|
المؤلف: احمد منصور من الجزيرة
تجميع مجموعة حلقات
تم استيراده من نسخة : أ/علي عبد الباقي
أحمد منصور: وبعد ذلك اقتتلتم مع بعض في طرابلس، في الحلقة القادمة أبدأ معك بوصف للخروج الفلسطيني من لبنان، كيف تم؟ رغم أن الشهادة طالت عن الحدود الدائمة لكل الشهادات ولكن لأهميتها وبشكل استثنائي سنكمل حتى يعرف الشعب العربي بشكل عام حقيقة ما حدث، أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة سيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/29)
الحلقة17
(5/30)
الثلاثاء 10/6/1425هـ الموافق 27/7/2004م(آخر تحديث) الساعة 16:05(مكة المكرمة), 13:05(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 17
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
25/07/2004
- الخروج من لبنان ودعوة أبو عمار للتسوية
- المسؤولية في صبرا وشاتيلا
- الانشقاق في فتح ومؤتمر فاس
- الدور الليبي في دعم المنشقين
- محاولة لتغيير موازين القوى
الخروج من لبنان ودعوة أبو عمار للتسوية
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيك.
أحمد منصور: هل كان خروجكم من لبنان هو نهاية للكفاح المسلح وبداية لعملية التسوية التي انتهت بأوسلو وما وصل إليه الفلسطينيون الآن؟
أحمد جبريل: هو عندما أقول أنا محطة كبيرة وخطيرة نحن مررنا في محطات سابقة خرجنا بأيلول 1970 من الأردن وانتهت ساحة الأردن المحاذية لفلسطين من الصراع والقتال خرجنا من الجولان بعد حرب 1973 ووصول سوريا إلى اتفاق فصل القوات وأُغلق المسرح السوري أو مسرح الجولان في وجه العمليات وبقي عندنا المسرح اللبناني فمعنى ذلك أن خروجنا من لبنان معنى ذلك إنهاء العمل الفدائي نهائيا ووضع هناك خيار واحد أحد هو الحلول السياسية في ظل اختلال موازين القوى وبالتالي فرض الشروط الاستسلام على الفلسطينيين.
أحمد منصور: حتى لا يلقى العبء دائما والمسؤولية على الآخرين أما تتحملون أنتم كقيادات فلسطينية بسلوكياتكم التي كنتم بها في لبنان المسؤولية الكبرى في إخراجكم منها؟
(5/31)
أحمد جبريل: يعني إحنا حكينا إنه هناك أسباب متعددة في هذا الموضوع لا ننكر أن إحنا قد عجلنا أو هالممارسات قد عجلت في هذا الأمر بحيث إنه أصبحت لبنان مركز لكل المعارضة العربية لكل للتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية كل هذا الموضوع وهذه أمور أيضا عجلت في موضوع المؤامرة علينا في عام 1982.
أحمد منصور: لماذا جاء معك خليل الوزير وسعد صايل إلى سوريا بينما ذهب عرفات إلى تونس عبر أثينا؟
أحمد جبريل: هو في داخل حركة فتح كان هناك مخاض حقيقة قبل الاجتياح الإسرائيلي في 1982 وفتح أنت بتعرف هي كبرى المنظمات الفلسطينية وبدأ يحصل تباين في القيادة في حركة فتح بين تيار كان يقوده الأخ أبو عمار وتيار آخر يقوده مجموعة من الشباب، تيار الأخ أبو عمار كان ينادي ويقول أن تسعة وتسعين من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط بيد الأميركان وعلينا أن نحذو حذو السادات وأن نتوجه باتجاه وأنا مش عاوز أعمل مثل الحج أمين الحسيني هذا كان يطرحه باستمرار في هذا الموضوع، التيار اللي في داخل فتح كان يمكن الشهيد أبو جهاد خليل وسعد صايل عارف كيف وكان..
أحمد منصور: وكل من تم اغتيالهم بعد ذلك من القادة.
أحمد جبريل: ومن قبلهم يعني مثل يعني أبو شرار ماجد أبو شرار الذي قُتل واستشهد في روما قبل.. في عام 1981 أيضا هذا كان من المتزعمين أبو صالح من المتزعمين في داخل حركة فتح تيار ينادي ويقول يجب أن نتابع استمرار الكفاح المسلح وألا يكون أمامنا إلا خيار واحد هو خيار التسوية السياسية والجلوس على طاولة في ظل اختلال في موازين القوى.
أحمد منصور: هل هذا هو السبب الذي جعل خليل الوزير يكون قريبا من ساحة المواجهة ويذهب إلى سوريا؟
(5/32)
أحمد جبريل: يعني أنت بتعرف سوريا معناه يعني في جغرافيا سياسية يعني استمرار للكفاح المسلح بينما الذهاب إلى المنافي معنى ذلك هو إقفال ملف الكفاح المسلح وأيضا هناك بعض الاتفاقات التي تمت بين الأخ أبو عمار وفيليب حبيب وهذه لم تعلن ليس هو فقط..
أحمد منصور: من أهمها؟
أحمد جبريل: يعني ليس فقط خروج المقاتلين من بيروت إلى المنافي بل أيضا إخراج المقاتلين من البقاع ومن الشمال إلى المنافي في هذا الشأن.
أحمد منصور: يعني تصفية لبنان تماما؟
أحمد جبريل: إي هذا كان الاتفاق على..
أحمد منصور: أُبلغتم بهذا بشكل رسمي؟
أحمد جبريل: لا هذا الموضوع حول إخراج المقاتلين من البقاع ومن الشمال بقي سرا ولم يعلن عنه إلا عندما خرجنا بدأ الأخ أبو عمار يخلي البقاع والشمال ويرسلهم عن طريق قبرص إلى تونس وإلى الجزائر تحت مغريات كثيرة في هذا الشأن.
أحمد منصور: طبعا عادت فتح بعد ذلك بشكل ما مع المقاتلين من فتح وحدثت معارك سنأتي لها تباعا في هذه المسألة لكن يعني أبقى في إطار أغسطس 1982 في 23 آب/أغسطس 1982 بينما كان الفلسطينيون يواصلون خروجهم من لبنان انتخب مجلس النواب اللبناني قائد القوات اللبنانية بشير الجميل رئيسا للجمهورية بدلا من إلياس ساركس ماذا كان يعني اختيار بشير الجميل رئيسا للبنان بالنسبة إليكم؟
أحمد جبريل: هو قبل خروجنا من بيروت تم اختيار بشير الجميل رئيسا للجمهورية وحقيقة كان يعني هذا الاختيار مؤلما لنا ولكل وطني وكل عروبي وكل تقدمي..
أحمد منصور: لماذا كان مؤلما؟
”
بشير الجميل كان متحالفا مع الإسرائيليين وكانت تصريحاته استفزازية بشأن الشعب الفلسطيني وتصفيته وإنهائه
”
(5/33)
أحمد جبريل: لأنه كان بشير الجميل متحالف مع الإسرائيليين وكان ينادي بكل وضوح ويقول بتصريحات استفزازية تجاه الشعب الفلسطيني يقول أن هناك خمس شعوب في منطقة الشرق الأوسط وهناك أحدهم من هذه الشعوب هو شعب فائض يجب تصفيته وإنهاؤه وكان يقول الشعب اللبناني على الأرض اللبنانية والسورية..
أحمد منصور: صرح بهذا علنا؟
أحمد جبريل: علنا والشعب الإسرائيلي يعني هو يقول أن الفلسطينيين يجب، هذا شعب زائد..
أحمد منصور: في أي المصادر قال هذا؟
أحمد جبريل: ترجع إلى وكالات الأنباء وإلى الصحافة تجدوا مثل هذا الأمر وقال كلام أكثر من ذلك قال سأُدَّفع الفلسطينيين فواتير الكهرباء والماء قال أنه أنا لن أسمح بتواجد سوري على الأرض اللبنانية تحدث يعني كان مستفز استفزاز كبير وشديد لذلك عندما تم اختياره بشير الجميل أنا حقيقة شعرت أن الهزيمة قد وقعت.
أحمد منصور: لمن؟
أحمد جبريل: يعني أنا كنت أنظر أن الهزيمة العسكرية ليست لها أهمية إذا لا تتلوها هزيمة سياسية فاختيار بشير الجميل كان يمثل هزيمة أو تكريس للهزيمة العسكرية في هذا الشأن.
أحمد منصور: معنى ذلك أنكم أنتم الفلسطينيون كنتم أكثر المستفيدين من عملية الاغتيال التي وقعت في أربعة عشر سبتمبر 1982 حينما فجرت قنبلة كبيرة مقر الكتائب وقتل فيه بشير الجميل مع أكثر من خمسة وثمانين قتيل وجريح أيضا من قيادات الكتائب؟
أحمد جبريل: المستفيدون كُثر.
أحمد منصور: من هم أكثر المستفيدون؟
أحمد جبريل: يعني إحنا الفلسطينيين الوطنيين اللي بدهم يتابعوا موضوع الكفاح المسلح كنا نشعر أن والله هذا الموضوع جاء مكسبا سوريا مكسب الأحزاب الوطنية اللبنانية عارف كيف في هذا الشأن في هناك ثارات بين بشير الجميل والحزب التقدمي وحركة أمل و.. إلى آخره يعني هو كان رئيس تم اختياره بطريقة استفزازية وبدعم إسرائيلي كما تعرفون.
(5/34)
أحمد منصور: إذا كان كل هؤلاء مستفيدون من مقتل بشير الجميل فمن الذي قتله منهم؟
أحمد جبريل: يعني هو القضاء اللبناني هو حكم في هذه القصة وهناك مناضل من الحزب القومي السوري الاجتماعي اسمه حبيب الشارتوني هو الذي فجر هذا المبنى الذي حضر إليه بشير الجميل لآخر مرة في الأشرفية والملف القضائي محطوط فيه كل الأشياء حول مقتل بشير الجميل.
أحمد منصور: ما أثر مقتل بشير الجميل على الأوضاع في لبنان وعلى الوضع الفلسطيني تحديدا؟
أحمد جبريل: هو لا شك أنه كان خسارة للأميركان وللإسرائيليين وللقوى الانعزالية لو بقي بشير الجميل حياً لكان الوضع الآن في لبنان مختلف عما هو نحن الآن عليه.
أحمد منصور: يعني تغير مسار التاريخ بمقتل بشير الجميل؟
أحمد جبريل: يعني أنا أقول أعطى دفعة معنوية كبيرة للقوى اللي كانت متضررة من انتخاب بشير الجميل.
المسؤولية في صبرا وشاتيلا
أحمد منصور: في خمسة عشر سبتمبر 1982 دخل الجيش الإسرائيلي إلى بيروت واستولى عليها خلال ثمانية وأربعين ساعة ماذا كان يعني ذلك لا سيما وأنه لم يسقط له في هذا الاجتياح سوى ثلاثة فقط من القتلى؟
”
دخل الجيش اللبناني مخيم برج البراجنة بأمر بشير الجميل وقام بهدم المنازل واعتقال 350 فلسطينيا
”
(5/35)
أحمد جبريل: هو بعد ما خرجنا إحنا من بيروت بثلاثة أيام دخل الجيش الإسرائيلي ودخل أيضا بشير الجميل ودفع الجيش اللبناني لدخول بيروت الغربية وخاصة مخيمات يعني برج البراجنة دخل الجيش اللبناني اللي تحت إمرة بشير الجميل وقاموا بهدم مائتين منزل قالوا هادول مخالفين واعتقلوا ثلاثمائة وخمسين فلسطيني موجود وبدأت وكأنها مرحلة جديدة، الإسرائيلي بتعرف كان يقوده مناحم بيغين وشارون ومناحم بيغين وشارون لديهم عقدة أن حزب العمل هو الذي يشن الحروب عبر تاريخ تأسيس إسرائيل فهو أراد في اجتياح 1982 هو أن يسجل في تاريخ الحزب أنه أيضا قام بمعركة كبيرة جدا واستطاع أن يعطي الأمن لهذا الكيان الصهيوني فلذلك كان الدخول إلى بيروت هو تتويج للانتصار مناحم بيغين وشارون لهذا الأمر.
أحمد منصور: في السادس عشر من أيلول سبتمبر وقعت مذبحة صابرا وشتيلا حسب مصادر تحقيقات دولية قالوا أن عدد القتلى وصل إلى ألفين وسبعمائة وخمسين من الفلسطينيين مذبحة صابرا وشتيلا وبما حملته من مأساة تاريخية بالنسبة للفلسطينيين من يتحمل مسؤوليتها؟
أحمد جبريل: هو هذا كان نقطة خلافية قبل أن نخرج من بيروت في اجتماعاتنا كهيئة قيادية اجتمعنا مرارا وكنا نتساءل إنه كيف سنترك شعبنا الفلسطيني في لبنان هكذا وننسحب من.. فالأخ أبو عمار قال أنا لدي الضمانات الدولية بأن هذه المخيمات لن يدخلها الجيش الإسرائيلي ولن يدخلها الجيش اللبناني وفقط الدرك والأمن اللبناني اللي بيدخلوه هذا موضوع يمكن الأخ أبو عمار عم يسمعني فيه الآن، في هذا الوقت أكد هذا في اجتماع القيادة فهذا أعطى نوع من الطمأنينة وقال أننا سنطلب القوات الدولية أيضا تحضر إلى لبنان لأيضا تثبت عدم الاعتداء على هذه المخيمات لكن الذي حصل هو..
(5/36)
أحمد منصور: أنا أريد أقف معك هنا لأن خروجكم من لبنان وترككم للمدنيين الفلسطينيين الذين تعرضوا ليس إلى هذه المذبحة فقط وإنما إلى مذابح أخرى كثيرة يحملكم أنتم كقادة فلسطينيين المسؤولية، إسرائيل تُحمَل دائما المسؤولية هي والكتائب حول ما حدث في صابرا وشتيلا لكن أنتم وقعتم على اتفاقات ووافقتم على اتفاقات دون أي ضمانات حقيقية للحفاظ على المدنيين الفلسطينيين.
أحمد جبريل: طبعا هذه كانت أحد أخطاء الاتفاق مع فيليب حبيب قبل عملية الخروج وقبل عملية الخروج كان لدينا أسيرين واحد طيار وواحد قائد دبابة نحن في الجبهة أسرناه من مطار بيروت وهناك بعض الجثث الإسرائيليين أيضا سُلموا بدون ثمن رغم إنه كان الاتفاق الذي..
أحمد منصور: وهذه وقفة أخرى.
أحمد جبريل: عم أقول لك.
أحمد منصور: أسراكم يُعذبون ويُسامون سوء العذاب في سجون إسرائيل وأنتم تقدمون الجنود الإسرائيليين هدايا إلى الإسرائيليين دون مقابل.
أحمد جبريل: لا هذا الموضوع الأخ أبو عمار قال أنا لدي يعني تعهد من فيليب حبيب عبر الوزان أنه سيُطلَق سراح المعتقلين فلذلك نحن قدمنا قائد الدبابة الأسير كان عندنا في الجبهة قدمناه مع الطيار الإسرائيلي الموجود وجثث القتلى الإسرائيليين اللي قتلناهم إحنا لنا مجموعة ضربت بعض عربات البرمائية جنوب خالدة قريبة للناعمة فكان هناك جثث للإسرائيليين فسلموا لكن نحن في اجتماعاتنا اتفقنا أن يتم هذا الموضوع مقابل الإفراج وأن يخرج المعتقلين الفلسطينيين من سجون..
أحمد منصور: بأي شكل أو وجهة؟ يعني بأي شكل على كوب شاي وتعهد شفهي من فيليب حبيب؟
أحمد جبريل: لا هذا في اجتماع القيادة الفلسطينية.
أحمد منصور: هل هناك اتفاقات وضمانات مكتوبة تتضمن هذا وأنت رجل قمت بعمليات تبادل أسرى هل هكذا يتم التعامل؟
أحمد جبريل: هذا الموضوع.
أحمد منصور: هل هكذا يصنع التاريخ؟
(5/37)
أحمد جبريل: معلش أبو عمار هو الذي كان يقوم في عملية الاتصال مع الوزان ومع.. بطريقة غير مباشرة مع فيليب حبيب وقلت لكم أنا في حلقة ماضية نحن اختلفنا كثيرا وكنا نقتتل وكنا نتذكر ما حدث في القسطنطينية عندما كان يحاصرها محمد الفاتح والرهبان يتقاتلون الملائكة ذكر أم أنثى في هذا الأمر وصلنا حقيقة أثناء الحصار وعندما كان الأخ أبو عمار يأتي ليقول لنا حول اتفاق مع فيليب حبيب كنا نصل إلى عملية اقتتال في داخل بيروت واستنجد الأخ أبو عمار بالأحزاب اللبنانية وبعض الشخصيات اللبنانية وأحضرهم إلى اجتماع كما قلت لبناني فلسطيني وقالوا لنا بصريح العبارة وهم وطنيين يعني يا أخوان نرجوكم أعطيناكم لبنان عشرين سنة، 18 سنة أعطونا بيروت ما بقي من بيروت فإحنا هنا أُسقط في يدنا ولم يكن لنا خيار عندها طرحنا موضوع الضمانات لموضوع المخيمات الفلسطينية وموضوع الأسرى فأبو عمار وخلى..
أحمد منصور: يعني عليكم مسؤولية تاريخية في الشيئين الأسرى الفلسطينيين وهذه المذابح التي وقعت للفلسطينيين وأخذتم عليها فقط مجرد ضمانات شفهية سواء أبو عمار أو أنت أو باقي القادة؟
أحمد جبريل: يعني هو أبو عمار قال هناك ضمانة موجودة ومكتوبة عند الوزان شفيق الوزان بهالمواضيع هاي وقال لنا هذا الأمر وإلا كنا إحنا توقفنا أمام هذا الموضوع فلذلك بعد مقتل..
أحمد منصور: طبعا بيروت حتى ما أخذتها القوى الوطنية أخذتها إسرائيل وبقي فيها الجيش الإسرائيلي لعام 1983.
أحمد جبريل: فاهم يعني أنا عم بحكيك عم أقولك ماذا حصل قبل خروجنا من بيروت أما ما حصل في صابرا وشتيلا هو كان حقيقة تواطؤ إسرائيلي صهيوني مع القوات اللبنانية اللي كان يقودها..
أحمد منصور: ما كان لهم أن يقوموا بهذا لولا أن الفلسطينيين خرجوا دون تقديم أو دون السعي لضمانات أمنية حقيقية تحمي الفلسطينيين العزل في لبنان.
(5/38)
أحمد جبريل: إحنا لما طرحنا عم بقول لك هذه كانت قصة كبيرة وعامة في اجتماعاتنا وكان الصياح يصل بين بعضنا ثم عاد إلى الوزان وإلى فيليب حبيب فقال أن هناك قوات أميركية وفرنسية ستحضر لتكون هناك حول المخيمات حضرت هذه القوات ولكن لم ونزلت في زوارق..
أحمد منصور: انسحبت في عشرة سبتمبر انسحبت بعض قواتها ومقدمتش أي تفسير وبعديها تلاها البريطانيين والفرنسيون والإيطاليون خرجوا في 14 سبتمبر.
أحمد جبريل: لا القوات الأميركية طبعا هذا هو يعني عارف كيف.
أحمد منصور: يعني قبل صابرا وشتيلا بيومين فقط خرجوا.
أحمد جبريل: إي عم أقولك يعني لأنه دخل الجيش الإسرائيلي ولا يريدوا وهم كانوا يعرفون أن الإسرائيليين والقوات اللبنانية ستقوم بمذبحة للفلسطينيين في شتيلا وفي برج البراجنة.
أحمد منصور: الحرب نتيجتها بالأرقام كانت باهظة 17 ألف قتيل 30 ألف جريح آلاف المنازل هُدمت سوريا خسرت 84 طائرة ومئات من سيارات الجند والمدرعات وأنتم كالعادة لم تقيموا أداءكم السياسي كقادة فلسطينيين لما حدث في تلك الحرب اغتُيل سعد صايل في سهل البقاع في 27 سبتمبر 1982 وهناك علامات استفهام كبيرة لا زالت تدور حول مقتل سعد صايل لا سيما وأنه كمان نقل عنه أو ذكر عنه أنه كان بطلا وكان مقاتلا وكان يعني شخصية من التي يعني لا تترك البزة العسكرية، قيل أنه قتل بسبب مناداته بالحساب حساب القادة الفلسطينيين الذين أخطئوا في حق قضيتهم وفي حق وكان يتزعم لجنة من أجل التحقيق فيما حدث في تلك الحرب؟
أحمد جبريل: هو لما يعني إحنا قبل أن نخرج كنا مختلفين وكما قلت لكم نحن أدخلنا الملف السوري وذهابنا إلى سوريا عنوة وإلا أبو عمار كان يريد أن يرسل جميع المقاتلين إلى المنافي البعيدة في هذا الشأن.
أحمد منصور: يعني إيه يرسل المقاتلين للمنافي؟
(5/39)
أحمد جبريل: بهذا هو لأنه هو يعني قال بصريح العبارة لقد انتهى كل شيء انتهى الكفاح المسلح وليس أمامنا إلا أن ننخرط في التسوية السياسية ونجلس على.. وخاصة كانوا الأميركان قبل الاجتياح وأثناء حصارنا القادة الأميركان يعني قبل الاجتياح كان كارتر بفترة أعلن رسميا إذا منظمة التحرير تعترف بإسرائيل وتعترف بـ 242 هناك حل سياسي لحكم ذاتي عبر الأردن، أثناء حصارنا في بيروت ريغان طرح أيضا..
أحمد منصور: مشروع للتسوية.
أحمد جبريل: بالون اختبار بهذا المعنى وبعد خروجنا أيضا الأميركان فلذلك عرفات وثق بالأميركان وعبر بعض الأنظمة العربية أنه قد انتهى موضوع الكفاح المسلح وانتهى موضوع المقاتلين ويجب أن يسحب هؤلاء المقاتلين من ساحة هذا الصراع الأخيرة لنا إلى المنافي بعيدا آلاف الكيلو مترات.
أحمد منصور: ده سر أن هناك عملية حماية إسرائيلية أميركية كانت تتم حتى لهؤلاء المقاتلين وهم خارجون من لبنان؟
أحمد جبريل: طبعا هذا الموضوع ما حصل فعلا يعني هو في هذا.. فلذلك إحنا كنا مختلفين في هذا الأمر فلم يحدث تقييم أو للقيادة الفلسطينية لما حصل في لبنان في عملية اجتياح.
[فاصل إعلاني]
الانشقاق في فتح ومؤتمر فاس
أحمد منصور: من ينظر في تاريخ هذه المرحلة يجد أن كل القادة الانهزاميين يتبوءوا مناصب الآن في السلطة الفلسطينية وفي غيرها هذه هي المكافئة التي كوفئ فيها هؤلاء الناس وكل الناس الذين كانوا يقاتلون وينادون بالقتال والمقاومة إما تم تصفيتهم أو قتلهم سواء على يدي الإسرائيليين أو في ظروف غامضة مثل سعد صايل.
(5/40)
أحمد جبريل: يعني مثل ما حاكينا لما خرجنا إلى سوريا كان في مخاض كبير في داخل حركة فتح وفيه ناس عم بتنادي في عملية محاسبة لماذا لم يتم في الجنوب القتال الذي كان يجب أن يكون وهذا الانهيار اللي حصل انعكس على كل باقي فصائل المقاومة في هذا الموضوع لم يُكتف بهذا الأمر بالحقيقة الأخ أبو عمار بدأ يُرتب تسفير المقاتلين الموجودين في البقاع والشمال عبر قبرص باتفاق دولي ومن قبرص إلى تونس أو الجزائر وتحت إغراءات مالية وكثير من الناس يمكن يسمعوني من اللي رُحلِّوا من البقاع لكن هذا المخاض اللي في داخل فتح اللي قلت عنه أنا قبل 1982 عارف كيف وما بعد 1982 فوقف في وجه أبو عمار في إنه ليش يرحل المقاتلين في البقاع وفي الشمال.
أحمد منصور: ويتهموك أنت بأنك أنت دعمت هذا؟
أحمد جبريل: هذا سنأتي فيما بعد عليه وهؤلاء الناس تمردوا أو رفضوا ترحيل هؤلاء المقاتلين فاضطر الأخ أبو عمار أن يصدر أوامر بنقل هؤلاء الضباط مثل أبو موسى وخالد العملي ومجموعة من.. أبو..
أحمد منصور: أزمة فتح الشهيرة في نهاية 1982..
أحمد جبريل: رفضوا تنفيذ هذا التوجه وكان هذا هو يعني مثل ما بيقولوا السبب المباشر في وجود الشرخ في داخل فتح والانتفاضة التي تمت.
أحمد منصور: والمناداة بقيادة بديلة؟
أحمد جبريل: لا لسه هنا ما كان فيه مناداة في قيادة بديلة لأن كان خليل الوزير الله يرحمه وأبو إياد مع هذا التوجه إنه يا أخي ما المفروض أن نضع كل البيضات في سلة واحدة ونثق في أميركا وبعض الأنظمة العربية اللي هي بدها تجيب لنا الحل السياسي علينا أن نحفظ خط رجعة وأن يبقى علاقتنا مع سوريا ويبقى تواجدنا في سوريا ولبنان عارف كيف كاحتياط إذا فشل الحل السياسي الذي سيقدم إلى أبو عمار.
(5/41)
أحمد منصور: في ثلاثة وعشرين أكتوبر حتى أمشي بالتسلسل التاريخي حتى أصل إلى الوقت الذي قلت تتحدث عنه في يناير 1983 أكتوبر في ثلاثة وعشرين أكتوبر نُسف مقر مشاة البحرية الأميركية في بيروت قتل مائتين وثلاثين منهم قتل ثمانية وخمسين مظلي فرنسي أيضا في الوقت نفسه وفي فبراير/شباط 1984 سحبت القوات متعددة الجنسيات وألغي اتفاق سبعة عشر أيار، في عندي حادث مهم عايز أستفسر منك صموئيل كاتس في كتابه جبريل في مواجهة إسرائيل يقول أنه في أربعة أيلول/سبتمبر أنكم تمكنتم أنتم في الجبهة الشعبية من أسر ثماني جنود أعطيتم عرفات ستة وبقي عندكم اثنين صحيح هذا؟ يعني لم أجد فيه عندكم أنتم..
أحمد جبريل: هو في نسف المارينز والسفارة الأميركية والفرنسية ونسف مقر القيادة العسكرية في البرج الشمالي في منطقة صور هنا بدأت بدايات مقاومة لبنانية ونحن قد شجعنا هذه المقاومة.
أحمد منصور: كان لكم أي تعاون معهم؟
أحمد جبريل: يعني مثلا الحزب القومي السوري اللي هو أول عملية قام فيها في بيروت في الومبي الشهيد خالد علوان يعني كنا نحن ننسق مع بعضنا نعطيهم السلاح والإمكانات ونطلب منهم أن تُعلن المقاومة اللبنانية أمام في وجه الاحتلال الإسرائيلي فلذلك هذه الأعمال اللي أنت ذكرتها هي كانت بداية لأعمال مقاومة في وجه العدو الصهيوني في هذا الأمر إحنا كقوات موجودة لساتنا في منطقة بحمانة يعني مواجه صوفر وأبو حمدون كان لنا وحدات عسكرية وأيضا للأخوة في فتح كان لهم أيضا قوات عسكرية فرُصد هدف إسرائيلي كمين يتقدم إلى موقع معين فيه ثمانية جنود فاتفقوا رفاقنا أن يقوموا بعملية مشتركة في هذا الشأن وكان الطريق شاق وصعب جدا للوصول وتم السيطرة على هذا الموقع وأسر الثمانية جنود فالإخوان في فتح أخذوا الستة وإحنا أخذنا اثنين يعني لم تكن قسمة عادلة في هذا الأمر.
(5/42)
أحمد منصور: طبعا فيه تفصيل سيأتي حول عملية التبادل بالنسبة لهذا الموضوع في سبتمبر 1982 عقد الزعماء العرب مؤتمر القمة في فاس لكن ياسر عرفات في هذه المرحلة كان بدأ ينسق مع الملك حسين حول ما يسمى بالفدرالية الفلسطينية الأردنية والدخول في وفد مشترك في المفاوضات مع إسرائيل في هذا الوقت المبكر ولكن وُوجِهَ بمعارضة قوية من داخل حركة فتح.
أحمد جبريل: بس هنا يعني إحنا بعد خروجنا من بيروت بفترة قصيرة عقد مؤتمر فاس الثاني.
أحمد منصور: أيوه في ديسمبر ستة وعشرين ديسمبر وأعلن فيما يسمى بإعلان فاس.
أحمد جبريل: بإعلان فاس لأنه في فاس الأولى قبل..
أحمد منصور: الذي اتُفق أن يكون قاعدة للتسوية بينكم وبين الإسرائيليين.
”
حافظ الأسد صرح بعدم استطاعته قتال الإسرائيليين وهم داخل بيروت خوفا من أن تصبح مثل الجولان والضفة الغربية
”
(5/43)
أحمد جبريل: فهذا عقد في المغرب في فاس وحقيقة الملك الحسن في اجتماع سري بس حضره قادة الدول العربية رأسا ابتدأت الجلسة هذا الكلام حكى لنا إياه الرئيس حافظ الأسد قال يا أخوان ثبت لدينا أننا لا نستطيع أن نقاتل إسرائيل وهاي الإسرائيليين اجتاحوا دخلوا عاصمة دولة عربية اللي هي بيروت وأنا بخاف أن بكرة هذه الأراضي اللبنانية تصبح مثل أراضي الجولان وأراضي الضفة الغربية فلذلك أنا أرى أن نعطي الصلاحية للحكومة اللبنانية لعقد اتفاق مع الإسرائيليين لسحب هذه القوات الإسرائيلية وكان ممثل اللبناني الوزان كان مقتول، بشير الجميل ولسه أمين الجميل ما استلم الرئاسة يعني ما هي كان رئيس الوفد في هذا الأمر فأراد الرئيس حافظ الأسد أن يعترض فقال نعم موافق يعني وُطي لبنان الرسمي في أن يعقد اتفاق مع المشاركين يعين اتفاق سبعة عشر أيار المشهور اللي هو مشابه وأسوأ من اتفاق كامب ديفد اللي كان يتم في خالدة وفي كريات شمونة مع الإسرائيليين برعاية أميركية كان هذا بقطاع عربي وكان حتى أمين الجميل بعد ذلك استلم كان يحضر كل فترة لسوريا ليظهر الرئيس حافظ الأسد في نصوص الاتفاق وعندما كنا نلتقي مع الرئيس حافظ الأسد كان يطلعنا على الشروط المذلة والمهينة اللي هي موجودة.
أحمد منصور: وفي واحد وعشرين يناير 1983 أعلن الأسد بوضوح إلغاء موافقة سوريا على إعلان فاس.
أحمد جبريل: لا هو لم يوافق عارف كيف.
أحمد منصور: هو أعلنها بشكل أو ألغاها ألغى الموافقة بشكر رسمي على اعتبار أنه كانت الموافقة التي تمت فعلا فاس كانت عربية يعني كأنها عربيا كل العرب موافقين عليها.
أحمد جبريل: عم بأقول لك يعني سوريا وقفت وهنا يجب أن نضع المشاهد أن هذا مؤتمر فاس الثاني لم تحضره ليبيا وما حضره معمر القذافي لأنه شعر أنه بده يأخذ قرار سياسي يبيح التسوية ويبيح المفاوضات.
(5/44)
أحمد منصور: كان داخل فتح بدأت المعارضة تظهر ونمر صالح، سميح أبو قويق، موسى العملة سعيد براغا بدأت سوريا تحشدهم إلى جوارها وبصفتك أنت متهم بأنك حليف رئيسي لسوريا أخذت هؤلاء إلى القذافي في يناير 1983 وأمضيت معهم أسبوعا في طرابلس من أجل البحث عن قيادة بديلة وقيل أن القذافي خصص لهم خمسة مليون دولار شهريا بناء على توصياتك أنت؟
أحمد جبريل: هو نحن تاريخيا لم نفكر في يوم من الأيام أن نُحدث خلل في داخل حركة فتح لأن هي كانت هي الجسم الأكبر وأي خلل معناه بده ينعكس على كل القضية الفلسطينية وعلينا جميعا رغم أن الأخوة في فتح والأخ أبو عمار لم يراعِ هذا الموضوع وهذا الناموس مع باقي الفصائل فقام بمحاولات متعددة لتفسيخ فصائل المقاومة ولقسمها مع أننا كنا في أحوج ما يمكن للوحدة الوطنية لكن بعد أن تخندق الأخ أبو عمار باتجاه موضوع التسوية وقال للكفاح المسلح (Bye-Bye) عارف كيف هذا الموضوع إحنا لم نعد حريصين ألا نتدخل في الشؤون الداخلية لحركة فتح عندها نحن وجدنا أنه ما عاد في إمكانية للملمة الوضع الفتحاوي وليس أمامنا إلا أن نقف..
أحمد منصور: لا ده دي فرصتكم لقسم الوضع الفتحاوي.
أحمد جبريل: عم أقولك لأنه ما قلت لك يعني إحنا فشلنا في لملمته على قاعدة سليمة على قاعدة رفض التسويات لما شعرنا إحنا فيها وأبو عمار ذهب إلى تونس لينتظر مشروع ريغان وعلاقته مع الملك حسين حقيقة نحن فتحنا خطوط جدية مع هؤلاء المنتفضين في داخل حركة فتح وأنا أقولها نحن وقفنا معهم وشجعناهم على عملية التمرد يعني أو على الانتفاضة..
أحمد منصور: تعترف بهذا يعني؟
أحمد جبريل: هذا لأنه قلت لك ما عاد يعني المواضيع لأنه أخذت منحيين في داخل حركة فتح لكن كان عنده..
الدور الليبي في دعم المنشقين
أحمد منصور: صحيح القذافي خصص خمسة مليون دولار؟
أحمد جبريل: كانت عندهم مشكلة هم..
أحمد منصور: في الدعم.
”
(5/45)
قدمت القيادة الليبية خمسة ملايين دولار شهرياً لحل المشاكل المالية للمنشقين من حركة فتح
”
أحمد جبريل: هي الإمكانات المالية واللي انتفض معهم مش أعداد بسيطة بحدود سبعة إلى عشرة آلاف واحد من فتح من كوادر قيادية وقاعدية وقواعد إلى آخره فكانوا يقولوا لنا يقول لي أنا شخصيا طيب إحنا إذا بدنا أبو عمار ماسك المال فإذا هلا الآن أوقف هذا المال ماذا نحن كيف بدنا.. بدنا يرجعوا هؤلاء الناس يحتويهم مرة أخرى أنا ذهبت إلى ليبيا عارف كيف واجتمعت مع الأخ معمر القذافي ودعا أذكر عبد السلام جلود واللواء أبو بكر يونس وبدأت أتحدث معهم عن الوضع الفتحاوي الداخلي وضرورة أن يقفوا ويقدموا الدعم يومين متتاليين في لقاءات في هذا الموضوع بالنهاية وافقوا على استقبال وفد وجينا لدمشق وجبت معي وفد من الجبهة ووفد منهم أبو صالح وقانا قدري وأبو موسى أذكر وأبو خالد العملي واجتمعوا مع القيادة الليبية والقيادة الليبية أبدت استعدادها وقالت لهم نحن نقدم لكم خمس ملايين دولار شهريا لهذه يعني حل المشاكل المالية وبقيت ليبيا ملتزمة في دفع هذا المبلغ أشهر ثلاثة أشهر أو أربع أشهر إلى حين ما بدأ الخلاف ما بين أبو صالح وقدري وأبو موسى فخُفض المبلغ عارف كيف بعد ذلك حصل مشاكل..
أحمد منصور: صار خلاف يعني.
أحمد جبريل: حصل خلافات بين قدري وأبو موسى وأبو خالد فخُفض أيضا وخُفض ثم توقف في هذا الأمر.
أحمد منصور: طبعا هناك عملية ترتيبات تمت لترتيب الانشقاق طالما أن هناك مال وعرفات هو الذي يمسك المال فتم التمهيد للانشقاق في مارس وإبريل طبعا عرفات تعرض لنكسة أخرى حينما رفضت اللجنة المركزية لفتح مسودة الاتفاق الذي كان عقده مع الملك حسين في إبريل 1983 وبدأت الأمور..
أحمد جبريل: يعني هذا قبل الانتفاضة عشان تعرف أنت تحكي..
(5/46)
أحمد منصور: طبعا انتفاضة فتح لسه متأخرة قليلا لكن كل هذا عملية تمهيد لأن الانتفاضة وقعت بشكل أساسي في 9 أيار/مايو 1983.
أحمد جبريل: يعني إحنا كنا..
أحمد منصور: كل هذا في الفترة القليلة التي سبقت، أنتم من يناير إلى مايو كانت عملية تمهيد ودعم وترتيب وكان شغلكم الشاغل أنتم هو دعم هذا العمل لهذا الانشقاق..
أحمد جبريل: يعني هذا العمل إحنا كنا في التاريخ نقول إنه لا نريد بس أبو صالح نريد كل التيار اللي رافض مواضيع التسوية اللي كان منهم أبو إياد كان يحدثنا خالد الحسن كان يجي يتحدث أنه هو ضد هذا الاتجاه الشهيد خليل الوزير سعد صايل يعني إحنا كنا نريد أن نعزل التيار الذي يتزعمه الأخ أبو عمار وماشي بسرعة باتجاه بتشجيع عربي وتشجيع أميركي باتجاه التسوية..
أحمد منصور: أبو عمار أدرك طبعا عملية الانشقاق وفي سبعة مايو/أيار ذهب إلى دمشق في محاولة لإفشال هذا الأمر وأصدر أوامره بعملية التغيير مما أدى إلى ما حدث من اندلاع انتفاضة فتح بعد يومين من هذا الوضع عرفات اتهمك بأنك حرّضت المنشقين ضده وحميتهم في قواعدك وفتحت لهم قواعدك في البقاع وأنت الذي رتبت التمرد ورتبت الدعم من السوريين والليبيين لهم؟
أحمد جبريل: يعني أبو عمار عندما خرج من لبنان وعاد بعد مؤتمر القمة إلى دمشق فقال في اجتماع اللجنة التنفيذية وإحنا ممثلين في اللجنة التنفيذية أرجوكم يا أخوان نحن لا نحتاج إلى أي قيادي مرموق أن يذهب إلى لبنان في هذا الموضوع هنا سعد صايل أنت عم تحكي حول موضوع سعد صايل كان عضو لجنة مركزية ذهب إلى لبنان وليقيم.. تم اغتياله..
أحمد منصور: إيه معنى هذا؟
أحمد جبريل: معنى ذلك أنه انتم ليش خالفته أنتم اتفقنا أنه ما حدا يدخل إلى سهل البقاع ولا إلى الشمال في أبو ماهر اليماني عضو لجنة تنفيذية ممثل الشعبية ذهب عند أهله في البتاوي في الشمال في طرابلس..
أحمد منصور: في طرابلس.
(5/47)
أحمد جبريل: واحتفلوا في.. واجتمعت ناس حوله بعد خروجه إلى آخره فعندما عاد أبو عمار تشاجر هو وياه وقال له حكينا يا أخي الاتفاق مع فيليب حبيب بعدم عودة هذه القيادات مرة أخرى إلى لبنان يعني في هالموضوع هذا..
أحمد منصور: يعني كأن في اتفاقات سرية لا يعلمها إلا أبو عمار وحده؟
أحمد جبريل: طبعا هذا يعني حتى آتي بحادثة صار بعد يعني في 1983 نهايتها اجتماع لدول عدم الانحياز في كوالالمبور فراح وفد من منظمة التحرير برئاسة أبو عمار وكان معهم عبد المحسن أبو ميزر وهو روى لي هذه القصة هناك كان أمين الجميل وهو حي كان رئيس الجمهورية فأخذ الوفد أبو عمار عند أمين الجميل في جناحه والتقوا قال لي أشكره يعني على مكوثنا في لبنان ومسامحتنا إذا أخطأنا أو إلى آخره فذهبوا وبدأ أبو عمار يتحدث عن وجودهم في لبنان وكيف هذا الاحتضان اللبناني الشعبي والحكومي التاريخي يعني للفلسطينيين ثم سأل الرئيس أمين الجميل كانت لسه مفاوضاته مع الإسرائيليين ما وصلوا إلى اتفاق 17 أيار كان لسه الاجتماعات في كرياتشمونة في خالدة هنا فقال للرئيس أمين الجميل الأخ أبو عمار قال له يا سيادة الرئيس وين وصلتم قال له والله الإسرائيليين معوقينا كذا يعني في عم بيحطوا شروط فقال له يا أخ الرئيس عارف كيف أرجوك امشي يعني بسرعة لأنه إحنا وراكم لأنه هيك الترتيب أنه إحنا بس تمشي المواضيع وإحنا نمشي وراكم يعني كان أبو عمار مستعجل إنه والله انتهت الساحة اللبنانية انعمل اتفاق 17 أيار انتهى الوجود الفلسطيني ما فيه مقاومة لبنانية يعني أُغلقت الجبهات الأردنية والسورية واللبنانية وليس خيار هناك إلا خيار الجلوس على طاولة المفاوضات في ظل موازين قوى مختل تماما لذلك هنا كان كما قلت فيه عناصر.. قيادات من فتح كبيرة وهامة كانت ضد هذا التوجه فلذلك..
(5/48)
أحمد منصور: لكن كيف استطاع عرفات أن يفشل هذه يعني في 22 مايو القذافي أعلن دعمه المالي للتمرد السوريين بدؤوا يهاجموا مواقع فتح في دمشق وطردوا عرفات في 24 يونيو 1983 طردوه من دمشق وخرج يعني المناوشات بدأت..
أحمد جبريل: وعندما تم تأمين الإمكانات المالية من الأخ معمر القذافي حقيقة ارتفعت الروح المعنوية للاتجاهات الفتحاوية المناهضة لبرنامج الأخ أبو عمار في هذا الأمر أبو عمار أدرك هذا الموضوع فتحرك من دمشق إلى البقاع مع أنه كان هو يحذر الناس ممنوع حد يتحرك عارف كيف ليسيطر على القوات هناك وعزل مجموعة من الضباط المناوئين له فهدول رفضوا التنفيذ ووقعت الاشتباكات ونحن لنا قوة كبيرة في البقاع عسكرية كنا نحن ضد عملية الاقتتال بصراحة إنه فليكن هناك حوار موجود بين الطرفين وإحنا متعاطفين مع هؤلاء المنتفضين في داخل حركة فتح في هالموضوع في مرات يحصل إنه والله..
أحمد منصور: معارك استمرت أسبوعين.
أحمد جبريل: إيه مدة أسبوعين مرة.
أحمد منصور: قيل أنكم أنتم شاركتم فيها وقوات ليبية وسورية شاركت ضد قوات عرفات؟
أحمد جبريل: ما صحيح إحنا الوحيدين لما يكون عندنا موقع للأخوة في الانتفاضة نمنع قوات عرفات إنه تقتحموا وكنا نمد بعض المواقع..
أحمد منصور: هتمنعوهم بإيه يعني بالسلاح؟
أحمد جبريل: بنمدهم بالسلاح لا طبعا بالسلاح إحنا كنا متعاطفين معهم.
أحمد منصور: متعاطفين وبس انتم واقفين وراءهم قلبا وقالبا.
أحمد جبريل: مضبوط قلت لك يعني لأنه ما عاد يهمنا إحنا إنه نحافظ على وحدة فتح لوين؟ وحدة فتح اللي رايحة تونس والجزائر وعلى مشروع ريغان وشراكة مع الملك حسين فهذا الموضوع ما عاد يهمنا هذا الموضوع..
أحمد منصور: كيف استطاع عرفات أن ينتصر في النهاية؟
(5/49)
أحمد جبريل: ما انتصر عرفات فبدأ عرفات يستفز السوريين وبدأ يطلق تصريحات من دمشق ضد سوريا وفي مرة طلع بيان قال أنا تعرضت إلى محاولة اغتيال في منطقة النبك من قبل السوريين فعندها الرئيس حافظ الأسد قال له أنت..
أحمد منصور: طرده.
أحمد جبريل: براتها عندها تمت السيطرة يعني إحنا صحيح في صار تسهيلات من السوريين لنا وللإخوان في الانتفاضة وتمت السيطرة على منطقة البقاع ما عدا منطقة صغيرة يعني غربي إشتورة اسمها جديتا بقي فيها موقع لفتح يقودها واحد اسمه إسماعيل عنبة وتمت وانتهت هذا الموضوع بهذا الشكل وبعدها بدأت معارك ضد الاحتلال الإسرائيلي وضد معارك الجبل.
أحمد منصور: طبعا هنا في 17 أغسطس/آب 1983 أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي أنه ينوي الانسحاب من جبال الشوف وكانت المعارك على أشدها بين الموارنة والدروز في جبال المتن في ذلك الوقت ساعد الانسحاب الإسرائيلي على اشتعال المعارك ونجح الحزب التقدمي في تحرير معظم المناطق كان لكم ترتيب مع الحزب التقدمي في هذه المعارك؟
أحمد جبريل: مناحم بيغين عندما دخل ووصل إلى بيروت أعلن رسميا وارجعوا للأرشيف قال لن ننسحب من لبنان إلا بتنفيذ ثلاثة شروط أولا خروج الفلسطينيين كاملة من لبنان مش المواطنين العاديين المسلحين الفلسطينيين، اثنين خروج سوريا من لبنان، ثلاثة وجود نظام في لبنان يعقد معه اتفاق صُلح على غرار اتفاق كامب ديفد أو أسوأ من هذا الموضوع لكن هذا الحسابات ما ضبطت مع الإسرائيليين ولكن إحنا بعد ما حدث الانتفاضة في داخل فتح وتم استقرار الوضع التقينا مع بعضنا كفلسطينيين عارف وكان الوضع الفلسطيني في..
أحمد منصور: مع المتمردين على فتح طبعا والمنشقين؟
أحمد جبريل: لا ومع باقي الفصائل عارف كيف.
أحمد منصور: مع باقي الفصائل مع عرفات مثلا؟
(5/50)
أحمد جبريل: لا باقي الشعبية والديمقراطية والنضال الشعبي والصاعقة وإلى آخره وطرحنا إحنا في الجبهة إنه يا إخوان ما العمل إحنا خسرنا معركة بس ما خسرنا الحرب وهاي بدأت بالومبي وبدت هون المقاومة ويجب إنه إحنا نقاتل ولكن ليس بالطريقة اللي كنا فيها في السابق يعني نقاتل تحت الرايات اللبنانية بدون إظهار على الأقل عندنا عقدة ذنب مفروض إنه والله إحنا نتخلص من هذه عقدة الذنب هذه الاتجاهات الفلسطينية الرافضة اللي كانت موجودة في دمشق حقيقة كانت اتجاهين أيضا في اتجاه مع ولكن كان يائس ومنهار نتيجة اللي حصل فينا وبعض منهم لا أريد أن أذكر أسمائهم قيادات..
أحمد منصور: متقول أسمائهم.
أحمد جبريل: لا قالوا لقد سقطت المرحلة وانتهت وقالوا إحنا بدأنا نوزع كوادرنا وقيادتنا..
أحمد منصور: أصل الشعب الفلسطيني لازم يعرف الناس اللي صنعت تاريخه صنعته إزاي.
أحمد جبريل: وقيادتنا إلى اليمن الديمقراطي وإلى الدول الاشتراكية في هذا الموضوع أذكر جيدا إنه اللي وقف معي في هذا التوجه المرحوم أبو صالح يعني وحركة الانتفاضة قال نعم يا جبريل.
أحمد منصور: أبو صالح فتح الانتفاضة؟
أحمد جبريل: فتح الانتفاضة أنا التقطت هذا الموضوع وكان إحنا بدأنا ندعم اتجاهات لبنانية لأعمال المقاومة ذهبنا والتقينا كجبهة مع الرئيس حافظ الأسد وتحدثنا هذا بعد اتفاق 17 أيار مثل ما قلت، قلت له إنه شايف أنت شروط مناحم بيغين ومعني ذلك يعني خروج القوات السورية يعني بالنهاية إنهاء الوضع في سوريا معنى ذلك إنهاء القضية الفلسطينية قال ماذا نفعل وكان الاتحاد السوفيتي وضعه سيئ يعني مات بريجينيف وجاء أندروبوف وأندروبوف موقفه يعني إلى آخره يعني..
أحمد منصور: كل واحد 3 أشهر كاملين.
محاولة لتغيير موازين القوى
(5/51)
أحمد جبريل: بهالوضع هذا قال ماذا نفعل كنا سابقا ننادي بالتوازن الاستراتيجي مع العدو يعني بسوريا الآن أنت شايف شو هو الوضع هاي كل هذه المعارك وإحنا السوفيت يعني ما تحركوا منشغلين في أمورهم الداخلية في هالموضوع قلت له لا إحنا قادرين إحنا واللبنانيين إنه نغير موازين القوى مرة ثانية على الأرض اللبنانية فكان الرئيس حافظ الأسد يعني يسهو وأنا عم بتحدث أنا وياه كان يقول لي أحمد يعني بتقدروا يعني ممكن هالشيء قلت له ليش ما بنقدر تفضل قل نعم إحنا موافقين لأن أنا أطلع إلى ليبيا وأقنع القيادة الليبية في تمويل هالعملية..
حمد منصور: كان القذافي معكم في أي شيء؟
أحمد جبريل: عم بحكيك عم بقولك فصفن قال أنا موافق وهذا كان اجتماع سري يعني أن يسهلوا السوريين كل عملنا في سوريا وعلى الأرض اللبنانية في البقاع..
أحمد منصور: طبعا تحالفكم كان هيكون مع الدروز؟
أحمد جبريل: عم أقولك يعني فسافرت إلى طرابلس أنا ووفد من الجبهة واجتمعنا مع الأخ القذافي قائد الثورة وطرحت له هذا الموضوع وقلت له أن الرئيس الأسد أعطى يعني ضوء أخضر أو أعطى أنه مستعد للتسهيلات نحن بحاجة إلى السلاح وإلى المال لها المواضيع..
أحمد منصور: كم مليون؟
أحمد جبريل: فقال يعني بعد اجتماعات متكررة هنا فأبدى استعداده وقال نحن سنتبنى هذه العملية كهجوم معاكس على اجتياح 1982 وعلى نتائجه العسكرية والسياسية..
أحمد منصور: قل لي بقه هنا مين مع مين؟ ومين ضد مين؟
”
ليبيا جهزت باخرتين من الأسلحة والعتاد حمولة كل واحدة 1500 طن دعما للقتال في بيروت تحت الراية الفلسطينية
”
(5/52)
أحمد جبريل: عم أقولك يعني، يعني حتى في هالاجتماع قلت له إذا بتريد يا أخ معمر ويمكن عم بيسمعني هلا اتصل بالرئيس حافظ الأسد منشان تتأكد وحقيقة اتصل ما قال له إنه أبو جهاد جنبي فقال له والله شو رأيك وإحنا مستعدين هي كلمة مرمزة يعني فاهم قلت له ما رأيك إنه ندعي الفصائل اللبنانية لأنه إحنا بدنا نقاتل تحت الراية اللبنانية ما قدرنا نقاتل تحت الراية الفلسطينية اللي كنا فيها قبل 1982 فاتصلنا بالإخوان في الحزب التقدمي الأستاذ وليد جنبلاط بالحزب القومي الحزب الشيوعي الاتحاد الاشتراكي كل الأحزاب اللبنانية قلت لهم هادول لازم تجيبوهم وتطمئنوهم وتدعموهم حقيقة يجوا كلهم على طرابلس وبُلغوا من الليبيين وإنه هاي إحنا الدعم المالي وأما الدعم العسكري قالوا هاي الأخ أبو جهاد سيعطيكم ما تحتاجونه من السلاح والعتاد وحقيقة كانوا الليبيين جهزوا باخرتين كل باخرة حمولتها أكثر من 1500 طن عارف كيف بالسلاح والعتاد وجبناها إلى ميناء طرطوس ونزلناها وبدأنا نوزع السلاح على الفصائل الفلسطينية بما في الانتفاضة واللبنانية بكاملهم واجتمعنا..
أحمد منصور: ما يسمى بالقوى الوطنية.
أحمد جبريل: القوى الوطنية بعدين عملنا اجتماع عند الأستاذ عبد الرحيم خدام كلبنانيين وكفلسطينيين وانطلقنا في معركة الجبل عارف كيف حقيقة خلال 15 يوم كنا قد أنجزنا إنجاز كبير كفلسطينيين.
أحمد منصور: طبعا ضد الموارنة؟
أحمد جبريل: ضد كان أمين الجميل وجيشه والقوات اللبنانية كان جعجع في منطقة الشوف عارف كيف..
أحمد منصور: جعجع وإيلي حبيقة وكل المجموعة.
أحمد جبريل: لا إيلي حبيقة ما كان جعجع عارف كيف.
أحمد منصور: يعني ضد القوات اللبنانية كان في أيضا الجيش اللبناني كان في..
(5/53)
أحمد جبريل: هاي الجيش اللبناني كان عون موجود هو اللي كان قائد اللواء الثامن هذا اليوم واجهنا لكن كانت القوات الأميركية موجودة لساتها هناك ما كان لسه خرجت وما صارت ضربات المارينز وهالشيء حتى الجيش الأميركي بدأ يساعد أمين الجميل عارف كيف والقوات اللبنانية بالقصف المدفعي وجاب نيوجيرسي اللي قذيفتها طن والطائرات الأميركية تقصف فينا وشكلنا..
أحمد منصور: كتب عنها بشكل تفصيلي.
أحمد جبريل: شكلنا غرفة عمليات قيادتها الحزب التقدمي الأخ وليد جنبلاط ورفاقه إحنا كفلسطينيين إحنا كنا الجسم الأكبر الفاعل كفلسطينيين وتوكلنا على الله وبدأنا في حربنا وحققنا خلال عشرة أيام وحتى وصلنا إلى سوق الغرب في هالموضوع هون حدثت مفاجأة هذه المفاجأة ما شفنا إلا مساء الأخبار أنا والله ما سمعتها كنا ملتهيين إحنا عاملين كفصائل فلسطينية عامل أنا عندي غرفة عمليات وكل المسؤولين العسكريين مساء عم نجتمع اجتمعنا وإلا بمسؤول يمكن الجبهة الديمقراطية العسكرية اللي هو ممدوح نوفل يا أبو أحمد فؤاد لا أذكر سمعت يا أخ أبو جهاد قلت له شو أبو عمار..
أحمد منصور: أبو عمار في طرابلس.
أحمد جبريل: وصل طرابلس أنا صفنت أنا جايب خطط عمل كيف بدنا نشتغل على نكمل بالأرض صفنت قلت لهم الله يسترنا قالوا لي ليش يا أخي هاي بكل صراحة عم بحكيها ما كانوا الرجال آخذ نفسه على كل اللي عملوا وفشل مع الأميركان إنه يعطوه وتوهم وإلى آخره والآن راجع بده يقاتل معنا قلت لهم والله أنا أتمني من كل قلبي فضينا الاجتماع وإلا تصريح من أبو عمار من طرابلس يقول نحن نضع أنفسنا تحت تصرف الرئيس أمين الجميل والجيش اللبناني الوطني يعني جاي ليكون في مواجهتنا في هذا البرنامج.
(5/54)
أحمد منصور: وهنا كان بداية تمهيد لمعارك طرابلس أبدأ بها معك الحلقة القادمة، أشكرك شكرا جزيلا وكما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/55)
الحلقة18
(5/56)
الثلاثاء 17/6/1425هـ الموافق 3/8/2004م(آخر تحديث) الساعة 17:50(مكة المكرمة), 14:50(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 18
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
01/08/2004
- معارك الجبل وسفر عرفات إلى طرابلس
- عرفات وتصفية الحساب مع جبريل والسوريين
- العلاقة بين الفصائل وإيران
- بداية المعركة وقتال رفيق الضرب
- الاتفاق على وقف المعركة وتبادل الأسرى
- نتائج معركة طرابلس
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أبو جهاد مرحباً بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيك.
معارك الجبل وسفر عرفات إلى طرابلس
أحمد منصور: كانت معارك الجبل على أشدها في أغسطس/ آب عام 1983 بين الكتائب من جهة وبين الحركة الوطنية وبعض الفصائل الفلسطينية من بينها جبهتكم من جهة أخرى فجأة ظهر ياسر عرفات في طرابلس؟
أحمد جبريل: المسرح كان مو وصل للكتائب يعني كان أسمه القوات اللبنانية والجيش اللبناني الخاضع لأمين جميل وكان الجنرال عون القائد اللواء الثامن وكان أفضل لواء موجود عند أمين جميل في هذا الموضوع مقابله الأحزاب الوطنية اللبنانية بقيادة الحزب التقدمي وفلسطينيين الرافضين للتسوية كل منهم بقدره ولكن كنا والجميع يعرف أننا كنا الثقل الأكبر والأهم..
أحمد منصور: صحيح أنزلتم مدافع دبابات إلى المعركة؟
أحمد جبريل: لا دبابات ومدافع وراجمات كل شيء معركة كاملة يعني وكانت معركة حامية الوطيس..
أحمد منصور: كان هدف المعركة دي إيه؟
”
كان الإسناد الأميركي لأمين الجميل وللقوات اللبنانية كبيرا جدا لوقف تقدمنا، وكانت هناك محاولتان لقتلي في مقرات
”
(5/57)
أحمد جبريل: هذا عشرين يوم وكانت معركة صعبة للغاية لأنه الإسناد الأميركي لأمين جميل وللقوات اللبنانية كان كبير جدا من مدافع موجودة لسه في بيروت ما كانوا تركوا وكل حاملات الطائرات والطرادات الأميركية الموجودة بالإضافة للطائرات الأميركية حتى في المراحل الأخيرة دخل الطيران الإسرائيلي أيضا ليوقف اندفاعنا وقام بمحاولتين لقتلي أنا في مقرات ورب العالمين هو..
أحمد منصور: ماذا كانت نتائج المعركة؟
أحمد جبريل: مثل ما قلنا استعدنا الشوف صفا أمامنا لبيروت إقليم بيسموه الشحار عارف كيف المشرف على بيروت يعني فيها، الإسرائيليين لما شافوا المعارك محتدمة انسحبوا من إقليم الشحار ورجعوا إلى إقليم الخروب في ها المنطقة واعتبروها منطقة أمنية ووضعنا خسائر كبيرة جدا إحنا كتنظيم في هذه المعركة كبيرة من كوادر هذه الجبهة وقياداتها..
أحمد منصور: ما الذي شكلته بالنسبة للجبهة الشعبية هذا المعركة؟
أحمد جبريل: والله كنا نقاتل تحت راية الحركة الوطنية اللبنانية..
أحمد منصور: الآن أصبحتم محترفين قتال؟
أحمد جبريل: لا..
أحمد منصور: يعني كل يعني الآن بدأت الأمور تنسحب من صراعات لبنانية فلسطينية صراعات إسرائيلية فلسطينية لبنانية إلى الآن صراعات لبنانية لبنانية والفلسطينيين كانوا وقود في كل هذه المعارك.
أحمد جبريل: يعني صار عندنا إحنا تشكيلات عسكرية كبيرة ومتمرسة في كل أنواع القتال في ها الموضوعات ومثل ما حكيت إنه يعني أنا بحياتي العسكرية وحياتي النضالية كلها في مواجهة العدو الإسرائيلي لم أرَ حجم الإسناد من القصف اللي أسند فيه أمين الجميل والقوات اللبنانية مثل ما شاهدت فيها يعني كنت أصدق أن القذائف تصطدم مع بعضها بالجو قبل ما تصل..
أحمد منصور: إلى هذه الدرجة؟
أحمد جبريل: من كثر الغزارة وقوة ها الـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني بتعتبر أن المعارك دي من أشرس المعارك اللي دارت في الحرب اللبنانية؟
(5/58)
أحمد جبريل: من أشرس لذلك كان ريغان رئيس الولايات المتحدة الأميركية قال بتصريح رسمي لم ينشر بس بالأرشيف سوق الغرب اللي هي لا تمثل مثل ما بيقولوا رأس دبوس على الخارطة قال هذه خط أحمر لن نسمح باحتلالها حيال يعني بهذا الموضوع إحنا في هذا يعني منغمسين في هذه المعركة صغيرنا وكبيرنا وفي مواقع أمامية وتضحيات وشهداء وجرحى إلى آخره نفاجئ بالأخ أبو عمار يأتي إلى طرابلس هنا أريد أن أذكر قصة للتاريخ يعني حقيقية عندما بدأنا نحقق إنجازات خليل الوزير الله يرحمه أرسل لي يعني مع رسول يقول إنه إحنا مستعدين نأتي لنقاتل معكم وأيضا أرسل إلى الأستاذ وليد جمبلاط هذا الموضوع لكن..
أحمد منصور: كان لازال هناك مقاتلين لفتح في لبنان؟
أحمد جبريل: كان في الشمال بطرابلس لأنه خليل الوزير طلع من البقاع طلع على طرابلس عارف كيف وفي طرابلس كان هناك أنت تعرف يعني الأحزاب اللبنانية موجودة في المدينة وفي المخيمات كل المنظمات موجودة لم يحدث احتكاك الناس مع بعضها يعني الاحتكاك اللي حصل حصل في منطقة البقاع عارف كيف أما في منطقة الشمال لم يتم احتكاك عسكري لنا مواقعنا ولنا قياداتنا هناك وإلى آخره يعني بها الأشياء يعني أثناء ما كان موجود الشهيد خليل الوزير لم يحدث أي شيء في طرابلس وفي..
أحمد منصور: كان بيلعب نوع من التوازن الكبير؟
أحمد جبريل: من التوازن ومن التهدئة وبرغم من أن كل قيادة فتح كانت هناك ولكن هو كان الأعلى مرتبة عندما إيجه الأخ أبو عمار بدأ الاختلال في منطقة الشمال.
أحمد منصور: يعني إذا هنا خليل الوزير وقيادة فتح موجودة في طرابلس أبو عمار جاء وطرح طرح آخر خالص يخالف ما ذكرته أنت من أن خليل الوزير عرض عليكم وعلى وليد جمبلاط الدخول في المعركة إلى جواركم ضد الجيش اللبناني والكتائب؟
(5/59)
أحمد جبريل: أبو عمار أتى مثل ما حكيت لك ليقول نحن مع أمين الجميل ومع الجيش اللبناني الوطني وبدأ يوبخ قيادات فتح الموجودة إنه لماذا تاركين هذه القيادات الفلسطينية المناوئة لنا في مخيمات الشمال..
أحمد منصور: أي أجندة في تصورك هذه التي جاء عرفات بها؟
أحمد جبريل: يعني أنا ما بشّاري هلا الموضوع إحنا عم نحكي بشاهد على العصر يظهر أن فيه عليه كانت ضغوط أميركية إنه لازم تروح أنت كيف هلا كانت النيوجيرسي عم بتحد وها المدمرات والطيران الأميركي يحد من اندفاعنا باتجاه بيروت لإسقاط اتفاق 17 أيار..
أحمد منصور: هنا في شباط 1983 يعني قبل هذه الأحداث بخمسة أشهر تقريبا أرسلت واشنطن موفد إلى عرفات في تونس لإقناعه بإخلاء ما تبقى من مقاتلين من منظمة التحرير من طرابلس وأُتفق على أن تكون العراق والأردن هي المقر الأساسي ليهم هل هذا كان جزء من مقابل طبعا تنفيذ اتفاقية ريغان مشروع ريغان الخاصة بالتسوية؟
أحمد جبريل: مشروع ريغان وهذا هو كان سبب مثل ما قلنا لك الانشقاق في داخل فتح والانتفاضة في داخل فتح فالأخ أبو عمار بدأ يوبخ إنه ليش القيادة العامة موجودة هناك وبدؤوا يتحرشوا في مواقعنا إنه لنا معسكر هناك في البداوي كبير ومواقع تنظيمية وأتوا الرفاق من هناك رفاقنا في الجبهة وقالوا لي إنه يتحرشوا يوميا فينا وإلى آخره..
أحمد منصور: عرفات نفسه زار البداوي والنهر البارد..
أحمد جبريل: قعد هناك في البداوي والبارد..
أحمد منصور: أُعتبر هذا استفزاز لسوريا ولكم؟
أحمد جبريل: إحنا بالأول يعني مُلتهين في معركة ومنشغلين في معركة لا نريد أن نعطي بال لكن هو بدأ عملية الاحتكاك يعني حتى بدأ بالأحزاب الوطنية اللبنانية هو والشيخ سعيد شعبان تبع التوحيد الإسلامي ونظفوا مدينة طرابلس من الأحزاب وقتلوا عشرات من ها الناس وسيطروا على مدينة طرابلس..
(5/60)
أحمد منصور: إحنا نريد نفهم شيء هنا أسمح لي الآن عرفات خرج خلاص وفق اتفاقية من لبنان وذهب إلى طرابلس إلى تونس ما الذي أعاده إلى طرابلس مرة أخرى؟
أحمد جبريل: أنا بأعتقد يعني إن هو قد طلب منه كما طلب منه في السابق إنه إخراج المقاتلين من البقاع ومن الشمال قالوا له أنت ما من الممكن الأميركان نفتح معك خط ونطرح مشاريع التسوية بدون أنه والله ما تقوم بدور تقديم حسن النية في هذا الموضوع وإشغال وفتح جبهة خلفية لنا في..
أحمد منصور: دي قراءتك الحالية للحدث ولا قراءتكم؟
أحمد جبريل: لا هذه قراءتنا من اليوم الأول ولازلنا حتى الآن يمكن هو مسكين يعني كان متوهم إنه الحل بين أيديه..
أحمد منصور: أدركتم أنكم ستدخلوا في معركة مع عرفات؟
أحمد جبريل: لا أبدا حتى لما بدأ يتحرش وإجوا الشباب من طرابلس لعندي على البقاع خاطبتهم بكل وضوح يعني كوادرنا القيادية هناك قلت لهم والله إذا الأخ أبو عمار بيقدر يشتريكم أو يشتري عناصر من الجبهة بتروح لعندهم كان شاب على المكادر ويلتقي مع أبو عمار قل له إنه إذا بتقدر تشتريهم فحلال عليك بيخففنا من أو بيرحنا من ناس من ها المرتزقة لكن أنا بوعدكم إذا صمدتوا هناك وتحرش بكم لن نترككم وحدكم بدأ عملية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب أنت الآن على ساحة مواجهة مع الكتائب..
أحمد جبريل: ما هذا اللي حصل.
أحمد منصور: والجيش اللبناني..
أحمد جبريل: عم أقولك يعني هذا اللي حصل تماما..
أحمد منصور: نسبة مقاتلينك العليا كانت في المعركة هنا في بيروت؟
أحمد جبريل: آخر المعركة كنا في الجبل وعندنا قاعدة خلفية احتياطي في البقاع في حدود ألف وخمسمائة مقاتل..
عرفات وتصفية الحساب مع جبريل والسوريين
أحمد منصور: العلاقة بينك وبين عرفات كانت سيئة في ذلك الوقت على اعتبار أنك أنت الذي دعمت التمرد ضده..
أحمد جبريل: طبعا هو لم يكن فيه..
(5/61)
أحمد منصور: وكانت بينه وبين السوريين سيئة على اعتبار أنهم دعموا هذا وطردوه من دمشق..
أحمد جبريل: مضبوط.
أحمد منصور: هل هذا كان فرصة من عرفات أن يصفي حساباته معك ومع السوريين ومع المتمردين؟
أحمد جبريل: هو هذا اللي حصل إنه بدأ يحشد عشان يقتلع وجودنا من الشمال وأنا كنت ذهبت لطرابلس..
أحمد منصور: إيه ثقل وجودك في طرابلس في ذلك الوقت؟
أحمد جبريل: يعني كان إحنا عندنا قواعد مقاتلة محدودة ولكن قواعد مليشيا كبيرة..
أحمد منصور: في أي أماكن تتمركز؟
أحمد جبريل: بالبداوي والبارد وها المخيمة وأذكر أن كنت أنا في ليبيا رايح راجع يعني مع الأخ العقيد وشفت جورج حبش في ليبيا كان معه أبو ماهر اليماني وهم اثنين أحياء يعني وإحنا موجدين بنفس الفندق جتني برقية من الرفاق في طرابلس يقولوا أن حشود كبيرة علينا عارف كيف ونحن صامدين..
أحمد منصور: طبعا كل ده كان في سبتمبر 1983 لأن عرفات ظهر في أواخر أغسطس..
أحمد جبريل: نعم تماما.
أحمد منصور: والمعركة اندلعت كمعركة في 27 سبتمبر/ أيلول.
أحمد جبريل: فكان الدكتور جورج بده يسافر إلى دمشق ومعه أبو ماهر التقيت مع أبو ماهر اليماني وهو حي يرزق الآن موجود أطال الله عمره قلت له يا أبو ماهر بدي منك خدمة شخصية يعني أو حقيقة لها أبعادها الوطنية قال تفضل قلت له هلا راح تنزل لدمشق أرجوك كان عضو اللجنة التنفيذية أرجوك تطلع على طرابلس وتقول له معي رسالة من أبو جهاد أحمد هذه الرسالة إذا بتستطيع يا أخ أبو عمار أن تشتري هذه القواعد بما تملك من أموال فحلال عليك يبقى ارتاحنا إحنا من ها الناس لكن إذا أنت هاجمت هذه القواعد لن نسكت وسنتحاسب حسابا عسيرا وحقيقة أبو ماهر..
أحمد منصور: يعني الآن مفيش مجال للمصالحة؟
أحمد جبريل: عم أقولك..
أحمد منصور: إما إنه يشتريهم ويذهبوا معه وإما المواجهة؟
أحمد جبريل: هو بده يعمل هيك يعني أنا..
(5/62)
أحمد منصور: ما هو رسالتك أيضا تحمل هذا..
أحمد جبريل: إنه يشتريهم وأما إذا بده يفوت على هذه المواقع حربا وقتالا وتدميرا لن نسكت إحنا والتقى معه..
أحمد منصور: طب أنت دائما كنت تقول لي قبل ذلك بأن منطلقات عرفات إنه مدعوم مثلا من السادات أو من المصريين كانوا بيحركوه أو من فلان أو من علان هنا عرفات خيوطه قُطِّعت مع السوريين عرفات خيوطه قُطِّعت مع جزء كبير من فتح بالانتفاضة بتاعتها من الذي دعم عرفات ليقوم بهذا؟
”
قام حسني مبارك بإرسل دبابات وقاذفات صواريخ لعرفات في طرابلس لدعمه في تحركه
”
أحمد جبريل: بالعكس حسني مبارك والنظام المصري أرسل له لطرابلس دبابات وقاذفات صواريخ وإلى آخره كل هذه.
أحمد منصور: من أجل ماذا؟
أحمد جبريل: من ضمن البرنامج ما هو إحنا هلا في صراع إقليمي يعني هذا الصراع الإقليمي مركزه لبنان..
أحمد منصور: إحنا عايزين نفهم الآن لآن فهم هذا الصراع ما بين الفصائل التي كانت تؤيد المقاومة واستمراريتها وما بين الفصائل التي كانت تؤيد البقاء في لبنان مهم لفهم ما جرى بعد ذلك من تسوية في إطار الصراع الإقليمي ودور الدول العربية فيه والدور الدولي أنت قلت الآن إن إسرائيل وأميركا دخلت في المعركة معركة الجبل بشكل مباشر ضدكم وضد القوى الوطنية اللبنانية أو الأحزاب الوطنية..
أحمد جبريل: النظام في مصر دخل مساندا لأبو عمار..
أحمد منصور: إيه أدلتك على دي لأن دي تاريخيا مهمة؟
أحمد جبريل: أرسل السفن محملة.. هو أبو عمار..
أحمد منصور: حتى يبيد الفلسطينيين الباقين المعارضين؟
أحمد جبريل: ما هو المعارضين لأنه لحتى تمشي برنامج التسوية..
أحمد منصور: وحتى تكون معركة بين مصر وسوريا بالدم الفلسطيني؟
أحمد جبريل: عم بقولك مش هذا اللي قولت..
أحمد منصور: ما هو الآن هنا سوريا داخلة في الموضوع؟
(5/63)
أحمد جبريل: مضبوط هذا الموضوع في صراع حول القضية الفلسطينية وحول قصة التسوية في منطقة الشرق الأوسط في ها الموضوع في هناك مثل ما قلت اتجاه يعارض هذا البرنامج وفي هناك اتجاه بيؤيد ومع الأميركان الإسرائيليين أو النظام في مصر وأبو عمار والأميركان والأردن كانوا بهذا الاتجاه فكان في هذا الصراع محتدم على الأرض اللبنانية..
أحمد منصور: هنقدر نقول إن ليبيا وسوريا كانت تدعمكم كاتجاه معارض للتسوية ماديا وعسكريا؟
أحمد جبريل: لا سوريا تسهيلات يعني..
أحمد منصور: لكن ليبيا كانت تدفع.
أحمد جبريل: أما ليبيا سلاحا وعتادا ومالا لنا وللأحزاب اللبنانية وباقي المنظمات، لكن إحنا كنا الجهة المعتمدة في موضوع السلاح..
العلاقة بين الفصائل وإيران
أحمد منصور: إيران عايزين نفهم دورها هنا إيه لا سيما إن علاقتك بها أيضا كانت علاقة جيدة لأن الدور الإيراني بيضخم أحيانا؟
أحمد جبريل: فاهم الإيرانيين في ذلك الوقت كانوا منشغلين في..
أحمد منصور: وضعهم الداخلي..
أحمد جبريل: لا في حربهم هو والعراق..
أحمد منصور: صحيح.
”
كان تدخل الإيرانيين محدودا واقتصر على إرسال كتيبة عبر تركيا عقب الاجتياح الإسرائيلي للجنوب اللبناني عام 1982
”
أحمد جبريل: عارف كيف فكان تدخلهم يعني تدخل محدود لأن أرسلوا قوات يوم الاجتياح الإسرائيلي الـ 1982 عبر تركيا بحدود كتيبة وتوضعت في البقاع بها الحرس الثوري وبقوا..
أحمد منصور: اشتغلوا مع مين دول؟
أحمد جبريل: هادول كانوا لحالهم..
أحمد منصور: يعني لحالهم الأرض مش فيه قوى لبنانية..
أحمد جبريل: إيه فاهم لا.. لا يعني موجدين حتى يعني أنا مشان نحكي كمان عم نحكي شاهد على العصر بدؤوا هادول الإخوان يخلقوا حالة جديدة في داخل الشيعة في لبنان كانوا الشيعة هناك في حركة أمل..
أحمد منصور: يعني ده اللي أدى لنواة حزب الله مثلا؟
(5/64)
أحمد جبريل: أه هذا هو يعني كان هناك حركة أمل يقودها نبيل بري وحركة أمل ونبيه بري كان محسوبين على سوريا عارف كيف فالاخوة في إيران الإيرانيين إجوا إلى لبنان في ظل الاجتياح مع الحرس الثورة وبدؤوا يفتحوا خطوط في داخل سواء حركة أمل أو في داخل الشيعة وكان هناك العلامة الشيخ حسين فضل الله يعني أب روحي لها الحركة هاي اللي بدأت تنمو في هذا الموضوع صحيح بدأت أعمال مثلا المارينز ونسف السفارة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده كان ميلاد لحزب الله كما قال.
أحمد جبريل: ما كان لسه حزب الله موجود.
أحمد منصور: يعني كان ميلاد.
أحمد جبريل: لكن هذا مخاضه عارف كيف في ها الموضوع هذا يعني بها الاتجاه لكن الإخوان السوريين ما كانوا مرتاحين أو يعني خايفين من هذا التدخل لأنه هذا بده يخلق مشكلة في داخل الشيعة بين الأستاذ نبيه بري اللي هو..
أحمد منصور: حليف للسوريين.
أحمد جبريل: حليف لسوريا يأتي..
أحمد منصور: وإيران من جهة أخرى كانت حليف للآخرين وحليف لسوريا في نفس الوقت..
أحمد جبريل: عم أقولك كيف لذلك في هذه المرحلة هاي كان يعني التدخل الإيراني محدود للغاية..
أحمد منصور: أنا مهم أقف معك عند هذه النقاط لأن فهم الخريطة يحتاج إلى فهم داخلي وفهم إقليمي وفهم عربي وفهم دولي لكن أعود الآن إلى عرفات والرسالة التي أرسلتها إياه من ليبيا إلى طرابلس؟
أحمد جبريل: فجاوبه لأبو ماهر قال له يعني أبو جهاد أحمد جبريل عم يهددني بالسوريين والليبيين والإيرانيين وجاي يعني عم يهدد في مواضيع فنصحه أبو ماهر قال له يا أخي شو بدك بها الناس هاي اللي هون أتركهم، حقيقة بعد الرسالة لأبو ماهر بخمسة أو ستة أيام هاجموا مواقعنا.
أحمد منصور: 27 أيلول سبتمبر 1983.
أحمد جبريل: هاجموا مواقعنا وكان قائد الموقع العسكري شاب مصري الله يرحمه استشهد أسمه أبو الفداء فقتلوا في هذا المعسكر بحدود عشرين شاب وحتى حرقوا جثثهم.
أحمد منصور: 24.
(5/65)
أحمد جبريل: يعني عشرين، 24 بما فيه أبو الفداء عارف كيف يعني والباقي فر يعني من ها الموقع في ها الشيء حقيقة هذا أزعجنا يعني وبدأنا إذا كنا نشك في لماذا أتى عرفات إلى شمال لبنان أصبح واضح لدينا أنها معادلة سياسية أتى لإرباك الساحة اللبنانية عارف كيف وإرضاء إلى الولايات المتحدة الأميركية.
أحمد منصور: أسمح لي هنا كنتوا أنتو القوة الوحيدة الآن عرفات استطاع مع حزب التوحيد مع سعيد شعبان حركة التوحيد أن يسيطر تقريبا وأن ينظف..
أحمد جبريل: ضربوا الأحزاب اللبنانية.
أحمد منصور: لم يبقَ سواكم أنتم الآن كقوة عسكرية؟
أحمد جبريل: لا هذا في طرابلس المدينة عرفات والتوحيد الإسلامي ضربوا كل الأحزاب وقتلوهم بالعشرات بالمئات عارف كيف أنا أقول المخيمات يعني في مخيم اسمه البداوي ومخيم اسمه البارد إحنا موجدين في مخيمات ليس في المدينة بس خلاص هو الشيخ سعيد شعبان من مدينة طرابلس وصار عنده ميناء عارف كيف فبدأ يتحرش فينا ثم هجم على مواقعنا وأنهى كل شيء في معارضة بقي هو وكان الشعبية لا تزال موجودة والديمقراطية لأنه هم كانوا يقفون على الحياد في الخلاف في داخل فتح بالعكس تماما الجبهة الديمقراطية كانت تميل إلى أبو عمار ضد الانتفاضة وتسهل لهم بعض الشغلات هذا الموضوع حقيقة يعني إحنا انزعجنا منه كثير يعني ورغم انشغالنا في هذه الجبهة طلبنا من الإخوان اللبنانيين أن يعطونا فرصة لنلتفت إلى الجبهة الشمالية وهم قدر الأستاذ وليد إنه ها المعركة اللي عم اللي ها الشيء اللي عم يحدث في الشمال وتصريحات أبو عمار مع أمين الجميل اللي عم نقاتله وهذا الجيش الوطني فهديت يعني الجبهة ووضعنا بدأنا نضع ثقل والقوات الموجودة عندنا في سوريا وفي البقاع قلنا هاي نحركها للشمال.
أحمد منصور: الآن أصبحت المعركة واقعة لا محالة بينك وبين عرفات.
(5/66)
أحمد جبريل: عم أقولك لكن بدنا تسهيلات سورية لأنه في حواجز في لبنان وإلى آخره وأذكر جيدا إنه اجتمعت أنا والأخ أبو صالح الله يرحمه مع العماد حكمت الشهابي وعلي دوبار وعلي أصلان وهذا الاجتماع طلبنا منهم إنه إحنا رايحين بدنا نصفي حسابات إحنا وأبو عمار في الشمال فحكمت شهابي قال لي يا أبو جهاد عندكم يعني عاملين تقدير موقف يعني عسكري أنت عسكري أبو صالح ما هو بعسكري يعني قلت له تقريبا قال تعرف شو حجم القوات اللي بين عرفات قلت له بحدود بين عشرة إلى 15 ألف واحد..
أحمد منصور: منين جابهم دول؟
أحمد جبريل: دول اللي كانوا بالبقاع كل قوات فتح اللي بقي بالبقاع كلها دفعها تنظيم فتح تنظيم كبير للغاية يعني معاهم غير هلا نستهين فيهم والله وفي مناضلين وقدم تضحيات على مر كل ها العقود يعني في مناضلين وفي شرفاء يعني فهادول سحبهم كل هذه التشكيلات وحطها في الشمال وأراد إنه يعمل مثل كيتو بحدود خمسمائة كيلو متر مربع..
أحمد منصور: عشان يعمل فيه إيه؟
أحمد جبريل: عم بحكيك عم بقولك لما حكينا شو تفسيرنا السياسي لها الموضوع هذا فقال لي شو القوات اللي بدها تطلع قلت له إحنا راح تطلع من عندنا بحدود ألف ومائتين رجل وهاي الأخ أبو صالح قال له إحنا من عندنا سبعمائة واحد الصاعقة ومائتين واحد جبهة النضال مائة واحد عارف كيف يعني مجموعهم ألفين واحد قال لي طيب ألفين يا أحمد مقابل خمسة عشر ألف وانتو المهاجمين وهاي مناطق الشمال محصنة كلها عبارة عن جبال تربل وإلى آخره يعني هذا المهاجم لازم يكون ثلاث أضعاف المدافع شو الوسائط النارية حكينا قلنا له معنا سريتين دبابات والأخوة في الانتفاضة معهم..
أحمد منصور: دبابات إيه من الحرب العالمية ولا دبابات القذافي الجديدة؟
(5/67)
أحمد جبريل: لا القذافي تي 55 عارف كيف و54 فقال لي أنا بتصور ما راح تقدروا تعلموا شيء قلت له أنت في تقدير موقف نسيت شيء واحد هو الروح المعنوية إحنا نملك روح معنوية عالية للغاية وإحنا لا نعتقد إنه ها الإخوان..
أحمد منصور: قل لي هنا أي روح معنوية وفلسطيني هيقتل فلسطيني فتحاوي سابق هيقتل فتحاوي حالي؟
أحمد جبريل: هذا الفتحاوي اللي قاعد في طرابلس بدأ يشعر إنه نحن حققنا إنجازات لو لم نقوم في معركة الجبل وأصبحنا على مشارف بيروت وأميركا دخلت المعركة ضدنا وإسرائيل وأمين الجميل والقوات اللبنانية..
أحمد منصور: ماشي دي وضع ودا وضع..
أحمد جبريل: هذا شكل حالة في داخل قوات فتح..
أحمد منصور: حالة إنه يقتل أي واحد حتى أخوه الفلسطيني؟
أحمد جبريل: لا إنه يعني لن تكون معركة كبيرة يعني لن يقاتل وحقيقة هؤلاء الناس اللي كانوا في الشمال لو أرادوا أن يقاتلونا يمكن ما استطعنا نتغلب عليهم.
[فاصل إعلاني]
بداية المعركة وقتال رفيق الضرب
أحمد منصور: كيف بدأت المعركة؟
أحمد جبريل: إحنا حشدنا قواتنا وبدأنا في عملية..
أحمد منصور: وضعتم خطة؟
أحمد جبريل: طبعا خطة.
أحمد منصور: يزيد صايغ يقول إن مخابرات عرفات في فتح استطاعت أن تخترقكم وأن تتعرف على الخطة؟
أحمد جبريل: عن طريق جيش التحرير في ضابط في جيش التحرير كان مطلع على هذه الخطة هو أعطاها لعرفات.
أحمد منصور: قبل المعركة بعشرين ساعة؟
أحمد جبريل: قبل المعركة بأيام عارف كيف يعني..
أحمد منصور: وأنتم اكتشفتم هذا الأمر؟
أحمد جبريل: لا ما اكتشفنا إحنا الأمر إلا بعد المعركة حتى هذا الضابط يعني عوقب عارف كيف؟
أحمد منصور: عوقب أُعدم يعني.
أحمد جبريل: والله عوقب لأنه هذا بيتبع للقيادة السورية جيش التحرير يعني عارف كيف حتى من جيش التحرير في سرية من السرايا انضمت لعرفات.
أحمد منصور: انضمت.
أحمد جبريل: عارف حاجة..
أحمد منصور: وكان هناك تفلتات بتتم.
(5/68)
أحمد جبريل: وكان لعرفات إذاعة قوية في جبل طربل عارف كيف بدأنا الهجوم مع أول ضوء.
أحمد منصور: شعورك إيه؟
أحمد جبريل: ها.
أحمد منصور: شعورك إيه وأنت بتقاتل العدو رفيق دربك؟
أحمد جبريل: أنا عارف اسمح لي شوية أنا أعرف إنه ما هو إحنا هون يعني إحنا مش شعب المقدس في التاريخ في كل الثورات الفيتنامي قاتل فيتنامي والكوري قاتل الكوري وفي الجزائر قاتلوا بعضهم..
أحمد منصور: أنتو غير..
أحمد جبريل: لا أنا بحكيك يعني هذا الموضوع يعني لما يكون واحد مُسيس في هدف سياسي إحنا ما في لنا هدف مصلحي ذاتي لحتى نقول والله ها الشيء بالإضافة كان عندي أنا قناعة في داخلي إنه ها الناس ما راح تقاتل لأنه عارفه إنه عم بتجمع كان بده يروح لهم عبر قبرص للمنافي يعني وشاعرين هم إنه موقفهم ضعيف ونحن شاعرين إنه موقفنا موقف قوي في هذا أما هذا العامل الإنساني اللي أنت عم بتحكي عنه أنا جمعت يعني قادة الوحدات وقلت لهم بتعمموا مين من الرفاق المقاتلين إذا له أخ أو أب عند عرفات فنضعه في الخلف في الشؤون الإدارية في (Logistics) لا أريد يعني إنه يشعر الإنسان إنه والله كأنه أبوه قاعد قدامه أو أخوه..
أحمد منصور: ما هو في الآخر أخوه سواء بعض أو..
أحمد جبريل: لا ما في شيء إحنا عم بنحكي عم بعطيك أنا ذكريات عارف كيف..
أحمد منصور: طبعا.
أحمد جبريل: وجدنا حقيقة عشرات منهم فلما حطناهم.
أحمد منصور: وجدتوا عشرات..
أحمد جبريل: عشرات عندنا أخوه أبوه ابن عمه..
أحمد منصور: يعني أخوه أبوه يعني درجة أولى من العلاقة.
أحمد جبريل: عم أقول لك يعني فأمرت أنا إنه نضعهم في الخدمات الإدارية يعني بالخلف يعني ما يقوم في ها العملية المواجهة أقسم لك بالله إنه ما شفتهم إلا جايين جامعين حالهم قالوا إحنا هيك واحد منهم قال لي يعني معركة بدر أو أحد مش اللي قبل.
أحمد منصور: للدرجة دي يعني إنه قال هنا..
(5/69)
أحمد جبريل: عم بقول لك هيك بالحرف الواحد إنه والله أبو عبيده الجراح قاتل أبوه عارف كيف..
أحمد منصور: كان في إيمان وكفر إسلام وكفر.
أحمد جبريل: لا مش وهون كمان في تصفية قضية وعدم تصفية قضية يعني ما نستهين بـ..
أحمد منصور: يعني أنتو كنتو بتعتبروا نفسكم الآن أنتم الذراع الحامي للقضية الفلسطينية؟
أحمد جبريل: على الأقل..
أحمد منصور: وإن عرفات والآخرون كانوا هم بيصفوا القضية؟
أحمد جبريل: لا إحنا هذا اعتقادنا عارف كيف وهذا يشكل حالة في داخلنا ومشكل حالة عكسية في داخل الآن الآلة..
أحمد منصور: يعني ألم تكونوا تعتقدوا أنكم أدوات في أيدي ليبيا وسوريا ومصر والعراق تصفي حسابات فيما بينها؟
أحمد جبريل: لا هذا في تقاطع يعني مصالح وبعدين يعني هلا ليبيا شو لها مصلحة يعني هلا بها الموضوع هذا؟
أحمد منصور: أعطتكوا دبابات تقاتلوا بها بعض.
أحمد جبريل: لا فاهم هم مش..
أحمد منصور: مخدتوش دبابات تقاتلوا بها الإسرائيليين؟
أحمد جبريل: لا يا أخي لا كانت دبابات عندنا من قبل يعني إحنا من قبل 1982 عارف كيف فيعني السوريين أيضا في معركة يعني إقليمية كبيرة بها الموضوع لكن سوريا لم يتدخلوا تدخل قدموا لنا تسهيلات في ها المواضيع في ها الأشياء هذا وبدأنا من أول مع أول ضوء صباحا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في معلومات بتشير إلى إن السوريين تدخلوا كان في مدفعية ثقيلة 250 مللي لا يملكها إلا السوريين؟
أحمد جبريل: أيوه لا أحكي لك هلا يعني بأتي لها المواضيع هذه المخيمات شمال مدينة طرابلس ليس يعني جنوبها أو شرقها أو غربها وعلى البحر هذه المخيمات بدأنا عملية هجوم الساعة خمسة صباحا أو مع أول ضوء حقيقة إحنا كان واجبنا..
أحمد منصور: يوم ثلاثة نوفمبر 1983.
(5/70)
أحمد جبريل: أنا عارف يعني كان واجبنا وقطاعنا هو الجهد الأكبر يعني جبال طربل وهذه الجبال طربل إذا مسكتها أنت لها موقع تعبوي هام جدا.. تعزل مخيم بداوي عن مخيم نهر البارد وتسيطر على مخيم البداوي وكان الأخ أبو عمار محصنها لأول مرة بيحفروا خنادق..
أحمد منصور: طالما معكم مش مع الإسرائيليين بأسكم بينكم شديد.
أحمد جبريل: وإذاعة بدأ يعمل مطار في البداوي وميناء عنده ميناء طرابلس.
أحمد منصور: يعني اللي ما عملوش في تاريخ الثورة الفلسطينية عمله في طرابلس..
أحمد جبريل: يعني هذا اللي حصل ما كانت الساعة أثنين بعد الظهر إلا كان قطاعنا إحنا واصلين لجبال طربل فوق ووصلنا للإذاعة ولأول مرة ممكن في العِلم العسكري الدبابات تطلع على الجبال بها الشكل الدبابة ما بتقدر تقاتل في مناطق الجبل لأن لها استقرار في مدفعها وإلى آخره عامة في السهول في الصحاري أما في..
أحمد منصور: طلعتو بالدبابات فوق؟
أحمد جبريل: فكان مثل ما قلت لك هي الغاية معنوية أنا أريد أن أخيفهم وأقول لهم إحنا ما بدنا نقاتل عارف كيف وأذكر إنه حتى تعليماتنا للشباب إنه ها المعتقلين والأسرى بتحطوهم على جنب وبتكتف وبعدين فيه ناس تيجي تأخذهم..
أحمد منصور: أعدادهم كانت كبيرة؟
أحمد جبريل: فلم طلعنا عارف كيف يعني إحنا كنا نتخيل إن بده ها الأسرى مائة مائتين واحد عارف كيف مطلع في سلسلة ها الجبال هايدي بكاملها عارف كيف سقطت ببساطة وسهولة الساعة اثنين..
أحمد منصور: لم تكن هناك معنويات لدى أحد للقتال..
أحمد جبريل: أبداً وحتى أذكر أنا منهم كانوا يقولوا لي يا رفيق شنو بارودتي لم أطلق ولا طلقة عارف كيف ليش عم أقولك أنا هذا في تقديري موقف كنا واخدين هذا في الاعتبار فهادول..
أحمد منصور: الذين تابعوا المعركة يقولون أن كثيرا من الجنود كانوا يرفضون تنفيذ الأوامر وقتال بعضهم البعض؟
(5/71)
أحمد جبريل: عم أقولك فيه جبال طربل كان هناك عشرات بل مئات السيارات المرسيدس عارف كيف للقادة وإلى آخره ها الشيء وهذا..
أحمد منصور: غنائم طبعا
أحمد جبريل: لا هذا.
أحمد منصور: أخذتوها غنائم يعني؟
أحمد جبريل: لا هنا الموضوع فرفاقنا ويمكن قائد وحدة دبابات هو اسمه أبو كفاح العمري أعطى توجيهات أنه تداس كل هذه السيارات بالدبابات حتى ما حدا ودوست كل السيارات بالدبابات حتى الناس..
أحمد منصور: أبو عمار هيزعل منك.
أحمد جبريل: وها الإذاعة اللي كانت كذا يوم عم بتسب وتشتم علينا وتقول هذا أحمد جبريل اللي كذا وها الشيء بعد شوية أصبحت..
أحمد منصور: أصبحت تهتف بحياة أحمد جبريل.
أحمد جبريل: بعد الظهر لا عم بتناشد أناشيد وطنية وعم بتحكي وعم بتخاطب قوات فتح اللي مع أبو عمار وليش عم أقولك الروح المعنوية يعني هذه الإذاعة كانت موجودة في ملجأ تحت الأرض في الجبال يعني يكفي واحد من المذيعين إنه يمسك قنبلة يدوية لحتى يهشم كل ها الأجهزة فإحنا أخذناها ما في غير إنه طلعنا كاسيت حطينا كاسيت محله وطلبنا من إخواننا في دمشق يبعثوا لنا ناس لحتى يشغلوها..
أحمد منصور: يعني أنهيت المعركة الحقيقية خلال يوم واحد؟
(5/72)
أحمد جبريل: هذا أبدا خلال يوم إحنا كنا في جبال طربل هنا انعزل مخيم البارد عن البداوي أبو عمار قاموا بهجوم معاكس عارف كيف علينا في الليل على هذه الجبال حققوا بعض المكاسب عارف كيف لأنه المعلومات اللي أعطانا إياها جيش التحرير اللي كان معنا ما كانت معلومات دقيقة قائد اللواء رئيس أركان عمليات تبعه كانوا لازم يوصلوا إلى مكان معين يعني مسكوا الطرق اللي طالعة للجبل من الجهة الغربية لجبال طربل قالوا لنا إحنا وصلنا عارف كيف فاتاريهم هم مش واصلين فطلعت معهم التوحيد الإسلامي ودارت معركة كمان قمنا بهجوم معاكس ليلا وجاءت أحكام منتهية ها المواضيع حتى بيحكي لي رفيقي طلال ناجي إنه العماد حكمت شهاب اتصل فيه في الليل قال له هاي سقطت طربل مرة ثانية بيد أبو عمار كل جبال طربل وانهارت الناس عندكم عارف كيف فاتصل في طلال قلت له قاموا بهجوم معاكس امتصناه وقمنا إحنا بهجوم معاكس..
أحمد منصور: استمرت المعارك حتى أواخر كانون الأول ديسمبر سنة 1983..
أحمد جبريل: هون إحنا بنرجع بنحكي إن الخسائر التي حصلت بين المدنيين في مخيم نهر الباردة عبارة عن 12 واحد وفي مخيم البداوي ستة أشخاص..
أحمد منصور: كل المعارك دي؟
أحمد جبريل: كل المعارك..
أحمد منصور: لأن الناس كانت معندهاش حماس للقتال؟
أحمد جبريل: معندهاش حماس لكن إحنا قمنا في عملية هناك (Refinery) يعني محطة لتكرير الكهرباء والخزانات فضربنها هاي حتى نعمل تغطية دخانية بها الشيء هذا..
أحمد منصور: لا يقال أنك أنت حرقت الأخضر واليابس بالدبابات..
أحمد جبريل: اللبنانية حتى إنه نعمل تغطية أثناء تقدمنا فكانت أجهزة الإعلام بتصور ها المواضيع..
أحمد منصور: أحمد جبريل يحرق طرابلس..
(5/73)
أحمد جبريل: يعني نصور هذا الموضوع للأسف الإعلام الأردني لعب دور كأربع وعشرين ساعة عم بيشتغل لصالح عرفات المواضيع هاي فانتهت القسم الرئيسي للمعركة بمخيم نهر البداوي أي البداوي نفسه أيضا أعدنا تنظيم أنفسنا ودخلنا مخيم البداوي قاموا الأخ أبو عمار ومعه قوات يعني وبهجوم معاكس عارف كيف ما حقق شيء وانتهى.
أحمد منصور: ألم يكن معكم قوات ليبية تقاتل معكم؟
أحمد جبريل: أبدا.
أحمد منصور: ولا سوريين؟
أحمد جبريل: ولا سوريين.
أحمد منصور: والمدفعية الثقيلة؟
أحمد جبريل: هلا بنحكي لك اهوه لما وصلنا إحنا طردنا هذه القوات تبع الأخ أبو عمار من المخيمات عارف كيف أبو عمار انسحبت كل قواته بالأول فيه ناس رفعوا أيديهم بالآلاف كنا واخدين نأخذهم معززين مكرمين ونأخذهم للخلف ونسلمهم للإخوان في الانتفاضة كونهم فتح..
أحمد منصور: إخوانهم السابقين..
أحمد جبريل: بيتفاهموا مع بعضهم البعض في ها الموضوع قام بهجوم زي ما قلت لك معاكس كبير حقق مكاسب شوية وعاودنا فدخل إلى مدينة طرابلس فبدأ يحط ها الراجمات داخل مدينة طرابلس اللي بعثوها الإخوان في مصر إله 240 مللي عارف كيف وبلج يقصفنا في ها المواضيع هون صفف إحنا حرجين القوة النارية عندنا ما هي قوة كبيرة عارف كيف لها الأشياء هذا، هون تدخلوا مرات الإخوان السوريين بطلب منا أن والله اقصفوا لنا ها الراجمات اللي عم تذبحنا..
أحمد منصور: يقولون أن كلا من سليمان العيسى واللواء غازي كنعان كانوا بنفسهم في هذه المعارك؟
أحمد جبريل: لا غازي كنعان كان ضابط الأمن في حمص ما كان موجود في ها المواضيع يعني بها الشيء..
أحمد منصور: لكن المدفعية السورية ساندتكم؟
أحمد جبريل: قلت لك فيه لما قعد في طرابلس حول الأبنية وفي الشوارع هاي هذا الموضوع حصل هذا الشيء..
أحمد منصور: إيه طبيعة الدور اللي لعبه سعيد شعبان في المعركة؟
أحمد جبريل: سعيد شعبان تحالف هو والله يرحمه وهو..
(5/74)
أحمد منصور: عملوا مذبحة للحزب الشيوعي..
أحمد جبريل: والقومية السورية وكل ها الناس هاي بتستغرب إذا بقولك بعدين إنه صرنا بعدين من أعز أصدقائي هو الشيخ سعيد واعترف أنه..
أحمد منصور: ما هو طبعا ربما لا يدرك الناس إن بعد كل اللي حصل ده الناس كلها دلوقتي بتقعد تأكل وتشرب مع بعض..
أحمد جبريل: لا مو هيك بس إنه لا هو قال أنا خدعت حتى لما عرفات قعد في مدينة طرابلس ويقصف صار القصف المعاكس على المدينة إيجه وفد طرابلسي من محافظ طرابلس ورئيس البلدية هناك وكل ها الناس هاي بابيتي بتذكرهم جاؤوني على جبال طربل قالوا يا أخوان ليش عم تقصفوا قلنا لهم هاي عم يقسموا الشوارع عندكم طيب روحوا عند الأخ أبو عمار هاي المخيمات سقطت هذا الهجوم الفلسطيني طب ما رأيكم تقولوا له إحنا ننسحب مرة أخرى من كل ها المناطق اللي احتلناها يرجع هو ونتقاتل مرة ثانية فإذا انسحب ما ينسحب لعندكم عارف كيف فراحوا نقلوا له ها الكلام ليس كان استهزاء بس كنا بنحل المشكلة وإحنا ما بدنا ندخل على مدينة لبنانية يعني لذلك توقف..
أحمد منصور: هو أنتو خليتو حاجة.
أحمد جبريل: لا عم بقولك يعني إحنا وصلنا للمخيمات الأحزاب اللبنانية أنا جاءتني كل الأحزاب اللبنانية يا أخ أبو جهاد كملوا قلت له لا إحنا هون عندنا مخيمات أنتو بدكم تكملوا ولكم طيارات وقتلتم..
أحمد منصور: أحزاب لبنانية اللي هي مين الجماعة اللي كانوا معك في معارك الجبل يعني؟
أحمد جبريل: لا فيه منهم الحزب الشيوعي الحزب القومي سعيد شعبان وأبو عمار ما ذبحوهم وقتلوهم وإلى آخر ها الأشياء وحزب البعث..
أحمد منصور: اللي اتسلوا عليهم في الأول..
أحمد جبريل: إيه في ها المواضيع قلنا لهم لا بدكم أنتم والشيخ سعيد شعبان بيحكي لي الرواية قال له للأخ أبو عمار يا أخ أبو عمار قال جيبناك يا معين لتعينا أتاري ها معين بده واحد يعينه..
(5/75)
أحمد منصور: أنت طالبت في هذا الوقت بمحاكمة ياسر عرفات بتهمة الانحراف السياسي والأخلاقي؟
أحمد جبريل: يعني إحنا ليش دخلنا المعركة..
أحمد منصور: هو لوحده عرفات اللي عليه هذه التهمة؟
أحمد جبريل: يعني أنا كنت أشعر إنه هو كان يمثل التيار اللي بها الاتجاه هذا بينما ما كنا نرى إحنا باقي إخوانه بهذا التوجه وهم..
أحمد منصور: عموما الأمر متروك للتاريخ وللشعب الفلسطيني لكي يحكم على القادة الفلسطينيين وما فعلوه بقضيتهم منذ بدايتها إلى اليوم لكن أريد أنهي معركة طلب؟
أحمد جبريل: هو الإسرائيليين اشترطوا على أبو عمار إنه ما ممكن يطلع من طرابلس مع إن الفرنساويين إجوا بقواتهم هي اللي طلعت أبو عمار وهناك..
أحمد منصور: إحنا عايزين نفهم الفرنسيين يجوا بسفنهم يطلعوا أبو عمار الأميركان بحماية ويطلعوا أبو عمار ويطلعوا الفلسطينيين يعني نريد نفهم ويفهم الشعب الفلسطيني ويفهم العرب ما حدث لهذه القضية يوما بيوم في تلك المرحلة الحساسة من التاريخ؟
أحمد جبريل: يا سيدي هلا هم كانوا يعتبروا أن الأخ أبو عمار وهذا الاتجاه هو الحصان حصان التسوية نحكي بكل صراحة فلذلك كان هو يسانده ويقدم له التسهيلات وكل ها المواضيع..
أحمد منصور: أنت في 17..
الاتفاق على وقف المعركة وتبادل الأسرى
”
إيقاف النار تم بواسطة لجنة كانت تضم سعود الفيصل والصباح، وتم الاتفاق على انتقالنا خارج طرابلس بسفن فرنسية
”
أحمد جبريل: وإحنا ما يعني أوقفنا إطلاق النار لأنه جاءت لجنه سعودية سعود الفيصل والشيخ صباح واتفقنا على وقف إطلاق النار وكانوا قدمنا عم يتحملوا ببواخر الفرنسية وعم يمشوا وعم يغادروا طرابلس..
أحمد منصور: هذا في نهاية ديسمبر لكن انتو في 17 ديسمبر تبادلتم الأسرى مع عرفات..
أحمد جبريل: هه..
أحمد منصور: تبادلتم الأسرى في 17 ديسمبر.
أحمد جبريل: شو ده كيف؟
أحمد منصور: الأسرى بينكم وبين فتح..
أحمد جبريل: لا.
(5/76)
أحمد منصور: لم تتبادلوا الأسرى؟
أحمد جبريل: لا أبدا ما مسك أبو عمار واحد أبو عمار طلع تصريح وإحنا في خضام هذه المعركة ويمكن هو عم يسمعني قال هناك آلاف الليبيين والإيرانيين والسوريين يقاتلوا معنا أنا أيضا تقدر تطلعوا من الأرشيف عارف كيف جاوبته تفضل أمسك قدم أسير واحد إلى أجهزة الإعلام إذا كان هذا سوري أو ليبي أو إيراني معنا بس هو أراد أن يقول لجماعته إنه يا أخي هذا مو إحنا انهزمنا لأنه لا الدول العربية انهزمنا مش بسلامنا والله ناس منتضفه علينا في فتح والقيادة العامة والصاعقة والنضال الشعبي يعني هزمونا أو إلى آخره أراد هو أن يعطي يكبر حتى يقول للأميركان ويقول للنظام العربي اللي كان مؤيد له سواء في الأردن أو في مصر إنه شوفوا هي ليبيا داخلة على الخط وسوريا وإيران وإلى آخره يعني هذا الموضوع نوع من الـ (Propaganda) السياسية..
أحمد منصور: كان لديك أنت كثير من الأسرى؟
أحمد جبريل: قلت لك آلاف كنا بالأول..
أحمد منصور: سلمت بعضهم للسوريين؟
أحمد جبريل: يعني كنا واخدين هادول تبع النايلون الحبسات وما عاد في حبسة بعدين صرنا نمشيهم ماشين بأرتال أرتال المواضيع ها..
أحمد منصور: سلمت بعض السوريين؟
أحمد جبريل: هون مثل ما قلت لك إنه أبو عمار قام بهجوم معاكس كبير علينا..
أحمد منصور: نعم.
أحمد جبريل: هذا الهجوم المعاكس شتتنا وقمنا عليه بهجوم معاكس فأسر قائد القوات المهاجمة أسمه أبو طعان كان هذا أبو طعان قائد الكفاح المسلح في بيروت يمكن في حلقات ماضية حكيت لكم كيف قاد الهجوم عَلَيَّ على الموقع تبعي ولقوه مأسور..
أحمد منصور: يعني محترف قتال ضدك يعني..
(5/77)
أحمد جبريل: طبعا جبته وقلت له شو أبو طعان هو يعني شاب واثق من نفسه وبيحب أبو عمار وهلا بيحكي يعني مواضيعه فقال لي والله أنا اللي تبرعت بعد ما انهارت كل ها القيادات قلت له أبو عمار أنا اللي بقود الهجوم قلت له طيب شو شفت يا أبو طعان قال لي ثبت إنه جماعتك عندهم إيمان في القتال حتى في واحد من..
أحمد منصور: ترى أبو طعان عايش لسه ويسمعك؟
أحمد جبريل: هلا احكي حتى كان في شاب قيادي من الانتفاضة موجود أسمه أبو مجدي إيجه مسكه ضربه كيف بيجي أنا انتفضت يعني ومنعت أبو مجدي قلت له أنا ما بسمح يعني بوجودي هذا الموضوع تقول لي هذا من فتح من عندنا ما بسمح الكلام حقيقة لما عم نحكي هو قال لي إنه إحنا كان لدينا الخطة الكاملة تبعكم أبو طعان وألا يمكن هو حي يرزق وفرج عنه في السجون السورية يمكن في لبنان وبيسمعني قال لي إحنا كان خطتكم كلها عنا قلت له يا أخي الخطة تبعنا كاملة عندكم طيب ليش ما واجتهم قال لي عارف كيف حقيقة ما بعرف كيف دريوا الإخوان في سوريا حول الموضوع ما شفت إلا اللواء غازي كنعان كان يمكن نقيب عارف كيف ما شفته إلا جاي يقولي إيش راغب فيه أنا ما بعرفه إيجه تعرفت عليه أنه مسؤول هو مخابرات حمص قال سمعنا إنه أبو طعان ألقيته القبض عليه أسرتوه قلت له صح قال هذا بدنا إياه قلت له كيف نعطيكم إياه يعني صعب هذا الموضوع عارف كيف..
أحمد منصور: كيف صعب حلفاؤكم يعني؟
أحمد جبريل: لا صعب يعني أنا ما بدي أسلم يعني بصراحة هذا عم بحكيك اللي حصل وهاي اللواء غازي يمكن لابد يسمعنا في ها الكلام فقال لي والله العماد حكمت أبو حازم وتفضل احكي بالتليفون..
أحمد منصور: حكمت الشهابي..
أحمد جبريل: قال هذا ضروري لأنه في قصة أمنية خطيرة كبيرة أنا بحاجة فمسكت اللواء غازي قلت له شو قال لي هذا يا أخي كان عامل معسكر في صيدا للإخوان المسلمين..
أحمد منصور: السوريين.
(5/78)
أحمد جبريل: السوريين وهو يدربهم وهو يبعت الأسلحة لحمى وها المنطقة فصار الوضع مختلف يعني فأعطيناه فحطوه بسجن بقي في السجن يمكن عشرين عام والآن أطلق سراحة عارف كيف طبعا هو..
أحمد منصور: هذا الوحيد اللي سلمتوه للسوريين؟
أحمد جبريل: هذا الوحيد أه وهو هلا يعني حسب ما سمعت إنه حاقد يعني علينا لكن هذا الحقد هو لازم يفهموا إنه لو إحنا حاقدين عليه بعد ما قام بالهجوم على المركز تبعي في الفكهاني وهو وقواته كان ممكن الواحد يتصرف معه تصرف آخر راعيك ولا لا يعني هيك الأمور لكن كنا متسامحين..
أحمد منصور: والله مش عارف يعني هذا التاريخ المؤسف هذا التاريخ اللي يعني المليء بالآلام والأحزان يعني لا أدري يعني كيف تفسر في كثير من الأشياء أنت؟
أحمد جبريل: نحن بصراحة كل هذه الأحداث اللي عم نحكيها هي أحداث محزنة لكن هذا جزء من تاريخنا عارف كيف..
نتائج معركة طرابلس
أحمد منصور: ما هي نتائج معركة طرابلس؟
(5/79)
أحمد جبريل: أولا بحكيك بكل صراحة إحنا لما قمنا بالهجوم المعاكس إحنا واللبنانيين وبتأييد من ليبيا وسوريا كنا نريد أن نقول أن هذا العدوان تبع 1982 والاجتياح والمؤامرة الأميركية الإسرائيلية العربية في هذا الاجتياح يجب أن ندمرها وأنا بقول لك لما خلصنا إحنا من موضوع طرابلس عدنا مرة أخرى لقتال أمين الجميل والقوى الانعزالية وحدثت انتفاضة بيروت دخلنا إقليم الشحارة هذا أصبحنا فوق بيروت الانتفاضة الأولى فشلت الانتفاضة الثانية وكان عمادها حركة أمل ونبيه بري عارف كيف والأخ نبيه بري بيعرف إنه إحنا كم دعمناه في مواجهة جيش أمين الجميل في بيروت حتى انتصرت الانتفاضة وكانت هناك قوى ناصرية ومرابطون والحزب التقدمي وإلى آخره حتى تمت انتفاضة بيروت وأصبحت بيروت الغربية محررة عندها أعلن أمين الجميل إسقاط اتفاق 17 أيار يعني معنى ذلك إنه إحنا اللي استفدناه هذا الاتفاق الذي أُخِذ عنوة ومن خلال هزيمتنا أعدنا هذا يعني الخنجر إلى نحر أعدائنا بحيث إنه فشل المخطط الأميركي الإسرائيلي العربي الموالي لأميركا في هدفهم من الاجتياح في 1982 بدأت وجود المقاومة اللبنانية دعمنا المقاومة اللبنانية هم يمكن يكونوا عم يسمعوني ما في حزب من هذه الأحزاب إلا قدمنا له السلاح والعتاد والإمكانات الكاملة يعني حتى أجيب لك مثل إحنا كنا نضطر إنه بعتنا نبيه بري مرة عشرة أثنى عشر شاحنة محملة بالذخائر والعتاد بس..
أحمد منصور: ونبيه بري بعد ذلك قام بقتل الفلسطينيين ما هي لسه القصة طويلة عريضة..
أحمد جبريل: أنا عم أقولك إيه لسه يعني لكن هذه الصناديق موجود عليها الجيش الليبي هو جاية من روسيا ولا جاية من بلغاريا حتى بعث لي إنه إنحرج وإن شاء الله أي مسانديه الصناديق لأنه جماعتنا عم يتحسسوا إنه هاي الصناديق مكتوب عليها الجيش الليبي..
أحمد منصور: أنا أريد أرجع..
أحمد جبريل: والإمام وموسى الصدر اختفى وإلى آخره فيعني..
(5/80)
أحمد منصور: انتهت معركة طرابلس وخرج عرفات ولكن لا ندري لماذا جاء عرفات ولماذا خرج أصلا في موضوع طرابلس؟
أحمد جبريل: لا معروفة وحكيت لك فرجعنا للمعركة الأساسية هزمنا هذه القوى في إقليم الشحار انتفاضة بيروت إلغاء اتفاق 17 أيار تقدمنا باتجاه الجنوب إلى صيدا وشرق صيدا انسحب الإسرائيليين من إقليم الخروب إلى إقليم التفاح فمن ثم من إقليم التفاح إلى جزين والشريط الحدودي الموجود يعني الأهداف اللي حكى عنها مناحم بيغن لم تتحقق لا نظام سطحي وقع معه اتفاق هاي إحنا رجعنا متواجدين ولكن بطريقة مختلفة تحت راية لبنانية وتحت انضباط لبناني ما دخلنا لمناطق الفكهاني وإلى آخره قواعد موجودة إما في المخيمات أو في الجبال بعيدة عن أعين الناس وعدنا وبدأت المقاومة اللبنانية بعمليات استشهادية سناء الحيط للحزب القومي لونى عبود حزب البعث قام حزب الله بدأ هذا الحزب يقوم بأعمال بطولية كبيرة بها المواضيع الأميركان رحلوا الإيطاليين والفرنساويين رحلوا من هناك وسلموا بالأمر الواقع وأصبح أيضا لسوريا مثل ما بيقولوا يعني مركز ثقل إقليمي اللي كانوا هو يريد أن يُهشم وإحنا كان لنا مصلحة أن يكون لسوريا عارف كيف ثقل إقليمي لأن هي رافضة موضوع التسوية.
(5/81)
أحمد منصور: في عشرين مايو 1985 تمت أكبر عملية تبادل أسرى في تاريخ الصراع العربي الفلسطيني وهي قضية عملية الجليل لكن قبلها في 24 تشرين الثاني نوفمبر أثناء حرب طرابلس قام عرفات باستبدال ستة جنود إسرائيليين في عملية تبادل أيضا مع الإسرائيليين لكن هذه مربوطة بتلك لأن هؤلاء كانوا جزء واحد أخذتم أنتم جنديان وهم أخذوا ستة وكان هناك جندي أخر كنتم ترفضوا الإفصاح عنه، في الحلقة القادمة نتحدث عن هذه العملية الكبيرة أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/82)
الحلقة19
(5/83)
الأربعاء 25/6/1425هـ الموافق 11/8/2004م(آخر تحديث) الساعة 11:11(مكة المكرمة), 8:11(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 19
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
08/08/2004
- عملية تبادل الأسرى والخلاف مع عرفات
- ضغوط إسرائيلية ودولية بسبب الأسرى
- المفاوضات والوساطة النمساوية لإطلاق الأسرى
- تحديد الأسرى العرب الذين سيطلق سراحهم
- تنفيذ عملية تبادل الأسرى
- استهداف إسرائيل لأحمد جبريل وخطف الطائرة الليبية
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيكم.
عملية تبادل الأسرى والخلاف مع عرفات
أحمد منصور: أثناء حرب طرابلس في 24 تشرين الثاني عام 1983 أعلن عرفات عن عملية تبادل أسرى مع إسرائيل؛ أعاد ستة جنود مقابل إطلاق سراح أربعة آلاف وخمسمائة من سجن أنصار من المعتقلين الفلسطينيين ومائة من المحكومين، هؤلاء الستة كانوا جزء من ثمانية جنود أُسِروا من قبل على أيديكم وأيدي حركة فتح، هم أخذوا ستة وأنتم أخذتم جنديين ويقال أن التفاوض كان مشتركا بينكم وبينهم ولكن عرفات بدأ بهذه الخطوة وأنتم أخرتم خطوتكم إلى عملية التبادل الكبرى التي تمت في عشرين مايو عام 1985، لماذا أقدم الرئيس عرفات في ذلك الوقت أو ياسر عرفات في ذلك الوقت على استبدال الجنود الستة وما الذي حدث من خلاف في هذا الموضوع؟
(5/84)
أحمد جبريل: هو بالحقيقة كنا نتمنى إحنا أن نظهر في الموقف الموحد مع بعضنا في داخل منظمة التحرير وأن نقوم بصفقة باسم منظمة التحرير لتبادل الأسرى، بعد 1982 كانت لسه الروابط موجودة وإحنا مشاركين في اللجنة التنفيذية وطرحنا هذا الموضوع وشُكِلت لجنة لمتابعة هذا الموضوع وأنا اللي الناس اللي بدي أحكي عليهم لسه أحياء يرزقون يعنى حامد أبو ستة، جمال الثوراني، شاهدين.. النشاشيبي موجود عارف كيف أبو ماهر اليماني موجود يعني كل هدول الناس شاهدين على الكلام اللي بدي أنا أحكيه، فقلنا لهم أولا يا أخوان إحنا ما إلينا ثقة فيكم يا أخ أبو عمار لأنه إنتوا فرطتوا بأسيرين واحد طيار وواحد قائد دبابة لما كنا في بيروت ووعدتونا إنه هدول الناس اللي عم ينسجنوا في سجن أنصار لبنانيين وفلسطينيين مدنيين وغيره يعني ما كانوا كلهم لا مقاتلين ولا شيء.
الإسرائيلي كان يمسك ويحط في داخل السجن مثل ما بيقولوا يعني سد للذرائع فأنتوا قدمتوهم مع الجثث بدون أن تأخذوا ثمن بالرغم إنه وعدتونا إنه هالمعتقلين لازم يطلعوا مع الناس عند الخروج من بيروت هذا ناحية، الناحية الثانية أنا كنت خايف ألا يتم التمسك بالمبادئ الأساسية خاصة الأخ أبو عمار ماشي باتجاه التسوية قد يعتبر إنه هذه تسهل عملية التسوية برغم هذا الشيء اجتمعنا اجتمعت أنا والشهيد خليل الوزير أكثر من مرة وقلت له تعال وكتبنا هل تلتزموا بهذا الكلام.
أحمد منصور: ما الذي كتبتموه؟
أحمد جبريل: كتبنا إنه كيف يعني السيناريو كيف بدنا نمشي.
أحمد منصور: ماذا كان السيناريو؟
”
خططت الجبهة الشعبية لأن تكون أي خطوة تخطوها في مجال تبادل الأسرى مقابل ثمن، لذا أحاطت موضوع الأسرى الإسرائيليين بالسرية التامة
”
(5/85)
أحمد جبريل: يعني إنه أول شيء إحنا نتفق أولا أنتوا مسألة زيارة الصليب الأحمر رأسا بعد ما أُسِروا ثاني يوم وثالث يوم الصليب الأحمر يعني شغلة حضارية قابلهم وأسمائهم بينما إحنا أخفينا هذا الموضوع وكان لدينا أيضا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هدفكم من الإخفاء لأن حينما رجعت لمتابعة الموضوع ظل الإسرائيليين لا يعلموا ما الذي لديكم؟
أحمد جبريل [متابعاً]: عم بقول لك يعني ما بيعرفوا وكان عندك قائد دبابة كمان أسير..
أحمد منصور: كان عندكم جندي ثالث لم يكن؟
أحمد جبريل: قائد دبابة حازي الشاي عارف كيف موجود وأخفينا هذا الموضوع..
أحمد منصور: يعني يوسف غروف ونسيم شليم هؤلاء كانوا ضمن الثمانية وكان عندكم حادي شاي إسرائيل لم تكن تعلم عنه شيئا؟
أحمد جبريل: ما كانت تعلم إحنا كنا بدنا نأخذ ثمن من كل خطوة بنخطيها للأمام يعني أنا كيف بدي أخلي الصليب الأحمر يزور وإحنا هالمعتقلين في داخل السجون الإسرائيلية الصليب الأحمر لازم يزورهم هذا بدهم يشوفوا وضعهم الصحي إحنا بدنا تقارير صحية عن آلاف المعتقلين في داخل.. بدهم يبعتوا لهم رسائل أيضا رسائل بدها تروح بالمقابل، أما أن أقدم أنا أعطي هاك للإسرائيلي هذا ممنوع هذا من حيث الشكل العام لهالمواضيع هذه، من حيث الجوهر قلنا لهم المفروض نتفق على مبادئ أما أن نقول هاتوا مين العدد ومين الأسماء هذه طريقة لم نصل مع الإسرائيلي وأنا بأعرف إن الإسرائيليين وقبل هالمرة عملنا عملية النورة نسمعهم وبنعرفهم بإطلاق سراح كمان تبادل بالـ1979..
أحمد منصور: هذه اللي 79 شخص أيضا تبادلتم.
أحمد جبريل: 79 أيوه، فالشهيد أبو جهاد قال يا أخي خلينا نقول قد إيش بدنا العدد ونعمل قوائم بالأسماء ونطالب يعني فهمت أنا إنه أسلوب المماحكة..
أحمد منصور: التفاوض.
أحمد جبريل: والتفاوض أسلوب غلط يعني في هالمواضيع ومشت اللجنة المشتركة وطلعت على.. اجتمعت مع الصليب الأحمر في جنيف..
(5/86)
أحمد منصور: في جنيف عدة اجتماعات.
أحمد جبريل: عدة اجتماعات وإلى أخره يعني كل هالمواضيع لكن خلل بخلل بخلل يجي الوفد تبعنا إنه والله قدموا للصليب الأحمر شغلة ثانية ثالثة يقول لك يا أخي مش هيك اللي اتفقنا بهالمواضيع، ثم وقع الخلاف بينا وبين عرفات توقفت هذه اللجنة..
أحمد منصور: وبدأت معارك طرابلس.
أحمد جبريل: ومعارك طرابلس اللي بأنصار مثل ما قلت لك هادول أصلا الإسرائيلي ما قدر ينقلهم داخل فلسطين..
أحمد منصور: مدنيين معلهمش اتهامات.
أحمد جبريل: مدنيين وإلى أخره وما بيصير بالقانون إنه أنت إجيت دخلت أراضي الغير واعتقلته وأسرته وأخذته لجوه هذا اختطاف.
أحمد منصور: لكن أنا أريد أسألك هنا لأن صموئيل كاتز قال إن فيه ضغوط مورست عليكم قبل صراعكم مع عرفات وقال إن صلاح التعمري الذي كان مقرب من عرفات واللي كان متزوج من الأميرة دينا الزوجة الأولى للملك حسين كان يلعب دور في عملية التفاوض؟
أحمد جبريل: مضبوط.
أحمد منصور: إيه طبيعة الدور اللي لعبه؟
أحمد جبريل: هو كان في أنصار عارف كيف يعني مسجون وكان مسؤول في أنصار يعني في معسكر أنصار يعني اختاروه أقدم واحد على مركز إلى أخره، إحنا ما بنعرف الدور اللي هو كان فيه الدور اللي كان فيه بعض رفاقنا اللي كانوا بأنصار ينصفوه إيجابيا فيه منهم ينصفوه سلبا لصلاح التعمري..
أحمد منصور: لكن صحيح إن الأميرة دينا زارت الأسيرين عندكم؟
أحمد جبريل: الأميرة دينا التقت معي أكثر من مرة.
أحمد منصور: في هذه الفترة الأولى قبل حرب طرابلس؟
أحمد جبريل: بهذه الفترة ولم تلتق مع الأسرى..
أحمد منصور: لكن أنت أبلغتها إن عندك أسيرين؟
أحمد جبريل: ما هو إحنا لأنه معروف إن فيه ستة عند فتح واثنين عندنا بعدين أخذوا أسماؤهم من فتح الستة بقوا اثنين بس أنا ما كنت أقول لهم للإسرائيليين هل هم بصحة جيدة ولا مجروحين حتى مرات كنا نمرر إنه والله..
(5/87)
أحمد منصور: لأن كان فيه مفقودين آخرين للإسرائيليين أيضا كانوا يبحثوا عنهم.
أحمد جبريل: لا بهالموضوع بالعملية هاي كانوا هي عبارة عن ثمانية..
أحمد منصور: ولم تديهم أي معلومات عن الأسير الثالث اللي هو حازي الشاي؟
أحمد جبريل: أبدا هذا الموضوع..
أحمد منصور: وكان عندك موجود؟
أحمد جبريل: موجود وحتى الأسيرين هادول ما بيعرفون إنه هداك موجود..
أحمد منصور: ميعرفوش أسماؤهم لكن يعرفوا إن في أسيرين فقط؟
أحمد جبريل: بس أسيرين يعني..
أحمد منصور: يقال أن الأميرة دينا زارتهم وذهبت وطمأنت الإسرائيليين أنها التقت بهم؟
أحمد جبريل: لا أنا قلت لها طمنوهم إنه والله هم بصحة جيدة..
أحمد منصور: دون أن تلتقي بهم؟
أحمد جبريل: بدون أن تلتقي ومرات متعددة وهذا الأمر قلت لها أنا ما فيه شيء بدون ثمن، كل شيء لازم يندفع ثمنه أما إحنا هالشباب إخوانا الأسرى في الأرض المحتلة يعاملون معاملة قاسية وغير إنسانية وإليهم أهالي وإليهم أقرباء وإليهم زوجات وإليهم أولاد فليكن التساوي في هذا الموضوع.
أحمد منصور: طيب في المرحلة دية أنا أريد أرجع إليك، بعد معركتك مع عرفات الآن انقطعت العلاقة أو الترتيب مع الإسرائيليين فيما يتعلق بالأسرى، أخذوا الستة من عند عرفات وأخرجوا من كان في معسكر أنصار وقيل إن المائة حتى اللي أخرجوا من الداخل لم يدقق أحد فيهم فأخرجوا مائة من المحكومين الجنائيين ولم يخرجوا.. بعض المصادر تقول هذا الكلام كيف أسرتم حازي شاي إحنا عرفنا كيف أسر يوسف غروف ونسيم شليم؟
أحمد جبريل: حول اللي فيه أنصار.. الإسرائيليين لما عملوا الصفقة مع عرفات أخذوا اختطفوا من أنصار كل رفاقنا بحدود مائتين شاب وبعض اللبنانيين من الأحزاب اللبنانية عارف كيف اللي موجودين..
أحمد منصور: أخذوهم إلى داخل فلسطين؟
(5/88)
أحمد جبريل: أخذوهم إلى الداخل إلى سجن عتليت وعملوا صفقة مع تابعين فتح ومدنيين وعاديين والتنظيمات الأخرى، أما الناس الخطرين نقلوهم للداخل وأخفوا هذا الأمر يعني في هذا الشأن إحنا كنا مثل بأثناء الحرب في خمسة حزيران لنا مواقع في البقاع في مواجهة الإسرائيليين فتقدموا الإسرائيليين وصارت معركة بالدبابات ومعارك على طريق بيسموها راشية باتجاه..
أحمد منصور: أي خمسة حزيران في أي سنة؟
أحمد جبريل: في خمسة حزيران 1982 فأسرنا قائد هذه الدبابة حازي شاي لكن أخفينا وما حكينا هالموضوع نهائيا وعملت له إحنا كنا أنا كنت في بيروت..
أحمد منصور: إيه هدفكم من الإخفاء؟
أحمد جبريل: لأنه إحنا فيه عندنا عناصر مفقودة أيضا الإسرائيليين ما اعترفوا فيهم ولم يعترفوا فيهم، طب كيف هذا بدك أنت ما بدك تكون..
أحمد منصور: أنت الآن بتتعامل بعقلية مختلفة عن الآخرين فيما يتعلق بالأسرى.
أحمد جبريل: طبعا إحنا هيك يعني ما هو هذا واجبنا طب تجاه رفاق إلينا مفقودين لا الصليب الأحمر عم يعطينا شيء عنهم كيف أنا بدي أعطيهم؟
أحمد منصور: أنت كنت تدرك أنك لما كنت بتأسر جندي إسرائيلي لم يكن عندكم مجرد جندي وإنما كنت تأسر الحكومة الإسرائيلية عندك؟
أحمد جبريل: يعني أنا بدي ثمن من الإسرائيليين مقابل جنودهم..
أحمد منصور: لأن النقطة هنا هو قيمة الجندي عندهم وقيمة آلاف الجنود عندنا في المقابل.
أحمد جبريل: يعني هو هذا الموضوع هم قوة مدججة بالأسلحة والإمكانات وإلى أخر هالشيء وإحنا لسه..
أحمد منصور: لا أقصد قوة السلاح هنا ولا كذا أنا بأقصد قيمة الإنسان قيمة الفرد، كيف حكومة من الألف إلى الياء تهتم بفرد وآلاف الأفراد من العرب لا قيمة لهم لدى حكوماتهم؟
أحمد جبريل: لذلك إحنا أردنا أن نقول لا إحنا مهتمين في هالمقاتلين من كل الفصائل فلذلك كانت المعركة بيننا وبين الإسرائيليين في عملية تبادل كبيرة.
ضغوط إسرائيلية ودولية بسبب الأسرى
(5/89)
أحمد منصور: ما هي الضغوط اللي مورست عليكم من الإسرائيليين؟
أحمد جبريل: يعني مثلا إلى ابن أخت مراد بوشناق كان قائد قطاع عسكري في..
أحمد منصور: ده في أخر نوفمبر 1983 اختطفوه الإسرائيليين.
أحمد جبريل: فدخل للمناطق المحتلة ولبيروت من أجل عملية كمان أخذ أسرى الكتائب تواطؤوا مع الإسرائيليين وعملوا له كمين..
أحمد منصور: قيل أن الإسرائيليين أرسلوا قوات كوماندوز خصيصا لاختطافه؟
أحمد جبريل: كوماندوز واعتقلوه عارف كيف واتصلوا في..
أحمد منصور: هذا ابن علي بوشناق؟
أحمد جبريل: ابن علي بوشناق عارف كيف واتصلوا بي إلى دمشق بالتليفون عارف كيف وقالوا إحنا ولاد العم مين ولاد العم ما عرفتهم..
أحمد منصور: كلموك أنت مباشرة؟
”
نشطت إسرائيل في ممارسة ضغوط مختلفة على الجبهة الشعبية لتحرير جنودها الأسرى غير أن جبريل نجح في التخلص منها وتمكن في النهاية من المضي في مخططه
”
أحمد جبريل: مباشرة قال مراد عندنا وبصحة جيدة قلت لهم مين أنتوا الكتائب يعني؟ عارف كيف لأنه أنا راح أحمل بيير جميل المسؤولية هالموضوع هذا قال لا إحنا ولاد العم عارف كيف، قلت لهم سمعوني صوته قالوا المرة الجاية وأعطوا موعد حقيقة كان في شريط تسجيل صوته لهالمواضيع، قال أنت بتعرف إلينا مطلب عندك عارف كيف فهذا..
أحمد منصور: عرفت مين كان على الطرف الآخر تحديدا؟
أحمد جبريل: لا عارف كيف، رغم إنه إحنا سجلنا أصواتهم وطلبت من الإخوان في سوريا الأمن إنه يسجلوا ليعرفوا منين الاتصال اللي عم يتم، فاعتقدوا هم إنه يعني أنا ابن أختي وأنا ربيته يعني مثل ابني يعنى هذا الموضوع سيشكل أداة ضغط عليّ حتى والدته إجيت مرة تحكي قلت لها هي أخر مرة واحدة تحكي وبس ما عاد تحكي، صار يضغطوا على شقيقتي إنه أمهات الأسرى وزوجاتهم وأخواتهم يبعتوا لها رسائل إنه والله خلي..
أحمد منصور: أمهات الأسرى الإسرائيليين؟
(5/90)
أحمد جبريل: خلي يعني أبو جهاد يتلين وننهي هالمواضيع والشيء هذا، عذبوه تعذيب شديد للغاية من شان يعرفوا حول مصير حازي شاي فهو ما بيعرف عارف كيف يعني إحنا هالقضايا بنحيطها بنوع من السرية يعني الكاملة وبقينا بهالموضوع هذا..
أحمد منصور: لكن كان كادر عندك عسكري كان ابن أختك كادر عسكري في الجبهة؟
أحمد جبريل: أه كادر كان قائد قطاع في منطقة العمانة فهذا الموضوع يعني أخذ وقت وفترة معينة فأنا جاوبتهم مباشرة..
أحمد منصور: هل كان هناك ضغوط دولية ضغوط على سوريا في هذا الشأن؟
أحمد جبريل: لسه عم بأحيكك، فأنا جوابي للإسرائيليين حتى أنا ما أشعر إن هم..
أحمد منصور: يعني هنا كان فيه علاقة مباشرة الإسرائيليين كان يتصلوا عليك بشكل مباشر؟
أحمد جبريل: مباشر بالتليفونات أنا ما بأعرف فنيا كيف قدروا والإسرائيليين عملوا فيلم على الموضوع هذا..
أحمد منصور: هو الموضوع أحتل حيز كبير اتفضل.
أحمد جبريل: فقلت لهم بدي أنا أذكركم بقصة معينة حول ستالين وابنه في الحرب العالمية، كان عند ستالين ابن مقدم بالجيش أُسِر عند النازيين فبعت له هتلر يقول له أنت في ليننغراد أسرت لي مجموعة جنرالات مقابل ابنك خلينا نعمل، فهو ذهب وقتل الجنرالات ستالين فهتلر راح قتل ابن ستالين معروفة هذه القصة يعني، قلت لهم هذه القصة افهموها مليح مش أنا اللي بيتم الابتزاز فيها يعني بهالموضوع لكن أيضا بدؤوا يتصلوا عن طريق قوى دولية شاوشيسكو وكرايسكي..
أحمد منصور: دخلت النمسا.
أحمد جبريل: عارف كيف ويأتوا لزيارة لسوريا ليقابلوا الرئيس حافظ الأسد ليناقشوا هالموضوع من أجل يعني هذا الموضوع حتى الرئيس حافظ الأسد كان مرة اتصل وقال لي يا أحمد لسه ما تفكر إنه أنا لما هدول الناس يريدوا يشوفوك عارف كيف يعني كرايسكي ولا شاوشيسكو ما تفكر إنه أنا..
أحمد منصور: كل دول كانوا يهود على فكرة.
(5/91)
أحمد جبريل: عم بأقول لك هيك يعني ما تفكر إنه أنا بأضغط عليك يعني أنت حر تصرف يعني بس أما ما بأقدر أنا جايين عندي ضيوف أقول لهم يقولوا بدنا نشوف فلان أقول لهم لا، الحقيقة التقيت مع كرايسكي جلسة طويلة جدا وهو يهودي..
أحمد منصور: باختصار ما الذي دار بينكم؟
أحمد جبريل: يعني تحدثنا عن اليهود وتحدثنا إنه إحنا العرب والمسلمين كيف عاملنا اليهود عبر التاريخ وكيف هم يعاملوننا وكيف يذبحونا ويغتصبوا أرضنا وإلى أخره يعني كل هذا الموضوع يعني أنا أعطيته محاضرة طويلة عريضة قلت له بالنهاية ما بدوا يندفع الثمن اللي إحنا بدنا إياه لن يتم إطلاق سراحهم..
أحمد منصور: متى بحتم بوجود حازي الشاي عندكم؟
أحمد جبريل: بالأخير يعني لما اتفقنا على المبادئ..
أحمد منصور: ما هي المبادئ التي اتفقتم عليها؟
أحمد جبريل: ما هذا هو قلت لك هم بيهمهم بدهم حازي الشاي ما فيه، تعالوا نتفق على مبادئ ولما نتفق على هذه المبادئ وبيتوقع عليها بننتقل إلى مرحلة ثانية..
أحمد منصور: كنت بتدرك أنك بتعض الإصبع عندهم بقوة؟
أحمد جبريل: كيف؟
أحمد منصور: كنت بتدرك في سياسة التفاوض هذه إنها قائمة على عض الإصبع؟
أحمد جبريل: طبعا وإحنا مو سهل أنت عندك أسرى تحميهم يعني وهاي السنوات..
أحمد منصور: ديه نقطة مهمة يعني ألم يكن هناك مجال لقتلهم للتخلص منهم لتحميلكم مسؤولية هذا الأمر؟
أحمد جبريل: مو بس هيك هذا الجيش الإسرائيلي سوبرمان بيعتبر حاله لأول مرة جنوده يأسروا لمدة سنتين وثلاث سنوات يقعدوا بيد أعدائهم دائما كل عملية سريعة جدا وصفقات سريعة، فحاولوا الإسرائيليين بشتى الوسائل يصلوا يقتلوا يختطفوا..
أحمد منصور: كان عندك ليس للسوريين سلطان عليهم؟
أحمد جبريل: لا أبدا.
أحمد منصور: تتحمل المسؤولية كاملة؟
(5/92)
أحمد جبريل: أبدا تماما، فقط جمعنا ضابط زميل إلي قائد الاستطلاع بحازي الشاي من شان يفهموا منه هو كونه احتياطي في الدبابات يعني نظام الاحتياطي وكذا وإلى أخره بعض المعلومات أما لم يتدخلوا السوريين لا من قريب ولا من بعيد في هالمواضيع..
أحمد منصور: كيف حققتم معهم وأخدتوا منهم معلومات؟
أحمد جبريل: حققنا فيه عندنا ناس باللغة العبرية ولكن عاملناهم معاملة حسنة وهؤلاء الثلاثة هلا هم مع حركة السلام الآن في الكيان الصهيوني وبيطلعوا في مظاهرات ومسكوا وقت ما أطلق سراحهم في المطار قالوا إحنا أصبحنا مقتنعين إنه الشعب الفلسطيني شعب مظلوم ويجب إنه والله أن يعطى حقوقه وأرضه.
أحمد منصور: الرئيس النمساوي كرايسكي عين هيربرت إمري سفير النمسا في أثينا كمفاوض في الموضوع.
أحمد جبريل: هذا مدير مكتبه.
المفاوضات والوساطة النمساوية لإطلاق الأسرى
أحمد منصور: ما هي الأسس التي وضعتم عليها التفاوض؟
أحمد جبريل: هذا هو كان الواسطة يعني فمثل ما حكيت إنه قولنا لهم إحنا نتفق في الأول على المبادئ..
أحمد منصور: ما هي المبادئ؟
”
استمرت المفاوضات عن طريق الوسيط مع الجانب الإسرائيلي تسعة شهور على المبدأ الأول فقط من الصفقة والذي ينص على عدم أحقية إسرائيل للتدخل في تحديد هوية من يختارون لتحريرهم من الأسر
”
أحمد جبريل: المبدأ الأول أننا نحن الذين نختار من نريد ولا يحق للإسرائيليين أن يملوا علينا اسم أو يحذفوا اسم ولا يحق لهم الفيتو على أي اسم مناضل من أجل قضية فلسطين ما عدا يهودي الديانة أما أي واحد عمل لقضية فلسطين سواء فلسطيني أو غير فلسطيني عارف كيف..
أحمد منصور: يعني هنا من البداية أنتم حددتم من الذي يتم تبادله وليس الإسرائيليين يفرجوا عن مَن يريدون؟
أحمد جبريل: عم أقول لك نحن الذين.. هذا المبدأ بتستغرب إذا بأقول لك تسعة أشهر..
أحمد منصور: تتفاوضوا على هذا.
(5/93)
أحمد جبريل: على هذا المبدأ، خلصنا هذا المبدأ..
أحمد منصور: يعني اسمح لي بالمصري كده يعني كان قلبك ميت في التفاوض يعني ما يهمك يرفضوا أو ما يرفضوش؟
أحمد جبريل: لا طبعا يعني أنا..
أحمد منصور: كنت تدرك أن الخسارة لهم؟
أحمد جبريل: أنا بأعرف بالنهاية بدهم يرضخوا يعني يرضخوا لهذا الموضوع أما همّ يمكن قاموا بمحاولات إلي ولغيري من هالكوادر وهالشيء نجحوا مع مراد مثل ما حكيت لك في هالشيء..
أحمد منصور: يعني هم أيضا سعوا في خطف كوادر من عندكم؟
أحمد جبريل: هم بيقولوا إن إحنا أُجبِرنا بالنهاية على قبول هذه الصفقة لأنه حاولنا كل الوسائل فشلنا..
أحمد منصور: صموئيل كاتز في كتابه ناقل رواية المخابرات الإسرائيلية بالكامل وأنا لذلك أريد آخذ الرواية الأخرى منك، هذا هو المبدأ الأول أنكم تحددوا من الذي يتم الإفراج عنه، ثانيا وتسع أشهر تتفاوضوا على هذا؟
أحمد جبريل: بس خلصنا هذا المبدأ كتبناه فبيتم التوقيع عليه والنمساويين كرايسكي والصليب الأحمر وإحنا طبعا كان رابين وزير الدفاع وشامير وزير الخارجية وبيريز رئيس وزارة يعني حكومة وطنية..
أحمد منصور: حكومة وحدة وطنية.
أحمد جبريل: وشارون وزير نقل أو زراعة عارف كيف يعني، فلابد إنه من عملية توقيع فالدكتور إمري راح جاب لي توقيع على هذا ورابين موقع عليه وقال لي يالا وقع أنت قلت له أنا ما بأوقع على وثيقة موقع عليها عدوي عارف كيف وحتى بتستغرب إذ بيقول لك هذه الوثائق إحنا رفضنا أن نقول أن الحكومة الإسرائيلية أو إسرائيل الطرف الآخر عارف كيف يعني بهالموضوع والآن فيه وثائق موقعة من قِبَّلنا لحالهم ومن قِبَّلهم لحالهم لكن موجودين عند النمساويين..
أحمد منصور: شفت صور لها منشورة.
أحمد جبريل: وعند الصليب الأحمر، انتقلنا للمبدأ الثاني عارف كيف إنه هذا الأسير يحق له عندما يطلق سراحه أن يختار المكان الذي يريد أن يذهب إليه وهذا الفلسطيني..
(5/94)
أحمد منصور: حتى لا يُنفى.
أحمد جبريل: وهذا الفلسطيني الذي يطلق سراحه في الداخل لا يُطارَّد ولا يُعتقَّل ولا يُحاسَّب عن التهم الماضية عارف كيف وأغلبهم كلهم قاتلين عشرات من الإسرائيليين..
أحمد منصور: أنا عايز أقف هنا واضح إن هنا ربما للمرة الأولى في التفاوض مع الإسرائيليين طرف هو الذي يضع الشروط، دائما الإسرائيليين هم اللي بيضعوا الشروط والطرف العربي يساوم عليها، الآن أنتم كنتم بتضعوا الشروط والإسرائيليين هم الذين يساومون عليها.
أحمد جبريل: بالنهاية لابد إنه يوقعوا بهالموضوع لحتى خلصنا المبادئ الأساسية..
أحمد منصور: دول أهم مبدأين فيهم؟
أحمد جبريل: لا وفيه مبدأ مثلا إنه والله موضوع الناس اللي بدها تبقى في داخل الأرض المحتلة كما قلت إنه لا تُلاحَّق بنفس هذه التهمة تماما ويكون هناك ضمان دولي لعدم اعتقاله يعني مرة أخرى..
أحمد منصور: المفاوضات كانت بتوصل لطريق مسدود أكيد كثيرا؟
أحمد جبريل: كانت بتتوقف كثير وبتتعثر من هالمواضيع..
أحمد منصور: وكيف كان الانفراج يتم بعد ذلك؟
أحمد جبريل: الإسرائيلي يرضخ ما نشوفهم إلا يتحركشوا بجهات دولية ويجوا لعندنا يعني بهالاتجاه هذا.
أحمد منصور: قضيتم عدة سنوات في التفاوض أكثر من سنتين؟
أحمد جبريل: سنتين ونصف تقريبا بعدين اللي حصل خلصنا المبادئ..
أحمد منصور: ألم يجبروكم على القبول بأي شيء؟
أحمد جبريل: لا إحنا..
أحمد منصور: إنتوا اللي كنتم تضعوا الشروط؟
أحمد جبريل: طبعا نعم نحن اللي وضعنا الشروط، فلما حطينا إحنا هذه المبادئ الأساسية قالوا لنا تفضلوا أعطونا الأسماء قلنا لهم لا بدنا نتفق على العدد الأول، قال العدد والأسماء قلنا له لا العدد..
أحمد منصور: العدد بشكل عام؟
(5/95)
أحمد جبريل: العد يعني شو اللي بدكم إياه قلنا لهم نحن نريد ألف ومائتين معتقل أو أسير، إطلاق سراحهم بتستغرب إذا بأقول لك عندما طرحوا عشرة مقابل الجنود تبعهم عشر أشخاص وهذا العشر أشخاص بعدين صاروا عشرين وبعدين صاروا أربعين هذا اليهودي تاريخي عارف كيف لا يعطيك نقيرا عارف كيف..
أحمد منصور: بس التفاوض مع اليهود واضح إنه عايز نفس وعقلية ونفسية..
أحمد جبريل: طبعا وأعصاب بدك يعني ظلينا نرتفع نرتفع ووصلنا إلى ستمائة، قالوا هذا أخر حد ما عندنا أكثر من هيك..
أحمد منصور: كعدد بدون تحديد أسماء ولا أي شيء؟
أحمد جبريل: وتوقفت ست سبع شهور عدد لساته عدد ما فيه أسماء عارف كيف فستة أشهر توقفنا توقفت هالموضوع..
أحمد منصور: وأنتم واقفين عند الألف ومائتين؟
أحمد جبريل: إحنا مع الألف ومائتين هم نهائي ستمائة أخر، حتى أذكر جيدا إنه التقيت باليمن الديمقراطي أثناء زيارة كان علي ناصر رئيس اليمن وكان بالمقابلة أذكر الدكتور جورج الله يعطيه الصحة قال لي يا أبو جهاد شو اللي صار؟ يعني وين صرتوا قلت له والله هيك هيك والعدد ستمائة قال لي ماذا تنتظر؟ هذه صفقة العمر قلت لا لسه نطول الموضوع عارف كيف وصلنا نحن تنازلنا فقط عن خمسين من ألف ومائتين بالنهاية وصلنا ألف ومائة وخمسين..
أحمد منصور: في النهاية رضخ الإسرائيليين لطلبكم إلى ألف مائة وخمسين وكان الألف مائة وخمسين بدون تحديد أسماء؟
أحمد جبريل: بدون تحديد أسماء.
أحمد منصور: كيف حددتم الأسماء واسمح لي أسمع الإجابة بعد فاصل قصير نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذه الشهادة فأبقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
تحديد الأسرى العرب الذين سيطلق سراحهم
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نتابع فيها شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على العصر، كيف حددتم أسماء الأسرى الفلسطينيين؟
”
(5/96)
طالبنا مختلف المنظمات الفلسطينية بتحديد أسماء معتقليهم ذوي الأحكام العالية وترتيبها من حيث الأولوية للمطالبة بإخراجهم في الصفقة
”
أحمد جبريل: أولا نحن طلبنا من الصليب الأحمر الدولي كما قلت سابقا أن يزور كل هؤلاء المعتقلين، أن يحضر منهم رسائل، أن يحدث لهم فحص طبي كامل، أن ترسل لهم موادهم تموينية يعني كل هالأشياء هاي لكن كان مو سهل عملية اختيار الأسماء، فشكلنا لجنة في داخل الجبهة اتصلت في المنظمات جميعها بما فيها حركة فتح اللي كنا مختلفين معهم، فقلنا لهم رجاء اكتبوا لنا أسماء الأشخاص الذين تريدون أن يُطلَّق سراحهم بس بدكم تختاروا رقم واحد يعني رقم واحد رقم اثنين اثنين يعني إذا بدنا نختار من منظمة نختار منها من فوق..
أحمد منصور: يعني أولويات؟
أحمد جبريل: أولويات فقدموا لنا كل المنظمات يعني أسماء الناس هاي اللي بيخصوها حسب موضوع الترقيم يعني..
أحمد منصور: كان عددهم كم في النهاية الجميع عدة آلاف يعني؟
أحمد جبريل: لا هو ما فيه هو كان اللي موجود بأحكام كبيرة هو ألفين واحد ألفين وخمسمائة، فضيت السجون لما إحنا عملنا هذه الصفقة إحنا حطينا مبادئ معينة..
أحمد منصور: ما هي؟
أحمد جبريل: إنه لا يمكن..
أحمد منصور: يعني ديه مواصفات للأسير اللي يتم الإفراج عنه؟
أحمد جبريل: أولا يجب أن نفرج عن النساء جميعها، عارف كيف ولو حتى بقي لهذه المرأة في سجون العدو أشهر بدنا نحررها وهذا يعني من ألف ومائة وخمسين واحد يعني عم بناخد مقعد لأنه كنا نرى أن هذا شرفنا..
أحمد منصور: الأولوية للنساء؟
أحمد جبريل: إنه والله للنساء..
أحمد منصور: ثانيا؟
(5/97)
أحمد جبريل: المرضى، عارف كيف الأحكام الطويلة المؤبدة، عمر هذا المعتقل يعني الأسير إنه والله عمره قد إيش بهالموضوع، ألا يكون قد خرج على أجهزة الإعلام الإسرائيلية وشتم وسب على الثورة وعلى تنظيمه وإلى أخر الشيء هذا، ألا يكون قد تساقط في داخل السجن لأنه بيتم تساقط في داخل السجن أمني أو أخلاقي..
أحمد منصور: العمالة وغيرها.
أحمد جبريل: أمني أو أخلاقي في هالمواضيع فعملنا إحنا..
أحمد منصور: ومين اللي هيطبق لكم المواصفات ديه؟
أحمد جبريل: إحنا ما هو..
أحمد منصور: لجانكم في الداخل؟
أحمد جبريل: رفاقنا بداخل السجون جوة..
أحمد منصور: كيف كان يتم الاتصال طيب؟
أحمد جبريل: هو هذا اللي أجبرناه الإسرائيليين يحق لنا أن نفتح قناة مع..
أحمد منصور: وكان حافظ دلقاموني هو الذي له هذا الدور؟
أحمد جبريل: حافظ من اللجنة.
أحمد منصور: من اللجنة؟
أحمد جبريل: من اللجنة، اللجنة كانت مشكلة من سبع ثمان رفاق، فحطينا إحنا ألف ومائة وخمسين واحد يعني..
أحمد منصور: حددتم الأسماء.
أحمد جبريل: حددنا مين الأسماء..
أحمد منصور: طبعا كان من بينهم من الشخصيات المعروفة جبريل الرجوب الشيخ أحمد ياسين؟
أحمد جبريل: وهشام عبد الرازق ووزير عند عرفات فيه كذا وزير..
أحمد منصور: أنا عندي هنا 41 اسم كلهم من عرب 1948 يعني ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية؟
أحمد جبريل: هو هذا حولهم أسرى صار مشكلة..
أحمد منصور: 99 سنة أحكام، كام واحد 99 سنة يعني كلهم أحكام كبيرة تقريبا من الناصرة من عكا.. نعم.
أحمد جبريل: إسرائيل بيقول لك هذا جنسيته إسرائيلية إنت ما بيحق لك، لذلك ففي المبدأ الأول قلنا له يحق لنا ماعدا اليهودي الديانة اليهودية اليهودي المتدين في اليهودية، فلذلك لم إجيوا بدهم يقولوا هادول من عرب فلسطين هادول إسرائيليين قلنا له لكرايسكي شفت كيف أخلّوا في المبدأ توقفنا..
(5/98)
أحمد منصور: يعني أنت حطيت شروط عامة تخدمك عندما تطلب الإفراج عن ما تريد بعد ذلك؟
أحمد جبريل: اللي بدينا إياه.
أحمد منصور: ولذلك طلبتم أيضا الإفراج عن كوزو أوتوموتو؟
أحمد جبريل: كوتوموتو هذا الياباني عارف كيف..
أحمد منصور: هذا اللي قاد عملية مطار اللد سنة 1972.
أحمد جبريل: يعني بطل من الأبطال وبقي خلال كل هذه السنوات في زنزانة فردية وإيديه مكتفة للخلف ويأكل مثل الكلب في كل هالسنين هاي بكاملها ولما بده يطلب منه الحارس إنه يعوي تعوية يعني عواء الكلاب عارف كيف، حتى لما خرج كان بوضعية نفسية يعني صعبة للغاية فحطينا الألف ومائة وخمسين اسم في هالمواضيع فوجئنا من العدو الإسرائيلي مع إنه إحنا موافقين على مبادئ وعلى هالشيء هذا قالوا أخي فيه خمسين واحد ما بدنا نطلعهم..
أحمد منصور: من الألف مائة وخمسين؟
أحمد جبريل: نقوا غيرهم عارف كيف..
أحمد منصور: حددوا لكم الأسماء؟
أحمد جبريل: حددوا لنا الأسماء..
أحمد منصور: من بينهم كان مين؟
أحمد جبريل: أسماء يعني عم بحكي لك إنه..
أحمد منصور: بعموم يعني؟
أحمد جبريل: هذا الموضوع بالنهاية وصلنا فيه للـ(Compromise) ثلثين بنحطهم والثلاث بينشالوا وينحط غيرهم..
أحمد منصور: كان إيه أسباب رفض إسرائيل الإفراج عنهم؟
أحمد جبريل: يعني بدهم يقولوا الإسرائيليين على الأقل يا أخي قدرنا نحقق مطلب..
أحمد منصور: لأن كانت الصحافة الإسرائيلية وقتها يعني..
أحمد جبريل: عم بأقول لك يعني كرايسكي وإمري بيقول يا أخي بس أعطوهم شغلة ليقولوا والله إعلاميا لا إحنا اخترنا أو كذا يعني بدهم من شان عينة يقولوا لا إحنا اخترنا من نريد أو رفضنا ما أُملِي علينا بس من حيث الشكل أما الجوهر لا..
أحمد منصور: من الألف مائة وخمسين كان كم عدد أعضاء الجبهة الشعبية؟
أحمد جبريل: كان عندنا بحدود مائتين مائتين وخمسين واحد..
أحمد منصور: فقط والباقي من كل التنظيمات؟
(5/99)
أحمد جبريل: من باقي التنظيمات، فيه منهم ناس ما كانت أحكامهم كبيرة مثل الشيخ أحمد ياسين ولكن فيه إخوان اتجاهات إسلامية من المنظمات عارف كيف من فتح وغير فتح لكن في داخل السجن بدؤوا أخذوا اتجاه وعملوا حالة إسلامية، هالحالة الإسلامية بالإضافة إلى الشيخ أحمد ياسين إخوان مسلمين وحماس ما كانت موجودة إحنا كانت تصلنا تقارير وإحنا كنا نفتش عن الإسلاميين الإسلام يعني كفكر وعقيدة ما كان في داخل الصراع مع إسرائيل في هالموضوع هذا فهؤلاء الناس..
أحمد منصور: حتى في هذه المرحلة ماكنش ظاهر.
أحمد جبريل: عم بأقول لك هؤلاء الناس أيضا حطيناهم رغم إنه أحكامهم بسيطة إنه بدهم يطلعوا لإنه كان يعني عندنا عشم إنه بخروجهم هادول سيكون في المستقبل لهم دور في هذا الشأن، لذلك ما خلينا واحد من الإسلاميين كل واحد باتجاه إسلامي داخل السجن عفيناه إلا إذا كان سقط أو متساقط أو إلى أخره.
أحمد منصور: صموئيل كاتز يقول أنك أصريت على أمهات الأسرى الإسرائيليين أن يذهبوا إلى يازور وإلى بيتك ويتم تصويرهم هناك، يعني مارست عمليات من الإذلال أو إغضاب الإسرائيليين أو يعني ابتزازهم واستفزازهم في عملية التبادل.
أحمد جبريل: مو ابتزازهم هي قصة معنوية أنا لما ببيتي يازور بيتي لساته موجود بيازور، لما بيأخذهم دكتور إمري عائلتهم فيه صورة جابها إمري عارف كيف في يازور ليفهموا أن الناس هادول إحنا ساكنين في بيوتهم وأراضيهم وهاي هم مطرودين صار لهم عشرات السنين ولازم يفهموا هذه القصة..
تنفيذ عملية تبادل الأسرى
أحمد منصور: كيف تمت عملية التنفيذ؟
أحمد جبريل: هو حدثت قبل يومين ثلاثة، أولا طلبنا أن تبقى سرية العملية وأن يعني لا تُعلن فيها وطبعا دخلنا الصليب الأحمر ورئيس الصليب الأحمر حكى لي عن الصفقة اللي تمت في طرابلس مع أبو عمار وحكى لي شغلة محزنة يعني يوميتها بس عبارة عن ستين واحد من الداخل والباقي من أنصار هالستين واحد..
(5/100)
أحمد منصور: مقابل ست جنود أنت في ثلاثة فقط عملت الصفقة الضخمة ديه.
أحمد جبريل: فبيقول لي رئيس الصليب الأحمر أنا كنت في مطار اللد عارف كيف، فالإسرائيليين حتى من الستين نزلوا شاب هلا بيجوز أتذكر اسمه عمل عملية في طبريا ومعه جنسية أميركية وبعدين راح على أميركا أميركا سلمته للإسرائيليين وحكموه مؤبد إنه هذا وهو طالع على الطيارة نزلوه الإسرائيليين، نزلوه من الطائرة بيقول لي تبع الصليب الأحمر اتصلت أنا بطرابلس وحكيت مع الشهيد خليل الوزير هو اللي كان يتقابل قلت له هذا فلان الفلاني نزلوه من الطائرة الإسرائيليين ماذا أفعل؟ قال له أعطيني فرصة ربع ساعة، بعد ربع ساعة اتصل فيه قالوا (Go ahead) عارف كيف يعني..
أحمد منصور: بناقص يعني، أنتم صحيح كانوا فرضوا عليكم إن أوتوموتو لا يفرجوا عنه؟
”
عرضت إسرائيل على الجبهة إخراج 200 أسير فلسطيني مقابل الإبقاء على المناضل الياباني كوزو أوتوموتو. غير أن جبريل أصر على إخراج الياباني بل وأن يكون في طليعة المفرج عنهم
”
أحمد جبريل: هلا عم بأحكي لك، هذا الشاب إذا بتسعفني الذاكرة هلا موجود برام الله أخرجناه مع الصفقة، قبل يومين أو ثلاثة أيام الدكتور إمري إجيه على دمشق وقال بده يشوفك اجتمعت أنا وإحنا مشكلين لجنة الرفيق عمر الشهابي والحلبي وأنا فقال أنا جايب لكم بشرى سارة أنا كنت في تل أبيب وهلا إجيت من تل أبيب قبرص وأنا جاي قلنا له خير إن شاء الله قال لي اليهود مستعدين يعطوكم مائتين شاب جديد قلت له ليس هذا من عادة اليهود عارف كيف منين جايبين هذا..
أحمد منصور: الكرم طلع مرة واحدة.
(5/101)
أحمد جبريل: قلت له خير احكي لي شو اللي بدهم إياه قال هدول بدل كوزو أوتوموتو اشطبوا كوزو أوتوموتو وقال أنا تعبان أنا طالع من فيينا إلى تل أبيب لقبرص دمشق بدي أروح على الفندق وإنتوا اجتمعوا وناقشوا هذا الموضوع وبكرة صباحا نلتقي، فقلت له سيد إمري أقعد لا تقول إنه والله أحمد جبريل هذا قرار فردي من عنده، القرار الفردي لما بيبقى خارج عن الأخلاق والقيم بيبقى هذا قرار فردي، أنا عندي ولاد جهاد وخالد عمرهم 16 سنة هادول إذا روحت على البيت قالوا لي أنت من حق قايضت كوزو أوتوموتو بمائتين شاب يطلعوا من السجون؟ أنا ماذا أقول لأولادي أخلاقيا طيب هذا كوزو أوتوموتو اللي إجيه من اليابان لحتى يقاتل في فلسطين ومطار اللد، لما يعرف إنه إحنا تركناه بعملية مقايضة شو مشاعره؟ إخوانه شو مشاعرهم؟ بلغ الإسرائيليين لذلك ما فيه لزوم تستريح في الفندق أنا برأيي تروح تستريح عندهم اركب طيارتك الخاصة وقول لهم هذا مرفوض رفض كامل وكوزو أوتوموتو بده يطلع أول واحد على الطائرة أنا بدي أشوفه في الكاميرا التليفزيونية اللي عم بتصور عارف كيف بده يطلع على الطائرة وعلى سلم الطائرة بيعمل إشارة الانتصار..
أحمد منصور: أنت ألم تكن تراهن بالباقين جميعا بهذا الإصرار والعناد؟
أحمد جبريل: يعني إحنا كيف إحنا بدنا نوصل إلى ما نريد..
أحمد منصور: كنت تدرك أن الإسرائيليين سيرضخوا في النهاية، كنت تدرك أنهم سيرضخوا أم يمكن أيضا أن يعاندوا وتفشل الصفقة؟
(5/102)
أحمد جبريل: ليش ما يرضوا يرضخوا بالنهاية هذا كيان إسرائيلي وهذا جيش السوبرمان وجنديه صاروا له سنتين وأكثر سنتين ونصف معتقل وبيعملوا مقابلات صحفية بيسبوا على حكومتهم وإنه أنتم تركتونا وأنتم هيك وهيك هذا الموضوع، فأنا كنت أعتقد أن هذا الموضوع سيرضخوا بالنهاية لمطالبنا، طلعنا اللبنانيين السوريين الأردنيين ما خلينا أحد حتى اللبنانيين من حزب الله من الحزب الشيوعي القومي السوري البعث كل هدول اللي يشتغلوا بالمقاومة فيه منهم هلا نواب في البرلمان اللبناني وفيه وزراء عند عرفات موجودين، فيه من القيادات الفلسطينية في حركة حماس المسكين هذا الشهيد شحادة..
أحمد منصور: صلاح شحادة.
أحمد جبريل: صلاح شحادة هذا كان من ضمن اللي أُطلِق سراحهم عارف كيف، بالجهاد الإسلامي مجموعات منهم اللي فيما بعد صاروا جهاد إسلامي شكلوا تنظيم الجهاد الإسلامي، يعني كانوا من خيرة الموجودين في داخل السجون، كنا نقابل مرات مشكلة بين أن نجد أخين مع بعضهم البعض، فكنا نختار الأخ الأكبر في العمر والأخ الأصغر بنستثنيه يعني ما نمسك من عائلة واحدة أخين يطلعوا مع بعضهم من شان نعطي فرصة لآخرين، على كل حال كما حكيت إنه الشيخ أحمد ياسين لما التقيت فيه قال لي إحنا لم نر..
أحمد منصور: بعد ما خرج في المرة الثانية.
أحمد جبريل: هذا بعد ما خرج إيجه على دمشق قال لي بأحب أخبرك إن إحنا لم نشعر في عيد في فلسطين منذ 1948 إلا في هذا اليوم، كيف إجينا بالسيارات معززين مكرمين كل واحد على مخيمه وإحنا..
أحمد منصور: فيه تفصيلات دقيقة لعملية التبادل كانت واضح إنها كانت ساعات توتر عالية في مطار جنيف، في داخل فلسطين أيضا في دمشق للمجموعات التي جاءت وفي لبنان؟
(5/103)
أحمد جبريل: فيه عندنا عن طريق الجولان وفيه جنيف وفيه للناصرة وفيه للضفة الغربية لقطاع غزة شوف عملية معقدة مش عملية بسيطة جدا وكيف مراقبة هذا الموضوع، فرضنا على الإسرائيليين نفس الرسائل وتُقرأ على المعتقلين والأسرى لنخيرهم هل تريد أن تخرج أم لا تريد أن تخرج والإسرائيلي ما بيبقى واقف عارف كيف في هذا الموضوع، تصور إنه شكلنا لجان في السجون الإسرائيلية والمعتقلات وأصبح الإسرائيليين لا يستطيعوا أن يتدخلوا بهذه اللجان بعملها الإسرائيليين يريدوا يدخلوا على الزنازين أو على العنابر السجناء ويختاروا ويعملوا إلى أخره..
أحمد منصور: طب قول لي يعني بخلاصة وأنت لست دولة يعني أنت في النهاية قائد تنظيم فلسطيني استطعت أن تحقق هذه الصفقة التاريخية التي يعني أطلق عليها بعض الصحفيين الإسرائيليين صفقة العار بالنسبة لهم في مقابل يعني هذا العدد الضخم المحكومين بالمائة عام و99 عام ومؤبدات ومن كل الأوضاع ألف مائة وخمسين شخص مقابل ثلاثة جنود فقط، في الخلاصة ما هي الأشياء التي تؤكدها من خلال هذه العمليات لمسيرة الصراع التي لم تنته؟
أحمد جبريل: معنى ذلك إنه هذا العدو إذا شعرك إنه أنت لديك الإصرار والإيمان هو سيرضخ لك، أما إذا شعرك إنه أنت قابل للمساومة وعلى كل شيء ممكن تساوم هو راح يساومك وبالنهاية لن تصل إلى شيء.
استهداف إسرائيل لأحمد جبريل وخطف الطائرة الليبية
(5/104)
أحمد منصور: إسرائيل قررت أن تنتقم منك من جراء ما فعلته وكنت أنت في ليبيا في مؤتمر جرت محاولات كثيرة لكن أنا سأقف عند محاولة أو محاولتين، في أربعة شباط/ فبراير 1986 كانت ليبيا تستضيف مؤتمر كبير للمنظمات الثورية في العالم من أجل تكثيف ما يسمى بالكفاح المسلح ضد الصهيونية والإمبريالية الأميركية، كنت أنت بين الحضور وجرت عملية اختطاف بطائرة (Gulf stream) الليبية كان من المفترض أن تكون أنت راكبا فيها متجه من طرابلس إلى دمشق طرابلس الغرب من ليبيا إلى دمشق، في النهاية بعد ما اختطفوا الطائرة اكتشفوا أن الموجودين فيها قيادات بعثية سورية كان من بينهم عبد الله الأحمر، هم رووا رواية ذكرت بالتفصيل في ملفات المخابرات، رويت في أكثر من مكان لكن أيضا ذكرها صموئيل كاتز، روايتك أنت أية لما حدث ربما تصحح بعض الملفات لدى الموساد يعني؟
”
اختطفت إسرائيل طائرة Gulf stream الليبية ظنا منها أن أحمد جبريل على متنها غير أنها فوجئت بعدم وجوده فأصيبت بخيبة أمل كبيرة
”
(5/105)
أحمد جبريل: بصراحة أنا ما كان إلي علاقة إلا مع الإخوان في ليبيا وفي سوريا يعني ما لنا علاقات مع الدول العربية الأخرى ثم بعد ذلك صار الجمهورية الإسلامية، تحركي إلى ليبيا كنت دائما أتحرك بشكل مستمر بناء على طلبنا بناء لطلبهم إلى أخره في هالشيء، فكانوا الأخوة في ليبيا يعني يعرفون الخطورة التي يعني تحيط فيها بهالموضوع، فكانوا يطلبوا إنه أنا ما أتحرك في الطائرات العادية أي المدنية لأنه بينكشف أنت طالع بطائرة إنه هاديك عميل لهم في المطار فصاروا لما أنا بدهم إياني، يبعتوا (Gulf stream) وتأتي لدمشق وتحمل حالها بتتوقف على جنب المطار أطلع فيها، حقيقة هذه الطائرة لما رحت على هذا المؤتمر للقوى الثورية إجت الطائرة ورحت فيها إلى طرابلس، كان المؤتمر في نهاية المؤتمر ألقى العقيد معمر كلمة في الحركات الثورية العربية، بعدين والله عدد كبير يعني وفيه صحافة وإلى أخره هو طالع سلم هيك سلم مرة عليّ قال لي شو أحمد بدك تمشي اليوم قلت له إيه والله ماشي عارف كيف، لما وصلت على الفندق اتصل فيه الرفيق عبد الله الأحمر الأمين العام المساعد قال لي أبو جهاد إنه فيه سمعنا إنه فيه طائرة خاصة إذا ما طلعنا معك بنتأخر يومين على الطائرة السورية، أما فيه معي أنا وعضو القيادة القومية اسمه فوزي الراوي ومعنا مرافق قلت له ولا يهمك، بعدها اتصل عمر حرب الاتحاد الاشتراكي عارف كيف هو لبناني ورياض رعد معاون الأستاذ وليد جنبلاط هي الطائرة بتسع لـ19..
أحمد منصور: 12 شخص.
أحمد جبريل: يعني لعشر أشخاص أنا معي مرافقين يعني اثنين بس وصلت على الفندق قلت أنا كيف يعني غلطت أمنيا أمام الناس واليوم ما فيه طائرة رايحة لدمشق هذا غلط يعني أمني بهالمواضيع إجاني هيك إحساس في داخلي..
أحمد منصور: مفيش طائرة عامة فالمفروض الطائرة الخاصة اللي رايحة.
أحمد جبريل: ما معناه طائرة خاصة بهالشيء.
أحمد منصور: وصحفيين واقفين.
(5/106)
أحمد جبريل: فقلت لهم للشباب اللي معي مرافقة يالا جهزوا إحنا بدنا نطلع وقلت له الأستاذ عبد الله الأحمر وباقي الإخوان يالا إسبقوني على المطار وطلعنا من الفندق عادي أبدا بشناطينا بس ما رحت أنا على المطار رحت عند اللواء أبو بكر يونس، يعني فهو أعتقد إن أنا جاي أسلم عليه من شان أودعه يعني، قال لي شو قلت له والله صار هيك معنا العقيد هيك وهذا غلط أمني وأنا قررت ما أروح، قال لي ولا يهمك أقعد استريح لك أسبوع زمان واتصل بمدير مكتبه خذوا له شاليه على البحر إلى أن.. يعني ليستريح فيها بس قلت له أرجوك اتصل بالمطار يعني عبد الله الأحمر أمين عام مساعد وأعضاء القيادة القومية فوزي الراوي ولبنانيين خلي تمشي الطائرة تبعي اللي هي جابتني، أرجوك يعني اتصل قال لهم امشوا أستاذ عبد الله يا أخي وقفوا لما يجي أبو جهاد عارف كيف ومشيوا، أنا عند اللواء أبو بكر يونس اتصل العقيد معمر باللواء أبو بكر، حكى معه قالوا شو عم تعمل قال له والله عندي أبو جهاد أحمد قال له شو ما سافر يعني قال له لا والله قرر ما يسافر، قال له طب تعالى عندي، عارف كيف رحنا إلى عنده واتصلوا بأذكر بصبري البنا كمان جابه لأنه كانوا مشاركين في المؤتمر..
أحمد منصور: أبو نضال.
أحمد جبريل: أبو نضال وقعدنا عنده بالخيمة وبده يعمل أكل لحمة يعني، بعد شوية ولا إجيه مدير مكتبه جاب له قصاصة ورق قرأها هيك وتفرج فيه قال لي شو يعني قصتك أنت شو؟ قلت له شو فيه أية قال لي الطائرة اللي كان بدك تطلع فيها فوق قبرص اختطفت من أربع طائرات إسرائيلية وخذوها قُطِع الاتصال فيها بس أعطانا هذه الرسالة عارف كيف، قلت له والله اللي صار معي هيك حس أمني داخلي يعني وما حكيته لحد ولا حتى للمرافقين..
أحمد منصور: شعورك كان إيه وقتها؟
(5/107)
أحمد جبريل: شعوري إنه هذا غلط يعني وهيك إلهام رباني يعني إلهام رباني في هالمواضيع، هاي طبعا الإسرائيليين بروايتهم بيقولوا إنه الـ(KGB) في قبرص كشفوا هذا الموضوع وهم أخبروني، أنا لا إلي علاقة بالـ(KGB) ولا كل هالمواضيع هاي، شارون..
أحمد منصور: تشك في من الذي أبلغ اللي الإسرائيليين؟
أحمد جبريل: بيجوز من الصحفيين اللي سمعوا الكلام يعني..
أحمد منصور: أنت تكلمت في حضور الكل يعني؟
أحمد جبريل: ما هو مر عليّ سلم عليّ قال لي شو أحمد ماشي اليوم؟ قلت له إيه إن شاء الله اليوم ماشي عارف كيف وما فيه طائرة بتروح معناه هذه الطائرة ويظهر إنه عندهم معلومات إنه أنا عم بستعمل هالطائرة (Gulf stream) طبعا بعدين..
أحمد منصور: الإسرائيليين شعروا بنكبة كبيرة حينما نزلت الطائرة ولم يجدوك فيها؟
أحمد جبريل: هذه الرواية كتبتها الجرائد الإسرائيلية إنه شارون كان يوم سبت أتصور يعني الإسرائيليين بيعطلوا السبت بتعرف يعني شارون قال لأبنه هذا عومري هذا عارف كيف، قال له اطلع معي، قال له لوين؟ قال له ما راح أحكي لك أطلع معي، إجوا إلى مطار جنب حيفا ظلوا واقفين لحتى نزلت الطائرة قال له هلا راح أوريك أحمد جبريل هذا كيف إحنا وقوة إسرائيل كيف بنجيبه هوه، بيطلق سراح الناس والأسرى هاي جبناه هو بدل عنهم، الأستاذ عبد الله الأحمر ورياض رعد وفوزي الراوي حكوا لي بعدين..
أحمد منصور: ماذا حكوا لك باختصار؟
(5/108)
أحمد جبريل: قالوا لي نزلنا ووقفونا الطائرات ظلت مرافقة لهم لحتى نزلتهم وقفوهم في مكان بعيد مصفحات حاصروا الطائرة من بعيد وبالميكرفون أنزل، أول ما نزلت أنا أول واحد، نزلوني على الأرض وزحفوني يعني وعارف كيف وأخذوني على جنب، قالوا لي مين في الطائرة قلت لهم فلان وفلان، قال أنت عم تكذب وينه أحمد جبريل؟ نزلوا الثاني الثالث رياض رعد اشتبهوا فيه لأنه يمكن فيه شبه بسيط قالوا هذا هوه عارف كيف قال لهم يا أخي أنا رياض رعد من الحزب التقدمي أنا كذا إلى أخره حطوهم 15 ساعة وأطلقوا سراحهم وكانت خيبة أمل للمخابرات الإسرائيلية لعملية فضيحة مثل هذه الفضيحة..
أحمد منصور: طبعا كانوا هيقولوا لك أنت يا بطل اللي مطلع الألف مائة وخمسين شوف مين اللي هيطلعك؟
أحمد جبريل: لا كانوا مقررين حقيقية حسب الجرائد الإسرائيلية إنه محضرين طائرة هليكوبتر وشبكة يحطوني في هالشبكة ويمرروها فوق تل أبيب وفوق..
أحمد منصور: يفرجوا كل الناس عليك يعني.
أحمد جبريل: عارف كيف لكن رب العالمين هو اللي أفشل هذا الموضوع.
أحمد منصور: بعد هذه العملية الإسرائيليين.. حاولوا يغتالوك عدة مرات حولوا يختطفوك مرات أخرى؟
أحمد جبريل: هذا كثير يعني.
أحمد منصور: لكن ما هي أشهر العمليات؟
(5/109)
أحمد جبريل: لكن الله هو المنجي وقليل من الحذر يعني في الأسف معرفش شفت برنامج يمكن على الجزيرة، بسام أبو شريف بيقول يا أخي أحمد جبريل ليش ما قتلوه؟ هو قام بعمليات كثيرة وإلى أخره لأن معه حراسة وإلى آخره لكن لا قتلوا الإسرائيليين إنه هاي غسان الكنفاني هو ضربوه وبعتوا له طرد إلى أخره إنه هالناس إنه همّ بيختاروا الأدباء والكتاب.. لا الإسرائيلي والله لو بيصح له يقتل أي فلسطيني أو أي عربي يحمل سلاحه ضده ما بيقصر هاي الشهيد خليل الوزير راحوا له إلى تونس معي هيك ولا لا، دكتور فتحي الشقاقي راحوا له لمالطا، الشيخ أحمد ياسين رجل مقعد على كرسي ورايح إلى الصلاة كل هذا ما غفر له إلا إنه يصفوه.
أحمد منصور: في 25 نوفمبر 1987 حدثت أكبر واحدة من أكبر عمليات الاختراق الأمني لأمن إسرائيل من الداخل وهي عملية الطائرات الشراعية التي نفذتموها أنتم ضد إسرائيل، أبدأ بها الحلقة القادمة أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/110)
الحلقة20
(5/111)
الثلاثاء 2/7/1425هـ الموافق 17/8/2004م(آخر تحديث) الساعة 08:34(مكة المكرمة), 5:34(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 20 ( الأخيرة )
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
15/08/2004
- حرب المخيمات بين أمل والفلسطينيين
- الهجوم بالطائرات الشراعية على قواعد إسرائيلية
- عملية تلال الناعمة ومحاولة الانتقام من جبريل
- نظرة فصائل المقاومة لمؤتمرات السلام
- جبريل وتقييم المسيرة النضالية
- نصيحة للجيل القادم
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا.
حرب المخيمات بين أمل والفلسطينيين
أحمد منصور: بعد عملية الجليل التي تعتبر من أكبر عمليات التبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين للأسرى والتي تمت في العشرين من مايو 1985 في نفس اليوم اندلعت حرب المخيمات التي شنتها حركة أمل ضد المخيمات الفلسطينية في لبنان لا أريد أن أقف عندها طويلا ولكنها حدث هام على اعتبار أنكم حلفاء سابقون لأمل وأمل الآن انقلبتم عليكم.
أحمد جبريل: بسم الله الرحمن الرحيم يعني ليس مصادفة أن تنفجر هذه الحرب في نفس يوم عملية تبادل الأسرى وعملية كما قلت هامة وكبيرة وأذلت الإسرائيليين من معلوماتنا التي جمعناها فيما بعد للأسف الشديد أن بعض الأخوة الذين من فتح من جناح أبو عمار والذين كانوا متواجدين في شاتيلا وأيضا من الجبهة الديمقراطية لمخيم شاتيلا أعطيت لهم التوجيهات بأن يخرجوا خارج المخيم إلى منطقة الفاكهاني وجسر الكولا ويحتلوا هناك هذه المواقع، كانت أمل هي الجسم الأكبر في بيروت ومعها اللواء السادس..
أحمد منصور: في الجيش اللبناني.
(5/112)
أحمد جبريل: في الجيش اللبناني.
أحمد منصور: معظمه شيعة.
أحمد جبريل: إي معظمه فهذا الموضوع استفز اللبنانيين وحركة أمل واعتبرت أن مثل هذا الأمر يعني العودة مرة أخرى إلى ممارسات ما قبل 1982 فبدأت المعركة وانسحبت الناس إلى داخل مخيم صبرا وشاتيلا وحُوصر المخيم رغم إنه هو يريد أن يقوم بالفتنة ولو كانوا أفراد قليلة ولكن يستطيعوا أن يقيموا بالفتنة.
أحمد منصور: أنا برضه مش عايز أقف كثير لكن هنا التحالفات عمالة تتبدل بشكل سريع جدا على الساحة اللبنانية والفلسطيني هو الوقود لكل ما يحدث.
أحمد جبريل: هو أولا إحنا كنا مشكلين جبهة الإنقاذ على ضوء ما حصل في مؤتمر عمان المجلس الوطني في عمان وجبهة الإنقاذ..
أحمد منصور: 1984.
”
بعد النجاح الذي حققته القيادة العامة في عملية تبادل الأسرى مع إسرائيل كانت هناك محاولات من جهات فلسطينية منافسة لإجهاض هذه النتائج بإشعال فتيل الفتنة بين الفلسطينيين وحركة أمل وإحراج سوريا
”
أحمد جبريل: نعم وجبهة الإنقاذ يعني بدأت تأخذ مكانة معينة وحجم معين سياسيا وعلى الأرض فالأخوة في فتح أخ أبو عمار بدأ يشعر أن هناك هذا الموضوع يعني تضايق منه..
أحمد منصور: يعني كان هناك محاولة لإجهاض..
أحمد جبريل: جبهة الإنقاذ.
أحمد منصور: وإجهاض ما قمتم به في عملية تبادل الأسرى؟
أحمد جبريل: وأيضا الإحراج السوري عارف كيف يعني إحراج سوريا بمثل هذه الحرب.
أحمد منصور: لأن أمل أيضا حلفاء للسوريين.
أحمد جبريل: ومن شان نكون أكثر دقة كثير من عناصر حركة أمل كانوا في حركة فتح سابقا عارف كيف قبل 1982 وفي هناك أيضا بعض الكوادر الموتورة ضد الفلسطينيين ضد التواجد الفلسطيني تاريخيا..
أحمد منصور: في لبنان.
(5/113)
أحمد جبريل: كالعقل الحمية والداو داو الذي قُتل فيما بعد فهم انتهزوا مثل هذا التصرف المحدود اللي قامت به مجموعات من الأخوان من عند أبو عمار ومن عند الجبهة الديمقراطية وبدؤوا هذه الحرب طبعا إحنا حاولنا أن نوقف هذه الحرب رأسا واتصلنا بالإخوان السوريين كونهم أنهم هم بيستطيعوا يمونوا على حركة أمل في هذا الموضوع لكن كانت المجريات على الأرض قد فلتت عارف كيف يعني ما عاد في عملية السيطرة وبدأت المعركة حوصر مخيم صبرا وشاتيلا ودارت معارك استمرت متقطعة مدة أكثر من عام ثم انتقلت إلى الجنوب في هذا الأمر ودخلت ليبيا وجاء عبد السلام جلود والعقيد القذافي لإيقاف هذا الموضوع ولكن أنا أقول أنها كانت مؤامرة خسيسة في هذا الأمر طلبنا إحنا والأخوة السوريين أكثر من مرة أعطونا الفرصة وأوْقِفوا القتال أوقفوا القصف على المخيم ونحن نستطيع أن نتدبر الأمر ونحاسب من افتعل هذا الأمر، لكن كما قلت أن هناك أيضا في داخل حركة أمل ناس موترين وكانوا خارج السيطرة حتى السيطرة نبيه بري على هذا الأمر.
أحمد منصور [مقاطعاً]: في 25 نوفمبر 1987..
أحمد جبريل [متابعاً]: واضطررنا أن نضع كل ثقلنا واللي قاتل في حرب المخيمات في بيروت كل الناس بتعرف أنه والله هم جبهة الإنقاذ وإحنا الثقل الأساسي فيها وكان مسؤول القائد المباشر في مخيم صبرا وشاتيلا رفيق إلينا عضو لجنة مركزية جمعة العبد الله وكان يقود هذا المعركة ونبيه كان يمكن يوهم الإخوان السوريين أنه خلاص انتهى المخيم ما عم يعرفوا إنه والله الناس أنها محاصرة وبدها تقاتل حتى الموت وخاصة بعد أحداث صبرا وشاتيلا التي حصلت في السابق واستطاعوا هؤلاء الشباب والرجال من كل المنظمة أن يصمدوا وبالنهاية لم يسقط مخيم تل الزعتر.
أحمد منصور: في 25..
أحمد جبريل: مخيم صبرا وشاتيلا.
أحمد منصور: في النهاية الخسارة فادحة من الطرفين لكنها أيام الحرب نرويها كما حدثت يعني.
(5/114)
أحمد جبريل: كانت نتائجها تخريب جبهة الإنقاذ الفلسطيني والإساءة لنا والإساءة لسوريا وأنه طلع إن الناس كلها بتذبح الشعب الفلسطيني.
الهجوم بالطائرات الشراعية على قواعد إسرائيلية
أحمد منصور: في 25 نوفمبر 1987 فوجئت إسرائيل بهجوم على أراضيها من نوع جديد ونوع خاص وهجوم بالطائرات الشراعية على إحدى القواعد العسكرية الحصينة في كريات شيمونة ووصفت هذه في الأدبيات الإسرائيلية بأنها الأكثر خطرا على إسرائيل خلال عقد كانت هذه العمليات عبارة عن عملية قام بها أنتم تقولون أربعة من الجبهة الشعبية في روايتكم وإسرائيل تقول شخص واحد فقط هو الذي..
أحمد جبريل: شخصين الإسرائيليين بيقولوا.
أحمد منصور: أو شخصين واحد قتلوه والآخر استطاع أن يدخل إلى هناك بداية كيف خططت لهذه العملية؟
”
الهجوم بطائرات شراعية على إحدى القواعد العسكرية الإسرائيلية الحصينة في كريات شمونة وصف بأنه الأكثر خطرا على إسرائيل خلال عقد
”
أحمد جبريل: أولا الإسرائيليين استطاعوا أن يعملوا حاجز أمني على الحدود اللبنانية وحاجز أمني متعدد الوسائل التقنية فيه الإلكترونية والكهربائية وكل هالمواضيع صار هذا الحاجز عائق فعلي وحقيقي إلى الدخول في الدوريات العادية لكن كنا في ذلك الوقت أن الإسرائيلي هو موجود في مناطق جنوب لبنان كنا مشتبكين مع هذا الإسرائيلي وتحت إمرة حزب الله إحنا لكن أردنا أنه أيضا من هذه العملية أن غايات لنا كانت هامة كثير.
أحمد منصور: أهمها؟
(5/115)
أحمد جبريل: أهمها هو كيف نرفع الروح المعنوية لشعبنا في الداخل ثانيا عُقد مؤتمر قمة في عمان قبل هذه العملية بعشرة أيام واعتبر أن الصراع هو مع إيران وأما النزاع العربي الإسرائيلي هامشي هذا قرار في مؤتمر القمة في عمان أي معنى أنه والله تهميش هذا الصراع لنعيد مرة ثانية هذا الصراع لا نكتفي فقط في القتال الإسرائيلي أو الجنود الإسرائيلي في جنوب لبنان أردنا أن والله أن نقول لا هذا القتال في داخل فلسطين الشاغلة الثالثة وهي الأهم أردنا أن نحرك شعبنا في الداخل إحنا منذ عملية الخالصة الاستشهادية في 1974 و1975 كل عملياتنا الاستشهادية كنا نريد أن نرسل رسالة لشعبنا في الداخل أنه يا أخي إحنا ضربنا في أيلول 1970 وخرجنا من ساحة صراع بعد حرب تشرين من الجولان توقفنا وهاي في لبنان شوفتم 1982 وهاي عاودنا ورجعنا مرة ثانية عليكم أن تتحملوا أيها الشعب الفلسطيني في الداخل مسؤوليتكم فأردنا أن نقول لهم هاي الناس عم بتجي بتبتكر كل وسيلة من وسائل لحتى تفوت لجوه تلتحم مع الإسرائيليين فأنت اللي موجودة في الضفة الغربية ولا قطاع غزة عم بتشتغل في المعامل الإسرائيلية قادر ببساطة إنه تفتك بهذا العدو يعني كانت ببساطة عن رسالة موجهة لشعبنا في الداخل سواء من عملية الخالصة وأنت ماشي إلى حين الطائرات الشراعية.
