أحمد أبو صالح: قبل.. قبل حركة العراق في تشرين في أكتوبر/تشرين قبلها بسوريا مذ قفزنا إلى الحكم، قررنا نحن وبتكتل، وهذا التكتل ممنوع بالحزب ممنوع، نحنا في الحقيقة كنا متكتلين، والاجتماعات كانت تتم في منزلي..
أحمد منصور[مقاطعاً]: طيب أيه معنى الآن.. أيه معنى الآن وجود تيار ناصري وجود تيار ماركسي داخل حزب البعث؟ كان فيكم ناصريين، كان فيكم ماركسيين.. أنتم كنتم ماركسيين..
أحمد أبو صالح: أيه إلى حد.. طبعاً.. يعني..
أحمد منصور: والناصرية والماركسية إذا كان هناك ما يسمى بالناصرية كأفكار ومبادئ ومذهب فكري تختلف اختلاف بعثي عن.. كان فيه صراع بين عبد الناصر وبين البعثيين، كان فيه صراع بين الماركسية وبين البعثيين، معنى كده أيه؟ معنى كده إن أفكار البعث لم تكن متشبعة لأبنائه؟!
أحمد أبو صالح: موضوع الناصريين ما كانوا موجودين في الحقيقة، كانوا انشقوا عن الحزب، جماعة الأستاذ أكرم الحوراني والناصريين اللي شكلوا تنظيم..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أكرم الحوراني كان اشتراكي انشق..
أحمد أبو صالح: صح.. انشق، وانشقوا أيضاً..
أحمد منصور: والناصريين، جاسم علوان ومجموعته..
(3/340)
أحمد أبو صالح: عدد من البعثيين انشقوا وعملوا تنظيم اسمه الوحدويين الاشتراكيين، هؤلاء ينادون بإعادة الوحدة، ثم النظر بالتطوير، نحن كنا بعثيين لا يجوز إطلاق علينا كلمة ناصريين، نحنا بعثيين، يعني معتبرين نفسنا نحنا بعثيين، داخل.. داخل هذا التنظيم البعثي اللي قفز إلى السلطة دون أن ندري بأن الأستاذ أكرم الحوراني منفذ أيضاً على بعض الذين قاموا بـ8 آذار وأيضاً الوحدويين الاشتراكيين منفذين، رغم استقالتهم من الوزارة، لكن بقوا على علاقة بواسطة أشخاص معينة، مثلاً صلاح جديد بقيت علاقته وطيدة بالناس اللي كنا نطلق عليهم إنهم قُطريون، هادولا أقرب للأستاذ أكرم الحوراني، هذا صلاح جديد، محمد عمران كان أقرب ما يكون إلى الوحدويين الاشتراكيين اللي قيادتهم تقدر تقول نصيرية مثل فايز إسماعيل وأدهم مصطفى، شايف فتوزعوا الأدوار، وحافظ الأسد اصطف إلى جانب اليسار.
أحمد منصور: الآن بعد المؤتمر القومي.. سَحَب المؤتمر القومي الثقة من القيادة القُطرية منكم أنتم..
أحمد أبو صالح: لأ سُحبت منا الثقة ليس بالمؤتمر القومي، بمؤتمر قُطري استثنائي، أطلقوا عليه المؤتمر القُطري الاستثنائي، في حين أن المؤتمر القُطري الاستثنائي بحكم النظام الداخلي يجب أن يضم فقط أعضاء المؤتمر القُطري العادي، فهم أتوا بعدد من العسكريين يتجاوز الخمسة عشر عسكري وأضافوهم إلى المؤتمر القُطري وسموه مؤتمر قطري استثنائي..
أحمد منصور: أيه معنى كده؟
أحمد أبو صالح: معنى ذلك إن هم بالحساب طلع معاهم..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لأ مش بالحساب أنا بأقول كتصرف وسلوك، ما بأتكلمش على الحساب.
أحمد أبو صالح: تخلص منا، تآمر علينا، الغرض هو التخلص منا كما تخلصوا من رفاقنا بالعراق..
أحمد منصور: ردكم كان أيه على هذا؟
(3/341)
أحمد أبو صالح: نحنا رفضنا، بعدما تلينا البيان السياسي، بيان القيادة القُطرية السياسي، وشاهدنا بأُم أعيننا إنه اجتماعات عم بتتم بالطابق الثاني مع عسكريين ليس لهم علاقة بالمؤتمر القُطري أعلنَّا رفضنا بأن هؤلاء ليسوا أعضاء، نحنا القيادة فلو كانوا هادولا أعضاء مؤتمر نحن أدرى، والمؤتمر الاستثنائي مفروض يكون فقط..
أحمد منصور[مقاطعاً]: ما الذي ترتب على ذلك؟
أحمد أبو صالح: ترتب على ذلك إنه نحنا عندما سُحِبت الثقة خمسة مننا لم يرشحوا أنفسهم، أربعة عفواً.. أربعة لم يرشحوا أنفسهم، واللي ترشحوا العسكريين الثلاثة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: مين ومين؟
أحمد أبو صالح: حافظ الأسد ومحمد عبيد ومحمد رباح الطويل، بأمر طبعاً من قيادتهم ونور الدين الأتاسي وقت اللي أحس بأن الثقة ستُسحب منا فصف إلى جانب الآخرين، ميشيل عفلق بها المناسبة قام وقال إنه هذا الإجراء اللي أنا يعني كنت أتمنى ألا يقع، لكن لابد من وقوعه لأنه صار فيه أخطاء و.. و.. إلى آخره، ولكن هذا لا ينسحب على الرفيق أحمد أبو صالح، أرادوا يجروني أنا كما جروا نور الدين الأتاسي..
أحمد منصور[مقاطعاً]: إشمعنى؟
أحمد أبو صالح: لأ لأنه أنا بيعرفوا إنه أنا كنت واضح كل الوضوح، وأطرح قناعاتي بصراحة وجرأة، بيجوز يعني من العلويين ما كانوا مرتاحين، بس ميشيل عفلق والآخرين يعني إنه هذا أبو طموح، صحيح إله فكر.. يعني أقرب إلى اليسار لكن بيبقى إنسان يعني من وجهة نظرهم.
أحمد منصور: هل ما قمتم به من عمليات تأميم ومصادرة لأملاك الناس وظلم وقع على كثير من الناس، أنت مقتنع إلى اليوم إن اللي عملتوه صح؟
أحمد أبو صالح: اليوم غير مقتنع 100%، ولكن عندما تم ذلك كنت متحمساً.
أحمد منصور: الآن بعد تقييمك للي عملتوه..
(3/342)
أحمد أبو صالح: كانت يعني كانت عملية تخريب للاقتصاد السوري، ذلك لأننا فعلنا أيضاً كما فعل هلال رسلان بحلب، سلمنا كل المتاجر، كل الشركات تقريباً لصبيان، 18 و19 و20 و25 سنة صاروا يديروا أكبر الشركات، وما فيه شيء اسمه قانون تأميم أو مرسوم تأميم، قطعاً لأ، استيلاء تقدر بتقول، أضربت المدن...
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني الدولة.. الدولة تحولت إلى عصابات؟
أحمد أبو صالح: أيه خلينا نقول، يعني استولينا نحن، ما طلعنا قانون..
أحمد منصور: يعني شغل عصابات؟
أحمد أبو صالح: أيه شغل عصابات سيدي، استولينا نحنا على المحلات التجارية والشركات التي أعلنت الإضراب، نزلنا الحرس القومي و.. وبدأ بتكسير الأقفال، يعني مو موضوع نجيب الإنسان نقول له افتح المحل ونناقشه لأ، المدينة أغلقت حوانيتها، والشركات توقفت وإلى آخره، فنحنا أرسلنا هؤلاء الناس مو نحنا طبعاً، لكن جهة ما، نحنا مسؤولين عنها..
أحمد منصور: أيه جهة ما يعني؟
أحمد أبو صالح: نعم؟
أحمد منصور: أيه الجهة الما دي؟
أحمد أبو صالح: يعني تقدر تقول المخابرات العسكرية والناس اللي عم بيحكموا من خلف الستار..
أحمد منصور: وأنتم خدتم القرار دا في مجلس قيادة الثورة؟
أحمد أبو صالح: لا أبداً..
أحمد منصور: أُمَّال مين اللي خده؟
أحمد أبو صالح: أبداً.. أبداً، حتى أنا يعني باجتماع بيني وبين محمد عمران وأحمد سويداني هذا اللي كان بالصين واتهم بإنه له علاقة بالمخابرات المركزية، يعني طُلب إلينا أن نعالج المشكلة، دعينا التجار وبدأنا نناقشهم، لكن في الحقيقة نحنا تبين إنه على الأقل أنا ما إلي سلطة، أنا كان لي رأي لكن ما تنفذ..
أحمد منصور[مقاطعاً]: إزاي ما لكش سلطة؟ إزاي ما لكش سلطة؟ عضو مجلس قيادة ثورة..
أحمد أبو صالح: صح..
أحمد منصور: ووزير 3 وزارات، أمال مين بقى اللي له سلطة؟
(3/343)
أحمد أبو صالح: صح.. بس.. لأ، على عيني بس أنا سبق وأن قلت لك بأنه وزراء اعتقلوا دون علمنا، وزراء زملاءنا بالوزارة لمجرد استقالتهم وُضعوا بالسجن، أنا.. يعني في الحقيقة إنه نحنا ما كنا نحكم سوريا، كنا نظن إنه نحكم، فيه حالات استثنائية يعني عندما أطلب من حافظ الأسد الإفراج عن طارق الزيات بعد تعذيبه لمدة أشهر، والإفراج عن خالد بستنجي بعد أن أصبح مشلولاً وحالات.. وعبد الوهاب حومد، هاي حالات استثنائية التي كنت أطَّلع عليها، أما الحالات العامة أو ما كان يُمارس خلف ستار هو الأدهى والأمر، هو الذي أودى..
أحمد منصور: مين اللي كان بيحكم فعلاً في تلك..؟
أحمد أبو صالح: اللجنة العسكرية..
أحمد منصور: اللي هي؟
أحمد أبو صالح: سبق أن ذكرت بعض الأسماء يعني التي تشكلت بالقاهرة وبعضها..
أحمد منصور: نفسها هي التي ظلت تحكم؟ حتى وأنتم موجودين كصورة، كمجلس قيادة ثورة؟
أحمد أبو صالح: حتى ونحن موجودين كانت هي التي تحكم، وبالمناسبة جاء صلاح الدين في يوم من.. من الأيام وطرح.. لا أتذكر بالضبط موضوع، فالأكثرية عارضت ذلك، بمن فيهم الأستاذ ميشيل عفلق، وعندما.. وصلاح جديد يقول إنه والله هذا قرار الرفاق أعضاء اللجنة العسكرية، ميشيل عفلق للتاريخ أيضاً بإيده قلم، ضرب القلم على الطاولة، وقال: قولوا لنا إنه نحن ما عم نحكم، قولوا لنا فيه لجنة عسكرية عم تحكم البلد باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، هاي حقيقة أيضاً، يعني لذلك.. لذلك عندما حلَّت القيادة القومية.. القيادة القُطرية، ما هي عارفة بإنه القيادة القُطرية وراها لجنة عسكرية، يعني ما فيه أسهل من أن تقوم بانقلاب وقامت 53 يوم فقط حكمت القيادة القومية، فقط 53 يوم.
اندلاع أحداث حماة وطريقة قمعها
أحمد منصور: سآتي لها. في 7 أبريل 1964 اندلعت أحداث حماة وقُصفت مئذنة مسجد السلطان، ويقال أن هناك أربعين شهيداً، ألم يكن هذا تمرداً على حكم البعث؟
(3/344)
أحمد أبو صالح: يا سيدي، هاي أيضاً يمكن ما حدا كتب عنها بدقة، في الحقيقة الفتنة قامت وبوجود عبد الحليم خدام اللي الآن نائب رئيس جمهورية..
أحمد منصور: كان محافظ حماة..
أحمد أبو صالح: كان محافظاً لمدينة حماة، قضية عادية جداً بين طالبين أحدهما سني والآخر علوي أو نصيري..
أحمد منصور: صح.
أحمد أبو صالح: فبدلاً من أن تُعالج في حينها، مع الأسف الشديد لا أعرف سبب عدم معالجتها من قِبَل المحافظ والمسؤولين الآخرين، المهم وقعت الفتنة، وكان أبرز شخص بين الإسلاميين -ما بأقول الإخوان المسلمين -هو مروان.. الشيخ مروان..
أحمد منصور: الشيخ مروان حميد؟ مروان حديد..
أحمد أبو صالح: حديد.. حديد، طبعاً الرجل يعني ما سمح بأنه والله لأبناء هذه الطائفة إنه حتى يحكموا المدارس، والأساتذة، يعني يتمردوا على الأساتذة، يتمردوا على كل شيء، وكأنهم هم مثل المماليك في مصر إبان أوجهم فصعب عليه هو والآخرين وكان فيه هناك استهتار بموضوع الدين واستخفاف بالمتدينين ويظهروا بالشوارع مخمورين وإلى آخره، فصار فيه هناك حركة بحماة على أثر يعني هذه الشعلة أو هذه الفتيلة أو كذا، فمع الأسف الشديد الضباط غير السُنة من عزت جديد إلى حمد عبيد، إلى..
أحمد منصور: دروز..
أحمد أبو صالح: إلى.. حمد عبيد درزي.
أحمد منصور: عزت جديد علوي وحمد عبيد درزي.
أحمد أبو صالح: نعم، وفيه واحد خير بك.. أنيس خير بك علوي و.. يعني ما فيه حدا من هؤلاء من أبناء الشعب اللي هم الأكثرية يعني السنة، فاستغلوها وبدءوا فعلاً بقصف المدينة ومنها مئذنة الشيخ، أمين الحافظ.
أحمد منصور: أمين الحافظ بيقول قصفت بدون إذنه.
(3/345)
أحمد أبو صالح: شوف صح، أمين الحافظ في مجلس قيادة الثورة عندما يعني احتدمت الأمور بحثنا في.. في مجلس قيادة الثورة كيف يمكن أن تعالج هذه المشكلة؟ هناك من اقترح أنه أبو طموح باعتبار ابن عائلة فيها نسبة كبيرة من المشايخ وعلاقتهم كبيرة في مشايخ حماة.
أحمد منصور: أنت متمرد على المشايخ.
أحمد أبو صالح: لأ، بس بالنسبة إلهم يعني فبيعرفوا إنه عائلتنا فعلاً فيها نسبة كبيرة من المشايخ، فالمهم وإذ أحد الموجودين شبلي العيسمي أو.. أو صلاح البيطار قال لا لا، أبو طموح عنيف ما بدنا، يعني الأفضل يبقى هون خلي غيره يروح، وإذا ميشيل بالذات قال ما فيه غير أمين الحافظ هو اللي يروح بيعالج المشكلة.
أحمد منصور: راح بقى يعمل أيه؟
أحمد أبو صالح: أمين الحافظ.
أحمد منصور: راح قال لهم: "نحن نقول للمتأمرين ومن خلفهم ما هي إلا أيام قليلة حتى نسحقهم ومن معهم ومن خلفهم وسيعلم المتآمرون أي منقلب ينقلبون".
أحمد أبو صالح: وبيحكي أكثر من هيك.
أحمد منصور: لأ وبعدين قال لهم: "سنحكم بالموت على كل من يستحق الموت، ونعاقب بالسجن المشاغبين، وسنسوقهم إلى تدمُر مشياً على الأقدام حتى.. حيث يبقون حتى يتحولوا إلى أناس طيبين، ولسوف نمشط المدينة لمصادرة السلاح، ولن نترك فيها غير سكاكين المطابخ".
أحمد أبو صالح: يا سيدي قصة تدمر مو مشياً على الأقدام، سحلاً بالدبابات وبالطيارات و.
أحمد منصور: بعض الناس اللي بيكتبوا بيبقوا مؤدبين شوية زي جزمة عبد الناصر وحذائه.
أحمد أبو صالح: أيوه، المهم اقترحوا أمين الحافظ، أمين الحافظ شو قال؟ قال أنا مستعد بأروح أنا وأبو أسامة ونور الدين كان وزير داخلية..
أحمد منصور: أبو أسامة صلاح جديد.
(3/346)
أحمد أبو صالح: صلاح جديد، ما بيقدر هو بلا أسامة يعني أبو أسامة، وصلاح.. ونور الدين الأتاسي، بس بشرط تفوضوني تفويض مطلق، تفويض مطلق بأن أقوم بكل ما أعتقد أنه بيقمع ها الانتفاضة أو يعني التمرد أو كذا، فسألوه إنه مثل أيش مثلاً يعني نفوضك بشو؟ قال لهم أنا بدي أجرهم بالسلاسل والحبال إلى تدمُر نساءً ورجالاً وأطفالاً، شبلي العسيمي احتج إنه هاي أطفالاً ونساءً بلاها، هو، قلت له هاي بلاها، يعني أنت قبلان يجر الرجال، أنا ما استمعتوا لرأيي بس قلتوا إنه أنا يعني عنيف، ورفضتوني، فالآن وقت اللي بينحكي ها الحكى هذا... أخي هذا.. هذا أخي يعني أقسى بكثير مما كنتم تظنون بأنه أنا يمكن أن أقدم عليه، ومع ذلك راح وإجا معاه.
أحمد منصور: راح خد موافقه إنه يجر.
أحمد أبو صالح: آه خد موافقة طبعاً مجلس قيادة الثورة.
أحمد منصور: أعطاه موافقة؟!
أحمد أبو صالح: على كل شيء ما عدا إنه ما يجر النساء والأطفال.
أحمد منصور: بس.
أحمد أبو صالح: آه، بس، الباقيين له أن يتصرف كما يشاء، راح أمين الحافظ ومعه صلاح جديد ونور الدين الأتاسي، في اليوم التاني اتصل فيَّ أمين الحافظ، قال لي أبو طموح أرجوك بأسرع ما يمكن تيجي إلى حماة، حس هو بأنه يعني هؤلاء الناس اللي..اللي ضربوا وقتلوا بدهم.. أخذوا عدد كبير جداً من الناس إلى الثكنات العسكرية بدهم يعدموهم، أنا ما كنت عرفان إنه بس ليش إصراره، وسألته قال لي أبو طموح بعدين بتعرف ما فيه بتقدر توصل لحماه بساعتين، وفعلاً في ساعتين وصلت لأنه 200 كيلومتر عن دمشق. بسيارة الوزارة وسقتها لحالي ما أخذت معي سائق، رحت لهناك دخلت على مكتب عبد الحليم خدام كمحافظ، الحاجب وقال لي والله يا أستاذ طلع هو وأمين الحافظ وصلاح الجديد ونور الدين الأتاسي لثكنة من الثكنات، ما أنا عرفان ليش طلعوا على الثكنة، وقعدت أنا على كرسي المحافظ ودعيت وجهاء المدينة، كلهم استجابوا.
أحمد منصور: مين أبرز الشخصيات؟
(3/347)
أحمد أبو صالح: مثلا الحامد كان مفتي.
أحمد منصور: الشيخ محمد الحامد.
أحمد أبو صالح: الشيخ محمد الحامد وآخرين، يعني هذا أبرز واحد أذكره جيداً، لأنه هو الذي تحدث باسم المجتمعين، تحدث الرجل باسم هؤلاء الناس، كيف ممكن هذا يصير، الدين، يعني البلد، الاستخفاف، وبعدين ليش يعني أنتم تحموا مثلاً النصيرية بمواجهة الأكثرية؟ ليش كذا؟ ليش كذا، حكى الرجل بوضوح وصراحة وإنه نحنا ما إنا راغبين بإنه والله ننتفض على النظام ويزداد عدد القتلى والجرحى والتخريب والكذا والكذا والكذا، وبصراحة يعني اللي قاموا بها العمل معروفين وأنتم أدرى الناس فيهم، حمد عبيد، وعزت الجديد، وأنيس خير بك، بمعنى أنه كلهم ما لهم علاقة بالسنة ما نعلم، أنا الحقيقة يعني حكيت بمنطق إيجابي جداً إنه أنا معكم هذا لا يجوز، وأنا كنت أثرت موضوع يعني استشراء أمر الطائفية، لأنه أنا حكيت عن عدس علويين ودروز وإسماعيليين لدى عودتي من اللاذقية يمكن أثرت هذا الموضوع، ولكن بصراحة يعني أيضاً الاستمرار بالعصيان يعني أنا رجل من المسؤولين ما بأقدر أصف معكم إنه تعالَ (يلعن أبوهم)، فيعني كمان هذا الأسلوب اللي اتبع بحماة من قبل بعض المتحمسين وإلى آخره هذا أيضاً غير جائز تعالَ.. أعطونا فرصة من الزمن، ولعلمكم أنا يعني وأنتم تعرفوني وقال لي الشيخ هذا محمد قال لي طبعاً نعرفك أستاذ أصلاً أنت لولا تكون فلان وابن عم فلان، ومن عائلة.. نحن ما كنا جينا، نحن ما كنا جينا..
أحمد منصور: عشان ولاد عمك المشايخ.
أحمد أبو صالح: آه، من شان ولاد عمي وممكن صايفيني معاهم.. معاهم يعني، المهم إجا عندنا..
أحمد منصور: بركاتهم حلت عليك.
أحمد أبو صالح: آه، إجا أمين الحافظ ومعه نور الدين وصلاح جديد، أنا مستمر بالحديث لإشعار هؤلاء الناس بأنه نحن ما إنا عبيد ولا إنا أرقاء وإلنا صوتنا وإلنا رأينا وإلى آخره، استمريت بالحديث وما.. ما تزحزحت عن الكرسي.
(3/348)
أحمد منصور: قل لي لمين؟ إثبات لمين يعني؟
أحمد أبو صالح: لا، لما إجا أمين الحافظ وصلاح الدين ونور الدين الأتاسي.
أحمد منصور: أيوه، حبيت تثبت لمين، بتثبت لأمين الحافظ والمجموعة يعني؟
أحمد أبو صالح: للناس اللي موجودين بأنه ما.. لمجرد ما يجوا هادولي يعني أنا خلاص قطعت حديثي وأعطيت الكرسي لأمين الحافظ وقلت له تفضل سلمته إلك.
أحمد منصور: رغم رئيس.. رغم إنه رئيس الدولة ومعاه وزير الداخلية و..
أحمد أبو صالح: آه، بالبدلة العسكرية، وبالبدلة العسكرية كمان، ما أنا ما قمت..
أحمد منصور: واخد تفويض بالسحل والجر و..
أحمد أبو صالح: آه ما قمت أنا، استمريت بالحديث نور الدين الأتاسي إيجا على الطرف وصار يغمزني إنه بما معناه إنه قوم، ويتعمد إنه يخلي أمين الحافظ وصلاح جديد يشوفوه إنه هو يعني عم يشير لي بوجوب إنه أنا أقوم وأعطي المكان لأمين الحافظ والتفت عليه أنا قلت له عيب نور الدين، بيكفي، عملتها مرة وأنا ما استجبت، بيكفي يا أخي اتركنا نحكي، هنا حسوا الناس اللي موجودين بإنه هذا أبو طموح يعني ما هو شخص عادي، يعني معنى ذلك يعني هو أساسي في المجموعة هاي الكذا الكذا، يعني كان تقييمهم إلي تقييم إيجابي جداً، أمين الحافظ للتاريخ قال له لنور الدين، قال له اتركه نور الدين خليه يكمل حديثه أبو طموح، وكانوا مرتاحين الناس، المهم بعدين أنا قلت له أعتقد أنه الآن أبو عبده يمكن فيه عنده شيء يقوله بعد عودته من الثكنة، قام قعد أمين الحافظ وطمأنهم وقال لهم: نحن كنا بالثكنة وفيه عدد كبير من المعتقلين أبناءكم وأبناء حماة اللي هي عزيزة على قلوبنا -بدأ هذا- ويعني قررنا الإفراج عنهم..
أحمد أبو صالح: كان عددهم قد أيه تفتكر.
أحمد أبو صالح: بالضبط ما بأعرف يعني، المهم بعدين هو قال لي أبو عبده، قال لي أبو طموح لولا أنا أكون هون وأطلع معهم على الثكنة كانوا بيعدموهم كلهم.
(3/349)
أحمد منصور: مباشرة بدون حكم، بدون محكمة، بدون أي شيء.
أحمد أبو صالح: أيه قال لي، كانوا مستعدين يعدموهم كلهم بها البساطة، فيعني أنا اتصلت فيك من شان أنت تضم صوتك لصوتي يعني على الأقل وأعرف إنه هادولا الجماعة بحماة هم علاقتهم وطيدة جداً بحلب بشكل عام، وحمص علاقتهم وطيدة جداً بدمشق شايف، فيعني فيه ها العلاقات الودية بين المدينتين زائد علاقات ودية بين عائلتنا والعائلات.. وحماه بلد محافظ جداً حتى المسيحيين في حماة بيتحجبوا لعلمك، يعني مجاراة للأكثرية الساحقة..
أحمد منصور: للبيئة.
أحمد أبو صالح: للبيئة اللي عايشين فيها، وفعلاً بعدين نحن سافرنا وكانوا راضين الناس اللي اجتمعوا في.. في يعني المكتب.
أحمد منصور: وانتهى الموضوع بعديها.
أحمد أبو صالح: انتهى الموضوع إلى حين.. انتهى الموضوع إلى حين.
أحمد منصور: أخذ وقت طبعاً، تقييمك أيه لأحداث حماة باختصار، 64 ؟
أحمد أبو صالح: يعني الأولى أم..؟
أحمد منصور: 64، 64 أنا ماليش دعوة باللي بعد كده مش شغلتكم.
أحمد أبو صالح: أيوه، يعني يمكن اكتشفوا الحقيقة، قبل غيرهم من أبناء المحافظات الأخرى لقربهم من المناطق اللي بيعيشوا فيها نصيريين، لأنهم ملاصقين تماماً يعني النصيريين على حدود حماة نسبتهم قليلة داخل المدينة، لكن كبيرة جداً خارج المدينة، وقد تصل إلى90%، شايف، وهم اللي اقتسموا الغاب بعد تجفيفه شايف، وبالتالي هم الحموية أحسوا قبل غيرهم بإنه يعني فيه هناك طائفية قد تستشري ويصعب علاجها وهذا ما حدث فعلاً يعني.
أحمد منصور: استمرت الأحداث لمدة أسبوعين وخمدت بعد ذلك، حكم بالإعدام على البعض، وذهب الشيخ محمد الحامد -كما روى لي- الرئيس أمين الحافظ في شهادته إليه ويعني سمح له بإنه عفا عن المجموعة التي كانت حكم عليها بالإعدام، هل صحيح إن الشيخ محمد الحامد قبَّل رأس أمين الحافظ حتى يوافق على عدم إعدام الذين كان قد حُكم عليهم بالإعدام؟
(3/350)
أحمد أبو صالح: لعلمك هاي أول مرة بأسمع بها القصة، لأنه نحن طلعنا من حماة ورجعنا إلى دمشق، يعني وهي بعد منتصف يمكن نيسان ما هيك؟
أحمد منصور: نعم كانت في.. كانت في أبريل انتهت 16 أبريل وقف إطلاق النار واستمرت لـ 24 أبريل إلى أن انتهت بشكل ما.
أحمد أبو صالح: أيه فرجعنا.. رجعنا نحن.. إيه فرجعنا نحن لدمشق وما فيه حدا محكوم.. في حدود علمي كانوا بدهم يحكموا بالإعدام وينفذوه يعني حكم ميداني وينفذوه..
أحمد منصور: عفا عنهم بعد ذلك.
أحمد أبو صالح: فيمكن المقصود إنه عفا عنهم وقت اللي كانوا بالثكنة معرضين لصدور حكم الإعدام.
استقالة أحمد أبو صالح من مجلس قيادة الثورة
أحمد منصور: أنت استقلت.. استقلت أنت في مايو 64، صح؟
أحمد أبو صالح: نعم.
أحمد منصور: استقلت قدمت استقالتك في مايو 64.
أحمد أبو صالح: في مايو 64 من.. من مجلس قيادة الثورة..
أحمد منصور: من مجلس قيادة الثورة.
أحمد أبو صالح: نعم؟
أحمد منصور: من مجلس قيادة الثورة من كل شيء يعني..
أحمد أبو صالح: طبعاً، لأنه كنا نحنا سحبت منا الثقة في المؤتمر القُطري الاستثنائي..
أحمد منصور[مقاطعاً]: فأيه اللي حصل؟ أيه اللي حصل في؟ قُبلت استقالتك؟
أحمد أبو صالح: من مجلس قيادة الوزراء، ورُفض.
أحمد منصور: من مجلس قيادة الوزراء، ورفضت من مجلس قيادة الثورة..
(3/351)
أحمد أبو صالح: ورفضت من مجلس قيادة الثورة، وأكثر من ذلك عُرِضَ عليَّ أن أترأس دورات مجلس قيادة الثورة، باعتباري أصبحت متفرغاً يعني، لم أعد عضواً في السلطة التنفيذية، ومجلس قيادة الثورة هو أعلى سلطة نظرياً، أعلى سلطة في البلد طبعاً، السلطة التشريعية وفي إيدها معظم يعني اختصاصات السلطة التنفيذية وإلى آخره، فطلب إليَّ يعني أن أكون رئيساً لجلسات مجلس قيادة الثورة، دورات مجلس قيادة الثورة، أنا الحقيقة وافقت، وعندما وافقت، صلاح جديد رشح طالب شو اسمه هذا كان وزير شؤون بلدية وقروية، الوليد طالب من كفر طخاريم جنب حلب، هذا يعني ما بأقول عنه إمعة، لكن يعني هذا مثل العجينة بأيديهم، وهو سني.
أحمد منصور: وهو فيه حد ما كانش عجينة؟
أحمد أبو صالح: أنا ما كنت عجينة يا رجل.
أحمد منصور: أنا ما كنتش عجينة، بس يعني الآخر كانت حاجات كتير بتتم بدون..
أحمد أبو صالح: مسؤول.. مسؤول بس ما كنت عجينة، ما كنت أسكت، وكانوا فعلاً يخشون إنه يصطدموا معي، لاعتقادهم بأنه مازال العسكريين...
أحمد منصور[مقاطعاً]: أيه دوافعك للاستقالة؟
أحمد أبو صالح: لأنه أنا شخصياً أولاً منذ..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني هل معنى ذلك هو رفضك للسياسة القائمة؟ وعدم قبولك بالممارسة التي كانت موجودة؟ أم أنك استقلت لأن سُحبت الثقة من القيادة القُطرية؟
(3/352)
أحمد أبو صالح: يعني.. يا سيدي، هذا عامل طبعاً، سحب الثقة من القيادة بالنسبة إلي كإنسان أعتبر نفسي يعني قانوني، مبدئي صادق، أو هكذا يبدو لي، فمن الطبيعي أن أكون منسجماً مع نفسي، سُحبت الثقة مني، يعني من القيادة اللي أنا عضو فيها، بغض النظر عن إنه ميشيل عفلق طلب مني البقاء أو كذا، هذا ما.. ما بيعنيني لأني أنا عضو في القيادة التي سحبت الثقة منها في المؤتمر القُطري الاستثنائي فاستقالتي كانت معللة، حوالي 10، 11 صفحة، وكتبتها في الحِمَّة.. في الحمَّة بعيد عن.. عن.. عن مؤثرات أو كذا أو كذا، وقلت فيها رأيي، إنه ليش أنا مستقيل، وحتى أشرت لموضوع العراق، إنه إنتم راحوا قال ليعالجوا المشكلة بالعراق، وإذا تبين على إنه عم بيتآمروا، يعني علي الصالح السعدي وجماعته، علي الصالح السعدي وهاني الفكيكي ومحسن الشيخ راضي، وحميد خلخال، وحمدي عبد المجيد، شالوهم حطوهم بالطائرة من المؤتمر القُطري في بغداد ونزلوهم في مدريد، اتصل فيني علي الصالح السعدي قال لك يا أبو طموح نحن صرنا في مدريد، إذا ما رجعنا قبل قوات الأوان بد.. بده يطير الحكم في العراق بدنا نسقط في العراق، ففعلاً أنا حاولت مع أمين الحافظ، اتصلت فيه كذا مرة، يقول لي دبر حالك مع الأسف هذا أبو عبده وهو ببغداد، يقول لي دبر حالك، نائب رئيس مجلس الوزراء كان محمد عمران، ندوِّر على محمد عمران ما عدنا نشوفه، لحتى يعطوا أمر لنزار القباني، اللي كان قائم بالأعمال بسفارتنا في مدريد، هذا الشاعر المعروف، حتى اتصلت أنا بنزار قلت له يا أستاذ يطول لي عمرك، لتسفروهم أعطيهم جوازات سفر خليهم يجوا للبلد.
أحمد منصور: يجوا عندكم سوريا..
(3/353)
أحمد أبو صالح: لعندنا لسوريا، قال لي والله أستاذ بصراحة يعني رجل حقه، قال لي يا أستاذ أنا ما بدي أتلقى أوامر منك، أنا بأتلقى أوامر من وزير الخارجية، رحنا على وزير الخارجية حسان المريود، قلت له يا أخي، قال لي بدي أمر من محمد عمران (نائب رئيس الوزراء) لكن نائب رئيس الوزراء مختفي محمد عمران، ما عندنا نقدر نحصله بسوريا، المهم.
أحمد منصور: نائب رئيس الوزراء مختفي، ومجلس الوزراء..
أحمد أبو صالح: من شان ما.. ما يتعرض للمساءلة، إنه أنا أروح لعنده، أقول له بدنا نجيبهم من مدريد، لأنه نحن القيادة كلنا كنا تقريباً مجمعين على أنه هاي مؤامرة، ولازم نجيب الناس الذين نفوا إلى.. إلى مدريد، أما عمران والآخرين..
أحمد منصور: ولما تجبوهم لدمشق..
أحمد أبو صالح: متآمرين هم يتبين إنه هم..
أحمد منصور: مع العراقيين..
أحمد أبو صالح: طبعاً مع العسكريين اللي دخلوا المؤتمر، وأخذوا ها الناس، وحطوهم بمدريد، المهم نجحت أنا بالقوة بأخذ خمس جوازات سفر دبلوماسية من حسان المريود وزير الخارجية، وبالقوة يا سيدي، وسحبت عليه المسدس، وسلمته الجوازات الدبلوماسية للدكتور محمود نوفل، أستاذ جامعة الآن، وكان عضو قيادة قُطرية معانا، أستاذ جامعة في دمشق، وسافر بالجوازات لبيروت، لأنه ما كان فيه طائرة من دمشق مُقلِعة بسرعة إلى مدريد، راح إلى بيروت ولكن في بيروت أُذيع نبأ استيلاء عبد السلام عارف والآخرين على الحكم في العراق، ولعلمك كان نصف الحكومة التي شكلت على أنقاض حزب البعث العربي الاشتراكي من البعثيين، في طليعتهم طاهر يحيى بعثي، وأحمد حسن البكر بعثي، وحردان التكريتي بعثي، وستار عبد اللطيف بعثي، يعني استلموا نيابة رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء، وزير.. عفواً مو وزير الدفاع، يعني عدة وزارات فاعلة، كلهم من البعثيين، يعني الجهة المتآمرة في سوريا مع الذين كنا نقول أنهم يمينيون.
أحمد منصور: الآن بدأت الثورة.
(3/354)
أحمد أبو صالح: وفقرة صغيرة، بعدما تم ذلك، وفي مجلس قيادة الثورة رفعنا الجلسة للاستراحة، استمعت إلى ميشيل عفلق يقول لأمين الحافظ: يا أبو عبده قلت لك كذا مرة، نتخلص من الجماعة هون مثل ما تخلصنا من الجماعة في بغداد.
أحمد منصور: عليكم أنتم.
أحمد أبو صالح: أيوه، ودير باله ما شايفني، حطيت إيدي على كتفه وجريته بنزق، أستاذ أنت بتتآمر، لتترك غيرك يتآمر، إنت ما بيجوز لك تتآمر، أنت أمين قومي للحزب، كيف ممكن، بس.. بس سمعته وسامعة وداني، إنه قلت لك يا أبو عبده كذا مرة نتخلص من هؤلاء في سوريا قبل التخلص منهم في بغداد.
أحمد منصور: تقييمك أيه للي كنتم تعملوه في بعض؟
أحمد أبو صالح: كنا نظن إنه جئنا إلى حزب البعث العربي الاشتراكي وكلنا مؤمنين بمنطلقاته ونظامه وشعاراته، تبيَّن أن هذا غير صحيح.
أحمد منصور: وأيه اللي كان صحيح؟
أحمد أبو صالح: الصحيح كان ويمكن ذكرت في مرة سابقة إنه نحن أتينا أو الحزب نشأ نشأة حولها إشارات استفهام، ذلك لأن حزب البعث العربي الاشتراكي كان يعتمد بالدرجة الأولى على غير أبناء المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص مثلاً، وإنما كان يعتمد على الأقليات بالدرجة الأولى، لذلك انتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي نسبة كبيرة من أبناء الأقليات، الذين وجدوا فيه حصان طروادة للوصول إلى السلطة، وبالدرجة الأولى النصيرية، لأنه نسبتهم أكثر من نسبة الأقليات الأخرى.
النصيريين نسبتهم تقريباً 10% من سكان سوريا، وتاريخياً يعني معروف عنهم أنهم قاموا بأعمال تتنافى مع الإسلام والعروبة، مثلاً محاولة اغتيال صلاح الدين الأيوبي، كذا مرة جنب حلب في عزاز حاولوا مرتين مثلاً وفي.. وفي مصر أيضاً حاولوا هذا شيخ الجبل، كمان كان يحاول اغتيال هؤلاء الناس الذين كانوا مستعدين للدفاع عن العروبة والإسلام.
(3/355)
أحمد منصور: إحنا في الفترة التاريخية التي حكمتم فيها، في 17 يناير 1965 تم إلقاء القبض على أشهر جاسوس إسرائيلي في تاريخ المنطقة (إيلي كوهين) أبدأ معك به الحلقة القادمة، أشكرك شكراً جزيلاً.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ أحمد أبو صالح (الوزير السابق، وعضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا)، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(3/356)
الحلقة8(3/357)
الثلاثاء 13/7/1424هـ الموافق 9/9/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 16:49(مكة المكرمة)،13:49(غرينيتش)
حزب البعث السوري كما يراه أبو صالح
الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد أبو صالح: عضو قيادة مجلس الثورة السوري
تاريخ الحلقة
07/09/2003
- أسباب رفع أحمد أبو صالح دعوى قضائية ضد أمين الحافظ
- قصة ريتا النمساوية ودور النساء في حكم سوريا
- قصة القبض على إيلي كوهين عام 1965
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ أحمد أبو صالح (عضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا والوزير الأسبق).
أبو طموح، مرحباً بك.
أحمد أبو صالح: أهلاً وسهلاً.
أسباب رفع أحمد أبو صالح دعوى قضائية ضد أمين الحافظ
أحمد منصور: قبل أن أتحدث عن قضية (كوهين) التي كانت في 17 يناير 64، أنت حينما قدمت استقالتك من عضوية القيادة القُطرية في حزب البعث ومن مجلس الوزراء، قلت أنهم قبلوا استقالتك من مجلس الوزراء، ولكن رفضوها من..
أحمد أبو صالح: مجلس قيادة الثورة وليس القيادة القُطرية نعم.
أحمد منصور: مجلس قيادة الثورة.. آه مجلس الثورة عفواً، ولكنك أقمت دعوى ضد الرئيس أمين الحافظ في مجلس الدولة في نهاية عام 64 أو بداية 65، أنت لا تذكر التاريخ، وأنا لم أجد في المصادر شيء دقيق يتعلق بهذا، أيه اللي دفعك لتقديم هذه الدعوى؟
(3/358)
أحمد أبو صالح: يا سيدي، كما ذكرت أنا تقدمت باستقالتي من مجلس الوزراء ومن مجلس قيادة الثورة بعد سحب الثقة منا في المؤتمر القُطري الاستثنائي، قُبِلت الاستقالة من مجلس الوزراء ورُفضت من مجلس قيادة الثورة، ورُشحِّت لأن أكون رئيساً لدورات مجلس قيادة الثورة باعتباري أصبحت متفرغاً، إلا أن صلاح جديد رشح الوليد طالب في مواجهتي فأنا بشيء من السخرية قلت: لا، إذا كان الوليد طالب هو المزاحم لي فأنا أتنازل عن ترشيحي وليفز بذلك بالتزكية وهذا ما كان.
أحمد منصور: نعم.
أحمد أبو صالح: لذلك يعني عندما أقمت الدعوى، أقمت الدعوى لأن..
أحمد منصور: ضد رئيس الدولة.
أحمد أبو صالح: ضد رئيس الدولة أمين الحافظ.
أحمد منصور: أنتوا كان له لسه عندكم قانون ومحاكم وممكن واحد..
أحمد أبو صالح: محاكم موجودة فعلاً محاكم.
أحمد منصور: آه، يعني فضلت مستقلة ولها وضعها..
أحمد أبو صالح: محاكم وخاصة مدنية موجودة، أما أخذنا جزء كبير من اختصاصات المحاكم الجزائية وخاصة فيما يتعلق بالأمور الضخمة الكبرى..
أحمد منصور: أصل من خلال متابعة يعني تاريخ المرحلة ومن خلال الروايات التي سمعتها منك ومن الآخرين الواحد بيعتقد أو بيظن إن هيكل الدولة لم يكن موجود، كان موجود مجموعة من الناس بتسيطر علىكل شيء، كل واحد معاه خمس وزارات وخمس قيادات و500 وظيفة وبقية الناس عبارة عن رعاع، ومافيش قانون ولا حاجة بتحمي الناس من شيء حتى إن.. إنك قلت الوزراء كانوا بيعتقلوا وأنتوا ما تدروش.
أحمد أبو صالح: آه.
أحمد منصور: فمش متخيِّل إن.. إن فيه محكمة وممكن الواحد يروح يرفع قضية ضد رئيس الدولة.
أحمد أبو صالح: حقك، لكن مجلس الدولة بقي يعني.. عُين هيئة عليا للقضاء في سوريا، وقد أستطيع القول بأنه أعلى من محكمة التمييز، فمجلس الدولة هو المختص بالقضايا التي ترفع على الدولة أو على رموز الدولة بالدرجة الأولى، فهذا من اختصاص مجلس الدولة.
(3/359)
أحمد منصور: أيه.. أيه فحوى القضية اللي رفعتها؟
أحمد أبو صالح: يا سيدي، لأنه عندما رُفضت استقالتي من مجلس قيادة الثورة استمريت حتى شهر تشرين الثاني يعني نوفمبر، وأنا أتقاضى..
أحمد منصور: 63.. 64.
أحمد أبو صالح: نعم، وأنا مستمر بتقاضي مخصصاتي..
أحمد منصور: لكن كنت بتحضر الاجتماعات؟
أحمد أبو صالح: أحياناً.. أحياناً، وإذ في يوم من الأيام ذهبت لقبض مخصصاتي كعضو مجلس قيادة ثورة، قيل لي من قبل المحاسبة في المجلس النيابي إنه مع الأسف الشديد جاءنا بلاغ بأنه قُبلت استقالتك من مجلس قيادة الثورة، اتصلت بأمين الحافظ كيف تُقبل استقالتي وأنتم الذين رفضتموها؟ قال لي: يا أبو طموح، تعال يا أخي احضر ما فيه مشكلة وما أني عرفان شو هادولا بها المعنى العكاريت بيمرروا عليَّ القرار وأنا بأوقعه، والله ما انتبهت يا أبو طموح وإلى آخره، ونحنا إخوة.. نحنا إخوة ما هي في حاجة تروح تقيم عليَّ دعوى.
أحمد منصور: تعال ما هي عزبة يعني.. مافيش..
أحمد أبو صالح: وتبهدلني أمام المحاكم، وتحكي عليَّ وكذا لأنه.. لأنه استدعاء الدعوى يعني فيه هجوم صارخ عليه وعلى الناس المحيطين به، لأنه هاي عصابة هاي.. يعني هاي ما هي دولة، هادول أناس ما بيملكوا حق يعني حكم بلد مثل سوريا، فحكيت كلام كثير في الاستدعاء ده، والغرض لم يكن العودة إلى مجلس قيادة الثورة بقدر ما..
أحمد منصور: أنت محامي بقى و..
أحمد أبو صالح: وكان معي زميل شاركني بتقديم استدعاء الدعوى والتحدث هو الأستاذ عارف جزماتي.
أحمد منصور: دافعك كان دافع تحدي وانتقام أكثر منه دافع..
(3/360)
أحمد أبو صالح: وإثبات على أنه ما بيجوز الاستمرار بهذا الشكل، يعني الاستخفاف أنا عضو مجلس قيادة ثورة، أنا من الذين شاركوا في التهيئة لـ 8 آذار، أنا أقدم من كثيرين منهم بالحزب، أنا أحمل شهادات عالية، أجيد لغات، كيف بها البساطة أُصرف من مجلس قيادة الثورة دون أن أتقدَّم بطلب استقالة، ذلك السبب إنه النصيرية الموجودين بدهم يتخلصوا مني بأي ثمن.
أحمد منصور: إشمعنى أنت؟
أحمد أبو صالح: لأنه أنا قلت لك أنا كنت.. كانت علاقتي كبيرة وطيدة جداً في عدد كبير من الضباط السنة الذين اكتشفوا الحقيقة بعد أيام من 8 آذار بأنه هناك نفس طائفي وكانوا في الجبهة العقيد محمد شريف سعود كان يبعث بتقارير لأمين الحافظ بأن هؤلاء ليسوا بعثيين، ليه؟ لأنهم ما كانوا يدرسوا المنطلقات النظرية للحزب، وإنما كانوا يحكوا بالهفت الشريف وبنهج البلاغة وبالجفر وبأشياء كثيرة يعني منسوبة لعلي بن أبي طالب.
أحمد منصور: أنت كنت بتطلع على هذه التقارير؟
أحمد أبو صالح: لأ، أنا مؤخراً من العقيد محمد شريف سعود حكى لي، أنا أمين الحافظ لم يطلعني على هذه التقارير.
أحمد منصور: وأمين الحافظ كان بيحفظ هذه الأشياء ويوقع من..
أحمد أبو صالح: أمين الحافظ كان يحفظ هذه الأشياء حتى انفجر مرة واحدة وبدأ يتحدث بالطائفية أكثر من أي إنسان آخر.
أحمد منصور: متى هذا؟
أحمد أبو صالح: يعني هاي قبيل الإطاحة به، لأنه عندها نشب خلاف بينه وبصراحة وبين العلويين بين النصيرية محمد عمران اللي كان يحاول بكل الوسائل يكون طرف مستقل عن الآخرين، وهذا غير صحيح.
أحمد منصور: عبد الناصر كان قلق من هذا، وتحدث أمين الحافظ معي في شهادته إن إزاي عبد الناصر تحدث مع محمد عمران أثناء مؤتمر القمة لما جلسوا.. تحدث في هذه القضية تحديداً، وكان فيه قلق دائم ومستمر بين أمين الحافظ وبين محمد عمران.
(3/361)
أحمد أبو صالح: هذا صحيح، وكنا نحاول بكل الوسائل عندما نسأل عن ذلك أن نقول هذا غير صحيح، ما فيه أي خلاف، في الحقيقة كان خلاف..
أحمد منصور: زي عملية التدليس اللي بتتم دايماً على الشعوب وعلى وسائل الإعلام.
أحمد أبو صالح: لا مع.. مع الأسف الشديد، فأقمت الدعوى أنا..
أحمد منصور: لكن كان.. كان في نفس الوقت أمين الحافظ كان بيطمئن جداً لحافظ الأسد.
أحمد أبو صالح: لحافظ الأسد؟
أحمد منصور: آه، وظل مطمئن له إلى الانقلاب اللي قام عليه إن كان مطمئن إن حافظ الأسد قائد الطيران سيكون معه ضد الآخرين.
أحمد أبو صالح: لأ، والسبب كما ذكرت إنه صلاح جديد هو مسؤول شؤون الضباط قبل أن يكون رئيساً للأركان..
أحمد منصور: ده (باتريك سيل) طبعاً مصدري باتريك سيل في..
أحمد أبو صالح: نعم
أحمد منصور: مصدري في هذا هو باتريك سيل..
أحمد أبو صالح: لأ، وأنا بأعرف أشياء نحنا اللي سميناه مسؤول شؤون الضباط وبعدين صار رئيس أركان، فكانت.. كان شؤون الجيش كلها بإيده تقريباً، كل الأشياء اللي نحنا ما بنعرفها هو بيعرفها، أمين الحافظ أدرك ذلك على أنه معظم الخيوط للجيش العربي السوري أصبحت في إيد صلاح جديد، محمد عمران كان بيسميه لوَّاص يعني بيقيم علاقات بكل الجهات للتمويه وللخداع وللغش، يعني بصراحة -بين قوسين- كنا في السجن فحاول إقناعي بشتى الوسائل أن نهرب أنا ومحمد عمران أنا وإياه، فسألته وأين نذهب؟ قال: إلى القاهرة، قلت له: كيف تذهب إلى القاهرة وأنت بالأمس القريب يعني اعترفت بأنك داسس محمد نبهان في صفوف الناصريين اللي انذبحوا بـ 18 تموز، كيف ممكن أنت توصل للقاهرة؟ تبيَّن لي مع الأسف شيء إنه كان ممكن تكون مؤامرة عليَّ إنه أنا وقت اللي بدي أنزل على الحبل وإلى آخره، وإنه هو مهيئ عناصر، بيطلقوا علي النار وبأسقط أنا على أساس والله واحد كان في..
أحمد منصور: سآتي لفترة السجن، قلت لي كنت بتتكلم لغات، أنت بتتقن أي اللغات؟
(3/362)
أحمد أبو صالح: أنا طبعاً في الأصل فرنسي، ودرست في بلجيكا باللغة الفرنسية، وفي ألمانيا الحزب الشيوعي طلب مني أن أقدم بحث دكتوراه بيتعلق بالحياد الإيجابي وعدم الانحياز، فعلموني اللغة الألمانية خصصوا لي أستاذة إلي ولزوجتي بروفسيور ياباني تعلمنا اللغة الألمانية، فتعلمت اللغة الألمانية..
أحمد منصور: صحيح عُرض عليك من خلال هذا أن تكون وزير للخارجية في فترة الثورة هذه أو انقلاب 63..
أحمد أبو صالح: يا سيدي، الأستاذ ميشيل عفلق بسبب معرفته بأنه أنا يعني عشت فترة بأوروبا وأجيد عدة لغات فرشحني لأن أكون وزيراً للخارجية قبل أن يطلع على إنه أنا شخصياً يعني لي موقف حدِّي من موضوع يعني منطلقات الحزب وإلى آخره، رشحني لأن أكون وزيراً للخارجية، فإجابتي كانت بأنني لا أصلح لأن أكون وزيراً للخارجية، لأنه لست منسجما تمام الانسجام مع.. مع سياستنا فكيف ممكن..
أحمد منصور: سياسة الحزب نفسها..
أحمد أبو صالح: سياسة الحزب طبعاً، فكيف ممكن أنا أروح يعني أكلف الوزراء بالدفاع عن أشياء أني ما أني قانع فيها أو.. أو إلى آخره، فأنا قلت لهم أنا بأفضل يعني ما أكون وزير..
أحمد منصور: نعود إلى ما بينك وبين أمين الحافظ.
أحمد أبو صالح: فأقمت الدعوى أنا واستمرت الدعوى وفي كل مرة آتي فيها إلى دمشق كان أمين الحافظ يتصل فينا هو أو زوجته على فندق السفراء ويترجوني إنه أعمل له زيارة حتى قابلته في إحدى المرات، كان جالساً في الطابق العلوي ويعني عمال يأكل ويشرب وإلى آخره، فعاتبني إنه ليش يا أبو طموح ما نحنا إخوة وإلى آخره يعني بتفضحني بتبهدلني كذا..
أحمد منصور: أنت كنت يعني عضو اليمين بتاعه، دائما تجلس على اليمين.
أحمد أبو صالح: أجلس على اليمين بس أنا ما أني اليمين بتاعه لا.. لا.
أحمد منصور: لأنه كان صلاح جديد.
(3/363)
أحمد أبو صالح: لا يعني أنا بصراحة وبتواضع بأقول لك أنا معتبر نفسي أهم منه على كافة الأصعدة مع الأسف يعني بيجوز يكون هذا فيه مبالغة بس هيك أنا حتى هذه اللحظة..
أحمد منصور: صلاح جديد كان الياوران اليمين.
أحمد أبو صالح: كان.. أيه كان الياوران اليسار.. كان ياوران..
أحمد أبو صالح: اليسار، مين كان اليمين؟
أحمد أبو صالح: أنا، إذا مُصِرّ على كلمة ياوران ..
أحمد منصور: ما أنت (...) كبير الياوران اللي شد إيدك..
أحمد أبو صالح: فليكن.. يا سيدي، فأمين الحافظ روحت لعنده زرته شوفته قاعد حاطط الفروة وقاعد على الأرض ومتكئ على هيك كرسي، يعني وجلابية لابس، أخذت جانبه أنا شاركته الأكل والشرب وكذا، وإذ بالمرافق مصطفى العيسى هذا أحد الذين شاركوا في 8 آذار ضابط هو من جهاز حلب من.. ابن إحدى العشائر هناك يعني أبوه معروف الشيخ جميل، إجا قال له: سيدي، الدكتور نور الدين تحت بده إياك، قال له: خليه يتفضل، نزل طلع مرة أخرى قاله له سيدي يريد يشوفك على انفراد، أمين الحافظ قال له شو فيه .. شو على انفراد يا أخ أبو طموح قال له: أصلاً لما قلت له أبو طموح فوق أصر إنه يشوفك على انفراد، قلت روح أبو عبده شوف شو عليه معلش، ونزل أبو عبده ما غاب هي فترة قصيرة ورجع عم يرجف أيه ها الكذا وكلام قاسي وبذئ عم بيحكي، خير إن شاء الله؟ قال لي: هاي الكذا يا أخي جاي عم بيقول لي إنه انتبه سيادة الفريق لأنه صلاح جديد وحافظ الأسد وها المجموعة الطائفية عم بتتآمر عليك، فشايف الابن الكذا ما هو إيده للأبط واللي إيده للأبط هو معاهم، فهو عم بيحاول يعني إذا ما انتصروا علي بيكون بلغني وإذا انتصروا عليَّ بيكون هو معاهم.
أحمد منصور: كان هو وزير داخلية نور الدين في ذلك الوقت.
أحمد أبو صالح: نور الدين في ها الوقت أيه كان وزير الداخلية بالضبط نعم، واستمرينا بالدعوى لحين ما اعتقلنا أنا وأمين الحافظ ورحنا للسجن.
(3/364)
أحمد منصور: طبعاً ده لما سقط.. لكن خلصت.. خلصت على أيه القصة أنت بعد الآن ما أقمت الدعوى في نهاية 64 لم يعد لك علاقة بالحكم لحد ما رحت السجن؟
أحمد أبو صالح: رحت لأ، رحت أنا وآخرين وكنا فعلاً من قبل إقامة الدعوى من وقت ما يعني أنا في الحقيقة ما عدت أشارك جدياً بمجلس قيادة الثورة قبل قبول استقالتي المزعومة، أنا ها إلي يعني مجموعة مو إلي طبعاً علاقتي وطيدة بمجموعة من العسكريين ومجموعة من.. من..
أحمد منصور: بقيت علاقتك..
أحمد أبو صالح: ما أنَّا حزب البعث العربي الاشتراكي اليساري حزب مستقل عن حزب.. وهذاك بنقول هادوليك ما إلهم علاقة..
أحمد منصور: يعني حزب..
أحمد أبو صالح: في الحزب لأنه خالفوا النظام الداخلي وإلى آخره، لذلك الحزب..
أحمد منصور: أقدر أقول دورك السياسي كان فاضل مستمر في تلك الفترة رغم أنك أنت استقلت من مجلس الوزراء، ومن القيادة القُطرية همَّ شالوك منها..
أحمد أبو صالح: شالوني نعم.
أحمد منصور: وبعدين حتى همَّ أقالوك من مجلس قيادة الثورة.
أحمد أبو صالح: مجلس قيادة الثورة.
قصة ريتا النمساوية ودور النساء في حكم سوريا
أحمد منصور: لكن كان لك دور ولك صلات ولك علاقات، أيه حكاية ريتا النمساوية؟ حكاية ريتا النمساوية أيه؟
أحمد أبو صالح: هاي بعد طبعاً ما يعني انقطعت علاقتنا بالحزب تنظيمياً وطبعاً بالسلطة أيضاً أنا وآخرين، ففي الحقيقة شكلنا نحنا مكتب مؤلف من ستة أشخاص، 3 عسكريين و3 مدنيين، العسكريين: سليم حاطوم، بدر جمعة، يوسف عرفة، المدنيين: أنا، محمود نوفل، خالد الحكيم، الستة هؤلاء مسؤولين عن التهيئة للإطاحة بالنظام من أساسه..
أحمد منصور: بأمين الحافظ بكله.
(3/365)
أحمد أبو صالح: كله بلا استثناء.. بلا استثناء، ولكن قررنا أنه إذا أمين الحافظ مستعد يتجاوب معنا بنؤجل أمين الحافظ على ضوء ما يمكن أن يتمخض عن ذلك من مواقف، في يوم من الأيام أنا وزوجتي وأولادي في مقهى قصر العظم في الربوة مطعم ومقهى وقاعدين العصر تقريباً وإذ قريباً مني موجود سليم حاطوم ويوسف عرفة وبدر جمعة.
أحمد منصور: سليم حاطوم كان طبعاً قائد المغاوير.
أحمد أبو صالح: قائد أيوه سرية المغاوير.
أحمد منصور: سرية المغاوير نعم.
أحمد أبو صالح: في حراسته نعم، وهو المسؤول عن الإذاعة والتليفون [التليفزيون]..
أحمد منصور: القوات الخاصة والإذاعة مسؤول عن حراسة الإذاعة والتليفزيون.
أحمد أبو صالح: أيوه، ومكتبه إله مكتب في نفس بناء الإذاعة والتليفزيون وإلى آخره، فخجلوا مني لأنه شباب يحترموني وإنه أنا قاعد أنا وزوجتي وبيعرفوها كلهم أم طموح والولاد كذا، خجلوا إجا واحد منهم سليم.. المهم قال لي همس بأذني قال لي: أستاذي، ما عندك مانع تيجي تقعد معانا دقائق؟ قلت له ما عندي مانع، استأذنت أنا من أم طموح ورحت بعد شوية..
أحمد أبو صالح: .. قعدنا.. حكوا بالعربي طبعاً وقالوا لي تعرف من هي ريتا؟ قلت له أنا شو عرفني فيها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانت واحدة معاهم يعني.
أحمد أبو صالح: هي ريتا.. ريتا النمساوية الأرتست اللي كانت تعمل في إحدى الكباريهات في دمشق.
أحمد منصور: هم كلهم ومعاهم واحدة بس؟
أحمد أبو صالح: 3 ومعاهم واحدة، بس هي صديقة واحد منهم اللي هو يوسف عرفة هذا الشاب الأسمر، شواربه..
أحمد منصور: يوسف كان وضعه أيه بالضبط.
أحمد أبو صالح: كان هو قائد.. ما عدت أذكر الأسماء، قائد يعني قطعة فاعلة فعلاً ومتمركزة بالرموسة قريباً من حلب على بعد كيلومترات محدودة من حلب، بدر جمعة (رئيس مخابرات حلب وضواحيها) سليم حاطوم..
أحمد منصور: قائد..
(3/366)
أحمد أبو صالح: مغاوير وإذاعة وتليفزيون إلى آخره، فرحت أنا..
أحمد منصور: يعني ناس من اللي بيحكموا بشكل أساسي..
أحمد أبو صالح: بيحكموا فعلاً.. بيحكموا فعلاً فرحت أنا قالوا لي إنه بالعربي طبعاً، الآنسة ريتا وكملوا إن هاي صديقة كان مقدم.. المقدم حسين ملحم كان قائد الشرطة العسكرية نحنا.. بعثي، قلنا لهم طيب وين كان حسين؟ قالوا هون المشكلة؟ يعني هي ما عاد بدها حسين لأنه حسين أشقر وعيونه زرق، وهي شقراء وعيونها زرق..
أحمد منصور: فعايزة تغير.
أحمد أبو صالح: ففضلت يوسف لأنه أسمر طويل وبشوارب سُود، فضلته، لكن بالسر يعني ما قالت له لحسين ملحم ونحنا طبعاً ما قلنا له، ما فيه مصلحة، طب والقصة شو بالضبط؟ قال لك حسين ملحم ومسلط أجهزة المخابرات تبع الشرطة العسكرية بأنه بمراقبتها، قد يكون..
أحمد منصور: آه طبعاً، لا إسرائيل ولا أي حاجة.. وإنما كله من أجل ريتا.
(3/367)
أحمد أبو صالح: ما إنَّا فاضيين، ما إنَّا فاضيين لها الشغلة، المهم اكشف بعدين حسين ملحم علاقة ريتا بيوسف عرفة، فهو كان معنا يعني هو من الجماعة اللي مرتبطين فينا نحنا كتنظيم مستقل، راح لعند أمين الحافظ بعد ما كنا نحنا متصلين بأمين الحافظ وأمين الحافظ موافق لدرجة إنه أنا هلا قبل بكرة مستعد أروح أجيبهم من جنب نسوانهم، لها الدرجة، هلا أنا مستعد يعني أروح أجيبهم من جنب نسوانهم وقبل بكرة، فطبعاً بعثنا له خبر نقله رسالة حسين، وقال لأ هذا ما بيصير يعني هيك بها السرعة بها البساطة، المهم شكراً على أنه موقفه إلى جانبنا وإلى آخره، فحسين ملحم راح قال له، قال له هادول كذابين عم بيضحكوا عليك بدهم يجندوك ليصفوا هادوليك ويبطشوا فيك فلا تصدق، أنا بصراحة أنا بعدما حكيت معهم اكتشفت إنهم غير صادقين، طبعاً ما راح يقول لأمين الحافظ بسبب ريتا إنه لأنه صفت إلى جانب يوسف عرفة هذا أو كذا، أمين الحافظ يعني إجا بأول مؤتمر عسكري انعقد في (القابون) كل البعثيين في الجيش من رتبة معينة فما فوق عقدوا مؤتمر في القابون ومن..
أحمد منصور: ما تفتكرش تاريخه؟
أحمد أبو صالح: وقته؟ كنا نحنا مفصولين طبعاً من الحزب وأنا مستقيل وإلى آخره يعني نقدر ما نقول..
أحمد منصور: قبل كوهين أم بعديه؟
أحمد أبو صالح: لأ، قبل كوهين.
أحمد منصور: آه يعني نقدر نقول..
أحمد أبو صالح: قبل أصلاً ما كانت معروفة قصة كوهين.
أحمد منصور: في ديسمبر بداية يناير 65.
أحمد أبو صالح: .. أية، فالمهم عقدوا المؤتمر، لأنه كان فيه فكرة إنه يحاسبوه لحافظ الأسد.
أحمد منصور: على؟
أحمد أبو صالح: على سفره للندن وعلاقته (بجورج طومسون) وزير الدولة لشؤون الأمن القومي في ذلك الحين.
أحمد منصور: دي اتكلم عنها باتريك سيل في كتابه..
(3/368)
أحمد أبو صالح: فعندما أثير الموضوع هدد حافظ الأسد بأنه هو مستعد يدمر مكان الاجتماع ويدمر دمشق، إذا بيستمروا بذلك، لأنه هو ما هو موضع اتهام وما بيسمح وإلى آخره، فقام بدر جمعة -الله يرحمه- صفعه لحافظ الأسد، قال له جاسوس وصوتك عالي بها المعنى، وهو رتبته كانت أعلى من رتبة بدر جمعه لكن قلت لك بدر جمعة كان يعني محسوب علينا وعضو في المكتب اللي نحنا شكلناه.
أحمد منصور: في صفحة 167 من كتابه "الأسد، الصراع على الشرق الأوسط" يقول باتريك سيل: أثناء الصراع ذهب الأسد إلى بريطانيا بدعوى المرض ومعه ناجي جميل أحد كبار ضباط سلاح الجو، والطبيب يوسف صايغ وآخر.. وآمر الشرطة العسكرية حسين ملحم وأقاموا في شقة في منطقة (كنجستون)، والذي عُرف حتى الآن رسمياً -كما قال باتريك سيل- أن زيارة الأسد رسمياً زيارة الأسد لوزير الدولة للشؤون الخارجية جورج طومسون، وقال إن أوجاع الأسد وآلامه ربما كانت من نوع المرض الدبلوماسي وهذه هي الزيارة اللي أثارت علامات استفهام.
أحمد أبو صالح: أعتقد لأنه حسين ملحم في الحقيقة ما.. لم يذهب مع حافظ الأسد، ذهب بعد حافظ الأسد، جاء إلى القيادة..
أحمد منصور: دي رواية باتريك سيل.
أحمد أبو صالح: نعم، أيه.. جاء إلى القيادة واحتج على الموافقة على سفر حافظ الأسد للاستشفاء على حساب الحكومة وإنه هو مريض أكثر منه لابس هذا الحزام تبع (الديسك) وإلى آخره وما به .. قلنا له طيب روح، راح رجع قدم تقرير عن ها الواقعة هاي قصة طومسون ..
أحمد منصور: طومسون.
أحمد أبو صالح: وإلى آخره، فطبعاً يعني كل..
أحمد منصور: الأسد هددكم طبعاً إذا..
(3/369)
أحمد أبو صالح: هدد بالمؤتمر هذا العسكري كمان إن هو مستعد يدك مكان الاجتماع ويدك دمشق على من فيها إذا بيستمروا باتهامه بأنه هو عميل أو إله علاقات أو.. أو، إلى آخره، وعاد صفعة بدر جمعة وإجا أمين الحافظ وقام الأفندي وقال إنه أنا عقلي مع جهة وعواطفي مع جهة أخرى، عواطفي مع الضباط الصغار اللي قاموا بثورة 8 آذار وعقلي مع الحزب، فهادولا طلبوا مني يعني أشارك بعمل ضد الحزب، وأنا رفضت ذلك، نحنا كنا متوقعين ناخد اللجنة العسكرية منه شايف، إنه بالانتخابات نأخذ حتى الجنة العسكرية اللي عم تحكم من خلف ستار، لأنه انكشفت وهذا الوقت اللي الأفندي بيحكي ها الحكي يعني لاحظنا بنجاح صار قريب من الصفر، فصار مثل (Compromise) بين الطرفين فنجَّحوا ناس للجنة العسكرية ناس يعني يعتبروهم حياديين أكثر منهم طرف..
أحمد منصور: أنا موضوع ريتا بيخليني أفتح ملف دور النساء عندكم وكيف كانوا بيلعبوا دور خطير في تسيير كثير من الأمور..
أحمد أبو صالح: طيب، أنا راح أفيدك يا سيدي بدر جمعه -رحمه الله- وعبد الغني بُرُّو، ومصطفى الأُذن وآخرين وقت اللي صار عصيان حلب أيضاً ضد 23 شباط وفشل، أنا اللي فتشت عن مكان كمخبأ لهؤلاء الناس قبل تسفيرهم إلى لبنان أو خارج سوريا..
أحمد منصور: وأنت كنت في السلطة.
أحمد أبو صالح: لأ، أنا ما كنت في السلطة 23 شباط.
أحمد منصور: 23 شباط.
(3/370)
أحمد أبو صالح: المهم لمياء الجابري زوجة مصطفى طلاس عرضت إنهم يختبؤوا في قريتهم القريبة من عزاز، بعيدة عن حلب 30 كيلو متر، نحن وافقنا وأخذناهم فعلاً لقرية حسن.. بأظن اسمه حسن الجابري، هي اسمها لمياء طبعاً معروفة واختبؤوا عندها، وكانت في كل يوم أو يومين تاخد لهم الفواكه والويسكي والعرق والأكل والكذا للقرية اللي هم مختبئين فيها، حتى قررنا إنه نطلعهم بره البلد، فعلاً جبتهم أنا بسيارتي.. سيارتي تعطلت بالطريق تركناها رحنا على أقرب ناس بنعرف إنه جماعة يعني قاموا بكل واجب، والمهم بعدين سافروا إلى لبنان، وقت اللي نحنا بدأنا بقى نتآمر أيضاً اتصلنا بمصطفى طلاس عن طريق شخص اسمه سامي الويسي من عزاز القريبة على قرية بيت الجابري اللي كانوا هادول الشباب مختفيين فيها، فراح على البيت وأخذ معه هدايا، باعتبار فيه علاقات عائلية بين بيت الويسي وبين بيت الجابري، فراح على البيت قبل ما يروح عند مصطفى على قيادة المنطقة وأخذ معه الهدايا ففتحت لهم الست لمياء البيت واستقبلته على الرحب والسعة ورجل بسيط هو، بس يعني قوي وحدِّي ونشيط وملتزم معانا، يبدو أشار إليها بأنه نحنا ما نعمل، ما نترك بدنا نغير وأنا جاي أحكي مع أبو فراس حول الموضوع، راحت معه على المطبخ بالفاترينة اللي بيحطوا فيها الكاسات أو الصحون أو كذا، وشدت صورة أمين الحافظ جذبتها من خلف الفاترين وقالت له شوف هاي صورة أمين الحافظ نحنا معكم، بمعنى إنه هي يعني محتفظة فيها حتى إذا انتصرنا نحنا بتعلقه.
أحمد منصور: مين اللي روى لك الرواية دي؟
(3/371)
أحمد أبو صالح: هو سامي، بعدين راح قابله لمصطفى طلاس، ومصطفى طلاس قال له أنا راح أدرس الموضوع، وكان أحد الذين وشوا بنا، وبمحاكمتي أنا قلت له، قال وقت اللي نكرت أنا قال.. وأنا بقفص الاتهام يعني صار بزاوية قال يا أخي ما أنت اللي بعثت لي سامي الويسي ونزار نابلسي ونبيل الشويري، أنت.. أنت، قلت له خلاص أنت ما عاد لك حق تنظر بالدعوى، ما عاد لك حق، يعني أنت الآن عم تقول إنه أنا بعثت لك هؤلاء الناس، وبالتالي أنت صرت طرف بالموضوع، مع العلم قد تكون هاي مؤامرة أخرى أنا ما لي علاقة فيها.
القبص على إيلي كوهين عام 1965
أحمد منصور: نعم، في 17 يناير 65 تم إلقاء القبض على أشهر جاسوس إسرائيلي وهو (إيلي كوهين) ماذا تعرف عن قضية كوهين رغم إنك برة السلطة؟ بس باختصار شديد؟
أحمد أبو صالح: نعم، يا سيدي أنا برة السلطة وباعتباري محامي وكنت قريب جداً من عدد من الضباط وخاصة أعضاء المحكمة اللي منهم كان سليم حاطوم وآخرين هم 5 أعضاء محكمة برئاسة مصطفى طلاس.. برئاسة عبد الله.. عفواً صلاح الضلي برئاسة..
أحمد منصور: صلاح الضلي دا كان سجن معاكم..
أحمد أبو صالح: نعم؟
أحمد منصور: اعتقل وسجن معكم. في الانقلاب.
أحمد أبو صالح: معانا بنفس الغرفة اللي كانوا يعذبوا فيها كوهين..
أحمد منصور: طب خلينا الأول هو الآن رئيس المحكمة.
أحمد أبو صالح: فهو رئيس المحكمة، لكن.. وهو رئيس المحكمة مو ضدنا نحنا، يعني ما هو طرف بمواجهتنا، وفيه سليم حاطوم وآخرين هادول محسوبين علينا، فكنت أنا أروح أحياناً أقعد بغرفة المذاكرة أتذاكر أنا وإياه اللي ويحكوا لي، لكن الأهم من ذلك أنا اللي.. اللي اكتشف كوهين.. اللي اكتشف كوهين واللي أنا طُلب مني أسفره من اللاذقية إلى بغداد وسفرته عن طريق لواء الإسكندرونة من تركيا إلى بغداد.
أحمد منصور: سنة كم؟
أحمد أبو صالح: هاي بسنة.. بسنة 1969 قبل سفري أنا.. قبل أنا..
(3/372)
أحمد منصور: من هو؟ مين هذا ؟ مين اللي اكتشف كوهين؟
أحمد أبو صالح: محمد وداد بشير منقول عنهم هادول صهاونة مو صهاينة صهاونة، لأنه المنطقة اسمها صهيون، فمن.. ما نقول صهاينة نقول صهاونة لتمييزهم عن الصهاينة هذا مسلم سني من جهات الحافة المنطقة اللي معظم سكانها من النصيرية فهذا الرجل كان هو مسؤول الإشارة بالجيش، يعني المخابرات إلها أقسام، هذا قسم الإشارة هو..
أحمد منصور: لقط إشارات.
أحمد أبو صالح: نعم، بيعرف مثلاً السفارة الفلانية بتبث على..
أحمد منصور: الشفرة الفلانية.
أحمد أبو صالح: ذبذبة معينة أو شفرة معينة أو إلى آخره، فاكتشف على أنه فيه بث مو خاضع..
أحمد منصور: لهذه السيطرة..
أحمد أبو صالح: أنه، لها السيطرة، المهم يعني بوسائل ما بأقول بدائية، لكن يعني ليست مماثلة لوسائل اليوم، اكتشف إنه البث عم بيخرج من مكان معين فداهم سفارة أو سفارتين يعني أخذ إذن وداهم، اكتشف إنه هذا غلط بعدين توصل لنتيجة إنه موجود بشقة معينة.
أحمد منصور: والشقة دي كانت..
أحمد أبو صالح: وقت اللي اقتحموا.. وقت اللي اقتحموا الشقة كان كوهين مد إيده بده ياخد السم، ياخد السم علشان يقتل نفسه، لحقوه قبل ما ياخد السم هاي خلاصة القصة، هذا محمد وداد بشير خطفوه بعدين من لبنان.
أحمد منصور: روى لك بنفسه القصة..
أحمد أبو صالح: عشت معه أنا، عاش هو لأنه أنا اللي بعثته من سوريا إلى العراق أولاً، ثانياً: وقت رحت للعراق موجود هو والعقيد محمد شريف سعود، والمقدم أحمد الريس كتير من الضباط، فهو عاش فترة طويلة بالعراق..
(3/373)
أحمد منصور: صحيح لما جم يقبضوا على كوهين فيه بعض الضباط كما روى صهرك أكرم الحوراني نقلاً عن بعد عشر سنوات من إعدام كوهين سنة 75 كنت لاجئاً في بغداد، وكان أمين الحافظ وشبل العتيمي ومصطفى حمدون وآخر.. وآخرين على وجبة غذاء وأن أحد الضباط الذين اشتركوا في القبض على كوهين قال إنه بعد القبض عليه شهر ضباط آخرون مسدساتهم وحاولوا خطفه، أنت كنت في العراق في الوقت دا؟
أحمد أبو صالح: كنت في العراق المفروض قبل ما يجئ أكرم الحوراني أنا كنت في العراق..
أحمد منصور: حضرت شيء من هذا.. حضرت شيء من هذا أو روي لك إن فيه ضباط في الجيش كانوا عايزين يهربوا كوهين؟
أحمد أبو صالح: يا سيدي، أنا كي لا أتهم أي إنسان، أولاً أنا ما حضرت ها الشيء، ثانياً: محمد وداد بشير كان صديقاً حميماً لي هو والمقدم شريف سعود وبصراحة كانوا يعني بلا نقول تنظيم بس نقول من تجمعنا.. من جماعتنا، ويومياً يجوا لبيتي بالعلوية جنب دجلة يومياً، كل يوم مساءً عندي في بيتي.
أحمد منصور: الكلام دا بعد ما رحتوا العراق علشان تتآمروا على سوريا، ما هي كلها مؤامرات.
أحمد أبو صالح: كلها مؤامرات، المهم الرجل كان يومياً لمدة طويلة لسنوات ما أشار إلى هذا..
أحمد منصور: قل لي خلاصة اللي قاله لك بخصوص قضية كوهين؟
أحمد أبو صالح: محمد وداد بشير قال لي كثير من الناس..
أحمد منصور: لأن محمد وداد بشير قتل بعد ذلك؟
أحمد أبو صالح: مين؟
أحمد منصور: محمد وداد بشير؟
أحمد أبو صالح: طبعاً خطفوه من لبنان وأخذوه على السجن ومات وراح..
أحمد منصور: طبعاً لأنه كان عمل كتاب فيه تفاصيل وأسرار خطيرة جداً عن كوهين.
(3/374)
أحمد أبو صالح: كان عم بيهيئ لكتاب يحكي.. أيوه يحكي قصة اعتقاله لكوهين زائد علاقات كوهين التي لم تُنشر منها لأسباب خلينا نقول أخلاقية إنه بنات عائلات كبيرة دمشقية ما بدهم يفضحوهم ومنها علاقات مع ضباط، يعني معظمهم بتقديري أنا وهو كما قال بعثيين ما بدهم يذكروا أسماءهم..
أحمد منصور: فيهم ناس في السلطة فيهم ناس جاءوا إلى السلطة بعد..
أحمد أبو صالح: يعني هذا ما قاله لي..
أحمد منصور: إداك أسامي الضباط.
أحمد أبو صالح: لأ، وأنا ما رضيت بصراحة، لأنه خفت لأنه هو كان منفعل وبدأ ما بأقول يضيع بس بدأ يصير يعني يحكي كلام بينم على إنه ما عاد متوازن، يعني مثلاً يصر على إن هو أبى أبى الهيثم، أبى من الإباء شايف هو ابنه اسمه هيثم وهو أبو هيثم فيكتب أبى الهيثم بالألف المقصورة أقول له إذا المقصود من الإباء بدك تكتب بالألف المقصورة مو بالألف الطويلة إنه هذا..
أحمد منصور: خلاصة قضية كوهين أيه؟
أحمد أبو صالح: يعني وصل للدرجة إنه ما عاد يعني بتقدر بتقول إنه ما عاد موضوعي.
أحمد منصور: من خلال علاقتك بهؤلاء الذين قبضوا على كوهين واكتشفوه، من خلال متابعتك للمحكمة، قل لي باختصار قضية كوهين قبض عليه في 17 يناير، بدأ يحاكم في 3 فبراير، صدر عليه الحكم في 8 مايو وأُعدم في 18 مايو في 65، خلاصة قضية كوهين أيه؟
أحمد أبو صالح: أنا برأيي..
أحمد منصور: هل فعلاً في.. من خلال كوهين فعلاً ضربت سوريا في 67 من خلال ما قدَّمه من معلومات؟ هل تم اختراق حزب البعث فعلاً بشكل أساسي؟ هل تم اختراق قيادات الجيش بواسطة جاسوس واحد استطاع أن يعني يُطيح في البلد بالشكل ده زي ما بيقولوا؟
(3/375)
أحمد أبو صالح: يا صاحبي، كوهين زار الجبهة مع آخرين يعني مثل وفود بتروح بتزور الجبهة مو شرط تطلع على كل شيء بالجبهة، بس بتزور الجبهة وبتشوف على أنه فيه قطاعات في الجولان وإلى آخره، والحزب لم يخترقه كوهين بأي شكل من الأشكال بشكل نظامي، لا كان عضواً في الحزب، ولم يكن قيادياً، ولم يحضر أي مؤتمر من مؤتمرات الحزب، لكن راح أقول لك واقعة خطيرة جداً، انتهينا من جلسة من جلسات المؤتمر القُطري بساعة يعني متأخرة جداً قُبيل نشر أول نشرة أخبار تصدر عن دمشق، جيت لبيتي أنا تعبان جداً مرهق وحطيت رجليَّ على كرسي وردت أرتاح شوي وأسمع نشرة الأخبار، بنشرة الأخبار بعد انتهاء المؤتمر القُطري يمكن بنصف ساعة من إسرائيل أذاعوا إنه انعقد المؤتمر القُطري في دمشق وأنهى اجتماعه بالقرارات التالية، إذن ناس من الموجودين بالمؤتمر.
أحمد منصور: والجلسة سرية كانت.
أحمد أبو صالح: يُفترض يعني إنه.. وبعدين ما لحقنا يعني أنا طلعت من قصر الضيافة مكان ما إنَّا عاقدين المؤتمر وصلت لبيتي بأبو رمانة يعني ما أكثر من عشر دقائق بالسيارة وما لحقت أقعد 5 دقائق وسمعت الخبر، إذن رأساً طلع واحد يُفترض من المؤتمرين يكون حكى سواء لكوهين أو لواحد على صلة بكوهين وإلا ما فيه سبب آخر كيف يعني إسرائيل بتذيعه قبل نشرة الأخبار في.. في سوريا لها الدرجة شايف، فلذلك يعني فيه شكوك كثيرة، أما أنا لست على يقين من علاقة أشخاص معينين بكوهين غير واحد اسمه مُعزَّى زهر الدين وأيضاً كان ضابط بس برتبة صغيرة، هذا أُلقي القبض عليه.
أحمد منصور: دا كان قريب لرئيس الأركان.. لرئيس الأركان زهر الدين.
(3/376)
أحمد أبو صالح: يفترض لأنه أيضاً من الطائفة الدرزية وفيه احتمال إنه عقل قربان هذا راح بالسجون، لأنه كان يحمل جواز سفر عراقي باسم مستعار غير عقل قربان وكان في لبنان بمهمة من قِبَل العراقيين، خُطِف من لبنان وكل منظمات العفو الدولية وحقوق الإنسان طالبوا فيه وكان دائماً الجواب إنه هذا غير موجود، وفعلاً غير موجود..
أحمد منصور: لأنه باسم تاني.
أحمد أبو صالح: لأنه باسم مستعار، ومات المسكين بلغني مؤخراً إنه مات قتلوه أو مات وحتى (أوهستر) لأنه كل ها الفترة يعني 10، 15 سنة في منفردة ما يشوف فيها بشر، يعني صار مثل الحيوان داخل السجن في.. في المزة، فهذا الإنسان يعني يُقال الحقيقة أنا ما سمعت (..) وهو ما بأقول صديقي، بس كان بالسجن معي مرة بنفس ما بأقول زنزانة غرفة كنت أنا وهو واتنين آخرين أربعة كنا مع بعض ما كان معي عقل قربان، فهذا قيل أن له علاقة أيضاً بكوهين، ما هو شرط تكون علاقة جاسوسية لأنه كوهين كان ثري و..
أحمد منصور: أيه حقيقة علاقة.
أحمد أبو صالح: ثري ونسوان وخمر وإلى آخره.
أحمد منصور: أيه حقيقة علاقة.. أمين الحافظ نفى نفياً تاماً أن تكون له علاقة بكوهين، وقال أنه لم يره إلا اثناء التحقيق، عندك معلومات عما أشيع عن العلاقة بين الرجلين؟
أحمد أبو صالح: يا سيدي أنا.. أنا.. أنا طبعاً ثقتي بوطنية أمين الحافظ لا تتزعزع ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يعرف أمين الحافظ أن هذا هو كوهين ويمكن أن يمد له يد ويصافحه يستحيل، لكن أنا شخصياً أعتقد بأنه كوهين كان يحضر حفلات سفارة.. السفارة السورية في الأرجنتين وأمين الحافظ كان ملحق عسكري، احتمال كبير جداً وإذ..وإن نفى أمين الحافظ وهون.. وهون.
أحمد منصور: هو نفى وقال إن التاريخ اللي ذهب به كوهين إلى الأرجنتين كان بعد ما أمين الحافظ رجع إلى سوريا.
(3/377)
أحمد أبو صالح: صح هيك، بس أنا بتقديري يعني أنه أمين الحافظ هو اللي وضع نفسه بقفص الاتهام ودفع الآخرين، وأيضاً لأنه كان رئيس دولة فيه مصلحة لإسرائيل وغير إسرائيل إنه يسقطوا عليه المسؤولية كلها، بس أمين الحافظ شارك في إنه وضع نفسه بقفص الاتهام، أنا لو كنت بداله بأقول يعني أنا كنت ملحق عسكري بالأرجنتين وهذا بيجوز يكون من الناس اللي حضروا وسلم علي وصافحني وحدثني وحكى معي، وحتى في دمشق احتمال، مثلاً أنا وزير إذا إجا شخص وقال لي: خيو هذا شو اسمه كان محمد.. كمال..كمال إيش كوهين اسم يعني.
أحمد منصور: أمين ثابت.. أمين ثابت.. كامل أمين ثابت.
أحمد أبو صالح: أمين ثابت قال إذا كان.. كامل أمين ثابت ثري عربي عايش بالأرجنتين جاي يستثمر أمواله هون طلب مقابلتك شو بده أقول له والله؟
أحمد منصور: هتقابله.
أحمد أبو صالح: بأقول له أهلاً وسهلاً يعني، فإذا سألتني أنت وقلت لي أنت التقيت بكوهين بأقول لك أيه، التقيت بكوهين...
أحمد منصور: خليني أسألك عن موضوع تاني كوهين كده خد حقه في.. في المسألة دي معاك، كان فيه جواسيس إسرائيليين كانوا موجودين في سجن تدمر أثناء وجودك في السلطة كعضو مجلس قيادة ثورة و.. ووزير.
أحمد أبو صالح: نعم.. نعم.
أحمد منصور: في 30 مارس 64 صدر الحكم بالإعدام على 11 متهم بالتجسس، 20 فبراير 65 حكم بالإعدام على فرحان الأتاسي ومعين الحاكمي الضباط في الجيش بتهمة التجسس لإسرائيل، أنا خليني في الـ 11 جاسوس اللي أنت لما كنت في السلطة فيهم، لِمَ لَم يعدم هؤلاء؟
(3/378)
أحمد أبو صالح: يا سيدي، مجلس قيادة الثورة.. عُرض على مجلس قيادة الثورة من قِبل رئيس محكمة الأمن القومي صلاح الضلي البت في موضوع الجواسيس، طبعاً أنا لا أتذكر إمتى انحكموا، لكن كانوا موجودين في تدمر جواسيس، فطلبنا يجيب أضابير، وجاب الأضابير أنا كنت من المتحمسين للموافقة وننهي الإشكال ليش يظلوا جواسيس موجودين وإلى آخره، فنور الدين الأتاسي قال فيه واحد منهم محكوم بالإعدام من بيت حنيفة حمصي وهذا مجنون، فيعني إذا مجنون ما بيجوز يتعامل معاملة الآخرين، فكُلِّفت أنا باعتباري حقوقي في مجلس قيادة الثورة إنه أشوف يعني الأحكام الصادرة إذا كانت محورها القانوني أو فيه شائبة بتشوبها أو كذا، وأنا الحقيقة ما كنت مستعد فعلاً أعمل دراسة لأضابير طويلة عريضة، قرأت الفقرات الحكمية، لكن بهاي.. باعتبار هو ذكر اسم حنيفة تعمدت أطالع إضبارته وشوفت على أنه فيه تقارير طبية بس كلها طالعة بعد الحكم، يعني جايبينها من أطباء يقولوا إنه هذا كان عم بيتعالج عندنا أو كذا ومختل وإلى آخره ولكن كلها بعد الحكم، المهم جيت لمجلس قيادة الثورة قلت لهم يا أخي كل هذه الأحكام في محورها القانوني والمفروض إن نحنا ننفذ، طيب ندرس بدنا شوف، سيبنا بدنا ندور على أضابير، ما نلاقي الأضابير..
أحمد منصور: اختفت الأضابير
أحمد أبو صالح: اختفت الأضابير، أوجدها مرة خلف الخزينة ومرة تحت الصبة مرة في.. في القصر الجمهوري وبعدين اختفت نهائياً.
أحمد منصور: أنتو كدولة كناس بتحكموا، كيف كنتم بتدونوا.. كيف كان بيتم تدوين القرارات واتخاذ القرارات وهذه الأشياء؟
(3/379)
أحمد أبو صالح: يا سيدي، عندما كنت أنا موجوداً في مجلس قيادة الثورة كان جبنا أمين عام لمجلس قيادة الثورة الدكتور عبد الخالق النقشبندي من دير الزور حزبي قديم زوجته ألمانية، رجل طيب وشريف ومستقيم وحزبي قديم، بس طبيب هو، جبناه قال أمين عام لمجلس قيادة الثورة بده يدون محاضر الجلسة، يعني مسكين لدرجة إنه يحط كذا قلم على الطاولة بألوان مختلفة، إذا جف أحد هذه الأقلام يأخذ القلم التاني ويكمل، وفيه كثير من الحالات تطير مادة من أساسها، مثلاً إذا هو.. أولاً.. ثانياً.. ثالثاً.. رابعاً تطير بيجي لخامساً، ويكون القرارات يعني مثل شو بدي أقول لك بألوان مختلفة و.. وأنا كنت أقول له يا أخي الجزارين اللحامين دفاترهم منظمة أكثر منك، ما حرام نحن نحكم البلد لو الشعب اطلع على حقيقة ما يجري هون لسحلنا بالشوارع، وفعلاً، لو الشعب عرف شو نحن عم ندير البلد والله بيسحلنا أقسم بالله العظيم، أنا أذكر يا أخي محمد عمران أمامه دفتر بيمسك الدفتر بياخد ورقة من هذا الدفتر وبيمسح فيها تمة بهاي ورقة مو.. مو كلينكس ورقة عادية وبيمسح تمة، صلاح البيطار وقت بيشوفنا ملتهين باللت وبالعجن بياخد ورقة وبيصير بيرسم عليها مربعات وشغلات متقاطعة وشغلات.. كل واحد منا لاهي نفسه بشغلة شايف، والناس عم بتحكي وقت اللي إجا أمين الحافظ ما عاد فيه استئذان حتى بالحكي يعني كل واحد بيحكي مثل ما بده، فقلت لهم يا أخي هذا ما بيصير يعني هذا مو هو معقول.
أحمد منصور: هكذا كانت تدار البلد..
أحمد أبو صالح: هيك كانت تدار البلد، أنا عم بأقول لك بصدق وصراحة وأنا موجود معاهم يعني مو أنه والله على السماع.
أحمد منصور: والشعوب المنكوبة على السجون والمعتقلات وهربانة وعايشين في.. في المنافي بره وكذا..
(3/380)
أحمد أبو صالح: يا سيدي، وبالمناسبة يعني إنه بالعراق نشرت الصحف المذكرة اللي رفعها الناس اللي بيعتبروا حالهم قادة الطائفة النصيرية ومنها أبوه لحافظ الأسد سليمان الأسد لليوم في اليوم هذا اللي كان رئيس مجلس الوزراء (..) 1963 رفعوا مذكرة تتضمن إنه ما تعطوا سوريا استقلالها، نحن ما إلنا علاقة بالعرب والمسلمين، نحن إذا بدكم.. لابد فنحن بدنا تقيموا لنا دولة مستقلة، لأنه نحن أقرب للموارنة وأقرب لكذا..
أحمد منصور: كان فيه.. كان سليمان المرشد عامل دولة علوية، لكن أنا مش في الإطار ده، أنا خليني أنا الآن في الإطار بتاعي وعايز أرجع للموضوع الأساسي بتاع الجواسيس، الأضابير كنت بتلاقيها مرمية..
أحمد أبو صالح: آه فالمهم ما انعدموا الجواسيس، وإذ بعد ما نحن يعني بعد بفترة بييجي حافظ الأسد بيصير رئيس جمهورية، محمد أديب النحوي وزير عدل، وإذ يصدر عفو عن الجواسيس، عفو عن الجواسيس وبتوقيع حافظ الأسد وتوقيع وزير العدل محمد أديب النحوي بكل وقاحة يعني.
أحمد منصور: الجواسيس دُول كانوا عرب كلهم.
أحمد أبو صالح: كلهم عرب وسمح لهم بعد صدور مرسوم العفو بالذهاب إلى إسرائيل للاستشفاء زعموا إنه كلهم مرضى، لأنه كانوا موجودين بتدمر فسمحوا لهم يروحوا يستشفوا بإسرائيل طبعاً وراحو ما رجعوا.
أحمد منصور: كأحداث تاريخية في 3 أكتوبر 64 قُبلت استقالة صلاح البيطار ومنصور الأطرش من عضوية مجلس الرئاسة وانتخب بدلاً منهما صلاح جديد ويوسف زعين، وشكَّل أمين الحافظ حكومة جديدة بعد 5 أشهر من الحكومة اللي كان عاملها، في 8 ديسمبر 64 استقال محمد عمران من الجيش احتجاجاً على ترفيع حافظ الأسد لرتبة لواء، أية أسباب الصراع بين حافظ الأسد ومحمد عمران تحديداً؟
أحمد أبو صالح: شوف أستاذ أحمد يعني أنا هاي وقائع ما أنا مُلم بها لأنه كنت..
أحمد منصور: طيب خلاص مش مهم..
(3/381)
أحمد أبو صالح: لكن لأ، لكن بأقول لك بصراحة يعني ما كان فيه صراع، يعني مو صراع يستهدف النظام، صراع فقط في حدود إنه ليش فلان رتبتة أقل من رتبتي ترفعوه قبل ما ترفعوني، فبهيك حالة نروح نرفعه، الشخص اللي يحتج منهم نروح نرفعه دونما سب يعني مجرد أنه احتج.
أحمد منصور: هو كان هنا باتريك سيل قايل إن الأسد كان أقل رتبة من صلاح جديد ومحمد عمران
أحمد أبو صالح: طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور: ولكنه كان يتوسط بينهما وينتقل من أحدهما إلى الآخر لكنه في النهاية انحاز لصلاح جديد بعدما رقَّاه صلاح جديد وعينه قائد لسلاح الجو السوري في ديسمبر 64 وطبعاً كان الرئيس أمين الحافظ بيمضي على كل ما يعطيه له صلاح جديد..
أحمد أبو صالح: وبالمناسبة أقول لك شغلة مهمة جداً، في صفوف البعثيين وفي سلاح الطيران بالذات كان فيه رتب أعلى من رتبة حافظ أسد، ولكن لأنهم من السنة مثلاً حتى ما يبقى الكلام على عواهنه العقيد شريف بدوي، العقيد شريف بدوي وكان في القاهرة وله علاقة أيضاً بس غير مباشرة باللجنة العسكرية عُيِّن قائداً لقاعدة الطيران في حماة ما فيه 3 طيارات، وحافظ الأسد عُيِّن في قيادة الطيران للجمهورية العربية السورية نظرياً كان اللواء لويس دكر وعملياً كان هو ورتبتة أقل من رتبة ناجي جميل اللي كان يشتغل بمعيته أيضاً.
أحمد منصور: دي كانت موجودة في أماكن كثيرة في الدولة عندكم.
أحمد أبو صالح: طبعاً، يعني الرتبة الصغرى تحكم الرتبة الكبرى..
أحمد منصور: كان فيه ناس برتب أقل تحكم الرتب الكبرى ودا كان موجود من أول مسلسل الانقلابات ولفترة.. حتى في فترة الوحدة كان بيبقى موجود مثل هذه الأشياء.
بدأ الصراع يشتد بين.. داخل حزب البعث، دعا لمؤتمر قومي ميشيل عفلق في مايو 65 بهدف شجب العسكريين الذين تحدوه، لكنه طلب.. طلب منه..
أحمد أبو صالح: في أي سنة؟
(3/382)
أحمد منصور: مايو 65 طلب منه أن يلزم الهدوء واختير منيف الرزاز الطبيب والكاتب الأردني من أصل سوري ليحل محله، والرزاز كان انضم للبعث سنة 50، والرزاز له كتاب رائع عن التجربة المرة داخل حزب البعث، لأن البعثيين مرمطوه بعد كده وبهدلوه وعذبوه وشرب المر على إيدين البعثيين زي ما أنت شربت المر على إيدين البعثيين برضو. وشرَّبتوا بعض وكنتم بتتآمروا على بعض، حتى أنت مسكت الأستاذ من كتفه وقلت له أنت بتتآمر، صلاح جديد بدأ يرسخ قبضته بصفته أمين قُطري مساعد في سوريا على الوضع، في أواخر صيف 65 كان سلطانه بدأ يزداد وفي 24/9/65.. آه كان يوسف زعين كان بيساعد كتير صلاح جديد في الرقابة على الجهاز الحكومي بشكل عام، حركة الجيش من خلال وزير الدفاع حمد عبيد، حمد عبيد كان درزي، ومن خلال جهاز حافظ الأسد الحزبي في القوات المسلحة كان مطمئن إلى صلاح جديد كان مطمئن لولاء هذه القوات، من خلال حمد عبيد، من خلال حافظ الأسد ومن خلال يوسف زعين كان مطمئن لأنه كان هو اللي بيمسك بالسلطة والقبضة في إيديه، وكان بيُسيَّر الأمور بالشكل اللي أنت وصفت به كيف كانت تسير الأمور في مجلس الدولة. صهرك كرم الحوراني اعتقل وضع في سجن المزة في العام 65 وبدأت التهيئة لانقلاب العام 66.
