمرار أيه.. يعني من مثلاً تدي له حاجات تمشيه شهر ولا بتاع أو أسبوع. أبداً علشان يبقى باستمرار على حافة الانهيار أنت واخد بالك تماشيه السادات خلاها تمشي سراً ما تتعرضوش إدوا أوامر للبحرية إنها ما تتعرضش للمراكب اللي هي طالعة لإسرائيل.. تقوم هي عايزة تخليها علناً.. تقوم تعلن في الكنيست تقولك أيه الباخرة الإسرائيلية فلانة الفلانية ستكسر الحصار المصري وستمر يوم كذا في الحتة الفلانية علشان يكون علناً قدام العالم كله همه بيكروا وإحنا أيه مش هنقدر، ونحن لا نستطيع التعرض أن نتعرض لها مشية على أيه الجيش الثالث.
أحمد منصور:
لكن لو كان موقفنا العسكري أقوى.
سعد الدين الشاذلي:
لو كان الجيش الثالث مش محاصر كنا على طول ما يهمناش.. لو الموقف.. الجيش الثالث محاصر.. مفيش مورقة.. خانقنا من هنا.. خانقتا من هنا. كنت أغرق المركب اللي هي جايبة لهم بنزين يبقى هما اللي موقف أصعب فأنا حرمت من كل الأوراق التي موقف أصعب فأنا حرمت من كل الأوراق التي كنا نلعب بيها. لسه فيه سلاح ثاني وهو سلاح البترول. سلاح البترول اللي هي.. الدول العربية وقفت موقف جيد جداً وعملوا مقاطعة وبالذات أميركا وكذا وكذا وكذا.
أحمد منصور:
كنت سأسألك عن تقيم الموقف العربي.
سعد الدين الشاذلي:
موقف ممتاز موقف ممتاز من الناحية العسكرية بالمشاركة ومن الناحية السياسية موقف البترول.
أحمد منصور:
فيه قوات عسكرية شاركت معاكم من الدول العربية.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. ودول شاركو.
أحمد منصور:
واستشهد ناس منهم وشاركوا بشكل مباشر في الحرب.
سعد الدين الشاذلي:
(7/109)
طبعاً 9 دول خلاف مصر وسوريا طب مصر وسوريا دول لاعبين رئيسين إنما الدول الرئيسة اللي لعبت يعني. العراق الجزائر ليبيا الأردن السعودية، تونس، الكويت، السعودان، ناقص واحدة.
أحمد منصور:
ناقص واحدة.
سعد الدين الشاذلي:
المغرب. المعرب تسعة. حقيقي معظم هذه القوات وصلت يعني متأخرة شوية ولكن معلهش.
أحمد منصور:
حتى من الناحية المعنوية حضورها.ز مشاركتها حتى لو لم تحارب بدون رئيس.
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً.. طبعاً.. طبعاً.. يعني الناس اللي شاركوا منذ البداية كان العراقيين بعتوا سرب "ووكر هنز" في مصر من شهر مارس 73 قبل بداية الحرب. وبعدين على الجبهة الشرقية يوم 8 الطيارات العراقية 8 أكتوبر -يعني في مرحلة متقدمة- الطيارات العراقية اشتبكت مع الطيارات السورية في الجبهة الشرقية. فالموقف العسكري كان ممتاز. الموقف السياسي كان ممتاز إنما بقولك السلاح البترول لسه ما استغلش. سلاح التبرول النتيجة بتاعته والحصار بتاعته مش هتبان غير بعد بضعة أشهر على ما يستهلك اللي الموجود عنده.
أحمد منصور:
يعني أنت تقصد أن القيادة السياسية لم تفلح أو لم ينجح في استخدام الأسلحة والأوراق التي في يدها بشكل كامل تستطيع أن تضغط بيه على إسرائيل وتجبرها على..
سعد الدين الشاذلي:
ما هو علشان أيه ما هو خطأ التدخل العسكري الذي أدي إلى حصار الجيش الثالث يعني القيادة السياسية بعد حصار الجيش الثالث أصبحت اتاخدت منها كل الأوراق إنما لو لم يتم حصار الجيش الثالث. يبقى الموقف العسكري كويس. يبقى موقف الرجل السياسي كويس الاثنين لازم يكونوا بعض.. فأصبح السادات هو الذي يضغط على القيادات العربية علشان تفك الحصار بتاع البترول اللي هو يعني أيه..
أحمد منصور:
نعم.. نعم.
سعد الدين الشاذلي:
(7/110)
خدت بالك.. يعني بقى السادات هو اللي بيلعب دور كأنه بيلعب دور أميركي.. يقولهم يا جماعة بلاش المقاطعة شوية علشان نقدر نتفاهم لأن أميركا بتقولك كيف أننا ألعب دور مهم في الأيه؟ في حل المشكلة وأنت مقاطعيني وتعتبروني عدد ومش عارف أيه.. فبقى السادات هو الذي ينادي يفك المقاطعة.
أحمد منصور:
وقبل إن عقد اجتماع في الجزائر حضره الرئيس بومدين والرئيس السوري وفيه كان تم الضغط على الدول التي رفعت سلاح النفط كسلاح لكي تخفف فعلاً هذا الضغط. ووزير النفط السعودي أحمد زكي اليماني في ذلك الوقت قال إن سر ما حدث أو الأسباب الرئيسية هي لدى الشخصيات الثلاث التي حضرت هذا الاجتماع الرئيس السادات والرئيس الأسد والرئيس بومدين. ولم يبق إلا الرئيس الأسد. سعادة الفريق العلاقة بينك وبين المشير أحمد إسماعيل وبينك وبين الرئيس السادات في الفترة من 20 أكتوبر إلى 13 ديسمبر وهي تاريخ إقالتك من رئاسة الأركان. كيف كانت العلاقة؟
سعد الدين الشاذلي:
طبعاً علاقة متوترة لأن أصبح يعني شايف كل اللي كنت أنا خايف منه وخايف إنه هو يحدث بيحدث والحاجات اللي كان نفسي إنها تحصل ما حصلتش نييجة التدخل فكان طبعاً متوتر.. علاقة متوترة ولكن أقدر أقولك إننا لو لولا وقفتي يوم 25، 26 ضد أحمد إسماعيل في آخر..
أحمد منصور:
25 –26 نوفمبر.
سعد الدين الشاذلي:
أكتوبر.
أحمد منصور:
أكتوبر.
سعد الدين الشاذلي:
(7/111)
اللي هو الخاص بدفع الفرقة الرابعة المدرع الفرقة الرابعة المدرعة.. كانت هتدمر.. كانت هتدمر.. حتى أنا.. واتخانقت معاه يوم 25 و26 وده يتنافى بشكل كبير جداً على العزل يوم 20. طب إذا كان العزل يوم 20 طيب كيف يسمح لسعد الشاذلي إنه يصطدم مع أحمد إسماعيل يوم 25 قمت أنا قلت أيه.. إزاي ندي أمر بهذا الشكل. الفرقة الرابعة دي لو قالت بهذه المهمة سوف تدمر. "وقابيل" موجود. قام قال لي إزاي تقول الكلام ده قدام قائد الفرقة.. قلت له لازم أقوله. لإن لو دمرت هذه الفرقة يصبح الطريق مفتوح أمام العدو للقاهرة. ده الاحتياطي الاستراتيجي اللي عندنا كله الفرقة الرابعة مدرعة فخايف لا تدمر فهذا الاصطدام قلت له إذا كنت أنت عايز تدي هذه الأوامر أنا لا يمكن أن أنا أشاركك في هذا.
أحمد منصور:
كرئيس أركان لحرب أكتوبر. كيف تقيم هذه الحرب وتنظر لها بعد أكثر من 25 عام على وقوعها.
سعد الدين الشاذلي:
(7/112)
آه.. كانت فرصة لأن إحنا نكسر جدار الخوف من إسرائيل ونحقق نصر عسكري لأول مرة في التاريخ القريب بتاعنا. الماضي المتطور يعني.. وطبعاً الجنود ارتفعت معنوياتهم كبيرة جداً وكان إثبات بإن التخطيط الجيد والثقة بين القائد والمرؤوس لعبوا دور هام جداً في النجاح ولكن هناك أخطاء قاتلة قاتلة سياسية وعسكرية ما كان يجب أن ترتكب ولذلك فأنا مرة أخرى بأطالب بضرورة الكشف عن الوثائق وعمل لجنة تحقيقات لتحديد المسؤول على الأسباب التي أدت إلى هذه الأخطاء. وفي مقدمتها تطوير الهجوم يوم 14 عدم المناورة بالقوات. عدم تدمير الثغرة يوم 17 وفي الأيام التالية. عدم الأخذ برأي الفريق الشاذلي يوم 20 ومن هو المتسبب في حصار الجيش الثالث. وما هي الأضرار العسكرية والسياسية التي نتجت عن حصار الجيش الثالث والتي أجبت عليها فيما مضى كل الحاجات دي يجب أن يتم التحقيق فيها أبناءنا الضباط والجنود الأصاغر اللي موجودين حالياً واللي سيقودوا الحروب القادمة ضد إسرائيل إن شاء الله.
أحمد منصور:
المقاتل الإسرائيلي مقاتل شرس في التعامل معاه أم تعتقد أنه في حروب قادمة يستطيع العرب أن يحققوا انتصارات على الإسرائيليين. دون مخاوف.
سعد الدين الشاذلي:
عندما يكون متفوقاً في النيران وفي الأسلحة بيتصرف بشجاعة ولكن إذا توازت الإمكانيات بيظهر روح الجبن بطريقة واضحة وده بيؤيد "لا يقاتلونكم إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر" قرى محصنة خط بارليف –القرى المحصنة او من وراء جدر- الدبابات الدبابة عبارة عن جدار خدت بالك. ومع ذلك في كثير من الأوقات فـ حرب 73 كانوا لما بيشوفوا المواجهات بتاعتنا بتهجم كانوا بيسيبوا الدبابات دايرة وبيطلعوا جري، فالعسكري المصري إذا أعطى الفرصة وخصصت له المهمة التي فر حدود إمكانياته يعتبر من أكفأ وأشجع المقاتلين.
أحمد منصور:
(7/113)
هل تتوقع في قيام حروب قادمة بين العرب وإسرائيل أم أن حرب أكتوبر -كما ذكر البعض- ستكون نهاية الحروب.
سعد الدين الشاذلي:
من المؤكد أنه ستكون حروب قائمة ويؤيد ذلك بالله وبكتاب الله ورسوله.
أحمد منصور:
يعني أنت البعد الإيماني لا تسقطه أبداً.
سعد الدين الشاذلي:
إطلاقاً هو إحنا من غير البعد الإيماني نساوي شيء.. إحنا بدون الإيمان لا شيء نبقى كأي شخص عادي. الإيمان هو الأساس -وكلمة الله أكبر هي عنصر أساسي من النصر.. العظيم في هذا إن هذا الرؤية الإيمانية تؤيدها الرؤية الاستراتيجية لأن الرؤية الاستراتيجية كمان بتقولك إيه لابد إن عاجلاً أو آجلاً ينتصر العرب على اليهود أو على إسرائيل.
أحمد منصور:
دي الرؤية الاستراتيجية؟!
سعد الدين الشاذلي:
الرؤية الاستراتيجية من المؤكد لن الرؤية الاستراتيجية الفرق ما بقولش أيه العرب عندهم إيه إسرائيل عندهم إيه النهارده.. أنا بأقول القوى الكامنة عند العرب أية والقوى الكامنة عند إسرائيل. قد يكون عندك قوة كامنة له لم تستغل.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
فالقوة الكامنة عند العرب جبارة القوى الاستراتيجية بنقييسها أساساً بـ 3 حاجات اتساع الإقليم والثروة الطبيعة -والثروة الطبيعية دي تباعة ربنا- محدش له فعل فيها.
أحمد منصور:
نعم.
سعد الدين الشاذلي:
(7/114)
وعدد السكان فالثروة الطبيعية المنطقة العربية مليئة بالثروات الطبيعية وفي مقدمتها المياة والبترول.. ( ) المياه. والمياه يعني زي البترول تماتماً يعني. والأراضي الشاسعة وبعدين عندنا المعادين التي لم تستكشف فإذا كانا إحنا لم نستغل هذه الطاقة بعد، أو استغليناها بطريقة.. مهوش الإسلوب المثالي.. فهذا لا يعني إن هذا يبقى إحنا الضعف الحالي هو ضعف مؤقت مش ضعف مستديم ده بالنسبة للثروة الطبيعية نمرة اثنين الاتساع الإقليمي اتساع الإقليم كل ما اتسع الإقليم كل ما تكون الدولة قادرة على إنها تشرب بعض الهزائم البسيطة وبعض الاحتلال لبعض أراضيها ويبقى الكيان قائم. المنطقة العربية لو افترضنا التنسيق أو الوحدة أو ما هو أقل من الوحدة، الساحة بتاعتنا 14 مليون كيلو متر مربع فلسطين، بما فيها الأراضي المحتلة 27 ألف كيلو متر مربع يعني لما تيجي تحسب.. تعداد السكالن عندنا النهاردة أكثر من 255 واحد هما أقل من خمسة، يعني لما تيجي تحسب..
أحمد منصور:
255 مليون.
سعد الدين الشاذلي:
255 مليون وهما عندهم خمسة مليون لما تيجي تشوف النسبة بين العرب وبين إسرائيل تلاقي نسبة تفوق تكاد تكون 50 لواحد 500 لواحد يعني إذاً القوى الكامنة والرؤية الاستراتيجية بس عيب الرؤية الاستراتيجية أن بيبص الأية.
أحمد منصور:
لبعيد.
سعد الدين الشاذلي:
لبعيد بعد عشرات السنين، متى يحدث هذا.. سيحدث إن شاء الله.
أحمد منصور:
(7/115)
سعادة الفريق سعد الدين الشاذلي في 13 ديسمبر 1973م أصدر الرئيس أنور السادات قراره بإقالتك. في الحلقة القادمة.. كيف تلقيت نبأ الإقالة؟ ولماذا أقالك الرئيس السادات من المنصب؟ ولماذا أيضاً حولك إلى السلك.. السلك الدبلوماسي وعينك بعد ذلك سفيراً في بريطانيا وفي البرتغال؟ ثم حدث ما حدث بينكما بعد ذلك؟ أشكرك سعادة الفريق كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم ترقبوا في الحلقة القادمة استكمال شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق على العصر. في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج.. وهذا أحمد منصور يحييكم.. والسلام عليكم ورحمة الله.(7/116)
الحلقة10(7/117)
الخميس 14/9/1422هـ الموافق 29/11/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 09:33(مكة المكرمة)،06:33(غرينيتش)
سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري الأسبق الحلقة العاشرة و الأخيرة
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- سعد الدين الشاذلي/ رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق
تاريخ الحلقة
10/04/1999
سعد الدين الشاذلي
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق) مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي:
مرحباً بيك.
أحمد منصور: في هذه الحلقة الأخيرة من هذه الشهادة المطولة على العصر نبدأ من حيث تمت إقالتك من رئاسة أركان القوات المسلحة في 13 ديسمبر 1973. لماذا اتخذ الرئيس السادات قرار الإقالة بداية؟
سعد الدين الشاذلي: أعتقد إن قرار الإقالة جه نتيجة الخلاف والتصادم المستمر بيني وبين أيه.. أحمد إسماعيل في القيادة، في الفترة إلى 12 ديسمبر.. يعني على سبيل المثال أنا سبق وأن ذكرت قصة الأيه، قصة دفع الفرقة المدرعة لفتح الطريق إلى الجيش الثالث يوم 25 واعترضت، وقلت إن ده هيأدي إلى تدمير الفرقة المدرعة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: 25 أكتوبر؟
سعد الدين الشاذلي: 25، 25 أكتوبر.
أحمد منصور: نعم.
سعد الدين الشاذلي: قالي كيف تقول الكلام ده قدام قائد الفرقة. قلت له: أيوه بقوله.. وقائد الفرقة قابيل موجود ممكن إن هو يكون موجود، فقلت له: أنا لن أوقع على أيه على الأمر الزي يصدر إلى هذا القائد إن هو ينفذ هذه المهمة.. الأمر علشان يكون كامل لازم يمضى عليه أيه..
أحمد منصور: رئيس الأركان؟
(7/118)
سعد الدين الشاذلي: الاتنين: القائد العام، ورئيس الأركان لازم يمضوا. قلت له أنا مش همضي.. وهو خوفاً من هذا تراجع ولم أيه.. ولم يُظهر الأمر.. فدي أنا أيه، لو كنت أنا، بس حتى الخلاف بيني وبينه أنقذ الفرقة الرابعة المدرعة من التدمير ده يعتبر مكسب.
أحمد منصور: لكن هذا لم يؤدي إلى حصار الجيش الثالث؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، ده كان بعد حصار الجيش الثالث.. كان بعد حصار الجيش الثالث. المهمة كانت يوم 25 أكتوبر، الجيش الثالث كان تم حصاره يوم 24. كان تم حصاره يوم 24. أضف إلى ذلك: كان الجرائد في هذا الوقت مابتعترفش بإن الجيش الثالث محاصر. العالم كله عارف إن الجيش الثالث محاصر، ومحدش يعني، لا القيادة السياسية، ولا القيادة العسكرية بتقول إن الجيش الثالث محاصر. والكلام كله.. اللي عند كل الناس إن فيه سبع دبابات موجودين غرب القناة، ودي طبعاً كانت أخطاء من ضمن الأخطاء الإعلامية الخطيرة.
أحمد منصور: ربما هذا اللي دفع كثير من الناس، سبع دبابات ومش قادرين نقضي عليهم. كما جاء في بعض الكتب التي تناولت الحرب؟
(7/119)
سعد الدين الشاذلي: أيوه، صحيح، صحيح، صحيح، فطلع الأهرام أظن يوم 11 ديسمبر أو حاجة زي كده هوه.. يا 10 يا 11 ديسمبر، أظن 11 ديسمبر، وبيقول قواتنا تتقدم وتكسب أرض كل يوم، ومش عارف أيه، وحاجات زي كده.. أنا شايف إزاي بس الكلام ده بيتكتب في الجرائد وبهذا.. وبعدين حاولت إني أنا أعرف مصدر هذا الخبر، مالقتش فيه أي مصدر معلوم لي. قلت مفيش غير يا إما وزير الإعلام، يا إما حسنين هيكل بتاع الأهرام فقلت لأحمد إسماعيل، قولت له أنا استطلعت على يعني شوف مصدر المعلومات دي كلها فين، لقيت إن مفيش حد له مصدر وإن هو قال للأهرام، إنه ينشر هذه الحاجات.. فاضل جهتين اللي هو وزير الإعلام، وأيه.. وزير الإعلام مين اللي هو في هذا الوقت.. كان حاتم ماسك نائب رئيس مجلس الوزراء، لأن السادات كان في هذا الوقت كان رئيس مجلس الوزراء فهو نائب رئيس مجلس الوزراء والإعلام.
أحمد منصور: محمد عبد القادر حاتم.
(7/120)
سعد الدين الشاذلي: ..عبد القادر حامد.. عبد القادر حاتم، قالي: وإنت يهمك أيه..؟.. قلت له يهمني أيه إزاي دي عملية تضليل للشعب وتضليل للقوات المسلحة و.. و.. إلى آخره. عموماً رحت واخد بعضي ورايح أيه.. مقابل حاتم، قلت له: أنا عايز أعرف الحكاية.. مين اللي مصدر هذه المعلومة لإن حصل كتب وكتب وكتب.. لقيت الراجل راخر متضايق، ويقولك أيه.. بس أنا أكلم أحمد إسماعيل يقول لي سبع دبابات ويقول لي مش عارف أيه وحاجات زي كده فـ.. إنما طبعاً الرحلة بتاعتي لعبد القادر حاتم وصلتهم.. أنا رايح أقابله في المكتب بتاعه، فلقوا إن التصادم وصل إلى القمة بقى. المهم.. تاني يوم الأهرام طلع نوع من التكذيب.. إن أيه الكلام مهواش.. لإن تبقي تلاقي لما يحبوا يدسوا خبر يقوموا يدسوا الخبر ويقولك أيه المعلومات من أيه بتوع الرقابة الدولية، بتوع الرقابة الدولية قالوا لا إحنا مقولنا شيء كلام من ده المهم ثبت نتيجة الخلاف بالشكل ده، ونتيجة النقض على هذا الإعلام ورحلتي إلى حاتم، وتكذيب، اضطروا إنهم يكذبوا قال لك لأ الموضوع وصل إلى نقطة..
أحمد منصور: نعم.
سعد الدين الشاذلي: لا يمكن..
أحمد منصور: نقطة اللاعودة يعني..
سعد الدين الشاذلي: آه.. اللاعودة.. فيوم 12 ديسمبر، وأنا فاكره كويس، لإن أنا منذ أول أكتوبر لـ 12 ديسمبر وأنا في أيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في القيادة العامة.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: في المركز 10، عايش في.. فيما عدا الرحلات اللي أنا بطلع بيها إلى الجبهة وأرجع تاني، مبعرفش حاجة عن البيت بتاعي خالص وعلى اللي...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني لم تكن تذهب إلى البيت مطلقاً؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: إطلاقاً.. إطلاقاً يعني، ولو إن الموقف يعني بعدما وصلت القوات الدولية وبقى نوفمبر في خلال شهر نوفمبر كان الموقف مستقر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم.
(7/121)
سعد الدين الشاذلي: ولكن ماهنش على إني أنا أروح البيت و50 ألف من القوات المسلحة موجودين في الحصار...
أحمد منصور [مقاطعاً]: محاصرين.
سعد الدين الشاذلي: فقلت لا يمكن يعني، نفسي ما تجبينيش، فاستمريت في هذا الوضع لغاية 12 ديسمبر، وبعدين 12 ديسمبر ده بقى كان أيه، عيد زواجي 13 ديسمبر قمت قلت أيه آخد أجازة يوم، آخذ أجازة يوم بهذه المناسبة، فرحت البيت يوم 12 ديسمبر ليلاً، ولشيء غامض لميت المذكرات بتاعتي، أنا باخد نقط مثلاً يعني يوم كذا، النقط الرئيسية خدتهم في المكتب بتاعي، من المكتب بتاعي معاى في البيت، وبعدين بعد ما وصلت البيت بمفيش يجي ساعة لقيت لقيت أحمد إسماعيل بيكلمني وبيقولي عايزك تفوت على في أيه في الوزارة.. قلت: متخليها لبكرة ما إحنا طول النهار موجودين، قال لي عايزينك ضروري، طيب، خدت عربيتي ونزلت رحت القيادة، فلما رحت هناك، بعد المجاملات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل شعرت أثناء المكالمة بشيء غير طبيعي؟
سعد الدين الشاذلي: لغاية دلوقت مفيش شيء طبيعي إنما هو فيه طبعاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مفيش شيء غير طبيعي؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: أيه.. مفيش يعني مفيش...
أحمد منصور [مقاطعاً]: التوتر الطبيعي؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: التوتر الطبيعي الموجود.. مفيش شيء يعني؟ فلما رحت لقيت الجمصي موجود عنده في الأيه..
أحمد منصور: في المكتب؟
سعد الدين الشاذلي: في المكتب، فلما دخلت الجمصي طلع وقعدت أنا بقى...
أحمد منصور: كيف كانت علاقتك بالجمصي؟
سعد الدين الشاذلي: علاقة عادية جداً، علاقة زملا والجمصي ظابط كويس ومطيع، ومفيش مشكلة أبداً يعني.
أحمد منصور: كان رئيس العمليات؟
سعد الدين الشاذلي: كان رئيس العمليات والنائب بتاعي يعني إذا غبت أنا يكون هو الأيه..
أحمد منصور: رئيس الأركان.
(7/122)
سعد الدين الشاذلي: يكون.. رئيس العمليات، ونائب رئيس الأركان، ونائب رئيس الأركان، فلقيته، فطيب الجمصي طلع وقعدت معاه، وبعدين بيقول لي بقى أيه.. رئيس الجمهورية بيقدر الجمهورية بيقدر المجهود اللي أنت بذلته في أيه.. الكلام بقى الدبلوماسي.
أحمد منصور: نعم.. نعم.
سعد الدين الشاذلي: الكلام الدبلوماسي ما قمت بيه في القوات المسلحة، وخدمة القوات المسلحة، ومكافأة لك فإنه أمر بنقلك إلى وزارة الخارجية، أنا بقى أيه، قلت له: طيب عموماً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ قول لي انطباعك أيه؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: طيب منا هأقول لك أهوه، ما أنت لازم تعرف على طول، قلت له: والله إذا كان هذا تقدير من رئيس الجمهورية، فأنا أشكر رئيس الجمهورية على هذا التقدير، وأعتذر عن قبول هذا المنصب، إذا كان السبب هو تقدير، أما إذا كان جزاء فأرجو أن تُفتح الملفات وتكون هناك محاكمة علنية لنعرف من المسؤول؟
أحمد منصور: كان ردك ده مباشر على طول؟
سعد الدين الشاذلي: مباشر على طول.
أحمد منصور: كنت محضره؟
سعد الدين الشاذلي: تقدر تقول إن باستمرار الواحد عنده تقدير موقف مسبق، فمبتبقاش فيه مفاجأة ماذا يحدث لو حصل كذا.. ماذا يحدث لو حصل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني بتحط كل الاحتمالات؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: كل الاحتمالات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وبتتعامل مع كل احتمال حسب وقوعه؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: بالضبط كده، بالضبط لا أفاجأ يعني...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أيضاً شخصيتك العسكرية المحترفة.. حتى في مواقفك الحياتية لها دور؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: مضبوط.. مضبوط قالي بقى: إنت بترفض أيه.. أوامر رئيس الجمهورية.. قلت له احسبها بقى زي ما تحسبها مسألة بقى مابقاش منظر قيادة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنت منفعل ولا كنت تتكلم زي كده؟
(7/123)
سعد الدين الشاذلي: لا.. لا.. لا.. زي ما بقولك كده قلت له: احسبها زي ما تحسبها.. يعني فيها شيء من الحدة طبعاً، قلت له: احسبها زي ما تحسبها.. أنت بتقول تقدير، واللي.. والمقدر له حق إن هو يقبل هذا التقرير أو...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أو يرفضه؟!
سعد الدين الشاذلي: أو يرفضه أو يعتذر عنه. فأنا برفضه ويقول: إذا كان هذا التقدير مغلف في عتاب فبقول لأ ما يصحش إن ده يكون في السر، لازم يكون في العلن، ورحت مطلع ورقة.. وبعدين وأدي هذه استقالتي، بقدم استقالتي من القوات المسلحة.
أحمد منصور: يعني هو ما قلكش الرئيس أقالك إنما..
سعد الدين الشاذلي: لا.
أحمد منصور: قالك أنت انتقلت من وزارة الدفاع إلى وزارة الخارجية؟
سعد الدين الشاذلي: بيقولك تقدير.
أحمد منصور: تقدير.
سعد الدين الشاذلي: بيقولك تقدير من رئيس الجمهورية.
أحمد منصور: بس ده يعتبر تقدير سعادة الفريق؟!
سعد الدين الشاذلي: فهو في بعض الأوقات يروح السفير.. هجيلك بعد كده...
أحمد منصور: طيب ماشى.
سعد الدين الشاذلي: كما قيل قبل كده قالك دا أي رئيس وزارة، أقوله تروح سفير في لندن يفرح.. أيه اللي يخليك أنك أنت ترفض هذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب هل بلغك بالمنصب مباشرة ولا قالك بس إنك انتقلت لوزارة الخارجية؟
سعد الدين الشاذلي: لأ.. هو كده. يعني ما أذكرش ذُكر موضوع لندن هو قال سفير بالدرجة الممتازة، سفير بالدرجة الممتازة دي تبقى فيها حتت معينة، مفيش غير لندن، إذا كان واشنطن.. إذا كان حاجة زي كده..
أحمد منصور: نعم، نعم.
سعد الدين الشاذلي: بس رحت مطلع الورقة ورحت كاتب الأيه..
أحمد منصور: استقالتك.
سعد الدين الشاذلي: الاستقالة.. كذا.. كذا.. كذا..
أحمد منصور: سببت الاستقالة ولا مجرد استقالة بسيطة؟
(7/124)
سعد الدين الشاذلي: لأ استقالة بإن إيماءً إلى ما ذكرت سيادتكم بأن رئيس الجمهورية أمر بكذا كذا فأنا أعتذر عن قبول هذا المنصب، وأقدم استقالتي من القوات المسلحة ورحت ماضي، وواخد بعضي ومروح على أيه، على البيت.
أحمد منصور: وأنت نازل من عنده..
سعد الدين الشاذلي: أيه؟
أحمد منصور: وحضرتك نازل من عنده...
سعد الدين الشاذلي: آه.
أحمد منصور: أيه اللي كان يجوش في نفسك؟
سعد الدين الشاذلي: بقيت أقول: اللهم لك الحمد والشكر إن ربنا اختار لي حاجة موقف لإن الموقف كئيب، الموقف اللي إحنا موجودين فيه كئيب من وجهة النظر العسكرية، ومن وجهة النظر السياسية، وزي ما قلت لك: إن الطرف الآخر بيملي علينا شروطه، وأنا عايز أخلص من هذا فربنا بيخلصني منه بطريقة كريمة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن لم تفكر أنت في الاستقالة رغم كآبة الموقف طوال الفترة الماضية؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، كنت بقول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لماذا؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: بقائي هو حجر يعني، ونقطة معارضة تمنعهم من الانحدار إلى ما هو أكثر من ذلك.
أحمد منصور: وفعلاً كان كده..
سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. إنقاذ الفرقة الرابعة المدرعة، الإعلان اللي هو طلع في الأهرام، واعتذار الأهرام تاني يوم، الاتصال بتاعى بحاتم.. حاتم لغاية دلوقتي في هذا الموقف مكنش يعرف غير حكاية إنهم سبع دبابات..
أحمد منصور: آه..
سعد الدين الشاذلي: فأنا شرحت له الموقف، فأنا زي ما تقول أيه عقلة في زورهم بقى دلوقت، فيعني مبمكنهمش من الانزلاق إلى ما هو أكثر من ذلك فلما جت كده، قلت اللهم لك الحمد والشكر. ورجعت البيت.
أحمد منصور: طب ليه الرئيس السادات ذكر إنه بلغك بالإقالة ليلة 19 - 20 أكتوبر. الآن الحقيقة إنه يوم 13 كما تذكر الآن ديسمبر؟
(7/125)
سعد الدين الشاذلي: ما هو السادات مش كل اللي بيقوله صحيح -مرة أخرى- دا الكتاب بتاعه بتاع "البحث عن الذات" ملئ بالمتناقضات، المهم مش ده الموضوع بتاعنا. قعدت في البيت بعد ساعة ضرب التليفون وكان المتكلم هو اللواء حسني مبارك قائد القوات الجوية..
أحمد منصور: نعم.
سعد الدين الشاذلي: قالي. سيادة الفريق أنا عايز أفوت أشرب عندك فنجان قهوة. قلت له: أهلاً وسهلاً بس يعني ما تخليها لبكرة وبتاع.. منا مش عايز أقوله إن أنا قدمت استقالة، يعني مش عارف إذا كان عارف ولا لأ، قعد يلح إنه عايز يجي ضروري دلوقت، قلت له اسمع بقي أنا منيش رئيس أركان حرب القوات المسلحة لأن أنا قدمت الاستقالة بتاعتي من قيمة ساعة إلى أحمد إسماعيل قالى منا عارف وعلشان كده عايز أجيلك برسالة من الرئيس السادات، قلت له أهلاً وسهلاً، الموقف بيتغير...
أحمد منصور [مقاطعاً]: توقعت أيه بقى دلوقتي؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: توقعت.. واحد جاي برسالة من السادات، شوف هيقول أيه.. جه.. قالي بقى الرئيس طلبني، وقالي أنا عارف إن سعد الشاذلي، وأحمد إسماعيل مختلفين مع بعض، ويمكن مقدرش يوصل الموقف كويس. فأنا عارف إن علاقتك مع سعد الشاذلي كويسه فتروح، وتبلغه إن الرئيس زعلان إزاي إن هو يقول أيه إن هو يقول إنك إنت تروح سفير بالدرجة الممتازة وهتروح بكل الدرجات بتاعتك، يعني مش سفير بماهية سفير بماهية وزير، لأن أنا درجتي وزير..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كرئيس أركان.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: كرئيس أركان.. بكل المميزات الخاصة والمالية بتاعتك والكلام ده كله.. قلت له المسألة مش مسألة. مش مسألة فلوس..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب أنا عايز أسأل سعادتك قبل دي، ليه اختار اللواء حسني مبارك دوناً عن شخصيات أخرى كثيرة؟
سعد الدين الشاذلي: الله أعلم.
أحمد منصور: هل فعلاً علاقتك بيه كانت مميزة عن الآخرين؟
(7/126)
سعد الدين الشاذلي: لأ ما أقدرش أقول مميزة وما أقدرش أقول وحشة، أنا علاقتي كانت كويسة مع الكل، علاقتي كويسة كل يعني، لم يكن هناك أي خلاف بيني وبين الرؤساء رؤساء الأفرع الرئيسية اللي أنا بتعامل معاهم إطلاقاً، كلهم علاقتي بيهم كويسة، إنما ليه اختار هو اللواء حسني مبارك قد يكون هو شعر بإن العلاقة بيني وبينه أفضل...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أفضل من العلاقة.
سعد الدين الشاذلي: يجوز.. يجوز.. فقلت له: هذا ولكن الأسلوب الزي اتبع مهواش مناسب، وبالتالي أنا بأكرر اعتذاري عن قبول هذا المنصب.
أحمد منصور: الرسالة كانت شفوية أم مكتوبة؟
سعد الدين الشاذلي: لأ شفوية.
أحمد منصور: شفوية.
سعد الدين الشاذلي: شفوية فقعد برضه معايا أكثر من ساعة يحاول أن أيه يثنيني، برسالة من السادات، وبعدين اعتذرت.. طيب تاني يوم بقى الصبح كانوا مأخرين الجرايد علشان تطلع على تغيير القيادات ومش عارف أيه والكلام ده كله..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان تغيير شامل، ولا فقط منصب رئيس الأركان؟
سعد الدين الشاذلي: لا.. تغيير شبه شامل لأن اتشال رئيس الأركان، وقائد الجيش الثاني، وقائد الجيش الثالث أيه.. يعني الناس اللي بقى هم بتوع الحرب بقى.. أكثر الناس إلماماً بتفاصيل الحرب بيجنبوا، بيجنبوا..
أحمد منصور: بس همه برضه نقلوا إلى محافظين، وضعوا في مناصب أخرى يعني؟!
سعد الدين الشاذلي: مضبوط.. ما المفروض إننا رايح سفير وأحسن من أيه.. من منصب..
أحمد منصور: من محافظ.
سعد الدين الشاذلي: من منصب محافظ خدت بالك، ولكن فيه واحد قبل وواحد ما قبلش.. يعني أنا رفضت مش عايز.. المهم، وطلعت التعينات والجمصي رئيس الأركان والقيادات اتغيرت، ودون ذكر أيه.. سعد الشاذلي فين مات.. راح.. أُقيل.. ما أقلش.. أبداً.. مفيش حاجة.. استقال.. مفيش حاجة خالص.. استمر الوضع بهذا إحنا قولنا بقينا أيه..
أحمد منصور: إحنا الآن 13 ديسمبر نعم ..
(7/127)
سعد الدين الشاذلي: 13 ديسمبر، وأنا قاعد في البيت بقى وبتاع وبعدين اتصلت بي رئاسة الجمهورية، وقالوا لي الرئيس عايزك، ده كان بقى أيه، آه طلعت الجرائد بعد كام يوم إن أيه الفريق سعد الشاذلي اتعين سفير بالدرجة الممتازة في لندن، وده كان كسر للبروتوكول لإن البلد لما تحب تعين سفير لازم تبعث تستأذن أيه..
أحمد منصور: الدولة المرسل إليها.
سعد الدين الشاذلي: الدولة الثانية وتقول لها الشخص ده كذا وكذا و(الكريكل) بتاعه كذا وكذا..
أحمد منصور: ويحصل على الموافقة..
سعد الدين الشاذلي: ويحصلوا على الموافقة.. ففي عجلة علشان يمشوا الأمور قالك كذا وراح لندن. وأنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأنت هذا الخبر قرأته من الصحف؟
سعد الدين الشاذلي: قرأته من الصحف قرأته من الصحف.
أحمد منصور: يعني أنت عرفت أنك ستعين سفير بالدرجة الممتازة لكن الدولة لم تعرفها؟
سعد الدين الشاذلي: إنما عرفت لندن دي من أيه..
أحمد منصور: من الأهرام؟
سعد الدين الشاذلي: من الجرايد والأهرام والبتاع، وفي نفس الوقت لا بروح هنا ولا هنا ولا أنا عايز لا لندن ولا غير لندن وبعدين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنت غاضب من داخلك؟
سعد الدين الشاذلي: يعني طبعاً مش مبسوط يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حاسس إنك أُهنت يعني؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً طبعاً، وبعدين حاسس مش حكاية أُهنت.. المخطئين عايزين يركبوا الخطأ على أيه على الغير مخطئين ما هي مأساة.. يعني المخطئ.. همه حاسين بالغلط بتاعهم، وعايزين يكلفتوا الموضوع.
أحمد منصور: أنا فهمت من كلام سعادتك إن كأن قادة الجيوش اللي برضة تم إقالتهم من الجيش في نفس قرار إقالتك، ربما كانوا متوافقين معاك كثير من آراءك على أرض المعركة؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. أي واحد عسكري محترف ملوش رغبة في إن هو يجامل الرجل السياسي في الحق أو في مصلحة البلاد لازم يكون معايا لازم يكون معايا لإن مفيش..
(7/128)
أحمد منصور: ماذا حدث حينما بلغك استدعاءك من رئاسة الجمهورية؟
سعد الدين الشاذلي: طيب، هو رئاسة الجمهورية فين؟قالوا: في أسوان. أنا من الناحية الرسمية قدام العالم كله بقى تبع وزارة الخارجية.. تبع وزارة الخارجية.. طيب أروح إزاي؟ قمت قطعت التذكرة على حسابي علشان.. ما هو أنا إذا كنت رايح مأمورية مفروض إن أنا أيه..
أحمد منصور: يقطعولك تذكرة؟
سعد الدين الشاذلي: تذكرة ذهاب وإياب، وآخد بدل سفر كمان علشان أسافر.
أحمد منصور: نعم.
سعد الدين الشاذلي: سواء من الجيش إذا كنت تبع جيش أو....
أحمد منصور [مقاطعاً]: أو وزارة الخارجية اللي أصبحت عليها.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: أو وزارة الخارجية، أنا لا معترف بدول ولا معترف بدول، قمت رحت قاطع تذكرة على حسابي علشان الإصرار والحفاظ على الكرامة، رحت قاطع أيه تذكرة على حسابي على الطيارة.. على أيه..
أحمد منصور: على أسوان.
سعد الدين الشاذلي: على أسوان ورحت أسوان.. كان هناك يعني اجتماع، وكان هناك بداية الحل بتاع فض الاشتباك الأول، و (كسينجر) جاي وبتاع والكلام ده كله، المهم في الميعاد المحدد الساعة 11 رحت قابلت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تفتكر التاريخ بالظبط؟ برضه في ديسمبر؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: لا 6 يناير تقريباً، يا 6 يناير يا 7 يناير..
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم 74..
سعد الدين الشاذلي: آه 74 يعني شوف فات تقريباً يجي شهر أو 3 أسابيع ونص يعني أو حاجة زي كده، من 13 ديسمبر إلى 6 يناير..
أحمد منصور: وأنت كنت قاعد دول في البيت لا بتخرج ولا شيء..
(7/129)
سعد الدين الشاذلي: في البيت. في البيت أقرأ.. أروح النادي.. بتاع.. حاجة زي كده، مفيش، يعني الماهية اللي خدتها بعد كده عن هذه الفترة تعتبر حرام يعني، فرحت قابلت السادات، السادات شخصية المقابلة بتاعته لطيفة يعني، يقول: لا.. لا.. لا يا سعد أنا زعلان منك، أنا زعلان منك إزاي يا أخي ابعت لك حسني مبارك، يقولك أنا جايب رسالة من رئيس الجمهورية، وتقول لأ أنا منيش قابل، وأنا مش عايز أروح، وأنا، أنا، أنا... طب أنا قلت: إن أنت علاقتك مع أحمد إسماعيل يعني يمكن قالها لك بطريقة جافة ولا حاجة، أقوم أنا أبعث لك حسني مبارك، ويقولك: أنا جاي من عند الريس وتقوله: لأ، أنا منيش عايز، ده كلام ده، كلام بالشكل ده، فأنا طبعاً، دورك في القوات المسلحة لا ينكره أحد كان لسه مطلعش "البحث عن الذات" وده يوريلك التناقضات في شخصية السادات إنه هو يلعب يمين وشمال ويغير، ييجي لكل واحد الكلام اللي يعجبه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بيلعب سياسة..
سعد الدين الشاذلي: لا بيلعب سياسة أيه لا.. لا.. أنا ضد سياسة بهذه، السياسة الميكافيللية مش ممكن، لازم السياسة تكون مبنية على مبادئ وعلى أخلاقيات، ما أيام العرب والمسلمين ما كانوا بيحاربوا وكانوا بيعملوا سياسة مع الدول إنما كانت بتربطهم مبادئ وأخلاقيات، فأنا لازلت أتمسك بالمبادئ والأخلاقيات في العلاقات السياسية.
أحمد منصور: ماذا حدث بعد ذلك؟ في نهاية المقابلة أو في..
(7/130)
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]: في نهاية اللي.. وبعدين دخل في حتة بقى نقطة ضعف بتاعتى.. وحبي للقوات المسلحة.. قالي وأنت فاكر إن أنا موديك لندن دي علشان تعتبر الرسالة بتاعتك في القوات المسلحة.. دا أنت ليك رسالة في القوات المسلحة لسه ما انتهتش، دا إحنا داخلين على إعادة تسليح القوات المسلحة المصرية بأسلحة جديدة غربية، وهيكون المركز بتاعها في (ألمانيا) وأنت محطوط في لندن ده كغطاء. وإنك إنت هتكون أنت المشرف على هذه العملية، مين، هنلاقي مين مشرف على عملية إعادة تسليح وانتقاء الأسلحة وبتاع، معنديش معنديش فكرة في هذا الوقت إن رئيس الجمهورية ممكن يكون بيكذب، أنا خدت الكلام كما هو، كما هو، وأنت في لندن، حد يترك حد يرفض سفير في لندن، ده أي رئيس وزارة سابق وموجود لو أقوله هتروح سفير في لندن.. يفضل هذا المنصب عن رئيس وزارة، تقوم أنت ترفضه، ده تكريم لك، ودا مش عارف أيه...
أحمد منصور [مقاطعاً]: اقتنعت؟
سعد الدين الشاذلي: اقتنعت لإني بافترض إن رئيس الجمهورية بيقول الحقيقة..
أحمد منصور: وقبلت؟
سعد الدين الشاذلي: وقبلت، وقبلت..
أحمد منصور: وذهبت إلى لندن؟
سعد الدين الشاذلي: وذهبت إلى لندن في حوالي شهر أيه، أربعة أو خمسة..
أحمد منصور: مايو.
سعد الدين الشاذلي: يعني مايو على ماجت بقى أيه الموافقة الرسمية..
أحمد منصور: وهذه المرة الثانية ذهبت إلى لندن في 61 - 62 كملحق عسكري.
سعد الدين الشاذلي: كملحق عسكري.
أحمد منصور: الآن عدت إلى لندن في 74 كسفير؟
سعد الدين الشاذلي: كسفير.. كسفير.
أحمد منصور: بإيجاز فترة عملك الدبلوماسي...
(7/131)
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]: لا.. لا علشان الحته الثانية بقى اللي هي مرتبطة بالكلام ده، بعدما استقريت كسفير وقالك عن طريق ألمانيا، وبعدين حسيت مفيش اتصالات، مفيش حاجة، قمت أنا سألت السفير الألماني على هذا. اكتشفت إن القصة بتاعة السادات مختلقة من أساسها، وليس لها أي أساس من الصحة، فعرفت أنني خُدعت مرة أخرى.. بأيه، إن أنا قبلت على أساس معين..
أحمد منصور: يعني أنت يعني كان قبولك لمنصب على إنك لن تكون مجرد دبلوماسي وإنما أنت غطاء لدور..
سعد الدين الشاذلي: مجرد سفير بس ولكن لي دور في القوات المسلحة..
أحمد منصور: نعم..
سعد الدين الشاذلي: ولكن أوقات لما القرار بيجي متأخر بيبقى عديم القيمة.. فكان الوقت متأخر إن أنا أيه أعفى...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أتراجع.
سعد الدين الشاذلي: أتراجع عن هذا، واستمريت في عملي.
أحمد منصور: لكن هذا أيضاً جعل في نفسك شيء على الرئيس السادات.
سعد الدين الشاذلي: طبعاً طبعاً.. الله، الراجل بيخدع، مش بيخدع.. هي دي سياسة، أنت بتخدع العدو، ولا بتخدع الناس اللي معاك، وتضحك عليهم، وتقولهم كلام أي حاجة...
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما جايز هو كان مخطط لهذا ولكن الظروف لم تساعده؟
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: لا. لا، أي واحد يفترض إن رئيس الجمهورية عندما يقول ذلك فيكون أيه بيحترم كلمته، وبيعني ما يقول فمكنش جه في دماغي، لا كان لسه قريت له "البحث عن الذات" ولا كان لسسه، كنت بتعامل معاه كإنه أيه.. الكلمة اللي بيقولها لازم تكون هي الصح، المهم..
أحمد منصور: بقيت سفير في بريطانيا عامي 74 و75، أيه الدور الانتقال من حياة عسكرية بدأت في عام 1940 وامتدت إلى 1973، والآن أصبحت تقوم بعمل دبلوماسي بعد 34 عاماً من الخدمة العسكرية التي أوصلتك إلى رئاسة الأركان، وقيادة رئاسة الأركان..
(7/132)
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]: ناخد حته حته.. علشان ما نتوهش أنا أولاً منذ اليوم الأول لوصولي إلى لندن، كان محفوف بالمخاطر قبل ذهابي بيوم أو بيومين، اتصل بي المخابرات العامة، وقالوا لي إن فيه واحد يهودي متطرف اسمه (كاهان) وقالك إن إحنا هنغتال أيه...
أحمد منصور [مقاطعاً]: الشاذلي.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: الشاذلي، وعلشان كده مش عايزينك إنك إنت الرحلة بتاعتك تكون معلنة، وتكون سرية وبتاع...
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده مائير كاهانا اللي قتل بعد ذلك في (نيويورك)..
سعد الدين الشاذلي: اللي قتل بعد ذلك. اللي قتل بعد ذلك، والله أعلم إذا كان هذا الكلام حقيقي.. أو الغرض عدم تضخيم عملية الاستقبال المهم.. اللي حصل إن أنا برضه أيه يعني أبقى مواعد واحد زي حالاتك إن أنا مثلاً هتجيني بكرة أو أنا هفوت عليك بكرة وتصبح تاني يوم تلاقيني سافرت. بايخة يعني إنما قلت أهوه الناس هتقدر هذا الموضوع وسافرت، وقوبلت في لندن.. هناك عندهم طريقة يجيبوا صحفي مندوب عن الإعلام كله. بحيث علشان ما يبقاش فيه أيه.. فقوبلت.. مندوب الإعلام الصحفي دهوه وفي المطار لقيت بيهاجموني يعني يقولك أنت متهم بإنك أنت أديت أوامر أثناء حرب أكتوبر بقتل الأسرى اليهود.
أحمد منصور: نعم.
سعد الدين الشاذلي: ومتهم بإنك عندما كنت ملحق عسكري كان لك علاقة بالحزب الفاشيستي....
أحمد منصور [مقاطعاً]: التي ذكرتها قبل ذلك.
سعد الدين الشاذلي: المكان مرتبط ببعض، قلت لهم: أولاً بالنسبة للاتصال بتاع الحزب الفاشيستي ده، أنا كنت متصل بكل الأحزاب الـ..
أحمد منصور: البريطانية.
(7/133)
سعد الدين الشاذلي: البريطانية، في حدود القوانين البريطانية ولم أنتهك أي أيه أي قانون، ولم يكن بيني وبينه أي علاقات مالية كما تدعون، ولو حصل هذا حقيقي كنت هتقدروا تعتبروني على طول personal Rengorat وتطلبوا منى العودة، وهذا لم يحدث، واستمريت إلى نهاية الخدمة، أما بخصوص إني أنا ضد السامية، أولاً: لا يمكن يكون هذا لأن إحنا من الأصل..
أحمد منصور: ساميين..
سعد الدين الشاذلي: ساميين من الأصل، ثانياً: إن إحنا ناس بتوع دين، والدين بتاعنا بيقول لنا: تحترموا الأسير ولا يمكن إطلاقاً إننا نقتل أسير مش ممكن، ضد مبادئنا، وضد أخلاقياتنا، وضد ديننا، إنما إحنا نقتله في وشه.. طول ما هو لسه شايل السلاح. إنما إذا ألقي السلاح، أصبح في عهدتنا، ولا يمكن إن إحنا نقتله..
أحمد منصور: سعادة الفريق إحنا لا نود أن نسهب كثيراً في التفصيلات الجانب اللي.. عملك كسفير في بريطانيا، ولكن أود بإيجاز لو تقيم لي التجربة؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً استفدت كثير جداً لأن الربط بين السياسة وبين العسكرية وبين المواقف العسكرية، وأذكر إن مثلاً كنت مرة قاعد في احتفال وكان جنبي لورد.. اللي هو كان ماسك وزير خارجية، وزير خارجية الظل في حكومة المحافظين فكانوا همه متأثرين بالدعاية الإسرائيلية، والأمن الإسرائيلي.. قمت أنا بقوله يعني المفروض إن إحنا اللي نكون قلقين لإن إسرائيل هي الأقوى عسكرياً وهي اللي هاجمتنا أكثر من مرة وهي كذا كذا، قام رد قالي أيه جنرال الكلام كل ده كان ممكن يتقال قبل 6 أكتوبر قبل أكتوبر إنما أنتوا أثبتوا إنكم في أكتوبر، إنكم تقدروا تعملوا حاجات كثيرة ماكنش حد متخيل إنكم تقدروا تعملوها، فده يوريلك تأثير حرب أكتوبر على الرؤية...
أحمد منصور [مقاطعاً]: العمل الدبلوماسي عمل مرن.. سياسة، والعمل العسكري عمل واضح المعالم كيف استطعت أن توازن ما بين هذين الجانبين؟
(7/134)
سعد الدين الشاذلي: بالعكس أنا انبسطت، أنا نظرت للموضوع على إنها بقى أيه، أصبحت في فترة أجازة، الأجازات اللي ما خدتهاش في القوات المسلحة كلها قلت آخدها وأطلع رحلة صيد في (اسكتلندا) وأطلع رحلة صيد في (ويلز) والحتت دي فكنت يعني باستمتع بهذه العملية.
أحمد منصور: انتقلت سفير في (البرتغال) في خلال سنوات 76 - 77 - 78 هل اختلف عملك الدبلوماسي في البرتغال عن العمل اللي كنت بتقوم بيه؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً
أحمد منصور: في بريطانيا، والآن أصبحت تعيش دور الدبلوماسي أو السفير بدل دور رئيس الأركان الزي كان من قبل؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً الخلاف الشغل في (لشبونة) غير الشغل في لندن.. لأن لندن مركز كبير جداً وتعتبر قد تدهش إن عدد الدبلوماسيين المصريين في لندن هي أكبر بعثة في العالم، يعني حتى (واشنطن) و(موسكو) عدد الدبلوماسيين وعدد "الاصطاف" الموجودين في لندن يفوق ما هو في أيه...
أحمد منصور [مقاطعاً]: ربما كثير من الدول العربية بنفس الوضع يعني؟
سعد الدين الشاذلي: يجوز، الارتباط الثقافي والارتباط كذا، فـ.. وبعدين لندن مزار لجميع الزعامات العربية، فمكنش فيه أي واحد زعيم عربي يوصل لندن اللي لما يحب يزور الفريق سعد الشاذلي، بتاع أكتوبر وبتاع كذا كذا كذا.. فكان لي نشاط.. كان لي نشاط سياسي، وتأثيري. يعني أطلع، يعني طلعت مثلاً خلال سنة واحدة قعدتها في لندن على التليفزيون البريطاني بتاع أربع، خمس مرات كتبت أكثر من خمس ست مقالات في "التايمز" وفي المجلات، حديث في الراديو، فكان لي نشاط شديد همه اللي بيجروا وراي مش أنا اللي بجري وراهم، وسائل الإعلام يعني.. في كثير من الحالات دي كان بيعتبر فيه نقد غير مباشر لسياسة السادات، وسياسة...
أحمد منصور: ما أنا كنت عايز أسألك عن كده يعني..
سعد الدين الشاذلي: كان فيه
أحمد منصور: خلافك مع الرئيس السادات هل طغى على أو بدأ يظهر في تلك المرحلة..
(7/135)
سعد الدين الشاذلي: طبعاً.. بدأ يظهر بدأ يظهر، واستدعيت من لندن في حوالي شهر أغسطس 74 يعني، كان لسه مابقليش.. للتحقيق معي في محاضرة قلتها في المركز الثقافي المصري.
أحمد منصور: انتقدت أيه، أو كان خلافك الرئيسي أيه؟
سعد الدين الشاذلي: خلافي الرئيسي أيه.. أنا بتكلم كرجل محاضر والمستمعين كلهم ناس Bost Gratuos كلهم خريجي جامعات، وبيعملوا دكتوراه، وبيعملوا حاجات.. كلهم هيكونوا زعماء البلاد العربية بعد عشر سنين مثلاً، ولا 15 سنة، فبيتكلموا عن حرب أكتوبر. مثلاً أرد -دون ذكر السادات- هناك من يقول: إن إحنا خدنا أيه من العرب.. والعرب كانوا عبء علينا واتكلفنا في الحروب بتاعتنا أموال كثيرة، وشهداء كثيرين و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني بشكل غير مباشر كنت تنتقد؟
سعد الدين الشاذلي: بشكل مباشر اللي هو رأي أيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الرئيس السادات
سعد الدين الشاذلي: السادات اللي هو رأي السادات.. وأنا شايف إن هذا رأي خطأ لإن مصر قوتها من قوة العرب بتزداد قوة بالعرب، والعرب بيزدادوا قوة بأيه...
أحمد منصور [مقاطعاً]: من مصر.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: بمصر، وأنتوا مطالبين بإنكم لما ترجعوا إلى بلادكم لازم تأثروا على القيادات السياسية الموجودة علشان.. لازم تكون مصر والبلاد العربية وحدة واحدة، وأنت واخد بالك. نيجي على الكلام بتاع السوفيت، السوفيت ماكانوش بيدونا حاجة وإحنا اللي عملنا الكباري كلها اللي عدي عليها القوات المسلحة، أقولك: هناك من يقول: إن مصر عملت الأيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني على مذهب ما بال أقوام، وكنت تعني الرئيس، وكان هذا الكلام بيصله..
سعد الدين الشاذلي: طبعاً..
أحمد منصور: وبدأ الخلاف يتصاعد
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]: طبعاً.
(7/136)
أحمد منصور [مستأنفاً]: فيه سنة 78 وصل الخلاف إلى الذروة، حينما أعلن الرئيس السادات عن ذهابه إلى القدس، يمكن أن تضع لنا في نقاط ما هي المحاور الرئيسية للخلاف بينك وبين الرئيس السادات؟
سعد الدين الشاذلي: لأ محاور كثيرة، السياسة كلها، يعني لا أنا موافق على السياسة الخارجية، ولا موافق على السياسة الاقتصادية، ولا موافق على السياسة العسكرية كله يبقى يعني مفيش وقت...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن الطريق الزي اخترته من الذهاب إلى الجزائر في 19 يونيو 78 واتخاذ الجزائر منبر للهجوم على مصر وعلى...
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]: لأ. لأ.. Stop ماتقولش للهجوم على مصر، يجب أن نفرق بين مصر وبين حاكم مصر أو حكومة مصر. مصر فوق الجميع، وليس لأحد أن يدعى أنه هو مصر، الكلام ده راح من زمان من أيام... (لوي كاتورز) [Louis 14] لما بيقول لك le tate est moi أبداً، مصر لأ، يُقطع لسان من يهاجم مصر، ولكن الحكومات متغيرة، ومن حق الواحد أن يبدي رأيه في سياسة الحكومة.
أحمد منصور: إبداء الرأي شيء، والهجوم شيء آخر؟
سعد الدين الشاذلي: الهجوم.. ما الفرق.. إحنا للأسف الشديد في البلاد العربية لسه لم نتعود أن نستمع إلى الرأي الآخر. افتح يا أخي الإذاعات البريطانية واللي أيه، والأميركية اللي إحنا بنتخذهم إن دول قمة الديمقراطية، واللي عايزين نقلدهم، وتشوفهم إزاي بيهاجموا رؤساء الحكومات بتاعتهم. إسرائيل العدو، شوفهم بيهاجموا نتانياهو إزاي خدت بالك. إحنا عايزين نفرق بين الحاكم والحكومة، وبين الدولة. الدولة شيء ثابت، وكلنا ولاءنا لها مطلق. أما الحاكم والحكومة فقد نختلف.
أحمد منصور: سعادة الفريق لماذا اخترت الجزائر دوناً عن أي دولة أخرى؟
(7/137)
سعد الدين الشاذلي: والله الجزائر.. الناس الحكام فيها كانوا هم الجيل الزي قام بالثورة، والجيل الثائر يستطيع أن يقدر الثوار نفسهم، بعكس لو انقضى هذا الجيل، وبيجي جيل تاني زي مثلاً جيل ثورة 23 يوليه. طول ما هو في الحكم يبقى اتجاه مصر شيء تاني لما يجي الجيل التاني اللي بعد منه، اللي لم يساهم، واللي استفاد من الثورة يبقى توجهاته مختلفة.
أحمد منصور: كيف اتخذت القرار وأنت سفير ممثل لدولة في البرتغال، لمصر في البرتغال، كيف اتخذت القرار بترك منصبك والذهاب كلاجئ سياسي أو في منفى اختياري حددته لتهاجم سياسة الحكومة أو الرئيس في ذلك الوقت؟ هل القرار كان سهل أنك تتخذه؟
سعد الدين الشاذلي: شوف هو طبعاً مسألة سهل وصعب ده طبعاً للقناعات بتاعتك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قناعاتك كانت فردية بحتة؟
سعد الدين الشاذلي: طبعاً قناعاتي فردية بحتة مين اللي...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني لم يكن أحد يتفق معاك في هذه الآراء أو بيوافقك وفكرتم أنكم تقوموا بـ....
سعد الدين الشاذلي [مقاطعاً]: لا.. لا.. لأ أنا شخص بأعتز بحريتي واستقلاليتي في أني أنا اتخذ القرار المناسب. أنا دلوقتي يهمني إن أنا أرضي ضميري، وأخدم وطني، ولا أغضب الله، يعني الولاء لله الأول. السؤال: علشان أجيبك على هذا السؤال. لمن يكون الولاء؟ هل الولاء للدولة أم للحاكم؟ وهل الولاء لله قبل الوطن ولا بعد الوطن؟ أنا بحط الولاء لله على طول نمره واحد. الولاء للدولة، ثم بعد ذلك أختلف مع أي واحد تاني. فأنا كان ولائي الأول ضميري، وأني لا أغضب الله في إني أقول كلمة كذب أُحاسب عليها يوم القيامة.
أحمد منصور: لماذا رفضت عملية السلام ويعني كان بينظر ليها على إنها ستخلص مصر من حاله الحرب الدائمة وستكون مرحلة جديدة؟
(7/138)
سعد الدين الشاذلي: أي سلام؟! أصل السلام لازم يكون بين ندين، والسلام يكون على أساس تنازل، لما يكون فيه توازن بين القوى يبقى فيه تنازل من هذا الطرف تجاه هذا الطرف، إنما نحن لم نحصل على السلام، سيناء مازالت منزوعة السلاح، فيه قوات محدودة مصرح بيها داخل أيه سيناء، غير مسموح بإن يكون لنا طائرات أو مطار حربي داخل سيناء. غير مسموح لنا أن يكون لنا دفاع جوي صاروخي. الدفاع الجوي اللي هو بيعذب إسرائيل وبيخوفها ممنوع من دخول سيناء. فيبقى هذه القوات أيه؟ ما قيمة هذه القوات؟ قوات تعتبر رهينة يعني، ولكن السلم الحقيقي هو ألا أفقد حريتي في اتخاذ القرار. إنما لما يجي النهاردة نبص تلاقي القرارات السياسية بتاعتنا أيه، تكاد تكون تابعة لأميركا، يقول تكاد تكون علشان مقولش تابعة 100% تكاد تكون تابعة لأميركا..
أحمد منصور: أنت اُتهمت سعادة الفريق بأنك أفشيت الأسرار العسكرية للدولة من خلال الكتب التي أصدرتها ومن خلال المحاضرات، واللقاءات، والندوات التي أقمتها بعد خلافك مع الرئيس، أما تعتقد إن كان خلافك مع الرئيس شيء، وتهمة الإفشاء، إفشاء الأسرار العسكرية أو القيام بإفشاء أسرار عسكرية -إن كان ذلك واقع- شيء آخر كان يجب أن تفرق ما بين الاثنين؟
سعد الدين الشاذلي: أولاً: نمسك على تهمة إفشاء أسرار، أنا بحتكم إلى الشعب العربي وأحتكم إلى كل مثقف، الكتاب بتاعي موجود في المكتبات، وترجم إلى الإنجليزية، والفرنسية، وقرأ في جميع أنحاء العالم. أرجو لأي قارئ يقول لي ما هو السر فيه؟ أنا من وجهة نظري لا أجد فيه سر...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني معنى ذلك إن فيه أسرار كثيرة أنت لم تذكرها في الكتاب؟
سعد الدين الشاذلي: فيه بعض أسرار مثلاً وقتها كانت تعتبر سر، مجبتهاش يعني مثلاً الصواريخ بعيدة المدى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سكود؟
(7/139)
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: اللي هي كانت تُركب في الـ Tu16 ولها مدى. كانت لسه لغاية دلوقتي مهيش معروفة بشكل جازم فمجبتش سيرتها.. الحاجات اللي أنا أعرف.. لأن مفهومي للسر أيه؟ هي المعلومة التي لا يعلمها العدو، والتي إذا علمها فإن ذلك يسبب تهديد لأمن وسلامة بلادي، فمفيش في أي ما قلته يعتبر سر دولة، جايز يكون سر حكومة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب..
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: وسر حاكم. أشياء يريد الحاكم يخفيها عن الشعب.
أحمد منصور: ما الفرق بين هذا وذاك؟
سعد الدين الشاذلي: لا فرق كبير جداً.
أحمد منصور: المرحلة تقتضي ذلك.
سعد الدين الشاذلي: أبداً، أبداً، كل واحد في السلطة يستطيع أن يقول كما يشاء، ولكن لنا عبرة في البلاد الديمقراطية، وقصة الـ Pointing اللي هي حصلت في إنجلترا في أعقاب حرب "الفوكلاند" كان (تاتشر) وهي في الحكم أرادت أن تخفي معلومة عن حزب العموم، مجلس العموم فكان فيه وكيل وزارة اسمه (بونتينج) في وزارة البحرية سرب هذا الخبر إلى أيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وسائل الإعلام.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: إلى وسائل الإعلام، المعارضة بالذات فحزب العمل ثار ضد أيه ضد ضد ضد "تاتشر"، قدموا بونتينج للمحاكمة، الدفاع كان بيقول.. الدفاع عن بونتينج بيقول لك حق الشعب في المعرفة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ربما أي شخص يرد ويقول أن هذا قانون بريطاني وليس قانون مصري.
سعد الدين الشاذلي: لازم نخلي القانون المصري يعمل كده ما الفرق؟ الديمقراطية لا وطن لها. إما نحن بلد ديمقراطي، ونأخذ بالوسائل الديمقراطية، أو غير ديمقراطية، فكان قال لك: حق الشعب في المعرفة، ويجب أن نفرق بين سر الحكومة وسر الدولة. المحافظين بيردوا المدعي العام بقى بيقول لك أيه: سر الحكومة هو سر الدولة لأن الدولة منتخبة بواسطة أيه..
أحمد منصور: الشعب..
(7/140)
سعد الدين الشاذلي: بواسطة الشعب.. قال لك: لأ، قد يتطابق أحياناً سر الحكومة مع سر الحاكم وليس بالضروري أن يكون هناك تطابق تام.
أحمد منصور: يعني سعادة الفريق أنت غير نادم على ما ذكرته في كتابك؟
سعد الدين الشاذلي: إطلاقاً، إطلاقاً، ولو عادت بي الساعة مرة أخرى هأعمل نفس الكتاب..
أحمد منصور: رغم محاكمتك والحكم عليك؟
سعد الدين الشاذلي: رغم محاكمتي، والنهاردة أنا بقولك هذا الكلام يعتبر كأنه في مفهومهم كأنه إذاعة أسرار وأنا غير معترف بهذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني ليس هناك شيء تعتبره سر..
سعد الدين الشاذلي: إطلاقاً.. في كل...
أحمد منصور [مقاطعاً]: فيما تحدثنا فيه طوال عشر حلقات.
سعد الدين الشاذلي [مستأنفاً]: إطلاقاً.. في كل ما قلته لا أجد فيه سر إطلاقاً لأنه معروف لدى العامة والخاصة خارج مصر بصفة عامة.
أحمد منصور: ما تقييمك لتجربتك الحياتية المليئة بالأحداث، المليئة بالمشاكسات -اسمح لي في هذا- كيف تنظر لها الآن؟ يعني كيف تنظر لتجربتك الحياتية؟
سعد الدين الشاذلي: راضي تمام الرضا عما فعلت ولو عادت عقارب الساعة، والأيام إلى الخلف لسرت في نفس الطريق، لأن أنا اليوم أنام وأنا مطمئن، ضميري مرتاح لا أحس بأن أنا أيه، قلت شيء كذب وخدعت بيه ناس وخدعت بيه دولتي أبداً أو خدعت بيه أي حد أبداً بل قلت الحقيقة والجزاء من عند ربنا إن شاء الله.
أحمد منصور: سعادة الفريق فيه مواقف معينة كنت تتمنى أن تصرفك فيها يكون غير التصرف اللي قمت بيه؟
سعد الدين الشاذلي: أبداً الحمد لله، الحمد لله، كل القرارات كانت سليمة 100%.
أحمد منصور: حتى يعني قرار إقامتك في الجزائر، وطوال الفترة اللي أقمتها هناك 14 عام تقريباً، واعتبرت إنك أنت معارض، ويعني بتهدد سياسة الدولة أو بتهاجمها أو شيء من هذا القبيل؟
(7/141)
سعد الدين الشاذلي: ما تقولش الدولة، قول سياسة الحكومة، ما هو لازم نفرق بين الدولة والحكومة دي نقطة هامة جداً. نقطة هامة جداً. الحكومة متغيرة والدولة ثابتة. مصالح الدولة ثابتة، مصالح الحكومة متغيرة.
أحمد منصور: لازال لك طموح تود أن تحققه في حياتك؟
سعد الدين الشاذلي: مفيش غير إرضاء ربنا.. أنا راجل عندي 76 سنة، جاوزت الـ 76 سنة، سومفيش غير إرضاء ضميري، وإرضاء ربنا بس ولا طموح آخر.
أحمد منصور: لازلت معارض للسلام ولاتفاقيات "كامب ديفيد"..
سعد الدين الشاذلي: طبعاً. طبعاً. أي سلام، "واي بلانتيشن" دي تعتبر سلام. ياسر عرفات مجرد وزير داخلية للأراضي في حكومة نتنياهو بالنسبة للأراضي المحتلة، والمهمة المنوط بيها إن هو يدمر يعني قوات حماس، وقوات الجهاد.
أحمد منصور: قضيت عام ونصف في السجن الحربي بتهمة إفشاء الأسرار العسكرية..
سعد الدين الشاذلي: آه..
أحمد منصور: كيف مرت عليك هذه الفترة؟
سعد الدين الشاذلي: مفيش.. مرت سريعاً وكنت بأقرأ القرآن، واستفدت منها كثيراً جداً، يعني أتاحت لي أن أقرأ القرآن فوق من 70 مرة لأن كنت كل عشرة أيام بأتم القرآن كنت بأقرأ كل يوم ثلاثة أجزاء.
أحمد منصور: سعادة الفريق، هل فيه شيء كنت تأمل أن تحققه ولم تحققه في حياتك؟
سعد الدين الشاذلي:لا، الحمد لله سوف أصل أنا مؤمن بالقدر كمان.. يعني ما هو الإيمان.. جزء مهم من الإيمان أن تؤمن بالقدر، فالمطلوب إن الواحد يفعل ما يعتقد أنه صح، أما النتيجة فلا.. مش بتاعتك، النتيجة بتاعة ربنا وده جزء من القدر وأنا أؤمن بالقدر تماماً..
أحمد منصور: ما رؤيتك لمستقبل الأمة العربية؟
(7/142)
سعد الدين الشاذلي: بالنسبة للمستقبل البعيد في صالح الأمة العربية، والأمة الإسلامية، وسينتصر العرب والمسلمون على إسرائيل. هذا مما لا شك فيه، لأنه وعد إلهي، والوعد الإلهي لا نقص ولا إبرام بالنسبة له، فهذه حقيقة وكما قلت لك الرؤية الاستراتيجية بتؤكد ذلك، فالأسف إحنا بنمر بمرحلة سيئة، مرض باعتبره مرض مؤقت ولكن سنبرأ منه -إن شاء الله- والطريق اللي هيوصلنا له إن إحنا نأخذ بالديمقراطية الحقيقية.. الديمقراطية ثم الديمقراطية ثم الديمقراطية.
أحمد منصور: في ختام هذه الشهادة التي قدمتها على العصر، ما الذي تقوله للأجيال التي تعيش الآن، والتي تستمع إليك، والأجيال اللاحقة -أيضاً-؟
سعد الدين الشاذلي: أقولهم إن حياتي كانت مليئة بالمتاعب والمشاق نتيجة إن أنا كنت بأتمسك برأيي وبالحق بأن أكون دائماً في جانب الحق، ولكن بالرغم من هذه المشاكل وصلت إلى أكبر منصب عسكري ممكن أن يطمع فيه واحد، وهو رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وفي وقت من أصعب الأوقات التي هي حرب أكتوبر، فهذا من فضل الله، فمش عايز الناس تخاف إنها تقول كلمة الحق. تقول كلمة الحق حتى لو تسبب ذلك في بعض المشاكل، ولكن فليتأكدوا إن هذه المشاكل مؤقتة وإن ربنا سيعوضهم بعد ذلك، وتعويض ربنا سيكون أجزل وأكثر إن شاء الله.
أحمد منصور: سعادة الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية أشكرك شكراً جزيلاً على ما تفضلت به على مدي عشر حلقات من شهادة مفصلة على العصر.
سعد الدين الشاذلي: شكراً جزيلاً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع ضيف جديد في برنامج (شاهد على العصر) هذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.(7/143)
جيهان السادات، أرملة الرئيس السابق أنور السادات(7/144)
السبت 18/10/1421هـ الموافق 13/1/2001م، (آخر تحديث) الساعة: 13:54(مكة المكرمة)،10:54(غرينيتش)
جيهان السادات - الحلقة1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
جيهان السادات، أرملة الرئيس السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
08/01/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة مع شاهد جديد على العصر. شاهدتنا على العصر في هذه الحلقة والحلقات القادمة السيدة جيهان السادات.
تُعتبر السيدة جيهان صفوت رؤوف وشهرتها جيهان السادات أكثر النساء اللائي ظهرن خلال القرن العشرين إثارة للجدل في المنطقة العربيَّة، حيث لازالت هناك كثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام تُثار حول طبيعة الدور الذي لعبته في الحياة السياسيَّة في مصر، ليس خلال فترة رئاسة السادات لمصر بعد وفاة جمال عبد الناصر في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970م فحسب، وإنما منذ زواجها بأنور السادات في عام 1949م وحتى اغتياله في السادس من أكتوبر عام 1981م.
وُلدت جيهان صفوت رؤوف في حيِّ الروضة بمدينة القاهرة عام 1933م لأم بريطانية مسيحيَّة هي السيدة (جيلاديس تشارلز كوتريل) وأب مصري مسلم هو السيد صفوت رؤوف.
التقت مع السادات للمرة الأولى في السويس لدى قريب لها صيف عام 1948م، وكانت في الخامسة عشرة من عمرها، حيث وقعت في غرامه وقررت الزواج منه رغم أنه كان متزوجاً ولديه ثلاث بنات، وبالفعل تزوجته جيهان في التاسع والعشرين من مايو عام 1949م بعد طلاقه لزوجته الأولى. ولدت له جيهان أربعة أولاد، هم: لُبنى وجمال ونهى وجيهان الصغيرة التي التقيتها مع بناتها أثناء أحد أيام التصوير.(7/145)
شاركت جيهان السادات زوجها الرئيس الراحل معظم الأيام والأحداث الهامة التي شهدتها مصر، بدءاً بليلة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952م حينما اندلعت الثورة، وكانت معه في السينما مروراً بالصراعات التي قامت داخل مجلس قيادة الثورة والمناصب المختلفة التي تولاها السادات أثناء رئاسة عبد الناصر لمصر، رافقت السادات في زيارته المثيرة للجدل التي قام بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية حينما كان رئيساً لمجلس الشعب المصري عام 1966م.
عايشت الصراع الذي قام بين عبد الناصر والمشير عامر خلال فترة الستينيات، حيث كان بيت السادات هو الملجأ لكل منهما، حتى بعد وقوع الهزيمة عام 1967م.
ورغم أن عبد الناصر بعد انتحار المشير في سبتمبر عام 1967م منع أعضاء مجلس قيادة الثورة من المشاركة في جنازته إلا أن جيهان شاركت في الجنازة، وذهبت إلى مسقط رأس المشير.
بدأت نشاطها العام بداية الستينيَّات إلا أن دورها بدأ يتبلور بعد تعيين السادات نائباً لرئيس الجمهوريَّة في التاسع عشر من ديسمبر عام 1969م، ثم اختياره رئيساً بعد وفاة عبد الناصر في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970م، وكانت بداية حكم السادات لمصر هي بداية أيضاً لدور سياسي جديد مثير للجدل فرضته جيهان السادات على الحياة السياسيَّة المصريَّة هو دور زوجة الرئيس التي أخذت لقباً جديداً أيضاً في تاريخ مصر السياسي الحديث هو لقب (سيدة مصر الأولى) التي تَدَّعي جيهان أنها لا تعرف حتى الآن مَنْ الذي أطلق عليها هذا اللقب، وبذلك أصبحت هناك مؤسسة توصف بأنها مؤسسة موازية لمؤسسة الرئاسة هي مؤسسة زوجة الرئيس.