أحمد منصور: من أين أحضرت الطائرات الشراعية من ألمانيا؟
أحمد جبريل: هذه طائرات تدريبية طائرات رياضية وغير مخصصة لهذا الموضوع ولا تطير ليلا عارف كيف..
أحمد منصور: كيف اخترت من قاموا بالعملية؟
أحمد جبريل: فهذا الموضوع الخبراء الإسرائيليين قالوا تبع الطيران أما هؤلاء مجانين أو مدربين تدريب راق للغاية مو سهل تشكيل تمشي طائرات مع بعضهم ليلا عارف كيف وفي ليالي معتمة تماما مائة بالمائة ويوصلوا إلى أهدافهم المعينة..
أحمد منصور: اخترقوا ثلاثين كيلو من الحدود.
أحمد جبريل: ثلاثين كيلو متر فمو سهل عارف كيف واخترنا..
(5/116)
أحمد منصور: والرادار لا يمكن أن يكتشفها.
أحمد جبريل: الرادار ما بيقدر يكتشف طائرات هاي سرعتها بطيئة كثير في هذه النقطة واخترنا معسكر إسرائيلي اسمه هاغي بور معسكر الأبطال لأهم من اللواء من الألوية هو لواء جولاني قلنا المعركة هناك بتصير وهذا بتوفيق من رب العالمين يعني في هالموضوع..
أحمد منصور: عمليات الإعداد والترتيب استغرقت كم العملية؟
أحمد جبريل: التدريب هو استغرق فترة طويلة من هنا لحتى الناس هضمت لأنه ما عندنا مدربين أجانب يجيء يدربونا على هيك فدفعنا ثمن حطينا شهيدين خلال مسيرة التدريب في الطائرات الشراعية وطائرات محركات على طريق حتى وصلنا إلى هذا الأمر وفي ذلك الوقت إحنا كنا مقسم جهدنا العسكري لقسمين قسم في جنوب لبنان في مواجهة العدو الإسرائيلي والقسم الآخر في ليبيا حيث بعد ما فشلت المؤامرة والقصف الأميركي في زعزعة النظام في ليبيا أنتم تعرفوا الفرنسيين والأميركان اتفقوا مع حسين حبري على فتح جبهة لليبيا ولمعمر القذافي من الجنوب وهذه الجبهة بدأت تستنزفه وأصبح وضع الجبهة صعب فاضطررنا إحنا أن نرسل هناك ألفين رجل.
أحمد منصور: لكن الفلسطيني كان مهيأ أنه يقاتل في فلسطين لا أن يذهب ليكون مرتزق في ليبيا.
أحمد جبريل: لا ما هو إحنا معمر القذافي وقف مع أمته وبكل المعارك الموجودة..
أحمد منصور: لكن عندك جبهة مواجهة كبيرة.
أحمد جبريل: عم أقولك يعني هو شهداء ليبيين استشهدوا معنا في جنوب لبنان وكان يقف مع كل حركات التحرر العربية فعندما يتزعزع هذا النظام أو يخضع للإملاءات الأميركية أو يسقط هذا أيضا مضر بقضيتنا الفلسطينية.
أحمد منصور: أنت الوحيد من القادة الفلسطينيين اللي أرسلت قوات تقاتل مع..
أحمد جبريل: لا هما كل اللي كان علاقة حميمة مع ليبيا يعني مثلا والله الفلسطينيين الانتفاضة الجبهة الشعبية قوة رمزية الديمقراطية..
(5/117)
أحمد منصور: قناعة بالدفاع عن ليبيا أم رد للجميل ومقابل أموال من القذافي؟
أحمد جبريل: لا إحنا ما كانت الأموال يعطينا أيها إحنا معمر القذافي وما كان في توقف لها المواضيع نحكي بكل صراحة لكن إحنا كنا نشعر أنه في خطورة على هذه الثورة ثورة الفاتح ولنا أمل فيها فعم تتعرض إلى خطر حقيقي فعلي فأرسلنا هذه القوات وأنا من النوع من (Camouflage) والخداع أكثر لشبكات تجسس كنت طلعت مع هذه القوة إلى هناك واتفقت مع رفاقنا أن يقوموا بعملية لأنه والله الإسرائيليين وهناك عندنا أجهزة لاسلكية في أوزو عم نتصل في دمشق بيعرفوني أنه أنا هناك أنه ما أنا إذا أبو جهاد أحمد ما هناك يعني موهون ما في خطورة من هالمواضيع..
أحمد منصور: كيف كان تسليح المجموعة؟
أحمد جبريل: تسليح المجموعة كان تسليح جيد يعني بنادق معدلة بقنابل يدوية وذخائر وعتاد وسكاكين وكل ما..
أحمد منصور: وأنت تخطط للعملية نسبة النجاح والفشل كانت كم؟
أحمد جبريل: هو صار تدريب قاسي كثير يعني أنا حضرت مشاريع الليلية مشابهة على أرض مشابهة مرات عديدة مع الرفاق يعني وكان منهم الرفيق اللي هو خالد أكر وهو سوري الجنسية وميلود من تونس..
أحمد منصور: بن ناجم.
أحمد جبريل: بن ناجم من تونس وكان معهم القرآن كل واحد معهم قرآنه..
أحمد منصور: مصحف.
أحمد جبريل: في طائرته والإسرائيلي يعترف أنهم فتكوا في هذا المعسكر والشيء..
أحمد منصور: قول لي الرواية كيف صارت العملية باختصار؟
أحمد جبريل: نزلوا عارف كيف بالخارج وفي سيارة طالعة أو فايتة من المعسكر ضربوها كان ضابط إسرائيلي ومعه مجندة يمكن قتلوهم وفاتوا على البوابة الرئيسية قتلوا الناس الموجدين معهم كواتم للصوت وفاتوا على المعسكر، خالد أكر صادف مهجع فتح عليه وإلا كله مجندات وهذا باعتراف الإسرائيليين ولم يقتلهم عارف كيف راح إلى المجمع اللي هو بيسموه الميز أو النادي يعني عارف كيف فاقتحمه وقتل الناس اللي..
(5/118)
أحمد منصور: هم الإسرائيليين اعترفوا بمقتل ستة وجرح سبعة آخرون عندك رواية أخرى للعدد القتلى؟
أحمد جبريل: يعني هما الإسرائيليين مرات بدهم يحجموا بدهم يكبروا إلى آخره لها الموضوع، الموضوع إنه والله إحنا استطعنا أنه ندخل ونعبر كل هالموانع الإسرائيلية وهذا سبّب لهم للإسرائيليين هلع وخوف كبير وبدؤوا يأخذوا احتياطات جوية ويمكن هذا كلفهم مئات الملايين من الدولارات لها الموضوع هذا وهذه الرسالة وصلت للعالم العربي لمؤتمر القمة اللي عقد في عَمان قلنا لا هون الصراع مش الصراع على..
أحمد منصور: عشرات المقالات كتبت حتى في الصحف الغربية حول هذه العملية على اعتبار أنها وللصحف الإسرائيلية والعربية أنها عملية اختراق كبيرة لأمن إسرائيل وعملية مبتكرة في شكلها وفي طريقة أدائها.
أحمد جبريل: طبعا يعني هذا الموضوع يعني هي عملية معقدة.
أحمد منصور: هل حققت أهدافها؟
أحمد جبريل: طبعا بالتأكيد حققت أهدافها وأوقعت خسائر في العدو ووصلوا الشباب إلى الموقع المخطط إليهم وكانت هي عامل مباشر من تفجير الانتفاضة في داخل الأرض المحتلة بعد أيام بسيطة الإسرائيليين أرادوا أن ينتقموا..
أحمد منصور: في 8 ديسمبر يعني بعد أسبوعين تقريبا انفجرت الانتفاضة.
أحمد جبريل: أرادوا ينتقموا فدعسوا مجموعة من الفلسطينيين في مخيم جباليا وقامت الانتفاضة فجاءت عملية الجليل بإخراج ستمائة وخمسة من خيرة الشباب في السجون..
أحمد منصور: اللي هي الإفراج عن الأسرى.
أحمد جبريل: وروح معنوية عالية من المخيمات في الضفة الغربية وقطاع غزة وأتت هذه العملية لتشكل سبب مباشر يعني عم بأقول سبب مباشر مش غير مباشر للانتفاضة التي قامت في الانتفاضة الأولى في الـ1987.
عملية تلال الناعمة ومحاولة الانتقام من جبريل
(5/119)
أحمد منصور: كانت مساعي إسرائيل للانتقام منك، الآن هذه عملية الاختراق عملية الأسرى اعتبرت انتكاسة بالنسبة للإسرائيليين سعت إسرائيل للانتقام منك بأشكال مختلفة فوقع في 8 ديسمبر في العام 1988 بعد عام من الانتفاضة في الذكرى الأولى للانتفاضة تقريبا عملية الناعمة أو الهجوم على تلال الناعمة وأيضا فشلت العملية عسكريا إسرائيل روت روايتها بالنسبة للناعمة هل كنت في تلال الناعمة؟
أحمد جبريل: أنا كنت قبل يوم عارف كيف..
أحمد منصور: لكنهم هم قالوا أنك كنت موجود روايتهم تقول هذا؟
أحمد جبريل: إيه كنت نايم قبلها بيوم أنا يومين قعدت هناك يعني قبل.
أحمد منصور: كان هدفهم أنت تحديدا أم الهجوم على المكان؟
أحمد جبريل: والله لا أعرف أنا بس أما يعني هذا اللي حصل يعني.
أحمد منصور: روايتهم تقول أنك كنت موجود أثناء المعركة وداخل مهجعك..
أحمد جبريل: لا كنت قبل بالليلة تماما عارف كيف يعني.
أحمد منصور: قل لنا ما هي تلال الناعمة بالنسبة لكم أنتم كجماعة؟
أحمد جبريل: هذه التلال مواقع منتشرة في الوديان..
أحمد منصور: لأن كل يوم والثاني يضربوها إلى الآن.
”
كانت عملية تلال الناعمة التي شنها الجيش الإسرائيلي على معسكرنا هزيمة إسرائيلية إضافة إلى عملية الطائرات الشراعية فتحطمت أسطورة الجيش الذي لا يُهزم
”
(5/120)
أحمد جبريل: مواقع منتشرة في الوديان تبع الناعمة والدامور وأنفاق تحت الأرض قسم منها كنا عملينه قبل 1982 والإسرائيليين ما استطاعوا يخربوها لأنه بدهم كمية من المتفجرات آلاف الأطنان لحتي.. وبعد ما انتصرنا في معارك الجبل وإقليم شحار وشط صيدا عادت قواتنا إلى هناك يعني لها المواقع هاي وهي مش موقع واحد مش نفق واحد كذا نفق فالإسرائيليين هزتهم عملية الطائرات الشراعية وأثرت في روحهم المعنوية والقائد الإسرائيلي أو رئيس الأركان وزير الدفاع يعتبر أنه يجب أن يحافظ على الروح المعنوية للجيش الإسرائيلي لذلك حسب ما رووا هم الإسرائيليين بوثائقهم جمّعوا كتيبة من خمسمائة واحد اختاروهم من خيرة العناصر المظليين والناس تبع الوحدات الخاصة واختاروا لهم الضباط الكفء ومدة عام وهم يدربوهم وعملوا في النقب موقع مشابه للمواقع تبعنا في الناعمة واستحضروا كلاب بوليسية من بره جابوها من النوع هذا الكلب هذا يسموه..
أحمد منصور: (Doberman).
أحمد جبريل: بارجا هذا.
أحمد منصور: (Doberman).
أحمد جبريل: هذا من أذكي الكلاب وإلى آخره وكيف حملوهم للكلاب مواد متفجرة ومواد كيماوية.
أحمد منصور: كيماوية.
أحمد جبريل: مشان تقدر تدخل بالأنفاق وتغادر الناس الأنفاق في هالمواضيع ودان شاميرون رئيس الأركان جاء هو شخصيا أشرف وكان على البحر مقابل الناعمة نزلوا بعملية صامتة عارف كيف من البحر بعيدين ثلاثة أربعة كيلومتر عن المواقع ويظهر في معهم أدلة أو معهم ها وصلوا إلى الأماكن هاي ففاجؤوهم رفاقنا في الحراسات والكمائن ودارت معركة من منتصف الليل من الساعة تقريبا عشرة بالليل للساعة الخامسة صباحا السادسة صباحا وقتل قائد القوة الموجودة وعدد من الجنود..
أحمد منصور: المقدم ميتال كان يُقال أنه كان من خيرة قادة المظليين الإسرائيليين قوات (Commando) وكان مهيأ أن يكون رئيس أركان إسرائيل.
(5/121)
أحمد جبريل: وهما كلهم مضبوط عارف كيف وبدأ يطلع الصباح واضطروا أن ينسحبوا جاءت الطائرات الهليكوبتر يعني حملوهم وكانوا يعني يهربون من تحت النيران بها الشيء واضطروا أنه يتركوا ست سبع عناصر إسرائيليين وحاصروهم رفاقنا واضطر دان شاميرون أن يأخذ قرار المغادرة وترك ست سبع جنود منطقة وعرة..
أحمد منصور: أربع جنود يقول هو رواية الإسرائيليين.
أحمد جبريل: يعني رفاقنا بيقولوا لأنه كانوا رفاقنا محاصرينهم على بعد أمتار.
أحمد منصور: لكن لم يكونوا يعرفوا أنهم يحاصروا جنود إسرائيليين؟
أحمد جبريل: هاه؟
أحمد منصور: لأن هم يقولون أن يعني قواتكم لم تكن تدرك أن هناك قوات..
أحمد جبريل: لا أنا كنت على اتصال من الساعات..
أحمد منصور: كانوا يعرفوا؟ لماذا لم يسعوا لأسرهم وسبوهم أكثر من أربع ساعات؟
أحمد جبريل: المنطقة وعرة وحاصروهم في هذه المنطقة منطقة وعرة جدا يعني وصخور وأشجار فمع لما طلع الضوء كانوا انسحبوا الإسرائيليين من..
أحمد منصور: وتركوا هؤلاء.
أحمد جبريل: وتركوا هؤلاء..
أحمد منصور: أرسلوا لهم طائرة بعد أربع ساعات أخذتهم.
أحمد جبريل: لا الطائرات قامت طائرات هليكوبتر وبدأت تضرب رفاقنا واستشهد منا ثلاث رفاق من المحاصرين ولكن كانوا يتخاطبوا مع الجنود الإسرائيليين استسلموا أحسن لكم وهم في واحد فيهم بيعرف يحكي عربي إنه مستعدين نستسلم بس ما بتقتلونا كذا إلى آخره ها المواضيع فضُرب هالشباب اللي كانوا يحاصروا عارف كيف ورغم أنهم كانت مسافات قريبة يعني يمكن اختاروا طيارين أكفاء كثير بالهليكوبتر.
أحمد منصور: هم وصفوا في روايات الإسرائيليين وصفوا الأمر بشكل دقيق وكان واضح إنها معركة ليست سهلة يعني.
أحمد جبريل: آه معركة صعبة كثير.
أحمد منصور: يعني 14 ساعة من الجحيم كما قالوا في بعض الروايات.
أحمد جبريل: عم أقولك يعني فهما أرادوا أن يردوا اعتبارهم من الطائرات الشراعية بعد مدة عام.
(5/122)
أحمد منصور: قتلتم الكلاب؟
أحمد جبريل: ظلوا بالأرض الكلاب.
أحمد منصور: وأنت عملت مؤتمر صحفي وعرضت في غنائم الأمر؟
أحمد جبريل: مضبوط بنادق الجنود الإسرائيلية المجهزة بالمناظير الليلية والليزرية أجهزة اللاسلكي تركوا وراءهم أشياء كثيرة هم كانوا يعتقدوا إنه هالمواقع فيها مائة وعشرين مقاتل راح يدخلوها ويأخذوهم أسرى ويأخذوهم على البحر.
أحمد منصور: هم تحدثوا عن يعني مدى حصانة هذه المواقع وعدم القدرة حتى على اختراقها من قبلهم ما هي أهمية تلال الناعمة بالنسبة لكم معسكراتكم في تلال الناعمة؟
أحمد جبريل: هو لأن إحنا هذه المواقع عملنها قبل 1982 عارف كيف بعدين حسّناها بعد 1982 يعني وهي أنفاق تستطيع أن تقاوم كل أنواع القذائف وغارات جوية متتالية يعني هذه المناطق مثل مناطقنا في البقاع ولا في جنوب لبنان تعرضت إلى غارات جوية كبيرة جدا وعديدة يعني هاي تلال الناعمة لو أنت ترجع إلى الأرشيف لترى الآلاف الأطنان ألقي عليها ولم يتصدع أي نفق من هذه الأنفاق بالعكس كانوا هم والأميركان يضعون دراسات لكيفية الوصول لخرق هذه الأنفاق.
أحمد منصور: بالنسبة هذه المعركة في إطار الصراع بينكم وبين إسرائيل ما الذي تشكله بالنسبة لكم اسمح لي أسمع الإجابة بعد فاصل قصير نعود إليكم بعد فاصل لمتابعة هذه الشهادة فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد لنواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أبو جهاد معركة الناعمة التي فشل فيها الإسرائيليون فشلا ذريعا وكان يشرف عليها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي شخصيا وقتل فيها أحد كبار قادة الكوماندو الإسرائيليين الذي كان يقال بأنه كان يعد ليكون رئيس أركان للجيش الإسرائيلي وهو المقدم ميتال ما الذي شكلته بالنسبة لكم وللإسرائيليين في الصراع المتبادل ومحاولات الانتقام المتبادلة بينكما؟
(5/123)
أحمد جبريل: يعني هم الإسرائيليين يعرفون إنه إحنا مِراسنا قاسية وليس من السهل كسرنا يعني هم يعرفون وكتبهم في كذا كتاب عن الجبهة الشعبية يعني عن الإسرائيليين هم اللي كتبوه في هذا نوعية العنصر البشري اللي إحنا بيتم اختياره وتدريبه هو اللي أعطانا لهذا يعني.. أعطى يعني هذا المردود بالإضافة إلى فهمنا لطبيعة العدو وسلاحه وعتاده وعاداته وتقاليده هذا أيضا أعطانا القدرة على مواجهة فلذلك إحنا ننجح في عملية هجومية بطائرات شراعية وعندما يحاول العدو أن يُغِير علينا من البحر يعني على شاطئ البحر بقوام كتيبة مع طيران وهليكوبتر وطيران عادي وإلى آخره أيضا يفشل فأنا بأعتقد هاي كانت هزيمة للعسكاريتارية الإسرائيلية اللي بيقول لك إنه والله لا يمكن أن تهزم بالإضافة إنه هذه التحصينات الموجودة اللي إحنا اللي كنا دوما ومنذ سنوات أيام ما كنا..
أحمد منصور: يعني تعتقد أن لو هذه التحصينات الفصائل الفلسطينية بما فيها وعلى رأسها فتح التزمت بها كان يمكن أن يتغير مسار القضية الفلسطينية؟
(5/124)
أحمد جبريل: كنا ما خرجنا من الأردن لو كان هناك اهتمام ما انكفأت الناس من أغوار الجبال للمدن وهون وفي لبنان انكفأت أيضا من الجنوب للمدن للقرى للمدن لبيروت لذلك إحنا كنا رواد في كيف نتغلب على هذا السلاح سلاح الجو وهو جزء من العقلية الغربية السلاح الجوي الأميركي كيف أعطى في أفغانستان وفي العراق قوة نارية هائلة دقة إصابة عتاد ملائم وهم يعتبروه هذا الذراع هذه التحصينات بتخلي العدو الإسرائيلي تواجهه أنت على مسافة رجل لرجل يعني مثلا في الناعمة وصلوا هم مرات إلى بوابات لها الأنفاق وكانوا هم موجودين على البوابات من الخارج ورفاقنا جوه ويتساببوا باللغة العربية عارف كيف هادول يقولوا لهم أطلعوا هادول يقولوا لهم تعالوا قربوا يا (أولاد الكلب) عارف كيف يعني فلو كان قاعدين إحنا في بيوت ولا في منازل ما في لزوم ليقوموا بها المواضيع بقصف جوي أو بإغارة ضربوا دمروا وحملوا وأسروا وحملوا وبعدين رجعوا مثل ما كانوا يعملوا كثير مع الفصائل الأخرى.
نظرة فصائل المقاومة لمؤتمرات السلام
أحمد منصور: في ظل هذا الوضع كان المسار السياسي يتجه بسرعة نحو التسوية في أعقاب الحرب اللبنانية ومعركة طرابلس 1988.. 1983 عقدت عدة مؤتمرات المجلس الوطني الفلسطيني بدل الاتجاه نحو التسوية قائما ثلاثين أكتوبر 1991 افتحوا مؤتمر سلام الشرق الأوسط في مدريد تسعة وعشرين سبتمبر 1992 أعلن عن تشكيل تحالف الفصائل العشرة الانتفاضة كانت تتواصل في الداخل وتواصل ضغوطها على إسرائيل.
إسرائيل كانت تريد أن تتنازل وتحاول أن تعمل التسوية بسرعة ثلاثين أغسطس أُعلن عن اتفاق أسلو 1993 تسعة سبتمبر 1993 وقع عرفات على الاعتراف مع رابين أنه المتبادل ثلاثة عشر سبتمبر وقع على اتفاق أسلو في وسط هذه المسيرة السلمية كيف أنتم كأناس تصرون على الكفاح المسلح وعلى المقاومة المسلحة كيف كانت مسيرتكم وتقويمكم لهذه العجلة السريعة التي لم يكن ليوقفها أحد؟
”
(5/125)
نحن لا نشكك في وطنية من ساروا في العملية السلمية ولكن نقول إنهم أخطأوا وخُدِعوا من بعض الأنظمة العربية التي سهلت لهم أن يسيروا في هذا الطريق، وحل القضية يكون بتحرير الأرض قطعة قطعة دون أن يكون ذلك على حساب مجمل القضية
”
أحمد جبريل: يعني البعض يتهمنا إن إحنا ناس عَدَميين ما عندنا أفق سياسي ولا برنامج سياسي وبالمقابل نحن نتهمهم أنهم ساذجين ومن السهولة أن يتم الضحك عليهم لأنهم نزعوا من أيديهم سلاح مهم هو سلاح آخر غير التسوية هو سلاح القوة في هذا الشأن إحنا مع إحنا عارفين أنه تحرير فلسطين لن يكون بين عشية وضحاها وإحنا عارفين أن هذا الصراع بينا وبين هذا العدو وكأنها ملاكمة في حلبة ملاكمة والانتصار مش بالضربة القاضية الانتصار بالنقاط وتجميع النقاط إحنا بنجمع نقاط والعدو عم بيجمع نقاط بالنهاية من يصمد من يستطيع أن يبقى واقفا في هذا الأمر، للأسف مثل ما حكيت أنه من قبل 1982 الأخ أبو عمار حزم أمره باتجاه عملية التسوية يعني وباتجاه إنهاء موضوع الكفاح المسلح وأعتقد هو أنه لديه سلاح وورقة هامة هو الاعتراف بإسرائيل فإذا اعترف في إسرائيل وفي هذا الكيان الصهيوني على 80% من أرض فلسطين الإسرائيليون والأميركان سيقدموا له الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس على طبق من ذهب لذلك هذا السذاجة في الرؤية وعدم تقدير الموقف السياسي بشكل دقيق هو اللي نشّأ ووصل هذه القيادة إلى ما وصلت إليه.
(5/126)
نحن لا نشكك في وطنية هؤلاء وعلى رأسهم الأخ أبو عمار ولكن إحنا نقول أنهم حرقوا سفنهم وخُدِعوا من بعض الأنظمة العربية التي سهلت لهم أن يسيروا في هذا الطريق إذا اعترفتم بـ 242 وبإسرائيل معنى ذلك كل شيء ينتهي، نحن نقول عكس هذا الأمر نحن نريد أن نحرر وطننا إن شاء الله قطعة قطعة ولكن لا يكون على حساب مجمل القضية الفلسطينية على مجمل الصراع، طيب شو فائدة أنا أعمل دويلة فلسطينية منقوصة السيادة وبعدين أحمل العلم الإسرائيلي لكل العواصم العربية.
أحمد منصور: هل تعتقد أن مع الانتفاضة من الداخل وعمليات المقاومة الفلسطينية في الداخل معادلة الصراع تغيرت في عدم الاعتماد على الجبهات الخارجية؟
أحمد جبريل: هو مثل ما حكيت إنه إحنا هذا اللي كنا ننتظره منذ العملية الاستشهادية في الخالصة في 1974 إنه كيف شعبنا يتحمل المسؤولية والحمد لله هذا الشعب البطل الشجاع استطاع إنه والله أن يقوم في الانتفاضة الأولى ولسنوات متعددة وللأسف أُجهضت هذه الانتفاضة من خلال الحرب مع دخول صدام إلى الكويت وجذب الانتباه عن الانتفاضة باتجاه آخر ومن ثم اتفاق مدريد اجتماع مدريد أو وصولا إلى أوسلو والاستفراد في الطرف الفلسطيني فهذا الموضوع إحنا يعني بتصورنا إنه إحنا نريد ماذا نريد هل نريد تحرير فلسطين كل فلسطين نحن نقول هذا هدفنا الاستراتيجي ولكن أي هدف تكتيكي نحصل عليه ولا ننتصر فيه نستطيع أنه والله أن نقبله.
أحمد منصور: عرفات يقول هذا أن هذا التكتيك.
أحمد جبريل: لا لما هو يتصالح مع الإسرائيليين ويصبح جزء وولاد عمنا هادول وجائزة نوبل للسلام المشتركة بيناتنا ونطلب من الدول العربية والإفريقية أن يعترفوا بإسرائيل وعلاقاتنا هل هذا يعني أنت بتعتقد لولا أوسلو هل كان النظام في الأردن ممكن يعمل اتفاق..
أحمد منصور: وادي عربة بعدها.
أحمد جبريل: لا عارف كيف لولا أوسلو هل الصين والهند وبلدان عديدة..
(5/127)
أحمد منصور: عشرات الدول أعادت علاقتها بإسرائيل.
أحمد جبريل: أعادت علاقاتها وانتعش الاقتصاد الإسرائيلي طيب إحنا لما نخطو خطوة يجب أن نحسب حجم الخسائر وحجم المكاسب.
أحمد منصور: أما تعتقد أن عرفات حقق مكاسب منذ دخوله في واحد يوليو 1994إلى الآن؟
أحمد جبريل: لا بالعكس هو يعرف أنه خسر كل شيء وهاي هو قدم أشياء كثيرة وكان يعتقد أنه سيقدم هاي أنتم شايفينه محاصر وتحت الإقامة الجبرية الذي لا نتمناها له وما كنا نتمنى له ونحن الآن واقفين معه، كان بالأمس بطل السلام وبطل جائزة نوبل ويمشي على السجادة الحمراء إلى البيت الأبيض ومن رواد البيت الأبيض الآن أميركا تقول أنه فاقد الأهلية عارف كيف وعليه أن يتنحى جانبا حتى بعض الأنظمة العربية اللي كانت حليفة له أيضا تبتزه أنه عليك أن تغادر وعليك أنه تمشي وتفتح الطريق أمام الناس والآخرين، أنا أقول بكل صراحة هالنظام العربي الرسمي إذا بيعتقد أنه سيحصل لنا حل تصفوي لقضية فلسطين ويتبجح أن هذا الحل هو حل وطني وحل معقول نحن نقول نحن نعرف الغث من السمين وشعبنا في الأراضي المحتلة هاي الانتفاضة الأولى استمرت ثمانية سنوات ثم هبت المسجد الأقصى عندما فتحوا اليهود نفق تحت المسجد الأقصى وهذه هي أيضا انتفاضة الأقصى اللي حكى عنها شارون إنه أنا خلال تسعين يوم أنا سأوقفها في هذا الموضوع وهاهي سنوات أنا بأعتقد أن شعبنا لا يمكن أن يقبل مقايضة رخيصة لبعض المكتسبات على حساب تدمير الأمة يعني هل نحن سنفتش الفلسطينيين على مصلحة صغيرة وتذهب هذه الأمة وأنا بتذكر شاعر مصري حكى بعد كامب ديفد هلا إمام..
أحمد منصور: الشيخ إمام.
أحمد جبريل: شاعر شعبي.
أحمد منصور: هذا أحمد كمال نجم.
أحمد جبريل: نجم عارف كيف قال جت مصر وراحت سينا.. جت سينا وراحت مصر بهاي الموضوع هذا مصر كانت أم الدنيا..
أحمد منصور: أحمد فؤاد نجم.
(5/128)
أحمد جبريل: أحمد فؤاد نجم جت سينا وراحت مصر، مصر أم الدنيا اللي كانت تقود العالم العربي وإفريقيا وإلى آخره الآن محجمة مصغرة إلى آخره خاضعة للضغوط الأميركية والأوروبية وما حلوا لها قضية اقتصادية ولا قضية قومية ولا كل هالمواضيع وهاي أنتم شايفين التآمر على النيل وجنوب السودان وكل هذا المواضيع فيعني إحنا جيل علينا حتى إذا بدنا نوافق على شيء يجب أن نوافق عليه من المنظور الاستراتيجي وليس المصلحة أو التعب أو كما كان يقول ياسر عرافات أنا ما بدي أعمل الحاج أمين ثاني أنا بدي أحصل على أي شيء من أجل الأجيال القادمة أي أجيال قادمة؟ هل سنصبح عبيد عند الرأسمال الصهيوني والمعامل الصهيونية في هذا الأمر؟ هل سنخدم الحركة الصهيونية بطريق غير مباشر ونفتح لها بوابات العواصم العربية؟ العرب دائما والحكام عم يحكوا الذي يقبله الفلسطينيين نقبله إحنا عارف كيف.
أحمد منصور: لم يستطع الإسرائيليون أن يعني يغتالوك بعد محاولات اختطاف واغتيال عديدة ولكن في عشرين مايو من العام 2002 نجحوا في اغتيال حسب اتهامك لهم في اغتيال ابنك جهاد الذي كان القائد العسكري البارز في تنظيمك ما أثر هذا عليك وهل هذا كان انتقام منك؟
أحمد جبريل: هو مرات أنا أناقش هالتاريخ الاستشهاد وعملية الموساد التي استهدفت جهاد في عشرين خمسة.
أحمد منصور: أيار/مايو.
(5/129)
أحمد جبريل: عشرين خمسة يعني بنفس يوم عملية تبادل الجليل نفس اليوم هل هو من قبيل الصدفة أم من قبيل التخطيط يعني هذا الموضوع يعني الواحد يناقشه فاسمه الجهاد ومن اليوم الأول وهو منظور بهذا الموضوع فأنا أولادي شقوا طريقهم باتجاه الوطن باتجاه العمل المسلح هم درسوا وأخذوا كان يمكن أن يدرسوا في أي جامعة من الجامعات لكن هم أرادوا أن يدخلوا الأكاديميات العسكرية ليلفظوا الدم الفلسطيني والعلم العسكري في مقاتلة هذا العدو جهاد كنت أتمنى أن لأنه كان شاب واعد محبوب شجاع الإسرائيليين حاصروه كذا مرة عارف كيف قاتلهم كذا مرة وهم يعرفون يعني هذا الأمر نقل السلاح والعتاد إلى الانتفاضة في الداخل يعني كان مزعجا لهم للإسرائيليين هم يعتقدون أن هذا موضوع قد يؤثر على معنوياتي أنا شخصيا فأنا بالأساس كنت ناذر نفسي إلى أن أكون شهيد وأنا مرات بتساءل بيني وبين نفسي وحتى لما رحت زرت الأماكن المقدسة وحجيت يعني وقفت أمام الكعبة وسألت رب العالمين لماذا أنت غاضب علي يعني أنا وصلت إلى هذا العمر وما بتعطيني الشهادة فيعني إحنا موضوع القيم والمبادئ هذا شيء ما في مجال لعملية المساومة يعني في هذا الشأن وجهاد كان يتمنى الشهادة مثل باقي أخواته وباقي رفاقه عارف كيف وكان يحوز على احترام كل الفصائل الفلسطينية اللي موجودة سواء في لبنان أو في سوريا أو في الداخل لأنه كان له علاقات متواصلة حتى مع الأخ أبو عمار وبيعرف الأخ أبو عمار هذا الأمر.
جبريل وتقييم المسيرة النضالية
أحمد منصور: في نهاية هذه الشهادة المطولة كيف تقيم مسيرتك النضالية؟
أحمد جبريل: يعني أنا كنت بالأساس أعرف أن الطريق شاق وصعب أمامنا وما يوم تخيلت أن الوصول لهدف تحرير فلسطين هو بالسهل أنا مرتاح لكده.
أحمد منصور: تشعر أنه يقترب أم لا زال بعيد؟
”
(5/130)
لم تنتصر أي ثورة في العالم إلا من خلال وحدتها الوطنية، جيلنا حاول أن يتوصل إلى هذه الوحدة ولم ينجح فنأمل من الجيل الجديد أن ينجح في تحقيقها
”
أحمد جبريل: لا أنا أعتقد أنه إحنا بدأنا نقترب ما راح بقول أنا أني أرى نهاية النفق، لا بس أنا بدي أقول أنه ليش أنا مرتاح يعني إحنا كنا قلقين أنه إحنا كجيل ولدنا في فلسطين وخفنا أنه الجيل اللي بعدنا يأتي مولد في فلسطين ولد في الشتات في اللجوء يمكن ما يكون متحمس مثل حكايتنا عارف كيف إحنا جيل آبائنا وجيلنا واجهنا إحنا الحركة الصهيونية وهي في ريعانها وفي مدى في قوتها هذا الحرس القديم واجهنا بن غوريون وديان وشكول وغولدا مائير كل هذا كله ويادين ورابين كلهم هذا هم مؤسسي الحركة الصهيونية، هادولي كانوا حقيقة يعني هم أعدائنا ولكن كانوا شجعانا في الوصول إلى أهدافهم بغض النظر عن تحالفاتهم الدولية وعن أطماع الاستعمار في منطقتنا اللي مكنتهم أن يتغلبوا علينا وعلى آبائنا في هالموضوع، لكن لما إحنا عم بنشوف هذه الأجيال الأجيال التي تلينا من شعبنا ومن أمتنا ونرى الأجيال لهذا العدو الصهيوني هذا اللي بيخليك أنت ترى أن الطريق لفلسطين قريب، الآن أنت شايفين الشباب الاستشهاديين اللي في داخل فلسطين ومن الخارج إلى آخره وترى بالمقابل هذا الإسرائيلي اللي جابوه من آخر الدنيا عم يهاجر ويمشي يعني..
أحمد منصور: ما الذي تقوله أنتم جيل قادة ارتكبتم كثير من الأخطاء؟ ما الذي تقوله للجيل القادم حتى يتجنب الوقوع فيما وقعتم أنتم فيه؟
(5/131)
أحمد جبريل: أنا أقول يعني هو الرؤية البعيدة هي الأساس في هذا الموضوع يعني إحنا ما استطعنا نحقق الوحدة الوطنية الفلسطينية ولا تزال حتى هذه الساعة عارف كيف كل واحد قاعد على كوم وعم ينادي وبيصرخ ما دام الطريق اتبعنا طريق صعب وطويل من المفروض أن نضع أيدينا ببعضنا ما في ثورة في العالم انتصرت وتروسها إلا من خلال وحدتها الوطنية حاولنا فشلنا عارف كيف لأسباب كثيرة ما بدي أحط على الآخرين أسباب موضوعية وأسباب ذاتية في هذا الموضوع أنا اللي بقوله نشيل هذا القادم الثوري المجاهد عليه أن يفتش في موضوع الوحدة الوطنية هلا نحن عم نتحدث عن شاهد على العصر كان اسم الجبهة الشعبية للقيادة العامة وأحمد جبريل متروك إلى كل هذه السنوات بالصبح والظهر والمساء إذاعة إسرائيل إلى آخره هذا الموضوع.
أحمد منصور: خليني أقولك حاجة الإسرائيليين كانوا دائما يتساءلوا عنها وأنا عايز أسمع منك إجابة قرأتها في كثير من الأدبيات في كتب الموساد في غيرها من الأشياء التي تناولت تقول أن أحمد جبريل رغم أنه صاحب أكبر العمليات التي أوجعت إسرائيل إلا أنه ليس له الوجود الذي يناسب هذا في الساحة الفلسطينية حتى إن الفصائل ربما الضعيفة والصغيرة ولا أريد أذكر أسماء ربما لها حظ أكبر منه، ما هو سبب ذلك؟
أحمد جبريل: ماهو قد يكون في نوع من التقصير لدينا بس أنا بدي أحكي لك إحنا كنا أن نرى أن هذا الطريق صعب وطويل يعني ليس..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الآخرين كانوا ينظروا له على أنه قصير؟
أحمد جبريل: هم ينظروا له أنه هو قريب فلذلك يعني يستغلوا أي شيء يعني إحنا كنا أنه يجب أن نبني يجب أن نكون كالجندي المجهول الذي يصنع شيء ما نفتش على الكاميرا ما تفتش على الـ (Propaganda) الإعلامية أنت ترى الآخرين لو أخذت مسيرتهم السياسية تجد سقطات سياسية يعني.
أحمد منصور: أنت أيضا عندك يعني.
(5/132)
أحمد جبريل: أخي وحبيبي نايف عواد من الدكتور جورج طوّل الله عمره مرات يقولوا أن ياسر عرفات سادات تبع فلسطين وخائن وكذا وكذا كان يقول لهم لا هذا الموضوع.
أحمد منصور: عشان اللي بيجي آخر الشهر؟
أحمد جبريل: ها؟
أحمد منصور: عشان القبض آخر الشهر ما عرفات عنده الفلوس؟
أحمد جبريل: ما أنا عم بقولك يعني هذا الموضوع مرة نتحدث باليسار وبالتقدم وإلى آخره وبعدين بتلقينا نستميت لنذهب لنقابل الملك الحسن ملك المغرب حتى حكيت مع الأخ نايف قلت له أقنعته للملك الحسن لعدالة القضية لما أنت ذاهب هناك عارف كيف بتقول ترفع كل السلطة للمقاومة في الأردن وإلى آخره وبعدين ما بتقاتل مضبوط وبتحمل حالك وبتمشي عارف كيف في ها المواضيع وبعدين هلا أنت في عَمان تبجل الملك وتبجل النظام وإلى آخره.
نصيحة للجيل القادم
أحمد منصور: باختصار ماذا تقول للجيل القادم؟
أحمد جبريل: أنا أقوله أنه بده يشد عضلاته والمعركة لسه طويلة وما يدور الآن..
أحمد منصور: لسه في معركة والعالم كله بيضغط للتسوية؟
”
مطمئنون إلى أن القيد الذي يحيط بشعبنا سينكسر وأن الأنظمة العربية الرسمية الخانعة لأميركا والصهاينة ستسقط ولن يبقى منها إلا التي تصلح من نفسها وترضي شعبها
”
أحمد جبريل: لا وما يدور الآن في الأمة العربية يعني الآن الذي يدور في العراق هو يعني مؤثر في العمل اليومي الذي يدور على أرض فلسطين يعني هذه الأمة أمة واحدة مهما حاولت بعض الأنظمة أن ينغلقوا قطريا عارف كيف على نفسهم ويشتغلوا في برامج قُطرية لكن هذه الأمة والحمد لله فيها خير وأنا بأقول يعني لو هذه الشعوب العربية والإسلامية فتح لها المجال والله ليأتي لفلسطين الملايين زحفا مو مشيا.
أحمد منصور: كيف تنظر لمستقبل الصراع العربي الإسرائيلي؟
(5/133)
أحمد جبريل: لذلك أنا بأتصور أنه واهم من يتخيل أن فيهم إمكانية لعمل (Compromise) وإنهاء هذا الصراع، هذا الصراع بده يستمر كما حصلت الغزوات الاستعمارية على وطنا العربي مثل الغزوة الفرنجية الصليبية اللي استمرت 130عام فأنا بيهمني إنه أنا أعد أولادي أعد الجيل اللي بعدي ليستمروا في هذه المعركة أنا متأكد في النهاية هذه الأمة إن شاء الله ستنتصر.
أحمد منصور: هل أنت نادم على شيء؟
أحمد جبريل: لا بالتأكيد أنا بس زعلان أنه ما قدرت يعني كان لازم أحقق يعني أشياء أكثر من ذلك لكن الظروف حالت وإحنا منذ..
أحمد منصور: لا زال لديك ما تأمل أن تحققه وأنت في هذا العمر؟
أحمد جبريل: لا لأنه بتعرف هذا عمل نضالي بده إمكانات وبده إمكانات مادية وسلاح وعتاد أميركا فرضت علينا حصار رهيب للغاية يعني حتى اللي كنا نأخذ تمويل منهم الأخوة الليبيين يمكن إحنا ليبيا ما زرتها منذ 15 سنة ولا يوجد علاقة بيني وبينهم في هذا الأمر لنا علاقة مع الأخوة الإيرانيين الجمهورية الإسلامية وهم يقدموا مساعدات لعائلات الشهداء هذا نضال بيحتاج هذا في أسلحة الآن العمل الفدائي أيضا في تطور تقني محتاج فيه أنت بدك المنظار الليلي هذا المنظار الليلي اللي تقدر تشوف أعداءك في الليل لأنه عدوك مع مثل هذا المنظار هذا ثمنه ستة آلاف سبعة آلاف دولار ممكن تفقده بالمعركة ببساطة وبكل سهولة ها المواضيع أنت تحتاج إلى سلاح متنوع إلى إمكانات عندك شهداء عندك جرحى عندك نشاطات اجتماعية تحتاج يعني..
أحمد منصور: في الختام ماذا تقول في ختام هذه الشهادة جملة أخيرة؟
(5/134)
أحمد جبريل: يعني أقول أنا رسالة يعني للأخ أبو عمار يعني ما في شك أنه قد راجع نفسه واعْتَقد هو أن الأمر في متناول اليد وثقته في الأميركان وفي بعض الأنظمة كانت مفرطة وهو الآن يعاني ما يعانيه ونحن منذ أن رفض في واي ريفر عارف كيف وفي كامب ديفد أن يوقع عن التنازل عن حق العودة حقيقة نحن نسينا خلافاتنا الماضية عارف كيف والذي تحدثنا عنه كشاهد على العصر للتاريخ لكن نحن الآن نفتش كيف نتوحد مع بعضنا يعني بدل الآن ما الأخوة في مصر يدعوننا للحوار من أجل وقف إطلاق النار طب لماذا لا نأتي لنتحاور مع بعضنا البعض؟
أحمد منصور: وقف إطلاق النار مع إسرائيل تقصد؟
أحمد جبريل: ها؟
أحمد منصور: وقف إطلاق النار مع إسرائيل؟
أحمد جبريل: عشان وقف إطلاق النار، فلماذا لا نجتمع مع بعضنا البعض ونتحاور ونقيم ونشوف وين طريقنا هذا شارون قضم يعني قضم 50% من الضفة الغربية ما هي فلسطين هل هي فلسطين هل لنا مصلحة في أن نصالح الإسرائيليين لينتقل هذا الطاعون لكل الأمة.
أحمد منصور: مع الصلح ما انتهت القصة.
(5/135)
أحمد جبريل: أنا أقول لسه الممانعة موجودة عارف كيف وفي إمكانية للمانعة لها الموضوع ها فيعني أنا بطلب من الأخوة في فتح وهم جسم مهم وتاريخهم تاريخ حافل بالنضالات والجهاد أن يعيدوا النظر ويبتعدوا عن التفاؤل وتقديم التنازلات المتتالية في هذا الموضوع، رسالتي لشعبنا في الداخل وللأخوة المجاهدين والمناضلين وإحنا فرحنا كثيرا عندما بدأ الاتجاه الإسلامي دخل المعركة لأنه كنا ننتظره منذ فترة طويلة أيضا أقول له ألا نُُصاب بالغرور ونتخيل نفسنا إنه إحنا يعني شاغلة كبيرة لأنه المعركة صعبة وقاسية تحتاج منا تكاتفنا مع بعضنا البعض وتكاملنا مع بعضنا البعض وهم بيعرفوا أنه إحنا عم بنكون جنود مجهولة في الجبهة الشعبية للقيادة العامة من أجل قوة هؤلاء الناس في الداخل شعبنا بده ينتصر رغم كل هذه المؤامرات ورغم كل الخنوع الرسمي العربي لأنه ورانا أيضا شعب عربي مقهور مثل حكايتنا وأمة إسلامية عارف كيف، نحن متأكدين أنه هذا القيد سينكسر وأن هذا النظام الرسمي العربي اللي عم بيتبهدل يوميا من أميركا ومن الصهاينة بشكل شبه يومي هذا النظام بالنهاية هذه الأنظمة ستسقط ولن يبقى منها إلا الأنظمة اللي هي تحترم نفسها.
أحمد منصور: أبو جهاد أشكرك شكرا جزيلا على هذه الشهادة المطولة.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيكم.
أحمد منصور: وصبرك عليّ طول الفترة الماضية.
أحمد جبريل: وأنا آسف يعني إذا حاولت أن اختار الكلمات الذي لا تجرح مشاعر الآخرين.
أحمد منصور: في النهاية أنت قدمت شهادتك التي أتمنى أن تكون فيها فائدة كبيرة إلى الناس وأن تكون قد أزاحت الستار عن تفاصيل كثيرة من تاريخ الثورة أو النضال الفلسطيني ربما لم يعرفها الناس بشكل كبير شكرا جزيلا.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهد جديد على العصر هذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/136)
يوسف ندا: مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين
(5/137)
الأربعاء 28/5/1423هـ الموافق 7/8/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 08:44(مكة المكرمة)،05:44(غرينيتش)
يوسف ندا مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين - الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
يوسف ندا: مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
04/08/2002
- حقيقة اتهام يوسف ندا بتمويل الإرهاب
- مسار التحقيق مع ندا والجهات التي تحقق معه
- علاقة الإخوان المسلمين ببنك التقوى الإسلامي
- بنك التقوى واتهام أميركا له بدعم الإرهاب
- قصة السلاح الذي تم ضبطه في بيت يوسف ندا
- أسباب تجميد عضوية ندا في معهد بينمنزو
(5/138)
أحمد منصور: ظل يوسف ندا شخصية غامضة وبعيدة عن الأضواء وعن وسائل الإعلام وبعيدة عن الأضواء وعن وسائل الإعلام حتى السابع من نوفمبر عام 2001، حيث تناوله الرئيس الأميركي (جورج بوش) في خطاب له واصفاً إياه ومؤسسته بأنه أحد داعمي الإرهاب، ورغم أن بوش لم يقدم أي دليل على ذلك حتى الآن، ولازال ندا طليقاً رغم تجميد أرصدته وشركاته ومؤسساته المنتشرة في 25 دولة، إلا أنه أصبح محط أنظار واهتمام معظم وسائل الإعلام العالمية لاسيما وأن تحقيقات لازالت مفتوحة معه تقوم بها جهات دولية من خلال السلطات السويسرية على رأسها المباحث الفيدرالية الأميركية FBI، ورغم أن ندا قد كشف جانباً من الغموض الذي يحيط به في حلقة أجريناها معه على الهواء في برنامج (بلا حدود) إلا أننا اكتشفنا أن الرجل يلعب دوراً أكبر من كل هذا ربما لا يعلم به كثير من الناس، حيث أنه لم يكن مجرد رئيس لمجلس إدارة بنك التقوى أو رجل أعمال مشهور تنتشر أعماله ومشروعاته في نطاق 25 دولة فحسب، وإنما لعب طوال الـ25 عاماً الماضية دوراً هاماً في جماعة الإخوان المسلمين، حيث أنه كان مفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة وقام من خلال هذا العمل بأدوار ووساطات دولية عديدة وهامة، حيث رتب العلاقة بين الإخوان المسلمين والثورة الإيرانية من أول يوم قامت فيه، كما قام بأدوار وساطة هامة بين السعودية وإيران والسعودية واليمن، وسعى لحل الأزمة بين جبهة الإنقاذ والحكومة الجزائرية، كما أمد اليمن بوثائق هامة ساعدتها في حل نزاعها مع إرتيريا حول الجزر، كما كانت له علاقات قديمة بملك ليبيا (إدريس السنوسي) والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، الذي منحه الجنسية التونسية منتصف الستينيات، ولأن ندى كان يتحرك بسرية وليس هناك معلومات مدونة أو منشورة عنه تتناول هذه الأعمال، لذا فقد كان السعي للحصول على شهادته حول هذا الدور أمراً شاقاً وعسيراً، فقد قضينا معه عدة أشهر في التفاوض
(5/139)
لإقناعه حتى يدلي بشهادته حول هذه الأحداث التي تكشف دوراً غير معلوم لجماعة الإخوان المسلمين على الساحة الدولية، وكثيراً ما كنا نتفق ثم نصل إلى طريق مسدود، ثم تنفرج الأمور ثم تعود إلى التعقيد، وقد أدركت من مشقة التفاوض معه أن الرجل ليس سهلاً، وكنت أتفهم ما يتعرض له من ضغوط عالمية تقودها قوى دولية على رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي تصرُّ على إدانته دون دليل، كما أنه هُدد بأن أي كلمة أو حديث يدلي به لأي وسيلة إعلامية يمكن أن تُغضب هذه القوى قد يؤدي به إلى السجن، وقد وصلت معه قبيل التسجيل بالفعل إلى طريق مسدود.
لكن المدير العام لقناة (الجزيرة) شجعني في أن أخوض معه جولة أخيرة من المفاوضات وأن أكون حريصاً على النجاح فيها، وقد نجحت بالفعل بعد جهد شاق ومفاوضات استمرت عدة أيام، وكان عليَّ مشقة أخرى هي مشقة إدارة الحوار مع رجل غامض لديه الكثير ولن يُخرج منه إلا ما يريد، فكيف أُخرج منه ما أريد وما يفيد المشاهدين؟ هذا ما سوف تتابعونه في هذه الشهادة.
وُلد يوسف ندا في مدينة الإسكندرية في مصر عام 1931.
انتمى لجماعة الإخوان المسلمين عام 1947.
شارك في القتال ضد البريطانيين في منطقة قناة السويس بداية الخمسينيات.
اعُتقل مع كثير من الإخوان المسلمين بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر عام 1954، قضى ما يقرب من عامين في السجن وأُفرج عنه في أبريل عام 1956.
بدأ نشاطه التجاري بعد خروجه من المعتقل وأنهى دراسته الجامعية من كلية الزراعة جامعة الإسكندرية.
وفي أغسطس عام 1960 قرر ندا الهجرة من مصر، فذهب بداية إلى ليبيا ومنها إلى النمسا حيث بدأ نشاطه التجاري يتوسع بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينيات بأنه ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط.
(5/140)
تمكن ندا من الهرب من ليبيا حينما اندلعت ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969 إلى اليونان حيث التقى برئيسها (بابا ببلوس) ثم انتقل للإقامة في (كامبيونا) الإيطالية التي تقع داخل الحدود السويسرية، ولازال يقيم بها إلى الآن.
لعب خلال الـ25 عاماً الماضية دوراً سياسياً عالمياً بارزاً داخل جماعة الإخوان المسلمين، نسعى للتعرف عليه من خلال هذه الشهادة.
أستاذ يوسف مرحباً بك، وأشكرك على موافقتك بعد مفاوضات مضنية معك على أن نسجل شهادتك على العصر ليس بالصفة التي عرفك بها معظم الناس بأنك رئيس لمجلس إدارة بنك التقوى، وإنما بصفتك مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين.
جماعة الإخوان المسلمين بتعتبر من أكثر الجماعات إثارة للجدل منذ تأسيسها في العام 1928 دخلت في صدامات مع معظم الحكومات العربية ويمتد نشاطها في أنحاء كثيرة من العالم، موقعك في هذه الجماعة يُعتبر موقع هام للغاية، لا سيما وأنك أنت أيضاً تُعتبر من الشخصيات المثيرة للجدل، دائماً أبدأ مع ضيوفي من البداية، غير أنك بشكل استثنائي أبدأ معك من النهاية أو من الآن، حيث لازالت ملفات التحقيق معك مفتوحة بعد الاتهامات التي وجهها إليك الرئيس الأميركي (بوش) في نوفمبر الماضي 2001 بأنك من خلال المؤسسة المالية التي كنت تديرها تعتبر أحد الذين يمولون الإرهاب، أين وصل التحقيق معك الذي لازال مفتوحاً حتى اليوم؟
حقيقة اتهام يوسف ندا بتمويل الإرهاب
يوسف ندا: بسم الله الرحمن الرحيم، أولا ما تقوله عني، أقدر أقول لك إن أنا سطر في موسوعة اسمها الإخوان المسلمين.
(5/141)
موضوعاً آخر، الله يرحمه الأستاذ حسن دوح قال مقولة وكأنه قالها عنى في هذه الظروف قال: "إن الإنسان ليشقى إذا كبر حجمه عن حقيقته أو إذا كبر اسمه عن حقيقته" فاللغط اللي دار حوالين.. كل الواقع أكبر من حقيقتي، ما اتُّهمت به لا أفعله ولا يمكن أن أفعله ولم يحدث أبداً إن أنا فعلته، التحقيقات مازالت مفتوحة في كل مكان ما هي في دولة واحدة، منسقها من أميركا، وما قاله ليس فقط الرئيس (جورج بوش) ولكن وزارة المالية في الولايات المتحدة، المسؤول فيها عن الإرهاب عمل شهادة في مجلس الشيوخ هناك وتكلم عني أنا وقال أشياء لا يمكن أبداً أن تُصدق، منها مثلاً: إن أنا أعطيت فلوس –أنا شخصياً- أعطيت فلوس لبن لادن في آخر سبتمبر 2001، هم يبحثوا عنه في كل مكان في الدنيا ومش لاقيين يجدوه وكأن أنا أستطيع إن أنا أجده وأبعث له فلوس في الهواء تنزل عليه على طول، ما أعرفش هتنزل إزاي.
أحمد منصور: قوى خارقة.
يوسف ندا: يبقى هأخترق مين؟
أحمد منصور: ما هي مجالات التحقيق التي يتم التحقيق فيها معك؟ هل هي فقط متعلقة ببنك التقوى والاتهامات التي أُذيعت عنك، أم أيضاً متعلقة بدورك في جماعة الإخوان المسلمين؟
يوسف ندا: تبدأ المعلومات اللي بيبحثوا فيها ابتداء مما أين وُلدت ومتى وُلدت وأين تعلمت، الروضة والابتدائي والثانوي والجامعة، وأين تحركت عندما.. وما هي الأعمال التي كنت أقوم بيها، سواء وأنا طالب وبعدين بعدما أتخرجت، وبعدين وأنا في مصر وبعدين بعدما تركت مصر، كل هذا ما تركوا صغيرة أو كبيرة، وكل واحد يبحث عن شيء وفي الحقيقة ما وجدته إن هم يتدرجوا حتى يصلوا إلى موضوع الإخوان المسلمين.
أحمد منصور: يعني الإخوان المسلمين بتعتبرها هدف أساسي من وراء هذه التحقيقات؟
(5/142)
يوسف ندا: قطعاً ما.. ما فهمته من هذا، هم كانوا يتحسسوا قبل ما يسألوا الأسئلة، ثم عندما شعرت أن الأسئلة تدور حول هذا الموضوع فطرقت هذا الموضوع مباشرة، قلت لهم إن كان يعني تبحثوا عن موضوع علاقتي بالإخوان المسلمين، فأنا على علاقة بالإخوان المسلمين منذ.. منذ أكثر من نصف قرن، يعني ما هو الموضوع لا سر ولا موضوع جديد ولا إن أنا أتبرأ منه، بل بالعكس هذا يشرفني وأعتقد إن هذا إن أكبر شرف ليَّ في حياتي، ومازلت أدعو ليل نهار لمن كانوا سبباً في علاقتي بالإخوان المسلمين.
أحمد منصور: رغم أن الإخوان المسلمين جماعة محظورة في مصر على سبيل المثال وأصبحت الآن في دائرة الاتهام إلى حد ما أو التلميحات بالاتهام إلى حد ما من الأجهزة التي تكافح الإرهاب في العالم؟
يوسف ندا: جماعة الإخوان المسلمين لها أكثر من سبعين سنة موجودة، وموضوع إنه يحظروها، لا يستطيعوا أن يحظروا فكر، الجماعة أصبحت فكر والفكر ينتشر في كل مكان لا يمكن وقفه إلا إذا كانوا هم بيصادروا الأفكار أو يحاولوا يصادروا الأفكار، يستطيعوا أن يحاولوا، لكن قطعاً هذه المحاولات تصاب بالفشل الفكر لا يحظر عليه، الفكر في الرؤوس.
أحمد منصور: يعني الآن استهداف يوسف ندا ليس استهداف يوسف ندا وبنك التقوى بالدرجة الأولى بقدر ما هو استهداف أو بداية لاستهداف الإخوان المسلمين واتهامها في قضية التورط أو العلاقة بالإرهاب والإرهابيين؟
يوسف ندا: لا هو.. هو اتهام لكل الحركات الإسلامية، الإخوان المسلمين صحيح هي كبرى الحركات الإسلامية وكبرى الحركات الإسلامية المعتدلة أقول لأنه هناك كثير مما يدعو أنهم حركات إسلامية، لكن كبرى الحركات الإسلامية المعتدلة وهي الأم، هذا لا شك فيه، 70 سنة من الكفاح يعني قُتل من قُتل بسببها وسُجن من سُجن وتشرد من تشرد، وحُطِّمت عائلات، وشُرِّدت أولاد، ويتِّمت بنات، وثُكلت نساء، كل هذا حصل، والجماعة مازالت تسير، لا يستطيع أحد..
(5/143)
أحمد منصور: رغم أنك تحمل الجنسية الإيطالية إلى جوار الجنسية المصرية والتونسية أيضاً، وسآتي لموضوع التونسية فيما بعد، لكن وأنك تعيش على أرض إيطالية داخل سويسرا، ما هي الأجهزة التي تقوم بالتحقيق معك؟
يوسف ندا: الأجهزة في عدة بلاد، ما هياش في بلد واحدة، عندي تحقيق في إيطاليا، عندي تحقيق في سويسرا، عندي تحقيق في أميركا، عندي تحقيق.. مصر للأسف الشديد إن من ضمن الحاجات.. الأشياء اللي قيلت لي..
أحمد منصور: من الذي قالها لك؟
يوسف ندا: في التحقيقات من عدة دول، إنه جالهم تقرير مثلاً من الأردن يقال إنه واحد
أحمد منصور: عنك أنت؟
يوسف ندا: أيوة عني، يُقال إنه واحد ممن مسكوه من القاعدة ضربوه وعذبوه، ومن التعذيب قال إنه يوسف ندا يمِّول القاعدة، وأنا أستطيع أن أفهم إن أي واحد يُعذَّب، ممكن يقول أي شيء حتى يرفع التعذيب عنه، وهذا أشياء لمستها أنا وشفتها لما كنت موجود أنا في المعتقل في السجن الحربي، يعني كان الإنسان يشر.. يُشرَّح حتى يقول ما يُراد له أن يقول، مش يقول الحقيقة، ودي عملية يعني التاريخ كلها كتب عنها، ما هياش عملية مستخبية، لكن أنا أتحدى إن كان الكلام اللي قيل ده هو ممكن أن يثبت صحته.
أحمد منصور: كان ردك إيه على هذا الاتهام؟
يوسف ندا: قلت لهم أنا أتحدى أي شيء، وبعدين تقرير ثاني جه من تونس ومن ضمن الكلام اللي جه من تونس إن الجنسية التي يحملها مشكوك فيها، والحمد لله أنا منذ أخذت الجنسية قرار وزارة العدل موجود عندي..
أحمد منصور: التونسية.
يوسف ندا: التونسية، أنا قلت أيه؟
أحمد منصور: التونسية، نعم.
(5/144)
يوسف ندا: آه، قرار وزارة العدل موجود عندي، شهادات من القنصليات إن أنا كنت مسجَّل فيها باستمرار موجودة عندي، لا يستطيع واحد أبداً إنه.. إنه يتهمني وما.. ما.. ما أردش بمستندات تصبح عكس.. تثبت عكس هذا الاتهام، جاء تقرير ثاني من.. مما يقال، وقيل ليَّ إنه من مصر للأسف الشديد، يعني لو الواحد يستطيع يقارن لابد يقارن إن الحكومة الأميركية لما مسكت واحد أميركي في مزار الشريف
أحمد منصور: طالبان الأميركي كما يقال.
يوسف ندا: أيوه، اللي هو (جون ووكر) مسكوه باعتبار إن هو مواطن أميركي أخذوه عاملوه معاملة مختلفة، حموه أكثر من غيره، غيره ودوه جوانتانامو، هو أخذوه على أميركا، اتعالج عاملوه.. حطوه تبعاً القانون الأميركي، أما للأسف الشديد بلادنا إحنا تبعت مواطنيها ومعلومات عن مواطنيها ومعلومات مزيَّفة عن مواطنيها، ودي يعني يجيب لنا سؤال: أين الأهلية؟ أهلية السلطة لما تُعطى للدولة، الدولة..
أحمد منصور: هم تحت ضغوط.
يوسف ندا: الدولة، معلش يظل.. يظل خلينا نعرف..
أحمد منصور: بوش قال من ليس معنا فهو ضدنا، ووضع الكل تحت الضغط الأميركي.
يوسف ندا: يظل خلينا نعرف، الأمة تعطي للدولة سلطة، هذه السلطة ليس لاستعمالها لحماية هذه.. هذه الدولة، لأ، لازدهار الشعب، لحماية حدود الدولة، لحماية الشعب، لاقتصاده، لتعليمه، للصحة، لكل هذه الأشياء..
أحمد منصور: ده جزء من الحماية.
يوسف ندا: إذا.. إذا.. إذا لم تقم بهذا تفقد الأهلية.
أحمد منصور: هم يعتبرون هذا جزء من الحماية في ظل الضغوط الأميركية التي تمارس على الحكومات المختلفة، وإن أي دولة لا تقدم معلومات..
يوسف ندا: إذاً جزء لحماية هذه الحكومات.
أحمد منصور: هي متهمة بالتواطؤ مع الإرهابيين والإرهاب.
يوسف ندا: إذاً جزء لحماية هذه الحكومات حتى تستطيع أن تستمر في موقعها، وليس جزء لحماية إنجازات الشعب ومستقبل الشعب ومستقبل هذه الأمة.
(5/145)
أحمد منصور: في ظل الواقع الحالي الحكومات لا تعتبر هذا عيباً.
يوسف ندا: لا، يتوقف نظرتهم إن همَّ يعني لما نجد إنه تبادل المعلومات أن تُعطي بلادنا إحنا تعطي المعلومات لمن يريدها، أما من يريدها لا يعطيهم معلومات، همَّ لا يأخذوا معلومات من الدول الأخرى، ولكن يعطوا معلومات.
أحمد منصور: هم مش عايزين، يعني الأمر يرجع إليهم في هذا الجانب.
يوسف ندا: إذاً همَّ يثبتوا القاعدة إن إحنا اللي عندنا بلادنا هي اللي فيها إرهاب.. إرهابيين، أما البلاد الثانية ما فيهاش إرهابيين.
أحمد منصور: الشائع الآن إن الإرهاب كله مصدره العالم الإسلامي والدول الإسلامية والمسلمين.
يوسف ندا: والله إحنا..
أحمد منصور: لم بعد هناك حديث عن أي إرهابيين في العالم الآن.
يوسف ندا: أيوه، ما هو نفس الموضوع إذا قلنا عن الفلسطيني اللي بيدافع عن أرضه واللي بيدافع عن بيته، واللي بيدافع عن زوجته، واللي بيدافع عن بنته، واللي بيدافع عن مستقبله، واللي طُرد من مكانه يعتبر إرهابي.
أحمد منصور: لا يدافع أحد عن هذه.. وجهة النظر هذه الآن، لأنه أصبح حتى من يدافع عنها ممكن أن يُتهم بالإرهاب.
يوسف ندا: إذاً إحنا علينا إن إحنا ننسى كل مُثُلنا وننسى كل حقوقنا، وما يُقال لنا أو يُقال علينا يجب إن إحنا نعترف به.
مسار التحقيق مع ندا والجهات التي تحقق معه
أحمد منصور: من هي الجهات التي تحقق معك في هذه اللحظة، لاسيما وأنه في برنامج سابق عملناه معك في برنامج (بلا حدود) حول بنك التقوى والأحداث التي صارت، قلت إن الـFBI وأجهزة مختلفة، والآن تقول لي عدة دول؟ هل لازال أجهزة الـ FBI لها علاقة بالتحقيقات الدائرة معك؟
يوسف ندا: لأ، هو الآن اللي ماسك الموقف مش الـ FBI، ولكن (الـ Treasury) وزارة المالية.
أحمد منصور: الأميركية.
(5/146)
يوسف ندا: الأميركية، وزارة المالية هي اللي أعلنت إن يعني الأسباب اللي بيها يعني حاصرتنا وجمدت أموالنا وأصولنا، وليس فقط هذا، يعني من ضمن القرار اللي طالع إن حتى من يساعدنا تصوَّر يعني.. يعني المفروض فيها إن أنا ما أكلش، المفروض إن أنا ما.. ما استطعش ادفع التليفون.
أحمد منصور: مع فرض الحراسة هذه عليك لم يحددوا لك معاش شهري مثلاً أو شيء؟
يوسف ندا: أبداً.. أبداً، بالعكس طلبنا 15 ألف فرنك، يعني 7.5 ليَّ و7.5 لغالب رُفض.
أحمد منصور: من.. من أجل ماذا يعني؟
يوسف ندا: عشان نأكل بيهم، رُفض، كتبنا لهم إن هذا عشان نستطيع نعيش بيهم، عشان ما يكفونيش حتى لمدة أسبوع.
أحمد منصور: نُشر إن مجال عملك ممتد في 25 دولة، في كل هذه الدول تم تجميد الأرصدة والأموال؟
يوسف ندا: في كل مكان في الدنيا، يعني حتى المدعي العام قال لي إن إحنا ذهبنا في..
أحمد منصور: أي مدعي عام فيهم؟
يوسف ندا: السويسري، نائب المدعي العام السويسري، وعلى فكرة يعني أنا قبل ما تبدأ أي جولة من جولات التحقيق بيذكروا لي حقوقي وواجباتي، من ضمن.. أو التزاماتي، إذا تحدثت أو طلعت أي شيء أو قلت أي تصريح يؤثر أو يطلع معلومات مما سُئلت عنها أنا معرض لـ6 سنين سجن.
أحمد منصور: وده من الأشياء اللي خلت المفاوضات صعبة بيني وبينك في عملية التسجيل.
يوسف ندا: ومازالت، مش كل شيء هأقوله لك
أحمد منصور: يعني سواء..
يوسف ندا: مش لأني مش عايز أقول، ومش لأني خايف أنا الحمد لله لا أخشى إلا لله، أنا عندي 70 سنة 71.
أحمد منصور: ربنا يديك الصحة.
يوسف ندا: سنة فوق سنة ناقص، لا هتزودني ولا هتنقصني.
أحمد منصور: يعني سنسعى للحصول منك على ما نستطيع من معلومات.
يوسف ندا: بقدر الإمكان في حدود.. في موضوعين، موضوع الإخوان مثلاً، أنا قلت لك قبل كده أنا لست متحدث..
أحمد منصور: هو ده الموضوع الرئيسي.
(5/147)
يوسف ندا: أنا لست متحدث باسم الإخوان، ولكن ما عندي مانع إن أنا أتكلم في أي دور من الأدوار اللي أنا كنت مسؤول عنها أو اللي أنا قمت بيها.
أحمد منصور: إحنا هنكلمك في الدور اللي أنت قمت به أساساً، وفي هذا البرنامج نقتصر مع الشهود على الأدوار التي يقومون بها.
يوسف ندا: اتفضل.
أحمد منصور: في أي اتجاه يسير التحقيق الآن بعد عدة أشهر من مساره؟
يوسف ندا: هو له حوالي شهر متوقف، لأن آخر شيء أنا.. ليس فقط إن أنا قلته، ولكن أعطيته مكتوب إن أنا أتحدى أن يثبت أو يُثبت ما قيل من وزارة المالية الأميركية، 3 أشياء قالوها:
الرقم الأول: إن حماس كانت والعجيب إن هم كانوا يتحدثوا عن بن لادن أو كانوا يتحدثوا عن القاعدة، وانتقل الحديث الآن إلى كل شيء، فمنهم مثلاً إن حماس تُجمِّع 60 مليون دولار في السنة كانت تضعهم عندنا.
أحمد منصور: في البنك.
يوسف ندا: أيوه، وهذا يعني شيء.. شيء.. شيء غير معقول، أنا بأعتقد إن حماس إذا كان عندها 60 مليون في سنة ما كانت تستطيع إسرائيل تعيش
أحمد منصور: طيب كانوا
يوسف ندا: ما عندهم.
أحمد منصور: كانوا بيحطوهم فين؟
يوسف ندا: هذه حاجة، والحاجة الثانية ما لي صلة بيهم أصلاً.
أحمد منصور: يعني إذا لم يكونوا وضعوا..
يوسف ندا: الشيء الثالث: ما يمكن يثبتوا هذا ما يمكن يعني إن أي واحد يقول أي شيء، كل الكلام هذا طالع من مصر يمكن، يمكن طالع من الأردن
أحمد منصور: "كوريرا ديليسيرا" نشرت هذا الكلام في سنة..
يوسف ندا: نعم؟
أحمد منصور: صحيحة "كوريرا ديليسيرا" الإيطالية نشرت هذا الكلام قبل حوالي ست سنوات.
يوسف ندا: لأ، نشرت شيء.. نشرت شيء آخر، قالت إنه هناك تحقيق في حماس أين الأربعين.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مليون دولار.
يوسف ندا [مستأنفاً]: مليون دولار التي وهبها بنك التقوى؟ دلوقتي تغيرت أصبح إن حماس أعطت بنك التقوى، مش بنك التقوى، وهكذا كل شوية يطلع شيء جديد.
(5/148)
علاقة الإخوان المسلمين ببنك التقوى الإسلامي
أحمد منصور: لكن بنك التقوى بيوصف إنه حصَّالة الإخوان المسلمين، وأنك حينما أعلنت عن تأسيس البنك في سنة 88 زيَّلت الإعلان بأسماء قيادات الإخوان في أنحاء العالم.
يوسف ندا: يعني هتخلط
أحمد منصور: أما يعني هذا إن دا بنك
يوسف ندا: أنت هتخلط بين حاجتين بين أساليب الدعاية والإعلان وده تكتيك معين، يعني مضطر الإنسان إن هو ياخده إذا دخل في أي موضوع، أنتم مثلاً عندكم في.. في ( الجزيرة) عندكم برضو قسم الإعلان والدعاية و.. و.. وإلى آخره، أي بنك أو أي شركة أو أي عمل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن الاقتصار على فئة معينة هذا يضع علامات استفهام كثيرة.
يوسف ندا: لا.. لأ، إحنا كان عندنا.. إحنا كثير من اللي إحنا متصلين بيهم ولهم معروفين في العالم الإسلامي أو معروفين في أماكن متعددة أستأذنا منهم إن إحنا ممكن إن إحنا ندي لكل واحد فيهم سهم، ونحطهم كمؤسسين، بعد كده.
أحمد منصور: السهم بكم يعني؟
يوسف ندا: السهم بـ100 دولار.
أحمد منصور: يعني مقابل استغلال أسمائهم لجلب الأموال؟
يوسف ندا: لأ، هو يدفع الـ 100 دولار، إحنا ندي له سهم وهو يدفع.. يدفع قيمته.
أحمد منصور: ما هو 100 دولار وتضع اسمه مقابل إن.. إنه يساعدك في جمع الأموال من الناس..
يوسف ندا: لأ، هو يساعدني في إن.. في إن أنا الأسماء المعروفة، يعني الناس ما تكونش بتتعامل في مكان مجهول، إن أي واحد ممكن يروح يستعلم عننا.. يستعلم عننا عند الأسماء اللي إحنا حطناها.
أحمد منصور: بعد تجميد أموال البنك شعر كثير من المودعين في البنك إن أنتوا استغليتم أموال البنوك في الحصول على بيوت وأملاك وكذا، وفي نفس الوقت أصبح هؤلاء الناس مفلسين بعدما وضعوا أموالهم بثقة إن هذا بنك إسلامي ويديرها بشكل إسلامي.
(5/149)
يوسف ندا: إحنا الحمد لله أولاً: فيه حاجتين، إحنا كل ما عندنا.. كله يعني استطعنا نفعله قبل 15 أو 20 سنة من إنشاء البنك، يعني إذا تكلمت عن البيوت اللي عندنا أو الممتلكات اللي عندنا لم تزد عندنا الممتلكات، وكل ما كان عندنا غير البيوت اللي إحنا بنعيش فيها وغير بعض الممتلكات الصغيرة، كل الباقي حطيناه في البنك، وضاع في البنك كما ضاعت حقوق الناس.
أحمد منصور: أموالكم أيه في البنوك مقارنة بأموال المودعين؟
يوسف ندا: إحنا عندنا في البنك يمكن 25% منه، مش من فقط رأس ماله.
أحمد منصور: وأموال الإخوان في البنك كانت قد أيه؟
يوسف ندا: لا تساوي.. الإخوان كأفراد أيوه، لكن الإخوان
أحمد منصور: كجماعة.
يوسف ندا: كجماعة ليس لها حتى دولار واحد
أحمد منصور: أمال أفراد أموال الإخوان؟
يوسف ندا: أما الأفراد لو جمعت مجموع الأفراد اللي هم أصل.. لهم علاقة بالإخوان أو إخوان لا يمثلوا حتى 3 أو 4% من الموجود في البنك
أحمد منصور: والباقي من الشخصيات العادية من المسلمين.
يوسف ندا: من العالم كله.
أحمد منصور: منين المودعين؟ في أي.. من أي الدول؟
يوسف ندا: من العالم كله.
أحمد منصور: ألم يكن للإخوان أي أموال مودعة في البنك عندك؟
يوسف ندا: لم يكن، وليس عندهم أموال.
أحمد منصور: كيف كنتوا توظفوا أموال الإخوان؟
يوسف ندا: ما فيه أموال للإخوان حتى نوظفها.
أحمد منصور: إزاي جماعة فيها ملايين الناس وتمتد في أنحاء الدنيا كيف ما يكونلهاش أموال؟
يوسف ندا: الإخوان، يعني اتكلمنا في هذا الموضوع من قبل، الإخوان عبارة عن أفراد وكل فرد يتحرك، وعندما يتحرك كل واحد بيصرف من ماله الخاص ومن قوته ومن قوت أولاده، لأن هو التحرك اللي بيتحركه أيه؟ ممكن يكون سفر، ممكن يكون اجتماع، ممكن يكون، يعني.. ممكن طبع كتاب، ممكن عمل مساهمة شخصية إذا كان دكتور في مستوصف في علاج مجاناً، إذا كان مدرس ممكن إن هو يدرس دروس خصوصية مجاناً.
(5/150)
أحمد منصور: لكن ده بيجمع ملايين يعني، يجمع ملايين الدولارات من الأموال، حتى.. لو هي أموال
يوسف ندا: دا يجمع إذا كان بيجمع، لكن إذا كان هو ما.. ما بيخرجه عن جيبه، هو بيخرجه عمل يساوي.. يساوي قيمة.
أحمد منصور: لا يعني.. يعني إحنا نريد كلام مقنع إلى الناس، أي تنظيم فيه 5 أفراد كل واحد بيدفع اشتراك فيه، اشتراكات الإخوان..
يوسف ندا: نحن تنظيم غير عادي، إحنا وأنا قلت لك إحنا.. إحنا لا نستطيع، يعني حتى كلمة تنظيم.
أحمد منصور: أنتم تنظيم غير عادي، بيضم.. بيضم ناس ممتدين من أميركا إلى...
يوسف ندا: يعني ممكن إن إحنا أنا قلت لك إحنا فكرة ما أصبحناش أصبحنا تنظيم، إحنا.. إحنا نقول على نفسنا كنا جماعة والجماعة.
أحمد منصور: لا أحد يقبل أستاذ يوسف، لا أحد يقبل هذا الكلام في ظل.
يوسف ندا: فيه فرق بين جماعة وبين التنظيم.
أحمد منصور: لا أحد يقبل هذا الكلام في ظل ما يقال وما ينشر، رسائل دكتوارة اتعلمت عن الإخوان، تاريخ الإخوان 70 سنة زي ما حضرتك بتقول، ممتدة في أقطار كثيرة، لا أحد يقبل إنه الإخوان دول مجرد فكرة، وكل الخوف من الإخوان إن الإخوان تنظيم مش فكرة.
يوسف ندا: يا أخي إحنا تعلمنا في الإسلام إن إبراهيم كان أمة، واحد، أتعلمنا هذا.
أحمد منصور: إحنا الآن فيه شق أساسي الآن، وفيه تقارير كثيرة اطلعت عليها بتقول إن أصلاً ضرب البنك التقوى هو جزء من مخطط لضرب البنية التحتية للإخوان المسلمين على اعتبار إن هذا هو المكان اللي بتجمع فيه الأموال واللي بيدير أموال الإخوان المسلمين خاصة وإن رئيس مجلس إدارة البنك والذي يملك 25% من أسهمه بيوصف بأنه رئيس.
يوسف ندا: مش من أسهمه فقط من..
(5/151)
أحمد منصور: من أمواله وممتلكاته، بتوصف في تقارير كثيرة بإنك رئيس حكومة الظل في الإخوان المسلمين، والآن الصفة الأساسية ليك إنك أنت مفوض العلاقات السياسية الدولية في الإخوان، وهنيجي للعلاقات التي وصفت بأنها أخطبوطية لك مع دول ورؤساء دول...
يوسف ندا: هو.. هو صحيح الإخوان.. الإخوان شرفوني بهذا الاسم اللي أنت تقوله، لكن قلت لك من الأول كلام الأستاذ حسن دوح -الله يرحمه- يعني "يشقى الإنسان إذا كبر اسمه عن حقيقته"، فالاسم اللي أعطوني اكبر من حقيقتي، أما حكاية إنه المفروض أن التحرك الموجود لضرب البنية الأساسية للإخوان، هذا واقع ونلمسه وليس الإخوان فقط، ولكن الإخوان كمقدمة لضرب كل الحركات الإسلامية وليس فقط الحركات الإسلامية، هو الإسلام نفسه حتى في معتقداته، حتى في دراساته، حتى في تدريسه في المدارس، هذا.. حتى في حتى عندكم –إن شاء الله- أن ما تحصلش نرجو هذا –يعني إذا كان عندكم بعض البرامج الدينية هييجي يوم من الأيام هيطالبوكم بإن أنتم توقفوها.
أحمد منصور: موضوع المال الآن هو موضوع بيحتل شق رئيسي في قضية تحريك الإخوان وفي قضايا..
يوسف ندا [مقاطعاً]: ما معنى إن أنا.. ما معنى إن أنا اشتغل في المال؟ إن دا معناه أن أصبح الإخوان المسلمين عندهم أموال، الإخوان المسلمين إذا كان عندهم أموال كانت اتصادرت في أي مكان في الدنيا.
أحمد منصور: آمال إزاي جماعة فيها ناس بتشتغل في كل مكان ومؤسسات ومراكز.. من أين تنفق؟
يوسف ندا: ما قلت لك، هذا.. هذه.. هذه أهم صفة.. هذه، هذه أهم صفة من صفة الفرد في الإخوان إن هو يتحرك بتضحية من ماله وجهد وعرقه وبمستقبله وعائلته كل دا بيضحي به..
أحمد منصور: فيه اتهامات..
يوسف ندا: كلها تضحيات.. تضحيات فردية وكل واحد بيتحرك بإمكانياته الشخصية.
أحمد منصور: فيه اتهامات..
(5/152)
يوسف ندا: يعني أنا لما.. أنا لم أتحرك وتحركت في العالم كله لم أتحرك من أموال الإخوان، أنا تحركت من أموالي.
أحمد منصور: من أموالك، لأنك معاك أموال لكن بقية الناس، وأيضاً في أموالك هذه بتعطى للإخوان.
يوسف ندا: وغيري عنده اقل، كل ميسر لما خلق له، كل واحد على قده.
أحمد منصور: من أين تدار الخدمات الاجتماعية التي يقوم بها الإخوان مثل المدارس ومثل المستوصفات ومثل العيادات ومثل هذه الأشياء التي تتحدث عنها، وهي منتشرة في أماكن كثيرة من العالم؟
يوسف ندا: لازم تقسم، يعني أي عمل من الأعمال بيقسم لأشياء كثيرة، جزء منه هو جهد وجزء منه هو مال، وجزء منه هو فكر، لما يبقى.. الطبيب.. الطبيب إذا راح مستوصف ما دام ما بيأخذش أجر، عطى من جهده، لو.. لو هو راح في مكان ثاني هيأخذ عليه أجر، فهو يعني هذا الأجر اللي هو تنازل عنه هو يعتبر أجر هو قبضه، قبضه بطريقة ثانية، بالثواب اللي أخذه.
أحمد منصور: أيضاً لم تجب على سؤالي، لكن هناك اتهامات.
يوسف ندا: هو.. هو فيه نقطة يا أخ أحمد يعني القياس لما تحب إن أنت تدي سؤال لازم تقيس بالعين اللي هي تنطبق على هذا الموضوع، يعني لما تيجي تكلمني في أي موضوع مثلاً بمرحلة زمنية فاتت، وتتكلم بعين المرحلة الزمنية الحالية، ما تقدرش تحكم الحكم الصحيح، نفس الموضوع لما تيجي تحكم على جماعة أو مجموعة من الناس كل أفكارهم منحصرة ومتركبة على التضحية.
أحمد منصور: أيوه، لكن أصلاً الجماعة من أول ما أسست إلى اليوم وقضية دفع اشتراكات جوه الجماعة زي أي حزب في كل أنحاء العالم، قضية إلزام الشخص بدفع اشتراك معين هو جزء من انتمائه لهذه الجماعة.
يوسف ندا: الحياة.. الحياة العملية
(5/153)
أحمد منصور: هذه الأموال الآن، وهذا الشق الذي أنا أقصده وقضية توظيف هذه الأموال لصالح خدمة المشروعات العامة للجماعة أو للحزب أو للتنظيم قضية أساسية، لما حضرتك الآن تنكر هذه النقطة بشكل أساسي، ما حدش هيقبلها من الناس اللي بتتفرج علينا..
يوسف ندا: العمل.. العمل العلني زي عمل الأحزاب أو عمل الجماعة لما تكون في وضع مسموح لها أنها تتحرك تحتاج لمقر بتحتاج لسفر.. بتحتاج.
أحمد منصور: عندكم مقر في القاهرة مثلاً، وفي كل مكان فيه مقر.
يوسف ندا: عندهم في القاهرة شقة كل إيجارها حوالي 20 جنيه في الشهر، هتتكلم في أي، فيها.. فيها أودتين المقر بتاعتهم، يعني.
أحمد منصور: أنا بأتكلم عن وضع العالم الآن، وأنت مفوض في الوضع العالمي.
يوسف ندا: إذا.. إذا مؤتمرات..إذا كان.. إذا كان فيه مؤتمرات كبيرة بتدعو لها آلاف من الناس أو عشرات الآلاف من الناس لها ترتيبات معينة، إذا كان فيه يعني نشرات يومية بتطلع، إذا كان فيه.
أحمد منصور: بتعملوا حاجات وأنشطة في كل مكان.
يوسف ندا: أبداً.. الكلام ده مش موجود.
أحمد منصور: ناس بتحشدو بتجمع ومؤتمرات وكذا.
يوسف ندا: أبداً كل الكلام دا ما.. ما إحنا مسموح لنا إن إحنا نعمله.
أحمد منصور: بتعملوه في التنظيم الدولي، مش التنظيم الدولي دا بيطلع واجتماعات ولقاءات وأسفار وأوروبا..
يوسف ندا: برضو هنرجع لكلمة تنظيم، كلمة تنظيم أصلها أكبر من حجمها، كلمة تنظيم بتطلق على كل شيء، يعني أنا أذكر مثلاً في سنة 56 جابوا مجموعة من الإخوان جابوها السجن الحربي، وكانت يعني مئات وسموها التنظيم.. تنظيم التمويل، وأيه هو التمويل؟ كان إنه العائلات اللي كانت تضررت وموجود في السجون، كان اللي يدفع 5 جنيه لأي عائلة كان يأخذ 5 سنين سجن، وسمي تنظيم، فإصلاحات.. إصلاحات الأمن دي تنظيم سري وتنظيم تمويلي وتنظيم عالمي وتنظيم، كل الاصطلاحات دا هي...
(5/154)
أحمد منصور: مش اصطلاحات أمن، يا سيدي كل أدبيات الإخوان كتبت عما يسمى بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي أسس في نهاية السبعينيات.. وكانت هناك بيانات تصدر باسم محمد عبد الرحمن خليفة (المراقب العام للإخوان المسلمين السابق في الأردن) تحت اسم الناطق الرسمي باسم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وكانت بتنشر في مجلات الإخوان وكتب الإخوان، يعني الآن هنقول ما فيش تنظيم دولي للإخوان المسلمين، فيه تنظيم دولي للإخوان المسلمين.
يوسف ندا: لا.. لا.. أنا قلت لك قبل كده إنه كلمة تنظيم هي سرت زي ما.. ما زي ما بيقولها.
أحمد منصور: أنتم اللي سميتم نفسكم، ما حدش سماكم..
يوسف ندا: لا.. لا.. لا إحنا ما سمينا نفسنا.
أحمد منصور: آمال ما معنى البيانات التي كانت تصدر باسم التنظيم الدولي للإخوان.
يوسف ندا: البيانات كانت تصدر بنا عن اللي موجود..
أحمد منصور: الموجود تنظيم ولي للإخوان المسلمين.
يوسف ندا: المنتشر.. يعني المنتشر.. اضطروا إن هم يجاروه في بعض الأماكن.
أحمد منصور: يعني أنت الآن دورك الآن كمفوض للعلاقات السياسية الدولية جزء من عمل التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
يوسف ندا: لأ أنا جزء من قيادة الإخوان، والإخوان لها قيادة واحدة في العالم، ولا أقول إن أنا جزء من القيادة، لكن أقول إن أنا مفوض من القيادة، أنا لست جزء من القيادة.
أحمد منصور: القيادة اللي في مصر هي التي تقود الإخوان في العالم.
يوسف ندا: مرشد الإخوان المسلمين هو مرشد واحد.. ما فيش غير مرشد.. ما فيش غيره.
أحمد منصور: لكل الإخوان في العالم؟
يوسف ندا: لكل الإخوان في العالم.
أحمد منصور: ودورك ينبثق من دور.. من تكليف من قيادة الإخوان من مصر؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: والتنظيم الدولي جزء من تكليف قيادة الإخوان في مصر للإخوان في العالم أن يتحركوا فيه؟
(5/155)
يوسف ندا: ما تسألني عليه، مالي علاقة به، إذا أنت أصريت على إنه يكون موجود.
أحمد منصور: أنا مش مصر أنا.
يوسف ندا: أنا بأقول إن هو مش موجود.
أحمد منصور: موجد في أدبياتكم، موجود في اجتماعاتكم، موجود في كل ما يكتب عن الإخوان.
يوسف ندا: أنا بأقول إنه فيه، أنا بأقول إنه من فعلا.. أقول إنه فعلاً في الدول و الأقاليم من الدول والأقاليم فيه مندوبين وهؤلاء المندوبين يجتمعوا من القارات.
أحمد منصور: هم دول المندوبين بتوع التنظيم بتاعكم.
يوسف ندا: سميهم ما تشاء، أما أنا لا أسميهم تنظيم دولي.
أحمد منصور: يعني فيه اجتماعات منظمة من الأقطار يقوم بها الإخوان.
يوسف ندا: عندما تحدث.. عندما يكون فيه أحداث معينة تستحق الاجتماع طبعاً بيجتمعوا.
أحمد منصور: وفيه مجلس شورى بيحرك هؤلاء برضو عالمي.
يوسف ندا: مجلس شورى.. مجلس شورى للإخوان في كل مكان في الدنيا أي نعم.
أحمد منصور: يعني إذن فيه تنظيم دولي للإخوان المسلمين.
يوسف ندا: برضو نتيجة.. يعني الفرد لا يصل إلى النتيجة، افتراضك صح لكن النتيجة غلط.
بنك التقوى واتهام أميركا له بدعم الإرهاب
أحمد منصور: فيه تقرير لوزارة المالية الأميركية نشر في العام 1999 يشير إلى أن شركات التحويلات المالية تشكل مرتعاً لأجسام إرهابية وإجرامية، وأن هذه الشركات استخدمت في دعم الإرهاب، هل تعتقد أن.
يوسف ندا: 99؟
أحمد منصور: سنة 99، يعني قبل 3 سنوات من الآن.
يوسف ندا: يعني قبل الحوادث.
أحمد منصور: وقبل أحداث سبتمبر طبعاً، هل تعتقد أنكم كنتم معنيون بشيء من هذا لا سيما وأن الحملة ضد بنك التقوى بدأت في منتصف التسعينات؟
يوسف ندا: يعني أنا ما أستبعد هذا، لأن إحنا يعني بدأت المتاعب علنيا ابتداء من 95 تصاعدت في 97، ويعني بلغت ذروتها في الوضع الأخير دا هوة في سنة 2000/ 2001.
(5/156)
أحمد منصور: كنت تتوقع أن يتم.. أن يقع لك ما وقع؟ أن تصل الأمور إلى هذا الحد، أن تكون ملياردير ولا تملك شيء؟
يوسف ندا: أيوه، ما عشت في يوم من الأيام عندي إن أنا أستطيع أضمن ما عندي، كل ما هنالك صلتي بربي هي اللي أعتقد أنها ممكن تحميني من أي شيء، الحمد لله.
أحمد منصور: استعديت لهذا اليوم؟
يوسف ندا: أعتقد إن جزء منه.. كلمة الاستعداد هي فقط إني إذا في يوم من الأيام ضربت فأستطيع أن أدافع عن نفسي، مش إذا اخذ مني ما عندي أستطيع استرده، فيه فرق بين الاثنين.
أحمد منصور: موقفك أيه في..؟
يوسف ندا: يعني.. يعني الموضوع الأساسي عندي إن أنا ما أخترق قانون لأن إذا حبوا إن هم يمسكوا علي اختراق لأي قانون في أي مكان دي معناها يحق لهم إن هم يسجنوني بتهمة ممكن تكون جنائية وليست سياسية، أما تهمة سياسية اعتدنا عليها وأصبحت لا فرق عندنا فيها.
أحمد منصور: معنى ذلك إن كل الاتهامات الموجهة إليك لا.. لم يثبت شيء منها في ظل القانون؟
يوسف ندا: ولا يستطيعوا أن يثبتوا شيء منها بفضل الله.
أحمد منصور: يعني واثق من نفسك لهذا الحد؟
يوسف ندا: أكثر من هذا وقلت لهم هذا كتابة وشفاهة إن أنا أتحدى أي واحد فيكم يستطيع أن يثبت علي أي شيء إن أنا اخترقت أي قانون في أي مكان، ولعلمك يعني هم لما تعبوا في محاولة إثبات ما يقولوه عن صلة.. تمويل إرهاب أو غيره، يعني قفزوا إلى.. إلى مواضيع أخرى، حاولوا يحاربوني بها، وهي المواضيع الإدارية الضرائب، الباسبورتات، الإقامات زي ما حصل في أميركا بعد ما مسكوا 5 آلاف حطوهم في السجن لمدة 6 شهور، ما استطاعوش يجدوا عليهم أي تهمة إرهابية أو أي تهمة متعلقة بالسبب الأصلي اللي هم اعتقلوهم به، في الآخر بدأوا يقولوا هذا عنده مشكلة جوازات، وهذا مشكلة تأشيرة، وهذا مشكلة كذا، وبعضهم حتى.. حتى دي ما لقوش عندهم، وما زالوا ممسوكين.
(5/157)
أحمد منصور: التحقيقات معك مازالت مفتوحة وربما نسعى لبث هذه الحلقات في ظل استمرار التحقيقات معك، ربما يضموها للملفات التي لك، لكن إلى.. إلى أي مدى تتوقع أن تصل هذه التحقيقات؟
يوسف ندا: هو يعني ما فهمت أنا من.. من التحرك الأميركي إنه لن يقفوا عند حد، وما فهمته أن من المساندة للأسف الشديد وظلم ذوي القربى من المعلومات اللي بتيجي من مصر ويا ريتها معلومات صحيحة، لو معلومات صحيحة الواحد مستعد إن هو يتحمل مسؤوليتها، لكن دي افتراء، يعني أنا أرى إن أهلية رجل الأمن اللي كتب على.. على المواطن اللي عنده، وهو يعلم إن اللي بيكتبه دا غلط، لمجرد إن هو معارض للدولة، إن هو يكتب لدولة أجنبية يستعديها على أبناء بلده، المفروض فيه إنه يتحسس وطنيته، يتحسس آدميته، يتحسس قوميته.
أحمد منصور: أجهزة الأمن بتقوم بدورها.
يوسف ندا: إذن ما عندهم حاجة من الحاجات دي، لا وطنية لا قومية، لا..
أحمد منصور: عشان يحافظوا على أمنهم القومي
يوسف ندا: ما.. قلت لك من الأول إن السلطة بتعطى لأجهزة الأمن لحماية الدولة وليست لحمايتهم، لحماية المواطنين وليس لحمايتهم هم فقط
أحمد منصور: ربما تكون هذه وجهة النظر الأخرى، لكن هم أيضاً لديهم وجهة النظر المقنعة للدور الذي يقومون به.
يوسف ندا: حتى الحرامي لما بيسرق بيقول أنا محتاج.
أحمد منصور: الرئيس بوش اتهمك في خطابه الذي ألقاه في 7/11/2001 أثناء زيارته لمقر شبكة مكافحة الإجرام التابعة لوزارة الخزانة الأميركية بأنكم تجمعون أموال لتنظيم القاعدة، وتقومون بإدارة واستثمار وتوزيع هذه الأموال، وتم الحديث بعد ذلك عن وجود علاقات لك ببن لادن، و..
يوسف ندا: أنا رديت على الكلام دا، يعني فيه بعض الصحفيين اتصلوا بيَّ، قلت لهم يعني إذا كان في حد يعني يستطيع إنه هو.. يعني المعلومات اللي يعطوها للرئيس تأخذهم في طريق غير سليم، هذه يعني ما معناها إنها صحيحة..
(5/158)
أحمد منصور: يعني أنت بتعتبر الرئيس مضلل في المعلومات؟
يوسف ندا: قطعاً، في هذا الموضوع قطعاً.
أحمد منصور: لكن "نيويورك تايمز" قالت في عددها الصادر في 8/11 نوفمبر 2001 على لسان مسؤولين في الإدارة الأميركية إن عندهم.. لديهم شكوك حول منظمة التقوى.. الإدارة وبنك التقوى.
يوسف ندا: لا هم مش.. مش شكوك، هو العجيب.. أنت تضحك لو.. لو تشوف التعابير اللي استعملت، يعني تعبير مثلاً إن "ظهرت تقارير" طيب التقارير.. سنة 97، التقرير معروف إنه طلع في " الكوريرا ديليسيرا" لأن هم يأخذوا معلوماتهم من جرايد، وهذا "الكوريرا ديليسيرا" ما زالت في المحكمة، أنا مقدمها للمحكمة، ولسه بتنظر فيها، وعندي قضية يوم 22 شغالة.
أحمد منصور: "نيويورك تايمز" قالت أنه تم القبض عليك ثم أطلق سراحك
يوسف ندا: لا ما حصل، ما قبض علي أبداً، إلا في مصر، زمان سنة 54 لكن لم يقبض علي في أي مكن أبداً.
قصة السلاح الذي تم ضبطه في بيت يوسف ندا
أحمد منصور: سآتي لها.. سآتي لها بعد ذلك، لكن حينما تم تفتيش بيتك ألم يقبض عليك في نوفمبر؟
يوسف ندا: أبداً.. أبداً.
أحمد منصور: لكن ضبط سلاح في بيتك
يوسف ندا: ضبط.. مش ضبط سلاح، كان في سلاح، وعندي أنا مسدسين موجودين، وحتى لما اللي.. اللي بيفتش طبعاً جاي من خارج (كامبيونا) فبمجرد ما شافه، آه سلاح، فبتوع.. يعني بوليس (كامبيونا) قالوا هذا مرخص، وإحنا نعلم عنه هو مرخصين الاتنين، فقالوا خلينا نشوف الأرقام بتاعتهم هل تتطابق مع الرخصة، فوجدوا فعلاً تطابقها الرخصة، فوجدوا فعلاً تطابقها مع الرخصة، وهذه لها قصة كبيرة يعني، سبب وجود السلاح عندي، ما أنا واحد السلاح.. أنا طالب السلاح، ولا أنا عايز رخصة سلاح، أنا فرضت علي، كان ليها وضع خاص، يعني..
أحمد منصور: كيف فرضت عليك؟ فرض عليك إنك تملك سلاح؟
يوسف ندا: دخلت أنت.. أنت
أحمد منصور: نشر كلام إن في سلاح عندك وإن عندك مخبأ ذري كمان في البيت
(5/159)
يوسف ندا: لأ هو.. هو.. هو يا سيدي في أوائل الثمانينيات كان.. للأسف الشديد الحكومة الليبية بعتت مجموعات علشان قتل أعدائها في الخارج، وغالبية أعدائها كانوا موجودين.. أعدائها المعروفين، كانوا موجودين في إيطاليا باعتبار إن صلة إيطاليا بليبيا صلة أقوى من أي صلة ثانية، فكان فيه بعض المعارضين موجودين في إيطاليا بعتوهم عشان يقتلوهم، وقتلوا اتنين منهم، واحد منهم أظن كان تاجر كان اسمه الخضيري، وقبضوا على القتلة، ووجدوا معاهم قائمة. واحد منهم وجدوا معاه قائمة، هذا ما قال لي البوليس الإيطالي لاغتيالهم، فكان اسمي موجود منهم، فقالوا لي.
أحمد منصور: طيب وليه ليبيا تحطك على قائمة اغتيال؟
يوسف ندا: هو يعني أنا موضوع خروجي من ليبيا له قصة، وقصة طويلة، يعني إذا كان يهمك يمكن
أحمد منصور: ربما آتي لها أنا.. أنا.. لأني ماشي معاك بالمقلوب ذي ما بيقولوا
يوسف ندا: لا هو.. هو يعني
أحمد منصور: لما أجي لموضوع فترة حياتك في ليبيا هأكلمك فيه
يوسف ندا: يعني أنا علاقة.. علاقتي كانت.. لي علاقة طبعاً بـ.. الله يرحمه الملك إدريس، ودا السبب إن أنا استطعت إن أنا أقعد في ليبيا، و..
أحمد منصور: أنا مش عايز أدخل لتفصيل ليبيا الآن، لكن أنا في قضية السلاح اللي ضبط عندك
يوسف ندا: ما بأقول لك هو يعني قائمة..
أحمد منصور: وليه ليبيا عايزه تصفيك؟
يوسف ندا: هي مرتبطة باللي قبله، لكن خلينا إذا كان تحددها دلوقتي، وبعدين ينجي لنا بعدين
أحمد منصور: أنا سآتي لها تفصيلاً بعد، أنا في نقطة الآن ضبط السلاح في بيتك أثناء التفتيش.
يوسف ندا: أنا.. أنا جه البوليس الإيطالي سألوني: هل عندك سلاح؟ قلت لهم لأ، قالوا مستر ندا قدم على رخصة سلاح
أحمد منصور: سنة كم هذا كان؟
(5/160)
يوسف ندا: يمكن 81.. 81، 82 يمكن قلت لهم أنا أفضل أن أُقتل ولا أقتل، وحتى لو عندي سلاح أنا ما استعمله، ما أحتاجه، فقالوا لأ إحنا مسؤوليتنا إن إحنا نحافظ عليك، حتى نخلوا مسؤولية، حتى لو حصل أحداث عشان نخلوا.. نخلوا مسؤولية لازم.. لازم يكون عندك سلاح، واطلب.. اعمل الطلب، عبيه، قلت لهم أنا موجود في أرض هنا هون، ما هيش ما.. ما.. يعني لازم أروح أشتريه من سويسرا، مش معقول أشتري سلاح من سويسرا، قالوا لأ أنت تشتريه من إيطاليا، وإحنا ننقله لك من إيطاليا نجيبه لك هنا.
أحمد منصور: دا مين؟ البوليس الإيطالي؟
يوسف ندا: البوليس الإيطالي، واشتريته من (كومو) وهما نقلوه من (كومو)، وجابوه لي عندي هنا، مش أنا اللي رحت ما عندي سر
أحمد منصور: سلاح أيه؟ سريع الطلقات أو نظامه أيه السلاح؟
يوسف ندا: أسرع منك. أنت طلقاتك سريعة سريعة، ماشي.
أحمد منصور: نوعية السلاح أيه اللي عندك، أولا أو سر؟
يوسف ندا: يعني.. لا.. لا صغير، على قد حاله. وما أعرف مصدي ولا مش مصدي، أنا ما طلعته من مكانه، ما طلع غير لما جم يفتشوا.
أحمد منصور: يعني ما.. ما اتدربتش عليه في الجبال القريبة هذه؟
يوسف ندا: هأتدرب على أيه، أنا بأقول لك أنا مستعد أُقتل ولا أقتل
أحمد منصور: صحيفة "الوطن" السعودية نشرت تقرير 10 نوفمبر الماضي 2001 أشارت فيه إلى أن المدعي العام السويسري قال بأن هذه العملية، يعني عملية التفتيش والتحقيق معك ما كانت لتتم لولا طلب من الولايات المتحدة الأميركية، ما معنى.. ما معنى ذلك؟
(5/161)
يوسف ندا: أي نعم. أنا بيجيني.. بيجبني الرسالة إني مطلوب للتحقيق، التحقيق يقعد تسع ساعات أو..، أما تيجي الرسالة يطلبوني للتحقيق، الرسالة من فوق مكتوب فيها البوليس الاتحادي السويسري، ومن تحت اللي موقع U.S TASK FORCE اللي موقع من تحت، فحتى أنا قلت لهم الكلام ده قلت لهم أنتم يعني خليني نفهم أنتم بتعملوا الكلام دا لمصلحة بلدكم أم بتعملوا الكلام دا بتعليمات من دولة أجنبية؟ قالوا لأ مصلحة بلادنا، طيب مصلحة بلادكم أنت كاتب لي من تحت U.S TASK FORCE يبقى أنت يتعملها لحساب أميركا.
أحمد منصور: أيه..
يوسف ندا: أنا عارف الكلام دا هأسأل عنه بعد ما أمشي من عندك، لكن أنا بأقول أنا ما.. ما بأخاف من حاجة، ما بأخافش إلا من ربي، بأقول لك سنة فوق وسنة تحت، أنا و71..
أحمد منصور: في.. في أبريل 1997 معهد (كنمنزور)
يوسف ندا: بينمنزو.
أسباب تجميد عضوية ندا في معهد بينمنزو.
أحمد منصور: (بينمنزو).. (بينمنزو) أحد المؤسسات العلمية التابعة للأمم المتحدة، وتنتمي إليه شخصيات عالمية كثيرة، رؤساء دول سابقون، سياسيون، يعني بعض المعلومات نشر.. لأن.. وأنت عضو في هذا المعهد الذي كرمك في أبريل عام 97، هل هذا صحيح جمدت عضويتك بسبب التحقيق معك؟
يوسف ندا: أيوه، بمجرد ما.. مجرد ما طلع الإشكال دا هوت بعد 7 نوفمبر، يعني على طول شالوا اسمي من Committee.. اللي هو Scientific Committeeبتاعهم، شالوا الاسم، للأسف الشديد يعني هذه الدنيا.
أحمد منصور: طيب هذا المعهد فيه رؤساء دول، فيه سياسيين كبار، يعني أيه الصفة اللي تخليهم يضعوا يوسف ندا مع هؤلاء الكبار؟
(5/162)
يوسف ندا: يعني هو النشاط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، هو المعهد عبارة عن Think TANK بتاع هيئة.. من NGO بتاع هيئة الأمم، ويعني يبحث في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وباعتبار إن أنا يعني اسم عندهم بأقول لك يشقى من كبر اسمه عن حقيقته، اسمي كبر يا سيدي عن حقيقتي أنا رجل مسكين، واعتبروني حاجة كبيرة
أحمد منصور: صحيح فيه مشادة وقعت بينك وبين (بوش الأب) في أبريل عام 97 في نفس هذا المعهد؟ ربما كانت سبباً في..
يوسف ندا: أنا ما نيش عارف أنت معلوماتك دي بتجيبها من أين، لغاية دلوقتي أنا مش قادر أفهم أنت.. يا أخ أحمد أنت متصل بحد؟
أحمد منصور: أنا شغلتي أجيب معلومات..
يوسف ندا: شغلتك الجاسوسية..
أحمد منصور: وشغلتك إني أدرس.. أدرس.
يوسف ندا: يعني سامحني في الكلمة أنا يمكن هأبتدي...
أحمد منصور: جاسوسية صحفية، وليست جاسوسية.. الجاسوسية المشينة يعني
يوسف ندا: أيوه، هو..
أحمد منصور: في أبريل 7 ويعني وقعت.. يقال أن مشادة وقعت بينك وبين بوش الأب، ربما أنت دفعت ثمنها.
(5/163)
يوسف ندا: هي مش مشادة، بس هو إحنا كان في مؤتمر.. سيمنار معمول، والسيمنار كان موجود فيه هو.. بوش الأب، كان موجود فيه (بيريز ديك وليير)، جابوا (جورباتشوف) جابوا (كوفي عنان) كمان على.. على الشاشة، نقل مباشر، وكان فيه (أندرسون)، كان فيه شخصيات كبيرة كانت موجودة، وبدأ جورج بوش الأب يتكلم، السيمنار كان على السلام.. السلام و.. Peace and To lerance والتسامح، السلام والتسامح، دا كان Title بتاع المؤتمر، فهو.. بدأ هو الخطبة الافتتاحية فقال أنا وجورباتشوف أنهينا الحرب الباردة، وأنهينا الاتحاد السوفيتي، وقبل ذلك كان الاتحاد السوفيتي، وقبل ذلك كان الاتحاد السوفيتي هو العدو، وبنهاية الاتحاد السوفيتي يجب أن نبحث من العدو، يجب أن نبحث أين العدو، العدو هو Fandamentalism العدو هو Organized CRIME العدو.. العدو..، بعد ما خلص أنا نظرت للي موجودين على...
أحمد منصور: على الطاولة المتحدثين.
يوسف ندا: طاولة المتحدثين نظرت واحد منهم يعني صديق يفهمني، ففهم من نظراتي شيء، فأرسل لي الميكروفون بعدما خلص الرئيس جورج بوش، ما كنت أحب أتحدث، لكن اضطريت أتحدث، فقلت له يعني مع احترامنا الشديد لسيادة الرئيس، أعتقد إن إحنا هنا علشان نسمع عن السلام والتسامح، لكن إحنا شايفين إن إحنا.. إن أنت بتدور على عدو حتى تحارب، أنت تبحث عن الحرب وليس عن السلام، فانفعل انفعال شديد، وخبط الطاولة بيديه الاتنين، وقال هذه حقائق، يجب أن نعيش في الحقيقة، ويجب أن نعيش في الحقائق، لكن وضحت أن هذا هو اتجاهه.
أحمد منصور: بعد قيام الثورة الإيرانية في العام 1979
يوسف ندا: شوف نقل منين لمنين أنت.. ها.
أحمد منصور: لعبت الدور.. لعبت الدور الأساسي في تنسيق العلاقة بين الإخوان المسلمين والثورة الإيرانية، وهذا ما أبدأ به الحلقة القادمة.
يوسف ندا: حاضر.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.
يوسف ندا: شكراً لك.
(5/164)
أحمد منصور: كم أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، وأعتذر بسبب إصابتي ببرد قاتل في هذه البلاد
يوسف ندا: مش مني أنا.
أحمد منصور: نكمل معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/165)
الحلقة2
(5/166)
الثلاثاء 4/6/1423هـ الموافق 13/8/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 14:15(مكة المكرمة)،11:15(غرينيتش)
يوسف ندا مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين - الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
يوسف ندا: مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
11/08/2002
- حقيقة وطبيعة علاقة الإخوان المسلمين بالثورة الإسلامية في إيران
- العلاقات السياسية والاقتصادية بين الإخوان والثورة الإيرانية
- توتر العلاقة بين الإخوان ونظام الحكم في إيران
- موقف الإخوان من وضع المسلمين السنة في إيران
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان).
أستاذ يوسف مرحباً بيك.
يوسف ندا: مرحب بيك.
حقيقة وطبيعة علاقة الإخوان المسلمين بالثورة الإسلامية في إيران
أحمد منصور: في كتابه "إيران والإخوان المسلمين" يقول عباس خمايارو، وهو بالمناسبة الملحق الثقافي الإيراني الآن في الدوحة في قطر، يقول في صفحة 230 أنه فور حدوث الثورة بادرت أمانة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين إلى الاتصال بالمسؤولين الإيرانيين بغية تشكيل وفد من الإخوان لزيارة إيران والتهنئة بالثورة وتدارس سبل التعاون، وفعلاً عينت إيران ضابطاً للاتصال بالتنظيم الدولي للإخوان في (لوجانو) في سويسرا بتاريخ 14 مايو 1979، وهناك قرارات مختلفة تحدث عنها خمايارو في الكتاب لا تهمني أنا الآن، ولكن ما يهمني هو ضابط للاتصال في لوجان في سويسرا حيث تقيم أنت، وحيثما يشار إلى أنك رئيس حكومة الظل في الإخوان ومسؤول في التنظيم الدولي..
(5/167)
يوسف ندا [مقاطعاً]: لا أنت مصر على حكاية الظل دي هو الواقع أنا قرأت الكتاب بتاع عباس، وعباس يعني كثير من الأشياء اللي هو المراجع بتاعته هي الصحف وبعضها جاي من أماكن تانية زي كتاب النفيسي وكلاهما سواء النفيسي أو عباس يعني فيه قليل من الحقيقة في الكلام اللي هم كتبوه، وكثير من الأشياء اللي هم ما هياش مثبتة أو مدعمة بواقع، جزء من الكلام دا مضبوط وجزء مش مضبوط هو.. صفحة 248…
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو النفيسي أيضاً عفواً قال هذا في كتابه "الحركة الإسلامية"….
يوسف ندا: لا.. لا كلام النفيسي فيه كلام.. فيه كلام كمان..
أحمد منصور: لكن النفيسي زاد إن إيران عينت كمال خمايارو..
يوسف ندا: هو زاد أشياء كثيرة مالها لازمة ومالها أي يعني.. ما أنا عارف جايبها من أين، يعني إنه بعض..
أحمد منصور: من حقه يحط ما يريد في الكتاب.
يوسف ندا: يحط، إحنا ما قلنا يحط لكن لما يحط يعني المصداقية ما هياش موجودة، يعني اللي يعرف الأمور أنا موضوع إيران أنا كنت المسؤول عن الاتصال بيها أقول لك بصراحة، أنا المسؤول عن الصلة بإيران ودي يعني الإيرانيين يعرفوها والجميع يعرفوها، ما كانت مستخبية الموضوع لما بدا الخوميني وكان في باريس تكون وفد وراح ويعني دعمه..
أحمد منصور: قبل الثورة الإيرانية.
يوسف ندا: قبل.. قبل ما يروح ودعمه وبعد..
أحمد منصور[مقاطعاً]: مين الوفد ده؟
يوسف ندا: لأ الوفد ما نحب نتكلم فيه دلوقتي، لكن الوفد التاني ممكن نكلمك بأشخاص يعني بأماكنهم.. الوفد..
أحمد منصور: الوفد الأولاني كنت فيه؟
يوسف ندا: لأ، أنا ولا التاني، لكن أنا كنت
أحمد منصور: دائماً بتشتغل من خلف الكواليس.
يوسف ندا: قول اللي أنت عاوزه أنا قلت لك أنا يعني..
أحمد منصور: حكومة الظل.. يحرك من.. من الخلف..
(5/168)
يوسف ندا: برضو هنرجع للتعابير الكبيرة طيب، لأ اللي أقدر أقوله لك يعني بالنسبة لي أنا قلت لك من الأول إن أنا ما أحب أكون تحت الأنظار وما أحب إن اسمي يكون في كل مكان وأعتقد..
أحمد منصور: طلعت عيني على ما وافقت تتكلم، لكن طالما جلست أمام الكاميرا..
يوسف ندا: لأ عينك موجودة الحمد لله، عينك موجودة ومبحلقها لي ومانيش عارف قاعد بتبص يمين وشمال مانيش ملاحق كمان أنت بتجيب منها بتجيب لك منين، ربنا يحميها لك. طيب
أحمد منصور: شكراً، أنا خليني الآن..
يوسف ندا: المرة التانية..
أحمد منصور: في الوفد اللي قاد الثورة.. لأن دي معلومة جديدة
يوسف ندا: المرة التانية لما وصل الخوميني، ففعلاً على طول اتصلت وكوَّنا وفد وكان فيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أستاذ يوسف اسمح لي قبل المرة التانية.
يوسف ندا: اتفضل
أحمد منصور: قلت لي الآن معلومة مهمة جداً إن الإخوان كونوا وفد والتقى مع الخوميني في باريس قبل أن يذهب إلى إيران
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: قبل حتى من قيام الثورة تاريخ الوفد دا كان امتى؟
يوسف ندا: لا.. لأ ما.. التواريخ أنا ما أقدرش، أعمل تواريخ أنا بأشتغل براسي ما عندي..
أحمد منصور: لو قلنا في مايو 79 كانت الثورة الإيرانية.
يوسف ندا: أنا لو كان عندي كل الكلام ده مكتوب كانوا خدوه، أنا دائماً بأشتغل برأسي بدون.. كتابة، أنا ما عندي حاجة مكتوبة، ولذلك ما حد يقدر أبداً يزور علي شيء.
أحمد منصور: يعني أنا التواريخ فعلاً أرهقتني كتير في تحديدها في بعض الأحداث الخاصة بيك، لكن أنا الآن لو التواريخ اللي تحت إيدي إنه في مايو 79 راح الوفد الخاص بالإخوان إلى إيران، لكن أنا الآن بالنسبة للوفد الأول -ودي معلومة مهمة جداً..
يوسف ندا: لأ كان قبلها بكتير، كان في السنة اللي قبلها في أواخر السنة اللي قبلها
أحمد منصور: يعني نقدر نقول 78؟
(5/169)
يوسف ندا: بمجرد ما راحوا هو في (نيوشاتيل) في.. عند.. عند أبو الحسن بن صدر، مجرد ما راح، يعني كون وفد وراح، وحتى بعض إخواننا يعني من أماكن تانية راحوا غير الوفد، يعني من تونس كمان راح كان راشد الغنوشي، الله يدي له الصحة، الترابي كان بعت كمان وفد هناك من السودان، لكن إحنا كان عندنا وفد والوفد راح هناك وكان فيه بعض الإخوة حتى من لبنان، راح الوفد وبعد هذا..
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول هنا في أن الإخوان المسلمين أقاموا علاقات مع الثورة الإيرانية
يوسف ندا: كانت موجودة من قبله..
أحمد منصور: قبل قيامها
يوسف ندا: كانت موجودة من قبل هذا لأن أعضاء من مجموعات الخوميني اللي كانت حوله، لا نقول من.. من كثير من رجال الدين، رجال الدين إحنا كان لنا صلة بـ(باهشت) -الله يرحمه- لما كان في (هامبورج)، كان لنا صلة كمان بـ.. -الله يدي له الصحة- دلوقتي موجود سفير في.. في مصر..
أحمد منصور: خسروشاهي
يوسف ندا: الأستاذ..
أحمد منصور: حجة الإسلام خسروشاهي.
يوسف ندا: (هادي خسروشاهي)، وبالمناسبة يعني هذا الرجل من أخلص رجال الحركة الإسلامية في العالم وليس فقط الإيرانيين..
أحمد منصور: فيه قصة متعلقة بيه وهو عامل كتاب وأنا هأرجع لك فيها خسروشاهي تحديداً
يوسف ندا: أيوه، هو راجل ذكي، راجل تقي، وراجل يفهم الإسلام من منطلق -رغم إن هو شيعي- لكن من منطلق عقائدي ومن منطلق وحدوي ويعني هو خير من يمثل فعلاً أهل الشيعة وخير من يمثل الإيرانيين في الأفكار المتحررة.
أحمد منصور: على فكرة أنا وجدت أيضاً في مراجع مختلفة وجود علاقة تاريخية للإخوان المسلمين بالحركة الإسلامية في إيران من أيام حسن البنا، كان هناك علاقة بين حسن البنا وبين الإمام محمد القمي، وكان فيه علاقة بين الإخوان المسلمين وبين حركة فدائيي إسلام
يوسف ندا: أي نعم.
(5/170)
أحمد منصور: وفي سنة 54 ذهب نواب صفوي لمصر في حادث مشهور جداً وألقى خطاب في جامعة القاهرة الإخوان المسلمين رتبوها له في يناير سنة 54، وهو نفس الوقت اللي صدر فيه قرار حل الإخوان تقريباً فهناك علاقة قديمة، هل العلاقة هذه كانت امتداد لتلك العلاقة القديمة؟
يوسف ندا: لأ، كل واحد فيها مستقل عن الآخر، كل علاقة مستقلة.
أحمد منصور: خاصة أن الإخوان غيبوا من بعد 54، غيبوا عن الساحة الدولية بشكل أساسي يعني.
يوسف ندا: لم يغيب الإخوان، الإخوان حاولوا تغييبهم، ولكن الإخوان -ولله الحمد- كان لهم أثر في السياسة الداخلية والخارجية رغم إن هم يعني علنياً لم يكونوا موجودين، كنا في السجون وكنا نتحرك، داخل السجون ونتحرك.
أحمد منصور: طيب، يعني الآن هناك انفصام أو لا يوجد علاقة ما بين العلاقة.. علاقة الإخوان المسلمين القديمة بالحركة الإسلامية في إيران وبين العلاقة اللي بدأت مع الخوميني..
يوسف ندا: منفصلة، أي نعم. أي نعم.
أحمد منصور: طيب الآن قلت لي كان لكم علاقة بباهشت وكانوا لكم علاقة بالخوميني قبل قيام الثورة، امتى بدأت علاقة الإخوان المسلمين كتنظيم دولي أو كإخوان مسلمين تنظيم دولي أنا هأقول أنا تنظيم دولي؟
(5/171)
يوسف ندا: لم تنقطع هي من قبلها قلت لك، لما كان باهشت كان موجود في هامبورج، لما كان إبراهيم يزدي كان موجود في أميركا كان متصل بالإخوان الموجودين في أميركا، هامبورج كانت الإخوان الموجودين في أوروبا يعني كان فيه صلة وعندما جاء الخوميني إلى باريس ذهب الوفد وقابله هناك ليشجعه ويدعمه، ثم عندما ذهب إلى إيران في هامبورج، لما كان إبراهيم يزدي كان موجود في أميركا كان متصل بالإخوان الموجودين في أميركا، هامبورج كانت الإخوان الموجودين في أوروبا يعني كان فيه صلة وعندما جاء الخوميني إلى باريس ذهب الوفد وقابله هناك ليشجعه ويدعمه، ثم عندما ذهب إلى إيران فكونا وفد، وفعلاً الوفد هذا تكون إحنا كوناه، وذهب غالب إلى إسلام آباد..
أحمد منصور: أسماء الوفد منشورة في كذا كتاب قل لي أنت عليها علشان ما..
يوسف ندا: لأ، الأسماء اللي منشورة يعني فيها بعضها صح وبعضها غلط، الوفد أستطيع أن أنا أقول لك كان يمثل البلاد الآتية: كان فيه من ماليزيا، كان فيه من إندونيسيا كان فيه من السودان
أحمد منصور: دول من الإخوان كلهم؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: يعني الإخوان مادين كده رايحين هناك بعيد كده؟
يوسف ندا: الإخوان ما فيه مكان في الدنيا ولله الحمد حتى لا.. حتى الصين إحنا عندنا دلوقتي..
أحمد منصور: كمان
يوسف ندا: يعني يمكن أفتح شيء.. شيء إن إحنا حاولنا لو لم انقطعت بالعمليات الأخيرة دهية، حاولنا إن إحنا نوجد يعني وصلة بين الحكومة الصينية وبين الأنجوش هناك علشان نحاول يعني ننهي الأزمة اللي موجودة هناك، وإحنا الحمد لله دورنا في رأب الصدع وإصلاح ذات البين في أي مكان، حتى لا يفهم الإسلاميين على إن هم مشاغبين، إحنا بنحاول بقدر الإمكان إنه أي حرب، أو أي شيء عنيف، أو أي شيء يؤدي إلى العنف في أي مكان نمنعه، أو نساهم في تطفيته.
أحمد منصور: دي نقطة مهمة، هأرجع لك فيها موضوع الصين والأنجوش دي، ما كانتش موجودة..
(5/172)
يوسف ندا: وقعت أنا يعني بكلمه.
أحمد منصور: لأ أنت ما بتقعش، أنت ما شاء الله عليك أنت ما بتقعش.
يوسف ندا: قلت لك أنت بتصطاد.. بتصطاد أنت، طب ما شاء الله تفضل.
أحمد منصور: أنا هنا الزيارة اللي تمت في نيو في إيران، أنا الأسماء اللي لقيتها منشورة في الكتب، محمد عبد الرحمن خليفة، كان المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن، وكان الناطق باسم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين جابر رزق من مصر، ومعروف جابر رزق صحفي من الإخوان، وكان رئيس تحرير مجلات الإخوان، سعيد حوَّى من سوريا، غالب همت شريكك من سوريا، عبد الله العقيل من السعودية، قل لي أنت الآن أضفت لي أسماء ما كانتش موجودة.
يوسف ندا: لأ، أنا أسماء ما هأقول، لكن هأقول لك الدول اللي كانت ممثلة.
أحمد منصور: يعني مش هتقولها في التحقيقات للأميركان؟
يوسف ندا: لأ.. لا ما أقولها، هو مين يفرض علي إن أنا أقول أنا؟ أنا أقول ما أريد، أنا مش موجود في مصر هأتشرح، حتى لو يشرحوني، أنا بأقول لك هي سنة فوق وسنة تحت، وما هو دلوقتي اللي ما بيعجبهومش في أي مكان بيودوه المشرحة في مصر، علشان يدرب هناك عشان يطلعوا.. اللي، بدل ما يودوه جوانتانامو.
أحمد منصور: يعني هم هنا في التحقيقات سألوك عن الحاجات دي اللي أنا بأسألك فيها؟
يوسف ندا: لأ.. لأ، دي ما حدش سألني فيها.
أحمد منصور: طيب هم.. يعني..
يوسف ندا: هو يظهر أنت بتكمل التحقيقات بتاعتهم، أعطوا لك تصريح يظهر
أحمد منصور: أنا بأسعى لنقل الحقيقة، وأنا بأشكرك إنك أنت متعاون معايا فيها.
يوسف ندا: طيب أنا.. أنا مستعد، أنا.. أنا بأتكلم.. يعني خذ مني اللي أنا أقدر أقول له.
أحمد منصور: المعلومات اللي بأحاول أخذها منك ربما مش موجودة في الكتب، ولكن..
يوسف ندا: لا مش موجودة.
أحمد منصور: ولكن حرصاً على إنك لا.. تنشق...
(5/173)
يوسف ندا: مش موجود، زي ما بتقول لي عباس والنفيسي، الكلام اللي كتبوه في كذا.. بعض الحقيقة، وكثير من غير الحقيقة.
أحمد منصور: دكتور النفيسي رجل أنا أحترم كتاباته جداً، وكتاباته فيها...
يوسف ندا: وأنا أحترمه برضو، لكن كتابه.. كتابه في هذا الموضوع خارج عن الموضوع.
أحمد منصور: النفيسي كان بيعتبر قريب من قيادات الإخوان ومعلومات كتيرة
يوسف ندا: نعرف إنه كان قريب من بعض قيادات الإخوان اللي كانت موجودة في الكويت وهذه القيادات ما تقول قيادات الإخوان، بعضهم كان يعني حتى الإخوان في الكويت، والإخوان في كل مكان يا أخي، لازم تعرف، الإخوان شريحة من شرائح المجتمع، فيها اللي يفهم أكثر وفيها اللي يفهم أقل وفيها الذكي وفيها الغبي وفيها المتعلم، شريحة من شرائح المجتمع فيها كل شيء، فالإخوان في الكويت، صحيح إذا كان النفيسي له علاقة ببعض الإخوان، بعضهم كان في مجلة.. ماسك مجلة أو بعضهم كان ماسك أسرة أو كذا أو كذا، دا مش معناه إنهم يعرفوا كل الحقيقة.
أحمد منصور: طيب قل لنا أنت الحقيقة.
يوسف ندا: أيوة بأقول لك إحنا الوفد تكون من ماليزيا، إندونيسيا، والسودان، مصر، الأردن، السعودية، تركيا، العراق، والوفد كان يرأسه غالب، وذهب غالب في إسلام آباد وبدأوا ييجوا له كلهم هناك، وأنا كنت مسؤول عن التنسيق بينهم وبين إبراهيم يزدي، فللمت إبراهيم يزدي وطبعاً كانت الشوارع فيها ملايين من البشر، المطار كان مقفول.
أحمد منصور: الكلام دا كان بعد قيام الثورة بأيام..
يوسف ندا: بعدما وصل الخوميني فوراً
أحمد منصور: فوراً، لحقتوا شكلتوا لميتوا كل الدنيا دي.
يوسف ندا: على طول، فوراً، فالمطار كان مقفول.
أحمد منصور: يعني كل ده وأنت بتنكر إن فيه تنظيم دولي للإخوان المسلمين.
يوسف ندا: لأ أنا بأقول لك أنا فرد، أنا كنت مسؤول عن هذه العلاقة، فأنا فرد كنت بأعملها، دا مش معناه إن فيه تنظيم، أنا فرد
(5/174)
أحمد منصور: طب وليه ما رحتش أنت في الوفد ده؟
يوسف ندا: كان لازم واحد يروح وواحد ينسق، لأن Loggstic عملية الاتصالات لازم حد يروح بيها.
أحمد منصور: فين؟
يوسف ندا: لما راح غالب في باكستان، لما راح إسلام أباد ما كان يمكنه إن هو يتصل بكل مكان.
أحمد منصور: يعني دول التقوا في إسلام آباد؟
يوسف ندا: التقوا في إسلام آباد، ثم استأجر لهم غالب طائرة خاصة وجاءت بالطائرة الخاصة، الطائرة الخاصة ما كان يمكن أنها تدخل مطار طهران، لأنه كان مقفول، فاتصلت أنا بإبراهيم يزدي، إبراهيم يزدي كان بيتحرك في كل مكان، إبراهيم
أحمد منصور: إبراهيم يزدي طبعاً أصبح وزير خارجية إيران بعد ذلك.
يوسف ندا: أيوه هو إبراهيم كان من ألصقهم.. من ألصق الناس به خلينا نقول من غير رجال الدين هو وأبو الحسن بني صدر.
أحمد منصور: علاقاتك بيهم بدأت أمتى؟ بين..
يوسف ندا: إبراهيم من أيام ما كان في أميركا، ومازالت علاقتي به، رغم إنه اليوم سمعت إن هو يعني رجع -الله يدي له الصحة- لأنه عنده مرض شديد، ويعني بيحاكموه الآن.
أحمد منصور: طيب يعني من أيام ما كان في أميركا كان في أميركا امتى؟
يوسف ندا: كان اتصال.. من قبل كده، يعني تقدر تقول من.. آه من السبعينيات
أحمد منصور: وأبو الحسن بني صدر علاقتك بدأت له امتى؟
يوسف ندا: أبو الحسن علاقتي بيه في.. في إيران مش من بره.
أحمد منصور: بعد ما بقى رئيس؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: طيب.
يوسف ندا: لأن كان لها سبب وهو محاولتنا عمل صلح بين الحكومة وبين الأكراد، الأكراد السنة، وهذه لها قصة طويلة.
أحمد منصور: سآتي.. سآتي لها تفصيلاً.
يوسف ندا: أيوه، لكن بالنسبة لإبراهيم يزدي، أنا اتصلت بإبراهيم يزدي، وكان يتحرك كتير، وطبعاً البلد كانت كلها يعني..
أحمد منصور: عز الثورة، نعم.
(5/175)
يوسف ندا: فأوصلنا بالمسؤول عن المطار، وكان اسمه المهندس والي، واتصلت بوالي سمح للطيَّارة بالنزول، وكانت ثاني طائرة تهبط في مطار طهران بعد طائرة ياسر عرفات.
أحمد منصور: يعني طائرة الخميني.
يوسف ندا: الأولى الخميني، والثانية ياسر عرفات، والثالثة كانت طائرة الوفد اللي إحنا أرسلناه.
أحمد منصور: طيب الطائرة الخاصة دي طبعاً لها تكاليف.
يوسف ندا: دفعتها أنا.
أحمد منصور: من جيبك الخاص؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: تفتكر المبلغ اللي دفعته كان قد أيه؟
يوسف ندا: حوالي 30 ألف.
أحمد منصور: دولار.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: من أجل ماذا؟
يوسف ندا: لله.. من أجل الله.
أحمد منصور: لله أيه؟ دولة جديدة طالعة.
يوسف ندا: أنا ما أعرف الدولة، أنا أعرف الإسلام، أنا أعرف كل ما يتعلق بالإسلام أنا أجري فيه، أيًّا كان هذا، وعندما يخطئ الإيرانيين كمان وكلهم يخطئون.
أحمد منصور: يخطئ.
يوسف ندا: كلهم يخطأوا، لأن حصل مثلاً بعض الأخطاء طلع ما هذه كانت في كل البلاد الإسلامية للأسف الشديد، استُعمل الدين كسلاح في محاربة إيران وأصبحت إيران عدوة الإسلام، وقالوا كلام كثير، وهو كلام لا نقبله إحنا ولا نرضى عليه، إحنا المفروض فينا إن إحنا نحاول نردم الهوة اللي بين المسلمين وبعضهم، مش إن إحنا نفجرها أكثر، فكان الكلام والكتب اللي بتطلع في المنطقة هذا خلينا نقول بتوع السلفيين زي ما سماهم الشيخ الغزالي -الله يرحمه- الفقه البدوي بتاع السلف اللي طلعوه دول، ونزلوا في.. في تفرقة في المسلمين بين شيعة وسنة، ولو أن كما إيران أخطأت في هذا، لما طلع الدستور وكتبوا إن دين الدولة أو مذهب الدولة وحتى ساعدوا التفرقة.
أحمد منصور: أنا الآن لسه ماجتش عند مذهب الدولة والدستور.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: الآن لما أرسلتم هذا الوفد كنتم تتوقعوا إن الثورة الإيرانية ديه هي أمل الإخوان المسلمين؟
(5/176)
يوسف ندا: طبعاً لأ، هي أمل المسلمين، يعني أي حركة إسلامية في أي مكان تستطيع ترفع الظلم عن المسلمين في أي مكان فهي حركتنا.
أحمد منصور: كان أيه هدفكم من أنكم تكونوا أول وفد يروح ينزل بعد ياسر عرفات لإيران ويلتقي مع الخميني؟
يوسف ندا: يعني.
أحمد منصور: هدفكم أيه؟ رايحين تقولوا مبروك أم رايحين تبنوا علاقات مع دولة جديدة؟
يوسف ندا: لأ، رايحيين.. رايحيين ندعم شيء موجود يعتبر هدف من أهدافنا
أحمد منصور: تقصدوا تدعيم دولي ليه خارجي يعني؟
يوسف ندا: لأ، دعم الإسلاميين لمكان إسلامي استطاع الإسلام فيه أن يرفع الظلم عنهم.
أحمد منصور: أنتوا لسه ما شفتوش حاجة، ده ثورة شعبية ولسه بقى لها يومين، مش باين أي حاجة.
يوسف ندا: لأ، معروف إن شعارها هو الشعار الإسلامي.
أحمد منصور: لكن بعد كده الدستور لما جه وحدد إن المذهبية الأثنى عشرية هي.. هي
يوسف ندا: هو الدستور.. الدستور.. الدستور كمان
أحمد منصور: مرجعية الدولة خلاص.
يوسف ندا: الدستور كمان كان دستور إسلامي.
ولو إن دي مثلب من مثالبه إن هو فرز الوضع الإيراني وجعله وضع شيعي، ودي كانت صدمة بالنسبة لنا، لأن إحنا بننظر إلى وحدة المسلمين سواء سنة أو شيعة مش إن إحنا نفرق بين المسلمين على أساس طائفي.
أحمد منصور: لكن أنتوا شعرتوا بعد ذلك بعدما تم تحديد دستور الدولة، وبعد ما الثورة الإيرانية أصبحت الآن دولة مر عليها ما يقرب من 23 سنة إن هي في طريق والإخوان المسلمين في طريق آخر.
يوسف ندا: لأ، إحنا ما نقول إن هم في طريق والإخوان المسلمين في طريق، إحنا نقول إنه ما يفعلوه هو شيء جيد بالنسبة للإسلام، وما نفعله هو شيء جيد بالنسبة للإسلام، وكلهم يصبوا في بحر واحد، نحن ممكن يكون عندنا أخطاء، همَّ ممكن يكون عندهم أخطاء، ما فيه عمل بدون أخطاء.
أحمد منصور: الدكتور النفيسي يقول: "إن سرعان ما أدرك الإخوان أن بينهم وبين إيران برزخ لا يبغيان".
(5/177)
يوسف ندا: أفتكر التعبير ده هوة وأذكره جيداً، لكن الواقع ليس كما وصفه، وحصلت أشياء تدل على إن فيه أخطاء كبيرة
أحمد منصور: أيه أهم من هذه الأشياء.
يوسف ندا: وكلام خلخالي اتهمنا بالكفر.
أحمد منصور: خلخالي هذا كان قاضي..
يوسف ندا: مفتي، قاضي الدماء.. مفتي
أحمد منصور: أنت بتسميه قاضي الدماء؟
يوسف ندا: آه لأن أنا ممكن أسميه هذه التسمية، اللي كان بيقتل بدون وعي.
أحمد منصور: قاد الثورة.
يوسف ندا: كان يقتل بدون وعي.
أحمد منصور: كل الثورات كان فيها.
يوسف ندا: هذا.. هذا أنا أعتبره أنا شخصياً، لتقول لي الإخوان، أعتبره خطأ من أخطاء الثورة، هذا راح سوريا حتى يتملق إلى سوريا، فأعتبر الإخوان كفرة وعملاء الشيطان، وطبعاً كلمة العمالة دهيَّة الإخوان كان بين الخليج والسعودية والعراق، وكلهم يعتبروهم عملاء إيران، وإيران عندهم بعض الناس يعتبروهم عملاء السعودية ويعتبروهم عملاء الخليج وعملاء..، يعني إحنا كنا بين المطرقة والسندان، وبالرغم من هذا رغم إنه الإخوان في كل مكان في البلاد العربية وقعوا تحت الضغوط اللي كانت موجودة واللي كان بيحصل والإعلام، والحرب كانت شغالة طبعاً بينها وبين العراق، رغم الضغوط دهية كلها فانتقل العلاقة كان لابد تكون بين الإخوان في الخارج وإيران حتى لا تُقطع العلاقة، وكنت أنا المسؤول عنها.
العلاقات السياسية والاقتصادية بين الإخوان والثورة الإيرانية
أحمد منصور: من خلال أنت المسؤول عن العلاقة السياسية بين الإخوان وبين دولة جديدة مثل إيران.
يوسف ندا: أنت بتسميها السياسية، أنا بأسميها العلاقة لأن الإسلام فيه سياسة، وفيه اقتصاد، وفيه كل شيء.
أحمد منصور: يعني كنت مسؤول عن العلاقة كلها؟ معنى ذلك الآن.
يوسف ندا: علاقة إسلامية، أنا بأقول علاقة إسلامية
(5/178)
أحمد منصور: طبعاً دي دولة جديدة، وأنت رجل أعمال أعمالك منتشرة كما قال معهد (برمنزو) في.. في 25 دولة، وكما نُشر في صحف كثيرة، فالآن هذه دولة جديدة تضمنها لمجال علاقاتك التجارية،
يوسف ندا: وكان لازم ندعمها اقتصادياً وحصل.
أحمد منصور: تدعمها اقتصادياً إزاي؟
يوسف ندا: ليس من أجل.. ليس من أجل الربح، ده بالعكس خسرت فيها 5 مليون دولار.
أحمد منصور: لكن أنت دخلت بهدف الربح.
يوسف ندا: أيوه، كان عندهم لما جت أميركا موضوع الرهائن وفرضوا عليها الحصار الدولي، ومنعوا أي بواخر أنها تروح، ومنعوا أي بضائع أنها تروح، طبعاً كان فيه أزمات حصلت هناك، كان عندهم أزمة بتاعة مواد غذائية، كان عندهم أزمة بتاعة جديد، كان عندي عقد، هذا يعني طلب مني كان وزير التجارة كان اسمه.. كان من مجموعة إبراهيم يزدي، كان اسمه -الله يرحمه مات- اسمه رضا.. رضا الصدر، فجه وزير التجارة، قال يا أخ يوسف، إحنا عندنا مشكلة ويعني مشكلة كبيرة، هل ممكن تساعدونا؟ أيه المشكلة؟ قال: محتاجين لشعير ومحتاجين لـ100 ألف طن حديد، حديد اضطريت، لأن البواخر ممنوعة
أحمد منصور: طبعاً كنت أنت ملك الحديد.
يوسف ندا: يعني، اضطريت البواخر ممنوعة أنها تروح، فطلعته من هامبورج طلع بالسكة الحديد إلى (كوتكا) في فنلندا، ومن كوتكا.. طلع بالباخرة عفواً من هامبورج إلى كوتكا في فنلندا، ومن كوتكا نزلته بالسكة الحديد من كوتكا عدَّى كل روسيا لغاية من نزل على جولفا في بحر قزوين بالقطر، تصور بقى 100 ألف طن عشان تشحنهم بالقطر 3300 عربية قطر.
أحمد منصور: كلفة باهظة طبعاً.
يوسف ندا: نعم؟
أحمد منصور: كلفة باهظة.. كلفة باهظة في النقل يعني
يوسف ندا: لأ، التكلفة ما نقدر نقول أنها يعني أكثر من لزومها، لكن السوق.
أحمد منصور: يعني أنت كيف تحايلت على أميركا وعلى الدنيا كلها؟
(5/179)
يوسف ندا: يعني هي أميركا.. أميركا إذا كان عايزة تحاسبني تتفضل تحاسبني، أنا ما أنا عضو أميركاني، ما أنا مواطن أميركاني، ما أنا ملزم بالقانون الأميركاني، إذا كان الدول النهارده بتلزم بالقانون الأميركاني، أنا ملزم فقط بالقوانين بتاعة بلادي اللي أنا أتبعها أو أعيش فيها.
أحمد منصور: طب ده ما يعتبرش تحايل على القانون؟
يوسف ندا: أما إن أنت تقول لي دلوقتي أصبحت الـglobalization وقوة واحدة، هذه يعني بالنسبة لي أنا لا تعنيني.
أحمد منصور: العملية دي تمت سنة 79 أم كم؟ بعد الثورة بكم؟
يوسف ندا: أعتقد في.. أيوه، أظن كانت في يمكن في أوائل 79 يمكن.
أحمد منصور: لأ، الثورة كانت 79.
يوسف ندا: يبقى.. يبقى بعدها 80.
أحمد منصور: 80.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: عملية 100 ألف طن حديد.
يوسف ندا: وكان فيه..
أحمد منصور: ووصلوا.. وصلوا لإيران بدون مشاكل؟
يوسف ندا: لأ وصلوا.. وصلوا لغاية جولفا، لكن بالنسبة لنا كان عندنا مشاكل في.. في أخذ فلوسها، وللأسف الشديد تعبوني فيها، وبأقول لك خسرت فيها حوالي 5 مليون دولار، لكن أنا ما أشعر إن أنا خسرت، أنا أشعر إن أنا عملتها لله، أنا عملتها بلد إسلامي.
أحمد منصور: أنت تاجر، فيه تاجر.. تاجر بيعمل يعني..
يوسف ندا: لا.. لا بدأ أفرق أنا بين مصدر التجارة والربح ومصدر المصروف والمعاونة، ده موضوعين مختلفين، موضوع يحتاج الإعانة والمصروف، همَّ بيحاسبوني هنا لغاية النهارده على مين بتساعده؟ وأموال الزكاة و.. وإلى آخره، يعني أموال الزكاة عندنا كان مسؤول عنها -الله يرحمه ويحسن إليه- الشيخ منَّاع القطان، كان هو.. وبعدين لما بدءوا يتكلموا عن الزكاة، لغينا الزكاة من البنك، قلنا كل واحد يدفع الزكاة عن نفسه، البنك مش هيدفع زكاة.
أحمد منصور: طب أنا خليني الآن في العلاقة مع إيران.
يوسف ندا: أيوه.
(5/180)
أحمد منصور: الآن بصفتك أنت مسؤول عن العلاقة مع إيران، مكلف من الإخوان بترتيب العلاقة مع إيران، وبصفتك رجل أعمال كبير جداً ما كانش البنك أسس لسه في ذلك الوقت، شحنت لإيران 100 ألف طن حديد، وشحنت شعير قد أيه؟
يوسف ندا: 3 بواخر أظن بتاع 150 ألف طن.
أحمد منصور: آه، في الوقت اللي أميركا فارضة عليه حصار على إيران، أنت
يوسف ندا: فيه أيه؟ تيجي تأخذني أميركا توديني السجن يا سيدي، توديني جوانتانامو بتاعتهم.
أحمد منصور: لأ أنا.. أنا..
يوسف ندا: ما بأخاف من أميركا، أنا زي حكامنا اللي بيخافوا منها، لا بأخاف أنا من أميركا، أنا بأعمل أشياء قانونية بالنسبة للبلاد اللي أنا بأشتغل فيها أو بالنسبة للبلاد اللي أنا بأحيا فيها أو بالنسبة للبلاد اللي أنا أحمل جنسيتها، أما غير كده.
أحمد منصور: ودية كانت قانونية.
يوسف ندا: لا.. لا أبالي أنا بغي بغير هذا
أحمد منصور: هذه كانت قانونية في ذلك مشيتها قانونية
أحمد منصور: مشيتها قانونية
يوسف ندا: مشيتها بالأسلوب القانوني
أحمد منصور: وكل الشركات اللي تعاونت معاك في الشحن وبناء
يوسف ندا: كل دا مشيناه بالأسلوب القانوني
أحمد منصور: الأميركان فتحوا معاك الملف دا في التحقيقات؟
يوسف ندا: لأ.
أحمد منصور: يعلموا عنه شيء؟
يوسف ندا: ما أعرف.
أحمد منصور: كيف صارت العلاقة بين الإخوان ونظام الحكم في إيران بعد ذلك؟ هل عملت صفقات -عفواً- تديرها عشان تخلص من نقطة الصفقات مع إيران دي.
يوسف ندا: لأ، لا غير هذا ما أنا اشتركت معاهم
أحمد منصور: لقيتها مش جايبة ثمنها يعني
يوسف ندا: لأ مش مش جايبة ثمنها، خسرت فيها، وكان فيه موضوع ثاني كان.. كان فيه مصنع نسيج كنا هنعمله لكن ما مشي الحال، وحتى دا خسرت فيه.
توتر العلاقة بين الإخوان ونظام الحكم في إيران
أحمد منصور: كيف صارت العلاقة بين الإخوان ونظام الحكم في إيران بعد ذلك؟
(5/181)
يوسف ندا: يعني كان فيها تقلبات، ولما يعني أصبح الخليج والسعودية والعراق كلهم يعني كل من يتصل بإيران أو يدافع عن إيران أو يكون له لقاءات.. علاقة بإيران يعني يصبح في بلده مشبوه ويصبح مسلط عليه القانون، وممكن إن هويتهم وممكن إن هو يسجن، فانتقلت العلاقة فوراً قررنا إنها تكون من خارج البلاد العربية، فاتصلت ببعض إخواننا حتى يتصلوا بهم، فاتصلوا بهم فبعثوا لي مندوب في لندن، رحت قابلته في لندن
أحمد منصور: مين المندوب؟ الإيرانيين
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: بعد كم سنة من الثورة؟
يوسف ندا: يعني يمكن كان في ثالث سنة من الحرب العراقية
أحمد منصور: يعني سنة 85
يوسف ندا: التانية.. التانية في الحرب العراقية.
أحمد منصور: 84.. 83
يوسف ندا: قيِّم أنت بقى أنت بتحسب، أنا أحسب فلوس أما أنت بتحسب تواريخ.
أحمد منصور: يا ريتني بأحسب فلوس.
يوسف ندا: تاخد دي وتديني دي. أيوه فاتصلنا بيهم فبعتوا واحد وقالوا لي راح (...) في لندن، فرحت قابلته في لندن كانوا اتنين، واحد منهم يعني هو دا اختفى لأنه كان صغير في السن أما التاني مازالت علاقتي بيه رجل صالح ورجل يعني أخد وضعه
أحمد منصور: سهل إنك تقول اسمه؟
يوسف ندا: يعني صعبة شويه
أحمد منصور: طيب
يوسف ندا: يعني الأسماء صعبة لأنه لازال كلهم
أحمد منصور: ولا للأميركان حتى..
يوسف ندا: كلهم.. لا.. الأميركان مين، الأميركان ييجوا يقطعوني إذا كانوا يحبوا ياخدوا مني أسماء أو معلومات، هم أو غيرهم، أنت بتاخد معلومات لا يجرؤ واحد في الدنيا إن هو ياخدها.. يعني برغبتي.. لا يجرؤ، ويعني أرجع أقول لك أنت أو (الجزيرة) يعني الهامش اللي فتحتوه ولا يزال دا هامش من الحرية يعني يستحق إن إحنا نشجعكم، وإن إحنا نديكم ما لا نعطيه لغيركم.
أحمد منصور: شكراً جزيلاً.
يوسف ندا: وإحنا نشكركم على هذا لأنكم تقوموا بدوركم.
(5/182)
أحمد منصور: أنا أعرف إن عشرات المحطات التليفزيونية يعني تلاحقك من أجل الحصول على..
يوسف ندا: والله.. حتى لغاية النهارده.
أحمد منصور: ولكن أنا أشكرك إنك منحت (الجزيرة)..
يوسف ندا: ربنا يوفقكم إن شاء الله
أحمد منصور: طيب، لنبق في إطار الموضوع بعد ما توترت العلاقات بين الإخوان وإيران تقول إنه في سنة 83..
يوسف ندا[مقاطعاً]: لأ، ما توترت
أحمد منصور: يعني حصل فيها فتور..
يوسف ندا: يعني ما حصل فتور، حتى اللي عملوه هم رغم الغلطة بتاع الدستور ورغم الغلطة بتاع (الخلخالي) ورغم.. حتى (رافسنجاني) قال كلام غير طيب في هذا الوقت، بالرغم من هذا إحنا ما قطعنا..
أحمد منصور: طيب لما طلع تصريحات خلخالي، لما رافسنجاني، لما الدستور ما راجعتوش..
يوسف ندا: طبعاً كان معاهم وضعهم بالنسبة لتأييد سوريا، وسوريا زي ما أنت عارف إنه يعني 30 ألف قتلوهم في (حماه) بالمدافع يعني ما كانت بسيطة، إن كان فيه بعض الإخوان كان لهم أخطاء ما ننكر هذا.
أحمد منصور: أيه القضية الأساسية اللي كنتوا بتبحثوها مع الإيرانيين كإخوان كتنظيم للإخوان دولي؟
يوسف ندا: أهم ما فيها هي وحدة المسلمين في كل مكان دي أهم ما فيها، طبعاً هم كان عندهم مشاكل في عدة أماكن، مشكلتهم مع الأكراد، مشكلتهم مع العراق، مشكلتهم مع السعودية، كل داهوت حاولنا إن إحنا نقوم فيه بأدوار كثيرة ونجحنا في بعض الأدوار، ولله الحمد، وفيه بعض الأدوار إن لم نكن نجحنا على الأقل ليَّنا الجو زيتناه شوية دوبنا بعض الثلج.
أحمد منصور: مين أهم الشخصيات اللي كنت أنت تلتقي بها وعلى اتصال بها في ذلك الوقت؟
(5/183)
يوسف ندا: من فوق لتحت أنا قابلت السيد (علي الخامنئي) قابلته، وقابلته في بيته وحتى يعني من أيام الأستاذ الخوميني، الله يرحمه، وقابلت كمان آية الله منتظري وحتى أهداني الكتاب بتاعه وأفخر بالإهداء اللي كتبه رغم إن هو رجل هذه الأيام يعني وضعه مختلف، قابلت.. قابلت كتير.. كثير ما.. ما.. ما أعتقد ما فيه حد مسؤول ما شفته
أحمد منصور: ولا يأتي، كمال خرازي، رافسنجاني.. كل هؤلاء..
يوسف ندا: طبعاً.. كثير.. طبعاً.
أحمد منصور: شاع مصطلح تصدير الثورة في بداية الثورة الإيرانية وظل يصاحبها عدة سنوات، تصدير الثورة..
يوسف ندا: أيوه
أحمد منصور: تصدير الثورة، أنا البرد مسويني بس بأحاور.. بأحاول
يوسف ندا: بس أنا.. أنا رجل عجوز..
أحمد منصور: ودا حظ حضرتك معايا إن أنا مُبتلى ببرد
يوسف ندا: الحمد لله رب العالمين وربنا يشفيك.
أحمد منصور: مصطلح تصدير الثورة صاحب الثورة الإيرانية من بدايتها، هل اتفقتم مع الإيرانيين على أي شيء من ترتيبات أنكم تستوردوا الثورة دي وتهيجوها في كذا مكان؟
يوسف ندا: ما إحنا مصدرين إحنا كمان.. مش بس هم المصدرين، هي المفروض النظرة الإسلامية العادية هي النظرة العالمية، إحنا ما نؤمن بأن الإسلام عبارة عن حتة أرض صغيرة يعيش فيها المسلمين والموضوع منتهي، إحنا مكلفين بنشر الإسلام نشر الإسلام، إن إحنا العالم كله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) ما نزل الإسلام علشان إيران أو عشان مصر أو علشان الشرق الأوسط، فالاصطلاح بتاع تصدير الثورة كان المقصود منه ما هي سلعة الإسلام علشان يصدر، لأن، المقصود منه كانت حرب الإسلام، والمكان القوي في هذا الوقت كان هي إيران وكانت بتنادي المسلمين في كل مكان إن هم يتحركوا ياخدوا حقوقهم وينشروا الإسلام، فاعتبرت إيران هي الوحيدة اللي بتصدر الثورة، لكن إحنا من مصدري الإسلام مش من مصدري الثورة.
(5/184)
موقف الإخوان من وضع المسلمين السنة في إيران
أحمد منصور: كان وضع المسلمين السنة في إيران كان وضع مقلق وربما مازالت إلى الآن وباعتبار أن الثورة الإيرانية اختارت المذهب الشيعي الإثنى عشري ووضعته في الدستور، وباعتبار أن نسبة لا بأس بها ربما تصل إلى عشرة ملايين -حسب بعض التقديرات- من المسلمين السنة في إيران وربما تزيد عن ذلك، هل أنتم كإخوان مسلمين، والإخوان المسلمين معروف إن هم سنة في كل أنحاء العالم، دخلتم في قضية وضع السنة في إيران؟
يوسف ندا: ما فيه نقاش، تدخلنا فيه في أكثر من مرحلة.
أحمد منصور: طب ناخدها واحدة.. واحدة أول مرحلة.
يوسف ندا: يعني ما أقدر آخدها بالترتيب بتاعك، ما أنت بتاع تاريخ أنت، أنا..
أحمد منصور: يعني بأقول لك يا ريتني بتاع فلوس، مش نافعة معايا، يعني هل في بدايات الثورة، إحنا الآن قلنا الثورة..
يوسف ندا: في بداية الثورة الموضوع.. أول شيء كان التفاهم في موضوع الدستور وبند الدستور، وكانوا.. يعني لا.. ما فيه مجال إنهم يغيروا فيه..البند بتاع الدستور بتاع إن الدولة دولة شيعية ومذهبها الإثنى عشرية يعني كان فرز من طرفهم أثر في موقفنا إحنا وإحنا بنعتبر الإسلام جزء لا يتجزأ بكل طوائفه.. نعم؟
أحمد منصور: اعتبرتوه صدمة كإخوان؟
يوسف ندا: نعتبره.. اعتبرناه ومازال نعتبر إنها كنت غلطة أثرت في يعني توحيد المسلمين، وهم ينادوا بوحدة المسلمين كما ننادي بيها إحنا، لكن كانت يعني بره الخط شوية، وبره الخط ساعدت كل من يريد أن يفرق بين المسلمين أن يبني عليه.
أحمد منصور: أثرت في العلاقة اللي أنتوا كنتوا بتأملوا أن تكون علاقة وثيقة ما بين الإخوان وبين إيران؟
يوسف ندا: لأ، العلاقة إحنا مازلنا هو مبدأ عام عند الإخوان إنه في وسط الإسلاميين نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما نختلف فيه.
(5/185)
أحمد منصور: حتى ولو أدى الأمر إلى اعتقال كثير من أهل السنة وإلى سجنهم وإلى قتل بعضهم وتصفيتهم؟
يوسف ندا: يعني الأخطاء زي ما بأقول لك يعني ليس هناك عمل بدون أخطاء، والمفروض إذا كان فيه اعتقالات وإذا كان فيه أي شيء المفروض إن إحنا نساعد في إزالتها مش إن إحنا نقطع، لان أي قطع معناه إنه تزيد الأخطاء مش إنها تنقص.
أحمد منصور: أحمد مفتي زادة أحد قيادات السنة..
يوسف ندا: الله يرحمه، يعني أنت جيت في موضوع من أصعب المواضيع اللي تؤلمني في إيران.
أحمد منصور: أنا لسه ما سألتش حاجة
يوسف ندا: جبت اسمه -الله يرحمه- لأن قصته مؤلمة
أحمد منصور: بتعرفه
يوسف ندا: أعرفه؟ أعرفه شخصياً وزرته وحتى زيارتي له هو أحمد مفتي زاده ومجموعته
أحمد منصور: متى عرفته.. متى عرفته؟ قبل الثورة أم بعدها؟
يوسف ندا: لأ، في أيام الثورة، مجموعته من الأكراد، الأكراد كانت منتشرة ومازال منتشرة فيهم اليسارية والشيوعية والكفر بالإسلام حتى، لأنه يعني
أحمد منصور: أحمد مفتي زاده من عرب إيران السنة
يوسف ندا: لأ أحمد مفتي زاده هو من الأكراد الإيرانيين، ومكانه كان في كرمانشاه.
أحمد منصور: كان في خوزستان.. كرمانشاه عفواً
يوسف ندا: أيوه أنا زرته في كرمانشاه ولما زرناه كنا.. كان المشكلة هو ساعد الثورة رغم أن الثورة كانت طبعاً إسلامية.. طالعة إسلامية، والأكراد.. الأجنحة اليسارية فيها والشيوعية كانت كبيرة، كانت مدعمة من روسيا، وفي حربها مع الشاه، فهو لما ساعدهم انبرى له الشيوعيين من الأكراد وحاربوه، ثم خذلوه.. الحكومة الإيرانية خذلته وتركت الشيوعيين يعيثوا في وفي مجموعته، فاختفى، ولما اختفى بدأ يتغير وضع بينه وبين الحكومة
أحمد منصور: أنت عرفته قبل ذلك أم بعدها؟
يوسف ندا: لأ في هذا الوقت، في هذا الوقت
أحمد منصور: كيف التقيت فيه؟
يوسف ندا: لكن هو يعلم أنا من وأنا أعلم هو من
أحمد منصور: كيف التقيت فيه؟
(5/186)
يوسف ندا: هاحكيها لك في القصة، فلما حصل الإشكال بينه وبني الحكومة كان أبو الحسن بني صدر كان هو الرئيس، فاتفقنا مع أبو الحسن بني صدر إنه مش من المصلحة إن إحنا جناح إسلامي كردي يعني يدعسه ويهرسه الشيوعيين اللي موجودين هناك، ودول يعتبروا يعني ساعدوا الثورة الإسلامية، فالمفروض إن الثورة الإسلامية يعني تحميهم، فأخذنا منه إذن وذهبنا إلى كرمانشاه، وفي كرمنشاه التقينا به، فالرجل قال يعني أنا لي مطالب، وأنا خذلوني
أحمد منصور: أيه أهم المطالب
يوسف ندا: وهو كان مختفي، يعني إحنا لما رحنا
أحمد منصور: بتتكلم معاه وهو مختفي
يوسف ندا: كان مختفي لأنه كان
أحمد منصور: كان مختفي من مين؟ من الحكومة أم من
يوسف ندا: من الاثنين، من ابتزاز الشيوعيين ومن الحكومة
أحمد منصور: طب إزاي أستأذنت، إزاي استأذنت من أبو الحسن بني الصدر وهو رئيس الدولة لتقابل واحد مختفي؟
يوسف ندا: كان من مصلحته.. يعني كل شيء في هذا الوقت.. كل شيء سايب، هو أبو الحسن بني صدر إحنا بعد ما رجعنا بعد كده طار هو، ثورة الموضوع ثورة
يوسف ندا: يعني.. أجنحة مختلفة
يوسف ندا: ثورة طبعاً ثورة، الثورة ما في شيء
أحمد منصور: وأنتم إزاي أقمتم علاقة في التشابك المعقد يعني؟
يوسف ندا: يعني واجبنا.. واجبنا الشرعي
أحمد منصور: لأ أنا مش.. أنا.. أنا الآن مش في الواجب الشرعي، أنا في..
يوسف ندا: أنا بأتحرك من منطلق شرعي
أحمد منصور: أنا عارف المنطلق الشرعي، المنطلق الشرعي عايز واحد يكون عنده قدرة ويوظفه بشكل أو بآخر
يوسف ندا: لا ويكون عنده كمان المقدرة على إنه يتحمل المخاطر
آه يعني أنا.. أنا بأسألك في هذا الجانب.. جانب.. جانب الشق الشخصي والدخول في التركيبة المعقدة دي، وإقامة علاقات بيها، الدول بتعجز إنه اتعمل هذا الشيء، فكيف أنت استطعت تعمله؟
(5/187)
يوسف ندا: يعني تعجز.. خلينا نقول أنه إحنا كمان بنمشي في حدود إمكانياتنا ما نقدر نقول لك تمشي في حدود إمكانيات دول، علاقاتنا الشخصية كانت بتساعدنا يعني مثلاً مساعد أبو الحسن بني صدر للشؤون الكردية كان في أميركا هو كردي وكان في أميركا متصل بينا من أميركا
أحمد منصور: سني يعني؟
يوسف ندا: أيوه سني، (بارتوما) اسمه.. اسمه (ظفر بارتوما) كان
أحمد منصور: لا يزال يعيش في إيران..
يوسف ندا: لا هو الآن في أميركا، هو أميركي، وإن كان غلط، أنت هتسحب مني أسماء هتخرب بيتهم كلهم.. ربنا يسترهم
أحمد منصور: لا.. لا، إن شاء الله، ربنا يسترها معاهم، يستخبوا بعد ما يسمعوا..
يوسف ندا: ربنا يستر، فما استطاعش هو بارتوما إنه هو يروح، لأنه كان بينظروا له على إنه هو عميل للحكومة، فإحنا ذهبنا وطبعاً عن طريق اتصالاتنا الخاصة، فانتظرونا وأخذونا من المطار وودونا للمكان اللي هو مختبئ فيه..
أحمد منصور: مين اللي وداكم؟
يوسف ندا: مجموعة أخونا -الله يرحمه- أحمد مفتي زاده
أحمد منصور: يعني أنتم عملتوا اتصال بيهم من وراء ظهر الحكومة الإيرانية
يوسف ندا: لأ، الحكومة تعرف إن إحنا هنتصل بيهم، لكن كيف..
أحمد منصور: إذا الحكومة عايزة تقبض عليه، ممكن تتبعكم
يوسف ندا: لأ.. لأ، كان في هذا الوقت حريصين لأن انقلب عليهم الشيوعيين، حريصين إن هم يتفاهموا معاهم، فهو كان..
أحمد منصور: آه.. آه نعم، أنتم تقوموا بهذا الدور؟
يوسف ندا: أي نعم
أحمد منصور: يعني نقدر نقول الآن إن زيارتك لأحمد مفتي زاده كان فيها أكثر من هدف، من بين أهدافها إنك تنسق العلاقة بينه وبين الحكومة الإيرانية في ذلك الوقت؟
يوسف ندا: لأ، إن أنا أحمي السنة في إيران.
أحمد منصور: إزاي؟ وضح لنا دي
(5/188)
يوسف ندا: لأن كان في بعض الشيوعيين موجودين، وكان حتى في داخل الحكومة الإسلامية كان في داخلها بعض الشيوعيين بيتحركوا، لكن باسم الإسلام، وبيفرقوا في الداخل، ثورة.. ثورة فيها كل شيء.. فيها كل شيء، فإحنا أما ذهبنا دون.. ماله يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كان مختفي فين أحمد مفتي زاده؟ في جبل ولا..؟
يوسف ندا: في كرمانشاه.
أحمد منصور: في جبل؟ في بيت؟ في..
يوسف ندا: لأ في منزل.
أحمد منصور: كنت أنت ومين؟
يوسف ندا: كنا مجموعة، كنت أنا وغالب كان معاي، وكان معاي..
أحمد منصور: معاك في كل حاجة ده؟
يوسف ندا: لأ في بعض الأشياء، مش في كل شيء، في بعض الأماكن لا يجوز إن إحنا نروح إحنا الاثنين، لازم واحد يغطي التاني، بعض الأماكن إحنا الاتنين مستعدين نموت.
أحمد منصور: ربنا يديك الصحة، اتفضل.
يوسف ندا: وبعض الأماكن ولا واحد فينا، نبعت حد تاني.
أحمد منصور: كمان.
يوسف ندا: آه طبعاً. يعني إحنا.. يعني مهمة لا شك إن إحنا بنتكلم دلوقتي بنتكلم في كل شيء بالمفتوح، بعد ما كل شيء خلص، وبعد ما عجزنا، وأصبحنا لا نصلح إن إحنا نعمل شيء.
أحمد منصور: طيب.
يوسف ندا: وبعد ما حوصرنا في كل مكان، وما نستطيع إن إحنا.. ندور على أكلنا دلوقتي، من حوالي أسبوعين بأسألهم في البيت، عاوزين تشتروا حاجة؟ أنا نازل السوق، قالوا لي 5 كيلو دقيق، كنت بأشتري نص مليون طن دقيق، رحت أشتري 5كيلو على آخر الزمن، 5 كيلو دقيق!! تصور بقى.
أحمد منصور: يعني أنا أدرك الوطأة النفسية اللي.. يعني..
يوسف ندا: نص مليون طن والله كنت أشتري، أروح أشتري 5 كيلو دلوقت علشان الأكل، عشان البيت!!
أحمد منصور: لكن لنعد إلى.. لنعد إلى أحمد مفتي زيادة.
يوسف ندا: أيوه اتفضل.
أحمد منصور: قلت لي أنك ذهبت إليه، وكنت..
(5/189)
يوسف ندا: أي ذهبت، وقلت له إن المفروض إن أنت تعاون الحكومة، وعندنا فرصة دلوقتي إن إحنا نرأب.. يعني الصدع اللي بينكوا وبين.. يعني نلموا شوية، قال أنا عندي طلبات، ومقدمها، إذا كان الطلبات دي هتتحل أنا ممكن يعني كل جهودي أحطها، ونتعاون مع بعض في المنطقة الكردية، وغير المنطقة الكردية..
أحمد منصور: أيه أهم طلباته؟
يوسف ندا: طلباته كان خليط، وإحنا.. كوضعنا إحنا كإخوان مسلمين دايماً بنتسامى بالطلبات الإسلامية فوق الطلبات القومية، أما هو كان عنده طلبات قومية، وطلبات إسلامية.
أحمد منصور: تقول لنا باختصار طلباته كانت أيه، لأن دي قضية مهمة، موضوع السنة في إيران لازال موضوع شك.
يوسف ندا: كان طلب.. طلب من طلباته القومية إن (كرمانشاه) لأنها منطقة بترولية، إنه يصرف جزء من البترول بتاعها على كرمانشاه، وعلى المنطقة اللي هناك وعلى الأكراد، على المدارس، على المستشفيات، على الطرق، على دا.. على دا.. هم كانوا بيقولوا إن ثروة البلد هي للبلد، وتتوزع على البلد كلها، مش على.. على المناطق اللي.. اللي بتطلع منها، وإلا ييجي كمان الجماعة التانيين بتاع (خوزستان) يقولوا البترول بتاعنا ما يُصرفش على أماكن تانية.. و.. و.. وإلى آخره.
الموضوع الثاني: إنه كان عنده -وكان عنده حق فيه- إنه تعليم الدين الإسلامي في.. في المدارس الموجودة يقوم به السنة، بيقول إن كان بعض رجال الشيعة كانوا همَّ اللي بيعلموا، ودي ما كانت تقبل.
أحمد منصور: أبناء السنة، بيعلموا أبناء السنة؟
يوسف ندا: أيوه، ما كانت تقبل.. فكان فيه خليط.
أحمد منصور: لأ، أيه كمان؟ ما هو مش.. مش مطلبين له، حاول تفتكر.
يوسف ندا: كان موضوع مسجد طهران، عاوز مسجد للسنة في طهران، ما كانش في مسجد مفتوح فيها.
أحمد منصور: طهران إلى الآن ليس بها مسجد للسنة.
يوسف ندا: أنت خلي بالك أنا ذاكرتي ما هتجيب كل حاجة بالسرعة اللي أنت ماشي بيها.
(5/190)
أحمد منصور: إن شاء الله هتجيب، بس أنا معاك أهوه، بأنشَّط فيها. يعني الآن ما فيش مسجد للسنة في إيران؟ إلى اليوم هم كانوا بيطالبوا بمسجد للسنة؟
يوسف ندا: آي نعم، هو كان يعني أما صعَّدنا هذا الموضوع، فكان الرد إن كيف تكونوا أنتوا إخوان مسلمين تبحثوا عن وحدة المسلمين وأنتوا تفرقوا بين مسجد السنة وبين مسجد الشيعة؟ المساجد.
أحمد منصور: طبعاً هو أحمد..
يوسف ندا: المساجد موجودة، لا يمنع مسلم، سُني أو شيعي إن هو يصلي فيها.
أحمد منصور: ما.. ما علهش هنا معلومة في وسط الكلام عايز أفهمها بس.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: أنت بتقول له أنتوا كإخوان مسلمين، هو أحمد مفتي زاده كان بيمثل الإخوان المسلمين في إيران في ذلك الوقت؟
يوسف ندا: أيوه أحمد الله يرحمه كان من الإخوان.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إن فيه إخوان مسلمين سنة في إيران؟
يوسف ندا: طبعاً، ما فيش نقاش، وهم يعلموا.
أحمد منصور: تنظيم يعني؟
يوسف ندا: وحتى عملوا لهم مشاكل، و.. يعني قالوا لهم في.. مرة من المرات اتصلوا بيَّ، وقالوا إنه يعني المسؤولين عن الأمن عايزين يقابلوك، قلت لهم خليهم يقابلوا وزارة الخارجية، وهم يدعوني، أنا صلتي بالخارجية وبالرياسة، مش بالأمن، أنا ما أتصل برجال الأمن.
أحمد منصور: يعني حتى الحكومة الإيرانية بتتعامل معاك على إنك أنت مسؤول الإخوان المسلمين المتعلق بهذا الموضوع؟
يوسف ندا: طبعاً، ما فيه نقاش، طبعاً.
أحمد منصور: طيب نرجع لأحمد مفتي زاده، وطلباته، وإن الآن إحنا فهمنا إن أحمد مفتي زاده كان مسؤول الإخوان المسلمين في إيران، اتفضل.
يوسف ندا: الله يرحمه. مسكين.. يعني حاولنا إن إحنا نقنعهم، حتى إحنا كنا هنُقتل هناك في هذه الزيارة.
أحمد منصور: إزاي؟
يوسف ندا: يعني رحنا الأوتيل بعد ما خلصنا، كانت طيارتنا في الصباح، الصباح الباكر.
أحمد منصور: أوتيل في كرمانشاه؟
(5/191)
يوسف ندا: في كرمانشاه. فسهرنا عنده، بعدين بعدما سهرنا رحنا الأوتيل عشان ننام، يادوب دخلنا الأوتيل بعد خمس دقائق أو عشر دقائق، جات لنا مجموعة من مجموعته مسلحة، حوالي 15 واحد، قالوا لنا ما تناموا هنا، لازم نأخذوكم تناموا في مكان تاني، ليه؟ قالوا اكتشفنا إنه يعني مطلوب قتلكم، فأخذونا فعلاً نيمونا في مكان تاني لغايت الصبح، وركبونا الطيارة.
أحمد منصور: طيب ما علهش أنا بأرجع لطلبات أحمد مفتي زاده، وقلت لي منها 3 حاجات بس، موضوع الإنفاق من البترول على كرمانشاه، موضوع تدريس الدين الإسلامي لأبناء السنة من أهل السنة، وليس من الشيعة، موضوع مسجد لأهل السنة في طهران، أيه تاني الطلبات؟
يوسف ندا: موضوع إن الأكراد، يعني اللغة الكردية، وإنه يسمحوا لهم بشوية في الإذاعة، يعني كان في أشياء قومية مختلطة مع.. مع الحاجات الإسلامية.
أحمد منصور: يعني كل الأقليات القومية بتطالب هذا في كل مكان.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: أيه كمان؟
يوسف ندا: يعني اللي.. في الوقت داهوت الإيرانيين يعني أهم حاجة في رأسهم إنه إحنا إيرانيين، وإحنا مسلمين، فاللي يفرق بين المسلمين وبعضهم يبقى غلطان، واللي يفرق بين إيرانيين وبعضهم يبقى غلطان، بندور على الوحدة، ما.. ما في نقاش، إن بالرغم من هذه الشعارات المعلنة كان في أشياء فيها أخطاء، ويعني ما فيه شيء.. ما فيه عمل بدون أخطاء، وإن إحنا يكون عندنا Tolerance للأخطاء داهيت، ونحاول نمتصها، مش نحاول إن إحنا نفجرها، دي كانت مهمتنا.
أحمد منصور: طيب الآن أحمد مفتي زاده قُبض عليه بعد ذلك، قضى سنوات في السجون..
يوسف ندا: قُبض عليه الله يرحمه، قبضوا عليه، وحطوه في السجن..
أحمد منصور: بس أكمل حضرتك، أكمل أنا.
يوسف ندا: أيوه، اتفضل.
أحمد منصور: قضى عدة سنوات في السجون الإيرانية، ثم خرج بعد ذلك هيكلاً عظمياً كما وُصف في تقارير صحفية مختلفة.
(5/192)
يوسف ندا: الله.. الله يرحمه.. الله يرحمه.
أحمد منصور: ومات بعد أيام.
في الحلقة القادمة أبدأ معك من مرحلة القبض على أحمد مفتي زاده، وموته، وما العلاقة بين السنة في إيران، وبين الحكومة الإيرانية، وباقي الدور الذي قمت به.
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين).
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/193)
الحلقة3
(5/194)
الثلاثاء 11/6/1423هـ الموافق 20/8/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 08:55(مكة المكرمة)،05:55(غرينيتش)
يوسف ندا مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين - الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
يوسف ندا: مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
18/08/2002
- علاقة الإخوان المسلمين مع طهران في ظل وضع السنة في إيران
- طبيعة علاقة يوسف ندا بالسعودية
- وساطة يوسف ندا بين السعودية وإيران لحل أزمة الحجاج الإيرانيين
- أهداف يوسف ندا من وراء الوساطات التي يقوم بها
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين)
أستاذ يوسف مرحباً بك.
يوسف ندا: مرحباً بك يا أخي.
علاقة الإخوان المسلمين مع طهران في ظل وضع السنة في إيران
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند نقطة هامة تتعلق بالإخوان المسلمين في إيران أو أهل السنة في إيران وتنظيم الإخوان المسلمين تحديداً هناك، وأحمد مفتي زاده زعيم الإخوان هناك والذي التقيت به ثم قبض عليه بعد ذلك من السلطات الإيرانية وبعد خروجه من السجن بفترة وجيزة توفي، كيف السلطات الإيرانية تسمح بقيام تنظيم أو السماح بتنظيم للإخوان على علاقة بقيادة خارجية وهي دولة بتعتبر نفسها أو بتعلن إنها دولة إسلامية
(5/195)
يوسف ندا: هو الموضوع ده فعلاً كان نقطة ضعف موجودة، نقطة ضعف ليست موجودة فقط في إيران، يعني يستطيع الواحد يعطي الحق لأي دولة إنها تتخوف من أي تنظيم موجود فيها يكون له علاقات بتنظيمات خارجية، لكن هم تعودوا إن هم يشوفوا الماسونية في كل مكان، ما أقول عن إيران، لكن أقول على الدول عموماً، تعودوا يشوفوا الروتاري، تعودوا يشوفوا الحاجات الكبيرة اللي أصلها موجودة في أميركا أو موجودة في غير أميركا ومتشعبة ومتغلغلة في كل مكان وفي كل الأوساط في كل البلاد، والنقطة دي اتعالجت عند الإخوان منذ مدة طويلة بأنه خلوا كل تنظيم إخواني في كل دولة يقوم بشؤونه تبعاً لما هو موجود في الدولة اللي هم فيها.
أحمد منصور: أمال العلاقة أيه بالتنظيم الدولي أو بقيادة الجماعة كما.. كما أشرت؟
يوسف ندا: ليظل إن في التنسيق الحاجات اللي مالهاش دخل بالحاجات المحلية يعني الدعوة الإسلامية كدعوة، الصح والغلط، ماهوش سياسة دولة أو ما يمس بسياسة الدولة سواء الداخلية أو الخارجية، كل ما يمس الإسلام كإسلام، كدين وكدعوة لكن ليس بسياسة داخلية لدولة أو سياسة خارجية لدولة.
أحمد منصور: في ظل علاقتكم التي كانت متميزة مع إيران، بعد ما قبض على أحمد مفتي زاده ماذا فعلتم؟ هل..؟
(5/196)
يوسف ندا: هو الحقيقة موضوع أحمد مفتي زادة، يعني كان ممكن تأثرت فيه وأنا بأكلمك، لأنه كان موضوع مؤثر رجل -الله يرحمه- يعني إحنا نعتقد إن هو كان مظلوم، فلما قبض عليه حاولنا إن إحنا نتدخل، ومش معنى إن إحنا مختلفين معاهم في موضوع أحمد مفتي زاده أو غيره إن إحنا نقطع صلاتنا، لو قطعنا صلاتنا بأي واحد، يبقى ما هنصلح أي غلط إحنا بنعتقد إن هو لازم يتصلح، فالعلاقة تفضل موجودة، يعني نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما نختلف فيه، ونحاول ونستمر في محاولة تصليح اللي إحنا مختلفين فيه، فإحنا حاولنا يعني نساعد الرجل حتى في الآخر ما استطعنا فطلبنا زيارته في السجن، ودا الموضوع اللي هزني شوية وأنا بأكلمك طلبنا زيارته
أحمد منصور: من مين طلبت زيارته؟
يوسف ندا: من وزارة الخارجية، كانوا أربعة من كبار رجال.. رجال وزارة الخارجية كنا بنتغدى، كانوا عازميني على الغدا
أحمد منصور: فين في إيران أو في..؟
يوسف ندا: في طهران، فقلت لهم إنه يعني أحب أزوره، قام قالوا يعني ممكن نشوف مكانه
أحمد منصور: تفتكر سنة كم؟
يوسف ندا: لأ
أحمد منصور: طب قل لي بالتقريب
يوسف ندا: لا التواريخ بالنسبة لك يعني ما أقدر، ما عندي إمكانية لو أستطيع أن أوضح..
أحمد منصور: طب خليني معاك واحدة واحدة علشان نوصل لأقرب تاريخ، لأن التواريخ بالنسبة لي أنا مهمة إلى حد كبير، يعني نقدر نقول في.. في نهاية التمانينات مثلاً؟
يوسف ندا: أعتقد
أحمد منصور: 89، 89
يوسف ندا: يمكن و89، 90 يمكن
أحمد منصور: 90
يوسف ندا: لأ 90 لأ، 90 كان الحرب العراقية، لا كانت قبل كده
أحمد منصور: بالضبط، قبل كده بسنتين؟
يوسف ندا: لأ كانت قبل كده بأكثر من سنتين..
أحمد منصور: كانت الحرب.. الحرب العراقية.. الإيرانية توقفت 88 توقفت، كانت توقفت..
يوسف ندا: أيوه.. أيوه كانت توقفت
أحمد منصور: يعني نقدر نقول في الفترة من 88 لـ 90
(5/197)
يوسف ندا: 88 لـ 90 يمكن
أحمد منصور: 89
يوسف ندا: يمكن 89
أحمد منصور: نخلينا في النص فترة مهمة قدرت أوصل معاك فيها لنتيجة بدل تعميمها أو تغريقها في عشر سنوات
يوسف ندا: أيوه.. أيوه.
أحمد منصور: يعني نقول زرت أحمد مفتي زاده في السجن 89؟
يوسف ندا: لأ ما زرته، أنا طلبت زيارته فوعدوا بأن هم يعني يرتبوا الموضوع، وكان معروف إن أنا لما بأكون في أي مكان ما بأستطيعش أقعد مدة طويلة، فمعروف إن أنا هأقعد يومين وهم يعلمو هذا، ففي اليوم التاني، اليوم.. قبل السفر اليوم اللي قبل السفر، فطلبنا فقالوا لم يمكن، ما استطعنا هو خرج لكن ما استطعنا نعرف عنوانه.
أحمد منصور: آه، كان خرج من السجن
يوسف ندا: أيوه، ما استطعنا أن نعرف عنوانه، طيب يعني أنتم كدولة ووزارة ما تستطعش تعرف عنوانه؟! فأنا الحقيقة يعني يمكن كنت سفيه شوية، فقلت لهم أنتم ما تعرفوش، أنا هأعرف، وفعلاً خرجت من عندهم قبل ما.. يعني الأمور تتغير، خرجنا من عندهم على طول وزعنا نفسنا..
أحمد منصور: وزعتم أنتم كنتم مين؟
يوسف ندا: كنا اتنين
أحمد منصور: أنت ومين؟
يوسف ندا: يعني سيب دي، وزعنا نفسنا، فطبعاً أنا العين عليَّ أكتر التاني أخد بعضه وراح وكان فيها معجزة، لأنه هو اللي معايا ما يعرف غير واحد وبعدين عنوان الواحد ما هواش معاه، فحب يستعمل ذاكرته، فأخد تاكسي ووقف التاكسي عن المنطقة اللي هو رايح فيها وبعدين نزل على رجله، نزل على رجله تايه مش عارف فين يروح، ووجد الراجل قدامه في.. في الشارع، معدي وذهب له..
أحمد منصور: مين أحمد مفتي زاده أم اللي بيدور عليه؟
(5/198)
يوسف ندا: لأ واحد تاني.. واحد تاني فالمهم يعني سلموا على بعض وقال هذا إن أنا جاي علشان أشوف أحمد مفتي زاده، قال له والله أنا يعني أعرف إن هو من أسبوع كان في بيت هنا لكن ما رحتش البيت ده قبل كده خلينا نجرب، فأخده و.. دخل معاه في شارعين تلاته، والشارع يطلع سد ويطلع منه يدور على غيره وبعدين أخيراً وجد البيت، خبطوا على البيت، دخلوا لقوا أحمد مفتي زاده قال له: سبحان الله أنا يعني أمس كان لازم أسافر وما استطعتش صحتي ما ساعدتني، فاضطريت أؤجل السفر لمدة يومين، فكان يعني من فضل الله، راجل يعني..
أحمد منصور: يعني رغم إنكم أنتم في زيارة رسمية لإيران، رغم إن إيران فيها جهاز مخابرات ممتاز جداً ورغم ذلك قدرتوا تزوغوا يعني وبتوصلوا لبيت أحمد مفتي زادة.
يوسف ندا: أي نعم.. أي نعم، مش بس دي، هو الحقيقة يعني حصلت أشياء كثيرة في العلاقة، الخليج السعودية، العراق كانوا كلهم يتهمونا بأن إحنا عملاء إيران، إيران كانت تنظر لنا كمان إن إحنا عملاء السعودية وعملاء الخليج، فإحنا كنا بين دا وبين.. بين المطرقة والسندان، لكن عندنا أهداف، العلاقة الوضع الإسلامي.. الارتباطات الإسلامية، إحنا ما عندنا.. ما عندنا مصلحة شخصية..
أحمد منصور: ما كنتم تخشوا إن زيارتكم لأحمد مفتي زاده تكشف وبالتالي تؤثر على علاقتكم بإيران؟
يوسف ندا: هي قبل دي حصلت مشاكل، أنا كنت مرة من المرات دخلت إيران وكانوا يعرفوا إن أنا واصل، يعني كمال خرازي كان يعرف إن أنا واصل.
أحمد منصور: كان وقتها وزير خارجية؟
يوسف ندا: لأ، وكيل وزارة الخارجية
أحمد منصور: أنا بألاحظ إن علاقتك بوزارة الخارجية يعني ما كنش لك..
يوسف ندا: أنا علاقتي كانت بالرئاسة والخارجية أنا ما كان لي علاقة بحد تاني..
أحمد منصور: طب الرئاسة والخارجية دي بتتعامل مع الدول..
يوسف ندا: طبعاً إلا الحاجات الشعبية دا موضوع تاني.
(5/199)
أحمد منصور: الرئاسة والخارجية دي بتتعامل مع الدول، يعني أنت كده يعني بتمثل حكومة الظل زي ما يقال
يوسف ندا: يعني أنا.. أنت هترجع للظل ده.. أنا مش فاهم أنت..
أحمد منصور: لأ، أنا بس بأقيس يعني.
يوسف ندا: أنت متشمس؟
أحمد منصور: الدنيا برد عندكم.
يوسف ندا: أنت واخد برد..
أحمد منصور: واخد برد والمطر خمس أيام لم يتوقف.
يوسف ندا: طب أنت واخد برد، أنت كل شوي تدور على الظل وتدور على الظل، يعني أنا فاهم ليه التسمية دي عجباك قوي؟
أحمد منصور: مش عجباني أنا، دا الكلام حضرتك اللي.. اللي كل المصادر بتتكلم عنه.
يوسف ندا: لأ، هو لا شك إن أنا يعني علاقاتي كانت كلها إما مع رئاسة وإما..، الحاجات الشعبية الإخوان متصلين بيها في كل مكان، أما.. إما في رئاسة وإما في وزارة وبالذات وزارات الخارجية، دا كلام مضبوط ما..
أحمد منصور: قلت لي كانت وزارة الخارجية على علم بإنك أنت رايح وبعدين حصل مشاكل قعدت..
يوسف ندا: لأ وأنا في المطار، مجرد ما وصلت سحبوا جواز سفري.
أحمد منصور: مين اللي سحبه؟
يوسف ندا: الموجودين.. المخابرات..
أحمد منصور: كنت ضيف رسمي عن الدولة؟
يوسف ندا: لأ ما كنت ضيف رسمي لكن كانوا يعرفوا إن أنا رايح.
أحمد منصور: إزاي سحبوا.. ودي كانت المرة الكم؟
يوسف ندا: أخدوا الجواز وقال لي.. قال لي تروح تاخده من المخابرات بكرة على الطريقة اللي موجودة في بلادنا.
أحمد منصور: جوازك الإيطالي أم أي جواز فيهم.
يوسف ندا: لأ كان.. كان التونسي.
أحمد منصور: سنة كم تفتكر دي؟
يوسف ندا: نعم؟
أحمد منصور: سنة كم؟
يوسف ندا: يا أخ أحمد أنت موضوع..
أحمد منصور: لأ ما أنا حضرتك معاك أنا هأوصل معاك هأوصل معاك يعني دي كانت قبل موضوع أحمد مفتي زاده أم بعديه؟
يوسف ندا: آه قبل منه بكتير،بسنين
أحمد منصور: بتلت أربع سنين مثلاً؟
يوسف ندا: آه يمكن
أحمد منصور: تقول 84 مثلاً؟
يوسف ندا: يمكن 84 أيوه.
(5/200)
أحمد منصور: كنت.. أنت كنت بتتردد على إيران كما كما هو واضح يعني ربما كل شهر أو اتنين أو تلاتة..
يوسف ندا: لأ.. لأ كل سنة أربع خمس مرات
أحمد منصور: طيب يعني نقول كل تلت شهور مثلاً يعني كنت بتتردد بشكل دائم، يعني كنت متردد قبل كده عشرين مرة مثلاً، قبل ما يسحبوا منك..
يوسف ندا: لا.. لا علاقاتي قوية ولله الحمد أعرف الكل..
أحمد منصور: طب إزاي، ليه سحبوا منك الجواز؟
يوسف ندا: ما.. دي.. دي المشكلة المصيبة مش دي بس، المصيبة إن ما فيش حد استطاع يجيب جواز السفر من.. من اللي أعرفهم، الدكتور ولاياتي ما عرفش يجيبه كان وزير..
أحمد منصور: كان وزير خارجية..
يوسف ندا: أيوه، وبعدين يعني الطقم كله ما أقدرش أقول لك لك الأسماء لم يستطع يجيبه في الآخر غير واحد وأعطاه لواحد تاني، اللي جابه كمال خرازي، وما كنش وزير، كان في مجلس الدفاع الأعلى، أنا قلت لك إنه كان وكيل وزارة لأ كان في مجلس الدفاع الأعلى، وبالمناسبة هأصلح لك حاجة تانية، الوفد اللي كان اترتب علشان يروح في أول زيارة..