في الحلقة القادمة نبدأ معك من حيث تم إزاحتكم من السلطة، ووضعكم في السجن، هزيمة العام 67، هروبك بعد ذلك للعراق والتآمر الذي كنتم تقومون فيه.. به في العراق ضد سوريا ونختم بها هذه الشهادة، أشكرك شكراً جزيلا.
أحمد أبو صالح: العفو.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ أحمد أبو صالح (عضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا والوزير الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(3/383)
الحلقة9(3/384)
الأربعاء 21/7/1424هـ الموافق 17/9/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 09:03(مكة المكرمة)،06:03(غرينيتش)
حزب البعث السوري كما يراه أبو صالح
الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد أبو صالح: عضو قيادة مجلس الثورة السوري
تاريخ الحلقة
14/09/2003
- إرهاصات انقلاب 23 فبراير 1966 على أمين الحافظ
- اعتقال أحمد أبو صالح
- هزيمة عام 1967 وتأثيرها على الأحداث في سوريا
- اعتقال أحمد أبو صالح للمرة الثانية في 1968 وتعذيبه
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع في هذه الحلقة لشهادة الأستاذ أحمد أبو صالح (عضو القيادة القُطرية الأسبق والوزير الأسبق في سوريا).
أبو طموح، مرحباً بك.
أحمد أبو صالح: أهلاً وسهلاً.
إرهاصات انقلاب 23 فبراير 1966 على أمين الحافظ
أحمد منصور: قبيل انقلاب الثالث والعشرين من فبراير/ شباط 1966 على نظام حكم أمين الحافظ الذي كنت قبل هذا الانقلاب بمدة أحد أركانه وعضو في مجلس قيادة الثورة ووزيراً لعدة وزارات وتتحمل مسؤوليات عديدة فيه، ربما كانت كل سوريا تدرك أنه في الساعة الحادية عشر من صباح 23 فبراير سوف يتحرك صلاح حاطوم وآخرين للقيام بانقلاب ضد أمين الحافظ، ما هي الإرهاصات التي سبقت الانقلاب؟
(3/385)
أحمد أبو صالح: فعلاً كان فيه ترقُّب وتوقُّع من قبل كثيرين وخاصة من ينتمون إلى حزب البعث أو يدورون في أفلاكهم، كان هناك توقع بأنه خلال الأيام القليلة القادمة سيقع انقلاب، لأن الأمور تأزمت لدرجة أنها أصبحت لا حل لها إلا بانقلاب، مثلاً أتت القيادة القومية التي لا حول لها ولا قوة، وأقدمت على حل القيادة القُطرية ذات الحول والقوة المطلقين، زائد رفضت القيادة القومية عن طريق منصور الأطرش في المجلس الوطني هذا يعني بعد توسيع المجلس الوطني لقيادة الثورة عملوا مجلس وطني مثل مجلس نيابي، الأعضاء اللي أكثريتهم إلى جانب القيادة القطرية المنحلة طلبوا.. طلبوا مناقشة هذا الأمر، فرفض منصور الأطرش بأمر من القيادة القومية مناقشة الأمر في المجلس الوطني، إذن يعني طوقوهم لدرجة إنه ما عاد فيه أمامهم مفر من أن يقوموا بانقلاب، قاموا بانقلاب واعتذروا إنه أيه نحنا كنا آسفين لم يكن أمامنا سوى هذه الوسيلة.
أحمد منصور: كيف نجح الانقلاب بهذه السهولة التي تمت؟
أحمد أبو صالح: يا صاحبي نجح الانقلاب بهذه السهولة لأن أمين الحافظ لم يقبل بالتحرك، أنا اتصلوا بي وكنت على موعد مع صلاح جديد الساعة 11 من صبيحة 23 شباط.
أحمد منصور: من الذي اتصل بك؟
أحمد أبو صالح: اتصل فيني سليم حاطوم وعبد الغني برُّو وآخرون..
أحمد منصور: اللي هم قاموا بالانقلاب.
أحمد أبو صالح: اللي منهم من شارك بالانقلاب، لأنه بهذاك الوقت مو معروف بالضبط مين مع مين يعني صاير الولاءات عم تتغير.
أحمد منصور: لكن سليم حاطوم هو اللي قام..
(3/386)
أحمد أبو صالح: سليم حاطوم كان رئيس الحرب فعلاً هو أول من حرك قواته وهاجم، فالمهم يعني أنا سافرت فوراً مرِّيت بحمص على بدر جمعة كان بالكلية العسكرية، ويعني جمعنا بعض رفاقنا، وقلنا أنا بكره على موعد مع صلاح جديد المفروض يعني نحنا نحزم أمرنا، وفعلاً بيوم صبيحة 23 -عفواً- وصلت بـ 22 رحت رأساً عند أمين الحافظ على قصر الضيافة وقاعد وعدد من الضباط بين 13 إلى 15 ضابط من ذوي الرتب الكبيرة اللي عم بيحاولوا يقنعوه بإنه يتحرك قبل ما هادوليك يتحركوا..
أحمد منصور: يعني خلاص.
أحمد أبو صالح: إذن الأمور ظاهرة، وظاهرة..
أحمد منصور: إما ينقلب أمين الحافظ على نفسه ويزيح الآخرين وإما سينقلبوا هم عليه.
أحمد أبو صالح: أيوه.. أيوه صح، وإما سينقلب الآخرين، اللي حدث إنه أمين الحافظ رفض، وقت جيت أنا اعتبرت..
أحمد منصور: أيه مبررات رفضه؟
أحمد أبو صالح: أمين الحافظ غير قادر على اتخاذ القرار، أمين الحافظ ليس جباناً، لكن أمين الحافظ لم يبلغ مستوى سواء بتكوينه كإنسان أو بثقافته العسكرية أو.. أو، ما بيتخذ قرار بينتظر من الآخرين هم يبادروا وهم..
أحمد منصور: عشان كده حطوه في السلطة وحطوا في إيديه كل الصلاحيات..
(3/387)
أحمد أبو صالح: أيوه، لاعتقادهم ومعرفتهم بأن هذا الإنسان يعني ليس من السهل إنه يغير ولاءه، إنه هو ولاه لما يُسمى بحزب البعث العربي الاشتراكي، بالنسبة إلى حزب البعث العربي الاشتراكي ميشيل عفلق مثلاً، الرفاق العسكر اللي هم يعني وضعوا كل ثقلهم وجابوه من الأرجنتين وضموه للجنة العسكرية، واستلم وزارة الداخلية إذن هو مدين مدى الحياة لهؤلاء الناس، هيك منطقه هو، فما بيقبل يعمل يعني يسبقهم وهو رئيس دولة وأقسم على الدستور بأنه يحمي البلد ويحمي الدستور وإلى آخره، لكنه لم يفعل، عندما جئت أنا في الحقيقة تلقفوني تلقفاً، الضباط إنه أبو طموح علاقته في الأصل وطيدة بأمين الحافظ وبيمون عليه فإجا بوقته طلعت أنا عند أمين الحافظ مع الأسف الشديد حسب العادة قاعد وعم بيشرب وحده، دخلت أنا قعدت معه، قلت أبو عبده أنا هادول جماعة اتصلوا فيني بحلب وعرضوا علي رئاسة الدولة، قال لي: إلي خبر.
أحمد منصور: عرضوا عليك أنت رئاسة الدولة؟
أحمد أبو صالح: طبعاً، إنه تعالَ يا أبو طموح أنت أحق واحد بعد الإطاحة بأمين الحافظ بأن يكون رئيس دولة ومو يعني.. لإنه نحنا عندنا.. عندنا أكثر من نصف الانقلابيين شايف، فبدهم يعني..
أحمد منصور: اللي أنتو اليساريين يعني البعثيين.
(3/388)
أحمد أبو صالح: نحنا.. وهم كانوا يعني طارحين نفسهم كيسار للحزب والقيادة القومية بهذيك..، فقال لي أبو عبده، قال لي: أيه بأعرف أنا إجا لعندي الرائد عبد الغني برُّو وهذا مسؤول مخابرات كان بحمص وقال لي، قلت له: طيب، بس أنا على موعد بالساعة 11 بكره الصبح مع صلاح الجديد للإجابة حتى أقول لهم إنه أنا موافق ولا ما أني موافق يعني أنا بأوافق معناها أنت ما عدت موجود، فأبو عبده خلينا نفطرهم قبل ما نتغدى.. يتغدوا.. ما فيه أسهل منا، أنا هلا بأطلع على اللواء سبعين وبأذيع البيان رقم واحد، قلت له: يللا، الله يؤيدك والشباب تحت عم ينتظروا، قال لي لأ، أنا بدي قرار من القيادة القومية، طبعاً القيادة القومية كلهم هاربين المساكين ومختفين...
أحمد منصور: بس لا حول ولا قوة، أجدع ناس تجري وتهرب.
أحمد أبو صالح: صحيح، ما ضربوا..
أحمد منصور: ميشيل عفلق هرب كم مرة؟
أحمد أبو صالح: دايماً هي ما بينعدوا المرات، منصور الأطرش اجتمعت في بيت أنا في بيت مهران يوسف مذيع كان بالإذاعة بأذكر اسمه لأنه صار مرور زمن، قال لي: أنا موافق، بس يا أبو طموح ما بأقدر بأجمع لك أنا القيادة القومية، فمنين بدي أجيبهم، جينا لعنده، قال لي أنا بأقبل من ميشيل عفلق، ميشيل عفلق كان مغادر البلد كلها، قلت له: أنت عم يعني توجد ذرائع حتى ما تتحرك.
أحمد منصور: طيب ليه ما خلتوش أمين الحافظ واتحركتوا أنتوا؟
أحمد أبو صالح: مين؟
أحمد منصور: أنتوا يعني..
أحمد أبو صالح: ما نحنا نصفنا صاير مع الطرف الآخر.
أحمد منصور: مع أمين.. مع الآخرين، مع صلاح جديد والآخرين...
أحمد أبو صالح: لأنه ما.. ما.. ما عرضنا على أمين الحافظ، وراح كشفنا بالمؤتمر العسكري صار يعني ما عاد فيه إلنا أمل بأمين الحافظ فصار جزء كبير من جماعتنا مع الآخرين على أساس نتقاسم، يعني نحنا وإياهم نحكم البلد.
(3/389)
أحمد منصور: ليه ما تجاوزتوش أمين والحافظ وتجاوزتم الدماء التي سالت في المعركة وعملتوها ودي كده وأنت تبقى رئيس الدولة الجديدة.
أحمد أبو صالح: لأ، نحنا كنا.. لأ، نحنا كنا متفقين يعني على الإطاحة بأمين الحافظ وصلاح جديد أي فيما بيننا.
أحمد منصور: آه.
أحمد أبو صالح: اللي رفضه.. اللي رفضه حافظ الأسد في بيته وعرضت.. هو عرض عليَّ الإطاحة بالاثنين، أنا قلت له: لأ بصلاح جديد، جينا نحن..
أحمد منصور: عرض عليك حافظ الأسد أيه؟
أحمد أبو صالح: طبعاً في بيته.
أحمد منصور: تفتكر إمتى؟
أحمد أبو صالح: وهو اللي اتصل فيني.
أحمد منصور: امتى تفتكر؟
أحمد أبو صالح: كان وزيرا للدفاع..
أحمد منصور: تفتكر..
أحمد أبو صالح: يعني قبل 23 شباط بفترة منيحة.
أحمد منصور: شهرين، ثلاثة.
أحمد أبو صالح: شي أربع خمسة أشهر.
أحمد منصور: يعني إرهاصات الانقلاب بدأت مع الصراعات.
أحمد أبو صالح: يعني اكتشف حافظ الأسد صار.. صرنا نحنا مشكوفين عم نجتمع دون خشية أو خوف من أي جهة، لأنه معتبرين حالنا نحنا القوة الضاربة القادرة على التغيير، فنجتمع في مكتب سليم حاطوم مثلاً بالإذاعة والتليفزيون، نجتمع في بيتي.. نجتمع..
أحمد منصور: عشان تخططوا للانقلاب.
أحمد أبو صالح: مع الأسف أيه على المكشوف يعني، لأنه ما إنا خايفين، حافظ الأسد..
أحمد منصور: وإسرائيل ما بتفكروش فيها ولا لحظة..
أحمد أبو صالح: ما إلها علاقة إسرائيل بالموضوع، ما أخذنا رأيها.
أحمد منصور: أنا بس بآخذ.. لأ يعني ما بتفكروش إنكم بلد مواجهة مع إسرائيل، وفيه حرب..
أحمد أبو صالح: يا سيدي..
أحمد منصور: وفيه ناس ثانية عمالة تعمل اجتماعات وإسرائيل عدو وكذا، مافيش تفكير في..؟
(3/390)
أحمد أبو صالح: يا سيدي، راح أقول لك شيء أخطر من هيك طالما قاطعتني ترتب علينا بمؤتمر القمة عندما قلت لك في مرة سابقة إنه جمال عبد الناصر كان عم بيقلب صفحات وبيقرأ مقررات أو أعمال وزارات.
أحمد منصور: نعم، نعم وزراء.. وزراء الدفاع..
أحمد أبو صالح: وأمين الحافظ بيخترق إسرائيل بخلال 24 ساعة، يعني تقرر إن فيه التزامات على كل دولة من الدول.
أحمد منصور: نعم صحيح.
أحمد أبو صالح: إنه تقدم مبالغ لتهيئة بعد عشر سنوات بعد (....) أيه.
أحمد منصور: اللي هي اللجنة العسكرية المشتركة العليا برئاسة علي علي عامر.
أحمد أبو صالح: اللي حدث إنه حصة سوريا اللي ترتبت علينا نأخذ أكثر مما نعطي نحنا.
أحمد منصور: عشان تعملوا انقلابات على بعض..
أحمد أبو صالح: كدولة مواجهة نأخذ أكثر ما بنعطي، نحنا الحقيقة بدنا نأخذ من دون ما نعطي، مع الأسف أنا عم بأقول لك، يعني إنه يعطونا هم بالأول يعطونا.. تقرر مثلاً سوريا تدفع 100 مليون مثلاً وبتأخذ 200 مليون، طيب عطونا الـ 200 مليون.
أحمد منصور: نديكم.. منين؟
أحمد أبو صالح: ونحنا بعدين ندفع، وبدنا ندفع.. يعني بمعنى.
أحمد منصور: أنا بس عايز أفهم الصورة..
أحمد أبو صالح: بمعنى أنه نحنا كنا منتظرين إنه نحنا لحالنا ما إنا قادرين أنه تقرر تحويل مجرى الأردن، وكنا نرتفع 10، 20، 30 سنتيمتر عن وجه الأرض تيجي إسرائيل تدك.. تدك بالطيران الأسس اللي حفرناها من شان نحول مياه الأردن، نرجع نبدأ من الصفر، كان مهندس كبير أصله وزير صبحي كحَّالة هو المسؤول بعدين توقفنا.
أحمد منصور: أنا بس هنا عشان نشوف إزاي هزيمة 67 وقعت بعد ذلك بعدة أشهر واخد بالك أو بسنة وإزاي أنتوا كنتوا عمالين بتفكروا في أيه في الفترة دي؟ جالك حافظ الأسد وعرض عليك أنكم تطيحوا بالاثنين.
(3/391)
أحمد أبو صالح: إنه نطيح بالاثنين بأمين الحافظ وبصلاح جديد لأنه أنا قلت له: نحنا ما عم نتآمر، أصر قلت له: طيب لو فرضنا إنه عم نتآمر، اتفضل شارك، قال نضرب الاثنين، قلت له: لأ، نضرب واحد وهو صلاح جديد لأنه خيوط الجيش كلها بإيده، وهاذاك أمين الحافظ عمليته سهلة إذا ما مشي مثل ما بنريد، رفض الرجل، بعدين وقت اعتقلوني قلت له خلينا نكملِّ يا أخي ما أنت اللي اقترحت الاثنين، فضربتوا فلان خلينا نكمِّل قال لي لأ، هذا أبوه لحركة 23 شباط..
أحمد منصور: حافظ الأسد يعني؟
أحمد أبو صالح: لحافظ الأسد.
أحمد منصور: بعد الاعتقال؟
أحمد أبو صالح: اعتقلوني .. قبل ما يأخذوني على المزة أخذوني على.. على..
أحمد منصور: أنا قبل ما أسبق الأحداث بس هآجي لها، أنا خليني معاك لحظة بلحظة، الآن رحت لأمين الحافظ بالليل ليلة يعني صابحين 23 الصبح.
أحمد أبو صالح: وأردت أقنعه بأن نتحرك.
أحمد منصور: ورفض هذا..
أحمد أبو صالح: قبل ما هم يتحركوا لأنه 100% بدهم يتحركوا.
أحمد منصور: رفض.
أحمد أبو صالح: رفض، ووصلت الأمور لميشيل عفلق، ميشيل عفلق غير موجود، قلت له: طيب وليش ميشيل عفلق مو منيف الرزاز، لأنه منيف الرزاز.
أحمد منصور: صار الأمين العام.
أحمد أبو صالح: كان.. كان أمين عام، وكان مختفي بدومة على بعد 20 كيلومتر من دمشق عند خالد الحكيم.
أحمد منصور: أحلى حاجة الزعيم يختفي دي؟
أحمد أبو صالح: نعم، وكان في بيت خالد الحكيم.
أحمد منصور: الزعماء كلهم بيهربوا وبيختفوا.
أحمد أبو صالح: أيه فما رضى بمنيف الرزاز، نزلت أنا بعد منتصف الليل وشباب تحت عم بينتظروا قالوا لي حسين ملحم قال لي: حنطة أو شعير، ضحكت أنا قلت له: شعير، التفت على الجماعة قالوا يا شباب كل واحد يروح يدبِّر حاله، يعني على مسؤوليته يتصرف.
أحمد منصور: اللي يروح ينضم لدول ينضم واللي..
(3/392)
أحمد أبو صالح: أيوه، إن كل واحد فيهم يدبر حاله، رحت أنا على الفندق قبل ما يعني أرتاح بالفندق جاني بدر جمعة -الله يرحمه- من حمص، وهذا اللي كان.. العسكري، سألني شو أبو طموح صار معك؟ قلت له هيك.. هيك القصة قال لي رايح أنا أجرِّب أيضاً، راح لعند أمين الحافظ وما وصل لنتيجة، رجع وقال لي ما وصلنا لنتيجة.
أحمد منصور: وصار الانقلاب الصبح.
أحمد أبو صالح: صار انقلاب دمروا بيته وبنته بأظن شذى فقدت عينها، وابنه بشار أيضاً انشلت إيده، لأنه أُصيب..
أحمد منصور: روى القصة كلها في شهادته على العصر، انتهى الانقلاب الآن، قُبض عليكم؟
أحمد أبو صالح: لأ، أنا.. أنا كنت موجود في دمشق، أنا حكيت لك أنا موجود قبل 23 شباط في دمشق..
أحمد منصور: كيف تابعت أحداث الانقلاب، لاسيما إن سليم حاطوم قعد من الصبح لبليل يقاتلوا 14 ساعة كما روى؟
أحمد أبو صالح: اجتمعت أنا بسليم حاطوم قبل ما أرجع لحلب، اجتمعت فيه بفندق متواضع في..
أحمد منصور: بعدما قُبض على أمين الحافظ..
أحمد أبو صالح: بعد.. طبعاً بعد، فقلت له لك أبو زوقان الخطوة الثانية قال لي اتصلوا فيني أصلاً من الجبهة شريف الشاقي وعدد.. عدد من الضباط أيضاً سألوني نفس السؤال، بس يا أبو طموح أنا انتهكت قواتي، فعلاً.
أحمد منصور ]مقاطعاً[: الخطوة الثانية اللي هي صلاح جديد يعني..
أحمد أبو صالح: نعم.
أحمد منصور: اللي هي صلاح جديد.
أحمد أبو صالح: لأ. انهكت قوتي لأنه هو اللي داهم بيت حافظ..
أحمد منصور: الخطوة الثانية صلاح جديد.
(3/393)
أحمد أبو صالح: أيوه إنه الخطوة الثانية ضربتوا أمين الحافظ، نضرب نكمل نضرب صلاح جديد، هو حجته سليمة وقتها أنه أنا خلاص أنهكت قواتي ما عدت قادر أصلاً، ولكن حدث إنه بعد فترة تضامن مع ضباط القيادة القومية واكتشف أمره، سليم حاطوم هو عم بيحكي معاهم بالسجن بعد اعتقالهم إنه عم بيقول لهم اصمدوا بس 24 ساعة، هاي قبل محاولته في جبل العرب اللي أشرت إليها حضرتك..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: طبعاً عمل محاولة بعد ذلك، لأن سليم حاطوم باعتباره درزي شعر بعد ذلك بأن موضوع الدروز.. الدروز أهينوا في الموضوع دا وهم الذين قاموا بهذا الانقلاب ولكن العلويين سيطروا على الأمور فعمل انتفاضة في جبل الدروز وبعد ذلك هرب بعد هزيمة 67 رجع فعُذِّب حتى كسرِّت أضلاعه وكان نصف ميت قبل أن يطلق..
أحمد أبو صالح: وهو وبدر جمعة..
أحمد منصور: عليه الرصاص و(باتريك سيل) جاب الرواية بالكامل في كتابه..
أحمد أبو صالح: توفي قبل تنفيذ حكم الإعدام بدر جمعة نُفذ فيه حكم الإعدام وهو حي بس بدر جمعة.. عفواً سليم نفذ به حكم الإعدام في المزة وهو ميت.. خوزقوه..
أحمد منصور: يقول أنه تم التخلص منه وأُعدم بعد تكسير أضلاعه في 26 يونيو
أحمد أبو صالح: صح.. صح، خوزقوه حطوا قضبان من الحديد في (الشرج) الاثنين خوزقوهم بدر لم يمت، هذاك مات، فأخذوهم للتنفيذ كان ميت سليم حاطوم.
اعتقال أحمد أبو صالح
أحمد منصور: كيف قُبض عليك بعد ذلك؟
أحمد أبو صالح: لأنه أنا أردت أرد إنه وقت اللي أفلست من سليم حاطوم هاي بعد 23 شباط أردت أنا أرد، فجمعت الناس اللي يعني ممكن نستفيد منهم، كانوا عندي هادول الضباط اللي اختفوا عند لمياء الجابري، هادول اللي كانوا بحلب يعني كنا دائماً على اتصال وبدأنا نوسع اتصالاتنا بالناس اللي نحنا متصلين فيهم سابقاً إنه للرد على 23 شباط
أحمد منصور: انقلاب جديد.
أحمد أبو صالح: يعني خلال أيام بعد 23 شباط رأساً..
(3/394)
أحمد منصور: يكونوا التانيين لسه ما رتبوش حالهم..
أحمد أبو صالح: أيوه، فاللي حدث مع الأسف الشديد وهذا خطأي أنا بصراحة، يعني كنت مثل مشيخة العشيرة عم أشتغل..
أحمد منصور: عمال تلم الضباط علنا والدنيا كلها
أحمد أبو صالح: وفي بيتي.. وفي بيتي مستخف بالآخرين وفي بيتي، ونحن اخترُقنا بها الحالة، مثلاً.. مثلاً حمد عبيد اللي كان وزير الدفاع..
أحمد منصور: كان درزي.
أحمد أبو صالح: كان بحلب هو جبته أنا واعتقلني بعدين هو بدر.. هو.. أنا اعتقلت، اللي اعتقلني حمد عبيد بس أنا.. أنا هربت بالطريق لأنه ما رضي يأخذ بنزين فيه طلمبة بنزين، جماعة الطلمبة من جماعتي أنا يعني..، هاجموا السيارة وأنا كان فيه سيارتي ورائي قدت سيارتي وكملت طريقي، ورحت عند هادول الشباب المختفين وبلغتهم إنه فشلت العملية..
أحمد منصور: مختفين في بيت زوجة مصطفى طلاس؟
أحمد أبو صالح: طبعاً.. طبعاً..
أحمد منصور: ومصطفى طلاس طبعاً مع الآخرين وكان بيحاكمكم بعد كده؟
أحمد أبو صالح: مصطفى طلاس.. مصطفى طلاس موجود بحمص، زوجته بحلب هي اللي أخذته للشباب، بس هو بحمص..
أحمد منصور: طيب، وبعدين
أحمد أبو صالح: فرحت هربت وهربت هادول الشباب، عادوا لبرات سوريا واتصلت بالتليفون أنا بأحمد السويداني موجود بحلب بعد ما رحت على المكتب..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: مين أحمد السويداني؟
أحمد أبو صالح: هذا كان رئيس الأركان وإجا لحلب بقصد اعتقالي، فأنا اتصلت فيه بعدما صفيت أموري بالمكتب والوثائق وإلى آخره.. واتصلت فيه بالتليفون
أحمد منصور: قلت له تعالَ اعتقلني.
أحمد أبو صالح: قلت له أنا جاهز لو بدك مني شيء..
أحمد منصور: رحت السجن..
أحمد أبو صالح: رحت السجن، وظلينا لا إجا..
أحمد منصور: كان مين في السجن؟
أحمد أبو صالح: معي أنا؟
أحمد منصور: آه.
(3/395)
أحمد أبو صالح: يا سيدي اعتقلوا صلاح الدين البيطار -الله يرحمه- واعتقلوا شبل العيسمي واعتقلوا منصور الأطرش واعتقلوا علي غنام، هادول من القادة.. علي غنام قيادة قومية..
أحمد منصور: كل دي القيادات القومية؟
أحمد أبو صالح: اعتقلوه واعتقلوا عدد من العسكريين بعدما نفذ مهمته حمد عبيد، هو اللي راح لحمص فحماة فحلب، وأسقطوا كثير من الأمور لمصلحة الانقلابيين، حطوه بالسجن معانا بتهمة الفساد.
أحمد منصور: ما هو سهل الآن في ظل..
أحمد أبو صالح: لأنه درزي بالسهل.. وحطوا معنا عثمان كنعان قائد الأمن الداخلي، أيضاً بتهمة الفساد وحطوا معانا اثنين علويين سليمان العلي وجميل حداد للتجسس علينا، وفعلاً كل ما كنا نحاول الهرب كل ما تنكشف العملية ويجوا يعاقبونا على ذلك.
أحمد منصور: بدأت..
أحمد أبو صالح ]مقاطعاً[: وبقينا بالسجن.. يعني 10 حزيران 1967..
أحمد منصور: حكم سوريا ثلاثة أطباء الأتاسي ويوسف زعيم و(الناقوس) وحتى إن فيه صحيفة بيروتية قالت ساخرة يعني أن سوريا يحكمها ثلاثة أطباء لابد أنها مريضة، صحيفة "لوريان" ونقلها (باتريك سيل) اللي قال: "أثبتت الحكومة التي أصبح الأسد عضواً فيها أنها أكثر الحكومات التي عرفتها سوريا تطرفاً، وكانت متهورة في الخارج ومتشددة بشكل جذري في الداخل، فقد أدخلت البلاد في حرب وحاولت إعادة ترتيب المجتمع من السقف إلى القاع كما اكتسبت سمعة بأنها تقمع الشعب وتتخلص بوحشية مما.. ممن يتحدونها"، كيف كان وضعكم في السجن باختصار؟ عذبتم في السجن؟
أحمد أبو صالح: نحن، أول مرة بعد 23 شباط عوملنا معاملة جيدة وكان حافظ الأسد يأتي ليلاً..
أحمد منصور: إلى السجن.
(3/396)
أحمد أبو صالح: في منتصف الليل إلى مكان قريب من السجن، ما فيه 200 متر، ويطلعني أنا من السجن وخالد الحكيم ونروح نقعد معاه ونيجي هو وسليم حاطوم وشريف الشاقي ومجموعة من الناس اللي محسوبين علينا بيجوا للسجن يطلعونا ويخيروني إلي بالذات إذا بأريد أروح على البيت شي كام يوم أقول لهم لأ إما إفراج كامل أو أنا بالسجن ما بأتزحزح.
أحمد منصور: ما كنت تقبل الرئاسة وخلاص.
أحمد أبو صالح: ما كان أحسن، كان صفوني مثل ما.. مثل ما صفوا نور الدين الأتاسي مسكين شايف خيو، يعني..
أحمد منصور: ما هو أنتم عندكم يا رئيس يا السجن..
أحمد أبو صالح: أبداً. يا قبر يا قمة فالمهم يعني نحنا بأول مرة عوملنا معاملة جيدة، الأكل حتى يجينا من المطعم وإذا ما أردنا نطبخ لحالنا كان يجي من المطعم الأكل..
أحمد منصور: صحيح كل يوم كان بيجي..
أحمد أبو صالح: ويجونا أطباء ونروح على المستشفيات، بس السجنة الثانية كان فيها..
أحمد منصور: اللي هو إمتى الثانية؟
أحمد أبو صالح: كان فيها هي أخذونا نحنا اكتشفوا اتهمنا أيضاً بمؤامرة جديدة وأخذوا المقدم حسين زيدان هذا.. حكيت مرة بيني وبينك أنه هذا كان درجة أولى في الدورة اللي صارت بأميركا بالنسبة للمظليين وكتبوا على جهاته إنه جاء ليستفيد فأفاد وعندها الأفندي النميري قال إنه ها وجهي أو أنفي أو كذا بينم على إنه عربي وهذاك، فحسين زيدان كان في الطبقة، يعني هي المنطقة اللي بعدين سموا السد فيها سد الأسد، فهو من التعذيب يعني وقت اللي جابوه واعترف علي كان منتهي يعني ما بقي يعني فيه شيء، كله دماء وقروح وجروح، ويعني آثار الكهرباء يعني مهزوز كلياً..
أحمد منصور: المخابرات بتاعتكم اتعلمت وسائل التعذيب دي فين؟
أحمد أبو صالح: لا ما إحنا جبنا خبراء من يوغسلافيا والألمان ساعدونا وجهات مختلفة حتى ما نصل لعبد الناصر تقول لي والسراج، هادول كانت وسائلهم بسيطة وبدائية..
(3/397)
أحمد منصور: آه، يعني اللي عملوا حتى موضوع الأسيد..
أحمد أبو صالح: لا لا تجاوز..
أحمد منصور: والكلام دا كان..
أحمد أبو صالح: النظام في سوريا تجاوز.. تجاوز بكثير، يعني هاي هاي شغلات بدائية..
أحمد منصور: ما كنتوش بتدركوا وأنتم بتجيبوا الخبراء دول إن الناس
أحمد أبو صالح: مو نحنا، أنا بأقول لك عن اللي استعملوهم للتطوير..
أحمد منصور: لا لا ما أنتم برضو..
أحمد أبو صالح: لا لا..
أحمد منصور: ما أنتوا برضو في وقتكم كان فيه تعذيب يعني مش معقول الناس في يوم وليلة..
أحمد أبو صالح: يا سيدي.. أنا لا أنكر بأنه موجود تعذيب، لكن لم يُثر هذا الأمر على أساس إنه شيء خطير كثير، قلت لك إنه مثلاً هذا خالد البستنجي مثلاً انشل وبالصدفة أنا اطلعت أخوه قال لي رحت شفته فعلاً مشلول بالسجن..
أحمد منصور: خلينا في المرحلة دي، الخبراء اللي جبتوهم..
أحمد أبو صالح: ما نحنا جبناهم، هم جابوهم بعد ما عملوا الانقلاب 23 شباط وانفردوا بالحكم، صار الحكم حكم الطائفة النصيرية، شايف بلا منازع، فهم من شان يعني يقضوا على أي احتمال.. مجرد احتمال إنه يقوموا ناس بعمل ما ضدهم يشكل خطر عليهم استعانوا بكل الجهات، يعني كما هو معلوم، حتى بنوا زنزانات جديدة ملساء ويعني..
هزيمة عام 1967 وتأثيرها على الأحداث في سوريا
أحمد منصور: فيه كلام كثير قرأته عن عملية التعذيب اللي تمت لاسيما بعد ما حدث للدروز على سبيل المثال، المحاولة الانقلابية اللي سعوا أن يقوموا بها في 20 أغسطس 66 اعتُقل 200 ضابط درزي وسليم حاطوم هرب للأردن وبعدين رجع واتعرض للتعذيب، وكده وطلعت الطائرات فوق السويداء وهدد حافظ الأسد بضرب المنطقة فهرب وقتها، وقعت هزيمة العام 1967 وكنت لازلت في السجن..
أحمد أبو صالح: كنت في السجن نعم..
أحمد منصور: هل توقعتم الهزيمة؟
(3/398)
أحمد أبو صالح: يا سيدي إحنا بـ31 آيار رفعنا مذكرة من السجن عسكرييين ومدنيين بأن نحنا نطلب الإفراج عنا للمشاركة فقط في صد العدوان ونأمل أن تنتصروا في هذه المعركة، وفي حينها رجعونا نحنا للسجون والمعتقلات، ردوا إجا واحد قال بيقولوا لكم إنه نحنا منتصرين.. منتصرين وفيكم وفي بلاكم يعني إن طلعتوا أو بقيتوا جوه، نحنا منتصرين، هذا البلد، لكن مع الأسف الشديد تبين أنه ما بيعرفوا وين موجودة غرفة العمليات هم جايين يفتشوا عن غرفة العمليات ظنينا نحنا جايين يفرجوا عننا دخلوا وطلعوا، وظنينا طبعاً يعني هلا بدهم يفرجوا علينا، وإذ تبين إنهم عم يبحثوا عن غرفة العمليات.
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني هم بقى لهم..
أحمد أبو صالح: وزير دفاع ورئيس أركان وإلى آخره ما زاروا.. ما زاروا غرفة العمليات..
أحمد منصور: يعني من ساعة ما عملوا الانقلاب وهم لا يعرفوا أين غرفة العمليات؟
أحمد أبو صالح: ما بيعرفوا غرفة العمليات..
أحمد منصور: لحد هزيمة 67؟
أحمد أبو صالح: ضابط يا سيدي قال لي نحن ظانين جايين يفرجوا عننا استناداً إلى المذكرة اللي رفعناها وإذ تبين إنه جايين عم يسألوا عن ما.. عن غرفة العمليات، قيل لهم إنه غرفة العمليات موجودة بمدرسة الشرطة، ظنوا مدرسة الشرطة العسكرية وهذا طبيعي لأن هم عسكر، إجوا على مدرسة الشرطة العسكرية اللي كان فيها سجن القابون اللي نحنا كنا مسجونين فيه، قالوا لهم لأ لمدرسة الشرطة المدنية وليس لمدرسة الشرطة العسكرية، وطلعوا ما مروا علينا وراحوا لمدرسة الشرطة المدنية..
أحمد منصور: تقييمك أيه لهزيمتكم؟
أحمد أبو صالح: والبيان اللي نزلوه القيادة في ذلك الحين في 31 آيار بينم على إن شمتانين بعبد الناصر وخليه يندبح عبد الناصر وهاي أنت الساعة واحدة بعد.. الساعة واحدة بعد ظهر الخامس من حزيران جايين يفتشوا عن غرفة العمليات بعدما انتهى كل شيء.
(3/399)
أحمد منصور: مع إن قيل إن سوريا قُدِّمت طعماً لعبد الناصر علشان عبد الناصر يقع في عملية 67، تحليلك أيه لهزيمة 67 ومين المسؤول عنها لاسيما وإن هضبة الجولان كما يقال من أصعب المواقع الاستراتيجية العسكرية في العالم التي يمكن أن تسقط في أي معركة؟
أحمد أبو صالح: نعم، يا سيدي، بالنسبة لسوريا تبين إنه التسريحات الكبيرة جداً..
أحمد منصور: اللي كنتم بتعملوها.
أحمد أبو صالح: واللي شملت، واللي بدأنا فيها نحنا، واللي شملت ألوف من الضباط واستبدلوا بآخرين ما لهم علاقة بالجيش، يعني ضباط احتياط أو معلمين مدارس أو من أبناء الطائفة اللي معهم شهادة كفاءة أو ثانوية أو كذا، جابوهم، فجابوهم إلى الجيش وحكموهم في رقاب العسكريين المحترفين، وبالتالي الضابط المحترف غير البعثي غير المسيس بقي بالجيش، لكن بإمرة من هو أقل منه رتبة وبالتالي ما بيقدر هو يتخذ قرار، اللي بيتخذ القرار هو ممثل القيادة الطائفية، فلذلك وقت اللي نشبت الحرب، أولاً القيادة ما بدها، ما بدها تشارك، بدها ينضرب عبد الناصر يعني بالنشرة اللي أشرت إليها، هم بدهم ينضرب عبد الناصر هذا أولاً، لكن وقت اللي يعني صار لابد من المشاركة بشكل أو بآخر أمام الشعب أمام العرب وإلى آخره دخلوا بالموضوع لا أكثر ولا أقل، ولكن ما كان بيدور بخلدهم إن بها السرعة بده ينهزم جيشهم وإسرائيل تحتل الجولان لأنه كانوا مطمئنينهم، إسرائيل مطمئنيتهم بإنه نحن لن نتحرش بسوريا إذا سوريا ما تدخلت بالمعركة، لكن بعد أن أنهت إسرائيل موضوع مصر خلال ساعات معينة التفَّت لسوريا..
أحمد أبو صالح: السوريين هربوا بدون..
(3/400)
أحمد أبو صالح: سوريا لا.. هرب كَيْفي بقرار من القيادة، إنه كل واحد يدبر حاله، فأحمد نمير هذا اللي هذا إسماعيلي اللي كان هو قائد الجبهة وهذا معروف.. إذا طلع نشرات أو شغلات إنه.. إنه أحمد نمير هو اللي هرب على الحمير لأنه أخذ حمار من حمير إحدى القرى وهرب على ظهر حمار، يعني قائد الجبهة..
أحمد منصور: زي ما أصدرت قائد الجبهة المصرية عبد الحكيم عامر أصدر قرار قائد الجيش بإن الناس تنسحب انسحاباً كيفياً، السوريين انسحبوا بدون ما يطلقوا..
أحمد أبو صالح: صح.
أحمد منصور: طبعاً بقي بعض الأبطال على الجبهة يقاتلون بدون شك..
أحمد أبو صالح: صحيح، هادول اللي عصوا الأوامر أصلاً حوسبوا، فيه منهم حوسب لعصيانه الأوامر إنه ما انسحبوا، قالوا..
أحمد منصور: كما قيل أن الذين هربوا وهزموا تم ترقيتهم بعد ذلك.
أحمد أبو صالح: أيه.
أحمد منصور: خرجتم..
(3/401)
أحمد أبو صالح: والأكتع الطبيب الأكتع كان رئيس قسم إن لم يكن رئيس للجامعة في حلب كان وزير صحة واتصل بحافظ أسد، قال له يا أبو سليمان أنا بمستشفى من مستشفيات القنيطرة كنت عم بأتجول في المدينة ما فيه جندي إسرائيلي، ما فيه حدا، قال له البعيد يقول كذا، شايف، وقت اللي إجه إلى الشام يحتج مجلس الوزراء صفعه إنه أنت شو علاقتك بالموضوع؟ يعني أعلن عن سقوط القنيطرة باتفاقية تمت بين باريس ومدريد وإلى آخره وبوساطات مختلفة إنه أعلنوا عن سقوط القنيطرة وإلا الجيش الإسرائيلي بيوسع.. بيوسع.. بيحتل دمشق وهربوا من دمشق حتى هرَّبوا الذهب، الذهب الغطاء للعملة السورية من البنك المركزي شالوه هرَّبوه يعني توقعوا إن خلاص إسرائيل لن تقف، وإن إحنا وقت طلعنا من السجن ما فيه البلد شاغرة والجيش وصَّل للطايفة يعني في جنوب دمشق.. عفواً في شمال دمشق في خمسين كيلو متر الجيش وصل ما عاد فيه عسكري، (..) ما سوت إجه بدر جمعة وسليم حاطوم دخلوا من الأردن على أساس قال إنه بدهم يساعدوا بشكل ما راحوا على الشرطة العسكرية قالوا له يا أخي اهربوا لأنه ما بقي حدا، فاتصلوا في أمين الحافظ بالتليفون من بيت منصور الأطرش وقالوا له سيدي البلد فارغة فخلينا نقوم بعمل ما نحمي البلد، فمع الأسف الشديد بعت لهم مرته.. زوجته على بيت منصور الأطرش تقول لهم اهربوا لأن التليفونات مراقبة، فهربوا الجماعة، وين؟ باتجاه جبل العرب على أساس يحتموا بالدروز لأنه سليم درزي فاعتقلوهم على الطريق وحاكموهم محاكمة صورية ومصطفى هذا طلاس هو اللي نفذ فيهم حكم الإعدام مع العلم كانوا مختبئين في بيت حماه بيت الجابري في حلب.
أحمد منصور: خرجت من السجن في 10 يونيو 67 بعد الهزيمة كما خرج أمين الحافظ، بات ليلة واحدة وطلعوه على لبنان، أنت ذهبت إلى حلب، كيف كانت إقامتك في حلب بعد خروج..
(3/402)
أحمد أبو صالح: وصلت لحلب الحقيقة يعني الناس مو شرط يكون حباً في، ولكن نكاية بالنظام بعد الهزيمة النكراء وإلى آخره، استقبلوني استقبال يعني حافل ومنقطع النظير، عندما حست أجهزة المخابرات بعدما اطمئنوا على أنه خلاص إسرائيل احتلت القنيطرة والاتفاقية فعلاً عُمل بها ولن تستمر صاروا يرجعوا بقى الجماعة لأماكنهم في دمشق، والأجهزة بدأت أيضاً تنشط كما كانت سابقاً بعد عدة أيام من وصولي إلى حلب وإذ يجي جهاز المخابرات.. عدد من الضباط بيدخلوا البيت بيقولوا لي: إما بترجع إلى السجن أو بتغادر البلد أما أن تبقى في مدينة حلب فلا، طب ما أنتم عم بتقولوا إن القنيطرة صارت مثل لينينجراد المقاومة في القنيطرة مثل لينينجراد ونحنا عم نحكي بلينينجراد في وجوب المقاومة وإلى آخره، طيب هلا شو يعني بدا حتى إنه أنا لازم أغادر أو أرجع للسجن قال من دون فلسفة، فاخترت أنا أغادر.. ما أرجع للسجن.
أحمد منصور: ذهبت فين؟
أحمد أبو صالح: رحت لعزاز وعفري المناطق، هاي عزاز المدينة القريبة من قرية الجابري اللي منها سامي الويسي اللي راح لحمص ومعه هدايا وقابل لمياء وإلى آخره.
أحمد منصور: أنت الآن بدأت تحضر لانقلاب جديد ضد النظام، صح؟
أحمد أبو صالح: أيه، صح..
أحمد منصور: يعني الأمور ماشية معاك بشكل مترتب، كيف.. كانت خطة انقلابك أيه ومين اللي كان بيدعمك فيها؟
(3/403)
أحمد أبو صالح: يا سيدي في الحقيقة، كل الضباط الذين سرحوا وجُلُّهم من السُّنة وجُلُّهم من السُّنة كانوا على استعداد لأي عمل يستهدف إنقاذ البلد، ومنهم من ضباط الشرطة، وبأضرب لك مثال وخليه يسمعني الآن هو عضو مجلس شعب في سوريا، منذر الموصلي، عضو مجلس الشعب اللي قال استعجلنا بتعديل الدستور فقاموا ألقوه.. ألقموه حجر هذا عبد القادر قدورة والشلة بهدلوه ورجع بالجلسة اللي بعدها استقال، هذا كان مقدم وكان هو مسؤول عن منطقة جبل سمعان أحد الأقضية التابعة..، هذا كان منظم معا، مثلاً وكثيرين على شاكلته.
أحمد منصور: مش هتبهدل الراجل بالكلمتين دول؟
أحمد أبو صالح: نعم؟
أحمد منصور: مش هتأثر عليه أنت بالكلمتين دول؟
أحمد أبو صالح: خليه يأثر لأنه بدأ يشخط بدأ يعني مع الأسف يعني استسلم، خليه ياخدوه يسجنوه يدفع الثمن يا أخي..
أحمد منصور: مش فتنة على واحد كان معاك؟
أحمد أبو صالح: لا لا، دا كان بالعراق يا أخي وقعد سنين بالعراق وبعدين ترك العراق ورجع لسوريا.
أحمد منصور: طيب، خلاص كمل لي.. كمل لي المخطط بتاعكم.
أحمد أبو صالح: ترك المعارضة ودخل مجلس الشعب، كيف يدخل مجلس الشعب؟ المفروض ما يدخل مجلس الشعب إذا معارض فعلاً.
أحمد منصور: طيب، أيه اللي أفشل مخططك؟
أحمد أبو صالح: يعني هذا حسين زيدان، ذكرت لك قصته.
أحمد منصور: عمل أيه حسين زيدان؟
(3/404)
أحمد أبو صالح: حسين زيدان هذا بالطبقة الرجل، وحزبي قديم وضابط ممتاز جداً جداً، وبعثي جيد جداً، فيعني كان على اتصال هو وكل الضباط الموجودين بالطبقة فيني أنا وطبعاً على أساس إن نحنا.. فاعتقل هو شو سوَّى المسكين؟ راجل ظهر أمام حافظ الأسد، اتصل بحافظ الأسد رحَّب فيه حافظ الأسد راح لعنده، قال له بصراحة العراقيين عم يتصلوا فيني لإقامة تنظيم عسكري، هو في ذهنه إنه عملية ذكية حتى يبعد الشبهة عنه، لكن هو موافق بالمشاركة، وأساسي هو بالنسبة إلنا، لكن بالاتفاق أنا ما كان لي خبر بس فهمت بعدين بالاتفاق مع اللي موجودين بالعراق إن يدوبل بيسوي حاله بأنه..
أحمد منصور: عميل مزدوج..
أحمد أبو صالح: هو مع حافظ الأسد..
أحمد منصور: عميل مزدوج.
أحمد أبو صالح: و.. هتبلغه حتى إذا اكتشفو في يوم من الأيام إنه عم بيتصلوا فيه من العراق يكون هو مبلغ سلفاً، اكتشفوا بعدين إنه هو مدوبل بشكل أو بآخر، أخذوه وبدأوا بتعذيبه فاعترف عليَّ.
اعتقال أحمد أبو صالح للمرة الثانية في 1968 وتعذيبه
أحمد منصور: قبض عليك أنت بعد ثورة العراق اللي قامت في 18 لـ 31 تموز 68، قُبض عليك وعُذِّبت، كيف كان.. كيف ما تعرضت له في السجن من تعذيب؟ أغسطس 68 قُبض عليك.
(3/405)
أحمد أبو صالح: يا سيدي، التعذيب في السجون السورية الآن أعتقد أنه أشد من ذي قبل، ومع ذلك عندما اُعتقلت أنا وأُدخلت غرفة فيها أشخاص بأعرف جُلُّهم منهم العقيد محمود الحاج محمود اللي قلت لك عضو مجلس قيادة الثورة وكان مسؤول مخابرات، أنا لم أعرفه عندما دخلت لأن شعره أصبح شائباً أكثر من شعري، الآن، وشفت على أنه فيه قطن يعني قطع صغيرة ظننتها أسنانه لأنه كان تمه مطبق، قال لي واحد من الموجودين، قال لي أبو طموح ما عرفت أبو الحاجي؟ مين أبو الحاجي، قال لي العقيد محمود، الحاج محمود؟ قال نعم، جيت هنا انتقلت لجنبه أبو الحاجي مرحباً ما جاوب، رجعت لممدوح نصير هذا اللي.. قال لي ما بيسمع علِّي صوتك، عليت صوتي، أبو الحاجي شو قصتك؟ قلعوا لك أسنانك؟ ظنيت أنا، أجبني بجملة واحدة وقال لي يا أبو طموح اعترف وإلا مصيرك مثل مصيري، هذا محمود الحاج محمود، وفيه آخرين طبعاً وفيه جاسوس عليهم حاطين له العنب والفواكه و..، ضابط أيضاً رتبوا له أمره يبعتوه على الملحق العسكري مثل شو واعترف بعدين..
أحمد منصور: أنت كيف عذبوك؟ قل لي بقى أشكال التعذيب اللي صارت؟
أحمد أبو صالح: يا سيدي، أول وسائلهم اللي استخدموها معي واستخدموا أمر وأدهي وأقسى منها مع غيري، أنا استخدموا معي الدولاب.
أحمد منصور: أيه الدولاب دا؟
(3/406)
أحمد أبو صالح: بيحطو الإنسان بيحطوا له ساقينه داخله، داخل الدولاب وبيدخلوا له رأسه أيضاً، دولاب سيارة (كاوتشوك) وبيتركوه، طبعاً أيش لون بتخدر جسمه كله لأن الدم ما بيعود بيسري يصل إلى الأطراف من تحت وللرأس وإلى آخره، ومع ذلك بيدحرجوا الدولاب وبيجلدوا الشخص اللي داخل الدولاب، بيجلدوه بقسوة وعنف، يعني بكابلات داخلها.. داخل الكابل الكاوتشوك فيه سلك فولاذي معقوف بحوالي طول 5، 6 ميليمتر هذا في كل مرة بيخترق الجسم في 5، 6 ميليمتر بعدين بيربطوا أحاليل السجناء بأسره من حديد، وبيطلبوا منهم بيجروها وبيعزوفوا مثل زي واحد بيعزف على وتر عود بيعزفوا، وبعدين بيحطوا الدولاب برقبة السجين وبيخلوه يهرول وفي كل مرة، في كل شوط بيضيفوا شي كيلو جرام بيظل بيهرول، وعم بيزيد بالدولاب، بيحطوها.. وفي مقدروه يصمد فبيسقط هوه و الدولاب، بيسقط، بيزدادوا ضرب فيه.. في جسمه، وحتى يسقط يصير بحالة غيبوبة، ممكن يرجعوه يزتوه بالزنزانة، بعدما يزتوه الزنزانة بيحسوا إنه صحي، إنه فيه طاقة، بيجيبوا له ورقة وقلم ناشف، وبيقولوا له اكتب، شو أكتب؟ اكتب مذ.. مثلاً.. أصبحت برات الحكم، أو مذ من سنة كذا حتى اليوم شو صار معاك، يا أخي حدد لي، ما فيه تحديد، دا تكتب كل شيء، كتبت إنه زارني أحمد منصور، جابوا أحمد منصور، أحمد منصور ما بيعرف شو أنا حكيت عليه وأيش لون إجه هو؟ كمان بيعطوه، بيعذبه وبيعطوه ورقة، وبيقول له اكتب، شايف، بعدين قصة مثلاً إنه تقف على رجل واحدة ورافع الرجل الثانية، وإيديك لفوق، ووجهك للجدار، بحيث ما تشوف السجان إنه صار وراك أو صار بعيد عنك، مجرد ما تغير رجل برجل، أيضاً بيجلدوك، وأنا أقول لك قد لا تصدقني، إني أنا كنت أنام في حالات كثيرة وأنا مرفوع اليدين، وإحدى الرجلين وأنام راسي يلتوي على كتفي، فكيف فسر لي يا أبو طموح يمكن مالها تفسير عندك؟ إنه كيف سجين يعذب، وجسمه كله قروح وجروح، وقادر ينام وهو على رجل واحدة،(3/407)
وأكثر من ذلك أنا راح أموت من الجوع، أكلت خبزات شاخخ عليها واحد مصاب بمرض.. بمرض السكر، كان يناشدهم، يصيح لهم، أرجوكم أنا مريض، معي سكر، طلعوني، ما يطلعوه على المرحاض، يبول داخل الزنزانة، أخدونا بعد لوين.. حطوني بالزنزانة، الخبز الموجود كله شخاخ، بعد.. بعد أيام راح أموت من جوعي، اضطرت غصب عني.. غصب عني آكل الخبز المبتل بالبول مع الأسف الشديد، بعدين، آسف يعني إنت اللي سألتني يعني، بالمرحاض بيطلعوا الإنسان مرة واحدة، بيتركوا باب المرحاض مفتوح، حتى ما يشرب ميه، وكيف ممكن الإنسان يروح على المرحاض، وباب المرحاض مفتوح، وعشرة من الزبانية عم.. عم يراقبون من شان ما يشرب ميه، يعني هاي.. يعني هاي غيض من فيض، قصصه كثير، قصص، يعني فيه كثيرين مثلاً بنقوله، أمين الحافظ، عدنان الحافظ من التعذيب من الطابق الثالث أراد يرمي نفسه من الشباك على الحديقة، وهجم على البلور واتجرحت إيديه، ولولا مسكوه من ساقه كان نزل، مات بالحديقة، والكهرباء يجيبوا الإنسان، جابوني كذا مرة، يسطحوه على البلاط، وهو عاري، غطاء هذا اللباس الداخلي، وبيربطوه من رجله وبأيده أسلاك الكهرباء، وبيتحكموا بالفولتاج، هم اللي بيتحكموا، بيظلوا بيزيدوا الفولتاج لحتى الإنسان يعني يبدأ يتصبب عرقه، ويرتجف جسمه كله، وبعدين يغمى عليه، فحسين زيدان وقت اعترف علي كان تعرض لكل هذه الوسائل، وأنا بعد 57 يوم من التعذيب قررت الاعتراف لأنه ما عدت أقدر..
أحمد منصور: كملت 57 يوم.
أحمد أبو صالح: لعلمك أستاذ أحمد، توصل الأمور لدرجة إنه الإنسان بيختل، ما عادت موازينة بتكون دقيقة، صمدت ها الفترة كلها بعدين قررت إنه أنا لازم أحكي...
أحمد منصور: 57 يوم..
(3/408)
أحمد أبو صالح: 57 يوم أنا عاري، وبزنزانة من.. من الزنك.. من الزنك، وبالشتاء.. بالشتاء بالزنك يعني درجة حرارة تصير 10 تحت الصفر ممكن، أو 5 تحت الصفر وعاري أنا، وما فيه.. ما فيه شيء داخل الزنزانة، أنا أجمع أوراق السندويشتات أحياناً بيعطونا كل يوم 3 سندويشتات، الصبح واحد، والظهر واحدة، والمساء واحدة، أجمع الورقة المصرور فيها الساندوتش من شان يعني أحطها تحتي من البرودة، ما في برد يعني، حتى بعد 57 يوم، (.......) لحافظ الأسد، هو اللي قال له هذا عبد الكريم الجندي، قالوا أبو حسين بيكفي إذا كل ها المدة ما طلع منه شيء، ما.. ما عنده شيء، معناها اتركوه يا أخي حاله بيكفي، فاليوم اللي أنا كنت مقرر أعترف، ولم أدرك ما حدث، لأنه المشرف الملازم إبراهيم بركات من النصيرية هو راح بيشرف على التعذيب، ومحمد حربه أيضاً نصيري، هو اللي أيضاً عم بيعذب، قال لهم بس اكتفوا، ما عادوا يستمروا أنا قررت أعترف، وصرت أصيح، يا أخي بأحكي خلاص، أنا راح أحكي، راح أحكي، وأنا بأحكي ها الكلام وانفتح الباب ودخل هذا الملازم، وقال لهم بيكفيه تعالَ، فرفعوا التعذيب، طلعت حلقوا لي وجهي، جايبين لي بنطلون وقميص، شغلة جديدة، وجابوا لي فواكه، وبعد ساعة جات أم طموح وبنتي أنا، وعندها رفعوا التعذيب، بعد 57 يوم، وقت اللي اكتشفوا بعد فترة إنه فيه محاولة هرب أخذوني للشيخ حسن وعاودوا أيضاً بالشيخ حسن للتعذيب، هذا سجن مشهور بحلب في قلب تربة.. تربة موتى وبضمنها في هذا السجن، بجدران عالية جداً، وكله زنزانات كان معي جورج حبش، كان معي عصام المحايري، كان.. كان معي بوشناق، مجموعة يعني من ها الشخصيات، كان معي شيخ مسكين، لحيته طويلة، حرقوا له إياها حرق.. حرقوها، فصرنا نصيح له نحن من الزنزانة يعني المسكين هيك، يبكي إنه.. إنه لها الدرجة إنه يحرقوا له لحيته، لأنه إله لحية، ويسبوا محمد، ويسبوا الله، وكل ها القيم، ويقولوا أنتم أخطر من(3/409)
الإسرائيليين، أنتم يا سنة أخطر علينا من الإسرائيليين.
أحمد منصور: أيه اللي ممكن يوصل إنسان إلى إنه يفعل في إنسان آخر مثل هذه الأشياء التي ربما لا يحتمل الإنسان أن يسمعها، فضلاً عن إنه يشاهدها، أو إنه هو -لا قدر الله- تحصل له؟
أحمد أبو صالح: يا سيدي يعني أنا بتقديري إنه الناس اللي تربوا على الحقد، والكراهية والتعبئة ضد جهة ما، وبيكونوا هم بسطاء ومتخلفين، وعايشين على قمم الجبال، يعني يصيروا أقرب إلى الوحوش.
أحمد منصور: الأنظمة العسكرية كلها تمارس مثل هذه الأفعال التي تتحدث عنها، هذا لم يحدث في سوريا فقط؟
أحمد أبو صالح: صح مع الأسف الشديد، لأنه ما فيه حقوق للإنسان، فيه حالة طوارئ يحكمها في..
أحمد منصور: كل الأنظمة العسكرية اللي تسلطت على رقاب الشعوب العربية، مارست مثل هذا وأكثر، وكلها -كما ذكرت- جابت خبرتها من ألمانيا الشرقية، من يوغسلافيا، ومن الاتحاد السوفيتي ومن دول كثيرة، لتمارس التعذيب ضد أبناء الوطن، الذين من المفترض أنهم جاءوا لخدمتهم، وليس للقضاء عليهم، انتهاك آدميتهم، وانتهاك إنسانيتهم، وبعد ذلك يتحدثوا عن الحضارة وما وصلوا إليه..
أحمد أبو صالح: هذا صحيح.
أحمد منصور: أما تعتقد معي أن أي نظام حكم، مهما ادعى أنه قام بإنجازات، إذا قضى على الإنسان وعلى قيمته، وعلى إنسانيته، وعلى رجولته، وفعل فيه هذه الأفاعيل، أما يستحق أن يدوَّن كنظام حكم إجرامي في حق هذا الشعب؟ مش شعبكم، أنا بأتكلم بشكل عام..
أحمد أبو صالح: يا أستاذ أحمد.. أنا.. أنا.. أنا من القائلين الآن، إنه هاي محكمة العدل الدولية في لاهاي، يجب أن يحال إليها كل الحكام العرب بلا استثناء، وكل من والاهم، لو حدث ذلك لوجدت كل هذه الأنظمة ومن يدور في فلكها موضوعين في السجون مثل (ميلوسوفيتش) وأمثاله.
أحمد منصور: وأنت أيضاً شاركت في الحكم فترة، وكان هناك مظالم كثيرة؟
(3/410)
أحمد أبو صالح: صح شاركت وكان فيه هناك تعذيب، وإن كان أقل درجة لكن كان موجوداً، لكن كما قلت لك، كنت أحاول عندما أطَّلع أن يعني أتصرف كإنسان، لست حاقداً، والآن أنا أتكلم وأنا لست حاقداً على أبناء هذه الطائفة النصيرية، لأنه أبناء الطائفة النصيرية أناس عايشين على رؤوس الجبال، لا يعرفون ماذا يفعل من يحكم باسمهم، ما بيعرفوا وهم معظمهم فقراء، اللي استفادوا حفنة من الناس، ركبوا الطائفة، واستغلوا الطائفة لتنفيذ مآربهم، وهادول الحرس القديم والحرس الجديد وإلى آخره، هادولي كلهم مخضبة أيديهم بالدماء، لذلك هادولي مثلاً رأيي أنا لا يمكن بشكل من الأشكال أن يصدروا عفواً في يوم من الأيام، لأنه قتلوا عشرات الألوف، وانفقد أيضاً 15، 20 ألف إنسان مفقودين حتى اليوم، وتشرد مئات الألوف، طب كيف ممكن يصدروا عفو هؤلاء؟ مستحيل، لأنه إذا أصدروا عفو تتكشف كل الحقائق، أنا بنت أخوي، عم تنتظر زوجها اللي صار من سنة 82 مثلاً منتصر، واحدة أخرى عم تنتظر زوجها عدنان، وكثيرين على شاكلة هؤلاء الناس ما بيعرفوا مصير أبنائهم أو أختهم ما بيعرف، الآن فيه بصيدنايا 500 معتقل من الإسلاميين، مضى على اعتقالهم أكثر من 20 سنة وأهلهم ما بيعرفوا كيف عايشين، حتى تبين على أنه هادول المساكين فقدوا اعتبارهم، فقدوا شخصيتهم، اهتز تفكيرهم، حتى طُلب إليهم أن يصوموا، ما أدركوا قيمة الصيام، مع العلم شوف بكل بلاد الأرض، بيجي المعتقل السياسي بيصوم عن الطعام حتى يحرك قضيته، يحرك منظمات حقوق الإنسان، في سوريا المساكين اللي مضي عليهم ربع قرن بالسجون، ما عادوا على استعداد حتى يصوموا، وهم فقدوا كل شيء ليش؟ لأنه فقدوا اعتبارهم، فقدوا إنسانيتهم، يعني بعد كل ها السنين، ووسائل التعذيب التي استخدمت معهم، وصلوا لدرجة إنهم يعني انشل تفكيرهم، ما عاد له قيمة، قصة الصيام، والإضراب عن الطعام، حتى مواطنَّا، حتى المحامي والمهندس والطبيب وصلوا لدرجة إنه(3/411)
فقدوا أملهم بالتغيير بعدما تذكر ويمكن أو قرأت قبل مثلاً 20 سنة، طلعت كل النقابات المهنية بقيادة الأطباء والمهندسين والمحامين، وقاموا الشارع كله، لكن قمعوا قمع يعني ما بيتصوره عقل إنسان فيه عنده ذرة إنسانية.
أحمد منصور: أنا آسف أنا دائماً أحاول السيطرة على مشاعري وعلى عواطفي، لكن لا أعتقد إنه فيه إنسان يستطيع أن يستمع إلى هذه الأشياء ولا يتأثر، بقيت محاور مهمة في حياتك مثل قصة هروبك من سوريا، ولجوءك إلى العراق، وأنا اسمح لي مضطر أعمل حلقة إضافية، لأنه فيها أحداث مهمة، حتى تكون هي الحلقة الخاتمة، وليست هذه الحلقة، أشكرك شكراً جزيلاً، أعتذر عما بدر مني.
أحمد أبو صالح: بالعكس أبديت إنسانيتك أنت، عبرت تعبير صادق وأمين عن.. عن إنسانيتك...
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، وأعتذر إليكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ أحمد أبو صالح.(3/412)
الحلقة10(3/413)
الخميس 29/7/1424هـ الموافق 25/9/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 10:33(مكة المكرمة)،07:33(غرينيتش)
حزب البعث السوري كما يراه أبو صالح
الحلقة 10 والأخيرة
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد أبو صالح: عضو قيادة مجلس الثورة السوري
تاريخ الحلقة
21/09/2003
- خروج أحمد أبو صالح من السجن وترتيبه لانقلاب جديد
- قصة هروب أبو صالح الكبير من سوريا إلى تركيا
- حقيقة الصراع بين بعث العراق وبعث سوريا
- علاقة أبو صالح بكارلوس الإرهابي
- تقييم أبو صالح لتجربة حزب البعث في سوريا
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع في هذه الحلقة الأخيرة من شهادة الأستاذ أحمد أبو صالح (عضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا والوزير الأسبق كذلك).
أبو طموح، مرحباً بك.
أحمد أبو صالح: أهلاً.
خروج أحمد أبو صالح من السجن وترتيبه لانقلاب جديد
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند التعذيب الذي تعرضت له في السجن بعد ما قُبض عليك بتهمة السعي لعمل انقلاب جديد على حكومة.. كان نور الدين الأتاسي كان هو الرئيس.
أحمد أبو صالح: صح.
أحمد منصور: لكن كان زمام الأمور في يد صلاح جديد وحافظ الأسد.
أحمد أبو صالح: في يد صالح جديد وحافظ الأسد.
أحمد منصور: متى خرجت من السجن؟ وكيف؟
أحمد أبو صالح: خرجت من السجن بعد أن اتصل حافظ الأسد بالعراق وخدعهم بأنه سيمارس سياسة ليست معادية للعراق.
أحمد منصور: متى هذا؟
أحمد أبو صالح: يعني في نهاية.
أحمد منصور: 68..
أحمد أبو صالح: 69.
أحمد منصور: 69..
أحمد أبو صالح: 69، يعني بعد حركة تموز.. عفواً، لأ بنهاية الـ 68 بعد حركة تموز في العراق اللي صارت بـ 17.. 30 تموز.
أحمد منصور: لـ 31.
أحمد أبو صالح: ها؟
أحمد منصور: 17 لـ 30 تموز.
أحمد أبو صالح: أيوه سنة 68.
(3/414)
أحمد منصور: قُبض عليك ثاني بعديها؟
أحمد أبو صالح: أيوه على أساس تخوفوا من إنه العراق بعد ما يعني حققوا ها إنه العمل إنه يتفرغوا لموضوع سوريا والشرعية وإلى آخره، فاعتقلوا عدد كبير جداً، منهم طبعاً أنا، وبقينا بالسجن حتى بعد اتصال حافظ الأسد بالعراقيين وأوهمهم بأن العقبة الكأداء في طريق اللقاء مع العراق وتوحيد الحزب هو صلاح جديد، وإنه هو مستعد فعلاً لفتح حوار مع العراقيين، لكن يمهلوه فترة من الزمن لحتى يصبح يعني قادر على تحقيق..
أحمد منصور: معلش عشان ما ألخبطش المسائل في بعض، أنا ملاحظ إن مش في ذهنك واضح التواريخ بشكل دقيق، لكن خليني معاك واحدة واحدة.
أحمد أبو صالح: صحيح.
أحمد منصور: أنت الآن لما قُبض عليك بتهمة عمل انقلاب كان بعد انقلاب تموز 68 في العراق أم قبليه؟
أحمد أبو صالح: قبله.
أحمد منصور: اللي أنت اتعذبت فيها دي.
أحمد أبو صالح: قبله.. قبله.
أحمد منصور: اللي أنت اتعذبت فيها.
أحمد أبو صالح: اللي اتعذبت فيها.
أحمد منصور: أفرجوا عنك إمتى؟
أحمد أبو صالح: أفرجوا عني.. أفرجوا عني في نهاية 69..
أحمد منصور: لأ، أنت الوقتي قُبض عليك تاني بعد انقلاب تموز أم كنت جوه السجن؟
أحمد أبو صالح: أنا كنت في السجن عندما وقع انقلاب تموز.
أحمد منصور: وقع انقلاب تموز OK، خلاص..
أحمد أبو صالح: وبعد انقلاب تموز بفترة اتصل حافظ الأسد.
أحمد منصور: مين اللي روى لك الرواية بتاع اتصال حافظ الأسد؟
أحمد أبو صالح: لأ، لأنه أعلنوها، إنه إجا مرتضي الحديثي وإجا معه شفيق الكمالي، شايف يعني عدد من القياديين العراقيين جاءوا إلى دمشق، وفعلاً بعد مجيئهم إلى دمشق وحوارهم مع حافظ ويمكن آخرين تقرر الإفراج عنا، وفعلاً بدءوا..
أحمد منصور: عنك والآخرين.
أحمد أبو صالح: أنا والآخرين.
أحمد منصور: مين الآخرين اللي كانوا..؟
أحمد أبو صالح: الآخرين كثيرين كانوا مثلاً..
أحمد منصور: أبرزهم.
(3/415)
أحمد أبو صالح: يعني كان فيه أعتقد إنه إشناوي كان (رئيس الأركان السابق) بالسجن، مزيد الهنيدي كان بالسجن، زياد.. عفواً زيد حيدر بالسجن (عضو القيادة القومية)، فايز موسى (ضابط) كان بالسجن، عقل قربان اللي قلت لك هذا اللي.. اللي راح للسجن، أحمد برادعي، أنا، ممدوح نصيرات، كثيرين، يعني من مثل ما بيقولوا الأطر المتقدمة، أنا لا أستعمل كلمة كوادر، كانوا كثير.. يعني كانوا بالعشرات إن لم يكونوا بالمئات أُفرج عنهم بكفالات رمزية، مثلاً أنا تقرر الإفراج عني بدفع كفالة مالية قدرها ألفين ليرة، اللي كانوا يدفعوا الكفالة علي الضماد (ضابط)، كان ينتظر على الرصيف إلى جانب المجلس النيابي اللي كانت فيه النيابة العامة والمحكمة يأخذونا لمدة خمس دقائق، ويقرروا الإفراج عنا لقاء كفالة يدفعها رأساً علي الضماد، لأنه يعني صار فيه قناعة إنه خلاص انتهت المشكلة سيتوحد العراق وسوريا وإلى آخره.
أحمد منصور: عبد الكريم الجندي لما انتحر، وهو عبد الكريم الجندي كان سند أساسي، كان رئيس المخابرات، وكان سند أساسي لصلاح جديد، كنت أنت.. وهو اللي كان بيعذب فيك.
أحمد أبو صالح: نعم، مو بإيده.
أحمد منصور: كنت أنت في السجن.. بإيده؟
أحمد أبو صالح: بس لأ.. مش لأ مو بإيده لأ، مشرف على التعذيب مسؤول..
أحمد منصور: ما همَّ الكبار.. الكبار ما بيعذبوش، دايماً الآخر يجي يطبطب عليك ويقول لك..
(3/416)
أحمد أبو صالح: صح.. صح يعني.. يعني بس.. بس يطلعوني أنا بعد ما ينتهوا من تعذيبي يطلعوني لعنده بالطابق الثالث، يعني من شان يقول لي ما كفى أنت شيخ الاشتراكيين، أنت كذا.. أنت كذا، يا أخي لإمتى أنت بدك تستمر بهذا الصمود اللي عم بيكلفك غالي، اعترف يا أخي، آخر مرة جابوا لي حسين زيدان، وهو مثل ما قلت لك يعني منتهي ممزق جسده وغير قادر على الحركة ومختل حتى يعني تفكيره وإلى آخره، وقال أبو طموح هو اللي بعث لي أحد أخوته واتصلوا فيني بالطبقة، لأنه كان هو وضباط آخرين موجودين بالطبقة اللي سموها بعدين سد الأسد، كان سد الطبقة سموها سد الأسد، فاعترف عليَّ، أنا يعني بإيجاز شديد قلت له لهذا عبد الكريم الجندي: يا أخي، أنا إخوتي معروفين، موجودين بحلب، هلا بالتليفون تقدر تتصل فيهم وتجيبهم، وتطالع حسين زيدان حتى يشير أي واحد من إخوتي هو اللي ذهب إلى الطبقة واتصل فيه طلب منه إنه يشارك معنا ويجي يقابلني، طبعاً ما اتصلوا لاعتقادهم إنه.. وقت اللي أنا بها التحدي بأقول جيبوا إخوتي واسألوهم، معنى ذلك إنه أنا كنت واثق بأنه..
أحمد منصور: إنك أنت واثق..
أحمد أبو صالح: وفعلاً..
أحمد منصور: وأنت فعلاً ما كنتش بعثت..
أحمد أبو صالح: لأ، أنا بعثت، بعثت واحد بيشتغل بمكتبي.
أحمد منصور: نعم، مش أخوك..
أحمد أبو صالح: شاب صغير بعثته إلى هناك وهو اللي اتصل..
أحمد منصور: عبد الكريم الجندي انتحر، وأنت في السجن لسه أم كنت طلعت؟
أحمد أبو صالح: أعتقد ما أني متأكد إمتى انتحر؟
أحمد منصور: عبد الكريم الجندي انتحر 69 تقريباً، أنا التاريخ عندي هنا.
أحمد أبو صالح: إذا بآخرها ما كنت أنا بالسجن، أما إذا بمنتصفها كنت بالسجن.
أحمد منصور: آه، يعني هو النقطة الأساسية الآن إنه هو كان بيشكل دعامة أساسية بالنسبة..
أحمد أبو صالح: لصلاح جديد.
(3/417)
أحمد منصور: لصلاح جديد، فالآن بدأت تتقوى شوكة حافظ الأسد على صلاح جديد، وبدأ ينفرد ببعض الأشياء وبدأت الصراعات اللي بينهم تظهر إلى حدٍ ما إلى العلن، بعد ما أنت خرجت سعيت لأنك أنت تدبر انقلاب آخر. أحمد أبو صالح: نعم.
أحمد منصور: بترتيب مع مين؟
أحمد أبو صالح: بترتيب مع من تبقى من الضباط، لأنه فيه كثيرين.. فيه كثيرين ما دخلوا السجون.
أحمد منصور: يعني التعذيب دا ما حوَّقش فيك.
أحمد أبو صالح: خرجنا.. لأ، لأنه بالعكس ازدادني.. يعني ازدادني إيماناً بوجوب إزالة هذا النظام لاعتقادي بأن هذا النظام لا يشكل خطراً فقط على سوريا، هذا يشكِّل خطر على المنطقة كلها وبالدرجة الأولى الأمة العربية الوطن العربي، يعني هادولا الجماعة من وجهة نظري، وآمل أن أكون يعني.. يعني مخطئاً، هادول إجوا لتنفيذ مهمة ليست أقل من مهمة إسرائيل.
أحمد منصور: اللي أنتم عملتوه في الفترة من أول انقلاب حسني الزعيم لحد سنة...
أحمد أبو صالح: اللي هو؟
أحمد منصور: من انقلاب حسني الزعيم في 49 لحد سنة 66 هو الذي قاد إلى ما بعد ذلك، عملية الصراعات العسكرية وعدم التفرغ لإسرائيل وناس بتنقلب على ناس، لا أريد أن أدور معك في حلقة مفرغة، لكن دائماً النتائج لها أسباب، وأنا الآن بأحاول أتناول معك الأحداث بتجرُّد، وأقف كما قلت لك دائماً أمام النتائج وليس أمام النوايا، النتائج هي التي قادت إلى ما حدث، وأنتم عملية التسلسل في الانقلابات حتى أنتم كنتم بتنقلبوا على بعض، ما أنتم كنتم بتتهموا بعض بالتآمر.
أحمد أبو صالح: نعم.. نعم.
أحمد منصور: بعيد عن أي شيء، فاحنا لا نريد أن ندخل الأمور في نفق ضيق ومحدود للغاية، لو لم يكن هذا النظام كنتم هتتآمروا على أي نظام موجود وهتحاولوا تنقلبوا عليه، صح؟
أحمد أبو صالح: إذا السؤال بيتعلق بالمدة اللي سبقت انقلاب حسني الزعيم لم يدر في خلد أي واحد من..
أحمد منصور: لأ، أنا بأقول من 49 لـ 66.
(3/418)
أحمد أبو صالح: أيه، يعني بعد انقلاب الزعيم والانقلابات اللي كانت فعلاً.
أحمد منصور: بعد الدخول.
أحمد أبو صالح: فعلاً كنا نحنا يعني في ظل هذه الانقلابات دائماً وأبداً نفكر بوجوب الإطاحة بهذا النظام، لأنه لم يلبِّ الحد الأدني من طموحاتنا، فيأتي الانقلاب اللي بعده ونقيمه بنفس المعيار، ونصل إلى نفس النتائج فنهيئ لانقلاب آخر، وهكذا.
أحمد منصور: طيب هل..
أحمد أبو صالح: وبالتالي هذا بشكل مباشر أو غير مباشر خدم إسرائيل.
أحمد منصور: ألم يكن مسلسل الانقلابات الذي حدث من حسني الزعيم إلى ما بعده وإن كل مجموعة موجودة في.. خارج السلطة كانت تتآمر على المجموعة الأخرى حتى تسوِّي انقلاب ضدها؟
أحمد أبو صالح: صح، ومع الأسف الشديد وأبرز مجموعة بين المجموعات التي كانت تفكر بالإنقلاب -وبين قوسين- حزب البعث العربي الاشتراكي حزب انقلابي، يعني هذا موجود ضمن دستور حزب البعث العربي الاشتراكي، انقلابي طبعاً فيه ناس بيشرحوها انقلاب على ما هو قائم من مثالب وعيوب وتخلف، لكن المهم نحنا الحزب الأبرز الذي كان يفكر بالانقلابات، يعني مثلاً سعدون حمادي كان في ليبيا، الآن هو رئيس المجلس الوطني في العراق، يعني كان أيضاً يهيِّئ أو يساعد أو يعني للقيام بانقلاب على.. على السنوسي وكان القذافي قريب جداً من الحزب كان في اعتقادي يعني عضواً متدرباً، في الأردن عبد الفتاح زلط جرَّب أيضاً راح عاش فترة بالأردن وفيه هناك ضباط بعثييين أو أصدقاء لحزب البعث أيضاً جرب يعمل انقلاب، في كثير من الأقطار العربية حزب البعث كان منتشراً، حتى في القرى في بعض الأقطار.
أحمد منصور: يعني أنت..
أحمد أبو صالح: إذن حزب البعث أبرز تنظيم سياسي يعوِّل على الانقلابات، لأنه لا يمكن أن يصل لحكم البلد عن غير هذا الطريق.
(3/419)
أحمد منصور: أنت عايز تقول لي الآن إن طبيعة الانقلابات التي كانت تحدث كان للبعث وراءها.. حزب البعث وراءها، ولم تكن طبيعة السوريين ورغبتهم في الانقلاب على بعضهم البعض؟
أحمد أبو صالح: يا سيدي، أنا برأيي السوريين شأنهم شأن يعني أبناء شعبنا في كل الأقطار العربية، بيجوز في حقل ما يكونوا أكثر حماساً، في حقل آخر أقل حماساً، لكن بيبقوا بالمحصلة إذا وجد نظام يلبي الحد الأدني من طموحاتهم ما بيفكروا بالانقلاب عليه، بدليل إنه أيام الكتلة الوطنية التنظيم السياسي الوحيد كان الكتلة الوطنية في مواجهة فرنسا، الشعب..
أحمد منصور: يعني إحنا باختصار عشان ما.. ما نفرطش، الآن حتى أنتم كبعثيين كان بيبقى جزء في السلطة وجزء بيتآمر عليه عشان ينقلب عليه.
أحمد أبو صالح: صحيح، هذا صحيح.
أحمد منصور: يعني أنتم كبعثيين المسؤولين عن كل ما حدث في؟
أحمد أبو صالح: كنا نحن في السلطة وفيه أجنحة من البعث أو كانت سابقاً من حزب البعث كانت تتآمر علينا، ونحنا عندما صُفِّينا من حزب البعث وفُصلنا من الحزب أيضاً بدأنا بالتآمر على الناس اللي بقوا عم بيحكموا البلد.
أحمد منصور: باختصار قل لي تفسيرك لده أيه؟
أحمد أبو صالح: تفسير ذلك اكتشافنا بإنه نحنا حزب غير متجانس، غير متجانس هلا بمصر.. أنا عشت بمصر، بمصر بالمحصلة.. الشعب العربي في مصر متجانس إلى حد كبير، يعني الأكثرية مسلمين، سنة شوافعة فيه أقباط، موقفهم الوطني جيد وإلى آخره، بسوريا يعني فيه فسيفساء غريب جداً..
أحمد منصور: لكن كان متعايش قبل كده.
أحمد أبو صالح: يا سيدي كان متعايش فجينا نحنا مع الأسف الشديد جينا..
أحمد منصور: أنتم مين البعث؟
(3/420)
أحمد أبو صالح: البعث العربي الاشتراكي فاستغلينا.. صار حزب البعث مطية في الحقيقة لجهات معينة، يعني ملغومة، وأنا بأول حلقة قلت حزب البعث العربي الاشتراكي، ملغومة استخدمت حزب البعث العربي الاشتراكي مطية لتحقيق أغراضها وبالفعل حققت جزء كبير جداً جداً من أغراضها، الآن العرض ما عاد له قيمة، يا رجل، الأخلاق ما عاد لها قيمة، الشرف ما عاد له قيمة، الحفاظ على.. على.. على إنه البنت تبقى في حدود معينة من شان ما نسمي الأشياء بأسمائها ما تسقط.. صار من السهل جداً..
أحمد منصور: خليني.. خليني في إطار التاريخ وفي إطار ما أتناوله معك من أحداث، الآن لما بدأت ترتب لانقلاب بعد ما أُفرج عليك كان بترتيب مع العراقيين أم كان شيء داخلي فقط؟
أحمد أبو صالح: بترتيب مع العراقيين لأن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين اللي كنت بترتب معاه؟
أحمد أبو صالح: أمين الحافظ.. أمين الحافظ قبل سفره إلى العراق كان في لبنان، وكنت على اتصال أنا بأمين الحافظ عن طريق.. يعني أكثر من جهة ومن هذه الجهة سيدة كانت تدرس في الجامعة اللبنانية، وعن طريق الوزير السابق محمود عرب سعيد موجود الآن في العراق، كنا على اتصال دائم وعم نهيِّئ وأقمنا تنظيم عسكري مع خطة كاملة وأرسلناها إلى لبنان، وأمين الحافظ قال بأنه يفضل أن يكون الانقلاب يعني دون إراقة دماء، ثم رحل إلى العراق..
أحمد منصور: يعني أنت الآن كل اللي عمله أمين الحافظ وكل التصميت وكل الحاجات ولسه بتقول أمين الحافظ؟
أحمد أبو صالح: إنه شو أمين الحافظ؟
أحمد منصور: إنك بترجع له علشان تأخذ منه قرار الانقلاب.
أحمد أبو صالح: والمشكلة هون أستاذ أحمد قصة النظام الداخلي، النظام الداخلي قيد، بيستخدموا النظام الداخلي لتقييد بعض أعضاء الحزب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أي نظام داخلي وأنتم كل مجموعة من الحزب عمالة تعمل لنفسها نظام وبتعمل انقلاب على الآخر؟
(3/421)
أحمد أبو صالح: ومع ذلك يعني هلا أمين الحافظ عندما رفض وهو عارف بأن انقلاباً سيقع بعد ساعات، في اليوم التالي باسم النظام الداخلي..
أحمد منصور: حددتم ميعاد للانقلاب؟
أحمد أبو صالح: لا لا، ما قلت لك الساعة 11 موعدي مع صلاح جديد..
أحمد منصور: لأ سيبك من ده علشان ما نرجعش للتاريخ تاني.
أحمد أبو صالح: لا لا أقول للتذكير، نحنا عندما استشرنا أمين الحافظ بصراحة يعني ما بيجوا الناس بيقبلوا فيني أنا إن لم يوقنوا بأنه أنا في.. يعني في..
أحمد منصور: فيه مرجعية..
أحمد أبو صالح: يعني فيه في.. بإيدي شرعية.
أحمد منصور: فيه مرجعية وشرعية.
أحمد أبو صالح: يعني فيه حزب في جهة ما، فالمرجعية قبل سفر أمين الحافظ إلى العراق إنه هو موجود في لبنان وشبل العيسمي ومنصور الأطرش وكثيرين موجودين في لبنان، وبعدين عندما رحل أمين الحافظ وشبل العيسمي إلى العراق صارت المرجعية بالعراق والحزب حاكم بالعراق ونحن نعتقد أن الشرعية بالعراق لأنه أكرم الحوراني بالمحصلة صار بالعراق، ميشيل عفلق بالعراق، صلاح البيطار يتردد على العراق ورغم أنه كان عايش في لبنان، وبالتالي كل البعثيين اللي يعني معتبرين حالهم بعثيين يعتبروا الشرعية في العراق.
أحمد منصور: الآن رتبت للانقلاب عدد المتجاوبين معك أو نسبتهم كان فيه حد فيهم في السلطة أم كلهم بره؟ كان فيه حد في الجيش؟
أحمد أبو صالح: في الحقيقة نحنا ما اتصلنا.. اتصلنا ببعضهم ولا يجوز الآن ذكر أسماؤهم بس ليسوا كثيرين، يعني مثلاً الجبهة كيف نحنا بدنا نسيطر على الجبهة؟ فيه لا.. لا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا مش عايز تفصيلات أستاذي ما عنديش وقت، علشان المرة دي هلم الأمور..
أحمد أبو صالح: على راسي.. على راسي، يعني نحنا إلنا.. بس مو كل ها.. ها التنظيمات عندي أنا.. أنا بأعرف فلان مسؤول عن الجبهة، فلان مسؤول عن حمص، فلان مسؤول عن المكان الفلاني، فلان عن المركز…
(3/422)
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأنت اللي مسؤول عن ترتيب الانقلاب؟
أحمد أبو صالح: وأنا بالمحصلة بأجمع كل هذه الأمور وحتى وضعوا الخطة العسكريين وها الخطة أنا كاملة بعثتها لأمين الحافظ في لبنان، وأمين الحافظ قلت لك ما تجاوب، بعدين وقت راحوا للعراق صارت علاقتنا بالعراق، ما عاد أمين الحافظ قادر على التقرير صار هناك بقى فيه مرجعية أخرى أنا بالنسبة إلي استمريت بالاتصال بأمين الحافظ، وبعدين تبين لي إنه أمين الحافظ صار تقريباً مغضوب عليه بالعراق وألغوا له معسكرات التدريب وإلى آخره، شايف..
أحمد منصور: طيب، أنت الآن كُشِفت الخطة بتاعتكم واتعرف إن فيه انقلاب وجاءوا للقبض عليك، تفتكر بالضبط التاريخ اللي جولك فيه.
أحمد أبو صالح: 16 آيار 1970..
أحمد منصور: مايو 1970..
أحمد أبو صالح: مايو 1970..
أحمد منصور: في هذه الفترة كان الصراع بدأ تقريباً يُحسم بين حافظ الأسد وصلاح جديد، وطبعاً تمكن حافظ الأسد في 13 نوفمبر 1970 من.. أعلن الحركة التصحيحية في 16 نوفمبر، لكن في 13..
أحمد أبو صالح: نفذ.. نعم، نعم
أحمد منصور: تقريباً كان رتب..
أحمد أبو صالح: كل شيء نعم.
أحمد منصور: نفذ كل شيء، وفي 16 أعلن الحركة التصحيحية، أنتم كُشفتم في مايو 1970، كنتم حددتم ميعاد تتحركوا فيه أم فقط كانت ترتيبات؟
أحمد أبو صالح: لأ. بانتظار القرار من العراق ومو شرط العراقيين، يعني الرفاق السوريين الموجودين بالعراق وفي مقدمتهم أمين الحافظ.
أحمد منصور: طبعاً هنا البعث كان من انشقاقه على نفسه قطرية وقومية كانوا دول يقولوا إحنا الشرعيين، ودول يقولوا إحنا الشرعيين، وكانت القيادة ميشيل عفلق وأمين الحافظ وكل المجموعة دي راحت أقامت في العراق والعراق أصبحت بعد 68 بتعادي النظام الموجود في سوريا، صحيح هذا الكلام؟
أحمد أبو صالح: مو مباشرة، يعني طبعاً هو بالأصل..
أحمد منصور: عن طريق استخدامكم ورقة يتلعب بها..
(3/423)
أحمد أبو صالح: هو بالأصل المتوقع أنه رأساً الشيء اللي صار بالعراق دا يكون مُعادي للنظام القائم في سوريا، وهذا حدث إلى حد ما لأنهم أفرجوا عننا بعدين، قلت لك إجو.. هربت أنا..
أحمد منصور: جم يقبضوا عليك في..
أحمد أبو صالح: بمساعدة ابني وبنتي.
قصة هروب أبو صالح الكبير من سوريا إلى تركيا
أحمد منصور: كيف هربت؟
أحمد أبو صالح: يا صاحبي إجو علي بعد الظهر، وأنا نائم استفقت، قالوا لي جماعة بدهم.. يطوقوا البيت دخلوا طبعاً أنا أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: في حلب.. في بيتك في حلب؟
أحمد أبو صالح: في حلب، شباب صغار، بس كلهم من النصيرية، قال والله الرائد محمد دُواب بده إياك، هذا كان مسؤول المخابرات، قلت له خير إن شاء الله؟ قال والله بعثنا إن نجيبك، شو تجيبني؟
أحمد منصور: كان عددهم قد أيه تقريباً؟
أحمد أبو صالح: يعني شي خمسة.. ستة مع سيارتين، وأنا بيتي صار بزاوية يعني فيه ثلاثة أربعة من جهة وثلاثة أربعة من جهة وسيارة من هون وسيارة من هون، المهم قلت له طيب بالأخير.. صحت طموح، قال لي نعم بابا؟ قلت له جيب لهم للشباب شاي جب لهم شوف أشياء باردة كازوزة يشربوا .. ما أغير ثيابي، طبعاً بها اللحظة أنا كنت تسلقت سلم جاهز كان بالحديقة للجيران قفزت في جبل الجوشن رأساً بعد البيت اللي أنا نزلت فيه، تسلقت جبل الجوشن، وركضت بسرعة يمكن أسرع من الغزال شايف..
أحمد منصور: علشان أنت التعذيب اللي شوفته..
أحمد أبو صالح: من الخوف.. من الخوف..
أحمد منصور: التعذيب اللي شوفته.
أحمد أبو صالح: طبعاً لا يُنسى بشكل من الأشكال..
أحمد منصور: طب أنت كنت قبضاي وكده، يعني تخيلت إنك أنت ممكن إنك تُعذب وممكن إنك التعذيب يعمل في نفسك اللي عمله؟
(3/424)
أحمد أبو صالح: لأ، أنا كنت أظن إنه لو بيطلقوا نار في عيني لن يرف جفني، لكن اللي حدث غير شيء، يعني إنه تحس برجولتك بشجاعتك بكذا، لأ هذا ما بيكفي، هذا غير كافي، قلت لك أنا وصلت لدرجة..
أحمد منصور: امتهان كامل..
أحمد أبو صالح: أنا وصلت لدرجة إني كنت على استعداد لأن.. لأن أقول كل شيء، لأنه اختلت موازيني يعني..
أحمد منصور: امتهان كامل لآدمية الإنسان.
أحمد أبو صالح: طبعاً، اختلت.. يعني الإنسان فيه شخص كان يكتب قال.. قال: الأنبياء على.. على مائدة الخضر مثلاً، واحد من اللي يعذبوه، فقد صوابه، صار يشاورني إنه أستاذ إنه هي الأنبياء على مائدة الخضر، وصلت لكذا شو رأيك فيها، فيه كثيرين يعني وصلوا لها الدرجة، والآن قلت لك بصيدنايا 450 واحد من الإسلاميين وصلوا لها الدرجة ما عادوا يتجاوبوا مع أي شيء معقول ويمكن أن يحدث دون أن يكون له نتائج سلبية، وصل الإنسان لها المستوى.
أحمد منصور: هربت زي الغزال من على الجبل.
أحمد أبو صالح: ووصلت.. لبيت عمتي فتحت لي الباب رأساً سقطت أنا بالحديقة على الدرج لأنه من الباب للحديقة فيه 3 درجات، سقطت أنا رأساً، ما عاد فيني يعني، أنا من خوفي قدرت أصمد، سقطت وبعدين غيرت المكان مرتين ثلاثة، وبعدين رحت لقرية كبيرة اسمها الدانة إلنا جماعة هناك إلنا علاقات واسعة هرَّبوني على الخيل، وصلنا إلى الحدود التركية، الحدود التركية إجوا ناس من المهربين هم اللي بعثوا حمير أمامي خوفاً من أنه ينفجر لغم من الألغام، لأنه كان يفتحوا الأسلاك الشائكة.
أحمد منصور: كيف كانت لحظات مشاعرك في..؟
أحمد أبو صالح: شو مشاعري؟ أنا في الحقيقة لم أطمئن حتى دخول الأراضي التركية.
أحمد منصور: يعني هربوك عن طريق تركيا..
أحمد أبو صالح: قبل دخولي الأراضي التركية كنت خائف حتى من الناس مو اللي هربوني، اللي نزلت عندهم بانتظار يجوا المهربين لحتى يدخلوني تركيا.
(3/425)
أحمد منصور: كيف اللحظات دي مرت عليك؟ لحظات الهروب دي؟
أحمد أبو صالح: حقيقة كنت خائف جداً جداً ما مر عليَّ خوف بحياتي مثل ذلك الخوف، لأنه دائماً قائم بذهني ما تعرضت إليه من تعذيب وإنه أنا لم أعد قادراً على تحمل ما تحملت..
أحمد منصور: الناس لاحظوا الخوف اللي عليك؟
أحمد أبو صالح: نعم؟
أحمد منصور: اللي هربوك لاحظوا الخوف اللي عليك؟
أحمد أبو صالح: طبعاً، واحد من يعني تقدر تقول هو رب العائلة أو رب ها المجموعة هناك من عشيرة المقدمين وفيه منهم بحلب جيراننا وبيحترمونا وبيقدرونا، فقال لي أستاذ أحمد نحنا ملاحظين إنه أنت خايف بس لأ يا أستاذ أنت بتظن إنه معقولة إن إحنا نغدر يا أستاذ؟ نحنا عم ننتظر الناس اللي بده ياخدوك لتركيا فلا تظن نحنا ذبحنا الخروف وكذا يعني لأسباب أخرى، طبعاً..
أحمد منصور: حسيت بطعم الخروف؟ حسيت بطعم..؟
أحمد أبو صالح: أكلت، لأنه اطمأنيت وتأخروا لإجوا وأكلت شوي طبعاً من وقت ما إجو.. أنا..
أحمد منصور: الخوف بيذهب.. الخوف بيُذهب شعور الإنسان بأي شيء..
(3/426)
أحمد أبو صالح: لا ما بيذهبش.. أنت كعربي تعرف يعني ناس ذبحوا لك شايف وطمأنوك، يعني وقدموا لك، لازم.. لكن المهم جداً أخي أحمد.. أستاذ أحمد، عائلة بسيطة فقيرة عربية عايشة في تركيا نزلوني عندها هادول المهربين على الأرض.. على البساط.. بساط قديم عتيق، قبل طلوع الشمس بشوية راحت المرأة عملت بيض وجابت زبدة وشغلات وقدمت لي الفطور وأنا بعباية وجلابية وعقال، فطلعت مبلغ من المال.. قالت لا يا أستاذ فلوس وناموس نحنا عرب وإن كنا عايشين هنا في تركيا، بس إحنا عرب يا أستاذ عيب، أعوذ بالله رجعهم، قلت هذا مو من شانك، من شان الرضيع. أعوذ بالله أنا ودي أطلع وعم أحطهم (..) تبع الطفلة، مسكتني من إيدي قالت لي شيل الفلوس أستاذ أعوذ بالله فإجوا جماعة يعني من الوجهاء في أنطاكية أتراك، بيت بهادر.. سري بهادر وعطا بهادر وإجوا بسيارة (بونتياك) كبيرة ضخمة وأخذوني لأنطاكية ومن أنطاكية بعدين لأدنة وبعدين طائرة خاصة نقلتني إلى أنقرة.
حقيقة الصراع بين بعث العراق وبعث سوريا
أحمد منصور: هربت في.. ذهبت إلى العراق بعد ذلك، أقمت في العراق إلى سنة 78، هل بعث العراق بالفعل كان.. وحشدتم كثير من الشباب وعملتم معسكرات وهتعملوا انقلابات بقى يعني من.. من خلال الهجوم عبر الحدود.. يعني لسه مستمرين في نفس النهج ولكن بشكل آخر، أيه.. يعني هل فيه حقيقة صراع بين البعث هنا والبعث هناك؟
(3/427)
أحمد أبو صالح: حقيقة صراع؟ طبعاً، هو في الحقيقة المسؤول عنها فيه يعني شعبتين لحزب البعث، أو الفريقين أو القسمين العراق وسوريا، ما يسمى بالبعث في سوريا هو مسؤول عن القطيعة أكثر لأسباب، إنه السوريين كلهم، يعني النصيرية اللي عم بيحكموا البلد باسم حزب البعث العربي الاشتراكي هم لا يمثلون أكثر من يعني، ما بأقول 10% لأنه الطائفة كلها ما هي معاهم، بالعراق لأ، بالعراق كل العرب حتى شيوخ العشائر ملتفين حول البعث العربي الاشتراكي، لأنه فيه أقليات أكراد و3 ملايين، 4 ملايين، وكرد وتركمان وآشور، خليط عجيب في العراق، طبعاً وشيعة وسُنَّة، فكانوا تقرير حقيقة، إنه الحقيقة 90% من الحكم في يد السُنة في العراق، رغم إنهم ما هم أكثرية إذا بدك تاخد الشيعة العرب، إذا خدت السنة العرب والأكراد بيطلعوا أكثرية، المهم فالعرب كلهم كانوا ملتفين حول حزب البعث العربي الاشتراكي، وفيه منهم شيوخ عشائر، ويعني أشخاص أغنياء جداً وإلى آخره، لأنه بيعتبروا إنه هذا الموئل، هذا الحماية، لأنه فيه جهات فيه الفرس، وفيه الأكراد وفيه..، بسوريا هم بيعرفوا على أنه أي تقارب مع العراق جدِّي، بده يسقطهم بالنهاية، لأنه العراق بلد غني، نسبة السُنَّة كبيرة، وإن كان يعني.. وحتى لأنه الأكراد سنة، والسنة في سوريا هم 80% من الشعب، وبالتالي ما عادوا قادرين، هم يا دوب يقدروا يحكموا مثلاً سوريا بالحديد والنار، فإذا بتتقرب سوريا والعراق أو بيتوحدوا، الأمل بيكون ضعيف جداً، لذلك كان دائماً همهم إنه يحاولوا يسقطوا النظام بالعراق، وهذا اللي بيفسر تحالفهم مع إيران ثم تحالفهم مع أميركا بهاي.. عاصفة الصحراء، بدهم يسقطوا النظام بأي ثمن كان.