شهدت مع السادات كل الأحداث الهامة، وشاركت في صناعة كثير منها، وتبنت بعض المشروعات على رأسها مشروع تنظيم الأسرة ودعم الدور السياسي للمرأة، وعدَّلت بعض القوانين على رأسها قانون الأحوال الشخصيَّة الذي لازال يُعرف في مصر حتى الآن بقانون جيهان.
(7/146)
رافقت السادات في معظم رحلاته وأسفاره التي قام بها خارج مصر، وكما كانت معه ليلة الثورة كانت معه يوم اغتياله في المنصة في السادس من أكتوبر عام 1981م.
أخذتني حيث كان يجلس السادات، وحيث كان ينام، وحيث كان يمشي، وشاهدت لوحاتها الزيتيَّة التي رسمتها على مرِّ السنين، والتي تزين بها جدران منزلها الذي تعيش فيه منذ عُيِّن السادات نائباً لرئيس الجمهوريَّة عام 1969م، ولأنها لم تكن مجرد زوجة لرجل حكم مصر أحد عشر عاماً في فترة خطيرة وهامة من تاريخ مصر الحديث، وإنما كانت تشارك بشكل أو بآخر في صناعة القرار فإن شهادتها تمثل أهميَّة خاصة، لأنها -أيضاً- شهادة على عصر السادات.
أود في البداية أن أعود بكِ إلى حيِّ الروضة حيث وُلدتِ ونشأتِ ومؤثرات النشأة الأولى في حياتك.
جيهان السادات:
طبعاً النشأة لها تأثير مؤكد على الإنسان، أنا نشأت في الروضة في جو هادئ بين أم وأب، حقيقي أمي إنجليزيَّة مش مصرية، لكن جمع بين أبويا وأمي حب شديد جداً اللي خلاه اتجوزها وجابها مصر، فكان البيت كله شعور بالحب والحنان والإحساس بأولادهم ويعني كان اللي أذكره وأنا طفلة أبويا كان يقعد معانا كتير ووالدتي ويدونا من وقتهم كثير مش يعني .. دي مهمة جداً، ودايماً أنا بأصر حتى في كلامي على الأطفال إن لازم يستمعوا .. الأب والأم يستمعوا لأولادهم ويشوفوا مشاكلهم ويختلطوا بيهم، ده بتحمي الأطفال.
فأنا الحقيقة طلعت في جو هادي جميل، أب وأم بيحبوا بعضهم، وبيتفانوا في تربيَّة أولادهم، فالحقيقة كانت بيئة يعني أقدر أقول بيئة جميلة إنها تطلعنا يعني هاديين وكويسين.
أحمد منصور:
والدتك هي السيدة جيلاديس تشارلز كوتريل.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
بريطانية.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
والدك هو السيد أو الدكتور صفوت رؤوف.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
كان في وزارة الصحة، تَعرَّف عليها في بريطانيا، وتزوجها..
(7/147)
جيهان السادات [مقاطعة]:
نعم، وهو بيدرس في (شيفلد) أيوه.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
نعم، وجاء بها إلى مصر.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
أم إنجليزية.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
وأب مصري، وحياة في مصر، أيضاً أما يدخل هذا في إطار شيء من التجاذب بين الأب والأم حول الأولاد ونشأتهم وتربيتهم مع اختلاف العادات والتقاليد والدين أيضاً؟
جيهان السادات:
ده صحيح، هأقول لحضرتك حاجة، يعني كان تأثير والدي أكبر بكثير من تأثير أمي، شخصيته كانت أقوى بكثير من شخصيَّة أمي، فكان الأثر الأكبر والأوقع من والدي، يعني أولاً: أمي وهي كانت إنجليزيَّة مسيحيَّة، ولكنها كانت تصوم معانا رمضان، وأنا أذكر إن أنا صمت رمضان أول مرة يمكن وأنا عندي 8 سنوات صمت كذا يوم، يعني كان البيت ديِّن، وكنت بأصلي وأنا طفلة، يعني مش وأنا كبيرة.
يعني كنا صحيح فيه جارتي كان لها تأثير عليَّ في هذا من ناحية الصلاة والصوم والحاجات دي، لكن أيضاً البيت كانت والدتي تشارك معانا علشان ما تخليش فيه فروق نحس بها، لكن طبعاً كان العادات يعني العادات الأجنبيَّة غير العادات المصريَّة، يعني أذكر مثلاً أو يمكن ما أوعاش على إن مثلاً وأنا طفلة كنت لما أقع كانت عمَّاتي يجروا عليَّ وهي أمي تبقى قاعدة تقول لهم: سبوها، سبوها تقع هي حتقوم لوحدها، يعني فيه فرق في العواطف حتى والأحاسيس بين طبعاً الأم المصرية والأم الأجنبيَّة، لكن هي ربَّت فينا الحقيقة ..
أولاً كانت متمسكة جداً ببلدها، لأنها من شيفلد، وشيفلد معروفة بالفضة، فكانت دايماً تقول: شوفي الفضة دي مصنوعة في بلدي، شوفي دي جات من شيفلد، يعني كان لها حب وتمسك ببلدها، ما نسيتهاش، غرست فينا بالطبيعي كده إن إحنا نحب بلدنا، ونتمسك بمصريتنا، ونتمسك بالوطن بتاعنا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن هي لم تكن تتردد على بريطانيا؟
جيهان السادات:
(7/148)
لا، خالص .. خالص، ما راحتش إلا متأخر جداً، لأن قامت الحرب كمان بعد كده...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هناك ما يشير إلى أن أصولها تعود إلى مالطا وليس إلى بريطانيا؟
جيهان السادات:
نهائي، نهائي .. ده كلام، أنا استغربت جداً، ولو كان أصولها من مالطا يعني ده لا أنكره..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما الذي يعيب هذا أيضاً؟ نعم.
جيهان السادات [مستأنفة]:
بالظبط .. لا أنكر هي إنجليزيَّة صميمة من شيفلد.
أحمد منصور:
بقيت والدتك على دينها.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وكما ذكرت أنت في كتابك كانت تحتفظ بصليب في...
جيهان السادات [مقاطعاً]:
في حجرة نومها. نعم .. نعم.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
حجرة نومها، أنت كطفلة الآن يعني تتنازعين ما بين أم تختلف عن المجتمع كله في هويتها، في دينها، في عبادتها، وما بين مجتمع، حتى في لغتها، وما بين مجتمع آخر، ألم يحدث هذا أو يؤثر عليك أي تأثير سلبي أو تناقضي في بداية حياتك كطفلة؟
جيهان السادات:
نهائي، نهائي هأقول لحضرتك أنا مرة بنت، وأنا صغيرة جداً، بنت سألتني في المدرسة، وأنا كنت في مدرسة إرساليَّة فكان أغلبها مسيحيين والمدرسين مسيحيين كلهم، والناظرة كانت إنجليزية وكانت صديقة لوالدتي، فمرة بنت سألتني قالت لي: إزاي أنت مسلمة ومامتك مسيحيَّة؟ فأنا يعني استغربت، لأني كنت طفلة ما أوعاش أيه يعني الفروق دي، فرحت البيت وسألت مامتي، قلت لها، قالت لي: فعلاً أنا مسيحيَّة وأبوكِ مسلم، وأنت مسلمة.
لكن عايز أقول لك حاجة: إن ربنا بتاع الأديان كلها وأنت تطلعي مسلمة لأن والدك مسلم، لكن تحترمي الأديان الأخرى، وده عندكم في القرآن مذكور، فيعني طلعتنا الحقيقة أولاً ما فرضتش علينا، وما راحتش كنيسة عمرها وهي متزوجة لأبويا نهائي، يعني كانت ساعات أشوفها بتصلي في أوضتها، لكن كانت دايماً...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مجرد رؤيتك دي ما كانتش بتعمل عند خلل؟
جيهان السادات:
(7/149)
لا، نهائي.
أحمد منصور:
ولا رد فعل عكسي؟
جيهان السادات:
ولا .. أبداً، أنا معتقدة إلى يومنا هذا إن ربنا للكل، وإن ما حدش اختار دينه، أنا ما اختارتش إن أنا أطلع مسلمة، أنا طلعت لأن والدي مسلم، وهي ما اختارتش تطلع مسيحية لأن اتولدت لقت والدها مسيحي...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا. أنا هنا بأسأل عن الانعكاسات، وليس عن هذه الأشياء، لأن دائماً الإنسان إذا وجد في بيئة فيها أي شيء متناقض بيكون لها تأثير عليه وعلى شخصيته.
جيهان السادات:
ده صحيح، ده صحيح لو إن الشيء متناقض، لكن الشيء ما كانش في بيتنا متناقض، لأن كنا عارفين إن إحنا مسلمين، عارفين إن أبونا موجود معانا، وبنصلي وبنصوم، وعماتي تأثيرهم كان كبير جداً علينا، لأنه كانوا قريبين لنا ومختلطين معانا خالص، فكانت تأثير والدتي لوحدها، ما كانش فيه .. يعني أنا ليَّ خالة ما شوفتهاش إلا وأنا مِجَوِّزة وأنور السادات رئيس جمهورية، يعني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذه التي ذهبت والدتك إلى بريطانيا..
جيهان السادات [مستأنفة]:
شيفلد .. أيوه، عشان تشوف أهلها، لكن يعني ما ليش مفيش تأثير بريطاني عليَّ نهائي .. نهائي ولا تأثير دين آخر عليّ نهائي وأنا صغيرة، لأن والدتي الحقيقة كانت بتلعب الدور ده، هي عارفة إنها اِجَوِّزت مسلم، وعارفة إن الولاد دول مسلمين، فعمرها ما إلا كانت دايماً بتحثنا على يعني نصلي، ماعمرهاش كانت .. يعني كانت تفكرني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تعلمت العربية في البداية؟ كانت تتكلم باللغة العربية؟
جيهان السادات:
كانت بتتكلم بالعربي، وحاولت إن إحنا تكلمنا بالعربي وإحنا أطفال، لأن قالت برضو مصريين وطالعين في مصر، وإحنا لغتنا العربية أقوى بكثير جداً من لغتنا الإنجليزيَّة، خصوصاً وإحنا أطفال، بس العربي بتاعها طبعاً كان عربي بتاع أجنبيَّة مكسر، حتى كنا ساعات نقعد نضحك على بعض التعبيرات اللي تقولها يعني.
أحمد منصور:
(7/150)
ذكرتِ أن عمة صديقتك رجاء لعبت أيضاً دور مؤثر عليك من خلال أنها كانت سيدة محجبة؟
جيهان السادات:
نعم، نعم، متدينة ومحجبة.
أحمد منصور:
ومتدينة، وأنتِ في نفس الوقت ذكرتِ إنه كان هناك فروق ما بين ما تجديه هناك وبين ما تجديه في بيتك.
جيهان السادات:
هو مش من الفروق الكبيرة، لكن عمة صاحبتي وصديقتي رجاء زين الدين كانت زميلة ليَّ في ابتدائي، وكنت أحبها، وكانت جارتي ساكنة جنبي، فأما كنت أروح أزورها ونذاكر سوا عمتها كانت محجبة ومتدينة جداً، فهي اللي خدتنا كأطفال، هي اللي قعدت تعلمنا الوضوء والصلاة، وهي اللي كانت بتدينا دروس دينَّية، وهي اللي خلتني يعني الحقيقة، وأنا يعني مثلاً عندي 13 سنة و12 سنة ماكنتش ألبس غير كُم طويل وكانت أمي كانت تندهش، يعني ساعات تقول لي: ليه؟ في سني مستغربة، فأقول لها: لأ، أنا عايزة كده، يعني ما أتحجبتش صحيح لكن كنت دائماً ألبس بلوزات بكم طويل وجونلات عشان يبقى.. وده كان غريب شوية يمكن في وقتي، وفي سني لكن كان ده تأثير..
أحمد منصور:
يعني كان الشائع غير ذلك؟
جيهان السادات:
آه طبعاً .. طبعاً كان الشائع كله من غير كمام وبنص كُم وكده يعني أنا خدتها كده حشمة بطريقة في سن مراهقة، يعني في سن اللي هو البنات بقى بتقعد تورِّي أيديها وما أعرفشي أيه، وتعمل فتحات كبيرة في صدرها وكده كان العكس عندي، وده يرجع فضله لأبلة نعمة عمة رجاء زميلتي.
أحمد منصور:
أنا أيضاً لاحظت شيء في كتابك "سيدة من مصر" الذي يعتبر بمثابة مذكرات بالنسبة لك، وأشكرك على النسخة التي أهديتها لي قبل عام.
جيهان السادات:
أيوه .. لا.. العفو، العفو.
أحمد منصور:
لاحظت إنك تعمدتِ تتكلمي كثيراً في البداية عن الإخوان المسلمين، وعن أنك كنت تجمعي تبرعات وتعطيها للإخوان المسلمين، وعن دور الإخوان المسلمين وتأثيرهم في المنطقة.
جيهان السادات:
ده صحيح.. صحيح.
أحمد منصور:
(7/151)
هل أنتِ تعمدتِ إنك تبرزي هذا الجانب أيضاً لتغطي على جوانب أخرى، أم أن هذه مؤثرات حقيقية؟
جيهان السادات:
لا.. لا.. دي مؤثرات حقيقة، أنا نشأت في حي الروضة، والروضة كان .. يعني أنا كنت أشوف وأنا عندي 13 سنة، أشوف الشباب اللي زييِّ.. قَدِّي وأكبر مني شوية اللي هو يعني أيه .. البنت تتطلع إنها تبص لهم في هذا السن ألاقيهم بيصلوا، بيروحوا الجامع، متدينين، جيراننا، أنا بأتكلم على جيراني اللي حوليَّ في الروضة، فكنت الحقيقة مُقَدِّرة هذا، مقدرة وأنا من ناحيتي تأثير أبلة نعمة علىَّ إن هو الدين والتمسك بالمثل والمبادئ، فكنت فرحانة جداً إن فيه شباب صغير قَدِّي وأكبر مني حاجة بسيطة متدين وبيصلي وأسأل يقولوا لي: دُوُل في الإخوان المسلمين، دُوُل شباب الإخوان المسلمين.
فالحقيقة كانت دي عندي لها تأثير كبير لدرجة إن أنا كنت أجمع مصروفي وهو قليل جداً يعني في هذا الوقت، مصروف أختي، ومصروف إخواتي، وبنت عمتي وولاد عمتي، وعماتي أروح أقول لهم: ادوني فلوس علشان حأتبرع بها. فيدوني ويدوني حاجات يعني بسيطة لكن كنت أبقى سعيدة جداً وأنا آخذها وأروح، وبيننا وبين بيت الشيخ حسن الهضيبي بيت واحد، في وسطنا يعني، فكنت أروح له بسهولة وأرن الجرس، وجرأة يعني مني وأَرن الجرس، وفي الظرف اللي معايا مبلغ بسيط يعني ماهوش كثير، وأقول له: ده مني للإخوان المسلمين، يعني لأنه بيساعدوهم في حاجات وبيلعموا حاجات في الجوامع، وتعليم، وزي مستوصفات لعلاج الناس الفقراء، فكنت مبسوطة جداً بالنشاط بتاعهم، ومبسوطة بالتدين والتمسك بالأخلاق.
أحمد منصور:
يعني ألم تتعمدي أن تتحدثي عن ذلك في كتابك.
جيهان السادات:
لا، لا، حأقول لحضرتك.
أحمد منصور:
لأنكِ حينما أصبحتي.
جيهان السادات:
زوجة.
أحمد منصور:
(7/152)
زوجة الرئيس الرئيس وسيدة مصر الأولى انتقدتي كثيراً بالنسبة لبعض الأشياء التي سنأتي عليها لاحقاً، بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية وأشياء يعني يقال إنها تخالف أو ضد التوجه الإسلامي العام في البلد فتعمدتي الآن أن تتحدثي عن تدينك وأنتِ صغيرة وكذا؟
جيهان السادات:
لا، لا، لا، لا، هأقول لحضرتك لم أفعل شيء لا ضد الإسلام ولا خارج الشريعة، وقانون الأحوال الشخصية.
أحمد منصور:
لا، سنأتي له، أنا بأقصد في تعمدك الآن في كتابك،في مذكراتك والإشارة إلى أن طفولتك كان طفولة متدينة وأن كان وعيك بالإخوان وتروحي تعطي تبرعات للإخوان؟
جيهان السادات:
لا.. لا، دي حقيقة، دي حقائق حصلت في حياتي، فلا أنكرها ولا أبالغ فيها نهائي.
أحمد منصور:
أيضاً يعني بالنسبة للإخوان هنا قامت حرب 48 وأنتِ اتكلمتي عن هذا الأمر، وعيِّك كان .. أنت ولدتِ في العام 1933، يعني في 1948م كان عمرك حوالي 15 سنة تقريباً.
جيهان السادات:
بالظبط.
أحمد منصور:
وأنتِ في الخامسة عشر من عمرك وبنت ولستِ شاب، كيف كان وعيك السياسي في تلك المرحلة؟ كيف كان وعيك عن الحرب؟ كيف كان وعيك عن إن بلدك مصر محتلة من بريطانيا التي هي بلد والدتك في نفس الوقت؟
جيهان السادات:
أهي دي بقى التناقض اللي كان في داخلي فعلاً، يعني أنا أذكر حأنط نطة ثانية 1956م لما كانت بورسعيد بتضِّرِب، والدتي إنجليزية وأنا كنت حامل على الآخر وولدت فعلاً من الرهبة قبل ميعاد الولادة بشهرين وشوية، شهرين وأسبوع، وطبعاً ده دليل الانفعال وده اللي قالوه الدكاترة أيامها، يعني.
(7/153)
لكن كان التناقض في أيه؟ إن أنا كنت أقول لمامتي نفسها، ساعات أقول لها: ليه بتعملوا فينا كده؟ ليه بتضربونا؟ فهي تبص لي الحقيقة وتقول لي: يا بنتي مش أنا، مش أنا يعني دي سياسات لا أنا لي دخل فيها ولا أنتِ ولا .. فيعني كان فيه نوع من الأيه، يعني أكره الإنجليزية وفي نفس الوقت أحب والدتي وأحترمها جداً، وده كان نفس الشيء بالنسبة لأنور السادات فيما بعد، يعني كان يحب والدتي ويقدر الإنسان، لكن يكره الاحتلال، وأنا نفسي كنت أكره الاحتلال وكنت دائماً برضه في أي نشاط، يعني مثلاً أيام جواد حسني في قناة السويس وكان له دور، وعلى فكرة جواد حسني والدته إنجليزية برضه.
أحمد منصور:
سآتي إلى موقف حديث بينك وبين الرئيس عبد الناصر بعد ذلك.
جيهان السادات:
أيوه، أيوه، فيعني بالعكس كان عندي وطنية يمكن تستغرب حضرتك والله ما بأقولها مبالغة كانت تزيد عن الابنة اللي أبوها وأمها مصريين، ما أعرفش ليه، لأن كان فيَّ نوع من الـ .. يعني حب لبلدي وحب للوطن غريب .. ومازال فيَّ لغاية الآن، وهو ده سبب زواجي من أنور السادات.
أحمد منصور:
سآتي للسبب، ولكن مصادر ثقافتك أيه في 1948 وأنتِ في هذا العمر، وفي هذا السن وانتقلتِ من مدرسة الإرسالية الابتدائية إلى المدرسة..
جيهان السادات:
الأورمان الثانوية.
أحمد منصور:
الثانوية؟ نعم.
جيهان السادات:
حب بلدي، مش عايزة حد يحتلها، مش عايزة .. كان أيامها الإخوان بيتمسكوا أيام الملك ويتعذبوا، وأنا فاكرة كان فيه واحد اسمه مالك على ما أذكر اتمسك وكان..، كان له قصة كده في الجرايد، هرب، أو كانوا بيدوروا عليه وعلى بال ما مسكوه أنا كنت بأتعذب عشانه، وأنا لا أعرفه ولا شيء، لكن عارفة إن دُوُل بيقوموا بدور وطني، فكان يعني نوع من التأييد وحب للي بيعملوه لأن عارفة دُوُل بيخدموا بلدي، وضد الاستعمار، وضد الاحتلال، فَدَه كله كان شيء في نفسي شديد جداً يعني.
(7/154)
وحأقول لحضرتك تستغرب يعني أكثر من إخواتي اللي هم في نفس البيئة ونفس البيت، وأكثر .. يعني والدي اتحبس ليلة، وكان في مظاهرات في أسيوط، كان والده اللي هو جدي حكيم باشا هناك، دكتور، في أسيوط وابنه اللي هو والدي اتمسك في مظاهرات وحبسوهم ليلة علشان ضد الإنجليز، فيعني فيه وطنية في البيت برضه، وفيه حب، وزيِّ ما كانت أمي تحكي لي عن الوطنية اللي عندهم في بلدهم، وإزاي كانوا أيام الحرب بيضحوا وبيساعدوا الجيش بتاعهم بتغرس فيَّ أيضاً الوطنية لبلدي.
أحمد منصور:
كان فيه قوى سياسية أخرى موجودة على الساحة في ذلك الوقت غير الإخوان، ألم تسمعي عنها؟ ألم تحتكِ بها؟ ألم..
جيهان السادات:
زي أيه؟
أحمد منصور:
يعني كان فيه حزب الوفد في ذلك الوقت، كان فيه أحزاب أخرى مختلفة موجودة على الساحة.
جيهان السادات:
آه .. مصر الفتاة و .. لأ يعني الحقيقة يعني إعجابي كان بالإخوان بس قدر بقى يعني سنِّي ومعلوماتي.
أحمد منصور:
كان عندك مصادر ثقافتك لم تحدثيني عنها، هل كنت تقرأي الكتب؟ تطالعي الصحف؟
جيهان السادات:
نعم، نعم، نعم.
أحمد منصور:
أيه طبيعة القراءات في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
(7/155)
أيامها.، أولاً أنا أحب أقرأ كثير جداً، فكنت الصحف دائماً متابعة للأحداث اللي بتجري حولي، ثانياً فيه مكتبة هنا في الجيزة يعني رحت لها برضو وأنا عندي يمكن 9 سنين، وبرضو خدت مصروفي ورحت عشان أشتري مجموعة كتب، وعايزة أثقف نفسي قراءة ومعلومات يعني بجانب الدراسة، فأنا أذكر قوي الراجل بص لي كده وضحك ولما شاف الفلوس اللي معايا يعني بأديها له وواخدة كذا كتاب، فطبعاً كان الفلوس اللي معايا مصروفي يمكن ما يجبش كتابين ولا كتاب، فضحك الراجل وكان لطيف جداً وشجعني، وقال لي: بُصّي المصروف بتاعك ده أنا حأخد منه اشتراك حتبقي مشتركة هنا في المكتبة عندي وتيجي تقرأي وترجعي الكتاب، وتأخدي غيره وترجعي، وبالطريقة دي حتقرأي أكبر عدد ومش حتدفعي فلوس كثير، فهو ساعدني الحقيقة بطريقة فأبتديت بقى أقرأ مثلاً...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تفتكري الكتب الأولى اللي قرأتي فيها؟
جيهان السادات:
أول كتاب أفتكره كويس جداً زيِّ النهارده للمنفلوطي كان كتاب مترجم عن (سيرانو دي براجراك) الرجل..
أحمد منصور:
العبرات.
جيهان السادات:
الراجل .. هي قصة فرنسية عن رجل، هي قصة رومانسية، أحَبَّ واحدة وهو كان مناخيره وحشة وشكله وحش قوي فكان بيتدارى ويسمعها كلام حلو وهي حبِّته من غير ما تشوفه.. يعني لما شافته بعد كده يعني ما همهاش بقى مناخيره ولا حاجة، يكفي اللي سمعته منه واقتنعت به، يعني فيه حاجات، وقريت بقى عن مثلاً (مدام كوري) اللي عملت (الريديوم) وإزاي كافحت؟ وإزاي عاشت سنين أغلب عمرها في المعمل علشان تخترع شيء يفيد البشرية، يعني الحاجات دي كانت، وقصص عن طبعاً السيدة خديجة وزوجات النبي والسيدة عائشة، يعني قريت حاجات كثير.
أحمد منصور:
يعني لم يكن هناك توجيه لك وإنما كانت معظم قراءاتك من اختياراتك أنت؟
جيهان السادات:
من اختياري أنا شخصياً في هذا السن، وطبعاً كتب مبسطة، مش هأقول لحضرتك...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(7/156)
كان لكِ صديقات بقيت صداقتك معهن منذ تلك الفترة.
جيهان السادات:
آه طبعاً مثلاً عُلا بركات، وهي زوجة الأستاذ إبراهيم نافع رئيس تحرير الأهرام هي كانت معايا من أول يوم دخلنا في الروضة في الحضانة وقعدنا جنب بعض، وبعدين أنا اتجوزت بَدْرِي وهي كَمِّلت وخدت حقوق وهي لها برنامج إذاعي، وأنا اتجوزت بَدْرِي لكن رجعت تاني كَمِّلت..
أحمد منصور:
صديقاتك ما كانش لهم تأثير أيضاً عليكِ؟ ما كانش فيه في هذه العلاقة، في تلك المرحلة أحياناً تكون علاقات الصداقة لها تأثير بيبقى في نفس الإنسان أو في خياله.
جيهان السادات:
يعني أنا مش عايزة أشكر في نفسي يعني، مش عايزة أقول إن تأثير كتب، تأثير والدي، تأثير الجو المحيط بيَّ أكثر كان من الصداقات.
أحمد منصور:
في صيف العام 1948م ذهبتِ إلى السويس لزيارة ابنة عمتك التي كان زوجها حسن عزت الذي كان ضابطاً.
جيهان السادات:
نعم .. طيار.
أحمد منصور:
ضابط طيار، وكان على علاقة بـ..
جيهان السادات:
بأنور السادات.
أحمد منصور:
بالرئيس أنور السادات، أو السيد أنور السادات، أو الضابط أنور السادات في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
نعم .. بالظبط .. بالظبط.
أحمد منصور:
والتقيتِ للمرة الأولى مع الرئيس السادات.
جيهان السادات:
أنور السادات، أيوه.
أحمد منصور:
كيف كان لقاؤك الأول مع السادات؟ وما هي المعلومات التي كانت لديك قبل لقائك به؟
جيهان السادات:
آه .. بالظبط، هو التأثير اللي كان فعلاً عليَّ كان حسن عزت بيقول لي .. بيحكي لي عن أنور السادات، وكان فيه محاكمة أيامها بتاعة أمين عثمان، فكان بيحكي لي إزاي إن هم اتسجنوا سوا وهربوا من السجن، وإزاي رجع، وإزاي كذا. مرة اتسجن وإزاي الإنجليز شالوا الرتب بتاعته ورجعوا تاني رجعوه، يعني عارف حضرتك حاجة..
(7/157)
قعد يحكي لي عن إنسان طبعاً أنا كنت لسه ما كملتش، يعني أنور السادات حضر عيد ميلادي الـ 15، فيعني ما كنتش عايزة أقول إن أنا عندي من النضج الكافي، يعني كنت لسه شابة صغيرة خالص، لكن كان حب البلد وحب الوطنية حببني في أنور السادات، مش حب إن أنا حأتجوزه ولا فكرت ولا خطرت على بالي أبداً، لكن حب إنسان من عائلة فقيرة ممكن كان يعيش ظابط حياة كريمة ومتزوج وله بنات، فكان يقدر يعيش زيه زي بقية الظباط زملاؤه وما يقحمش نفسه في السياسة، لكن هو يعني دخل في السياسة وضحى بمنصبه، وضحى بحياته، وضحى بكل شيء واتعذب، واشتغل سواق وشَيَّال علشان خاطر بلده.
أحمد منصور:
كل المعلومات دي عرفتيها في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
عرفتها من حسن عزت، ما كنتش عندي فكرة عن أنور السادات.
أحمد منصور:
فرسمت صورة البطل في ذهنك.
جيهان السادات:
بالظبط، فاترسمت صورة إنسان مكافح بيحب مصر وبيضحي من أجلها جداً عشان يشوف كل العذاب اللي شافه، فحبيت هذا البطل، حبيته جداً.
أحمد منصور:
قبل أن تريه؟ قبل أن تتوقعي أن يكون على علاقة مع زوج ابن عمتك أو أي شيء؟
جيهان السادات:
خالص، نهائي، نهائي.
أحمد منصور:
كيف كان اللقاء الأول معه؟
جيهان السادات:
اللقاء الأول أولاً أنا أعلم أنه متزوج فإذا به يخرج من السجن، أولاً أنا نزلت أجيب الجورنال علشان أشوف.
أحمد منصور:
كنتِ تعرفي إنه متزوج، يعني عرفتِ التفصيلات دي كلها من حسن؟
جيهان السادات:
آه، متجوز وعنده بنتين يعني أو مش عارفة حاجة..
أحمد منصور:
3 بنات.
جيهان السادات:
3 بنات، فيعني أنا ما .. الناحية دي ما كانتش بتخش تفكيري أبداً.
أحمد منصور:
لأنك بتنظري له نظرة عادية.
جيهان السادات:
نظرة مختلفة، مختلفة، فلما جه، نزلت جبت الجورنال وفرحتي إنه طلع براءة، يعني كنت عمَّالة أعيَّط من كنز الفرحة، إلى هذه الدرجة.
أحمد منصور:
دي طبعاً قضية...
جيهان السادات [مقاطعاً]:
(7/158)
أمين عثمان.
أحمد منصور:
اتهامه في مقتل أمين عثمان في 6 يناير 1946م، وبقيت القضية معلقة حتى العام 1948 حيث حكم فيها في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
بالظبط .. بالظبط. المفاجأة بقى هو حسن عزت نزل علشان يروح يحضر الحكم بالنسبة إنه صديق، ما تصورتش ولا خطر على بالي إن يكون أنور السادات جاي معاه، لأن -يعني- الشيء الطبيعي إنه بيروح بيته وأسرته، فلما جه معاه وشُفْتُه في السحور أول لقاء، طبعاً كان هو أنو السادات طبيعته لم تتغير من يوم ما شُفْتُه في هذا اليوم إلى يوم ما مات وبعِد، يعني خلاص حياته كلها من النوع اللي ما يتكلمش كثير، يعني عنده صمت واستماع أكثر طول حياته، حتى في قعداتنا معانا يعني أنا أتكلم، هو تبص تلاقيه يستمع أكثر، يعني مش من النوع اللي .. فيومها يعني كان السحور وتسحر معانا.
أحمد منصور:
يعني معنى ذلك إن ما في داخله ليس من السهل على مَنْ يجلس معه وأن يتعرف عليه؟
جيهان السادات:
أيوه .. أيوه، هو مش سهل إنك يعني هادي الطبع، ومن النوع اللي ما يتكلمش كثير وما يسألش كثير، يعني .. من النوع اللي يستمع أكثر ويستوعب أكثر.
أحمد منصور:
ويفكر فيما يقال، ولا يبدي رأياً في نفس اللحظة.
جيهان السادات:
بالظبط .. لا، لا، لا.. لا، مش سريع، يمكن أنا سريعة ساعات، ممكن أندم على اللي قلته مثلاً بعد شوية أقول يا ريتني ما قلت، هو ما عندوش دي خالص، هو عنده تأني غريب في حياته كلها من وهو ظابط صغير إلى زي ما بأقول لحضرتك إلى أن رحل.
أحمد منصور:
الشعور الأول في اللحظة الأولى التي رأيتِهِ فيها؟
جيهان السادات:
فرحانة به، فرحانة، يعني بطل زي ما بأقول لحضرتك، يعني بطل ضحى ولما تعرف حضرتك مثلاً أنا لما بعد كده عرفته وقعدت معاه وتكلمت معاه وحضر عيد ميلادي، وغنى لي غنوة قال دي هديته لأن لا يملك شيء خالص.
أحمد منصور:
فاكرة الغنوة؟
جيهان السادات:
آه .. طبعاً.
أحمد منصور:
(7/159)
لفريد الأطرش طبعاً كانت؟
جيهان السادات:
آه .. طبعاً .. يا ريتني طير، فهو كان صوته كمان حلو، حتى صوته بهرني، كل حاجة بهرتني، وبقيت يومها قضينا يوم في كازينو اسمه (التعاون) في الإسماعيلية، فقعدت أتكلم معاه وأسأله أسئلة وأقول له كنت بتعمل أيه في السجن يعني؟ أنا مش قادرة أتصور واحدة عندها 15 سنة بتتصور إنسان يقعد في زنزانة سنتين ونص إزاي؟ كان بيقضي وقته إزاي بيقرأ أيه؟ بيعمل أيه؟ يعني إزاي استحمل يعني حاجة زي كده؟! فيقعد يحكي لي الكتب اللي قرأها والحاجات دي.
وبعدين يعني حأقول لحضرتك سألت أبيه حسن اللي هو صديقه: إزاي ما راحش لمراته وولاده؟ فقال لي: لأ، ده هو سايبها من وهو في السجن، يعني قال لها ما تزورهوش وهو منفصل عنها إلى أن إجراء الطلاق يعمله بعد ما يطلع من السجن عشان ما كانش يملك وهو في السجن يعني.
أحمد منصور:
كان عمره ثلاثون عاماً في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
تقريباً آه.
أحمد منصور:
وأنت كان عمرك 15 عاماً.
جيهان السادات:
15، إحنا بيننا 15 سنة.
أحمد منصور:
بعد هذا اللقاء بدأت صلتك تتوطد.
جيهان السادات:
نعم بأنور السادات.
أحمد منصور:
بأنور السادات.
جيهان السادات:
ده صحيح.
حمد منصور:
بعد لقاء الإسماعيلية الذي يُعتبر كان بداية البذرة الأولى لما بينكم، وحدثت لقاءات كثيرة لا سيما ما حدث في الإسكندرية.
جيهان السادات:
نعم، نعم.
أحمد منصور:
في ذلك الوقت كان معتاد إن بنت عمرها 15 سنة ممكن تمشي مع واحد؟
جيهان السادات:
لأ. لأ.. صعبة كنت جداً، بس هأقول لحضرتك: أنا كنت حاسة .. أنا عندي يعني شيء من الجرأة دي في طبيعة شخصيتي.
أحمد منصور:
هل كانت هذه الجرأة مع أي أحد قبل السادات؟
جيهان السادات:
نهائي، أول حب وأول رجل في حياتي وآخر رجل.
أحمد منصور:
ووجدتِ في نفسك الجرأة أيضاً إنك إنتِ تنفتحي معاه بالطريقة التي وصفتيها في كتابكِ مثلاً؟
جيهان السادات:
(7/160)
يعني كنت حاسة إن في الأسئلة آه، كنت بأسأله أسئلة يعني زي ما قلت لحضرتك...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
حتى في إنك تتمشى معاه على الشط.
جيهان السادات:
أيوه، أيوه دي بقى كانت يعني يمكن شيء جريء شوية بالنسبة لهذه الأوضاع في هذا الوقت، يعني النهاردة البنات كلها بتخرج مع الولاد وشيء عادي، لكن في وقتي برضو كان جرأة شوية، لكن الحب اللي كان بيني وبينه واللي بيربطني وثقتي فيه، وثقتي في نفسي قبله ما كانش مخفوني، يعني طيب وفيها أيه لما أخرج أنا وهو على شاطيء وبنت عمتي لسه نايمة، وقاعدين لسه بقى، وأنا بأقوم بدري وهو بيصحى بدري، فقمنا تمشينا على البتاع، والمهم إن إحنا اتظبتنا يعني واحدة قريبتي...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بدون ترتيب يعني؟
جيهان السادات [مستأنفة]:
ظبطتنا وأنا ساعتها يعني كنت زي المثل ما بيقول عايزة الأرض تنشق وتبلعني، وشوفتها من بعيد، وشي طبعاً أنا حسيت بالفوران، وسلمت عليَّ، ما بقيتش عارفة أقول لها أيه، لكن بعد كده لمَّا حضروا الخطوبة بقى، قالت لي بقى: هو بقى اللي شفناك معاه، فيعني اتظبط فعلاً .. أيوه.
أحمد منصور:
متى بدأتِ تشعري بالحب تجاه أنور السادات؟ متى بدأ الكلام بينكما فيما يتعلَّق بالزواج، وكيف كان تفكيرك حينما عرض عليك هذا الأمر؟
جيهان السادات:
(7/161)
هأقول لحضرتك: هو بعد ما طلع، هو قعد بقى عند حسن عزت، ولأ .. هو حسن عزت راح جابه من لوكاندة في حلوان، أَمَّا خرج من السجن راح على حلوان، وبعدين جابه عنده فقعده معاه، بعديها أنا كنت بأتكلم معاه كل يوم وبأقعد معاه، وبعدين ابتديت أحبه وأحسن إن أنا بأحبه، وبعدين هو للحقيقة نفس الحكاية، وكان بيقاوم لأن هو كان معتبر إنه يعني مش عاوز يتجوز تاني، ويعني على الأقل يبقى فيه فترة، يعني كان.. وكان مستصغرني عليه، بمنتهى الأمانة يعني كان مستصغر إن الفرق بيننا كبير وكده، فأنا كنت بأذلل له كل حاجة يعني، مفيش حاجة كنت .. يعني فقير، يقول لي: أنا فقير، ما حلتيش حاجة.
أقول له: عمر الفلوس كانت بتشكل حاجة عندي. طيب أنا ما .. لسه ما اشتغلتش، ما عنديش وظيفة. هتيجي الوظيفة في يوم من الأيام، مش يعني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طبعاً السادات في ذلك الوقت كان قبل ذلك كان ضابطاً في الجيش، وبعدين لمَّا وُرِّط في هذه القضيَّة فُصل من الجيش.
جيهان السادات:
نعم، أيوه مفصول.
أحمد منصور:
ولمَّا طلع من القضيَّة في سنة 1948م أيضاً كان بدون عمل.
جيهان السادات:
بالظبط .. ما أنا بأقول لحضرتك، أنا قبلته وحبيته لا وظيفة ولا فلوس ولا .. ولا أي شيء ينم عن المستقبل...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طيب أيه اللي عجبك فيه؟ إيه اللي عجبك فيه؟
جيهان السادات:
شخصيته، وهأقول لحضرتك هو أسمر قوي، يعني ماهواش السمار العادي، يعني شوية زيادة، لكن كل ده كان في نظري أجمل حاجة في الدنيا، ومازال لغاية يومنا هذا بأشوفه مش هأقولك جميل، لأن أنا يعني مش بأتهيأ حاجات، لكن بأشوفه وجيه، بأشوفه شكل بيمثل المصري الصميم، بأشوف الوطنية فيه، بأشوف حب مصر فيه، بأشوف الإخلاص والتفاني، بأشوف فيه مُثل أنا عايزاها، مش عايزة رجل غني وعنده عربية...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طيب هل كنتِ تفكري في الزواج أصلاً في ذلك السن؟
جيهان السادات:
(7/162)
يعني كان بيتقدم لي كثير.
أحمد منصور:
وإنتِ في السن ده؟
جيهان السادات:
آه، آه، تقدم لي كثير جداً، وكان يعني مش عايزة أقول: خُطاَّبي بييحبوا، يروحوا لوالدي، ويتقدموا لي وكده، وكان في وقتي أيامها يعني مش حاجة جديدة قوي إن بنت تتجوز 16 سنة، يعني ما كانتش حاجة.. وخصوصاً إن أنا هأقول لحضرتك أنا يعني دخلت مش ثانوي عام، دخلت ثانوي فني كمان، علشان أُجيد..
أحمد منصور:
أعمال البيت.
جيهان السادات:
الحياكة والطبخ، وأعمال البيت، بالظبط.
أحمد منصور:
كيف تمت الخطبة والزواج؟
جيهان السادات:
اتقدم لوالدي، وطبعاً كانت قصة برضو يعني اختلف مع والدتي لأنه برضو سألته، هي مدرسة قعدت تسأله في أول مقابلة لهم يعني أيه رأيك في كذا وكذا؟ وبعدين جات لتشرشل فقال لها: حرامي!
فهي ذهلت في الحقيقة، وطبعاً الجو اكَّهرب، وخرج هو، وأنا كلمته في التليفون بعدها، وقلت له يا أنور تقولP لوالدتي كده؟ ليه ما كنتش دبلوماسي معاها وتقول لها حاجة ألطف من كده يعني؟
فقال لي: جيهان، أنا ما أعرفش .. ما أعرفش أجامل يعني، أنا بأقول اللي بأحس به، وربما كان يعني ردِّي قاسي شوية عليها، لكن هو بطل لها هي ، لكن حرامي بالنسبة ليَّ، ومازال حرامي بالنسبة لي.
أحمد منصور:
أنتِ شجعت أنور السادات إن هو يتقدم لخطبتك، وسعيت لتذليل كل الصعاب، كان بدون عمل، لا يملك مال.
جيهان السادات:
أيوه.. أيوه، لدرجة ..
أحمد منصور:
كانت أسرتك تنظر إلى الوجاهة وإلى المال وإلى غير هذه الأمور، وأنتم سعيتم أيضاً لتلفيق بعض القصص والروايات في البداية لكنه...
جيهان السادات [مقاطعة]:
(7/163)
بس هو رفض، حسن عزت قال له: قل لوالدها إنه غني وعنده أراضي. هو رفض، وأنا اللي وقفت قلت له: إذا رفضت مش هيقبلوك، لأن فيه متقدم لي ما هو أفضل منك بكثير، فليه ياخدوك؟ كأب وأم يعني عايزين الأفضل لبنتهم، فأنا اللي هأجوزك، وأنا عارفة إنك فقير، وعارفة إنك لا تملك شيء، فمش أبويا اللي هيجوزك، أنا.. فمالكش دعوة بهم، وأنا عارفة أيه الطريقة اللي بيفكروا بها، فأرجوك إنك.. فرسينا في النهاية، هو طبعاً قعد يقول: أنا ما أحبش أغش، وما أحبش.. فقلت له: طيب، في حل وسط، إذا طُلب منك، إذا سئلت: هل أنت غني؟ أبقى قول: أنا لا أملك شيء، زي ما أنت فعلاً لا تملك، لكن إن لم تُسأل فما.. يعني ما تبتديش إنت، وأنا عارفة إن أبويا إنسان زي ما كان دايماً يقول أنا بأشتري راجل ما بأشتريش فلوس.
أحمد منصور:
هناك أشياء كثيرة تؤكد عل أنك اشترطتِ عليه أيضاً أن يتم طلاق زوجته الأولى قبل أن يتقدم للزواج منك؟
جيهان السادات:
لا، لا، لا، لا .. الكلام ده يعني إذا كان حصل...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ألم يتم طلاقه قبل أن يتزوجك؟
جيهان السادات:
ده صحيح، لكن مش أنا اللي قلت .. يمكن هو مش عاوز يجمع بين زوجتين، ولأن هو من السجن...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني أنتِ ما كانش عندك مانع أن تكوني زوجة ثانية له؟
جيهان السادات:
لا. لا أقبلها طبعاً.
أحمد منصور:
طيب.
جيهان السادات:
أكون صريحة معاك، لا، أنا ده أنا بتاعة قانون الأحوال الشخصية اللي ما بيجمعش. مش ممكن يعني، بس هأقول لحضرتك حاجة، يعني أنا كواحدة في السن ده لمَّا لقيته طلع من السجن على حلوان على حسن عزت، قاعد معاه، وقالوا ساب زوجته، انفصل عنها وهو في السجن إلى أن يطلع يطلقها.
أحمد منصور:
لكن ما كانش طلقها لسه؟
جيهان السادات:
(7/164)
طلقها بعد ما طلع من السجن، وإحنا مخطوبين أفتكر، فلكن مش أنا اللي قلت له لا..، ودي كنت حاجات حساسة ما.. حقيقة ما كلمتهوش، وبعدين أنا كنت شارياه على أي شكل وعلى أي وضع.
أحمد منصور:
للدرجة دي يعني؟!
جيهان السادات:
آه .. للدرجة دي كنت بأحبه وما زلت، يعني بأحبه بدرجة إن أي شيء لو جالي وقال لي: أنا أخلي زوجتي الأولانيَّة وهأخليها علشان خاطر الولاد ما كنتش هأقول له: لأ. أبداً، فأنا لم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما أنت هنا حضرتك قبلتي إنك تكوني زوجة ثانية؟
جيهان السادات [مستأنفة]:
يعني الحب كان، زي ما بيقولوا: الحب أعمى، يعني كنت هأقبله على كل وضع، لكن هو اللي رفض هذا، وهو اللي لم يقبل هذا.
أحمد منصور:
حياتكم في البداية كانت صعبة؟
جيهان السادات:
جداً، آه طبعاً.
أحمد منصور:
أيه شكل الصعوبة اللي واجهتوها باختصار؟
جيهان السادات:
أمَّا دخل، أمَّا رجع الجيش، طبعاً ماهيته كانت 34 جنيه، كنا ساكنين في شقة بـ12 جنيه في الروضة برضوا اللي أنا بأحبها ومش عايزة أخرج منها، شقة في عمارة حلوة وعمارة جديدة، وكان عندنا مراسلة من الجيش دايماً كان ساعتها الظابط بيبقى معاه مراسلة يخدم.
أحمد منصور:
ده طبعاً بعدما رجع في 10 يناير 1950م.
جيهان السادات:
نعم بعد ما رجع الجيش، الحقيقة طبعاً المرتب كنا بندي جزء علشان أولاده، والجزء الثاني كان بالكاد بيقضي إن إحنا ناكل يعني، لو أقول لحضرتك كنت بأبقى مثلاً ماشيه، أولاً أنا اللي بدلته أنا اللي بأغسلها، وأنا اللي بأكويها، وأنا اللي بألمع له الزراير، وأنا اللي بأعمل كله، الأكل في البيت أنا اللي أطبخه، ما كنتش أعرف طبخ، كنت أجيب كتاب وأقعد أبص فيه، وطبعاً هو قاسي من هذا يعني.
(7/165)
لكن برضه زي ما بأقول لحضرتك، لأنه بيحبني، ولأن معدته الحمد لله كانت في صفي، مش أكول، هو إنسان مش أكول خالص، والأكل لا يشكل عنده أي شيء، فده اللي نجح جوازنا كمان بعد كده يعني العشرة والحب اللي.. وكنت يعني نفسي أسعده بأي طريقة، ونفسي أخفف عنه اللي شافه في الماضي.
أحمد منصور:
في 10 يناير 1950م كان السادات على علاقة مع يوسف رشاد الذي كان طبيباً للملك ومسؤولاً عن الحرس الحديدي في نفس الوقت، ولعب يوسف رشاد دوراً في إعادة السادات إلى الجيش مرة أخرى. وفي العام 51 التحق السادات مرة أخرى أيضاً...
جيهان السادات [مقاطعة]:
نعم.. نعم.. بالجيش..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
بالضباط الأحرار.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وقامت الثورة في 23 يوليو، وكان له دور فيها، في الحلقة القادمة أبدأ معك من عودة الرئيس السادات أو أنور السادات، أو الضابط أنور السادات إلى الجيش مرة أخرى في العاشر من يناير 1950م.
جيهان السادات:
إن شاء الله.
أحمد منصور:
أشكرك شكراً جزيلاً.
جيهان السادات:
شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات، في الختام أنقل لكم تحيَّات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نستقبل كافة أسئلتكم وتعليقاتكم على شهادة السيدة جيهان السادات من الآن وحتى نهاية الحلقات لطرحها عليها في حلقة خاصة على الهواء مباشرة. فاكس رقم 4315777 (974+) أو على البريد
الإلكترونيwitness@aljazeera.net.qa(7/166)
الحلقة2(7/167)
الأحد 4/11/1421هـ الموافق 28/1/2001م، (آخر تحديث) الساعة: 17:12(مكة المكرمة)،14:12(غرينيتش)
جيهان السادات - الحلقة2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
جيهان السادات - أرملة الرئيس المصري السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
15/01/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات.
السيدة جيهان مرحباً بكِ.
جيهان السادات:
أهلاً، أهلاً.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند عودة الرئيس السادات إلى الجيش مرة أخرى في العاشر من يناير عام 1950م. قبل ذلك اتُّهم السادات بعلاقته بالألمان في فترة الأربعينيات، وتحديداً من 42 إلى 44 وسُجن على يد البريطانيين، اتُّهم بعد ذلك أيضاً بقتل.. في حادث مقتل أمين عثمان، وظل في السجن من العام 46 إلى العام 48، ثلاثون شهراً، التقيتِ أنتِ بعدها به وتزوجتيه، يعني حدث ما بينكما، ثم حدث الزواج، وتحديداً تم زواجكما في 29 مايو، 1949م.
ما هي طبيعة العلاقة التي كانت تربط بين أنور السادات وبين الدكتور يوسف رشاد طبيب الملك الخاص الذي أعاد أو كان له الدور الرئيسي في إعادة السادات إلى الجيش مرة أخرى؟
جيهان السادات:
نعم، أنور السادات كان ظابط في سلاح الإشارة، سلاح الإشارة يعني معناها التليفونات كلها معاه، وكان بيخدم ساعتها يوسف رشاد كان لِسَّه طبيب لم يعرف الملك، ولم يخدم الملك بعد، العلاقة بينهم جات إن ابن يوسف رشاد كان مريض، وما كانش عارف يتصل به لأنه هو دكتور، فلجأ لأنور السادات -وهو ظابط الإشارة ساعتها- إنه يكلم ابنه، فأنور كان هو بطبيعته يعني كريم إلى أقصى الحدود، يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ده طبعاً في الوقت اللي كان فيه السادات في الجيش.
جيهان السادات [مستأنفة]:
(7/168)
نعم كان ظابط في الجيش، فساب له الخيمة بتاعته، قال له: تعال نبدِّل الخيم، خُد خيمتي وكلِّم مراتك طول الليل زي ما أنت عايز تطمن على ابنك وأنا هاخد مكانك إلى الصباح، لأني مش هأستعمل التليفون، فيوسف رشاد شالها له جميلة، ومن هنا بدأت العلاقة بينهم، بعد كده الملك عمل حادثة (القصاصين) وكان يوسف رشاد هو الدكتور اللي موجود هناك فأخده كطبيب للملك، ومن هنا ظلت العلاقة بينهم يعني علاقة صداقة، لمَّا خرج من الجيش، أولاً: صلته بيوسف رشاد كمان أحب أقول: إنه من الناس اللي كان بيحاول يعرف شيء عن الظباط الأحرار علشان ينقله للملك، أنور السادات لعب دور من أخطر ما يمكن في هذا الوقت إن هو بعده كل البعد عن التركيز على جمال عبد الناصر وزملائه على ظباط تانيين، فالحقيقة دي يعني وكان بياخد كلام أنور السادات له ثقة شديدة، وينقلها للملك.
فحوِّل.. حوِّل شويه الاتجاه عليهم يعني، وده كان يمكن في الآخر مرة يعني أنا حتى كنت معاه في إسكندرية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
سآتي لها، ولكن هنا يوسف رشاد لم يكن مجرد طبيب، وإنما كان أيضاً مسؤولاً عمَّا عُرف باسم (الحرس الحديدي)، وهو تنظيم سري خاص يتبع الملك، تقوم مهمته الأساسيِّة على تصفية خصوم الملك السياسيين..
جيهان السادات:
طبعاً.
أحمد منصور:
وقام بعمليَّات تصفية فعلاً في تلك المرحلة، حتى ضُغط على الملك بعد ذلك من البريطانيين أن يقوم بتصفية هذا الجهاز. يوسف رشاد كان مسؤولاً عن الحرس الحديدي، وكان العلاقة التي ربطت بين السادات وبين يوسف رشاد كانت تتعلَّق باتهامات وجُهت للسادات بأنه كان ضمن الحرس الحديدي..
جيهان السادات[مقاطعة]:
لا.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وسعى للقيام ببعض العمليات، منها عملية اغتيال مصطفى النحاس، محاولة اغتياله.
جيهان السادات:
(7/169)
هو فيه كان مشترك في محاولة اغتيال مصطفى النحاس، بس مش عن طريق يوسف رشاد أبداً، هو ماكانش بيشتغل لحساب حد أبداً، يعني كان من ضمن الحاجات إن هو كان غير راضي عن سياسة النحاس باشا، وسياسة أمين عثمان، اللي هي كانت بتبقى مع الإنجليز، وهو كان ضد الإنجليز على طول الخط، لكن بالنسبة ليوسف رشاد هو ما كانش في الحرس الحديدي نهائي عمره، في التنظيم السري اللي هو بتاع الظباط الأحرار.
أحمد منصور:
هو حينما عاد مرة أخرى في العام 51.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
إلى التنظيم السري للضباط الأحرار عن طريق جمال عبد الناصر واجه صعوبات كثيرة في قبوله بسبب إصرار الضباط الآخرين على أن السادات له علاقات متشعبة ابتداء من علاقته بالألمان، إلى علاقته بالحرس الحديدي إلى غيرها، لكن عبد الناصر هو الذي صمَّم حتى..
جيهان السادات[مقاطعة]:
ده صحيح.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
يكون هناك، أو يستخدم السادات كعميل مزدوج مع الحرس الحديدي ومع الضباط الأحرار، ويستفيد من المعلومات التي يمكن أن يأتي بها السادات من يوسف رشاد.
جيهان السادات:
لأ لأ، هأقول لحضرتك الصحيح..
أحمد منصور:
أنت كنت زوجته في تلك المرحلة.
جيهان السادات:
(7/170)
الصحيح في هذا إن عبد الناصر كان يعرف أنور السادات معرفة قوية، وعبد الناصر لو كان استعمله زي ما بيقال ما كانش دَخَّله ضمن الظباط الأحرار السبعة الأولانيين في قيام الثورة، كان فِضل يستعمل فيه، والإنسان اللي بيستعمل ما يبقاش عضو مجلس قيادة ثورة أبداً، أنور السادات لم يشترك في الحرس الحديدي نهائي، ولكن كان بالعكس كان بيوجه نظر يوسف رشاد لأن الحرس الحديدي هو الخوف منه، والظباط اللي فيه زي مصطفى كمال صدقي أظن أو مش.. وغيره هم دُوُل الخطورة منهم، لكن التانيين اللي هم عبد الناصر وزملاؤه دُوُل ما فيش خوف منهم، ودُوُل مش عارفة ما.. يعني بالعكس ده دي لعبت دور إن هي خَلِّت يوسف رشاد إِدَّى التوجيهات دي كلها للملك، وافتكروا إن دُوُل ما لهمش الدور القوي يعني.
أحمد منصور:
في 18 يوليو 1952..
جيهان السادات [مقاطعة]:
أيوه.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
تقريباً كنتِ مع الرئيس السادات، أو مع الضابط أنور السادات في نادي السيارات في الإسكندرية الذي كان يعتبر من النوادي ولا زال بيعتبر من النوادي ذات الطبقة الراقية.
جيهان السادات:
مظبوط.
أحمد منصور:
وكان الملك يتردد على هذا النادي بانتظام.
جيهان السادات:
مظبوط.
أحمد منصور:
أثناء جلوسك مع أنور السادات ومع الدكتور يوسف رشاد فوجئت برؤية الملك فاروق.
جيهان السادات:
(7/171)
نعم، ده صحيح. هأقول لحضرتك، إحنا سافرنا إسكندرية وأنور سابني في العربية قدَّام مبنى نادي السيارات، وقال لي: أنا هأخش جوه عندي صديقي يوسف رشاد هأتكلم معاه حاجة ربع ساعة، بالكثير نص ساعة، تتضايقي وأنت في العربية؟ قلت له: لأ، ما أتضايقش، هأفتح الشباك، وأتفرج على الناس رايحة جاية، وخد راحتك، اقعد نص ساعة.. ساعة ما تشيلش هَمِّي يعني بالظبط، فبعد ما فيش عشر دقايق كده أو ربع ساعة لقيتهم جايين هو ويوسف رشاد، وبيقولوا لي: تفضلي، تعالي. فأنور قال لي: تعالي خشي هتتعشي معانا. فدخلت كان أول مرة بأشوف يوسف رشاد، ما أعرفهوش، فيبدو..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن لم تكوني تعرفي طبيعة العلاقة بينه وبين السادات؟
جيهان السادات:
لأ، لأ عارفة إن أنور قال لي إنه يعرفه، لأن ظرف ابنه حصل كذا كذا.
أحمد منصور:
لأ، طبيعة العلاقة الحالية الآنية في ذلك الوقت، أن يوسف رشاد له علاقة بالحرس الحديدي ومسؤول عنه..
جيهان السادات:
لأ لأ.
أحمد منصور:
وأن السادات بينه وبينه اتصال، يدلي له بمعلومات حتى وإن كانت مضللة عن الضباط الأحرار؟
جيهان السادات:
لأ، لأ، لأ، لأ، ما كنتش أعرف، لأن..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كان عندك أي معلومة عن الضباط الأحرار؟
جيهان السادات:
قبل الثورة ما تقوم؟
أحمد منصور:
في ذلك الوقت، في ذلك الوقت.. قُبيل..
جيهان السادات:
كانت قبل الثورة، لأ.
أحمد منصور:
كنتِ تعرفي أن السادات على صلة بهم؟
جيهان السادات:
لأ، نهائي أنا عارفة دُوُل أصدقاؤه، وما أعرفش إن حتى فيه ثورة هتقوم ولا بيعملوا حاجة.
أحمد منصور:
كان مين من أصدقائه تعرفيه؟
جيهان السادات:
أعرف جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، كانوا بيجوا له البيت كثير، في أجازته هو كان في رفح، وكان بيجي أسبوع عشان نخرج ونتفسح، فكان بياخدوا أكثر من نصها معاه، يخشوا الصالون ويقفلوا عليهم، ويقعدوا يتكلموا، اجتماعات.. اجتماعات.
(7/172)
أحمد منصور:
لم تكوني تعرفي طبيعة ما يدور؟
جيهان السادات:
نهائي.
أحمد منصور:
ولم تكوني تسألي الرئيس، السادات عفواً؟
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك: فيه لما اتجوزت كان حاجة مهمة جداً بيني وبين أنور السادات، حطينا مبادئها في أول جوازنا.
أحمد منصور:
ما هي هذه المباديء؟
جيهان السادات:
إن أنا لا أتدخل في حياته، في عمله، وهو لن يتدخل في حياتي في البيت، بحيث إن أنا يعني مثلاً بيتي لبسي أولادي، وتربيِّة أولادي، هأكون أنا مسؤولة تقريباً عنها مسؤولية كاملة، وهو هيشاركني فيها، لكن هيبقى الدور الأكبر للأم، وأنا يعني ما أتدخلش في شغله، يعني ما فيش داعي أسأله ولا أتدخل ولا أعرف حاجة، ده هيخلي حياتنا سعيدة ما دام.. قال لي: ما دام فيه ثقة، إنت واثقة فيَّ وأنا واثق فيكِ، فالحقيقة.. وأنا اتجوزت صغيرة، ما كنتش حتى جيت 16 سنة، كان عندي 16 إلاَّ 3 شهور، فيعني أخدت كلامه زي بالظبط ما تقول حضرتك يعني حاجة أمشي عليها ما أخرجش عنها، حتى لما كان يتأخر في شغله وهو ظابط ماكنتش أرفع السمَّاعة وأطلب مكتبه مثلاً، وأسأله اتأخرت ليه أو.. استني لمَّا ييجي وهو اللي يقول لي: أنا كان عندي شغل زيادة فتأخرت، أمَّا فيما عدا كده حتى لو ما قالش ما أسألهوش.
أحمد منصور:
أنت ذكرت أن شخصيَّة البطل، حرصك إن بلدك محتلة، شعورك الوطني كان له دور كبير في أن يكون السادات هو الرجل الذي تعجبي به وتحرصي على الزواج منه. هذا الرجل أيضاً هل توقعتِ الرجل الذي له تاريخ مليء بالأحداث، السجون، الاعتقالات، علاقات بالبريطانيين، يعني اتهام منهم، قصدي علاقات بالألمان، مقتل أمين عثمان، محاولة قتل مصطفى النحاس، محاولات أخرى كثيرة، هل اعتقدت أن هذا الرجل أصبح يعني كما يُقال مواطناً صالحاً ولم يعد له علاقة بشيء؟
جيهان السادات:
لأ ده هو عايزة أقول لحضرتك حاجة، أنا اتجوزته علشان هذا الماضي المشرف.
أحمد منصور:
(7/173)
إذاً كان يهمك إنك تدردشي معاه فيه.
جيهان السادات:
ما هو حط لي قيود، هو من الأول قال لي: ما تتدخليش.. وبعدين هأقول لحضرتك: أنا لم أتوقَّع إن فيه ثورة قايمة، أبداً، يعني أنا أتوقع إنه.. وبعدين أبويا لمَّا جه اتجوزني أخد منه وَعْد إنه ما يتدخلش في السياسة، وادَّى له الوعد ده، لمَّا نزل علشان خاطر.. الأجازة اللي قبل الثورة ما تقوم بشهر بالظبط، لأنه كان بينزل كل شهر أسبوع قال لي: يا جيهان.. وأنا فاكرة ده زي النهارده، كنا في شارع الهرم، وكانت العربية هو اللي سايق وأنا جنبه، عندنا عربية وقال لي: أنا عايز أقول لك: إن أنا حاسس بقيد حوالين رقبتي. فقلت له: ليه يا أنور؟ واستغربت أيه هو القيد ده. قال لي: والدك. قلت له والدي!! والدي كان يحبه جداً، وعلاقتهم طيبة ببعض قوي، قلت له: ليه؟ عمل لك أيه يعني؟ قال لي: لأ، أنتِ ناسية لما اتجوزتك قال لي إن وعد شرف ما اشتركش في حاجة في عمل سياسي؟ فأنا دلوقتي لما بنقعد أنا وأصحابي نتكلم في السياسة ببقى حاسس بحرج علشان الوعد اللي إديته لوالدك.
فرديت عليه وقلت له: فاكر لمَّا اتجوزتني، وقلت لك: أنا عارفة إنك فقير، وأنا اللي بأتجوزك، أنا دلوقتي بأقول لك: إنت في حِل من هذا الوعد، لأن أنا مراتك، وأنا اتجوزتك لأنك وطني وبتحب مصر، وتقعد وتتكلم في السياسة وتاخد راحتك، لأنك أنا السبب في هذا الوعد، وأنا اللي بأحلك منه، يعني بالعكس.
أحمد منصور:
في تلك المرحلة لم تكوني تشاركي في الجلسات؟
جيهان السادات:
لا لا لا. نهائي، نهائي، هم كانوا يخشوا ويقعدوا في الصالون لوحدهم يتكلموا، لا لا لا خالص.
أحمد منصور:
أعود للسيارة التي تحدثتي عنها، وكان لا زال الرئيس السادات في ذلك الوقت، كان لا زال عائداً إلى الجيش، لديه التزامات كثيرة هناك بعض الاتهامات..
جيهان السادات[مقاطعة]:
نعم، أيوه.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
(7/174)
من بعض الأطراف إلى أن علاقته بيوسف رشاد وعلاقته بالحرس الحديدي كانت تؤدي إلى موارد أخرى هي التي مَكَّنته من شراء مثل هذه السيارة وغيرها من بحبوحة العيش التي بدأت تظهر في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
لأ، بحبوحة العيش.. السيارة دي كانت عندنا بعد ما رجع الجيش، وكان أول ما رجع الجيش اتنقل لرفح، وكان بياخد مرتب مضاعف، في هذا الوقت اشترينا عربية (فوكس هول) (Second Hand ) ما هيش جديدة بمبلغ حَوِّشته من المرتب، وكنا بنقسط الباقي، لا بالعكس ما كانش عنده دخل آخر غير مرتبه فقط.
أحمد منصور:
لو عدت للقائه مع يوسف رشاد في نادي السيارات في الأسكندرية في أول يوليو 1952 أي قبل.. قُبيل قيام الثورة، كنتِ أنتِ معه، رأيت الملك للمرة الأولى وربما المرة الأخيرة.
جيهان السادات:
مظبوط، الأولى في حياتي.
أحمد منصور:
ماذا كان يدور في هذا الوقت، لا سيما حينما نادى الملك على يوسف رشاد وكنت أنت جالسة؟
جيهان السادات:
حصل، أنا طبعاً دخلت لمَّا جولي فدخلت، وطلب هو عشاء نتعش، وبقيت قاعدة يعني عارف اللي مش قاعدة في حتتها يعني.
أحمد منصور:
في عالم آخر يعني.
جيهان السادات:
في عالم آخر طبعاً، ولابسة بسيط جداً.
أحمد منصور:
أيه العالم الآخر ده بقى؟ أوصفيه لنا.
جيهان السادات:
يعني عالم أرستقراطي وأنا بنت يعني متجوزة لكن بسيطة.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أرستقراطية أيضاً.
جيهان السادات:
(7/175)
نعم؟ لا، ولا أمتُّ للأرستقراطية بصلة، لأني بسيطة ولابسة بسيط، لكن طول عمري يعني عندي، ما أعرفش أقول أيه لمسات ذوق يعني ممكن يكون عندي فستان واحد، لكن فيه ذوق أحسن من عشر فساتين، ومن النوع اللي أعرف أَفَصِّل وأعرف أدبر نفسي، يعني من النوع اللي واخدة بالي من حاجات كتيرة يعني بتظهر الإنسان يمكن بمظهر أكثر شوية من حقيقته، لكن في نفس الوقت كنت حاسة إن يعني ده حاجة كتير عليّ، كثير إن أنا أقعد في مكان زي ده، ولمَّا دخل الملك طبعاً كانت رهبة خرافية، لأن ما توقعتهاش.
أحمد منصور:
أيه شكل المكان؟ يعني عفواً في السؤال، يعني أنت الآن بتوصفي عالم آخر، أيه الشكل اللي بهرك؟ هل مجرد الديكورات و..
جيهان السادات:
لا مش الديكورات، الناس اللي قاعدة على مستوى، وباشوات وناس في الحكم وناس في.. يعني نادي بيجيه الملك والحاشية والوزرا و (الأنتوراش) كله اللي حوالين الملك، فهو ده اللي كان مستغربة له يعني، إن أنا أبقى قاعدة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كانت المرة الأولى في حياتك إنك تصادفي حاجة زي كده بعد زواجك من السادات؟
جيهان السادات:
آه طبعاً، آه طبعاً.. طبعاً، طبعاً.. حتى يعني هأقول لحضرتك بمنتهى الأمانة، لمَّا جه الملك كان قاعد لورا، فأنا كان كرسي كده شايفني بالجنب، فرحت عدلاه بشويش عشان يبقى ظهري للملك ما يشوفنيش خالص، على أساس إن يعني ما أعرفش يعني كان أيامها بيطلع حاجات كده للملك، ما أعرفش لمَّا يلاقي واحدة، وكان شكلي ساعتها يعني شابة صغيرة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ولا زلت يا أفندم، لا زلت.
جيهان السادات:
لا ده أنا بقى في كام وستين دلوقتي.
أحمد منصور:
ربنا يِدِّيِك الصحة.
جيهان السادات:
مش عايزين نقول، فخفت برضو، في النقطة دي حاسيتها ومن غير ما أقول لأنور ولا حاجة رحت مِدِّية ظهري علشان ما يشوفش..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني جالك الإحساس ده؟
جيهان السادات:
آه طبعاً، طبعاً.
(7/176)
أحمد منصور:
رغم إنك زوجة وإنك..
جيهان السادات:
طبعاً طبعاً، من الحكايات اللي كنا بنسمعها عن الملك أيامها يعني ودي.. ونَدَه يوسف رشاد فبقيت خايفة أكثر يقول له.. وقال له، جه يوسف رشاد رجع وقال لنا: الملك بيسألني: مين اللي معاك؟
فقلت له: فلان ومراته.
أحمد منصور:
معنى كده إن الملك كان يعرف أنور السادات؟
جيهان السادات:
لأ. بيسأل بيتساءل مين ده؟
أحمد منصور:
ومعنى كده إن أنور السادات كان على علاقة بيوسف رشاد إلى قبيل قيام الثورة.
جيهان السادات:
آه طبعاً، آه طبعاً وبعد..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وظلت هذه العلاقة بعدها.
جيهان السادات [مستأنفة]:
وبعد قيام الثورة، أنور السادات لا يتخلى عن أصدقائه، وأظن موضوع..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
تفتكري..
جيهان السادات [مستأنفة]:
شاه إيران ده دليل قاطع على هذا.
أحمد منصور:
تفتكري كان أيه اللي بيدور بينهم بالكلام في ذلك الوقت أم كان شيء عام؟
جيهان السادات:
لا والله كانوا قاعدين، وكان فيه موسيقى طبعاً موجودة، وكانوا هما الاثنين مقربين كرسيينهم، وأنا ما كنتش عايزة يعني مش هأتصنت على اللي بيقولوه يعني، كنت عمالة بأبص على الناس.
أحمد منصور:
يعني مبهورة بالعالم اللي حواليك.
جيهان السادات:
آه بأتفرج، يعني فرجة أحسن من اللي كانت في العربية [السياراة] يعني.
أحمد منصور:
رجع السادات بعد ذلك إلى رفح، وفجأة عاد في يوم 22.
جيهان السادات[مقاطعة]:
يوليو.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
يوليو ليلاً.. كنت تنتظري عودته في ذلك اليوم؟
جيهان السادات:
(7/177)
لا، ده كلمني في التليفون علشان أطلع أقابله على المحطة، فقلت له: والله إنت جاي.. ده مع إن ده مش ميعاد أجازتك. فقال لي: أصل والدتي تعبانة، وأنا جاي وبتاع، المهم لما جه قال لي: إنت بتسألي الكلام ده في التليفون ليه؟ أنا ولا والدتي تعبانة ولا حاجة، أنا ما صدقت خدت أجازة، وأنزل أفسحك وأخرجك، وتعالي هاخدك السينما النهارده، ومش عارفة أيه، فرحت طبعاً وما خطرش في بالي حاجة أبداً، ورحنا السينما ورجعنا، والبواب إداني كارت جمال عبد الناصر مكتوب عليه (المشروع يبدأ الليلة) وقال إن فيه واحد فات، وصديق أنور بيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كان كارت مش ورقة؟
جيهان السادات:
كارت بتاع أيه؟
أحمد منصور:
عليه اسم جمال عبد الناصر؟
جيهان السادات:
أيوه، وبيقول فيه: المشروع يبدأ الليلة، فأنا يعني ما فهمتش حتى أيه مشروع أيه.
أحمد منصور:
قبل العودة إلى البيت صحيح أن حدثت مشادة في السينما بين الرئيس السادات وأحد المشاهدين، وسجل محضر في الشرطة بذلك؟
جيهان السادات:
لم يحدث، وهذا افتراء وكذب على أنور السادات.
أحمد منصور:
حينما كان معك في السينما كان مطمئن ومرتاح إن ما فيش وراه أي شيء؟
جيهان السادات:
جداً، نهائي، هادي كعادته.. كعادته قبل أي حدث بيحدث.
أحمد منصور:
لم تشعري حينما جاء وأخبرك أنه ليس هناك أي شيء بأنه جاي في وضع غير طبيعي؟
جيهان السادات:
لأ خالص، ما خطرش في بالي، فرحت.
أحمد منصور:
يعني حتى، حتى يعني في تلك المرحلة بعد تقريباً ما يقرب من ثلاثة أعوام من الزواج لم تكوني تستطيعي أن تقرأي ما في داخل السادات؟
جيهان السادات:
(7/178)
لأ، أقرأ وأعلم تماماً، وأعرفه جيداً وأقرب واحدة له، وفاهماه كويس جداً من غير ما يتكلم، يعني لكن لمَّا يقول لي: أنا حاسس إن أنا قدرت آخد أجازة وآجي لك، يعني مش حاجة كبيرة قوي، واحد بيحب مراته جداً، وبعيد عنها شهر بحاله، وقربت.. يعني قبل أجازته التانية بشوية، فيعني ما كانش قبلها بكتير يعني كونها كذا يوم قبلها، فعادي خدتها بشكل عادي خالص.
أحمد منصور:
ما كانش عندك أي فكرة عن الضباط الأحرار في تلك..
جيهان السادات[مقاطعة]:
نهائي.. نهائي.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
ولا سمعتِ إن فيه تنظيم في الجيش اسمه الضباط الأحرار؟
جيهان السادات:
نهائي، نهائي وإلى.. ويوم ما قامت الثورة -هأقول لحضرتك- يومها هو كلمني في التليفون الصبح، وقال لي: اسمعي الراديو.
بأقول له: إزاي ما جتش تِبات وكنت فين؟
أحمد منصور:
لا أنا لسه، لسه، أنا لسه في الليلة، جالك كارت مكتوب عليه جمال عبد الناصر وقال المشروع يبدأ الليلة.
جيهان السادات:
آه المشروع يبدأ الليلة، فطلع كان لابس قميص وبنطلون وإحنا في السينما، فطلع جَري السلالم، وإحنا ساكنين في أول دور، يعني مش الأرضي، الأول بلكونة، طلع جري وارح مغيرَّ..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
دي الشقة بتاعة الروضة.
جيهان السادات:
الروضة بالظبط، بتاعة والدتي، لأن أنا كنت ساكنة في تاسع دور، بس أما كان ييجي أجازة زي دي كنَّا ساعات نقعد يوم، يومين، وبعدين ننقل في شقتنا، فلبس البدلة العسكرية فقلت له: أيه الحكاية؟ أنا استغربت. فقال لي: لأ، ده واحد صديقي عيان في مستشفى، ولازم أما ألبس بدلة هنقدر نجيب له الدكاترة بسرعة، ويعملوا لنا حساب أكثر يعني.. بدل.. فما خطرش.. بس قلت له كلمة غريبة جداً جداً وهو نازل على السلم، قلت له: أنور لو قامت حاجة مش هأزورك في السجن.
أحمد منصور:
يعني أيه لو قامت حاجة؟
جيهان السادات:
(7/179)
ما أعرفش، تسألني لغاية النهارده أيه اللي قلته؟ يعني حتى بعديها لمَّا لقيتها فعلاً بقت ثورة وما جاش، قعد 3 أيام ما ييجيش بقيت أقول: يا خبر أيه الكلمة اللي قلتها دي؟! فهو –حتى- كان نازل جري، راح واقف واتخض، وبص لي قال لي: كده يا جيهان؟! فأنا قلت له: لأ لا، ده أنا بأضحك. وعادي، ولا أعرف إيه الكلمة اللي قلتها دي. لدرجة إني هأقول لحضرتك ثاني يوم أمَّا كلمني وبأعاتبه، بعديها رحت لعُلا بركات وهي موجودة إلى يومنا هذا، وزميلتي وصديقتي، رحت لها قلت لها: عُلا ده فيه يعني أنور ما جاش يبات، وما أعرفش أيه فيه حاجة يظهر فيه مشاكل في الجيش. قالت لي: مشاكل!! ده أنا بنت خالتي جاية مش عارفة من..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الكلام ده كان الساعة كام؟
جيهان السادات:
الساعة إحداشر ونص (11.30) حاجة زي كده.
أحمد منصور:
يعني ما سمعتيش أي بيانات عسكرية طلعت؟
جيهان السادات:
سمعت البيان بتاعه هو اللي قاله بصوته، ما فهمتش، ما هو البيان كمان لما ترجع له حضرتك.
أحمد منصور:
صحيح رجعت لنصه فعلاً ما يدلش على شيء.
جيهان السادات:
ما يبينش إن فيه ثورة نهائي، تقول إن فيه حاجة في الجيش، فيه حاجة بيصلحوها في الجيش.
أحمد منصور:
ما هي إلى ذلك الوقت لم تكن ثورة.