أحمد منصور: وفد الطيارة الخاصة أم 30 ألف دولار
يوسف ندا: وفد الطيارة الخاصة اللي عملناه من إسلام آباد، ما كنش وفد الإخوان المسلمين فقط، وكان وفد الحركات الإسلامية في العالم.
أحمد منصور: آه أنت قلت لي إنك من ماليزيا..
يوسف ندا: كان فيها أبيم، كان فيها مشمومي، كان فيها تركيا، كان فيها باكستان، كان فيها السودان كان فيها يعني كان لأمم..
أحمد منصور: لكن أنتم كإخوان..
يوسف ندا: كل الحركات الإسلامية في العالم كانت موجودة.
أحمد منصور: أنتم كإخوان اللي رتبتوه؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: وأنتم اللي دفعتم قيمة الطيارة.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: ما شاء الله فلوسكم كتير.
يوسف ندا: نعم.
أحمد منصور: والآخر تقول لي والله الإخوان دول غلابة مافيش معاهم.
(5/201)
يوسف ندا: لا ما هو أنا.. أنا.. أنا عايز أصلح معلومة عندك في اتجاه تفكيرك، أنت اتجاه تفكيرك دايماً إن ما دام فيه رجل أعمال بيشتغل يبقى الموضوع موضوع فلوس، أنت نسيت إن أنا ليَّ يعني وضعين، أنا زي ما بيقولوا بيلبس alot of hats بيلبس طواقي كثيرة، أنا طاقية من طواقيه اللي هي عملي الحر أو العمل المالي أو العمل التجاري أو الاقتصادي، لكن أنا لا ده يهمني ولا هاممني دلوقتي بعد ما كله راح، وأصبحت يعني الحمد لله على.. على الموجود، كل ده ما يهمني، أنا كل ما يهمني في حياتي الحمد لله علاقتي بالله وعلاقتي بالحركة الإسلامية وعلاقتي بالإسلام، أنا كل ده أبيع كل شيء فيه، أبيع نفسي وهي أغلى شيء.
أحمد منصور: لكن أنت وضعك المالي.. وضعك المالي أيضاً ألم يساعدك فيما.. في وضع.. في الأوضاع الأخرى.
يوسف ندا: في التحرك طبعاً عشان أسافر السفريات دي كلها علشان أستعمل التليفونات، علشان أحرك ناس من مكان لمكان.
أحمد منصور: لا.. لا أنا لسه ده لسه اللسته طويلة، دي هنيجي عندها، لكن ألم يساعدك في الوضع السياسي اللي أخذته في الإخوان وفي وضع علاقاتك الدولية؟
يوسف ندا: لا يا أخي أبداً، بأقول لك دي موضوعين يعني مفصولين عن بعض، إذا قلت يساعدني، يساعدني لأن أنا ليَّ علاقات كثيرة أستطيع إن أنا أتحرك من أماكن كثيرة، أستطيع أوصل للشخص اللي أنا عايزه أي نعم.
أحمد منصور: لكن إحنا لو قلنا يوسف ندا الذي لا.. لم يكن يملك عشرات أو مئات الملايين من الدولارات ورجل الأعمال اللي أعماله منتشره على 25 دولة كان ممكن يكون هو يوسف ندا برضو مفوض العلاقات الدولية في الإخوان المسلمين؟
يوسف ندا: والله يعني أنا مش عارف أي واحد عنده إمكانية وموثوق فيه، يعني هتخليني أتكلم أنا.. أنا.. بأقول لك أنا هأرجع لك الكلام بتاع الأستاذ حسن دوح الله يرحمه، يعني يشقى الرجل إذا زاد اسمه عن حقيقته، أنا اسمي زاد عن حقيقته، مصيبتي كده، أعمل فيها أيه؟
(5/202)
أحمد منصور: طيب أرجع لإيران الآن وملف إيران وسحب الجواز منك، أيه المناسبة اللي خلتهم يسحبوا الجواز؟
يوسف ندا: ما فيه.. ما استطاعت حتى.. حتى.. يعني دلوقتي أنت بتسحب مني كلام غصب عني أتكلم فيه، حتى.
أحمد منصور: أنا بأسحب الكلام مش بأسحب الجوار!!
يوسف ندا: لأ، أنت بتسحب، كله ساحب ومسحوب، ومسحوب عليه، أيوه فيعني حتى الناس اللي يثقوا في ويتصلون بي كثير ويعرفوني ويعرفوا يعني كل شيء عندي، ومازال الحمد لله علاقاتي مع الناس هناك كلهم أحبهم وكلهم يحبوني، ما استطاعوا في الآخر استطاع كمال إن هو يجيبه وما.. ما كانش عنده إمكانية إنه يشوفني.
أحمد منصور: تركت أثر عندك أيه دي؟ يعني في الوقت اللي أنت بتتردد على إيران بشكل يعني..؟
يوسف ندا: هو من الحاجات المضحكة، يعني طبعاً إبراهيم يزدي في هذا وإبراهيم يزدي حتى الآن يعتبر من المغضوب عليهم وزي ما بأقول لك لسه راجع من أميركا حطوه في السجن دلوقتي، إبراهيم أحبه كتير، الله يدي له الصحة، مريض ربنا يحميه، طبعاً لما حصلت كتير ناس بدءوا يخافوا إن ممكن يكون وراها حاجة، فجه زارني في هذا الوقت ناس كتير خافوا يجوني جه زارني إبراهيم، قال لي Brother yossif يعني
أحمد منصور: انت قعدت كم يوم وأنت بتقول أنك بتقعد أيام قليلة؟
يوسف ندا: دي اضطريت أقعد حوالي أسبوع لغاية ما خدته.
أحمد منصور: طيب وليه اديت لهم الجواز؟ ليه ما رجعتش على الطيارة اللي أنت جاي عليها؟
يوسف ندا: ما يمكن، قلت لهم الكلام ده، لا.. لا ما دي تحصل في أي مكان، ما دام وقع في إيده ما يمكن، أنا حصلت معايا في مصر، مصر كانت مشكلة كمان
أحمد منصور: سآتي لها في حينها، إحنا نازلين معاك على عكس الضيوف
يوسف ندا: خلاص مادام وقع في إيده ما تقدرس.. ما تقدرش، هو المتحكم فيك.
أحمد منصور: طيب يعني دي عكست ليك أيه؟ عكست ليك أيه بالنسبة للوضع في إيران؟
(5/203)
يوسف ندا: الحقيقة هزت الثقة، لأن أنا ما كان عندي أي شيء غلط عملته فيهم، بالعكس أنا حرصي على موضوع الوحدة الإسلامية وعلى ردم الفجوة اللي بين الشيعة والسنة، ودي يعني سياسة إخوانية ما هياش سياستي أنا من عندي لوحدي، يعني أنا سياستي بصفتي من الإخوان، لكن دي سياسة الإخوان وأنا بأطبقها، ردم الفجوة اللي بين الشيعة والسنة حتى تحدث الوحدة بين المسلمين في كل أنحاء العالم...
أحمد منصور: نجحت أنك تحقق شيء منها؟
يوسف ندا: أوه، كثير الحمد لله.
أحمد منصور: إزاي ووضع السنة في إيران لم يختلف كثيراً عن.. ما هو عليه الآن عما كان موجودا؟
يوسف ندا: لا ما أستطيع أقول هذه، أستطيع أقول إنه وضع السنة في إيران.. يعني إيران النهارده، ودي ما أقول إنها يعني أشيد من عندي أنا ويعني نجاح من عندي أنا بس، لكن مش أنا بس اللي بأشتغل، يعني المخلصين والمسلمين في أنحاء كثيرة سواء شيعة أو سنة ماشيين في هذا الخط حتى السيد علي خمنائي لما عمل مجمع التقريب، وأنا كان لي مؤاخذات عليه، على المجمع مش على السيد علي، لما عملوه وقالوا إن إحنا عايزين الإخوان يعني يدعموه، فقلت لهم يعني قبل ما..
أحمد منصور: يدعموه يعني عايزين فلوس يعني؟
يوسف ندا: لأ.. لأ، لأ، أنت كل حاجة عندك فلوس يا أخ أحمد الله!!
أحمد منصور: ما أنا بس بأحاول أفهم.
يوسف ندا: إذا كان معاك فلوس أنا محتاج لفلوس اليومين دول
أحمد منصور: ربنا يعطيك إن شاء الله من عنده.
يوسف ندا: ربنا يديك.
أحمد منصور: بأحاول أفهم
يوسف ندا: لأ أنت فهمك يعني مادي كله، أنت كل..
أحمد منصور: ما أنا قاعد مع واحد معاه.. ملياردير.
يوسف ندا: معايا أيه؟ أنا مفلس الآن، أنا عندي حاجة الآن، أنا بأقول لك أنا بأشتري 5 كيلو دقيق، تقول لي معاه، كان معاه، الحمد لله.. الحمد لله رب العالمين.
أحمد منصور: بنسقط على البعد الزمني في.. كان.. أيه.. أيه الدعم اللي طلبوه من الإخوان؟
(5/204)
يوسف ندا: لأ، الدعم هو الدعم المعنوي الدعم عن هو يعني ينادوا معاهم بهذا، ويضعوا يدهم في يدهم، يعني نشر الفكرة في.. في وسط السنة وفي وسط الشيعة، دي كان فيها مشكلة، لأنه نفس الموضوع مادام دولة.. الدول هي الدول، وإجراءات الأفراد وغير إجراءات المصلحين لوحدهم وهم ما عندهمش السلطة، لما عملوا القانون الأساسي بتاعها قال لك إن السيد علي خمنائي هو يعين الأعضاء ويوافق على الأعضاء، ده معناه عايز شيوخ السلطان، قلت له الكلام ده ما يمشي.
أحمد منصور: سلطان دولة إسلامية
يوسف ندا: يعني شيوخ السلاطين يعني يبصم على الفتوى
أحمد منصور: في كل حتة؟
يوسف ندا: شيخ السلطان هو كده يبصم، دي شغلته يبصم على الفتوى، فقلت لهم يعني الموضوع ده أصبح غير مقبول، أنتو لما بتشوفوا حد موجود في السعودية بيطلع فتوى ما تعجبكمش وتكون فتوى بيرضى عنها السلطان بتعيبوا عليه، وإحنا إذا كان يطلع واحد من الأزهر يطلع فتوى وما تتفقش مع الإسلام بنعيب عليه، لأنه عايز يرضي السلطان، فأنتم إذا كان.. أيه الفرق بين السلطان اللي موجود في مصر أو في السعودية أو في.. في أي مكان في الدنيا والسلطان الموجود في.. في إيران؟ يعني إذا حبيتم تعملوا حاجة زي دهية للتقريب وحاجة خاصة بالإسلام كإسلام لا يجوز أبداً يتدخل فيها مسؤول عن دولة يتحكم في من يعين وفي من يعزل، ودي أزمة موجودة ينادي بها الإخوان منذ تدخل عبد الناصر في الأزهر، وكان قبل كده كان تعيين شيخ الأزهر كان يتم بناءً على انتخاب هيئة كبار العلماء، فلما غيرها جمال عبد الناصر أصبح دلوقتي أي شيخ يجي في الأزهر مشكوك في ولائه للإسلام أو ولائه للسلطان.
أحمد منصور: أيه كان رد الإيرانيين؟
أحمد منصور: ما عجبهم الكلام، لأنه سلطان
أحمد منصور: فمدعمتوش اللجنة؟
يوسف ندا: لأ، مش ما دعمناش، استمروا الإخوان بقدر الإمكان، لكن على حذر حتى لا يُتهموا بأنه يعني هم
(5/205)
أحمد منصور: معنى كده إن علاقتكم بالإيرانيين كانت بين شد وجذب.
يوسف ندا: أنا قلت لك نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.
أحمد منصور: أيه أهم الحاجات الأخرى اللي اختلفتوا فيها؟ أيه الحاجات اللي عملت يعني دروبات في العلاقة زي ما بيقولوا أو..؟ موضوع أهل السنة وصل لفين؟
يوسف ندا: لأ، موضوع أهل السنة مرتاح، أعتقد إن دلوقتي أريح مما كان، ولو إن إحنا نطمع في أحسن.
أحمد منصور: لازال لكم..
يوسف ندا: إحنا نطمع مش في أحسن إن أهل السنة يكون لهم امتيازات، نطمع في إن اللي موجود في إيران لا يشعر بأنه سني أو شيعي.
أحمد منصور: دي مش..
يوسف ندا: السني ما يشعرش إن هو شيعي
أحمد منصور: لم تحصل في ظل.. لم تحصل..
يوسف ندا: يشعر إن هو مسلم.
أحمد منصور: لم تحصل.
يوسف ندا: أنا لما بأقعد مع أي واحد من الإيرانيين أو لما بأروح إيران ما بأشعر أبداً، وعلاقاتي والله عندي بعضهم أحبهم من قلبي.. من قلبي والله
أحمد منصور: أنت مش عايش في البلد
يوسف ندا: ما أشعر أبداً إن ده هو شيعي أو سني أبداً
أحمد منصور: أي دولة دستورها بيحدد ما يتعلق بالمذهبية فيها لابد أنك تشعر فيها بهذا الشيء.
يوسف ندا: لابد؟
أحمد منصور: أنك تشعر فيها بعملية الفصل بين
يوسف ندا: أنا.. أنا بأقول لك أنا.. أنا ما أشعر في علاقتي بالناس، بعلاقتي بالشيعة، يعني أنا كان لي صلة، ودي يعني من ترتيباتنا.. من ترتيبات الإخوان صلة بشيعة العراق، بشيعة الكرد، بشيعة إيران، بشيعة البحرين، بشيعة السعودية، أنا مرة من المرات دي كانت يعني من ضمن الأشياء كمان اللي.. اللي ركزت عليها في حياتي كان مرافق ليَّ، كنت رايح في (قم)، رايح أقابل آية الله الشيرازي
(5/206)
-الله يرحمه- اللي هو يعتبر منظر الشيعة السعوديين مات الله يرحمه، كنت رايح أقابله، فكان مرافق ليَّ شاب سعودي شيعي من اللي هربانين من السعودية، وشاب عنده 18 سنة، الولد الله يكرمه يعني شعر بمودتي وشعر.. يعني انفعل بعاطفته، قال لي: يا عم يوسف يعني تتصور إن إحنا في -من القطيف هو- يعني يُفرض علينا في كتب الدين إن إحنا يتقال علينا إن إحنا كفرة وإن إحنا مرتدين وإن إحنا سبئيين، وإن إحنا.. وإن إحنا، ونمتحن في هذا، ويجب إن أنا في الامتحان أقول على نفسي إن أنا كافر وإن أنا سبئي، وإن أنا مرتد، وإن أنا باطني، وإن أنا.. وإن أنا وإن أنا، فالموضوع ده خدته على عاتقي بعد كده، وكنت حريص إن أنا أخلي يعني أكلمهم هم في موضوع كتبهم اللي بيشتموا فيها الصحابة وبيشتموا فيها السيدة عائشة وغيره وغيره
أحمد منصور: بالضبط
يوسف ندا: وفي نفس الوقت علاقتي بالسعوديين إن أنا أكلمهم في موضوع الكتب بتاعتهم
أحمد منصور: طيب كلمت الإيرانيين؟
يوسف ندا: كلمت الإيرانيين طبعاً ما فيه..
أحمد منصور: كلمت مين؟
يوسف ندا: لأ، كلمت الإيرانيين ده كان.. ده.. ده فيه حادثة كانت فظيعة بالنسبة للإيرانيين.
أحمد منصور: أيه هي باختصار؟
يوسف ندا: كتاب طلع من وزارة الإعلام
أحمد منصور: الإيرانية.
يوسف ندا: أيوه، والكتاب.. والكتاب وصل عندي طبعاً أنا متابع، يعني مادام في هذا الموقع..
أحمد منصور: كل شهرين ثلاثة في إيران طبعاً
يوسف ندا: لأ مش بس شهرين ثلاثة أول بأول كتب بتجيني عندي ناسي بتتصل بي وبتجيب لي اللي أنا عايزه يعني أي شيء مخالف أو أي شيء شاذ أو أي شيء.. ده موضوع
أحمد منصور: حكومة.. حكومة ظل
يوسف ندا: قول اللي أنت عاوزه
أحمد منصور: ولها طبعاً وزراؤها ومسؤوليها
يوسف ندا: أنت عاوزني في الآخر أبصم.. عاوزني في الآخر أبصم إنها.. إنها ظل، أنا بأعتبرها نور.
أحمد منصور: لا يعني مش الآخر بتشتغل لوحدك يعني..
(5/207)
يوسف ندا: الله ينور عليك، أنا بأعتبرها نور.
أحمد منصور: إن شاء الله.
يوسف ندا: لأ، بس لا.. لا شك إ، إحنا.. إحنا جماعة، أنا.. أنا فرد يا أخي
أحمد منصور: ما إحنا بس عايزين نفهم حضرتك.
يوسف ندا: جماعة موجودة في العالم كله ما.. أنا كان بيسألني المحقق في سويسرا، جه يقول لي جه يقول لي أنتم تعداد الإخوان المسلمين كام؟ قلت له ملايين، قال لي ملايين كيف ملايين، قلت أنت خلينا نفهم، أنت بتؤذي أحد، قال لا ما بأؤذي أحد، قلت له لو جت مناسبة إنك تساعد أحد تساعد أحد، قال لي بأساعد أحد، قلت له طب بتكذب، قال لا ما بأكذبش، قلت له تحب تكون نظيف، قال لي أحب أكون نظيف، قلت في شغلك.. بتؤدي شغلك مضبوط، قال لي بأؤدي شغلي مضبوط، قلت له متوكل.. بتصلي بتؤدي واجبات دينك قال لي، قلت له تبقى أنت من الإخوان
أحمد منصور: ورطته
يوسف ندا: آه قال لي أنا من الإخوان المسلمين، قلت له لأ، لو تسلم تبقى من الإخوان المسلمين، بس دلوقتي أنت من الإخوان، فإحنا جماعة.. جماعة عندنا مهمة ملقاة على عاتقنا إن إحنا ننتشر في الأرض كلها حتى نبلغ هذا الدين، وننشره..
أحمد منصور: إحنا بنحاول نفهم إزاي..
يوسف ندا: ما (...) حكومة ظل.
أحمد منصور: قضية العلاقات، بنحاول نفهم كيف العلاقات الدولية كانت بتدار كيف العلاقات مع الدول كانت بتدار؟ كيف الأثر اللي أنتم علمتوه؟ وإيران على وجه الخصوص ليكم فيها علاقة واسعة وطويلة وعريضة، وبنحاول نفهم الجزئية دية، قلت لي وزارة الإعلام الإيرانية أصدرت كتاب..
يوسف ندا: أيوه، الكتاب كان كتاب الحقيقة يعني مؤلم كتيب صغير مكتوب "أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة"، وجوه إن.. إن فيه ما يتهم به السنة إنهم حرفوا القرآن، ودفاع عن الشيعة إنهم لم يحرفوه، فقابلت الدكتور ولا ياتي،
أحمد منصور: كان وزير خارجية..
(5/208)
يوسف ندا: أي نعم، وقلت له يعني فيه أشياء لابد يعني يحصل فيها إجراء، فلما قلت له، قال لي مش ممكن، قلت له لأ مش ممكن أدي النسخة الإنجليزي، مش مش عايز أقول لك النسخة العربي لأنك مش هتقرأها، لكن النسخة الإنجليزي أهه، فبهت، ووعد بإنه يعني حاجة زي دي ما تتكرر مرة تانية وفعلاً ما تكررت، قلت له إذا كان السنة..
أحمد منصور: يعني سحبوا الكتاب مثلاً
يوسف ندا: طبعاً هم بيردوا على ما قيل عليهم في السعودية والخليج، والكتب اللي طلعت إحسان الإله النظير الظهير ما أعرفش وغيره، والحسيني، الكتب كثيرة طلعت و..
أحمد منصور: باكستاني إحسان الإله الظهير
يوسف ندا: نعم
أحمد منصور: إحسان إله الظهير باكستاني وأعتقد قتلوه يعني
يوسف ندا: أيوه بس دا كان معمول يعني السعودية هي اللي كانت بتوزع الكتب وتكون طالعة من الكتب من السعودية هي اللي كانت بتوزع الكتب وتكون طالعة من الكتب من السعودية، وأنا جالي من السعودية بيتهموهم بتحريف القرآن، وبالكفر وبكل دا هو، فرد عليهم..
أحمد منصور: الصحابة بيسبوا علناً في إيران.
يوسف ندا: أيوه رد عليهم الاثنين فأنا كلامي معاه.. مع الدكتور ولاياتي، قلت له إذا كان يطلع.. خلينا نقول إن الثانيين بدءوا، الثانيين بدءوا وقالوا إن أنتم حرفتم القرآن، وأنتم تقولوا إن هم اللي حرفوا القرآن، يعني القرآن محرف؟! ما يجوز هذا لا يمكن تسيبونا تمشي بالطريقة دي، الراجل الله يكرمه اقتنع بالكلام، ووعد إن هو يعني الموضوع دا ما يتكرر، والحقيقة ما سمعنا إن يتكرر حاجات زي دي بعد كده أبداً.
طبيعة علاقة يوسف ندا بالسعودية
أحمد منصور: يعني ربما تكون هناك بعض الأشياء، أنت في هذا الوقت كان لك علاقات تجارية واسعة جداً كانت شاملة دول كثيرة ومن بينها السعودية كنت أكيد بتردد على السعودية
يوسف ندا: أكيد عندي مصنع في السعودية وكان عندي أعمال كبيرة في السعودية، عندي مكتب كان بيشتغل في حوالي 80.. 90 مليون
(5/209)
أحمد منصور: طيب، الآن أنت بتتردد على السعودية، وكانت السعودية علاقتها سيئة بإيران في ذلك الوقت.
يوسف ندا: في السعودية كانوا ينظروا لي على إن أنا عميل إيراني، والإيرانيين ينظروا إلي على إن أنا عميل سعودي
أحمد منصور: طيب الإيرانيين بينظروا لك على إنك عميل سعودي ليه؟ أيه اللي كنت بتعمله في السعودية؟
يوسف ندا: علاقاتي في السعودية..
أحمد منصور: علاقاتك كانت بمين؟
يوسف ندا: ما كانوش يتهيئوا إنه يكون فيه واحد له علاقات بناس مسؤولين في السعودية ويكون هو إنسان ما هواش مرتبط بيهم سياسياً
أحمد منصور: يعني كانت علاقتك حتى بالسعوديين مش مجرد علاقة تجارة وإنما كان ليك علاقة بالمسؤولين
يوسف ندا: أي نعم كانت علاقة بالمسؤولين
أحمد منصور: أيه طبيعة علاقاتكم؟
يوسف ندا: كانت لي علاقات باثنين من مستشاري الملك فهد، وقابلت الملك فهد مرتين..
أحمد منصور: آه، طيب، خلينا بقى في دي واحدة واحدة..
يوسف ندا: اصطاد.. اصطاد يا صياد، أنت لازم تغير اسمك يا أخ أحمد، أحمد الصياد بدل أحمد منصور..
أحمد منصور: لأ، أحمد منصور حلو..
يوسف ندا: منصور، حتتنصر علي..
أحمد منصور: لأ ربنا ينصرنا.
يوسف ندا: ربنا ينصرك على غيري بس مش علي..
أحمد منصور: موضوع العلاقة، كان علاقتك بمين بالضبط في السعودية؟
يوسف ندا: في الأول علاقة شخصية، كانت مجرد علاقات شخصية..
أحمد منصور: إمتى بدأت العلاقات الشخصية؟
يوسف ندا: بدأت من 74.. 75.
أحمد منصور: كان في الوقت دا..
يوسف ندا: ودي فاكرها لأن 74 عملت أول مكتب لي في السعودية ..
أحمد منصور: آه كان طبيعة نشاطك أيه في السعودية؟ مكتبك كان بيشتغل في أيه؟
يوسف ندا: في البداية لأنه في أوائل السبعينيات، أنا كان أقوى حاجة عندي كانت الأسمنت، الأسمنت والحديد..
أحمد منصور: طبعاً قلت لي إنك حتى كنت تلقب بإنك ملك الأسمنت في الستينات في البحر المتوسط، نعم.
(5/210)
يوسف ندا: دا مضبوط، أيوه دا مضبوط، الأسمنت.. وفي هذا الوقت كانت السعودية أزمة الأسمنت فيها كانت كبير.
أحمد منصور: طبعاً كان فيه نهضة عمرانية في كل المنطقة.
يوسف ندا: كانت بادية بعد الـ Embargo بتاع البترول وبعد حرب…
أحمد منصور: الحصار.
يوسف ندا: أيوه، فكان الإشكال كبير في الأسمنت باعتبار إنها كمياته مهولة وبواخره كبيرة، فلازم التفريغ بتاعها في المواني لازم يكون عنده مواني تقدر تستحمله، فالمواني محتاجة أسمنت عشان تعمل مواني، وفي نفس الوقت الأسمنت لما ييجي يعطل المواني.
أحمد منصور: له مواني خاصة وصوامع وكذا..
يوسف ندا: غير الصوامع، يعني هم في الأزمة كانوا يفرغوه بالهليكوبتر، محتاجينه وأياً كانت التكلفة محتاجينه..
أحمد منصور: الهليكوبتر تنقل من الباخرة للبر.
يوسف ندا: أيوه، أياً كانت التكلفة فهم محتاجينه، ففي الوقت دا أنا كانت قوتي في الأسمنت، فيعني ربنا وفقني في كميات كبيرة كنت أبيعها هناك الأسمنت والحديد.
أحمد منصور: من خلال علاقاتك التجارية أقمت علاقات شخصية مع المسؤولين
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: وقدرت توصل زي ما قلت.. إنك أنت يبقى ليك علاقات بمستشاري الملك فهد، أنا مش هأضغط عليك.
يوسف ندا: هي.. هي واحد منهم كانت من العلاقات دي، أما الثاني كانت من علاقات خارجية..
أحمد منصور: يعني أيه علاقات خارجية..
يوسف ندا: يعني في بيزنس قابلته مع واحد صديق ولي علاقات به كثيرة وتعرفنا ببعض، بمجرد لما عرفت إن هو يعني وضعه هذا، فاتفتح طبعاً الحديث السياسي، وبدأت يعني أتكلم في يعني كان موضوع..
أحمد منصور: أيه الموضوعات السياسية..
يوسف ندا: كان موضوع الحرب العراقية الإيرانية، ودعم السعودية لها وخطأ في نظري أن خطأ السعودية وخطأ العراق في بداية الحرب ولو إن يعني لما استمرت الحرب أصبح عندي كل.. الكل مخطئ..
(5/211)
أحمد منصور: طب أنت الآن من خلال علاقاتك بالإيرانيين والآن لك علاقات بالسعوديين، سعيت بأي شكل من الأشكال للقيام بدور وساطة لإنهاء الحرب العراقية الإيرانية؟
يوسف ندا: طبعاً، ما فيه نقاش.
أحمد منصور: أيه طبيعة الدور اللي قمت بيه؟
يوسف ندا: كان يعني كل ما تظهر مناسبة نحاول نستغلها.
أحمد منصور: إزاي باختصار قل لي؟
يوسف ندا: في الأول مثلاً لما الضربة.. أظن دي جات بعد كده، ضربة الأسلحة الكيماوية.
أحمد منصور: حلابشة.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: دي جت للأكراد متأخر.
وساطة يوسف ندا بين السعودية وإيران لحل أزمة الحجاج الإيرانيين
يوسف ندا: أيوه، يبقى اللي قيل منها كان موضوع الحج، موضوع موسم الحج يمكن كانت قبلها ولا كان بعدها، ما أذكر.
أحمد منصور: أيه.. أي موسم للحج.
يوسف ندا: كان أما عملوا بتاع مظاهرة البراءة.
أحمد منصور: 93 أعتقد..
يوسف ندا: أيوه، فيعني طبعاً اتقتل فيها حوالي 400 واحد..
أحمد منصور: آه، دي مظاهرات الإيرانيين في موسم الحج، أعتقد في 93، أعتقد..
يوسف ندا: فتدخلت فيها..
أحمد منصور: إزاي تدخلت؟
يوسف ندا: يعني عن طريق إقناع الطرفين أقنعت.
أحمد منصور: لأ طرفين مين، معلش..
يوسف ندا: الطرف اللي هو الحكومة الإيرانية والحكومة السعودية.. الحكومة السعودية كان..
أحمد منصور: مين اللي طلب منك تتدخل؟
يوسف ندا: أنا اللي طلبت، مش حد ما حد طلب مني..
أحمد منصور: طلبت من مين..
يوسف ندا: طلبت من مستشار الملك فهد.
أحمد منصور: مش عاوز تقول اسمه..
يوسف ندا: لا.. لا ما نقدر لأنه يعني ما نحطه في الموقف زي دي وفي نفس الوقت طلبته من الإيرانيين، الإيرانيين ما عندي مشكلة..
أحمد منصور: طلبت أيه بالضبط؟
يوسف ندا: لأنه الإيرانيين يمكن اتكلمت على طول مع.. مع ..
أحمد منصور: مع وزير الخارجية كنت بتتكلم..
(5/212)
يوسف ندا: أي نعم، مع كل وزارة الخارجية مش بس مع الوزير، لكن الوزير أساساً كان يعني رجل علاقتي بيه طيبة ويعني أنجزت حاجات معاه ربنا يدي له الصحة، رجل صالح ورجل يعني حريص على.. ليس فقط على بلده، ولكن حريص على الإسلام والمسلمين في كل مكان..
أحمد منصور: يعني أنت بعد 93، أتمنى إنها تكون 93 أو 94، بدأت تتدخل من أجل وساطة بين السعودية وبين إيران فيما يتعلق بموضوع..
يوسف ندا: لأ قبل منها كان فيه حاجة أظن قيل منها كان هي
أحمد منصور: طب خلينا في دي ونفتكر الثانية
يوسف ندا: حلابشة كانت قبلها
أحمد منصور: حلابشة أحاول أفتكر تاريخها بالضبط
يوسف ندا: أو يمكن بعدها، ما أعرفش
أحمد منصور: ما هي المشكلة معاك في التواريخ إن أنت تاريخك مش مدون
يوسف ندا: ما يمكنني، ما يمكنني، يعني أنا بفضل الله إن أنا ما دونته
أحمد منصور: والمشكلة إن أنا قعدت
يوسف ندا: ولو دونته كان زمان دلوقتي، أنا حتى الكلام اللي بأقوله لك دا، أنا بأقوله لك ما دامت اتفتح التحقيقات اتفتحت بقى اللي يعملوه يعملوه لكن اللي قبل كده ما كان عندي استعداد أنا أخليهم يوقفوا أعمالي، مش أعمالي التجارية زي ما بتقول أنت يا بتاع الفلوس كل حاجة عندك فلوس لأ، لكن هي عندي مهمة بيني وبينك ربي عايز كل ما أقدر أعمله فيه أعمله، فكنت ماشي فيها، أي شيء يتسرب حيوفقوني.
أحمد منصور: طيب، معلش خليني هنا أنا هنا في سنة 94، أزمة الحج أنا قلت إنها 93 وأتمنى يكون تاريخي دقيق..
يوسف ندا: أيوه أنا وصلت قناعاتي لهم إن دعيت.. طبعاً ما يقدر ييجي لي، في هذا الموضوع غير بإذن، دعيت مستشار الملك فهد جه، و جالي في البيت هنا هو، و
أحمد منصور: جالك هنا؟!
(5/213)
يوسف ندا: أيوه هنا في لوزان، حتى أخذت له إذن خاص بنزول طيارته في المطار، لأن الطيارة بتاعته يعني بتعمل دوشة، وبتوع البيئة هنا هو ما ينزلوش الطيارات اللي بتعمل دوشة، فأخذت له إذن خاص ونزل بالطيارة بتاعته هنا.
أحمد منصور: يعني كما نفوذك واصل عند الحكومة هنا.
يوسف ندا: حكومة، أنا دلوقتي نفوذي كلهم نازلين علي دلوقتي، أنا دلوقتي.. حتى العسكري في الشارع دلوقتي، كان زمان أول ما أعدي كان يعظم تمام كده، دلوقتي يعمل كده وأيده تطلع كده يعني يسلم أو ما يسلمش، مصيبة والله، رغم أن الناس يعني بفضل الله لما حصل التفتيش والدوشة دا هي، والله نزلت من بيتي قابلوني في الشارع سنيور ندا فيفا سنيور ندا في الشارع، عارفين.. ما أحد طايق الناس إياهم دول اللي عاملين الحوادث دي، الحمد لله، دا بالنسبة لمستشار الملك فهد، والثانيين بعثوا لي ثلاثة.. اثنين منهم سفراء، وواحد مندوب السيد رافسنجاني، ومندوب الملك فهد جا معاه اثنين
أحمد منصور: ده بعد الأحداث، يعني نقدر نقول دا في 94 مثلاً؟
يوسف ندا: هتخليني أفتش ولو عندك وقت..
أحمد منصور: والله.. فتش.. فتش، أنا يهمني التواريخ
يوسف ندا: ما أعرف يعني هألاقيها مكتوبة أو لأ، ما أعرف
أحمد منصور: إذا معاك، فتش
يوسف ندا: لأ، التاريخ ما في، أهه أهه، جه لأنه هذه كانت، "الشرق الأوسط" عدد حجاج إيران يحدده قرار وزراء خارجية الدول الإسلامية، دي كانت في 17/3/ 94، إحنا بعدها بقى استطعنا نغير دي.
أحمد منصور: أي يعني بعدها بقد أيه؟
يوسف ندا: شهور..
أحمد منصور: يعني نقدر نقول.. دي في مارس.. دي..
يوسف ندا: الحج اللي بعده، الحج اللي بعده، الحج اللي هو.. يعني دور على تاريخ الحج اللي هو بعد شهر..
أحمد منصور: طيب اسمح لي.. اسمح لي بدي.
يوسف ندا: آه، خليها عندك.
أحمد منصور: نعم، اتفضل.
(5/214)
يوسف ندا: فجم، كان مندوب الملك فهد كان معاه سكرتير بيكتب وكان معاه بودي جارد تاني، أما الثانيين كان مندوب السيد رافسنجاني ومعاه اتنين سفراء، هو..
أحمد منصور: رافسنجاني أم ولاياتي؟
يوسف ندا: رافسنجاني.
أحمد منصور: يعني دول جايين واحد مندوب عن الملك وواحد مندوب عن الرئيس.
يوسف ندا: أي نعم، وكان..
أحمد منصور: وأنت الوسيط.
يوسف ندا: أيوه المندوب كان يتكلم العربي.. واحد من السفرا يتكلم العربي..
أحمد منصور: دول الإيرانيين.
يوسف ندا: أي نعم، هتقول لي السعودي بيتكلم العربي؟! طبعاً الإيرانيين، كمان عايز..
أحمد منصور: أنا عندي برد، مش.. مجمع شوي
(5/215)
يوسف ندا: طيب، معلش.. معلش. أيوه، فدخلت المناقشة، طبعاً السعودية كان عندها مشكلة كبيرة هي توسعة الحرمين، وما كانش يمكن إن هم يأخذوا حجاج أكثر، زي ما هو موجود في الجريدة هنا هوت، واتفقوا مع كل الدول الإسلامية إنه يمشوا نسبة مئوية بالنسبة لعدد السكان، وكان عدد إيران 60 ألف، وإيران طالبة 120 ألف، 120 ألف.. يقول لك حتى 120 ألف ما يكفوناش، لأن الناس عندنا بتكتب اسمها في اللستة وتدفع الفلوس بدري، وبعدين سنة وراء سنة وراء سنة وراء سنة بيعجزوا، وممكن يموتوا من غير ما يحجوا، عندهم طابور له يعني عشرات السنين قبل منها، ودلوقت عايزين ينفذوه، دا رفض، ودا رفض، وبعدين جينا في الآخر جي.. يعني ربنا فتح عليَّ باقتراح، إنه طيب أنتوا ما عندكمش مكان، طيب وأنتم بتعتبروا العمرة تعتبروها قريبة من الحج، طيب خدوا اللي يقدروا يدوه لكم في وقت الحج، والباقي يدوه لكم فيزات بتاعة عمرة، فقبلوا، قالوا ما عندنا مانع، بس ادونا أكبر حاجة في الحج، وبعدين كلمت السعودي قلت له يعني بدل 60 ارفعهم لـ 80.. 80 ألف، في الحج الـ 20 ألف تقدروا تدبروهم بأي طريقة والـ 40 ألف ادوه لهم تأشيرات عمرة، فطلبت مني إنه التليفون، يعني التليفون ما حدش يسمعه في غرفة تانية، وحتى مندوب السيد رافسنجاني عاوز تليفون، بعت كل واحد في تليفون كلم الملك فهد، والتاني كلم السيد رافسنجاني، واتفقوا، وبعدين أرسلت للأمير سعود الفيصل هو كلمنا، وإحنا ساكتين، يعني أنا آسف إن أنت بتضطرني إن أنا أتكلم على تاريخ وأنا مضطر، يعني مش بس أنت بتضطرني، أنا مضطر أتكلم على تاريخ، كان المفروض الواحد عمله لله، مش علشان يطلعه.. يطلعه في التليفزيونات، ويطلعه في كل مكان، لكن وصلنا لمرحلة..
(5/216)
أحمد منصور: لأ، ما أنا برضو أريد أنوه إلى رفضك الشديد للحديث، ويعني إنك لاوعتني عدة أسابيع في مفاوضات مضنية معاك حتى وافقت، وإدارة (الجزيرة) تشكرك الحقيقة، لأني أنا كنت بينك وبين المدير، كنت أنا اللي عامل وسيط في التفاوض حتى استطعت أن تقنعك في النهاية بأن تتكلم يعني.
يوسف ندا: ربنا يجزيك الخير.. ربنا يجزيك الخير، بس هو يعني الحقيقة أخ أحمد أنا كنت أتمنى إن أنا يدفن معاي أشياء كثيرة، ومازال، إن شاء الله يعني أستطيع أتحكم في أشياء كثيرة تدفن معاي لما أموت، لأن مش كل شيء قابل إنه هو الواحد يقوله، في أشياء ممكن تسيء للغير، في أشياء ممكن تسيء إلى.. يعني المفروض الواحد مؤتمن على أشياء كثيرة ما يتكلم عنها، لكن دي.. دي ما اتكلمنا فيها باعتبار إنها ماهيش أمانة، لأنها ملك للمسلمين كلهم.
أحمد منصور: يعني أنت.. يعني المشكلة اتحلت بهذه الطريقة
يوسف ندا: أيوه طبعاً.
أحمد منصور: مشكلة عدد الحجاج الإيرانيين..
يوسف ندا: طبعاً انحلت واحنا قاعدين، قبل ما يقوموا.
أحمد منصور: طيب هل دي أدت إلى العلاقات الإيرانية السعودية يحدث فيها أي شكل من أشكال التحسن بعد ذلك؟
يوسف ندا: طبعاً بدأت تتطور.. بدأت تتطور لأنه بدأت...
أحمد منصور: هل كنت تتابع ذلك، أو مجرد إنه دورك؟
(5/217)
يوسف ندا: طبعاً، لأ أنا كنت أتابع ذلك، ومن ضمن الحاجات اللي كنت أتابعها كان دايماً اتكلم في موضوع تغيير الكتب، عندهم وعند السعوديين، وطبعاً السعوديين باعتبار إن إذا اتغيرت الكتب عن السعودية وهي مركز طبعاً.. مركز الإسلام، في الحرمين، وفي.. يعني الكعبة، وفي.. إذا اتغيرت الأمور هناك ممكن تتحلحل شوية في أماكن ثانية، أو إذا اتحلحلت هناك ممكن إنها تتغير في أماكن تانية، فالكتب اللي بتسب في الشيعة، والكتب اللي.. بتسب في السنة، دي أول باب الإلتقاء إذا حبيت تعمل وحدة بين الشيعة والسنة، المشاكل.. اللي بيحاربونا في كل مكان، ما بيحاربونا على إننا سنة ولا شيعة، بيحاربونا على إننا مسلمين، أما تحارب الخوميني لما طلع اتحارب على إنه هو رمز الإسلام، لما.. أما.. أما قُتل الشهيد حسن البنا قُتل لأنه رمز الإسلام
أحمد منصور: هل علاقتك مع المندوبين، سواء الملك فهد أو مندوبين رافسنجاني استمرت بعد كده أو بس قضية..؟
يوسف ندا: لا الحمد لله، أنا علاقتي مع الجميع مستمرة، إلا.. يعني أقول لك بصراحة، بعد الحكاية الأخيرة دي بتاع 11 سبتمبر أنا لا اتصلت بحد، ولا حد اتصل بي، اللهم إلا يعني اتنين.. كان مكالمتين جوني من.. من إيران، أو من إيرانيين ما هماش في إيران، يعني يؤازروني.
أحمد منصور: لكن السعوديين ظلوا على اتصال بيك لحد 11...
يوسف ندا: لا والله، لأ، بعد 11 سبتمبر..
أحمد منصور: لأ أنا بأقول لحد 11 سبتمبر.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: كانوا على اتصال بيك.
أحمد منصور: أي نعم.
أحمد منصور: معنى كده إنك قمت بعملية توسط في مفاوضات أخرى، في.. في قضايا أخرى غير هذا بالنسبة للسعودية؟
يوسف ندا: إذا كان.. موضوع اليمن كان لي دور فيه، علاقتهم باليمن.
أحمد منصور: علاقة السعودية باليمن
يوسف ندا: أي نعم.
(5/218)
أحمد منصور: أيه الدور اللي لعبته في هذا الموضوع؟.. لأ إيران.. إيران وقفت.. وقفت دورك ما بن الوساطة والسعودية وإيران لحد موضوع أعداد الحجاج وموضوع الكتب، أو كان في حاجات أخرى تواصلت فيها؟
يوسف ندا: لأ إحنا وصلناها لغايت ما هم يعني تصعدت و.. هم لغاية اليوم، في بعضهم يشك إن أنا ممكن أكون يعني.. طبعاً الكل يعلموا إنه لي علاقات بالسعودية، وكله يعلموا.. لأنه حضروا وشافوا إن أنا جاء عندي مستشار الملك، يعلموا إنه ليَّ صلة بفوق، بالملك فهد ورجاله، دي يعلموها، لكن بعضهم يشك إن أنا ممكن أكون عميل لهم..
أحمد منصور: طيب أنت..
يوسف ندا: وهم يشكوا إن أنا ممكن أكون عميل للإيرانيين..
أحمد منصور: السؤال اللي بيطرح..
يوسف ندا: لأن أنا كلا الطرفين علاقتي بيه أخوية
أحمد منصور: السؤال اللي بيطرح نفسه هنا عن الفوائد اللي أنت بتحصلها من وراء هذا، لاسيما وإنك رجل...
يوسف ندا: هترجع للفلوس أنت، أنت ما أعرفش أيه علاقتك بالمادة؟
أحمد منصور: ما أقدرش أفصل كونك رجل أعمال، أعمالك منتشرة في أنحاء العالم، وبين إنك أنت بتقوم بدور سياسي، ما أقدرش أفصل الاتنين
يوسف ندا: هو أخ أحمد..
أحمد منصور: وبعدين في نفس الوقت إحنا يعني.. من حقك إنك أنت يبقى لك نشاط تجاري هنا وهنا يعني.
يوسف ندا: لا.. لا، بس خليني أقول لك يا أخ أحمد، أنت لما تقرأ كل التقارير السياسية اللي بيكتبوها الناس عن الإسلام، وهم قروا شيء عن الإسلام، لكن ما انفعلوش بيه، ما يستطيعوش أبداً لا يفهموني ولا يفهموك، وأنت لما تقرأها هتلاقي فيها ثغرات وفجوات بتاعة عدم فهم، فأنت لأن أنت ما مارستش الدورين دول صعب عليك إن أنت تفهم كيفية الفصل بين الاثنين راجل..
أحمد منصور: ما إحنا بنحاول نفهم.. أنا بأسأل عشان أفهم.
(5/219)
يوسف ندا: واحد.. واحد قبل ما ربنا يدي له الفلوس، وقبل ربنا ما يدي له العلاقات الدولية كان كل اللي يملأ مخه، واللي نذر حياته له هو العمل الإسلامي، لما ربنا يدي له هيمشي العمل الإسلامي؟ أو هيبص للفلوس؟ أو هيأخذ.. هيأخذ الفلوس يديها للعمل الإسلامي؟ أو يأخذ العمل الإسلامي يديه للفلوس؟
أحمد منصور: ممكن يمشوا مع بعض.
يوسف ندا: لخدمة العمل الإسلامي ممكن، لكن مش له.
أهداف يوسف ندا من وراء الوساطات التي يقوم بها
أحمد منصور: طيب أيه الفوائد اللي أنت حصلتها من وراء هذا الموضوع؟ من المعروف إن أي حد بيقوم بدور وساطات بيستفيد من وراء هذا الموضوع.
يوسف ندا: طيب، أنا أقول لك حاجة، اليمن مثلاً...
أحمد منصور: أنا لسه ما جيتش لليمن، أنا لسه في السعودية وإيران الوقتي.
يوسف ندا: لم يحدث بيني وبين السلطات الإيرانية أي عمل تجاري.. السلطات السعودية خلينا نبتدي، رغم إن أنا كان لي مكتب هناك، كان لي مقاولات هناك، كان لي مصنع هناك، وبرغم كده لم أدخل ولم يتدخل أي أحد من المسؤولين في أي شغلي، أبداً، سوق مفتوح للجميع، وعندي شركائي السعوديين بأشتغل معاهم، لا علاقة لهم بالسياسة، لا يعملوا حتى إن أنا بأشتغل في السياسة، رغم إن هما يعلموا إن أنا من الإخوان، ما ليها علاقة أبداً.
أحمد منصور: أنت ربما تفاجئ ناس كثيرين إنك بتشتغل في السياسة بالشكل اللي بتقول عليه، يعني أنا نفسي لما بدأت أفحَّر معاك.. يعني
يوسف ندا: الكثيرين.. الكثيرين لا يعلموها، حتى الآن لغاية ما تطلعتها أنت في (بلا حدود).
أحمد منصور: يعني لما جينا نعمل حلقة (بلا حدود)، وفحَّرت في بعض الحاجات، واكتشفت الدور هذا، وإنه دور ما لم.. يعني دور مش بسيط.
يوسف ندا: أنا مطلوب مني اتكلم ولا مطلوب مني أعمل؟ أنا ما بأتكلم.
أحمد منصور: طيب الآن..
يوسف ندا: أنا ما بأعمل علشان أعمل مانشتات في الصحف.
(5/220)
أحمد منصور: أستاذ يوسف، لو سمحت، أنا بس عايز أفهم الآن، بأقول أيه.. أيه الثمار والنتائج اللي..؟ ومن حقك إنك.. يعني قمت بدور من حقك تستفيد من وراه، أيه المانع يعني؟ ومن حق الإخوان يستفيدوا حتى للإخوان يعني، إذا هنتكلم عن الإخوان.
يوسف ندا: هو أصل ما في استفادة أنت.. أنت لما تتكلم، ماهو دي.. دي من ضمن اللي.. أنت دلوقتي ذكرتني بحاجة مهمة جداً، شيء مهم جداً، ما يمكن وأنت بتتكلم في أوساط، وغالبية الأوساط داهيت Corrupt كلها موجود فيها الرشوة والمحسوبية والبلاء داهوت موجود في كل الحكومات في كل مكان، ما يمكن يعرفوا عنك إنك من الإخوان، وإنك متدين، وإنك أنت يعني شغلك وهمك الدعوة الإسلامية، ويمشوا لك شغلك بالطريقة اللي هم بيمشوها بيها، يخافوا منك، يخافوا إنك تحتقرهم لما يطلبوا منك فلوس، هذه مشكلة المنطقة بتاعتنا.
أحمد منصور: ما هو مش لازم يطلبوا منك، أنك أنا بأقول أنت اللي تحصل فايدة، آه أنت الوقت صالحت دولتين كبار
يوسف ندا: ما يمكن.. ما يمكنش.. ما يمكنش تأخذ شغل في البلاد داهيت من غير ما.. ما تدفع، بيستفيد، إزاي يدي لك من غير ما يستفيد؟!
أحمد منصور: في.. في نقطة مهمة هنا، أنا برضو أريد يعني أن أفهمها والمشاهدين معاي، أنت جايب ناس مسؤولين كبار، أنت مجرد إنك أنت ما أنتش مسؤول في الدولة هنا اللي أنت قاعد فيها، أنت شخص مقيم فيها جايب مسؤولين، مستشار الملك فهد، ومستشار الرئيس (رافسنجاني) وجايبهم عندك في البيت، وبتجري مفاوضات وبتجري وساطات، مين اللي بيحمي الناس دي؟
يوسف ندا: آه، دي أنت جيت لنقطة.. الله يحميك يا شيخ، دي أنت جبت نقطة كانت من أخطر النقط اللي كانت بترعبني في حياتي وفي تحركاتي السياسية، لما أجيب دولت وييجوا عندي في البيت، ويكون حد منهم متابع من أعدائهم، ويطلع من عندي ويتقتل، كنت أروح فيها أنا..
أحمد منصور: مش لازم يتقتل، أي مكروه.
(5/221)
يوسف ندا: لا، ممكن تحصل، يتقتل، يتخطف، دي من الأشياء..
أحمد منصور: يعني أنت كنت.. السلطات السويسرية كانت بتحرسهم.
يوسف ندا: يعني أنا.. أنا أقول لك مثلاً، كان يطلع الواحد من عندي، لازم.. هو ما يعرفش، لازم فيه سيارة أطلعها قدامه، وسيارة وراها، والسيارة بتاعته أنا اللي سايقها بنفسي، عشان إذا حصل حاجة أروح معاه.
أحمد منصور: سيارات منين دي؟
يوسف ندا: بتاعتي.
أحمد منصور: مش.. مش.. ماكنتش بترتب مع السلطات السويسرية أو الإيطالية.
يوسف ندا: لا.. لا، ولا حد يعرف عنهم حاجة، مرة واحدة كنت رتبت مش لسيارات، لكن لإذن علشان يجيبوا طيارة خاصة تيجي من.. من (دافوس).. من المؤتمر العالمي بتاع.. أي.. لهنا هوت إنها تنزل قدام البيت عندي.
أحمد منصور: الطيارة تنزل قدام البيت؟
يوسف ندا: طيارة هليكوبتر أيوه
أحمد منصور: دي كان مين اللي فيها دي؟
يوسف ندا: لأ، سامحني في دي، فوت دي.
أحمد منصور: أنا ما أعرفش أفوت.
يوسف ندا: لأ، ما نقدر، أنا عارف إنت ما بتفوتش
أحمد منصور: دي إمتى؟.. سنة كام دي؟
يوسف ندا: يعني.. لا حول ولا قوة إلا بالله، ما أذكر، وما يمكن.. ما يمكن، ناس مازالوا موجودين ما.. يعني ما تمشي.. ما تمشي، دي الحالة الوحيدة اللي أنا.. يعني طلبت من السلطات فيها إذن، أما حتى نزول الطيارة في المطار هنا هوت علشان طيارة كبيرة، وبتعمل دوشة، دي أنا ما أخذت إذن من السلطات، أن طلبت واحد من أصدقائي إنه هو له علاقات كبيرة، إنه هو رتبها..
أحمد منصور: طيب أنا قبل ما أدخل لنقطة مهمة جداً، أنت أشرت حضرتك ليها الآن، قلت لي أنك قابلت الملك فهد مرتين.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: قلت لي إنك لعبت دور وساطة بين اليمن وبين السعودية
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: قبل ما أدخل لدول.. لدول هل بقي أي أدوار لعبتها بين إيران، وبين أي حكومات عربية ثانية؟ الوقت أنت لعبت دور..
يوسف ندا: إيران والعراق.
(5/222)
أحمد منصور: إيران والعراق. تسمح لي أبدأ الحلقة الجاية بالدور اللي أنت لعبته بين إيران والعراق.
يوسف ندا: تأمر.
أحمد منصور: وبعدين أخذ الدور اللي أنت لعبته بين اليمن وبين السعودية.
يوسف ندا: تأمر.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات الدولية في جماعة الإخوان المسلمين) في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/223)
الحلقة4
(5/224)
الأربعاء 19/6/1423هـ الموافق 28/8/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 08:37(مكة المكرمة)،05:37(غرينيتش)
يوسف ندا مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين - الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
يوسف ندا: مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
25/08/2002
- طبيعة دور يوسف ندا في إنهاء الحرب العراقية الإيرانية
- دور الإخوان المسلمين في حل مشكلة الصيادين المصريين الأسرى في إيران
- مساعي الإخوان المسلمين للمصالحة مع الحكومة المصرية
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر).
حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين).
أستاذ يوسف، مرحباً بك.
يوسف ندا: مرحباً بك يا أخي.
طبيعة دور يوسف ندا في إنهاء الحرب العراقية الإيرانية
أحمد منصور: فيما يتعلق بإيران قلت أنك سعيت للقيام بدور للوساطة بين العراق وإيران لإنهاء الحرب العراقية - الإيرانية، كيف كانت طبيعة هذا الدور؟
(5/225)
يوسف ندا: هو كان من المعروف أن السعودية كان لها تأثير كبير في تأمين خطوط السلاح وحتى بيع النفط العراقي وبيع النفط لحساب العراق، فكان وضع السعودية بالنسبة لتمويل العراق، السعودية الكويت.. وغيرها، لكن السعودية كان الملك فهد كان في أيده المفتاح وكنا نتصور إنه يعني إذا هو اقتنع بأن مصلحته ومصلحة السعودية في إنهاء الحرب، فضغطه على العراق ممكن إنها تنهيها، في مرحلة من المراحل لما واصلت القوات الإيرانية حتى طريق البصرة بغداد فكان لابد من الضغط على إيران إنها يكفي هذا وتوقف الحرب، ولما تطور الأمر وبدأ يستعمل الرئيس صدام الأسلحة الكيماوية وغيرها وأصبحت إيران في موقف، فكان يجب إقناع العراق والسعودية بوقف الحرب، العراق يعني حتى تأكيداً للكلام ده، وأقول لك كلام يعني قاله وكتبه في الكتاب بتاعه صديقي هذا اللي أنت تعرف إنه كتب معايا الكتاب بتاع اليمن (جان دومونيكو بيكو) اللي هو اللي أنهى الحرب، وهو اللي كان مسؤول عن إنهاءها لأنه كان مساعد (بيريز دي كوليير)
أحمد منصور: كان مساعد الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة.
يوسف ندا: الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة للشؤون السياسية، فكان هو المسؤول في المفاوضات الأخيرة.
أحمد منصور: أنت عملت معاه كتاب ونُشر ربما في سنة 96
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: حوالين أمن البحر الأحمر
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: سآتي له.
يوسف ندا: على الجزر.. الجزر اللي في البحر الأحمر، جزر حنيش وصقر
أحمد منصور: سنأتي لها.
(5/226)
يوسف ندا: فهو يعني حتى في الآخر وهو بيتفاهم معاهم وصل إلى مرحلة إنه طارق عزيز سافر وما رضيش ياخد قرار، فاضطر إن هو يطلب الملك فهد، فطلب الملك فهد أعطى له الكلام، فجاله الرد إنه يعني انتظر ربع ساعة، في ربع ساعة كان جا الرد من صدام حسين إن هو وافق، فالمفتاح كان موجود بين الاتنين، صحيح الرئيس صدام حسين معروف إن هو يعني صلب، معروف إن هو يعني ليس سهل إنه هو تاخد منه قرار هزيمة، لكن موقفه كان قوي وفي نفس الوقت صلته بالملك فهد كانت قوية، الملك فهد هو اللي كان بيمول الحرب -خلينا نقول- فكان لابد من التركيز على الملك فهد، فكان يعني التركيز باعتبار إن أنا بأشوفه كتير، فكان عن طريق مستشاريه كنت أبعث رسائل باستمرار والرسائل فيها اقتراحات، من ضمن الاقتراحات وصلنا لمرحلة إن هم مقتنعين إن إنه الأفضل إنهائها، طيب إزاي تنهى؟ يعني هم لا..
أحمد منصور: الإيرانيين كان موقفهم أيه؟
يوسف ندا: الإيرانيين بعدما يعني اضطروا يتراجعوا من طريق البصرة بغداد وبدأت الاكتساحات العراقية..
أحمد منصور: العراقيين يحققوا انتصارات، نعم.
يوسف ندا: يعني في مرحلة متأخرة شوية كان يسعوا لإنهاء الحرب.
أحمد منصور: طيب، حتى أتجاوز هذه النقطة، الحرب انتهت، وواضح إن.. الدور الدور كان مجرد مساعي ولم يكن دور يعني مباشر
يوسف ندا: أي نعم، لكن فيه يعني حتى فيه.. فيه أشياء كثيرة من اللي كنت بنمشي فيها كان عند وضع حاسم تتدخل حاجات بإرادة ربنا أكبر.. تهد كل اللي عملناه، فنبتدي من الصفر.
أحمد منصور: هل هناك..
يوسف ندا: ما هو هذه السياسة، ما تقدرش تضمن شيء.
أحمد منصور: هل هناك أمور أخرى قمت بها بالنسبة لإيران مع دول عربية أخرى؟
دور الإخوان المسلمين في حل مشكلة الصيادين المصريين الأسرى في إيران
يوسف ندا: بالنسبة لمصر طبعاً يعني كان فيه مشكلة الأسرى المصريين المساكين دولا، كان فيه شوية صيادين مساكين مسكوهم في بحر العرب و..
(5/227)
أحمد منصور: أثناء الحرب العراقية الإيرانية.
يوسف ندا: أيوه، وطبعاً كان فيه عساكر مصريين بيحاربوا في صفوف الـ.. ومدربين وبيحاربوا في صفوف الجيش العراقي.
أحمد منصور: بشكل فردي طبعاً كانوا
يوسف ندا: الله أعلم، ما أستطيع أجزم، لكن الإيرانيين كانوا يأخذوها على إن الموضوع ده مرسل من مصر، وإن مصر كانت بتساعدهم، وكانت بتساعدهم ليس فقط بالأسلحة، لكن..
أحمد منصور: ما تنساش إن كان فيه أكثر من مليون مصري كانوا في العراق بيشتغلوا
يوسف ندا: أي نعم، لكن هم بالذات
أحمد منصور: وبعض هؤلاء ربما لا يجدوا عمل إلا إنهم يكونوا يروحوا الجيش يعني.
يوسف ندا: وارد..
أحمد منصور: وجيوش دول عربية كثيرة فيها ناس غير مواطنين يعني، جيوش دول الخليج معظمها فيها ناس باكستانيين على مصريين على.. من كل الجنسيات، يعني مش.. مش ده الدولة المصرية اللي بعتته يعني
يوسف ندا: وارد، لكن بالنسبة لي أنا اللي كان يهمني في كل ده هم المساكين أنا كنت أزور يعني واحد مسؤول في مجلس الدفاع الأعلى، وكان ملف موجود عنه
أحمد منصور: مجلس الدفاع الأعلى في إيران؟
يوسف ندا: في إيران والملف
أحمد منصور: سنة كم تفتكر؟
يوسف ندا: هذه ممكن أقول لك عليها
أحمد منصور: ما تديني أوراقك دي وأنا أرتب لك التواريخ
يوسف ندا: لا.. لا.. لا الله يكفيني شرك يا عم!! أنت
أحمد منصور: هأرتب لك التواريخ كويس.
يوسف ندا: لأ، أنت بتدور على قبر تفحره أنت
أحمد منصور: لأ، أنا أبحث عن حقيقة وليس عن قبر
يوسف ندا: لأ، أنت تفحر عن قبور.
أحمد منصور: لا أفحر قبور لأحد، وإنما يعني أحفر عن الحقائق.
يوسف ندا: مكتوب عندي هنا هو الثلاثاء 25 جمادي الثاني سنة 7.. آه شباط 87
أحمد منصور: فبراير يعني.
يوسف ندا: شباط 87.
أحمد منصور: فبراير 87.
يوسف ندا: أنا عارف شباط يطلع أيه أنا..
أحمد منصور: شباط فبراير، نعم.
(5/228)
يوسف ندا: أيوه 87، يعني في حدود هذا الوقت، يعني قبل الوقت ده هو بشهر تقريباً.. فالملف موجود عنده مكتوب عليه مصريين، فقلت له سر أو ممكن نسألوا؟ قام قال: لأ، ما هو سر.
أحمد منصور: أنت لسه ما نستش اللغة الإسكندرانية؟
يوسف ندا: يعني عشان بأتكلم بالجمع، لا دا أنت جبت مشكلة دلوقتي، تعرف كان فيه واحد اسمه سلمان زكي بن ناتان كان موجود، وكان فيه مشكلة عندنا مع الحكومة النيجيرية، وكانت طلبت 20 مليون جنيه مصري
أحمد منصور: أنت.. أنت مش مخلي حتى نيجيريا.
يوسف ندا: مشكلة معاهم كنا ودينا لهم كانوا تعاقدوا على 20 مليون طن أسمنت والمواني ولازم توصل في خلال سنة وواخدين ضمانات علي والمواني عندهم ما تشلش غير 2 مليون، فوصلت 500 باخرة واقفة بره ومش عارفة تدخل، وطبعاً شركات كثيرة كنا إحنا واحدة من الشركات كان نص مليون طن أظن لما حصل انقلاب بسبب الأسمنت ما كان ممكن يخرب بيت الدولة، اعتمادات مفتوحة، ومفتوحة من البنك المركزي فالانقلاب اللي جاء لغى كل عقود وكل الاعتمادات، فإحنا بواخرنا موجودة هناك 17 باخرة، فرحنا حجزنا على.. على أموالهم فوراً، يعني أنا كلموني
أحمد منصور: أموال الدولة؟
يوسف ندا: أي.. أي نعم، أموال البنك المركزي في.. في فرانكفورت في Deutch Bank فكل الشركات اللي جت بعد كده، بمجرد ما أنا حجزت بعثوا طائرة حربية غيرت الأموال من اسم البنك المركزي إلى اسم وزارة المالية، فكل اللي جه بعد كده يحجز على البنك المركزي مالقاش فيه أموال
أحمد منصور: أنت بس اللي حجزت.
يوسف ندا: إحنا بس، فعملوا جمعية وعلى أساس إن أنا يعني أكون رئيس جمعية المتضررين، وما دام أنا يعني نجحت.
أحمد منصور: يعني رجال أعمال عالميين.
يوسف ندا: أيوه، على أساس إن أنا نجحت وممكن إن أنا يعني أعمل لهم
أحمد منصور: سنة كم ده؟
يوسف ندا: سنة 74، 75
أحمد منصور: ماشي، كويس إنك فاكر التاريخ.
(5/229)
يوسف ندا: أيوه، لأ، لأن دي طلعت في "الفاينالشيال تايمز" كانت مشكلة كبيرة، تغير فيها القانون الألماني بسببها، قانون اللي سموه sovereignty السيادة، يعني هل الأموال دي أموال سيادة، ما يجوزش الحجز أم لا، كانت مشكلة كبيرة يعني مشكلة قانونية، فمن ضمن اللي تكونوا دول كان فيه واحد أصله مصري طلع من 56 اسمه سليمان زكي بن ناتان، ما تسألني كتير، آه
أحمد منصور: ناتان ده يهودي، ما هو ناتان ده
يوسف ندا: ما تسألني كثير اسمه بن ناتان طلع بره
أحمد منصور: هو يعني لما نقول يهودي فيها أيه، ما إحنا ساميين برضو
يوسف ندا: دا شغلك أنت.. أنا ما عندي مشاكل أنا، سيبني للي عندي، فطلع بره وراح في باريس وكان من ضمن الشركات دي كانت باعت أسمنت، فكلمني بالتليفون وأنا ما أعرفه، فلان أيوه فلان، قام قال لي أنا فلان، سليمان.. سليمان مين؟ قال لي سليمان زكي، خير إن شاء الله، قال يعني إن فيه اجتماع حصل وأنت الوحيد اللي نجحت، وعايزين.. يعني الجميع مصرين على إن أنت تكون رئيس جمعية المتضررين دي عشان تقودنا نعملوا أيه في.. في اللي جاي، لأن أنت الوحيد اللي استطعت، لأن "الفاينانشيال تايمز" نفسها كتبت
no one had the success of mister
(5/230)
ما حدش يعني خد النجاح بتاعنا، فلما دخل في الموضوع قلت له أولاً أنا واثق من نفسي إن أنا عقودي وبواخري وديتها، يمكن غيري يكون ما ودى بواخره إن يكون نصاب، ما يمكن إن أنا يعني أحط أيدي في أيد أحد ما أعرفوش، أنت اسمك سليمان زكي أيه؟ قال لي: سليمان زكي. سليمان زكي أيه؟ قال لي سليمان زكي بن ناتان، قلت له: والله أنا متأسف جه بقى بن ناتان دا بعد كده راح مصر وكان الكفراوي -الله يدي له الصحة- بقى كان وزير التعمير هناك، وكان جاني هنا وقال لي البلد بيتباع الأسمنت هناك، الحكومة بتبيعه بـ 8 جنيه، وبيتباع في السوق السوداء بـ 80 جنيه، وبلدك ولابد إن أنت تحاول تعمل شيء، ولابد تساعدنا، ففكرت إن أنا أودي صومعة من الصوامع اللي عائمة، لأن أنا.. يعني أنا اللي أوجدتها في السوق، أوجدتها سنة 68
أحمد منصور: أوجدتها يعني أنت اخترعتها يعني؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: اخترعت صوامع الأسمنت العائمة.
يوسف ندا: أي نعم، أنا عملتها وعملتها في إيطاليا في.. أنا كنت أنا و(إيتال شيمانتي) وعملناها في (الكانتييري) اسمها الكانتييري اللي هو حتى بتعمل دلوقتي كل حاجة
أحمد منصور: مين (إيتال شيمانتي) ده؟
يوسف ندا: نعم، شركة من أكبر الشركات الإيطالية في الأسمنت.
أحمد منصور: طب أنت الآن دخلتني في متاهة، بن ناتان ووزير الإسكان حسب الله الكفراوي، وأنا هآجي لمصر بعد كده
يوسف ندا: طب نرجع تاني
أحمد منصور: هآجي لمصر بعد كده، بس ممكن تقول لي، أيه الشاهد في الموضوع دا، أنا كنت بأقول لك أنت لسه فاكر اللغة الإسكندرانية؟ وأنت لسه بتتكلم بتقول لي
يوسف ندا: أيوه لأن هو سليمان زكي بن ناتان دا لما راح اتكلم في مصر قام قال لهم: يعني أنتم إزاي تسمحوا له، أنا اللي لازم أعمل هنا هو الصومعة مش هو. ودا ما بقاش مصري ودا حتى لغته ما بقتش مصري، لما تسمعوه ما بقاش مصري، يعني أنا ما بقتش مصري هو بقى مصري.
أحمد منصور: طيب خلينا نرجع.
(5/231)
يوسف ندا: تفضل يا سيدي آدي آخرتنا، أنا ما بقتش المصري، وأنا ما بأتكلمش مصري، وأنت بتقول لي بأتكلم أسكندراني أنت لقطها ما تطلع من دم الواحد موجودة جوه.
أحمد منصور: خلينا نرجع للملف اللي لقيته عند مسؤول المجلس الأعلى للثورة ومكتوب عليه مصر.
يوسف ندا: قال لي لأ، ما هواش سر، هو إحنا مسكنا مجموعة 17 واحد، كنا نعتقد إن هم يعني جواسيس أو عساكر بيشتغلوا بيحاربوا، لكن اتضح إن هم ناس مساكين ولهم 3 سنوات ماسكينهم و..
أحمد منصور[مقاطعاً]: دول صيادين مصريين.
يوسف ندا: صيادين مصريين، قلت له: طيب معروف سكنهم، معروف حاجتهم قلت له.. قلت له طب ما دام عرفت إن هم مساكين وإن هم مالهمش في الحرب وماهماش كذا ما تسيبوهم، قام قالوا مشكلتهم كبيرة،
أولاً: ما عندهمش جوازات.
ثانياً: إحنا ما عندناش علاقة بمصر.
ثالثاً: ما عندناش طيارات بتروح مصر، ما عندناش بواخر بتروح مصر، فعشان نبعثهم عن طريق دولة ثالثة، الثالثة لازم يكون عندها.
أحمد منصور: علاقات مع مصر.
يوسف ندا: علاقة مع مصر، ودي عملية معقدة، ومصر مش عايزة تظهر أنها لها علاقة بنا، وإحنا مش عايزين نظهر إن لنا علاقة بيهم، قلت له: طيب تديهم لي، أنا ندبر الحكاية، قال لي: عملية صعبة ما هياش سهلة، يعني هندبر لهم جوازات سفر إزاي؟ قلت له إديهم لي في جنيف وأنا نشوف لك حل، قام قال لي: ما عندنا مانع، إديني فرصة 24 ساعة قلت له أنا موجود فبعد منها قال لي يعني الـok موجودة الموافقة موجودة، تستطيع أن تتحرك، وطلع في الجرايد وأهي موجودة عندي في الجريدة إن هم مستعدين يدوهم للقوة الإسلامية.
أحمد منصور: مين القوة الإسلامية بقى؟
يوسف ندا: طبعاً هم الإخوان المسلمين.
أحمد منصور: آه.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: فرصة.
يوسف ندا: فرصة في أيه؟ أنا مسكين، أنا كل اللي عملته.
أحمد منصور: ما هو فرصة الوقتي تروحوا تساوموا الحكومة المصرية.
يوسف ندا: أي حكومة مصرية؟
(5/232)
أحمد منصور: هنفك لكم أسرى..
يوسف ندا: استنى.. استنى.. استنى خليني أقول لك اللي حصل، استنى ما تجري.. ما تجري نساوم في أيه؟ ده يعني حتى الخير اللي يجي من على.. من على إيدينا مش عاوزينه، يعني إخواننا لما كانوا في السجن أنا أذكر لما
أحمد منصور: إخواتكم اللي هم؟ وسجن؟
يوسف ندا: في سجن في مصر.
أحمد منصور: أي سجن وأي سنة؟! إن هو.. إن بالضبط فيهم؟ ما أنتوا الآن قضاياكم مالهاش أول ولا آخر؟
يوسف ندا: في 56.. 56 لما حصل الحرب بتاع السويس، يعني الإخوان وهم وإحنا في السجن بعثوا عريضة إنه مستعدين تحطونا في الجبهة نحارب وبعد ما تخلص الحرب رجعونا تاني السجن، حتى دي مرفوضة، المهم أخذت منه قايمة، القايمة أهي موجودة بأسمائهم
أحمد منصور: مش عايز توريني الورق ده خليني.. طيب بسم الله.
يوسف ندا: مكتوب أيه فوق؟
أحمد منصور: شوري علي دفاع، سيد تبليغات حبك، جمهوري إسلامي إيران.
بسمه تعالى أسامي وأدراس 16 نفر مهكران مصري.. أنا درست فارس في الجامعة، لكن نسيته، فيه أسماء 16 واحد من مصر دمياط جمال محمد.
يوسف ندا: هم كانوا 17.
أحمد منصور: عبده حجازي، حسن أبو المجد شرشيب من كفر الشيخ.
يوسف ندا: وغالبيتهم من.. من.. من كفر الشيخ وضواحيها ودمياط.
أحمد منصور: ما هو الصيادين معظمهم من البرلس ومن بلطيم ودمياط قرية شطا.. نعم.
يوسف ندا: طيب أخذتها علاقتنا بمصر، طيب الحكومة ما تسمعش مننا فكلمت مصطفى أمين الله يرحمه، مصطفى أمين.
أحمد منصور: آه!!
يوسف ندا: آه الله يرحمه.
أحمد منصور: كانت علاقتك أيه بمصطفى أمين، كتب عنك أكثر من مرة؟
يوسف ندا: يعني رجل.. رجل عاقل..
أحمد منصور: قابلته، تعرفه، أم بس..؟
يوسف ندا: قابلته مرتين.
أحمد منصور: جالك برضو هنا زي الناس اللي جت هنا كتير أم أيه؟
يوسف ندا: ما بلاش الكلام ده الله يرضى عنك.
أحمد منصور: أنا بس مجرد حضرتك بأسأل.
(5/233)
يوسف ندا: لأ بلاش الكلام.. فوت دي. المهم، كلمته وقلت له يا مصطفى بيه يعني الموضوع كذا وكذا هل ممكن تساعد؟ قال لي نساعد، قلت له: يعني معروف عنك أنك يعني.. يعني بتساعد الناس الغلابة ودول ناس..
أحمد منصور: طيب وليه ما اتصلتش بالحكومة المصرية؟
يوسف ندا: ما.. أتصل بمين؟ ده أنا..
أحمد منصور: اتصل بالسفارة هناك، اتصل فيه قنوات أنت راجل بتكلم وزارات الخارجية.
يوسف ندا: لأ، بس اصبر عليَّ أقول لك الباقي عشان تشوف همَّ بيتصرفوا إزاي، هو كتب إنه يعني أهل مصر مهما بعدوا عن مصر ومهما حكومة مصر عملت فيهم ما ينسوا مصر، وما ينسوا أي خير ممكن يعملوه لمصر، ورجل أعمال -ما ذكر اسمي- موجود في الخارج، استطاع إن هو يحصل على قائمة بأسماء أسرى موجودين في إيران، وأخذ وعد بالإفراج عنهم، والقناصل في الخارج ما بيعملوش حاجة، وعلى مصر أن تتحرك.
أحمد منصور: بس كده.
يوسف ندا: بس.
أحمد منصور: وخد البيانات على كده
يوسف ندا: أنا كنت في.. بأعمل بأؤدي عمره، وكنت بعد منها رحت المدينة، في المدينة كلمني غالب بالتليفون قال لي: مصطفى أمين بيدور عليك، وعايز رقم تليفونك، هل أديه له؟ قلت له إديه له، فكلمني.
أحمد منصور: غالب ده طبعاً هو غالب همت شريكك ورفيق دربك.
يوسف ندا: أيوه غالب أيوه.. أيوه أنا لما ما أكونش موجود هو موجود.
أحمد منصور: وإحنا بنسجل في بيته على فكرة مش في بيتك.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: أيوه اتفضل.
يوسف ندا: الحمد لله.
أحمد منصور: كنت في العمرة، وأنا دايماً بألخبط وبعدين بأضبط.
(5/234)
يوسف ندا: أيوه لأن.. ما أعمل لك أيه أنت بتقطعني أنت، افحر.. افحر طلع القبور أنت، ومات الله يرحمه يعني، دور على الأموات أنت، فقال لي إن وزارة الخارجية بعد ما طلع الفكرة بتاعتي وزارة الخارجية بعد ما طلع الفكرة بتاعتي وزارة الخارجية اتصلت بيَّ وعايزة تتصل بيك، هل أديهم رقمك؟ قلت له إديهم الرقم، قلت دول يعني ما بيعملوا حاجة، قال لي معلش لازم تحاول تساعدهم، قلت له: إديهم الاسم، فكلمتني كانت واحدة اسمها السفيرة ألفت التلاوي.
أحمد منصور: ألفت التلاوي؟! ميرفت التلاوي
يوسف ندا: ميرفت.. ميرفت التلاوي.. ميرفت أيوه ميرفت التلاوي.
أحمد منصور: دي كانت سفيرة في..
يوسف ندا: لأ بعد كده راحت في فيينا.
أحمد منصور: كانت في فيينا.
يوسف ندا: بعد كده راحت في فيينا، وكلمتني..
أحمد منصور: وأنا راجع من فيينا الآن هي.. هي كانت ضيفة عندي مرة في برنامج (بلا حدود)، كانت رئيسة المجلس الأعلى للأسرة في مصر نعم.. نعم
يوسف ندا: كلمتني وهي راجعة من فيينا أيوه، فكلمتني، وقالت لي أنا عندي تعليمات من سيادة النائب، كان نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية السيد عصمت عبد المجيد، عندي تعليمات من إن أنا.. منه إن أنا أكلمك وأشوف أيه اللي ممكن أعمله، وإزاي ممكن تساعدنا، يعني أيه الوسيلة؟
أحمد منصور: هي كانت فين وقتها؟ كانت في القاهرة.
يوسف ندا: كانت في وزارة الخارجية في القاهرة.. أيوه، فقلت لها: والله يعني أقتراحي أنا إن تشوفوا أي جماعة إسلامية بلاش الحكومة، تبعت برقية لآية الله الخوميني، تقول له يعني بالنغمة الإسلامية إنه حتى الأسرى عند سيدنا رسول قالوا له ما تظن أني فاعل بكم؟ قال: أخ كريم.. اذهبوا فأنتم الطلقاء فسابهم، فيعني دول مساكين وما حدش لهم، فيعني افرجوا عنهم، يبقى الحكومة ما تدخلت، يبقى غيرهم، طيب مين تقترح؟ قلت لهم: عندكم الأستاذ عمر التلمساني، خلوه..
(5/235)
أحمد منصور: طيب أنت كنت نسقت مع الإخوان وبلغتهم بالموضوع؟
يوسف ندا: لأ
أحمد منصور: الإخوان ما عندهومش فكر.
يوسف ندا: في هذا الوقت لأ، جايز بعد كده التبليغ حصل، لكن في هذا الوقت
أحمد منصور: لكن لعبتها أنت من فوق..
يوسف ندا: لابد تتعمل كده، لازم تمشي كده، يعني ما نقدرش تقول الإخوان، ما فيه شيء مطلوب يعني مقبول منهم حتى ولو كان خير.
أحمد منصور: طب ما همَّ الناس قال لك هنديهم لك من غير لف.
يوسف ندا: لأ، ما عندي إمكانية، لازم حد يدبر لهم أمورهم، يعني أجيب لهم باسبورتات منين أنا، يعني حتى لو كانوا هيروحوا هيجيبوهم في جنيف، كنت هأقول للصليب الأحمر يحجزهم لغاية ما يشوفوا لهم حل، لكن هم.. ما كانوا..
أحمد منصور: أنت كان لك علاقة بالصليب الأحمر كمان؟
يوسف ندا: لأ، لكن ما وافقوا على هذا، فقالت لي طيب إديني وقت، بعدين كلمتني مرة ثانية، قالت لي: أنت عارف موقفنا مع العراق في الحرب إن إحنا مساندين للعراق، وما يمكن إن إحنا نعمل دي، هل عندك اقتراح ثاني؟ قلت لهم شوفوا الجماعات الإسلامية اللي موجودة بره خارج مصر يتكون منها وفد، ويروح هناك وأنا أسهل للوفد المأمورية، طيب إحنا مالنا علاقة بالجماعات الإسلامية اللي بره، عندكم الأستاذ مهدي عاكف ربنا يدي له الصحة.
أحمد منصور: ده برضو من الإخوان.
يوسف ندا: أيوه، طبعاً من كبار رجال الإخوان، ورجل تاريخه معروف.
أحمد منصور: يعني أنت عمال تلفلف على إن الإخوان يبقوا هم اللي في المسألة.
(5/236)
يوسف ندا: بأدور على الخير، أهل الخير دولا، أهل الخير اللي بيعملوه لله، ما بيعملوش عشان فلوس اللي كل شوية تتكلم لي عليها، فأيامها كان هو مدير المركز الإسلامي في ميونخ، والمركز الإسلامي يتبعه حوالي 13 مركز في.. في جنوب ألمانيا، فقلت لها: خليه.. كلموه، ودا راجل أي خير بالنسبة لمصر لا يمكن يتورع فيه، لازم هيعمله، كلموه، هو يكون وفد، أنا أرتب الباقي للوفد واستقباله هناك وكل شيء، فاتصلت بالقنصل، القنصل هناك اتصل بالأستاذ عاكف، الأستاذ عاكف عنده عقدة قديمة أيام المفاوضات بتاعة جمال عبد الناصر مع الإنجليز بتاع 54 لما طلب من الإخوان.. (إيفانز) كان طلب الاتصال بالإخوان، فالإخوان قبل ما يوافقوا أو يرفضوا بلغوا جمال عبد الناصر فقال لهم: قابلوه عشان يشعر إن البلد كتلة واحدة، والبلد تؤيد الحكومة والإخوان يؤيدوا الحكومة، فقابلوه، بعد كده حاكمهم واعتبرهم خونة إن هم قابلوا الإنجليز، فلما راح القنصل للأستاذ عاكف، فقال له يعني إديني شيء مكتوب، أما نكرر موضوع (إيفانز) تاني لأ، إديني شيء مكتوب أنا أخدم مصر، أنا أحمي بلدي.. بلدي.. بلدي..
أحمد منصور: آه يعني الوقت اللي العلاقة المصرية الإيرانية متوترة هو خاف يلتقي بالإيرانيين فيقولوا
يوسف ندا: طبعاً.. طبعاً يقولوا إن هو.. يقولوا إن هو..
أحمد منصور: طب ما أنت بتلتقي بالإيرانيين!!
يوسف ندا: أنا بره القانون بتاع مصر، أنا بره مصر اللي عايزين يعملوه.
أحمد منصور: تبع القانون الدولي أنت
يوسف ندا: أيوه دلوقتي
أحمد منصور: التنظيم الدولي.
يوسف ندا: مش التنظيم الدولي، أيوه أنت خلاص حتة دولي دي عجبتك قوي، أيوه فقال لهم.. قال للقنصل الكلام ده، راح القنصل ما رجعش، بعد كده بعتم الشيخ الغزالي الله يرحمه ويحسن إليه.
أحمد منصور: مين اللي بعثه؟
يوسف ندا: الحكومة.
أحمد منصور: بعثته لمين؟
(5/237)
يوسف ندا: بعثته إيران، لأن الإيرانيين يحبوه كثير كان الرجل، الله يكرمه ما فيه حد ما كانتش يحبه.
أحمد منصور: آه، بدون ترتيب معك؟
يوسف ندا: لأ، بدون ترتيب.. ترتيب معايا، أنا كان عندي ميعاد مع الدكتور ولاياتي، ورحت 5 دقائق و10 دقائق قبل كده، فدخلوني الصالون، وفجأة اتأخر كمان 5 دقايق، وبعدين قالوا لي لأن هو عنده مفاجأة عشانك، وفجأة اتفتح الباب ودخل هو والشيخ الغزالي مع بعض الله يرحمه، الله يرحمه يعني كان مقابلة كانت فعلاً دخل في قلبي من جوه
أحمد منصور: كنت ما شفتوش من زمان؟
يوسف ندا: أيوه، وبعدين قال لي.. قال لي: نازل فين؟ فقلت له: قال لي أنا في نفس الأوتيل لازم أشوفك، بعد ما خلص المقابلة رحت له.
أحمد منصور: هو الشيخ الغزالي بقى كان رايح عشان موضوع الأسرى.
يوسف ندا: ما كنتش أعرف أنا..
أحمد منصور: آه، طب أنت كنت رايح في مهمة ثانية ولا..
يوسف ندا: أيوه طبعاً أنا.. أنا رايح جاي
أحمد منصور: ما شاء الله.
يوسف ندا: بأقول لك كل 3 شهور أو حاجة أنا هناك، فعلى طول بمجرد ما..
أحمد منصور: طبعاً لو قعدنا نحصر المهمات دي مش هنخلص، لأن علاقات على مستوى الدول يعني.
يوسف ندا: والله يعني إذا كان عايز تفحر قبرين ثلاثة غير لما يكون عايز تفتح جبانة كلها بتسموها جبانة أنتم أم مقابر؟
أحمد منصور: أنا كما قلت لك أنا..
يوسف ندا: عندنا بيسموها.. جبانة..
أحمد منصور: أنا.. أنا لا أهتم.. يعني لا أعتني كثيراً بما يقال عني، لكن أنا يكفيني إني أبحث عن الحقيقة وأحاول إيصالها، فحار قبور فحار بتاع، أنا المهم إني فحار حقائق
يوسف ندا: والله هي الحقائق بتطلع من القبور يا أخ أحمد.
أحمد منصور: بنحاول نطلعها من الأحياء على عظمة..
يوسف ندا: دا أنت لو تطال تفحر بطن واحد هتفحرها وتطلع العشا اللي جوه
أحمد منصور: علشان أوصل للناس ما ينبغي أن يعرفوه، هذا عملي وعمل الإعلام ودوري..
(5/238)
يوسف ندا: طيب، الله يقويك الله..
أحمد منصور: وأتمنى أن أوفق دائماً في هذا..
يوسف ندا: الحمد لله إن أنا مش إعلامي ما تخليه إعلامك..
أحمد منصور: وحضرتك بتاع فلوس وإحنا بتوع تواريخ وبتوع كلام..
يوسف ندا: برضو دخلت في الفلوس تاني.
أحمد منصور: طب خلينا نرجع للشيخ الغزالي.
يوسف ندا: فرحت له، مجرد ما خلص الاجتماع رحت له، قال لي يا يوسف عندي مشكلة أيه؟ قال لي أنا طلبوا مني الحكومة إن أنا أتدخل في موضوع الصيادين إياهم بتوعك دولا.
أحمد منصور: بتوعك.. يعني هو عارف إن هم بتوعك.
يوسف ندا: آه طبعاً عارف.
أحمد منصور: طب وليه ما كلمكش الشيخ الغزالي؟
يوسف ندا: بأقول لك أنا فجأة هناك، يعني فجأة هو هناك فجأة وأنا فجأة، فقال لي عندي مشكلة كبير، قلت له خير؟ قال لي واعديني إن هم يدوهم لي وأنا بلغت الحكومة، فطلع رجال المخابرات منتظريني في دمشق. في مطار دمشق.
أحمد منصور: المخابرات المصرية؟
يوسف ندا: أيوه أنا أساساً الطيارة تطلع من دمشق وهم عندهم تمثيل في دمشق والمخابرات هناك رتبت مع دمشق، ولكن كل يوم يقولوا لي إن الطيارات مليانة وطبعاً الطيارات فعلاً كانت مليانة دائماً عندهم الإيرانيين بيروحوا يزوروا السيدة زينب هناك
أحمد منصور: صحيح.
يوسف ندا: والسيدة زينب في مصر ما بيروحوش باعتبار إن مصر مقطوعة العلاقات، فلكان دائماً الطيارات مليانة، وقالوا لي إنه إذا كان واحد أو اثنين أو ثلاثة مش مشكلة لكن العدد الكبير دلهوت، يعني صعب إن إحنا ناخده، ودي عملية هتطول معايا وأنا مش عارف هتطول لغاية إمتى، قلت له قل لهم إن يوسف هيجيب لي طيارة خاصة.
أحمد منصور: يقول لمين؟
يوسف ندا: للخارجية.
أحمد منصور: المصرية؟
يوسف ندا: لأ.
أحمد منصور: الخارجية الإيرانية.
(5/239)
يوسف ندا: أنا بأقول لك في طهران، الكلام ده في طهران، فقال لي يوسف تعملها؟ قلت له والله أعملها، إديني 24 ساعة، 24 ساعة تكون عندك طيارة تاخدهم كلهم المكان اللي أنت عايزه، لازم يعني نسهل له مأموريته يعني الموضوع ما هو موضوع إن أنا اللي لازم أعملها موضوع..
أحمد منصور: ما هي اتسحبت.. اتسحبت من إيدين الإخوان.
يوسف ندا: لا مش مشكلة، يعني هو حتى مصطفى أمين الله يرحمه إما كلمني بالتليفون قال لي أنا أصبح مظاهرة قدام مكتبي، أهالي اللي كتبت أساميهم كلهم جم وعايزين يعرفوا معلومات عنهم، يعني دول أهالينا يا أخي، بلدنا مهما كان، اختلافنا أو خلافنا مع الحكومة في أي موضوع دا مش معناه إن إحنا أعداء البلد أو أعداء.. دا أهلنا، إحنا لا إحنا أعداء البلد ولا إحنا أعداء الحكومة، أما نختلف مع حد بأقول لك أنا كنت بأختلف مع الإيرانيين في أشياء وبأتعاون معهم في أشياء، بأختلف مع السعوديين في أشياء وبأتعاون معهم في أشياء، دا مش معناه إن أنا عدوهم
أحمد منصور[مقاطعاً]: طب ما حستش إن البساط سحب منك؟
يوسف ندا[مستأنفاً]: بلدي أنا نأختلف معاهم في أشياء يبقى ما أتفقش معاهم في أشياء.
أحمد منصور: الشيخ الغزالي محسوب على الإخوان صحيح، لكن لم يكن في ذلك الوقت يعني منتظم مع الإخوان بشكل أساسي، ما حستش لما قابلت الشيخ الغزالي إن البساط سحب من تحت أقدامكم في قضية اللف، أنت حاولت عمر التلمساني حاولت محمد عاكف.
(5/240)
يوسف ندا: لا لا.. أنا الشيخ الغزالي.. الشيخ الغزالي يعني دلوقتي أنت هتطلب مني هتخليني أتكلم كلمة ما.. ما سمعها غيري أنا وغالب الشيخ الغزالي كان عندي في البيت هنا في يوم من الأيام قلت له يا فضيلة الأستاذ أنت غلطت غلطة إنك ما تعملش كتبك كلها في موسوعة لازم تطلع الموسوعة وتشوفها وربنا يطول في عمرك، يعني قبل ما يجي قضاء الله، قال لي يا يوسف يا بني قبل ما أعملها لازم أصلح، لأن أنا فيها غلطات لازم أصلحها، طبعاً وفهمت هو يقصد أيه وهو عارف بيقصد أيه.
أحمد منصور: طب أنا بأقصد أنا الشق..
يوسف ندا: لا اللي أنت بتقول إن الشيخ الغزالي ما هواش من الإخوان
أحمد منصور: لأ، أنا ما بأقولش الإخوان
يوسف ندا: إذا كان أنا بأقول البتاع التحقيقات بتاع..
أحمد منصور: أنا ما بأصنفش الناس..
يوسف ندا: إنك أنت من الإخوان، هيبقى الشيخ الغزالي مش.. دا سيد الإخوان
أحمد منصور: أنت عايز تغرز بتاع التحقيقات معاك وتخوفه، وبتغرزه إن هو من الإخوان، فالرجل يقوم يربك.
يوسف ندا: لا بس دا.. دا.. دا تفكيرنا تفكيرنا إن كل إنسان صالح يعمل الصح ويمتنع عن الغلط فهو منا، دا تفكيرنا.
أحمد منصور: خليني الآن في البعد بتاع سؤالي أنا.. أنت لما حسيت إن الشيخ الغزالي راح هناك وأنت عمال تخطط إن إفراج عن الصيادين يتم عن طريق الإخوان والحكومة لم تخطو في هذه الخطوات وبعتت الشيخ الغزالي..
يوسف ندا: فضلت خط تاني..
أحمد منصور: فضلت خط تاني..
يوسف ندا: المهم عندي الناس الغلابة دول يروحوا لأهليهم، المهم يُفرج عنهم مش المهم مين اللي يعملها.
أحمد منصور: جبت لهم طيارة؟
يوسف ندا: هو الخير إن ما جاش على إيدينا ما يجيش؟ يعني إحنا ما ندور على الخير إلا إذا كان يجي على إيدينا، أنا.. أنا كل اللي أنت بتسألني فيه ده، لغاية النهارده ما حد عرفه، أنا كنت بأعمله علشان ينعرف؟!
(5/241)
ما حد عرفه ما كنا بنعمل اللي إحنا بنعمله ولا اللي بيعملوه الإخوان أنا.. أنا قلت لك أول ما بديت أنا سطر في موسوعة اسمها الإخوان المسلمين، شف بقى بقية الموسوعة كم واحد عمل قد أيه من الأشياء، أنا سطر وكله لله. لله اللي بيعلن بيعلن واللي ما بيعلنش ما بيعلنش، ويمكن أكون قصرت في ثوابي أنا في إني أعلنت وكلمتك فيه.
أحمد منصور: طيب إحنا.. يعني هي دي حقائق سياسة كويس إنك أنت اتكلمت فيها، خليني الوقت في..
يوسف ندا: بمجرد ما قال لهم، يعني تاني يوم الصبح قال لهم إن الموضوع اتحل ويوسف.. هم طبعاً يعرفوا إن إذا كان يوسف هيجيب طيارة هيقدر يجيبها أم لأ، هم يعرفوا الكلام ده، 24 ساعة أعطوا له الأماكن وخدهم ومشي
أحمد منصور: أجرت طيارة؟
يوسف ندا: لأ أعطوا له أماكن على الطيارة بتاعة دمشق وخدهم ومشي
أحمد منصور: وأنت ما اتدخلتش في المسألة، وما تابعتهاش بعد كده؟
يوسف ندا: لأ، لما عرفوا إن يوسف هيجيب طيارة فذللوا المشكلة
أحمد منصور: آه يعني هم كان عمالين يعرقلوا فيها؟
يوسف ندا: كانت مشكلة وذللوها.
أحمد منصور: وكده دي الحاجة الوحيدة اللي أنت عملتها بين مصر وإيران؟ تقدر تقول يعني، أو سعيت فيه؟
يوسف ندا: أنا مصر وإيران..
أحمد منصور: طب ليه ومصر بلدك في الأصل وبينها وبين إيران مشاكل ما سعيتش إنك أنت تصلح زي ما سعيت إنك تصلح بن إيران ودول تانية؟
مساعي الإخوان المسلمين للمصالحة مع الحكومة المصرية
يوسف ندا: لأ أنا سعيت إن أنا أصلح بيننا إحنا وبين مصر
أحمد منصور: بينكم أنتم مين؟
يوسف ندا: يعني بين الإخوان وبين مصر، أنا كان لي صديق كان مستشار للرئيس.
أحمد منصور: الرئيس مين؟
يوسف ندا: حسني مبارك وقابلته في العمرة.
أحمد منصور: سنة كم؟
يوسف ندا: بعدما.. أول ما جه، السنة اللي جه فيها الرئيس حسني مبارك كان سنة كم؟
أحمد منصور: سنة 81.
(5/242)
يوسف ندا: 81، هي كانت 81 قابلته في العمرة وبدينا نتكلم، قلت له شوف رأيي أنا في الموقف، طبعاً اتكلمنا في حاجات عائلية، اتكلمنا في حاجات سياسية، وبعدين دخلنا بأخبار وضعه وعلاقته.. وبعدين حكى لي موضوع المنصة واللي حصل في المنصة، وكان يادوب لسه مطلعين الجماعة اللي كان ماسكهم أنور السادات..
أحمد منصور: نعم متحفظ عليهم.
يوسف ندا: متحفظ عليهم، وكان من ضمنهم الأستاذ عمر -الله يرحمه- وقابل التانيين..
أحمد منصور: عمر التلمساني..
يوسف ندا: الأستاذ عمر وقابل التانيين
أحمد منصور: المشاهدين ما هماش عارفين كل الأسامي اللي حضرتك بتقولها.
يوسف ندا: لا.. لا ما فيه مشاهد في الدنيا يسمع واحد من الإخوان يتكلم على عمر إلا ويعرف إن هو عمر التلمساني الله يرحمه.
أحمد منصور: لأ معلش برضو، عمر التلمساني مات بقى له فترة طويلة والناس ما تعرفوش
يوسف ندا: لأ، يعرفوه، أنت فاهم، أنت راجل سياسي برضو، لأن إعلام يعمل عمل سياسي.
أحمد منصور: بس أنا كإعلامي بأحب أقول الأسامي كاملة..
يوسف ندا: أيوه قل.. دا موضوع تاني..
أحمد منصور: والتواريخ كاملة علشان الناس تفهم..
يوسف ندا: دا موضوع تاني، إنما ما تفتكر إن ما حدش يعرفه، ما فيش حد ما يعرفوش، الحمد لله رب العالمين، في المنطقة عندنا.
أحمد منصور: أنت الآن بتخاطب العالم كله
يوسف ندا: يبقى أنت تأمر.
أحمد منصور: ما آمرش عليك عندنا موضوعات
يوسف ندا: نمشي وراك حاضر نمشي وراك
أحمد منصور: أنا بس حضرتك
يوسف ندا: نمشي وراك
أحمد منصور: بأطلب إن الأسامي تكون كاملة
يوسف ندا: فالأستاذ عمر التلمساني -الله يرحمه- لما كان طلع ما قابلهوش، هو قابل كل اللي كان ساجنهم أنور السادات، الرئيس حسني مبارك قابلهم إلا هو، ما قابلهوش.
أحمد منصور: القيادات السياسية تقصد
يوسف ندا: اللي كان متحفظ عليهم.
(5/243)
أحمد منصور: القيادات وليس كل الناس لأن كان فيه 1600 متحفظ عليهم بس ما قابلهمش كلهم، قابل القيادات
يوسف ندا: طيب، فقلت له يا فلان يعني الأستاذ عمر التلمساني معروف إنه هو ما هواش واحد يمثل نفسه دا يمثل جماعة أو أكبر.. أكبر تيار إسلامي موجود، مش بس تيار ديني، تيار ديني وسياسي موجود في مصر، أنور السادات كان إيده متعاصة بدم الإخوان لأنه كان عضو محكمة من تلاتة حكمت بالإعدام وأعدمت أول سبعة أعدموا من الإخوان
أحمد منصور: تقصد محكمة 54.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: كان رئيسها صلاح سالم؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: كان عضو اليمين أنور السادات وعضو اليسار حسين الشافعي.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: وفي شهادة السيد حسين الشافعي تكلم في حلقة كاملة عن هذا الموضوع، نعم.
يوسف ندا: أي نعم، الإخوان كعادتهم يعني احتسبوها عند الله ونسوها وغفروها وهذه مش هي الوحيدة المحنة اللي عدت فيهم ومش هي الوحيدة الظلم اللي وصل بيهم، لكن باستمرار باعتبار إن عملهم لله احتسبوها عند الله ونسوها وحاولوا بقدر الإمكان لصالح البلاد والعباد إن هم يتعاونوا معاه، لكن ما نساه لهم، وما استطاع يقنع نفسه إن هم غفروها.
أحمد منصور: السادات.
يوسف ندا: أيوه. ما استطاع.
أحمد منصور: رغم إن هو.. هو الذي فتح المجال للإخوان..
يوسف ندا: أبداً ما فتح المجال، هو لغاية ما مات مانعهم من إن هم يكون لهم وضع رسمي، رغم إن قرار الحل اتلغى..
أحمد منصور: هو قال لهم تعالوا وخليكوا حولوا نفسكوا جمعية..
يوسف ندا: قرار الحل..
أحمد منصور: والإخوان لسه عايشين في.. في العهد القديم
يوسف ندا: لا.. لا هو ما وافق أبداً.. أبداً، هو كل ما هناك إن حتى الجريدة المحلية اللي كانت موجودة كانت رخصة موجودة وظلت موجودة مش هو اللي عطاها، كانت موجودة من قبل منه.
(5/244)
أحمد منصور: استدعى عمر التلمساني، أنور السادات وطلب منه إنه هو الإخوان يشكلوا جمعية في الشؤون الاجتماعية وهم رفضوا الإخوان، عايزين يرجعوا بنفس الشكل اللي كانوا عليه من قبل
يوسف ندا: لا ما هو.. هو يعني
أحمد منصور: ما هو ما يتحملش، عليه ضغوط دولية الراجل.
يوسف ندا: يعني هندخل.. هندخل في مناقشة الخدع السياسية
أحمد منصور: يعني أنا أقصد إن الإخوان لازالوا بيصروا إما أن يكونوا كما كانوا من قبل وإما لا يكونوا
يوسف ندا: بأقول لك هندخل في الخدع السياسية وعلشان أشرحها عاوز لك 3، 4 برامج فيها، الخدع السياسية، اللي حاول يخدع بيها الإخوان، عموماً هو ما استطاع إن هو يمسح من ذهنه إن هو إيده متعاصة بدمهم رغم إن هم غفروا هذا الدم وسامحوا فيه واحتسبوه عند الله.
أحمد منصور: هو مش دمهم، دم الناس اللي ماتت هي اللي عند ربنا الآن وهي دمها هي.
يوسف ندا: هذا دم الإخوان
أحمد منصور: دم الإخوان مين، ما ينفعش واحد من الإخوان يسامح في دم شخص آخر قتل، الإنسان اللي قتل...
(5/245)
يوسف ندا: إحنا.. إحنا ما بنقول يسامح عند الله. يسامح عند الله ربنا هيحاسبه إحنا بنقول على المسامحة في الدنيا، المسامحة في الدنيا إن هو المعروف.. لأنهم أعضاء في الإخوان فالإخوان المفروض فيهم إن هم لا ينسوها والمفروض فيهم إن هم يقتصوا إن لم يقتص.. يقتص لهم قانون موجود، لكن دي ما هياش من صفات الإخوان، دي إذا كانت أي جمعية تانية أو أي فئة تانية كان ممكن إنها تقتص لنفسها من القتل، لكن الإخوان يعني يعيشوا في القوانين اللي هم بيعيشوا فيها، فغفروها واحتسبوها عند الله، كلمة لما أقول لك احتسبوها عند الله، يبقى أعطوها لله -سبحانه وتعالى- وهو اللي يقتص ولا هو يحاسبه بعدما يحاسبه دا موضوع ما هواش خاص بينا في الدنيا، قلت له إنه أنور السادات كان فيه دم ولم ينساه، أما الرئيس حسني مبارك جاي لسه صفحته نظيفة ما فيها دم، ما بينه وبين الإخوان سوء، كانت الصفحة صفحة جديدة، ممكن الأستاذ عمر التلمساني تطلع بمسيرة فيها مئات الألوف مش عشرات الألوف، ونروح له لغاية المقر بتاعه وقدم له عريضة بطلبات الإخوان.. بطلبات الشعب، والعريضة يكون متفق عليها ما هو معقول وما هو متاح له إن هو يعمله، وتنفتح صفحة جديدة بينه وبين كل اللي موجودين في الشارع السياسي.
أحمد منصور: مسرحية يعني.
يوسف ندا: تقدر تقول إنها شبه مسرحية لكن فيها واقعية، نقدم له ما يطلبه الشعب ويكون قادر على تنفيذه.
أحمد منصور: يعني الإخوان يعني برضو بيسلكوا الألعاب السياسية اللي الآخرين بيسلكوها.
(5/246)
يوسف ندا: يعني أنت بتسميها ألعاب، لكن أنا بأسميها المتاح، هو أنت لما تيجي تعبير السياسة لو حبيت تعرف السياسة، السياسة عند الديكتاتورية تجميع السلطة في يد واحدة تستطيع بيها أن توجه كل الأمور وتنفذ ما تريد، إذا جيت عند الديمقراطية فهي يسموه فن الممكن، سوء الممكن دا فيه مصلحة أو ما فيهوش مصلحة، الممكن، أما عند الإسلاميين وعند الإسلامية هي كل ما يمكن عمله لصالح العباد والبلاد.
أحمد منصور: لكن أيضاً لابد أن تلمس وأنت تتحدث عن السياسة الآن إنه هناك طاقة لكل دولة وإن كل دولة لا تستطيع أن تتجاوز هذه الطاقة الآن هيمنة الولايات المتحدة حتى على أوروبا هذه التي تعيش فيها
يوسف ندا: لماذا.. لماذا تنفرد بالقرار؟.. لماذا تنفرد بالقرار؟
أحمد منصور: يعني أنا لما سألتك في الحلقة الأولى.
يوسف ندا: أنا من حقي إن أنا يكون لي رأي في هذا القرار.
أحمد منصور: يا سيدي.
يوسف ندا: أنا لما أعلم إن أنت عندك شيء متاح وشيء مش متاح، أنا أتعاون معك فيه، إما أن تفرضه علي بدون أن أعرف الظروف، وتمنعني من معرفة الظروف وتطلب مني إن أنا. لابد...
أحمد منصور: تعلم الظروف في الآن، يعني أنت هنا في التحقيقات التي أجريت معك وأنا قلت لك حينما سجلت في الحلقة الأولى عما نقلته صحيفة "الوطن" السعودية عن المدعى العام السويسري أن لولا الولايات المتحدة طلبت ذلك ما كانوش يفتحوا القضية معاك.
يوسف ندا: دا مظبوط.
أحمد منصور: معنى كده إن أوروبا كلها نفسه وأنا سجلت مع (يورج هايدر) الزعيم النمساوي المعروف، أميركا مارست ضغوط على النمسا، النمسا لم تتحملها فلا تأتي أنت لدولنا، عايز دولنا تبقى أبطال ضد أميركا، الساسة في دولنا يتعاملوا مع الولايات المتحدة على قدر ما يتحملون.
يوسف ندا: يا أخي الله يكرمك، يا أخي الله يكرمك، أصل الموضوع متشعب ماهواش.. ما هواش النقطة دي لوحدها، وأنت هتتوسع فيها....
(5/247)
أحمد منصور[مقاطعاً]: لأ أنا بأقصد هنا، أنا بأقصد هنا، الآن أميركا عمالة تفرض على كل الدول أشياء وهذه الدول لابد تمرر سياستها مع أميركا لأنها لا تستطيع تدخل معاها في مواجهة، وانتم كأخوان الآن، تدركوا إن فيه ضغوط على حكوماتكم الموجودة في الدول العربية بسببكم عشان أميركا، لابد: تفهموا هذا الأمر.
يوسف ندا: يعني تفرض أميركا على الدول والدول تقبل، ما سمعناها لغاية دلوقتي إن تدي معلومات كاذبة عن مواطنيها حتى يتهموا في...
أحمد منصور[مقاطعاً]: هي دي المعلومات اللي عندهم، وهنا إدوا معلومات، وفي كل أوروبا إدوا معلومات، مش مصر بس..
يوسف ندا: ما أعطوا معلومات كاذبة، أما أنا أعطيت عني معلومات كاذبة، وانتشرت المعلومات وبأقاسي بسببها.
أحمد منصور: خلينا نرجع طيب للموضوع اللي أنت عرضته سنة 82.. 81.
يوسف ندا: الراجل يعني طبعاً دخلنا ف تفاصيل طويلة، وقال لي أنت يعني يوسف أنت يعني سياسي، وقال لي أنا مش متعود على الكلام دا، لو تكتب لي مذكرة تساعدني وأقدمها له بدل ما أروح ألخبط الأمور أو يسألني سؤال ما أعرفش أرد عليه.
أحمد منصور: طب أنت لما افترضت الاقتراح بتاعك دا، كان الإخوان في مصر عرضوه عليك إنك تقوله؟
يوسف ندا: لأ، بس هأكمل لك، أنا يعني معروف إن الإخوان زي ما قلت لك، أصبح الوضع بعد المطاردات في كل مكان، فيه مبادرات شخصية، بعض الناس.
أحمد منصور: وأنت ضامن الإخوان يقبلوا إن هم يعلموا.
يوسف ندا: ما أنا هجيي لك، فيه مبادرات شخصية بعض الناس، فيه أوضاعهم المكلفة بيهم إن هم يستطيعوا إن هم يأخذوا مبادرات شخصية في حدود الإطار العام اللي هو مرسوم إن كل واحد مسؤول به يكلف بيعرف هذا الإطار، وأنا كان واضح عندي الإطار.
أحمد منصور: يعني كل عندك ضوء أخضر تقريباً للتحرك في هذه.
(5/248)
يوسف ندا: يعني فيما أعلم أنهم يوافقوا عليه، فكتبت مذكرة، أنا عارف واحد زيي واحد مسؤول بيقرءوا دائماً، المسؤولين في كل مكان في الدنيا.
أحمد منصور: 5 أسطر.
يوسف ندا: مخلصات، فكتبت له 3/4 ورقة، وأعطيتها له، عملت منها صورة، وكان -الله يرحمه- عضو مكتب الإرشاد كان الحاج حسني عبد الباقي -الله يرحمه- كان موجود في مكة فأعطيته الصورة عشان يسلمها للأستاذ عمر التلسماني الله يرحمه، والراجل راح، وإمتى نسمع منك، قال لي أديني شهر، فين هننتقابل، قال لي هنيجي العمرة ثاني، بعد شهر، خير إن شاء الله، قال لي سلبي.
أحمد منصور: إحنا هنا فيه نقطة مهمة، فيه نقطة مهمة جداً، من حق أي مسؤول سياسي أو زعيم دولة أو رئيس دولة إن هو يقيس المصلحة طالما هو في السلطة، شايف مصلحته فين في السلطة.
يوسف ندا: يا حبيبي الكلام اللي أنت بتقوله ده، دا مشبع بالديكتاتورية، ما فيش حاجة اسمها مسؤول سياسي لوحده، ما فيش أحد مسؤول (......) عن دولة لوحده
أحمد منصور: دي أنظمة الحكم يا سيدي، بوش الآن بيمشي أميركا بيدفع أميركا لفين؟
يوسف ندا: فقط في الديكتاتورية، لأ ما هو وحده
أحمد منصور: كل النظام اللي معاه بيعزف على
يوسف ندا: النظام.. النظام
أحمد منصور: طيب النظام اللي معاه بيعزف
يوسف ندا: عندنا إحنا..
أحمد منصور: كل بلد لها نظام.
يوسف ندا: في كل المنطقة بتاعتنا هو الرئيس مش النظام.
أحمد منصور: كل بلد ليها نظام، عندنا إحنا الشعوب خلَّت إن كل حاجة في إيد الرئيس، والرئيس في إيده كل حاجة، الملك في إيده كل حاجة، الأمير في إيده كل حاجة، الدول بتاع المنطقة كلها ماشية بالشكل دا، والشعوب راضية بهذا الأمر، خلاص، أنتم إيش دخلكم في المسألة؟
(5/249)
يوسف ندا: معلش أنت.. أنت عايش في المنطقة، وثقافتك هي ثقافة المنطقة، وأنت شعورك ومخدر بإن واحد ممكن يتحكم في رقاب الملايين، وهذا شيء طبيعي، عندك أنت كده، لأنك أنت جاي من هذا هناك، سامحني، أنا مضطر أتكلم بوضوح.
أحمد منصور: أنا أعبر عن الرأي الآخر معاك عما يفكر به
يوسف ندا[مقاطعاً]: لأ، أنت بتعبر عن ثقافتك والمنطقة اللي أنت عيش فيها
أحمد منصور: عما يفكر فيه الآخرون، عما تفكر فيه الأنظمة، وبشكل مقنع لكثير جداً من الناس، معظم الشعوب راضية، الشعوب راضية ومرتاحة وبتأكل بقلاوة.
يوسف ندا: المفروض.. المفروض.. مين قال.. مين قال؟
أحمد منصور: بغض النظر عن الإخوان، أيه يعني الإخوان.
يوسف ندا: في كل مكان، حتى النهاردة ممكن تقول الكلام موجود في كل البلد الديكتاتورية.
أحمد منصور: مش مشكلة.
يوسف ندا: هندخل في مناقشة، مناقشة ديكتاتورية وإسلامية و.. والديمقراطية وغيره و غيره يعني مناقشة طويلة.
أحمد منصور: طيب أنا.. أنا هنا بس.
يوسف ندا: أنا دافع فيه 45 سنة من حياتي، أنت قاعد في بلادك وقاعد.. قاعد متسلطن.
أحمد منصور: أنا كل يوم في بلد، لا متسلطن ولا حاجة.
يوسف ندا: لأ، معلش، لكن ما زال أنت مصري، ومعاك جواز سفر مصري وقاعد في مصر وبتروح مصر.
أحمد منصور: لا يهمني ما يقال عني، أنا يهمني إن أنا أقوم بعملي وأقوم بدوري بشكل مهني وبشكل أساسي وبشكل مرضي، وأن هذه المهنة التي أعمل فيه والتي تقوم على كشف الحقائق وتقديمها للناس أقوم بها، أنا لا أعبر عن رأيي الشخصي حواري معك ولا في حواري مع أي ضيف، وإنما أعبر عن ما ينبغي أو ينبغي علي مهنتي دوري في هذا المكان أنا أقوله، أنا أعبر لك عن الرأي الآخر، الرأي الآخر بيقول الآن إن من حق كل حاكم إن هو بيشوف مصلحة بلده فين.
(5/250)
يوسف ندا: بتقول من حق كل حاكم، أنا ما بأقولش أبداً، أنا أختلف معاك فيها، أنا لازم أوقفك هنا، دي ثقافتك وثقافة المنطقة اللي أنت عايش فيها واللي جاي.
أحمد منصور: الناس مبسوطة.. الناس مبسوطة.
يوسف ندا: أنا لا أقتنع أبداً إن إنسان يحكم على شعب كامل بإن هو عقيم وإن هو عنده خلل عقلي لا يستطيع أن يفكر لنفسه، وهو اللي يفكر له.
أحمد منصور: هناك كل الناس كده.
يوسف ندا: هناك، ما.. ما وصلنا.
أحمد منصور: كل حاجة.. كل حاجة.
يوسف ندا: يبقى وقعت فيها أنت، وقعت فيها، قلت لي هناك، هناك دي فين؟ في المنطقة اللي أنت.
أحمد منصور: ما إحنا بنتكلم عن المنطقة، أنا مش جاي من المريخ.
يوسف ندا: جاي من المنطقة دي.
أحمد منصورك المنطقة دي كلها، توجيهات الزعيم و أحلام الزعيم.
يوسف ندا: كلها توجيهاته.. الزعيم؟!
أحمد منصور: والناس مبسوطة.
يوسف ندا: قول توجيهات الديكتاتورية.
أحمد منصور: يا سيدي، الناس مبسوطة، الناس مبوسطة وراضية، فأنتم يعني برضو لازم تدركوا هذا.
يوسف ندا: مين اللي قال إنه مبسوطة، أنت بتحكم مبسوطة بأيه، مبسوطة بأيه يا سيدي علشان يصبح الجيش قل عدده والأمن زاد عدده، والأمن مهمته الوحيدة هو الأمن السياسي، المخدرات زادت، السرقة زادت، القتل زاد، الشبان، أصبحوا في الشوارع ما حد يعرف هم شبان أو يعرف بنات أو هم أيه، ما أحد فااهم البلد ماشية إزاي.
أحمد منصور: كلام عام.. كلام عام.
يوسف ندا: فينه مستقبل البلد راح فيها ما أحد يعرف.
أحمد منصور: كلام عام، كلام عام، فيه حكومات موجودة، والحكومات بتشتغل من أجل الشعوب.
يوسف ندا: لا، والله بتشتغل من أجل شعوب ثانية، بتشتغل من أجل حكومات ثانية.
أحمد منصور: طيب أنت الآن المبادرة بتاعتك دي انتهت إلى لا شيء.
يوسف ندا: تثيرني أنت جاي تدافع لي عن الديكتاتورية، ومش عايزني أخرج عن الموضوع، إن شاء الله ما تروحش تمسح بتاع دا كله من الشريط.. أنا أعرف..
(5/251)
أحمد منصور: أنا ما بأمسحش حاجة، أنا اللي بأسجله بأذيعه وبأبثه.
يوسف ندا: الله أعلم، هتذيع أو ترجع المحطة بتاعتك تقول لك ما تذيعوش وإلا بعد.. تزعل ده وتزعل ده.
أحمد منصور: محطتي محطة.. يا سيدي محطتي محطة حرية، علشان كده ما بنشيلش حاجة.
يوسف ندا: إن شاء الله يعني اللي شوفناه لغاية دلوقتي حرية، لكن الله أعلم معايا أنا هتبقى عندكم حرية أم لا، وريني.
أحمد منصور: معك مثل غيرك، دا مسؤولية المحطة.
يوسف ندا: خلينا نشوف.. خلينا نشوف.
أحمد منصور: وأنا أقوم بعملي، يعني أنت قمت بمبادرات أخرى غير هذه.
يوسف ندا: أيوه، كان فيه مبادرة ثانية بالنسبة لمصر.
أحمد منصور: طيب، اسمح لي أبداً بها الحلقة الجاية.
يوسف ندا: حاضر.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلا، وآمل إن أنا ما أكونش سببت لك.
يوسف ندا: لا بالعكس الله يبارك فيك، الله يديك الصحة.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسة الدولية في جماعة الإخوان المسلمين) وفي الختام انقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/252)
الحلقة5
(5/253)
الخميس 27/6/1423هـ الموافق 5/9/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 19:16(مكة المكرمة)،16:16(غرينيتش)
يوسف ندا مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين - الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
يوسف ندا: مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
01/09/2002
- مساعي الإخوان المسلمين للمصالحة مع الحكومة المصرية
- دور الإخوان المسلمين في الوساطة بين السعودية واليمن
- مساعدة الإخوان المسلمين لليمن في نزاعه مع إريتريا على جزر حنيش
- مشروع الإخوان لحل أزمة الاجتياح العراقي للكويت
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين)
أستاذ يوسف ندا مرحباً بك.
يوسف ندا: مرحباً بك يا أخي.
مساعي الإخوان المسلمين للمصالحة مع الحكومة المصرية
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند المفاوضات التي سعيت للقيام بها لدى الحكومة المصرية من أجل عمل مصالحة بين الإخوان وبين الحكومة المصرية وذكرت محاولة من المحاولات التي قمت بها، وقلت أن هناك محاولة أخرى، باختصار ما هي كانت هذه المحاولة الثانية؟
(5/254)
يوسف ندا: هو ليست المحاولة الثانية وليست محاولة فقط من عندي، لكن الإخوان في كل مناسبة وغير مناسبة يمدوا إيدهم للحكومة ويطلبوا أن يكون فيه خط بينهم وبينهم يستطيعوا إن هم يتفاهموا على أي شيء ممكن يتعاونوا فيه، نظرية شديدة الوضوح عند الصغير والكبير عندنا في الإخوان " إن نتعاون فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما نختلف فيه" دي نظرية داخلة في دم كل واحد من الإخوان من أول ما يتصل بالإخوان يتربى عليها، مش إنه يختلف مع الناس، مجرد إنه يختلف مع الناس في شيء يقع مع الناس أو يحارب الناس أو يعادي الناس، لأ بقدر الإمكان فين نقطة الاقتراب وفين نقطة الاتفاق نبني عليها، حتى نمسح ما تختلف عليه
أحمد منصور: لكن عفواً الإخوان في مصر على سبيل المثال..
يوسف ندا: أنا بأكلمك عن مصر.
أحمد منصور: طيب الإخوان في مصر الآن 17 عضو في البرلمان بيمارسوا اللي بيقوموا به بشكل.. يعني فيه شكل من الحرية الدولة معطية لهم هذا..
يوسف ندا: يعني هترجع أنت دايماً يعني هترجع عايز تثبت ثقافتك وثقافة المنطقة اللي أنت جاي منها..
أحمد منصور: أستاذ يوسف، حتى نكون واقعيين، الأنظمة الجمهورية فيها انتخابات، فيها مجالس شعب، الوضع مختلف تماماً، الأنظمة الملكية فيها دساتير بتحكم العلاقة ما بين النظام القائم وما بين الناس.
يوسف ندا: دا المكتوب مش اللي بيُنفذ
أحمد منصور: الشعوب راضية
يوسف ندا: دا
أحمد منصور: يعني أيه اللي دخلكوا أنتم بين الشعوب و.. الشعوب راضية وبتدي 99%، أيه المشكلة؟
يوسف ندا: وإحنا مش شعوب؟
أحمد منصور: أنتم جزء
يوسف ندا: جزء ومين قال لك..
أحمد منصور: بتقولوا رأيكم وبيسمح لكم؟
يوسف ندا: يعني.. أنت.. أنت ما هو كل واحد ممكن يقول الشعوب راضية، وكل واحد ديكتاتور بيقول إن الشعوب راضية، كل واحد ديكتاتور بيقول إن الشعب عاوزني.
أحمد منصور: دا واقع الحال الشعب مش عايز يغير.
(5/255)
يوسف ندا: لأ هذا مش واقع، هذا..
أحمد منصور: الشعب ما بيغيرش يبقى راضي
يوسف ندا: هذا.. هذا أن تكتم أنفاسي وتتحدث نيابة عني؟
أحمد منصور: ما حدش بيكتم أنفاس حد اللي عايز بيعمل مظاهرة بيطلع يقول.
يوسف ندا: مظاهرة!! لم يحدث في.. في يمكن في 10، 15 سنة المظاهرة طلعت ما اتضربتش، حتى مظاهرة فلسطين اتضربت و.. حتى الجامعة، حرم الجامعة اللي اسمه حرم اقتُحم..
أحمد منصور: هي الشعوب قابلة هذا..
يوسف ندا: يا أخ أحمد أنت.. أنت بتكرر ما يُكتب في الصحف المصرية، أنت وكأنك صحفي مصري النهارده، مش وكأن..
أحمد منصور: أنا صحفي مصري.
يوسف ندا: سامحني في الكلمة، أنا ما أعرف أقول لك أيه..
أحمد منصور: أنا أعبر عن هذا، أنا كما قلت لك.
يوسف ندا: ما أنت دي ثقافتك أنت متربي عليها، أنت متربي في مصر.
أحمد منصور: يا سيدي قلت لك لا أعبر عن رأيي الخاص فيما أقوم به الآن، ولكن أنا أعبر عن الرأي الآخر ليس هنا فقط وإنما حتى في البرنامج الآخر أعبر عن الرأي الآخر، دوري هنا أن أعبر عن الرأي الآخر، وهذا الرأي الآخر.
يوسف ندا: لأ، في هذا يعني يمكن مهنتك بتحتم عليك هذا، لكن في هذا الرأي يعني سامحني أقول لك أنت بتتكلم على ما رُبيت عليه وما.. وما اعتدت عليه في المنطقة أصبح دهوة أنت بتدافع عن.. عن بتعتقد إنك بتدافع عن بلدك.. وأنت بتتكلم الكلام دهوة.
أحمد منصور: ما تدخلنيش في.. أستاذ يوسف، أرجوك، أنا رجل أجوب العالم كله وأعرف ما الذي يعني تمليه عليَّ ثقافتي الشخصية وأعبر عنها في كتاباتي
يوسف ندا: تنكر إن طبقة العسكريتارية هي اللي مسيطرة في المنطقة؟
أحمد منصور: لكن أنا.. أنا أتكلم الآن..
يوسف ندا: تنكر إن إحنا بنتعامل.. بنتعامل معاملة المماليك؟ مماليك حاكمينا؟ تنكر إن هم أصبحوا أصنام ومطلوب مننا إن إحنا نعبدها؟! هُبل ويغوث ويعوق ونسرا!
(5/256)
أحمد منصور: مش دا موضوعي، أنا بأقول لحضرتك الآن.. مش دا موضوعي أنا بأبحث في قضايا وأمور تاريخية معينة وأحاول إن أنا أقرنها وأسقطها على الواقع، الآن أنتم كإخوان مسلمين لكم آراء، من حقكم تقولوا آراءكم.
يوسف ندا: لا أبداً، الحق دا ما.. ما.. ممنوعين منه.
أحمد منصور: مجلس الشعب في مصر بيتكلموا..
يوسف ندا: ممنوعين منه، هذا الحق إحنا ممنوعين منه..
أحمد منصور: فيه صحيفة للإخوان المسلمين بتطلع..
يوسف ندا: ممنوعين منه، يا أخ أحمد..
أحمد منصور: بيتقال فيها كل اللي هم عايزين يقولوه
يوسف ندا: يا أستاذ أحمد إحنا كل ست شهور يقبضوا على عشرين تلاتين واحد مننا، يودوهم مش لمحكمة عادية، لمحكمة عسكرية، والمحكمة العسكرية تدخلهم في السجن ورا الشمس لمدة خمس سنين
أحمد منصور: يبقى عاملين خلل في الأمن
يوسف ندا: وقبل ما يطلعوا يدخل غيرهم أيه الجرم اللي ارتكبوه؟ ما فيش.
أحمد منصور: عاملين تنظيم.
يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله، يعني..
أحمد منصور: مش دي الاتهامات اللي بتوجه لهم؟..
يوسف ندا: يا أخ أحمد أنا.. أنا النهارده..
أحمد منصور: أنا الوقتي حضرتك..
يوسف ندا: أنا النهارده لو كنت أعمل تنظيم في سويسرا ما دام ما بأمسش أمن البلد من حقي أعمله.
أحمد منصور: التنظيم في حد ذاته بيمس أمن البلد، البلد هي محددة النظام..
يوسف ندا: هذه ثقافة المنطقة، مش ثقافة..
أحمد منصور: مش ثقافة قوانين المنطقة
يوسف ندا: ثقافة العسكريتارية
أحمد منصور: أستاذ يوسف أرجوك، خلينا الآن علشان نطلع بنتيجة من وراء هذا الأمر، حتى لا ندخل في نقاش عقيم، هل يمكن إصلاح الوضع بين الإخوان وبين النظم في مصر بالاتصال؟
يوسف ندا: الإخوان يمدوا أيديهم ليل نهار للتفاهم مع النظام.
أحمد منصور: أيه الحاجات اللي أنتم بتمدوا أيدكم ليل نهار للتفاهم وكل يوم يمسكوا لكم تنظيم؟
(5/257)
يوسف ندا: بالرغم من كده بيمسكوا.. بتقول أنت بيمسكوا تنظيم.. بيمسكوا أفراد
أحمد منصور: ما هو أفراد عاملن تنظيم
يوسف ندا: لأ، من حق أي واحد في مصر إن هو بأي وسيلة سلمية يعبر عن آرائه، أي واحد في العالم
أحمد منصور: طب علشان..
يوسف ندا: إلا في مصر..
أحمد منصور: علشان أدخل معاك في إطار برضو الدور اللي أنت قمت بيه، حتى..
يوسف ندا: هو عفواً مش إلا في مصر إلا في المنطقة كلها عندكم، علشان ما نظلم مصر لوحدها.
أحمد منصور: طيب، علشان ما نغرقش وتدخل في حاجات كثيرة ونتفرع في أشياء كثيرة، نبقى في إطار الموضوع
يوسف ندا: أيوه. اتفضل.
أحمد منصور: أنت قمت بمهمة محاول للتفاوض أو بالوساطة مرة أخرى لحل الأزمة ما بين الإخوان والحكومة في مصر.
يوسف ندا: أيوه قابلت أحد المسؤولين وهو سياسي وهو رجل كان له وضعه في المخابرات وتناقشنا في إنه يجب أن تكون هناك وسيلة.
أحمد منصور: سنة كم، التانية كانت 82.. 81 دي سنة كم؟
يوسف ندا: هذه كانت قريبة.
أحمد منصور: خمس سنين فاتت؟
يوسف ندا: أنا أعتقد إنه كان الأربع سنوات أو الست سنوات.. لا.. لا عفواً العمر بيجري هذه ممكن تكون سنة 98
أحمد منصور: 98 يعني من أربع سنوات.. من أربع سنوات. اتفضل
يوسف ندا: أو خمسة.
أحمد منصور: 97.
يوسف ندا: أيوه، قابلته وهو مسؤول
أحمد منصور: فين؟
يوسف ندا: في أوروبا هو وعنده مسؤولية كبيرة في أوروبا، رجل دبلوماسي وتناقشنا اتغدينا مع بعض..
أحمد منصور: بتقول كان في المخابرات..
يوسف ندا: نعم؟
أحمد منصور: بتقول كان في المخابرات.
(5/258)
يوسف ندا: أيوه، اتغدينا في.. مع بعض ويعني فتحت له، قلت له من مصلحة البلد إحنا عندنا عداء بيننا وبين قيادة البلد، وإحنا ما.. إن كان -زي ما أنت اتفضلت وقلت- إن إذا كانت البلد راضية، حتى إحنا راضيين إحنا الإسلام يطلب مننا إن مصلحة العباد والبلاد فوق كل شيء، لو كان مصلحة البلاد والعباد إن ما حدش يعارض الحاكم في كرسيه مش في أسلوبه، إحنا ما عندنا مشكلة، ما عندنا مشكلة من يحكمنا، لكن على الأقل يكون فيه علاقة بمن يحكمنا، مش من يحكمنا يعتبرنا أعداءه، وإحنا نحاول نفهمه عن إحنا مش أعداء، وهو يصر إن إحنا أعداءه، لأن من الخارج..
أحمد منصور: من اللي بتعملوه..
يوسف ندا: لأن إحنا أعداء.
أحمد منصور: من اللي بتعملوه.. من اللي بتعملوه.
يوسف ندا: نعم
أحمد منصور: مما تقومون به
يوسف ندا: قمنا بأيه؟ مسكنا سلاح زي غيرنا ما بيمسح، ما مسكنا سلاح..
أحمد منصور: فيه تنظيمات.. تنظيمات ضد النظام.
يوسف ندا: ما فيه تنظيمات، الإخوان ما هماش ضد النظام، الإخوان عندهم بعض الأمور يحبوا يعلنوا رأيهم فيها وأهم ما يعلنوا رأيهم فيها موضوع التعليم والتربية، دي أهم موضوع. أهم موضوع عندنا الإخوان النهارده ما بيعملوا حاجة غير بيحاولوا موضوع التربية، فين رايح شباب البلد؟
أحمد منصور: طب خلينا الآن ندخل في إطار..
يوسف ندا: يعني بيحصل النهارده إنه.. الاهتمام بالأمن السياسي والأمن السياسي معناه أمن الكرسي
أحمد منصور: من حق النظام يحمي نفسه
يوسف ندا: وترك المخدرات.. وترك الدعارة وترك.. وترك الخلق وترك التعليم
أحمد منصور: أستاذ يوسف..
يوسف ندا: التعليم النهارده أنت تشوف واحد طالع من الجامعة علشان يكتب لك جواب تقرأ الجوابات اللي بتيجي، بالعربي مش عارف يكتب عربي، بالإنجليزي مش عارف يكتب إنجليزي، ما أعرفش بيتعلموا أيه؟
(5/259)
أحمد منصور: أستاذ يوسف خلينا في إطار الموضوع، أيه المفاوضات اللي أنت قمت بها، الرجل اللي أنت قابلته.
يوسف ندا: شرحت له، قلت له إن الإخوان مفتوحين، بيحاولوا بقدر الإمكان يمدوا إيدهم للرئيس، بيحاولوا.. لأن ما فيه.. ما فيه حكومة، فيه رئيس، البلد فيها رئيس، ما فيهاش حكومة، البلاد في المنطقة كلها فيها رئيس وفيها ملك
أحمد منصور: فيها حكومة.. فيها حكومة.
يوسف ندا: ما فيهاش حكومات فيه حكومة يبقى فيها حاجة اسمها قيادة سياسية، وكل شيء يعزي إلى القيادة السياسية، وكل واحد مجمد مستني القيادة السياسية توجهه أو تملي عليه
أحمد منصور: المهم، طب حضرتك قلت أيه؟
يوسف ندا: إحنا.. الإخوان مفتوحين، أنا ما بأقولش إحنا، أنا بأحكي على الإخوان الموجودين في مصر، مفتوحين يمدوا أيديهم في كل أدبياتهم، في كل كتاباتهم، في كل ما يقولوا في كل مكان مفتوحين أن يتعاونوا مع قيادة الدولة لمصلحة العباد والبلاد، الممكن يتعاونوا فيه، الغير ممكن ينتظروا حتى يكون ممكن، ما فيه هو.. هو، يعني القيادة السياسية تعتقد إنه لا يجوز أن يُعلم عنها..
أحمد منصور: يعني.. أستاذ يوسف
يوسف ندا: أن كان بينها أو يوجد بينها وبين الإخوان علاقة.
أحمد منصور: أستاذ يوسف بس اسمح لي بس أي مبادرات بتقدم من أي جهة بيبقى فيها نقاط واضحة، أنت قدمت مبادرة بأشياء واضحة حتى لوجهة سياسية.
يوسف ندا: أنا قدمت مبادرة إن إحنا مستعدين نلتقي حتى يُفهم مننا ونفهم منهم
أحمد منصور: أيه الرد اللي جاء لكم؟
يوسف ندا: ما فيش.
أحمد منصور: طيب خلاص، فيه كلام كتير بينقل عن إن الإخوان منقسمين إزاء هذا الموضوع، منقسمين إزاء التفاوض مع السلطة، أنت الآن بتعبر عن خط وربما توجد خطوط أخرى داخل قيادات الإخوان في مصر تختلف معك خلافاً جذرياً في هذا
يوسف ندا: شوف يا أخي..
(5/260)
أحمد منصور: الآن أنتم بتتكلم عن إن عندكم مبادرات واستعداد إنكم تتفاوضوا مع الحكومة، لكن فيه تيارات متشددة داخل الجماعة، وداخل قيادة الجماعة بترى رأي غير اللي أنت بتشوفه الآن
يوسف ندا: شوف إن أنت تقول لي إن فيه تيارات داخل جماعة، ما فيه جماعة في الدنيا أنا أتفق معاك. ما فيه جماعة في الدنيا ما يكونش فيها تيارات مختلفة في الآراء وإلا الجماعات اللي فيها ديكتاتورية كلها عبارة عن عبيد بيمشوا ورا قائد، لكن تقول لي في قيادة الإخوان قيادة الإخوان ليست منقسمة وعلى رأي.. على رأي واحد.
أحمد منصور: ما هي برضو عفواً يعني حضرتك الآن عمال تنتقد الديكتاتورية في الأنظمة، كل الكلام بيتقال إن الإخوان جواه ديكتاتورية لا تقل عن ديكتاتورية الأنظمة.
يوسف ندا: هذا كلام مش مضبوط.
أحمد منصور: وإن زي ما فيه برضو حضرتك عمال تقول فيه.. كل حاجة في القيادة السياسية قيادة الإخوان بتحتكر كل شيء وفيه كلام بيُنشر كتير إن فيه نقد داخلي جوه الجماعة لا يُسمع واللي بيتكلم بيتفصل، وعبد الله النفيسي كاتب كتاب كامل موجود فيه كل هذا الكلام.
يوسف ندا: عبد الله النفيسي.. قلت لك أنا إن عبد الله النفيسي..
أحمد منصور: وغيره يا سيدي..
يوسف ندا: ما يكتبه وما يعلمه قليل من الحقيقة والباقي كله..
أحمد منصور: إديني أنت.. أستاذ يوسف..
يوسف ندا: لا علاقة له بالحقيقة
أحمد منصور: أستاذ يوسف حتى نكون منصفين، الديكتاتورية هي أسلوب في المنطقة، في البيت فيه ديكتاتورية، في المدرسة فيه ديكتاتورية في المجتمع كله فيه ديكتاتورية، في الأحزاب في ديكتاتورية
يوسف ندا: إلا في الإسلام
أحمد منصور: إلا في الإسلام، لكن في الإخوان المسلمين ديكتاتورية.
يوسف ندا: لأ، ما عندنا ديكتاتورية إحنا
أحمد منصور: ما فيش شورى جوه الإخوان المسلمين
يوسف ندا: إحنا ما.. لا.. لا..
أحمد منصور: فيه آراء مختلفة..
يوسف ندا: لا لا، دا فيه شورى وفيه شورى..
(5/261)
أحمد منصور: شورى بتتمسح برضو..
يوسف ندا: اسمع.. اسمع، أنا أقول لك أنا، أنا كل الكلام اللي قلته لك ده كتير منه.. أسلوبي دهوَّة كثير منه
أحمد منصور: أنا متأكد إن اللي أنت بتقوله دا هينقسموا الإخوان إذا عمل تصويت.
يوسف ندا: لا.. لا.. لا، هم أنا عارف إن كل الإخوان الأسلوب ده هو يعتبروه أسلوب فيه حدة غير مقبولة عندهم، كل الإخوان المسلمين، ولذلك أنا عندي حدود..
أحمد منصور: مش قضية الأسلوب بس، قضية حتى ما تطرح، يعني أنت الآن بتقول أنكم كإخوان مستعدين أنكم تدخلوا في مبادرة مع الحكومة.
يوسف ندا: لأ، هذا أنا متأكد منه، أنا ما بأطرحه من عندي.
أحمد منصور: وممكن تتفاوضوا مع الحكومة
يوسف ندا: أنا ما بأطرحه من عندي
أحمد منصور: فيه تيار بقى تاني دول الإخوان يقول لك إحنا ما نتفاوضش مع الحكومة
يوسف ندا: لا، أنا أقول لك قيادته الإخوان.. قيادة الإخوان كلها على قلب رجل واحد في هذا المعنى، أنا ما بأقول لك الكلام ده إنه هو
أحمد منصور: عموماً هم عايشين في مصر، هم عايشين في مصر؟
يوسف ندا: أيوه
أحمد منصور: وفيهم ناس في أعضاء مجلس الشعب، ويعرفوا يكلموا الوزرا ويكلموا المسؤولين في الدولة وإذا عندهم مبادرة يطرحوها
يوسف ندا: ما حد بيسمع منهم.. ما حد بيسمع منهم.
أحمد منصور: لأن 100 واحد كل واحد بيقول رأي.
يوسف ندا: لأ، قيادة الإخوان معروفة قلت لك مش.. مش إنها قيادة في مصر، قيادة الإخوان في العالم كله، مرشد الإخوان هو مرشد واحد في العالم كله، منذ بدأت من أيام الأستاذ حسن البنا –الله يرحمه- وحتى الآن، ومرشد الإخوان هو مرشد واحد، ما عندناش ألف مرشد.
أحمد منصور: طيب الآن فيه نقطة مهمة
يوسف ندا: ناطق.. ناطق باسم الإخوان هو واحد، وأنا قلت لك من الأول أنا لست ناطق باسم الأخوان، أنا ما بأتكلم باسمهم، واحد
أحمد منصور: أنت مسؤول عن دور معين..
يوسف ندا: سطر في موسوعة، أنا سطر في موسوعة.
(5/262)
أحمد منصور: والدور ده دور مش بسيط، هو دور العلاقات السياسية الدولية
يوسف ندا: وفيه أدوارهم منه ألف مرة.
أحمد منصور: أنا الآن في إطار دورك أنت حتى لا أدخل وأغرق في أشياء.. في أشياء أخرى كثيرة.
[فاصل إعلاني]
دور الإخوان المسلمين في الوساطة بن السعودية واليمن
أحمد منصور: في الحلقة قبل الماضية.. في الحلقة قبل الماضية تحدثت حينما كنا نتحدث عن العلاقات السعودية الإيرانية والدور الذي لعبته في ترتيب قضية الحج، قلت أنك لعبت دور في ترتيب العلاقات السعودية اليمنية، والتقيت بالملك فهد مرتين في إطار ترتيب بعض القضايا السياسية.
يوسف ندا: أيوه، كما..
أحمد منصور: كيف.. كيف التقيت بالملك فهد أصلاً؟ أيه الموضوعات اللي التقيت مع الملك فهد من أجلها؟
يوسف ندا: الموضوع، لأ أنا في هذا الموضوع أنا يعني كان علاقتي في مع مستشاره وليس معه..
أحمد منصور: أي موضوع؟
يوسف ندا: ومستشاره لا يستطيع إنه هو يتحرك أنت عارف غير بالتعليمات.
أحمد منصور: أي موضوع؟
يوسف ندا: في موضوع اليمن.
أحمد منصور: آه، أيه الدور اللي قمت به في؟
يوسف ندا: موضوع اليمن هو لما انتهى الرئيس علي عبد الله صالح من الحرب مع الجنوب، الحرب مع الجنوب..
أحمد منصور: أي حرب فيهم 94؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: هي حرب الانفصال الأخيرة.
(5/263)
يوسف ندا: أيوه، الحرب طلع منها أشياء كانت مؤلمة، وإحنا ما بنذيع سر أو بنحاول نتهم السعودية أو بنتهم مصر، لكن طلعت فيها أشياء مؤلمة، يعني أخذ.. من الأسلحة اللي وجدوها ومن الناس اللي مسكوهم وجدوا إن كان فيه سلاح جاي من السعودية، ووجدوا إن فيه أموال كانت جاية من السعودية، فدي طبعاً كانت مثيرة بالنسبة للرئيس علي عبد الله صالح، وبالنسبة لكل.. للقبائل في الشمال وحتى القبائل الموالية اللي كانت في الجنوب، نترك الجماعة سواء اللي كانوا شيوعيين والجماعة اللي كان أفكارهم وعلاقاتهم وكلها.. كلها كانت مشبوهة، اللي هم اللي كانوا ثوار على الحكومة من الجنوب، انتصر فيها لكن كان فيه يعني مرارة مما حدث من السعودية في.. مع الجنوب، فهذا كان الوقت اتصل بي بعض إخونا هناك، وقال..
أحمد منصور: إخوانك مين؟ في اليمن
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: مين من اليمن؟
يوسف ندا: هتدخل أنت في مين؟ بتدخل في مين؟
أحمد منصور: أصل تنظيم الإخوان في اليمن تنظيم رسمي معروف وناس أسماؤهم معلنة، صحيح تحت اسم التجمع اليمني للإصلاح، لكن كلهم معروفين كقيادات.
يوسف ندا: يعني خليني أقول لك القيادة.. قيادة الإخوان هناك اتصلوا بي ولابد نقابلك، ونقابلك في خلال 24 ساعة، قلت لها أنا 24 ساعة ما يكون عندي إلا ساعتين، فين نلتقي؟ في مطار لندن.
أحمد منصور: سنة كم؟
يوسف ندا: آه أنت بتحسب التاريخ.
أحمد منصور: أنا طلبت منك ترجع لجوازات سفرك وتشوف التواريخ حتى يعني تساعدني في هذه النقطة الخاصة طالما مش راضي تديني الورق اللي معاك.
يوسف ندا: ورق أنت حتى القبر تأخذه وكمان الورق تأخذه، طب طلع اللي في القبر يكفيك. لأ مش عندي.. مش عندي.
أحمد منصور: طيب الحرب انتهت 94، 94 يعني بعد الحرب مباشرةً.. بعد الحرب مباشرةً.
(5/264)
يوسف ندا: هو أنا كنت طلعت التواريخ من جوازات السفر اللي عندي، لأن أنا ما.. أنا ما بأكتم حاجة، أنا جوازات السفر اللي كانت عندي بقيت أشوف، لأن اليمن رحتها بتأشيرة، طبعاً بجواز السفر الإيطالي فرحتها تأشيرة، لا والله فيه مرة حتى رحتها بدون تأشيرة وهم انتظروني هناك.
أحمد منصور: طيب.
يوسف ندا: اتصلوا بي الإخوان المسؤولين هناك، وقالوا لي إن إحنا لازم نلتقي، قلت لهم أنا عندي ساعتين ممكن أكون آخذ الطيارة وأرجع في نفس الطيارة، رحت لندن قابلوني في المطار في لندن، وقالوا لي فيه مشكلة كبيرة محتاجين كلها، أيه المشكلة؟ إن الوضع بينا وبين السعودية وضع ملتهب، ممكن في أي وقت ينفجر، ودي لا في صالح الإسلام والمسلمين لا في السعودية ولا في اليمن ولا في غير السعودية واليمن، هل عندك أسلوب، عندك وسيلة، عندك صلة ممكن تعملها؟ قلت: إدوني فرصة 3 أيام أدي لكم الخبر، ففي 3 أيام فعلاً اتصلت بمستشار الملك فهد، وشرحت له الوضع، ودخلنا في مناقشة طويلة، مناقشة طويلة، يعني المزايا والمساوئ
أحمد منصور: أنت رحت السعودية أم هو جاء لك؟
يوسف ندا: لأ، قابلته هنا، قابلته في سويسرا، لكن مش عندي في البيت، مناقشة طويلة، أخذت يمكن حوالي 6 ساعات.
أحمد منصور: مثل هذه القضايا بتحتاج لدراسة وفهم والحاجات دي، يعني منين بتحصل وقت؟ منين بتجيب دراسات تعمل فيها عشان تدخل وسيط في قضية الدول بتحتاج فريق عمل كامل يشتغل؟
يوسف ندا: أخ أحمد، أنا طالع من مصر سنة 59، لغاية اليوم في 48 سنة، مش كده؟
أحمد منصور: لأ، مش 48 سنة.
يوسف ندا: 43؟
أحمد منصور: 43.
يوسف ندا: 43 سنة.. 43 سنة، كنت بأشتغل فيهم 12 شهر في السنة، 7 أيام في الأسبوع، كل يوم الحد الأدنى اللي أقول على نفسي اشتغلت فيه 15 ساعة.
أحمد منصور: ما شاء الله.
(5/265)
يوسف ندا: الحمد لله، مستمتع بشغلي ومستمتع بالعمل الإسلامي اللي أنا بأحاول.. بأحاول أنجز فيه شيء، يعني أحس بيني وبين ربنا إن أنا مش عايش زي ما أنت بتقول علشان الفلوس، أو عشان الشغل، أو عشان التجارة، أو عشان.. عشان عيلتي، بأحاول أعمل شيء..
أحمد منصور: ما تدخلناش بشكل شخصي في أي نقاش بعد إذنك يعني.
يوسف ندا: ما أنت اللي بتنكش.. ما أنت اللي بتنكش.
أحمد منصور: مش بشكل شخصي، أنا بأمثل الرأي الآخر، وأنت قبلت هذا
يوسف ندا: طيب وأنت اللي بتنكش أنا بأرد على اللي بتنكشه.
أحمد منصور: طيب.
يوسف ندا: يعني أنا بأتكلم تيجي موقفني وتيجي تناكشني، بأرد عليك
أحمد منصور: شغلني.. شغلني
يوسف ندا: أنا كمان ردي.
أحمد منصور: شغلي.
يوسف ندا: طيب تمنعني من الرد، اشتغل لي بطريقة العسكريتارية أنت كمان.
أحمد منصور: ما أنا قلت لحضرتك كل شيء حتى البيوت قائم فيها الديكتاتورية منطقتنا كلها كده، الأب بيتحكم في أولاده.
يوسف ندا: أنا ما أنكرت ده، أنا قلت لك.
أحمد منصور: المدرس بيتحكم في العيال في المدرسة، كل حاجة كل واحد بيدور البنية
يوسف ندا: راكبي بيسكيلتات.
أحمد منصور: البنية كلها.
يوسف ندا: راكبي بيسكيلتات.
أحمد منصور: تتكلم عن المجتمع اتكلم.
يوسف ندا: موطي للي فوقه ودايس برجله على اللي تحته.
أحمد منصور: أنت هنا بقى لك 40 سنة عايش في أوروبا في الديمقراطية الوضع مختلف.
يوسف ندا: طيب ما أنا ما قلتش غير كده، أنا قلت لك أنت ثقافتك وتربيتك والمكان اللي أنت جاي منه والمكان اللي بتتكلم منه.
أحمد منصور: لا إله إلا الله، قلت لك أنا شخصياً لأ...
يوسف ندا: هو بتاع العسكريتارية وبتاع المماليك.
أحمد منصور: طيب نرجع لموضوعنا.
يوسف ندا: وعبادة الأصنام.
أحمد منصور: خلينا الآن في الموضوع بتاعنا
يوسف ندا: طيب اتفضل.
(5/266)
أحمد منصور: قلت لي إن.. قلت لك إن بتحتاج فريق عمل، وقلت لي أنك بتشتغل في اليوم 15 ساعة على الأقل.
يوسف ندا: أيوه، بس فيه حاجات لازم أنا اللي أعملها، يعني الحاجات اللي.. اللي هي
أحمد منصور: أنت عشان تدخل الآن وسيط من دولتين فيه قضية خطيرة.
يوسف ندا: أنت.. أنت ما تقدرش أبداً تديها لحد.
أحمد منصور: بتلحق تدرس الملف وتشوف أنت هتطرح أيه هنا وتطرح أيه هنا؟
يوسف ندا: طبعاً.. طبعاً لأ.. لأ، الحمد لله أنا عندي على الأقل أربع جرايد في اليوم أقراها، وبعدين على الإنترنت لازم أطلع الحاجات اللي مش.. مش موجودة في الجرايد، وأصبح عندنا حساسية وإحنا بنقرأ الجرايد، أيه اللي يتقرا؟ وأيه اللي ما بتقراش؟ واللي بتقرا تغربله تقدر تحس أيه اللي صح وأيه اللي غلط
أحمد منصور: مش كفاية.. كفاية العلاقات بين الدول.
يوسف ندا: ما.. ما.. ما أستطيع أقول لك إنها كفاية، ما.. ما فيه.. ما فيه حدود للعلم.
أحمد منصور: يعني هل زودوك اليمنيين بأشياء؟
يوسف ندا: لأ.
أحمد منصور: هل الإخوان لما جم جم يتكلموا بشكل شخصي أم جايين مرسلين من الحكومة اليمنية؟
يوسف ندا: بشكل شخصي في الأول.
أحمد منصور: يعني الحكومة اليمنية ما كانش عندها علم؟
يوسف ندا: في الأول لأ.
أحمد منصور: طب ومنين هم عندهم صلاحية يتكلموا بشأن شخصي في أمر سيادي يتعلق بالدولة؟
يوسف ندا: لأ، هو ما نقدرش نقول صلاحية، هو أولاً من المعلوم، ولا يستطيع الرئيس عبد الله.. علي عبد الله صالح ولا غيره ينكرها، من المعلوم إن الإخوان كان لهم دور كبير في إخضاع تمرد الجنوب، فالرجل يعلم هذا ويذكر لهم هذا، يعني إن هم قاموا بواجبهم الوطني تجاه بلدهم في تمرد كان موجود قاموا به أحسن ما يمكن أن يكون.
أحمد منصور: طيب المهم الآن قابلت مستشار الأمير فهد
يوسف ندا: فتكملة له إن هم يخشوا إنه يحصل اندلاع، يعني تضيع البلد مرة ثانية، البلد..
(5/267)
أحمد منصور: هم الإخوان بعد كده أصبحوا شركاء في الحكم ولهم دور.. ولهم علاقة والعلاقة في اليمن علاقة لها خصوصية شوية للنظام القبلي الموجود ولطبيعة البلد بشكل أساسي
يوسف ندا: عندك حق، ده كلام مضبوط.
أحمد منصور: لكن أنت لما جم يطلبوا منك أنك الآن تتكلم، كنت باسم مين بتتكلم مع السعوديين؟
يوسف ندا: سؤال صعب، أنا بأتكلم عن نفسي.
أحمد منصور: لأ، عن نفسك أيه؟
يوسف ندا: أنا.. أنا بأطرح أفكار، والأفكار دي ممكن أنها تمنع ضرر أو تؤدي إلى خير
أحمد منصور: هذه الأفكار بتطرحها باسم الإخوان في اليمن أم باس الحكومة اليمنية أم باسم الإخوان المسلمين؟
يوسف ندا: لأ، أنا.. أنا بأطرحها أنا.. كويس خليني أوضح شوية، أنا بأطرحها على أنها من عندي، وبأطرحها على أن عندي.
أحمد منصور: عندك أنت مين يوسف ندا صاحب بنك التقوى أم يوسف ندا مسؤول العلاقات الدولية في الإخوان المسلمين؟
يوسف ندا: لأ، يوسف ندا الشخص اللي هو صديق، يوسف ندا اللي هو الشخص اللي هو من الإخوان المسلمين اللي هو صديق هذا الإنسان اللي هو بيكلمه، بيطرح له أفكار، وبيقول له: هل ممكن نتعاون لعمل خير ننقذ به الشر القادم نمنعه؟ أنت عندك صلة وأنا عندي صلة، خلينا نجمع الصلتين دول مع بعض وننتج منهم خير.
أحمد منصور: رد السعوديين كأن أيه؟
يوسف ندا: رد السعوديين هو أخذ وقت حتى إن هو يتصل، وبعدين قال يعني أنا ممكن أبتدي أنا أتحرك بنفسي
أحمد منصور: أنت تتحرك؟
يوسف ندا: لأ.
أحمد منصور: هو.
يوسف ندا: هو، يعني هو يحصل الاتصال، فنظم لي الاتصال لأن هم مكهربين مش عاوزين يسمعوا مننا حاجة.
أحمد منصور: مش عايزين يسمعوا منكم كإخوان؟
يوسف ندا: لأ، مش عايزين يسمعوا السعودية حاجة مش مننا إحنا، إحنا
أحمد منصور: نقصد اليمن يعني؟
يوسف ندا: نعم، أي نعم.
أحمد منصور: أنت كان لك علاقة باليمين قبل كده بالحكومة يعني أقصد
يوسف ندا: لأ، بالحكومة لأ.
(5/268)
أحمد منصور: أم التقيت مع الرئيس قبل كده اليمني؟
يوسف ندا: لأ.
أحمد منصور: ما كانش يعرفك؟
يوسف ندا: لأ.
أحمد منصور: كانت دي أول معرفة لك به؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: التقيت مع الرئيس؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: إمتى بالضبط؟
يوسف ندا: التقيت معاه في بيته، وقعدت معاه فترة طويلة، قلت له.. قلت له يا سيادة الرئيس يعني.. أنا أكررها في كل مكان لأني مقتنع بها إنه ما يمكن الأولى إنه أرخص وأسهل طريقة لكسب أي حرب هو تفاديها، فالوضع بينكم وبين السعودية ممكن فيه أي شرارة تطلع، أي واحد يعدي.. جمل يعدي.. واحد ثاني يذبح الجمل، ممكن قبيلة تضرب في قبيلة وبعدين نلاقي حرب تضرب، فتفادي أي حاجة ممكن تحصل لابد منها، هذه حاجة.
الحاجة الثانية: أنت ربنا نصرك دلوقتي في الجنوب ومنتصر، ما أنتش منهزم، وقت الإنسان وهو منتصر هو الوقت اللي هو يتفاهم فيه، مش إن هو يكون ضعيف أنت مش ضعيف، فإدينا فرصة إن إحنا نجمعكم بيهم ويعني فين مصلحتكم فين مصلحتهم وتصلوا في الوسط يرضي الجميع.
أحمد منصور: كان رد الرئيس أيه؟
يوسف ندا: الراجل قال لي أنا.. أنا باستمرار حياتي كلها كنت مفتوح ومفتوح على الجميع وما عندي.. وما عندي يعني رغبة إن أنا يكون لي عداء مع أحد، رغم اللي حصل بالنسبة لنا في طرد اليمنيين بعد الحرب.
أحمد منصور: الخليج
يوسف ندا: حرب.. في أول ما بدأت حرب الخليج، ورغم ما حصل في الجنوب عندي، لكن أنا مفتوح على الجميع، أنا مش غاوي حروب، ولا أنا غاوي أعداء..
أحمد منصور: السعوديين ردهم كان أيه؟
يوسف ندا: الكلام دا نقلته للطرف الآخر، وإن الراجل مفتوح في أي وقت
أحمد منصور: قابلت مين في الطرف الآخر؟ نفس المستشار؟
يوسف ندا: نفس المستشار.
أحمد منصور: أمال إمتى قابلت الملك فهد؟
يوسف ندا: نعم؟
أحمد منصور: إمتى قابلت الملك فهد، متى قابلت الملك فهد؟
(5/269)
يوسف ندا: ما كانش بخصوص هذا الموضوع، قلت لك في هذا الموضوع أنا لم أقابل، أيوه في هذا الموضوع لم أقابله، فيعني قلت له إنه مستعد يلتقي بأي واحد فقال لي أنا ممكن إن أنا ألتقي به، قلت له بس لازم الاستئذان فاستأذن ووافق الملك فهد على.. على مقابلته وبعدين وصلته..
أحمد منصور: رحت معاه يعني
يوسف ندا: لأن كان معايا على التليفون يعني هو الرئيس عبد الله.. علي عبد الله صالح كلف الدكتور الإرياني، الدكتور الإرياني كان أيامها وزير للخارجية، وقابلت الإرياني، قابلته في بيته حتى، وقال لي إن تعليمات الرئيس وأنا مفتوح، فاتصلت بالثاني بالتليفون وقلت له إنه هيطلبك في خلال 5 دقائق..
أحمد منصور: أيه الحاجات اللي هي هدت الثورة اللي كانت، أيه.. أيه.. ما هي الأشياء التي أدت إلى تهدئة الأمور ونزع فتيل الحرب؟
يوسف ندا: هي كان المشكلة اللي كانت موجودة طبعاً هي مشكلة الحدود، ومشكلة الحدود كبيرة، الحدود اللي هي مرسمة بينهم على حسب اتفاقية الطائف لا تزيد عن 16% من الحدود.
أحمد منصور: دي من سنة كام وثلاثين
يوسف ندا: 36.
أحمد منصور: 36.
يوسف ندا: لا تمثل 16% من الحدود وحتى الحدود هي بعض العلامات بتاعتها طارت، ما هياش موجودة يعني نظرياً موجودة لكن عملياً مش موجودة، فظللنا نمشي فيها لغاية ما عملت لهم دراسة حتى ورحت أقدمها.. قدمتها للرئيس علي عبد الله صالح، دراسة يعني تعبنا فيها الحقيقة وساعدني فيها كثير الجماعة بتوع هيئة الأمم لأن..
أحمد منصور[مقاطعاً]: دراسة أيه؟ بالخرائط
يوسف ندا: دراسة بالخرائط.. بالتاريخ بتاعها كله، دا حتى المراسلات اللي كانت موجودة، المراسلات السابقة كانت مع المندوب السامي
أحمد منصور: منين دفعتم تكاليف الدراسة دي؟ ومين اللي ساعدك فيها؟
يوسف ندا: ساعدني فيها.. ساعدوني فيها كثير من الناس في هيئة الأمم، وساعدني فيها
أحمد منصور: بعلاقاتك يعني
(5/270)
يوسف ندا: أي نعم، وجبنا فيها مستندات حتى من البنتاجون جبناها..
أحمد منصور: يعني واصل
يوسف ندا: الصور والخرائط بتاع البنتاجون..
أحمد منصور: واصل في علاقاتك لهذا الحد يعني..
يوسف ندا: يعني ما أنتش عارف، قول اللي أنت عاوزه، الخرائط حتى من الإدارة البريطانية، لأن المندوب السامي البريطاني في عدن كان..
أحمد منصور: فيه كثير من الخرائط يعني متاحة للناس، يعني حصلت على خرائط لا تستطيع حكومة اليمن الحصول عليها..
يوسف ندا: أي نعم، مش لا تستطيع، لا تعرف أين هي.
أحمد منصور: دفعت فيها فلوس
يوسف ندا: أيوه
أحمد منصور: من جيبك الخاص
يوسف ندا: أيوه والله
أحمد منصور: كلفتك قد أيه تقريباً
يوسف ندا: كلفت عشرات الآلاف
أحمد منصور: عشرات
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: وأيه الثمن بقى اللي أخذته من الحكومة اليمنية.
يوسف ندا: والله ربنا اللي يعلم أني ما أخذت إلا الدعوة الصالحة من إخواني.
أحمد منصور: الأمور وصلت لفين الآن
يوسف ندا: أنت دائماً فاهم.. أنت عندك الحسابات دي، المفروض إن أنا اللي أحسب بأيدي، لأن أنا اللي بأشتغل في المال
أحمد منصور: كل شيء له ثمن، كل شيء له ثمن
يوسف ندا: أنا الحمد لله، أنا بأقول لك، يعني حتى اللي بيكتبوا عن الإسلام والمسلمين، وهم ما يفهموا الإسلام والمسلمين، ربنا يدي لك الصحة الحمد لله أنت مسلم موحد الله، وتقوم بواجباتك وسمعتك طيبة..
أحمد منصور: دا أنت خليت السويسري المحقق من الإخوان يعني، اتفضل
(5/271)
يوسف ندا: أيوه بأقول لك يعني طريقة تفكيرنا، إحنا عايشين، ما إحناش عايشين عشان المال، المال بيروح وييجي، أنا راح مني أنا.. أنا في سنة 77، أيوه 77 لما جه الكفراوي -الله يدي له الصحة- وطلب مني إن أنا أرجع مصر، وإن أنا أروح أساعدهم في موضوع الأسمنت و.. و.. وإلى آخره، وبعدين جه الأمير محمد الفيصل لما طلب مني إن أنا علشان أروح أعمل معاه بنك فيصل، يعني أنا كنت أنا أكبر مساهم مصري بعد وزارة الأوقاف في بنك فيصل لما اتعمل، في الوقت دا لما علشان يقنع ممدوح سالم، -الله يرحمه- والنبوي إسماعيل إن أنا ما فيه مشاكل عندي وإن أنا لازم أروح، في طلب تقرير مالي عني من أكبر بنك كنت بأشتغل فيه، كان (....) في فيينا، التقرير جاله، ولما رحت وراني التقرير، يعني أنا ما كنت أعرف إن هم طالبين التقرير، وراني التقرير يعني أنا أيامها حجم أعمالي كانت 9 أصفار
أحمد منصور: 9 أصفار، مليار يعني
يوسف ندا: آه.
أحمد منصور: طيب، خليني أرجع للوضع
يوسف ندا: يعني تقول لي فلوس وما في فلوس، بتروح وبتيجي، اللي بيجيب الفلوس ربنا، واللي يخلي مين اللي يعملها العبد بيعملها، مش الفلوس هي اللي بتعمل بني آدم.
أحمد منصور: انتهت وساطتك على أيه بين السعودية واليمن.
يوسف ندا: لأ الحمد لله اتفقوا ومشي الحال، بس اتمططت بقى، السعودية ظلت تمططها على..
أحمد منصور: لحد الآن لسه فيه كلام على الحدود.
يوسف ندا: لأسباب، لأن هم كانوا حريصين إن هم يأخذوا ممر في الجنوب على.. على بحر
أحمد منصور: بحر العرب.
يوسف ندا: العرب، هم كانوا راسمين حدودهم، كان ذكي الرئيس علي عبد الله صالح، استعجل شوية بترسيم حدوده بينه وبين..
أحمد منصور: عُمان.
يوسف ندا: عُمان، فكان ما فيش مجال أصبح، هنا عُمان وهنا اليمن
أحمد منصور: لكن أنت كوسيط.. أنت كوسيط دلوقتي روحت أديت الخرائط لليمن وما أديتهاش للسعودية..
(5/272)
يوسف ندا: الخرائط دراسة كاملة عن.. لأ أعطيتهم حقوقهم كلها، هذا واقع، لأن السعودية عندها خبراؤهم وعندنا إمكانياتها وعندها يعني علاقاتها بأميركا وبغير أميركا يعني تقدر تجيب..
أحمد منصور: يعني.. يعني الخرائط دي خدمت اليمن والجهد اللي أنت..
يوسف ندا: أعتقد هذا.
أحمد منصور: الرئيس قال لك أيه بعد كده
يوسف ندا: والله شكرني وكان موجود دكتور الإرياني، وكان موجود نائبه رئيس الحكومة، وأنا وأنا طالع يعني طالع أنا وأخونا اللي كان معايا فهو يظهر مسك إيد أخونا، فأنا طلعت ما بصتش ورايا، طلعت بره، بعدين بعد ما طلع أخونا، اتأخر عني شويه قلت له اتأخرت، قال لي أيوه، سألني أيه طلبات الأخ يوسف، قلت له دي هدية من الإخوان.
أحمد منصور: في سنة 96 صدر كتاب عنوانه "الوضع السيادي لجنوب البحر الأحمر" مؤلفه يوسف ندا و(جيان دو مينيكو بيكو) مساعد الأمين العام السابق للأمم المتحدة، وبيكو شخصية مشهورة، هو اللي اتفاوض من أجل الرهائن في لبنان، هو اللي اتفاوض في إنهاء الحرب العراقية الإيرانية
يوسف ندا: أظن أنتم جيبتوه عندكم.
مساعدة الإخوان لليمن في نزاعه مع إريتريا على جزر حنيش
أحمد منصور: شارك معي في برنامج (بلا حدود) في مرة من المرات بصفته كان مساعد الأمين العام لحوار الحضارات الذي ألغته أميركا وكانت إيران هي اللي اقترحته، وهو له كتاب آخر أيضاً “man with out gun” يعني من الكتب أيضاً بيتكلم عن المفاوضات في لبنان، لكن هذا الكتاب أيه.. أيه اللي خلى يوسف ندا مؤلف كتب وعفواً يعني وبتكتب في قضية خطيرة خاصة بالجزر في البحر الأحمر
يوسف ندا: أنا ما عملتش غير كتابين كتاب عن “projectfinance” عن المالية، تمويل المشاريع، ودا الكتاب الثاني، الكتاب دا هو يعني أخذ مننا جهد صحيح، لكن إخواننا في اليمن..
أحمد منصور: الكتاب طبعاً منشور بالإنجليزي مش بالعربي، بس عشان..
(5/273)
يوسف ندا: أي نعم.. أي نعم، لأن هو كان مقصود منه إنه هو يكون باللغة دي وأنا ما كنت ناوي أطبع الكتاب، لكن هي دراسة طلبوها إخواننا حتى يعزز موقفهم إنه يعني الإخوان في كل مكان عايزين يخدموا بلدهم، إمكانية الإخوان في اليمن في خدمة بلدهم في هذا الموضوع كانت فيها شيء من القصور، فاستعانوا بإخوانهم في مكان ثاني عشان يخدموا بلدهم، بلدهم في أزمة مع بلد ثانية، بلدهم عندها حق في موضوع، بلد ثانية بتغتصبه، هل ممكن نعمل شيء؟ قلت لهم ممكن قوي، إمكانياتي ممكن إن أنا أسخرها كلها عشان تخدمكم وتخدم بلدكم، وبلدكم هي بلدنا وأي بلد فيها لا إله إلا الله، أي بلد مسلمين هي بلدنا، ودي قاعدة من قواعد الإخوان، فبدأنا في الدراسة، الدراسة كانت فيها تشعبات كبيرة، لأن اليمن كانت جزء من الدولة العثمانية، وبعدين إريتريا كانت تحكمها إيطاليا، وبعدين جم الإنجليز حكموها، وبعدين اليمن في الجنوب كان جه الإنجليز في عدن والمندوب السامي البريطاني، وبعدين كانت تتبع الهند..
أحمد منصور: صح.
يوسف ندا: وبعدين في.. في الجزء.. المرور في البحر الأحمر كان ألمانيا كان لها مصالح، وبعدين كان فرنسا كان لها مصالح، وبعدين عملوا فنار هناك وبعدين القانون الدولي له إجراءات معينة..
أحمد منصور: يعني القضية فيها تشعبات كثيرة، أنا شاهدي في الموضوع الآن، إن منين حصَّلت وقت، أيه اللي دخلك في هذه الاهتمامات؟
يوسف ندا: دا جزء من اهتمامي أنا.
أحمد منصور: طيب، أنت الآن هل وساطتك الأولى ما بين..
يوسف ندا[مقاطعاً]: يعني هل أنا رحت عملت مثلاً موضوع في أميركا، أم روحت أبحث عن السياسة في السويد، أنا سياسة البلاد الإسلامية هي اللي تهمني.
أحمد منصور: طيب الآن.. الآن الموضوع وساطتك..
يوسف ندا: يمكن دلوقتي يهمني طبعاً إيطاليا لأن أنا مواطن إيطالي، تهمني طبعاً.
(5/274)
أحمد منصور: الآن أنت وساطتك الأولى بين السعودية واليمن البسيطة هذه التي قمت بها، شجعتك إنك أنت تحاول إنك تقدم شيء ثاني لليمن، أم برضو إخوان اليمن هم اللي طلبوا منك، فأنت اهتميت؟
يوسف ندا: لأ إخوان اليمن طلبوا.
أحمد منصور: إخوان اليمن طلبوا.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: أيه محور الأشياء والخرائط اللي أنت عملتها خاصة فيما يتعلق بجزر حنيش بعد..
يوسف ندا: 100% تعطي الحق لليمن، وإحنا كنا نعتقد إن اليمن عندها حق، فكان لابد أن نثبت هذا الحق...
أحمد منصور: هل الحاجات اللي أنت عملتها..
يوسف ندا: إثبات هذا الحق ساعدنا فيه كثير من إخوانا في أماكن كثيرة من العالم، مثلاً أدي لك مثل، القانون الدولي يقول إنه إذا كانت هذه الأماكن، هذه الجزر غير مأهولة بالسكان فيعني يسري عليها أسلوب ثاني في التقييم، إنه هم يقيموا هل بتاعة دي ولا بتاعة دي؟ فالإريتريين قالوا هي كانت غير مسكونة بالسكان، فكان لازم يُثبت إنها كانت مأهولة، فاستطعنا إن إحنا نثبت إن أيام الدولة العثمانية كان بيؤخذ منها ضرائب، فطلعنا...
أحمد منصور: واليمن كانت تبع الدولة العثمانية؟
يوسف ندا: طبعاً، هي كان بيؤخذ منها ضرائب على إنها من ضمن ولاية اليمن، فولاية اليمن كان مقسمة بأقسام منها الجزر، فطلعنا من الكتب بتاعة الضرائب بتاعة الدولة العثمانية الموجودة في المتحف في استانبول الصفحات اللي هي مختصة باليمن، وبعدين.. بولاية اليمن، والصفحات المختصة بأجزاء ولايات اليمن حتى الجزر، وطلعنا من الجذر دي قد أيه الضرائب كانت بتؤخذ، وكل سنة كانت قد أيه، والصفحات بتاعتها، وطبعناها، دا واحدة من الوحدات، التانية كان الاتفاق اللي كان بين الإنجليز وإيطاليا على موضوع الجزر، الثالثة كان الاتفاق بين فرنسا وألمانيا لما بنت..
أحمد منصور: ودا ما كانش بإيدين.. الحاجات اللي طلعتوها دي لم تكن في يد الحكومة اليمنية؟
(5/275)
يوسف ندا: ما.. ما موجودة عندهم، ما موجودة عند حد، يعني عشان.. عشان طلعنا مثلاً من وزارة الحربية الإيطالية الخرائط بتاع المستعمرات، ما موجود الكلام دا في اليمن
أحمد منصور: ودي أنتوا اللي طلعتوها مثلاً...
يوسف ندا: واحنا لما.. إحنا لما سلمنا دا، وسلمناه، وسلموه إخوانا طبعاً كتبنا إنه هدية، وبناءً على تكليف من فلان وفلان، وهم إخوانا هناك، في الواقع كتبناه، ولما أخدوها هم يعني قبل ما يقدموها للتحكيم الدولي، كان لازم يطمئنوا على مصداقيتها.
أحمد منصور: نعم.
يوسف ندا: فمن ضمن الحاجات اللي كانت يعني.. ضحكت أنا لما قيل.. بعتوا واحد للمتحف في استانبول، المسؤولين هناك من السفارة بعتوا مجموعة أظن كان جايه من اليمن عشان يشوفوا المستندات..
أحمد منصور: التبين من.. من دقة الوسيلة.
يوسف ندا: أيوه، فقدموا لمدير المتحف الورق، وقالوا له عايزين نشوف الورق وقالوا له عايزين نشوف الورق داهوت في.. في المستندات، فهو كان معلق على الورق قبل ما يديه لنا بخط إيده، إن دي في صفحة كذا، ودي في صفحة كذا، فلما عطوه الورق الراجل اتخض، قال لهم هذا خط إيدي، جايبينه من أين؟
أحمد منصور: نعم.
يوسف ندا: فلما وروا له بقية الورق تذكر الرجل إنه هو كان أعطاهم لأخونا.
أحمد منصور: أيه التمن.. أيه التمن المقابل بقى اللي أخذتوه من اليمن؟ لم تقم بأي مشاريع تجارية في اليمن؟
(5/276)
يوسف ندا: قمت مش بمشروع، هذه كمان ليها قصة، مشاريع لأ، هم يعني كان بعض إخوانا هناك.. والموضوع اللي هأكلمك فيه داهوت كان خارج عن إخوانا، بعض إخوانا هناك عملوا بنك إسلامي، وعملوا لنا حصة إن إحنا لنا 5% باعتبار إن إحنا عاوزين خبرة بنك التقوى وعلاقة بنك التقوى، فرفضت، لأنه مش عايز يُنظر للعلاقة اللي بين.. بين.. بيني وبين الإخوان هناك إنها علاقة مادية ولا بين الإخوان و.. وبين الحاجات اللي عملناه إنها علاقة مادية، فهذه رفضتها، لكن بره الحكومة، وبره إخواننا كان عندي مشروع بتاع التنقيب عن البترول، كان في (شبوة)، ودا هوت مع شركة.. شركة بترول كبيرة يعني استطعنا إن إحنا نحدد خرائط (السيزم) وخرائط الكلام دا استطعنا نحدد منطقة، وطلبنا إن إحنا نأخذها، ولم أطلب لا من رئيس ولا من الدكتور الإرياني، ولا من أي واحد من الإخوان، ولا من أي واحد، لم نطلب أبداً، وأخذناه علاقة فحسب.
أحمد منصور: كانت بعد هذا الموضوع؟
يوسف ندا: نعم.
أحمد منصور: كانت بعده؟
يوسف ندا: لأ، كانت قبله.
أحمد منصور: كانت قبله.
يوسف ندا: كانت قبله، وسبحان الله يعني رزقنا فيها ما كان لنا فيها رزق، لأنه الشركة التي كانت معنا يعني جالها ضغوط، وبعدين أخذ المنطقة كانت شركة من شركات (جيمس بيكر)، وأنا آسف إن أنا بأقول الاسم، وبمجرد ما أخذت الموضوع طلع منه.. الآن بيطلعوا منه 150 ألف برميل في اليوم.
مشروع الإخوان لحل أزمة الاجتياح العراقي للكويت
أحمد منصور: في أغسطس 1990 اجتاحت العراق الكويت، وأنت التقيت مع الرئيس صدام حسين بعد ذلك
يوسف ندا: أيوه
أحمد منصور: وطرحت مشروع أو مبادرة لقضية الوساطة أو لإنهاء هذه الأزمة.
يوسف ندا: أي نعم
أحمد منصور: باختصار شديد، أيه المشروع اللي طرحته؟ وكيف كان لقاءك مع الرئيس صدام حسين؟
(5/277)
يوسف ندا: الموضوع هو يعني لما اقتحم الجيش العراقي الكويت أنا كنت يعني قبلها بحوالي يومين كنت سمعت الكلام ده من أحد.. واحد رئيس مجلس إدارة أكبر.. واحدة من أكبر 3 شركات ألمانية، هي كانت..
أحمد منصور: ألماني؟
يوسف ندا: آي نعم.. آي نعم. هو كان موجود في البصرة، وكان مع.. موجود مع المجيد هذا..
أحمد منصور: علي حسن المجيد.
يوسف ندا: أيوه، كان موجود معاه، لأنه هو اللي كان مسؤول عن الصناعات، وهو اللي كان.. يعني كان لنا صلة بيهم في عملية مصنع البتروكيماويات اللي كان في البصرة، فهو كان هناك لما رجع قال لي يعني أنا شفت رتول الدبابات متجهة إلى الجنوب، فسألته علي حسن، يعني أيه الموجود؟ أنا شايف إن أنتوا رايحين الكويت، هل في شيء هيحصل؟ فقال له يعني أنا ما أقدر أتكلم فيها، لكن هتسمعها، فهو توقع بعد...
أحمد منصور: يعني قبل.. قبل الغزو بيومين؟
يوسف ندا: بيومين.
أحمد منصور: طيب أنا حتى لا أدخل في قضايا تفصيلات تاريخية..
يوسف ندا: لما حصل الغزو اللي كان قايم بالنشاط الإغاثي في الكويت كانوا هم إخوان الكويت، كان الزبالة يلموها، العائلات يودوا لهم أكل، وقت الحظر ما حدث يقدر يمشي كانوا هم يتخفوا ويروحوا علشان يشوفوا.. يعني كان لهم دور كبير الحقيقة لم يكن لغيرهم دور فيه.
أحمد منصور: أنا بأقصد الآن دورك والوساطة التي قمت بها، من كلفك بقضية الوساطة أو المشروع دا؟
يوسف ندا: لم يكلفني غير الإخوان.
أحمد منصور: الإخوان طلبوا منك هذا؟
يوسف ندا: آي نعم.
أحمد منصور: أيه المشروع اللي أنت حملته من أجل الوساطة أو من أجل إنهاء الاحتلال العراقي للكويت؟
يوسف ندا: كان ينسحب الجيش العراقي وتدخل جيوش إسلامية بداله قبل أن ينسحب، تدخل بداله
أحمد منصور: يعني أيه جيوش إسلامية؟ من دول إسلامية تقصد؟
(5/278)
يوسف ندا: آي نعم، لكن كان فيه دول مستبعدة، لأنه هو لا يمكن كان يقبلها، طبعاً دول المنطقة اللي اتكون منها 32 دولة إسلامية راحوا حاربوا المسلمين هناك، وراحوا.. في.. في الصفوف الأولى حتى يحارب المسلم المسلم، هذه كانت مستبعدة، لكن اللي كان لا يمكن يُظن إن هو يعني يتفق مع أعداؤه كانت إيران أول واحدة، وبعدين فكرنا في ماليزيا، وفكرنا في إندونيسيا، وبعدين لما عُرض موضوع باكستان فُرفض، يعني.. السودان عُرضت، يعني عُرضت عدة دول ممكن يتكون منها وحدات عسكرية تدخل.. يسمح هو بدخولها الكويت، وبعدما تدخل الكويت الجيش العراقي ينسحب، والجيوش اللي هي موجودة داهيت تتولى عملية، انتخابات حرة زي ما الكويتيين عاوزين، تيجي...
أحمد منصور: المشروع دا كان بيختلف عن مشروع قادة الحركات الإسلامية..؟
يوسف ندا: لا.. لا، دا موضوع مختلف اختلاف كلي، ولا علاقة له بيه، اللي كان موجود في عَمَّان.
أحمد منصور: وراحوا زاروا صدام حسين.
يوسف ندا: ولا علاقة له بيه.
أحمد منصور: مشروع خاص؟
يوسف ندا: لا علاقة له بيه البتة.
أحمد منصور: التقيت أنت فيه بالرئيس صدام وطرحت ما عندك.
يوسف ندا: أي نعم.. أي نعم.
أحمد منصور: كم.. كم مرة التقيت؟ مرة واحدة مع صدام؟
يوسف ندا: التقيت معاه مرة.. مرتين، ومع.. شفت..، لكن ما اتكلمتش فيه غير معه هو، رغم إن أنا شفت طه ياسين رمضان، ورغم إن أنا شفت عزة إبراهيم، لكن ما اتكلمتش فيه غير مع الرئيس.
أحمد منصور: طيب، اسمح لي في الحلقة القادمة أبدأ مع الرئيس صدام حسين، كيف كان لقاءك مع صدام حسين؟ كيف طرحت عليه هذا المشروع الذي قلت أنه كان مشروع الإخوان لحل المشكلة؟ وكيف كان رد الرئيس عليه؟ وآمل إنك ترجع لجوازات سفرك وتحاول تجيب لي التواريخ بشكل أدق.
يوسف ندا: حاضر.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة..
(5/279)
يوسف ندا: بس سامحني أقطعك قطعة هنا يعني.
أحمد منصور: اتفضل.
يوسف ندا: أرجو إنك تسامحني في الحدة بتاعتي والأسلوب بتاعي يمكن كان أسلوب قاسي شويه.
أحمد منصور: خذ راحتك يا سيدي، بل بالعكس.
يوسف ندا: لكن أنت أخرجتني عن.. عن حدودي.
أحمد منصور: هذا حقك، وبعدين...
يوسف ندا: لأ، أنا أعتذر، أنا ما بأعتبره حقي..
أحمد منصور: لا، سبحان الله، أنت...
يوسف ندا: أنا بأعتبره يعني.. يعني.. يعني خروج عن حدودي وأسلوبي، أسلوبي الشخصي ما هوش كده، لكن يعني أنت زودت معايا العيار شويه، فأرجو إنك تسامحني.
أحمد منصور: أنت لم تخطئ.. أنت لم تخطئ معي في شيء.
يوسف ندا: شكراً.
أحمد منصور: وأنا عندي نزلة برد حادة ربما مساعداك على إن صوتي منخفض.
يوسف ندا: شفاك الله.
أحمد منصور: لكن أيضاً أنا أقوم بعملي بشكل مرضي بالنسبة لي.
أشكركم -مشاهدينا الكرام- على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات الدولية السياسية في جماعة الإخوان المسلمين).
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/280)
الحلقة6
(5/281)
السبت 7/7/1423هـ الموافق 14/9/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 12:37(مكة المكرمة)،09:37(غرينيتش)
يوسف ندا مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين - الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
يوسف ندا: مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
08/09/2002
- لقاء ندا مع صدام حسين ومشروعه لحل أزمة الاجتياح العراقي للكويت
- مساعي الإخوان المسلمين لحل الأزمة بين الحكومة الجزائرية وجبهة الإنقاذ
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين)، أستاذ يوسف مرحباً بك.
يوسف ندا: مرحب بك يا أخي.
أحمد منصور: بعد خمسة أيام من المطر المتواصل توقفت الأمطار وبدأت الجو صحواً اليوم.
يوسف ندا: بس لم يتوقف أنفك من البرد اللي أخذته الله يديك الصحة.
أحمد منصور: يعني الحمد لله بدأت أتعافى أنا الآخر شيئاً فشيئاً.
يوسف ندا: الله يقويك.
لقاء ندا مع صدام حسين ومشروعه للحل أزمة الاجتياح العراقي للكويت
أحمد منصور: في عام 1990 بعد الغزو العراقي للكويت قامت بعض الوفود –منها وفد إسلامي كبير- بزيارة الرئيس صدام حسين في محاولة للخروج من المأزق الذي حدث باحتلال القوات العراقية للكويت، حملت أنت مشروعا آخر خاص يختلف عن مشروع الحركات الإسلامية، وسعيت للقاء مع الرئيس صدام حسين والتقيت به بالفعل وعرضت عليه مشروعك، كيف كان.. كيف قمت أولاً بترتيب هذا اللقاء؟
(5/282)
يوسف ندا: هو نعود لنفس الأشياء اللي ممكن الواحد يتكلم عليها والأشياء اللي مش ممكن يتكلم عليها، يعني كيف استطعت أو كيف أستطيع إن أنا أصل للشخصية التي أريد أو اللي يكون في إيدها موقف معين وأنا أحاول إن أنا أقنعه بموقف آخر أو أقنعه بتغيير الموقف إلى حد ما يعني صعبة الواحد يقول كل قنواته أية وإلا بتقطع قنواته بعد كده.
أحمد منصور: لكن دول رؤساء دول وملوك.
يوسف ندا: أي نعم، يعني الاتصال حصل لكن بالتعبير اللي أنت قلته دا صحيح جداً ما يمكن إنك تقابله من غير ما يستشف ويجمع معلومات أكتر، مش عنك حتى لو أنت معروف قبل كده، عن موقفك الحالي، فهو بعد ما طلبت المقابلة الرسالة وصلت في نفس اليوم ففي اليوم التاني طلبني برزان، برزان كان موجد في جنيف..
أحمد منصور: برزان التكريتي.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: كان هو سفيرهم.
يوسف ندا: كان ممثلهم في جنيف، ممثلهم في هيئة الأمم، فطلبني برزان وقال لي هل ممكن نشوفك، رحت أقابله سألني شوية أسئلة وللأسف الشديد أنا آسف أقول الكلام ده، لكن يعني ظهر ضحالة الناحية التاريخية عندهم.
أحمد منصور: التاريخية بالنسبة لأيه بالضبط؟
يوسف ندا: بالنسبة له هو، يعني طبعاً عارف إن أنا من الإخوان، لأن أنا ما أنا مخفي فقال يعني أنتم يا إخوان أنتم علاقتكم قديمة من أول ما بدأ الملك عبد العزيز قلت له لأ، مش الإخوان المسلمين دول، دول التانين الإخوان.. فالناحية يعني مازال فيه خلخلة في المعلومات وللأسف الشديد إنه كان فيه..
أحمد منصور: الإخوان طبعاً، بس علشان برضو نوضح الصورة للمشاهدين دول الإخوان اللي شاركوا الملك عبد العزيز في ترسيخ المملكة في البداية.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: وبعد ذلك حاربهم الملك عبد العزيز.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: لحد سنة 28.
يوسف ندا: أي نعم، أي نعم، وهم الإخوان أصلاً بدأوا في سنة 29 في مصر.
أحمد منصور: 28.
(5/283)
يوسف ندا: يعني في مصر مش في.. مش في السعودية يعني، يعني لا علاقة بهذا بهذا.. بذاك أبداً، ودي يعني من الأشياء الصعبة في زعماء المنطقة عندنا إن هم ما بيقرءوش كتير، يجوز إن بتقرءوا الملخصات، لكن تجد الثقافة منتشرة عند الشعوب أكتر ما هي منتشرة عند المسؤولين ويمكن دي في العالم كله يمكن كمان ما هياش عندنا إحنا بس، يعني أنا أنظر مثلاً للرئيس (جورج بوش) علشان يتسلط علي أنا، جايه له من تقرير، أما لو هو دخل في التفاصيل ما كان يحس إن أنا مهم زي الأهمية اللي أعطاها لي، زي ما بأقول لك.
أحمد منصور: هو فيه انتقاد عام لثقافة الرئيس بوش من الأميركان ومن الصحافة الغربية كلها بشكل عام.
يوسف ندا: فيعني بعد ما.. سألني أسئلة كتير، لكن طبعاً ما أعطيته أفكاري وأنا عايز أتكلم مع الرئيس صدام حسين في أيه وتحدد الموعد مش عن طريقه هو، عن نفس الخط اللي أنا أرسلت به الرسالة قالوا لي إن أنت يعني ممكن تسافر في اليوم التاني إلى عمان وهينتظرك واحد مسؤول مهم يرافقك، كان فيه طيارة واحد في العالم اللي هي بتمشي من عمان إلى.. إلى بغداد.
أحمد منصور: طلبت من حضرتك تراجع جوازات سفرك علشان تشوف لي التواريخ بدقة، فآمل إنك تكون استطعت أن تحدد اللي ذهبت فيه بالضبط إلى العراق؟
يوسف ندا: لا حول الله!! يا أخ أحمد بتزنق الواحد زنقة، يعني جهزت لك الورقة، طيب ممكن نرجع لها تاني.
أحمد منصور: طيب ماشي، يعني لو قلنا وفد الحركات الإسلامية كان في سبتمبر أو في النصف الثاني من سبتمبر سنة 1990 أنت ذهبت بعده يعني، نقول ذهبت في أكتوبر مثلاً.
يوسف ندا: أعتقد في أكتوبر أيوه.
أحمد منصور: نعم.. طيب.
يوسف ندا: أعتقد في أكتوبر.
أحمد منصور: ما هو لو حضرتك إديتني الورق ده، هأرتبه لك بشكل كويس.
يوسف ندا: لا ما أنت عايز تدخل في الأسماء وتدخل في حاجات.
أحمد منصور: طيب ماشي.