أحمد منصور: أنا عايز.. أنتم فعلاً الآن كنتم عايشين في جو شعارات، وجو خداع استمر طول الفترة دي؟ أم كان فيه شيء جدِّي؟ عمالين تعملوا اجتماعات وتصدروا بيانات، وصوت الثورة، ومثل هذه الأشياء؟
(3/428)
أحمد أبو صالح: يا سيدي، أنا اكتشفت وبصراحة أنا وصلت للعراق، وأنا كنت ظانن حالي داخل العراق على حصان أبيض يعني فاتح، وإذ بالمطار جايين يستقبلوني جماعة أمين الحافظ، ما دخلوهم المطار، دخلوا الجماعة اللي جايين باسم القيادة القومية، استقبلوني وأخذوني إلى فندق الأمباسادور، غيري أقل مقاماً منى مثلاً مالك بشور قريبه لميشيل عفلق، أخذوه بفندق بغداد أرقى فندق مثلاً موجود في بغداد، وأنا ومقامي وسني وماضيي حطوني بفندق الأمباسادور، ثم نقلونا إلى مدرسة الإعداد الحزبي ينيموني أنا بمدرسة الإعداد الحزبي على سرير من حديد، بعدين مصطفى حمدون الرجل تنازل لي عن بيته، اللي هو على دجلة، بيت قديم جداً، لأنه أخذ أحسن منه، سكنت في البيت اللي كان ساكنه مصطفى حمدون، دفعوا لي فقط 150 دينار أدبر حالي بالعفش والبيت وبكل شيء فقط 150 دينار، مثل أي واحد جاي للعراق، أبداً نفس الشيء، أنا الحقيقة صُدمت، لأن ما معقول الشغلة يعاملوني هاي المعاملة، بالأخير بدءوا يحاولوا بشكل أو بآخر، وبشكل غير مباشر إنهم يسترضوني، أنا رفضت، إنه سيارة، أقول لأ، بيت لا، أثاث لأ، لأنه كان يفترض إنه وقت وصولي، مو بعد حين، فرفضي هم استنكروه، إنه شو بده هذا الأفندي؟ لا بيقبل سيارة ولا بيقبل ببيت، ولا بيقبل أثاث وإلى آخره، بدءوا يحسوا بأنه أنا ما آني.. ما آني مؤهل لأن استمر بهذا الشكل، فإجا ميشيل عفلق الرجل واستدعاني وقال لي أستاذ أحمد شو قصتك أنت مع رفاقنا العراقيين؟ قلت له أستاذ أنت عم تسألني، ما أنت الأمين القومي للحزب وأنت يعني أنت لازم تعرف، قال لي قول لي، قلت له يعني أنا بصراحة أنا ما وطأت قدمي لا سيارة من سياراتهم، ولا بيت من بيوتهم، ولا قعدت على كرسي من كراسيهم، هم دفعوا ثمنه، ولا رضيت بأقبل يدفعوا لي أجرة البيت، هادولا متعودين لأ، كده يجي الواحد بده يقدموا له التليفزيون الملون وعفش البيت والسيارة.
(3/429)
أحمد منصور: أنا خليني بعيد عن القصة دي، الحاجات الشخصية، أنا بأتكلم في الحاجات اللي تهم الناس.
أحمد أبو صالح: أريد أن أقول إنه أنا كنت مخدوع، كنت ظانن إنه العراق سيأتي.. الترياق سيأتي من العراق، لأنه بالسجن اعتُقل وكيل وزارة التربية والتعليم، سألناه بشكل هيك.. أتيحت لنا فرصة، نحن ننتظر الترياق من العراق، فالترياق من العراق يعني شيء مغري جداً، الحل بالعراق، رحنا نحن للعراق يا سيدي، بعدها..
أحمد منصور: اكتشفتوا أيه بعد ما كل المعارضة السورية تكدست في العراق؟
أحمد أبو صالح: اكتشفنا إنه مو هيك، أولاً حلوا المعسكرات، صفوها، وها الشباب اللي كانوا بالمعسكرات احتاروا لوين بيروحوا، لأي بلد وصلوا لرومانيا ولبلغاريا وتركيا وإلى آخره، ثم إنه رجعوا إلى سوريا انحطوا بالسجون، زائد يعني ما فيه ومثلاً إنه ممنوع بالاجتماعات للسوريين التحدث بالشأن السوري، لأنه هذا يجب أن يترك للقيادة، طب مين القيادة؟ حتى في يوم من الأيام قلت أنا لصدام، يا أخي هذا الصندوق اللي أنتم يعني بدكم تدخلوني فيه صغير عليَّ أخي، حطوني في صندوق أقدر أتنفس فيه يا أخي، شو ممنوع أما نحن جايين من شان سوريا، أيش لون ممنوع نحكي بقضية سوريا مع الأسف الشديد؟ بعدين ضاقوا ذرعاً بي بعدما أنا عملت لجنة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في سوريا، وكنت أتحرك وأنشط وإلى آخره، بعدين وقت شالوني وجابوا واحد غيري اسمه باسيل.. (باسيل بنجق)، هذا الرجل طلبوا منه يروح للرطبة على الحدود السورية، رفض وجهوا له كتاب إنه إنت جبان، أنت كذا أنت كذا، وإذ هذا الجبان بيشيلوني أنا.. واللجنة أنا شكلتها مو على أساس حزبي، جابوا لي باسيل بنجق، وبلغوني إنه البلد بلدك، اختار البلد اللي تريد تقيم فيه، اخترت أنا ألمانيا الديمقراطية.
أحمد منصور: رحت لألمانيا.
أحمد أبو صالح: رحت لألمانيا، وصاروا يبعتوا لي راتبي اللي هو 150 دينار بالشهر.
(3/430)
أحمد منصور: كم سنة قعدت في ألمانيا؟
أحمد أبو صالح: 4 سنين.
علاقة أبو صالح بكارلوس الإرهابي
أحمد منصور: في هذه الفترة تعرضت لمحاولات اغتيال؟
أحمد أبو صالح: تعرضت مرتين، مرة سأذكر الاسم (كارلوس) هذا الإرهابي العالمي المعروف، دخل بيتي، وأشهر المسدس، وسألني ما رأيك إذا ما قمت بقتلك، قلت له كان جوابي وبإيجاز إنه إذا بتعتقد إنه الناس اللي كلفوك أفضل مني اقتلني، أما إذا بتعتقد إنه أنا أفضل من اللي كلفوك فما يجوز إنت أجير ورخيص بهذا الشكل، وبالفعل الإنسان رد مسدسه وحطه.
أحمد منصور: أنت كنت تعرفه قبل كده؟
أحمد أبو صالح: بأعرفه، لأنه كان هو مدلل على النظام الألماني قبل الوحدة في ألمانيا..
أحمد منصور: ألمانيا الشرقية.
أحمد أبو صالح: كان مدلل جداً يعني، مدعوم وبيحجزوا له جناح باستاد برلين هوتيل، وفيه حراسة..
أحمد منصور: عرفته في ألمانيا أم كنت تعرفه قبل كده؟
أحمد أبو صالح: بأعرفه من العراق، لأنه بالعراق كان موجود هناك، وتعرفت عليه.
أحمد منصور: أيه طبيعة علاقتك به؟
أحمد أبو صالح: لا بالعراق نحن بصراحة يعني تعرفنا عليه، وكنا موجودين آخرين، ما بأريد أذكر أسماءهم يجوز ما يريدوا هم، وإلاَّ أنا ما بيهمني، أنا بأقول لك أنا انوجدت معه، وموجود آخرين من الشخصيات المهمة، اللي أتينا على ذكرها الآن أو قبل الآن، فكان يعرض هو المشاركة في اغتيال حافظ الأسد مثلاً.
أحمد منصور: إزاي؟
أحمد أبو صالح: إنه هو مستعد إنه نحنا كمعارضة، هو مستعد على أساس إنه بتعرف إنه هذا..
أحمد منصور: يعني هو قاتل مأجور أم كان إنسان عنده مبادئ وأفكار وثوابت؟
(3/431)
أحمد أبو صالح: يا سيدي، أنا بأول لقاء في.. في بيت واحد من هادول الناس اللي.. هذا بأذكر اسمه لأنه كتب عنه، عصام الجندي، كنا في بيت عصام الجندي، هو بدأ يعرض خدماته، بيحكي فرنسي وإنجليزي وعربي وإلى آخره، وإسبانيولي، عرض خدماته، وإنه هو يعني استغربت أنا وجوده بالعراق، إنه هو انوجد بالعراق لأنه وديع حداد كان بالعراق، وديع حداد هذا المعروف يعني..
أحمد منصور: طبعاً.
أحمد أبو صالح: اللي كان محترف خطف الطائرات وإلى آخره..
أحمد منصور: أحد مؤسسي حركة القوميين العرب، والمختص بخطف الطائرات..
أحمد أبو صالح: كان موجود بالعراق، وأنا طبعاً بأعرفه، لأنه هو كان يشتغل مع وديع، اشتغل فترة هو مع الجبهة الشعبية هذا كارلوس، فكان موجود هناك، فجينا نحن انعزمنا على الغداء، عصام الجندي، عاصم الجندي، وكانت زوجته وبناته وكذا، تعرفنا على ها الإنسان هذا، وعرض خدماته، وإنه هو مع الجبهة الشعبية وإلى آخره، نحن طبعاً كنا سمعانين عنه، بعد الفترة راح يسبح ببجيرة، بحيرة قريبة على بغداد..
أحمد منصور: الحبانية.
أحمد أبو صالح: الحبانية، ومعه بنت من آل الجافعة، اللي..
أحمد منصور: أنت هتورطني أنت في الأسامي.
أحمد أبو صالح: يا أخي بقى، طيب.. طيب، ما الواحد المفروض يكون صادق إلى حد ما يعني.
أحمد منصور: طب إذا القصة لها ارتباط كمِّل يعني..
أحمد أبو صالح: طيب.. طيب يا أخي راحت وما رجعت.
أحمد منصور: غرقت يعني.
أحمد أبو صالح: غرقت، هم بيقولوا غرقت، أنا ما كنت معهم، فالعراقيين قرروا إقصاؤه هو واللي معه واحد ألماني، قرروا إقصاؤه، وأنا اللي فهمته وقت اللي إجا لألمانيا بعدين، إنه عطوه مبلغ بالماركات الغربية، بس إنه انصرف يعني، ما عادوا الجماعة يتحملوا، ووصلت الأمور لدرجة..
أحمد منصور: صحيفة "الليموند" كانت نشرت إنك خططت مع كارلوس لاغتيال السادات؟ صحيح.
(3/432)
أحمد أبو صالح: أيوه في الحقيقة يعني هو طُلب منه، طلب منه من جهة عربية..
أحمد منصور: أن يغتال السادات.
أحمد أبو صالح: أيه، أن يغتال.. أن يخطط لاغتيال السادات.
أحمد منصور: تفتكر.. تفتكر التاريخ بالضبط؟ السادات وقع الاتفاقية 79.
أحمد أبو صالح: السادات.. السادات.. السادات سنة 77..
أحمد منصور: 77 راح إسرائيل ..
أحمد أبو صالح: راح لإسرائيل ..
أحمد منصور: 79 وقع الاتفاقية.
أحمد أبو صالح: أنا الحقيقة جيت أقيم بألمانيا سنة 78 بقى يمكن هاي الحادثة بسنة 79، ما أني متأكد، أو 80، هو إمتى اغتيل 82.
أحمد منصور: 81.
أحمد أبو صالح: 81، بأكتوبر 81، ما هيك، يعني قبل هاي الحادثة بأشهر، جهة عربية طلبت منه، فإجا هو طلب مني أنه أستاذ أحمد أنت بتقدر توصلني لعبد الحميد السرَّاج مثلاً، باعتباره مقيم هناك وإلى آخره، قلت له من شان شو، فهمني قلت له لأ.. يعني هاي شغلة مستحيل إنه إحنا أحكي فيها مع عبد الحميد السرَّاج يعني، وهو يستحيل إنه يقبل، معقول موجود بالقاهرة وعايش..، بعد فترة إجا مسؤول من ها البلد اللي أقاموا العلاقة، سألني إنه إذا أنا مستعد، قلت لهم أحضر وكذا، اجتمعوا بفندق بالاس أوتيل في برلين، وأعتقد أنه الألمان هم اللي سربوا هذا الخبر، لأنه فيه.. فيه إنصات، أجهزة إنصات، وأنا كنت أتردد كثير على ها الفندق، شايف، لأنه فيه تحت فيه.. فيه مقهى جيد يعني بأقعد وأشرب فنجان قهوة وكذا، فعندما يعني طُرح اسمي على أساس إنه أنا علاقتي بيعتبروها وطيدة جداً بكارلوس وبجماعته، وكارلوس بيجوز يكون حكى لهم هم، لأنه علاقته بالمخابرات الألمانية، مو علاقة عميل، علاقة شخص مهم بالنسبة إلهم، وللروس وبين قوسين مرة بده يجي عن طريق President ما رضي يفتح مغلف موجود معه فيه جوازات سفر كلها ما بأعرف دبلوماسية وكذا، ما رضي، رجعوه راح لموسكو نزل بمطار برلين من موسكو، ومحجوزة بالطابق 35 محجوز هذا السويت غرفتين.
(3/433)
أحمد منصور : دائماً له.
أحمد أبو صالح: إله لحتى، لأنه بتقديري إنه هذا.
أحمد منصور: رحت له فيه يعني.
أحمد أبو صالح: أيه هذا فيه الأجهزة اللي بتقدر تحصي حركاته وسكناته شايف..
أحمد منصور: آه.
أحمد أبو صالح: فيبدو هم فهموا إنه يعني بأنه أنا فوتحت بهذا الموضوع، بيجوز هو بالغ.. لكن أنا فوتحت فعلاً يعني فاتحني الرجل، قلت أنا هاي مو شغلتي، وقصة أنا أحكي مع عبد الحميد السراج، مستحيلة الشغلة، كيف بأحكي مع عبد الحميد السراج بتقديري بعد ما أيقنوا إنه أنه لا يستفاد مني بهذا المضمار، هم اللي قالوا لي.. قالوا لي خيِّو الجهة يعني هي اللي كلفتنا غيرت رأيها، فلذلك ما عاد فيه حاجة نناقش الموضوع.
أحمد منصور: استمرت علاقتك بكارلوس أم انتهت؟
أحمد أبو صالح: يا سيدي، السوريين بعدين اتصلوا بكارلوس عن طريق العميد عز الدين إدريس اللي كان ملحق عسكري في براغ.
أحمد منصور: وبعدين أنت رحت براغ؟
أحمد أبو صالح: لأ، قبل.. قبل، اتصلوا فيَّ وتم اللقاء يمكن في الجزائر إذا ما كان في براغ يمكن في الجزائر وإجا هو ورجع إلى برلين وقال لي اتفقت أنا مع عز الدين إدريس أروح لسوريا.
أحمد منصور: تفتكر التاريخ إمتى، بعد موضوع السادات دا.
أحمد أبو صالح: نعم..
أحمد منصور: بعد موضوع السادات؟
أحمد أبو صالح: لأ قبل.
أحمد منصور: قبل.
أحمد أبو صالح: قبل بشوي.
أحمد منصور: يعني نقول 1979.
أحمد أبو صالح: لأن أنا عندما اغتيل السادات كنت ضيف عند جماعة ألمان، همَّ اللي بلغوني الخبر، شايف قبيل سفري للعراق اللي كان قبل نهاية 81 بفترة قصيرة.
أحمد منصور: نعم.
أحمد أبو صالح: أنا اعتقلت في العراق لدى وصولي بعد اغتيال..
أحمد منصور: السادات.
أحمد أبو صالح: السادات بفترة يمكن شهر بلغوني هادول الألمان أن هلا أذاعوا بالراديو الألماني أنه اغتيل أنور السادات.
أحمد منصور: أرجع لكارلوس.
أحمد أبو صالح: نعم؟
(3/434)
أحمد منصور: أرجع لكارلوس 79 - 80 قال لك أن السوريين اتصلوا فيه.
أحمد أبو صالح: أيه إجا لعندي عم بيقول لي أن أنا عز الدين إدريس التقى فيني ما عدت أذكر بالبراغ ولا بالجزائر بس أتى ذكر الجزائر بشكل أو بآخر وشو رأيك أروح لدمشق قلت له: هذا موضوع يتعلق فيك أنت، قال لي بدي أروح. قلت له روح.. قال طيب تقدر أنت يعني شو بتزكيني لدى الجماعة في سوريا كتبت له لحافظ الأسد أنا رسالة.
أحمد منصور: أنت كان لازال ليك علاقة بحافظ الأسد.
أحمد أبو صالح: كان شهر العسل.. كان شهر العسل بين العراقيين والسوريين لإن فيه الميثاق الوطني إنه بيعملوا وحده بين سوريا والعراق وأنا طبعاً قلت ما أني مصدق الشغلة قلت له للأستاذ أكرم الحوراني هذه كذبة وبالسفارة العراقية في برلين قلت لهم السوريين هاي آخر مرة تأكلوا فيها أنتم على مائدة العراقيين لأن ما راح هتتكرر وإلى آخره، فهو يعني وقت اللي راح لسوريا كان شهر العسل بين العراقيين والسوريين وأنا إلي موقف لكن ما عدنا نمارس نشاط لأنه خلاص بيتصالحوا وبيجوز بيكبونا كلنا عندما يتفق الطرفين إنه السوريين يكبوا المعارضة العراقية..
أحمد منصور: هم كانوا بيستخدموكوا ورق..
أحمد أبو صالح: أيه بيستخدمونا يا سيدي، المهم أنا عندها أيضاً وقفت نشاطي واتصالاتي وكانت محدودة بألمانيا شو بأقدر بأسوي فعندها أنا كتبت رسالة لحافظ الأسد، الرفيق أبو سليمان، قلت له أنه أنا ما أني ضد الوحدة مع العراق لكن لعلمك قصة الوحدة مع العراق دون إعادة النظر بالتركيبة الحزبية من قومية وقطرية و.. و..
أحمد منصور: أنا يهمني موضوع كارلوس عشان ما...
أحمد أبو صالح: نخش لكارلوس، كارلوس اسمه سالم، بجواز سفره اسمه سالم.
أحمد منصور: أي جواز فيهم.
أحمد أبو صالح: عنده جوازات كل شيء.. كله، بيمون على اليمنيين أكثر مما بيمون يمكن على نفسه.
أحمد منصور: كان اليمن الجنوبي طبعاً. نعم.
(3/435)
أحمد أبو صالح: اليمن الجنوبي، فعنده أيه مجموعة كان هو اسمه سالم يمكن بالجواز العراقي.
أحمد منصور: وكان بيتكلم عربي.
أحمد أبو صالح: يتكلم عربي، بيفهم كل شيء، ويحكي، لكن اللكنة تكتشف رأساً إن هذا إنسان..
أحمد منصور: أجنبي.
أحمد أبو صالح: ما هو عربي أجبني.
أحمد منصور: لكن كان بيتقن لغات كثيرة
أحمد أبو صالح: فرنسي بشكل جيد والإنجليزي أيضاً والروسي طبعاً والفنزويلي، إسبانيال.. إسبانيال، وألماني بدأ يتعلمه أيضاً بسهولة، عنده طاقة إنه يتعلم لغات فعلاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بعد ما راح كان بينك وبينه اتصال بعد هذه الأشياء؟
أحمد أبو صالح: بعد ما راح لسوريا ما قلت لك ما رجع من شان يغتالني.
أحمد منصور: بعد موضوع اغتيالك.
أحمد أبو صالح: ما عدت شفته.
أحمد منصور: يعني أنت بعثت له رسالة تزكية رجع علشان يغتالك..
أحمد أبو صالح: يبدو دبروها يعني..
أحمد منصور: رحت العراق.
أحمد أبو صالح: بس أنا بأعتقد ما كان قانع بدليل أنه أنا بيني وبينه في البيت عندي…
أحمد منصور: نعم.
أحمد أبو صالح: ما قلت فيه أقول له إذا كنت بتعتبرهم أفضل مني وإلى آخره بيجوز بس فقط من شان يجس نبضي، يشوف ردة فعل، هيك اعتقادي حتى ما نظلمه ولا نظلم غيره.
أحمد منصور: تقييمك أيه لشخصيته باختصار؟
أحمد أبو صالح: يعني هو في الواقع مناضل أُممي في الأصل لا يشق له غبار يعني هو يعتقد على أنه يسهم فعلاً في تحقيق الثورة العالمية ضد الظلم والإرهاب والفقر و.. إلى آخره، بس مع مرور الزمن صار بتقدر تقول كما نقول اليوم إرهابيين أو مرتزقة أو كذا يعني صار ممكن استئجاره من قبل مثلاً نظام عربي ما أو نظام اشتراكي، الاتحاد السوفيتي كان يعني هو دارس بالاتحاد السوفيتي جامعة (لومومبا) ومنزوج.. ومتزوج هو في الأصل واحدة روسية.
أحمد منصور: متزوج كثير في الأماكن اللي راحها.
تقييم أبو صالح لتجربة حزب البعث في سوريا
(3/436)
تقييمك أيه الآن في نهاية هذه الشهادة وفي ختامها لهذه التجربة الطويلة من العمل في حزب البعث من ممارسة الحكم والسلطة، من المشاركة في إعداد كثير من الانقلابات العسكرية، الهروب، الانتقال ما بين البعث في سوريا للبعث في العراق، القيادة القومية، القيادة والقطرية والصراعات والتاريخ العربي الحديث اللي شاركت بشكل أساسي في يعني ربما على مدى عشرين سنة في كثير من أحداثه؟
أحمد أبو صالح: يعني أنا في الحقيقة أرجو أن يتاح لي من العمر ما يكفي للتكفير عن الأخطاء اللي ارتقت لمستوى خطيئات ارتكبتها بحياتي، لأنه أثرها السلبي لم ينعكس عليَّ فقط وإنما انعكس على الشعب المنكوب في سوريا اللي أنا بكل صدق أطلب منه العفو والغفران على ما بدر مني ومن غيري سواء كان ذلك بدر عن حسن نية أو عن سوء نية، أنا أقول بأنني أقف نفسي الآن فقط لكشف الحقائق أمام القاصي والداني، كي يكون كل إنسان حريص على بلده وعلى أمته وعلى شعبه وعلى دينه أيضاً وعلى عروبته، يعرف كثير من الحقائق التي لم يتجرأ مع الأسف الشديد كثيرون من الذين شاركوا وقد يكونوا شاركوا أكثر مني أنا في صنع هذه الأحداث المؤلمة، لكنهم مع الأسف الشديد ما بأقول أجبن، وإنما لم يكونوا مستعدين للاعتراف بهذه الحقائق، وأنا أعتقد إنه الاعتراف بهذه الحقائق في هذه المرحلة ضروري جداً جداً جداً وخاصة ونحن نتعرض لها الهجمة الأميركية الغربية ضد العراق وضد فلسطين، وبالتالي ضد ديننا وضد عروبتنا.
(3/437)
لو كان الأمر يستهدف صدام حسين أنا لن أقف للدفاع عن صدام حسين لأنه إنسان يخطئ ويصيب مثل عبد الناصر ومثل أي إنسان آخر، لكن الوقت اللي العدوان يستهدف قيمنا، حضارتنا، تاريخنا، مصيرنا وجودنا، عندها بأقول أنه لا يجوز السكوت بأي شكل من الأشكال على أي نظام من الأنظمة من المحيط إلى الخليج، لذلك عندما وصفتهم بأنهم كذا وكذا وكذا، يعني هذا أقل ما يجب أن يقال بشأن هؤلاء الناس والمجاملة في هذا المضمار بتؤدي -وإن كانت عن حسن نية- بتؤدي إلى نتائج أنا بتقديري نتائج سيئة ووخيمة.
وبالمناسبة أقول بأن الطائفة النصيرية في سوريا كانت دائماً وأبداً يعني قريبة جداً من قلوب كل المواطنين العرب السوريين وخاصة السنة، ولم يكن هناك أي سبب لأن تتهم هذه الطائفة بأنها تدعم نظام طائفي مرتبط قتل وذبح وأفسد واعتقل وهجَّر وقمع وكبت وإلى آخره، أعتقد أن هادول الحرس القديم والحرس الجديد وخاصة الحرس القديم هم المسؤولون عن ما وصلت اليه سوريا طبعاً بقيادة أناس معروفين مثل صلاح جديد، وحافظ الأسد، محمد عمران وآخرين أيضاً فأنا أطلب من شعبنا اللي بينتمي للطائفة النصيرية أن يعرف ويكون موقناً بإنه إذا انتصر الشعب على هذا النظام سيكون في حرز أمين ولن يتعرضون لأي إذى، لأن النظام يعبئهم لأن إذا تعرضنا للخطر فسوف تذبحون عن بكرة أبيكم، هذا غير معقول وهذا مستحيل ويجب أن يطمئنوا إلى إن هذا ليس ضدهم، كل ما قلته أنا وكل ما فعله الآخرون وإنما ضد شرذمة تحكم باسمهم وتعبئهم زوراً وبهتاتاً ضد الشعب وخاصة أكثريتهم ولا نعدم وجود مناضلين في صفوف هذه الطائفة، موجود عدد من المناضلين مثلاً نيوف الموجود الآن بفرنسا هذا الإنسان اللي انسجن حقبة طويلة من حياته وعُذِّب وأصبح تقريباً يعني ركاماً هذا من الطائفة النصيرية وآخرون على شاكلته.
أحمد منصور: أشكرك يا أستاذ أحمد شكراً جزيلاً، أتعبتك معي على مدى الأسبوعين الماضيين.
أحمد أبو صالح: عفواً.
(3/438)
أحمد منصور: لكنك أشكر لك جرأتك وأشكر لك صراحتك بالاعتراف بالخطأ الذي نادراً ما يعترف به كثير من السياسيين الذين قاموا بمثل هذه الأعمال.
أحمد أبو صالح: وأنا أشكرك لأنك أسهمت في أن تريحني إلى حد ما بالإفصاح عن الكثيرة من الأمور التي لم أجد وسيلة ناجعة تساعدني على أن أفصح عنها.. وأبشر بها وأعمل على إيصالها لكل من لا يعرف الحقيقة.
أحمد منصور: باختصار في كلمتين كيف تنظر إلى مستقبل سوريا ومستقبل المنطقة؟
أحمد أبو صالح: أنا أقول أن الإنسان مهما كان قوياً لا يستطيع أن يسبح مسافة طويلة ضد التيار، وإن كان التيار تيار بطيئاً وضعيفاً فمهما كان الإنسان قوياً لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية بالسباحة ضد التيار، وهؤلاء الناس ومن على شاكلتهم في البلدان العربية الأخرى، لن يتمكنوا من الاستمرار بالسباحة ضد التيار وإذا كان تاريخ أمتنا العربي والإسلامي صحيح أو 50% منه صحيح فهذا كفيل بأن يبعث الشعب العربي من جديد وينتفض على حكامهم ويزج بهم في مزبلة التاريخ كما يقال، أنا على يقين من ذلك.
أحمد منصور: شكراً لك.. شكراً لك، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهدٍ جديدٍ على العصر، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(3/439)
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق(3/440)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:51(مكة المكرمة)،19:51(غرينيتش)
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
تاريخ الحلقة
11/08/2002
محمد مزالى
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وأهلا بكم في حلقة جديدة مع ضيف جديد في برنامج "شاهد على العصر"، شاهدنا على العصر في هذه الحلقة والحلقات القادمة السيد محمد مزالي رئيس وزراء تونس الأسبق.
ولد السيد محمد مزالي في المنستير عام ألف وتسعمائة وخمسة وعشرين، تخرج في يونيو عام سبعة وأربعين من المدرسة الصادقية، ثم حصل على الليسانس في الفلسفة من جامعة (السوربون)، وتخرج منها عام ألف وتسعمائة وخمسين، مارس التدريس ابتداء من العام ألف وتسعمائة وواحد وخمسين، وحتى العام ألف وتسعمائة وسبعة وخمسين، حيث عمل أستاذا في الجامعة الزيتونية، وأستاذا في المدرسة الخلدونية.
في العام ألف وتسعمائة وستة وخمسين أصبح مديرا لديوان وزير التربية والتعليم حتى العام ألف وتسعمائة وثمانية وخمسين، وفي العام ألف وتسعمائة وثمانية وخمسين عين مديرا للشباب والرياضة وحتى نوفمبر عام ألف وتسعمائة وأربعة وستين، حيث عين مديرا للإذاعة والتلفزيون، وأسس التلفزيون التونسي، وظل في منصبه حتى مارس عام ألف وتسعمائة وثمانية وستين.(3/441)
في مارس عام ألف وتسعمائة وثمانية وستين عين وزيرا للدفاع في تونس، وظل في منصبه هذا حتى أكتوبر عام تسعة وستين، حيث عين وزيرا للشباب والرياضة والتربية، وكانت هذه هي الولاية الأولى لوزارة التربية، حيث تولاها ثلاث مرات، من يونيو عام ألف وتسعمائة وسبعين إلى آخر عام ألف وتسعمائة وواحد وسبعين بقي بعيدا عن المناصب الرسمية، ثم عاد مرة أخرى إلى وزارة التربية في حكومة الهادي نويرة، حيث تولى وزارة التربية للمرة الثانية في نوفمبر عام واحد وسبعين، وبقي في منصبه إلى مارس عام ثلاثة وسبعين، غير أنه أبعد عنها للسبب ذاته الذي أبعد عنها فيه في المرة الأولى، وهو توجهه إلى تعريب التعليم في تونس. انتقل بعد ذلك إلى وزارة الصحة، وعين وزيرا للصحة في تونس، ابتداء من مارس عام ثلاثة وسبعين إلى مايو عام ستة وسبعين، حيث عاد مرة ثالثة إلى وزارة التربية، وظل في منصبه هذا إلى مارس عام ألف وتسعمائة وثمانين.
كلف في الثالث والعشرين من أبريل عام ألف وتسعمائة وثمانين برئاسة الحكومة التونسية، وظل رئيسا لوزراء تونس إلى الثامن من يوليو عام ألف وتسعمائة وستة وثمانين، حيث أقيل من منصبه، ثم مورست عليه بعض الضغوط التي اضطرته للفرار هاربا من تونس عبر الصحراء الجزائرية في الثالث من سبتمبر عام ألف وتسعمائة وستة وثمانين، حيث يعيش من ذلك الوقت لاجئا سياسيا ومنفيا في أوروبا.
نتناول في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادة هذا الرجل على أهم الأحداث الهامة في تونس، التي وقعت من الأربعينات وحتى تركه لمنصبه وفراره من بلاده عام ستة وثمانين.
السيد محمد مزالي، مرحبا بيك، وأشكرك على قبولك المشاركة للإدلاء بشهادتك في برنامجنا "شاهد على العصر".
لو عدت بك إلى البدايات إلى المنستير، إلى النشأة الأولى، والمؤثرات الأساسية، والبيئة التي نشأت وترعرعت فيها، والبصمات التي تركتها على حياتك وعلى شخصيتك فيما بعد؟
محمد مزالي:
(3/442)
عندما كنت طفل في المنستير، ودرست في مدرسة (الفرنكوعربية) كما كانت تسمى حين ذاك، كان الاستعمار الفرنساوي في أوج يعني سيطرته وقبضته على البلاد. بالنسبة للتعليم كان التعليم بالفرنساوية، وكان جل المعلمين فرنسيين، ما عدا معلم العربية، وكان هدف التلاميذ حين ذاك يكاد يقتصر على النجاح في الشهادة الابتدائية، أي الشهادة التي تختم المرحلة الابتدائية، لماذا؟ لأن المحرزين [الحاصلين] عليها -وكانوا قلة- كانوا يعفون من الخدمة العسكرية، لأن الانخراط في الجيش الفرنسي كان مخيف، خاصة بعد آلاف التونسيين الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى، فكان مطمحنا الأخير هو النجاح في المدرسة في الشهادة الابتدائية، لكن كانت مناظرة للدخول مناظرة قومية للدخول إلى المدرسة الصادقية، وهي المدرسة المعروفة الشهيرة التي أسسها المصلح الجنرال خير الدين في ألف وثمانمائة وخمسة وسبعين، أي ست سنوات قبل انتصاب الحماية الفرنساوية على تونس وفي تونس.
وشاركت في الـ.. طبعا نجحت في الشهادة الابتدائية، وكان أبي وعائلتي فرحين جدا، لأني تخلصت من تهديد الجيش الفرنساوي، ونجحت في هذا الدخول إلى المدرسة الصادقية، الجو كان حينئذ يعني استعماري، التعليم بالفرنساويةً، الفرنسيين كانوا محظوظين، وكنت أولا أرى في محيا عائلتي والتونسيين والجيران، أرى فيهم الغضب والشعور بالقسوة والدون، وأرى في الفرنساويين، لأن المنستير كانت يعني تحتوي على عدد كبير من الأجانب، وخاصة الفرنسيين، الخيلاء والـ..، وعقدة التفوق، ثم لمست الفرق، المفارقة بين التربة التونسية الأصيلة العربية الإسلامية وبين التعليم الابتدائي الفرنساوي.
أحمد منصور:
أنا هنا، أنت تخرجت من المدرسة الصادقية في عام 1947،
محمد مزالي:
47 نعم.
أحمد منصور:
يعني كان عمرك اثنين وعشرين عاما تقريبا.
محمد مزالي:
نعم.
أحمد منصور:
(3/443)
هذه الفترة في هذه السن كانت تونس في الثلاثينات والأربعينات تموج بالحركات الوطنية، والأحزاب التي تسعى للمناداة بالاستقلال. بعد الحرب العالمية الأولى على وجه الخصوص، كان هناك تيار في تونس ينادي بالأصالة، وكان ينظر للفرنسيين على أنهم كفار وغزاة، يجب إخراجهم، تم عملية تغيير عن طريق ظهور بعض الأحزاب والتجمعات الأخرى، مثل الحزب الدستوري الجديد، وكان هناك الحزب الدستوري القديم، الذي أسس في العام ألف وتسعمائة وعشرين، أنت في هذه المرحلة، هذه الحركة الوطنية التي تموج في تونس، ألم تلتفت للانتماء لها، للانخراط فيها، للقيام بدور؟
محمد مزالي:
طبعا، انتميت مع سن المراهقة، يعني عندما دخلت للصادقية، لكن من قبل أردت أن أبين أن هناك تفاعلات، وارتسامات في نفسية الطفل، وكيفية إدراكه للاستعمار.
أحمد منصور:
كنت تدرك أن بلدك محتلة؟
محمد مزالي:
طبعا.
أحمد منصور:
وكنت تدرك أنك يجب أن تعمل على إخراج هذا الاحتلال؟
محمد مزالي:
طبعا.
أحمد منصور:
من الذي كان يبث فيك هذا، وكل مدرسيك فرنساويين؟
محمد مزالي:
نعم، لكن أولا: الفارق بين التعليم وبين البيئة التي كنت أعيش فيها، مثلا مثل بسيط سريع، يعني عندما تنزل الأمطار أرى أبي فرحان، والجيران فرحين، بينما في التعليم الفرنساوي يعبرون عن ذلك بأن الطقس وحش [سيئ]، والأمطار مشكلة، بينما بالنسبة للتونسيين الأمطار بركة وخير.
اثنين كنت أرى ثكنتين عسكريتين في المنستير، ثكنة قديمة، منتصبة في الرباط الإسلامي القديم، الذي بناه هرثمة بن أعين، يعني أمير مبعوث أو والي هارون الرشيد في 280 أو281، أصبح ثكنة تعج بجند الفرنساويين والسنغاليين، وثكنة أخرى شاهدت بناءها في عام ستة وثلاثين.. خمسة وثلاثين، كنا في التعليم الابتدائي، وكان المدير الفرنساوي يأخذنا حتى نرى السيارات المصفحة تدهم الزياتين، وتقتلعها.
أحمد منصور:
يعني أشجار الزيتون.
محمد مزالي:
(3/444)
أشجار الزيتون، ثم شاهدت حوادث 9 و10 أبريل 38، حيث ألقي القبض على الزعماء، وفي مقدمتهم الحبيب بورقيبه، وألقي على عشرات، وربما مئات من شباب المنستير، وكنت أحيانا آخذ الطعام، وأسلمه إلى الجيش الفرنساوي حتى يمكن بعض المساجين من حينا من الأكل، فهذا كله يعني أثر في مخيلتي كطفل، وجعلني، ثم الشيء -عفوا- الشيء الرابع، وهو علاقة المنستير بالحبيب بورقيبه وبالكثير من الزعماء، كنت أراهم وأنا طفل في بعض الدكاكين، في بعض المقاهي، في بعض الاجتماعات، وكان أبي يعني منخرط في الحزب الدستوري منذ نشأته، يعني أتذكر أنه أراني بطاقة، بطاقة انخراطه في الحزب، في عام ألف وتسعمائة وخمسة وعشرين، الآن هذا كله أثر في نفسي، وجعلني أدرك أن تونس محتلة، وأن كرامتنا مرتبطة بحريتنا، وأن الحرية لا بد لها من كفاح، حتى تفتك وتنال.
أحمد منصور:
تونس كانت مرتبطة بالدولة العثمانية، حتى إعلان سقوط هذه الدولة، في العام ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين، لكن نظام (البايات) ظل مستمر في تونس بعد ذلك، الحزب الدستوري القديم الذي أسس في 1920 تقريبا كان يقوم على أسس الربط الإسلامي التونسي، في العام 1933 حدث انشقاق في هذا الحزب، وأسس الحبيب بورقيبه مع آخرين الحزب الدستوري الجديد.
محمد مزالي:
نعم في 2 مارس 34.
أحمد منصور:
34، كان هناك خلاف في الطرح -إلى حد ما- ما بين الحزب الدستوري القديم والحزب الدستوري الجديد، الحزب الدستوري القديم كان يسمي الجهاد ضد المحتل، الحزب الدستوري الجديد كان يسمي النضال، كان هناك الكثير من المفاهيم التي كانت ترتبط ارتباط وثيق بالإسلام، وبتونس الإسلامية، تغيرت في طرح حزب الدستور الجديد إلى مفاهيم أقرب ما تكون إلى ما يسمى بالمفاهيم العامة أو المفاهيم العلمانية.
محمد مزالي:
(3/445)
قد يكون هذا في مستوى بعض القادة، الذين تكونوا في أوروبا، لكن أنا أشهد على الشعب بصفة عامة، وعلى المناضلين في القاعدة، في القواعد يعني، إلى الاستقلال يعني، إلى 56، في عقولنا، وفي تصوراتنا النضال هو الجهاد، والجهاد هو النضال، يعني والجهاد في سبيل الله المقصود منه تحرير تونس، حتى تسترجع تونس إسلامها وعروبتها، أربط هذا بأول مواجهة بين جماعة بورقيبه والاستعمار الفرنساوي، وذلك في أغسطس 1933 بالمنستير، حيث نادى الحبيب بورقيبه -رغم أنه علماني- نادى بأن يقف الشعب دون دفن التونسيين المتجنسين بالجنسية الفرنساوية، حيث أول شهيد في الحركة، أول شهيد في الحركة هو شعبان البحوري المتوفى في أغسطس 33، قبل حتى تأسيس الحزب الجديد، بحيث يعني يصعب الفصل بين الجهاد السياسي أو النضال السياسي وبين الجهاد ببعده الديني الإسلامي.
أحمد منصور:
هو هنا قضية الفصل هذه، لأنها قضية محورية فيما حدث في تونس بعد ذلك إلى اليوم، قضية نشأة الحزب الدستوري الجديد، والمحور الهام هذا الذي نقف عنده، لأنه مفصل ربما سيدور حوارنا في شهادتك على المدار، ابتداء من هذا المحور، في أن الفرنسيين حينما وجدوا أن هناك توجه يربط تونس ببعدها العربي وبعدها الإسلامي، سعوا إلى إيجاد قوى أخرى عن طريق التنشيط، عن طريق الدفع، عن طريق التشجيع لشخصيات تربت على أيدي الفرنسيين، ودرست في الغرب، لتأتي وتأخذ ثمرة هذا النضال، ويتم توجيه تونس بعد ذلك إلى منحى آخر.
محمد مزالي:
(3/446)
هذا قد يكون، قد يكون ربما نرجع إليه، قد يكون في الأيام التي..، في الأشهر التي سبقت الاستقلال، لكن في تصوري أن...، أنه منذ نشأة الحزب وقبل نشأة الحزب -مثل ما قلت- لكانت حوادث التجنيس -كما سميناها-، حيث حينذاك -للتاريخ أقول هذا- أفتى بعض القضاة هيئة المجلس الشرعي أفتوا بأن الذي يتجنس بالجنسية الفرنساوية يبقى مسلم، بينما الحبيب بورقيبه، والحزب الـ..، والجماعة الجدد قالوا: هذا هذا كفر، يعني هذا خلاف لما يحدث.
أحمد منصور [مقاطعًا]:
لا، هذا العكس، هذا العكس،
محمد مزالي [مقاطعًا]:
لا، لازم.
أحمد منصور:
أنهم قالوا: من يتجنس بالجنسية الفرنسية يخرج واعتبروا هذا كفر، لتضييق المجال على هؤلاء الذين يتجنسون.
محمد مزالي:
لا بالعكس، يعني في يعني -والوثائق تثبت هذا- عندما كثر عدد المتجنسين، وكثر العدد لماذا؟ لأن الموظفين الفرنساويين كانوا يتقاضون ثلث المرتب زيادة، فبعض التونسيين الطامعين تزوجوا الفرنساوية، فالجماعة الجدد نادوا بمقاومة هذه الظاهرة، لأن فيها انحلال للروابط الإسلامية ولعرى الإسلام في الشعب التونسي، وبما أنهم كانوا عمليين ومدنيين، حضوا الشباب على الحيلولة بأجسادهم وسواعدهم والحجارة التي في أيديهم، حالوا دون أن، حاولوا أن يحولوا دون دفن المتجنسين أو أبنائهم في مقابر المسلمين.
أحمد منصور:
متى انتميت إلى الحزب الدستوري الجديد؟
محمد مزالي:
والله أنا انتميت منذ الطفولة، لكن بصفة رسمية يعني بطاقة الحزب منذ عام 45-46، يعني في آخر مدرسة الصادقية.
أحمد منصور:
كنت طالبًا في المدرسة الصادقية.
محمد مزالي:
في آخر مدة في الصادقية.
أحمد منصور:
من الذي جندك وجعلك تنتمي للحزب؟
محمد مزالي:
(3/447)
يعني وحدي أنا مثل ما قلت لك، يعني والدي -رحمه الله- كان عضو في الحزب، من عام 25، وكنا مرتبطين بالحبيب بورقيبه وبالحركة الوطنية، الذي كان الساحل بصفة عامة، المنستير خاصة، قص هلال، مكنين، وردانين، الزرامدين، يعني هذه المداشر كلها البلاد كانت هي المركز، الحي، كانت هي يعني البوتقة التي تكون فيها وتعامل في ربوعها وفي أجوائها الدستوريون، إلى جانب يعني جهات أخرى طبعا، فأنا شخصيا مثلا أتذكر أني عندما كان سني يعني 10 سنوات و11 سنة كنا نترنم بالأناشيد الوطنية، كان محمود الماطري، والحبيب الحبيب بورقيبه ربنا ينصرهم عن قريب، كنا نترنم بأناشيد تدعو إلى الشمال الإفريقي والمغرب العربي.
حيوا إفريقيا
حيوا إفريقيا يا عباد
شبابها يبغي الاتحاد
.. إلى آخره
يعني تربينا فيه، وكنا يعني يوم ما كان الجيش الفرنساوي يعني يطارد الوطنيين، كنا نقذف بالحجارة، وكنا أطفالاً.
أحمد منصور:
حينما أنهيت دراستك في المدرسة الصادقية، في يونيو عام ألف وتسعمائة وسبعة وأربعين، انتقلت إلى جامعة (السوربون) إلى كلية الآداب، لاستكمال دراستك في الفلسفة، احنا هنا نريد أن نفهم شيء في الحقيقة مهم جدا، أنتم محتلون من الفرنسيين، تقاومون الفرنسيين، ثقافتكم فرنسية، فرنسا هي الملجأ الرئيسي لكم حينما تفكرون في الذهاب للدراسة، كيف نستطيع أن نفهم هذه المعادلة؟
محمد مزالي:
(3/448)
أولا: بيئتنا رغم الاستعمار ظلت إلى حد ما بيئة أصيلة، يعني في بيوتنا، في المقاهي، في النوادي، نتكلم بالعربية، باللغة العربية يعني أو العامية المهذبة، يعني هناك تقاليد عربية إسلامية، ثم أدركنا -وهذه ربما من غرائب الأمور- أدركنا من دراستنا بالفرنساوية، النصوص الفرنساوية، أن الكرامة في الحرية، والحرية في الاستقلال، يعني هذه المفارقة يعني (Paradox)، يعني المفارقة، كنا لما ندرس نصوص جهابذة المفكرين أو الشعراء أو الكتاب الفرنساويين والأوروبيين، ندرك أنهم كافحوا من أجل مقاومة الألمان في الحرب الأولى، أو في الحرب في 1870، بحيث كنا نتعلم الوطنية، وليس هذا هو قصد فرنسا من تعليمنا نحن.
أحمد منصور:
ما أنا أريد أصل إلى هذا، ما هو المقصد من أن فرنسا تحتضنكم وهي تحتلكم، وفي نفس الوقت أنتم تعلنون مقاومتها، ما هو البعد الذي نفهمه من هذا؟
محمد مزالي:
يعني فرنسا اضطرت أن تفتح المدارس لأبنائها طبعا، ولما فتحت مدارس لأبنائها، وعملا بمبادئها، لم تستطع منع التونسيين من دخول هذه المدارس، قترت عليهم التعليم، وضعت في طريقهم الصعوبات، ولكنها لم تستطع يعني حتى يدرك إخواني النظارة هذه الظاهرة، أقول: إن التونسيين منذ القرن التاسع عشر، ومنذ أوائل القرن العشرين كانوا مندفعين أي اندفاع نحو التعليم، سواء في الكتاتيب أو في جامعة الزيتونة أو في المدارس الأهلية، كنا نسميها مدارس قرآنية، وكذلك في المدارس (الفرنكو عربية) حتى أن الفرنساويين يعني الطواغي الطغاة والبغاة، يعني الفرنساويين كانوا يفهمون ويقولوا: نحن لم نفهم هذا الحماس المفرط للتونسيين نحو التعليم.
أحمد منصور:
لكن هم استغلوا هذا الأمر؟
محمد مزالي:
طبعا.
أحمد منصور:
في أنهم لم يمنعوكم من التعليم، وسعوا إلى أن تكون العقلية التونسية عقلية فرنسية، وهي تحمل الجنسية التونسية.
محمد مزالي:
(3/449)
نعم، يعني حاولوا أن يجعلوا منا فرنسيين درجة ثانية، لكن فرنسيين.
أحمد منصور:
نجحوا، إلى أي مدى نجحوا؟
محمد مزالي:
نجحوا إلى مدى ضعيف. لماذا؟ لأن المجتمع التونسي حينذاك كان من الصيانة الذاتية، بحيث حال دون تغلغل العقلية الفرنساوية في ربوعنا.
أحمد منصور:
على المدى البعيد ألم ينجحوا؟ على المدى البعيد الآن؟
محمد مزالي:
يعني نجحوا، بعد الاستقلال، طبعا ربما نرجع إلى..
أحمد منصور:
لا أنا أقصد الآن البعيد، أنا حينما أتناول سياسة التعليم في الأربعينات ثمارها الآن تظهر يعني، ألم ينجح الفرنسيين في تحقيق هذا الأمر؟، حتى في ربط تونس ثقافيا وعقليا عقول التوانسة بفرنسا.
محمد مزالي:
نجحوا، نجحوا إلى حد ما، لكن أريد أن أضيف أن من بين الأسباب التي حالت دون نجاح الفرنساويين في خطتهم اللغوية والثقافية وجود جامع الزيتونة، لأن هناك علم...
أحمد منصور [مقاطعًا]:
ألغي بعد الاستقلال،
محمد مزالي [مكملاً]:
نعم، بعد الاستقلال حبيت أقول لك إياها سنة 56 و57، كان تعليم الزيتونة بجامع الزيتونة وبفروعه المنتشرة في الإيالة كما كنا نقول، كان حجر عثرة دون نجاح الاستعمار.
أحمد منصور:
لو رجعت بيك من 47 إلى 50 فترة تواجدك ودراستك في باريس، كان لك نشاط سياسي هناك في تلك الفترة؟
محمد مزالي:
كان لي نشاط سياسي من قبل فرنسا..
أحمد منصور:
أقصد فترة فرنسا؟
محمد مزالي:
طبعا، كنا.. كانت في فرنسا خلايا نسميها شعب دستورية، يعني تابعة للدستور الجديد، دستور الحبيب بورقيبة، وهذه الشعب تنتخب جامعة دستورية، في باريس كانت هناك جامعة دستورية للتونسيين، وشخصيا كنت ناشط ضمنها، وكنت نائب رئيس هذه الجامعة، كان رئيس الجامعة حينذاك الأخ محمد المنصوري، والأمين العام لهذه الجامعة هو الطيب النويري -رحمه الله- والأمين المالي الأخ الدكتور رزق الله، وشخصيا كنت نائب رئيس.
أحمد منصور:
(3/450)
طبيعة النشاط الذي كنتم تقومون به وسط الطلبة هناك؟
محمد مزالي:
أولا: التعريف بالقضية التونسية.. الاتصال المستمر بالفرنساويين الليبراليين، بالمثقفين، بالجامعيين.. ثم تنظيم محاضرات ثم تنظيم اجتماعات، وخاصة في مقر طلبة شمال إفريقيا المسلمين للنقاش،
أحمد منصور [مقاطعًا]:
كان يسمح لكم؟ كانت السلطات الفرنسية تسمح لكم بهذه الأنشطة؟
محمد مزالي [مكملاً]:
تسمح، فيه مضايقات، لكن تسمح، يعني في فرنسا،
أحمد منصور [مقاطعًا]:
كنتم تحت الـ(كنترول) الفرنسي؟ تحت..
محمد مزالي:
طبعًا، كانوا يراقبوننا بصورة مستترة، وأحيانا بصورة واضحة، يعني عدد ثم عدد من الطلبة التونسيين، وقع إيقافهم، وبحثهم وتفتيشهم.
أحمد منصور:
هل كانت هناك قوى سياسية أخرى تونسية منافسة لكم على هذا، الساحة هناك؟
محمد مزالي:
وقتها لا، وقتها كانت هناك نشاط نقابي، لكن النشاط النقابي الذي كان يتزعمه المرحوم المناضل فرحات حشاد، كان منسجم.
أحمد منصور:
الليس هو الاتحاد التونسي للشغل.
محمد مزالي:
للشغل، نعم، كان منسجم وقتها مع الحزب الدستوري في كفاحه.
أحمد منصور:
والقوى السياسية الأخرى؟ كانت هناك بعض الأحزاب الأخرى، علاقتكم بالحزب الدستوري القديم؟
محمد مزالي:
كان فيه الحزب الدستوري القديم، لكن من سوء حظه ما كانش لم يكن له نشاط ميداني، ولا أذكر أنه كان في فرنسا حينذاك أي هيكل ينتمي للحزب الدستوري القديم، وكانت هناك أحزاب اشتراكية وشيوعية، لكن هي فروع من الأحزاب الأم في فرنسا، بحيث كانت عزلت نفسها بنفسها.
أحمد منصور:
سفر بورقيبه إلى باريس في أبريل1950، قبل 1950 في العام 47، وقع تقسيم فلسطين 48 قامت حرب 48، هل أنتم في المغرب العربي كانت القضية الفلسطينية لها أي انعكاس عليكم، لا سيما وأنتم كان لكم نشاط حزبي ونشاط سياسي، وتسعون لاستقلال بلدكم؟
محمد مزالي:
(3/451)
أنا أخ أحمد أتذكر أنه في عام 37 نظمنا اجتماعات في المنستير، تضامنا..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
مع الثورة العربية.
محمد مزالي [مكملاً]:
مع القاوقجي، ومع الثورة ومع..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
عز الدين القسام.
محمد مزالي [مكملاً]:
القسام والجماعة قبل التقسيم، يعني أيام الانتداب البريطاني..
أحمد منصور:
البريطاني، نعم.
محمد مزالي:
وكانت يعني التضامن والتأييد وجمع الأموال مستمر، في تونس، وعندما وقعت الحرب في الـ 47..الـ48، ذهب تلقائيا عشرات ومئات الشباب عبر الحدود الليبية، للانضمام إلى الكفاح، وأنا أعرف العديد من الأصدقاء من المنستير راحوا إلى فلسطين، منهم من وصل، ومنهم من توقف في القاهرة أو في ليبيا، لكن لأن الحرب انتهت بعد مدة قصيرة، حيث إن التضامن مع فلسطين هو جزء وبُعْد من أبعاد الكفاح الوطني، هذا منذ نعومة أظفاري أذكره يعني.
أحمد منصور:
في العام 1950 سافر الحبيب بورقيبه إلى تونس.
محمد مزالي:
كنت في باريس، كنت في باريس أنا.
أحمد منصور:
كنت في باريس، ما هي معلوماتك عن هذا السفرة؟ والاتفاقات التي قيل إنها بدأت أن تكون سرية بين بورقيبه على وجه الخصوص، وبين التونسيين من أجل منح تونس استقلال مشروط يرعى بورقيبه تنفيذ بنوده؟
محمد مزالي:
يمكن.. نحتاج للإجابة على هذا السؤال أن نذكر أن الحبيب بورقيبه بعد الحرب بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها يَئِس من فرنسا الجديدة الحرة فرنسا (الديجول)، كان يظن أن الفرنساويين بعد أن، الأحرار يعني (ديجوليين) سوف يمنحون البلدان المسيطرة عليها فرنسا شيء من الحرية، لكن ما وقع في قسنطينة في 45 والاضطهاد الذي سلط على الأحرار في تونس، جعل بورقيبه ييأس، أو يكاد ييأس، فشق الصحاري، والتحق بالقاهرة، وقضى 4 سنوات إلى سبتمبر 49 بالقاهرة، وبكل صراحة يجب أن نقول على الأقل...
أحمد منصور:
(3/452)
لكن هنا فيه اتهامات معينة له، من أنه كان عميلا للإيطاليين في تلك المرحلة، واتهم بذلك والفرنسيين أيضا كان لهم ملفات ضده، ضد بورقيبه، بسبب عمالته -كما يقال- للإيطاليين، وتدخل الأمريكيين بعد ذلك، وقاموا بتسوية المسألة.
محمد مزالي:
لا هذا أظن اختصار يعني قد لا يصادف الحقيقة.
أحمد منصور:
أنت على دراية وثيقة بهذا الملف في تلك الفترة؟
محمد مزالي:
كنت على دراية وسأحاول الإجابة يعني.
أحمد منصور:
تفضل.
محمد مزالي:
حينئذ راح بورقيبه للقاهرة، وحاول إقناع المرحوم عبد الرحمن عزام، على الأقل برسم القضية التونسية في جدول أعمال الجامعة العربية، وكان عزام يجيبه: لما نخلص من فلسطين نتفرغ إلى تونس والمغرب العربي، لأن المشغول لا يشغل، حاول.. حاول، لكن في ذلك الوقت بعض القوى السياسية الصغيرة نسبيا روجت أن بورقيبه يتعامل مع فرنسا، لكن بورقيبه كان في القاهرة، بعد أن قضى 5 سنوات في السجن الفرنساوي، وبعد أن قضى عامين في السجن في أقاصي الصحراء التونسية، حيث بورقيبه تقريب يئس من حل دبلوماسي عربي.
أحمد منصور:
لكن هو في هذا الوقت استنفد أيضًا كل العلاقات مع الأطراف المضادة لفرنسا من أجل مساعدته على قضية الاستقلال.
محمد مزالي:
هو أظن، أعتقد شخصيا، أنه شعر بالإحباط عندما رأى أن القضية التونسية لم تتقدم، سنرجع إلى، لكن نحب نجاوب على قضية إيطاليا،
أحمد منصور:
نعم، نعم.
محمد مزالي:
(3/453)
هذه التهمة مفبركة، يعني منتحلة في 38، عندما ألقي القبض على بورقيبه يوم 10 أفريل 38، وظل يبحثه العقيد الفرنساوي العسكري الكولونيل (غرن دو كيلا) يبحثه لمدة عام أو عام ونصف، وكانت التهم ووثيقة الاتهام تؤول إلى الحكم عليه بالإعدام، من بين الوثائق التي انتحلت ووضعت في الملف أنه كان على علاقة مع جهات إيطالية فاشستية، لكن هذا ظهر فيما بعد حتى من طرف الوثائق الإيطالية والمكتب الثاني -يعني مكتب المخابرات الفرنساوية- ظهر أن هذا كله كذب يعني، ثم لما.. في نطاق التعاون مع إيطاليا، بورقيبه بقي مدة ثلاث سنين -أو أكثر شوية أو أقل شوية- في برج (سانيكولا) في مرسيليا، وكان الفرنساويين الديغوليون يبعثون إليه بعض عملائهم حتى يستمزجوه، حتى يعرفوا ماذا يقول؟ فكان بورقيبه يقول: إياكم، ثم إياكم من التعاون مع الألمان والإيطاليين، إن الحلفاء سينتصرون، وقال هذا، وأكده عندما بخصوص هجم الألمان على روسيا في 42.
أحمد منصور:
يعني إذن هو كان يلعب على الحصان الرابح؟
محمد مزالي:
كان.
أحمد منصور:
في تلك المرحلة، وحينما ذهب أيضا إلى الولايات المتحدة، بعد الحرب العالمية الثانية، ذهب أيضا ليقوم بعملية ربط أو باتفاقات معينة مع الأمريكان، مع الفرنسيين.
محمد مزالي:
قضية الأمريكان نوصلها، حبيت أكلمك عن قضية الطليان [الإيطاليون]، يعني وقائع مضبوطة، الألمان أطلقوا سراحه في 43 أظن، وبعثوه إلى روما، في روما هو وجماعة الديوان السياسي، أظن كانوا 8 أو 10 غازلهم الطليان، وقالوا له: أنا، أنت نعتبرك زعيم ورئيس حكومة وكذا، بشرط أن تطلب من الشعب التونسي أن يؤازر الألمان، وأخذوه أخذا أو دفعوه دفعا إلى إلى إذاعة باري.
أحمد منصور:
هذه إذاعة إيطالية؟
محمد مزالي:
(3/454)
باري على ساحل (الأدرياتيك] يعني، فأخذوه إلى باري، وألحوا عليه حتى يوجه نداء إلى الشعب التونسي، كي يضم جهوده إلى جهود المحور، فبورقيبه تكلم، ولكن تخلص بمهارة وقال: يوم أن تستقل تونس نستطيع أن نختار أصدقاءنا، أما الآن فنحن في طور الكفاح، فتخلص يعني الحياد، حيادي يعني أن الشعب التونسي في كفاح، نرجع -إذا سمحت- إلى باريس.
أحمد منصور:
في أبريل50 ذهبت إلى باريس.
محمد مزالي:
في أبريل عام 50 بالضبط، كنت نائب للطلبة الدستوريين، وكنا مع بورقيبه، نزل في أوتيل (يوتيسيا) في المنطقة السادسة، وعندما عاد يائس من الحلول الأخرى حاول أن يؤثر على فرنسا بتقديم برنامج معتدل في 7 نقاط، الـ7 نقاط مجملها يركز السيادة التونسية، ولكن لا، ولكن يضمن بعض حقوق فرنسا حتى يسهل، يسهل الأمر، ويخرج من تلك الحالة.
أحمد منصور:
استقلال شكلي يعني؟
محمد مزالي:
لا، منقوص، مش شكلي، مش شكلي لا، منقوص.
أحمد منصور:
يعني حينما تبقى السيادة للفرنسيين، وحينما هو لا يستطيع أن يفعل شيء إلا بموافقة الفرنسيين فهذا استقلال شكلي.
محمد مزالي:
لا، معناها الفرق بين يعني الحماية التي كانت تجعل من الحكومة التونسية هيكل صوري ومن الباي رمز فارغ.
أحمد منصور:
لكن في هذه الفترة كانت تونس فيها تعددية سياسية، كان فيها حكومات، كان فيها الباي.
محمد مزالي:
كان في.. من الناحية السياسية، من الناحية السياسية.
أحمد منصور:
الآن مطالب بورقيبة في تلك الفترة لم تكن ترقى إلى تغيير كبير عما هو قائم.
محمد مزالي:
(3/455)
لأ، من بين المطالب -فيما أذكر- حكومة تونسية 100%، حكومة تونسية، برلمان تونسي، بحيث يعني يفتك يفتك بعض أجزاء هامة من التفسير المباشر للفرنساويين، فألقى هذه الندوة الصحفية أذكر، وكان رد الفعل الفرنساوي كان وحش، كان سلبي، وكان المعمرون الفرنساويين يعني كرجل واحد ضد بورقيبه، يعتبرونه عدو فرنسا الألد، ويكفي أن تراجع ما كتبته الصحافة الفرنساوية أو بعضها والصحافة الفرنساوية في تونس، حتى تدرك مدى الحقد والكراهية والخيف.. والخوف الذي كان يعني.
أحمد منصور:
مع كل ما قدمه يعتبر من تنازلات بالنسبة للفرنسيين، كان الإعلام الفرنسي وضع فرنسا، كانت بتسعى إلى إبرازه بهذا الشكل، حتى لا يفقد شعبيته تجاه الشعب التونسي، وهي في نفس الوقت تعده أن يكون الرجل الذي سيتم لهم المصالح.
محمد مزالي:
أظن أن الأمر ما زال يعني، شعبية بورقيبه متأتية من تضحياته، يعني هو كان دائما في مقدمة التونسيين إلى السجون، يعني عاش على الإسمنت، وتعذب مع المناضلين البسطاء، بينما بعض المتبجحين بالاستقلال التام كانوا في بحبوحة من العيش، وفي مأمن من السجون ومن الاضطهاد، حيث شعبيته متأتية أولا من كونه ضحى، ودخل السجون سنوات، ثم من صدق لهجته، ولهجته التونسية الشعبية التي دخل بها إلى القلوب، يعني هذا هو، ثم عنده طبعا مناورات، السياسي لازم يستعمل مناورات حتى يلقى منفذ يفتك منه وبه شيء من السيادة.
أحمد منصور:
لكن أيضا هو كان يتحرك وحده؟
محمد مزالي:
هو وجماعته.
أحمد منصور:
جماعته كان يخالفهم ولا يلتفت إليهم كثيرا، وفي العام 1953 في 3 يونيو -عفوا- 55، وقع اتفاقية خاصة مع الفرنسيين دون اطلاع رئيس الحزب صالح بن يوسف عليها، وحدث خلاف شديد في ذلك الوقت.
محمد مزالي:
(3/456)
هو رئيس الحزب كان بورقيبة، بن يوسف كان كاتب عام الحزب، معليش بنرجعوا لها دي، لكن في عام -حابين نقلك- في عام50 سياسة هذه السبع نقاط كانت حيلة تكتيكية ولم تنجح، والدليل هو أن الحكومة الفرنساوية رفضت كل المطالب في مذكرة شهيرة، كان لها وقع كبير، وهي مذكرة 15 ديسمبر 1952، وبعد ذلك، ويوم 18 (جانفيي) [يناير]، دخل بورقيبه السجن، ثم اقتيد إلى الجنوب، ثم اقتيد إلى جزيرة (لاغاليت) يعني في البحر المتوسط، حيث بقي عامين وحيد في جزيرة غير آهلة، إلا من بعض الأرانب والحيوانات، حيث رغم هذه المطالب التي ظاهرها بسيط، ولكن في اعتقادي باطنها يعني من شأنه أن يدك الاستعمار دكا شيئا فشيئا دخل السجن، بعد السجون والمنافي والمحنة الثالثة هذه من 52 حتى 55، ونظرا للكفاح، وإيجاد يعني آلاف من الـ..
أحمد منصور:
ألم تكن هذه وسائل لصناعة شعبية بورقيبه من قبل الفرنسيين؟
محمد مزالي:
لا، فرنسا ليست تحتاج إلى سجن شخص حتى يُصنع زعيما.
أحمد منصور:
كيف؟ وصناعة الزعماء تحتاج إلى أشياء كثيرة جدا؟ لأنه إذا تم تقديمه وتقريبه فسيبدو وكأنه عميل، أما إذا تم التعامل معه بهذه الطريقة فسيبدو، فسيصنع كبطل بالنسبة للتونسيين.
محمد مزالي:
أنا شخصيا يعني لا أرى هذا الرأي، أرى أن بورقيبه فرض نفسه بتضحياته، وبقدرته العجيبة على الانسجام مع الشعب، وتقديم برامج واضحة يقبلها الذوق السليم والعقل السليم.
أحمد منصور:
كيف كانت علاقاتك الشخصية ببورقيبه في تلك المرحلة وأنت من نفس..
محمد مزالي:
أنا في تلك المرحلة كنت أعتبر نفسي مناضل قاعدي بسيط تابع لبورقيبه، وشخصيا كنت مقتنع بأن سياسة بورقيبه من شأنها أن تسير بالشعب التونسي شيئا فشيئا نحو الحرية والاستقلال.
أحمد منصور:
إللي هي السياسة التدريجية في الحصول على الحقوق والاستقلال تقصد؟
محمد مزالي:
نعم، ما سمى بسياسة المراحل.
أحمد منصور:
(3/457)
التنازل عن بعض الحقوق في مقابل الحصول على بعض المكاسب؟
محمد مزالي:
يعني كلمة تنازل فيها وعليها، يعني الحقوق هذه لم تكن ملك الشعب حتى يتنازل عنها، بل هي كانت بيد حديدية هي الاستعمار، فالسياسة هي أن نأخذ بعض ما كان يمتلكه ويحتكره الاستعمار.
أحمد منصور:
فيه شخصية كان لها مكانة كبيرة عند التونسيين في ذلك الوقت، وهو فرحات حشاد رئيس الاتحاد التونسي للشغل، اغتيل في العام 1952،
محمد مزالي:
في 5 ديسمبر 52 نعم.
أحمد منصور:
عملية اغتيال فرحات حشاد، هل يمكن أن تلقي الضوء عليها إذا عندك معلومات قوية عن هذه العملية؟
محمد مزالي:
أنا عندي معلومات، وأكدها بعض المؤرخين الذين لا يشق لهم غبار يعني في العلم التاريخي يعني، مثل المؤرخ الفرنساوي الكبير (شارل أندرو جليان)، وهناك تقارير الأمن الفرنسي، وبعضها وقع نشره، أو تمكن الباحثين منه، هو لما اغتيل حشاد، كان بورقيبه منذ أكثر منذ عام، أكثر من عام، كان وحيد في جزيرة (لاغاليد) -كان منفي يعني-، والزعماء كانوا كلهم في السجون أو في المنافي أو في الخارج، وكان حشاد لعبقريته النضالية، وتفانيه كان هو في الحقيقة قائد الثوار، قائد الحركة الثورية في تونس، ومن جهة أخرى كانت له سمعة ومكانة ومنزلة مرموقة في اتحاد النقابات، خاصة (سيزل إيفاوو) إللي هو تابع للأمريكان، وحضر هو في مؤتمرات هذه النقابات، بحيث تعذر على الفرنساويين إلقاء القبض عليه، فهناك ما يسمى باليد الحمراء، وهي عصابة متكونة من بعض ضباط الشرطة والمخابرات الفرنساوية، رأت أن تغتال زعماء وقيادات تونسية، حتى لا تتورط وترتبك بوضعه في السجن، ومنهم الزعيم حشاد، ومنهم الزعيم الهادي شاكر -رحمهما الله -، ومنهم الدكتور بن نامي، وعدد، ومنهم أولاد حفوز، وغيرهم كثير، وعندما يغتال المقاومون التونسيون بعض رموز الاستعمار أو الخونة، كانت الحمراء ترد الصاع صاعين، وتغتال بعض الوجوه القيادية التونسية.
(3/458)
أحمد منصور:
تقصد أنه اغتيل على أيدي الفرنسيين؟
محمد مزالي:
وهذا تثبته الوثائق، وإلى حد إلى حد أن (فانسون) رئيس الجمهورية الرابع في مذكراته يعتبر المقيم العام الطاغية (دورت كلوك) يعتبره قد جن، لأنه ترك هذه العصابة من الكوميسرات [رتبة مفوض شرطة]، يعني وضباط الأمن تركهم يعيثون فسادا في الأرض، ويغتالون الزعماء يعني.
أحمد منصور:
أعود بك إلى 3 يونيو 55، والوثيقة التي وقعها بورقيبه في تونس، والتي لقيت رفضا من باقي القيادات الوطنية في الحزب الدستوري الجديد، وعلى رأسهم صالح بن يوسف.
محمد مزالي:
شوف، هذه نقطة هامة يعني لأن هي فيصل في الكفاح التونسي، لما لاحظ الاستعمار أن المقاومة اشتدت وعمت، وذهب ضحيتها فرنسيون كثيرون من جند ومعمرين وضباط وقوات أمن، حاولت أن تجنح إلى التفاوض، من جهة ثانية أصابت فرنسا مصيبة نكراء في واقعة (جان فيانفو) في (الفيتنام)، وانهزمت هزيمة شنعاء، ولإخراج فرنسا من هذه الورطة في الهند الصينية انتخب البرلمان زعيم معروف هو (ماندس فرانس)، وكان معروف بذكائه وعبقريته وشخصيته القوية، وبعد أن انتهى إثر مفاوضات مضنية في (جنيف)، ووجد، وجد حل مع جماعة فيتنام والصينيين، ووقع إيقاف القتال واتفاق تفرغ للقضية التونسية، وكان بورقيبه حينذاك في السجن، و(ماندس فرانس) قرر بغتة ومن دون أن يعلم أي إنسان أن يوم 31 جويليي [يوليو] 54، قرر أن يحل بقصر قرطاج، ويلقي على مسامع (الباي) خطابا عرض فيه عليه الاستقلال الداخلي.
أحمد منصور:
المشروط بوجهة النظر الفرنسية.
محمد مزالي:
طبعا، يعني لا يمكن أن تنتقل من حالة استعمار مطبق إلى حالة حرية تامة من غير...
أحمد منصور:
خاصة وأن الفرنسيين منذ قبل تاريخ الاستقلال في 20 مارس 56، ربما قبلها بعشرين عاما وهم يهيئون أنفسهم للخروج، ويعدون الذين سيسلمونهم السلطة.
محمد مزالي:
(3/459)
لاأدري، لا أدري هل كان هذا التخطيط، ولا أدري هل كانوا يعتقدون أن فرنسا ستغادر مستعمراتها؟
أحمد منصور:
يعني هل تعتقد أن دولة كبيرة خبيرة في الاحتلال -لا زالت تحتل نصف إفريقيا إلى الآن مثل فرنسا- لا تخطط لأنها ستخرج من بلد ما، فلا بد أن تُعِد هذه البلد لما بعد خروجها؟ فجأة يقررون أنهم سيخرجون.
محمد مزالي:
أنا أعتقد أن دولة فرنسا وكبريطانيا العظمى كانتا تخططان للبقاء لأبد الدهر، ولكن..
أحمد منصور:
بأساليب مختلفة؟
محمد مزالي:
لا، لا ولكن يعني تأتي الأحداث وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فتضعضعت فرنسا في الحرب العالمية الثانية.
أحمد منصور:
أنا في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذه النقطة، وهي نقطة الوثيقة التي وقعها بورقيبة في العام 55، وتأثيرها بعد ذلك على الاستقلال، وعلى الحزب الدستوري الجديد على وجه الخصوص، ثم ندخل في الاستقلال، وبداية الدور السياسي الذي بدأت تلعبه على الساحة التونسية، منذ ألف وتسعمائة وستة وخمسين وحتى ألف وتسعمائة وست وثمانين، أشكرك.
محمد مزالي:
حاضر، حاضر.
أحمد منصور:
معالي الوزير، شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد مزالي رئيس وزراء تونس الأسبق.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(3/460)
الحلقة2(3/461)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:52(مكة المكرمة)،19:52(غرينيتش)
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
تاريخ الحلقة
18/08/2002
محمد مزالى
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهلا بكم في حلقة جديدة، من برنامج "شاهد على العصر"، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد مزالي رئيس الحكومة التونسية الأسبق.. مرحبا سيد مزالي.
محمد مزالي:
أهلا وسهلا.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند اتفاقية 3 يونيو 55 التي وقعها بورقيبة في باريس ولقيت معارضة من الأمين العام للحزب الدستوري الجديد السيد صالح بن يوسف وآخرين أيضا في الحزب، على اعتبار أن بورقيبة انفرد مع الفرنسيين في الاتفاق على بنود هذه الاتفاقيات دون الرجوع لباقي المسؤولين في الحزب ولباقي القوي الوطنية الموجودة على الساحة الجزائرية.. التونسية عفوا.
محمد مزالي:
نعم.. لو سمحت.. أود أن أضيف على ما قلناه في الحصة السابقة من أن بورقيبة لما حل بباريس في أفريل 1950 أرسل رسالتين إلى السيد العابد بوحافة الذي كان متواجدا حينذاك في نيويورك بأميركا..
أحمد منصور:
من هو العابد بو حافة؟
محمد مزالي:
هذا تونسي وطني عارض نظام الحماية، وقال له بالحرف الواحد: إني أتفاوض وأتظاهر باللين وحب الوفاق مع السلطة الفرنساوية، ولكنني بصدد إعداد مقاومين في الجبال، وبصدد البحث عن الأسلحة، ومن غريب الأمور أنه لما ألقي القبض على الزعيم بورقيبة في 18جانفيي [يناير]/1952، وبينما كانت الصحف الفرنساوية اليمينية والرجعية تهاجمه هجومات عنيفة، نشرت جريدة (لفيجارو) المعروفة اليومية الفرنساوية نص الرسالتين لتبين أن بورقيبة يستعمل لغتين، لغة السلام والتفاوض مع الحكومة الفرنساوية، ولغة الحرب مع المناضلين.
أحمد منصور:
(3/462)
لكن أليس... ألم يكن هذا تلاعبا من بورقيبة، ماذا تعني مجرد رسالة أن يرسلها إلى معارض تونسي مقيم في الولايات المتحدة، وكانت علاقته في الولايات المتحدة.. الآن كان يسعى لتوطيد علاقته بها لدعمه، في أن يكون توجه تونس إلى الولايات المتحدة لإضعاف التواجد الفرنسي بها والمساعدة على إخراجها، وفي نفس الوقت في العام 55 هذا سبب الخلاف الرئيسي.. أن بورقيبة طلب من المجاهدين بوضع السلاح، وعدم مقاومة الفرنسيين، وأن تونس لن تحرر إلا بالتفاوض السلمي، ومن خلال مراحل متعددة مع الفرنسيين.
محمد مزالي:
يعني ألاحظ أنه بعد هذه الرسائل، وبعد الندوة الصحفية في باريس وقع إلقاء القبض على بورقيبة، وظل عامين تقريبا أو أكثر شوية من عامين في السجن من جزيرة (لاغاليه) التونسية إلى جزيرة (لاغروا) في فرنسا إلى الإقامة الجبرية في قصر (أمييه) في منطقة (باريسية)، وقلت لحضرتك أن منديس فرانس لأسباب تاريخية وحرب فيتنام.. إلى آخره تولى رئاسة الحكومة، وسعى بخطابه أمام الباي إلى التفاوض على أساس الاستقلال الداخلي. الـ..سؤال حضرتك يحوم حول موافقة الرئيس بورقيبة على..
أحمد منصور:
لم يكن رئيسا آنذاك.
محمد مزالي:
رئيس حزب كان رئيس حزب.. الاتفاق مع الفرنساويين على الاستقلال الداخلي، وخلافه مع الأمين العام للحزب حينذاك الأستاذ صالح بن يوسف -رحمه الله- ففعلا وقع خلاف..
أحمد منصور:
سبب هذا الخلاف؟
محمد مزالي:
سبب الخلاف في الظاهر..في الظاهر أن بورقيبة جنح إلى المراحل، وصالح بن يوسف تمسك بالمطالبة بالاستقلال التام.
أحمد منصور:
لكن بورقيبة أيضا وافق على وضع السلاح وطالب بعدم مقاومة الفرنسيين.
محمد مزالي:
(3/463)
بعد التفاوض -لو سمحت- يعني هذا في الظاهر، في نظري المتواضع اعتقد أنه لا شيء من الوجهة السياسية كان يفرق ويقسم بين بن يوسف وبورقيبة، غير أن -وهذا قاله مؤرخون كثيرون- غير أن صالح بن يوسف مر عليه دهر من الزمن أصبح يعتقد أنه يجب أن يكون رقم (1)، وبورقيبة كان يعتقد أنه هو المؤهل شرعيا وتاريخيا ونضاليا لأن يبقى رقم (1)، فالخلاف في أيهما رقم (1)، وأيهما رقم (2) خلاف نفساني.
أحمد منصور:
كان على مبادئ يا سيدي.. كان الخلاف أيضا على مبادئ وأسس الاستقلال، بورقيبة كان يرى طريقا يختلف معه الآخرون في تحقيق الاستقلال بالنسبة لتونس.
محمد مزالي:
أيوه يعني في الظاهر والشائع معك حق، يعني بورقيبة تظاهر بقبول الاستقلال الداخلي، الاتفاقيات الموقعة في 3 جوا [يونيو] 55، وبن يوسف بقي في القاهرة ثم في جنيف، ثم دخل تونس، وظل ينادي بالاستقلال التام، وشهادتي الشخصية شهادة عدل أرجو.. هو أن وفود كثيرة حزبية ونقابية زارت صالح بن يوسف في بيته في حي (منفيري) بتونس تترجاه في أن يلم الشمل، وأن يجد حلا بينه وبين بورقيبة.
أحمد منصور:
في هذه المرحلة أيضا بورقيبة حينما عاد من الاعتقال الذي أشرت إليه لمدة عامين أُستقبل استقبال الأبطال في تونس، وخرج الناس إلى الباخرة التي أقلته بشكل كبير.. حينما وقّع اتفاقية يونيو هذه، وشعر الناس أن هناك خلافا حول المبادئ بينه وبين صالح بن يوسف، بدأ الناس ينفضون شيئا فشيئا عن بورقيبة لشعورهم أن بورقيبة لا يسعى للاستقلال التام، وإنما يسعى إلى استقلال جزئي، بحيث تبقى تونس أيضا تحت الحماية الفرنسية.
محمد مزالي:
(3/464)
يعني لو سمحت، بورقيبة عاد لتونس كما تفضلت في غرة جوان 1955، والاتفاقيات تم إمضاؤها من طرف حكومة انتقالية يرأسها المرحوم الطاهر بن عمار في 3 جوان أي ثلاثة أيام بعد عودة بورقيبة، وظل الشعب متفائل فرحا بهذه الخطوة الكبيرة، ولكن عند عودة صالح بن يوسف وترؤسه اجتماعات شعبية كثيرة، واتصاله بأعداد من المناضلين، وقعت بلبلة فعلا، وبينما كان شبه إجماع في غرة جوان حول بورقيبة وتاريخ بورقيبة، بعد 6 أشهر يعني في أواخر 55 وأوائل 56 وقع شبه حرب أهلية بين الدستوريين، ووقعت اغتيالات من هذا الطرف ومن هذا الطرف، أنا شخصيا زرت بن يوسف مع وفد نقابات التعليم مرتين في بيته.
أحمد منصور:
في تلك المرحلة؟
محمد مزالي:
في يعني أكتوبر، نوفمبر 55 يعني لأن بن يوسف عاد لتونس -فيما أذكر- في سبتمبر، وكان بورقيبة في استقباله (في المطار) بين قوسين، ومعرفتي السطحية لابن يوسف -والحق يقال- لأني لم أكن على معرفة عميقة، خلافا لمعرفتي لبورقيبة ومعاشرتي له، تبينت أن صالح بن يوسف كان متصلب، وأنه يريد أن يحسم الموضوع مع بورقيبة مهما كانت التكاليف.
علق بورقيبة على هذه الظاهرة التي أشرت إليها، وهي شبه إجماع في غرة جوان حرب أهلية حزبية في أواخر نفس السنة، فقال: تلك هي انفعالات الجماهير، وعبر عن ذلك بعبارة شعبية تونسية مفادها أن الشعب لا يزال في الأعماق منقسم وغير منسجم، وليست له لحمة متينة عميقة.
أحمد منصور:
(3/465)
أنا أركز على هذه النقطة بالذات، وعلى هذه المرحلة، لأنها تعتبر مفصل في التاريخ التونسي، ولها ما بعدها، لأن بورقيبة حينما تولى السلطة بعد ذلك، بعد 20 مارس.. ووثيقة الاستقلال، أعتقد أن الصراع بينه وبين بن يوسف، واغتيال بن يوسف بعد ذلك في العام 1961 في ظروف غامضة اتهم بورقيبة بأنه كان وراءها، وربما سنأتي إليها.. هذه النقطة المفصلية تبين أن الفرنسيين كانوا يريدون أن يكون حاكم تونس القادم رجلا مهيئا لتحقيق ما لم يستطيعوا أن يحققوه هم في تونس.
في 20 مارس 56 تم توقيع وثيقة الاستقلال بين بورقيبة وبين الفرنسيين في 20 مارس 56، يقال بأنه لم يطلع أحد على هذه الوثيقة سوى بورقيبة وحده، والآخرين لم يطلع أحد عليها، وفيها بنود سرية تم تحقيقها بعد ذلك.
محمد مزالي:
يعني... اتفاقيات الاستقلال الداخلي منشورة ومعروفة، وفيها فعلا كما تفضلت فيها قيود ربما نعتبرها اليوم مجحفة بالاستقلال التام.. بالقضاء.. والأمن.. والعدالة.. إلىآخره، لكن تسارعت الأحداث وتلك هي يعني العبقرية.. عبقرية المراحل لما تكون.. عندما تكون مراحل إيجابية، في نوفمبر 55 وفي أوج الحرب الأهلية والتقاتل الحزبي الحزبي، انعقد مؤتمر صفاقس، ودعي بن يوسف إلى حضوره، والتعبير عن آرائه وعن الإستراتيجية التي كان يتوخاها، ولكنه امتنع، والمؤتمر بأغلبية ساحقة، وأكاد أقول بالإجماع ناصر سياسة المراحل لكن..
أحمد منصور:
التي كان يتبناها بورقيبة؟
محمد مزالي:
بورقيبة طبعا..وأنا كنت أيضا.
أحمد منصور:
وأنت كنت تتبناها باعتبارك من المنستير أيضا..
محمد مزالي:
لا.. لا.. باعتباري مناضل بسيط ومثقف متواضع، كنت أسعى إلى تسليط عقلي والاستناد إلى تجربتي السياسية المتواضعة، فأفكر وأعتبر أن (الكل أو بلاش) لا تأتي بنتيجة.
أحمد منصور:
(3/466)
لكن أما كنت ترى أيضا أن هناك انتقاص للاستقلال التونسي، وأن الحماية الفرنسية أو السيطرة الفرنسية ستظل موجودة رغم وجود استقلال شكلي؟
محمد مزالي:
أنا بكل تواضع كنت أرى أن الاستقلال.. لما.. عندما أمضت حكومة الطاهر بن عمار على الاتفاقيات وانعقد مؤتمر صفاقس كنت بكل تواضع أرى الاستقلال أمامي يلوح في الأفق..
أحمد منصور:
بالشكل الذي تم به؟
محمد مزالي:
طبعا..طبعا.
أحمد منصور:
وليس بالشكل الذي كان ينبغي أن يكون عليه..
محمد مزالي:
لا بالشكل اللي تم به، باعتباره هو السبيل الموصل. وإلا.. وإلا كان فيه حرب دامية، وعندما نتذكر ميزان القوى حين ذاك بين حوالي ألفين أو ثلاثة آلاف مقاوم في الجبال وفي بعض أحياء المدن بأسلحة بسيطة، وبين 500 ألف جندي فرنساوي أكثرهم رجع من الفيتنام، وأناخ..وأناخوا بكلكلهم أناخوا بكلكلهم على تونس الضعيف حينذاك، كنت أرى أن الطريق المثلى هي المناورة.. والرضاء المؤقت بمراحل إيجابية، منها حكومة تونسية منسجمة مفتاحا أو طريقا إلى الاستقلال التام، كما تم بعد سبعة أو ثمانية أشهر يعني.
أحمد منصور:
سيد مزالي.. اسمح لي هنا.. قبل 20 مارس 56 كان هناك أحزاب مختلفة في تونس، كان هناك شبه.. كل تونسي كان يستطيع أن يعبر عن آرائه بالشكل الذي تم به.. بعد 20 مارس 56 دخلت تونس مرحلة من الديكتاتورية لم يستطع حتى الفرنسيون طوال سنوات احتلالهم لتونس أن يقوموا بها.. وثيقة 20 مارس 56 كان فيها إجحاف بتونس وبالتونسيين، وأنت أكدت على ذلك الأمر.
محمد مزالي:
يعني إجحاف مؤقت.
أحمد منصور:
بحقوقهم.... كان فيها شروط سرية.. هل رأيت أن من بين هذه الشروط إغلاق مسجد الزيتونة والجامعة الزيتونية التي كانت تؤرق الفرنسيين طوال سنوات الاحتلال ولم يستطيعوا إغلاقها.. وقد تم الإغلاق بالفعل؟
محمد مزالي:
(3/467)
لا.. الإغلاق وقع.. الإغلاق يعني والتطوير للتعليم الزيتوني وقع ابتداء من 58، 59 وربما نرجع إلى هذه النقطة، لكن لو سمحت نبقى في وثيقة الاستقلال.. وثيقة الاستقلال أمضاها رئيس حكومة آخر هو الطاهر بن عمار، وحكومته فيها يعني دستوريون بورقيبيون وفيها عناصر غير دستورية وغير بورقيبية، وأكدت هذه الاتفاقية استقلال تونس من دون قيد أو شرط، ثم فتحت آفاق غامضة مثلما قال الكثير من المعلقين يعني تونس بلاد حرة مستقلة ذات سيادة.. نقطة إلى السطر، سينظر الطرفان في كيفية التعاون وكذا، وقضية يعني الجيش والأمن.. يعني وقع تقليصها شيئا فشيئا بعد أزمات متلاحقة عنيفة، أحيانا دامية.. أذكرك بمعركة ما سميناه معركة الجلاء.. الجلاء عن التراب التونسي ما عدا بنزرت ثم الجلاء عن بنزرت.. الجلاء عن التراب التونسي ما عدا بنزرت مر بمراحل دامية عنيفة.. معارك في الصحراء، يعني ذهب ضحيتها عدد من المناضلين.
أحمد منصور:
تماما كما حدث في مصر بالنسبة لخروج البريطانيين من قناة السويس.
محمد مزالي:
وكذلك نجم تضامن الشعب التونسي مع الثورة الجزائرية، فالقنابل التي نزلت على سقف بن يوسف في 8 فبراير 1958، وبعدها أعلن بورقيبة أنه لا سبيل للجنود الأجانب أن يتحركوا في التراب التونسي، وأعلن المعركة من أجل بنزرت، بحيث أن تخليص -كما نقول في تونس- تخليص الحرير من الشوك من الأشواك، مر بفترات عنيفة صعبة عسيرة، سالت فيها دماء شهداء كثر. ليس ذلك بالأمر السهل، معناها الاستقلال لم يكن (ضغط على زر)، لم نكن يعني ننام في المساء ونحن تحت الحضور العسكري ثم نفيق صباحا وإذا بالتراب التونسي كله مطهر من الحضور الأجنبي، هذا غير.. بورقيبة في نفس الوقت اللي يتكلم ويتظاهر باللين وبالنقاش كان دائما يدفع المناضلين إلى التضحية بدمائهم من أجل افتكاك الاستقلال.
أحمد منصور:
(3/468)
هذه كانت موجودة عند التونسيين حتى قبل بورقيبة، قضية الدفاع عن الوطن، والاستشهاد وغيره، قضية موجودة عند التونسيين حتى قبل بورقيبة ومنذ الاحتلال الفرنسي لتونس والتونسيون قدموا الشهداء، وكان منطلقهم حتى هومنطلق الاستشهاد والجهاد في سبيل الله، وليس ما أراد بورقيبة أن يؤكده من المنطلق العلماني.
محمد مزالي:
صحيح، ولكن مع فارق واحد هو أن طريقة من سبق بورقيبة كانت عقيما ولم تأت بالاستقلال ونتيجة كفاح بورقيبة ودهائه السياسي أتت بالاستقلال.
أحمد منصور:
أي استقلال هذا؟ وأنت تؤكد على أنه كان استقلالا منقوصا، والتاريخ يؤكد على أنه.. والوثائق تؤكد على أنه كان إستقلالا منقوصا.
محمد مزالي:
لا.. لا.. في الأول كان منقوص، بل كان يعني له حدود، وقلت لك منذ حين إنه بفضل الكفاح والإستراتيجية البورقيبية والمناضلين يعني كلهم، يعني افتككنا بقية مقومات الاستقلال.
أحمد منصور:
حينما بدأ بورقيبة حكم تونس بعد الاستقلال كان أول شيء فعله هو الاعتداء المباشر على ارتباط الناس بدينهم، وفي أغسطس 56 مباشرة أصدر ما يسمى بوثيقة (تحرير المرأة)، التي حرم فيها تعدد الزوجات، والتي سعى من خلالها إلى منع الصيام في رمضان، والتي سعى من خلالها أيضا إلى تغيير الإرث، ومساواة المرأة بالرجل، لولا أن العلماء وقتها وجدوا أن التغييرات التي حدثت كبيرة، وطلبوا منه التريث في هذا الأمر.. ويعتبر نفسه محرر المرأة في الوقت الذي وضع فيه القيود.. وغيّر فيه من الشرائع التي وضعها الله -سبحانه وتعالى- للناس، والتي لم يستطع الفرنسيين أن يقوموا بها.
محمد مزالي:
(3/469)
لو سمحت نحاول نعلق على هذه النقاط شيئا فشيئا يعني، كون بورقيبة بعد الاستقلال جنح إلى سياسة أكثر حزم، وبعبارة أوضح أكثر تسلط هذا معناها يكاد يتفق عليه كل الناس حتى البورقيبيون يعني، لكن هناك أسباب ربما لا تبرر وإنما توضح.. ما سمي بالفتنة اليوسفية والمؤامرات والاغتيالات وتهديدات الدولة الفتية جعل بورقيبة فعلا يكاد يقضي على الأحزاب وعلى الحريات، حتى-في نظره- حتى يؤسس الدولة ويبنيها على قواعد شرعية واضحة، ثم وقعت مؤامرات، خاصة محاولة الانقلاب الذي وقع في الستينات.
أحمد منصور:
انقلاب الشيوعيين في 62 ليس موعده..
محمد مزالي:
لا.. انقلاب مقاومين كذلك وبعض الضباط.
أحمد منصور:
نحن ما زلنا الآن يا سيدي في 56 لنأخذ الشق الذي أشرت إليه، وهو السعي إلى التسلط والديكتاتورية، وتصفية المعارضين له داخل الحزب الدستوري الجديد.. مجموعة صالح بن يوسف وأنصاره.
محمد مزالي:
طبعا.. طبعا لأن هناك حرب لم تكن فقط حرب سياسية، بل كانت حرب بالسلاح، بالدماء.
أحمد منصور:
كانت صراع سلطة ليس أكثر.
محمد مزالي:
صراع سلطة نعم صراع سلطة.
أحمد منصور [مقاطعا]:
وكان هناك طرف يرى أنه هو الذي خلص البلاد، وأن كرامة التونسيين مرتبطة به شخصيا وبحياته، وهو الذي أعاد لهم كل شيء، ولولا أن بورقيبة لم يعد للتونسيين شيء، كان يخاطبهم بهذه الطريقة.
محمد مزالي:
هذا وَضُح وبان بعد مرور السنين يعني.
أحمد منصور:
لكن أيضا كان منطلقا له في تلك المرحلة، دفعه إلى تصفية حتى أنصاره الذين ساعدوا على استقلال البلاد وضحوا بدمائهم.
محمد مزالي:
نعم.. في تلك الفترة كان بورقيبة يعتمد وينادي بضرورة بناء الدولة، وهيبة الدولة وصيانتها من عناصر التفكيك والتسيب.
أحمد منصور:
هذا يعني التسلط والديكتاتورية والقضاء على الآخرين؟
محمد مزالي:
يعني هذا أنصار بورقيبة يسمونه بالحزم، والمعارضين لبورقيبة يسمونه التسلط.
أحمد منصور:
(3/470)
وأنت ماذا تسميه الآن؟
محمد مزالي:
أنا أقول يعني حزم قوي وشكيمة قوية تطورت فيما بعد بحكم السن وبحكم يعني انقراض كل المعارضات إلى تفرد بالحكم.
أحمد منصور:
هل كان الناس يأملون بالخروج من الاحتلال الفرنسي ومن التسلط الفرنسي ليدخلوا في تسلط آخر أشد وطأة عليهم من تسلط الاحتلال؟
محمد مزالي:
لا.. ما كانوا يتصورون هذا.. لو سمحت يعني نرجع للنقاط اللي تفضلت بها يعني فيما يخص الأحوال الشخصية يعني.
أحمد منصور:
ربما عملية تصفية صالح بن يوسف والآخرين، وبيات الدكتاتورية تسبق قليلا عملية الـ.. قانون الأحوال الشخصية التي أشرت إليها في الإجابة..تفضل فيما يتعلق بموضوع الأحوال الشخصية.
محمد مزالي:
نرجع لبن يوسف بعدين.. لا ننساه.
أحمد منصور:
بن يوسف قصته طويلة...
محمد مزالي:
طويلة نعم.. ما يجب أن نعرف وأن نذكر بأن بورقيبة لم يكن فقط زعيم سياسي يتعاطى السياسة في بعدها التنظيمي المتعارف، بل كان -وهذا عبر عنه منذ العشرينات- كان يعتبر أنه يحمل مشروع حضاري ومشروع ثقافي واجتماعي.
أحمد منصور:
هذا المشروع كان يعود بجذوره إلى الغرب في المفاهيم والتفكير، وكان يعتبر الإسلام والشرق عائقا أمام تحقيقه؟
محمد مزالي:
في الأول لم يعبر عنه هذا التعبير.. في الأول مثلا في سنة 27/28/29، لما كان محامي بسيط.. كان ينادي بالعكس بدعم الحجاب، وكتب هذا، وعبر عن هذا في اجتماعات ضد بعض النساء والرجال (المتطورين) بين قوسين حيث قال: يجب أن نستبقي الحجاب وندافع عنه باعتباره مقوما من مقومات المجتمع الإسلامي، وبعد الاستقلال قال: الآن استرجعنا السيادة وأصبحنا أسيادا في بلادنا.
أحمد منصور:
قبل الإستقلال تغيرت لديه هذه.. تحدثت الآن عن نهاية العشرينات والفترة من الثلاثينات والأربعينات حتى منتصف الخمسينات 25 عاما تغير فيها..
محمد مزالي:
(3/471)
لا.. كان دائما ينادي بالعروبة والإسلام، وعندما تطالع على رسائله إلى المناضلين وبعض مقالاته دائما يركز على مقومات الشعب التونسي، ألا وهما بخصوص العروبة والإسلام، ثم تطور فيما بعد، فناخد مجال الأحوال الشخصية حيث قلت بورقيبة كان يعتبر نفسه حاملا مشروعا تاريخيا، وهذا المشروع يعتمد على أمور منها ما يسمى اليوم بالحداثة [La modernitee] الحداثة، وكان يقول ويكتب أن المرأة التونسية المسلمة كانت مغبونة، كانت منقوصة، وأن المجتمع التونسي كان يتنفس برئة واحدة، وأن هناك رئة ثانية معطلة، وبما أن بعض النساء والفتيات ساهمن في المعركة رأى في أول الاستقلال وقبل أن تترتب الأمور وتتهيكل أراد أن يسبق الجميع، فأصدر 4 أشهر فقط بعد الموافقة على وثيقة الاستقلال أي في 13 أغسطس أصدر مجلة الأحوال الشخصية، ومن أهم ما جاء فيها: تحريم تعدد الزوجات وقد برره، ربما أعود إليه بعد حين، والتطليق.. الطلاق يعني المقرر من طرف واحد..