جيهان السادات:
يعني كان ده بيان زي بيحطوا إيدهم لكن مش عايزين يمكن يفاجئوا الناس بالشكل ده.
أحمد منصور:
يعني بدؤوا بخطوة ومارتبوش ما بعدها لسه.
جيهان السادات:
لأ، إزاي مارتبوش؟ عبد الناصر رتب كل..
أحمد منصور:
كل الأحداث بتقول كده.
جيهان السادات:
لأ، هم يعني..
أحمد منصور:
يعني مجريات الأحداث بتقول إن في الفترة الأولى ما كانش فيه ترتيب بالنسبة للملك وموضوع الملك جاء بعد ذلك.
جيهان السادات:
لا لا، إزاي يافندم؟! إزاي دُوُل قايمين بثورة عشان يشيلوا ملكية ويحكموا هُمّ، لا لا.
أحمد منصور:
(7/180)
من البداية ما كانش واضح هذا الأمر. كل مذكرات الناس موجودة بما فيها مذكرات محمد نجيب نفسه،لم يكن لديهم وضوح بالنسبة لهذا الأمر.
جيهان السادات:
لأ لأ، يمكن محمد نجيب وغيره ما عندهمش، لكن عبد الناصر يعلم تماماً ماذا يفعل.
أحمد منصور:
لم يكن أحد يعلم ما في داخل عبد الناصر أصلاً حتى الرئيس السادات نفسه في كتابه أكد على هذا عدة مرات.
جيهان السادات:
لأ، بس لأ، دي بقى عارفينها ومشتركين فيها بس مش لازم يقولوها، ويعني بالعكس هُم قايمين بثورة ليه؟ عشان يسلموا على الشعب أو عشان يحكموا؟!
أحمد منصور:
هي في البداية كان اسمها انقلاب، ثاني حاجة بقى اسمها حركة، ثالث حاجة بقى اسمها ثورة لما الشعب أَيَّدَها وأصبح..
جيهان السادات:
ممكن يكونوا خدوها بالتدريج ممكن، يعني أنا أكذب لو أقول لك أنا أيه مفهومهم ساعتها لكن..
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
أنا في..، ما يتعلق بحضرتك في الوقت ده، أنتِ لم تكوني على علم مطلقاً بأن هناك ثورة سوف تقوم؟
جيهان السادات:
نهائي، نهائي، هأقول لحضرتك رد علا بركات علىّ إن الميادين كلها دبابات دي بنت خالتها كانت عايزة تيجي ماقدرتش، مش قادرة توصل فكلمتها في التليفون قالت لها مش قادرة أجيلك الشوارع فيها دبابات والميادين..
أحمد منصور:
إلى ذلك الوقت لم يكن اتصل عليكِ السادات؟
جيهان السادات:
لأ، هو البيان الصبح قبليه، قبل ما يذيعه قال لي: اسمعيه، ومن ساعتها ما شفتوش إلا بعد الملك ما خرج، وجه البيت بعدها بكذا يوم.
أحمد منصور:
26 يوليو.
جيهان السادات:
بالظبط، بالظبط.
أحمد منصور:
شعورك كان أيه خلال تلك الفترة؟ زوجك فجأة نزل، ثاني يوم سمعتِ صوته في الإذاعة بيلقي بيان، ثلاثة أيام تقريباً البلد في تطورات شديدة وهائلة إلى أن أعلن عن خروج الملك من مصر.
جيهان السادات:
(7/181)
مش عارفه، هأقول لحضرتك طبعاً نزول الدبابات في الشوارع برضو زادت التفكير إن فيه حاجة شديدة في الجيش، ما تصورتش ثورة أبداً، فرحت لدكتور السِّنان وكان دكتور ظابط جيش، فرحت له وبعدين هو رحت له يوم 25 بالليل، وأنا لا أعلم شيء عن اللي بيجرى نهائي فهو..
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
إزاي كان عندك وعي سياسي وفي نفس الوقت ما تعلميش شيء عن اللي بيجري؟!!
جيهان السادات:
ما فيش اتصال، ما بيكلمنيش يقولي.
أحمد منصور:
عندك صحف وجرايد وراديو.
جيهان السادات:
أيوه، الصحف ما جابتش سيرة غير إن فيه لخبطة في الجيش. ما قالتش ثورة، ما قالتش قاموا يشيلوا الملك، يعني كل ده ابتدى بالتدريج فعلاً زي ما حضرتك بتقول، لكن أنا في ساعتها ما كانش تصوري إن فيه ثورة أبداً، لغاية ما رجع وقال بقى.
أحمد منصور:
ولا كان مفهوم انقلاب عسكري في ذهنك؟
جيهان السادات:
لأ، انقلاب طبعاً مفهوم، إن فيه انقلاب في الجيش، آه طبعاً طبعاً يعني من أول البيان فيه حاجة لخبطة وبعدين لما عرفت إن فيه دبابات في الميادين، آه دا فيه انقلاب في الجيش.
أحمد منصور:
ما رجعتيش في ذاكرتك إلى الضباط اللي كانوا بيأتوا في البيت عندكم؟
جيهان السادات:
وخصوصاً كان في انتخابات قبل الحركة دي في..
أحمد منصور:
صحيح كان في انتخابات في نادي الضباط.
جيهان السادات:
بالظبط، فأنا قلت هي دي بقى المشكلة إن يعني مش عايزين.. كان مين؟ حسين سري أو حاجة زي كده.
أحمد منصور:
حسين سري عامر.
جيهان السادات:
عامر، آه جاي ومش عايزينه وعايزيين نجيب، حاجة كده يعني، فكان كل تخيلي إن دي حاجة في الجيش فقط.
أحمد منصور:
ماتخيلتيش إن الاجتماعات اللي كانت بتم في البيت عندكم أو اللقاءات لها أي علاقة بما يحدث؟
جيهان السادات:
لا طبعاً بعد الثورة..، بعد ما قامت.
أحمد منصور:
لأ في ذلك الوقت.. نعيش اللحظة دي.
جيهان السادات:
لا لا لا نهائي والله، نهائي.
أحمد منصور:
(7/182)
رجع السادات إلى البيت في 26 يوليو، قلتِ لي كنت عند طبيب الأسنان في 25 يوليو ليلاً، ماذا حدث وجعلكِ تستوعبين ما دار؟
جيهان السادات:
هو قال لي، قال لي مبروك، ده هو كظابط بقى يظهر بيسمع بقى من الظباط ده فيه مش انقلاب ده فيه ثورة وبيطلعوا الملك وفيه مفاوضات، وفيه حاجات زي كده، والخبر بقى تسرب يعني في الشعب وفي الظباط وكده، فأنا بقيت مبهورة وفرحانة طبعاً، فرحانة جداً.
أحمد منصور:
أنتِ مبهورة وفرحانة، مبهورة وفرحانة عشان فجأة زوجك بقى هو في الراديو بيعلن بيان معين والناس كلها عماله تقول: أنور السادات بيعلن بيان.
جيهان السادات ]مقاطعةً:[
لأ، مش البيان.
أحمد منصور ]مستأنفاً:[
في نفس الوقت لما راح إسكندرية وعُيِّن أحمد ماهر رئيس وزراء في ذلك الوقت، وراح وكانت صورته بتظهر في الصحف إلى جوار رئيس الوزراء في كل هذه الأشياء شعرت إن فيه تغير معين، وإن السادات أصبح في واجهة الأحداث؟
جيهان السادات:
لأ، فرحت كزوجة لواحد يعني أولاً الملك ماكانش له يعني سمعة طيبة، كان يعني كل اللي معروف عنه إنه يقعد يلعب قمار وستات ويسافر الصيف كله بَرَّه ويجي، يعني كان اهتمامه بالشعب اهتمام ضئيل جداً وماكانش محبوب في الآخر خالص، كوني ألاقي زوجي في الصور هو أحد القادة اللي عملوا ثورة وطلعوه، طبعاً كنت فخورة به جداً جداً جداً، يعني وفرحانة إن هو واحد من اللي عملوا هذا الإصلاح في البلد.
أحمد منصور:
الرئيس السادات نفسه في كتابه (البحث عن الذات) قال: إنه لم يكن راضياً، يعني حتى نص كلامه قال: لم تكن مشاركتي في الثورة بالأمر الذي يهمني في حد ذاته. هو لم يكن راضي عن الدور اللي قام به في الثورة.
جيهان السادات:
بمعنى أيه؟
أحمد منصور:
(7/183)
بمعنى إن فيه جزء كبير من الليل هو كان في السينما ما يعرفش إن العملية ستقوم في ذلك الوقت، لما راح متأخر لم يستطع أيضاً أن يمارس دور إلا حينما سمع عبد الحكيم عامر صوته وهو اللي سمح له إن هو يدخل.
جيهان السادات:
لأ، بس كان كله كان الساعة 12.
أحمد منصور:
كانوا كلهم رتبوا أدوارهم تقريباً، وبقى دور من سيذيع البيان، محمد نجيب في مذكراته قال: إن فيه ضابط راح قبل أنور السادات أذاع البيان صوته مكانش قد كده.
جيهان السادات:
لا، لا.
أحمد منصور:
فهو محمد نجيب سأل.. كان السادات قال: أنا أروح، أنا أذيع هذا البيان. في الوقت اللي السادات في مذكراته قال إن عبد الناصر قال له: أنت صوتك جهوري فأنت الذي تذهب إلى الإذاعة.
جيهان السادات:
بالظبط، بالظبط، هأقول لحضرتك، يعني الأدوار ما اتقسمتش وهم في الليلة. هم كانوا في أيه أو في أيه؟ هم بيفكروا بس يطلعوا الملك، وبيفكروا يعملوا ثورة بلا دماء، دي كانت أهم حاجة عندهم، مش بيفكروا ده ياخد دور أيه؟ وده مين؟ وده مين؟ لا لا لا.
أحمد منصور:
لأ مش قضية ياخد دور أيه، توزيع الأدوار من حيث إن فيه مجموعة من الضباط الرئيسيين هيقوموا بثورة..
جيهان السادات [مقاطعةً]:
هو هأقول لحضرتك، إحنا وإحنا في السينما..
أحمد منصور ]مستأنفاً:[
كل واحد سيقوم بدور، الدور اللي السادات لعبه فقط هو إذاعة البيان، لأن قضية التليفونات كان دوره في موضوع..
جيهان السادات ]مقاطعةً:[
لا، إزاي بقى؟ واشتراكه بعد كده في الثورة بقى يومياً.
أحمد منصور:
(7/184)
قبل ذلك أنا أقصد ليلة الثورة نفسها. موضوعه.. كان دوره الرئيسي يتعلق بعزل التليفونات، لأنه تأخر فهُمّ قاموا بعملية العزل حتى هو نفسه في مذكراته قال إنه لما نزل في القيادة العامة للجيش مالقاش الضباط فبدأ يطمئن العساكر، بدأ يطمئنهم علشان يأتوا، وعلشان تتم عملية الاتصالات اللي كانت أُنهيت بالفعل وتمكنوا من السيطرة عليها، هو نفسه في كتابه بيبدي شيء من عدم الرضا، يعني كان ممكن يكون له دور أكبر من ذلك لكن الظروف لم تساعده.
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك.. هأقول لحضرتك، هي الثورة تقدمت عن ميعادها، يعني هو عبد الناصر خاف لحسن هتتعرف، هيتعرفوا كظباط يعني في تنظيم سري.
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
طبعاً مجيء حسين سري عامر أو الإشاعة عن تعيينه وزير للحربية وهو على دراية بتنظيم الضباط الأحرار هي التي عجلت.
جيهان السادات:
وهي دي بدَّرت أيضاً.. بالظبط بالظبط، كل ده بدَّر من الثورة، ونزلوه من رفح بسرعة علشان يكون حاضر وهو جِه على أساس إنه أيه؟ يعني ياخدني السينما على أساس هو بعدها قال لي: أنا تصورت إن ممكن جداً إن إحنا الملك يمسكنا ونموت، فعلى الأقل أبقى إسمي يعني خرجتك قبل ما.. وفسحتك.
أحمد منصور:
مش حاجة ثانية يعني؟ مش إنه كان معاكِ في السينما ومالوش علاقة بالثورة؟
جيهان السادات:
لا، لا، لا، لا.
أحمد منصور:
كنت فين ليلة الثورة؟ كنت في السينما مع زوجتي.
جيهان السادات:
لا لا هأقول لحضرتك، وإحنا في السينما النور انطفى، وخرجنا مشينا بعد كده روحنا فروَّحنا بدري، وهو لما وصل هناك كانت الساعة لسه 12، يعني كانت لسه بداية الثورة، يعني مش إن هو لمَّا راح ونَدَه، ولقى صوت عبد الحكيم وندهه كان لسه في أولها يعني وراح وقعد كَمِّل معاهم.
أحمد منصور:
بعد ذلك بدأت الخلافات تدب داخل مجلس قيادة الثورة، لاسيما بين محمد نجيب..
جيهان السادات ]مقاطعةً:[
وجمال عبد الناصر.
أحمد منصور ]مستأنفاً:[
(7/185)
وبين المجموعة بقيادة جمال عبد الناصر، وكان السادات منحاز بطبيعة الحال.
جيهان السادات:
لجمال عبد الناصر.
أحمد منصور:
إلى جمال عبد الناصر وإلى المجموعة الأخرى.
جيهان السادات:
ده صحيح.
أحمد منصور:
في كتابكِ ذكرتي حاجة، أنا يعني بالمصري (فَلِّيت) مذكرات محمد نجيب عشان ألاقي حاجة عنها ما لقيتهاش.
جيهان السادات:
أيه هي؟
أحمد منصور:
كنتِ أكدتِ إن الصراع الأساسي كان ضغوط محمد نجيب على السادات أكثر من الآخرين، وإن شعور السادات بالضيق من تصرفات محمد نجيب ومن الضغوط عليه كانت أكثر من شعور باقي الضباط، وكأن محمد نجيب كان يتحدى السادات شخصياً عن الآخرين، ودي بعض التحليلات بتعيدها لبعض الحاجات اللي ممكن أتكلم معاكِ فيها.
جيهان السادات:
والله هو الخلاف كان بينه وبين جمال عبد الناصر شديد جداً، وكان بيخرج محمد نجيب بعد كده يزور الناس ومن ضمنهم أنا جالي البيت وأنور كان بيحج مع.. أو خرج مع عبد الناصر سافر معاه في حتة، وكان بيعملوا عمرة أو حاجة زي كده، وفي أثناء ما هو كان على خلاف شديد مع جمال عبد الناصر، وأنور السادات كان واخد صف جمال عبد الناصر، محمد نجيب -مع احترامي الشديد-لم يشارك في الثورة ولم يعلم عن الثورة شيء إلا هم راحوا جابوه من بيته وعينوه يعني..
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
ده الكلام اللي حضرتك بتقوليه وبعض الناس المنحازين للثورة، لكن.
جيهان السادات ]مقاطعةً:[
لا أبداً.
أحمد منصور ]مستأنفاً:[
لكن محمد نجيب كان له دور وكان له علاقة، لكن طبيعة وضعه ودي وضحت من انتخابات نادي الضباط، من يقرأ التاريخ من مصادره المختلفة يدرك ذلك، الرجل كان له دور رئيسي وبالتالي كان هو اللواء الوحيد في الجيش الذي لم يتم اعتقاله.
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك، هم اختاروه ليه؟ أولاً: سمعته نضيفة، ظابط محبوب، كل شيء فيه كان كويس.
أحمد منصور:
يعني هو رقبته على المشنقة قبلهم.
جيهان السادات:
(7/186)
آه طبعاً معاهم، مؤكد.
أحمد منصور:
لا نستطيع هنا أن نقول أنه ليس له دور.
جيهان السادات:
لأ، يعني ليس له دور قبل الثورة أو بتاع يعني هم راحو جابوه علشان هم ظباط صغيرين في السن وقالوا إن دي واجهة مشرفة.
أحمد منصور:
مش جابوه ليلة الثورة، كان فيه علاقة بينهم وترتيبات، وكان له دور أيضاً بصفته كلواء.
جيهان السادات:
ماكنش يعرف حاجة غير في آخر لحظة جابوه.
أحمد منصور:
هذا ما يقوله البعض، لكن حضرتك برضو أنا هنا باخد التاريخ من مصادره المختلفة، ولكِ أن تقولي رأيك في المسألة، محمد نجيب كان له دور ودور رئيسي في الثورة، وحتى حسين الشافعي في شهادته قال نحن أغمطنا هذا الرجل حقه ويجب أن يُرد له النقطة الأساسية هنا ما ذكرتيه أنت في كتابك عن أن محمد نجيب كان -على وجه الخصوص- فيه تحدي خاص بينه وبين السادات. أنا لقيت فقرة واحدة تخص السادات في مذكرات محمد نجيب قال فيها في صفحة 202: "لم يبق من ضباط الثورة سوى أنور السادات -دا الكلام عن بعد كده- الذي كان يُعرف بدهاء الفلاح المصري كيف يتجنب الأهواء والعواصف، كان يقول عن كل شيء: صح. وكانت هذه الكلمة لا تعني أنه موافق أو غير موافق، ولكن دائماً كانت تعني أنه يفكر وينتظر الفرصة". دي العبارة اللي لقيتها، وما أعتقدش إن فيها نوع من الذم وإنما بيان لشخصية.
جيهان السادات:
لا لا هي مش ذم بالعكس ده ذكاء، لا..
أحمد منصور:
بيان لشخصية أنور السادات.
جيهان السادات:
(7/187)
لأ، بس هأقول لحضرتك حاجة، هو أنور السادات اللي أنا أعلمه منه إن هو بيحب عبد الناصر، بيحبه تماماً يعني، ومخلص له، ومؤمن به كقيادة يعني، فلما يحصل خلاف بينه وبين محمد نجيب على مَنْ يقود، فأنور السادات كان بياخد صف جمال عبد الناصر على طول، ومحمد نجيب كان بيعتبر، يعني مثلاً وهو على خلاف مع أنور السادات وجمال عبد الناصر خلاف شديد تبص تلاقيه جاي لي البيت عشان قدام الجيران والناس وتقف الركاب قدام اذلبيت، وأنا كنت ساكنة في خامس دور وجاي يسلم على جيهان السادات ويُعَيِّد عليها، كان عيد وكان -زي ما بأقول لحضرتك- كان أنور مسافر، فأنا حتى وأنا يعني مانيش كبيرة ولا كده استغربت أنا لقيت عربيات وسرينة وهيصة والركاب، فبأبص من البلكونة لقيت محمد نجيب في عربية مكشوفة والجيران طبعاً طلعوا في البلكونات وبيشوروا له، فأنا دخلت جوه والشغال اللي عندي قلت له: انزل تحت -كان فيه حراسة ظابط يعني.. عساكر وكده- قلت له: انزل تحت قول لهم ما فيش حد فوق خالص، لأن أنور مسافر وأنا مش عايزة أقابله وهو على خلاف مع أنور وأعمل مشكلة يعني، ما فيش داعي ومافيش الصداقة يعني.
أحمد منصور:
واضح إن الخلاف مش مع أنور هنا، الخلاف مع عبد الناصر ومَنْ مع عبد الناصر.
جيهان السادات:
وأنور السادات مع عبد الناصر، فيبقى الخلاف بالتالي معه أيضاً، فقلت يعني هو جاي قدام الجيران يعني يعمل (Show) كده إن هو ما فيش حاجة، وبعدين يبص يلاقوهم على خلاف، فرفضت أقابله، وقلت لهم: قولوا -يعني عشان ما أجرحهوش ويطلع لغاية فوق، ما يصحش طبعاً لو طلع لفوق كنت هأقابله لأن ده بيتي- لكن قلت بعت الشغال اللي عندنا قلت له: إنزل تحت قول لهم مافيش حد فوق، يعني أنور السادات مسافر والست مش موجودة.
أحمد منصور:
(7/188)
منذ العام 1952 وحتى العام 1970، هذه كانت فترة في حياة الرئيس السادات وصفها في كتابه (البحث عن الذات) بأنها كانت فترة معاناة أدت إلى وجود خلل في سلامه الروحي الداخلي. طبعاً في تلك الفترة مَرَّ السادات بأشياء كثيرة.
جيهان السادات:
آه صراعات كبيرة.. كتيرة.
أحمد منصور:
وصراعات، في 27 يوليو 1952 اجتمع مجلس قيادة الثورة ليبحث في صورة المستقبل بالنسبة للحكم، هل ستكون للديكتاتورية أم للديمقراطية؟ الرئيس السادات في مذكراته قال أنه انحاز للديكتاتورية ضد الديمقراطية.
جيهان السادات:
نعم، ده هذا حقيقة.
أحمد منصور:
وقال إحنا قُمنا بالثورة دي مش عشان الشعب يحكم وإنما هم عشان الضباط يحكموا قبضتهم على السلطة. مَثَّلت هذه الصورة جزء من شخصية السادات التي استمرت بعد ذلك حتى وهو في وجوده في السلطة، شخصية الديكتاتور الأوحد الحاكم الذي لا يعطي الفرصة للآخرين. هذه الشهادة التي كتبها السادات في كتابه أما تنم عن طبيعة شخصية في داخله؟
جيهان السادات:
هذا غير حقيقي، هأقول لحضرتك ليه، أنور السادات في أول الثورة طبعاً أنت أي قائد أو أي إنسان بيتغير أو أي زعيم بيتغير حسب الأشياء اللي بتدور حوله والمتغيرات اللي بتدور في البلاد اللي حوله وبالتالي في بلده، أنور السادات كان في أول الثورة يعني زي عارف حضرتك ميكيافيللي لما يقول لك: أنا ديكتاتور لكن بالعدالة بأحكم بلدي. فهو عارف إن عبد الناصر عادل، وعارف إن هو يعني ولعلم حضرتك..
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
لسه ماظهرش حضرتك حاجة من عدله ولا من..، لسه إحنا في الأيام الأولى.
جيهان السادات:
لا، بس صديق عُمر له وعارفه يعني.
أحمد منصور:
لكن تحدث عنه بأشياء كثيرة بعد ذلك رغم صداقته ورغم علاقته ورغم كذا.
جيهان السادات:
معليش، آه طبعاً، لا كلنا لنا أخطاء، إحنا بشر.
أحمد منصور:
(7/189)
لكن حتى يتحدث عن قربه من عبد الناصر وقرب عبد الناصر من الآخرين يقول: إن عبد الحكيم كان الوحيد اللي بتربطه علاقة خاصة بعبد الناصر.
جيهان السادات:
ده صحيح.
أحمد منصور:
ورغم الصلة الوثيقة اللي ربطت السادات بعبد الناصر لكن يقول السادات أيضاً إنه لم يكن يستطيع أن يفهم ما بداخل عبد الناصر تجاهه.
جيهان السادات:
ساعات، ساعات أيوه، نعم، اللي أنا عايزه أقوله، أنور السادات ما كانش ديكتاتور أبداً، وأنا مش بأدافع عنه، هو مين اللي عمل الأحزاب؟ ما كان ممكن يكتفي بالاتحاد الاشتراكي.
أحمد منصور:
صورة ولا زالت إلى يوم الأحزاب صورة في مصر ليس لها وجود سياسي واقعي.
جيهان السادات:
والله فيه معارضة، ليه صورة؟ فيه معارضة، مش هأقول لك.. وفيه ديمقراطية.
أحمد منصور:
المعارضة كان لها 4 مقاعد في البرلمان.
جيهان السادات:
وفيه ديمقراطية موجودة.
أحمد منصور:
مجرد أشياء شكلية سآتي لها في حينها.
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك يعني الديمقراطية والحاجات دي ما بتجيش في يوم وليلة، كل الحاجات دي بتاخد خطوات، وأنا معاك أنا ما بأقولش إن إحنا قمة الديمقراطية ولا إحنا ديمقراطية زي أمريكا مثلاً أو إنجلترا.
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
لكن لو كانت بدأت في يوليو..
جيهان السادات:
لأ، أنا يعني ما أنا مصرية وعارفة.
أحمد منصور:
سيدة جيهان، لو بدأت في يوليو 1952 كان زماننا الآن شعب ديمقراطي كبير جداً.
جيهان السادات:
لا ما هي مابدأتش في يوليو 1952.
أحمد منصور:
ما هم رفضوا وعلى رأسهم الرئيس السادات يعني.
جيهان السادات:
لأ، هي بدأت في عهد أنور السادات لما كان رئيس جمهورية، هو اللي بدأ تعدد الأحزاب، وهو اللي بدأ الديمقراطية لأول مرة في مصر، وشال الرقابة على الصحف، وأعطى المؤسسات حقها..، لا، ده أنور السادات عمل تغيير.
أحمد منصور:
(7/190)
في تلك الفترة السادات كان ينزوي، لم يكن يشارك بشكل فعال ورئيسي في الاجتماعات وفي الحضور، وكان بيتهم من الآخرين بالضعف وعدم المعرفة بالأمور في الوقت الذي أشرتِ أنتِ، وأشار محمد نجيب في وصفه لشخصية السادات وغيره إلى إن السادات لم يكن يحب يعني الأشياء التي فيها مشاكسة أو غير ذلك.
جيهان السادات:
مظبوط، يعني ماكانش يحب يخش في مشاكسات أو صراع على مناصب أو صراع على حاجات، يعني كان بيبعد، ويعني بدليل إنه هو مثلاً لما كانوا كل أعضاء مجلس الثورة بيحكموا في وزرا، هو الوحيد اللي ما كانش وزير إلا في النهاية، ويوم ما كان وزير يعني أنا عرفتها من الجورنال وهو كنت أنا والدة بنتي أذكر والدة بنتي.
أحمد منصور:
لما وزير دولة في 1954.
جيهان السادات:
بالظبط، كنت لسه والدة بنتي في المستشفى وجه، فقلت له بقى أنا أعرف إنك وزير من الجورنال؟! فقال لي: ده أنا زيِّك برضو عرفتها من الجورنال. يعني كان عبد الناصر حطها يعني بدون الرجوع إليه، قال يعني مش عايزين إن واحد بس يتقال إن أَكِن ما فيش انسجام يعني كلنا وإحنا كلنا واحد يعني.
أحمد منصور:
(7/191)
بدأت مرحلة من الديكتاتورية التي أيدها أنور السادات في العام 1952، بدأ تفرض قوانين الإصلاح الزراعي على الناس، محكمة الثورة في سبتمبر 1953 أسست وبدأت تفرض أحكام بالإعدام وأحكام بالسجن على الناس، في 16 يناير 1953 تم إلغاء الأحزاب، واستثني الإخوان المسلمين من الحل باعتبار -حسب ما ذكر نجيب في مذكراته، وحسب ما جاء في كتب كثيرة- إن عبد الناصر قال إن لهم دور في الثورة ودعموا الثورة وبالتالي لابد من إبقائهم. ولكن في 12 يناير 1954 تم حل الإخوان أيضاً، ثم عادوا مرة أخرى إلى وقوع حادث المنشية في أكتوبر 1954 حيث حوكموا، وكان أنور السادات أحد القضاة الثلاثة الذين حاكموا الإخوان. فترة محمد نجيب هذه، كيف كان الانطباعات إلى أن محمد نجيب استقال استقالة أولى في فبراير 1954 ثم أُقيل بعد ذلك. أبدأ معكِ في الحلقة القادمة ابتداء من إقالة محمد نجيب وتعيين السادات وزير دولة في وزارة عبد الناصر في أكتوبر 1954.
جيهان السادات:
طب ما أردش على الديكتاتورية اللي حضرتك بتقول عليها دي بس ولو بكلمتين؟
أحمد منصور:
تفضلي.
جيهان السادات:
يعني ديكتاتورية إنه يعطي.. يعمل إصلاح زراعي ويعطي الفلاحين المحرومين يعطيهم جزء من الأرض خمس فدادين لكل فلاح هل دي ديكتاتورية مع الفروق الشاسعة اللي كانت موجودة؟!
أحمد منصور:
حقوق الآخرين يا سيدتي، الآن هل تقبلي أن ينزع منك هذا البيت وأن تقيمي في شقة ويتوزع غرفه على الناس؟
جيهان السادات:
إذا كنت.. لأ، مش بهذه الدرجة هُمّ ما عملوهاش بهذه الدرجة، كل 2%..
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
يعني هي تقريباً صورة.. صورة قريبة يعني، يعني الصورة تكاد تكون قريبة.
جيهان السادات ]مستأنفةً:[
لأ، هي 2% كان غنى فاحش عندهم آلاف آلاف الفدادين.
أحمد منصور:
ماذا فُعل بهؤلاء الناس؟
جيهان السادات:
أعطوا للفلاحين خمس فدادين.
أحمد منصور:
لكن ماذا فعل يعني، كان يمكن أن يتم.
جيهان السادات:
(7/192)
وكل عائلة كان عندها 200 فدان، بدأت بـ 200 فدان.
أحمد منصور:
كان ممكن أن يتم هذا الأمر بشكل آخر، ووصل إلى خمسين فدان بعد ذلك.
جيهان السادات:
أنا هأقول لحضرتك، أنا موافقة حضرتك في يعني إخراج الموضوع أو اللي نفذ الموضوع ما نفذهوش بالشكل يعني كان فيه مآسي، وأنا نفسي حاضرة مآسي من ضمنهم وجيت حكيت لأنور السادات وكان عندنا يومها عبد الحكيم عامر وقلت له على أحد -في المنوفية- أحد الرجال اللي هُم كانوا ماسكين.
أحمد منصور:
ما حدث في كمشيش
جيهان السادات:
ما حدث في كمشيش بالظبط.
أحمد منصور:
سآتي معك فيه بالتفصيل، أشكرك.
جيهان السادات:
طيب.. لكن اللي أنا عايزة أقوله
أحمد منصور:
تفضلي.
جيهان السادات:
إن يعني التنفيذ كان فيه أخطاء، نعم، كان فيه أخطاء لكن القانون كقانون علشان فيه عدالة للأغلبية الساحقة من الشعب المصري نعم.
أحمد منصور:
قد تكون القوانين عادلة في كثير من الأحيان ولكن دائماً المنفذون يقومون بتنفيذها بشكل ما.
جيهان السادات:
ده صحيح، ده صحيح، ده صحيح.
أحمد منصور:
أشكر حضرتك شكراً جزيلاً.
جيهان السادات:
شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم..
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/193)
الحلقة3(7/194)
الأربعاء 29/10/1421هـ الموافق 24/1/2001م، (آخر تحديث) الساعة: 22:18(مكة المكرمة)،19:18(غرينيتش)
جيهان السادات - الحلقة3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- جيهان السادات، أرملة الرئيس المصري السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
22/01/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات.
سيدة جيهان مرحباً بكِ.
جيهان السادات:
أهلاً.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند تطور الصراعات داخل مجلس قيادة الثورة، في أكتوبر 1954 عُيّن السادات للمرة الأولى وزيراً في حكومة جمال عبد الناصر وزير دولة.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وتقولين أنه فوجئ وأنتِ كذلك بهذا التعيين عرفتيه من خلال الصحف.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
ماذا ينم؟ يعني ماذا ينم عن ذلك أن يفاجأ وزير من قراءة الصحف؟
جيهان السادات:
حأقول لحضرتك هو أنور السادات ما كانش عاوز يكون وزير بصراحة، يعني ديماً لما كان يبقى فيه تشكيل كان دائماً يقول لجمال عبد الناصر خليني أنا برة، أنا.. يعني هو..، عارف حضرتك تأثير السجن عليه عايز يبقى حر، مش عاوز..، يعني قيود السجن اللي اتسجنها خلَّت عنده حتى في البيت هنا يعني تبص تلاقي أحب قاعدة له عاوز ينزل الجنينة، أحب حتة له مثلاً القناطر الخيرية، عايز يقعد في شيء مفتوح، وأنا دي لاحظتها من يوم ما اتجوزونا يعني إحنا كنا ساكنين في تاسع دور كان يحب يقعد في البالكونة منه للسماء.
أحمد منصور:
أيه ملامح شخصيته الثانية؟
جيهان السادات:
(7/195)
ملامح الشخصية إن هو تأثر بلا شك بالسجن، يعني دي اللي أنا حسيتها كزوجة إنه عاوز حاجة مفتوحة، عاوز حرية، عاوز انطلاق، الأكل مثلاً عايز حاجات خفيفة خالص عشان ما تتعبوش لأن معدته تأثرت..، يعني فيه حاجات كده، مؤشرات كده كنت أحسها فيه، يعني من أثر..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ذكرتِ وهو ذكر وكثير من مرافقيه ومعارفه يؤكدون إنه كان بيحب يجلس في خلوة لوحده ربما لساعات.
جيهان السادات:
ده صحيح، ده حقيقي، بس يكون بيفكر في شيء وأنا كنت أحسها بقى أول واحدة، يعني لما أحس إنه مثلاً حأدي لحضرتك مثل، قبل..، وطبعاً أنا كبرت وحصل عندي نضج بقى وبقيت واعية لما يدور حولي، مش زي الثورة ما قامت يعني كنت لسه عَيِّلة صغيرة ومش حَسّه بالإحساس الكامل.
أحمد منصور:
أنا لسه في 1954 يا افندم.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
في 1954 تحديداً كان ملامح شخصيته بدأت تتضح عندك؟
جيهان السادات:
لا، ملامح شخصيته متضحة عندي من يوم ما اتجوزته وحبيته، وعرفت هو إنسان صادق، ما بيتغيرش، مابيتهزش لحاجة، يعني كونه يفاجأ إنه تعين وزير برضو يعني ما تشكلش عنده حاجة، لأن هو كان يبرفض دي لأنه مش عايز قيود الوزارة، مش عايز يبقى يقولي الوزير..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أو يخشى أن يقع في اصطدام مع عبد الناصر كما كان يقع الآخرون وبالتالي يخسر عبد الناصر وهو حريص أن يكون إلى جواره.
جيهان السادات:
لا.. لا، حضرتك، هو أثر السجن عليه مش عاوز..، هو كان يقول لي الوزير ده موظف بدرجة وزير، فعنده قيود يروح في مواعيد، ويخرج في مواعيد والتزامات أنا عايز أبقى حر، عايز أبقى رئيس مثلاً.. زي ما كان في جريدة الجمهورية يكتب عمود، يروح يعني مش بالدقيقة والثانية، يعني حر، يحس بالحرية في داخله.
أحمد منصور:
في 1953 أسست جريدة الجمهورية وكان هو رئيس تحريرها ومسؤول عنها.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
(7/196)
هل ده كان بيعتبر دور أو دور هامشي هو كان سعيد به؟
جيهان السادات:
لا، ده كان دور بيحبه جداً، وكان سعيد به قوي.
أحمد منصور:
رغم إن الآخرين يعتبروه دور هامشي بالنسبة لما كان دور رجال الثورة.
جيهان السادات:
ده صحيح ده صحيح، لكن هو بالنسبة له كان أحسن من أي وزير.
أحمد منصور:
هل هو كان يعشق الأدوار الهامشية التي لا تضعه في مسؤولية مباشرة وصراع مع عبد الناصر؟
جيهان السادات:
لأ، كان يعشق الأدوار التي لا تقيده بقيود، ده كان ديماً بأحسها فيه.
أحمد منصور:
حينما اختير وزير في أكتوبر 1954 هل غير ذلك من وضعه شيء من المسؤوليات ومن..؟
جيهان السادات:
لأ، هو كان لفترة كمان مش كبيرة قوي يعني
أحمد منصور:
الحياة السرية، والتنظيمات السرية اللي عاشها في الأربعينات والعمليات السرية والاختلاط [والانخراط] فيها كان لها تأثير على شخصية، انطوائيته، حُبّه للعزلة، عدم إفصاحه عما في نفسه، أن يتلقى فقط ولا يعطي؟
جيهان السادات:
لأ، هو شوف حأقول لحضرتك هو بطبيعته..، بطبيعته وهو شاب صغير هو نفسه كان يحكي لي يعني، هو طبيعته مش من النوع اللي اجتماعي قوي، يعني اجتماعي بحدود.
أحمد منصور:
بس أنتِ على النقيض منه.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
ما كانش بيحدث صدام بينكم.
جيهان السادات:
لا لا، أنا كنت مِريَّحاه جداً..، الشيء اللي عايزه هو اللي بأعمله له.
أحمد منصور:
طبيعة علاقاتك أيه في تلك المرحلة 1954؟
جيهان السادات:
(7/197)
طبيعة علاقاتي إنه راجل فيه ثورة قامت ومشغول وبيقعد بالساعات ما يجيش البيت، ويجي متأخر، ويعني مقدرة لهذه الظروف، يعني كنا نتعزم في عشوات كتير قوى بالليل وأبقى أنا في غاية الحرج إن أنا أروح مثلاً الساعة 9 ولغاية الساعة 11.30 وهو ما يظهرش فبأبقي..، وعايزين الناس يحطوا العشاء وأبقى يعني في نفسي متضايقة، لكن ساعة ما يهل ويخش أبقى خلاص نسيت كل (التينشن) اللي بيبقى عند الواحد، العصبية اللي بيبقى كاتمها أَمّا لما ألاقي الناس بترحب به ويقولوا له إحنا عارفين ومقدرين وبيبقى في اجتماع مثلاً يتأخروا فيه فيقولوا له إحنا مقدرين وعارفين وبعدين..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
شعورك تغير إنك أصبحتي زوجة وزير وعضو مجلس قيادة ثورة؟
جيهان السادات:
أبداً، أبداً، وأقول لحضرتك اسأل الناس ما تسألنيش أنا.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ما بدأتيش تخططي لدور مستقبلي لكِ في..،
جيهان السادات [مستأنفة]:
لا، لا، كل.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يكون لك دور اجتماعي مميز في بداية الأمر؟
جيهان السادات:
لا، حاقول لحضرتك أنا سألتك نفسي سؤال بس ده بعدين لما بقى رئيس جمهورية مش قبل، سألت نفسي أيه دوري اللي ممكن ألعبه وأنا زوجة رئيس جمهورية؟
أحمد منصور:
أنا لسه في 1954.
جيهان السادات:
طيب لسه.. قبل بقى ما يبقى رئيس جمهورية كان كل دوري اللي له شكوى عاوز يجبها كنت بأقدمها له، إذا حَد جِه خَبَّط على بابي كنت أقابله ما أرفضش، ودي حضلت مع ناس كثير ويحكوها لغاية النهارده، يعني كنت فاتحة يبتي وبابي وقلبى للناس.
أحمد منصور:
في 26 أكتوبر 1954 وقع حادث المنشية الذي اتهم الإخوان فيه بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر، وتأزمت العلاقة وقبض على مئات، أو آلاف من الإخوان وأُعلنت محكمة الشعب في أكتوبر 1954، وكان السادات أحد ثلاثة من القضاة، كان رئيس المحكمة جمال سالم وكان أنور السادات عضو يمين.
جيهان السادات:
يمين.
أحمد منصور:
(7/198)
وحسين الشافعي عضو يسار.
جيهان السادات:
عضو يسار.
أحمد منصور:
وأخذنا شهادة حسين الشافعي حول هذه المحكمة، أنتِ تحدثتي بشيء إيجابي عن الإخوان في كتابك، وكذلك تحدث الرئيس السادات، الآن في وضع أن يحاكم الناس الذين كان في يوم من الأيام على صلة قريبة بهم، بل بمرشدهم حسن البنا.
جيهان السادات:
صح.
أحمد منصور:
وأنتِ في نفس الوقت الناس اللي تركوا أثر في طفولتك وجعلوكي إلى اليوم تصري على إنك تكتبي هذا بوضوح في كتابك رغم العلاقة السيئة بين الحكومة والإخوان منذ 54 إلى اليوم، السادات كان شعوره أيه لما كُلِّف أن يحاكم هؤلاء الناس؟
جيهان السادات:
هُمَّ اعتقاد أنور السادات وبالتالي اعتقادي إن الإخوان المسلمين خرجوا عن الدور بتاعهم، يعني خرجوا عن إنهم مصلحين، يعني بيدوا قيم ومبادئ للشباب وللشعب، حَبُّوا بقى يحكموا يعني دخلت الحكاية من تعليم ومُثل ومبادئ إلى أنا عايز أحكم.
أحمد منصور:
ما الذي يمنع والحكم للشعب في ظل الديمقراطية، والثورة جاءت حتى تُخَلِّص الناس من الملك حتى يحكم الشعب ويطلع أفراد عاديين من الشعب يحكموا؟
جيهان السادات:
آه، دي لازم.
أحمد منصور:
أنا بأكلمك بمنطق الديمقراطية.
جيهان السادات:
طبعاً، آه طبعاً لازم لها انتخابات بقى ولازم لها يعني استفتاء، ولازم يكون الشعب موافق، طب الشعب كان بينتقد..
أحمد منصور:
لأ، أنا هنا في الجزئية، جزئية هل الحكم وممارسته على كل مستوياته هو حكر على مجموعة معينة من الناس أم من حق كل مواطن مصري إن هو يسعى أن يبقى له دور في الحكم من خلال الوسائل المتاحة؟
جيهان السادات:
لأ، في الأول، في أوائل الثورة كان حِكراً على الضباط الأحرار اللي قاموا بالثورة وخلصوا الشعب من الملك.
أحمد منصور:
يعني خلصوا الشعب من الملك -كما يُقال- وجاءوا بثلاثة عشر ملكاً؟
جيهان السادات:
لا.
أحمد منصور:
اللي هم أعضاء قيادة الثورة.
جيهان السادات:
(7/199)
لا ما كانوش ملوك لا، أنا أختلف مع حضرتك، ما كانوش ملوك.
أحمد منصور:
الامتيازات.. ما هو سعادتك بدأت تشعري بامتيازات.
جيهان السادات[مقاطعة]:
ما هي الامتيازات؟ حأقول لحضرتك.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
في حياتك من خلال السيارات من خلال الامتيازات.
جيهان السادات:
إحنا كنا ساكنين في شقة وإحنا أعضاء مجلس ثورة.
أحمد منصور:
ما هو كل ده تغير.
جيهان السادات:
طب اتغير بعد ما بقى رئيس جمهورية.
أحمد منصور:
لا، قبلها.. كان فيه تغيرات معينة كثيرة حصلت، مش أنتِ بس، في تلك المرحلة كان فيه ملاحظات كثيرة، الرئيس نجيب ذكرها في كتابه، في مذكراته حوالين تصرفات أعضاء مجلس قيادة الثورة، ابتداءً من إن هُمّ بدؤوا يخصصوا لنفسهم لبعض الأموال، وبعض الامتيازات الكثيرة.
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا،لا.
أحمد منصور:
وكثير من الأشياء هي.. الرجل، ليس كلامي أنا كلام الرجل كان موجود وآخرين كثيرين أيضاً ذكروا هذا.
جيهان السادات:
لا، ما مكن يكون..، ممكن وهو طبعاً لأنه كان محدد إقامته إنه يعني يَتَقَوَّل عليهم بيعني بشيء زيادة أو مبالغة.
أحمد منصور:
ليس كلامه وحده أيضاً، مصادر كثيرة، والتاريخ نفسه إحنا الآن.
جيهان السادات[مقاطعة]:
يعني طب ما أنا عايشة هذا الدور يعني ما أنا هأقول لحضرتك لما جوزي يكون رئيس جمهورية ومهيته خمس آلاف جنيه، لأ، يعني وقبل كده كانت أقل، فيعني بالعكس، هو فيه امتيازات بتريحَّنا من ناحية إن في عربية، فيه سائق تبع الحكومة، فَدَه بيرحني إن أنا ما بأدفعش أجرة سائق وعربية، لكن فيه حاجات كثيرة يعني مهياتهم مش كبيرة بالدرجة وبل بالعكس يعني ده كانوا بيدوا مثل يعني.
أحمد منصور:
عن أي شيء كان يتحدث معكِ السادات عن محاكمة الإخوان؟
جيهان السادات:
والله ما كانش بيتحدث معايا زي ما قلت لحضرتك.
أحمد منصور:
ولا كنت بتكلميه؟
جيهان السادات:
(7/200)
لا، أنا كنت أسأل ساعات وخصوصاً إن في يوم من الأيام يعني كنت عارفه كمان كان فيه تهديد عليه، وكنت أرفع سماعة التليفون وأسمع يقولوا لي هنقتله، فأقفل السماعة وطبعاً أنشغل لأن مهما كان، يعني مهما حطِّيت أعصابي في ثلاجة برضو وكنت بأحاول دائماً إن أنا ما أبينش أي أنفعال، لكن كنت في داخلي بأتمزق من التهديدات والحاجات دي، لكن هو كان بيعتبر إن ده دور من أدواره المكلف بها، ومؤمن بها.
أحمد منصور:
لم يكن هناك أي ضغوط نفسيه عليه، ماكنتيش بتشعري بقلق، بضيق، بإنه بيقوم بدور ما كان يحب أن يقوم به؟
جيهان السادات:
لأ.. لأ، حأقول لحضرتك أنور السادات لم يقم بأي دور في حياته إلا وهو مؤمن به، اللي غير مؤمن به ما كانش بيطول فيه.. بيسيبه.
أحمد منصور:
كان مؤمن تماماً بالدور اللي قام به بالنسبة لهذه القضية؟
جيهان السادات:
أكيد.
ما نقلكيش إنه فيه تعذيب، إن فيه أشياء بيتعرض لها الناس، إن فيه ظلم معين، إن فيه كذا؟
جيهان السادات:
لأ، أبداً، أنا قلت لحضرتك لما كان بيصلنا أي شيء عن تعذيبه، أي أسرة كانت تيجي وتقول، وفيه معتقلين جولنا وكانوا بيقولوا إن هم.
أحمد منصور:
الكلام في الستينات في كمشيش وغيرها، أنا الآن في 1954.
جيهان السادات:
في 1954 لأ، ما يعني..، حأقول لحضرتك أي واحدة كانت بتيجي البيت عندي ومعاها جواب كنت بأديه له وهو يشوف.
أحمد منصور:
في الفترة دي حد جالك بجوابات 54؟
جيهان السادات:
آه كتير جداً بس أنا مش قادرة أفتكر أسامي بالذات لكن أنا فاكرة.
أحمد منصور:
عن موضوع الإخوان تحديداً؟
جيهان السادات:
يمكن بعضهم آه.. برضو.
أحمد منصور:
(7/201)
صدرت الأحكام وأعدم ستة من الإخوان وحكم على مئات آخرين، هذه الأحكام تحديداً أحكام عسكرية، من محكمة عسكرية، وفيه مصادر أشارت إلى أن أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا يرفضوا عمليات الإعدام، وكلهم كانوا يميلوا إلى عملية السجن فقط إلا أن عبد الناصر هو الذي أصر على الإعدام وكان بيتعمد، أو كان بيتزعم عملية عدم الإعدام عبد الحكيم عامر، هل أَسَرَّ لكِ السادات بأي شيء عن هذا الأمر؟
جيهان السادات:
لأ، في الحقيقة، لأول مرة بأسمعه.
أحمد منصور:
في 14 نوفمبر 1954 أزيح الرئيس محمد نجيب من حكم مصر ووضع رهن الإقامة الجبرية إلى أكتوبر 1983 يعني طوال عهد الرئيس السادات كان رهن الإقامة أيضاً في القصر الذي كان يقيم به.
جيهان السادات:
إزاي؟ إزاي؟ ده أنور السادات اللي أفرج عنه، لأ، لأ أنا آسفة، يعني حضرتك.
أحمد منصور:
أنور السادات أفرج عنه مؤخراً، يعني لم يفرج عنه مباشرة بعد.
جيهان السادات:
أول ما بعت، هو بعت أو حاجة زي كده، حد راح له وبالتحديد واحد اسمه الأستاذ عدنان وهو في مجلس الشعب بدرجة مدير عام يعني في مجلس الشعب راح زاره وجه بَلَّغ هنا لأنه على صلة كان بفوزي عبد الحافظ اللي هو مدير مكتب أنور، وقال له إن أنا زرت محمد نجيب ولقيت إنه ساكن في بيت يعني ما يصحش إنه يسكن فيه حد.
أحمد منصور:
هل رئيس جمهورية يُنسى؟
جيهان السادات:
نعم؟ ما هو دي.
أحمد منصور:
يعني رئيس جمهوري ينسى إلى أن يأتي شخص يتحدث عنه ويذكر به؟
جيهان السادات:
يعني أنت لو كنت رئيس جمهورية وتشوف الأحداث اللي حواليك، والأخبار اللي بتيجي لك ودي هنا وهنا، فيه حاجات ممكن تاخدك يعني إلى أن حَد يذكره إحنا بشر.
أحمد منصور:
لا، أنا هنا بأرجع لما ذكرتيه أنت في الكتاب عن محمد نجيب وإلى التأكيد على إن..، كأن السادات لم يكن يحب الرجل إلى الدرجة اللي لم يهتم حينما جاء إلى السلطة بإنه.
جيهان السادات:
(7/202)
لا، أبداً، أول ما يعني.. تذكره، أو أول ما حد ذكره به على طول أفرج عنه في ساعتها في ساعتها، مش في 1983، قبل كده بكثير في عهد أنور السادات.
أحمد منصور:
هو نفسه قال أنا ظلّيت في إقامتي -في كتابه أنا قرأتها- من 14 نوفمبر 1954 إلى أكتوبر 1983، هذا كلام محمد نجيب.
جيهان السادات:
لا، 1983 أنور السادات ما كانش موجود.
أحمد منصور:
صح، بالضبط.
جيهان السادات:
طب ما هو ده يدل -حضرتك- إن فيه حاجات كتير خطأ، بتكتب خطأ.
أحمد منصور:
في يناير 1955 أسس المؤتمر الإسلامي وعُين السادات سكرتيراً عاماً للمؤتمر الإسلامي، وبدأت أسفاره إلى الدول المختلفة تكثر وتتوالي.
جيهان السادات:
أيوه.. الإسلامية.
أحمد منصور:
انتقل إلى لبنان والأردن والهند وغيرها من الدول المختلفة.
جيهان السادات:
صح، صح.
أحمد منصور:
أثر سفراته وجولاته أيه عليكِ أنتِ الآن في هذه المرحلة؟
جيهان السادات:
والله أنا أحب قوي ديماً أشترك مع زوجي في سفرياته إلا هذه الأيام لأن كان أولادي صغيرين، وكنت بأحسن دوري كأم ما أقدرش أسيبهم وهُمّ أطفال وأسافر معاه الحقيقة يعني.
أحمد منصور:
ولدت لبنى في سبتمبر 1954 الابنة الأولى.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
السادات سعى لتقديم استقالته أكثر من مرة من مجلس قيادة الثورة، وهذا ما جعل الاتهامات الدائمة عليه أنه لا يحب أن يتحمل المسؤولية المباشرة وينأى بنفسه عن وضعها، وكانت الاستقالة الثانية في عام 1955، كان يفكر بأن يترك مصر بكل ما فيها وينتقل للإقامة في لبنان.
جيهان السادات:
ده صحيح.
أحمد منصور:
صحيح؟
جيهان السادات:
أيوه هو يعني كان فيه صراعات في المجلس، هو قالها لي مرة باختصار شديد لأن زي ما قلت لحضرتك ما كانش بيدخلني في شغله، علشان ما يعني ما يشيلنيش هم في حاجة أنا لا..
أحمد منصور:
شغله جزء من حياته، وأنتِ أيضاً.
جيهان السادات:
وأنا جزء كبير في حياته.
(7/203)
جيهان السادات:
وأنا جزء كبير في حياته لكن في العمل ما بيحبش يقحم العمل في البيت دي طبيعته طول عمره، فلما حصل خلاف هو قال لي: إن هو قرر إنه يستقيل ونسافر ونهاجر للبنان يعني ده اللي قرره فلازم يشركني فيه وسألني..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني أيه يهاجر للبنان؟
جيهان السادات:
قال لي مش عايز أقعد في البلد خالص.
أحمد منصور:
يعني أيه يطلع من البلد بكل ما فيها وهو المفروض إن هو رجل وطني بلده حققت ما كان يصبوا إليه طوال السنوات الماضية.
جيهان السادات:
صح.. صح.
أحمد منصور:
معنى ذلك إن هذه الثورة لم تحقق شيء وأوصلت أحد أبنائها إلى اليأس وإنه عايز يعيش..
جيهان السادات:
لأ.. لأ، أنا هأقول لحضرتك تفكيره كان أيه تفكيره كان فيه صراعات في مجلس الثورة بلا شك صراعات بينهم كتيرة جداً.
أحمد منصور:
الآن خلاص أزيح محمد نجيب والجو خِلِي ليهم.
جيهان السادات:
لا لا لا.. وكان فيه صراعات بينهم كأعضاء مجلس الثورة.
أحمد منصور:
تفتكري قال لك بين مين ومين تحديداً؟
جيهان السادات:
هو قال لي فيه صراعات بينا وأنا ما بأحبش الصراعات دي وما بأتكالبش على حاجة، فأنا رأيي إن أنا أسيب ونطلع لبنان ونعيش هناك فترة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هيشتغل أيه في لبنان؟
جيهان السادات:
نعم؟!.. بلد عربي.
أحمد منصور:
واحد وزير وعضو مجلس قيادة الثورة هيطلع يشتغل أيه في لبنان؟
جيهان السادات:
لا.. بلد عربي قال.. لا، يشتغل صحفي يشتغل.. هو بيكتب كويس قوي، وقلمه كويس، ومارس..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن قيل إن كثير من المقالات اللي كانت بتصدر في الجمهورية لم يكن..، كان يوقع عليها، لكن لم يكن يكتبها.
جيهان السادات:
(7/204)
لا..لا.. لأ، هأقول لحضرتك هو كاتب وله أسلوبه وأخته سكينة برضو كاتبة وهم فيهم، فيهم صياغة الأسلوب جميلة يعني، فيهم الملكة دي أقدر أقول، هو كان عايز يروح هناك لفترة يبعد خالص عن كل شيء، واختار لبنان على إنها بلد عربي ومحب لمصر، وإن إحنا مش هنتغرب بالمعنى، يعني هنحس إن إحنا برضو..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بس كده أو عشان لبنان بلد جميل وفيه..
جيهان السادات:
لا.. والله هي بلد جميلة بناسها أكتر يعني وإن إحنا هنروح نقعد في وسط بلد عربي مع عرب ويشتغل هو في جريدة من هناك، ومؤقت.. مؤقت.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
صحيح وصلت.. وصلت إلى مرحلة إنه استخرج جوازاته وجاب تذاكر فعلاً للسفر؟!
جيهان السادات:
لا لا لا.. حضرتك، لم تصل إلى هذا الحد وهو لما حب يقدم استقالته عبد الناصر رفضها.
أحمد منصور:
رد فعلك كان أيه على الاقتراح ده أو طلبه؟
جيهان السادات:
فرحت طبعاً.. فرحت إن أنا هأقعد في مصر.
أحمد منصور:
ليه؟
جيهان السادات:
أنا بأحب بلدي جداً.
أحمد منصور:
لأ.. إنك تروحي لبنان؟
جيهان السادات:
آه، لأ.. أروح لبنان كنت هأقول لحضرتك أنا بأحب لبنان وكده، لكن أحب أروحها زيارة يعني طبعاً لقيت إن أنا هأبعد عن أهلي وإخواتي وأسرتي وأصحابي، لكن عشان خاطره، أنا قلتها له، قلت له: أنا مستعدة أروح معاك آخر الدنيا اللي أنت عايزة اعمله وما تحطنيش في حسابك إن أنا هأقول لك لأ أبداً.
أحمد منصور:
في هذه المرحلة تمت عمليات تصفيات كثيرة أيضاً للمناوئين حتى من ضباط الثورة: يوسف منصور صديق، سلاح المدفعية.
جيهان السادات:
من الأول خالص.
أحمد منصور:
وفؤاد محيي الدين، كل هذه الأشياء تم تصفيتها وفي 22 يونيو 56 أُلغي مجلس قيادة الثورة، وأصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية في 26 يوليو 56 أعلن جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
(7/205)
وكان طلب من السادات أن يصحبه إلى الإسكندرية.. لماذا تخلف السادات عن صحبته؟
جيهان السادات:
لم يتخلف، ولم يطلب منه إلا بعد أن أعلن، يعني أنا هأقول لحضرتك.. والرئيس عبد الناصر بيعلن عن تأميم قناة السويس كنا إحنا في بورسعيد بنصيف وكان في الصيف.
أحمد منصور:
يوليو 56، 26 يوليو 56.
جيهان السادات:
يوليو.. بالظبط، في شهر يوليو وكنا في الصيف في بورسعيد، وكنا معتادين إن إحنا نصيف أنا ووالدي، يعني كنت ديماً وأنا طفلة حتى نسافر بورسعيد نصيف هناك، ده المصيف بتاعنا مش إسكندرية والرئيس عبد الناصر كان بيروح وأعضاء مجلس الثورة بيروحوا إسكندرية، وكملوا كده وإحنا كملنا كده إلى أن يوم تأميم القناة فكنت بأسمعها وأنور بيسمعها وكنا فرحانين جداً جداً وبعدها طلب من أنور السادات قال له بدل ما تصيف في بورسعيد تعالَ صيف بقى في إسكندرية بأسرتك عشان نبقى كلنا مع بعض وفعلاً كنا هناك نقلنا على إسكندرية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
طبعاً أخذتم الفيلا اللي في المعمورة؟
جيهان السادات:
لأ.. المعمورة كانت لسه، المعمورة كانت لسه كتير قوي، فأخدنا فيلا في صيدناوي في رشدي، في رشدي، استانلي وكنا، كانوا مجلس الثورة بيروحوا كل ليلة عند الرئيس عبد الناصر يقعدوا عنده ويتعشوا معاه ويتكلموا ويسهروا، وإحنا كستات كنا يعني مش بنروح كلنا عمرنا ما رحنا معاهم..
أحمد منصور:
ما كنتوش بتجلسوا في جلسة مختلطة تتحدثوا في شيء.
جيهان السادات:
كنا نجلس أنا وحرم حسين الشافعي، وحرم زكريا محي الدين بالذات إحنا التلاتة كنا ديماً مع بعض قريبين لبعض قوي، أكثر من حرم بغدادي وكمال الدين حسين.
أحمد منصور:
وحرم عبد الناصر لم تكن تختلط بكم؟!
جيهان السادات:
يعني هي ما كانتش تحب الاختلاط قوي بصراحة يعني فما كناش بنقحم نفسنا..
أحمد منصور:
طبيعة نقاشاتكم أيه؟
جيهان السادات:
أبداً.. ولادنا ومشاكلنا، وكل واحد يحكي يعني..
أحمد منصور:
(7/206)
يعني ما كانتش كل واحدة بتفخر بالأسرار اللي جوزها بيطلعها عليها؟!
جيهان السادات:
لا، لا.. والله أبداً يعني ما كنا..
أحمد منصور:
ولا كنتوا بتتطرقوا إلى المشغوليات ومشغولين..
جيهان السادات:
لا، طبعاً مشغولين عنا، لكن إحنا عارفين ومقدرين يعني، وكان فيه -عايزة أقول لحضرتك- كان فيه احترام للرئيس عبد الناصر شديد جداً مننا كلنا كزوجات لأعضاء مجلس الثورة، فيعني يعني عارفين إنه أزواجنا بيسهروا معاه.
أحمد منصور:
هل كنتوا بتشاركوا أعضاء مجلس قيادة الثورة جلسات مختلطة تتحدثون فيها في شيء؟
جيهان السادات:
لا.. لا.. أبداً.. أبداً.
أحمد منصور:
ولم يكن يدور بينكم.. فقط ممكن تلتقوا على الطعام أم أيضاً..
جيهان السادات[مقاطعاً]:
لا، طعام وممكن نتعشى سوا، ممكن نقعد في الـ..، إحنا كَبَايِنَّا جنب بعض في..
أحمد منصور:
كان ممكن أيه اللي بيدور في الجلسات المختلطة النساء والرجال جالسون، أيه الموضوعات؟
جيهان السادات:
لا، مفيش رجال وسيدات جالسون هَمَّ ديماً يروحوا يسهروا معاه وإحنا مع بعضنا يعني كسيدات.
أحمد منصور:
في 29 أكتوبر 56 اندلعت حرب العام 56.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
وفي 23 ديسمبر انسحبت انجلترا وفرنسا وأنتِ أثناء لحرب ولد ابنك جمال.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
في عام 57 تم تشكيل البرلمان واختير السادات وكيلاً للمجلس بعد ما كان عبد الناصر أبلغه أنه سيكون رئيس المجلس فقدم عليه.
جيهان السادات:
البغدادي.
أحمد منصور:
عبد اللطيف البغدادي رئيساً للمجلس ولم يمانع السادات باعتباره لم يكن يمانع فيما يعرض عليه، سافر السادات إلى دمشق في نوفمبر 57 بدعوة من أكرم الحوراني رئيس مجلس الشعب السوري ورجع بفكرة الوحدة بين مصر وسوريا.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
طبيعة الدور اللي لعبه السادات في قضية الوحدة؟
جيهان السادات:
(7/207)
هو أُرسل من عبد الناصر، يعني عبد الناصر اللي أرسله للاستطلاع وللتفاوض بالنسبة للوحدة، ونجحت حتى بدرجة يعني هو راجع أخذ خبر مولد بنتي التانية نهى وأنا ما كنتش سمتها نهى لسه فهو جه وتفاءل بيها وهو راجع بيقول لي أنا يعني راجع في الطيارة وعلى البحر وقالوا لي مبروك إشارة جات لك ابنة، فقال لي أنا فكرت نسميها زنوبيا. أنا طبعاً زعلت جداً قلت له: زنوبيا إزاي ده لو نطقوا اسمها في المدرسة الولاد هيضحكوا. فقال لي: لأ، دي الملكة، ملكة تدرم [تدمر] اللي وحدت بين مصر وسوريا ولازم اسميها الاسم ده، ابقوا دلعوها قولوا لها زيزي أو زيزيت أو اللي إنتوا عايزينه. قلت له: لأ في المدرسة مفيش دلع. المهم إنه راح عند الرئيس عبد الناصر علشان يقول له أيه اللي حصل يعني اللي تم بالنسبة للمفاوضات بين مصر وسوريا، فحرم الرئيس عبد الناصر جات تزورني في المستشفى فلاقتني بقى بتقول لي سمتوها أيه؟ دي بنت حلوة قوي وكانت بنت جملية قوي مولودة عينين زرقا كده وشعر أسود وبيضا وحلوه يعني، فقلت لها: والله أنور عايز يسميها زنوبيا وأنا زعلانة جداً. قالت لي: زنوبيا! يا نهار أبيض! معقولة! المهم بعد الزيارة رجعت هي على البيت على بيتهم عند الرئيس عبد الناصر ولقت أنور السادات هناك فدخلت عليهم في المكتب وقالت للرئيس عبد الناصر دي جيهان زعلانة لأن أنور السادات عايز يسميها زنوبيا. فأنور ضحك قال: أيوه ده صحيح، فقال له حاجة، قال له: أنور.. مين اللي تعب في البنت؟! مين اللي تعب في الحمل والحاجات دي كأم؟ فقال له: طبعاً جيهان. فقال له: سيبها تختار الاسم اللي عايزاه. فاخترت لها نهى.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور:
(7/208)
مشروع الوحدة كان من المشروعات الفاشلة في تاريخ مصر السياسي بين مصر وسوريا، وظلت من البداية قائمة على غير أسس ومعالم واضحة، وأعلنت الوحدة بين مصر وسوريا في 22 فبراير 58، ولكنها انهارت في العام 61، في 22 فبراير 58 وُقع على وثيقة الوحدة بين مصر وسوريا، ووقع الرئيس السادات عليها أو طلب عبد الناصر منه أن يوقع رغم أنه لم يكن ذو منصب رسمي في الدولة في ذلك الوقت، وإنما نائباً لرئيس مجلس الشعب.
جيهان السادات:
لأنه هو اللي قام بالتفاوض.. لأ، هو قام بالتفاوض فيها وطبعاً مش معقول واحد تفاوض على كل التفاصيل وبعدين ما يمضيش، لأ.. هي مش كده بس..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أَلَم يورِط مصر في هذه الوحدة ويعتبر مسؤول عنها؟
جيهان السادات:
لأ.. أبداً، الرئيس عبد الناصر كان أمله إن تبقى فيه وحدة عربية كاملة، ومش الرئيس عبد الناصر، كلنا كان عندنا هذا الأمل، وما زال، لأن في الاتحاد قوة وإحنا لو متحدين كنا زَمَانَّا أقوى ميت مرة من اللي إحنا فيه دلوقتي.
أحمد منصور:
لكن وفق أسس وأصول ومبادئ واتفاقات وأشياء..
جيهان السادات[مقاطعاً]:
آه طبعاً.. طبعاً عايزة دراسة شديدة وعايزة..
أحمد منصور:
يعني الوحدة الأوروبية نموذج سنوات طويلة يوحدوا العملة.. يوحدوا كذا..
جيهان السادات:
لأنه شعب متعلم وعارف، إحنا شعوبنا لسه ما وصلتش لهذه المرحلة.
أحمد منصور:
إذن محاولة دفع الشعوب ودفع الحكومات إلى هذا أما تعتبر خطأ تاريخي.
جيهان السادات:
لأ مش خطأ تاريخي هي محاولة لإيجاد وحدة عربية مفروض إن الشعوب كلها تفهمها.
أحمد منصور:
لكنها أدت إلى الفشل في النهاية.
جيهان السادات:
آه كونها فشلت ده شيء لكن المحاولة في حد ذاتها ما تعتبرش فاشلة أبداً.
أحمد منصور:
(7/209)
لكن هي لم تقم على أسس واضحة والرئيس السادات حينما زار سوريا ورجع ودفع عبد الناصر إلى الوحدة، أعطاه معلومات غير صحيحة وغير دقيقة وورطه في هذا الأمر كما يقول بعض المؤرخين.
جيهان السادات:
لا.. لا.. عبد الناصر لا يُوَرَّط من أي شخص ولا من أنور السادات ولا من غيره، عبد الناصر أي شيء بيخش فيه كان بيدرسه وبيعرف أيه أبعاده وكان إذا أرسل أنور السادات علشان يلعب دور مش معنى هذا بياخد كلامه كله، بياخد كلامه وعنده دراسات وحاجات أخرى بتيجي له.
أحمد منصور:
في الفترة دي انتقلتِ من شقة الروضة إلى بيت في الهرم.
جيهان السادات:
في الهرم.. نعم.
أحمد منصور:
نعم.. وبدأت مرحلة أخرى من الحياة الاجتماعية ربما تختلف قليلاً عما كنتِ عليه من قبل.
جيهان السادات:
ممكن.. نعم.
أحمد منصور:
أصيب الرئيس السادات بأزمة قلبية في 15 مايو 1960م كان لها تأثير كبير على مجرى حياته بعد ذلك.
جيهان السادات:
ليه؟ ده أنا عايزة أسأل حضرتك ليه ليها تأثير كبير؟
أحمد منصور:
أدت إلى أن يُغَيَّر السادات من عاداته في العمل، أن يقلل جهده قدر المستطاع، حجم الضغط الذي كان يقوم به وحجم العمل قلله إلى عدد قليل، أصبح يأخذ قسط أكبر من الراحة لا يلجأ إلى علمية الإرهاق أو ما يسبب له الإرهاق ويتحاشاه.
جيهان السادات:
مش بهذه الـ..، هذا ما طلب منه فعلاً، لكن ما مشيش عليه، حأقول لحضرتك بمنتهى الأمانة هو كل اللي استمع إليه إنه السجاير قللها يعني الشغل بقى فعلاً عمل له ساعات معينة، يعني عمل طول الصبح ومثلاً بعد الظهر يبقى يقرأ حاجات يعني تقارير لبعد الظهر، لكن مثلاً يعمل كل مقابلاته في المكتب الصبح، بس ما يعملهاش من الصبح (لبـ.. الليل) زي ما كان بيجي على نفسه يعني فعلاً عمل نوع نقدر نقول مش تقليل، تنظيم للعمل وهذا الذي يفعله كل الزعماء في الخارج بعد ذلك مما عرفناه.
أحمد منصور:
(7/210)
في صيف العام 60 اختير السادات رئيساً لمجلس الأمة الاتحاد الذي كان يجمع بين مصر وسوريا وصدرت القوانين الاشتراكية في 23 يوليو والتي أدت إلى انهيار الوحدة في 26 سبتمبر 61 أثر إنهاء الوحدة بين مصر وسوريا أيه، على السادات وده كان بيعتبر مشروعه أو هو صاحب الفكرة التي نقلها إلى عبد الناصر؟
جيهان السادات:
طبعاً في التنفيذ هأقول لحضرتك حاجة هو المشروع الوحدة.. كمشروع الوحدة بتهيأ لي لا يختلف عليه اتنين، يعني كل إنسان فينا كعربي أو مصري أو من أي بلد عربي مخلص لبلده يهمه إن إحنا نكون متحدين لكن ساعات في التنفيذ بتبقى فيه أخطاء هي اللي تولد.. اللي ولدت فعلاً فشل هذه الوحدة.
أحمد منصور:
ولدت جيهان الصغيرة في العام 61.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وبده الصراع بين عبد الحكيم عامر وجمال عبد الناصر بعد انهيار الوحدة في العام 61 وانحاز السادات بشكل طبيعي إلى عبد الناصر.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
في 26 سبتمبر 62 اندلعت الثورة في اليمن، ولعب السادات أيضاً دوراً في هذا الأمر من خلال علاقته بالدكتور عبد الرحمن البيضاني حيث قام البيضاني بالإيعاز أو اللقاء مع السادات من خلال علاقتهم وحَدَّثه عن ثورة اليمن، وتحدث السادات مع عبد الناصر، وورطت مصر ورطة أخرى أيضاً في اليمن يقال أن الرئيس السادات يتحمل مسؤوليتها.
جيهان السادات:
برضو هأرجع تاني وأقول عبد الناصر ما هواش الإنسان اللي تورطه يعني بمنتهى الأمانة معروف عنه هو إنسان حريص جداً في كل خطواته..
أحمد منصور:
لكن هو في الآخر إنسان بيحكم وبيشار عليه من هنا وهناك.
جيهان السادات:
بيشار عليه بس مش من جهة واحدة يعني ما نقولش أنور السادات لوحده.
أحمد منصور:
يعني هنقدر نقول إن عبد الناصر لوحده يتحمل كل مساوئ ما حدث في عهده وكل أخطاء ما حدث في عهده..
جيهان السادات[مقاطعة]:
لا.. لا.. بالعكس.. بالعكس.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
(7/211)
هي كلها نتاج لما حوله من الناس.
جيهان السادات:
بالعكس ده الناس اللي كانت حواليه هي اللي ليها أخطاء.
أحمد منصور:
والسادات كان أحد هؤلاء.
جيهان السادات:
السادات كان أحد الناس اللي حواليه، في اليمن أنور السادات مش هو اللي صاحب فكرة اليمن، جمال عبد الناصر عايز وحدة عربية مع أي بلد عربي بمنتهى الأمانة، عايز مع سوريا كان، وعايز مع اليمن..
أحمد منصور:
لسه فاشلة وطالعين منها.
جيهان السادات:
وعايز مع ليبيا، وعايز ع كل هذا.
أحمد منصور:
يعني لسه التجربة فاشلة، ومصر خسرت فيها كتير ولسه طالعين منها.
جيهان السادات:
طب هو الرئيس عبد الناصر لما راح في سوريا وخطب وعمل الوحدة هل ده كان تأثير أنور السادات عليه؟ ده هو اللي عاوز الوحدة، هو يريد وحدة عربية وقومية عربية ومعروف عنه هو اللي كان بيثيرها على طول وبيقويها، فكون أنور السادات بيساهم في هذا مش معنى كدا إن هو صاحب المبدأ كله أو صاحب.. هو اللي وَرَّطَه، لأ..
أحمد منصور:
لكن له دور ويتحمل فيه مسؤولية؟
جيهان السادات:
مؤكد وهو لا ينكر ذلك.
أحمد منصور:
خاصة وأن الملف السياسي لليمن كان عند أنور السادات، والملف العسكري كان عند عبد الحكيم عامر.
جيهان السادات:
ده صحيح.. ده صحيح.
أحمد منصور:
إذن ورطة اليمن أيضاً من الناحية التاريخية الرئيس السادات له دور رئيسي فيها وفي معالجتها من بدايتها إلى نهايتها.
جيهان السادات:
لأ، طب وما تقولش ليه فيه توريط عسكري هو لا دخل فيه، هو التوريط حصل من الناحية العسكرية أكثر.
أحمد منصور:
لكن عادة ما يقوم العسكريين بدور.
جيهان السادات:
إنما الناحية السياسية ما كانتش لها أخطاءها.
أحمد منصور:
العسكريون عادة ما يقومون بدور تنفيذي للقرارات السياسية، فإذن الجهة السياسية والملف السياسي مسؤوليته، ما المانع بأن تعترفي بأن السادات أخطأ، إذا كان أخطأ في المسألة؟
جيهان السادات:
(7/212)
لأ.. أنور السادات أخطأ بلا شك، وكلنا بشر بيخطئ، أنا ما بأدافعش عنه في دي، لكن ما أحملوش دي أبداً لوحده، أبداً.
أحمد منصور:
كان نظرته لها أيه بعد كده؟ اتكلم معاكِ في المسألة دي، مسألة اليمن تحديداً؟
جيهان السادات:
لا والله لأ.. يعني مفيش..
أحمد منصور:
كنتِ بتتابعي في تلك المرحلة هذه المسؤوليات.
جيهان السادات:
بأتابع.. آه..طبعاً بأتابعه كان بيروح يقعد هناك فترات ويرجع وكده يعني، بالعكس أنا فيه جوابات بعتها له وهو في..، العيد ييجي مثلاً علينا وهو قاعد هناك، وكنت بالعكس أقول له أنا مش زعلانة ولا متضايقة طالما أنت مع الجنود بتوعنا هناك أفضل من أنك تقعد مع أسرتك، لأ يعني أنا كنت مُقَدِّرة، لكن إذا كان فيه أخطاء بين الوحدة فهي أخطاء كانت من الناحية العسكرية بلا شك إنما الناحية السياسية ما حصلش فيها شيء من الخطأ بالدرجة إن هي تفك هذه الوحدة.
أحمد منصور:
بده السادات في تلك المرحلة بعد أزمته القلبية الأولى في العام 60 يتجه إلى الإقامة في ميت أبو الكوم وأصبح له بيت هناك وأصبح يتردد هناك، وأنت كذلك كنت هناك تذهبين وبدأت..
جيهان السادات:
وقبل كده كمان.
أحمد منصور:
وبدأتِ نشاطك في العمل العام في ذلك الوقت المبكر.
جيهان السادات:
نعم.. صحيح..صحيح.
أحمد منصور:
بدأتِ تخططين لما بعد ذلك، بدأتِ تخططين إلى النبوءة التي قالتها لك السيدة التي قابلتك ذات مرة وقالت لكِ ستصبحين سيدة مصر الأولى.