(5/284)
يوسف ندا: دا أحرقه بعد المقابلة دي أنا ما أخليه أبداً. أنا كاتبه بس علشان أستعد لأسلوبك الهجومي.
أحمد منصور: أنا ما بأهاجمش.
يوسف ندا: على الأقل.. على الأقل أعرف أدافع عن نفسي على الأقل.
أحمد منصور: بالعكس أنا لا أهاجم وإنما أحاول استخراج الحقائق والمعلومات. اتفضل.
اتفضل ندا: طيب، خير إن شاء الله، فيعني أنا قبل ما أروح قلت له إن أنا يعني ما أستطيع، ودي بأقولها في أي مكان في أي مقابلة أكون رايح فيها، لأن فعلاً ضغوط عليَّ وأنت سألتني السؤال ده عدة مرات، بتجيب وقت من أين؟ فوقتي ضيق، فقلت لهم إن أنا لا أستطيع إن أنا أقعد أكتر من 48 ساعة قبل ما أروح، فلما رحت في عمان سألت السؤال مرة ثانية هل هأستطيع أقابل الرئيس غداً.
أحمد منصور: مين اللي قابلك في عمان؟
يوسف ندا: مسؤول كبير عندهم في المخابرات، يعني جه من..
أحمد منصور: من بغداد..
يوسف ندا: من بغداد علشان يصطحبنا فقال: لأ ما نستطيع نجزم بأي شيء لأن ما حدث فينا يعرف فين الرئيس أو أمتى هيجي أو هيكون فين أو هيقابلك فين، فكل دي أشياء لا تخصنا ولا نستطيع إن إحنا نعرفها قلت له يعني الأسلوب دهوت يظهر إن أنا يعني هآخد وقت طويل، قال لي الاحتمال مفتوح، قلت لأ تسامحني بقى أرجع ولما يكون فيه إمكانية في وقت قصير اطلبني أنا مستعد أجي، حاول يقنعني رجعت.
أحمد منصور: خطتك كانت واضحة اللي أنت رايح تعرضها؟
يوسف ندا: شديدة الوضوح ومش بس كانت واضحة، يعني كنت منسقها قبل كده وتكملتها أو ما يحيط بها كنت حصلت المناقشة فيها، لأن كانت معتمدة أساساً على مساعدة إيرانية فاتصلت بـ..
أحمد منصور: والعراق كانت تعلم ذلك؟ إن العراق لها دور في المسألة؟
يوسف ندا: لما كلمته قلت له، إنما قبل هذا لأ، لكن لما كلمته عرضت عليه هذا الموضوع.
أحمد منصور: مين في إيران اللي شاركك في عملية تحديد هذه الخطة؟
(5/285)
يوسف ندا: ما أقدر أقول الأسماء لكن أقدر أقول لك إن الموضوع عرض على الأمن القومي والأمن القومي وافق عليه.
أحمد منصور: في إيران.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: معنى ذلك إنك قبل ما تروح العراق كنت رحت إيران ورتبت أمورك هناك؟
يوسف ندا: لأ، كان الاتصال عندي هنا.
أحمد منصور: يعني الحكومة اللي حضرتك..
يوسف ندا: أنا بأروح إيران كنت بأروح وبآجي، لكن بخصوص هذا الموضوع..
أحمد منصور: الحكومات اللي ما بتروح لهاش بتيجي لك كانت يعني؟!
يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله.
أحمد منصور: أنا بس بأحاول أفهم..
يوسف ندا: يعني أنا قلت لك ألف مرة يا أخ أحمد يعني أنا حقيقتي أصغر من اسمي، أنا سلطت علي الأضواء وأنا ما.. لا كنت تحت الأضواء ولا كنت أحب أكون تحت الأضواء سلطت علي أخيراً.. الموضوع الأخير هذا فأكبر من حقيقتي، أنا ذكرت..
أحمد منصور: قبل ما يتحدث عنك جورج بوش إلى حد ما يعني فعلاً لم تكن تحت الأضواء وكنت بترفض الحديث للإعلام..
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: وأنا أذكر إني اتصلت عليك عدة مرات قبل عدة سنوات لتشارك معي في البرنامج ورفضت.. رفضت وقلت أنك لا تلتقي مع أي وسيلة إعلام.
(5/286)
يوسف ندا: إحنا يعني زي ما قلت لك إنه إحنا مكلفين وبعدين أنا في كل صلاة وأي مسلم في كل صلاة لما بيبدأ صلاته (إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ) مش بنعملها علشان حد، لله رب العالمين لا شريك له، فنرجو إن ربنا يقبلها، لكن مع تسليط الأضواء ومع النغمة اللي مشيت فاليوم.. لسه اليوم اسمع إن فيه تلات مقالات طالعين في "اللوموند" علينا، مع إن الموضوع يعتبر يعني شبه راكد ونائم، حوالي شهر تقريباً دلوقتي أو شهر ونص التحقيقات واقفة فيه في كل مكان، لأن بيحققوا في كل الأوراق وكل المعلومات اللي أخدوها والاستجوابات اللي أخدوها قالوا بصراحة إن هم بيرسلوها لعدة بلاد وكتبوها حتى في مؤتمرات صحفية بيرسلوها لعدة بلاد ليتبينوا منها ومن.. ومن الأسماء اللي فيها.
أحمد منصور: نعود إلى صدام حسين.
يوسف ندا: بعد منها بحوالي أربع أيام أو خمسة أنا رجعت طبعاً ما استطعتش إن أنا... ما استطعش يقنعني إن أنا أروح، بعد منها بأربع أيام وخمسة اتصل بي نفس الشخص اللي.. اللي كان جاني في عمان، قال لي يا أستاذ يوسف هل مكن تسافر بكره، قلت له ما عندي مشكلة، قال لي: طيب أنا مش راح بأكون في انتظارك، لكن هينتظرك واحد من عندي، طيب خير لكن واضح الموضوع، قال لي واضح.
أحمد منصور: بعد قد أيه من الزيارة الأولى أسبوع؟
يوسف ندا: حوالي 3 أيام، 4 أيام فقط يعني.
أحمد منصور: يعني كل دا في أكتوبر 1990.
(5/287)
يوسف ندا: أي نعم في نفس الوقت.. نفس الوقت، فركبت ورحت يعني إجراءاتهم طبعاً أنت عارف الدولة يعني كلها يعني حتى قول المرافق دهوت الأولاني قال لي: إحنا عندنا مركزية شديدة، ما كل واحد يعرف كل شيء، انتظرني في المطار، طبعاً ما فيه إجراءات جوازات سفر وما جوازات سفر، ما فيش الكلام هذا وأخذني على أوتيل المنصور وفي أوتيل المنصور قال لي يا أستاذ يوسف أنا مهمتي انتهت أنت في يد رئاسة الجمهورية، قلت له يعني أتكلم مع مين؟ قال لي لأ ما هتتكلم مع حد هم اللي يهتكلموا معاك، فكان طبعاً آخر النهار، تاني اليوم الصباح الساعة عشرة ونصف تليفون الغرفة، أستاذ يوسف. أيوه. هل ممكن نشرب الشاي مع بعض؟ أيوه طب انتظرك تحت.
أحمد منصور: بدون ما يقول لك مين؟
يوسف ندا: أبداً.
أحمد منصور: ولا سألته؟
يوسف ندا: أبداً.
أحمد منصور: طب مش خايف؟
يوسف ندا: أنا فهمت، لأ ما هو.. يعني هنرجع للقاعدة، ما دام الواحد قبل إن هو يدخل في أشياء زي دي لازم يتوقع كل شيء، كنت متوقع أن أكون ممكن أسجن هناك، وممن أقتل هناك وممكن في الطريق أعداءهم يقتلوني مش هم، كل شيء كان مفتوح ودي في كل مكان، أنا من الأشياء اللي.. اللي كانت تشدني في كل اتصالاتي دي أو في كل محاولاتي إنه إذا كان حد يكون متابع وأنا اللي جايبه علشان يناقش الطرف التاني، إذا قتل أو حد أصابه أي شيء هأتهم أنا بإن أنا اللي استدرجته، كنت أخاف منها كثير دي، لكن برغم من كده الواحد كان بيتوكل على الله، يقول ما دام الواحد نيته إنه يعمل الخير ربنا يحميه.
أحمد منصور: تفتكر مين اللي قابلك؟
يوسف ندا: اسمه أعرف اسمه، قال لي على اسمه، الله أعلم اسمه حركي أو لأ، لكن اسم من العائلات المشهورة اللي هي موجودة في.. في النظام.
أحمد منصور: وطبعاً مش هتقول.
(5/288)
يوسف ندا: اسم العائلة لأ، ما يجوز. فالمهم هذا اللي طلبني نشرب شاي معاه، نزلت لقيت واحد موجود، وعندهم يعني أسلوبهم فعلاً ما يشعرك أبداً إن فيه شيء، يعني ما شعرت إن هو يعني واحد كبير في السلطة، ما شعرت إن حوالينا حرس أو فيه ناس معاه، هو وحده، شربنا الشاي وبعدين قال لي: يا أستاذ يوسف إحنا هنمشي بقى.
أحمد منصور: لم يسألك عن شيء؟
يوسف ندا: أبداً.
أحمد منصور: قعدتم في شرب الشاي تتكلموا عن أيه؟
يوسف ندا: ما فيه.. على الجو وعلى إن كان فيه بعض الأجانب موجودين في الأوتيل، هذا كله.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: مشيتوا مباشرةً لمقابلة الرئيس؟
يوسف ندا: مشينا، اتضح طبعاً السيارة كان أمامها سيارة اللي أستطيع أن أقوله سيارة قدام سيارة ورا، وبعدين دارت بيننا في أحياء بغداد مدة طويلة يمكن حوالي ساعة.
أحمد منصور: كنت حاسس إنها بتدور حوالين نفسها؟
يوسف ندا: في نفس المكان.. في نفس البلد، في داخل البلد.
أحمد منصور: رحت العراق قبل كده أو كانت أول مرة؟
يوسف ندا: لأ، كانت أول مرة.
أحمد منصور: يعني أيضاً أول مرة تشوف صدام حسين؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: وطبعاً صورتك معاه من بين أدلة الاتهام اللي خدوها.
يوسف ندا: أيوه، يعلقوا فيها هي، والصورة الثانية بتاع نبيل شعث، يعني حتى الصور الثانية ما اهتموا بيها أبداً.. أبداً هي دي هي المهمة.
أحمد منصور: طبعاً.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: على علاقة بمحور الشر.
يوسف ندا: هو الحقيقة يعني محور الشر أو ما محور الشر، الحقيقة أنا بالرغم من إن أنا أختلف مع.. في أسلوب الحكم اللي موجود أو يعني ما فيه ما يدعو إن الواحد يتكلم كثير في الموضوع ده، لكن أنا مقابلتي مع الرجل أشهد شعرت برجولته.
أحمد منصور: لسه هنتكلم فيها، الآن السيارة.
يوسف ندا: يمكن ما يعجبك الكلام ده أنت، ده موضوع تاني، لكن
(5/289)
أحمد منصور: أنا لا أتحدث –كما قلت لك- عن رأيي الشخصي في البرنامج، أنا أعكس الرأي الآخر، الآن السيارة واخداك وبتلف في الطريق.
يوسف ندا: أيوه، بعد ما أخدونا خرجت برَّه شوية، وبعدين أخدونا إلى بيت لا أستطيع أقول قصر، ولكن يعني فيلا كبيرة، وأخذونا إلى صالون في الداخل
أحمد منصور: فتشوك.
يوسف ندا: لا.. لا.. لا.. لا، أسلوب.
أحمد منصور: ولا كشفوا على..
يوسف ندا: لا.. لا، أسلوب حضاري، أسلوب زائر يزور الرئيس ما هو واحد
أحمد منصور: أصل فيه أساطير كثيرة بتروى حوالين اللي بيروح يقابل الرئيس صدام.
يوسف ندا: أبداً.. أبداً.. أبداً، لم أشعر بأي شيء
أحمد منصور: خاصة وإن دي كانت وقت أزمة وحرب.
يوسف ندا: لم أشعر بأي شيء أبداً، يجوز إن عندهم إجراءات، لكن لم يشعروني بأي شيء.
أحمد منصور: لأ، أنا أقصد أنت لم تتعرض لتفتيش.
يوسف ندا: أبداً.. أبداً.
أحمد منصور: ولم يسألك أي أحد عن أي شيء؟
يوسف ندا: أبداً، ولا حد، يعني أنا طبعاً حتى لو حد سألني أروح أقابل الرئيس أكلمه فأنا هأقابل الرئيس في أيه مش ممكن، لكن لم يسألني أحد، كل واحدة يعني ظاهر من الـSystem إن كل واحد عارف حدوده، يعني هو زي ما قلت لك الأول قال لي إحنا عندنا مركزية شديدة واضحة، فانتظرنا في الصالون ما وقت طويل يمكن دقائق، ثم يعني دخل واحد قال اتفضلوا فدخلنا في الصالون الآخر ولم.. يعني ما فيه ثانية وسمعنا أصوات، وبعدين دخل الرئيس وطبعاً أصوات فيه ناس معاه، فدخل الرئيس فحيانا تحية طيبة وعلى طول الصور على طول التصوير بدأ، يعني في مجرد السلام للتصوير.
أحمد منصور: رغم إن المفروض أنك مش وفد رسمي وإن زيارتك مش معلنة..
يوسف ندا: أي نعم لأ، هو بعد كده يعني جاني واحد في الأوتيل وقال لي يعني هل توافق على إن الصور تطلع في الجريدة غداً؟ قلت له أبداً، قال لي: ولا التليفزيون؟ قلت له: أبداً.
أحمد منصور: أهو الأميركان خدوها بعد كده
(5/290)
يوسف ندا: يعني خدوها. قضاء الله هتعمل أيه.. قضاء الله
أحمد منصور: نعم، وبعدين مقابلة رئيس مش سر يعني.. اتفضل.
يوسف ندا: أيوه، وحتى اللي.. اللي كان ممكن يطلع منها لو استمر كان هيبقى كبير ما كان صغير، لأنه التفكير..
أحمد منصور: طب خلينا الآن لسه أنت الآن قابلته وسلم عليك أيه اللي صار بعديها؟
يوسف ندا: أيوه، جلسنا إحنا كنا ثلاثة، فجه أكبرنا سناً أكبر مني، يعني أما هو.. يعني بعد ما قعدنا ورحب، وإن شاء الله ما تكونش الرحلة قاسية عليكم، وبعدين قال: اتفضلوا فاتفضلوا، أنا شاورت لأكبرنا سناً إن هو يعني يبدأ الكلام.
أحمد منصور: مين كان معاك؟
يوسف ندا: لأ، ما أستطيع أقول، إن هو يبدأ الكلام، فهو اللي يجزيه الخير –قال له الواقع إن المبادرة دي هي بتاع الأخ يوسف والأخ يوسف أقدر على شرحها، وأنا أفضل الأخ يوسف هو اللي يتكلم. فنظر لي قال لي: اتفضل، فبديت أتكلم.
أحمد منصور: نقدر نقول المبادرة دي قبل ما تقولها كانت مبادرة الإخوان؟
يوسف ندا: أنا قلت لك إن الإخوان لا يمنعوا مبادرات فردية إن كانت تتفق مع خطهم العام، الإخوان كانوا يعلموا إن فيه مصيبة جايه للمنطقة كلها.
أحمد منصور: يعني كانوا على علم أنك أنت بتعمل مبادرة أو أنك بتتحرك فيها، بصفتك مفوض سياسي للإخوان فبتتحرك في المسألة طيب
(5/291)
يوسف ندا: هم يعلموا إن أنا بأعمل مبادرات، يعلموا إن أنا بأعمل مبادرات، وطبعاً الخط كان شديد الوضوح إنه أعلن المرشد.. وأعلن مكتب الإرشاد إن هم لا يوافقوا أبداً على دخول قوات أجنبية في المنطقة، وإن هم لا يوافقوا على استمرار غزو الكويت، وغزو الكويت كان خطأ، وطبعاً هو يعلم إن أنا من الإخوان، ويعلم إن هذا هو رأي الإخوان، فطبعاً كل واحد حتى الكلام اللي حصل في عمان، يعني كانوا بيطلبوا من الرئيس إن هو يطلع من الكويت، طيب أيه البديل؟ إن ماكنش تحط البديل ما تستطيعش إن أنت تحقق شيء، أنت.. أنت تطلب من واحد عمل شيء مقتنع به إن هو يغيره من غير ما تقول له يغيره إلى أيه، معناه إن هو ما كانش مقتنع باللي يعمله.
أحمد منصور: أيه فحوى الخطة اللي عرضتها؟
يوسف ندا: يمكن كانت مهمة إن بعض مرات الواحد يعني مخه يسبق لسانه، فلسانه يجي متأخر يقول حاجة مش هي اللي كانت في مخه، اللي كان معروف إن الجيش السعودي كان يدربه الجيش الباكستاني، فالفكرة اللي كانت موجودة عندي إنه حتى يخرج الجيش العراقي لابد يحل محله جيش يحقق شيء هو في ذهنه يكون شيء تحقق من.. مما فعله، من الأشياء اللي كان في ذهنه إنها حققها هو إنه الجهاز الحاكم في الكويت يعني اختلف معاه بصرف النظر مين المخطيء ومين المحق، وإنه الشعب الكويتي لا يقبل الحكام هناك.
فدي كان لازم تكون هي مدخل للحديث. طيب إذا خرج الجيش العراقي يبقى الحالة إذا عادت إلى ما كانت عليه يبقى هو ما حقق شيء، بالنسبة لنا إذا كان الكويت عايزه الحاكم القديم الحاكم اللي كان فيها، كل بلد حرة فيمن يحكمها، فحبينا نحط الموضوع نترك جزء منه، نحله والجزء والثاني نتركه للوقائع والأيام هي تحله، الجزء اللي إحنا نحله إن لابد من خروج الجيش
أحمد منصور: العراقي من الكويت
(5/292)
يوسف ندا: خروج.. خروج الجيش العراقي، فمين؟ هيدخل مكانه الجيش الأميركاني؟ لا يمكن، الجيش السعودي لا يمكن. ما يمكن يوافق على الكلام ده، فقلنا له إحنا يعني مجموعة من الجيوش مش جيش دولة واحدة، مجموعة من الجيوش ممكن تُنسق وتدخل.
أحمد منصور: أي جيوش؟
يوسف ندا: يعني إسلامية.
أحمد منصور: دول إسلامية.
يوسف ندا: أي نعم، والترتيب كان على أساس إنها تكون ماليزيا، وإندونيسيا، والسودان، وإيران بزعامة إيران باعتبار إن هي الأقرب وباعتبار.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني إيران اللي قعد يحارب فيها ست سنين.
يوسف ندا: دا دي النقطة اللي كانت شديدة الأهمية عندي، إن دي فرصة إن إحنا نفك كل العقد اللي كانت بينهم
أحمد منصور: وكانت الدول دي.
يوسف ندا: دي كنا.. دي كانت أهم عندنا من الموضوع الثاني.
أحمد منصور: الدول دي كانت وافقت ترسل جيوشها؟
يوسف ندا: جس النبض في الأول في ثلاثة منهم أيوه، وإيران أيوه.
أحمد منصور: كل ده عملتوه قبل ما تروحوا له؟
يوسف ندا: أي نعم، فبالنسبة لإيران طبعاً هي الثانيين هيكونوا وحدات رمزية، لكن الجيش كان هيكون جيش إيراني.
أحمد منصور: مستحيل يقبل هذا.
يوسف ندا: لأ، هو كان فيه نقطة مهمة إن المدخل كان عندي إنه..
أحمد منصور: ولا السعودية ولا كل الدول الثانية كانت ستقبل إن جيش إيراني يجي مكان.. يجي الكويت.
يوسف ندا: لأ، ما هو يعني إذا قلت لي ولا السعودية ولا غيره، طب السعودية قبلت الأميركاني كان أرحم لنا إحنا جيش دولة إسلامية أو أرحم لنا إنه يجي الأميركان؟
أحمد منصور: لأ، طبعاً إزاي أرحم لك جيش دولة إسلامية وكانت إيران لا تخفي مطامعها في المنطقة وصراعات بين الدول على..
يوسف ندا: لأ، هو كان.. هو كان
أحمد منصور: وحرب استمرت 6 سنين ودول الخليج كلها كانت واقفة..
(5/293)
يوسف ندا: لأ، هو كان الحرب.. الحرب كانت انتهت لها سنوات، وبعدين أنا من الكلام اللي قلته له، قلت له: يا سيادة الرئيس، يعني أنت لم تستثمر صلحك مع إيران، صلحك مع إيران إن ما كانش فيه تطبيع ممكن في أي وقت الحرب تقوم مرة ثانية، والخسائر عند الطرفين تكون مرة ثانية.
أحمد منصور: طب عشان أنا ما تقعدش نحكي بشكل كبير، عايزين نقاط مباشرة، باختصار قلت له أيه؟ وكان رد فعله أيه؟
يوسف ندا: لأ، باختصار هي كان ساعتين، أنا هأقولها باختصار إزاي أنا؟ بأقول لك الموضوع كان مركز..
أحمد منصور: كل ساعة في دقيقتين..
يوسف ندا: كان مركز.
أحمد منصور: يعني حضرتك قعدت تتكلم ساعتين وينصت صدام حسين.
يوسف ندا: بأقول لك أنا الزعماء بيقروا ملخصات طيب
أحمد منصور: يعني حضرتك قعدت ساعتين تتكلم وهو يسمعك؟
يوسف ندا: أي نعم، هو الحقيقة يعني أنا ما كنت أتصور، لأن كثير من الزعماء اللي بأشوفهم صعب أنك تأخد منه فرصة تتكلم إلا إذا فرضت نفسك عليه، أما و كان مستمع، ويعني أقولها فيه ناس ما تحبها إن أنا أقولها، لكن الواقع أي قاضي بتسمعه، أي قاضي، يعني الأستاذ الهضيبي –الله يرحمه- لما كان الواحد يكلمه كان آخر واحد يتكلم، يسمع.. يسمع.. يسمع، وبعدين القرار بتاعه ملخص، شديد الوضوح، فهو سمع كثير، وسمعه كان يعني مهتم
أحمد منصور: كان بيناقشك؟ كان بيسأل أو كان سايبك تتكلم؟
يوسف ندا: لأ، كان سايبني أتكلم، وبعدين حتى الحزام خلعه اللي فيه المسدس وعينه لم تنزل عن عيني خلعه وحطه جنبه من غير ما.. ما يغير عينه
أحمد منصور: أيه تعني هذه يعني؟
يوسف ندا: يعني كان مرتاح، أنا ما شعرت به إنه كان مرتاح.
أحمد منصور: باختصار أيه.
(5/294)
يوسف ندا: وكان مرتاح لدرجة إن أنا هو بعد ما خلصت كلامي قلت كل اللي أنا في جعبتي أنا كنت حاطط ورقة في جيبي يعني حاطط فيها نقط، فجيت أشوف يمكن أكون ناسي نقطة أو حاجة حطيت أيدي في جيبي عشان أطلع الورق لأول مرة عيني تروح بعيد عن وجهه فبصيت في اللي موجودين، فخفت، يعني على وجههم بان أثر.
أحمد منصور: أنك بتمد هنا..
يوسف ندا: لا مش دي، إن أسلوبي كان وحش، فعلى طول استدركت، قلت له يا سيدة الرئيس أنا متأسف، وأعتذر وأرجو إنك تسامحني يمكن أسلوبي وصوتي كان عالي قال لي أبدأ أبداً الحماس مطلوب، أنا هذه الشكليات لا أبالي بيها، كِّمل، ما كنت أتوقعها مع كل اللي كنا نسمعه عنه، وبعدين لما بدأ يتكلم قال يعني طبعاً شكر اهتمامنا بالقضية ودا يعني المفروض أنه يتوقعه في كل مسلم ويتوقعه في كل عربي، لكن إحنا لا يجوز إن إحنا ننسى كرامتنا، وإحنا يجب أن ندافع عن كرامتنا حتى ولو فوقينا، والأميركان إذا مات منهم 5 آلاف واحد في أي مكان هينسحبوا، أما إحنا إذا ضحينا بـ 200 ألف عشان نحتفظ بكرامتنا وبكياننا وبثروتنا وبمستقبلنا، إحنا مستعدين للتضحية.
أحمد منصور: حسيت إن الرد دا كان جاهز حتى من قبل ما تطرح كلامك، أم فوجئت به في نهاية العرض اللي قدمته؟
يوسف ندا: لأ أنا أعتقد إنه بين الاثنين، هو دا ما يؤمن به، ودا اللي بيفكر فيه، وفي نفس الوقت هو سمع الكل وقلبِّه، مع.. فكل شيء له مزايا ومساوئ، فطبعاً النتيجة عنده إنه المساوئ ما تغطيش المزايا.
أحمد منصور: شعرت بأيه بعد الرد اللي قال لك؟
يوسف ندا: هو وإحنا بنتكلم يعني كان بيشرح طبعاً الأوضاع وبعدين إخونا الكبير اللي في السن قطعني، قال له يا سيادة الرئيس يعني أرجو إنك تسمح لي أقول لك واقع، فيه أخبار كثيرة بتيجي من الكويت إن الأعراض منتهكة وإنه فيه أعمال يعني لا تقبل لا شرعاً ولا إنسانية بتحصل.
أحمد منصور: يقوم بها الجيش العراقي.
(5/295)
يوسف ندا: أيوه، فرده ما نفاها، قال أنا لا أستطيع أن أنا أنفي شيء من هذا، هذا جيش وجيش نازل، لابد يكون له سلبيات ولابد يكون فيه أشياء يعني غير مقبولة، لكن عندما تصل إلينا أي شيء غير مقبول إحنا لا نوافق عليه وأعراض الكويت هي أعراضنا، ووصلني وبلغني إنه يعني شيئين حصلوا، وطلب إعدامهم، ونظر للمساعد جنبه قال له اعدموا، فهز رأسه، فهز رأسه، فدي كانت يعني لفتة، طبعاً الواحد ما يقبل القتل.. ما نقبل الاعتداء على الأعراض وما نقبل كمان واحد يقتل من غير ما يحاكم، لكن يمكن حاكموه هو ما نعرف، تفاصيل ما كانتش دي مهمتنا إن إحنا ندخل في هذه التفاصيل، بعد منها طبعاً وضحت هو ما لغى.. لكن وضحت إنه هو غير موافق.
أحمد منصور: وأنت حسيت إن المشروع بتاعكم خلاص انتهى.
يوسف ندا: أيوه، هو اليوم الثاني، إحنا ما طلبناها، لكن أخذونا علشان نقابل السيد طه.
أحمد منصور: ياسين رمضان (نائب رئيس الجمهورية).
يوسف ندا: ياسين رمضان، فقابلناه وهو أول ما بدأ يتكلم يعني بعد ما رحب، وبعدين قال أنا سمعت عن مبادرتك مع الرئيس، فما عجنبي الأسلوب، فقلت له يعني سامحني الرئيس يعني ما وافق عليها ولا داعي لمناقشتها ما دام هو ما وافقش عليها، فقلت الباب.
أحمد منصور: انتهى دوركم الآن في العراق.
يوسف ندا: لأ كان فيه دور ثاني، هو كان مهم عندي، بالنسبة للأسرى ودي عملية لغاية اليوم ما اتحلتش.
أحمد منصور: الأسرى العراقيين.. الكويتيين.
(5/296)
يوسف ندا: فقابلت.. قابلنا السيد عزة إبراهيم في نفس اليوم، ويعني ما كنا طالبينها لكن دا الإجراء الروتيني بتاع البروتوكول، فقلت له إنه يعني أنا كان كلامي مع السيد الرئيس كان ممكن يعني يغير الخريطة في مواضع كثيرة، وليس فقط في موضوع الكويت، لكن موضوع إيران نفسها لابد من استثمار الصلح اللي حصل ومن ضمن الحاجات اللي لابد تتغير هي موضوع الأسرى، فقال إحنا ما عندنا أسرى، قلت له لأ طلع في التليفزيون عندكم وزير البترول اللي كان مأسور في أول العراق.. في أول الحرب، وموجود عندكم.
قال: لأ دا مات من أول الحرب.
أحمد منصور: موضوع الأسرى طبعاً كان فيه أسرى وقتيها، وقت ما أنتم إتكلمتم في أكتوبر، وبعدين أخرج عنهم بعد الحرب، يعني موضوع الأسرى وباقي قضية 600 أسير إلى الآن، يعني لا زال فيها كلام كثير، لكن أنت بعد هذه الزيارة خلاص، حسيتوا أنه موضوع العراق مغلق بالنسبة لكم، المبادرة اللي قدمتوها لم تلقي قبولاً من الرئيس العراقي وانتهى دوركم في هذه المسألة.
يسوف ندا: لأ استمرينا.. استمرينا.
أحمد منصور: استمريتم، لكن ما جيبتوش نتيجة.
يوسف ندا: لأ ما جيبناش.
أحمد منصور: شعرت بالإحباط بعد هذا الأمر؟
يوسف ندا: لأ هو الإحباط.. أقول لك بصراحة يعني الإحباط ما يستطيع إنسان تهمة المنطقة وهو شايف إنها هتحرق وما يشعرش بالإحباط إنه هو يمنع حرقها، دي ما فيهاش نقاش.
أحمد منصور: طيب، أنا من دردشتي معاك فيه مهمة أخرى أنت قمت بها، الآن موضوع العراق انتهى، لك تعليق عليها قبل ما انتقل إلى مكان آخر.
يوسف ندا: لا، اتفضل.
مساعي الإخوان المسلمين لحل الأزمة بين الحكومة الجزائرية وجبهة الإنقاذ
(5/297)
أحمد منصور: وهو أنك قمت بزيارة للجزائر في عام 1994 بترتيب مع الحكومة الجزائرية من أجل حل الأزمة بين جبهة الإنقاذ وبين الحكومة، والتقيت مع عباس مدني في السجن وقضيت معاه ليلة بترتيب مع الحكومة، كيف كانت طبيعة المبادرة التي قمت بها، لإيقاف الأزمة ما بين الحكومة وما بين جبهة الإنقاذ، علماً بأنك من الإخوان وجبهة الإنقاذ على خلاف مع الإخوان في الجزائر.
يوسف ندا: أيوه يا أخي، يعني هتضطر تخليني أتكلم في كلام كثير أتكلمه، المبادرة هي مبادرة إخوانية، رغم زي ما تفضل وقلت إنه عباس مدني وعلي بلحاج أو بالذات عباس مدني مش علي بلحاج، يعني كان حصل سوء تفاهم بينه وبين أخونا محفوظ نحناح.
أحمد منصور: محفوظ نحناح طبعاً هو يمثل الإخوان المسلمين في الجزائر.
يوسف ندا: أي نعم، أي نعم، والملف اللي مهد لي في كل الأشياء دا هي وفي كل تحركاتي هو كان الأخ محفوظ، و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وطبعاً الإخوان في الجزائر بيشاركوا الحكومة في السلطة وبعض الوزراء.
يوسف ندا: لأ ما كان فيه علاقة بيتهم وبين السلطة في هذا الوقت.
أحمد منصور: دلوقتي.. دلوقتي.. دلوقتي
يوسف ندا: لكن هم كانوا بيتفادوا ما حصل، هم كان نظرتهم أعمق من نظرة أخونا عباس مدني وحاولوا إن هو.. إن هم يتفادوا ما حدث، لكن يعني الله يفك أسره، يعني يمكن كان فيه أشياء شخصية.
أحمد منصور: طيب بس عشان حضرتك ما نطولش كثير، في 30 يونيو 91 قبض على عباس مدني، وعلي بلحاج، في 26 ديسمبر 91 جرت الجولة الأولى من الانتخابات والمقرر كانت الجولة الثانية تتعاد في النصف الثاني من يناير، لكن ألغيت في 11 يناير 92، ولا زال علي بلحاج موجود في السجن إلى الآن، وأنت قمت بالوساطة في العام 94.
يوسف ندا: نوفمبر 94، أنا لقيت لك الـ..
أحمد منصور: ديسمبر طيب ماشي، مين اللي رتب لك الاتصالات.
(5/298)
يوسف ندا: هو يعني لما فهمنا الأخ محفوظ إن إحنا نريد نتصل حتى نحاول جهدنا إن إحنا نخرج الجزائر من الأزمة الموجودة اللي حتستمر ومش فقط إنها حتستمر وحتخرج عن نطاق ناس معتدلين زي أخونا علي بلحاج وعباس مدني وممكن ناس يعني يستعملوا الإسلام في ضرب الإسلام، ودا اللي حصل بعد كده، فهو رتب لنا الصلة مع.
أحمد منصور: مع من.
يوسف ندا: مع الرئيس زروال، والرئيس زروال حول الموضوع على.
أحمد منصور: التقيت مع الرئيس أم بس عملت اتصالات.
يوسف ندا: لأ أنا التقيت مع بتشيني.
أحمد منصور: الجنرال محمد بتشيني، ودا من الجنرالات اللي بيحكموا الجزائر.
يوسف ندا: أي نعم، وهو اللي كان عنده الملف.. هو اللي كان عنده الملف، فلما التقيت به يعني قال لي هل عباس وعلي يعرفوك ويوافقوا قلت له أيوه، قال لي طيب تحب تقابلهم على طول، قلت له لأ أحب أكلمهم بالتليفون.
أحمد منصور: كانت علاقتك أيه بعلي بلحاج وعباس مدني؟
يوسف ندا: عباس مدني معروف من أيام ما كان في لندن، لأنه واخد دكتوراة
أحمد منصور: إمتى كان في لندن أيام لندن؟
يوسف ندا: في السبعينيات.
أحمد منصور: وأنت تعرفه من أيامها.
يوسف ندا: ما أعرفه ولكن على صلة.
أحمد منصور: كان ليك أنشطة تجارية في الجزائر؟
يوسف ندا: نعم.
أحمد منصور: كان لك أنشطة تجارية في الجزائر؟
يوسف ندا: لأ، أيوه، أسمنت أيوه.
أحمد منصور: لأ في ذلك الوقت.
يوسف ندا: لأ قبله.
أحمد منصور: انهيت علاقتك، في هذا الوقت 94 لم يكن لك علاقة تجارية.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: هل كان الجنرالات لما التقيت فيهم لديهم استعداد للمبادرة التي طرحتها.
يوسف ندا: لما بديت كان الاستعداد موجود، لما جبت لهم الرد قفل الباب.
أحمد منصور: خلينا الأول في.. قبل ما تجيب الرد، أنت درست الملف بشكل جيد.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: كانت أيه خطتك للمصالحة بين جبهة الإنقاذ والحكومة.
(5/299)
يوسف ندا: إنه لابد من تنازل الإخوة على موضوع الانتخابات اللي هم كانوا متمسكين به، لكن كان لابد من إنه يكون فيه شيء الحريات كان لازم تكون موجودة، ولابد يكون فيه يعني فترة تمهيدية يعقبها انتخابات أخرى.
أحمد منصور: قل لي باختصار أيه اللي درا بينك وبين الجنرال بتشيني لما التقيتة.
يوسف ندا: قلت له هل أنتم تعتقدوا إذا إحنا استطعنا نقنع الجماعة إن هم من ناحيتهم كل التصعيد اللي كان موجود عندهم في طلباتهم يهبط إلى شيء تقبله الحكومة، ويعني يؤدي في النهاية إلى أن يعني تهدئة الوضع العام، ليس فقط عند الجبهة، ولكن عند الكل، طبعاً ما كنا نتكلم، ولا نستطيع إن إحنا نتكلم نقول لهم إن أنتم عندكم أنتم يا عسكريين يا حاكمين بلادنا ما نستطيع نقول هذا، لكن تحب توفق.
أحمد منصور: أنت بتتحدث كرجل دولة يعني مع رجل دولة لابد أن الحوار يكون مختلف.
يوسف ندا: أيوه، فكل ما هناك إنه تحاول تهبط أو تخفض من سقف الطلبات الأخرى، وطبعا كان فيه مراسلات كانت درات بين علي بلحاج وبين الرئيس زروال، وكان قاسي فهي علي بلحاج، وقلنا لهم يعني كل دا هو ممكن يتغير لو كان فيه رؤية بعيدة شوية، وخلونا نمهد الطريق للرؤية البعيدة، فقالوا أيه المطلوب قلت لهم يعني لو تسمحوا لي إن أنا أزورهم، يمكن هم ما يوافققوش، طيب تليفون، ففورا طلبهم على التليفون.
أحمد منصور: هم كانوا في السجن.
يوسف ندا: أي نعم، وأنا يعني قبل هذا كنت وصلت الخبر لهم في السجن، كان وصلهم عن طريق أوروبا.
أحمد منصور: آه يعني كمان وصلت للسجن بسكة ثانية.
(5/300)
يوسف ندا: أي نعم.. أي نعم، فكان وصلهم كانوا متوقعين، فسلم عليَّ أخونا عباس مدني -الله يفك أسره- وقال لي فين؟.. بتتكلم من أين؟ قلت له أنا هأزورك بعد ربع ساعة، فيعني رحب، ثم قلت للسيد محمد بتشيني، قلت له إذا كان تسمح لي بالزيارة؟ قال لي فوراً، اتفضل، فأرسل معي مرافق، وذهبنا طبعاً زي ما بتقول أنت قابلت الرئيس صدام حسين دخلت من غير تفتيش، أما هناك دخلت على (xray)، وبعدين دخلت على هذا وعلى هذا، طبعاً مع الأدب ويعني سامحنا، هذا الكلمة اللي قيلت ليَّ، يعني سامحنا، هذا لحماية الإخوة اللي أنت جاي تزورهم، حتى يعني لا يصيبهم مكروه، مش بالنسبة لك أنت، لكن بالنسبة لأي حد ممكن يدخل.
أحمد منصور: وضع السجن كان شكله إيه اللي رحت لهم فيه.
يوسف ندا: لا، همَّ كانوا في وضع الإقامة الجبرية، مش في السجن نفسه، أيوه.
أحمد منصور: الإقامة الجبرية دي في بيت؟
يوسف ندا: كانت في فيلا، أيوه.
أحمد منصور: الآن همَّ انتقلوا للإقامة الجبرية أيضاً.
يوسف ندا: أيوه بس هو في الفيلا، الفيلا صحيح كانت فيها كل مستلزمات الحياة، وكان عندهم الطباخ، وكان عندهم اللي بينظف، لكن الأخ علي بلحاج كان ينام على الأرض، وبعدين كان بيسعل كانت صحته.. كان ضعيف، وحالته كانت حاله، فبأقول له يا أخ علي يعني أرحم نفسك شوية، قال لي إخواني في السجون، في الصحراء وفي كل مكان يناموا.. وعاوزني أنا أنام على السرير، قلت له يعني احتفظ بصحتك عشان تعرف تكافح.
أحمد منصور: رغم إدراك علي بلحاج وعباس مدني إنك أنت من الإخوان المسلمين،
يوسف ندا: طبعاً.
أحمد منصور: وجاي تعمل المصالحة دي بينهم وبين الحكومة.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: كانوا متجاوبين معاك؟
(5/301)
يوسف ندا: آه، لأن هي كان.. قبل كده كان في يعني سنة.. خليني أقول لك سنة 90 في مايو ويونيو 90 كنت رحت الجزائر، وكانت منسقة، كان معاي –الله يرحمه- الشيخ الغزالي، وكانت منسقة إن إحنا نحاول نوفق بينهم، والحقيقة كانوا اعتدوا على.. الله يكرمه كمان صدره واسع، ويعني تعامل معهم ومع غير بأسلوب التسامح الإسلامي، محفوظ نحناح، يعني حتى بعض أعضاء الجبهة ضربوه في.. في.. في المسجد، وبالرغم من كده يعني كلمناه، الراجل كان يعني مفتوح إنه هو يساوى كل الأمور معاهم، وحاولنا مع الاثنين، لكن كان.. الجبهة كانت في..
أحمد منصور: يعني كان فيه محاولة للإصلاح قبل كده.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: إيه اللي عرضته عليهم؟ وإيه اللي قالوه لك؟ قضيت ليلة معاهم في الإقامة الجبرية؟
يوسف ندا: أيوه أهوه، لما طال الحديث، فقلت للمرافق.. طلعت له بره، وقلت له إذا كان ممكن أتصل بالجنرال إن أنا أنام هنا، وإذا كان وافق أنا شنطتي.. شنطتي.. شنطتي في الأوتيل كنت سايبها مقفولة على أساس إن ممكن أحتاجها.
أحمد منصور: نعم.
يوسف ندا: فقلت له الشنطة مقفولة، وفيها كل شيء، ممكن تجيبها إذا كان يوافق، فكلمه، فقال له ما عندي مانع، فجاب لي الشنطة، و.. وقعدت معاهم، كملت حديثي لغايت تقريباً الساعة 2، 2 دخلنا ننام.
أحمد منصور: 2 بالليل يعني؟
يوسف ندا: أي نعم، الصبح، فدخلنا ننام، وبعدين الساعة 4 صحينا صلينا الصبح، واستمر الحديث.
أحمد منصور: خلصتوا لأيه في الآخر؟
يوسف ندا: همَّ كانوا مفتوحين للـ.. يعني.. لكن سقف طلباتهم، كان فيه أشياء لا تقبل
أحمد منصور: مثل.
يوسف ندا: طبعاً إعادة اعتبار الجبهة، أنا ما كنت ألومهم فيه، لكن إن الانتخابات تفضل زي ما هي عملية ما تمشيش.
أحمد منصور: تاني حاجة؟
(5/302)
يوسف ندا: بعدين الجيش لابد إنه هو يطلع من الـ.. دي كانت صعبة، يعني أنا كنت كاتب الكلام دا كله، يعني حتى الرسالة أو الورقة اللي كانت معاي، اللي كتبتها في الداخل ظلت عندي، ما أخذوها لما فتشوا البيت، لأنها مكتوبة.. يعني بـ..
أحمد منصور: بعد الحلقة هييجوا لك يأخذوها.
يوسف ندا: لا أنا أتوقع في أي وقت ييجوا يفتشوا تاني ويأخذوا الورق اللي موجود، في أي وقت أتوقعها. يعني أهوه شوف دي مكتوبة في.. في السجن ده
أحمد منصور: سنة 94
يوسف ندا: أيوه
أحمد منصور: طيب ما تديهاني حضرتك أبص فيها كده.
يوسف ندا: ما.. ما عندي مانع
أحمد منصور: طيب يا.. الحمد لله
يوسف ندا: طيب، بس تبص فيها وتديهاني تاني، هه.. هه.
أحمد منصور: طيب قو لي أيه أهم الحاجات اللي فيها؟ أيه الطلبات اللي كانت الجبهة تريدها..
يوسف ندا: أهم الهواجس.. آه، اقرأ يا سيدي، اتفضل.. اتفضل.
أحمد منصور: أيه.. أيه أهم الحاجات اللي الجبهة.. المحافظة على.. دي أهم الهواجس التي يجب.. عدم أن تعطي الأولوية في التفكير، المحافظة على هيبة الدولة وعدم تفككها أفضل وسيلة لكيف.. دا كلامك أنت دا مش كلامهم هم؟
يوسف ندا: أيوه…
أحمد منصور: وكمان عدم الاعتداء على القيادات عند الإفراج، الاتفاق على ليلة البدء في الانتخابات.
يوسف ندا: وكلامهم برضو مكتوب عندك
أحمد منصور: الإفراج عن.. تكون..، باقي فعلياتهم، الإفراج عن من لم يحكم عليه، الاتفاق على آلية البدء في انتخابات مقيدة، يجب أن يتغير أسلوب الخطاب الذي يستعمله قادة الإنقاذ مع الدولة، فقد علمنا..
يوسف ندا: دا كلامي أنا دا..
أحمد منصور: آه، يجب أن يكون هناك.. لتفادي أن يكون هناك غالب ومغلوب.. يعني المهم.. دي حديث حضرتك فعلاً
يوسف ندا: دي.. دي نقطة مهمة في حديثك في أي مكان.
أحمد منصور: نعم.. نعم
(5/303)
يوسف ندا: إن.. زي ما يسموها الإنجليز (win.. win)، لكن إن.. يعني تحاول تقنع واحد إنه هو يعني يكسب بغير مكسب.
أحمد منصور: قبلوا أيه من.. قبلوا أيه من العروض بتاعتك؟
يوسف ندا: لأ هو.. همَّ حطوا شروطهم، وأنا مش حكاية يقبلوا، أنا بأخفض الشروط.
أحمد منصور: طبعاً.
يوسف ندا: وأذهب بيها للطرف الثاني، اللي عارف إن الطرف التاني ممكن يقبلها…
أحمد منصور: كأسلوب تفاوض يعني..
يوسف ندا: أيوه طبعاً.
أحمد منصور: خفضت من شروطهم أيه؟
يوسف ندا: يعني مثلاً ترسيخ الحكم الديمقراطي، ومنع الجيش من التدخل في السياسة، إزاي هأروح أكلم الجيش عن الكلام دا؟.. هأقول لهم الكلام دا؟
أحمد منصور: نعم.. نعم.
يوسف ندا: يعني دي.. دي مرحلة ممكن توصل لها بعد كذا سنة.
الكلام الثاني إعادة الاعتبار في.. إلى الانتخابات السابقة البلدية، والولائية، والتشريعية.
أحمد منصور: اسمح لي هنا بسؤال مهم، أنت حسيت إن همَّ عايشين زمانهم و.. أو لا عايشين أحلام وأوهام؟ يعني عادة بنلاقي كتير من الناس عمالين يطلبوا مطالب وحاجات بعيدة عن الواقع أن يتحقق، وليس وجودهم ولا تأثيرهم في الواقع يؤهلهم إن همَّ يطلبوا الطلبات الكبيرة ديت من ناس في إيديها سلطان وحكم.
يوسف ندا: يعني أستطيع أقول لك إنه الكلام اللي أنت قلته فيه شيء من الواقع، لكن مثلاً.. وكل شيء يتوقف بتكلم مين، طبعاً في خلاف بين الشخصيتين.. أو اختلاف، بلاش خلاف بين الشخصيتين.
أحمد منصور: بين علي بلحاج و
يوسف ندا: الأخ علي بلحاج صغير في السن كان، مليء بالحماس، قراءاته الدينية و.. يعني هي أكتر من قراءاته السياسية. الأخ عباس مدني، باعتباره يعني كبير في السن، دارساته المدنية وليست الدينية فقط، الدينية كثيرة، لكن المدنية كثيرة، كان ممارس، وكان دخل السجن قبل كده، وقضى فيه أيام (بومدين) يعني الشخصيتين مختلفتين.
أحمد منصور: شخصيتين مختلفتين.
يوسف ندا: أي نعم
(5/304)
أحمد منصور: كنت بتلاحظ إنك أنت بتلاقي فجوة ما بين كل حاجة بتطرحها هنا وهنا.
يوسف ندا: أيوه، لكن همَّ بيحاولوا إن همَّ ما.. ما يظهروا بمظهر الاختلاف، لكن أي واحد يعني يفهم الإسلاميين بيفكروا إزاي يستطيع.. يحس إن في فرق بين الاثنين في.. في سقف الطلبات كمان.
أحمد منصور: خلصت بأيه في النهاية؟.. خلصت بأيه..
يوسف ندا: يعني حتى في أسلوب الحديث مع الحاكم أو خلينا نقول مع السلطة يختلف، رغم الاثنين لا أشك في إخلاصهم أبداً، ورغم الاتنين في النهاية قالوا يا أخ يوسف.. آه، رغم إن الاتنين في النهاية قالوا إحنا..
أحمد منصور: … صدق النوايا شيء، وأسلوب الناس لفهم الواقع والتعامل معاه شيء آخر.
يوسف ندا: رغم.. برضو شهادة الله، دي أنت تقول لي شاهد على العصر، رغم إن الاتنين يعني قالوا في الآخر، قالوا "لا يهمنا من يحكم، ولكن كيف نُحكم".
أحمد منصور: كل شيء..
يوسف ندا: قالوا "لا نسعى إلى السلطة"...
أحمد منصور: يعني أنا بألاحظ.. أو مش أنا بألاحظ، يعني بيلاحظ الناس اللي بيدرسوا الحركات الإسلامية إن الحركات الإسلامية بتعيش أوهام ولا تعيش واقع، ودايماً لها أحلام ومطالب كبيرة لا تتوافق مع الواقع، يقول لك إحنا عايزين نغير الديكتاتورية، وهمَّ بيمارسوا الديكتاتورية في بيوتهم، وبيمارسوا الديكتاتورية في كل مكان.
يوسف ندا: ولنا الصدر دون العالمين.. ولنا الصدر دون العالمين. أيوه.
أحمد منصور: فيعني تغيير المجتمعات أمر مش سهل ومش معين، يحتاج مراحل طويلة جداً، مش قضية انتخابات وحصول على السلطة.
يوسف ندا: ما أختلف معاك طبعاً، ما أختلف معاك.. ما أختلف معاك.
أحمد منصور: لأن أول ناس ممكن تزيلهم من السلطة الناس اللي انتخبوهم لما همَّ يمارسوا عليهم الأساليب اللي في دماغهم دي
يوسف ندا: تمام إن.. إن ما تجاوبوش مع تطلعاتهم كمان.
أحمد منصور: فهنا النقطة المهمة هنا..
(5/305)
يوسف ندا: ولذلك الإخوان.. الإخوان ما طلبوا أبداً تطبيق كل شيء فوراً.
أحمد منصور: النقطة المهمة لأنه..
يوسف ندا: طلبوا التدرج، ومازال يطلبوا التدرج.
أحمد منصور: الإخوان.. سأطلب منك أيضاً، سأتحدث معك فيما يتعلق بالإخوان..
يوسف ندا: أيوه، اتفضل.
أحمد منصور: النقطة المهمة الآن إنك أنت لقيت فجوة كبيرة ما بين اللي رايح تحمله وما بين الناس اللي سُجنت، ولازالت بتصمم على حاجات لن تتحقق، والبلد عايشة في دوامة بعدين.
يوسف ندا: لا، ما هو كل واحد.. ما هو دي يعني تجدها في كل مكان لما تيجي تتكلم في أي مفاوضات، إن كل واحد بيحط السقف العالي وبعدين ينزل.
أحمد منصور: لما نزلوا الآخر..
يوسف ندا: لأن أي واحد يديني سقف عالي أنا أقبله منه، وبعدين أبتدي أناقشه، أبتدي أناقشه في.. في.. في الصعب في الأول، وبعدين أنزل لغاية ما أحدد الحاجات اللي هي سهلة، وبعدين أقف عندها أحاول مع الطرف الثاني.
أحمد منصور: قدرت تخلص في النهاية بحاجات تقدر تطرحها على الطرف الثاني؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: كانت أيه أهم الحاجات دي؟
يوسف ندا: كان أهمها إنه دولت يطلعوا من السجن، يعاد إليهم اعتبارهم، وبعدين تُعاد الانتخابات.
أحمد منصور: وافق الطرف الآخر؟
يوسف ندا: لأ، الطرف الآخر ما كان عنده استعداد لا يطلعهم، ولا إنه هو يعيد الانتخابات.
أحمد منصور: أُمال ليه سمح لك تقدم بمبادرتك أصلاً؟
يوسف ندا: في احتمال إنه هو يعني وقع في مطب إنه هو عايز يستعمل الإسلاميين، يضرب بيهم الإسلاميين، فما.. ما مشيت معاه.
أحمد منصور: حسيت إن مبادرتك لم تنجح.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: قررت بعديها أيه؟
يوسف ندا: قررت بعديها إن أنا لابد تظل صلتي بيهم، و.. والله يكرمه حتى محفوظ نحناح يعني متجاوب، ما.. ما أحب إن هو يغرَّق مركبه.. و..
(5/306)
أحمد منصور [مقاطعاً]: هناك (…..) كثيرة.. كبيرة على محفوظ نحناح ومشاركته للسلطة، وهناك اختلافات كبيرة عليه، لكن هل تعتقد إن قضايا..
يوسف ندا: يعني هو أنقذ.. أنقذ بقية الإسلاميين من أن ينكَّل بيهم كما نُكِّل بالإنقاذ، وأنقذهم من إن يقال إن كل الإسلام والإسلاميين همَّ اللي بيذبحوا الناس باسم الإسلام هناك.
أحمد منصور: يعني مخالفيه السياسيين يتهمونه أيضاً بأنه متواطئ مع السلطة، وأنه يدعم السلطة فيما تقوم به ضد الآخرين، لكننا النقطة المهمة الآن، تعتقد إن الجزائر والصراعات اللي فيها ممكن جهد فرد يجيب فيها نتيجة؟
يوسف ندا: لا، ما هو ممكن قوي قوي، شوف، يعني في أشياء كثيرة ربنا وقفنا فيها. ما معنى إن القضية تكون كبيرة؟ إنك أنت ما تحاولش، وعليَّ أن أسعى وليس عليَّ إدراك النجاح، الآية (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أكمل معك مسيرة المفاوضات والتفاوضات والمبادرات السياسية التي قام بها الأخوان المسلمين في بعض القضايا المختلفة، والتي أنت مكلف بها في الخارج.
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الأخوان المسلمين).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/307)
الحلقة7
(5/308)
الخميس 12/7/1423هـ الموافق 19/9/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 15:31(مكة المكرمة)،12:31(غرينيتش)
يوسف ندا مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين - الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
يوسف ندا: مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
15/09/2002
- دور الإخوان المسلمين في القضية الأفغانية
- موقف الإخوان المسلمين من الإرهاب
- حقيقة التجربة الديمقراطية داخل الإخوان المسلمين
- أسباب خروج ندا من مصر وعدم رجوعه إليها
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين).
أستاذ يوسف مرحباً بك.
يوسف ندا: مرحب بك يا أخي.
دور الإخوان المسلمين في القضية الأفغانية
أحمد منصور: كان للإخوان المسلمين دور بارز وكبير في القضية الأفغانية لاسيما في السنوات الأولى أو سنوات الجهاد بعد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان عام 79 واستمرت إلى ما بعد ذلك بصفتك كنت مفوض العلاقات السياسية الدولية في الإخوان، هل لعبت أي أدوار فيما يتعلق بالقضية الأفغانية؟
يوسف ندا: هو الواقع اللي كان مسؤول عن التحرك في أفغانستان كانوا اتنين الله يرحمهم توفوا. دكتور أحمد الملط وكان مسؤول عن الناحية الطبية، كان بيجند الأطباء ويسفرهم علشان..
أحمد منصور: بيجندهم إزاي يعني؟
يوسف ندا: يعني كل من يستطيع إن هو واحد ممكن يعطي 3 شهور وواحد ممكن يعطي 6 شهور وواحد ممكن يعطي شهرين فكان بينتخب الكفاءات المطلوبة والكفاءات الموجودة ويلائم بينها ويرتب لهم سفرهم.
أحمد منصور: دا من عموم الأطباء ونقابات الأطباء كانت بتعمله في مصر.
(5/309)
يوسف ندا: لأ دا هو كان بيعمله قبل نقابات الأطباء، قبل نقابات الأطباء ما تتحرك في هذا الموضوع هو اللي تحرك كان الدور..
أحمد منصور: كان يجند بس أطباء من الإخوان؟
يوسف ندا: لا كان.. اللي كان بيجندهم الدكتور طبعاً كانوا كلهم من الإخوان، لكن كان فيه أطباء من غير الإخوان، يعني أذكر إن غالب مرة.. غالب همت لأنك أنت بتصر على التسمية الكاملة كان واحد طبيب من أصدقائه كان في ألمانيا وكان أخصائي عظام وكان فيه مشاكل عظام فطلب منه إنه هو يروح وقال له مصروفك عليَّ وراح فعلاً وكان بيدي له فلوس علشان يعالج اللي موجودين هناك.
أحمد منصور: يعني المقصد هنا إن الأطباء اللي راحوا بالذات لموضوع أفغانستان لم يكونوا من الإخوان فقط، كانوا من كل مكان
يوسف ندا: بعد كده، هو في..
أحمد منصور: وكان فيه أطباء عاديين وناس من..
يوسف ندا: في الأول كانوا إخوان فقط ومن الأشياء المضحكة حتى إن فيه مجموعة من الإخوان كانت طلعت مرة وبعدين طلعت.. يعني كان فيه معركة حصلت وطلعت بعيدة شوية، فطلعوا علشان يشوف إذا كان فيه جرحى أو يكون فيه أي حاجة، فطلعت لهم مجموعة تانية من الشيعة وقبضت عليهم، وبعدين أخطروني الإخوان وأنا كنت في طهران وكان مسؤول عن الشيعة كان..
أحمد منصور: سنة كم تفتكر؟
يوسف ندا: نعم؟
أحمد منصور: سنة كم؟
يوسف ندا: والله يا أخي أنا مش قادر أبداً يعني أتجاوب معاك في موضوع التواريخ..
أحمد منصور: ما أنا قلت لحضرتك ارجع لجوازات السفر.
(5/310)
يوسف ندا: لأ ما هو جوازات السفر ما تؤهلني.. ما تؤهلني في كل شيء، أعتقد إنها في مارس 89، لأنه يعني موضوع.. أكلم عن موضوع جوازات السفر، فيه أماكن كتيرة أنا بأخذ تأشيرة على ورقة علشان ما يتختمليش على جواز السفر، يعني أنا إيران ما عندي ولا ختم أبداً عندي في جوازاتي، بأطلب تأشيرة على ورقة وآخد ورقة ومرات ما أخدش تأشيرة ويكونوا منتظرينني يكون معايا سفير أو يكون معايا أي حد من وزارة الخارجية، فبنروح من غير تأشيرة، فجواز السفر عندي ما بيبنش فيه كل شيء فهي لما كلمت الإيرانيين قلت لهم.. لأن كان فيه مؤتمر هناك وكان المسؤول عن الشيعة..
أحمد منصور: قلت لي أحمد.. مين تاني كان مسؤول؟ قلت لي كان مسؤول..
يوسف ندا: الله يرحمه الأستاذ كمال السنانيري هو اللي كان مسؤول عن يعني إرسال المجندين ومات –الله يرحمه- تحت التعذيب في مصر بعد ما رجع على أيام السادات، وقصته معروفة، كل واحد يعرف قصته يعني لأنه ماكانش واحد مجهول، فلما حصلت يعني علمت في كل مكان –الله يرحمه- فدولت الاتنين اللي كانوا مسؤولين، أما أنا يعني كان لي مهمة سياسية تانية في وقت معين ودي أنا.. يعني أنا كانوا تلاتة اللي كنت على صلة بيهم من القادة اللي كانوا هناك كان سيَّاف ورباني وحكمتيار، وحكمتيار هو اللي كان راكب الحصان، يعني هو كان أقوى واحد وكان الكلام ده قبل دخول كابول بمدة لما اتعمل مؤتمر الطائف وجا مندوب الاتحاد السوفيتي هناك وحب.. في الوقت دا كان.. أحسن وقت إن أنا أدخل، فقابلت حكمتيار..
أحمد منصور: طب الأول قبل حكمتيار بس علشان الخطوط ما تدخلش في بعض قلت لي فيه بعض الأطباء من الإخوان اختُطفوا في أرض أفغانستان على إيدين الشيعة.. في إيران..
يوسف ندا: أيوه نسيتها.. أيوه أنا قفزتها، سامحني أيوه..
أحمد منصور: لأ اتفضل.
(5/311)
يوسف ندا: فلما قلت لهم هناك، قلت للإيرانيين يعني تشوفوا لنا حل، إحنا في مؤتمر دلوقتي والراجل المسؤول موجود هنا هوة فتشوفوا حل، دول ناس راحوا متطوعين وراحوا علشان نجدموهم، على أي أساس يمسكوهم؟ فاتصلوا بيه قال الإخوان دول عندهم فلوس يدونا الفدية بتاعتهم وإحنا نطلقوهم.
أحمد منصور: اللي هو مسؤول الحزب اللي اختطف..
يوسف ندا: شيعي، فكانت تقيلة الحقيقة على نفسي أنا، مش بس من.. من إن واحد يكون عامل نفسه مجاهد أو مجاهدين أو عديم.. إنه يمسك ناس ويطلب فيهم فدية والناس مسلمين زيه، وكانت تقيلة كما عليَّ إن أنا تجيني الإجابة من إيران إنه ينقلوا لي رد واحد زي ده مش هم اللي يردوا عليه ويقولوا له إنك مخطئ، يعني آلمتني فعلاً.
أحمد منصور: ردك أيه كان على؟
يوسف ندا: نفسي اللي بأقوله لك دهوت هو نفس الكلام، إنه يؤلمني إن أنا أسمعه منكم، كان مفروض أنتم تردوا عليه.
أحمد منصور: يعني الإيرانيين كحكومة لم تبذل أي جهد في هذه القضية؟
يوسف ندا: لا ما استطاعوا.
أحمد منصور: كيف ما ستطاعوا وهم كانوا بيمولوا أو على علاقة بهذا؟
يوسف ندا: بالرغم من كده.. لأ ما هي كانوا زي قطاع طرق بعضهم، يعني سواء سنة أو شيعة كانوا يسطوا على أي قافلة جاية ويمسكوها، يعني الأحاديث اللي سمعناها عن أفغانستان كان فيها يعني أشياء لا تُعقل أبداً، كنا نقول إنهم مجاهدين، مجاهدين لكن كان فيه مجاهدين وكان فيه لصوص وكان فيه قتلة، وكل أنواع الطيف كله كان موجود، ومن فضل الله إن إخواننا دولت استطاعوا جت عاصفة أو جت حاجة واستطاعوا إن هم يهربوا وما دفعوا فلوس، يعني عرفوا يتخلصوا منها الحمد لله، أما الموضوع اللي أنا تدخلت به لما كان حكمتيار كان هو..
أحمد منصور: يعني هنا قبل ما نقفز على دي، رغم علاقتكم الوثيقة بإيران وعلاقتك أنت تحديداً ورغم إن إيران لها صلات وثيقة بالأحزاب الشيعية الموجودة في أفغانستان..
(5/312)
يوسف ندا: ما يمكن تقول إنها لها يعني سيطرة كاملة على كل الشيعة.
أحمد منصور: لكن على الأقل أنت قلت إن زعيم الحزب اللي خطف..
يوسف ندا: كان موجود في المؤتمر..
أحمد منصور: كان موجود في إيران..
يوسف ندا: أي نعم، كان موجود في المؤتمر
أحمد منصور: ومع ذلك أيضاً لم يفعل شيء
يوسف ندا: للأسف.. لا أذكر اسمه ولا.. وإلا كنت قلت لك على اسمه كمان، ما عندي مشكلة إن أنا أقول اسمه، لكن للأسف ما أذكره.
أحمد منصور: أنا أيضاً غايب عني الأحداث رغم إن أنا يعني غطيت الحرب الأفغانية ولي أربع كتب عن أفغانستان، لكن الحادثة تحديداً غايبة عني تفاصيل إن أنا أفتكرها.
يوسف ندا: أظن أنت رحت أفغانستان في الوقت دا؟
أحمد منصور: أنا غطيت الحرب الأفغانية لمدة 3 سنوات
يوسف ندا: ما شاء الله.
أحمد منصور: وصدر لي أربع كتب، ربما أكون الصحفي العربي الوحيد اللي له أربع كتب عن أفغانستان.
يوسف ندا: ما شاء الله، أنا ما دخلت أفغانستان.
أحمد منصور: لكن يعني أنا نسيت الأحداث من سنة 90 آخر حدث..
يوسف ندا: طب إذا كان أنت نسيت في سنك دا أمال أنا أعمل أيه أنا؟!
أحمد منصور: لا.. يعني الله يعينك، نرجع للموضوع، نرجع للموضوع، أنت بتذكر حادثة معينة ليس. يعني ما عنديش إلمام بها، نرجع للموضوع الآن، الدور السياسي اللي أنت قمت به، أنت قلت كان..
يوسف ندا: هي كانت..
أحمد منصور: في وقت ما بعد مؤتمر الطائف التقيت مع حكمتيار.
يوسف ندا: هو كان يعني القاعدة اللي عندي إن إحنا نبحث في مبادرات، يعني الأدوار السياسية ممكن تسميها مبادرات المبادرة إما إنها تمنع اقتتال وإما إنها تجيب خير وإما إنها توفق بين ناس، يعني الشيء ممكن يتعمل يكون فيه خير، فكان الوضع في هذا الوقت إنه حكمتيار كان قوي وهو اللي مسيطر على الساحة والاتحاد السوفيتي كان ضعيف وكان بيبحث عن مخرج..
(5/313)
أحمد منصور: فعلاً السوفييت في 89 أعلنوا عن استعدادهم للخروج وأتموا خروجهم بالفعل في سنة 90.
يوسف ندا: لا.. كان قبل ما يخرجوا، فكان لما قابلته قلت له يعني أنتم بتفكروا في اتجاه واحد أنت بتفكر كل ما هناك إن أنت تنتصر في الحرب، الانتصار في الحرب ما هواش ما يعتبرش كل الانتصارات، بعدما تنتصر في الحرب هتجد.. هتجد مخلفات الحرب هي اللي هتهزمك، أنت عندك الألغام المزروعة في كل مكان، حتى لو تمكنت من البلد كلها، ناسك في كل يوم هيكون عندك جرحى وقتلى من الألغام، عندك مستشفيات اتكسرت ما عندك مستشفيات، مدارس ما عندك مدارس، طرق ما عندك طرق، كل معالم الدولة كدولة هتاخد أرض قاحلة فاليوم إذا كان الأميركان بيساعدوك أو الباكستانيين بيساعدوك أو السعوديين بيساعدوك أو المسلمين في بقاع الأرض بيساعدوك، مش عايزك أقول لك الإخوان المسلمين، أي حد بيساعدك بيساعدك إحسان وبيدي لك واجب شرعي بينفق لك منه، لكن سواء.. إذا باكستان بيدوا لك سلاح أو غير بيدوا لك..، لكن الموضوع عندك بعد كده هتجد نفسك ما عندك شيء، أما إذا أنت اليوم اتكلمت ودي خارجة عن تفكير أي واحد في هذا الوقت، أي واحد في هذا الوقت بيعتبر الشيطان الأكبر أو الشيطان الوحيد هي روسيا، لكن روسيا هي اللي خربت الدينا، وروسيا الآن ضعيفة..
أحمد منصور: الاتحاد السوفيتي كانت
يوسف ندا: الاتحاد السوفيتي –عفواً- يعني الأسماء بتتغير.. بتطلع وتيجي فلابد تشوف لك حل معاهم اليوم ورجعت لنفس القاعدة اللي بأقولها لكل واحد، عندما تكون قوي دا أحسن وقت إن أنت تتفاوض فيه وأرخص وأسهل وأحسن طريقة لكسب أي حرب هي تفاديها، فأنت لو اليوم اتكلمت مع الروس هتطالبهم بتعويضات مش تطالبهم بإحسان، طالبهم أولاً: حقول الألغام إنها كلها تتنظف
ثانياً: الطرق والمدارس والمستشفيات وكل الحاجات اللي هدموها دي بتاخذ تعويضات، ما بتاخد إحسان.
أحمد منصور: اشمعنى اخترت حكمتيار.. ومن المعروف..؟
(5/314)
يوسف ندا: دا كان أقوى واحد وهو اللي كان راكب الحصان وهو اللي كان..
أحمد منصور: من.. كان معروف إن سياف ورباني هم.
يوسف ندا: سياف علاقتنا به..
أحمد منصور: محسوبين على الإخوان..
يوسف ندا: لا، كلمت رباني.. رباني جاني هنا هوت في (لوجانو) هنا هوت جاني رباني وتفاهمت معاه..
أحمد منصور: في ذلك الوقت؟
يوسف ندا: قبل منها بشهر تقريباً، لكن رباني كان ضعيف، وسياف رجل.. رجل صالح ورجل عالم وحتى الآن هم لما يكلموه يقول لهم أنا ما دخلني بالسياسة، أنا أُقحمت في السياسة، أنا شغلتي التدريس، أما التاني فعلاً رجل محارب رجل قوي، ويعني..
أحمد منصور: أنا على الصعيد الشخصي بأختلف معك، لكن هنا ما بأقولش رأيي الشخصي في قضية حكمتيار، يعني ربما كان الجميع مخدوع بموضوع حكمتيار، واخذ بال حضرتك والحقائق بعد كده ووقائع التاريخ أثبتت غير ذلك.
يوسف ندا: لا هو.. هو أقول لك بصراحة كلنا صُدمنا في كلمة مجاهدين إنها لا تتفق أبداً مع قتل بعضهم بعضاً.
أحمد منصور: المهم حصل من الدماء ما حدث بعد ذلك، لكن أنا أذكر كان رد حكمتيار عليك أيه لما عرضت عليه موضوع الصلح؟
يوسف ندا: قالي لي: أنا مالي صلة بيهم، وكلامك عندك حق، لأن كلام موضوع 3،4 ساعات بنتناقش.
أحمد منصور: وأنت تفتكر إن حكمتيار كان صادق لما قال لك أنا ليس ليَّ صلة بيهم؟
يوسف ندا: آي نعم، الوقت دا هو كان صادق
أحمد منصور: لكن هو أقام معاهم علاقات بعد كده، وأنا أفتكر أنا عملت معاه حوار صحفي في نهاية ربما 89، وكانت أول مرة يعترف بوجود علاقات له مع الروس، وأعتقد وكالات الأنباء نقلت الحوار لما أنا نشرته بعد ذلك، يعني عمل ضجة، لأن كانت أول مرة يعترف بوجود علاقات ليه مع الروس.
يوسف ندا: أنا أعتقد...
أحمد منصور: وعمل محاولة انقلابية مع الجناح الشيوعي بعد ذلك في..
يوسف ندا: مع دوستم.
(5/315)
أحمد منصور: لأ، مش مع دوستم، كان مع تناهم، كان وزير الدفاع الأفغاني، وكان زعيم جناح في الحزب الشيوعي.
يوسف ندا: لا بس دوستم التحق ليه بعد كده.
أحمد منصور: لا.. لا.. لا..، دوستم له قصة أخرى مع أحمد شاه مسعود.
أنت الآن بتنشط لي حاجات، أنا من.. من 12 سنة.
يوسف ندا: أيوه، ما علهش أنت.. أنت عموماً أنت باحث.. أنت باحث و..
أحمد منصور: نعم.. لا هو المهم حكمتيار فعلاً في ذلك الوقت كان نُشر كلام عن وجود علاقات مع الروس، لكن كنت أنت صاحب الفكرة يعني.
يوسف ندا: أيوه، هو فعلاً قال إن أنا ما عندي علاقة بيهم، ويعني ما.. يصعب عليَّ إيجاد العلاقة، فقلت له أنا...
أحمد منصور: طرح هذه الفكرة من الإخوان في ذلك الوقت لم تكن مقبولة مطلقاً، إنكم تطلبوا مفاوضات، كانت تعتبر خيانة أن يطلب مفاوضات مع الروس، الروس كانوا.. كانوا ما...
يوسف ندا: لأ خيانة.. أنت.. أنت.. أنت بتدور على مصلحة العباد والبلاد، ما بتدور.. وبعدين السياسة والحرب هي موجات ما تستطيع تقف في مكانك وتقول الموجة مش هتاخذك، لكل مقام مقال.
أحمد منصور: طيب طالما موجات، يعني مش عايز أنقلك نقلة تانية، وأقول لك أنتو ليه الإخوان
يوسف ندا: أنت بتدور على فائدة الأفغان، أم بتدور على.. على مجرد إن أنت خلاص شعار رفعته وبتفضل رافع الشعار؟ مصالح العباد والبلاد هي أهم شيء..
أحمد منصور: كانت عواطف الناس منجرفة في (....) العلاقات في ذلك الوقت..
يوسف ندا[مقاطعاً]: العواطف شيء والواقع شيء، الواقع تغير يجب أن تتعامل مع الواقع.
أحمد منصور: طيب الواقع تغير، الناس ما عندهاش استعداد إنها كانت تتقبل هذا الوضع.
يوسف ندا: يبقى يا إما توجد القناعات عند الناس يا إما المصالح اللي أنت تجيبها لهم هي اللي تقنعهم.
أحمد منصور: طيب أنا في النقطة دي هأرجع لك فيها تاني في موضوع مهم، لكن أيه النتيجة اللي وصلت فيها مع حكمتيار في النهاية؟
(5/316)
يوسف ندا: النتيجة إن هو يعني أنا قلت له خلينا نحاول الإيرانيين لهم علاقات مع الروس، ويهمهم إن هم يعملوا شيء للروس، لأن لهم طلبات عند الروس، فخليهم يشوفوا مع الإيرانيين، محتمل الإيرانيين يرتبوها، ما فيه مانع ندي لهم (credit) فيها ونخلصها، ننقذ البلد بعد الدمار ده هو على الأقل يكون فيه مجال لإعادة بناءها.
أحمد منصور: هل كنت الإيرانيين اتكلمت معاهم قبل ما تكلم حكمتيار؟
يوسف ندا: ما كنت اتكلمت، لكن اتكلمت بعد كده.
أحمد منصور: قالوا لك أيه؟
يوسف ندا: وافقوا.
أحمد منصور: إن هم يلعبوا دور الوسيط؟
يوسف ندا: وافقوا إن هم يتدخلوا فيها، وبعدين بعثت غالب علشان يسافر معاه، لأن هم كانوا يتعالوا عليه وكانوا يحتقروه.
أحمد منصور: كانت علاقاتهم سيئة.
يوسف ندا: جداً.
أحمد منصور: وبعد ذلك هو راح قعد عندهم لحد قبل شهرين ثلاثة فاتوا..
يوسف ندا: في الآخر، أي نعم.
أحمد منصور: صحيح.
يوسف ندا: ودي فوجئت بيها أنا، فوجئت بيها، لكن هو يعني كان يتعالوا عليه، لكن في هذا الموضوع وافقوا لأن كان لهم مصلحة، فكان لازم حد فينا يروح معاه أنا ما كانش ممكن فبعت غالب همت راح معاه ويعني.. مش راح معاه، في اليوم اللي كان المفروض يروح معاه قبلها بـ 3 ساعات وصل الخبر للأميركان، راح الأمير ترك الفيصل وراح قابله وبدل ما يروح إيران راح على السعودية.
أحمد منصور: وفشلت المحاولة.
يوسف ندا: وفشلت.
أحمد منصور: ما اتصلتوش عليه تاني؟
يوسف ندا: لأ.
أحمد منصور: لكن كنتوا حددتوا معاه فعلاً وكان فيه استعداد إن هو يروح ويتحدث مع الإيرانيين
يوسف ندا: أي نعم.. أي نعم ومع إيران 3 ساعات قبل.. قبل الطيارة.
أحمد منصور: وكان قبله الأستاذ غالب لما راح؟
يوسف ندا: آه طبعاً، كان موجود معاه.
أحمد منصور: ورتبوا كل شيء؟
يوسف ندا: أي نعم،.. 24 ساعة ونام عندهم.
أحمد منصور: على أساس يتحرك هو وحكمتيار
يوسف ندا: بس.
(5/317)
أحمد منصور: يلتقوا مع الإيرانيين
يوسف ندا: دا مضبوط
أحمد منصور: من أجل ترتيب مفاوضات مع السوفيت
يوسف ندا: تمام.. تمام
أحمد منصور: الأميركان دريوا ولخبطوا الحكاية
يوسف ندا: أيوه
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: فيه نقطة مهمة هنا
يوسف ندا: وهنا لك (في البداية) يعني إن ما كانش تحكمها، ولذلك أي شيء أنا أقول لك إن أنا ربنا وفقني فيه إن ما حد يعرفه غيري، أنا وربي سبحانه وتعالى، إنما مجرد أنها تطلع لطرف ثالث كان.. كنت بتتكلم الحلقة الماضية على موضوع الأخ هادي خسروشاه وهو يعني أنا احترمته كتير وأعزه كتير الرجل هذا، ويعني أشعر بإيمانه وبإخلاصه، كان اتكلم مع الأستاذ عمر مرة، طلب إن هو يقابله، قابلته به.
أحمد منصور: طبعاً بس هادي خسروشاه للي ما شافش أو ما سمعش هو الآن السفير الإيراني في القاهرة، وكان قبل كده سفير
يوسف ندا: في الفاتيكان.
أحمد منصور: إيران في الفاتيكان، ولك به علاقة كويسة.
يوسف ندا: ووكيل وزارة الخارجية.
أحمد منصور: وكانت كتاب حوار عاملة مع عمر التلمساني عامله هنا في لوجانو.
يوسف ندا: أيوه هو..
أحمد منصور: وكاتب عنك شوية حاجات فيه هأرجع لك فيهم بعد شوية، اتفضل.
يوسف ندا: خير، هو في نهاية الحوار كان قال للأستاذ عمر –الله يرحمه- قال له يعني الشريط ده هوة يعني نتركه عند الأخ يوسف حتى تأمر بأن إحنا نذيعه أو نكتبه، فقال له أنا ما يخرج من.. من بين أسناني لا أعتبره سراً، فأنت ممكنك أنك تأخذوا من الآن تفعل فيه ما تشاء.
أحمد منصور: طيب نرجع للي كنت بتستشهد به..
يوسف ندا: فأي حاجة تطلع من سنان الواحد خلاص ما تعرف تتحكم فيها.
أحمد منصور: طيب الآن أنت قلت نقطة مهمة جداً.
يوسف ندا: أنا اليوم بأتكلم، يعني بعد ما خلاص فيه أشياء كثيرة لازم تتعرف قبل ما أتوكل على الله وأروح عند ربي إن شاء الله، ربنا يستر، وفيه حاجات لازم تدفن معايا في القبر، لازم تروح معايا في القبر.
(5/318)
أحمد منصور: ربنا يديك طولة العمر.
يوسف ندا: الله يبارك فيك.
أحمد منصور: بس أنت الآن اتكلمت على نقطة مهمة جداً وحساسة وخطيرة إن الإخوان سنة 89 تبنوا قضية إن الأفغان يتفاوضوا مع السوفيت.
يوسف ندا: لأ، أنت بتحطها في.. في وضع يعني يعطي ظلال عليه، أنا بأقول لك الإخوان كل ما يهمهم مصالح العباد والبلاد، أين تكمن مصالح الأفغان تكمن في هذا الوقت كان والسوفيت انهزموا، أن السوفيت يعطوا تعويضات ويعوضوا عما أفسدوه مش إن يتفاوضوا علشان يظلوا في البلاد، هم منسحبين منسحبين، فإن إحنا نمهد لهم الانسحاب ويمشوا ونساعدهم في تكملة الانسحاب في مقابل إن هم يبنوا البلد اللي حطموها.
موقف الإخوان المسلمين من الإرهاب
أحمد منصور: طب مصالح العباد و البلاد ما تقتضي الآن من الإخوان أن يعيدوا النظر في منهجيتهم وفي كل شيء فيما يتعلق بـ 70 سنة مروا على الإخوان يعيدوا النظر في كل شيء، ويمدوا أيديهم إلى أنظمة الحكم في الدول اللي بيعيشوا فيها، ويحاولوا إن هم يتصالحوا ويحاولوا إن هم يعيدوا ترتيب أمورهم بشكل يعني.
يوسف ندا: شوف يا أخي.. ليس.. ليس هناك مكان.
أحمد منصور: يكون فيه قبول شوية بدل الصراعات اللي عاملينها في كل مكان.
يوسف ندا: ليس هناك مكان على وجه الأرض الإخوان لا يمدوا أيديهم إلى التعاون والمصافحة مع الحاكم، وأحب أقول لك يعني قيل على الإخوان الكثير، بتكلمني دلوقتي عن الاتحاد السوفيتي أو ما الاتحاد السوفيتي، أنا بأكلمك يعني فين مصالح العباد والبلاد، لكن القاعدة العامة إنه إذا أما نشوف مثلاً العراقيين اللي بيروحوا عند الأميركان يجتمعوا هناك عشان يضربوا في بلدهم، القاعدة العامة إنه ما يمكن معارض يستعين بدولة أجنبية علشان ما يظنه إن هو عنده حاكم ظالم في هذا كمن يستعين بالشيطان على إبليس.
(5/319)
بالنسبة للإخوان في كل مكان بيمدوا أيديهم، لاشك إن الإخوان عندهم بعض الخلافات في أساليب الحكم أو خلينا نقول فيه معارضين، لكن ليس معنى المعارضة إن يرفعوا عليهم سلاح، الإخوان لم يرفعوا السلاح على أحد منذ اتهموا في على.. على الخازندار...
أحمد منصور[مقاطعاً]: متهمين إن كل الجماعات الإرهابية طلعت من عباءتهم.
يوسف ندا: حتى.. حتى الآن يا أخي اللي بيكتب التاريخ مش المغيب.
أحمد منصور: الإخوان متهمين إن كل الجماعات الإرهابية.
يوسف ندا: اللي اتهمهم هو اللي في إيده.. اللي في إيده يتكلم، أما هم ما يستطيعوا
أحمد منصور: كلهم خرجوا من عباءة الإخوان كما يقولون..
يوسف ندا: طب الحمد لله، هذا.. إذا قلت على الإرهاب، الحمد لله إن التعبير هم اللي قالوه مش إحنا اللي قلناه اللي خرجوا، إذاً من يقرب الإرهاب ويتعاطى معاه..
أحمد منصور: يعني العباية دي مليانة..
يوسف ندا: من يخرج إلى.. من يتبنى الإرهاب هو خرج عن الإخوان، أنت بتقول خرج من عباءة الإخوان
أحمد منصور: هم اللي بيقولوا خرجوا من عباءة الإخوان.
يوسف ندا: إذاً خرج إما.. إما إن هو يكون ما ارتاحش مع الإخوان وما عجبوش نظام الإخوان أو أفكار الإخوان فخرج عليها وتبنى الإرهاب، وإما مدسوس على الإخوان ولم يستطع إن هو يقنع بعض الناس منهم إنها تذهب إلى الإرهاب فيقبض عليهم بهذه التهم، وإما إن هو ما هواش منهم.
أحمد منصور: أنت الآن.. الآن لولا قضية اتهامك في موضوع الإرهاب وأنك تدعم الإرهاب، واللي أعلنها الرئيس بوش في 7 نوفمبر سنة 2001 الماضي، يعني ما كان لك أن تكون بهذا الشكل الإعلامي العالمي، الآن تقريباً يومياً ما فيش صحيفة عالمية ما بتكتبش عنك، عشرات الصحفيين حتى وإحنا في الاستراحات بيتصلوا عليك الكل عايز يقابلك، التليفزيونات تريد أن تلتقي فيك، كله في إطار أنك أنت شخص متهم بدعم الإرهاب، وأنت.. أنت موقفك أيه من الإرهاب؟
(5/320)
يوسف ندا: سمعت عني إن أنا إرهابي.
أحمد منصور: مكتوب، بيقولوا أنك بتدعم الإرهاب.
يوسف ندا: لا.. أنا بأقول لك أنت.
أحمد منصور: الرئيس بوش قال عنك أنك أنت يعني أيه فيه تورط أو اشتباه في تورط أو شيء من هذا القبيل، يعني أنتوا موقفكم أيه من الإرهاب، موقفكم أيه من الاتهامات الموجهة ليكم؟
يوسف ندا: الإخوان المسلمين يؤمنوا بأن العمليات الإرهابية التي ممكن أن ترهب أو تؤذي الناس المسالمين وليسوا محاربين والتي تؤذي بلدهم عايشين فيها تعتبر خروج عن الإسلام، تحب أكثر من دي..؟! غير مقبولة، إحنا في الحرب، أنت تعرف حتى إذا كنت في حرب ليس من حقك أن تقتل طفل أو امرأة أو عجوز أو تحرق شجرة أو تحرق نحلة، على أي أساس إحنا نوافق على الإرهاب؟
أحمد منصور: طب ليه فيه خوف منكم شديد؟
يوسف ندا: للأسف الشديد الخوف من الإسلام مش مننا، نغير ديننا؟!! الإسلام أقوى شيء ممكن يتعاطاه البشر، من يتعاطى الإسلام لابد أنت يكون قوي.
[فاصل إعلاني]
حقيقة التجربة الديمقراطية داخل الإخوان المسلمين
أحمد منصور: أنتو على مدى أكثر من سبعة عقود الآن من الممارسات في معظم الدول اللي بتنتشروا فيها واللي كتير من الكتابات بتقول إن الإخوان..
يوسف ندا: 70 سنة بيحاولوا يحلونا، 70 سنة بيحاولوا يغيبونا، وبعد الـ 70 سنة لقوا الشارع كله بيقول: الإسلام هو الحل.
أحمد منصور: في هذا الوقت لم لا تسعون لتغيير أساليبكم ومطالبكم القديمة وأن تعيشوا الواقع.
يوسف ندا: مفتوحين.
أحمد منصور: تعيشوا الواقع.
(5/321)
يوسف ندا: إحنا ما إحناش جامدين، إحنا مستعدين إن نغير وبنغير، وأصبح عدد المتعلمين عندنا بيزيد، وكل ما يشوفوا عندنا عدد متعلمين كبير كل شهرين ثلاثة يأخذوا أساتذة في الجامعة، يعني زهرة شباب البلد وزهرة متعلمين البلد اللي بتفيد البلد بإخلاص، اللي ما يمكن إنها.. يعني تسير في.. في تخريب في البلد، البلد مليانة مخدرات، مليانة دعارة، مليانة ناس، تخنث في وسط الشباب، ليه؟
أحمد منصور: كل دا بيتغير بمناهج عامة مش.. مش
يوسف ندا: الإخوان عندهم مناهجهم وقدموا مناهجهم، ومن
أحمد منصور: يا أستاذ يوسف
يوسف ندا: إن كل مشاكل المجتمع التي يشكو منها المجتمع وتشكو منها الدولة مش موجودة في مجتمع الإخوان
أحمد منصور: لماذا تسعون.. لماذا تسعون يعني مثلاً قبل كده حضرتك انتقدت الديكتاتورية لكن الإخوان بيمارسوا الديكتاتورية على كل المستويات، مرشد الإخوان لا يتغير إلا بالموت، وأنتم عاملين تطالبوا الأنظمة
يوسف ندا: الكلام دا.. الكلام دا مش مضبوط لا.. لا مش مضبوط
أحمد منصور: عمالين تطالبوا الأنظمة إنها
يوسف ندا: إحنا كان عندنا 5 مرشدين
أحمد منصور: طب أقول لك
يوسف ندا: كان عندنا 5 مرشدين
أحمد منصور: المرشد الأول
الأستاذ البنا هو اللي بناها الظروف خاصة
أحمد منصور: له ظروفه، بقى المرشد الهضيبي إلى أن توفي سنة 73، بقي بعده عمر التلمساني إلى أن توفي في 87
يوسف ندا: لا.. لأ.. بس يعني
أحمد منصور: جاء بعده عبد الناصر الملتوني
يوسف ندا: خلينا نأخذ الأمور
أحمد منصور: والآن
أحمد منصور: يعني الموضوع الديكتاتورية، أنت بتقول إن أنت ضد الديكتاتورية وبتمارسها
يوسف ندا: خلينا.. خلينا نأخذ الأمور، أنت بتسرع وبتنزل علي، يعني لو أخذناها واحدة واحدة بعد الأستاذ البنا –الله يرحمه- هل شافت الإخوان يوم حرية حتى تستطيع تمارس عملها في نطاق حرية؟ كل شيء ممنوع
(5/322)
أحمد منصور: كل.. مش قضية كل شيء ممنوع، قضية تغيير المرشد والحاجات الداخلية
يوسف ندا: ما يمكن إذا كان.. إذا كان ما عندناش الحرية إن إحنا نكون مجتمعين ما فيش الحرية للهيئة التأسيسية التي
أحمد منصور: بتجتمعوا وبتعملوا معسكرات ومؤتمرات ولقاءات ومحاضرات
يوسف ندا: كلها حاجات مؤقتة للشباب
أحمد منصور: وبييجوا يتلموا من كل مكان وفي كل حاجة
يوسف ندا: أيوه بس يظل القانون
أحمد منصور: هل دا.. هل دا حتى مسألة
يوسف ندا: أو نظام.. نظام الإخوان إن فيها هيئة تأسيسية، نظام الإخوان إن فيها هيئة تأسيسية منتخبة، حتى تنتخب الهيئة التأسيسية اللي تنتخب مرشد دي من المحرمات الموجودة، وبالرغم من هذا
أحمد منصور: يعني المرشد مين اللي بيعينه؟
يوسف ندا: وبالرغم من هذا المرشدين اللي موجودين كلهم، يعني أنا أذكر أنا.. الآن هتدفعني إلى أنا أقول سر، الأستاذ عمر التلمساني الله يرحمه قبل ما يتوفى ساب عندي وصيته، وقال لي تقرأها وتسلمها لفلان، إذا ربنا أخذ وديعته
أحمد منصور: فلان مين؟
يوسف ندا: قال لي أحد الإخوة، قراءتي أنا لها بعد ما توفي الله يرحمه كان المفروض إنه فترة انتقالية مكتوب فيها فترة انتقالية حتى يختار الإخوة مرشدهم، في فترة.. في الفترة الانتقالية يكون المرشد والمسؤول هو الأستاذ مصطفى مشهور.
أحمد منصور: قبل.. مصر.
يوسف ندا: عندما.. عندما سلمتها له، و.. أن جبنا الإسم، عندما سلمتها له فقال هذا الآن استطعنا إن إحنا نأخذ رأي الإخوان، والإخوان أجمعوا على شخص، وتعتبر داهيت لا لزوم لها.
أحمد منصور: يا أستاذ يوسف.
يوسف ندا: أيوه اتفضل. هذه حاجات ما حد يعرفها
أحمد منصور: يا أستاذ يوسف.
يوسف ندا: كل اللي يعرفوها إنه.. إنه.. إنه في مرشد جه، من أين جا المرشد؟ المرشد ما عين نفسه، عينوه الإخوان
أحمد منصور: طيب اللي يعين المرشد يقدر يحدد له مدة زمنية، ويقدر يخلي.. يخلي إن في ديمقراطية
(5/323)
يوسف ندا: كل شيء له وقته، إدينا حريات وبعدين تعالى حاسبنا.
أحمد منصور: مش قضية إدينا حريات، ما هو طالما أنتوا موجودين ما أنتوش مستنيين حد يديكوا حرية، غيروا قوانينكم.
يوسف ندا: موجودين بس نتحرك في الحدود اللي.. اللي.. اللي إحنا نقدر نتحرك فيها، (لا يكلف الله إلا وسعها) لو جمعت أربعة من الإخوان عشان تأخذ رأيهم لمدة خمس دقائق بيعتقلوا
أحمد منصور: أنتوا
يوسف ندا: وفاتحين إيدينا، وكل ما ييجي مرشد يقدم إيده للحكومة، وكل مرشد يقول خلينا نتعاون فيما نتفق عليه، وكل ما ييجي مرشد يقول لهم إحنا مش أعداءكم، إحنا أهل البلد مش أعداءكم.
أحمد منصور: طيب خليني أدخل معاك في موضوع المرشدين شوية.
يوسف ندا: أنا هتورطني في إني أتكلم بإسم الإخوان، أنا ما أنا المتحدث بإسم الإخوان
أحمد منصور: أنت مسؤول عن العلاقات الخارجية في...
يوسف ندا: مش بإسم الإخوان، إحنا اتكلمنا في العلاقات الداخلية.
أحمد منصور: بس خليني أسألك في.. في علاقات تخصك أنت بالمرشدين.
يوسف ندا: هذه.. هذه العلاقات داخلية،
أحمد منصور: أستاذ.. ديكتاتورية
يوسف ندا: هذه حاجات داخلية ما أنا مسؤول عنها.
أحمد منصور: هنتكلم فيها، واللي مش عاوز تجاوب عليه، أنت الأميركان بتقول مش هيقدروا يأخذوا منك حاجة، أنا مش هأقدر آخذ منك حاجة أنت مش عاوز تقولها، ولا هتديني حاجة مش...
يوسف ندا: والله أنت أخذت كتير يا أخ أحمد.
أحمد منصور: لا.. لا ما أخذتش حاجة.
يوسف ندا: والله أخذت، أخذت كتير، يعني هذه الأخيرة ما كان لازم نقولها.
أحمد منصور: طالما قبلت الحديث فآمل إنك تعطيني ما تستطيع، توفي الأستاذ عمر التلمساني في مايو 86
يوسف ندا: الله يرحمه
أحمد منصور: عن عمر يناهز 82 سنة، قضى منها 39 سنة في صفوف الإخوان منها 17 سنة في السجون، عمر التلمساني ربطتك به علاقة خاصة ووثيقة
يوسف ندا: الله يرحمه
(5/324)
أحمد منصور: والآن أفشيت سراً أنه احتفظ بوصيته الخاصة عندك، وأنت أعطيت هذه الوصية للإخوان، أيه.. يعني علاقتك بعمر التلمساني لعبت دور في الأدوار السياسية اللي إحنا تطرقنا فيها، إحنا ماشيين معاك غير بقية الشهود بالمقلوب يعني من فوق لتحت، نازلين معاك تحت، علاقتك الخاصة بعمر التلمساني وجاء إلى هنا، إلى لوجانو وهل جعلت يعني لك وضعاً في الحاجات اللي أنت عملت.. قمت بها قبل كده.. بعد كده
يوسف ندا: لأ هو الله يرحمه أنا علاقتي به علاقة الإبن بالوالد، ويعني لا شك يعني من الحاجات اللي أعتز بيها في نفسي إنه أهداني صورة وهو طفل وكتب عليها إلى أعز أبنائي الله يرحمه، كفاية يا أخ أحمد، أيوه اتفضل
أحمد منصور: تحب انتقل لشيء ثاني أو
يوسف ندا: اتفضل،
أسباب خروج ندا من مصر وعدم رجوعه إليها
أحمد منصور: أنت خرجت من مصر في 1960
يوسف ندا: أيوه
أحمد منصور: من ساعة ما خرجت من مصر سنة 60 إلى اليوم يعني 42 سنة
يوسف ندا: لما تبص البصة دي أخاف أنا، فيه سؤال جاي يعني فيه لطمة جاية
أحمد منصور: لا.. لا أنا ألطم أحد
يوسف ندا: اتفضل.. اتفضل
أحمد منصور: لم تعد إلى مصر طوال تلك الفترة إلا مرتين أو 3 مرات
يوسف ندا: لأ مرتين
أحمد منصور: مرتين، بعدما خرجت بسنة
يوسف ندا: 87، أيوه يبقى ثلاثة عندك حق، أنا غلطت
أحمد منصور: بعد ما خرجت بسنة ومرة سنة 77 ومرة سنة 78، أولاً أيه أسباب عدم ذهابك لمصر، وأنت إنسان عالمياً معروف، لك أنشطتك، المختلفة، مصر بلدك، أولى بكثير من الأنشطة اللي أنت عاملها في 25 دولة، أبناء بلدك أولى إن هم كانوا يشتغلوا في كثير من مشاريعك، أيه اللي منعك وبشكل مختصر
(5/325)
يوسف ندا: قلت لك قبل كده يا أخ أحمد يعني أنا أصبحت لا أصلح للحياة في مصر، يمكن مازال وأرجو هذا من ربنا إن أنا أموت وأدفن في بلدي، إنما إن أنا أعيش هناك، أنا أصبحت للحياة هناك، ما الناس يستحملوني ولا أنا استحملهم، إنما أنا المرات اللي روحتها، المرة الأولى كان يعني موضوع جوازات السفر، كان صالح لمدة سنتين ولازم كل واحد لازم يطلع بإذن عمل وفيزا
أحمد منصور: أنت لما خرجت سنة 60 خرجت بشكل طبيعي
يوسف ندا: وبإذن عمل، وعندي كمان لغاية دلوقتي عندي صورته، وسألوني هنا قلت في التحقيق، لأنه جالهم من مصر إن أنا خرجت هارب، وأنا هارب من مصر،
أحمد منصور: خرجت بشكل طبيعي
يوسف ندا: عندي.. عندي إذن العمل اللي طالع به
أحمد منصور: رغم إنك كنت معتقل في 54 وقضيتنا سنتين في السجن
يوسف ندا: والحمد لله إنه ما كانش في البيت وإلا كانوا أخذوه، ما كنتش أعرف أثبت ما كانش في البيت إذن العمل، كان عندي في مكان ثاني، ولما كلموني قلت لهم إذن العمل عندي أهه، اللي خارج به من مصر
أحمد منصور: ولما رجعت ثاني.. مرة ثانية بعد سنة وطلعت.. طلعت بشكل طبيعي؟
يوسف ندا: قعدت 6 شهور لغاية ما آخذ الـ xfiza، 6 شهور، وفي 6 شهور طبعاً كنت متوقع إن فيه احتمال ما يدوهانيش، فعلى طول بدأت شغلي، فتحت مصنع جبنة، وبدأت أشتغل، وبعدين لما، قبل ما تيجي بشوية، الله يدي له الصحة بقى ويشفيه الحاج عباس السيسي، هو كان عنده مصنع جبنة في رشيد، فقلت له يا حج تعال شوف الآلات اللي عندي لأنه صعب إنك تلاقي في أي مكان، عشان أنا لو جاتني الفيزا
أحمد منصور: هتطلع فين، للنمسا
يوسف ندا: Exit visa .. لا فيزا أطلع من مصر.
أحمد منصور: إذن خروج يعني..
يوسف ندا: آه إذن خروج من مصر، كان زمان ما أعرفش دلوقتي الوضع أيه.
أحمد منصور: تصريح عمل دلوقتي..
يوسف ندا: كان زمان ما تقدر تطلع من غير ما تأخذ إذن خروج، أيوه
أحمد منصور: خرجت بشكل طبيعي
(5/326)
يوسف ندا: أيوه قلت له يا حج لو جاني الإذن هأمشي فوراً
أحمد منصور: قل لي بقى سنة 77، سنة 77 رجعت لمصر..
يوسف ندا: أي نعم، كان لها سببين، كان جاني الأخ الكفراوي الله يدي له الصحة
أحمد منصور: حسب الله الكفرواي (وزير الإسكان والتعمير).
يوسف ندا: أيوه كان وزير الإسكان والتعمير وكان جالي هو ووفد، كانوا.. كانوا يمكن حوالي 15.. 15 واحد من الوزارة من عنده، وحاول يقنعني لأنه أيامها كان وضعي في الأسمنت كان قوي، وحاول يقنعني إن أنا لازم.. بلدي ولازم أساعدها، والحكومة بتبيع الأسمنت بـ 8 جنية وبيتباع بـ 80 جنيه في السوق السودا، ويعني أيه اللي ممكن أعمله، قلت له يعني أنت عارف الوضع، قال لي أنا يعني أنا بأتكلم مع السيد ممدوح سالم، كان رئيس الحكومة، وحادي لك في خبر في الحكاية دي، لكن الموضوع دا انتهى وكل الإخوان في كل مكان رجعوا، قلت له أنا ما بأتكلم عن أني أرجع دلوقتي، لكن إن أنا أروح وألاقي مشاكل، ما تحصل، هذه واحدة، الثانية جه الأمير محمد الفيصل..
أحمد منصور: لا.. رحت؟
يوسف ندا: بأقول لك الإثنين اتربطوا مع بعض..
أحمد منصور: آه.. طيب ماشي.
يوسف ندا: جه الأمير محمد الفيصل وقال لي إن أنا عايز أعمل بنك في مصر، ويعني الموافقة أصبحت شبه منتهية، لكن عايز يكون معايا من القطاع المصري حد أكون أعرفه، وكان متقسمه إن الـ 50.. القانون اللي طلع، 50% مصريين 50% مسلمين من الدول الإسلامية الأخرى فهو..
أحمد منصور: دا بنك فيصل الإسلامي
(5/327)
يوسف ندا: أي نعم، فرحت أنا كان القانون كان طالع من وزارة الأوقاف ومجلس الشعب، لكن وزارة الأوقاف هي اللي كانت مقدماه ووزارة الأوقاف كان لازم تكون لها حصة من الحصة المصرية، فأنا كنت ثاني واحد من.. من أكبر المساهمين بعد وزارة الأوقاف، حتى في الاجتماع التأسيسي أما مرروا الورقة كل واحد عايز يساهم بكام، فمريت الورقة مريتها على الكل، وبعدين جمعت الآخر، كان رأس المال ما كان كبير، جمعت رأس المال المطلوب، وكل المساهمين كان، والفرق حطيته باسمي، فاعترض مندوب الأوقاف، قال ما حد مصري يكون أكبر من الأوقاف، فجه الأمير محمد عمل لي كده، قلت له يا سمو الأمير يعني أنا ما أنا طالب حاجة، أي رقم تحطوه عليَّ أنا مستعد أقلبه، أنا ما جيت أفرض نفسي، فقالوا رقم، قبلت الرقم، كنت تاني واحد بعد وزارة الأوقاف، اتعمل مجلس الإدارة، كنت عضو مجلس إدارة في أول مجلس، للأسف الشديد أنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: دا سنة 77 في الزيارة الأولى، كل دا مع الأسمنت، وبنك فيصل مع بعض.
يوسف ندا: لأ، دي الزيارة الأولى للتأسيس، الزيارة الثانية كان اجتماع مجلس الإدارة.
أحمد منصور: يعني 77؟.. أنت رحت 77 و78
يوسف ندا: و 78.
أحمد منصور: عشان البنك؟
يوسف ندا: أي نعم، البنك والأسمنت.. الأسمنت هو أنا لما وصلت مصر دي المشكلة..
أحمد منصور: تفتكر التاريخ؟
يوسف ندا: لأ، لكن 77 قطعاً.. أما وصلت مصر، وإذا قلنا 77 – 78 يبقى ما كانش بعيدة عن بعضها، يبقى كانت في أواخر الـ 77.. لما وصلت طبعاً ما قلت لحد حاجة، لكن كان طبيعتي أما أتحرك لازم يتابعوني من هنا، عشان يشوفوني حصل لي حاجة في أي مكان.
أحمد منصور: مين اللي بيتابعك؟
يوسف ندا: يعني الناس بتوعي هنا هوت كانوا يتابعوني، أقول لهم يتابعوني، فما فمجرد ما أنزل
أحمد منصور: مش الحكومة الإيطالية ولا السويسرية
(5/328)
يوسف ندا: مجرد ما أنزل في أي مكان أديهم تليفون، ومجرد ما أروح ألاوتيل هم يعملوا (checking) عليَّ وصلت الأوتيل أو لأ، وبعدين كل كام ساعة يعرفوا علشان إذا حصل لي حاجة يحددوا فين حصل لي، دي يعني كانت ماشية معاية لغاية من.. من سنتين أو ثلاثة، مستمرة دي.
أحمد منصور: يعني كنت تدرك إنك أنت تحركاتك ممكن تكون مرصود أو...
يوسف ندا: طبعاً مش بس أنا، أنا ممكن.. حتى الناس اللي معاي ممكن.. أنا بأتحرك مع ناس لهم أوضاع، ممكن أي واحد فيهم يكون مقصود، مش بس أنا اللي أكون مقصود، فأنا لما رحت ما اخترت حد في مصر، ودي اعتبروها غلطة من عندي، ما قلت للكفراوي، ما قلت لعثمان بيه، كان عثمان عثمان كمان كان لي صلة بيه، الله يرحمه، وما قلت للأمير محمد، وصلت الساعة 8 بالليل، حجزوني في المطار لغايت الساعة 2، كل النواحي...
أحمد منصور: تحصل لواحد بقى له، وكان..
يوسف ندا: بقى له ولا مش بقى له، أنا رحت بجواز سفر تونسي، ما رحتش بالمصري كمان.
أحمد منصور: كمان.
يوسف ندا: آه، ما كانش عندي مصري أنا، فرحت بالتونسي، فحجزوني طبعاً الجواز بيروح أماكن، وبعدين يرجع، وبعدين يروح، وبعدين، فسألت العميد اللي كان موجود، قال لي يوسف بيه إحنا ناس عبد المأمور هنا، سووها مع الكبار، مالناش دخل.. الساعة 2 أعطاني الجواز، وقال لي اتفضل.
أحمد منصور: عادي.
يوسف ندا: عادي!! أنت بيعملوا فيك كده؟
أحمد منصور: يعني كل واحد عرضة يتعمل معاه كده، أنت حضرتك لا...
يوسف ندا: أنا.. أنا عندي مش عادي، أنا.. بأدخل المطار هنا هوت والله يا أخ أحمد مرة أو مرتين يمكن كل سنة يشوفوا الجواز، أما فيما عدا ذلك (بريجوا سنيور ندا) من غير ما يشوفوا المطار من غير ما يشوفوا الجواز.
(5/329)
أحمد منصور: كل الناس اللي.. حتى.. حتى رغم إن أنا بأدخل من المطار السويسري بيبص على جوازي ويقول لي اتفضل، يعني معظم المطارات في العالم ما.. ما بتدقش كثير مع الناس وبتعاملها باحترام، لكن أنا بأقول لحضرتك الآن أنت لك ظروف خاصة، أنت خرجت من البلد من قبل 16 سنة، وعليك علامات استفهام كثيرة، وكان لازم أنت رايح على....
يوسف ندا: مش تخليني أكمل لك القصة.
أحمد منصور: إنك أنت تتصل على الناس وتقول أنا جاي.
يوسف ندا: مش تخليني.. أنت مندوب الجوازات أنت؟ عشان أنت..
أحمد منصور: أنا بأتحدث باسم الغائب.
يوسف ندا: طيب، خليني أكمل لك القصة طيب.
أحمد منصور: اتفضل.
يوسف ندا: أكمل لك القصة. رحت الأوتيل الصبح بدري، ضربت تليفون للأخ الكفراوي، قلت له أنا مسافر اليوم، الله أنت وصلت؟! أيوه، مسافر إزاي؟ قلت له حصل وحصل وحصل، قال لي طيب استناني أنا في خلال ساعة هأجي لك، في خلال نصف ساعة كلمني الله يجزيه الخير، ولو إن في ناس كثير ما تحبهوش، لكن أنا أقول عن نفسي هو بره السلطة، ما هواش موجود في السلطة، لكن راجل كان كريم معاي، كان في غاية الأدب معاي، النبوي إسماعيل كان وزير الداخلية ونائب رئيس الحكومة، كلمني بالتليفون، يوسف بيه، أنا سمعت عن الموضوع بتاعك.
أحمد منصور: مين اللي كلمك؟
(5/330)
يوسف ندا: النبوي إسماعيل، الموضوع دا مش ممكن، ودي شوية أولاد في المطار يتصرفوا تصرفات تمس البلد، البلد مفتوحة، والبلد عاوزة أولادها، وأي واحد إحنا في عهد غير العهود اللي قبل كدا، الله يجزيك الخير يا سيادة النائب، قال لي إحنا لازم نتقابل، وبعدين جه الأخ الكفراوي، عملوا لنا غذاء، كان موجود.. عثمان بيه كان موجود، وحسين بيه عثمان كان موجود أخوه، الحاج حلمي عبد المجيد كان موجود عبد العظيم لقمة –الله يرحمه- كان موجود، كان موجود كمان هو النبوي إسماعيل، الله يدي له الصحة بقى أياً كان.. في أي مكان يكون موجود، و.. واحنا قاعدين قال لي أنت لازم تحول شغلك كله والبلد مفتوحة لك كده، هنا هوه أي تسهيلات أنت عايزها إحنا بنديها لكل واحد، بنديها للمصري وغير المصري، قلت له بس يا سيادة النائب اسمح لي يعني إذا كان دخولي في المطار حصل فيه كده، قال لي مش ممكن، الكلام دا مش من عندنا، قلت له إذا كان اللي في المطار.. أنتوا بتقولوا واحد من المطار ممكن يعملها، إذا اللي في المطار بيقول إحنا عبد المأمور وسووها من فوق، قال لي من عندي أنا مش ممكن، يمكن من عند الماحي، الماحي كان رئيس المخابرات، قلت له يا سيادة النائب سواء من عند الماحي أو مش.. من عندكم، قال لي يعني أنا بأكذب عليك، قلت له لأ، سامحني ما قصدت هذا، قال لي أنا لو أعوز أعتقلك دلوقت ما أعتقلكش؟ قلت له طبعاً، هذا واضح عندي، قال لي ما ممكن أكون، أقول لك الكلام دا إلا إذا كان الكلام دا مضبوط، قلت له لا أنا مصدقك يا سيادة النائب، لكن ما يحصل من عندك أو من عند غيرك بالنسبة لي الموضوع هو هو.
أحمد منصور: لأ واضح إن على حضرتك اسمح لي مسؤولية في هذا الموضوع.
يوسف ندا: اتفضل.
أحمد منصور: أنت لست شخص عادي.
يوسف ندا: هو قال لي الكلام دا.
(5/331)
أحمد منصور: وأنت مش رايح بشكل طبيعي كل يوم رايح جاي على مصر، أنت غايب عن البلد بقى لها مدة طويلة، و.. وفيه حاجات كتيرة المفروض كانت تترتب بشكل آخر، فدي مش حجة إنك أنت تحمل الداخلية أو تحمل الأمن المسؤولية
يوسف ندا: هو قال نفس الكلام. كويس.. كويس، هو المنطق..
أحمد منصور: وداخل بجواز تونسي وأنت مصري، يعني فيه 100 علامة استفهام في المسألة.
يوسف ندا: هو.. هو.. هو قال لي نفس الكلام، عند حق، وكأنك أنت قابلته، والله قال نفس الكلام بأقول لك والله قال نفس الكلام.
أحمد منصور: يعني كويس إن أنا قمت بدور وزير الداخلية.
يوسف ندا: سبحان الله العظيم، سبحان الله.
أحمد منصور: تسمح لي بقى في الحلقة الجاية اسمع منك بقية القصة.
يوسف ندا: خير إن شاء الله.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين).
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/332)
الحلقة8
(5/333)
الأربعاء 25/7/1423هـ الموافق 2/10/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 18:50(مكة المكرمة)،15:50(غرينيتش)
يوسف ندا مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين - الحلقة 8 (الأخيرة)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
يوسف ندا: مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
29/09/2002
- أسباب خروج يوسف ندا من مصر
- نشأة العلاقة بين يوسف ندا والملك السنوسي
- علاقة يوسف ندا ببورقيبة وحصوله على جواز السفر
- انقلاب القذافي وهروب ندا من ليبيا
- تقييم يوسف ندا لشهادته على العصر
- مستقبل الإخوان المسلمين في ظل الضغوط العالمية والخلافات الداخلية
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر).
حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين).
أستاذ يوسف، مرحباً بك.
يوسف ندا: مرحب بك يا أخي.
أسباب خروج يوسف ندا من مصر
أحمد منصور: في الحلقة الماضية وقفت معك عند زيارتك لمصر وما حدث لك وكان ردي عليك، قلت أنه كان نفس رد وزير الداخلية آنذاك اللواء النبوي إسماعيل.
يوسف ندا: أيوه قال البلد مفتوحة والبلد محتاجة لأهلها وتستطيع تيجي ولابد تنقل عملك كله وتيجي هنا قلت له الله يجزيك الخير، أنا مقدر..
أحمد منصور: كانت أعمالك في حدود كم في ذلك الوقت؟
يوسف ندا: هو قلت لك قبل كده إنه كان الأخ الكفراوي كان طلب تقرير بنكي عني من أكبر بنك كنت أشتغل معاه، اللي هو (كريديت أينشتات) أنا اشتغلت في فيينا، كانت تسع أصفار…
أحمد منصور: مليار.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: مليار أيه؟
(5/334)
يوسف ندا: دولار، إحنا بنتكلم بالدولار إحنا ما بنتعاملش بحاجة ثانية، ما بنتعاملش بالليرة، أيوه يا أخي. فيعني قلت له الله يجزيك الخير، وأنا مقدر وأشكرك يعني على.. على أسلوبك ويعني نفكر فيها –إن شاء الله- لأنه مش معقولة عمل يعني بتاع عشرين سنة اتعمل أو خمسة وعشرين سنة يتنقل في يوم وليلة وهو الواحد رجله تاخد على مصر وأدينا باديين في موضوع بنك فيصل، وإن شاء الله نكون برضو يعني مواطنين ترضى عنهم أنتم وغيركم إن شاء الله.
أحمد منصور: مواطن صالح.
يوسف ندا: يعني أنا ما كنتش صالح؟! الله يسامحك، طيب فيعني أنهينا موضوع..
أحمد منصور: الناس أكيد احتفوا بيك بعد كده بقى وأكيد سافرت بزفة من المطار وكانت الأمور مترتبة.
يوسف ندا: لأ.. لأ هي دي مش دي هي حصلت الزفة بعد كده.
أحمد منصور: عملوا لك زفة يعني؟
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: علشان أنا أقول لك أنا امشي في السكة الصح.
يوسف ندا: لأ، دا هي الزفة دي اللي طفشتني، أيوه. فهو يعني أنا سافرت وبعدين الرحلة التانية أنا كنت رايح أنا وزوجتي، ركبنا من باريس وكان معايا على نفس الطيارة السيد ممدوح سالم، لكن كان ساب الوزارة.
أحمد منصور: كان رئيس وزراء سابق.
يوسف ندا: أيوه، هو طبعاً يعرفني من إسكندرية من.. لأن هو كان مسؤول عن الأمن في إسكندرية عن المباحث العامة، لما اعتقلت أنا..
أحمد منصور: آه، سنة 54..
يوسف ندا: أيوه، 54 لما جُم يعتقلوني أنا هربت وبعدين قبضوا على الوالد -الله يرحمه- وعلى أخويا، فمش معقول يعني، فرحت سلمت نفسي بعد عشر أيام.
أحمد منصور: وقضيت سنتين..
يوسف ندا: بعد عشر أيام مسكوه، لكن سلمت نفسي في نفس اليوم اللي مسكوه فيه.
أحمد منصور: يعني برضو طول عمرك يعني بتعرف تهرب.
(5/335)
يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله، من الظلم، مش من العدالة، أيوه فركبنا مع بعض، الراجل كان في غاية الأدب الحقيقة ممدوح سالم، يعني حتى لما.. أما اعتُقلت يعني قلت طبعاً ما فيه حد ما اتضربش، لكن هو ما ضرب حد أبداً، رجالته كانوا يضربوا، لكن هو ما ضرب حد.
أحمد منصور: ما هو عادة الضباط الكبار ما بيضربوش.
يوسف ندا: لا.. لا، ما فيه حد كبير ولا صغير ما يضربش، لا لا..
أحمد منصور: أنت مجرب بقى، ربنا يعافينا إحنا..
يوسف ندا: وربنا.. ربنا يعافيهم ويسترهم هم كمان ويغفر لهم يا شيخ، يغفر لهم.. تعرف بتذكرني.. كلمة يغفر لهم دي.. بتذكرني كنا في السجن الحربي، كان معانا واحد من إخواننا كان.. فوق الثمانين سنة، كان قصير وصحته ضعيفة -الله يرحمه- وكان أيامها النظارات مش زي نظارتك دي الله يدي لك الصحة، كل ما ضعف النظر كل ما النظارة تبقى سميكة، كان نظارته سميكة كتير، فكانوا يجوا العسكر يتحاولوا عليه وواحد يضربه وبعدين يسألوه مين اللي ضربك؟ راجل في السن ده وفي الضعف ده بالكرباج مين اللي ضربك؟ فلو قال.. لو اكتشف مين اللي ضربه يضربه يقول له إزاي عرفت؟ ولو ما اكتشفش يا ابن كذا كذا، أنت كذا كذا ومش قادر تعرف، ويضربوه تاني، كل ما ينزل عليه ضربة يدعي للي بيضربه، الله يديك الصحة يا بني، الله يرحم والديك يا بني، الله ينفع بيك يا بني، ربنا يطول عمرك يا بني، ربنا يرزقك يا بني، وبعدين دخل الزنزانة يا أستاذ محمد قل البعيد..
أحمد منصور: محمد مين؟
يوسف ندا: محمد القرافصي كان اسمه الله يرحمه ويحسن إليه، يا أستاذ محمد قل البعيد ربنا يشل أيده، يقول لي حرام عليك يا يوسف يا بني، أيه هأستفيد لما أيده تتشل؟ نسيت آيات القرآن بتاع العفو والمغفرة والصفح؟ كان درس ما أنساه في حياتي ما يتنسى أبداً الله يرحمه.
أحمد منصور: المهم رجعت تاني سنة..
يوسف ندا: أيوه.. رجعنا علشان موضوع بنك فيصل بقى اللي..
(5/336)
أحمد منصور: أنا عمال أهيج عندك حاجات يعني بتتأثر يعني..
يوسف ندا: أيوه علشان موضوع بنك فيصل لأ بس أنت شوف إحنا اتربينا إزاي يضربونا، يسجنونا، يعدمونا، يقطعوا دمنا برضو إحنا ولادهم، إحنا ولاد البلد، برضو هُمَّ أهلينا، ما هي بعيدة، لكن ما يدي بقى أسمائي علشان بتاع جوانتانامو، ما تروح أسمائي في حتة تانية وفيها تقارير فيها أشياء مزيفة ما عملتها، يعني ما تجوز، وبالرغم من كده الله يسامحهم يا سيدي، هأقول أيه؟! الله يسامحهم، يعني اتعودنا حتى.. اتعلمنا في القرآن مش بس أتعودنا، يعني إزاي الواحد يكلم أطغى.. أطغى الطغاة فرعون (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، الآية الثانية: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) هذا اللي اتربينا عليه، يحصل اللي يحصل فينا، ما نقابل السيئة بالسيئة أبداً، الحمد لله، بس ربنا يثبِّتنا عليها لغاية ما نموت.
أحمد منصور: أنا بس عايز أسألك..
يوسف ندا: رحنا مصر، فالدَّخلة التانية كانت أرحم شوية، لأن أنا واقف بالجوازات بتاعتي أنا وزوجتي على شباك الـ.. طبعاً ما قلت لحد..
أحمد منصور: برضو ماقلتش لحد؟
يوسف ندا: طبعاً، لازم أفهم ما هو بعد كده قال لي يعني أستاذ النبوي..
أحمد منصور: اللواء النبوي إسماعيل.
يوسف ندا: أيوه، إسماعيل، قال لي يا يوسف يعني ليه ما تقول؟ اللي زيك لازم.. قلت له بس هأفهم إزاي لما أقول؟ لما أنتوا حد يستناني مش هأفهم أيه اللي ماشي، لكنه لما أجي طبيعي هأفهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب (….) ما أنت فهمتها من أول مرة قعدت للساعة اتنين الصبح..
يوسف ندا: طيب عايز أفهم.. عايز أفهم الحكاية ماشية على طول أم خلاص هي مرة ومش هتحصل تاني، لكن هي هي ما فيه فايدة.
أحمد منصور: ما فيش فايدة فيك.. ما فيش فايدة
يوسف ندا: آه طبعاً، لما أقول لحد مش هأفهم، أنا عايز أفهم.
(5/337)
أحمد منصور: بشكل مختصر..
يوسف ندا: واقف أنا على البنش بأدي له الجوازات، جه واحد معاه مجموعة الجوازات بتاع ممدوح بيه ومعاه.. قال له ممدوح بيه والجماعة بتوعه، قال له تقف في الطابور زيك زي غيرك، كان زمان لما كان رئيس حكومة، صُدمت. لكن ختم جوازي من غير ما يشوفه، لأن أزمة بقى التاني بيزعق له وهو بيزعق له ختم الجوازات بتاعي وبتاع زوجتي ودخلت، بعدما دخلت تاني يوم عندي اجتماع مجلس الإدارة بتاع بنك فيصل.
أحمد منصور: أنا مش هأدخل في تفاصيل القصة كده..
يوسف ندا: لأ، يعني أنا بأوري لك ليه طفشت، ليه طفشت..
أحمد منصور: معلش أنا مش متفق معك برضو، يعني على الصعيد أنا ما.. يعني بأعبر لك عن الرأي الآخر، عن الرأي الآخر كل واحد يريد أن يتعايش مع نظام لابد أن يعرف الـSystem.
يوسف ندا: أي نظام يا أخ أحمد الله يكرمك؟
أحمد منصور: الـSystem بتاع النظام دا ويتعامل من خلاله..
يوسف ندا: ما إحنا بنتعايش مع نظم الدنيا..
أحمد منصور: ما الناس كلها طالعة ونازلة وملايين الناس بره مصر..
يوسف ندا: ما إحنا بنتعايش مع نظم الدنيا ما هو يا إما أنا مواطن ليَّ حقوق..
أحمد منصور: أنت عايز حقوق..
يوسف ندا: وإلا أشوف لي حتة آخد فيها حقوقي..
أحمد منصور: أنت عايز حقوق بزيادة..
(5/338)
يوسف ندا: أنا كنت ماشي مرة في فيينا بالسيارة وقفت عند Traffic light ولد من المصريين بيبيع جرائد فوقفت السلام عليكم، عليكم السلام. الجرائد. قلت له أنت مصري؟ قال لي أيوه، قلت له طب أنا هأركن، ركنت السيارة وناديته: بتعمل أيه هنا؟ قال لي زي ما أنت شايف، طب بقى لك أد أيه بره مصر؟ قال لي بقى لي سنتين، كنت بتعمل أيه في مصر؟ قال لي كنت في كلية الهندسة.. في أي سنة؟ بكالوريوس. طب يا بني مش تخلص بكالوريوس أم تيجي تقعد تبيع جرائد هنا؟ أيه اللي جابك هنا؟ قال لي يا بيه أنت كمان بتتكلم، أنا الحرية اللي أنا فيها هنا ما هياش موجودة هناك، أنا حقوق المواطن درجة تالتة هنا هوت ما بألاقيهاش هناك، أقول له أيه؟!
أحمد منصور [مقاطعاً]: يا أستاذ يوسف معلش.. معلش.. معلش، محاولة تصوير الأماكن في العالم العربي إنها سجون معلش للناس اللي عايشين بره برضو فيها شيء من المبالغة الكبيرة جداً، الناس بتعيش جوه النظام وبتسايس أمورها وفيه 66 مليون مصري وفيه 220 مليون عربي، 250 مليون عربي عايشين في الأنظمة بتاعتهم ممكن يكونوا غير راضيين، لكن مش معنى كده إنه يروح يهرب ويعيش بره.
يوسف ندا: يعني لو أكلت من بطيخة وأكلت من مر علقم وبعدين أعطوا لك الاختيار، تاكل من أنهي فيهم؟ ذقت المر وذقت الحلو؟
أحمد منصور: ما هو.. هأقول لحضرتك حاجة، هأقول لحضرتك حاجة..
يوسف ندا: اتفضل.
أحمد منصور: أنا إذا غبت عن مصر الآن شهرين بأحس إني بقى لي مائة سنة بره
يوسف ندا: والله أنا..
أحمد منصور: بأكلمك بشكل..
يوسف ندا: والله أنا مقطوع..
أحمد منصور: بشكل أساسي..
يوسف ندا: أنا مقطوع جزء من كياني وإن أنا بره مصر..
أحمد منصور: أنت حضرتك الآن ليس مبرر..
يوسف ندا: أنت فاهم إن أنا مبسوط لما أسيب بلدي؟!
أحمد منصور: ليس مبرر.
يوسف ندا: أنت فاهم إن فيه حد يسيب مصر.. مش أي بلد، مصر بالذات يسيبها.
أحمد منصور: ليس مبرر.
(5/339)
يوسف ندا: ويحس إن هو مبسوط؟!
أحمد منصور: طيب ما هو ليس مبرر الآن إن الواحد بيروح يقف في المطار ساعتين إن دا ما يروحش بلده، ما..
يوسف ندا: يا أخي.. يا أخي فيها إذلال، يا أخي فيها إذلال، فيها إذلال.
أحمد منصور: يعني أنت بعدها قررت ما تروحش..
يوسف ندا: فيها إذلال، يعني واحد زي يوسف القرضاوي علم من أعلام مصر اللي شَّرف مصر في كل مكان في العالم أما يدخل مصر ويقف برضو في المطار؟
يعني فين إحنا؟! بدل ما يستنوه علشان.. بيشرف مصر في كل مكان، هو وغيره وغيره أساتذة جامعات اللي موجودين في كل مكان.
أحمد منصور: بس دا لا يمنعه من إن هو بيروح.
يوسف ندا: بيروح.
أحمد منصور: وهذه أيضاً ليست كل نظام موجود فيه أخطاؤه وفيه الحاجات اللي مفروض إنها بس..
يوسف ندا: يا سيدي اعتبرها غلطة عندي يا سيدي، لكن ما..
أحمد منصور: مش مشكلة الآن..
يوسف ندا: ما عندي إمكانية، مش قادر.
أحمد منصور: بعد كده خلاص بطلت تروح.
يوسف ندا: لأ دا هو.. هو الله يجزيه الخير يعني أنا رحت المطار، قال لي لازم تقول لي هتسافر امتى، ما قلت لوش.
أحمد منصور: مين؟
يوسف ندا: هو..
أحمد منصور: وزير الداخلية.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: طب ما هو وزير الداخلية اللي بيقول لك، وأنت ما قلت لوش!
يوسف ندا: والله ما قلت له، رحت المطار، ما تعرف إزاي.. عرف إزاي..
أحمد منصور: معلش المسؤولية مش عليهم بقى.
يوسف ندا: ما أعرفش عرف إزاي، الميكروفونات بتشتغل، السيد المهندس يوسف ندا، السيد المهندس يوسف ندا، رحت لقيته واقف واحد لواء، قال لي أنا اللواء السماحي مدير الأمن العام جاي لك أكون في شرف وداعك نيابة..
أحمد منصور: طيب عايز أيه أكتر من كده بقى؟
يوسف ندا: لأن عرف، يعني الراجل حتى أما وصلت هنا كلمته بالتليفون شكرته، ولا أنساها له، أنا بأقولها بأعترف..
(5/340)
أحمد منصور: طب أنا لا.. يعني برضو أنا بس بأخد منها مثال، إن يعني إحنا مش.. مش عايز أخرج بيها عن الموضوع بتاعنا، ولكن عن غيابك من مصر من يوم ما خرجت من سنة 60 إلى اليوم وأنت مسؤول عن كل العلاقات الدولية للإخوان المسلمين وأنت رجل -ما شاء الله- ملياردير وكان عندك مشاريعك وكان عندك..
يوسف ندا: ما عندي حاجة النهارده بأقول لك بأشتري خمسة كيلو دقيق ما عندي.. ما خلوا لي حاجة، ربنا يستر بس وأتستر بقية أيامي اللي فاضلة لي.
أحمد منصور: ربنا يسترنا ويسترك -إن شاء الله- ربنا يسترنا ويسترك.
يوسف ندا: آمين يا رب.
أحمد منصور: بس بأحاول يعني برضو..
يوسف ندا: خدوا كل حاجة، أنا اللي واجعني والله ما هي فلوسي، أنا اللي واجعني الناس اللي اتأذوا معايا الناس اللي كان مدخراتهم والناس اللي كانوا عايشين كل دهوت راح، كله راح، إن شاء الله يسامحوني بس إن شاء الله يسامحوني، أنا ما أخدت حاجة لنفسي، إنما كله اتخرب اللي راح راح، واللي اتخرب اتخرب واللي اتحجز اتحجز، والحمد لله أنا بالنسبة ليَّ الحمد لله، كل اللي يجي من عند ربنا خير، ما عندي مشكلة تقيلة تقيلة، لكن أعرف أعيش أعرف أتأقلم، عشت على الأسفلت في السجن الحربي وعشت على الريش والحرير في كل مكان، حرير أقول لك يعني تفاديته –الحمد لله- شرعاً، لكن يعني ما فيه.. أعلى مستوى عشت فيه وأقل مستوى عشت فيه، ونمت -الحمد لله- وشكرت ربي وصليت الركعتين بتوعي قبل ما أصلي وقرأت قرآني قبل ما أصلي ومن جوة مرتاح الحمد لله رب العالمين.
[فاصل إعلاني]
نشأة العلاقة بين يوسف ندا والملك السنوسي
أحمد منصور: فيه محور هام في حياتك لازم نتطرق ليه، من سنة 60 لـ 69 عشت في ليبيا.
يوسف ندا: لأ، بين ليبيا والنمسا.
أحمد منصور: بين ليبيا والنمسا.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: تعرفت على الملك إدريس السنوسي.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: وكان لك علاقات به.
يوسف ندا: أي نعم.
(5/341)
أحمد منصور: إزاي نشأت العلاقة بينك وبين الملك إدريس؟
يوسف ندا: القصر.. يعني أنا هتورطني؟، مش هتورطني، هتورط ناس موجودين النهارده، يعني أنا أسف أقول الكلام ده، ما أحبش أقول الكلام اللي قاعدين نسمعه دايماً، الناس اللي قاعدين يشرشحوا للحكام في.. في.. في الفضائيات وغيره يعني ما.. ما أنا عاوز أصل لهذا المستوى، وابتدى أتكلم، لكن يعني أخشى على.. على من أذكر اسمه.
أحمد منصور: ما تقولش أسامي.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: وأنت.. أنت راضي تقول ولا اسم اشمعنى دول اللي هتقول أساميهم؟!
يوسف ندا: طب الحمد لله إنك عافيتني منها، الله يعافيك أيوه، هو كان يعني في القصر رجل واحد صالح غير الملك.
أحمد منصور: يعني مسلم آل فرعون؟
يوسف ندا: كان رجل صالح، وربنا يدي له الصحة، وكان مركزه كان قوي، وتعرفت به.
أحمد منصور: وصَّلك للملك.
يوسف ندا: وهي العائلة عائلة معروفة، تعرفت به.
أحمد منصور: هتقول اسمه الظاهر..
يوسف ندا: وبعدين.. نعم؟
أحمد منصور: بدل ما توصل أنك تقول اسمه، المهم ده اللي وصلك للملك.
يوسف ندا: أي نعم، أنا لما يعني الأمور لقيتها ما هي مستقيمة والمشاكل جواز السفر وغيره، فقلت له..
أحمد منصور: جواز السفر كان مصري؟
يوسف ندا: قلت له: هل ممكن أقابل الملك؟
قال لي: إن شاء الله ترتب، وفعلاً اتصل بي، وقال لي يعني اتفضل، فرحت قابلت الملك، فقلت له إن أنا من الإخوان، قلت له أنا الظروف حصل كذا وكذا، وكنت معتقل في مصر.
أحمد منصور: سنة كم دي؟
يوسف ندا: 62.
أحمد منصور: ما أنت لسه كنت طالع من مصر بجوازك، كان خلص أم أيه؟
يوسف ندا: لا.. لا، متوقع كل شيء.
أحمد منصور: آه، قبل ما جوازك يخلص.
يوسف ندا: طبعاً.
أحمد منصور: يعني دايماً دي استراتيجتك؟
يوسف ندا: طبعاً.. طبعاً ما فيش نقاش دي هي العقدة، جواز السفر دي عقدة.. عقدة العقد.
أحمد منصور: عشان كده ما شاء الله معاك 3 جوازات.
(5/342)
يوسف ندا: وبعدين.. وبعدين أنا ما.. يعني كثير من إخواننا يعني اللي هاجروا اللي مشيوا، مشيوا على الدول العربية في الوقت ده، وكانت هي.. لكن ما.. ما كنت أجد إن أنا أمشي من مكان علشان حريتي أروح لمكان ثاني ما فيهوش حرية.
أنا ما كان عندي مشكلة إن أنا أعيش، أنا الحمد لله أنا وأنا طالب كان عندي معمل.. معمل لبن ومعمل جبنة، كان عندي مكتب بتاع تصدير وأنا طالب في الجامعة، لما اتخرجت نفس الحكاية كان عندي معمل خاص بي غير.. غير بتاع والدي، معمل خاص بيَّ، أنا.. أنا كنت أنا واثنين ثانيين منهم (سيكلام)، (لاندريت) اللي هو صاحب سيكلام، سيكلام كان..
أحمد منصور: أيه سيكلام؟
يوسف ندا: مصنع البسترة الوحيد كان في مصر، ما كانش فيه حاجة اسمها بسترة ألبان في مصر، كنا إحنا الثلاثة مسيطرين على توريد اللبن في.. في إسكندرية، يعني كل إسكندرية أنا ثلث اللبن اللي بيتشرب في إسكندرية كان في إيدي، ما كان عندي مشكلة، لكن اللي شفته في السجن الحربي ما يتنسى، أنا أفلام السجن الحربي النهارده بعد 55 سنة بتمر عليَّ، كأنها إمبارح.
أحمد منصور: 45.
يوسف ندا: والله أعتقد إنها يمكن.
أحمد منصور: 47.
يوسف ندا: قول 470، زي إمبارح، ما تتنسى أبداً.
أحمد منصور: وده اللي خلاك تسعى للبحث عن الحرية بره؟
يوسف ندا: ما فيه نقاش.
أحمد منصور: وجعل بينك وبين أي حد يوقفك أو يضايقك عقدة؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: طيب أنت.
يوسف ندا: اللي حصل لي.. اللي حصل لي السنة دي جاب لي الفيلم كله، أنا شفت ناس بتتقطع، شفت ناس اتقتلت قدامي، أنا كان فيه عسكري كنت بأشغله، بأبعثه برسائل لإسكندرية لأهلي، قتل اثنين قدامي.
أحمد منصور: اثنين من الإخوان من التعذيب؟
(5/343)
يوسف ندا: اثنين قتلهم قدامي، ولد كان ماسكين ولد من الإخوان اسمه عبد الهادي، ما أنيش فاكر عبد الهادي أيه، كان سنة 13 سنة مسكوه وهو بيحط نشرات في صناديق بوسطة، جابوه، شرحوه، ما أعرفش مرة كان جه أظن كان محمد شديد، كان جاء له أكل، كنا في نمرة 2.. نمرة 2.
أحمد منصور: مين محمد شديد؟
يوسف ندا: واحد من الإخوان المعروفين، كان أخوه من.. يعني من القريبين لجمال عبد الناصر، وعشان كده حطوه في نمرة 2.
أحمد منصور: أيه نمرة 2؟
يوسف ندا: نمرة 2 في السجن الحربي، السجن الحربي مقسم أقسام.
أحمد منصور: بتكلمني كأني أنا عارف كل حاجة، وإن المشاهدين عارفين كل حاجة.
يوسف ندا: ما.. ما أعمل أيه بقى أنت؟
أحمد منصور: اتفضل نمرة 2 اتفضل ربنا يعافينا.
يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله.
أحمد منصور: حطوه في نمرة 2.
يوسف ندا: أيوه، نمرة 2 ده كان فيه ضباط والجماعة اللي يعني ليهم حد موصي عليهم.
أحمد منصور: آه.. آه.
يوسف ندا: فاستفرد به هذا كان اسمه عوض العسكري ده، استفرد.. كان جه أكل لمحمد شديد، ولما أي واحد يجي له أكل، فنمرة 2 الوحيد اللي كان ممكن يجيب فيه أكل من بره، فما بيأكلهوش، على طول يوزعه على الكل، فقال لي: يا يوسف أنا كنت بأتحرك يعني كنت في سن صغير، كان عندي 23 سنة، فقال لي: يا يوسف، تشوف أخوك عبد الهادي هناك، فرحت لعبد الهادي عشان أنده له فتحت الزنزانة لـ.. بيخبي صدره، فيه أيه يا عبد الهادي؟ شلت لقيت دم كله فيه أيه: قال لي: يا أخ يوسف، بلاش شوشرة، خلاص عدت. لازم تقول لي فيه أيه؟ قام قال لي: عوض، فكان الزنزانة اللي جنبي كان فيها –الله يرحمه – يوسف صديق، اللي هو قام بالانقلاب.
أحمد منصور: آه.. آه، يوسف صديق منصور.
يوسف ندا: أيوه، طبعاً كان شيوعي، وكنت أسهر معاه كثير يحاول يخليني شيوعي، يحاول يبلشفني، لكن كان شهم.
أحمد منصور: كان مسمينه ضباط الثورة مسمينه يوسف ستالين.
(5/344)
يوسف ندا: لكن كان شهم.
أحمد منصور: نعم.
يوسف ندا: كان شهم الشهادة بالله.
أحمد منصور: هو الوحيد اللي أطلق رصاص ليلة 23 يوليو.
يوسف ندا: ده مضبوط، كان شهم، فقلت له: يا يوسف بيه، حصل وحصل، أجارك الله، كلنا أرانب هناك، ما حد فينا يعرف يتكلم، اللي يتكلم كان يتشرح، مسك عوض ده ضربه علقة شرَّحه، طبعاً قعد يصرخ، وطلع يجري على المكاتب، وبعدين جم بقى قوة جت كبيرة، هو كانوا عاطيينه راديو، وكانوا عاطيينه جرايد، عملوا له تكدير، ومنعوه على ده هو كله بسببه، هذا عوض ده بعد ما طلعت و أنا في المعمل بتاعي جوني قالوا لي فيه واحد بيسأل عليك.
أحمد منصور: أنت طلعت سنة 56، قضيت سنتين في السجن.
يوسف ندا: أيوه، سنتين إلا شهر تقريباً، فقالوا لي: فيه واحد عاوزك اسمه عوض، عوض أيه؟ ما.. ما..ما يعرفوش، نادوه، فدخل، لما شوفته ما فيه شعره من جسمي ما ارتعشتش.
أحمد منصور: رغم أنك بره.
يوسف ندا: لأ، ما ارتعشتش..
أحمد منصور: غضباً.
يوسف ندا: على طول صور اللي قتلهم قدامي، على طول، قال لي: يا بيه أنا عارف أنت بتفكر في أيه، أنا طلعت من الجيش، وما عنديش شغل، وإذا كانت يعني عملت حاجة خير يعني ساعدني، حطيت إيدي في جيبي طبعاً كنا بنشتغل بكاش مش Card Credit زي دلوقتي والكلام ده، فالجيب فيه حطيت إيدي في جيبي، كل اللي في جيبي، كل اللي في جيبي طلعته ما أعرفوش قد أيه، قلت له يا عوض، خد الله يرضى عنك، بس أعمل معروف ما تجينيش هنا ثاني، خفت أؤذيه.
أحمد منصور: طيب خلينا نرجع لموضوع الملك إدريس السنوسي، إزاي اتعرفت على الملك، وكيف كانت علاقتك به باختصار؟
يوسف ندا: أيوه، فلما حكيت له، قال لي: يا ابني، أنا كنت لاجئ في مصر، ومصر تعتبر بلدي وعزيزة عليَّ زي ليبيا، وأنت هنا هو في بلدك، ومش أنت أول واحد يعني يشعر بالاضطهاد، وأي حاجة عندك فلان ممكن يعني يجيبك لي.
(5/345)
أحمد منصور: في الوقت ده كانوا الإخوان اللي كانوا بيهربوا من مصر، كانوا بيروحوا ليبيا وكانوا بيرحوا السعودية.
يوسف ندا: لأ، كانوا اثنين. اثنين قبل مني بس مش قبل مني في.. في المحنة دي، كانوا قبل مني في محنة 48.
أحمد منصور: 48 أم 54؟
يوسف ندا: 48.
أحمد منصور: مين.. مين ومين؟
يوسف ندا: كان عز الدين إبراهيم، وكان فيه مش فاكر الاسم الثاني اللي هو.. مش فاكر الاسم؟
أحمد منصور: عز الدين إبراهيم؟
يوسف ندا: أي نعم، أول ما طلع طلع على ليبيا.
أحمد منصور: دكتور عز الدين؟
يوسف ندا: آه، طبعاً.
أحمد منصور: دكتور.. اللي كان رئيس جامعة الإمارات؟
يوسف ندا: آه طبعاً.
أحمد منصور: آه.
يوسف ندا: وواحد ثاني، كانوا هم هربوا عن طريق ليبيا في 48، لكن بالنسبة لي أنا.. أنا الوحيد اللي كان معايا هناك أيامها كان الدكتور محمود أبو السعود الله يرحمه، وكان أيامها مستشار وزارة الاقتصاد ومستشار البنك المركزي.
أحمد منصور: في ليبيا.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: دكتور محمود أبو السعود اقتصادي عالمي.
يوسف ندا: الله يرحمه، أي نعم، راجل له وضعه حتى يعني من.. الله يرحمه.
أحمد منصور: أنا أفتكر الدكتور عز الدين إبراهيم، لأنه لسه مقابلني على طيارة قريب، وعرفني بنفسه.
يوسف ندا: عجزنا كلنا بقى خلاص.
أحمد منصور: وأعطاني كارت، ولذلك ربطت الاسم.
يوسف ندا: فيعني بعد المقابلة دا هي، يعني طبعاً حسيت إن أنا على الأقل يعني ضهري مسنود.
أحمد منصور: من الملك.
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: كان لك علاقة بعد كده غير موضوع الجواز؟
يوسف ندا: أيوه، حصلت طبعاً مشاكل بعد كده، يعني مثلاً جه موضوع جواز سفر، فلما خلص فروحت له، فعطى تعليمات لسالم بن طالب، أنا مش عارف الأسماء بتيجي بسرعة معاك، أنا..
أحمد منصور: كويس.
يوسف ندا: أنا ذاكرتي ما بتجيب أسماء أبداً، أنا مش عارف معاك الأمور ماشية إزاي.
(5/346)
أحمد منصور: الحمد لله.
يوسف ندا: الله يبارك لك ويحميك، كان مدير الأمن العام كان اسمه سالم بن طالب، أنت يظهر عندك مغناطيس.
أحمد منصور: لأ، ما أنت بتقول لي أنت عامل زي الـ F BI، بتكمِّل.
يوسف ندا: سبحان الله! لأ، بس ¾ اللي بأكلمك فيهم، كل ما أتكلم تقول لي واحد أقول لك: الله يرحمه.
أحمد منصور: طب قول لي باختصار بس، عشان عايز ألملم الموضوع.
يوسف ندا: الله يرحمه، الله يرحمه، يعني بتنبش أنت فين، ما أنيش.. أيوه، بس الله يكرمك، أنا مقدر طبعاً الناحية التاريخية، يعني ما دام هو (شاهد على العصر) بتجيب شهود على الأحداث، والشهود..
أحمد منصور: أنا بس عايز أعرف علاقتك بالملك وموقف الملك من الإخوان في ذلك الوقت لا سيما وإن عبد الناصر يعني بعد أحداث 65 كيف ملك ليبيا كان بيتعامل.. مع الإخوان وأنت نموذج منهم؟
يوسف ندا: يعني علاقة.. العلاقة دي يعني هو حتى الدكتور أبو السعود –الله يرحمه- كان كمان له علاقة به، والعلاقة دا هي ما كانت معروفة إلا لأعداد محدودة عنده، يعني مدير الأمن العام ومدير أمن الدولة، اللي هو بتاع المباحث العامة، فهو عطى التعليمات لمدير الأمن العام سالم بن طالب علشان إصدار الجواز.
أحمد منصور: إصدار جواز ليبي لك؟
يوسف ندا: لي أيوه، فسالم بن طالب عطى التعليمات لعبد العزيز التويجري، طبعاً غير عبد العزيز التويجري بتاع السعودية بتاع الحرس الوطني، اللي هو مدير مباحث أمن الدولة، فجاني عبد العزيز التويجري في البيت.
أحمد منصور: أنا مش عايز أدخل في تفصيلات.
يوسف ندا: لأ، دي حتة مهمة.. مهمة، عجيبة.. عجيبة، توري لك إزاي.. إزاي الناس بتشتغل في بلادنا.
أحمد منصور: طيب.
(5/347)
يوسف ندا: قال لي: يا أخ يوسف، جواز سفرك اللي.. اللي خلص موجود؟ قلت له: أيوه، قال لي: ممكن أشوفه؟ جبته له، قال لي: طيب أنا عندي تعليمات، لكن أيه رأيك إن إحنا عندنا وسائلنا الخاصة إن إحنا نمدده لك، جت لي مفاجأة، ولذلك قلت لك: لأ، استنى دي مهمة، مفاجأة، قلت له: تقصد يعني تزوره؟ فبص لي كده قال لي: يعني نعِّدله.
أحمد منصور: المصري؟
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: جوازك المصري؟
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: تصور بقى رجل أمن ومسؤول عن الأمن علشان يزوَّر، قلت أنا إذا كان حكاية تعديل وتزوير مازي ما أنت ممكن تعمله أنا ممكن أعمله، لكن أنا لا يمكن أمشي بجواز سفر مزور، أنا ما عطيتك تعليمات، قال لي: ما هو أنت عارف الوضع بينَّا وبين مصر حسَّاس، وإحنا مش عاوزين مشاكل، قلت له: والله، أنا ما طلبت منك حاجة، اللي عطى لك التعليمات بلغه، أنا ما طلبت منك حاجة.
أحمد منصور: وما خدتش جوازك؟
يوسف ندا: لأ، عطوني، بس عطوني المرحلة الأولى كان وقت الحج وعاوز أحج.
أحمد منصور: سنة كم تفتكر دا الجواز الليبي؟
يوسف ندا: 63، 64.
علاقة يوسف ندا ببورقيبة وحصوله على جواز السفر التونسي
أحمد منصور: بعد كده خذت جواز تونسي سنة 65 والجنسية التونسية.
يوسف ندا: أي نعم، أي نعم.
أحمد منصور: إزاي عرفت بورقيبة وإزاي خذت الجواز؟
يوسف ندا: كان فيه واحد من أصدقائه من أيام ما كان برضو لاجيء في مصر، وهو كل.. كل دول لما كانوا اللاجئين في مصر كلهم كانوا على علاقة بالأستاذ البنا –الله يرحمه- والمركز العام كان هو المكان، وبعدين التاني كان –الله يرحمه- الأستاذ هارون المجددي، أبوه صادق باشا المجددي كان يعني بيته هو مفتوح لهم كلهم، أنا علاقتي كانت موجودة الواحد برضو كان له علاقات يا أخي بره.
(5/348)
أحمد منصور: يعني أنا ألاحظ إنك في علاقاتك في كل اللي دردشنا فيه بتروح للراس دايماً، أو بتشوف السكة اللي توديك للراس، ما تحاولش تتعامل مع الناس اللي..
يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله.
أحمد منصور: لا أنا بس بأسأل.. بأسأل.
يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا لله الحمد لما تسأل إخواني العامل اللي ما عندوش شغل، الموظف، المهندس، الطبيب، الوزير، علاقاتي مع الجميع، لكن أنت لما تنقي الأحداث الكبيرة اللي أنت بتدور عليها، ما يمكنش يكونوا عملوها ناس أوضاعهم ما هياش كبيرة.
أحمد منصور: فكنت دايماً بتحاول توصل للراس وصلت للملك في ليبيا، وأنت كان لسه عمرك ربما 25 سنة أو..
يوسف ندا: لا اللذيذ إن أنا بعدما طلعت، طبعاً هو كان.. يعني لما حصل الانقلاب كان موجود هو في (كامينافورلا) في اليونان.
أحمد منصور: طب خليني، هارجع.. هاجي للانقلاب بس الأول عايز أعرف بورقيبة وإزاي إداك الجواز سنة 65.
يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله!
أحمد منصور: بورقيبة إداك جواز تونسي وجنسية وأنت للآن معاك الجنسية التونسية.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: وأنت بقيت علاقتك ببورقيبة بعد كده؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: بقى لك به علاقة؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: قل لي باختصار..
يوسف ندا: هو حتى.. حتى الإيرانيين –الله يجزيهم الخير- يعني اتصلوا بي لما حُكم عليه..
أحمد منصور: إدوك جواز الآخرين؟! إدوك جواز الإيرانيين؟
يوسف ندا: لا.. لا، لم أطلب، ما..
أحمد منصور: أو ما كنتش عايز بقى، كان معاك 3 جوازات.
يوسف ندا: وبعدين أعمل به أيه؟ دا.. أنا.. أنا التونسي كان له ميزة، لأنه التونسي كان.. ما كانش يحتاج لفيزا في أي مكان في الدنيا.
أحمد منصور: كل دول العالم تدخل بيها بدون فيزا؟
فيصل ندا: كل دول العالم، حتى أميركا لما طلبت الفيزا، أنا طالبها شهر، أعطوها لي عشر سنين.
أحمد منصور: بالتونسي.
(5/349)
يوسف ندا: هي كانت أميركا بس الوحيدة اللي.. اللي محتاجة لفيزا، أما أوروبا كلها أو آسيا أو أفريقيا أو أي مكان كان الجواز التونسي ما يحتاج لفيزا.
أحمد منصور: للدرجة دي كان بورقيبة عامل للدولة..؟
يوسف ندا: أيوه، بس هو اتغير طبعاً لما عطى جوازات للفلسطينيين لما راحت منظمة.. المنظمة هناك، وبعدين حصلت الأحداث بتاع إرهاب وما إرهاب والمطارات، فألغى الجوازات القديمة وطلع جوازات جديدة.
أحمد منصور: لكن هذا أدى إلى أن بينك وبين بورقيبة قامت علاقة.
يوسف ندا: وُجدت، يعني زيارات وُجدت، وهو طبعاً كان له وضع خاص وكان له أسلوب خاص في تعامله مع الأشياء و..
أحمد منصور: الآن فترة وجودك في ليبيا لسنة 69، أيه مجالات العمل والأنشطة التجارية واللي كنت بتتحرك فيها.
يوسف ندا: كنت ماشي في أشياء كثيرة مع بعضها، أنا كان.. واحد كان محامي للوالد –الله يرحمه- وبعدين ساب المحاماة ودخل في سلك القضاء، وبعدين وصل إلى أنه أصبح مستشار محكمة عليا، ففي ليبيا المحكمة العليا..
أحمد منصور: باختصار. ما.. هتحكي لي على كل شغلة خاصة.
يوسف ندا: المستشار.. المستشار لازم يكون مصري كان، فكان رئيس المحكمة العليا ليبي، والمستشار اللي هو بيقوم بكل الأعمال كان مصري.
أحمد منصور: أفتكر مصطفى بن حليم في شهادته على العصر كلمني في النقطة دي.
يوسف ندا: أيوه، بس دا كان يعني في غير وقت مصطفى بن حليم، فلما جه وشفته على طول قال محتاجين، كان فعلاً كانوا محتاجين لخبير زراعي فاتعينت خبير زراعي في المحكمة.
أحمد منصور: وأنت طبعاً خريج كلية زراعة.
يوسف ندا: أيوه.
أحمد منصور: نعم.
يوسف ندا: خبير زراعي في المحكمة، وفي نفس الوقت كنت بأعمل مصنع للجبنة البيضاء.. الجبنة المثلثات دي Processed Cheese بيسموها علشان الأغذية المدرسية.
أحمد منصور: كنت في نفس الوقت شغال في النمسا برضو في المجال.
(5/350)
يوسف ندا: أي نعم، الجبنة البيضاء كانت في النمسا، الأغذية المدرسية..
أحمد منصور: يعني رأسمالك بدأ ينمو في الفترة دي في ليبيا لحد سنة 69.
يوسف ندا: مش بس في ليبيا، في ليبيا والنمسا.
أحمد منصور: وكنت شغال في الحديد والخشب وكل.. والجبنة وكله؟
يوسف ندا: ديَّ جت.. جت بعد 65.
انقلاب القذافي وهروب ندا من ليبيا
أحمد منصور: طيب الآن فيه حادثة مهمة جداً، حصلت في سنة 69 لما قام الانقلاب في ليبيا، قبليها أنتم كإخوان في الفترة دي كنتم تحركاتكم أية الدولية بره؟
يوسف ندا: لأ، أنا في الوقت دا هو يعني ما كان لي وضع مسؤولية، ما كانت عندي أي مسؤولية في هذا.
أحمد منصور: طيب أنا بأسألك عن الحدث السياسي، لأن أنت قلت لي أنك أنت الوحيد الذي استطعت الهروب من ليبيا حينما وقع انقلاب 69.
يوسف ندا:.. وهي مقفولة كلها.. وهي مقفولة كلها، ما تقول هرب، أنا طلعت خذت حريتي.. حقي، ليه تسميها هربت؟
أحمد منصور: لا، أنت حريف هروب يبدو، احكي لي باختصار أيه اللي صار.
يوسف ندا: هو..
أحمد منصور: ليه كنت خائف من الانقلاب وعايز تهرب وأنت لك رأسمال ضخم وتجارة في البلد؟
يوسف ندا: أيوه، هو.. هو الحقيقة أنا.. أنا مشيت ما فيه غير.. ما معيش قميص ألبسه، وما معييش حتى ماكينة حلاقة أحلق دقني.
أحمد منصور: ممكن أقول رأسمالك كان قد أيه في الفترة دي؟
يوسف ندا: يعني يعدي العشرات
أحمد منصور: الملايين أم الآلاف؟ عشرات الملايين؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: ما شاء الله! في الـ69؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: كان يعدوا عشرات الملايين؟
يوسف ندا: أي نعم.
أحمد منصور: من الدولارات طبعاً.
يوسف ندا: أي نعم، أنا.. بأقول لك ما بأتكلمش بالليرة.
أحمد منصور: أنا بأحسب الليرة الإيطالية، بس أحسب بس عشان..
يوسف ندا: أي نعم، وأنا مشيت وسبت كل حاجة.. سبت كل حاجة.
أحمد منصور: يعني الليرة ما عدش لها وجود كمان.
(5/351)
يوسف ندا: أنا.. يعني حتى بيتي كنت مجددة كله، وفارشه كله..
أحمد منصور: يعني خسرت في هروبك دا مبالغ ضخمة؟
يوسف ندا: أيوه هوووه.. هوووه، دي كانت.. كانت بالنسبة لي كانت يعني نزلت للأرض وطلعت ثاني بعون الله أنا.. أنا..
أحمد منصور: يعني كان رأسمالك في 69 بعشرات الملايين..
يوسف ندا: أنا طلعت وعندي 35 باخرة في البحر رايحة ليبيا، 35 باخرة اللي فيها حديد واللي فيها شعير واللي فيها قمح واللي فيها زيت واللي فيها ذرة واللي فيها أسمنت واللي هوووه، دي كانت.. كانت يعني بالنسبة لي كانت نقطة تحول في حياتي، أنا كان لي صديق –الله يرحمه- كنا يعني لا نفترق، حفيد الأمير عبد القادر الجزائري كان اسمه سعد الجزائري الله يرحمه، أنا ما كنت أرد على التليفون الصبح غير لما أكون خلصت كل شيء وجاهز لابس وفاطر وكل شيء، تليفون بيضرب ما بنرد، وبعدين الساعة 7 كنت جاهز فرديت على التليفون فكان سعد، أنت فين؟ أنت قلقتني، خير يا سعد، قال لي ما أنت سامع؟
قلت له سامع أيه؟ قال ما سامع المدافع؟ قلت له صحيح والله سامع، فيه أيه؟ قال لي فيه انقلاب في البلد افتح الراديو، طبعاً بالنسبة لي انقلاب في البلد واضحة إن لازم هيكون له صلة بمصر، معناه إن أنا لا يجوز إن أنا استنى، المهم طبعاً على طول.. كان لنا صديق ثاني سيخ هندي كان اسمه دكتور سينج، وكان كبير الأطباء..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت فاتح على الدنيا كلها.
يوسف ندا [مستأنفاً]: الحمد لله، من نعم الله، هذا.. هذا الإسلام، الإسلام ما يقفلك في علبة، أنت مفتوح، رحمة للعاملين، ربنا بعته رحمة للعالمين كلها، مش بعته رحمة للمسلمين بس، المسلمين طب مسلمين روح دور على غيرهم، فعطوا لما حصل الانقلاب بقى عطوا تصاريح للأطباء طبعاً فيه حظر تجول، إن هم يتحركوا علشان محتاجينهم، فأول حاجة عملها سينج جاني.
أحمد منصور: دا انقلاب الفاتح من سبتمبر..
(5/352)
يوسف ندا: أي نعم، واحد سبتمبر، فطبعاً أنا عندي بواخر في الميناء، اللي في المينا..، طبعاً غُشم اللي عملوا الانقلاب ما يعرفوا حاجة، وشوية أطفال صغيرين كانوا كلهم اللي 20 سنة واللي 23 سنة، الميناء، البواخر كلها بتتصل بالخارج وهم فاهمين إن هم حاكمين البلد من جوه.
أحمد منصور: عن طريق..
يوسف ندا: آه طبعاً.
أحمد منصور: أجهزة الاتصال.
يوسف ندا: كل باخرة عندها الجهاز بتاعها، ففهمت منه، هو كان فيه كتاب كان.. كان طلَّعه واحد اسمه (إدوارد لودفك) كان اسمه (coup d'etat) [الانقلاب] الكتاب دا يتحدث كأنه Text Book بتاع انقلابات، لما تقرأه واللي حكاه لي دكتور سينج فين الدبابات وفين الحتت وفين الحتت المفتوحة، طبق الأصل مطبق لـ.. وبعدين قابلت أنا (لودفك)، إدوارد دا هو قابلته في (بيومان زو) بعد كده بأقول له أنا قرأت كتابك، رد علي قال لي بالانقلاب، طبعاً هو من ولاد عمك. أيوه، فعلى طول فكرت إن أنا لكن فيه حظر تجول، إيش اللي أنا أعمله؟ ما فيه غير الانتظار، تليفون، بديت استعمل التليفون، كلمت الوكيل الملاحي بتاعي قلت له يعني هل بدأ التفريغ؟ قال لي لأ، المينا مقفولة، بعدين فتحوا حظر التجول لمدة ساعتين، فجه كابتن بتاع باخرة، كانت فرغت وكان فاضل فيها حوالي 300 طن، أنا لما كنت أؤجر البواخر كان دايماً عقود الـ Charter Part عقود التأجير، كنت أدفع الـ70% من النولون لما توصل عندي و30% بعدما ينتهي التفريغ على أساس نحسب العطلة ونحسب التشييل، فالـ70% والدفع كنت أدفعه دايماً من فيينا، ما ادفعوش من ليبيا، والباخرة دي بالذات أنا كان لي 3 سنين كنت بأؤجرها مستمرة رحلات رايحة جاية على طول لحسابي.
أحمد منصور: بدون ما أدخل في تفصيلات.
(5/353)
يوسف ندا: أيوه، فا جه الكابتن اتصل بصاحب الباخرة في اليونان، قال له أسأل مستر ندا يعني إمتى هيدفع؟ فلما رفعوا حظر التجول جاني الكابتن، قلت له: أنا ما بأدفعش من هنا، أنا بأدفع من فيينا أنت تعرف، قال لي طيب إمتى؟ قلت له لما.. لما الأمور تهدى، قال لي طيب هل ممكن تيجي معانا؟ قلت له مش معقول، لكن جت في راسي، عموماً بكرة أجي أزورك وأشوف الوضع وأكلمه من عندك، ثاني يوم رفع حظر التجول بدل ساعتين أربعة.
أحمد منصور: اللي هو 2 سبتمبر.
يوسف ندا: لأ.. لا.. لا أنا مشيت يوم 9..
أحمد منصور: 9 سبتمبر.
يوسف ندا: أي نعم، مشيت يوم 9، طبعاً الثلاث أيام أو الأربعة الأولانيين كان حظر التجول على طول، ما فيه مش مفتوح، وبعد كده فتحوه ساعتين في اليوم، وبعدين 4 ساعات في اليوم، فرحت الميناء.. الميناء طبعاً سمحوا للي عندهم مواد غذائية في الميناء إن هم يدخلوا، لكن يدخل بتصريح فقاعدين شبان صغيرين.. ضباط صغيرين 20 و23، كل واحد بيعرفوا أيه السبب، ويدوا له إذن الدخول، فين بطاقة الهوية بتاعتك؟ قلت له ما معييش، راحت في الدوشة دا هي، أيه اللي معاك؟ قلت له بتاع الحج، فين هي؟ طلعت له بتاع الحج، عندك أيه؟ قلت له عندي دقيق، فرز الحج، وهوب.. هوب ختم لي البتاع دخلت، طبعاً زي ما أنا مامعييش حاجة، دخلت جه الكابتن طلعت على الباخرة طبعاً، قال لي يعني أرجو إنك يعني تساعدنا لأنه محتاجين لفلوس وأنا مستعد أخدك معايا، وما عندك مشكلة تيجي معايا، قلت له يعني تؤذيني ليه؟ أنا ما عندي مشاكل، قال لي تساعد أنت بقى يعني خدمناك لمدة سنتين وتسيبنا في ظروف زي دي! قلت له أجي، يعني مغامرة، طبعاً أنا بأدور عليها، طيب فين.. فين أقعد؟ قال لي كابينة أهي موجودة ممكن تاخدها، طيب، طلب إذن الخروج.
أحمد منصور: من مين؟
(5/354)
يوسف ندا: من الميناء، عشان يطلب إذن الخروج، جه اللنش بتاع التفتيش فيه 12 واحد بالرشاشات عشان يفتشوا، هو شاف المنظر من فوق، اللنش وهو داخل، قال لي مستر ندا You have to go out لازم تنزل، قلت له إيه؟! بقى أنا تترجاني عشان أقعد، وبعدين لما ييجوا دولا تقول لي انزل؟! ما عندك مجال، أنت عندك أولاد؟ قال لي عندي أولاد، قلت له آه، عايز تعيش لهم؟ قال لي عايز أعيش لهم، قلت له خذ بالك بقى، إحنا في وضع حياة أو موت، قال لي: مستر ندا!
قلت له: أهو..
قال لي: طيب تقعد.. تأخذ مكان تاني تقعد فيه.
أحمد منصور: هددته يعني.
يوسف ندا: آه، ما عندي مجال.. ما عندي مجال، حياة أو موت، قال لي مكان تاني، قلت له لازم أشوفك في المكان الثاني، ما تتحركش من قدامي، قال لي وراء الثلاجة، طبعاً سبتمبر، الباخرة كانت موجودة بقى لها حوالي 10 أيام بتفرغ، حر لا تتصوره، والثلاجة من وراء قاعدة بتطلع كمان نار الله الموقدة، دخلت ورا الثلاجة، قلت له ما.. ما تمشي من قدامي، بين الثلاجة والبتاع مسافة كدا بأبص له منها، فجُم قالوا له عندك حد Stow away ؟ قال لهم لأ، امضى على الإقرار، مضى على الإقرار، تعالى معنا للتفتيش، قال لهم لأ، قالوا له أنت خايف ليه؟ قال لهم مع كل الرشاشات اللي في إيديكوا دي مش خايف؟ خذوا.
Second officer، خدوه، وفتشوا كل مكان، وأنا طبعاً متابع في المكان اللي أنا فيه، ونزلوا وطلعت الباخرة.
أحمد منصور: وصلت اليونان.
يوسف ندا: طبعاً لسه المياه الإقليمية، لغاية ما طلعت بعد المياه الإقليمية جه عشان يطلعني بقى من مكاني، دمي مجمد في كل حتة، شالوني شيل عشان يطلعني.
أحمد منصور: كم ساعة فضلت قاعد؟
يوسف ندا: 7 ساعات.
أحمد منصور: وصلت اليونان.
يوسف ندا: لأ، الباخرة كانت راحة صفاقس عشان تحمل فوسفات.
(5/355)
أحمد منصور: بس أنا ما عنديش مجال أقعد أسمع بدقة، أنا بس عايز أعرف ظروف وصولك لليونان أيه، والملك إدريس السنوسي كان قاعد في اليونان وقت أيه بالضبط.
يوسف ندا: قبل ما أوصل اليونان.. أيوه، قبل ما أوصل اليونان هو بعت برقيات للكل، (للهاربر مايستر)، ولمدير الأمن العام، و..و وصلت لرئيس الجمهورية كان أيامها (بابا دوبولوس) عسكري.
أحمد منصور: كان عسكري.
يوسف ندا: أيوه، وصلت يوم الجمعة دا.. وأنا الباخرة وهي داخلة دخلوا بوارج بقى (Gun Boats) حاوطت الباخرة.
أحمد منصور: على إنك أول واحد يهرب من ليبيا أو يقدر يخرج من ليبيا بعد الانقلاب.
يوسف ندا: عندهم.. عندهم معلومات من البرقيات إن فيه واحد هارب من ليبيا على الباخرة، فطلعوا ضباط، بعدين سألوني جاي منين؟ قلت لهم ما شغلكم، أنا معاي جواز سفر صالح.
أحمد منصور: تونسي.
يوسف ندا: أيوه نعم. وما يحتاجش لفيزا، وداخل لكم من نقطة مسموح الدخول فيها، فجه واحد كبير شوية، فوقفوا له انتباه، قال لي: مستر ندا، أنت عندك حق في الكلام اللي بتقوله، لكن إحنا عندنا مشكلة، فيه برقية وصلت.. وصلت لرئيس الجمهورية، إحنا النهارده الجمعة ما يمكن الاتصال بيه، السبت والأحد ما يمكن الاتصال بيه، هل ممكن تقعد على ظهر الباخرة لغاية يوم الاثنين؟ قلت له لو قلت لك لأ، هتشيلني ترميني في السجن لغاية يوم الاثنين طبعاً، فيوم الاثنين أخذوني، طلبت من صاحب الباخرة يجيب لي محامي، جاب لي محامي، كرشوه بره، طبعاً عسكريتارية بقى، كرشوه وما دخلوه، ودخلوني، دخلت عند (بابا دوبلوس).
أحمد منصور: الرئيس نفسه؟
يوسف ندا: الرئيس نفسه، كان في غاية الأدب.. في غاية الأدب.
أحمد منصور: رئيس الدولة يقابل واحد هربان؟!
(5/356)
يوسف ندا: شيء غير معقول، في غاية الأدب. قال لي مستر ندا اتفضل، قلت له أنا يعني مسجون، قال لي لا اتفضل، أنا فاهم كل شيء، وقالوا لي كل شيء، لكن أنا عندي مشكلة تختلف عن كل ده، وأنا قلت لهم يختموا لك جواز سفرك سنة، وإذا كان عايز أكثر من سنة ممكن ندي لك، وإذا كان عايز لجوء سياسي كان ممكن ندي لك، لكن مش دي مشكلتي.
أحمد منصور: أمال أيه مشكلته؟
يوسف ندا: قال لي أنت الوحيد اللي طلعت من ليبيا، الأخبار اللي بتوصلنا كلها عن طريق الإذاعات، عايز نسمع منك، الملك موجود عندنا في (كامينا فورلا).
أحمد منصور: آه دي حساسية الأمر.
يوسف ندا: أيوه، ليبيا بالنسبة لنا شديدة الأهمية، ودا سبب إن رئيس الدولة مش حد ثاني.
أحمد منصور: قابلك.
يوسف ندا: ليبيا بالنسبة لنا شديد الأهمية، هل الملك هيرجع تاني؟ هل الموجودين دول هيعقدوا؟ لو هيرجع تاني ونعامله معاملة هنا هوت مش طيبة، نتيجتها إن إحنا فقدنا ليبيا، لو عاملناه معاملة طيبة وهو مش هيرجع تاني، واللي موجودين هنفقد ليبيا، الوضع أيه؟ الملك محبوب؟ قلت له محبوب، قال لي هيرجع تاني؟ قلت له لأ، قال ليه؟ قلت له لا.. ما..ما عنده رجاله، اللي حوالينه كلهم ناس مش كويسين، ما فيه واحد غير..، وما في إيده سلطان، قال لي أشكرك، واتفضل، قلت له تسمح لي بقى بطلب؟ قال لي: اتفضل، أنا قلت لهم يختموا لك الجواز، قلت له مش موضوع الجواز، هل ممكن أزور الملك؟ قال لي أنا ما سمعتش حاجة، ففهمت، أنا ما سمعتش حاجة يعني أعمل اللي أنت عاوزه وأنا ما نعرف، فهمت على طول، شكراً، وسلمت عليه وطلعت.
أحمد منصور: رحت للملك؟
يوسف ندا: على طول.
أحمد منصور: قابلته؟
يوسف ندا: فوراً.
أحمد منصور: كان وضعه.. حالته أيه الملك في ذلك الوقت؟
(5/357)
يوسف ندا: كانت صعبة، كانت مقابلة صعبة، الله يرحمه، كانت مقابلة صعبة، قبلت إيده، وقلت له أنا في خدمتك، قال لي أنا ما أعتقد يكون عندي مكان أهنأ فيه وأرتاح فيه إلا أم الكنانة.
أحمد منصور: وراح في مصر، وبقى فيها إلى أن توفي.
يوسف ندا: يعني كان حديث مؤلم.. كان حديث مؤلم، وطلعت من عنده، من (كامينا فورلا) على المطار.
أحمد منصور: ماشوفتوش تاني بعد كده؟
يوسف ندا: لا.. لا..، خلاص أنا طلعت على المطار على طول على فينيا. طبعاً لما وصلت فينيا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أيه اللي دفعك تروح تزوره.. أيه اللي دفعك تروح تزوره وأنت عارف إن الراجل دوره انتهى، ووضعه انتهى؟
يوسف ندا: فضله يا أخي عليَّ، (وَلاَ تَنسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ) –يا أخي- ما تتنسى.
أحمد منصور: هل اللي..
يوسف ندا: رجل صالح.. رجل صالح، رجل بطانته كانت خربة، لكن هو كان رجل صالح، الله يرحمه..
أحمد منصور: هل اللي أنت عملته دا وهروبك من ليبيا وكذا هو اللي خلاك مدرج على قوائم..قوائم الاغتيال بعد كده اللي أنت اتكلمت عنها في حلقة سابقة؟
يوسف ندا: أنا بالمناسبة الراجل اللي.. نعم؟.. نعم؟
أحمد منصور: هل اللي حصل لك في ليبيا وهروبك وخروجك، ومرواحك للملك في اليونان بعد الانقلاب، وطريقة هروبك من ليبيا هي اللي جعلتك مدرج على قوائم الانقلاب اللي أشرت ليها.. قوائم الاغتيال اللي أشرت ليها قبل كده؟
يوسف ندا: قوائم اغتيال؟!
أحمد منصور: قلت إن فيه قائمة اغتيال ليبية..
يوسف ندا: آه.. آه.. آه، لأ.. الاحتمال قائم، ما نعرف، ما نعرف، آه، تقصد بتاع اللي كانوا بيقتلون في إيطاليا دول أيوه.
أحمد منصور: كنت عايز تقول حاجة؟ نعم.
(5/358)
يوسف ندا: لا، هو يعني الراجل الصالح اللي بأقول لك عليه اللي كان وحيد في القصر يعني دا لما دخلوه المحكمة بتاعتهم بيسموها محكمة الثورة أو ما ثورة، يعني قال لهم.. بيقولوا له أنت يعني من.. من العهد الفاسد، قال لهم خليني أعرف الفساد اللي بتتهموني بيه، أتحدى إن أنتوا تطلعوا موظف كبير في أي دولة من دول العالم في مركزي يكون أفقر مني، أنا البيت اللي أنا فيه بيت الحكومة، السيارة سيارة الحكومة، مرتبي آخر الشهر، بيخلص من البنك، لو ما يدخلش المرتب الثاني ما أعرفش أعيش بقية الشهر، فدول الناس اللي بنتعامل معاهم إحنا.
تقييم يوسف ندا لشهادته على العصر
أحمد منصور: أستاذ يوسف، في ختام هذه الشهادة، هذا الخضم الهائل من الأحداث، من المعارف، من الأدوار السياسية، من الانتقال من مكان إلى آخر، من الرحلة اللي بدأت بملابسك، ووصلت إلى.. تخطت المليار، والآن قرار السلطات الأميركية بتجميد أموالك، ويعني هذا الوضع الذي تعيشه، أيه تقييمك لهذه الشهادة المليئة بتلك الأحداث؟
يوسف ندا: يعني هو يمكن من الأشياء اللي شجعتني إن أنا أتكلم إن المفروض فيه حاجات كثيرة تتقال قبل ما أموت، ولو إن فيه حاجات كتيرة لازم تدخل معايا القبر، وكتر خيرك الله يجزيك الخير أنت و(الجزيرة) على إن أعطيتني.. إن.. إن.. إن فتحتوا هذا الباب.
أحمد منصور: أنا بأقوم بواجبي، و(الجزيرة) بتقوم بواجبها، وإحنا بنشكرك الحقيقة، يعني إدارة (الجزيرة) تشكرك إنك خصيت (الجزيرة) دوناً عن عشرات المحطات التليفزيونية اللي سعت ولا زالت تسعى إنها تلتقي معاك يعني.
يوسف ندا: ربنا يجزيكم الخير، ربنا يكتب لكم التوفيق، ويجزيكم الخير إن شاء الله.
أحمد منصور: فيعني إحنا بنقوم بدورنا، لكن.. وبنقوم بواجبنا الإعلامي، واجب الإعلام هو أن ينقل.. يسعى لنقل الحقائق والأمور التي مثيرة للجدل إلى الناس، وإحنا بنسعى إلى ذلك، لكن تقييمك أيه لسنوات حياتك وخضم مشاركاتك؟
(5/359)
يوسف ندا: يا عم.. ربنا بيقول (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) بيقول (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا) ما.. ما عندي مشكلة أبداً.
الرزق بيجي من عند ربي، وقلت لك الكلام بتاع الأستاذ عمر التلمساني الله يرحمه، الرزق من عنده، والعمر من عنده، إذا كان كتب عليَّ ربنا إن أنا أعيش فقير تاني، ما..ما فيه مشكلة عشت فقير قبل كده، أعيش فقير تاني، كتب يفتح عليَّ تاني ويديني رزق ثاني الواحد يتمنى إنه يعيش مرتاح ما.. ما.. ما يتمناش إنه يعيش تعبان، لكن قادرين إحنا يا إخوان مسلمين تربينا على إن إحنا نستطيع نتأقلم مع شتى ظروف الحياة حتى نلقى الله إن شاء الله.
مستقبل الإخوان المسلمين في ظل الضغوط العالمية والخلافات الداخلية
أحمد منصور: تقييمك أيه لمستقبل الإخوان المسلمين، لمستقبل الانتشار العالمي للإخوان المسلمين في ظل الضغوط العالمية، وفي ظل ما أشارنا إليه من مشكلات داخل الإخوان أنفسهم؟
يوسف ندا: الإخوان المسلمين .. الإخوان المسلمين يحملون دعوة الإسلام، ودعوة الإسلام قال عليها ربنا سبحانه وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) هتبقى رغم أنف كل واحد، وهتنتشر رغم أنف كل واحد.
أحمد منصور: أيه الآثار الأساسية.. الرواسب الأساسية اللي بقيت في نفسك منذ أن دخلت الإخوان المسلمين سنة 48 إلى اليوم؟
يوسف ندا: أهم شيء.. تقصد الرواسب السياسية أو تقصد..؟
أحمد منصور: النفسية، الإنسان نفسه، القيمة.. القيم اللي.. اللي تركتها، واللي خلتك في ذلك الوقت، وفي.. في.. في هذا الوقت، وفي هذا الوضع، وتصر أن تتحدث باسم الإخوان، وتتكلم باسم الأخوان، رغم إنك ملاحق من FBI وملاحق من.. من..؟
(5/360)
يوسف ندا: أنا ما أقول لك إن أنا كل أعمالي صالحة، ما أقول لك إن أنا كل أعمالي يعني.. لكن أعتقد إن يعني حاولت جهدي إن أنا أعمل أشياء، إن شاء الله تشفع لي عند الله.
أحمد منصور: أيه كلمتك الأخيرة في ختام هذه الشهادة للناس اللي سمعوك؟
يوسف ندا: يجب أن لا ينسى أحد من الناس أن يفعل ما يستطيع أن يفعله لمصالح البلاد والعباد، ونشر الدعوة الإسلامية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.
يوسف ندا: ربنا يكرمك.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهد جديد على العصر، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/361)
الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس
(5/362)
الجمعة 11/6/1422هـ الموافق 31/8/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 23:5(مكة المكرمة)،20:5(غرينيتش)
الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس
تاريخ الحلقة
17/04/1999
أحمد منصور الشيخ أحمد ياسين
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة مع ضيف جديد في برنامج (شاهد على العصر) شاهدنا على العصر في هذه الحلقة والحلقات القادمة الشيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية- حماس) مرحباً فضيلة الشيخ.
أحمد ياسين: أهلاً..
أحمد منصور: ولد الشيخ أحمد ياسين في إحدى قرى قطاع غزة عام 1938م، وفي بدايات شبابه تعرض لحادث أصابه بالشلل التام، إلا أنه أكمل دراسته، وعمل مدرساً للغة العربية بعد حصوله على الثانوية العامة، سعى لإكمال دراسته في جامعة عين شمس في مصر، إلا أنه لم يتمكن من إكمالها بسبب ظروف عديدة ألمت به، عمل رئيساً للمجمع الإسلامي في غزة، وعرف الشيخ أحمد ياسين كواحد من أبرز الخطباء الذين عرفتهم غزة خلال العقود الماضية، أعتقل 1982م بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيم عسكري، وأصدرت عليه المحكمة الإسرائيلية حكماً بالسجن ثلاثة عشر عاماً، إلا أنه أفرج عنه في عام 1985م في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال الإسرائيلية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، بعدما أمضى في السجن أحد عشر شهراً.
(5/363)
أسس الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من النشطاء الإسلاميين حركة المقاومة الإسلامية حماس مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 1987م داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلية بيته في أغسطس عام 1988م، وقامت بتفتيشه، ثم ألقت القبض عليه ليله الثامن عشر من مايو عام 1989م، وبعدها حكم عليه -أصدرته محكمة عسكرية إسرائيلية في شهر أكتوبر عام 1991م- حكماً عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة مع إضافة خمسة عشر عاماً بتهم عديدة أبرزها اختطاف جنود إسرائيليين وقتلهم، وتأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس بجهازيها السياسي والعسكري، سعت حركة حماس إلى الإفراج عن الشيخ ياسين عبر مجموعة من محاولات الاختطاف لجنود إسرائيليين، إلا أنه أفرج عنه يوم الأربعاء الأول من أكتوبر عام 1997م بموجب اتفاق تم التوصل إليه بين الأردن وإسرائيل في عملية تبادل لعميلين للموساد حاولا اغتيال خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الأردن) مقابل الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، الذي أطلق سراحه منذ ذلك الوقت، وبدأ يمارس نشاطه السياسي مرة أخرى.
شيخ أحمد، أود أن أبدأ معك من هناك من قرية الجورة التي ولدت ونشأت وترعرعت فيها، كيف كانت ولادتك ونشأتك؟ وكيف كانت البيئة التي ترعرعت ووعيت فيها؟
أحمد ياسين: الحمد لله كانت بداية حياتي.. الميلاد في عام 1936م، في العام الذي كان يسمى في فلسطين عام الإضراب الذي استمر ستة أشهر، تحدثت والدتي
-رحمها الله- أنها رأت في منامها حين حملت بي هاتفاً يقول لها: أنت حملتي فإذا وضعيته فأسمي المولود أحمد، واحتفظت لنفسها بهذا الهاجس والرؤيا في النوم حتى إذا ما تم الميلاد اسمتني أحمد، فثارت عليها ضرائرها وسلافاتها، لماذا تسميني بهذا الاسم؟
أحمد منصور[مقاطعاً]: لماذا؟
(5/364)
أحمد ياسين: وخاصة أن في العائلة كان رجل من أقاربنا اسمه أحمد كان شديد البطش،كان مكروهاً، فرفضن أن يكون اسمي أحمد بهذا الاسم، إلا أن الوالدة يرحمها الله أصرت على أن تسميتي كما كان الهاتف قد هتف بها في أول حملها، وكان الميلاد من فضل الله في صيف سنة 1936م، أنا لا أذكر جيداً يوم الميلاد، ولكنه تقريباً كان في شهر 6، في الشهر السادس من عام 1936م.
أحمد منصور: في شهر يونيو.
أحمد ياسين: نعم، وطبعاً والحمد لله بدأت أنمو في أسرة طيبة هادئة، تعرف تعلم أن أهل الجورة أهل فلاحة وزراعة وبحرية..
أحمد منصور[مقاطعاً]: القرية أيضاً.
أحمد ياسين: يعملون في البحر.
أحمد منصور: ما هي البلد التي ولدت ونشأت وترعرعت فيها؟
أحمد ياسين: أنا ولدت في قرية جورة عسقلان، يعني هي على أرض عسقلان المدينة القديمة التاريخية، والتي طبعاً كان لها تاريخ كبير في التاريخ الفلسطيني، طبعاً أنا بدأت حياتي صغيراً، والحمد لله كانت الوالدة إنسانة مؤمنة وطيبة، الوالد أنا لا أعرفه جيدا لأنه مات قبل أن يكون لدي الوعي الكافي في معرفته.
أحمد منصور: كان عمرك كم؟
أحمد ياسين: ربما مات الوالد وأنا عمري أربع إلى خمس سنوات، أنا لا أتصوره الآن، وكانت التربية منوطة بالوالدة –رحمها الله- والحمد لله يعني بدأنا حياة طيبة ونحن صغار، طبعاً كان ذلك في الحرب العالمية الثانية، فعايشت الجيش البريطاني وهو يأتي إلى فلسطين، ويستجم على ساحل البحر، كنا نذهب إلى البحر معهم، وكنت من الأطفال المقربين جداً، لقائد المعسكر في ذلك الوقت، لا أدري لماذا، لا أدري من دون أبناء القرية.
أحمد منصور: كيف كان شكل هذا التقارب؟
(5/365)
أحمد ياسين: لا أدري.. أنا أذهب إلى معسكر الجيش فيستقبلني الكوبرول هناك استقبال غير الأطفال كلهم، وأدخل المخيم وأعبث فيه كما أشاء، فإذا نزلوا إلى البحر للسباحة أخذوني معهم، وأذكر مرة أنني نزلت قبلهم بثوان إلى الماء فغرقت وأخذت أشرب الماء، فقفز القائد ونزل عندي وانتشلني من الماء، فأنظر إلى الماء إذا به إلى ركبتيه!
أحمد منصور: يعني الإنجليز أنقذوا حياتك؟!
أحمد ياسين: آه بس كان يعني المية إلى الركبة عنده هو، وأنا غرقان بأشرب ماء.
أحمد منصور: هل تتذكر كم كان عمرك في ذلك الوقت؟
أحمد ياسين: يعني هذا الكلام في خمس.. ست سنوات، طبعاً في هذا الوقت طبعاً بالذات كانوا بيسموني في.. يعني أهل الجورة بأعرف إنه كانوا بينادوني عبد الله بلبل اللاميم هذه العبارة كانوا بيطلقوها البريطانيين عليّ في ذلك الوقت، لأن بيتنا كان على الطريق الأسفلت المؤدي إلى البحر، بيننا وبين البحر معدل بس 200ن 300 متر، ولذلك كان الأمر قريب عليّ إني أنزل إلى البحر ونشاهد.
أحمد منصور: يعني هذا الاسم أطلقه عليك البريطانيون؟
أحمد ياسين: كثير من أهل بلدنا يعرفوا هذا التاريخ، الناس الكبار يعرفوا هذا التاريخ، طبعاً كنت أدخل المعسكر، أدخل المطعم، أحضر الطعام لأبناء القرية وأناولهم من فوق السلك، أجيب علب بلوبيف، مش عارف علب إيش وأعطيهم، يعني ما فيش منهم حد يستجري يدخل المخيم إلا أنا، وهذا من فضل الله –سبحانه وتعالى- طبعاً أنا بذلك تعلمت شوية إنجليزي أيامها، وصرت أتكلم لغة كويسة، فلما ذهبت إلى المدرسة كان دخول المدرسة ذلك الوقت من العام السابع، لم يكونوا يقبلوا أقل من سبع سنين، فلما ذهبت إلى مصر كل الأطفال صاروا يقولوا للأستاذ هذا بيحكي إنجليزي يا أستاذ، فصار يسألني وأنا أجاوبه في كل الحاجات اللي بأعرفها يعني، والحمد لله دخلنا المدرسة وتعلمنا.
(5/366)
أحمد منصور: شيخ، قبل مرحلة المدرسة، هل كنت حينما كنت تذهب إلى المعسكر الخاص بالبريطانيين، ما هي مشاعرك، هل كنت تشعر أن هؤلاء محتلين ويأخذون جزءاً من بلدك؟
أحمد ياسين: لم أكن أعرف محتلين ولا غير محتلين، أنا طفل صغير أجد متعة في الذهاب إلى البحر، في اللعب هناك.. بس فقط أنا لم أكن أعرف ذلك الأمر احتلال وما كانش عندي هذا الوعي، كان عندي هذا الفكر.
أحمد منصور: إلى المدرسة.
أحمد ياسين: طبعاً دخلت المدرسة، وبدأت رحلتي التعليمية في المدرسة، ومضيت طبعاً في هذه الفترة حتى أنهيت الصف الرابع الابتدائي في مدرسة الجورة الابتدائية اللي كان فيها حتى الصف السادس، وانتقلت إلى الصف الخامس وطبعاً استلمنا الكتب، وبدينا أول شهر، وبدأت النكبة والرحيل من الجورة إلى منطقة غزة.
أحمد منصور: اللي هي حرب 48 النكبة الأولى.
أحمد ياسين: آه 48.
أحمد منصور: النكبة الأولى.. كنت وقتها في الصف الخامس الابتدائي؟
(5/367)
أحمد ياسين: كنت لسه مترفع إلى الصف الخامس، أصل الجورة تعرضت لهجمات من الطائرات من الإسرائيليين، فكان فيها دمار مش قليل في البيوت والمساكن، وما بأعرفش كان مقصود ضرب الجورة بالذات أو كان المقصود ضرب المجدل، لأنه كانت المدفعية للجيش المصري.. تهاجم الطائرات وهي متجهة إلى المجدل فإذا ما تضايقت ألقت بحملها على الجورة، ما بأعرفش هو يعني مخططة وغيره، لكن الجورة أصيبت، فأخذ الناس يرحلوا من البلد إلى الكروم والحقول حول البلد بعيداً عن هجمات الطائرات، وطبعاً إحنا كنا من الناس اللي طلعنا من البيت إلى عسقلان، ما هي عسقلان يعني (…) مرتفع شوية، وطبعاً فيه ذكريات كثيرة في ذلك الوقت، لأنه أيام في تلك الفترة كان الجيش الإسرائيلي قد قطع الطريق على الجيش المصري عند ديرسنيت، هناك عند ديرسنيت قطع الطريق على الجيش المصري، فالجيش المصري أخذ ينقل (...) عن طريق البحر عن طريق الجورة لأنه السفن بتاعتنا كانت (...) الجنود اللي واخدين إجازات والضباط إلى مصر إلى البواخر من الجورة.