أحمد منصور:
أن يكون الطلاق أمام القاضي بشكل رسمي، وإلغاء القضاء.. الطلاق الذي يتم بشكل فردي.. لتقييد عملية الطلاق..
محمد مزالي:
وقد أفتى بذلك بعض المشايخ.
أحمد منصور:
ما هو ممكن يجيب المشايخ يغيروا له كل حاجة.
محمد مزالي:
يعني المشايخ الموجودين حين ذاك.. اللي عندهم سمعة.. يعني أنا لست مختص في الفقه
أحمد منصور:
ليست قضية فقه، وإنما نحن الآن في قضية حكم.. حكم سياسي، وليس أيضا حكم....
محمد مزالي:
لا.. قضية تأويل القرآن الكريم..
أحمد منصور:
إيش معنى هو اللي انفرد بالتأويل ده دون الأولين والآخرين؟ يعني الآن المجيء بمجموعة من العلماء.. وأن يطلب منهم أن يغيروا دين الله -سبحانه وتعالى- إلى الناس.. وأن يفرض هذا على شعب بالكامل بدعوى تحرير الناس والحداثة كما أشرت.. هل هذا يحتاج إلى مبررات يعني؟ إذا هذا خطأ لماذا لا نقول: أن الرجل أخطأ؟
محمد مزالي:
(3/472)
أنا أقول إن هذا كانت ولا تزال تفرضه سنن التقدم ومصلحة المجتمعات أن...
أحمد منصور:
سنن التقدم أن يغير دين الله الذي فرضه على الناس؟!
محمد مزالي:
لا لا.. هو لم يفعل كما فعل أتاتورك، لم يقل..
أحمد منصور:
لكن كان بيعتبر أتاتورك -طالما أشرت إلى أتاتورك - كان يعتبر أتاتورك قدوته الأساسية.
محمد مزالي:
لا..كتب رسالة لابنه من جزيرة [لاغاليه]، قال له: إني معجب بأتاتورك المحرر للوطن، الجندي الباسل، ولكن لا أوافقه لأنه قضى على الدين وتجاهله، بل قال: يجب علينا أن نقرأ أو نعيد قراءة القرآن الكريم، ونطوره ونفهمه.. لا نطوره وإنما نفهمه بحسب مقتضيات الساعة، فهناك الآية.. يعني تناسلو تناكحوا... ما طاب...
أحمد منصور:
لا .. ده حديث..
محمد مزالي:
لا لا.. قرآن..
أحمد منصور:
القرآن (وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة).
محمد مزالى:
بشرط العدل، فإن خفتم ألا تعدلوا..
أحمد منصور:
لكن ربنا ما قالهمش... لم يمنع الناس.. أنا لن أدخل...
محمد مزالي:
الآية القرآنية قالت ولن تعدلوا .. لن الزمخشرية ..(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم).
أحمد منصور:
سعادة الوزير، هذا اجتهاد فقهي فرضه بورقيبة على فقهاء السلطان الذين يسمون بذلك، وأخذ منهم فتوى، وفرض فيها قانونا على الناس، ضيق فيه الطلاق، ومنع فيه تعدد الزوجات الذي لم يمنعه أي فقهاء ولم يصلوا إلى هذا الحد في التفكير، حتى إنه وصل إلى أن طلب من الفقهاء -حتى يظهر الأمر كأنه مطلب وتفصيل- أن ترث المرأة مثل الرجل، ولا يكون..
محمد مزالي:
هذا لم يقع.
أحمد منصور:
(3/473)
هذا لم يقع لأنهم قالوا له يعني هذا لو هم أفتوا بذلك يعني لأحدثوا شيئًا... ألم يسع أيضا إلى أن يطلب من الناس أن يفطروا في رمضان،لأن العمل... ودفع.. جمع بعض التجمعات وطلب منهم أن يشربوا في نهار رمضان؟
محمد مزالي:
نعم.. بالنسبة للإرث، سألت بورقيبة، قال لي: أنا بقيت نقطة في نفسي أني لم أعدل بين النساء والرجال في قضية الإرث، قلت له: لماذا؟ قال لي: بورقيبة لم…
أحمد منصور:
لم أعدل..؟!! يعني وصل الرجل إلى مرحلة التأله في تعامله مع الناس؟
محمد مزالي:
قال لي: لم أجد أي آية في القرآن تسمح لي بالاجتهاد، لأن قضية الإرث (للذكر مثل حظ الأنثيين) الآية واضحة لا سبيل فيها إلى الإفتاء ولا إلى الاجتهاد، ولهذا لم يتجاسر على تغيير الأمر بالنسبة للإرث.
أحمد منصور:
ورمضان؟
محمد مزالي:
رمضان هذا كان بعد.
أحمد منصور:
يعني هي مسلسل.. أن يأتي إلى فرائض الإسلام شيئا فشيئا، فينتقضها شيئا فشيئا بدعوى الحداثة.
محمد مزالي:
يعني هو في الحقيقة... في رمضان -لو تسمح- لم يسن قانون مثلما فعل بالنسبة لمنع تعدد الزوجات، بل كان في خطبه ينادي بضرورة الإفطار فيما إذا شَعُر التونسي المسلم بأن الصوم يحول دونه ودون الإنتاج والجدوى العادية، واعتبر أن…
أحمد منصور:
ده دعا الطلبة للإفطار .....
محمد مزالي:
دعا..دعا.. لم يسن قانون أخ أحمد.
أحمد منصور:
ماذا يعني أن يدعو إلى ذلك يا سيدي.. رئيس الدولة نفسه الذي من المفترض أنه يحمي دين الناس.
محمد مزالي:
(3/474)
ولهذا قلت لك أن بورقيبة كان يعتبر نفسه حامل مشروع، ليس مجرد يعني رئيس يُعنى بالسياسة وبالاتفاقات الدبلوماسية، بل كان يعتبر أن القضاء والقدر أرسل به ليغير ما بالتونسيين استيحاء من الآية الكريمة:(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، كان يستشهد بهذا، بحيث بالنسبة لرمضان دعا فقط، والكثير حتى من الوزاراء..حتى من الوزاراء.. أنا فاكر مرة في لقاء مع بورقيبة أظن فطور أو شيء من هذا.. قال يعني بورقيبة يقول لا بد أن نفطر و... إنتاج وكذا.. أما اثنين أو ثلاثة فقط أحجموا عن الشرب وعن الأكل.
أحمد منصور:
والباقي كله.. طبعا أطاعوا الرئيس؟!
محمد مزالي:
طبعا.. طبعا.. الآن في الدول الإسلامية كم يصوم فعلا وكم لا يصوم أو يتظاهر بالصوم؟
أحمد منصور:
هذا شيء بين الناس وبين ربهم، لكن الدعوة مجاهرة إلى عدم أداء فريضة من فرائض الإسلام..
محمد مزالي:
في قضية المرأة أنا شخصيا يعني ربما هذا يكون ضدي في الوقت الحاضر.. لكن هذه عقيدتي أنا دائما أعتقد أن الحياة عقيدة وجهاد، أنا أعتقد أن مجلة الأحوال الشخصية كسب كبير للمرأة وكسب كبير للرجل، وأن الدول الإسلامية ودول المنطقة -خاصة المغرب والجزائر وغيرهما من الدول المتقدمة- سوف تتطور حتما حتى يكون..
أحمد منصور:
حتى تخرج من الإسلام..
محمد مزالي:
لا..حتى نطور الإسلام كما تطورت أديان أخرى..
أحمد منصور:
الأديان تتطور لكن الإسلام يا سيدي جاء لكل عصر ولكل زمان ولكل أوان، لم يأت الإسلام حتى يأتي بورقيبة أو غيره ليطوره إلى الناس.
محمد مزالي:
ندخل في جدال توا ديني وفقهي.
أحمد منصور:
ليست قضية جدال ديني وفقهي، وإنما قضية إيمان الآن.
محمد مزالي:
لكن تاريخ الإسلام كله -يا أخ.. - كله تطور.. عمر بن الخطاب يعني اجتهد.
أحمد منصور:
(3/475)
في جوانب الفقه وليس في النصوص الشرعية، تقول أن الرئيس بورقيبة لديه مشروع، وإن كل هذه الإفرازات هي إفرازات هذا المشروع الذي يريده، ما طبيعة هذا المشروع الذي كان بورقيبة قد أتى به في بداية الاستقلال؟
محمد مزالي:
يعني يمكن تلخيصه في القول إنه مشروع الحداثة ولحاق الشعب التونسي المتخلف بركب الحضارة.
أحمد منصور:
نستطيع أن نقول: العلمنة.. علمنة الدولة.. علمنة الناس؟
محمد مزالي:
يعني بورقيبة فيما أعتقد شخصيا كان في سويداء قلبه ونفسه كان علمانيا، هذا هو الواقع، ولكنه فيما أعرف -على الأقل علنا- لم يجاهر بالعداء للإسلام بل كان دائما يحاول الاجتهاد ويحاول التطوير ويستشهد بأقوال بعض الفقهاء بحيث كان بورقيبة يسعى إلى عدم مواجهة المعتقدات.
أحمد منصور:
أكثر من قانون الأحوال الشخصية، وقضية صوم رمضان، والسعي في تغيير الإرث، وبعد ذلك إغلاق الزيتونة التي تعتبر المنارة الرئيسية للحفاظ على هوية التونسييين طوال القرون والعقود التي سبقت إغلاقها في نهاية..؟
محمد مزالي:
سنرجع للزيتونة.. ولكن كل هذا الذي تفضلت بذكره كان في خطاب بورقيبة من منطلق الإسلام الحديث.
أحمد منصور:[مازحا]
الإسلام البورقيبي.
محمد مزالي:
العصري.. العصري بما أن الدين صالح لكل زمان ومكان، فإما أن يبقى المجتمع يعيش في القرون الخوالي، أو أن المسلمين يجنحون للحياة في القرن العشرين.
أحمد منصور:
لماذا ربط التخلف بالإسلام هنا؟ هل الإسلام هو سبب تخلف التونسيين؟
محمد مزالي:
لا.. تخلف التونسيين والمسلمين بصفة عامة هو فيهم.. هو في تحجر العقل وأداة الاجتهاد.. هو في هزيمة القائلين بالعقل والمعتزلة بعد موت المأمون في أول القرن الثالث وطغيان الأشعرية، ثم القضاء على الاجتهاد.
أحمد منصور:
(3/476)
هذه النظرة العلمانية لقضية التاريخ الإسلامي والدين، لكن هنا لو عدت إلى مشروع بورقيبة بالمفهوم الذي تطرحه معنى ذلك أن بورقيبة كان يميل إلى التغريب أكثر منه أن يميل إلى الأصالة والعروبة؟
محمد مزالي:
يعني لو عاش بورقيبة في القرن الثاني الهجري لنادي بالتعمق في المشرق العربي، ولكن ما حيلته وما حيلتنا نحن إن كان الغرب في القرن العشرين هو حامل الصناعات والعلوم والاستكشافات والطب الحديث، ثم الصعود إلى القمر.. يعني الغرب هو الذي حمل لواء التقدم.. يعني من سوء حظنا نحن...
أحمد منصور:
هل كان المسلمون حينما كانوا يحملون لواء التقدم، أن خلع الغرب ثوبه وأصبح مشرقيا؟ أم أنه ظل غربا كما هو وأخذ هذه العلوم وطورها حسب بيئته وبالتالي كان يجب أن يبقي بورقيبة ببلاده على انتمائها العروبي والإسلامي، وأن يأخذ من الغرب تطوره، وليس مفاهيمه وأفكاره.
محمد مزالي:
يعني الجواب أكثر تعقيد مما يبدو، لأن الغرب أخذ العلوم الإغريقية والرومية والهندية عن طريق المسلمين وعن طريق اللغة العربية والعبرية -حينذاك-، وبدأ يقتحم أسرار الكون وكوبرنيك يعني استنبط.. دوران..وغاليلو دوران الأرض حول الشمس وليس العكس واكتشافات طبية كبيرة، ومن سوء حظ الكنيسة في أوروبا أنها كانت حجر عثرة في وجه هذا التقدم، فالذي حصل هو انفصال العلوم والثقافة والآداب عن الكنيسة وعن الآثار الدينية وبروز اللائكية، اللائكية معناها أن المجتمع مجتمعان، مجتمع ديني يتمثل في الكنيسة وفي الطقوس العادية، ومجتمع جديد يتمثل في الإقبال على المعرفة.
أحمد منصور:
وهذا ما سعى بورقيبة إلى تحقيقه اللائكية في المجتمع التونسي.
محمد مزالي:
(3/477)
لكن في نفس الوقت.. بورقيبة يعني في الواقع في ممارساته كان لائكي وعلماني كما قلت لك، ولكن في الواقع لم يفصل بين الدين والدولة والمجتمع، بينما وخاصة منذ الثورة الفرنساوية من القرن يعني الثامن عشر والتاسع عشر.. المجتمعات الأوروبية انفصلت أو كادت تنفصل تماماعن سلطان الكنيسة، لكن بورقيبة لم يزل دائما متصل برجال الدين.
أحمد منصور:
هذه النقطة لأنها مفصل هام في تاريخ تونس، وأنا حينما أغرق معك فيها ليس بصفتك سياسي تونسي فقط، وإنما أيضا بصفتك واحد من كبار المفكرين التونسيين، فأنت ينظر إليك أيضا على أنك مفكر وعلى أنك من أبرز المفكرين التونسيين، علاوة على كونك سياسيا ورئيسا سابقا للحكومة. وهذه المرحلة التاريخية الهامة لها ما بعدها في تاريخ تونس فيما بعد فيما يتعلق بقضية الهوية التي -كما أشرت أنت- جاء بورقيبة بمفاهيم جديدة بالنسبة لها.
في حكومة.. الحكومة الأولى التي شكلها وفي الوقت الذي كان الصراع العربي الإسرائيلي على أشده، وضع بورقيبة وزيرا يهوديا هو (أندريه باروش)، وكان هذا رغم عدد اليهود القليل نسبيا في تونس، لكن اعتبر هذا نوع من الاعتداء على قضية فلسطين، وعلى التوجه المشرقي بالكامل والعربي تجاه القضية الفلسطينية.
محمد مزالي:
كما رشح يهودي آخر اسمه (باسيس) في مجلس النواب.. كذلك وهذا هو موجود في المغرب الأقصي مراكش الآن يعني حيث..
أحمد منصور:
هذه قضية أخرى.
محمد مزالي:
لا ما أنا هنقول لك، وأنا في المغرب العربي في وضع وهو أن اليهود يعتبرون تونسيين أو مغاربة أو جزائريين يعني مواطنين.....
أحمد منصور:
لكن في ظرف تاريخي هنا، يعني بشكل عام اليهود كان أخذوا في نطاق الدولة الإسلامية ما لم يعطوا في أية دولة وفي أي مجتمع آخر.
محمد مزالي:
هذا صحيح.
أحمد منصور:
(3/478)
لكن.. الآن فيه وضع استثنائي، أن اليهود اجتمعوا كدولة دينية بالدرجة الأولى لمحاربة العرب والاستيلاء على أرضهم، وكان لهم وضعية خاصة في العالم العربي كله، وكان بورقيبة يتعامل بشكل آخر.
محمد مزالي:
ولهذا نزح حوالي 9 أعشار اليهود، نزحوا إلى إسرائيل وإلى فرنسا..
أحمد منصور:
التونسيين؟
محمد مزالى:
اليهود التونسيين طبعا.
أحمد منصور:
وإن كانوا عادوا الآن وأصبح لهم وضع وشأن آخر.
محمد مزالي:
هذه قضية أخرى... هذه قضية أخرى.
أحمد منصور:
حكومة الباهي الأدغم التي شكلت في 29 يونيو 57، واستمرت ما يقرب 13 عاما، حتى جاءت حكومة الهادي نويرة بعد ذلك في السبعينات، جرت طبعا عليها تغييرات كثيرة لكن بقي رئيس الحكومة كما هو طوال الفترة الماضية، من الملاحظ أن طوال فترة حكم بورقيبة لم يتول الحكومة سوى 3 رؤساء للحكومة فقط، وربما جاءت تغييرات بعدك سريعة.
محمد مزالي:
جاء وزير أول بعدي اسمه رشيد صفر يعني (كتياس) يعني...
أحمد منصور:
سبب طول الفترة هذه.. رئيس وزراء 13 عاما، الهادي نويرة. 10 سنوات، أنت 6 سنوات، وفي خلال سنة واحدة جرى التغيير بعد ذلك في تونس، تصورك إيه لطول الفترة هذه وأنت توليت عدة حقائب وزارية في حكومة الباهي الأدغم؟
محمد مزالي:
في الحقيقة النظام السياسي هو نظام رئاسي، يعني بورقيبة كان هو رئيس الوزراء الحقيقي..
أحمد منصور:
يعني نقدر نقول إن رئيس الوزراء في تونس هو مجرد موظف؟
محمد مزالي:
(3/479)
هو لا، هو وزير سياسي.. ليس موظف ... وزير سياسي ولكن بحكم التزامه وولائه لبورقيبة -الحق يقال- يعتبر عضد من أعضاد بورقيبة، وكان النظام نظام رئاسي، زي رئيس الجمهورية في أميركا.. يعني الوزراء كتاب دولة.. الذي يقرر السياسية الخارجية والاختيارات في السياسية الداخلية هو رئيس الدولة هذا هو السبب الرئيسي، ولهذا لما يقول بعض الناس في وقت مزالي نقوله هذا خطأ، لم يكن هناك وقت مزالى.. أو وقت الأدغم كان كله وقت بورقيبة 40 سنة على التقريب.
أحمد منصور:
سنصل إلى هذا بالتفصيل ولكن حتى أغلق ملف الهوية في هذه المرحلة، آتي إلى قضية إغلاق الزيتونة، هناك ما يشير إلى أنها كانت من البنود السرية المتعلقة بالاستقلال والتي وافق بورقيبة عليها.
محمد مزالي:
أنا شخصيا لا أظن هذا، بل الذي استقريته -وهناك استقراء ومشاهدة للواقع- هو أنه لما جاءت الوزارة الأولى برئاسة الباهي الأدغم، وكان وزير التربية المرحوم أمين الشابي، لم يفكر أبدا أمين الشابي ولا أنا -بكل تواضع- مدير ديوانه، ولا بعض أعضاد أمين الشابي، لم نفكر قط في المساس بجامع الزيتونة بل بالعكس...
أحمد منصور:
أنت كنت تدرس في الزيتونة.
محمد مزالي:
(3/480)
طبعا. وأنا أعتقد أن الزيتونة هي يعني معلم من معالم الإسلام، ومنارة للإسلام في تلك الربوع، ومدرسة عليا أو كلية عليا يتخرج منها القضاة والمفتون والعدول؛ بحيث تضمن ما يسمى بفقه السند حتى نعرف ديننا ونتصرف في قضية الإرث والقضية الشخصية إلى آخره لا بد من مشايخ وفقهاء، هذا اعتقادي، وأرى أن وجود الزيتونة لا يمنع ولم يمنع من تطويرها من حيث بعض المناهج، وتدريس اللغات والعلوم -كما هو في الأزهر- وليس هذا اعتراض عليها، بعد سنة 58 عين وزير تربية اسمه محمود المسعدي وهو أديب كبير لا يشق له غبار في الأدب، لكن في السياسة -في اعتقادي- يتحمل مسؤولية تاريخية كبيرة وهو الذي أوصى بغلق جامع الزيتونة، وإنشاء كلية زيتونية تختص في بعض العلوم..
أحمد منصور:
وكان هذا استكمالا للخطوات التي بدأها بورقيبة فيما يتعلق بتطوير دين الناس ومعتقداتهم
محمد مزالي:
يعني هذا الموقف من محمود المسعدي صادف هوى في نفس بورقيبة التائقة إلى التحديث والتطوير واللحاق -كما يقول- بالعصر. أنا شخصيا كنت حزين يومها.. قلت لك إني خرجت من الحكومة وخرجت من المسؤولية.. وأصبحت أستاذ في المدرسة العلوية وفي الصادقية وفي الجامعة الزيتونية. وكان حز في قلبي هذا، لأني أعتبر ولي أصدقاء كثيرين من جامعة الزيتونة ومشايخ درسوا لي، وأقدر كفاءتهم وعلومهم تقدير كبير، والمسعدي لم يكتفي فقط بحل جامع الزيتونية في شكله المتوارث منذ 13 قرنا تقريبا، يعني هو أقدم كلية دينية في العالم الإسلامي بعد مكة وقبل الأزهر وقبل القرويين، بل توخى سياسة تعليمية جعلت الفرنساوية في الواقع تساوي أو تفوق حظ اللغة العربية.
أحمد منصور:
نستطيع أن نقول إن سياسة تجفيف الينابيع بدأت في تلك المرحلة؟
محمد مزالي:
يمكن.. يمكن يعني أستعمل هذه العبارة، لا كما استعملها الوزير الشرفي منذ 7 أو 8 سنوات.. بل في معناها العام تجفيف الينابيع..
أحمد منصور:
وفرنسة التونسيين.
(3/481)
محمد مزالي:
حتى نقضي -في نظر المسعدي ومن كان معه من المتعصبين للحداثة- حتى نقضي على المشايخ باعتبارهم حجر عثرة في طريق التقدم، وهذا ليس رأيي بطبيعة الحال، وأخ أحمد لعل جاء الوقت لأقول كلمة سوف نجدها في أحاديثنا، وهي أني شخصيا رغم يعني انسجامي مع سياسة بورقيبة وإعجابي بدوره الكفاحي، كنت دائما غير متفق معه في قضية الثقافة وقضية الهوية.
أحمد منصور:
السيد محمد مزالي، أشكرك شكرا جزيلا على ما أدليت به في هذه الحلقة.. وفي الحلقة القادمة أبدأ معك من ممارسة بورقيبة للسلطة الانفرادية التي بدأت بعد تلك المرحلة التي تناولناها والتغيرات التي بدأت تحدث في تونس خلال فترة حكومة الباهي الأدغم، وبعد ذلك حكومة الهادي نويرة، التي شاركت في كلاهما بوزارات مختلفة عديدة. أشكرك شكرا جزيلا.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد مزالي رئيس الحكومة التونسية الأسبق.
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(3/482)
الحلقة3(3/483)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:52(مكة المكرمة)،19:52(غرينيتش)
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
تاريخ الحلقة
25/08/2002
محمد مزالى
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر"، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد مزالي (رئيس الحكومة التونسية الأسبق)..
مرحبا بك سيد مزالي
محمد مزالي:
أهلا وسهلا..
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية تناولنا فترة أو موضوع الاستقلال التونسي، وبعض التغيرات التي بدأت تظهر في تونس، من نهج الرئيس (الحبيب بورقيبة) الذي كان يسعى إلى التوجه اللائكي أو الغربي أو العلماني في تحديث البلاد، وبعض التطورات التي حدثت في هذا المجال، وابتداء من العام 56.. أنت دخلت معترك العمل السياسي حين عينت مديرا لمكتب وزير التربية، مع نهاية فترة عمل وزير التربية (الشابي) في 58 في خلال تلك المرحلة أنت قمت بزيارة إلى مصر في العام سبعة 57...
محمد مزالي:
ديسمبر.
أحمد منصور:
ديسمبر 57، وحضرت مؤتمر الأدباء العرب..
محمد مزالي:
الثالث.
أحمد منصور:
الثالث، في تلك المرحلة، بهذه النظرة التي تحدثت عنها عن فكر بورقيبة ومشروعه، كان في مصر الرئيس (عبد الناصر) وكان أيضا هناك مشروع قومي عربي كبير.. كيف كانت علاقة المشروعين والرجلين في تلك المرحلة؟
محمد مزالي:
(3/484)
كان هناك خلاف، وأكثر من خلاف.. كان هناك اتجاهان سياسيان متوازيان، بقدر ما كان الرئيس عبد الناصر -رحمه الله- ينادي بالقومية العربية وبوحدة العرب كان بورقيبة الذي خاب ظنه وحز في نفسه أن يجد المرحوم صالح بن يوسف تأييد كبير، وربما تأييد مطلق، من طرف عبد الناصر والكثير من القوميين العرب، والعرب بصفة عامة.. كان بورقيبة يسعى سعيا قُطريا، أي يركز على الدولة التونسية ومقومات سيادتها وأسباب منعتها.
أحمد منصور:
أليس تأييد عبد الناصر لـ(صالح بن يوسف) والقوميين العرب بشكل عام يعكس إدراك عبد الناصر والقوميين العرب إلى توجهات بورقيبة التغريبية المبكرة، وأن (صالح بن يوسف) كان يعكس الامتداد العروبي والإسلامي لتونس.
محمد مزالي:
حسبما أعرف.. توجهات (بن يوسف) وتوجهات بورقيبة كانت هي هي، ولكن لأسباب سياسية تكتيكية نادى صالح بن يوسف بالقومية العربية، وخاصة بوحدة النضال العسكري في مستوى المغرب العربي، أذكر أن الثورة الجزائرية ابتأت اندلعت في غرة نوفمبر 54، بحيث أصبح الاختيار هو يا ترى هل نوحد صفوفنا، ونقاوم جميع الاستعمار الفرنساوي أم هل أن الاستقلال الداخلي ثم التام التونسي، وكذاك الاستقلال الداخلي ثم التام في المغرب من شأنه أن يعطي مناعة، وبعدا إستراتيجيا للثورة الجزائرية حتى تقدر على مواجهة الجيش الفرنساوي.
أحمد منصور:
كان هناك خلاف في المفهوم ما بين بن يوسف وما بين بورقيبة؟
محمد مزالي:
نعم. كان هناك خلاف سياسي، ثم بين بورقيبة وعبد الناصر، ناهيك أنه...
أحمد منصور:
بورقيبة كان يرى هنا أيضا أنه على التوازي مع عبد الناصر من حيث إن بورقيبة رجل صاحب مشروع وعبد الناصر صاحب مشروع، وأن إذا عبد الناصر أراد أن ينفرد بزعامة المشرق العربي؛ فبورقيبة ينفرد بزعامة المغرب العربي؟
محمد مزالي:
(3/485)
بورقيبة لا يرى مانعا في أن ينفرد عبد الناصر بالزعامة، ولكن لا يرضى بأن يتدخل عبد الناصر سياسيا في شؤون تونس، وبما أن هناك مؤامرات كثيرة انطلقت من الشرق نحو.. للقضاء على بورقيبة، ويتزعمها بن يوسف ومن يدعمه. فكان بورقيبة زعلان كان غاضبا، كان يناقش ويرد على عبد الناصر..
أحمد منصور:
نستطيع أن نقول أن الخلاف بين بورقيبة وعبد الناصر لم يكن مجرد خلاف سياسي، وإنما هو خلاف على مشروع وعلى هوية وعلى انتماء..
محمد مزالي:
وعلى مفهوم الاستقلال، ولأدلل على قولي هذا، أذكر أنه عندما تم الجلاء العسكري عن بنزرت، بادر عبد الناصر -رحمه الله- ومعه (بن بيللا) إلى مشاركة بورقيبة والشعب التونسي في الاحتفال بعيد الجلاء في 15 ديسمبر 63 أي بعد عامين بعد الجلاء، بحيث إن عبد الناصر أدرك أن سياسة بورقيبة أتت بنتيجة، ولكن لما كان الكفاح في مفترق الطرق، ولا يعرف السياسي أي مآل وأي نهاية لهذا التكتيك، أو لذاك التكتيك، عبد الناصر كان طبعًا مع (بن بيللا) في الجزائر ومع (بن يوسف) في تونس..
أحمد منصور:
أنا هنا قبل 63 وقعت عملية اغتيال (بن يوسف) في ألمانيا... هل تعتقد أن (بورقيبة) مسؤول عن اغتياله؟
محمد مزالي:
بورقيبة في محاضرة له بكلية الحقوق في عام 74 فيما أعتقد تبنى العملية...
أحمد منصور [مقاطعًا]:
ما معنى أن رئيس دولة يتبنى عملية تصفية معارض له، كان زميلا له في الكفاح؟
محمد مزالي:
لأن بن يوسف حاول أكثر من مرة اغتياله، وأرسل له قتلة لذلك.
أحمد منصور:
هل هذا مبرر؟ هل هذا مبرر لرئيس دولة في السلطة أن يمارس عملية الاغتيال؟
محمد مزالي:
هذا محل نقاش.
أحمد منصور:
أو ما يطلق عليه الآن الإرهاب.
محمد مزالي:
إرهاب يعني إرهاب ليس هناك قنابل، ولا هناك مس بالدولة، ولكن هناك تصفية بين شخصيتين كبيرتين، حاولت كلاهما كلتاهما أن تغتال الآخر، فاستطاع بورقيبة..
أحمد منصور:
(3/486)
هذا لأنه رئيس دولة في يديه السلطة، واستطاع أن ينتزع أو يقوم بحكم استبدادي فردي، وأن يلغي كل الأحزاب الأخرى، بما فيها الحزب الشيوعي، الذي اتهم في العام 62 بمحاولة انقلابية، حينما يصل الأمر إلى تصفية معارض له، معنى ذلك أنه -حتى- لم يقبل أن يكون هناك صوت معارض له، يعيش في المنفي خارج البلاد.
محمد مزالي:
معارض ومحاول اغتيال، لكن أنا شخصيا أقول بكل صراحة...
أحمد منصور:
إذا أنت أعطيت هذا المبرر، فأنت الآن من المفترض أن يكون مبررا لاغتيالك، أنت أيضا باعتبارك معارض مقيم في الخارج.
محمد مزالي:
لم أتمم كلمتي.. أنا أحاول أن أفهم يعني ميكانيزم بورقيبة السياسي، فأنا كشاهد أحاول أن أفهم بحسب ما أعرف عنه، لكن أنا شخصيا أشجب هذا العمل ولا أوافق عليه، يعني أنا لا أعطي رأيي لحد الآن بقدر ما أحاول أن أفهم أو أن أستفسر أو أن أفسر ردود فعل ومواقف بورقيبة، وهذه هي الشهادة في اعتقادي، أما أنا شخصيا، لا أبرر أبدا الاغتيال.. هذا غير معقول..
أحمد منصور:
معنى ذلك أن بورقيبة قام بتصفية واغتيال آخرين أيضا غير (بن يوسف)..
محمد مزالي:
قد يكون ذلك، قد يكون ذلك في نطاق تصفيات بين عصابات من المقاومين..
أحمد منصور:
هل كل معارض سياسي يعتبر يعني يوصف بأنه رجل عصابة!!
محمد مزالي:
لا أبدًا.. المعارضة ليست فقط شرعية بل ضرورية في كل مجتمع متحضر أو حتى في طريق الحضارة والتقدم، ولكن الأمر يتعقد عندما يبادر هذا المعارض أو ذاك باستعمال العنف واستعمال الاغتيال، هذا هو ما أشجبه، لكن المعارضة ضرورية وشرعية.
أحمد منصور:
أعود إلى زيارتك للقاهرة في 57 وكان التوجه التغريبي المغاربي التونسي المغاربي حينما التقى مع التوجه القومي العروبي في مؤتمر الأدباء العرب...
محمد مزالي:
(3/487)
الموضوع، يعني موضوع المؤتمر كان القومية العربية ومسؤولية المثقفين أو دور المثقفين، فالوفد التونسي مع دفاعه عن القومية العربية كان يؤكد على أن حرية الأديب مقدسة، وأنه لا يمكن -كما ذهب إلى ذلك الشيوعيون- تسخير المثقف والأديب لخدمة نظرية سياسية معينة، وهذا الموقف قابلته يعني، بعض الألسن، وبعض الأشخاص بالشجب وبالانتقاد، وأذكر أنه المرحوم الله يرحمه الأخ سعيد العريان تصدى للوفد التونسي بعبارات قوية، مما حمل الدكتور طه حسين الذي كانت تربطني به علاقات...
أحمد منصور:
سعيد العريان من المدرسة الأصولية في الأدب والانتماء الثقافي، وبالتالي أنتم الآن أيضا بالفكر الجديد الذي حملتموه مع مجيء بورقيبة، تريدون تذويب الهوية العربية..
محمد مزالي:
لا أبدا، احنا كنا ندافع عن القومية العربية بكل الوسائل، لكن كنت شخصيا، ولا أزال أعتقد أن خير دفاع عن القومية العربية أو عن أي قضية أخرى إنسانية لا تكون إلا من منطلق اختيار حر للأديب أو المثقف، أما التسخير الستاليني للأدب فهو مجلبة للعقم ومجلبة للدمار.
أحمد منصور:
ما معنى أيضا أنت أيضًا باعتبارك هنا مثقف ومفكر مع كونك رئيس حكومة، ورجل سياسي، ما معنى التفكير الحر؟ أن نأتي بأفكار غريبة دخيلة على مجتمعاتنا، فنروجها ونحاول تغيير هذه المجتمعات بدعوى حرية التفكير والإبداع؟
محمد مزالي:
لا، لا.. أولا بالنسبة للخلق الأدبي..يعني في الشعر والقصة، يجب أن نترك الأديب وقريحته، في النقطة التي تفضلت بها يعني يجب أن أدافع عن معتقداتي ومنطلقاتي الفكرية بكل حرية..
أحمد منصور:
أيا كانت.
محمد مزالي:
طبعا.
أحمد منصور:
حتى ولو خالفت مبادئ المجتمع وأصوله ومناهجه؟
محمد مزالي:
أيا كانت نتائجها، لأن الصحيح يصح..
أحمد منصور:
أنت تنادي بالحرية المطلقة للإبداع الفكري؟!
محمد مزالي:
حرية مطلقة في نطاق المسؤولية ، كنا ولا نزال نقول إن الأديب والمفكر حر ومسئول..
(3/488)
أحمد منصور:
ما هي حدود هذه المسؤولية؟ ومدى صدامها مع قيم المجتمع؟
محمد مزالي:
هو ضمير المثقف..
أحمد منصور:
ضميره هو وحده، وإذا اصطدم هذا مع قيم المجتمع ومع دينه ومع تعاليمه؟
محمد مزالي:
وما ضر ذلك؟ لو وقف أديب أو اثنان موقف يبدو أنه متعارض مع ما يراه الأغلبية، سيبقى يسيح في واد أو يهيم في واد.
أحمد منصور:
يعني هل هذا إتاحة المجال لممارسة الزندقة علنا في تلك المجتمعات العربية المسلمة؟
محمد مزالي:
الزندقة تواجدت في تاريخ الإسلام وتاريخ جميع الشعوب..
أحمد منصور:
لكن لم يكن هناك مجاهرة بها، أنت الآن تنادي بأن يكون هناك كل شخص يبدع بما يشاء..
محمد مزالي:
ولماذا تريد أن تربط بين الزندقة وبين حرية الأديب؟ فحرية الأديب قد تكون حرية من أجل الدفاع عن الكرامة عن الدين الإسلامي الحنيف.
أحمد منصور:
أنا أقصد هنا أن يكون هناك حاجز، أن يكون هناك سقف، وأنت تقول أن تكون مطلقة.
محمد مزالي:
يعني سؤالي هو -أو ملاحظتي هي- من له السلطة أو الكفاءة ليسطر الخط الأحمر..
أحمد منصور:
القيم نفسها.. القيم التي تحكم المجتمع يا سيدي..
محمد مزالي:
لكن القيم هي حياة وممارسة، وعند الممارسة...
أحمد منصور:
وأصول يا سيدي.
محمد مزالي:
نعم، وأصول...
أحمد منصور:
يعني حينما يخرج واحد الآن ليمشي عاريا في الشارع، ويقول هذه حرية...مش هذا يصطدم مع القيم؟ إذن هناك خط أحمر موجود.
محمد مزالي:
نحن نقول هذا جنون، هذا سلوك اجتماعي، لكن بالنسبة للاجتهادات وبالنسبة للخلق الأدبي أو التوجهات الفكرية يعني أو النفحات الروحية، فالحد يعني والرادع هو الضمير.
أحمد منصور:
دراستكم.. أنتم كتوانسة وكمغاربة بشكل عام، تغلغل الثقافة الفرنسية لديكم من الواضح أنها تركت آثار ثقافية..
محمد مزالي:
طبعا، وهذه أسباب تاريخية طبعا
أحمد منصور:
(3/489)
هذه تركت أيضا آثارا ثقافية، حتى في تصوركم لطبيعة علاقاتكم بالمشرق العربي، هذا صحيح؟
محمد مزالي:
هذا فيه كثير من الصحة طبعا.. هذه أمور تاريخية.. تكويننا جعلنا -ربما- ننظر إلى الواقع نظرة تختلف، أو لا تتناسب تماما مع نظرة إخواننا في بعض بلدان المشرق، ربما هذا قد يكون صحيحا.
أحمد منصور:
في العام 58 عينت مديرا للشباب والرياضة بدرجة وزير تقريبا، واستدعاك بورقيبة في الفترة من 56 إلى 58، هل حدث أي لقاء بينك وبين بورقيبة، قبل أن يستدعيك ليكلفك بمسؤولية الشباب والرياضة؟
محمد مزالي:
حضرت مع المرحوم الأمين الشابي في مناسبات مع بورقيبة، وخاصة مناسبة اختيار النشيد الوطني، وقد فاز به الشاعر المرحوم جلال الدين النقاش ثم شاركت في لجنة لاختيار اللحن، وكان رئيس اللجنة، وكان معنا الشيخ الطاهر بن عاشور والكثير من الأدباء، واخترنا اللحن للموسيقار الكبير الأخ صالح المهدي وفي اجتماعات أخرى كثيرة التقيت مع بورقيبة.
أحمد منصور:
لكن لم يكن هناك حتى هذه اللحظة رباط شخصي أو علاقة مميزة بينك وبين بورقيبة.. حينما استدعيت للتوجه..
محمد مزالي [مقاطعا]:
لا أنا كنت بعيد عن بورقيبة، لا أذهب إليه إلا إذا كان هناك دعوة بروتوكولية أو جلسة عمل، ما كانش عندي يعني خلطة أو أدق على الباب وأدخل أبدا، حتى عندما كنت وزير أول...
أحمد منصور:
حينما عينت وزيرا أو مديرا للشباب والرياضة بدرجة وزير في عام 58 هل هذه كانت بداية العلاقة الوثيقة بينك وبين بورقيبة، والتي انتهت في العام 80 بتعيينك رئيسا للحكومة...
محمد مزالي:
(3/490)
نعم، يعني قد يكون من الطريف أن أقول للإخوة النظارة [المشاهدين] أني عينت مدير عام للشباب والرياضة عند عودتي من مؤتمر الأدباء العرب الرابع الذي عقد في الكويت في مدرسة الشويخ، وقد أقمنا في الصليبخات، وتعييني مدير عام وقع قبل يوم على عودتي، بحيث لم أكن على علم، لكن من يومها أصبحت عشرتي مع بورقيبة أكثر...
أحمد منصور:
قرأت في الصحف خبر تعيينك مدير عام للشباب والرياضة..
محمد مزالي:
نعم، في الصحف، وقد لفت نظري...
أحمد منصور:
ما تقييمك لهذا يعني؟ نظام دولة الواحد يفتح الجورنال..الجريدة ويجد نفسه -أصبح- وزير.
محمد مزالي:
كنا -أخ أحمد- كنا نعتبر أنفسنا مناضلين، كنا في حزب، وكنا مناضلين، وبورقيبة كان..
أحمد منصور:
ما علاقة النظام بالنضال؟ هل النضال يعني أن الإنسان يقوم يصبح يجد نفسه وزير ثم يصبح يجد نفسه في الشارع؟
محمد مزالي:
النضال..النضال يقتضي الالتزام، والالتزام السياسي يقتضي الانضباط، باعتبار هناك زعيم أو رئيس دولة، لكن أنا شخصيا -في الحقيقة- فوجئت لكن قبلت بكل إرادة وكل حرية، يعني لم يفرض علي ذلك، كان يمكن أن أرفض..
أحمد منصور:
كنت تعتبر ذلك تكريم لك من بورقيبة؟
محمد مزالي:
كنت أعتبر ذلك تكليف تكليف تكليف لا تشريف...
أحمد منصور:
في الفترة من 58 إلى نوفمبر 64، وهي التي بقيت فيها مديرا للشباب والرياضة، 6 سنوات، ما هي أهم التغييرات التي قمت بها؟ أو الأشياء الأساسية التي قمت بها في تلك المرحلة؟ وقد حدثت في تونس أحداث كبيرة من بينها انقلاب 62، أو المحاولة الانقلابية الفاشلة في العام 62، وإلغاء الحزب الشيوعي في العام 63.
محمد مزالي:
(3/491)
يعني أنا بحكم طبعي وانضباطي، كلما أشرفت على قطاع معين أتفرغ له بكليتي، بحيث لا أشارك مشاركة فعلية ولا متواصلة في قطاعات أخرى، سواء السياسة الخارجية، أو السياسة الاقتصادية أو السياسة السياسة، فتفرغت بكليتي إلى الشباب والرياضة، وكنت مغرم ومولع بذلك، وأسست معاهد عليا، وتكوين الحكام، وتكوين المدربين من كل الدرجات، وأسست يعني معهد للفتيات، حتى يصبحن أستاذات في التربية البدنية، واجتذبت مدربين لتكوين الفرق الوطنية.. إلى آخر هذه وكنت مسؤول عن الطفولة يعني الفقيرة التي آويناها في معاهد وربيناها وكوناها، ولكن طبعا أعيش في الحكومة، وأعرف أن هناك مشاكل..
أحمد منصور:
كنت تحضر اجتماعات مجلس الوزراء؟
محمد مزالي:
كنت اسمي يعني (النعت) هو مدير عام الشباب والرياضة، ولكن كنت نائب في البرلمان من 59، وكنت أحضر دائما اجتماعات مجلس الوزراء برئاسة بورقيبة..
أحمد منصور:
كيف كان يدير بورقيبة مجلس الوزراء بصفته هو الآمر الناهي في كل شيء، ممكن الوزير يصبح يلاقي نفسه وزير يتام يلاقي نفسه شيء آخر..
محمد مزالي:
يعني أرجو أن يفهم كلامي هذا لا دفاعا عن بورقيبة، وإنما شهادة..
أحمد منصور:
أنت توصف شهادة عن مرحلة..
محمد مزالي:
نعم، يعني بورقيبة كان منطقيا بصورة يعني مذهلة، كان دائما يستمع إلى الآراء ويتقبلها إذا كانت منطقية، ويعارضها وينتقدها لما يفهم أن المتكلم يعني يتدمغج يعني يقول كلام غير معقول، أنا شخصيا تجربتي الشخصية معه كلما أقنعته بفكرة كان مؤيد لها..
أحمد منصور:
لا أصل الآن إلى 80.. 86، ولكن أنا في تلك المرحلة، كيف كان يتعامل مع الوزراء؟ وكيف كانوا يتعاملون معه؟ هل كانوا يتهيبون أن يطرحوا عليه شيئا يمكن أن يقبله أو يرفضه؟ هل كان يناقشهم أم كان يجلس ليملي عليهم ما ينبغي أن يفعله كل فرد فيهم؟
محمد مزالي:
(3/492)
يعني ربما يبدو هذا يعني غريب، لكن بورقيبة في أيام شبابه، وعندما كان يمتلك كل القدرات العقلية والبدنية كان صدره أرحب..
أحمد منصور:
شبابه ده يعني كان عمره 65 سنة وقتيها!!
محمد مزالي:
يعني في عام 59.. 58 كان 58
أحمد منصور:
نعم، لأنه من مواليد 1900..
محمد مزالي:
لكن هو الآن في الستة المائة يعني بلغ أرذل العمر، لكن في أيامها كان عنده فتوة، والفتوة نقصت من مارس 67 عندما أصيب -عافاكم الله- بجلطة في القلب، مارس 67، ومن وقتها بدأت الأدوية وبدأت الاحتياطات، وعندما ندخل إليه كانت زوجته أو بعض المقربين يوصوننا بعدم إثارة مشاكل قد تكدره أو تزعجه، لكن في الأول كانت عنده حظوة وسطوة يعني، فكان الجماعة يتكلمون، وكان بورقيبة يقدر ويحترم أصحاب المبادئ، ومن لهم القدرة على أن يُعِزوا أنفسهم، وكان يحتقر وينهر الذين كانوا يتمسحون أمامه..
أحمد منصور:
لماذا لف نفسه بهم؟ وجعلهم الأساس في كل...
محمد مزالي:
لا مش كل، فيه وزراء عندهم شخصية عندهم بأس وشكيمة..ويتكلموا
أحمد منصور:
قيل هذا عن الهادي نويرة؟
محمد مزالي:
الهادي كانت له شخصيته، محمد بن صالح عنده شخصيته، الشاذلي القليبي، المرحوم الهادي قشة، وأحمد نور الدين -أطال الله في أنفاسه - كنا جماعة يحترمهم بورقيبة احترام كبير، في جماعة ربما يدوروا يعني يتغيروا مع الريح، فكان بورقيبة يحتقرهم.. لكن عندما كبر وشاخ ومرض أصبح لا يطيق النقاش، كما كان يتقبله من قبل، أنا شاهدت بورقيبة يسب بعض الوزراء ويرفع عصاه لضربهم ويبصق عليهم..
أحمد منصور:
ويقبلون هذا..؟!
محمد مزالي:
ومنهم من لا يزال اليوم في الحكم
أحمد منصور:
ويقبلون هذا؟
محمد مزالي:
آه، طبعًا.. طبعًا أنا أقول لك هذا، وأرجو أن لا يعارضني فيه أحد، لم يرفع صوته -بورقيبة- علي أبدا طيلة حياتي، لم يرفع صوته أبدا أمامي، حتى إذا غضب أراه يكلم شخص آخر، ويتوجه إليه..
أحمد منصور:
(3/493)
على مذهب "إياك أعني واسمعي يا جارة" مثلا..
محمد مزالي:
ربما..ولكن أحيانا كان هناك بعض المواقف، فيقول لي إنه غير موافق عليها،لا.. لكن عمره ما رفع صوته علي طيلة عمره..
أحمد منصور:
تقصد أن كل مسؤول عمل مع بورقيبة فرض احترامه على بورقيبة، كان بورقيبة يحترمه؟ وكل من ابتذل نفسه كان بورقيبة يبتذله؟
محمد مزالي:
طبعا، طبعا.. كل من ابتذل نفسه.. كل من كان طماع، وكل من كان يتقرب إليه بالنميمة، وبقدح وبشتم الآخرين.. أنا شخصيا، لم أشتم له أي وزير، لما كنا رأس مع بعض...
أحمد منصور:
سآتي معك، سآتي معك إلى تفصيلات هذا الأمر.
محمد مزالي:
بورقيبة كان في رئاسة مجلس الوزراء، أحيانا -كما يقال باللغة العامية- لما يكون حوله دجاج أبيض كان مرح وكان يعني الأمور تسير بكل راحة وكل ظرف، لكن لما يكون حوله دجاج أسود كان صعب، وكان ينهر أحيانا ويرفض، أنا شفته في بعض الاجتماعات.. كان قاسي جدا على بعض الإخوان يعني.
أحمد منصور:
كيف؟ للتاريخ يعني...
محمد مزالي:
كل من يرفع صوته يسبه.. مرة شفته في اجتماع الديوان السياسي، في مكتبه بقصر قرطاج، نهر عضو في الديوان السياسي، يعني وتحامل عليه، ثم لما استشاط الغضب، مسك يده بفمه.... وهذا أمام تقريبا 10 أو 12 عضو في الديوان السياسي..
أحمد منصور:
هناك محاولة انقلابية وقعت في العام 62، اغتيال بن يوسف تم في 61، وتناولناها في الحلقة الماضية، في العام 62 جرت محاولة انقلابية في تونس، وتم حل الحزب الشيوعي في 63 بعدما اتهم بأنه سعى لتدبير هذه المحاولة، ولم يعد هناك أي حزب سياسي.
محمد مزالي:
(3/494)
ليس الحزب الشيوعي فقط.. الحزب الشيوعي لأنه عنده جريدة اسمهاtrubine du progree (منبر التقدم) نشرت في الافتتاحية، (تفهمت) بين قوسين تفهمت فيها هذه المحاولة، فمنعت من الصدور، وحل الحزب الشيوعي، لكن الجماعة اللي قاموا بالمؤامرة، فيهم جماعة بن يوسف، فيهم ضباط شبان، وبعض كبار المقاومين، يعني كتلة كبيرة، يمكن 30 أو 40 يعني شخص.
أحمد منصور:
إذن كانت هذا بداية الملل من حكم بورقيبة؟
محمد مزالي:
كانت بداية التمرد على حكم بورقيبة طبعا، وهذا ما جعل بورقيبة يقوي من قبضته على الحكم وعلى الناس.
أحمد منصور:
وأن يصبح الجيش بعد ذلك يشكل بالنسبة لبورقيبة شكل من أشكال الكراهية الشديدة، لخوفه من أن ينقلب عليه..
محمد مزالي:
أو شكل من أشكال الاحتياط، غير الكراهية كان يحترم الجيش، لكن يحتاط، وكان يقول دائما الجيش مجعول ليبقى في الثكنات، لا ليدخل في السياسة..
أحمد منصور:
ما معنى الاحتياط هنا؟ أن يجري بشكل دائم عملية مراجعة للضباط، وانتماءاتهم وإقالة المتخوف منهم.
محمد مزالي:
لا..كان بورقيبة يرى أن اعتمادات الأمة، وموارد الشعب يجب أن يخصص أكثرها، للتعليم.. للصحة.. للفتاة الريفية.. للبنية الأساسية، وأن يبقى الميزان المخصص للجيش ميزان متواضع، ناهيك أن ميزانية التربية القومية كانت تحتل حوالي30 أو أكثر من 30%، والجيش أقل من 5%، خلاف لبعض الأنظمة العربية إلى اليوم..
أحمد منصور:
لقاء 63 بين عبد الناصر وبن بيللا وبورقيبة...
محمد مزالي:
في بنزرت
أحمد منصور:
هل هذا أزال سوء التفاهم أو العلاقات المتوترة بين الرجلين؟
محمد مزالي:
نعم، أزال التوتر، وكنا نظن أن الوئام قد أصبح أمرا واقعا، إلى أن وقعت الدوشة، وقعت الخصومة، انطلاقا من فبراير 65 بعد خطاب بورقيبة في أريحا، ونرجع إليها...
أحمد منصور:
(3/495)
سآتي إلى خطاب بورقيبة في أريحا، ولكن أنت من 64 توليت أو كلفت برئاسة الإذاعة والتليفزيون وتأسيس التليفزيون التونسي، بإيجاز شديد فكرة تأسيس التليفزيون التونسي والدور الذي لعبته في هذا الأمر؟
محمد مزالي:
يعني أنا شخصيا، أنا كنت أود أن أبقى في الشباب والرياضة، لأني بطبيعتي كما أقول في تونس أنا أستاذ، مربي، وكنت دائما أجنح إلى التربية وتكوين الشباب، بحكم مهجتي، لكن بورقيبة ألح علي في أظن أواخر أكتوبر أو أوائل نوفمبر 64، بعد مؤتمر الحزب الذي انعقد في بنزرت، والذي أصبح الحزب يسمى بمقتضاه الحزب الاشتراكي...
أحمد منصور:
كان هذا مهم أن نأتي إلى هنا حول الاشتراكية، والحزب الدستوري الاشتراكي..
محمد مزالي:
نعم، بعد أن كان الحزب الحر الدستوري التونسي، أصبح الحزب الاشتراكي الدستوري..
أحمد منصور:
مزيد من التقييد، ومن الـ…
محمد مزالي:
لا، مزيد من الاشتراكية، يعني كانت هي موضة العصر.
أحمد منصور:
يعني الحرية انتهت الآن، والحزب الحر انتهى...
محمد مزالي:
الحرية ضغط عليها طبعا، في سبيل يعني الاشتراكية، وتأميم وسائل الإنتاج.
أحمد منصور:
يعني بالمفهوم التغريبي الفكري الذي كان بورقيبة يسعى له، لماذا اتجه شرقا، وهو لم يزر الاتحاد السوفيتي طوال حياته، وكان يكره الاتحاد السوفيتي؟ ما مفهوم توجهه هنا للاشتراكية؟ وكل مفاهيمه -كما أشرت- كانت غربية..
محمد مزالي:
يعني الاشتراكية عفوا البورقيبية أو الاشتراكية الدستورية.
أحمد منصور:
يعني كل حاجة هنا بورقيبية، إسلام بورقيبة..اشتراكية بورقيبة..
محمد مزالي:
(3/496)
دستورية بمعنى الحزب الدستوري، كانت لا تنطلق من مبدأ تطاحن الطبقات، والحقد بين الطبقات، بالعكس.. كانت لا تنتصر إلى فكرة انتصار الشغيلة..البروليتاريا في آخر الأمر، بل كانت مجرد مقاومة الحيف الاجتماعي، وسيطرة الأقلية اقتصاديا على الأكثرية، وتطوير أو تجميع وسائل الإنتاج الفلاحي، ووسائل التسويق التجاري، حتى تكون الثروة يعني في يد السلطة، توزعها توزيعا أقرب ما يكون إلى العدالة، هذا هو المنطلق بإيجاز كبير..
أحمد منصور:
منطلق الاشتراكية البورقيبية..
محمد مزالي:
البورقيبية أو الدستورية، وكان زعيم حركة التعاونيات أو التعاضديات، هو الأخ أحمد بن صالح.
أحمد منصور:
إيه أسباب التحول إلى الاشتراكية في تلك المرحلة؟
محمد مزالي:
هناك أسباب، هناك أولا قوة شخصية الأخ أحمد بن صالح، الذي أقنع الرئيس بورقيبة بأن أيسر طريق وأقصره لبلوغ المساواة والعدالة في التوزيع هو التأميم تأميم الأراضي، وإنشاء التعاضديات، اثنين: حدث أن أمم بورقيبة في 12 ماي 1964 أمم الأراضي التي أخذناها من المعمرين [المستعمرين].. تعرف حضرتك أنه بعد الجلاء العسكري ناضل بورقيبة، ونجح فيما سماه وسميناه جميعا بالجلاء الزراعي وبقانون أمضاه يوم 12 ماي.
أحمد منصور:
الاستيلاء على ممتلكات الناس بدعوى التأميم..
محمد مزالي:
لأ مش الناس، المعمرين الفرنساويين، لأن هذه الأراضي استولى عليها فرنساويين في فترات معينة في الاستعمار، وأخدوها من غير وجه، وبغير ثمن من التوانسة المساكين، فبقرار كما فعلت دول كثيرة، بقرار بقانون تأممت هذه الأراضي..
أحمد منصور:
وكيف نجح أحمد بن صالح في إقناع بورقيبة بهذه التغيرات، والتوجه نحو الاشتراكية البورقيبية كما أشرت؟
محمد مزالي:
(3/497)
نجح لأن في شخصية بورقيبة -في اعتقادي- بعد شعبي، بعد يجعله يميل ويسعى إلى رفع مستوى الطبقات الشغيلة، والطبقات الكادحة والفقراء، لأن بورقيبة عاش فقير، وعاش يتيم، ووضع كما يقال رجله على النار، فيعرف من يقاسي، ثم هو يرى سياسيا أنه إذا تفقرت الطبقات الشعبية فإن هذا مجلبة للانتفاضات.
أحمد منصور:
لكن هل نجح التوجه الاشتراكي هذا في عمل معادلة داخل تونس، وانتشال الناس من الفقر؟
محمد مزالي:
في الأول نجح، ولكن من سوء الحظ تسارعت الأحداث، وزادت سرعة انتشار القطاع الاشتراكي، بحيث الشعب والطبقات التي تسعى.. نسعى إلى رفع مستواها، وبعض رؤوس الأموال، وبعض الوزراء، وأعضاء البطانة الذين كانوا يحتلون المواقع الحساسة، يعني خربوا الموضوع، وذلك لأن بورقيبة نفسه نادى بسرعة أكبر من السرعة التي كان يطالب بها أحمد بن صالح، فوقع رد فعل.. وخاب المشروع..
أحمد منصور:
وفشلت الاشتراكية البورقيبية؟
محمد مزالي:
فشلت الاشتراكية البورقيبية، وحلت محلها الليبرالية النويرية أو البورقيبية..
أحمد منصور:
أنا في العام 62 أيضا لا أريد أن أتجاوزه دون أن أقف عند نقطة هامة، وهي أنه بعد 19 عاما ..تزوج.. من المعرفة أو من الحب -كما يقال- تزوج بورقيبة (وسيلة بن عمار) التي أصبحت تلعب دورا بعد ذلك خطيرا في حكم تونس.
محمد مزالي:
هو كما تعلم، عرفها أو تعرف عليها في العام 43، وكان بينهما محبة -حسب ما صرح به بورقيبة في خطب يعني خطب عامة-، لأن بورقيبة لم يكن يفصل بين حياته الخاصة وحياته العامة، باعتباره أنه نفسه هو تونس، وتونس هي بورقيبة، بحيث كان يعني يصرح بكل شيء، حتى ببعض الخصائص... الخلقية يعني، وفعلا في عام أظن 61، أو 62، طلق هو زوجته الأولى -الله يرحمها- الأمينة التي أسلمت، وتزوج وسيلة.
أحمد منصور:
وكانت فرنسية.
محمد مزالي:
(3/498)
كانت فرنسية، تعرف عليها عندما كان طالب في باريس، وكانت مثال للولاء والطاعة والأمانة، وضحت كثيرا عندما كان بورقيبة في السجون والمنافي، كانت تفوقه سنا -بحوالي 10 سنوات- فطلقها، وتغلب الحب الثاني، إن وجد حب أول -الله أعلم- تغلب الحب مع وسيلة، وأصبحت وسيلة هي الماجدة وسيلة بورقيبة.
أحمد منصور:
أنت بينك وبين وسيلة أشياء كثيرة، ربما سآتي لها بالتفصيل بعد ذلك، ولكن كان -أيضا- العام 62 يعتبر نقطة تحول بالنسبة للحكم، وبداية نفوذ بالنسبة لوسيلة بن عمار في حكم تونس، وتوزيع الأدوار بينها وبين الرئيس، وأن كثير من الوزراء كانوا يسعو إلى خطب ودها ورضاها قبل رضا الرئيس.
محمد مزالي:
صحيح.. ولم أكن منهم، ولهذا كنت ضحية لها.
أحمد منصور:
كان بينك وبينها خلافات، سآتي إليها بالتفصيل بعد ذلك، ونتعرف-أيضا- على الدور الذي لعبته هذه المرأة، التي توفيت قبل مدة بسيطة جدا في حكم تونس، وطبيعة الوضع الذي كان بينها وبين الرئيس بورقيبة، في العام 65 .
وقع شيء اهتز له العالم العربي كله حينما توجه الرئيس بورقيبة بجولة قام خلالها بزيارة أريحا وألقى خطابه التاريخي المشهود، الذي خَطَّأ فيه العرب بعدم قبولهم لقرار تقسيم فلسطين، الذي صدر في العام 47، فأحدث شرخا هائلا، في الوقت الذي كان المد القومي والنضال والكفاح، و"رمي إسرائيل في البحر" وغيرها من الشعارات كان منتشرا في ذلك الوقت على أشده، إذا ببورقيبة يخرج على العرب بهذا الخطاب التاريخي، الذي تذكره الجميع حينما جاءت أوسلو على وجه الخصوص وأريحا أولا.
محمد مزالي:
أوسلو أوسلو معناها يطالب بحدود 1967، بينما بورقيبة في أريحا نادى بقرار التقسيم، الذي كان يخصص للفلسطينيين حوالي 50 فاصل كسور للعرب.. أي أكثر من 50%، وأقل من 50 % لإسرائيل.
أحمد منصور:
49.5%.
محمد مزالي:
(3/499)
49.5% بحيث النقب وعكا وحيفا كانت للدولة الفلسطينية، هذه قضية أخرى، طبعا أنا شخصيا يعني كنت في ضمن الوفد الذي اصطحب بورقيبة إلى القاهرة ثم السعودية ثم الأردن، يعني الأردن بما فيها القدس وأريحا والخليل.
أحمد منصور:
كانت الضفة وقتها تتبع الأردن، ولم تكن إسرائيل احتلتها بعد
محمد مزالي:
طبعا، أنا حضرت في.
أحمد منصور:
طالما كنت ضمن الوفد، ما هي أهم الأشياء التي دارت بينه وبين عبد الناصر في مصر، ثم بعد ذلك ما حدث بينه وبين الملك سعود؟
محمد مزالي:
الملك فيصل..الملك فيصل..-الله يرحمه- استقبلنا في جدة، وكانت الإقامة في جدة، الذي أتذكره هو أن الأحاديث بين عبد الناصر وبورقيبة كانت ودية، وكان كلاهما يسعى إلى تنمية هذا الود والوفاق، لكن كان فيه قضيتين في هذه المحادثات التي جرت في قصر القبة، وكان عبد الناصر محفوف بالمرحوم المشير عبد الحكيم عامر، وبالأخ حسين الشافعي -مد الله في أنفاسه-، وبأنور السادات -الله يرحمه-
واحنا كنا أنا والشاذلي القليبي، ووزير الخارجية أظن الموجي سليم -الله يرحمه-، وكان النقاش حول اليمن، لأن هناك كان مئات الآلاف من الجند المصريين في اليمن في حرب اليمن، وبورقيبة هو الذي فاتح الرئيس في القضية، قال له ليه تمشو لليمن؟ في التاريخ القديم والحديث أي جيش حاول دخول اليمن خاب، ما تقدروش، فعبد الناصر -الله يرحمه- قال له: القضية الملف هذا عند المشير، فتفضل المشير، فالمشير بين الأسباب اللي مصر اللي بمقتضاها دخلت اليمن، قال ضحينا بكم جندي، وبكم عتاد، وبكم أموال فلا يمكن أن...
أحمد منصور [مقاطعًا]:
تفتكر قال إيه الأسباب التي دخلت مصر من أجلها اليمن المشير؟ عبد الناصر لم يتكلم بشيء، ولم يبرر أي شيء..؟
محمد مزالي:
(3/500)
لا، هو أعطى الكلمة للمشير عامر، والمشير عامر -الله يرحمه- كان موقفه يتمثل في أن مصر ضحت بالكثير فلا يمكن أن تسحب جيوشها قبل الانتصار، فبورقيبة جاوب بكل صراحة، قال له أنا -سيادة الرئيس-أعتقد أنه مهما خسرتم ومهما أطلتم الحرب فلن تقدروا على ربح اليمن..هذه نقطة، كان شوية فيها النشاز.
نقطة ثانية وهي قضية فلسطين، بورقيبة قال لعبد الناصر قال له أنا، فيه نقطة أخرى هاحي لك عليها نقطة كانت تتعلق بالوحدة بين مصر وسوريا، قال له قضية فلسطين، أنا أرى من حُسْن السياسة أن نتمسك بالشرعية الدولية، لأن العالم بسبب الدعاية الصهيونية يعتقد أن إسرائيل دويلة صغيرة، وأنها محاطة بجيش من العرب، وهي المعتدية، وهي التي تحتل أراضي العرب، بينما عندما يتمسك العرب بالحل الذي يتمثل بالحل الذي ..بقرار التقسيم نبدو للعالم كشعب عربي ملتزم بالشرعية الدولية، ثم نحث فلسطين على الكفاح بالسلاح، من دون أن يتدخل أي جندي عربي، وإنما ندعمهم بالمال وبالدبلوماسية، قال له يا سيادة الرئيس لو تعلن أنت على هذه الإستراتيجية ربما الرأي العام العربي يمشي معاك، فأجابه عبد الناصر قال له: لا، قال له: أنا لو أبوح بهذا، والله يجننوني، قال بورقيبة: فهل ترى مانع في أن أصرح بهذا، لا هنا في القاهرة، وإنما في أرض فلسطين، قال عبد الناصر له: يا ليت، ونحن نؤيدك..
أحمد منصور:
معنى ذلك أن عبد الناصر أبدى قناعة أو موافقة على مقترح بورقيبة؟
محمد مزالي:
أيوه، خاصة وأن بورقيبة أضاف، وعبد الناصر كان مقتنع حسب ما فهمت..
أحمد منصور:
أنت كنت تجلس في هذه الجلسة؟
محمد مزالي:
(4/1)
كنت معاه، كان بورقيبة ووزير الخارجية بن صالح وأنا، كنا نجلس على مقاعد هكه على شكل نصف دايرة، كان عبد الناصر وبورقيبة.. وعلى شمال عبد الناصر كان حسين الشافعي، وأنور السادات، والمشير عامر في الأول في قصر القبة، خاصة وبورقيبة يضيف وقال هيهات أن ترضى إسرائيل بهذا التقسيم، بحيث تبقى هي محجوجة قدام الرأي العام العالمي، بحيث هذا القبول هو إحراج لإسرائيل أكثر منه أمور واقعية، فهذه هي النقطة، لكن وقع اجتماع قبيل سفر بورقيبة إلى السعودية، في القاهرة تحت سرادق أمام قصر القبة، والسرادق كان فيه آلاف مواطنين، جماهير ودعانا عبد الناصر للحضور، وكنا ممزوجين مع الحكومة المصرية، تونسي، مصري، وزير مصري، نسيت لكن الحكومة كلها، وعبد الناصر تكلم كثير في الوحدة، الوحدة السورية المصرية.. إحياء الذكرى...
أحمد منصور:
الوحدة التي بدأت من 58 إلى 61.
محمد مزالي:
وانفصمت عراها في 62، ففي 65 ككل عام، كان ينتظم الاجتماع، وعبد الناصر يحيي هذه الذاكرة، فبورقيبة وهذا ربما ما كنش ضروري تكلم، أنا شخصيا تأسفت، طلب بورقيبة أن يتكلم، والشأن هو أن عبد الناصر هو اللي يتكلم وحده.. هو الزعيم في مصر.
أحمد منصور:
ويكلم شعبه؟
محمد مزالي:
يكلم شعبه، احنا ضيوف، قام بورقيبة طلب الكلمة، فعبد الناصر فوجئ وقال تريد الكلمة؟ قال بورقيبة: نعم، قال له: تفضل، فتكلم بورقيبة بعد عبد الناصر، وقال: إيه الوحدة اللي قاعدين نعبد في شيء ميت.. الوحدة هذه انتهت، خلاص يا أخي يعني، ليه نحيي في شيء ميت، فعبد الناصر مسكين، كان يبتسم ابتسامة حزينة، وكان زعلان.
أحمد منصور:
طبعا.. لأنه وسط شعبه.
محمد مزالي:
(4/2)
هذه تلقائية بورقيبة وحماس بورقيبة، وأعتقد أنها كانت غير ضرورية وغلطة كانت، فَرُحنا بعد ذلك عبد الناصر شيع بورقيبة في المطار، وكان البروتوكول من أحسن ما يكون، وفي جدة استقبلنا المرحوم الملك فيصل بن عبد العزيز، كانت رحلة مريحة، كان لقاء طيب، لأن هناك العلاقات بين السعودية ومصر كانت متشنجة متوترة لأنه كان وقتها حرب اليمن..وكذا، ثم نزلنا في عمان، واستقبلنا الملك..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
لا، قل لي ما حدث في السعودية...
محمد مزالي:
السعودية كانت العلاقات ثنائية
أحمد منصور:
بين تونس و.... [السعودية]
محمد مزالي:
بين فيصل وبورقيبة كانت صداقة كبيرة..
أحمد منصور:
هل تناول بورقيبة مع الملك فيصل أي موضوعات مثل التي تناولها مع عبد الناصر؟
محمد مزالي:
طبعا، تناولوا قضية فلسطين.
أحمد منصور:
وطرح عليه نفس الفكرة؟
محمد مزالي:
لا، ما طلبش منه أن يصرح بها، فيصل كان دبلوماسي -الله يرحمه- كبير، فكان يسكت ويبتسم يعني فقط، ولكن بورقيبة طلب من عبد الناصر أن يتكلم بعد ذلك، باعتباره زعيم العروبة، لكنه أَعلم فيصل فقط.
أحمد منصور:
وفيصل لم يوافق ولم يرفض، يعني..
محمد مزالي:
لم يرفض ولم يوافق، كانت علاقة ود من قديم بينه وبين بورقيبة يعني، أنا لا أذكر أنه وقع أي مشكل وأي نشاز، ومشينا مكة وعملنا عمرة مع بورقيبة ووسيلة وزوجتي، وكنا رجال ونساء يعني..
أحمد منصور:
كلكم عملتو عمرة، يعني ما فيش تغير في إسلام بورقيبة الآن، حوالين العمرة، والحج والحاجات دي إلى الآن، ذهبتم بعد ذلك إلى الأردن؟
محمد مزالي:
إلى عمان في أواخر فبراير، أو أوائل مارس
أحمد منصور:
3 مارس 65
محمد مزالي:
3مارس 65 بارك الله فيك، واستقبلنا الملك حسين -الله يرحمه- استقبال أخوي كبير..
أحمد منصور:
(4/3)
اسمح لي هنا سعادة الوزير أعرف منك تفاصيل الزيارة إلى الأردن، وما حدث في أريحا في 3 مارس 65 من الرئيس بورقيبة في الحلقة القادمة -إن شاء الله-
أشكرك شكرا جزيلا..
كما أشكركم مشاهدينا الكرام، على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شاهدة السيد محمد مزالي، رئيس الحكومة التونسية الأسبق.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/4)
الحلقة4(4/5)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:52(مكة المكرمة)،19:52(غرينيتش)
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
تاريخ الحلقة
01/09/2002
محمد مزالى
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر"، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد (محمد مزالي) رئيس الحكومة التونسية الأسبق.
مرحبا سيد مزالي.
محمد مزالي:
أهلا وسهلا.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند الجولة التاريخية التي قام بها الرئيس بورقيبة في العام 65 إلى مصر والسعودية والأردن، وألقى خطابه الشهير في الثالث من مارس في مدينة أريحا، تحدثنا عن زيارتكم إلى مصر وما وقع فيها، وإلى المملكة العربية السعودية، ونبدأ اليوم من وصولكم إلى الأردن، واستقبال الملك حسين لكم، وكنت ضمن الوفد المصاحب للرئيس بورقيبة.
محمد مزالي:
نعم كان استقبال حار أخوي، شخصيا كنت متأثر جدا.. لأني أتيحت لي الفرصة أن أزور القدس وأصلي في المسجد الأقصى، وأزور مقام سيدنا إبراهيم الخليل، وأزور الأردن لأول مرة في حياتي حينذاك، ووقعت مناقشات سياسية طبعا بين الرئيس بورقيبة وبين الملك حسين.
أحمد منصور:
ما طبيعة وموضوعات هذه المناقشات؟
محمد مزالي:
والله مناقشات سياسية حامت حول القضية الفلسطينية، وتحدث الملك حسين -يرحمه الله- طويلا عن الحدود الأردنية التي كانت يعني شاسعة، وتهديدات إسرائيل، خاصة وأنه بعد عام بعد عامين يعني وقع هجوم 67، وشخصيا غادرت وزوجتي مع بعض الرسميين الآخرين، غادرنا الأردن في اليوم الذي توجه فيه بورقيبة إلى أريحا..
أحمد منصور:
لم تصاحبوه؟
محمد مزالي:
لا..
أحمد منصور:
عدتم إلى تونس؟
محمد مزالي:
(4/6)
عدنا عبر باريس لأن زيارة بورقيبة كانت متواصلة، كان يجب أن يتوجه إلى لبنان، ثم سوريا، ثم العراق وتركيا وإيران، فكانت فرق من الوزراء تعود إلى تونس، وفرق جديدة تلتحق بالرئيس بورقيبة، لكن لما وصلنا إلى تونس استمعنا إلى الخطاب استمعت إلى خطاب الرئيس، وتبينت أن الجماهير الفلسطينية كانت تصفق وكانت متحمسة.
أحمد منصور:
لما أعلنه؟
محمد مزالي:
طبعا.
أحمد منصور:
رغم أنه في تلك الفترة طرح مثل هذا الكلام كان يعتبر ضد الموجة العربية العامة؟!
محمد مزالي:
طبعا، لكن قال لهم: أنتم الآن لاجئين.. وأنتم الآن في الخيام، وليس بالخطب الرنانة ولا بالشعارات الفضفاضة يمكن أن تتحسن منزلتكم، أو ترجعوا إلى أراضيكم، بل بالعمل السياسي، ومن هنا المدخل كان المدخل إلى الفكرة التي أتى بها، وهي التمسك بالشرعية والكفاح داخل الحدود.
أحمد منصور:
نفس الفكرة التي انتهجها بورقيبة في عملية استقلال تونس..
محمد مزالي:
نعم.
أحمد منصور:
يريد أن يطبقها الآن فيما يتعلق بفلسطين؟
محمد مزالي:
نعم.. يعني سياسة المراحل، وافتكاك ما يمكن افتكاكه تمهيدا واستعدادا لمرحلة أخرى.
أحمد منصور:
كان بورقيبة يدرك أن إعلانه هذا سوف يواجه برفض عربي، كما حدث بالفعل، ووصل الأمر إلى حرق السفارة التونسية في مصر.
محمد مزالي:
نعم، رفض عربي، ورفض إسرائيلي، لأن إسرائيل رفضت الخطة البورقيبية تفصيلا وجملة، وقعت يعني قضية أخرى تزامنت مع قضية تصريح بورقيبة في أريحا، وهي قرار الرئيس عبد الناصر -الله يرحمه- قطع العلاقات مع ألمانيا الفيدرالية، والاعتراف بألمانيا الشرقية، نظرا لملابسات سياسية ضمن أظن أن ألمانيا الفيدرالية اعترفت بإسرائيل أو شيء كهذا يعني..
أحمد منصور:
وبورقيبة خرج عن هذا؟
محمد مزالي:
(4/7)
بورقيبة هو الوحيد الذي قال: لن أقطع علاقاتي الدبلوماسية مع ألمانيا الفيدرالية، فهذا أيضا معناها أغضب أكثر عبد الناصر وزعماء عرب آخرين.
أحمد منصور:
ما معنى أن الرئيس عبد الناصر -كما ذكرت أنت وكما كنت شاهدا- وافق أن يقوم بورقيبة بطرح أفكاره فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت يحدث بين الرجلين ما حدث بعد ذلك؟ بل خرجت المظاهرات في مصر رافضة لما طرحه بورقيبة، وحرقوا السفارة التونسية.
محمد مزالي:
وحرقوا السفارة، وقطعت العلاقات الدبلوماسية مرة أخرى بين مصر وتونس، أعتقد أن موقف بورقيبة من مقاطعة قطع العلاقات مع ألمانيا الفيدرالية كان له دور كبير، وأن عبد الناصر ساير الموجة.. موجة مقاطعة بورقيبة، أذكر أنه بعد يومين في محطة بورقيبة في لبنان كانت الهجومات الصحفية عنيفة، وتشجع بورقيبة، وواجه حوالي 100 صحافي لبناني وعربي في ندوة صحفية، وتسجيل هذه الندوة يعني دامت ساعة ونصف موجود في الإذاعة والتلفزة التونسية، وفى إذاعات أخرى، وكان بورقيبة يعني يجيب على أنواع الهجومات وأنواع الانتقادات بصورة عجيبة يعني.
أحمد منصور:
هو كان من صفات السيد بورقيبة حضور ذهنه وارتجاله للخطب السياسية
محمد مزالي:
وشجاعته أيضا
أحمد منصور:
وأنه كان يرى كل موقف وما يناسبه ويستحوذ أو يسعى للاستحواذ على الآخرين؟
محمد مزالي:
ليس استحواذا، بل مواجهة للرأي المخالف يعني.
أحمد منصور:
هل كانت آراؤه هذه مدروسة أم مجرد فرقعات هكذا؟
محمد مزالي:
(4/8)
لا.. عنده ثوابت إستراتيجية، لكن في التكتيك اليومي، عنده ردود فعل يعني تبدو فجاية، في الندوة الصحفية كان يقول مثلا: كان يمكن أن أبقى مجاهدا أكبر، وأن أغسل يدي من قضية فلسطين، وأضم صوتي إلى صوت الجماعة، لكن أنا أعتبر مسؤوليتي تتمثل في النتيجة، وفي سبيل هذه النتيجة -وهي رجوع الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم- أتحمل الصعاب والانتقادات، لأن الزعيم يحكم له أو عليه لا بالمبادئ والخطب بل بالنتائج.
أحمد منصور:
الآن العرب وصلوا إلى أدنى كثيرا مما كان يطالب به بورقيبة في العام 65.
محمد مزالي:
نعم..وقبلوه.
أحمد منصور:
ولكنه في نفس الوقت يعتبر شكل من أشكال الانهزام، كما يرى كثير من الذين يعارضون هذا الأمر.
محمد مزالي:
في وقت من الأوقات.
أحمد منصور:
هل كان بورقيبة ينادى بالانهزام المبكر في تلك المرحلة في 65؟
محمد مزالي:
بالعكس.. بورقيبة كان يعني شجاع، وكان -ربما- سباق، لأنه كان يرى السياسة التزام بالنتيجة، لا تكرار للشعارات، كان يقول لنا: أنا أقدمت على معارك كثيرة، لأني أبغي النتيجة ولا السمعة، وأتحمل النقد اللاذع والإساءة في سبيل النتيجة، وكما تفضلت -أخ أحمد- العرب الذين رفضوا خطط بورقيبة التكتيكية الآن راضون بحدود (67) لا (47)، وإسرائيل ترفض هذا.
أحمد منصور:
الآن تعتبر زيارة الرئيس بورقيبة إلى مصر فشلت..
محمد مزالي:
نعم..كانت ناجحة في الأول ثم فشلت.
أحمد منصور:
قطعت العلاقات، وأحرقت السفارة..
محمد مزالي:
حدث استقبال كبير في الكلية في الجامعة المصرية، وفي مجلس النواب يعني وخطب.. وتبادل خطب..
أحمد منصور:
الآثار التي ترتبت على إعلان بورقيبة في أريحا عن موضوع قبول التقسيم في (47) وما تلا ذلك من أحداث أدت إلى أن الأمور وصلت إلى مرحلة معقدة بعد ذلك، طبيعة علاقة بورقيبة إيه بالقضية الفلسطينية بعد ذلك لا سيما هزيمة (67) حينما وقعت؟
محمد مزالي:
(4/9)
بورقيبة تأسف كثيرا، أنا شفته.. أحيانا تنهمر الدموع من عينيه عندما يرى هذه الواقع المرير.
أحمد منصور:
هل كان يعرف البكاء؟
محمد مزالي:
يبكي كثيرا
أحمد منصور:
أمامكم؟
محمد مزالي:
أمامنا.. وأمام الجماهير في خطب شعبية.. في أحياء.. وفي أرياف، كان أحيانا يبكي، يتذكر أمه مثلا فيبكي، يتذكر بعض الأحداث، بعض الهجومات عليه، بعض ما قاسى في السجون الفرنساوية، وكان يقول بورقيبة إن السياسة العربية حينذاك..
أحمد منصور:
67
محمد مزالي:
وقبلها وبعدها كانت تؤدي إلى طي ملف فلسطين، وفي (67) كان متألم كثير، ولكن قال: إن العرب لو استمعوا إلى بعض أفكاري لما وقع الهجوم الإسرائيلي على مصر.
أحمد منصور:
حتى لو استمع العرب إلى أفكاره وإسرائيل رفضت فأفكاره هي مجرد أفكار يعني!
محمد مزالي:
بورقيبة كان يعتبر -والحق يقال- أن عبد الناصر -الله يرحمه- وبعض الأنظمة الأخرى يعني خاطرت وتهورت -معذرة عن الكلمة- تهورت، بحيث جعلت إسرائيل في موقع الهجوم بعنوان الدفاع، عندما نادى -مثلا- عبد الناصر.. وقرر...
أحمد منصور:
إغلاق المضايق وطرد الأمم المتحدة
محمد مزالي:
طرد الأمم المتحدة من شرم الشيخ، وغلق المضيق، فاعتبرت هذا إسرائيل يعني إعلان حرب، واغتنمت الفرصة، ثم دخول..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
يعني كان بورقيبة يحمل عبد الناصر وسياسات الدول المجاورة لإسرائيل مسؤولية الهزيمة؟
محمد مزالي:
عبد الناصر وبعض زعماء آخرين، مثلا -دخول الأردن في حرب (67) كانت يعني مجانا، خسرنا القدس الشرقية وخسرنا الضفة.
أحمد منصور:
ما حصلشي أي معارك معارك على جبهة الأردن يعني..
محمد مزالي:
ما هي دي المشكلة، بما أن الأردن دخلت الحرب في اليوم الثالث أو الرابع.. دخل في الحرب، كذلك الإخوان السوريين، فاحتلت إسرائيل الجولان، واحتلت الضفة والقدس الشريف.
أحمد منصور:
(4/10)
في مارس (68) عينت وزيرا للدفاع في تونس، ما معنى أن تأتي من مدير للإذاعة والتليفزيون لتعين وزير للدفاع؟ وأنت ليس لديك أي خبرة دفاعية؟!
محمد مزالي:
طبعا.. كما لم يكن لدي أي خبرة في الإعلام وفي الإذاعة وفي التليفزيون، أو ليس لي خبرة أيضا في الوزارة الأولى، ولا حتى في أي وزارة يعني، الوزارات كنا نعتبرها نحن -جيلنا- نعتبرها مسؤولية وخدمة للوطن، وكنا يعني نتدرب على الحكم، ونحاول ونخطئ ونصيب، والدفاع كانت بالنسبة لي وزارة مريحة في الحقيقة.
أحمد منصور:
كيف مريحة -وهذه مرحلة أنت بقيت من مارس (68) إلى أكتوبر (69) وزيرا للدفاع، الرئيس كان مخصصات الدفاع كانت قليلة، وكان يخشى من الجيش،ويريد تحجيمه وأن يبقى دائما في الثكنات.. فتلقي لنا الضوء على تلك المرحلة بصفتك كنت الرجل الأول في وزارة الدفاع.
محمد مزالي:
أنا كنت مقتنع.. من قبل أن أصبح وزير للدفاع، وعندما أصبحت وزير للدفاع بعد ذلك مقتنع بأن نسبة الميزانية الكبرى يجب أن تصرف وترصد لفائدة التعليم والتربية والصحة، لأني أعتبر -ولا أزال إلى اليوم أعتبر- أن خير سياسة دفاعية هي تكوين الإنسان حتى يصبح قادرا على الدفاع عن نفسه والذود عن وطنه، وأن تكويم وتكديس الخردة، تكديس الحديد والعتاد الحربي، وخاصة العتاد الذي تجاوزته المراحل الحديثة، لأن الدول الكبرى لا تبيع للعرب والعالم الثالث إلا ما تجووز وانتهي أمره، فخسارة..يعني ونزيف الطاقات الاقتصادية الوطنية من غير أي نتيجة.
أحمد منصور:
ما هي أهم الأشياء التي فعلتها حينما توليت وزارة الدفاع؟
محمد مزالي:
يعني أعتذر إن قلت لأول مرة أنه حصل لي شرف أن استقبلت في أواخر (68) أو أوائل (69) نسيت يعني معذرة وفد فلسطيني يترأسه المرحوم (أبو إياد)، ومن ضمنه واحد ما زال حي، وواحد قتل في بيروت.
أحمد منصور:
(أبو حسن سلامة)؟
محمد مزالي:
لا.. واحد ثاني.
أحمد منصور:
كثيرين قتلوا في بيروت.
(4/11)
محمد مزالي:
قتلهم (باراك) هذا يعني.
أحمد منصور:
نعم مجموعة في بيروت التي..
محمد مزالي:
مجموعة في بيروت حينما تزيوا بزي امرأة، وكانوا 4 أظن، واحد منهم.. والثالث موجود حي -أطال الله في أنفاسه- موجود في القاهرة الآن، كان لمدة طويلة ممثلا للمنظمة في القاهرة. كمال.. أو..
أحمد منصور:
(سعيد كمال)؟
محمد مزالي:
نعم، (سعيد كمال).
أحمد منصور:
الآن هو مساعد أمين عام للجامعة العربية.
محمد مزالي:
أحييه من خلال هذه القناة يعني، هو حي، يقدر يشهد، هو الوحيد الحي لأني أنا استقبلتهم من غير أن أستشير بورقيبة، ومن غير أن أعلمه.
أحمد منصور:
وكنت وزيرا للدفاع؟!
محمد مزالي:
وزيرا للدفاع، لأن هذا من حكم ضميري، وطلبوا مني مدهم لا بالمال بل بالأسلحة، فمن غير أن أستشير لا بورقيبة ولا المرحوم (الباهي الأدغم) رئيس الحكومة وكان للدولة رئاسة -كما كان يسمى- بحكم يعني منطلقاتي الوطنية وأذنت لرئيس الأركان -الله يرحمه- (الجنرال الكافي) ومساعده آنذاك (الجنرال طبيب) بتوفير قدر من الأسلحة، وطبعا الجيش -حينذاك- التونسي كان متواضع في إمكانياته يعني، وقال الجنرال إن الكثير من الأسلحة هدية من يوغوسلافيا والبعض هدية من تركيا، مكتوب عليها، قلت: معليش وخصصنا قدر كبير من الأسلحة..
أحمد منصور:
الأسلحة الخفيفة يعني؟
محمد مزالي:
الخفيفة، وبعض المدافع يعني..
أحمد منصور:
مدافع رشاشة؟
محمد مزالي:
ومدافع كذلك..
أحمد منصور:
كبيرة؟
محمد مزالي:
كبيرة نعم، وبقي السلاح حوالي..، وكان (أبو إياد) متأثر جدا، وقال لي بالحرف الواحد.. الأخ كمال
أحمد منصور:
سعيد كمال
محمد مزالي:
(4/12)
سعيد كمال -لو سئل لأجاب- قال لي: أنت الوحيد في العالم العربي الذي أعطاني السلاح مباشرة، وبقي السلاح لمدة 3 أو 4 أشهر فناديت (حكم بلعاوي).. (الحكم بلعاوي) كان ممثل للمنظمة في تونس، قلت: يا أخ حكم السلاح موجود، كيف تحبوا أن نمرره عن طريق الجزائر أو عن طريق ليبيا؟ وبعد مدة أجابني، ووجهنا السلاح عن طريق ليبيا، فهذا باعتز به لأنني أعتبر أن سر النجاح الفلسطيني هو في الكفاح الميداني من طرف الفلسطينيين، عندما يقبل شباب فلسطين أن يضحي بالنفس، كما فعل في أيام حرب الحجارة، ولا يزال البعض منه الآن -والحمد لله- يعني يؤثر الاستشهاد على الحياة الدون والمسكنة.. فهذا هو سر نجاح كل الشعوب..
أحمد منصور:
يعني..أنت تؤيد استمرارية الكفاح الفلسطيني، والعمليات التي تقوم بها (حماس) و (الجهاد) وغيرها.
محمد مزالي:
طبعا بصفة عامة.. بصفة عامة، أؤيد الكفاح السياسي، والكفاح السياسي لا بد أن يدعمه الكفاح المسلح والكفاح المادي.
أحمد منصور:
وهذا ما لم تقوموا به أنتم في فترة الاستقلال.
محمد مزالي:
احنا قمنا به.
أحمد منصور:
الرئيس بورقيبة قبل في 55 طالب بوضع السلاح.
محمد مزالي:
كيف استطاع بورقيبة؟ وكيف ركنت فرنسا إلى... وجنحت إلى التفاوض؟ لو لم يضح عشرات ومئات التونسيين، الشباب التونسي بالنفس والنفيس، وبالنفس بالخصوص.
أحمد منصور:
يعني أنت بذلك موقفك من عملية السلام التي تمت الآن أو التسوية القائمة الآن.. طالما أنك تؤيد الكفاح إلى اليوم واستمراريته؟
محمد مزالي:
لا.. هذه قضية ثانية يعني.. يجب أن أصحح الوضع فأقول: إن الكفاح المسلح هو تأييد للكفاح السياسي، ليس الكفاح المسلح غاية في حد ذاته، فإذا استطعنا بالسياسة أن نبلغ المقصود -ولو بمراحل- فيا حبذا..، أما أما أما إذا كان لا بد ليتحرك الخصم وليختار أخف الضررين من الكفاح المسلح والفداء وروح الفداء .. فهذا ضروري.
أحمد منصور:
عينت وزيرا للتربية...
(4/13)
محمد مزالي [مقاطعًا]:
هذه بالنسبة للدفاع هذه من الأعمال التي قمت بها، من غير أن أستشير ولا أن أعلم بورقيبة ولا الباهي وحدي..
أحمد منصور:
وعلموا بعد ذلك؟
محمد مزالي:
لا على علمي أنا، لا.
أحمد منصور:
عينت بعدها وزيرا للتربية والشباب والرياضة في أكتوبر 69
محمد مزالي:
اسمح لي.. وفي الدفاع كذلك حرصت على تكوين الأطر.. تكوين الضباط.. تكوين ضباط الصف.. يعني على أساس الخدمة المدنية، وعلى أساس حب الوطن، وكنت دائما أحاضر وأنتقل من وحدة إلى وحدة، ومن حامية إلى حامية، أستاذ، ومحاضر، ومربيا.
أحمد منصور:
فترة وزارة التربية الأولى للمرة الأولى في أكتوبر 69 إلى يونيو 70.. عدة أشهر، لماذا فترة قصيرة؟
محمد مزالي:
لأني كنت ضحية اختياراتي ومبادراتي على رأس التربية القومية، وخاصة مبادرتين أزعجتا السلط الثقافية الفرنسية وبعض أذناب الاستعمار الثقافي الأجنبي في تونس، حيث.. أولا وضعت خطة للتونسة يعني للاستعاضة عن الأساتذة والمعلمين الفرنساويين بأساتذة ومعلمين أكفاء تونسيين، وثانيا..
أحمد منصور:
في كل المجالات؟
محمد مزالي:
في كل المجالات التي فيها أساتذة ومعلمين تونسيين، وثانيا: بدأت يعني القيام بخطة لتجاوز ما فات، وللبدء في تعريب التعليم، لأنه يجب أن أذكر أنه لما تولى (المسعدي) وزارة التربية فرنس التعليم.
أحمد منصور:
في 58
محمد مزالي:
(4/14)
بدأ ذلك في 58 إلى جانب ما فعله وما قلناه إزاء جامع الزيتونة المعمور، وضع خطة بعد الاستعانة بخبراء فرنسيين خطة تقضي بجعل اللغة الفرنساوية تدرس في التعليم الابتدائي، بينما مدير التعليم الفرنسي (مسيو بيري) تحت تأثير الحزب الدستوري والنقابات حينذاك، أخذ يعرب بالرغم عنه شيئا فشيئا حتى وصل بالتعريب الكامل، يعني تعريب المواد العلمية والأشياء والحساب، التعليم بالعربية إلى السنة الرابعة، سنة أولى.. ثانية.. ثالثة.. رابعة، فالمسعدي بخطته رجع بالفرنساوية إلى السنة الثالثة.. يعني كان عامين لغة عربية نصف وقت فقط (15) ساعة، وهذا ما يفسر انحطاط مستوى التعليم في حد ذاته، ثم اللغة الفرنساوية، فأنا بدأت.. ثم فُرنست السنة الأولى والثانية بعد ذلك، فأنا بدأت من البداية قلت نبدأ بتعريب التعليم شيئا فشيئا.. كان بورقيبة..
أحمد منصور:
عملية هنا عملية الفرنسة وعملية التعريب وغيرها أين موقع بورقيبة باعتباره الرجل الأول من هذه المسائل؟
محمد مزالي:
بورقيبة في الأول في الأول كان من أنصار التعريب، ومرجع كلامي هذا -في خطابه الذي ألقاه في المدرسة الصادقية بمناسبة اختتام السنة الدراسية في جوا 57 حيث قال بالحرف الواحد والوثائق موجودة: يجب تعريب التعليم في كل المواد، ثم تأثر ببعض الوزراء، وتأثر بالمسعدي، وربما بتأثيرات أخرى...
أحمد منصور:
كيف تأثر وهو رجل صاحب مشروع، وهو الذي يفرضه على الآخرين، والآخرون موظفين عنده؟
محمد مزالي:
هو ليس اختصاصي في التربية، بورقيبة..
أحمد منصور:
القضية هنا ليست قضية تربية وقضية تعليم، وإنما قضية ثقافة وهوية!
محمد مزالي:
أقنعوه أقنعوه بأن اللغة الفرنسية هي المفتاح للتقدم والتكنولوجيا، وأن اللغة العربية لغة تاريخ، ولغة ماضي، هذا من سوء الحظ، وليس هذا رأيي طبعا.
أحمد منصور:
وأنت حينما سعيت لإقناعه بالتعريب.
محمد مزالي:
أنا لم أطلب منه أن يعرب، أنا بدأت التعريب..
(4/15)
أحمد منصور:
بدون مرجعية لأحد؟
محمد مزالي:
وللنكتة يعني، قلت للباهي -الله يرحمه-: نعرب.. ؟ قال لي الرئيس -الرئيس كان يعالج في باريس وقتها عام (70)- قال: الرئيس ما يوافقش ومشكل، قلت: يا سي باهي خليني أُعرب أنا عام..، قال: طبعا.. عرب عام فقط، ونشوف رد فعل بورقيبة، وبورقيبة أرسل لي عن طريق (محمد المنصوري) هذا، كان سفير، قال لي: رتهو بورقيبة زعلان كيف عربت؟ وكلمني مدير المحافظة -الله يرحمه- كلمني، وقال: الرئيس زعلان، قلت: أنا أتحمل مسؤوليتي، فلما رجع بورقيبة في غرة جوان كان عازم على التخلص مني، ويوم 12 جوان أبلغت أن مهمتي انتهت..
أحمد منصور:
كوزير للتربية.
محمد مزالي:
كوزير للتربية فقلت: مع السلامة، أنا أستطيع أن أشتغل يعني أستاذ.
أحمد منصور:
وهذه الفترة التي بُعدت فيها عن الوزارة إلى العام التالي، في 6 نوفمبر (1970) تم إقصاء (الباهي الأدغم)، أثناء قيامه بمهمة المصالحة بين الأردنيين والفلسطينيين بعد أحداث أيلول الأسود.
محمد مزالي:
ولعب الباهي -الله يرحمه- دور كبير، ودور خطير صحبة ومع معالي صاحب السمو (الشيخ سعد العبد الله سالم الصباح) الذي ساعد هو و(الشيخ سعد) ساعد (أبو عمار) مع (الباهي الأدغم) على الهروب، مختفيا ومتزيا بزي امرأة أظن للخروج من عمان والهروب بجلده.
أحمد منصور:
نعم.. عملية إقالة (الباهي الأدغم) هنا، أو إقصائه بعد 13 عاما من البقاء رئيسا للحكومة أو وزيرا أول، ماذا كانت تعني في تلك المرحلة؟ وما هي أسبابها في تصورك؟ لا سيما الرجل كان بيقوم بمهمة كبيرة.
محمد مزالي:
(4/16)
وقتها كانت مهمة، لكن بورقيبة كان يعتقد أن (الباهي الأدغم) قام برسالته خلاص، وفترته كانت مقرونة في نظر الشعب ونظر الجميع بفترة التعاونيات والتعارض، فبورقيبة كان زعل على التعارض، وزعل على (بن صالح) وألقى عليه القبض، وحوكم بن صالح لسوء الحظ -أنا ما كنتش موافق على هذا- لأن بن صالح أخطأ مثلنا جميعا، فكان يجب أن يكتفي بورقيبة بإقالته من الحكم، وقد استقام الأمر، ولكنه كان متحمس كثير.
أحمد منصور [مقاطعًا]:
يعني هو حمل بن صالح مسؤولية فشل الاشتراكية؟
محمد مزالي:
نعم.. حتى يتخلص هو من التعارض.
أحمد منصور:
حتى لا يحمل هو مسؤولية الاشتراكية البورقيبية.
محمد مزالي:
ولكن كان يعرف بورقيبة -في خاطرة نفسه- أنه مسؤول، ولهذا أصيب بانهيار عصبي، لم يزل يتابعه طيلة عشرة سنين، لأن الصدمة كانت قوية.
أحمد منصور:
يعني هو انهيار التعاونيات حدث في يوم وليلة؟ هي سياسة انتهجت من البداية وكانت خاطئة.
محمد مزالي:
نعم.. كانت خاطئة، لكن خطأ لم يظهر للعيان، ولم يقتنع به بورقيبة بالخصوص إلا في عام (69)، فشال بن صالح واضطهده، ولم يكن هناك لزوم لاضطهاده، وإنما كان من حق بورقيبة أن يقيله وخلاص.. وبحيث انتهت فترة (الباهي الأدغم) في هذه الظروف من سوء الحظ، وهذا لو أتجرأ على توجيه لوم إلى بورقيبة لوم سياسي، يعني لم يقل (الباهي الأدغم) فقط، (الباهي الأدغم) أنا أحترمه، أنا أحترم كل من دخل السجن، وكل من ضحى في سبيل تونس، ولو أختلف معه في هذه النقطة أو في تلك.. (الباهي الأدغم) مناضل قضى 5 سنوات سجن في الجزائر، في وقت عز فيه المناضل، وعزت فيه التضحية.