جيهان السادات:
(7/213)
صدقني.. صدقني، أنا كنت نسيت النبوءة، أنا لما رحت الفلاحين وأنا إنسانة اتولدت في القاهرة وما عنديش صلة بالفلاحين يعني أول مرة أشوف الأرياف في يوم أبويا ما باع أرض وأخدنا البحيرة علشان بياخد الفلوس وبيبيع أرض، أول مرة أشوف الريف المصري، أنور السادات مرتبط بالريف ارتباط شديد جداً جداً جداً، فأنا لما اتجوزته ابتديت أروح هناك وابتدينا نبني بيتنا هناك في ميت أبو الكوم ونروح هناك من وقت لآخر لأنه مرتبط ارتباط شديد بالقرية وبميت أبو الكوم وبالأرياف يعني بالريف، طبعاً لما رحت هناك حتى بأقول له: أنزل أزور جيراني يعني وأتعرف عليهم. فقال لي: لأ ده احنا عندنا هنا، إحنا فلاحين هنا، الست ما تبانش، يعني زياراتها بتبقى بالليل ومش عارف أيه. فأنا يعني ما عجبنيش الكلام قوي فرحت جايبه فساتين فلاحي ومنديل بأوية وطرحة وقلت الفلاحة بتنزل بتمشي بالنهار والستات هم اللي بيطلعوا بالليل يزوروا دي زي ما بيقولوا سلو الريف، إن السيدة ما تنزلش إلا بالليل، إنما الفلاحات دُوُل في الغيط بقى وبيمشوا. فأنا قلت خليني أنا فلاحة، ولبست فلاحة وقلت له أنا بقى أنا هأروح أزور جيراننا الفلاحين. فهو بص لي وضحك ومالقاش حاجة يقول لي أمنعك، واحدة لابسة طويل للأرض وطرحة ومنديل وبتاع وتعرفت فعلاً بالـ..، وكنت سعيدة إن أنا أقعد جنب الساقية وأسمع الحكايات اللي بيقولوها كانت بالنسبة لي يعني جميلة جداً لأني كنت بأحس بنوع من الذكاء الفطري والتجربة اللي من الحياة مع الفلاحة الساذجة اللي ما تعلمتش.
أحمد منصور:
لكن في كتابك وأنت موجههاه للغرب بالدرجة الأولى وليس إلى القارئ العربي بأشعر إنك بتتحدثي بشكل من الترفع عن وضع الفلاحين..
جيهان السادات:
لا.. بالعكس.
أحمد منصور:
يعني بشكل مفيش فيه نوع من إنك أنت جزء من هذا البلد، وهذا البلد فيها هؤلاء الناس وهم أصلها يعني؟
جيهان السادات:
(7/214)
لا بالعكس. بالعكس أنا كنت بأحبهم جداً بدليل ده أنا هأقول لحضرتك قصة صغيرة توريك إن ما فيش ترفع، ده أنا واحدة منهم بتقول لي: أقعدي اتعشي معايا فقلت لها طيب، ففتحت الكنبة، كنب بلدي من اللي بيتفتح ده، فتحتها وطلعت حلة محشي وقعدنا أنا وهي ناكلها سوا، ناكل منها يعني وقمت رَوَّحت، فبأحكي لأنور بقى مسخسخ من الضحك، لأن هو الفلاح يقول لي: معقولة يعني عملتي كده، معقولة أكلتي من المحشي اللي جوه الكنبة اللي بقى له مثلاً يومين أو بتاع ما كانش متصور إن أنا، قلت له وأحلى محشي ذقته، يعني بالعكس أنا ما عنديش.. أنا هأقول لحضرتك أنا ما أحبش في الشاي سكر كتير والفلاحين عادة يحلوا الشاي زيادة كنت أشربه وكأنه يعني حاجة جميلة ما أتضايقش، لأ، أنا ما عنديش كبرياء على..
أحمد منصور:
لأ، هو بشكل عام أنا شفت صيغة في الكتاب لاحظت فيها الكبرياء من أوله يعني.
جيهان السادات:
لا..لا.. ممكن.
أحمد منصور:
والحديث عن المجتمع المصري وعاداته فيها شيء كأنك شيء آخر غير هذا المجتمع.
جيهان السادات:
لا..لا.. أنا هأقول لحضرتك أنا كتبت بالإنجليزي وترجم بالعربي فممكن في الترجمة يكون فيها هذا الإيحاء أو هذا الاحساس بين السطور.
أحمد منصور:
لأ، أنا أقصد هنا أيضاً خطابك أنت من المؤكد أن هذه اللغة هي التي خاطبت بها الغرب كسيدة مصر الأولى، في الوقت اللي يعني كأن الشعب المصري ده يعني من حاجة وأنت من شيء آخر.
جيهان السادات:
لا، ده أنا بأحب الشعب، ده أنا واحدة من الشعب واتجوزت واحد ضحى من أجل الشعب، لا يمكن لا.. لا..
أحمد منصور:
في عام 1966م وجهت الدعوة للرئيس السادات بصفته رئيس مجلس الأمة المصري في ذلك الوقت للقيام بزيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية من الرئيس.
جيهان السادات:
جونسون، لأ.. كان جونسون هو رئيس..
أحمد منصور:
لكن وجهت من رئيس الكونجرس في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
رئيس الكونجرس، آسفة، أيوه.
(7/215)
أحمد منصور:
وهذه هي المرة الأولى التي تصحبيه فيها في زيارة رسمية إلى دولة ما، أنت التي طلبتي أن تصحبيه هذه المرة؟
جيهان السادات:
لا، هو بياخدني معاه تلقائي وأنا بأروح معاه.
أحمد منصور:
دي أول مرة.
جيهان السادات:
أي زيارة كانوا ولادنا بقى كبروا شوية وكانت والدتي ساكنة جانبي فكانت تيجي تنتقل للبيت، وتقعد معاهم، كان فيه مدرسة كمان بأجيبها تقعد معاهم، يعني ماكانوش أطفال لسه بيرضعوا أقدر أسيبهم مثلاً، لأ، فرحت معاه، رحت معاه الرحلة..
أحمد منصور:
يعني الآن بدأتِ.. بدأتِ.
جيهان السادات:
أصحبه.
أحمد منصور:
أولى خطوات الدور الرئيسي اللي لعبتيه بعد ذلك في الحياة السياسية.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
وهذه كانت أول مرة الذهاب في زيارته للولايات المتحدة في 66.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
مين كان معاكم تفتكري من الوفد؟
جيهان السادات:
لا، ما أقدرش افتكر حد قوي.. لا، ما أقدرش.
أحمد منصور:
طيب تقدري تفتكري المعالم الرئيسية للزيارة هناك؟
جيهان السادات:
افتكر إن إحنا لما رحنا أنا قابلت مِرَات [امرأة] جونسون في البيت الأبيض.
أحمد منصور:
الرئيس الأميركي.
جيهان السادات:
الرئيس الأميركي في هذا الوقت، وأفتكر إن السفارات العربية بما فيهم افتكر كويس قوى سفارة الكويت بالذات كانت عاملة لنا عشاء كبير ورحنا وطبعاً ده بجانب السفارة المصرية وعملت لنا عشاء وكانت دعت فيه من القيادات الأميركية المعروفة هناك على القيادات والسفراء العرب فَدِي أنا أفتكرها كويس قوي.
أحمد منصور:
كان جدولك مختلف عن جدول الرئيس.. عن جدول السادات في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
نعم ..نعم..نعم.
أحمد منصور:
صحبتك أو كانت المضيفة التي من المقرر أن تصحبك كانت يهودية أميركية، أليس كذلك؟
جيهان السادات:
نعم.. افتكر كده آه.
أحمد منصور:
(7/216)
كان هناك صراع إسرائيلي -مصري- عربي في ذلك الوقت، شعورك أيه وأنت التي ستصحبك يهودية وإسرائيل دولة قائمة على قضية الديانة؟
جيهان السادات:
هل هي دي أيامها اللي رفض السفير بتاع.. قصدي العمدة بتاع نيويورك إنه يقابل أنور السادات أفتكر.
أحمد منصور:
بسبب ذلك؟
جيهان السادات:
بسبب إن هو يهودي وأنور السادات مصري ومسلم وكده وضد إسرائيل، فأنا هأقول لحضرتك أيامها وده منشور يعني مش..
أحمد منصور:
هل هناك تعمد لاختيار واحدة يهودية أيضاً لكي تصحبك؟
جيهان السادات:
ربما من ناحيتهم، بس أنا معرفتش إنها يهودية لأني مش هأسألها ديانتك أيه استحالة يعني.
أحمد منصور:
لكن على الأقل تعرفي مين اللي معاكِ في البروتوكول يعني.
جيهان السادات:
لا بأعرف اسمها كده عادي وما أعرفش لأ يعني هأقول هي متجوزة مين أو جنسها أيه أو ديانتها أيه لأ، دي ما.. لا تُسأل عن الحاجات دي.
أحمد منصور:
لكن الرئيس السادات بيدو أنه كان يعرف في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
لأ، أنور السادات اللي يعرفه إن إحنا زرنا كذا بلد من ضمنها نيويورك اللي العمدة رفض يقابلنا فأنا حتى عملت حديث أيامها وأنا يعني ما كنتش يعني مخضرمة في السياسة ولا أعرف.
أحمد منصور:
كان أول مرة بتدلي بحديث صحفي؟
جيهان السادات:
أيوه، وقلت العمدة خسر مقابلته لأنور السادات، خسر إنه يقابل شخص زي أنور السادات، وأنا عايزة أعرف هو عمدة إسرائيل أم عمدة أميركا؟ وماذا يدين ولاؤه لمن؟ ولاؤه لإسرائيل أم ولاؤه كعمدة أميركي؟ زي.. كلام زي الرصاص وده حدث وتقدر ترجع له وتشوفه يعني.
أحمد منصور:
هل بقيتِ مع الرئيس السادات طوال أيام الزيارة لم تفارقيه؟
جيهان السادات:
لأ، كان فيه زي ما قلت حضرتك فيه مثلاً مقابلة هنا رئيس الكونجرس مش هاروح أنا معاه، بأقابل مراته، يا بيقابل عضوات في الكونجرس يعني زيارتنا مختلفة.
أحمد منصور:
(7/217)
مغزى الزيارة دي أيه في وقت كانت العلاقت المصرية -الأميركية علاقات متوترة وغير سوية؟
جيهان السادات:
لا أبداً ده كان أيامها المبادرة أظن بتاعة روجرز؟
أحمد منصور:
روجرز 70.
جيهان السادات:
أُمّال دي كانت كام؟
أحمد منصور:
دي كانت 66، وأنتم في الولايات المتحدة تحديداً.
جيهان السادات:
آه فيه حاجة الرئيس عبد الناصر..
أحمد منصور:
أدلى الرئيس عبد الناصر بتصريحات مضادة للولايات المتحدة.
جيهان السادات:
لأميركا.. بالظبط.. ده صحيح.
أحمد منصور:
في ذلك الوقت وأدت إلى حرج الرئيس السادات.
جيهان السادات:
أيوه.. ده صحيح.
أحمد منصور:
أيضاً، أيضاً في نفس هذه الزيارة اختفى الرئيس السادات -كما جاء في مذكرات محمد حسن الزيات- لمدة ثلاثة أيام؟
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
ولم يعرف أحد جدول الرئيس السادات وأين ذهب في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
ليه يعني عشان أيه هيختفي؟
أحمد منصور:
ويقال بأن الرئيس السادات في ذلك الوقت مع الخلافات الموجودة داخل مجلس قيادة الثورة بين عبد الحكيم عامر وبين عبد الناصر ومع تصفية كثير من الضباط بده يرتب أوراقه مع الإدارة الأميركية. في الحلقة القادمة أبداً معكِ من هذه النقطة.
جيهان السادات:
لا، ما أنا لازم أكذبها دي وتسألني السؤال ده في الحلقة المقبلة.. لو سمحت.
أحمد منصور:
سنبدأ بها.. سنبدأ بها.
جيهان السادات:
طيب.. وهو كذلك.
أحمد منصور:
أشكر حضرتك شكراً جزيلاً.
جيهان السادات:
شكراً.. شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى السيدة جيهان السادات..
جيهان السادات:
بإذن الله.
أحمد منصور:
في الختام أنقل لكن تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/218)
الحلقة4(7/219)
السبت 10/11/1421هـ الموافق 3/2/2001م، (آخر تحديث) الساعة: 17:7(مكة المكرمة)،14:7(غرينيتش)
جيهان السادات - الحلقة4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- جيهان السادات، أرملة الرئيس المصري السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
28/01/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع لشهادة السيدة جيهان السادات، مرحباً بكِ يا فندم.
جيهان السادات:
أهلاً أهلاً.
أحمد منصور:
إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند نقطة هامة في تاريخ الرئيس السادات، وفي تاريخ عملك أيضاً أنت على وجه الخصوص، وهي الزيارة التي قمتم بها إلى الولايات المتحدة في العام 1966 حينما كان الرئيس السادات في ذلك الوقت رئيساً لمجلس الشعب المصري ورافقتيه للمرة الأولى في أول زيارة رسمية يقوم بها إلى دولة ما وكانت الولايات المتحدة الأميركية. أشياء كثيرة أثيرت حول هذه الزيارة، حول مرافقتك اليهودية التي وظفها أو وظفتها.. وظفت من قِبل البروتوكول للقيام بمصاحبتك، وحول الرئيس السادات نفسه وبداية علاقته الوثيقة بالأميركان ابتداءً من هذا التاريخ، وما ذكر من قِبل بعض الذين كتبوا مذكرات، ومنهم الدكتور محمد حسن الزيات بأن الرئيس السادات اختفى لمدة ثلاثة أيام فسِّرت على أنها كانت بداية لتوطيد علاقته بالأميركان، ما مدى معلوماتك عن هذا الأمر؟
جيهان السادات:
(7/220)
أولاً: أنا كنت مرافقة له ما اختفاش ثلاثة أيام ولا حاجة، كنا سوا، وكنا قُدّام الجرايد، والناس كلها ما فيش اختفاء نهائي، وبعدين عايزة أقول لحضرتك أنور السادات مش دفاعاً عنه الإنسان اللي في شبابه كله كان بيتسجن ضد الاستعمار الإنجليزي وضد أي حد احتل بلده، أو يكون له كلمة على بلده، الراجل اللي في آخر أيامه -لو تذكر- مسك الصحفي الأميركاني اللي بيقول له: أنت أخدت تعليمات من ريجان، وقال له: أنا هأضربك بالرصاص، لو قلت.. أنا كنت.. لو معايا مسدس كنت ضربتك، لأن إزاي تقول لي كده؟ مصر ما بتاخدش تعليمات من حد. أنور السادات له تاريخ وطني لا يمكن لا لأميركا ولا إنجلترا ولا جنس حد يقبل إنه يبقى له كلمة على بلده، وأظن التاريخ يشهد له، واحد حط رقابته [رقبته] على.. يعني عشان يعمل سلام لمصر، عمل قبل كده حرب أكتوبر ودخل وانتصر، كل الحاجات دي لشاب تاريخه وطني لا يمكن حد يجنده أبداً يا فندم، هو حب مصر ومصلحة مصر فقط.
أحمد منصور:
هناك تفسير آخر يبتعد عن قضية التجنيد وهي أن مصر في ذلك الوقت كانت تعاني من اضطرابات داخلية وصراع على السلطة بين عبد الناصر وعبد الحكيم عامر تحديداً، وكان عبد الناصر في ذلك الوقت قد تخلص من معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة، ولم يبق هناك سوى السادات وحسين الشافعي و زكريا محيي الدين وعبد الحكيم عامر، لكن كانت السلطة الفعلية في يد عبد الحكيم عامر وصراع.. هناك مع عبد الناصر حول هذا الأمر.
جيهان السادات:
بينه وبين عبد الناصر.
أحمد منصور:
العلاقة مع الولايات المتحدة كانت سيئة أو متوترة في الوقت الذي سمح فيه الرئيس عبد الناصر للسادات أن يسافر إلى الولايات المتحدة بناءً على الدعوة التي جاءته.
جيهان السادات:
أيوه.. جت [جاءت].. نعم.
أحمد منصور:
(7/221)
ما الذي يمنع هنا على أن يسعى السادات على أن يقدِّم نفسه على الأميركي.. إنه يقدم نفسه للأميركان باعتباره البديل المناسب الآن على اعتبار أن عبد الناصر كان مرتمياً في علاقاته مع السوفيت في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
السوفيت.
أحمد منصور:
ومعظم علاقاته مقطعة بالعالم العربي وبالولايات المتحدة الأميركية؟
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك السياسة كانت في إيد عبد الناصر مش في إيد أنور السادات، هل أنور السادات كان يعلم وقتها -وهذا الكلام كان سنة 1966- كان يعلم إنه بعد خمس سنين هييجي رئيس جمهورية، أو هيبقى حتى نائب وبعدين يتولى الرئاسة؟ لأ، طبعاً.
أحمد منصور:
الرئيس السادات طول عمره طموح.
جيهان السادات:
ده حقيقي طموح.
أحمد منصور:
وهو الوحيد الذي حافظ على علاقات مستقرة هو وحسين الشافعي مع عبد الناصر إلى آخر يوم في حياة عبد الناصر.
جيهان السادات:
ده صحيح، ده صحيح.
أحمد منصور:
وقبل وفاة عبد الناصر حينما فكر في اختيار نائب اختار أنور السادات.
جيهان السادات:
ده صحيح، ده صحيح.
أحمد منصور:
فكل هذه الأشياء كان يمكن أن تؤدي إلى أن السادات يكون لديه طموح، ولِمَ لا والرجل عنده طموح من أول حياته؟
جيهان السادات:
لا، هأقول لحضرتك طموح لصالح مصر، وعبد الناصر لما اختاره نائب اختاره عن يقين إن هذا الرجل رجل وطني وعبد الناصر أظن مشهود له أيضاً بالوطنية، يعني ما حدِّش يُنكر هذا، فلما يختار عبد الناصر النائب له في وقت إن هو حاسس إن هو احتمال إنه فعلاً تكون فيه مؤامرة عليه في ليبيا، فيقوم يختاره.
أحمد منصور:
في المغرب.
جيهان السادات:
في المغرب أو حتَّة يعني، المهم إنه اختاره علشان يعلم تماماً إنه هو الوطني اللي هو هيمشي.. اللي هيقدر يحكم مصر بعديه، فعبد الناصر ما كانش يعني في اختياره..
أحمد منصور:
(7/222)
لكن هنا في قضية الاختيار، وأنا لا أريد أن أقفز إليها، لكن السيد حسين الشافعي في شهادته ألمح إلى أن اختيار السادات لم يكن وليد يعني اختيار أو رغبة عبد الناصر بقدر ما كان أو ألمح إلى أنه ربما يكون من ضغوط خارجية، وألمح إلى الولايات المتحدة.
جيهان السادات:
ضغوط على عبد الناصر؟
أحمد منصور:
نعم.
جيهان السادات:
لا، عبد الناصر أيضاً، وأنا بأدافع بمنتهى الثقة إن عبد الناصر ما ينضغطش عليه ولا من أي بلد والأحداث كلها.
أحمد منصور:
لكن يمكن أن يوجه.. يمكن أن يوجه أو تُملأ نفسه بشيء.
جيهان السادات:
لا، استحالة.
أحمد منصور:
طب اسمحي لي الرئيس السادات ألمح إلى هذه النقطة التي أنا أتحدث إليها في (البحث عن الذات) واسمحي لي أسعى لـ..
جيهان السادات:
قوي.. أيوه.
أحمد منصور:
في صفحة 290 في (البحث عن الذات) يقول: "كانت السياسة عند عبد الناصر تخضع لانفعالاته، وقد أدرك هذا أولئك الذين يحيطون به، ولذلك كانوا يستطيعون تطويعه كما يريدون إذا أحضروا إليه في الوقت المناسب المعلومات المناسبة التي يفجرها فتحدث في العالم دوياً هائلاً.." هذه عبارة.. نص عبارة السادات قالها.
جيهان السادات:
صح صح، أيوه وصح.
أحمد منصور:
وهنا..، واستشهد بأشياء كثيرة وأنا كنت ذكرت لحضرتك دور السادات اللي لعبه بالنسبة للوحدة مع سوريا، وبالنسبة لحرب اليمن باعتباره كان عنده الملف السياسي، وهو الذي حمل هذا الملف إلى عبد الناصر وأقنعه بالتدخل في اليمن.
جيهان السادات:
(7/223)
مش لوحده، مش لوحده معلش، يعني عبد الناصر ماكانش لعبة في يد حد، عبد الناصر أيضاً كان له تفكيره ووطنيته واختياره، ولا يمكن يبقى فيه ضغط من أحد عليه، صدقني يعني، وبعدين التاريخ كله ورا، طب ما إذا كان أنور السادات اتفق مع الأميركان أو عميل أو زي ما بيقال، والتشنيع اللي بيتقال عليه، طب ما كان أسهل له من الأول اتفق مع الأميركان وطلَّعوا اليهود، ولا دخل حرب، ولا عمل، يعني ما.. كلِّف نفسه.
أحمد منصور:
فيه مسلسل في هذا الجانب سأتعرض لكِ معه تاريخياً لحظة بلحظة من مصادر عديدة وأنت تعلمين أني منذ عام كامل ونحن نعد لهذه الشهادة فاطلعت على كثير، عشرات الكتب واستطعت أن أجمع بعض الحاجات التي سأدعها أمامك لتفنيدها أو للرد عليها.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
في هذه الفترة كانت بدأت علاقتكم مع كمال أدهم الأسرية 1966؟
جيهان السادات:
لأ أسرية، لأ معلش.
أحمد منصور:
العلاقة الشخصية التي ربطت بين السادات وبين كمال أدهم.
جيهان السادات:
بينه وبين كمال.. يعرفه آه معرفة.
أحمد منصور:
كمال أدهم طبعاً يعني ربما كثير من المشاهدين لا يعرفونه، هو كان صهر للملك فيصل، وأصبح بعد ذلك رئيساً للمخابرات السعودية، وكما ذكر هيكل وذكر إسماعيل فهمي في مذكراته أيضاً "التفاوض من أجل السلام في الشرق الأوسط" ومصادر أخرى عديدة، بأن الرجل كان على علاقة وثيقة بالـ C.I.A، يُقال إن العلاقة بدأت كما نشرت "الواشنطن بوست" في 24 فبراير 1977 بين السادات وبين الاستخبارات الأميركية عبر كمال أدهم في الستينات ومن خلال هذه الزيارة.
جيهان السادات:
(7/224)
كمال أدهم علاقته بأنور السادات علاقة زيه زي واحد آخر، وعلاقة ليست وطيدة، حضرتك قُلت علاقة وطيدة، هي ليست علاقة وطيدة بدليل إن يعني لو كانت وطيدة كنا نبقى إحنا على صلة بامراته، ببيته بتاع، دا أنا ماأعرفش لا عياله ولا مراته ولا.. ولا هو كمال أدهم أذكر يمكن في حياتي شوفته مرَّتين، في حياتي كلها، فليست علاقة وطيدة علاقة زيه.. مثل أي شخصية..
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
لكن كان يتواجد عندكم؟
جيهان السادات ]مستأنفة:[
قريب من الملك فيصل، وأنور السادات كان عنده الملك فيصل أخ وصديق عزيز جداً، وكان يحبه قوي، لكن مجرد يكون جايب رسالة من الملك فيصل، يقابله علشانها.. حاجات زي كده، لكن ليست علاقة وطيدة بالمعنى.
أحمد منصور:
العلاقة بدأت منذ تولي السادات مسؤولية المؤتمر الإسلامي اللي من خلالها استطاع أن تكون له علاقات واسعة بكثير من المسؤولين.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
كان كمال أدهم يزوركم في بيتكم في الستينيات؟ كان يزوركم؟
جيهان السادات:
ولا أعرف، ولا أدري، اللي أعرفه بالظبط علاقة أنور السادات بكمال أدهم من خلال الملك فيصل كان يبعته ساعات برسالة أو حاجات زي كده، لا أكثر ولا أقل.
أحمد منصور:
هذا في الوقت حينما أصبح السادات رئيساً.
جيهان السادات:
آه دا لما أصبح رئيساً، لكن..
أحمد منصور:
لكن أنا أقصد في الفترة هذه.
جيهان السادات:
لا لا ما عنديش فكرة خالص.
أحمد منصور:
طيب بالنسبة للزيارة الآن إلى الولايات المتحدة هل لديك تفصيلات أخرى حول هذه الزيارة؟ حول طبيعة العلاقات التي أقمتوها؟
جيهان السادات:
(7/225)
الزيارة كانت مرتبة من..، دعوة من الحكومة وكان بيرتبها مجموعة اللي هي رتبت Egypt Today برضو اللي هي بتعمل زي زيارات للناس اللي هم الأجانب عن أميركا وبيوروهم البلاد، يعني بيلففوهم في كذا ولاية علشان يعني يوروا إيه أميركا والتطور بقى واللي وصلت له، مش أكثر من هذا. وكان طبعاً وإحنا في واشنطن على اتصال.. راح زار رئيس المجلس، وراح زار بتوع الكونجرس، يعني اللي هي بيبقى أي زائر أجنبي بيتحضر له زيارة يقابل فيها المسؤولين فقط. وبعدين إذا كان هو عايز يختفي كان بيختفي ليه إذا كان المسؤولين قابلهم؟! قابلهم رسمي فيعني ما فيش.. مافيش كلام من ده أبداً.
أحمد منصور:
بالنسبة لكِ أنت.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
ماذا شكلت هذه الزيارة في تاريخك السياسي الذي لعبتيه بعد ذلك؟ أول مرة تخرجي، خروجك كان للولايات المتحدة، يعني استقبلتِ استقبال رسمي، بدأت ترين الأضواء والاهتمام.
جيهان السادات:
حأقول لحضرتك يعني، أنا أولاً، المرافقة كونها يهودية أو مسيحية أو مسلمة حتى مش من.. مش أنا اللي هأسألها ديانتك أيه؟ سؤال يعني مش.
أحمد منصور:
بعيداً عن المرافقة، أنا أتحدث الآن عن مؤثرات الزيارة عليكِ أنت؟
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك يعني لما المحافظ (المير) اللي هو العمدة بتاع.
أحمد منصور:
عمدة نيويورك.
جيهان السادات:
نيويورك لما رفض يقابلنا لأن نيويورك كانت ضمن الزيارات اللي هنروحها، ورفض فأنا عملت حديث هناك وقلت فيه إن العمدة ده خسر إنه يقابل شخصية زي أنور السادات، وثانياً والأهم: أنا عايزة أعرف ولاؤه لإسرائيل أو ولاؤه لأميركا إذا كان عمدة نيويورك؟ فيعني ما كانش عندي تأثير أميركي عليَّ قد ما كنت أنا زي جوزي وطنية، وحبي لمصر، وفي نفس الوقت بأشوف بلد مبهرة ما فيش شك لأول مرة طبعاً كنت مبسوطة باللي بأشوفه مفيش يعني، وبأتمنى إن إحنا نوصل لحاجة زي كده يعني.
أحمد منصور:
(7/226)
إنتِ كنتي بدأتِ العمل العام في بداية الستينات.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
لكن هذه الزيارة الخارجية لم تملأ نفسكِ بالرغبة في أن تكوني في هذا الموقع؟ زوجة رجل له مسؤولية كبيرة في الدولة، تصاحبيه في الزيارات الخارجية، تبدئي تشعري أن دورك يتخطى العمل الاجتماعي البسيط في محافظة المنوفية إلى أن تخرجي إلى العالم؟
جيهان السادات:
أبداً أبداً أنا كنت زوجة رئيس مجلس شعب، ولمّا حصل عدوان على مصر قبل العدوان كنت.. قبل 67 كنت بأحضَّر سيدات الهلال الأحمر علشان نكون في المستشفيات ونكون جاهزين، ما نفاجأش وخصوصاً كان فيه كلام كتير عن الحرب أيامها من الرئيس عبد الناصر، أبداً.. العمل الاجتماعي هو اللي كان في.. اللي دفعني له حرب 1967 الحقيقة.
أحمد منصور:
رجعتم من الولايات المتحدة قام الرئيس السادات بزيارة..
جيهان السادات]مقاطعة:[
وبعدين عايزة.. آسفة إن أنا أقاطع حضرتك.
أحمد منصور:
تفضلي يا فندم.
جيهان السادات:
يعني إحنا ما كنّاش فاكرين إن أنور السادات هيجي نائب، ثم رئيس دي لم تخطر على بال، لا على باله هو ولا على بالي أنا.
أحمد منصور:
يعني هناك.
جيهان السادات:
يعني عبد الناصر مات سنه 52 سنة، فعمر ما فكرنا إن هو هيموت وإن إحنا حنيجي بعديه، صحيح بقى نائب بعدين، حتى وهو نائب، ولو إن مدته كانت قصيرة يعني سنة، لكن حتى في الوقت ده والله ما فكرنا ولا أنور ولا أنا إن إحنا حنيجي رئيس جمهورية لأن الراجل لسه صغير، فيعني لم يخطر على بالنا بجد يعني الحقيقة.
أحمد منصور:
هنا تفسير تآمري يقول أنكِ وُضعتي في طريق السادات حتى تتزوجيه حتى يصبح رئيس للجمهورية.
جيهان السادات:
(7/227)
يا نهار أبيض!! دا مين.. دا مين اللي يعني صاحب الأسطورة دي؟! اتوضعت في سكته إزاي؟! يعني لا، اتوضعت قبلها بـ.. قبل ما يعني إحنا اتجوزنا 49 قول 50 لغاية سنة آه يعني 1952 الثورة وبعدين بعد كده يبقى رئيس جمهورية سنة 1970، اتوضعت قبليها بعشرين سنة.
أحمد منصور:
ما هو دايماً عملية الإعداد بتبقى طويلة يا فندم يعني.
جيهان السادات:
لا دا حظي، وحظي الحقيقة، الحظ بيلعب دور برضو.
أحمد منصور:
يعني حضرتك هنا الحب ما كانش أعمى زي ما قلتي إنما كان مفتح جداً يعني.
جيهان السادات:
لا الحب يعني أنا حبيته مفتحة ومغمضة يعني أقدر أقول.
أحمد منصور:
ذهب السادات في زيارة في مايو 1967 قُبيل الحرب إلى كوريا الشمالية وإلى موسكو ورجع ووقعت هزيمة 1967، ما هي أجواء الهزيمة كما عشتيها أنتِ؟
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك أنا أيامها أنا حتى ما كانش عندي بنتي الصغيرة أظن أو كانت موجودة صغيرة جداً، لكن أولادي كانوا أطفال صغيرين، أيامها كان فيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كانت الصغيرة عمرها ست سنوات مواليد 61، جيهان صغيرة.
جيهان السادات:
يبقى بالظبط، كانت صغيرة جداً.. نعم. فكانوا الباقيين أكبر منها، يعني بينهم فيه سنة أو سنتين حاجات زي كده، فكانوا أطفال وأنا –يعني- كأم حياتي كلها من يوم ما جبتهم كانت لأولادي، يعني ما كنتش أخرج قبل ما يناموا، وكنت ما أجيبلهمش داده، أنا اللي أربيهم، وأنا اللي –يعني- كنت أم بمعنى إني كنت دايماً وما زلت أقول اللي عاوز يخلف لازم يا تبقى أم وتتفرغ يا إما ما تخلفش.
الحقيقة أيامها كان الجو كله معبأ بإنه فيه حرب والرئيس عبد الناصر بيقول شعارات، وأنا كنت برضو ليَّه نشاط مع زوجات السفرا العرب بنعمل اجتماعات، وندِّي فلوس للمكتب بتاع الفلسطينيين هنا في مصر، وكانت حرم أحمد بهاء الدين هي اللي أمينة الصندوق، وأنا كنت رئيسة الجمعية اللي هي بتعمل لمساعدة الفلسطينيين.
(7/228)
طبعاً قبل الحرب كان فيه الجو كله واضح إن فيه حرب جاية، وخصوصاً بعد الرئيس ما قفلوا خليج العقبة وكل الحاجات اللي ترتبت عليه، أنا رحت على طول على الهلال الأحمر، ورحت –حتى- عملت تبرع بالدم في القصر العيني عشان أحث الناس كلها والستات اللي كانوا معايا، وراحوا كلهم وحتى طلعت لنا صور ليَّه وحرم سامي الدروبي –الله يرحمها بقى- إحسان الدروبي.. كلنا بنتبرع، وبرضو مرات أحمد بهاء الدين وغيرهم وغيرهم، كلنا بنتبرع بالدم عشان خاطر الحرب.
الحقيقة يعني.. حضرتك كنت بتقول سؤال إيه؟
أحمد منصور:
الأجواء التي سبقت الحرب.
جيهان السادات:
الأجواء كان الوطنية بتفور مننا جميعاً مش مني أنا لوحدي. كلنا كان عندنا إحساس بـ.. يعني إن إحنا عايزين نقوم بدور.. نعمل حاجة، وأغلب الستات وصحابي توجهنا بقى إيه.. نروح فين؟ رحنا الهلال الأحمر اللي هو يساعد الجرحى في الحرب.
أحمد منصور:
يوم 5 يونيو نفسها..
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
أين كنتِ؟ وأين كان السادات؟
جيهان السادات:
في بيتنا، يعني ما كانش.. ممكن أكون أنا في الهلال الأحمر، هأقول لحضرتك ليه لأنه أنا قبليها بكذا يوم كنت بأروح وأعمل اجتماعات ولميت الستات وقعدنا نبتدي نوضب نواجه الشيء إزاي.
أحمد منصور:
كيف تلقيت نبأ الهزيمة في 5 يونيو؟ وكيف تلقى النبأ السادات؟
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك، أنا كنت في.. إحنا كنا ساكنين في الهرم، وولادي كانوا في المدرسة، وأنا ساعتها سمعت ضرب، وكان أنور السادات لسه في البيت بيفطر يعني، فرحت له قلت له: سامع الضرب؟ فقال لي: آه.. خلِّيهم.. خلِّي الإسرائيليين ياخدوا درس عمرهم.
أحمد منصور:
درس عمرهم فين؟! في القاهرة؟!
جيهان السادات:
(7/229)
إن.. يعني.. لأ.. هنديهم درس، أنا بقى بأسمع كلام أنور السادات وعندي كلامه هو اللي أدرى، أنا ما أعرفش حاجة عن الترتيبات إيه. طبعاً كانوا محضرين –مفروض- للحرب وعاملين حاجات، يعني حفيدي.. جوز بنتي
-قصدي- محمود عثمان.. المهندس محمود عثمان ابن عثمان أحمد عثمان كان لسه في التوجيهي ساعتها، وبيسأل أبوه: يا بابا إحنا هنعمل إيه؟ قبل الحرب برضو كل الناس كانت مشغولة بإيه اللي هيحصل؟ فقال له: يابني أنا رحت لضياء الدين داود ومعرفش ومين ومين وقالوا لي وسألتهم نفس سؤالك، قالوا لي: لأ، دا إحنا عندنا الظافر واللي مش عارفه والـ..
أحمد منصور:
والقاهر.
جيهان السادات:
والقاهر وعندنا صواريخ، دا إحنا هندِّي إسرائيل درس عمرهم برضو. نفس الحكاية، فكان فيه شعور في البلد بالسعادة إن إحنا هنضرب إسرائيل اللي محتلانا واللي محتلة أرضنا يعني بالشكل ده.
أحمد منصور:
يوم 5 يونيو بعدما تحدثت مع السادات وقال لك سُيلقَّن الإسرائيليين درس عمرهم. ماذا فعل بعد ذلك حينما تأكد من الموضوع؟
جيهان السادات:
خرج، لبس.. هو لبس وخرج راح على القيادة فوراً، وأنا لبست ونزلت جري –بصراحة شديدة- أجيب ولادي من المدرسة أحطهم في البيت عشان أطمئن والدتي تيجي تقعد معاهم، لأن والدتي كانت ساكنة جنبي، فقلت لها: ماما اقعدي أنتِ بالولاد بعد ما جبتهم وأنا رايحة الهلال الأحمر و.. يعني أنتِ مسؤولة عن ولادي. وهو كان راح القيادة من ساعتها.. من ساعة..
أحمد منصور:
بعد ذلك رجع السادات وبقي في بيته عدة أيام لا يخرج؟
جيهان السادات:
ده صحيح، رجع بالليل متأخر خالص، وأنا كنت في يوم 6 أكتوبر..
أحمد منصور:
يونيو.
جيهان السادات:
(7/230)
يوم 6 يونية كنت في الهلال الأحمر ورجعت متأخر جداً جداً، وتاني يوم نزلت برضو جري، ما شفتهوش حتى قبل ما أنزل، نزلت ورجعت بقى لقيته في البيت. بس لقيته في منظر يُرثى إليه يعني، كان هموم الدنيا كلها، وكان قاعد في البلكونة، رجعت المغرب من الهلال الأحمر ولقيته قاعد زعلان فبأقول له: إيه الحكاية؟ وأنا معايا راديو صغير حاطاه في جيبي وبأسمع أحمد سعيد أيامها المعلق اللي كان بيقول بقى: نزلنا 70 طياره و 80 طيارة. وكانت قمة السعادة بقى وبأفتكر كلمته لما بيقول لي بقى: خليهم ياخدوا درس عمرهم.
فرجعت لقيته في حالة.. استغربت، إيه الي بيحصل ده؟! دا إحنا وقعنا طيارات الدنيا ويعني خلاص داخلين على تل أبيب تقريباً يعني!! فإيه اللي مزعله؟! فقال لي: إحنا اتهزمنا. اتهزمنا؟!! إزاي؟!! قال لي: دا كلها راديو ودعايات لكن الطيران بتاعنا اتضرب كله على الأرض!! طبعاً ما أقولش لحضرتك الكسرة اللي الإنسان يكِّسرها من قمة السعادة اللي فيها لقمة الحضيض اللي يوصله.
فأنا فاكرة كويس قوي ثاني يوم رحت الهلال الأحمر، وبقيت معايا الراديو برضو بأسمع وقعنا طيارات وأنا ما بأفتحش بقى لمخلوق ولا أقول له إيه اللي حصل ولا إيه أنور قال لي إيه ولا جنس حاجة، لأني اعتبرت ده حاجة ما تتقالش. إلى أن اتعرفت وبقى و..
أحمد منصور:
في 9 يونيو ألقى الرئيس عبد الناصر خطاباً أعلن فيه التنحي.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
ماذا كان وقع هذا الأمر عليكم؟
جيهان السادات:
على مين؟
أحمد منصور:
عليك أنتِ والسادات. حينما أتحدث إليكِ أنتِ والسادات.
جيهان السادات:
(7/231)
طيب، هأقول لحضرتك، أنا كنت.. أنور السادات بقى كان راح لعبد الناصر وابتدى يقعد معاه ويشوفو هيعملوا إيه. يني هو تاني يوم الصدمة كان في البيت قعد شوية، وبعدين تالت يوم كان هناك مع عبد الناصر في الاجتماعات اللي بيعملها هو وأعضاء مجلس الثورة عشان يشوفوا إيه وأنور السادات كان رئيس مجلس شعب، وكان بيروح مجلس الشعب، أيضاً يومها راح مجلس الشعب عشان ينسق مع.. إيه اللي هيحصل، عشان خطاب الرئيس عبد الناصر كمان.
أنا كنت عند واحدة صاحبتي في الهلال الأحمر وكنت رجعت الظهر أتغدى معاها ونرجع تاني الهلال. الحقيقة أنا مشيت في المظاهرات، مشيت في المظاهرات اللي كانت بتهتف اللي عايزة عبد الناصر يرجع، وإنه ما يتنحاش، بعد خطابه كمان بالذات حصل إن هم بيقولوا إن الاتحاد الاشتراكي نظم مظاهرات، هو بلاشك نظم مظاهرات وكان نشط جداً، لكن أنا نزلت تلقائي زيي وزي فيه غيري أكيد نزل تلقائي مش عايزين عبد الناصر يتنحى. وحتى كلمت أنور في التليفون في مجلس الشعب، قلت له: أنور والله الناس اللي حواليا كلهم وصحابنا وحبايبنا يعني بيقولوا أوعى الريِّس عبد الناصر يتنحى.. قال لي: مش.. يعني إحنا بنحاول كلنا ومتخافوش وإن شاء الله خير، وإحنا بنحاول لأن قائد السفينة مش ممكن هيسيبها تغرق، لابد إنه يكمل المشوار. ده كان الرد بتاعه عليّ..
أحمد منصور:
تعليق إيه لما أعلن عبد الناصر اختيار زكريا محيي الدين لاستخلافه وليس السادات؟
جيهان السادات:
لأ، السادات كان رئيس مجلس شعب.
أحمد منصور:
كان عضو مجلس قيادة الثورة.
جيهان السادات:
آه، وعضو مجلس قيادة ثورة، لكن ماسك Post رئيس مجلس الشعب، وزكريا ما كنش ماسك حاجة ساعتها، كان نائب.
أحمد منصور:
كان نائب رئيس.. نعم.
جيهان السادات:
بالظبط، فالنائب المتفرغ هو اللي يمسك وأنور السادات رئيس مجلس شعب يعني.
أحمد منصور:
(7/232)
بعد ذلك وقع الصراع بين المشير وبين عبد الناصر، ولعب السادات دوراً في هذا الصراع. ما هي معلوماتك عن دور السادات في الصراع بين المشير وعبد الناصر؟
جيهان السادات:
معلوماتي إنه حتى كنت أنا بأرجع من الهلال الأحمر بالليل متأخر ألاقي عبد الحكيم عامر في بيتنا مع أنور السادات متأخرين قاعدين، فكان عبد الحكيم عامر ثائر وبيعتبر إن المسؤولية مش مسؤوليته لوحده، وإنه يعني..
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
سمعتِ منه؟
جيهان السادات:
أيوه، منه شخصياً.
أحمد منصور:
ماذا سمعت بالضبط؟
جيهان السادات:
شخصياً، يعني حتى بأقول له يعني: إحنا دلوقتي في مشكلة كبيرة، وأنا بأكلمك كأخت لأن أنا أحبه، عبد الحكيم عامر كان صديق أنور يحبه وأنا كنت أحبه جداً، وولادي يحبوه كمان. فبأقول له: ده وقت يا حكيم مفيهوش صراعات مع بعض، سيب.. سيب وضعك خالص.. استقيل وابعد إلى أن تمر هذه الأزمة وبعدين اقعد مع عبد الناصر وعاتبه، لكن مش الوقت النهادره إنك تقول إن مش أنا لوحدي اللي أتحمل المسؤولية، وعبد الناصر يجيب عليك وأنت تجيب عليه، مش ده الوقت اللي إحنا نتعاتب فيه، واسمعني أنا كأخت –يعني- عايزة.. عايزة الصالح لك أنتو الاثنين ما أقصدش من ورا كده حاجة غير الصالح. فهز رأسه وسكت و.. ما علقش..
أحمد منصور:
لكن أنت.. حضرتك في الوقت ده.. كان يتردد عليكم عبد الناصر وكان يتردد عبد الحكيم في البيت.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.. نعم.
أحمد منصور:
كنت تجلسي مع عبد الحكيم وتتكلمي مع في حضور الرئيس السادات في كثير من الأشياء.
جيهان السادات:
يعني.. لا والله.. هأقول لحضرتك طريقتنا في البيت، يعني عبد الناصر ده كان بيتعشى عندنا كل يوم، كويس؟ يعني أنا ما كنش دوري أبداً أكتر من إني أسلم عليه وهو داخل فقط.. والولاد.. نبقى واقفين في الجنينة بنسلم عليه، أول ما يخشوا بيخش في الصالون ويقفلوا الباب حتى لأن كان عندي صالون..
أحمد منصور:
(7/233)
هناك من يقول إنك كنتِ بتشتركي في النقاش في بعض الأمور.
جيهان السادات:
لا.. لا لا.. ولو بأشترك هأقول لك أنا هخاف ليه؟ لأ، بالعكس يعني فيه حدود لـ..، هو عبد الناصر كان من الشخصيات اللي هي ما يخليكش تاخد عليه قوي، ومن النوع اللي مش اجتماعي، يعني ما كانش اجتماعي زي..، وأنور السادات برضو فيه الصفة دي إلى حد ما.. يمكن.
أحمد منصور:
لكن عبد الحكيم.
جيهان السادات:
لأ، عبد الحكيم كان اجتماعي وكان يجي الولاد يفضلوا يتنططوا، و دايماً يجيب لهم شكولاته ولبان وبونبوني معاه، يعني الولاد كانوا يستنوا عبد الحكيم عشان بيفرحهم. وحكيم حتى ما كنتش أقعد معاه ليه؟ لهم كلام في العسكرية وفي الحاجات دي.
أحمد منصور:
يعني في بعض.. ليس نقاشاً في كل الجلسة وإنما في جزء منها.
جيهان السادات:
لا، أنا تحية صاحبة البيت فقط ومش كل مرة لعلم حضرتك، مش كل مرة، يعني ساعات بأبقى مش موجودة في البيت وهم موجودين.
أحمد منصور:
عبد الحكيم ماذا كان رده إن هو مش متحمل الهزيمة، إنه لا يتحمل الهزيمة؟ إيه العبارات اللي أنت سمعتيها منه تحديداً؟
جيهان السادات:
لأ، هو ما ردش عليّ، هو كمان كان منهار، صراحة –يعني- شديدة كان زعلان وبيعتبر نفسه كبش الفداء وفي نفس الوقت..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
كبش فداء لمين؟
جيهان السادات:
لعبد الناصر للي حصل وللبتاع مع إنه هو المسؤول عن الجيش والترتيبات كلها بصراحة. فأنا عشان كده يومها قلت له: صدقني أنا أخت لك، صدقني أنا ماليش مصلحة غير بلدنا، في وقت زي ده العتاب فيه والخناق والشد هيبقى على حساب الشعب وده غلط، ابعد وبعدين ابقى اتفاهم معاه.
أحمد منصور:
في 25 أغسطس 67 وقعت مواجهة بين عبد الناصر وبين عبد الحكيم في حضور السادات وحسين الشافعي.
جيهان السادات:
نعم، في بيت جمال عبد الناصر.
أحمد منصور:
في بيت جمال عبد الناصر، هل روى لكِ السادات أي شيء عن هذه المواجهة؟
جيهان السادات:
(7/234)
نعم، روى لي.. مش بالتفصيل.
أحمد منصور:
ما الذي رواه؟
جيهان السادات:
طريقة.. يعني طريقته ما كانش تفصيل، مجرد يعني أنا بقيت أسأل لأن الحالة اشتعال لحكيم مع عبد الناصر كانت برضو عامله بلبلة في البلد. فأنا بأسأله: إيه اللي حصل؟ فقال لي: ده عبد الحكيم عامر دخل الحمام وانتحر، وبعدين..
أحمد منصور:
حاول ينتحر.
جيهان السادات:
حاول ينتحر، وحتى قال لي.. قلت له: طب والرئيس عبد الناصر عمل إيه؟ قال لي: طلع فوق وقعدنا معاه أنا وحسين الشافي.. أظن كان زكريا أفتكر أو حاجة زي كده موجود، وبعدين جه الدكتور وإداله حاجات وبعدين أخدوه هم وصلوه لبيته، أو أنور بالذات أخده وصله البيت وما أعرفش مين بقى كان معاه حسين الشافعي يمكن أو ماكنش مش.. يعني ما أقدرش أقول لك هو قال لي: وصلته البيت بعد كده، وطبعاً قعدوا يتكلموا معاه، وبرضو يعني كانوا مجلس الثورة قال لي: كلنا كنا بنغلط حكيم.
أحمد منصور:
انطباع السادات كان إيه عن الحادث ده وشعوره بعد ما روى لك الرواية دي؟
جيهان السادات:
ولا لكمني، أنور السادات كان يدي بس نبذه -لو سألته- نبذة خفيفة كده، لكن كان طبعاً مشغول جداً في الحكاية دي بينهم، لأن زي ما بنقول بتؤثر علينا كشعب، يعني إحنا ذنبنا إيه في صراع الاثنين علينا إحنا؟
أحمد منصور:
في 14 سبتمبر أُعلِن عن انتحار المشير، كيف تلقيتم النبأ؟ والعلاقة التي كانت تربط بين المشير والسادات كانت علاقة خاصة، وبين عائلة المشير وبينك أيضاً؟
جيهان السادات:
صح، ده صحيح، هأقول لحضرتك: يعني إحنا كنا في إسكندرية، وأول ما سمعت الخبر نزلت فوراً من إسكندرية على القاهرة، ومن القاهرة لبست أسود، ونزلت على (ستار) فوراً..
أحمد منصور:
اللي هي قرية عبد الحكيم.
جيهان السادات:
(7/235)
أيوه، ورحت فلقيت أهله، لكن ما لقتش زوجته ولا أولاده، قالوا لي إنهم كانوا هنا في الدفنة ورجعوا، فحتى أنا طلعت عليه، وقريت فاتحة، وقريت قرآن، ورجعت ركبت العربية، وجيت والحقيقة كنت بأبكي طول السكة، طول الطريق.
أحمد منصور:
أخبرت السادات أنك ستذهبين؟
جيهان السادات:
آه طبعاً، طبعاً.
أحمد منصور:
في الوقت الذي لم يحضر فيه أي من أعضاء مجلس قيادة الثورة جنازة عبد الحكيم؟
جيهان السادات:
ده صحيح، ده صحيح.
أحمد منصور:
حتى أن السادات حينما طلب من عبد الناصر، عبد الناصر لم يسمح له.
جيهان السادات:
لأ، مش لم سمح له، عبد الناصر ما كانش يعني ديكتاتور عليهم، لأ، كان يعني بيقول: الأفضل نبقى كلنا يعني واخدين قرار موحد، فما كانش حد يذهب..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ألا يذهب أحد إلى جنازته.
جيهان السادات:
بالظبط، ألا يذهب أحد. فأنا لما رحت حتى رجعت، ما أعرفش القصة دي تتحكي أو لأ، المهم أنا رجعت البيت هنا، وبعدين رحت على هنا الجيزة بيتهم عند زوجته وأولاده، فالحقيقة وأنا داخلة، يعني شفت ابنه حتى كان نصر لسه عايش، ابنه اللي مات في حادثة في طريق إسكندرية، وابنه جمال كانوا في الجنينة، وبستهم وكنت بأبكي، بأبكي ليه؟ صعبان عليَّ اللي حصل، ومتأثرة جداً جداً، بس لما طلعت فوق، الحقيقة بناته بقى يعني كانوا في حالة سيئة جداً، فكانوا بقى بيزعقوا يعني بيشتموا فينا، فأنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لك أنت شخصياً أو في..
جيهان السادات [مستأنفة]:
يعني فيَّ وفي أنور وفي عبد الناصر، وهم اللي قتلوه، وهم اللي.. يعني هو ما انتحرش، إنتو اللي قتلتوه، إنتو اللي قتلتوه، وجايين عليَّ فالناس يعني اللي قاعدين مسكوهم وقالوا لهم: عيب، وأنا اتدورت ونزلت، وجيب هنا قلعت الأسود ولبست ثاني، ورحت على إسكندرية، فأنور قال لي: حصل إيه؟ فحكيت له، حكيت له اللي حصل، بس.
(7/236)
فالحقيقة قال لي: إنت متضايقة منهم وبتاع؟ قلت له: لأ، دول ولادي، ده.. ده حقهم إنهم يزعلوا، وحقهم إنهم يقولوا اللي عايزين يقولوه، لأن ده طبعاً الإنسان عشان يحكم على حد يحط نفسه مكانه، ده أبوهم وده اللي حصل، وقبلها كانت اتحددت إقامته، يعني كان فيه شوية حاجات مؤلمة.. مؤلمة بالنسبة لأسرة الرجل نفسه.
أحمد منصور:
لكن من خلال نقاشك مع السادات حول هذه القضية تحديداً، هل تعتقدين من خلال النقاش -وللتاريخ وللأمانة- أن عبد الحكيم عامر أنتحر أم نُحر؟
جيهان السادات:
والله هأقول لحضرتك، يشهد الله إن أنا وأنور السادات، وهأتكلم عننا إحنا الاثنين إن إحنا معتقدين إنه انتحر بدليل إنه انتحر في بيت عبد الناصر..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حاول الانتحار.
جيهان السادات [مستأنفة]:
أو حاول الانتحار، صح، ومرة ثانية نقلوه على مستشفى المعادي، برضو في محاولة انتحار، فإحنا اعتقاد أنور السادات واعتقادي أنا إنه 100% انتحر.
أحمد منصور:
في 19 سبتمبر.. ديسمبر -عفواً- 1969 كان الرئيس السادات.. الرئيس عبد الناصر يستعد للسفر إلى مؤتمر القمة في الرباط، واستدعى..
جيهان السادات[مقاطعة]:
أيوه، أنور السادات.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
أنور السادت، وأخبره بأنه سوف يعينه نائباً لرئيس الجمهورية.
جيهان السادات:
نعم، اليوم اللي قبليها..
أحمد منصور:
نعم، كيف أبلغك السادات بهذا الأمر؟ وما وقع هذا الاختيار عليه؟
جيهان السادات:
نعم، هو جه من عند عبد الناصر وقال لي: يا جيهان، بكرة الصبح هأحلف اليمين قبل سفره عشان يبقى.. أبقى نائب رئيس للجمهورية، وده اللي طلبه مني عبد الناصر، لأنه.. وطلبه طبعاً يعني ما أقدرش يعني.. بالعكس كان مبسوط، هأقول لك هيرفض يبقى نائب رئيس جمهورية؟ لأ، وهأقول لك إن أنا استقبلت الخبر يعني كده؟ لا، فرحت طبعاً، فرحت جداً إن جوزي هيبقى نائب رئيس الجمهورية.
أحمد منصور:
(7/237)
لم يكن السادات يتوقع ذلك في الوقت الذي لم يكن فيه أحد من مجلس الثورة..
جيهان السادات[مقاطعة]:
نائباً ساعتها.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
موجوداً.. موجوداً في ذلك الوقت، سوى حسين الشافعي؟!
جيهان السادات:
كان حسين الشافعي بس.
أحمد منصور:
وأنور السادات.
جيهان السادات:
بس.
أحمد منصور:
حسين الشافعي كان صدر قرار بتعينه نائب هو وزكريا محيي الدين سنة 62.
جيهان السادات:
لأ.. آه، وبعدين خلاص شالهم بعد كده، اتشالوا.
أحمد منصور:
بقي في منصبه -كما يقول هو- يؤكد أنه بقي في منصبه، وكان هو والسادات نائبين لرئيس الجمهورية، ومع ذلك تخطاه السادات، وعيَّن.. تخطاه عبد الناصر وعيَّن السادات نائباً أول في الوقت الذي كان هو يُعتبر فيه نائباً قديماً من 62، زكريا ترك 68، استقال 68، ولم يبق..
جيهان السادات[مقاطعة]:
نعم، أفتكرهم الاتنين تركوا، أفتكر هم الاتنين تركوا..
أحمد منصور:
لأ بقى.. زكريا استقال وبقي حسين الشافعي. أنا قرأت في مذكرات آخرين من أعضاء مجلس قيادة الثورة إن عبد الناصر بعد الهزيمة قال: إن لن.. لن يدع المجال لأحد أن يكون نائباً للرئيس، لكن حينما استقال زكريا 68 كان نائب رئيس جمهورية..
جيهان السادات[مقاطعة]:
صحيح، صح، صح، صح.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وبالتالي حسين الشافعي من المفترض أنه أن يكون قد بقي هو الآخر. الوضع بالنسبة للسادات، هناك من يرى أن عملية اختيار السادات من قبل عبد الناصر هنا لم تكن حرة من عبد الناصر، وإنما بلغته معلومات عن أن هناك محاولة لاغتياله في الرباط..
جيهان السادات [مقاطعة]:
ده صحيح.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
تستدعي أن يعين خلفاً له، ونصح بأن يكون هذا، أو جاءته إشارات بأن يكون هذا الشخص هو أنور السادات.
جيهان السادات:
(7/238)
لأ، ما حدش يقدر ينصح عبد الناصر صدقني، أنا أعرف عبد الناصر كويس، يعني ينصحه ويقول له: عيَّن؟! كان عَنَد وعيِّن حد تاني، لأ، هو فعلاً فيه.. قيل لعبد الناصر: إنه فيه محاولة لاغتياله، فهو قال: لابد من تعيين نائب. أنا علشان كده بأقول: إن حسين الشافعي ساعتها ما كانش نائب يا فندم، كان نائب من الأول، ولمَّا طلعوا.. طلعوا مع بعض يعني هو وزكريا أفتكر يعني.
أحمد منصور:
لأ هو بقي، هو بقي وزكريا ترك.
جيهان السادات:
هو بقي طب، ما إذا كان نائب.. طب، هأسأل سيادتك..
أحمد منصور:
بشكل نهائي ومنذ 68 إلى الآن لم يتحدث زكريا..
جيهان السادات[مقاطعة]:
طب، ده أنا هأسأل حضرتك سؤال، طب لما عنده نائب أمَّال عين أنور السادات نائب ليه؟
أحمد منصور:
ما هو دائما كان له اثنين نواب أو ثلاثة أحياناً يعني.
جيهان السادات:
المهم يعني.
أحمد منصور:
وكل أعضاء مجلس قيادة الثورة عنه نواب إلا السادات.
جيهان السادات:
ثقة، هو ثقة في أنور السادات بلا شك، وثقة في وطنيته وإخلاصه لمصر هي اللي خلته عينه نائب، وأيضاً خوفه إنه تحصل محاولة عليه، فما يبقاش فيه حد يعني واثق فيه.
أحمد منصور:
السادات طوال فترة علاقته بعبد الناصر من 51 منذ أن رجع إلى الضباط الأحرار، وحتى اختياره نائب رئيس في سنة 69..
جيهان السادات [مقاطعة]:
ومن قبل كده كمان.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
في خلال هذه الفترة -فترة الممارسات التي تحدثنا عنها سابقاً، والتي كان هناك فيها صراعات داخل مجلس قيادة الثورة- ألم ينهج السادات نهجاً مميزاً عن الآخرين يجعله دائما قريباً من عبد الناصر، بحيث لا يغضب عليه عبد الناصر وهو الوحيد الذي لم يغضب عليه عبد الناصر طوال الفترة هو وحسين الشافعي؟
جيهان السادات:
(7/239)
هو صحيح، هأقول لحضرتك: كلامك صح ليه؟ لأن أنور السادات ما كانش بيخش في صراعات، ما كانش بيتكالب على سلطة، ولا عايز يمسك وزير، ولا عايز يمسك حاجة أبداً، كان يكفيه مثلاً إنه يبقى رئيس تحرير جمهورية ويقعد، كان يكفيه إنه يبقى ماسك المؤتمر الإسلامي، كان يكفيه حاجات يعني تخليه حر في تصرفاته ومش مقيد لأنه كان دايماً ما يحبش التقيد من.. ودي من حاجات تأثير السجن عليه بصراحة، فما كنش بيسعى لمنصب، وعبد الناصر شايف هذا قدامه، كل هذه السنوات، يعني من سنة 52 لغاية 70 سنة لما عينه نائب لرئيس الجمهورية ما كانش.. أو 69 آسفة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
69.
جيهان السادات:
أيوه 69 ما كانش.. 69 أيوه.
أحمد منصور:
19 ديسمبر 69.
جيهان السادات:
بالظبط في آخر 69، فما كانش شايفه إن هو عاوز يعني منصب، و.. أصل اللي مش عاوز وعاوز في نفس الوقت بيفوت فرصة وعايز في الثانية، هو مفوت من أول الثورة ما قامت لغاية 69، يعني مسافة كبيرة جداً بحيث.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هو ده تفويت الأذكياء يعني.
جيهان السادات [مستأنفة]:
17 سنة.
أحمد منصور:
أهم شيء من سيربح في النهاية.
جيهان السادات:
والله يبقى برافو عليه إذا كان ده صحيح، يبقى برافو عليه.
أحمد منصور:
طبعاً أنا بأكلم حضرتك فيها من قبيل بس تفسير الأحداث ليس أكثر يعني.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
في يونيو عام 1970م أعلنت مبادرة (روجرز) وزير الخارجية الأميركي المشهورة المعروفة حول التسوية في المنطقة، وكان عبد الناصر في ذلك الوقت كان في موسكو..
جيهان السادات [مقاطعة]:
نعم، أيوه، وأنور السادات كان ماسك هنا بداله.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وكان.. أنور السادات كان يقوم بأعمال رئيس الجمهورية في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
مضبوط مظبوط.
أحمد منصور:
أعلن السادات رفضه لمبادرة روجرز في الوقت الذي أعلن فيه عبد الناصر..
جيهان السادات[مقاطعة]:
(7/240)
عبد الناصر موافق.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
قبوله للمبادرة.
جيهان السادات:
ده حقيقي، ده حصل.
أحمد منصور:
حصلت أزمة بين عبد الناصر والسادات حينما عاد عبد الناصر من موسكو.
جيهان السادات:
والله حضرتك هي مش أزمة بمعنى الأزمة، بس يعني هو أنور السادات كان ماسك بدل رئيس الجمهورية، هو نائب رئيس جمهورية وماسك بداله، فمفروض إنه بياخد القرارات، فهو رفض مبادرة روجرز على إن إحنا ما ينعملش حاجة مع الأميركان، وده دليل آخر على إن يعني لو كان عميل، زي ما يبقولوا للأميركان، أو اختفى 3 أيام في أميركا كان قبل مبادرة روجرز على طول، لكن هو رفضها.
أحمد منصور:
لأ ما هي السياسة يا فندم ما بتتعلبش كده.
جيهان السادات:
لا.. لا.. لأ، ما هي دي فرصة جت بقى، المفروض بقى إن هو يلبد لها.
أحمد منصور:
لأ، الفرص جت بعد كده.
جيهان السادات:
وخصوصاً.. لأ، هأقول لحضرتك.. طب، وهي فرصتي.. فرصة دي ضعيها ليه؟ لو كان هو كده وعبد الناصر موافق، يقوم هو اللي يرفض؟ لأ كان مفروض..
أحمد منصور:
هو توقع إن عبد الناصر سيرفض، على اعتبار إن عبد الناصر كان دائماً يتحدث عن الحرب، وكان يعد لها، ولم يكن هناك توجه للتسوية..
جيهان السادات[مقاطعة]:
لأ، صدقني عبد الناصر لو عاش والله كان عمل حرب وكان عمل سلام برضو زي أنور السادات.
أحمد منصور:
في ذلك الوقت حدثت.. كنتم تقيمون في الهرم؟
جيهان السادات:
لأ، نقلنا.
أحمد منصور:
نقلتم إلى هذا البيت؟
جيهان السادات:
لأ، مش هذا، هنا دهو؟ نقلنا فعلاً وهو نائب، ده صحيح.
أحمد منصور:
إلى هذا البيت.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
هيكل ذكر في "خريف الغضب"..
جيهان السادات:
أيوه..
أحمد منصور:
(7/241)
أنك حينما طلبتم الانتقال إلى هذا البيت.. لأ طلبتم الانتقال إلى منزل مجاور، كان منزل اللواء الموجي، ورفض الرجل أن يمنحكم، المنزل، فأعلن السادات فرض الحراسة عليه، وغضب عبد الناصر من هذا التصرف.
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك: ده حكاية الموجي دي بقينا نضحك عليها، دي جت أولاً: إحنا أيامها الناموس في شارع الهرم شديد جداً بدرجة إنه يعني كان آذينا كلنا أنا والعيال كلنا عاملين زي اللي عندنا حصبة من كتر قرص الناموس، فزهقت الحقيقة، فحبيت أنقل في حتة في وسط البلد بعيد عن الناموس، فقالوا لي: عند بيت الموجي في شارع الهرم بصي شوفيه، فقلت: أنا هأروح بيت الموجي، وبعدين ما هو نفس الناموس هو هو، فهأعمل إيه؟ لأ شوفوا لي حتة ما فيهاش ناموس. فعبد الناصر اللي عرض البيت ده اللي مع حضرتك، لأن بنته..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هو طبعاً لما حصل أزمة..
جيهان السادات [مستأنفة]:
بنته.. لا.. لا.. لا.. لأ، حكاية الموجي ماكنتش عايز البيت، لأن أنا قلت: طب، ما أنا طلعت من الهرم..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لم فرضت الحراسة عليه من قِبَل الرئيس السادات وكان قائماً بأعمال رئيس الجمهورية في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
عشان التشنيع اللي شنعه، لأن أنا رحت شفت البيت من بره..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني واحد شنع، واحد من حقه يدافع عن بيته تفرض عليه الحراسة؟
جيهان السادات:
ما دافعش، لأن ما خدناهوش، ما هو أساساً لو أنا عايزاه وخدناه يقول.. يقول..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هل هناك مبرر أن تفرض الحراسة عليه؟ وألا يعتبر هذا أيضاً شكلاً من أشكال الديكتاتورية التي كان يمارسها السادات؟
جيهان السادات:
طيب وما تقول.. هأقول لحضرتك.. وما تقولش ليه رجال الـ 15 مايو اللي هم بيحيكوا المؤامرات لأنور السادات، ليه ما تقلش هم اللي عملوا كده أو يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
القرار.. القرار طلع من عنده!!
جيهان السادات:
(7/242)
أيوه، لكن ما.. ما هم مثلاً ما قالوش الرجل ده بيشنع وبتاع، ما نفرض عليه الحراسة المؤقتة لغاية ما ييجي الرئيس عبد الناصر ونشوف، عشان يضربوه بعبد الناصر؟! ما هم دول كانوا يعني مؤامرات..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ما أنت قلت: إن السادات كان مستقلاً في قراراته، ولم يكن يخضع أو إن هو ثابت بعد ذلك!!
جيهان السادات:
لأ ما يخضعش، لكن لما يقولوا له: إن ده رجل عمال يشنع، وفعلاً شنَّع علينا مدد كبيرة الموجي، في حين إن أنا الهرم أساساً كان مشطوب، يعني أنا بصيتهم عرضوا علينا البيتين دول، يعني أيام عبد الناصر، فأما رحت هناك قلت: طب، ما أنا ما طلعتش من الناموس، فآجي في البيت ده، ولا شفت البيت ده عجبني أكتر، وخصوصاً البيت ده كانت فيه أولاد عبد الناصر الاتنين، عاشوا فيه فترة.
أحمد منصور:
هل صحيح أنك ملأت البيت بتحف من القصور الملكية، ولا زالت حتى الآن؟
جيهان السادات:
لأ. مازالت لحد الآن لأ، كل ما في هذا البيت ملكي أنا، كان البت أول ما جينا.. أولاً إحنا لما جينا هنا إحنا خدناه وهو نائب، كويس؟ وبعدين كان محتاج لبياض ومحتاج لتجديد شوية، حصلت الوفاة لعبد الناصر، وإحنا نقلنا في قصر الطاهرة فترة شوية إلى أن البيت بقت.. اتبيض يعني، فقالوا: بدل ما تنقلوا تروحوا في أي حتة نحط لكم عفش.. يعني عفش من.. ويبقى ملك الدولة، وخصوصاً البيت نفسه ملك الدولة، فقلت: وهو كذلك.
أحمد منصور:
حضرتك اللي انتقيتي العفش طبعاً بالذوق الراقي بتاعك.
جيهان السادات:
لأ والله، لا، أبداً، لا، لأ هأقول لحضرتك: فيه مسؤولة اسمها السيدة نفيسة عبد الغفار، وفيه مسؤولة كانت أخرى في قصر القبة هم اللي عملوا..
أحمد منصور:
من القصور جاؤوا به.
جيهان السادات:
(7/243)
آه من القصور، الحاجات المركونة جابوها، ولعلم حضرتك يعني أو لحظي، أو الحمد لله إن أنا جه في بالي حاجة زي كده، قبل وفاة الريس يمكن بخمس سنين أو زيادة رحت أشوف عفشي اللي هو متخزن هنا في.. في المبنى اللي جنبينا، فلقيته في حالة سيئة، فقلت: ده لا يمكن.. وأنا أعلم تماماً إن أنور السادات مش هيعيش طول عمره رئيس جمهورية، فيه يوم هيجي هيسيب، وخصوصاً هو كان دايماً يقول: بعد ثاني مدة هأسيب، فقلت: لأ، انقلوا لي عفشي، ييجي هنا ويشيلوا عفش الحكومة كله، فجم بجرد وبدفاتر اللي حطوه في البيت نقلوه بالحرف، عندهم الدفاتر موجودة، نقلوا كله، شالوه وجابوا عفشي هنا، ونجدوه.. اتنجد يعني واتعمل.
أحمد منصور:
أثناء مؤتمر القمة الذي عُقِد في سبتمبر 1970م، والذي أعقبه وفاة عبد الناصر حدثت.. كنت حاضرة في عشاء، وكان يحضره زوجات الرؤساء وحدث..
جيهان السادات[مقاطعة]:
فين؟ كان فين المؤتمر؟
أحمد منصور [مستأنفاً]:
مؤتمر القمة الذي عقد في سبتمبر 1970م وحضره الرؤساء.
جيهان السادات:
هنا في..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
في القاهرة، نعم.
جيهان السادات:
في القاهرة، نعم.
أحمد منصور:
وكنت أنتِ حاضرة في العشاء، وحدث نقاش بينك وبين القذافي وعبد الناصر..
جيهان السادات:
ده صحيح.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذا النقاش الذي كان يحمل شكلاً من أشكال المواجهة والظهور أيضاً منك في الحفلات أو اللقاءات العامة، أشكرك شكراً جزيلاً..
جيهان السادات:
شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات، في الختام أنقل لكن تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/244)
الحلقة5(7/245)
الخميس 15/11/1421هـ الموافق 8/2/2001م، (آخر تحديث) الساعة: 12:16(مكة المكرمة)،9:16(غرينيتش)
جيهان السادات - الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- جيهان السادات، أرملة الرئيس المصري السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
05/02/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة (جيهان السادات). مرحباً بك يا فندم.
جيهان السادات:
أهلاً.
أحمد منصور:
إحنا في الحلقة الماضية توقفنا عند شهر سبتمبر أيلول 1970م.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
وهو الشهر الذي شهد بعض الأحداث الهامة والخطيرة، مؤتمر القمة الذي عقد بمناسبة اندلاع الأحداث بين الفلسطينيين والأردنيين، والذي حضره معظم الرؤساء العرب في القاهرة، والذي أعقبه وفاة الرئيس عبد الناصر ثم اختيار السادات بعد رئيساً للجمهورية. هناك عشاء كان للرؤساء وزوجاتهم، وحضرت أنت هذا العشاء، وحدث نقاش بينك وبين الرئيس القذافي حيث تحدثت معك زوجة القذافي حول اعتقال القذافي لشقيقها أو شيء من هذا القبيل.
جيهان السادات:
عمها.
أحمد منصور:
لعمها. وده كان شكل من أشكال ظهورك أيضاً البارز بالنسبة للنقاش مع المسؤولين.
جيهان السادات:
أيوه. أفتكر هو ماكانش مؤتمر القمة كان عشا قبل كده، وكان قاعدين الأول كسيدات بنتكلم، والرئيس عبد الناصر بالرجال بيتكلموا وبعد كده بنخش العشا. فكانت زوجة القذافي بتشكي لي فعلاً إن عمها على طول أخو أبوها، والقذافي مسكه وحبسه وبتاع، وكانت متضايقة يعني وحاسة كده إنها نفسها إن إحنا نتشفع عند القذافي عشان خاطرها. فو إحنا قاعدين على الترابيزة فالرئيس.. هي قالت يعني يرضيك يا ريس إنه يحبس عمي؟ والقذافي قاعد، فالحقيقة أنا لأنها كانت قاصداني تقريباً يعني فقلت لأ الحقيقة إحنا لازم..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
(7/246)
اشمعنى إنتِ؟!
جيهان السادات:
معرفش.
أحمد منصور:
لأ، مش ما تعرفيش، أكيد تعرفي.
جيهان السادات:
يعني يمكن معرفش لقت فيّ شخصية كده يعني.. معرفش يعني مش عايزة أقول حاجة بالنسبة للباقيين.
أحمد منصور:
لا يافندم لازم تقولي.
جيهان السادات:
فيعني كان الحديث قدامها، فبأقول له: يا ريس إحنا كلنا ناخد موقف معاها الحقيقة يعني علشان خاطر القذافي يفرج عن عمها حرام، فضحك كده الريس، والريس وافق، قال آه واللهِ إحنا حناخد كلنا موقف معاكي ولو إن إيه..؟ قال لي إيه ساعتها؟ يعني إنك أنتِ متزعمة حاجة كده يعني.. آه رد قال بالظبط كده: أصل جيهان السادات والدتها إنجليزية فهي من النوع اللي عندها جرأة في الكلام. ما معناه يعني. فأنا قلت له: طب ما يا ريس، جواد حسني اللي قُتل في القنال لإنه بيدافع عن مصر رفض يقول لقوات الاحتلال الإنجليز إن والدته إنجليزية، هو وطني بقى و برضو عنده جرأة لبلده. فهز رأسه كده وضحك وسكت.
أحمد منصور:
لأ يعني فيه إيحاء معين هنا من إن عبد الناصر يقول إن والدتك إنجليزية؟
جيهان السادات:
علشان إن أنا تجرأت وتكلمت، لأن إحنا الحقيقة كلنا كعضوات مجلس ثورة، زوجات أعضاء مجلس ثورة يعني ما كناش.. ماكناش بناخد راحتنا قوي في الكلام، وأنا الوحيدة اللي حتى كان ساعات أنور يقول لي: أنت هتجيبي لي مشاكل من.. يعني أنا منفتحة، ما عنديش يعني.. أو تربية أمي لي هأرجع للتربية في الصغر، إن أمي عودتنا إن إحنا نبقى صُرحا، ونتكلم الصراحة يعني ما فيش خوف..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
لا أنا بأقصد هنا شق يتعلق بوطنية الإنسان أو كده. هل إن واحد أو واحدة أمها إنجليزية كان ينظر إليها في ذلك الوقت على إن هي أمها إنجليزية أو..؟
جيهان السادات:
لأ، هو الرئيس عبد الناصر ما قصدش يجرحني أبداً، هو قصد إن فيه نوع من الجرأة في الكلام، من الشجاعة تقدر تقول.
أحمد منصور:
(7/247)
أنتِ ألمحتِ لشيء هنا أنا عايز أسألك عنه تحديداً ظهورك بهذا الشكل.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وبهذه القوة، سواءً في النقاش مع عبد الحكيم قبل كده، أو مع عبد الناصر، أو في المجلس العام هذا. كان رد فعل السادات إيه؟
جيهان السادات:
فخور بي، ومحب لي، لأن أنا ما بأقولش حاجة غلط، وما بأخرجش عن حدودي، ما فيه حدود وأصول الإنسان لو تعداها يبقى عيب. لكن عمري ما خرجت عنها، فكان طول عمره فخور بيّ صراحة.
أحمد منصور:
كان بيشجعك؟
جيهان السادات:
لأ، هو عارف إن أنا مش محتاجة.
أحمد منصور:
مش قضية إنك محتاجة، يعني كان.. كان بيقبل هذا مرغماً إن شخصيتك بتفرض هذا الأمر؟ أم أنه كان يقبل هذا من قبيل أنه يحب أن تكون زوجته هكذا؟
جيهان السادات:
لا، أكيد كان يحب لأنه عارف إن أنا ما بأطلعش -زي ما قلت لحضرتك- عن حدودي، وما بأغلطش فكان -بالعكس- فخور بي قوي.
أحمد منصور:
في 28 سبتمبر 1970م توفي جمال عبد الناصر. كيف تلقيت النبأ؟
جيهان السادات:
والله حضرتك هو الصبح بلغونا إن الرئيس عبد الناصر هيجي يتعشى عندنا يومها. أحمد منصور:
وكان دايماً بيجي يتعشى عندكم.