أحمد منصور: يعني صارت قريتكم هي مركز للتمويل وللتنقل؟
أحمد ياسين: مركز أيوه.. عن طريق تمويل الجيش المصري اللي محاصر من ديرسنيت إلى من بيت حانون يعني إلى الدود. يعني أذكر من التحف اللي رأيتها إنه كان باخرة مصرية بتنزل وقود وإمدادات وبتاخد ضباط وجنود إلى مصر معها ، فجاءت ثلث بواخر إسرائيلية وحاصرتها في البحر من كل الاتجاهات، طبعاً القائد لما شاف الحصار حواليه أوقف الإنزال، وبدأ يرمي براميل البترول إلى البحر، وبعدين بدأ هجومه على البواخر الثلاثة.
أحمد منصور: هو فقط.
أحمد ياسين: هو لحاله طبعاً، وأخذ يضرب ضربات قاصمة في الثلاثة حتى فرت من أمامه، وفتح خط الانسحاب وخرج من بين.. كان منظر جميل جداً.
أحمد منصور: أنت رأيت هذا بنفسك.
(5/368)
أحمد ياسين: بعيني، كما رأيت يمكن معركة ثانية، كنت بأجلس يومها على قمة جبل عسقلان، كان معايا عنزة صغيرة بأرعى فيها وقاعد بأتفرج كده، وإذا بباخرة مصرية أمامي، أنا على التل وهي قدامي يعني زي البركة جاءت طائرة إسرائيلية تهاجم الباخرة المصرية، تختفي ورا الجبل ثم تهجم عليه، إلا إنه الحقيقة كان القائد ممتازاً جداً، إنه كان يعمل حركات لطيفة بحيث إن القنابل اللي تلقى تنزل في البحر، ما تجيش على الباخرة، حتى الطائرة...
أحمد منصور: رغم الحركة البطيئة للباخرة!
أحمد ياسين: آه.. يعني يلف لف دائري مش يمشي أمام خلفي كان يلف دائري بحيث القنبلة تسقط في البحر اللي تلقى عليه، فكان عليه فكان بعد يمكن ما الطائرة استنفدت بنزينها أو كادت، فتركته ومشت ومشي فكان حاجة لطيفة، وأنت بتتفرج معركة بحرية جوية إشي طيب خالص، والحمد لله يعني كانت فترة لسه إحنا ما كناش على وعي كافي بالقضية.
أحمد منصور: لكن كنت تميز حينما شاهدت هذه المعارك، كيف كانت مشاعرك وما هي أحاسيسك وأنت تشاهد هذه المعارك؟
(5/369)
أحمد ياسين: طبعاً إنت عارف كلايتنا في تعبئة وحب لإخواننا في الجيش المصري اللي كان بيقاتل في ذلك الوقت، وبيدفع ثمن غالي وشهداء كثيرين في كل معاركه، لكن المشكلة إنه الخيانة ماكانتش عند حدود، لإنه كيف يعني ناس بيستولوا على كوبري خلاص نسلم لهم يعني وبنسحب، والغريب إنه الجيش المصري بدأ يسحب من الدود عمل خط سلك على البحر.. على الأرض وأخذ يسحب عن طريق بيت.. اسمها هريبيا عن طريق هريبيا.. قريباً إلى غزة، يعني انسحب الجيش المصري من الدود إلى غزة، ليس عن الخط الأساسي بل أنشأ خط جديد على ساحل البحر من الأسلاك، وأخد يسحب دباباته وسياراته وجيشه من هذه المنطقة، مع أنه كان في إمكانه بكل بساطة يفتح الخط شو يعني كام واحد وأنا جنب منكم بأفتحه عندي دباباتي وعندي طياراتي، عندي قواتي، خاصة الجيش المصري كان بيملك طيارات، كان بيدك المستعمرات وبيستولي عليها فمش صعب إنه يفتح خط أمامه، لكن شاء الله.
وخرجنا من الجورة طبعاً تحت التهديد بالإسرائيليين والخوف من الإسرائيليين، لأنه إحنا لما دخلت الجيوش العربية طبعاً كان مخططها لها تسحب الأسلحة من الناس.. البلاد عشان ما يكونش هناك قوة أخرى، وهذا أفقدنا القوة الذاتية والاعتماد على أنفسنا لأنه لما يسحب الجيش طبعاً من المنطقة مافيش إمكانات دفاع وإمكانات سلاح نهاجم الخصم.
أحمد منصور: نعم.
(5/370)
أحمد ياسين: قبله كنا بنعتمد على أنفسنا، وعندنا بنادق وعندنا أسلحة ونواجه اليهود ونهاجمهم في المستعمرات، فلما جاءت الجيوش العربية طبعاً وانتزعت السلاح منا، فصرنا إحنا معرضين لأي ضربات عندما تنسحب هذه الجيوش، وكانت مشكلتنا إنه طبعاً.. الشعب الفلسطيني يُهاجم في القرى في الجنوب، وتصير مذابح في النساء والشيوخ والأطفال، فمذبحة تخوف القرية اللي جنبها والبلد اللي جنبها فينسحبوا الناس من أمام الهجوم الإسرائيلي، حتى تم لإسرائيل إنها تستولي على المنطقة يعني بشكل ما كانش متوقع، ولا كان ممكن يصير لو كنا نملك إحنا الشعب الفلسطيني سلاحنا، ومش مستعدين نسلم ولا نتحرك من أرضنا ووطنا، لكن الحمد لله هذا اللي قدره ربنا، إنه لم نكن نملك إمكانات قوة سلاحية، ولو الأمة العربية اعتمدت.. يعني بدعم الشعب الفلسطيني وتسليح الشعب الفلسطيني كان غير وجه المعركة تماماً، لأنه هو أدري ببلده، وأدري.. فإحنا قبل الجيوش العربية كنا نتقدم على اليهود، وننتصر في معارك، ويُهزموننا في معارك، نأخذ منهم ويأخذون منا، لكن عندما جاءت الجيوش العربية خلاص فقدنا السلاح، فقدنا القوة، وصرنا معتمدين على هذه الجيوش، فإذا انسحبت كنا مهددين بالخطر ولابد أن ننسحب معها.
أحمد منصور: شيخ، اسمح لي ما هو تقييمك كشاهد على الأحداث في ذلك الوقت وعلى ما حدث في حرب العام 1948م، وقد عايشت بعض أجزاء هذه الحرب رغم أنك كنت طفلاً في الثانية عشرة من عمرك، ما هو تقييمك لهذه الحرب ولما حدث بعد هذه الفترة الطويلة على وقوعها وقد شاهدت جزءاً منها؟
أحمد ياسين: والله أنا بأقول إنه أنا حزين لأن الأمة العربية وضعت معادلة غير طبيعية في ذلك الوقت.
(5/371)
إسرائيل كانت تعلن عن نفسها أنهما دولة صغيرة ضعيفة مسكينة ثم يهاجمها جيوش سبع دول عربية، فتحدث ضجة في العالم الغربي، سبع جيوش تهجم على ناس ضعاف صغار فتعطيهم قوة وإمدادات ومساعدات، ثم كانت الدول الكبرى تستخدم دائماً حق النقض الفيتو لأي قرار يخدم مصلحة الفلسطينيين أو الأمة العربية، أما إذا كانت إسرائيل متضايقة من المعركة فإن الفيتو على طول يبدأ ويشتغل وتكون قرارات مجلس الأمن فورية بوقف القتال، إذا كانت المصلحة لإسرائيل تتقدم فمجلس الأمن لا يجتمع ولا يتخذ قرارات وقف، إحنا عندما كنا لو كنا نحن الشعب الذين نقاتل لا نخضع لمجلس الأمن ولا قراراته، لكن الدول لابد أن تخضع لهذه القرارات فكانت توقف القتال، إذا كانت المصلحة للعرب مافيش قرارات وإذا كانت المصلحة لليهود تجد القرار فوري خلال ساعات يكون قرار بوقف القتال.
الواقع إنه إخواننا في الجيش المصري بذلوا الكثير ودفعوا الكثير، ولولا الخيانة اللي كانت تأتي من القصر والأسلحة الفاسدة اللي تعرضوا إلها ولا كان إلهم دور كبير ودور جيد في المعركة، أنا أذكر هنا كمان شيء طيب إنه كان في جانب الجيش المصري مقاتلين متبرعين من الإخوان المسلمين في فلسطين، حتى أذكر أنه الجيش المصري فقد تبة (81) شرقي غزة من هجوم إسرائيلي غدر إسرائيلي، ولم يستطع استعادتها بكل..، إلا إن المجاهدين المقاتلين تقدموا وفتحوها وأعادوها ثانية، تبة تستطيع أن تسيطر على الخط كله، كمان الجيش المصري دخل الأسفلت العام وترك مستعمرات على الخط على الأسفلت كان المفروض إنه هو ما يتركهاش لأنه بتتسكر عليه الطريق في (الماضي)..
(5/372)
يعني مثلاً كفاردروب اللي هي عند دير البلح كانت موجودة واللي استولى عليها الشيخ -محمد فرغلي -الله يرحمه– بالمقاتلين اللي معاه بعد صلاة الجمعة واستولى عليها في وضح النهار يعني المجاهدين المصريين – الله يجزيهم الخير – المتبرعين مع الفلسطينيين انضموا إلهم كانوا يؤدوا دور جيد، حتى لقد قرأت في كتاب "الإخوان المسلمين وحرب فلسطين" لمؤلفه كمال الشريف، كان بيقول: إن قائد الإخوان اتجه إلى اللواء فؤاد صادق في ذلك الوقت، قال له: ليش بتسحب؟ قال له: لأنه الطريق مقطوع علينا، قال له: طب أنا مستعد أفتح الطريق، أعطيني الليلة وأنا أفتح لك الطريق، وقف الانسحاب، قاله له: ماشي. فجمع قواته والمقاتلين معاه واتجه إلى بيت حانون ودير سنيت، وفتح الطريق، فوجد الانسحاب مستمر، قال له: مش اتفقنا توقف الانسحاب، قال له: هذه أوامر، قال له: ما دام أوامر وأنا أعمل إيش بعديك عاد!!
فكانت الأوامر تعني بالانسحاب، لأن بريطانيا تريد المعركة هكذا، وتصور تكون المعركة قائدها (جلوب)، قائد الجيوش العربية (جلوب) ما هو الملك عبد الله كان هو القائد وجلوب وهو قائد الجيش الأردني معناه القيادة تسلمها جلوب أو بريطانيا فماكانتش المعادلة صحيحة في معركتنا مع إسرائيل واليهود، وخسرنا المعركة وهذا من الأمور المؤلمة واللي نحمد الله عليه اللي لا يحمد على مكروه سواه، هذا واقعنا، أنا عايشت الجيش المصري في غزة وأنا طفل، والفقر كان شديد والجوع شديد، كنا نذهب إلى الجيش نأخذ قطع خبز تزيد عن الجنود أو طبيخ يزيد عن الجنود يعني لدرجة الناس محتاجين هذا.. محتاجين جداً، فكانوا فعلاً يعني طيبين ومعاملة طيبة، وما يفيض عن الجيش كانوا يوزعوه على الناس وياخدوه، عشنا هذه المرحلة بمرارتها وشفناها وبعدين فكرت بعد ذلك أن أعود إلى المدرسة، سكنت غزة في البداية..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني انتقلت من القرية إلى غزة بعد النكبة؟
(5/373)
أحمد ياسين: انتقلنا أول الأمر من القرية إلى منطقة عسقلان من الطائرات، المرحلة الثانية انتقلنا إلى الكروم في المنطقة الجنوبية، ثم ارتحلنا من منطقة كروم العنب جنوب الجورة تماماً أو قريب من.. إيش بنسميها.. ساكنة الجبلية كانت هناك وطلعنا إلى غزة مباشرة، وسكنا في الغابة اللي كانت منطقة الفرفيرة بيسموها "العتة" الآن أو منطقة السودانية، قعدنا فترة ثم انتقلنا سكناً في منطقة أبو مدين عند وادي غزة، الظروف صعبة وقاسية وشو نعمل في إيش نسكن؟ بنينا خص من قش وسكنا فيه، طبعاً رغم الشتاء والبرد وكذا إلا أنه الحمد لله حمانا من.. بفضل الله سبحانه وتعالى.
أحمد منصور: هل كنتم وحدكم أم أن كثير من العائلات كانت ترحل معكم بحيث أن الرحلة كانت جماعية؟
أحمد ياسين: كيف؟
أحمد منصور: كنتم ترحلون مع العائلات رحلة جماعية أم كانت أسرة؟
أحمد ياسين: كله جماعي.. الجورة كانت رحلتها عن طريق البحر كل الناس بيضعوا أمتعتهم في السفن، بيرحلوا بينقلوها إلى غزة بيرجعوا ينقلوا الباقي وهكذا، ماكناش يعني زي الناس الآخرين نستخدم.. كنا نستخدم البحر في نقل أمتعتنا والارتحال إلى غزة، سكنا في منطقة وادي غزة 49 وبدايات 50، فكرت في ذلك الوقت إني أرجع على المدرسة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: في هذه الفترة كان والدك توفي؟
أحمد ياسين: والدي توفي زمان.
أحمد منصور: وكانت والدتك هي التي ترعاك؟
أحمد ياسين: لا.. والدتي كانت معنا طبعاً.
أحمد منصور: وإخوتك ما حدثتنا عنهم؟
(5/374)
أحمد ياسين: كان إخوتي، كان أخي الكبير هو الذي يرعى الأسرة طبعاً هو الذي كان يتعب، وأخي الثاني بعده كان هو يرعى معاه في العمل اللي بيقوموا فيه في البحر طبعاً، لأنه.. بل كانت الأوضاع سيئة لأنه البحر كان ممنوع الصيد فيه ممنوع الاقتراب منه، على أساس خوف المعركة مع اليهود والأسلحة و.. فكنا ندخل إلى البحر إلى الشاطئ يعني بالسرقة لنلقي بعض قطع الغزل ونصيد كمية بسيطة من السمك على الساحل لنبيعها ونعيش من ورائها.
أحمد منصور: شيخ، كم كان ترتيبك بين إخوتك؟ ما هو ترتيبك بينهم؟
أحمد ياسين: أنا عندي الوالدة.. كان إلي إخوة اتنين غيري من أمي وأبويا يعني إحنا ثلاثة، أنا أصغرهم ولنا أخت واحدة من أمي وأبي، يعني إحنا ثلاث إخوة وأخت، لي أيضاً أخوان من أبي من أم أخرى موجودين طبعاً للآن، ولي أخت أخرى من أبي من زوجة سابقة متوفاة طبعاً، هذا تقريباً عدد أفراد العائلة اللي إحنا فيها.
أحمد منصور: كنتم تعيشون على الصيد في هذه المرحلة؟
أحمد ياسين: أنا بالنسبة إلي لم أعاهد فترة الصيد، أنا في فترة الصغر لم أكن إلا في المدرسة، بس كنت أصيد يعني أحب أصيد، أطلع اصطاد على الطيور والعصافير والهذه.. كانت متعة فعلاً في الجورة، نعيش من الصبح للمسا وإحنا نجري ورا الـ.. نصطاد بالفخ والقرابين اللي بتلزق فيها العصافير بتحطها في العش..
أحمد منصور: طفولة يعني..
(5/375)
أحمد ياسين: آه، فكانت متعة جداً إنك تتحرك ورا الطيور وتصطاد، كانت.. الواحد فينا يمضي نهاره ومش داري عن حاله، لكن الحمد لله إحنا وطلعنا زي ما أنت شايف غزة، وبدأت بدي أرجع للمدرسة تاني، فرحت المدرسة في (انصراط) كان التعليم في انصراط هي أقرب الأمكنة علينا وعلى غزة، فدرست كام شهر، ثم تركت المدرسة وعدنا إلى غزة ثانية، لأن الأوضاع الاقتصادية كانت صعبة، ما فيش مجال للحياة، وفي غزة بدأت أعمل اشتغل في مطعم.. يعني اشتغل في مطعم فوال على الميناء، واشتغلت فترة طيبة في ذلك الوقت حتى سنة.. يعني أواخر 49 و50، ثم عدت إلى المدرسة ثاني مرة، ولقيت كل أبناء الحارة عندي رايحين إلى الصف الرابع وأنا قتلت لحالي بدئ أروح في الخامس، لا بدي أروح معهم في الرابع، فانضميت فرجعت للمدرسة ثاني في الرابع شوف أنا كنت طالع مخلص الرابع في الجورة بعد سنتين تلاتة بأرجع تاني على الرابع فكان تأخيري كبير في العمر.
أحمد منصور: كانوا من نفس عمرك الأولاد أو أنت حبيت تذهب معهم؟
(5/376)
أحمد ياسين: لأ فيه منهم من عمري وفيه أقل، فيه أقل وفيه من عمري وفيه أكبر مني، ما هي الهجرة خلتنا بالشكل هذا، فأمضيت الرابع والخامس طبعاً في فصل صيف 52، كنت نازل البحر بألعب ومعي بعض الأصدقاء هناك في حركة معينة وأنا بأتشقلب على الأرض، صار عندي التواء في العنق في الرقبة فصار كسر فسقطت على الأرض بدون يعني إمكانية الحركة خالص، يمكن كان هذا كان هذا في 15/7/52، ونقلت إلى المستشفى من هناك إلى البيت ثم إلى المستشفى وطبعاً عملوا إجراءات طبية، جبس على العنق استمر 45 يوم كنت في الأول ما أتحركش خالص، بديت الحركة شويه شويه بديت أقف على رجليه، بديت أمشي، بس طبعاً مشي الضعيف اللي لو أي حاجة زقته أو وقعته حصوة في.. وهو ماشي يقع، والحمد لله بعد 45 يوم خرجت من المستشفي، فكيت الجبس عن عنقى، وبدأت أعود إلى المدرسة في 52 إلى الصف السادس طبعاً، وأنا ضعيف لو آجي أمسك القلم لا أستطيع أمسكه، وأمشى بضعف شديد لكن أي حاجة تلمسني في الطريق أقع، مرت الدراسة الابتدائية والإعدادية ثم انتقلت للمدرسة الثانوية كان هذا في مدرسة أولاً الإمام الشافعي ثم الكرمل..
أحمد منصور: لكن كنت تمشي في هذه المرحلة وتتحرك؟
أحمد ياسين: آه كنت أمشي.
أحمد منصور: بالشكل الضعيف الذي أشرت إليه؟
أحمد ياسين: كنت أروح إلى المدرسة مشي وأروح مشي، ما كانش مواصلات، كنت أمشي إلى الإمام الشافعي وأرجع بعدين انتقلت لمدرسة الرمال اللي هي اليوم بيسموها الكرمل، وأكملت دراستي الثانوية في مدرسة فلسطين الثانوية وبعدها طبعاً كان أمامي خيار أكمل في الجامعة أو أشتغل، مقبول في القاهرة كنت، لكن مافيش إمكانات مادية اطلع أدرس.. فقر!! يعني فاخترت الوظيفة، ولو أنه الوظيفة كمان أتعبتني شوية لأن أنا كنت..
أحمد منصور[مقاطعاً]: بعد الثانوية هذا؟
(5/377)
أحمد ياسين: لا أنا الحمد لله كنت جيد في الثانوية و… كان هناك متخرجين كثيرين في قطاع غزة وما فيش عمل، فيه خرجين تجارة، وخريجين زراعة، وخريجين معهد معلمين، وخريجين توجيهي، فالسلطة بدها توظف مين، وتسيب مين والناس ثايرين بدهم ياكلوا، فعملوا مسابقة لـ1500 طالب كنت أنا منهم، فالحمد لله أنا كنت من الأوائل اللي ناجحين، ولازم أتعين فوراً لأن أول دفعة بدي أكون أنا متعين، فالمستشار الحاكم اللي هو محمود الشابي قال لي: لا، مش هعينك، ليش؟ لأنك ما تنفعش تكون مدرس، طب حطني كاتب مثلاً قال: لا، دي مسابقة مدرسين بدك تشتغل كاتب روح أتقدم لمسابقة كتبة.. يعني ما استفدناش من العمل، قال لي. قلت له: على كيفك.
أحمد منصور: لكن كيف كان الوضع السياسي وكيف كان الوضع الاجتماعي والحياتي في غزة في ذلك الوقت؟
أحمد ياسين: الوضع شعب مشرد يعني زي سجن كبير بيعيشوا فيه الناس تحت المساعدات اللي بتيجي من مصر، والوظائف اللي بتحدثها الإدارة المصرية في ذلك الوقت ما فيش غير هيك، البلد يعني محاصر مافيش إله يعني إمكانات مادية، فعلاً غبت وفكرت أطلع خلاص مادام مافيش وظيفة بدي أطلع أتعالج إلى مصر، إذا نفس الشابي بعت لي مندوب وبيقول لي: بكرة عايزك، فلما بعت لي قلت خلاص أنا بدي أشتغل، فرحت فعلاً على المدرسة استقبلني استقبال وجلسني جانبه قال: يا ابني خلاص مبروك أنت اتعيِّنت، فقلت له: شكراً...
أحمد منصور[مقاطعاً]: سنة كام، سنة كام تذكر؟
أحمد ياسين: دا كان في الـ 58.. صيف 58، قلت له شكراً، قال: لا، إذا بدك تشكر ما تشكرنيش أنا لأني أنا ماكنتش بدي أعينك، بدك تشكر أشكر الحاكم لأني لما حملت له الملف بتاعك قلت: يا بيه دا راجل مريض وما ينفعش مدرس، قال: وإزاي درس وإزاي نجح وإزاي كذا، لأ، يعين ونرجو له الشفاء وأمر بتعيينك.
أحمد منصور: ما شاء الله.
(5/378)
أحمد ياسين: فأنا يعني القصة استلطفتها جداً يعني، كيف أن الحاكم بهذه الجرأة لأنه كان يصدر أمر ممنوع أن يتركوا أي واحد من الناجحين مش يقفزوا على كيفهم ويبدوا ناس عن ناس، فهو بده ياخد قرار من الحاكم علشان يقفز عني، والحمد لله يعني بدأت خلصت.. بدأت عملي في 4/ 10/ سنة 58 مع أني كنت مخلص لسه في شهر 6.
أحمد منصور: يعني أنت بدأت عملك كمدرس في 4 أكتوبر عام 1958م في قطاع غزة، بعدها ذهبت إلى القاهرة أكثر من مرة، لكننا في الحلقة القادمة -إن شاء الله- سوف نبدأ من المرة الثالثة ذهابك إلى القاهرة في المرة الثالثة باعتبارها أهم المرات التي ذهبت فيها، والتي ربما حدثت فيها بعض الأمور الهامة التي تدخل ضمن شهادتك على الأحداث، أشكرك فضيلة الشيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس).
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الشيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس) في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/379)
الحلقة2
(5/380)
الجمعة 11/6/1422هـ الموافق 31/8/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 21:27(مكة المكرمة)،18:27(غرينيتش)
الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس
تاريخ الحلقة
24/04/1999
أحمد منصور الشيخ أحمد ياسين
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع زعيم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ومؤسسها الشيخ أحمد ياسين، مرحباً فضيلة الشيخ.
أحمد ياسين: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند زيارتك الثالثة إلى مصر نود أن نعرف كيف كانت هذه الزيارة وكيف تمت؟
أحمد ياسين: في الحقيقة إني أريد فقط قبل أن أجيب على هذا السؤال، أن أعقب على شيء قفزنا عنه في الحلقة الماضية.
أحمد منصور: اتفضل.
أحمد ياسين: وهو العدوان الإسرائيلي عام 56 على مصر.
أحمد منصور: نعم .
أحمد ياسين: وكان هذا العدوان طبعاً يجد مقاومة في الأرض المحتلة من كل الاتجاهات بما فيها الحركة الإسلامية في قطاع غزة، ولما تم الاتفاق على الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، كان من شروط الاتفاق أن يصبح قطاع غزة تحت إشراف دولي، فلما علمنا في قطاع غزة بذلك خرجنا في مظاهرات صاخبة تهتف بعودة الإدارة المصرية إلى قطاع غزة، ونرفض الإشراف الدولي بل نريد أن تعود الإدارة المصرية، وكان للحركة الإسلامية دور كبير في مظاهرات صاخبة في المطالبة بعودة الإدارة المصرية إلى قطاع غزة وفعلاً تم ذلك بفضل الله سبحانه وتعالى.
أحمد منصور: لكن الحرب في مصر كانت في المناطق الشرقية، وهي كانت نسبياً تعتبر قريبة منكم في غزة، فكيف كان إيقاع هذه الحرب وتأثيرها عليكم في غزة؟
(5/381)
أحمد ياسين: أولاً نحن في قطاع غزة بيننا مسافات كبيرة بين بور سعيد والإسماعيلية إحنا، فيه يمكن 200 كيلو، مسافات شاسعة لا نرى هذه نحن، فإحنا نرى الاحتلال الإسرائيلي داخل قطاع غزة، واستولى على القطاع، طبعاً وبدأ ينفذ تنكيله وقتله.. المجندين الفلسطينيين كانوا أيامها في الكتيبة الفلسطينية في جيش التحرير الفلسطيني هناك، طبعاً وبدأنا نقاوم هذا الاحتلال بالطرق اللي كنا بنقدر عليها بالنشرات، بالمقاومة، بالمظاهرات، بالصدامات، طبعاً هذا كله يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني كانت هناك مواجهات عسكرية، وكان هناك قتلى وشهداء منكم في غزة؟
أحمد ياسين: كانت، بس يعني أنا لا أذكرها جيداً، بكمها ماكانتش يعني في ذلك الوقت زاخمة يعني فيها الزخامة والقوة، لم يكن يعني شيء مؤثر يمكن أن يلفت النظر، لكن طبعاً إحنا كل بيت القصيد اللي أحب أقوله إن إحنا رفضنا الاحتلال الإسرائيلي طبعاً لأرضنا، رفضنا التدويل لقطاع غزة والإشراف الدولي، وكان إصرارنا أنه لابد أن تعود الإدارة المصرية إلى القطاع، لإنه الإنسان مع أهله وجيرانه، لأن هم الشعب المصري دفع ثمن كثير في فلسطين، وشهداء كثير في فلسطين، فلا يمكن أن نستبدل إشراف دولي بدل الإدارة المصرية.
أحمد منصور: ما هو تقييمك لهذه الحرب بعد مرور ما يزيد على أربعين عاماً على حدوثها؟
أحمد ياسين: والله الحرب كانت حرب ظالمة، إنه إسرائيل بالاتفاق مع بريطانيا وفرنسا أرادوا أنهم يعني يعيدوا احتلال قناة السويس مرة أخرى.
أحمد منصور: هل ترى.. هل ترى أن هذه الحرب كان لها ما بعدها بالنسبة للرؤية التاريخية للأحداث وللحروب الكبيرة؟
(5/382)
أحمد ياسين: بكل تأكيد أنا في نظري إنه هذه أعطت دفعة قوية لمصر وتمكين لها في أرضها وفي قناتها، وأن تستعد لجولات قادمة، يعني خرجت إسرائيل وفرنسا وبريطانيا مهزومة من هذه الحرب لأنها لم تستطيع أن تستولي على القناة وانسحبت دون أن تحقق أهدافها، وبذلك يعني ثبت لمصر حقها في قناتها وفي أرضها وكانت خارجة من هذه الحرب منتصرة، رغم إنه الإسرائيليين استولوا على سيناء ووصلوا إلى ضفاف قناة السويس، لكن أمام الضغط الدولي والمقاومة الشعبية المصرية اللي كانت ضد الإسرائيليين كان لابد أن ينسحبوا من سيناء كاملة.
أحمد منصور: لكن هذه الحرب ألم تساعد في تقوية إسرائيل واستئسادها وزيادة نفوذها في المنطقة على حساب الدول العربية؟
أحمد ياسين: في الواقع إنه فرنسا وبريطانيا استخدموا إسرائيل كمخلب قط لإيجاد العذر والسبب أن تتدخل فرنسا وبريطانيا في القناة وتعيد احتلالها مرة أخرى، بعد أن انسحبوا منها بعد الاتفاق.. بعد قناة.. الاتفاق اللي وقعته مصر معهم للانسحاب من قناة السويس وتسليمها للمصريين، وإسرائيل دائماً كانت يعني مستعدة وجاهزة للعدوان والاحتلال، لأن طبيعتها هيك، يعني هذه الحرب فقط ربما فتحت شهية إسرائيل لأن تقوم بمثل هذا العمل في مرات قادمة، وفي حرب قادمة، يعني أعطتها التفكير إنه التوسع عندها بيصير وممكن يصير وسهل إنه تتوسع فيه، وربما حرب 67 كانت يعني تستند إلى الاستراتيجية اللي أخدتها إسرائيل في عام 56 عندما استولت على سيناء وعرفت المنافذ والطرق، وكيف تدخل وكيف تخرج، وهذا سهل عليها الاستيلاء في ستة أيام كانت على ضفاف القناة في حرب 67.
أحمد منصور: لو انتقلنا الآن من حرب 56، وتقييمك لهذه الحرب، إلى سؤالنا الرئيسي حول زيارتك الثالثة إلى مصر؟
(5/383)
أحمد ياسين: في الحقيقة أنا بعدما بدأت أعمل مدرس، وزملائي الطلاب اللي كانوا معي في المدرسة خرجوا لظروفهم المادية كملوا دراسات جامعية وعادوا، فأحسست بالنقص، إنه أنا ما خدتش شهادة جامعية، وكنت متضايق من نفسي فقررت إني أعود وأقدم توجيهي مرة أخرى جديدة، وألتحق بالجامعة انتساب لكي أكمل دراستي، وفعلاً قدمت توجيهي ثاني، وتقدمت إلى جامعة (عين شمس)...
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كام قدمت توجيهي؟
أحمد ياسين: 64.. في 64، وقبلت في جامعة عين شمس في قسم اللغة الإنجليزية، وطبعاً ذهبت إلى مصر وقدمت أوراقي والتحقت، وكل شيء، بذلك يعني.. وبعدين عدت إلى غزة كمدرس، وبعدين عدت في 65 لتقديم الامتحان، فعلاً قدمت الامتحان وعدت إلى غزة، لكن طبعاً ظروف الاعتقالات اللي صارت في 65 في مصر بالنسبة للإخوان والشهيد سيد قطب طبعاً أحالت دون عودتي إلى مصر مرة أخرى.
أحمد منصور: لماذا؟ هل كانت لك علاقات بالإخوان في ذلك الوقت؟
أحمد ياسين: الحقيقة أنا كنت –كما ذكرت لك- إني أنا إنسان إسلامي وتفكيري التفكير اللي كان بينهجه الإمام حسن البنا في رسائله وفي كتبه يعني أنا أحب حركة الإخوان، وأتمنى أن يعود للإسلام دوره ووجوده في الأرض، وكنت بأقوم بدور مدرس ودور خطيب في المسجد في ذلك الوقت، فطبعاً شملني الاعتقال في ذلك الوقت.
أحمد منصور: أعتقلت؟
أحمد ياسين: آه في 65 أعتقلت.
أحمد منصور: أعتقلت كنت في القاهرة أم.. ؟
أحمد ياسين: لا.. لا، وأنا في غزة 18/12/65، واستمر اعتقالي لمدة شهر وأفرج عني بعد ذلك.
أحمد منصور: لكن أنت يعني سبب الاعتقال يعود إلى علاقتك بقيادات الإخوان أو بالإخوان في مصر؟
(5/384)
أحمد ياسين: أنا ما كان لي علاقات بقيادات إخوانية، أنا كنت إنسان بأدعو إلى الإسلام وبأحب الإسلام ينتشر وهذه طريقتي في العمل، ما بيعنيني مين قيادات أو كذا، لكن طبعاً أنا بأطلع في التهمة المسجلة على الورقة اللي حملها الضابط اللي بيوديني على السجن فوجدت فيها الإخلال بالأمن، التهمة الإخلال بالأمن، فأنا ضحكت، وطبعاً الحمد لله قعدت شهر، هم حققوا معي على أساس علاقتي بالإخوان، وإيش علاقتي، وأنا قلت لهم ماليش علاقات، وما كانش أي.. يعني تهمة ثابتة في ذلك الوقت فطلعت بعد شهر.
أحمد منصور: الشهر اللي قضيته، قضيته في أي السجون؟
أحمد ياسين: في سجن غزة المركزي.
أحمد منصور: كان تحت القيادة المصرية؟
أحمد ياسين: طبعاً تحت القيادة المصرية، بس طبعاً مسؤول المخابرات كان فلسطيني في ذلك الوقت في غزة.
أحمد منصور: لكن كيف كانت التحقيقات، عن أي شيء سألوك...؟
أحمد ياسين: والله هم سألوني عن يعني علاقاتي بأشخاص معينين فمنهم من اعترفت إنه لي علاقات معهم، ومنهم ما ليش علاقات معهم، فعلاقتي بالإخوان وأنا قلت لهم ماليش علاقة في ذلك الوقت، سألوني عن بعض الأنشطة اللي كنت بأقوم فيها والكتب اللي كنت بأقرأها، حتى كانوا بينكروا عليَّ أني كنت بأحمل كتاب "خلق المسلم" للأستاذ محمد الغزالي في ذلك الوقت، يعني وأنا كنت مستغرب جداً، والشيء الثاني إني أنا وضعت لحالي في غرفة منفرداً في غرفة انفرادية مساحتها 6×8 بـ48 متر مربع وأنا لا أستطيع أغطي نفسي، ولا أستطيع أعمل..، يعني بدي أنام بدي نصف ساعة عشان أفرش البطانيات، عشان أحط جنبي عشان أحط راسي.. الكندرة تحت راسي اللي هي المخدة.
أحمد منصور: ماكانش أي مساعدة لك؟
(5/385)
أحمد ياسين: لا..لا مافيش حد يساعدني، يعني كنت عانيت إن مافيش لي مساعد في ذلك الوقت، وطبعاً كان الغطاء قليل بطانيتين في (أربعينية) في 12.. في 1 شهر (أربعينية) فالواحد كان عانى شوية من البرد و..، بينما التحقيق ماكانش فيه إيذاء بالنسبة لي كان مجرد أخذ وعطاء، حوار يعني.
أحمد منصور: بعد خروجك من فترة السجن هذه التي استمرت شهراً هل ترك هذا الأمر أثراً نفسياً في حياتك؟
أحمد ياسين: طبعاً أي اعتقال بيؤثر في الإنسان، لأنه هو مابيقبلش إن يوجه إله تهمة لم يقم بها، يعني بيحس لنفسه الظلم، وبيحس إن هو يعني بيأمل في أي سلطة إنها تكون عادلة، وتكون تعطي الإنسان يعني حقه في الحياة وحريته في الحياة، والحمد لله تجاوزنا تلك المرحلة، وأنا استمريت في نشاطي، حتى طلعت يوم الخميس ويوم الجمعة كنت بأخطب الجمعة في المسجد، لأنه يعني صحيح الضغوط قالت لي ما تخطبش اللي حواليا وأهلي وكذا، لكن لما وصلت المسجد الخطيب ماجاش اللي كان بعدي وأنا في السجن، فطلعت المنبر وخطبت، فالحمد لله أنا كنت مستمر حتى قبل الاعتقال.. بعد الاعتقال في دعوتي في نشاطي، واستمريت في تعليمي يعني لم يؤثر ذلك على وظيفتي الحكومية والحمد لله كانت الأمور طيبة يعني.
أحمد منصور: لكن ما هي العلاقة بين اعتقالك واعتقال الإخوان في عام 65 ومنعك من مواصلة الدارسة؟
أحمد ياسين: أصله.. مصر كانت بتحط.. يعني.. علامات استفهام على أي شخص.. بيظهر عليه أي نشاطات دينية، سواء كان إخوان أو مش إخوان، المهم في اللي إله نشاط ديني هم.. بيخافوا منه، طبعاً نظراً لوجود الإخوان في مصر وخلافاتهم مع السلطة والحكومة،رغم إن إحنا في غزة يعني دراستنا إخوان وبندرس..، لكن مالناش علاقة، يعني لم يكن إلنا علاقة في الإخوان في مصر في أي يوم من الأيام أبداً.
أحمد منصور: رغم أنكم كنت -كما ذكرت لي- في الحلقة الماضية تدرسون كتب الإخوان والرسائل المؤسسة لهم؟
(5/386)
أحمد ياسين: بفكرنا ونشاطنا.. آه، لا بس… يعني لم يكن.. أنا لا أذكر في تاريخ حياتي إنه كان بيننا وبين إخوان مصر أي علاقات، أنا لا أذكر في تاريخ حياتي رأيت قيادة من قيادات الإخوان في مصر إلا مرة واحدة كنت رايح على مكتبة (وهبه) بدي أشتري كتب ففوجئت بيقولوا لي بتعرف مين هذا؟ بأقول لهم لا، قالوا هذا الأستاذ محمد قطب.
أحمد منصور: سنة كام هذا؟
أحمد ياسين: في سنة.. يمكن 64 أو 65.
أحمد منصور: آه فترة دراستك الجامعية.
أحمد ياسين: آه، لكن ما فيه بيننا وبين إخوانا في مصر أي علاقات، كل بلد له همومه وله مشاكله وله شغله.
أحمد منصور: إلى اليوم لم تر قيادات من الإخوان؟
أحمد ياسين: إلى اليوم.. إلى اليوم، يعني محمد قطب شفته هنا في قطر، أبداً مافيش اتصالات أو علاقات، حتى في زيارتي لمصر الأخيرة كان من طلباتي إني بدي أزور المرشد، لكن لم يتحقق لي زيارة ولا شيء من الزيارات اللي هناك، أنا بأعتبر شيء بس معنوي إنك تزور إنسان...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن معروف إن حركة حماس هي -وإن كنا سنأتي لذكرها فيما بعد- أن حركة حماس خرجت من رحم الإخوان، أو هي تعتبر حركة إخوانية أو تتبنى فكر الإخوان أو نهج الإخوان.
أحمد ياسين: هي لاشك إنها هي خرجت – كما يقولون – من رحم الإخوان المسلمين هذا صحيح، لأنه فكرنا ونشاطنا هو نفس الفكر والنشاط، لكن -زي ما قلت لك- إحنا مافيش بينا وبين إخواننا في مصر أي علاقات، ثم إحنا بنواجه واقع فلسطيني وبنتصرف حسب واقعنا مش حسب واقع أي بلد عربي، وإحنا ما بندخلش في الشؤون العربية ولا مع داخلها ومشاكلها، مالناش دخل فيها، وهذا من فضل الله علينا إن إحنا نكون مستقلين في سلوكنا وقراراتنا بما يخدم قضيتنا وشعبنا ووطننا.
أحمد منصور: قمت بزيارتك الثالثة إلى مصر في عام 64 - 65، حيث كنت تدرس في جامعة عين شمس في قسم اللغة الإنجليزية، ماذا تذكر من أحداث في هذه السنة؟
(5/387)
أحمد ياسين: والله صحيح هي كانت فترة لطيفة، وكان فيه طلاب مصريين يعني بيدرسوا في نفس القسم، طبعاً أنا غايب عن القسم، بيعملوا كشاكيل وبيسجلوا للمحاضرين، فكانوا بيحضروا لنا هذه الكشاكيل وإحنا كنا بنزوهم وكمان بنحمل لهم هدايا معانا كشكر على نشاطهم، والحمد لله كانوا متعاونين معنا، كان فيه أخوة وصفاء، وكل شيء، طبعاً بعد هيك أنا طبعاً منعت من السفر إلى مصر ثاني، حتى في سنة 67 تقدمت للسفر برضو عشان أكمل في 67 قبل العدوان بخمس.. لكن.. وأخذت إجازة من التعليم عشان أسافر، وأفاجأ إنه رفض طلبي للسفر إلى مصر، وأفاجأ إنه معاشي مقطوع خلاص كأني سافرت ما أعطونيش المعاش، وبتيجي حرب 67 خمسة..
أحمد منصور: يونيه.
الشيخ ياسين: يونيه.
أحمد منصور [مقاطعاً]: قبل حرب 67، هل..
أحمد ياسين [مستأنفاً]: و.. لا بأسافر ولا بآخد المعاش وعليه، صحيح.
أحمد منصور: هل لازلت تذكر أحداً من أصدقائك أو من زملائك الذين درسوا معك أثناء دراستك في جامعة عين شمس في مصر؟
أحمد ياسين: والله بأذكر شاب اسمه كرم بس مش عارف الآن ناسي يعني. سنوات طويلة.
أحمد منصور: فيه مواقف معينة حدثت لك في مصر في تلك الفترة لازلت تذكرها ولم تنساها رغم مرور هذه السنوات؟
أحمد ياسين: كان يعني أنا كنت بأذكر إنه بس فيه حاجة اسمها… في إخواننا الشعب المصري كان طلاب الجامعة لما بنتناقش معهم كانوا مش عارفين غزة وين، وإيش غزة وحدود غزة، صحيح!! لدرجة شاب من الشباب اللي بنتحدث معهم بيقول لي إنتوا الأميركان علمكوا الإنجليز.. الإنجليزي يعني عشان..، وهم قريبون منكم، قلت له أنت مش عارف غزة وين؟!
أحمد منصور: جنب واشنطن!!
أحمد ياسين: صحيح.. صحيح!! فيعني تجد شاب وصل إلى الجامعة وما يعرفش غزة وهي تحت الإدارة المصرية.
أحمد منصور: لا، بس الآن تغيرت الثقافة يعني.
(5/388)
أحمد ياسين: هذا صحيح أنا بأقول ما بأقولش، لكن الواقع هو هيك، حتى أذكر في توجيهي كان أستاذ بيعمل كتاب جغرافيا يعني جغرافيا للتوجيهي، أنا كنت متخصص قسم جغرافيا في التوجيهي، الأساتذة اللي عاملين كتاب الجغرافيا للتوجيهي إيش بيقولوا فيه؟ بيقولوا وتمتد حدودنا الشمالية من مرسى..
أحمد منصور: مطروح.
أحمد ياسين: ... والسلوم إلى شمالاً إلى رفح.. إلى قطاع غزة، يعني كأنه مش يعرف قطاع غزة هو داخل في مصر ولا مش في مصر.. صحيح يعني!!
فالأصل إنه لازم يكون هذا الشيء واضح تماماً، إنه هذه أرض أخرى لكنها تحت إدارة.. الإدارة المصرية.
وكان واحد في التاريخ كمان بيكتب كتاب، وبيقول إنه: بلاد الشام –بده يعرف بلاد الشام- فبيقول تحت بلاد الشام هي سوريا والأردن ولبنان وفلسطين وإسرائيل!! فقعدت أضحك.
أحمد منصور: هذا كان في ذلك الوقت في الستينات؟
أحمد ياسين: 58 هذا.. 58.. 58!!
أحمد منصور 58!!
أحمد ياسين: وطبعاً أنا أيامها، ما كنتش عندي ها التفكير الواعي اللي أبعت له رسالة وأقول له ما يصيرش كده، كان لازم أبعت له رسالة وأقول له هذا التفكير مش صحيح يعني مش هيك، والحمد لله إحنا..
أحمد منصور: هل كان هناك من يساعدك في مصر أثناء فترة دراستك؟
أحمد ياسين: الحقيقة لأ، مافيش حد مساعد، أنا كنت بأنزل في العتبة، في فندق.. (العتبة) أظن اسمه، وبأطلع على الجامعة بالترماي أو.. أو..، أو مرات كنت بأمشي نص الطريق يعني عشان أتنشط وبأرجع من الجامعة، مرات باخد تاكسي بأروح الجامعة، والحمد لله كان الجو طيب، وإخواننا المصريون من ألطف الناس في التعامل، حتى مرات كنت بأركب التورلي، الترولي سريع جداً.. بتاع الكهرباء هذا اللي بيمشي...
أحمد منصور: آه نعم نعم.
(5/389)
أحمد ياسين: ومرة بأطلع ووقفت.. الكراسي مليانة مش عارف أقف، ماسك... فأحد إخوانا المصريين، الكمسري بيقول لي ورق ورق يعني بده فلوس، يعني بده التذكرة، فأنا مش عارف أطول الفلوس من جيبتي، فأفاجأ إن الراكب اللي جنبي طلع فلوس وإدى له قال له خلاص خد روح، فقعدت أضحك يعني شوف الطيبة لوين، إن واحد خلاص شافني واقف مش عارف أطول الفلوس راح دافع عني والسلام مع السلامة، والحمد لله يعني كنت بأطلع لحالي وبأنزل لحالي، وبأتحرك بحركة كويسة يعني، الحمد لله.
أحمد منصور: خلال فترة وجودك وإقامتك في مصر ألم تفكر ألم تسعى إلى الذهاب إلى الإخوان والالتقاء بهم طالما أنك ذكرت أنك كنت تدرس كتبهم؟
أحمد ياسين: لا أنا مش.. يعني مش قضيتي إني أعرف الإخوان في مصر أو يعرفوني الإسلام ما بيرتبطش بإخوانا في مصر أو في غير مصر، أنا مسلم بدي الإسلام، لكن ما بأعرفش.. يعني بأعرفش يمكن مرة جمعنا لقاء مع أحد الإخوة الفلسطينيين في مصر، وكان جايين فيه اتنين من إخواننا المصريين من اللي كانوا في السجن وطالعين، لقاء مع أحد إخواننا الفلسطينيين وكنت مدعو عنده، كان بيدعيني عشان يغديني أو..، ففوجئت فيهم فبأسألهم بأقول لواحد منهم طب إنتو يعني دخلتوا السجن وطلعتوا.. اسمه إيش، استنى خليني أتذكره.. قال: آه، قلت له طب نظرة الشعب المصري إلكم إيش؟
أحمد منصور: هذا كان من الإخوان؟
(5/390)
أحمد ياسين: آه من الإخوان اللي دخلوا السجن وطلعوا، فرد بيقول لي: "أوه يا عم واللي يزمر يغطي دقنه" باللغة المصرية، فإلى اليوم بأذكر العبارة.. بأضحك، أظن الأخ اسمه عباس.. والله ما أنا عارف إيش اسمه، يعني اسمه عباس، فبس هذا اللقاء اللي أنا يمكن شفت فيه ناس من الإخوان، ومش عارفهم بس مجرد مصادفة، فالحمد لله إحنا دائماً علاقتنا.. مع إنه إخواننا المصريين كانوا يعني بيخافوا كتير من إنه يطلعوا وبيمنعوا، بس هم كانوا يعني يمكن مش فاهمين الحقيقة، إحنا ماكانش بينا وبين مصر أي علاقات إطلاقاً التنظيم الإخواني أو غيره، ولكن الحمد لله إحنا بنتجه للإسلام مخلصين لديننا ولوطننا بدون الترابط اللي بلد وبلد، كل بلد هي أدرى بنفسها.
أحمد منصور: يعني إنتو في.. يعني حتى تلك الفترة لم يكن لكم أي رباط تنظيمي بالإخوان؟
أحمد ياسين: إطلاقاً إطلاقاً.
أحمد منصور: في الوقت الذي ذكرت لي فيه في الحلقة السابقة أنكم كنتم تجلسون في أسر وتتدارسون كتب الإخوان.
أحمد ياسين: هناك.. آه.. آه بندرس صحيح.
أحمد منصور : أنت قدمت على الإجازة في عام 67 حتى تذهب إلى مصر مرة أخرى لتكمل دراستك.
أحمد ياسين: طبعاً -كما قلت لك- أنا طلبت إجازة، وأخدت موافقة التعليم على الإجازة، طبعاً والمفروض اللي بده يسافر أنه بيكتب إقرار مغادرة، لكن أنا ما كتبت إقرار مغادرة لأني منعت من السفر، ويوم واحد في الشهر رحت أقبض، قالوا لي مالكش معاش، طيب ليش يعني؟ قالوا أنت مسافر، طب أنا ما كتبتش إقرار مغادرة إنتو وافقتوا لي بس أنا ما غادرتش، وبأتابع تاني يوم على التعليم، قالوا: طيب، لما نرجع للكشوف ونحط لك ماهيتك، تالت يوم، رابع يوم، كان خمسة يونيو جاي، طبعاً صارت.. الهزيمة والنكبة، وراح المعاش، وظلينا لا رحنا مصر لا قبضنا معاشنا، والحمد لله.
أحمد منصور: هنا دخلنا إلى النكبة نود أن تحدثنا بالتفصيل عن النكبة.
(5/391)
أحمد ياسين: يعني هذه النكبة كان إلها مقدمات، وأنا كنت حزين إنه تصير هذه المقدمات دون استعداد حقيقي وصحيح، الرئيس عبد الناصر طبعاً اتخذ قرار سحب القوات الدولية من سيناء، وهذا قرار معناه أنا ما بأحط بيني وبينك حاجز أمني.. أنا بأحط بيني وبينك حاجز أمني دولي عشان يمنع الصدام بيني وبينك، تيجي أنت تشيله، يعني في نظر العالم إني أنا بدي أقاتلك، إلا أنه مصر ماكانتش مستعدة للحرب، مش مستعدة.
أحمد منصور: من أي النواحي؟ على أي مستوى؟
أحمد ياسين: لأن أنا لما إيجوا الناس من مصر على غزة كنا نقابل ناس منهم.. نقابل ناس منهم نتحدث معهم هو مش عارف وين رايح.
أحمد منصور: ها دول الجنود يعني تقصد؟
أحمد ياسين: آه الجنود!! تتحدث يقول لك طب هي الحدود فين؟ طب هم اليهود فين؟ أنت جاي على بلد مش لازم تكون فاهم الخارطة بتاعتك وعدوك وين، طب وأنت في الجيش؟ قال: لا ولالله أنا لسه جابوني من البيت قبل أسبوع أو أسبوعين، أنا كنت يعني احتياط، طيب احتياط جاي ومش عارف وين رايح؟! فماكانتش مصر مستعدة لمعركة في هذه الحالة، هذه واحدة، أنا ماكنتش عسكري، لكن أن كنت بأقول للشباب اللي حواليا أدعوا الله ألا تضرب مصر في طيارنها، لأنه إسرائيل تخطط لضرب طيران مصر، فتفقدها القوة الجوية، فتسيطر على الجيش وبتدمره في سيناء.
أحمد منصور: نعم
(5/392)
أحمد ياسين: فحتى بعض الشباب بيقول لي الله أكبر هي يعني الطيارات المصرية حظائر دجاج يعني؟! قلت له: أنا والله هيك بأشوف ما أعرفش أنا ما بأعرف، أنا هيك بأفكر وبأقول إسرائيل أول ضربة بدها توجهها للطيران مصر، وفعلاً كانت هي الحادثة اللي قامت بها إسرائيل، فسيطرت على الجو والجيش المصري في سيناء طبعاً كان مش مؤهل التأهيل الصحيح للمعركة والقتال، والدليل على كلامي إن نفس عبد الناصر في 5.. لا أدري 64، 65 قبل سنتين تلاتة يعني كان بيخطب في المجلس التشريعي الفلسطيني اللي طلع مصر، وقال لهم بالحرف الواحد.. ليش عاد وقال الكلام هذا، لأن الملك حسين قال لابد من مخطط عربي شامل ومدروس لتحرير فلسطين، فرد عبد الناصر رد عليه في المجلس الوطني الفلسطيني، قال اللي بيقول لكم عنده مخطط لتحرير فلسطين بيكذب عليكم، وأنا قلت.. وأنا بأقول لكم.. إن قلت لكم عندي مخطط لتحرير فلسطين بأكذب عليكم.
أحمد منصور: هذا على الملأ.
أحمد ياسين: على الملأ آه.. في مواجهة المجلس التشريعي الفلسطيني –اللي انتخب في غزة- طيب أنت اليوم قبل سنتين بتقول ما عنديش مخطط، وبعد سنتين صار مخطط وتواجه إسرائيل وبتجيب جيشك في سيناء، هو مش مستعد للمعركة، فالحقيقة يعني كان دخول غير مرتب، غير مستعد، غير مهيأ للمواجهة، وكانت النكبة زي ما أنت شفت يعني فادحة خالص، شفت في ست أيام تنتهي كل القوات اللي دخلت سيناء، كل الدبابات كل الإمكانات مش موجود، يعني يمكن كان عندنا من مقاتلينا اتنين تلاتة في بيت.. بيت!! بيهاجموه بالدبابات وبالصواريخ، بيقعدوا 24 ساعة.. و 48 ساعة مش مسلمين إلهم.
أحمد منصور: هذا من المقاتلين الفلسطينيين تقصد؟
أحمد ياسين: آه، يعني مش معقول الجيش بقواته وإمكاناته خلال ستة.. ستة أيام أو ست ساعات يكون انتهى.
أحمد منصور: أجواء ما قبل الحرب.. أجواء ما قبل الحرب في غزة؟
(5/393)
أحمد ياسين: كانت متوترة جداً وغزة كانت في ذلك الوقت يعني قبل سحب القوات الدولية كانت بلد تجارة، يعني معبر للتجارة إلى مصر، يعني كانو عاملينها زي سوق حرة اللي ينتقل منها البضائع إلى مصر بسهولة للجالية المصرية الموجودة، والضباط، كانت مركز للورود، والصيني، والكذا اللي بتيجي من لبنان، والضابط أو المصري اللي موجود في غزة بس بده فرصة يروح فيها على مصر عشان ياخد معاه من البضاعة هيك، كمان الفلسطيني بده ياخد ويتاجر، يودي على مصر ويجيب، فكانت سوق تجاري قبل… أما بعد سحب القوات..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني الوضع الاقتصادي فيها كان يعتبر وضعاً جيداً؟
أحمد ياسين: جيد للطبقة التاجرة،مش جيد، للسكان، السكان ما هو ما فيش إلهم عمل، كان عمل الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كله موجود في الخارج في قطر، في الإمارات، في السعودية، في الكويت، في البحرين، مالهمش في الداخل مافيش لا أرض زراعية، ولا مجال عمل، ولا بحر، لأنه إسرائيل مسكرة على البحر كمان أيامها، لكن أقول لك إحنا كنا الطلاب في غزة لما أنا توظفت –كما ذكرت لك- كانوا بيعملوا مظاهرات بدهم عمل، فمصر تضطر تشغلهم في مصر بـ 12جنيه في الشهر، فخادتهم شغلتهم..
أحمد منصور: موظفين.
أحمد ياسين: شغلتهم في مصر في الدوائر الحكومية في التعليم وهنا وهنا، شغلت حوالي ألف.. ألف و 500 واحد في مصر.
أحمد منصور: يعني انتقلوا من غزة إلى القاهرة؟
أحمد ياسين: إلى القاهرة بس عشان يا خدوا –ويشتغلوا- معاش، ما فيش عمل! أحمد منصور: نود أن تحدثنا بالتفصيل عما شاهدت ورأيت في يوم خمسة يونيو 1967م في غزة.
(5/394)
أحمد ياسين: في الواقع إحنا كنا بنستمع إلى إذاعتين: إذاعة إسرائيل، وإذاعة القاهرة، بشان نفهم إيش الأخبار وإيش اللي دار في المعركة، القاهرة بتعلن إنه جيشنا متقدم والطيارات تتساقط الإسرائيلية، وإسرائيل تعلن إنه جيشنا اجتاح سيناء واستولى و..و ..، وبتوزع منشورات "تُسلم تَسلم" وبنقول إيش الحرب النفسية هذه، وبعدين وزعوا منشورات علينا في غزة إنه إحنا كذا، وجت طيارة ووزعت منشورات، بدأ هجوم على المدفعية المضادة للطيران في غزة، طائرات تهاجمهم، ودمرت مدفع اتنين تلاتة، وعم بنطلع بنشوف بعينينا، يعني مصدقين ومش مصدقين...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت كنت ترى القصف و.. التدمير؟
أحمد ياسين: طبعاً الطيارات أمامنا، وهي تضرب المدفعية، يعني الحقيقة كان تكتيك الطيران الإسرائيلي أربع طيارات على موقع.. واحدة تضرب، والتانية طالعة، والتانية نازلة، حتى ما يعرفش يوجه أي ضربات إلهم أو .. فدمروا المدفعية اللي كانت موجودة في غزة ضد الطيران كله، وبعدين بدأت الإشعات إنه اليهود دخلوا (جابليا) ذبحوا.. اليهود دخلوا كذا.. الناس كانت في وضع سيئ جداً، حزينة جداً، يعني الكل مش عارف يعني بده يبكي، واللي مش عارف إيه يسوي.
أحمد منصور: كل هذا يوم خمسة يونيو شعرتوا بيه؟
أحمد ياسين: طبعاً، صحيح كان يوم مأساة، فعلاً يوم مأساة خالص،ولما دخلت القوات الإسرائيلية في ذلك الوقت...
أحمد منصور[مقاطعاً]: قبل دخول القوات الإسرائيلية إلى غزة، بعد يوم خمسة يونيو كيف كانت مشاعر وأحاسيس الناس في غزة...؟
(5/395)
أحمد ياسين: كل الشارع ذاهل، يعني اللي بيبكي اللي حزين، يعني مش عارف؟! كأن الشعب كله مخنوق لأنه ماكانش يتصور هذا، لأنه الإذاعة المصرية كانت دائماً بتقول ندخل تل أبيب، وجيشنا جاي على تل أبيب، وصواريخ (الظاهر) و(الظافر) و(القاهر) ومش عارف.. يعني كانت النفسية الفلسطينية قوية بالنسبة للدعاية المصرية، وأحمد سعيد يقول كلام.. والمعلقين، يعني كان مفاجئة قاسمة للشعب الفلسطيني في ذلك الوقت، هذا طبعاً الوضع اللي كان في غزة، يعني.. أقول لك زي ما قال: (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) تحس بمنظر البؤس والحزن..
أحمد منصور: وأنت كيف كنت؟
أحمد ياسين: ونفس الشيء، هو أنا واحد تاني يعني من..!! طبعاً نفس الشيء.
أحمد منصور: لأ.. كواحد موجه ومربي ولك إحساس ربما يكون أكثر من الناس بالنسبة لهذه الأمور.
أحمد ياسين: صحيح، بس أنا ماذا أفعل والأمر خطير وخطب وصعب على كل الناس.. صعب على كل الناس، كان الحقيقة كان وضع الاحتلال الإسرائيلي في هذه المرة كان صعب أصعب من سنة 56، رغم إنه قتلوا في 56 و.. ويعني بهدلوا لكن سنة 67 كان شيء أكبر شيء أعظم، طاردوا المقاتلين، ودخلوا بيوتنا أخدوا ناس قتلوهم، وإلى آخره يعني، فعملوا شيء سيئ.
أحمد منصور: متى رأيتم أول جندي إسرائيلي في غزة؟
(5/396)
أحمد ياسين: طبعاً هم ما وصلوا لناش في اليوم الأول، وما كانوش وصلوا للمناطق النائية، أنا كنت في معسكر الشاطئ، هم في الأول دخلوا –اليهود بيمشوا بسياسة خطوة خطوة- دخلوا أولاً إلى وسط غزة، وتمركزوا في المركز، صاروا يعملوا دوريات (بوليسية) يبعدوا شوية حواليه من المناطق العامة، تاني يوم تالت يوم يعني يمكن بعد 3،4 أيام لما شفنا الجيبات الإسرائيلية بتصل المعسكر و…، ما كانوش بيتسرعوا في الدخول خوف من المقاومة، لأنه كان فيه مقاومة موجودة، وكان فيه صدامات معهم، بس ما كانتش على المستوى اللي هو بدنا إياه إحنا، لأنه السلطة قبل الهجوم الإسرائيلي وزعت بنادق على الناس.
أحمد منصور: المصرية؟
أحمد ياسين: آه، الشباب كان فيه بنادق، فيه فرق، وفيه كذا.
أحمد منصور: كيف كان شكل هذه المقاومة ومن كان يقف وراءها؟
أحمد ياسين: أنا بأقول كان فيه مقاومة، بس في نظري ما كانتش هي المستوى اللي لازمن يكون، لأنه اللي حامل بندقية عندما وجد نفسه أمام دبابات و…، فقد الأمل، شو يعمل ببندقيته؟! يعني ما كانتش الروح المعنوية الفلسطينية اللي هي موجودة في 87 اللي تواجه بحجر وتواجه.. لو كانت الروح المعنوية الفلسطينية في ذلك الوقت هي الروح اللي ملكنها في 67 وعملنا فيها الانتفاضة، كان السلاح كثير كان ممكن عملنا عجائب، لكن للأسف ما كانش.
أحمد منصور: لكن أين كانت الحركة الإسلامية التي أشرت إلى وجودها من قبل؟
(5/397)
أحمد ياسين: أقول لك الحركة الإسلامية كان وضعها ضعيف بسبب إن.. الضغط المصري والهجوم المصري في 65، والاعتقالات، والإعدامات في 67، كانت الناس تخاف وتنفر، فكان يعني الوضع الإسلامي في قطاع غزة ضعيف جداً، ما كانش على هذا المستوى اللي أنت بتتصوره، ما كانش عندنا يعني.. كنا نحارب على الكتاب الإسلامي، كيف إحنا بدنا نمتلك سلاح في ذلك الوقت، ما كانش إمكانات إعدادية.. ما فيش إعداد صحيح للمعركة، ومع هيك يعني أنا أقول إن شعبنا قاوم بشكل عنيف وكان فيه مقاومة جيدة، فيه شهداء، فيه قتلى، يعني مش قليل، بس كان ينقصهم السلاح وما كانش عندهم إمكانيات كثير شهداءنا اللي قاوموا وقاتلوا في كل المناطق كان كثير هذا، يعني لا يقاس بـ 56، تماماً واستمر الصراع حتى لعند 70، و72، و73، حتى أذكر أنا والمقاتلين بيستشهدوا طلعت يوم بأخطب الجمعة في مسجد العباس..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كام؟
(5/398)
أحمد ياسين: 70.. 70، كانوا محاصرين معسكر الشاطئ، وبأقول لنفسي طب أنا رايح يعني بأخطب، وها دول الشباب بيسقطوا شهداء، طب ما هم مقاتلين، وليش ما أكون مقاتل زيهم أنا والمسجد اللي بأخطب فيه جنب مركز الشرطة الإسرائيلي، فطلعت المنبر وبدأت هجوم على اليهود، وهم ليش لاحقينا، وليش…، وليش محاصرينا، وليش كذا، كانوا عاملين طوق على معسكر الشاطئ، جزء منه بهدلوه، والله أذكر بعد الخطبة الناس هاجت جداً، وإيش بدنا نعمل؟! مش عارفين إيش يعملوا، فبيقولوا لي: نعمل إيه؟ قلت لهم: أقل شيء نعمل مظاهرة. فعلاً طلعت مظاهرة في ذلك اليوم واتجهت إلى الصليب الأحمر، وبعدها فكوا الطوق تاني يوم عن المعسكر، وهذا من فضل الله –سبحانه وتعالى- فيعني إحنا.. كان الفكر بيقاوم والسلاح بيقاوم، لكن ما كناش نملك كفاية ذخيرة وسلاح، حتى أحد الإخوة المقاتلين من تلاميذي يعني وكان داخل في قوات التحرير الشعبية، بأقول له: يا بني أنت مطارد يعني بدي كل يوم تعمل عملية إيش اللي بتعمله؟ قال لي: أيوه، أنا معاي غير ها القنبلة في أيدي بدي أدافع فيها عن نفسي إذا واجهوني ما فيش في إيدي، وفعلاً كان بيختبئ في مستشفى الشفاء لما حاصروه بدهم يعتقلوه هرب منهم، لما لحقوه وطاردوه ألقى القنبلة عليهم طخوه ومنعوا حد يسعفه، ظل ينزف حتى مات في مكانه، يعني حتى منعوا..
أحمد منصور: الإسعاف يصله.
أحمد ياسين: الإسعاف، والحمد لله يعني كانت مقاومة جيدة و...
أحمد منصور [مقاطعاً]: نود أن نبقى في سنة 67، لنعرف كيف نشر الإسرائيليون وجودهم، أو كيف انتشروا في غزة؟
(5/399)
أحمد ياسين: بعدما وصلوا معسكر الشاطئ نادى الميكروفون "اجمعوا الرجال في الساحة" طبعاً أنا ما بديش أطلع، لكن قلت بدي أطلع أتفرج، يعني أنا كان ممكن أقول لهم أنا مريض ومش طالع.. ما بديش أطلع لكن قلت لا بدي أروح أطلع وطلعت قعدت في الساحة بين الناس، فبدؤوا اليهود يجمعوا السلاح، بشكل.. الناس مش عاوزين يسلموا السلاح اللي عندهم، فإيجوا وحطونا في ساحة، وإيجوا إلى بيت.. كان بيت قدامنا، قالوا: اسمعوا اللي بنلاقي فيه سلاح البيت بنهدمه بندمره، خدوا بالكوا إحنا بنفتش.. عمالين نفتش في البلد، اللي عنده سلاح يروح يجيبه، واللي ما بيجبوش.. بنلاقي في بيته سلاح بنهدمه، فعلاً ورا المدرسة الأسوار طلعت قنبلة كده ثارت هدمنا بيت، الحرب النفسية الآن بتشتغل إيجوا أما منا في بيت مافيش فيه حاجة، ما بيسكنش شيء، فحطوا لهم قنبلة في العريشة بتاعته وفجروها، قالوا: ها البيت هذا دمرناه لقينا فيه سلاح، لما عملوا عمليتين تلاتة أمام الناس.. يلا اللي عنده سلاح يقوم يجيبه، الناس..
أحمد منصور: خافت.
أحمد ياسين: قامت وقامت وراحوا يجيبوا سلاح، قعدت يعني بدي أتفجر في نفسي ما فيش الوعي الكافي، طب هو بيضحك عليكوا... لقي سلاح قدامك في الدار هذه وجاي يفجرها!! بس بيضحك عليك، وفعلاً سلم كثير من الناس أسلحتهم اللي كانوا مخبيينها لكن بقي أسلحة، وبقي وجود، وكان مقاومة في هذا اليوم ، اليهود يتعاملون مع الشعوب بحرب نفسية، يعني قبل الدخول بالمنشورات "سلم تسلم".. فبيتأكد الوعي، اللي فاهم مش ممكن يستسلم إلهم.
أحمد منصور: ما هي الطريقة أو الوسيلة التي بدؤوا يسيطرون فيها على غزة شيئاً فشيئاً؟
(5/400)
أحمد ياسين: يعني زي ما قلت لك، اليوم مثلاً أخدوا المركز بكره بياخدوا النقطة القريبة منه، بعده بياخدوا النقطة الثالثة، بعده بيجمعوا.. بعده بيقعدوا في التعليم، بيجيبوا مدير التعليم بيقعدوا معاه، بيجمعوا المفتشين، كيف نرجع التعليم، بدهم يحطوا تخطيط، طبعاً الناس بدها تاكل.. بيقولوا مستعدين نجيب المعاشات للموظفين، بس يرجعوا للشغل، طبعاً اللي بده ياكل ومش لاقي ياكل بده معاش، فالموظف رجع لشغله، والمدرس رجع لمدرسته، وبدؤوا يقدموا سياستهم شوية شوية ويسيطروا على البلد، بدؤوا يحطوا لكل منطقة ضابط مخابرات بيسجل فيها اللي إله واللي عليه، وملفات ويتابع.. يسقط الناس، بدك تشتغل مدرس بنشغلك بس تشتغل معنا، بدك تسافر تكمل تعليمك بنسفرك بس اشتغل معنا، بدك.. ما فيش واحد يطلب أي طلب إلا يخلوه يشتغل معهم، واللي بيرفض طبعاً ما يشغله، واللي بيرفض ما يسفره، واللي، فكان كثير من الناس يسقطوا في هذه الجوانب لأنه حياتهم، لكن معظم الشعب ما كانش بيقبل هذا الشيء، يعني كان فيه فصلوا من عملهم مش مستعدين يشتغلوا، فيه ناس رفض يخرج للتعليم لأنه بدهم منه عمل معهم.. كثير، بس فيه ناس.. طبعاً في كل شعب فيه ضعفاء، فيه ناس ضعاف ممكن يسقطوا عملاء مع اليهود.
أحمد منصور: هل كنتم في ذلك الوقت تتعاملون مع الإسرائيليين كفرادى أم كنتم تتعاملون معهم كجماعة من خلال مجلس منتخب منكم أو مجموعة رشحتموها للقيام بهذا الأمر؟
(5/401)
أحمد ياسين: الإسرائيليين عادة بيتعاملوا مع الشعوب.. مع الشعب الفلسطيني فرادى ما بيتعاملوش بشكل جماعي، حتى في السجون كانوا ما بيرضوش يتعاملوا إلا فرادى، لكن إحنا فرضنا عليهم إرادتنا غصب عنهم، ولم نتعامل معهم إلا جماعي حسب قيادة منتخبة من فلسطينيين وتواجه اليهود وتحل المشاكل معهم، ما بنتعاملش فرادى في السجون، لكن في الشارع العام صعب أنك تجمع الناس وتحطهم في بوتقة واحدة، وخاصة إحنا ما كناش منظمين قبل الحرب، ما فيش الوضع التنظيمي، ما فيه هذا التنظيم اللي يشد الناس ويعمل المقاومة العنيفة والوحدة.. ما كانش هذا موجود.
أحمد منصور: لكن متى بدأ الناس يفيقوا من الذهول الذي عاشوه يوم خمسة يونيو، ويدركوا أنهم أصبحوا تحت واقع احتلال إسرائيلي قائم؟
أحمد ياسين: طبعاً مع الأيام أنت عارف التاجر اللي كان مسكر محله بدأ يفتحه، اللي عنده شوية بضاعة كان مخزنها صار يطلعها في الشارع، اليهود بدؤوا يجوا غزة عشان يشتروا بضاعة رخيصة بالنسبة لعندهم غالي جداً، فيجوا كل إشي في الشارع بشيكل يعني.. حاجة تافهة يعني ، والناس بدها تعيش، بدها تاكل، كل الناس مافيش عندها أكل، كل الناس بدها تعيش مش موجود عندها معيشة، الناس طبعاً بدأت يوم بعد يوم تستيقظ، فيه ناس فعلاً أصروا ما يرجعوا للعمل في الشرطة وفي غيره وفي... وفي الوظائف وبقوا خارج الوظائف، ما عادش خالص، لم.. يعني إحنا ما كانش.. لو كان فيه عندنا تنظيم جيد كان كلنا قاطعنا، وكان ما.. ما مشيش الاحتلال كويس، بس ما فيش تنظيم، ما فيش حماية للإنسان ولا إيش يعمل هو؟!، ولو فعلاً كان فيه تنظيم جيد للشعب الفلسطيني في ذلك الوقت لا تمردنا عليه بكل قوانا وهذا الذي أعطانا الدفعة في 87 بعدما إحنا شفنا الاحتلال وتعاملنا معاه وبدينا ننظم أنفسنا، بدينا نكتل أنفسنا، بدينا نعمل يعني قيادات أرضية تحت الأرض أمام الاحتلال، واللي ساعدنا بالمواجهات اللي أنت شفتها في الانتفاضة.
(5/402)
أحمد منصور: لكن –شيخ- كيف كان وضعك أنت؟
أحمد ياسين: أنا طبعاً إنسان كنت مدرس وبعدما أجت الاحتلال جلست في بيتي، وبعدما نادوا إنه التعليم بدا بده يشتغل والمدرسين يرجعوا، أنا واجهت القضية، طب أنا لما أروح للتعليم باخدم اليهود أم باخدم أبناء شعبي؟ فأنا كان قراري أن أنا ما باخدم اليهود بالقدر اللي أنا بأخدم شعبي، إذا ظلوا أبناؤنا بعيدين عن التعليم يبقى إحنا خرب مجتمعنا كله، إذن حتى لو اليهود رفضوا التعليم يجب أن نعلم إحنا، ومن هون كان في الجانب التعليمي إنه يجب على المدرس أن يعود إلى مدرسته، ويجب أن نوعي شعبنا ونقدم له الجرعات القوية لمواجهة الاحتلال.
أحمد منصور: ومن أين لكم بالموارد المالية أو الرواتب؟
أحمد ياسين: هي الرواتب هي اليهود كانوا.. كانت إسرائيل يعني من اهتمامها الفعلي إنها تعيد الحياة طبيعية لتثبت إنه الأمور عادت إلى طبيعتها وما فيش حاجة جديدة، هي تريد أن تعود الحياة من جديد، تعليم ومدارس، وصحة، ودوائر حكومية على أساس تقول للعالم: أهه البلد ماشية كويس وأنا ناجحة في إدارة البلد هذا كان بيهم اليهود يعلموه. لكن إحنا طبعاً المصلحة تقتضي إنا نعلم ولادنا وبدنا نعلمهم، سواءً كانوا اليهود.. حتى لو سكوا المدارس نعلمهم في المساجد، في البيوت، لأنه بدون علم الإنسان بيضيع، وما بيعرفش قضيته، ما بيعرفش ما مستقبله.
أحمد منصور: وصلتك بالحركة الإسلامية في تلك المرحلة؟
أحمد ياسين: طبعاً لازلت أنا يمكن كنت من الإخوة القلائل اللي موجودين في قطاع غزة، اللي بقوا، فيه ناس منهم إسرائيل رحلتهم في الخارج..
أحمد منصور [مقاطعاً]: رحلتهم؟!
أحمد ياسين [مستأنفاً]: آه طبعاً، ما هم صاروا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هي طردتهم..
(5/403)
أحمد ياسين [مستأنفاً]: صاروا يجوا مثلاً بيعملوا الاجتماع العام اللي زي ما قلت لك إياه، يحطوا بعض العملاء في خلال سيارة من خرق يطلع هذا جندي حطوا على الشقة، هذا كذا فيلموا عدد كبير من الناس يرموهم على المصر على الأردن على أي.. على لبنان (يكموا) كميات كبيرة من الشعب الفلسطيني، بس ما بدهمش وعي عسكري موجود داخلي اللي يعمل في يوم من الأيام مقاومة قوية ضدهم، فرحلوا كثير من الناس.
طبعاً أنا كان همي دائماً إني بدي أعيد النشاط الإسلامي مرة أخرى، وبدأت نشاطي من جديد من خلال المسجد، من خلال تعليم الأطفال في المسجد الإسلام والعلوم الدنيوية كمان، يعني فيه مدارس تقوية في الصيف، من خلال بدينا نجمع تبرعات علشان اللي اترحلوا بيته مش لاقي ياكل، بديت أجمع تبرعات، مجموعات من الشباب أوزعها على الناس بتجمع، ونحمي الأسر اللي مالهاش عايل نودي لها مساعدات شهرية في هذا الوقت. يعني كان دورنا دور مدعم للشعب الفلسطيني في صموده من فضل الله سبحانه وتعالى.
أحمد منصور: هل تذكر متى بدأت هذه المرحلة تقريباً، في أي سنة من السنوات؟
أحمد ياسين: هذه المرحلة ابتدأت بعد الـ 67 مباشرة، لأنه فيه عندنا ناس رحلوا، فيه عندنا ناس استشهدوا، فيه عندنا ناس.. والبيوت ما فيش إلها دخل فكان لابد إن نعمل زي هذا الشيء، ونتصل في اللي عندهم خير وتجارة، أو موظفين يعني ناخد.. شكل رمزي، ونقدم للناس ما يسد الرمق، ما عندناش.. والحمد لله كان إلها دور طيب، ومفيد لصالح شعبنا في قطاع غزة.
أحمد منصور: كان هذا الأمر بيتم من خلال جمعيات أم من خلال بس شكل فردي؟
أحمد ياسين: لأ ما كان فيه جمعيات، هذا من كان خلال تصرف فردي، بس لأنه فيه إلي معارف من الشباب في كل منطقة كنا نطلب منهم: اطلعوا وحطوا لنا كشف واجمعوا لنا تبرعات علشان فيه أسر محتاجة، وبدنا نساعدها وبدنا نقدم إلها المساعدة. الجمعيات إجا فترتها متأخرة طبعاً.
(5/404)
أحمد منصور: شيخ، إن شاء الله في الحلقة القادمة نتناول بشكل تفصيلي عملية المقاومة التي قمتم بها ضد الاحتلال الإسرائيلي، والتي تمت والتي أشرت إليها فيما قبل بالشكل المنظم الذي بدأت به فيما بعد واستمراريتها إلى ما شاء الله بعد ذلك، كما تذكر لنا أيضاً العمل الإسلامي المنظم الذي بدأتموه في غزة.
أحمد ياسين: إن شاء الله.
أحمد منصور: شكراً فضيلة الشيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس).
كما نشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى نلقاكم في حلقة قادمة من برنامج (شاهد على العصر). هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.
(5/405)
الحلقة3
(5/406)
الأربعاء 4/10/1422هـ الموافق 19/12/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 18:34(مكة المكرمة)،15:34(غرينيتش)
الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس
تاريخ الحلقة
01/05/1999
أحمد منصور الشيخ أحمد ياسين
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع شاهدنا الشيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس)، مرحباً فضيلة الشيخ.
أحمد ياسين:
مرحباً بكم.
أحمد منصور:
توقفنا في الحلقة الماضية عند العمل المسلح أو الكفاح المسلح أو الجهاد ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد احتلال غزة في عام 67، هل لك أن تحدثنا عن الجهاد المسلح وكيفية بدايته وأشكاله في تلك المرحلة؟
أحمد ياسين:
في الواقع إن الكفاح المسلح ضد إسرائيل أو ضد الوجود الاستيطاني في فلسطين وضد الاحتلال البريطاني لم يتوقف على طول الخط، بس كان ينتقل من مرحلة إلى مرحلة، ويتغير حسب الظروف، سبق أن قلت لك إنه كان فيه عندنا مقاتلين من الإخوان من مصر، ومتطوعين بقيادة الشهيد أحمد عبد العزيز، كان في فلسطين…
أحمد منصور:
في حرب 48.
أحمد ياسين:
نعم كان في 48، ثم توقف الصراع في تلك الفترة، فجاءت بعد ذلك انطلاقة حركة فتح في 65، وبدأت تعمل، وقد عرض علىَّ الانضمام إليها في ذلك الوقت، لكن رفضت…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
لماذا رفضت؟
أحمد ياسين:
رفضت لسبب واحد فقط، فأنا أعلم أن الوطن العربي ليس في حالة قوة لمواجهة إسرائيل، وأن يعمل من داخل البلاد العربية ضد إسرائيل، يعنى فتح الباب لإسرائيل لتحتل أجزاء من الوطن العربي، وسوف لا يحل مشكلتنا، ولا يمكن أن نستطيع أن نحرر، بل سنخسر أرضاً جديدة لصالح إسرائيل، وهذا ما منعني أن أشارك في ذلك العمل في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
(5/407)
لكن إيش كان انطباع الناس حينما أسست فتح في 65 وجيش التحرير الوطني؟
أحمد ياسين:
بالنسبة لقوات التحرير الشعبية ماكانتش .. يعنى كانت تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولسه فتح ماكانتش داخلة في المنظمة، دخلت فيما بعد.
أحمد منصور:
نعم.
أحمد ياسين:
في مؤتمر الدول العربية .. القمة، دخلت فتح بعد معركة الكرامة في الأردن، فأقول يعنى كان وضع العمل الفلسطيني ضد إسرائيل من البلاد العربية كان صعباً، وأنا أضيف لك مثالاً واحداً فقط، فتح بدأت أول عملية لها في قطاع غزة عملت عملية واحدة، فجرت باص إسرائيلي شرق دير البلح…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
سنة كام؟ تذكر.
أحمد ياسين:
في 65، طبعاً إسرائيل بدأت تهدد وتزمجر .. فمصر في الواقع هي مش قد المواجهة مع إسرائيل، فاعتقلت الناس اللي قاموا بالعمل ولمتهم في السجون ، وكانت الإشاعة يومها إن الإخوان المسلمين بدهم أن يدولوا القطاع، بدهم أن يخربوا القطاع، مع إن اللي بيشتغلوا مش الإخوان، الإخوان لسه نايمين، ماعندهمش خبر..
أحمد منصور:
نعم.
أحمد ياسين:
بس طبعاً الناس ماكانوش بيعرفوا عن فتح في ذلك الوقت في البلد، والعناصر اللي ماسكة العمل في فتح، هي قيادات إخوانية قديمة…
أحمد منصور:
فعلاً يعنى.
أحمد ياسين:
طبعاً.
أحمد منصور:
يعنى فعلاً كما يقال تاريخياً من أن حركة فتح بدأت على أيدي الإخوان…
أحمد ياسين:
(5/408)
الإخوان المسلمين…نعم، كل الناس، العناصر اللي متهمة في ذلك الوقت في فتح هي إخوان، وطبعاً الناس مش فاهمة الحقيقة شو هي، توالت الضربات على المنظمة في الأردن، وبعض العمليات كانت في مصر، رحلت الناس إلى العراق، الناس الذين يريدون أن يشتغلوا من أرضها، وشهدت الأردن أيلول وغيره من المعارك، وكذلك لبنان شهد معارك أخرى منها تل الزعتر .. فلم يكن العمل العسكري ضد إسرائيل في ذلك الوقت مقنع بالنسبة لي، وقلت: لابد أن يكون العمل داخل الأرض وفوق الأرض ولا يخرج إلى الخارج.
أحمد منصور:
أتذكر أحداً من الذين كانوا من قيادات فتح الذين كانوا من قيادات الإخوان في تلك الفترة؟
أحمد ياسين:
كثير كانوا…
أحمد منصور:
بعض الأسماء لو تذكر..
أحمد ياسين:
مثلاً خليل الوزير، النجار أبو يوسف النجار، كان سليم الزعنونة وهو رئيس المجلس الوطني، رياض الزعنونة وهو موجود، ربنا يعطيه الصحة، كان فيه واحد اسمه فتحي البلعاوي، وكان صلاح خلف من الإخوان أيضاً، كثير، ويعنى أعداد مش قليلة…
أحمد منصور:
فيه أحد من الشخصيات البارزة هذه هو الذي دعاك إلى الدخول إلى فتح؟
أحمد ياسين:
كان فيه صديق في المنطقة ساكن عندنا، كان ضابطاً في الجيش العراقي اسمه محمد الأعرج، هو الذي جاء وطرح معي، وتناقشنا في القضية فناقشته وقلت له أنا أعترض وأرفض العمل بهذا الشكل لأنه سيورط البلاد العربية وهي مش قد المقاومة فكان رده، قال لي: ادع يارب، فقلت له: لا، أنا الكلام هذا، فأنا مش مستعد لأن أضر وطناً عربياً جديداً لصالح إسرائيل وما نحررش، مش هنحرر، وهذا الموقف اللي دعاني ما انخرطش معاهم وبقيت خارج اللعبة الموجهة ضد إسرائيل في ذلك الوقت حتى جاءت 67 وكانت الحركة الإسلامية في وضع
لا تحسد عليه..
أحمد منصور:
من حيث؟
أحمد ياسين:
(5/409)
ما عندها أعداد، ما عندها طاقات، ما عندها قوة، لأن الحرب الشرسة اللي كان بيوجهها جمال عبد الناصر في مصر للإخوان كانت تنتقل لأهلنا في غزة، يعنى تصور أنا كنت أخطب الجمعة في مسجد المعسكر الشمالي والشباب يهربون من عندي ويروحوا يصلوا في المساجد التانية.
أحمد منصور:
لأن مجرد الصلاة عندك شبهة؟
أحمد ياسين:
مجرد الصلاة عندي يسجل في قائمة الإخوان، وسوف يمنع من السفر للدراسة، وسوف يعرض للسجن، وسوف .. مابدوش هادي المشاكل، فجاءت 67 ونحن في وضع لا نحسد عليه، وماكانش يمكن ينعمل مضاد، انطلاق إمكانيات ماكانش، فكان لابد أن نبدأ عملية تجميع، وترتيب صفوف، ودعوة من جديد في البلد حتى نستطيع، وفعلاً قمت بدعوة حوالي عشرة من أخلص إخواني اللي باعرفهم في القدس وقطاع غزة .. لميت .. عشان أجيب ناس يشتغلوا معاي للإسلام لقيت عشرة أشخاص، وجلسنا جلسة واتفقنا على أن نبدأ عملاً، لكن مش الكل مستعد أن يعمل، هو مستعد أن يكون معك يؤيدك، يدعمك، لكن ماله مشاركة.
وفعلاً بدأنا نشاطنا في المساجد عن طريق المكتبات والخطب والدروس، الكتب، النشرات، يعنى مثلاً في ذلك الوقت كان الذي يحمل كتاب أي كتاب إسلامي يعنى لسيد قطب أو غيره مجرماً في المجتمع، كالبعير الأجرب، ينظر إليه الناس…شو هذا مجرم.
أحمد منصور:
هذه نظره الناس.
أحمد ياسين:
طبعاً، ومن وين أنت؟ من الدعاية .. أحمد سعيد والأخبار وعبد الناصر، واللي خبوا المسدسات في المصاحف، واللي بدهم يفجروا .. إيش اسمها المجاري في القاهرة، واللي بدهم يقتلوا أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد وكلام كثير مثل هذا…
أحمد منصور:
والقناطر…
أحمد ياسين:
ها؟!
أحمد منصور:
القناطر الخيرية تفجيرها!!
أحمد ياسين:
(5/410)
كلام كتير، مش عايزين نخش في تفصيلات قديمة، فكان وضعنا لا يسمح لنا بعمل، ماعندناش طاقات، ومع هيك اتخذنا قراراً .. شبابنا اللي بيحب ينخرط ينخرط، وفعلاً عدداً كثير منهم انخرط في قوات التحرير الشعبية وناس في فتح وفي غيرها واشتغلوا، وكنا على اتصال معهم في عملهم، وأنا ذكرت لك في الحلقة القادمة…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
الماضية…
أحمد ياسين:
واحد منهم اللي كنت ألومه ليش بتشتغل، فقال لي: وهو أنا معي غيرها القنبلة التي أدافع عن نفسي فيها، وفعلاً لما استشهد كانت هي السلاح الذي ضرب به الأعداء، واستشهد في نزيف .. فكانت المرحلة في ذلك الوقت اللي بيقودها المقاومة هي قوات التحرير الشعبية وقوات فتح التي كانت مهيئة سابقاً للعمل، وقوات الجبهة الشعبية كانت تعمل في ذلك الوقت، وكان فيه صدامات كثيرة في القطاع مش قليلة، وضحايا كثير وشهداء كثير، وبدأت إسرائيل -طبعاً-تضرب ضربات مختلفة، خاصة في المعسكرات عشان تسهل حركة الجيش، تهدم مناطق معينة، تهدم شوارع كاملة، وترحل الناس منها إما إلى العريش، وإما الضفة الغربية بهدف تسهيل حركة الجيش الإسرائيلي والمعسكرات، كانت شوارعها ضيقة لا تستطيع الحركة فيها.
أحمد منصور:
نعم.
أحمد ياسين:
وبدأت قليلاً قليلاً بالمخابرات تبعها تمسك قبضتها على البلد حتى المقاومة كادت توقفت أو شبه توقفت كامل…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
إلى أي مرحلة وصلت إسرائيل إلى أنها كادت تقضي على المقاومة؟ وفي أي سنة تقريباً؟
أحمد ياسين:
استمرت المقاومة حتى يمكن أوائل السبعينات، يعنى 72، و73، وفي الـ70، وبعد هيك كثير من الشباب دخلوا السجون، وهي بدأت تغرز عملاءها وتكشف، وفي ذلك الوقت ماكانش الشباب بيشغلوا بسرية زي اليوم، كان على المكشوف، في يده الرشاش ويلف في الشوارع…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
والإسرائيليين محتلون؟!
أحمد ياسين:
(5/411)
نعم والإسرائيليين محتلين، كان يتنقل من مكان إلى مكان وسلاحه في يده، طبعاً بيشوف الإسرائيليين .. بيلف من الشجة التانية والإسرائيليين بيلف من الشجة الثالثة، فالعملاء صاروا بيرصدوا الناس دول، وين بيبات ، وين بيقعد، وتيجى الإسرائيليين طبعاً ويقضوا عليهم أو يعتقلوهم لأن ساعات منهم عملاء بيشتغلوا مع اليهود بالإغراء وغيره ومن هذه المقاومة .. خمدت المقاومة في بداية 70، 72، 73، كانت المقاومة توقفت بشكل كبير جداً…
أحمد منصور:
وأنتم كحركة إسلامية لم يكن لكم مشاركة منظمة في داخل المقاومة؟
أحمد ياسين:
حتى الآن لم نكن إحنا قد دخلنا .. ماعندناش إمكانيات، بدي اشتري سلاح، أنا من وين الفلوس؟ من وين نجيب؟ عندي ناس ولكن ماعنديش إمكانيات، فأنا عندي وظيفتي اللي بأقدر آكل منها بس، وبأعيش بيتي .. ماعندي إمكانات، ثانياً: ماعندناش تنظيم اللي يقدر يحمل العبء ويجاهد…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
طيب، والمجموعة التي جمعتها، ما واصلوا العمل معاك؟
أحمد ياسين:
ما هي المجموعة اللي جمعتها يعنى .. بدأنا ننتقل مع اثنين ثلاثة منهم، واللي بعده واحد سافر بره، والثاني طلع على الأردن، والثالث طلع على السعودية، ما استقروش في البلد، والحمد لله يعنى إحنا بدأنا نشاطنا تكاد تكون من الصفر، وبدأ النشاط الإسلامي بالدروس والمكتبات والتعليم والمحاضرات، حتى وصلنا إلى مرحلة وجدنا أنفسنا الآن جاهزين نعمل، فبدأنا شراء السلاح والإعداد بعد 82، 83…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
هذه قفزة كبيرة شيخ، من 70 لـ 82…
أحمد ياسين:
آه .. ما أنا بأوريلك ما أنا بعد ما فرغت من بناء التنظيم الداخلي خلاص الآن بدي أعمل عملي العسكري..
أحمد منصور:
كيف بدأت البناء التنظيمي الداخلي؟ وما هي الأشكال التي أخذها هذا البناء؟
أحمد ياسين:
(5/412)
اللي بديت حياتي فيه هو اللي انتهيت أعمل فيه، اللي بأجمعهم اثنين ثلاثة خمسة بأعمل لهم أسرة بيقعدوا يدرسوا الإسلام مع بعض توجهات وإرشادات، واثنين ثلاثة وهكذا…
أحمد منصور:
ما هي طبيعة الأشياء التي يدرسونها؟
أحمد ياسين:
قرآن وسنة، بالأول قرآن زائد السنة زائد الحديث زائد الفكر الإسلامي من الكتب المطروحة في الساحة، ايش كتب مطروحة يختاروها…
أحمد منصور:
ما هي طبيعة الأفكار التي كنت تبثها في نفوس هؤلاء الشباب؟
أحمد ياسين:
إحنا فلسطينيين وإحنا مسلمين، وبدنا الإسلام يكون نظام في الحياة وبدنا وطننا يتحرر، قضيتين، قضية الوطن وقضية المبدأ والعقيدة، أن تكون منتصرة وموجودة وقائمة في الأرض، إقامة دين الله في الأرض، ومش ممكن نقيم دين الله في الأرض، لأن أرضنا محتلة ومستعبدة إلا إذا حررناها .. هذه هي الفكرة اللي كان بيدور حولها كل نشاطنا.
أحمد منصور:
نسبة التجاوب التي كانت تتم معك من الشباب؟
أحمد ياسين:
كانت في البداية صعبة كما قلت لك لأن نظرة الناس كانت تنفر من أي نشاط إسلامي، من أي حاجة .. كل واحد بيتعبد أو بيتجه إلى الإسلام بيصير إخوان ، والإخوان في نظر الناس مكروهين، لأنهم كانوا ضد عبد الناصر وعبد الناصر الرجل الوطني المجاهد الكبير اللي بده يحرر العالم والأمة العربية، واستيقظوا طبعاً على فاجعة، ولكثرة الدعاية، الناس ماصدقوش إن عبد الناصر يعمل كده، يعمل النائب بتاعه والضباط هادول هم اللي مش نافعين، بس هو ممتاز..
أحمد منصور:
حتى بعد هزيمة 67؟
أحمد ياسين:
حتى بعدها.
أحمد منصور:
كان هذا انطباع الناس في غزة!
أحمد ياسين:
تصور الناس طلعوا يهتفوا: الله حي وناصر حي، مات عبد الناصر وبيهتفوله حي .. الحقيقة كانت الدعاية المصرية في غرس المقاومة العربية في ذلك الوقت فظيعة جداً .. فظيعة جداً، لا تتصورها قد إيش…
أحمد منصور:
(5/413)
يعنى بعد هزيمة 67، وحتى وفاة الرئيس جمال عبد الناصر هذا كان انطباع الناس، فماذا كان واقع وفاة عبد الناصر على الناس في غزة وأنت كنت تعيش بينهم؟
أحمد ياسين:
قلت لك كان الناس في ذهول عند موته .. الغالبية، لكن الناس الواعيين اللي على مستوى كانوا بيفهموا إيش عبد الناصر، أنا كنت في ذلك الوقت خطيب في مسجد العباس في غزة اللي ذكرت لك طلعت منه مظاهرة، طبعاً جاي أخطب الجمعة، فوجدت الناس يعنى إلا القلة الواعية اللي فاهمة شو خط
عبد الناصر.
فطبعاً أنا جاي أخطب خطبة، بيفكروني جيت أأبِّن عبد الناصر هم، أنا طلعت وخطبت لهم خطبة على عكس ما يريدون .. يعنى بأقول فيها (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) وحطيت المبادئ اللي بيعيشها الإنسان، وليش بيعيش، فإذا عاش للإسلام والدعوة الإسلامية فهو اللي يستحق، وإذا عاش لغير الإسلام، ولغير الدعوة الإسلامية فلا يبكي عليه، كان محور الـ .. حتى أحد المخاتير بعد الخطبة بيقول هو: أنت بتقول كلاماً بتفكر الناس مش فاهمينه، قلت له: أنا مجنون، أطلع المنبر وأقول كلاماً مايفهموش الناس!! أنا بدي الناس يفهموه.
قال لي: وايش بدك من عبد الناصر؟ أنا ما بدي شيء ربنا اللي بده منه، ربنا استواه أمة علشان يحكم بنظامه ودينه ماحكمش. قال: أوه…بده عبد الناصر يطبق الإسلام أو يتوجه لإسرائيل يواجهها، قلت له:الاثنين واحد، إذا لم يأخذ الإسلام سلاحه معناه إنه مهزوم، ولذلك هو لم يؤدي الأمانة اللي ربنا استأمنه عليها، وهذا اللي بده يعمله ربنا، مش أنا اللي بدي إياه، حاولنا كثيراً في الماضي، حتى فيه ناس من الخطباء لما هاجم عبد الناصر الناس ضربوهم .. ضربوا .. يعنى بشكل كان التعاطف فوق كل الحدود…
أحمد منصور:
إلى هذه الدرجة كان؟!
أحمد ياسين:
(5/414)
والله إلى هذه الدرجة، طبعاً الدعاية كانت يوم .. يوم، يوم .. ما كان الواقع، كان الشعب المصري اللي طلع يهتف لعبد الناصر بعدما استقال .. طيب ما هو الثاني مخدر خالص، طيب .. واحد حقق هزيمة، وقال: أنا بأتحمل الهزيمة، وبيتحملها وبيرجع يمسك المسؤولية تاني، وبيهتفوله فمعناها برضه إن الشعب مخدر خالص، مافيش في العالم واحد بيتحمل هزيمة وبيرجع على الكرسي تاني، لكن هذا الواقع هو اللي صار في بلدنا، فالحمد لله بأقول المقاومة كانت في ذلك الوقت في أيدين الجبهة الشعبية وفتح وقوات التحرير الشعبية .. استمرت إسرائيل في المطاردة حتى صفَّت معظم هذه القواعد منها من قتل، ومنها من دخل في السجون .. طبعاً إحنا بقينا في الإعداد والاستعداد والتكوين، حتى جاءت اللحظة اللي أخذنا فيها قرار بداية العمل ضد الاحتلال وضد الوجود الإسرائيلي على أرضنا ووطننا…
أحمد منصور:
سبق هذه المرحلة أنكم قمتم بتأسيس جمعيات إسلامية أو تجمعات رسمية كان يلتقي فيها الشباب؟
أحمد ياسين:
هذا صحيح.
أحمد منصور:
ما هي أهم هذه التجمعات؟
أحمد ياسين:
في البداية وجدنا الشباب الآن في هذه المرحلة من الفراغ يحبوا يتجهوا إلى الرياضة، فطبعاً أسسنا جمعية إسلامية في الشاطئ كان معظم بنود قانونها ونظامها للتوجه الرياضي مع التربية الدينية والأخلاقية والإنسانية.
أحمد منصور:
سنة كام هذا يا شيخ؟
أحمد ياسين:
في سنة 76.
أحمد منصور:
إيش كان اسمها؟
أحمد ياسين:
الجمعية الإسلامية.
أحمد منصور:
الجمعية الإسلامية..
أحمد ياسين:
نعم.
أحمد منصور:
استأجرتم مكان و…
أحمد ياسين:
لا، مش استأجرنا مكاناً.
أحمد منصور:
أو رتبتم مكاناً يلتقي فيه الشباب؟
أحمد ياسين:
لا، الجمعية مقرها المسجد، غرفة في المسجد فيها بينطلقوا وانتهت خلاص هادي الجمعية..
أحمد منصور:
نفس المسجد العباس الذي كنت تخطب فيه؟
أحمد ياسين:
(5/415)
لا، لا مسجد العباس، لا المسجد الشمالي اللي كنت أخطب فيه قبل 65 .. قبل 67، طبعاً ومشت الجمعية وأخذت تعمل نشاط ودور كويس…
أحمد منصور:
أية طبيعة النشاط الذي كانت تقوم به؟
أحمد ياسين:
أهم شيء كان نشاطها الرياضي والنشاط الديني، ندوات ومحاضرات ورحلات، يعنى كان لها اتجاه كويس في المجتمع في ذلك الوقت…
أحمد منصور:
ما مدى الإقبال الذي كان من الشباب عليكم؟
أحمد ياسين:
كان الإقبال جيداً.
أحمد منصور:
يعنى تغيرت الصورة عن فترة بعد 67؟!
أحمد ياسين:
لا، إحنا الآن الناس بدءوا يستيقظوا من الضربة التي اللي وجهت إليهم ، وأصبحت قضية الإخوان، مش قضية تطرح في الساحة بس بتظل الرواسب في الجيل القديم، هذه القضية أما في الجيل الجديد رفض كل هذه الأفكار، وأنا حاولت -كما قلت لك- وأنا في العباس أكسر هذا الحاجز، فقمت بطباعة الجزء الثلاثين لسيد قطب -رحمة الله- في طبعات، ووزعت الجزء إلى خمس أجزاء، وطبعت كل جزء من ألف أو ألفين نسخة…
أحمد منصور:
هذا في ظلال القرآن…
أحمد ياسين:
نعم، في ظلال القرآن، ووزعته على الناس ببلاش مجاناً، فملأ المكتبات وملأ المدارس وملأ الشوارع فصارت النظرة أن سيد وغيره حاجة طبيعية عند الشباب والجيل الجديد، عن الحاجز النفسي اللي كان موجوداً، فأصبح الآن مالوش وجود…
أحمد منصور:
لكن حضرتك قلت إنه لم تكن تملك إلا راتبك في تلك الفترة…
أحمد ياسين:
طبعاً..
أحمد منصور:
من أين لك بالأموال التي تكفي لطباعة هذه الأشياء؟
أحمد ياسين:
لإيش؟
أحمد منصور:
الأموال التي تكفي لطباعة هذه الكمية من الكتب؟!
أحمد ياسين:
(5/416)
ما هو أهل الخير جونى، جانى واحد وقال لي: بدي أطبع هذا الكتاب على حسابي، قلت له:أنا موافق، بس بلاش مرة واحدة، لأن الناس نافرين يقرأوا كتب، خلينا نجزئه جزء صغير .. صغير بيقرأوه، بيصير سهل عليهم، فوافق معي، وبديت أطبع واحدة واحدة وهو يدفع، وفي وسط الطريق جاء واحد تاني، وقال: مع مين هذا بيدفع؟ قلت له، فقلت له: والله فلان قال: أنا بدي أدفع على حسابي أنا التاني، قلت له: استأذن فلان، فاستأذناه فدفع ثمن طبعة بعد هيك، فيعني كان من الناس، ما كان ملكي هذا الكلام..
أحمد منصور:
قبل الدخول لمرحلة 76، هناك أيلول الأسود، والصراعات المختلفة التي تمت، ماذا كان وقع هذه الأشياء عليكم؟
أحمد ياسين:
هذا الكلام أنا في الداخل كان متوقعاً تماماً، لأنه كان يجيء عندي أبناء فتح من قياداتهم، قلت لك من شبابنا دخلوا في فتح، فكان يجيني الشباب من عندنا وشباب من فتح يناقشوني في قضية الأردن والصراع اللي في الأردن، فأنا قلت لهم: الساحة هيصير فيها معركة سيئة وهنخسر المعركة في الأردن، قالوا مش معقول!! قلت لهم: زي ما بأقول لكم.
لأن إحنا .. الوجود الفلسطيني في الأردن لم يكن يأخذ الحكمة الصحيحة، ماكانش فيه حكمة، كان فيه فوضى، والفوضى هادي هي التي أدت إلى وجود نفور في الشعب الأردني في الأساس من الفلسطينيين لأني أنا زرت الأردن 68، وقابلت شباباً من شبابنا في غزة اللي كانوا عندنا .. كان شاب بسيط وبيقولي: أنا داخل فتح، طيب كويس، إيش بتعمل؟ قال لي: والله اسكت أنا وقفت لك..كان ضابط أردني على الخط ونزلتهم وكذا .. أنت ولد صغير بدك تنزل ضباط وجنرالات تبهدلهم في ها الشارع، طيب ما أنت نفرتهم منك يا ابني، مايصيرش هذا الكلام، فكانت تصرفات مش مضبوطة، ومش صحيحة، وطبعاً هذه دفعت الملك إلى أنه يضرب ضربته في المخيمات الفلسطينية، وينهي الوجود الفلسطيني هناك اللي رحل بعد هيك إلى لبنان، فأيلول الأسود كان سيئ جداً…
(5/417)
أحمد منصور]مقاطعاً[:
التأثير غير المباشر عليكم في الداخل كأناس تعيشون تحت الاحتلال، وترون أن القوة التي من المفترض أن تفك هذا الاحتلال، يعنى .. قد دخلت في صراع مع بعضها ونتج عنها…
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
ما هو زي ما قلت لك أنا رفضت الدخول في المنظمة لسبب إني أنا بدي…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
يعنى أنت توقعت أن يحدث...
أحمد ياسين:
ليش أنا رفضت الدخول لأني بدي أدخل في صدام مع الدول العربية فأنا بدي أطلع لإسرائيل يدخلوني، يقاتلوني، ومن ظهري الدولة اللي وراني بدها تقتلني لأن مابدهاش تسمح لحدودها تخترق، مش قادرة تواجه إسرائيل فبدها تتخلص مني وإسرائيل تتخلص مني، يعنى داخل في أرضي عدو، وظهري فيه أرض كمان بده يعاديني، لأنه مابدوش، مش قد المواجهة الإسرائيلية هو، فهو بده يصفيني كمان، الحكى عن التصفية في الأردن أمر واقع طبيعي خالص، وكان في الأردن، كمان سوريا لما ضربت في لبنان، كان نفس الانشقاقات اللي صارت في فتح والضرب بين بداو والنهر البارد كلها حاجات طبيعية يعنى، على ذلك…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
لكن شيخ أنت بصدق فعلاً كنت تتوقع من خلال المعطيات التي كانت أمامك أن هذا سيحدث بالنسبة لفتح، وأن هذه الانشقاقات والصراعات، وهذا القتل والدمار والتفكك؟
أحمد ياسين:
أنا كنت أتوقع الوجود اللي في الأردن لازم يحصل فيه صدام لأنه ماكانش فيه حكمة في التعامل هناك…
2-إن الأردن مش قد مواجهة إسرائيل، ومش ممكن دولة تسمح بالوجود الفلسطيني اللي بيقاوم إسرائيل إنه يعرض بلدها للخطر، صحيح كانت معركة الكرامة معركة جيدة ونجحت وكذا .. لكن هذه كانت مرحلة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وفي تاريخ الأردن كمان، لكن الأردن مش قد مواجهة إسرائيل وهذا مما دعى الأردن إنه يتخذ قرارات…
(5/418)
يعنى مثلاً الوجود الفلسطيني في الأردن طلب الملك يبعد خالد بن شاكر من الأردن، طبعاً بدأ الآن يتدخل في النظام الداخلي، وأي دولة يتدخل في نظامها طبعاً بتبقي (كشة) بتخطط ممكن تحتملك في الضعف، لكن بعد شويه وأنت عارف إن العالم العربي كله ضدنا وضد قضيتنا، ففرصة إنه يستنجد فيهم أي نظام حكم عربي يدعمه لضرب المقاومة، وهذا لصالح إسرائيل في الأول، وهو في نظره إنه لصالحه للتخلص من المواجهة مع إسرائيل.
أحمد منصور:
هل كان هناك من يشاطرك نفس هذه المفاهيم وهذه التصورات؟
أحمد ياسين:
كيف؟
أحمد منصور:
هل كان هناك من يشاطرك ويتفق معك في الداخل حول هذه المفاهيم؟
أحمد ياسين:
طبعاً أنا يمكن بأقولك كنت بأقعد مع ناس من فتح لدرجة في يوم من الأيام كنت بأقول لهم هيك النتيجة، فقال واحد منهم: بنطخهم، بننضم مع إسرائيل ونطخهم، وقلت له: وإيش اللي عملته أنت؟! بديت تضرب إسرائيل وصرت تنضم لإسرائيل، يبقي أنت ولا فاهم وين رايح، وفعلاً فيه ناس من المقاتلين لما ضربوا في الأردن فروا إلى إسرائيل وهذه كانت هي الكارثة، الطامة، وعلى أي حال مرت القضية الفلسطينية بمنطقة حرجة ولا تحسد عليها، ولو استغل الفلسطينيون ذلك الوقت لكان إليهم شيئاً مثمراً جداً وطيباً جداً، وأنه يعمق الوجود الفلسطيني في الوطن العربي ما يصطدموش مع الشعب، ولا مصالح الشعب ولا مصالح الحكومات…
أحمد منصور:
الآن قضية المسؤولية الفلسطينية عما حدث للفلسطينيين سواء في الأردن أو في سوريا أو في غيرها .. أنت تحمل الفلسطينيين المسؤولية حول هذه الأمور؟
أحمد ياسين:
(5/419)
مش كل المسؤولية .. أنا أحملهم جزء من المسؤولية، وأحمل الحكومات العربية جزء من المسؤولية لأنها لم تستطيع أن تنظم العلاقة، وتوحد الصفوف معهم في مواجهة العدو، ولو إني أنا كنت أؤمن من الأول إنها مش قد المواجهة لكن هذا واقع الأصل بدل أن نضرب بعضنا البعض، أن نواجه مع بعضنا ذلك العدو المحتل، حتى يحكم الله، لأن واقعنا الفلسطيني الآن لأن فيه واقع فلسطين، فإما أن نواجه العدو بوحدة واحدة، وإما أن يتحول إلى الصراع بنا إلى صراع، قتال داخلي ويتفرج العدو علينا ويكون هو مبسوط ومنتصر.
أحمد منصور:
لم يكن هناك أي صلة أو تنسيق بينكم في الداخل وبين القوى الفلسطينية في الخارج؟
أحمد ياسين:
لا ماكانش، ماكانش هناك أي تنسيق لأنهم كانوا بيعتبروا القضية هم أصحابها وهم روادها، وهم اللي بيقولوا، وهم .. والناس اللي زينا كانوا يعتبروا ناس ما بيشتغلوش، مالهمش وجود في الساحة الفلسطينية .. يعنى خارجين عن الصف الوطني، ومش داخلين لسه في المعركة، فما دام مادخلوش المعركة، إذن هادول متخاذلين وهادول مش…
أحمد منصور:
ما هي طبيعة تعامل الاحتلال الإسرائيلي معكم في تلك المرحلة؟
أحمد ياسين:
الاحتلال الإسرائيلي بعدما حاول يقضي على المقاومة كان بده يمد خطوطاً يثبت إنه مكَّن نفسه في البلد، والبلد عادت لوضعها الطبيعي من تعليم ودوائر حكومية، وأن الشعب بدأ يتعامل ويتفاعل معه على أساس إنه بده يثبت وجوده، طبعاً إحنا كان أمامنا مافيش إمكانية دخول الصراع معاه، طيب خلينا نفتح باباً، نثبت أنفسنا لمرحلة دخول الصراع معه، ومن هون بدأت فكرة قيام المؤسسات الإسلامية، طبعاً في ذلك الوقت كان فيه تأسيس مؤسسة ثانية أكبر من الجمعية وهي المجمع الإسلامي…
أحمد منصور:
سنة كام هذا؟
أحمد ياسين:
المجمع الإسلامي بدأ تأسيسه في نفس الوقت مع الجمعية، لكنه لم يأخذ تصديقاً من السلطات الإسرائيلية بالموافقة إلا عام 79…
أحمد منصور:
(5/420)
هل كانت هناك مضايقات معينة، اعتقالات، تحقيقات تتم من الإسرائيليين بالنسبة للنشاط الذي تقومون به؟
أحمد ياسين:
اللي حصل في قضية تأسيس المجتمع الإسلامي كان فيه من هذا الكلام يعنى مثلاً بداية المجمع كانت قصته بناء مسجد، وأنا حضرت الاجتماع الأول وتأسيس لجنة لبناء مسجد في منطقة (جورد الشمس) وعملنا تبرعات من الجالسين وفتحنا الأسماء، وبدءوا الناس ينشطوا لبناء المسجد طبعاً أنا بعيد عن المنطقة، فقلت لهم أنا أبعدوني، خلوني بعيد، بيكفيني نشاطي في الشاطئ، فطل مرة عليهم بزيارة أخونا الشيخ سمير شرَّاب -الله يرحمه- فقال لهم: إيش بتعملوا؟ قالوا له: بدنا نعمل مسجد، قال: امشوا معي، أنا بأجيب لكم المال وأنا بأساعدكم، وأنا .. قالوا له: ياله ومشيوا معاه، وبدأ يطلع على القدس يجمع إليهم تبرعات، فهو جاءت له فكرة إنه بدال ما يسميه مسجد، كان مسجد قباء، الآن سماه المجمع الإسلامي، أطلق عليه المجمع الإسلامي…
أحمد منصور:
بحيث يشمل أنشطة أكبر من مجرد مسجد.
أحمد ياسين:
(5/421)
أيوه وبناه كدور أول لأن الأرض مش مستوية، وبنى فوقه المسجد، فصار فيه تحت أنشطة يمكن أن نسميها رياض أطفال، طبعاً فتحوا روضة أطفال في ذلك الوقت في بيت قريب من المسجد، طبعاً ولم يأخذوا تصريحاً من السلطات، لكن لأن الأخ الشيخ الله يجزيه خير كان ديكتاتورياً في تصرفاته مع الناس هادول، شو بدهم، مش مستعد يسمع لهم فتضايقوا منه، فجولي، قالوا لي: نريد تدخل معنا، قلت لهم: أنا بعيد سيبونى فقالوا: لا بدك تدخل معنا، فلم أصروا ذهبت على أساس بدى أعرف ما هي حدوده، فلما اجتمعت اللجنة المشرفة، قالوا: بدنا ننتخب رئيس جديد، ليش قالوا ما إحنا جبنا ناس جداد، كانوا جايبين اثنين، ثلاثة معاي، وسعوا اللجنة، فعلاً انتخبوا، فانتخبوني أنا رئيساً للجنة، طبعاً أنا حسيت إن هذه ضربة للشيخ، والشيخ مش هيقبلها، فقلت لهم: يا عم، الشيخ هيشتغل ضدكم، الآن مش هيشتغل، مش ممكن يقبل، فقالوا: يقبل أو ما يقبلش، مش مستعدين، وفعلاً بدأ الشيخ يشتغل بالمقلوب بالعكس، طبعاً في اللحظة هادي أنا مابديش اشتغل غير قانوني، لأني لما كونا الجمعية الإسلامية قانوني أخذت قانون واشتغلت، فأنا اشتغل في المجمع غير قانوني يجيوا يسكروه، ويعملوا لنا مشاكل، فعملت قانون على طول وقدمته للداخلية علشان آخذ تصريح…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
الإسرائيلية؟!
أحمد ياسين:
آه، ففي الفترة هادي أعطونا الموافقة خلال يوم، يعنى أعطونا الموافقة قبل ساعتين، وبعد ساعة جم أخذوها، أخذوا التصريح .. فيه غلط بده التصليح وبعدين سحبوه إلى الصفر، مش موافقين وجم سكروا الروضة وأخذوا الدفاتر للتحقيق واستدعيت للشرطة أنا والأخ الثاني الحاج أحمد دلول للتحقيق معانا، كيف بنجمع تبرعات بدون تصريح، وكيف بنعمل مؤسسة ونقل الملف بتاعنا للنيابة على أساس يقدمونا للمحكمة.
(5/422)
هذا الكلام كان في 78، فأنا في وضع سيئ، وكان أيامها اتفاق (كامب ديفيد) وكان أخونا الشيخ الكبير في غزة ضدنا الشيخ محمد عواد كان بيوصي اليهود بعدم إعطائنا تصريح، وبيقول عنا دول ماينفعوش لحاجة وأنا بأوصيكم .. لليهود بيقول هيك، فاليهود كانوا باعتين لنا رسالة بتقول: لقد أوصت المحاكم الشرعية والابتدائية والدنيا والأوقاف بعدم منحكم الترخيص .. صرنا مجرمين يعنى…
أحمد منصور:
إيش كانت تتبع المحاكم الشرعية والأوقاف؟
أحمد ياسين:
اليهود، تابعة للسلطة، بس الشيخ عواد مش هو الإنسان اللي بيحب النصر للإسلام أو العزة للإسلام، إنسان يمكن مشبوه في تاريخه بالماسونية و.. المهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لازال حياً؟
أحمد ياسين:
لازال موجوداً فوق التسعين، يمكن وصل المائة الآن فوق المائة، طبعاً اللي ألجأنا الآن فيه شيخ من الناس القدامى كانوا في الإخوان زمان، وكان موافقاً على اتفاق كامب ديفيد، وهاجم المنظمة، قال لهم: أنتم مابتفهموش، والاتفاق كويس، وكان بده يعمل وفد يزور مصر يؤيد الاتفاق كامب ديفيد، الشيخ هاشم الخازندار، فبعت له واحد، قلت له هيقبضوا علينا، ألحقنا دبرنا وصلنا النيابة، فقال: أنا مش قلت للشيخ أحمد بكره بيسكرولك إياه، وليش قاعد هيك، قال له: هذا اللي صار قال له: طيب أنا بأشوفهم، راح يوم السبت .. يوم الأحد .. يوم السبت كان لا يوم الأحد، فراح هو والعضو بتاعنا اللي هو عم عبد العال على الداخلية، وهذا الرجل كان من طباعه إن لسانه سليط .. الشيخ هاشم وصار يصرخ هناك…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
على الإسرائيليين.
أحمد ياسين:
لا، يقول لهم مين هذا الشيخ عواد الـ.. اللي مش عارف إيش باللغة الحقيقي، مين هو هذا، أنتم كيف تأخذوا كلام عواد؟ عواد ده إيش بينهم، قالوا له: كيف، قال لهم: هادي مؤسسة كويسة ومش عارف إيش فأقنعهم إنهم يعطونا التصريح…
أحمد منصور:
أقنع الإسرائيليين…
أحمد ياسين:
(5/423)
فوعد وقال أنا مسافر مصر، بس أرجع من مصر بأجيب إليكم التصريح، وفعلاً رجع من مصر وجاب التصريح، في ذلك الوقت استمر وجود المجمع الإسلامي…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
مع الجمعية الإسلامية…
أحمد ياسين:
الجمعية كان بنود نشاطها كله…
أحمد منصور]مقاطعاً[:
رياضي…
أحمد ياسين:
رياضي معظمه، أما إحنا نشاطنا يمتد إلى كل نواحي الحياة…
أحمد منصور:
كيف دي؟ وضحها لنا يا شيخ.
أحمد ياسين:
يعنى إحنا كان في قانوننا دعوة إسلامية للإسلام، تحفيظ قرآن، تربية شباب على الإسلام، بناء مساجد، بناء مدارس، بناء عيادات صحية قانوننا كان أشمل…
أحمد منصور:
والإسرائيليين سمعوا بكل هذا أن تقوموا بها.
أحمد ياسين:
ماسمحوش عملي، هم عملياً لم يسمعوا، بس في القانون سمعوا صار نشاطنا على مجرد نواحي دينية، لما جينا نفتح عيادة سكروها، مارضوش يعطونا إياها، لما جينا لجمع زكاة للناس قيدونا، قالوا: لا، ممنوع تجمع وممنوع توزع، إذا بدك تجمع اللي بيعطيك حطه في البنك، وإحنا لما بدنا نسمح لك تأخذ منه نسمح لك، أما تأخذ على كيفك، يعنى قيدونا بشكل كبير لما جينا نعمل فرع في خان يونس، مارضوش يدونا تصريح لفتحه، فأصريت غصب عنهم طلعت فتحته، فتحته أمام المجنزرات والدبابات بيتحاوطوا والجيش بيحاوطوا، يعنى خلاص بالمواجهة، يعنى أعطونا تصريحاً، أي ماعملوا اتفاق كامب ديفيد، كلام على ورق، وعند التنفيذ مش مستعدين ينفذوا فكنا باستمرار على صدام معهم..
أحمد منصور:
كنت أنت في تلك المرحلة أنت تظهر كزعيم للحركة الإسلامية وكرمز موجود لها؟
أحمد ياسين:
لا في ذلك الوقت أنا كنت كمسؤول للمجمع الإسلامي، أمين المجمع الإسلامي، وهو أكبر مؤسسة موجودة في غزة ماكانش يعنى كمسؤول حركة وككل مافيش…
أحمد منصور:
هل كان هناك حركات أو تجمعات إسلامية أخرى موجودة على الساحة غيركم؟
أحمد ياسين:
(5/424)
في ذلك الوقت ماكانش، كان مثلاً زوايا، دراويش، يعنى ماكانش أكتر من هيك موجود، وأنا كنت على علاقة حسنة معهم، كنت أزورهم كمان في الزوايا بتاعتهم…
أحمد منصور:
كان في نفس الوقت نشاطكم المتعلق بالأسر، أو اللي يعتبر .. هذا كان نشاط سري أو نشاط معلن أيضاً؟
أحمد ياسين:
كله سري، مافيش حاجة علني..
أحمد منصور:
كله سري…
أحمد ياسين:
كل التنظيمات سرية، ما في حد يعنى…
أحمد منصور:
كان أيضاً العمل التنظيمي السري كان متواكباً مع هذا العمل؟
أحمد ياسين:
النشاط الإعلامي طبعاً، النشاط العام شيء، والسري شيء ثاني…
أحمد منصور:
متى بدأتم أول خلية أو تجمع أو أسرة في العمل السري؟
أحمد ياسين:
قلت لك بعد 67.
أحمد منصور:
وظل هذا الأمر ينمو بشكل متواصل ولم يتوقف؟
أحمد ياسين:
ولم يتوقف، آه طبعاً…
أحمد منصور:
كانت نسبة النماء، أو الانضمام أو العمل معكم؟
أحمد ياسين:
قلت لك في البداية بطيئة، بطيئة جداً، وبعدين تحسنت شويه حتى صارت في بعد 8 أو 79، 80 أخذت يعنى تبدأ أن تصير بشكل جماعي، وتشكل تيار بعد
الـ 80…
أحمد منصور:
أنا لا أريد أن أتجاوز هنا حرب 73 وتأثيرها عليكم في الداخل، كيف كان تأثيرها؟ وكيف كان شعوركم؟
أحمد ياسين:
الحقيقة إن الشعب كان مبسوط جداً، كان متفاعل معها جداً، أن مصر اللي انضربت لسه قبل خمس ست سنوات تستطيع بعد هذه الفترة أن تضرب إسرائيل، وتخترق إيش اسمه هذا تبع .. إيش كانوا بيسموه؟!
أحمد منصور:
خط بارليف.
أحمد ياسين:
خط بارليف اللي كان بيقولوا بكل وقاحة إذا مصر بتدخل هذا الخط فسأجعلهم لحماً على عظم، يعنى زي الخشبة بتاعة اللحام اللي بيقطع عليها اللحم، طبعاً كان كل شيء ممتاز جداً، إن مصر تستطيع أن تتغلبوا لكنها زي ما بيقولوا الإسرائيليين لما شافوا المصريين تراجعوا عملوا لهم اختراق تبع شارون هذا…
أحمد منصور:
نعم.
أحمد ياسين:
(5/425)
فيعني، إنما كان الوضع .. يعنى كان الشعب الفلسطيني متفاعل جداً مع الحرب ، ومتفاعل جداً مع مصر وانتصاراتها اللي قامت فيها في ذلك الوقت، فكان أمله بده يكملوا…
أحمد منصور:
لكن لم يكن هناك أي شكل من أشكال المقاومة المسلحة؟
أحمد ياسين:
في ذلك الوقت؟
أحمد منصور:
في ذلك الوقت، في الداخل.
أحمد ياسين:
كان بطيء، يعنى قلت لك في ذلك الوقت كانت تخمد شويه شويه، لأن العملاء كثروا، والضربات كثرت، فالمقاومة تكاد تكون شلت في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
أيضاً قبل أن ننتقل إلى مرحلة العمل الإسلامي بعد ذلك، كامب ديفيد كيف تلقيتموها.. أو قبل كامب ديفيد، أرجو أن تقيِّم لي حرب 73 برؤيتك كشاهد على العصر؟
أحمد ياسين:
أنا يمكن كان أول طلقة بتطلقها مصر بأقول أدعو الله أن تكون حرب تحرير وليست حرب استجداء السلام، هذا ما قلته لأخي الأصغر منى اللي هو (فنحاوي) الآن، فقال لي: أنت بتفبرك الأمور ليش؟ قلت له: أنا ما قلتش حاجة، أنا بأقول أدعي، وهذا الدعاء مطلوب، أدعي الله أن تكون حرب تحرير وألا تكون حرب استجداء للسلام، يعنى حرب بس مجرد نصل إلى خط السلام، وكانت فعلاً للوصول لعمل سلام مع إسرائيل.
طبعاً الحرب في حد ذاتها -يعنى- كانت نقلة نوعية في الوطن العربي، إن الهزيمة لا تدوم، وإن ممكن الشعب يستعد قوته، وممكن يحقق انتصارات، هذا مش غريب على الشعوب أبداً لأنها لا يمكن أن تبقي ضعيفة للأبد، هذه من العبر القيمة في ذلك الوقت، وأعطت الأمة العربية نعنشة في ذلك الوقت إن ممكن القوة الإسرائيلية تتحطم، وفيه مجال ننتصر عليها.
(5/426)
كانت ردود فعل جيدة وطيبة في الوطن العربي، والشعب الفلسطيني كمان، لكن للأسف ناس تقول لك الاتجاه كسر الطوق حول إسرائيل وإعادة سيناء وترك الساحة علشان لما مصر تخرج من المعركة يعنى مافيش معركة، يعنى مافيش حرب دون مصر، لأن مصر هي الثقل العربي اللي ممكن يهيل الموازيين، وباقي الدول العربية ما هي زيها، لا تستطيع أن تقف.
فكان هذا طبعاً -يعنى- مرحلة تغيرية في واقع الأمة العربية، وبدأ التراجع والتوجه نحو إسرائيل في ذلك الوقت، لأن مصر هي القوة الكبيرة بتعقد معاهدة سلام مع إسرائيل وتستعيد سيناء، طيب وهتعمل إيش الأردن، تعمل إيش سوريا، الفلسطينيين يعملوا إيش؟! فكانت هي بداية التراجع العربي أمام الهجمة الصهيونية الاستيطانية.
أحمد منصور:
هذه الرؤية التي أشرت إليها، بالنسبة لأول رصاصة أطلقت واستشعارك، في نفس الوقت في 65 ذكرت أيضاً استشعارك برفضك الدخول إلى فتح، ما هي مشاعرك بعد أن بدأت فعلاً بعد الحرب الاتجاه يتجه بعد 76 إلى كامب ديفيد وإلى عملية الصلح والسلام مع إسرائيل؟
أحمد ياسين:
هذا كان أمر -زي ما قلت لك- متوقع عندي، بس كان ردود شعبنا على كامب ديفيد رد رافض لأنه حس إنه خلاص انتهت القضية، لأن مصر بتطلع من المعركة، يعنى القضية انتهت، يعنى وضعنا ساء جداً. كانت المنظمة كمان تقود المعارضة في هذا الموضوع، حتى جوني رجال المنظمة، وطرحوا علي موقف ضد الاتفاقية.
أنا كان قناعتي إن الاتفاقية خطيرة لأنه بداية التراجع العربي كله، وكان موقفي شخصياً أنا كنت لا أقبل اتفاقية كامب ديفيد على أساس أنها تفتت القوى العربية الواحدة، وتخرج مصر من الساحة، وبدون مصر مافيش معركة إطلاقاً يعنى انتهت القضية خلاص، تراجعت إلى الوراء ولذلك كنت رافض أن تكون مثل هذه الاتفاقية، ولو إن مصر طلعت منها ببلدها وأخذت أرضها، ولكن القضية مش قضية وطنية محلية بس، بل قضية عامة، قضية عربية، قضية إسلامية.
أحمد منصور:
(5/427)
الآن لو دخلنا إلى كامب ديفيد نفسها، وتقييمك لهذه الاتفاقية، وما حدث بعدها؟
أحمد ياسين:
طبعاً أنا قلت لك هي كانت بداية التراجع العربي أمام الهجمة الإسرائيلية الاستيطانية، وأثبتت الأيام فعلاً هي كذلك. الأمة العربية هاجمت، وماجت ، وقاطعت مصر، ونقلت الجامعة العربية من مصر، وبعد شويه كلها هدأت، هدأت، وعادت الجامعة العربية إلى مصر، وأعادت الدول العربية علاقاتها مع مصر، وبدأت هي في خط التراجع أمام إسرائيل، وبدأت إلى الوراء، واتجهت معركة الخليج اللي هي طلعت منها أمريكا بالبطل الأوحد في العالم، وجرت الدول العربية إلى مدريد، وجرت الفلسطينيين إلى أوسلو، وجرت الأردن إلى الاتفاق، وهاهم بيجروا لبنان وبيلحقوها علشان .. يعنى مزقت الوحدة العربية ، ومزقت الجدار العربي أمام إسرائيل، وجعلت إسرائيل تستفرد بواحد واحد على كيفها وتفرض اللي بيهيئ لمصلحتها ولوجودها.
أحمد منصور:
لكن هل في تصورك أنه كان يمكن أن تكون هناك سيناريوهات أخرى لمعالجة الوضع بعد حرب 73 غير الدخول في التسوية مع إسرائيل؟
أحمد ياسين:
بكل تأكيد.
أحمد منصور:
ما هي هذه السيناريوهات؟
أحمد ياسين:
يعنى أنت أمامك إن مصر لاشك دفعت ثمن غالي وكبير من أبنائها، وجيشها، وإمكاناتها طيب هي يادوبك إمكاناتها تطعم شعبها، كانت مصر في حاجة لأن تدعم مالياً، يعنى أمريكا الآن بتدعم إسرائيل بمليارات لتحافظ على توازن قواها. كان ممكن تجتمع الأمة العربية وتخطط لجعل مصر قوة عسكرية تواجه القوة الإسرائيلية، وتنمي قواتها لتبقي الساحة مواجهة، وقوية، وتتحمل تبعات الجهاد اللي بيكون في مصر مش سايبلها حالها، وتتحطم لحالها.
(5/428)
فلو كان هذا التخطيط ناقص، والأمة العربية دفعت ما عليها .. لا شيء مابيجوش .. مابيجوش كتير حوالينا، بس أعطونا التزامات مالية لنحافظ على هذا الجيش، ونحافظ على قوته. أنا بأعتقد كان هذا الطريق أسلم وأصح لعلاج القضية الفلسطينية وليس الاستسلام بالشكل اللي صار.
أحمد منصور:
طيب وضع الدول العربية الأخرى، وقضية الاستنزاف التي كان يقال إنها..
أحمد ياسين]مقاطعاً[:
تعرضت لها مصر.
أحمد منصور:
نعم.
أحمد ياسين:
أنا أذكر إن الملك فيصل كان بيدعم مصر كويس في ذلك الوقت، والحقيقة فيصل قتل نتيجة لموقفة من فلسطين والقدس…
أحمد منصور:
يعنى أنت تعتبر أن مقتل الملك فيصل كان…
أحمد ياسين]مقاطعاً[:
من أجل فلسطين، وهذا السبب اللي قتله، لأنه قال أريد أن أصلي في القدس، وعارف إن فيصل كان يقف مع عبد الناصر بكل الإمكانات، يعنى أذكر من أحد الناس المقربين من فيصل حدثني الآن وأنا في زيارتي للسعودية أحد إخوانا العراقيين اللي والده الصواف كان قريب من الملك فيصل، كان معه في أوروبا عندما سقطت القدس قال أخذ يبكي، بيقوله بتبكي ليه، قال له أنا ملك في دولة عربية إسلامية وتسقط القدس، وأنا في أوروبا ومش عامل حاجة. يعنى يبكي لأن تسقط القدس.
أحمد منصور:
هل كان هناك استعداد عربي للحرب، أو لحرب أخرى أو لاستمرارية الحرب؟
أحمد ياسين:
في الواقع إن الأنظمة العربية لم تكن على استعداد للحرب، هذا بشهادتهم هم، كما قلت لك عبد الناصر خلى الناس بنفس الخط المكشوف، لكن كانت المهارات العربية، كل واحد بده يبين نفسه إنه هو الوطني وهو اللي بده يحرر فلسطين، وهو اللي بده يعمل .. كان هذا الكلام هو اللي يسيء إلى الأمة العربية، مافيش تخطيط، ولذلك لو أجتمع العرب ودعموا، اليهود قبل ما يوصلوا فلسطين سنة 97، 1897…
أحمد منصور:
67.
أحمد ياسين:
(5/429)
فأول حاجة حطوا الصندوق المالي لجمع المال لأنه بدي ابني، بدي مال، بدي اشتري، بدي مال، بدي…كله بده مال، فكان لازم الأمة العربية أول شيء لمواجهة إسرائيل نحط صندوق مال، أنت المغرب بعيدة عن المعركة، يا أخي بدنا منك في السنة كذا، وأنت في تونس كذا .. إذا كان أنتم أمة بدكم تحرير فلسطين، وبدكم الوطن المقدس، كل واحد يحط، فإذا تجمع عندنا رأس مال جيد حسب كل دولة وإمكاناتها، بذلك ممكن نعمل جيش قوي، وتقنية قوية، ونواجه العدو، والرجال كتير، مش ناقصنا رجال…
أحمد منصور:
شكراً للشيخ أحمد ياسين.
أحمد ياسين:
العفو.
أحمد منصور:
كما نشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى نلقاكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) هذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(5/430)
الحلقة4
(5/431)
الأربعاء 4/10/1422هـ الموافق 19/12/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 18:35(مكة المكرمة)،15:35(غرينيتش)
الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس
الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس
تاريخ الحلقة
08/05/1999
أحمد منصور الشيخ أحمد ياسين
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ أحمد ياسين. مرحباً فضيلة الشيخ.
أحمد ياسين:
مرحباً بك.
أحمد منصور:
توقفنا في الحلقة الماضية عند تقييمك لـ (كامب ديفيد) وما بعدها، والآن وضعكم في الداخل والعمل الذي بدأتموه بشكل منظم بعد تأسيس المجمَّع الإسلامي، اتفضل.
أحمد ياسين:
في الواقع فيه كلام، تحفظنا عنه من 78، فيه في غزة الآن الجامعة الإسلامية، هذه الجامعة بدأت نشاطها في عام 78، والسبب اللي أدى إلها إنه الأزهر في غزة تابع للأزهر في مصر، والأزهر بعد 67 صاروا الطلاب .. وما فيش مجال للجامعات في الخارج بيروحوا ينضموا إله، وبعد ما يخلصوا من الأزهر بسنة، يعني يؤهلوا أنفسهم بعد توجيه السنة .. كويس؟ عشان يروحوا مصر، يعني يقعدوا سنة في غزة ينتظروا الذهاب إلى مصر، يعنى يضيع من عمرهم سنة.
الشيخ عواد -اللي هو رئيس الأزهر في غزة- اقترح على مصر إنه نعمل سنة تعليمية في غزة تمهيدية بدال ما يروح سنة منهم، وسنة يروحوا يعملوها في مصر تمهيدية، ومنها يطلع الطالب لمصر على طول للجامعة .. فمصر وافقت. فمن هين صارت عنده زي سنة تمهيدية جامعية فسمى إيش الجامعة الإسلامية عنده، وطبعاً سمى نفسه يومها عميد الأزهر لأنه صار عميد كلية.
أحمد منصور:
نعم، سنة كام هذا يا فضيلة الشيخ؟
أحمد ياسين:
كان في 78 تقريباً.
أحمد منصور:
78.
أحمد ياسين:
(5/432)
وبدأت الجامعة تجمَّع طلاب، وطبعاً بعد شوية طلب من اليهود يعطوا له تصريح بكمان سنة، وكمان سنة صارت جامعة لكن إمكانياتها قليلة، وطاقاتها قليلة، فصار يجيب من الضفة دكاترة يلقوا محاضرات، لكن لسه مش قايمة على رجليها بشكل طيب.
أحمد منصور:
من أين كانت النفقات؟
أحمد ياسين:
النفقات هم أنشأوا لجنة .. إيش نسميها؟ مجلس أمناء الجامعة اختاروهم من الأثرياء، وكان على رأسهم أحمد حسن الشوا من كبار أغنياء غزة والشنطي .. الناس الأثرياء كانوا هم يدعموها في هذه الحالة. طبعاً هنا الجامعة الإسلامية يقال إنه –طبعاً- تأسيسها في الخارج كان بقرار .. يعني موافقة المنظمة في الخارج عليها...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
منظمة التحرير؟
أحمد ياسين:
طبعاً كمشاركة إسلامية في هذا البناء، حتى جاء للجامعة رئيس مخلص كلية رياضية من أمريكا، و استلم الجامعة، لكن لم يحسن إدارة الجامعة.
أحمد منصور:
مين الذي عينه؟
أحمد ياسين:
جاء من الخارج بتوجيه من أحد أعضاء مجلس الأمناء في الخارج .. اللي هو الدكتور رياض الأغا، وكان له أخ في الخارج من المجلس له مركز كويس اللي هو خيري الأغا. فإحنا استقبلناه على أساس إنه جاي كويس، وبدأ يشتغل فأساء في تصرفاته في الجامعة، فكان لابد إنه ييجي مدير جديد اللي هو الدكتور محمد صقر، وهذا أستاذ موجود في الأردن في جامعة (الأردن) ومشهود له بالعلم.
هنا إخوانا في المنظمة بدهم يمشوا هذا الكلام، ورفضوا إنه يكون الدكتور صقر المؤهل بكل العلم يكون رئيس الجامعة في غزة، وبدهم يظل الدكتور رياض اللي إمبارح كانوا يشكون منه، وكانوا يصرخوا منه، وبدد، وصرف، وعمل، والجيت صاروا بدهم مسكوا رياض يظله رئيس رغم كل سيئاته، من هنا انفتح باب الصراع...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بينكم وبين المنظمة؟
أحمد ياسين:
المنظمة.
أحمد منصور:
هذا كان أول صراع أو مشكلة تقوم بينكم وبين المنظمة؟
أحمد ياسين:
هذه أول مشكلة.
(5/433)
أحمد منصور:
سنه 78 كانت؟
أحمد ياسين:
لا، سنة 80 وصلت بعد 78، واللي أججها هو الشيخ محمد عواد، لأنه عمل اجتماع في الخارج، فالمنظمة قالت له: أنت استقيل من رئاسة مجلس الأمناء. بدهم يزقوه، فإجي على غزة واتصل فيَّ واتصل في الإسلاميين...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كنت في مجلس الأمناء؟
أحمد ياسين:
لا، أنا لم أكن، بس جايز كان...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هل كان إسلاميين في مجلس الأمناء؟
أحمد ياسين:
هم كل مجلس الأمناء أثرياء يعني متدينون مش عاطلين، فطلب منى أبعت له برقية تأييد على أساس ما يسيبش المجلس، وقال: إنه والله أنا مطلوب منى أسيب المجلس، وبدهم يدخلوا لي حيدر عبد الشافي وهذا يساري شيوعي، وبدهم يدخلوا لي وديع طرزي ومسيحي، يعنى المجلس بيخرج من إسلامية الجامعة إلى إطار وطنية قومية وهذاما بيصيرش.
طبعاً هذا أعطانا التعاطف مع عدد ووقف المنظمة، فعلاً رفضنا هذا الكلام، والجمعية الإسلامية نزلت بيان تناشد الناس إنه ما بيصيرش والجامعة يبقى.. فالشيخ عواد كان معاه بيعقد جلسة يستقيل فيها. هيك أتفق في الخارج معاهم .. هذا للعلم، ما كانش عندنا علم فيه وخباه علينا، فعقد الجلسة في الأزهر. فالنشرة اللي أنزلتها الجمعية هيجت الشباب، فاتجهوا إلى الأزهر ليحاربوا عملية إدخال العناصر الجديدة اللي بدها تخرب الجامعة الإسلامية.
فعلاً لما الأزهر امتلأ شباب صاروا يخبطوا على الأمناء، واللي مجتمعين كام واحد، فلما سمعوا اللي بده إن فيه دوشة ما استجروش ييجوا، ما جوش .. وانفض الاجتماع ولم يستقيل الشيخ عواد علشان يظل هو الرئيس. فهنا بعض الشباب المتحمس من الشباب الإسلامي -وبتحريض من (فتح)- طلع بده يعمل مظاهرة .. ما كانش عندنا علم في الموضوع، إحنا عندنا فيه الاجتماع وبس بدنا نعمل موقف تأييدي ضد انضمام..
(5/434)
فهذا الشباب المتحمس اللي زقته فتح يعمل حركات قال عشوائية .. طلع وقاد الشباب بمظاهرة صارت في شوارع غزة، ونزلت إلى الهلال الأحمر الفلسطيني واللي هو كان بيمثل قلعة الشيوعيين في قطاع غزة وحرقوه.
أحمد منصور:
وهذه كانت .. الآن المواجهة دخلت في إطار العنف.
أحمد ياسين:
المواجهة دخلت في إطار .. في إطار يعني فتح تريد أن تضعف شوكة (الجبهة الشعبية) في غزة، والشباب طبعاً لما حرقوا الهلال على أساس عنصر لاديني مقابل ضموا حواليه -على طول- فيه خمارة حرقوها، ومشيوا إلى الشاطئ فيه كازينو حرقوه.
أحمد منصور:
سنة 80 كل هذا؟
أحمد ياسين:
هذا الكلام سنة 80 آه، واتجهوا إلى معسكر الشاطئ فيه مكان كان يُباع فيه مشروبات .. حرقوه، وأنا أفاجأ إنه ييجي أحد سواقينه في الباصات في المجمَّع، وبيقول: القصة 1، 2 .. شو اللي بيصير هذا؟! قال: هيك خراب بيت، يعنى فضيحة، فقلت له: طيب، اطلع بالسيارة، فقال لي: بتقود المظاهرة؟ قلت له: روح وسيب الناس وانهي الموضوع بتاعك.
أحمد منصور:
هل أنت كنت تعرف منه وتدرك أنك إذا أبلغته سيلتزم ...؟
أحمد ياسين:
تقريباً، فعلاً لحقه في المعسكر وقال له: انهي فتفرقوا، لكن بعدما خربوا!! وهم بيخربوا ويحرقوا والإسرائيليين عاجباهم .. سايبينهم.
أحمد منصور:
آه، أنا أقول لك ما هو الموقف الإسرائيلي؟
أحمد ياسين:
ما أنا بأقول لك الإسرائيليين بدهم .. بدهم الحرق وبدهم كذا على أساس يضربوا الشعب في بعضه، فكانت النتيجة إنه الاتهام وجه إلنا إنه إحنا حرقنا الهلال، وإحنا ضد الوحدة الوطنية، واتخبت فتح.
أحمد منصور:
وجهه إليكم كمجمع إسلامي أم كحركة إسلامية؟
أحمد ياسين:
لا، كمجمع إسلامي وجه، يعنى المجمع هو الذي قاد العملية.
أحمد منصور:
المجمع يعتبر كأنه واجهة الحركة الإسلامية والعمل الإسلامي.
أحمد ياسين:
(5/435)
هو باعتباره هو الوجه، والاتهامات إنه إحنا اللي حرقنا الهلال، ولا كنا عندنا خبر!! لكن ما فيش فايدة، خلص التهم، نزلت الجرائد تشرشح وتكتب وتعمل، والناس ينزِّلوا بيانات استنكار، وقالوا لي: نزِّل، قلت لهم: مش هأنزِّل. قالوا لي: ليش؟ قلت: لأن هم بيتهموني، طيب، أنزِّل أستنكر وأنا المتهم؟! مش معقول، يثبتوا لي إني أنا اللي كنت المسؤول عن هذا الكلام وأنا مستعد أتحمل تبعاته.
أنا ما إلي علاقة في الموضوع هذا .. قضية الصراع هي قضية صراع داخلي بينهم، أقصد فتح والجبهة .. أما إحنا فما لناش علاقة فيها. هم استغلوا بعض الشباب المتحمس، أما إحنا ما لناش فيه، فعلاً كانت مرحلة سيئة حتى لدرجة إن واحد من قيادتهم اللي قُتِل وهو أسعد الصفطاوي بيقول لي: الاختيار .. قال لي: اعملوا اللي بدكوا إياه فيهم، بس ما بديش تعملوا لي دوشة .. مش مع الاتحاد السوفيتي يعمل لي ضغط يعني .. اعملوها كيك بشكل فلسفي وما تظهروش على الساحة التي كنتوا فيها على الفتحاويين يعني.
أحمد منصور:
لا، وضح لنا يا شيخ هذه القضية؟
أحمد ياسين:
يعنى أنهم أخذوا الضوء الأخضر من أبو عمار لضرب الجبهة الشعبية في قطاع غزة، لكن لا يريد أن يظهر أنه هو الفاعل، ولذلك جاب ببعض الشباب المتحمسين في المواجهة، فصارت المواجهة الآن مش فتح .. بل الجبهة الشعبية والحركة الإسلامية.
أحمد منصور:
إسرائيل كانت تدرك هذه التقسيمات الموجودة على الساحة، وكيف كانت تتعامل معها؟
أحمد ياسين:
(5/436)
إسرائيل كانت تعرف أن فيه تقسيمات، وكانت تترك الكل ينمو بطريقته الخاصة عشان تيجي الساعة اللي هي تضرب الناس في بعض، وهذا اللي أنا سأتحدث فيه بعد شوية. الصراع مع فتح ذاتها لما انتقلنا في الجامعة في سنة 82، كنت أنا .. يعني يمكن فوتك سنة 80، كان قضية حرق الهلال اللي أنا تكلمت عنها، وسنة 82 كان الصدام المباشر مع فتح في الجامعة التي هي قصة الدكتور صقر وقصة الدكتور رياض الأغا اللي بده يكون رئيس جامعة. في هذا الوقت جاني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
قبل أن نصل إلى 82، ما الذي تمخضت عنه هذه الحرائق التي تمت في عام 80؟ إلى أي شيء انتهت؟
أحمد ياسين:
طبعاً انتهت إن هي أعطت الصورة للحركة الإسلامية مركز قوة في البلد، إن هي واصلت تتحدى وتضرب، هذا واحد. وأعطت صورة إعلامية تشويهية للحركة إن هي حركة إرهابية وبتحرق وما بتعرفش الوحدة الوطنية .. يعني إلها ضرب باتجاهين ممكن متعاكسين، وطبعاً أنت عارف إحنا مشينا في نشاطنا وما بدنا، والناس حتى اللي قاموا بالشيء هذا إحنا عاقبناهم ووقفناهم، لأن إحنا ما قلنا لكم: روحوا احرقوا، ما قلنا لكم: اطلعوا بمظاهرات ..طيب، ما أنتم بتبقوا عملا في الحالة هادي.
طيب، اليهودي ما يتفرج وأنت بتحرق الكازينو قدامه، والشرطة قبالك والسلاح في إيده ما طخش، يبقى هو الذي قال لك: اعمل. يبقى أنت أداة في إيديه لتخرب البلد. صحيح فيه خمارات، لكن إحنا مش مستعدين نقوم نحرق الخمارات الآن، لأن هي ليست عدونا الآن .. هي عدو صحيح، لكن فيه عدو أكبر هو اللي فتحها، واللي سمح لها، واللي اداها التصريح، نواجه الاحتلال إحنا.
(5/437)
فالحال هو كان نوع من الخلل في ذلك الوقت واستغله الشيخ عواد لصالحه ليبقى رئيساً للجامعة، وتخلص من الناس اللي كانوا بدهم يدخلوا ينازعوه، وخاصة كان رشاد الشوا كان يدخل في المجلس كمان، الحاج رشاد الشوا وها ذاك شخصية قوية بيدوب فيه عواد وما بيظل لوش مكان، طبعاً هذه مرحلة مرت في تاريخ الحركة وصدامها، وبعدها طبعاً إجت قضية 82 زي ما قلت لك دكتور صقر ورياض. فالمنظمة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في هذه المرحلة بين 80، 82 لم يحدث بينكم لقاءات محاولات.
أحمد ياسين:
لا ما كانش فيه أي مشكلة. إحنا كنا في المرحلة هذه في تحالف بينا وبين فتح للدخول إلى الهلال عن طريق الانتخابات، لكن اليسار كان شاطر في عملية الفبركة، فأسقط التوجه اللي كان بينا وبين فتح للاستيلاء على الهلال عن طريق الانتخابات .. كان تنسيق لدخول الانتخابات، تنسيق للعمل…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
اليسار كان متمثل في الجبهة الشعبية أو كان هناك قوى أخرى؟
أحمد ياسين:
واليسار كان .. يعني الجبهة الشعبية هي اللي بتقوده، لكن في الحقيقة الحزب الشيوعي الفلسطيني هو اللي بيقود من الداخل كل هذه التوجهات.
أحمد منصور:
يعني نقدر أن نقول إن الحادث الذي تم في سنة 80 وضع الحركة الإسلامية كقوة موجودة على الساحة، وأصبح لها ثقل وأصبح هناك توازنات هي طرف فيه؟
أحمد ياسين:
هذا صحيح.
أحمد منصور:
إسرائيل كيف كانت تنظر لكم وتتعامل معكم في هذا الوقت وهذه المرحلة؟
أحمد ياسين:
بهذا الوقت بدأت تحس أنها يمكن أن تضربنا في بعض، وممكن تخلينا نصطدم في بعض، وأنا كنت مدرك هذا الكلام تماماً، لكن مش مستعد لهذا الضرب ولهذا التوجيه، وكانت هي بتحاول توجد توازنات في البلد وهذا واضح من الإسرائيليين على أساس يصير اصطدام في لحظة وهم يشعلوا النار بها. وإحنا ما كناش مستعدين لهذا الكلام كله أو مستعدين إله.
(5/438)
لكن ما حدث في 82 كان إخوان هم اللي جرُّونا إله .. اللي جرُّونا إله بكل تأكيد...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني أنتم برضه دُفِعتم إلى شيء في سنة 80 ولكن استطعتم أن تحتووا الأمر رغم الخسائر التي حدثت.
أحمد ياسين:
وتدخلوا ناس للوساطة والمصالحات،كان جاني طهبوب وزير الأوقاف الآن في السلطة، وبده يصلح بيني وبين الهلال، قلت له: يا عم، أنا ما عنديش مشكلة مع الهلال. أنا مستعد أقعد مع الهلال و.. ولا القعود ما هي المشكلة، المشكلة هي في تركيبة الهلال يسار ويمين وشمال، وهم اللي عملوا الصراعات هذه مش أنا .. ما بديش أقول له فتح وكذا، وأنا مش داخل في القضية هذه، لكن فيه أمور مش لازم .. ما يقدرش الواحد يكشفها في ذلك الوقت...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هي مقدمات المواجهة التي حدثت في سنة 82؟
أحمد ياسين:
السبب كان عندك -كما قلت لك- الجامعة .. جاء الدكتور صقر ليكون رئيسها، وما بدناش .. استغنينا عن رياض، ما بدناش إياه، فالآن فتح بدأت تتمسك برياض لأن صقر إسلامي واضح.
أحمد منصور:
كان مرشحكم؟
أحمد ياسين:
طبعاً، جاي من الأردن .. ادعى إنه ما أخدش موافقة المنظمة قلت له: أخد أو ما أخدش، يعنى السيد أسعد الصفطاوي، قال صقر لازم يغادر البلد خلال 24 ساعة.
أحمد منصور:
طيب، من الذي كان يملك إقامات أو خروج الناس في ذلك الوقت، مش إسرائيل هي التي كانت محتلة؟!
أحمد ياسين:
هي بتعطي التصاريح، بس مين يمسك الجامعة؟ ومين يكون رئيسها؟ ومين كذا؟ إسرائيل ما كانتش تتدخل في الموضوع هذا.
أحمد منصور:
يعنى أنتم -نقدر نقول- إنكم كنتم في شبه حكم ذاتي داخلي في مؤسساتكم؟
أحمد ياسين:
المؤسسات مراقبة من السلطة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
السلطة الإسرائيلية؟
أحمد ياسين:
آه طبعاً مراقبة.
أحمد منصور:
سلطات الاحتلال؟
أحمد ياسين:
زي أي مؤسسة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أصل الآن فيه سلطة جديدة فعشان نفرق بس.
(5/439)
أحمد ياسين:
لا ما فيش حاجة اسمها سلطة جديدة، المنظمة من الخارج تتحكم فيمن يريد أن يكون في مركز أو لا يكون في مركز في الداخل، وإحنا طبعاً كوجود في الداخل بدنا نوجه البوصلة في اتجاه إسلامي مش في اتجاه علماني. كل الجامعات في الأرض المحتلة علمانية، وهذه الجامعة إسلامية، أنت بتوجه البوصلة الآن لتحولها إلى علمانية مختلطة بين البنات والشباب، وهذا كلام ما يرضيناش إحنا.
وعشان هيك بنصر إن رئيسها يكون إسلامي عشان يحافظ على إسلاميتها، فلو استلمها واحد من الجامعات هيحولها إلى مختلطة، وهذا ما بيرضيناش. رياض حاول بعض اللعب عشان يخلط وإحنا وقفنا في وجهه ومنعناه. عشان هيك ما كناش راضيين يظله كجزء من تصرفاته المالية والسلوكية، كمان سلوكياته مع اليهود وعلاقاته اللي كان بيقيمها معهم.
فهم كانوا بدهم صقر يطلع من البلد خلال 24 ساعة، وجاني أسعد الصفطاوي، وبيقول لي هذا الكلام، فقلت: لا، صقر ما يطلعش .. وصقر بده يظل رئيس للجامعة، وسيبكم من رياض اللي كنتم إمبارح تصوتوا منه، واليوم صار عزيز عليكم؟! ثم مين رياض؟! رياض .. ماشي هذا رياض ما يعرفش حاجة في الحياة، تقارنه بأستاذ جامعي، وبتقول: بدك تحط واحد سيئ مكانه؟! مش ممكن هذا الكلام.
قال: على أية حال أنا أقول لك هذا الكلام مش مني، قلت له: مِنْ مين؟ قال: هذا من أبو علي الشاهين قرار، قلت: أنا أقول لك قل له القرار مرفوض...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مين أبو علي شاهين؟
أحمد ياسين:
اللي الآن وزير التموين في السلطة.
أحمد منصور:
هذا اسمه .. أبو علي شاهين؟
أحمد ياسين:
هذا أبو علي الشاهين اللي كان في السجون وطلع يعني سلوكه يساري سيئ جداً، كان يريد أن يعمل معركة في البلد وهو كان ورائها فعلاً ليثبت وجود حركة فتح وإنه ما فيش وجود إلا هم.
أحمد منصور:
في تلك المرحلة 82؟
أحمد ياسين:
(5/440)
82 آه، فقال: طيب القرار مش مني، وروح وقابل أبو علي، قلت له: أنا مش مستعد أقابله لأني بأعرف كل شيء عن أبو علي، بده يهدد بالسلاح والطخ على طول، ما عندوش غير هيك، قلت له: أنا مش مستعد أقابله...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني معنى ذلك إنه كانت بتحدث عمليات قتل وتصفيات؟
أحمد ياسين:
صارت ما لسه إحنا في الطريق.
أحمد منصور:
لسه نعم.
أحمد ياسين:
فطبعاً رفضت أنا المقابلة معهم، لكن لم أكن أتصور أن يصل به الأمر فعلاً إلى الهجوم والقتل بهذا الشكل. كنت أتصور أنه ممكن يحل الأمور بالتفاهم، بالهدوء، باللقاءات، بس الشخص ذاته -أبو علي- كنت أرفض لقاءه على أساس إن هو سيئ، مش .. يعني ما بده مصلحة وطنية، بده يثبت إنه هو بس موجود في الساحة.
عشان هيك كنت أقابل أسعد وغيره من القيادات، كنت أقعد معهم، لكن قلت له: هذا ما بديش إياه .. ما بأقابلوش، فعلاً هذا الكلام قبل كام يوم، بعد كام يوم راحوا بيلقوا قنبلة على بيت صقر اللي هو في بيت الجامعة اللي ساكن فيه. طبعاً ما صارش إصابات، وبعدها وجهوا رسالة تحذير لبعض القيادات الإسلامية في الجامعة، رسالة فيها فشكة رصاصة وراحوا له على البيت، ضربوه على رأسه .. لما فَتَح الباب ضربوه، كان هدف الصراع. المهم…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعنى الآن الصراع أيضاً بينكم وبين فتح دخل مرحلة جديدة.
أحمد ياسين:
جداً، إن أسوأ قياديهم مستعدين يوصلوا إلى مرحلة سيئة. كان فيه دكتور اللي قتلوه في الجامعة ... بأتذكر اسمه شويه، كان يعني من المناصرين للوجود الإسلامي في الجامعة والقوى الإسلامية، فإذا بهم مخططين للاستيلاء على الجامعة، وطرد كل العناصر الإسلامية منها، وكان هذا اليوم هو يوم ذكرى اجتياح لبنان اللي هو…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في 82، إبريل 82.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(5/441)
طبعاً في نفس اليوم كانت الكتلة الإسلامية في (بيرزيت) بدها تعمل مسيرة احتجاجية على اجتياح لبنان مع إسرائيل، وكنا إحنا في الجامعة يعنى مهيئين أنفسنا لنفس العمل، إلا هم رايحين جايبين حوالي 400 شاب من الضفة وغزة صباح السبت، وهاجموا الجامعة للاستيلاء عليها. طبعاً إحنا طلابنا في الجامعة كثار قويين فخرجوهم من الداخل الطلاب اصطدموا صار طوشة عمومية نسميها، وفي الشوارع حتى انتهت إنه كل مهاجمين الجامعة انصرفوا وشردوا فبقيت الجامعة كما هي برئاستها .. لم تنجح كل العوامل اللي قاموا فيها.
المصيبة إن المسيرة التي كانت تصير في بيرزيت الساعة 11 الصدام في غزة كان الساعة 8 صباحاً، فهم راحوا وانتقموا من شباب الكتلة في بيرزيت الساعة 11 وهاجموهم بالزجاجات الفارغة طبشوهم وهم واخدين إذن في المسيرة بتاعتهم يعني، لكن انتقاماً لم حصل في غزة قاموا بهذا العمل، ومش بيكفي هيك الصحافة تكتب إنه المجمع الإسلامي يبعث باصات من عنده من غزة لمهاجمة القوى الوطنية، إحنا اللي باعتين أم أنتم اللي باعتين؟! قلبوا الحقيقة وغيروها.
لكن بفضل الله مرحلة إحنا تخطيناها وبقيت الجامعة إسلامية، لأنهم كانوا يريدوا أن يجعلوا البنات والأولاد زي بعض زي أي جامعة أخرى مختلطة، لكن الجامعة الإسلامية متميزة، الطلاب في أقسام خاصة بهم والبنات في أقسام خاصة بهم دون اختلاط بينهم.
أحمد منصور:
يعنى هذه المواجهة بعدها تم الحسم في قضية الجامعة؟
أحمد ياسين:
تقريباً هذا حسم الأمر أن تبقى الجامعة إسلامية.
أحمد منصور:
مرشحكم لرئاسة الجامعة.
أحمد ياسين:
وأن يبقى المرشح اللي نفرضه إحنا إسلامي لرئاسة الجامعة صار اتفاق مع فتح على هذا الكلام، لكن هم لم يلتزموا وإحنا كنا في مركز...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعنى هل رفعوا إيديهم فتح بعد ذلك عن الجامعة؟
أحمد ياسين:
(5/442)
مش رفعوا إيديهم، بدهم يتدخلوا بس بطريق التفاهم .. بطريق التفاهم، لأن ثبت أن مرشحهم فاشل، ثبت إنه جهودهم التي حاولوها للاستيلاء على الجامعة فشلت فالآن ما فيش حقوق إلا التفاهم، بالأصل كان لازم أن نتفاهم بدون هذه المشاكل، هذه قصة الجامعة والصراعات اللي كانت فيها الدموية اللي سببوها إخوانا في فتح بتصرفهم إنه لابد أن يكون إلهم القرار الأول والنهائي، يعنى غيرهم ما لوش وجود.
أحمد منصور:
أشرت إلى أن القضية وصلت إلى عمليات قتل، وقتل أحد الأساتذة...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
أيوه .. الآن أتذكر الدكتور إسماعيل الخطيب هذا من الناس الإسلاميين اللي كانوا بيقفوا بجانب التيار الإسلامي ورافض للدكتور رياض، لأنه كان سيئ رياض. واستدعاه اللي هو أبو علي شاهين وقابله، وجاني قبل ما يروح له إليه، قال لي: هذا بستدعيني، قلت له: هو الرجل سيئ وهيهددك، لكن أنت قل له: أنا رجل مسلم وانتمائي إسلامي، وأنا مش ممكن أغير اتجاهي الإسلامي لأي اتجاه ثاني، وأنا بيهمني تكون الجامعة إسلامية..
وفعلاً قابله ونفس المنطق، لكن ظل في رأيهم إن هو اللي دعم القوى الإسلامية، فاختاروا اغتياله وواجهوه في صباح يوم وهو طالع من بيته إلى الجامعة وأطلقوا النار عليه فقتل الرجل.
أحمد منصور:
إلى هذه الدرجة كانت الأمور وصلت؟
أحمد ياسين:
لهذه الدرجة وصلت بهم. في ذلك الوقت أنا كنت في السجن.
أحمد منصور:
آه، هذا بعد 84؟
أحمد ياسين:
آه، هذا الكلام في 84.
أحمد منصور:
في 84.
أحمد ياسين:
يعنى عملية القتل تمت في 4..
أحمد منصور:
كيف يعنى أيضاً هذا يقود إلى إن هناك كانت تتم عمليات تصفية بأشكال مختلفة أم هذا فقط هو الذي تعرض للتصفية أثناء المواجهة بينكم وبين...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
(5/443)
هذه هي التصفية الوحيدة اللي تعرض إلها عنصر إسلامي من عناصرنا، كان فيه هناك تصفيات جاية من الخارج لبعض العناصر من قيادات الحركة، وبلغني فيها أسعد الصفطاوي، وقال لي: فيه فلان معرض، قلت: يخرب بيتكم! إيش بتعملوا؟! أيامها كان جاي شاب من الخارج، وصفَّى عدد من العملاء في البلد فعشان يضربونا في بعض.
حاطين بعض أسماء قياداتنا في القائمة بتاعة العملاء، وهو أسعد بحكم إنه كان من قيادات الإخوان القديمة وبيعرف الناس ها دول، فلما شاف الاسم استغرب، فجاء يقول لي: طيب، فلان موجود في القائمة، قلت له: وإيش اللي حطه؟ قلت له: أوعى والله بتحرقوا البلد أنتم، سأتذكر اسمه اللي كانوا باعتينه.
أحمد منصور:
هذا واحد من قيادات الحركة الإسلامية؟
أحمد ياسين:
من فتح صفَّى كثير من العملاء منهم (أبو وردة) في جباليا، ومنهم .. عدد كبير من العملاء.
أحمد منصور:
يعنى هو واحد أُرسِل من الخارج.
أحمد ياسين:
للتصفيات خاصة.
أحمد منصور:
للتصفيات خاصة ومعه .. يعنى هو كان محترف التصفيات معنى ذلك.
أحمد ياسين:
آه، محترف آه، لكن في النهاية اليهود استطاعوا -بعملائهم- يقضوا عليه قتلوه .. قُتِل يعنى، أتذكر اسمه شوية، يمكن أجيبه.
أحمد منصور:
نعم، شيخ ذكرت لي أنكم بعد سنة 80 بدأتم تفكروا في العمل المسلح.
أحمد ياسين:
العسكري .. صحيح.
أحمد منصور:
نعم، كيف كان بداية التفكير؟
أحمد ياسين:
التخطيط أننا إحنا بدنا نبدأ نجمع سلاح عشان نقاتل فيه في المستقبل، بدنا نبدأ ندرب بعض أبنائنا تدريب عسكري عشان يدخلوا المواجهة مع اليهود. للأسف كان العملاء بيشتغلوا مع تجار السلاح، وكان بعض إخوانا اللي اشتروا السلاح من بعض .. هؤلاء العملاء القريبين من السلطة فيبدو أن السلطة كانت تتابع...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
عفواً، عشان تفرق بين السلطة الفلسطينية الآن والاحتلال .. فحضرتك .. لنطلق عليها الاحتلال.
أحمد ياسين:
(5/444)
الاحتلال .. أنا يمكن بالخطأ بس قلت: السلطة، يعني عملاء الاحتلال كانوا هم بيتاجروا في الحشيشة وبيتاجروا في السلاح. فبعض إخوانا ما كانش واخد باله إنه اللي بيتاجر في العملية هذه هو واحد عميل، فكانت إسرائيل بعد هيك وضعت إيدها على ناس بيشتروا سلاح، وبدأت تتابع القضية. إحنا اشترينا كمية وخزنا استعداد للمعركة، فاكر...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
قبل أن .. قبل أن .. أول قطعة سلاح اشتريتموها سنة كام تقريباً؟
أحمد ياسين:
بدأ في 83.
أحمد منصور:
نعم، أول قطعة سلاح.
أحمد ياسين:
آه، في 83.
أحمد منصور:
تقول إنكم اشتريتم كميات وخزنتموها.
أحمد ياسين:
نعم.
أحمد منصور:
مقدار هذه الكميات أو...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
كانوا حوالي 80 قطعة.
أحمد منصور:
(كلاشينكوف) أو أسلحة أوتوماتيكية.
أحمد ياسين:
أسلحة مختلفة، بنادق وكله.
أحمد منصور:
مختلفة، اسمح لي يعنى أنتم كنتم تعدون للجيش للمواجهة؟
أحمد ياسين:
لا، إحنا في نظرنا معركة كانت بدنا يعني .. ما نقدرش نجند لك 100 واحد مسلح ضد إسرائيل تقاوم حتى لو قُتِل 1 أو 2 أو 5 يكون فيه .. متواصل العمل، لكن القضية إنه السلاح انكشف عن طريق العملاء...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كل الكمية؟
أحمد ياسين:
تقريباً، استلموا في الضربة الأولى نصف الكمية، في الضربة الأخيرة انكشفت الكمية الثانية بسبب خلل في التكتيك العسكري، لأن فيه مسدس قُتِل فيه عميل وأعطوه للإنسان اللي عنده مخزن للسلاح يخبيه عنده، فراح حطه في المخبأ، فلم كشف قتل العميل .. الخلية اللي قتلت وين المسدس؟ تحت الدق اعترف إنه أعطوه لفلان يجبيه .. يخيبه فلان لما جابوه تحت الدق قال المسدس .. وين المسدس؟ ضربوه وبهدلوه، لما تعب خالص .. قال لهم: أجيب لكم المسدس، راح طبعاً المسدس في وين...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في وسط الأسلحة.
أحمد ياسين:
بالضبط، فاستلموا الأسلحة الباقية.
أحمد منصور:
(5/445)
لا، إحنا قبلها القضية كبيرة نريد أن نأخذها شيئاً فشيئاً، من أين لكم بالمال لشراء هذا السلاح؟
أحمد ياسين:
طبعاً هذا كان بدعم خارجي من أصدقائنا وأحبابنا في الخارج، دعمونا بكمية من المال واشترينا.
أحمد منصور:
متى اتخذتم قرار المواجهة المسلحة؟ لأن حضرتك ذكرت أنه من 65 وما بعدها كنت تدرك أنه ليس هناك قوة أو استعداد للمواجهة.
أحمد ياسين:
هذا صحيح.
أحمد منصور:
يعنى ابتعدت عن العمل العسكري، واتجهت إلى عمل التكوين والتربية وتجميع الشباب، ما هو الوقت الذي وجدته أصبح مناسباً لاتخاذ قرار المواجهة العسكرية؟
أحمد ياسين:
أنا يمكن كانت رغبتي الشخصية وحماسي كنت بدي أبدي المعركة منذ 67، بس عندما ندرس المعطيات والإمكانات ما فيش نؤجل، ندرس القضية تاني نؤجل حتى جاء القرار في 82 إنه خلاص بدنا نبدأ نشتغل للمواجهة.
أحمد منصور:
في 82.
أحمد ياسين:
نعم.
أحمد منصور:
هذا القرار من الذي اتخذه؟ هل أنت شخصياً؟
أحمد ياسين:
لا، فيه لجنة مركزية هي بتتخذ القرارات .. أنا طبعاً واحد فيها.
أحمد منصور:
ما هو الذي اختلف ما بين 67 أو 65 و67 و82؟ ما هي المعطيات التي أصبحت أمامكم؟
أحمد ياسين:
فيه شيئين .. أنا صار عندي قاعدة من الرجال والشباب مستعدة تقاتل، صار عندي من الخارج تعاطف مستعد يدعمني، ويقدم لي مساعدات مالية. فإذا توفر المال وتوفر الرجال انتهت .. المعركة بدأت، ومن هان بدينا ندرب بعدد من عناصرنا وبدينا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أين والمناطق كلها خاضعة للاحتلال؟
أحمد ياسين:
(5/446)
بكل تأكيد، إحنا السلاح بنشتريه من وين؟! ما هو من تجار في داخل الاحتلال بيسرقوه من الجيش الإسرائيلي، يسرقوه من المخازن الإسرائيلية. أنت بتفكر من وين بنجيبه، يعنى الاحتلال مش معناه إنك ما بتقدرش تتحرك على الآخِر .. لا، لا .. فيه حركة وفيه تجارة وفيه شؤون داخلية، يعني اليهودي إدي له شوية حشيشة، شوية أفيون، شوية كذا يعطيك سلاحه.
أحمد منصور:
وعارف أنك ستقتل به يهودي؟
أحمد ياسين:
هو يعرف إنه بده يشرب، بده يحشش، بده يفعل، ما عنده ما بيعرفش هذا الكلام، هو بده يبيع سلاح بده يجيب، كانوا بيعرضوا علينا بس هاتوا لنا أفيون، هاتوا لنا حشيش، ونجيب لكم سلاح .. إحنا كنا بنرفض هذا الكلام، إحنا ما بناخدش سلاح مقابل حرام، مش ممكن ندخل فيه، إحنا بنديكم فلوس وأعطونا سلاح وأنتم اللي بدكم إياه اشتروه، مش شغلنا هذا، وطبعاً لما انكشف كان لابد إنه ندخل السجن...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
قبل الانكشاف عمليات التدريب كيف كانت تتم؟ والصعوبات اللي كنتم بتواجهوها فيها؟ وهل كنت تشرف شخصياً على هذه الأمور؟
أحمد ياسين:
أنا معايا لجنة وناس آخرين بيشرفوا، بس أنا بأتابع الشغل يعني.
أحمد منصور:
بصفتك المسؤول؟
أحمد ياسين:
بأتابع التدريب، وكان فيه تدريبات في الخارج وتدريب في الداخل، والحمد لله أخذنا مرحلة تجربة علمتنا كيف ننطلق مرة أخرى انطلاقة قوية.
أحمد منصور:
كيف؟
أحمد ياسين:
فطبعاً لما انكشف السلاح اعتقلت أول خيط في المخازن والمجموعات، وبدأ الخيط يجر واحد بعد واحد.
أحمد منصور:
سنة كام تمت عملية الانكشاف؟
أحمد ياسين:
84.
أحمد منصور:
وكيف تمت عملية اكتشاف السلاح؟
أحمد ياسين:
(5/447)
قلت لك عن طريق أحد العملاء اللي باعوا لناس منا سلاح، وإسرائيل عرفت الكلام لأن العميل معاها بلغها، فاعتقلوا الأخ اللي عنده السلاح ودقوه وجاب اللي جاب له، وجاب التاجر وجاب الأخ الثاني، فبدأ الخيط يتسلسل. فلما رأيت إن الوضع خطير ويتسلسل قلت نقطع الطريق على اليهود .. الخيط فبدي أقطع الخيط اللي يوصَّل إليَّ بعد هيك فكانوا دكتورين بيشتغلوا في العملية العسكرية: الدكتور أحمد الملح -والآن موجود في اليمن- فجيت وقلت لهم: الآن فوراً إنتو تغادروا البلد، فأحمد الملح قدر يطلع تاني يوم على طول وطلع على الأردن، والآن ظله نازح في اليمن...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
من بعديها ما رجع؟
أحمد ياسين:
ما يقدرش يرجع، عليه اعترافات وعليه سلاح، والدكتور الثاني حاول يطلع وفي رفح عن طريق الخارج ما عرفش. قعد شهر رمضان طويل وما قدرش يطلع وهم بيطاردوا فيه، بيطالبوا فيه، وفي الآخر جالي البيت على أساس إنه مش قادر يطلع فاستلموه الإسرائيليين، دخل السجن.
أحمد منصور:
يعنى الآن الإسرائيليين مسكوا السلسلة بتاعتكم كلها.
أحمد ياسين:
وبالتالي دخلت السجن أنا، أنا كنت بدي أقطع السلسلة، لكن نجحت في واحد وما نجحتش في التاني.
أحمد منصور:
طيب، ليش ما فكرت .. لما لم تفكر في قطع السلسلة من الوسط مثلاً أم كان التتابع سريع؟
أحمد ياسين:
إحنا في الأول، ما كنتش عارف إنه فيه اعترافات أكيد، كنت بأشك إن إسرائيل بتضرب ضربات خبط كده يعنى بيتلم، بس لما لقيت إن التسلسل 1، 2، 3 كان الرابع قلت: خلاص الخط ماشي Straight على طول، يعني فيه اعترافات جوه، ومن هان قررت إني أقطع الحلقة لكن ربنا ما سهل لناش الطريق. فلما اعتقل الدكتور إبراهيم…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان عددكم كبير فضيلة شيخ؟ عددكم كان كبير؟
أحمد ياسين:
لا، ما كانش كبير، اللي اشتغلوا في ها الشغلة كان عدد من 10 إلى 15 واحد بس مش كل الناس.
أحمد منصور:
فقط.
أحمد ياسين:
(5/448)
آه، مش ممكن نشغل...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بما فيهم الناس اللي دُرِّبوا، أو الناس إللي...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
لا .. لا اللي دُرِّبوا أكتر من هيك، بس السلسلة التنظيمية اللي علاقاتها بالسلاح كانت عددها قليل.
أحمد منصور:
لكن بشكل عام وضعكم التنظيمي الآخر كان أكبر وأضخم من ذلك؟
أحمد ياسين:
جداً طبعاً هذه .. يعني مجرد مجموعات، الحمد لله يعني وتحملنا الضربة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ماذا كان وضعكم العسكري في ذلك الوقت مقارنة بفتح والتجمعات الأخرى؟
أحمد ياسين:
إحنا وضعنا الشعبي وضع قوي أقوى من فتح وغير فتح كل المنظمات ما كانتش توازينا قوى شعبية، لكن هم بيتميزوا بتجربتهم القتالية والسلاح والتكتيكات و.. إحنا لسه ما كناش داخلين التجربة هادي.
أحمد منصور:
هم أيضاً في تلك المرحلة في الداخل كان لديهم سلاح وكان لديهم خلايا عسكرية؟
أحمد ياسين:
كان موجود بس ما كانوش بيشتغلوا.
أحمد منصور:
لم يكونوا يقوموا بأي عمل؟
أحمد ياسين:
يعملوا .. لم يشتغلوا .. ما كانوا بيشتغلوا.
أحمد منصور:
هل أنتم قمتم بعمليات؟
أحمد ياسين:
قبل ذلك لا إحنا ما قمناش.
أحمد منصور:
يعني كنتم لسه في عملية الإعداد العسكري.
أحمد ياسين:
في عملية التقدير والإعداد فانكشفت قبل العمل، والنقطة خالص أن إسرائيل بدها تضربنا بطرفين، بدل ما تقول إن السلاح شري لمواجهة إسرائيل قالت: ها دول شاريين سلاح عشان يقاتلوا المنظمة، وشاع في البلد إنه مخططين عندنا قائمة بـ 50 واحد من قيادات المنظمة من أجل نصفيهم، فلان وفلان وبدءوا يوزعوا اليهود عليهم، وإخوانا صدقوا، بتعيين المنظمة .. صدقوا هذا الكلام وصارت هيصه في البلد، لكن عند المحاكمة لما حاكموني ودخلت كانت التهمة إبادة دولة إسرائيل.
أحمد منصور:
قبل المحاكمة هذه لها قصة طويلة نأخذها بالتفصيل، قبل المحاكمة كم استغرقت الفترة في عملية جمع هذه السلسلة العسكرية لكم؟
(5/449)
أحمد ياسين:
قلت من .. بدأت القرار 82...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا .. عملية أول شخص قبض عليه إلى أن وصل إليك..
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
آه كان شهر .. تقريباً شهر ونص.
أحمد منصور:
خلال شهر ونصف استطاعوا أن يصلوا إلى السلسلة كاملة، وفي هذه .. لما تمت عملية القبض على هؤلاء شيئاً .. ماذا كان وضع الآخرين اللي هم خارج الإطار العسكري؟
أحمد ياسين:
ولا شيء، ما لهمش .. يعني ما صارش معاهم شيء.
أحمد منصور:
كانوا يقوموا بأنشطتهم بشكل طبيعي؟
أحمد ياسين:
كما هي، يعنى مثلاً الخلايا اللي ورا الدكتور أحمد -لما طلع- الخلايا اللي وراه والسلاح اللي معاه هو اللي ظل، لأنه لم يكشف ولم يتعرض، الخلايا اللي تابعة للناس اللي اعتقلوا هي اللي انكشفت.
أحمد منصور:
يعنى كل واحد من هؤلاء الـ 15 كان وراءه مجموعة؟
أحمد ياسين:
بالضبط، مجموعة تدريب، ومجموعة تخزين، ومجموعة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
قبض على هؤلاء أم..؟
أحمد ياسين:
اللي قبض عليه واللي تحت التعذيب ما قدرش يتحمل اعترف، واللي ما قبضش عليه ظلت المجموعات موجودة وظل السلاح موجود، والتعذيب مش بسيط يعنى، التعذيب مش سهل يعنى أنا لما دخلت السجن واجهوني بالدكتور إبراهيم واعترافات، وأنا بأعرف إبراهيم صلب، صلب عنيد، فبيقول لي: كان واحد يقف في بطني .. فوق بطني ويصير يهز فيه. أنا تصورت إنه الإنسان ضعيف ولقيته قوي يتحمل كتير من التعذيب، يعنى مش سهل التعذيب، مش مشكلة إحنا تجربة ودخلناها والحمد لله.
أحمد منصور:
ذكرت إن فيه جزء آخر اكتشف لما قُتِل أحد العملاء بمسدس.
أحمد ياسين:
نعم .. نعم.
أحمد منصور:
معنى ذلك أنكم كنتم قد باشرتم في القيام بعمليات؟
أحمد ياسين:
(5/450)
طبعاً باشرنا آه، باشرنا في تصفية عملاء خطيرين علينا وعلى البلد، من رموز العملاء هذا العميل اللي كان قُتِل بالمسدس هذا كان في المنطقة في خان يونس عامل وحش ترهبه كل الناس .. مسدسه على جنبه على المكشوف .. معاه سيارة بينقل ناس على الجسر بيشتغل سواق، معاه جهاز اتصال فوري بأي شكل من الأشكال، وكان لابد إن نختطفه ونحقق معاه عشان نكشف شبكة العملاء كلها اللي حواليه، لكن عند محاولة اختطافه ونقله من سيارته للسيارة الثانية قاوم.
أحمد منصور:
هذه كانت أول عملية تقوموا بها؟
أحمد ياسين:
كانت يمكن الثانية أو الثالثة.
أحمد منصور:
العملية الأولى كيف اتخذتم قرار تصفية العملاء؟
أحمد ياسين:
أبداً إحنا عندنا بعد انتشار الوعي الإسلامي، جانا أخ بيقول: يا عم الشيخ فيه راجل فاتح دكان كذا، البنات بيخشوا عنده ويطلعوا، تقعد نصف ساعة .. ساعة مسكَّر الباب على حاله، ومش واحدة وتنتين بيترددوا عليه، بعد المراقبة تبين إنه هذا الإنسان بيشتغل عميل، إذن هذا بيعمل إسقاط، فقلنا: ناخده ونحقق معاه.
أحمد منصور:
هذا الأمر الذي .. معنى ذلك أنه كان لكم جهاز تجسس و..؟
أحمد ياسين:
طبعاً.
أحمد منصور:
يعني الآن صرتم في وضع منظم وعندكم؟
أحمد ياسين:
أجهزة ..آه.
أحمد منصور:
ما هي أهم الأجهزة التي كانت لديكم؟
أحمد ياسين:
طبعاً فيه جهاز الدعوة، وجهاز الأشبال، وجهاز اختراق الآخرين، والمعلومات وهكذا، والمراقبة وكل شيء، يعنى صارت الحركة عبارة عن واقع شبه دولة لكن بشكل مصغر.
أحمد منصور:
وأنت كنت على رأس هذا الجهاز؟
أحمد ياسين:
تقريباً.
أحمد منصور:
من أحد الأنشطة التي كنتم تقومون بها عملية تصفيه العملاء كيف كانت خطتكم في عملية التصفية من خلال هذه الرواية الأولى التي ذكرتها؟
أحمد ياسين:
(5/451)
كان فيه ناس مسؤولين اختطاف الفرد اللي بده يحقق معاه، نقله إلى مكان آمن، ثم التحقيق معه على شكل شريط مسجل ومكتوب ثم تنقل التسجيلات إلنا اللجنة المركزية، نقرأ إيش قال، ونسمع إيش نطق، وبناءً على الجريمة اللي ارتكبها والجرائم نقرر هل يستحق الإعدام أو لا.
أحمد منصور:
يعني كانت محكمة؟!
أحمد ياسين:
طبعاً محكمة، وإحنا بدنا نلقى الله نقتل ناس أبرياء هذا مش ممكن، فأنا بأبدي جهادي لله بأقتل لي واحد بريء وبأروح على جهنم؟! أنا مش مستعد.
أحمد منصور:
كنتم تمارسون التعذيب في التحقيقات؟
أحمد ياسين:
بشكل يعنى مش كثير، يعني بسيط.
أحمد منصور:
يعنى هل بسهولة العميل كان يعترف؟
أحمد ياسين:
كيف؟
أحمد منصور:
هل كان بسهولة العميل يعترف أنه عميل؟
أحمد ياسين:
ما هو لما تكون عندنا، فيه عملاء بسهولة كان يعترف على طول بس هو إديه كفين يقر، وفيه عملاء من العريقين ما يرضاش يعترف بيضربوه شويه يفتح. لأنه إحنا ما كناش نجيب عميل بدون ما يكون عندنا وثائق رسمية شاهدة وثابتة عليه.
أحمد منصور:
نعم، كيف كنتم تحصلوا على هذه الوثائق؟
أحمد ياسين:
من إخوانا المنتشرين، يعنى واحد زي هذا قلت لك:ييجونا وقالوا هذا .. عنده عامل بنت ورا بنت بتخش عنده، وبتقعد ساعة وبتسكر الدكان عليه .. إذن إيش بيعمل؟! يا بيزني، يا بيسقط، يا فيه حاجة، مش ممكن يصير بالشكل هذا! وبناءً عليه تم التحقيق معاه فاكتشفنا إنه مسقط أخته وبنت عمه زنا وحاجات قذرة خالص تصور!! فكان لازم يحكم عليه هذا بالإعدام.
الثاني: إحنا ما بنتجسس على الناس هيك، إخوانا يجيبوا لنا المعلومات، طب إيش اللي خلاه بهذا الشكل؟ طيب هذا كان مدرس، واستقال من التدريس، وعمل فرقة أفراح، صار من فرقة الأفراح، والرقص، والأغاني يسقط، يعنى عروسة في ليلة عرسها يسقطها في ليلة عرسها، فوجدنا أنه مسقط حوالي يمكن 70 امرأة!
أحمد منصور:
أعوذ بالله!
أحمد ياسين:
(5/452)
بالاتفاق مع مؤسسات تصوير، وكاميرات تصوير، والصور المصورين ها دول لما تروح واحدة تتصور عنده ياخد صورها، ويعمل لها صور كذا ويهددها و.. حاجات.
أحمد منصور:
ويعنى يستخدمها في..
أحمد ياسين:
في حاجات زي ما هو عايز، يا بتشتغلي معانا .. وهي بتفكر إنه لو قالت له: بأشتغل بتنجح وهو ياخدها من خطوة لخطوة حتى يسقطها وتصير في الزنا وعمليات .. وحاجة سيئة خالص.
أحمد منصور:
وهذا كان له صلة مباشرة بالاحتلال؟
أحمد ياسين:
عميل على طول، هو اللي خلاه يستقيل من التعليم هم، واللي قالوا له: اعمل الفرقة هم، وهكذا، استوديوهات جاهزة للإسقاط، بيوت مستأجرة للإسقاط، هيك يكفي أكيد بيشتغل للاحتلال.
أحمد منصور:
العميل الأول كيف حققتم معه وكيف حكمتم عليه؟
أحمد ياسين:
بعد سماعنا لجرائمه، والزنا، والإسقاط بتاع أخته وبنت عمه وقرايبه.
أحمد منصور:
أسقطهم كعملاء للاحتلال؟
أحمد ياسين:
هو العميل هو أصلاً محكوم عليه بالإعدام، بس قلنا مجرد إنه عميل ما عملش جرائم .. ما بدناش نقدم على الخطوة هذه، يمكن ننصحه، يمكن نوجهه، يمكن نهدده، بس ده أقدم يسقط أخته وبنت عمه وقرايبه ويزني و.. فمش معقول، خلاص انتهي هذا، هكذا كانت القضية والحمد لله...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كيف كانت تتم عمليات التصفية؟
أحمد ياسين:
تصفية بقتله.
أحمد منصور:
تتركوه في الشارع؟
أحمد ياسين:
لا، لا، لا .. ناخده في منطقة نائية، نقتله، ونفتح جورة، وندفنه، ونسيبه، ونمشي. يعنى إحنا لم يكتشف هذا إلا بعد سنة أو سنة ونص، المكان كله سري .. ويُقتَل ويدفن، أنا ما كان بيعنيني أعلن .. بيعنيني أطهر، بس.
أحمد منصور:
كم عدد اللي في الفترة الأولى إلى أن اعتقلتم في عام 84؟ كم تقريباً عدد العملاء اللي قمتم بتصفيتهم؟
أحمد ياسين:
لا، لا .. الكلام هذا ما كانش تصفية العملاء، ما بدأش من 84، بدأت في 87 قبل الانتفاضة.
أحمد منصور:
قبل الانتفاضة.
(5/453)
أحمد ياسين:
بس.
أحمد منصور:
لكن إلى 84 لم تقوموا بأي عملية؟
أحمد ياسين:
لا، لا .. أبداً ما عملناش حاجات إحنا.
أحمد منصور:
في 84 فقط كل ما تم هو أنكم…
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
دخلنا السجن.
أحمد منصور:
يعنى أعددتم سلاح، وتدريبات، واعتقلتم بناءً على السلاح، لكن لم تقوموا بأي عملية.
أحمد ياسين:
ولا عمل ولا حاجة لسه، بس هو يعنى تخطيط للمستقبل.
أحمد منصور:
ماذا كانت التهمة الأساسية الموجهة لكم في سنة 84؟
أحمد ياسين:
التهمة الأساسية هي إبادة دولة إسرائيل وإقامة دولة إسلامية مكانها.
أحمد منصور:
كم عدد المتهمين الذين كانوا معك في هذه القضية؟
أحمد ياسين:
كان حوالي 10.
أحمد منصور:
10. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نكمل تفصيل المحاكمة الأولى في عام 84.
أحمد ياسين:
إن شاء الله تعالى.
أحمد منصور:
شكراً فضيلة الشيخ.
أحمد ياسين:
العفو.
أحمد منصور:
كما نشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم .. حتى نلقاكم في حلقة قادمة من برنامج (شاهد على العصر) هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.
(5/454)
الحلقة5
(5/455)
الأربعاء 4/10/1422هـ الموافق 19/12/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 18:35(مكة المكرمة)،15:35(غرينيتش)
الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس
تاريخ الحلقة
15/05/1999
أحمد منصور الشيخ أحمد ياسين
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع الشيخ أحمد ياسين مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس. مرحباً فضيلة الشيخ.
أحمد ياسين:
أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور:
إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند الاتهام الأول أو الاعتقال الأول الذي تعرضت له على يد الاحتلال الإسرائيلي في عام 84، كيف تمت عملية القبض عليك وعملية محاكمتك؟
أحمد ياسين:
أبداً أنا كنت في البيت، حوالي الساعة عشرة صباحاً...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تذكر التاريخ .. الشهر؟
أحمد ياسين:
شهر أربعة، يمكن مش متأكد نسيته...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في إبريل؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
في إبريل، فجاءتني سيارة مخابرات عالبيت...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إسرائيلية؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
قالوا لي الحاكم عايز يشوفك، تفضل معنا، فركبت، خدوني وركبوني في نفس السيارة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كانت المرة الأولى اللي يتم استدعاءك فيها للحاكم؟
أحمد ياسين:
لا، كنت أستدعى قبل هيك، بس أروح أنا بسيارتي، قابلت الحاكم في السرايا وفي غيره، فركبت معهم في السيارة، ومشينا لما وصلنا إلى المجلس التشريعي حملوني، وطلعوني، لأن المجلس التشريعي له درج عالي، فوصلوني جوّه عند الحاكم، وقال: يعني إحنا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تذكره، تذكر اسمه؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(5/456)
في ذلك الوقت .. كان حاكم .. اللي قابلته مش الحاكم العام، ويبدو كان واحد اسمه أبو صبري يومها، وكان قائد العام أظن قائد لمنطقة جيش، حاكم غزة، وقال نحن محتاجين نسألك شوية أسئلة، بدنا ننقلك إلى المجدل...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إلى .. المجدل؟!