أحمد منصور:
على يد الفرنسيين طبعا؟
محمد مزالي:
(4/17)
الفرنساويين طبعا.. فلعب دور (الباهي الأدغم).. فكان يجب أن يقيله عندما يرى إقالته، ويبقى وزير أول سابق محترم مهاب لما قدمه من خدمات أيام الكفاح وأيام بناء الدولة، لكن بورقيبة كان دائما.. كان في خطبة من خطبه في مجلس النواب هاجم (الباهي الأدغم) هجوم عنيف من غير لزوم، وقال..
أحمد منصور:
يعني هل كان بورقيبة هو يحمل الآخرين مسؤولية أخطائه هو؟
محمد مزالي:
كان عنده عيب من عيوبه أنه كان دائما ينتقد من اشتغل معه، حتى يبقى هو وحده يعني فوق الانتقادات، ومحل الاحترام والتقديس، هذا عيب من عيوبه، لأن مع الزمن كبرت شخصيته واعتبر نفسه تونس هو تونس!!
أحمد منصور:
وكان يعبر عن هذا في خطاباته وفي..؟
محمد مزالي:
كان يقول في خطاباته.. وكان يقول لي شخصيا.. يا سي محمد تونس ماسكة نفسها أو شادة نفسها بفضل بورقيبة.
أحمد منصور:
ما تفسيرك لهذا؟ أن يصل الرجل إلى مرحلة من الغرور..
محمد مزالي:
علم النفس علم النفس.. وليس هو الأول في التاريخ، يعني كثير من الزعماء..
أحمد منصور:
وأنتم كتونسيين وكوزراء ومسؤولين حوله كنتم..
محمد مزالي:
لا.. والله..والله.. كان فيه يعني محبة لبورقيبة لا تنفي احترازات. طبعا..
أحمد منصور:
حتى منكم أنتم؟
محمد مزالي:
طبعا.. طبعا.
أحمد منصور:
هل أبدى أحد منكم له نقدا أو توجيها، وقال له..
محمد مزالي:
في عدة مسائل ناقشناه كثيرا.
أحمد منصور:
اضرب لنا مثال لو سمحت..
محمد مزالي:
مثال: لما كنت وزير أول.. أنا كنت مثلا ناديت بالوفاق بين تونس وليبيا، فبورقيبة كان ضد هذا، كان يحمل المسؤولية للأخ (القذافي)، حاولت مثلا لما أغارت طائرات أمريكا على بنغازي وطرابلس...
أحمد منصور:
نعم في 86
محمد مزالي:
(4/18)
في 17 أبريل (86) أعددت أنا والأخ -وما زال حي والحمد لله- الأخ (محمود المستيري) كان وكيل وزارة الخارجية، أعددنا نص تضامن مع الشعب الليبي، ورحنا إلى بورقيبة الساعة الخامسة بعد الزوال، خلافا للعادة، العادة دايما يستقبلنا الساعة التاسعة صباحا، وقرأت عليه النص، فزعل وقال: لا.. لازم نحور النص، ونحمل القذافي المسؤولية، فأنا وقفت موقف كبير، وفي الآخر قمت منها مرتاح، لأن بورقيبة تنازل عن النص الهجومي على (القذافي).
أحمد منصور:
طالما تحدثت عن تلك المرحلة.. كان هناك محاولات من..
محمد مزالي :
نعطيك لو سمحت نعطيك مثال آخر لو سمحت لأن الذاكرة أحيانا..، بعد حوادث الخبز -ربما نرجع لها-.. في الأيام الأولى من يناير 83
أحمد منصور:
كنت أنت رئيسا للوزراء.
محمد مزالي:
نعم -وهي ربما نرجع لها-.. هي مؤامرة وليست ثورة.. ليست تمرد.
أحمد منصور:
سنعود لها بالتفصيل.
محمد مزالي:
(4/19)
وسيلة عندها دورة فيها على كل حال في آخر.. ألقي القبض على بعض من اتهموا بأنهم رموا بالحجارة، ومات شخص أو اثنين، وحكمت عليهم المحكمة بالإعدام، والتعقيب نفسه.. يعني محكمة الحل.. العقد والإبرام أيدت الحكم، وجاء الأخ (محمد شاكر) وهو موجود حي يرزق -والحمد لله- يستطيع أن يشهد، جاء إلى بورقيبة بنص يعني فيه رأي لجنة العفو، وفيه إما ينفذ الحكم أو على الشمال يحول إلى أبدي، ويجب أن يكتب بورقيبة بخط اليد قرار تأييد الحكم حتى ينفذ فيه، فبعد أن وقعت محاولات -حتى زوجته نفسها تدخلت- وبورقيبة كان دائما يقول: لا، وثم وفود راحت إلى (مدام زالي).. رئيسة الاتحاد النسائي حتى تتدخل، ولكن بورقيبة صم أذنيه، فقبل أن يكتب قلت سيادة الرئيس أنا شخصيا لست حقوقيا، ولكن عندي رأي، قال: تفضل، قلت: هؤلاء الشبان.. الاثنين أو الثلاثة صحيح رموا الحجارة، لكن رموا بالحجارة، وقتلوا لأن مدينة تونس كانت خالية من الأمن، لأن وزير الداخلية السابق نزع السلاح من الأمن...
أحمد منصور:
إدريس قيقا
محمد مزالي:
نعم إدريس قيقا.. وترك البلاد وشأنها، قلت: يا سيدي الرئيس لو في باريس الآن يغيب الأمن ألا ترى أن الرعاع سوف يهجم على المغازات وسوف يسرق؟ فقال لي: صحيح، قلت: أنا في اعتقادي والذوق السليم أن المسؤولية مشتركة بين الدولة وبين هؤلاء الأشخاص.. قعد يتفكر قال لي: يا سلام صحيح يا سلام معك حق، قال: احنا مسؤولين كذلك، بعدها تنهد وقال لي: أول مرة في حياتي كرئيس لا أوافق على تنفيذ حكم بالإعدام، وكتب يحول الحكم إلى مؤبد، لما الإنسان يخاطبه -مع التقدير المتبادل- استطعت في نطاق ويمكن أن أذكر أمور كثيرة تمعقل فيها -كما يقولوا في تونس- تمعقل فيها بورقيبة وتراجع عن موقفه.
أحمد منصور:
(4/20)
طالما تحدثت في ثنايا الكلام عن العلاقة مع ليبيا، والبيان الذي سعيت لإصداره.. في 86 في الفترة بعد مجيء القذافي في 69 وبداية السبعينيات جرت بعض المحاولات التي كان بورقيبة يسعى فيها إلى عمل وحدة مع ليبيا تارة، مع الجزائر تارة، ووحدة مغاربية تارة أخرى، قضية أو قصة التجمعات الوحدوية هذه في المنطقة بإيجاز يعني..؟
محمد مزالي:
بصفة عامة بالنسبة لتونس وليبيا.. الأخ العقيد القذافي هو الذي سعى إلى الوحدة، في يناير 74 بعد محاولات وخصومات.. وخاصة زيارة القذافي لتونس في (72) وخطابه في قاعة (السينما) والنداء بالوحدة، وبورقيبة كان مريض فخرج من قصره، ولم يجد سيارة، فأخذ سيارة البوليس، ودخل إلى قاعة السينما، وألقى خطاب أجاب فيه الأخ القذافي.
أحمد منصور:
هذا الخطاب الشهير للقذافي أعطى فيه رؤية معينة.. كان يسمعها بورقيبة وذهب إلى السينما..
محمد مزالي:
وكان القذافي يعني يملك أعصابه -في الحقيقة- هُيئ لاجتماع (جربة) في أسبوع كان فيه (الهادي نويرة) -الله يرحمه- في زيارة رسمية لإيران، وكان فيه وسيلة بورقيبة في زيارة إلى لبنان وسوريا، أنا كنت وزير التربية حينذاك، بعيد عن السياسة المباشرة، وراح بورقيبة هو و3 أو 4 وزرا، منهم الحبيب الشطي كان مدير الديوان، منهم (طاهر الخوجه)، ومنهم (محمد الصياح)، وأظن (محمد الفيتوري) وبعد اجتماع ثنائي: بورقيبة- القذافي، دام 35 دقيقة، خرجا من قاعة الاجتماع، وابتديا بفاتحة الكتاب على نشوء الجمهورية العربية الإسلامية.
أحمد منصور:
هل هكذا تقام الدول الموحدة؟
محمد مزالي:
وهذا مشكل، بعدين في نفس الدقائق الموالية تكونت الحكومة، حكومة الوحدة، رئيس الجمهورية: الحبيب بورقيبة، وهذا ما كان ربما يشفي..
أحمد منصور:
طبعا.. الزعامة..
محمد مزالي:
الأنانية وحب العظمة، وكان الخلافي نائب الرئيس أظن وزير للدفاع، و(محمد المصمودي) وزير الخارجية، و..
أحمد منصور:
(4/21)
وهذا الذي جعل لك علاقة خاصة بين (المصمودي) و(القذافي) بعد ذلك، حتى غضب عليه بورقيبة؟
محمد مزالي:
لا أدري الآن، لكن وقتها كانت العلاقة مميزة يعني كويسة والحق يقال، ولم تكن مميزة مع المغرب مع الملك الراحل (الحسن الثاني)، ولا حتى مع الجزائر، لأن الرئيس (بومدين) -الله يرحمه- زعل كثير..
أحمد منصور:
على هذه الوحدة؟
محمد مزالي:
على هذه الوحدة، وبورقيبة بعدما رجع في نفس اليوم إلى تونس بدأ يصرح ويقول: الوحدة هذه تتطلب استفتاء حتى يوافق الشعب عليها، والاستفتاء يقتضي تحوير الدستور، بينما كانت الوحدة ستتحقق باستفتاء في الأيام الموالية القليلة يعني.
أحمد منصور:
الاستفتاء ليه يعني؟ إذا هو قبل ذلك استطاع أو في تلك المرحلة استطاع أن يقوم أو يجري تعديلات في الدستور، على أن يكون رئيسا مدى الحياة، رئيسا للحزب مدى الحياة، ثم رئيسا لتونس مدى الحياة.
محمد مزالي:
تعديله وقع بعيد الوحدة.
أحمد منصور:
بعيد في تلك المرحلة يعني في (74) بعد مؤتمر(المنستير).
محمد مزالي:
ويقال -أنا لم أحضر- يقال إن بورقيبة خاطب بومدين (هواري بومدين) في التليفون وقال له تنضم للجماعة، بدلا من 2 نصبح 3، بومدين قال له: الجزائر ما تركبش في القطار عندما يتحرك -وهي عبارة فرنساوية وتعني اركب القطار من الأول مع الأولين-، ومشى وزير أو 2 من تونس إلى (بومدين) وقابلوا الأخ فخامة الرئيس عبد العزيز بو تفليقة كان وزير خارجية، ووجدا من الإخوان الجزائريين معارضة تامة، بحيث فشلت الوحدة، و(الهادي نويرة) كان ضدها من الأول، رجع بسرعة..
أحمد منصور:
كان رئيسا للوزراء، بقي من (70) إلى (80) رئيسا للوزراء، وتوليت أنت عدة حقائب وزارية في الحكومة.
محمد مزالي:
نعم أنا كنت وزير تربية حينذاك عفوًا.. أيام الوحدة هذه أنا كنت وزير صحة.
أحمد منصور:
(74)..
محمد مزالي:
(4/22)
(74) كنت وزير صحة.. حيث كانت -من سوء الحظ يعني- محاولة فاشلة، ومن شأنها أن تضر بفكرة الوحدة، فكرة كويسة الوحدة يعني.
أحمد منصور:
ما فيش تناقض هنا بين انتقاده للوحدة بين مصر وسوريا، حينما كان في مصر في (65) أمام عبد الناصر، وأمام بعض الجماهير، وسعيه لوحدة يتم الاتفاق عليها في نصف ساعة؟
محمد مزالي:
لأن الوحدة هذه.. أرضت غروره، لأنه سيصبح رئيس دولة غنية معناها بالبترول، وغنية بمساحاتها الشاسعة، بينما هو يعتبر نفسه رئيس جمهورية في دولة صُغَيرة ترابيا...
أحمد منصور:
بعض الناس الذين كانوا قريبين من بورقيبة يقولون إنه كان يعني يعتبر نفسه أكبر كتير من مجرد تونس.. يعني هو يجب أن يكون زعيم لمنطقة المغرب كلها، وليس مجرد تونس يعني.
محمد مزالي:
هذا صحيح، لأن شخصه كان منتفخ إلى حد كبير، وكان يعتبر نفسه مجاهد، يعني جاهد وكذا، هذا غرور من سوء الحظ.
أحمد مزالي:
بعد مؤتمر المنستير في (74) أصبح رئيسا للحزب مدى الحياة، ثم أصبح رئيسًا للدولة أيضا مدى الحياة..، تقييمك إيه لكلا هذين الأمرين؟
محمد مزالي:
هذا خطأ كبير، لأنه وجد بعض مناضلين –إن صح التعبير- تملقوا إليه، وقالوا له إن تاريخه ومجده وكذا وكذا كل ذلك..
أحمد منصور:
متى..؟ بعد 18 مارس (75)، واللا في مؤتمر (74)؟
محمد مزالي:
في مؤتمر (74).
أحمد منصور:
هذا كرئيس للحزب مدى الحياة؟
محمد مزالي:
ومجلس النواب أقر اقتراح بعض النواب الدستوريين، أقره في قراءة أولى وثانية في (75).
أحمد منصور:
اللي هي في 18 مارس (75) رئيسا للدولة مدى الحياة.
محمد مزالي:
وهذه أكبر غلطة، لكن أحب أن أقول حتى يتذكر هذا الإخوان النظارة أن الدستور المحور والمنقح يقول هذا القرار يهم بورقيبة فقط، بحيث بزوال بورقيبة تزول الرئاسة مدى الحياة.
أحمد منصور:
في (26 يناير 78) وكنت وقتها عدت للمرة الثالثة إلى وزارة التربية.
محمد مزالي:
والعود أحمد.
(4/23)
أحمد منصور:
وقعت أحداث ما يسمى بأحداث يناير 78 أو 26 يناير (78) وتدخل الجيش، وعزل (الطاهر بلخوجة) وكان وزيرا للداخلية، تلقي لنا الضوء بإيجاز على هذه الأحداث، ومن المتسبب فيها؟
محمد مزالي:
يعني حتى نفهم هذه الأحداث، وما وقع قبلها وما سيقع بعدها.. أقول: إن خطة وزير أول خطة ملعونة كلعنة الفراعنة.. ليه؟.
أحمد منصور:
تقصد وظيفة وزير أول؟
محمد مزالي:
الوظيفة نفسها، ليه؟ لأن الدستور كان ينص على أن الوزير الأول هو الذي يخلف رئيس الدولة في حالة الشغور [فراغ المنصب]، بحيث كانت كل المناورات، وكل الضربات وكل المؤامرات تتجه للقضاء على الوزير الأول، والاستعاضة عنه بشخص آخر من بين المقربين لرئيس الدولة، أو من زوجة رئيس الدولة، بحيث إن الأخ (الهادي نويرة) كان ضحية مؤامرة، قامت بها بطانة في القصر، من كانوا حول زوجة بورقيبة، بالتعاون مع المرحوم الآن اذكروا موتاكم بخير -المرحوم (الحبيب عاشور) زعيم النقابات حينذاك- لتهييج الشارع بشن إضراب عام، وقلاقل.. ودماء تسيل، حتى يتخلص بورقيبة من (الهادي نويرة) ويعوضه وزير الداخلية حين ذاك (الطاهر بلخوجة) أو (الحبيب عاشور) أو شخص آخر ترضى عنه الماجدة (وسيلة بورقيبة) -رحمها الله-، ثم وقعت قضية الخبز التي سنرجع إليها بعد حين، يعني خطة الوزير الأول كانت مستهدفة من كل المؤامرات.
أحمد منصور:
كوظيفة؟
محمد مزالي:
بحيث في 26 جانفيي [يناير] حوالي 100 شهيد، و500 جريح، كلها داخلة في خطة لإرباك (الهادي نويرة)، وحمل بورقيبة على التخلص منه.
أحمد منصور:
احكي لنا كوزير مسؤول في الحكومة آنذاك، ما الذي وقع بشهادتك أنت؟ كيف تصاعدت الأحداث؟ من الطرف الذي تحمله المسؤولية التاريخية؟
محمد مزالي:
(4/24)
أنا شهدت قبل الحوادث المأساوية الدامية 26 جانفيي [يناير]، شهدت مدة عام أو عام ونصف توتر العلاقات بين (الحبيب عاشور) ومن كان معه من الموالين لوسيلة بورقيبة، وبين (الهادي نويرة) ومن كان معه من الوزراء الموضوعيين يعني...
أحمد منصور:
أنت كانت علاقتك متوترة مع (الحبيب عاشور) وسأعود إليها فيما بعد.
محمد مزالي:
وقتها ما كانتش متوترة مع (الحبيب عاشور) كانت متوترة نوعا ما مع وسيلة، لكن (الحبيب عاشور) كنت أحترمه باعتباره مناضلا فقط، التوتر فيما بعد، لكن كنت على خلافه في بعض النقاط، كنت أحترم كثيرا الأخ (الهادي نويرة) -يرحمه الله- وكنت من أنصاره ضد هذه المغامرات.
أحمد منصور:
يظهر كانت له شخصية قوية، وكان الرئيس يحترمه، والعلاقات بينهما كانت جيدة.
محمد مزالي:
والله كان الرئيس يحترمه لأنه كان مناضل، وكان هو بطبيعته معناها لا يعبر عن غضبه، ولا عن مشاعره بصورة واضحة، كان يخزن ويتألم..
أحمد منصور:
حتى مرض بعد ذلك؟
محمد مزالي:
حتى مرض بعد ذلك، أنا حضرت في اجتماعات، كان (الحبيب عاشور) يعني يتهدده، ويضحك عليه، ويعجزه بطلبات ما أتى الله بها من سلطان.
أحمد منصور:
لكن (الحبيب عاشور) في نفس الوقت.. والنقابات بشكل عام كانت بتعبر عن توجهات الشعب التونسي، وكان الاتحاد التونسي العام للشغل يعتبر جهة المعارضة الرئيسية بالنسبة لحكومة ذات نظام أوحد، وحزب واحد، ونظام ديكتاتوري.
محمد مزالي:
(4/25)
هذه قراءة، لكن قراءتي أنا غير هذا، لماذا؟ لأن (الحبيب عاشور) في فترات كثيرة، كان مع (الهادي نويرة) ومع بورقيبة، عندما كانت مصالحه مع هذين المسؤولين، وعندما يرى (الحبيب عاشور) أن مصلحته مع وسيلة أو ضد الهادي نويرة يقلب ظهر المجن... أنا نقابي قديم، ولما الجو يكون كويس ما بين بورقيبه و(الحبيب عاشور)، (الحبيب عاشور) يطرد الشيوعيين، وطرد المعارضين، أعطيك حتى أمثلة أسماء بعض النقابيين الذين كانوا معارضين بحق.. شيوعيين أو قوميين عرب طردهم، لما العلاقات تفسد مع بورقيبه يرجعهم، مثلا في (72) وقعت مظاهرات كبيرة في الحرم الجامعي، (الحبيب عاشور) جاب العملة عملة الرصيف ذوي السواعد المفتولة، وأرسلهم يضربون الطلبة، وفي الخطاب العمومي في قصر القبة قصر الرياضة في المنزه.. هناك خطاب مسجل بصوت الحبيب عاشور يقول: هم ماويين وشيوعيين وستالينيين.. أنا مع البورقيبيين، لازم نقضي عليهم قضاء مبرما.. هذا في (72)
أحمد منصور:
كلكم كنتم بورقيبيين.
محمد مزالي:
بورقيبيين.. بورقيبيين بمنطق المصالح والمناورات.. هم بورقيبيين باعتبار بورقيبة يمثل..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
في ظل النظام الديكتاتوري بالشكل الذي كان يحكم به بورقيبه.. تبقى المصالح هي التي تحرك معظم الناس..
محمد مزالي:
عندما وجد بورقيبة في شخص الحبيب عاشور مؤيد هو والعملة..
أحمد منصور:
لم يكن بورقيبة في حاجة إلى الحبيب عاشور أو غيره، طالما كان يمسك بقبضة الحكم بهذه الطريقة..
محمد مزالي:
بل يحتاج إلى الطبقة العاملة.. إلى ذوي السواعد المفتولة.
أحمد منصور:
وكانت دائما طبقة متمردة.
محمد مزالي:
البعض مش الكل.. يعني أنا قلت في تاريخ الحبيب عاشور مثلا…
أحمد منصور[مقاطعًا]:
(4/26)
يعني بقي الاتحاد التونسي للشغل، وبقيت اتحادات الطلاب.. الاتحادات الطلابية في تونس تمثل الجبهة المعارضة غير المعلنة، والتوجهات السياسية المختلفة في البلاد مع إلغاء كل الأحزاب، أليس كذلك؟
محمد مزالي:
اتحاد الطلاب من عام (71) من ما يسمى بمؤتمر (مدينة خربا) تحول وأصبح فعلا في الغالب في الغالب الغالب معارض، أما اتحاد الشغل فبقي يتأرجح بين المعارضة والتأييد، حتى في فترتي أنا في مدة 3 سنوات كان الحبيب عاشور معي (1000%)، وكان يخطب ويؤيدني، ثم قلب ظهر المجن، بالنسبة ليناير لـ26 يناير موضوع سؤالك...
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة.. أتناولها معك بالتفصيل الأحداث التي وقعت في يناير (78)، ويناير (80) أيضا، والتي عصفت بـ(الهادي نويرة) وحكومته، ثم توليت أنت رئاسة الحكومة، وأصبحت الوزير الأول من (80) إلى (1986م)
محمد مزالي:
نعم في زمن العواصف..في زمن العواصف كما يقال.
أحمد منصور:
نعم نعم شكرا سعادة الوزير الأول التونسي السابق السيد مزالي.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد مزالي رئيس الحكومة التونسية الأسبق.
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/27)
الحلقة5(4/28)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:52(مكة المكرمة)،19:52(غرينيتش)
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
تاريخ الحلقة
08/09/2002
محمد مزالى
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر" حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد (محمد مزالي) رئيس الحكومة التونسية الأسبق،
مرحبا سيد مزالي.
محمد مزالي:
أهلا وسهلا.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند حدث هام في تاريخ تونس، وهو يوم الخميس الأسود 26 يناير 78، في هذا اليوم الذي قتل فيه -حسب بعض الروايات- ما يزيد على 100 تونسي، وجرح مئات آخرون، كيف اندلعت هذه الأحداث؟ ومن هو المسؤول الأول عنها؟
محمد مزالي:
المسؤولية -في اعتقادي - مشتركة، ولكن..
أحمد منصور:
بين من ومن؟
محمد مزالي:
بين الاتحاد العام التونسي للشغل وزعيمه حينذاك المرحوم (الحبيب عاشور) وقصر قرطاجة وبطانة الرئيس بورقيبة.
أحمد منصور:
من في البطانة تحديدًا؟
محمد مزالي:
زوجته، وكان وزير الداخلية حينذاك..
أحمد منصور:
الحبيب بلخوجة؟
محمد مزالي:
الطاهر بلخوجة.
أحمد منصور:
الطاهر بلخوجة؟
محمد مزالي:
وغيرهم من جهة، وبين المرحوم الأخ (الهادي نويرة) رئيس الحكومة حينذاك، وأغلبية من الوزراء معه، والخطة..
أحمد منصور:
لم تكن أنت طرفا في هذا الأمر؟
محمد مزالي:
لا..أنا كنت أقرب كثيرا إلى الأخ (الهادي نويرة).
أحمد منصور:
إذن تتحمل جانبا من المسؤولية التي يتحملها هو؟
محمد مزالي:
المسؤولية مشتركة.
أحمد منصور:
يعني..أنت بصفتك إلى جوار (الهادي نويرة)، و(الهادي نويرة) يتحمل جزء من المسؤولية تعتبر نفسك أيضا مسؤولا عن جانب منها؟
محمد مزالي:
(4/29)
طبعا، وجودي في الحكومة، وعدم استقالتي من الحكومة تفرض المسؤولية، ولا يمكن من الناحية الأخلاقية التملص منها، قلت إن المسؤولية مشتركة، لأن الأحداث المأساوية كانت خطة.. أو في نطاق خطة ترمي إلى زعزعة (الهادي نويرة) وإقناع الرئيس الحبيب بورقيبة بضرورة الاستعاضة عنه بوزير أول آخر.
أحمد منصور:
كل هذا في إطار الصراع على خلافة بورقيبة؟
محمد مزالي:
نعم، ولأن وظيفة الوزارة الأولى كما قلت لكم في الحلقة السابقة وظيفة هي خطة ملعونة كلعنة الفراعنة، بحيث إن (الحبيب عاشور) والحركة النقابية كانت تزايد في المطالب، والأخ (الهادي نويرة) كان يعني.. يملك المعطيات الاقتصادية، ويعرف ما هي حدود الطرديات، ومتي يجب أن يضع حد للطرديات، بحيث وشاركت شخصيا، يعني حضرت بعض المقابلات كانت صعبة عسيرة.
أذكر أنه في جلسة من جلسات التفاوض في مقر الحكومة بالقصبة وضع الأخ (الهادي نويرة) -رحمه الله- يديه على رأسه، وأخذ يتوجع، وقمت أنا، وسألته فقال إن لي أوجاع كبيرة، فأخذته إلى مكتب مجاور، وناديت الأستاذ الطبيب المختص في أمراض القلب الأخ (محمد أبو إسماعيل) فجاء في حينه لأن قصر الحكومة كان قريب من المستشفي الجامعي (الرابطة)، وقاس له ضغط الدم فوجده 24، هذا في أواسط يعني 77.
أحمد منصور:
أواسط 77، يعني قبل اندلاع أحداث 78 بسبعة أشهر تقريبا؟
محمد مزالي:
بالضبط تقريبا..كان حوالي جوا.. جويليى77، بحيث أن الخطة كانت مدبرة، وانتهت إلى.. وليبين لك بعض مظاهر هذا التدبير وهذا التآمر هو أن في ديسمبر 77، استقال 7 وزراء من حكومة (الهادي نويرة)..
أحمد منصور:
كنت سأسألك عن هذا.
محمد مزالي:
سبعة وزراء، شهروا -حقا أو باطلا لا أدري- لكن شهروا بأن ولاءهم للسيدة المرحومة (وسيلة بورقيبة) أكبر من ولائهم للحبيب بورقيبة، أو للهادي نويرة..
أحمد منصور:
تذكر لنا أبرز هؤلاء الذين استقالوا؟
محمد مزالي:
(4/30)
هؤلاء أذكر (عزوز الأصرم ).. (منصف حاج عمر).. (المنجي الكعلي)..(محمد الناصر) أظن.. وزير الشؤون الاجتماعية إلى آخره...
أحمد منصور:
نستطيع أن نقول أن ما حدث في ديسمبر 77 بلغ ذروة الحدث، الذي مهد لما وقع في يوم الخميس الأسود 26 يناير 78؟
محمد مزالي:
نعم، وأمام هذه الأحداث، نودي حينذاك بالديوان.. (زين العابدين بن علي) وكان ملحق عسكري في الرباط، نودي به مديرا للأمن.
أحمد منصور:
قبل أحداث 26 يناير؟
محمد مزالي:
قبل الأحداث، فعين أولا لمدة أيام في ديوان الوزير الأول (الهادي نويرة) ثم عين مديرا للأمن، وفي ديسمبر نفس الأيام..
أحمد منصور:
كان وزير الداخلية (الطاهر بلخوجة).
محمد مزالي:
نعم، وأقيل -أظن- في الأسبوع الأخير، أو حوالي 24 أو 25 ديسمبر، أقيل من منصبه كوزير داخلية، وعين وزير داخلية آخر، اسمه الدكتور(ضاوي حنبلية) بحيث الأمن كان بيد الدكتور (ضاوي حنبلية) يساعده مدير أمن.. (زين العابدين بن علي)، وتوالت وجوه التوتر، حتى قرر(الحبيب عاشور) الإضراب العام.
أحمد منصور:
لو تذكر لنا الخطوات التي سبقت اندلاع الأحداث في 26 يناير؟ التصعيد..
محمد مزالي:
(4/31)
وقعت إضرابات في قطاعات هامة، أهمها فيما أذكر، قطاع النقل النقل في تونس العاصمة، قطاع الفوسفات، قطاع الصناعات الكيماوية، يعني قطاعات حيوية بالنسبة للاقتصاد أو بالنسبة لحياة المواطنين، ثم تقرر الإضراب العام، ولعله من باب يعني الوفاء للتاريخ أن اذكر وهذا ربما ليس معروف عند الكثير من الإخوة أن المرحوم أبو إياد الزعيم الفلسطيني الكبير حاول التدخل، ووقع اجتماع أظنه في بيت الهادي نويرة، أو في بيت مسؤول آخر، ولم أحضره، ولكن قال لي الهادي نويرة، قال له الخلاف بينك وبين الحبيب عاشور لو لخصناه يرجع إلى كم مليار؟ مليار مليم يعني، الهادي نويرة قال له خزانة الدولة لا تقدر على مواجهة هذه الطلبات المبالغ فيها، قال له هم 3 أو 4 مليارات، فأبو إياد قال له المنظمة مستعدة أن تمد بها الخزينة التونسية...
أحمد منصور:
الطاهر بلخوجة أشار لهذا في مذكراته.
محمد مزالي:
قد يكون ذلك، فزعل الهادي نويرة، لأنه أعتبر أن هذا تدخل يعني غير مقبول من طرف دولة ذات سيادة، لكن لما وقع اجتماع في الديوان السياسي أو في الحكومة.. وقتها الديوان السياسي، ووقف الحديث حول هذا القدر، أنا شخصيا تدخلت، لأن الحبيب عاشور في مذاكرته يذكر هذا لي، قلت للأخ (الهادي نويرة)، قلت له يا السيد الوزير الأول إذا كانت القضية تنحصر في 3 مليارات يمكن أن تتنازلوا عليها، يمكن تقسطوها قسطين، ونجنب البلاد هذه المأساة، التي كنت أراها شخصيا تلوح في الأفق.
أحمد منصور:
يعني نستطيع الآن أن نقول إن الاتحاد العام التونسي للشغل، والعلاقة الوثيقة والخاصة التي كانت تربط زعيمه مع (وسيلة بن عمار) كانوا يمثلون اتجاها مع بعض الوزراء الآخرين، بهدف إضعاف حكومة بلخوجة...
محمد مزالي:
حكومة (الهادي نويرة)
أحمد منصور:
(الهادي نويرة) عفوا، وإجبار(الهادي نويرة) على الاستقالة، لتقديم رئيس وزراء آخر للاستعداد لخلافة الرئيس بورقيبة.
محمد مزالي:
(4/32)
قد يكون الطاهر بلخوجة أو غيره من أصدقاء المرحومة (وسيلة بورقيبة).
أحمد منصور:
لكن الطاهر بلخوجة كان يشير إلى أنه أيضا كان له علاقاته الخاصة والوثيقة بالرئيس بورقيبة نفسه!
محمد مزالي:
وأشار أخيرا في كتابه إلى أن علاقاته مع (وسيلة) كانت أمتن، وكانت تمده بكل المعلومات، وبآخر الأنباء، وبأطرفها، وبألصقها ببورقيبة.
أحمد منصور:
بورقيبة.. أين كان موقعه من هذا الصراع؟
محمد مزالي:
بورقيبة كانت عنده فكرة أخرى عن الدولة، وكان يؤيد (الهادي نويرة) باعتباره يمثل الدولة، ولكن يعني تكرار التدخلات والإكثار من العراقيل يجعله يزعل، لكن إلى آخر الوقت ظل متضامنا ومؤيدا للمرحوم الأخ (الهادي نويرة)، فلما أعلن -ويجب أن أقول كذلك إحقاقا للحق- أن هذه الطلبات التي قلت إنها مشطة..
أحمد منصور:
من الاتحاد العام التونسي للشغل؟
محمد مزالي:
نعم.. على الأقل في مرحلة معينة، كانت الجماهير النقابية والعمالية تطلبها بكل صدق يعني، باعتبارها ضرورية لرفع مستوى العمال المعيشي، وأنا يعني أقدر هذا الطلب.
أحمد منصور:
يعني إذن هذه كانت مطالب أيضا نقابية عادلة يعني؟
محمد مزالي:
عادلة، ولكن الحبيب عاشور استعملها لغير الله، استعملها في حجمها، وفي ظرف معين، من باب تعجيز الهادي نويرة لا دائما من باب رفع مستوى مداخيل الجماهير، أما النقابيين الذين كانوا مع الأخ الحبيب عاشور -رحمه الله- فكانوا يعني يطالبون بكل صدق، لأن هدفهم في الاتحاد هو رفع مستوى العمال..
أحمد منصور:
كيف اندلعت إذن أحداث 26 يناير؟
محمد مزالي:
الإضراب العام يوم 26..
أحمد منصور:
والتي كانت المرة الأولى في تاريخ تونس، منذ الاستقلال أن يقتل فيها هذا العدد الكبير.
محمد مزالي:
نعم.. قتل حوالي -حسب بلاغ رسمي- إن لم تخني الذاكرة- 96 مواطنا، وجرح 400 أو 500 تقريبا، ومقتل مواطن واحد شيء كبير..
أحمد منصور:
(4/33)
هذا لو في معركة استمرت لعدة أيام بين عدوين يمكن أن ينتج منها عدد أقل من هذا..!!
محمد مزالي:
وقعت في يوم واحد.
أحمد منصور:
بين ناس عزل من السلاح؟
محمد مزالي:
يملكون عصي وحجارة، وربما بعض أسلحة نارية، وأطلق البوليس النار.. يعني لطرافة الحديث -لو سمحت- أنا كنت يومها في مجلس الوزراء، لأنه كان يوم خميس، وكانت الاجتماعات الوزارية تنعقد كل يوم خميس، لكن حوالي الساعة العاشرة و10 دقائق، حالما فتح الهادي نويرة الجلسة قمت وطلبت منه المعذرة، لأني كنت نظمت في نفس اليوم في (الأوتيل أفرِيكان) اجتماع المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية، وكان رئيسها المرحوم برحمتهم (اللورد كيرنين) فأذن لي، وخرجت بسيارتي من قصر الحكومة، ومررت من أهم شوارع العاصمة إلى نزل إفريقيا، وبقيت كامل اليوم، بما فيه وقت الغداء في (أوتيل أفرِيكان) في اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية الدولية، بحيث..
أحمد منصور:
لم يبلغك أحد بأن هناك اندلاع..
محمد مزالي:
لا، أبلغت بعد ساعتين أو ثلاث بالاستماع إلى طلقات الرصاص في شارع الحبيب بورقيبة..يعني
أحمد منصور:
بقيت في اجتماعك أم خرجت؟
محمد مزالي:
بقيت في اجتماعي..
أحمد منصور:
هل كان البقاء في الاجتماع أهم من الخروج لرؤية ما يحدث؟
محمد مزالي:
لا، لأني لم أكن مسؤول عن الأمن، ولا عن الداخلية، ولا عن الدفاع، ولا هم يحزنون..!
أحمد منصور:
القضية ليست قضية مسؤولية الآن، وإنما قضية يعني شعب بأكمله..
محمد مزالي:
وما كان يمكن أن أفعل؟
أحمد منصور:
على الأقل تكون في مجلس الوزراء لمتابعة الأمور، والوقوف إلى جوار الوزير الأول الذي كنت تدعمه.
محمد مزالي:
مجلس الوزراء لم يدم كثيرا، لما توترت الأوضاع، وبدئ في إطلاق الرصاص، فيما سمعت فيما بعد، لم يدم طويلا، وانفض الاجتماع، وأصبحت هناك قاعة عمليات تدير الشارع، وتدير قوات الأمن.
أحمد منصور:
(4/34)
من الذي كان موجودا في هذه القاعة؟ قاعة العمليات؟
محمد مزالي:
وزير الداخلية..مدير الأمن (زين العابدين بن علي).. (ضاوي حنبلية) وزير الداخلية و(الهادي نويرة) ووزير الدفاع -الله يرحمه- الأخ (عبد الله فرحات(.
أحمد منصور:
صحيح أن الجيش تدخل في هذه الأحداث، وشارك في عمليات القمع، التي تمت للناس؟
محمد مزالي:
لا، الجيش نزل، ولكن بمجرد أن نزل الجيش تقريبا انتهى كل شيء.
أحمد منصور:
يعني الأمن وحده يتحمل كل ما حدث وكل ما وقع بالنسبة للناس؟
محمد مزالي:
الأمن وبعض المدنيين، يعني هذه النقط لا تزال غامضةً إلى اليوم، يعني من المؤرخين أو من الصحفيين من يتهمون من يسمونهم بالميليشيات، ميليشيات الحزب الحاكم.
أحمد منصور:
نحن الآن أمام رجل في موضع مسؤولية، ولسنا أمام مؤرخ أو كاتب أو صحفي يتحدث عن وقائع، وإنما أنت كنت وزيرا للتربية في ذلك الوقت، كنت مقربا من رئيس الحكومة (الهادي نويرة)، كنت معنيا بمتابعة الأحداث، ومحسوب على طرف من الأطراف، وأنت اعترفت الآن بأنك تتحمل جانبا من المسؤولية عما وقع؟
محمد مزالي:
وهو كذلك..
أحمد منصور:
إذن فالذي نتوقعه من كلامك الآن ليس مجرد نقل عن المؤرخين أو الكتاب، وإنما ما الذي توصلت إليه من خلال موقع المسؤولية الذي كنت فيه.
محمد مزالي:
أنا الذي أستطيع أن أقوله هو أنه ليس لي علم دقيق موضوعي بشيء اسمه ميليشيات، وإنما هناك شباب دستوري يعني وجه إلى الدفاع عما كان يسمى بمكاسب الشعب، ويوم أن أصبحت رئيس حكومة، وبطلب من القصر حاولنا البحث في مستوى الداخلية وفي مستوى الحزب عن المسؤوليات، وكان المسؤول عن الأمن حينذاك الأخ (حامد بن نور) ووقع بحث طويل، وأيام وليالي ووثائق، وخاتمة البحث التي أجراها كاتب الدولة للداخلية الأخ (حامد بن نور) يفيد بأنه لم يكن شيء منظم مهيكل مسلح يسمى ميليشيا..
أحمد منصور:
(4/35)
لكن شوهدت تجمعات لهذه الميليشيات في ديسمبر 77، قبل اندلاع هذه الأحداث، وكانت تجوب الشوارع، وكان الناس يدركون أن هذه ميليشيات خاصة، وكانوا يلبسون الزي المدني، وليس الزي العسكري، إذن كان هناك ميليشيات خاصة سرية ساهمت في عملية القمع التي تمت، وكان هناك عملية إعداد من جهات معينة في داخل النظام في ذلك الوقت، لكي يكون لها رجالها السريين الذين يتحركون للدفاع عنها في الوقت المناسب، وقدر عدد هؤلاء بأنهم (500) تقريبا.
محمد مزالي:
وربما أكثر وربما أقل، ولكن هذا صحيح بشرط أن نضيف إليه أنه منذ تأسيس الحزب في عام 34، تكونت الشبيبة الدستورية، هي المسؤولة عن النظام، هي المسؤولة عن تأطير الجماهير، هي المسؤولة على الأناشيد الحركية، يعني -دائما- أنا منذ نعومة أظفاري أذكر أن هناك يعني شبيبة دستورية، في عام 37 كان شبان وأنا صغير السن عمري 10 سنوات أو 11 سنة -أذكر أنهم كانوا لابسين بنطلون أبيض، وقميص أحمر، زي الكشافة، وعندهم شارة للحزب الحر الدستوري التونسي.. الشبيبة الدستورية بنفس المدينة أو القرية، يعني هذا باعتبار أن الحزب الذي كونه بورقيبة كان حزب الجماهير، فكان دايما هناك شبيبة زي الحزب الشيوعي.. زي الحزب الاشتراكي..
أحمد منصور:
بعد انتهاء أحداث 26 يناير 78، ما هي النتيجة التي انتهت إليها الأمور بعد مقتل ما يقرب من 100 تونسي، وجرح ما يقرب من 500 على أيدي قوات الأمن؟
محمد مزالي:
وقع اضطهاد.. وقع قمع للطبقة الشغيلة [العاملة].. القيادات القومية والجهوية للاتحاد العام للشغل أكثرها دخل السجن، ووقعت محاكمة ومحاكمات بسنوات سجن وإبعاد على سبيل.. يعني حتى ألقي الضوء على تصوري للمسؤولية حينذاك، قد أكون مخطئ وقد أكون مصيب، لكن أنا شخصيا.. وهذا يمكن استقراؤه من طريق الصحافة والاجتماعات، والذين كانوا حاضرين، ولا يزالون أحياء، لم أهاجم الحبيب عاشور ولو مرة.. وقتها.
أحمد منصور:
(4/36)
سآتي إلى الحبيب عاشور حينما نتحدث عن 85.
محمد مزالي:
طبعا هاجمته وقتها، لكن في 78، وكنت..
أحمد منصور:
لكن لم يكن هناك راحة أو اتفاق بينك وبين الرجل، هو كان محسوب على (وسيلة)، وأنت محسوب على الطرف الآخر.
محمد مزالي:
لكن -مثل ما قلت لك في حصة سابقة- كنت أحترم الرجل باعتباره وطني.. باعتباره ضحى، باعتباره لا يزال -حتى مماته- يحمل رصاصة من جيش فرنسا، في حوادث (صفاقس) عام 47 أنا أحترم دائما المناضلين، يعني أنا سبرت غوره في عام 85، لكن في عام 78 كنت أحترمه، وكنت حينذاك -هذه نقطة حبيت أضيفها ولو هي فرعية ربما لكن لما كنت رئيس اتحاد كتاب كل المنظمات، وكل الهياكل أخذت تهاجم الحبيب عاشور والنقابات إلا اتحاد الكتاب... لماذا؟ لأن هناك زملاء لم يكونوا دستوريين ولا مع الحكومة، كنت أحترمهم.
ففي الديوان السياسي.. أخذ الكلمة مدير الحزب حينذاك السيد محمد الصياح وقال (للهادي نويرة) كيف نفسر إحجام الأخ (محمد مزالي) وهو عضو في الديوان السياسي المكتب السياسي عن انتقاد نقابات وسلوك (الحبيب عاشور)، باعتباره رئيس اتحاد الكتاب؟ فأجبته بأن اتحاد الكتاب منظمة مستقلة، فالذي حصل -وهذا يمكن التثبت منه- بعد يومين في جريدة الحزب، هذا الحزب الذي كنت عضوا في مكتبه السياسي مقالة في الصفحة الثانية تهاجم محمد مزالي واتحاد الكتاب وتلومه عليه، لأنه لم ينتقد (الحبيب عاشور) ولا اتحاد النقابات، هذا للتاريخ.
أحمد منصور:
كيف عالجت الحكومة مقتل 100 تونسي، وجرح 500 على أيدي قوات الأمن؟
محمد مزالي:
الحكومة.. الخطاب الرسمي ركز المسؤولية على (الحبيب عاشور).. على النقابات طبعا.
أحمد منصور:
وليس على الذين قاموا بعمليات القتل؟
محمد مزالي:
لأنهم..لم..
أحمد منصور:
يعني الضحية هو الذي يتحمل المسؤولية، وليس الجاني..
محمد مزالي:
الضحية والمسؤول عن الضحية، يعني المسؤولية مشتركة، فوقعت سجون واضطهادات..فقط.
(4/37)
أحمد منصور:
تكررت أحداث قريبة من ذلك في 2 يناير 80، في (قفصة)..
محمد مزالي:
نعم يعني مش في 2 في الليلة الفاصلة بين 26 و27 يناير.
أحمد منصور:
آه 26 يناير.
محمد مزالي:
26: 27 في الليلة هاديك الفاصلة.
أحمد منصور:
نفس التاريخ بعد عامين؟
محمد مزالي:
تقريبًا، تقريبًا
أحمد منصور:
كيف أيضا؟ أسباب هذه الأحداث، وكيف اندلعت؟ لا سيما وأنها أدت إلى إقالة حكومة الهادي نويرة وتوليت أنت بعدها رئاسة الحكومة.
محمد مزالي:
أدت إلى مرض.. إلى نوبة.. إلى جلطة في الدماغ، أصيب بها المرحوم الهادي نويرة الأحداث هذه شخصيا استمعت إليها عن طريق الهاتف في الصباح، كبقية المواطنين.. يعني لم نكن نتصور ذلك، إلا ربما مصادر الأمن، لم يكن لي علم بذلك، طبعا كانت صدمة قوية لأنها...
أحمد منصور:
ما الذي وقع فيها؟
محمد مزالي:
وقع فيها حوالي 40 شاب وكهل تونسيين.. ثبت بعد المحاكمات أنهم خرجوا من معسكرات ليبية، وراحو إلى روما، ومن روما راحو إلى عاصمة الجزائر، ومنها وبعد أن تزيوا بأزياء رياضية ركبوا في أتوبيس (باص)، ودخلوا في منطقة في الجنوب الشرقي للحدود التونسية الجزائرية في قرية اسمها (ماجل بن عباس) ومنها انحدروا شيئا فشيئا إلى (قفصة)، وأقاموا هناك حوالي شهر، في 3 فلل على ما أعتقد وكل يوم هذا ثبت فيما بعد أن كل يوم كان هناك خبز ولحم وخضار كانت تدخل لهذه البيوت، إلى أن دقت ساعة الصفر، وأظن في منتصف الليل أو بعد منتصف... أو في الفجر حاولوا الاستيلاء على مراكز الأمن، وعلى ثكنات الجيش..
أحمد منصور:
40 شخص يعملوا انقلاب؟
محمد مزالي:
نعم.. مسلحين ومدربين.
أحمد منصور:
هذا كلام الحكومة؟
محمد مزالي:
لا هذا كلام الواقع، أنا أعتقد أنه كلام الواقع.
أحمد منصور:
أصل دائما في دول العالم الثالث بنلاقي عشرين شخص أو عشرة أو 30 أو 40 هيعملوا انقلاب على دولة مسلحة، جيشها يمكن أن يصل إلى مليون شخص!
(4/38)
محمد مزالي:
لا ما عملوش، والدليل أنهم ما عملوش، لأنهم 40 شخص فقط، ولأن خطتهم.. كما صرحوا بذلك فيما بعد، حتى في المحاكمة، أنهم كانوا يتوقعون أن يلتف حولهم الناس، ولكن ساعات من اليوم مرت، يوم الأحد 27 يناير، ولم يقع أي التفاف حولهم، وبعد ساعات هجم الجيش والبوليس عليهم، ووقعت بعض المعارك والمطاردات حتى جنوب تونس، وألقي عليهم القبض تقريبا جميعا.
أحمد منصور:
مرض الهادي نويرة، وأصيب بجلطة.
محمد مزالي:
بعد أيام.. يعني للتاريخ كان بورقيبة مقيما في منطقة الجريد (بنفطة) وبتأثير من (وسيلة) في اعتقادي، هاتف ليلا الهادي نويرة، وقال له قررت عزل (ضاوي حنبلية) الدكتور ضاوي حنبلية وزير الداخلية حينذاك، وتعيين (إدريس قيقا) وكان (الهادي نويرة) -رحمه الله- يعني لا يثق فيه تماما، بل يعتبره مرتشي ويعتبره.. معناها...
أحمد منصور:
أدريس قيقا؟
محمد مزالي:
نعم..هذا (الهادي نويره) تحدثت معه مرات كثيرة، وغيره من الوزراء، لست وحدي..
أحمد منصور:
ما هى دوافعه في اختياره، وقد لعب (قيقا) أيضا دورا كبيرا؟
محمد مزالي:
اختار (إدريس قيقا) بتأثير من (وسيلة) طبعا.
أحمد منصور:
وهو يعلم أنه عليه ما تقوله على (إدريس قيقا)؟
محمد مزالي:
بورقيبة؟
أحمد منصور:
نعم.
محمد مزالي:
لا، طبعا هو تحت تأثير بطانة، لكن الهادي نويرة لم يستطع الرفض طبعا، لأن الهادي نويرة كان يستمع إلى الأوامر، وأحيانا لا يوافق عليها، ولكنه لا يتجاسر على رفضها، فكان يعني يتأثر داخليا، في نفس الليلة بعد هذه المهاتفة أصيب بجلطة في دماغه، وحمل إلى باريس ثم رجع، وبقيت..ومرت أيام إلى أن تقرر تكليفي بالوزارة الأولى.
أحمد منصور:
كلفت بالوزارة الأولى في أبريل؟
محمد مزالي:
أولا التكليف فقط في مارس..
أحمد منصور:
قائم بأعمال حكومة.
محمد مزالي:
نعم، ثم عينت رئيس حكومة في 23 أبريل
أحمد منصور:
1980.
محمد مزالي:
(4/39)
يعني إذا كنت تحب أن أحكي لك الظروف اللي عينت فيها..طبعا شي غريب
أحمد منصور:
طبعا هذا سؤال هام.. أولا أسباب اختيارك؟ وأنت كنت وزيرا للتربية، وكنت محسوبا على (الهادي نويرة)..
محمد مزالي:
لا، محسوب على نفسي، لكن كنت أحترم (الهادي نويرة) كما كنت أحترم.. وأعتبر (الهادي نويرة) يعني مستهدف من طرف (وسيلة) وبعض الوزراء الذين تحدثنا عنهم، ولذا كان هذا ربما شرعي، كانوا يتمنون أن يحلوا محل (الهادي نويرة) ربما..
أحمد منصور:
حتى هذه اللحظة، ما هي طبيعة العلاقة بينك وبين (وسيلة)؟
محمد مزالي:
يعني لم يقع أي نشاز أو أي سباب أو عراك، وإنما خلاف بين شخصين متأدبين يعني.
أحمد منصور:
كانت معنى ذلك أن وسيلة راضية عنك؟
محمد مزالي:
لا.
أحمد منصور:
كيف هى مش راضية عنك، والرئيس يعينك رئيس للحكومة؟
محمد مزالي:
ولكن من غريب.. أنا قلت لك هذه النقطة، إن كنت تحب أن أحكيها لك بإيجاز؟
أحمد منصور:
طبعا.
أحمد مزالي:
تدلك على عقلية المرحومة (وسيلة)، (وسيلة) كانت سياسية، وكانت داهية -في اعتقادي- وذكية جدا، أنا كنت أمارس الرياضة 3 مرات في الأسبوع صباحا باكرا، في يوم من الأيام كنا نركض ونتعاطى حركات رياضية يعني لمدة ساعة أو ساعة ونصف يعني، نركض 10.. 20 كيلو متر أحيانا، بينما كنا نعدو، وكان بعض الأصدقاء، وبعض الوزراء منهم (محمد الصياح) إذا بضابط صف يأتي ويقول يا سيدي محمد، الرئيس ناداك، فتركنا نعدو حول المضمار وراح إلى (الدش) أدواش يستحم، وبينما هو لبس ثيابه، وأخذ طريقه إلى السيارة، كنا انتهينا من العدو نحن، فسلمت عليه، وكنا زملا، هو وزير الأشغال فيما أظن، وأنا وزير تربية، وبينما أنا تحت الماء أستحم، وكلي عرق، جاءني ضابط الصف نفسه قال لي راه الرئيس بحاجة إليك، فطبعا استحممت، وكملت، ولبست، ومشيت، ودخلت.
(4/40)
فالبروتوكول وجهني إلى المكتبة هي قاعة الانتظار في الغالب، وجدت (الصياح) و(وسيلة بورقيبة)، قالت لي: تفضل. قعدت، قالت يا سي محمد، الرئيس قرر تعيين (محمد الصياح) وزير أول، لكن أنا.. وناديت البشير وهو من المكافحين يعني الذين كان يحبهم بورقيبة، ويرتاح إليهم، رحنا له من الساعة السادسة صباحا، لأن بورقيبة يبدأ يشتغل الساعة الخامسة صباحا، بين قوسين يعني (عندما توفي المرحوم المناضل الكبير (الطيب المهيلي) في أواخر جوان [يونيو] 65، كنت مدير إذاعة، بين قوسين يعني، فالساعة الخامسة دق جرس التليفون، قلت من بالتليفون؟ قال: بورقيبة قال: أنت أين؟ قلت أنا في الفراش. قال: كيف مش في المكتب؟ قلت: الساعة الخامسة الآن سيدي الرئيس. قال لي: والله الأخ (الطيب المهيلي) توفي فمن فضلك حرر نعي، وأمليه على الإذاعة حتى تخبر، فأنا قمت، وكتبت يعني نصف صفحة، نعيت فيها المرحوم المناضل الكبير (الطيب المهيلي) وأمليتها على قسم الأخبار حينذاك.
أحمد منصور:
كم ساعة كان بورقيبة يعمل في اليوم؟
محمد مزالي:
والله يعمل يمكن، ما ينامش.. ينام ساعتين ثلاثة فقط.
أحمد منصور:
حتى وهو في هذا السن، 80 عاما؟
محمد مزالي:
نعم..النوم، كان يحكي لي ويقول لي يا سيد محمد لما كنت في النضال كنت أغالب النعاس، كنت أتجول من قرية لقرية، ومن حي لحي، لكن الآن مشتهي ساعة نوم..كل ليلة يأخذ (سيرو)..
أحمد منصور:
كان عدم النوم أرق وليس أنه تعود على ذلك؟
محمد مزالي:
أرق.. هو من يوم الصدمة التي تحدثنا عليها في السبعينات.. بعد انهيار سياسة الاشتراكية وكذا أظن أنا اعتبر نفسه مسؤول وانهار، معليش فوسيلة قالت لي بكل صراحة أمام الصياح، وهو حي موجود، قالت لي: لا، (محمد الصياح) غير محبوب في الأوساط النقابية.
أحمد منصور:
و(الصياح) يجلس؟
محمد مزالي:
آه..طبعا مع بعضنا، والجامعة تكرهه، والطلبة يكرهونه، لأسباب يطول شرحها.
أحمد منصور:
(4/41)
واحد يقبل أن يقال عليه هذا الكلام وهو يجلس!
محمد مزالي:
أنا أعطيك الواقعة، وهو حي يستطيع أن يشهد بهذا، و(وسيلة) ماتت، فقلنا له سي محمد مزالي أراه أقدم في الحزب، وأكبر، ومحبوب في الأوساط المثقفة والجامعية والنقابية، فناداك حتى يعينك، فـ(محمد الصياح) قال للسيدة وسيلة: لو نقترح على الرئيس (ترويكا) قالت: إيش معناها ترويكا؟ ما عرفتش.. قال لها معناها 3 يتكلفوا بتسيير الدولة، ريثما نعرف هل سيشفى (الهادي نويرة) أم لا؟ محمد مزالي والحبيب بورقيبة الإبن، وأنا ومحمد الصياح، قالت له لا..لا، الحكم يلزمه واحد مسؤول مش ثلاثة.
أحمد منصور:
يعني إذن (وسيلة) في هذا الأمر، ربما كان هذا أيضا محاولة لاحتوائك أيضًا، وبيان أنها هى التي وقفت وراء تعيينك؟
محمد مزالي:
ولكن ده ليس لسواد عيني، إن كانت عيناي سوداوين!! لم يكن ذلك لسواد عيني بل لأني كنت حينذاك أخف الضررين بالنسبة لها، كما سيأتي الحديث.
أحمد منصور:
لكن هل كان هناك آخرون غيرك، و(الصياح) مرشحون إلى أن يتولوا رئاسة الحكومة؟
محمد مزالي:
لا أدري، لكن بورقيبة فكر أول ما فكر في (محمد الصياح)، و(وسيلة) -وبمعية ودعم (البشير الجعيون) اللي كان مناضل محبوب من طرف بورقيبة- غير فكره.
أحمد منصور:
أريد أن أعود هنا إلى نقطة هامة، وهي أحداث العام 78، والتي أشرت فيها إلى أنه كان هناك عملية صراع لأن يتم إثبات عجز رئيس الوزراء، ومن ثم تعيين آخر ليكون خليفة لبورقيبة، الآن واضح أن الأوراق قد بعثرت..
محمد مزالي:
بعثرت طبعا..
أحمد منصور:
وكما يقال الأوراق اتلخبطت، في هذه اللحظة، أين هم الأشخاص الذين كانوا مرشحون إلى أن يتولوا رئاسة الحكومة؟ وأن يعدوا لخلافة بورقيبة؟ وأنت لم تكن بين هؤلاء؟
محمد مزالي:
أبدا، أبدا، وأنا شخصيا لم أفكر في هذا أبدا، والحق يقال، فـ(الطاهر بلخوجة) قد أقصي عن الحكومة.. ابتعد، معناها لم يبق شخصيات..
أحمد منصور:
(4/42)
هل هو كان وحده فقط اللي كان مرشح في 78؟
محمد مزالي:
لم يكن وحده، لكن في وقت من الأوقات -فيما أعتقد- كان أقرب الناس إلى قلب السيدة (وسيلة)، فبينما كنا نتناقش حول (التُرويكا) وعدم (التُرويكا) دخل مدير المراسم الأخ (عبد المجيد القروي)، وهو لا يزال حي، والحمد لله، وقال: تفضلوا.. سيد (محمد مزالي)، وسيد (محمد الصياح)، الرئيس في انتظاركم، قعدت (وسيلة) في المكتبة، ومشينا إلى المكتب الرئيسي.. تفضل.. قعدت، ونظر لى (الصياح)، قال يا سي محمد أنا فكرت أعينك وزير أول، لكن زدت فكرت، وقلت لا، أنت نعرف أن عندك مشاكل مع النقابات ومع المثقفين ومع الجامعة، فرأيت أن السيد (محمد مزالي) أولى منك، أكبر منك، وأقدر منك، ولهذا قررت أن أكلفه هو.
أحمد منصور:
طب هو جاب ليه أصلا الثاني يقول له الكلام ده؟ يعني إذا هو قرر أن يعينك أنت، لم أحضره لكي يسمعه هذا الكلام؟ ويوغر صدره عليك؟
محمد مزالي:
لأنه كان ناداه..
أحمد منصور:
يعني كان اتخذ قرار أن يكون هو رئيس الـ..
محمد مزالي [مقاطعًا]:
طبعا خلاص.. مثلما حدثتك (وسيلة) أثنت عزم الرئيس بورقيبة، وقالت له، وفاتحتني بيه أمام (محمد الصياح).
أحمد منصور:
يعني وسيلة لعبت دور في أن تأتي أنت إلى رئاسة الوزارة؟
محمد مزالي:
لم تكن أول مرة، ولا آخر مرة، لها أدوار حاسمة طبعا، مثل تعييني وزير أول، فقال له روح اشتغل في مكتبك، فمشى، وقال له شكرا سيدي الرئيس.. ومشيت، فالتفت لي وقتها، وقال لي يا سي محمد أنا عينتك وزير أول لأنني أعتبر أنك في الوقت الحاضر أحسن ما يمكن، وخير من يمكن أن أعينه، أعطيك وصية واحدة وصية واحدة، وأنا الأحداث تسارعت أمامي بحيث كنت في دوامة، قال لي عندما أموت في الدقيقة التي أموت فيها، احتل الكرسي هذا، وعين وزير أول بعدك، حتى تبقى الدولة ممسوكة بيد حاكم، لا تبقى الدولة في مهب الرياح.
أحمد منصور:
(4/43)
إذن بورقيبة لم يكن يعين وزير أول، وإنما كان يعين خليفة له.
محمد مزالي:
طبعاً.. طبعاً.. طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور :
وأنت أدركت في هذه اللحظة أنك خليفة بورقيبة؟
محمد مزالي:
أدركت أن كتفي اهتزا بثقل المسؤولية، وتأثرت -والحق يقال- لم أكن أحلم بذلك أبدا، ولم أسع إلى ذلك، بل كنت أسعى إلى الاستقالة والـ..
أحمد منصور:
لكنها جاءتك على طبق من ذهب.
محمد مزالي:
والله على طبق يعني من نار موقدة، لأني اكتويت بهذه النار مرات كثيرة.
أحمد منصور:
اكتويت بعد ذلك، وليس في حينها.
محمد مزالي:
لا والله اعتبرتها مسؤولية كبرى، وتذكرت -يا أخ أحمد-ما قاله الإمام (سحنون) عندما ناداه الأمير (الأغلبي) وكلفه بالقضاء على (القيروان)، وأبى وامتنع، فألح عليه الأمير، وفرض عليه القضاء، فقبل طبعا، ولما دخل إلى بيته نادى ابنته أسماء، وقال لها: يا أسماء لقد ذبح أبوك اليوم بغير سكين، تذكرت هذه القولة للإمام (سحنون) رحمه الله.
أحمد منصور:
هل كانت هنالك أسباب غير التي ذكرتها، أو التي أخبرك بها الرئيس بورقيبة، أو (وسيلة) كانت وراء تعيينك؟
محمد مزالي:
بالنسبة للرئيس فكر في الصيّاح، لأن الرئيس -وهذا أقوله لأنه واضح وأظن الكثير من الإخوة يشاطرونني الرأي- الرئيس كان يعتبر أن خير خليفة له ليس (محمد مزالي) ولا ابنه ولا أي كائن بل (محمد الصياح).
أحمد منصور:
الحبيب بورقيبة الابن.. أين كان موقعه في ذلك الوقت من السلطة ومن خلافة أبيه؟
محمد مزالي:
كان مستشار لأبيه، ولكن -الحق يقال- أبوه لم يفكر في استخلافه أبدا.
أحمد منصور:
لماذا؟
محمد مزالي:
لأن هو أولا مرض مرضا شديدا في عام 69 فيما أذكر، لما كان في المغرب في ضيافة المرحوم الملك الحسن الثاني يلعب الجولف، فأصيب بجلطة بحيث أصبح يأخذ الدواء وصحته تداعت.
أحمد منصور:
الابن؟
محمد مزالي:
الابن، ومن جهة أخرى..
أحمد منصور:
هذا كان ابنه من زوجته الفرنسية؟
(4/44)
محمد مزالي:
هو الابن الوحيد من الزوجة الأولى الفرنسية.
أحمد منصور:
لم يرزق بأولاد من (وسيلة).
محمد مزالي:
لا..أبدا، وإنما تبني بنت هو و(وسيلة).
أحمد منصور:
يقال إن البنت هذه أيضا كان لها نفوذها؟
محمد مزالي:
لا لا، النفوذ كان عند (وسيلة) يعني..
أحمد منصور:
طيب، طالما نحن نتحدث الآن عن وسيلة، ولا أريد أن أتجاوز هذا الأمر، وكان لها نفوذ وسلطة في عملية تعيينك، حدثني عن هذه المرأة التي لعبت دورا خطيرا في الحياة السياسية في تونس، طوال حكم فترة الرئيس بورقيبة تقريبا.
محمد مزالي:
يعني سأحاول أن أكون يعني مقتصدا في الحكم عليها، لأنها توفيت في شهر جويليي يوليو 99، وأنا شخصيا ممن يؤمنون بالحديث النبوي (اذكروا موتاكم بخير).
أحمد منصور:
ولكن الآن حينما نتحدث في التاريخ.. هناك مسؤولية.
محمد مزالي:
هناك مسؤولية تاريخية.. حيث يجب التوفيق بين هذا وذاك، أعتقد شخصيا أن (وسيلة) امرأة ذكية جدا، ومتسيسة جدا، وأحبها بورقيبة حبا كبيرا، يعني محبة غالبة -كما يقول العرب القدامى- محبة غالبة، وعبر عن هذا وعما كان يجيش في صدره نحوها في خطب وبشعر بالعربية وبالفرنساوية.
أحمد منصور:
يعني استمر حبه لها قبل زواجه بها 19 عاما، توج هذا الحب بالزواج، وكان يعني يتحدث في خطاباته العامة عنها بشكل كأنه قد شغف بها، أمام الناس، وهذا أدى إلى أنه حينما تزوجها في العام 62 قربها وأصبح لها دور في صناعة القرار في الدولة، إلى أي مدى كان هذا الدور في صناعة القرار؟ وتدخلها في شؤون الحكم؟
محمد مزالي:
(4/45)
إلى مدى بعيد، لكن ليس دائما مدى حاسم، والدليل ما قلته لك، وما يمكن أن أتوسع فيه الآن من أن بورقيبة حاولت تثبيط خطط الأخ (محمد بن صالح) في تركيز الاشتراكية، وفي تعميم التعاضديات، ولكنها لم تفلح إلى سنة 69، بل الذي أعلمه هو أن بورقيبة زعل عليها وطردها وسبها مرات كثيرة، لأنها كانت تحاول أن توغر صدر المناضل (أحمد بن صالح)، وفي مرة من المرات ذات ليلة نادى الباهي الأدغم -يرحمه الله- وقال له إئتني بعدلين حتى أطلق هذه المرأة.
أحمد منصور:
يعني يطلقها رسمي على حسب القانون اللي هو وضعه.
محمد مزالي:
طبعا هو قال عدل.. لم يتذكر من تكوينه السابق يعني.. الحياة اليومية شيء، والنصوص شيء آخر، والباهي الأدغم -الله يرحمه- حاول أن يوفق وكذا، بحيث..
أحمد منصور:
هى كانت تخشى منه أيضا حينما يغضب وكذا؟
محمد مزالي:
كانت تخشى طبعا، تخشى وتغضب، وأحيانا تروح إلى بيتها، تقعد 20 يوم و30 يوم، وتروح إلى فرنسا، في غضبة من غضباتها المشهورة، في عام أظن 82 أو 83، راحت إلى جدة.
أحمد منصور:
كانت تغضب منها هي عليه، أو هو الذي كان يغضبها؟
محمد مزالي:
هى تغضب عليه لأنه كان يغضبها، لأنه كان يرد لها بعض المطالب.
أحمد منصور:
هل كانت تمارس شيئا، شكلا أو أشكالا من أشكال الدلال عليه وهى تطلب منه مطالب سياسية تتعلق بأوضاع الدولة، أم كانت تطلبها بشكل حازم؟
محمد مزالي:
لا..لا.. بشكل مباشر لطيف، لكن أحيانا بشكل غير مباشر، وذلك بأن كونت حولها حزب من الوزراء يعتبرون وزراء (وسيلة).
أحمد منصور:
رجال (وسيلة)..
محمد مزالي: (
وسيلة) التي قال عنها أحد المسؤولين الجزائريين إنها الرجل الوحيد في تونس في وقت من الأوقات، وتكيفهم بالصورة التي يقدموا التقارير، ويقدموا المعطيات صورة ضد (محمد مزالي) أو ضد (الهادي نويرة ) أو ضد (الباهي الأدغم) أو بالخصوص ضد الأخ (أحمد بن صالح)، حيث كانت ذكية جدا، ومناورة من الطراز الأول.
(4/46)
أحمد منصور:
ورغم ذلك (بورقيبة) لم يتغير حبه لها، وكان..
محمد مزالي:
إلى عام..
أحمد منصور:
86
محمد مزالي:
84.. 84.. 83 إذا كان تحب نحكي لك الواقعة الحاسمة اللي تغير فيها (بورقيبة) حسب ما أعلم أنا.
أحمد منصور:
طيب، أحكيها لنا بسرعة الآن، وسنعود لها في الفترة حيث كنت أنت رئيس الحكومة.
أحمد مزالي:
في وقت من الأوقات، ابنة أخت الرئيس اللي هى التعيسة هذي (سعيدة ساسي) أخذت..
أحمد منصور:
أنا مقصدي على (سعيدة ساسي) هذه ودورها الذي كانت تلعبه أيضا بالنسبة..
محمد مزالي:
دور كبير بعد (وسيلة) بالخصوص، لكنها كانت يعني استعملت وسائل شيطانية، لا أدري هل أستطيع أن أتكلم، وتقول له يا خالي أنت ضيعت 10 سنين في السجون من حياتك.. 4 سنوات.. ما يقرب من 15 عام في المهجر وفي السجن، فلا بد أن تتمتع بالحياة وكذا، فكانت تقصد لتغيير (وسيلة).
أحمد منصور:
إيذاء (وسيلة)..
محمد مزالي:
(4/47)
وتزعل (وسيلة).. فالذي حصل في 83 وأوائل 84 أظن 83 هو أنه في يوم من الأيام، وكنت إلى جانب (بورقيبة) في تدشين قسط كبير من جلب مياه الشمال إلى تونس والوجه القبلي والساحل، فأقبلت عليه سيدة محصنة بين قوسين (زوجة محامي) فوضعها إلى جانبه في المنصة، أنا قمت شخصيا، لأن هذا أعتبره غير لائق، ويقدر أن يفعل ما يشاء في بيته أو في خلوته، لكن أمام الناس وممارسة السلطة مش ممكن، فابعدت ثم لما انتهى الموكب ناداها أن تصاحبه في السيارة، أخذت مكاني إلى جانبه في السيارة، فأنا قلت للسيد الرئيس أعتذر عندي موعد في المكتب، قال لي تفضل، مشت معاه، وتناولت الغداء معاه بحضور بعض الوزراء، منهم (إدريس قيقا)، ويبدو أنه بعد الغداء اصطحبته لتناول الشاي في صالون معين، فقيقا هاتف وسيلة وكانت في (جدة) وكان كل يوم (بورقيبة) يسألني عن (وسيلة) كيف حالها؟ هل كلمتك؟ هل كلمتها؟ ففي ذلك اليوم، وأنا كنت في مكتبي الساعة السادسة أو السابعة مساء، كلمني (بورقيبة) والعادة يكلمني في الصباح فقط، قال لي يا سي محمد، قلت نعم، قال لي توا وسيلة كلمتني في التليفون من جدة باللغة العامية وقال لي سمعتني كلام، معناها أغلظت القول، قالت له كلام كبير، وقال بعد ما سبتني، هي قالت خذ أختها (نائلة) وسبتني كمان، كذلك.
أحمد منصور:
كم كان الفرق في العمر بين (وسيلة) وبورقيبة؟
محمد مزالي:
10 سنوات، وكان يقول لها يعني بين قوسين كان يقول لها يا وسيلة أنت أصغر مني 10 سنين، لكن أنا سأدفنك، وسأخصص لك قبر إلى جانب قبري في (المنستير)، قالت له أعوذ بالله، أنا ما أحبش أدفن في (المنستير)، أدفن في تونس، باحذا آبائي وأجدادي.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أسمع منك باقي هذه القصة، وأكمل معك فترة مسؤوليتك ورئاستك للحكومة ابتداء من أبريل في العام 80.
(4/48)
أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد مزالي (رئيس الحكومة التونسية الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..(4/49)
الحلقة6(4/50)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:52(مكة المكرمة)،19:52(غرينيتش)
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
تاريخ الحلقة
15/09/2002
محمد مزالى
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر"، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد مزالي رئيس الحكومة التونسية الأسبق
مرحبا سيد مزالي.
محمد مزالي:
أهلا وسهلا.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند محور هام في تاريخ حكم الرئيس بورقيبة وتاريخ تونس، وهو الخلاف الذي نشب بينه وبين زوجته وسيلة بن عمار في..قبيل منتصف الثمانينات، وتحدثنا عن قصة الحب العاصف التي جمعت بينهما طوال ما يقرب من 40 عاما، وكان الرئيس يفخر بها ويتحدث بها أمام الناس، كنت أحد الذين وسطهم الرئيس لرأب الصدع الذي نشب بينه وبينها، ونحن هنا نتحدث عنها بصفتها كان لها دور أساسي في إدارة شؤون الدولة، وهي كانت فقط زوجة الرئيس.
محمد مزالي:
طبعا، طبعا، يعني قبل الحادثة التي حدثتك عليها يعني، المكالمة من جدة، حيث أغلظت له القول، ومن قبلها كان كل يوم يسأل عليها، وعن أخبارها، وصحتها، وفي مرة من المرات، يعني أظن في 82، كلفني أنا ووزير الخارجية الأخ الباجي قايد السبسي بالسفر إلى جدة، ومحاولة إقناعها بالعودة إلى تونس، فرحنا إلى جدة، وكانت زعلانة هي كثير، حاولنا رأب الصدع، لكن من ذلك اليوم..
أحمد منصور:
كانت، ما هي المآخذ الأساسية لها على الرئيس في ذلك الوقت أو السبب الذي أدى إلى تصاعد الخلاف بينهما وكان بينهما هذا الحب الكبير؟
محمد مزالي:
يعني، هي تتدخل في السياسة، وخاصة في تولية وعزل الوزراء، وبعض المديرين العامين، أو السفراء.
أحمد منصور:
وهو كان يستجيب لها؟
محمد مزالي:
(4/51)
يستجيب لها أحيانا، ويرفض أحيانا أخرى كثيرة، لأنه كان يحاول أن يدرس الملفات، وهناك بعض زملاء لبورقيبة يحبهم وعنده ثقة فيهم.
أحمد منصور:
هل كانت أيضا يعني تطلب تولية من لديهم كفاءة أم كان معيارها هو معيار أكثر الناس ولاء لها؟
محمد مزالي:
طبعا تختار، تختار أصدقاء أذكياء، عندهم تكوين سياسي، لكن عندهم مرونة في العمود الفقري، بحيث يقدرون على الانحناء وعلى تقبيل الأقدام.
أحمد منصور:
هل كان هناك من الوزراء من يمارس هذه الأشياء؟
محمد مزالي:
طبعا، طبعا.
أحمد منصور:
أمام الناس؟
محمد مزالي:
لا، أمامها هي وأمام الخاصة، هناك من كان حتى يمسد لها أرجلها، ويأتيها بالأخبار.
أحمد منصور:
من الوزراء والمسؤولين؟
محمد مزالي:
من الوزارء وكبار المسؤولين، طبعا، كونت لها بطانة، هذا هو الواقع المؤلم، أنا أقوله من الناحية التاريخية يعني، ليس لي شماتة ولا ذم، ولكن هذا الواقع، يعرفه الناس حينذاك.
أحمد منصور:
إذا رجعنا إلى زيارتك إلى ...
محمد مزالي [مقاطعًا]:
أما أنا، لو سمحت، سمحت
أحمد منصور [مقاطعًا]:
سآتي، أنت كان لك معها ..
محمد مزالي:
لم، لم، أنا كانت علاقاتي معها دائما بروتوكولية، حتى مع بورقيبة بين قوسين.
أحمد منصور:
حينما ذهبت لها في جدة، وسعيت للصلح بينها وبين الرئيس، ما الذي حدث بعد ذلك؟
محمد مزالي:
بعد أيام قليلة رجعت لتونس، لكن نفس الأسباب أدت إلى نفس النتيجة، أي أن سعيدة ساسي بتأثير من أناس، لا أدري من هم كانت دائما تثير أسباب الغيرة في وسيلة بحيث أعادت الكرة، وسافرت مرة إلى روما، إيطاليا، مرة أو مرات إلى باريس ..
أحمد منصور:
غاضبة من الرئيس؟
محمد مزالي:
غاضبة مغاضبة، راحت مرة إلى مساحة مساحة التوفيق في العام 86، ثم، ثم، في الناحية السياسية الموقف السياسي منها تألم له الرئيس، وسكت إلى أن وجد الفرصة المناسبة فكان السبب الرسمي للطلاق، ذلك ..
أحمد منصور:
(4/52)
كيف طلقها في العام 86؟
محمد مزالي:
طلقها بعد خروجي من السلطة، الموقف هذا -لو تسمح- في 83، أدت، أدلت وسيلة بتصريح إلى مجلة جوناريك الصادرة في باريس فرنساوية، وانتقدت يعني الدستور، والفقرة من الدستور الخاصة بالخلافة، قالت: أنا لا أوافق على تعيين وزير أول يكون هو خلف بورقيبة عند الشغور.
أحمد منصور:
هذا مسك أنت بصفتك الوزير الأول في ذلك الوقت؟
محمد مزالي:
طبعا، هي كانت ترى هذا ضد الهادي نويرة ثم ضدي أنا، يعني، وهذا هو، لم يكن لها معرفة بالقانون الدستوري، ولكن هذا ما كان يوحي به إليها خواصها.
أحمد منصور:
حينما ذهبت لها في جدة، هل هذا الأمر أثر سلبا أم إيجابا على طبيعة العلاقة بينك وبينها؟
محمد مزالي:
لا، أبدا، أنا كنت باعتبارها زوجة رئيس الدولة كنت أحترمها.
أحمد منصور:
ليست مجرد زوجة رئيس الدولة، وإنما هي متنفذة أيضا، ولها دور في صناعة القرار.
محمد مزالي:
أيوا، لكن أعتبر أن بورقيبة كان أولى مني بتشجيعها أو بنهرها، أو بلومها، أنا أعتبرها زوجة رئيس الدولة، ومعاملتي مع بورقيبة.
أحمد منصور:
هل نجحت في إصلاحها مع الرئيس؟
محمد مزالي:
نعم، طبعا.. مرات، والدليل أنها رجعت من جدة، واستأنفت.. واستؤنفت العلاقات، ولكن سرعان ما تدهورت.
أحمد منصور:
لكن، يعني كأن مكالمة جدة أحدثت شرخا في قلب الرئيس تجاهها؟
محمد مزالي:
أنا هذا إحساسي ويعني قناعتي أن بورقيبة انكسر شيء ما في عواطفه، في وجدانه إزاءها، هذا لا شك فيه.
أحمد منصور:
وهذا يعني، هذا الحب الذي كان يؤثر عليه لصالحها بدأ يتغير شيئا فشيئا.
محمد مزالي:
وانقلب عليها، وأصبح لا يستمع إليها، ولهذا كثرت أو أكثرت من الغيابات.
أحمد منصور:
من خروجها.
محمد مزالي:
من خروجها، من غياباتها عن القصر، تمشي لبيتها في المرسى أو في المساحة أو في باريس أو غيرها.
أحمد منصور:
(4/53)
تأثير هذا، ماذا كان تأثير هذا على اللوبي المحيط بها أو رجالها؟
محمد مزالي:
طبعا، رجالها ضعفوا، تقلصت، تقلص إشعاعهم، إن صح أن نعبر عن هذا بالإشعاع.
أحمد منصور:
وكيف تطورت العلاقة من الإيجاب أو الحيادية إلى السلب معك أنت في علاقتها بك أنت؟
محمد مزالي:
هي في الأول، يعني العام الأول، كانت على الأقل في الظاهر بشوشة ومحترمة لشخصي، وعندها عناية فايقة داخلية، هذا من أبريل 80 إلى سبتمبر، أكتوبر 81، ماذا وقع في الأثناء؟ وقع أني أقنعت بورقيبة بحل البرلمان، وإجراء انتخابات ديمقراطية جديدة، وأقنعته بالتعددية الحزبية، بالقضاء على حكم الحزب الواحد، وأقنعته بحرية الصحافة، واعترف بالحزب الشيوعي، واعترفنا بعشرات الجرائد باللغة العربية والفرنساوية..
أحمد منصور:
أنا الآن، الآن سعادة رئيس الوزراء اسمح لي..
محمد مزالي:
سأقول لك كيف انقلبت علي، النقطة دي أول شيء، ونمر بسرعة حتى نوصل إلى إعداد القائمات، قائمات الحزب الحاكم للانتخابات التشريعية، تدخلت في القائمات،
أحمد منصور:
في القوائم
محمد مزالي:
في القوائم يعني، تدخلت، أحيانا راعينا بعض الطلبات أو الإيحاءات، ولكن في بعض المواقف، أنا رفضت، رفضت، لأن المسألة بيني وبين رئيس الدولة وأعضاء الحكومة والمكتب السياسي، فهناك من قال لها -وهو وزير الداخلية السابق- قال لها إذا كان محمد مزالي ما يراعيش، لا يراعيك وبورقيبة على قيد الحياة، فما عساه أن يفعل عند موت، بعد موت بورقيبة بك؟ حيث وجدت غيرة وخلاف سياسي..
أحمد منصور:
وانقلبت عليك؟
محمد مزالي:
(4/54)
وأنا نقولها، نقولها إذا كان، إذا كان الرئيس يقول لي شيل [ارفع] فلان، وضع فلان، فأنا أحترمه لأنه هو رئيس الحزب، وأكدوا علي أن نعين في قائمة تونس العاصمة بن عمار أول، وبن عمار ثاني من عائلتها إلى آخره، بحيث القصة كبيرة يعني، فمن يومها كأن شقا حدث في بلور، يعني شعرت بالجفوة، في كتاب كتبته كاتبتان صحفيتان معروفتان صدر عن (جون أفريق).
أحمد منصور:
من هما؟ وعنوان الكتاب؟
محمد مزالي:
عنوان الكتاب بورقيبة في جزئين، لكن هما (صوفي بيسيس) يهودية تونسية مقيمة في فرنسا، والثانية تونسية، تونسية مسلمة، قالوا اللي زور الانتخابات، لأنها لأنها بعد ما عملنا القائمات، وعملنا الحملات..
أحمد منصور:
ما هو أنا لسّة سآتي إلى هذه القصة بالتفصيل ..
محمد مزالي:
قالوا إن وسيلة خافت من محور، يتكون بين مزالي وبين أحمد المستيري وتزول سلطتها وتأثيرها، يعني هذا بسرعة يعني ..
أحمد منصور:
أنا، أنا الآن لا بد أن نعود لوسيلة، طالما أنت في الحكم، وهي لا زالت زوجة للرئيس، ولكن ..
محمد مزالي:
اسمح لي اسم الصحفية الثانية، سهير بن حسن الكاتبة الثانية.
أحمد منصور:
ولكن أنا قصدت إلقاء الضوء على دورها، بصفتها لعبت دورا أساسيا في تاريخ الحكم في تونس.
محمد مزالي:
صحيح.
أحمد منصور:
في خلال تلك الفترة، حتى تمَّ طلاقها في العام 86، لو رجعت هنا إلى أبريل 80، وهو توليك للوزارة، لرئاسة الوزارة، كيف قمت بتشكيل حكومتك؟
محمد مزالي:
قمت بتشكيلة حكومتي أثناء جلسة ضمت 4 أو 5 من الشخصيات السياسية المرموقة حينذاك.
أحمد منصور:
من هم؟
محمد مزالي:
كان الأخ منصور معلى، كان الباجي قايد السبسي، كان من ضمنهم المازني شقير وقتها لأنه كان مقرب إلي، 4 أو 5 شخصيات ..
أحمد منصور:
أنت الذي قمت باختيارهم؟
محمد مزالي:
والأخ حسان بلخوجة الله يرحمه، معناها كان كذلك..
أحمد منصور:
أنت الذي قمت باختيارهم؟
محمد مزالي:
(4/55)
أنا وبعض الشخصيات الموجودة.
أحمد منصور:
اختيارك للوزراء هل فوضك الرئيس تفويضا تاما في اختيار أعضاء حكومتك؟
محمد مزالي:
فوض لي، ولكن طلب مني أن أعرض عليه الأسماء.
أحمد منصور:
لم يفرض عليك أحدا مطلقا؟
محمد مزالي:
لا.
أحمد منصور:
لم يقل لك شكل الحكومة، هؤلاء هم الوزراء، وأضف لهم من شئت؟
محمد مزالي:
لا، باعتبار يعني إدريس قيقا وجدته وزير داخلية، فبقى وزير داخلية، أما ثلاثة أو 4 أو 5 وزراء كانوا من قبلي وأبقيناهم، بورقيبة في الحقيقة كان متساهل كثير، كان حريص على أن يُسهِّل مهمتي.
أحمد منصور:
في العام 81 وقعت عدة أحداث في حكومتك أنت، حوكم الاتجاه الإسلامي في يوليو 81، تم إجراء انتخابات مزورة أيضا في العام 81 ..
محمد مزالي:
أردناها انتخابات صادقة حرة، فزوروها.
أحمد منصور:
لو جئت إلى قضية الانتخابات، ثم آخذ قضية الاتجاه الإسلامي، الانتخابات، أنت قلت إنك أنت الذي أقنعت الرئيس بقيام انتخابات في البلاد.
محمد مزالي:
أنا أقنعت الرئيس بحل البرلمان، وأنا أقنعت الرئيس بعقد مؤتمر للحزب الحاكم استثنائيا، وأدخلنا، وفي مشروع الخطاب الذي حررناه، وألقاه الرئيس بورقيبة، حرره الأخ الشاذلي القليبي بالتعاون معي، من حيث الأفكار، أدخلنا التعددية، والفقرة المشهورة هي: (لا أرى مانعا من تعدد الأحزاب والمنظمات الاجتماعية) يعني النقابات..
أحمد منصور:
أنا حينما قرأت هذه المرحلة، وكتابك أنت بالذات، والرسالة التي وجهتها إلى بورقيبة، لاحظت كأنك تصور بورقيبة على أنه رجل كل ما كان يحتاجه هو بطانة مخلصة له، توجهه وينصت لها، وهذا يتناقض مع شخصية الفرد الديكتاتور المتحكم التي عرفت عن بورقيبة، في تلك الفترة، كيف كنت تقترح عليه، وهو كان يوافق بهذه الطريقة السهلة؟
محمد مزالي:
وخاصة في المدة الأولى كان يوافق دائما.
أحمد منصور:
المدة الأولى من رئاستك للحكومة.
محمد مزالي:
(4/56)
من رئاستي للحكومة، أنا كنت بنعمل بالحكمة القديمة، إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع، أنا أعرف ما هي الثوابت البورقيبية وأعرف ما هي الخطوط الحمراء، فلا أحاول الصدام معه، بل يعني أجتهد حتى أقدم له شيء مستساغ، فبالنسبة مثلا للتعددية، عارض في هذا.
يعني أنا كنت مجتمع مع بعض الإخوان في المكتب السياسي أسعد أبو جمعة، منصور معلى، الباجي قايد السبسي، إدريس قيقا نفسه إلى آخره، وقرأنا مشروع الخطاب الأول الذي كان مفروض أن يلقيه بورقيبة في 10 أفريل 81 في افتتاح المؤتمر -الخارق للعادة- للحزب الاشتراكي الدستوري، فلم نجد فيه شيئا يعني جديد، فقلت لأحد الإخوان في الديوان أعطني ورقة، بدي ورقة، وكتبت أنا، وحررت أمامه 5 أو 6 أسطر حررتها بنفسي أمامه، وأمليتها على الشاذلي القليبي رغم أنه كان الأمين العام للجامعة العربية، لكن كان هو يحرر خطاب بورقيبة، فقال لي الأخ القليبي، قال لي يستحيل يوافق بورقيبة على ذلك، قلت له يا سي شاذلي، اكتبها، أقحمها في الخطاب، ونحن نقول له نقرأ الخطاب ونشوف، فلما قرأ، قرأ القليبي -من الغد- هذه الفقرة، بورقيبة رد، وقال اشمعنا [لماذا] هذه؟ لويه [لماذا] هذه؟ قلت يا سيادة الرئيس، هذه معناها فرصة تعطيها لأبنائك التوانسة حتى يختاروا، شو [ما] المشكل؟
أحمد منصور:
أنت بتطالب الآن، الأمر ليس بسيط بهذا الشكل، أنت بتطالب بتغيير النظام السياسي القائم في البلاد.
محمد مزالي:
وغيرته، وبورقيبة وافق، وتلا الفقرة كما هي، وكان منعرج كبير.
أحمد منصور:
يعني ليس مجرد إلقاء -سعادة الوزير-، ليس مجرد إلقاء خطاب ورسالة، وإنما الآن هذا التغيير تحول إلى قناعات، وإلى مؤسسات وإلى ممارسة!!
محمد مزالي:
(4/57)
ممارسة، والدليل على ذلك هو أنه -قبيل ذلك- أقنعته أنا والأخ المنجي القعلي أقنعناه في (المنستير) بالاعتراف بالحزب الشيوعي، ثم بعد أشهر من الانتخابات المزورة هذه، أقنعته شخصيا، وأنا وحدي في مكتبه، أقنعته بضرورة الاعتراف بحزب أحمد منستيري...
أحمد منصور:
يعني حركة الديمقراطيين الاشتراكيين
محمد نزالي:
حركة الديمقراطيين الاشتراكيين...
أحمد منصور:
وحزب الوحدة الشعبية
محمد نزالي
وحزب الوحدة الشعبية للحاج عمرو، ومانع في ذلك، فأقنعته ..
أحمد منصور:
لو جئت للانتخابات المزورة، نبفى فيها لأن هذا وقع في 83، الذي تشير إليه الأحزاب بالنسبة للأحزاب في ..
محمد مزالي:
81، لا الأحزاب في 81 و82.
أحمد منصور:
في 81، تم تزوير، تم تزوير الانتخابات، وكنت أنت رئيسا للحكومة، وأنت بذلك تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا التزوير.
محمد مزالي :
لا، لا هنا نقطة.
أحمد منصور:
لماذا؟
محمد مزالي:
لأن هذه أمور تاريخية هامة، واتفقنا في الديوان السياسي حتى نحترم -بقدر الإمكان- آراء الناخبين، واستدعيت -شخصيا- حوالي 50 صحفي من البلاد العربية والبلاد الأجنبية، ولأول مرة في تاريخ تونس المستقلة يتكلم محمد المنستيري وزملاؤه، ويتكلم الحاج عمرو وزملاؤه، والحزب الشيوعي محمد اسمه إيه، الكاتب العام للحزب الـ حرملي محمد الحرملي يتكلمون في الإذاعة، ويكتبون في الصحف، ويعلقون المعلقات لنقد الحكومة، واقتراح أشخاص أو برامج أخرى، لأول مرة في تاريخ تونس، في ليلة الاقتراع، كنت في (المنستير) باعتباري رئيس قائمة (المنستير) منذ 25 عاما حينذاك، وقبل التوجه للاجتماع الختامي للمنطقة كلها للولاية، جاءني إدريس قيقا..
أحمد منصور:
وزير الداخلية
محمد مزالي:
(4/58)
وزير الداخلية، كنا في مكتب الوالي، ومعانا حوالي 20 أو 30 مناضل، قال لي السيد وزير أول: بودي نقابلك على انفراد، قلت له تفضل، فدخلنا في مكتب صغير، فيه الكاتبة واللي تمسك التليفون، أخرجناها، وقال لي اليوم ناداني الرئيس، ومشيت له أنا ووالي تونس، اسمه (مهذب الرويسي)، وقال لي أبلغني أنه تحبوا تعملوا قائمات كذا ومعارضة، قال له: لا، قال والشعب التونسي 100% مع بورقيبة، نحب النتيجة 100% يعني ..
أحمد منصور:
يعني مش 99.9%؟
محمد مزالي:
بالضبط.
أحمد منصور:
100%؟
محمد مزالي:
100%، فقلت له قديش كيف ايش؟ قال أمر، قلت له حاول، حاول على الأقل أن تعاون 5 أو 10 معارضين يا أخي كيف هذا، علما وأن في قائمة الحزب الحاكم أدخلنا 27 نقابي، منهم نقابيون يعني أحرجونا كثيرا فيما بعد.
أنا استدعيت بعض المعارضين القدامى، مثل الحبيب بولعراس من باريس، واستقبلته في بيتي، وأقنعته بالترشح في قائمة الحزب، أقنعت الأخ -الله يرحمه- محمد صاحب الحاج، محامي من سوسة كان معارض نوعا ما اسمه (سي بوكر)، واحد ديمقراطي اسمه، واحد كان وزير سابق، يعني بحيث تم حوالي 35 : 40 اسم في قائمتنا اللي هم كانوا معارضين.
أحمد منصور:
يعني الآن أنت أدركت قبيل الانتخابات، وليلتها أن الانتخابات ستزور ..
محمد مزالي:
كيف وقع ذلك؟
أحمد منصور:
ستزور؟
محمد مزالي:
لا، قال لي الأمر من بورقيبة.
أحمد منصور:
وقبلت، ووافقت.
محمد مزالي:
لا أنا قلت له، ما كان يمكن أن أفعل؟ قلت يا سيد إدريس…
أحمد منصور [مقاطعًا]:
تستقيل يا سيدي!
محمد مزالي:
لا ما هو، آه هذه هذه معك حق، هذه النقطة في عدة منعرجات من حياتنا السياسية، أنه كان علي أن أستقيل ..
أحمد منصور:
فعلا يعني، لو استقبلت من أمرك ما استدبرت لأعلنت استقالتك في هذا التاريخ؟
محمد مزالي:
(4/59)
أنا، أنا والله إلى حد الآن لا أزال أشعر بالندم الشديد، لأني لم أستقل غداة الانتخابات، لأن، أنا بقيت في (المنستير) وصوت في (المنستير)، في المساء، مساء الأحد، يعني عشية الانتخابات رحت لتونس، فيوم الاثنين رحت في قمة، قمة عالمية في باريس، وصرحت لجريدة لوماتان اللي هي كانت اشتراكية حينذاك، وقلت إني آسف لأن التعددية لم تبرز في البرلمان، وبلغني -فيما بعد- أن وسيلة، أخ أحمد، أن وسيلة الساعة السادسة او السابعة، السادسة صباحا راحت هي و قيقا والوالي هذا مهذب الرويسي، وأشخاص آخرين راحوا إلى مقر الولاية، وغيروا الأرقام بحيث ..
أحمد منصور:
أرقام ايه؟ إذا هي 100% هتطلع.
محمد مزالي:
لا ، لا، الأرقام، أرقام يطبخها ثم طبخة تقع في الولاية، يعني أحمد المستيري الذي كان زعيم القائمة المعارضة تركوا له ضمن 3 آلاف صوت، أو شيء، يعني شيء مخجل.
أحمد منصور:
يعني هم كمان يحددون لكل شخص حجمه وعدد الأصوات التي يأخذها؟
محمد مزالي:
المهم كانوا ما ينجحوش [لا ينجحون] لانه هو بناها، لأن طريقة الانتخاب هي بالقائمة الواحدة.
أحمد منصور:
لكن ترك للشعب بأن يصوت بحرية فعلا؟
محمد مزالي:
نعم.
أحمد منصور:
والتزوير تم في الانتخابات نفسها؟
محمد مزالي:
نعم، نعم.
أحمد منصور:
هل لديك أية معلومات عن النتائج الحقيقية، لو كانت تمت بالفعل؟
محمد مزالي:
لو كانت تمت بالفعل، كان الحزب يخسر ربما قائمة في (جندوبة)، (جندوبة) هذه في الشمال الغربي، وربما في الجنوب، لكن في تونس بحسب ما سمعت فيما بعد، كانت الأغلبية للحزب الحاكم.
أحمد منصور:
يعني كان ممكن الحزب بدقة وأمانة تاريخية الآن، كان ممكن في هذه المرحلة في العام 81 يأخذ نسبة كام تقريبا؟ بدقة، برؤيتك إنت كرجل من الحزب ورئيس وزراء.
محمد مزالي:
أنا قناعتي وعقيدتي، أن 51% تكفينا لنأخذ أغلبية مطلقة، 51 ..
أحمد منصور:
(4/60)
هل معقول أن واحد مثل بورقيبة يقبل أن 49 من التونسيين لا يقبلونه.
محمد مزالي:
هذا المشكلة، هذا المشكلة، هذا يعني..
أحمد منصور:
وهل أنت أيضا كرئيس حكومة في ذلك الوقت ممكن أن تكون على قناعة بأن 51% فقط من التونسيين يؤيدون حكومتك؟
محمد مزالي:
أنا، أنا كنت أقنع بـ51% والله، وهذا قلته في خطب كثيرة.
أحمد منصور:
هل منعك من الاستقالة في ذلك الوقت -مع هذا التزوير المحسوب عليك تاريخيا في تلك الانتخابات- هو نظرتك ورؤيتك إلى أن تكون أنت الخليفة القادم، ومن ثم يمكن أن تصحح؟
محمد مزالي:
أبدا، أبدا والله، والله يعني أنا إلى الآن أشعر بالحزن والأسف، عندما أذكر الانتخابات هذه، لأنها هي الذي، أصبحت منعرج في نجاحي على رأس الحكومة، من وقتها يعني ثقة الناس نقصت، لكن الذي حال دون ذلك أولا محبتي لبورقيبة وتعلقي به، وانضباطي نحوه، هذا أعترف به.
ثانيا: قناعتي حينذاك -وكنت مخطئا- قناعتي أنه يمكن لي فيما سيأتي من الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات أن أتفادى ما حدث، وأن أكتسب للديمقراطية مكاسب جديدة.