جيهان السادات:
كان دايماً عندنا، البيت الوحيد..
أحمد منصور:
خلاص ما هو لم يعد إلا السادات!!
جيهان السادات:
بالظبط بالظبط.
أحمد منصور:
وحسين الشافعي.
جيهان السادات:
لأ وعبد الناصر كان من النوع إلا مش مايختلطش، فكان في بيتنا بيشعر بنوع من الأمان والحرية والراحة..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
وكنتم تعدون له من الطعام ما لا يأكله في مكان آخر!!
جيهان السادات:
نعم، بمنتهى البساطة، أنا بيتي على فكرة، أنا مش طباخة ماهرة، لكن يعني دلوقتي بقيت، لكن الأول كنت دايماً..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
يعني حتى سنة 70 ما كنتيش طباخة ماهرة؟!
جيهان السادات:
(7/248)
لا واللهِ، لأ.. عندي كان طباخ، بس كنت دايماً حريصة إن الأكل يكون خفيف، عشان ما يتعبش حد فيهم. يعني ولا في البيت عندي، لأن أنور السادات معدته كانت حساسة ومش كويسة من السجن يعني، متأثرة من السجن. فكان دايماً الأكل في بيتنا يعني مشهور بإنه خفيف جداً لدرجة إحنا عندنا طواجن نعمل طواجن في البيت، لأن إحنا عشان أنور فلاح بقى فعلمني الحكاية دي إن الطواجن دي بيبقى طعمها أحلى في الفرن، كنا نعمل الأكل نيّ في نيّ، يعني نحط الخضار معها بصل معاه طماطم معاه بهارات معاه توم معها حاجات حلوة تدي طعم، وما فيهوش ولا لحمة ولا زيت ولا سمنة ولا فراخ ولا حاجة أبداً. ومع هذا تأكل منه قد ما تاكل لا يتعب المعدة وفي نفس الوقت طعمه جميل جداً. فأنا كنت حريصة في الحاجات دي قوي من ناحية إن الأكل يبقى خفيف. فكان بيجي لنا باستمرار، البيت الوحيد اللي كان بيرتاح فيه هو بيتنا.
أحمد منصور:
تُتهمي بأنك كنت تطعمين عبد الناصر ما يمنعه الطبيب منه من طعام، وكان لا يأكل مثل هذا في بيته، فأنت كنت توفرين له مثل هذه الأشياء، فكان دائماً يأتي إليكم.
جيهان السادات:
لا لا ده أنا حريصة كنت عليه وعلى صحته، وكنت أتمنى إنه كان يعيش أكتر وأكتر لأ، أنا من الناس اللي تحب عبد الناصر ومؤمنة بعبد الناصر جداً، مش أنا لوحدي، أنا وزوجي وأولادي.
أحمد منصور:
في 28 سبتمبر أُبلغتم بأن عبد الناصر سوف يتناول العشاء عندكم.
جيهان السادات:
(7/249)
نعم، أُبلغت وأنا ابتديت أحضر، وعارفة إنهم هيجوا من المؤتمر، وأنور كان بايت هناك في الـ.. في اللوكاندة معاه أيام المؤتمر كلها، يعني كان بيجي ساعات قليل كده يغير ويرجع تاني. فعملت استعدادي إن إحنا هو جاي وكده. فلما بعد الضهر أبلغونا –وإحنا في انتظار إنه هيجي- أبلغونا إن بيت عبد الناصر بيتكلم، حد من هناك كلم أنور السادات وقال له: تعالى بسرعة، أفتكر سامي شرف.. تعالى، فـ.. وهو بيلبس ونازل قال لي: يا جيهان غالباً الريِّس النهاردة كسِّل مش هيجي وأنا رايح له. قلت له: طب وماله مع السلامة، عادي خالص. بعد ما راح هو طلبني بعد شوية، وقال لي: تعالي عايزينك.. فأنا ذُهلت ليه؟! يعني زي ما بأقول لحضرتك عبد الناصر صديق و.. لنا، لكن مش خلطة إن إحنا نقعد أنا ومراته وأنور وهو، يعني دايماً أنور يروح له يقعد معاه جوه في المكتب، وأنا أروح لمراته نقعد في الصالون. يعني مافيش الخلطة اللي ما بعض إلا قليل يعني في المصيف، في إسكندرية ساعات يعن تحصل بطبيعتها كده. فأنا استغربت جداً ولبست ونزلت ورحت، لكن طول السكة عمّالة أقول إيه؟ إيه اللي بيحصل؟! وما أعرفش فيه شيء يعني مش هأقول لك فيّ شيء لله يعني، فيه شيء داخلي كان هاجس كده في حاجة إيه هي؟ مش قادرة أعرفها. حتى لدرجة إن أنا مثلاً قلت للسواق: افتح الراديو بتاع العربية ففتح كده، فكانت فيه غنوة محزنة مش قادرة أفتكرها دلوقتي، فقلت له: اقفل الراديو، فقفلها.. وبعدين أول ما دخلت بيت عبد الناصر شفت بقى المنظر الآتي: شعرواي جمعة قاعد على الأرض بيعيط!!
أحمد منصور:
كان وزير الداخلية.
جيهان السادات:
(7/250)
نعم. وبعدين ده منظر؟! وفي اللي واقفين كتير مبلِّمين بطريقة يعني أنا طبعاً على طول فهمتها في أو ثانية، لكن أنت عارف اللي فهم وبيكذب نفسه، يعني عايزة أقول لأ يا رب لأ، يا رب ما يكونش هو يكون حد تاني. لكن يعني حد تاني هيبقى شعرواي قاعد في الأرض؟! يعني أنا تصورت مثلاً حد لا قدر الله ولاده مثلاً أو مين؟ لكن أي حد يعني اتلخبطت.. اتلخبطت لكن داخلة ثابتة، وبصيت لقيت أنور قال لي اطلعي اقعدي مع.. تحية هانم. فطلعت لقيتهم منيمينها، كانت واخدة منوم ونامت، فلقيت قعادي يعني مفيش مش هيشكل حاجة خالص، وخصوصاً إن أنا كنت لابسة لون أزرق كده، نفس اللون ده. فنزلت وروَّحت وطول السكة أبكي وأعيط، وفهمت طبعاً إن منيمينها يعني مين؟ ما هو يبقى هو الرئيس عبد الناصر، وزير الداخلية بيعيط، والتاني واقف مش عارفة بيعمل إيه..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
كل ده وما سألتيش إيه اللي حصل أو مين اللي مات؟
جيهان السادات:
لأ، فهمتها.
أحمد منصور:
فهمتيها طبعاً.
جيهان السادات:
فهمت طبعاً دي مش عايزة سؤال، وحتى كان خالد هو اللي واقف وقال لي: ماما منيمينها، وكان في منظر صعب جداً، ففهمت طبعاً مش عايزة أقول له: والدك مات مثلاً؟ هتتقال إزاي؟! فهمتها على طول. فرحت نازلة ومروحة البيت، وبُكا بُكا طول الوقت، ونزلت بقى فساتيني السودا علشان ألبسها وأحضرها، وفتحت التليفزيون أشوف إيه، مش.. يعني أنت عارف صدمة وعياط، وفي نفس الوقت عمّاله أقول إيه: طب ما هو ماحدش قال لي فعلاً، طب ما يمكن مش هو؟ عارف يعني نفسي أصدق إن مش هو اللي مات إلى أن لقيت أنور السادات بيذيع الخبر قال.. لأ أولاً جابوا قرآن، وجابوا على التليفزيون حتى آخر لقاء به هو وكان حاكم الكويت أفتكر.
أحمد منصور:
صحيح.
جيهان السادات:
وهو بيبوسه كده وبيودعه، وباين عليه التعب. وبعدين قرآن، وبعدين جابوا أنور السادات بيلقي البيان اللي هو بتاع الوفاة.
أحمد منصور:
(7/251)
من داخلك ألم تشعري بأنك ستدخلين عالماً آخر وكذلك زوجك باعتباره هو الآن كان نائباً لرئيس الجمهورية، ومن ثمَّ سيصبح هو الرئيس؟
جيهان السادات:
لا، أنا أقسم لك بالله إن لم تخطر على بالي، وأنا عارفة إن إحنا اللي هنبقى، لكن ما حصلش إن ثانية فكرت إن هو هيبقى.. كل كان همي وحزني، وهأقول حضرتك أكتر كمان يعني حزني وهمي كان إن فقدنا زعيم كلنا مرتبطين به، مرتبطين به ارتباط قوي يعني، ده اللي مؤمنين به وبقى له 18 سنة بيحكمنا، وإحنا.. جوزي من رجالته وبتوعه. فحتى في العزا في بيت عبد الناصر، وكان ساعتها بقى الإجراءات، وأنور السادات جاي وكده ففيه بعض السيدات كانت في ودني بشويش كده تقول لي: مبروك. على إنه بقى رئيس جمهورية بقى، والله ما كنت بأرد عليهم، واللهِ كلمة حتى (الله يبارك فيكِ) دي ما خرجتش من بُقٍّي.
أحمد منصور:
تردي بقلبك، ليس بلسانك.
جيهان السادات:
سمعتها يا أستاذ أحمد؟
أحمد منصور:
لأ لأ، ده بأقول لحضرتك يعني يعني..
جيهان السادات:
لا لا الحزن ما خلنيش فرحت إن جوزي جه رئيس جمهورية.
أحمد منصور:
يعني دايماً عفواً يعني الشعور في مثل هذه الأشياء، في مثل هذه المواطن شعور الإنسان بالحزن لا يلغي شعوره بالفرح يعني، كثيراً ما تُصادف الإنسان في بعض الأحيان حالات حزن وفرح مزدوج.
جيهان السادات:
واللهِ كان الحزن مغطي جداً بدرجة ما كنش في مكان للفرح، صدقني.
أحمد منصور:
ماذا كان شعورك يعني بعد ذلك بالطموح الذي لديك، بالجرأة، الشخصية، بالأشياء الكثيرة التي حققتها بعد ذلك بعد اختيار السادات؟
جيهان السادات:
بعد فترة الحزن وبعد الأربعين وبعد كل الوقت ده ما عدَّى..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
لأ، إحنا لسه ما دخلناش على الأربعين، إحنا في عملية اختياره حتى إعلانه رئيس في 15 أكتوبر.
جيهان السادات:
(7/252)
لأ، كان لسه.. هأكذب لو أقول لك كان فيه أي تفكير عندي، نهائي، كان كل همي يومياً أروح لحرم الرئيس عبد الناصر، أقعد معاها، ساعات آخد بنتي الصغيرة في إيدي، أقعد طول الصبحية معاها وأنتي جاية، ساعات أروح لها بعد الضهر أمشيها في الجنينة، نتمشى شوية مع بعض، يعني كنت بأحاول أهوِّن قدر استطاعتي لأن كانت الصدمة كبيرة جداً جداً جداً.
أحمد منصور:
السادات كان يتوقع إنه سيتم اختياره رئيس؟
جيهان السادات:
آه طبعاً لأن هو النائب، يعني دي ما فيهاش.. ما فيهاش مناقشة لأن هو النائب، النائب الأول..
أحمد منصور:
كان الجو المحيط به كان مهيئاً أيضاً لأن يكون رئيس؟ أم أنه أيضاً كان يشعر بشيء من القلق وشيء من الخوف من المجموعة المحيطة؟
جيهان السادات:
لأ، طبعاً الجو ما كانش مُهيأ بالمعنى 100%، لأن هم كلهم حتى فيما بعد لما خدوا موقفهم من 15 مايو، يعني طبعاً هم كانوا كل اللي حوالين عبد الناصر كانوا عايشين له في ظل إن عبد الناصر هو اللي بيحكم، ومستكترين أي أحد غيره، أي حد مش أنور السادات، أي حد جاي بعد عبد الناصر كانوا غير مقتنعين به، لأن عبد الناصر كان مسيطر على كل أفكارهم ومشاعرهم لمدة كبيرة قوي.
أحمد منصور:
ممثل الولايات المتحدة في جنازة عبد الناصر الوزير (ريتشارد دسون) هناك تقارير كثيرة نقلت أنه حينما عاد إلى الولايات المتحدة أكد على أن السادات لن يستمر في الحكم أكثر من أربعة إلى ستة أسابيع، على اعتبار الجو المحيط به، هل كان السادات أيضاً يشعر بذلك؟
جيهان السادات:
لا لأ طبعاً، لأ طبعاً ده هو حتى قالها -لو تذكر حضرتك في كذا مرة- قالها في أحاديث له أو خطبة قال: ده كان -وفي كتابه أفتكر كمان كتبها- قال: ده هم المندوب الأميركي وأفتكر (آن هيج) كمان جه وزير الحربية.
أحمد منصور:
البريطاني.
جيهان السادات:
فيما بعد جه وقابله وهو اللي رجع قال إنه مش هيستمر أكثر من أسابيع أو شهور.
أحمد منصور:
(7/253)
في تلك الفترة بدأت الشائعات تنتشر، بدأت مراكز القوى -أو ما أطلق عليه الرئيس السادات كذلك- بدأوا يقوموا بأشياء من العرقلة، بدأت أنت تأخذي وضعك بالنسبة كزوجة لرئيس الجمهورية، وتقومي بدور غير مسبوق.
جيهان السادات:
ده صحيح.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
لزوجات رئيس الجمهورية أو حتى ملوك مصر السابقين منذ شجرة الدر.
جيهان السادات:
صح.
أحمد منصور:
وحتى عام 1970.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
بدأت تستقبلي المسؤولين في الدولة، بدأت..
جيهان السادات[مقاطعةً]:
بزوجاتهم..
أحمد منصور:
لأ لأ أنا هنا، لأ عفواً.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
أنت هنا بدأت تاخدي أو تستقي المعلومات والأخبار من عدة مصادر:
أولاً: زوجات المسؤولين الذين كانوا ينقلون إليك الشائعات.
جيهان السادات:
شائعات؟!!
أحمد منصور:
التي تحدث نعم، أنت أشرت إلى ذلك في كتابك، وكذلك أشار الرئيس السادات ومصادر أخرى عديدة، أو كانوا ينقلون لك الأخبار.
جيهان السادات:
الأخبار، آه بالأصح، صح.
أحمد منصور:
وهي أيضاً كانت شائعات تُروَّج، وكانت هذه الأشياء تصب عندك بشكل أساسي في الوقت اللي لم يكن مسبوق فيه أيضاً إن زوجة الرئيس بتقوم بدور أو بتتلقى بعض الأشياء، كانت.. ذكرت أنتِ في كتابكِ تحديداً قلت: كانت صورة المكالمات التلفونية من منزلنا تأتيني في صورة تقارير. من الذي كان يرفع إليك هذه التقارير؟
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك هو فيه فرق كبير جداً بين زوجة الرئيس عبد الناصر ودوري أنا اللي عملته.
أحمد منصور:
لا وزوجات الملك فاروق يعني.
جيهان السادات:
وزوجات كل.. وزوجات كل الرؤساء.
أحمد منصور:
وقبل محمد علي.
جيهان السادات:
وزوجات كل.. وزوجات كل الرؤسا العرب وزوجات كل الرؤسا في آسيا وإفريقيا، فعلاً.
أحمد منصور:
لأ، في آسيا الزوجات هما اللي بيحكموا.
جيهان السادات:
والله!! صحيح فيه بعض..
أحمد منصور:
(7/254)
عندنا (بناظير بوتو) وعندنا بنجلاديش وعندنا في الفلبين قبل ذلك.
جيهان السادات:
أيوه، هأقول لحضرتك، هو أنا هأتكلم عن مصر، دري كان مختلف كل الاختلاف عن زوجة الرئيس عبد الناصر أو ما قبلها.
أنا سألت نفس سؤال بعد ما الدنيا هديت كده وابتدى يحكم وحتى قبل 15 مايو مباشرة، سألت نفسي: ما هو دوري؟ أنا بأكلم جيهان نفسي. فقلت: هل أقعد زوجة رئيس الجمهورية أحضر حفلات بس، أطلع مطار أقابل زوجات رؤسا مع جوزي ورئيس الدولة وزوجته ونرجع اللي هي الحاجات الرسميات، وأروح مثلاً أقص لي من آن لآخر شريط علشان خاطر مدرسة أو جمعية.. أو سوق خيري أروح قاصة الشريط وراجعة. هل ده دورك يا جيهان؟ أنا بأكلم نفسي، فلقيت جيهان اللي داخلية بتقول لي: لأ، يا إما تعملي عمل وبداية لكي تبقى بعدك حتى لزوجة رئيس الجمهورية يبقى لها دور تلعبه لصالح البلد، لكن أنتِ تقعدي في البيت، وعلى فكرة عايزة أقول لحضرتك ما كان أسهل علىّ إن أنا أقعد في بيتي، وآخد بالي من صحتي، وأحضر حفلات، وأحضر حاجات كده خفيفة جميلة وأبقى سعيدة بحياتي، لكن أنا اخترت الطريق الصعب اللي هو أنزل للشعب، وأنزل للقاعدة تحت، بدليل إن أنا أول حاجة بدأتها في العمل الاجتماعي جمعية (تلا) للتنمية الاجتماعية في المنوفية في الريف. يعني أنا قلت: لأ، أنا عايزة ألعب دور، يعني أنا كلمت نفسي، أنا عايزة مرات رئيس الجمهورية دي ما تقعدش ست بقى مترفعة عن كل شيء، لأ تلعب دور اجتماعي وخصوصا إن أنا لعبت هذا الدور من سنة 67، فأيه اللي جاي لي دلوقت إن أنا عشان أبقى مرات رئيس الجمهورية آخد منظر وأقعد في البيت وأتستت وأعمل بقى يعني..؟ لأ أنت كملي دورك اللي أنتِ فيه بل بالعكس توسعي في العمل الاجتماعي.
أحمد منصور:
لأ العمل الاجتماعي أنت بدأتيه مبكر من الستينات وكان بارز في 67.
جيهان السادات:
من قبل آه، وهو بالظبط.
أحمد منصور:
(7/255)
لكن هنا بعد مجيء السادات رئيسا للدولة تطور هذا الطموح من الطموح الاجتماعي إلى الطموح السياسي.
جيهان السادات:
لأ، هأقول لحضرتك السياسي لو قلنا عمل سياسي، العمل السياسي الوحيد اللي أخدته هو عضو مجلس شعبي محافظة المنوفية ثم رئيساً لهذه.. لهذا المجلس. لكن لو أنا عاوزة...
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مجلس محلي.
جيهان السادات:
مجلس محلي.
أحمد منصور:
نعم.
جيهان السادات:
وده دخلته علشان أشجع المرات في الريف إنها ترشح نفسها وتُخش وفعلاً حصل. لكن لو أنا عايزة ألعب دور سياسي لشخصي طب ما كنت دخلت مجلس الشعب هنا في القاهرة.
أحمد منصور:
أنتِ مش محتاجة يا فندم، أنت زوجة رئيس الدولة، وتستطيعي من خلال الطموح..
جيهان السادات:
لأ لو أنا عايزة يعني آخد منصب لي كنت دخلت مجلس الشعب.
أحمد منصور:
أنتِ استحدثت شيئاً لم يكن موجوداً.
جيهان السادات:
ما هو؟
أحمد منصور:
يعني استحدثت شيئا لم يكن موجوداً وهو (سيدة مصر الأولى).
جيهان السادات:
مش أنا اللي استحدثتها (سيدة مصر الأولى)..
أحمد منصور:
أنا بأتكلم هنا عن المهام وليس اللقب، اللقب هجى له بعدين.
جيهان السادات:
المهام إن الدور.. أيوه إن زوجة رئيس الجمهورية تلعب دور اجتماعي -وليس سياسي- تكمل به دور زوجها السياسي.
أحمد منصور:
أنت بالنسبة للجانب السياسي، سآتي معك تفصيلاً واحدة واحدة إلى الدور السياسي اللي كنتِ بتلعبيه من خلال المصادر الكثيرة ومنها سيرتك الذاتية أيضاً، والسيرة الذاتية للرئيس السادات.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
كانت التقارير تأتي إلى الرئيس السادات، من المعروف أن نظام الحكم في مصر كان يعتمد على أن رئيس الجمهورية كل يوم في الصباح تأتيه أربعة تقارير رئيسية: تقرير من وزارة الخارجية عن الوضع العالمي والسفارات مختصر.
(7/256)
تقرير من المخابرات حول الوضع الداخلي والعلاقات الخارجية وغيرها. تقرير من وزارة الداخلية حول الوضع الداخلي وما يتعلق بقضايا الأمن الداخلي. تقرير من وزارة التجارة أو وزارة الاقتصاد حول الوضع الاقتصادي بالنسبة للدولة.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
كان عبد الناصر يطلع على هذه التقارير، يومياً بشكل ثابت علاوة على عشرات التقارير الأخرى التي كانت تأتي ابتداءً من المكالمات التليفونية أو التصنت عليها وأخبار الناس وغيرها.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
إلى الصحف العالمية إلى التقارير الدولية التي تصدر، فكان يقضي وقتاً طويلاً، حتى كما قال هيكل: (في قراءة ما هو نافع وما هو غير نافع في هذه الأشياء).
جيهان السادات:
ده صحيح.
أحمد منصور:
كان السادات شخصية أخرى، حتى إنه ذكر نفسه في "البحث عن الذات" إن حينما جاءه سامي شرف وزير شؤون الجمهورية بهذه التقارير قال: أبعدوا هذه الأشياء عني، هذا الذي قتل عبد الناصر وأنتم تريدون أن تقتلوني.
جيهان السادات:
هذا حقيقي بالنسبة للمكالمات التليفونية.
أحمد منصور:
والتقارير الأخرى؟
جيهان السادات:
التقارير الأخرى كان جنب سريره كوم قد كده لا بد أن يطلع عليه ويؤشر عليه –حضرتك- لابد أن يؤشر عليه، وبعد كده في ظابط بيجي يشيل الكوم ده، ويجيب كوم آخر، بالظبط من التقارير.
أحمد منصور:
هذه التقارير لم يكن السادات يحب القراءة كثيراً والاطلاع، وكنت أنت تقومين بدور رئيسي في الإطلاع على هذه التقارير وتلخيصها بالنسبة له؟
جيهان السادات:
لأ، هي كانت بتيجي ملخصة فعلاً، يعني هو ما كانش بيحتاج..
أحمد منصور:
أنتِ بتعملي تلخيص على التلخيص.
جيهان السادات:
(7/257)
لا والله، ده ومين اللي شافني أنا بعمل له تلخيص على..؟! كنت أقول لك. لأ، لم أتدخل في هذا، ده تقارير بتيجي له ملخصة عن الأمن الداخلي والخارجي والسياسة والاقتصاد، والحاجات دي ليست من شأني وماأحبش هعرف فيها إيه؟! هو كل اللي رفضه واللي ما كانش راضي يقراه اللي هي المكالمات، وقال لك ده تضييع وقت، لكن الناحية الاقتصادية لابد إنه يعرفها، السياسة الخارجية لا بد يشوف إيه اللي بيحدث عشان يبقى دوره إيه اللي بيلعبه لأ ده كان رئيس دولة ولابد إنه يقرا الحاجات دي ويؤشر عليها للمسؤول. لابد.
جيهان السادات:
تحدثت أنت عن أن صورة المكالمات التليفونية كانت تأتيك عن منزلك.
جيهان السادات:
إيه؟
أحمد منصور:
عن أن منزلكم مراقب تليفونياً وكانت تأتيك صور المكالمات هذه، أنت ذكرت هذا في كتابك.
جيهان السادات:
لأ مش تأتيني يا فندم.
أحمد منصور:
النص: كانت صورة المكالمات التليفونية من منزلنا تأتيني في صورة تقارير.
جيهان السادات:
لأ، قيل لي قيل لي: إن بيتك متراقب، ودي أنا كشفتها شخصياً لما.. أما تولى أنور السادات، وعمل حفلة في قصر عابدين، وبعدين تاني يوم طلعت صور أنور السادات وجنبه إيدي أنا مقطوعة لأن شالوا صوري، فأنا بأكلم فوزي عبد الحافظ وهو سكرتير خاص الرئيس، وقلت له: يا فوزي إزاي صوري تتشال؟ ومين اللي شالها؟ مفروض إنه يستأذن إنه يشيلها أولاً لأن أنا كنت حاضرة، لو أنا مش حاضرة خلاص، لكن أنا حاضرة مع زوجات..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بس لم يكن هناك عادة.
جيهان السادات:
معلش.
أحمد منصور:
إن زوجة رئيس الجمهورية تطلع صورها بهذا الشكل.
جيهان السادات:
(7/258)
لأ لأ، ماكانش حرم الرئيس عبد الناصر بتحضر أساساً، لكن أنا حضرت ومع زوجات كل السفرا سواء أجانب أو عرب، طب إزاي تاني يوم يطلع أنور السادات وأنا أبقى أكني؟ طب ورحت ليه؟ ما هو أنا مفروض يا ما أروحش، يا إذا رحت أطلع معاه، ومين اللي ياخد هذا القرار مش سامي مشرف ولا غيره، القرار ده ياخده أنور السادات أو يرجعوا لي أنا صاحبة الشأن، فأنا بقول له إزاي يعمل كده من نفسه؟ و.. فابعتوا أشوف إيه.. ليه عمل كده يعني..، لأ ماقلتش ابعتوا لي، هأقول لحضرتك، قلته له: إزاي ياخد قرار زي ده من نفسه من غير ما يرجع للريِّس؟! إزاي؟ فقال لي: طب معلش سيادتك، اهدي كده أنا هأشوف الموضوع. بعد شوية لقيته هو فوزي عبد الحافظ بيكلمني وبيقول لي: سامي شرف بيرجو إنه يقابل سيادتك عشرة دقايق. قلت له: يبقى تليفونياً متراقب يا صاغ فوزي. إحنا كنا بنقول له (صاغ) ولو إنه كبير كتير عن كده لكن يشده له (الصاغ فوزي) قلت له: يبقى الصاغ فوزي التليفون بتاعنا مراقب. قال لي: إزاي. قلت له: أنت قلت له أنا كلمتك قلت لك إيه؟ قال لي: لأ ما قلتلوش، قلت له: طب بديهي جداً، يبقى سمع المكالمة و طالب يقابلني عشان يوضح لي. فهو سكت، ماعلقش. وجه سامي، ودخلت قابلته في المكتب هنا، وقلت ليه بتعمل كده من غير ما ترجع لنا؟ إحنا أصحاب الشأن، رجعت للريس؟ رجعت ليّ وإداك أمر وقال لك و.. فابعتوا أشوف إيه.. ليه عمل كده يعني..، لأ ما قلش ابعتوا لي، هأقول لحضرتك، قلته له: إزاي ياخد قرار زي ده من نفسه من غير ما يرجع للريِّس؟! إزاي؟ فقال لي: طب معلش سيادتك، اهدي كده أنا هأشوف الموضوع. بعد شوية لقيته هو فوزي عبد الحافظ بيكلمني وبيقول لي: سامي شرف بيرجو إنه يقابل سيادتك عشرة دقايق. قلت له: يبقى تليفونياً متراقب يا صاغ فوزي. إحنا كنا بنقول له (صاغ) ولو إنه كبير كتير عن كده لكن يشده له (الصاغ فوزي) قلت له: يبقى الصاغ فوزي التليفون بتاعنا مراقب. قال لي: إزاي. قلت(7/259)
له: أنت قلت له أنا كلمتك قلت لك إيه؟ قال لي: لأ ما قلتلوش، قلت له: طب بديهي جداً، يبقى سمع المكالمة و طالب يقابلني عشان يوضح لي. فهو سكت، ماعلقش. وجه سامي، ودخلت قابلته في المكتب هنا، وقلت ليه بتعمل كده من غير ما ترجع لنا؟ إحنا أصحاب الشأن، رجعت للريس؟ رجعت ليّ وإداك أمر وقال لك شيل جيهان السادات؟ أنا شكل إيه قدام الناس دي يقولوا إيه؟ طب وأنا حضرت ليه؟ طب ما أنا بأحضر مع جوزي، يعني إذا كنتو انتو الأول حرم الريس بتحضر، لكن أنا بأحضر. فقال لي: أصل إحنا عشان جنود على الجبهة مش عايزينهم يعني.. قلت له: إيه؟ هو.. أنا أشرفك وأشرف البلد، لأن أنا زوجة رئيس الجمهورية مش حاجة تستخبى ولا يتعرى منها. فقام قال لي: طب، هنطلعها في المجلات. قلت له. طب ولما ما طلعتهاش في الجرايد بتطلعها في المجلات ليه؟ يعني ما هو سؤال.. ليه تطلعها في المجلات..؟ أرجوك لو سمحت أي حاجة تخصني يا ترجع فيها للريس يا ترجع لي أنا. فقال لي: حاضر. ومشي.
أحمد منصور:
هنا بدأ الصراع بينك وبين مجموعة مراكز القوى.
جيهان السادات:
صحيح صحيح.
أحمد منصور:
أنتِ أشرتِ في كتابك أيضاً في صفحة 303 أن الناصريين كانوا يكرهونكِ.
جيهان السادات:
كانوا أيه؟
أحمد منصور:
يكرهونك، لماذا؟
جيهان السادات:
والله أنا مش عارفة، الحقيقة فيه مؤشرات كانت كتيرة جداً، لدرجة إن أنا بقيت حزينة، لأن إحنا بتوع عبد الناصر، إحنا بنحب عبد الناصر، إحنا امتداد لعبد الناصر، صحيح فيه تغيير، وأنور السادات هذا من حقه كرئيس دولة ياخد التغييرات اللي هو عاوزها، لكن ده لا يمنع إن إحنا بنحب عبد الناصر، فكان فيه ساعات يقول لك خالد مش عارفة حرق العربية، وما أعرفش مين عمل أيه وبيقولوا أيه، يعني كنت بأحزن قوي لما أسمع الحاجات دي جايّه من بتوع عبد الناصر وأقرب الناس لعبد الناصر.
أحمد منصور:
(7/260)
لكن لأنك أنتِ بدأتِ تأخذي دور منافس وترسمي لنفسك شيئاً لم يكن مقبولاً في ذلك الوقت، وبدأت يعني تتصلي على المسؤولين، تتصلي على سكرتير الرئيس بشكل دائم وتتحدثي معه فيما يخصك، وهو كان يتحدث مع الوزراء فشعروا بأن السادات لم يكن يحكم وحده وإنما كانت تحكم معه جيهان أيضاً.
جيهان السادات:
لأ، أنا ما اتصلتش بسكرتير أنور لوزراء، لو أنا عايزة أكلم وزير ما أكلمه لو فيه حاجة يعني، ما حصلش هذا، لم يحدث.
أحمد منصور:
يعني فعلاً كان هناك اتصال مباشر بينك وبين الوزراء؟
جيهان السادات:
الاتصال المباشر ما كانش إلا في حدود اجتماع في حاجة خاصة بالطلبة فكان يجي وزير التعليم يحضر، ومش أنا اللي حتى اللي بأتصل به بصراحة شديدة، فيه سكرتارية وفيه مكتب يقول له فيه اجتماع وهو عضو مثلاً في هذا الاجتماع بيجي يحضر.
أحمد منصور:
لكن حينما كنت تريدين شيئاً أو تعترضين على شيء مما كان يحدث، أيضاً كنت تتصلي على الوزراء؟
جيهان السادات:
أنا بأشوفهم في الاجتماعات يعني اللي فيها بنكون..
أحمد منصور:
يعني أصبح دورك دور فاعل ومؤثر حتى مع الوزراء؟
جيهان السادات:
مؤكد.. مؤكد في العمل الاجتماعي مع الوزرا المعنيين بالتعليم.
أحمد منصور:
طالما وزراء يبقوا سياسي.. يبقى عمل سياسي.
جيهان السادات:
نعم؟
أحمد منصور:
طالما وزراء ومسؤولين في الدولة وأصحاب قرار يبقى عمل سياسي.
جيهان السادات:
كان بشكل مش زيادة عن اللزوم، يعني لا رئيس الشعب كان معانا، ولا رئيس الوزرا كان معانا ولا حاجة، الوزير كمسؤول.. ووزيرة الشؤون في أغلب الأوقات لأن الجمعيات تابعة لها هي اللي كانت بتبقى حاضرة، ووزير التعليم لأني عملت جمعية للطبلة تساعد الطلبة على شراء الكتاب وتسهل لهم حاجات كتيرة، فكان وزير التعليم بيحضر ساعات معانا، يعني حاجات خاصة بالعمل الاجتماعي.
أحمد منصور:
(7/261)
في ذلك الوقت قبل يعني 15 مايو أيضاً بدأتِ تخرجي من إطار الأشياء الداخلية هذه إلى أنكِ قمتِ بجولة في المحافظات، وذهبتِ إلى أسيوط، وذهبتِ إلى الجبهة، رداً أيضاً على منع صورتك من الظهور في الصحف، وواجتهك مظاهرات تقول حكم ديّان ولا حكم جيهان.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
يعني الناس بدأت تشعر أنكِ أيضاً تشاركين في الحكم؟
جيهان السادات:
والله طبعاً هي كانت صورة جديدة بلا شك، يعني صورة جديدة إن يلاقوا حرم رئيس الجمهورية بتروح هنا وبتزور هنا، وبتنزل للمرأة تحت في الريف وبتنزل للطفل، وبتروح للعسكري في الجبهة، كل ده شافوه لأول مرة فعلاً، وأنا لما كنت حتى بأزور الجبهة بأروح لهم أولاً معايا وزيرة الشؤون وهي الدكتورة عائشة راتب، وبأروح بلبس حشمة جداً بنطلون ومغطي وجاكتة مغطية ومقفِّل عشان خاطر أنا رايحة في وسط عساكر كمان وكده، كنت رايحة كأم بترفع من الروح المعنوية لأولادها المرميين في الصحرا بقالهم شهور وسنين ما حدش بيسأل عنهم، فصدقني كان وقعها جميل جداً. كون إنهم يقولوا (حكم ديَّان ولا حكم جيهان) لما يبقى طالب عنده 17 سنة لسة مش مدرك بالدور اللي أنا بألعبه، ما شافش هذا قبل كده يعني من حرم رئيس جمهورية، طبعاً لازم يقول اللي عايز يقوله، يعني وخصوصاً اللي كان.. اللي زادت قوي لما جه قانون الأحوال الشخصية هي دي اللي كادت الطلبة.
أحمد منصور:
سآتي إلى هذا تفصيلاً، ولكن الطلبة عادة هم بيعبروا عن نبض وإحساس ومشاعر أساسية ليس في مصر وحدها وإنما العالم، وللأسف الطلبة الآن كُبتوا ولم يعد لهم أي دور سياسي، في الوقت اللي كان الطلبة على مدار التاريخ لهم دور سياسي مؤثر في كل مكان.
جيهان السادات:
(7/262)
أيوه بس اللي هتف كده مش كل الطلبة بقى، ما أنا كنت بأدرِّس في جامعة القاهرة وشايفة الطلبة بيحبوني إزاي، وشايفة دوري بألعبه مع الطلبة، وأنا اللي عملت لهم مساكن وعملت لهم امتيازات كتيرة جداً للطلبة. يعني إما تكون فئة صغيرة وتكتب على الحيطة مثلاً حاجة ضدي، أو فئة تقول: (حكم جيهان.. ديَّان ولا حكم جيهان) فئة صغيرة جداً مش معنى هذا إن إحنا نعممها على الطلبة، لأ.
أحمد منصور:
مدى قبول المجموعة المحيطة بالرئيس السادات في ذلك الوقت أو ما أطلق عليه مراكز القوى بعملية النفوذ التي بدأتِ ترسخيها لنفسك والدور اللي بدأتِ تقومي به؟
جيهان السادات:
آه طبعاً دول كانوا ضد أنور السادات وضدي، لأن كان أي حد بيطلب مقابلتي بيجوا هم نفسهم قالوا يعني قالوا للصاغ فوزي: إزاي الهانم بتقابل كل الناس؟!
فقال لهم: هي فاتحة بيتها للناس، ما أقدرش أقول لها ما تقابليش.
أحمد منصور:
مين نوعية الناس اللي كانت بتأتيك في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
اللي جوزها مسجون في السجن، ظابط ومرمي من 67 وقبل 67 مرمي في السجن وما فيش لا حكم ولا حاجة وتيجي لي متظلمة، أم أو زوجة، شيء كان يعني طبعاً يخليني أنا كأم أبقى حزينة.
فكل اللي بأعمله إن أنا باخد الشكوى بتاعتها بأحطها للريس على التقارير بتاعته يقراها.
أحمد منصور:
لم تكوني تقومي بأي اتصال مباشر بينك وبين المسؤولين عن هذه الأشياء؟
جيهان السادات:
لا، لا، لا، لا.. نهائي.. لأ.
أحمد منصور:
ألم تسعي لأنك تتجاوزي دور إن الريس يقرأ والريس يوجه إلى أنك أنت عن طريق سكرتارية أو سكرتير الرئيس تتصلي عليه مباشرة؟
جيهان السادات:
لأ لا، أنا كنت دايما مثلاً واحدة زوجة مرات -أنا فاكرة- مرات طيار قالت لي: إن كل اللي حدث وحلفت إن كل اللي حدث إنه رمى الكورة كده على فوق الصورة بتاعت الرئيس عبد الناصر كان بيلعب تنس فرمى ولا.. مش تنس (Sorry)، اسمها إيه؟
أحمد منصور:
تنس طاولة.
(7/263)
جيهان السادات:
تنس طاولة. وصورة الرئيس عبد الناصر فالكورة جت فيه كده يعني في.. أو عملها هو بتقول لي -يعني علشان أكون صادقة أمامك- عملها كده لأنه زهقان وبتاع و.. مهزومين و.. ده اتسجن طب ده يعني يستحق السجن؟! فده افرج عنه.
أحمد منصور:
كان هناك آلاف المعتقلين السياسيين.
جيهان السادات:
وأفرج عنهم كتير، أفرج عنهم كلهم.
أحمد منصور:
من الذين منحك الحق بالقيام بهذا الدور الذي بدأت تقومين به؟
جيهان السادات:
ما حدش إداني دور، أنا حسيت من نفسي إن أنا بألعب دور ويجب إن أنا ألعب دور اجتماعي مكمل لدور زوجي السياسي.
أحمد منصور:
السادات كان موقفه إيه من الدور اللي بدأتِ تلعبيه؟
جيهان السادات:
لا، كان يعني كان هو مشغول جداً كمان -لاحظ- في أمور الدولة، وكان شايف إن أنا اللي بأعمله إن أنا بأنزل للفقير، بأنزل للفلاح، بأروح تلا، بأروح الأرياف، بأنزل لما يحصل فيضان أو سيول في قنا أروح أشوف، كان مبسوط إن الدور إن مراته بتقوم بدور اجتماعي لخدمة الناس، ما فيش شك.
أحمد منصور:
يعني لم يكن يعترض لكن في نفس الوقت ما كانش بيدفعك، أو بيطلب منك تقومي بهذا؟
جيهان السادات:
لا لا عمره ما دفعني.
أحمد منصور:
يعني هو واخد موقف..
جيهان السادات:
موقف إن هو شايف مراته بتلعب دور مقتنع به، مش مش مقتنع، مقتنع به.
أحمد منصور:
بدأت عملية الصدام ما بين السادات وما بين ما أطُلق عليه مراكز القوى، وهذا كان واضح من خلال الخطاب الذي ألقاه في..
جيهان السادات [مقاطعة]:
في حلوان يوم الـ..
أحمد منصور:
2 مايو 71.
جيهان السادات:
أيوه يوم العمال.. عيد العمال.
أحمد منصور:
أو في عيد العمال. وفي اليوم التالي مباشرة أقال..
جيهان السادات [مقاطعة]:
علي صبري.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
السادات علي صبري من جميع مناصبه.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
(7/264)
وبدأ بعد ذلك تحدث عملية تهديد وبدأ يشعر إن هناك خطراً يهدده، لكن لم تكن لديه أية أدلة حول الإمساك بهؤلاء إلى أن تم الحصول على الشريط، وأنت ذكرت في كتابك أن الشريط جاءك أنت، ولم يذهب إلى السادات بشكل مباشر.
جيهان السادات:
لأ هو الشريط عشان أكون أمينة، وموجود اللي جاب الشريط وهو اسمه كان ساعتها العميد طه زكي، وهو موجود إلى يومنا هذا وكان حاضر حتى فرح حفيدي يعني. الظابط ده جه للصاغ فوزي، وقال له أنا عندي شريط مهم جداً عايز الريس يسمعه وما يروحش في إيد حد خالص، فقال له حاضر، وجه قال لي أنا عايز الريس والريس كان ساعتها.. لأ حضرتك كان عارف إيه اللي بيدور حواليه، مش ما كانش عارف. مش الشريط اللي وحده اللي ما نبهه.
أحمد منصور:
لكن الشريط كان الدليل.
جيهان السادات:
الدليل، بالظبط كده، لكن قبل كده كان فيه اجتماعات بيقعدوا يتكلموا كلام وبيصل للريس وبيصلني، واللي بيوصل لي بأديه للريس، يعني بأقوله بأنقله للريس بحذافيره.
من ناحيتي ومن ناحيته هو كان ناس كتير بيقولوا له دُول بيتكلموا دول بيعملوا دول بـ..
فلما الشريط جه، وإحنا.. الصاغ فوزي جابه حتى كان أختي وجوز أختي يعني أقرب الناس ليّه كانوا موجودين، ما فتحتش بُقِّي وما قلتش، حتى الصاغ فوزي قال لي: فيه عندي شريط جابه ظابط وقال لازم يسمعه، فاستنيت لما أختي نزلت وجوزها، وجوزها كان عضو مجلس شعب محمود أبو وافيه، وإخلاصه يعني للرئيس السادات بس أنا أعتبرت إن دي حاجة ما حدش يعرفها غير أنور السادات.
فاستنيت لما نزلوا وكان متأخر من هنا وجبت من تحت فيديو عند..
أحمد منصور:
كاسيت.
جيهان السادات:
آه كاسيت، وحطينا الشريط، وابتدى يسمعه أنور.
وكان أنا قاعدة جنبه والصاغ فوزي واقف معانا، جه الشريط لغاية الحتة اللي بيقول فيها، بيسأله بيقول له: طب عملتوا حساب لو راح للتلفزيون؟ فقال له: لأ ده إحنا هنمنعه، ده إحنا عندنا ناس يمنعوا.
(7/265)
فأنا قلت: الله!! ده يبقى الكلام مظبوط اللي هيكل قاله لي!!
فقال هو ساعتها..
أحمد منصور:
هيكل قال لك إيه بقى؟
جيهان السادات:
قال وقفوا الشريط ودي.. ده دي مؤامرة بالظبط كده.
هيكل طبعاً الجوكان متوتر كله حوالينا، وأنا كنت أيامها باخد دروس مع أستاذ التاريخ في مصر اللي هو أستاذ -الله يرحمه- أبو بكر خيرت.
أحمد منصور:
نعم.
جيهان السادات:
فكان بيجي أنا قلت له: أنا عايزة أعرف تاريخنا بالتفصيل، وعايزة معلومات، لأن دي بلدي، صحيح خدتها في المدرسة لكن خدتها مختصرة، فأنا عايزاك تديهاني. وقلت ده: عالم، يعني أتعلم عليه.
أحمد منصور:
طبعاً بدأتِ سيدة تظهري في المجتمعات، ويكون لك دور فلابد..
جيهان السادات [مقاطعة]:
بالظبط وعايزة أكون، حتى لما درست في في الجامعة درست اخترت اللغة العربية ودي صعبة، وأنور قعد يقول لي: خُشِّي تاريخ خُشِّي جغرافيا، أقول له: أبداً عشان يعني دي لغتي عايزة قدر المستطاع إن أنا أجيدها، وأعرف تاريخ بلدي كويس، عايزة أعلم نفسي وأثقف نفسي، وأنا اللي سعيت للتعليم ما حدش قال لي، يعني أنا اللي كنت بأسعى إن أعلم نفسي.
أحمد منصور:
لكن اسمح لي في هـ.. في النقطة دي تحديداً طالما أنتِ فتحتيها.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
أنتِ ظللتِ تشعري بعقدة عدم إكمالك تعليمك إلى أن طبعاً دخلت الجامعة، وحصلت على الدكتوراه..
جيهان السادات [مقاطعة]:
لا هي ما كتش، أنا ما عنديش عقد يا أستاذ أحمد.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
الدكتوراه، لكن أنت الآن أصبحت أصبحت - كما يطلق عليها كما يطلق عليها.
جيهان السادات:
أيوه أيوه.
أحمد منصور:
أنتِ الآن أصبحت زوجة لرئيس الجمهورية، وتعليمك كان غير مكتمل ومن ثم سعيت إلى أن تثقفي نفسك، شيء لا يعيبك شيء يعني لك أن تفخري به.
جيهان السادات:
بالعكس ده أنا أفتخر به طبعاً.
أحمد منصور:
(7/266)
نعم، لا أتكلم عنه من هذه الزاوية، ولكن زاوية شعورك التام بأن هناك جوانب نقص لديك لابد أن تستكمليها.
جيهان السادات:
لا هأقول لحضرتك: أنا ما عنديش عقد أبداً ولا نقص في أي شيء في حياتي بصراحة، أنا كل اللي كنت عايزاه أنا كملت تانية ثانوي وأقرا كتير جداً طول عمره من وأنا طفلة.
لكن أنا كنت عايزة أكمل تعليمي، وعايزة أدي مثل إن ما فيش مستحيل أمام زوجة عندها أولاد، وعندها مسؤوليات إنها برضو تكمل تعليمها. يعني كان بالعكس قد ما أنا عايزة أعلم نفسي، قد ما أنا عايزة أدي مثل لغيري وحصل.
يعني في حتى في التليفزيون لما حطوا المناقشة بتاعت الماجستير بتاعتي يعني كانت مؤلمة ليِّ كواحدة أعصابها متوترة، لكن في نفس الوقت مجرد همت مصطفى ما قالت لي: إن دي هتبقى مَثَل وتشجيع للمرأة قبلت، قبلت وأنا يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هناك علامات استفهام كثيرة هنا يعني إذا أنت موضوع المناقشة، وموضوع حتى الدراسة الجامعية والتسهيلات التي يقال أنها قدمت لك، وما هو الحق الذي يمنحك أن تُنقل رسالة الماجستير أمام الناس في التليفزيون، وأن تتحدث الدنيا كلها عن هذا الأمر بهذا الشكل.
جيهان السادات [مقاطعة]:
واللهِ مش أنا اللي طلبت، الكلام ده تقول لي لو أنا اللي طلبت.
أحمد منصور:
يعني أنتم حولكم، كان حولك أنت والرئيس السادات مجموعة من المتسلقين ومن أصحاب المصالح، وهم كانوا كانوا يعني يمهدون لهذا الأمر، وكان هذا برضاكم أيضاً.
جيهان السادات [مقاطعة]:
(7/267)
هأقول لحضرتك حاجة، هو حوالين أنور السادات حوالين أي رئيس بيبقى في مجموعة لها مصالح بلا شك، مش حولنا بس، حول عبد الناصر وحول أنور السادات وحول أي رئيس ييجي لغاية آخر دي الدنيا، بتبقى فيه كده. لكن هي لما قالت لي إن ده مثل تشجعي به المرأة قبلت لأن أنا أعصابي كانت مش كفاية فيه 700 بيراقبوني، كمان دلوقتي هيبقى ملايين فقلت لها: حرام عليكي، يعني أنا أنا شخصياً النهاردة يوم حساس بالنسبة لي.
قالت لي: لأ ده ده بقى الدليل اللي يوري إن... الست تقدر تكمل وتقدر تعمل وبدليل اللي حصل.
أحمد منصور:
كثيرين وصفوا هذه المناقشة بأنها كانت عبارة عن مسرحية مرتبة بالكامل بينك وبين الذين ناقشوك!!
جيهان السادات:
لأ، أستاذة الجامعة لا يقبلوا مسرحيات، وخصوصاً المشرف علىّ كان -الله يرحمه- الدكتور مجدي وهبه وده عالم ومعروف ورجل فاضل وعلى خلق، والدكتورة شهير القلماوي كذلك، لأ الأساتذة ما يُشتروش أبداً.
أحمد منصور:
فيه اتهام لك ورئيس جامعة عين شمس السابق رفع قضية بأنك لم تحصلي على الثانوية العامة ومع ذلك التحقت بالجامعة وحصلت على ماجستير ودكتوراه، وطالب أمام القضاء بإبطال كل هذه الشهادات.
بإبطال كل هذه الشهادات.
جيهان السادات:
أيوه، طب حضرتك روح بقى في الجامعة وشوف، وروح British Council وشوف أنا خدت الـ G.C.E إزاي، وخدتها على مرحلتين يعني مش هأقول لك خدتها على مرحلة واحدة ويعني خلاص بقى الـ.. أنا خدتها على مرحلتين علشان أخش.. دخلت خدت نصف المواد في مرحلة، ونصف المواد في مرحلة أخرى، وهذا يسري على جميع الطلبة، علشان ما أضغطش على نفسي جداً، وفي نفس الوقت أجيب نمر عالية تؤهلني إن أنا أختار اللي أنا عايزاه.
أحمد منصور:
حتى -أيضاً- أنهي هذه القضية كيف ومشغولياتك كانت من الصباح إلى المساء وتستطيعي أن تتابعي الدراسة وغيرها؟ غيرك يكون متفرغ ويعاني معاناة شديدة، كيف أنت جمعت بين هذا وذاك؟
(7/268)
جيهان السادات:
واللهِ هأقول لحضرتك تنظيم الوقت ده مهم جداً، مع تنظيم الوقت تقدر تذاكر، تقدر تحضر، أنا كنت بأحضر بانتظام، وفي مواعيدي بالظبط يعني ما كنتش بأتخلف ولا أتأخر، في نفس الوقت لما كنت بروح مثلاً أفتتح حاجة في إسكندرية كان يبقى معايا شريط تسجيل أقعد أستمع له، كتاب أقعد أراجع فيه وأعلم وأقرا وأعمل.
يعني ما كنتش بأضيع دقيقة في اليوم من غير ما أستفيد بها.
وأنا بأقول أي رياضي، أي واحد في أي مجال آخر يقدر يعمل كل اللي عايزه بتنظيم وقته، ده مهم جداً.
أحمد منصور:
أعود إلى المحور الهام والرئيسي وهو ما قيل عن مؤامرة مراكز القوى على الرئيس السادات وتفصيلاتها، ودورك الذي لعبتيه في هذا الأمر واسمحي لي أسمع تفصيلاتها في الحلقة القادمة. أشكركِ شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات. في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/269)
الحلقة6(7/270)
الثلاثاء 20/11/1421هـ الموافق 13/2/2001م، (آخر تحديث) الساعة: 21:22(مكة المكرمة)،18:22(غرينيتش)
جيهان السادات - الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- جيهان السادات، أرملة الرئيس المصري السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
12/02/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات. مرحباً بكِ يا فندم.
جيهان السادات:
أهلاً، أهلاً.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند نقطة هامة تتعلق بمؤامرة ما أطلق عليه (مراكز القوى) على الرئيس السادات.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
ودورك في المساهمة في التعرف أو في كشف ما حدث. وقفنا عند نقطة.. عند يوم 13 مايو، حيث أحضر أحد الضباط شريطاً إلى البيت هنا، وسلمك سكرتير الرئيس هذا الشريط، واستمعتِ معه إلى هذا الشريط.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
الشريط كان عبارة عن حوار بين (فريد عبد الكريم).
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
ومحمود السعدني الصحفي.
جيهان السادات:
مظبوط.
أحمد منصور:
ما هي خلاصة ما كان على هذا الشريط تحديداً، والذي اعتبر الدليل الأساسي، والمستمسك الأساسي لدى السادات في تحركه ضد مراكز القوى؟
جيهان السادات:
(7/271)
هو كان فيه حاجتين، حاجة كانوا.. كان أنور السادات هيروح البحيرة أو حتة.. أيوه البحيرة أو حاجة زي كده في زيارة، وقال له: إحنا عاملين كمائن له.. على الشريط، في كمين له هنضربه في الطريق. الحاجة التانية: بيقول له: طب وافرض راح لغى الرحلة مثلاً، أو افرض راح الإذاعة عشان يتكلم للشعب هتعمل..؟ قال له: لا.. لأ، يعني دي ما تشيلش همها، إحنا حاطين حوالين الإذاعة حراسة تمنعه من إنه يخش. هو أول ما سمع دي قال: أوقف دي مؤامرة، يمنعوا رئيس الجمهورية إنه يخش الإذاعة،! دي خلاص، انتهينا. وده اللي بيتكلم فريد عبد الكريم أحد أعضاء 15 مايو، ولما يقول هذا الكلام يعني بيقوله مش من فراغ ده فيه مؤامرة علىَّ.
بعد كده بقى توالت الكلام، فيه عضوات مجلس شعب سيدات كانوا بيجوا يحكوا لي، ويقول لي: ده إحنا كنا في اجتماع وفيه وزير الداخلية قال: ده يعني الرئيس السادات لا يملك -مش عارفة- القرار لوحده، ده مش عارف يعمل أيه، وتريقة عليه وكلام وحاجات غريبة الشكل على رئيس الجمهورية، وبعدين جوز أختي عضو مجلس شعب، وسامع وعلى اتصال بالناس -هو من البحيرة- وعلى اتصال بأعضاء مجلس الشعب وله صلة كبيرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
محمود أبو وافية.
جيهان السادات]مستأنفةً:[
محمود أبو وافية، فكان برضه بييجي هنا يقول له: يا ريس، ده بيقعدوا في اجتماعاتهم بيقولوا كذا وبيعملوا كذا وعايزين يخلصوا منك..ويعني الكلام كان كتير، وبعدين أنا عايزة أقول حاجة: أنا واحدة محبة لزوجي، مش معقول إن أنا هأقف أتفرج على مؤامرة عايزة يخلصوا من جوزي، وأنا قاعدة بأتفرج!!
أحمد منصور:
لأ، أنا هنا عندي سؤالين.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
أو سؤال يتعلق بحادثتين.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
(7/272)
في مذكراتك وفي هذه الحادثة تتحدثين عن فوزي عبد الحافظ وكأنه السكرتير الشخصي لجيهان السادات وليس لأنور السادات، كما أنه هنا جاءك أنت ولم يذهب إلى الرئيس وهو سكرتيره!!
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
الشي الآخر الذي تحدثت عنه أيضاً ولم أسمع منك تفاصيله هو أن هيكل جاءك وأخبرك بأن هناك شيئاً يُحاك للسادات، وعلاقته بالسادات كانت وثيقة، وكان يستطيع أن يخبر السادات.. لم إخبار جيهان السادات وليس.. في قضية حساسة وخطيرة؟!
جيهان السادات:
هأقول حضرتك، هو الجو كله كان متوتر حوالينا بلا شك، والريس كان طول النهار يقابل ناس، ده داخل وده خارج، ده داخل وده خارج، وبأقول لحضرتك لغاية 12 بالليل يوم 13 كان جوز أختي وأختي موجودة، وقبليه ناس يعني ده يجي وده يطلع، ده يجي وجه يطلع، يعني فوزي عبد الحافظ ما كنش بيقول لي أخبار الريس، يعني زي ما تقول الحتة اللي مزنوق فيها، عاوز يوصل للريس، فيه شريط معايا عايز أقول للريس، قلت له: استنى لما يمشي جوز أختي وأختي، وبعدين تعالى، وقلت للريس، يعني مجرد توصيل يعني..
أحمد منصور:
سكرتيره، المفروض ملاصق له!!
جيهان السادات:
ما هو بيقول له، بيكلمه، بس مش عايز يضرب له الساعة 12 بالليل يعني، أدي عملية الإحراج، إن هو 12 بالليل بعد ما نزلوا يعني متأخر وكده، فبلغيه بس سيادتك إن فيه شريط معايا كذا، يعني مش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وهيكل؟
جيهان السادات:
وهيكل إحنا كنا -زي ما قلت حضرتك- أنا كنت باخد الدروس دي وزوجته كانت ساعات بتشاركني في هذه الزيارات للهرم وللمقابر وحاجات زي كده. فهيكل..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
للتعرف على تاريخ مصر.
جيهان السادات:
(7/273)
نعم، وهيكل.. وهي درست.. درست آثار. هيكل أيضاً كصديق، وفي نفس الوقت مراته أختها متجوزة ابن عمتي، يعني مش ابن عمتي direct، يعني أمه بنت عمة أبويا، اللي هو نبيل العربي، فيعني فيه صلة قرابة أو نسب تقدر تقول يعني من.. وفيه صداقة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
نبيل العربي اللي هو الآن في الأمم المتحدة ممثل مصر؟
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
نعم.
جيهان السادات:
نعم. ده الحقيقة ده اللي كان بيخلي هيكل يتكلم معايا، وشايفين.. هيكل شايف بتوع 15 مايو بيحيكوا مؤامرة حوالين أنور السادات. مش هيكل لوحده، أعضاء مجلس شعب، الناس حوالينا، القريبين، الصحاب، يعني كانت حاجة مش مستخبية، حاجة واضحة وضوح الشمس إن فيه مؤامرة بتحاك على أنور السادات، واضحة.
فكان بيقعد ساعات معايا، مثلاً يكون جاي يقابل أنور السادات أقعد معاه شوية، يقول لي: ده بيقولوه ده.. أنا رحت الإذاعة والتليفزيون –قصدي- كنت رايح فلقيت حراسة غير عادية، وأنا عارف.. أنا بأتكلم واحد عارف، وهيكل نبيه وذكي وعارف كويس قوي، بيقول لي: أنا فاهم الحراسة حوالين التليفزيون، فلقيت حاجة غير عادية، فأكيد دول عايزين يمنعوه أو أكيد بيعملوا بيحاصروا التليفزيون ودي حاجة خطيرة قلت له: يا خبر!! فقال له: بس احلفي على مصحف ما تقولي لأنور السادات..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إزاي وهي مؤامرة عليه؟! ما هي دي نقطة مهمة أنا لاحظتها في.. في شهادتك، حتى في روايتك في المذكرات!!
جيهان السادات:
(7/274)
آه أقول لحضرتك، يعني هو.. يمكن هو كان مستني شوية مثلاً أما يجي وقتها، لأن هم كانوا مازالوا قوة لسه، طبعاً بيشكلوا قوة بلا شك برة، في نفس الوقت مستني الوقت، لأن هو هيكل ما كانش معاهم، هيكل كان على خط مضاد لهم، يعني هم ما يحبوش هيكل طبعاً لقربه من عبد الناصر، وهم مش عايزين حد يقرب كان من عبد الناصر، فهم يكرهوا هيكل. لكن الحكاية جت على أساس أيه؟ إن يعني المؤامرة مش بكرة، مش النهارده، ولسه أنور السادات في وضعه، لسه قوي، ويعني.. إنما تحذير.. بالظبط من هيكل، كان نوع من التحذير بصراحة.
أحمد منصور:
أيضاً أما يعطي هذا دلالة سواءً من فوزي عبد الحافظ أو من هيكل على دورك المؤثر تجاه السادات، ودروك المؤثر حتى وده سر من أسرار الدولة؟
جيهان السادات:
طبعاً.. طبعاً ده أنا زوجته وبأحبه، بأحب جوزي وشايفة فيه مؤامرة بتحاك حواليه، أقف أتفرج أو أشارك؟! ده أنا لو كنت أقدر أشارك أكتر من كده كنت عملت.
أحمد منصور:
أنا يا فندم.. هنا.. هنا الشاهد هنا هو أن هذا أمر يتعلق بالسياسة العامة، وهذا دور سياسي اللي أنتِ بتقومي به.
جيهان السادات:
يتعلق.. قول زي ما تقول، ده يتعلق بزوجي عاوزين يقتلوه، وعايزين مؤامرة يخلصوا منه، سميها كما تشاء، أنا جوزي فيه مؤامرة حواليه لازم أقف جنبه، وأقف جنبه بقدر استطاعتي كمان.
أحمد منصور:
هل كان السادات في القوة التي تمكنه من التخلص من الآخرين بصدق وكقراءة للحدث في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
نعم، نعم كان في إيده خيوط مهمة جداً وهو قائد الحرس الجمهوري اللي يقدر يمسكهم، وكان مرتب معاه وقعد..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
اللي هو الليثي ناصف.
جيهان السادات:
(7/275)
الليثي ناصف -الله يرحمه- وكان رجل مخلص، وقعد مع أنور السادات، وتفاهم معاه يعني اتكلم معاه، أنا ماأعرفش التفاصيل، إنما مجرد إنه قعد معاه حيث بشيء من الاطمئنان إنه يعني.. إن رئيس الحرس الجمهوري كله معاه في الخط يعني بالضبط.
أحمد منصور:
لكن هنا وزير الداخلية، وزير الحربية..
جيهان السادات:
الإعلام، كله..
أحمد منصور:
الإعلام، كل هؤلاء، رئيس الوزراء، كان علي صبري كان نائب الرئيس، كل هؤلاء كانوا..
جيهان السادات:
مظبوط.. كله كله كان في كفة ضده.
أحمد منصور:
يعني كل سلطات الدولة كانت في كفة
جيهان السادات:
مظبوط.. مظبوط.
أحمد منصور:
والسادات وحده كان في كفة أخرى، كيف تقولين لي إن السادات كان قوي وكان على يقين من إن هو سيقضي عليهم؟!
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك، أنور السادات بطبيعته -وأنا زوجته وأعرف طبيعته أكثر من أي إنسان آخر- طبعه كان هادي زيادة عن اللزوم، يعني ساعات أنا نفسي زوجته بأبقى بأغلي وهو هادي، بس مش معنى هادي إنه مش حاسس لأ، تفتكر أنت مثلاً إنه يعني إيه مش واخد باله، لأ، ده هو..
أحمد منصور:
بيفكر.
جيهان السادات:
لأ مش بس بيفكر، ده هو لماح بدرجة مخيفة، يعني نبقى في حتة مثلاً وأقول له خدت بالك من الحاجة الفلانية، وهو بيبقى ما بانش عليه خالص يقول لي: طبعاً ويبقى عارفها ويقولها.
يعني في حياتي معاه يعني عارفة إن هو كده، لكن لدرجة إن فيه أيام بقيت آجي له في الآخر أقول: له مستني أيه؟!مستني لما يجوا يخدوك من البيت؟! لأنهم المؤامرة واضحة وضوح الشمس، واضحة وما بيخبوهاش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنت كنت خايفة؟
جيهان السادات:
جداً عليه، جداً جداً يعني بشكل لا تتخيل. فالحقيقة كان يهز رأسه بهدوئه اللي ساعات كان يقتلني في بعض أوقات يعني يهز رأسه ويقول لي: أنا عارف شغلي، أنا فاهم. فأسكت، خلاص ما أقدرش أتكلم معاه.
أحمد منصور:
(7/276)
كيف تمكن من عملية القضاء عليهم؟ وهنا جاء أشرف مروان
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
إلى البيت يحمل استقالتهم جميعاً، وكانت قد أذعيت في الراديو، رئيس الجمهورية يسمع استقالة..
جيهان السادات:
بالظبط، لأ هو جالنا قبل ما تذاع بدقيقتين، تلاتة، وإحنا كنا قاعدين إحنا الاتنين وفاتحين التليفزيون بالصدفة يعني وبنتفرج. فقال: أنا مرسل منهم إن أنا أبلغك باستقالتهم جميعاً وحتتقال دلوقتي.
وزي ما يكون التوقيت كده يعني الظبط ما فيش دقيقة وابتدت الاستقالات نازلة عا التليفزيون واحد ورا التاني، واحد ورا التاني، واحد ورا التاني، حتى أنا نطقت وقلت له: طب ما جتش قبل كده ليه يا أشرف؟ ماجتش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كانت علاقته طيبة بكم؟
جيهان السادات:
آه طبعاً، ده جوز بنت جمال عبد الناصر وبالعكس يعني ما فيش..
أحمد منصور:
لماذا اختاروه هو تحديداً حتى يحمل هذه الرسالة؟
جيهان السادات:
هو كان على صلة طيبة بهم طبعاً طبعاً.
فأنا قلت له سألته سؤال قلت له: ما جتش قبل كده ليه؟ عشان يدي الريس فسحة حتى من التفكير، من التصرف، من أي شيء فقال لي: كانوا ماسكني، ما كانش أقدر آجي يعني..
أحمد منصور:
من كان يجلس معكم خلاف السادات؟
جيهان السادات:
ما فيش حد خالص أنا وأنور..
أحمد منصور:
لم يكن هيكل وسيد مرعي معاكم؟
جيهان السادات:
لأ.. لأ..لأ، كنت أنا وأنور بس. وبعدين تعرف قال إيه بقى؟ أشرف قال لنا كده ومشي، أنور ضحك كده بهدوئه اللي بأقول لحضرتك ساعات يخلي الواحد مش قادر، ضحك كده وقال: والله سهلوها عليّ، كتر خيرهم، بدل ما أنا أشيلهم كلهم، هم شالوا نفسهم.
راح رافع السماعة وكلم الليثي ناصف، وقال له..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رئيس الحرس الجمهوري.
جيهان السادات:
رئيس الحرس الجمهوري، وقال له: نفذ ما اتفقنا عليه.
أحمد منصور:
(7/277)
يعني كان هو معد خطة مسبقة للقبض عليهم أو تحديد إقامتهم وترتيب الأمور بعد ذلك؟
جيهان السادات:
نعم.. نعم.. نعم.
أحمد منصور:
هناك علامات.. طبعاً طلع السادات وألقى خطاب، وجملته المشهورة.
جيهان السادات:
تاني يوم.. أيوه.
أحمد منصور:
إني سأفرم أي قوة ستعمل ضد بلدي.
وطلعت مظاهرات: افرم افرم يا سادات.
جيهان السادات:
افرم يا سادات. صح.
أحمد منصور:
طبعاً بالمفهوم الديمقراطي أن يبدأ السادات عهد جديد أو ثورة جديدة بالفرم!!
جيهان السادات:
أيوه. والله يا فندم يعني هو طلع للشعب، وقال كل القصة تلقائية من قلبه وبالضبط اللي حصل إيه إيه إيه، يعني وتقدر ترجع لها في التليفزيون هذه الخطبة أنا كنت رايحه على قصر الطاهرة هو بعد ما.. هو مشي من البيت هنا بقى ساب البيت وراح على قصر الطاهرة، فلما راح أنا خدت بعضي وحصلته بعدين، يعني هو قبلها بليلة راح بات هناك، وأنا تاني يوم رحت، وأنا رايحة لقيت أنا نفسي بقيت شايفة المظاهرات وعليها مفرمة كبيرة: افرم يا سادات. فيعني الشعب كان معاه، دي دليل على إن مش ضد الديمقراطية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما إحنا يا فندم عارفين المظاهرات دي بتطلع إزاي.
جيهان السادات:
بتطلع تلقائية، ده الشعب اللي كان طالع وبيقول له: افرمهم لأنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لأ ده إحنا في سنة 2000، يا فندم إحنا في سنة 2000، الآن يعني كثير من الحقائق ظهرت إلى الناس، وأدرك الناس كيف كانت ترتب هذه المظاهرات.
جيهان السادات:
لا والله أبداً، ارجع للمسؤولين وشوف..
أحمد منصور:
ما هم المسؤولين اللي كانوا بيرتبوها.
جيهان السادات:
أيام عبد الناصر أيوه كانت بترتب أيام الاتحاد الاشتراكي.
أحمد منصور:
وأيام السادات أيضاً، لأن هم هما هم..
جيهان السادات:
لا لا لا.
أحمد منصور:
الاتحاد الاشتراكي باقي، نفس أسلوب نظام الحكم نفس.. كل شيء هو هو.
جيهان السادات:
(7/278)
لا لا الاتحاد الاشتراكي مش باقي، والاتحاد الاشتراكي أنور السادات شاله وجاب الحزب الوطني.
أحمد منصور:
76، إحنا لسه الآن في 71.
جيهان السادات:
بقى الاتحاد الاشتراكي اللي هو مع 15 مايو كان هيقوم يطلع مظاهرات.
أحمد منصور:
لأ.. ترتيبات أخرى.
جيهان السادات:
ده الاتحاد الاشتراكي رئيسه كان محطوط تحت الإقامة.
أحمد منصور:
عبد المحسن أبو النور.
جيهان السادات:
عبد المحسن أبو النور، بالظبط، فالاتحاد الاشتراكي ما كنش عنده أوامر أبداً يطلع ضد السادات، بالعكس ده اللي طلع الشعب.
أحمد منصور:
أقصد..، تحريك هذا الشعب يتم دائماً من قبل جهات معينة، والآن السادات أصبحت السلطة في إيده، وأصبح يهدد بالفرم، ودول طلعوا يؤكدوا قضية الفرم، كالعادة يعني.
جيهان السادات:
لأ.. لأ.. لأ، دي الناس..
أحمد منصور:
يعني لقب (هأفرم) دي السادات استخدمها كثيراً في تلك المرحلة، "أي حد هيعمل حاجة ضد مصر أنا هأفرمه"، أي حد كذا، فطلعت بقت بداية عهد الفرم والمفرمة!!
جيهان السادات:
أيوه، بس فرم حد بقى؟! حتى اللي كانوا عايزين يقتلوه وياخدوه يعملوا المؤامرة فرمهم؟! حدد إقامتهم فترة، وبعدين طلعوا بعد كده، لكن مافرمش حد، إنما كان لازم يُوري قوة علشان الناس اللي تجرؤ إنها تعمل حاجة ضد البلد لازم يكون قوي قدامهم يعني.
أحمد منصور:
(7/279)
أطلق السادات على 15 مايو (ثورة 15 مايو) واعتبرها عملية تصحيح لثورة يوليو، وتحدث عن ثورة يوليو باتهامات كثيرة منها ما ذكره في صفحة 289 في "البحث عن الذات" بأنه "بقدر ما كانت ثورة يوليو عظيمة.. عملاقة في إنجازاتها، كانت أيضاً عملاقة في أخطائها"، وتحدث أيضاً عما سببته الثورة أو ما حدث في عهد عبد الناصر من انتكاسات، وأشار إلى أن هناك أشياء أساسية ثلاثة أدت إلى استنزاف ثروة مصر، الوحدة مع سوريا، حرب اليمن، هزيمة 67، الوحدة مع سوريا وحرب اليمن السادات كان له دور أساسي في هاتين الحادثتين أو هاتين الـ..، شيئين تاريخيين أساسيين في تاريخ مصر، ولم يحمل نفسه المسؤولية، وإنما حمل الآخرين المسؤولية في هذا الأمر. أنا أريد أنتقل إلى محور هام الآن، وهو محور العلاقات مع السوفييت في تلك المرحلة ومتابعة..
جيهان السادات:
لأ.. قبل محور العلاقات تسمح لي أرد على..
أحمد منصور:
اتفضلي يا فندم.
جيهان السادات:
إن كان دوره أساسي في الوحدة مع سوريا، دوره أساسي إنه راح يرتب لها، لكن مالوش دعوة بالأخطاء اللي بعد كده وقعت، والاستنزاف اللي حصل ده مش شغله ومش هو الأساسي، هو ساهم في الأول..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هو جزء من السلطة والحكم.
جيهان السادات:
ما هو جزء من السلطة.
أحمد منصور:
وهو وقع على وثيقة الوحدة مع سوريا.
جيهان السادات:
أيوه وقع فعلاً.
أحمد منصور:
وهو الذي دفع السادات.. دفع عبد الناصر إلى أن يدخل في اليمن حينما جاءه..
جيهان السادات:
مادفعوش والله، يعني عبد الناصر كان عاوزها، وأنور السادات صلته بأحد اليمنيين اللي كان بيدي له الأخبار وكده، لكن هو من الأول ترتيب..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
دكتور عبد الرحمن البيضاني.
جيهان السادات]مستأنفةً:[
(7/280)
أيوه، هو من الأول ترتيب لعبد الناصر في إنه عايز دي، وأنور السادات بيدي له صورة، لكن الأخطاء اللي تقع ليست من أخطاء أنور السادات، مش هو يعني أما يكون فيه أخطاء في التنفيذ ما نحملهاش على أنور السادات، ومع هذا لو تذكر حضرتك بعد عبد الناصر هو قال أنا مسؤول عن حاجات كتير حتى هو ماكنش مسؤول عنها، لأنه ماحبش يتنصل من المسؤولية.
أحمد منصور:
هو قضية أنا مسؤول ويبقى كما هو، والأشياء واقعة تماماً كما قال عبد الناصر: أنا أتحمل مسؤولية الهزيمة، ولكن ماذا بعد؟ يعني كلمة امتص بها غضب الشعب وانتهت القصة يعني.
جيهان السادات:
يعني مش للدرجة دي.
أحمد منصور:
أنتقل إلى العلاقة مع السوفييت وهذه تمثل أيضاً من النقاط الأساسية والهامة، لاسيما بعدما انتهى من تصفية خصومه السياسيين في 15 مايو.
بدأ العلاقة مع السوفييت بدأ يكون فيها شيء..، شكل من أشكال التوتر إلى أن وصلت إلى 16 يوليو 72 حينما أعلن طرد الخبراء السوفيت.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
ما معلوماتك عن هذا الأمر؟
جيهان السادات:
أبداً معلوماتي إنه كان بيسافر روسيا كتير جداً، وبيحاول يجيب سلاح، وبيرجع مكتئب وحزين، وما أدلوش الوعود اللي بيوعدوها الروس دول ما عندهمش أبداً وعد بيلتزموا به، فكان يعني كل زيارة بيرجع حزين، لكن مش عايز ييأس لأنه بيحضر لحرب 73، إلى أن جه في وقت من الأوقات لقى إن مافيش بقى، مافيش حاجة.. ما بيعملوش حاجة، فاضطر يشيل الخبرا الروس، وخصوصاً إنه كان تقريباً اكتمل الاستعداد للمعركة، ومش عاوز إن هم يبقوا معاه في أثناء الحرب، وإلا هاتطلع بعد كده إن هم اللي حاربوا لنا وهم اللي انتصروا لنا وهم..، وهو كان واثق في الانتصار من كتر الترتيب اللي كان عامله وبيمهد له للحرب.
أحمد منصور:
(7/281)
تسمحي لي قراءة الأحداث في ذلك.. في تلك المرحلة من خلال مصادر كثيرة، أنا طوال عام كامل رجعت إلى أكثر من أربعين كتاباً معظمها مذكرات لبعض الشخصيات التي كانت قريبة، وكان مرجعيَّ الرئيسيين كتابك، سيرتك الذاتية، وسيرة الرئيس السادات وما كتب في تلك المرحلة. كل المؤشرات تشير إلى اتجاه آخر يختلف عن ذلك، لأن في الوقت اللي لو السادات فيه حريص على السوفييت ولم يكن له علاقة إلا بهم، والعلاقات كانت مقطوعة بالأميركان ما كان يتخذ هذا القرار الخطير في 16 يوليو 72 بطرد الخبراء الأميركان. السادات بدأ بعلاقاته..
جيهان السادات[مقاطعةً]:
الروس.