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
إلى سجن المجدل اللي هو موجود فيه مئات من شبابنا في السجن، وقلت لهم: اللي بدكوا اعملوه .. اللي تشوفوه، فعلاً كانوا .. وأنا كنت ما بأقدرش أمشي، فوجدتهم محضرين لي عربة زي هادي..
أحمد منصور:
إمتى .. الشيخ -الآن- في خلال رواياتك السابقة إلى فترة الشباب إلى غيرها كنت تتحرك؟ متى وصلت إلى مرحلة إنك تتحرك بالكرسي؟
أحمد ياسين:
أول مرة هذه المرة اللي أنا بأجلس على كرسي فيها...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كانت هذه؟!
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
أول مرة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أول مرة تجلس على كرسي كانت في عام 84 حينما اعتقلت؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
كنت أمشي بس أتكئ على أخ يمسكني من تحت باطي وأمشي أنا وإياه، فهم بدهم مش يمسكوني ويمشوني، بدهم يقعدوني على الكرسي، فقعدت على الكرسي، ثم نقلت إلى المجدل، إلى سجن عسقلان، ودخلت التحقيق، كانت 45 يوم في التحقيق، وبعدها طلعت إلى مستشفى الرملة كام يوم، بعدها نقلت إلى غزة، ومن غزة نقلت إلى سجن بئر السبع، ووضعت في العيادة لفترة ثم عدت إلى غزة.
أحمد منصور:
ماذا .. كيف تمت عملية التحقيق معك؟
أحمد ياسين:
أنا لما دخلت للتحقيق في المرة الأولى، وجدت إخواني اللي موجودين جوه معطين اعترافات -تقريباً- فيها إشي صحيح، وفيها إشي فبركة يعني للخروج من المأزق بشكل يخفف الضرب يعني ويخفف .. ووجدت الاثنين القياديان اللي جوه اللي موجودين متفقين على خط معين، فأوحوا لي إنه خلينا على الخط هذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إيش كان الخط؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(5/457)
إن إحنا ما فيش إمدادات مالية من الخارج، لأن هذا بده يفتح باب للخارج، واللي وصلنا كان كام قرش من واحد مساعدة يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وذكروا الواحد؟
أحمد ياسين [مستأنفاً] :
طبعاً ذكرنا الواحد من الخارج واللي وصلنا منه، وكل شغلنا هذا شغل ذاتي وداخلي، وإحنا لسه لم نعد حالنا للمقاومة، إحنا لسه ما اشتغلناش يعني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لمقاومة إسرائيل؟
أحمد ياسين [مستأنفاً] :
طبعاً، كان بعض إخوانا بيقول للدفاع عن أنفسنا، فاليهود حاولوا يورطوه دفاع ضد مين؟ وضد مش عارف إيش؟ فبالمكشوف قلت لهم إحنا جايين
للجهاد، إحنا بدنا نجاهد.
أحمد منصور:
أنت الذي قلت ذلك؟!
أحمد ياسين:
طبعاً، قلت لهم هذا الشيء للجهاد، ولذلك أعطوا لي تهمة، تريد إزالة دولة إسرائيل، وإقامة دولة إسلامية مكانها.
أحمد منصور:
يعني أنت في التحقيق كنت مباشراً في هدفك؟
أحمد ياسين:
واضح خالص كل الوضوح، و.. في شغلنا، واللي بدكوا اعملوه .. إيش بدكوا اعملوه؟ طبعاً تهمة حيازة السلاح –أصلاً- بتاخد من سنة إلى أربع سنين، بعد أربع سنين ما بتاخدش...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تهمة إزالة إسرائيل؟
أحمد ياسين:
فأعطوني 13 سنة.
أحمد منصور:
في المحاكمة الأولى؟
أحمد ياسين:
آه المحكمة الأولى.
أحمد منصور:
هل مورس عليك أي شكل من أشكال التعذيب، أو الضغط مورست عليك في التحقيقات؟
أحمد ياسين:
في المرة الأولى أنا ما احتاجتش لتعذيب، لأنني لما لقيت إخواني القياديين حاطين خط إن أنا أعترف بكذا ومعترفين عليه، ماعنديش مشكلة أقول لهم بقى وخلاص انتهى الأمر، فلم يمارس ضدي التعذيب، بس مورس شوية .. يعني فبركات مخابرات.
أحمد منصور:
ما هي أشكال هذه الفبركات؟
أحمد ياسين:
(5/458)
يعني مثلاً بده بعملي .. يهزمني هزيمة نفسية، وأول ما دخلت جاب لي الملف، حطوا قدامي، وطلي صورة من صوري واخدين لي إياها هما وأنا قاعد في بيتي في الغرفة، وجاعص في الزاوية على المساند. طبعاً همَّ ياخدوا صورة زي هادي وأنا في بيتي، يعني هذه قوة .. اخترقوا البيت، ودخلوا عليَّه وصوروني، ومين اللي صورني؟ فيخليني في حالة نفسية هزيمة، قال لي: بتعرف الصورة هادي؟ طليت قلت له:آه، قال: عارف لمين؟ وين؟ كيف؟
قلت له: مش مشكلة هادي، أي واحد ممكن أي واحد ياخد صورة وأنا قاعد في داري .. شو يعني، بس أنا أعرف مين اللي خدها اللي خدها واحد
مخابرات، جاني عالبيت، ولع سيجارة وضرب القداحة بتاعته، فيه عندهم أجهزة زي الولاعة فيها صورة، صورني وأنا قاعد في الزاوية عن طريق الولاعة متأكد عارف، قعدت أضحك، قلت له: ولا يهمك.
ثم دخل في دور تاني على أساس أنني مثلاً كنت أدخل في حل مشاكل
العائلات، ففيه امرأة عندها 14 واحد، وفيه خلافات بينها وبين جوزها وفقراء فساعدتهم في بناء بيت، وكنت أحل مشاكلهم .. بأجيب نتيجة الشهرية بتاعته عطية تصرف على الأولاد يعني كنت .. فبيقول لي: بتعرف زهوة أو مش عارف اسمها إيش؟ قلت له: لا، قال: لا بتعرفها؟ قلت له: ما بعرفهاش، أنا بأعرف الحرمة اسمها أم فرج، هو بيعطيني اسمها الحقيقي، قلت له: ما بعرفهاش، قال لي: بقى بتختلي أنت وياها وكذا؟ كأنه بيحط لي تهمة الزنا. وبعدين قال لي: ما تخافش هادي حاجة طبيعية، إحنا قيادات في لبنان ومشايخ وكذا يشتغلوا معنا، إحنا بنحميهم وبنعطيهم كل ال .. قلت له: طيب وبعدين، أنا بأقولك ما بعرفهاش، قال: طب أم فرج؟ قلت له: كاه .. كاه .. كاه .. أنت بتحكي على أم فرج؟ قال: آه، قلت له: بس أنت مجنون، هذه واحدة عندها 14 واحد، أنا لما كنت أروح بيتها البيت مش واسع، الأولاد فوق بعض، كيف أني بدي أختلي وإياها؟! فكر هي عندها غرفتين ومنافعهم، ساعة لما تصف
(5/459)
الأولاد، في ال 14 مكان ما بتسعوش أنت في عقلك؟!
قال: لا، بس بأمزح معاك، لما لقاني بطخ أنا عليه، قال: بأمزح
وسحب، هم كعادتهم بالشكل هذا، بيفضلوا يفتشوا الأول بهزيمة
نفسية، والتانية بيورطوه، بيكشفوا له بعض الحقائق، يعني بيورطوه جنسياً أو أخلاقياً، ويهددوا بفضحه، ويشتغل معهم.
أحمد منصور:
إحنا عايزين من خلال هذا الأمر تذكر لنا أسلوب الإسرائيليين في التحقيق؟
أحمد ياسين:
في التحقيق والإسقاط .. هذا إسقاط، يعني بيحطه في هزيمة نفسية في الأول، وإن هم بيعرفوا كل شيء وحالك والداخل، شوف لدرجة إن أنا صورتك وأنت في دارك، هذا وضعهم في الأول، بده يهزمك نفسياً، وأنا بأضحك لأن أنا بأعرف، والتاني بده يورطك في قضية أخلاقية. طبعاً أنا .. يمكن لو كنت من النوع اللي -فعلاً- ساقط يمكن يخاف ويهتز، ويقول لك: آه بلاش يفضحوني، لكن أنا ما أنا عارفهم وعارف الشغل إيش هو، فلما قلت: طيب، سيبك من الشغلة بلاش (هبل) وقعدت أضحك عليه، قال لي أنا: بأضحك معاك بس، قلت له: أنت حر.
أحمد منصور:
يعني هو بيعمل عمليات قياس لردة الفعل عندك.
أحمد ياسين:
نعم.
أحمد منصور:
وبيقدر يستكشف شخصيتك...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
هذا صحيح.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وما هو السبيل أو الطريق اللي يستطيع أن يضغط عليك أو يدخل لك منه؟
أحمد ياسين:
للإسقاط .. للإسقاط .. هذا خبيث، وخرجنا من التحقيق طبعاً للمحكمة، والمحكمة كانت على الملأ على طول التليفزيون والدفاع، و.. يعني والمحكمة كانت علنية.
أحمد منصور:
كام الفترة اللي استغرقت التحقيق معاك فيها؟
أحمد ياسين:
خمسة وأربعين يوم.
أحمد منصور:
طوال الخمسة وأربعين يوم بس في إطار الكلمتين الصغيرين دول؟!
أحمد ياسين:
لا هما كانوا حطونا في الزنازين، ففي الزنزانة متر ونص في متر، وفيها ثلاثة أربعة.
أحمد منصور:
في الزنزانة الواحدة؟!
أحمد ياسين:
ما تعرفش تنام على جنبك.
أحمد منصور:
(5/460)
مين كان معك في الزنزانة التي وضعت فيها؟
أحمد ياسين:
كان معايا شاب جابوه من المجموعة بتاعتنا، هرب ورائي عشان يقوم
بخدمتي، وكانوا يجيبوا لنا ناس آخرين يحطوهم معانا -ربما- يكونوا ساقطين عشان يتجسسوا، ربما يكونوا لهم تهم، طبعاً اليهود بيشتغلوا شغل، وإحنا عارفين شغلهم، بس الزنزانة كانت سيئة جداً، في أيلول والصيف ما فيش
نفس، عاملين لها منفذ في السقف من فوق، طول النهار وأنت قاعد تتصبب عرق، ارتفاع النيون .. الكهربه فوق رأسك بس نص متر، بس يعني يخلي رأسك يغلى يشوي من الحرارة بتاعتها. فالزنزانة كانت سيئة، والدورة قدامك، بيت الميه وأنت قاعد في جنبك، يعني حاجة سيئة خالص.
قعدت 45 يوم، كل ما بدهم يستدعوك، فلان قال، فلان ما قالش، لا قلت، ما قلتش، متابعة التحقيقات .. 45 يوم.
أحمد منصور:
محور الاتهام في هذه القضية تبلور في إيه؟
أحمد ياسين:
تبلور في إن أنت بتعد للجهاد لإسقاط دولة إسرائيل، وإقامة دولة إسلامية مكانها.
أحمد منصور:
بعد 67 إلى 84 هل كان أحد اتهم بهذه التهمة من أي التجمعات؟!
أحمد ياسين:
أنا لم أسمع بها، ما أعرفش.
أحمد منصور:
يعني أنت أول، أو أنتم أول مجموعة يتم اتهامكم بهذه التهمة وتحاكموا؟
أحمد ياسين:
نعم، نعم.
أحمد منصور:
كيف كانت المحاكمة؟
أحمد ياسين:
المحاكمة كانت بوجود -يعني- الأهل والناس، وبوجود محامي، لكن طبعاً اللي بدها إياه الحكومة الإسرائيلية بدون نقاشات طبق -يعني- الحاكم يأتي بخطوط موضوعة إن هذا يحكم كذا، ولذلك لم أكن أعول على المحامي بشيء لأني عارف إن الحكم صادر من فوق ومجهز إلهم، بس بدهم يحطوا غطاء عالمي قانوني وهاي دفاع، وهاي شهود، وهاي كذا، إنما الحكم وارد ومفهوم، أنا متأكد، ولذلك كنت أنا عارف إيش الحكم مش مهم عندي.
أحمد منصور:
المحامين كانوا عرب أم إسرائيليين؟
أحمد ياسين:
كانوا عرب، كان عندي أكثر من محامي في المحكمة.
أحمد منصور:
(5/461)
المحكمة كانت عسكرية أم مدنية؟
أحمد ياسين:
عسكرية، أنا كنت مختار محامي من إخوانا الشباب الناشئين المؤمن يعني، وكان بيتدرب عند واحد برضه عنده ميول دينية كويسة، فالأستاذ بتاعه قال له: أنا بدي أتبرع أدافع عن الشيخ أحمد كمان معاك، فصاروا التنين بيدافعوا عني، والحمد لله قضي الأمر.
أحمد منصور:
كم يوم استغرقت المحاكمة؟
أحمد ياسين:
استغرقت قرابة 3 أو 4 جلسات تؤجل، وبعدين انتهت.
أحمد منصور:
كيف صنفتم، أنتم العشرة، أنت والعشرة الذين معك تقريباً؟
أحمد ياسين:
طبعاً صنفت إني رأس التنظيم، والنائب أخد 12 سنة التاني.
أحمد منصور:
من كان نائبك في التنظيم؟
أحمد ياسين:
كان عبد الرحمن ترمراز [فاضل] بيشتغل في التجارة يعني أخد 12، وبعضنا 2، طبيب صيدلي أخد عشر سنين، ودكتور و...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لو تذكر لنا أسمائهم يكون جيد، لو تذكر منهم أحد.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
فيه الأخ عبد الرحمن ترمراز 12 سنة، فيه محمد شهاب دكتور صيدلي عشر سنين، فيه عرب مهرة اللي كان معايا مساعد عشر سنوات، فيه محمد سمارة تاجر سلاح تسع سنوات، فيه الدكتور إبراهيم ولأنه فبرك القضية قبل ما يسلم نفسه إلهم جاء ببساطة فأخد 8 سنوات، فيه أخ تاني، اتنين أخدوا .. واحد تلاتة وواحد سنتين، الحمد لله يعني.
أحمد منصور:
الاتهامات كانت متوزعة عليكم أم كان الاتهام واحد؟
أحمد ياسين:
هو اتهام واحد كله، كله اتهام واحد.
أحمد منصور:
لكن أما تعتقد إن الحكم بثلاثة عشر عاماً لأناس يسعون إلى قلب دولة أو إلى مواجهة دولة عسكرية فيه رأفة وشفقة بكم، مقارنة بما يحدث في دول أخرى يعني؟
أحمد ياسين:
أنا أقول لك حاجة، الحكم كان قاسي جداً جداً بالقياس مع الأحكام اللي بتصدر على غيرنا.
أحمد منصور:
كيف؟
أحمد ياسين:
(5/462)
يعني واحد يملك سلاح يأخد سنة، ستة شهور، تلات سنين، سنتين، أنا لم أقم بعمل، أنا فيه عندي نية، وفيه إعداد، لكن لم أمارس، لم استخدم السلاح -يعني- لم أبدأ في خطوات تنفيذ...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هل تريدهم ينتظروا حتى تستخدمه وتحقق..
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
لا، مش هيك، ما هو القانون فيه واحد ملك سلاح، واحد استخدم السلاح، فيه فرق بين واحد ملك وواحد استخدم.
أحمد منصور:
بس أنتم تنظيم، لستم مجرد أفراد.
أحمد ياسين:
هو فتح مش تنظيم؟
أحمد منصور:
هل .. يعني حضرتك ذكرت لي أنكم أول تنظيم، أو تجمع؟!
أحمد ياسين:
إسلامي آه بيدخل في .. يقع في القضية هادي، بغض النظر إن كان فيه إخواننا كانوا في 48 عاملين تنظيم إسلامي، وبدءوا عمليات عسكرية في إسرائيل .. داخل إسرائيل جوه، وانكشفوا ودخلوا السجن فكان يمكن أكثر واحد منهم أخد سبع سنوات، قضوا مدة حكمهم هناك، برضه تنظيم إسلامي كان من عرب 48 للإسلاميين هناك منهم عبد الله نمر درويش، ومنهم رائد صلاح، ومنهم عبد الملك دهامشة اللي هو محامي الآن وعضو في الكنيست، فدخلوا التجربة في السبعينات قبلنا يعني.
أحمد منصور:
آه لم يكونوا في 48 تنظيمهم العسكري؟
أحمد ياسين:
آه فيه تنظيم عسكري في 48 جوه، قبلنا.
أحمد منصور:
حضرتك قلت لي: في السبعينات هم؟!
أحمد ياسين:
هم في السبعينات، آه.
أحمد منصور:
أقاموا تنظيمهم العسكري في السبعينات؟
أحمد ياسين:
نعم، وعملوا بعمليات تفجير وعمليات كذا وانمسكوا، برضه حركة إسلامية بس في الداخل.
أحمد منصور:
كان لكم علاقة بهم؟
أحمد ياسين:
في ذلك الوقت ما كناش بينا وبينهم علاقات، كان إلهم علاقات بإخوانا في نابلس، بس معنا في غزة لا، إنما فيه علاقات.
أحمد منصور:
المحكمة والحكم والتنفيذ كيف كان؟
أحمد ياسين:
أبداً، صدر القرار على الشيخ أحمد بالحكم، ووزعنا على السجون كلتنا.
أحمد منصور:
أي سجن ذهبت؟
أحمد ياسين:
(5/463)
أنا -أولاً- عدت إلى سجن غزة، وبعدين نقلوني إلى سجن السبع، قعدت فترة فيه، ثم عدت إلى غزة، ونقلوني إلى سجن نفحة -صحراوي سيئ جداً- وأنا كنت أعاني من حساسية في الرئتين، فبقيت في سجن السبع .. سجن نفحة أربعة أيام، لم أستطع الحياة، ولا أتنفس لأنه برد شديد البرودة، وأنا حساسيتي للبرد .. أربعة أيام ما عرفتش أنام فيهم.
ودخلت على الدكتور وقلت له: إيش اللي بيصير هذا؟ قال: إيش أسوي لك، الدكتور بتاع غزة موصي يجيبك هنا، لأنه كنت أعمل حالات يعني كان عندي يتعبني ..في الليل أقلقهم، فقالوا لك: نتخلص منه، نبعته على السبع .. على نفحة، فنفحة كان أسوأ، ففي الآخر قرروا يرجعوني عسقلان، عسقلان كان جوه هادئ ودافي فارتحت.
قضيت بقية السجن عسقلان، وضغط السجناء الإضراب اللي صار أربعين يوم، قالوا لهم: أنتوا المرضى ما بتعتنوش فيهم، فقرروا ينقلوني على عيادة خاصة في السبع، داخل عيادة قضيت فيها كم شهر، وبعدها إجه الإفراج عني ورجعت إلى عسقلان وطلعت.
أحمد منصور:
هل الآخرين كانوا معك، يتحركوا معك، أم أنت كنت وحدك، وتوزعتم على السجون؟
أحمد ياسين:
لا، لم يكونوا معي، كانوا متفرقين عني.
أحمد منصور:
كيف كان وضعك الصحي والطبي وتحركاتك ومساعدتك في السجن؟
أحمد ياسين:
أنا لسه كنت في وضع أقوى من الآن، كانوا الشباب في السجن فيه جماعة إسلامية موجودة في عسقلان، كانوا يمسكوني وألف الساحة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تمشي يعني.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
أمشي معهم، بس ماسكيني من يدي، بدي ألف معهم واحد واثنين وتلاتة، يعني كنت أنشط شوية، لكن بديت أحس بمعاناة في عيني، تعب في عيني، لأنه بدأ يصير عندي ميه في عيني في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
هل عذبت وضربت عليها وكذا، أم من تأثير أجواء السجون؟
أحمد ياسين:
(5/464)
لا، هذا في الفترة الأولى كله ناتج -يعني- شيء طبيعي بدون .. طبعاً أنا بين السجناء كان يعني عناية كويسة من إخواني، بس السجون –طبعاً أنت عارف- ما عندهاش هذه العناية، والحمد لله أنا طلعت زايد عشرة كيلو يومها فصرت أقول للناس اللي بده يجرب .. يصدق إن السجن كويس، يشوف أنا عشرة كيلو زدتها يلا جربوها.
أحمد منصور:
لكن كانوا الإسلاميين المعتقلين هؤلاء، في أي القضايا مسجونين؟
أحمد ياسين:
ها دولا كانوا أولاً في تنظيم قوات التحرير الشعبية اللي ذكرته سابقاً، وكانوا في تنظيم فتح، وفي تنظيم الجبهة الشعبية، من خلال ممارساتهم داخل السجن مع الجماعات الثانية، نفروا من السلوكيات والأخلاق، فاتجهوا إلى الإسلام، وكونوا جماعة إسلامية، فكان عليهم حرب شديدة شرسة، فحاربوهم بشكل سيئ خالص من التنظيمات التانية، وخاصة فتح بقيادة أبو علي شاهين، وما هو كان معهم في السجن، وكان يسميهم المنفلشين المتساقطين، ليش؟! طب ما هم معك في السجن، بس لأنهم صاروا مسلمين يعني صاروا منفلشين، مش كويسين، والحمد لله يعني كانوا متعاونين وجيدين.
وكان منهم قيادات من قيادات أحمد جبريل كمان، كان شاب جاي من الخارج، في عمليات خارجية، وأصيب وقطعت رجله، وكان رئيس الجماعة في السجن نائب أحمد جبريل، فصار إسلامي في السجن، وصار رئيس الجماعة الإسلامية في السجن، وهو اللي تسبب في الإفراج عنا في 85.
أحمد منصور:
كيف كانت قضيته؟
الشيخ، أحمد ياسين:
لأنه كانت عندها 3 جنود .. الجبهة الشعبية، القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل، ففاوضت إسرائيل على أن تطلق سراحنا، فأطلقت سراحنا.
أحمد منصور:
كانوا أحياء أسرى، أم قتلى؟
أحمد ياسين:
كلهم معانا من الناس المحكومين في السجون، مؤبدات...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا، لا، القيادة العامة .. القيادة .. أحمد جبريل.
أحمد ياسين:
نعم.
أحمد منصور:
(5/465)
الأسرى .. الجنود الإسرائيليين الذين كانوا لديها، كيف تمت العملية؟ وكيف تمت عملية التفاوض عليهم؟
أحمد ياسين:
هم كانوا واخدينهم أسرى في أيام حرب لبنان، وفاوضت عليهم القيادة العامة، واستطاعت إنما تحصل على صفقة لم يحصل عليها سابق إلهم.
أحمد منصور:
كيف كانت هذه الصفقة؟ وكيف رتُبت؟
أحمد ياسين:
طبعاً، هم كانوا في مباحثات طويلة سابقة، لكن إحنا جينا في السجن كان اللي هو الأخ حافظ الزلقاموني اللي كان رئيس الجماعة في السجن، طلع .. روح، فهو اللي كان مشرف على الصفقة.
أحمد منصور:
يعني خرج، أنهى...
أحمد ياسين:
كان طالع قبل يعني .. طلع.
أحمد منصور:
قضى فترة السجن ال..
أحمد ياسين:
آه طلع سابقاً، فهو كان بيعرف القيادات جوه، فشكل لجنة من خارج، أعطى أسماءهم للإسرائيليين .. للصليب الأحمر، بأن ها دول يشرفوا على أن الشباب في داخل السجن يوقعوا على أوراق، واللي ما بده يطلع هو حر، اللي بده يطلع غزة على غزة، اللي بده يطلع الضفة عالضفة، اللي بده يطلع عالخارج يطلع
عالخارج، يعني حرية، شكلت فعلاً لجنة من الشباب بالداخل، وكان برئاسة أخونا الشيخ محمد أبو طير...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذا كان معتقل معكم؟
أحمد ياسين:
كان معنا في السجن آه، كان إسلامياً، والآن هو في السجن كمان، بس طلع قبل شهرين، يعني طلع قبل ما أطلع بشهر تقريباً أو يعني ما لوش شهر .. شهرين صار له.
أحمد منصور:
معكم في حماس أم إسلامياً؟
أحمد ياسين:
آه، لا .. لا حماس آه، فاللجنة جهزت دورها واتصلت في الشباب، ووقعوا كل واحد على أوراقه إنه بيطلع، وتمت الصفقة، وطلع حوالي 1200 واحد مقابل ثلاث جنود.
أحمد منصور:
1200 معتقل في سجون إسرائيل مقابل ثلاث جنود إسرائيليين؟!
أحمد ياسين:
شايف؟!
أحمد منصور:
وأنت كنت أحد هؤلاء؟!
أحمد ياسين:
نعم، أنا أحد من هؤلاء الناس.
أحمد منصور:
(5/466)
كيف تلقيتم خبر الإفراج عنكم، والصفقة التي تمت ما بين الجبهة الشعبية وما بين إسرائيل؟
أحمد ياسين:
طبعاً إحنا كنا في سجن السبع، أنا واتنين بيساعدوني، فجه الأمر بنقلنا من السبع إلى جهة مش .. وين هي، فأنا ظننت إن الشباب اللي إلهم 14 سنة في السجن هم سيفرج عنهم، ففصلت بين أواعيه وأواعيهم على أمل إني راجع للسجن، وهم طالعين، وظلت السيارة تمشي -في النهاية- إلى عسقلان، ودخلنا السجن، وإذا السجن مقلوب، هذا بيمضي، وهذا .. هو إيش الدعوة؟
قالوا فيه إفراج، طبعاً أنا كل فكري أنا ما ليش علاقة في القضية، هذا بس للناس القدامى اللي لهم سنوات طويلة، فالشباب اللي معايا حطوني على الباب، وراحوا يجروا عشان يوقعوا ويبصموا، بعدما خلصوا جوني شباب تانيين أخدوني ومشيت، لما وصلت قبال اللي بيوقعوا قالوا: وين رايحين؟ هاتوه، بأقول لهم: إيش؟ قالوا بدك توقع، أنا فوجئت إني أنا من الناس اللي بدهم يطلعوا، ما كنت بأحسب ولا أفكر إن أنا طالع.
أحمد منصور:
لكن كنتم عارفين الصفقة أو تفصيلات عنها أو إلى هذا الوقت لم يكن؟
أحمد ياسين:
إلى هذا الوقت ما كنا بنعرف، فلما بصموني على الورق وخلصت، ودخلنا السجن، بدأنا نعرف من أخونا ومن إخواننا الموجودين إيش الصفقة، وإيش المطلوب وكيت كذا، كان دوري هنا أنصح الشباب ما يطلعوش بره، يظلوا في الداخل، لأنه إذا طلعوا بره خسارة، ومش هيقدروا يرجعوا للوطن ثاني، بيصير إبعاد، لكن أنا نصحتهم أنه اطلع في الداخل، إذا لقيت الحياة صعبة عليك ومش قادر تعيش بإمكانك تطلع، اليهود بيسهلوا لك تطلع، لأنه هذه شغلة بدهم إياها، أما الآن أنت توافق على الخروج، ما بتقدرش، فأنا بأنصح، فيه ناس استمعوا لكلامي، فيه ناس لا، ولما طلعوا بره ندموا بعد ذلك، كيف يطلعوا.
أحمد منصور:
نسبة الذين خرجوا كم إلى الذين بقوا؟
أحمد ياسين:
يمكن كان نسبة الربع.
أحمد منصور:
(5/467)
الربع -تقريباً- من الذي حدد الأسماء التي يتم الإفراج عنها؟ هل هذه قائمة قدمت من الجبهة الشعبية؟
أحمد ياسين:
نعم، الجبهة الشعبية.
أحمد منصور:
قدمت قائمة بالأسماء؟
أحمد ياسين:
قائمة بالأسماء.
أحمد منصور:
طبعاً كل سجناءها تقريباً كانوا ضمن المجموعة؟
أحمد ياسين:
تقريباً إلا القليل، فيه ناس يعني بالخطأ، ما كانوش حاطينهم، فيه ناس مع إنه كان إله -مسكين- 14 سنة، ما كان جاي اسمه، وكان صعب علينا إنه ما
يطلعش، لكن مش بإيدينا.
أحمد منصور:
ومجموعتكم كلها كانت ضمن ال 1200، أنت والعشرة؟
أحمد ياسين:
تقريباً، يعني فيه أخ كان إله 18 سنة ومش جاي اسمه..
أحمد منصور:
ولم يأت اسمه!
أحمد ياسين:
ما طلعش اسمه مع إنه بيعرف الشخص يعني ومعروف، لكن يبدو فيه خلل في توصيل الأسماء، وتشابه اسمه مع اسم واحد تاني، فجابوا الواحد التاني الجنائي وطلعوه، وسابوا هذا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
جنائي كان؟!
أحمد ياسين:
آه، يعني في هذا الوقت، كل الشروط اللي بتضعها الجبهة الشعبية في المفاوضات تتحقق؟
أحمد ياسين:
كلها نفذت، آه.
أحمد منصور:
يعني حتى لو واحد جنائي .. واحد في عمل مسلح؟
أحمد ياسين:
مادام اسمه جاي .. ما دام اسمه جاي خلاص، كلهم بيطلعوا، فيه كان ناس -مثلاً- طالعين قبل ما تيجي القوائم والاتفاق، فصاروا يبعتوا للجبهة هذا مش موجود، تختار أسماء تانية، وتحطهم مكانها، أو تطلب من اللجنة الداخلية تختار أسماء تانية وتبعت لهم إياها عشان بيدخلوها، فالحمد لله كانت صفقة جيدة، والجبهة كانت موفقة في هذا العمل.
أحمد منصور:
إيش كانت مشاعرك وأنت لم تكن تتوقع أن تخرج، وفجأة..
أحمد ياسين:
(5/468)
والله أنت عارف، أولاً: يعني أنا كنت مسرور، لكن دائماً السرور إله حدود، لأن أنا باشتغل حسب قدر من الله -سبحانه وتعالى- إذا بده إياني باطلع، ما بدوش يعني بأرجع، إذا جاء الحمد لله والشكر، إذا غاب الحمد الله الصبر، مش مشكلة عندي، ويعني سيان لو طلعت أو ظليت، أنا مش مشكلة عندي، لأنني مطمئن أن الله لن يضيعنا، وسيأتي الفرج يوماً ما.
أحمد منصور:
بعدما خرجت في سنة 86؟
أحمد ياسين:
85.
أحمد منصور:
85.
أحمد ياسين:
واحد رمضان.
أحمد منصور:
ما شاء الله! واحد رمضان .. يعني ربما...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
عشرين خمسة.
أحمد منصور:
20/5/86، عشرين مايو 86 .. 85، في الفترة التي كنت فيها في السجن، كيف كان وضع الحركة الإسلامية؟
أحمد ياسين:
الحركة كانت تسير بنفس نظامها ونشاطها وقيادتها وحركتها، لم يؤثر ذلك، هم اعتبرونا -كناس- عملنا تنظيم عسكري كأنه ما لناش جذور، أو
خلفيات، ثم تابعوا القضية بعد هيك، ولذلك الحركة بقيت نشيطة، حتى المؤسسة اللي أنا رئيسها لم تغلق، بقيت تعمل كما هي.
أحمد منصور:
يعني غيابكم -وأنتم قيادات- من المفترض أنكم القيادات الأساسية، لم يؤثر على أي شيء في أعمال الحركة؟
أحمد ياسين:
إحنا عملنا مش عمل .. يعني فردي، وعملنا عمل جماعي، عملنا عمل شوري، صحيح أحمد مسؤول، بس هو واحد من خمسة، أو ستة، أو سبعة، ويتخذ القرار بالأغلبية، فلما يغيب أحمد الباقي مسير الأمور، مش مشكلة يعني.
أحمد منصور:
وأيضاً المعتقلين معك يعتبروا قيادات كما فهمت من كلامك؟
أحمد ياسين:
مش في القيادة الأولى، كان منهم في القيادة الأولى .. بس واحد، فلما يغيب اتنين من سبعة مش مشكلة.
أحمد منصور:
من الذي تولى مسؤولية العمل والتنظيم بعد دخولك إلى المعتقل في 84؟
أحمد ياسين:
كان الأستاذ عبد الفتاح دخان.
أحمد منصور:
لازال موجود؟
أحمد ياسين:
موجود، آه.
أحمد منصور:
(5/469)
نعم، ورتب كل الأمور والأنشطة كما كانت؟
أحمد ياسين:
رتبها مع إخوانه الباقين.
أحمد منصور:
لكن -في هذه الفترة- العمل العسكري الذي بدأتموه هل توقف؟ أم أن المجموعة التي في الخارج كانت واصلت شيء؟
أحمد ياسين:
قلت لم يبدأ العمل العسكري بعد.
أحمد منصور:
الإعداد والتنظيم؟!
أحمد ياسين:
الإعداد -الآن- ما إحنا عندنا بقيت كميات من السلاح، وإحنا مش عاوزين نجيب، نتعلم من الضربة الأولى، لازم نكون كمان شوية، وقلنا بيكفي اللي عندنا، لما نتخد قرار بداية العمل، وفعلاً بدأنا قرار بالنسبة للعملاء، لأنا وجدنا إن هذا ميشكل علينا خطر كبير في المستقبل، انتشار العملاء بكره بيخرب البلد كلها.
أحمد منصور:
أي أنت بعد خروجك في 85 .. في مايو 85 باشرت العمل الإسلامي
مباشرة، ورجعت إلى...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
لا، لا، أنا أخذت إجازة سنة.
أحمد منصور:
سن؟!
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
وبعد السنة رجعت للعمل على طول.
أحمد منصور:
سنة، كيف خدت؟ العمل الإسلامي فيه إجازة؟!
أحمد ياسين:
لا، مش العمل الإسلامي...
أحمد منصور: [مقاطعاً]:
يعني مفهوم الإجازة هنا؟
أحمد ياسين:
إجازة سنة من التنظيم.
أحمد منصور:
من التنظيم.
ليس العمل .. في العمل العام كنت شغال.
أحمد منصور:
هم الذين منحوك هذا أنت والمجموعة أم..
أحمد ياسين:
أنا .. لا، المجموعة لسه كانت في السجن، أنا اللي طلعت لحالي.
أحمد منصور:
يعني أنت الوحيد فقط اللي طلعت من المجموعة؟!
أحمد ياسين:
آه، أنا اللي طلعت في ذلك الوقت، لسه كله في السجن بالتبادل، فأنا قلت ما بديش ألفت نظر اليهود عليَّ الآن، لأني تحت الرقابة، فطرحت عليهم رأيي أن أبعد عن التنظيم سنة، فهم وافقوا على الكلام هذا، وبعد سنة عدت إلى التنظيم تاني، وبدينا نشتغل سوا.
أحمد منصور:
كيف كانت عودتك وبداية ترتيبك للعمل مرة أخرى بعد محنة الاعتقال الأولى؟
أحمد ياسين:
(5/470)
مش مشكلة، هم لهم اجتماعات مستمرة، بعد السنة دُعيت للاجتماع اللي هم فيه، وقعدت معاهم وبدينا نشتغل.
أحمد منصور:
حينما رجعت، رجعت كمسؤول أم كجندي بينهم؟
أحمد ياسين:
في الحقيقة لا، ما رجعتش مسؤول، كان فيه مسؤول آخر اللي هو عبد الفتاح دخان.
أحمد منصور:
وأنت قبلت العمل بهذه الطريقة؟
أحمد ياسين:
هو إحنا بنشتغل للمسؤولية؟!
أحمد منصور:
لا، أنا أسأل أريد أن أعرف الإجابة.
أحمد ياسين:
يا أخي نحن نعمل جنود، وليس مهم من يكون، أحمد ياسين مسؤول، أو دخان مسؤول، مش القصة مسؤولية.
أحمد منصور:
نعم، ما هي مهام العمل التي قمت بها، وأنت لست في موضوع المسؤولية؟
أحمد ياسين:
في هذه الفترة؟
أحمد منصور:
نعم.
أحمد ياسين:
أنا كنت شغال في الدعوة في كل وجهاتها، احتفالات في المساجد، في ندوات، كل هذا من نشاطي اليومي، كان طبعاً متابعة التنظيم في المنطقة اللي موجود، كان بعد طبعاً .. كنت رئيس التنظيم العسكري للجهاز العسكري كان منوط بي...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سنة كام هذا أنيط بك؟
أحمد ياسين:
من بداية التشكيل العسكري، وشراء الأسلحة.
أحمد منصور:
هذا كان قبل الاعتقال الأول؟!
أحمد ياسين:
وبعد الاعتقال بقيت...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بقيت أنت المسؤول.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
أنا المسؤول في القسم هذا، ومسؤول التنفيذ.
أحمد منصور:
لكن هل هذا القسم لم يعمل في خلال فترة اعتقالكم؟
أحمد ياسين:
لا، ما عملش.
أحمد منصور:
كان متوقف؟
أحمد ياسين:
كان متوقف.
أحمد منصور:
فلما رجعت، رجعت كمسؤول أيضاً عن العمل العسكري؟
أحمد ياسين:
نعم.
أحمد منصور:
ما هي الخطة التي وضعتموها للعمل العسكري؟
أحمد ياسين:
لا، هو في الأول عملنا قرار بدء العمل، في 86 كان بينا وبين القوى الفلسطينية جبهة فتح، والجبهة الشعبية كان صراع وصل إلى صراع دموي.
أحمد منصور:
كيف كان هذا؟
أحمد ياسين:
(5/471)
طبعاً، كان -أصلاً- فيه خلافات بيننا وبينهم، فهم قاموا اعتدوا على فتاة من فتياتنا في جباليا، وضربوها بمشطر في وشها، فتاة إسلامية بيعتدوا عليها.
أحمد منصور:
بالضرب .. اعتدوا عليها بالضرب؟!
أحمد ياسين:
مش ضرب، بمشطر! جرحوا لها وجهها كله، بعدين فيه شاب من شبابنا في خان يونس طلقوا في وجهه مية نار، فأصابوه بالعمى.
أحمد منصور:
لا إله إلا الله!
أحمد ياسين:
يعني حاجة قذرة خالص، فكان لابد من الرد، لأنه مش .. يعني اللي بيوصل لمرحلة ينفذ عمل يضرب ويجرح مرأة وشاب، طبعاً قمنا بالرد على عناصر منهم.
أحمد منصور:
قبل الرد، ما هي الأسباب التي دفعتهم إلى ذلك؟
أحمد ياسين:
الأسباب كان عندنا في الجامعة صراعات طبعاً على من .. كان فيه صراعات في المنطقة في خان يونس بين الشباب و.. صراعات في النشاط ومن الذي .. فهم بدل ما يحلوا المشاكل بالحوار حلوها بالعنف والضرب، فمش معقول نتحمل أن واحد يفقد عينيه وهم بيتفرجوا عليه، و ست .. طالبة في الجامعة يروحوا يضربوا بالشكل هذا، كلام مش منطقي .. ناخد قرار بضرب عناصر معينة منهم اللي إلها يد في هذا، فهم قاموا بالرد وضربوا عناصر منا.
أحمد منصور:
سنة كام بدأت المواجهة؟
أحمد ياسين:
86 هذا.
أحمد منصور:
86، طبيعة الضرب اللي قمتم به؟
أحمد ياسين:
ستة .. لا آسف .. 85 قبل ما أطلع من السجن أنا كان الضرب هذا.
أحمد منصور:
آه، ماذا حدث؟
أحمد ياسين:
طبعاً ضرب ناس منهم، وضُرب ناس منا، بس الأغلبية كانت منهم، يعني الضرب منا واحد بس، هم انضربوا كذا واحد، واتكسروا وانتهت بعد هيك بمصالحة يعني ضمنية، تهدئة داخلية بدون صراعات تانية.
أحمد منصور:
بعدما رجعت لرئاسة الجهاز أو التنظيم العسكري في الحركة الإسلامية هل كان اسمها الحركة الإسلامية، أم الجماعة الإسلامية، أم الإخوان المسلمين أم..
أحمد ياسين:
لا هو التنظيم كان إخوان مسلمين.
أحمد منصور:
(5/472)
اسمه الإخوان المسلمين؟
أحمد ياسين:
الداخلي.
أحمد منصور:
الداخلي!
أحمد ياسين:
بس الظاهري حركة إسلامية.
أحمد منصور:
كل هذا وأنت قلت لي: إن التنظيم هو تنظيم الإخوان المسلمين، لكن ليس لكم أي علاقة تنظيمية بالإخوان المسلمين؟!
أحمد ياسين:
مالناش علاقة في مصر أبداً، كان إلنا علاقة بالأردن.
أحمد منصور:
بالإخوان المسلمين في الأردن، العمل العسكري والعودة له مرة أخرى، كيف بدأت؟
أحمد ياسين:
أنا كنت حريص إني أبدأه في فترة مبكرة، ولكن نظراً للتطورات اللي صارت وعدم الإمكانات، كان قرار البدء العمل العسكري في 17/11/87.
أحمد منصور:
17 نوفمبر 87 هذا القرار اتخذ؟
أحمد ياسين:
للتنفيذ.
أحمد منصور:
للتنفيذ!!
أحمد ياسين:
آه، الآن بدنا نشتغل عملي.
أحمد منصور:
يعني هندخل الآن في القنابل والمتفجرات؟
أحمد ياسين:
طبعاً، كان بنشكل أول مجموعة عسكرية، وأعطيناها رقم 101، بدأت هاجمت مستوطنة وإطلاق النار عليها، بس ما صارش فيه شيء، هاجمت مستوطن .. رجل يهودي، وكان مقاول بيحفر بير -في الشيخ رضوان- مسلح، فقالوا: بدنا نقتله فراحوا له، لكن كان متدرب عسكري بشكل فظيع، استطاع يفلت منهم، هو يدافع عن نفسه، ويتخبى ورا الحديد والحواجز، لما نفد من كتر الطخ جماعتنا خافوا يصل شردوا، بعدها اتجهوا إلى داخل إسرائيل، واختطفوا الجندي الأول اللي هو...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سنة كام هذه العملية؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
هذا الكلام في آخر .. قبل الانتفاضة وأول 88، يعني بدأ هذا الكلام في آخر...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الانتفاضة كانت في ديسمبر 1987م؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
نعم، فهذا العمل بدأ بنفس مرحلة الانتفاضة، وأول 84 .. 88.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذه كانت أول عملية عسكرية مباشرة؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(5/473)
أول عملية عسكرية مباشرة اختطفوا جندي اسمه (سبورتاس) أخذوا سلاحه وقتلوه ودفنوه، وروحوا وبلغوني، قلت لهم: اكتموا وخلاص، انسوا
القضية، طلعوا بعدها اختطفوا جندي تاني اللي هو (إيلان سعدون) قتلوه ودفنوه وأخذوا سلاحه وروحوا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذه كانت العملية الثانية، إيش كان وقع هذه العمليات على الإسرائيليين؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
الإسرائيليين كانوا مرتبكين جداً، طلعوا في التليفزيون، وهم بيقودوا مئات من الجنود بيفتشوا على الجثث، يفتشوا على الجنود، ومش لاقيين حد.
أحمد منصور:
هل فيه بيانات طلعت؟ هل فيه أشياء..
أحمد ياسين:
لا، ما نزلناش، أنا كنت بأحب أشتغل وأخبي على أساس ليش تصطدم، يعني تقول له: ها أنا اشتغلت .. ما بيعرفوا وين يضربوا، فخليه تايه، وربك ستر، لكن المجموعة اكتشفت وهي بتروح من جوه في السيارة اللي كانت معها، اللي اختطفت فيها وقتلت، يعني ارتكبوا الشباب خلل، إنه بدل ما يرموها جوه ويهربوها ويروحوا، أخدوها وروحوها معاهم.
أحمد منصور:
السيارة!
أحمد ياسين:
فاكتشفت لأنها دخلت الحدود، مش من المنفد الأصلي بالسرقة يعني .. فطبعاً اليهود شافوا خطوات سيارة، وتابعوا السيارة، وجدوا السيارة في مكان ما، السيارة عند مين؟ اعتقلوا الناس اللي حواليها، وبدءوا الشباب اللي نفذوا العمليات كله هرب .. شرد، طلعوا بره عن طريق سيناء، وطلعوا .. ما مسكوش ولا واحد منهم، لكن مسكوا القائد بتاعهم، كان في البلد في المكان، ساكن وعلى أساس إنه إيش علاقته؟ ما لوش علاقة، وعلاقته مع ال.. في ال.. واللي طلعوا، وإيش يجيب عليه.
فبعد اليهود ما تحروا المنطقة، وهو كان له سابقات مع اليهود في السلاح وغيره، فاعتقلوه، اعتقلوه بشكل وحشي جداً، قتلوه، يموت كل يوم مرة واثنين
وثلاثة.
(5/474)
بعد تحقيق تام قالوا له: إحنا عندنا أوامر بقتلك، بس بدنا نقتلك لما نجيب كل المعلومات اللي عندك، يخنقوه لما يطلع نفسه، يحطوا راسه في الميه لما
يخنقوه، يعني المهم بدهم المعلومات منه. فالراجل في النهاية قال لهم: أنا ما أعرفش، لأن إحنا اتصلنا فيه يعمل عسكري مش مباشرة بعثنا له رسالة وقلنا له: إذا بتحب تشتغل عسكري إحنا مستعدين، قال: مستعد، فاتفقنا على نقطة ميتة، صرنا نديله فيها الأموال ونديله فيها المعلومات والأوامر عن طريق نقطة ميتة، فقالوا له: طيب، في مين بتشك؟ يعني بتشك مين اللي بعت لك الرسالة؟
فيبدو الأخ كان عنده حدس إنه اللي بيبعت له المعلومات واحد من إخوانه القريبين منه، وهو صحيح كان مسؤول اللي كان يبعت له، فقال لهم: أنا بأشك في فلان، جابوا بفلان، نفس القضية، وفلان تحت التعذيب الضخم القاتل هذا اعترف قال: آه.
أحمد منصور:
فيه حرج -طبعاً- تذكر لنا الأسماء؟
أحمد ياسين:
إيه؟
أحمد منصور:
فيه حرج إنك تذكر الأسماء؟
أحمد ياسين:
ما بأقول، المعتقل الأول محمد الشراطه مؤبد في السجن الآن.
أحمد منصور:
الآن! لازال منذ هذه القضية؟
أحمد ياسين:
منذ هذه القضية، الأخ التاني صلاح شهادر اللي هو القائد العسكري، النائب بتاعي اللي بيتصل فيهم، ولازال في السجن للآن، وكان حاطين عليه غرامة خمسة آلاف شيكل فما دفعهاش، لما ييجي يطلع، يا بيحكم ستة شهور، يا بيدفع الخمسة آلاف شيكل، قالوا: لا، تدفع 30 ألف شيكل، بعدين ترددنا ثلاثين ألف ندفع له ولا نسيبه يقعد عشر سنين في السجن، فلما قلنا لهم: آه موافقين ندفع، اتبطروا قالوا: 120 شيكل.
أحمد منصور:
وإلا ستة شهور؟
أحمد ياسين:
أو ستة شهور، قلت لهم خليه ستة شهور، طبعاً .. كمان إخواننا التانيين اللي هم كانوا معانا في قضية الأمن اللي بيشتغلوا في الأمن كانوا اعتقلوا، اللي هم قاموا بتصفية العملاء...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(5/475)
آه قضية العملاء، إحنا -ربما- تعرضنا لها في الحلقة الماضية بشكل سريع، إحنا نريد تفصيل فيها.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
الضربة إجت اتنين مع بعض، اليهود والعملاء في آن واحد، كُشفت في آن واحد، تحت التحقيق والتعذيب الضخم.
أحمد منصور:
يعني في خلال سنة 87 أنتم نفذتم عمليات كثيرة بهذه الطريقة؟
أحمد ياسين:
نعم، نفذنا عمليات عسكرية ضد اليهود، ونفذنا عمليات ضد العملاء.
أحمد منصور:
يعني العمليات المباشرة اللي كانت ضد اليهود كان اختطاف الجنديين وقتلهم؟!
أحمد ياسين:
نعم، ومهاجمة مواقع يهودية.
أحمد منصور:
والعملاء؟
أحمد ياسين:
العملاء إحنا لم نصفي إلا ثلاثة.
أحمد منصور:
فقط!
أحمد ياسين:
اتحققنا مع واحد، وبعد التحقيق أعدمناه، الثاني كان عميل مشهور، ومسدسه على جنبه، بدنا نحقق معاه عشان نعرف، ولما يدفعوه الشباب في السيارة كان في إيده المسدس قاوم، فضغط على المسدس بالخطأ فأطلقت الرصاصة فقتل، فمات قبل .. هذا المسدس اللي كشف الأسلحة.
أحمد منصور:
أحمد ياسين:
مسدسنا إحنا مش مسدسه.
أحمد منصور:
مسدسكوا أنتم، نعم.
أحمد ياسين:
والخطوة التالتة اللي هو واحد كان من كبار العملاء اختطفناه للتحقيق معه، أخدوه وصلوه الشباب للمكان الآمن، وقالوا له: أنت الآن هنا ليه؟ قال: أبداً ضربه كف بس، قال له: أنت هاي تحتنا، ونريد تعترف بكل شيء، وجابوا عشا وطلعوا يتعشوا عشان يرجعوا يعطوه أكل ويتناقشوا، فرجعوا لقوه ميت بالسكتة القلبية.
أحمد منصور:
لا إله إلا الله، وحده هكذا!
أحمد ياسين:
آه، بس هو عميل مشهور، يعني مش عاوز دمغة عمالة، معروف تماماً.
أحمد منصور:
وماذا فعلوا؟ فعلوا فيه مثل الآخرين أم تركوه؟!
أحمد ياسين:
كيف؟
أحمد منصور:
هل دفنوه مثل الآخرين؟!
أحمد ياسين:
دفناه مثل الآخرين طبعاً، دفناه خلاص وانتهى.
أحمد منصور:
كان اختفاء العملاء كان تأثيره إيه لدى الإسرائيليين ولدى أهاليهم حتى؟
(5/476)
أحمد ياسين:
ما هي القصة كانت شايطة، مش معروف مين، إحنا ما كنا جبهة معلنة، ولم تعلن، أو يتودي أو .. فما كانش حد بيشيط، لكن كان بيحدث خوف عند العملاء بأنه فلان قَتِل وفلان خطف وفلان ضاع، فده أحدث ربكة عندهم، بدءوا ينتشروا بخيوطهم يتجسسوا وبدهم يعرفوا وين ومين ومين، وإحنا بنراقب، وشايفين، وبنسجل عندنا المعلومات اللي بدنا إياها.
أحمد منصور:
التنظيمات الفلسطينية الأخرى اللي موجودة على الساحة، هل كانت تمارس شيئاً من هذا؟
أحمد ياسين:
كان تنظيم فتح يمارس ويجيب، بس مش في الخارج، في السجون.
أحمد منصور:
عملية التصفية؟
أحمد ياسين:
التصفيات في السجون وعملية التحقيق في السجون، إحنا لسه ما قمناش بهذا في السجون، لأنه عددنا كان قليل، وعددنا كان كله نظيف، ما احتجناش للتحقيقات أو...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن على الساحة الفلسطينية الخارجية ما كانت تتم عمليات اختطاف أو..
أحمد ياسين:
إحنا في غزة .. لم أذكر مثل هذا الشيء، ما كانش موجود، يمكن في السبعينات كان عملية تصفية عملاء كتير، في 67، 68، 70، 71، 72 كانت التصفيات .. تصفيات على طول على المكشوف، قدام الناس في الشارع يطخوه.
أحمد منصور:
أمام الناس؟!
أحمد ياسين:
آه، أمام الناس، بياخده ورا المسجد، من الخلف يطخوه ويرموه، تجد في اليوم .. جثة .. جثتين مقتولين، بس ما كانش فيه يعني ضوابط صحيحة للمحاكمات أو كذا، كل واحد منهم هو قائد لحاله.
أحمد منصور:
لكن أنتم لكم مرجعية شرعية، ومرجعية إسلامية، ويعني أنتم جماعة تعتبر جماعة إسلامية بالدرجة الأولى.
أحمد ياسين:
بكل تأكيد.
أحمد منصور:
فهذه الأمور من المفترض أن تستند إلى قواعد شرعية، فما هي القواعد الشرعية التي كنتم تستندون لها في تنفيذ هذه العمليات؟
أحمد ياسين:
(5/477)
أولاً: أنا في حالة حرب مع عدو، وهذا عميل بيقوم بتجنيد عملاء للعدو، بيقوم بإسقاط الناس والنساء والرجال لوضعهم .. الإسقاط يعني الزنا، الإسقاط يعني اللواط، الإسقاط -يعني- أخلاقياً، ويصوره وبعدين يودوه لليهود، ويقولوا له: تعال نفضحك أو تشتغل معانا، بده يصير عميل، وبعدين يروحوا يقولوا له: طيب، اسقط لنا فلان واسقط لنا فلانة، وهات فلان .. مراكز .. مراكز إسقاط.
أحمد منصور:
يعني كان اللي بيتخذ قرار التصفية أناس على فقه شرعي وعلى وعي...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
بكل تأكيد.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
بحيث إن هذا الأمر ما يحدث فيه أي نوع من الخلل أو يقتل إنسان بالخطأ؟
أحمد ياسين:
مستحيل هذا الكلام، مستحيل!
أحمد منصور:
يعني لم يحدث عمليات قتل بالخطأ -مثلاً- وقعتم فيها؟
أحمد ياسين:
لا، أنا ما بأقولش ما حصلش، حصل، وإحنا دفعنا لهم دية، دفعنا لأهله دية، لأنه ثبت أنه قتل بالخطأ مات في الخطأ وهو لم يثبت لسه إدانته، ولم يعترف بذلك، إذن هذا الإنسان قتل خطأ فتدفع له الدية.
أحمد منصور:
في سنة 87 أو في ديسمبر في عام 87 بدأت الانتفاضة الفلسطينية.
أحمد ياسين:
نعم.
أحمد منصور:
وهذا ما سوف نبدأ به الحلقة القادمة.
أحمد ياسين:
إن شاء الله.
أحمد منصور:
إن شاء الله. شكراً فضيلة الشيخ، كما نشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى نلقاكم في حلقة قادمة من برنامج (شاهد على العصر) هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.
(5/478)
الحلقة6
(5/479)
الأربعاء 4/10/1422هـ الموافق 19/12/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 18:35(مكة المكرمة)،15:35(غرينيتش)
الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس
تاريخ الحلقة
22/05/1999
أحمد منصور الشيخ أحمد ياسين
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ أحمد ياسين، مرحباً فضيلة الشيخ.
أحمد ياسين:
أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور:
فضيلة الشيخ إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، ولم ندخل إلى كيفية اندلاع الانتفاضة، وهل كان مخططا لها أم أنها تمت بشكل تلقائي، وهل كان هناك من يقف وراءها، أم أنها كانت موجة شعبية فرضت نفسها على الشارع الفلسطيني؟
أحمد ياسين:
في الحقيقة إنه كانت الانتفاضة في بدايتها حادث عابر في الأول، أن رجل إسرائيلي يركب مقطورة دهم سيارة عمال فلسطينيين عائدين من العمل داخل إسرائيل فقتل أربعة متعمداً، فثار الشعب الفلسطيني في غزة وهاج، أن هذا عمل متعمد وعدواني من الإسرائيليين، ولما جاء الإخوة في بلد (جباليا) .. بلدة جباليا لدفن القتلى حملوا النعوش وساروا بها في شوارع القرية مرة، واثنين، وثلاثة، حتى استطاعوا أن يجمعوا أكبر عدد من الناس في الجنازات.
(5/480)
اتجهت المسيرة الجنازة إلى المقبرة الكائنة بين قرية جباليا ومعسكر جباليا للاجئين، معسكر جباليا طبعاً تعرف اللاجئين في حالة ثوران، غليان دائم، فلما رأوا مسيرة الجنازة وصلت إلى المقبرة خرج المعسكر لينضم لهم، بعد أن فرغوا من دفن الجنازات الحماس والهيجان دفع الناس للتوجه إلى مركز الشرطة، وهو قائم بقرب المقبرة، وهاجموه بالحجارة، ورد الجنود الإسرائيليون بالنار وقتلوا وسقط شهيد، وسقط العديد من الجرحى، نقلوا إلى مستشفى الشفاء في ذلك اليوم، اللي هو يوم 9...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ديسمبر.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
9/12 .. ديسمبر عام 1987م.
أحمد منصور:
وكانت هذه هي الشرارة الأولى.
أحمد ياسين:
هي دي الشرارة الأولى التي كانت مصادفة، وفي اليوم التالي -يوم الأربعاء- انتقل الناس إلى المستشفى لإعطاء الدم للجرحى.
أحمد منصور:
نعم.
أحمد ياسين:
وكان على رأس المتوجهين طلاب الجامعة الإسلامية في غزة، والذين كانوا هم رأس الحربة في مواجهة الإسرائيليين في غزة، في كل يوم مشاكل وصدامات وحصار للجامعة، فالطلاب كانوا بيقودوا مسيرة المواجهة مع إسرائيل في ذلك الوقت، وصارت مواجهات شديدة وصعبة في المستشفى، مولوتوف، وحجارة وقنابل، وجرحى جديدة، وصدامات جديدة، والعالم يتفرج على التليفزيون على هذا المشهد، كانت الحركة الإسلامية -الآن- في ذلك يوم الأربعاء قررت اجتماع طارئ في المساء، وجلسنا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
اللي هو يوم 10 ديسمبر؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(5/481)
نعم، وجلسنا ندرس هذا الواقع، وكيف نستثمره ونقوله، جاءنا خبر أن السلطة الإسرائيلية أغلقت الجامعة الإسلامية -كعادتها- في كل مواجهة تغلقها على أساس أنها تُنهي الصدام وتوقف الـ.. هنا قررنا أن ننقل المواجهة إلى الشوارع، فالقيادات جالسة من يستطيع أن يبدأ العمل غداً؟ كان يوم الجمعة، يوم الأربعاء .. الخميس ما كانش فيه إمكانية، كان لسه فيه استعدادات، يوم الجمعة فاتفق الجميع أن يُعطى مهلة يومين للإعداد، ثم نبدأ المواجهة من الشوارع.
أحمد منصور:
ماذا كانت استراتيجية المواجهة التي وضعتموها؟
أحمد ياسين:
المواجهة أن نواجه الجيش الإسرائيلي بالمظاهرات، والحجارة، والمولوتوف مواجهات شعبية، وبدأت المواجهات -طبعاً- جباليا التي صار فيها صدام نامت، لأنها ليس هناك تخطيط خلفها، ونحن نقلنا المعركة من جباليا إلى خان يونس، وبدأت المسيرة تخرج من المساجد، والأناشيد الحماسية، وبدأت المواجهات في خان يونس...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بعد صلاة الجمعة؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
كان يوم السبت، لا، صباحاً.
أحمد منصور:
يوم السبت، اللي نقدر نقول إنه يوم 11 ديسمبر 87؟
أحمد ياسين:
لا، يوم 12 لأنه كان جلستنا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
جلستكم كانت يوم 10.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
نعم، فعلاً، بدأنا هذا المواجهة من خان يونس بعد أيام من الصراع، والمعتقلين، والجرحى، نقلناها إلى معسكر الشاطئ في غزة، المواجهة طوّلت، انتقلت إلى المعسكرات الأخرى، انتقلت إلى الحارات في غزة، بدأنا ننقلها، انتقلت إلى رفح، ننقلها كل مرة على حسب استعداد المنطقة في العمل والحركة، وكان في هذه الجلسة قررنا نصدر البيان الأول، اللي صدر في 14/ 12 يمثل المواجهة، وأنا كنت اللي أمليت البيان الأول للأخ اللي كان قاعد بجنبي، أخذه وطلع طبعه ووزعناه في يوم 14/ 12.
أحمد منصور:
وهذا يعتبر أول بيان صدر عن الانتفاضة؟
أحمد ياسين:
(5/482)
عن الانتفاضة الفلسطينية أول بيان...
أحمد منصور [مقاطعاً] :
لكن قادة فتح أو منظمة التحرير يقولون أنهم وراء أول بيان صدر؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
يا سيدي أول بيان...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وأنهم وراء ظهور الانتفاضة.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)! أول بيان لهم نزل بعد الانتفاضة في 8/ 1 أول بيان للمقاومة التي تتبع حركة فتح، والجبهة الشعبية، والمنظمات .. كان في 8/ 1، يعني فرقية شهر بين هذا وهذا، فلو كانوا هم الذين بدءوها لكانوا هم الذين نزلوا في هذه الساعة.
أحمد منصور:
تذكر المحتويات الأساسية، وهل كان يحمل استراتيجية طويلة المدى أم مجرد بيان مؤقت؟
أحمد ياسين:
لا، لا، كان مجرد أننا أصحاب حق، وأننا وصلنا إلى مرحلة لا نحسد عليها، وأننا فقدنا كل شيء، وأنه لابد لنا من أن نواجه هذا المحتل حتى يزول عن أرضنا، وأننا على استعداد أن نستمر في تضحياتنا، ولماذا لا نضحي كما قلت في العبارة يومها في ذلك البيان "وأنا الغريق فما خوفي من البلل" هذه كانت عبارة بالنص في أول بيان.
إحنا غرقانين، إحنا ورطانين اقتصادياً، سياسياً، في كل شيء غرقى، إحنا فقدنا كل شيء، وخائفين من إيش بعد هيك "وأنا الغريق فما خوفي من البلل" وكانت هذه العبارة مجال نقاش طويل بين خبراء إسرائيليين على التليفزيون يناقشوا العبارة هذه، "وأنا الغريق فما خوفي من البلل"، والحمد لله كان صدى جيد، كان عمل جيد، كان عمل مثمر، وإحنا -الحقيقة- في فترة بعد شهر أشفقت على الشعب من كتر ما عانى، حصار 15 يوم للمعسكر يفكوا عنه ساعة أو ساعتين بس عشان يتزود بالأكل والشراب.
لكن كان شعبنا عظيم والله، كان يجمع الطعام من المناطق المفتوحة، ويدخلها إلى المناطق المحاصرة في ساعات الفتح، فتجد الناس يتغذوا بالطعام والشراب والمساعدات من كل جانب، وهذا عمل عظيم جداً، يعني لم نكن نتصور أن الشعوب قادرة على تحمل مثل هذا.
(5/483)
أحمد منصور:
في هذه الفترة أو في الأيام الأولى للانتفاضة الفلسطينية، هل كانت قاصرة -يعني الانتفاضة والحركة والمظاهرات- قاصرة على الحركة الإسلامية وأنصارها، أم أن الشارع الفلسطيني دخل كمحور رئيسي فيها؟
أحمد ياسين:
دائماً الأحداث تحتاج من يستثمرها، من يستفيد منها، لو إحنا لم نستثمر هذه الحادثة ونطورها، ويتحرك الشارع معنا، ما كان يحدث شيء، إحنا كيف بدأنا نجمع الناس؟ أولاً: طلب من أبناء الحركة يجمعوا في مكان مسجد في خان يونس وإذاعة الأناشيد الحماسية في الميكرفون، وبدأت تُسمع كل الناس، بدأ الشباب يتجمعوا من كل مكان، حتى صارت مسيرة ضخمة، وعُمل جنازة وهمية، وحُملت على الأكتاف، وبدأت الهتافات، وخرجت في الشوارع، واصطدمت بالجيش، وبدأ الصدام والجرحى واللي المجروح واللي المبطوش وهكذا، وكل يوم تبدأ بيوم صباحي ومسائي حتى كان العدو الصهيوني يائس جداً من الموقف كان تعبان جداً.
أحمد منصور:
كيف تحمل الناس في البداية قضية..طبعاً اللي بيشارك في الانتفاضة لازم يتوقف عن عمله، لابد أن يجهز من الليل ما الذي سيفعله بالنهار، قضية الحصول على الطعام، وهذه قضية عائلات، ومعروف أن قطاع غزة مكتظ جداً بالسكان، وبأعداد الناس، يعني يكف يوازن الناس ما بين المشاركة في الانتفاضة وما بين ترتيب أمورهم الحياتية؟
أحمد ياسين:
الناس طبعاً -يعني- كانوا في أشد السعادة، وهم بيحسوا أنهم بيواجهوا العدو اللي ظلمهم طول الوقت، واللي قهرهم طوال الوقت، يعني كان عبارة عن تنفس الصعداء الشعبي في مواجهة المحتل الغاصب، التاجر طبعاً كان هناك مستعد يتحمل، و... مستعدة تتحمل، وكل هذه الإمكانات كانت في ساعات فك الطوق كله يتزود، يعني الدكان بدل ما يقعد 24 ساعة يبيع، في ساعتين المسموح فيهم يبيع نفس الشيء، بس الناس ياخدوا حاجتهم، فالأمور كانت تمشي طبيعية.
(5/484)
إسرائيل كانت محتاج العمال اللي بيطلعوا لها، وكانت بدها إياهم يطلعوا، إحنا كان الناس في أول الانتفاضة يقولوا للعمال: ما تروحوش تشتغلوا عند اليهود على أساس نقاطعهم، واليهود بدهم إيانا نشتغل، لأن مصانعهم بتقف، مزارعهم بتقف، ولذلك -يعني- كان الشعب في أعلى درجات وعيه وصموده، وتكاتفه وقوته -يعني- صحيح ترى ما لم تتصوره، يعني الشعوب لها قدرة لا يفهمها أحد إلا إذا جربها وشافها.
أحمد منصور:
كيف توسعتم في الانتفاضة وانتشرت حتى شملت الضفة والقطاع؟
أحمد ياسين:
طبعاً أحداث غزة بدأت تنقل على التليفزيون..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الإسرائيلي؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
الإسرائيلي والعالمي، في كل العالم، والأنباء، والأخبار، والصحافة، فهذا طبعاً أوجد في الضفة الغربية الحماس والحرارة، ثم إحنا على مستوانا كان لنا قيادة مشتركة بين الضفة وغزة، خرجت واجتمعت مع أهل الضفة، وأعطتهم صورة الواقع، وطالبتهم بالعمل كما هو موجود في غزة، وفعلاً بدأ العمل في غزة .. في الضفة كما هو في غزة.
أحمد منصور:
متى وصلتم إلى مرحلة أن الانتفاضة عمت كل مكان تقريباً منذ اندلاعها في 9 ديسمبر؟
أحمد ياسين:
الانتفاضة عمت كل مكان بعد شهر، أو شهر ونص تقريباً، كل مكان كانت عمته -يعني- الانتفاضة، كنا مشفقين على شعبنا، وبنفكر أن نخفف الوتيرة، لكن العدو ساعدناهو، ساعدنا في...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كيف ساعدكم العدو؟
أحمد ياسين[مستأنفاً]:
لأنه أصدر قرار بعد شهر بإبعاد مجموعة من إخوانا وشبابنا وأهلنا، فالإبعاد بده مقاومة جديدة كمان، فأعطتنا دفعة جديدة للمقاومة والصراع، وبذلك كانت التهدئة انتهت خلاص، ما فيش حاجة اسمها تهدئة.
أحمد منصور:
هل المبعدين اللي في الفترة الأولى كانوا كلهم من حماس؟
أحمد ياسين:
(5/485)
إن السلطة الإسرائيلية لم تكن تعرف من الذي وراء الأعمال في الأول، لكنها كانت تقول أنهم إسلاميون، على هذا الصدد هي اختارت واحد من حماس من المبعدين، واختارت واحد من الجهاد الإسلامي من المبعدين، واختارت واحد من السلفيين أبعدته كمان، فكانوا ثلاثة من المبعدين الخمسة أو الستة نصفهم أو ثلاثة أرباعهم من التوجه الإسلامي.
أحمد منصور:
نعم، تذكر مين اللي أول من أبعد من حركة حماس؟
أحمد ياسين:
كان الأخ خليل القوقة -رئيس الجمعية الإسلامية في معسكر الشاطئ- وكان الشيخ حسن أبو شقرة من خان يونس من السلفيين، كان عبد العزيز عودة من الجهاد الإسلامي، كان واحد من فتح، وواحد من الجبهة هم اختاروا من كل الجهات، لم يكونوا..لكن الانتفاضة بدأت من المساجد، الميكرفون، الأناشيد الوطنية، يتجمع الشباب من المسجد ثم تنطلق.
أحمد منصور:
في هذه الفترة لم يكن للإسرائيليين أي دخل فيما يحدث في المساجد، أم أيضاً كانوا أحياناً يدخلوا المساجد أو..؟
أحمد ياسين:
لا، لم يكونوا يدخلوا المساجد.
أحمد منصور:
بالمرة لم تحدث عملية دخول لمسجد أو مهاجمة مسجد؟
أحمد ياسين:
قبل ذلك أبداً لم يكونوا يدخلوا المساجد، لأن خطيب المسجد لا يلتفت إلهم، ولا يهتم بهم، السبب فيه سبب جوهري، لأن معاشات أئمة المساجد وخطبائها لا تساوي أكلة يقعد يأكلها في وجبة معينة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كيف كانوا يعيشون؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
يعني، أنا كنت في ذلك الوقت خطيب في مسجد، أنا معاشي -كمدرس- كنت آخذ 240 ليرة إسرائيلية في الشهر. كويس، لما بدهم يعطوني معاش خطيب جمعة في المسجد اللي ما حدش راضي يخطب فيه كانوا يعطوني 40 ليرة في الشهر، طيب الـ 40 ليرة أنا لو بدي أستخدمها إيجار سيارة رايح وجاي، ما أستفيدش منهم فاللي كان الموظف لا يسمح حتى لو صدر إله أمر ما بيردش عليها لأنه مش واخد حاجة منهم، ما فيش معاشات.
(5/486)
يعني تضبط الإنسان يخاف على وظيفته أو يخاف على .. فكان الناس على أشدهم، كل واحد يتحرك من منطلق إيماني، منطلق إسلامي، لأنه ما فيش نفعية في المسجد -الآن- من وظائف أو معاشات.
أحمد منصور:
البيان الأول للانتفاضة بأي اسم وقعتموه؟
أحمد ياسين:
حركة المقاومة الإسلامية حماس...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذه كانت المرة..
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
لكن الأول .. -لو تخليني أقول لك- في الأول أنا وقعته (ح. م. س) لأنه كلمة حماس بالذات ما كانتش واردة في ذهني، بعد بيانين أو ثلاثة الإخوة اجتمعوا وقالوا خلينا نعطيها كلمة، وبدؤوا يبحثوا عن كلمة، فاهتدى أحدهم إلى كلمة حماس على أساس تمثل الحروف الموقعة.
أحمد منصور:
يعني ولدت حركة حماس يوم 10 ديسمبر 87؟
أحمد ياسين:
نعم.
أحمد منصور:
كيف فكرتم في اختيار اسم جديد، وأنتم منذ أن بدأت العمل قبلها ربما باثني عشر عاماً -كعمل منظم- كان هناك اسم آخر تتحركوا حوله، ما هي الدوافع التي جعلتكم .. هل هي نقلة نوعية في العمل، أو استراتيجية جديدة؟
أحمد ياسين:
يا أخ أنا لا يعنيني الأسماء، أنا يعنيني الجوهر، ويهمني الجوهر، أنا الآن بدي أبدأ طور جديد من الحركة الإسلامية في المواجهة والمقاومة، فسأعطي هذا الطور من الحركة الإسلامية اسماً جديداً يتمشى مع الواقع، والواقع يحتاج أن يكون هنا مقاومة، ولذلك لابد أن تسمى الحركة بحركة المقاومة الإسلامية.
أحمد منصور:
وأنتم تختارون هذا الاسم كان في ذهنك أن المقاومة ستشمل أوجه متعددة، منها المقاومة المسلحة التي كنت أو أشرت في الحلقة الماضية أنكم بدأتموها فعلياً؟
أحمد ياسين:
نعم، نحن كنا نعد لها سابقاً، بكل تأكيد كان هذا وارد.
أحمد منصور:
كيف رتبتم لما بعد اجتماع 10 ديسمبر؟ هل اجتمعتم بعده اجتماعات وقررتم؟ كيف بدأت فكرة الانتفاضة تنمو شيئاً فشيئاً حتى أخذت الاستمرارية التي أخذتها؟
أحمد ياسين:
(5/487)
يا أخي -طبعاً- إحنا كان لينا اجتماع كل .. بالكثير كل يومين أو ثلاثة، يعني كانت اجتماعات متواصلة لمعالجة القضايا القائمة للتخطيط للي بعده، اليوم بدنا إياها في الشاطئ، بكرة ننقلها إلى جباليا، بكره ننقلها إلى .. فأخذنا لكي نخفف الضغط على الناس من مكان إلى مكان فأخذت تنتقل، وإحنا اللي بننقلها، وهذا طبعاً كان هو التخطيط اليومي، طبعاً كان بينشأ هناك مشاكل في الشارع، فيه هناك شهداء بدهم علاج، فيه جرحى، فيه سجناء، فيه مشاكل بدها علاج، فكان في كل يومين أو ثلاثة يكون لنا اجتماع.
أحمد منصور:
هل الفصائل الفلسطينية الأخرى حتى ذلك الوقت كان لكم .. بينكم وبينها أي عملية من عمليات التنسيق؟
أحمد ياسين:
لم يكن لهم عمل في ذلك الوقت في البداية، ثم إحنا كنا دائماً بنعرف بعض وبنتلاقى مع بعض، لكن لم يكن لهم دور في الميدان في ذلك الوقت، ثم لما وجدوا أنفسهم خارج اللعبة في البداية فبدءوا يتجمعوا، وعملوا قرار، وعملوا بيان، وبدءوا يتحركوا على أساس يواجهوا الاحتلال كما نواجهه، وطبعاً دخلوا الساحة، ومن هنا كان فيه شبه تنافس بين الحركتين لإثبات الوجود في الشارع الفلسطيني.
طبعاً والوجود هو إيش كان مهمته؟ إن إحنا نعمل إضرابات، يعني نقول اليوم إضراب، معنى الإضراب يعني مواجهة مع اليهود، فتجد الشوارع أغلقت، وتجد الإطارات أشعلت، وتجد المتاريس وضعت في الشوارع، تجد المواجهات في كل مكان، في كل القطاع، معنى إضراب يعني إضراب، فطبعاً اللي كان يقوم بهذا الشيء في أول الأمر هو إحنا.
فلما دخلت إخواننا في المنظمة في المواجهة بدءوا ينزلوا بيانات هم الثانيين، بدهم يعملوا إضرابات خاصة بهم، حتى صار الشعب مرهق من هذه القضية، أنت لما أنا أعمل إضراب يوم في الأسبوع أو يومين وهو يروح يعمل إضراب يوم أو يومين، معناه بده يشقوا، بده يأكل الناس، ولذلك اجتمعت مع أحد قيادييهم اللي كان مسؤول عن فتح في قطاع غزة...
(5/488)
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تذكره؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
نعم، زكريا الأغا اجتمعت معه في بيت، طالبته إن إحنا نتفق على أيام معدودة في قدر، لا يزيد الإضراب منا يوم، وبيكفي منهم يوم، وألا يزيد على ذلك، بلاش نقتل الشعب بتاعنا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
نعم.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
واتفقت معه على ذلك وخرجت، وأفاجأ بالعكس في اليوم الثاني أو الثالث، وإلا هم منزلين بيان إضراب ثلاث أيام ورا بعض، فالوسيط اللي كنت في بيته بأقول له: إيش اللي بيعمله ها دول الناس؟ طيب، مش اتفقنا؟ قال: هادول ما بيلتزموش، فلم يلتزموا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طيب، وماذا فعلتم بعد ذلك؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
إحنا استمرينا في جهدنا إنا نقلل أيامنا وهم لم يلتزموا، لذلك كان الشارع الفلسطيني بينقم على تصرفاتهم، لأنه أنت بتقتل الشارع، بتقتل التاجر، بتقتل الموظف، لأنه يوم إضراب يعني ما فيش عمل، العامل مش هايطلع الشغل، ما فيش سيارات، ما فيش مواصلات، ما فيش عمل، معنى ذلك إحنا قتلنا الشعب بتاعنا بأيدينا كمان.
أحمد منصور:
وكان الشعب يلتزم بما تطلبونه، وبما هم يطلبونه؟
أحمد ياسين:
يلتزم مش يعني .. في البداية كان مكره، لأنه أنت لما تحط متاريس في الشوارع وتحط أحجار ورجال، وأي سيارة تشوفها في الشارع تضربها، ترجمها بالحجارة، مين بيستجري يطلع يكسر سيارته، ما فيش مواصلات، ما فيش حركة، وبعدين خلاص الشعب أخد على ذلك، إضراب يعني إضراب، لا سيارة تطلع ولا ناس طالعين، ولا دكاكين مفتوحة، ولذلك إحنا كنا بنود ننسق معهم، لكن هم لم يكونوا يريدوا التنسيق، يعني أضرب مثل، هم في البداية بياناتهم الأولانية نزلوا إنه المحال التجارية .. بدءوا هم يتدخلوا في الشؤون .. إحنا كان شغلنا بس مواجهة اليهود، وما لناش في الشعب نسيبه يعيش بحريته.
(5/489)
هم بدءوا يتدخلوا في أن الشرطة ممنوع تشتغل ويقعدوا، طيب، أعطوهم معاش عشان يقعدوا ويأكلوا، وقعدوا، استجاب بعض الناس، وبعض الناس تحايلت، أن الدكاكين تفتح من التنتين إلى المغرب. طيب، اللي عنده خضار بده ينزلها السوق التنتين أو بينزلها الصبح، اللي عنده دكان بيشتغل كام ساعة الصبح أو يشتغل بعد الظهر، وصار عند العالم أن الشغل بعد الظهر والنوم الصبح، أنا قلت لهم: يا إخوانا ما بيصيرش كده، تعالوا ننقل الإضراب .. من فتح المحلات والتجارة من المساء إلى الصباح، يبدأ صباحاً وينتهي الظهر، الساعة 12 الساعة 1 ينتهي خلاص، ونعمل بإضراب ثاني.
فقالوا: وإيش يضمن لنا .. مين يضمن لنا إن الناس تسكر الساعة 12، 1؟ قلت لهم: اللي أمرهم يسكروا المغرب يأمرهم يسكروا 12، واللي نفذ هذا ينفذ هذا، تعالوا ننزل بيان مشترك ونوجه الناس لهذا الشيء، أفاجأ بعد يومين بأنهم منزلين بيان لحالهم، وطلبوا من الناس .. طبعاً أنا مادام هو الأمر خير أنا ما بيعنيني أن أكون أنا في الصورة، وما ادخلت معهم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تذكر الوقت اللي أصدرتم فيه هذا البيان أو كانت بتتم هذه الاجتماعات؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
الكلام هذا كان في 88 قضية البيانات واللقاءات، بس اللقاءات الأخيرة بتاعة بالإضرابات كانت في 89 مش في 88، لأن الشعب بدأ
يعاني، وبدنا نخفف معاناته.
أحمد منصور:
هل بعد اندلاع الانتفاضة، ومرور عدة أشهر عليها، أصبح لديكم استراتيجية مستقبلية، إلى أين ستتجه الانتفاضة، أو متى تتوقف؟ أم أنها يعني؟
أحمد ياسين:
لقد أصبحت الاستراتيجية .. استراتيجية أننا سنقاوم المحتل حتى يرحل، لن نتوقف حتى يرحل عنا، وعن أرضنا، ونستعيد حريتنا وكرامتنا، هذا اللي كنت بأطرحه على الإعلام تماماً، أقول لهم إحنا محتلين، إذا المحتل بده إيانا نتوقف لمواجهته عليه أن ينسحب، ويتركنا نقرر مصيرنا بنفسنا.
أحمد منصور:
(5/490)
هل في هذه الفترة ظهرت كزعيم للانتفاضة؟
أحمد ياسين:
كان بكل تأكيد هذا واضح، بس أنا كنت أنفي عن نفسي هذا، ويسألوني ليش بتطلع من المساجد؟ أقول لهم: ربنا أعلم، يسألوني: طيب، مين اللي وراءها؟ أقول لهم هذا شعب...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذا الإعلام أم الإسرائيليين؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
الإعلام كله، مش إسرائيلي، كله، (رويتر) و...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إسرائيل لم تحتك بك طوال هذه الفترة؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
إسرائيل كانت تسأل، تيجي وتتناقش، كان لها اتصالات...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني اذكر لنا بعض هذه الأشياء .. كيف كان الإسرائيليين يتعاملوا معاك في الشهور الأولى من الانتفاضة؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
كانوا بيطالبوني بوقف الانتفاضة، كانوا بيهددوني بالترحيل، كانوا يهددوني يعني بكل المآسي، يعني أذكر استدعاني ضابط الشؤون العربية، وقعد معي، قال لي اسمع بدنا الانتفاضة تقف، قلت له أنا مالي ما تقف، أوقفها أنت السلطة، قال لا أنت بدك توقفها، قلت له أنا، ومين أنا؟ قال لا ورقة واحدة منك تنزلها، بتوقفها، قلت له أنا ما بأقدرش على هذا، وأنا ما بأقدرش أنزل ورق، ومش شغلي هذا، قال: اسمع أنا اليوم بدي الانتفاضة تقف ولما ييجي يوم الشجر والحجر بأحط لك رقبتي، بأقول لك اذبح.
قلت له: على أي حال أنا بأقول لك أنني ما ليش علاقة في الانتفاضة، ومش شغلي الإنتفاضة، قال بأقولك بدي تقف الانتفاضة، أنا بأرميك جنوب لبنان بره بيتك هذا، وبعدين خذ (كلاشن) وطخ، قلت له اللي بدك إياه اعمله...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كنت تمشي بالكرسي المتحرك في ذلك الوقت؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
طبعاً أنا من 85 على الكرسي المتحرك.
أحمد منصور:
85 بدأت تمشي على الكرسي المتحرك؟
أحمد ياسين:
(5/491)
84 لما دخلت السجن، كان هذه الصورة من بعض المواجهات التي كانت معاهم، في لقاء كان مع (موردخاي) هذا وزير في السرايا، وكان بيهددني بالمساجد، وبتستخدموا المساجد، قلت له: المساجد عندنا للعبادة لله تعالى.
أحمد منصور:
حتى ذلك الوقت لم يكن للإسرائيليين اتهام مباشر لك بأنك أنت الذي تقف وراء الانتفاضة؟
أحمد ياسين:
اتهام مباشر، لأن أنا القيادة الأولى اللي معايا اللي اتخذت قرار تفجير الانتفاضة اعتقلت في 88 مش في 89.
أحمد منصور:
طيب، كيف...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
اعتقلوا قبلي، واعترفوا عليَّ كمؤسس، واللي بدأ الانتفاضة، والسلطة من هنا وجدت أنه مش في مصلحتها تعتقلني، فسابتني في الخارج لكي تصطاده من حولي، وتعرف الأمور، أنا في تلك الفترة اعتزلت كل العمل، وتركت العمل لآخرين يشتغلوا في عمل الانتفاضة والخطة وكله كل شيء.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
في الحلقة الماضية أنت ذكرت أنك لم تكن بعدما خرجت من السجن، كان هناك مسؤول آخر عن الحركة الإسلامية، هل اخترت أنت بعد ذلك كمسؤول عن الحركة الإسلامية؟ ومن ثم أعلنت تأسيس حماس وغيرها، أم أن الوضع سار على ما سار عليه، وأنت كنت مسؤول عن الانتفاضة والعمل العسكري؟
أحمد ياسين:
إحنا قراراتنا ليست فردية، ليس المسؤول هو الذي يتخذ القرار، نعمل أو لا نعمل، بل قراراتنا قرارات جماعية شورية، يتخذ المجموع قرار والكل بينفذه، أنا لم أدع إني أنا أسست، أو عملت أو حاجة، لأن كلنا أسسنا مع بعض، وكلنا اشتركنا مع بعض بشكل جماعي، لكن لما دخلوا إخواننا -قلت لك- في 88 قبل القيادة، دخلوا واعترفوا في السلطة إنه اللي جابنا الشيخ أحمد...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في الاحتلال؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(5/492)
واللي نظمنا الشيخ أحمد، هم لبسوني هذه الطقية، مش معنى ذلك إنه .. إحنا كنا جهد واحد وطاقة واحدة، وأنا طبعاً تحملت نتائج كل هذا، من محاكمات، ومن سجون، أنت المؤسس، وأنت المخطط، صحيح كلنا خططنا مع بعض، ما فيه حد .. واحد استقل فيه، لكن هكذا أراد الله -سبحانه وتعالى- أن القيادة التي دخلت أعطت هذا الطابع للإسرائيليين ولليهود كل شيء، وهذا اللي ما نشر...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وأنت كنت على علم بما ذكروه لليهود؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
كنت على علم باعترافات الإخوة في الداخل، وصلتني الاعترافات، وأعرفها، فلما اعتقلت أنا، هم قالوا إننا نعتقله علشان نحطه في السجن ستة أشهر أو سنة يعني عمل مقاومة، بدنا إياه لحاجة أكبر، فلما اكتشفت قضية القتل الجنود الإسرائيليين صاروا يصرخوا ويصفقوا ويغنوا، وطلعوا فوراً -في نفس الساعة- داهموا البيت واعتقلوني.
أحمد منصور:
من هم هؤلاء الذين شاركوا معك في قرار التأسيس في 9 أو في 10 ديسمبر 1987م؟
أحمد ياسين:
الدكتور إبراهيم اليازوري، وكان الأستاذ محمد شمعة، وأنا من غزة، كان الأستاذ عبد الفتاح دخان من المعسكرات الوسطى، كان الدكتور عبد العزيز الرنتيسي من خان يونس، كان المهندس حسين نشار من رفح.
أحمد منصور:
كل هؤلاء لازالوا داخل فلسطين؟
أحمد ياسين:
لازالوا داخل فلسطين.
أحمد منصور:
كيف تم القبض عليهم في عام 88 وهل اعتقلوا جميعاً؟
أحمد ياسين:
اعتقلوا جميعاً، نعم.
أحمد منصور:
يعني أنت الوحيد اللي بقيت في الخارج؟
أحمد ياسين:
في الخارج.
أحمد منصور:
نعم، كيف تمت عملية الاعتقال؟
أحمد ياسين:
(5/493)
كان فيه هناك أموال واردة من القدس عن طريق أحد الإخوة، وصلت للدكتور إبراهيم، الدكتور إبراهيم وصلها من جانبه للقيادة المالية، والمالية طبعاً وزعتها على المناطق، فلما اعتقل بتاع القدس، تحت التعذيب اعترف أنه وصل مبلغ كذا لفلان في غزة، جابوا فلان، المصاري اللي خدتها وين وديتها؟ لفلان أو لفلان، فتم بذلك...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
اتكرت السلسلة.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
اتكرت السلسلة، نعم.
أحمد منصور:
ما هي التهم التي وجهها الإسرائيليون إليهم؟
أحمد ياسين:
طبعاً هم اعترافاتهم أنهم مشاركين في تأسيس حماس، وتمويل أعمال الانتفاضة والمقاومة، بس ما كانش لهم علاقة بالقضية العسكرية، وما لهمش فيها.
أحمد منصور:
ولم يعترفوا على أي شيء يتعلق بالأمور العسكرية؟
أحمد ياسين:
ما أظنش كان علاقة في القضية ككل، بس فيه بعضهم كان له علاقة، وطبعاً ما دام الكل اتفق على اتجاه سياسي، اللي عنده معلومات خباها، ظله كامن فيها لحاله، يعني ما بيعرفهاش الباقي، القيادة العسكرية جزء من القيادة السياسية، وليست كلها.
أحمد منصور:
هل حُكم عليهم قبل اعتقالك؟
أحمد ياسين:
طبعاً حُكِم عليهم.
أحمد منصور:
ما هي الأحكام التي صدرت ضدهم؟
أحمد ياسين:
مقاومة الاحتلال، وتفجير الانتفاضة، وتأسيس حماس، وكان ميثاق حركة المقاومة الإسلامية اللي أنزلناه للشارع هم اللي كونوه، وطبعاً أخذوا عدة سنوات في السجن، وروحوا.
أحمد منصور:
العمل العسكري في ذلك الوقت كيف كان يسير مع عمل الانتفاضة؟
أحمد ياسين:
قلت لك: إنه اتخذنا قرار العمل من 17/11/87، وبدأنا بالإعداد في تكوين مجموعات عسكرية، بدأت بعضها العمل في الداخل في منطقة جباليا وبيت هانون، بعمل عبوات ناسفة، ووضعها في الطريق للجيش وتفجيرها، وأصابت عدة سيارات إسرائيلية، لكن الإسرائيليين ما اعترفوش بقتلى، لأنه كانت السيارة كلها تنحرق حرق، تُحرق ويقولوا أنه ما صارش إصابات...
(5/494)
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذه كانت تُفجر بالريموت أم بالتوقيت أم..؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
لا والله، إحنا لسه كنا بدائيين، بالبطاريات .. البطارية العادية، توضع في بيارة بعيدة، وبأسلاك متوصلة إلها، توضع على جانب الطريق، ثم نوصلها فتتفجر، بعدين طبعاً صارت تطورات...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
العمل تطور.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
طبعاً، وبعدها دول .. الجماعة انكشفوا، ودخلوا السجن مع القيادة في ذلك الوقت، في نفس الوقت...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تذكر التاريخ؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
التاريخ كان في 88 تقريباً شهر 6 أو 7 في هذا الوقت، لأنه كان التفجيرات عملناها على العيد، قلنا بدنا نُعيد على عيد الأضحى بدنا نعيد..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
نعم، كم تفجير نجحت وأدت إلى..؟
أحمد ياسين:
يعني يمكن حوالي 5 تفجيرات.
أحمد منصور:
5 تفجيرات؟!
أحمد ياسين:
واحد في جباليا، واثنين، واثنين ثلاثة في بيت هانون.
أحمد منصور:
كانت خلية واحدة تقف وراء هذا الأسلوب من التفجير؟
أحمد ياسين:
كانوا خليتين تقريباً.
أحمد منصور:
واعتقلت الخليتين مع..؟
أحمد ياسين:
نعم .. نعم اعتقلوا آه، وأخدوا حكم، حوكموا ومضوا مدة الحكم، وطلعوا.
أحمد منصور:
ما هي الأمور التي سارت بعد ذلك أيضاً؟
أحمد ياسين:
طبعاً إحنا خططنا لإنشاء -بعد اعتقال الخلايا هذه- خططنا لإنشاء خلايا جديدة، طبعاً وأنشأنا الخلية رقم 101، اللي بدأت في مواجهة القتل، والاختطاف، والدفن.
أحمد منصور:
هل هذه أسرار، أم لو ذكرتها ليس فيها مشكلة؟
أحمد ياسين:
ما فيش أسرار.
أحمد منصور:
طيب، خبرنا كيف كنت تختار الخلايا، وكيف كنتم تضمنون أن هذه الخلايا -يعني- ستقوم بدورها دون إخلال؟ لأن المبدأ اللي انتوا بتتعاملوا به هو مبدأ إسلامي، فهذا يحتاج إلى...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
(5/495)
إحنا نختار العنصر اللي بدنا إياه يشتغل في العمل، قبل كل شيء بنختاره يكون عنصر مؤمن، له تاريخه المشهود إله بالإيمان، وحبه للجهاد، فإحنا اخترنا شخص معين عنده تضحية، وعنده اعتقالاته الكثيرة، وعنده صبره، وعنده تجربته، واتصلنا فيه برسالة سرية مغلقة، بدون ما يعرفنا، وقلنا له: إحنا بدنا نشتغل هيك، هيك، إيش رأيك تشتغل، فوافق، وبعث لنا برسالة ورد في المكان النقطة الميتة.
أحمد منصور:
يعني أنتم حريصون في تعاملاتكم مع الخلايا التي تعمل معكم أن تكون هناك حلقات مقطوعة في عملية الاتصال...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
جداً جداً.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
يعني نستطيع أن نقول أن حماس حتى وخلايا عز الدين القسام ليس من السهل الوصول إلى تسلسلها؟
أحمد ياسين:
ليس من السهل، إلا أن يشاء الله، وطبعاً هذا الأخ...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني أقصى شيء أن الخلية لا تعرف إلا نفسها فقط؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
إلا نفسها، إلا إذا كان هناك فيه عمل ميداني، مرات بيخليهم يتعرفوا على بعض، يعني فيه مواجهة في مكان، لما الواحد مطارد وين بيروح؟ يتخبى عند الناس، فيبات عند فلان، يحميه فلان، بينقله فلان، فطبعاً الناس يعرفوا هذا الكلام، فتصير معروفة لبعضها من خلال الواقع العملي الميداني.
أحمد منصور:
لكن حتى الشعب بيتعاون معكم في عملية إخفاء الناس؟
أحمد ياسين:
بكل تأكيد، وإلا كيف بيعيشوا ها دول الناس؟ كيف واحد زي يحيى عياش ومعاه محيي الدين عوض الله بيعيش سنوات في ظل احتلال، في ظل مواجهات ومطاردات، كيف يعيش؟ ما لم يتعاون الشعب معنا كيف يعيش؟
أحمد منصور:
كيف أسستم الخلية العسكرية رقم واحد؟
أحمد ياسين:
زي ما قلت لك اتصلنا في الأخ محمد الشلاطة برسالة في نقطة ميتة، وضعنا له، إياها وصلنا له إياها، وبعدين هو أعطانا الرد في النقطة نفسها، وطلبنا منه يجند معاه ناس من حواليه، ويعرفنا من الناس اللي بيجندهم، فاختار عناصر...
(5/496)
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هل فيه شروط معينة أيضاً تضعوها، أم تتركوا له حرية الاختيار؟
أحمد ياسين [مستأنفاً] :
لا، بنترك له يختار، بس بنعرف الناس اللي معاه مين هم، إذا فيه أمور مخالفة بنقول له: وقف، نبعت له رسالة وقف، إذا الناس مقبولين لدينا نقول له: ماشي اتوكل، خليك ماشي.
أحمد منصور:
يعني أنتم كمان لابد أن تعرفوا من كل شخص و..؟
أحمد ياسين:
بكل تأكيد .. يمكن ياخد عملا، وهو مش داري عن حاله، لازم يكون صمام أمان وراه.
أحمد منصور:
يعني حتى كل شخص يدخل عندكم .. تقرير عن حياته وخلفياته وعلاقاته...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
لازم نعرف الخلية اللي معاه مين هو، ومين شخصه؟ فاختار طبعاً هو ناس معينين، وبدأ يشتغل معهم، حتى فيه واحد كان معاي سجين في 85 في السجن، من الشباب المتحمسين جداً، جاء لي على البيت بده يشتغل...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
جاء لك أنت؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
آه، جاء لي بده يشتغل، طبعاً أنا ما أقدرش أن أقول له: أنا بأشتغل، وبدي أشغلك...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا طبعاً، أنت برئ، وما لكش..
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
أنا برىء، فقلت له: طيب روح، يمكن ربنا يبعت لك، إحنا بنقول: يعني يمكن إخواننا يسمعوا عنك، ويتصلون فيك. ففعلاً أوحينا للخلية تتصل فيه، وبعت رسالة، وبعتوا له واتصلوا فيه، وضموه معهم، واشتغل معهم، اشتغلوا كلهم في الخلية هذه، وربنا شاء إنهم ينكشفوا، والحمد لله كانت بداية طيبة يعني.
أحمد منصور:
ماذا فعلوا، وكيف كُشفوا؟
أحمد ياسين:
قلت أنهم بدءوا بالهجوم على إسرائيلي يريد أن يحفر بئر في الشيخ رضوان، ولكنه نفذ بأعجوبة منهم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان متدرب كما ذكرت لنا..
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
جداً.
أحمد منصور:
نعم.
أحمد ياسين:
(5/497)
ثانياً: هاجموا مستوطنة بإطلاق النار عليها، وهذه الخطوة الثانية. الثالثة: خرجوا إلى داخل إسرائيل، واختطفوا الجندي الأول وقتلوه ودفنوه، واختطفوا الجندي الثاني وقتلوه ودفنوه، لكن في حال عودة السيارة من الداخل إلى الخارج اكتشف الإسرائيليون آثارها، فتابعوها حتى وصلوا إلى مكانها، ومن هنا اكتشفوا أن فيه ناس بيشتغلوا، وهم إلهم أثر.
فطبعاً المجموعة اللي أخدت السيارة هربت، المكان موجود فيه قائد الخلية اللي عنده السيارة، وهو بيعتبر حاله إنه ما فيش حد بيعرفه، وفعلاً ما فيش حد يعرفه، ولو كان بيعرف أنهم بيوصلوا له لكان هرب زيهم وطلع، لكن شاء الله، فطبعاً هو آمن، فإيجوا له في النهار، وأخذوه، واعتقلوه، وتحت التعذيب القاسي جداً، اللي حدوده لا يتصورها عقل، يعني يموت ويحيا، يموت ويحيا تحت أيديهم.
قال لهم: أنا ما بأعرفش -وهو فعلاً ما بيعرفش- قالوا له: طيب، خمن، مين بس؟ قل لنا مين بتظن يعني؟ بتحط لنا .. أعطينا ظن، فكان إله أحد الإخوة اللي بيشتغلوا معاه في الجامعة، وبيتزاوروا، وهو بيظن أنه هو اللي بيوجهه، فقال لهم: أنا بأظن فلان، جابوا فلان دقوه تحت التعذيب الأقسى من الأولاني، فاعترف أنه هو اللي بيوجهه...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وأنه هو المحرك الرئيسي للمجموعة؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
نعم، فطلبوا منه من وين تجيب الفلوس، قال: جبت من الشيخ أحمد، قالوا هيه، اللي بدنا إياها ها النقطة.
أحمد منصور:
هذا في 89؟
أحمد ياسين:
وكان الاعتقال من هنا.
أحمد منصور:
نعم، وكان هناك خلايا أخرى لم تكشف؟
أحمد ياسين:
هذه كانت الخلية الأولى، اللي صنعناها، كنا يعني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تذكر كان عدد أفرادها كانوا كم؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
كان محمد، ومحمود، ومحمود، واسمه إيش .. أبو خوصة، هاي تلاتة، ومحمد أربعة كان عددهم أربعة.
أحمد منصور:
(5/498)
أربعة، كم عملية تقريباً نفذوها؟ يعني الآن نفذوا عملية البئر، وعملية إطلاق النار على المستوطنات، وقتل...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
المستوطنات، وعملية اختطاف الجنود الاثنين وقتلهم.
أحمد منصور:
كيف واجهك الإسرائيليون؟ وكيف قبضوا عليك أيضاً؟
أحمد ياسين:
طبعاً أنا في بيتي، وكان ممنوع التجول من الساعة 9 إلى الفجر، لما يطلع العمال للعمل، فميعاد منع التجول الساعة 9 -بالضبط- بيتي مليان ناس، فشاء الله إنهم ينطلقوا ويروحوا، فلقيت الساعة .. خمس دقائق بعد التاسعة، وإذا بالجيش بيحوط البيت، اللي بيطلعوا الأسوار، واللي بسياراتهم، يعني يمكن كتيبة جاية تقبض علي الشيخ أحمد، والمخابرات دخلوا عليَّ، قالوا: عايزينك شوية، قلت لهم: ماشي بس خلوني ألبس، فدخلت لبست ملابسي، وطبعاً أنا على العربية اللي قاعد عليها جاهز على طول، قالوا لي: وين ابنك؟ قلت لهم: ها هو، قالوا: خليه يطلع معاك عشان يساعدك فأخدوني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
عبد الحميد؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
عبد الحميد اللي هو موجود معايا الآن، كان لسه عمره بس 16 سنة، ما كانش واخد الهوية لسه، فأخذوه، ووصلوني إلى السجن، وقعدوني -زي ما أنت عارف- مباشرة وبدأ السب، والشتائم، والتف في الوجه، والضرب على الوجه، و...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني بدءوا معك بالإهانة والتعذيب؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
على طول .. ما تفكر، تف في وجه الإنسان، يضربوه على وجهه، يجيبوا صينية ويدقوا فوقها على رأسه، إزعاج يعني، يمسكوا عروق الرقبة يشدوها إلى أعلى بشكل سيئ .. ما اكتفوا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وأنت قعيد كمان؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
وأنا زي ما أنت شايف، والدق في صدري، حتى صدري صار أزرق من الضرب، راحوا جابوا لي الولد اللي جابوه يخدمني، وبطحوه أمامي في الغرفة، وركبوا أربعة عليه...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ابنك؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(5/499)
آه، هو عبد الحميد هذا يخنقوا فيه، واللي يضربه، واللي طاخ واللي .. والولد يصرخ تحتهم، أعطوا له بدن [علقة] كويس قدامي، وصاروا يقولوا لي: حرام عليك، ارحم ابنك، اعترف خلاص القضية انتهت، حماس انتهت، وأنت ما فيش فايدة يعني، اعترف وقل اللي عندك عشان ترحم ابنك من الضرب، قلت لهم: أنا ما عنديش حاجة، فغابوا بعد ساعتين وجابوا الولد كمان وبدن [علقة] تاني، وحطوه تحتهم، وبطحوه، وخنقوه، ونزلوا ضرب فيه، من الشدة أنا فوجئت إن الولد الضعيف اللي تحت أربعة فجأة بيفز ويوقع الأربعة على الأرض...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما شاء الله!
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
من شدة -يعني- حرارة الروح، بيموت بيخنق، ورفعوه ثاني مرة من عندي، وبعدين دخلوا لي الإخوة اللي هم في القضية العسكرية، يقولوا لي: إيش اللي اعترفوا عليه، فإيجه صلاح، وقال: أنا جيت عليك، وأخذت منك 2500 دولار .. دينار، وده يعني اللي عندي، طيب، وإيجوا الإخوة التانيين اللي كانوا بيحققوا مع العملا، قالوا: إحنا جايين عليك وأخذنا منك فتوى أن العملا يجوز قتلهم، هيك اتفقتوا –قلت لهم في عقلي- هيك اللي معترفين عليه قالوا: آه، قلت: طيب...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان الإسرائيليين يقفون؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
طبعاً قدامهم، هذا الكلام، طبعاً هذه...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تذكر الشهر أو الوقت أو التاريخ؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
إيه؟!
أحمد منصور:
تذكر التاريخ؟
أحمد ياسين:
طبعاً، هذه ليلة 18/5
أحمد منصور:
18 مايو 89.
أحمد ياسين:
آه 18/5 طبعاً في أول ليلة هذا الكلام.
أحمد منصور:
كان يبدو على المجموعة التي أحضروها لك أنها عُذبت، أنها ضُربت، أنها..؟
أحمد ياسين:
اسمع أنا بأعرف المجموعة اللي عندي من أقسى الناس، عتاة يعني، مش بسطين..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(5/500)
لكن -شيخ- دائماً بينظر إلى الإنسان اللي لو تعرض للتعذيب، واعترف، كثير من الناس الذين لم يجربوا طبعاً مثل هذه الأمور، ينظرون له نظرة دونية، وكأنه...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
هم الناس لم يجربوا الواقع، ولا يعترفوا أن للإنسان حدود في تحمله للتعذيب، والله يقول: (والفتنة أشد من القتل) التعذيب أشد، تقتله بيموت خلاص انتهى، بس تظل تعذبه بحيث لا هو ميت، ولا هو طيب، ما بيتحمل الإنسان كل هذا التعذيب، يعني الشلاطة إحنا اخترناه لقيادة الخلية الأولى ليش؟ لأنه دخل السجن مرة، وتعذب جداً، وما خدوش اليهود منه ولا شيء، ودخل ثاني مرة، وتعذب جداً وما خدوش منه ولا أي شيء، فمجرب في الحوادث كونه يضعف في هذا الموقف -يعني- وصل لمرحلة مش سهلة، المحققين يقولوا له: عندنا أوامر بقتلكم، بس ما بدناش نقتلكم طخ ولا هيك، بدنا نخنقكم، نظل نعذب فيكم حتى تموتوا تحت التعذيب -يعني- وصلوا مرحلة صعبة خالص، على أي حال الإنسان مرات بيقول لك أنا مستعد آخذ 100 سنة ولا أظل تحت التعذيب. هذا، والحمد لله الشباب رجال أشداء أقوياء، كان لهم دور فاعل جداً في الأمن في الانتفاضة، في العمل العسكري في كل شيء.
أحمد منصور:
نواصل -إن شاء الله- في الحلقة القادمة الحديث عما حدث في تلك الليلة يوم 19 مايو...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
18.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
18 مايو 1989م.
أحمد ياسين:
و89.
أحمد منصور:
شكراً لمؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس الشيخ أحمد ياسين. كما نشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى نلقاكم في حلقة قادمة من برنامج (شاهد على العصر) هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.
(6/1)
الحلقة7
(6/2)
الأربعاء 4/10/1422هـ الموافق 19/12/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 18:35(مكة المكرمة)،15:35(غرينيتش)
الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس
تاريخ الحلقة
29/05/1999
أحمد منصور الشيخ أحمد ياسين
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ أحمد ياسين، مرحباً فضيلة الشيخ.
أحمد ياسين:
مرحباً بك.
أحمد منصور:
توقفنا في الحلقة الماضية عند اعتقالك في يوم 19 مايو 1989م، وعمليات التعذيب التي تعرضت لها، ورأيت ابنك يتعرض لها، ثم مواجهتك بعد ذلك بالخلية العسكرية الأولى لحركة حماس.
أحمد ياسين:
ثم استمرار منع النوم، يعني أن تجلس على الكرسي أربع أيام دون أن تنام، وهم يضعوا لك يعني محققين في كل ساعتين، ثلاثة، يغيروا اثنين يتكلموا معاك، يعني التحقيق مستمر طوال الأربعة أيام دون أن تنام، ودون أن يعطوك فرصة تنام، حتى وصلت إلى مرحلة إني دخت، فقدت وعيي، ووقعت عن الكرسي.
أحمد منصور:
ماذا كانت الأسئلة أو المحاور التي يتحدث فيها المحققين؟
أحمد ياسين:
طبعاً بدهم يعرفوا مين .. كيف بنشتغل، وين بنشتغل، ومين بيشتغل، وحركتنا وتنظيمنا وشغلنا. طيب، أنت اعتُقِلت كيف ييجوا اللي بعدك؟ مين بيختارهم؟ كيف يختارهم؟ كيف يطلعوا؟ قلت لهم هذه قضية شعبية. طبعاً في الحقيقة إن هم فيه تنظيم مسلسل هرمي، تسقط القيادة تطلع قيادة منها مباشرة، يعني هم كانوا يريدوا أن يعرفوا كل شيء، ولكن إحنا كنا نعطيهم اللي ما يعرفوا الأصول، ولا يعرفوا الجذور.
أحمد منصور:
الخلية العسكرية الأولى التي ووجهت بها في الليلة الأولى لاعتقالك هل شعرت منهم أنهم ذكروا كل شيء، أم أنهم هناك أشياء أيضاً أخفوها؟
أحمد ياسين:
(6/3)
الخلية العسكرية هربت خرجت، بس بقى قائدها اللي موجود في الداخل، هو اللي كان موجود، طبعاً هو لم يواجهني القائد بتاعهم، واجهني الأخ المسؤول العسكري معايا النائب بتاعي اللي كان يصرف الخلية، بس قائد الخلية لم أراه.
أحمد منصور:
لم تراه.
أحمد ياسين:
ما جابوه لي إياه...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هل شعرت أنهم قالوا كل شيء، أم كان لديك إيحاء أن هناك أشياء أيضاً كثيرة أُخفِيت؟
أحمد ياسين:
شوف .. ما يخص الماضي والمتعلق بهم فهم شخصياً أعطوه، لأنه لا يأتي بناس جداد، لا يفتح أبواب جديدة وما يخص الآخرين، وفتح أبواب جديدة لم يعطوه، يعني عملت كذا؟ عملت مش مشكلة، شو اللي عملته؟ طخيت كذا، وعملت كذا وكذا، بس لأنه ما بيفتح عليه باب جديد يأتي بآخرين إلى السجن.
أحمد منصور:
خلاصة ما دار بينك وبين الإسرائيليين في التحقيقات.
أحمد ياسين:
أنا طبعاً وجدت أن الأمر أن الاعترافات القائمة أصبحت حقيقة أمامي، وأن إنكارها لا يفيدني، لأنه أنا سأحاكم عليها ما دام فيه شاهد واثنين، وثلاثة فيها. إذن المكابرة والمواجهة وتحمل التعذيب لشيء ستحاكم عليه ما بيهمك، ما بيأثرش علي. ثانياً: إن أنا يهمني بأعترف على شيء بحيث ما أفتحش خطوط جديدة لهم على الحركة. ومنها كانت اعترافاتي بالواقع الموجود بس بشكل إني أنا كنت بأعطي فتوى، وأنا كنت إنسان بأعمل ضد الاحتلال، ومن حقي أعمل انتفاضتي، وأواجهه، لأنه هذا من حقي...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني كنت تواجههم أنهم محتلون وأنك تعمل ضدهم؟
أحمد ياسين:
بكل الحقيقة وليش لأ؟! يعني هذا حقي أنا هم طبعاً كان بيهمهم ينشروا اليأس بأن خلاص حماس انتهت وماتت، فضها، يعني خلاص قدر ربنا بدهم انتهت، بأطلع فيه وبأضحك، وبعد أربعة أو خمسة أيام من اعتقالي كان البيان الثاني نازل على طول، فصعقوا هم إنه يعني هم فكروا أن حماس .. اعتقلوا 1500 واحد في خلال يومين، وبعدين يطلع البيان ثاني يوم..
(6/4)
أحمد منصور:
لم تحدثنا عن عملية الاعتقال لـ 1500 هذه.
أحمد ياسين:
لا، هم لما اكتشفوا قضية الخلية اللي قتلت الجنود أصدروا أمر بإغلاق قطاع غزة كله، وفرضوا عليه منع التجول أربعة أيام، وبدءوا حملة اعتقالات، كانوا يعتقلوا معظم شبابنا في هذه الأيام قبل ما يعتقلوني على أساس بدهم الأطراف اللي لها علاقة ما تهربش، فاعتقلوا حوالي 1500 واحد في هذه الضربة وظنوا إنهم خلاص قضوا على حماس، ولكن الله -سبحانه وتعالى- أراد أن يقول لهم أن حماس أقوى من ضرباتكم، وبقيت حماس وبقيت منشوراتها وبقيت نشاطاتها ومواجهاتها، وتنامت أكثر وأكثر بفضل الله تعالى.
أحمد منصور:
هل ترى أن من يقوم بعمل عسكري أو عمل سري مثل الذي كنتم تقومون به ضد الإسرائيليين يجب أن يبتعد عن ارتكاب أي أخطاء يمكن أن تؤدي إلى اكتشافه، خاصة وأن واضح أن الصدفة هي التي...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
هو الأصل هو هكذا، بس طبعاً الأخوة لما كانوا بيدخلوا إسرائيل، كانوا بيدخلوا وبيتحركوا، جوه لازم أن تكون بين إيديهم سيارة إسرائيلية، لأنه كان بيتحرك، فكانوا هم بيشتروا سيارات مسروقة من لصوص السيارات، وبيستخدموها في الحركة الداخلية على أنها سيارة إسرائيلية...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني من يعمل في العمل العسكري، أو العمل السري لابد أن يتعرف على اللصوص وعلى المجرمين وعلى الحشاشين وعلى تجار السلاح؟
أحمد ياسين:
بكل تأكيد لأنه بيشتعل، فهم طبعاً بعد ما نفذوا العملية بالسيارة المسروقة هذه صار عندهم قناعة، طيب ونرميها ليش؟! طيب، نأخذها معنا ونستعملها مرة ثانية وثالثة وهكذا، فكانت هي السبب في كشفهم، ما أدركوش بُعْد أنه يمكن أن تنكشف آثارها ممكن تشاهد، ممكن كذا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ألا تعتبر ذلك خللاً في التكوين؟
أحمد ياسين:
هذا خللاً في التفكير.
أحمد منصور:
في التفكير؟
أحمد ياسين:
نعم.
أحمد منصور:
وليس في التكوين؟
أحمد ياسين:
(6/5)
لا، لا، التكوين كويس، بس الخلل في التفكير لم يكن يقدِّر بُعْد القضية اللي هم فيها طبعاً، وحادثة بتعلم الحادثة الثانية، إحنا بنتعلم كل يوم تجارب.
أحمد منصور:هل تعرض ابنك لعمليات تعذيب بعد الليلة الأولى لاعتقالك؟
أحمد ياسين:
طبعا لا، مرتين بس في الليلة الأولى وبعدين سجنوه معي، كانوا يقعدوه زي المساجين، ويحطوا له كيس في راسه. ما هو كان فيه ممر طويل، وفيه المساجين جالسين على كراسي خشبية صفين، حوالي 50 واحد كله حاطط كيس على راسه، يعني مخنوق وجالس، ومكبلة وإيديه من الخلف للكرسي طوال 24 ساعة.
أحمد منصور:
خلاصة ما تم، أو ما انتهى إليه التحقيق، والاتهامات التي وجهت إليك.
أحمد ياسين:
وجه إليَّ طبعاً عملية قتل الجنود، إن أنا وراها، رغم أنني قلت لهم: لا ما ليش .. أنا دريت بها بس...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنت مجرد أنك أفتيت؟
أحمد ياسين:
آه بس، هذا للعملا أفتيت، بس الجنود ما بأعرف عنهم حاجة، أنا دريت أنهم قتلوا، ونصحتهم أنهم ما يعلنوش هاي دوري أنا.
أحمد منصور:
على أنك علمت بعد التنفيذ.
أحمد ياسين:
بعد الحادثة أنا ما أصدرت أوامر، ولا قلت لهم: اقتلوا، لكن التهمة كانت أنه قتل جنود وقتل عملاء، وطبعاً تم المحاكمة عليها.
أحمد منصور:
لكن يعني اعترافك أو إعلانك الآن عن هذه الأمور، ألا تعتقد إن لها أي شكل من أشكال التأثير، وأنها تدخل في سجل جهادك؟
أحمد ياسين:
شوف يا أخي، هم حاكموني على هذا الشيء، عندما أعترف به فهم حاكموني عليه. قضية حوكمت عليها وانتهيت وأغلق ملفها، والتاريخ لابد أن يعرف الحقيقة.
أحمد منصور:
بعد توجيه الاتهامات إليك ماذا حدث؟
أحمد ياسين:
طبعاً نقلت إلى السجن ثم بدأت المحكمة، وكنت طبعاً في (إيريز) أكثر من مرة وانتهى الحكم. كان عندي سبعة محامين بيحضروا محاكمتي، فكلهم أجمعوا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
فيهم حد إسرائيلي، أم كلهم من العرب؟
أحمد ياسين:
(6/6)
لا، فلسطينيين من غزة.
أحمد منصور:
فلسطينيين.
أحمد ياسين:
بس كان أحد إخواننا اللي هو بيرأس الدفاع المباشر عني من داخل .. من 48 هو عبد الملك دهامشة، كان هو يعني اللي بيدافع مباشرة، كانوا بيطرحوا عليَّ قبل الحكم أنه بس مجرد تاخد لك عشر سنوات، بالكثير 15 سنة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
من كان يقول هذا: المحامين أم الإسرائيليين؟ المحامين.
أحمد ياسين:
كلهم، المحامين، وأنا كنت أضحك عليهم، وقلت لهم: هذا الكلام مش معقول، لازم يعطوني مؤبد، قالوا: يا راجل! قلت لهم: بأقول لكم شوفوا، فرضنا ناخد القرار طبعاً صدر القرار مؤبد وفيها كمان 15 سنة متداخلة.
أحمد منصور:
يعني المحامين كانوا يرون أنك لن تقضي أكثر من 15؟
أحمد ياسين:
لأن المحامي في دفاعه عني قال لهم: طيب، ما دام أن الراجل علم بالجنود بعدما قتلوا توجهوا له تهمة القتل ليش؟! فالنيابة اقتنعت وقالوا: ماشي بنقيمها عنه، قالوا: ما دام ما قتلش، وما أمرش بالقتل للعملا، هو أعطى فتوى دينية، طب توجهوا له القتل ليش؟! فهم شالوا تهمة القتل مع النيابة، ولكن عند المحكمة الحاكم ما رضيش بالكلام هذا، وأصر بأن هو متهم بقتل الجنود وقتل العملاء، حتى صار يصورها يعني بشكل حزن، بأنه كيف هذا قلبه قاسي، وكيف قتل وكيف .. عشان يصدر القرار بتاعه.
أنا عارف أنه لازم أن يقول قرار. شوف إحنا لما بننشئ خلية عسكرية ما بنقولهاش: روحوا واقتل فلان أو علان، هو معاه مطلق العمل العسكري، هو حر يقرر متى يقتل وأين يقتل ومتى يجاهد، وما لنا علاقة فيه، هو بيتكون وبيشتغل بالطريقة اللي بيراها مناسبة، هو صاحب الميدان وصاحب المعركة، ما بنصدر له أوامر إنه اقتل وما تقتلش. عشان هيك هو لما قتل وعمل وعمل، عنده تفويض أصلاً مسبق بأن يواجه ويقاتل، ما فيش حدود لهذا العمل.
أحمد منصور:
يعني هناك ضمانات على أن هذا الشخص لن يفعل شيء فيه خلل أو إخلال أو مخالفة للضوابط الشرعية؟
(6/7)
أحمد ياسين:
لأنه أصلاً إحنا بنختاره مسلم، نختاره ملتزم إسلامياً في دينه وعباداته وأخلاقه، فهو ملتزم بالقوانين الشرعية، وملتزم بالحدود الشرعية لا يخرج عنها أصلاً بطبيعته، بتربيته، بوجوده.
أحمد منصور:
لكن ذكرت لي حضرتك في حلقة سابقة إن حدث خطأ وقُتل أحد العملاء، وأنكم دفعتم دية له.
أحمد ياسين:
نعم، هو كان يريد أن ينتزع معلومات يراها عنده، ولها حيثياتها من شخص معين، طبعاً لما واجهه .. بعض الناس بيكون عنده ضغط، بعض الناس ما فيش تحمل ... تحت أي هوامش طبيعية ممكن يموت الإنسان، ولم تثبت عليه الجريمة، إنما كل القتل هذا مش متعمد. إحنا ما عاوزين نقتله ولا بدنا نقتله...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني لم يقتل، وإنما مات لظروف صحية؟
أحمد ياسين:
لظروف خاصة به، يعني ممكن أي ضربة تكون مش قاتلة وتقتله، إحنا ما بنكون عاوزين نقتله، بس بدنا نريد نأخذ منه المعلومات اللي عاوزينها، لنعرف وين نمشي مع العملاء اللي بيخترقونا وبيهاجمونا وبيعملوا على ضرب خلايانا، من وين نعرف؟ فكونه يموت في هذه الحالة بنكون إحنا فنعتبره قتيل خطأ، ومن حقه يأخذ الدية.
أحمد منصور:
هل كنت على علاقة بحماس أثناء فترة محاكمتك واعتقالك؟
أحمد منصور:
الحقيقة أنا طول عمري بأثق في الناس اللي ورايا وما بأتدخلش في شغلهم، إذا دخلت السجن خلاص أعتبر حالي سِبْت العمل والقيادة، عليَّ الآن أهتم بوجودي اللي أنا فيه، الظرف اللي أنا فيه، ما أتدخلش فيهم، لكن بأتابع أخبارهم وأسمع ما يجري، إذا فيه ملاحظات بأرسلها وبحذر منها...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني فيه ملاحظات كنت ترسلها؟
أحمد ياسين:
(6/8)
طبعاً، يعني في فترة كان فيه عملية قتل عملاء كثير أنا كنت مستاء جداً، وبعت عليها رسائل بأنه ما بصيرش هذا لازم نكون متأنيين، لأن الحياة البشرية مش سهل نتخلص منها بسرعة، لابد من ضوابط، لابد من حدود، فيه تعذيب في السجون كان للعملاء، ولما سمعت عنه استأت جداً، وجهت رسالة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان على أيدي..
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
وجهت رسالة للسجون في الداخل اللي أنا فيها، طبعاً لنا طرقنا أنا معزول صحيح، يعني ما حدش يتصل بي، لكن فيه لي طرق لأبعث رسائل، هذه الطرق الفنية بتاعة السجناء.
أحمد منصور:
هذا التعذيب اللي كان يتم داخل السجون كان يتم على أيدي أناس من حماس؟
أحمد ياسين:
من حماس بيحققوا معهم على .. ثبت عندهم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
النائب العسكري لك كم أخذ من سنوات في السجن؟
أحمد ياسين:
هو النائب الأول .. كان لنا نائب أول هو صلاح شحادة وأخذ عشر سنوات، اللي بعد القائد الأول بعد لما اعتقل الأول صار فيه قائد ثاني للعمل العسكري فهو لسه ما مارسش عمله كتير .. فترة قليلة تم اعتقاله في ضربتنا عام 89، فأخذ ستة سنوات وروَّح.
أحمد منصور:
هذا حوكم معك؟
أحمد ياسين:
لأ، مش معايا في نفس الجلسة، بس في نفس الـ...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
نفس القضية؟
أحمد ياسين:
نفس القضية، نعم.
أحمد منصور:
تم اختيار مسؤولين عسكريين بعد ذلك طبعاً.
أحمد ياسين:
بالتأكيد.
أحمد منصور:
كيف كنت تتابع العمل العسكري لحماس...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
أنا بعد هذه الفترة قلت أنني ما بأتدخلش، وبيشتغلوا، لكن كنت أبعث نصائح توجيهات إذا وجدت هناك خلل، أما من اللي صار قائد عسكري بعد هيك؟ ما أعرفش. إحنا كنا نسمي العمل الأول (المجاهدون الفلسطينيون) اللي إيجوا بعدنا قالوا: لا، بدنا نسميه (كتائب عز الدين القسام).
أحمد منصور:
متى تم اختيار هذا الاسم؟
أحمد ياسين:
يبدو أن هذا الكلام صار بعد 90، 1991م.
(6/9)
أحمد منصور:
إيه أسباب اختيار اسم كتائب عز الدين القسام؟
أحمد ياسين:
أنه يعني الإخوة بيتصوروا أن عز الدين القسام قدوة في الاستشهاد في فلسطين، قدوة في مقاتلة اليهود والبريطانيين، ثم نفذ ذلك عمليات استشهاد على أرض فلسطين، وهو أصلاً سوري جاء من سوريا إلى فلسطين وقاوم، وعمل مجموعات في مواجهة الاحتلال البريطاني في قرية (يعبد) في شمال فلسطين واستشهد. فواحد قاوم وقاتل واستشهد، يعني أن تعطيه رمزية الجهاد شيء ممتاز جداً، كويس.
أحمد منصور:
كيف كان سجنك بعد الحكم عليك بالمؤبد؟
أحمد ياسين:
والله أنت عارف كان السجن رغم ضيقه وظلماته وضغوطه النفسية على الإنسان وتعرضه لسوء التغذية وسوء العلاج وسوء المعاملة من السجانين، إلا أن الإنسان المؤمن يجد في السجن متعة، المتعة من أن هو يتفرغ في علاقته مع الله، علاقة العبادة وعلاقة القرآن، أنا أكملت حفظ القرآن في السجن، ما كنتش لسه حافظه...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في السجن الثاني هذا؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
نعم، كنت حافظ كميات، لكن ما عنديش وقت أحفظ، في هذه السجنة في سنة 90 أنهيت .. أكملت القرآن الكريم، اطلعت على التفاسير، اطلعت على التاريخ الإسلامي، اطلعت على أصول الفقه، اطلعت على كتب اللغة العربية، اطلعت على دراسة الفقه الإسلامي في مجلدات، 23 مجلد للأستاذ محمد نجيب المطيعي اللي كان بيكمل كتاب الإمام النووي رحمه الله...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
"المجموع".
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
"المجموع" للنووي، يعني كان الإنسان في فترة سجنه هي فترة دراسة وعلم، فترة عبادة ومعنويات روحية عالية جداً لا تتصورها قد إيش! إنسان عمال كل يوم بيصلي صلواته، وبيقرأ من القرآن، يعني أنا كنت بأقرأ أربعة أجزاء في اليوم في صلاة السنن بس، مش في الفرائض، بس وأنا بأقرأ في السنن انظر كيف تكون روحه المعنوية، كيف حاله؟! الحقيقة هي كانت أعلى حياتي المعنوية في ذلك الوقت.
(6/10)
أحمد منصور:
كيف كان الإسرائيليون يتعاملون معك؟ صف لنا شكل الزنزانة التي قضيت فيها سجنك وأسلوب التعامل معك.
أحمد ياسين:
اللي كان بيهمهم معايا في التعامل في قضيتين، يضيقوا عليَّ من حيث الاتصال الخارجي، يعني المعلومات، الصحافة، من حيث التغذية، من حيث العلاج، بس يهمهم أن يحافظوا على هذا الإنسان ما يموتش، بدهم إياه يظلوا ولو كل الأمراض فيه، مش مهم الأمراض فيه بس ما يموتش ويوم ما يحسوا أني وصلت إلى مرحلة من الخطر للحياة تنقلب الدنيا عندهم، ويصيروا قلقين لأنهم ما بدهمش إياي أموت.
أحمد منصور:
ليش؟
أحمد ياسين:
هم بيعرفوا أن واحد زي الشيخ أحمد إذا مات في السجن بيؤثر عليهم في الشارع، وبيؤثر على تاريخهم، ويؤثر على .. وهيلاقي ردة فعل كبيرة في الشارع من المقاومة ضدهم. طيب، هم واجهوا يعني مقاومة عنيفة لمجرد قائد بسيط من إخواننا القياديين لما قتلوه، فلما يقتلوا الشيخ أحمد في السجن يعني حاجة طامة بالنسبة لهم.
أحمد منصور:
من الذي واجهوه؟
أحمد ياسين:
أذكر أني أنا أصبت بالتهاب رئوي في السجن، وارتفعت درجة الجرارة إلى 39.5...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سنة كام؟
أحمد ياسين:
هذا في 87 قبل الخروج من السجن، وارتبك السجن...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
97 تقصد.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
97 آه مش 87 .. لا، آسف 97، فارتبك المستشفى يعني فيه مستشفى في السجن داخل السجن، فنقلوني من مستشفى السجن على طول إلى مستشفى خارجي في الرملة، منطقة مستشفى .. في الرملة موجود مستشفى ... ومدير الصحة في السجون واقف والكل، وأعطوني علاج خافض للحرارة، وأنا نايم بأتطلع فيهم وأضحك، ويقول لي مدير الصحة لسجون: أنت بتضحك وإحنا قلقين حواليك؟ قلت له: هي كام موتة؟ ما الواحد بيموت موتة واحدة، ومادام بيموت موتة واحدة ليش يزعل؟! أهلاً وسهلاً، فهو كان خائف يعني من نتيجة الـ...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(6/11)
لكن بشكل عام طوال الفترة الماضية كانوا يتركوك إذا صحتك تدهورت، في كثير من الأحيان كانت الصحف تتناقل أن صحتك متدهورة والإسرائيليين لا يعطون لك رعاية وأشياء من هذا القبيل.
أحمد ياسين:
يعني هو بيديني علاج للأذن طول وجودي في السجن، خلص ها العلاج تطيب، ما تطيبش، ها بنعطيك علاج، كويس؟ يعني قلت له: ظهري، ومش قادر لما أصبت أنا بوضع ظهري هناك في السجن خدت دوا، يقول لك: وإيش أعملك؟ هو أني الله؟ لكن بيدوا لك علاج بالقدر اللي يحافظوا على حياتك، وطبعاً برضه كمان شيء جيد أن يحافظوا على حياتك.
أحمد منصور:
هل كنت في الزنزانة أم في المستشفى طوال الوقت؟
أحمد ياسين:
لا، في المستشفى، كنت في غرفة فيها المرافقين اثنين، كانت الغرفة واسعة، كانت كويسة.
أحمد منصور:
طول فترة سجنك قضيتها في المستشفى؟
أحمد ياسين:
لا، بس من بداية 96 و1997م.
أحمد منصور:
لكن قبل ذلك؟
أحمد ياسين:
كنت في السجن.
أحمد منصور:
كنت في الزنزانة؟
أحمد ياسين:
كنت في .. هم نقلوني ثلاث مراحل في السجن...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مرحلة مرحلة صف لنا.
أحمد ياسين:
المرحلة الأولى لما طلعت من زنازين التحقيق وكنت "كفاريونا"، وهناك اختاروا لي غرفة منفردة في قسم الجنائيين، زي ما قلت لك مترين ونصف في مترين، فيها الأسِرَّة، فيها دورة المياه وفيها الحمام وفيها المغسلة، يعني يدوبك تقدر تتحرك فيها. سجن، ولها كوة صغيرة بس 30 سم × 30 سم اللي تنفس عليك، وقعدنا فيها 89 و90 و91 و1992م، ثلاث سنوات فيها...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
92 صدر الحكم عليك.
أحمد ياسين:
لا، في الـ 90 صدر الحكم
أحمد منصور:
في الـ 90 صدر الحكم.
أحمد ياسين:
في 92 من كتر ما أشكي وييجي الصليب وأوريه الـ.. قرروا يوسعوها، فكان جنبها غرفة صغيرة مترين ونص × مترين أضافوها لها، صارت –يعني على كل حال- فيها تهوية فاعتبروها يعني إن هذه غرفة لوكندة...
(6/12)
أحمد منصور [مقاطعاً]:
First class, Five Stars.
أحمد ياسين:
خمس نجوم، فندق خمس نجوم.
أحمد منصور:
من كان يساعدك ويقوم على خدمتك؟
أحمد ياسين:
كان معي شباب من الحركة يجيبوهم كل شهرين ثلاثة، كل شهر .. يجيبوا ناس ويغيروهم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني شباب حماس يأتوا يقضوا معك...
أحمد ياسين [مقاطعاً]:
نعم، آه هم بيخدموني.
أحمد منصور:
كل شهر شهرين يقضوا معك داخل السجن.
أحمد ياسين:
اثنين ويروحوا بدالهم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يناموا ويأكلوا ويشربوا ويعملوا، يعني مسجونين معك؟
أحمد ياسين:
طبعاً معايا في نفس الوضع اللي أنا فيه، طبعاً مش اليهود اللي كانوا يختاروا، في الأول اليهود كانوا يختاروا على كيفهم، في الآخر إحنا قررنا إن إحنا اللي نختار مين ييجي، فصارت الحركة لما تطلب إسرائيل بدنا اثنين يخدموا الشيخ، الحركة في أي سجن تقول لهم: هي اثنين، مش هم اللي يختاروا، إحنا نختار اللي بدنا إياه.
أحمد منصور:
وكانوا يأتوا من السجون المختلفة؟
أحمد ياسين:
نعم.
أحمد منصور:
في أي سجن أنت كنت؟
أحمد ياسين:
قضيت فترة اعتقالي حتى آخر 95 في سجن كفاريونا اللي هو في (بيت ليث) منطقة (طولكرم) في آخر 95 نقلت إلى سجن (تلمونت) كانوا عاملين قسم خاص معزول خالص لي بس أوسع، فيه غرفة كبيرة طويلة وفيه حمام ودورة .. يعني فيه .. لكن معزول تماماً عن العالم، لا ترى إلا الجنود فيه، لا مدنيين ولا عسكريين، في السجون هذه كنا نشوف الأمنيين، بس لا نرى أحد، قضينا من 17/9 حتى 4/1/96 في هذا المكان، ثم نقلنا إلى المستشفى.
أحمد منصور:
كيف كانت الزيارات تتم إليك؟ كان يسمح لمن يريد أن يزورك بزيارتك؟
أحمد ياسين:
لا، كان بيسمح لأهلي، عيالي وبناتي وأولادي، الأولاد كانوا ممنوعين بيجوني كمان...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني الذكور ممنوعين؟
أحمد ياسين:
(6/13)
ممنوعين. كانوا البنات اللي بيجوني بس، كانوا في فترة سابقة بيسمحوا للأولاد وأخواتي وبعض أقاربنا القريبين بيجوا، وبعدين منع كله، حتى أولادي منعوا، وما ظلش يجيني إلا بناتي وزوجتي. وفي الآخر طبعاً البنات صاروا بدهم كمان تصاريح لهم، وصارت تجيني زوجتي لحالها، كانت يعني الزيارات صعبة، كان يمضي على مرات ستة شهور بأزورش...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما أحد يزورك؟
أحمد ياسين:
ولا واحد يزورني من أهلي، يعني ما فيش زيارات، كانت تمر فترات يعني صعبة ما بأشوفش الأهل أو نشوف الناس. كانوا طبعاً لما بتيجي -زي ما أنت سامع- أنا ما بأسمعش يجيبوا لي شرطي جنبي يسمعني إيش يأتكلم أنا وزوجتي، في الآخر بده هو يترجم لي إيش بتقول زوجتي كمان...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الشرطي؟!
أحمد ياسين:
يا نهار! متعبة فقررت ما بديش زيارات، في آخر يوم طلعت فيه قلت لزوجتي: لا تعودي إليَّ أبداً.
أحمد منصور:
هل ضعف السمع عندك وكذلك عينك من آثار الضرب والتعذيب اللي تعرضت له؟
أحمد ياسين:
لا هو التهاب قديم، بس هم ما كانش عندهم عناية في علاجهم، فأخذ يمتد ويزيد مش مهتمين بالعناية خالص.
أحمد منصور:
ذكرت لي أن بعض الأطباء الفلسطينيين المقيمين في الخارج كانوا زاروك وقالوا إمكانية إجراء العملية، هل كان يسمح لهم بالزيارة؟
أحمد ياسين:
من قطاع غزة كان مرفوض بتاتاً، يصلني ولا دكتور، سمحوا بزيارة أطباء من الداخل من الخط الأخضر، من أهلنا من 48، وكانوا يسمحوا ببعض الأطباء من
الضفة الغربية، وكانوا بيكتبوا تقارير ما لهاش قيمة، تكتب تقارير وخلاص مع السلامة.
أحمد منصور:
يعني فرصة أن تحدثنا عن حياتك الاجتماعية، ولم تحدثنا عنها، متى تزوجت وأولادك وعائلتك؟
أحمد ياسين:
(6/14)
طبعاً أنا -زي ما قلت لك- خلصت توجيهي عام 1958م، وبدأت أشتغل في نفس العام 4/10/58 وبديت في المرحلة الأولى أهتم بالعلاج، سافرت مصر 59، وفي 61 للعلاج هناك في مصر، في 61 قررت الزواج...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في 1961م؟
أحمد ياسين:
نعم، وبفضل الله تزوجت، وبدأ عندي الإنجاب، صار عندي .. ماتوا الأوائل الاثنين، أولادي الاثنين في الأول...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ربنا يرحمهم.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
وبقي عندي الآن 11 ثمانية بنات وثلاثة أولاد، وجيش كبير يعني.
أحمد ياسين:
ما شاء الله. ربنا يبارك.
أحمد ياسين:
الحمد لله رب العالمين.
أحمد منصور:
شيخ كيف كانت تتم عملية الاتصال الخارجي بالنسبة لك؟ كيف كنت تجري اتصالاتك؟
أحمد ياسين:
طبعاً أنا بالنسبة لأهلي ما كنتش بأرشحهم للاتصال، لأنني مش مستعد أن أدخل بناتي في أمور ليست صحيحة. ثانياً: أنهن مش على مستوى أنهن يتحملن أعباء المسؤوليات، لكن أنا كنت أتصل عن طريق السجناء، يعني أنا عندي اثنين الآن بعد شهر ونصف بدهم يمشوا من عندي، أحملهم الرسالة اللي بدي إياها وتنتقل إلى السجن الثاني، وتطلع بره، بل في الفترة الأخيرة كنا متفقين على نقطة ميتة بيننا وبينهم في دورة المياه...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
النقاط الميتة دي لازالت سر إحنا عاوزين أن نفهمه.
أحمد ياسين:
طبعاً هذا يشرفنا، نستقبل رسائل ونودي رسائل على كل السجون، وهذه طريقة شغلنا، أقول لك السجين بيحمل رسائل وهو طالع من السجن، لو حرروه كله ما بيعرفوش وين الرسائل، لأنها كبسولة وبلعها وبعدما يصل إلى السجن بتاعه، ينزلها وبيغسلها ويفكها، ويعمل اللي بده إياه فيها، وتكون (مجلتنة) وملفوفة بنايلون.
أحمد منصور:
(6/15)
أثناء فترة اعتقالك في السجن كان كثير من وسائل الإعلام لاسيما الإسرائيلية، حتى كانت تجري معك حوارات ولقاءات، وكنت تبدي آراءك في القضايا القائمة على الساحة، وكأنك تعايشها لحظة بلحظة رغم وجودك في السجن. كيف كانت تتم عملية المتابعة والمعايشة لما يحدث في الخارج؟
أحمد ياسين:
كان عندنا راديوهات في السجن، وكان عندنا تليفزيون في السجن، بس اللي كانوا ينغصوا علينا فيه الجرائد، الصحافة، كان الجريدة يجيب لك إياها بعد أسبوع، بعد 15 يوم تكون الأخبار اللي فيها باتت، لأن الجريدة تحمل من أنباء الأهل والوطن وحركة المجتمع غير الراديو أو التليفزيون، فكانوا يتعبونا في الجرائد، تجيب لك إيها بعد أسبوع إيش بدك فيها؟! بعد 15 يوم إيش بدك تقراه؟!
طبعاً كانوا بينغصوا علينا مثلاً تكتب حاجة يصادروها، يفتشوك وإذا لقوا ورق بدهم .. الجريدة كانوا يصادروها في الأول من عندي، مقالات كنت أختارها من الجرائد وأحطها عندي في ملف صادروها، يعني ما بدهمش يخلوك تتمتع بحرية زي ما أنت عايز يعني، وأنت طالع للفسحة يفتشوك وأنت نازل يفتشوك، يعني تفتيش كل يوم، يفتحوا الغرفة ويقعد يفتش ويقلب (الأواعي) فوق تحت.
في يوم جينا لقينا الغرفة كلها مقلوبة فوق تحت، فعملت إضراب عن الطعام، قلت إيش شو هذا؟ اللي بده يفتش يفتش بس يحط كل شيء محله، لكن لما تحط لي العدس على سريري، على القواعد، وتقلب لي كل شيء وترمي لي إياه في نص الأودة وتطلع هذا مش تفتيش والله وأسكت، وأضربنا عن الطعام، ولما إيجي قال: طيب خلاص إحنا بعد هيك بنفتش ما بنعملكوش المشاكل هذه.
وفكنا نضرب عن الطعام في مناسبات إضراب السجون مثلاً نضرب عن الطعام، لما يكون مثلاً اغتيال زي فتحي الشقاقي أضربنا عن الطعام يوم كامل احتجاجاً على العملية...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وعلمتم بالنبأ في حينه؟
أحمد ياسين:
طبعاً.
أحمد منصور:
من خلال الراديو والتليفزيون.
أحمد ياسين:
(6/16)
طبعاً. قلنا اليهود إنه .. لا، ما كانش فيه اتصال، بس بعدما بيطلع الشباب من عندي اللي كان معايا أو إحنا بنبلغ الزيارات الأهل بالكلام هذا، بالمكشوف إحنا احتجاجا على اغتياله مضربين عن الأكل، مش يعني شيء مخفي، تضامناً مع إخواننا في سجن كذا إحنا مضربين عن الأكل، هكذا.
أحمد منصور:
تذكر أمور أخرى بارزة تمت في السجن أثناء فترة اعتقالك قمتم بها مثل عملية الإضرابات أو غيرها؟
أحمد ياسين:
كنا نُضرِب عن الفورة، نُضرِب عن الأكل -مثلاً- نُضرِب عن الزيارة يعملوا معانا مشاكل نقول لهم: خلاص ما بدناش نروح، ما عدناش نروح، إحنا بنواجههم يعني أكثر بالبطون الجائعة زي ما قالوا، حربنا معهم بطون جائعة، وهذا كان بيؤثر عليهم يعني، لأن مدير السجن بده السجن يكون هادي يبين أنه راجل ناجح فإذا صار عنده مشاكل وإضرابات، فبيدل أنه فاشل وبده يتغير.
أنا طبعاً كانت يمكن أوضاعي لأن عدد اللي معايا اثنين وأنا -ثلاثة- قليل المواجهة، بس المواجهات في السجون غير .. تصل إلى حد الضرب والتكسير ورش الغاز والإغماء والسجون، يعني حاجة مش قليل في السجون، كثيراً تحصل هذه...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
المواجهات بين السجناء؟
أحمد ياسين:
بين السجناء والسلطة، يحرموهم من الزيارات، يحرموهم من .. يعتقلوهم، ينفوهم من سجن إلى سجن حتى لا يستقر السجين. يوم أكون في السجن هذا بعد شهر والثاني أرحل وين؟ عا (السبع) بعد شهر والثاني يرحل من وين؟ على كفاريونا، بعد شهر والثاني من وين؟ على غزة، بعد .. وين؟ حتى يظل السجين في قلق، مش مرتاح، مش واجد نفسه حتى لا ينفذ برامج التربية والدراسة كمان في .. بيظل الإنسان..
(6/17)
فهم لهم وسائلهم السيئة في الضغط على السجين في الترحال والتنقل والطعام والعلاج، تلاقي السجن يضرب عشان بده يودي مريض عا المستشفى ليش مهملينه؟ ليش ما ديتوش؟ يقولوا: ما هو الدور ولما ويستنى، يعني واحد بده يعملوا له عملية -مثلاً- خطيرة، يقعد سنتين وثلاثة عشان يودوه عا المستشفى بحجة أنه المستشفى مليان، والدور..
أحمد منصور:
شيخ، كيف كنت تتابع العمليات العسكرية لحماس، خاصة وأنها في فترة سجنك أخذت أبعاد وآفاق كبيرة للغاية؟
أحمد ياسين:
هم كانوا يريدوا يظهروني في الإعلام عشان أعلق على هذه العمليات، وأنا طول الوقت كنت أقول لهم: إنه أنا بأرفض قتل المدنيين، وأنا مش معاه، لكن أنتم بتجبرونا على هذا، أنتم بتروحوا تقتلوا، بيصير رد فعل، إنتو ابعدوا عن المدنيين نبعد عن المدنين. وبعدين كمان يمكن كنت أقول لهم: وطب وأنا وإيش دريني إنه راح يقتل مدنيين؟ يمكن رايح لثكنات عسكرية، وانفجرت فيه في الباص قبل ما يصل! يمكن علشان عملية .. وضع وظروف أخرى مختلفة للعمليات اللي كانت بتصير، فهم بيسألوني: طب يعني .. مرة بيقولوا لي: طب إيش حالة نفسيتك وأنت بتطَّلَّع التفجير اللي صار جنب كفاريونا هذا؟ كيف نفسيتك؟ قلت لهم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
جنب السجن .. جنب المستشفى؟
أحمد ياسين:
لا، اللي قبله كفاريونا صار فيه تفجير في (بيت ليد) وقتل حوالي 21 جندي في التفجيرين، وكنت أنا قاعد في الساحة وبأسمع التفجيرات جنبي يعني بس 50 متر بيننا وبينهم. فطبعاً ايجوا بالعجل وحملوني، ودخلوني الغرفة، وسكَّروا عليَّ...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
التليفزيون الإسرائيلي؟
أحمد ياسين:
لا، الصحافة الإسرائيلية مش على التليفزيون، فقالوا .. قلت لهم: والله .. والله أنا كنت حزين، فانبسطوا حزين يعني الراجل .. فقالوا: كيف حزين؟ قلت لهم: لأن سفك الدماء لم ينتهي بعد، ها الحزن بتاعي، إنه ما انتهاش السفك لسه ماشي مستمر إن شاء الله في الطريق.
(6/18)
أحمد منصور:
هذا يفهم على كل الوجوه.
أحمد ياسين:
على كل الوجوه، كانوا بدهم مني أوجهه علشان نوقف العمليات، قلت لهم: هذا كلام مش معقول، وقفوا أنتم كل شيء بيقف، تعالوا نبعد المدنيين عن الصراع وإحنا جاهزين، أما بدكم إياي أقول لجماعتنا: وقفوا وأنتم ما بتوقفوش مش معقول هذا الكلام.
أحمد منصور:
لكن كان هم على ثقة أنك لو وجهت مثل هذا النداء سيسمع له؟
أحمد ياسين:
هم هيك فاهمين، هم بيجسوا نبض الشارع، وأن الشيخ أحمد له تقديره وله دوره في الشارع الفلسطيني، فإذا قال كلمة تسمع، وخاصة من أبناء الـ.. ولذلك لما جوا لي في قضايا المختطفين أيام (نسيم توليدانو) اللي أبعدوا على آثارها إخواننا اللي فوق الـ 400 إلى مرج الزهور...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إلى جنوب لبنان، نعم.
أحمد ياسين:
وخلوني أوجه نداء وكذا، ولما جوني أيام، الاختطاف الثاني (نخشون فارتمان) اللي كان...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنا أرجو أن إحنا نأخذ دي واحدة بواحدة بشكل من التفصيل شوية، يعني حينما .. يعني الأشياء الأساسية أو المحورية التي جاءك فيها الإسرائيليون يطلبون تدخلك أو تعليقك فيها.
أحمد ياسين:
بأقول المرة الأولى كانت اختطاف نسيم توليدانو اللي اختطفته مجموعة من القدس وعلى أثرها رابين أبعد الـ400 في 1992م فجاءوني قبل ما ييجوني إلى العصر إيجت الـ…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذه كانت أول مرة؟
أحمد ياسين:
أول مرة.
أحمد منصور:
أول مرة.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(6/19)
فجاني مدير السجن وضابط الأمن وأخذوا التليفزيون وأخذوا الراديو من عندي، ما عنديش خبر، مش داري إيش .. إيجه المغرب قالوا: الأكل، قلت لهم: بلاش أكل، مضربين عن الأكل، إنتو تأخذوا التليفزيون والراديو ليش؟ هم بدهم يمنعونا نسمع الخبر وإحنا مش داريين، والله شوية إلا جايين مدير الشؤون العربية القديم اللي كان في غزة، ومعاه النائب بتاعه ضباط من ضباط الجيش، كولونيل، اثنين ودخلوا عليَّ، وقالوا: إحنا جايين نتكلم معك شوية، فيه جندي مختطف، ناس مختطفينه، ناس كذا بهذا المعنى، قلت له: إيش بدك مني يعني أوجه كلمة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هو قال لك أن حماس اللي مختطفاه؟
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
.. هو ما قالش لسه، قلت له: بدك أوجه كلمة، قال: يعني، قلت له: أنا مستعد هات تليفزيونك وتعال، قال هم: ليش اختطفوه لهم مطالب، قلت له: اسمع لهم مطالب، نفذوا لهم مطالبهم، ما بأعرفش إنهم بيطالبوا في أني .. أنا مش عارف إنهم يطالبوا في أنا قال، قلت له: طبعاً اللي يختطف له مطالب، قال: بس ليش يختطفه؟ قلت له: وأنتم ليش اختطفتوا؟ ليش اختطفتم عبدالكريم عبيد، ومصطفى الديراني من لبنان، قال لنا أهداف ولنا مصالح، قلت: وهم لهم أهداف ولهم مصالح، نفذوا لهم مطالبهم.
أحمد منصور:
هذا كان من التليفزيون الإسرائيلي؟
أحمد ياسين:
هذا الكلام كان قبل التسجيل، قبل ما ييجي التليفزيون، لكن هم كانوا مرتبكين إيش يسألوني؟ لدرجة أن أحد الجنائيين الذي كان بيجيب معهم الأكل، هم بيشرفوا عليه كان تحت لما إيجوا، وقال أن كانوا المخابرات تحت بيكتبوا الأسئلة لبتاع الـ...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
للتليفزيون.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(6/20)
آه، بيحضروا له الأسئلة، فلما إيجه المراسل بتاع التليفزيون وشاف الأسئلة ما رضيش فيها مزَّعها، وقال لهم: ما بأستخدمش أسئلتكم فكانوا بيتقاتلوا معاه، فين إيه وإيه اللي بيسألوا؟ إيش يسألوا؟ والحمد لله كانت المقابلة مش في صالحهم.
أحمد منصور:
تفتكر أهم الأسئلة والإجابة؟
أحمد ياسين:
يعني مثلاً بيقول: إنت إيش رأيك فيه جماعة مختطفين جندي، وها دول يعني بدهم يقتلوه الساعة 9 ميعاد قتله، إحنا جايين لك إنك توجه لهم نداء بلاش يقتلوه وكنا .. قلت لهم: أنا معاكم أن هذا أسير، وبأدعوا الشباب ما يقتلوهش وهيحافظوا على حياته، قالوا: طيب، اطلب منهم مهلة، بدهم مهلة يومين أو ثلاثة، قلت لهم: إلا هادي، أنا ما أقدرش أعطيكم مهلة وهم أدرى بظروفهم، ثم أنا بأقول لهم: ما يقتلوش لكن مهلة، مدة محددة هذه قضية بتخصهم هم، هم يقدروا يتحكموا فيها، ومش أنا اللي بأتحكم فيها.
طبعاً هذا الكلام كان بيعني إذا تضايقتوا .. مات وهم فهموا هذا الكلام ولذلك لما سألوهم في التحقيق، طيب الشيخ قال لكم: ما تقتلوش، قالوا: أنه ما أعطيناش حدود معينة، وقال: إنه ما بأقدرش أعطيهم مهلة محددة، وهذا معناه أنه إذا تضايقنا إحنا نحقق .. فكانت المقابلة يعني من فضل الله مش في صالحهم...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وكنت في ذلك الوقت علمت أنهم يطالبون بالإفراج عنك؟
أحمد ياسين:
بعد هيك عرفت.
أحمد منصور:
بعد ذلك، يعني المقابلة تمت مع التليفزيون دون أن تعلم؟
أحمد ياسين:
يعني تقريبا آه، والحمد لله الموقف كان جيد، وكانت المقابلة مش في صالحهم، في صالحنا، في صالح حركتنا، وفي صالح نشاطنا، هذه هي المرة الأولى اللي إيجوا فيها...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سنة 92.
أحمد ياسين:
سنة 92.
أحمد منصور:
بعد ذلك.
أحمد ياسين:
(6/21)
المرة الأخيرة اللي كانت في سنة .. بعد ما إيجت السلطة في سنة أظن 94 أو 95، طبعاً الشباب برضه بدهم يطلعوا الشيخ أحمد من السجن، فاختطفوا جندي وحطوه في بيت في (بئر نبالة) وطبعاً الأمر كان ماس جداً لمدة أسبوع، وإسرائيل مش دارية إيش تعمل. للأسف الشباب عملوا تسجيل صوتي على فيديو وأرسلوه إلى غزة علشان ينشر للإعلام و... على إسرائيل.
إسرائيل طبعاً بدأت تفاوض، ومستعدة تطلق سراح الشيخ أحمد، بس الشباب ما بدهمش الشيخ أحمد لحاله، بدهم عبد الكريم عبيد، وبدهم الديراني، وبدهم أسرى، وبدهم كذا، فإسرائيل أعطت أمر بأننا مستعدين نطلق سراح الشيخ، أحمد، بس أطلقوا الجندي، إسرائيل تايهة ومخابراتها مش عارفة إيش تعمل، السلطة الفلسطينية اكتشفت الشريط وعرفت مين اللي جاب الشريط من القدس، التنسيق الأمني بلغ أن فلان اللي جاب الشريط، فاكتشف الشخص بتاع القدس اللي جاب الشريط، فاعتقل طبعاً وعُذِّب، فاعترف تحت التعذيب على المكان اللي فيه الجندي.
إسرائيل صارت توحي إنه بدنا نطلق السجناء، والسجناء وصلوا الحدود، ووصلوا (إيرنز) والباصات، وبيقولوا: مش عارف إيش، إسرائيل بتخطط لهجوم على البيت اللي فيه الشباب، الشباب لما جاءهم الجيش وحاصرهم، كانوا بيفكروا يأخذوني أنا معاهم على الباب، عشان أقنع الشباب يسلموا الجندي، وفي الآخر قالوا: لو شافوا الشيخ جاي بيعدموه، لا ما بدناش ناخده، ما جونيش، فلما الشباب شافوا هجوم الجيش حواليهم، وقالوا لهم: سلموا ما رضيوش قتلوا الجندي وقاوموا، وقتلوا كمان ضابط في الهجوم بتاعهم واستشهد اثنين، يعني هم استشهدوا، رفضوا التسليم، قتلوا المختطف، وقتلوا ضابط من ضباطهم المهاجمين واستشهدوا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني واحد بواحد.
أحمد ياسين [مستأنفاً]:
(6/22)
آه، الحمد لله ما كانوش .. ما فيش استسلام، ما فيش حدانا حد يسلم نفسه خلاص مستعد يقاتل حتى الشهادة، وهي الساعة اللي أنا بدور عليها، أنا بدور على الشهادة وجاتني كيف أبطل عنها؟! … وفيه محاولات كثيرة كانت لتحرير السجناء، محاولة اختطاف الباص في رام الله، والشباب اللي استشهدوا، ثلاثة كادوا يموتوا، ماتوا اثنين، وواحد كان في غيبوبة حتى قررت إسرائيل أنها تلقيه إلى غزة إلى السجن إلى المستشفى، فوصل إلى المستشفى وربنا دب فيه الحياة من جديد، وطاب وإحنا الآن بنزوره وبنسميه (الشهيد الحي) مصاب بشلل نصفي في إيده ورجله وتزوج وأنجب.
أحمد منصور:
ما شاء الله!
أحمد ياسين:
آه، فيه رجال الله يجزيهم الخير، فيه محاولات كثيرة، تخطيط مسبق يكتشف قبل التحريك...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذا موضوع السلطة سنأتي له ربما بالتفصيل في الحلقة القادمة، لكن أنا أود أيضاً فيما يتعلق بفترة التعامل الإعلامي الإسرائيلي معك. في أحد الحوارات ذُكِر -نقلاً- عن التليفزيون الإسرائيلي أنك اعترفت بإسرائيل، أو أنك قلت: لا بأس أن يكون هناك تعايش ما بين اليهود والـ...
أحمد ياسين:
(6/23)
هذه يعني كانت دبلجة إسرائيلية من المخرج، لأنه هو كان بيسألني أو طبعاً أنا لو اعترفت بإسرائيل ما كان ثاني يوم طلعت من السجن، هم كانوا بيطالبوني بهذا الكلام أنني بس أعترف، أوقف، أعمل، فكنت دائماً أقول لهم: هذا مستحيل إطلاقاً، لكن هو بيسألني: إيش موقفكم من السلطة؟ قلت له: إحنا نرفض أوسلو لكن مش مستعدين نتقاتل مع بعض، قال: طيب هم لو وصلوا، وأخذوا القدس، وعملوا دولة فلسطينية بتوافق عليها؟ قلت له: أنا طبعاً أوافق عليها على أساس أنه شيء موجود، شيء قائم يعني قال: طيب الدولة هذه وين هتكون؟ قلت: وين هتكون؟ هتكون جنب إسرائيل، فهو اعتبر هذا الكلام إنه أنا اعترفت بإسرائيل، أنا بأتكلم عن السلطة وموقف السلطة، وهي التي بتعترف، وهي اللي عايزه، فاعتبر مني هذه الدبلجة إني أنا اعترفت بإسرائيل، وطنطنوا فيها وذاعوها، لكن أنا ما كنت متأثر لأني أعرف بنفسي وأعرف بموقفي، ثم الناس أهلي في الخارج هم يعرفوا مين أحمد، مش سهل أنه يعطي هذه المعلومات، لكن الحمد لله مرت بسلام (أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) وهيك طبيعة الصراع.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نتحدث عن أوسلو، والسلطة الفلسطينية، وخروجك بعد ذلك من المعتقل.
أحمد ياسين:
نسأل الله السلامة.
أحمد منصور:
شكراً فضيلة الشيخ، كما نشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. حتى نلقاكم في حلقة قادمة من برنامج (شاهد على العصر) هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.
(6/24)
الحلقة8
(6/25)
الأربعاء 4/10/1422هـ الموافق 19/12/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 18:35(مكة المكرمة)،15:35(غرينيتش)
الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس
الحلقة 8 (الأخيرة)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس
تاريخ الحلقة
05/06/1999
أحمد منصور الشيخ أحمد ياسين
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج ( شاهد على العصر )، حيث نواصل حوارنا مع (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس). الشيخ أحمد ياسين مرحباً فضيلة الشيخ إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند أحاديثك التي أدليت بها إلى الإعلام الإسرائيلي ودخلنا في مرحلة 94، أو نقول قبلها بداية إرهاصات اتفاق (أوسلو) كيف كنت تتابع اتفاق (أوسلو) ومؤتمر مدريد من بدايته؟ وانطباعاتك عن هذه الأمور؟
أحمد ياسين: والله أنا كنت أرى أن مؤتمر مدريد لم يصل إلى شيء، لإنه مجرد مظاهرة إعلامية، المقصود فيه امتصاص الشعور الفلسطيني والعربي، وإنه إسرائيل مش جادة في ذلك الوقت لعمل الحلول، وهذا ما صرح به (شامير) فيما بعد، كما قال: كنت أريد أن تبقي المحادثات تمتد لـ 10 سنوات ومدة أكبر، وهكذا كان شعوري في ذلك الوقت، لكن أميركا كانت تريد أن تنهي الانتفاضة الفلسطينية اللي هي سببت لإسرائيل جرح نازف، شوهت صورتها أمام العالم، في الإعلام، في العالم، فكانت أميركا بدها تنهي هذه المشكلة، ومن كان بدأت الخطوط السرية تشتغل حتى وصلوا لاتفاق (أوسلو) اتفاق منفرد لأنه كان العرب داخلين إلى مدريد على أساس سلام شامل، ودائم، وعادل، فصار يوجد سلام جزئي مع ناس وتركوا الناس التانين وصار كل واحد بده يحل حاله مع إسرائيل وهذا ما تريده إسرائيل أن تنفرد في كل واحد على جهة، وتحقق مصالحها هي.
(6/26)
فكان طبعاً اتفاق (أوسلو) في نظرنا اتفاق ظالم وسيئ، لا يحقق آمال وأهداف شعبنا، وأدى إنه يعني يمزق وحدة الشعب الفلسطيني كان في خندق واحد في مواجهة العدو، وأدى إلى أنه يعني يصير فيه تعاون أمني بين اليهود وبين السلطة ضد من يريد أن يعمل وخاصة الحركات الإسلامية على رأسها حماس ضد إسرائيل، فهذا التنسيق الأمني اللي كان موجود بس مش معلن أعلنوه في الفترات الأخير باتفاق أميركا، طبعاً أدى زي ما قلت لك، إلى كشف قضية الاختطاف في (...) وأدى إلى كشف كثير من خلايا الثوريين في (أم تسليمة) من أعمال غير مقبولة أساساً، ربما فيه قضايا أخرى -لا نعلمها إحنا- لكن هذه طبيعة المرحلة والواقع اللي إحنا فيه، طبعاً إحنا رفضنا (أوسلو) لكن لما ايجت السلطة، لأننا لا نريد إشعال حرب أهلية أو قتال، ما اعترضنا السلطة ولا وقفنا في وجهها بل كثير من إخواننا استقبلوهم وساعدوهم وقدموا لهم الطعام، لأن جاؤوا ولا يملكون شيئاً، كانوا في وضع سيء في بدايتهم، وكانوا بيتوقعوا أنه نواجهم بالقتال ونقاتلهم، وإحنا رفضنا الاقتتال من أول يوم، طبعاً هم كانوا في الأول يعني تعاملوا حسن بحسن، وبدأت لما هم يتصرفوا تصرفات سيئة مع الشعب الفلسطيني أو مواقف سياسية تلاقي الشارع ينزل في مظاهرات 100 ألف، 50 ألف في الشارع، فهم أرادوا أن يعني يقسموا هذه المعارضة بمذبحة اللي صارت في مسجد فلسطيني واللي استشهد فيها 13 قتيل، والقضية ما فيش شيء.. ! !
أحمد منصور: هجموا على المسجد واطلقوا الرصاص ؟
(6/27)
أحمد ياسين: هما حطوا جنودهم على أبواب المسجد في الخارج بعيد، ولما بدأت المسيرة تطلع وتمشي أطلقوا النار على الناس ودي طبعاً هم أشاعوا أنهم عملاء الأمن، بس معروف الناس اللي رموهم ما بيشتغلوا في السلطة والناس شايفينهم فهذا طبعاً يعني من باب كسر المعارضة وتحطيمها، ولكن.. وعملوا لجنة تحقيق فيها وحتى الآن بتصدر قرارات لجنة التحقيق في المواجهة اللي هي كانت بتصير، فالسلطة طبعاً كانت جاية تحت شرط أنها لازم تقاوم الحركات الأصولية والإسلامية لازم تقاوم التطرف الديني لمصلحة إسرائيل والحفاظ على أمنها، للأسف هم يعني بيسيروا في هذا الخط حسب الأوامر الإسرائيلية والضغوط الإسرائيلية، لكن الظروف الفلسطينية ما بتسمحلهمش بهذا، لأن الحركة الإسلامية لها دور شعبي ودور إنساني، واجتماعي، وتعليمي، ورياضى.. خدمات.. فإذا قضي على هذه الخدمات معناه قضي على نصف الشعب الفلسطيني على الأقل اللي بيستفيد ويعيش في اللـ.. مما لا يستطيع همه يقوموا فيه كمان..
أحمد منصور: لكن هم بالفعل الآن هناك عمليات تقليص وتحجيم وإغلاق للأندية والأنشطة وغيرها من الأمور..
أحمد ياسين: يعني شوف.. هو الإغلاق الآن مش فعال، لإن المؤسسات الإسلامية تعمل كما هي، الإغلاق مجرد إغلاق مكاتب، أما النشاطات فهي نشاطات موجودة وقائمة يعني هي تحايل على أميركا وإسرائيل إنه هانا أغلقنا، لكن الحركات الإسلامية موجودة، نشاطها موجود والنشاط لازال قائم.
أحمد منصور: ما هي أهم السلبيات التي تركها اتفاق أوسلو أو سببها بالنسبة لفلسطين والقضية الفلسطينية؟
(6/28)
أحمد ياسين: أنا في نظرى لأول وهلة تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني في المواجهة، ثانياً: القضاء على انتفاضة المواجهة مع الجيش الإسرائيلي اللي كانت تستنزفه تقتل منه كل يوم، فالآن مافيش مواجهة لإنه طلعوا اليهود في المستوطنات في القطاع وطلعوا في قلاع محصنة، يعني مواجهتهم مع الشعب، الشعب هيكون في وضع ضعيف، لإنه مش هيقدر يتحدى القلاع اللي محطوطين فيها والمستوطنات اللي متحصنين فيها، فهذا أضعف الانتفاضة وقوضها السلبيات الثانية إنه هو أصلاً في اتفاقه لا يحقق آمال.. وعند التطبيق لم.. حتى لم ينفذ اللي لا يحقق الآمال.. يعني لم ينفذ إلا القليل القليل، وبذلك أصبح ممسوخ يعني لا يساوي شيء لا.. ليس هناك فلسطيني مقتنع أن هذا الطريق يمكن أن يحقق، أو يعمل سلام، أو يعمل دولة فلسطينية، أو يعمل حدود فلسطينية.
أحمد منصور: هناك مخاطر أساسية سببها اتفاق أوسلو والسلطة الفلسطينية على حركة حماس بشكل خاص وعملها العسكري؟
أحمد ياسين: بكل تأكيد، حركة حماس تأثرت بالتنسيق الأمني بينهم، لأن المعلومة اللي عند إسرائيل توصلهم إياها، والمعلومة يوصلوها لإسرائيل، التعاون الأمني بينهم ضيق الطريق على الكتائب، وعلى المجموعات المقاتلة فأصبحت تواجه من الخلف ومن الأمام في آن واحد، وهذا طبعاً صعب، لأننا نتحرك في كل الاتجاهات، وزاد من مشاكلها.. في الأول كانت تتحرك وشعبها كله وراها الآن على الأقل فيه نص شعبها بيشتغل لصالح السلطة.. يبقى معنى ذلك صار هناك صار صعوبة في كل الحركة في كل الاتجاهات ومع ذلك الحركة صابرة وثابتة وستبقي مقاتلة إن شاء الله تعالي.
أحمد منصور: فترة السنوات الأخيرة من سجنك ولو -رجعنا إليها- ثم نعود إلى تفصيلات هذا الأمر فيما بعد، كيف كان عملية ترتيبات خروجك من المعتقل أمن السجن؟ وكيف تلقيت الخبر؟
(6/29)
أحمد ياسين: كنت أنا في ذلك اليوم نبهت على زوجي إنها مترجعش تزورني صباحاً، وجاني المحامي في (المساء)، كان عاملي عريضة يطلعني من 40 عضو كنيست قلت له أنسي.. هذا الكلام ما يصيرش، إذا ما طلعتش غصب عن اليهود مش هطلع.. كان (المساء) الساعة 8.5 واليهود طلبوني.. قالوا بدنا الشيخ فوق، الشباب اللي عندي مش راضين، بدهم إياهم يجوا يتكلموا عندنا علشان يسمعوا ويشوفوا، فقالوا لهم الشيخ عيان ما بدوش يطلع، بعد ربع ساعة قالوا بدنا الشيخ فوق نتكلم معاه، عايزينه، قالوا لهم الشباب عيان وتعالوا عنده كلموه، (فغابوا) وبعد ربع ساعة رجعوا، فأنا الآن مش سامع، بس ما شو بس بيتكلموا، بس بفهم إن بدهم الشيخ..
أحمد منصور: والشباب ما أخبروك؟
أحمد ياسين: لأ.. بدهم إياهم يجوا عندي، في الآخر يا ولاد إيش بدهم؟ قالوا بدهم إياك فوق، وما بدناش أنت تطلع، بتخليك هنا، طب شفتهم يجوا مرة واثنين، قلت لهم لا خلاص بدى أطلع لهم أيش اللي بدهم إياه.. فآخر مرة بيقولوا يا عم القضية لمصلحة الشيخ خلوه يطلع؟ فطلعت وجت 3 ضباط شرطة، من الشرطة وضابط من الجيش وضباط 2 من الجيش قاعدين، قالوا لي أمامك فرصة حلوة، خير – إن شاء الله – قالوا تروح البيت أوه.. أوه.. هذا.. مليح كويس، قالوا موافق، قلت لهم طبعاً موافق، قالوا الملك حسين عمل مبادرة مع نتنياهو اتفقوا إنك تطلع على الأردن، وبعدين، قالوا أيش بتتفق أنت والملك بيصير.. قلت لهم لأ.. مبادرة أنا موافق أطلع بس، أروح على الأردن وأيش اتفق مع الملك لأ.. من الأن لازم تكتبوا لى ورقة تعهد إني أروح على الأردن زائر، وأرجع على بيتي على غزة ووطني..
أحمد منصور: وكنت عرفت القصة محاولة اغتيال خالد مشعل
(6/30)
أحمد ياسين: لأ.. أنا كنت بعرف فيه محاولة ماكنتش عارف مين وراها.. ، ماكانتش مكشوفة لسه، مكنتش بعرف إن إياها صفقة تبادل بينهم.. قالوا طب ليش الورقة، قلت لهم لابد، بطلع مابديش أطلع.. قالوا فرصة والملك، قلت لهم مين ما يكون، لا يمكن إلا تكتبوا لي تعهد منكم تمضوا عليه أنتوا التلاتة.
أحمد منصور: كانت رتبهم عالية لدرجة إن لو وقعوا تعهد يقرروا ينفذوه..
أحمد ياسين: أقل واحد فيهم 3 نجم والثانين مقصات.. ألوية يعني.. فقلت لهم مش ممكن هذا الكلام، اتصلوا في الجهات العليا، قجعدوا، 3 ساعات في حوار معاهم..
أحمد منصور: 3 ساعات.
أحمد ياسين: 3 ساعات.
أحمد منصور: كان محور الكلام أنك ستذهب إلى الأردن، ونتفاوض هناك على قضيتك.
أحمد ياسين: عمان بدهم.. يحطوني تحت الأمر الواقع قلت لهم لا.. تكتبوا لي من هنا تعهد، قالوا.. قلت لهم، ما أطلعش، ما بديش أطلع مين قالوا بدي أطلع، طب ما انتوا حاولتوا 100 مرة تطلعوني غزة وأنا رفضت، انتوا بتفكروني أهبل، مش أطلع ولو أسلمكم حياتي، فالضباط بيقولي الله أكبر.. أنت بدك تشنقنا، قلت له هذه حياتي بس ما بدكش إياها مستقبلي، في الآخر رضخوا، جابوا ورقة وكتبوا، كل ما يكتبوا شيء مش كذا.. أقولهم لا غيروا.. لا أكتب كذا.. بعدها قلت لهم مفيش فايدة لازم أكتب اللي بيريحني أنا.. ما أكتبش اللي تكتبوه أنتوا، بالفعل، بالأمر كتبوا اللي بدي إياه.. وقلت لهم وقعوا عليه.. قالوا طيب وبعد شوية، قلت قالوا طيب نوقع لك عليه.. قالوا خلاص قلت لهم لا.. لسه.. أنا بدي المرافقين معاي يطلعوا معاي لأنهم بيخدموني وبيعرفوا لي.. قالوا: نعم ؟ ! قلت لهم هاي اللي بيصير ما بدكوش ما ليش صالح بلاش أنا ما بديش أطلع..
أحمد منصور: يعني حظ المجموعة هذه التي كانت تخدمك في ذلك الوقت..
(6/31)
أحمد ياسين: آه، فقالوا: طب كم اللي معاك إيش محكومين، واحد منهم محكوم 12 سنة، مضى 3 سنين، واحد محكوم 8 ومضى 5، فقالوا: لا.. قلت: وأنا ما أطلعش خلاص، لمالقيتهم متشددين قلت: هلا بدي واحد، قالوا: خلاص بنعطيك هذا، فوافقوا على اللي هقضي 5 سنين، وقالوا لي خلاص بيطلع معاك، قلت: خلاص ماشي ورحنا الغرفة.. وأخذنا الأوراق وطلعنا.. ومشينا في السيارة إلى المطار ومن المطار إلى الأردن، كان الملك مستني في المطار، مجرد ما وصلت الطيارة طلع سلم على، وهناني..
أحمد منصور: بالتفصيل – بعض الشيء – أذكر لنا كيف خرجت من المطار إلى.. من السجن إلى المطار؟
أحمد ياسين: أولاً لما جيت على الغرفة هم كانوا يقولوا عوقتنا، معادنا راح، لأن معادهم عليَّ زي ما تقول الساعة 12 يكون في عمان أو واحدة تقريباً، فأخذوا الشباب اللي عندي، طلعوا اللي ما بدهمش يطلعوه بره، مش عارف أيش الدعوة هو.. يطلعوه بعيد.. وإيجوا للشاب اللي بدي آخذه معاي قالوا له أنت بدنا نطلعك تروح على بيت لحم، والشيخ بده يروح غزة فقلت (…) يعني أوهموه شاب مش عارف في هذا.. فالشاب لما شاف إنه بده يطلع معاي فانبسط فجه (يبوس) في، المهم لمينا الحاجات الضرورية وسيبنا كل شيء هناك وطلعنا الحمد لله، ركبنا السيارة.. وين الورقة كان عندي عرباية للدورة هناك كويسة، فملاقينهاش، كانت في المخزن فمعرفوش يجيبوها عطوني عرباية من التعبانات هذه، فبعدين طب هاتوا الورقة، قالوا: لأ لما نوصل بنعطيك إياها.. لما وصلت المطار، ونزلت من المطار على الطيارة وصلنا الطيارة الأردنية، وين الورقة؟ !سلموا عليَّ الأردنيين.. وين الورقة؟ ! قالوا: لأ مش مهم ! ! قلت لهم والله منا طالع، وما بطلعش هاتوا الورقة اللي كتب..
أحمد منصور: وقعوا عليها نفسها..
(6/32)
أحمد ياسين: فجابولي إياها مش موقعة، فبدلهم إياها، قلت لهم: لا ما أقبلش هذا الكلام، أنكم توقعوها، إيجا قائد المنطقة الجنوبية ووقع الورقة وجبلي إياها قلت بدي الاثتين التانين يوقعوا.. قلت له ما بطلعش.. جاءني الأردني قالى يا أخي الأمور مسهلة، وأنت طالع في كفالة الملك، وإيش بدك إياه بيجيك لعندك، قلت له والهويات.. أنس بدي أطلع والهويات معك ما أعطونا هويات وإحنا طالعين.. قلت له ما أطلعش بدون هويات.. قالي: ما تخافش، بتجيك لعندك الهوية، وأنت في عهدة الملك، قلت: أنت متعدين بالكلام هذا؟ قال: أه قلت: خلاص بيكفي، هاي الورقة هذا، وفعلاً طلعنا المطار في هذه الليلة ووصلنا عمان –زي ما قلت لك- لقيت الملك مستني في المطار طلع هنا بالسلامة، ونزلنا إلى مدينة الحسين الطبية، ونمت على السرير، ورجع ثاني سلم عليَّ وأنا على السرير هناك، الحمد لله وكانت يعني إفراج بالكرامة، كان لها دورها لم تعط -إن شاء الله- ولم...
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل كان أحد من حماس، مكتب حماس في الأردن في استقبالك مع الملك ومع..
أحمد ياسين: طبعاً إخواننا كلهم كانوا ومع.. بيستنوا هناك وإيجوا في نفس اللحظة وسلموا.
أحمد منصور: يعني تم ابلاغهم والسلطات الأردنية؟
أحمد ياسين: الإعلام.. الأخبار تكلمت هذا فوراً، وهما ماكناش سامعين هذا الكلام، لأن الولاد بيستوني أرجع أتعشي، لما إيجا اتعشينا المغرب كان في صحن أنا قلت لهم يا ولاد قسموه 3 مرات بلاش نأكل مرة واحدة، خليه لآخر الليل فأنا طلعت فوق ما بأسمعش الأخبار، والأولاد مشغولين مسمعوش الأخبار، واتاري الأخبار بتبطنطن في الموضوع من (...) كان الإعلام واضح إنه فيه إفراج وفيه هيطلع الشيخ أحمد.
أحمد منصور: هذه كانت المرة رقم كام التي تكون فيها محاولات للأفراج عنك خلال فترة السجن، وتم الإفراج فعلياً؟
أحمد ياسين: يمكن تكون هذه الخامسة أو السادسة.
(6/33)
أحمد منصور: الخامسة أو السادسة، ما سبق، كان أنت حدثتنا عن أكثر من عملية عسكرية طلب فيها الإفراج عنك.
أحمد ياسين: قلت لك العملية الأولى كانت (...) والثانية اللي هي الشباب بتاع القدس اللي اختطفوا الباص واستشهد اثنين، والثالث الشهيد الحي، بعدها في عمليات تخطيطية اكتشفت قبل ما ينفذوها الشباب، حوالي محاولتين أو ثلاثة كمان.
أحمد منصور: كشفت من الإسرائيليين.
أحمد ياسين: آه عن طريق العملاء يعني انكشفت.
أحمد منصور: عن طريق العملاء! !
أحمد ياسين: والأخيرة هذي بتاع الإفراج اللي هي في الأردن وغزة..
أحمد منصور: بعد وصولك إلى الأردن، كيف علم الرئيس عرفات أو كيف جاءك الرئيس عرفات ومتى تقريباً؟
أحمد ياسين: طبعاً كان عرفات موجود في مصر فبلغوه أن الشيخ وصل القاهرة، فطبعاً لما كان جاي على الأردن..
أحمد منصور: فوجئ طبعاً..
أحمد ياسين: فوجئ هو في نص الليل بالخبر، بلغوه جه، فلما وصلت، وصل الأردن، كان جاي زيارة للأردن جاني هو والملك حسين على المستشفى سلموا عليَّ، الملك سلم وانسحب.. وهم ظلوا عندي للتسليم وقعدوا فترة ومشوا..
أحمد منصور: بعدكم يوم، رجعت إلى غزة أو...
أحمد ياسين: بعد خمس أيام في اليوم السادس...
أحمد منصور: بعد رجوك إلى غزة بعد غياب استمر حوالي 8 سنوات..
أحمد ياسين: 8 سنوات ونصف..
أحمد منصور: 8 سنوات ونصف، كيف وجدت غزة بعد عودتك إليها؟
(6/34)
أحمد ياسين: الحقيقة كانت المعالم المادية من بنايات عالية وشاهقة متغيرة البلد، الأكثر أنا ما كنت أتصور إن شعبنا يكون بهذا الحماس، يعني أنا وصلت غزة فوجدت المطار اللي بأنزل فيه الناس فوق بعض، والشرطة منعتهم يوصلوني، وحملوني في سيارة إسعاف سريعة، وجريت بين الناس وسابوا الناس، تمر الشوارع مليانة من الناس اللي انتظروا، وصلت إلى ملعب اليرموك وجدته مزدحم، فوق بعضهم الشباب اللي بيستنوا وصول الشيخ، وقفت أنظر للمنظر فطلبوا مني كلمة فالمشهد أبكاني.. يعني هذا الحماس طبعاً ماكتنش بتصور إن شعبنا عنده هذه العواطف نحو إنسان زى، أنا بعتبر نفسي شو ولا حاجة، شيء بسيط يعني، لكن الحمد لله كان استقبال ضخم وعدت إلى البيت، وكانت الوفود بيتي ما وسعش فخرجت إلى ملعب نادي المجمع وقعدت فيه علشان أستقبل الناس، قعدت قرابة شهر والوفود تأتي من كل مكان، وأنا مقدرش استقبلهم إلا في الملعب واستمر في البيت الوفود من كل مكان حتى الحمد لله.. ييجك طابور مظاهرة كله على الملعب 4 باصات، 5 باصات.. كان الحمد لله يعني...
أحمد منصور: شعورك كان أيه وأنت حينما دخلت إلى السجن لم يكن الحماس بهذه الطريقة التي وجدتها بعد خروجك؟
أحمد ياسين: فهو أنا لما دخلت السجن أنا كنت بشتغل بشكل سري ليس معروف إني أنا أحمد ياسين الفلان اللي قام، وليس أحمد ياسين اللي له دور في الانتفاضة.. فلما دخلت السجن انكشف كل شيء إن هو اللي كان الـ... والشعب الفلسطيني كان يدرك ويعرف في غزة مين هو أحمد ياسين وايش دوره في العمليات، هو وراء كل هذا الشغل اللي كان.. ثم مصداقية (حماس) في الشارع وجهادها وصبرها، وموقفها مع الفقراء والمحتاجين والتعليم أدى كمان إلى دوره في الشارع الفلسطيني، والحمد لله هذا من فضله، يعني.. ممكن زرع وما يطلعش الزرع.. ممكن نزرع وربنا ينمي، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى.
أحمد منصور: كيف وجدت العمل الإسلامي أو حركة حماس بعد خروجك؟
(6/35)
أحمد ياسين: كانت في وضع يعني صعب، لأن السلطة كانت ضرباها ضربة قاسمة في العام 96، كانت معتقلة لها حوالي ألف من قياداتها ورموزها، بتتابع بشكل أمني أفرادها، بتهدد الأفراد في نشاطاتهم، فيعني كانت في وضع يعني لا تحسد عليه، ولذلك يعني بعد خروجي صار لها شوية نعنشة، وتنفسوا الصعداء إن شاء الله.
أحمد منصور: هل رجعت إلى العمل بشكل مسؤولية بعد خروجك ؟
أحمد ياسين: طول عمري في العمل.. يعني وجودي في بيتي أنا فيه عمل، مفيش ساعة عندي فاضية، بيجيني المسلم يشكو شكواه بيجيني الفقير بيشكو شكواه، بيجيني أبو السجين يشكو شكواه، بتجيني المطلقة شكواها، أنا كل بيتي مفتوح لكل الناس على كل مستوياتهم، للأرملة والفقير، والتعبان، والمريض، واللي بده علاج، واللي عنده مشكلة إسلامية، واللي بده وضع إسلامي، واللي بده أزور المنطقة، واللي بده يعمل لي.. الشغل يأخذ كل وقتي.
أحمد منصور: أنا أقصد حماس من حيث البناء، يعني أنت دخلت في البداية إلى السجن، وخرجت فوجدت حماس جهاز سياسي وجهاز عسكرى، والانتفاضة أعطت إلى حماس زخم عالمي واسم عالمي كبير، يعني كيف رأيت البناء التنظيمي للحركة بعد 8 سنوات ونصف قضيتها في السجن..؟
أحمد ياسين: البناء التنظيمي للحركة هو نفسه في كل خطوطه بس اتسع.. اتسع للجمهور، يعني إذا كان أنا دخلت السجن وحماس بتشكل مثلاً في قطاع غزة 5 آلاف واحد مؤيدينها بيتحركوا 10 آلاف طلعت لقيت عشرات الآلاف من الناس بيؤيدوا حماس وبيتحركوا في مجالها.. فتساع القاعدة واتساع الجمهور واتساع الأنشطة، هذا هو اللي أنا وجدته بعد خروجي من السجن من فضل الله سبحانه وتعالى.
أحمد منصور: هناك محور مهم هو محور الفلسطينيين داخل السجون وأنت قضيت شطرمن حياتك داخل السجون، كيف يتم التعامل بين الفصائل المختلفة والتجمعات المختلفة داخل السجون؟
(6/36)
أحمد ياسين: لا في السجون هناك قواعد ثابتة للجميع، الكل يتعاون، والكل يتفاهم والحوار أن يبقى في داخل السجن صف واحد في وجه العدو، لا يسمح بالشجارات ولا يسمح بالقتال..
أحمد منصور: لكن يقال أن هناك صراعات تتم مثلاً ما بين فتح و حماس وكذا وتصل إلى حد التعذيب والضرب..
أحمد ياسين: كانت في فترات سابقة، كانت في فترات سابقة لما كانوا في فتح مسيطرة في السجون، كانت تتعامل معنا بشكل يعني مش طبيعي، بس مش كل القيادات، هي قيادات بتكون سيئة وفيه قيادات منهم طيبة تتعامل معاك بمنطق الأخوة، لكن بعد الأفواج اللي طلعت منهم من السجن، والآن اللي غالب السجون هي حماس يعني، مش همَّ، فالعلاقة موجودة طيبة وإحنا ما بيهمنا مشاكل، ولا كل الفصائل بيهمها مشاكل في وجه التعنت الإسرائيلي والمؤامرات الإسرائيلية، علشان هيك بقول السجن هادئ وجيد كله حلقة واحدة.
أحمد منصور: أنت ذكرت أن هناك خرجت فوجدت أن هناك ألف من المعتقلين تقريباً من حماس في السجون الإسرائيلية..
أحمد ياسين: لأ..لأ.. كان طالع منهم عدد كبير، بس يعني أنا قلت كانت الضربة جعلت الحركة في وضع لا يحسد عليه، لما أنا وجدت في السجن كان حوالي 150 لما طلعت..
أحمد منصور: علي أي الأحوال عمليات الاعتقال هذه التي تتم لحماس وفي نفس الوقت، حينما كانت تحت الاحتلال كانت تتعرض لنفس الضغوط تقريباً، كيف توازن ما بين الأمرين؟
أحمد ياسين: شوف الضغط اللي بيجيك من أهلك غير اللي بيجيك من العدو، من أهلك، أهلك بينقسموا قسمين قسم معاك وقسم عليك، لكن مع العدو كل أهلك معك، وهذا بيديك دافعة أقوى، لكن لما يصير قسم من أهلك عليك هذا بيخليك في وضع نفسي مش طبيعي، لأنه أخوي بيقف ضدي، ابن عمي ضدي، إنه اللي أنا أملي عليه صار عليَّ، هذا صعب على النفس.
(6/37)
أحمد منصور:وكيف تتعامل حماس مع هذا الواقع ويعني كيف تتعامل معه مستقبلاً، من المؤكد أنه في حالة الاحتلال كانت تجد تعاطف من الكل، الآن انقسم تعاطف الشعب الفلسطيني معها، وأيضا عملها بيتقلص؟
أحمد ياسين: هو كان لازم (...) حماس، هذا هو الواقع أن تتفهم الواقع الجديد، تتعامل معاه علي إن هو هيك، وتتحمل وتصبر، أنا يمكن –تذكر- إمبارح في اللقاء قلت لهم، هاي طريق الجهاد اللي بده يجاهد بده يتحمل، بده يسجن، بده يعذب بده، أما ما بد وش جهاد بيروح ينام في دار أهله، طريق الجهاد هو تضحية كله، سجن إلى استشهاد إلى قتل إلى تعذيب إلى آخره، وإحنا عارفين طريقنا واخترناه بإرادتنا، ما حد فرض علينا هذا الطريق.
أحمد منصور: هل تتوقع من الممكن أن يحدث مستقبلاً أي شكل من أشكال التفاهم مع السلطة؟ والسلطة يعني هي تنفذ سياسات وفق اتفاقات وقعت عليها!!
أحمد ياسين: أنا بقول ممكن في كل وقت نتفاهم، ونعرف الخطوط العامة بينا وبينهم، ونعذر بعضنا بعض فيما اخلتفنا عليه، وما يصير ش صدام بينا ، وألا يعتبرونا في خندق معادي لهم، المشكلة أنهم يعتبرونا في خندق معادي زي ما نعادي إسرائيل، وبيعاملونا بالاعتقال زيهم وبالتعذيب زيهم وبالمؤسسة زيهم، وهذا الشيء اللي نقولهم إياه لأ.. إحنا مش في خندق عداء معكم، وإحنا في خندق عداء مع اليهود، فلا تتعاملوا معنا بهذا الشكل .