أحمد منصور:
هل كانت هذه رغبة بورقيبة وحده، عملية التزوير؟ أم أن هناك جناحا موجودا في السلطة أيضا، كان يهمه أن تبقى الأمور بهذا الشكل؟ وألا تحقق أنت شيئا مما كنت تريد؟
محمد مزالي:
أنا قلت لك إن وسيلة، وسيلة راحت للمكاتب الولاية، وغيرت الأرقام، يعني لأنها حسب السيدتين مؤلفتي كتاب (بورقيبة) (دشت جون أفريق) السيدتان سهير بن حسن وصوفي بيسيس، قالوا وسيلة زورت الانتخابات، وأوحت لبورقيبة، ليه؟ لأنها خافت من تكوين محور عكس، محور بين مزالي وأحمد منستيري من شأنه أن يدعمهما، ويقضي على سلطة وتأثير وسيلة، خاصة، خاصة وأني كنت متفاهم ومنسجم مع أحمد منستيري والمعارضين، وكانوا في بيتي، كنا نجتمع، ونسقنا، وأعناهم، وأعطيناهم حصص في الإذاعة والتليفزيون..
أحمد منصور:
(4/61)
كثير من الوزراء، هل كان كل الوزراء في حكومتك يخضعون لسلطتك أم لسلطة الرئيس؟
محمد مزالي:
الكل يخضع لسلطة الرئيس، يعني ما، ولا وزير واحد يقدر أن يعارض الرئيس، هذا الواقع، لكن في نطاق حكومتي -ما قلش الكثير- مع عدد لا بأس به، كانوا يأتمروا بأوامر وسيلة.
أحمد منصور:
أوامر وسيلة، وليس بأوامرك أنت، ولا أوامر الرئيس!
محمد مزالي:
نعم، يعتبروا أوامر وسيلة هي أوامر الرئيس، لأن لما يمتنع وزير من تنفيذ تعليمات وسيلة تغير عليه صدر بورقيبة، ويقال، وهذا وقع بالنسبة للبعض منهم.
أحمد منصور:
من أهم هؤلاء؟
محمد مزالي:
مثل -مثلا- بلحاج عمرو، صادق بن جمعة مثل الجماعة التي أقالها بورقيبة.
أحمد منصور:
كل هؤلاء أقيلوا بسبب عدم رضاء وسيلة عنهم؟
محمد مزالي:
إيه، لكن وسيلة تقدم الموضوع تقديم آخر، طبعا.
أحمد منصور:
إدريس قيقا يقال إنه كان يفخر بأنه لا يأتمر إلا بأوامر بورقيبة، وإنك لم يكن لك أي سلطان عليه.
محمد مزالي:
قد يكون.. قد يكون ..
أحمد منصور:
لكن في الحقيقة، كيف كنت تتعامل مع هذا الواقع؟
محمد مزالي:
في الحقيقة، أمامي دائما كان منضبط، دائما السيد وزير أول ينضبط، وأحيانا يعني يأخذ كلمة رئيس وزراء، ويؤيد نظريتي، وما شق عصا الطاعة في وجهي أبدا، إلا عندما انطلقت مؤامرة الخبز.
أحمد منصور:
سنأتي إلى مؤامرة الخبز في 3 يناير 84، ولكن قبلها أيضا في العام 81، تم محاكمة حركة الاتجاه الإسلامي.
محمد مزالي:
اسمح لي حبيت أضيف إضافة بسيطة.
أحمد منصور:
تفضل.
محمد مزالي:
وهذا قاله بعض المسؤولين في الوزارة مثل الباجي قايد السسي وغيره إلى يوم الناس هذا، ما أراد إدريس قيقا أن يعطينا الأرقام الحقيقية لانتخابات 81، سألناه في الحكومة والديوان السياسي، يا سيد إدريس، اعطنا قد قد كم أصوات الحزب الحاكم وكم أصوات المعارضين، يقول لا، النتائج في القصر، خذوها من القصر.
أحمد منصور:
(4/62)
وأنت لم تسع بنفوذك إلى أن تأخذها من القصر؟
محمد مزالي:
أنا نعرف أن هذا القصر ما عنده حتى أرقام، الأرقام عنده في الداخلية.
أحمد منصور:
ولم تستطع حتى بعد إقالة إدريس قيقا أن تعرف؟
محمد مزالي:
لم أستطع، وأعترف أني لم أجرؤ على إحداث أزمة في صلب الحكومة،ومع بورقيبة وقتها.
أحمد منصور:
وأنت وزير أول للحكومة، أو رئيس حكومة، أو رئيس وزراء؟
محمد مزالي:
نعم.
أحمد منصور:
كما هو معروف، ولكن هذه كانت طبيعة الحكم في تلك الفترة، في العام 81 تم محاكمة حركة الاتجاه الإسلامي، وهذه تؤخذ عليك أيضا باعتبارك كنت رئيسا للحكومة.
محمد مزالي:
والله يعني لو يسأل مؤرخ أو صحفي، الإخوة في الاتجاه الإسلامي، لا يغلب على الظن أن جوابهم سيكون أن المسؤول هو بورقيبة، ومن مع بورقيبة، وأني أنا من الذين -ولم أكن وحدي- من الذين كانوا، ولا أزال شخصيا أعتقد، أنه يجب أن يُعامل أو نتعامل مع الظاهرة الإسلامية في تونس معاملة أخرى، معاملة حضارية، معاملة يعني، تعتمد على التي هي أحسن، وعلى التفاوض، وعلى النقاش، لا على العصا والضرب.
أحمد منصور:
أنت فتحت حوارا مع الإسلاميين؟
محمد مزالي:
طبعا.
أحمد منصور:
كان بموافقة بورقيبة؟
محمد مزالي:
لا، لا.. لكن يعني بورقيبة في الحقيقة لم يواجهني في هذا الموضوع، نرجع لإيقاف الإسلاميين في 81، وكنت في أوج يعني السلطة وقتها، أنا لا أقول هذا تملص، وإنما كنت وقتها -لأسباب صحية- في لوزان، تغيبت تقريب 10 أيام أو 12 يوم في جويليه، جويليه [يوليو] 81، لما رجعت قابلت بورقيبة في قصر صقادس في المنستير، قال لي يا سي محمد، قال لي، قال لي، قال لي كدنا نندثر، [كلمتين غير مفهوتين] من مؤامرة كبيرة، وأهو إدريس قيقا وزير الداخلية أعطاني أوراق ، فيها نموذج للتنظيمات وكذا، قال لي الغنوشي لحقناه في الساحل، حب يعمل اجتماع في قصر هدال، زي بورقيبة في 34، تحدي شخصي قل لي هذا، لكن لحقناه..
(4/63)
أحمد منصور:
في 34 هذا الاجتماع الذي أعلن فيه تأسيس الحزب الدستوري.
محمد مزالي:
لتأسيس الحزب هذا، أعتبرها ضربة له هو شخصيا، أنا ما فكرتش في هذا شخصيا، وقال ألقينا القبض عليه في بقالته، وقال لي عبد الفتاح مورو وجدناه في أحواس تونس، وألقينا عليه القبض، وقال يا سي محمد، امنعنا، عاملوا منها محكمة، قال لي يجب الحكم بأحكام قاسية، ونادى وزير العدل ووزير الداخلية، بحيث أنا بهت، خرجت بعدها وسيلة ايش تقول لي يا سي محمد، موافق بورقيبة، قالت لي إذا كنت مش موافق قل.
أحمد منصور:
مش موافق على إيه؟
محمد مزالي:
على إلقاء القبض على الجماعة، والمحكمة، فأنا شفت ..
أحمد منصور:
حتى هذه اللحظة لم يكن قد قبض على أحد منهم؟
محمد مزالي:
لا، ألقي القبض على الأكثرية، وأنا غائب، فأدركت أن هناك جبا، وأن وسيلة أرادت أن تتخلص مني ..
أحمد منصور:
منك أنت؟
محمد مزالي:
أيوا، فأنا سكت، ولم أقل نعم، ولم أقل لا، خرجت بصمتي عن لا ونعم، وليس هذا موقف شجاع جدا، أعترف، لكن..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
يعني من الناحية التاريخية بتعتبر نفسك أيضا في هذا الموقف ..
محمد مزالي [مقاطعًا]:
كان يمكن ناخذ موقفا.
أحمد منصور:
ما هو الموقف الذي يمكن أن تأخذه لو استقبلت من أمرك ما استدبرت؟
محمد مزالي:
خذيته، لا خذيته، لا هذا خذيته، لا كله هذا مجرد أوراق، هل هناك حجج قاطعة، على أن الجماعة حبوا أن يقلبوا الحكم؟ ما كانش عندي حجج أنا شخصيا إلا تقارير البوليس، لكن أضمرت في نفسي…
أحمد منصور [مقاطعًا]:
لكن حتى هذه اللحظة لم يكن لك أية علاقة مباشرة بالغنوشي؟ ولا بالحركة الإسلامية.
محمد مزالي:
لا، غنوشي ايش، لكن ..
أحمد منصور:
منذ 81 هذا؟
محمد مزالي:
(4/64)
منذ ذلك اليوم، وأنا أسعى إلى طي الصفحة، والإفراج عن هؤلاء الإخوة، وهذا أقوله الآن، وأقنعت بورقيبة بعد أشهر بإطلاق سراح الأستاذ عبد الفتاح مورو لأسباب صحية في الظاهر، وأقنعته ولما اقتنع بعد أخذ ورد ونقاش وبعد جلسات وليس جلسة واحدة، لأنه بنقولوا يقول لا، ثم نرجع له، ثم نرجع له، فخرجت بعدها وصرحت لوكالات الأنباء، قلت لقد أذن لنا السيد الرئيس بأن يقضي الأستاذ عبد الفتاح مورو بقية الإيقاف في بيته لأسباب صحية، ثم بعد ذلك وبالتعاون مع الدكتور بن سلامة، حموده بن سلامة وهو من الديمقراطي الاشتراكيين جماعة أحمد المنستيري استدعيت أحد زعيمي الحركة حينذاك، مورو في بيتي، وتناظرنا ليلة كاملة.
أحمد منصور:
ومورو معروف أنه صاحب حجة، وعنده بلاغة، وقدرة على الإقناع..
محمد مزالي :
وظريف وذكي، وكلامه كويس حلو، وعنده حجة، أنا ثمة حجة قالها لي إلى الآن دمغتني، قال لي يا سيد وزير أول ليه تخافوا منا نحن؟ أنتم -يا جماعة- عندكم الإذاعة التليفزيون، عندكم الأخبار، المخابرات، الداخلية، الجيش، الدولة، الولاة، ونحن ما عندنا ولا حاجة، خافين منا ليه؟ كيف تقدر تجاوبه؟ فاتهمنا، فقلت يا سي عبد الفتاح قل للجماعة المسجونين الأخ راشد الغنوشي والأخ صالح كركر ومن معهم في ذلك الوقت، من معاهما، يعملوا لي مذكرة، إيه يحبوا؟ شو برنامجهم؟
بعد تقريب شهرين، جاني وزير الأمن الأخ أحمد بن نور وهو منفي مثلي في باريس الآن، وقال لي الجماعة أمضوا جميعا في برنامج عمل، فقرأته بحضور الأخ أحمد بن نور وهو حي يرزق في باريس، قلت له يا سي أحمد أنا لو أمكن لي هالنص هذا نقدر نمضي عليه، وأنشره كافتتاحية في مجلتي الفكر، أنا حياتي كلها أدعو إلى أسلمة المجتمع، وإلى الأصالة، وإلى أن..
أحمد منصور:
يعني الآن حركة الاتجاه الإسلامي قدمت لك برنامجا لتواجدها في المجتمع؟
محمد مزالي:
(4/65)
واستسغته، يعني أنا أختلف معهم ربما في طرق العمل، لكن في الثوابت الروحية، أنا -أخ أحمد- لا أشكر نفسي، ولكن هذا مكتوب تاريخيا، لما أسست الفكر، أنا كنت أحرر دائما السوانح، أول سانحة تلقاها في الفكر في أكتوبر 55، مثلما قلت لك في حلقة سابقة، قلت إن تونس على قاب قوسين أو أدنى من الاستقلال، والاستقلال ليس جيش ولا دبلوماسية ولا أمن،ولا أعلام ترفرف، وإنما هو وجود، والدول لا تبقى، ولا تصمد أمام الدهر إلا إذا كانت لها مقومات تشدها وتغذيها، ومقومات تونس منذ 14 قرن هي الدين الإسلامي واللغة العربية، ونؤسس -على بركة الله- هذه المجلة، لتغذي وتدافع وتنافح عن الدين الإسلامي في هذه الديار وعن اللغة العربية، هذا كتبته في غرة أكتوبر 55.
أحمد منصور:
لكن سعادة السيد مزالي، هل تأكدت فعلاً أنت من أن الاتجاه الإسلامي في 81 كان يعد لمؤامرة بالفعل؟
محمد مزالي:
لا لا لم أتأكد، ولا أعتقد ذلك، كانوا يحملوا مشروع، مشروع يعتبروه مضاد لمشروع التغريب الذي كان يحمل لواءه الرئيس بورقيبة في نظرهم، وكانوا يدعون إلى الإسلام واللغة العربية، وإلى إحياء التعليم الزيتوني، فأنا هذه الأفكار كنت أدعو لها من يوم أن كانوا هم شبان في الثانوية، كنت أكتب ذلك كل شهر، كل شهر وأنا في الفكر وأنا أمتاز، أمتاز -إن صح التعبير- عن بقية الزملاء في الحكومة التونسية، أني أكتب كل شهر أفكاري، بحيث ليس، لأن المثل التونسي يقول اللسان ما فيش عظم..
أحمد منصور:
قرأت لك بعض، بعض الأفكار التي تبين أيضا أنك لم تكن مجرد رجل سياسة، وإنما أيضا كنت مفكرا.
محمد مزالي:
أنا -يا أخ أحمد- أنا رجل فكر، يعني زج بي في السياسة، فتهت فيها، أنا، أنا أنا أطالب، وأطلب غدا -بعد وفاتي- أن يقال إن مزالي رجل ثقافة، لا سياسي، أنا كنت، أنا دخلت في السياسة بالوطنية يعني، بالنضال من أجل الاستقلال.
أحمد منصور:
(4/66)
لكنك بقيت فيها تمارسها أكثر من 30 عاما، حتى وصلت إلى أرفع درجة بعد الرئيس، وهي رئاسة الحكومة، أو الوزير الأول.
محمد مزالي:
يعني ضربة من غير...،يعني رمية من غير رام، يعني حيث نرجع للإخوان ..
أحمد منصور:
خلينا نرجع لحركة الاتجاه الإسلامي لنر، لنر ما الذي وقع في النهاية بالنسبة لها.
محمد مزالي:
بحيث لما قلت للأخ أحمد بن نور قلت له النص هذا وثيقة، يشبه ما كنت أقول، ثم ذهبت لبورقيبة مرة أولى، ومرة ثانية، ومرة ثالثة، وأقنعته حتى وافق على إطلاق سراحهم جميعا، والمرة قبل الأخيرة، قال يا سيد محمد، طيب نسيبهم كلهم إلا الغنوشي، قلت لا يا سيادة الرئيس، استعملت حيلة، قلت كيف اقديش، قال على ايش؟ قلت أنت فرنسا عملت هيك في عام 36، أطلقت سراح الزعماء، إلا أنت، فأصبحت زعيم بذلك، قلت إنت، قلت تخليه غنوشي وحده في السجن، معناه هو الزعيم، قال لي الحق معك، قال لي الحق معك، نطلق سراحهم كلهم، فأطلقوا .. .
أحمد منصور:
تفتكر سنة كم أفرج عنهم؟
محمد مزالي:
في 3 اوت [أغسطس] 84.
أحمد منصور:
وقدموا مشروعهم؟
محمد مزالي:
طبعا.
أحمد منصور:
وبعد ذلك قبض عليهم، بعدما قدموا أسماءهم ومشروعهم.
محمد مزالي:
بعد ذلك ظلوا يعملون، منها الأخ الغنوشي وزملاؤه نظموا ندوة صحفية، وأعلنوا فيها عن تأسيس حزب الاتجاه الإسلامي.
أحمد منصور:
دون، دون عودة إلى السلطات والحكومة؟
محمد مزالي:
أبدا، وأنا شخصيا على علم بهذا، ولم أحرك ساكنا، أنا أتكلم وهم يتكلموا.
أحمد منصور:
أنت أيضا تعتبر أنهم أخطأوا في كثير من تصرفاتهم، ودفعوا ثمنا لها، أم أنهم كانوا مظلومين؟
محمد مزالي:
أنا -إن حق لي- أن أوجه لهم نقدًا، قلت ربما خطأهم الأكبر أنهم تعجلوا، ولم يتريثوا، ولم يدعموا حكومة كانت تسير نحو الأصالة، ونحو الاستقلال التونسي الحقيقي، الأمر الذي أدى بنا جميعا إلى الخسران، هذا بصفة عامة، لكن ..
أحمد منصور:
(4/67)
لكن كممارسة، كممارسة من الاتجاه الإسلامي، أو حركة النهضة..؟
محمد مزالي:
كممارسة أنا أحترمهم، والدليل، والدليل، نعطيك دليل، لما أغارت إسرائيل على تونس في غرة أكتوبر 85، أنا حاولت أن أسلك سلوك البلدان المتحضرة، فناديت كل أحزاب المعارضة واستقبلتهم في مكتبي، بحضور التلفزيون والإذاعة، وتصريحاتهم، أحمد منستيري وجماعته، الحاج عمرو وجماعته، محمد حرملي الشيوعي وجماعته، والغنوشي وجماعته كان معه الأخوان عبد الفتاح مورو وحماد جبالي، واستقبلتهم أكثر من ساعة، ساعة ونصف ونحن نتحدث، ولم أستشر بورقيبة، والغريب هو أن بورقيبة لم يفاتحني في الأمر بعد.
أحمد منصور:
وعلم بهذه التفاصيل؟
محمد مزالي:
طبعا في التليفزيون، والإذاعة، يعني سمع إلى هذا مرات مرات في الإذاعة ..
أحمد منصور:
معنى ذلك أن بورقيبة، كان يترك لك مجالا في الحكم، ولا يتدخل كثيرا فيما تقوم به من أمور؟
محمد مزالي:
أو، أو يتدخل في الوقت الحاسم، معناه يتركك تواصل..
أحمد منصور:
يغض الطرف راضيا.
محمد مزالي:
ويختار هو الوقت لرد الفعل لربما، كذلك مثلا كانت جماعة أحمد بن صالح يعني جماعة بن صالح حزب محظور، وبورقيبة كان زعلان جدا ضد بن صالح، في 6 سنين اللي توزرت فيها أنا الحكومة -والحمد لله- لم يمس أي مناضل من جماعة بن صالح أبدا، وهذا ما يقوله الأخ بن صالح وهو منفي مثلي في باريس، يقول لي في فترتك أنت لم ينل أحد المناضلين أي سوء، وكنت أعلم أنهم اجتمعوا، عقدوا مجلس وطني، عقدوا اجتماعات يتكلموا، أنا ما أراش [أرى] مانع، أنا كنت أتكلم كذلك.
أحمد منصور:
الآن نتخطى مرحلة الاتجاه الإسلامي وما وقع فيها، لا سيما وأنه في فترة رئاستك للحكومة من 80 إلى 86، وقعت عدة أشياء للإفراج عنهم.
محمد مزالي:
(4/68)
أقول لك نقطة هامة للتاريخ، هو أنه إلى يوم إقالتي، أي إلى يوم 8 جويليه [يوليو] 86 كانت الجماعة حرة، والشيخ راشد الغنوشي حر، ينتقل ويجتمع، بعد بعيد إقالتي وقع مطاردتهم، ووضع راشد الغنوشي في الإقامة الجبرية في نوفمبر 86، معناها 4 أشهر بعد عزلي، وبعد هروبي، ثم أُلقي عليه القبض في مارس 87، هذا الناس ينساه الفترة هذه، ومنذ إلقاء القبض على الغنوشي في 7 مارس، في مارس 87، بدأت المصادمات والمظاهرات، ونظمت بين قوسين المحاكمة المأساة الهزلية في سبتمبر 87، وقد أصدرت كتاب، رسالة مفتوحة إلى بورقيبة في باريس، وأنا منفي، وأولادي في السجن، وناصرت هؤلاء الإخوة، وشجبت هذه المحاكمة المهزلة في سبتمبر 87، حيث لأني أدافع عن حقوق الإنسان وأدافع عن تونسيين مهما كانت أفكارهم.
أحمد منصور:
أخرج الفلسطينيون من لبنان، وجاءوا في العام 82، تم احتضان الفلسطينيين في عام 82 في تونس، وكنت أنت رئيسا للحكومة في ذلك الوقت، ما طبيعة الترتيبات، خاصة وأن تونس متهمة أنها ساهمت في تلك الفترة بقبولها الفلسطينيين على بعد عدة آلاف من الكيلومترات من بلدهم، فإن هذا كان المنفى الأخير لهم لعملية التسوية التي تمت بعد ذلك؟
محمد مزالي:
نعم، نعم، صحيح، صحيح، يعني في، أظن في سبتمبر 82، ذهبت كالعادة إلى المنستير في سبتمبر، بورقيبة كان في المنستير، فاستقبلتني وسيلة، لأن وسيلة كانت دائما تستقبل الوزير أول، أو أي وزير، قبل الدخول إلى رئيس الدولة، وتحاول أن تؤثر عليه.
أحمد منصور:
في أية مقابلة رسمية تتم مع الرئيس كانت وسيلة تلتقي بكم أولا؟
محمد مزالي:
(4/69)
هي لا تحضر، هي لا تحضر بصفة عامة، لا تحضر، وإنما تؤثر من وراء حجاب، من وراء الأبواب، فقالت لي: بس يستقبلك الرئيس بورقيبة، وبس يشاورك في استقبال الفلسطينيين، ومن فضلك أيد ذلك، قلت لها، قلت لها أنا لوسيلة أنا مش محتاج لكي ايش تقولي، أنا أعتبر أن استقبال الفلسطينيين واجب علينا، واجب علينا، احنا مع الفلسطينيين من أول الانتفاضة من الثلاثينات، وهذا شرف.
قيقا، قيقا كان معها، قال يا سي محمد، نحب نهنيك، قلت له تهنيني بايه؟ قال لي فرنسا وأمريكا يؤيدوا ذلك، قلت أنا ما حاكيش [لا أحاكي] فرنسا ولا أمريكا، أنا كمناضل، كمسؤول، أرى أن من واجبي أن أقنع بورقيبة بقبول الفلسطينيين.
فدخلنا لبورقيبة، أنا وقيقا وزير الداخلية، ووسيلة وراء الباب، قلت له يا سيدي الرئيس أحسن ما تعمل، هذول ناس مشردين، مطاردين، مهددين بالموت، تونس تستقبلهم مهما كانت التكاليف، مهما كانت قلة الإمكانيات، فنظر لي وحدق في، قال لي أنت موافق؟ قلت أنا موافق ومؤيد، قال كويس، وقتها نادى حكم بلعاوي وكان في الطابق السفلي، وبشره بأن تونس ستستقبل الفلسطينيين، ولذلك الحق يقال وسيلة لعبت دور إيجابي في قضية الفلسطينيين.
أحمد منصور:
أنتم حينما قبلتم الفلسطينيين في ذلك الوقت، ألم تكونوا تدركوا، الفلسطينيين حينما كانوا في بيروت كانوا على خط المواجهة، حينما كانوا في الأردن كانوا في خط مواجهة، حينما خرجوا إلى اليمن وإلى تونس كان معنى هذا أن هذا نهاية القضية الفلسطينية، أنتم تستضيفون أناسا على بعد عدة آلاف كيلو مترات من بلدهم المحتل، معنى ذلك أنهم سيعيشون لاجئين أو منفيين، أو مناضلين سياسيين، تمهيدا لمرحلة ما بعد ذلك.
أنت الآن بتبين لي أن القرار مجرد قرار عاطفي، ورغبة في أن دول نستضيفهم أو شيء من هذا القبيل، البعد السياسي أين كان في ذلك الوقت، في ظل ما أشرت إليه من قول إدريس قيقا لك بأن الولايات المتحدة وفرنسا..
محمد مزالي :
(4/70)
فرنسا وأمريكا ما يهمنيش.
أحمد منصور:
موافقون على ذلك، معنى ذلك أن هذا مخطط أيضا.
محمد مزالي:
نعم، لكن أحيانا المخططات تتلاقى، لكن أنا ما أعتبره أن التضامن مع الفلسطينيين، أو التضامن اللي عشناه في دمائنا، وأبداننا، وعقولنا مع الجزائريين، مدة 8 سنوات من الثورة الجزائرية، وتقاسمنا الحلو والمر مع الإخوان الجزائريين، نعتبر هذا جزء، جزء من الواجب.
أحمد منصور:
هذا فرق، الجزائر مجاورة لكم، ودايما تحتاج إلى خط دفاع خلفي، وبعد استراتيجي..
محمد مزالي [مقاطعًا]:
لكن ويش، تحملنا القنابل ..
أحمد منصور:
لكن الفلسطينيين؟ يعني ..
محمد مزالي:
زي بعض عرب، عرب، عرب.
أحمد منصور:
نحن لا نتكلم في هذه النقطة، نقطة الواجب والعروبة والإخوة والعاطفة، ولكن أتكلم الآن في نقطة إبعاد الفلسطينيين عن ساحة المواجهة الآن، وأن تكون تونس هي المحطة قبل الأخيرة للقضاء على القضية الفلسطينية.
محمد مزالي:
طلبوا منا ذلك، وهل يمكن أن نتملص من هذا؟ هذا واجب، أنا شخصيا أعتبر هذا واجب، الحياة السياسية ليست فقط حسابات سياسية بل مواقف.
أحمد منصور:
أنت الآن في البعد التاريخي بعد خروجك من المسؤولية، وفي هذا الوقت، هل أدركت الآن بعد مرور ما يقرب من 20 عاما على ما حدث في أن مجيء الفلسطينيين إلى تونس كان فعلا مخطط سياسي تمهيدا لما وقع بعد ذلك في أوسلو وغيرها؟
محمد مزالي:
لا، لا، معناها لم أكن أتصور وقتها في عام 82، أنه كان هناك مخطط لحل سلمي مع الفلسطينيين، بل كنا دائما نرنو إلى الكفاح الفلسطيني الفلسطيني، ولهذا استبشرنا كثير بالحجارة، بأطفال الحجارة العظام، والشهداء منهم بالخصوص، يعني كان واجب. يعني أنا، أنا باعتقد أنه في السياسة دخول معركة، وتحمل تبعات هذه المعركة يكون بمعزل، بمنأى عن حسابها ترى فيه نجاح أو فشل، يعني الواجب من حيث أنه واجب، مهما كانت التكاليف.
أحمد منصور:
(4/71)
في الثالث من يناير في العام 1984 وقعت انتفاضة الخبز في تونس، وكنت رئيسا للوزراء، ثم تصاعدت قضية خلافة الرئيس بورقيبة بين الأطراف المختلفة.
في الحلقة القادمة أبدأ معك من انتفاضة الخبز في الرابع من يناير، ومسؤوليتك عن هذا الأمر، شكرا لك.
محمد مزالي:
هذا ملف كبير، شكرا.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد مزالي رئيس الحكومة التونسية الأسبق.
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/72)
الحلقة7(4/73)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:52(مكة المكرمة)،19:52(غرينيتش)
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
تاريخ الحلقة
22/09/2002
محمد مزالى
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد (محمد مزالي) رئيس الحكومة التونسية الأسبق، مرحبا سيد مزالي.
محمد مزالي:
أهلا وسهلا.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند حدث هام من الأحداث التي وقعت في تونس أثناء توليك لرئاسة الحكومة، وهو انتفاضة الخبز، أو ما أطلق عليه انتفاضة الخبز التي وقعت في الثالث من يناير عام 84، ما هي الإرهاصات التي سبقت هذه الانتفاضة؟
محمد مزالي:
أنا شخصيا أسميها أو أنعتها بـ(مؤامرة الخبز)، لا انتفاضة، هي مؤامرة تذكرنا بمؤامرة 26 جانفيى [يناير] 78، وقد تحدثنا عنها، والبطانة (جماعة القصر) خططوا لإثارة الرئيس بورقيبة حول ما اعتبروه تبذير للقمح ولمشتقات القمح، وخاصة الخبز.
أحمد منصور:
من تعني بجماعة القصر؟
محمد مزالي:
يعني.. (وسيلة) وبعض وزراء وفي مقدمتهم وزير الداخلية السابق(إدريس قيقا) وغيرهم..
أحمد منصور:
من غير (إدريس قيقا)؟
محمد مزالي:
غيرهم.. يعني أشخاص ثانويين يعني.
أحمد منصور:
لكن الدور الأساسي والعلاقة الوثيقة والمتينة كانت بين (إدريس قيقا) و(وسيلة عمار)؟
محمد مزالي:
فيما أعتقد.
أحمد منصور:
هل كان (إدريس قيقا) هو الرجل الأول بالنسبة لـ(وسيلة) في تلك المرحلة؟
محمد مزالي:
لا.. لا..
أحمد منصور:
من كان الرجل الأول؟
محمد مزالي:
(4/74)
يعني كان عندها رجال كثيرين، يعوض بعضهم البعض، يعني تحدثنا في السابق عن (الطاهر بلخوجة)، لكن أمره انتهى حينذاك، (الباجي قايد السبسي)، (عزوز الأشرم)، وخاصة الجماعة المنتسبين إلى تونس العاصمة.
أحمد منصور:
في العام 84 تحديدا، من هم أبرز رجال (وسيلة) الموجودون في السلطة غير (إدريس قيقا)؟
محمد مزالي:
(الباجي قايد السبسي) فيما أعتقد.
أحمد منصور:
كان وزير..
محمد مزالي:
نعم الخارجية..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
الخارجية في ذلك الوقت؟
محمد مزالي:
نعم.. وفي سبتمبر 83 قبيل سفر بورقيبة إلى ألمانيا للاستراحة، هاتفني.. خاطبني بالتليفون، وقال لي: شفت برنامج في التليفزيون، فيه تبذير كبير للخبز، وللحد من هذا التبذير يجب مضاعفة سعر الخبز.. مضاعفة 100%.
أحمد منصور:
هكذا!! قرار فردي من دماغه؟
محمد مزالي:
بالضبط.
أحمد منصور:
لمجرد أن شاهد برنامج.. دون شعور بمأساة الناس.. بحاجة الناس!!بموارد الناس!!
محمد مزالي:
أبدا.
أحمد منصور:
والخبز هو السلعة الرئيسية بالنسبة لهم!
محمد مزالي:
طبعا هو المادة الأصلية، و(وسيلة) أوحت لمدير الإذاعة والتليفزيون حينذاك المرحوم -توفي الآن فيما قيل لي- (المنصف بن محمود) لينظم (روبورتاج).. وصف لبعض المزابل.. وخاصة بعض الأماكن التي يؤمها الفقراء، ومقبرة الجلاز في تونس، لتصوير أكداس من الخبز.. قطع الخبز.. يعني.. الفواضل.. وهكذا فعل، وعندما خاطبني مدير الإذاعة قال لي: إني أعددت برنامج لترشيد المواطنين، حتى يخففوا من التبذير، وأنا صدقت هذا القول طبعا، واعتبرت هذا من واجب التلفزة والإذاعة...
أحمد منصور:
هنا اسمح لي قبل أن نتطرق أو نخرج من هذه النقطة، كأنه كان هناك عدة قوى رئيسية تدير السلطة في البلاد.
محمد مزالي:
طبعا.. طبعا
أحمد منصور:
أنت كرئيس وزراء.. كرئيس حكومة.. كوزير أول كنت تمثل أحد هذه القوى.
محمد مزالي:
(4/75)
أنا والله يعني وقتها وحتى الآن، بعد هذه السنوات الطويلة أعتبر نفسي وحيد، لم يكن لي..
أحمد منصور:
وزراءك أين؟
محمد مزالي:
وزراء هم وزراء بورقيبة.. مرة أخرى.. يعني، يعني من الخطأ..
أحمد منصور:
يعني أنت كنت مثلهم؟ يعني هل نستطيع أن نقول أن الوزير الأول مثل أي وزير في الحكومة؟
محمد مزالي:
أنا كنت -ربما- أول الوزراء، لكن ليس رئيس حكومة بالمعنى المتعارف الآن في أوروبا مثلا، وفي الدول المتقدمة، يعني بورقيبة في النظام الرئاسي هو كل شيء، وكما سبق أن قلت -وهذه عقيدتي- أن الرئيس بورقيبة بقدر ما كان يشيخ ويكبر وتضعف قواه بقدر ما كان يتشنج ويحاول كل مرة أن يثبت أنه صاحب القرار الأول والأخير..فـ..
أحمد منصور:
يعني رغم أنك رئيس حكومة، لكن لا تمثل أي سلطة أو قوة في نظام الدولة؟
محمد مزالي:
لا.. أبدا.
أحمد منصور:
ما هي القوى الأخرى غير (وسيلة) ومن حولها من الوزراء؟
محمد مزالي:
يعني فيه بعض الوزراء، خاصة أولئك الذين تولوا مسؤوليات طويلة في الزمن، على رأس الحزب الاشتراكي الدستوري كونوا لأنفسهم يعني أصدقاء.
أحمد منصور:
وهؤلاء من أين كانوا يستمدون قوتهم في السلطة؟
محمد مزالي:
من.. من.. من يعني حرفيتهم -إن صح التعبير- احترافهم السياسة، أنا لم أحترف السياسة، أنا كنت مناضل أيام الكفاح من أجل الاستقلال، ثم كنت طيلة البناء والتشييد أعتبر نفسي مناضل من أجل بناء الدولة وخدمة المواطنين، لم أفكر أبدا في تكوين عصابة أو موالين أو (ريزو) يعني أو جماعات أحتاج إليها في يوم من الأيام.
أحمد منصور:
يعني في الوقت الذي وصلت فيه إلى أن أصبحت خليفة بورقيبة تقريبا، أو ينظر إليك هكذا على أنك خليفة بورقيبة لم تحترف السياسة؟
محمد مزالي:
(4/76)
لا.. لا.. وقد سألتني مرة مجلة (جون أفريك): هل لي أنصار؟ قلت لها: لا.. أنا وحدي.. ما عندي إلا أبنائي فقط، أبنائي من عائلتي، البقية كلهم نعتبرهم مناضلين، ومواطنين سواسية، يعني لم أفكر في يوم من الأيام أن أكون لي رجال أو نساء.
أحمد منصور:
هل طبيعتك هي التي لم تؤهلك إلى تكوين رجال وتكوين وضع أمن؟
محمد مزالي:
ليس طبيعتي، بل عقيدتي بأن السياسة أخلاق أو لا تكون، وكنت دائما، ولا أزال أعتبر أن الغاية لا تبرر الوسيلة، بحيث أقحمت دائما في البعد السياسي بعدا أخلاقيا وحضاريا، وكدت أكون الوحيد.. هناك بعض زملاء مثلي، لكن كدت أكون الوحيد بهذا الاتجاه.
أحمد منصور:
يعني إذن هناك الرئيس بورقيبة، هناك (وسيلة عمار) وما حولها ومن حولها من بعض الوزراء.. هناك بعض الوزراء الآخرين الذين احترفوا السياسة، واستطاعوا أن يكونوا مراكز قوى لأنفسهم، أما أنت كوزير أول وكرئيس حكومة فكنت وحيدا كما تقول.
محمد مزالي:
وكنت أقول لنفسي -كلما نبهت إلى الأخطار- قلت: أنا وزير أول، اصطفاني الرئيس بورقيبة، فإذا بدا له أني لا أقدر على تأدية الرسالة، فيكفي بكلمة أن أرجع إلى التعليم أو أتقاعد وأنا مرتاح البال، هنيء الضمير، يعني من غير أي أسف أو ندم.
أحمد منصور:
لو رجعنا إلى ما سبق انتفاضة الخبز أو ما تطلق عليه أنت (مؤامرة الخبز)، والتقرير الذي بث في التليفزيون حول عملية التبذير في استخدام الخبز..
محمد مزالي:
(4/77)
يعني.. وهناك مسؤول كان ضمن القصر، وكان يقرأ لبورقيبة جرايد، وبعد 7 نوفمبر ألقي عليه القبض، فقيل لي إنه صرح في السجن بأنه شاهد بعيني رأسه مؤامرة (وسيلة)، عندما نادت مدير الإذاعة أمام بعض الشُّهَّاد، وقالت له: يجب توريط مزالي، ويجب إثارة بورقيبة، بعد هذا قلت للرئيس: سيدي الرئيس تفضل امشي.. سافر، وأنا سأرافقك إلى المطار، وسندرس القضية، هذه مسألة سيلزمها دراسة، وعندما وصلنا إلى المطار، واصطف الوزراء واحدا بجانب الآخر، وكان من ضمن الحكومة والديوان السياسي (الحبيب عاشور) فكان...
أحمد منصور:
(الحبيب عاشور) كان رئيس الاتحادات العامة للشغل، وهذا المنصب كان يؤهله أن..
محمد مزالي:
يحضر، باعتباره رئيس منظمة.. منظمات يعني هي حول الحزب حينذاك، وكان يقول لبعض الوزراء، وللحبيب عاشور، وسمعه الناس: يجب مضاعفة سعر الخبز، ورأى النظارة بورقيبة يحرك إصبعيه، معناها رمز للمضاعفة.
أحمد منصور:
كان سعر الخبز كم وقتها؟
محمد مزالي:
كان (الباغيت).. يعني الصغرى 80 مليم، والأخرى أظن 110 مليم.. أو شيء كهذا..
أحمد منصور:
يعني إذن ستكون مضاعفة؟
محمد مزالي:
160.. نعم.. مليم يعني..
أحمد منصور:
ما أثر.. ما أثر أنت..كرئيس حكومة في ذلك الوقت، ما هو الأثر الذي كنت تتوقعه لمضاعفة سعر الخبز بالنسبة للناس؟
محمد مزالي:
(4/78)
أنا كنت أتوقع -وهذا يعني واضح في الأرقام- أن هذا من شأنه أن يهرِّيء.. (أن يضعف) الطاقة الشرائية للطبقات الكادحة، وأعطيكم دليل على هذا، هو أنه في أبريل 83 يعني 5 أشهر تقريبا، قبل أمر الرئيس، بعد إثارته، كان وزير التخطيط والمالية حينذاك الأخ (منصور معلى) في ندوة صحفية، في ندوة صحفية متلفزة.. يعني نقاش.. منبر..، وقال الأخ (منصور معلى) وهذا مسجل وموجود، ويمكن التأكد منه، قال: يجب أن نفكر جديا -أولا- في تغيير أسعار القمح ومشتقاته، لم يقل مضاعفة، وإنما قال: رفع الأسعار.. لأن صندوق التعويض يعني كاد يفلس..
أحمد منصور:
الدعم يعني؟
محمد مزالي:
صندوق الدعم طبعا، وثانيا قال: يجب التراجع شيئا فشيئا في مجانية التعليم، وكنت أنا في بيتي، وأخذت التليفون، وكلمت منشط الإذاعة بنفسي، وقد سمع صوتي من غير أن ترى صورتي، كنت في بيتي، وقلت: يا أستاذ، يا حضرة الزميل.. في الحكومة قررنا ألا نمس هذه السنة، لا سعر الخبز، ولا مجانية التعليم، هذا معناه أني شخصيا لم أكن مقتنع، وإن كنت مقتنع بضرورة الزيادة التدريجية شيئا فشيئا، لا المضاعفة الفجئية..
أحمد منصور:
رغم إدراكك تماما بأن هناك تيارا يدفع في اتجاه مضاعفة أسعار الخبز.
محمد مزالي:
فيه تيار للزيادة التدريجية، أما المضاعفة فقد كانت صدمة كبيرة للجميع يعني، وخاطبني بورقيبة من ألمانيا مرتين، وفي كل مرة أقول.. أجيب بأني بصدد الدرس..
أحمد منصور:
ماذا قال لك؟
محمد مزالي:
قال لي: اخرج شي يلزمها قرار، arrete قرار يصدر في جرايد رسمية، قلت: لا، قال لي: لماذا؟ قلت: لأن هذا يستدعي مراجعة صندوق التعويض (الدعم) يجب مراجعة يعني هوامش ربح وخسارة الخبازين، كذلك جماعة رحي القمح.. من تسمونهم في مصر (الطحانة)..
أحمد منصور:
الطحين
محمد مزالي:
الطحين.. نحن هذه كلمة مستهجنة في تونس..
أحمد منصور:
الطحين كلمة مستهجنة؟!
محمد مزالي:
(4/79)
مستهجنة.. (هذه من مشاكل اللغات العامية في الدول العربية) -بين قوسين-، وكذلك وكذلك وأنا فكرت في ضرورة التعويض عن الخسارة في الطاقة الشرائية، يعني فكرت في إسناد الطبقات الكادحة والمعوزين منحة، لا أقول تساوي بالضرورة.. إنما تقارب ما يخسره هؤلاء المستضعفون من طاقة شرائية، نتيجة لمضاعفة الخبز.
أحمد منصور:
أنا أفهم من ذلك أن القرارات كانت تصدر بشكل هوجائي.. غير مدروسة.. هوائية، لا تراعي مصالح الناس، في الوقت الذي من المفترض فيه أن القائمين على السلطة هم يراعون مصالح الناس بالدرجة الأولى.
محمد مزالي:
صحيح.. وعلى الأقل يدرسون، يدرسون ويتمعنون، ويقلبون المشكلة من جميع جوانبها، وهذه هي المشكلة مشكلة بورقيبة في أيامه الأخيرة في الحكم.. يعني القرارات الفجئية غير المدروسة، ويشعر بورقيبة بأنه صاحب السلطان عندما يفاجئ الجميع بقرار باتخاذ هذا القرار أو هذه القرارات، فلما رجع إلى تونس قال لي: أحب أن أرأس بنفسي مجلس الوزراء..
أحمد منصور:
سافر في سبتمبر.. متى..
محمد مزالي [مقاطعا]:
في أكتوبر يعني.. في أوائل أكتوبر، وفعلا نزل إلى (القصبة)، وفرح به الجميع، وقبل الدخول في قاعة مجلس الوزراء دخل إلى مكتب الوزير أول الذي كان مكتبه في الستينات، وفيه ثم 4 أو 5 وزراء، منهم وزير الفلاحة (إدريس بن عثمان).. وزير الاقتصاد (عزوز الأصرم).. وأظن.. لا (رشيد صفار).. عفوا، وابنه (الحبيب الابن) أهم من حضر، وقال لي: الآن نعد القرار.. نعد النص، فأقنعته بأن يمهلني إلى غرة يناير قال لي: لماذا نضيع الوقت؟ قلت لأن المسألة فيها دراسة.
أحمد منصور:
يعني أنا أفهم بذلك إن قضية رفع سعر الخبز كانت الآن هي القضية الأساسية التي تسيطر على أركان الدولة في تلك المرحلة؟
محمد مزالي:
يعني هي كانت مؤامرة تستهدف الوزير الأول، مو هذا الموضوع يعني، وإلا كانت قضية عادية، كان يمكن أن ندرسها، وحلها في نطاق..
(4/80)
أحمد منصور [مقاطعًا]:
هل كان الرئيس يشارك في تلك المؤامرة؟
محمد مزالي:
هو الرئيس.. أبدا -في اعتقادي- بريء من هذا، وإنما يعني وقع تحميسه -إن صح التعبير- إثارته، بسبب ما اعتبره تبذير.
أحمد منصور:
(وسيلة) التي لعبت هذا الدور؟
محمد مزالي:
نعم.
أحمد منصور:
(إدريس قيقا) لعب دورا معها في إقناعه؟
محمد مزالي:
هذه قناعتي.
أحمد منصور:
المؤامرة على الوزير الأول نفهمها في تلك المرحلة بأنها سعي لإقالته وإبعاده؟
محمد مزالي:
طبعا.
أحمد منصور:
من هو الشخص الذي كان مرشحا في تلك المرحلة ليكون بديلا عنه؟
محمد مزالي:
سيأتيك الحديث يعني.. (إدريس قيقا) -في اعتقادي- وهذا ما كاد يقع في يوم ما، يعني في الأيام القليلة بعد 3 واللا2 مارس.. 2 يناير، فأقنعته بالتريث، فلما دخلنا إلى قاعة مجلس الوزراء، وأمام المصورين قال لوزير الإعلام، قال له: يا سي عبد الرزاق.. اسمه (عبد الرزاق الكافي) قال له: حط [أثبت] في المحضر.. في البيان الختامي للمجلس، حط [أثبت] أن الحكومة برئاسة المجاهد الأكبر قررت مضاعفة سعر الخبز، فأنا ترقبت حتى خرج الصحفيون، معذرة للصحافة، ثم والله كنت الوحيد الذي عارض بورقيبة، ولم يتكلم أي وزير آخر حتى أقنعته.
أحمد منصور:
ماذا قلت له؟
محمد مزالي:
قلت: يا سيادة الرئيس، احنا اتفقنا.. اتفقنا منذ حين في المكتب أن تعطينا شهرين حتى أتفاوض مع اتحاد الشغل، أتفاوض مع اتحاد المزارعين، مع الخبازين، مع الرحاية.. مع يعني.. ومع وزارة المال والتخطيط.. حتى نقيم كم المنحة المعطاة للطبقات الضعيفة، فالوحيد الذي تكلم هو رئيس البلدية شيخ المدينة (زكريا بن مصطفى) لأن بورقيبة قال له: يا سيد زكريا، مش قلت لي في الجنَّاز الخبز مرمي هك؟ قال: نعم يا سيادة الرئيس، هو الوحيد، البقية والله أي وزير لم يتكلم إلا أنا، فما زلت به إقناعا، حتى قال: طيب طيب، نضيع شهرين ولكن كويس.
أحمد منصور:
(4/81)
وافق على التأجيل إلى بداية يناير.
محمد مزالي:
وافق على التأجيل.. فأجلنا واتفقنا..
أحمد منصور:
لكن هو كان قد صرح للإعلام بهذا الأمر؟
محمد مزالي:
لا، هو قال للوزير حتى يكتب البلاغ قبل انتهاء مجلس الوزراء، كان المفروض أن يتلوه، والوزير بعد..
أحمد منصور:
بعد الاجتماع.
محمد مزالي:
هذا من علامات الديمقراطية طبعا!!
أحمد منصور:
نعم.
محمد مزالي:
فقضينا نوفمبر وديسمبر في الإعداد.. الذي يجب أن يعلمه الإخوان النظارة في تونس، وفي خارجها هو أني تمكنت من إقناع الاتحاد العام التونسي للشغل وزعماءه -وسأذكرهم- بالاتفاق معي في سقف المنحة، والمنحة تتكون من دينار ونصف لكل فرد في عائلة لا يتجاوز عدد أفرادها الستة، حيث أب وأم و4 أبناء، فتكون المنحة 9 دنانير، وقدرت الخسارة في الطاقة الشرائية بحوالي 10 أو 10.5، يعني بسيطة كانت. وعندي وثيقة يمكن أن أدلي بها، فيها اتفاق ما بين أعضاء الحكومة، 4 أو 5 أعضاء حكومة المسؤولين في الصف الأول، وزعماء اتحاد الشغل، وفي مقدمتهم المرحوم الآن (الحبيب عاشور) و(الطيب البكوش) و(خليفة عبيد) والكاتب العام الحالي، نحن في 99 للنقابات، وهو (إسماعيل السحباني) كلهم أمضوا على الاتفاق على الزيادة في سعر الخبز.. المضاعفة، وعدا هذه المنحة، التي استنبطتها شخصيا لتخفيف الوطأة على الطبقات الكادحة..
أحمد منصور:
بحيث يكون هناك توازن إلى حد إلى حد ما..
محمد مزالي:
هذه سميناها الإجراءات المصاحبة، ثم بـ(تليغراف).. ببرقية.. لأول مرة في تاريخ تونس المستقلة، برقية لكل المحافظين.. كل الولاة لتحويل قدر مليار أو مليارين، بحسب الولاية حتى يدعموا المعوزين الذين ليسوا عملة، ولا موظفين.
أحمد منصور:
(4/82)
حسن، هنا نحن نريد أن نفهم نقطة مهمة جدا، كثير من الحكومات بالذات في العالم الثالث تقوم برفع الدعم عن السلع، الآن بتوصيات من صندوق النقد والبنك الدولي، والمقرضين الموجودين في أنحاء العالم، في نفس الوقت تقوم بزيادة الرواتب، زيادة تحاول أن تغطي بها مثل نفس الطريقة التي فعلتم بها الآن.. لماذا أصلا رفعتم سعر الخبز؟ دعوا سعر الخبز كما هو، ولا تعطوا الناس منحة، أو ارفعوا سعر الخبز 10% بدل هذا السعر المضاعف..
محمد مزالي:
يا ريت.. لو قلت هذا أنت للرئيس بورقيبة لوفرت علينا أزمة من أشد أزمات تونس المعاصرة..
أحمد منصور:
لا، هذا الكلام الذي أقوله منطقيا ومقبولا أم لا؟
محمد مزالي:
أنا شخصيا كنت أتبناه.
أحمد منصور:
يعني أنفع رئيس حكومة!!
محمد مزالي:
طبعا.. طبعا طبعا هذا خطابي في أيام زمان يعني.. يا ريت.. فالشيء الذي وقع -وهو غريب جدا- هو أن أكثر الولاة اتصل بهم وزير الداخلية، وأرسل منشور لقوات الأمن حتى يجردهم من السلاح، المنشور هذا موجود، وقد أدي به ممضى من طرفه في محاكمة (إدريس قيقا).
أحمد منصور:
خوفا من أن يحدث..
محمد مزالي:
لا..لا..لا بالعكس.. تشجيعا على أحداث الشغب، حتى لا يقدر البوليس على مواجهة الشغب، وبعض الولاة خصوصا في الجنوب..أول والي بدأ بالعيب هو اسمه (حفصة) في ولاية (قبلي) -فيما أذكر- وهو قريب جدا للسيدة (وسيلة) والحوادث بدأت هناك في الجنوب، ثم في الجنوب الغربي، وسارت، وامتدت إلى عدة ولايات.
أحمد منصور:
مع هذه الإجراءات التي قمتم بها من عملية الدعم العائلي التي أشرت إليها.. المادي، وفي نفس الوقت رفع سعر الخبز، هل كنتم تتوقعون أن ينتفض الناس ويخرجوا بهذه الطريقة؟
محمد مزالي:
(4/83)
لا لا لا لأنه مع هذه الإجراءات الفنية هناك اتصالات شعبية في كل جهات الجمهورية، وشارك فيها الوزراء والمسؤولون السياسيون بما فيهم (إدريس قيقا)، حيث ترأس اجتماع في تونس العاصمة، وأقنع الناس بضرورة مضاعفة السعر، هذا (إدريس قيقا) نفسه، ولكن وقعت الحوادث ولاحظ الناس والبسطاء والمعوزين والبطالين، وأقول هذا من غير احتقار، يعني لأنهم في حاجة..
أحمد منصور:
يعني العاطلين عن العمل..
محمد مزالي:
أن البلد.. أن المدينة غير محروسة، وأنه لا وجود لرجال الأمن، فبدأوا في نهب المغازات [المخازن]، وفي إشعال العجلات المطاطية، بينما كان بورقيبة يومها، يوم 2 مارس، يوم الثلاثاء -فيما أذكر- في القصر للاحتفال بالذكرى كذا.. لبعث الحزب الدستوري التونسي، فلما رجعنا -كنت مع بورقيبة- رجعنا إلى تونس في ظروف صعبة ثقيلة، وكنت أنا شخصيا حزين متألم، لأنه قيل لي إن هناك مجاريح وأموات، فقلت: سيادة الرئيس -أمام عدد من الوزراء- قلت للسيد الرئيس: إذا كان خروجي من الحكومة يعاونك على حل المشكلة، أنا أقدم استقالتي، بحضور 6 أو 7 وزراء أو أكثر، فقال لي: أبدا، وخاطب (قيقا) وقال له: أعد لي الآن أمر بإعلان حالة طوارئ، بعد نصف ساعة جاء سايق بالموتور.. يعني بالدراجة النارية، وجا بالأمر وأتى بالأمر وأمضاه بورقيبة أمامنا..
أحمد منصور:
لم تعترضوا على هذا الأمر؟
محمد مزالي:
لا.. هذا من مسؤوليات رئيس الدولة، ثم باقتراح من (إدريس قيقا) وتأييد له من طرف (الحبيب الابن) أمرني بورقيبة أمرا بأن أذهب إلى الإذاعة والتليفزيون، وأخاطب الشعب، وأقول: إنه لا رجعة في الأسعار المضاعفة.
أحمد منصور:
يعني زيادة إثارة الناس!!
محمد مزالي:
أيوه وتوريطي أنا.
أحمد منصور:
وتحميلك أنت المسؤولية!!
محمد مزالي:
(4/84)
توريطي أنا، والفكرة شيطانية، ونحن في مأدبة، مش في مأدبة، في مائدة العشاء، قلت لقيقا.. لأن قيقا قال لي: لو تذهب سيد وزير أول، وتعلم الناس بأنه لا فائدة في الإلحاح، وأن الأسعار لن تراجع، قلت له: لماذا؟ ليس هناك لزوم، فبورقيبة قال: لا لا.. لا بد تمشي، فرحت، مباشرة وخاطبت للناس قلت لهم: قرار الحكومة هو الإبقاء على الأسعار، عندما تورطت، وورطوني شخصيا، من الغد، (وسيلة) وجماعتها أخذوا يقنعون بورقيبة بضرورة التراجع..
أحمد منصور:
التراجع عن ماذا؟
محمد مزالي:
التراجع عن الأسعار، حتى أبقى أنا بلغة رياضية في موقع التسلل أمام الشعب، يوم الأربعاء.. يوم الخميس، يوم الخميس أبلغت أن بورقيبة سيخاطب الشعب، ويتراجع في الأسعار.. لا وينقص من الأسعار، فرحت أنا إلى القصر، ووجدت بعض الوزراء من أنصار (وسيلة)..
أحمد منصور:
هل أنت في هذا الأمر خاطبت الشعب في التليفزيون والإذاعة؟
محمد مزالي:
لا..لا، خاطبته يوم الثلاثاء في المساء يعني بأمر من بورقيبة ورحت لبورقيبة، ووجدته نازل بالأسانسير [المصعد] هو وزوجته وأخت زوجته.. صباح الخير.. صباح الخير، بورقيبة سكت..قلت: سيادة الرئيس بلغني أنك ستنقص من أسعار الخبز، قال لي: نعم، قلت: أنصحك يا سيادة الرئيس أنصحك بأن تتراجع كليا، ونرجع الأجور.. نرجع الأسعار إلى ما كانت عليه، قال لي: لماذا؟ قلت: لأنني تورطت في زيادات، وفي اتفاقيات مع الخبازة، ومع الرحاية، ومع اتحاد الشغل وكذا..
أحمد منصور:
تلغي كل هذا؟
محمد مزالي:
نلغي كل شيء، وأعطينا مهلة حتى ندرس موارد جديدة للميزانية نعوض بها صندوق الدعم.
أحمد منصور:
يعني هي نفس الفكرة التي أنا أشرت إليها.
محمد مزالي:
نعم.
أحمد منصور:
لا يوجه أي دعم للناس، وفي نفس الوقت لا يتم أي زيادات..
محمد مزالي:
(4/85)
بالضبط.. بالضبط.. فلما راح المكتب.. زي هذا، وكنت بجانبه، كانت (وسيلة) تنظر من وراء الباب، على أساس أن يقول بورقيبة -كما أُوحي له بذلك- أن يقول: مزالي الوزير الأول ورطني، وأنا أتبرأ منه.. وإلى آخره، فبورقيبة.. لا.. كلمة قصيرة قالها.. موجودة، عندي تسجيلها موجود، يقول: كنا متفقين أنا والأستاذ محمد مزالي على الزيادة، لكن بدا لي الآن أن هذه الزيادة مشطة (جائرة)، ولهذا قالها بالعامية: (لا حلت، لا ربطت).. (لا حلت، لا ربطت).. معناها لم يقع شيء لا حل ولا عقد..
أحمد منصور:
هذا أعلنه على الناس؟
محمد مزالي:
نعم، فنظم (قيقا) وجماعة الحزب في تونس العاصمة، نظموا مظاهرات على أنها ابتهاج، وراحوا أمام القصر، وخرج بورقيبة، وكأنه استرجع شيئا من شبابه.. بورقيبة يعني ما زال شباب، ما زال New... وإلى آخره، وفي نفس المساء، وأنا في بيتي لم يدعني أحد أرسل لي-وهذا يجب أن يعلمه المواطنون اليوم وغدا- أرسل لي (إدريس قيقا) وزير الداخلية في حكومتي أرسل لي عامل حرس السيد الأخ (عمرو ديرا) حوالي الساعة الخامسة.. السادسة في بيتي، وقال لي: جئتك يعني مبعوثا رسميا من وزير الداخلية لأقول لك: استقل بالكرامة أفضل من أن تطرد بالإهانة، ما معناه يعني.. حاولت أن..
أحمد منصور:
ماذا كان إيقاع هذا عليك؟
محمد مزالي:
قلت له: هذا-ربما-.. كلام أو نصيحة، قال: لا.. قال: اتجاه رسمي.. قال: موقف رسمي، قلت له: طيب، شكرا، من الغد، وكان يوم السبت-فيما أذكر- رحت إلى بورقيبة، قلت له: السيد الرئيس من فضلك أنا أحسن نمشي [أستقيل]، ومعليهش [لا عليك]، أنا أعتبر مسؤولا، ولو ومعليهش أنت شخصيا قررت الزيادة، لكن أنا أتحمل المسؤولية، قال: ليه تقول هذا؟ أنا قررت زيادة الخبز مش أنت أنا قررت، وهذا بحضور وزير أو اثنين..
أحمد منصور:
تذكر من فيهم..
محمد مزالي:
أذكر مدير ديوان الوزير.. هو مات.. كان (المنصور سخيري)، وأذكر
(4/86)
(الباجي قايد السبسي).. يقول هذه.. على الأقل هذول [هؤلاء].. قلت: هو وزير الداخلية أرسل لي يعني آمر الحرس الوطني، وحكيت له الحكاية، فضغط على الزر، ودخل مدير المراسم، قال له: اطلب لي..
أحمد منصور:
إدريس قيقا.
محمد مزالي:
ايتني (إدريس قيقا).. أنا والله كنت أظن في طيبة نفسي طبعي أن قيقا يشتغل في مكتبه، فإذا بالباب ينفتح، ويدخل (قيقا) دخول الأبطال لمكتب الرئيس بورقيبة، ووراءه (وسيلة) على أساس أنه سيعين وقتها، ودخل، وكله فرح..
أحمد منصور:
على أساس أنك جئت تقدم استقالتك وقُبلت؟
محمد مزالي:
يعني.. خلاص. استقلت يعني بورقيبة لا يتصورش استقالة.. يتصور الطرد والإقالة.. الإقالة لا الاستقالة، ما أن خطا ثلاث خطوات في المكتب حتى أوقفه بورقيبة، وأخذ يسبه ويشتمه شتائم مقذعة، لا يمكن لا يمكن أن أكررها.. أن أعيدها..
أحمد منصور:
في حضور الوزراء الذين أشرت إليهم؟
محمد مزالي:
نعم، في حضور (الباجي قايد السبسي) في حضور (منصور سخيري)ومات، و(وسيلة) وراء الباب تنظر، وأخذ وجهها يصفر.. يصفر أصبح وجهها.. يعني بشرتها كالليمون، فبهت الذي كفر.. قال له: قلت للوزير..
أحمد منصور:
كفر بمن؟
محمد مزالي:
كفر بنعمة الله، الخبز.. القمح.. نسميه نعمة في تونس..
أحمد منصور:
نعم.
محمد مزالي:
(4/87)
فقال له: قلت لوزير أول كذا وكذا؟.. قال: نعم قلت له، قال له: ليه؟ لما رأى الرئيس ناصر وزير أول.. قال: سيادة الرئيس، أنا هذا اجتهادي.. إذا أنت عندك ثقة متجددة في وزيرك الأول كلفه بتكوين حكومة ثانية.. قال له: يا حمار! ! أنت اشتغلت معاي سنوات -عفوا عن هذه الكلمة- قال له حمار وأكثر من حمار، مع السب يعني، قال له: غذا أنت لم تفهم طبيعة نظامي الرئاسي، فكيف بقيت معي هذه السنوات الطوال تشتغل؟! أنا رئيس دولة بحكم الدستور أعين وأقيل كل الوزراء، ولأبين أني أحب محمد مزالي وثقتي فيه كاملة أطردك من الداخلية، وأكلفه بها، أخرج يا ابن كذا يا ابن كذا، وسب، فـ(وسيلة) كانت متأثرة كثير، ووقتها وقتها بورقيبة قال لي..
أحمد منصور:
لم تعلق (وسيلة)؟
محمد مزالي:
لا.. ما شفنهاش بعد.. أبدًا، وقتها قال لي بورقيبة: من نسمي في الداخلية؟ قلت والله فيه السيد (عمرو خضيره) كاتب دولة بمعهد الأمن، وكان مسؤول -كما قلت لك- على الحرس الوطني، نكلفه بالداخلية كإدارة جهوية وبلدية وغيرها.. وإذا لم تر مانعا ننادي للأخ (زين العابدين بن علي) الذي عينته سفيرا منذ 3 سنوات في (وارسوي)ونرجعه..
أحمد منصور:
في (وارسو) يعني..
محمد مزالي:
في (وارسوي) ونرجعه إلى سابق خطته (وظيفته) مع المرحوم (الهادي نويرة) أي مدير الأمن، قال لي: كويس.
أحمد منصور:
هل اعتبر هذا نهاية لانتفاضة الخبز؟
محمد مزالي:
تقريب.. تقريب نهاية.
أحمد منصور:
ماذا كان موقف الاتحاد التونسي العام للشغل والأحزاب الأخرى الموجودة من هذا الذي وقع وحدث وهي كانت تملك رصيد واسع في الشارع؟
محمد مزالي:
كلها -في اعتقادي- بهتت بهذه الحركية الموحى بها والمنظم لها من طرف بعض خلايا الحزب الحاكم، وبعض الأعوان السريين التابعين لوزارة الداخلية التابعين لها.
أحمد منصور:
(4/88)
سعادة الوزير.. يعني إدخال عنصر المؤامرة على قضية تمس قوت الناس فيه شيء من المبالغة، لأن في أي مكان في العالم -خاصة دول العالم الثالث- يتم مساس قوت الناس المتمثل في الخبز ينتفض الناس ويخرجون، بدون ترتيبات، وبدون أي شيء، وبتلجأ السلطة دائما إلى ما تقوله أنت الآن من أن هناك مؤامرة، وهناك من حرك الشارع، في الوقت الذي لم يحرك فيه الشارع إلا بطون الناس الخاوية، وإلا الأموال القليلة الموجودة معهم.
محمد مزالي:
هذا المنطق السليم يعني، لكن في قضية الحال المعارضة لم تتحرك في الأول، اتحاد الشغل لم يتحرك، الاتجاه الإسلامي لم يتحرك، بل إن الأستاذ (عبد الفتاح مورو) كلمني، خاطبني بالتليفون، وعبر لي عن تضامنه مع الحكومة، وشجبه لانتفاضة الشارع.
أحمد منصور:
معنى ذلك أن هؤلاء كانوا ضد الناس؟
محمد مزالي:
هؤلاء لم ينظموا شيئا في الواقع، ومعنى هذا أن مشاكلي أنا لم تأت من المعارضة، ولا من الشارع، بل أتت من القصر، ومن بعض أعضاء الحكومة.
أحمد منصور:
الآن يعتبر الرئيس حسم الأمر لصالحك أمام (وسيلة)، وأمام (إدريس قيقا)؟.. إدريس قيقا حينما عزِل من المفروض أنه أيضا حول للمحاكمة؟
محمد مزالي:
نعم، هو عزِل يوم السبت أظن 5 أو 6 يناير 84، ومن الغد يوم الأحد سارع بالهروب إلى باريس، ولكن بورقيبة أصر على البحث في هذه المؤامرة، وكلف بها وكيل الجمهورية العام حينذاك الذي أصبح وزير عدل وهو الأخ (رضا بن علي) وحوكم غيابيا من طرف المحكمة العليا، ولم يرجع (قيقا) إلى تونس إلا بعد 7 نوفمبر، حيث أُلقي عليه القبض، وزج به في السجن المدني أيام.. أظن نصف شهر، ثم حكم عليه بـ5 سنوات مع تأجيل التنفيذ.
أحمد منصور:
كالعادة.. حدث قتلى، وحدث جرحى من الشعب التونسي في تلك الانتفاضة، من يتحمل مسؤولية هؤلاء؟
محمد مزالي:
الوضع بصفة عامة..
أحمد منصور:
وأنت تتحمل كرئيس حكومة جانب من هذه المسؤولية..
محمد مزالي:
(4/89)
يعني ما هي حيلتي؟ عندما يقرر رئيس الجمهورية مضاعفة الخبز؟ وعندما..
أحمد منصور:
حينما تقبل تشارك في المسؤولية، وأنت قبلت.
محمد مزالي:
طبعا.. طبعا زي ما قلت بالنسبة للانتخابات، هناك مسؤولية لا يمكن التفصي منها، لكن هناك نوع من المسؤولية، وهناك درجتها، وما حيلتي إذا كانت المعارضة في تونس ليست في الشارع، بل في فراش بورقيبة!! هذا الوضع المأساوي الطريف -إن صح التعبير- الذي كانت عليه الحالة في تونس.
أحمد منصور:
سيادة الرئيس.. رئيس الحكومة، في تلك الفترة بدأ صراع من شكل آخر بينك وبين (الحبيب عاشور) رئيس الاتحاد التونسي العام للشغل، وأنت ذكرت أن العلاقة بينك وبينه كانت جيدة، في الوقت الذي يمثل فيه (الحبيب عاشور) قوة عريضة موجودة في الشارع التونسي، وهي اتحاد النقابات، معنى حدوث صدام بين رئيس الحكومة، وبين رئيس اتحاد النقابات، أن هناك عدم استقرار سياسي موجود في البلاد، وهذا أيضا يكون له تأثيره على الرئيس.
محمد مزالي:
(4/90)
صحيح، لعله يفيد أن أذكر بأنه حالما اضطلعت بمسؤولية رئاسة الحكومة حاولت ونجحت أنا وبعض زملائي في الديوان السياسي والحكومة في تطبيع الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي دخل مسؤولوه في السجون، بعد 26 جانفيي [يناير] 78، فأطلق سراح كل المساجين، وأذكر أني كنت يوميا كدت أفتك [أقدم] قائمة بالنقابيين والطلبة بين قوسين كذلك للعفو الرئاسي، أذكر مرة بحضور وزير العدل الأخ (محمد شاكر) أني قدمت للحبيب بورقيبة أمرا..أمرا جمهوريا يقضي بالعفو التشريعي عن 1200 نقابي وطالب، وقال لي بورقيبة: هذا عدد كبير، قلت: السيد الرئيس، أحسن يعني نتخلص من الموضوع، وأثرت عليه، ونجحت في إطلاق سراح زعماء..(الطيب البكوش) وغيره وغيره كثيرون، ثم بعد حين أطلقنا سراح (الحبيب عاشور) ثم وفي اجتماع حضره الزعماء النقابيون بمكتب بورقيبة، طالبوا بإرجاع (عاشور) إلى النقابات، فالتفت إلي بورقيبة قال لي: ما رأيك يا سيد وزير أول؟ قلت: أنا شخصيا أتحمس كثيرا، وأنصح.. بـ لا فقط رد الاعتبار (للحبيب عاشور) بل لإرجاعه إلى سابق خطته [وظيفته] على رأس الاتحاد العام للشغل، وهذا ما تم، ثم أخذ ثم بالمفاوضات مع نقابات التعليم العالي والثانوي ومع نقابات البنوك، ونقابات قطاعات كثيرة، ونظرا إلى أن هناك ازدهار وقتها في أول الثمانينات نسبي في الاقتصاد يعني قررنا زيادات هامة لكل أصناف الموظفين والعملَة، ومن يراجع الصحافة التونسية يشاهد ويلاحظ التصريحات الكثيرة التي يشكر فيها (الحبيب عاشور) (محمد مزالي) ويقول فيها: إن محمد مزالي هو رجل ديمقراطية، ورجل حوار.. هو الرجل الذي يدب على الشغالين، ثم بعد الخبز، وبعد أن تورط بين قوسين (في الإمضاء على الاتفاق) -كما كنت أقول- وتحت تأثير لا أدري.. أخذ يناور ويطالبني بمطالب تعجيزية.
أحمد منصور:
ماذا كان هدفه من وراء ذلك؟
محمد مزالي:
(4/91)
أعتقد أن الشق الذي انهزم في قضية الخبز لم يهضم هذه الهزيمة، وكان يريد أن يتخلص من محمد مزالي.
أحمد منصور:
ما طبيعة علاقته مع (وسيلة) في تلك الفترة؟
محمد مزالي:
كويسة، وهذا الموضوع.. كانت كويسة قبل 26 جانفيي [يناير] إلى وقت أن وقعت الواقعة، وكذلك كويسة في هذه الأيام.
أحمد منصور:
كانت (وسيلة) لا زالت في سلطانها أم أنها بعد.. بدأ سلطانها يتقلص شيئا فشيئا؟
محمد مزالي:
كما ذكرت في حلقات سابقة تضعضع سلطانها.
أحمد منصور:
أنت الآن علاقتك مع (وسيلة) كيف كان وضعها في تلك الفترة بعد 1984م؟
محمد مزالي:
دائما لم أكد أراها أبدا، لأنها كانت تغادر القصر، ولم أرها.
أحمد منصور:
كانت في غضب دائم بينها وبين الرئيس؟
محمد مزالي:
في غضب.. تغضب ثم ترجع..
أحمد منصور:
لعبت دور مصلح بينهما قبل ذلك؟ لم تلعب هذا الدور في تلك الفترة..
محمد مزالي:
لا.. انتهت.
أحمد منصور:
كنت سعيدا بهذا؟
محمد مزالي:
لا سعيد، ولا شقي، هو أنا لم أعتبر (وسيلة) معطى في المعادلة الحكومية.
أحمد منصور:
كيف، وهي كان لها سلطانها، ولها نفوذها؟
محمد مزالي:
كنت أجهل وأتجاهل ذلك، ولا أرضى به.
أحمد منصور:
كنت تهرب منه بمعنى أدق؟
محمد مزالي:
لكن هذا موقفي، لكن ما حيلتي عندما تكون زوجة رئيس دولة هي المؤثرة؟
أحمد منصور:
الآن (إدريس قيقا) وهو كان المنافس الرئيسي لك أو البديل الذي كان يعد لخلافتك تم استبعاده وهرب وحوكم كمان.. هل هناك منافسين كانوا لك في تلك الفترة؟
محمد مزالي:
لا.. هو بعد هذه الأزمة الحادة، ونظرا لأن صحة بورقيبة كانت دائما في تداعي، في تداعي وفي ضعف نما وترعرع الطموح عند بعض الناس..
أحمد منصور:
من أبرز هؤلاء؟
محمد مزالي:
أبرزهم من أصبح رئيس جمهورية الآن، ومن كاد أن يصبح رئيس جمهورية، أسماء كثيرة.. كثيرة..
أحمد منصور:
من كاد يصبح رئيس جمهورية؟
محمد مزالي:
(4/92)
مثلا.. كاد يصبح وزير أول ثم رئيس جمهورية يعني (منصور السخيري) (الهادي مبروك)..
أحمد منصور:
كل هؤلاء في الفترة من 84 إلى 86 كانوا يحاولون أن يكونوا بدلاء لك؟
محمد مزالي:
من غير أن يظهروا لي عداء، بالعكس.
أحمد منصور:
لكن كان منصبك باعتبارك أنت الذي تنوب عن رئيس الجمهورية في تلك المرحلة منصب ذو طموح ومطمح لدى الجميع؟
محمد مزالي:
لأنه كان المدخل إلى رئاسة الجمهورية.
أحمد منصور:
لأنه كان المدخل، أنت أيضا في ذلك الوقت الذي بدأت فيه صحة الرئيس تتردى، أما كنت تخطط وتأمل وترتب لأن تكون أنت الرئيس القادم لتونس؟
محمد مزالي:
والله لا، وهذه مشكلتي، هذه قوة وضعف، لم أفكر أبدا، بل أقول لك: إنه في أواخر أكتوبر وأوائل نوفمبر 84، أصيب الرئيس بورقيبة -يرحمه الله- بنوبة قلبية حادة، دخل إثرها إلى مستشفى (الرابطة).. وفي يوم من الأيام، نادتني (وسيلة) بالتليفون، قالت لي -وأنا كنت في الحزب وقتها، في الديوان السياسي- قالت لي: يا سي محمد أسرع بالقدوم إلى غرفة بورقيبة، فإنه في حالة احتضار، فرحت إلى هناك فوجدته مصابا بما يسمى (deb de paument) يعني لما القلب يضعف الدم يتراكم في الرئتين ويهدد المريض -عفاكم الله- بالاختناق، ووجدت الأطباء بصدد إفراغ الرئتين والتخفيف عن الرئتين وإلى آخره.. وكان في حالة يعني تعبانة، ثم تحسنت حالته بعدين ذلك في الليل.
أحمد منصور:
ما شعرت وقتها أنك أنت يمكن أن تكون رئيسا؟
محمد مزالي:
أبدا شعرت بثقل كبير.. يعني فوق كتفي، لأنني أعتبر أنها أمانة..
أحمد منصور:
تدهور صحة الرئيس في ذلك الوقت أدى إلى أن يكثر أو تكثر قضية السعي لقضية الخلافة.. قضية الخلافة هنا أصبحت محور رئيسي لدى الجميع أين كان موقعك أنت من هذا الأمر؟
محمد مزالي:
(4/93)
أنا موقعي كان واضح وبسيط، كنت أقول في نفسي: إن شاء القدر أن يستقيل، وهذا مستحيل.. لكن أن يلقى حتفه -الرئيس بورقيبة- قبلي أنا، لأن الأعمار بيد الله سأتحمل المسؤولية، وإذا تغير رأي الرئيس بورقيبة، وأقالني فأكون سعيد لأتمتع بتقاعدي، وأتفرغ إلى ما لم أزل أعنى به، وهو مجلة الفكر، والحركة الثقافية، ونشاطي ضمن اللجنة الأوليمبية التونسية، وخاصة اللجنة الأوليمبية الدولية، وكنت سعيد.. وكنت أكون سعيدا بذلك غاية السعادة.
أحمد منصور:
هذا هو كان شعورك في تلك المرحلة أم شعورك الآن بعدما أصبحت بعيدا عن السلطة؟
محمد مزالي:
يعني بعد أن أصبحت بعيدا عن السلطة آسف لشيء واحد، وهو أن القوم لم يتركوني أتمتع بالتقاعد كمواطن بسيط لا أكثر ولا أقل.. لا كنت واصلت نشر الفكر وخدمت تونس في مجالات الثقافة والرياضة، وأنعم بـ..، لأني اشتغلت 36 سنة في الوظائف العمومية والسياسية، لكن بعض الأقوام -لا أدري من- أبوا إلا أن يهاجموني، ويحاولوا تشويه سمعتي والحكم علي.
أريد أن أقول كلمة فقط عن (الحبيب عاشور).. تتمة لما سبق أن قلته أمامك.. يعني عندما اشتد النزاع واحتدم النقاش، وكانت أمامي مطالب تعجيزية، طلب مني (الحبيب عاشور)، وكانت آخر مقابلة.. مقابلة على انفراد.. استقبلته في قصر الحكومة (بالقصبة) وكنا وحدنا، قال لي: يا سي محمد، قرر لي زيادة واحدة لكافة الأصناف بـ7، أو أحسن 8 دنانير في الشهر، ونمضي على الصلح، وانتهى الأمر، قلت: يا سي الحبيب، أنا بودي نقرر زيادة أحسن من هذه لو الاقتصاد يسمح بذلك، أمهلني مدة حتى تنتهي السنة 85 وإن شاء الله تكون 86 أحسن، والموارد أوفر، وقال لي وقتها باللغة العامية التونسية قال لي: (يا خسارتك!).. يعني التوانسة يعرفوا ما معنى (يا خسارتك).. واأسفاه عليك، قلت له: عليش يا خسارتي؟ قال: يا سي محمد..
أحمد منصور:
يعني كان يتعامل معك بندية الرجل.. يعني؟
محمد مزالي:
(4/94)
طبعًا، هو أكبر مني في السن، أنا كنت أحترمه كثيرًا.
أحمد منصور:
لا.. وحتى في المسؤولية السياسية...
محمد مزالي:
نعم، يعتبر نفسه قوة طبعا، ويعتبر نفسه معناها يسمي ويعزل الوزراء، ناهيك لـ... فقال لي: لو وافقت على هذه الزيادة كنت لكنت تجدني في وقت آخر، بعد بورقيبة أنا الذي أدعمك كرئيس جمهورية، قلت: يا سي حبيب، أنا في الكرسي هذا من لم أفكر أبدا في رئاسة الجمهورية، أنا أفكر في تأدية الأمانة، وأتحملها مهما كانت التكاليف.. عمل هاك بإيده [ضرب كفا بكف]، وقال: يا خسارة.. قال: أنا أسلم عليك، قلت له: الله يسلمك..آخر مقابلة..
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أتناول معك الفصل الأخير من حياتك السياسية، إقالة الرئيس بورقيبة لك، وفرارك هاربا عبر الصحراء، ليلا من تونس إلى أوروبا، التي لا زلت تعيش فيها إلى الآن.
أشكرك شكرا جزيلا
كما أشكركم مشاهدي الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد مزالي (رئيس الحكومة التونسية الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/95)
الحلقة8(4/96)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:52(مكة المكرمة)،19:52(غرينيتش)
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
الحلقة 8 ( الأخيرة)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
محمد مزالي، رئيس وزراء تونس الأسبق
تاريخ الحلقة
29/09/2002
محمد مزالى
أحمد منصور
أحمد منصور:
وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر" حيث نواصل الاستماع في هذه الحلقة الثامنة والأخيرة إلى شهادة السيد محمد مزالي رئيس الحكومة التونسية الأسبق سيد محمد مزالي، مرحبا بك.
محمد مزالي:
أهلا وسهلا.
أحمد منصور:
في هذه الحلقة نتناول الفترة الأخيرة من رئاستك للحكومة، ثم فرارك بعد ذلك عبر الصحراء والجبال إلى أوروبا. بعد أحداث الخبز، بعد إقالة إدريس قيقا وفراره، في تلك المرحلة بدأ الرئيس يتعامل بشك وريبة مع كل من حوله تقريبا، كيف كانت تلك المرحلة وأنت كنت الرجل الأول المقرب من الرئيس؟
محمد مزالي:
من جهة.. أنا شخصيا واصلت الاضطلاع بالمسؤولية، فكنت دائما أتجول وأرأس الاجتماعات لتوفير أسباب التنمية للشعب التونسي، وألاحظ كل يوم أن صحة بورقيبة وتوازنه كان في تدنٍ وفي تدهور، ولوحظ هذا بالخصوص في عام 86، فبينما كنت أفكر في تنمية التعاون مع أفريقيا، وتجولت في 12 يوم زرت يعني 8 دول إفريقية، وأمضيت مع هذه الدول، ومع رؤساءئها معاهدات تنمية وتعاون في كل المجالات، كان قصر قرطاج يعني يغلي كالمرجل، وابتداء من مارس- أبريل كل يوم اثنين أزور فيه رئيس الدولة يطلب مني أو يعلمني فقط بأنه قرر إقالة هذا الوزير أو ذاك.. وزير التربية.. وزير الثقافة.. وزير الشغل والشؤون الاجتماعية.. وزيرة النهضة بالمرأة.. كاتب الدولة للداخلية.. إلى آخره.
(4/97)
وفي يوم من الأيام قال لي: والله أنت عندك شغل كثير قررت باش نعفيك من المسؤولية الداخلية، ونسندها إلى السيد زين العابدين بن علي، أنا ضحكت، والله فرحت، كأن...، فبورقيبة تعجب كيف أضحك، وكيف أكون فرحان؟ أنا كنت فرحان.
أحمد منصور:
الأول: مدى تأثير هذه التغيرات الشديدة التي كان الرئيس يقوم بها، تأثيرها عليك وأنت رئيس حكومة؟
محمد مزالي:
لا، أنا أدركت أدركت أن مسؤوليتي ستنتهي، ولكن في وعيي كنت سعيد بالتمتع بالتقاعد، حتى أصبح مواطن عادي، وعندما..
أحمد منصور:
يعني سيادة الرئيس اسمح لي، اسمح لي لا يوجد أحد أبدا في موقع السلطة يحلم بالتقاعد أو أنه يصبح مواطن عادي، السلطة لها زهوها، لها سطوتها، لها وضعها، لها يعني كل ما يدعو الناس يدعو الناس إلى أن يتقاتلوا من أجل الوصول إليها، كيف تقول لنا الآن بأنك كنت سعيدا لأنك ستتقاعد؟
محمد مزالي:
صحيح..إذا كان كلامك صحيحًا، و..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
أعتقد أنه صحيح.
محمد مزالي:
وراجح أنه صحيح، فإني استثناء، وأعلم، كنت سأقول لك إني إن كلامي هذا لا يكاد يصدقه الكثير إلا من كان حولي ويعرف ردود فعلي.
أحمد منصور:
استثناء، وأنت بقيت في السلطة أكثر من 30 عاما؟
محمد منصور:
نعم، دائما، دائما، أنا لم أعتبرها سلطة، أعتبرها خدمة، هذا ربما سذاجة، لكن من كان حولي يعرف أني كنت أنتظر اليوم الذي يعفيني فيه بورقيبة من المسؤولية.
أحمد منصور:
ما الذي دفع بورقيبة إلى أن يقوم بهذه التغيرات الهائلة والدائمة في فترة وجيزة جدا؟
محمد مزالي:
تأثيرات الذين كانوا معه في العشاء وفي الغداء، وأنا لم..
أحمد منصور:
من هؤلاء، و(وسيلة) بدأ نفوذها يضعف؟
محمد مزالي:
(وسيلة) انتهت وقتها، (وسيلة) ليست لها مسؤولية في هذا، (سعيدة ساسي)..
أحمد منصور:
(سعيدة ساسي) وأعتقد أنها احنا تناولنا جانبا منها، وأظن أنها لعبت دورا في إقالتك وإبعادك بعد ذلك.
محمد مزالي:
(4/98)
طبعا، طبعا.
أحمد منصور:
دور سعيدة ساسي إيه في هذه المرحلة؟
محمد مزالي:
والله، مثلما قلت في حلقة من الحلقات السابقة، يعني باعتبارها ابنة أخته كان يستمع إليها، وأحيانا ينهرها، ولكنها كانت الوحيدة التي تجرؤ على الدخول عليه في كل مكان، وتعبر له عن رأيها وتخبره ببعض الأخبار الصحيحة أو المخطئة، فكانت دائما توحي إليه مثلا بإقالة هذا الوزير أو ذاك، وبالصدفة كان الوزراء المقالين هم أقرب الناس إلي، سواء من حيث التعاطف الشخصي أو بالخصوص من حيث الاشتراك في المبادئ والقيم العليا.
أحمد منصور:
أعود مرة أخرى إلى الشك الدائم من قبل الرئيس فيمن حوله، والإقالات الدائمة التي كان يقوم بها إلى الوزراء في تلك المرحلة من 84 إلى 86، والتي لا شك كان لها تأثيرها على نظام الحكم، وعلى الدولة، وعلى الناس، مدى تأثير هذا على نظام الحكم، وعلى الدولة، وعلى الناس؟ ما مدى تأثير هذا على الناس، على نظام الحكم، أم أن بورقيبة لم يكن يضع اعتبارًا للشعب؟!
محمد مزالي:
لم يكن يفكر في أن هذه المبادرات كانت سلبية في أعين الشعب، يعني الشعب بصفة عامة والطبقات النيرة كانت متخوفة من المآل، كانت تراه عن حق في غالب الأحيان أن المجهول ينتظر تونس.. إلى آخره..فـ..
أحمد منصور:
كان هذا الأمر يوحي بأن هناك تغيرا سوف يحدث بالنسبة للسلطة في تونس؟
محمد مزالي:
لا، كان هذا السؤال يعني يفرض نفسه بُعيد حياة بورقيبة، لأن أحدا لم يكن يفكر في هذه الفكرة أن هناك انقلاب أو تغيير حكم..
أحمد منصور:
رغم سن بورقيبة المتقدم الذي تجاوز الخامسة والثمانين، رغم صحته التي بدأت تتدهور، رغم أنه لم يعد يمسك بزمام الأمور.
محمد مزالي:
هذا هو الواقع المر، يعني ويؤسفني أن أقول يعني كخاتمة لهذه الفقرة الحزينة المؤلمة أن بورقيبة الذي أحببته وأخلصت له، والذي أعتبره أول وأكبر محرر لتونس، وباني دولتها..
أحمد منصور:
(4/99)
كيف وأنت طوال الشهادة لم يثبت شيئ من هذا؟
محمد مزالي:
لا، هذا رأيي إلى لآن، ولكن أريد أن أقول: إنه من المؤسف والمحزن والمأساوي وجوديا أن يكون هذا الرجل الذي قلت فيه ما قلت عن قناعة هو الذي من غير وعي وبدون إضمار هو الذي هدم كل أو جل ما بناه، هذه هي خاتمة مأساته.
أحمد منصور:
في هذه الفترة عزل الرئيس بورقيبة ابنه الحبيب بورقيبة الابن من السلطة ومن المسؤولية.
محمد مزالي:
وأقاله كغيره من الوزراء.. شر طردة
أحمد منصور:
في الوقت الذي نرى فيه رؤساء آخرين يقدمون حتى رؤساء جمهوريات يقدمون أبناءهم أو يظهر أبناؤهم، ألم يفكر الحبيب بورقيبة في أن يستخلف ابنه؟
محمد مزالي:
لا، في اعتقادي لا.
أحمد منصور:
والذين حوله ألم يسعوا لإثارة هذا الأمر لديه؟
محمد مزالي:
لا.
أحمد منصور:
ما هي أسباب ذلك؟
محمد مزالي:
لا، لأن أغلب الناس الذين كانوا حوله كانوا يفكرون في أنفسهم، والحبيب بورقيبة الابن لم..
أحمد منصور:
من قبيل التفكير في أنفسهم يدعمون أن يصل ابنه، وأن يكون لهم دور وفضل في ذلك.
محمد مزالي:
لا، لأن بورقيبة الابن له شخصيته، وهو كذلك يعني يطير في غير سرب معين، يعني يطير بجناحين فقط، والجميع أدرك أن بورقيبة لم يفكر فيه.
أحمد منصور:
فيه مسؤولية الإسلاميين بيلقوها عليك، وهي مسؤوليتك عن المنشور 108 الخاص بمنع الحجاب، وأن الهادي نويرة أثناء رئاسته للحكومة طلب منه أن يوافق على منع الحجاب ولكنه رفض، رغم أنه رجل علماني التوجه، وأنت تتحمل مسؤولية الموافقة على هذا.
محمد مزالي:
لم يرفض الهادي نويرة، حقيقة لم يرفض.. لم يرفض الهادي نويرة.
أحمد منصور:
لكن القانون لم يصدر إلا في عهدك أنت وأنت رئيس الحكومة..
محمد مزالي:
(4/100)
مش قانون .. مش قانون، هو بورقيبة بحضوري -أعترف- نادى الأخ فرج الشاذلي، وأعطاه أمرا بأن يصدر منشور ممضى من طرفه للمدارس، هذا هو لا قانون، ولا أمر ولا هم يحزنون يعني منشور..
أحمد منصور:
هذا إذا رئيس الدولة الحاكم الأول والأخير أصدر منشورا أو قرارا هو فوق القانون، وهو يطبق إلى الآن، وهو له مشكلاته في تونس إلى الآن، يعني القضية لم تقف عند موضوع الطلاق وحقوق المرأة الذي تحدثنا عنه في الحلقة الأولى -ربما- أو الثانية، ولكن الأمر تخطى الآن إلى مجرد مساس حريات الناس أنفسهم.
محمد مزالي:
الآن، الآن، لكن في وقتي أنا ما كانشي فيه مساس بالحريات، وكانت موظفات واعاملات محتجبات بدون مشكلة يعني، إنما أثناء الدرس فقط وبيني وبينك، وهذا يمكن يوم من الأيام يجيب عنه الأخ الشاذلي، يعني لم يقع تطبيق المنشور بصورة محكمة يعني.
أحمد منصور:
لكن مجرد صدوره أيضا هو نوع من الحجر على الناس، وصدوره في مسؤوليتك أيضا يلقي عليك المسؤولية، لأنه سيظل صدر في عهد مزالي.
محمد مزالي:
أكرر، وأقول: إنه لم يكن لمزالي أي عهد ولا مدة ولا مسؤولية، لا مزالي ولا الباهي الأدغم ولا الهادي نويرة -رحمهم الله- كان 40 سنة عهد بورقيبة.
أحمد منصور:
وأنتم رجال بورقيبة..
محمد مزالي:
هذا صحيح
أحمد منصور:
... الذين كنتم تطبقون وتنفذون ما يطلبه وما يصدره من قرارات.
محمد مزالي:
لا دائما، وإنما نفذنا الكثير مما أمرنا به، ولكن أحيانا عارضناه، ونجحنا في المعارضة أحيانا.
أحمد منصور:
وتتحملون المسؤولية كما يتحمل هو؟
محمد مزالي:
طبعا، طبعا، في محكمة التاريخ نتحمل المسؤولية طبعا.
أحمد منصور:
في التاسع عشر من يونيو في العام 86، في افتتاح المؤتمر الثاني عشر للحزب الاشتراكي وقف بورقيبة أمام الجميع ليقول: إن محمد مزالي...
محمد مزالي:
أمسك بيدي
أحمد منصور:
... بمثابة ابني الروحي، وإنه يتمتع بثقتي الكاملة
محمد مزالي:
(4/101)
اليوم وغدا
أحمد منصور:
... اليوم وغدا، ثم أذيع في الثامن من يوليو عن طريق الإذاعة والتلفزة أنك قد أقلت..
محمد مزالي:
من غير أن يدعوني أو يعلمني بنفسي.
أحمد منصور:
في الفترة التي... أو في هذا المؤتمر الذي أعلن فيه بورقيبة تقريبا عن استخلافك أنك أنت خليفته وأنك ابنه الروحي، ماذا كان شعورك وهو يعلن ذلك؟
محمد مزالي:
كنت أعلم أن هذا وقتي وأن مسؤوليتي ستنتهي، وهذا واضح.
أحمد منصور:
ألم يكن بورقيبة قد شعر بأنك تمهد وتهيئ للاستيلاء على السلطة، ومن ثم سعى إلى تنييمك وتهدئة الوضع حتى يتغدى بك قبل أن تتعشى به؟!
محمد مزالي:
يعني أن ينيمني هذا ممكن، لكن ليس بحاجة إلى أن يخاف مني، فأنا ما حيلتي، ليس لي جيش، ولا بوليس، ولا حرس، ولا جماعات في الحزب، أنا وحدي.
أحمد منصور:
ربما أنت تقول هذا، ولكن معك الدستور، ومعك فراغ دستوري يمكن أن يحدث بوفاة الرئيس في أي لحظة، ومن ثم فأنت الرئيس القادم.
محمد مزالي:
ومن غير تواضع مزيف قد يكون لي رأي عام يتعاون ينسجم معي كذلك، وهذا ما كان يراه الخصوم طبعا.
أحمد منصور:
ما كنت تعول على الرأي العام؟
محمد مزالي:
بشرط أن أتمكن من مخاطبة الرأي العام حينذاك، لكن القضية لم توضع أبدا بهذا الشكل أمام الرأي العام.
أحمد منصور:
أنا أذكر ونحن نتابع تلك الأخبار والرئيس بورقيبة يعلن ذلك كان الجميع يقول: إن محمد مزالي هو رئيس تونس القادم، وأن هذا التقريب الكبير الذي يقربه الرئيس بورقيبة لمحمد مزالي معناه أنه أراد أن يسكت آخرين يسعون للانقضاض على السلطة؟
محمد مزالي:
(4/102)
بالضبط، لكن أود، إن سمحت، أن أبين لماذا كنت متشكك في هذا، لسبب بسيط هو أن هذه الفقرة التي حررها الأخ الشاذلي القليبي ضمن خطاب كان حرره الشاذلي القليبي.. هذا الخطاب وضعنا معانيه الرئيسية في جلسة في بيتي بحضور الشاذلي القليبي والباجي قايد السبسي، والهادي بكوش اتفقنا على المحاور وحرر الخطاب الشاذلي القليبي..
أحمد منصور:
هل كان الرئيس طلب أو وصى بهذه الفقرة، بورقيبة؟
محمد مزالي:
لا، لا.
أحمد منصور:
ولم يعلم عنها شيئا؟
محمد مزالي:
ربما أوصى بها القليبي، الله أعلم، أنا ما كنتش حاضر.
أحمد منصور:
أوصى بها القليبي الرئيس؟
محمد مزالي
يمكن...
أحمد منصور:
لكن الرئيس كان يعلم ما يتلوه جيدا ويعلم أبعاده؟
محمد مزالي:
الخطاب تلي على الرئيس، ومن الغد، في الليل كلمتني سعيدة أساسي الساعة العاشرة مساء تقريبا، فقالت: شو ها الخطاب هذا؟ شو هذا الخطاب؟ قلت لها: عليش؟ قالت لي: إيش معناها تقول للقليبي أنه يحرر فقرة للتضامن مع القضية الفلسطينية؟ وقالت لي: الفلسطينيين ما جابوا إلنا إلا الخراب والمشاكل، قالت لي: والله يا سي محمد مزالي ما يفيدك إلا إسرائيل، الفقرة لازم تتمحى، قلت: كيفاش؟ هذا من ثوابت القارة في سياسة بورقيبة، سياسة خالك، قالت: وإيش معناه تدافع عن التعريب وعن الأصالة؟ هذه اللغة العربية خلاص.. فأنا زعلت، قلت لها: اسمعي، هذا الخطاب عند خالك الرئيس، تفاهمي معه، أنا بعيد، فنودي بفريق آخر، وفي تلك الليلة أعيد الخطاب، والخطاب الأول اللي أنا راضي عليه فيه مواقف الأصالة والتعريب والقيم العليا، وفيه موقف واضح من القضية الفلسطينية موجود، يعني يمكن نوجدوه، وخطاب بورقيبة موجود، ويمكن للمؤرخين غدا أن يقارنوا.
أحمد منصور:
بقيت هذه العبارة القضايا العامة طرحت، لكن بقيت هذه العبارة التي توحي بقضية استخلاف بورقيبة لمزالي.
محمد مزالي:
(4/103)
لكن هذه ربما -مثلما تفضلت حضرتك منذ قليل- من باب التنويم والطمأنة قد يكون ذلك..
أحمد منصور:
علمت بها قبل أن يتلوها؟
محمد مزالي:
لا.. استمعت لها مع كل الحاضرين في المؤتمر.
أحمد منصور:
وفوجئت بها؟
محمد مزالي:
لا، لم أفاجأ بها، لأن بورقيبة دائما متعود أن يمدح الوزراء، أو الوزراء الأولين.
أحمد منصور:
قبل أن يقصهم يعني؟
محمد مزالي:
يقصهم أويصابون بالمرض كالهادي نويرة،.. ويبعدون عن الساحة يعني.
أحمد منصور:
كنت تدرك تماما أنت الآن تقول أنك كنت تدرك أن هذه نهايتك وليس استخلافك.
محمد مزالي:
نهايتي في الحكم لم تكن مشكل بالنسبة لي، كانت خلاص.
أحمد منصور:
كانت مسألة وقت بالنسبة لك يعني؟
محمد مزالي:
لا لا، كانت خلاص.
أحمد منصور:
كنت تعتبر أن دورك انتهى، ولكن المسألة مسألة وقت؟
محمد مزالي:
لا، كنت أعتقد أني أستطيع أن أخدم بلدي بالثقافة، بالرياضة، بالمحاضرات، بالجولات، بالاتصال بالخارج..
أحمد منصور:
بدون سلطة ونفوذ و..؟
محمد مزالي:
أبدا، أبدا، السلطة هي تكليف لا تشريف في اعتقادي.
أحمد منصور:
هكذا يقولون، ولكن الحقيقة تكون غير ذلك.
محمد مزالي:
يقولها أغلب الناس، لكن هناك بعض أفراد -ربما يعني شواذ مثلي- يعتقدون أن السلطة كلها يعني هباء في هباء.
أحمد منصور:
بعد أربعة أيام فقط من هذا الخطاب الذي كان بمثابة خطاب استخلاف بالنسبة لك تم إقالة زوجتك؟
محمد مزالي:
لا، قبلها.. قبلها.
أحمد منصور:
في 23 يونيو 86
محمد مزالي:
يعني قبلها بأيام، هذه هي مهزلة أيام الاثنين، أظن أنه وقعت أو تمت إقالتها من الديوان السياسي، لأن 5 أو 6 وزراء أقيلوا بمن فيهم السيدة مزالي..