أحمد منصور]مستأنفاً:[
الروس عفواً، السادات بدأ بعلاقاته مع الأميركان بشكل مبكر جداً من حكمه، وكان هناك اتصالات سرية معهم في محاولة لاستعادة العلاقات مع الأميركان بشكل قوي، كان هناك اتصالات كانت بتتم ما بين المشير –كان- أحمد إسماعيل علي كان فريق وكان رئيس للمخابرات في ذلك الوقت وما بين مندوب المخابرات الأميركية في السفارة الأميركية هنا، وكان اسمه (يوجن ترون)، ده بدأت في بداية العام 71، أيضاً بدأ الاتصالات حضور مندوب الرئيس الأميركي إلى جنازة عبد الناصر كان بداية أيضاً لبداية ترتيب علاقات واتصالات ما بين السادات وما بين الأميركان اللي هو الوزير (ريتشارد دسون). حرص أيضاً الرئيس السادات على إنه يلقي خطاب في 4 فبراير 71 أثار هزة كبيرة جداً، وفاجأ –حتى المقربين منه- بالأشياء التي أعلنها هذا الخطاب، وهو أن –وكان الخطاب أمام مجلس الشعب- قال: إذا انسحبت إسرائيل من ضفة القناة إلى المضايق فإننا على استعداد لفتح قناة السويس.
جيهان السادات:
قناة السويس.
أحمد منصور:
(7/282)
هناك ميل مبكر من السادات لترتيب تسوية مع إسرائيل، لترتيب علاقات مع الأميركان، يقال هنا أيضاً إن علاقة السادات كانت متوطدة جداً بشكل أساسي مع رئيس المخابرات السعودية في ذلك الوقت الذي أشرنا له من قبل، وكان يقوم باتصال دائم معه، وكان يتردد على مصر بشكل أساسي..
جيهان السادات]مقاطعةً:[
آه هأقول لحضرتك.
أحمد منصور]مستأنفاً:[
وبدأ يكون عندكم هنا في البيت جهاز اتصال مباشر يربط السادات بالملك فيصل، وعلاقة المخابرات الأميركية أو الولايات المتحدة بالسعودية كانت أقوى في ذلك الوقت من علاقتها بمصر، ولعبوا دور في هذه الترتيبات. هذا مجمل سريع، وأترك لحضرتك التعليق التام عليه.
جيهان السادات:
حضرتك بتديني 300 سؤال في دقيقة واحدة، أولاً كل ده..
أحمد منصور:
هو سؤال واحد لكن دي أدلة عليه..
جيهان السادات:
كل هذا خطأ، أولاً وجود (ريشارد سون) في جنازة عبد الناصر ده لابد يجي مندوب يمثل الولايات المتحدة، هذا ليس معناه إن فيه صلة بينه وبين أنور السادات. أحمد إسماعيل ماكنش على اتصال برئيس المخابرات الأميركية، الرجل وطني وطني وطني لأقصى حد، تشهد..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
ده بترتيب من السادات.
جيهان السادات:
لا.. أبداً لم يحدث.
أحمد منصور:
وهو كان رئيس المخابرات المصرية.
جيهان السادات:
معلش هو كان رئيس المخابرات..
أحمد منصور:
وأجهزة تتصل بعضها بشكل رسمي.
جيهان السادات:
معلش، أنور السادات لم يتصل.. هأقول لحضرتك هذا خطأ، ليه؟ لأن أنور السادات ما اتصلش أبداً إلا بعد 73 ما انتهت.. بالأميركان، وأنا سألته نفس السؤال، أنا سألته لما طرد الخبرا الروس الشعب كان فرحان دا أنا فاكره خارجه من.. كنا في المعمورة وخارجة والناس عاملة مظاهرات قلت له: ده في مظاهرات في الشارع فرحانة بطرد الروس.
(7/283)
أنا بقى زوجته بأقول له: طيب فتحت سكة مع الأميركان؟ بتطرد الروس وأنت مش فاتح مع الأميركان طب ده حتى كانت فرصة..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
ما هو كان فاتح سكة سرية، وكان كمال أدهم بيلعب دور رئيسي فيها.
جيهان السادات:
لا.. يا أفندم.. لا يافندم، لأ.. هذا خطأ وخطأ جسيم في حق أنور السادات.
أحمد منصور:
الأحداث والمقابلات كلها في تلك المرحلة.
جيهان السادات:
أولاً.. كمال أدهم.
أحمد منصور:
المبادرة التي أعلنها في 4 فبراير.
جيهان السادات:
كمال أدهم صلته بأنور السادات صلة ليست بالوطادة اللي حضرتك بتقول عليها، ليست وطيدة بهذه الدرجة، ده كان مندوب بيجي من الملك فيصل، ما كانش عندنا جهاز هنا في البيت يتصل بالملك فيصل Direct زي ما حضرتك بتقول، هذا خطأ.
أحمد منصور:
هيكل أشار إلى ذلك في كتابه أيضاً، وأكد إن طُلب منه أن يكون هذا الجهاز في بيته هو، ولكنه رفض.
جيهان السادات:
ممكن يكون في بيت هيكل، ما كنش في بيتنا إحنا..
أحمد منصور:
لأ هو رفض هيكل، رفض هيكل وقال إن رئيس المخابرات أبلغه إن فيه إشارة بتطلع وعرف إن هذا كان بيتم من الرئيس السادات.
جيهان السادات:
لا لأ هذا خطأ –أيضاً- من هيكل، لأن أنا هنا صاحبة البيت وما عندناش جهاز، أنور السادات كان بيتصل بالملك فيصل بالتليفون اللي موجود الـ B.B.X اللي جانب السرير، وليس يعني مش كل واحد يدعي حاجة نصدقها، الحاجة التانية..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
ما المانع؟ ما المانع إذا مصلحة مصر تقتضي علاقة مع الأميركان..؟
جيهان السادات:
ما هو أنا بأقول لك، أنا في البيت لما تقول لي جهاز في البيت أقول لك: لأ، هذا غير صحيح وإدعاء، طب هو مش هيكل ادعى إن..
أحمد منصور:
ده بيت رئيس الجمهورية يا فندم، مش بيت جيهان السادات الشخصي.
جيهان السادات:
يا أفندم ما أنا زوجة رئيس الجمهورية، مانيش واحدة هنا مراقبة من بعيد، ده أنا في البيت.
أحمد منصور:
(7/284)
كل صغيرة وكبيرة في البيت؟
جيهان السادات:
نعم؟!
أحمد منصور:
كل صغيرة وكبيرة في البيت؟
جيهان السادات:
طبعاً طبعاً دي مملكتي.
أحمد منصور:
ما المانع أن يكون هناك جهاز، وهناك اتصالات للرئيس بدول أخرى؟
جيهان السادات:
ولا مانع، لكن لم يكن هناك جهاز، يعني لو كان فيه جهاز كنت أقول لك: أيوه فيه جهاز للاتصال بينه وبين..، لكن لم يحدث هذا ما هو مش كل حد يدعي حاجة، هو يعني لما هيكل ادعى إنه أنا دخلت.. كنت في الطيارة مع أنور السادات لم اتضرب وجيت هنا، وسبته في المطار ودخلت هنا، هل هذا حقيقي؟ وهل هذا يعقل؟ إن أسيب جوزي ينزف وأنزل هنا أتكلم في تليفونات؟! تلفونين لأميركا!! وشافهم منين؟ وسمعهم منين؟ يعني كلام غير عادي أو غير مقبول إن الإنسان يصدقه. صدقني يعني أنا بأقول لك الحقيقة، لم يكن هنا جهاز، وكان اتصاله بالملك فيصل اتصال مباشر، ونادر لما كان يجي..
أحمد منصور:
كمال أدهم.
جيهان السادات:
كمال أدهم برسالة، نادر، وكان دايماً بيجي و أشرف مروان موجود ما كان.. دايماً بيكون معاه، فمافيش حاجات من دي أبداً إلا تكهنات من ناس مغرضة، أو لا تحب أنور السادات فعايزة تلزق له حاجة، بصراحة.
أحمد منصور:
مش تلزيق، إحنا هنا بنقول: إن إذا من مصلحة الدولة..
جيهان السادات[مقاطعةً]:
ما أنت بتقول لي فيه جهاز بأقول لك: لأ، ليس هناك جهاز، يبقى ده تلزيق أو لأ؟
أحمد منصور:
إذا من مصلحة الدولة.. إذا من مصلحة الدولة أن يغير الرئيس توجهه من السوفييت إلى الأميركان، ويقوم بهذه الترتيبات.
جيهان السادات:
يعملها وأنور السادات ميزته كان واضح ما بيخبيش حاجة.
أحمد منصور:
ما إحنا بنقول إن هو عملها و إن دي خطوات تمت.
جيهان السادات:
(7/285)
لأ ما عملهاش قبل حرب أكتوبر نهائي، نهائي، الاتصال جه في حرب.. في أثناء الحرب، أول مرة يتفتح عليه حديث من دكتور (كيسنجر) هنا هو أيام الحرب، بعديها، بعد الحرب ما بدأت بشوية، لكن قبل كده أبداً، ولا كان اتصال بأميركا.
أحمد منصور:
ألم يكن طرد السوفييت في 16 يوليو 72 غزل أيضاً للسوفييت توقع منه السادات أن يكون هناك.. للأميركان..
جيهان السادات[مقاطعةً]:
طب ما استفدش منه ليه؟!
أحمد منصور:
عفواً.. للأميركان.. الأميركان ماردوش لأن هو لم يرتب معهم هذا الأمر.
جيهان السادات:
عارف.. لا لا لا لا، كانوا يتمنوا.
أحمد منصور:
ودائماً يقال أن الرئيس السادات كان يفعل الشيء ولا يرتب المقابل، كان ينتظر أن.. حتى في المفاوضات كما سنأتي ليها فيما بعد.
جيهان السادات:
مارتبش، ماهو ده دليل إنه مارتبش معاهم إن أنا زوجته بأقول له: طب ماعملتش معاهم ليه اتصال حتى يعني ما استفدتش ليه بخروج..
أحمد منصور:
يعني فعلاً قلتِ له هذا؟
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
وكنت تتوقعي إنه بيفعل هذا..؟
جيهان السادات:
أنا قلت له: ليه ما استفتدتش بخروج الخبرا إنك تعمل علاقة طيبة بأميركا مثلاً أو تستفيد من الأميركان بدي، حاجة مقابل حاجة لصالح البلد؟
قال لي: مش أنا يا جيهان أنت مراتي –والله والله بأقول لك باللفظ- قال لي: أنت مراتي وأقرب الناس ليه، لسه مش فهماني لغاية دلوقتي معقولة؟!
أنا ما بخرجش الروس عشان أبسط الأميركان، أنا بأعمل الصح لبلدي، وبس، بعديها لما قامت الحرب بفترة، ولما (كيسنجر) تدخل وابتدوا يتصلوا به ابتدا يتصل بالأميركان، وقبل هذا لم يحدث أي اتصال لا من خلال مخابرات ولا من خلال شيء آخر نهائي، وكل هذا ادعاء على أنور السادات، صدقني أنا بأقول لك اللي قدامي.
أحمد منصور:
أنا بأنقل لك الوقائع..
جيهان السادات[مقاطعةً]:
ولو كان فيه حاجة كنت أقول لك أيوه لصالح بلدي مثلاً.
أحمد منصور:
(7/286)
أنا أنقل لك الوقائع والأحداث، وأترك لك الفرصة تامة..
جيهان السادات:
صح.. مظبوط.
أحمد منصور:
لكي تبدي رأيك باعتبارك أكثر الناس صلة..
جيهان السادات:
شايفة وعارفة.. مظبوط.
أحمد منصور:
وثقة السادات، لكن أيضاً ليس بالضرورة أن تعرفِ كل صغيرة وكبيرة في حياته.
جيهان السادات:
صحيح لكن فيه حاجات يعني لما تقول لي جهاز في البيت يعني ما هو مش invisible.. يعني جهاز بقى ما بيبانش.. ما بيتشافش..، لأ كنت هأشوفه، وده في أودة النوم عندنا مثلاً، يعني..
أحمد منصور:
يعني من المفروض أن هناك كثير من الرؤساء بينهم خط ساخن، ما المانع أن يكون هناك خط ساخن؟
جيهان السادات:
ما هو الخط الساخن through.. يعني من خلال حاجة اسمها C.B.. اسمه إيه؟ إيه؟ B.B.X بالظبط تليفون B.B.X كان جانب السرير، ده الخط الساخن اللي بينه وبين رؤساء العالم كله، لما يرفعه يقدر يتصل بأي رئيس، هو ده بس الوحيد اللي كان عندنا.
أحمد منصور:
في الفترة هذه، فترة 72 لم يحدث أن توترت العلاقة بين السادات وتصلحت بينه وبين أي رئيس، زي العلاقة بينه وبين القذافي، كان دايماً في شد وجذب عجيب جداً.
جيهان السادات:
صحيح.
أحمد منصور:
وتركت أثر عجيب في هذا الأمر، وأنتِ كنتِ متابعة لهذا الأمر، وألمحتِ له أيضاً في مذكراتك، وكذلك ألمح له السادات، وكلنا –يعني إحنا جيل صغير- لكن كنا نعايش حتى بعض المسلسلات والنكات وهذه الأشياء.
جيهان السادات:
نعم، صحيح صحيح.
أحمد منصور:
هذه العلاقة كيف أنتِ كنتِ تتابعيها مع السادات؟ وكيف تأثيرها على ميزاجياته؟
جيهان السادات:
(7/287)
واللهِ السادات كان يحب القذافي جداً صراحة، ويعني القذافي كان له حاجات يعني غريبة شوية، يعني مثلاً نبص نلاقينا إحنا قاعدين كده، يقولوا لنا: القذافي في طريقه لهنا. وطبعاً ده رئيس دولة، لازم يطلع ومعاه زوجته مثلاً، لازم نطلع إحنا الاتنين نقابله، القذافي جاي لوحده، يطلع له الرئيس السادات يقابله، يعني فيه حاجات مثلاً زي يوم ما حضر مؤتمر المرأة، وقال فيه كلام كده غريب جداً، وحتى النساء كلهم استاؤوا.
أحمد منصور:
زي إيه؟
جيهان السادات:
جه حضر، كان بيحضَّر للوحدة، وقال لي: أنا عايز أحضر مؤتمر نسائي، قلت له: حاضر، وكلمت أمينة المرأة، وقلت لها: يعني الرئيس معمر عايز يحضر مؤتمر، فجه، حضرت له هي مؤتمر، ورحنا حضرنا، وكانت أنا قاعدة،وكان على يميني حرم الرئيس القذافي، وعلى يساري حرم سيد مرعي، وقاعدين والرئيس السادات قاعد والقذافي، وطلب تختة.. سبورة تتحط على.. المنصة، وجابوا له سبورة وحطها وقعد كتب واحد واتين وتلاتة، يعني إزاي المرأة أنتو بتطالبوا بحقوق، وانتو إزاي المرأة لما يبقى عندها العادة الشهرية تشتغل إزاي، وطبعاً هو قال الكلمة دي، وإحنا كلنا يعني حصل لنا هلع!! الحاجة التانية: إزاي تكون حامل وتخش معركة، وتطالب بحقوقها، وتخش انتخابات وهي حامل؟!
تالت حاجة مش عارفة إيه.. حاجات كده غريبة يعني، فحتى قامت أمينة السعيد الله يرحمها، وقالت له: أنا لا بتجيلي عادة أنا ست كبيرة، ولا حامل، ولا بأحمل، لكن بأشارك في بناء بلدي، وأنا ست لي دوري وبألعب دوري.
فالمهم خلص المؤتمر والستات بتغلي وكلنا منهارين، وكنا ساعتها في استراحة القناطر الخيرية.
أحمد منصور:
نعم.
جيهان السادات:
(7/288)
فخرجنا من الـ.. أنا طبعاً طول الوقت أطبطب على مرات القذافي، لأن الستات عمالين.. يعني هيجان في الصالة ضده، وأنا عمالة أطبطب عليها، وأقول لها: مالناش دعوة هم بيتكلموا وهو بيرد عليهم، مالكيش دعوة أنتِ، يعني وهي قاعدة يعني ساكتة لكن.. يعني متضايقة.
أحمد منصور:
وماذا كان رد فعلكم على ما يطرحه الرئيس القذافي من مثل هذه الأفكار التي تعتبر يعني تناقض توجهاتكم أنتم؟
جيهان السادات:
طبعاً، وتناقض دور المرأة يعني بقوا يقولوا: عايز يعمل وحدة معانا إزاي ويمحي دورنا كمرأة من المجتمع خالص، والمرأة مالهاش إلا البيت وتربية الأولاد ولا تخرج عن هذا؟! طبعاً إحنا.. ركبت العربية أنا وأنور، ورحنا على استراحة القناطر، وطول السكة يضحك هو على اللي كتبه على التختة، وأنا أقول له: بتضحك!! بس دا الستات، يقول لي ما أنا بقيت شايف الستات.. ثايرة وعمالة ترد وأنتِ محرجة وعمالة تطبطبي على الست جنبك، فكان مشهد قدامي، يعني كنت ماسك نفسي بالعافية، فلما ركب العربية ابتدا يطلّع كل اللي عنده بالضحك، إحنا وصلنا البيت اتغدينا وطلعنا نريح شوية بعد الغداء، وإذا بتليفون برضو القذافي في طريقه بعد عشر دقايق هيكون في القناطر، يعني.. كان..
أحمد منصور:
وراكم يعني!!
جيهان السادات:
نعم؟
أحمد منصور:
وراكم وراكم!!
جيهان السادات:
ورانا آه بالظبط، فرحت بسرعة لابسة في ثانية وهو أنور هادي، يعني مش زيي أنا من النوع اللي بسرعة يعني، فهو على بال ما يلبس قُلت عشان أمّا يوصل يلاقيني في استقباله ما يخشش لوحده يعني ما يصحِّش، فجه ويعني دخل فعلاً وعلى بال ما نزل أنور بعديَّا بدقيقتين تلاتة، وقعد بقى قال لي: يعني أولاً:..
(7/289)
قلت له أولاً: أنا زعلانة مِنَّك، إزاي تتهمنا إحنا وكأننا يعني بقرة مثلاً في الغيط لها.. بتحرت الغيط وبس؟! دا البقرة تزعل لو اتهمتها باللي أنت قُلته يعني، برضو البقرة لها دور في الغيط، فقال لي: إزاي كده؟! قلت له: والله يعني أنت زعلتنا خالص، إحنا نصف المجتمع، ولمَّا تقول علينا كده يعني أكنك مش داريان بالدور اللي بتقوم به المرأة، والمرأة.. وفيه وقفوا ستات كتير وقالوا له وأنا قُلت له: المرأة كانت بتلعب دور في صدر الإسلام، فيعني مش إن إحنا بنخترع حاجة يعني، فقام قال: وعلى فكرة أمينة السعيد كمان ست مش كويسة، قلت له ليه؟ وإحنا قاعدين أنا وأنور وهو بس، قُلت له ليه مش كويسة ليه؟ دي ست يعني مثل لينا، قال لي: بتشرب سجاير، قُلت له: يا سلام!! وضحكت، هل معقوله بتشرب سجاير دي حاجة تشينها..، قال: لأ.. فيه حاجات أكتر من كده بقى مش هأقولها، قلت له: إيه..؟ لأ.. قول، قال:
حاجات أكتر، قلت له: أيه؟ قال لي: بتشرب خمرة ساعات، قلت له: والله دي حُرية شخصية، قُلت له: يا سيادة الريس مجلس الثورة بتاعك بيشرب خمرة، وأنا أقصد جلَّود وغيره، يعني معاه بيشربوا، ومعروف إنهم بيشربوا، فقلت له: يعني أنت بتقول عليها بتشرب ودي حاجة جريمة، ما أنت عندك الرجالة بتوعك اللي حواليك بيشربوا برضو!! فسكت ما علَّقش، وقعد بقى يتكلم مع أنور، وسبتهم أنا وطلعت بقى يعني..
أحمد منصور:
يعني هنا.. يعني هذه صورة من الصور التي كانت تحدث ليس فيها شيء يتعلق مباشرة بالرئيس السادات، هل كان هناك أشياء تتعلق بصدامات مباشرة بين القذافي وبين السادات كانت تؤدي إلى القطيعة الدائمة التي كانت بينهم، أو أن يُدفع الإعلام المصري إلى أنه يعمل مسلسلات ونكاته والإعلام..
جيهان السادات:
لأ، الإعلام المصري بيعمل، بيقول اللي بيقوله، بس يعني أنور السادات..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بتوجهيات عُليا.
جيهان السادات[مستأنفةً]:
(7/290)
لأ، توجيهات لأ، هأقول لحضرتك -والله صدقني- لا توجيهات ولا حاجة، الصحافة حرة، بتتكلم زي ما هي عارفة، وبعدين الصحفي بطبعه بيقى حساس وعنده شفافية وحساسية.
أحمد منصور:
مش رئيس دولة يا أفندم، يعني رئيس دولة.. عند رئيس دولة دايماً فيه خطوط حمراء، يعني ممكن.. ممكن أن تحدث عملية النكات أو الكاريكاتير أو شيء إنما أن يمس رئيس دولة، ورئيس دولة مجاورة هذه فيها خطوط حمراء لا تتم إلا بإشارة من جهات عُليا عادة ما يكون رئيس الجمهورية.
جيهان السادات:
لا والله، صدقني يعني هو أنور السادات لما يبقى مؤتمر زي ده نسائي ويبقى فيه صحفيين حاضرين مش هيطلعوا يكتبوا ويتريقوا؟ يعني دي حاجة كانت قمة الشيء الـ.. وأنور السادات هيقيدهم ويقول لهم ما تكتبوش؟! لأ، يعني كان سايب حرية يكتبوا اللي عايزيينه.
أحمد منصور:
بدأ الإعداد لحرب أكتوبر في هذه المرحلة، الرئيس كان أعلن 71 (عام الحسم) ولم يكن عام الحسم.
جيهان السادات:
بالظبط.
أحمد منصور:
كان حدد الموعد الأول لحرب أكتوبر في نوفمبر 72..
جيهان السادات:
صحيح.
أحمد منصور:
وعدل بعد ذلك الأمر، وبدأت عملية الإعداد.
جيهان السادات:
صحيح.
أحمد منصور:
ما هي الأجواء التي سبقت إعداد حرب أكتوبر بالنسبة لكِ وللسادات وشعورك بأن هناك حرب قادمة؟
جيهان السادات:
طبعاً شعوري بإن حرب قادمة وخصوصاً زي ما حضرتك قُلت أعلنها، والنُكت اللي كانت تطلع إن هو مش هيحارب وكان هو في غاية الـ.. يعني عارف حضرتك اللي هو أنت مكتفه ومش قادر يقول إن أنا ما باخدش سلاح كفاية من روسيا، ومش مستعد لسه للمعركة، ومش هاخش المعركة إلا وأنا على أتم الاستعداد. وفي نفس الوقت الشعب عمال تطلع ساعات نُكت، وساعات قفشة، وساعات تريقة على أساس إنه مش هيحارب، في نفس الوقت هو بيعد إعداد كامل، فكان دايماً باجتماعات هنا في البيت لقيادات، ينزل يلبس البدلة العسكرية كان وينزل للقيادات وللظباط.
(7/291)
أحمد منصور:
كان مغرماً بها.
جيهان السادات:
جداً، كان بينزل بالبدلة يقول: أنا رايح لهم فبأبقى لابس نفس الزي بتاعهم، حتى لمّا كان يروح للبحرية كان يلبس لهم البحرية الأبيض، على أساس إنه واحد منهم، القائد بتاعهم، يعني لابس نفس الزي. فكان ينزل لهم القواعد العسكرية، يقابلهم هنا، كان فيه جنبنا، المبنى اللي جنبنا كان سكرتارية، عاملينه سكرتارية فكان بيقابل فيه أمَّا يكون أعداد كبيرة لأنه أوسع من هنا، يعني كان كل الجو مشحون إن فيه حرب قايمة، قايمة.. إمتى؟ مانعرفش.
أحمد منصور:
لكن أنتِ دايماً كنتِ تقولي -عفواً- في كتابك: "لقد ترامي إلى مسامعي" وكأنكي كنت تتابعين كثيراً من هذه الاجتماعات.
جيهان السادات:
لأ، أنا كنت شايفة بنفسي الاجتماعات، شايفاها بتحصل في البيت، وبعدين دا أنا مرة كرئيس مجلس شعبي لمحافظة المنوفية واحد جالي.. واحدة جت لي وقالت لي: أنا جوزي راح الجبهة وودعنا علشان فيه حرب وودعنا، خلاص يعني إن فيه حرب وقال: مش عارف هأشوفكوا تاني أو لأ. فأنا يومها يعني في نفسي اتاخدت بصراحة، فقلت لها لأ، دا بس بيتدلع عليكي، وأي كلام يعني، وتنّي جايه، وقُلت لأنور، قلت له: يعني إذا كان فيه حرب فعلاً وابتدت تتسرب دي خطورة فظيعة جداً، دي واحدة بتقول لي جوزها راح الجبهة وبيودعها. فبرضو ضحك وهز راسه وقال: لا دي.. دا بس تلاقيه زي ما أنتِ قُلت لها كده عاوز..
أحمد منصور:
يعني لم يكن يخبرك؟
جيهان السادات:
أفندم؟!
أحمد منصور:
لم يكن السادات يقول لكِ فعلاً هناك حرب، وهناك تخطيط وكذا و..؟
جيهان السادات:
لا والله أبداً.. والله لم يحدث.
أحمد منصور:
ولم تكوني تعلمي من خلال الاجتماعات، من خلال..
جيهان السادات:
لا لا، لا من خلال الاجتماعات عارفة إن فيه حاجة قُريبة.. عارفة.. الاجتماعات زادت والنزول زاد، والتحضير بقى على أشده.
أحمد منصور:
ومصادرك في المعلومات؟
جيهان السادات:
(7/292)
لأ.. أبداً.. أبداً.. نهائي.. نهائي ما فيش مصادر غير عارفة إن جوزي بيحضر للحرب، وعارفة إن جوزي مش من النوع المتسرع بياخد كل الأمور بهدوء بدليل التمويهات اللي عاملها، وبدليل البعثة اللي بعتها تحج، وبدليل الحاجات اللي عملها دي، والمناورات اللي كانت بتحصل في الجبهة، واليهود يروحوا مستعدين وبعدين يبصوا يلاقوا مناورات، لغاية حتى يوم 6 أكتوبر لمّا قامت فاكرينها مناورة من المناورات؟
أحمد منصور:
لأن كانت للمرة الثالثة يقوم بمناورات.
جيهان السادات:
بالظبط.. تالت مرة.
أحمد منصور:
طبعاً سبق عملية الإعداد للحرب تحرك خارجي واسع، مؤتمر الوحدة الإفريقية الذي عُقد في أديس أبابا في مايو 73، استطاعت مصر من خلاله أن تدفع حوالي 80% من الدول الإفريقية أن تقطع علاقاتها بإسرائيل اُنفق مبالغ هائلة عشرات الملايين من الجنيهات على عملية إعداد الجبهة.
جيهان السادات:
أكيد.
أحمد منصور:
في أغسطس 73 قام الرئيس السادات بزيارة للسعودية وقطر وسوريا في عملية تمهيد أخيرة للحرب التي وقعت في السادس من أكتوبر.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
مثل هذه التحركات كنت أنتِ على صعيد أنكِ زوجة الرئيس ومهتمة بأشياء كثيرة بالذات تحركاته وما يحدث في البلد، كان دورك إيه وتفسيرك أيه لمثل هذه الأمور؟
جيهان السادات:
لأ.. زوجة وعارفة إن جوزي بيحضر للحرب بلا شك يعني، مانيش مش خافي عليَّه، ولما يروح أولاً سوريا دي.. سوريا كانت معانا يعني وبتستعد زينا وكده، يعني أما يزور الزيارات دي وأكيد رايح السعودية، أكيد مثلاً يمكن للبترول، يعني أكيد فيه حاجات يعني خاصة بالحرب أكيد يعني، بس ما كنتش بأسأله، تستغرب حضرتك، والله عمري ما سألته على حاجة.
أحمد منصور:
اشمعنى دي وأنتِ كنتي قلقة عليه قبل كده وبتتابعي كل شيء بدقة.
جيهان السادات:
(7/293)
بأتابع كله و عارفة إن فيه حرب، لكن مش هأسأله لأن مش هيقول لي ساعة الصفر، مش هيقولها لي وهو يعلم..
أحمد منصور]مقاطعاً:[
لكن ممكن يقول لك كل شيء إلا ساعة الصفر.
جيهان السادات:
لا، ولا كل شيء، لأن ما يهمنيش أنا الحاجات العسكرية أفهم فيها إيه؟ هيقول لي والله اللواء الفلاني على أتم الاستعداد و..
أحمد منصور:
ليس بالدقة هذه.
جيهان السادات:
والكتيبة الفلانية، لأ طبعاً.. نعم؟
أحمد منصور:
ليس بالشكل الدقيق العسكري وإنما بالشكل السياسي العام.
جيهان السادات:
لأ، ولا بالدقيق ولا غير دقيق..
أحمد منصور:
سر هام من أسرار الدولة تحرصي على أن تعرفيه.
جيهان السادات:
لأ، أنا هأقول لحضرتك بمنتهى الصراحة، أنا عارفة كنت الحرب إمتى من بس لما قال لي: حضري لي الشنطة أنا بايت برَّه. طب هو مش..
أحمد منصور:
يعني يوم 5 أكتوبر عرفتِ؟
جيهان السادات:
يوم 5 أكتوبر.
أحمد منصور:
عرفتِ إن فيه هناك حرب يوم 6 أكتوبر؟
جيهان السادات:
عرفت إن فيه يا بُكره يا بعده يا بعده، الأيام القليلة القادمة هي دي الحرب. عرفتها طبعاً.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أبدأ معكِ من يوم السادس من أكتوبر وحرب أكتوبر.
جيهان السادات:
إن شاء الله.
أحمد منصور:
ووقف إطلاق النار والثغرة، واتهام السادات بأنه مسؤول عنها.
جيهان السادات:
بالظبط.
أحمد منصور:
ثم بداية مفاوضاته مع كيسنجر.
جيهان السادات:
إن شاء الله.
أحمد منصور:
أشكرك شكراً جزيلاً.
جيهان السادات:
شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات. في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/294)
الحلقة7(7/295)
الثلاثاء 20/11/1421هـ الموافق 13/2/2001م، (آخر تحديث) الساعة: 21:22(مكة المكرمة)،18:22(غرينيتش)
جيهان السادات - الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- جيهان السادات، أرملة الرئيس المصري السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
19/02/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات. مرحباً بكِ يا أفندم.
جيهان السادات:
أهلاً، أهلاً.
أحمد منصور:
إحنا في الحلقة الماضية توقفنا عند حرب أكتوبر والإرهاصات التي سبقتها، وعملية الإعداد للحرب، ومعلوماتك عن ترتيبات الحرب وعن يوم الحرب أبلغتني أن الرئيس السادات لم يبلغك من قريب أو بعيد بموعد الحرب.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
لكن كيف عرفت أن الحرب ستقوم في السادس من أكتوبر؟
جيهان السادات:
(7/296)
عرفت حينما قال لي: حضري لي شنطة علشان هأبات برة. طبعاً هو مش متعود إنه يبات برة البيت أبداً، فأنا حسيتها طبعاً والمقابلات واضحة كانت بكثرة في الأيام الأخيرة، ونزوله للقواعد العسكرية والحاجات دي كلها، فطبعاً حسيت وفهمت، فكنا بنتمشى في الجنينة، فبأقول له.. الحقيقة حسيت دوري كزوجة عايزة تشجع جوزها اللي رايح الحرب، وزي ما كنت ما بألعب الدور ده في 67 وفي 73، فكنت بأروح للعساكر، وأرفع من معنوياتهم، فده جوزي بقى داخل حرب، فبأقول له، بأقول له: إن شاء الله ربنا هينصرك، لأنك أنت صاحب حق، والأرض بتاعتنا وأنت عايز تستردها، حتى لو فرض في أسوأ الفروض وربنا -لا قدر الله ما يورهناش أبداً- انهزمت، فعلى الأقل هُنحترم إنك حاولت إنك ترجع أرضك وما قدرتش لكن حاولت، ما استسلمتش يعني إن أرضك تبقى محتلة، وعمال تقول كلام وشعارات وبس، فأنت بتحاول قدر استطاعتك. فمرة واحدة وإحنا ماشيين وأنا عمالة أقول له: لكن أنت -إن شاء الله- ربنا هينصرك، بصيت لقيته وقف مرة واحدة في الحتة اللي بأقول له: حتى لو انهزمت فالعالم هيحترمك إنك حاولت، لقيته راح واقف مرة واحدة، وبص لي بثقة غريبة الشكل، وقال لي: أنا واثق -بإذن الله- أنا منتصر، فأنا.. أنا نفسي مراته اتخضيت.
أحمد منصور:
قبل الحرب بكام يوم؟
جيهان السادات:
بيوم واحد.
أحمد منصور:
يوم 5 أكتوبر.
جيهان السادات:
بوم 5 أكتوبر.
أحمد منصور:
في معلومامة هنا -قبل أن تكملي- أريد أن أستوضحها.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
أخبرتني أنه لم يكن يبيت خارج البيت.
جيهان السادات:
إلا نادراً.
أحمد منصور:
من المعروف إن الرئيس السادات ما كان يستقر في مكان واحد.
جيهان السادات:
لأ، إلا نادراً في سفر، يعني لما يكون مثلاً نازل لوجه بحري.. أو قصدي وجه قبلي، أو زيارة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أو إسكندرية أو مريوط، أو هذه الأماكن.
جيهان السادات [مستأنفة]:
(7/297)
أو إسكندرية..، آه، لأ الحاجات دي.. دي شغل بيروح وبيبقى بيقابل الحزب، وبيقابل المحافظ، وبيقابل رجال.. لأ دي عمل يعني في داخل البلد، لكن يبات برة بدون حاجة يعني لها سبب، لأ طبعاً، لأ طبعاً.
فالحقيقة أنا اندهشت من الثقة الشديدة اللي كانت عنده، ليه؟ لأن أنا الحقيقة غصب عني وجودي كان في الحرب أيام 67، واللي شفته في حرب 67 يعني كان مخليني عندي شيء من التخوف الداخلي اللي ما كنتش أبداً بأظهره أمامه، أبداً يعني الحقيقة.
أحمد منصور:
بدأت الحرب، أين كنت في الساعة الثانية وخمس دقائق وقت.. أو ساعة الصفر بالنسبة للمعركة؟
جيهان السادات:
كنت هنا في بيتي، وكان عندي مواعيد هنا، وكنت الحقيقة قاعدة على أعصابي، نفسي أسمع الأخبار، لكن مش قادرة أبداً أبين حتى ولا أظهر. إلى آخر معاد انتهى كان الساعة 2 تقريباً إلا شوية، فطلعت فوق وولعت راديو صغير كده، وقلت لهم: حد سمع أخبار يا ولاد؟ فالولاد قالوا لي: أبداً يا ماما وهي الأخبار دلوقتي؟ لسه الساعة اتنين ونص، فأنا سكت يعني حسيت إن أنا ما كانش يجب حتى إن أنا أقول كده..
أحمد منصور:
لكن معنى كده إنك كان عندك علم بالساعة تقريباً؟
جيهان السادات:
لأ، الساعة لأ، هأقول لحضرتك الساعة لأ، بس عايزة أسمع الاخبار، فيه حاجة، يعني أنا كان عند علمي أما ساب البيت إنها يا بكرة يا يوم 6 يا يوم 7، يا 8 بأكثر تقدير يعني، قلت مش هيمشي قبليها يعني بكذا يوم، لأ فيه يعني.. يعني حسبتها كده بالتقريب قلت مش هتزيد عن يومين تلاتة أبداً وهيبدأ.
أحد منصور:
بعد ذلك بدأت الحرب، واستمرت الحرب بمعدلها الطبيعي إلى يوم 12 أكتوبر تقريباً.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
في هذا الوقت وكانت الانتصارات تتوالى بالنسبة للجيش المصري، كيف كانت أيام السادات في الفترة من 6 إلى 12 أكتوبر؟
جيهان السادات:
(7/298)
هأقول لحضرتك أنا كنت من الفجر بالظبط.. أولاً: نقلت قصر الطاهرة، لأن هو كان هناك، لأن في البدروم بتاع قصر الطاهرة كان غرفة العمليات، فأنا نقلت هناك.. كنت ببات يعني معاه هناك..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
من يوم 6 أكتوبر رحتي؟
جيهان السادات:
أيوه، وأصحي من الفجر أنزل على المستشفيات ما أرجعش إلا يعني حسب الظروف، ساعات المغرب، ساعات بالليل متأخر، يعني حسب ظروفي في المستشفيات. الحقيقة كنت ساعات كتير أرجع ما ألاقيهوش. قاعد يعني تحت في غرفة العمليات مع القادة، وساعات ألاقيه وقت الأكل مثلاً -هو كان ياكل المغرب دايماً -أقعد معاه وأحكي له عن البطولات، وأحكي له عن العساكر، وأحكي له عن الظباط، والحكايات البديعة البطولية اللي كنت بأسمعها، فكان يعني سعيد، سعيد، سعيد لدرجة لا تتخيلها.
أحمد منصور:
بدأت عملية تطوير الهجوم بعد ذلك من يوم 13 أكتوبر، وبدأ وضع الجيش المصري يتغير حتى وقعت عملية الثغرة، واتخذ وقف قرار.. قرار وقف إطلاق النار ليلة 19، 20 أكتوبر، وتم وقف إطلاق النار فعلياً يوم 22 أكتوبر، وهنا دخل الأميركان على الخط مع السادات، وأصبحت الاتصالات التي كانت سرية عبر قنوات سرية من سنة 70 إلى 73 والتي تصري أنت على عدم وجودها.
جيهان السادات:
طبعاً، طبعاً.
أحمد منصور:
مع تأكيد كثير من المصادر على وجودها، حتى إن مستشار الرئيس للأمن القومي أوفد إلى الولايات المتحدة أكثر من مرة في مثل هذه المهمات، لكن أصبحت هناك قناة علنية الآن متمثلة في بداية الاتصالات ما بين الأميركان، وما بين الرئيس السادات لترتيب عملية وقف إطلاق النار. وقعت الثغرة وأصبحت تتضخم، وأصبح وضع الجيش المصري حرج.
جيهان السادات:
طب، اسمح لي أولاً أقول أيضاً وبأعيدها وبأكررها -وأنا مؤمنة إنني صادقة فيما أقول- إن لم يكن أي اتصال بين مصر وأميركا سواء سري أو علني قبل وقف إطلاق النار، وهذا هو الاتصال.
أحمد منصور:
(7/299)
حافظ إسماعيل يا سيدتي.. حافظ إسماعيل أوفد إلى الولايات المتحدة في سنة 70 في مهمة سرية.
جيهان السادات:
يوفد آه، علني.
أحمد منصور:
مهمة كانت سرية، وهو كان مستشار الرئيس للأمن القومي.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
الاتصالات التي تمت ما بين أحمد إسماعيل علي حينما كان رئيس للمخابرات وبين مندوب المخابرات..
جيهان السادات [مقاطعة]:
دي كانت إمتى؟ دي كانت إمتى؟ كانت بعد حرب أكتوبر.
أحمد منصور:
72، لا..لا، هو بعد حرب أكتوبر أصبح هو وزير الدفاع.. قبل حرب أكتوبر أصبح وزير الدفاع.
جيهان السادات:
مين الـ.. أحمد إسماعيل؟
أحمد منصور:
نعم، حينما كان رئيس للمخابرات اتصل.. أو كان هناك قناة للاتصال سرية موجودة، حينما طرد الرئيس السادات الخبراء السوفيت أيضاً كان يغازل الأميركان في هذا العمل.
جيهان السادات:
لا والله أبداً، لأ، هأقول لحضرتك.. لأن، أنا قلت لك واقعة، أنا اللي قلت له، قلت له: ليه ما تعملش من دي يعني شيء تتفاوض مع الأميركان بيه، أو تستغله، لصالح مصر؟ فقال لي: أبداً، أنا مش بأعمل كده عشان الأميركان، أنا بأعمل كده لصالح مصر، وإذا كان فيه أي اتصال كنت عرفته، أكيد يعني..
أحمد منصور:
يعني أا هنا -اسمحي لي- أنا أقدر حبك الشديد للرئيس السادات..
جيهان السادات [مقاطعة]:
لأ ما هو مش.. لأ هي مش مسألة حب بس.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
واللي أي -يعني- ست تحسدك عليه.. فعلاً يعني، لكن.. لكن هل كانت كل صغيرة وكبيرة تتم في نظام الحكم في الدولة كنت أنت على دراية بها؟
جيهان السادات:
لأ لأ، طبعاً لأ..
أحمد منصور:
من المؤكد أن هناك أشياء كثيرة لم تكوني على دراية بها.
جيهان السادات:
بس أنا عارفة زوجي، يعني أنا عارفة زوجي، لما طلع الخبرا، لو كان فيه حاجة كان قال لي: ما إحنا عاملين حسابنا أو كان رد عليَّ، لأن عمر أنور السادات ما كان يكذب، كان صادق جداً جداً..
أحمد منصور:
(7/300)
أو ما يتكلمش.
جيهان السادات:
و.. لا أبداً رد عليّ قال لي: جيهان ده أنت مراتي وأقرب الناس لي، هل معقولة أنا أعمل كده عشان أرضي الأميركان؟ أنا بأعمل كده لصالح مصر بس.
فيعني ما كانش.. ده أنا أجزم إن كان إلى يوم خروج الخبراء الروس..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هو العلاقة مع الأميركان لصالح مصر برضو!!
جيهان السادات:
لأ.. لأ، جات بعدين، صدقني، وبعدين أنا عايزة أقول لحضرتك..
أحمد منصور:
يعني ما المانع؟ يعني أنا هنا في الجانب السياسي، السياسة..
جيهان السادات [مقاطعة]:
لأنه راجل وطني، وما عندوش شيء يخفيه تحت الترابيزة.
أحمد منصور:
هل الاتصال بالأميركان خيانة؟
جيهان السادات:
لأ مش خيانة أبداً أبداً، لكن هو..
أحمد منصور:
هل وجود قنوات سرية في أنظمة الحكم أيضاً خيانة؟
جيهان السادات:
أبداً، لكن هو لما حصل اتصال بينه وبين الأميركان كان علني، ما كانش عنده حاجات بيحطها..
أحمد منصور:
لكن سبقته خطوات، بالضبط مثل الخطوات التي سبقت الاتصال مع إسرائيل كان هناك خطوات سرية.
جيهان السادات:
نعم كان فيه خطوات يعني زيارات مثلاً زي حسن..
أحمد منصور:
حسن التهامي للمغرب.
جيهان السادات [مستأنفة]:
التهامي لما راح المغرب وقابل (موشى ديان).
أحمد منصور:
وحتى (شاوشيسكو) واللي قام بيه.
جيهان السادات:
وحتى شاوشيسكو وأنا كنت معاه فيه.. يعني في الرحلة دي.
أحمد منصور:
سآتي لها بالتفاصيل، ولكن أنا شاهدي هنا أن وجود اتصالات سرية بالنسبة لأنظمة الحكم شيء عادي أن يتم.
جيهان السادات:
لأ.. ممكن طبعاً ممكن خلال المخابرات ممكن آه لكن إلى..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(7/301)
حافظ إسماعيل نفسه في مذكراته أشار إلى وجود اتصالات وإنه أوفد من الرئيس السادات. إسماعيل فهمي أشار في مذكراته أيضاً (التفاوض من أجل السلام في الشرق الأوسط) إلى وجود مثل هذه الاتصالات، وأنت دايماً بتؤكدي على إن العلاقة التي كانت تربط السادات مع كمال أدهم كانت علاقة بسيطة في الوقت اللي إسماعيل فهمي كانت مشكلته الأساسية هو ما يبلغه به كمال أدهم من اتصالات بتتم.
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك حاجة، واحد زي إسماعيل فهمي كان ضد السلام وضد أنور السادات في موقف مع السلام..
أحمد منصور:
لا.. كان وزير حربيته، اختلف معاه وقت السلام..
جيهان السادات:
وقت السلام نعم.
أحمد منصور:
وقت ما اتخذ المبادرة، ومن حقه وهو رجل دبلوماسي عريق والكل يشهد بتاريخه.
جيهان السادات:
ما حدش ينكر.. بالظبط، ما حدش ينكر هذا، يعني مش كل كلام بيقولوه صح كمان، يعني أنا ما أخدش كل كلام بيقال عن أنور السادات..
أحمد منصور:
بس يا فندم ما ننفيهوش، لا ننفي كل الكلام اللي بيتقال لأن فيه جزء من الحقيقة هنا وجزء هنا، وجزء هنا ويبقى الآخر الإنسان الذي يطالع أو يراقب أو يتابع، أنا حاولت أن أجمع أجزاء الحقيقة هذه من مصادر عديدة.
جيهان السادات:
معلش اللي أنا أقدر أقوله، وليس دفاعاً عن أنور السادات، لأن أنور السادات أعماله هي اللي تتدافع عنه، والتاريخ يدافع عنه، مش جيهان السادات اللي هتدافع عنه، لكن أو أؤكد لك إنه كان وطني، كونه يقولوا إن فيه عمالة وفيه ما أعرفش الكلام الفارغ اللي بيقال ده، شيء يعني الحقيقة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لو لغينا قضية العمالة، ولكن من منطلق الوطنية أيضاً ترتيب علاقات البلد مع الولايات المتحدة بالشكل السري الذي..
جيهان السادات [مقاطعة]:
مش قبل خروج الخبراء الروس، لم يحدث أي اتصال، وأنا أجزم بهذا قبل خروج الخبراء الروس.
(7/302)
وعايزة أقول لحضرتك حاجة، الثغرة، إذا كانت الثغرة حصلت في عز انتصار الجيش المصري فالثغرة مش إهمال، ولا تأخر، ولا أي شيء بالنسبة للجيش المصري، ولا شطارة من الجيش الإسرائيلي، وإنما الأقمار الصناعية الأميركية كانت بتغذي الجيش الإسرائيلي بكل التحركات بتاعتنا من طرف واحد، يعني هم عندهم الصورة كاملة، وإحنا ما عندناش، فعلشان كده حصلت الثغرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لأ هو..
جيهان السادات [مستأنفة]:
ومع هذا.. ومع هذا -هأقول لحضرتك- أنور السادات استغل هذه الثغرة وحاصرها وكلم (كيسنجر)، ودي بقى أنا كنت جنبه في يوم من الأيام بالليل كان وكان وكان بيكلم كيسنجر وبيقول له: أنا يعني هأنسف الثغرة بما فيها. فليسنجر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذا حينما وصلت أمور التفاوض إلى طريق مسدود في وقت ما، لكن أنا لو جيت للثغرة نفسها وأسباب حدوثها، وأنا سجلت مع الفريق سعد الدين الشاذلي في هذا البرنامج وهو كان..
جيهان السادات:
معلش سعد الدين الشاذلي ما يخدش كلامه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هو كان رئيس أركان الجيش وصاحب الفكرة الرئيسية التي نفذت.
جيهان السادات:
أيوه بس هو جاله انهيار، أنور السادات أرسله..
أحمد منصور:
هذا ما ذكره السادات.
جيهان السادات [مستأنفة]:
علشان يشوف الثغرة، رجع منها، وأحمد إسماعيل اللي بلغ الرئيس وقال له إنه انهار وأنا خايف ننعكس على ضباطنا. فقال له: جنِّبه.
أحمد منصور:
يا فندم أنا تابعت معه هذه الأشياء يوماً يوم والرجل رد بالتاريخ وبالساعة على كل هذه الأشياء حتى إن التواريخ اللي الرئيس السادات ذاكرها في "البحث عن الذات" الرجل لديه تواريخ أخرى تختلف تماماً ورد بالدفاع عن هذا الموضوع..
جيهان السادات:
(7/303)
طبعاً تختلف.. طب وهو سعد الشاذلي ليه آخد كلامه هو اللي صح وكلام.. تواريخ أنور السادات هي اللي مش صح، ليه؟ واحد لجأ لليبيا تصرف عليه ويقعد عندها، هل هذا من الوطنية يعني إن أنا آخذ كلامه ثقة.. لأ. أنا أختلف مع رئيس الجمهورية، لكن أقعد في بلدي وما حدش يصرف علي، لكن هو خد موقف غريب..
أحمد منصور:
هو مسؤول عن تصرفاته ولست أنا، لكن أنا هنا أمام الأحداث..
جيهان السادات [مقاطعة]:
آه لكن ما يؤخذش بقى كلامه ثقة.
أحمد منصور:
هو جزء من الواقع، وجزء من الأحداث اللي موجودة...
جيهان السادات:
آه ما فيش شك.. ما فيش شك.
أحمد منصور:
وليس وحد الذي تكلم، وإنما هناك مصادر أخرى أيضاً بتؤكد على هذه الأشياء فيما يتعلق بالثغرة أن تدخل الرئيس السادات نفسه في توجيه المعركة وهو ترك المعركة للعسكريين من البداية؟ ولكن حين بدأت يتدخل وقعت الثغرة، وحينما بدأت تتضخم الثغرة وكان يمكن إن الثغرة يتم علاجها في الأيام الأولى..
جيهان السادات [مقاطعة]:
مين اللي لما ابتدى يتدخل بدأت الثغرة؟ أنور السادات؟!
أحمد منصور:
نعم.
جيهان السادات:
أنور السادات كان حواليه قادة، أين الرئيس حسني مبارك أيامها كان قائد الطيران؟
أين الجمسي كان قائد الجيش؟ أين محمد علي فهمي كان قائد الدفاع الجوي؟ أين أبو ذكري قائد البحرية؟ كل القادة دول كانوا فين؟
أحمد منصور:
القادة دول كانوا بيدلوا بآرائهم والرئيس السادات كان -كالعادة- الآخر بينفرد بقراره هو.
جيهان السادات:
معلش بس هم القادة، وأحمد إسماعيل دا قائد القادة نفسهم، قائد الجيش والمشير بتاعه..
أحمد منصور:
ما هم يا فندم بيدلوا بأرائهم، والآخر كان الرئيس السادات بطبيعته ينفرد بالقرار.
جيهان السادات:
(7/304)
لأ هأقول لحضرتك.. هأقول لحضرتك إنصافاً أنور السادات هو مصروف عنه، اسأل، كان دايماً يدي كل إنسان حقه، كل وزير ما يتدخلش في شغله يسيبه هو يشتغل، ما كانش بيفرض نفسه، ويعلم إن القادة يعرفوا أحسن منه في هذا وكان بيسب لهم هو كله، وفي النهاية يقعد أحمد إسماعيل وهو يقوله له: أحمد إسماعيل رأيه إيه وينفذه.
أحمد منصور:
السبب حينما قرر الرئيس السادات تطوير الهجوم، ولم يكن هناك قضية تغطيه جوية لهذا الأمر، ولا تغطيه بالنسبة للصواريخ، وهو فرض هذا على العسكريين مع رفض العسكريين لتطوير الهجوم وقعت قضية الثغرة، أنا لا أحاسبك عن كل ما فعله السادات، لأن السادات هو مسؤول عما فعله، ولكنك أنت زوجته التي من المفترض أنك كنت تقفي إلى جواره، ومن المفترض أن تكوني على علم ببعض وليس كل الأشياء حتى لا أحملك أيضاً المسؤولية التاريخية..
جيهان السادات:
بالضبط.. بالضبط.
أحمد منصور:
أنت هنا بعد 22 أكتوبر بدأت العلاقات بين (كيسنجر) وما بين الرئيس السادات.
جيهان السادات:
يحصل اتصال فعلاً.
أحمد منصور:
وبدأ الأتصال المباشر ما بين أميركا وما بين مصر..
جيهان السادات:
فعلاً.. فعلاً.. في الوقت.
أحمد منصور:
من أجل عملية التسوية.
جيهان السادات:
نعم.. أنا عايزة أقول لحضرتك حاجة.
أحمد منصور:
اتفضلي.
جيهان السادات:
حرب أكتوبر دي بتدرس إلى يومنا هذا في المؤسسات العسكرية وفي العالم الخارجي وبيكتب كتب عنها وأول مرة في حياتنا بعد حروب انهزمنا فيها، أول مرة الجيش المصري يقف ويهزم ويكسَّر خط بارليف وكل الحاجات دي معروفة مش أنا اللي بأقولها، يعني دا واقع وبعدين النهاية إيه أنور السادات أخذ أرض أم لا يعني فيه حاجات جوهرية وواضحة وضوح الشمس، أعماله إيه بعد الحرب دي إيه؟ حصلت ثغرة، حصل اللي حصل خد أرض أم لا، يعني هو دي العبرة اللي في النهاية.
أحمد منصور:
(7/305)
دا اللي إحنا بنحاول إن إحنا نفهمه إن كثير من الأشياء تحدث، ولكن لا يتم استثمارها بشكل طبيعي أو بالشكل الذي يمكن أن تستثمر به.
جيهان السادات:
السادات:
زي إيه؟ زي.
أحمد منصور:
يعني حرب أكتوبر، انتصار بكل المعايير بالنسبة للمصريين.
جيهان السادات:
أيوه.. أيوه.. أيوه.
أحمد منصور:
لكن استثمار حرب أكتوبر من قبل القيادة في ذلك الوقت لم يكن -دا الكلام الخبراء مش كلامي أنا طبعاً.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
لم يكن بالشكل الذي كانت عليه والاتفاقات التي وقعت بعد ذلك -و التي سنأتي إليها تباعاً- ردت سيناء إلى مصر، ولكنها لم تردها بسيادة كاملة وإنما ردتها بسيادة منقوصة دا اللي دفع إسماعيل فهمي في البداية إلى إن هو يستقيل لما بدأ..
جيهان السادات [مقاطعة]:
سيادة منقوصة كيف؟ اللي هو.
أحمد منصور:
اللي هي من الآن مقسمة إلى ثلاث مناطق فيها مناطق مجردة تماماً من السلاح وتستطيع إسرائيل في أي لحظة إذا قامت بهجوم إنها تستردها، تحديد نسب القوات اللي موجودة داخل سيناء إسرائيل فرضته أيضاً، أنا هآجي هنا لنقطة حصلت في نهاية سنة 73 وبداية 74 حينما بدأ كيسنجر يأتي ودي برضو بأرجع فيها لشواهد التاريخ بدأ كيسنجر يزور مصر تباعاً زار مصر في نوفمبر 73 وديسمبر 73..
جيهان السادات:
كثير.. كان رايح جاي يعني.
أحمد منصور:
(7/306)
في 16 يناير 74 تم توقيع اتفاق فصل القوات، واعتبر هذا يعني إهانة للجيش المصري ولما حققه من انتصارات في حرب أكتوبر، كما جاء على لسان، في مذكرات إسماعيل فهمي الذي حضر كل هذه التفاوضات وفوجؤوا بأن كيسنجر جاء بالنقاط الست التي اقترحتها (جولدا مائير) وقدمها للرئيس السادات وتبناها السادات بالكامل، ولم يكن كيسنجر يتوقع أخطر ما كان فيها هو إنه اقتراح عليه أن يكون في سيناء فقط 30 دبابة للجيش المصري و 7 آلاف جندي في الوقت الذي كان فيه 500 دبابة في ذلك الوقت، وبكى الجمسي أمام الجميع واعتبر هذا إهانة للجيش المصري.
جيهان السادات:
(7/307)
أنا هأقول لحضرتك حاجة، أنا نفسي اتضايقت جداً كان كيسنجر جاينا وكان بيتكلم مع أنور السادات على انسحاب قوات إسرائيل، فأنور السادات هو كان بيتكلم يمكن يعني مش قادرة بالضبط أحدد، لكن مثلاً بقوله له ينسحبوا 30 كيلو فأنور قا له: لأ.. خليهم 15 أنا ذهلت إزاي إن هم مستعدين ينسحبوا 30 وأنور بيقول: لأ خليهم 15 بس، فأنا قعدت مستنية لما مشي كيسنجر، وطلع هو فوق -وكنا في إسكندرية- قلت له إزاي يا أنور، دا أنا حزينة، وليه بتقول كده إذا كانوا هم، فبص لي وضحك كده وقال لي: أهو أنت بتفكري بالظبط زي الناس اللي بعضهم بيشتغل معايا وزي العرب ما بيفكروا وهذا تفكير عقيم، أنا هآخد أرضي مش ناقصة شبر واحد ولا عليها مستوطنة واحدة، ده في النهاية، العبرة في النهاية باللي أنا هأخده، مش المفاوضات أنا بأريحهم في بعض حاجات، وزي ما قلت الجمسي يعيط أو ما يعيطش، في النهاية إيه أخدنا سينا أو ما خدناهاش كسر ياميت أم لا وأخذ سينا بلا مستوطنات أم لا؟ هو دي العبرة بالنهاية، أنور السادات كان عنده بعد نظر هو دا اللي خلَّى الناس اللي حواليه ساعات يتكلموا في كيلو انسحاب وكيلو مش عارف إيه هو كان عنده الأبعاد وحتى في معاملاته كان دايماً له الخطوط العريضة الكبيرة الأخيرة، أما التفاصيل الصغيرة في انسحاب كيلو النهاردة وكيلو بكرة، دي ما كانش له، كان بيديها للمسؤولين يبقوا.. زي ما قلت حضرتك واحد يحزن، واحد يبكي، لكن في النهاية أنور السادات جاب إيه لمصر، جاب سينا كاملة بلا مستوطنات، أكثر من كده ما كانش الراجل يقدر يعمل.
أحمد منصور:
يعني -عفواً يعني- أحداث التاريخ وقضية التفاوضات، والأشياء التي تتم في كل أنحاء الدنيا تعتمد على خبراء موجودين وعلى أشياء تتعلق بالسيادة بالدرجة الأولى.
جيهان السادات:
نعم.. صح.. صح.
أحمد منصور:
حينما يتجاوز السادات كل الخبراء اللي حواليه سواء رئيس أركان الجيش اللي كان موجود، الجمسي، بصفته رئيس.
(7/308)
جيهان السادات [مقاطعة]:
ماهوش سياسي.. الجمسي ماهوش سياسي.
أحمد منصور:
عسكري يتكلم في الجانب العسكري في قضية فض الاشتباك، في قضية فض..
جيهان السادات:
أيوه لكن فيه عسكريين، بس فيه عقل سياسي وهو رئيس الجمهورية وله إنه..
أحمد منصور:
وزير الخارجية كان معاه.
جيهان السادات:
معلش بس الكلمة الأخيرة لرئيس الجمهورية لإنه عنده أبعاد سياسية لا عند الجمسي وهو رجل عسكري ما عندوش أي نوع من السياسة ولا عند أي حد تاني لإن بدليل إن إسماعيل فهمي استقال لإنه ما تصورش إنه يحصل إنه سينا هياخدها ما تصورش وإن يحصل سلام بالشكل ده..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هو لم يستقل لهذه الأسباب وإنما استقال لأن الخطوات التي اتخذها الرئيس السادات بالنسبة لقضية السلام كانت خطوات فردية بحتة لا تعتمد على استشارة الآخرين وكانت قائمة على ما يفكر فيه السادات في ذهنه فقط، وليس..
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا.. لأ.
أحمد منصور:
يا سيدتي تغييب الخبراء، تغييب دور الخبرا.
جيهان السادات:
حضرتك ما تخدش كلام إسماعيل فهمي لوحده.
أحمد منصور:
اترك إسماعيل فهمي جانباً ها جيب لك (كارتر).
جيهان السادات:
أيوه.. أيوه.
أحمد منصور:
كارتر في كتابه "الحفاظ على الإيمان" اللي صادر سنة 82 يقول "أن السادات كان دائماً يغيب دور الخبراء" الخبراء اللي حواليه وكل الناس اللي حواليه كانوا، أنا سألت الدكتور مصطفى خليل.
جيهان السادات:
طب ما أنا هأقول لحضرتك حاجة..
أحمد منصور:
الدكتور مصطفى خليل يقول إنه كان ينفذ ما يطلبه منه السادات لم يكن أيضاً كل ما يمكن أن يقدم إلى السادات من الخبراء كان ممكن أن ينحيه جانباً، ويجلس السادات مع كيسنجر يتفق معاه على أشياء يفاجئ بها حتى المصريين.
جيهان السادات:
(7/309)
معلش هأقول لحضرتك أنور السادات بيوصف بإنه يعني سياسي داهية بدليل، طب هأقول لحضرتك، كل اللي قالوه صح النهاية إيه؟ النهاية أخد سينا كاملة أم لا؟ أخدها بلا مستوطنات أم لا؟ بدأ فتح السلام اللي هوجم بالنسبة له والنهاردة العرب بيعملوا وياريتهم يعرفوا يعملوا زي اللي عمله، ياريت..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سيدة جيهان لو سمحتي.
جيهان السادات [مستأنفة]:
وبعدين لما أتكلم عايز أقول لحضرتك.
أحمد منصور:
هل هناك سلام بين مصر وإسرائيل الآن؟
جيهان السادات:
نعم؟!
أحمد منصور:
هل هناك سلام بين مصر وإسرائيل.
جيهان السادات:
نعم، مش فيه سفير هنا وفيه سفير هناك.
أحمد منصور:
فيه اتفاقات، فيه سفارة هنا وفيه سفارة هناك.
جيهان السادات:
أيوه، لأن هم لسه السلام ما تمش بالنسبة للبلاد العربية كلها..
أحمد منصور:
حتى لو تم لأ، قضية مصر الآن قضية مختلفة تماماً، في سنة 79 وقعت الاتفاقات وسنأتي لها تفصيلاً، لكن أيضاً حين نتحدث عن المحصلة وحضرتك حريصة جداً على إنك تتحدثي عن المحصلة، المحصلة أيضاً هي محصلة ونتاج للتصرف الفردي اللي كان بيقوم بيه الرئيس السادات.
جيهان السادات:
لأ.. بص هأقول لحضرتك حاجة أنور السادات حط نفسك مكانه، أولاً: لما اتكلم في كامب ديفيد، وتقدر ترجع للمراجع بتاعة، documents بتاعة كامب ديفيد..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يا افندم رجعت ليها كلها بالتفصيل.
جيهان السادات [مستأنفة]:
(7/310)
وفي خطبته في الكنيست قدام العالم اتكلم عن كل الأراضي العربية المحتلة من سنة 67 واتكلم عن حق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس أما فيما عدا كده -وطبعاً مصر- وكان بيقول لو كان إنه سلام فردي كان بقى أسهل لي جداً، لكن هو اتكلم كده وعلني.. علني أمام العالم كله النهاردة إحنا بنتكلم كل اللي بيقلولوه هأسايرك وأقول لك إنه صح، طب النهاية والمحصلة إيه؟ أنور السادات جاب السلام، وأنور السادات جاب الأرض لمصر وإذا كان العرب أيامها انضموا له كان زماناَّ النهاردة خلصنا بدليل إن هم بيسيروا على نفس الخطا اللي بدأها أنور السادات، صح أم لا؟
أحمد منصور:
أنا مش عايز أتجاوز 74 حضرتك حضرتِ في 4 مايو الماضي خطاب الجامعة السنوي في جامعة (ميريلاند) عن الرئيس السادات حضرتيه..
جيهان السادات [مقاطعة]:
طبعاً دي الجامعة اللي أنا بأدرس فيها.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وكنت في الولايات المتحدة، و الذي ألقى هذا الخطاب هو (هنري كيسنجر) هذا العام..
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
وكيسنجر هو الذي تفاوض مع السادات في كل المراحل الأساسية الأولى إلى نهاية عهد الرئيس..
جيهان السادات:
صح.. صح.. نعم.
أحمد منصور:
بعد ما انتهى دور الرئيس (نيكسون) جاء (فورد) إلى نهاية فورد، بيقول.. قال نص كلمة أو جملة أنا أخذتها من المحاضرة التي ألقاها في جامعة (ميرلاند) فقط في 4 مايو الماضي 2000م قال"أن الرئيس السادات كان يثق بي إلى درجة تعريض الجيش الثالث المصري لدرجة الفناء".
جيهان السادات:
آه يعني لما يشكر في نفسه شوية.
أحمد منصور:
لا مذكراته أنا رجعت أيضاً للجزء التالت..، والجزء الرابع في مذكراته وفيه تحدث أيضاً عن المقدمات..
جيهان السادات [مقاطعة]:
(7/311)
لأ.. ما هو.. هأقول لحضرتك حاجة طيب ما تقول لي خطبة الرئيس كارتر أيضاً في جامعة (ميريلاند) اللي أنا بأدرس فيها في أميركا أيضاً في سنة قبل (كيسنجر) لأن إحنا في كل سنة بنجيب شخصية بتتكلم عن السلام في الشرق الأوسط، فكارتر قال كلمة، قال:"أنور السادات وثق فيَّ ثقة كبيرة لدرجة إن أنا كنت مستغرب" ما يعني ما قالش ذي كيسنجر إنه لدرجة كذا، كيسنجر طبعاً بيبالغ مبالغة كبيرة جداً عايز يوري الثقة، أنور السادات ثقته فيهم إيه، قال لكارتر وكان فيه سفرا عرب موجودين حاضرين، قال.. فيه حاجتين فقط ما تكلمنيش فيهم وما تناقشنيش فيهم: الأرض، سيناء كاملة بلا مستوطنات..
أحمد منصور:
بأي شكل؟
جيهان السادات:
شوف بقى الشكل.. ما كنتش تقدر.. أنا هأقول لحضرتك حاجة، إحنا لو قعدنا النهاردة، أنور السادات ما عملش اللي عمله، النهاردة أنت ما كنتش هنا خد نصف سيناء ما كنتش هناخدها، وبعدين هتعمل إيه، يعني إيه اللي هتعمله، ما كنتش هتقدر.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هو حضرتك برضو أنا خدتها شكلها إيه؟
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
يعني حينما تؤخذ نصف سينا بسيادة كاملة.
جيهان السادات:
لا خدتها شكلها إيه، أنت عندك حرية وسيادة كاملة، لا أنت على الحدود فقط فيه جنود اللي هم بتوع..
أحمد منصور:
هناك تفتيش من الأمم المتحدة بشكل دائم.
جيهان السادات:
الأمم المتحدة.
أحمد منصور:
هناك تفتيش بشكل دائم أيضاً على انتشار القوات المصرية في المنطقة (أ)، و(ب) و(جـ) والتأكد من أن مصر ملتزمة في الوقت اللي إسرائيل على الجانب الآخر بكامل حشودها وتستطيع..
جيهان السادات [مقاطعاً]:
لأ.. في سيناء أفتكر.. أفتكر لأ.
أحمد منصور:
على الجانب الآخر هي ليست في سيناء الآن.
جيهان السادات:
على شريط يفصلنا بيننا وبين إسرائيل أو بيننا وكده..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(7/312)
أنا عاوز أخلص من هنا بنقطة مهمة جداً إن الرئيس السادات كان ينفرد باتخاذ قراراته الديكتاتورية التي صوت لها السادات في 27 يوليو 52 كانت هي السائدة حتى بعد ما انتصر في حرب أكتوبر غيب القادة العسكريين وغيب القادة السياسيين عن أن يشاركوا في اتخاذ القرار.
جيهان السادات:
لا.. لا.. شوف.. كل هذا الكلام.. كلام الناس الحاقدة عليه، لكن المنصف..
أحمد منصور:
بما فيهم كيسنجر وكارتر؟!
جيهان السادات:
لأ كيسنجر وكارتر بيبالغوا في الثقة اللي قالها لهم حتى هو كارتر لما قال إنه قال لي الحاجتين دول ما تناقنيش فيهم وبعد كده، فضحك وقال وبقالي إيه وتكلم كلام وقال إن العرب كانوا بيقولوا كلام في العلن وكلام في الخفاء، كلام في الخفاء إن هم مؤيدين لأنور السادات تأييد كامل، وفي العلن يشجبوا السلام، يعني وقالها قدام الناس اللي قاعدة وفيهم زي ما قلت لحضرتك سفراء عرب، يعني اللي أنا عايزة أقوله أنور السادات ما كانش بيعمل في الخفاء، أنور السادات كان بيعمل في العلن، ثم إن زي ما بأعدها تاني، المحصلة في النهاية إيه مش رجع سينا ورجع الأرض، إذا كان على حدود سينا فيه من البوليس الدولي..
أحمد منصور:
الأمم المتحدة..
جيهان السادات:
الأمم المتحدة فده شيء لا يعيبنا نهائي دي شريط رفيع يفصل بيننا وبين إسرائيل أما فيما عدا كده السيادة كاملة لمصر على سيناء.
أحمد منصور:
هأرجع.. لسه أنا في سنة 74.
جيهان السادات:
أيوه.. أيوه.
أحمد منصور:
لأن قضية أو اتفاق فصل القوات اتفاق فض الاشتباك عند الكيلو 101 بيعتبر من الأشياء التاريخية بالنسبة لمحصلة أو نتائج حرب أكتوبر والتي اعتبرت -في رأي العسكريين، وليس في رأيي أنا- قضية إهانة للجيش المصري ولما حققه من انتصارات في حرب أكتوبر.
جيهان السادات:
طب ما استقالش ليه قائد الجيش لما حس إن دي إهانة.. ما استقالش ليه؟
أحمد منصور:
(7/313)
السؤال ده ممكن يوجه ليه وليس لي أنا، أنا بأحاول قراءة الأحداث معكي.
جيهان السادات:
معلش.. لأ ما هو أصل الكلام.. الكلام فيه عموميات يعني إيه إهانة الجيش المصري فخور بما فعل، فخور بانتصاره، فخور في أيام فض الاشتباك، وفيه أوقات كانوا أنور السادات بيستدعي الجمسي والعسكريين.. المجموعة اللي بتتفاوض لما يلاقيهم إن التانيين يعني بيعملوا حاجات ما بتقدمش ولا تؤخر.
أحمد منصور:
الجيش التالت أُهين إهانات بالغة ووصل إذلال الإسرائيليين له في الوقت الذي كان يستطيع فيه الرئيس السادات أن يفرض على (جولدا مائير) شروط كثيرة جداً.
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا..
أحمد منصور:
كانت جولدا مائير هي التي تفرض ما تريد فتح باب المندب بعد ذلك ضغط الأميركان على الرئيس السادات حتى يضغط على السعودية..
جيهان السادات [مقاطعة]:
فتح باب المندب دا من قبل الحرب ما تقوم.
أحمد منصور:
فتح باب المندب لأ، أُغلق باب المندب بعد قيام حرب 73.
جيهان السادات:
أيوه وبعدين اتفتح.
أحمد منصور:
اتفتح بطلب من جولدا مائير وطلب من الرئيس السادات نفسه بضغوط من جولدا مائير حينما كان الجيش التالت محاصر.
جيهان السادات:
يعني ضغوط أنور السادات طب ما هو فتح قناة السويس قبل حتى السلام ما يتم.
أحمد منصور:
75 اتفحت قناة السويس، لكن أنا هنا، أنا هنا حضرتك عند قضية إن الجيش الثالث المصري محاصر والرئيس السادات كان في يده أوراق يمكن أن يضغط بها على الإسرائيليين ولكنه لم يستخدمها حتى إن الجيش التالت منعت عنه حتى في الشتاء أفرولات شتوية..
جيهان السادات:
إزاي؟.. لا.. لا.. لا.. لا.. دا كلام غير صحيح.
أحمد منصور:
حقيقة تاريخية.
جيهان السادات:
أنور السادات في الثغرة والجيش التالت كان مستعد إنه ينسف الثغرة، وكيسنجر قال له إحنا لا نسمح بنسف السلاح الأميركي بهذه الطريقة وكان في إيده إنه ينسفهم لإنه حاصر الثغرة بكل رجال..
(7/314)
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الكلام دا في ديسمبر وكانت رقعة الثغرة اتسعت جداً جداً وأصبح قضية القضاء عليها مكلفة لأن فيها مدنيين وفيها حاجات كتير.
جيهان السادات:
يا فندم حرب أكتوبر.. حرب أكتوبر فيها فخر لكل جندي وضابط اشترك فيها.
أحمد منصور:
أنا لا أنكر ذلك، أنا الآن في نتائجها ومحصلتها وكيف أن الرئيس السادات كان يمكن أن يحصل نتائج أكثر يعني.
جيهان السادات:
نتايجها ومحصلتها إنك أخذت أرضك كاملة.. أخذت أرضك كاملة، إيه المحصلة اللي أكثر من كده، أنت كنت عايز تخش..
أحمد منصور ]مقاطعاً:[
هذا رأي العسكريين الذين صنعوا الحرب وليس رأيي أيضاً.. ما ذكره الجمسي وما ذكره سعد الدين الشاذلي ودول لعبوا دور رئيسي في الحرب بشكل أساسي.
جيهان السادات:
معلش لأ.. أنا ما أخدش سعد الدين الشاذلي -أولاً- مقياس لأن ده كان واخد موقف ضد أنور السادات، فأستمع له ليه؟ واحد حاقد وبيقلب الحقائق.
أحمد منصور:
يا أفندم الآن كلهم حتى كارتر وكيسنجر كانوا -في تصورك- ضد السادات.
جيهان السادات:
لأ دول بيقولوا على الثقة، ما هو قالها وأنا قلتها لحضرتك.
أحمد منصور:
إسماعيل فهمي ضد السادات، كل الناس اللي كتبوا مذكرات، وكل الناس اللي كتبوا..
جيهان السادات:
طيب يا ريت اللي ضد السادات عرفوا يجيبوا اللي جابه السادات، يا ريت اللي ضد السادات عرفوا يجيبوا شبر في سيناء، أنور السادات جاب لهم سيناء كاملة.
أحمد منصور:
هم جابوها.. جابوها بالسيادة وجابوها بالانتصار وجابوها بالحرب التي تمت.
جيهان السادات:
أيوه.. مع أنور السادات صاحب القرار الحرب وصاحب السلام، هو أنور السادات.
أحمد منصور:
وصاحب قرار تطوير الهجوم، وصاحب توقيع اتفاقية فض الاشتباك.
جيهان السادات:
أيوه.. كله.
أحمد منصور:
وكل ما تم بعد ذلك.
جيهان السادات:
(7/315)
وكل ده هو في النهاية المحصلة اللي هو اللي إحنا فيه دلوقتي استردينا أرضنا، دا إحنا لازم كل واحد فينا يقرأ الفاتحة على أنور السادات ويترحم عليه، ويقول لولاه. كل اللي بيزور سيناء -لعلم حضرتك- بيقول: والله بعد ما كنا ساعات إحنا ضده أو مش فاهمين اللي بيحصل بنقرأ له الفاتحة، وبنقول: لولا هذا الرجل ماكناش خدنا حبة رمل من سيناء. وقالها بطرس غالي على التليفزيون بس من أسبوعين، وأنا كنت بأستمع في (الأوربت)
أحمد منصور:
بطرس غالي أيضاً في كتابه عن (الطريق إلى القدس) تحدث عن أشياء كثيرة جداً.
جيهان السادات:
قال إن لولا.. أيوه أنا. وقريتها.
أحمد منصور:
خاصة في قضية..