أحمد منصور: الزخم الذي كانت حماس تحصل عليه في وقت وجود الاحتلال الإسرائيلي، ربما حماس بدأت يعني تتقلص شيئاً فشيئاً، لأن صار هناك سلطة، هناك توظيف، صار هناك أموال، صار هناك رواتب، صار هناك البيت الواحد منقسم، ربما نصفه في حماس ونصفه في السلطة، حتى إنه يقال الآن إن الأجهزة الأمنية التي تعددت إلى 11 جهاز أمني للسلطة يعمل فيها ما يقرب من 35 ألفاً ما في بيت إلا وفيه واحد يعمل في الأجهزة الأمنية !! أما يشكل هذا خطورة علي حماس؟
(6/38)
أحمد ياسين: أنا في اعتقادي إن هذا لا يشكل خطورة لأن النفعي لا يصلح في المواجهة، النائحة الثكلي ليست كالنائحة المستأجرة، ثانياً إنه الـ35 ألف دول ليسوا كلهم معاديين لنا، بل كثير منهم معانا قلباً وقالباً، ثم هذا العدد الكبير وليس وحدة واحدة، (...) فهذا يتقاتل مع هذا، وهذا يتقاتل مع هذا فالأجهزة في صراع داخلي بينهم، ثم هم كذلك ينقمون علي الوضع، لأن فيه ناس بيتميزوا بدرجات وناس تانيين لأ.. ناس بيتميزوا بمعاشات وناس تانيين لأ.. فتجد هم في أنفسهم ناقمين علي أنفسهم، ناقمين علي هذا الوضع، ولذلك هذا الكم لا يشكل خطر، لأنه غير متجانس، لا ينطلق من فهم عقيدي واحد، لا يفهم إلا المصلحة، ولذلك إحنا مش خايفين منهم.
أحمد منصور: هناك كلام كثير حول الفساد الذي عم وطم في مناطق السلطة الفلسطينية..
أحمد ياسين: صحيح.
أحمد منصور: وبعني أصبح الآن ظاهراً، وجود فلل أو قصور متكلفة بالملايين ، ووجود عشش إلى جوارها للشعب الفلسطيني لم يتغير وضعها، ما هو تقييمكم كشاهد علي العصر لهذه الظاهرة؟
أحمد ياسين: هذه الظاهرة سيئة، كل شعبنا بيرفضها، كل شعبنا ناقم عليها، كل شعبنا بيهمس ليل ونهار ضدها، لكن ما في أيدهم إمكانية يغيروها، وما في إيدهم إمكانية يقاوموها، إنما بيتفرجوا وبيتمزقوا من الداخل علي الواقع اللي مش طبيعي اللي بتصير فيه الحياة، وهذا خلى مصداقية السلطة غير واقعية عند الناس، هذا قلص يعني التأييد لها.. لدرجة إن آخر احتفال لحركة فتح انطلاقتها اللي كانت في عام 98 واحد واحد، لم يأت للاحتفال إلا مئات بضع مئات من الطلاب والشباب الصغير، حتى كان أبو عمار يريد أن يأتي للاحتفال فاتصل به المشرفون قالوا له لا تأت، الاحتفال فاشل وليس هناك جمهور من الناس يأتي لحضور احتفال انطلاقة فتح.. معنى ذلك، هذا يؤكد النفور الشعبي من التصرفات اللي تقوم بها السلطة.
(6/39)
أحمد منصور: لكن هل يمكن أن يؤدي هذا إلى انتفاضة داخلية ضد السلطة الفلسطينية في تصورك على مدى الأيام؟
أحمد ياسين: ممكن، لأن الشعب إذا لقي الأمل مغلق، والطريق مغلق، والحياة غير متوفرة له، فبيصير مستعد يقاوم أي إنسان يقف في وجهه، لأن كل إنسان بده الحياة ، ويعيش سعيد كالآخرين، فلما طلع طبقات تعيش في القصور والبذخ وناس مش لاقين ياكلوا هيزيد هذا بكل تأكيد، فأنا نصحت السلطة الفلسطينية
نصحتهم، قلت لهم لا تقسوا علي الشعب، لا تجعلوه ينفر منكم، تخسروا الساحة، أنا مخلص، ولا تقسوا علي الضفة الغربية لأن لها تطلعات أخري تخسروا الساحة...
أحمد منصور: كيف وضح لنا هذا.
أحمد ياسين: أصله أنت عارف فيه هناك كلام كتير، فيه خيار أردني وغيره، الضفة الغربية عاشت فترة طويلة في الخيار الأردني ومع الأردن والناس لما بيضيقوا
من إسرائيل وبيضيقوا من السلطة الوطنية، علي وين بدهم يتجهوا، بيتجهوا لجهة
أخرى، مين أقرب الناس ليهم، الأردن، مع أن الأردن كمان يعني هي صحيح ما بترغبش تتدخل، لكن برضه ما بترفضش إن يكون معها مجال أوسع من المجال الفلسطين أو أرض فلسطين.
أحمد منصور: نعم.
أحمد ياسين: أليست جزء من القضية الفلسطينية وإذا الضفة بتختار.. يعني هم سقطوا انتهوا خالص، طبقاً التضييق المادي والضرائب والصعوبات الناس ضايقة،
الوضع سيء، لكن يبدو هم مش قادرين يتفهموا الأمور كويس، وإحنا اللهم اشهد بلغنا ونصحنا، إحنا نريد قضيتنا تصل لنتيجة حاسمة، إحنا دعاة وحدة، بيهمنا نتحد مع الأردن، مع كل الدول العربية، أسباب ما نحصلها.. مش قبل.. مش نضيع قضيتنا علي حساب الوحدة، بدنا قضيتنا وبعدين الوحدة.
أحمد منصور: هناك أشياء كثير أو كلام كثيرة بيطرح حول من يخلف السيد ياسر عرفات في رئاسة السلطة الفلسطينية، في تصورك يعني من ممكن أن يخلف السيد ياسر عرفات؟
(6/40)
أحمد ياسين: هناك أسماء مطروحة في الداخل منها محمود عباس، ومنها أحمد القريعي (أبو علاء) رئيس المجلس التشريعي وهناك كلام عن رؤساء الأجهزة الأمنية، (…) ودحلان، هذا الكلام مش معقول.. اللي مطروح أتنين دول اللي في مركز السلطة، وأنا في رأيي اللي بيخلفه هو الأكثر طواعية في يد أميريكا و إسرائيل، والأكثر ليونة، والواضح إن المراهنة بتمشي لأن يكون محمود عباس هو الخليفة، لأن هو المنسق بتاع أوسلو وهو بتاع الاتفاقيات، وهو بتاع المحادثات، فهم مطمئنين إنه يظل في الطريق اللي بدهم إياها..
أحمد منصور: لم تستبعد رؤساء الجهات الأمنية وهؤلاء ربما يكونوا أضبط أو أقدر علي ضبط الشارع الفلسطيني ؟
أحمد ياسين: شوف لسه الناس دول ليس لهم شعبية والشعبية.. فتح لحركة لها شعبيتها، فإذا الحركة ما بد هاش واحد، مش معقول واحد في جهاز أمن بده يصير رئيس مرة واحدة، وفيه ناس قيادين سابقين وفيه ناس مشهورين سابقين،
وفيه ناس ألفه.. ما بيحصل هذا ينط مرة واحدة من ضابط اللي هو المسؤول
وينسى كل الآخرين، ما تقبلش الحركة، ما تقبلش الكوادر بتاعتها. فهذا الكلام
مستحيل يكون من ناس زي دول..
أحمد منصور: طب رؤيتك وتصورك لمستقبل السلطة الفلسطينية كسلطة أو شيء ولد بناءً علي اتفاقية ؟
أحمد ياسين: والله أنا بقول السلطة الفلسطينية مصيرها واحد أن تنقرض إذا ظلت واقفة في موقفها وأسلو مغلق طريق مسدود فبنتي، أو تعود إلي خندق الجهاد وتوحد الشعب الفلسطيني في خندق واحد مع بعضنا ونواجه الاحتلال هذا اللي بيعطيها الحياة .
أحمد منصور: من خلال حواري معك لديك رؤى تحليلية مستقبلية لكثير من الأمور، في خلال مدة كم تتوقع أن يحدث أحد هذه السيناريوهات التي عرضتها
بالنسبة للسلطة؟
أحمد ياسين: والله أنت عارف الأعمال بيد الله .
أحمد منصور: صحيح .
(6/41)
أحمد ياسين: لكن السيناريوهات بدأت وتتحدث من الآن، لأنه الرئيس أبو عمار بدا عليه شويه إرهاق وحركة في الأعصاب بتاعته، فهم اعتبروه انتهى لكن نظري هو له قوي، وأمامه فترة طويلة، يعني هم بدوؤا يتنازعوا قبل ما يحين أوان النزاع والإعلام بدأ يضخم القضية، فعلي أي حال..
أحمد منصور: عملية انقراض السلطة. أيضاً أو..
احمد ياسين: فهو انقراضها إذا بتستمر في طريق مسدود، لا هي بتحقق أمل الشعب الفلسطيني ولا بتحقق مصالح، ولا هي سايبة غيرها كمان يحقق مصالح، فهتصل إلي خانة أنها تنتهي، لكن إذا عادت ورجعت استراتيجيتها للمواجهة مع العدو، وهذا هو الطريق اللي ممكن يصل فيه حقنا، مفيش طريق غيره تاني، أنا
بعتقد إن هو طريق الحياة للسلطة وحركة فتح.
أحمد منصور: هل تعتقد إن هناك استراتيجية لدى السلطة أيضاً للقضاء علي حماس باعتبارها المنافس الرئيسي لها؟
أحمد ياسين: أنا بعتقد يعني إن ابن الوطن وابن الشعب مش سهل عليه يقوم بعملية اجتثاث أخوه، لدرجة أنا بذكر إن فيه من السلطة رجال كانوا (بعض منهم) يلقوا القبض على عناصر من الكتائب، يروحوا يداهموا، يفتشوا وكأنهم ما شفوش حاجة ويطلعوا، يعني يكونوا غير جادين في إلقاء القبض عليهم أو فيه كذا، لأنهم متعاطفين معهم، يعني لا تتم العملية يعني، لا تتم العملية يعني، ليس كل الناس مع الخط اللي بده يقتله، ستجد من عناصرهم من يأتيك ويعطيك الأخبار ويعطيك.. الحقيقة أن أميركا تريد هذا، وإسرائيل تريد هذا، والسلطة واقعة لأن في صفوفها فيه عملاء، مستعدين
ينفذوا هذا لضرب.. لخلق المواجهة وتفتيت الشعب، أنا أن شاء الله أتمني لإخواننا في السلطة أنهم يفيقوا لهذا الوضع، وألا يسمحوا بضرب حركة إسلامية جذورها عميقة، هم أحوج ما يكون إلها في المواجهة مع إسرائيل.
(6/42)
أحمد منصور: حينما أنت أسست أول خلية عسكرية لحماس، من المؤكد أنك متابع ومطلع على الإستراتيجية العسكرية الحالية أو التي تطورت بعد ذلك للحركة، هل وجدت أن هناك استفادة من التجارب، وهناك التجربة أصبحت ثرية ؟
أحمد ياسين: بكل تأكيد.. بكل تأكيد. أنا قلت لك في البداية، جمعنا أسلحة لكن لم نستخدمها، ثم في النهاية بدينا بعدد قليل من الناس، نفذوا عمليات جريئة، ثم بعد اعتقالنا بدأت عمليات أجرأ بإمكانات قليلة من السلاح، بندقيتين كانوا في قطاع غزة، يلفوا قطاع غزة ويطلعوا علي الضفة، يلفوا فيهم الضفة ويرجعوا علي قطاع غزة، العمليات تقوم بالقطعتين هادول، ومن خلال قطعتين استولوا علي قطعة من العدو واشتروا قطعة جديدة، صار عندنا مجموعات وسلاح، وبنهاجم الجيبات ونقتل اللي فيه ونرميه ونصورهم كمان، يقتل كل الجنود اللي في الجيب، نصورهم ويقف علي جثثهم، هذا مرحلة مش سهلة، مش بسيطة.
أحمد منصور: لكن تقلصت هذه المرحلة بعد السلطة.
أحمد ياسين: تقلصت لأن لا نريد المواجهة مع السلطة، لا نريد اقتتال داخلي، مش هي تقلصت، إحنا خففنا وتيرة الحركة .
أحمد منصور: لكن لا يزال حجم الكتائب بالشكل..
أحمد ياسين: لا يهمني الحجم الكبير أنا.. أنا يهمني العدد الذي يجب أن يعمل في الميدان، إذا اتوفر العدد المناسب للميدان، مش مهم الحجم الكبير، لأن الحجم ممكن تجدده في كل يوم، ممكن تطوره في كل يوم ممكن تزيده في كل يوم.
أحمد منصور: هل خيار المواجهة العسكرية وكتائب القسام هو خيار لن تحيد
عنه حماس وخيار إستراتيجي مستقبلي أم أن الظروف يمكن أن تجبركم علي البحث عن وسائل أخري؟
أحمد ياسين: علي أي حال إحنا حتى الآن هاي موفقنا أن الخيار الجهاد هو خيار إستراتيجي لا حياد عنه، إلا إذا وافقت إسرائيل علي الهدنة اللي بنطرحها ممكن
نعمل هدنة .
(6/43)
أحمد منصور: كشاهد على عصر، وعلي قيام دولة إسرائيل في عام 48 ومرور 50 عاماً علي قيام هذه الدولة، ما هي رؤيتك لمستقبلها؟
أحمد ياسين: أنا أقول أن إسرائيل قامت علي الظلم والاغتصاب، وكل كيان يقوم علي الظلم والاغتصاب مصيره الدمار.
أحمد منصور: حتى لو يملك القوة التي تؤهله للبقاء؟
أحمد ياسين: القوة لا تدوم قلت ،قلت أن القوة في العالم لا تدوم لأحد، الطفل يبدأ طفل ثم مراهق ثم شباب ثم كهل ثم شيخ خلاص هيك الدول، هيك عمر الدول، تبدأ وتبدأ وتبدأ تنتهي للاندثار، ما في فايدة.
أحمد منصور: وفي أي مرحلة إسرائيل الآن؟
أحمد ياسين: أنا أقول إن إسرائيل بائدة، إن شاء الله في القرن القادم في الربع الأول منه، وبالتحديد أنا بقول 2027 م بتكون إسرائيل مش موجودة..
أحمد منصور: لماذا هذا التاريخ؟
أحمد ياسين: لأنني أؤمن بالقرآن الكريم . القرآن حدثنا أن الأجيال تتغير كل 40 سنة، في الأربعين الأولى كانت عندنا نكبة، في الأربعين الثانية بدأت عندنا انتفاضة ومواجهة وتحدي وقتال وقنابل، في الأربعين الثالثة تكون النهاية، إن شاء الله تعالي.
أحمد منصور: يعني هذا تقييم من..
أحمد ياسين: هذا استشفاف قرآني..
أحمد منصور: استشفاف قرآني..
أحمد ياسين: لأن ربنا لما فرض علي بني إسرائيل تتيه في سينا 40 عام ليش، ليغير الجيل المريض التعبان ده بجيل مقاتل، وجلينا الأولاني النكبة راح وطلع جيل الأحجار والقنابل، والجيل الجاي هو جيل التحرير إن شاء الله تعالي.
أحمد منصور: كيف تري المستقبل شيخ أحمد ياسين؟
أحمد ياسين: أنا أقول طريقنا صعب ويحتاج تضحيات وصبر، لكنه المستقبل إلنا
-إن شاء الله- هو قادم لا محالة، وعد الله لا يخلف، إن الله لا يخلف وعده أبداً.
أحمد منصور: رغم اليأس الذي يسيطر علي الناس؟
(6/44)
أحمد ياسين: اليأس هذا لا قيمة له عند الناس الذين لا يقودون المركب، إذا كان قادة المراكب لا ييأسون ومصرون علي خطواتهم، فالشارع دائماً وين ما وديته بيروح بيمشي بيجري وراك، يعني أنا باستشف من القرآن الكريم زي ما قال في المدينة، (ما ظننتم أن يخرجوا) يعني المسلمين ما كنوش تظنوا يقدروا يستولوا عليهم.. (وظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله) لأن دول معتدين بقوتهم والمسلمين بيقولوا ممكن نقدر، وهو الواقع الآن، يعني صحيح إن الأمة بتاعتنا قادرة تحرر فلسطين، إحنا نشك في حالنا، وإمكاناتنا، وقدراتنا، مستقبلنا، وهم بيقولوا إحنا نملك أكبر ترسانة دولية، مين بيقدر علينا؟! فهم بيعتزوا بقوتهم وإحنا خايفين من ضعفنا، لكن إرادة الله غالبة، وستأتي الساعة التي ينهار هذا الكيان في لمح البصر، لأن الفساد لا يدوم في الأرض، لقد قرر القرآن الكريم أنهم يفسدون في الأرض، أنهم يمزقون القيم في الأرض والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أحمد منصور: بعد 62 عاماً من النضال، والكفاح، والسجون والمعتقلات، والجهلا، ما هي رؤيتك أو شهادتك علي هذه الفترة التي عشتها في حياتك؟
أحمد ياسين: هي فترة حياة في البداية كانت فترة مأساة في العالم الإسلامي والعربي كله، (تصنيع) قلب الأمة الإسلامية والعربية قبلة المسلمين والعالم المتفرج الإسلامي هذه مأساة في تاريخ الأمة وحضارة الأمة، أن تقوم الأمة الإسلامية والعربية بجهد غير متوازن مع العدو، ويتغلب عدو إسرائيلي من خمس ملايين علي الأمة العربية الإسلامية ذات المليار هذه كمان فاجعة أخرى في تاريخ الأمة الإسلامية، لكن الآن يعني المحور بدأ يغير، الشعب الفلسطيني بدأ ياخذ مكانه علي أرضه، وبدأت الأمة العربية الإسلامية تدعم هذا الشعب في مواجهة التحدي حتى يأتي يوم النصر والتحرير اللي بده قوة أكبر.
(6/45)
أنا كما قلت لك أقول إن التاريخ سيسجل لأمتنا صورة سيئة في هذا الواقع (للي ضاع) في فلسطين والأقصى والقدس، وإن شاء الله سيسجل لها تاريخاً ناصعاً بياضاً يوم يأتي يوم التحرير إن شاء الله، يوم تجتمع القوى المسلمة في كل الوطن العربي والإسلامي للوصول إلي الهدف المنشود إن شاء الله، النصر قادم، والأمة تنتفض، والنيام أصبحوا يفكروا ويسمعوا، وأنا في زيارتي للأمة العربية ما كنت أتصور بهذا الحماس وهذا الشعور وهذه المشاعر، والله إنها انتفاضة في وسط الأمة العربية والإسلامية تجدد التاريخ إن شاء الله تعالى.
أحمد منصور: في ختام شهادتك علي العصر، ما هي رؤيتك للحياة؟ وما الذي تتمنى أن تحققه في مستقبل حياتك؟
أحمد ياسين: والله أنت عارف، أنا إنسان عشت حياتي أملي واحد، أملي أن يرضي الله عني، ورضاه لا يكتسب إلا بطاعته، وطاعة الله تتمثل في الجهاد من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض، ومن أجل تطهير أرض الله من الفساد الذي يقيمه أعداء الله في الأرض، فإذا ما حققت الهدف الأول وهو تطهير الأرض الإسلامية من الاغتصاب، وقام عليها النظام الإسلامي فهذه هي أمنيتي التي أسعى إليها وأرجو الله أن ألقاه عليها فإذا تحققت فذلك فضله، وإن مت قبل أن تتحقق قد بدأت الطريق وخطوت خطوات( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعملون).
أحمد منصور: شيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس) باسم كل المشاهدين أشكرك علي ما منحتنا من وقت في هذه الشهادة المطولة التي ذكرت لنا فيها خلاصة هذه التجربة، ونسأل الله سبحانه وتعالى لك الصحة والعافية، كما نشكركم مشاهدينا الكلام علي حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع ضيف جديد وشاهد جديد علي العصر، هذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.
(6/46)
الخلاف حول شهادة الشيخ
(6/47)
السبت 9/8/1422هـ الموافق 27/10/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 23:26(مكة المكرمة)،20:26(غرينيتش)
الخلاف حول شهادة الشيخ أحمد ياسين
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس
تاريخ الحلقة
09/06/1999
أحمد منصور الشيخ أحمد ياسين
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود)، ردود فعل واسعة النطاق أثارها الشيخ أحمد ياسين في الحلقات التي أدلى فيها بشهادته على أهم الأحداث التي عايشها، وشارك في صناعتها خلال العقود الخمسة الماضية، وذلك على مدى ثماني حلقات تم بث آخرها بداية هذا الأسبوع في برنامج (شاهد على العصر)، ولأن أحداث التاريخ دائماً تفسر من خلال وجهات نظر مختلفة، فقد سعى كل طرف من الأطراف التي اتفقت أو اختلفت مع الشيخ ياسين إلى أن يبرز وجهة نظره وموقفه مما رواه الشيخ، وذلك عبر عشرات المقالات الصحفية التي كتبت في صحف تصدر في القاهرة، وفلسطين، ولندن، وتل أبيب، والقدس، ومناطق أخرى على مدى الأسابيع الماضية، كثير منها ينتقد شهادة الشيخ، وقليل منها يؤيدها.
أما نحن في (الجزيرة) فلم تتوقف الرسائل والاتصالات التي يطالب أصحابها بحق الرد، أو الاعتراض، أو التأييد، مما دفعنا إلى ترتيب هذا اللقاء المباشر عبر الأقمار الصناعية من غزة مع الشيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس) لمناقشته في الشهادة التي أدلى بها وسجلناها قبل أكثر من عام، آملين أن يكون هذا بداية لإتاحة الفرصة لمشاهدي (الجزيرة) لمناقشة شهود العصر من صناع الأحداث فيما يروونه من وقائع.
وللمشاهدين الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على الأرقام التالية: 888840، 888841 أو 42 مع إضافة كود قطر 00974 أما رقم الفاكس فهو: 885999.
(6/48)
فضيلة الشيخ أحمد ياسين، أرحب بك في قناة (الجزيرة)، وفي برنامج (بلا حدود)، آمل أن يكون صوتي واضحاً لديك فضيلة الشيخ، وأن تكون تسمعني
بوضوح.
أحمد يا سين: نعم.. إن شاء الله.
أحمد منصور: فضيلة الشيخ، أثارت شهادتك -كما أشرت في المقدمة- ردود فعل واسعة النطاق ضمن بعض المحاور الأساسية التي تناولناها معك، لاسيما ما يتعلق بفترة الصراع بين (فتح)، أو بين فتح وبين الإسلاميين في بداية الثمانينيات، وقد أثار هذا الأمر ردود فعل من بعض الشخصيات، التي جاءت أسماؤها، أو تعرضت لها في شهادتك.
بداية يذكر أن حركة فتح كانت بدايتها إسلامية، والقائمين أو كثير من القائمين على فتح كانوا من الإسلاميين، ما الذي أدى إلى أن يكون هناك صراع بين الإسلاميين وبين فتح بعد خمسة عشر عاماً -تقريباً- من ظهور الحركة؟ اتفضل.
أحمد ياسين: بسم الله الرحمن الرحيم، الحقيقة إن كان علاقتنا دائماً بكل الفصائل الفلسطينية علاقة طيبة وجيدة، وعلى رأسها فتح، ولها.. ولقد كان ذلك في العهد الطيب اللي كان بيننا، عندما دخلنا سوياً في انتخابات (الهلال) في غزة، هذه الأوقات مرت ونحن في تعاون، وفي علاقة طيبة، لكن اللي حدث هو بعض القيادات من فتح اللي كانت داخل السجون، خرجت وهي التي غيرت العلاقة وحولتها إلى علاقة صدام ومع ذلك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف.. كيف غيرت العلاقة؟ ما هي الوسائل التي استخدمتها أو اتبعتها لتغيير هذه العلاقة؟
أحمد ياسين: يعني خلقت علاقة صدام بدلاً من علاقة التعاون والأخوة اللي كانت موجودة بينا، طبعاً.. الأحداث اللي وقعت في غزة، ولذلك إحنا تجاوزنا هذه المرحلة، وانتقلنا إلى مرحلة من التعاون، ودخل الشعب الفلسطيني كله، على اختلاف توجهاته،واختلاف فصائله -في الانتفاضة، واندمج فيها في مقاومة الاحتلال، وبذلك زالت الفترة كان فيها شوائب بين فتح وبين الحركة الإسلامية.
(6/49)
أحمد منصور: لكن ل نفهم من كلامك هذا بأن العلاقة الآن بين فتح وحماس لم يعد فيها أي شكل من أشكال الصراع أو الخلاف الذي كان موجوداً في بداية الثمانينيات؟
أحمد ياسين: بكل تأكيد إحنا تجاوزنا كل هذه المرحلة، وعدنا إلى علاقات طيبة وجيدة، حتى الآن إحنا في زيارات وتواصل مع قيادات فتح الموجودة في الداخل، واللي بتزورنا وبنزورهم، إحنا مافيش الآن خلافات، إحنا يمكن الخلافات الموجودة خلافات وجهات سياسية.. (أوسلو) ومسار أوسلو، لكن بالنسبة كفصائل مقاومة مجاهدة، مافيش بينا أي خلافات أو صراعات.
أحمد منصور: ولكن هناك اتهامات توجه إليك إلى أن شهادتك هذه على الأحداث قد أثارت الضغائن مرة أخرى، وأدت إلى عودة أشكال الصراع والتنافس، لاسيما وأنك تناولت بعض الشخصيات، وبعض الأسماء الموجودة، وبعضها موجود في السلطة، وبعضهم في مناصب وزارية.
أحمد ياسين: في الحقيقة، إن كل إنسان في حياته، فيه، في حياته إيجابيات وفيه سلبيات، مافيش ملك موجود على الأرض، مافيش معصوم على الأرض موجود، أنا شهادتي نقلتها كما تصور الكاميرا ما هو واقع على الأرض، فهي تلتقط الصورة بما فيها من حسنات وسيئات، وهذا من أمانة الدقة وأمانة النقل، وليس ذلك عيب، بل هو صدق النقل وأمانة النقل.
أحمد منصور: فضيلة الشيخ، هناك أيضاً اتهامات موجهة لك، أنك في شهادتك تهجمت على مصر رغم مواقفها التي تقفها من القضية الفلسطينية، وكتبت بعض المقالات، منها مقال في صحيفة "الأهرام" ينتقد شهادتك، ويتهمك بأنك تنكر دور مصر وتنكر عليها ما قدمته للقضية الفلسطينية، ما تعليقك على هذا الأمر؟ وهل فعلاً تعتبر نفسك أسأت إلى مصر أو أنت تعمدت الإساءة إلى مصر في هذه الشهادة؟
(6/50)
أحمد ياسين: الحقيقة هذا كلام غير سليم، أنا أنصفت مصر بما هو حقها، وما قامت به من دور، من تضحيات وجهاد في فلسطين وشهداء، مصر قدمت ما لم تقدمه أي دولة أخرى من الوطن العربي والإسلامي، وهذا تاريخ لا يمكن تجاهله، فأنا شاهدته بعيني وعاصرته، إنما يمكن يكون الخلاف اللي تحدث عنه بعض الناس، إن أنا تكلمت عن النظام اللي كان موجود في طريقة تعامله مع الحركة الإسلامية، مع الإخوان المسلمين، من سجون ومعتقلات ومطاردات وتعذيب.
طبعاً هذا موجود في أي نظام، سلبياته وإيجابياته، والنظام الناصري كان له إيجابيات، يعني نحن الآن نسير على خط "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" وهذه الكلمة هي التي أطلقها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولذلك إحنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أنتم كإسلاميين.. فضيلة الشيخ، أنتم كإسلاميين متهمون دائماً أنكم لا تنظرون إلى أي حسنة من حسنات الرئيس عبد الناصر، وتعتبرون أن عبد الناصر وعهده وتاريخه ليس سوى سلسلة من الأخطاء، سلسلة من المثالب، سلسلة من الأشياء التي أدت إلى عودة الأمة العربية إلى الوراء، وأن عبد الناصر ليس له أي إيجابيات، وقد كان في شهادتك التي أدليت بها انتقاداً للرئيس جمال عبد الناصر، لكنك لم تشر إلى أي شيء من إيجابياته، أنتم -كإسلاميين- تعتبرون أن عبد الناصر كله أخطاء.
أحمد ياسين: الحقيقة هذا كلام.. أنا تحدثت عن علاقتي الشخصية في فترة عبد الناصر، ولم أقيم الفترة التاريخية اللي عاشها جمال عبد الناصر، وإذا اليوم أنا بأنصف أنا لا يمكن أن أغمض النظر عن الحسنات، فعبد الناصر رفع الروح المعنوية في الوطن العربي في مواجهة إسرائيل، وروح التحدي، وروح المقاومة والإصرار، هذا الشيء لا ينكر تاريخياً، لكن -طبعاً- النظام، وممارساته، وحقوق الإنسان، هذه قضايا أخرى أيضاً تقف بجانب هذه الحسنات.
(6/51)
أحمد منصور: لكن أنتم تركزون على موقف النظام من الإخوان المسلمين، وتعتبرون أن الخلاف القائم الذي كان قائماً بين عبد الناصر وبين الإخوان وكأنه خلاف بين عبد الناصر وبين الإسلام، وتعتبرون أن الإخوان هم الرمز الوحيد للإسلام، وبالتالي الاعتداء عليه أو الخلاف معه، هو خلاف مع الإسلام، هل هذا ما أردت أن توصله من خلال شهادتك؟
أحمد ياسين: أقول يا أخي، إن من يحمل الإسلام، ويدعو للإسلام، ويريد أن تقام دولة إسلامية في الوطن العربي والإسلامي، اللي هو أصلاً وطن إسلامي، وعندما تقف أي نظام في وجه قيام هذا الإسلام وتطبيق نظام الإسلام، بتصير المحاربة للإسلام مش للإنسان اللي بيدعو للإسلام فقط، فأنا أدعو للإسلام لإقامة نظام إسلامي، عندما يحاربني معناها يحارب النظام الذي أدعو إلى إقامته، وهذا بالضرورة يصل إلى نفس النتيجة ونفس النهاية.
أحمد منصور: يعني أنت الآن.. أنت الآن تؤكد على أن هناك حسنات في عهد عبد الناصر، أنتم تعترفون وتقرون بها، وتؤكد على أن انتقادكم لعبد الناصر فيما يتعلق بخلافه مع الإخوان المسلمين، يختلف عن أنكم تتهمون عبد الناصر بأنه كان يعادي الإسلام، كما يأتي في شهادات أو في طرح كثير من الإسلاميين؟
أحمد ياسين: يا أخي، الدعوة الإسلامية ليست ملك الإخوان وحدهم، هي ملك للمسلمين.. كل المسلمين، والإسلام المفروض أن يقوم نظامه في الأرض، وكل الأنظمة القائمة يجب أن تقيم هذا النظام، وأي نظام لا يقيم الإسلام، ولا يطبقه فهو.. فهو يعتبر بذلك مخالف للنظام الإسلامي ومخالف لما يجب أن يكون عليه، ودورنا كإخوان مسلمين هو دعوة الحكام، والأنظمة، والشعوب، والناس جميعاً إلى الإسلام، وإلى تطبيقه، لأن الله قال وقوله الحق (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون) يبقى لابد من التطبيق العملي بالإسلام، مع إعلان شهادة الإسلام وصورة الإسلام في المجتمع اللي بنعيشه.
(6/52)
أحمد منصور: فضيلة الشيخ، أنت الآن بتقول "نحن كإخوان مسلمين"، وفي شهادتك أيضاً ينتقد البعض ما طرحته من أنكم ليس لكم أي علاقة ضمنية بالإخوان المسلمين، وكل ما ذكرته هو أنك اطلعت على كتب الإخوان، أو قرأت كتب الإخوان، وأنك تذكر أن حماس ليست امتداداً للإخوان، وأنت الآن تقول نحن كإخوان مسلمين، ما هي طبيعة العلاقة بين حماس والإخوان بشكل واضح؟
أحمد ياسين: يا أخي، نحن إخوان مسلمون، ربينا ونشأنا على موائد الإخوان، وكتب الإخوان، ورسائل البنا، وكتب دعاة الإخوان، اللي أنا نكرته فقط إن لم يكن بيننا وبين الإخوان في مصر علاقة تنظيمية ، لكن علاقة التربية وعلاقة القراءة، والكتاب، والمناهج، نحن إخوان، كما هم إخوان. كما يسيرون نتعلم، كما تعلموا نسير على مناهجهم.
أحمد منصور: هل هناك أي خصوصيات تتمتع بها حماس عن الفكر العام للإخوان، أم أنكم تعتبرون أنفسكم جزءاً من الإخوان أو امتداد للإخوان فكرياً وتنظيمياً في فلسطين؟
أحمد ياسين: بكل تأكيد، نحن امتداد للإخوان المسلمين في كل العالم، نحن موجودون هنا بفكر الإخوان وبالعقيدة الإسلامية كاملة، وليس هناك أي خلاف بيننا وبينهم، كل الخصوصية اللي بنتمتع فبها هنا في فلسطين، إنه إحنا إلنا أرض محتلة، وطن محتل، إلنا مقدسات محتلة، إحنا نأخذ بجانب الجهاد والمقاومة كعنصر أساسي في وجودنا وحياتنا، لأن الإسلام لا يمكن أن يقوم إلا على أرض مطهرة من كل اعتداء ومن كل استعمار من كل احتلال صهيوني.
أحمد منصور: هل أنتم الآن على علاقة تنظيمية بالإخوان، أم أن لكم عملكم المستقل، باعتبار أن لكم ظروفكم الخاصة داخل فلسطين؟
أحمد ياسين: نحن نتلقى الدعم والتأييد من كل الإخوان في العالم، وإحنا نملك هذا الرصيد الإسلامي الممتد في كل جهات الوطن العربي والإسلامي، لكن -أنا ذكرت- إن ليس لنا علاقة تنظيمية، إنما علاقات الدعتم، التعاون، والأخوة، والفكر، والدراسة كل ذلك موجود بيننا.
(6/53)
أحمد منصور: في مقال للسيد عدلي صادق -وهو من السياسيين الفلسطينيين المعروفين- نشر في صحيفة "القدس العربي" في الرابع من يونيو 99، يقول لك إنك أثناء ذكرك لقادة فتح في شهادتك -الذين كانوا في حركة الإخوان- لم تستخدم كلمة شهيد، فقد جئت على ذكر خليل الوزير (أبو جهاد)، ومحمد يوسف النجار بدون أن تسبقه بلفظ شهيد، على اعتبار أنكم كإخوان مسلمين تعتبرون كل شهداء الحركة الوطنية هم قتلى وليسو شهداءً، أرجو أن توضح هذه الرؤية التي تنظرون بها إلى شهداء الحركة الوطنية؟
أحمد ياسين: أولاً: هذا الكلام غير صحيح، لأنه إحنا مش إحنا اللي بنوزع الألقاب، ولا بنمنعها عن الناس، الإسلام هو الذي يعطي الناس لقب الشهادة وأبو جهاد خليل الوزير وغيره من الشهداء.. شهداء الحركة الفلسطينية، ومناضليها، كل واحد هو مسلم يسقط في قتال مع الأعداء هو شهيد، لا يحتاج إلى شهادة مني أو من غيري، وأنا أعرف أبو جهاد وأعرف سيرته حتى من الخمسينات، وهو في الإخوان المسلمين، وهو يجند الخلايا العسكرية في غزة ويعدها لمواجهة الإسرائيليين قبل أن يكون في فتح.
نحن نؤمن أن كل مسلم يسقط في قتال الأعداء هو شهيد، بغض النظر مادام يحمل شهادة الإسلام، وأبو جهاد وكل القتلى اللي ذكرناهم إذا كان لم يذكر شهيد فهذا سهو، وإنما هذه هي قضية إسلامية لا يمكن أن يعطيها أحد أو يمنعها أحد.
(6/54)
أحمد منصور: فضيلة الشيخ، (عامي رهاس) صحفي إسرائيلي في "هآرتس"، في مقال نشره في تلك الصحيفة في 25 يونيو الماضي –أيضاً- تعليقاً على تصريحاتك، أو على شهادتك التي أدليت بها، والتي أثارت ردود فعل واسعة داخل فلسطين، حتى فلسطين 48، يقول أنك ادعيت بأن -نقلاً عن السيد أسعد الصفطاوي- بأن السيد ياسر عرفات أمر فتح بالعمل كما تشاء ضد الجبهة الشعبية، ولكن مع عدم إثارة المشاكل، وكذلك ضد الحركة الإسلامية، ما تعليقك على هذه الشهادة التي نقلتها، والتي ربما تثير أيضاً أو التي يعتبرونها قد أثارت تفاعلات بين فتح وبين حماس في تلك المرحلة؟
أحمد ياسين: الحقيقة هذا الكلام يعني نقله الأخ الشهيد أسعد الصفطاوي، والأخ أسعد الصفطاوي كان جاي من الخارج وقال أنا طرحت على الأخ أبو عمار مشاكلنا، لكن هو قال لي ماتعمليش مشاكل ماتعمليش كذا، حلوا مشاكلكم في الداخل بالطريقة اللي بتشفوها مناسبة، بدون ما تعملوا لي إحراجات ومشاكل، وهذا ليس فيه عيب ولا فيه قذف لأحد، بل هو طلب منهم أن يحلوا مشاكلهم في الداخل بدون أن يعملوا له إحراجات في الخارج.
أحمد منصور: فضيلة الشيخ، في الصفحة الأولى في صحيفة "القدس العربي" يوم الأحد 15، 16 مايو آيار المانشيت الرئيسي للصحيفة كان بأنك تطالب (الجزيرة) بوقف برنامج (شاهد على العصر)، يا ترى ما هي الأسباب التي دفعتك إلى المطالبة بإيقاف البرنامج بعد بث ثلاث أو أربع حلقات منه؟ والتي وصلت إلى حد أن بدأت الصحافة تتكلم بشكل واسع عن هذه الشهادة التي أنت تؤكد أنها شهادة للتاريخ، وأنك لن تسعى إلى التاريخ، وإنما أنت تنقله بالرؤية التي رأيته فيها؟
(6/55)
أحمد ياسين: يا أخي هذا كلام صحيح، أنا أمضيت حياتي -كل حياتي- دون أن أطعن في أحد، دون أن أفتح خلاف مع أحد، دون أن أجرح أحد، لا أفراد، ولا شخصيات، لكن الردود التي جاءت في الساحة، كان المقصود منها تعميق الخلاف في الشارع الفلسطيني، وزيادة الصراع، وأنا لا أحب أن يكون ذلك في شارعنا الفلسطيني، فقلت وطلبت أنه يعني ممكن توقيف هذه الحلقات حتى لا يتسع خلاف.
ونحن في مرحلة نحتاج فيها إلى وحدة الصف، ووحدة الخط الجهادي في وجه الأعداء، وهذا طبعاً أمر يعني كل واحد يسعى إله، لأنه الوحدة مطلوبة في الشارع الفلسطيني وفي الشارع الإسلامي، وربما كان التوقيت في غير زمانه، لأنه أي حلقات تسجل لابد أن يكون لها توقيت، ولابد أن يكون لها مراجعات، ومع ذلك أنا أحببت ألا أثير الناس، وألا يكون ذلك على مصلحة الوحدة الفلسطينية.
أحمد منصور: هذه دوافعك الحقيقة؟! ألم تمارس عليك أي ضغوط معينة من جهات ما للمطالبة بإيقاف بث حلقات البرنامج بعد ثلاث أو أربع حلقات من بثها؟
أحمد ياسين: لا، لا، إطلاقاً، لم يمارس أي ضغط من أي جهة، لكن قلت لك: أنا أحب أن يكون الصف الفلسطيني موحد ولا أريد خلافات، فأحببت أن أوقف هذا البرنامج، حتى نحافظ على وحدتنا.
أحمد منصور: لكن يعني قضية الوحدة الفلسطينية أيضاً، وعملية الحفاظ عليها، والتي كانت المسعى الرئيسي -كما تقول الآن- من وراء المطالبة بإيقاف بث حلقات البرنامج، هل تم استيعاب الأمور رغم أننا لم نتوقف عن بث الحلقات؟
(6/56)
أحمد ياسين: طبعاً، أنا.. يعني أقر إنه استمرارها له إيجابيات وله سلبيات، لأنه دائماً أي تاريخ يسجل -حتى في تاريخ العالم كله- يبقى مطوياً حتى يأتي وقت وزمان لنشره، حتى لا يحدث الخلاف في وجهات النظر المختلفة، وأنا قلت أريد أن أتجنب هذا في هذا الوقت بالذات، ولذلك ليس عندي أي غضض من استمرارها ثاني مرة أخرى، مع إنه كنت أرجح وأرغب في إنها تقف، وما دامت قد سارت فليس هناك أي تعليق مني على ذلك.
أحمد منصور: فضيلة الشيخ، أسألك عن الانتقادات التي وجهت إليك من داخل الحركة الإسلامية نفسها، على اعتبار أنك كشفت أسرار حركة حماس.
[موجز الأخبار]
أحمد منصور: فضيلة الشيخ هناك انتقادات موجهة لك من الإسلاميين، وربما من بعض أعضاء حماس على أنك كشفت أسرار الحركة في شهادتك على الأحداث، وتحدثت بأسماء أشخاص كثيرين، وكذلك بينت أسلوب عمل الحركة في الجانب العسكري الذي كنت مسؤولاً عنه؟
أحمد ياسين: الحقيقة هذا تصور غير صحيح، إحنا كل المعلومات اللي ذكرتها موجودة عند العدو الإسرائيلي، كلها موجودة في اعترافات في تحقيقات...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن ليست منشورة.
أحمد ياسين [مستأنفاً]: بل فهي فقط غائبة عن أصحابها وعن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ليست منشورة.
أحمد ياسين: نعم؟ يعني فقط..
أحمد منصور: يقولون أنها ليست منشورة وأنت نشرتها.
أحمد ياسين: يا أخي هذا الكلام غير صحيح، كل ما ذكرته موجود عند العدو الإسرائيلي، ولذلك في ذكره ليس هناك جديد، أما الأساليب العسكرية والطرق العسكرية فهي تتغير من وقت لآخر، وأساليبها تختلف من وقت لآخر، وبذلك لا جديد في هذا الذكر، لأنه العدو أيضاً يعرف هذه الأساليب اللي تحدثنا عنها، فليس هناك أي مخاطر مما ذكرنا، لأنه هي فقط مجهولة للشارع الإسلامي والفلسطيني والأجدر أن تظهر وتبرز ويعرفها الناس.
أحمد منصور: يعني أنت تعتبر هذا جزء من تاريخ الحركة وليس من أسرارها؟
(6/57)
أحمد ياسين: الأسرار تبقى أسرار ما دام لا يعرفها العدو، وما دام العدو قد عرفها فقد أصبحت تاريخ، ولابد أن يعرف للناس.
أحمد منصور: يعني فيه أسرار أنت خبأتها علينا طوال الثماني حلقات ولم تدلي بها إلى الآن؟
أحمد ياسين: بكل تأكيد، هناك أسرار لا يمكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أيضاً يقول منتقدوك.. اتفضل.
أحمد ياسين: نعم؟
أحمد منصور: اتفضل.. اتفضل.
أحمد ياسين: هناك بكل تأكيد هناك أسرار لا يمكن الحديث عنها إلا في وقتها، وزمانها، ومكانها.
أحمد منصور: يعني -إن شاء الله- ممكن نسجل معك بعض الحلقات الإضافية التي تخرج لنا فيها بعض هذه الأسرار؟
أحمد ياسين: عندما يحين وقتها مستعدين.
أحمد منصور: يقول منتقدوك أيضاً بأنك أظهرت حركة حماس وكأنها حركة إرهابية، خاصة حينما تحدثت عن أسلوب التعامل مع العملاء وتصفية العملاء وأظهرت حماس وكأنها تملك حتى قرار إزهاق أرواح الناس، ما تعليقك فضيلة الشيخ؟
أحمد ياسين: أولاً هذا كلام مغلوط، نحن لسنا إرهابيين، نحن نقاتل من أجل قضية فلسطينية ووطن وشعب، وعندما يقوم أحد أبنائنا من الشعب الفلسطيني بالتعاون مع العدو.. العدو المحتل ويكشف أسرار المقاتلين، ويعمل على تصفيتهم، وقتلهم، ويعمل على إسقاط آخرين، عن طريق الانحرافات الأخلاقية: الزنا واللواط والأفيون والحشيش، فهذا الإنسان لابد أن يقطع دابره من المجتمع، الذي هو ضد أهداف الوطن وأهداف الأمة.
(6/58)
لكن أنا ذكرت إنه إحنا نسير في خط عادل، هناك مجموعة تحقق مع العميل، ثم ترفع تحقيقها لجهة قضائية، والجهة القضائية تصدر قرارها حسب المعطيات والتحقيق هل يجوز قتل هذا الإنسان أو لا يجوز، المخالفات اللي ارتكبها تستحق أو لأ، وبذلك نحن من أعدل الناس، ومن أصدق الناس في تعاملنا، لكن مش معنى ذلك إنه مابيصيرش خلل خطأ، في كل الثورات في العالم بيصير خلل، وبيصير أخطاء يرتكبها بعض الأفراد، وليست هي سياسة الحركة، ولا نظام الحركة، ولا قواعد الحركة ولو قارنت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فضيلة الشيخ...
أحمد ياسين [مستأنفاً]: ولو قارنت ما قامت به الحركة من تصفيات مع غيرها من الفصائل الأخرى في مواجهة الصراع.. العملاء لإسرائيل ودورهم لوجدت إنه ما قامت به الحركة قليل إذا أضيف لغيرها من الحركات الأخرى.
أحمد منصور: فضية الشيخ، أيضاً فيما يتعلق باندلاع الانتفاضة، ومن يقف وراء الانتفاضة، وادعاؤكم بأن حماس هي التي أشعلت فتيل الانتفاضة، أو ساعدت على استمراريتها، وأن أول بيان صدر كان -عن الانتفاضة- كان من حركة حماس ولم يكن من فتح، في الوقت الذي تقول فيه فتح أنها هي التي -أيضاً- أدت إلى اندلاع الانتفاضة، أو إلى استمرارية الانتفاضة، قضية الانتفاضة أيضاً من القضايا التاريخية الهامة، من الذي كان له الدور الرئيسي في استمرار الانتفاضة وفي اشتعالها؟ فتح أم حماس؟
(6/59)
أحمد ياسين: أولاً: الوضع الفلسطيني كله كان مهيئ للانتفاضة، من مواجهات، من تضحيات، وأنا ذكرت ذلك في شهادتي اللي كان بيصير في جباليا وفي حول الجامعة الإسلامية، لكن الدور الريادي اللي قامت به حركة المقاومة الإسلامية حماس إنها بدأت المواجهة في ذلك التاريخ، وبدأت نيانها في 14/12 لسنة 87 كبداية لمواجهة المحتل بالطرق.. بالطريق الشعبي والمواجهة الشعبية، ولا أدعي إنه إحنا فقط اللي قمنا، بل إحنا اشتغلنا وكنا رأس الحربة في الشعب الفلسطيني، اللي حرك هذا الجمهور ووجهه للمواجهة في ذلك الوقت، طبعاً فتح أو غير فتح تقول ما تشاء.
لكن أقول إن القيادة الموحدة أنزلت أول بيان لها كان في 8/1، أي بعد شهر من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في الأرض المحتلة، هذا البيان اللي نزل موجود تاريخياً، والبيان اللي نزلته حماس موجود، وأنا أرسلته إلك على الفاكس.
أحمد منصور: نعم وصلني.
أحمد ياسين: وبإمكانك تعرضه على الجمهور.
أحمد منصور: وصلني البيان، يعني هذا أمر –أيضاً- يعني يظل محل خلاف أيضاً بينكم وبين حركة فتح، أنا الحقيقة هناك كثير من رسائل الفاكس التي وصلت من المشاهدين –أيضاً- من الذين شاهدوا شهادتك على العصر، ولهم تساؤلات، ومعي أيضاً على الهاتف بعض الذين وردت أسماؤهم في تلك الشهادة، ويودون أن تكون لهم مداخلات، فضيلة الشيخ محمد عواد (عميد الأزهر في غزة) تفضل.
محمد عواد (عميد الأزهر في غزة): آلوه.
أحمد منصور: اتفضل يا سيدي.
محمد عواد: نعم، ماذا تريد؟
أحمد منصور: اتفضل يا أستاذي.. اتفضل فضيلة الشيخ بمداخلتك.
محمد عواد: نعم.. آلو.
أحمد منصور: أنت على الهواء تفضل يا فضيلة الشيخ.
محمد عواد: أيوه، إيش بدك قول؟
أحمد منصور: اتفضل.
محمد عواد: أيوه، توجه لي سؤال أو شيء؟
(6/60)
أحمد منصور: لأ، ما أوجه لك سؤال، أنت كنت تريد أن تكون لك مداخلة، وأن تعلق على ما ذكره الشيخ فيما يتعلق بشهادته عن فترة الأزهر وغيرها، وفيما ورد بالنسبة لك، تفضل.
محمد عواد: سمعت من الإخوة والناس أن الشيخ أحمد ياسين تلفظ بألفاظ غير ملائمة، لا إسلامياً، ولا وطنياً،ولا خلقياً، واتهمني ببعض الأشياء اللي أنا بريء منها، مع العلم أن الشيخ أحمد ياسين يعرفني معرفة جيدة.
وأعتقد أن كلامه هذا اللي صدر منه يا إما نسيان يا إما سبق كلام، ولذلك بيعرف حياتي الشيخ ياسين ويعرف المواقف الطيبة التي وقفتها من ناحية وطنية، فالشيخ أحمد ياسين أذكر جيداً إن فيه محاولات مرة من شان الاعتداء.. التخلي عن الجامعة الإسلامية، عن رئاسة الجامعة الإسلامية أو مجلس أمنائها، وقف إلى جانبي هو وجماعته، ويعرف تاريخي الطيب، ويعرف أنني وقفت أمام اليهود وقفة جيدة جداً، وكنت عنيداً جداً، إذ أخرجتهم من الأزهر ومن بناية الأزهر، ولم أسمح لهم باستعمال مدرسة فلسطين لأي فرقة.. مدرسة الأزهر بأي شكل من الأشكال، ثم طلبوا مني اليهود باستمرار أن يتدخلوا في شؤون الأزهر، ما سمحت ولن أسمح لهم، حاولوا أن يطلبوا مني أنه يعينوا موظفين فرفضت رفضاً باتاً.
ففي إحدى المرات أي نعم جاءني الحاكم نفسه العسكري، وقال لي يا شيخ عواد أنت عينت عشر أشخاص باسم أبو جهاد ولذلك بأطلب منك -بطلب أبو جهاد- بأطلب منك فوراً إلغاءهم، قلت له أنا ظنيت جاي تشكرني علشان بعدتهم عنك، قال لا.. لا أشكرك، قلت له إذن لن (أخذ لهم)، ما دول في وطنهم ولن أفصلهم، إصدر قرارك وأنا بوقف تنفيذه، قال إذا لم تعمل هذا فإنني سأخلي مركزك من رئاسة (المحكمة).
وأنا كنت أرأس (في ذلك الوقت المحاكم) الشرعية كقاضي القضاة إدارة وقضاء، ثم بعدها بيوم من الأيام فصلني الحاكم، ولكنني خوفاً من تدخل الحكومة في المحاكم الشرعية عينت شخص مقامي حتى لا يعينوا رئيس محكمة الجنايات..
(6/61)
أحمد منصور [مقاطعاً]: من الذي عينته فضيلة الشيخ؟
محمد عواد: عينت الشيخ كمال (...).
أحمد منصور: فضيلة الشيخ أحمد ياسين، سمعت ما ذكره فضيلة الشيخ محمد عواد، هل لديك تعليق عليه؟
أحمد ياسين: أولاً: لا أحد ينكر إنه الشيخ عواد كان له دور كبير في إنشاء الأزهر في غزة، ودور كبير، ودور يعني أساسي في إنشاء الجامعة الإسلامية، وهو يعلم تماماً إنه أنا تجاوزت كل الخلافات، ووقفت إلى جانبه يوم طلب منه أن يتنازل عن رئاسة مجلس أمناء الجامعة الإسلامية، وأرسلت له برقية تأييد له، وهو يعلم إنه إحنا وقفت كل الشباب المسلم إلى جانبه حتى بقي في رئاسة مجلس الأمناء، اللي كان هناك –كما ذكر هو- محاولات لإدخال عناصر غير مسلمة في هذا المجلس، لإحراف الجامعة وتغيير مسارها إلى المسار العلماني، وإحنا كان دورنا معاه دور موقف.. موقف طيب جيد، ولم نتخلى عنه من أجل الجامعة، من أجل مستقبل القضية الإسلامية اللي كانت موجودة، قام الخلاف اللي صدر أيام المجمع وانتهى المجمع، وعلى ذلك أنا بأقول كل إنسان له جوانب إيجابية وسلبية في حياته وإحنا نظرنا للإيجابيات، وإحنا وقفنا إلى جانب فضيلة الشيخ في الصراع من أجل الجامعة، من أجل مستقبل هذه المؤسسة في الأرض المحتلة.
أحمد منصور: فضيلة الشيخ محمد عواد، هل لديك أي تعليق أخير على ما ذكره فضيلة الشيخ فيما يتعلق بحقك أيضاً، ورد الاعتبار لك إن كنت يعني لك ملاحظات على ما أدلى به في شهادته؟
محمد عواد: إيش قال.. آلوه.
أحمد منصور: اتفضل يا فضيلة الشيخ اتفضل.
محمد عواد: نعم، نعم.
أحمد منصور: سمعت ما ذكره الشيخ أحمد ياسين، هل لديك تعليق عليه؟
محمد عواد:أنا ماسمعتش كلامه اللي ذكره، إيش هو قال عن؟
(6/62)
أحمد منصور: آه، الشيخ أحمد ياسين هو يتكلم منذ عدة دقائق، تكلم في حقك أعتقد كلاماً طيباً، ولا يحضرني الآن أن أعيد الكلام لك، ولكن تستطيع مشكوراً أن تشاهده في الإعادة غداً أشكرك شكراً جزيلاً على ما تفضلت به ومعي الدكتور محمد صيام (الرئيس أو القائم بأعمال الرئيس السابق للجامعة الإسلامية في غزة) معنا من اليمن، اتفضل.
د.محمد صيام (خطيب المسجد الأقصى): بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم جميعاً، أشكر قناة (الجزيرة) أولاً، وقطر بشكل عام على إتاحة مثل هذا المهرجان السياسي كله في الشهادة على العصر كله لصالح القضية –إن شاء الله- عندي مداخلة في عدد من الأمور سريعاً، لأني كنت أدير الجامعة الإسلامية، وخطيب المسجد الأقصى المبارك في فترة الشهادة على العصر، أولاً: الصراع مع فتح أو غيرها من الإخوة في الفصائل الفلسطينية لم يكن صراعاً بمعنى الصراع، وإن كانت الصحافة قد حورته، أو يعني انتقت منه، أو أبرزت منه بعض..، كان خلافاً سياسياً كله من أجل الوصول إلى أحسن الطرق لمقاومة الاحتلال الصهيوني، حتى بخصوص الشهداء، إن كان الشيخ -كما قال يعني سقطات لسان -لم يذكر الشهداء، كان الشيخ- وأنا أشهد على ذلك، أشهد على شاهد العصر على رأس المتحدثين في صوان العزاء الذي أقيم للشهيد البطل أبو جهاد خليل الوزير في غزة، فكيف لا يعني.. فكيف يتهم بأن هؤلاء ليسوا شهداء، ومن الذي يقرر هذه الصفة؟!.. اتهام الشيخ بتهميش دور مصر، ليس صحيحاً وقد وضحه فمصر...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني ياريت لو فيه أشياء أخرى، فضيلة الدكتور.. فضيلة الدكتور، لو هناك أشياء غير اللي الشيخ وضحها، أو ليك تعليق عليها الشيخ أرجو التكرم مشكوراً بإيجاز واختصار حتى أتيح المجال للآخرين.
(6/63)
د.محمد صيام: يعني أنا أريد إنه أقول أن مصر ليست ممن يهمش، أما الأشخاص الذين ذكروا فتحدثتم مع الشيخ محمد عواد،ولهم تاريخهم الجهادي، الشهادة على العصر أنا أريد أن أقول فيه خلاف في وجهات النظر، اليوم ذكر وزير الخارجية الألماني، بأنه (الناتو) أوقف ضرباته ليوغسلافيا، وذكر رئيس.. المتحدث باسم الحلف من أنها لم تقف، يعني فيه خلاف في وجهات النظر، موضوع واحد وخبران متناقضان، الأسرار ذكرها.
حكاية العملاء يا أخي، حكاية العملاء، الآن هناك شفقة على العملاء الذين هم أساس البلية في القضية، وهم الذين يسهمون فى اغتيال القادة كيحيى عياش، و فتحي الشقاقي، ومحي الدين الشريف، و عماد عقل وغيرهم، هؤلاء العملاء هم الذين حتى المرحوم الشهيد خليل الوزير، أو محمد يسري النجار، أو كمال ناصر، أو كمال عدوان، العملاء هم الذين أسهموا وسهلوا الطريق للصهاينة.
الذي أريد أن أقوله مما لم يقل هو أن دور الحركة الإسلامية كان في تلك الفترة: جمع الشمل، والوحدة الوطنية، وتحريم الاقتتال الداخلي، وتوجيه الشارع الفلسطيني لمقاومة الاحتلال، وبناء المؤسسات التحتية لخدمة الشعب الفلسطيني، من علمية كالجامعات، ومنها الجامعة الإسلامية في غزة، ومن صحية كالمستوصفات، ومن دينية وثقافية ورياضية حتى وما إلى ذلك كالمجمع الإسلامي وفروعه المختلفة، الحركة الإسلامية ليست مقصورة على مجموعة من الناس، وإنما هي متجذرة في نفوس الشعب الفلسطيني، هذا ما أردت أن أوضحه للشهادة على العصر، وجزاكم الله خيراً.
أحمد منصور: أشكرك فضيلة الشيخ، شكراً جزيلاً على هذه الخطبة العصماء التي يعني أعادتك إلى مجد المسجد الأقصى الذي كنت خطيبه في يوم ما.
فضيلة الشيخ، عندي سؤال من محمد رؤوف أباظة من (برلين) في ألمانيا يقول لك: هل شكلت شهادتك أي تهديد من قريب أو بعيد للنضال الفلسطيني وشخصياته، وأظهرت دول عربية بعينها في غير الدور الذي قدر لها؟
(6/64)
أحمد ياسين: في الحقيقة إنه شهادتي على العصر، أنصفت كل إنسان وأعطته حقه كما يجب، وأنا أقول إن كل الدول العربية قامت بجهد كبير في فترة من الزمن، ماكناش لهذه الحكومات القدرة أن تعمل أكثر من ذلك، لأنه كان الاحتلال.. الاستعمار مسيطر في الوطن العربي، وكانت الشعوب تضغط على الحكومات لاتخاذ قرارات صعبة، ولذلك كانت النتيجة إنها ليست على المستوى المطلوب بالنسبة للقضية، الفلسطينية كل الدول العربية وقفت موقف ودفعت جيوشها إلى فلسطين.
لكن لم يكن هذا على مستوى التحدي، لأنه الاستعمار كان هو اللي بيسيطر، وكان هو اللي يحرك اللعبة الدولية في العالم، ولذلك أنا أقول إنه الأمة العربية. قد تنحني فترة من الوقت، وقد تضعف فترة من الوقت، لكن الأمة العربية تعود شامخة من جديد، والتاريخ شاهد على ذلك، في الحروب الصليبية، في حروب التتار. والمغول اللي هاجموا الوطن العربي والإسلامي، واللي كانت مصر هي رأس الحربة في هذه الحروب وفى إعادة المسار الوطني في فلسطين إلى أهله والى الأمة العربية والإسلامية إلى حضارتها وتاريخها وتراثها.
أحمد منصور: شكراً فضيلة الشيخ، معي السيد أبو علي شاهين (وزير التموين في السلطة الوطنية الفلسطينية) مرحباً بيك، وقد ورد اسمك في شهادة الشيخ أحمد ياسين أكثر من مرة، اتفضل سعادة الوزير.
أبو علي شاهين (وزير التموين في السلطة الفلسطينية): الله يمسيكم بالخير.
أحمد منصور: مساك الله بالخير.
أبو علي شاهين: وكل أبناء الأمة العربية بالخير، وشكراً أخ أحمد، شكراً لقناة (الجزيرة) الفضائية، لما قامت به من بث مسجل لأحمد ياسين، حيث قدمت حقيقة أحمد ياسين صوت وصورة لمشاهدي الأمة العربية والوطن العربي، وحيثما يمكن لقناتكم الفضائية أن تلتقط.
(6/65)
أنا شخصياً سمعت الليلة مجموعة اعتذارات، مسلسل من الاعتذارات قدمها أحمد ياسين، حسب تعبير الأشقاء في مصر "كنت واخذ مقلب" بأمانة يعني وبدون تهجم وبكل احترام للإخوة المشاهدين، لم أكن أتصور إن الشيخ أحمد ياسين كما شاهدته، وصدقاً أنا لم أكن أعلم الشيخ أحمد ياسين إنه بهذه الصورة، باتصور يعني لولا ثقتي بالجزيرة لقلت إنك -يا أخ أحمد- إنك عملت إنت والإخوة بالجزيرة منتاج ما لحديث أحمد ياسين أو عمل، ما أنا لا أعرفه، ولم أشاهد أحمد ياسين في حياتي، وإني على قناعة تامة بأني لم أفقد شيء، بصراحة كان عندي صورة أكبر من هيك لأحمد ياسين، وكانت صورة أحمد ياسين عندي كبيرة، وبالمناسبة هذا ليس رأيي، هذا رأي، الإخوة العرب اللي شاهدوا.. وأنا على الأقل يعني في قطاع غزة، في الضفة الغربية، في الأردن استمعت إلى آراء وفي مصر، الصورة اللي منقولة عندي مش بهذا الشكل، أنا شاهد على مرحلة عاشها أحمد ياسين..
أحمد منصور[مقاطعاً]: طب سعادة الوزير اسمح لي، اسمح لي سعادة الوزير، اسمح لي سعادة الوزير، من حق كل إنسان أن يضع أي شخص في الصورة التي يريدها، أنا الآن بصدد ما ذكر عنك من أنك كنت تستخدم أساليب تصل الى حد القتل والتصفية في أثناء فترة الصراع بين فتح وحماس، وليس يعني ليس هذا الكلام كلام الشيخ أحمد ياسين وحده، وأرجو أن نبقى في إطار هذا الأمر دون تجريح شخصي، اتفضل.
أبو علي شاهين: أنا لم أعمد إلى أي تجريح، بالنسبة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أعتقد ما ذكرته فيه شكل من التعريض، الذي أكدت عليك قبل أن.. أو أكد عليك مساعدي قبل الدخول في الحوار بعدم التعريض الشخصي، فأرجو أن نبقى في الإطار الموضوعي للشهادة، وللأحداث التي وقعت فيها، اتفضل.
أبو علي شاهين: أنا لم.. لحتى الآن لم أتعرض لمسألة شخصية إطلاقاً.
أحمد منصور: طيب، اتفضل.
(6/66)
أبو علي شاهين: بالنسبة لما أنا فهمته من حديث أحمد ياسين كان المسألة واضحة، كان نوع من الهروب إلى أعلى، اللي حصل بين حركة فتح وبين المجمع الإسلامي -ولم تكن حماس قد وجدت بعد- كانت هناك.. أنا لا أرى أنها ارتقت إلى الخلافات، بالعكس كان فيه تنسيقات كثيرة، وأحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي.. الدكتور عبد العزيز، وغيرهم بيعرفوا إنه هذه التنسيقات كانت كبيرة بيننا،ولكن كانوا لا يريد لهذه التنسيقات أن تستمر.
ومسألة الدموية أنا مش أنا اللي بأقول دموية، أنا بأقول كان هناك اجتهادات بيننا وبين المجمع الإسلامي، وهذه الاجتهادات على خلفية سياسية محضة، نحن تنظيم سياسي، وهم تنظيم سياسي، ونحن لا نرى بأنفسنا أننا خارج النهج الفلسطيني وكذلك هم، نحن أبناء معادلة الكل الوطن، وبالتالي أنا مش كثير حريص أدفع في اتجاه أين الخلاف بيننا وبين حماس الآن.
أنا ما عندي الآن إن أدفع في اتجاه أين نتفق، نعم يوجد ربما اجتهادات يوجد اختلافات بيننا وبين حماس، ولكن هذه لا تذكر أمام ما بيننا وما بين أي من الإخوة الفلسطينيين العاملين في الساحة الفلسطينية من اتفاقات، نحن بيننا اتفاقات كثيرة، فلماذا نبحث أين نختلف؟ لماذا لا نبحث أين نتفق وهي كثير؟! هذا من ناحية...
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا ما يبحث في المستقبل ولكن نحن الآن.. نحن الآن، سعادة الوزير.. سعادة الوزير، نحن أمام أحداث تاريخية معينة نتعرض لها في شهادات الذين صنعوا الأحداث في برنامج (شاهد على العصر)، والتاريخ لا يغير، وليس معنى أن هناك توافق الآن، أنتم كانت إسرائيل أعدى الأعداء بالنسبة لكم، والآن هناك تصالح وهناك تعايش بينكم وبين الإسرائيليين، هذا لا ينفي تاريخ الصراع بينكم بين الإسرائيليين، والعمليات التي تمت في التصفية، ولا يلغيها أيضاً ولا يمنع الناس من أن تتحدث عنها.
(6/67)
نحن حينما تحدث الشيخ أحمد ياسين، تحدث عن تاريخ موجود لا يلغيه أن يكون هناك الآن التئام أو اتفاق بين حماس وبين فتح، وبينها وبين غيرها، أنا في الشق التاريخي الآن الذي أنت لا تريد أن تجيب عليه، وأرجو التكرم بالإجابة عليه فيما يتعلق بالممارسات التي كانت تقوم بها فتح ضد مخالفيها في بداية الثمانينيات، والتي كانت تصل إلى حد التصفية الجسدية.
أبو علي شاهين: أخ أحمد.
أحمد منصور: اتفضل.
أبو علي شاهين: لأ، أنا بأجيب على هذا الموضوع، نحن لم يكن ولم يتبادر إلى ذهننا يوماً من الأيام أن يكون بيننا وبين أي حركة تعمل على الساحة الفلسطينية، بغض النظر عن أي رؤية سياسية أو عقائدية أخرى، أن يكون هناك أي تصفية إلى جانب عملية الدم، ماكانش بيننا وبين أي إطار من هذه الأطر لجوء إلى العنف وإلى القوة.
نحن دوماً لا يمكن هذا الأمر أن يكون، وإلا لن نكون فتح.. فتح أم الجميع، ولا تستطيع بالمطلق أن تكون طرف ولا يمكن لفتح أن يكون لها موقف، فتح لها دور، ودور فتح التاريخي يا أخ أحمد، العالم كله بيعرف إنه فتح هذا الوعاء الذي يتسع إلى الجميع، نحن دوماً نتنازل من أجل الآخرين، إذا كان فيه وجهات نظر كانت تنظيم جديد على الساحة الإخوان المسلمين ممثلين بالمجمع، يريدوا أن يثبتوا حضوراً، هم الذين كانوا يلجؤون إلى ربط هذا الحضور باستعمال العنف واستعمال القوة، نحن كنا نرفض هذه المسألة، ونحن لم نسجل على أنفسنا إطلاقاً الحديث -اللي تفضل أحمد ياسين- تجاه الأخ أسعد الصفطاوي عندما قال بأنه الأخ أبو عمار أبلغه كذا أو كذا تجاه إن صفوا أموركم، والآن أنا استمعت إلى الشيخ أحمد... إلى أحمد ياسين الآن، استمعت إلى...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت لماذا تصر على أن تهرب.. سعادة الوزير.. سعادة الوزير، أنت تصر أن تهرب من أن تذكر كلمة شيخ، وهذا أمر يعود إليك، لكن قل لي من قتل إسماعيل الخطيب؟
(6/68)
أبو علي شاهين: أنت تقول نهرب، ليش ما تكون هذه الحقيقة اللي يجب أن تسمعها؟! أنت لا تحب أن تسمع هذه الحقيقة أخ أحمد على ما يبدو.
أحمد منصور: من قال؟!
أبو علي شاهين: أما المشاهد أنا أرى إنه يريد أن يسمع هذه الحقيقة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يا سيدي يا سيدي أنا الذي بادرت..
أبو علي شاهين [مستأنفاً]: أنت لا تريد أن يسمع المشاهد هذه الحقيقة، أنا أؤكد على مسألة أن العنف لم يكن من جانب فتح، بالعكس،عندما هوجم أبناء فتح داخل الجامعة الإسلامية بأوامر من قيادة المجمع الإسلامي نحن رفضنا أن يكون هناك رد، رفضنا بالمطلق أن يكون رد، بل بالعكس نحن لم.. مش مسألة إنه ننسحب أو نجبن، نحن رفضنا أن يكون رد لأن أي رد تجاه المجمع الإسلامي، سيصب في خانة الاحتلال، نحن لسنا الجند المجند للاحتلال، كنا نعي أن هناك خطأ في الاجتهاد لدى قيادة المجمع الإسلامي، ولكن لسنا على استعداد لمحاسبة هذه القيادة بالصورة اللي أنت بتحب أنك تطرحها، وكأنه كنا...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا تحول الأمر إلى بيني وبينك يا سيدي، يا سيدي ليس بيني وبينك شيء، وأنا الذي بادرت للاتصال بك، وطلبت منك أن تشارك لأن اسمك ورد في هذا الأمر، أرجو أن تجيبني، من قتل إسماعيل الخطيب؟
أبو علي شاهين: اللي قتل إسماعيل الخطيب، بتقدر إنه إسماعيل الخطيب قتل على أيدي مجموعات من الداخل، ولكن هذه المجموعات من الداخل لم تكن.. جميعنا نعلم بأن أي مجموعة من الداخل لم يكن لها اتصال مع أي شخص كان في الداخل، مجموعات الداخل إحنا جميعاً نعلم -جبهة شعبية، وفتح، والآن فيه حماس وغيره- بأنه الاتصالات تكون خيطية مع الخارج، اللي قتل أحمد ياسين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إسماعيل الخطيب.
علي أبو شاهين [مستأنفاً]: اللي قتل.. لم يستطع إلى الآن أن يوجه بالاسم الصريح إلى فلان، هذه المسألة مهمة، وأما..
(6/69)
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت كنت قيادياً بارزاً في فتح في ذلك الوقت، وكانت في أيديك كثير من الخيوط من الأحداث التي كانت تتم على الساحة الفلسطينية، ومن المؤكد أن لديك خيوط عمن قتل إسماعيل الخطيب، كما يروي.. أو كما تشير كثير من الأمور.
أبو علي شاهين: إذا باتصور إنه أنت مش موظف تحقيق علشان إني أحط أمامك المعلومات، أظن هذه المسألة يعني مهمة، وأظن كمان أحمد ياسين الآن كان بيقول لك إنه.. لما سألته سؤالك يعني اللي كان فيه نوع من النغزة، إنه لسه فيه عندك أسرار، قال لك عنده أسرار، إذا كان الشيخ أحمد ياسين اللي 10، 20 عمره في العمل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب إحنا أسرارك إمتى نعرفها، يا سعادة الوزير؟
علي أبو شاهين [مستأنفاً]: يا أخ أحمد، عندهم أسرار، فتح إيش عندها؟!
أحمد منصور [مقاطعاً]: سعادة الوزير، أسرارك إمتى نعرفها طيب؟
أبو علي شاهين: أسراري تعرفها لما أنا بدي أصرح فيها، ومش لما بدك أنت تحقق معاي فيها، أحمد.. إسماعيل الخطيب لم يكن بالمطلق.. لم يكن بالمطلق -وكما نعلم جميعاً- عضواً في أي إطار سياسي، وأنا وإسماعيل الخطيب (...) أبو عمار في عمان.
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب، اسمح لي..اسمح لي أسمح.. أرجو أن تبقى معي واسمح لي أسمع تعليق فضيلة الشيخ أحمد ياسين على ما أدليت به، فضيلة الشيخ اتفضل.
أحمد ياسين: أولاً: التاريخ الماضي إحنا طوينا صفحته، والأخ أبو علي بيعرف جيد، كم كانت الصراعات في السجن بين الفصايل وبين الإسلاميين اللي شكلوا جماعة إسلامية في السجون، وكم كان التعذيب والتهديد إلهم، أنا عندما تحدثت القليل فقط أردت أن أمر على القضية مرور الكرام، وأنا بأكد إنه التحقيق مع الجماعة اللي نفذوا الإعدام في إسماعيل الخطيب هم طبعاً من فصيلة فتح، هذا شيء موجود، ولا زالوا في السجون الإسرائيلية.
(6/70)
ثانياً: إحنا لا نريد أن نثير الماضي، بل نريد أن نتجاوزه، ونريد أن نصل إلى وحدة شعب فلسطيني في مستقبل قضيتنا، وإحنا كمجمع إسلامي وجدنا في الساحة كأي مؤسسة فلسطينية موجودة، مئات المؤسسات الفلسطينية في الداخل، ومنها كمان (الشبيبة الفتحاوية) وجدت في الساحة وأخدت ترخيص في الساحة.
وبعدين إسماعيل الخطيب كان إسلامي، وانتماؤه إسلامي، ولم يكن شارداً في الهواء، والقضية المؤسفة إن انتقل الصراع من قلم، وكلمة، وحديث، وحوار إلى صراع بالسلاح، وهذا شيء أصلاً مرفوض في الساحة الفلسطينية، وقد أكدت عليه في تاريخ حياتي الأخير، أنه الدم الفلسطيني خط أحمر يجب
ألا يمس، ويجب ألا يعتدى، ويجب أن يكون الدم الفلسطيني فوق كل
الخلافات، فهذا ما نرجو أن يفهمه الأخ أبو علي وأن يفهمه العالم كله: إنه إحنا نرفض الفتنة الداخلية، ونرفض الصراع الداخلي، هذا منهجنا في القديم، ومنهجنا في الحديث، ومنهجنا في المستقبل إن شاء الله تعالى.
أحمد منصور: سعادة الوزير، تعليق أخير.
أبو علي شاهين: أنا أضم صوتي لصوت أي فلسطيني في محصلة قوة واحدة، من أجل انتزاع حقوقنا ومستحقاتنا التاريخية، والتي ليست سهلة في هذا الصراع المفتوح رحاه على كل مصاريع الفعل الوطني، إذ كل الوطني بينجز في فلسطين، المرحلة السابقة تاريخ للعظة وليس للعقاب.
أنا أجزم بأن هناك أخطاء كثيرة ارتكبناها جميعاً في حق أنفسنا أولاً، وفي حق أهلنا ثانياً، وعملية المجرد الملائكي غير مطروح على الأرض، هذا صحيح، ومعركة التحرر الوطني مفتوحة، مفتوحة مفتوحة ، وأبعادها لم تنته، يعني وعلى ما يبدو أنها لن تنته، واحد عجوز مثلي ربما لن يراها ولكن أجزم بأنه أحفادي سيروها.
(6/71)
أنا بأمل إنه نلتقي يد واحدة، لا فلسطينية لحالهم ولا حتى العرب ممكن إنا ننجز مشروعنا المطروح تاريخياً، ما انطلقنا من أجله، نحن نريد الشعب الفلسطيني، الأمة العربية أحرار وشرفاء العالم، مسلمين وغير مسلمين أن يقفوا معنا، وأن يدعمونا، وأن يساعدونا من أجل أن نصل إلى انتزاع أهدافنا الوطنية المشروعة على تراب فلسطين.
أحمد منصور: سعادة الوزير، هل يمكن أن نعتبر أن هذه مصالحة على الهواء، وتضميداً للجراح التي طوال الأسابيع الثمانية الماضية بدأت تنكأ مرة أخرى في غزة؟
أبو علي شاهين: أخ أحمد، بصراحة أنا لم أتكلم كلمة إلى الآن حول الحديث بعدما سمعته أول مرة اليوم قبلت أني أتكلم، واتصلت في أكثر من جهة تريد إنه تسمع رأيي، أنا بيني وبين أي فلسطيني، بيني وبين أي عربي، بيني وبين أي حر، أو بيني وبين أي مناضل، بيني وبين أي ثوري مصالحة مفتوحة.
أنا ابن حركة فتح، ابن الدعوة إلى الكل الوطني، أنا كل الوطني هو اللي أنا بأغرف منه في نضالي وصراعي المفتوح، إحنا صراعنا مفتوح مفتوح، مفتوح مفتوح مش على مصراعيه، على كل المصاريع، هادي مسألة مش سهلة نحن نعرف من نواجه، ومن يواجه يعرف من نحن.
وبالتالي مش مسألة مصالحة، مصالحة موجودة، وأنا أجزم إنه
-وأنا قلت لم يكن هناك خلافات كان هناك اجتهادات لو انتبهت إلي- أنا أجزم أن الاجتهادات ستبقى موجودة، ولكن لن يكون هناك -إن شاء الله- قطرة دم، ولعلي كنت من أوائل المراهنين في تونس عند.. بعد توقيع أوسلو -بكل ما لدي من تحفظات على هذه المسألة- كنت إلي رأي واضح وصريح وجلي، أن لن تكون هناك قطرة دم واحدة فلسطينية، الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني لا بيقدر أحمد ياسين يرفضه، ولا بيقدر أبو علي شاهين يرفضه، القتال الفلسطيني الفلسطيني مرفوض من كل أبناء الشعب الفلسطيني، نحن نعرف ما نريد، ومن يعرف ما يريد لا يمكن أن يقع في هذا الكمين القاتل لمنجزاته الوطنية.
(6/72)
أحمد منصور: شكراً سعادة الوزير علي أبو شاهين (وزير التموين في السلطة الوطنية الفلسطينية) على ما أدليت به، فضيلة الشيخ ياسين، لك تعليق أخير على ما ذكره الوزير أبو علي شاهين؟
أحمد ياسين: لا، أكتفي بالدعوة للوحدة الوطنية، وتحريم القتال الفلسطيني، ومواجهة المحتل ومقاومته بكل الطرق الممكنة الجهادية، حتى نستعيد أرضنا ووطننا، وطبعاً لأنه هذا هو الخيار الوحيد اللي يمكن أن يعيد إلنا حقوقنا إن شاء الله تعالى.
أحمد منصور: مفيد محمد من الإمارات، اتفضل يا أخ مفيد.
مفيد محمد: السلام عليكم..
أحمد منصور: وأعتذر عن التأخير عليك، عليكم السلام اتفضل.
مفيد محمد: مرحباً يا شيخنا أحمد..
أحمد ياسين: أهلاً وسهلاً.
مفيد محمد: في الحقيقة إنه أنا بس عندي مداخلة، إنه الشيخ أحمد ياسين كان صادقاً في كلامه وشهادته على العصر، وحركة حماس لم تقم بتصفية أي عميل إلا بعد إثباتات وتأكيدات وشهود، وهذا كلام سمعته من أشخاص كثيرين في غزة ليس لهم علاقة بحركة حماس.
لكن يا أخ أحمد، هناك من بتصيد الأخطاء، لأن التشكيك والتشويش يسري في دماءهم، إن من يخاف من التاريخ عليه أن يلتزم جانب الشعب، وجانب قضيته العادلة، وأن يتقي ربه في أقواله وأعماله.
أما بالنسبة لحركة فتح، فحركة فتح لا تحتاج إلى شهادة من أحد، فتح قائدة النضال الفلسطيني، وراية الكفاح الفلسطيني المسلح، وإن الشرفاء من حركة فتح -وهم كثيرون- يقدرون تضحيات كل الفصائل الفلسطينية، ففتح
أبو جهاد، و أبو إياد، وأبو الهول، وأبو يوسف النجار، وكمال ناصر، وكمال عدوان، وأبو الوليد لازالت تقود النضال الفلسطيني.
(6/73)
وأنا بأقول أنه فتح دائماً تضع يدها مع جميع الفصائل، وأولهم حركة حماس، وإحنا كشعب فلسطيني لا (نتحزب) إلى فتح أو إلى حماس، نحن كلنا فلسطينيين، في النهاية بأتوجه بالشكر والتقدير والإجلال لشيخنا الكبير وأستاذنا الجليل الشيخ أحمد ياسين، وبأكرر إنه من يخاف من التاريخ عليه أن يلتزم قضية شعبه، وأن يلتزم بجانب الشعب، وإذا كان خايف من التاريخ مايعملش شيء ضد الشعب، وشكراً.
أحمد منصور: شكراً يا أخ مفيد، دكتور رياض الأغا (رئيس الجامعة الإسلامية الأسبق في غزة)، ورد اسمك في شهادة الشيخ أحمد ياسين، وتريد أن يكون لك تعقيب وأرسلت لي رسالة مطولة ونشرتها على الإنترنت وقرأها العرب في معظم أنحاء العالم، تنتقد فيها شهادة الشيخ أحمد ياسين في عدة مواضع، تفضل يا دكتور رياض.
د.رياض الأغا (الرئيس الأسبق للجامعة الإسلامية في غزة):
شكراً أستاذ أحمد، وأن أشكر (الجزيرة) إنه أعطتنا هذه الفرصة بعد أن طلبنا أو استجابوا لطلبنا هذا، أرجو أن تعطيني الوقت أستاذ أحمد.
أحمد منصور: أعطيك يا سيدي، أعطيك الوقت والحق، ولكن أيضاً بإيجاز.
د.رياض الأغا: شكراً، الأخ أحمد ياسين لي معه صولات وجولات أكثر من سنتين ونصف أو ثلاث سنوات أثناء رئاستي للجامعة الإسلامية من العام الجامعي 79- 80 إلى العام الجامعي 82- 83، وكنت دائماً يتشاور معي وأنا نتشاور معه في قضايا الجامعة وقضايا المجتمع بصورة عامة.
ولكن يؤسفني أنني عندما استمعت إلى الأخ أبو محمد، عندما تحدث عن الدكتور رياض الأغا كرئيس للجامعة الإسلامية في ذلك الوقت، قال إنه الدكتور رياض دخل كلية رياضة في أميركا، وأنه كان سيئاً، وأراد تحويل الجامعة إلى جامعة علمانية اختلاط، وأن تصرفاته، وسلوكه، وعلاقاته، وإنه مابيعرفش حاجة -على حد قوله- وأننا أحضرنا شخصاً يعرف كل العلوم -على حد قوله- وهو الدكتور محمد صقر.
(6/74)
أريد أن أصحح للأخ أبو محمد بعض المعلومات، رياض الأغا يحمل شهادة الدكتوراه في الإدارة والتخطيط للتعليم العالي، وليس في الرياضة، وأنه هذه الشهادة شهادة نادرة في العالم العربي، وأنني انتدبت عندما كنت أعمل أستاذاً للإدارة والتخطيط في كلية التربية بجامعة الرياض- الملك سعود حالياً، وأنني عملت مستشاراً لوزير التعليم في ذلك الوقت، وأن كان عميد الكلية في ذلك الوقت -وزير المعارف حالياً- الدكتور محمد الأحمد الرشيد...
أحمد منصور [مقاطعاً]: دون الدخول في تفصيلات، أرجو التركيز على العناصر الأساسية من أجل الوقت يا دكتور رياض لو سمحت.
د.رياض الأغا: عفواً بس أليس ذلك دحضاً لادعاءات السيد ياسين بحق الدكتور رياض البعيدة عن الصدق والحقيقة؟! هذا ما أردت أن أقوله أن أصحح له معلومات، وهو يعرف جيداً ذلك، حقيقة إن الموضوع الذي أنا أود أن أقول فيه، حركة التاريخ الذي نعيشه اليوم، تتعامل مع الكتلة الاجتماعية ككل وليس مع ذرات معينة من تلك الكتلة، فعندما.. حماس كحركة في الساحة الفلسطينية، في الحديقة الفلسطينية والعربية لوحدها وكأن لا أحداً سواها، فهذا أمر خطير يا أبو محمد.
فعندما نضع أنفسنا في مسار التعامل العام مع حركة التاريخ، نجد أننا لا نزال أمة تتوالد، ونحن لا نملك إلا رؤية ناقصة عن الأشياء، الرؤى الكاملة ها هي رؤى الغد الذي لم يولد، ولقد توقفت ولادة هذه الأمة منذ طويل، ولهذا نحن نعاني من شيء اسمه أزمة تطور، وأزمة أخلاق، لأننا لم نعد نولد باستمرار.
أخي أبو محمد، نحن نعيش في مرحلة من السقوط، والانهيار، والانحطاط الذي لم تشهده أمه في العالم، إننا نعيش مرحلة انهيار ثقافي وضياع سياسي، وتخلف اجتماعي، يجتاح أجنحة المجتمع الفلسطيني كله والعربي أيضاً، هذا الانهيار الذي يمس حياة ووجدان شعبنا سيكون له أثر كبير في الصراع من أجل البقاء في عالم متغير، إننا..
(6/75)
أحمد منصور [مقاطعاً]: دكتور رياض، كأنك.. دكتور رياض، كأنك تريد..، دكتور رياض أرجو.. أرجو أن تتيح لي المجال أيضاً..
د. رياض الأغا [مستأنفاً]: أبو محمد نحن... أخ أحمد، نحن نعيش.. نحن نعيش على درجة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أرجو أن تتيح لي المجال أيضاً، لأنه لم يعد هناك وقت كثير لقراءة ربما بيان أنت كتبته دفاعاً أو توصيفاً للوضع الفلسطيني، اسمك ورد بشكل شخصي في أحداث محددة، كان هناك أشياء تتعلق بشخصيتك وقد أوضحتها، أما فيما يتعلق بالأحداث التي كانت تتعلق بوضع الجامعة الإسلامية في غزة، هل لديك تعليق عليها؟ ونترك المجال لما تريد أن تتحدث فيه الآن في فرصة أخرى.
د.رياض الأغا: أوجه تساؤلي إلى الأخ أبو محمد.
أحمد منصور: اتفضل.
د. رياض الأغا: عندما تقرر إبعاد الدكتور رياض الأغا عن الجامعة، وإحضار الدكتور صقر،كيف تصرف السيد أحمد ياسين وشباب الحركة؟ ولم تكن هناك حماس، كان هناك شباب المجمع الإسلامي، هذا سؤال.
السؤال الثاني الآخر أنه عند مقتل إسماعيل الخطيب، صدر بيان بأمر من السيد ياسين اتهم فيه رياض الأغا وآخرين منهم الأخ أسعد الصفطاوي الشهيد، بأنهم وراء مقتل إسماعيل الخطيب، والآن استمعت إلى كلماته عندما قال إن القتلة لازالوا في داخل السجون، هل صدر منكم بيان يعتذر عن هذه الاتهامات الخطيرة للدكتور رياض؟
أحمد منصور: جميل.
د. رياض الأغا: السؤال الثالث والأخير: عندما عين الدكتور رياض الأغا رئيساً للجامعة الإسلامية بقرار من مجلس الأمناء، واستبعد رياض الأغا بطريقة لا أخلاقية، هل بقي اسم الدكتور رياض الأغا بالمدة الزمنية التي شغلها رئيساً للجامعة في سجلات الجامعة، ودعوات الجامعة لحفلات خريجيها؟ أم أنه شطب اسمه نهائياً من سجلات الجامعة؟ شكراً يا أستاذ أحمد.
(6/76)
أحمد منصور: شكراً يا دكتور رياض، فضيلة الشيخ، 3 أسئلة رئيسية فيما يتعلق بالدكتور رياض الأغا، وما ورد في شهادتك بشأنه، هل تذكرها أم أكررها عليك؟
أحمد ياسين: هات واحد واحد
أحمد منصور: يقول لك عندما تقرر إبعاد الدكتور رياض الأغا عن رئاسة الجامعة، ما الذي قامت به حماس؟ عفواً المجمع الإسلامي في ذلك الوقت.
أحمد ياسين: أولاً: أرجو من الدكتور أن يعيد الذاكرة قليل، الدكتور رياض الأغا جاء قائماً بأعمال رئيس الجامعة، وليس هو الرئيس الأساسي للجامعة، ورئيس الجامعة الأساسي المعين هو الدكتور صقر، فعندما جاء الدكتور صقر إلى الجامعة جاء كأمر طبيعي لرئاسة الجامعة اللي هو أصلاً رئيسها، ولكن هو الذي صنع المشكلة بتشبثه، وأنه لابد أن يبقى في كرسي رئاسة الجامعة واللي رئيسها الدكتور محمد صقر.
أحمد منصور: فضيلة الشيخ، يقول لك عند مقتل إسماعيل الخطيب، أصدرت بياناً اتهمت فيه الدكتور رياض الأغا وآخرين بأنهم يقفون وراء مقتله، والآن أنت ذكرت في هذه الحلقة أن قتلة الدكتور إسماعيل الخطيب يتبعون إحدى فصائل فتح، وأنهم موجودون في سجون السلطة الفلسطينية، هل أصدرت بياناً تعتذر فيه عن الاتهام الذي وجهته للدكتور رياض الأغا بقتل إسماعيل الخطيب من قبل؟
أحمد ياسين: أولاً أحب أن أصحح، لابد من تصحيح الحديث.
أحمد منصور: اتفضل.
أحمد ياسين: أولاً: القتلة هم مجموعة من فتح، وهم في السجون الإسرائيلية، وليس في سجون السلطة.
ثانياً: عندما قتل إسماعيل الخطيب -رحمه الله- كان الشيخ أحمد ياسين في السجن، ولم يصدر أحمد ياسين بيانات، ولم يكن بمعرفة بما يجري في الخارج، إذن أن يلبس هذا بلشيخ أحمد شيء غير سليم.
ثالثاً: إذا كان القتل قد تم على أيدي مجموعة مقاتلة، فلان من معرفة من أين تلقت هذه الأوامر؟ ومن أين لها أمر التنفيذ؟
(6/77)
ثالثاً: أنا لا أتدخل في الجامعة، وتشطب من وتبقي من، إن الدكتور رياض هو أساء لنفسه بتصرفاته اللي قامها، إذا كان هو يشتكي إنه المجمع الإسلامي ساعد على إزالته من الجامعة الإسلامية، طب أنا بأسأله سؤال: هو أنشأ كلية العلوم والتكنولوجيا في خان يونس، والآن هو طرد منها، فهل الإسلاميين اللي طردوه؟! ولماذا يطرد منها؟
أحمد منصور: طيب دكتور، سؤاله... فضيلة الشيخ، سؤاله الثالث عن استبعادكم لاسمه من رئاسة الجامعة في الفترة التي رأسها، وعدم توجيه أي دعوات إليه، وشطبه تماماً من سجلات الجامعة، ما ردك على هذا؟
أحمد ياسين: هذا أمر أنا لا أعرفه ولا أعلمه، أنا أصلاً أيام الدكتور رياض وهو في رئاسة الجامعة لم أكن أتدخل في الجامعة إلا إذا جاءني هو وطلب مني أن أتدخل في قضية معينة، فأنا لا أتدخل أصلاً، أنا أترك العمل الأكاديمي لأصحابه وأهله وليس من عملي هذا، إنما إذا جاءني شخص يطلب مساعدتي يطلب نصيحتي، أتحدث معاه، ولذلك هو الذي كان يطلب، وهو الذي كان يأتي، وهو الذي كان.. وما ذنبي أنا إذا سألني؟! فأنا الجامعة لا.. ليس لي هناك تدخل فيها يجري فيها، فهي شغل الأكاديميين وشغل العاملين فيها، وليس شغلي ولا تدخلي.
أحمد منصور: دكتور رياض، لازلت معنا على الخط، أرجو في دقيقة واحدة أن تعقب على ما ذكره الشيخ.
د.رياض الأغا: نعم، حقيقة إذا كان الشيخ ياسين زعيماً لحركة حماس، أو المجمع الإسلامي كزعيماً وقائداً ورئيساً للمجمع في ذلك الوقت قبل تشكيل حماس، فهو يعلم كل شيء حتى وهو في داخل السجن أو في خارج السجن، وبالتالي هو يعلم ماذا يدور من بيانات تصدر من حركته ومن أعوانه، ورفاقه، وكوادره.
(6/78)
ثانياً: عندما يشطب اسمي من الجامعة الإسلامية كرئيس لها، هل هذه في أخلاقيات إسلامية تدار في داخل الجامعة يقودها ويأتمر بأوامرها في الداخل من الشيخ ياسين؟ هذا في الواقع خروج وهروب عن الحقيقة يا أبو محمد، أنا آسف أن أسمع هذا الكلام، وأنا بودي كنت أن أسمع ماذا عن الحقيقة والواقع الذي نعيشه، على كل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: شكراً لك يا دكتور رياض، للأسف لم يعد لدى وقت لسماع المزيد من التعليقات وبقي عندي دقيقة واحدة لفضيلة الشيخ أحمد ياسين يعقب بها على شهادته بشكل عام وعلى ما أثير في هذه الحلقة من ملاحظات من الأطراف الأساسية التي تناولها في شهادته، اتفضل فضيلة الشيخ.
أحمد ياسين: بسم الله الرحمن الرحيم، أنا أود أؤكد مرة أخرى، لكل مشاهد فلسطيني وعربي وإسلامي، أنني أجل كل العاملين، والمقاتلين، من كل الفصائل، وكل المجاهدين من أجل فلسطين، وتحرير فلسطين، وأجل كل دولة عربية وإسلامية وعالمية تقف وتساند شعبنا وحقوقه في مستقبله، وحياته، وتحرير أرضه ووطنه.
ولذلك أنا لن أسمح، ولا أريد أن أسمح لأي خلاف في الشارع الفلسطيني، وسأعمل مدى حياتي على أن أقف في وجه الفتنة، لأننا بعنا أنفسنا لله، وسنقاتل في سبيل الله، حتى تحرير فلسطين أو الشهادة -إن شاء الله تعالى- هذا هو طريقنا، وسيبقى سلاحنا موجه لصدر العدو المحتل، العدو المتغطرس، ولن يتوجه لأي بلد له عالم في عالمنا الإسلامي والعربي، نشكر الجميع على جهودهم وموقفهم منا من قضيتنا، ولا يمكن أن يتم التحرير إلا بتضافر الفلسطين والعرب والمسلمين لأنها قضية الجميع، هذا أملنا في الله وهذا رجاؤنا -إن شاء الله تعالى- تحية لكل المشاهدين، وكل المستمعين، وكل إخواننا الذين يستمعون إلينا، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(6/79)
أحمد منصور: فضيلة الشيخ أحمد ياسين، (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس) أشكرك شكراً جزيلاً على ما تفضلت به، وأعتذر لكل الإخوة المشاهدين الذين يؤسفني أني لم أتمكن من طرح مداخلاتهم وطرح أسئلتهم الكثيرة التي وردتني عبر عشرات الرسائل التي وصلت على الفاكس.
في الأسبوع القادم -إن شاء الله- نفتح ملف الانتخابات البرلمانية في الكويت، وذلك مع أبرز قيادات ورموز العمل السياسي هناك، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(6/80)
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
(6/81)
السبت 9/11/1423هـ الموافق 11/1/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 13:37(مكة المكرمة)،10:37(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
05/01/2003
- نبذة عن حياة شفيق الحوت
- نشأة شفيق الحوت وطفولته في مدينة يافا
- بداية وعي شفيق الحوت بوجود القضية الفلسطينية في ظل اعتداءات الانتداب البريطاني
- شفيق الحوت واستشهاد أخيه في حرب 48
- هجرة عائلة شفيق الحوت من يافا إلى لبنان
- تقييم شفيق الحوت لفكرة الهجرة من يافا إلى لبنان
نبذة عن حياة شفيق الحوت
أحمد منصور: وُلد شفيق الحوت في مدينة يافا الفلسطينية في الثالث عشر من يناير عام 1932، أنهى دراسته الثانوية من المدرسة العامرية في يافا عام 48 حيث أُجبر مع عائلته على الهجرة إلى لبنان في إبريل من نفس العام.
التحق بالجامعة الأميركية في بيروت عام 1948، وتخرج منها عام 1953.
عمل مدرساً في مدرسة المقاصد الإسلامية حتى العام 56، حيث انتقل للعمل مدرساً في الكويت وحتى العام 58، عاد بعد ذلك إلى بيروت تاركاً مهنة التدريس وملتحقاً بالعمل في الصحافة مديراً لتحرير مجلة "الحوادث" اللبنانية، وبقي في منصبه هذا إلى العام 1964.
ساهم في تأسيس جبهة التحرير الفلسطينية عام 1963، كما كان أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، وشارك في مؤتمرها التأسيسي الذي عُقد في مدينة القدس في الثامن والعشرين من مايو عام 1964.
عُين في أول اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً ومديراً لمكتب المنظمة في لبنان، حيث ترك العمل الصحفي وتفرغ من يومها للعمل السياسي.
اختير عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بين عامي 66 و68، عاد مرةً أخرى للجنة التنفيذية في العام 91 حتى استقال منها في أعقاب اتفاق أوسلو عام 1993.
(6/82)
عاصر كافة مراحل الوجود الفلسطيني في لبنان من العام 1948 وحتى الآن، وكان شاهداً على الحرب اللبنانية بكل تفاصيلها وأحداثها، كما كان شاهداً على الغزو الإسرائيلي للبنان وعلى الخروج الفلسطيني منها عام 1982.
شارك في تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ العام 1974.
تعرض لحوالي عشر محاولات، اغتيال خلال مسيرته النضالية أُصيب في بعضها، ونجا بحياته منها جميعاً.
لا يزال عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني وممثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان.
نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر الوجود الفلسطيني في لبنان.
أستاذ شفيق، مرحباً بك.
شفيق الحوت: أهلاً بكم.
نشأة شفيق الحوت وطفولته في مدينة يافا
أحمد منصور: أريد أن أبدأ معك من مدينة يافا، حيث وُلدت ونشأت وترعرعت هناك، وتحديداً من حي المنشية، الذي شهد طفولتك الأولى، كيف كانت حياتك الأولى في مدينة يافا؟
شفيق الحوت: أولاً: يحلو لي أن أقول كلمة موجزة عن يافا، التي وصفها مؤرخ فلسطيني مشهور اسمه مصطفى مراد الدباغ بأنها واحة أُفلتت من الجنة، وقال عن تاريخها: أنها من القدم بحيث تبدو معظم عواصم ومدن العالم كأنها أطفال أمامها.
أحمد منصور: يا سلام.
(6/83)
شفيق الحوت: هذه هي المدينة التي شاءت أقداري أن أُولد بها، وفي حي المنشية بالذات الذي ذكرت، وهو شمالي المدينة، وأحد الأحياء الأولى التي بُنيت خارج أسوار يافا القديمة، وكان هذا الحي على تماس مع مستوطنة أو مستعمرة صغيرة في ذلك الحين تُسمى تل أبيب، فكانت كخط تماس بين المدينة الفلسطينية الأصيلة والمدينة المستحدثة القادمة مع المهاجرين اليهود من مختلف أنحاء أوروبا، فعندما كنت صبياً ألعب على شاطئ البحر لم أكن أدرك أنني عندما كنت أتلفت جنوباً وأرى منارة يافا وأسوار يافا وقلاع يافا، وأسواق يافا القديمة، وكل معْلم من معالمها له قصة يرويها ويتحدث عن عهد من عهود التاريخ فيها، وكنت أنظر فيما بعد شمالاً فأرى هذه المساكن الخشبية لليهود في مدينة تل أبيب، لم أكن أعرف أنني كنت أنظر بين مشهدين يفرق بينهما 4 آلاف سنة من التاريخ، وشاءت الأقدار أن تنمو تل أبيب، وأن تسقط يافا للمرة الخامسة في حياتها، حررها صلاح الدين، أولاً: دخلها المسلمون سنة 636 ميلادية على يد عمرو بن العاص، ثم حررها صلاح الدين، وحررها العادل.. الملك العادل، ثم حررها الظاهر بيبرس، والآن هي بانتظار من يحررها مرة أخرى في تاريخنا المقبل إن شاء الله.
هذه هي مدينة يافا، كما أذكرها وكأنني أفتح عيناي على الضوء لأول مرة، بيتنا أذكر منه كطفل، لا أذكر منه سوى شجرة تمر حنة، وبئر صغير، وثلاثة بيوت متواضعة، والوالد بقمبازه المشهور كلباس تقليدي يشبه الجلابية المصرية إلى حد ما، ولكن هو يشبه القمباز الشامي كما، وأذكر طبعاً الوالدة، وكانت طبعاً مثل مثيلاتها في تلك الأيام محجبة بالملاءة السوداء والمنديل الأسود على وجهها.
(6/84)
لقد وُلدت في نهاية الثلث الأول من القرن الماضي من القرن العشرين، يعني كان قد مضى جيل أول إذا قسمنا القرن إلى ثلاثة أجيال من القرن العشرين، وكانت بداية القضية الفلسطينية أو أوج النضال حول ما يُسمى وما عُرف فيما بعد بقضية فلسطين.
أحمد منصور: أثرت في كثيراً وأنت تتحدث بهذه المعاني عن المكان اللي ولدت فيه، وبيتك الذي أجبرت على الهجرة منه، لأن الطفولة دائماً تترك في نفس الإنسان أو تحفر في نفسه بعض المعاني والأشياء التي يعني لا تزول خاصة إذا أُجبر على الهجرة من وطنه وعدم العودة إليه.
شفيق الحوت: تماماً إن تجربة الاقتلاع أخ أحمد بالذات، يعني أنا مررت بتجارب مؤلمة كثيرة في حياتي شأني شأن أي إنسان عادي يعني، المرض، محاولة الاغتيال، نكسات مختلفة، لكن لم أعانِ في حياتي ومازلت كما عانيت من تجربة الاقتلاع من الأرض، الاقتلاع من الوطن، تجريدك من هويتك الوطنية ومن أرضك التي كنت تمشي على أرضها وأنت واثق أن ما من إنسان يستطيع أن يتمنن عليك، بأنك مقيم خارج فضائك وخارج سمائك وعلى غير ترابك، أعتقد أن.. أن من.. من يفقد الأرض بالقوة، ويفقد الهوية كما حدث لشعب فلسطين يفقد جزءاً من إنسانيته في نظر الناس، يعامَل -شئت أم أبيت- معاملة غير إنسانية، حتى عندما يسايرونه تبدو أن المسايرة هي نوع من العطف، وهو ما لا يرتضيه إنسان صاحب كرامة، ولكن في غالب الأحيان تبدأ المعاملة بالعطف، ولكن كما يقال: المصاب ثقيل الظل، فيبدأ بعدئذٍ المعاملة السيئة أو المعاملة المتميزة، وهذا ما أعتقد أنه استشعره جميع اللاجئين الفلسطينيين خارج الوطن بعد سنة 48.
أحمد منصور: الشعور ده ظل يلازمك؟
(6/85)
شفيق الحوت: حتى الآن.. حتى الآن، رغم أنني ربما أكثر حظاً من غيري، حيث شاءت أقداري أن أنحدر من عائلة لبنانية الأصل، يعني جدي كان لبنانياً مهاجراً إلى فلسطين مغترباً في فلسطين في مدينة يافا، التي أكرمته وأحبته، وأصبح مختاراً على حي المنشية نفسه، ولا.. ولا أذكر أنه عومل في ذلك ولا أبي من بعده عوملنا كأغراب، في تلك الفترة كنا نسمى نحن أمثالي أننا من ولدنا من أبوين عثمانيين، كان هذا التعبير وحدوي، وإن كان مش كلمة عربي كلمة عثماني إلا أنها كانت تساوي بين الناس في معظم أقطار الإمبراطورية العثمانية، أنك في بلدك، في أرضك، لكن بعد سايكس بيكو وتقسيم الأقطار العربية للأسف، على ما نشهده اليوم وعلى ما هو مهدد بمزيد من التقسيم والتفتيت نشأ مع الزمان، وترعرع، ونمى الشعور بالقطرية أو التعبير الحديث بالشوفينية الضيقة، وأصبح هنالك طبقات مستفيدة من هذا التقسيم، فبالتالي أصبح عندك السوري، واللبناني، والسعودي، والإماراتي، والخليجي، و.. إلى آخره، مما يعني يحزن ويفتت القلب، لأن هذا يعني أحد مصائب هذه الأمة.
أحمد منصور: أنت ولدت في 13 يناير 1932.
شفيق الحوت: صحيح.
بداية وعي شفيق الحوت بوجود القضية الفلسطينية في ظل اعتداءات الانتداب البريطاني
أحمد منصور: 1936 إلى 1939 كانت هناك ثورة أطلق عليها بالثورة العربية الكبرى في فلسطين، متى شعرت أن لك قضية؟
(6/86)
شفيق الحوت: حتى ذلك كنت ربما في السابعة، السادسة من عمري، طفل صغير، فوجئت فجر ذات يوم على طرقٍ عنيف على باب منزلنا، طبعاً ذعر من في البيت، ففتح الوالد الباب، فإذا بنا أمام ثلة من الجنود البريطانيين، ومعهم مجندة يهودية، وكما كانت العادة، أو عرفت فيما بعد هذا ما كان يحدث في فلسطين باستمرار في عهد الانتداب بحثاً عما.. عن السلاح، بحثاً عن الثوار، يعني هو نوعٌ من الحركات الإرهابية والقمعية ضد نضال الشعب الفلسطيني في سبيل استقلاله، طبعاً لم أكن على وعي من ذلك، ولكن عندما تعرضت لهذا الحادث الشخصي ورأيت ما جرى لأبي وإخوتي الأكبر مني، حيث سحبوا إلى خارج البيت، وأوقفوا في إحدى الساحات العامة، تماماً كما يجري أحياناً في.. في فلسطين المحتلة اليوم على يد الصهاينة، الذين يعتمدون نفس القوانين الإرهابية التي كانت معتمدة في الثلاثينات، يعني قبل النكبة في فلسطين، مازالت معتمدة الآن في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، جيء بهم بعد أن قضوا سحابة النهار في ظل شمس حارقة في ذلك اليوم، كان يوم صيف، واستفسرت أسأل.. كنت أنا وإخوتي الأصغر بقينا في البيت، والله أذكرها يا أخ أحمد أن أحد الجنود الذين بقوا في البيت لحراسة.. للحراسة كان ينظر إلي وكأنه يتمنى قتلي، أذكر ذلك كما أراه اليوم، وكان يعني.. ولا مؤاخذة زي ما بيقولوا جنجر أحمر الشكل وأحمر الشعر..
أحمد منصور: إلى هذا الحد وأنت طفل؟!
(6/87)
شفيق الحوت: والله وأنا طفل أذكرها، و.. وأخذت أزحف مقترباً من.. من.. من أخي الأكبر مني مباشرة، كما أذكر.. وباعتزاز موقف الوالدة التي رفضت أن تسمح للمجندة اليهودية بأن تفتشها، لا أذكر إن كنا في رمضان، أو ادعت والدتي لا أذكر الآن بالدقة أنها صائمة، وبالتالي لن تسمح لإنسان أن يمسها، خصوصاً أنتِ، وقالت لها كلمة ما معناها أنكِ دنسة، فأنا لا أسمح لكِ بأن.. لأكتشف فيما بعد أن أمي كانت تخبئ في صدرها قنبلة يدوية كان أحد إخوتي الأكبر مني اسمه جمال استشهد في الـ 48 في نهاية الأمر مخبأها في إحدى زوايا البيت، فكانت هي على علم في ذلك، فلما صار الطَّرق على الباب خبَّت هذه القنبلة، لما رجعوا إلى البيت، و.. ودار الحوار، وشكرت والدتي الله سبحانه وتعالى لأنه نجانا من.. من أن تكتشف القنبلة، وأول مرة بأسمع بحاجة اسمها قنبلة، بفلسطين كانوا يسموها بمبة، لشو هذا البمبة..؟ ثم فهمت من أخي إنه هذه للدفاع عن النفس، لإيقاف الهجرة إلى بلادنا، اليهود عم بيسرقوا بلادنا إلى آخره.. إلى آخره، قد يعتدون علينا، فلابد من الاحتياط. في هذه...
أحمد منصور: ترتيبك كان الكام بين إخوتك؟
شفيق الحوت: نعم؟
أحمد منصور: كم كان ترتيبك؟
شفيق الحوت: كان ترتيبي 1،2،3.. الرابع.
أحمد منصور: كنت الرابع.
شفيق الحوت: أي أنا الرابع.
أحمد منصور: ثلاثة ذكور قبلك؟
شفيق الحوت: 3 نعم، واستشهد أحدهم.
أحمد منصور: كانوا منخرطين في الحركة الوطنية، أو في..؟
شفيق الحوت: جمال بالذات كان يعن يمش منخرط وبس، كان يعني.. يعني يعتبر من الشباب الطليعيين في مدينة يافا في عقد..
أحمد منصور: استشهد في 48.
شفيق الحوت: استشهد في الـ 48. فهذا كان أول تماس لي مع..
أحمد منصور: أيه الرواسب اللي تركتها يعني هذه الحادثة تحديداً في نفسك؟
شفيق الحوت: أولاً أنني في خطر، يعني انتابني لأول مرة.. أو فقدت الشعور بالأمان، يعني..
(6/88)
أحمد منصور: وأنت في السابعة من عمرك؟
شفيق الحوت: وأنا في السابعة من عمري، لأني كنت معتاد أن أرى بعض أطفال اليهود قريبين منا في الحي، وأحياناً كنا يعني يمكن نلعب مع بعض أو.. أو لا نصطدم بالضرورة مع بعضنا البعض، وخصوصاً كنا نختلف على ملعب (Foot Ball) ساحة للعب الكرة، لكن بعد ذلك أصبحت أدرك إنه.. إنه اليهود والإنجليز لأ همَّ أعداء، وقادرين على البطش بنا، ومتربصين بنا، ففقدت الشعور بالاستقرار والأمن، وهذا زادني التصاقاً بأخي المرحوم أكثر من غيره من إخوتي وأشقائي كنت أشعر بالأمان معه.
أحمد منصور: جمال.
شفيق الحوت: نعم، كنت أشعر بالأمان، وكان هو يعني يحرص على تعبئتي وتربيتي وتنشئتي نشأة وطنية، يعني يعلمني..
أحمد منصور: كان له اتجاه سياسي معين، أو كانت الحركة الوطنية وقتها؟
شفيق الحوت: في فلسطين كانت الحركة الوطنية تلخص بتيارين، تيار عارم يقوده الحاج أمين الحسيني، و.. وكان يعني الولاء للحاج أمين الحسيني من الظواهر التاريخية في حياة الشعب الفلسطيني، يعني كان ولاءً عارماً..
أحمد منصور: مفتي فلسطين.
شفيق الحوت: وكان الشخص له وزنه وقيمته الإسلامية، وكان هنالك من يسمى بالمعارضة أو المعارضين، وهم معظمهم من رؤساء مجالس بلديات الذين كان يتم تعيينهم عن طريق دولة الانتداب، يعني كانوا يدينون بمناصبهم إلى الإنجليز، فكان هؤلاء يمثلون التيار المناهض أو الرافض للكفاح المسلح وللثورات، والراغب في التعاون مع الإنجليز، ومحاولة حل القضية عن أسلوب التفاوض.
أحمد منصور: نعم. بين 39، 44 أو 45 كانت الحرب العالمية الثانية، هل أنت بعد سن السابعة بدأ يصبح لك شيء من الوعي السياسي، لاسيما وأنك في هذه المرحلة إلى العام 44.. أنهيت الدراسة الابتدائية في سنة 44، في مرحلة الدراسة الابتدائية هذه هل بدأ وعيك السياسي يتشكل؟
(6/89)
شفيق الحوت: أنا أنهيت الابتدائية وكنت.. كنت في الثانية عشرة من العمر، وكان يقتصر ما يمكن أن يسمى نشاط على حركات كشفية ورياضية، الإسهامات البريئة للأطفال، إنما ما يمكن تسميته بوعي سياسي ونضال سياسي بدأ في كلية العامرية، حيث ابتدأت عهد الثانوي.. العهد الثانوي من دراستي..
أحمد منصور: اللي هي في المدرسة العامرية.
شفيق الحوت: المدرسة العامرية.
أحمد منصور: أشهر مدارس يافا.
شفيق الحوت: أحد أشهر مدارس يافا، وهي مدرسة حكومية، وكان لها شقيقة تسمى مدرسة الزهراء للبنات، وكانت من أحدث البنايات في ذلك.. في تلك الفترة، وكانت تمتاز بنخبة من المدرسين، معظمهم من خريجي الجامعة الأميركية، وكانوا..
أحمد منصور: ممن؟ من تذكر منهم؟
شفيق الحوت: يعني أذكر عبد الله الرماوي مثلاً (أحد أقطاب حزب البعث)، أذكر الشهيد شفيق أبو غربية، أخو المناضل المعروف بهجت..
أحمد منصور: أخو بهجت أبو غربية، نعم.
شفيق الحوت: رحمه الله، استشهد كذلك في الـ 48 وهو يسعى لذرع قنبلة أو عبوة ناسفة في مكان ما.
أحمد منصور: ذكرها.. سجلنا (شاهد على العصر) مع الأستاذ بهجت أبو غربية، وذكر..
شفيق الحوت: آه، ونعم الناس.. ونعم الناس، وهو شيخ المناضلين الآن نسميه، عميدنا جميعاً. وكان هناك الأستاذ أحمد السبع، والأستاذ حسن الدباغ، الأستاذ زهدي جار الله، وكلهم يعني يمكن..
أحمد منصور: فيه أحد من هؤلاء ترك أثر معين في نفسك، أكثر من الآخر؟
شفيق الحوت: أكثرهم شفيق أبو غربية -رحمه الله- الذي كان يرعانا رعاية يعني رعاية محترف للنضال، مش مجرد..
أحمد منصور: إزاي، يعني قل لي إزاي أنت قدر يؤثر فيك؟
(6/90)
شفيق الحوت: يعني كان.. هو عرفنا على جميع أنحاء فلسطين، يعني أيام الأسبوع الـ (week ends) عُطل الأسبوع كان الأستاذ أبو غربية رحمه الله يحرص على أنه كل أسبوع أن نقوم برحلة إلى منطقة معينة من مناطق فلسطين، وكان يحرص على تعريفنا في المستعمرات التي كانت تُنشأ في تلك الفترة، يعني كان يعمل وفق نهجٍ في ذهنه معين، وليس مجرد يعني تعبير عفوي، يعني كان يشتغل وكأنه ينفذ خطة في ذهنه، وكان شجاعاً، جريئاً، يعني عندما ندعو إلى مظاهرة يكون من أوائل الأستاذة الذين يبادرون إلى تشجيعنا، غير مبالٍ بما قد يكون عليه قرار المدير أو إدارة المعارف الفلسطينية، ففي هذه الفترة.. وكانت فعلاً يعني كنت موفقاً بعددٍ من الأصدقاء في صفي يعني، كلهم شباب يعني كانوا.. هو الحقيقة كان معظم الشباب -يعني لا أريد أن أبدو متميزاً عن غيري- حريصين ومتحمسين على أن يعملوا شيئاً لقضية فلسطين. وكانت الحركة الطلابية غير منظمة، فأول ما يعني يخطر على بالي من الإنجازات التي يعتز بها الإنسان هي أننا استطعنا في هذه الفترة إنشاء اتحاد طلاب في يافا، ثم تعمم هذا الاتحاد فأصبح اتحاداً عاماً لطلبة فلسطين، وكان فيه اتحادات سابقة، بس كانت انحلت أو يعني لسببٍ أو آخر توقفت عن النشاط، فكنا نحن ومعظم الثانويات الفلسطينية الأخرى تعاونَّا لإنشاء ما يسمى باتحاد الطلاب العام للفلسطينيين، وهذا تسبب في إقفال العامرية، كان مدير المعارف اسمه (فاريل) إنجليزي عاقب المدرسة بإقفالها، أمر المدرسين بأن لا يدرسون، فكانت النتيجة إن إحنا احتلينا المدرسة، وأصبح تلامذة من الصفوف العليا يعلمون التلامذة من الصفوف الأدنى منهم، وقدنا المدرسة حوالي أسبوع، فلما وجد فاريل أننا مصرين على ذلك، ورفعنا قضية أمام المحكمة، وهذا كان بالنسبة لنا إحنا كنا.. باحكي لك أعمارنا 14 ،15 سنة الواحد، يعني ما زلنا أطفال، لكن كنا نجد بعض الرعاية. كما قلت لم يكن هناك حياة حزبية حقيقية
(6/91)
في فلسطين، ولكن كان هنالك أندية ثقافية ورياضية كانت تهتم بطبيعة الحال بالشأن العام وبالقضية الوطنية، أذكر من ذلك نادي الشبيبة الإسلامية، أذكر النادي القومي، وهذا نادي رياضي كان، حيث كان يلتقي النخبة المتعلمة من أبناء يافا بعد الانتهاء من أعمالهم في النادي الثقافي العربي كان كذلك، فكان هؤلاء الرجال لصلاتنا بهم، الصلات الشخصية يعني يرشدوننا ويحاولون أن يشدوا من أزرنا، التنظيم السياسي الوحيد الذي شاءت الأقدار أن أتعرف عليه كحزب هو عصبة التحرر الوطني، كانوا من أنشط وأوائل الناس الشيوعيين يعني في.. في فلسطين، صحيح كان مركز الحركة العمالية حيفا.
أحمد منصور: ودا ترك أثر باقي في نفسك؟
شفيق الحوت: ودا أثر.. فعلاً، ولأول مرة وأنا بهذا العمر أحضر حلقات تثقيفية ومحاضرات لرجال من أمثال مثلاً فؤاد نصار، فؤاد نصار أحد أقطاب وزعماء الحزب الشيوعي.. توفي مؤخراً من عشر سنوات أو أكثر (إميل توما) كمان شخصية معروفة، رشدي شاهين كمان شخصية معروفة، وكلهم كانوا يعني شيوعيين صحيح ولكن كمان لهم تاريخهم في حركة النضال المسلح في.. في فلسطين، فعندما كانت تعلن اللجنة الطلابية في العامرية الإضراب، تدعو للإضراب تلبي النداء جميع المدارس في.. في فلسطين.
أحمد منصور: في يافا.
شفيق الحوت: في يافا بداية، وتدخل في.. في شوارع المدينة إلى أن يستقر بنا المقام في ساحة تسمى ساحة الساعة أمام الجامع الكبير، وتسمى الساعة ويذكرني بها الآن وأنا أتحدث معك هذه الساعة التي وراءك في هذا المشهد..
أحمد منصور: ساعة مجلس النواب اللبناني..
شفيق الحوت: لأ هذه ساعة مش هي ساعة المجلس النيابي، اللبناني، ساعة أخرى.
أحمد منصور: مجلس الوزراء.. نعم.
(6/92)
شفيق الحوت: هذه تركية ولها أمثال في معظم حواضر بلاد الشام، منها يافا في طرابلس الشام يوجد هنا، في دمشق ساحة المرج كان يوجد مثلها، هذه الساحات التي شهدت كذلك استشهاد العديد من أبطال الحركة التنويرية في بداية القرن على يد جمال باشا، وهناك تنتهي عادة المظاهرات أمام المسجد الكبير حيث نوقِّت وصولنا مع خروج الناس من الصلاة فتزداد..
أحمد منصور: نعم، في.. في أبريل سنة 1948 وكنت في عامك النهائي في الشهادة الثانوية، استشهد شقيقك جمال، وجمال كما ذكرت كان له أثر كبير في نفسك..
شفيق الحوت: آه.. صحيح..
شفيق الحوت واستشهاد أخيه في حرب الـ 48
أحمد منصور: انتهت الحرب العالمية الثانية في العام 45 وبدأ التوجه لإقامة وطن لليهود في فلسطين على أنقاض فلسطين، وبدأت الخطى حثيثة لتحقيق هذا الأمر مع نهاية الانتداب البريطاني، جمال استُشهد في أبريل والفترة من أبريل إلى مايو..
شفيق الحوت: صحيح..
أحمد منصور: قبيل نهاية الانتداب شهدت معارك وحركات مقاومة عنيفة جداً في ذلك الوقت، كيف كان أثر وقع جمال على نفسك واستشهاده وكيف تلقيت الخبر؟
شفيق الحوت: يعني الحقيقة -أخي أحمد- الآن أنا أحتار وسأحاول أن أميز بين انطباعاتي كما شعرتها في ذلك الحين وكما أراها الآن، يعني الآن النظرة تختلف، يعني أنا كنت أول شهر نيسان هذا كان شهراً بائساً على الشعب الفلسطيني واستشهد فيه أهم رموزه، المرحوم عبد القادر..
أحمد منصور: الحسيني نعم.
شفيق الحوت: الذي كان لأخي علاقة جيدة ووطيدة معه، وأخي استشهد كذلك في.. في أبريل نيسان، ونحن غادرنا الديار.. غادرنا يافا في..
أحمد منصور: في 24.
(6/93)
شفيق الحوت: في 24 نيسان، يافا يعترف موشي ديان في مذكراته أنها قاومت وأنا حتى لما قرأت واطلعت على ما قاله استغربت، ما ورد على لسانه من شهادة عن عنف المقاومة اليافية، لأني لم أكن فعلاً وكنت على تواصل، يعني على حركة، مش قاعد في البيت يعني، كنت أتنقل في مواقع القتال، في مراكز الأندية والقيادات المسؤولة، كان يبدو لي إنه المقاومة شعبية وبأبسط صورها الشعبية، يعني لم يكن هنالك قيادة مركزية، لم يكن هنالك تراتب في المسؤوليات القيادات العسكرية، كنت أذكر والآن أذكر بألم يعني إنه يأتي من يقول: والله يا إخوان فيه هجوم على الحي الفلاني أو المحور الفلاني فتجد منهم مقيمين في.. في هذا المقر أو ذاك، يحملون ما تيسر من السلاح ويتوجهون لدعم هذه الجبهة يعني يمكن الساعة الرابعة مساءً يكونوا في حي المنشية، الساعة عشرة مساءً يكونوا في حي الجبلية اللي هو في أقصى الجنوب من مدينة يافا، كان السلاح يعني بسيطاً..
أحمد منصور: شحيحاً وقليلاً.
شفيق الحوت: وشحيحاً، وكانت.. وكنا نسمع طبعاً الصحافة العربية كانت ربما ما تغيرتش كثيراً، يعني تحرص على الإثارة، إنه وصول جحافل جيش الإنقاذ على الطريق، الجيوش العربية تتهيأ، يعني لم يجد المراقب من هذا الذي كان يقرؤه واحد على عشرة من الحقيقة، يعني لما وعدونا بجيش الإنقاذ إلى مدينة يافا، في أوائل نيسان أو أواخر آذار أجى أظن 15 عنصر، أو 20 عنصر، جاء خمسة أو ستة مناضلين أذكرهم بالخير، بقي منهم.. بعضهم أحياء من يوغسلافيا وكانوا مثار إعجابنا لأنهم كانوا..
أحمد منصور: مسلمين يوغسلاف.
شفيق الحوت: مسلمين يوغسلاف لأنه كانوا فعلاً على قسط من التدريب بينما جميع أبناء المدينة كانوا هواة يعني، يعني هو التدرب عشوائي فلم يكن هنالك يعني أمام ما اكتشفناه فيا بعد من تنظيم يهودي هائل للجيش..
أحمد منصور: تدريب في الحرب العالمية الثانية...
شفيق الحوت: ... ومدرب..
(6/94)
أحمد منصور: شيء من التدريب نعم.
شفيق الحوت: الفيلق اليهودي..
أحمد منصور: تسليح عالي..
شفيق الحوت: وتسليح عالي وصولاً للطيران، يعني 48 استعملوا طيران ضدنا، وأثناء الهجرة قصفوا الناس وهم مهاجرين..
أحمد منصور: صحيح..
شفيق الحوت: عبر البراري بالطيارات، فكان من المحتم أن تحدث هذه المأساة وأن يهاجر الناس، مع ذلك أحب هنا أن أقول.. وهنا أربط الماضي بالحاضر ربما، يعني لأنه كثيراً ما وجِّه إلينا السؤال فيما بعد من إخواننا المضيفين العرب، إنه لماذا هربتم من فلسطين؟
أحمد منصور: دا كان سؤال لسه مش هأسأله لك الآن، أنا الآن في موضوع جمال وأصر عليه..
شفيق الحوت: أيوه.. المهم يعني قدمت امتحاناتي في شهر نيسان وكانت أخر دفعة..
أحمد منصور: وكانت مبكرة..
شفيق الحوت: وكانت مبكرة..
أحمد منصور: الوقت العادي لها كان يونيو.
شفيق الحوت: وكان في يونيو أو july قدموه في نيسان باعتبار 15 آيار كانت حكومات الانتداب واعدة نفسها..
أحمد منصور: تنتهي.
شفيق الحوت: بأن تغادر، ركبنا البحر يا طويل العمر..
أحمد منصور: لأ، أنا لسه في استشهاد جمال.
شفيق الحوت: أنا كنت يعني أخر.. كنت أذكر يوم مرت جنازته يوم دفنه كنت أنا في قاعة الامتحانات وأقدم فحصي في اللغة العربية، وكان مفارقة عجيبة من أحد الأسئلة: اكتب موضوعاً إنشائياً يعني عن حادثة هزت مشاعرك، هذا كان عنوان الموضوع فما كان لي إلا أنني وصفت حالي وأمام المشهد الذي كان يطل من النافذة أمامي، وكذلك من المفارقات إنه كان عمي شقيق والدي من مفتشي وزارة المعارف أو دائرة المعارف كان من المراقبين في هذه القاعة فأذكر أننا كنا نتبادل الدمعة، أنا عيناي عم بتشرشر دموع وهو يا حرام كان متعاطفاً معي، طبعاً تركته أنا غير واثق أنني يعني سأنجح..
أحمد منصور: ستنجح.. نعم.
شفيق الحوت: ولكن جاءت الأخبار فيما بعد عندما جئنا إلى لبنان بأنني قد نجحت في الامتحانات.
(6/95)
هجرة عائلة شفيق الحوت من يافا إلى لبنان
أحمد منصور: في 24 أبريل 1948 قررت عائلتك أن تترك يافا وتهاجر إلى بيروت.. إلى لبنان، كيف جاء.. كيف جاء قرار الهجرة؟
شفيق الحوت: القرار إنما يعني من بداية 48، حتى نيسان 48 يمكن انتقلنا في أكثر من ثلاثة بيوت يعني كنا في المنشية وانتقلنا إلى داخل المدينة أكثر، أبعد عن خط التماس فأبعد.. فأبعد، والحصار والضرب يقترب، في نيسان بدأ اليهود يضربون يافا بقنابل الهاون (مورتر) كنا نسميه في تلك...
أحمد منصور: على اعتبار إن تل أبيب ملاصقة لها.
شفيق الحوت: ملاصقة، وكان عندهم هذا السلاح، واخترعنا في مدينة يافا، وهذا للحق يُذكر وإن كان شيئاً بسيطاً يعني، كما يحدث الآن في غزة، سامع في.. صواريخ..
أحمد منصور: زي صواريخ قسام.
شفيق الحوت: كنا نسميها نحن راجمات الألغام، وكان الذين يصنعون هذه الراجمات عمال شرفاء من أبناء يافا يعملون في شركة اسمها شركة السكب الفلسطينية، كانت أحد المصانع التي نفخر بها في مدينة يافا، وكان يعني صاروخ يمشي وأربعة ينفجروا فيما نفجره يعني، بينما كان الإنجليز قد زود الإسرائيليين وهم شاريين من الأول يعني أسلحة المورتر التي تعمدوا إسقاطها عشوائياً في جميع أنحاء المدينة.
أحمد منصور: اللي دفع الناس..
(6/96)
شفيق الحوت: مما أثار الفزع في قلوب الناس، يمكن ما كانش فيه ضحايا بقدر ما كان فيه فزع، وكان قد سبق ذلك دير ياسين.. مذبحة دير ياسين التي كما قال أحد الصهاينة يا إما (بيجن) لا أدري من وكان صادقاً -أنها يعني ساهمت في إنشاء الكيان الإسرائيلي، هذه المذبحة أخافت الشعب الفلسطيني وساعدته على فكرة الهجرة، مضافاً إلى ذلك الظن بأن هنالك من هو قادم على الطريق لتحرير البلد، يعني لا حاجة لي لأن أضحي وأن أموت في الوقت اللي الجيوش العربية السبعة تنتصر على الحدود، فكان يعني شهر نيسان شهد وابلاً من القصف والضرب والرعب فتقرر يعني شبه قرار جماعي، لأنه في البداية كان ممنوع الهجرة وكان يوجد دوريات فلسطينية من المناضلين على خارج المدينة..
أحمد منصور: تمنع الهجرة..
شفيق الحوت: تمنع من الهجرة، ثم سُمح للنساء والأطفال والمراهقين الصغار بأن يغادروا سواء عن طريق البحر أو من يتمكن منهم عن طريق البر، وطريق البر كانت محاصرة، لأنه كان هنالك مستعمرة اسمها مستعمرة (نيتر) يهودية كانت تقدر أن تقطع الطريق على الخارج من يافا إلى القدس أو إلى غزة أو إلى بقية فلسطين الداخلية، فنحن اخترنا البحر وبقي جزء من أسرتي الأكبر مني والدي ووالدتي ونحن الصغار، أنا أكبر من سافر من أبناء العائلة، أخي وأختي الأصغر مني كانوا معي والوالدة والوالد.
أحمد منصور: بقي إخوانك الكبار.
شفيق الحوت: بقوا على أساس أنهم قادرين على حمل السلاح والمفروض منهم أن.. ومن حسن الحظ إنه وجدنا باخرة يونانية وحتى أصر والدي أن يدخل لبنان شرعياً فلا أدري من أين أتى بالوقت ذهب إلى القنصلية اللبنانية في مدينة يافا وكان هنالك قنصلية فخرية مسؤول عنها رجل من يافا اسمه (ألفريد روك) من عائلة مسيحية مشهورة من أبناء يافا، فأخذنا فيزا..
أحمد منصور: تأشيرة..
(6/97)
شفيق الحوت: سمات دخول إلى لبنان كمصطافين والباخرة كانت يونانية دولوريس و.. وكان البحر هائجاً فعلاً كان يوماً عصيباً..
أحمد منصور: لأ أنا عايز أعرف مشاعرك أيه وأنت بتغادر يافا لاسيما وأنك كنت بتذهب إلى بيروت مع العائلة للتصييف.
شفيق الحوت: فعلاً.
أحمد منصور: هذه المرة شعورك كان مثل مشاعرك السابقة؟
شفيق الحوت: لا لا يعني كنت طبعاً آجي إلى لبنان لزيارة العائلة وللاصطياف عن طريق البر ويافا حيفا رأس الناقورة بيروت كانت 3 ساعات 4 ساعات (maximum) على الطريق ووقفات في منتهى الجمال ومنتهى الاستراحات الجميلة، يعني عندما كنت آجي إلى بيروت مصطافاً لم أكن أنظر إلى الوراء، لأني عارف إنه عائد إلى يافا، يافا تنتظرني، يافا الحبيبة بالانتظار، وأنا الآن أخونها بزيارة بيروت وبمشاهدة أماكن أخرى، عندما غادرنا أولاً طريقة المغادرة يا أخ أحمد يعني كان ميناء يافا كيوم الحشر يعني كنت ترى الناس سكارى وما هم بسكارى، وما قيل وما سمعناه ونحن في بداية الرحيل عن يافا، يعني لأنه الأيام التالية كان فارق كبير.. فارق كبير..
أحمد منصور: كان أسوأ بكثير حتى جاء.. انتهى الانتداب في 15 مايو كانت الأمور أسوأ.
شفيق الحوت: يعني أهلي الذين لحقوا بنا بعد أسبوع من الزمان أو أكثر عشرة أيام أولاً لم يستطيعوا الوصول إلى بيروت، قذفت بهم القوارب في صور وفي صيدا وكانت قوارب صغيرة شراعية أو على..
أحمد منصور: وغرق كثير من الناس.
شفيق الحوت: وغرق كثير من الناس وقصة الامرأة التي حملت المخدة بدل ما تحمل ابنها أو رضيعها مشهورة وقصص من هذا النوع، فأنا أذكر أنني كنت مذهولاً.. مذهولاً مصدوماً وجلست على الدكة على ظهر المركب وأذكر أنه كان سمكتين كبيرتين يعني يمكن شاركس أو ما بأعرف مقدمة السفينة باستمرار أمامي كنت أتطلع عليهم وأخشى أن.. أن يقع بنا المركب يعني، بكيت، دمعت وبأذكر طلعت دفتر صغير وبدأت أكتب مذكراتي.
(6/98)
أحمد منصور: أمك وأبوك وإخوانك كان شعورك أيه؟
شفيق الحوت: أمي وأبي كانوا يعني مع الناس يساعدون، يسايرون، يستفسرون، يُسألون ناس كيوم القيامة ما حد عارف يعني زي ما قلت لك إحنا كنا محظوظين أننا عارفين أننا ذاهبين إلى مدينة ننحدر أصلاً منها ولنا أقرباء يستطيعون أيواءنا وكان هنالك الوالد يعني مدخر قليلاً من المال يعني ما يكفي لبداية جديدة، لكن غيرنا من الناس.
أحمد منصور: كان تاجر والدك.
شفيق الحوت: كان تاجر في البرتقال، تاجر برتقال، أما الآخرون، أما فيه ناس كانت لا.. يعني لا تملك خارجة من ثيابها تماماً يعني لا.. لا يوجد معها..
أحمد منصور: كنتم تدركون أنكم ستعودون إلى يافا مرة أخرى؟
شفيق الحوت: ما فيش شك، عمرنا بحياتنا ما نظرنا إلى يهود فلسطين نظرة جدية بأنهم قادرين على احتلال البلد، وإقامة دولة إسرائيل كنا نقول هذا غير معقول، نحن ووراءنا أمة العرب والمسلمين هؤلاء الأقلية التعبانة يعني يأخذون فلسطين ويخرجوننا وإلى الأبد؟! هذا مستحيل، ثم كان لدينا وهم أن هنالك 7 دول عربية مصر فؤاد، الملك فاروق وشواربه المتعرمة، الملك عبد الله، القواتلي في سوريا، مش عارف مين في.. في.. بشارة الخوري في لبنان، العراق كان برضو الملكية الوصي، يعني كان فيه دول عربية السعودية كانت بداية النفط وكانت يعني بداية إنه صار عندها قدرات للمساعدة إلى حدٍ ما فهذا.. هل هذا معقول؟! ثم كانت فعلاً قضية فلسطين على المستوى الشعبي العربي، فلسطين دائماً كانت مليئة بالقيادات والكوادر النضالية القادمة من.. من الدول العربية، فوزي القاوقجي من لبنان، طه الهاشمي من.. من العراق، المرحوم الشيخ عز الدين القسام سوري، يعني هنالك من استُشهد، وهنالك من قاد وكلهم من العرب فكنا واثقين إنه القضية قضية أسابيع إن لم تكن قضية أشهر بدليل.. بدليل إنه.. إنه الوالد رفض أن يستأجر بيتاً غير مؤثث إنه يشتري أثاث حرام يعني بعذاب..
(6/99)
أحمد منصور: سنعود بعد شهر أو شهرين..
شفيق الحوت: سنعود بعد شهر أو شهرين، وقضيناهم كنا يعني دخلنا في مايو بداية الصيف وقضيناهم.. قضيناهم في مدينة بلدة سوق الغرب في جبل لبنان.
أحمد منصور: لم تر يافا بعد ذلك.
شفيق الحوت: لم أرها بعد ذلك ولا أنوي أن أراها سائحاً أو زائراً لا أنوي يعني سنحت لي الفرصة في أعقاب أوسلو عندما إسرائيل منحت ما يسمى بالرقم الوطني للبعض لحضور المجلس الوطني، هنالك بعض الإخوان الذين تمكنوا من الذهاب إلى يافا ورؤيتها.
تقييم شفيق الحوت لفكرة الهجرة من يافا إلى لبنان
أحمد منصور: بعد هذه المدة الطويلة منذ العام 48 وحتى الآن يعني سؤال ربما يتبادر إلى الذهن: لماذا تركتم فلسطين؟ لماذا هاجرتم منها وهناك أسر بقيت وناضلت وكافحت وعانت معاناة كثيرة؟
شفيق الحوت: نعم، نعم، الآن سأتكلم زي ما بيقولوا بنظرة رجعية للتاريخ، يعني بعد التجربة التي خضناها وقد رأى الفلسطينيون بعد كمان نكبة 48 نكبات أخرى، يعني في أيلول الـ 70 وما جرى في لبنان لا يقل عنفاً عما لقوه في.. في فلسطين، ولكنهم لم يهاجروا لم يتركوا، فإذا كان من الممكن يعني أن نبقى وأن نحيا وأن يعني لا نضطر لحياة اللجوء السياسي، لكن لماذا جرى ما جرى؟ أولاً سأروي لك.. أنا كنت محتار يعني في الإجابة على هذا السؤال حتى يمكن سنة 69..
أحمد منصور: 69..
(6/100)
شفيق الحوت: 69، 69 كان بدأ العمل الفدائي، بدايات العمل الفدائي، وجاء فريق تليفزيوني فرنسي يريد أن يحقق في هذه الظاهرة إنه صحيح فيه فدائيين فلسطينيين أم عصابات قطاع طرق ولصوص وشيء من هذا النوع، للأسف كان فيه من يظن أنه هؤلاء هم الذين يعني يقومون بالعمليات الفدائية، وجاء الوفد مرفق بتوصيات من بعض السفراء العرب في باريس بأن أعتني به كمدير مكتب منظمة التحرير في بيروت فقلت لهم لنذهب إلى شو.. إلى الأغوار حيث كان العمل الفدائي في بداياته وتشاهدون على بأم العين من يتدرب.. من يقوم بالعمليات وتسألون الناس وتكتشفون بأنفسكم حقيقة هذا المسمى بالعمل الفدائي.
فأخذناهم وذهبنا إلى معسكر كان لمنظمة التحرير في منطقة اسمها منطقة خَوّ وكان هنالك المئات من الشباب الذين يتدربون، فرئيس الفريق التليفزيوني اختار 4، 5 أشخاص وقال أريد من هؤلاء أن يدعوني إلى بيوتهم في.. في الأردن وفعلاً أخذناهم واحد واحد ورافقناهم واستجوب أهلهم وتعرف على أهلهم ولماذا التحقوا بالعمل الفدائي وسمع من المحاضرات الوطنية ما لم يخطر على بال إلى أن دخلنا بيت فيه امرأة عجوز فسألها رئيس الفريق الفرنسي نفس السؤال اللي تفضلت سيادتك فيه.
أحمد منصور: قال لها لماذا خرجت..؟
(6/101)
شفيق الحوت: لماذا.. الله طب أنتم في سنة الـ48 ليه خرجتم من البلاد؟ ليه خرجتم من البلاد؟ قالت له لأننا تيسنا يا خواجة!! وكلمة تيسنا بالفلسطينية الدارجة يعني كنا أغبياء، تصرفنا كالتيوس والقطعان ومشينا وكان خطأ، أنا ترددت في الترجمة، إن شو ها الكلام هذا الجريء قالت لي قل له اللي قلت لك إياه لأنه إحنا لو ما تركنا بلادنا ما كان جرى فينا اللي عم بيجري الآن ومرور كذا سنة على حياتنا في المخيمات أذلاء، وأضافت.. ولا تنس قالت لي: يا أخ شفيق إنه إحنا مش بس ارتكبنا خطيئة الخروج واللجوء إلى خارج الديار، إحنا اتهمنا من بقي وراءنا بأنه خائن وارتضى العيش في ظل الحكومة الإسرائيلية، وهذه كانت حقيقة مؤلمة، نحن يعني إخواتنا الذين بقوا في.. في الديار سنة الـ48 كنا نقاطعهم كنا مقاطعين لهم.
أحمد منصور: يعني الحكمة جاءت من هذه المرأة العجوز.
شفيق الحوت: جاءت على.. من هذه المرأة العجوز وأصبح الذين يعني أخذنا عليهم قبولهم بالهوان والحياة في ظل إسرائيل هم في رأيي الآن أحد أهم مباعث الأمل في تحرير فلسطين من الكيان الصهيوني.
أحمد منصور: يعني خروج.. خروج الفلسطينيين سنة 48 بتعتبره غباء في التصرف.
شفيق الحوت: ما فيه شك.. ما فيه شك، لكن له يعني ما يبرره، يعني بمعنى مش غباء نقطة على السطر، كان هنالك أولاً الوعود الكاذبة من الدول العربية، يعني الدول العربية كاذبة علناً يا أحمد، الآن تتضح لك الصورة عندما تذهب إلى الأرشيفات وتفتش عما يسمى المقررات السرية لمؤتمرات الجامعة العربية في بلودان في (....) وفي غير ذلك فتجد إنه ما.. كلام فارغ، عندما يعني حتى قُبيل 15 آيار بأيام لم تكن قد شُكلت القيادة العسكرية لـ..
أحمد منصور: يعني أيضاً خُدع الشعب الفلسطيني.
(6/102)
شفيق الحوت: خدع و.. وجزء من الخديعة كان يعني تآمرياً، يعني كان هنالك من الدول العربية -وهذا ما تثبته الوثائق اليوم- بأنه كان قد ارتضى مبدأ التقسيم ووعد بأنه.. أن لا يفعل ما يعكر هذه الخريطة.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذه النقطة تقييم حرب العام 48 وما حدث فيها وما أدى إلى نكبة الشعب الفلسطيني التي لا زالت قائمة ومستمرة إلى الآن، تركت يافا ولم تعد إليها في 24 أبريل 1948، لكنها لازالت تعيش في زوايا نفسك.
شفيق الحوت: هذا صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: التحقت بالجامعة الأميركية في لبنان، ثم عملت بالصحافة مديراً لتحرير مجلة الحوادث، وبدأت مرحلة العمل السياسي الفلسطيني، أكمل معك في الحلقة القادمة، أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(6/103)
الحلقة2
(6/104)
الأربعاء 12/11/1423هـ الموافق 15/1/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 11:13(مكة المكرمة)،08:13(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
12/01/2003
- تقييم شفيق الحوت لأحداث 1948 وإقامة الكيان الصهيوني
- التحاق الحوت بالجامعة الأميركية ونشاطه السياسي داخلها
- دخول شفيق الحوت السجن وآثاره المترتبة عليه
- النشاط السياسي لشفيق الحوت بين عامي 1953 و1958
- تحول الحوت إلى الصحافة وموقع القضية الفلسطينية من عمله
- حقيقة وضع الفلسطينيين المشردين في الدول العربية
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
أستاذ شفيق، مرحباً بك.
شفيق الحوت: مرحباً بكم.
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند خروجك مع بعض عائلتك من يافا في الرابع والعشرين من أبريل عام 1948 على ظهر سفينة..
شفيق الحوت: يونانية..
أحمد منصور: يونانية متجهة إلى بيروت، لم تر يافا بعد هذا التاريخ، ما الذي تبقى منها في زوايا نفسك؟
شفيق الحوت: تبقى كثير.. كثير، ربما.. ربما يافا التي في نفسي تفوق في حدتها وألوانها يافا لو عشتها حتى هذا اليوم.
أحمد منصور: يا سلام!
(6/105)
شفيق الحوت: بمعنى.. بمعنى.. لقد عشت الآن في بيروت أكثر مما عشت في مدينة يافا من العمر، ولكن قد تسألني عن بعض ملامح بيروت وشوارع بيروت، فتخون.. فتخونني الذاكرة في سرد ما تتوقعه مني، ولكن عندما تسألني الآن عن يافا -يافا التي كانت على الأقل- فأكاد أذكر كل مفرق ومفصل وزاوية من زوايا هذه المدينة، فيافا على البال باستمرار بتفاصيلها كما كانت، وإن كانت الآن قد تغيرت ملامحها كما علمت، وأُبيد الحي الذي ولدت فيه، ولم يبق سوى جامع حسن بك، يسمى جامع حسن بك نسبة إلى حسن بك الجابي، آخر حكام يافا في العهد التركي، وقد بنى هذا المسجد -رحمه الله- وبقي هذا المسجد متحدياً الاحتلال وتهويد يافا وإلحاقها بتل أبيب حتى أيامنا هذه.
أحمد منصور: وصلت إلى بيروت في إبريل.. 24 إبريل 1948، وبلغ عدد الفلسطينيين الذين هاجروا إلى لبنان حتى العام 49 حوالي 130 ألف فلسطيني، كنت وعائلتك أحد هؤلاء، عدد الذين هاجروا إلى سوريا بلغ حوالي مائة ألف، مصر 7 آلاف، وطبعاً كان هناك قطاع غزة كان يتبع مصر ذلك الوقت.
شفيق الحوت: نعم.
أحمد منصور: الأردن تقريباً حوالي 850 ألف فلسطيني، كيف كانت بيروت حينما وصلت إليها؟
شفيق الحوت: بيروت طبعاً لم تكن غريبة عني بيروت، ولكن ذلك اليوم وأظنه كان يوم جمعة عندما رست بنا الباخرة على ميناء بيروت، وكان استقبال بحارة هذا الميناء اللبناني المشهور استقبالاً حافلاً مليئاً بالعاطفة الجياشة والدموع والصراخ والشتم في الاستعمار والصهيونية على الطريقة اللبنانية التي لم تكن مألوفة لدينا في فلسطين، كانوا فعلاً يعني كانت مظاهرة قومية تعبر عن عميق مشاعر شعب لبنان تجاه ما جرى في فلسطين.
تقييم شفيق الحوت لأحداث 1948 وإقامة الكيان الصهيوني
(6/106)
أحمد منصور: في 14 مايو 1948 انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين، واحتلت القوات الإسرائيلية أو اليهودية في ذلك الوقت الأماكن التي كانت تخضع للانتداب البريطاني، وقامت إسرائيل على أنقاض دولة فلسطين، وبدأت مرحلة أخرى من مراحل التاريخ الحديث في المنطقة، ما هو تقييمك لما حدث في العام 1948؟
شفيق الحوت: ما حدث في سنة 1948، أي إقامة الكيان الصهيوني كان ما فيه شك نقطة مفترق في تاريخ الأمة العربية، ليس شعب فلسطين وحده، لأن إقامة هذا الكيان جاء تجسيداً لخطة مشتركة بين الحركة الصهيونية وبين الاستعمار الأوروبي، يعني بعد انحسار الدولة العثمانية.. الخلافة الإسلامية العثمانية ورث الأوروبيون -الاستعمار الأوروبي- هذه المناطق التي كانت ملحقة بالإمبراطورية العثمانية، وكان الاستعمار من.. من موقع التفوق في ذلك الحين المبصر صاحب الرؤى المستقبلية، كان يرى النفط منذ ذلك الحين، وكان يرى معنى قيام دولة عربية واحدة، بأن ذلك يعني إذا قامت دولة عربية كما تمنى الشريف حسين في بلاد الشام، وشاءت الأقدار أن تضم فيما بعد مصر وجزء من المغرب العربي بالإضافة إلى الجزيرة العربية، فهذا يعني قيام دولة تسيطر على جنوب شط البحر الأبيض المتوسط بكامله حتى مضيق جبل طارق، وكانت فكرة إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين، يعني كان هنالك أكثر من مقترح في الماضي لإقامة هذه الدولة خارج فلسطين.
أحمد منصور[مقاطعاً]: أوغندا..
(6/107)
شفيق الحوت[مستأنفاً]: في أوغندا والأرجنتين وغيرها من الأماكن، لكن إقامتها في فلسطين لبَّت حاجتين لليهود، أولاً: حاجة دينية، أنها كانت ذات يوم حكموا في هذه الأرض، وأن موقعها الجغرافي يفصل جناحي الوطن العربي الكبير عن بعضهما البعض، والثالث الذي لم نقدره وعشناه أن قيام هذا الكيان خلق لهذه الأمة تحدياً جديداً قضينا العمر، قضينا القرن العشرين ونحن الآن بدأنا القرن الواحد والعشرين وكل مواردنا وخيراتنا وخططنا مستنزفة ومستهلكة في عملية الصراع ضد العدو الصهيوني.
أحمد منصور: لكن حتى لا نحمل الاستعمار دائماً أو نجعله شماعة لما حدث من أخطاء تاريخية، الاستعمار أو الدول الاستعمارية من حقها أن تخطط، وأميركا الآن تخطط للعالم كله، وتريد أن تستوعبه، وهذا حقها..
شفيق الحوت[مقاطعاً]: صحيح.. لأ، ليس حقها..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن هذا..
شفيق الحوت[مقاطعاً]: هذا.. هذا واقع، ليس حق.
أحمد منصور[مقاطعاً]: واقع بتفرضها يعني..
شفيق الحوت[مقاطعاً]: يعني كقيمة ليس حقاً طبعاً.
أحمد منصور: من حق أي قوة أن تسعى للهيمنة على الآخر، لكن هي النقطة الآن كيف يقبل الآخر بهذه الهيمنة ويخضع لها؟ أنا لا أستطيع أن أمنع الآخر أن يخطط ويفكر.
شفيق الحوت: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: لكن أستطيع أن أواجهه ولا أخضع له.
شفيق الحوت: صحيح.
أحمد منصور: هنا حدثت عملية خضوع و عملية استسلام عربي ساعدت على الوضع الذي آلت إليه الأمة.
شفيق الحوت: يا سيدي، يعني ما تقوله الآن ببساطة أنت، أنا أجد الجواب عليه صعب، الحقيقة في التقييم -أخ أحمد- لنضال الأمة العربية في هذا القرن الماضي من بدايته حتى يومنا هذا، يعني القضية موضع خلاف، طبعاً النتائج الحالية هي هزيمة واضحة يعني خصوصاً في هذه الأيام المؤلمة، لكن هل صحيح أن الأمة العربية.. ولا أتكلم عن الحكام العرب...
أحمد منصور[مقاطعاً]: إنما إحنا هنا لازم نفصل.
(6/108)
شفيق الحوت[مقاطعاً]: آه، لكن..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لسبب، لأن في حرب العام 48 وتوابعها، وهي كما أطلقوا عليها النكبة، الشعوب العربية كان موقفها مختلف تماماً عن موقف الحكام، المتطوعين العرب الذين سعوا للقتال في فلسطين، وأنت قلت إن المسلمين جاءوا من يوغسلافيا للدفاع عن فلسطين.
شفيق الحوت: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: موقف الشعوب مختلف تماماً عن موقف الحكام، هذا الجيش الذي أسسوه جيش الإنقاذ وتشكيلته وما عُرف بعد ذلك من أشياء كثيرة حوالين إن الملك عبد الله كان مسؤول عنه، وكيف فكك؟ وكيف؟ كل هذه الألاعيب، وما ذكرته أنت في الحلقة الماضية عما دار في الأشياء السرية لاجتماعات الجامعة العربية يجعلنا نفصل ما بين حاجتين الأمة كأمة، كشعب، كأفراد سعت بكل مقوماتها للدفاع عن هويتها والحفاظ عليها، لكن أمة بدون رأس وبدون قيادة لا يمكن أن تستطيع أن تفعل شيء، فإحنا هنا أنا حينما أتكلم هنا لا أقصد الشعوب، لأن الشعوب إلى اليوم حينما تُدعى تُلبي، لكن هي القضية الآن في الحكومات، لأن الشعوب بدون حكومات لا تستطيع أن تواجه.
شفيق الحوت: هذا صحيح.. هذا صحيح، يعني أنت أجبت الحقيقة على السؤال بشكل آخر، الأمة لا تلام، الأمة أنا في قناعتي حاولت جهدها ضمن قدراتها، يعني لا تملك الشعوب عُصي سحرية لتغيير الأوضاع، وزي ما تفضلت إنه في النهاية الجماهير بحاجة إلى قيادات لكي تخوض نضالها وتحقق النصر.
(6/109)
أحمد منصور: أنا لو بقيت في إطار 48 في تقييم أداء الحكومات العربية تحديداً بالنسبة لهذا الأمر، لو أُقيم جيش فعلاً قوي للدفاع عن فلسطين، لو الحكومات العربية اهتمت، الحكومات العربية كان واضح إنها ماعندهاش أي اهتمام بالقضية الفلسطينية بالشكل الذي كان يجب أن تكون عليه، وأنت كما قلت لم تكونوا تتوقعوا كفلسطينيين أن هذه القلة اليهودية يمكن أن تستولي وتقيم دولة يهودية على أرض فلسطين، أنا أقصد هنا تقييم أداء الحكومات العربية، وما آل إليه الوضع إلى اليوم؟
شفيق الحوت: شوف يعني لم يختلف الوضع كثيراً للأسف من 48 لـ 2001.
أحمد منصور[مقاطعاً]: كأداء حكومات.
شفيق الحوت[مستأنفاً]: كأداء حكومات، أولاً: فيه كذب، يعني دائماً هنالك لغتين لدى الخطاب العربي المشترك، خطاب إعلامي نادراً ما ينفذ، يعني الدفاع المشترك مثلاً فيه.. فيه قضية الدفاع المشترك لم يمارس، عمره ما مورس الدفاع المشترك، في الـ 48 أكثر من ذلك يا أخ أحمد كانت يعني.. كان هنالك أنا لا أريد يعني أريد لهذا البرنامج أن.. أن ينشر في جميع أنحاء الوطن العربي، ولا أريد أن أستعمل ألفاظ تبدو يعني نوع من التهم العشوائية، ولكن من يقرأ الآن.. الكتب موجودة، والاعترافات موجودة، أن هنالك من ساهم في التخطيط لهذه الهزيمة التي شهدناها سنة 1948، مثل القدس، القدس كان يمكن الدفاع عنها لم يحدث، يعني هنالك من.. من.. كتب صدرت بحثت في تفاصيل المعارك التي جرت في فلسطين، فكان من الواضح أنها كانت كلها تسعى ضمن إطار حدود التقسيم، بل.. بل هنالك من تساهل، وأعطى إسرائيل تنازلات أكثر مما أعطاها قرار الأمم المتحدة القرار 181 القاضي بتقسيم فلسطين، هذا واحد.
(6/110)
2: الدول العربية لأنه انطلقت في الدفاع -بين هلالين- عن قضية فلسطين من مواقع التجزئة مش من مواقع وحدة، يعني كانت مطامح الملك عبد الله تختلف عن مطامح الملك فاروق، تختلف عن السياسة اللبنانية عن السياسة السورية، يعني كان هنالك اجتهادات وأهداف تختلف من قُطرٍ إلى قُطر..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وكانت عدم الثقة قائمة بينهم، كما هي موجودة الآن.
شفيق الحوت[مقاطعاً]: وعدم الثقة.. طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور[مقاطعاً]: وكان أيضاً عدم الاهتمام بالقضية الفلسطينية بالشكل اللي موجود. في.. في أعقاب العام 48 المنطقة أو دول المنطقة هذه التي تسمى دول المواجهة حدثت فيها تغيرات كثيرة للغاية، يعني في مارس 49 سقطت الحكومة السورية المنتخبة، وجاء حسني الزعيم في أول انقلاب عسكري، وحسني الزعيم مباشرة عرض على الإسرائيليين صلح في تلك الفترة غير أن الانقلاب الذي جاء بعده في نهاية العام قضى على هذا الحلم، حلم العلاقة الأولى مع الإسرائيليين في ذلك الوقت المبكر، الأردن مثلاً تم إفشال خطة لإسقاط النظام فيها أعدها عبد الله التل في سنة 49، الملك عبد الله أغتيل في يوليو 51، والملك حسين جاء اعتلى العرش في 53، الملك حسين نفسه تعرض لمحاولة اغتيال في 57، لو جينا للبنان نلاقي إن فيه محاولة انقلاب في 49، اغتيل رياض الصلح سنة 51 وأُجبر بشارة الخوري على الاستقالة في سبتمبر 52، العراق -على سبيل المثال- قام فيه انقلاب أطاح بالنظام الملكي في سنة 58، مصر.. الحكومة المصرية في الفترة من 48 إلى 52 انقلاب يوليو حدث فيها تسع حكومات متعاقبة.
شفيق الحوت: أي نعم.
أحمد منصور: جاءت في خلال أربع سنوات، إلى مصر حتى وقعت ثورة أو انقلاب يوليو في 52، التغيرات اللي شهدتها هذه الدول المجاورة أو الدول المواجهة في أعقاب سنة 48، ألم تهيئ لاستقرار إسرائيل؟
(6/111)
شفيق الحوت: أولاً: إن ما جرى كان أمراً طبيعياً، يعني كان لابد لهذا الحدث الاستراتيجي الذي تم إنجازه وهو قيام دولة إسرائيل، أن يترك تداعياته وآثاره على الدول العربية وبشكل خاص دول الطوق، وهذا الأمر يعني ازداد خطورة مع الأيام، حتى أصبح الأمن الوطني لهذه الدول مهدد من قِبَل الوجود الإسرائيلي، للأسف أن العرب -في قناعتي- لم... الحكام يعني، لم يستوعبوا بالعمق الكافي معنى قيام هذا الكيان، لو أدركوا -كما يدرك بعضهم اليوم وإن كان ربما فات الأوان- أن هنالك يعني تخطيط جاد ووراءه ناس قادرين على التنفيذ، ولهم تحالفات مع دول كبرى، مهتمة في مصير هذا الوطن العربي، وموارده الطبيعية، لربما.. لربما اتخذوا مواقف أخرى.
التحاق شفيق الحوت بالجامعة الأميركية
ونشاطه السياسي داخلها
أحمد منصور: التحقت بالجامعة الأميركية في لبنان في 1948، والجامعة الأميركية في لبنان يعني..
شفيق الحوت: مصنع الرجال.
أحمد منصور: فرخَّت أو كانت مصنعاً لكثير من الحركات التي تمت، حركة القوميين العرب تبلورت في العام 51 في الجامعة الأميركية في لبنان.. في بيروت، الجامعة الأميركية في بيروت خرجت كثير من الشخصيات التي ربما كثير منها حكموا أو كانوا قادة أو زعماء في العالم العربي خلال الفترة الماضية، كيف تصف أنت الجامعة الأميركية حينما التحقت بها في عام 48؟
شفيق الحوت: أنا التحقت بها نعم في السنة الدراسية 48/49، وكانت قضية فلسطين مازالت يعني في ذروة الحرارة، وكانت شغل الحركة.. يعني عنوان النشاط الطالبي في الجامعة الأميركية، كانت قضية فلسطين، عندما دخلت الجامعة وجدت أن القوى السياسية الموجودة أو.. بين الطلاب مؤلفة.. أولاً: طلاب الجامعة الأميركية كان معظمهم من العرب أكثر من اللبنانيين لأن اللبنانيين كانوا حتى 48 فرنكوفون أكثر منهم أنجلوفون، فكانت الجامعة...
أحمد منصور[مقاطعاً]: وكثير منهم خليجيين وعراقيين.
(6/112)
شفيق الحوت[مستأنفاً]: وأردنيين وقلة من مصر قلة من..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لأن هي الجامعة الأميركية في مصر موجودة.
شفيق الحوت[مستأنفاً]: نعم قلة من مصر.
أحمد منصور[مقاطعاً]: وإن كانت يعني..
شفيق الحوت[مستأنفاً]: نعم، تغطي جزء من...، لكن الأردن، فلسطين، سوريا، العراق وبعض الجزيرة كانوا كلهم والكويت في الجامعة الأميركية، الأحزاب السياسية التي كانت يعني تسيطر على الساحة الطالبية كانت حركة القوميين العرب وهذه لها تاريخ، يعني حتى في الجامعة الأميركية.
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن هي حينما تبلورت في العام 51 على يد جورج حبش وهاني الهندي كانت 51 تقريباً..
شفيق الحوت: 51.. 50، 51.
أحمد منصور: يعني ممكن ربما كانت أفكار في بداية ما أنت التحقت سنة 48 بالجامعة.
شفيق الحوت: هو الحقيقة كانوا متأثرين، الجامعة الأميركية شهدت أكثر من جيل من القوميين العرب هنالك جيل سبق..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أكيد لكن لم يبلور أفكار الحركة.
شفيق الحوت: لم.. وماكنش فيه قضية يعني لسه كانت فلسطين مش قضية، قضية فلسطين هي الحقيقة ألهبت الروح السياسية في الشعب العربي، يعني أصبح هنالك قضية تستثير الهمم وتدعو إلى انخراط الشباب فيها، وكان هنالك -بالإضافة إلى حركة القوميين العرب، وكان عميدهم الفكري، أستاذ في الجامعة الأميركية هو المرحوم الدكتور (قسطنطين زريق) وأحد أئمة التيار القومي العربي الحديث وكان يرعى هؤلاء وكان لهم مجلة تصدر اسمها "العروة الوثقى".
أحمد منصور: تذكر منهم من؟
شفيق الحوت: من الشباب أذكر جورج حبش، وديع حداد، عماد حراكي، أحمد الخطيب، هاني الهندي، حامد جبوري، ومن البعثيين أذكر محسن قطان، جمال الشاعر، سعدون حمادة، خالد اليشرفي، ليلى قسماطي، زوجة النائب السابق عبد المنعم.. عبد المجيد الرافعي وهو نائب في لبنان، عاطف دانيال، شاب من سوريا توفي مؤخراً، يعني كان هنالك..
(6/113)
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني الآن البعثيين والقوميين.
شفيق الحوت: والبعثيين، والقوميين وكان هنالك.. وكان مفاجأة لي -إلى حد ما- حزب آخر، هو الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي لفتني..
أحمد منصور[مقاطعاً]: دا اللي أسسه (أنطون سعادة).
شفيق الحوت: الذي أسسه أنطون سعادة وكان أنطون سعادة في تلك الفترة مقيماً في بيروت، ويُعلِّم اللغة أظن الألمانية أو يعلم فلسفة في الجامعة الأميركية وكان لفت نظري في هذا الحزب..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أيه اللي فاجئك فيه؟
شفيق الحوت[مستأنفاً]: عسكريته، كان هذا الحزب.. أظن هو والكتائب كانوا في تلك الفترة الحزبين الوحيدين اللي يلبسون أعضاءهم نوع من uniform وكان شبيهاً باللباس الشباب النازي قمصان بنية، ويضعون الزوبعة هنا التي تشبه الصليب المعكوف، وكان..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كان فيه تأثير لحزب (مصر الفتاة) عليهم من خلال بعض شباب مصر الفتاة الذين هربوا إلى سوريا في...
شفيق الحوت[مقاطعاً]: هذا فيما بعد، بعد.. بعد تخرجي الحقيقة بفترة في.. في قبيل أواسط الخمسينات، توفيق حسين.
أحمد منصور[مقاطعاً]: نعم، حسين توفيق.
شفيق الحوت: حسين توفيق... فالحزب القومي السوري كان يعني يلفت النظر كذلك أنه موقفه من اليهود كان موقفاً صارماً وواضحاً، يعني حتى لا يميز بين يهودي وصهيوني وهو حزب.. ويعتبر فلسطين جزء من الوطن.. ما يسمونه الوطن السوري اللي هو سوريا الكبرى مضافاً إليه العراق، لم يكن هنالك وجود للإخوان المسلمين أو حركات إسلامية في ذلك الحين لم يكن..
أحمد منصور[مقاطعاً]: ربما مش في الجامعة ولكن خارج الجامعة يعني.
شفيق الحوت: في داخل الجامعة ماكنش فيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]: آه لم يكن داخل.. لأ،
(6/114)
شفيق الحوت[مستأنفاً]: يعني ما كنش لهم يجوز كان فيه أفراد، إنما لم يكن لهم وجود في الساحة النضالية، يعني حيث كنا نتبارى الانتخابات لمجلس الطلبة، ولإدارة جمعية العروة الوثقى هادول الميدانين اللي كان يتم فيهم..
أحمد منصور[مقاطعاً]: بتظهر فيهم القوى السياسية..
شفيق الحوت[مستأنفاً]: اختبار القوى السياسية وأنا كنت محسوباً على اليسار، أقرب إلى الشيوعيين، لعدة أسباب.. السبب الأول -كما سبقت الإشارة في الحلقة الماضية- أنني في صباي الحزب الوحيد الذي تعرفت عليه وعلى نشاطاته وأقطابه هو عصبة التحرر الوطني الفلسطينية، الحزب الشيوعي، فكنت متأثراً ببعض الأفكار وديمقراطية هؤلاء الناس وبساطتهم وصراحتهم في معاداة الاستعمار علناً، ولأني كنت قد أصبحت كادحاً، نتيجة للجوئي فكان من الطبيعي أن أتحسس مع الطلاب أمثالي الذين كنا نطالب باستمرار بتخفيض الأقساط المدرسية وتخفيف..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وكان الشيوعيون عادة هم الذين يتبنون...
شفيق الحوت: يتبنون القضايا المطلبية وخضنا.. أنا في السنة الأولى كانت علاقاتي النضالية خارج المخيم.. خارج..
أحمد منصور: الجامعة.
شفيق الحوت: الجامعة، أكثر منها داخل الجامعة.
أحمد منصور: كانت بمن؟
شفيق الحوت: كانت بمن تبقى من صداقات يافا ومن استجد من صداقات اللجوء الجديد، وذلك بحثاً عن ما العمل يعني.. لقينا حالنا 100 ألف فلسطيني موجودين في لبنان بلا مرجعية، فكان الفكرة أن ننشئ نادي مركزي في مدينة بيروت يتجمع فيه الناس، يشكون همومهم، ويعني يحاولون تدبير ما يمكنهم تدبيره من أمور معيشتهم، رفعنا طلب إلى وزارة الداخلية، كان يجب أن تطلب إذناً يسمى علم وخبر، فإذا سمحت لك الحكومة تقيم، ولكن حتى الآن لم يأتنا.
أحمد منصور: خلي عندك أمل..
(6/115)
شفيق الحوت: في هذه الفترة في 49 وقع الانقلاب السوري القومي الاجتماعي أو محاولة الانقلاب السوري القومي الاجتماعي على حكومة رياض الصلح وبشارة الخوري، مما خلق أوضاعاً استثنائية في البلاد يعني شبه حالة طوارئ...
أحمد منصور[مقاطعاً]: لاسيما أنها قوبلت بصرامة من قِبَل الحكومة.
شفيق الحوت[مستأنفاً]: وصرامة، وحوكم أنطون سعادة بالإعدام، وفر العديد من أبناء اللبنانيين إلى المهاجر، يعني صار الوقت.. الوضع متوتراً ومخيفاً لأي نشاط سياسي علني، نحن لم نيأس، فكرنا بإقامة تنظيم سري وأسميناه تنظيم مؤتمر المشردين الفلسطينيين، ولماذا المشردين؟
أحمد منصور: آه، ليه المشردين مش اللاجئين، مش المهاجرين؟
شفيق الحوت: آه، لأنه هذه الكلمة في.. التي دخلت القاموس الجديد على.. كصفة من صفات الشعب الفلسطيني مكروهة حتى يومنا هذا، يعني لذلك إذا.. إذا بتقرأ بعض الأدبيات، تجد كثيراً ما يستعمل كلمة النازحين.
أحمد منصور: أيوه، نعم.
شفيق الحوت: أو العائدين، كلمة لاجئ يعني كانت تعني انتقاص من كرامة الإنسان الفلسطيني، خصوصاً بعد إقامة (الأونروا) وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، يعني وجدنا أنفسنا نتحول من شعب إلى صفة.. إلى صفة وإلى رقم، وهي صفة مازالت للأسف يعني يحاول الغرب إلصاقها بنا، فنحن إما لاجئين وإما إرهابيين، يعني.. ونادراً ما يُشار إلينا كشعب عادي..
أحمد منصور[مقاطعاً]: الحركات اللي موجودة أولاً دي لم تنجح أي حركة فيها في إنها تجذبك إليها؟ القوميين العرب وأنت بعد ذلك اتجاهك القومي كان ظاهر وعلاقتك بعبد الناصر كانت قوية، والقوميين في ذلك الوقت، يعني بعد قيام ثورة 52 في مصر، كان ليهم علاقتهم بعبد الناصر، وعبد الناصر لعب دور في دعم التيار القومي.. حركة القوميين العرب.
(6/116)
لم ينجح القوميين العرب، أو أنت لم تمل إلى الانتماء ليهم؟ كذلك القوميين السوريين في مفاصلاتهم الواضحة في العلاقة مع إسرائيل أيضاً لم يستطيعوا أن يجذبوك أو البعثيين؟
شفيق الحوت: لنجيب أولاً إجابة سريعة لـ.. القوميين السوريين رغم استهوائهم لي من يعني من حيث عسكريتهم، وكنت شاب في ذلك الحين أو تلك الفترة، وأتصور إنه القضية تحتاج إلى 50 مجند يعني فدائي وتنحل القضية، ولكن كما أشرت ارتكبوا خطأ محاولة انقلاب وهم غير مهيأين، فأصبح التعامل معهم يعني السجن المؤكد والاضطهاد المؤكد، فكان من الطبيعي أن أبتعد.
أما القوميين و.. والشيوعيين فأذكر لقاء مرة متأخراً يمكن 20 سنة أو أكثر مع جورج حبش، كنا زملاء في الجامعة في نفس الوقت، قلت له يا جورج إحنا شاءت أقدارنا أن لا نلتقي، عندما كنت أنا قريبا للماركسية كنت أنت عروبياً، لما أصبحت أنا عروبياً أنت رحت.. صرت ماركسياً، يعني متى نلتقي؟ فكانت يعني نكتة لها معناها بيني وبينه. نعم.
أحمد منصور: فُصلت من الجامعة لمدة عام، صدر قرار جمهوري بتوقيع الشيخ بشارة الخوري.
شفيق الحوت: نعم..
أحمد منصور: ورئيس الوزراء آنذاك عبد الله اليافي بإبعادك من لبنان بتهمة القيام بنشاطات معادية، سجنت لمدة 3 ثلاثة أشهر..
شفيق الحوت [مقاطعاً]: وإثارة نعرات طائفية، تهمة يعني.
دخول شفيق الحوت السجن وآثاره المترتبة عليه
أحمد منصور: سجنت لمدة 3 أشهر انتهت في إبريل 1951 كيف تمت عملية القبض عليك؟
(6/117)
شفيق الحوت: الذي حدث عندما ألقي القبض عليَّ بتهمة عدم تنفيذ مرسوم جمهوري يقضي بطردي من الأراضي اللبنانية، طبعاً أنا لا أملك أجيب محامي، ولا أملك أن أجد من يدافع عني، فحاكمني القاضي بالسجن ثلاثة أشهر، وسألني إذا كنت يعني عندي مطالب؟ قلت له أرجو أنه الكتب التي أخذتموها من بيتي، وهي كتب مدرسية كلها أن تعيدوها إليَّ، يعني الإخوة في.. في دوائر التحري سرقوا هذه الكتب، فغضب القاضي مني، وقال خذوا ها الـ(....) وشتمني، المهم ذهبت إلى السجن..
أحمد منصور: لا أنت عملت أيه لما شتمك؟
شفيق الحوت: بصقت، يعني هذا ما حدث فعلاً.. في السجن اكتشفت أن زملائي في مؤتمر المشردين الفلسطينيين، كان قد ألقي القبض عليهم وأبعدوا إلى خارج الأراضي اللبنانية.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت تجربة السجن هذه، وإن كانت قصيرة ثلاثة أشهر، لكن ما الذي تركته في نفسك من آثار؟
شفيق الحوت: أولاً من المفارقات إني كنت لما دخلت هذه الفترة كنت اختلفت مع الشيوعيين، فوجدت.. لما دخلت السجن، وكان مليئاً بالشيوعيين أنهم انتظروا قراراً من الخارج هل يتعاملوا معي أم لا يتعاملوا معي، مع أنه كلانا موجود بالسجن، وبنفس التهمة، بغض النظر عن مدى صوابية هذه التهم، وتعرفت في نفس الوقت على نقيض الحزب الشيوعي، ممثلاً بسجين اسمه بسيل.. متى بسيلة، أو بسيل متى.. بسيلة متى.. بسيلة متى اسمه، وكان من المحكومين بالـ 49.. من المتهمين.. بالمشاركة في محاولة الانقلاب.
أحمد منصور [مقاطعاً]: محاولة الانقلاب الحزب القومي السوري.
(6/118)
شفيق الحوت [مستأنفاً]: وكان له ابن وحيد اسمه فؤاد في سجنٍ آخر محكوم مؤبد، هو محكوم 15 سنة، وابنه محكوم مؤبداً، وكان رجلاً شحيح النظر، فساعدته في هذه الثلاثة أشهر على كتابة المراسلات بينه وبين ابنه، هذا السوري القومي المناقض لي عقائدياً -بين الهلالين يعني- لأنه كان الشيوعيين والقوميين السوريين طرفي نقيض، كان يعني عاملني معاملة الأب الحنون،كان يعني يحاول يصنع لي الطعام، يحاول يحميني في السجن من رزالات البعض...
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي طبعاً السجون برضو مليانة..
شفيق الحوت: آه السجون بتعرف مليانة، وكنا يعني للأسف السياسيين مع المجرمين يعني، ما.. ما.. ليسوا في قاووشٍ خاص. العبرة التي خرجت بها من السجن أن الناس نوعين، ناس بلا أخلاق وناس عندهم أخلاق، بغض النظر عن الأفكار الأيديولوجية.
أحمد منصور: لاحظت شيء في الحركات السياسية القومية واليسارية بشكل خاص، إن معظم مؤسسيها، وأنا سؤال سألته للدكتور يعقوب زيادين اللي كان أمين عام الحزب الشيوعي الأردني...
شفيق الحوت: أي نعم.
أحمد منصور: أيضاً أثناء شهادته على العصر، معظم مؤسسيها وزعماءها والمنتمين ليها كانوا من المسيحيين العرب، هل يعني دا له دور في إثارة النعرات القومية أو النعرات الشيوعية لتفتيت جو نظام الدولة الإسلامية اللي كان قائم، زي ما أنت قلت إنه كانوا بينظر لكل واحد جاي على إنه عثماني، يعني تبع الدولة العثمانية؟
(6/119)
شفيق الحوت: يعني هو.. هو شيء يلفت النظر حقيقة، شوف التيار القومي كان من الطبيعي أن يتحمس له المسيحيون.. من الطبيعي، لأنه إجا في أعقاب الخلافة الإسلامية، في أعقاب العهد العثماني اللي يعني لا.. لا ينكر أحد أن أواخره كانت يعني عهد استبداد وظلم وطغيان وتخلف في المنطقة العربية، فمن الطبيعي يعني أنه أن يبدي إخوتنا المسيحيين اهتماماً في البديل عن الخلافة الإسلامية، البديل المعقول الذي يستطيع أن يجمع عناصر الوطن، بغض النظر عن الديانة هي العروبة، هي الموقف القومي.
أحمد منصور: كل من يقرأ هذه الفترة ويقرأ تلك التيارات يلحظ هذا الدور اللي لعبه المسيحيين العرب في نشوء وقيام هذه الحركات، سواء كان البعث.. ميشيل عفلق، سواء كان القوميين العرب جورج حبش، كانت الحركات القومية أنطون سعادة الحزب القومي السوري، الأحزاب الشيوعية بشكل عام في فلسطين في لبنان، في الأردن حتى المسيحيين لعبوا دور رئيسي.
شفيق الحوت: أي نعم.. نعم، ولكن الغريب اللي ممكن يضاف لما تفضلت به أخ أحمد أن زعامة هؤلاء لهذه الحركات لم تثر حساسية عند المسلمين.
أحمد منصور: أيوه هي لم تثر حساسية.
شفيق الحوت: لم تثر حساسية على الإطلاق.
أحمد منصور: لكن أنا بأقرأها معاك الآن..
شفيق الحوت: آه، لم تثر.. يعني أنا من تجربتي جورج حبش، ونايف الحواتمه مثلاً، مسيحيان، ويقودان تنظيمان فلسطينيان، واختلفا في فترات عدة مع ياسر عرفات، اللي هو قائد حركة فتح، وهو مسلم، لم ترد إشارة أو إيماءه في أي لحظة من لحظات الخلاف بينهما أو الاصطدام إلى جورج حبش أو إلى نايف الحواتمه أنهما مسيحيان، لم يؤخذ عليهم أنهما ينتميان إلى ديانة مفترض تمثل أقلية في فلسطين.
النشاط السياسي للحوت بين عامي 1953 و1958
(6/120)
أحمد منصور: تخرجت في العام 53، عملت بعد ذلك مدرساً في مدارس المقاصد الإسلامية إلى العام 56، ذهبت إلى الكويت أيضاً للعمل مدرساً بين عامي 56 و58، ثم التحقت بالعمل الصحفي بعد ذلك، وأصبحت مديراً لمجلة "الحوادث" اللبنانية، في عجالة نشاطك السياسي بين 53 و58.
شفيق الحوت: باختصار شديد أنا.. وأنا طالب كنت أدرس (Part time) في مدارس المقاصد، يعني حتى أسدد أقساطي المدرسية وبعض مصروفي، فكان من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا غير شغلك طبعاً عرضحالجي بتعمل..
شفيق الحوت: لأ انتهت هذه.. انتهت.. انتهت. اشتغلنا مدرسين رسميين، فكان من الطبيعي أن أشتغل (Full timer) في مدارس المقاصد، وعُينت ناظراً لقسم البكالوريا والتجارة في ثانوية علي بن أبي طالب، وهي أحد أهم كليات المقاصد الإسلامية، وكنت موفقاً كناظر لأني كنت شاب صغير، وكانوا الشباب كبار نسبياً يعني صفوف.. فكنا يعني خلافاً لعقلية الناظر اللي بيحمل عصاية وبيمشي النظام أنا كنت يعني أسمح للشباب اللي بأعرف إنه بيدخنوا يطلعوا بعض مرات من الصف ويروح يدخن.
أحمد منصور: أنت ناظر ديمقراطي خالص.
شفيق الحوت: آه يعني نظرة ديمقراطية للتربية أو عصرية، ففي سنة من السنوات في 56.. في الـ 55.. 56 أظني الفرنسيين نفوا ملك المغرب محمد الخامس إلى مدغشقر أو إلى مكان..
أحمد منصور: محمد الخامس، نعم، صح.. صح، نعم..
(6/121)
شفيق الحوت: فأنا من الذين حرضوا الطلاب على القيام بمظاهرة، كان الوعي القومي يومها يعني لا بأس به، وكان إذا مُسَّ عربي في مكان ما فيتحرك العواصم العربية الأخرى، فإدارة المدرسة الحقيقة تضايقت من هذا الموقف، وعندما راجعوني فيه وجدوا إنه لدي الإصرار، وإن هم اللي غلطانين وإنه لا قيمة لتربية الطلاب وتعليمهم اللغات والعلم إن لم يتعلموا كيف أن يدافعوا عن الوطن الذي يجب أن يستثمروا علمهم فيه فيما بعد، فعاقبوني، وكان عقاباً مثيرا للضحك، نقلوني مبدئياً إلى مدرسة أطفال صغار، معلم أطفال، ظناً منهم إنه هذه عقوبة، بينما يعني العقل الحديث والتربية الحديثة يجب أن يختار..
أحمد منصور: كله بيتوجه الآن للدراسة العليا تكون للأطفال.
شفيق الحوت: آه طبعاً.. طبعاً.
شفيق الحوت: وبالنهاية يعني استغنوا عن خدماتي. كنت في هذه الأثناء، وقد فاتنا الحديث عن ذلك قد استحصلت على الجنسية اللبنانية، استرديت جنسيتي اللبنانية.
أحمد منصور: مع بقاء جنسيتك الفلسطينية.
شفيق الحوت: مع.. طبعاً لأنه لبنان يسمح حقيقة..
أحمد منصور: بازدواج الجنسية.
شفيق الحوت: بازدواج الجنسية.
أحمد منصور: معظم اللبنانيين معاهم جنسية تانية الآن.
شفيق الحوت: آه صحيح.. صحيح، وبعض المرات يفضلوا التانية على الأولى للأسف، لكن..
أحمد منصور: دا مش بعض مرات، دائماً يعني.
شفيق الحوت: يعني نرجو أن لا يدوم هذا الحال. وكنت على موعد للسفر إلى الكويت، كنت قد تليت.. تلقيت عرضاً بالعمل في الكويت، عن طريق أستاذ سابق لي في العامرية، كنت راسلته، وبعث (....) الأستاذ حسن الدباغ، أصبح فيما بعد سفيراً للكويت، وتجنس بالجنسية الكويتية. ذهبت إلى الكويت، وعلَّمت سنتين، أعترف أنه لم يرق لي العمل في دول الخليج، يعني..
أحمد منصور: لماذا؟
(6/122)
شفيق الحوت: يعني دون أي تعريض، يعني كنت أشعر بأنك يومياً معرض لأن تتذكر أنك في تلك الديار في سبيل المال، وأنك طامع في هذه الثروة.
أحمد منصور: في الفترة من.. من 56 لـ 58 تقريباً نشأت نواة حركة فتح في الكويت، وكان ياسر عرفات مقيم هناك، وكثير أيضاً من الذين كانوا أعضاء في حركة فتح المؤسسين البارزين وكان كثير من الفلسطينيين يذهبوا إلى الكويت في ذلك الوقت.
شفيق الحوت: أنا لا أعتقد، يعني ربما كان ولكن فترة وجودي في الكويت للـ58 وكنت حاضراً في جميع الحلقات المتحركة بين أبناء فلسطين يعني وحتى لأبناء العرب الناشطين مثل أحمد الخطيب و.. وغيره من الإخوان جاسم القطامي وغيره من هذه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: القوميين العرب..
شفيق الحوت [مستأنفاً]: القوميين العرب وأصدقاء سابقين من الجامعة الأميركية وبعض الإخوان اليساريين وأشكال وألوان كان موجود يعني غسان كنفاني -رحمه الله- كان من الذين يعملون في الكويت كمان في تلك الفترة، لم يكن هنالك -يا أخ أحمد- لا أذكر أنه كان موجوداً أو سماع لكلمة فتح، يعني أنا لم أسمع بشيء اسمه فتح قبل الستينات.. قبل الستينات، لم يكن في الـ58..، في الـ58 كان فيه عبد الناصر وبس.
تحول شفيق الحوت إلى الصحافة
وموقع القضية الفلسطينية من عمله
أحمد منصور: طبعاً في الفترة هذه قامت الوحدة بين مصر وسوريا في 1 فبراير 58 واستمرت إلى 28 سبتمبر 61 حيث قام.. قاد عبد الكريم النحلاوي انقلاباً ضد الوحدة، وانتهت الوحدة بين مصر وسوريا، كانت فترة برضو تشكيل منظمات مختلفة، سليم اللوزي اختلف مع كميل شمعون وهرب سليم اللوزي إلى..
شفيق الحوت [مقاطعاً]: دمشق..
أحمد منصور [مستأنفاً]: دمشق، وأصبحت أنت مديراً لتحرير مجلة "الحوادث". انتقالك من التدريس للصحافة بشكل مفاجئ وعلى رأس مجلة مثل "الحوادث"، "الحوادث" وقتها كانت مجلة فنية أكثر منها سياسية..
شفيق الحوت: آه دا صحيح.. صحيح..
(6/123)
أحمد منصور: بالدرجة الأولى، وربما أنت لعبت دوراً في توجهها السياسي بعد ذلك، كيف.. مهنة الصحافة ما الذي شكلته بالنسبة لك في تلك المرحلة.. مرحلة المد القومي، الوحدة الجمهورية العربية المتحدة، جمال عبد الناصر وبداية زعامة عبد الناصر أو قيادة زعامة المد القومي في العالم العربي؟
شفيق الحوت: صح، أولاً: لابد من الإشارة بأنه فلسطين في نفسي كانت مسيطرة باستمرار لدرجة أنني اكتشفت أنني لابد لي من مهنة تكون قريبة من اهتمامي العام، فكنت قد أكتفيت من التدريس، يعني دور المبشر بين الطلاب في القضية الوطنية أو القضية القومية كان قد انتهى، يعني لم يعد يشبع طموحي، وأنا كنت يعني لا بأس بإمكانياتي الكتابية حتى قبل أن أحترف الصحافة، "فالحوادث" كانت منعطف في حياتي، أعطتني الفرصة للتعبير عما أتمنى حدوثه لقضية فلسطين، فعبر "الحوادث" مما كتبت وبانتشاري إلى حدٍ ما في الأقطار العربية استعدت شبكة من الاتصالات بين قراءٍ عرب وفلسطينيين كانوا حريصين -مثل حرصي- على إيجاد الصيغ الكفيلة بصنع أطر سياسية لإيجاد مرجعية فلسطينية..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني نقدر نقول إن المدرسة الصحفية للـ"الحوداث" تشكلت في تلك الفترة حينما كنت مديراً لتحريرها؟
شفيق الحوت: أي نعم.
أحمد منصور: كمدرسة سياسية صحفية مميزة؟
شفيق الحوت: آه ثم انتقلت ثم قلبت 180 درجة في أعقاب الـ67 للأسف، ويعني أول عدد بعد الهزيمة انقلب سليم اللوزي 180 درجة و.. وأصبحت يعني معادية.. مش معادية، لم تعد يعني.. أصبحت كأي مجلة أخرى كأنها أجنبية حيادية يعني تدَّعي الموضوعية وإلى آخره.
أحمد منصور: فترة عملك في الصحافة مهدت لتعرفك على كثير من الشخصيات السياسية ويعني تغطية بعض الأحداث الهامة التي مرت بها الأمة العربية في ذلك الوقت، ذهبت للجزائر، تعرفت على بن بيلا، تعرفت على جمال عبد الناصر، أصبح لك علاقات، أين موقع القضية الفلسطينية كان عندك في تلك المرحلة؟
(6/124)
حقيقة وضع الفلسطينيين المشردين في الدول العربية
شفيق الحوت: كان باستمرار يعني هو هاجسي الأول، ولا أخفيك أن موضوعيتي كانت مجروجة دائماً بالعين الفلسطينية، بمعنى إنه مقياسي كان وموقفي من أي نظام عربي هو بمقدار موقف هذا النظام العربي وحماسه لقضية فلسطين، هذا كان الأساس، فأولاً يعني "الحوادث" أفادتني بعلاقاتي العامة في الساحة اللبنانية، وهذا هيأني لدور ساهمت فيه بقدر ما أستطيع في مساعدة إخوتي في لبنان الذين كانوا يتعرضون لظروف قاسية، حيث أن العمل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من الفلسطينيين..