أحمد منصور:
ماذا كان يعني أصلا وجود زوجتك في حكومتك.. مهما كانت كفاءتها وأنت رئيس حكومة؟
محمد مزالي:
(4/104)
لأن زوجتي كانت مناضلة من أيام الاستعمار، ثم كانت رئيس اتحاد نسائي، ثم برلمانية، في يوم من الأيام، في يوم من الأيام، وكنت أنا وزير تربية في حكومة الهادي نويرة وبينما كنا مجتمعين في مجلس الوزراء مع الهادي نويرة، دق جرس التليفون، وأجاب الهادي نويرة، ثم أعلمنا بأن الرئيس قرر وقتها تعيين فتحية مزالي عضو في الديوان السياسي، وأنا لم أكن وزير أول، هذا أولا، ثانيا: في 84 بعد أزمة الخبز وبعد كذا في اجتماع مع الرئيس بورقيبة قال لي: قررت تعيين امرأتين في الحكومة، مدام مزالي، ومدام سعاد يعقوبي وزيرة صحة.
أحمد منصور:
ألم تسع أنت إلى ذلك؟!
محمد مزالي:
أبدا.
أحمد منصور:
ألم تسع أيضا إلى أنه يمكن أن يشكل تهمة تاريخية بالنسبة لك أن تأتي بزوجتك وزيرة في حكومتك؟
محمد مزالي:
لا هذه تهمة؟، أنا كنت أشعر بالإحراج، لكن الحقيقة كنت معتز بأن المناضلة فتحية مزالي بأنها تقدر في مستوى الوزارة أن تخدم المرأة التونسية، لكن من جهة أخرى كنت أشعر بألسنة السوء الذين سوف يغتنمون هذه الفرصة للهمز واللمز طبعا.
أحمد منصور:
بعد أسبوعين تقريبا من هذا الإعلان الذي أعلنه بورقيبة من أنك ابنه الروحي وخليفته، أقلت في الثامن من يوليو عام 86.
محمد مزالي:
(4/105)
نعم، كنت في بيتي أستمع إلى نشرة الأخبار المتلفزة الساعة الثامنة، فأعلن المذيع أن الرئيس بورقيبة قرر إقالة محمد مزالي وتعيين رشيد صفر... فأخذت التليفون وعبرت عن تهاني الخالصة إلى رشيد صفر ثم أخذت التليفون، وطلبت من مدير الديوان الرئاسي المرحوم الآن منصور سخيري مقابلة للرئيس بورقيبة حتى أودعه، ويوم الجمعة كان لي موعد مع بورقيبة في المنستير دخلت عليه، فأحسن استقبالي وقلت له: السيد الرئيس، أنا اشتغلت في الحركة الدستورية أيام النضال وأيام بناء الدولة، تقريبا 40 سنة معكم وبقيادتكم، وأرجو أن أكون ممن ثقلت موازينهم، وأن تكون النجاحات أكثر وأهم من الغلطات، فقال لي بصوت خافت جدا بصوت يعني هادي قال لي باللغة التونسية، قال لي: يا سي محمد، ليه عربت التعليم، وأنا قلت لك ما تعربش؟، وهو تعبان و..، قلت له: يا سيدي الرئيس أنا أجريت تحويرات لأن هذا عقيدتي، وأنا تكونت في فرنسا، تكوين في السوربون، لكني أعتبر أن لغتي لغة عربية، واللغة الفرنساوية لغة ضرورية كاللغة الإنجليزية، لكن لا بد من تأصيل الشباب بلغتهم وبيئتهم، وقلت له: البارح اجتمعتم، وقررتم إرجاع الفرنساوية إلى السنوات الأولى من التعليم الابتدائي، إن شاء الله تلقاوا المعلمين الأكفاء من ذوي اللسان الفرنسي الواحد..، فهمني هو، وقال لي: بهي، بهي.. يعني..
أحمد منصور:
هذه تحية تونسية.
محمد مزالي:
بهي، بهي معناها.. قال لي: سلم على فتحية، قلت: الله يبارك فيك..
أحمد منصور:
زوجتك يعني؟
محمد مزالي:
وانتهى الأمر وخرجت وأنا سعيد..واستأنفت معناها....
أحمد منصور:
شعورك إيه كرئيس حكومة.. كرئيس وزراء تتلقى خبر إقالتك من الراديو والتلفاز شأنك شأن الملايين؟
محمد مزالي:
ما أنا فسرت هذا بتداعي صحة بورقيبة، لأن بورقيبة لو كان في أيامه وفي صولته في الستينات..
أحمد منصور:
ألم تشعر وقتها أنه كان يجب أن تتحرك قبل أن يتحرك الرجل لإقالتك؟
محمد مزالي:
(4/106)
لا، أبدا كنت مطمئن وعندي ثقة في بورقيبة، وأن من مسؤولية رئيس الدولة إقالة وتعيين الوزراء الأولين، مش مشكلة، والمسؤول ليست..
أحمد منصور:
يعني كنت قاب قوسين أو أدنى من أن تكون رئيس الدولة، الأمر ليس هنا مجرد رئيس حكومة.
محمد مزالي:
كان هذا ممكن، خصوصا في الأزمة القلبية التي تعرض لها بورقيبة في آخر أكتوبر أو أوائل نوفمبر 84، المسألة كانت مرهونة بدقائق، ولكن هذه مشيئة الله.
أحمد منصور:
ما هي الظروف التي أُقلت فيها؟
محمد مزالي:
يعني ظروف صعبة في الأول كانت تبدو لي واضحة طبيعية، لكن بدأت بعض الصحف التونسية تشير إلى مسائل، وبعد أيام ألقي القبض على ابني الأكبر.
أحمد منصور:
بعد أيام من إقالتك، لكن قبل الإقالة أقصد..
محمد مزالي:
يعني.. كان الجو ثقيل، وبدأت أشعر أن بعض المسؤولين يعني أخذوا يتباعدون عني، معنى هذا، أنا نفسي فاهم هذا.
أحمد منصور:
حتى بعد الخطاب الذي قال فيه إنك ابنه الروحي؟
محمد مزالي:
نعم، نعم، واضح، يعني الكلام هذا ما له عندي حتى معنى، وأنا نفسي أستغرب لماذا استبقاه بورقيبة في الخطاب، ربما كما تفضلت للطمأنة فقط.
أحمد منصور:
لكن أنت لم تشعر باطمئنان كما تقول؟
محمد مزالي:
لا، لا اطمئنان ولا قلق، وإنما تيقنت أن المسؤولية انتهت، وأنها هي مسألة أيام أو أسابيع، وكنت مستعد نفسانيا لذلك، حتى ما مشكلة يعني.
أحمد منصور:
القوى التي كانت موجودة على الساحة السياسية آنذاك في الفترة من الخطاب الذي ألقي في التاسع عشر من يونيو، وحتى إقالتك في 8 يوليو، كيف كان تحركها على الساحة؟
محمد مزالي:
(4/107)
تحركها يعني بالرياء والكذب يعني والتملص يعني معناها كالزئبق، ما فيش مواقف واضحة رجولية يعني.. مثلا يوم إقالتي اجتمع بعض الوزراء مع بورقيبة، وأوهموه بأن الاقتصاد التونسي منهار، كذبا وبهتانا يعني، لكن أنا كنت سلمت وابتعدت، قلت: مهمتي انتهت خلاص، فبدأت أشعر بعد أيام أو أسابيع من إقالتي أن هناك اضطهاد بدأ بالقبض على ابني.
أحمد منصور:
بتهمة إيه؟
محمد مزالي:
سوء تصرف، والكلمة هذه مفتاح افتح يا سمم هذه.. سوء تصرف، ثم صهري، زوج ابنتي، طبيب، وابنتي طبيبة، وقيل لي من مصدر موثوق في أغسطس أن بورقيبة صدق من قال له إن محمد مزالي هيأ بمعونة صهره مؤامرة طبية بالتعاون مع اربعة أطباء أجلاء، لاعتبار بورقيبة عاجز عن القيام بالمسؤولية، والذي لم أهضمه إلى حد الآن، كيف بورقيبة رغم مرضه، ورغم تداعي صحته، كيف يصدق أن محمد مزالي فكر مجرد تفكير في القيام بمؤامرة، فنادى السيد الهاشمي الزمال وكان وكيل الدولة للجمهورية، يعني وكيل الجمهورية المدعي العمومي للجمهورية، وقال له: مزالي حب يعمل مؤامرة، يجب إلقاء القبض عليه، والحكم عليه بالإعدام شنقا، وأضاف ستتدخل..
أحمد منصور:
كده مباشرة؟!
محمد مزالي:
نعم، أيه أيه بحضور بعض الخواص.
أحمد منصور:
من الذي أبلغك؟
محمد مزالي:
لا أدري.
أحمد منصور:
من الذي أبلغك؟
محمد مزالي:
لا أستطيع أن أذكره الآن.
أحمد منصور:
يعني أسماؤهم، أما زالوا أحياء؟
محمد مزالي:
نعم، حتى بالنسبة لأمنهم، وهناك من كان حاضر، وصادفته في باريس يعني في ذات يوم وأكد لي هذا، والدليل هو أني تلقيت دعوة من رئيس اللجنة الأولمبية الدولية السيد سمارانش لأرتاح أسبوع أو 10 أيام في لوزان وأصطحبه إلى اليونان، لأن كان فيه اجتماع، ورحت إلى المطار، وبعد إجراء كل الأمور يعني القانونية، وبينما هممت بالصعود للطائرة..
أحمد منصور:
هذا في التاسع عشر من أغسطس 86
محمد مزالي:
بالضبط.
أحمد منصور:
(4/108)
يعني بعد إقالتك تقريبا بحوالي..
محمد مزالي:
شهر وأيام، جاءني الكوميسار يعني المفتش في المطار، وقال لي: عندي إذن أن أمنعك من السفر.. ليه؟! قال: والله أمر.. حاولت أن اتصل ببعض المسؤولين، فأبوا الاتصال بي، فأخذت جواز سفري العادي، ورجعت إلى بيتي وفهمت أني أصبحت في إقامة جبرية، ثم هناك بعض إخوان، والغريب -والحمد لله- هناك معارضين البعض منهم لم أرهم أبدا زاروني وقالوا لي: إن الجماعة صمموا على القضاء عليك... يعني ستحاكم، والصحافة لا تقول شيء، بل ستلصق بك التهم، ويذهب حقك في باطلك، وباطلك بحقك و...
أحمد منصور:
لماذا وأنت الآن لم تعد تصارع على سلطة، لم تعد تصارع على شيء؟
محمد مزالي:
هذا الذي لم أفهمه، ولكن أحاول أن أأول فأقول بكل تواضع: إن القوم كانوا خائفين من محمد مزالي لأنه ولا مؤاخذة.. يعني أنا كنت في الساحة، شعبيا وأقدمية واتصالا جماهيريا، وعلاقات مع رؤساء وملوك الدول العربية والأوروبية، يعني كان رؤساء الدول يتصلون بي أنا، لأن بورقيبة كان مريض، وأنا كنت أمثل تونس في القمم العربية والإسلامية..
أحمد منصور:
المهم وضعك داخل الدولة وليس خارجها يعني.. لكن في الآخر من بيده القوة هو الذي يسيطر على السلطة.
محمد مزالي:
لكن ربما يكون في هذا غرور، لكن أظن أن نية الجماعة الذين كانوا يكيدون لي كيدا هي التخلص من شخص محمد مزالي.
أحمد منصور:
معالي رئيس الوزراء أنت أشرت في مقابلة الرئيس بورقيبة لك إلى أنه سألك عن التعريب، هل تعتقد أن توجهك إلى التعريب كان من الأسباب التي دفعت إلى إقالتك؟
محمد مزالي:
طبعا.. طبعا، لأن المتآمرين علي والطامعين في خلافتي أقنعوا بورقيبة بأن سياسة التعريب هي التي مهدت صعود أو تصاعد الحركة الإسلامية، فربطوا بين التعريب وبين تنامي الحركة الإسلامية في تونس.
أحمد منصور:
(4/109)
نعم.. معنى ذلك أن فرنسا كانت أيضا غير راضية عليك، وغير راضية على أن تكون رئيسا قادما للبلاد؟
محمد مزالي:
هذا شيء معروف.
أحمد منصور:
كيف كان تأثير فرنسا أو طبيعة علاقة فرنسا مع نظام الحكم في تونس؟
محمد مزالي:
يعني فرنسا كانت مشاهدة على هذه المباراة العصيبة في.. ضمن قصر قرطاج، كانت تشاهد المباراة فقط.
أحمد منصور:
حُكم.... بعد ذلك أنت منعت من السفر، وأصبحت الآن تدرك تماما أنك مطلوب القبض عليك، وتصفيتك كما أشرت، وإعدامك.
محمد مزالي:
التصفية كانت مبرمجة، مخططة، فزارني الكثير من المعارضين والتونسيين الأصدقاء، ونصحني الجميع بمغادرة البلاد يعني الفرار بجلدي من البلاد، وخططت وحدي..
أحمد منصور:
كيف خططت للهروب؟
محمد مزالي:
خططت، لأن هناك خطط اقترحت علي، واخترت شخصيا خطة منها بالتعبير عن ثقتي في شهامة ورجولة الإخوة الجزائريين، فمن غير أن أعلمهم والحق يقال وصلت إلى الحدود..
أحمد منصور:
وحدك؟
محمد مزالي:
هناك صديق أوصلني على السيارة إلى مكان يسمى حمام بورقيبة.
أحمد منصور:
كيف كان لبسك.. زيك؟ ما الذي كنت تحمله معك؟ كيف ودعت أهلك؟
محمد مزالي:
أنا لم أحمل شيئا، حملت معي فقط ساك يعني صغير كالذي يحمله الرياضيون، فيه من الأشياء، راديو صغير وجهاز للحلاقة فقط، يعني لم أحمل ولو قميص.
أحمد منصور:
هل أخبرت زوجتك وأولادك أنك ستهرب؟
محمد مزالي:
لا، لا.
أحمد منصور:
خرجت من البيت على أنك..
محمد مزالي:
خرجت من البيت يومها كان الثالث من سبتمبر يوم عطلة.
أحمد منصور:
عام 86
محمد مزالي:
(4/110)
86.. وزوجتي راحت مع بعض الأولاد والأحفاد إلى شاطئ رأس جبل مسقط رأس عائلتها للاستحمام وكذا.. وبقيت وحدي، عدا ابن واحد كان موجود لم يصاحب أمه، لأنه كان يعاني شيء من البرد، ففكرت أنه من الضروري أن أعلمه كما يقال باللغة العامية التونسية على حياة أو موت مش عارف انا أقطع أو لا، فأعلمته بالخطة فقط، و..
أحمد منصور:
على أي شيء كانت تقوم تفاصيل الخطة؟
محمد مزالي:
تقوم على الوصول إلى الحدود..
أحمد منصور:
أية منطقة في الحدود؟
محمد مزالي:
الشمالية؟
أحمد منصور:
أية منطقة؟
محمد مزالي:
منطقة (عين دراهم)، بعد عين دراهم ثم حوالي 15 كيلو مترًا إلى (حمام بورقيبة) وهو مركز لمعالجة أمراض الأنف والحلق، وحاذيت هذا المكان، وكانت هناك عناية ربانية، لأن الحرس الوطني أوقف السيارة، ثم سارع بالإشارة للمرور، لأنه كان يتحدث مع شاب آخر، وأنا كنت قد وضعت شوارب.. وعندي شاشية ونظارة سوداء.
أحمد منصور:
يعني أخفيت نفسك..!! كنت بالنهار أم في الليل؟
محمد مزالي:
غادرت بيتي الساعة الواحدة بعد الزوال، ووصلت بعد ساعتين أو ساعتين ونصف إلى الحدود، وأقمت في (جربي) يعني في بيت مبني بالحلفا وبالتبن..
أحمد منصور:
كان مرتب لك.
محمد مزالي:
لا، لا، لا، وإنما..
أحمد منصور:
فقط صديقك الذي أوصلك هو الذي كان يعلم بهروبك؟
محمد مزالي:
نعم، فقط، وصديقي هذا..
أحمد منصور [مقاطعًا]:
لم يكن أحد في الطرف الآخر في الجزائر على علم؟
محمد مزالي:
لا، أبدا.
أحمد منصور:
كنت ستهرب من الصحراء نفسها؟
محمد مزالي:
(4/111)
لا، لا، الصحراء هذه خطة من الخطط الأربعة أو الخمسة التي اقترحت علي، ثم فيه شاب، ابن السيد هذا ما يعرفنيش، كان غير موجود، ولما جاء الساعة الخامسة أو السادسة قلت له: الآن نشق طريقنا [ننطلق]؟ قال: لا، حتى تغيب الشمس، قلت: لماذا؟! قال: لأن ثم عيون، جواسيس، وحرس وطني، قلت: طيب، فبعد الغروب يعني قلت له: نمشيو، قال: نمشيوا، فأنا نحيت نظارتي، فهو قال: لا، أنت سيي محمد مزالي، لا، هذه مسألة خطيرة ما نقدرش، فالسيد اللي معانا، وأنا ما عندي ولا فلس، ولا مليم، والله ما عندي مليم، عندي قميص واحد لابسه.
أحمد منصور:
ولا معك أموال ولا أي شيء؟!
محمد مزالي:
والله ما عندي حتى...
أحمد منصور:
ولا تحمل هوية؟
محمد مزالي:
أبدا.. عندي جواز سفر تونسي فقط عادي.
أحمد منصور:
كنت ستمر عبر الحدود الطبيعية أم ستمر عبر الأسلاك؟
محمد مزالي:
الحدود الطبيعية يلزم الوقوف أمام مبنى مركز الأمن.
أحمد منصور:
لكن هذا كان يمررك عبر الأسلاك؟
محمد مزالي:
عبر الأسلاك، وعبر الغابات والجبال وثمة نهر، فحب يتراجع، فقلت للسيد: اعتن به، وأنا مشيت وحدي، والظلام أصبح دامس، ونزلت جبل، ثم قطعت واد، تقريب 40 سنتيمتر من المياه، ولكني لم أر..
أحمد منصور:
ولا معك خريطة، ولا أي شيء؟
محمد مزالي:
أبدًا، لكن أمامي الظلام الدامس، ولما أرفع رأسي..
أحمد منصور:
ولا قرى تبان أمامك ولا أي شيء.
محمد مزالي:
لما أرفع رأسي أتبين بعض الأضواء الباهتة لقرية حدودية جزائرية، فكانت هي البوصلة لكن بعدما شقيت الواد، وهويت وجرحت، والدم نزف، عندي الآن حرمة كلها دم، دم وتراب وكذا... شقيت ثمة غابة، وبعض الملابس يعني تمزقت، ثم أخذت أصعد الجبل، أصعد أصعد إلى أن وصلت، فهناك بيت متواضع فيه سيد شاب وزوجته وأبناؤه، فعملت له إشارة قف فجاء ووقف، وقال: السيد محمد مزالي.
أحمد منصور:
عرفك؟!
محمد مزالي:
(4/112)
نعم، قلت له: من أين تعرفني؟ قال: هو في هذه المنطقة واحد ما يعرفش محمد مزالي؟
أحمد منصور:
في الجزائر أصبحت أنت الآن؟
محمد مزالي:
نعم، في الجزائر، قلت له: بارك الله فيك، من فضلك، خذني لمركز الأمن، قال لي: ما فيش مركز أمن، قلت له: فيه إيه؟ قال: فيه ثمة ثكنة تبعد 500 متر تقريبا.. قلت له: نمشي.، ومشينا 500 متر في الجبل..
أحمد منصور:
كم ساعة استغرقت من الخروج إلى الوصول إلى هذا المكان؟
محمد مزالي:
من وقت أن غادرت الكوخ تقريب ساعتين أو ساعتين ونصف.
أحمد منصور:
فقط يعني الصعود والهبوط.
محمد مزالي:
كنت أنا عندي لياقة بدنية، ورغم إن العرق كان يتصبب، كنت أشعر أني بصدد الفرار من الموت، وتذكرت قولة طارق بن زياد لما نزل بجنوده في أرض أسبانيا، قال: لهم إن العدو أمامكم والبحر وراءكم.
أحمد منصور:
يعني أنت كنت تفر من الموت، حتى وإن صادفت الموت.
محمد مزالي:
فكان الموت ورائي والحياة أمامي، وثقتي في الإخوة الجزائريين، كانت علاقاتي كويسة.
أحمد منصور:
كانت العلاقة الجزائرية- التونسية سيئة في ذلك الوقت؟!
محمد مزالي:
لا، لا، كانت كويسة في وقتي أنا، كانت كويسة ممتازة.
أحمد منصور:
لكن أنت استغللت علاقتك بهم إلى أنهم سوف يساعدونك، لكن ألم تكن مراهنة يمكن أن تخسر؟
محمد مزالي:
(4/113)
مراهنة طبعًا، الحياة كلها مراهنة، لكن كنت أعرف عن الجزائريين أنهم أصحاب مبادئ، وأنهم دائما يعني، نصروا اللاجئين إليهم، الأخ أحمد بن صالح لما فر للجزائر، استخدم نفس المكان تقريبا آووه وأسندوه وساندوه، فأنا راهنت على هذا، فالجندي الحارس الذي يلبس زي أزرق داكن حياني،عرفني، ثم نادى الضابط اللي أدخلني إلى قاعة النوم، فاسترحت، كان هناك عرق ودماء وكذا... أحضروا لي شوية عنب، وشوية دواء، ونظفوا لي الجبين وكذا.. ثم جاء شخص.. إلى آخره، حتى دخلنا لثكنة القادة، ثم أخذوني إلى (قسنطينة) ثم إلى الجزائر، حيث وجدت نفسي في قصر مكرم معزز، وجابوا لي ثياب جديدة..
أحمد منصور:
وعلموا أنك هارب.
محمد مزالي:
أنا قلت لهم أيوه ثم مسؤول كبير استقبلني في مدخل القصر، وأعطاني تليفون، وقال لي: كلم زوجتك، وكلمتها، وقالت لي: أين أنت الآن؟ قلت لها: أنا في باليرا في صقلية، حتى نوجه اتجاه الشرطة نحو البحر، لا نحو الجبال، قالت لي: متى ستعود؟ قلت: والله حينما يتيسر ذلك، ولكن أظن أنهم فطنوا، البوليس فطن..
أحمد منصور:
متى أدركوا أنك هربت؟
محمد مزالي:
بعد يوم.
أحمد منصور:
واحد فقط.
محمد مزالي:
بعد يوم واحد..
أحمد منصور:
هل سعوا للقبض عليك، ثم فوجئوا واللا من أين علمت؟
محمد مزالي:
لا، أدركوا هروبي بعد فوات الأوان، ولهذا جن جنونهم، وألقوا القبض على أبنائي وعلى ابنتي وهي صبية، ووضعوهم في السجن، هناك ابني طبيب، ابني بيطري، كلهم عذبوهم عذاب بدني يعني .. يعني أمور كبيرة..
أحمد منصور:
كم يومًا بقيت في الجزائر؟
محمد مزالي:
أربعة أيام.
أحمد منصور:
ثم ذهبت إلى باريس؟
محمد مزالي:
ثم ركبت الطائرة، ونزلت في لوزان.
أحمد منصور:
كلاجئ سياسي؟
محمد مزالي:
(4/114)
ثم نزلت في جنيف..لا، لا.. بجواز سفر عادي، ما كانش فيه "فيزا" في تلك الأيام، جواز سفر تونسي كان يفتح أبواب سويسرا وفرنسا وغيرهما، ورحت إلى عائلتي الثانية، وهي اللجنة الأوليمبية الدولية التي آوتني، وتحملت..
أحمد منصور:
ألم يعرض عليك الجزائريون اللجوء السياسي؟
محمد مزالي:
لا، لا، لا، أنا لم أطلب.
أحمد منصور:
فقط هم ساعدوك.
محمد مزالي:
لم أطلب لأني كنت دائما -ولا أزال- بطبعي متفائل، وكنت ولا أزال إلى الآن أعتبر أن النفي هو وقتي، وأن لا بد أن تسوى الأمور، وتزول الالتباسات.
أحمد منصور:
ولا زلت منفيًّا منذ 13 عاما.. في العشرين من أبريل عام 1987م، تم الحكم عليك بالسجن 15 عاما بتهمة سوء التصرف في أموال الدولة، وغرامة مقدارها 700 ألف دولار، ولا زالت هذه التهمة ملصقة بك حتى اليوم.
محمد مزالي:
يعني الحكم هذا غيابي، هذا نتيجة تدخلاتي في الإذاعة والتليفزيون في فرنسا وفي سويسرا، وفى بعض القنوات العربية وفي الجرائد العربية والفرنسية، فجُنُّوا لأنني كنت أدافع عن أطفالي الموقوفين المسجونين، عن زوجتي التي كانت في إقامة جبرية، عن شرفي الذي حاولوا تلطيخه في الجرائد التونسية المأجورة، فجُنوا لأني لم أصب بالانهيار، لم أبك، لم أتباك، لم أتوسل، بل وقفت على قدمي، ودافعت عن شرفي، وعن شرف عائلتي، وعن أعمالي..
أحمد منصور:
لكن كيف تدافع عن هذه الاختلاسات الموجهة إليك؟
محمد مزالي:
هذه مو الحكاية، كل من يعرف محمد مزالي واستقامة محمد مزالي ونظافة يد محمد مزالي، وزوجته وعائلته يضحك من هذه التهم، أبنائي إلى حد الآن يقيمون في بيوت على وجه الكراء، هل سمعت برئيس حكومة في العالم العربي أو غير العالم العربي أبناؤه لا يملكون ولو شقة ولو فيلا، فهذا هو الواقع.
أحمد منصور:
لكن أليس لك أموال طائلة في الخارج الآن تتنعم فيها؟
محمد مزالي:
(4/115)
لو كانت هذه الأموال موجودة لأدرك الجميع وجودها وأهميتها، ولكن أنا أقول ورأسي مرفوعة، ولا أحد يستطيع أن يقول عكس هذا.. أني لم أفتح حسابا جاريا، لا أنا، ولا زوجتي، ولا أولادي في الخارج أبدا.. لم أفتح حسابا.
أحمد منصور:
من أين تعيش الآن؟ موردك؟
محمد مزالي:
أعيش بفضل بعض الدول العربية الخليجية التي لا تتدخل في سياسة تونس، وإنما تحترم الصديق الذي تعاون معهم لوجه الله، والذي من الضروري..
أحمد منصور:
وأنت في عهدك كانت العلاقات التونسية- الخليجية..
محمد مزالي:
ممتازة، أنا أسستها، وربما أعجب بي بعض الملوك والرؤساء.
أحمد منصور:
يعني أنت تقر الآن بأنه ينفق عليك من بعض الدول الخليجية.
محمد مزالي:
وهذا سأكتبه، وأقوله، ولا حرج.
أحمد منصور:
في ختام هذه الشهادة ما هو تقييمك لما يقرب من 40 عاما من العمل السياسي وثلاثين عاما من البقاء في السلطة؟
محمد مزالي:
أعتبر أني قمت بواجبي، واجتهدت، ولا شك أني أخطأت، والبشر خطاءون، ولكن ما أنجزت ببلدي، وما أنجزت في مستوى العالم العربي، ولا فخر يشفع لي بأنه في الميزان.. الأعمال الإيجابية -إن شاء الله- تكون أهم وأكثر وزن من أعمالي السلبية، وضميري مرتاح.
أحمد منصور:
هل تطمع للعودة للعمل السياسي مرة أخرى؟
محمد مزالي:
لا، خلاص.
أحمد منصور:
حتى إذا توفرت لك الفرصة؟
محمد مزالي:
لا خلاص، مستقبلي ورائي من الناحية السياسية، ولكن لا أزال أومن بأني أستطيع أن أخدم بلدي ثقافيا، ورياضيا، بالمحاضرات، وأعود إلى بلدي يوم أن يرد الاعتبار، ويوقف الحكم الكيدي الجائر الذي استصدروه من عدالة غير مستقلة، لأن بعض الناس يقولون هناك عدالة حكمت، أي عدالة؟! وهذا أقوله بكل صراحة، وأتحمل مسؤوليتي فيه.
أحمد منصور:
هناك من يقول بأنك حصلت على الجواز التونسي الآن وتستعد للعودة؟
محمد مزالي:
(4/116)
يوم 14 مايو، ونوديت من طرف القنصل العام التونسي، وكانت مفاجأة سارة، واستقبلني بكل لطف مشكورا، وأعطاني جواز سفر تونسي عادي، وشكرته، وعبرت عن هذا في بعض الصحف العربية..
أحمد منصور:
هل تنوي العودة إلى تونس الآن؟
محمد مزالي:
أعود حالما ينقض الحكم الكيدي الصادر في عام 87 ضدي.
أحمد منصور:
حينما تعود ستغير شيئا في هذه الشهادة التي أدليت بها؟
محمد مزالي:
لا، أبدًا.
أحمد منصور:
أتتحمل المسؤولية كاملة عن كل ما قلته؟
محمد مزالي:
أتحمل لأنهم لم يحاكموني سياسيا.
أحمد منصور:
هل هناك شيء أنت نادم عليه في حياتك السياسية؟
محمد مزالي:
والله أنا نادم على شيء كبير، قد لا يصدقه البعض، هو أني لماذا دخلت في عام 56، 57 في بُحران السياسة، كنت أتمنى أن أبقى أستاذا، وأكمل أطروحة دولة جامعية، وأكون أستاذا جامعيا، وأساهم في الصحافة، وأبقى مثقف، يعني أحسن من السياسة، ولكن ما عليش خدمت بلادي في التعليم، في الصحة، في الدفاع الوطني، في الإذاعة، في التليفزيون، في الشباب والرياضة، في توجيه الناس بقدر الإمكان، فهذا قد يكون شفيعا لي.
أحمد منصور:
ماذا تقول لعشرات الملايين من العرب الذين تابعوا شهادتك هذه على مدى الحلقات الثماني الماضية في ختام هذه الشهادة؟
محمد مزالي:
أحييهم تحية الأخ لإخوته، وأسألهم أن يتحروا، وأن يتذكروا الآية الكريمة (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).. أن يتحروا الموضوعية، وأن يتعاطفوا مع هذا المواطن الذي آمن بعروبته، بإسلامه، بشخصيته، بأصالته، والذي حاول أن يخدم أمته بالثقافة والفكر قبل السياسة.
أحمد منصور:
سيد محمد مزالي (رئيس وزراء تونس الأسبق)، أشكرك شكرا جزيلا على كل ما تفضلت به في هذه الشهادة على العصر.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
(4/117)
في الحلقات القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة ضيف آخر جديد في هذا البرنامج.
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد مزالي:
وأنا أشكركم.
أحمد منصور:
شكرا جزيلا.(4/118)
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين(4/119)
الأربعاء 3/2/1425هـ الموافق 24/3/2004م(آخر تحديث) الساعة 12:21(مكة المكرمة), 9:21(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
21/03/2004
- نشأة أحمد جبريل
- قرار الالتحاق بالكلية الحربية
- محاولة الانضمام للمقاومة الجزائرية
- المرجعية الفكرية لجبريل
- حقيقة استغلال الأنظمة العربية للفلسطينيين
- بداية تشكيل الجبهة الشعبية
أحمد منصور:
أحمد منصور: ولد أحمد جبريل في قرية يازور في فلسطين عام 1938 لأب فلسطيني وأم سورية لذا كانت سورية وجهة عائلته حينما أُجبِروا على الهجرة من فلسطين عام 1948حيث يقيم أخواله الذين كان من أبرزهم صبري العسلي رئيس الوزراء السوري الأسبق والذي ساهم في منح أسرة جبريل الجنسية السورية إلى جوار الفلسطينية.
قرر جبريل أن يحترف العمل العسكري كطريق أساسي لتحرير بلاده فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي فألتحق بالكلية الحربية في مصر عام 1956 وتخرج منها عام 1959 وأصبح ضابطا في الجيش السوري لذا يعتبر جبريل الوحيد من بين قادة الفصائل الفلسطينية الذي تخرج في كلية عسكرية وأحترف العمل العسكري منذ البداية.(4/120)
أسس جبريل جبهة التحرير الفلسطينية عام 1959 ونشط بشكل أساسي وسري في صفوف الفلسطينيين اللاجئين في سوريا، سُرِح من الجيش السوري عام 1963 بعد خلاف مع الفريق أمين الحافظ ومن ثم تفرغ لقيادة الجبهة، حينما أعلنت حركة فتح عن انطلاقتها في كانون الثاني يناير عام 1965 تحالف معها جبريل حيث كان يملك تنظيما عسكريا مدربا وقويا لكنه أختلف مع ياسر عرفات وفض التحالف بينه وبين فتح بعد ستة أشهر فقط وبعد هزيمة حزيران يونيو عام 1967 دعا جبريل الفصائل الفلسطينية للتحالف تحت جبهة واحدة فاستجاب بعضها وكانت حركة القوميين العرب بقيادة جورج حبش من أبرز من استجابوا وأُسِست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لكنها انفضت في أكتوبر عام 1968 وأحتفظ حبش بمسمى الجبهة وكذلك جبريل لكن جبريل أضاف إليها عبارة القيادة العامة.
(4/121)
لعبت شخصية جبريل العسكرية دورا هاما في تشكيلات جبهته وعملياتها العسكرية النوعية حيث قام بعشرات العمليات النوعية والموجعة ضد إسرائيل وأستخدم أساليب ووسائل وتكتيكات عسكرية مستحدثة كانت دائما تُحدِث صدمة لدى الإسرائيليين من أبرزها هجمات بالطائرات الشراعية ضد معسكر للقوات الخاصة الإسرائيلية في الخامس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر عام 1987، أحترف جبريل خطف الجنود الإسرائيليين وأسرهم ثم مبادلتهم بأسرى فلسطينيين في سجون إسرائيل وقام بأكثر من عملية تبادل من أبرزها عملية النورس حيث حرر 79 أسيرا فلسطينيا وعملية الجليل عام 1985 التي كانت الأضخم في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي حيث أستبدل ثلاثة من الجنود الإسرائيليين بألف ومائة وخمسين أسيرا فلسطينيا معظمهم من ذوي الأحكام الطويلة وكان على رأسهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، اعتبرته إسرائيل ومازالت عدوها الأول فحاولت اختطافه واغتياله مرات عديدة باءت كلها بالفشل لكن الموساد الإسرائيلي نجح في اغتيال ولده الأكبر جهاد في بيروت في العشرين من أيار مايو من العام 2002 حيث كان جهاد يقود الجناح العسكري للجبهة بعدما درس العلوم العسكرية وأحترف العمل العسكري مثل والده.
ورغم أن رفيق دربه ياسر عرفات قد وقَّع اتفاقا مع الإسرائيليين وتبعه كثيرون من قادة الفصائل الفلسطينية إلا أن جبريل لم يلق سلاحه بعد ويعتبر الكفاح المسلح الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، لعبت شخصية جبريل العسكرية دورا في تكتمه وحذره وابتعاده عن الأضواء ووسائل الإعلام وقد جعلنا هذا الأمر ندخل في مفاوضات مضنية وشاقة معه لتسجيل شهادته امتدت أكثر من عام نجحنا بعدها في إقناعه بتسجيل شهادته على جانب من عصر البندقية الفلسطينية، نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على سنوات الكفاح الفلسطيني.
(4/122)
أبو جهاد مرحبا بك أخيرا بعد أكثر من عام نجحنا في إقناعك بالجلوس أمام الكاميرا حيث ظللت ترفض الجلوس أمام الكاميرا والتعامل مع الإعلام كما كنت ترفضه طوال سنوات عملك في المقاومة والكفاح الفلسطيني طوال أكثر من 45 عاما، أود أبدأ معك من قرية يازور في فلسطين حيث ولدت في العام 1938 ونشأت وترعرعت هناك لاسيما وأن حتى مصادر وملفات الإسرائيليين يبدو أنها خالية من تفاصيل عن سنوات طفولتك كما جاء في كتاب صاموئيل كاتز جبريل في مواجهة إسرائيل الذي ألفه بالتعاون مع المخابرات الإسرائيلية كيف كانت نشأتك الأولى؟
نشأة أحمد جبريل
أحمد جبريل: بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد منصور: وعليكم السلام.
أحمد جبريل: أنا ولدت في قرية يازور من ضواحي يافا تبعد عن يافا ثلاثة كيلومتر من أب فلسطيني و.. والدة والدتي سورية من أصول شركسية، أنا وحيد لأسرتي وعندي خمسة أخوات ومتزوج ولي ثمانية أولاد أربعة من الذكور وأربعة إناث أكبرهم كان اسمه جهاد والذي استشهد قبل عامين قتله الموساد الإسرائيلي في بيروت كما تعرفون.
أحمد منصور: يعني كنت مدلل يعني ولد على خمس بنات يعني.
أحمد جبريل: هي لما نحكي المسيرة نجد عكس هذا الموضوع تماما، قرية يازور حقيقة هي القرية التي نشأت فيها وترعرعت فيها لسن العاشرة.
أحمد منصور: يعني تذكر طفولتك معالم الطفولة واضحة في ذهنك.
أحمد جبريل: كل جميع الناس يتذكرون هذه السنين العشرة الأولى يعني من سن السادسة يبدأ إدراك الإنسان ويكون إدراكه يعني قوي وذاكرته قوية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي فتحت عينك عليه في السادسة؟
أحمد جبريل [متابعاً]: كان الاستعمار البريطاني يداهم أنا أذكر جيدا وكنت أرى بعيني كيف يداهم القرية للتفتيش علي بعض الأسلحة والذخائر ويقوم بتفتيش وحشي كبير جدا ويجمع الأهالي ويفتش البيت ويحفر الأرض بشكل..
أحمد منصور: ما الذي رسبه في نفسك؟
(4/123)
أحمد جبريل: هذا الموضوع يعني بالمقابل كنت أشعر أنه هذا الانتداب البريطاني كان يسمع تدريب اليهود في المستعمرات اللي حولنا من خلال أصوات القنابل فكنت أشعر إنه هذا الاستعمار يقف بجانب الإسرائيليين في هذا الموضوع.
أحمد منصور: ما هي الفترة الطفولية اللي شعرت فيها أن هناك صراع أنك جزء من الصراع؟
أحمد جبريل: أنا منذ وعيت يعني وكان هذا الموضوع أمامنا ماثل.
أحمد منصور: هل كنت تلعب مع الإسرائيليين مع..
أحمد جبريل: لا لم يكن لدينا..
أحمد منصور: كان لك صداقات؟
أحمد جبريل: لم يكن لدينا أي اختلاط مع الإسرائيليين بالعكس كان جو العداء كما قلت يعني كنا نري سيارات الهجنة اللي هي نواة الجيش الإسرائيلي وهي تمر أمامنا باستفزاز عرفت كيف وفي السنين الأخيرة بدؤوا الإسرائيليين يقومون بإغارات وقصف ليلي مستمر على يازور، أذكر في إحدى الليالي أشتد القصف علينا وبيتنا متطرف عن يازور يعني بين يافا ويازور وأشتد القصف وأرسل والدي ابن عم إلينا ليأخذنا عبر البيارات لنذهب إلى قلب قرية يازور وكان القصف شديد وكذا مرة انبطحنا على الأرض أنا ووالدتي وأخواتي وجدتي حتى أذكر أن بعد ما خف القصف تحركنا ومشت والدتي مائة متر تذكرت أن عندي أخت أصغر واحدة كان اسمها أميرة نسيتها على الأرض من كثر القصف والهلع والخوف فعادت.. عدنا مائتين متر إلى الخلف لنحمل هذه الصغيرة ونذهب إلى القرية، تنقلنا في القرية من بيت إلى بيت لطلب الأمان بالمقابل أيضا كان شباب البلدة يقومون نهارا بعمل الكمائن للإسرائيليين ولليهود الذين يمرون على هذا الطريق الرئيسي.
أحمد منصور: كل هذا قبل العام 1948؟
أحمد جبريل: كله قبل عام..
أحمد منصور: ما الذي تركه؟ ما الذي رسبته تلك الصور في نفسية الطفل أحمد جبريل؟
أحمد جبريل: يعني كنت يعني أشعر بالخوف والرهبة وكيف نكبر وكيف نستطيع أن نرد هذا الظلم وهذا القهر.
(4/124)
أحمد منصور: شعرت أن مستقبلك لن يكون مستقبلا أمنا؟
أحمد جبريل: بالتأكيد لأنه نحن كنا نتنقل من مكان إلى مكان حتى وصل الأمر بحيث أصبح لا يطاق والهيئة العربية يعني العليا التي كانت تقود النضال طلبت من أهالي يازور وسلمة إخلاء الأطفال والنساء إلى أماكن بعيدة آمنة ويبقى الرجال هناك وفعلا عرفت كيف يعني ذهبنا إحنا وكان أمامنا خيار إما أن نذهب باتجاه غزة أو باتجاه الرملة واللد أو باتجاه أخوالنا إلى سوريا ولكن بضغط أخوالنا قررنا أن نذهب إلى سوريا فذهبنا إلى مطار اللد وبالطائرة ركبنا من هناك إلى مطار بيروت إلى دمشق في ذلك الوقت.
أحمد منصور: انتقلت إلى سوريا وعشت في القنيطرة حيث أخوالك يعيشون هناك.
أحمد جبريل: هو أخوالي كانوا يسكنون في دمشق عرفت كيف وجلسنا فترة بسيطة في دمشق ثم انتقلنا إلى القنيطرة حيث كان جدي أبو والدتي طبيب هناك فذهبنا وعشت هناك فترة من السنين هذه القنيطرة هي مركز الجبهة الأمامية في مواجهة العدو الإسرائيلي.
أحمد منصور: 1956 حصلت على شهادة الثانوية العامة ما الذي دفعك إلى أن تذهب للدراسة في الكلية الحربية في مصر وليس للدراسة في شيء أخر وأنت وحيد والديك ومن المفترض أنك مدلل لديهما؟
أحمد جبريل: هي بالحقيقة أنا كانت تساءلت بيني وبين نفسي لماذا أنا توجهت هذا الاتجاه؟ لماذا لم أتوجه لأصبح طبيب وكان مفتوح أمامي الباب أو مهندس أو فنان أو تاجر؟ فكنت يعني أقعد بيني وبين نفسي إنه أنا مشيت في درب صعب وشائك ومليء في العقبات في هذا الموضوع بصراحة هناك عوامل كثيرة يعني قبل أن أختار أن أذهب إلى الكلية الحربية أثرت في داخلي وفي نفسي.
أحمد منصور: ما هي أهم هذه العوامل؟
أحمد جبريل: يعني أولا أنا أخوالي وبيتهم يعمل بالسياسة في سوريا تاريخيا ووالدتي وجدتي يتحدثون باستمرار في المنزل بالأمور والالتزامات السياسة.
أحمد منصور: من أخوالك في سوريا؟
(4/125)
أحمد جبريل: يعني أنا أخوالي صبري العسلي اللي كان رئيس وزراء في سوريا هو خالي كانوا يحدثونا عن شكري العسلي الذي أعدمه جمال باشا في ستة أيار كما تعرفون وكيف نُفِيت العائلة إلى الأناضول سنوات متعددة هناك، الثورة السورية وعديد من أخوالي استشهدوا ضد الفرنسيين وصبري العسلي سُجِن مرات عديدة أيام الانتداب الفرنسي ثم ترأس الكتلة الوطنية والحزب الوطني اللي كان هو الحزب المسيطر على سوريا وانتهى فيه المقام بعد الوحدة أن أصبح نائب الرئيس عبد الناصر..
أحمد منصور: نعود إلى 1956.
”
نشأ أحمد جبريل في أسرة تتعاطى السياسة والشأن العام، وكان بيت العائلة يستقبل زوارا سياسيين بارزين أمثال جميل مردم ولطفي الحفار
”
أحمد جبريل: فلذلك أنا نشأت حقيقة في أسرة تتعاطى السياسة والشأن العام وكنت أرى زوار هذه الأسرة من السياسيين الذين أتذكرهم جميل مردم ولطفي الحفار وكل هالناس المعروفين يعملوا في السياسة أيضا تزوجت أختي شقيقتي الكبرى ضابط في الجيش السوري عندما كنا في القنيطرة ولكن هو من أصول فلسطينية.
أحمد منصور: من هو؟
أحمد جبريل: على بوشناق.
أحمد منصور: هذا أحد مؤسسي الجبهة معك.
أحمد جبريل: أحد مؤسسي الجبهة وهو فلسطيني من نابلس ترك مقاعد دراسته وأنضم لجيش الإنقاذ لتحرير فلسطين ثم التحاق في الجيش السوري هو ومجموعة من زمائله كانوا بحدود خمسين ضابط وصدف هدول الخمسين ضابط فلسطيني وهم شكلوا كتلة إنه مسكوا الجبهة السورية الخط الأمامي من بانياس حتى الحمى وكنت أذهب معه وأنا عمري 14 سنة أزور المواقع أرى سهل الحولة مدينة طبرية الصفط سمخ يعني أصبح في بحيرة طبرية نأكل السمك منها فنرى الإسرائيليين والتحدي دائما الجبهة السورية لم تتوقف الاشتباكات ما بين الجيش السوري والإسرائيليين.
أحمد منصور: في ذلك الوقت.
أحمد جبريل: في ذلك الوقت.
قرار الالتحاق بالكلية الحربية
(4/126)
أحمد منصور: هل قرارك بدراسة العسكرية أو الالتحاق بالكلية الحربية كان واضحا في ذهنك من البداية أم أنك فكرت في الالتحاق بكلية الطب أو كلية الهندسة أو بعض الكليات الأخرى أو ضغط عليك الأبوين أو الأسرة من أجل هذا؟
أحمد جبريل: هي بالحقيقة بعد ما أخذت الشهادة الثانوية العلمي وكنت من المتفوقين كان مفتوح أمامي وعائلتي ترغب أن أدرس الطب لأرث عيادة جدي كانت عيادة ناجحة فأنا رفضت هذا الموضوع لأن كنت أخبئ في داخلي أشياء لا أريد أن أصارحهم بها..
أحمد منصور: هل صرحت لأحد بها أم كانت في دخيلة نفسك؟
أحمد جبريل: أبدا كانت في داخل نفسي فقلت لهم أنا عشر سنوات أدرس الطب..
أحمد منصور: ولا حتى زوج أختك؟
أحمد جبريل: لا أبدا.
أحمد منصور: يعني قرارك بدراسة العسكرية كان قرار متكتم فيه على نفسك لم تبح به على أحد؟
أحمد جبريل: متكتم وأنا سأروي.. أبدا سأروي لك تماما ما حصل عرفت كيف..
أحمد منصور: باختصار.
أحمد جبريل: رفضت أن أدرس الطب في الجامعة السورية فعائلتي بعلاقتها مع قابيل البستاني وهذا كان ثري لبناني صاحب شركة كات وكان يأخذ الطلبة المتفوقين ويدرسهم في الجامعة الأميركية هندسة وثم يتعينوا في شركاته..
أحمد منصور: يلحقهم بشركاته نعم.
أحمد جبريل: عرفت كيف أحضروا لي منحة في الجامعة الأميركية.
أحمد منصور: في بيروت.
أحمد جبريل: في بيروت وعائلتي بدأت تحضر لي ملابسي للذهاب إلى هناك لكن أنا سراً تقدمت إلى الفحوص الطبية للكلية العسكرية والجوية في سوريا عرفت كيف وهذه أسرتي وعائلتي لم تكن تعرف هذا الأمر بتاتا.
أحمد منصور: ولم تستعن بأحد؟
أحمد جبريل: ولم أستعين بأحد وأخفيت عليهم هذا الأمر.
أحمد منصور: ولم يساعدك أحد رغم أن هذه الكلية تحتاج إلى..
أحمد جبريل: لا أبد هذا الموضوع ونجحت في هذه الاختبارات وكان رئيس لجنة الفحص أمين الحافظ كان مقدم..
أحمد منصور: الرئيس السوري بعد ذلك.
(4/127)
أحمد جبريل: بعد ذلك الرئيس السوري واللجنة أعجبت في سواء من تقاريري الطبية أو ثقافتي التاريخية أو السياسية أو الجغرافية في هذا الأمر لكن كان عندي مشكلة.
أحمد منصور: ما هي؟
أحمد جبريل: المشكلة إنه إذا ذهبت إلى الكلية العسكرية في سوريا في حمص والدتي ستطلب من خالي صبري العسلي أنه يفصلني من هذه الكلية وأنا وحيده وغير مطلوب للجندية وبسهولة كان يمكن أن يتصل مع وزير الدفاع وإنهاء هذه المشكلة يعني كان هذا مؤرقني ومتعبني في هذا الموضوع ودُعِيت إلى أن التحق في هذه الكلية يعني وبالصدفة ذهبت مع صديق لي جاري إلى مستشفى المزة العسكري.
أحمد منصور: تذكره من؟
أحمد جبريل: بيت الدهان اسمه محمد خيري الدهان إلى المستشفى المزة العسكري حيث اللجنة الفاحصة هناك فشاهدني هناك أحد الضباط وهو المقدم جودت عدي وهو طبيب في اللجنة الفاحصة وهو كان موقعه مهم وأنا ما كنت اعرفه في السابق فشاهدني فقال لي ليش ما التحقت أنت، أنت مش شرطي أنت ناجح يعني بقيت ماضي وعليك أن تلتحق سكت قال لي عذبتنا شهرين فحوص طبية وثقافية وإلى أخره والآن متردد في الذهاب فصديقي يعرف قصتي فقال لي أحكي للمقدم عرفت كيف القصة فرويت له قصتي الشخصية ورغبتي.
أحمد منصور: معاناتك مع عائلتك وخوفك وكذا.
أحمد جبريل: مع عائلتي..
أحمد منصور: وإلى الآن لم تبح إلى عائلتك بشيء.
أحمد جبريل: ولم أبح لعائلتي بشيء بهذا الموضوع فصفى هيك قام قال لي طيب فيه هناك بعثة دراسية للكلية الحربية في مصر هذه البعثة العسكرية هي نتيجة اجتماعات القيادة المشتركة العربية أول دورة بعم تعملها الدول العربية مع بعضها وهناك من مصر والسعودية واليمن وإلى أخره وسوريا هل تذهب إلى هناك وهناك إذا ذهبت صبري العسلي ما راح يطولك لأنه ستكون أنت في القاهرة بعيد فقلت له أنا موافق فقال لي أنتظر..
أحمد منصور: لم تتردد.
”
(4/128)
تكتم أحمد جبريل على رغبته في الالتحاق بالسلك العسكري خشية أن يثنيه أهله عن ذلك ثم تمكن من الالتحاق ببعثة دراسية للكلية الحربية في مصر
”
أحمد جبريل: رأسا أعطيته الموافقة وانتظر.. قال لي أنتظر هنا فانتظرنا في حديقة المستشفى مدة ساعتين قال لي سأذهب لأقنع اللجنة لأنه عدد البعثة محدود وهناك واسطات..
أحمد منصور: هل كان يُشترَّط التحاقك بالجيش السوري قبل أن تدخل إلى هذه البعثة؟
أحمد جبريل: لا كلها يعني أشهر عشرين يوم يعني كل هالمواضيع يعني مرت هذه الأحداث في خلال مدة شهر بعد ساعتين رجع الدكتور عدي جودت عدي قال لي رتب أمورك وأصبحت أنت من عداد أفراد الدورة اللي ستسافر مصر..
أحمد منصور: البعثة العسكرية التي ستدرس في الكلية الحربية في مصر.
أحمد جبريل: وأنا كنت أخذت الجنسية يعني عائلتي أخذت الجنسية السورية.
أحمد منصور: السورية.
أحمد جبريل: في عام 1948 كان صبري العسلي..
أحمد منصور: على اعتبار أخوالك يعني.
أحمد جبريل: صبري العسلي كان وزير الداخلية وأخذنا هذه الجنسية يعني لم تكن لما دخلت كانوا يعرفونني إني فلسطيني بيعرفوني إني سوري لأنه معي الجنسية السورية في هذا الأمر، حقيقة كانت سعادتي كبيرة ذهبت إلى بيتي صرت أُهرِب ملابسي عند زميلي وذهبت إلى الأركان لعمل الإجراءات ومن ثم ذهب إلى مطار المزة كان مطار في المزة في دمشق هل أكتب رسالة إلى عائلتي وأسرتي أعتذر منهم وأقول لهم أن طموحي غير ما كنت تريدوا فقلت لا أتصل فيهم بالهاتف قبل أن أتحرك بنصف ساعة.
أحمد منصور: قبل أن تركب الطائرة إلى مصر؟
أحمد جبريل: قبل أن أركب الطائرة من المطار.
أحمد منصور: ولا يعلموا شيء؟
أحمد جبريل: ولا يعرفوا شيء.
أحمد منصور: ولم تخبر أحدا؟
أحمد جبريل: ولم أخبر أحد.
أحمد منصور: قرار داخلي منك أنت.
(4/129)
أحمد جبريل: إلا أنا وهذا زميلي اللي كان يعرف في هذا الموضوع فاتصلت في والدتي وقلت لها هل ترغبين في توديعي قالت لي وين أنت قالت لها أنا في مطار المزة قالت لي وين رايح قالت لها مسافر إلى مصر للالتحاق بالكلية بسرعة البرق أجت هي وإلي خال صغير وبدأت تبكي يعني لعلي إنه الله أغير رأيي فودعتها وركبت الطائرة وذهبت إلى مصر.
أحمد منصور: ربما أنت الوحيد من قادة الفصائل الفلسطينية الذي درست دراسة عسكرية وكنت ضابط عسكري وقررت يعني تناول القضية الفلسطينية من الباب العسكري لذلك ظللت لا تمارس العمل السياسي بالشكل الذي مارسه الآخرون ظللت بعيد عن الكاميرات ربما إلى العام 1978 لم يكن أحد يعرف من هو أحمد جبريل ولا شكله ولم يكن لك أي صور، في الفترة من 1956 إلى 1959 حيث تخرجت من الكلية الحربية في مصر تذكر أولا من اللي كانوا معك في الدفعة؟
أحمد جبريل: أولا كان مدير الكلية هو اللواء محمد فوزي اللي صار وزير الدفاع وكان كبير المعلمين جمال حماد معروف كان ضابط في هذه الأيام وأثناء دخولي للكلية بدأت أبحث مين فيه فلسطيني فتعرفت على مجموعة من الطلبة من قطاع غزة يدرسون لحساب فيه كان في غزة كتائب فلسطينية.
أحمد منصور: طبعا في ذلك الوقت غزة كانت تحت السلطة المصرية.
أحمد جبريل: السلطة المصرية وتعرفت على هؤلاء وبدأت أتحدث أنا وياهم على هذا الهم العام.
أحمد منصور: تذكر حد منهم؟
أحمد جبريل: زكي أبو حية، فخري شقورة، فايز جراد، بيت الصايغ، النونو.
[فاصل إعلاني]
محاولة الانضمام للمقاومة الجزائرية
أحمد منصور: تخرجت في العام 1959 إيه أهمية سنة 1959 في حياتك؟
(4/130)
أحمد جبريل: حقيقة أنا خططت أنا وأخوتي الجزائريين أنه أنا أذهب معهم لأقاتل في الجزائر وأنا كانت علاقتي وطيدة معهم وحتى في إجازاتي الأسبوعية نقضيها مرات في الحكومة المؤقتة في جادرن سيتي كان مركزها وننام حتى في هذا المركز وأنا تعلقت فيهم لأن أنا متعلق في الكفاح الجزائري اللي أنا ممكن أن يكون في المستقبل كفاح فلسطيني.
أحمد منصور: مفكرتش إن ممكن الكفاح الفلسطيني يبدأ بالتوازي..
أحمد جبريل: فقلت أنا.. أنا قلت إنه بدنا إحنا أخدنا في الأكاديميات العسكرية علوم عسكرية لكن بعيدة عن حرب الشعب لأن حرب الشعب لها مبادئ أخرى فأردت أن أضع نفسي وهذه أول تجربة لي لأختبر نفسي أنه أنا بدي أروح أقاتل في الثورة الجزائرية إذا استشهدت عرفت كيف فأنا أديت واجبي تجاه الله عرفت كيف مع هذه الثورة العادلة في الجزائر وإذا أنا ما استشهدت أعود وأنا معي تجربة حرب الشعب والتجربة الجزائرية لأكون قادر على هذا الموضوع وبعد التخرج ذهبت معهم إلى الإسكندرية..
أحمد منصور: بالفعل.
أحمد جبريل: وخلاص لبيت أغراضي وبالإسكندرية..
أحمد منصور: أبلغت أهلك؟
أحمد جبريل: بالإسكندرية قلت قبل ما نتحرك على ليبيا على طرابلس الغرب لتونس وخط مارشال بدهم يقطعوه..
أحمد منصور: من الصحراء.
أحمد جبريل: في الصحراء أردت أكتب رسالة لعائلتي أعتذر منهم أيضا عرفت كيف عن قدومي وأنا ذاهب إلى الثورة الجزائرية فأخدوني لعند قائد جزائري معروف كان جاي في إجازة إلى الإسكندرية.
أحمد منصور: ما هو؟
أحمد جبريل: اسمه عميروش.
أحمد منصور: أه معروف عميروش طبعا.
(4/131)
أحمد جبريل: عرفت كيف وقالوا له إنه هذا زميلنا وهذا بده يروح معنا يعني هم كتلة هالضباط اللي تخرجنا مع بعض أردوا أيضا كانوا متشجعين فبعت قال لهم جيبوه التقيت فيه قال لي تأكد لا يوجد إلا الجزائري في الثورة الجزائرية لا يوجد أي عربي أو أي مسلم وعندما نسمح لأي عربي أو مسلم ستكون أنت أول واحد نحن نأسف لعدم قبولك رغم أن إخوانك حكوا عنك كلام جيد ولكن لا نريد أن نخترق القوانين المتفقين عليها عرفت كيف وهناك بعض الأطباء العرب انتسبوا إلى الثورة الجزائرية ولكن وجدوا على الحدود التونسية على الحدود المغربية من شان مداواة ومعالجة الجرحى عندما كانوا أما لا يوجد في صلب المعارك في جبال الأوراس أي عربي أو أي مسلم.
أحمد منصور: هل صُدِمت بهذا؟
أحمد جبريل: طبعا صدمت أنا في هذا الموضوع وعدت إلى القاهرة لأنه تم يعني وُضِعت في اختصاص الهندسة ولم وضعت في اختصاص..
أحمد منصور: الهندسة العسكرية؟
أحمد جبريل: الهندسة العسكرية في حلمية الزيتون أنا حسب علاماتي في الكلية مؤهل أن أخذ اختصاصات أفضل بكثير من الهندسة كان سلاح المهندسين ليس سلاح مرغوب فيه لمخاطره وسلاح ثانوي دائما الضباط بيحبوا يروحوا إلى الدبابات المدرعات..
أحمد منصور: علشان يعملوا انقلابات.
أحمد جبريل: المدرعات المشاة المدفعية إلى أخره أنا نتيجة اللجنة التي أُحِلت إليها في السابق وُضِعت في اختصاص مهندسين إنه هذا أنه يعني..
أحمد منصور: عشان يأمنوا شرك مترجعش تعمل انقلاب ثاني يوم.
أحمد جبريل: عرفت كيف يعني إنه هذا الموضوع يعني سلاح ثانوي بينما أنا كنت في منتهى السعادة إنه أنا بدي أدخل علم المتفجرات والألغام وهذا ما يسعدني.
أحمد منصور: التي أتقنتها بعد ذلك؟
(4/132)
أحمد جبريل: الذي يعني هذا الموضوع اللي بده يفيدنا وحقيقة لما رحت إعادة اختصاص في اختصاصات الهندسة في أنواع المتفجرات الطرق الجسور إلى أخره يعني مطارات فكنت أركز دائما على موضوع الألغام والمتفجرات بشكل حتى أتقنتها الإتقان الكامل.
المرجعية الفكرية لجبريل
أحمد منصور: في العام 1959 أيضا رجعت إلى سوريا كضابط في الجيش السوري وسعيت لتشكيل جبهة التحرير الفلسطينية في ذلك العام ما الذي.. كيف كانت النواة الأولى للجبهة؟
أحمد جبريل: بس هو أثناء بعد أن تخرجت أنا درست اختصاص الهندسة وأنا ضابط في حلمية الزيتون وهناك صارت لي الفرصة للاحتكاك بفلسطينيين غزة وفي الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين وهذا الاتحاد كان اتحاد نشط وهو المؤسسة الوحيدة التي كان يعبر فيها الطلبة الفلسطينيين..
أحمد منصور: هذا كان قبلك كان فيه ياسر عرفات وغيره.
أحمد جبريل: كان قبل هؤلاء الذي احتكيت فيهم كان ياسر عرفات رئيس الاتحاد وأبو إياد فكان رئيس الاتحاد مجموعة من الشباب الفلسطينيين..
أحمد منصور: تذكر منهم أحد؟
أحمد جبريل: زهير الخطيب، شهاب الشريف، مازن أنصاري، لطف غنطوس، يعني مجموعة من الشباب فبدأت أحتك فيهم يوميا لأبشر في موضوع المرحلة القادمة مرحلة الكفاح المسلح والحرب الفدائية وحرب الشعب في هذا الموضوع وكانت جلسات كبيرة وطويلة في هذا الموضوع وأيضا هؤلاء الناس تجاوبوا ويمكن الآن هم يمكن يسمعوني تجابوا بهذا الاتجاه أيضا احتكيت مع بعض الشباب من غزة مثل الدكتور أسامة أبو شعبان ما أعرف إذا كان حي مع ضابط أقدم مني وهو موجود هناك كان في القاهرة اسمه فايز الترك وأصبحنا اجتماعاتنا شبه يومية كيف نعمل هو كيف يشتغل في غزة وأنا كيف أشتغل في سوريا وبقينا على تواصل مع بعضنا البعض.
أحمد منصور: ما هي المرجعية التي كانت تُحرِك عندك ما يسمى بحرب الشعب؟
(4/133)
أحمد جبريل: هو بالحقيقة يعني تستغرب أنا قرأت الكتب والثورات وأنا عمري 14 أو 15 سنة..
أحمد منصور: ما أهم الكتب والثورات التي قرأتها؟
أحمد جبريل: يعني مثلا عاصفة على السكر لجان بول سارتر هذا قرأتها أنا قبل أن يعني أذهب إلى الكلية عرفت كيف عن كوبا وفيدل كاسترو وإلى أخره لريجيس دوبريه الثورة داخل الثورة عرفت كيف، عن مناحم بيغن اسمه الثورة كتاب عنده بيحكي قصته، رسائل بن غوريون كنت أقرأ كتب القادة التاريخيين كفاحي لهتلر، إيدن، تشرشل، ديجول حد السيف كنت دائما هذا الموضوع..
أحمد منصور: هذه مدارس مختلفة كيف أنت شكلت..
أحمد جبريل: أما أنا كانت يعني اللي أثر في داخلي هي الثورة الجزائرية عرفت كيف وأيضا هزيمة الفرنساويين بديان بيان فو في فيتنام وإنه كيف هذا الشعب الفقير المسكين يهزم دولة عظمى كيف الشعب الجزائري شعب فقير ومعدم يهزم فرنسا اللي هي بينهم وبين الجزائر فترة..
أحمد منصور: كانت لا زالت المعركة قائمة؟
”
المرجعية الفكرية لأحمد جبريل تعتمد على القومية واعتقاد أن الشعب الفلسطيني في طليعة الأمة العربية لإنجاز مهمة التحرير
”
أحمد جبريل: قائمة وكان في عنفوانها هذه الثورة الجزائرية يعني هذه هي المؤثرات أنا كنت مقتنع أن هذه الجيوش لن تحرر فلسطين هذه الجيوش العربية.
أحمد منصور: ما هي الصورة من كل هذه الصور التي أملت أن تشكل من خلالها حرب الشعب الفلسطيني؟
أحمد جبريل: هو أولا أنا ملت إلى من هم أقرب لفهم الثورة المسلحة اللي هم الناس اللي ممكن أن يكونوا في الجيش لذلك احتكيت مع الطلبة احتكيت مع الضباط في الجيش حتى بعد ما عدت إلى سوريا كان احتكاكي الأساسي مع الدورات اللي سبقتنا من عام 1948 وهم كانوا أكبر مني سنا.
(4/134)
أحمد منصور: ما كنت تفكر فيه كان يفكر فيه تقريبا كثير من الطلبة الفلسطينيين في ذلك الوقت كثير من المثقفين الفلسطينيين لا سيما الشباب الذين رأوا فيما حدث من جيش الإنقاذ وغيره عدم وجود أي ثمار بالنسبة لهذا الموضوع هل وجدت تجاوب معين؟
أحمد جبريل: هو بالحقيقة النشاط الفلسطيني الواعي توجه إلى الأحزاب العربية في ذلك الوقت كان يعتبر هذا المنفذ اتجاه حزب التحرير الإخوان المسلمين الحزب الشيوعي حزب البعث يعني كانوا يعتبروا إنه هذه هي نافذتهم في العمل السياسي.
أحمد منصور: وما هي كانت مرجعيتك الفكرية؟
أحمد جبريل: أنا مرجعيتي الفكرية أنا كاتجاه قومي كنت وأنا من عائلة دينية محافظة في هذا الموضوع.
أحمد منصور: ألم تشكل من التيارات الموجودة ألا يوجد أي تيار جذبك ليُكوِن خلفيتك الفكرية أو الثقافية التي تنطلق منها من العمل المسلح الشعبي أو حرب التحرير الشعبية؟
أحمد جبريل: يعني أنا بحكي إنه خلفيتي أنا قومية إنه هذه الأمة العربية وإحنا الشعب الفلسطيني جزء من هذه الأمة ويجب أن نكون نحن طليعة هذه الأمة وكنت أعرف جيدا إنه إحنا كشعب فلسطيني لا يمكن أن نقوم بإنجاز مهمة التحرير..
أحمد منصور: كانت حركة القوميين العرب في ذلك الوقت متبلورة هل كان هناك انسجام أو اتصال أو توافق بينك وبينها في الأفكار؟
أحمد جبريل: لا أبدا كانت في ذلك الوقت حركة القوميين العرب متلهية في برامج الوحدة عرفت كيف إنه الوحدة كانوا يرونها هي الطريق للعودة.
حقيقة استغلال الأنظمة العربية للفلسطينيين
(4/135)
أحمد منصور: كان في ذلك الوقت أيضا كما ذكرت هناك أحزاب سياسية مختلفة ولكن أيضا كانت الدول العربية كل منها يستخدم الفلسطينيين بشكل ما كان هناك المغاوير في سوريا وسعوا لعمل انقلاب وأُعدِم منهم حتى الرئيس أمين الحافظ في شهادته على العصر معنا تحدث عن عملية إعدامهم، أيضا عبد الناصر في 1961 بأوامر شخصية منه عمل انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطينيين كعملية نفوذ أثناء قضية عملية فترة الوحدة بين مصر وسوريا، استخدمهم عبد الكريم قاسم في تصفية الأكراد استخدم الفلسطينيين في تصفية الأكراد، عبد الحميد السراج استخدمهم أيضا المغاوير استخدمهم أثناء الوحدة بين مصر وسوريا، كان هناك عملية استخدام للفلسطينيين هل تم السعي لاستخدامك أيضا من خلال المجموعات المختلفة التي شكلتها الأنظمة العربية؟
أحمد جبريل: ما في شك إنه كان هذه المرحلة مرحلة مخاض للوضع الفلسطيني يعني إحنا جيل طلعنا جيل الهزيمة كان عمري عشر سنوات مجرد ما أشتد ساعدي بدأنا نفكر في هذا كيف نعود إلى هذا الصراع يعني شفينا من ذيول الهزيمة تبع 1948 أيضا أنا بأعتقد كثير من الشباب الفلسطيني بدأ يفكر ولكن كان هناك الفلسطيني ممنوع عليه التحاور مع الفلسطيني الآخر يعني بأجيب لك أنا مثل أنا عائلتي وأهلي كلهم موجودين في الضفة الغربية وفي عمان وفي غزة لم استطع أن أزورهم منذ عام 1948 إلا بعد 15 - عشرين سنة لحتى تلاقينا إحنا وولاد عمنا مع بعضنا فكان أسهل على الفلسطيني يروح إلى أميركا يروح لأوروبا يروح الكويت على السعودية ولا يستطيع الفلسطيني في سوريا أن يذهب إلى لبنان أو الفلسطيني اللي في سوريا يذهب إلى الأردن كان فيه هناك مؤامرة سرية..
أحمد منصور: ممن؟
أحمد جبريل: منع الفلسطينيين أن يحتكوا مع بعض.
أحمد منصور: ممن؟
أحمد جبريل: من النظام الرسمي العربي بتأثيرات خارجية.
(4/136)
أحمد منصور: النظام الرسمي العربي ألَّف الكتيبة 68 في سوريا والكتيبة عشرين حرس حدود اللي كان عبد الناصر أسسها..
أحمد جبريل: أنا بحكي لك هذا الموضوع.
أحمد منصور: حرس الحدود الفلسطيني فوج التحرير الفلسطيني المغاوير الفدائيين وأصبحتم أنتم كفلسطينيين أدوات في أيدي الأنظمة العربية يتم تصفية حسابات الدول العربية بينها وبين بعض بكم أنتم الفلسطينيين.
أحمد جبريل: أولا كانت القضية الفلسطينية ولا زالت هي كما يقولون بيضة القبان بالنسبة للأنظمة الرسمية العربية لقدسية هذه القضية عند الشعب الفلسطيني وعند الأمة العربية وأي نظام عربي كان لا يستطيع أن يسير بدون أن يكون له وجهة نظر في القضية الفلسطينية يعني الرئيس عبد الناصر منذ لما في الـ1955 و1956 شكل وحدات الفدائيين في غزة والشهيد حافظ مصطفى حافظ وقام بأعمال هي تابعة للقوات المسلحة المصرية وهذه القوات كان لها دور كبير أيضا بسبب مردودها على الكيان الصهيوني وهذه أعمال سببت الإسرائيليين بقصف غزة وإيقاع خسائر وكانت من أحد الأسباب المباشرة لعدوان الـ1956 في هذا الموضوع أيضا في سوريا عندهم شكلوا كتيبة اسمها كتيبة 68 هذه اللي بتقول عنها المغاوير لتكون كتيبة استطلاع تدخل إلى الأرض المحتلة وتجمع معلومات في هذا الموضوع، عبد الكريم قاسم في سنة الـ1960 أنشأ جيش لتحرير فلسطين في هذا.. بهالشأن هذا، كانت قضية فلسطين قضية مركزية ولا تزال..
أحمد منصور: لكن قول لي باختصار شديد هل هذه الزعامات العربية كانت قضية فلسطين وتشكيل هذه المجموعات من أجل أنظمتها هي أم من أجل فلسطين؟
أحمد جبريل: لا أنا بتأكد هو كان ليش إحنا قمنا ليش إحنا وصلنا إلى القناعة للاعتماد على النفس كحركة مستقلة بعيدا عن النظام الرسمي العربي..
أحمد منصور: حينما سمعتم عبد الناصر في مارس 1959 يقول أنه ليس لديه أو لدى أي زعيم عربي خطة لتحرير فلسطين..
(4/137)
أحمد جبريل: هذا بالـ1961 في نهاية الـ1961.
أحمد منصور: في نهاية الـ1961 كان له تصريح آخر أيضا حول هذا الموضوع.
أحمد جبريل: في الـ1961 بعد الانفصال بين مصر وسوريا ألقى خطاب الرئيس عبد الناصر قال ليست لديه خطة لتحرير فلسطين وأي حاكم عربي يقول أنه لديه خطة لتحرير فلسطين فهو كاذب هذا الموضوع..
أحمد منصور: ده أثر ده عليك؟
أحمد جبريل: ماذا؟
أحمد منصور: ما أثر هذا عليك؟
أحمد جبريل: بالعكس هذا يعني ثبت حجتنا لأنه كان في السابق يعني يعتمدوا على عبد الناصر وعلى الأنظمة بعض الفلسطينيين إنه هدول هم سيكونوا طلائع لتحرير فلسطين وكان فيه هناك الهروب من تحمل المسؤولية ميزت المخاض تبعنا إحنا إنه إحنا لأول مرة نقول أن هذا الفلسطيني بده هو يتحمل مسؤولية قضيته رغم إن إحنا كنا نعرف إنه إحنا غير قادرين على إنجاز عملية التحرير بس كنا نقول يجب أن نكون رأس حربة إحنا في هذه المعركة نكون مثل البكتيريا الحية التي تحول هذا الحليب إلى لبن أو الخميرة تحوله إلى.. العجين إلى حالة أخرى، كنا نقول هذا الموضوع بعيدا عن النظام الرسمي العربي ونحن رفضنا أي علاقة مع أي نظام عربي رغم هناك محاولات تمت بعد الستينات يعني بعد 1963 فيه محاولة لاحتوائنا فكنا نرفض وسنأتي لبحثها..
بداية تشكيل الجبهة
أحمد منصور: لو أرجع أنا إلى 1959 وعملية التأسيس كيف شكلت النواة الأولى للجماعة؟
أحمد جبريل: هو بالحقيقة كان فيه حالة بيني وبين نفسي وحالة بيني وبين الآخرين.
أحمد منصور: ما الذي كان بينك وبين نفسك؟
أحمد جبريل: أولاً إنه هل أنا أستطيع أن أقوم بهذه المسؤولية؟
أحمد منصور: كم فترة استغرقت النقاش في هذا؟
أحمد جبريل: فأنا بدأت أضع نفسي تحت الاختبارات.
أحمد منصور: كيف؟
(4/138)
أحمد جبريل: يعني ذهابي إلى الكلية الحربية رغم الإغراءات المادية ووضع العائلة وإلى أخره ضربت به عرض الحائط اعتبرت أنا هذا وضعت نفسي تحت الاختبار ونجحت به، لما فكرت أن أذهب لأقاتل بالثورة الجزائرية أيضا وكنت جادد وكانت من الأيام الحزينة في الإسكندرية لما رُفِضت في هذا الموضوع يعني أنا كنت عم بأضع نفسي تحت عمليات اختبارية، لما تخرجت وعملت اختصاص وقعدت انتقلت إنوجدت على الجبهة الأمامية في مواجهة العدو الصهيوني في منطقة جسر بنات يعقوب العليقة عرفت كيف أيضا أنا حبيت أن أضع نفسي أمام اختبار عملي فكنت أمسك صنع هذه الألغام لكي لا يكتشف العدو منين هي إنصنعت أنه..
أحمد منصور: كنت بتصنعها بشكل يدوي؟
أحمد جبريل: بشكل يدوي بالنجار وكذا وإلى أخره عرفت كيف لكي إذا اُكتشِف هذا اللغم ما ينعرف إن هذا اللغم روسي أو تشيكي أو إلى أخره..
أحمد منصور: حتى لا يُنسَّب إلى أي جيش في المنطقة.
أحمد جبريل: لا ينسب لهالشيء وأنا كنت في أثناء العطلة آخد السائق تبعي عرفت كيف وآخده وآخد هذه الحقيبة ومعي لغم وبندقيتي واقترب من مناطق الحدود لمو لأني بدي أوقع خسائر كبيرة بالعدو بس بدي أنا أختبر نفسي هل أنا جاد حقيقة في التضحية وجاد في هذا الاتجاه اللي بدي أمشي فيه.
أحمد منصور: استغرقت هذه الفترة كام؟
أحمد جبريل: هذه أشهر وحصلت مشاكل لجنة الهدنة المشتركة السورية الإسرائيلية كانت موجودة اجتمعت مرات عديدة لتبحث إنه هذه الألغام اللي كانت تتفجر بالتراكتورات الإسرائيلية أو بآليات في المزارع مَن؟ عرفت كيف.
أحمد منصور: وحدك كنت تعمل؟
أحمد جبريل: أنا والسائق اللي معي عرفت كيف.
أحمد منصور: تذكره مَن السائق؟
(4/139)
أحمد جبريل: حتى أنا كنت معاون قائد سرية وقائد سريتي قائد السرية كان ضابط الآن توفى اسمه إسكندر سلامة فإيجه ضابط الاستطلاع في اللواء والأمن ليبحث أنه لجنة الهدنة وصار فيه تركيز إنه من وين ما فيه غير هالقاطع هذا اللي عم بيتم فيه هذه الألغام كل عشرين يوم كل شهر بيتم هذا الموضوع فضابط الأمن والاستطلاع هو من نفس مدينة القنيطرة وأخوه صديقي اسمه توفيق طبل لا يزال حي إيجه سألني قال لي يا أحمد أنت فيه شيء هيك سامع قلت له شوف إيه عملت إيه أنا لأني ما بدي أحكي له لأني بعرفه ضابط أمن واستطلاع في اللواء إيجه لعند إسكندر سلامة لأن هو يعمل دورة واحدة قال له يا أخي هيك فإيجه لإسكندر سلامة قال لي يا أحمد فيه شيء من هذا الموضوع قلت له أنا كنت بحبه يعني وبعرفه إنه والله يعني إنسان يعني عروبي ووطني وجرئ قلت له تقسم لي اليمين إنه ما بتتفوه بها أقسم لي اليمين قلت له نعم أنا عم بعملها بورشتنا تبع السرية تبع النجارين وعم بروح قال لي أنت ومين عم تروح مع سائق هذا.
أحمد منصور: أنا عايز أرجع يعني حتى لا أسهب في هذا ويمكن أن نتحدث ساعات طويلة فيه هذا بينك وبين نفسك كيف بدأت الخطوة الأولى ومَن أول شخص تحدثت معه؟
أحمد جبريل: مثل ما قلت لك أنا بدأت أتحدث عن ناس عسكريين ضباط.
أحمد منصور: كانوا معك فلسطينيين.
أحمد جبريل: فلسطينيين وبدأت في الدورة اللي أقدم منا تبع 1948 اللي علي بوشناق زوج أختي هو أحد أفراد هذه الدورة وكانوا خمسين ضابط في الجيش وكانوا برتب رواد يعني.
أحمد منصور: إيه الأفكار الأساسية اللي طرحتها عليهم؟
(4/140)
أحمد جبريل: فبدأت أطرح معهم انتقيت أول واحد اللي هو علي بوشناق بدأت أحكي له تاريخه وبعدين بدأت أقول له أنت شو يعني هلا أنت من أجل هذا هربت من مدرستك ورحت قاتلت في جيش الإنقاذ وبعدين أصبحت ضابط في الجيش السوري وتفكر في الرتبة وفي المسؤولية وتعيش ما عليك مسؤولية ما عليك كذا بدأت في عملية التحريض.
أحمد منصور: تجاوب معك؟
أحمد جبريل: فتجاوب معي ولكن كان يقول لي هذا الموضوع يا أحمد صعب جدا وهذا فيه مخاطر في البدء.
أحمد منصور: الرؤية كانت عندكوا إيه في هذه المرحلة؟
أحمد جبريل: هي الرؤية هي موضوع الكفاح المسلح تشكيل تنظيم سري مؤمن بالكفاح المسلح مؤمن بحرب الشعب هذا الأساس في هذا الموضوع لحتى وصل أقنعته كان عندي رفاق في القنيطرة.
أحمد منصور: مَن هم؟
أحمد جبريل: سوريين مثلا واحد اسمه يوسف طبل عرفت كيف عدنان داغستاني هدول كنا إحنا في أثناء القنيطرة مشكلين شكلنا نادي رياضي أنا كنت رياضي بلعب (Football) نادي الصاعقة لكن كان في مناقبية معينة لهذا النادي إنه ممنوع التدخين ممنوع المشروبات دخول السينما الأفلام التافهة نصرة الضعيف إلى أخره كان فيه..
أحمد منصور: أخلاقيات أساسية للإنسان ترتقي بالإنسان.
أحمد جبريل: أخلاقيات للإنسان عرفت كيف، نروح نزور مقبرة الشهداء مهجورة ننظفها عرفت كيف ونضبط أمورها وكتبنا أسماءنا على المجهول فيه بعض الشهداء مكتوب عليهم يافطة مجهول بالنحاس كتبنا أسماءنا، عندي صور إحنا ثلاثتنا واقفين جنب الشهداء نقول نقسم لهم إننا سنتابع طريقهم ودربهم يعني..
أحمد منصور: كل هذا في 1959.
أحمد جبريل: لا هذا قبل لما كنا بـ15- 16 سنة فهدول مجموعة من الشباب أبقينا على اتصال..
أحمد منصور: هم دول اللي أنت تحدثت معهم بعد..
أحمد جبريل: أبقينا على اتصال مع بعضنا البعض عرفت كيف فرغم إن هم سوريين عرفت كيف..
أحمد منصور: ما هي النواة الأولى إذاً لجبهة التحرير الفلسطينية؟
(4/141)
أحمد جبريل: يعني علي بوشناق عرفت كيف يوسف طبل عدنان داغستاني عرفت كيف يعني هدول اللي بدأت أنا من أصدقائي ومن الضباط ثم من الضباط عثمان حدادي اللي استلم قائد جيش التحرير الفلسطيني عرفت كيف ثم انتقلنا وسعنا الدائرة بحيث اتجاه فضل شرورو عرفت كيف أخوه الشهيد عبد اللطيف شرورو عرفت كيف بعدين أنا انتقلت إلى مدرب في مدرسة الهندسة العسكرية وجوني طلبة فلسطينيين ضباط رياض سعيد، سيف الدين مسكر، محمود السلطي.
أحمد منصور: كيف كنتم تختاروا العضو وتنتقوه؟
أحمد جبريل: هذا ما هو شوف هأحكي لك يعني هذا هو كان سر نجاحنا في هذا الموضوع لأنه كان فيه عندنا هاجس أمني خطير للغاية كان عبد الحميد السراج وأجهزة قمعية خطيرة عرفت كيف ومن الصعب إنه تقنع السراج..
أحمد منصور: وأنتم عسكريين في الجيش.
أحمد جبريل: بأقول لك لتقنعه إنه والله أنا عم بعمل لفكرة معينة ظاهرة هو يفتش عن الانقلابات وعن هالمواضيع وبعدين ما في عمل سياسة إلا من خلال الوحدة هذه هالموضوع فكان ظروفنا الأمنية في منتهى الصعوبة مو سهل كنا نسرق من مستودعات الجيش الأسلحة والمتفجرات..
أحمد منصور: السوري.
أحمد جبريل: والألغام ونخزنها كيف لنعمل التدريب عرفت كيف، وضعنا المناهج التدريبية المراجع هذه مراجع لحرب العصابات مو مراجع جيش نظامي عرفت كيف.
أحمد منصور: الأمر مختلف تماما بين الاثنين.
أحمد جبريل: أنظمة مختلفة تماما ما تركنا مرجع من المراجع لحروب سابقتنا في حروب شعب إلا قعدنا ودرسنا..
أحمد منصور: تفتكر إيه أهم المراجع اللي كانت مرتكزة؟
(4/142)
أحمد جبريل: يعني هو مثلا محارب فيتنامي في كتاب مذكرات محارب فيتنامي أثناء الحرب ضد فرنسا فيه شغلات يعني كثيرة في هذا الموضوع، الحرب في كوريا في الهند الصينية عاصفة على السكر بيحكي مناحم بيغن عدونا هذا عنده كتاب اسمه الثورة بيحكي كمان على كيف عمليات التنظيم والعمليات العسكرية اللي قاموا فيها يعني ما تركنا لا أعداءنا لا أصدقاءنا..
أحمد منصور: حددتم خطة استراتيجية عسكرية للعمل؟
أحمد جبريل: حددنا إنه أولا إنشاء هذا التنظيم..
أحمد منصور: متى اخترتم الاسم؟
أحمد جبريل: جبهة التحرير الفلسطينية.
أحمد منصور: متى اخترتم الاسم؟
أحمد جبريل: هذا في 1959 نهاية 1959 تيمنا بجبهة التحرير الجزائرية.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من هنا كيف بشرت بالفكرة وكيف أسست الجبهة في العام 1959 أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/143)
الحلقة2(4/144)
الاثنين 22/2/1425هـ الموافق 12/4/2004م(آخر تحديث) الساعة 10:59(مكة المكرمة), 7:59(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
04/04/2004
- تشكيل جبهة التحرير
- مرجعية النواة الأولى لجبهة التحرير
- اهتمام الجبهة بالجوانب العسكرية أكثر من الإعلامية
- تسريح ضباط الجيش السوري
- مرحلة جديدة بعد الخروج من الجيش السوري
- لقاء الحركات التحررية
تشكيل جبهة التحرير
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيكم.
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند مرحلة هامة وهي تخرُجك من الكلية الحربية في مصر عام 1959 وتخصصك في سلاح الهندسة العسكرية وكيف أنك كنت ترغب في الذهاب للقتال في الجزائر ولكن الجزائريين قالوا لك إذا أعطينا الفرصة لغير الجزائريين فستكون أول من سيُمنَّح هذه الفرصة، في العام 1959 أيضا رجعت إلى سوريا كضابط في الجيش السوري وسعيت لتشكيل جبهة التحرير الفلسطينية في ذلك العام قل لي كيف كنتم تختاروا في ظل وضع أمني متصل بعبد الناصر رجل استخبارات قوي هو عبد الحميد السراج أثناء فترة الوحدة بين مصر وسوريا عملية قمع وأنتم عسكريين يعني العقاب عليكم عقاب مضاعف ومحاكمات عسكرية ولن يتم التفهم أو النظر لأي مبررات يمكن أن تقدموها؟
أحمد جبريل: أولا كنا نضع هذا الإنسان على المقاييس الأخلاقية بصراحة.
أحمد منصور: قل لي ما هي المقاييس التي وضعتم عليها الأعضاء؟
(4/145)
أحمد جبريل: يعني مثلا كان عندنا نوع من المقاييس بالأول الأخلاقية لهذا الإنسان صدقه في التعامل قبل ما نفتح معه أي موضوع تلاقينا حطناه تحت الاختبار هل صادق رجل شجاع صاحب كلمة شخصيته متوازنة؟
أحمد منصور: كيف عملية بقى التربية التدريب؟
أحمد جبريل: بعدها يبتدئ عملية المفاتحة معه يعني مثلا أنا انتقلت لمدرسة الهندسة العسكرية مدرب قائد دورة عارف كيف فيه فلسطينيين يأتوا يخدموا في الجيش كطلاب ضباط عارف كيف دورات ضباط صف في هذا الموضوع، أن مدرب وكنت طبعا أنا ما بأفصل حياتي في الجيش كنت عن الحياة اللي هي أنا بفكر فيها في المستقبل كنت في منتهى الجدية في الجيش تفاني في عملي صفات معينة مغايرة عما كان موجود في الضابط الضابط بيروح إجازته، نقعد في الثكنة ندرس المحو عن الأمية الرياضة يعني أشغل هذه الوحدة والوحدات اللي أنا استلمتها كانت من الوحدات المتميزة فيما بعد في الجيش يعني في هذا الموضوع فكنت أنا مشاهد هالطلبة قدامي اللي عم أدرس لهم عارف كيف عم بقدر أعرف صفاتهم فيه منهم فتحت معهم الموضوع فيه منهم ما فتحت معهم الموضوع وتفتح معهم بشكل مستقل كل واحد لحالة، اسألوا أنا كنت فلسطيني طيب ما رأيك كيف تحرير فلسطين بيتم؟ أقعد معه في عملية جدل لقاءين ثلاثة أربعة أشوفوا كيف بيفكر في هذا الموضوع هل غير مبالي لا فيه عنده قواعد ممكن أنا أكبرها وأفتحها في هذا الموضوع ومن يتحدث معهم قائده مدربه اللي شايفه هو مثال الضابط اللي من السهل.. ما من السهل وجود أقران مثل حكايته.
أحمد منصور: قل لي بصدق وصراحة نسبة التجاوب والتفكير في فلسطين في ذلك الوقت والبحث عن حل كانت نسبتها إيه لدى الطلبة العسكريين الفلسطينيين؟
(4/146)
أحمد جبريل: هي نسبة كانت قليلة أولا كانت الخوف من أجهزة الأمن وسطوة عبد الحميد السراج هذا كان مرعب الناس يعني وخاصة الضباط الفلسطينيين اللي سبقونا اللي فتحت معهم هذا الموضوع هدول سُجِنوا كلهم أغلبهم في سجون المزة وعُذِبوا تعذيب شديد للغاية يعني تعذيب غير إنساني عارف كيف يعني وسبب لهم.. لبعض منهم عاهات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من التعذيب؟
أحمد جبريل [متابعاً]: من التعذيب في هالشيء.
أحمد منصور: بسبب؟
أحمد جبريل: إنه لا أنتم يمكن شيوعيين أنتم محسوبين على عفيف البزرة أنتم كنتم تعلموا انقلاب أنتم كذا فلذلك لما كنت أنا أفاتحهم يعني فتحت هذا الموضوع مع كذا واحد اللي توفقنا فيهم معدودين وبعض الأنصار معدودة أما أنا فاتحت على الأقل ثلاثين ضابط من هؤلاء الضباط.
أحمد منصور: كام واحد فيهم تجاوبوا معك؟
أحمد جبريل: ستة اللي تجابوا معنا.
أحمد منصور: من الثلاثين؟
أحمد جبريل: من الثلاثين واحد وهدول خيرتهم عارف كيف يخافوا من التضحية إنه والله شو بده يصير فينا من البهدلة.
أحمد منصور: هل بيئتك كعسكري هي التي جعلتك تختار من بين الضباط أم لقناعتك بأن العمل في البداية أو فكرة التنظيم لديك بحاجة إلى نواة عسكرية تفكر بتلك العقلية؟
(4/147)
أحمد جبريل: تماما أنه أنت فيه ماشي باتجاه استراتيجية حرب الشعب فهذا العسكري يمكن أن يكون أسهل عليك لعملية تكوين النوايات الأولى مش معنى هذا إحنا تركنا الجانب المدني بدليل رأساً بدأنا نعمل في الجانب المدني على طلبة الجامعة والطلبة الثانويين وأنشأنا نوايات هالموضوع يعني كان يخلص دوامي أنا الساعة ثلاثة أشلح بدلة العسكرية على المخيمات وكانت مخيمات في سوريا وفي دمشق مخيمات بؤس كلها طين وأوساخ أسهر طول الليل وتنقطع في المواصلات أضطر أمشي من المخيم إلى بيتي اللي في نصف دمشق ماشي على أقدامي والساعة ستة صباحا بدي أطلع على الثكنة تبعي وهذا فننتقل بعدين بهذا العنصر إلى مرحلة اسمها مرحلة التمهيد هذا التمهيد بياخد مبادئ وتوعيه سياسية بالأول.
مرجعية النواة الأولى لجبهة التحرير
أحمد منصور: أنا عايز هنا المرجعية أبو جهاد المرجعية يعني كان فيه مرجعية بعثية مرجعية إخوان مسلمين مرجعية قومية مرجعيتكم كانت إيه؟
أحمد جبريل: هو الاتجاه القومي اللي مُغلَّف في القضية الدينية.
أحمد منصور: لأن يعني كما قال طلال ناجي الأمين العام المساعد لك في الجبهة في كتابه في الخيمة الأخرى إن بعد ذلك الفكر الماركسي بعد سنوات ربما..
أحمد جبريل: مضبوط بعد سنوات.
أحمد منصور: أه هو.. رغم أنكم جميعا من خلفيات متدينة ومعظمكم متدينون وكثير منكم يعني ربما يصلون وكذا ولكن قال إن الرفيق أحمد جبريل لم يرفض الفكر الماركسي ولكنه كان غير راض عن أن هذا يكون توجه الجبهة في الفترة ديه كان الفكر إيه؟ أنا في النواة الأولى.
”
جبهة التحرير الفلسطينية ينضم إليها من يؤمن بالكفاح المسلح ويؤمن بحرب الشعب
”
أحمد جبريل: شوف أولا إحنا اسمنا جبهة التحرير الفلسطينية هذه الجبهة مَن مؤمن بالكفاح المسلح ومَن مؤمن بحرب الشعب أهلا وسهلا فيه بغض النظر عن منابته، هل..
أحمد منصور: يعني لم تكونوا تهتموا بأن الشخص لابد أن يكون بعثي أو إسلامي؟
(4/148)
أحمد جبريل: لا بعدين لما يدخل هذه الجبهة ممنوع منعا بات أن يكون له علاقة تنظيمية بالخلفية..
أحمد منصور: الأحزاب الأخرى.
أحمد جبريل: السياسية اللي كان فيها وإلا كان هذا..
أحمد منصور: ولكنه ما هو الغطاء السياسي الذي تعطيه له؟
أحمد جبريل: إحنا مثل ما حكينا إنه هذا الصراع القومي اللي بيننا وبين هذا العدو الصهيوني وأيضا خلفيته الإسلامية وهذا بقينا سنوات متعددة فيه.
أحمد منصور: يعني بقية الأيديولوجية الإسلامية كمرجع بعيد في فكر الجبهة؟
”
خالد الأمين أول شهيد للجبهة الشعبية في القيادة العامة وقائد جناح الإعداد البدني
”
أحمد جبريل: إنه لا ما هو إحنا من.. يعني أنا بدي أقول لك من البداية يعني خد أول شهيد للجبهة الشعبية في القيادة العامة خالد الأمين هذا كان إنسان شيخ وقائد جناح الإعداد البدني.
أحمد منصور: يعني أنت لما تقول له أنت هتموت هتموت في سبيل إيه وهتروح فين بعد الموت؟
أحمد جبريل: قضية فلسطين أو قضية ظلم الشعب الفلسطيني يعني هذا الموضوع ما كان فيه صعوبة يتفهم هذا الفلسطينيين بدك تحمل سلاحك تقاتل مثل ما هو أيضا العربي اللي إيجه من شمال إفريقيا ومن مصر يقاتل في فلسطين هلا إجوا من هالمصريين من عندكم يقاتلوا في فلسطين شو الخلفية تبعهم؟ خلفية إنه هذه قضية حق قضية عدالة أرض الإسراء والمعراج إحنا رايحين أولى القبلتين لازم رايحين بدنا نحررها من الدنس الصهيوني هذا الموضوع ما كان يحتاج إلى إطار يعني إحنا مش حزب لنقول والله هذا إطار محدد إلينا فكريا..
أحمد منصور:ولكن جبهة كنتم.
(4/149)
أحمد جبريل: جبهة عليك إنه أنت مؤمن بالكفاح المسلح مؤمن بحرب الشعب ما إليك عاد أي اتصال لذلك بعض الناس اللي نظمناهم يعني هذا مثلا محمود السلطي كان فيه صالح كاتب هالشيء هذا كله منظم إنه أنت بدك تقطع علاقتك بحزب البعث زهير الخطيب عارف كيف وهشام الشريف كانوا بعثيين هدول باتحاد الطلاب إنه خلاص هذا الموضع بدك تقطعه ما عاد أنت هالشيء فقط ما إيجانا شيوعيين أما إيجانا من قوميين إيجانا من بعثيين جانا من إخوان مسلمين من تحرير إسلامي جانا في هذا الموضوع يعني حتى لما بدأنا موضوع إرسال الدوريات للأرض المحتلة أنا حبيت إنه حقيقة اقنع هالإخوان والشباب بالشرعية الإسلامية في هذا الموضوع بدأت..
أحمد منصور: كخلفية ومنطلق يعني؟
أحمد جبريل: عم بأقول لك بدأت أفتش عن شيوخ لآخد منهم فتوى.
أحمد منصور: كانوا متخوفين الشيوخ يعني؟
أحمد جبريل: كانوا.. وشيوخ السلطة والسلطان في هذا الموضوع إنه شو يا ابني هذا وين أنتم ماشيين فيه دولة فيه نظام فيه إلى أخره فيه بعض منهم المتمكن إسلاميا قبل ما تشكل الخلافة الإسلامية والإمارة الإسلامية أنت دمك بيروح، هذا الوحيد الشيخ خطاب رحت فيه مع أبو الأمين هذا اللي استشهد قعدت حكيت أربع ساعات قال لي يا ابني مادام هذا الإنسان رايح يقول من أجل إعلاء كلمه الله عارف كيف وحافظ الشهادة فهو شهيد.