جيهان السادات:
وقريتها وشفتها واستغربت شوية، وسمعته من 3 أسابيع فقط بالظبط تقريباً على (الأوربت) بيقول: لولا أنور السادات عمل اللي عمله وفيه بعض حاجات أنا كانت ساعات بأختلف معاه، إنما دلوقتي بأقول لولا إن هو عمل كده وأخد سيناء في هذا الوقت النهاردة مع زيادة المستوطنات ما كناش نقدر ناخد نصف سيناء. أنا عايزة أقول لحضرتك حاجة.
أحمد منصور:
تفضلي.
جيهان السادات:
لو إن الفلسطينيين انضموا لأنور السادات كانوا خدوا الضفة الغربية بكام مستوطنة أيامها، والنهاردة كام ألف إسرائيلي عايش في الضفة الغربية يشيلوهم إزاي ويعملوا إزاي؟ ودي المشاكل جايه من كده. لو إنهم استمعوا لأنور السادات في أيامها كانوا كسبوا وكان زماننا انتهينا من كل ده وعايشين في سلام.
أحمد منصور:
المشاكل جاية من المفاوض العربي دائماً يتفاوض من منطلق ضعف ومن منطلق فردي وليس من منطلق مؤسسي..
جيهان السادات [مقاطعة]:
لا.. لا.. ما كنش من منطلق فردي.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وليس من منطلق مستشارين وخبراء كما يذهب الآخرون.
جيهان السادات:
لا يا أفندم.. لا لا لا..
أحمد منصور:
ده من أول الرئيس واقع، وحتى الآن السلطة الفلسطينية تستخدمه وفي كل المفاوضات.
(7/316)
جيهان السادات:
لأ.. هأقول لحضرتك حاجة.
أحمد منصور:
رأي فردي من شخص هو الذي يتم.
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك، يوم أنور السادات ما بدأ المفاوضات في (ميناهاوس) كان داعي الفلسطينيين والأردنيين والإسرائيليين وكل من أرضه احتلت سنة 67.
أحمد منصور:
صحيح.
جيهان السادات:
هم اللي رفضوا ييجوا. هل بقى هيعمل إيه الراجل أكثر من إنه يدعيهم تعالوا واتفاوضوا؟!
وقال لياسر عرفات قال له: إن ما عجبكش الكلام اقلب الترابيزه عليهم وقوم، أنت ماحدش هيضغط عليك.
وفي الأول كان موافق، وأنور السادات بلغ كارتر إن ياسر موافق، وبعد كده هو غير رأيه تحت ضغط -طبعاً- الناس اللي معاه أو الظروف اللي هو بيمر بيها.
أحمد منصور:
بدأ الرئيس السادات يثق في الأميركان ثقة شبه مطلقة..
جيهان السادات:
ده صحيح.. ده صحيح.
أحمد منصور:
وبدأ يعطي لكيسنجر..
جيهان السادات [مقاطعة]:
شوف أنا معاك بأقول لك ما كانش فيه اتصالات سرية، بعد كده بعد الحرب نعم كان فيه صلة كبيرة جداً وثقة كبيرة جداً إن هم في إيدهم مفاتيح الـ..
أحمد منصور:
هذا أكبر خطأ الرئيس السادات أصَّله تاريخياً.
جيهان السادات:
ليه؟! ليه؟!
أحمد منصور:
حينما يثق رئيس دولة..
جيهان السادات [مقاطعة]:
دا عادها ياسر عرفات.
أحمد منصور:
حينما يثق رئيس دولة..
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك، هم اللي يملكوا الضغط على إسرائيل، الوحيدة.. الدولة الوحيدة في العالم اللي تملك ضغط على إسرائيل هي أميركا فقط.
أحمد منصور:
هي لا تضغط على إسرائيل في شيء، لأن إسرائيل بتنفذ مصالحها.
جيهان السادات:
طبعاً طبعاً.. ما فيش شك.. ما فيش شك.
أحمد منصور:
وأنا التقيت مع بعض الأميركان كان اليهود المعادين للصهيونية وقالوا: نحن لا نستطيع حتى الآن أن نفهم معادلة: هل إسرائيل تعمل لصالح أميركا أم أن أميركا تعمل لصالح إسرائيل؟ بسبب التداخل في المصالح.
جيهان السادات:
(7/317)
ده صحيح ولذلك في إيدهم مفاتيح الضغط على إسرائيل.
أحمد منصور:
هنا النقطة الخطيرة.
جيهان السادات:
إيه هي؟
أحمد منصور [مستأنفاً]:
التي سعى الرئيس السادات إلى تأصيلها تاريخياً وكان لها أبعاد سلبية كبيرة جداً.
جيهان السادات:
إيه هي؟
أحمد منصور:
حينما يقف رئيس دولة أمام شعبه ويقول إن 99%..
جيهان السادات:
99% في إيد..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
من أوراق اللعبة في إيد أميركا.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
معنى ذلك أن هذه الأمة أو هذه الدولة سلبت إرادتها بالكامل ولم تعد لها إرادة.
جيهان السادات:
لا.. لأ.. لا لا.. ما هو أنت بقى ممكن الكلمة تقدر تلويها بمعنى وتقدر تاخدها بمعنى آخر.
أحمد منصور:
ليس لها مفهوم آخر يا سيدتي.
جيهان السادات:
هأقول لحضرتك معناها بالنسبة لأنور السادات، وما كانش بيخفيها وبيقولها علناً، وقالها ياسر عرفات كذا مرة أيضاً، لأن اللي بيحصل إيه؟ إن أميركا الوحيدة اللي هي بتعطي السلاح وبتعطي النقود وبتعطي -زي ما قال أنور السادات- من الرغيف للصاروخ لإسرائيل. هي الوحيدة اللي تقدر تضغط عليهم، لأن مصلحتهم مرتبطة، هم يعتبروا زي ولاية من ولايات أميركا.
أحمد منصور:
لكن ما حدث أنها لم تضغط، هي لم تضغط، ولكن كانت تضغط دائماً على مصر، وكانت تأخذ من مصر.
جيهان السادات:
لأ وكارتر ما ضغطش؟ كارتر ما ضغطش؟ ضغط.
أحمد منصور:
كارتر لم يفعل شيء، الأمور وصلت لمرحلة بعد ذلك في كامب ديفيد إلى أن الرئيس السادات حزم حقائبه.
جيهان السادات:
ده صحيح، وكان ماشي.
أحمد منصور:
ولكنه مراعاة لصديقه كارتر، كما قال وكما ذكر.
جيهان السادات:
ده صحيح.. وصحيح.
أحمد منصور:
يعني أن يقدم مصالح كارتر على مصالح الأمة ومصالح البلد هذا شي خطير.
جيهان السادات:
(7/318)
لا لا لا.. مش مصالح كارتر مش مصالح كارتر، مصالح مصر قبل كل شيء عند أنور السادات. هو لما استنى بعد ما فعلاً لم شنطه وأنا كنت بأكلمه، لأن أنا كنت في باريس ساعتها، حفيدي كان تعبان وكنا هناك ما رحتش معاه في كامب ديفيد فكنت بأكلمه قال لي: أنا بألم شنطي وماشي، فأنا حتى نفسي بأقوله له: ليه يعني.. استنى وأنت إديت كلمة لكارتر، واستنى وشوف وخلي عند.. دا أنت صبور جداً يا أنور استنى وشوف عشان صالح مصر. فقال لي: لأ أنا مش إن أنا سايب الموضوع خالص أو بافركشة، أنا شايف إن هم ما عندهمش استعداد المرة دي، فلجولة أخرى نبقى نتكلم، لكن مش المرة دي كارتر دخل له وقال له وعادها في المحاضرة اللي قالها في جامعة ميريلاند، قال له: أنت كده يعني زي.. نقضت الوعد اللي قلتهولي أو ما وفتيش بالوعد اللي قلتهولي إنك أنت.. يعني هتصبر وتشوف.
فقال له: لأ.. قال له: أنا وعدتك صحيح لكن للصبر حدود، يعني أنا شايف إن هم مش مستعدين فمفيش داعي لتضيع الوقت.
فقال له: لأ استنى بس إديني فرصة تانية وماتسافرش دلوقت وإديني فرصة تانية أتكلم.
وبيقول: أنا منعت موشى ديان إنه يتصل حتى بأي واحد من الوفد المصري لأن هو اللي كان ملخبط الدنيا، وابتدأ يروح لبيجن ويتكلم معاه وبتاع إلى أن وصلوا.
أحمد منصور:
وفعل الرئيس السادات فيها ما فعله أيضاً في فض الاشتباك حينما جنب محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية، ولم يأخذ بآرائه، واضطر الرجل إلى أن يقدم استقالته هناك..
جيهان السادات [مقاطعة]:
لا لا لا.
أحمد منصور:
في واشنطن إلى الرئيس..
جيهان السادات:
محمد إبراهيم كامل قدم استقالته هناك علشان ما قدرش يستوعب وما قدرش يكمل.
أحمد منصور:
يعني كل الناس مش قادرة تستوعب، بس فقط الرئيس السادات هو الذي يستوعب الأمور.
جيهان السادات:
(7/319)
لأ مش أنور السادات فقط وكل من كان ضد أنور السادات النهاردة بيقول: أنا كنت غلطان. وكثيرين جداً من ضمنهم هيكل أيضاً أخيراً اعترف، وغيره وغيره.مرسي عطا الله في.. في الأهرام.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني أنا لا أستشهد -عفواً.. أنا .. يعني بأحاول..
جيهان السادات:
كثير كانوا بيقولوا إن إحنا خدنا موقف منه. ده مش بس كده دائ أنا عايزة أقول لحضرتك مش أشخاص التاريخ والوقت النهاردة.
أحمد منصور:
بالضبط يا أفندم، أنا بأحاول أبعد عن آراء الأشخاص لأنها آراء أشخاص في النهاية.
جيهان السادات:
طب النهاردة، الوقت اللي إحنا فيه.
أحمد منصور:
لكن أنا لما آجي أتكلم عن محمد إبراهيم كامل أو عن إسماعيل فهمي أو عن.. يعني عشرات آخرين أو.. بطرس غالي أو كل هؤلاء.. أو الدكتور مصطفى خليل أو الدكتور محمد رياض أيضاً في مذكراته، كل هؤلاء يعني حينما يتحدثوا وحينما نقرأ لهم نقرأ لناس كانوا يشاركون السادات صناعة القرار واتخاذه.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وليس آراء ناس اختلفت مع السادات اليوم واتفقت معه النهاردة. إحنا الآن أمام.. حينما يتحدث محمد إبراهيم كامل هو وزير خارجية من المفترض إنه رجل عنده قرار، والسادات اختاره..
جيهان السادات:
ما هو ما قدرش يكمل، أهو ما قدرش يكمل.
أحمد منصور:
ما هو إسماعيل فهمي برضو ما قدرش يكمل لأن حجم التنازلات التي كان يقدمها السادات.
جيهان السادات:
طيب، ما تقول لي رأيه.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
كان أكبر من أن يمكن استيعابها، وكانت -في نظر هؤلاء- ضد مصلحة البلد بالدرجة الأولى.
جيهان السادات:
النتيجة في النهاية إيه؟ أنا مش هأقول مصطفى.. مش هأقول إسماعيل فهمي أو محمد إبراهيم كامل، أنا هأقول في النهاية إيه؟ أنور السادات جاب الأرض أم لأ؟ جاب..
أحمد منصور:
منقوصة السيادة.
جيهان السادات:
(7/320)
لا.. أبداً.. أبداً، منقوصة السيادة لأ.. السيادة كاملة عليها، الحدود الشريطية.. الشريط اللي بيننا وبينهم عليه الأمم المتحدة، فيما عدا هذا الأرض كاملة السيادة لمصر. صدقني، ما تسمعش الكلام الـ..
أحمد منصور:
يا أفندم مش كلام أنا قدامي الآن تقارير رسمية، قدامي دراسات طلعت.
جيهان السادات:
طب يا ريت.
أحمد منصور:
قدامي اتفاقات.. الاتفاقات نفسها.
جيهان السادات:
يا ريت سوريا والفلسطينيين ياخدوا زي ما إحنا خدنا، يا ريت: دول هم بيندموا، دا هم بيقولوا: إدونا زي كامب ديفيد.
أحمد منصور:
هم ما وقعه السادات هو.. الذي أوقع هؤلاء حتى الآن في هذا و أنهم لا يستطيعوا أن يأخذوا شيء بسبب ما فعله السادات.
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا.. لأ طب وما انضموش ليه لأنور السادات؟ ما انضموش ليه لأنور السادات وقال لهم، قال لهم: إذا أنا فلشت دا راح لحافظ الأسد في سوريا قال له: إذا فشلت فأنا اللي سألام، وإذا نجحت فانضموا لي ونبقى كلنا كتلة واحدة. هل فيه في الدنيا.. أنا هأسأل حضرتك سؤال.
أحمد منصور:
تفضلي.
جيهان السادات:
هل فيه في الدنيا بلد حاربت ما قعدتش مع العدو بعد الحرب عشان يتفاوضوا على الأرض؟
أحمد منصور:
لأ طبعاً، في كل العالم حدثت هذه الأمور، قضية التفاوض موجودة.
جيهان السادات:
لازم.. لازم يقعدوا ويتفاوضوا، لكن.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن هذا التفاوض لا يعني أن تكون منتصراً وأن تتنازل عن الحق.
جيهان السادات:
طب هل أنور.. لأ ما تنازش بدليل إن سيناء كاملة، أولاً كان يقعد أنور السادات 22 سنة مستني العرب لما يجوا له ويقولوا: إحنا جاهزين النهارده زي ما هم بيعملوا دلوقتي؟!
واحد مسؤول عن بلده حب.. دعا التانيين وقال لهم: تعالوا شاركم عشان ناخد أراضينا، ما جوش، يستناهم أم ياخد أرضه ويحرر بلده؟
أحمد منصور:
كان فيه خطوات لابد أن تسبق قضية الدعوة.
جيهان السادات:
(7/321)
والنهارده لو كان استبنى ما كانش بقت سينا مستوطنات يا أفندم؟ دا أنا بأسأل حضرتك السؤال، مش (ياميت)..، (ياميت) دي كان زمانها فيها 100 مستوطنة غير (ميت يميت) يمكن.. لأ العكس أنور السادات -للإنصاف وللحق- إنه أنقذ مصر و.. ما كانش زماننا دلوقتي باللي إحنا شايفينه اللي بيحصل في المفاوضات ويرحوا وييجوا و.. وشيء من الذل والهوان اللي موجود؟!
أنور السادات خلى مصر.. رفع مصر عن كل هذا الهوان وخدت -بكرامة وبعزة- أرضها بعد انتصار 73.
أحمد منصور:
من المؤكد أن كل الرجال الذين يشاهدون هذا البرنامج يحسدون الرئيس السادات -رغم وفاته منذ عشرين عاماً- على هذا الحب الذي تغمريه به وهذا الدفاع المستميت!!
جيهان السادات:
لا والله.. والله مش حب فقط، لا والله أنا بأقول حقيقة لراجل ظُلم من ناس لكن التاريخ اللي بينصفه وأعماله هي اللي بتنصفه. صدقني.
أحمد منصور:
أنت أشرت إلى السوريين واسمحي لي أبدأ الحلقة القادمة من العلاقة التي كانت تربط الرئيس السادات بالرئيس الأسد ومدى المعلومات التي لديك حول هذا الموضوع.
جيهان السادات:
وهو كذلك.
أحمد منصور:
أشكرك شكراً جزيلاً.
جيهان السادات:
شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات. في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/322)
الحلقة8(7/323)
الاربعاء 5/12/1421هـ الموافق 28/2/2001م، (آخر تحديث) الساعة: 17:46(مكة المكرمة)،14:46(غرينيتش)
جيهان السادات - الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- جيهان السادات، أرملة الرئيس المصري السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
26/02/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات. مرحباً بيك يا أفندم.
جيهان السادات:
أهلاً، أهلاً.
أحمد منصور:
في هذه الحلقة وأنت أشرت في نهاية الحلقة الماضية إلى شيءٍ من العلاقة بين الرئيس السادات وبين السوريين..
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وهذا أيضاً مثل مرحلة هامة سواء في حرب أكتوبر أو ما قبلها أو ما بعدها أو حتى قبيل الذهاب إلى القدس بالنسبة للرئيس السادات، ما هي معلوماتك عن طبيعة العلاقة التي ربطت السادات بالأسد؟
جيهان السادات:
الرئيس السادات كان يحبه، كان يحب الرئيس حافظ الأسد وكان يُكن له كل احترام، ولأنه كان دايماً بيعتبره شريك في حرب 1973م، عشان كده هو الوحيد اللي زاره قبل.. قبل زيارته للقدس طلع زار الرئيس حافظ الأسد علشان حاول يعني أولاً يقول إنه رايح، قال دا شاركني في الحرب فلابد أنه يعرف إن أنا رايح إسرائيل، وحاعمل سلام قبل أي حد، وطلب منه –حضرتك- قال له: إذا أنا نجحت فالنجاح حيبقى لينا كلنا وإذا فشلت فأنا الوحيد الذي سيُدان.
كل اللي بأطلبه إنكم ما تهاجموش في الأول، استنوا وسيبوني أنا أجرب. الحقيقة الرئيس حافظ الأسد حاول يثنيه عن الزيارة كلية يعني..
أحمد منصور:
نعم.
جيهان السادات:
ولكن السادات كان مصر إصرار شديد إنه هو يكمل حرب أكتوبر بعد هذا النصر، يكمله بسلام ويحط نهاية للحروب في هذه المنطقة.
أحمد منصور:
(7/324)
الأول هو عمل الرئيس السادات حرب أكتوبر حتى تكون هناك حرب وانتصار وتعود الأرض، أم عمل حرب أكتوبر حتى يعمل اتفاقية سلام؟
جيهان السادات:
هو عمل حرب أكتوبر علشان لما يقعد مع المفاوض، يقعد الند للند، لأن إحنا كنا قبل حرب 73 كنا بننهزم، في كذا حرب قبل كدا انهزمنا، فهو قال مش هأعمل سلام قبل ما أعمل حرب أولاً أثبت للعالم إن إحنا مش جثة هامدة، وأثبت للعالم إن إحنا عاوزين نسترد أرضنا، وصوتنا يصل للعالم، لأنه قبل كدا قال أنا عايز أعمل سلام ما حدش.. ما حدش استمع إليه، فقال أنا حأخش حرب وأثبت للعالم إن إحنا الجندي المصري قادر على استرداد الأرض، وبعد كدا هأكملها فعلاً بسلام، لكن أقعد مع المفاوض الآخر –اللي هو الإسرائيلي- الند للند.
أحمد منصور:
دا الكلام ده إمتى قاله؟ متى قال هذا الكلام أنه سيكمل الحرب بسلام؟
جيهان السادات:
بعد حرب أكتوبر.
أحمد منصور:
يعني إذن من البداية لم تكن حرب أكتوبر من أجل تحرير سيناء، وإنما من أجل التفاوض على التسوية مع الإسرائيليين.
جيهان السادات:
هو حارب قدر استطاعته، وقدر ما يقدر سلاحه يعطيه، لاحظ إن لا أميركا إدته سلاح ولا روسيا إدته السلاح الكافي، فيكفي اللي هو عمله علشان يفتح الطريق فعلاً لسلام دائم.
أحمد منصور:
هل التقيت أنتِ مع الرئيس الأسد أو رافقت الرئيس السادات في أي زيارات له أو في أي مقابلات؟
جيهان السادات:
نعم، نعم.
أحمد منصور:
ما هي كانت انطباعاتك..؟ متى أولاً حدث هذا، قبل الحرب أم بعدها؟
جيهان السادات:
لا.. قبل الحرب زرت سوريا كتير.
أحمد منصور:
قبل الحرب، كان بيتردد الرئيس الأسد هنا، كان بيأتي إلى مصر؟
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
انطباعاتك إيه عن الرئيس الأسد، وطبيعة شخصيته؟
جيهان السادات:
(7/325)
هو شخصية جذابة جداً، وأنا كنت أحبه جداً، وأكن له كل الاحترام، وكان لي صلة به يعني كان لما بيجي مصر كنت برضو دايماً بأقابله، وكان لما أروح سوريا بأشوفه وأقابله، وأنا عرفت الرئيس حافظ الأسد قبل ما يبقى رئيس كمان كان قائد..
أحمد منصور:
وزير دفاع.
جيهان السادات:
وزير دفاع بالظبط، فكنت رايحة أعزي في ابنه السفير السوري في مصر، بنته ماتت فرحت أعزي فهو حتى قابلني –الرئيس حافظ الأسد- وجلس معايا، وكان يعني الحقيقة.. هو شخصية جذابة، وشخصية لطيفة جداً، وقوي.
أنا أذكر كمان كان فيه مؤتمر في (سيريلانكا) مؤتمر بيجمع البلاد.. الزعماء العرب والأفارقة، وكان فيه نوع من الخلاف بين مصر وسوريا بعد حرب.. بعد السلام أو حاجة زي كدا، لأنه كان في مؤتمر هناك وكان ليبيا مقاطعة مصر، وكان سوريا مقاطعة مصر وكان يعني.. كان فيه خلافات، فاللي حصل إحنا رحنا وأنا رحت مع الرئيس السادات، وإحنا نازلين في الأسانسير بتاع اللوكاندة الباب اتفتح والرئيس السادات حينزل من الأسانسير وأنا وراه، في وشنا لقينا حافظ الأسد واقف عشان ياخد الأسانسير، فالحقيقة أنا أما شفت.. وهم كانوا مش بيكلموا بعض فأنا طبطبت على ضهر أنور السادات، يعني إيه؟ يعني من فضلك زي واحدة بتترجى جوزها مثلاً يعني..، فبصيت لقيت الحقيقة الرئيس حافظ الأسد كان دايماً يقول له: فخامة الـ.. فخامة الرئيس السادات..
أحمد منصور:
نعم.
جيهان السادات:
وأنور كان دايماً يقول له: فخامة الأخ حافظ الأسد.
أحمد منصور:
نعم.
جيهان السادات:
فحضنوا بعض وباسوا بعض وأنا كنت سعيدة سعيدة جداً بهذا اللقاء، لإن أنا طول عمري عايزة علاقات أنور السادات بإخوانه الزعماء العرب تكون يعني كويسة.
أحمد منصور:
دا اجتماع منظمة الدول الأفروآسيوية.
جيهان السادات:
أيوه، بالظبط كده.
أحمد منصور:
يعني هل حدث بين السادات و..
جيهان السادات:
(7/326)
بعدها جالنا زارنا هنا في مصر الرئيس حافظ الأسد، وكان قاعد هنا في هذا الصالون، وأنا نزلت وسلمت عليه كبرضو في بيتي وضيفي..
أحمد منصور:
تفتكري سنة كام؟
جيهان السادات:
لأ مش حأقدر أفتكر، بعد المؤتمر دا على طول مباشرة، يمكن في طريقه حتى للعودة أو حاجة زي كدا. فأنا حتى يومها قلت له: يا سيادة الرئيس إنتوا إخوات، ازعلوا، اختلفوا، اعملوا اللي أنتوا عايزينه بس دايماً الإخوات لما يختلفوا أولاً ما يستغنوش عن بعض دا شيء مهم جداً، ثانياً: ما يشتموش بعض، يعني بلاش الشتيمة، أصل حضرتك يعني مثلاً أنور السادات أما راح سوريا هو راجع بعد ما قال للرئيس حافظ الأسد أنه حيروح يعمل سلام.
أحمد منصور:
قبيل ذهابه إلى القدس.
جيهان السادات:
اتفتحت الراديو والإذاعات السورية بالخاين أنور السادات، اللي صفته، اللي باع أرضه، اللي باع القضية، يعني نفسي الاتهامات الشديدة دي ما تبقاش بين الإخوات أبداً، يبقى نترفع عنها ونختلف، نقول إحنا نختلف، ونشجب ما يفعله أنور السادات، ولكن ما تنزلش لإسفاف أو شتائم يعني دا اللي اترجيته فيه إنه يعني يحافظوا عليه، وبس وطلعت.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور:
العلاقة التي كانت تربط السادات بحافظ الأسد كانت تختلف عن العلاقة التي كانت تربط السادات بالقذافي، وكذلك تربطك أنتِ؟
جيهان السادات:
طبعاً، يعني ما تقدرش تمثل حافظ الأسد بالقذافي، حافظ الأسد إنسان أنضج، وأكبر سناً، وخبرته في الحياة أكتر.
أحمد منصور:
شاه إيران زار مصر سنة 74.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وهناك بعض التقارير، أو الدراسات أو الأخبار تتحدث أنك أنت شخصياً أشرفت على ترتيبات زيارته إلى أسوان تحديداً.
جيهان السادات:
لا.. أنا مش ماسكة بروتوكول الرياسة، الحاجات دي البروتوكول هو اللي بيشرف عليها وليس لي دخل فيها نهائياً..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إيه طبيعة..
جيهان السادات:
(7/327)
أنا قابلته في أسوان أنا وزوجي، لأنه جه هو وزوجته فعلاً، وحتى أنا فاكرة كويس قوي بعد ما جه..، أولاً إحنا بنُكن له كل احترام، لأنه في أثناء حرب أكتوبر كان فيه نقص في البترول هنا علشان الدبابات والـ.. والطيارات والحاجات اللي يعني اللي بتشتغل في الحرب، وأنور السادات طلب منه فحول مركب في وسط البحر كانت رايحة لبلد ما، فحولها تدي اللي عندها تفرغ الشحنة بتاعتها في مصر. فأنور السادات لم ينس له هذا الجميل.
لما جه أسوان وزارنا طبعاً رحبنا بيه، في يوم من الأيام كان عاوز يزور أبو سمبل أنور السادات تاني يوم أو حاجة زي كدا كان عنده سخونية عالية جداً، حرارة 40°، فما قدرش يروح، فأنا رحت معاهم علشان هم كانوا نفسهم يشوفوا أبو سمبل، فقلت يعني ما نضيعش اليوم دا، يشوفوا الآثار المصرية وأروح أنا معاهم بالنيابة عن أنور يعني وكدا.
أحمد منصور:
زرت طهران في يونيو 76 مرافقة للرئيس السادات؟
جيهان السادات:
نعم، زرتها مرة واحدة فعلاً مع أنور السادات، نعم.
أحمد منصور:
وثقت علاقاتك مع الشاه (بانو) ووثقت علاقات السادات مع الشاه؟
جيهان السادات:
نعم إلى حد ما يعني، نعم.
أحمد منصور:
طبيعة العلاقة التي كانت تربط الشاه بالسادات إيه؟
جيهان السادات:
والله هي يعني ما هياش كانت علاقة قوية بالدرجة، ولكن كان أنور السادات يحمل الجميل له على –زي ما قلت لحضرتك- الباخرة، الشحنة اللي فرغها، وبرضو إدتنا يعني دفعة شوية في الحرب، دي ما نسيهالوش، ما نسيهاش.
أحمد منصور:
لكن كان هناك.. ألم يكن هناك شيء من الترتيب باعتبار الشاه كان رجل أميركا الأول في المنطقة في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
نعم، نعم، نعم.
أحمد منصور:
ألم يلعب الشاه أي دور أو ترتيبات في ترتيب أقوى للعلاقات ما بين السادات وما بين الأميركان؟
جيهان السادات:
لا.. لا.. دا حأقول لحضرتك حاجة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
(7/328)
يعني السادات اعتمد على قدراته الشخصية البحتة في توثيق علاقته بالأميركان؟
جيهان السادات:
نعم، حأقول لحضرتك حاجة، أنور السادات لما الشاه جه بعد ثورة إيران، وجه مصر فأنور كان بيقول له هات الجيش.. هات البحرية بتاعتك هنا في البحر الأحمر علشان خاطر ترجع تاني وتحاول تخش تاني يعني، فقال له: الأميركان مش حيرضوا، فأنور السادات ذهل، وقال لي: يا خبر الأميركان ممشينه إلى هذه الدرجة؟! يعني بياخد أوامره من الأميركان؟! دا هو الإمبراطور بتاع إيران، إزاي ما يديش أوامر ويجيب البحرية بتاعته هنا، وبعدين يرجع يحاول يسترد ملكه أو حاجة زي كدا؟! الأميركان تحكموا فيه إلى درجة إن هم.. بيقول لي إنه الأميركان مش حيرضوا؟! قال: لأ، يبقى خلاص، انتهى.. انتهى الموضوع في الكلام معاه في حاجة زي كدا.
أحمد منصور:
طب ألم يكن يدرك الرئيس السادات ذلك أيضاً في ارتمائه تجاه الأميركان بنسبة الثقة المطلقة التي كان يوليها لهم، وكان موضوع الشاه شاهد رئيسي أمامه؟
جيهان السادات:
لا، أنور السادات لم يرتم ولم يكن مثل الشاه، أنور السادات كان بيفاوض بالنسبة لمصر، بيتكلم وبيقول حقائق، لكن أميركا لم تملك في أي وقت من الأوقات أن تملي على الرئيس السادات أي شيء.
أحمد منصور:
99% من أوراق اللعبة، كيف لم تُمل؟
جيهان السادات:
في السلام.. في السلام لأنهم يملكوا الضغط على إسرائيل، ولكن لا يملكوا ضغط على مصر.
أحمد منصور:
يعني عملية الضغط هذه على مصر .. مارست أميركا ضغوط على مصر على أبعد حد ابتداءً من المفاوضات في الكيلو (101) إلى توقيع اتفاقية السلام في 79.
جيهان السادات:
(7/329)
لا يا أفندم، لا يا أفندم، لا يا أفندم لأ.. لأ، بدليل.. حأقول لحضرتك دليل آخر، كان المفاوض المصري المجموعة اللي بتفاوض راحت إسرائيل تفاوض، والدكتور مصطفى خليل كان على رأس هذه المجموعة، ولما لم يتم التفاوض أنور السادات طلب إنهم ينسحبوا وييجوا، لأ ما كانش فيه ضغط من أميركا.
أحمد منصور:
لم يتم الاتفاق في هذه الجولة، ولكن تم الاتفاق في جولات أخرى.
جيهان السادات:
في جولات أخرى.. طبعاً، طبعاً.
أحمد منصور:
وعلى نفس ما فرضته إسرائيل وضغطت به أميركا.
جيهان السادات:
نعم؟
أحمد منصور:
على ما فرضته إسرائيل وضغطت فيه أميركا.
جيهان السادات:
لأ، أبداً إسرائيل لم تفرض شيء علينا، وإلا ما كانتش إدتنا سينا كلها، ولا أميركا قدرت تضغط علينا، لا يا أفندم.
أحمد منصور:
كل المعطيات فيما يتعلق بما كان يحمله كيسنجر من مقترحات أنها كانت مقترحات جولدا مائير وكان يتبناها بشكل شخصي ألم يدرك السادات وهو يفتح المجال لكيسنجر ابتداء من أول مقابلة قابلها له بعد الحرب، وحتى انتهاء دور كيسنجر مع نهاية عهد الرئيس فورد، أن السادات كان يتعامل مع وزير خارجية أميركي يهودي تهمه مصلحة الإسرائيليين بالدرجة الأولى، ويمثلهم في المفاوضات أكثر مما يمثل أميركا؟
جيهان السادات:
يمثلهم يهودي مش يهودي، أميركاني، إسرائيلي، لو بيجن نفسه، المهم إن أنور السادات كل تركيزه وكل يعني.. كل ضغطه إن هو في المفاوضات إنه يصل إلى إنه ياخد أرض سيناء كاملة، وهو دا اللي حدث، دا يضغط ما يضغطش في النهاية أنور السادات.. أولاً: كان لا يقبل ضغط، دي شيء.
ثانياً: إنه خد أرضه كلها، أنت عايز أكتر من كدا إيه؟! أنت كنت عايز تاخد حتة من إسرائيل؟! لا يمكن..
أحمد منصور:
إحنا تحدثنا عن قضية الأرض وكيف أنها أرض منقوصة السيادة.
جيهان السادات:
ليست منقوصة السيادة، أنا لا أوافقك على هذا أبداً.. حضرتك روح، طب حضرتك..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
(7/330)
مش كلامي أنا يا سيدتي هذا هو الواقع وواقع الاتفاقات التي وقعت.
جيهان السادات:
طب حضرتك روح اسأل مثلاً وزير الحربية الآن..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مش أسأل وزير الحربية، حتى في سيناء نفسها.
جيهان السادات[مستأنفةً]:
واسأله الشريط.. هل الشريط..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أي واحد يتجول يستطيع أن..
جيهان السادات[مستأنفةً]:
اللي عليه البوليس الأمم المتحدة هذا نقص من السيادة المصرية؟! لأ يا أفندم، الأرض كلها معانا، لكن شريط بينا وبينهم هذا لا ينقص أبداً.
أحمد منصور:
حتى في التحليق الجوي للطائرات العسكرية المصرية هناك مدى معين لها في سيناء لا تستطيع أن تتجاوزه.
جيهان السادات:
الحقيقة أنا مش عايزة أقول إن أنا أعرف في هذه الحاجات، لإن دي حاجات عسكرية أنا لا أفهم فيها، إنما أنا كل اللي فاهماه كويس جداً إننا عندنا كامل الحرية والسيادة على أرضنا.
أحمد منصور:
رافقت السادات –أعود إلى زيارة طهران- بعدها ذهبت معه إلى السعودية ثم إلى أبو ظبي.
جيهان السادات:
بالظبط.
أحمد منصور:
وربما لأول مرة في تاريخ هاتين الدولتين يفاجأ المسؤولون في الدولة بأن قرينة الرئيس تصحبه وتنزل معه في نفس الطائرة ويتم عمل استقبال لها.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
أصبت السعوديين بالدهشة في ذلك الوقت؟
جيهان السادات:
دا صحيح.
أحمد منصور:
قصدت أن تتحدي أيضاً نظام البروتوكول القائم ونظام الأشياء القديمة، وأن تفرضي نفسك كامرأة قوية حتى على الآخرين؟
جيهان السادات:
لأ، أنا لم أتحدى البروتوكول السعودي، إنما أنا أحترم البروتوكول المصري، أنا نزلت مع أنور السادات لأن في أي زيارة في أي بلد بأروحها أنا زوجته وبأنزل جنبه مش وراه كمان، جنبه وفي أي استقبال، فأنا بأمشي حسب البروتوكول المصري وأحترم البروتوكول المصري فقط.
أحمد منصور:
(7/331)
لكن أنتِ ضيفة على دولة أخرى لا يوجد فيها هذا، وواضح أنك درست تماماً قبل أن تذهبي إلى السعودية ما الذي يمكن أن تسببه زياراتك من ردود أفعال.
جيهان السادات:
لا أنا حأقول لحضرتك، أنا رحت السعودية قبل كدا كذا عمرة، وكل الأمراء بأقبالهم وبيجوا لي.
أحمد منصور:
عمرة، عمرة ماشي.
جيهان السادات:
يبجوا لي، آه.
أحمد منصور:
كل الناس بتروح عمرة.
جيهان السادات:
طيب لما بيجوا لي ويشوفوني اشمعنى على سلم الطيارة هو اللي غلط وأما بيجوا لي يقابلوني وجهاً لوجه صح؟! لأ أنا شوف يا أفندم اللي أعمله في العلن بأعمله في الخفاء، هو هو ما عنديش طريقتين يعني، وعايزه أقول لحضرتك تعليقاً على هذا والشيخ زايد موجود إلى يومنا هذا، أنا لم نزلت في السعودية.
أحمد منصور:
أبو ظبي.. في السعودية.
جيهان السادات:
بعد كده نزلت في أبو ظبي وكان الشيخ زايد بيقابلني، فبص لي كده وضحك وقال لي: عملتي لي ثورة هنا في أبو ظبي بدليل إن زوجتي هنا في المطار طالعة تقابلك لأول مرة تطلع المطار، وعملتي ثورة بين الستات إن شافوكي نازله على السلالم. فضحكت وضحك هو، وبعدين فعلاً زوجته كانت في المطار جوه، وأخدتني بالعربة، طبعاً فيه ستاير ومقفولة وكله، ورجعنا على القصر.
أحمد منصور:
يعني حضرتك بتعتبري نفسك لعبت دور من خلال هذه الزيارة في التطور اللي حصل في دول الخليج بالنسبة لدور المرأة؟
جيهان السادات:
لا لا لا مش هو دا الدور، بس ممكن تقول دا مؤشر إن المرأة بتلعب دور جنب جوزها، والمرأة مكملة لزوجها، والمرأة لابد إن لها دور منذ.. منذ صدر الإسلام كانت بتلعب دور، والسيدة عائشة كان لها دور أيام الرسول، والمرأة المسلمة لها دور ودا اللي أنا دايماً بأوضحه للأجانب اللي بيفتكروا إن الإسلام لم يعطي المرأة أي دور.
أحمد منصور:
أنت رأستِ وفد في المؤتمر العالمي للمرأة التابع للأمم المتحدة اللي عقد في المكسيك سنة 75.
جيهان السادات:
(7/332)
نعم.
أحمد منصور:
ما هي الصفة التي مثلتِ بها الوفد المصري.
جيهان السادات:
الصفة..
أحمد منصور:
أنت هنا الصفة إنك مرافقة لزوجك، الصفة هنا إيه أن تمثلي مصر.
جيهان السادات:
الله!! سيدة لها نشاط وزوجة رئيس الجمهورية، بل بالعكس دا أنا إديت للوفد قيمة كبيرة إن زوجة رئيس الجمهورية هي اللي على رأس الوفد، بدليل إن أنا لما عملت كدا وفود كتيرة جداً لما عرفوا جت رئيسة الدولة هي رئيسة الوفد.
أحمد منصور:
زوجة رئيس الجمهورية تقصدي.
جيهان السادات:
آه.. قصدي زوجة رئيس الجمهورية بقت هي رئيسة الوفد، ومن ضمنهم زوجة رابين وكان أيامها هو رئيس الوزراء.
أحمد منصور:
أو رحلة رحت بيها أيضاً إلى ألمانيا كانت سنة 75 بمفردك أيضاٍ؟
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
مثلت مصر في إيه هناك؟
جيهان السادات:
أنا دعيت من حرم رئيس الجمهورية هناك وهي دكتور (شيل)، ودعتني رسمي لأني أزور ألمانيا فرحت زرتها.
أحمد منصور:
بعد حرب أكتوبر بدأ دور أو مسمى أو وضع سيدة مصر الأولى يظهر. من الذي خلع عليك هذا اللقب؟
جيهان السادات:
ولا أدري إلى يومنا هذا.. صدقني.
أحمد منصور:
كيف؟! كيف لا تدرين؟!
جيهان السادات:
والله لا أدري مين.. ويمكن.. يمكن تكون الأخبار هي أول من طلعتها، لكن دا أنا.. هل تتصور –أنا حسأل حضرتك أنا- أنا اللي أقول لهم أطلقوا عليَّ سيدة مصر الأولى؟! لم يحدث..
أحمد منصور:
ولم لا؟ ولم لا؟
جيهان السادات:
لا لا لا ما حدش يطلب لنفسه، لأ.
أحمد منصور:
توعزي إلى الآخرين.
جيهان السادات:
لا لا لا، ولا عمري فكرت فيها، دي اتقالت وطلعت و.. زي أم الأبطال، أنا قلت لهم سموني أم الأبطال؟! قالوها بعد حرب أكتوبر.
أحمد منصور:
لكن هذه الأشياء كانت تسرك أن تُطلق عليك.
جيهان السادات:
(7/333)
والله مش بالدرجة حضرتك، أنا يسرني جيهان السادات أو الدكتورة جيهان السادات أحسن لأن أنا كافحت عشان أسعى إلى هذا اللقب، لكن التانيين ماكافحتش، التانيين بحكم وضعي جولي لغاية عندي.
أحمد منصور:
لكن هنا أيضاً ما ذكر عن أن.. بدأ صراع بينك وبين أم كلثوم على اعتبار أنها هيَّ التي كانت سيدة مصر الأولى، وأنت أخدت هذا اللقب، ومنعت أو أعطيت توجيهات للصحافة بأن تطلق عليك أنت وليس هيَّ.
جيهان السادات:
لا، حأقول لحضرتك، أنا.. أنا زوجة رئيس الجمهورية، وأم كلثوم –مع احترامي وحبي الشديد لها- هي مطربة، فليس هنا أي نوع من المنافسة، لا أنا مثلاً مطربة زيها عشان أخش..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
المنافسة على الجماهيرية.
جيهان السادات:
لأ الجماهيرية هي سيدة الغناء العربي..
أحمد منصور:
وعلي الشعبية وعلى الحضور.
جيهان السادات:
هي ما كانتش سيدة مصر، هي كانت سيدة الغناء الأولى.
أحمد منصور:
كلقب أيضاً كان بيطلق سيدة مصر الأولى..
جيهان السادات:
لا، لا لا لا، عمر ما تقال عليها سيدة مصر أبداً، ولا كتبت أبداً، هي سيدة الغناء الأولى، لكن أنا -لعلم حضرتك- أولاً أنا بحب الست دي، وبحب صوتها إلى يومنا هذا، وعلاقتي بها كانت علاقة طيبة وليس هناك أي نوع من المنافسة بيني وبينها، نهائي، بل كانت صداقة، بتوع بقى 15 مايو هم اللي فبركوا العملية دي للأسف، وطلعوها..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
فبركوها متى؟ خلاص الرئيس السادات قضى عليهم و انتهى أمرهم.
جيهان السادات:
لأ، قبليها، لا دي طلعت قبل.. طلعت قبل –حضرتك- وإحنا موجودين.
أحمد منصور:
(7/334)
الآن في 15 مايو 71 تم محاكمة هؤلاء والقضاء عليهم، واسمح لي طالما أنت فتحت موضوعهم، يقال أن الأحكام جاءتك هنا إلى البيت قبل أن تصدر، وكان يجلس الرئيس السادات وهيكل وسيد مرعي وأنتِ وتفحصتم في الأحكام، وتم تعديل الأحكام من خلال هذه الجلسة التي نطقت هذا عبد المحسن أبو النور ذكره في مذكراته.
جيهان السادات:
طب روح حضرتك، مش حضرتك بتقول: هيكل كان قاعد، أهه هيكل حي يرزق، سيد مرعي مات..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ده كلام عبد المحسن أبو النور.
جيهان السادات:
أيوه ما أنا عارفة ما أنا بأقول.. بيقول: هيكل وسيد مرعي وأنور السادات وأنا، هيكل موجود روح حضرتك أسأله كده إن قال لك أيه.. لم يحدث إطلاقاً، وعلشان تعرف الكذب بتاع هؤلاء الناس حقيقةً يعني، إنهم بيكذبوا لدرجة، طب إحنا هنا، إيه اللي عرفه إن أنا كنت حاضرة، اللي عرف عبد المحسن أبو النور..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
المعلومات بتتسرب من الناس.
جيهان السادات:
يا فندم لأ، ده كذب وافتراء، اسمه كذب وافتراء إنه يقولوا حاجة زي كده لم تحدث.
أحمد منصور:
بغض النظر عن هذه الجلسة ألم تتدخلي في قضية الأحكام أو الرئيس السادات خاصة وأنه..
جيهان السادات[مقاطعة]:
نهائي.. نهائي.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
كان قد أوحى -كما ذكروا أيضاً- بأن يتم إعدام وزير الحربية محمد فوزي في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
لأ نهائي نهائي.
أحمد منصور:
لكن الحكم الذي صدر، صدر بالأشغال الشاقة ولم يصدر بالإعدام.
جيهان السادات:
نهائي لم أتدخل في هذا نهائي، ولا أعلم عن الأحكام شيء.
أحمد منصور:
طب حتى أغلق ملف أم كلثوم، وأنا هنا بس أنا بأتعرض لأم كلثوم أنا بأعالج معك في شهادتك القضايا الكبرى والقضايا الكلية وليس القيل والقال.
جيهان السادات:
نعم. مظبوط.
أحمد منصور:
وأي شيء بأرجع ليه بيكون بشيء موثق أو شيء رسمي وليس كلام صحف أو جرايد.
جيهان السادات:
صح مظبوط.
أحمد منصور:
(7/335)
لأني لا أريد أن أخوض في مثل هذه التفاهات الكثيرة.
جيهان السادات:
طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور:
المنتشرة حول هذا الأمر، ولكن ما يتعلق بأم كلثوم تحديداً حتى نغلق ملفها خاصة بعد ما أثير.. مسلسها طلع وأثيرت حاجات.. أشياء كثيرة بينك وبينها، هناك شيئين أساسيين مرتبطين بيك وبأم كلثوم: مشروع الوفاء والأمل أنه كان مشروع أم كلثوم وأنتِ أخذيته منها، وهذا من الأشياء التي سببت أو زادت الأمراض عليها، وأن هذا المشروع لم يكن مشروعكِ أنت وإنما كان مشروعها.
جيهان السادات:
أولاً عايزة أقول لحضرتك عشان تعرف إن ما فيش خلاف بيني وبين أم كلثوم، فيه ابنها.. ابنها الدسوقي موجود ومراته، أهلها موجودين روح اسألهم..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ابنها بالتبني تقصدي؟
جيهان السادات:
أيوه نعم، فروح أسألهم إذا كان فيه حاجة، عشان تعرف الافتراءات بتصل إلى إيه، إلى ما.. إلى مدى غريب الشكل.
أحمد منصور:
أنا يا أفندم بأسمع منك أنت.
جيهان السادات:
لأ لا ده أنا بأقول لك روح لأهلها وأسألهم عشان تعرف إن لم يكن أي خلاف..
أحمد منصور:
يعني هي الأشياء -في النهاية- بينك وبينها وهي ماتت وأنت موجودة.
جيهان السادات:
لم يحدث أي خلاف، ثم أيضاً روح في وزارة الشؤون الاجتماعية، الوفاء والأمل اتعملت سنة 72، مشروع أم كلثوم سنة 73، فمين اللي خد من التاني، أنا عملت مشرع الوفاء والأمل، وأنا ماشية في العمل الاجتماعي، أم كلثوم كانت بتلم فلوس عشان.. المجهود الحربي، ده يختلف خالص، هي كانت بتغني وراحت بلاد أخرى وراحت تونس وراحت بلاد أخرى وجمعت للمجهود الحربي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هذا.. غير المجهود الحربي مشروع الرعاية الاجتماعية.
جيهان السادات:
(7/336)
أما المشروع بتاعها، المشروع بتاعها اللي هو تعليم الفتيات والخياطة والحاجات دي في سنة 73 سجل في وزارة الشؤون الاجتماعية، ومشروع جيهان السادات في الوفاء والأمل سجل في وزارة الشؤون الاجتماعية سنة 72، فمين خد من التاني؟! أنا لم آخد من حد. وبعدين عايزة أقول لحضرتك حاجة: ياريت ستين ألف واحدة زي أم كلثوم وغير أم كلثوم يعملوا مشاريع خيرية، ده يسعدني ويخليني أبقى فخورة بالسيدات اللي بيساهموا في رفع مستوى المريض أو المعوق أو الفقير.
أحمد منصور:
صحيح أنت أهنتيها في مرة أمام الناس حينما كانت تدلل الرئيس السادات وتقول له: يا أبو الأنوار؟
جيهان السادات:
لأ، لم يحدث وهنا أنتو تظلموا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أنتِ من حقك تغيري على الرئيس وتمنعي أي حد يدلعه!!
جيهان السادات:
لا ما غرتش عليه على فكرة أبداً، أنا واثقة في نفسي جداً، عمري ما غرت عليه على فكرة صدقني.
أحمد منصور:
بالمرة ما غريتش عليه؟
جيهان السادات:
نهائي نهائي في حياتي، ولا هو بقى -اللي أصعب بقى- ولا هو غار علي، ما حصلش دي أبداً بنا ما فيش غيرة.
أحمد منصور:
يعني ما كانش بيرى بعض التصرفات لكِ ويغضب الرئيس السادات؟
جيهان السادات:
لأ، مش غيرة، لأ غضب من حاجات تانية معلش، ممكن يعني.. تصرف، لكن غيرة عليَّ لم.. عمره.
أحمد منصور:
كان بيسر بتصرفاتك لما –يجد لك حضور في وسط الناس، أو في..
جيهان السادات:
آه طبعاً بيبقى فخور بمراته، مؤكد، عايزة أقول لحضرتك حاجة إحنا بنظلم..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حتى ما أثرتيه من زوابع في السعودية والإمارات كان فخور بهذه الأشياء؟
جيهان السادات:
(7/337)
ولم.. ولم تهزه، ما أثرتش زوابع، كانوا مؤدبين قوي في.. في مقابلتهم، وكانوا ظراف جداً كعادتهم، وبعده كده رحت حجيت وعملت عمرة، ناس في منتهى الذوق معايا. أم كلثوم انتو بتظلموها لما تقول أبو الأناور، لأن أم كلثوم كانت من الذكاء إنها ما تغلطش أبداً، هي كانت تحب أنور جداً، عمرها ما قلت له أبو الأناور، كانت دايماً تحترمه و.. حتى..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كانت أيه بتناديه إزاي؟ تقول له: يا ريس؟
جيهان السادات:
الرئيس، الرئيس السادات، يا ريس. الحقيقة عمرها ما أخطأت هذا، واللي بيقول كده افتراء على أم كلثوم مش على علاقتي بيها، وأنا ما نهرتهاش ولا قلت لها كلمة أبداً، الحقيقة يعني.
أحمد منصور:
طيب أنا طالما في قضية الإصلاح ودورك في قضية المرأة أستكمل هذه النقطة بما أطلق عليه (قانون جيهان)، وهو تعديل قانون الأحوال الشخصية.
جيهان السادات:
الأحوال الشخصية.
أحمد منصور:
الذي اعتمد رسمياً في العام 79.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
اعتبر يعني هذا القانون الذي يعني أنت طالبت به فيه نوع من الإحجاف الشديد للرجل، ونوع من التقييد على قضية الطلاق ومنع الزواج الثاني على وجه الخصوص، حتى أن كثيرين يقولون: لو أن هذا القانون كان مطبقاً قبل أن تتزوجي بالسادات ما كنت تزوجتيه!!
جيهان السادات:
أولاً أنا تزوجته مطلق مش متزوج، الحاجة التانية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لأ هو هنا برضو فيه نقطة مهمة –حضرتك- في.. في هذه القضية ذكرتها السيدة إقبال زوجته الأولى في حوارها الأخير في "الأهرام العربي"، إن أنتِ اللي فرضتي عليه قضية الطلاق..
جيهان السادات[مقاطعة]:
لأ.. والله..
أحمد منصور[مستأنفاً]:
لأن.. لأن ابنته ولدت قبل زواجكما.
جيهان السادات[مقاطعة]:
بعد.. يكاد يكون بعد..
أحمد منصور[مستأنفاً]:
بعد زواجكما بعشرة أيام.
جيهان السادات:
(7/338)
أولاً: هي ست كبرت، أولاً هي بتقول: أنور السادات أكبر مني بسنة وأكبر منها.. هي أكبر منه بسبع سنين مش سنة، هي قد.. من مواليد زي طلعت أخوه، ثانياً: هي ست كبرت ويعني عيب إن أنا أتكلم معاها، يعني من ضمن الحاجات اللي قالتها قالت إن والدته قالت -لما عرفت إنه اتجوزني- قالت: يا ريت خبره جالي أو إنه قالوا لي إنه مات قبل ما أعرف إنه اتجوز واحدة تانية. ما فيش أم في الدنيا تقول على ابنها كده، وهي تعلم إن من حق ابنها يتجوز مرة واتنين وتلاتة وأربعة، وهي أم تحب ابنها وتحب سعادته، فدي كلام يعني الحقيقة أنا بأقراه وأضحك.
أحمد منصور:
أنا.. أنا لا أدخل سيدتي في هذه التفصيلات يعني.
جيهان السادات:
طبعاً ده كلام يعني ما يجبش إنه ياخد من وقتنا..
أحمد منصور:
أنا قلت لكِ أنني دائماً أترفع عن الأشياء البسيطة.
جيهان السادات:
بالظبط.. الحقيقة..
أحمد منصور:
لكن أنا بأناقش القضايا الكلية الآن..
جيهان السادات:
لأ لا ده كله كلام فارغ.
أحمد منصور:
لأن إحنا سبق وفتحنا هذا الملف.
جيهان السادات:
بالظبط.
أحمد منصور:
لكن أنتِ ذكرت أنه حتى حسن عزت في مذكراته قال إن هو أبلغه أنه طلقها ولم يكن قد طلقها بالفعل، لكن يبدو أن الحب قد غلب كما ذكرت أنتِ.
جيهان السادات:
لا واللهِ كان طلقها، وكان سابها بدليل إنه كان مانعها -وهي كتبت حتى في كتاباتها- إنه كان مانعها من زيارته في السجن وهذا حقيقي. لأ لأ كل ده.. وأنا لا يمكن كنت هأتجوز واحد آخده من مراته يعني ما.. ما كنتش محتاجة يعني كان بيجيلي ناس كتير.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ده أنت قلتي: هأتجوزه هأتجوزه، يعني حتى على نص كلامها: لو عنده 14 عيل.
جيهان السادات:
.. أنا حبيته آه.. لكن هأتجوزه.. هأتجوزه لو عنده 20 مش 12، بس إنه مش متزوج مطلق يعني، ما كنتش هاخده من زوجة تانية أبداً، استحالة.
أحمد منصور:
(7/339)
طيب نعود إلى قانون الأحوال الشخصية وتعديلاته أو ما أطلق عليه (قانون جيهان السادات).
جيهان السادات:
نعم، أيوه، هأقول لحضرتك..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ولا زال حتى الآن الناس، بس ما حدث بعد ذلك من تعديلات جعل اللي أنتِ عملتيه رحمة بالنسبة للناس.
جيهان السادات:
أقل بكثير، طب هاقول لحضرتك فعلاً أنت بتقولوا لي بأتدخل في حاجات، أنا لم أتدخل في أشياء إلا فعلاً قانون الأحوال الشخصية أنا متدخلة فيه، ولا أنكر هذا، يعني شوف بأعترف لك إيه اللي اتدخلت فيه وإيه اللي لم أتدخل فيه نهائي.
قانون الأحوال الشخصية أنا كنت اللي بأدفعه لكن فيه لجنة من مفتي الديار المصرية، شيخ الأزهر، العلماء علماء الدين،.. علماء القانون، وزيرة الشؤون الاجتماعية، يعني كان فيه صفوة من الناس بحيث إن هم لا يمكن يخرجوا عن الشريعة الإسلامية ولا عن الدين الإسلامي أبداً، وهذا أنا كمسلمة محبة لديني وأحترم ديني لا أقبله، ولا كان يقبله أنور السادات قبلي، وهو رجل متدين.
أحمد منصور:
إيه المطالب الأساسية اللي طالبتوها في القانون، وما تم الموافقة عليه وماتم رفضه لأن رفضت لكم أشياء كثيرة؟
جيهان السادات:
والله هأقول..
أحمد منصور:
إنتو كنتم بتطالبوا بالمساواة في الإرث بين النساء والرجال، وكنتوا.
جيهان السادات:
لا لا لا ده خروج عن الشريعة، استحالة.
أحمد منصور:
ما هم رفضوا، هم رفضوا هذه الأشياء.
جيهان السادات:
لا يا أفندم، لم يحدث، هذا كذب أيضاً، أنا أطالب إن.. إن المرأة تاخد..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كنتم عايزين تمنعوا الرجل أن يتزوج بأربعة.
جيهان السادات:
لا لا لا، حضرتك بص أنا كل اللي طالبته إنه الزوج لما يجي يتجوز زوجة تانية لابد إن يخطر زوجته، ودي أظن..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يخطرها أم ياخد موافقتها؟
جيهان السادات:
(7/340)
لأ يخطرها إذا وافقت وافقت، وإذا رفضت هذا حقها، يعني دي فرق جداً، وده في الإسلام، مش خارج عن الإسلام.
أحمد منصور:
وده أدى إلى.. إلى أيضاً انتشار عمليات الطلاق وطلب الطلاق بالنسبة..، طبعاً قضية الخلع الآن بقت يعني، قضية الخلع..
جيهان السادات:
لأ طب تعالَ بالظبط لدلوقت دي.. دي بقى نقول إيه، وأنا فرحانة، وأنا فرحانة لقضية الخلع على فكرة، ولا أنكر فرحي بيها.
أحمد منصور:
هو حق شرعي للمرأة لا يختلف عليه اثنان ولكن.
جيهان السادات:
طبعاً.. طبعاً، كله من الشريعة.
أحمد منصور:
كل شيء يعني في الشرع موجود الناس لا تختلف عليه، ولكن أسلوب تطبيقه واسلوب توظيفه، هذه هي..
جيهان السادات:
يا أفندم الزوج المحب لزوجته اللي عاوز بيته يستقر بيعيش في أمان، الراجل اللي عايز بقى يتجوز واحدة واتنين وتلاتة وعينه زايغة ده لازم يتحجم بقانون يحجم شوية..
أحمد منصور:
عينه زايغة ليه؟! في الحلال كله!!
جيهان السادات:
لأ ما هو شوف حضرتك ده في القرآن (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)، (ولن تستطيعوا أن تعدلوا) ..
أحمد منصور:
يعني حضرتك هو ما فيش حد بيعدل، ما فيش حد بيعدل، لكن هي النقطة الآن الأساسية هو إتاحة المجال.
جيهان السادات [مقاطعة]:
بالظبط.. مظبوط وبعدين الرسول كان له رسالة كان له رسالة غير النهاردة..
أحمد منصور:
يا فندم الآن تضييق الخناق على الناس في الزواج بالحلال بواحدة واثنين بيفتح المجال أما الفساد أيضاً، وأمام إن الزوج يبقى له عشيقات وليس زوجات.
جيهان السادات:
.. وهو لازم يبقى له عشيقات ما يكتفيش بزوجة ويعيش حياة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
فيه ناس عينيها -زي ما حضرتك بتقولي- زايغة، يخيلها تزوغ في الحلال أحسن.
جيهان السادات:
والله دي تبقى، ما هو عنده عنده..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
طب، أنا عايز أرجع للقانون، الناس كلها.. الناس كلها -بالذات من عاشوا هذه المرحلة- يقولون قانون جيهان.
(7/341)
جيهان السادات:
أيوه، نعم.
أحمد منصور:
أنا أريدك الآن أن تروي للناس قصة هذا القانون وما حققتيه فيه من أشياء، من البداية.
جيهان السادات:
أهو برضو عايزة أقول كلمة قانون جيهان بالضبط زي سيدة مصر الأولى، هل أنا أطلقته على نفسي؟! مش أطلق عليَّ قانون جيهان، كما أطلق عليَّ من قبل سيدة مصر الأولى؟
أحمد منصور:
أنتِ اللي عملتيه.
جيهان السادات:
نعم أنا اللي عملته.
أحمد منصور:
لأ.. دي حاجة تانية، سيدة مصر الأولى حاجة تانية.
جيهان السادات:
المهم يعني بيطلق..
أحمد منصور:
هناك من يقول أن الرئيس السادات هو الذي خلع عليك هذا اللقب.
جيهان السادات:
لا والله.
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا..
أحمد منصور:
زي الـ first lady بالظبط.
أحمد منصور:
بالنسبة للرئيس الأميركي مثلاً.
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا.
أحمد منصور:
لما بدأ يتأثر بالأميركان ويرتبط بيهم فأحب أن يصبغ مصر من هنا ومن هنا بالصبغة الأميركية.
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا.. لا.. برضو.. برضو تشنيع علي.. لا لا لا.. لم يكن هذا.
أحمد منصور:
وفيها أيه أن يقدمك على أنك الـ firest lady؟
جيهان السادات:
بالعكس لأ، ما أنا هأقول لحضرتك لو.. طب ما هي قيلت علىَّ طول فترة الـ 11 سنة، كانوا دايماً يقولوا سيدة مصر الأولى، فيعني دا أنا بيجي لي لغاية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وأنتِ كنتِ سعيدة ومبسوطة، ولو ما قالوش، كنت هتخليهم ليه ما قالوش المرة دي.
جيهان السادات:
لا لا لا..، والله أنا سعيدة.. أنا سعيدة بدوري.
أحمد منصور:
تفتكري مين أول صحفي..
جيهان السادات:
نعم؟
أحمد منصور:
أول صحفي كتبها، أو أول من كتب عنها كان مين؟
جيهان السادات:
والله ما قادرة أعرف يعني ما أقدرش أجزم، لأني يعني أنا ما كنتش يعني حاطة..
أحمد منصور:
لأنها انتشرت بشكل سريع.
جيهان السادات:
جداً.. آه بالظبط.
أحمد منصور:
(7/342)
وأصبحت هي اللقب السائد في كل شيء، وأصبحت أنت جزء من بروتوكول الدولة.
جيهان السادات:
لأ أنا لا أعرف لا أعرف هذا أبداً الحقيقة يعني.
أحمد منصور:
يعني أنتِ فرضت نفسك في حاجات وأخذت حاجات ومنحت نفسك حقوق بالنسبة لهذا الوضع.
جيهان السادات:
لا لا لا لا.. فين ده؟ فرضت نفسي في إيه؟
أحمد منصور:
كسيدة مصر الأولى.
جيهان السادات:
طب ما أنا سيدة مصر الأولى، وأنا زوجة رئيس الجمهورية، يعني ما فرضتش ده، أنا فعلاً، شرعاً أنا زوجة رئيس..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
شيء ليس.. شيء ليس.. شيء ليس له وجود -عفواً- لا في الدستور ولا في نظام الدولة ولا في أي شيء.
أحمد منصور:
ولما الصحفيين يكتبوا كده في الصحافة طب وأنا ما لي؟ أنا أعمل إيه؟
جيهان السادات:
ما هو يا فندم دي استتبعها دور واقعي تقومين به في الحياة، وتفرضينه في الحياة.
جيهان السادات[مقاطعة]:
لأ أنا كنت هذا الدور بالعبه.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
وتفرضينه في المجتمع.
جيهان السادات:
لا لا، الدور ده أنا كنت بألعبه قبل ما أنور السادات يبقى رئيس جمهورية، وأنا بألعب دور اجتماعي في البلد.
أحمد منصور:
الآن بقى له شقين: شق اجتماعي ظاهري أساسي، وشق سياسي.
جيهان السادات[مقاطعة]:
لا سياسي هي الوحيد.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
في أشياء مباشرة وأشياء غير مباشرة.
جيهان السادات:
الشق السياسي الوحيد اللي عملته وهو ترشيحي في المجلس الشعبي لمحافظة المنوفية، وهذا كان لغرض ما أريده أنا بالتحديد تشجيع المرأة الفلاحة، المرأة العاملة في الريف أن تشارك الرجل في حل مشاكلها في هذه المنطقة.
أحمد منصور:
ألم تكوني تطلبي من سكرتير رئيس الجمهورية فوزي عبد الحافظ أن يطلعك.. يطلعك بشكل يومي على مقابلات الرئيس وعلى..
جيهان السادات[مقاطعة]:
لا لا لا لا، هأقول لحضرتك.
أحمد منصور:
أما كنت تكتبي بعض التأشيرات المباشرة للوزراء؟
جيهان السادات:
لا لا لا لا.
(7/343)
أحمد منصور:
وتؤشري للوزراء ببعض الأشياء؟
جيهان السادات:
لم يحدث، هات لي.. هات لي تأشيرة واحدة وأنا أديك ما أملك، يعني هو ما أملكش كتير لكن هات لي تأشيرة، أتحدى كمان أن تجيب لي تأشيرة واحدة لوزير، الحاجة التانية عندك فوزي عبد الحافظ موجود أسأله، أسأله إن كان هذا يحدث؟ لأ يا فندم أنور السادات..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كل الناس اللي كانوا محيطين بكم وأنا قابلت بعضهم.
جيهان السادات[مستأنفة]:
أنور السادات كان راجل فلاح، وراجل مالي بيته ومكانه، وكنت أعمل حسابه وأحترمه، ما كنتش بأتدخل بالدرجة دي أبداً.
أحمد منصور:
أنا يا أفندم عايز أقول لك حاجة برضو، أنا بعض الناس المحيطين بيكم والقريبين التقيت ببضعهم خلال الفترة الماضية وأنا أعد لهذه الحلقات.
جيهان السادات:
أيوه.. أيوه.
أحمد منصور:
لم يتكلم فيهم أحد إلا بكل ما هو خير، وواضح إن هم متأثرين جداً بكِ وبالرئيس السادات، هذا بأقولها للأمانة.
جيهان السادات:
الحمد لله.. الحمد لله.
أحمد منصور:
كل هؤلاء اللي كانوا محيطين وقريبين ويعملون داخل البيت ولهم علاقات وثيقة، كل واحد فيهم يتكلم ومتأثر بالسادات إلى الآن وبكم إلى الآن.
جيهان السادات:
طب الحمد لله.
أحمد منصور:
فطبعاً إذا جيت سألت حد فيتكلم طبعاً عن الجانب الإيجابي البحت اللي حضرتك -في نفس الوقت- بتتكلمي به الآن.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
لكن أنا برضو بأتكلم عن الناس اللي بتحتك والناس اللي كان ليها دور في صناعة القرار والتأثير فيه، إن أنتِ من خلال شخصيتك هذه التي فرضتيها، وكما قلت لكِ وأنا من خلال مطالعتي حتى لكتابك كنت بأحس إن كأن فوزي عبد الحافظ هو سكرتير جيهان السادات وليس سكرتير أنور السادات.
أحمد منصور:
(7/344)
لأ لأ صدقني فوزي عبد الحافظ حي يرزق وروح أسأله، إذا قال لك هذا يبقى كلامه صحيح.. يبقى كلامك صحيح، إنما هذا غير صحيح صدقني، يعني فوزي عبد الحافظ راجل مخلص لأنور السادات، سكرتير مخلص لبيت أنور السادات إلى يومنا هذا، من الناس اللي دايماً يسألوا علينا ودايماً يودونا وييجوا لنا، الراجل ده كان لو فيه حاجة مثلاً يعني مش قادر.. زي يوم الشريط فيه مواعيد مواعيد مش قادر يتصل، يقول لي: فيه عندي حاجة مهمة قومي، شريط جابه راجل لازم الرئيس يشوفه، فأنا أساعده في هذا، وأقول لأنور لازم نسمع.. لازم تشوف ده.
أحمد منصور:
ألم يكن بعض الوزراء يتملقون إليك باعتبار تأثيرك على الرئيس السادات، وبحيث أن تكوني كما الآن سكرتيره طلب إنك توصلي الشريط، الوزراء دول يعتبروك أيضاً طريق إلى الرئيس السادات.
جيهان السادات:
يعني، لأ طريق ليه ده هو وزير وطريقه مفتوح لأنور السادات.
أحمد منصور:
إذا سكرتيره طريقة فيه.. فيه بيحب يوصل كذا بيوصل أحياناً.
جيهان السادات:
لأ طريق السكرتير في حاجات نادرة.. نايم مثلاً مش عارف يتصل بيه، في وقت هو نايم يقوم يقول لي: والنبي لما يصحى أنا عايز أكلمه، فيه حاجات زي كده يعني بسيطة للزوجة اللي بتقوم بيها، لكن إن أنا مثلاً هو يقول لي كل حاجة هو أنا كنت فاضية؟! أنا كنت برضو عندي عمل اجتماعي واخد وقتي كله، ما كنتش فاضية إن أنا أشوف تقارير أو أسمع كلام، طب ما جوزي موجود، وزي ما بيقولوا بالمثل البلدي "ملو هدومه" وعارف هو بيعمل إيه، مش محتاج جيهان السادات جنبه، لأ فما كنتش..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لأ محتاج جيهان السادات جنبه، السادات كان محتاج جيهان السادات جنبه.
جيهان السادات:
محتاجني.. محتاجني، أنا هأقول لك في أميركا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وأنت لعبت دور رئيسي في حياة أنور السادات.
جيهان السادات:
بلا شك، بلا شك.
أحمد منصور:
(7/345)
لو كانت هناك امرأة أخرى غيرك ما كان يمكن أن يتم هذا..
جيهان السادات:
أوافقك على هذا بلا شك بمعنى.
أحمد منصور:
وهو كان سعيد بهذا الدور.
جيهان السادات:
جداً.
أحمد منصور:
رغم إنه أحياناً كان بيسبب له مشاكل.
جيهان السادات:
نعم.. نعم، وأوافقك على هذا، بمعنى إن مثلاً السلام، يقول لي: أنتِ ساعدتِ أنور السادات في السلام؟ ده أنا ما عرفتش حكاية السلام إلا لما هو أعلنها في مجلس الشعب..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لأ لأ لأ يا أفندم، اسمحِ لي بقى هنا.
جيهان السادات:
أقسم بالله إن أنا عرفتها لما أعلنها في مجلس الشعب.
أحمد منصور:
طب اسمحِ لي هنا أنا لسه هاجي للسلام بشكل تفصيلي.
جيهان السادات:
طيب طب قل لي إيه.
أحمد منصور:
ألم يحدث بينك وبين أم إسرائيلية ذكرتيه أنت في كتابك.
جيهان السادات:
في الحرب.
أحمد منصور:
اتصال أنها أرسلت لكِ أن ابنها قُتل في الحرب.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وأرسلت لك رسالة.
جيهان السادات:
طب وده دخله إيه؟
أحمد منصور:
عن أي طريق وصلتك هذه الرسالة؟
جيهان السادات:
الهلال الأحمر.
أحمد منصور:
عن طريق الصليب الأحمر الدولي يعني.
جيهان السادات:
الصليب الأحمر الدولي مع الهلال الأحمر.
أحمد منصور:
أرسلت لك هذه الرسالة فتركت تأثير عندك.
جيهان السادات:
نعم.. نعم، كأم أنا يعني كأم الحقيقة فكرت في نفسي أنا عندي ابن واحد، فكرت لو ابني اللي قُتل طب كنت أعمل إزاي؟ هل.. فمن الناحية الإنسانية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إذاً من هنا بدأت تحدثين السادات..
جيهان السادات[مقاطعة]:
لا لا لا، من الناحية..
أحمد منصور:
عن موضوع السلام.
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا.. ولا سلام ولا غيره.
أحمد منصور:
رديتي على الأم الإسرائيلية.. رديتي عليها؟
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
ماذا قلت لها؟
جيهان السادات:
(7/346)
رديت عليها بمنتهى الشجاعة، قلت لها: إن يا ريت كان فيه بينا ما فيش حروب عشان ما تفقديش ابنك، وابنك قُتل في بورسعيد، لأني سألت وقالوا لي إنه كان جايب لغم يحطه فاللغم فرقع فيه، فقلت لها: ابنك قُتل في بورسعيد علشان دُول ما تقعدش تنتظر إن ابنها راجع لها، وفي نفس الوقت يا ريت إن كان ما فيش بينا حروب علشان أولادنا تعيش لينا.
لكن عايزة أقول لحضرتك حاجة وفي وقتها وأثناء الحرب طلبت نشر خطابي علشان ما يتقالش إن أنا بأعمل حاجة من ورا.. أو يعني فيه كتير قالوا لي أحسن تفقدي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
آه طبعاً لأن ده كان يعتبر تجاوز.
جيهان السادات:
مش تجاوز.. أنا أم.
أحمد منصور:
إنك تتقبلي رسالة من واحدة إسرائيلية من أم إسرائيلية.
جيهان السادات:
لأ أنا أم.. أنا أم.
أحمد منصور:
أنتِ أم، لكن أنت في دولة في حرب مع دولة أخرى، وأنت في موقع زوجة رئيس الجمهورية.
جيهان السادات:
طب مادي حاجة بعيدة، ده الولد انقتل وانتهى، الولد انقتل ومات، وبتسألني، يعني مش معقول إن أنا حأدي ضهري لأم بتسأل، باقول لها الرد في حدود.
أحمد منصور:
هناك من يقول.. استغل هذا الموقف على أن جيهان السادات الإسرائيليين اتصلوا بها من الخلف، وحاولوا يضغطوا عليها ويلينوها أن يكون لها تأثير على الرئيس السادات.
جيهان السادات:
لا، طب أنا هأقول لحضرتك حاجة، أنا مش كنت ليل ونهار مع الجرحى بتوعنا طُلب مني إن أنا أخش للأسرى الإسرائيليين رفضت، ولم أدخل عليهم أبداً مع إن هذا من حقهم كأسرى يعني يعاملوا المعاملة.. وعوملوا معاملة كويسة، لكن يعني من حق..أي أسير إن هو يراعى وكده و..، وأنا كنت بأزور الأسرى لكن رفضت إن أنا أزورهم، وكنت مصرة إن إنا بس على أولادنا.
أحمد منصور:
(7/347)
أرجع لـ 3 يوليو 79 حينما صوت مجلس الشعب المصري على تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي أطلق عليه (قانون جيهان السادات) باختصار وإيجاز تعطي صورة للمشاهدين عما.. عن دور مؤثر ورئيسي عملتيه أثناء وجود الرئيس السادات في السلطة، قانون الأحوال الشخصية.
جيهان السادات:
هو.. ده الوحيد اللي تدخلت فيه فعلاً.
أحمد منصور:
وقعدت تكافحي سنتين حتى تم إقراره.
جيهان السادات:
أيوه.. أيوه، وقعدت أشجع وأقول يعني لازم ناخد ده من خلال الشريعة الإسلامية والدين الإسلامي، ما خرجناش عنها أبداً..
أحمد منصور:
حصل خلاف بينك وبين الشيخ عبد الحليم محمود، وكان يصر ويرفض -إلى أن توفي- إنه يوقع هذا القانون وأن يعتمده.
جيهان السادات:
نهائي، لأ لم يحدث هذا نهائي.. نهائي.
أحمد منصور:
التقيت فيه؟
جيهان السادات:
لا أبداً.
أحمد منصور:
ولا تناقشت معاه في الموضوع؟
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا.. نهائي، هو راجل أحترمه وأكن له كل الاحترام، لكن لم أقابله، ولم أناقش معاه.
أحمد منصور:
لكن يقال أيضاً أنه ظل معترضاً، ولم يتم اعتماد القانون إلا بعد أن توفي الرجل.
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا.. لا.
أحمد منصور:
في 20 يونيو 79 أصدر الرئيس السادات قراراً رئاسياً -بتأثير منكِ أيضاً- بتخصيص 30 مقعد للمرأة في مجلس الشعب، وأيضاً 10 : 20% من جميع مقاعد المجالس الشعبية لمرأة.
جيهان السادات:
نعم.. نعم هذا حدث.
أحمد منصور:
تعتبري ده إنجاز؟
جيهان السادات:
طبعاً، طبعاً إحنا نصف المجتمع، إحنا بنشكل نصف المجتمع لما يبقى فيه عشر.. أربع نائبات أو عشر نائبات من 395 نائب فهذا ظلم ظلم.
أحمد منصور:
ماذا فعلن.. ماذا فعلن هؤلاء النائبات غير زيادة التصفيق في المجلس؟! لا يُشعر بأي تأثير للمرأة في مجلس الشعب.
جيهان السادات:
لا.. لا يا فندم لا.. تجني على المرأة، هذا تجني.
أحمد منصور:
(7/348)
وعملية التخصيص هذه أيضاً.. عملية التخصيص هذه فيها تعدٍ على الدستور الذي يتيح المساواة بين المواطنين.
جيهان السادات:
لا ما هو شوف، ما.. عُدِّل.. عُدّل أيامها، يعني حصل تعديلات يعني ما دخلش كده غلط.
أولاً: هذا يحدث في السودان، السودان مقررين مقعد للمرأة في كل محافظة، فهل السودان متقدمة عن مصر؟!