شفيق الحوت [مستأنفاً]: السياسي كان ممنوعاً منعاً باتاً، يعني حياة الفلسطيني إلى قبل قيام منظمة التحرير الفلسطينية في معظم الدول العربية كان يعني بائساً، يعني الدولة اللي سامحة لك إنك تعيش مش سامحة لك على الأقل أن تعمل سياسياً، ممنوع أي نوع من التجمع.
أحمد منصور: ودي نقطة مهمة بأطرحها معاك بشكل واضح إن كل الأنظمة العربية بعد سنة 48 ظلت إلى ربما 64، 65 لا تسمح للفلسطيني بالقيام بأي عمل، وبالعكس كانت أيضاً الخطاب بتاعها ضد إسرائيل كان خطاب ميت بالمرة، يعني حتى النظام العسكري في مصر وسوريا كان حريص على عدم قيام حرب مع إسرائيل، حسني الزعيم عرض في 49 معاهدة سلام مع إسرائيل وتوطين 300 ألف لاجئ فلسطيني في.. في سوريا، عبد الناصر من بعد 54 رد على مبادرة سرية من رئيس حكومة إسرائيل (موشى شاريت) سنة 54 وسمح بتبادل الرسائل مع إسرائيل حتى سنة 56، دا ذكره يزيد صايغ في كتابه القيم عن الكفاح الفلسطيني والبحث عن دولة، نقلاً عن (مايكل أورين) "مباحثات السلام السرية المصرية الإسرائيلية قبل حرب السويس"، الفترة هذه كلها كانت عملية تضييق على الفلسطينيين وكان غير مسموح فيها، وكانت الحكومات العربية كلها بتسقط أو كانت إسرائيل ساقطة من..
شفيق الحوت [مقاطعاً]: حسابات..
(6/125)
أحمد منصور[مستأنفاً]: حسابات الدول والأنظمة العربية.
شفيق الحوت: معظم الدول العربية، لم يكن يعنيها خصوصاً المضيفة للاجئين الفلسطينيين، لم يكن يعنيها من علاقة غير المسألة الأمنية، يعني هذا التجمع الفلسطيني يجب أن يبقى خامداً، ممنوع أي صورة من صور التحرك حتى الاجتماعي أو الثقافي أو الرياضي، يعني أنا أعرف هنا في الساحة اللبنانية كثير من الشباب الذين دخلوا السجون بسبب محاولتهم مثلاً إقامة نادي.. فريق رياضي أو نادي ثقافي أو شيء يعني.. أو تجمع عمالي فكان هذا ممنوعاً.
2: كانت معسكرات اللاجئين.. مخيمات اللاجئين محكومة مباشرة بالأجهزة الأمنية العسكرية، يعني عندما يخطئ الفلسطيني أو يرتكب جريمة ما لا يحال إلى المحاكم المدنية إنما يحاكم في المحاكم العسكرية، في الوقت..
أحمد منصور[مقاطعاً]: ودي هنا.. أنا عايز أقف معك في النقطة دي، لأن في تاريخ مأساة الشعب الفلسطيني من 48 إلى اليوم هذه الفترة من 48 إلى 67 حتى وليس إلى قيام حركة فتح أو منظمة التحرير الفلسطينية في 64، هذه الفترة الحكومات العربية كلها أولاً عاملت الشعب الفلسطيني بالشكل الذي تتحدث عنه.
(6/126)
ثانياً: لم يكن للقضية الفلسطينية أي اهتمام حتى إن يزيد صايغ ناقل عن عبد الناصر إن عبد الناصر قال: الضباط الأحرار أسقطوا النظام الملكي رداً على أحداث في مصر لا في فلسطين، يعني الكل الآن كان مسقط قضية فلسطين خالص من حساباته بالدرجة الأولى، كان فيه صراعات عربية عربية، عبد الناصر كان له صراعاته مع السعودية، كان له مسلسل الانقلابات اللي كان بيتم في سوريا من 49 استمر إلى 66 انقلابات متتالية، صراع ما بين عبد الناصر وما بين السوريين وما بين عبد الناصر وما بين الملك حسين، ما بين عبد الناصر وما بين عبد الكريم قاسم وما بين ما يحدث في العراق، القوات المصرية موجودة في اليمن 70 ألف جندي بعد 62، أيضاً عبد الناصر أرسل قوات إلى بن بيلا في الجزائر من أجل ضرب المغرب، صراعات عربية عربية، القضية الفلسطينية ليس لها ذكر، الشعب الفلسطيني أيضاً كان يُعامل بالمعاملة القاسية التي تتحدث عنها.
شفيق الحوت: يعني دعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]: بشفافية قل لي تقييمك أيه للوضع؟
شفيق الحوت: أنا.. أنا أريد -أحمد- أن نتفق أولاً على أن الموضوع الذي أثرته سيبقي موضوع سجال وخلاف في الرأي لأنه ليس أمراً سهلاً أن نتفق يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا أنا بأقرأ أحداث ما أصل التاريخ خلاص وقع..
شفيق الحوت: لا.. آه معلش، لكن هذه القراءة وأنت مضطر أن توجزها كما تفضلت وأجزتها بشكل يعني بلاغي، لكن هل تضع جميع الأنظمة بكفة واحدة؟ هل جميع الانقلابات كبعضها البعض؟ هل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في القراءة التفصيلية لها الأمر بيختلف.
شفيق الحوت: يختلف.
أحمد منصور: لكن أنا بأقرأ بشكل مجمل الآن.
شفيق الحوت: معاك حق، لأنه بالنهاية النتيجة.
أحمد منصور: بالضبط.
شفيق الحوت: ولكن.. ولكن لا يجوز أن تساوى السيئة بالحسنة، أو السيئ بالأكثر سوءاً أو المقصود..
أحمد منصور [مقاطعاً]: آه ما أنا كنت هأقول لك فين الحسنات هنا؟
(6/127)
شفيق الحوت: لا ما فيش حسنات، يعني الأقل سوءاً يا سيدي الأقل سوءاً.
أحمد منصور: أيوه، ماشي.
شفيق الحوت: الأقل سوءاً، أولاً بالنسبة للفلسطينيين كان يعني بهذه السنوات التي تفضلت بالإشارة عنها كان نزيل.. النزيل الأول في السجون العربية، يعني في لبنان، في سوريا، في القاهرة حتى، في قطاع غزة، في الأردن، وفي بغداد كان معظم المساجين السياسيين -بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية- هم فلسطينيين والسبب أنهم كانوا بين الحزبيين الأكثر اندفاعاً في العمل السياسي ظناً.. مش ظناً بحافز أنهم إيديهم بالنار وعندهم قضية ساخنة اسمها قضية فلسطين يريدون الوصول إليها، هيك كان الشيوعي، هيك كان الإخواني، هيك كان السوري القومي، هيك كان الناصري، هيك كان البعثي، يعني كانت لا أستطيع ولا ينكر أحد أن هؤلاء الحزبيين كانوا طلائع الفلسطينيين، في هذه الأحزاب مدفوعين أكثر من غيرهم بالرغبة في تحقيق أهداف أحزابهم ظناً أن هذه هي الطريق إلى التحرير، نأتي إلى يعني..
أحمد منصور: الحكومات..
شفيق الحوت: الحكومات العربية، الحكومات العربية الانقلابات السورية اتضحت صورتها، يعني لم تترك أثراً استراتيجياً، اللي ترك أثر استراتيجي بأعتقد ثورة يوليو وفيما بعد ثورة العراق، هادول..
أحمد منصور: 58
شفيق الحوت: 58 هادول ثورتين.
أحمد منصور [مقاطعاً]: رغم إن هم العراقيين كان كل كذا سنة يعملوا.. يعملوا انقلاب ويسموه ثورة.
شفيق الحوت: آه طبعاً.
أحمد منصور: ويدبحوا اللي قبليهم.
شفيق الحوت: العراقيين إخوتنا يعني مشهورين بعنفهم بالتعبير، ثورة يوليو قبل أن يعني أن.. أن نشير إلى كاريزما وشخصية جمال عبد الناصر كزعيم، مصر هي القمر في.. في المجرة العربية، وسائر الدول العربية..
أحمد منصور: تدور في فلكها..
شفيق الحوت: كواكب تدور حول هذا الفلك، وحتى هذه اللحظة..
أحمد منصور: أيه المعطيات اللي خلت.. اللي وضعت مصر في هذه..؟
(6/128)
شفيق الحوت: أولاً مصر دولة عمرها آلاف السنين، يعني مفهوم الدولة لا يكاد يوجد في الدول العربية بالعمق الموجود لدى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كمفهوم تراكمي وتاريخي.
شفيق الحوت [مستأنفاً]: معلوم، ويعني جزء من الثقافة المصرية والتراث المصري والتراتبية المصرية، يعني أنتم في مصر الأسرة حتى على صعيد الأسرة فيه احترام وتراتب، إحنا نحن لا نعرفه في بلاد الشام، السبب الثاني أنه هي الأقوى، وحتى الآن يعني مصر هي الدولة العربية الأقوى، يعني لما تتكلم كلمتها بوزن قوتها، يعني
أحمد منصور: لما تتكلم.
شفيق الحوت: لما تتكلم، يعني لما.. ما تؤاخذنيش يعني وبلاش نسمي بقي.. يعني بأسمى عشر دول من الـ22 دولة تكلموا أم لم يتكلموا سيان يعني لا وزن لهم على طاولة الأحداث..
أحمد منصور: وإذا وقع أي حدث الكل بيتلفت ناحية مصر..
شفيق الحوت: نعم ما فيه شك، وهذا يعني وهذه عملت حساسية لدى المصريين إنه يعني أنتم لما تتحدثون يا عرب عن الحرب تقصدونا نحن، ولذلك يعني يجب أن يكون الإنسان حريص.
أحمد منصور: لكن هي الأقدار التاريخية، لما تضع الدول..
شفيق الحوت: في أدوار معينة؟
أحمد منصور: في أدوار معينة لابد أن تقوم بها..
شفيق الحوت: يعني هذه..
أحمد منصور: محمد علي قام بها وأسس.. وضع أسس للدولة المصرية لازالت النظام القائم إلى اليوم يعتمد على ما وضعه محمد علي..
شفيق الحوت: وقد تخالفني بالرأي حاول جمال عبد الناصر ولم ينجح..
أحمد منصور: طيب أنا في الحلقة القادمة آخذ معك التيارات السياسية الفلسطينية التي وجدت ووُلدت على الساحة في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات وأبرزها حركة فتح وحركات أخرى كثيرة وصولاً إلى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في أعقاب مؤتمر القمة العربي الأول في يناير 64 وإعلان تشكيل المنظمة في مايو 64 في القدس، كنت أحد مؤسسيها.
أشكرك شكراً جزيلاً.
شفيق الحوت: شكراً لك.
(6/129)
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان) في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(6/130)
الحلقة3
(6/131)
الجمعة 21/11/1423هـ الموافق 24/1/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 15:28(مكة المكرمة)،12:28(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
19/01/2003
- علاقة عبد الناصر بالقضية الفلسطينية في الخمسينيات والستينيات.
- بدايات تأسيس حركة فتح ولقاء شفيق الحوت بعرفات.
- الأجواء التي سبقت تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية.
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
أستاذ شفيق، مرحباً بك.
شفيق الحوت: مرحباً بكم.
علاقة عبد الناصر بالقضية الفلسطينية في الخمسينيات والستينيات
أحمد منصور: الفترة بين العام 48 والعام 65 فترة الوجود الفلسطيني في الشتات بعد الهزيمة تحدثنا عنها في الفترة الماضية، لكن في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات بدأت تتشكل بعض الفصائل الفلسطينية بشكل بارز مثل حركة القوميين العرب، حركة فتح، جبهة التحرير الوطني الفلسطيني، وتنظيمات أخرى كثيرة ظهرت على الساحة، فيما بعد، وصلت في بعض التقديرات إلى حوالي 17 تنظيم تقريباً، أبو إياد في كتابه صلاح خلف في "فلسطيني بلا هوية" الذي أعده (إريك رولو) يقول إن الأشهر الأولى من 1957 كان ياسر عرفات، خليل الوزير (أبو جهاد)، فاروق القدومي كانوا يعملوا في الكويت، محمد يوسف النجار وكمال رضوان وأبو مازن كانوا يعملوا في قطر، وأبو إياد كان في غزة، ويقول: إن الاجتماعات الأولى لفتح بدأت 59 في الكويت، إلا أن يزيد صايغ في كتابه "الكفاح المسلح والبحث عن دولة" يقول إن.. أُسست حركة فتح فعلياً في مايو 1964.
أنت التقيت مع أبو جهاد وأبو عمار للمرة الأولى في العام 1961.
شفيق الحوت: صحيح.
(6/132)
أحمد منصور: كيف كان لقاؤك مع ياسر عرفات ومع (أبو جهاد) خليل الوزير؟
شفيق الحوت: لابد من مقدمة وصولاً إلى الإجابة إلى هذا السؤال، علينا أن نتذكر أن الموضوع الذي سنبحث به الآن يعود بنا إلى 50 سنة إلى الوراء.
أحمد منصور: 50 سنة.
شفيق الحوت: إلى الوراء.
أحمد منصور: يعني 48.
شفيق الحوت: يعني 48.
أحمد منصور: عفواً 52.
(6/133)
شفيق الحوت: 52 سنة، والخمسينات والستينات من هذا القرن أعتبرهما من أهم العقود في حياة الأمة العربية، وربما هنالك من يعتقد أن الستينات كانت حقبة عالمية متميزة في المعنى الثوري والتغييري الذي كان سمة العالم إلى حد كبير في تلك الفترة، ففي الخمسينات.. في أوائل الخمسينات بدأ الشتات الفلسطيني يبحث عن سبيل لقيادة حياته الجديدة، وطريق.. ويبحث عن طريق العودة إلى الوطن المغتصب، مؤخراً قبل سنة أو سنتين يعني في عام 1948، لم يتمكن الشعب الفلسطيني في السنوات العشر الأولى أن يحقق هذا الهدف، لأسباب موضوعية تتعلق بوضعه النفسي، بوضعه الاقتصادي، بوضعه المعيشي، فقضى هذه الفترة يلملم شمله هنا وهناك، ويؤقلم حياته الجديدة، في هذه الفترة بالذات في الخمسينات -كما نعلم وسلف القول- أنه حدثت ردود فعل عربية انقلابات متعددة، ولكن أهم ما حدث في الخمسينات على المستوى العربي كان ثورة 23 يوليو عام 1952، وأعتقد أن هذه الثورة بالذات، التي بدأت كانقلاب عسكري، وانتهت -كما نعرف جميعاً- إلى ثورة، وتجاوزت حدودها الإقليمية بتأثيراتها وتداعياتها إلى مستوى الوطن العربي الكبير، وبما في ذلك طبعاً القطاع الفلسطيني أو القضية الفلسطينية، من الصعب أن ننكر أن هذه الحقبة 52 فصاعداً أو إذا شئت التحديد من الـ 56 فصاعداً، العمل الفلسطيني توجَّه بفعل هذه الثورة إلى المزيد من التيار القومي، فلسطين ليست بعيدة عن الخط.. عن التيار القومي العربي في حياتها بأسرها، قبل النكبة واستمرت بعد ذلك، ولكن مع ثورة يوليو ازداد الأمل الفلسطيني، كأن التيار القومي هو كفيل بالوصول بنا إلى تحرير فلسطين، وكان الشعار المعروف آنئذٍ والشائع "طريق الوحدة طريق العودة"، ثم للأسف أن هذه التجربة الوحدوية فشلت، وحصل الانفصال في سنة 1961، وكانت هذه النكسة القومية هي الأخرى حدث له تداعياته وتأثيراته على الساحة الفلسطينية، حيث بدأ الشعب الفلسطيني أو طلائع الشعب
(6/134)
الفلسطيني تتحسس ضرورة إعادة الروح الوطنية للشخصية الفلسطينية، يعني ما تهدم من مؤسساتٍ قومية وحزبية في فلسطين، بدأ التفكير بأنه لابد من إعادة الاعتبار للشخصية الوطنية الفلسطينية في إطار التيار القومي العربي، بمعنى آخر شبابنا الفلسطيني الذي كان قد تجند في العديد من الأحزاب العربية المعاصرة في ذلك الحين بدأت تتجه من مختلف الأحزاب إلى تجمعات فلسطينية تبحث في ضرورة العمل على جعل القضية الفلسطينية أولوية في.. في مشروعنا السياسي عن أي مشروع آخر.
أحمد منصور: اسمح لي هنا فيه اختلاف شديد مع ما تطرح.
شفيق الحوت: نعم.
أحمد منصور: ظل عبد الناصر طوال فترة الخمسينيات وإلى بداية الستينيات يرفض أي عملية صدام مع إسرائيل، وفي 54 فيه تبادل رسائل تم ما بين عبد الناصر وبين رئيس حكومة إسرائيل (موسى شاريت) في ذلك الوقت، في.. بعد 52 لم يتحدث إسرائيل.. لم يتحدث جمال عبد الناصر مطلقاً عن قضية إسرائيل، وحرب 56 لها ظروفها المتعلقة بعملية التأميم، وفي سنة 63 عبد الناصر قال في خطاب علني: إن مصر غير قادرة على محاربة إسرائيل، وكان دايماً عبد الناصر اللي هو بيمثل ذروة المد القومي كان يتحدث عن إن مافيش مواجهة، مافيش قدرة على مواجهة إسرائيل، مافيش حرب مع إسرائيل، وهذا كان الشقيري وكانوا أعضاء المنظمة بعد ذلك كانوا بيطلبوا من عبد الناصر أن يغير هذا الخطاب، لأن ده بيبقى له تأثير سلبي على جموع الشعب الفلسطيني، وهآجي لك لمؤتمر قمة 68، اللي أنت حضرته 67 اللي أنت حضرته في الخرطوم، وكان فيه معاني كثيرة من هذا صراحة..
شفيق الحوت: صحيح.
(6/135)
أحمد منصور: فمن هنا المد القومي المفروض أو حركة القوميين العرب اللي كان عبد الناصر مرجعيتها الأساسية، لم تتوجه مطلقاً إلى أن يكون لها فصيل خاص بفلسطين إلا في بداية الستينيات اللي هو شكَّله جورج حبش ووديع حداد بعد ذلك، لكن في هذه الفترة المد القومي ماكانش بيتكلم على إسرائيل خالص، ده كان عبد الناصر بيسعى لعمل انقلابات مرة على الملك حسين، على السوريين، قواته في اليمن، الملك سعود، صراعات كلها عربية عربية لم تكن إسرائيل مطلقاً في الحسبان في ذلك الوقت.
شفيق الحوت: تعليق على هذا الكلام، أولاً: كانت حكمة من عبد الناصر وجرأة وصراحة أن يعلن هذا الموقف، لأنه في واقع الأمر لم يكن لا باستطاعة مصر ولا أية دولة عربية في الخمسينات أن تجابه إسرائيل، وأنت تتكلم عن 52 يعني لسه عبد الناصر..
أحمد منصور: لأ، أنا بأكلمك في 63 كمان.
شفيق الحوت: جاي له.. جاي له.. وهنا إذا راجعنا أدبيات تلك المرحلة كان هنالك دائماً طبعاً فريقين، فريق يدعو إلى المجابهة السريعة والمباشرة والفورية، وفريق يدعو لبناء القوات والقدرات العربية، وتنمية الشروط والظروف التي تكفل تحقيق نجاح في المعركة.
أحمد منصور[مقاطعاً]: قل لي ده فين؟ ده كان إمتى أصلاً وكل القضية هي قضية ترتيب انقلابات وصراعات داخلية عربية عربية؟
شفيق الحوت[مقاطعاً]: جاي.. هذا.. هذه إحدى الرؤى، أنا مثلاً.. مثلاً أنت تعتقد أن.. أن التدخل في اليمن شيء سيئ وبعيد عن قضية فلسطين، أنا بأعتقد إنه يصب في صلب المصلحة القومية وفي صلب المصلحة الفلسطينية.
أحمد منصور: هل كانت إسرائيل المفروض هي الأولى اللي بتوجه لها القوات المصرية أو كانت توجه ضد قوات عربية أخرى؟ أما عبد الناصر يطلع يقول: أنا مش قادر أقاتل إسرائيل، وعنده 70 ألف بيقاتلوا في اليمن!
(6/136)
شفيق الحوت: لأ، هو لما كان يعني عبد الناصر كان في صدد أو في مواكبة عملية التغيير العربية التي كانت تتمناها جماهير الأمة العربية، يعني إذا قارنا اليوم..
أحمد منصور[مقاطعاً]: عملياً يا أستاذ شفيق.. عملياً ما الذي تم؟
شفيق الحوت[مقاطعاً]: طول لي بالك.. طول لي بالك، إذا قارنا اليوم بالأمس، اليوم.. اليوم ونحن نتحدث الآن..
أحمد منصور[مقاطعاً]: نحن كلنا اليوم بنجني ما فعله عبد الناصر.
شفيق الحوت: على راسي، هذه وجهة نظر كمان أخرى قابلة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: مش وجهة نظر ده واقع الناس عايشاه، إفرازات تاريخ، إفرازات أحداث.
شفيق الحوت: لا.. لا.. لا، عبد الناصر صار له.. عبد الناصر حكم 18 سنة، صار له 30 سنة ميت.
أحمد منصور[مقاطعاً]: 16 بس.
شفيق الحوت[مقاطعاً]: 16 سنة.
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني مش عايزين محمد نجيب كمان نمسحه زي ما مسحوه.
شفيق الحوت: لا.. لا مش.. مش قصدي يعني، بالعكس بنحمل مسؤولية ذلك لعبد الناصر، لكن عبد الناصر حكم 16 سنة، صار له 30 سنة هنالك حكام عرب عاشروا عبد الناصر ومازالوا، ولا نحملهم مسؤولية ما جرى في الأمة العربية، يعني مازال عبد الناصر يتحمل، وقد توفي في الـ 70، من السبعين إحنا الآن 2002 لسه بنقول عبد الناصر.
أحمد منصور: طبعاً، لأن التاريخ له إفرازاته.
شفيق الحوت: على راسي.
أحمد منصور: وحينما يأتي حاكم في فترة تاريخية معينة يكون أمامه فرصة للبناء، ثم يتجه إلى الهدم، فعملية الهدم هذه بيبقى لها تأثير لعدة عقود، ولأجيال متعاقبة، الناس الآن بتجني هذا..
شفيق الحوت: أنا بأعتقد..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هذا إفرازات من الواقع، من.. مما.. مما صُنع في الخمسينات والستينات.
شفيق الحوت: أنا بأعتقد.. أنا بأعتقد إنه مصر لولا ثورة عبد الناصر لما كانت في حالها من التقدم اليوم مع أن..
(6/137)
أحمد منصور: بالعكس كثيرون يقولون لو كانت مصر استمرت بالبناء الذي بناه محمد علي، كانت مصر اليوم أصبحت من أكثر الدول ديمقراطية وارتقاءً ونمواً في العالم كله.
شفيق الحوت: سيبقى هذا سجال عبر التاريخ بين ما يُسمى القوى المحافظة، الليبرالية، الرأسمالية، وقوى التغيير الراغبة في مكافحة الأنظمة الرأسمالية العاتية، ومكافحة الاستعمار البريطاني في ذلك الحين والأميركي فيما بعد، يعني أنت هتقول لي..
أحمد منصور: أي مكافحة؟
شفيق الحوت: هتقول لي..
أحمد منصور: كان تحت الطاولة حاجات ثانية بتتم..
شفيق الحوت: لا.. لا.. لا لو كان..
أحمد منصور: يطلع عبد الناصر يخاطب.. يشتم في الإمبريالية، وأميركا بتدي له مساعدات من تحت الطاولة.
شفيق الحوت: هو.. وبنى برج القاهرة، وما تاجرش..
أحمد منصور: بنى برج القاهرة بأموال الأميركان 3 مليون دولار.
شفيق الحوت: آه.. آه.. آه، ماحطهاش في جيبه يعني، أنا دلوقت..
أحمد منصور: أنا مابأقولش أنا مش في قضية جيبه، ما بأتكلمش، أنا بأتكلم الآن عن إفرازات شعب.
شفيق الحوت: بهذا.. لكن هل.. هل صحيح..
أحمد منصور: ما جنته أمة..
شفيق الحوت: هل أنت تعتقد إذا قارنا عبد الناصر في عهده..
أحمد منصور: أنا برضو ما بأقولكش معتقداتي الخاصة، أنا أعبر عن الرأي الآخر.
شفيق الحوت: وأنا كمان.. أنا بأعبر عن رأيي الخاص، وأرد على هذا وقد قضيت العمر في الرد عليه، يعني..إذا أردت أن تكون منصفاً تقارن على الأقل عبد الناصر بزملائه في تلك الفترة، ومستعد أجيبهم يعني دولة دولة.. دولة وأقارن، يعني اليمن اللي بنتحدث عنها إحنا يعني باستنكار، هذا القُطر العربي الهام كان يغلق أبواب صنعاء الساعة السادسة مساءً، من لم يدخل صنعاء بالسادسة ساعة الغروب كان ينام في البرية، معرضاً لأن تأكله الضباع.
أحمد منصور: يا أستاذ شفيق، حينما يتم التحدث، مصر لها ثقلها..
شفيق الحوت: آه عشان هيك.. عشان هيك نقدر مصر..
(6/138)
أحمد منصور: شيء كبير في العالم العربي، دائماً من يتحمل الثقل ومن له الدور في التأثير بتكون المسؤولية عليه أكبر.
شفيق الحوت: على راسي.
أحمد منصور: أنا الآن عشان ما أخرجش من الموضوع، أنا في إطار القضية الفلسطينية، وبأركز على نقطة هامة أكدتها مصادر كتيرة من اللي أنا غرقان فيها، بقى لي أسابيع بأقرأ فيها، هو إن الفترة.. فترة الخمسينيات وبداية الستينيات حتى مؤتمر القمة سنة 64 لم تكن القضية الفلسطينية لها أي أولوية لدى عبد الناصر، بالعكس، رصد يزيد صايغ كثير من عمليات القبض التي تمت لفدائيين من القوات المصرية من خلال العمليات اللي بدءوا يعملوها، حركة فتح لما أطلقت أول رصاصة ليها بعد كده أُجهض.. أُجهضت بعض العمليات اللي عملتها من قوات الأمن المصرية، اللي هي خاصة بعبد الناصر، واتهموا بأنهم إخوان مسلمين، وأنهم مخربين، وإنهم على علاقة بالإمبريالية وعلى علاقة بأميركا، وهذه الأشياء، فهنا القضية الفلسطينية وُلدت من قلب الفلسطينيين، الفلسطينيين أنفسهم هم الذين صنعوا قضيتهم في نهاية الستينات وبداية الخمسينات، وليس هناك فضل لقُطر عربي واحد في هذا الموضوع، دا اللي أنا خلصت بيه من خلال ما وضعت مصادر التاريخ المختلفة أمامي على الطاولة، أنت كراجل صانع تاريخ، شاركت في صناعته، رأيك أيه في هذا الكلام؟
شفيق الحوت: رأيي إنه هذا كلام مغرض، ولا أريد يعني أن أذكر، أنت ذكرت مصدر.. مصدر يزيد صايغ، وأنا قرأت هذا الكتاب، على.. على سبيل المثال..
أحمد منصور: يزيد صايغ ماجابش حاجة من عنده، كل سطر كاتبه له مرجعية.
شفيق الحوت: على سبيل المثال.. على سبيل المثال، أنا عايش.. أنا عايشت هذا الكتاب، وسئلت من ضمن الذين سئلوا عندما ألَّف هذا الكتاب، ولا أعتبره مصدراً يعني يؤخذ 100%، وهنالك مصادر مختلفة.
أحمد منصور[مقاطعاً]: مافيش حد 100% غيره.
شفيق الحوت: لأ يعني، هنالك مصادر أخرى، يعني الأمر..
(6/139)
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن كعملية ترجيح..
شفيق الحوت[مقاطعاً]: مستعد أعطيك مصادر أخرى ترى وجهة نظر معاكسة، ما هو التاريخ يا أخي أحمد (Selective) يعني انتقائي للأسف، يعني مهما حاول المؤرخ أن يكون موضوعياً إلا أنه ينتقي وفق أهوائه ووفق تربيته، ووفق منظوره.
أحمد منصور[مقاطعاً]: أنا.. حتى في كتابك أنت "عشرون عاماً من منظمة التحرير"..
شفيق الحوت[مقاطعاً]: دا.. دا حاولت أن أكون موضوعياً.
أحمد منصور[مقاطعاً]: في كتاب أبو إياد، في كتب كثيرة من الشخصيات اللي كتبت مذكراتها..
شفيق الحوت[مقاطعاً]: نعم.. نعم.
أحمد منصور[مقاطعاً]: عبد الناصر لم يتعرف على ياسر عرفات إلا في نهاية الستينيات..
شفيق الحوت[مقاطعاً]: ولا.. ولا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: علاقة القوميين العرب.. علاقة القوميين العرب كانت بعبد الناصر كلها قائمة في إطار القومية العربية، ولم يتم تأسيس فرع لفلسطين في جبهة القوميين العرب أو.. إلا.. إلا يعني لما بدأت فتح تظهر، وبدأت فتح يبقى لها تأثير، فهم اتجهوا إلى عملية تأسيس فرع لفلسطين، حتى هذا واجه صراعات في داخله.
شفيق الحوت: أولاً للتاريخ، ويمكن ما لم تتطلع عليه أن العمل الفدائي الذي سبق، ما يسمى بالعمل الفدائي الفلسطيني المعروف في المرحلة الأخيرة كان معظمه -إن لم يكن كله- بقيادة مصرية، وقد استُشهد على الأقل ملحقين عسكريين معروفين -رحمهم الله- من قِبل إسرائيل لمعرفة.. لإدارتهما العمل الفدائي، سواءً من الجبهة الأردنية، أو من الجبهة.. جبهة قطاع غزة.
أحمد منصور: كان إمتى؟
شفيق الحوت: كان بالخمسينات، في الخمسينات، يعني لا أذكر الآن الأسماء، ولكنهم من الشهداء المعروفين، و.. وكانوا يحاربون.
أحمد منصور: كانت.. كانت.. كانت أيضاً تحركات فردية.
شفيق الحوت: لأ تحركات بأمر من الحكومة، وكان الملحق العسكري هو المسؤول.
(6/140)
أحمد منصور: الحكومة كانت بتنأى بنفسها عن أن يكون لها أي مواجهة خوفاً من أي ضربة إسرائيلية.
شفيق الحوت: على.. هو ماكانش الضرب -يا أحمد- مقصود فيه تحرير إسرائيل من.. تحرير فلسطين من العدو الصهيوني.
أحمد منصور: ماحدش من الأول قصد يحرر فلسطين.
شفيق الحوت: لأ كانت.. كانت هي.. هي محاولة إبقاء.. إبقاء..
أحمد منصور: حتى الناس اللي أسسوا منظمة التحرير، حتى اللي عملوا ماكانش الهدف هو تحرير فلسطين.
شفيق الحوت: لا بالعكس ليش؟
أحمد منصور: بالعكس كان موجود من البداية تصور لدولتين.
شفيق الحوت: لأ.
أحمد منصور: قضية.. قضية التحرير..
شفيق الحوت: منظمة تحرير الفلسطينية لأ، منظمة التحرير الفلسطينية في الهدف تحرير فلسطين كامل تراب الوطن الفلسطيني.
أحمد منصور: 48.
شفيق الحوت: و.. ولاسيما الـ 48، أصلاً قامت منظمة التحرير الفلسطينية، وكانت الضفة الغربية مازالت في عهدة الملك حسين، وقطاع غزة في..
أحمد منصور: سآتي معك.. سآتي معك.. سآتي معك تفصيلاً إلى هذا..
شفيق الحوت: أي نعم.
بدايات تأسيس حركة فتح ولقاء شفيق الحوت بعرفات
أحمد منصور: ولكن الآن أنا أعود لنقطة تأسيس المنظمات، لقاؤك مع ياسر عرفات في سنة 61، أيه أهم ما دار فيه؟ وأيه المقدمات؟ و.. وبأي صفة أنت استقبلت عرفات؟
شفيق الحوت: أنا كنت في ذلك الحين أعمل مديراً لمجلة "الحوادث"، وكنت في نفس الوقت من النشطاء الفلسطينيين الذين يحاولون البحث عن إطارٍ تنظيمي لجمع الشباب الفلسطيني وإقامة حركة وطنية فلسطينية.
أحمد منصور: كما كان يفعل كثيرون في ذلك الوقت.
شفيق الحوت: كما كان يفعل كثيرون في ذلك، لم يكن كثيرون الحقيقة، كان فيه تنظيمين أو ثلاثة، يعني كان فيه الجبهة التي طرحناها نحن، كان فيه بسوريا..
أحمد منصور: جبهة تحرير فلسطين.
شفيق الحوت: جبهة تحرير فلسطين، أيوه.
أحمد منصور: طريق العودة، سُمي..
شفيق الحوت: طريق العودة.
(6/141)
أحمد منصور: لأن كان فيه جبهة أخرى..
شفيق الحوت: جهة يافا، اسمها جبهة التحرير الفلسطينية.
أحمد منصور: أيوه، دي كان بيرأسها عبد الوهاب الكيالي وخالد اليشرطي، كانوا بعثيين.
شفيق الحوت: لأ ما هو دي.. دي نفس الجبهة اللي أنا بأتكلم عنها، دي بدأت في بداية الـ 61، وقبل الانفصال يعني كانت بداية التململ زي ما قلت لك، وكان علينا أن نذكر الخمسينات -زي ما قلت لك- شيء مهم إنه كان فيه ثورة عالمية، كان فيه يعني أواخرها تحركات توحي للفلسطينيين بضرورة التحرر عبر تيار وطني، كنت أنا وخالد اليشرطي -رحمه الله- وعبد المحسن أبو عيذر، هذه في الـ 61، بعد الانفصال -للأسف- هذا التجمع اللي كنا نحن نواته...
أحمد منصور: انفرط.
شفيق الحوت: انفرط.
أحمد منصور: إلى شقين.
شفيق الحوت: إلى.. يعني الحزبيين منا ما لقوا أحزابهم في مواقفهم، المستقلين كانوا غير معنيين...
أحمد منصور[مقاطعاً]: الحزبيين كانوا بعثيين تحديداً.
شفيق الحوت: تحديداً كانوا بعثيين، كان فيه بعض القوميين العرب كذلك، ثم النواة المستقلة، اللي هي من سمير عزام ومني ومن قولة الدور، ومن راجي صهيون، ومن بعض الإخوة الذين لا أحب ذكر اسمهم، يمكن بيحبوش الآن أن يعرف أنهم كانوا ذو.. لهم تاريخ نضالي، استمرينا على أساس..
أحمد منصور: أكيد بقوا تجار.
(6/142)
شفيق الحوت: آه صاروا تجار وأغنيا، استمرينا في.. في عمل التنظيم، جبهة التحرير الفلسطينية، وفي 63 صدر أول عدد لنا من طريق العودة كجهاز إعلامي لهذا التنظيم، في هذه الفترة كانت فتح قد بدأ الحديث عنها كذلك، و.. وبدأنا طبعاً من الطبيعي أن نتعرف على بعضنا البعض كطلائع فلسطينية، ونحاول نرى إمكانية الاندماج مع بعضنا البعض، لأنه لم يكن هنالك ما يدعو إلى أن يكون هنالك أكثر من جبهة أو أكثر من تنظيم، ففي هذا السياق تمت.. أول لقاء تم مع الأخ أبو جهاد الحقيقة، عن طريق صديق مشترك هو الفنان الفلسطيني إسماعيل شموط، اللي عاش قسم كبير من عمره في قطاع غزة، وتعرف على الإخوان هناك صلاح خلف، وأبو جهاد، وأبو جهاد يعني كان لقائي معه الأكثر إيجابية من..
أحمد منصور: أيه أهم ما دار فيه؟
شفيق الحوت: أهم ما دار فيه إنه أبو جهاد تأكد لي من هذا اللقاء، أحسست أن الرجل وطني نقطة، غير مؤدلج، كما كان قد يبدو، لأنه كان يصدر لهم مجلة اسمها "فلسطين هنا"، و..
أحمد منصور: "فلسطين هنا" نعم، دي بدأت تصدر أظن في 58..
شفيق الحوت: وكانت.. وكانت.. هي قديمة، يعني هي امتياز لجمعية إسلامية اسمها جمعية عباد الرحمن هنا، فاستعاروها بحكم الخلفية الإسلامية لمعظم إخوتنا في حركة فتح..
شفيق الحوت: تحديداً إخوان مسلمين..
(6/143)
أحمد منصور: تحديداً إخوان مسلمين، فحولوها إلى وسيلة إعلام معنية بقضية فلسطين، وكانت للأسف تمتاز يعني صفتين -برأيي- سلبيتين: معاداة الاتحاد السوفيتي والشيوعية يعني، ومعاداة الفكر القومي العربي، وهذا كان ما يخيف تنظيمي الذي أنتمي إليه من فتح، وكنا نتعامل على حذر، أبو جهاد وطني يريد تحرير فلسطين، كيف؟ مش فارقة معاه، حتى لما أثرنا موضوع "فلسطين هنا"، وما تكتبه من مقالات واتجاهات أيديولوجية قال إنه هذا لا يعنيني أنا، أنا ما يعنيني في النهاية هو تحرير فلسطين، أي إنسان عاوز يحمل بندقية أو يسعى بما له من جهد في تحرير فلسطين أنا ما عندي خلاف معه و.. وهذا الحقيقة الظاهرة إنه فتح كلها لم تأتِ بنظرية جديدة، يعني لم تدخل الساحة بأيديولوجية جديدة، لذلك حتى هذه اللحظة تجد إنه قادة فتح كما قواعدها فيها ساح.. مسافات من الآراء المتباينة بين أقصى يمين وأقصى يساراً.
أحمد منصور[مقاطعاً]: هل دعوك للانتماء لفتح، أو الدخول معهم في ذلك الوقت؟
شفيق الحوت: لأ ما.. أنا يعني كنت في مرحلة أدعو غيري للانتماء إلى تنظيمي إن.. يعني بتواضع، ولكن لنقل أننا كنا نحاول أن ندمج تنظيمين مع بعضنا البعض.
أحمد منصور: هل فيه خطوات اتخذتموها لعملية الدمج؟
شفيق الحوت: هنا مر عليَّ أبو عمار، ياسر عرفات في الـ 61، وكان في طريقه إلى الجزائر، ولاشك إنه أثار يعني اهتمامي، ولفت نظري إنه هذا رجلٌ مهم، سيكون..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أيه اللي لفت نظرك فيه، خاصة وإنك شفت قبليه أبو جهاد؟
شفيق الحوت: لقيته أكثر حركة.. أكثر حركة، ومن حديثي معه، ومن رحلاته اللي حدثني عنها، كان تعليقي الفوري إنه هذا الرجل يتحرك.. يفكر بقدميه، يعني إن لم يتحرك ما عندوش.
أحمد منصور: إلى اليوم..
شفيق الحوت: إلى اليوم، وهلا بس الفترة الأخيرة..
أحمد منصور: حابسينه الإسرائيليين.
(6/144)
شفيق الحوت: حابسينه الإسرائيليين -لعنهم الله- وأبو عمار سياسي، داهية من البداية.
أحمد منصور: ماعلهش قول لي.. قول لي، وضح لي شويه يعني أيه يفكر بقدميه؟
شفيق الحوت: يعني رجل حركة، يعني يريد أن يكون في الصحيفة تاني يوم بأي شكل من الأشكال، إن لم يفعل شيئاً.. يعتقد أنه مات، أنه انتهى.. وأياً يكون الخبر، مهما يكون يجب أن يكون في الصحيفة، في الإذاعة ثاني يوم، يعني رجل يتقن العمل السياسي الاحترافي..
أحمد منصور: لكن هذه تتعارض يعني مع العمل التنظيمي إلى حد ما.
شفيق الحوت: أبو عمار سيبقى ظاهرة يختلف الناس من حولها.
أحمد منصور: لأ، أنا بأكلمك الآن..
شفيق الحوت: يعني.. يعني
أحمد منصور: العمل التنظيمي دائماً بيحتاج خطوات محسوبة..
شفيق الحوت: بس يا أخ أحمد يعني أكاد أقول إنه ياسر عرفات، حتى يمكن ربما اللحظة الراهنة، أقوى رئيس تنظيم موجود في الساحة الفلسطينية رغم كل ها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل ربما لأنه استطاع أن يوجد من ورائه شخصيتين تنظيميتين كبيرتين زي أبو جهاد وأبو إياد؟ هم قاموا بعمل ترتيبات التنظيم بالكامل وهو أخذ الواجهة التي تتحدث عنها؟
شفيق الحوت: أبو عمار أخذ كل شيء، لم يكن هنالك شيء يعني ينفرد به أبو جهاد أو ينفرد به أبو إياد.
أحمد منصور: إزاي؟ وضح لنا. حتى من البداية، من هذه اللحظات؟
شفيق الحوت: أبو عمار كان واعياً على دوره، أبو عمار كان يعرف أنه الرجل الأول، ويجب أن يكون الرجل الأول وسيفعل كل ما بوسعه ليكون الرجل الأول، الإخوة في قيادة فتح يقولون: أنه كان واحد من أوائل ولكن ليس الأول، يعني رحم الله خالد الحسن مات وهو يعتقد أنه أولى بزعامة فتح من ياسر عرفات، ولكن لم يكن بينهم مَن عَمل من أجل الوصول إلى الموقع القيادي الأول كما سعى وجاهد وناضل ياسر عرفات، وعلى عدة جبهات.
أحمد منصور: أيه المقومات اللي جعلته يتأهل دوناً عن الآخرين من البداية في هذا الموقع؟
(6/145)
شفيق الحوت: أولاً: كما قلت حركته الدؤوبة، دبلوماسيته التي لا تقول لا لأحد، وليس بالضروري يعني ذلك التزاماً منه بموقف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بشيء مع أحد..
شفيق الحوت [مستأنفاً]: لكن، حتى هذه اللحظات يعني أنا اختلفت مع أبو عمار خلافاً شديداً بعد أوسلو، لم يصدر منه حتى هذه اللحظة ما يسيء إلي على الإطلاق، ورغم إنه صدر عني أنا سياسياً، طبعاً لم أمسه شخصياً ولن أمسه شخصياً، هجومات عنيفة، يمكن في يوم من الأيام من بعد 93 يمكن كنت أكثر صوت معارض بين المستقلين في الساحة الفلسطينية، لكن أبو عمار كان حريصاً دائماً على حسن .. استمرار حسن العلاقات، وعندما يحاول البعض أن يلعب بيني وبينه يقول لهم الله يكون بعونه واتركوه وكان حتى يوهم البعض..
أحمد منصور: وجايز لأنه شايف إن..
شفيق الحوت: إنه معارضتي يمكن مش صحيحة كان يوهم البعض منهم سيبوه دا في الساحة اللبنانية وأوضاعه والوجود السوري ضاغط و.. و.. فالله يكون بعونه، هو رجل يعرف أن يتعامل مع الرجال ويعطي لكل..
أحمد منصور: ودا كان انطباعك من لقائك الأول به سنة 61.
شفيق الحوت: يعني يصعب أن يقول إنه هذا الانطباع كله تشكل من الفترة..
أحمد منصور: من العلاقة المستمرة طوال أكثر من أربعين سنة..
شفيق الحوت: من.. ولكن.. طوال الفترة واشتد.. ولكن مع ذلك كان حذراً يعني أبو عمار يعرف إنه أنا.. تنظيمنا حليناه سنة 68، وكل قواعدنا دخلت أجهزة المنظمة المختلفة، ومنهم من دخلوا في تنظيم فتح أصلاً، وبقيوا على علاقات إيجابية معنا، كان أبو عمار مع ذلك حذراً معي أنا الصديق الذي كان يدخل بيته ليل نهار، كان عند.. عند الحسابات يقول: شفيق دا كان مسؤول تنظيم..
أحمد منصور: آه طبعاً.
شفيق الحوت: وقد يكون له طموحاته، مع إني أقسمت له بالله عدة مرات: أن لا طموح لدي إلا العمل للقضية الوطنية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طموحات إنك ممكن تكون بتنافسه كمان على موقعه؟
(6/146)
شفيق الحوت: وفي إطار.. وفي إطار يعني أنا فعلاً يعني قد لا يصدق الناس كل إنسان طموح في هذه الدنيا، ولكن يعني أنا كنت شبعان أمجاد -إذا صح التعبير- يعني إذا كان قصة الاسم أن يصبح علماً فكنت أنا في الميدان الصحفي already معروف في الوطن العربي، يعني.. يعني أكاد أقول وبتواضع: يعني أنا اسمي في فترة من الفترات أعطى قضية فلسطين أكثر من إنها قضية فلسطينية أشهرته في فترة من الفترات، بعدين فيه آخرين جاءوا من.. من المجهول بما فيهم ياسر عرفات نفسه، يعني مجهول إلى حد .. على المستوى الإعلامي القومي والعالمي، محمد.. صلاح خلف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأهم من..
شفيق الحوت: خليل الوزير، كل هؤلاء لا سيما وأنهم لم يكونوا قبل هذه الحركات محسوبين على التيار القومي اللي كان معروف إعلامياً إلى حد ما رموزه الحقيقة في الساحة الفلسطينية، كان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب أنت إزاي كنت..
شفيق الحوت: عفواً، كان هنالك العديد من الفلسطينيين المعروفين قبل ياسر عرفات، مثل جورج حبش مثل عبد الكريم حمد، مثل أحمد اليماني، صلاح صلاح، مع احترامي لأسماء أخرى يمكن..
أحمد منصور: أنت إزاي كنت بتعتبر نفسك قومي عروبي، وفي نفس الوقت أسست تنظيم يختلف عن حركة القوميين العرب اللي هي كانت بتعتبر الامتداد القومي العروبي الحقيقي، مش في فلسطين بس، وإنما في العالم العربي كله؟
شفيق الحوت: هو الحقيقة عندما بدأت نشاطي السياسي بشيء من النضوج الفكري يعني كنت أصبحت.. خرجت من المرحلة الطالبية يعني مرحلة الاستطلاع إلى مرحلة الممارسة إلى حد ما، كان ذلك في أواخر الخمسينات، وقلت لك إنه في الفترة هذه عندما قامت ثورة عبد الناصر أصبحت أقرب إلى الفكر القومي، وكان رأيي فيه -كما كتبت حينئذٍ- إنه أصبحت عربياً عندما أَنْسَنَ -في رأيي- عبد الناصر.. الفكر القومي السابق، بمعنى: أدخل البعد الاجتماعي كما تذكر في..
(6/147)
أحمد منصور: اللي ما كنتش بتجده قبل كده.
شفيق الحوت: آه، اللي هو نوع من العدل الاجتماعي بين الطبقات، إزالة الفوارق الطبقية، في هذه الفترة إخوتنا القوميين أنفسهم كذلك كانوا هم يعني في حيرة في أمرهم مع عبد الناصر يعني كانوا معه ومش معه.
أحمد منصور: إزاي؟
شفيق الحوت: إزاي.. مثلاً..
أحمد منصور: ومين تحديداً؟ مثلاً: هاني الهندي، جورج حبش، وديع حداد؟
شفيق الحوت: كانوا يختلفون يا أخ أحمد، لم يكونوا يعني..
أحمد منصور: لم يكونوا يمثلوا تيار واحد أو اتجاه واحد؟
شفيق الحوت: يعني كانوا هم يمثلوا قيادة واحدة ما فيه شك، ولكن كان هنالك بينهم يعني تباينات مما انعكس..
أحمد منصور [مقاطعاً]: زي ما هو موجود في كل مكان.
شفيق الحوت: مما انعكس.. لأ في النهاية انعكس إلى يسار ويمين، ثم أصبح الكل يسار، مثلاً: هم كانوا من أنصار ما تفضلت أنت به، إنه وينك يا عبد الناصر .. الآن الآن وليس غداً، ادخل المعركة يعني وأذكر مثلاً مقالات لأحد الإخوان وكان من أصدقاء عبد الناصر بين القوميين العرب، عبد المحسن إبراهيم.. إبراهيم.. محسن إبراهيم..
أحمد منصور: محسن إبراهيم.
شفيق الحوت: محسن إبراهيم، وكان صديقاً مقرباً من عبد الناصر، له مقالات في "السفير".. في "المحرر" في ذلك الحين، إنه الآن لازم تدخل المعركة، لأن إسرائيل عم بتحضر قنبلة ذرية، إسرائيل كذا.. إسرائيل كذا، يعني كانوا من أنصار.. كانوا يميلون..
أحمد منصور: إلى المواجهة.
شفيق الحوت: أهل الشام.. بر الشام شرقي القنال..
أحمد منصور: أو كنتم بتسموهم جبهة التوريط.
(6/148)
شفيق الحوت: آه، التوريط نظرية أكاد أقول هي نظرية فتح، وللمرحوم خالد الحسن كتيب في هذا الموضوع، اسمه "نظرية التوريط"، وكان يقول: إنه الشعب الفلسطيني دوره دور الصاعق في كتلة ديناميت هي القوة العربية، فعلينا أن نفجر هذه الكتلة من الديناميت، يعني كأنه ناقص الدول العربية فقط إعلان الحرب وتنتهي قضية الصراع بانتصار العرب.
أحمد منصور: أيه رأيك النظرية دي نظرية ممتازة جداً؟
شفيق الحوت: باجتهادك أنت ربما..
أحمد منصور: مش اجتهادي أنا كواقع الآن.
شفيق الحوت: لأ.. لا..
أحمد منصور: الشعب الفلسطيني لم يستطع أن ينال أي شيء إلا لما بيتحرك هو بالانتفاضة الأولى وبالانتفاضة الثانية.
شفيق الحوت: لا ما نلش.. لم ينل شيء الشعب..
أحمد منصور: إزاي لم ينل؟
شفيق الحوت: الشعب الفلسطيني.
أحمد منصور: الآن شوف الانتفاضة وما حققته ضد الإسرائيليين؟ حققت الكثير ضد.. يكفي إن دولة إسرائيل أصبحت دولة مزعزعة أمنياً.
شفيق الحوت: تصور..
أحمد منصور: هروب، حاجات كتيرة..
شفيق الحوت: طب أنا أجيب لك سيناريو تاني مضاد.
أحمد منصور: تفضل.
شفيق الحوت: تصور لو بقيت الوحدة بين سوريا ومصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما كانتش هتبقى لأسباب كثيرة جداً، منها أنها لم تقم على أسس لتبقى..
شفيق الحوت: تبقى.. أنت ضد الفكرة.. حر.
أحمد منصور: لأ أنا مش ضد، أنا الرأي الآخر معك..
شفيق الحوت: بن جوريون -يا أحمد- بن جوريون نفسه سماها الكماشة وقال: لابد لنا أن نفصم هذه الوحدة إسرائيل أصبحت في خطر بين كفي.. فكي كماشة، الجيش السوري في الشمال والجيش المصري في الجنوب، وبقيادة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عمل أيه الجيش المصري والسوري سنة 67؟
شفيق الحوت: ما سنة.. هذه حرب الـ 6 أيام، أنا في رأيي هي حرب الـ6 سنوات، اللي هي تفصل الانفصال عن حرب 67.
(6/149)
أحمد منصور: يا أستاذ شفيق، كل شيء في هذه الحياة إذا وُضع وفق أسس سوية وسليمة، ومورس أيضاً بأساليب سوية وسليمة يضمن الاستمرارية والبقاء، حتى لو أي شيء.. أي حد في الكون عامله، لأن دي سنة الكون، لكن ابتداءً من إن عبد الناصر قال: أنه أُجبر على الوحدة إلى أسلوب ممارسة الوحدة والخطوات التي تمت والصراع بين السوريين والمصريين وعدم استفادة عبد الناصر فعلاً من إمكانات سوريا وقوة سوريا وإنه كان يستغلها بشكل صحيح ما كانتش ممكن تستمر، لكن لو قامت على أسس سوية، أنا معك كانت كل الدول العربية كانت دخلت فيها بعد كده..
شفيق الحوت: مضبوط.
أحمد منصور: وكان ممكن إسرائيل دية فعلاً كانت ممكن بشكل ما ذابت في وسط هذا، لكن من.. من الأساس لم تقم على أسس سوية.
شفيق الحوت: إحنا يا أحمد.. أنا من مواليد الثلاثينات، عشت وتربيت على أناشيد عربية، من.. من تطوان إلى بغداد، كل الأناشيد التي تعلمناها كل دراساتي، كل التعبئة التي عُبئت بها وطنياً ومنزلياً وأبناء جيلي كانت عربية، نحن فلسطين كنا لحد الثلاثينات، ثورة الـ 36 فيها بعض الصور عندي بالمنزل، ترفع يافطات فلسطين كان اسمها سوريا الجنوبية فنحن بالنسبة لنا الوحدة أمر كان طبيعي، لبنان.. كان أحياناً بيروت تلحق بفلسطين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على مدار التاريخ يا أستاذ شفيق دمشق هي البعد الاستراتيجي للقاهرة..
شفيق الحوت: على رأسي.. لذلك.. لذلك.. وهذه الأهمية الكبرى وهي درس التاريخ، عندما كانت تلتقي سوريا ومصر كان ينحسر العدوان في فلسطين في العهد الصليبي، ومرتين عندما تتفق دمشق مع القاهرة..
أحمد منصور: على أسس سوية كانت.
شفيق الحوت: على رأسي، أنا بأبحث المبدأ دلوقتي، فلذلك..
أحمد منصور: ما حدش يختلف عليه..
(6/150)
شفيق الحوت: لذلك.. لذلك، وكان بالنسبة لنا وأقولها الآن بصراحة أن.. أن قبول عبد الناصر، هو كما قال يعني أُجبر على الوحدة من.. السوريون فرضوا الوحدة، الموقف السوري هو الذي فرض الوحدة، وعبد الناصر كان متردد إلى آخر لحظة، وكانت..
أحمد منصور[مقاطعاً]: خلاص عملت الوحدة ابنيها صح.
شفيق الحوت: على راسي هذا موضوع يتعلق..
أحمد منصور: يحط عبد الحكيم عامر والقصص والروايات والحاجات الكثيرة التي لا مجال للخوض فيها.
شفيق الحوت: هأبدأ جوابي عليها يا أخ أحمد، وعندما صار الانفصال رغم أنا موقفي الوحدوي أشرت إلى سلبيات العملية الوحدوية، لكن قلت أخطاء الوحدة لا تُبحث على موائد الانفصال، يعني كان علينا أن نبحث الخلل في الأسس الوحدوية بدون أن نفصل الإقليمين عن بعضهم البعض، هذا اجتهادي كعروبي في ذلك الحين.
أحمد منصور: أيه اللي صار بينك وبين ياسر عرفات حتى أعود إلى موضوعي الرئيسي من..
شفيق الحوت: أبداً تواعدنا.. تواعدنا على لقاء آخر لم يتم وثم التقيت بأبو إياد كنت على موعد مع أبو إياد لم يتم هذا.. عم بأحكي على الأيام الأولى أنا..
أحمد منصور: نعم.. نعم..
شفيق الحوت: ولكن فيما بعد يعني صار تواصل الأمر..
أحمد منصور: فيما بعد إمتى مثلاً؟
شفيق الحوت: يعني عبر السنوات التي تلت الـ61 إلى.. إلى.. إلى اليوم، الله يرحم من مات، ومشاريع الفكر.. توحيد العمل الفدائي الفلسطيني والمنظمات قائم، فكانت الاتصالات مستمرة وتحولت فيما بعد إلى صداقات وزمالات يعني عمل يومي.
الأجواء التي سبقت تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية
(6/151)
أحمد منصور: في أغسطس 1963 تُوفي أحمد حلمي عبد الباقي رئيس حكومة عموم فلسطين الذي تولى هذا المنصب في أعقاب حرب العام 48، وظل يداوم في مكتبه في الجامعة العربية إلى يوم وفاته دون.. دون أن يُدعى إلى أي اجتماع أو أن يهتم أحد بقضيته، في سبتمبر 63 أحمد الشقيري مثَّل فلسطين في اجتماع وزراء خارجية الجامعة العربية وفرض الشقيري نفسه كبديل الآن، هل... متى عرفت أحمد الشقيري؟
شفيق الحوت: أحمد الشقيري أعرف عنه من أيام فلسطين، هو كان عضواً في حزب الاستقلال أو قريباً من أحد الأحزاب الوطنية الفلسطينية اسمه حزب الاستقلال، وكان محامياً معروفاً، من سوء حظه إنه كان ابن الشيخ أسعد الشقيري، الذي كان مفتي الجيش الرابع التركي في عهد جمال الباشا، يعني كان يا حرام أحمد الشقيري منسوب على ذلك.. على أبيه طبعاً المحسوب على الأتراك في ذلك الحين، وجمال باشا تعرف موقفه من الحركة النهضوية في بداية القرن الماضي، وهذا كان يعني مزعجه في قضية الصراع.. مش الصراع يعني التنافس القيادي في فلسطين بين أسعد الشقيري والد أحمد الشقيري وبين الحاج أمين الحسيني، على كل حال كان محامياً بارعاً، كان كثيراً ما ساهم قبل النكبة في مرافعات عن قضايا الدفاع عن الأرض الفلسطينية ومحاولة تهريبها بشتى الوسائل بالاحتيال والضرائب إلى.. إلى.. إلى المالك اليهودي، ثم بعد الـ48 انتسب إلى السلك الدبلوماسي السعودي، وكانت آخر مواقعه في هذا السلك الرجل الثاني شكلاً الأول فعلاً كممثل للعربية السعودية في الأمم المتحدة، وكاد.. وقد كان له باع طويل في الدفاع عن معظم القضايا العربية التي مرت على الأمم المتحدة في تلك الفترة حتى يوم استدعائه لتمثيل فلسطين في الجامعة العربية عام 68..
أحمد منصور: يعني كان عنده خبرة دبلوماسية عالية.
شفيق الحوت: ما فيه شك.
أحمد منصور: خبرة قانونية، عنده تاريخ.
(6/152)
شفيق الحوت: وخطيباً مفوهاً، خطيباً مفوهاً وهذه كانت في هذه الفترة مهمة أن يكون الزعيم خطيباً هذا شيء مهم، لأنه هكذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: محتاج كاريزما يجمع الناس و..
شفيق الحوت [مقاطعاً]: لأنه ما.. إحنا لا نؤمن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عبد الناصر كان بيمشي الناس من المغرب إلى..
شفيق الحوت [مقاطعاً]: هذا صحيح.. هذا صحيح، كان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عن طريق خطابه..
شفيق الحوت [مقاطعاً]: العلاقة المباشرة بين الزعيم والأمة، كان أحمد الشقيري خطيباً مفوهاً وأعتقد أنه ببلاغته وبيانه وقدرته الخطابية استطاع أن ينتصر على جميع التنظيمات الفلسطينية في بداية الستينات، عندما كُلِّف بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يُعارضها معظم الموجودون في الساحة الفلسطينية..
أحمد منصور: واضح إن عملية الانفصال بين مصر وسوريا أدت إلى قيام كثير من التنظيمات الفلسطينية في ذلك الوقت، من 61 إلى 64 وهو نشأة أو تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، أيه أهم التنظيمات التي كانت موجودة على الساحة آنذاك؟
(6/153)
شفيق الحوت: كان موجود القوميين العرب، فتح، جبهة التحرير الفلسطينية، وبعض الحركات التي كان يقودها ضباط فلسطينيين كانوا في الجيش العربي السوري من أمثال الأخ أحمد جبريل، وكان هنالك منظمات صغيرة في واقع الأمر لم يعني تكن ذات أهمية، وكان هنالك شخصيات وطنية فلسطينية مستقلة مهمة كان الوليد الخالدي، برهان الدجاني، محسن قطان، الشيخ عبد الحميد السائح، كان هنالك عدد من الشخصيات الوطنية المثقفة التي كان لها من الكتابات والمنشورات ما له أثر كبير في الساحة الوطنية الفلسطينية، ثم كان هنالك قبل قيام منظمة التحرير 3 جيوش فلسطينية في مصر تحت القيادة المصرية طبعاً، في العراق أيام عبد الكريم قاسم أنشأ قوات اسمها قوات القادسية، وفي سوريا كان كذلك يوجد الجيش قوات.. تُسمى قوات حطين.. في سوريا قوات حطين وقوات القادسية في العراق، قوات عين جالوت كانت في مصر، وكانت تتبع هذه الأنظمة العربية، كانوا يدربون الشباب، في سوريا كان الوضع غير، كانوا يخدموا في الجيش العربي السوري كأي جندي سوري، في مصر كان الجيش الفلسطيني تقريباً معظمه في قطاع غزه..
أحمد منصور: صحيح..
شفيق الحوت: يُدرب في سيناء وفي مصر، لكن تواجده كان من الدرجة الأولى في قطاع غزة، وبغداد كانوا في.. في.. في بغداد، وبغداد كانت حديثة على التجنيد والتدريب بدأت في عهد عبد الكريم قاسم.
أحمد منصور: في يناير 1964 عُقد مؤتمر القمة العربي الأول..
شفيق الحوت: الأول في ديسمبر 63، الثاني في..
أحمد منصور: ديسمبر 63 كان..
شفيق الحوت: ديسمبر الأول الذي دعا فيه جمال عبد الناصر..
أحمد منصور: لأ هذا كان اجتماع..
شفيق الحوت: لتوحيد.. للدفاع عن عدم تحويل..
أحمد منصور: النهر، لكن..
شفيق الحوت: النهر.. نهر الأردن، روافد نهر الأردن.
أحمد منصور: هذا كان في 63.
شفيق الحوت: 3... ديسمبر 63 أظن.
أحمد منصور: في 63، كان في سبتمبر 63 كان اجتماع مجلس الوزراء..
(6/154)
شفيق الحوت: آه في سبتمبر.
أحمد منصور: دا اللي كان فيه هذا الموضوع واللي دُعي فيه الشقيري وحضر فيه الشُقيري، لكن في يناير كان الأول وفي سبتمبر 64 كان مؤتمر القمة السنوي.
شفيق الحوت: نعم، وأنت تعرف إنه كان يعني فلسطين يا حرام.. لا تملك حق يعني.. ولا تملك أصلاً الوسائل لتعيين مندوبها في الجامعة العربية كما أشرت بعد أحمد حلمي باشا تولت الجامعة العربية هي تعيين يعني من تراه مناسباً ليملأ كرسي فلسطين، ولم تكن فلسطين كاملة العضوية حتى سنة 74..
أحمد منصور: مين كان وراء تعيين الشقيري؟ مين كان وراء تعيين..؟
شفيق الحوت: جمال عبد الناصر.
أحمد منصور: جمال عبد الناصر.
شفيق الحوت: جمال عبد الناصر بناءً على اقتراح من المرحوم محمود رياض.
أحمد منصور: اللي هو كان..
شفيق الحوت: وزير الخارجية.
أحمد منصور: وزير خارجية.. بعد كده كان أمين عام للجامعة العربية..
شفيق الحوت: نعم، وبعدين أصبح أمين عام لجامعة الدول العربية، فاقترح الشقيري خصوصاً وأنه الدول العربية بدأت تتحسس أن هنالك تململ فلسطيني وتحرك فلسطيني، فكان من الطبيعي أن تتنبه الأنظمة العربية إلى ضرورة هذا الأمر وأهميته ومحاولة استيعابه كما ظن البعض.
أحمد منصور: طبعاً كان فيه في.. في ذلك الوقت مع وجود هذه الحركات والتنظيمات كان فيه مجلات، كان فيه كتابات، كان فيه.. بدأ الفلسطينيين يلملموا نفسهم إلى حدٍ ما بما يفرض على الدول العربية أن تحاول استيعاب هذا الأمر وإلا فلت من بين أيديها، وكانت القمة الأولى كانت من أجل تحويل نهر الأردن كما أشرت، لكنها تضمنت أيضاً إيحاء إلى الشقيري بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية..
شفيق الحوت: جبهة التحرير آه.
أحمد منصور: وُلِدت المنظمة وأسست في 28 مايو 1964 في مدينة القدس..
شفيق الحوت: القدس..
أحمد منصور: وكان هذا مؤتمرها التأسيسي الذي كنت أحد..
شفيق الحوت: مشاركيه..
(6/155)
أحمد منصور: حضوره وأحد المشاركين فيه وأحد مؤسسي منظمة التحرير، عُيِّنت بعدها مندوباً للمنظمة في لبنان.
شفيق الحوت: في لبنان..
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1964 الأدوار التي قامت بها، اختيار الشقيري كأول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية حيث بقي في هذا المنصب إلى العام 68. هزيمة 67، ما حدث بعد ذلك الوجود الفلسطيني في لبنان من بين 67 إلى 1970.
أشكرك شكراً جزيلاً. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(6/156)
الحلقة4
(6/157)
الأربعاء 26/11/1423هـ الموافق 29/1/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 14:48(مكة المكرمة)،11:48(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
26/01/2003
- الأجواء السياسية العربية قبيل المؤتمر التأسيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية
- لقاءات شفيق الحوت بجمال عبد الناصر
- إعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية
- الاعتراف بمنظمة التحرير وتعيين شفيق الحوت ممثلاً لها في لبنان
- محاولات اغتيال شفيق الحوت
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان). أستاذ شفيق، مرحباً بك.
شفيق الحوت: مرحباً بكم.
الأجواء السياسية العربية قبيل المؤتمر التأسيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية
أحمد منصور: في 28 مايو 1964 عُقد المؤتمر التأسيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية على إحدى روابي القدس..
شفيق الحوت: هذا صحيح..
أحمد منصور: وكنت أحد المؤسسين والمشاركين في هذا المؤتمر، ما هي الظروف السياسية العربية التي سبقت انعقاد هذا المؤتمر التأسيسي للمنظمة؟
شفيق الحوت: سبقه محاولة إسرائيل لتحويل روافد نهر الأردن مما استدعى إلى الدعوة إلى قمة عربية قام بها الرئيس عبد الناصر في أواخر 63، وكان..
أحمد منصور: يناير 64..
شفيق الحوت: يناير 64..
أحمد منصور: آه هو وجَّه الدعوة في نهايتها، لكن كانت القمة في يناير 64.
شفيق الحوت: المهم، وفي هذه القمة.. في هذه القمة طُلب من الأستاذ أحمد الشقيري، الذي كان قد عُيِّن ممثلاً للشعب الفلسطيني بالجامعة العربية أن يقوم باتصالات بتجمعات الفلسطينيين المختلفة في الوطن العربي وفي الضفة الغربية وقطاع غزة أثناء ذلك الوقت.
(6/158)
أحمد منصور: لم تكن خضعت للاحتلال الإسرائيلي.
شفيق الحوت: بعد، ولتنظيم عمل الشعب الفلسطيني السياسي، يعني أذكر أنه سطرين موجزين تكليف الأستاذ أحمد الشقيري بالاتصال بالشعب الفلسطيني، ولا.. لم يكن فيه حديث عن منظمة تحرير أو أي شيء من هذا القبيل، في هذه الفترة تحرك الأستاذ أحمد الشقيري في جولة لزيارة إخوته الفلسطينيين في مختلف ديار الشتات العربي، ومن الجملة طبعاً بيروت حيث التقيت به لأول مرة، وفيما بعد ذلك عدة مرات.
أحمد منصور: تذكر متى أول لقاء بينك وبينه؟
شفيق الحوت: بأعتقد بعد يعني يمكن فبراير 64، مباشرة أظن أول زيارة قام بها إلى بيروت، لأنه كان له بيت هنا في جبل لبنان يقيم به، لاسيما وأن لبنان عادة هو الدولة العربية الأكثر انفتاحاً من غيرها، وتفتح الأبواب عادةً إلى مثل هذه التحركات العربية، ويوجد فيها مركز تجمع فلسطيني إلى حدٍ ما يعني يمكن الثاني في الشتات حجماً، وربما الأول تأثيراً وحركة سياسية.
أحمد منصور: مستفيد من وضع البلد..
شفيق الحوت: مستفيد كذلك من وضع البلد نسبياً، في تلك الفترة -كما سبقت الإشارة- كان هنالك بعض التنظيمات، وكان أكثرهم تواجداً القوميين العرب، الذين كان يعمل بعضهم مثل المرحوم غسان كنفاني في الصحافة اللبنانية وفي عدد من الصحف الأخرى، والتي لم تستقبل فكرة الشقيري براحة، بل بقلق وريبة.
أحمد منصور: لماذا؟
شفيق الحوت: إنه هذه منظمة وُلدت على فراش -التعبير- الجامعة العربية، الجامعة التي.. المشلولة تاريخياً والعاجزة عن العمل، وأن الهدف من استيعاب الحركات الثورية التي بدأت تنتشر بين أبناء الشعب العربي الفلسطيني.
أحمد منصور: دي كانت رؤية معظم الحركات الفلسطينية...
شفيق الحوت[مقاطعاً]: معظمها إن لم يكن كلها تقريباً.
أحمد منصور: اللي كانت بترى إن هذه المنظمة..
شفيق الحوت: بما فيها نحن، يعني أنا وبعض إخواني الذين نسير في اتجاه واحد.
(6/159)
أحمد منصور: وأن هذه مؤامرة أصلاً على الشعب الفلسطيني وليس الهدف..
شفيق الحوت: لم نصل إلى هذا الحد، هنا كان الخلاف..
أحمد منصور: البعض كان يرى هذا.
شفيق الحوت: البعض كان حكم عليها، يعني الشعب الفلسطيني من تجربته المريرة أصبح كثير الشكوك وكثير الارتياب.
أحمد منصور: ولأنه من 48 إلى هذا الوقت كان يجد معاملة قاسية في الدول العربية، زي ما حضرتك ذكرت قبل كده، معظم المعتقلين في السجون كانوا فلسطينيين.
شفيق الحوت: صح.
أحمد منصور: لم تكن القضية الفلسطينية تحتل اهتمامات أولية لدى أي زعيم عربي آنذاك.
شفيق الحوت: طبعاً.
أحمد منصور: فبالتالي من حق الناس أن يشكوا.
شفيق الحوت: صحيح، لكن، كمان من حق الناس أن تفكر بعقلانية، بمعنى أن هنالك وقائع تستجد على الأرض، فعليك أن تتفاعل معها، يعني مش مجرد أقاطع وبس نقطة على.. على السطر كما يقال، نحن من الذين وقفوا بتحفظ إنه شرط أن تكون هذه المنظمة فعلاً مستقلة، وتبدأ يعني أولاً باحتلال موقعها في المجموعة العربية، إنه كما قلت لم تكن فلسطين كاملة العضوية في جامعة الدول العربية، وكان رأينا أن.. أن مصير هذه المنظمة إذا ما تم تبنيها هو شأن فلسطيني، يعني نحن نقرر بأدائنا إن كنا في صدد بناء تنظيم سياسي حر مستقل وطني غير تابع لأي نظام عربي، أو أن نكون ملحقين بذلك النظام أو هذا النظام.
أحمد منصور: أنت كنت بذلك بتمثل جبهة التحرير الفلسطينية آنذاك.
(6/160)
شفيق الحوت: نعم.. نعم، ولذلك إحنا في الـ 64 عقدنا في جبهة التحرير الفلسطينية مؤتمر موسع لجميع كوادرنا في الوطن العربي، وقررنا آنئذٍ الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وتأييد قيامها، ووضعنا الشروط أيامها إنه يعني نحذرها من أن تقع في المحاور العربية، وأن تتبع نظام عربي أو تُؤثر نظاماً على آخر، وكنا واعين -أخ أحمد- إلى أن ما فيه نظام عربي كان ينظر إلى منظمة التحرير نفس النظرة التي ينظر إليها زعيم آخر، يعني مصر كانت تتصور المنظمة حاجة، وسوريا تتصورها حاجة ثانية، الملك حسين يتصورها حاجة ثالثة، وهكذا، كل حسب مصلحته القُطرية، إنما أثبتت الأيام أن قيام منظمة التحرير الفلسطينية كان أهم إنجاز وطني، وأهم رد فلسطيني على نكبة فلسطين، لأن هي أصبحت فيما بعد تقريباً إلى يومنا هذا للأسف بعد أوسلو خربت، كانت الوطن البديل نسميها، يعني بديل عن الأرض كان هذا الوجود السياسي الذي جمَّعنا فيه قوانا الفلسطينية رغم تعددها الفكري والسياسي، وتبعثرها الجغرافي، تمكنا أن نجمعها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وأن نشكِّل قيادة للشعب الفلسطيني تتمتع -أكاد أقول- بشعبية يحسد عليها.. تُحسد عليها القيادة الفلسطينية.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: الآن في تلك.. في ذلك الوقت هل كان هناك شخصيات قيادية فلسطينية مؤهلة؟ كان هناك الحاج أمين الحسيني (مفتي فلسطين) كان لازال على قيد الحياة توفي في 74 (...) هنا في لبنان، كان فيه شخصيات تاريخية أخرى ربما كانت موجودة، لكن هل كان الشقيري هو أكثر شخص مهيَّأ للقيام بزعامة المنظمة في تلك المرحلة؟
شفيق الحوت: يعني أولاً: لنتواضع ولنعترف كفلسطينيين أنه بدون دعم عربي وبدون موافقة عربية كان يصعب على أي شخصية وطنية فلسطينية مهما كانت مهمة أن تصبح شخصية تحتل الموقع رقم 1، صعب.
أحمد منصور: كانت علاقتك أيه بفتح آنذاك؟
(6/161)
شفيق الحوت: كانت علاقات ضد يعني فيها تناقض الموقف من قضية العمل الفدائي وحجمه، نحن كنا نقول في إطار العمل الفدائي لإبقاء القضية حية، هم يعني مثل ما قلت كانوا يظنون إنه لأ، يذهبوا إلى المدى الذي..
أحمد منصور: يورطوا فيه العرب.
شفيق الحوت: يورطوا فيه الدول العربية، كنا نحن من أنصار تنفيذ الاستراتيجية العربية الموحدة بقيادة يعني جنرال مصري اسمه علي .. علي عامر في ذلك..
أحمد منصور: ده.. دي اتُخذت في مؤتمر القمة العربي الأول.
شفيق الحوت: نعم، هي كانت موجودة، ولكن للأسف لم تكن مُفعَّلة، فكنا نخشى.. كنا نخشى إنه مزيداً من الاشتباك مع العدو قد يؤدي أو يعطي العدو ذريعة لاحتلال ما تبقى من فلسطين، وهذا الحقيقة ما انتهى إليه الأمر فيما بعد، في 64..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني كانت الرؤى.. كانت الرؤى للعمل الفدائي آنذاك كانت الرؤى متباينة بين الفصائل الفلسطينية.
شفيق الحوت: نعم، فيه تيارين أخ أحمد...
أحمد منصور: فتح كانت تدفع باتجاه تصعيد العمل الفدائي، وبالفعل أطلقت رصاصتها الأولى في يناير.
شفيق الحوت: في الـ 65.
أحمد منصور: 65، حركة القوميين العرب رغم إنها كان لها أيضاً عمليات استطلاع، حتى أنه قيل إن أول شهيد كان من حركة القوميين العرب قبل شهرين من أن تطلق فتح رصاصتها الأولى، لكن كان فيه تباين بين الحركات المختلفة أنتم كنتم ترون أن العمل الفدائي يبقى فقط في إطار أن القضية تبقى حية، الآخرين كانوا يروا عملية أن يُصعَّد العمل الفدائي إلى حد توريط الدول العربية.
شفيق الحوت: نعم، هذا صحيح.
أحمد منصور: معنى ذلك إن مصر والدول العربية كان موقفها من فتح آنذاك كانت بتنظر لها على أنها حركة تآمرية، كما جاء في كثير من الأدبيات والكتابات.
شفيق الحوت: لا أعتقد أنه يعني وصلت إلى درجة الاتهام بالتآمر.
أحمد منصور: وصلت في صياغة.. وصلت..
(6/162)
شفيق الحوت: ربما، أما من معرفتي الخاصة، ومن شهادتي يعني أنا، أنا بأعرف إنه الرئيس عبد الناصر كلَّف هيكل مرة بسؤالي كإنسان مواطن فلسطيني.
أحمد منصور: سنة كام؟
شفيق الحوت: في أواخر الستينات.
أحمد منصور: آه، أواخر الستينات.
شفيق الحوت: أواخر الستينات، يعني بعد 67، عن تقييمي لهذه الحركة.
أحمد منصور: ده الكلام ده قبل ما يتعرف على ياسر عرفات 69، ويختاره هو كمان، لأن أيضاً اللي اختار ياسر عرفات، زي ما اختار الشقيري عبد الناصر، أيضاً هو اختار ياسر عرفات.
لقاءات شفيق الحوت بجمال عبد الناصر
شفيق الحوت: هو عبد الناصر في... قبل الـ 67 كان مع.. هأحكي لك يعني أنا مرة التقيت بجمال عبد الناصر.
أحمد منصور: سنة كام؟
شفيق الحوت: في سنة..
أحمد منصور: أنت التقيت به مرات عديدة ابتداءً من 62.
شفيق الحوت: في...، أنا التقيت فيه 6 مرات في الحقيقة.
أحمد منصور: في 6 مرات..
شفيق الحوت: 3 مرات عفوية، و3 مرات يعني..
أحمد منصور: مرتبة..
شفيق الحوت: مقصودة ومرتبة، المرة العفوية الأولى كانت في دمشق سنة الـ 59، كان في قصر الضيافة في دمشق، وذهبنا...
أحمد منصور: لما ذهب في زيارته الشهيرة، اللي شالوا فيها السيارة وعملوا..
شفيق الحوت: أظن جاء دمشق أكثر من مرة..
أحمد منصور: لكن..
شفيق الحوت: هذه أحد الزيارات المهمة، وكان عندما يزور دمشق يتحرك جمهور واسع من لبنان إلى لقائه في دمشق، نحن أرسلنا في وفد من مجلة..
أحمد منصور: "الحوادث".
(6/163)
شفيق الحوت: "الحوادث"، وكان من ضمن أعضاء الوفد زميل لنا اسمه أحمد شومان، كان ضد عبد الناصر، وكان يكتب ضد عبد الناصر، فأراد سليم اللوزي صاحب الجريدة أن يصلح الأمر، فقال له هذا هو الأستاذ أحمد شومان، شومان يا سيادة الرئيس، وليس شؤماً واحداً، فضحك الرئيس عبد الناصر، واعتبر إنه يعني هذه بداية مصالحة، وبص كان واقف معنا عبد الحميد السرَّاج، قال له: ما تبتسم يا عبد الحميد ما انتهت القضية خلاص، وكان مشهور عن عبد الحميد السرَّاج أنه كان صارماً وقاسياً، المرة الثانية في ضمن إطار مؤتمر الصحفيين العرب، ذهبنا إلى القاهرة مع الوفد اللبناني، أظن في نفس العام في الـ59، وفي القصر وقفنا طابوراً وعرَّفونا على الرئيس عبد الناصر، وأذكر طرفة أخرى هنا أن كان نقيب الصحافة -رحمه الله- رياض طه، فقدم أحد الزملاء الصحفيين اللبنانيين المرحوم بديع ياسر بيه على أنه محمد أمين دوغانة -مد الله في عمره- فقال له عبد الناصر بعلمي محمد أمين دوغان شكله غير كده أو غيَّر شكله؟ فكان يعني.. وهذا كان دلالة اهتمامه بالصحافة اللبنانية.
أحمد منصور: طبعاً الصحافة اللبنانية كان لها شنة ورنة أيامها.
(6/164)
شفيق الحوت: آه لا طبعاً. اللقاء الثالث كان صدفةً، ولكن صار يعني موعداً هاماً، أنا كنت الحقيقة في شهر العسل في مصر، وكنت في ضيافة أخي وصديقي -رحمه الله- أحمد بهاء الدين، ثم فوجئت بسكرتير رئاسة الجمهورية الأستاذ عبد المجيد فريد -موجود الآن في لندن.. مسؤول مركز دراسات- وبلَّغني إنه الريس بيحييك وبيهنيك بالعرس وبتاع وإلى آخره، وأنت في ضيافته، قلت له والله يا سيدي أنا أوثر لقاء الرئيس على الضيافة، الضيافة أمَّنها الأخ أحمد بهاء الدين، مش مشكلة يعني، فزرت الريس، يعني تحقق، وكان ذلك في 28 نيسان 1962، في هذا اللقاء يعني هو امتد الساعتين، وذاب الجليد بأسرع ما يمكن. أنا قلت له يعني يا سيادة الرئيس اعذرني إذا لقيتني مرتبكاً يعني، وسألت قلت له الليلة الماضية المرحوم كمال ناصر -المرحوم حالياً يعني- اللي سبق و.. والتقى بيك عمل أيه؟ أنا هأشوف الريس، كان الريس له هيبة طويلة، قال لي خذ حبيتين (فاليوم) وبيمشي الحال، فرد عليَّ قال لي لأ كمال مدردح يعني، ولزوم الفاليوم أيه ده، أنت ترى مرتبك لأنك عريس جديد، فأذاب الجليد، وبحثنا في عدة مواضيع، وأقول الآن -يا أخ أحمد- بعد هذه السنوات الطويلة إنه قابلت ملوك ورؤساء وأمراء كثيرين، لم أشعر في حياتي بأنني أستطيع أتكلم بما أشاء وبصراحة ودون خوف إلا مع جمال عبد الناصر، من جملة كلامي كان نقد لهيكل، وقلت له إحنا نعتقد إنه هيكل أميركاني، قال لي أنتوا مين؟ بتوع شلة فيصل؟ وقصد بذلك أحد المقاهي في بيروت كان يلتقي فيه بعض المثقفين والصحفيين الفلسطينيين، وحاول يقنعني إنه لأ فيصل يعني..
أحمد منصور: هيكل قصدك.
شفيق الحوت: هيكل إنه رجل قريب من موقع القرار، يعني مطلَّع أكثر من غيره، ولكن له رأيه الخاص، ولا يمثل بالضرورة كل ما يقوله جمال عبد الناصر، وحتى أشار لي إنه هو أيدني في مقال كنت أنتقد فيه هيكل.
أحمد منصور: مين اللي أيَّدك، عبد الناصر؟
(6/165)
شفيق الحوت: عبد الناصر.
أحمد منصور: نعم.
شفيق الحوت: هذا من بعد الانفصال كان كاتب هيكل مقال عنوانه "نحن وحدنا في المعركة" فرديت عليه أنا: لا لستم وحدكم في المعركة، وإحنا كمان في المعركة، وإلى آخره، فكان الرئيس وقف إلى جانبي ضد هذا، وقال لي أنت إذا ما بتعرفش هيكل.. قال لي بتعرفه؟ قلت له لأ، قال لي ليه ما تتعرفوا على بعض، وتعرفت على هيكل، وأصبح سبيلي للاتصال في عبد الناصر عندما أشاء أن ألتقي به، هذا الكلام قلت لك سنة 62، وكلمني عن مصر، وعن ارفع رأسك يا أخي، وعن محاولات..
أحمد منصور: ارفع رأسك عشان نطيره.
شفيق الحوت: لأ ارفع رأسك لأنه قال لي.. قال لي إنه كان بيعرف هذا..
أحمد منصور: هو كان حد بيعرف يرفع راسه أيامها يا أستاذ شفيق..
شفيق الحوت: كان.. يا سيدي ما علهش.. ما علهش.. ما.. شوف، لكن أنت بتعرف أنت مصري.. أنا مش مصري، أنا بأعرف مصر من السينما ومن التاريخ اللي بأقرأه ومن قصص نجيب محفوظ وغيره وغيره وأنت بتعرف ماذا كان الفلاح المصري يا سيد، أنا الآن لما أسمع..
أحمد منصور: يا أستاذ شفيق، الإنسان المصري اتربي على الخوف وعلى الجبن وعلى الرعب في عهد عبد الناصر.
شفيق الحوت: لا، من أيام رمسيس وهو متربي على الرعب والخوف.
أحمد منصور: لا يعني.. أبداً كان بيطلع يتظاهر قبل كده أيام البريطانيين..
شفيق الحوت: أيوه فعلاً، نعم واقع..
أحمد منصور: الإنسان المصري.. خير أجناد الأرض المصريين.
شفيق الحوت: ما فيه شك، لكن أنت تتكلم عن الفئة المستنيرة، 90% من الشعب المصري فلاحين كانوا مقموعين. عارف أيه يعني لما.. لما عبد الناصر عمل الإصلاح الزراعي بـ200 فدان..
أحمد منصور: أنا أجي أدي للإنسان لقمة وأذل أنفاسه، أعلمه.. أربيه على الرعب وأفتح له السجون والمعتقلات، أنا مش في إطار هذا الموضوع، مش في إطار..
(6/166)
شفيق الحوت: لأ أنت في.. أنت تعود إلى هذه القصة، و.. ولن نتفق أنا وأنت أنا.. على كل حال أنا بأقول لك..
أحمد منصور: طبعاً أنت كنت بتروح زيارة وفي.. وفي ضيافة عبد الناصر، طبعاً الوضع مختلف..
شفيق الحوت: أنا.. أنا.. طبعاً.. طبعاً، وأنا ويمكن لو..
أحمد منصور: إنما الشعب هو اللي شرب.
شفيق الحوت: ولو أبويا كان ملاَّك يمكن و.. و.. واكتفي بـ200 فدان يعني.. يعني 800 دونم، كانوا يعتبروها ظلم في مصر، الحد الأدنى كان 200 فدان، مش كده؟
أحمد منصور: لا.. لا نزل لـ50 بعد كده.
شفيق الحوت: 50 عارف.. 50 في 4
أحمد منصور: الناس اتبهدلت.. الآن فيه ناس عندها آلاف الأفدنة، الدنيا اتقلبت.
شفيق الحوت: الآن، طبعاً انقلبت، للأسف.
أحمد منصور: الدنيا اتقلبت ليه؟ لأن اللي اتعمل ما كانش صح.. اللي اتعمل ما كانش صح، والدنيا متلخبطة الآن بسبب اللي اتعمل أيامه.
شفيق الحوت: آه طيب.. طيب.. طيب، بس اللي.. اللي جاءوا بعده ما صلَّحوا الخطأ، زادوه خطأً.
أحمد منصور: ما هو طبعاً تراكمات.. تراكمات..
شفيق الحوت: يعني، بس بنتكلم على عبد الناصر ما بنتكلمش على اللي جو بعده.
أحمد منصور: هو اللي عمل البذرة.
شفيق الحوت: واللي جو بعده براءة، خلاص..
أحمد منصور: ما حدش قال إن حد براءة.
شفيق الحوت: لا.. لا مبرأين.. مبرأين، ويعني..
أحمد منصور: ما حدش برأ حد يا سيدي، من يتصدر لمسؤولية أي شعب عليه أن يتحمل كل التبعات، سواءً كانت التبعات الاقتصادية، أم السياسية، أم التاريخية بناءً على قبوله بتحمل هذه المسؤولية.
شفيق الحوت: يا سيدي..
أحمد منصور: إحنا من هذا المنطلق بننظر إلى التاريخ وبننظر إلى معطياته، وبننظر إلى الناس.
شفيق الحوت: أنا بأنظر إنه.. إنه..
أحمد منصور: يعني لا نقول إن أحد مؤلَّه أو أحد.. طالما واحد تصدر للمسؤولية عليه أن يتقبل كل ما..
(6/167)
شفيق الحوت: كل أخطاء عبد الناصر في رأيي، وهذا اجتهاد كذلك لا تساوي خطيئة أنور السادات في توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وهذه كمان موضع خلاف.
أنا في رأيي خروج مصر عن الاستراتيجية العربية -بين هلالين- اللي كانت موجودة، وأحد أهم الأسباب إلى تفككنا الراهن.
أحمد منصور: عبد الناصر قبل مبادرة (روجرز) سنة 70، عبد الناصر أقام علاقات مع الإسرائيليين واتصالات من الخمسينات من 54..
شفيق الحوت: أيوه لكن..
أحمد منصور: عبد الناصر سنة 64 ما كانش.. سنة 63 أعلن إن ما عندوش استعداد يواجه إسرائيل.
شفيق الحوت: لكن عبد الناصر..
أحمد منصور: عبد الناصر حتى في 67 وحتى قال لك أنت إن هو مش قادر، وأنت ذكرتها في كتابك "عشرون عاماً في منظمة التحرير"..
شفيق الحوت: هنجيلها.. هو.. هنيجي..
أحمد منصور: قلت إن عبد الناصر قال لك ما يقدرش يحارب إسرائيل.
شفيق الحوت: هنيجي للـ67.
أحمد منصور: هنيجي الآن نقول.. كله..
شفيق الحوت: مش.. مش.. مش هأكلمك..
أحمد منصور: عبد الناصر لو كان عاش سنتين ثلاثة كان وقع مع الإسرائيليين.
شفيق الحوت: مش هأحكي لك على بقايا لقاءاتي، هأحكي لك على اللقاء اللي بيتعلق في الـ 67.
أحمد منصور: طيب هآجي لها.. لما آجي لها في 67.
شفيق الحوت: لأ.. طيب.
إعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية
أحمد منصور: أنا الآن هأرجع لعملية ولادة المنظمة في 28 مايو 64 مين اللي حضر الاجتماع التأسيسي؟
شفيق الحوت: التأسيسي الذي عقد في القدس؟
أحمد منصور: نعم.
شفيق الحوت: حضره مندوبين عن بعض الدول العربية، ولكن الشخصية المهمة كانت الملك حسين، لأنه كنا في ضيافته في القدس.
أحمد منصور: طبعاً كانت لازالت القدس محررة إلى ذلك الوقت.
(6/168)
شفيق الحوت: وكانت.. كانت القدس مش محررة، كانت قسم محافظ على نصفها أو جزء منها، وكان يعني السلف الأردني قد يعني أضاع النصف الأول في إطار حرب الـ47، وكان الملك حسين الحقيقة هو أكثر الناس في موقعاً.. في موقع حرج، لإنه هو كان مسؤولاً نظرياً عن الضفة الغربية، كان في عهدته وفق قرار من الجامعة العربية، وجاءته هذه المنظمة لتشكل يعني شريكاً في الحكم، يعني من منظمة التحرير، أم الملك الأردني هو الذي يملك الكلمة الأخيرة في تقرير.. في اتخاذ القرار الفلسطيني، وهذا ما انعكس أو تجلى فيما بعد في حرب.. في مؤتمر قمة 1967 بعد الهزيمة.
أحمد منصور: الخرطوم.
شفيق الحوت: نعم.
أحمد منصور: قمة اللاءات الثلاثة.
شفيق الحوت: قمة اللاءات الثلاثة. الـ64 يا.. يا سيدي يعني أستطيع أن أقول أن.. أن.. أن الجمعية التأسيسية هذه الأولى لمنظمة التحرير الفلسطينية مثَّلت معظم إن لم يكن كل الشعب الفلسطيني، يعني حرص الشقيري فعلاً على أن يأخذ بعين الاعتبار أهلنا في فلسطين في ذلك الحين، أهلنا في الشتات، أهلنا في.. في المهجر، وحرص على أن يكون هنالك من جميع أطياف الألوان السياسية المختلفة كذلك متواجدة في هذا الاجتماع، يعني لو قمنا بانتخابات حرة لما أتى الشقيري بأحسن مما جاء في هذه الجمعية التأسيسية.
أحمد منصور: هذه من حسناته تحسب له يعني.
شفيق الحوت: هذه تُحسب له فعلاً من حسناته، وبالفعل أحمد الشقيري استطاع أن.. أن يتجاوز عقبات عربية عدة، يعني كان هنالك من يزايد عليه.
أحمد منصور: مثل؟
شفيق الحوت: مثل النظام في سوريا في ذلك الحين، أمين الحافظ. أمين الحافظ كان الجيش السوري محتل جزء من الأراضي الفلسطينية نتيجة حرب 48 هي منطقة الحمة مشهورة.. تعتبر جزء من المرتفعات السورية، فعرض على الشقيري إنه تعالَ هأعطيك الحمة واعمل جيش تحرير، وبلِّش من هناك إن ناضل وحرر وكذا، يعني نوع من المزايدة التي لم يكن ذلك من سلوكه.
(6/169)
أحمد منصور: لا هو كان ثورجي الرئيس أمين الحافظ، إحنا سجلنا شهادته في هذا البرنامج.
شفيق الحوت: يعني مد الله في عمره، يعني كلنا كنا ثوريين، لكن المعيار في النهاية مدى واقعية هذه الثورية، يعني بيستطيع الإنسان بالكلام أن يقول ما شاء. الملك حسين كان حريص جداً على أنه منظمة التحرير أن لا تتحرش في إسرائيل عبر حدود الضفة الغربية.
أحمد منصور: مش هو لوحده، كله، حتى المصريين حريصين..
شفيق الحوت: لأ.. لا طبعاً، لأ.. لأ.. لأنه هو يُمس شخصياً، يعني الأمن في الضفة الغربية كان أمناً أردنياً، وبالتالي يعني أي عمل فدائي تقوم به منظمة التحرير أو أي عمل عسكري مسؤولية الأمن الأردني بأن يردعه أو أن يقف ضده، ولما حدثت الـ66 عمل اليهود مجزرة اسمها مجزرة السموع، وتحمس الفلسطينيون وفكروا بقيام عمليات رد، طبعاً وقف الجيش الأردني بصرامة دون مثل هذا التحرك. لبنان دولة كانت تقوم سياستها على إنه قوتها في ضعفها، وسياسة اللاسياسة في موضوع فلسطين، ويوافقوا على ما يتفق العرب عليه، واثقين من أن العرب لا يتفقون على شيء، هذا كان الوضع في الـ64. السعودية كانت غاضبة على الشقيري شخصياً.
أحمد منصور: لماذا وكان رجلها يعني؟
شفيق الحوت: كان رجلها، لأنه وقف أثناء.. عندما رفعت السعودية قضية في الأمم المتحدة ضد الجمهورية العربية المتحدة حول قصة اليمن عصى الأمر، ولم يرفع قضية، فأقيل من تلك الفترة، وكان الملك فيصل مشهور بالذاكرة القوية، فلم يغفر لأحمد الشقيري مثل هذا الموقف، ولم يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ولم يقم لها مكتب حتى هذه اللحظة، المكتب في.. في الرياض ليس مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، كان مكتباً لفتح، كانت فتح أقرب إلى السعودية منها إلى منظمة التحرير الفلسطينية.
(6/170)
أحمد منصور: طبعاً فتح في المرحلة دي حققت حاجات كثيرة جداً، عرفات كان قام بزيارات للصين، ولبعض الدول، وللجزائر، وكان بيأخذ دعم من بن بيلا، كان بيدعمه بالسلاح، وكانت فتح عامله جو مختلف عن جو منظمة التحرير.
شفيق الحوت: هذا صحيح، وهذا شكَّل حقيقةً أزمة داخل منظمة التحرير الفلسطينية، يعني نحن فريق الشباب في منظمة التحرير الفلسطينية، يعني كنا فريقين إحنا حقيقة، فيه أحمد الشقيري وبعض أبناء جيله ممن اختارهم أعضاء في اللجان التنفيذية المتعاقبة في عهده، وفيه كان فريق الشباب الذي كنت أنتسب إليه مع الأخ أحمد صدقي الدجاني، الأخ أحمد السعدي، الأخ أسامة النقيب يعني جملة من الشباب يعني الجدد في العمل الوطني الفلسطيني، كنا نحن.. يعني حيارى بين أسلوب الشقيري السياسي المحض وبين العمل الفدائي الذي بدأ يكتسح الشارع العربي والشارع الفلسطيني يعني شاعرين بنوع من ضرورة أن نتحرك كذلك على المستوى العسكري، فأنشأنا بالاتفاق مع اللواء وجيه المدني (قائد جيش التحرير الفلسطيني) منظمة سرية اسمها "أبطال العودة"، وكان من بعض أعضائها ناس سابقة في حركة القوميين العرب.
أحمد منصور: مثل؟
شفيق الحوت: مثل شقيقي الأخ أبو ماهر أحمد اليماني -رحمه الله- محمد، وقد استشهد، واحد اسمه الأخ فايز جابر استشهد في عنتيبي في العملية المشهورة هؤلاء كانوا من تنظيم..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني نقول: إن تحرك فتح أجبر الحركات الأخرى على أن تسعى لإيجاد أيضاً منظمات عسكرية لها.
شفيق الحوت: هذا صحيح، هذا صحيح بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن يعني كان يصعب على الشقيري يعني أن يتحرك في المستوى الذي كنا نتمناه، إلى أن.. في.. في 66.. في 66 وكنت قد عُينت آنئذٍ..
أحمد منصور: لسه..
شفيق الحوت: عفواً..
الاعتراف بمنظمة التحرير وتعيين شفيق الحوت ممثلاً لها في لبنان
أحمد منصور: 64 الآن، بعد انتهاء الاجتماع، أنت عُينت في أكتوبر 64..
(6/171)
شفيق الحوت: أي نعم.. نعم..
أحمد منصور: ممثل لمنظمة التحرير في لبنان هنا، استقلت من عملك في جريدة.. في مجلة "الحوادث" كمدير.
شفيق الحوت: الحوادث صح.. نعم.
أحمد منصور: وتفرغت للعمل السياسي وبدأت مرحلة أخرى، قل لي بصفتي أنا صحفي يعني، زي ما كنت حضرتك بتشتغل زمان، حسيت بفرق بين العمل الصحفي والعمل السياسي؟
شفيق الحوت: والله كنت يا أخ أحمد، حتى لحظتنا هذه، يعني أنا حائر بين الصحافة والسياسة، يعني حبي لهما واحد، كنت أسمي واحدة زوجتي والثانية عشيقتي واحتار..
أحمد منصور: أنهي العشيقة؟!
شفيق الحوت: يتبادلان الأدوار.. يتبادلان الأدوار، يعني أحياناً كان يعني فضولي الصحفي يعني يخرب.. يكاد يخرب على عملي السياسي، يعني أشعر بضرورة نشر المعلومة أو التعليق على المعلومة، بينما يفرض عليك العمل السياسي أحياناً أن تتحفظ وأن تبقى..
أحمد منصور: ما تقولش حاجة..
شفيق الحوت: كاتماً للسر.
أحمد منصور: اللي هيتكلم.
شفيق الحوت: لا.. لا طبعاً.
أحمد منصور: هيضَيَّع كرسيه.
شفيق الحوت: لا طبعاً، ولكن يعني ما فيه شك إنه خلفيتي الصحفية أفادتني في عملي السياسي، لأنه كانت مهدت لي شبكة من المعارف على المستويين اللبناني والمستوى العربي، على المستوى اللبناني يعني لم يكن هنالك شخصية لبنانية سياسية وأدبية وثقافية، لم أكن على علاقات معها مما ساعدني في.. يعني نجاح مهمتي في لبنان، وكان مكتب لبنان هو أول مكتب ينتزع موقعاً برتبة سفارة..
أحمد منصور: يعني اعتُبرت..
شفيق الحوت: بين الدول العربية.
أحمد منصور: اعتبرت أو عوملت كمعاملة سفير.
شفيق الحوت: اعتبرت رئيس بعثة سياسية كاملة..
أحمد منصور: طبعاً المنظمة ناضلت نضالاً طويلاً لدى باقي الدول العربية، حتى تحصل على مثل ما حصلت عليه.
شفيق الحوت: أو فيه من.. من لم تحصل على ذلك يمكن، ربما حتى يومنا هذا.
(6/172)
أحمد منصور: نعم، أيه كان وضع المنظمة؟ الآن وُلدت منظمة التحرير الفلسطينية في 28 مايو 64 في القدس، اعترف بها في مؤتمر القمة العربي في سبتمبر 64 وأصبح أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، بدأت منظمة التحرير توفد مندوبين لها، عُيِّنت أنت في لبنان هنا، أيضاً فيه بعض الدول الأخرى يعني صعب إنها..
شفيق الحوت: في بعض الدول العربية.. نعم.
أحمد منصور: لكن فتح كانت بتعمل لوحدها إلى ذلك الوقت..
شفيق الحوت: مستقلة..
أحمد منصور: وكانت في إطار شكل من أشكال الممارسة والسعي لأن يكون لها بصمة أكثر تأثيراً من بصمة منظمة التحرير، التي كان يُنظر لها إلى ذلك الوقت على إنها صناعة عبد الناصر وصناعة الأنظمة العربية من أجل الحيلولة دون الفلسطينيين ودون أن يقوموا بعمل فدائي وقتالي مباشر ضد إسرائيل.
شفيق الحوت: نعم، زي ما قلنا من الـ 64 لـ67 كانت نوع من المنافسة بين منظمة التحرير الفلسطينية والمنظمات الفدائية بشكل عام، ليس فتح وحدها كانت والجبهة الشعبية وغيرها.. وغيرها، كانوا لسه مازالوا يعني مبتعدين عن منظمة التحرير الفلسطينية، ونظرتهم إلى حد كبير سلبية، حتى في فتح فيه ناس فيما بعد بقيت على موقفها من منظمة التحرير ووقفت ضد ياسر عرفات عندما استلم مسؤولياته سنة 68، هذا موضوع آخر، وكان هنالك في داخل المنظمة كذلك يعني معكوس هذا الخلاف بين -كما قلت- تيار الشباب وتيار المحافظين، إلى أن كان في الـ66 حدث مهم، ضاق أحمد الشقيري برجحان العمل الفدائي على منظمة التحرير الفلسطينية، فأعلن ما يسميه.. ما أسماه يومئذٍ في مجلس الثورة..
أحمد منصور: دا في 15 ديسمبر 66؟
شفيق الحوت: نعم إعلان مجلس قيادة الثورة..
أحمد منصور: مجلس الثورة..
شفيق الحوت: وألغى اللجنة التنفيذية.
أحمد منصور: بديل عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
(6/173)
شفيق الحوت: التي أنا كنت عضواً فيها هذه اللجنة، وكان قراراً يعني طبعاً نحن نعرف أحمد الشقيري رحمه الله، بأنه يعني كلام.. أي مجلس ثورة وكيف سر علينا ونحن أعضاء قياديين، وأعضاء يعني القيادة الأولى؟ ولم نعرف من أسماءها، وشككنا إن كان فعلاً قد أقام شيء اسمه مجلس ثورة، وبدأنا ننتقد الشقيري وندعوه إلى العودة إلى اللجنة التنفيذية، وإعادة تشكيلها..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني هل.. هل..
شفيق الحوت: إذا لزم الأمر.
أحمد منصور: هل هذا الإعلان اللي كان في 15 ديسمبر 66 كان بداية الخلافات والصراعات بين الشقيري وبين أعضاء اللجنة التنفيذية..
شفيق الحوت: كان في الداخل..
أحمد منصور: في داخل منظمة التحرير؟
شفيق الحوت: نعم، وكنا نحن طلائعه ثلاثة: أحمد صدقي الدجاني، شفيق الحوت، أحمد السعدي. وكان أحمد السعدي يمثل جبهة التحرير الأخرى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنتم اندمجتم مع بعض بعد ذلك.
شفيق الحوت: واندمجنا في 66 عندما أصبح كلانا أعضاء في اللجنة التنفيذية ازدادت المعرفة..
أحمد منصور: وفي 68 حليتوها
شفيق الحوت: و68 حليناها، هذا صحيح، حافظ أكثر مني أنت.
أحمد منصور: لا أنا.. أنا بس، بأحاول يعني..
شفيق الحوت: التواريخ والله، دا عامل.. ففي.. حدثت في شباط 67، يعني بعد شهرين من خلافنا مع الشقيري تعرضت أنا شخصياً لمحاولة اغتيال على باب منزلي في بيروت، وقد ثبت فيما بعد إنه الذي قامت به أحد أجهزة المخابرات العربية، ولكن لأنه كان هنالك خلاف مع أحمد الشقيري وهنالك من حاول أن يربط بين هذا الخلاف وبين أعضاء هذه القيادة..
محاولات اغتيال شفيق الحوت
أحمد منصور[مقاطعاً]: قل لي كلمني أنت تعرضت.. تعرضت لعشر محاولات اغتيال.
شفيق الحوت: هذا صحيح، الأولى.
أحمد منصور: دي كانت الأولى؟
شفيق الحوت: الأولى نعم.
أحمد منصور: بتاريخ كم؟
شفيق الحوت: 17 شباط/فبراير 1967..
(6/174)
أحمد منصور: 17 فبراير 1967، كيف تمت هذه المحاولة؟
شفيق الحوت: كنت يعني أدخل باب منزلي، بأفتح باب العمارة، فكانت سيارة واضح إنه تنتظرني، راصدة تحركاتي، فلما.. وأنا عم بأفتح باب المنزل.. البوابة العامة، أطلقوا الرصاص علي من السيارة..
أحمد منصور: نفس بيتك اللي أنا جيت لك فيه؟
شفيق الحوت: نفس البيت اللي زرتني فيه حضرتك، وأصبت في.. في ساقي، في فخذي بالضبط يعني أُطلق عليَّ حوالي 8 رصاصات لكن من حسن الحظ، إنه ربنا نجاني لأنه لم يتمكن القاتل، وهو من شباك السيارة عم يطلق الرصاص من أن يصيبني في مقتل.
أحمد منصور: ما كنش معاك أحد؟
شفيق الحوت: لأ ما كنش معي أحد وما كنش معي مسدس، كنت عادة أحمل مسدس، وكان ذلك من حسن حظي.
أحمد منصور: لماذا؟
شفيق الحوت: لأنه ربما لو كان معي مسدس، لحاولت أن أقاوم وبقيت واقفاً، ولكن غريزتي عندما أطلق الرصاص علي، وما معييش مسدس..
أحمد منصور: انبطحت..
شفيق الحوت: انبطحت على الأرض مما سهل نجاتي، المهم ها الحادثة فيه من ربطها مع أحمد الشقيري فطبعاً الرئيس عبد الناصر بعث يهنيني بالنجاة.. بالسلامة، ودعوني لزيارة القاهرة..
أحمد منصور: لأ، أنت اتهمت حد وقتها..
شفيق الحوت: لأنه.. المخابرات الأردنية في ذلك الحين هم الذين اتهمتهم.
أحمد منصور: اتهمت المخابرات الأردنية..
شفيق الحوت: نعم.
أحمد منصور: وكان اتهامك دا شكله أيه؟
شفيق الحوت: يعني أنا بأعتقد قائم على يعني أخبار وصلتنا عن.. من خلال تنظيمنا، ولا سيما الجزء الثاني من جبهة التحرير الفلسطينية لأنه كان لهم تواجد في الأردن وجاء من يقول منهم إنه الشريف ناصر بالذات كان مسؤول الأمن المخابرات الأردنية في ذلك العهد، هو الذي تولى أمر هذه العملية ظناً إنه أنا كنت أعد مؤامرة لاغتيال الملك حسين، وهذه لم تكن حقيقة صحيحة، المهم ذهبت إلى القاهرة..
أحمد منصور: كانت فترة مؤامرات كلها..
شفيق الحوت: آه.. طبعاً.
(6/175)
أحمد منصور: وتصفيات..
شفيق الحوت: آه وتصفيات.
أحمد منصور: والسلاح انتشر بين ايدين الناس، وأصبح كل واحد أخذ ....
شفيق الحوت[مقاطعاً]: والله لسه 67 ما كانتش بالشكل اللي بتتصوره يا أخ أحمد إذا كانت ملمومة شوي، فيما بعد ازداد الأمر، يعني انسياق.. انسياق..
أحمد منصور[مقاطعاً]: طب فيه هنا فيه.. طالما بنتكلم عن محاولات اغتيالك، في 5 أكتوبر 68 فيه هجوم تم من عملاء للموساد على مكتب منظمة التحرير، هنا في بيروت.
شفيق الحوت: في 67 كانت المحاولة الأولى، المحاولة الثانية كانت شخص من فتح أراد أن يغتالني.
أحمد منصور: متى هذه؟
شفيق الحوت: هذه كانت في 69 أوائل 69، وتحت وهم أنني أقيم علاقات خاصة مع السوفييت.
أحمد منصور: آه. طب ما عرفات كان عمل علاقات وقتها وإن كان السوفييت اتأخروا شوية في..
شفيق الحوت: وصارت.. عملنا جلسة يعني الذي كلف باغتيالي جاء وخبرني بعد أن أقسم..
أحمد منصور: بعد ما عمل المحاولة..
شفيق الحوت: آه، وقلت له يعني أعمل لك أيه جاي تعترف لي..
أحمد منصور: دا.. دا إمتى؟ بعدما عمل؟
شفيق الحوت: لأ.. كان مكلفاً ورفض أن ينفذ، وكان صحفياً ناصرياً اتصلت في أبو عمار قلت له الحكاية هيك.. هيك إياها، واحد من إخواننا استشهد الآن رحمه الله، فعقدنا اجتماع طبعاً حكاية السوفييت..
أحمد منصور: وعرفت من الذي كان وراءها؟ مين اللي إدى له الأمر؟
شفيق الحوت: هو عضو يعني قيادي في حركة فتح لا أريد أن أذكر اسمه الآن..
أحمد منصور: لسه عايش؟
(6/176)
شفيق الحوت: لا تُوفي.. استشهد.. استشهد في.. في السبعينات في الأردن، رحمه الله كان مُضلَّلاً يعني وقال له.. كما تفضلت أنت قال له إحنا عم نتمنى ياسر عرفات إنه يُقيم علاقات مع السوفيت شو ها التهمة يعني؟ ثم قال: لأ وشفيق يتاجر في الأسلحة، قال له أنا بأعرف مجموعة البنادق اللي عنده في المكتب وأرقامها عندي، وإذا كان فيه حدا بيتاجر في الأسلحة بيكونوا ناس من.. من عندنا يمكن لكن مش من عند شفيق، هذه المحاولة الثانية..
أحمد منصور: طبعاً عرفات بيبقى عارف كل حاجة، عارف ده بيتاجر في السلاح، وعارف ده بيسوي وده بيسخمط...
شفيق الحوت: آه هو يعني كما قلت هو المحترف رقم واحد، لكن بأعتقد هذه العملية لم يكن على علم بها، و.. وكان غَضِباً يعني غضبان غضب شديد وكان يعرف عرفات إنه لي مكانة عند عبد الناصر، وقد وصلت رسالة لفتح مما معناه أنه شفيق الحوت ده يعني ابعدوا عنه يعني، في ال .. تلك الفترة لأنه كان -كما قلت- الخلاف حول التوريط وعدم التوريط إلى آخره.
المحاولة الثالثة يا سيدي كانت في 6/10/69 استأجر الموساد في المبنى المقابل لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية شقة مقابل مكتبي بالضبط ونصبوا على.. في إحدى الغرف..
أحمد منصور: صواريخ.
شفيق الحوت: صواريخ موجهة في اتجاه المكتب وبجهاز توقيت معين وقاموا بضرب المكتب فنسفوه ولكن لحسن الحظ..
أحمد منصور: أنت كنت في المكتب؟
شفيق الحوت: كنا طبعاً في المكتب أنا وزملائي ورفاقي في العمل ومن حُسن الحظ كانت الإصابات طفيفة والسبب إنه المبنى كان يعني مبنى تجاري.
أحمد منصور: زجاجي..
شفيق الحوت: غير.. غير صامد.. فاخترقته الصواريخ وانفجرت في الخارج من حسن حظنا كان..
أحمد منصور: قلت لي الصاروخ مر من قدام عينك.
(6/177)
شفيق الحوت: فعلاً.. فعلاً وانفجر في غرفة الحمام المجاورة لغرفتي، كان يوميتها يجلس معي المرحوم خالد اليشرقي، ولا أدري كيف احترق بنطلونه.. جزء من بنطلونه بسبب ربما لهيب معين كان يجلس أمامي كما نحن جالسين أمامنا، مر الصاروخ من.. من وسطنا، وكان معي الزميل شوقي أرمني (الملحق القانوني في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية). المحاولة الثالثة كانت..
أحمد منصور: لا الرابعة دي.
شفيق الحوت: الرابعة.. نعم الرابعة كانت طرد ملغوم هذا في 9/7/72..
أحمد منصور: ودي كانت مشهورة وقتيها عملية الاغتيال بالألغام وناس كتير أيديها طارت ووشها..
شفيق الحوت: هذه.. منهم الأخوين الصديقين أنيس صايغ.. الدكتور أنيس صايغ هي في نفس اليوم والأخ أبو شريف.. بسام أبو شريف.. بسام أبو شريف.
أحمد منصور: بسام أبو شريف نعم، لا زال متأثر بها بسام إلى اليوم..
شفيق الحوت: مازال نعم، يعني أصيبوا بالعين الاتنين وبالأذن وشظايا بالوجه وبتر بالأصابع، يعني من أجرم العمليات الاغتيال التي.. اللي بيتكلموا على الإرهاب الإسرائيليين، هذا كله..
أحمد منصور: الإسرائيليين اللي كانوا عاملين كل هذه..
شفيق الحوت: آه، كل ده شغل إسرائيل طبعاً، الخامسة مرة أخرى في أعقاب عودتنا من الأمم المتحدة عام 1974..
أحمد منصور: مثلت الوفد الفلسطيني آنذاك.
شفيق الحوت: أنا كنت رئيس الوفد الإعلامي، بالطبع كان رئيس الوفد أبو عمار، ثم ذهب..
أحمد منصور: نعم، دي المرة الشهيرة اللي دخل فيها إلى...
شفيق الحوت: هي المرة المشهورة التي اشتهر فيها عالمياً، أصبح يعني نجماً عالمياً، هذه المرة الإسرائيليين اعتمدوا لأسلوب آخر استأجروا سيارات وركبوا صواريخ على أسطح هذه السيارات، طبعاً داخل صناديق.
أحمد منصور: صناديق.
(6/178)
شفيق الحوت: صناديق ووضعوها في مناطق بعيدة عن المكتب، ولكن وفق زوايا معينة حتى بساعة الإطلاق تصل الصواريخ إلى مداها، هذا.. المحاولة اللي جرت في سنة الـ 74 استهدف فيها 3 مواقع في.. في بيروت: مكتب المنظمة، مكتب مركز الأبحاث الفلسطينية ومركز كان للعاملين في الأرض المحتلة وكان يسمى القطاع الغربي، مكتب لأبو جهاد فيعني سفالة الموساد الإسرائيلي إنه هذه المرة لم يقصف المكتب مرة واحدة وإنما قصفها مرتين متتاليتين بين الأولى والثانية حوالي 30 دقيقة بهدف أن يتجمع الناس والمسعفين ويأتي بعض الضباط وبعض القادة ليتفقدوا المكتب..
أحمد منصور: فيقوم يتم عملية قصف..
شفين الحوت: فيقوم.. وهكذا، ولكن لحسن الحظ يعني تنبهنا لإمكانية هذا الاحتمال..
أحمد منصور: لم يؤدِّ إلى شيء هذا الهجوم..
شفيق الحوت: فأفرغت المكتب وبقايا المبنى مِنْ مَنْ فيه من السكان وفعلاً ونحن نشاهد أمام أعيننا انطلقت سيارة أخرى بصواريخها صوب المكتب.
السادسة: هجوم على جريدة "المحرر" الحقيقة أنا كنت هدف غير مباشر فيها، "المحرر" كانت أيامها قد اختارت نهجاً يدافع عن بعث العراق وكان..
أحمد منصور: سنة كام كانت؟
شفيق الحوت: سنة الـ 76.. في أوائل الـ 76 وكان طبعاً هذا يعني تحدي لسوريا، فالذين حاصروا المبنى وهاجموه كانوا من الفصائل الفلسطينية المتأثرة بالنظام السوري، ولكن هذه كانت الحقيقة إنها أحد أخطر المحاولات التي تعرضنا إليها لأنه أحرقوا مدخل البناية وضربونا بـ RBJ.
أحمد منصور: أنت كنت بمحض الصدفة في المكان؟
(6/179)
شفيق الحوت: لا أنا كنت أشارك بالتحرير مساءً، يعني أذهب عشية أشرف على المانشيت.. على الأخبار الفلسطينية بشكل خاص، مما اضطرنا إلى الذهاب إلى الصعود إلى سقف المبنى و.. فوجدنا أن هنالك قناصة على سطوحات أخرى ولم يكن أمامنا إلا أن نقفز من سطح البناية إلى سطح بناية مجاورة كانت قيد الإنشاء تبعد حوالي متر ونص من المنور ويعني تصور يعني برضو..
أحمد منصور: خطورة..
شفيق الحوت: متر ونص مش قلال يعني..
أحمد منصور: صح، لكنه هروب إلى الحياة..
شفيق الحوت: و.. آه يعني.. آه يعني يتمتع الإنسان بقوة يعني لا يعرف من أين مصدرها وأنت قد تستغرب أنني مع هذه القفزة أول ردة فعل لي كان الضحك، أما لماذا ضحكت فلأنني عندما قذفت بنفسي وجدت نفسي بجورة كِلْس.. فيها كلس وأسمنت طري يعني مما يجعل قدمي بعد 5 دقائق عبارة عن حجرين لا أستطيع المشي فيهم، وعندما علمت القيادة وكان أبو عمار موجود في بيروت كان.. كان باجتماع مع النائب عبد الحليم خدَّام ومجموعة من القيادات السورية والفلسطينية، فعندما بعت وأنقذني لم أكن أدري أنني وجهي كان مثل الفحم من الدخان ودخلت.. ولم أكن أدري من في الجلسة مع أبو عمار، فحضني أبو عمار، قلت له بس يا أبو عمار مش الكتايب اللي ضربونا، ليس يعني من كنا..
أحمد منصور: كانت أيامها الحرب اللبنانية..
شفيق الحوت: كانت أيامها الحرب اللبنانية، فعرف مَن أقصد، فحط إيده على تمي، فالأخ الصديق النائب عبد الحليم خدام عندما اعتذر ومشي هَدْهَد كتفي وقال حمد الله على سلامتك على كل حال أنت يعني ليس مقصوداً أنت صديقنا وما ما..
أحمد منصور: آه يعني فيه توجيه من فوق كمان.
(6/180)
شفيق الحوت: يعني اتضح إنه كانت العملية يعني عملية مخابراتية ضد مجلة.. ضد جريدة "المحرر"، هذه اللي بأعرفها، فيه محاولات أخرى يعني قد.. بس عاوز أقول هنا أحمد وصلاً لما انقطعنا عنه إنه في المحاولة الأولى سنة الـ 67 وعلى آثارها استدعيت للقاهرة وتم لقاء في أول آذار..
أحمد منصور: مارس..
شفيق الحوت: مع الرئيس -مارس- مع الرئيس عبد الناصر قال لي أيه حكايتك أنت والشقيري؟ يعني مقلوبة الدنيا كده، قال لي أنت يعني أنا عارف واخد عليه إنه الثرثرة والكلام وتصريحات يومية قال لي دا إحنا اللي عايزينهم، قال لي الحقيقة شوية العمليات دول اللي عم بيعملوهم الفدائيين كانت لسه الأعداد يعني قليلة من العمليات وكلام الشقيري دا اللي إحنا عاوزينه لكسب الوقت بانتظار تحقيق الشروط اللي لابد من تحقيقها لخوض معركة 67.
أحمد منصور: اسمح لي في الحلقة القادمة آخذ معك لقاءك مع عبد الناصر في مارس 67، هزيمة 67 ومؤتمر القمة في الخرطوم، ووضع الفلسطينيين في لبنان إلى العام 70، أشكرك شكراً جزيلاً.
شفيق الحوت:شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(6/181)
الحلقة5
(6/182)
الأربعاء 4/12/1423هـ الموافق 5/2/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 16:11(مكة المكرمة)،13:11(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
02/02/2003
- لقاء شفيق الحوت مع جمال عبد الناصر 1967 والخلاف حول الشقيري.
- مؤتمر الخرطوم وسقوط فلسطين 1948 من حسابات العرب.
- وضع الوجود الفلسطيني في لبنان بعد العام 1967.
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان)، أستاذ شفيق، مرحباً بك.
شفيق الحوت: مرحباً بكم.
لقاء شفيق الحوت مع جمال عبد الناصر 1967 والخلاف حول الشقيري
أحمد منصور: في مارس 1967 استُدعيت من جمال عبد الناصر، وذهبت إلى القاهرة للقائه، ماذا دار بينك وبين عبد الناصر؟
شفيق الحوت: دُعيت ولم استدعَ، والدعوة شيء والاستدعاء شيء آخر يا أخ أحمد، كانت دعوة كريمة على أثر تعرضي لمحاولة اغتيال قبل أسابيع، وكما سبقت الإشارة أنه كان هنالك خلاف بيننا وبين أحمد الشقيري داخل منظمة التحرير الفلسطينية حول أسلوب العمل.
أحمد منصور: أيه أهم أسباب ونقاط الخلاف؟
شفيق الحوت: يعني..
أحمد منصور: ما الذي كنتم تأخذونه على الشقيري؟
شفيق الحوت: فرديته.
أحمد منصور: ما عرفات أكثر فردية..
شفيق الحوت: لأ، ما إحنا والحاج أمين كان قبل الاثنين.
أحمد منصور: كل القيادات.
شفيق الحوت: كل القيادات العربية.
أحمد منصور: والظاهر الشعوب العربية ما ينفعش معاها إلا كده.
(6/183)
شفيق الحوت: لأ، حطينا اللوم على الشعب. لأ، يعني قلة الشورى عادة عربية المفروض يعني المفروض، كان متميزاً.. كان متميزاً لفرديته، واتخذ قراراً بأعتقد كان عبثياً، وهو إنشاء مجلس ثورة، يقلد العمل الفدائي الفلسطيني، وكنا غير مهيأين لمثل هذا الدور بهذا الشكل، فكان الاختلاف بيننا وبينه، فعندما دعاني الرئيس عبد الناصر إلى اللقاء سألني حول أسباب هذا الخلاف كما تفضلت أنت، وأجبته، فقال لي: أنت يعني باختصار مؤاخذ عليه إنه راجل بيتكلم وما يعملش كثير، لكن أنا بأقول لك إنه شوية العمل الفدائي اللي عم بيعملوه إخوتنا الفدائيين، وشوية الكلام اللي عم بيقولهم أحمد الشقيري هم مطلوبين في الوقت الحاضر لملء الفراغ، لأنه مصر لم تتمكن حتى هذه اللحظة..
أحمد منصور: ده كلام عبد الناصر.
شفيق الحوت: كلام عبد الناصر الذي نشرته فيما بعد في مجلة "الحوادث" في عدد 1960، شهر آذار، منتصف آذار.
أحمد منصور: ألف وتسعمائة..
شفيق الحوت: 67.
أحمد منصور: 67.
شفيق الحوت: 67، في آذار، أواسط آذار/ مارس يعني، كان في رأي عبد الناصر أنه بحاجة إلى سنتين إلى ثلاث سنوات، حتى يكتمل بناء القوات المصرية المسلحة، وتتوفر الشروط الكفيلة بتحقيق الانتصار في المعركة، وقال لي أتصور بقى سيادتك عاوز الشقيري يقعد 3 سنين مايتكلمش، يعني عملها بنوع من الدعابة، فأرجو إنه يعني تحاولوا تلملموا أوضاعكم في المنظمة، ومافيش وقت يعني دلوقتي لمزيد من الانقسامات ومن الاختلافات، وعلى فكرة عبد الناصر كان الوحيد الذي لا يوجد له تنظيم في الساحة الفلسطينية، يعني العراق كان هنالك تنظيم محسوب عليها، سوريا كان هناك تنظيماً محسوب عليها، مصر لم يكن..
أحمد منصور: حركة القوميين العرب بتعتبر نفسها امتداد لعبد الناصر.
(6/184)
شفيق الحوت: لا، لم تكن.. كما قلت كانت.. حركة القوميين العرب كان سبق لها يعني أن أصبحت علاقتها مع عبد الناصر يعني مش في نفس ما يعتقده الناس من تلاحم، ماتنساش إنه اختلفوا في اليمن، وكان لسه حركة القوميين العرب، وكان فيه خلاف بينهم وبين بعض الأجنحة وبين هذا..، وبدأ التحول نحو التيار الماركسي.
أحمد منصور[مقاطعاً]: الخلاف.. تأخر الخلاف اليمني بالنسبة لحركة القوميين العرب مع عبد الناصر.
شفيق الحوت: لأ، والله فيه...
أحمد منصور: يعني كان في نهاية الستينيات مش..
شفيق الحوت: يعني حتى.. حتى في البدايات كان هنالك..
أحمد منصور: وبعدين حركة القوميين العرب في 66 بدأت الكفاح المسلح هي الأخرى، حينما وجدت إن فتح سبقتها، فهي أسست وانطلقت في هذا الموضوع، وربما هذا كان يخالف توجهات عبد الناصر أيضاً.
شفيق الحوت: أي نعم.. نعم.. نعم، فيعني هذه كانت رؤية عبد الناصر أو تقديره للوضع في سنة 1967، في مارس 1967.
أحمد منصور: يعني عبد الناصر لم يكن مهيأ لحرب 67.
شفيق الحوت: لم يكن ...، حسب ما قال لي، يعني أنا المستمع وهو القائل، والشيء موثَّق في.. في وقته، إنما عبد الناصر كان يعني له حساسية تجاه اسمه وسمعته، يعني أتساءل الآن بعد مرور كذا سنة على مأساة 67، كيف تورَّط عبد الناصر في 67؟
أحمد منصور: 35 سنة.
شفيق الحوت: 35 سنة، أنا بأعتقد إنه يعني كان حريصاً على الـImage تبعه في مخيلة الجماهير العربية، إنه كيف تهدد سوريا.
أحمد منصور: دي أحداث كثيرة بتدل على هذا الموضوع.
شفيق الحوت: كيف تهدَّد سوريا.
أحمد منصور: إن عبد الناصر كان حريص على صورته أكثر حتى من حرصه على الوطن.
شفيق الحوت: بأعتقد مرة أخرى.. مرة أخرى إنه يعني هذا مقياس قاسي.. مقياس قاسي، لأنه فيما بعد ثبت إنه عبد الناصر مثلاً في مؤتمر الخرطوم فيما بعد النكسة خرج..
أحمد منصور: ما هو النكسة وقعت خلاص.
شفيق الحوت: آه.. لأ، بس خرج عن..
(6/185)
أحمد منصور: أي كلام بعد النكسة.
شفيق الحوت: لأ، والله ماكانتش سهلة يا أحمد.. ماكانتش سهلة.
أحمد منصور: ما هي ماكانتش سهلة، كان يمكن أن يتم تجاوزها يا سيدي.
شفيق الحوت: لأ، يعني ماكانتش.. يعني قبول عبد الناصر بقرارات مؤتمر الخرطوم يعني كانت تراجع منه عن خطه القومي، يعني..
أحمد منصور: هو ماكانش يقدر يعمل، الراجل يعني كان في وضع يستطيع على الأقل أن يحافظ به على ما هو قائم..
شفيق الحوت: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: ويعني شرَّب الأمة هزيمة نكراء..
شفيق الحوت: وكان مستعد.. وكان من الممكن.. وكان من الممكن إنه يفك ارتباطه من مشكلة فلسطين زيه زي غيره من العرب يعني..
أحمد منصور: هو أصلاً كان ارتبط بها عشان يفك ارتباطه؟
شفيق الحوت: لا كان.. كان مرتبط..
أحمد منصور: لأ، قل لي ارتبط بها فين؟ أنا الآن كل الشواهد بتقول، وعبد الناصر نفسه.. عبد الناصر نفسه حتى كل تصرفاته إن قضية فلسطين ما ارتبطش بها غير بعد 67.
شفيق الحوت: طب أنا أسألك حاجة.. أنا هأسألك حاجة: ما هو سر العداء المستمر والمؤامرات المستمرة على جمال عبد الناصر من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية؟ أنت تعرف.. أنت لا تعرف..
أحمد منصور: أي عداء وأي مؤامرات؟
شفيق الحوت: أنت لا تعرف.
أحمد منصور: مصر أصلاً هي المستهدفة، مش جمال عبد الناصر.
شفيق الحوت: أنت لا تعرف طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور: مصر هي المستهدفة.
شفيق الحوت: طبعاً.. طبعاً.. طبعاً مصر.
أحمد منصور: وإلى اليوم، وإلى اللحظة، وإلى الغد، لأنها هي الثقل العربي الأساسي، إحنا مش عايزين نقول مصر هي عبد الناصر، ونلبس مصر ثوب عبد الناصر، مصر حاجة وعبد الناصر حاجة.
شفيق الحوت: طبعاً، أنت.. أنت لا تظنني أتكلم عن عبد الناصر من موقع عبادة الفرد، ولكن من موقع التقدير الوطني للرجل بالقياس إلى غيره من الحكام العرب، عبد الناصر إنسان.. إنسان عادي.
(6/186)
أحمد منصور: أنا أمام.. أنا لا أتعامل..
شفيق الحوت: ومصر هي الأساس.
أحمد منصور: أنا واحد براجماتي خالص، بأتعامل مع الأحداث ومع المعطيات ومع النتائج، بأنظر إلى التاريخ على أنه ليس عواطف وليس نوايا، وإنما نتائج وممارسات..
شفيق الحوت: صحيح.. صحيح.. صح.
أحمد منصور: ممارسات عبد الناصر تجاه القضية الفلسطينية وتجاه إسرائيل، من الأول عبد الناصر كان واضح إنه عنده تصوُّر أن يقيم علاقات مع إسرائيل، وإن قضية وأن يبقى الوضع على ما هو عليه، ده بدى من العلاقات السرية اللي تمت في فترة 54، ومن تبادل الأشياء التي هناك بعض الإرهاصات وبعض الأشياء الغير واضحة المعالم، ولكن كان فيه علاقات مميزة مع أميركا، عبد الناصر تحت الطاولة كانت هذه العلاقات، وحضرتك قلت قبل كده برج القاهرة بُني بمعونة أميركية قُدِّمت لعبد الناصر.
شفيق الحوت: قُدِّمت رشوة، وهو حولها إلى..
أحمد منصور: كانت رشوة طيب، رشوة وحولها، عشان يطلع..
شفيق الحوت: ماقبلش الرشوة يعني، لأ فيه غيره بيقبل الرشوة.
أحمد منصور: لأ، ما هو.. هي كده قُبلت، ممكن أن ترد، مش يتبني بها برج القاهرة.
شفيق الحوت: طب اسمح لي بس.. اسمح لي أن أعقِّب على ما تفضلت به بكلمتين صغيرتين..
أحمد منصور: وبعدين كل المعطيات اللي بعد كده حتى موقفه من منظمة التحرير إنشاء من.. من حركة فتح، إنشاء منظمة التحرير، الموقف من العمل الفدائي، كل ده بيدل على أن القضية الفلسطينية ما احتلتش حيز..
شفيق الحوت: بس هأقول لك حاجة..
أحمد منصور: أنا معاك إنها احتلت حيز بعد 67، كمعطيات قدامنا برضو.
شفيق الحوت: نحن الآن في نهاية عام 2002، ونعيش في ظروف..
أحمد منصور: خلاص خلص 2002.. بعد أيام..
(6/187)
شفيق الحوت: ونعيش في ظروف قلقة على مصير دولة عربية كبرى اسمها العراق، يطالب الأميركان بتفتيشها وكذا، هل تعرف أخي أحمد أو هل تذكر: أو هل قرأت بأنه قبل الـ 67 طلبت الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس (جونسون) أن توقف مصر برامج تسليح نووي؟!!
أحمد منصور: طبعاً.
شفيق الحوت: وطلبت حق التفتيش.
أحمد منصور: صح.
شفيق الحوت: وقررت وطلبت إنه إذا أن..
أحمد منصور: في مقابل المعونة الأميركية إذا مصر وافقت.
شفيق الحوت: أن توقف.. وأوقفت المعونة..
أحمد منصور: يعني كان فيه معونة أميركية لسنة 66 بيدوها لمصر.
شفيق الحوت: كانوا يعطوهم 50 مليون، يأخدوهم من مصر، ويعطوهم..
أحمد منصور: مش مشكلة يقبلوهم.
شفيق الحوت: على راسي، بس إنه، هأقول لك الفرق.
أحمد منصور: عمال يشتم في أميركا، ويطلع يخطب يشتم في أميركا، وبيأخذ من تحت الطاولة معونة.
شفيق الحوت: هأقول لك.. هأقول لك.. لأ، طوِّل لي بالك.. طوِّل لي بالك، الفرق.. الفرق الآن وقالوا له وهنسلَّح إسرائيل بشكل دائماً تكون متفوقة على مجموع كل الدول العربية، وإذا شهَّرت بنا هنقطع المساعدات الأميركية ويوميتها أوعزوا للألمان سلِّحوا إسرائيل، الآن العرب يتعرضون لنفس التجربة.
أحمد منصور: طب قل لي بس أنا..
شفيق الحوت: مع الفارق.
أحمد منصور: لأ، أنا معاك في حاجة هنا عايز أقف معاك.
شفيق الحوت: بعد.. بعد 30 سنة.
أحمد منصور: أستاذ شفيق.
شفيق الحوت: فيه قائد عربي كان له من الكرامة قال لأميركا: لأ.
أحمد منصور: يا أستاذ شفيق، قال للأميركان لأ، وعمل أيه؟
شفيق الحوت: أنا لا أسمح بأن.. أن تفتشوا..
أحمد منصور: فين البرنامج النووي المصري؟
شفيق الحوت: معلش..
أحمد منصور: مصر بدأت برنامجها النووي مع الهند ومع دول كثيرة جداً، كل الدول عملت قنابل نووية إلا مصر..
شفيق الحوت: ما ضربوه يا أخ أحمد..
أحمد منصور: لا يا سيدي.
(6/188)
شفيق الحوت: ضربوه بالـ 67.. ضربوه.. ضربوه..
أحمد منصور: لأ، 67 مين كله قبل 67 كان عنده القنبلة بتاعته..
شفيق الحوت: ضربوه.. ضربوه.. ضربوه..
أحمد منصور: برنامج مصر النووي بدأ..
شفيق الحوت: واغتالوا العلماء الألمان، ووقفوا..
أحمد منصور: وقف.. والعلماء المصريين كلهم هاجروا بره وأدوا خبراتهم للخارج، وأنا قابلت بعض العلماء مأساة.
شفيق الحوت: كل.. كل هذا يبقى الفارق.. يبقى الفارق.
أحمد منصور: مصر من 62 لـ 67 كان عبد الحكيم عامر اللي عمال يلعب في كله، عبد الناصر كان صورة..
شفيق الحوت: يبقى الفارق، أنا لا أدافع عن عبد الحكيم عامر على الإطلاق، لكن..
أحمد منصور: بأقول إن عبد الناصر في هذه الفترة بشهادة حسين الشافعي وشهادة كل الناس اللي كانوا حواليه، عبد الناصر من 62 لـ 67 لم يكن يملك القرار كاملاً.
شفيق الحوت: أنا كمواطن.. أنا كمواطن عربي.. كمواطن عربي أقول: أن عبد الناصر الفارق بينه وبين غيره قال: لا لأميركا، أنا لا أسمح لكِ بأنك تفتشي وتعتدي على سيادة مصر.
أحمد منصور: هو كان فين أصلاً؟
شفيق الحوت: هذا صار..
أحمد منصور: برنامجنا النووي فين إحنا مصر؟
شفيق الحوت: هذا صار، المهم هذا..
أحمد منصور: كانت تستطيع أن تملك لولا طفش العلماء، وقفل البرنامج النووي.
شفيق الحوت: لا ننكر هذا.. لا.. لا ننكر هذا الموقف، لا ننكر هذا الموقف، على كل حال..
أحمد منصور: أنا قدام نتائج دايماً..
(6/189)
شفيق الحوت: على كل حال.. على كل حال في الـ 67 وهذا هيوصلنا يمكن في قريباً إلى مؤتمر القمة في الخرطوم، كان هنالك عدة مشاريع مطروحة على عبد الناصر، يفك ارتباطه في فلسطين، وعرضها على الدول العربية، إذا.. إن لم تساعدوني، مصر لن تبقى وحدها في المعركة، ولا تستطيع أن تكون وحدها في المعركة، لكن ما فكِّش الارتباط في موضوع فلسطين، يعني أن كان هناك استراتيجية عربية عند عبد الناصر أو غيره لتحرير فلسطين ماكانش، لكن أنا في رأيي كان..
أحمد منصور: هو قال كده في خطابات واضحة عدة مرات..
شفيق الحوت: آه، وقال آه، لكن كان بناء الدولة العربية الحديثة في مصر كان بناء الدولة العربية بالمقارنة إلى الدول العربية الأخرى كان فيه فرق لصالح ما فيه شك قضية فلسطين وهو بناء قوة مصرية مسلحة وبناء مجتمع مصري قوي..
أحمد منصور: فين ده؟
شفيق الحوت: في مصر.. في مصر.
أحمد منصور: اللي.. اللي في 67.. اللي اتهزم في 67..
شفيق الحوت: أيه.. أيه..
أحمد منصور: دا كان بيتبني عشان..
شفيق الحوت: لا اللي انتصر في 72 [73]، لا اللي انتصر في..
أحمد منصور: لا هذه قضية أخرى.
شفيق الحوت: لا مش قضية أخرى.
أحمد منصور: أنا معاك لـ67، هأقول لك..
شفيق الحوت: مش قضية أخرى، وعبد الناصر انهزم بالـ67 عسكرياً، وانتصر سياسياً، لأنه رفض الإذعان لإسرائيل..
أحمد منصور: إذعان أيه؟
شفيق الحوت: وبذلك بنى قواته المسلحة التي هي في 72 [73] عملت في..
أحمد منصور: أستاذ شفيق إحنا لا نريد أن ننظر إلى التاريخ بعد كل هذه السنوات بهذه النظرة المليئة بالعواطف.
شفيق الحوت: عواطف!!
أحمد منصور: أيوه طبعاً.
شفيق الحوت: 72 [73] عواطف؟!
أحمد منصور: لا 2.. دي قضية أخرى.
شفيق الحوت: حرب الاستنزاف عواطف؟!
(6/190)
أحمد منصور: أنا بأقول لك دلوقتي، أنت بتقول لي اتهزم عسكرياً، دا الكلام اللي كان عبد الناصر بيضحك بيه على الناس اتهزمنا عسكرياً وانتصرنا سياسياً، أي سياسياً انتصرنا؟ إحنا الآن قدام نتائج محددة، إن الجيش المصري والجيش السوري والجيش الأردني هُزموا خلال ستة أيام في سنة 67.
شفيق الحوت: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: وكانوا يستطيعوا على الأقل أن يصمدوا ويحافظوا على ما تحت أيديهم من مكتسبات..
شفيق الحوت: صحيح، لكن لا تم اعتراف..
أحمد منصور: ورجعنا وتراجعنا ورا 500 سنة بعدين.
شفيق الحوت: لكن لا تم اعتراف، ولا تم تفاوض، ولا تم تسليم في قضية فلسطين، والـ73 تقريباً العرب لم يهزموا، لم يهزموا وانتهينا..
أحمد منصور: أنت قل لي لمَّا قَبِل مبادرة روجرز..
شفيق الحوت: عفواً، و.. خلينا أكمل الجملة بس يا أحمد.
أحمد منصور: اتفضل.
شفيق الحوت: وفي 73 تقريباً انتصرنا عسكرياً، عبرنا القنال، حرَّرنا الجولان في.. في.. في الأيام الأولى، ولكن كانت النتيجة في النهاية أن انتهينا في كامب ديفيد، هات التاريخ كمان، هناك صمدنا..
أحمد منصور: أنا الآن مش عايز أقفز على المراحل التاريخية.
شفيق الحوت: ok، نعود إلى مراحل التاريخ.
أحمد منصور: أنا الآن في فترة 67، لقاءك عبد الناصر في مارس 67..
شفيق الحوت: وقال أنه غير مستعد للحرب.
أحمد منصور: وقال لك إنه غير مستعد أن يدخل الحرب.
شفيق الحوت: صح.
أحمد منصور: وبعد كده عبد الناصر سخنت في دماغه النوازع الشخصية والفردية، واتورط في حرب 67. أنت معاي إن عبد الناصر اتورط في الحرب؟
شفيق الحوت: طبعاً اتورط.
أحمد منصور: مين اللي ورَّط عبد الناصر؟
شفيق الحوت: اللي ورَّطه سوريا، السوريين، وبأعتقد في ذلك النظام السوري في ذلك الحين كان هنالك.. أنا شفت بعيني بعض ضباط في الجيش السوري رقصوا في الـ 67 لأنه هزم جمال عبد الناصر، ما رأيك؟
أحمد منصور: إزاي ده؟
(6/191)
شفيق الحوت: رقصوا. أنا كنت في زيارة لدمشق وشفت ضباط فرحين بأنه هذا الخصم الطويل...
أحمد منصور: راحت منهم الجولان.
شفيق الحوت: ما.. ولم يسقط النظام، وهذه المأساة، اللي.. اللي كانوا يتغنون بأنه فقدنا قطعة أرض بس لم.. لم يسقط النظام.
أحمد منصور: ما هو نفس الحكاية بتقولها لي اتهزمنا عسكرياً بس انتصرنا سياسياً.
شفيق الحوت: لا.. لا.. لا.. لا، أنا بأحكي بموضوع فلسطين، موضوع فلسطين رغم إنه لاءاته كانت 4 وصارت 3..
أحمد منصور: لا أنا ما وصلتش لمؤتمر الخرطوم.
شفيق الحوت: لسه ما وصلتش، لكن أنا لم أهزم كفلسطيني، ثم لم يُهزم الإنسان..
أحمد منصور: إزاي لم تهزم كفلسطيني وأنت كنت بتطالب بتحرير فلسطين 48..
شفيق الحوت: ما حدا سلِّم يا أحمد..
أحمد منصور: أصبحت الآن بتطالب بالضفة وغزة؟
شفيق الحوت: ما حدا سلِّم.. ما حدا سلِّم، هذا المهم. الإرادة لم تكسر سنة الـ67، الإرادة كسرت في.. في 73، ولأسباب موضوعية..
أحمد منصور: وموضوع.. موضوع الشعارات دا والضحك على الناس بالشعارات السياسية اللي السياسيين عمَّالين ينتهجوها طوال الفترة الماضية، والآخر وصلنا إلى الواقع العربي المزري القائم الآن اللي كل إنسان عربي الآن صار بيدوَّر على (باسبور) دولة أجنبية عشان يروحها أو يعيش فيها أو يحصل على جوازها، شيء مزري للغاية..
شفيق الحوت: للأسف.. للأسف.
أحمد منصور: واللي اتسبب فيه همَّ السياسيين اللي حكمونا طول الخمسين سنة اللي فاتت.
شفيق الحوت: للأسف.. للأسف، لأنه.. لأنه التيار القومي، التيار الوحدوي اللي هو في رأيي السبيل الوحيد لإنقاذ الأمة العربية رغم كل الهزائم التي وقعنا بيها..
أحمد منصور: التيار القومي لم يحكم، كان في إيده سلطة ووصل الأمة للي فيها.. للي وصلت له.
شفيق الحوت: مش.. الخطأ مش خطأ العقيدة القومية، ولا الفكر القومي، الخطأ..
(6/192)
أحمد منصور: حينما يضع ناس أسس.. قانون همَّ اللي حطوا أفكار المبادئ القومية وهم اللي..
شفيق الحوت: الخطأ من الناس..
أحمد منصور: وهمَّ اللي المفروض يطبقوها، همَّ اللي صنعوها..
شفيق الحوت: صحيح.
أحمد منصور: وهمَّ اللي كان في إيديهم السلطة والحكم، وهمَّ اللي دمروها الآن.
شفيق الحوت: صحيح.. صحيح، هذا صحيح.
أحمد منصور: يبقى إذن هذا المذهب لا يصلح.
شفيق الحوت: لا، ليس المذهب. الإسلام عقيدة جيدة، لكن هنالك مئات من الحكام المسلمين لا يستحقون شرف الانتماء إلى الإسلام.
والفكر القومي الآن.. أنا لا أرى سبيلاً -يا أخ أحمد- والله ما هو ترف عندي إنه يعني أركب سيارة و.. وأطلع من بيروت وأوصل إلى.. إلى طنجة، وأتمتع برحلة سياحية، لكن أنا لا أرى مستقبلا للوطن العربي، لهذه الدول العربية في إطار التجزئة والمهدد بمزيد من التجزئة، أنت.. أنت يعني ما.. شايف قدامك، يعني قصادك أوروبا، أوروبا ديانات مختلفة، مذاهب مختلفة..
أحمد منصور: لغات مختلفة.
شفيق الحوت: لغات مختلفة، مصالح اقتصادية متضاربة و.. ومتناقضة، ومع ذلك وصلوا في وحدتهم الاقتصادية، وحتى السياسية إلى مستوى دولة واحدة.
أحمد منصور: فيه إرادة..
شفيق الحوت: فيه إرادة، وفيه تنظيم.
أحمد منصور: فيه حكام منتخبين، فيه محاسبة للحاكم.
شفيق الحوت: وهذا صحيح.. هذا صحيح.
أحمد منصور: إنما هنا الشعب بياكل على دماغه وهو اللي بيتحاسب.
شفيق الحوت: هذا موضوع آخر، إذن إحنا متفقين إن الخطأ مش خطأ الوحدة، الفكر الوحدوي..
أحمد منصور: لأ خطأ الحكام نفسهم الآن.
شفيق الحوت: الخطأ التنظيمي للحكام، نعم.. نعم.. نعم.
أحمد منصور: يعني كده الكل.. همَّ دول بيتحملوا المسؤولية..
شفيق الحوت: نعم.. نعم كله. من مع الوحدة، ومن تبنى.. ومن يعني.. فيه أخطأوا في تنفيذ الوحدة يا أخ أحمد، لكن فيه من وقفوا، ومازالوا ضد هذه الوحدة.
(6/193)
أحمد منصور: فتح أطلقت رصاصاتها الأولى في يناير 1965، أقامت علاقات مع الجزائر ومع دول أخرى -كما أشرنا- وقدرت تحصل منها على دعم. الدول العربية كانت وقعت اتفاقات هدنة مع إسرائيل وظلَّت تحافظ على هذه الاتفاقات، ومن ثَمَّ فإن أي عمل عسكري يناقض هذه الاتفاقات.
1949 مصر في فبراير 49 وقعت اتفاقية هدنة مع إسرائيل، وظلت تحافظ عليها، ومن ثَمَّ فإن انطلاقة فتح والعمل الفدائي يؤدي إلى أذى أو إلى تناقض هذه الهدنة. لبنان في مارس 49، الأردن في أبريل 49، وسوريا في يوليو 49، دي دول الطوق كلها عملت اتفاقات هدنة، ومن ثَمَّ كان العمل الفدائي عمل مؤذي بالنسبة لها ويخالف التزاماتها مع إسرائيل.
الذين اتهموا بأنهم يقومون بنظرية التوريط وهم فتح تحديداً كانوا ينظرون إلى منظمة التحرير الفلسطينية على أنها صناعة عبد الناصر والأنظمة العربية، وأن هذه المنظمة قامت للحيلولة دون قيام العمل الفدائي بتحقيق أهدافه. الشقيري كان رئيس المنظمة وكان هناك خلافات بينه وبين.. بينه وبينكم على اعتبار إنه كان رجل أحادي وفردي، وكان من آن لآخر يُطْلق تصريحات، وفي 10 فبراير 67 أنشأ ما سمي بمجلس التحرير وخفَّض رواتب الضباط. شفيق الحوت: مجلس الثورة.
مؤتمر الخرطوم وسقوط فلسطين 1948 من حسابات العرب
أحمد منصور: وبدأت أشياء كثيرة تثور ضد الشقيري. جاءت هزيمة العام 1967 بعد ما كان كل هدف الفلسطينيين هو تحرير فلسطين 48 أصبح الهدف الآن هو تحرير الضفة وغزة أو الأراضي المحتلة سنة 67. أنت بتقول لي عبد الناصر اتورط، وكتير بيقولوا عبد الناصر اتورط، لكن هل يمكن لزعيم أن يوَّرط ورطه مثل هذه؟
(6/194)
شفيق الحوت: تورط، آه ممكن طبعاً، يعني لا شيء أكبر من.. من الحدث في التاريخ يا أخ أحمد، لكن إن أردت أن أصل إلى.. إلى ما بعد الـ 67 أنا استغربت لأنه كنت أمثل منظمة التحرير على مستوى وزراء الخارجية في مؤتمر الخرطوم الذي هيَّأَ لمؤتمر قمة الخرطوم، وسمعت لأول مرة من الإخوة وزراء الخارجية العرب.. بعض وزراء الخارجية العرب كلمة "وتحرير الأرض المحتلة حديثاً بالـ 67"، لأول مرة يدخل هذا التعبير في سياق مداولات مجلس وزراء الخارجية العرب، هذا ما ورد على لسان المنجي سليم في تونس، ورد على لسان حتى محجوب في السودان، على الليبي البوشتي كان وزير خارجية في ليبيا، وبن هيمه كان رئيس وزراء المغرب، كلهم، أنا يعني قاعد أسمع كأني غريب، يتحدثون ويصرون على كلمة العمل على إزالة يعني أو تحرير أو استعادة الأراضي المحتلة حديثاً، يعني أسقطت..
أحمد منصور: فلسطين 48.
شفيق الحوت: الأراضي 1948.
أحمد منصور: ودا كان في سبتمبر.
شفيق الحوت: و.. هذا كان في..
أحمد منصور: المؤتمر كان في أغسطس.
شفيق الحوت: لأ وزراء الخارجية قبل، العرب، هذا الذي هيأ لـ.. في أغسطس 1967.
أحمد منصور: نعم.
شفيق الحوت: في أواسط أغسطس 1967.
أحمد منصور: لأن عقد بعدية مؤتمر لوزراء الاقتصاد والمال والنفط العرب في بغداد في 15 أغسطس، من 15 لـ 20.
شفيق الحوت: نعم، هو كان أحد القرارات التي صدرت عن مؤتمر وزراء الخارجية.
أحمد منصور: صحيح..
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: بعد هزيمة 67 حتى السياسة العربية وجهت إلى..
شفيق الحوت: أصبح الأرض المحتلة نوعان، رفع شعار.. شوف التوازن يعني الدبلوماسي في.. في الخرطوم. هنالك اللاءات: لا تعايش، لا تفاوض، لا صلح مع إسرائيل. وسقطت الرابعة إنه لا انفراد بحلٍ لأي دولة عربية، وبين إزالة آثار العدوان.
أحمد منصور: صح.
شفيق الحوت: يعني إيجابياً اكتشف.. اكتفى المجتمعون بأن يساعدوا على إزالة آثار العدوان..
(6/195)
أحمد منصور: اللي هو عدوان 67.
شفيق الحوت: اللي هو عدوان 67، تعويض على القوات المسلحة المصرية والأردنية والسورية إذا شاءت، لأنه كانت غايبة عن المؤتمر..
أحمد منصور: كان حاضر وزير الخارجية السوري بس.
شفيق الحوت: كان إبراهيم (..) في ذلك الحين، ولكن على القمة لم يشتركوا على مستوى القمة بالرئيس نور الدين الأتاسي في ذلك الحين.
أحمد منصور: يعني نقدر نعتبر دا نهاية قضية فلسطين.
شفيق الحوت: هو يعني تقدر تعتبر نهاية قضية فلسطين من 48 إن شئت.
أحمد منصور: لأ لكن دي نهاية رسمية عربية.
شفيق الحوت: ما.. ما هيك اللي عم.. يعني أصبح..
أحمد منصور: لأن أنا لازلت أقول لك إن من 48 لـ 67 لم تكن فلسطين تحتل أي اهتمام..
شفيق الحوت: طيب وخطوط الهدنة ما.. على أي أساس قامت يا أخ أحمد؟ ها إقرار بـ 1947، قرار التقسيم، إنما يعني كانوا العرب يعني كالنعامة يضعون رأسهم في الرمل، ويظنون، ونراهن على إنه المستقبل لنا، وإنه الدول العربية بس بدها شوية حركة، شوية تقدم، شوية تسليح، وبتنتهي إسرائيل!
أحمد منصور: أنت حضرت المؤتمر بعد كده.
شفيق الحوت: نعم.
أحمد منصور: اللي هو عقد في نهاية أغسطس 1967 في أكتوبر، وكان ما عُرف باسم: "لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف"، بعدين طبعاً قلت لي الآن حقيقة مهمة جداً إن مؤتمر وزراء الخارجية اكتفى بإزالة.. إزالة آثار العدوان يعني 67، بعد كده قَبِل العرب القرار 242 اللي صدر في نوفمبر 67، برضو اللي كان بينص على العودة لحدود 67، يعني الآن فلسطين التاريخية لم تعد في اهتمام العرب منذ ذلك التاريخ.
شفيق الحوت: لا.. لا طبعاً.. لا طبعاً.
أحمد منصور: لو طلبت منك تقول لي أهم الشواهد الأساسية في المؤتمر، باختصار.
(6/196)
شفيق الحوت: هو ما أشرت إليه أولاً هو يعني سقوط الأرض الفلسطينية المحتلة عام 48 من أجندة أو من جدول أعمال الأمة العربية أو الدول العربية يعني أصبح الحديث مباشراً وغير مباشر عربياً يتحدث عن إزالة آثار عدوان 67 ومن هنا كان موقف منظمة التحرير الذي.. التي انسحبت من مؤتمر القمة -على فكرة- في نهاية المؤتمر، إنه أصرينا على أن لا تنفرد أي دولة عربية بصلحٍ مع إسرائيل أو تقبل بأي حل يمس قضية فلسطين..
أحمد منصور: يعني في ذلك الوقت كنتم تشعروا إن عملية الصلح بدأت تترتب بعد 67.
شفيق الحوت: ممكنة.. ممكنة، لاسيما وأن الوضع العسكري كان منهاراً وأُعطيت الدول العربية ضوءً أخضر حتى من عبد الناصر، وهذه حقيقة بأنه حرصاً على مصير الضفة الغربية والقدس بالذات، فلتُبذل أي مساعي دبلوماسية لتحريرها إذا كان هذا ممكناً، واشترط عبد الناصر -ودا للحق كذلك- شرط ألا تفاوض مباشر مع إسرائيل، يعني الحديث يكون مع أميركا، فهذه الشاهد الأول.
الشاهد الثاني: تأكدت -وهذا انطباعي كان كصحافي وكشاب لسه كنت.. يعني أول نشأتي السياسية- إنه الأمة العربية في طور التكون وليست متكونة بعد، يعني.. يعني نحن أقطار عربية، وأكاد أقول يعني شعوب عربية.
أحمد منصور: يعني البُعد القُطري..
شفيق الحوت: والأوائل مختلفة..
أحمد منصور: البُعد القُطري كان..
شفيق الحوت: متكلِّس..
أحمد منصور: ظاهر..
شفيق الحوت: الوضع القطري كان متكلِّساً، ويعني بين جناحي الوطن..
أحمد منصور: طب دا يناقض كلامك اللي أنت بتقوله على عبد الناصر، معنى كده إن عبد الناصر لم يفلح في عمل أي شيء فيما يتعلق بالوحدة العربية.
شفيق الحوت: حاول.. حاول..
أحمد منصور: بالعكس كرس.. كرس القطرية وخلى كل قطر يتعصب على..
شفيق الحوت: حاول.. حاول..
أحمد منصور: وضعه القطري..
شفيق الحوت: حاول بالوحدة، ما.. ما.. ما نجح، إخواتنا السوريين آثروا الانفصال، عبد الناصر لم يكن..
(6/197)
أحمد منصور[مقاطعاً]: والانقلابات..
شفيق الحوت: بسماركي، لو كان بسماركياً عبد الناصر كان رد الانفصال، كان بعث يعني فرقة مصرية وأعادت الأمور إلى نصابها..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كانت رايحة في الطريق ورجعت..
شفيق الحوت: هو رجعها آه لأنه هو غير بسماركي وغير دموي يعني أنا بأذكر في لقاء كمان مع عبد الناصر في أعقاب ثورة بغداد في 63، ضد عبد الكريم قاسم..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أصل دا يناقض إن عبد الناصر بعث جيشه لليمن، وشوف عمل في اليمن أيه؟ وبعث قوات إلى بن بيلا، لتقاتل المغاربة.. يعني العرب يقاتلوا العرب، لكن الإسرائيليين لأ!!
(6/198)
شفيق الحوت: عبد الناصر يقر ويعترف بأنه لم يأتِ بنظرية متكاملة، ولم يكن أصلاً صاحب نظرية عبد الناصر. عبد الناصر كانت حياته تجربة وخطأ وهذا لا يعيب الرجل، لأنه جاء من يعني عبد الناصر أعطى أكثر مما كان متوقع منه، عبد الناصر كان مفروض يكون حسني الزعيم آخر، سامي الحناوي، شيشكلي آخر، لا أكثر ولا أقل لكن لأن مصر هي مصر، فالانقلاب في مصر.. يعني أُضطر أن يكون له تداعيات أثرت بالتأثير الذي عشناه في الفترة الناصرية، عبد الناصر ليس إلهاً، ليس معصوماً عن الخطأ، عبد الناصر كان إنساناً يحاول، لم يكن متآمراً، لم يكن ضد هذه الأمة كان يحلم أحلاماً كبيرة، ولكن يمكن قدراته والظروف لم تكن تساعده، وأعود وأكرر: أنه في 63 كان هنالك إمكانية لقيام دولة ثلاثية، من بغداد ودمشق والقاهرة، كانت مباحثات وربما الرئيس بن بيلا، ما أعرفش إذا قال لك في إحدى الحلقات اللي عملتها معه، إنه كانت الجزائر على استعداد -في ذلك الحين- لأن تكون الدولة الرابعة في دولة الوحدة العربية لو نجحت المحادثات بين بغداد ودمشق والقاهرة، كان الحلم القومي وارد يا أخ أحمد، الكلام دا النهارده، يعني قد يبدو سخيفاً أو بعيداً عن متناول اليد، لكن يجب أن يتذكر المشاهد أننا نتكلم بالخمسينات والستينات، وكان الشعور لدى شبابنا في.. إحنا الشباب كنا ذلك الجيل أن الوحدة ممكنة، وإنه لشو مصر والسودان دولتين، لشو.. لشو ها..
أحمد منصور: كانوا دولة واحدة، عبد الناصر هو اللي في 54 خلاها تنفصل.
شفيق الحوت: نعم؟
أحمد منصور: مصر والسودان كانوا دولة واحدة لسنة 54.
شفيق الحوت: كانوا دولة واحدة في.. بظل بريطانيا، يعني -على كل حال- أنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: بغض النظر عن أي ظل الآن..
شفيق الحوت: على كل حال..
أحمد منصور[مقاطعاً]: عبد الناصر هو اللي خلى..
شفيق الحوت: على كل..
أحمد منصور: الانفصال يحدث..
(6/199)
شفيق الحوت: عبد الناصر لم يكن -زي ما قلت- صاحب نظرية وحدوية عبد الناصر كان رجلاً سياسياً يتعامل مع الظروف السياسية، يعني لم يكن.. مش ميشيل عفلق، مش حركة القوميين العرب، كلهم دول سابقينه بالنظريات وبالأهداف، لكن عبد الناصر.. وهنا اسمح لي أن أقول بصراحة شيئاً مهماً -كمشرقي- نحن كنا نستشعر أهمية دخول مصر أكثر في معترك المصير العربي شرقي القنال، كنا نشعر أحياناً إن مصر.. صحيح هي دولة عربية تتكلم اللغة العربية، معظم أبنائها من المسلمين، تاريخها معروف لكن في العهد.. في أواخر العهد التركي صار مصر تقريباً دولة يعني بعيدة عن المشرق العربي إلا في عهد محمد علي عندما دخل إبراهيم باشا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: بالعكس، محمد علي.. طبعاً..
شفيق الحوت: آه، فكنا نريد ذلك كنا نريد محمد علي آخر..
أحمد منصور[مقاطعاً]: ومصر بُعدها الاستراتيجي كله في مشرقها.
شفيق الحوت: طبعاً، وبابها القومي، الأمن القومي عندها من المشرق فكنا نحلم.. كنا نحلم في أنه مين مؤهل لقيادة هذه الأمة أكثر من مصر؟ يعني معذرة -بدون تقليل من أهمية أي شعب- يعني إحنا صار عندنا شعوب تسمى بالجغرافيا، الشعب الصحراوي عمرك سمعت شعب اسمه الشعب الصحراوي؟ والشعب السواحلي؟ والشعب الخليجي؟! إحنا أمة عربية أو نتمنى أن نكون فعلاً أمة عربية وأن نتكون في إطار دولة واحدة ولكن يبدو أن هذا يعني من المستحيلات السياسية في عملية الصراع على المستوى الدولي.
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول أيضاً أن مؤتمر الخرطوم كرَّس الاحتلال الإسرائيلي الكامل لفلسطين التاريخية 1948، وبدأت مساعي العرب تنحصر في إزالة آثار العدوان واللاءات الثلاث أيضاً كانت أيضاً لا تخفي إمكانية التفاوض، ولكن عن طريق طرف ثالث، وهو الولايات المتحدة الأميركية؟
شفيق الحوت: إن أردت..
أحمد منصور: ودا اللي خلى عبد الناصر في مارس 70 يبدأ مبادرة (روجرز).
(6/200)
شفيق الحوت: إن أردت توخي الدقة، أنا بس بأستبدل كلمة واحدة، كل اللي اتفضلت فيه مضبوط باستثناء عبد الناصر لم يمس قضية.. بل كان ساكتاً يعني هو قال إيجابياً.. مشي بمشروع إزالة آثار العدوان، استرداد الضفة والقطاع، والقدس طبعاً وسيناء والجولان، إنما لم يجرؤ ولم يسمح بالمس بقضية فلسطين، يعني مشروع (تيتو) حتى المشاريع الأميركية، مشروع الأمم المتحدة التي عُرضت في أعقاب الـ 67، من حاول منهم أن يمس في قضية فلسطين، وقف عبد الناصر ضد هذا الشأن، وبقية الدول العربية آثرت الصمت، اعتبرت إنه الصمت يعني كفيل بـ.. بلاش تهييج الشعب والرأي العام أما هو يمكن ضمنياً كانت النوايا آه خلاص.
أحمد منصور: لأن طبعاً.
شفيق الحوت: إسرائيل...
أحمد منصور: الشعوب.. الشعوب أدركت أنها خُدعت من حكامها والهزيمة وقعت، وبدأت الناس حتى الشباب يأتوا من كل الدول العربية ويذهبوا إلى الأغوار في الأردن وإلى.. للسعي للقيام بعمليات ضد.. وإلى هنا في لبنان، في منطقة الجنوب، للقيام بعمليات ضد إسرائيل وبدأ العمل الفدائي يأخذ صورة أخرى غير الصورة اللي أخذها قبل كده، العمل الفدائي ربما من يناير 65 لمايو 67 -كما رصد يزيد صايغ- قام بـ 113 هجوم، قُتل فيها 11 إسرائيلي فقط وجُرح 62، فلم يكن هناك فاعلية أساسية للعمل الفدائي من 65 إلى 67، ولم يكن يشكل إزعاج حقيقي لإسرائيل بقدر ما كان بيثير قلق الإسرائيليين، في هذه الفترة الصراع مع الشقيري ازداد، في 4 ديسمبر 67 تلقى الشقيري مذكرة من أعضاء اللجنة التنفيذية يطالبونه بالتنحي، كنت عضو لجنة تنفيذية في ذلك الوقت؟
شفيق الحوت: ما هو أنا كنت في اللجنة التي في عهدها أعلن عن قيام مجلس الثورة وكنا ضده، وبعدين ألغي مجلس الثورة وعمل لجنة جديدة، أخرجني منها..
أحمد منصور: بدأ الصراع بين الشقيري وبين أعضاء اللجنة.. وبين كل القيادات في.. في حقل منظمة التحرير..
شفيق الحوت: لكل واحد..
(6/201)
أحمد منصور: الكل وقف ضد الشقيري واضطر الشقيري في 25 ديسمبر 1967 أن يوجه استقالته إلى الشعب عبر إذاعة المنظمة التي كانت تبث..
شفيق الحوت: القاهرة..
أحمد منصور: من القاهرة، ويحيى حمودة تسلم مهمات الرئيس بالوكالة، في الفترة من 67 إلى 1970 أو أحداث سبتمبر/ أيلول في الأردن تحديداً في هذه الفترة كان العمل الفدائي الفلسطيني بدأ يأخذ زخم آخر سواء هنا في لبنان أو في الأردن، بصفتك أنت كنت ممثل المنظمة هنا في لبنان ويعني سأبقى معك على الساحة اللبنانية بصفتك أنت الآن شاهد على فترة الوجود الفلسطيني في لبنان بالدرجة الأساسية، كيف كان وضع الوجود الفلسطيني في لبنان بعد العام 67؟
وضع الوجود الفلسطيني في لبنان بعد العام 1967
شفيق الحوت: بعد العام 67 الأنظمة العربية إجمالاً، بما فيها لبنان كانت شاعرة بالإثم والذنب والتقصير، وبالتالي لم تكن قادرة على مجابهة هذا الزخم الجماهيري الذي دعم العمل الفدائي..
أحمد منصور: أنا عفواً مبادرة روجرز في 19 يونيو 70 أنا قلتها بتاريخ خاطئ قبل كده..
شفيق الحوت: أيوه، نعم، فكانت الأنظمة العربية يعني مهادنة أو مطنشة يعني متجاهلة العمل الفدائي لأنه عارفة إنه أي وقفة ضده تهدد أي نظام عربي في تلك الفترة.
أحمد منصور: أيه أهم القوى السياسية اللي كانت على الساحة اللبنانية.. الفلسطينية؟
شفيق الحوت: جماهير منظمة التحرير الفلسطينية، وفصائل اللي.. اللي صرنا نسميها فصائل الثورة الفلسطينية فتح والجبهات المختلفة.
أحمد منصور: لكن كانت حركة القوميين العرب لها وجود.
شفيق الحوت: كانت صار اسمها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
أحمد منصور: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
شفيق الحوت: وكانت ثلاثية، كانت جماعة أحمد جبريل وجماعة فيما بعد الديمقراطية نايف حواتمة وجورج حبش، كان هؤلاء الثلاثة جبهة واحدة للأسف انقسموا فيما بعد.
(6/202)
أحمد منصور: وأنتم أيضاً كانت.. كانت جبهتكم بتحتل.. جبهة تحرير فلسطين طريق العودة كان لها مركز.
شفيق الحوت: وكانت جبهتنا موجودة.. كان لها وجود.
أحمد منصور: يزيد صايغ قال كانت بتحتل المرتبة الثانية في القوة على الساحة اللبنانية.
شفيق الحوت: كنا.. لأن أنا كنت مدير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، فذلك.. ذلك أعطاني يعني نوع من الزخم لمساعدة تنظيمي..
أحمد منصور: يُقال إن أتباع جبهة التحرير الوطني كانوا بيحتلوا المرتبة الثانية في لبنان بعد حركة القوميين العرب.
شفيق الحوت: ولا تنسَ إنه كنت أنا قد أصبحت عضو لجنة تنفيذية وكنت مدير مكتب المنظمة هنا وكنا اتفقنا مع جبهة التحرير الأخرى، فوجودنا في المنظمة ما فيه شك إنه ساعد تنظيمنا من حيث توزيع أعضاءه وكوادره بين جيش التحرير ودوائر التنظيم الشعبي المختلفة والاتحادات المهنية والنقابية.
أحمد منصور: وديع حداد انتقل إلى عمان في أول العام 68، جورج حبش اعتقل في سوريا في مارس 68، أنت انسحبت في صيف 68 من جبهة..
شفيق الحوت: حللنا التنظيم.
أحمد منصور: حليتوا التنظيم وذاب التنظيم أو أعضاؤه انضموا إلى التنظيمات الأخرى، الشعب اللبناني وبالذات القرويين ومناطق الجنوب كانوا بدءوا يتعاطفوا كثيراً مع المقاومة الفلسطينية، جاء هنا لمعي كمبرجي وسمير أبو غزالة لإعادة بناء تنظيم فتح في لبنان، أهل لبنان كانوا متعاطفين كتير مع..
شفيق الحوت: العمل الفلسطيني..
أحمد منصور: العمل الفلسطيني، لكن ماذا كان موقف شارل الحلو رئيس الدولة وعبد الله اليافي رئيس الوزراء من الفلسطينيين آنذاك؟
(6/203)
شفيق الحوت: شأنه شأن أي رئيس دولة عربية وأي حكومة عربية، بمعنى أنه لا يستطيع أن يجاهر بالعداء للعمل الفدائي الفلسطيني رغم ما يحمل هذا العمل من مخاطر على مصير الدولة المضيفة للاجئين الفلسطينيين، الدول العربية كانت في الـ 67 وحتى الـ 70 يعني مستسلمة لهذا الزخم الشعبي الذي لقيه العمل الفدائي في أعقاب نكسة 1967، ومما عزز شعبية العمل الفدائي والنضال الفلسطيني معركة الكرامة التي قامت...
أحمد منصور: في الأردن..
شفيق الحوت: في مارس 1968 في الأردن، وكانت أول اشتباك في أعقاب الـ 67 وحقق الفدائيون وللحق بمساندة من عناصر من الجيش العربي الأردني.
أحمد منصور: طبعاً كان الفريق مشهور حديثة الجازي كان هو القائد وأنا سجلت شهادته على العصر في هذا البرنامج.
شفيق الحوت: نعم ورجل مشهور في وطنية ومساندته للعمل الفدائي.
أحمد منصور: نعم، وقال أنه اشتبك في هذه المعركة دون أي أوامر من القيادة الأردنية وإنما بمحض أنه هوجم فردَّ على الهجوم.
شفيق الحوت: هذا صحيح.. هذا صحيح.
أحمد منصور: وكان طبعاً مساندة من كتائب.. من الفدائيين الفلسطينيين آنذاك، ودي كانت أول معركة ينتصر فيها العرب على الإسرائيليين منذ العام 48.
شفيق الحوت: يعني بنحب نقول هيك لكن آهي يعني كانت ردة فعل لاعتبار النفس الحزينة في أعقاب 1967 يعني خلينا الأمور تاخد أحجامها ولكن بالنسبة لهزيمة 4 جيوش، 5 جيوش عربية أو 3 جيوش عربية يعني مجموعة من الشباب وفريق.. جزء من الجيش الأردني أن يُكرِهوا (موشى ديان) شخصياً على الانسحاب، كان شيئاً يعني.
أحمد منصور: بالضبط، والمطالبة بوقف إطلاق النار جاءت من الإسرائيليين.
(6/204)
شفيق الحوت: جاءت من الإسرائيليين، يعني كانت عملية إعلامية أكثر منها عملية عسكرية، الأمر الذي يعني جَيَّش الأمة العربية والشباب العرب من جميع أنحاء الوطن العربي وجميع أنحاء العالم للانخراط في العمل الفدائي الفلسطيني الذي كان قد أصبح متمركزاً في الساحة الأردنية وفي منطقة الأغوار بالذات قريباً من نهر الأردن حيث يمكن العبور إلى الضفة الغربية.
أحمد منصور: في ديسمبر 68 شنت القوات الخاصة الإسرائيلية هجوماً على مطار بيروت دمرت فيه 13 طائرة ركاب مدنية على أرض المطار انتقاماً من هجوم على طائرة مدنية إسرائيلية في أثينا، استقال عبد الله اليافي رئيس الوزراء وحل محله رشيد كرامي، وفي 23 أبريل 68 قامت مظاهرات في لبنان لدعم الفدائيين، يعني كان برضو العمل الفدائي في لبنان أو وضع الفلسطينيين في لبنان كان واخد بعد زخم أيضاً لكن كان هناك قلق لبناني وكان هناك صدامات فيه اشتباكات وقعت بين الفدائيين والجيش اللبناني في مايو 68، فيه هجمات كانت بتتم من الجبهة اللبنانية على.. على إسرائيل أيضاً في أغسطس.. سبتمبر 68 تمت بعض الهجمات، 6 أكتوبر قلت 68 تم هجوم على مكتبكم أيضاً ومحاولة.. عملية محاولة للاغتيال.. وسائل اختراق الموساد.. الموساد كان بدأ يعمل عملية اختراق للجبهة اللبنانية، في 24 أكتوبر 68 حدث نوع من الإضراب والتجاوب مع الفلسطينيين، حدثت معارك قتل فيها حوالي 24 إلى آخر أكتوبر 68، 24 فدائي، قتل بعض..، هذا الزخم وهذا الصراع اللي كان بين الجيش وبين الفدائيين هنا على الساحة اللبنانية، ما هي الأشياء التي أدى إليها في النهاية؟
شفيق الحوت: يعني لابد من القول بأن ما حدث في لبنان كان معجزة لم تخطر على بال أي سياسي ذو خيال جامح..
أحمد منصور: كيف؟
(6/205)
شفيق الحوت: لأن لبنان هو الحلقة الأضعف فيما يسمى دول الطوق المحيطة في إسرائيل، الكيان الفلسطيني المحتل، لبنان كان بلد ضعيف، نسيجه الاجتماعي مختلف مسلم مسيحي وطوائف 16 طائفة في لبنان ولها اتجاهات سياسية متباينة ومختلفة، يعني كانت صيغة الحكم في لبنان بحد ذاتها صعبة ودقيقة وهشة ولا تحتمل أي اهتزاز خارجي، فالعمل الفدائي رغم ذلك في البدايات عندما كان أشبه من العمل الإعلامي منه بالعمل العسكري، يعني كانت العمليات العسكرية رمزية وقليلة، لم يكن لبنان يشكو من شيء، بالعكس كان يعتز بدوره وكان فاتح أبوابه بكل طوائفه مُرحِّباً بالحركة الوطنية الفلسطينية، ولكن مع تطور الأمور وبداية التمركز في جنوب لبنان، وكان ذلك في أوائل الـ 68 حيث بدأ أول قاعدة عسكرية لفتح في الجنوب وكان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأنتم كنتم فين منظمة التحرير؟
شفيق الحوت: نحن كنا كذلك في الجنوب وفي المخيمات، كنا في الجنوب لكن لم يكن لنا قواعد ثابتة، لم يكن لنا قواعد ثابتة وكان عندنا ما يسمى قوات التحرير الشعبية، اللي هي جزء من جيش التحرير مفروز للعمل المباشر، العمل الفدائي الفلسطيني بدأ بهذه القاعدة يعني يتمركز في لبنان.
أحمد منصور: وكانت فتح إلى ذلك الوقت ماركبتش فوق منظمة التحرير أو..
شفيق الحوت: لا لسه.. لا لسه، وكان المسؤول عنها الأخ أبو العز الدجاني اللي هو الآن سفير المنظمة في الجزائر، كان أول من جاء من فتح..
أحمد منصور: إلى هنا..
(6/206)
شفيق الحوت: يعني بزي عسكري يمارس العمل الفدائي، في البداية يعني حتى إخوتنا في الجنوب لم يكونوا سعداء جداً بالتواجد الفدائي الفلسطيني، لأنهم كانوا قلقين على أنه قربهم من إسرائيل قد يهدد مزارعهم وقراهم، ولا سيما أنه لم يكن هنالك تعبئة قومية كما حدث فيما بعد، وكان الجيش اللبناني له نفوذه في الجنوب وقوى الأمن الداخلي لها نفوذها في الجنوب وكانت يعني شديدة التأثير على المواطنين في الجنوب، لكن مع تطور العمل الفدائي وبسرعة، كذلك تطورت الحركة الوطنية في لبنان وبدأت عملية الفرز إلى حدٍ ما بين الدولة من جهة وبين فريق آخر من اللبنانيين يعني المسيحي السياسي بالنسبة للعمل الفدائي، الدولة اللبنانية كانت حجتها ضعفها وأنه هي تقبل العمل ضمن إطار الاستراتيجية العربية الموحدة، ولا يجوز أن تنفرد..
أحمد منصور: خاصة وإن مصر وسوريا كانوا بيهددوا لبنان بشكل دائم. في الوقت مصر وسوريا.
شفيق لبنان: يعني مصر وسوريا يهددوا؟!
أحمد منصور: بيضغطوا على لبنان لقبول العمل الفدائي..
شفيق الحوت: آه يعني كان..
أحمد منصور: في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تدعم الحكومة اللبنانية في موقفها ضد الفدائيين.
شفيق الحوت: آه، هذا صحيح، فكان هنالك تضارب في الحكومة، يعني رئيس الوزراء المسلم كان يصعب عليه أن يتخذ موقفاً مؤيداً 100% للعمل الفدائي، ولكنه الأصعب أن يتخذ موقفاً مضاداً، بينما رئيس الجمهورية يعني بالعكس إلى حدٍ ما.
أحمد منصور: لكن في 3 نوفمبر 1968 وُقِّعت اتفاقية سرية في القاهرة بحضور وزير الدفاع ووزير الخارجية المصريين بين ياسر عرفات وإميل البستاني قائد الجيش اللبناني لوقف إطلاق النار بين الفدائيين والجيش اللبناني ونصِّت هذه الاتفاقية على إعطاء الفلسطينيين في لبنان حقوقاً مكنتهم بعد ذلك من أن يكونوا دولة داخل الدولة اللبنانية.
(6/207)
شفيق الحوت: أظن الحكي هذا بالـ 69. أنا غير واثق بس أظن اتفاقية القاهرة كانت سنة 1969.
أحمد منصور: أنا التاريخ اللي عندي 3 نوفمبر 68 وهأراجعها لأني هأبدأ بها الحلقة القادمة..
شفيق الحوت: آه، على كل حال نتأكد منها..
أحمد منصور: أشكر حضرتك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(6/208)
الحلقة6
(6/209)
الخميس 12/12/1423هـ الموافق 13/2/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 14:36(مكة المكرمة)،11:36(غرينيتش)
شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية
تاريخ الحلقة
09/02/2003
- توقيع اتفاقية القاهرة بين منظمة التحرير ولبنان.
- بداية السبعينات وتحوُّل وضعية العمل الفدائي الفلسطيني.
- تميُّز عرفات واختياره رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية.
- تقييم شفيق الحوت للأداء الفلسطيني في الأردن وأحداث أيلول.
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة- الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان) أستاذ شفيق، مرحباً بك.
شفيق الحوت: مرحباً بكم.
توقيع اتفاقية القاهرة بين منظمة التحرير ولبنان
أحمد منصور: وقفنا في الحلقة الماضية عند اتفاقية القاهرة، وهي كما ذكرت أنت في العام 69، وتحديداً في الثالث من نوفمبر 1969 وقعت هذه الاتفاقية التي أشكرك أن أحضرت لي صورة من.. منها، في الثالث من نوفمبر 69 اجتمع في القاهرة الوفد اللبناني برئاسة عماد الجيش إميل البستاني، وفد منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة السيد ياسر عرفات رئيس المنظمة، وحضر من الجمهورية العربية المتحدة السيد محمود رياض وزير الخارجية، والفريق أول محمد فوزي وزير الحربية، وتم توقيع الاتفاقية ببنودها المختلفة، التي ستصبح بعد ذلك محور هام في العلاقات اللبنانية الفلسطينية.
شفيق الحوت: نعم.
أحمد منصور: أيه في تصورك... يعني عشان ما أسردش كل بنود الاتفاقية، لكن أيه أهم المكتسبات اللي حصل عليها الفلسطينيين من وراء هذه الاتفاقية؟
(6/210)
شفيق الحوت: هو لابد من التمهيد بإيجاز حتى نصل للأسباب التي أوجبت توقيع مثل هذه الاتفاقية، إذ كلنا نذكر أنه في الـ 64 قامت منظمة التحرير الفلسطينية، وكان هذا يعني منعطف في تاريخ العلاقة الفلسطينية مع الدول المضيفة في الوطن العربي، لأنهم كانوا قبل قيام منظمة التحرير بدون مرجعية، في الـ 65 قامت فتح وأطلقت الرصاصة الأولى، وأعلن بداية الكفاح المسلح ضد إسرائيل، وكذلك هذا العمل كان حدثاً استراتيجياً مهما كان له تأثيره على دول الطوق المحيطة بإسرائيل ومن الجملة لبنان، في الستينات في هذه المرحلة من 64 فصاعداً كان النضال الفلسطيني يحاول العمل على جبهتين تصحيح الوضع الفلسطيني كلاجئ في دول مضيفة، يعني يحاول أن ينتزع لهم بعض المكاسب أو بعض الحقوق الإنسانية التي كانوا مجردين منها حتى تلك الأيام.
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف كانوا يعاملوا؟
شفيق الحوت: كانوا يعاملوا بدون بروتوكول واضح.. بدون اتفاق معين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل دولة لها أسلوبها في التعامل.
شفيق الحوت [مستأنفاً]: كل دولة لها أسلوبها الخاص، ولكن الصفة العامة بين معظم الأنظمة العربية التي استضافت الفلسطينيين كانت البعد الأمني هو المسيطر أو هو الهاجس الذي كان يحكم هذه العلاقة ولا سيما بالنسبة للدول المضيفة، يعني الفلسطيني في لبنان -على سبيل المثال -كان يعيش في معسكرات محكومة مباشرة من قِبَل دوائر المخابرات العسكرية وقوى الدرك اللبناني، وكان أي مخالفة تجري لا.. لا يتم إحالتها إلى الفضاء المدني، وإنما كانت تحل بالوسائل العسكرية، وكانت يعني وسائل قمعية وبعيدة عن الإجراءات القانونية حتى في إطار الإدارة العسكرية، كان الفلسطيني فعلاً ممنوع حتى من أن ينتقل من مخيم إلى مخيم، يعني كثيراً ما كنا نعاني، الشاب الفلسطيني يخطب فتاة فلسطينية من مخيم آخر، كان بحاجة إلى إذن من السلطات والمخابرات العسكرية حتى ننقل العروس من مخيم إلى مخيم.
(6/211)
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني الحب بأمر عسكري.
شفيق الحوت [مستأنفاً]: آه، الحب بأمر عسكري، ويعني قس على هذا مدى الضيق في الحريات التي كان يعاني منها الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى منع العمل في المعظم إلا بترخيص خاص كان من الصعب الحصول عليه، ناهيك عن المنع التام لأي تحرك جماعي ثقافي، رياضي، وبالطبع سياسي أو نقابي مهني، كان هذا ممنوعاً منعاً باتاً.
أحمد منصور: طبعاً ده بيكون له آثار شديدة جداً على الجانب الإنساني بالنسبة لأي إنسان يعيش داخل هذا الـ..
شفيق الحوت: آه طبعاً، وهذا.. والحقيقة الشعب الفلسطيني رفض هذه.. هذه المعادلة، ويعني كان فيه فضل لبعض الإخوان أذكر منهم بالخير ذكرته في حلقات سابقة الأخ أبو ماهر اليماني وجملة من القوميين العرب، ونحن كنا طلائع لسه في بداياتنا الذين كنا نقاوم هذه الاتجاه.. الاتجاهات القمعية..
أحمد منصور: لكن ما هو المطلوب من دولة تريد أن تحافظ على كيانها.. تريد أن تحافظ على سيادتها، تريد أن تحافظ على أرضها وأنتم في نفس الوقت تطالبون بمكتسبات وبأشياء يمكن أن تهز أمن هذه الدولة وسيادتها، يعني أيه الصورة المثلى التي كان يمكن أن تحدث في ذلك الوقت؟
شفيق الحوت: أنت تذكرني بحديث جرى بيني وبين الرئيس الراحل فؤاد شهاب.. الذي.
أحمد منصور: الرئيس اللبناني..
شفيق الحوت: انتهت ولايته، نعم الرئيس اللبناني فؤاد شهاب الذي انتهت ولايته في الـ 64، وكان خليفته شارل الحلو الذي كان محسوباً عليه، يعني كأنه امتداد للعهد الشهابي، فأنا ذهبت..
أحمد منصور: العهد الشهابي ده كان عهد عسكري بس عشان..
(6/212)
شفيق الحوت: هو فعلاً يعني هو أبو النظام العسكري، هو العهد الشهابي، فلما سرت أنا كنت أعرف الرئيس الراحل كصحفي، ثم زرته بوصفي مديراً لمنظمة التحرير الفلسطينية أشكو له من بعض المعاملات المبالغ فيها القمعية التي يتعرض لها الإخوة الفلسطينيين، ولا.. ولا أريد في هذه اللحظات أن أنكأ جراح ماضية لأصوِّر مدى المعاناة وبشاعة المعاناة التي كان يعاني منها بعض الفلسطينيين.
أحمد منصور: اسمح لي أقول لك إحنا مش بننكأ الجراح، إحنا بنتحدث عن واقع انتهى، يعني صورة تاريخية.
شفيق الحوت: يعني الضرب، التعذيب، هنالك من قيل إنه انتحر في السجن، ولكن يقال أنه قتل في السجن، يعني أخذ الناس ووضعهم إدراياً في السجون والمعتقلات دون تحويلهم إلى محاكمة..
أحمد منصور: كل ده 64 تقريباً..
شفيق الحوت: كل ده في الستينات.. في بدايات.. في بداية الستينات والخمسينات طبعاً منذ أن بدأ الوجود الفلسطيني في لبنان، فقلت له: يا فخامة الرئيس، يعني أرجوك الآن يعني توعز للشباب، وأقصد بذلك رجال الاستخبارات العسكرية اللي كانت تسمى الشعبة الثانية أو المكتب الثاني، وهذه كلمة كان يتقزز منها الفلسطيني، لما تقول له شعبة ثانية، أو المكتب الثاني يرتعد خوفاً منها، فكان يسميهم الشباب.. جماعته، فقلت له يعني زايدينها الشباب شوية يعني يا فخامة الرئيس كان ممكن يعني توعز لهم يعني على الخفيف، شوي يعني، إنه أنا عم بيجيني من يراجع أنه هذا وهذا وهذا اعتقلوا للا سبب أو لسبب تافه لا يستحقوا كل هذا العذاب، قال لي: لا.. لا، هذا مش اجتهاد منهم، هذه فكرتي أنا.
أحمد منصور: آه!!
شفيق الحوت: هذه فكرتي أنا، قال لي: اسمع أنتوا مين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني فؤاد شهاب بنفسه هو اللي كان بيصدر الأوامر فيما يتعلق..
(6/213)