أحمد منصور:
يعني هي السودان يعني الولايات المتحدة؟! أميركا ما فيهاش ده!!
جيهان السادات:
يعني ما هو ده.. طيب وبس ليه، وليه ما أديش المرأة؟! ما أنا هأقول لحضرتك..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مش أميركا الآن أصبحت القبلة في الديمقراطية ليس فيها هذا!!
جيهان السادات:
أنا نظرتي كانت أيه، هأقول لحضرتك نظرتي إيه، نظرتي إن يبقى فيه كمّ من السيدات بيشاركن.. بيشاركوا الرجال وفي نفس الوقت إحنا نصف المجتمع ليه لأ؟! إديهم فرصة، أعطِ المرأة فرصة إنها تشارك في حل مشاكلها وإبداء رأيها، المجلس كان فيه دكاترة، مهندسات، سيدات مثقفات، متعلمات، قدروا يلعبوا دور، مش ما لعبوش، لعبوا دور، وأيضاً في المجالس المحلية، فيه كانت العاملة، وكانت فيه الممرضة، وفيه الفلاحة، وأنا كرئيس مجلس شعبي كنت بأبقى سعيدة لما واحدة من السيدات ترفع إيدها وعايزة تتكلم عن مشكلة، وكان فيه مشاكل كتير بتحلها المرأة، مش إن هم كانوا بيصقفوا بس لأ، ده كان لهم دور، ودور فعال فعلاً.
أحمد منصور:
في 20 نوفمبر 1979م توجه الرئيس السادات إلى القدس في خطوة أثارت -ليس الرأي العام المصري أو العربي- وإنما الرأي العام العالمي.
جيهان السادات:
العالمي.. صحيح.
أحمد منصور:
(7/349)
في الحلقة القادمة أبدأ معك من هنا إلى (كامب ديفيد) لنرى مسيرة التسوية كيف تمت على يد الرئيس السادات، والدور الذي لعبتيه أيضاً فيها، سواء بشكل مباشر أو شكل غير مباشر. أشكرك شكراً جزيلاً. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات.
جيهان السادات:
شكراً.
أحمد منصور:
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/350)
الحلقة9(7/351)
الاثنين 17/12/1421هـ الموافق 12/3/2001م، (آخر تحديث) الساعة: 19:15(مكة المكرمة)،16:15(غرينيتش)
جيهان السادات - الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- جيهان السادات، أرملة الرئيس المصري السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
05/03/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات. مرحباً بك يا أفندم.
جيهان السادات:
أهلاً.. أهلاً.
أحمد منصور:
بعد حرب أكتوبر.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
والدخول في اتفاقات فض الاشتباك الأولى في عام 74 وسبق أن تعرضنا لها ولما حدث فيها، والثانية كانت في العام 75، بدأت علاقات الرئيس السادات بالإدارة الأميركية تتوطد، وكانت جولات كيسنجر في المنطقة تتم بشكل متتابع، كان الرئيس نيكسون في البداية على علاقة مباشرة بالرئيس السادات، إلا أن فضيحة "ووتر جيت"..
جيهان السادات:{مقاطعاً}
الرئيس كارتر حضرتك تقصد.
أحمد منصور:
نيكسون.
جيهان السادات:
نيكسون.. من أول نيكسون يعني.
أحمد منصور:
آه، ولكن جاءت فضحية (ووتر جيت) وذهب نيكسون وجاء بعده (فورد) لفترة محدودة.
جيهان السادات:
محدودة آه.
أحمد منصور:{مستأنفاً}
سعى الرئيس السادات خلالها أن يوطد علاقته مع فورد، لكن فترة فورد كانت بسيطة، وكان لا يزال كيسنجر هو وزير خارجيته.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
حدثت الانتخابات الأميركية في نهاية 76، ولم ينجح فورد، وأصبح كارتر ابتداء من يناير 77 رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وشهدت.. أو شهد عام 77 شكل من أشكال التطور في العلاقة ما بين الولايات المتحدة وما بين الرئيس السادات.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
تابعت أنت وعايشت هذه الأحداث بشكل قريب.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
(7/352)
في تلك المرحلة بداية توطيد العلاقة ما بين الرئيس السادات وما بين الرئيس كارتر الذي كان الرئيس السادات عادة ما يقول "صديقي كارتر".
جيهان السادات:
صحيح.
أحمد منصور:
وقعت بعض الأحداث في يناير 77 وهي أحداث 17 و 18 يناير، وكان الرئيس السادات وقتها في أسوان أين كنت أنتِ؟
جيهان السادات:
كنت هنا في القاهرة في المنزل، وكان مفروض –أنا أفتكر كويس قوي- كان المفروض إن الرئيس (تيتو) جاي يزورنا زيارة رسمية، فأنا.. وجاي على أسوان هيزور الريس والريس مستنيه في أسوان، فالحقيقة أنا لما قامت كنت بأتكلم معاه في التليفون طبعاً هو هناك وأنا هنا، فبأقول له: تعالى، لأن يعني أنا شايفة الحالة كانت بتزيد شوية، فقال لي: بس عشان تيتو جاي ما يصحش. قلت له: أكيد تيتو هيلغي.. أكيد.. وفعلاً حصل، تيتو لغى زيارته، وأنور السادات جه.. جه القاهرة. بس هو من النوع اللي أعصابه كانت هادية، يعني أنا هأقول لحضرتك بصراحة، أنا كنت يعني برضو مخضوضة.
أحمد منصور:
أنتِ حسيتي بإيه بالظبط؟
جيهان السادات:
لأ.. حسيت بنوع يعني من الناس غضبانه متضايقة، القرار طلع..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
طبعاً ده كان نتيجة قرارات رفع الأسعار ورفع الدعم عنها.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.. وهو القرار حضرتك يعني كان لابد من التمهيد له، أو فيه ساعات بتحصل مثلاً حاجات بتغلى وما بيتقالش عنها، وما بيقولوش..
أحمد منصور:
وده اللي حصل بعد كده.
جيهان السادات:
وده اللي بيحصل، لكن أنور السادات عنده كانت حاجة يعني يحب قوي كل حاجة في العلانية، يعني حتى ساعات كنت أقول له مثلاً: طب ليه إيه لازمتها؟ يقول: لأ.. أنا أحب أكون واضح.. واضح كده..
فالأسعار لما نزلت.. في يوم واحد وبالارتفاع ده طبعاً حصل غضب ومفيش شك كان فيه استغل هذا الغضب الشعبي استغلته طبعاً الجماعات الشيوعية بالذات علشان خاطر تهيج الدنيا.
أحمد منصور:
(7/353)
لكن هو كان غضب شعبي بالدرجة الأولى أكثر منه كما أطلق عليه الرئيس "انتفاضة الحرامية" أو غيره، لم يكن.. كان المحرك الرئيسي هو رجل الشارع وإحساسه بأنه ظلم من خلال هذه القرارات..
جيهان السادات:{مقاطعةً}
هأقول لحضرتك أنا ما بأقولش إنه مش غضب شعبي، كان فيه غضب بلا شك يعني مش هأقول لك أنا منفصلة ولأ دي حاجة كده، لا أبداً كان فيه غضب لارتفاع الأسعار ده حقيقة، لكن الشيوعيين ده اللي خلى أنور السادات يقول إنها انتفاضة حرامية إن الشيوعيين انتهزوها فرصة وقوموا الحكاية، عارف اللي قوم حريقة فيها فدي اللي خلته قال الكلمة دي الحقيقة.
أحمد منصور:
فيه هنا نقطة مهمة سبق و أن تحدثت معك فيها، لكن هذا الحدث 17 و 18 يناير 77 أكد على حقيقتها، وهي أن الرئيس السادات لم يكن يطلع على التقارير الداخلية وكان شبه منفصل أو معزول..
جيهان السادات:
لا.. أبداً.
أحمد منصور:{مستأنفاً}
عما يدور في الشارع المصري وبالتالي لم يعلم بما يحدث إلا عصر ذلك اليوم.
جيهان السادات:
لا أبداً.. لا أبداً، أنور السادات كان مطلع على التقارير وعنده نبض الشعب يحس به إحساس.. يعني شديد جداً، لكن أن بأقول لحضرتك اللي حصل الغضبة من الشعب مش إن هو مش حاسس به، الشعب ما كانش غضبان إلا لما الأسعار ارتفعت فاتضايق طبعاً وأظهر هذا الضيق.
أحمد منصور:
يعني ده من القرارات اللي تعتبر خاطئة اللي السادات اتخذها في حياته السياسية.
جيهان السادات:
والله يعني.. ممكن يتقال إنه كان ممكن يطلع أفضل من هذا طبعاً لو مُهد له، أو لو اتاخد بطريقة أخرى، يعني أنت ممكن قوي تزود السكر وما تقولش للشعب وبعدين يروح يشتريه، لكن مش هتحصل انتفاضة زي اللي حصلت.
أحمد منصور:
لكن كان الوضع الاقتصادي كان بدأ يتردى في ذلك الوقت، ويؤثر على حياة البسطاء من الناس، وبدأت طبقة الانفتاح تظهر على السطح.
جيهان السادات:
يعني ممكن.. ممكن أقول هذا..
أحمد منصور:
(7/354)
في هذه الأثناء تفاقم الأمر وجاء الرئيس السادات إلى القاهرة.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وازدادت الانتفاضة في اليوم التالي على وجه التحديد، وفكر الرئيس السادات جدياً في أن يخرج من مصر؟
جيهان السادات:
نهائي.. نهائي.. نهائي.
أحمد منصور:
ألم تكن هناك طائرة جاهزة لتنقله من مطار "أبو صوير" إلى طهران؟
جيهان السادات:
لا..لا.. لا. أنور السادات Fighter أنور السادات يواجه، ما يهربش من المواجهة أبداً.
أحمد منصور:
كل من حوله ممكن أن ينهبوه إلى.. إلى أن الأمر وصل إلى مرحلة خطر تستدعي أن يهرب من البلد.
جيهان السادات:
أنور السادات يفضل أن يقتل في بلده ولا يخرج عنها، صدقني.
أحمد منصور:
ألم تعدوا حقائبكم فعلاً للهروب من مصر؟
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا.. نهائي.. نهائي..
أحمد منصور:
كان تفكيره إيه؟ وكان الشارع كل يوم بيزداد عن اليوم؟ يعني في اليوم التالي كان الوضع خارج السيطرة..
جيهان السادات:
لأ هو..
أحمد منصور:{مستأنفاً}
وطُلب من الجيش أن ينزل والجيش رفض، كان الجمسي كان وزير الدفاع ورفض.
جيهان السادات:
لأ مفيش حاجة اسمها رفض، مفيش حاجة اسمها رفض، نزل.. مفيش حاجة اسمها رفض، والجمسي كان..
أحمد منصور:
الجيش نزل بشروط، الجمسي رفض إن هو ينزل لأن صورة الجيش بعد حرب أكتوبر كانت يعني بالنسبة للشعب..
جيهان السادات:
لا.. لا.. بص هأقول..
أحمد منصور:{مستأنفاً}
فرض أن ينزل إلا بتوقيع رسمي والكل تنصل، وفي النهاية تم التوقيع له على أن يتحمل الآخرين المسؤولية وليس هو.
جيهان السادات:
لأ، حضرتك في العسكرية القائد الأعلى يعطي الإشارة أو التوجيه أو الأوامر وتطاع، الجيش مفيهوش مناقشة، الجيش فيه ظبط وربط، مفيهوش مناقشة.
أحمد منصور:
هو لم يرفض من السادات، رفض من رئيس الوزراء وكان ممدوح سالم في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
(7/355)
ممكن.. ممكن رئيس الوزراء يقول له فيقول.. يجب إنه يعرف هذا القرار من رئيس الجمهورية لكي ينفذه.
أحمد منصور:
حالة السادات كانت إيه في 17 و 18؟
جيهان السادات:
منتهى الهدوء الغريب، أنا نفسي بأبقى ساعات بأستغرب وبأغلي وهو هادي كعادته.
أحمد منصور:
قُتل 160 شخص في الشوارع، فُرضت الأحكام العرفية، حظر التجول أيضاً فرض في مصر، وتم استدعاء الجيش إلى الشوارع، واستقرت الأوضاع، وكثيرون يتهمون الرئيس السادات بأنه سبب في الحالة التي وصل إليها الأمر بسبب غيابه الدائم عن متابعة القضايا الداخلية وانشغاله بالعلاقة بالأمريكان.
جيهان السادات:
أين غيابه؟ غيابه في أسوان؟ أسوان جزء من مصر، بالعكس هو كان يبحب يزور المحافظات، وماكانش غائب أبداً، والتقارير بتجيله سواء في أسوان، في إسكندرية، في القاهرة، يعني في مفيش اختلاف في وجوده فين هو كان في مصر والقرارات بتجيله، لأ، مفيش حاجة اسمها غائب.
أحمد منصور:
كان مغرم الرئيس بالاستراحات وبالأماكن البعيد، ولم يكن يستقر في مكان أكثر من أسبوع واحد؟
جيهان السادات:
يا ريتك جيب وشفت الاستراحات أيام السادات شكلها إيه. والله يعني كان تصعب على الواحد، منتهى البساطة اللي في الدنيا.. الاستراحات.
أحمد منصور:
كانت تتكلف الملايين حتى إن السيارة التي كانت تنقله –حتى- يكون فيها التجهيزات التي تمكنه من عمل كل الاتصالات كما يقول هيكل تكلفت 700 ألف دولار.
جيهان السادات:
لأ.. هيكل يبالغ ويقول زي ما يقول، لكن مش.. ما أخدش كلام هيكل أبداً إنه كلام يعني مظبوط 100%.
أحمد منصور:
كم كان تكلفة المرسيدس التي كانت تحوي كل شيء بما فيها التليفونات التي كانت تمكن الرئيس من الاتصال بجميع أنحاء العالم ومتابعة أخبار البلد؟
جيهان السادات:
(7/356)
أبداً.. سيارة عادية خالص المرسيدس اللي كان بيركبها عادية، وما أفتكرش حتى كان فيها تليفون، الظابط هو اللي معاه التليفون، ما كانش فيه كان فيه بيتصلوا ببعض.. الظباط بالتليفونات معاهم اللي هي الـ Walky talky دي، لكن مافيش.. ما كانش فيه حتى في العربية تليفون.
أحمد منصور:
ألم تكن انتقالات الرئيس ما بين الاستراحات المختلفة من الإسماعيلية إلى أسوان إلى كنج مريوط إلى مرسى مطروح إلى ميت أبو الكوم، ألم يكن كل هذا يستدعي تنقلات أيضاً لحراسته، وهو كان في كل.. ينتقل بين هذه الأماكن بشكل دائم، وكان معظم الوقت وحيد؟
جيهان السادات:
لأ.. وحيد لأ.. وحيد.. عمره ما كان وحيد، لكن عايزة أقول لحضرتك تنقلاته فيها لصالح للشعب ليه؟ أما يروح رئيس الجمهورية بدل ما يقعد في القاهرة زي بالظبط لما تقول رئيس مثلاً مصنع وقاعد في مكتبة، هل المصنع يعني يشتغل زي ما يكون رئيسه ينزل لكل غرفة وكل مجموعة ويشوفها ويشوف طلباتها؟
أنور السادات كان بينزل المحافظات دي سياسة، مش إن هو عايز يتفسخ ده كان تعب عليه، يعني ما كانش فيها أي متعة.
أحمد منصور:
لأ، دي كانت جلسات للتأمل، يعني يقال إنه كان..
جيهان السادات:
لا.. التأمل في بيته، في القناطر كان فيه استراحة القناطر من الحتت المحببة إليه، لكن أبداً كان بينزل المحافظات علشان يشوف الناس عايزة إيه، يقابل المحافظ، مدير الأمن، الناس اللي هناك، يقعد مع النواب بتاعة المحافظة يسألهم ظروفهم إيه متاعبهم إيه. هو كان حريص جداً على دي، ودي سبب تنقلاته الحقيقية، والاستراحات ما هي ملك الدولة موجودة زي ما هي، بالعكس يمكن كانت بتتفتح وتتوضب شوية علشان يعني..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
لكن كلفت الدولة في ذلك الوقت الكثير.
جيهان السادات:
لأ.. لأ..
أحمد منصور:
كنتِ بتلتقي معاه كل قد إيه؟
جيهان السادات:
(7/357)
لا.. أنا كنت معاه كتير، يعني فيه سفريات كتير كنت أروحها مثلاً زي أسوان كنت بأتنقل معاه، إسكندرية كنت بأتنقل، لكن مثلاً محافظات ما أقدرش عشان ظروفي وارتباطي بعملي.
أحمد منصور:
صحيح كنت في معظم الأحيان ربما تلتقي معاه مرة واحدة في الأسبوع؟
جيهان السادات:
لأ مش للدرجة دي.. مش للدرجة دي، وحتى لو فرض إن فيه مرة كانت في الأسبوع.. لأ مش على طول، يعني ممكن يكون مسافر وأقعد مثلاً ست أيام ما أشوفوش أو أسبوع، آه ممكن، لكن غير كده بالعكس.. كان دايماً.
أحمد منصور:
بدأ التمهيد لرحلة القدس بشكل مبكر، جاء الرئيس كارتر إلى القاهرة في أبريل 77، وبدأ الرئيس السادات أيضاً أوفد حسن التهامي إلى..
جيهان السادات:
المغرب.
أحمد منصور:{مستأنفاً}
المغرب للقاء موشى ديان، وهو التقى كذلك مع..
جيهان السادات:
تشاوشيسكو.
أحمد منصور:{مستأنفاً}
الملك الحسن الثاني في مايو ومع تشاوشيسكو في 11 مايو ومع الحسن الثاني في 4 مايو.
جيهان السادات:
نعم.. ده صحيح.
أحمد منصور:
الحسن الثاني كان التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وأحب أن يطلعه على ما دار بينهما.
جيهان السادات:
صحيح.
وتشاوشيسكو أيضاً كان التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي رابين وأحب أن يطلع الرئيس السادات على ما دار بينهما وهذا الخط السري. كنت معه في الرحلتين إلى المغرب وإلى رومانيا؟
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
هل كان لديك أي خيوط أو أي معلومات عما دار؟
جيهان السادات:
صدقني لأ.
أحمد منصور:
لم يخبرك مطلقاً بأنه..؟
جيهان السادات:
نهائي.. نهائي والله، يعني أنا عرفتها بعدين.. بعدين.
أحمد منصور:
متى تقريباً؟
جيهان السادات:
(7/358)
لأ.. يعني بعدما بدأ السلام قال إن شاوشيسكو إداله زي (Green light) إن.. إن إسرائيل مستعدة تعمل سلام، وعايزة يعني مش.. مش عايزة، وكذلك لما بعت التهامي وقابل موشى ديان في المغرب أيضاً اتكلموا وقال أنه يعني جاهزين للسلام، يعني ما كانش عايز يبدأ..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
يعني أنت في مرافقتك معاه لم يطلعك ولم تسأليه عن هذا الموضوع؟
جيهان السادات:
صدقني نهائي.. نهائي ماليش أنا حب استطلاع، عايزة أقول لحضرتك أنا ما عنديش حب استطلاع لحاجة.
أحمد منصور:
بس كان ليكي دور معاه قبل كده في مواقف خطيرة، وشاركتي فيها.
جيهان السادات:
دوري دور اجتماعي ودور زوجة محبة لزوجها، فقط، أما أنا ما عنديش حب استطلاع أعرف ده ليه وده.. وكان مجتمع بفلان ليه، أو..، يعني مثلاً يقول لك شاوشيسكو، إحنا مثلاً لما رحنا رومانيا خدنا شاوشيسكو في القطر مسافة رحنا حتة بلد سمها سينايا، وكان عايز يروحها علشان على.. اسمها على اسم سيناء، وحتة جميلة يعني بياخدوا الضيوف فيها، فرحنا، طول السكة هو وشاوشيسكو يتكلموا، وأنا ومراته نتكلم، ولا اديت ودني والله ولا مرة ولا لحظة أشوف بيقولوا إيه حتى أنا كنت ملخومة مع الست عمالة أقول لها أنت بتعملي نشاطات أيه، وأيه اللي بتعمليه للطفل، وأيه المرأة، وأيه دورك وبتعملي أيه وعمالة أسألها أسئلة وهي تسألني أيضاً وماحاولتش إن أنا أعرف حتى هم بيتكلموا في أيه، يعني مش شغلي.
أحمد منصور:
أنا أقصد في 4 أبريل سنة 1977م الرئيس هو اللي راح للولايات المتحدة عفواً كتصحيح تاريخي بالنسبة لهذا الأمر، في 19 يوليو 1977م وقعت حادثة كبيرة في كتابك، في مذكراتك في صفحة 397 قلت "وقد انخلع قلبي لها – عن صفية زوجة القذافي في أثناء الغارات المقاومة للإرهاب في سنة 86م اللي قامت به الولايات المتحدة". .
جيهان السادات:
طبعاً.
أحمد منصور:
(7/359)
في 19 يوليو 77م الرئيس السادات قام بعمل غير مسبوق عربياً، وهو قيام الطائرات المصرية بقصف القواعد العسكرية في ليبيا.
جيهان السادات:
بعد الـ.. دي.
أحمد منصور:
19 يوليو 1977م، دي وقعت في 1986، لكن قبليها..
جيهان السادات:
اللي هو حاول يمكن القذافي يدخل مصر بمظاهرات.
أحمد منصور:
هذا.. هذا ما قالته البيانات الرسمية المصرية. لكن هناك تقارير أخرى بتقول إن كان هناك محاولات مصرية بسبب الضغوط الاقتصادية التي كانت تعايشها مصر للحصول على أموال ليبية من خلال النفط و غيره، حصل خلاف، أنا هنا لست في السبب، وإنما في المؤدى وهو السابقة الخطيرة التي قام بيها الرئيس السادات باعتداء مصر على دولة عربية أخرى وهي ليبيا.
جيهان السادات:
القذافي أيامها كان داخل مصر بالقوة، بلا إذن ولا..
أحمد منصور:
قوة.. هو عنده قوة أيه يدخل بيها مصر..
جيهان السادات:
لأ.. داخل بالناس بتوعه عايز يعمل وحدة إجباري فطبعاً دي مش ممكن لواحد رئيس دولة يوافق على حاجة زي كده، يعني دي.. وبعدين لا وفيه حاجة مهمة جداً حضرتك ما ذكرتهاش كان في قنابل بترتفع في البلد، وفيه حاجات بتتعمل قنابل وحالة ذعر عاملها القذافي في مصر، دا.. دي اللي كان رد عليها وقال حأوقفه، حأوقف العمليات دي، ودي اللي خلته ضرب القاعدة علشان يوقف الضرب اللي كان بيعمله في مصر.
أحمد منصور:
يعني هل هذا مبرر تاريخي للرئيس السادات؟
جيهان السادات:
طيب وهو كان بيضرب ليه وهو كان بيعمل ليه..
أحمد منصور:
لم يثبت إن هذه الأشياء ارتكبت من ليبيا، ولكن اتهمت ليبيا.
جيهان السادات:
لا.. لا هو كان خيال مثلاً عند أنور السادات، أو بتيجي له تقارير مثبتة إن هو اللي وراها لأ طبعاً..
أحمد منصور:
(7/360)
في 29 أكتوبر 1977م قام الرئيس السادات بزيارة رومانيا مرة أخرى وإيران والسعودية قبل أن يعلن مبادرته في 9 نوفمبر.. آه في 9 نوفمبر عفواً كان الخطاب المفاجأة في مجلس الشعب عن
جيهان السادات:
زيارته
أحمد منصور:
زيارته للقدس كان عندك أي معلومات.
جيهان السادات:
أبداً والله أنا كنت ها هأقول لحضرتك.. أنا كنت في اجتماع خارج البيت، وأنا جاية لاقيت بنتي الصغيرة جيهان واقفة لي على السلم بره بتقول لي سمعت بابي قال أيه، قلت لها لأ ماسمعتش، أنا كنت في اجتماع وما أعرفش، قالت بابي رايح إسرائيل قلت لها لأ.. بتهزري، أيه ده معقولة، قالت لي والله فطلعت جري دخلت الأوضة عنده، لاقيته قاعد هادي فسألته معقولة أنت رايح إسرائيل؟! هو قبلها أنا كنت عارفة، إن فيه حاجة لكن ما خطرش في بالي فقال لي أيوه، قلت له، يا خبر عارف دي هتكلفك إيه قام بص لي قال لي: أيه؟ قلت له العرب ها يقاطعوك قال لي عارف قلت له الشعب هنا تفتكر هايرضى؟، قال لي: أنا حاسس بالشعب أنا ماخدش حاجة إلا وأنا حاسس بيها، أيوه هيوافقوا. قلت له: ممكن يعني وظيفتك كرئيس ممكن مايقبلش الشعب حاجة زي كده وتسيبها، قال لي أسيبها، أنا مؤمن باللي بأعمله لكن أنا عارف الشعب المصري كويس قوي وعارف نبض الشارع –بالظبط اللفظ كده- قلت له طب عارف إنك هتدفع حياتك تمن.. الأول قلت له عارف إن العرب ممكن يقاطعوك، قال لي عارف، قلت له عارف إنك ممكن تدفع حياتك تمن لهذه الزيارة قال لي أنا مؤمن بيها، أنا عارف المخاطر ومؤمن بيها فالحقيقة يعني ما قدرتش أبداً أقول حاجة لإن هو واخد قرار وكده غير إن أنا أقول له.
أحمد منصور:
القرارات المصيرية لما تؤخذ بهذا الشكل ويفاجأ ممثلو الشعب برئيس الدولة يخرج عليهم بقرار خطير يغير كل المسارات مثل هذا القرار.. المحيطين بالرئيس المفترض أنهم صناع قرارا إلى جواره حينما يفاجأوا أيضاً بشيء من هذا أمامهم، ماذا يعني ذلك؟..
جيهان السادات:
(7/361)
أولاً.. أولاً هأقول لحضرتك لم يفاجأوا، اجتماع اللجنة القومية موجودة وقال لهم وهأقول لحضرتك اسأل الدكتور مصطفى خليل وهو حي يرزق، حتى لما إسماعيل فهمي أنكر هذا وقال أنا ما أعرفتش. قال له أنت مخطئ والرئيس قال الكلام ده قدامنا كلنا في اللجنة القومية وقال لنا أنا هأروح وقال كله، وقال أنا افتكرت رده على الدكتور مصطفى خليل واسأله في هذا قال له أنا كنت فاكر بيقول كده يعني كان قال له: لأ رئيس الجمهورية لما يتكلم.. أنا ما كنتش فاكر إن جد في اللي بيقوله قال له لأ ما تقولش الكلام ده، رئيس الجمهورية لما يتكلم يعني ما يقول..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
أصل فيه فرق..
جيهان السادات:{مستأنفةً}
ما فيش حاجة اسمها مفاجأة لحد يا فندم كل المستشارين بتوعه عارفين..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
يا فندم في فرق إن رئيس الجمهورية خد قرار وبيبلغ الناس اللي حواليه أو إنه بيعرض القرار وبيتخذ فيه ده قرار أمن قومي..
جيهان السادات:
لا أبداً.. هأقول لحضرتك..
أحمد منصور:{مستأنفاً}
قرار سياسات دولة، قرار يتعلق بنظام الدولة نفسها..
جيهان السادات:
بمصير الدولة..
أحمد منصور:
بمصير شعبه..
جيهان السادات:
بمصير المنطقة كلها، لأ ما كنش قرار منفرد، بالعكس عَرْض.. عَرَض هذا القرار على المجلس القومي ووافقوا جميعاً، عرضه على اللجنة المركزية، عرضه على كل المستشارين بتوعه قبل ما يروح وقبل ما يبعت لبيجين ويقول له أنا جاي، صدقني واسألهم وهم أغلبهم عايشين.
أحمد منصور:
أنا رجعت لمذكرات معظم الشخصيات حتى إسماعيل فهمي.. حتى.. ما ذكر حول هذا الموضوع.
جيهان السادات:
لا.. إسماعيل فهمي ما مصطفى خليل واجهه، وقال له عيب إنك تنكر هذا، وكان قدامي، لأن الدكتور مصطفى خليل كان حاضر هذا الـ.. هذه الجلسة.
أحمد منصور:
هو رافقه كان رئيس الاتحاد الاشتراكي، كان أمين عام الاتحاد الاشتراكي في ذلك الوقت..
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
(7/362)
أحمد منصور:
يعني أنا أقصد هنا إن هذا القرار من القرارات الفردية اللي اتخذها الرئيس السادات دون أن يرجع..
جيهان السادات:
مش فردية.. مش فردية لأن كل المحيطين به واللي بيتعاملوا معاه القيادات..
أحمد منصور:
هو كان بيتعامل مع الكل السادات لم يكن يستشير الآخرين ويأخذ بآرائهم..
جيهان السادات:
بالعكس.. لا.. لا.. لا.
أحمد منصور:
بقدر ما كان بينفرد في كينج مريوط أو أسوان أو كذا وياخد القرار ويطلع يرمي القنبلة في..
جيهان السادات:
لا.. ده تشنيع والله..
أحمد منصور:
مش تشنيع هذه الحقيقة يا سيدتي.
جيهان السادات:
لا تشنيع هأقول لحضرتك أنور السادات معروف إنه بيطرح الحاجة ويستنى يشوف الأغلبية موافقة أو لأ في كل قراراته، ده هو اللي..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
أي أغلبية هو مجلس الشعب بيصقف وخلاص والرئيس..
جيهان السادات:
مالناش دعوة.. مالناش دعوة.
أحمد منصور:
مالناش دعوة!!
جيهان السادات:
أغلبية بتوافق أم لأ.. وهي اللي بتعبر عن الشعب..
أحمد منصور:
مصنوعة يا سيدتي، أغلبية مصنوعة، ليست ممثلة حقيقية للشعب ولنبضه.
جيهان السادات:
لا هي ممثلة.. بتمثل الشعب طيب هيجيب مجلس من.. من القمر ده مجلس الشعب.
أحمد منصور:
يعمل مجلس حر فعلاً يصل ويصوت على هذه الأشياء..
جيهان السادات:
فيه انتخابات حرة والناس دي بتنتخب وبتيجي..
أحمد منصور:
حر؟!!!
جيهان السادات:
فعلاً بتيجي آه والله مش فيه انتخابات حرة بيترشحوا و بييجوا فهو ده اللي بيحصل فإذا كانت عندك مجلس موافق، وعندك لجنة قومية موافقة واللجنة المركزية موافقة والوزراء موافقين والمستشارين موافقين لأ يعني بالعكس صدقني مش دفاعاً عنه هو كان يحب جداً يستشير كل اللي حواليه..
أحمد منصور:
في.. بعد ذلك ذهب الرئيس إلى سوريا، ولم يوافق الرئيس الأسد على هذه الخطوة.
جيهان السادات:
صح.. طيب مش دي توري حضرتك حتى في زيارته للسلام..
أحمد منصور:
(7/363)
دا خد قراره وأعلنه خلاص.
جيهان السادات:
أيوه..
أحمد منصور:
يعني هو مارحش استشار قبل الـ.. قبل ما ياخد قرار.
جيهان السادات:
هو كان قالها في المجلس.. لا هو كان قالها في المجلس، أنا هأروح آخر الدنيا لودي توصلني إن أنا أعمل سلام وأفدي ولادي من الحرب..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
وكان حريص إن ياسر عرفات يكون قاعد، وكان ياسر عرفات قاعد في المجلس.
جيهان السادات:{مقاطعةً}
لا ما كنش حريص، وكان قاعد ياسر عرفات في المجلس..
أحمد منصور:{مستأنفاً}
وقام ياسر عرفات خرج من المجلس إلى المطار مباشرة غاضباً في ذلك اليوم..
جيهان السادات:
أيوه بس صقف يا فندم، صقف والتليفزيون حضرتك تشوف..
أحمد منصور:
ما هو الكل يبصقف وهو في الهيصة..
جيهان السادات:
هتلاقي موجودة في التليفزيون يعني.
أحمد منصور:
أنا لم أرى لكن حتى الدكتور مصطفى خليل قال إنه كان يجلس إلى جواره، وكان يصفق هو الآخر..
جيهان السادات:
أنا شفتها على التليفزيون.
أحمد منصور:
طيب الآن جاءته الدعوة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بالفعل وكان رئيس الوزراء هنا بيجين لأن رابين كان قدم استقالته بعد فضيحة حدثت له لوجود أموال له في أحد البنوك.
جيهان السادات:
ما بلغش عنها.. آه.
أحمد منصور:
والآن جاء الليكود المتشدد إلى السلطة وبيجين بالفعل وجه دعوة للسادات في 15 نوفمبر
جيهان السادات:
دا صحيح.
أحمد منصور:
لزيارة القدس، وفي 20 نوفمبر توجه السادات.
جيهان السادات:
إلى القدس، صح.
أحمد منصور:
إلى القدس في الفترة دي من الخطاب بتاعه اللي ألقاه في 9 إلى ذهابه إلى القدس في 20 نوفمبر، أنت كان أيه اللي كنت بتتكلمي معاه فيه وكانت الترتيبات أيه؟
جيهان السادات:
(7/364)
والله الترتيبات كلها أولاً كانت فترة قصيرة جداً من ساعة ما بعت حتى أنا في مرة بأسأله افرض بيجين مثلاً ما قبلش إنك، قال لي أنا حطيت بيجين في كورنر.. في ركن زنقته بالظبط يا إما يرد بالموافقة إن أنا أروح ويرحب بيه يا إما لو ما رحبش بيه فقدام العالم هم بيقولوا عاوزين سلام يبقى قدام العالم بحطه إنه راجل مش عاوز سلام، فأنا حطه زنقته الحاجة التانية إنه كان فيه ترتيبات بقى أولاً الخطبة كانت عمالة تتعمل وتتحضر وتجيله ويعدل فيها ويشيل ويحط وكان مكلف كذا جهة تعملها له، وفي النهاية رسيت على موسى صبري الحقيقة هو اللي عملها معاه، وكان بيجي موسى صبري يتردد في الفترة دية ويوري له.. لأ شيل دي، لأ أنا عايز كذا، يعني كان رسي معاه لآخر كلمة فيها إيه المطلوب بالظبط من الخطبة، وكان عاوز قدام العالم -وحضرتك أرجع للخطبة –قدام العال،م اتكلم عن حقوق الفلسطينيين..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
أنتي منزلة نصها بالكامل في كتابك.
جيهان السادات:
ده صحيح، اتكلم عن حقوق الفلسطينيين، اتكلم عن حقوق الأراضي العربية المحتلة من سنة 67م ما كنش بيتكلم عن مصر فقط أو السلام مع إسرائيل فقط، ودي كانت أسهل عليه جداً وكانت سهلت عليه حاجات كتير، لكن كان صريح أمام العالم وحتى بيجين لو تلاحظ حضرتك اتاخد وغير خطبته ومش عارفة عمل أيه لما سمع خطاب أنور السادات في الكنيست.
أحمد منصور:
وكان خطابه كله تقريباً يستند إلى أفكار لاهوتية توراتية في الرد على الرئيس السادات مما أدى إلى إن الرئيس السادات يعني اكفهر طوال الوقت.
جيهان السادات:
آه.. ده بيجين.
أحمد منصور:
نعم.. اكفهر وجهه طوال الوقت وشعر إنه كان في اتجاه وبيجين راح في اتجاه آخر.
جيهان السادات:
آه ده صحيح.. ده صحيح.
أحمد منصور:
وساءت العلاقات بينهما، قبل أن يذهب السادات إلى القدس وقع في مأزق سياسي خطير استقال وزير خارجيته إسماعيل فهمي.
جيهان السادات:
نعم.
(7/365)
أحمد منصور:
عرض وزارة الخارجية على محمد رياض ورفض أيضاً محمد رياض أن يتولى وزارة الخارجية.
جيهان السادات:
مش رفضها تردد، وما كنش فيه وقت للتردد.
أحمد منصور:
ولم يجد الرئيس السادات أحداً يمكن أن يرافقه سوى الدكتور بطرس غالي، وذهب معاه بطرس غالي إلى القدس..
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وكان معاه الدكتور مصطفى خليل.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وعثمان أحمد عثمان لم يكن لعثمان أحمد عثمان صفة رسمية في الدولة، لماذا أخذه السادات معه؟
جيهان السادات:
والله هأقول لحضرتك عثمان أحمد عثمان هو اللي قال له عايز آجي معاك، وكان قدامي الحديث.
أحمد منصور:
هي فسحة يا فندم!! دا مصير دولة.
جيهان السادات:
ما هي مش فسحة لأ طبعاً، لأ بس عثمان له دور يعني متنساش سيبك من إنه هو يعني..
أحمد منصور:
صهر الريس.
جيهان السادات:
نسيبنا أو صهر الريس، لا هو راجل لعب دور في البلد مفيش شك في بنا الكباري ومباني وله يعني يد مش قليلة.
أحمد منصور:
ده شيء نستطيع أن نتفهمه، لكن الآن مصير دولة ورحلة خطيرة زي دي.
أحمد منصور:
جيهان السادات:
آه لكن.. طيب، وماله.. وماله لما يروح، هو مابيشتركش.
أحمد منصور:
والرئيس لم يكن معاه حد من أصحاب القرار النافذ من المشتركين معاه.
جيهان السادات:
لا هو ما بيشتركش في المحادثات بتاعة السلام، لكن قال له أنا نفسي أروح هو كان حاسس إن دي رحلة فيها مخاطر شديدة جداً طب ما أنا هأقول لحضرتك حاجة كمان الدكتور مصطفى خليل قال له أنا عايز آجي..
أحمد منصور:
ده صحيح.
جيهان السادات:
يعني مش أنور السادات اللي طلب، هو اللي طلب إنه يروح معاه.
أحمد منصور:
هكذا قال أيضاً في شهادته.. نعم.
جيهان السادات:
بالظبط فا يعني حضرتك لما يقول له..
أحمد منصور:
معنى كده إن السادات كان وحيد ومش لاقي حد يروح معاه.
جيهان السادات:
(7/366)
لأ، إزاي هو رئيس دولة لو طلب من أي وزير يروح معاه ما كنش هيقدر يقول لأ بصراحة شديد، وما كانش عاوز يروح بمجموعة إلا مجموعة قليلة تتفاوض تتكلم ودي زي بداية وبعد كده يبقى فيه وفد للمفاوضات وده اللي حصل.
أحمد منصور:
ووجه الرئيس أيضاً برفض شعبي عارم متمثل في النقابات المهنية التي تمثل الشريحة المثقفة في مصر..
جيهان السادات:
حضرتك الـ..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
ولا زالت النقابات إلى اليوم ترفض التسوية مع إسرائيل..
جيهان السادات:
آه معلش النقابات لها ميول معروفة وحضرتك..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
يعني إيه ميول معروفة، والدكتور حمدي السيد كان على رأس نقابة الأطباء وهو رجل معروف باعتداله.
جيهان السادات:
لأ.. معتدل ورجل ممتاز.
جيهان السادات:
النقابات الأخرى كانت فيها أحمد الخواجة كان على رأس نقابة المحامين..
جيهان السادات:
آه.
أحمد منصور:
وأحمد الخواجة معروف علاقته اللي كانت متوترة مع الرئيس السادات في ذلك الوقت.
جيهان السادات:
بالظبط، بالظبط.
أحمد منصور:
فيعني إحنا مش عاوزين نقول هناك ميول لأن في النهاية
جيهان السادات:
طب هأقول لحضرتك.
أحمد منصور:
في النهاية.. في النهاية النقابات بتمثل الشريحة التي تمثلها
جيهان السادات:
معلش بس ساعات لها ميول، هأقول لحضرتك والسبعة مليون أو الستة مليون اللي قابلوا أنور السادات وهو راجع من إسرائيل.
أحمد منصور:
حضرتك عارفة كيف يحشد هؤلاء الناس من المصانع ومن الأماكن ومن كل شيء..
جيهان السادات:{مقاطعاً}
لا والله لم يحدث هذا.. لا لا لأ ما فيش حشد الناس خرجت تلقائياً..
أحمد منصور:
أنا كنت أحد هؤلاء الذين خرجوا.
جيهان السادات:
طيب حد حشدك، حد قالك تعالى؟!
أحمد منصور:
أنا كنت في القاهرة، وأنا من المنصورة، وكنت بالصدفة في القاهرة في ذلك الوقت ووقفت أشاهد..
جيهان السادات:
(7/367)
طيب ما هو زيك كان فيه ستة مليون، لأ كان فيه ستة مليون زي حضرتك بالظبط واقفين يشوفوا الراجل ده عمل أيه، وفرحانين بيه يعني أنا هأقول لحضرتك، أنا هنا من المطار لهنا ما تخدش نص ساعة، جه يومها في أكتر من تقريباً تلات ساعات من كتر ما الناس مش..
أحمد منصور:
طبعاً البلد كلها مقفولة محشودة.
جيهان السادات:
مش مقفولة.. فرحانة.. فرحانة و..
أحمد منصور:{مقاطعاً}
مش فرحانة مُفرحة، مدفوعة لأنها تعمل.
جيهان السادات:
لا والله طيب أنا هأقول لحضرتك ده هو كان بيبص، وجت على التليفزيون وجت في.. كلنا شفناها، الناس في الشبابيك في السطوح، أسطح البيوت واقفة تشاور له وفرحانة بيه.. لا لا يعني الأبيض يفضل أبيض ما نقدرش نقول عليه رمادي الحاجة الـ fact ، الحاجة الحقيقة ما نقدرش ننكرها، الشعب كان فرحان نعم كان فرحان بدليل أو سفير لما جه سفير إسرائيلي جه مصر اللي هو (إلياهو) اللي مات قريب..
أحمد منصور:
إلياهو بن إليعازر.
جيهان السادات:
نعم اللي مات قريب..
أحمد منصور:
وكان رجل مخابرات ومسؤول عنها من وقت..
جيهان السادات:
ماليش دعوة بيه أهو اسمه سفير إسرائيل، الناس كانت بتقابله في الشارع تقول له شالوم لأن كان الناس عندها استعداد.
أحمد منصور:{مقاطعاً}
يا فندم إزاي بس، ده بيعانوا الإسرائيليين إلى يوم من المقاطعة، من عدم احترام الناس ليهم، وهناك إجراءات أمنية معينة، حتى المنطقة اللي هم فيها الناس بتكره أن تمر عليها..
جيهان السادات:[مقاطعة]
هأقول لحضرتك في الأول، أيوه هأقول لحضرتك ليه أيوه هأقول لحضرتك ليه في الأول الناس كانت فرحانة جداً إنه فيه سلام وكانت متصورة أن السلام هيعم على كل البلاد العربية..
أحمد منصور:
ما هو الرئيس قال يعني مش قضية السلام وبس وقال الرخاء وكذا فالناس البسطاء اللي مش لاقيين ياكلوا.
جيهان السادات:{مقاطعة}
طبعاً الرخاء هيجي طبعاً.
أحمد منصور:[مستأنفة]
(7/368)
قعدوا يستنوا الرخاء الذي لم يأت.
جيهان السادات:
لأ هيأتي في أيه أنت لما تكون في حالة حرب مش بس في حرب أو حالة حرب أو حالة لا حرب ولا سلم أنت عندك جزء كبير جداً من ميزانية الدولة لازم يتصرف على السلاح، لما تكون في حالة سلام هذا الجزء بيتصرف على رخاء الشعب فإذن السلام فعلاً معناه رخاء والحرب معناها فعلاً..
أحمد منصور:[مقاطعاً]
لم يحدث هذا.. للأسف لم يحدث ولم يتحقق هذا..
جيهان السادات:
طب ما هو ما يحدثشي مش في يوم وليلة انتوا مستعجلين جداً الرخاء بيحدث لما الدنيا تهدا.
أحمد منصور:
الاتفاقية وقعت الآن منذ سنة 77 كانت زيارة السادات، 79 وقع الاتفاقية..
جيهان السادات:
نعم..
أحمد منصور:
البلد تمر بأزمات اقتصادية طاحنة، وتدركين أنتِ الوضع الآن وكله نتاج لما فعله الرئيس السادات، يعني الناس الآن تجني ما فعله الرئيس السادات.
جيهان السادات:
والله لو أنور السادات ما عملش كده كنت شفتوا نتائج أوحش من كده أنور السادات اللي عمله أنقذ مصر من كرامة كان زماننا دلوقت عمالين يتعمل فينا زي ما شيفين أيه اللي بيتعمل في الفلسطينيين، أنقذ مصر في هذا وعملها بكرامة شديدة..
أحمد منصور:
ما كنش حد هيقدر.. مصر لم.
جيهان السادات:
لا.. لا يا فندم.
أحمد منصور:
لم تكن لتقدم الدنية بهذا الشكل.
جيهان السادات:
لا يا فندم.. لا معلش لكن اللي حاصل أيه هم أقوى ما تقدرش تنكر، هم معاهم أميركا ما نقدرش ننكر، هم معاهم الأرض..
أحمد منصور:
ده اللي الرئيس السادات كان بيروجه حتى يوقع على الاتفاقيات 99%، كان الرئيس السادات يروج هذه الأفكار تمهيداً للتوقيع عليها..
جيهان السادات:
لا ما بيروجش دي حقائق مش أنور..
أحمد منصور:
99% من الأوراق في يد أميركا.
جيهان السادات:
نعم..نعم..
أحمد منصور:
معنى ذلك أن إرادة الشعب تسلب وإرادة الأمة تسلب وتصبح في يد أميركا.
جيهان السادات:
(7/369)
لا.. لا.. لأ.. أنت إرادة الشعب 100% مع أنور السادات اللي بيفاوض والوفد بتاعه لكن 99% في أيد أميركا لأنها هي الوحيدة اللي تقدر تضغط على إسرائيل وتحطها في مكانها، هو ده اللي كان بيقول عليه أنور السادات.
أحمد منصور:
هل فكرت بالذهاب معه إلى القدس؟
جيهان السادات:
لأ.
أحمد منصور:
ولم تعرضي عليه.
جيهان السادات:
نهائي.
أحمد منصور:
ولم يطلب منك.
جيهان السادات:
نهائي.
أحمد منصور:
لماذا؟
جيهان السادات:
لم تخطر على بالي أنا قلت دي رحلة قمة السياسة فأنا بعيدة ما ليش دور فيها، نهائي، خليني بعيدة، وكمان حاجة بمنتهى الصراحة ما حبيتش أروح هناك ويجي واحد صحفي يعمل معايا حديث ويطلع جيهان السادات عاملة حديث وبتقول وبتعمل، أنا عايزة الأنظار توجه لأنور السادات الذي هو صاحب هذه الفكرة وهو اللي بينفذها وهو كل شيء فيها.
أحمد منصور:
كنت خايفه عليه؟
جيهان السادات:
جداً.. جداً..
أحمد منصور:
توقعتي أن يذهب وأن يعود؟
جيهان السادات:
فعلاً.. كنت بأتمزق والله يعني كنت داخلياً، وأنا من النوع اللي ما أبينش إنما داخلياً كنت بأتمزق على إني متصورة إنه لن يعود، وحتى خدنا شوية صور قبل ما يمشي كنا في الإسماعيلية معاه بقيت أبص في الصورة كل صورة كده زي ما يكون دي آخر صورة بأخدها معاه..
أحمد منصور:
جاء بيجين إلى الإسماعيلية في 25 ديسمبر 77.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وبدأت المفاوضات الرسمية ما بين العرب أو ما بين مصر وبين إسرائيل.
جيهان السادات:
مصر وإسرائيل.
أحمد منصور:
كارتر جاء إلى القاهرة في 8 مارس 79، 8 مارس 79 جاء كارتر إلى القاهرة وبدأت عملية التمهيد الجدية.
جيهان السادات:
للسلام.. للسلام.
أحمد منصور:
(7/370)
لاتفاقيات كامب ديفيد وكان (سايروس فانز) أصبح وزير خارجية بعد كسينحر وكان أيضاً الرحلات المكوكية قائمة ما بين هنا وهناك، كان الرئيس (شاوسيسكو) لا زال بيعلب دور في تقريب وجهان النظر وكان شاه إيران كذلك بيحاول يعلب دور عن طريق علاقته بإسرائيل.
جيهان السادات:
لا.. ما نقدرش نقول بلعب دور.. ما نقدرش نقول بيلعب دور هو دور شاوسيسكو كان مجرد بالظبط إن فيه GREENLIHT بالظبط أو هو كان قريب للقيادات الإسرائيلية، وهو اللي قال له إن هم عندهم استعداد جاهزين، أما بعد كده ما كنش له دور خالص.
أحمد منصور:
حينما جاء بيجين إلى الإسماعيلية فوجئ (محمد إبراهيم كامل) وكان سفير لمصر في بون بتعيينه وزير خارجية خلفاً لإسماعيل فهمي، وقال إنه سمع هذا من الراديو وده شيء عادي إنه ممكن يحصل في دولنا بس، مش في أي مكان تاني.
جيهان السادات:
ممكن.
أحمد منصور:
وذهب إلى الإسماعيلية استدعاه الرئيس حتى يحضر معه وعرض الرئيس أن يقسم اليمين أمام بيجين وأمام المسؤولين الإسرائيليين ورفض محمد إبراهيم كامل.
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا.
أحمد منصور:
وهو في مذكراته قابل كده بالنص.
جيهان السادات:
لا أنه لا يقول الحق، مش عايزة أقول كلمة ثانية يعني، إنما لا يقول الحق.
أحمد منصور:
مش ممكن كل واحد ممكن يختلف مع الرئيس السادات أو يقول حاجة يبقى كذاب.
جيهان السادات:
يا فندم لا.. لأ كذاب يبقى وأديني نطقتها حأقول لحضرتك مذكراته فيها حاجات كثيرة مش صح، وهو يعلم هذا، لكن ليه يوقفه قدام بيجين يحلف اليمين عمرها ما حدثت إن وزير خارجية يحلف يمين قدام ضيف، أنا ما ليش دعوة بيجين أو غير بيجين لم يحدث.
أحمد منصور:
هو الرئيس السادات أحب أن يظهر يعني أن هو يعني جاء بوزير سيسير على الاتفاقيات ويقوم بالتسوية.
جيهان السادات:[مقاطعة]
(7/371)
لا.. لا.. لا لا لا، وعايزة أقول لحضرتك بمنتهى الأمانة كمان، لو كان تحصلت ما كنش هيرفض لا يا فندم لا.. لا، يعني ما نديش كل واحد علشان أنور السادات مات مش قادر يقول له هذا كذب.
أحمد منصور:
أنت عندك علم بالموضوع..
جيهان السادات:
أيوه عارفة.
أحمد منصور:
أو بتدافعي عنه لحبك الشديد للسادات.
جيهان السادات:
لا.. عارفة.. لأ حبي شيء، والحقيقة شيء آخر.
أحمد منصور:
بس أنا أستطيع أن أتفهم حبك الشديد للرئيس، لكن فيه أحداث تاريخية أساسية أنت بتنفيها.
جيهان السادات:
لا طبعاً، ما عمرها ما حصلت رئيس دولة قدامه يحلف وزير يمين قدام ضيف لم تحدث في تاريخ البروتوكول المصري، فلماذا يختلفها محمد كامل إبراهيم أو إبراهيم كامل.
أحمد منصور:
فوجئ محمد إبراهيم كامل أيضاً وهو وزير للخارجية بإعلان الرئيس السادات بمؤتمر كامب ديفيد الثلاثي الذي عقد بعد ذلك حيث سافر الرئيس السادات في سبتمبر 78 إلى كامب ديفيد وبدأت المفاوضات الجدية أو كامب ديفيد الأولى التي استمرت أكثر من أسبوعين أنا رجعت لبطرس غالي وكان هناك.. ورجعت لمحمد إبراهيم كامل، ورجعت لوثائق، ورجعت لـ (وليام كوانت) الذي يعتبر فعلاً كتابه من أكبر الوثائق الأساسية.
جيهان السادات:
من.. آه بالظبط.
أحمد منصور:
فيما تتعلق بعملية التسوية..
جيهان السادات:
ده صحيح.
أحمد منصور:
وهيكل طبعاً في المفاوضات، لكن أنا بأرجع للناس اللي كانوا حاضرين.
جيهان السادات:[مقاطعة]
وهيكل كان دخله أيه في المفاوضات؟
أحمد منصور:
من خلال الكتاب الذي أعده هو راجع استند للمفاوضات وإلى روايات الناس وأخذ منهم بشكل مباشر كذلك أنا رجعت لبعض الشخصيات وسمعت منها وعلى رأسهم الدكتور مصطفى خليل.
جيهان السادات:
أيوه..
أحمد منصور:
(7/372)
محمد إبراهيم كامل بيروي ما حدث في كامب ديفيد وكيف أن الرئيس كان يجلس ويتخذ قراراته بشكل منفرد مع بيجين دون أن يرجع إلى مستشاريه، في الوقت الذي كان بيجين يراجع مستشاريه، دائماً بيجين يراجع مستشاريه دائماً في كل قرار يتخذه، وهذا أدى إلى نوع من التوتر في العلاقة ما بين محمد إبراهيم كامل وما بين السادات وما بين أيضاً بعض أعضاء الوفد منهم نبيل العربي مثلاً اللي كان عنده بعض، المقترحات السادات كان بيشخط فيه، كان بيزعق فيهم إذا حد يقترح عليهم شيء.
جيهان السادات:
والله حضرتك ده كلام مبالغ فيه، أنور السادات هو حس إن إبراهيم كامل مش مستوعب عملية السلام ككل بصراحة أو الناس المحيطين بيه مش شايفين اللي هو شايفه وهو كان عنده بعد نظر..
أحمد منصور:
يعني عنده وحي.. نبي مرسل.. كذا، كل شيء قائم على مستشارين وعلى معطيات.
جيهان السادات:
لا نبي مرسل ولا وحي، إنما عنده بعد نظر الرجل السياسي اللي عنده بعد نظر شايف شيء غيره مش شايفه، صدقني، واللي شافه فعلاً النهاردة إحنا بنقول فعلاً كان على حق لإن اللي شافه، وكل العرب اللي هاجموه وقاطعوه أهم بيعملوا اللي عمله بس بأقل.. روح شوف القرارات والمضبطة بتاعة كامب ديفيد وشوف طلب إيه للفلسطينيين وشوف اللي بياخدوه دلوقتي.
أحمد منصور:
أنا ماليش علاقة بالفلسطينيين الآن الرئيس السادات كان خطوته التي اتخذها المنفردة التي قام بها إلى القدس كان يخشى أن تفشل وبالتالي سعى لتقديم تنازلات لصديقه كارتر، عشان كارتر أيضاً دخل الانتخابات.
جيهان السادات:
ما هي التنازلات؟
أحمد منصور:
التنازلات تتمثل في الاتفاقات والبنود الأساسية التي وقعت بالنسبة لعملية الانسحاب، وبالنسبة لما تم بعد ذلك من أ، ب، جـ بالنسبة لسيناء كمناطق.
جيهان السادات:
(7/373)
بص حضرتك ممكن، بص حضرتك ممكن يجامله في الانسحاب بدل ما يبقى في شهرين يبقى في تلاتة، ممكن يجامله في إنه مثلاً بدل ما ينسحبوا 10 كيلو ينحسبوا 5، لكن ما يجاملوش في حبة رمل في سيناء، وده اللي حصل إن كل سيناء استردتها مصر..
أحمد منصور:
مع سيادة منقوصة.
جيهان السادات:
أبداً مع سيادة كاملة.
أحمد منصور:
وتقسيمها إلى 3 مناطق.
جيهان السادات:
وترجع ده تشنيع، يا فندم ده تشنيع.. نعم؟
أحمد منصور:
يا أفندم الوثائق موجودة، والاتفاقيات موجودة.
جيهان السادات:
يا فندم سيادة كاملة واسأل المسؤولين اسأل.. اسأل علشان تتأكد.
أحمد منصور:
ما هو حضرتك أنا مش قضية إن أنا أسأل وبس يعني أنا مبتلى بالعمل في السياسة منذ نعومة أظفاري وأتابع وأقرأ يعني.
جيهان السادات:
ما فيش سيادة منقوصة.. ما حدش.. سيناء عليها سيادة كاملة صدقني عليها سيادة كاملة.
أحمد منصور:
يا فندم أنا قلت لحضرتك المراجع الأساسية التي رجعت لها فيما يتعلق بهذا الموضوع، مراجع تكفي أن تملأ هذه الطاولة بالكتب وكلها من الناس وحرصت أني إقرأ للناس اللي عاشوا الأحداث..
جيهان السادات:
أيوه.. لأ يعني لما ترجع لي لواحد زي سعد الشاذلي ما هو طبعاً لازم يقول لك منقوص.
أحمد منصور:
سعد الشاذلي لا يستطيع أحد أن..
جيهان السادات:
أما ترجع لي لواحد زي إبراهيم كامل لازم يقول لك منقوص..
أحمد منصور:
كان وزير خارجية، وزير خارجية.
جيهان السادات:
يا فندم ده ما قدرش يكمل..
أحمد منصور:[مقاطعاً]
سعد الشاذلي لا يستطيع أحد أن ينكر دوره في حرب أكتوبر بغض النظر عن موقفك قبل كده، دا راجل لعب دور..
جيهان السادات:[مقاطعة]
ولا أنكر أنا، ولا أنكر دوره.
أحمد منصور:
رجل لعب دور في تاريخ مصر، وبالتالي يحفظ له هذا الأمر.
جيهان السادات:
مؤكد ما أنكرهوش.
أحمد منصور:
(7/374)
كذلك إسماعل فهمي منقدرش نقول إسماعيل فهمي اختلف، بطرس غالي نفسه قابل حاجات في كتابه خطيرة عن ما كان يحدث في كامب ديفيد وحضرتك شوفتي كتاب بطرس غالي، وبطرس غالي من الناس المقربين من الرئيس السادات.
جيهان السادات:
ده صحيح، بس مش كل كتابه كان صح، معلش.
أحمد منصور:
ما هو.. ليس معنى كل من اختلف مع السادات يبقى غلط.
جيهان السادات:
لأ بالعكس كانوا بيختلفوا اللي أنا عايزة أقوله لحضرتك صدقني، صدقني واسألهم اسأل الناس الغير متحيزة تقول لك أنور السادات ما كانش من النوع اللي كان بيدي كل اللي حواليه، الوزرا ما كانش يدخل في شغلهم يسيب كل وزير حر في وزارته، بيحب يدي كل واحد حقه فعلاً، ومن النوع اللي ما كنش بياخد قرار لوحده كده زي ما أنت متصور، كان دايماً يستشير مستشاريه ورجال الدولة والوزرا بتوعه، الحقيقة، ده كان بيسأل الناس العادية اللي هم.
أحمد منصور:
والآخر ما يخدش برأيهم..
جيهان السادات:
الآخر يشوف.
أحمد منصور:
يرجع إلى وحيه وإلهامه وبعد نظره.
جيهان السادات:
ممكن يرجع بس بعد ما يكون خد كل الآراء عشان يعرف الصح فين والغلط فين.
أحمد منصور:
محمد إبراهيم كامل في 16 سبتمبر استقال في واشنطن قدم استقالته للرئيس السادات.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
ورجع الرئيس السادات إلى المغرب، أنت لم تذهبي معه إلى كامب ديفيد كنت في..
جيهان السادات:
قابلته في المغرب..
أحمد منصور:
باريس، التقيتوا في المغرب، صحيح وعد بطرس غالي بأن يكون وزير خارجية وأنتِ هنَّأتي بطرح غالي على ذلك..
جيهان السادات:
لا محصلش..
أحمد منصور:
قلتِ له مبروك.
جيهان السادات:
لا.. لا.. ما عندك بطرح بطرس غالي روح اسأله..
أحمد منصور:
بطرس غالي ذاكرها في مذكراته إن أنت في المغرب قلت له أو أديتي له إشارة إن الرئيس خلاص هيختاره هو وزير خارجية وظل على هذا الأمل ستة أشهر..
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا
(7/375)
أحمد منصور:
وقال إن السيدة جيهان قابلتني في المغرب.
جيهان السادات:
هو أنا اللي بأعين علشان أقول له مبروك.
أحمد منصور:
أنت قريبة من الرئيس..
جيهان السادات:
لا.. لا.. معلش.. معلش..
أحمد منصور:
وتستطيعي أن تستشفي منه..
جيهان السادات:
لا لا والله.. لأ.
أحمد منصور:
رجع الرئيس السادات إلى مصر وكان لابد من حكومة جديدة، وكلف الدكتور مصطفى خليل بالقيام بمهام الحكومة الجديدة حتى تنفذ الاتفاقات التي تم الاتفاق عليها في كامب ديفيد الأولى في 78، وبالفعل تم توقيع كامب ديفيد الثانية في مارس، 7 مارس..، في مارس 26 مارس 79، جاء الرئيس كارتر في زيارة إلى مصر في مارس 79 أنتِ رافقتي الرئيس السادات في بعض زياراته إلى الولايات المتحدة..
جيهان السادات:
نعم في كل زياراته.
أحمد منصور:
في كل زياراته.
جيهان السادات:
ما عدا كامب ديفيد، ما عدا الاتفاقية..
أحمد منصور:
سأتابع معكِ في الحلقة القادمة بعض ما حدث في هذه الزيارات، والفترة ما بين كامب ديفيد الثانية إلى حادث المنصة.
أشكركِ شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم..
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شاهدة السيدة جيهان السادات، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(7/376)
الحلقة10(7/377)
الخميس 20/12/1421هـ الموافق 15/3/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 22:17(مكة المكرمة)،19:17(غرينيتش)
جيهان السادات - الحلقة 10
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- جيهان السادات، أرملة الرئيس المصري السابق أنور السادات
تاريخ الحلقة
12/03/2001
جيهان السادات
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيدة جيهان السادات، مرحباً بيك يا فندم.
جيهان السادات:
أهلاً.. أهلاً.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفت عند مرافقتك للرئيس السادات في رحلاته إلى الولايات المتحدة باستثناء رحلة ( كامب ديفيد) على اعتبار أنك كنت في باريس والتقيت به في المغرب بعد العودة، وأنا في الاستماع إلى شهادتك أحاول دائماً الابتعاد عن التصرفات الشخصية، ولكن اسمحي لي في بعض الجزئيات التي يعني كانت تصرفات عامة، تمثلت في إحدى الزيارات، أو في أكثر من زيارة، وهي أنك راقصت الرئيس كارتر، والرئيس كارتر أيضاً قبلك القبلة التي يقبلها الغربيين للناس في لقاءاتهم، ولكنها أيضاً أثارت استياء كبيراً في مصر، ولازال الناس إلى اليوم يتحدثون عنها باعتبارها أمراً غير مألوف، وأنت زوجة لرئيس دولة مسلمة، وتحرصين دائماً على أن تتكلمي عن المبادئ الإسلامية.
جيهان السادات:
نعم، والله هو اللي حصل أولاً: البروتوكول المصري اتصل بالبروتوكول الأميركي وقال لهم: إحنا ماعندناش رقص، لأن هم عادة بعد العشا بيحصل فيه حفلة رقص بالنسبة للرؤساء، فقال لهم: إحنا ماعندناش دي وما تعملوهاش يعني، فعرفوا، عارفين إن دي عندنا مش مقبولة، فلما رحت وبعدين هو.. خد إيدي وقام فأنا قمت ولكن عارف اللي هي إيه في حرج، مش قادرة أكسفه وفي نفس الوقت يعني مش عارفة يعني.. ، وبعدين ما بأعرفش أرقص أساساً يعني، فهو..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(7/378)
كان فيه.. راقصت أحداً قبله أم أول راجل كان ممكن ياخد إيدك ويرقص معاك؟
جيهان السادات:
لأ أول.. أول واحد، فلسه بأعمل كده فبص لي وقال لي: أنا آسف، إحنا قالوا لنا بس أنا نسيت، ورجعنا وقعدنا.
أحمد منصور:
يعني مارقصتيش معاه؟
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا.
أحمد منصور:
لكن فيه صور طلعت إنك بترقصي معاه.
جيهان السادات:
لا.. لا، دي شوف حضرتك بالضبط بين.. زي المسافة بيني وبينك، يعني خد إيدي.. قمت، هو قال لي اتفضلي فقمت.. ولسه بيعمل كده طبعاً هي دي..
أحمد منصور:
الصور طلعت بقى.
جيهان السادات:
بس كده بالضبط، لكن ما خدتش يمكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الرئيس السادات كان رد فعله إيه؟
جيهان السادات:
لا ولا حاجة، عارف إن ده إحراج.. وشاف قدامه يعني، وده إحراج..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هو شعر بالاحراج هو الآخر؟
جيهان السادات:
أيوه، دي قامت المغنية.. اللي اسمها إيه (بيلي..).
أحمد منصور:
السمراء هذه؟
جيهان السادات:
السمراء.. آه، فقالت له برضو قوم، فقال لها: أنا ما بأعرفش أرقص، فقالت له: هاعلمك، فقال لها: لأ أنا مش قادر.. يعني ما أعرفش، والحقيقة كان خجول جداً وقام وقف برضو لكن.. يعني.. قال لها: أنا ما أعرفش خالص.
أحمد منصور:
وقبلة الرئيس كارتر؟
جيهان السادات:
وقبلة الرئيس كارتر، أنا عايزة أقول لحضرتك هل يقصد بها شيء وحش؟!
أحمد منصور:
مش قضية يقصد أو لا يقصد.
جيهان السادات:
هم الطريقة سلامهم على فكرة، طريقة سلام الأميركان، الراجل يقبل الست.
أحمد منصور:
طيب في البرتوكول، لماذا لم ينبهوهم أيضاً إلى هذا الأمر؟
جيهان السادات:
ما أعرفش.. نبهوهم، هم برضو..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني إحنا هنا لا نبحث عن مبررات..
جيهان السادات [مستأنفة]:
لأ قالوا لهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ولكن إحنا بنشوف تصرفات..
جيهان السادات [مستأنفة]:
قالوا لهم، لأ، أنا هأقول لحضرتك يعنى..
(7/379)
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لأنها تصرفات أخذت وأساءت إلى كل المصريين ولازالت مثل هذه التصرفات بتسيئ إلى الناس.
جيهان السادات:
لأ مش إساءة، لأ إساءة.. حضرتك أما تاخدها من منظار ضيق تقول إساءة، لكن لما تاخدها من منظار صداقة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
حتى لو من منظار واسع (يسؤ).
جيهان السادات [مستأنفة]:
والراجل.. دي علامة على الصداقة أو الترحيب يعني.
أحمد منصور:
فيه مبادئ يا فندم هنا، وفيه ضوابط..
جيهان السادات [مقاطعة]:
دى معلش دى المقصود بيها..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وفيه أصول بتربط الناس.
جيهان السادات:
صحيح.
أحمد منصور:
ما بيقدروش، يعني الغربيين لهم عاداتهم، إحنا لنا عاداتنا أيضاً..
جيهان السادات [مقاطعاً]:
معلش.. يعني هل..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
إذا.. إذا إحنا تجاوزنا حاجات كتير..
جيهان السادات [مقاطعاً]:
يعني تحب مثلاً كنت آخده قلم مثلاً أقول له يعني..، أو أديى له knock out مثلاً أو أعمل إيه يعنى؟! ده رئيس دولة بيبوسني، خلاص انتهى وبينبهوه، ونبهوه بعد كده، وصدقني في مرة منهم بعد ما باسني قال لي:آه متأسف دول قالوا لي برضو! فقعدنا نضحك أنا وأنور، يعني.. تقول إيه؟! يعني الحقيقة هو الراجل بيعبر عن نوع من التقدير والصداقة والمحبة، وده جوزي جنبي يعني.. مش قصده شيء، وأنا عارفه إنه مش قصده شيء وبعدين عايزة أقول لحضرتك يعني مش مسألة قبلة، ده لو نظرة مقصودة بشيء أنا مش عبيطة أفهمها، واقدر أوقف اللي قدامي، لكن لما تبقى شيء.. رئيس دولة بيوري مشاعر طيبة يعني ما تقابلش بقى برفض وضيق بقى أفق وبتاع والواحد يعملها خناقة وزعلة، ونحرجه ونكسفه، لأ، يعنى تقابل بهدوء كده، وتقال له بعد كده، وزي ما قلت لحضرتك كررها برضو على أساس إنه مش.. وبعدين قال: آه دول قالوا لي أنا آسف، دول قالوا لي.
أحمد منصور:
يعني أنا بأترك للناس أن تقيم وجهة نظرك في المسألة.
جيهان السادات:
نعم
(7/380)
أحمد منصور:
بدأ الرئيس السادات يظهر بشكل متتابع في الإعلام الأميركي، وأصبح مغرم بالظهور مع كثير من.. لا سيما ( باربارا) باربارا لك وله ظهرتم كثيراً في برامجها.
جيهان السادات:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
وأيضاً في محطات أخرى، وأصبح هذا الأمر بيشكل عنده نوع من ( الأنا) العالية كثيراً، والغرب يبدو أيضاً انتبه إلى هذا الأمر، وأصبح بيثيره عند الرئيس بشكل دائم.
جيهان السادات:
طب، أنا عايز أسأل حضرتك: هل هو اللي بيطلب منهم يجوا ويعملوا معاه أحاديث أو هم اللي بيطلبوا مرة واتنين وتبقى مواعيده مش.. مشغولة.
أحمد منصور:
لأ، أنا بأجرب إحنا اللي بنلح.
جيهان السادات:
آه طيب.. طيب.
أحمد منصور:
يعني إحنا كإعلاميين إحنا اللي بنلح.
جيهان السادات:
طيب يبقى إذاً.. إذاً هو ما بيجريش بقى على الصحافة ولا التليفزيون، هم اللي بيجروا وراه، ده اللي كان بيحصل.
أحمد منصور:
لكن هذا أيضاً، تتابع هذا الأمر وظهوره بشكل دائم..
جيهان السادات [مقاطعاً]:
طيب ما هو كان بيرفض.
أحمد منصور:
بيؤدي إلى أن الشخصية أحياناً ممكن تنفصل عن واقعها، وتصبح يعني شخصية..
جيهان السادات:
لا.. لا.. لا .. هو كان إنسان أقول لحضرتك ما كانش عنده الأنا دي، كان إنسان بسيط بسيط.. فلاح –فعلاً- بدرجة رئيس جمهورية، بسيط في كل أفعاله وكل معاملاته.
أحمد منصور:
بدأت حكومة الدكتور مصطفي خليل.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وكان دورها الرئيسي هو السعي للتوقيع النهائي على اتفاقية كامب ديفيد بعد الخطوط العريضة اللي تم الاتفاق عليها في سبتمبر 78.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
بدأت مصر تعزل عن العالم العربي.
جيهان السادات:
صحيح.
أحمد منصور:
(7/381)
وبدأ الرئيس يغيب عن متابعة الوضع الداخلي لأنه كان مشغول بالقضية الأساسية، بدأت عدوات كثيرة داخلية للرئيس، بدأ يضغط على المسيحيين، بدأ يضغط.. الإسلاميين أصبحوا معارضين، النقابات، الصلح أصبح منفرد، وحدث شيء في عهد الرئيس السادات أيضاً يعتبر شيء كبير للغاية، وهو أنه أنزلت كل الأعلام العربية من سماء القاهرة وارتفع العلم الإسرائيلي.
جيهان السادات:
نعم، هو نزلها أم هم اللي انسحبوا؟! هو نزل الأعلام..
أحمد منصور:
أنزلت الأعلام بسبب تصرفات الرئيس.
جيهان السادات:
أيوه أنزلت.
أحمد منصور:
يعني الرئيس الآن تصرفاته أدت إلى عزلته عربياً، وإن هؤلاء انسحبوا وارتفع العلم الإسرائيلي.
جيهان السادات:
أيوه بس الرئيس دعاهم في (ميناهاوس) إنهم يجوا ويشاركوا، هم اللي رفضوا.. هم اللي رفضوا من هو اللي رفضهم، هم اللي رفضوا وهم اللي ابتعدوا، مش هو اللي رفضهم.
أحمد منصور:
احتجاجاً على ما فعله الرئيس.
جيهان السادات:
ثم إني عايزة أقول لحضرتك هو ماكانش فيه ضغط على المسيحيين ولا المسلمين لما حصل حتى مسألة الدرب الأحمر والمشادة العنيفة اللي كانت بين المسيحيين والمسلمين، راح زار شيخ الأزهر، وراح زار الأنبا شنودة.
أحمد منصور:
هو في محاولة منه أن يظهر إلى أن هناك تجاوز في المسألة.
جيهان السادات:
إنه عايز يجمع بين الاتنين.
أحمد منصور:
لكن ما حدث في الدرب الأحمر أيضاً كشف عن يعني بعض.. الأشياء والصراعات اللي كانت موجودة.
جيهان السادات:
اللي بين المسلمين والأقباط.
أحمد منصور:
(7/382)
التقى في يونيو 81 بمناحم بيجن، وبدأت الأجواء في الفترة من 79 بعد ما تم توقيع الاتفاقية في 26 مارس 79، بدأت الفترة من 79:81 تدخل مصر في شيء من عدم الارتياح، ماكانش فيه صفاء، كان فيه مشاكل كثيرة كانت بتواجهها البلد، ظهرت طبقة من.. من الأثرياء الجدد في مصر، أثرياء الانفتاح، حتى إن المستشار ممتاز نصار وقف في مجلس الشعب يقول: إن مصر فيها -سنة 80- يقول: إن مصر فيها 17 ألف مليونير، وده كان رقم سنة 80 بيعتبر رقم خرافي.
جيهان السادات:
17 ألف ؟!
أحمد منصور:
ولم يرد أحد ينفي هذا الأمر في ذلك الوقت 17 ألف مليونير.
جيهان السادات:
وعدهم إزاي؟!
أحمد منصور:
وظهرت.. ظهرت بعض الشخصيات زي: رشاد عثمان، وعصمت السادات، وتوفيق عبد الحي، إثراء فاحش وسريع.. كل دول تم لهم محاكمات بعد ذلك، واتجهت مصر من إنها كانت دولة.. لحد سنة 70 بتصدر 40% من إنتاجها من السكر إلى دولة مستوردة، 45% من حاجات مصر الغذائية كانت بتستورد من الخارج، ودخلت البلد في دوامة اقتصادية، الآن الناس بتجني ثمارها.
جيهان السادات:
أولاً: الغنى الفاحش اللي حضرتك بتقوله، وإذا كان واحد زي نصار ممتاز يقول 17 ألف هو يقول اللي يقوله، ماكانوش بهذا العدد نهائي.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هم تضاعفوا.
جيهان السادات [مستأنفاً]:
ولا.. ولا إلى يومنا هذا هم بالعدد ده.
أحمد منصور:
لأ زادوا يا فندم.
جيهان السادات:
لا لا عن17 ألف ؟!
أحمد منصور:
17 ألف ده رقم بسيط !!
جيهان السادات:
مش ممكن يا فندم !
أحمد منصور:
أصل مليونير يعني مليون جنيه دي حاجة بسيطة دلوقتي.
جيهان السادات:
ثانياً: هأقول لحضرتك، ما هو المبالغة دي سهلة والكلام سهل، واحد زي.. أنا هأتكلم بس ولا على عبد الحى ولا على رشاد..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
فيه إحصائية نشرت قالت إن هم يزيدوا عن الـ30 ألف.
جيهان السادات:
نعم؟
أحمد منصور:
(7/383)