اهتمام الجبهة بالجوانب العسكرية أكثر من الإعلامية
(4/150)
أحمد منصور: أنا عانيت كثيرا في المعلومات بالنسبة للجبهة، الجبهة للأسف إنتوا اهتميتوا بالجوانب العسكرية وبالتدريب العسكري ونسيتم إلى حد ما غيركم جنى الثمار الإعلامية والسياسية حتى لكثير من أعمالكم وبالتالي عانيت كثيرا في المعلومات والجلسات المطولة التي عقدتها معك في التحضير وبعض الأدبيات التي أخذتها ولكن بحثت في المصادر الأخرى كثيرا ربما كتاب الدكتور طلال نجم هو المرجع الوحيد بالنسبة لكم مع المجلات طبعا والإصدارات الأخرى ولكن هو في كتابه صفحة 46 يقول أنه قُبِض على مجموعة من شبابكم في شهر أغسطس آب 1962 وكان الحاكم العسكري في سوريا آنذاك مطيع السمان وكان هناك ضابط يبحثون عنه هو مسؤول هذه المجموعة، ذهبت أنت إلى مطيع السمان واعترفت له بأنك أنت الضابط المسؤول عن هؤلاء الشباب ما هي القصة؟
أحمد جبريل: هذا مطيع السمان العميد كان هو الحاكم العرفي العام في سوريا بعد الانفصال مباشرة وكان هناك صراع في سوريا والقوى الناصرية تقوم بأعمال تفجيرات في دمشق وفي حلب وإلى أخره ضد الانفصاليين هذه هي كانت الحركة وأجهزة الأمن كانت تلاحق هؤلاء الناس الذين يقومون بأعمال التفجيرات في سوريا، أُلقِي القبض على مجموعة بحدود 15 أو عشرين عنصر من رفاقي وأيضا قُبِض على بعض الأسلحة والمتفجرات واعتقدوا أجهزة الأمن أنهم مسكوا شيء ثمين معنى ذلك هؤلاء هم الذين يقومون بأعمال التخريب بأمر من المخابرات المصرية أو من عبد الناصر في هذا الموضوع وبدؤوا يحققوا معهم وقسوا عليهم في..
أحمد منصور: التعذيب.
أحمد جبريل: أعمال التعذيب في هذا الشأن من هذه المجموعات فيه شخصين بيعرفوني أنا شخصيا اللي هو فضل شرورو ورياض سعيد وأخفوا هذه العلاقة، كانوا يقولون أن فيه واحد اسمه سعيد كان اسمي أنا المستعار سعيد في هذا الموضوع، بعض هؤلاء الشباب ما بيعرفني إنهم غير.. يقولوا يمكن يكون بالجيش لأن كنا نشوف علامة على جبينه من..
(4/151)
أحمد منصور: الباريه العسكري.
أحمد جبريل: الباريه العسكري يعني نشوفها معلمة تعرف لما تظل لبسها إيه اللي بيصير علامة فبدأت أشعر أنا لابد أن أتحرك لأنقذ هؤلاء الناس من التعذيب إنه إحنا مش هذا هدفنا ما هدفنا إحنا الدخول في قضايا الصراعات الداخلية في سوريا.
أحمد منصور: كان حجم تنظيمكم إيه وقتها؟
أحمد جبريل: حجم تنظيمنا كان بالعشرات يعني أو بالمئات كنا موجودين لكن هذه المجموعة إنمسكت..
أحمد منصور: كانت تتدرب وسط سوق دمشق.
أحمد جبريل: حول دمشق.
أحمد منصور: لأن هنا أنا رجعت لمطيع السمان في وطن وعسكر وتحدث عن هذه الحادثة في صفحة 174 من كتابه، اتفضل.
أحمد جبريل: فاتخذت قراري ما راجعت حتى بعض الأخوة اللي عندي شعرت أنه بدي أضع نفسي كمان تحت هالاختبار هل أنا باستطيع أقود هالناس بشجاعة وبرجولة ولا..
أحمد منصور: كانت مغامرة محسوبة منك؟
أحمد جبريل: ما بقول محسوبة لا..
أحمد منصور: لم تكن محسوبة.
أحمد جبريل: لأنه بدليل اللي حصل لبست لباسي العسكري كنت ملازم أول عارف كيف وطلعت على السرايا اللي فيها الحاكم العرفي العام لسوريا مطيع السمان اللي هو كاتب هذا قريته أنا مكتوب مطلوب إلقاء القبض على أحمد جبريل العنوان هو، رحت عند مدير مكتبه قلت له أنا اسمي فلان الفلاني بدي أشوف العميد مطيع السمان قالي شو فيه ومعي حقيبة صغيرة فيها أدواتي لأني أنا..
أحمد منصور: جاهز للاعتقال.
أحمد جبريل: على السجن عارف كيف قلت له مو الموضوع شخصي فيه موضوع أمني وقتها ما دري إن فيه موضوع أمني راح على غرفة العميد وقال له فيه ضابط بيقول هيك قالوا فوته تعرف عايشين على أعصابهم انقلابات..
أحمد منصور: وتفجيرات.
(4/152)
أحمد جبريل: وتفجيرات، فتت رحب في وقالي أتفضل قلت له أنتم قبل فترة اعتقلتم مجموعة من الفلسطينيين في المكان الفلاني والمكان الفلاني قال لي صحيح ومسكتوا معهم أسلحة ومتفجرات قال صح قلت لهم.. قال لي منين تعرف أنت ضابط أنت قلت له بس أنا تابعلك سيدي العميد بهالموضوع في التحقيق وصلتوا إلى واحد اسمه سعيد ما عرفتوه قال مضبوط قلت له سعيد اللي عم بتدوروا عليه هو أنا، هو قاعد ورا طاولته وقف من ورا طاولته وإجي لعندي قال لي أنت سعيد قلت له نعم أنا سعيد قال لي يا ابني أنت ضابط بالقوات المسلحة ما قريت في أنظمة الخدمة العسكرية ممنوع الضابط أن يقوم بأي عمل سياسي أو عمل كذا وإلى أخره قلت له ما بأعرف هذا الكلام قال ما بتعرف أنت منين هدول المتفجرات قلت له هدول من مستودعات الجيش.
أحمد منصور: كمان.
”
أحمد جبريل دخل إلى الجيش ليأخذ خبرة في المجال العسكري لا من أجل الرتب وليساهم في الحرب مع الشعب الفلسطيني
”
أحمد جبريل: قال لي من المستودعات أنت بتعرف يعني شو معنى هذا ارجع إلى قانون الخدمة هدول فيهم محكمة عسكرية وعشر سنين سجن وطرد من الجيش قلت له بعرف هذا الشيء اتفضل بس احكي معك وبدأت أحكي معه على القضية الفلسطينية وشرحت له هويتنا إحنا لا نثق فيك أنكم قادرين ولا أيضا نثق في عبد الناصر ولا في كل الأنظمة أنها جادة من أجل تحرير فلسطين، أنا دخلت الجيش مو عشان الرتب مو عشان مراكز اجتماعية أنا دخلت الجيش عشان اخد خبرة في المجال العسكري لأن نبشر في حرب الشعب والشعب الفلسطيني يتحمل مسؤوليته وبيكفي هذا الشعب عم بتتقاذفوه مثل الكرة كل واحد قاعد لغايات معينة وهي بعيدة كل البعد عن فلسطين.
أحمد منصور: بهذه الجرأة تكلمت معه؟
(4/153)
أحمد جبريل: رأسا إيجه على التليفون ونادى الشُعب الرئيسية في الأركان خلال نصف ساعة كان إيجوا، بقينا من ساعة ثمانية إلى الساعة الواحدة صباحا وأنا أتناقش معهم بالنهاية يمكن رب العالمين وفقني صاروا يتفرجوا ببعض قلت لهم إنتوا تبع الانفصال جاهزين لتحرير فلسطين؟ هل كان فيه خطة لتحرير فلسطين؟ هايدا الرئيس عبد الناصر بيقول أنا ما عندي خطة لتحرير فلسطين ولا حاكم بيقول.. إحنا كفلسطينيين قالوا لي أنت سوري قلت لهم أنا آخِد الجنسية السورية بس أنا فلسطيني في هذا الموضوع في هالشأن هذا فقالوا لي طيب انتظر في الخارج عند مدير المكتب بعد ساعة ساعة ونصف بعتوا وري معي حقيبتي أنا اللي فيها أدوات السجن قالوا لي بكرة بتروح على الثكنة تبعك وبنبلغك شو بنعمل، أخدوا قرار في عقوبة 45 يوم سجن ولكن ما أحالوني على المحكمة العسكرية يعني اكتفوا في عقوبة اللي هو بيعملها رئيس الأركان.
أحمد منصور: لكن مطيع السمان بينكر إنهم..
أحمد جبريل: لا عم بيقول هو عاقبني قال عشرين يوم يعني ولفلف القصة لا هذه هي الحقيقة بهالشكل هذا..
أحمد منصور: إنه تفاهم وتفاعل معك ويعني تعاطف مع قضيتك وتفهمها في الوقت اللي هي لو نظر لها نظرة عسكرية بحتة تُحاكَّم محاكمة عسكرية وتطرد من الجيش.
”
الكتيبة 68 كتيبة استطلاع شكلها السراج وعبد الناصر في سوريا وقائدها أكرم صفدي
”
(4/154)
أحمد جبريل: مو بس هو وقادة الشعب الأركان أما لو أرادوا أن يتعاملوا في هذه القضية من حيث القانون العسكري وإلى أخره لا هم حقيقة وجدوا.. كانوا محتارين بعد 45 يوم بعتوا وراي نامق كمال رئيس الأركان وخليل موصلي شؤون الضباط قالوا يا - نامق كمال - يا أحمد طيب أنت بتقول هيك هذا فيه عندنا الكتيبة 68 هاي اللي شكلها السراج وعبد الناصر في سوريا وكان قائدها أكرم صفدي عارف كيف هاي كتيبة استطلاع طيب شو رأيك هالمشاعر اللي عندك إنسلمك كتيبة الاستطلاع 68 قلت له يا سيدي هذه الكتيبة لها أفق في الأوامر مين أفقها إنتوا أنا لا أريد أنا أكون بهذا الموضوع.
أحمد منصور: رغم أنك ضابط في الجيش السوري.
أحمد جبريل: قلته له لا بكل صراحة جاوبته أنا لا يمكن أقبل بهذا الموضوع احتاروا هم ماذا يفعلوا يحولوني على محكمة طيب شو ترأُس تنظيم فلسطيني وطلعت العقوبة 45 يوم بسبب إنشائه ترأسه تنظيم فلسطيني موجودة العقوبة هالشيء لذلك بعد ثمانية آذار من أولى القرارات اللي اتخذها لؤي الأتاسي اللي استلم بعدين رئيس أركان ثم رئيس دولة إلغاء هذه العقوبة الـ45 يوم وشلها من سجلي بعدها انتقلت إلى قَطّنة إلى المدرسة الهندسية العسكرية واستلمت قائد دورة ضباط لتخريج ضباط.
أحمد منصور: فرصة تجند ناس، فرصة للتجنيد.
تسريح ضباط الجيش السوري
أحمد جبريل: طبعا وين مكان كنت أنا يعني أتابع هذا الموضوع، سُرِح وقتها من الجيش ضباط كثيرين..
أحمد منصور: طبعا لم يكن لدى الانقلابيين سوى تسريح من قبلهم.
أحمد جبريل: يعني آلاف من الضباط.
أحمد منصور: أكثر من ألفين وخمسمائة ضابط سوري سُرِح.
أحمد جبريل: أنا عم بقول لك آلاف من الضباط.
أحمد منصور: خيرة ضباط الجيش السوري.
(4/155)
أحمد جبريل: كثير من زمائلي يعني زملائي في مدرسة الهندسة العسكرية سرحوا من الجيش فصرنا نقول يا إخوان طب إحنا كيف عندنا دورات ضباط ضباط صف ضباط مرشحين طيب كيف بدنا نقدر نقوم بتدريبهم وهذا خلال فترة معينة بده يتخرج وهاي مسؤولية أخلاقية علينا؟ الضابط بده يروح لوحدة وهو فاضي ما في شيء من العلوم العسكرية فأرسلوا لنا بعد ثمانية آذار عارف كيف بعد ما مسك البعث يعني مجموعة من الأساتذة اللي كانوا عاملين خدمة علم على أساس ورفعوهم ضباط وجونا على المدرسة، فمسكنا إحنا هالضباط هدول اللي جابوهم أساتذة المدرسة هذا ما فيه شيء عنده هذا كيف بده الإناء ينضح ما فيه هذا ما فيه عنده علم عسكري، مسكت قائد المدرسة مقدم زبير غزال قلت له ما رأيك هؤلاء العشرة 12 ضابط نعمل لهم دورة سريعة تأهيلية وإحنا مستعدين أنا واحد من الناس ما أروح على بيتي ولا على منزلي عارف كيف ونظلنا نعطيهم لحتى نعطيهم من العلم ليستطيعوا يروح يعطي محاضرة أو درس يكون فاهم هذا الموضوع..
أحمد منصور: أنا لا أستطيع أبو جهاد لا أستطيع الدخول في التفصيلات الدقيقة هذه وأنها يعني علاقتها بسيطة بالموضوع الرئيسي بتاعنا أنا أريد أبقى في إطار الموضوع الفلسطيني.
أحمد جبريل: هم بدي دقيقتين بس أذهب يعني هنا فما تم التجاوب من هؤلاء الضباط اللي هم كانوا أساتذة المدرسة إيجه اللواء أمين الحافظ ومحمد عمران وصلاح شديد وجمعوا الضباط في قطنة بحدود مائتين ضابط وأنا منهم وقائد المدرسة وضباطها وكان عاملين 18 تموز والاعدامات والحركة الانقلابية اللي حصلت وعادمين 15 واحد من الفلسطينيين..
أحمد منصور: من المغاوير.
أحمد جبريل: من الكتيبة 68..
أحمد منصور: وصفهم أمين الحافظ في شهادته قال كانوا رجال.
(4/156)
أحمد جبريل: رجال هم رجال لأنهم كلهم كانوا يدخلوا الأرض المحتلة استطلاعات وإلى أخره وإحنا جندنا منهم بعض الناس في داخل تنظيمنا كإدلاء في الداخل فبدأ يتحدث أمين الحافظ عن ثمانية آذار وثورة البعث وإلى أخره حديث طويل فسأل مين إليه سؤال؟ بهذا الجو الرهيب ما حدا..
أحمد منصور: طبعا اللي يفتح فمه هيتعلق.
أحمد جبريل: رفعت إيدي أم قائد المدرسة قاعد جنبي صار يمسك لي بنطلوني من هون جنبي..
أحمد منصور: هتوديه في داهية.
أحمد جبريل: دخيلك ما رديت انتبه علي عرفته على حالي قلت له إنتوا بتقولوا ثورة يعني والثورة إليها مبادئها الاجتماعية والسياسية وكل تشمل نواحي المجتمع بكامله أنا في مدرسة الهندسة العسكرية سُرِح من عندنا مجموعة من الضباط بعتوا لنا مجموعة من الأساتذة حاولنا نعمل لهؤلاء الضباط دورة عارف كيف عسكرية تأهيلية لحتى يكونوا مدربين رفضوا هؤلاء هدول شغلتهم فقط إنه يمسك شعارات وحدة حرية اشتراكية يحطوها في كل المباني ويهتفوا صباحا ومساء وحتى كانوا يشاركوا الجنود أكلهم ما هم ممنوع يشاركوا الجنود أكلهم فهذه المسلكية اللي إنتوا بعتينها من هالضباط هل تصلح؟ حقيقة إحنا في مدرسة الهندسة العسكرية اللي بده يتخرج من إيدينا ضباط هل تعتقد هذا راح يطلع ضابط جيد أو ضابط صف؟ فيا سيدي لا تعملوا مثل الثورة الجزائرية عارف كيف، كيف بدأ الثورة تأكل بعضها البعض واُتهِمت بعدها إنه لا الموساد والإسرائيليين داخلين على.. نقاش استمر طويلا..
أحمد منصور: نقاشك.. طرحك كان غريب على الجلسة.
أحمد جبريل: غريب على هالموضوع إحنا.. إنتوا جايين بتعملوا ثورة مش هيك الثورة عارف كيف بالأخير قال لي اسمع بدي أحكي لك بيت شعر أنا من.. لا أذكر بيت الشعر بما معناه أنا من قبيلة إذا ترشُد أرشُد.
أحمد منصور: أه وإن ترشد أمية أرشد أو..
(4/157)
أحمد جبريل: يعني هيك بمعنى إنه بدك تفهم هالموضوع فطلعنا قائد مدرسة والضباط يقول لك يا أحمد ليش حكي قلت لهم طب إحنا علينا مسؤوليات يا إخوان كيف بنحل هالمسؤوليات؟ أنا لا أستطيع أن أخدم بدون وجدان بدون أخلاق في هالعمل هذا وهم بيعرفوني أنا ما بأتدخل في القضايا، الانقلابات والتكتلات مفهوم أنه هذا إليه هدف معين وعوقب وإلى أخره وماشي بهالهدف، مسلكيتي ووجداني هو اللي حماني أبقيت بهاديك الفترة لهالموضوع، بعد يومين ألاقي جاي برقية لإحالتي على التقاعد مسكين مدير المدرسة يعني لاقاها صعبة كيف بده يبلغني..
أحمد منصور: تفتكر التاريخ؟
أحمد جبريل: يعني بشهر عشرة.
أحمد منصور: أكتوبر 1963.
أحمد جبريل: عارف كيف..
أحمد منصور: 1963.
أحمد جبريل: 1963، قائد المدرسة خجل كيف بده يبلغني هذا الموضوع فيه إلي زميل بعدين صار لي لواء قائد سلاح المهندسين اسمه عبد الكريم حسون قال له بقول لك يا رجل هو قرفان منا ومن الجيش ومو عاجبه كل هالناس.
[فاصل إعلانيٍ]
مرحلة جديدة بعد الخروج من الجيش السوري
أحمد منصور: هل كان تسريحك من الجيش السوري في أكتوبر 1963 بمثابة دعم للجبهة أم انتكاسة وهي في هذه المحطة؟
أحمد جبريل: لا بالعكس أنا شعرت إنه تفرغت أنا كنت يعني..
أحمد منصور: لكن صلتك القوية بالجيش كانت تساعد في ترتيب أمور كثيرة.
أحمد جبريل: طبعا بس أنا كنت شعرت حقيقة بارتياح إنه أنا يعني ما كنت أعمل يعني عملي في الجبهة على حساب عملي في الجيش.
أحمد منصور: هل بدأت استراتيجية جديدة بالنسبة لعملك في الجبهة تختلف عن وضعك ما كنت مرتبط به كضابط في الجيش؟
أحمد جبريل: طبعا أولا بعد ثمانية آذار يعني بدأ الناس تتفهم هذا الموضوع قبل ما كان الناس تتفهم إنه شو عمل فدائي وشو كذا وحتى بعد ثمانية آذار..
أحمد منصور: كيف التشكيل العسكري للمجموعات وللناس بهذه الجماعة؟
أحمد جبريل: طبعا كنا نشكل الزمرة..
(4/158)
أحمد منصور: كام واحد الزمرة؟
أحمد جبريل: الزمرة بين سبعة ثمانية عارف كيف، فصيل ثلاث زمر أو أربع زمر، مجموعة ثلاث فصائل أربع فصائل عارف كيف بهالشكل ونظام سرية كامل..
أحمد منصور: هل كانت كل مجموعة منفصلة لا تعرف الأخرى؟
أحمد جبريل: لا تعرف.. أبدا ما بتعرف وهناك كلمات سر معينة يعني عندنا كان إجراءات..
أحمد منصور: كيف كان لقاءاتهم مع بعض وترتيباتهم؟
أحمد جبريل: يعني أنا قبل هذا يعني بعد هالموضوع تسريحي من الجيش بقينا إحنا في عمل سري، صدف إنه أيضا أيام أمين الحافظ وحوادث حماه الأولي..
أحمد منصور: نعم، 1964.
أحمد جبريل: عارف كيف 1964..
أحمد منصور: أبريل 1964 تقريبا.
”
المخابرات دهمت المنزل ووجدوا أضابير فيها أسماء رمزية وتعرفوا علينا من خلال مغلف بريدي مرسل من الكويت باسم فضل شرورو
”
أحمد جبريل: اُعتقِلت أنا وفضل شرورو إلينا مقر انتبهوا عليه المخابرات لأنه كان قريب كنا نيجي نقرب على مكاتب المخابرات لأنه يشعروا إنه والله أمان إنه الناس يعني إنه ما راح حدا بيقعد هون والحق كنا وكنا حاطين بسقيفة بعض الأسلحة وبعض الأوراق فاتوا على هذا المقر الجيران قال لهم يا أخي ما بنشوف حدا لا نسوان بتيجي لهون إلا شباب معدودة بيقعدوا وبيرحوا بيقعدوا وبيروحوا فخبروا المخابرات، المخابرات كبسوا داهموا هذا البيت وجدوا أضابير ما فيها أسماء كلها أسماء رمزية مسكوا أسلحة عتاد اللي خلاهم يعرفوا علينا شيء في مغلف بريدي جاي من الكويت من شاب من الشباب من عندنا باسم فضل شرورو عارف كيف هذا من الغلط بقي بالوثائق فراحوا وين مين هذا استدلوا عليه أنا بتذكر كان يوم الوقفة يعني وقفة قبل العيد كان تحويل مجرى نهر الأردن بادين فيه الإسرائيليين عارف كيف..
أحمد منصور: كان سنة 1964.
(4/159)
أحمد جبريل: فكنا بالمخيم مخيمات يعني حول دمشق اتفقنا نروح نسهر عند الشيوخ تبع الجوامع من شان خطبة العيد تنحكى عن تحويل مجرى الأردن وشو أخطاره باستقدام اليهود وإعمار النقب وخطورة هذا الأمر في هالشيء هذا ففضل قال لي بس خليني أمر على البيت يعني نخبرهم إنه مو جايين الليلة عارف كيف لوالدته فنزلته على البيت وأنا قاعد في سيارتي كان عندي سيارة صغيرة مسمينها الشباب وفاء عارف كيف من الوفاء يعني أو هالشيء ولا ما شفت إلا داهموني رجال الأمن وانتظروا فضل لحتى طلع وصارت مشادة بيني وبينهم ملاكمة وكان أيامها كنا شباب فتوة عارف كيف ضربناهم وإلي أخره..
أحمد منصور: لازلتم شبابا.
أحمد جبريل: وثم أخذونا كان ثابت برو ضابط عند أمين الحافظ وبدؤوا التحقيق معنا وبقينا في السجن فترة معينة وكان هَم المحققين حولوني على محقق رفيقي اسمه محمد معدون من تضمر..
أحمد منصور: أهم شيء متكونوش بتخططوا لانقلاب عليهم.
أحمد جبريل: إنه لا بدنا نفهم شو هذا التنظيم يا أخي مين هالأسماء مين هم قلت له ما راح نعطيك شيء لمحمد معدون هو حي يرزق الآن محامي ما راح نعطيك وبعدين قلت له بالأخير شوف يا أخ محمد أنا بدي أختبر حالي هالمرة أنت روح وابعت واحد ما بيعرفني وخليه يلجأ لكل وسائل التعذيب بدي أشوف حالي أنا باقدر وراح أعطيكم ولا لا قال لي شو هالكلام قلت له ما راح نعطيكم شيء طب هدول المتفجرات والقنابل اليدوية ذخيرة هاي مين جابها ما بدي أعطيك ما في شيء بكل هذا الموضوع، طبعا رفعه لهالقيادة في ذلك الموضوع ومن ثم أطلق سراحنا بعد شهر ونصف من السجن في هذا الموضوع..
أحمد منصور: تفتكر الشهر إمتى؟
أحمد جبريل: الشخص؟!
أحمد منصور: في أي شهر كان؟
أحمد جبريل: حوادث حماه أثناء حوادث حماه.
أحمد منصور: أه 1964.
(4/160)
أحمد جبريل: بالـ1964 أول 1964 وهذا الحادثة سيكون لها دور أتحدث فيها لأنه وقتها سجلت بإضبارة المخابرات السورية إلقاء القبض على فلان وفلان وفلان بعدها أستلم المخابرات العامة في الجيش السوري أحمد السويداني عارف كيف قبل ما يستلم رئيس أركان فاطلاع علي الإضبارة فأراد يلتقي معنا ولكن التقارير بتقول إنه إحنا معنا فيه رفاق من المؤسسين معنا على بوشناق، عثمان حداد قائد جيش التحرير الفلسطيني بعت وراهم أحمد السويداني بالـ1964 تبع يعني قبل الـ1965 بشي عام.
أحمد منصور: تقريبا في أبريل يعني في بداية السنة.
أحمد جبريل: قال لهم يا أخي ليش إنتوا عاملين تنظيم سري إنتوا بدكم فلسطين - هذا أحمد السويداني - أنا.. وعم بتروحوا تشتروا أسلحة من حماه ومن هون ومن هون عارف كيف هاي مستودعات الجيش تحت تصرفكم وأنا بمشيكم من هون لفلسطين على الأسلحة، إيجه أبو باسل يعني بوشناق وعثمان حداد واجتماعنا كقيادة وطرحوا العرض تبع أحمد السويداني قلنا له إحنا بالمقابل روحوا اجتمعوا معه مرة ثانية قولوا له ماذا يريد مقابل ذلك؟
أحمد منصور: شعرتم أن هناك ثمن لابد أن يُدفَّع.
أحمد جبريل: نحن نعرف إنه ما في شيء واحد بدون ثمن، راحوا لعنده قالوا له الشباب بيسألوا شو اللي بدكم إياه قال اللي بدنا إياه تنكشفوا من تنظيم سري لتنظيم علني عارف كيف بس هذا من شان ما نخربط فيكم بأجهزة الأمن وبلدنا على كف عفريت وإلى أخره، في اجتماعنا قلنا لهم شايفين بلغوه رفضنا الكامل لهذا التعاون.
(4/161)
أحمد منصور: العام 1959 كأنه كان عام ميلاد لكثير من الحركات يعني حركة القوميين العرب أسست لجنة فلسطين في سنة 1959 وتألفت من جورج حبش، هاني الهندي، وديع حداد، أسامة النقيب، زاهي القمحاوي، عبد الكريم حمد وأحمد اليماني أيضا في سنة 1959 أو أواسط 1957 في الكويت أتفق ستة على تأسيس حركة فتح خليل الوزيري، ياسر عرفات، عادل عبد الكريم، عبد الله الدنان، خالد عميرة، توفيق شديد وأعلنوا انطلاق فتح كما قالوا هم يعني من خلال مجلة فلسطينيون في العام 1959 التي صدر منها حولها أربعين عدد تقريبا إلى العام 1964 وكانت.. وهي الدليل الموثق الأساسي على وجود حركة فتح لحين صدور البيان رقم واحد في بداية يناير سنة 1965، إنتوا لم يكن لكم أدبيات أو كتابات أو منشورات أو أي شيء تتحدث عن هويتكم في هذه المرحلة، هذا التكتم الشديد الذي ظلت تعيشه جبهة التحرير الفلسطينية التي أسستموها ألم يؤثر عليكم بعد ذلك ويجعلكم متأخرين عن الآخرين حتى في الامتيازات التي جاءت للفصائل الفلسطينية بعد ذلك؟
أحمد جبريل: ما هو موضوع النشأة ومكانها مهم للغاية يعني إحنا نشأنا في الدول المجاورة لفلسطين وهناك كأنه اتفاق دولي وتوجيه دولي إنه الحركة الفلسطينية ممنوعة في هذه الدول المواجهة أو الدول القريبة..
أحمد منصور: ولذلك هذه الدول أنشئت تنظيمات فلسطينية من خلالها هي حتى تكون تحت سيطرتها.
أحمد جبريل: عارف كيف فكانت القضايا الأمنية..
أحمد منصور: فهم النقطة ديه مهم جدا في تاريخ النضال الفلسطيني حتى يستوعب الناس الآن كيف قامت الأنظمة في تلك المراحل بعدم السماح بقيام ثورة فلسطينية شعبية حقيقية.
(4/162)
أحمد جبريل: عم بحكي لك عم بقول لك يعني أما بالخليج حيث نشأة الإخوان في فتح والسعودية كان النشاط السياسي مسموح يعني لما أنت بتطبع مجلة فلسطين في الجزائر وتوزعها أما إحنا إذا طبعنا منشور ورميناه في الشارع أنت عم تكشف نفسك إلى أجهزة الأمن عارف كيف وتشكل خطورة على هذا الموضوع، إحنا كنا نقول بدنا نأكل عنب مش بدنا لسه لم يئن الأوان لأن نكشف هذا الموضوع لكن كان لدينا ميزة ما موجودة عند الإخوان في فتح..
أحمد منصور: ما هي؟
أحمد جبريل: ميزة إنه إحنا في أرض مجاورة اللي هيا خطينا خطوات في الكفاح المسلح في تشكيل هذه الكوادر المجموعات المدربين السلاح العتاد هذا اللي قاعدين في الكويت هدول كلهم أصدقائي وبعرفهم معرفة شخصية عارف كيف وصار بيناتنا مثل ما بيقولوا خبز وملح مع هدول الناس، هدول قاعدين في الكويت ماذا يفعلوا؟ كانوا ينادوا ويبشروا في الكفاح المسلح ولكن بقي عمل نظري أما إحنا كنا مثل ما هلا أحكي كنا عم نحكي كل تهمة إذا بدهم يخدوها قانونيا نُحاكَّم عليها حمل سلاح أو اقتناء سلاح نحاكم عليه سنوات نوضع في السجن فلذلك الهاجس الأمني كان عندنا هاجس كبير للغاية ما هو بسيط.
أحمد منصور: إنتوا في الفترة من 1959 إلى 1965 وأنتم كانت مرحلة إعداد ألم تكن هذه الفترة ست سنوات من الإعداد من التدريب في الوقت الذي كان فيه الآخرون تقريبا ست سنوات من التمهيد ومن الدعاية الإعلامية ومن اللقاءات ألم تكن هذه الفترة فترة طويلة؟
أحمد جبريل: أولا إحنا كنا بنتصورها إنه لسه لازلنا بحاجة لأنه إحنا بدينا شكّلنا في ذاك الوقت يعني بمنتصف يعني قبل الـ1965 شكلنا الهيئة الاستشارية فيه قيادة فيه قادة مجموعات فيه تنظيم هرمي كامل منتشر في سوريا نقلناه للضفة الغربية في وحدات معينة إلى لبنان لغزة اللي حكيت لك فايز الترك وبعض الإخوان.
(4/163)
أحمد منصور: قضية غزة مهمة لأن أنا وجدت الإسرائيليين التركيز كان في هذه الفترة كله على الحدود اللبنانية السورية الأردنية في الوقت اللي الإسرائيليين بيؤكدوا إن أحمد جبريل وُجِد في غزة في وقت مبكر وكان يعني وجودك في غزة يبدو أنه كان مزعجا لهم كيف وصلت إلى غزة في هذا الوقت المبكر؟
أحمد جبريل: من خلال هؤلاء الضباط واللي اتفقنا معهم وكانوا ضباط في الجيش وفي بعض منهم مثل ما قلت لك أطباء يعني هذا الموضوع لكن مثل ما حكيت إنه إحنا لم يعني نر أن التوقيت آن أوانه لأنه لسه الإعداد تبعنا لم ينته، أنا كنت أتخيل هذا الإعداد لسه بده سنة أو سنتين لسه هذه واحدة..
أحمد منصور: يعني هل حددتم موعد لانطلاق الثورة الفلسطينية أو انطلاق أول رصاصة؟
أحمد جبريل: لا إحنا قولنا للـ1967 شوف كيف ثابت أو أخذت الأمور بهالقدر كنا نقول يعني لـ1967 لازم نكون إحنا رتبنا أمورنا الداخلية بس كنا نضع في اعتبارنا أن التوقيت أيضا يجب أن نختار التوقيت المناسب بحيث يكون الواقع العربي أفضل مما هو الواقع الحالي.
أحمد منصور: هل كنتم تدركون أن هناك تجمعات أخرى أو فصائل أخرى تسعى أيضا للقيام أو التفكير بما تفكرون فيه من الفلسطينيين؟
أحمد جبريل: هو من حيث الناحية النظرية كان فيه حالة مخاض وخاصة بعد ما حكى الرئيس عبد الناصر إنه والله أنا ما عندي خطة لتحرير فلسطين بدت فيه عملية حركة ومخاض بس هذا المخاض هو تنظيمات عبارة عن تنظيمات سياسية نظرية فقط..
لقاء الحركات التحررية
أحمد منصور: متى سمعت من فتح للمرة الأولى؟
أحمد جبريل: أه في فتح، أول مرة سمعنا فيها وصلتنا مجلة فلسطيننا كانوا يطبعوها بلبنان وكان رئيسها الحوري..
أحمد منصور: كان رئيس امتيازها كان لبناني من الإخوان المسلمين..
أحمد جبريل: لبناني بيت الحوري فقرأنا شفنا الأدبيات ممتازة صيرنا نبحث عن مين هدول الناس اللي عم يحكوا مثل حكايتنا وعم يبشروا في الكفاح المسلح..
(4/164)
أحمد منصور: تفتكر سنة كام أول عدد وقع بين أيديكم أو..
أحمد جبريل: يعني بـ1963 - 1964 ثم أتت التعارف بين بعضنا البعض بطريق الصدفة
أحمد منصور: كيف؟
أحمد جبريل: عندي قريبي زوج أختي مهندس كان يشتغل في السعودية تعرف على واحد من قطاع غزة كادر اسمه شخصية من مؤسسي فتح اسمه سليمان أبو كرش وصارت صداقة اجتماعية بيناتهم قوية ومتينة فسليمان أبو كرش حاول ينظم مروان اليحيى اللي هو زوج أختي فمروان قال له إنتوا طيب شو بدكم تعملوا ما فيه تنظيم موجود لأنه كان يطلع مروان تنظيم موجود ومدربين وسلاح وإلى أخره وبعدين فسأله مين هذا يعني كيف هالموضوع هذا فقال له هل أستطيع سليمان أنه أجتمع معهم أنا في دمشق فاتفقوا على موعد وإيجه حكى لي إنه هيك قلت له أنا راح بدنا نفهم يعني مين هذا إيجه سليمان أبو كرش ومعه شاب آخر.
أحمد منصور: من هو؟
أحمد جبريل: ما عدت أتذكره يعني.
أحمد منصور: يعني أول من التقى بك من فتح كان سليمان أبو كرش؟
(4/165)
أحمد جبريل: سليمان أبو كرش عارف كيف وجاب معه شاب من سوريا اسمه محمود الخالدي اللي هو مدير مكتب منظمة التحرير والمؤسسين في فتح وصار الحديث مطولا قلت له إحنا أدبيات هاي فلسطيننا إحنا موافقين عليها 100% متطابق معنا إلى هالموضوع بس إحنا ما بنطلع مجلة لأنه ما بنقدر نطلع مجلة عارف كيف يعني لعامل السرية في هذا الموضوع لكن إنتوا كيف عم بتقوموا بكفاح مسلح بدون أن تكون.. لأنه الفلسطيني كان في الضفة الغربية وحيث وُجِد لا يعرف.. يعني ما عنده ثقافة عسكرية كان هناك سياسة تجهيله في الأمور العسكرية يعني بالضفة الغربية اتصور للـ1967 لما دخل كان تيجي الناس تتفرج على البندقية كأنه عرس ما حدا بيعرف، بندقية الصيد كان ممنوعة في الضفة الغربية هذا بيختلف عن قطاع عزة يعني عارف كيف الوضع ففي تجهيل كان مستمر يعني للشعب الفلسطيني فقلت له للأخ سليمان إنتوا طيب فيه عندكم كوادر عندكم مقاتلين عندكم سلاح عندكم معدات فشفته هو صادق قال لا والله هو بس إذا بنتعاون إحنا وياكم إحنا عندنا إمكانات مالية كبيرة إحنا كنا ينقصنا الإمكانات المالية.
أحمد منصور: ديه نقطة مهمة عايز أسألك عنها منين كان إمدادكم؟ هل كان لكم أيضا تواصل ببعض العاملين الفلسطينيين في الخليج أو بتجمعوا تبرعات من هناك؟ من أين كانت الأموال وأنتم الآن تنظيم عسكري؟
أحمد جبريل: التبرعات الأولى هي كانت من الاشتراكات..
أحمد منصور: منكم أنتم من جيوبكم.
أحمد جبريل: أبدا حتى الطالب اللي بياخد مصروفه من أهله بده يحط 50% من مصروفه..
أحمد منصور: 50% كان.
أحمد جبريل: 50%.
أحمد منصور: كان هذا كافي؟
أحمد جبريل: لا ما هذا كافي بعدين بالـ 1964 بعتنا مجموعات للكويت شباب عارف كيف وبدؤوا أيضا الحصول على مبالغ شعبية..
أحمد منصور: لكن الآخرين لأنهم أُسِسوا في الكويت ونشأوا في الكويت وكانت الترتيب كله في الكويت والسعودية..
أحمد جبريل: والسعودية وقطر..
(4/166)
أحمد منصور: فكان جمع التبرعات من هناك أفضل.
أحمد جبريل: أيضا في الـ1963 فتحنا خط على الحاج أمين الحسيني المفتي..
أحمد منصور: كان يعيش في لبنان في ذلك الوقت.
أحمد جبريل: بلبنان بالمنصورة عارف كيف فصار فيه خط بينا وبينه من خلال ضباط بيعملوا مع الحاج أمين الحسيني، عبد الكريم عمر، حسن أبو رقبة وهدول زملاء لعثمان حداد وعلي بوشناق..
أحمد منصور: متى رأيت ياسر عرفات للمرة الأولى؟
أحمد جبريل: بالـ1965.
أحمد منصور: في أي شهر تقريبا؟
أحمد جبريل: مع البلاغ الأول.
أحمد منصور: مع البلاغ الأول، لم تكن قد رأيته قبلها؟
أحمد جبريل: لا لما أحمد شو اسمه سليمان أبو كرش..
أحمد منصور: أبو كرش، نعم.
أحمد جبريل: قال هل ممكن طيب نبعت ناس تدربوا لنا إياهم قلنا لهم ما فيه مانع وبدؤوا يبعتوا فتح من الخليج بعض الناس عارف كيف لعملية تدريبهم.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إن نواة المُدرَّبين الأولانين من فتح تمت على أيديكم أنتم؟
أحمد جبريل: هدول الناس أنا بقول لك يعني الإخوان في فتح نواتهم الأولى ما فيهم هم إما اعتمدوا صاروا من على الناس الكتيبة 68 هدول اللي حكيت لك عليهم أو بالأردن وبالضفة الغربية كانوا يعتمدوا على شباب أباضيات يعني مش خاضعين إلى تدريب فعلي وحقيقي في هذا الموضوع.
أحمد منصور: لكن أنت كمسؤول عسكري كضابط عسكري كخريج كلية حربية كشخصية عسكرية كضابط في الجيش قبل ذلك كشخص تفكر في حرب شعبية عسكرية كان استراتيجيتك قائمة على العمل العسكري بكل تركيبته وأولها السرية يعني كتركيبة سرية بقيت عندكم نقطة التمويل العسكري ونقطة البحث أيضا عن أناس آخرين يمكن أن تتواصلوا معهم.
(4/167)
أحمد جبريل: هاي لذلك الحاج أمين إحنا فاتحناه نعرف إنه عنده إمكانيات مادية عارف كيف وتم اللقاء إيجه الحاج أمين بالـ1964 إلى دمشق ما زارها أيام أمين الحافظ والتقينا معه وصار يقدم لنا بعض المساعدات اللي وفرت لنا إنه نسرع الخطى في هذا الموضوع..
أحمد منصور: طيب عايز أسألك عن..
أحمد جبريل: لما إيجه سليمان أبو كرش وقال إحنا عندنا إمكانات إحنا فرحنا إنه..
أحمد منصور: هل أمدكم بإمكانات بالفعل؟
أحمد جبريل: إنه هاي الإخوان متطابق وضعنا معهم الفكري والسياسي..
أحمد منصور: أنتم عندكم الرجالة هما عندهم الفلوس.
أحمد جبريل: وهم عندهم فلوس وياسر عرفات أصلا أول مرة بالتقي معه ويجي عندي على البيت عارف كيف جايب معه حقيبة (Samsunite) لهلا ما بأنساها ويمكن هلا هو يشوف ويتذكر المواضيع عليها تكيتات الطائرات هاي اللي تبعها شي عشرين ثلاثين تكت عارف كيف وفتحها أمامنا الدولارات والإسترليني بكل أنواعها معبأة..
أحمد منصور: في أول مرة شفت فيها عرفات، يعني شيء يسيل اللعاب.
أحمد جبريل: أبدا لا إحنا شو قلنا؟ قلنا يا أخي الشعب الفلسطيني مسكين يعني مُنِع عن التواصل طيب ما أنا ممكن إحنا نكمل بعضنا هم هدول الناس موجودين في الخليج وفي السعودية وهون وممكن إنه يستطيعوا يستحضروا..
أحمد منصور: انطباعك كان إيه وإنتوا بتعانوا الشظف ولو وجدت ياسر عرفات في أول مرة فتح الشنطة ومليانة دولارات وإسترليني وعملات أخرى شعرت بإيه؟
أحمد جبريل: شعرنا إحنا بإيش إنه بإنه ممكن نكمل بعضنا بصراحة.
أحمد منصور: إيه اللي تحدثتوا فيه في أول مرة في أول لقاء مع ياسر عرفات؟
أحمد جبريل: هذا أول لقاء فقلنا له إحنا..
أحمد منصور: تفتكر تاريخه بالضبط؟ يناير 1965؟
(4/168)
أحمد جبريل: يمكن بعد يومين ثلاثة من البلاغ تبع العاصفة عندي في البيت عارف كيف محمود الخالدي جه قلت ليه إحنا بدنا نجتمع إحنا وياكم بدنا هيئة قيادية مقابل أنا ما بدي لحالي أنقل هذا الموضوع.
أحمد منصور: وفي يناير 1965 انطلقت الرصاصة الأولى والبيان الأول لحركة فتح وتم اللقاء بينك وبين ياسر عرفات، في الحلقة القادمة أبدأ من الانطلاقة الأولى للكفاح المسلح في 1965 ولقاءات مع عرفات أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/169)
الحلقة3(4/170)
الاثنين 22/2/1425هـ الموافق 12/4/2004م(آخر تحديث) الساعة 18:56(مكة المكرمة), 15:56(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
11/04/2004
- مفاجأة بداية حركة فتح
- اللقاء الأول مع عرفات والتحالف مع فتح
- المشاكل مع فتح
- قرار تجميد عرفات
- مقتل يوسف عرابي
- العمليات ضد إسرائيل
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلاً وسهلاً فيكم.
مفاجأة بداية حركة فتح
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند انطلاقة الحركة المسلحة في الأول من يناير عام 1965 وتعلن بداية ما سمي بالكفاح المسلح.
أحمد جبريل: بصراحة كاملة نحن فوجئنا بالبيان رقم واحد لحركة فتح في 1/1/1965 لأنه كما قلت لكم في حلقة ماضية كان لنا.. بدأت علاقات بيننا وبين حركة فتح سواء في زيارات في دمشق أو زيارات في الكويت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما دعوى المفاجأة عندكم هل شعرتم أنهم سحبوا البساط من تحت أقدامكم؟
أحمد جبريل: لا ما هذا الموضوع، أولاً نحن كنا نعرف أن إمكانات بدء هذه الثورة لم تكن متوفرة عند الإخوان في حركة فتح من خلال النقاشات التي كنا نتناقشها..
أحمد منصور[مقاطعا]: إذاً ماذا كان هدف فتح؟
(4/171)
أحمد جبريل[متابعا]: أين هذا الجسم العسكري الموجود؟ أين هو الإعداد؟ أين هو؟ نحن موجودين نحن في ساحة مهمة اللي هي الساحة السورية والساحة الأردنية ونعرف كل ما يدور هناك، لم نجد أن هناك فيه إعداد حقيقي كنا نشعر إنه فيه حركة سياسية موجودة بالكويت ودول الخليج وفلسطين وهناك مكتب في الجزائر يدعمه محمد خيضر الشهيد أبو خليل الوزير. لكن هذا كله يعني كنا نعتقد أنه لن يشكل قوام حقيقي لبدء عملية الكفاح المسلح لذلك عندما بعد البلاغ الأول أتت القيادات فتح أبو عمار والشهيد خليل الوزير بدمشق وتم اللقاء معنا، لقاءات مستمرة أيام متعددة وكان على جدول أعمالنا لماذا وقتّم هذا التوقيت لمثل هذا العمل؟
أحمد منصور: ماذا كان جوابهم؟
أحمد جبريل: نحن عندما كنا نتخاطب يعني في الأيام الأولى لماذا اخترتوا هذا التوقيت فكان بالحقيقة اتجاهين في داخل حركة فتح؟
أحمد منصور: ما هما؟
أحمد جبريل: الاتجاه الأول يقول علينا أن نورط هذا الواقع العربي..
أحمد منصور: يعني سياسة التوريط التي رُفِعَت شعاراً في تلك المرحلة.
أحمد جبريل: توريط بدون شعور بالنتائج حتى كنا نناقشهم يعني هل أنتم جادين أن تغرق هذه الأمة؟ يعني وأن توجه ضربة عسكرية إسرائيلية مبكرة إجهاضية بحيث والله هذه المنطقة تصبح تحت النفوذ الأميركي والإسرائيلي؟ وقسم منهم كان يقول أننا اضطررنا على هذا التوقيت لأنه القواعد الذي بنيناها في الضفة الغربية قواعد الفدائيين بالشكل السري بدأ يكتشفها محمد رسول الكيلاني وبدأ..
أحمد منصور: رئيس المخابرات الأردنية..
أحمد جبريل: الأردنية وبدأ يعتقل هذه القواعد فكان الإسراع لحماية بعض هذه القواعد ولكن كما قلت أن هناك كان فيه وقفه وأنا أعتقد إنه يجب أنتم كشاهد على العصر أن تناقشوا أكثر من طرف وأكثر من شخصية فلسطينية..
أحمد منصور: سنحاول ولكن معك أنت تحديدا الآن وأنت كنت يعني لك دور رئيسي في تلك المرحلة..
(4/172)
أحمد جبريل: فاهم يعني..
أحمد منصور: خاصة إنك يعني أنت الوحيد من بين المجموعة اللي تعتبر شخص عسكري درست وتخرجت من الكلية الحربية في مصر، لك رؤية استراتيجية وضعت مخطط عسكري واضح بالنسبة لقضية المقاومة، الآن وجدت إن فيه مجموعة أخرى أطلقت رصاصة وطلعت بيان.
أحمد جبريل: أولاً إحنا قبل الخمسة وستين إحنا فرحنا بوجود حركة فتح بصراحة، من خلال المنطوق السياسي وأدبياتها السياسية وقدرتها المالية كونها في الخليج، نحن في دول مواجهة بنينا القاعدة العسكرية، قاعدة الكفاح المسلح ولكن كنا من الناحية المادية فقراء وغير قادرين على تغطية هذا الأمر، لذلك نحن لم نقع في تنافس في بيننا وبين الأخوة في حركة فتح في هذا بالعكس تماما يعني بدأنا نشعر أننا نكمل بعضنا، نقاط الضعف التي عند فتح هي نقاط قوة عندنا ونقاط الضعف..
”
أقيم أول اتصال بين جبهة التحرير الفلسطينية وحركة فتح في وقت ما من 1965
”
(4/173)
أحمد منصور: اسمح لي سآتي لهذا تفصيلا، أنا سآتي لهذا تفصيلا لا سيما وأنه قام تحالف بينكم وبين حركة فتح مباشرة بعد عشرين يوما من البيان الأول وتحديدا في العشرين من يناير أنا وجدت أن يزيد صيا يقول في يوم ما من 1965 تم.. أقيم أول اتصال بين جبهة التحرير الفلسطينية وحركة فتح في وقت ما من 1965 ولكن تحديدا عرفت منكم أن التاريخ هو العشرين من يناير عام 1965 تم تشكيل قيادة طوارئ منكم ومن فتح، قبل هذا أنا وجدت أيضا إن هيكل في سنوات الغليان قال عن موقف عبد الناصر من البيان رقم واحد وانطلاقة العام المسلح إنه كان بيرى إن عبد الناصر اعتبر الهجوم العسكري في ذلك الوقت في غير محله كتعبير ملطف عن قضية عدم الرضا، لقاءك الأول مع ياسر عرفات كان بعد عدة أيام من البيان رقم واحد وقلت أنه جاء إليك بحقيبة ملصق عليها تيكيت طيران من أماكن مختلفة يعني شيء من الاستعراض شعرت إن ده شيء من الاستعراض أن الحقيبة تفتح أمامك وأنت يعني ربما لا تجد قوتا لمن معك وبها دولارات وإسترليني وكذا في بداية انطلاقة الكفاح المسلح.
أحمد جبريل: يعني هذا الاجتماع كان اجتماع تمهيدي..
أحمد منصور: كان هناك مع عرفات أحد؟
أحمد جبريل: كان محمود الخالدي، السيد محمود الخالدي.
أحمد منصور: لازال موجود محمود الخالدي؟
أحمد جبريل: إيه، فنحن أنا نظرت يعني ورأيت نصف الكباية المليء في هذا الموضوع.
أحمد منصور: الذي هو؟
أحمد جبريل: اللي إنه والله الإخوان جايين وجادين ومتحمسين ولديهم إمكانات مالية تستطيع هذه الإمكانات المالية أن تغطي وتدفعنا إلى الأمام..
أحمد منصور: هل نستطيع أن نقول أن تنظيمكم العسكري في ذلك الوقت كان به عشرات أو مئات من المقاتلين؟
أحمد جبريل: أعوذ بالله مئات؟ إحنا كان وصلنا إلى حد انتشار تنظيمي كبير يعني يكفي..
أحمد منصور: في 1965.
أحمد جبريل: قبل الـ 1965.
أحمد منصور: رغم إن تنظيمكم كان سري.
(4/174)
أحمد جبريل: كنا شكلّنا قيادة كمكتب سياسي، هيئة استشارية من خمسة وعشرين رفيق في هذا الموضوع، انتشار لنا في الأردن وفي الضفة الغربية وفي الكويت.. يعني نويّات في غزة يعني كان يعني أقول لك هناك فيه فرقة كشفية في سوريا اسمها الفرقة ثمانية وثلاثين الفلسطينية كان تعدادها أكثر من ثلاثمائة شاب طليعي وشباب هذا استطعنا نحن أن ننظم أغلب هؤلاء الشباب، الجامعة السورية بدأنا قوائمنا في الانتخابية على مستوى اتحاد الطلاب الفلسطينيين نحن والبعثيين لم تكن هناك فتح موجودة كنا نسيطر سيطرة كاملة على المقاعد.. الاتحاد في هذا الموضوع، شكلنا جمعيات نسائية..
أحمد منصور: ومع ذلك فتح أطلقت الرصاصة الأولى والبيان الأول.
أحمد جبريل: وجيش التحرير الفلسطيني اللي شكل في الـ 1964 رغم إنه أجه وجيه المدني وشكله في سوريا وسميت قوات حطين، استطعنا إحنا أن ننفذ إلى هذا الجيش على كل المراتب على مستوى الجنود، ضباط الصف، الضباط وأصبح الجميع يعرف إنه إحنا في 1965 كان جيش التحرير الفلسطيني في سوريا لنا قوة أساسية ولا يوجد لأحد غيرنا في هذا الجيش يعني لم يوجد لفتح هناك لا ضابط ولا ضابط صف ولا.. وهذه قوة عسكرية مهمة كانت ها الشيء..
أحمد منصور: أعود للقاء الأول بينك وبين عرفات.
أحمد جبريل: من شان بس أكمل لك وكان لدينا استطلاعات في داخل الأرض المحتلة واستطلاعات طرق الاقتراب إلى الأرض المحتلة، تخزين السلاح أنشأنا قبل الـ 1965 ورش فنية سرية للغاية لصناعة الألغام وصناعة المتفجرات والقنابل اليدوية ومخازن الرشاشات..
أحمد منصور: رغم كل ذلك كنت ترى أن انطلاقة الكفاح المسلح في بداية 1965 لم تكن صائبة؟
أحمد جبريل: يعني أنا كنت أرى أنه يعني نحن اللي كنا متقدمين على الإخوان في فتح من الناحية العسكرية والجهادية لم نكن جاهزين، فكيف الإخوان في فتح اللي هما ضعفاء في هذا الموضوع، في هذا الباب لو كانوا أقوياء..
(4/175)
أحمد منصور: لكنهم قطفوا الثمرة وأخذوا هم السبق.
اللقاء الأول مع عرفات والتحالف مع فتح
أحمد جبريل: يعني هذا الموضوع كما قلت في الاجتماع الأول رحبت أنا بالأخ ياسر زارني في بيتي هو ومحمود الخالدي وقلت علينا أن نجتمع خلال الـ 24 ساعة كهيئات قيادية مع بعضنا البعض وتم هذا الاجتماع في منزل الأخ محمود الخالدي..
أحمد منصور: تفتكر من حضر من فتح، من حضر من جبهة التحرير الفلسطينية؟
أحمد جبريل: أبو عمار وسليمان أبو كرش ومحمود الخالدي وبعض هذه الاجتماعات حضرها الأخ خليل الوزير الله يرحمه عارف كيف..
أحمد منصور: أبو جهاد..
أحمد جبريل: أبو جهاد إحنا كنا عثمان حداد، علي بوشناق، فضل شرورو وأنا عارف كيف واجتماعات استمرت عشرين يوم..
أحمد منصور: ما أهم ما دار في هذه الاجتماعات؟
أحمد جبريل: أولاً كان موضوع التوقيت..
أحمد منصور: التوقيت خلاص الرصاصة انطلقت والبيان طلع وانتهت القصة.
أحمد جبريل: بالحقيقة مثل ما حكينا إنه يعني قيل لنا يا أخوان هذا اللي حصل عارف كيف ماذا نفعل هي طلعنا البيان رقم واحد عندها اتفقنا عارف كيف في خلال نهاية العشرين يوم على تشكيل على أن نقوم بوحدة بين جبهة التحرير الفلسطينية وفتح وتشكيل قيادة واحدة، قيادة طوارئ أربعة منهم وأربعة منا عارف كيف..
أحمد منصور: مين الأربعة من فتح؟
أحمد جبريل: أبو عمار، خليل الوزير، فيه زكريا شاب..
أحمد منصور: زكريا عبد الرحيم؟
أحمد جبريل: زكريا عبد الرحيم وأيضا كان مرات يتناوب ممدوح صيدم أبو..
أحمد منصور: أبو خيري؟
أحمد جبريل: لا.
أحمد منصور: ممدوح صيدم..
(4/176)
أحمد جبريل: ممدوح صيدم أتى من الجزائر عارف كيف يعني أربعة منهم هما مثل ما حكيت أنا يعني لم يكن متفرغا في ذلك الوقت لا أبو لطف ولا أبو إياد ولا خالد الحسن كانوا موجودين ولا عبد الله دمام لا عادل عبد الكريم هادول تعرفنا عليهم فيما بعد إما بزيارات يعني يأتوا لسوريا أو في زيارات لنا للكويت في هذا الأمر..
أحمد منصور: ما هي الأسس التي قام عليها التحالف بين جبهة التحرير الفلسطينية وبين حركة فتح نستطيع أن نقول في يناير عام 1965؟
أحمد جبريل: اتفقنا تشكيل قيادة واحدة قيادة طوارئ ثم..
أحمد منصور: هل اتفقتم على تشكيل قائد أو زعيم؟
أحمد جبريل: أبداً لم يحدث هذا..
أحمد منصور: إنما من الطرفين..
أحمد جبريل: من الطرفين واتفقنا أن في الصيف يعني نشكل لجنة مركزية أيضا بين الطرفين ولكن كون الآن بدأ البلاغ رقم واحد فلم يتم التمسك في هذا الموضوع..
أحمد منصور: اخترتم اسم يجمع ما بين الاثنين..
أحمد جبريل: لأ فتح..
أحمد منصور: فتح..
أحمد جبريل: لأنه هم أطلقوا الرصاصة ونحن لا نريد أن نتمسك بالقشور وذهبنا إلى..
أحمد منصور: قبلتم الانضواء تحت فتح.
أحمد جبريل: قبلنا وهذا ناقشناه في الهيئة التأسيسية عندنا وفي الهيئة الاستشارية وقلنا حول الضرورة وبالحقيقة كان فيه بعض الأخوة عندنا غير متشجعين لمثل هذه الوحدة عارف كيف؟
أحمد منصور: بسبب؟
أحمد جبريل: إنه ناس إحنا لا نعرفهم يعني كان فيه هناك تيار لكن كان التيار الأكبر علينا أنه والله وقرأنا الفاتحة ونسير مع بعضنا، لكن كان بالمفهوم العام أن الإخوان في فتح يتحملوا المسؤولية المالية، نحن نتحمل المسؤولية العسكرية، عارف كيف؟ هم أيضا يتحملوا المسؤولية السياسية، عارف كيف؟ نحن نتحمل المسؤولية الإعلامية يعني اتفقنا على نوع من عملية توزيع المسؤوليات في هذا الشأن..
أحمد منصور: لكن أنتم تركتم العصب لهم، المال والسياسة.
(4/177)
أحمد جبريل: ما هو، هو بالأساس ما عندنا كان المال عارف كيف؟ وهم سياسة أقدر وكنا أيضا نشعر أنهم ذو جذور من الإخوان المسلمين وهذا حزب له انتشار وله قاعدة جماهيرية ممكن أن تفيدنا في هذا المرحلة..
أحمد منصور: فتح كانت أيضا يعني حتى قياداتها كان فيها إخوان وغير إخوان وهؤلاء أيضا تركوا الإخوان وصاروا ناس لهم مبادئ وأفكار وأشياء أساسية أنا أريد أرجع هنا إلى نقطة مهمة جدا، ألم تكونوا تشعروا أنهم يمكن أن يجيروا كما حدث بعد ذلك كثير من العمليات العسكرية لصالحهم هم، أن يأخذوا عملية صناعة أو جني ثمار الأشياء التي يمكن أن تقوموا بها؟
أحمد جبريل: بصراحة إحنا لم نكن ننظر كنا ننظر للقضية ومدى المكاسب التي ممكن أن نحققها في هذا الموضوع..
أحمد منصور: شخصيتك كانت شخصية بتميل دائما وربما إلى وقت قريب إلى عدم الظهور؟ إلى عدم التحدث إلى وسائل الإعلام؟ إلى عدم حتى الإعلان عن كثير من العمليات التي ربما تقومون بها، تتجنبون إصدار بيانات في الوقت الذي كان كل من يطلق طلقة أو يرمي قنبلة كان يطلع بيان حول هذا الموضوع، ما هي استراتيجيتك في هذا الأمر؟ وأما تشعر أنها جعلت الآخرين يجنون كثيرا من ثمار ما زرعتموه أنتم؟
أحمد جبريل: هو بالحقيقة أنا كنت أنظر أن المعركة طويلة وصعبة وقاسية ويمكن تحتاج إلى أجيال فلذلك يجب أن نعد أنفسنا الإعداد الصحيح والابتعاد عن جني المكاسب الرخيصة..
أحمد منصور: اللجنة المركزية لحركة فتح وافقت على هذا التحالف الذي تم بينكم وبين حركة فتح؟
أحمد جبريل: طبعا وافقت ورحبت وأتوا منهم أفراد متعددين وتعرفنا عليهم في دمشق في هذا الموضوع وزرناهم أيضا في الكويت زيارات متعددة وبنينا بين بعضنا علاقات أخوية وعلاقات صداقة وعلاقات نضالية في هذا الموضوع..
أحمد منصور: هل قمتم بعمليات مشتركة مع فتح؟
أحمد جبريل: طبعاً.
أحمد منصور: ما هي أهم هذه العمليات؟
(4/178)
أحمد جبريل: من بعد هذا العمل يعني إحنا بدأنا نتحمل مسؤولية العمل العسكري الفعلي..
أحمد منصور: ما هو شكل المسؤولية العسكرية التي تحملتموها؟
أحمد جبريل: يعني مثلا أنه والله كيف فيه من الضفة الغربية نعمل؟ هل فيه لدينا مجموعة بتذهب هذه المجموعة تقوم بعمل ننسبه إلى فتح ويخرج فيه بيان في فتح عارف كيف في عبر المواجهة السورية..
أحمد منصور: يعني خلاص جبهة التحرير الفلسطينية..
أحمد جبريل: خلاص انتهت..
أحمد منصور: انتهت..
أحمد جبريل: عارف كيف يعني في هذا الموضوع من لبنان كل هذا الموضوع لكن..
أحمد منصور: حجم العمليات ونوعيتها إيه في تلك المرحلة؟
أحمد جبريل: أقول كانت يعني عمليات ليست هي عمليات كبيرة حتى البيان الأول للإخوان اللي في فتح وعلموا إليه ديباجة سياسية كان هو عبارة عن طلقة وليس فعليا يعني هما قالوا ما عجز عنه الحكومات العربية والجيوش العربية في منع إسرائيل من أخذ مياه نهر الأردن وطبرية إلى النقب، ففتح استطاعت أن تدمر نفق عيلبون وتمنع تدفق المياه..
أحمد منصور: بس هذا لم يحدث.
أحمد جبريل: هما قاموا بعملية ولكن عملية محدودة هذا نفق عيلبون بده خمسة طن أو عشرة طن متفجرات لحتى مش من خلال عشرة كيلو جرام من المتفجرات في هذا الشأن..
أحمد منصور: يعني كان الجانب الدعائي بيغلب على الجانب الحقيقي.
المشاكل مع فتح
أحمد جبريل: طبعاً لا وهذه إحدى المشاكل اللي كنا نعانيها في هذه القيادة المشتركة..
أحمد منصور: كيف؟
(4/179)
أحمد جبريل: يعني كنا نقول يا إخوان مشي الحال البلاغ رقم واحد لكن بلاغاتنا يجب أن تكون متزنة وتكون صادقة يكفينا ما هذه الدعايات النظام الرسمي العربي التبهير والكذب والتهويل من أحمد سعيد وإذاعة صوت العرب، إحنا يجب أن تستقبلنا الجماهير بأننا ناس لدينا شفافية وصدق معين بالحقيقة بالمقابل في ناس كانوا في الإخوان في فتح غير مؤمنين فيها بالذات الأخ ياسر عرفات وأعطي حادثة وأرجو أن يكون الأخ محمود الخالدي يعني أن يسمعني في هذا الموضوع، كان محمود الخالدي وفضل شرورو مسؤول عن الناحية الإعلامية يعني إصدار البيانات فاتصل بي محمود الخالدي، قال لي يا أبو جهاد بدي أشوفك ضروري أجي ولا جايب لي بلاغ أعطي إياه أبو عمار نسف جسر من سبعة عيون على طريق بئر سبع ودمر هذا الجسر تدميرا كاملا وقطع الطريق لبئر سبع بين يعني فلسطين وسط فلسطين المحتلة وبئر سبع باتجاه إيلات، فتفرجت أنا على البلاغ قلت له يا أخي إحنا اتفقنا بدنا نخاطب الجماهير بصدق أنت عارف هذا الجسر سبعة عيون عارف كيف، جسر بعين واحدة أو عينتين هذا يحتاج إلى عشرات أو مئات الكيلوجرامات من المتفجرات يمكن الأخ أبو عمار ما بيعرف شو معني كمية المتفجرات..
أحمد منصور: أنت كخبير متفجرات عارف يعني ما هو تأثير هذا الأمر..
أحمد جبريل: طبعا بعرف أنه بدها مئات طيب هذه الدورية اللي بدها تروح ثلاثة، أربعة عشان تنسف الجسر ماذا تستطيع أن تحمل؟ عارف كيف فيه دورية بعيدة المدى في هذا الموضوع وأوقفنا البيان..
أحمد منصور: دب الخلاف بينكم وبين حركة فتح..
أحمد جبريل: الخلاف حقيقة عشان نكون إحنا صادقين لم يدب بيننا وبين حركة فتح، الخلاف دب بيني أو بيننا وبين الأخ أبو عمار من خلال تصرفات متعددة..
أحمد منصور: ما هي أهمها؟
أحمد جبريل: أولاً المال. هو متمسك فيه عارف كيف؟ فطرحنا أنه هذا المال يجب أنه..
أحمد منصور: إلى اليوم..
(4/180)
أحمد جبريل: عم أقولك إلى اليوم أنه يجب أنه يمسكه ما بيصير إحنا قيادات نمسك المال نختار كادر أمين هو يتحمل هذه المسؤولية، بعد ضغط شديد منا ومن الأخوة في فتح استحضر أبو عمار معه رجل، أستاذ في جامعة دمشق حسام الخطيب، دكتور حسام الخطيب وقال هذا مسؤولنا المالي أنا استغربت هو يمكن يظهر أبو عمار ما بيعرف منه أنا بعرف الدكتور حسام الخطيب وهذا كان بالحزب الشيوعي بين عشية وضحاها أصبح في حركة فتح كيف؟ عارف كيف يعني جديد فأنا عرفت أنه الأمر ما هو جدي في موضوع تسليم القضايا المالية إلى شخص يعني يقوم بالصرف على المجهود العسكري اللي نقوم فيه هذا الموضوع الأول، الموضوع الثاني المبالغة في القرارات في البلاغات العسكرية بشكل حتى في منهم بعض البلاغات لم تحدث..
أحمد منصور: ألم يكن هذا ضرورة لرفع معنويات الناس.
أحمد جبريل: أنا بأعتقد يعني إنه إحنا طرحين نفسنا نقيض لمسلكية النظام الرسمي العربي هل نقلد هذا النظام أو الأنظمة الرسمية العربية بهذا الأسلوب هذا الموضوع الثاني، الموضوع الثالث عدم انضباط الأخ أبو عمار في دوامه يعني نكون موجودين في سوريا نفتقده عشرة خمسة عشر يوم عشرين يوم بدون أن يستأذنا بدون ما يقول أنا بدي أروح لهذا الشيء يعني..
أحمد منصور: هو الزعيم اللي معاه الفلوس..
أحمد جبريل: ما نشوفه إلا بعد خمسة عشر عشرين يوم عاد وين كنت عارف كيف يقول أنا سافرت كده وسافرت كده بهي المواضيع هاي حتى في أحد المرات والإخوة بيعرفوا هذا الموضوع مسكته وأخذت منه جواز السفر تبعه يعني هيك عنوة عارف كيف فوجدت أنه مسافر إلى قبرص وإلى السعودية وقبرص فسألته يعني ليش هذا الموضوع هذه السفرات؟ اشرح لنا إذا كان فيها فائدة للعمل قول لنا شو هي فوائد العمل في هذا الشأن، أيضا..
أحمد منصور: لم يكن يخبركم بما يتم..
(4/181)
أحمد جبريل: ثم حكّمنا الإخوان في الكويت، في اللجنة المركزية وبُلِّغ إنه عليه أن يلتزم عارف كيف في عمله وعدم مغادرته إلا بعد الاستئذان من هذه القيادة اللي هي ثمانية أشخاص التي تقود هذا العمل.
[فاصل إعلاني]
قرار تجميد عرفات
أحمد منصور: أنا وجدت إن يزيد صايغ في نقلا عن نزيه أبو نضال في كتابه تاريخية الأزمة في فتح من التأسيس إلى الانتفاضة يقول لقد فشل الاندماج بين فتح وبين جبهة التحرير الفلسطينية التي تقودها، دفع الجبهة -هذا الفشل- دفع الجبهة المركزية لفتح في 29 أبريل في اجتماعها الذي عقد من 29 أبريل إلى اثنين أيار بطرد ياسر عرفات وإدانته بتهم متعددة وكانت لائحة الاتهام طويلة إذ بدأت برفضه الالتزام بالقرارات الجماعية وانتقلت إلى اتهامه بالاستزلام وبشراء الناس بالمال وإساءة استخدام الأموال والسفر إلى لبنان وقبرص والسعودية دون موافقة مسبقة ومن دون حسابات مالية صحيحة وانتهاك التوجهات العسكرية وقائمة طويلة عريضة وذُيِّل القرار بسحب الثقة من محمد ياسر عرفات القدوة الملقب برؤوف أبو عمار.
أحمد جبريل: محمد رؤوف القدوة.
أحمد منصور: محمد رؤوف وتكليف يوسف عرابي أن يحل محله وبدأ عرابي بتسلم مقر جبهة فتح في دمشق لكنه قُتِل في تسعة مايو في أحد المعارك؟
أحمد جبريل: يعني هذا غير مطلع إطلاع كامل.
أحمد منصور: أطلعنا أنت بقه على الجانب؟
أحمد جبريل: هو مثل ما قلت لك..
أحمد منصور: هذه رؤية الرؤية التي عندك أنت؟
أحمد جبريل: يعني بدأت خلافات تماما هي الأسباب هاي عارف كيف والتفرد، التفرد مش علينا إحنا كجبهة يعني كجبهة تحرير فلسطين حتى على الإخوة في فتح يعني أنا مرات كنت اتصل بالشهيد أبو جهاد أسأله أبو عمار وين؟ قال لي والله ما بعرف وين تخيل في مرة من المرات فقدناه عشرة خمسة عشر يوم صرنا نسأل بالكويت والكويت يسألونا انفقد الرجل واللي بعد ذلك عرفنا أنه موقوف عند السوريين..
(4/182)
أحمد منصور: صحيح هل أوقفه الرئيس أمين الحافظ؟
أحمد جبريل: ما شفناه موقوف عند السوريين إحنا انهزت يعني تضايقنا..
أحمد منصور: كانت علاقتكم قوية بالسوريين وقتها؟
أحمد جبريل: كان لا طبعا إحنا في سوريا وعندنا من قيادتنا من هم كانوا زملاء مع أمين الحافظ مثل..
أحمد منصور: رغم إن أمين الحافظ هو الذي أبعدك من الجيش؟
أحمد جبريل: ما أذكر هذا الموضوع فشكلنا وفود شعبية من المخيمات يعني قيادات ومقاطير وذهبنا إلى أمين الحافظ في القصر الجمهوري في المهاجرين.
أحمد منصور: تفتكر التاريخ أنا التاريخ عندي وجدته نهاية 1965 لكن هل تذكره بالدقة؟
أحمد جبريل: لا هو مش نهاية 1965 هذا الكلام يعني بدك تقول في الشهر الرابع أو الخامس..
أحمد منصور: يعني مايو 1965؟
أحمد جبريل: مايو 1965 فذهبنا في وفد لمقابلة أمين الحافظ اللي كان هو حاكم سوريا وأذكر في الاجتماع كان يجلس على يمينه نور الدين الأتاسي كأنه اليوم فقلنا لأبو عبده يا أخ أبو عبده إنه فيه عندك واحد شاب محمد رؤوف القدوة موقوف هذا.. هذا ما بيصير يعني إحنا عارف كيف وهذا مناضل وكذا وإلى آخره، فضحك أمين الحافظ قال أنتم تعرفوا ليش موقوف هذا قبل يعني ما تسترسلوا في هذا الحديث؟ قلنا له ما بنعرف حتى الإخوان في فتح ما بيعرفوا اللي معنا يعني رفاقه قال أنا الآن سأحضر رئيس الأركان للجيش اسمه شنيوي محمد شنيوي لواء وحقيقة خلال عشرة دقائق وقال له جيب لي دبارة تبع محمد رؤوف القدوة جاب هذه الادبارة وبدأ يقرأ علينا فياسر عرفات في ذلك الوقت لم يكن لديهم عناصر مقاتله ففيه عناصر من الكتيبة 68 مصرحين.
أحمد منصور: اللي هي كتيبة الاستطلاع الفلسطينية في الجيش السوري؟
(4/183)
أحمد جبريل: في الجيش السوري.. فاستطاع أنه يبني علاقة بعد مع بعضهم وها دول أغلبهم إذا ما بتعرفهم مضبوط بيظل مربوط بجهاز المخابرات يعني هوه طلب منهم أن يقوموا بعملية هذه العملية نسف أنبوبة تابلين اللي جايلنا تبع أرامكوا اللي جايه من السعودية.
أحمد منصور: أنا قرأت عن هذا أيضا فعلا يعني هوه إتهم؟
أحمد جبريل: من الجولان إلى لبنان فها دول خبروا عارف كيف أنه هذا الموضوع شو بيخص هذه القضية الفلسطينية خبروا المخابرات السورية، المخابرات السورية طلبوا منهم أن يتابعوا هذا الموضوع فتابعوا وأُلقى القبض على أبو عمار وهو يسلمهم المتفجرات في منطقة اسمها سعسع يعني..
أحمد منصور: لنسف خط التابلين الخاص بالنفط السعودي؟
أحمد جبريل: لنفس أنبوبة تابلين في منطقة بانياس فنحن حقيقة أصبح مثل كأنه على رأسنا الطير أمام أمين الحافظ، معقول أحد الإخوان من الضباط قال له يا أبو عبده بيجوز هذا نتيجة إهمال أجهزة المخابرات والتعذيب وإلى آخره، فرئيس الأركان الشنيوي قال يا إخوان والله ما ضربناه كف اعترف هو بكل شيء في هذا الموضوع، في النهاية أردنا نلفلف هذا الموضع عارف كيف فقال أمين الحافظ ونظر إلى علي بوشناق وقال له ماشي الحال هلا أنا ببعته عندك على البيت، عارف كيف بس مرة ثانية إذا بده يتصرف أي تصرف هون مثل هذا التصرف أنا بدي أعلقه في المرجى هلا أما عارف كيف.
أحمد منصور: في ظروف غامضة قتل؟
أحمد جبريل: بس وذهبنا إلى بيت علي بوشناق نحن وإخوان خليل الوزير وإجى أبو اللطف من.. وأبو إياد من الكويت وقعدنا ننتظر حتى إجي أبو عمار وأذكر جيدا أبو عمار أتى وركع على الأرض بالطريقة البوذية وقال شكرا.. أشكركم.. عارف كيف فسألته أنا.
أحمد منصور: ما هو السؤال بالضبط؟
(4/184)
أحمد جبريل: فسألته هل كنت أنت بدك تنسف أنبوبة تابلين؟ قال نعم، قلت له ليش؟ قال لدينا معلومات أن الإسرائيليين دخلوا داخل الأراضي السورية وأنبوب التابلين يبعد أربعة كيلو متر عن حدود 1948 وأخذوا (Branch) يعني مثل ما بيقولوا.
أحمد منصور: فرع يعني.
أحمد جبريل: فرع من هذا الأنبوب إلى كريات شمورة فأنا أردت أن أسلط الضوء على هذه السرقة من أنبوب التابلين..
أحمد منصور: عمل وطني.
أحمد جبريل: فأنا استغربت قلت له أنت مهندس وإحنا مهندسين كل الباقي متعلمين شو ها الكلام هذا؟ الأنبوب إذا بيرشح نقط يستطيعوا هذه الشركات تكتشف وين رشح وتستطيع أن تقوم بصيانته، آخذين (Branch)؟ طيب ماشي الحال، الأميركان بدهم يعطوا الإسرائيليين نفط بيعطوه بهذه الطريقة بيعطوه والله بحاملات للنفط من مكان آخر وحقيقة هذا الموضوع هو لغز من الألغاز واستغربت أكثر عندما قتل واغتيل الملك فيصل أبّنه عرفات وقال أنا أعلن لأول مرة أن القرش الأول الذي أخذته حركة فتح هو من الملك فيصل، فالسؤال طيب هذا النفط سعودي فلماذا تتم هذه العملية وهذه العملية لابد من تمحيصها أكثر وأكثر وسؤال الأخ ياسر عرفات..
أحمد منصور: يعني لا زالت الأسرار عنده؟
أحمد جبريل: هي عنده.
أحمد منصور: مثل كثير من الأسرار؟
أحمد جبريل: بحيث إنه حتى كنا الجالسين لم نقتنع في هذا الكلام، بعد ها التطور ها الخلافات هاي نحن أرسلنا وفد إلى الكويت..
أحمد منصور: حيث المقر الرئيسي لفتح؟
أحمد جبريل: المقر الرئيسي لفتح لنناقشه حول مستقبل العلاقة بيننا وبينهم هل سيتمر بهذا الأسلوب أم ماذا؟ عارف كيف وذهب علي بوشناق وفضل شرورو والتقوا معهم وكنا على اتصال فوجدوا الإخوان أننا محقين من أبو لطف لعبد الله لعادل عبد الكريم لخالد الحسن عارف كيف كلهم أتوا لدمشق ثم أخذنا يعني أخذوا قرار بما فيه اللي هو تجميد ياسر عرفات..
أحمد منصور: متى اتخذتم هذا القرار؟
(4/185)
أحمد جبريل: هذا يعني بدك تقول بشهر خمسة..
أحمد منصور: مايو 1965؟
أحمد جبريل: 1965 بتجميده وترحيله من سوريا وعودته للكويت..
أحمد منصور: هذا قرار هيئة تنفيذية؟
أحمد جبريل: قرار اللجنة المركزية..
أحمد منصور: اللجنة المركزية.
أحمد جبريل: حتى بما فيه الشهيد خليل الوزير وافق عليه.
أحمد منصور: كان أبو عمار يجلس في هذه الجلسات.
أحمد جبريل: لا في هذا رفضوا أن يجلس فطلبنا منهم إحنا أن تعالوا أنتم يا إخوان أنتم من جسم حركة فتح تعالوا بلغوا الإخوان في سوريا أنه أبو عمار جمد ويجب إنه والله أن يغادر.
أحمد منصور: هل وضعوا شخص بديل مكانه للاتصال بكم وترتيب الأمور معكم؟
أحمد جبريل: لا.. لا..
أحمد منصور: أنتم كان أمر تعتبروا أنتم شيء واحد.
أحمد جبريل: الوزير كنا نعمل إحنا وياه.
أحمد منصور: أبو جهاد.
أحمد جبريل: أبو جهاد بكل ثقة والأخ محمود الخالدي ثم أضيف إليهم بعض الإخوة الآخرين الموجودين، فأجى وفد اللي هو..
أحمد منصور: إيه هي المبررات التي استندت إليها اللجنة المركزية في فتح بتجميد عرفات؟
أحمد جبريل: هو أولاً لأن إحنا حكينا معه مثلا..
أحمد منصور: وتأكدوا من المعلومات التي ذكرتها هذه؟
أحمد جبريل: من عادل عبد الكريم وعبد الله الدمام وعدم اقتناعهم في عملية التوقيت..
أحمد منصور: توقيت انطلاق الثورة..
أحمد جبريل: التوقيت فوافقوا فيها على مضض، ثم الممارسات اللي حصلت بعد الالتحام نحن والإخوان في فتح، إنه لماذا هذا جسم عسكري موجود في منطقة المواجهة ونحن نكمل بعضنا ليش هذه التصرفات؟
أحمد منصور: ماذا بعد ما طلبتم أو طلبتم منهم أن يكونوا؟
أحمد جبريل: طلبنا منهم أن يأتوا إلى سوريا ويبلغوا الإخوان في سوريا ونحن لا نريد أن نبلغهم..
أحمد منصور: هل أبلغوا السوريين؟
(4/186)
أحمد جبريل: طلعوا لعند أحمد سويدان رئيس الأركان لا شيء قالوا له هذا البلاغ فأجابهم قال لهم أنا بفهم فتح هي ياسر عرفات وياسر عرفات هو فتح واليوم اللي بده يمشى ياسر عرفات من هون لن تكون فتح موجودة على الأراضي السورية وهذا كان السبب المباشر لعبد الله الدمام وعادل عبد الكريم أن يتركوا فتح..
أحمد منصور: في ذلك الوقت..
أحمد جبريل: في ذلك الوقت فاضطروا الإخوان الباقين في الكويت ويبقى الشهيد خليل الوزير أن يقبلوا يعني بهذا الحل أن يبقى ياسر عرفات، عندها شعرنا إحنا ما عاد فيه قدرة للاستمرار..
أحمد منصور: مصادر مضادة لما تقوله تقول بأنك أنت الذي سعيت لإنهاء هذا التحالف بعدما شعرت أن عرفات يشكل تهديدا لسلطتك.
أحمد جبريل: يعني هذا مبالغ فيه الكلام وأنا كنت صادق وصريح في هذا الموضوع وأمامنا الله وفيه ناس شاهدين من الأحياء يمكن أن تراجعوهم في هذا الموضوع، أما تقولي فلان بالمرتبة الثالثة أو الرابعة في حركة فتح الآن عنده وجهة نظر هادول أسماء أنا حكيت لكم إياهم وأنتم تستطيعوا أن تسألوهم فوجدنا في النهاية لا يمكن الاستمرار في هذا الموضوع وبدأت عناصرنا التحتية المقاتلة تضغط علينا أن إحنا وين بدنا نواصل بهذا الطريق..
أحمد منصور: متى أنهيتم؟
أحمد جبريل: فانفككنا في شهر ستة..
أحمد منصور: فقط، ستة أشهر فقط أو أقل..
أحمد جبريل: انفككنا ستة أشهر فبعد أن انسحب جسم جبهة التحرير الفلسطينية حصل فراغ في داخل فتح.
أحمد منصور: رجعتم إلى نفس الاسم القديم.
أحمد جبريل: رجعنا إلى جبهة التحرير الفلسطينية.
مقتل يوسف عرابي
أحمد منصور: هناك علامات استفهام كثيرة تدور حول مقتل يوسف عرابي؟
(4/187)
أحمد جبريل: هنا سآتي إليه، فالإخوة في فتح يريدوا أن يعوضوا جسما عسكريا عارف كيف؟ كيفهذا الموضوع فأيضا مثل ما قلت لك أنا أحمد السويداني كان متعاطف معهم، مع الإخوة في فتح تعاطف كبير في هذا فبدأت حزب البعث ينشط لاحتواء فتح لأن إحنا هذه منظمة موجودة على أرضنا لاحتوائها فأُصدِرت أوامر لمجموعة من الكوادر البعثية للدخول في حركة فتح، يوسف عرابي، مجاهد سمعان، ضباط فهمي هوين.
أحمد منصور: في 18 مايو 1966 قتل يوسف عرابي ومحمد حشمت في ظروف لا زالت غامضة إلى اليوم، ما هي معلوماتك؟
أحمد جبريل: قبل ما يقتل يوسف عرابي بأربعة أيام إجه زارني وقالي أنا لم أعد أستطع أن أتحمل هذا الإنسان..
أحمد منصور: على ياسر عرفات..
أحمد جبريل: على ياسر عرفات، هذا يريدنا أن نكون عبارة عن أقنان أو عبيد نقوم بالعمل العسكري والمأجور فأنا ضحكت في هذا الموضوع، قلت له أنا خبرتك قبل هذا أنت ما صدقت وأنا فوجئت بعد ذلك باللي حدث يعني ليوسف عرابي ولكن عندما دققت بهذا الأمر كان مقرر أن يتم اجتماع بين يوسف عرابي وأبو عمار في إحدى المقرات اللي مستأجرة لحل الخلاف فيما بينهم..
أحمد منصور: كان عندهم خمس مقرات في داخل دمشق.
(4/188)
أحمد جبريل: هقولك يعني فيه مقر في منطقة المزرعة يعني أعرفه أنا فلم يحضر أبو عمار هذا الاجتماع وراح يوسف عرابي على هذا الاجتماع وأبو عمار ذهب وأثبت وجوده قام ضابط فلسطيني في قوى الأمن والمخابرات السورية اسمه منيب المجدوب ذهب هوه وأبو جهاد خليل الوزير وكانوا موجودين وهذا مكتبه قريب للمكتب اللي حدث فيه الحادث، فيوسف عرابي انتظر ياسر عرفات فما إجه فبدأ هو عصبي شوي يعني الله يرحمه يوسف هو عنده مزاجية معينة، فيقال أنه يوسف عرابي سحب مسدسه إلى آخره ففيه واحد اسمه الزغموط فأخذ بندقية من جوه وأطلق النار على يوسف عرابي وأصاب محمد حشمت بالغلط من هو وقتل وقتل الاثنين والزغموط اعترف بالأشياء اللي حصلت وبقي في السجن حتى توفي في السجن وحكم عليه مؤبد.
أحمد منصور: وكان حارس بسيط يقال كان حارسا في المكان يعني.
أحمد جبريل: كان حارس في المكان بعد أيام خلال الأربع وعشرين ساعة أعتقل ياسر عرفات وخليل الوزير وأبو صبري..
أحمد منصور: واعتقلت أنت أيضا؟
أحمد جبريل: واعتقلت أنا وعلي بوشناق..
أحمد منصور: كلكم على ذمة مقتل يوسف عرابي..
أحمد جبريل: مقتل يوسف عرابي لأن هذا هو عضو أولاً ضابط في الجيش العربي السوري وبعثي ومن أعلى الضباط البعثيين الفلسطينيين في هالموضوع هذا وُضِعنا في السجن المَزّة العسكري حتى بزنزانات انفرادية ثم نُقِلنا إلى مطار دميغ هناك سجن وشكلت لجنة تحقيق أشرف عليها الرئيس حافظ الأسد وكونه وزير دفاع وكان رئيس اللجنة ناجي الجميل ومحمود عزام ونحن استغربنا لماذا نحن يعني أنا وعلي بوشناق نعتقل..
أحمد منصور: لكن لم تستغرب لاعتقال عرفات وأبو..
أحمد جبريل: يعني هناك مشكلة بين بعضهم لكن نحن..
أحمد منصور: لستم طرفا يعني..
(4/189)
أحمد جبريل: لسنا طرف لا من قريب ولا من بعيد ونحن منذ أشهر تركنا العلاقة بين بعضنا البعض... أما تردد يوسف عرابي عليه كان من قبيل أنا وإياه أصدقاء وبدورة واحدة وكان يأتي يشكي بعض الهموم وبعض الأشياء الموجودة وكنت أقوله أنتم ارتضيتم بهذا الموضوع عليكم بأن تتحملوا المسؤولية في هذا الشأن.
أحمد منصور: ما الذي انتهى إليه التحقيق؟
أحمد جبريل: التحقيق اللي انتهى إليه أنه كان هناك اتجاه أنه كُلِف الزغموط في قتل يوسف عرابي بتحريض من أبو عمار هكذا عارف كيف.
أحمد منصور: من الذي أبلغك بهذه النتيجة؟
أحمد جبريل: ما هو ناجي جميل ومحمود عزام هما اللي كانوا يتابعوا وهم أصدقائي ناجي جميل موجود حتى الآن ومحمود عزام توفى كان استلم معاون قائد قوات الجوية محمود عزام الأخير فسألناه إحنا على مرات عديدة على لجنة التحقيق قال كان لدينا شك كبير أو يعني أن الزغموط قد حُرِض من ياسر عرفات وكون ياسر عرفات يتقن اللهجة المصرية عارف كيف وعندكم في مصر مرات ضحكوا هيك ولو بالمزح إذا إجه بتضربه بالنار يظهر قيل للزغموط بمعنى أنه إذا إجه وحاول يعمل هذا تضربه بالنار ويمكن هو ياسر عرفات لا يقصد تماما هذا الموضوع عارف كيف يعني بحذافيره عندنا إحنا فهم مختلف عن هذه الألفاظ نعم إذا إجه وبده يعمل مشاكل أطلق عليه النار عارف كيف يعني أبو عمار. بعد أربعة أيام من اعتقالنا ابن الشهيد خليل الوزير وقع من الطابق الثاني في بيته اسمه نضال وطفل يعني وقتل فأخرج من السجن وبقينا أنا وعلي بوشناق وأبو عمار وصبري أبو صبري في السجن وجُمِد يعني العمل..
أحمد منصور: التحقيق يعني..
(4/190)
أحمد جبريل: لا نتيجة التحقيق يعني موضوع التحقيق ثم وضعنا مع بعضنا في سجن في الدمير وكنا بغرفة واحدة ونمزح يعني ما فيه مشكلة بيننا وبين الإخوان في فتح.. دخلنا وفككنا بكل هدوء ومن ثم بدءوا تجربة مع البعثيين وهكذا حصل هذا الموضوع، لكن بعد ما خرج أبو جهاد خليل الوزير راح عند أحمد السويداني، أحمد السويداني دعمه بالإمكانات..
أحمد منصور: ما هي المدة التي بقيتم فيها في السجن على ذمة قضية مقتل يوسف؟
أحمد جبريل: يمكن شهر ونصف أو شهر..
أحمد منصور: خمسة وأربعين يوم فيه كثير من..
أحمد جبريل: بينما أبو جهاد خليل أيام يعني فتهنا بالإمكانات من أحمد السويداني قال له اذهب وأعمل وعمل هذا اللي بيخلي يتم الإفراج عن ياسر عرفات عارف كيف في هذا الشأن هذه هي القضية المتعلقة في يوسف عرابي وللأسف كتبها الكثير بشكل مشوه..
العمليات ضد إسرائيل
أحمد منصور: قرأت حتى التواريخ مشوهة حتى الربط بين المعلومات مشوه وربما من خلال أكثر من مصدر رجعت إليه أنا أول مرة أسمع هذه الرواية وأنت طرف رئيسي في الموضوع فربما تميط اللثام عن كثير من ملابساتها، بين الفترة من 1965 منذ إعلان فتح للبيان الأول وحتى خمسة يونيو 1967 لم تزد العمليات العسكرية التي تمت ضد الإسرائيليين كما ذكرت كثير من المصادر عن حوالي مائة وثلاثين عملية فقط، ما هي أهم العمليات ونوعيتها التي تم تنفيذها من قبلكم أنتم في الفترة من 1965 إلى خمسة يونيو 1967؟
أحمد جبريل: يعني أولاً في منطقة بيت جبرين جنوب غرب الضفة الغربية قمنا بعملية كبيرة قتلنا مجموعة من الإسرائيليين..
أحمد منصور: تذكر تاريخها؟
أحمد جبريل: يعني أعذرني ما كنت محضر نفسي..
(4/191)
أحمد منصور: أنا رجعت إلى الدكتور طلال ناجي الأمين العام المساعد لجبهتكم في كتابه في صفحة 1965 يقول نسفنا قطار القدس منتصف عام 1966، نسفنا السكة الحديد في نفس المكان، هاجمنا مستعمرة دهشوم في الجليل الأعلى، نسفنا خزان للمياه ومحطة للكهرباء، زرعنا الألغام في ملعب لكرة القدم انفجر باللاعبين العسكريين واستشهد خالد الأمين في 13 يناير 1967 يعني نوعية هذه العمليات...
أحمد جبريل: ضربنا باص للعدو على الطريق بين صفد والجعونة عارف كيف وكانت ضربة مؤثرة كبيرة للعدو..
أحمد منصور: هذه العمليات هل يعني كما قيل أنها لم تفعل شيئاً في إسرائيل، لم تهز شيئا في إسرائيل، لم تغير شيئا في إسرائيل كل ما حدث أنها كانت مجرد شيء مزعج لإسرائيل ألم تورطوا أنتم بهذه العمليات التي لم توجع الإسرائيليين وإنما كانت الهدف الأساسي هو إخراج بيانات للحديث عن المقاومة، ألم تورطوا العرب في هزيمة 1967؟
”
العناصر والشهداء الذين استشهدوا في بداية المرحلة وخاصة أول شهيد لفتح أحمد موسى الدلقي وأول شهيد لنا خالد الأمين وهذه المجموعات كانت صادقة في قتالها وإيمانها ضد هذا العدو الإسرائيلي
”
أحمد جبريل: لا شك أن الإنسان يقوم بعملية نقد ذاتي لنفسه أنا أقول إنه العناصر والشهداء الذين استشهدوا في هذه المرحلة وخاصة أول شهيد لفتح أحمد موسى الدلقي وأول شهيد لنا خالد الأمين وهذه المجموعات كانت صادقة في قتالها وإيمانها، في نضالها ضد هذا العدو الإسرائيلي..
أحمد منصور: طيب أعود إلى هذه النقطة وإلى هذه الرؤية التي تستدعي نقدا ذاتيا ورؤية خالية من العواطف للأحداث، الآن بعد مرور هذه السنوات لابد من رؤية عقلية وأن يعود الناس من عواطفهم إلى عقولهم ليدركوا ما حدث للأمة من خلال هذه المسيرة.
أحمد جبريل: أنا تكلمت مش بس هلة وسابقا في لقاءات إنه إحنا فرض علينا التوقيت..
(4/192)
أحمد منصور: يعني أنتم الذين تورطتم ولم تورطوا الأنظمة العربية أو ورطتموها في 1967.
أحمد جبريل: إحنا وُرِطنا.
أحمد منصور: يعني حركة فتح هي التي ورطت النضال الفلسطيني كله؟
أحمد جبريل: ورطتنا طبعا تحت سياسة الأمر الواقع والعواطف نحكي بكل صراحة في هذا الموضوع، كنا نشعر أن مصر وسوريا اللي هما معول عليهم كدول مواجهة كانت غير قادرة على تلقي أي صدمة بسبب الأحداث الداخلية الموجودة سواء للوجود المصري في اليمن أو التناحر على السلطة في سوريا في هذا الموضوع، فنحن بالتأكيد لو تُرك لنا لما كان هذا التوقيت.
أحمد منصور: طيب بشفافية وأنت كنت ربما القوى العسكرية الأساسية في تلك المرحلة هل ترى أن هذا التحرك وهذه العمليات هي التي ورطت العرب في هزيمة 1967.
أحمد جبريل: أنا ما أنا متأكد وهي كانت سبب مباشر لأنه إذا أخذنا السيناريو بتاع 1967 هو بالشكل التالي بدأ الإسرائيليين يحذرون سوريا من احتضان جبهة التحرير الفلسطينية وفتح وإذا رجعت للأرشيف الإسرائيلي تجد هذا الموضوع.. ورابين كان رئيس الأركان قال بالحرف الواحد قبل شهرين من 1967 إذا لم تتوقف سوريا سندخل ونصل دمشق..
أحمد منصور: كان التهديد إلى سوريا كان واضحا في تلك المرحلة..
أحمد جبريل: لسوريا ومصر غير...
أحمد منصور: إستراتيجيتكم كانت ماذا في تلك الفترة؟ أنتم كفصائل فلسطينية مسلحة؟
أحمد جبريل: بس أقولك الخريطة كانت الملك حسين كان يشن حملة كبيرة على مصر وعلى الرئيس عبد الناصر وإذا رجعت للأرشيف تشعر أنه..
أحمد منصور: كان تنابذ بالألقاب..
أحمد جبريل: من خلال الصحف والمجلات..
أحمد منصور: تنابذ بالألقاب..
أحمد جبريل: مو بالألقاب اتهام الرئيس عبد الناصر بالجبن والتخاذل واختفاؤه وراء قوات الطوارئ الدولية..
أحمد منصور: في سيناء..
أحمد جبريل: والسماح للسفن الإسرائيلية بالعبور..
أحمد منصور: هل هذا كان جر للمعركة؟
(4/193)
أحمد جبريل: أنا بأعتقد هذا الشيء عارف كيف يعني كل واحد عم يأخذ دور معين..
أحمد منصور: بتسمح لي في الحلقة القادمة أبدأ معك من الأسباب التي أدت إلى هزيمة 1967 والأطراف التي لعبت كل بدوره في تحقيق هذه الهزيمة ومدى المسؤولية التاريخية التي تقع على الفصائل الفلسطينية، أشكرك شكراً جزيلاً كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/194)
الحلقة4(4/195)
الثلاثاء 8/3/1425هـ الموافق 27/4/2004م(آخر تحديث) الساعة 12:24(مكة المكرمة), 9:24(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
25/04/2004
- مسؤولية الفصائل الفلسطينية في هزيمة 1967
- سقوط الجولان ونجاح سياسة التوريط
- إستراتيجية الفصائل العسكرية بعد النكسة
- أسباب الخلاف بين الفصائل والقوميين العرب
- قصة القبض على جورج حبش
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر، حيث نواصل إلى استماع شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيك.
مسؤولية الفصائل الفلسطينية في هزيمة 1967
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند هزيمة العام 1967 وسألتك عن أسباب الهزيمة ومدى المسؤولية التي تتحملها الفصائل الفلسطينية التي سعت لعملية التوريط عام 1965 ثم ورطت العرب جميعا أو تورط العرب جميعا في هزيمة كبيرة في خمسة يونيو 1967.
أحمد جبريل: هو بالتأكيد أنا أجزم أن هناك قيادات في فتح لم تكن تدرك يعني حجم وردود الفعل لهذه الأعمال وهناك أيضا أنا أعتقد أنه اتجاه في داخل حركة فتح قد دُفع من جهات لمثل هذا التوقيت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أنتم شاركتم والباقون شاركوا.
(4/196)
أحمد جبريل: مضبوط يعني أنا أقول إنه عندنا بعض رفاق لم يقدروا طبيعة وردود الفعل على العدو واعتبروا أن الشراكة مع فتح هي الآن واجب وطني يجب أن نستمر به فالسؤال أنا اللي كنت أسأله باستمرار إنه إحنا كنا في العمل العسكري نود أن نُبعد الشبهة أن هذا العمل ينطلق من الأراضي السورية، إذا عدت إلى العمليات تجد أن العمليات اللي قمنا بها هو في عمق الأراضي الفلسطينية في الجليل في منطقة صفد يعني كنا نبعد..
أحمد منصور: أنتم كجبهة تحرير؟
”
هناك قيادات في فتح لم تكن تدرك حجم ردود الفعل من قبل إسرائيل على العمليات التي تُشن منطلقة من الأراضي العربية المجاورة
”
أحمد جبريل: نحن كجبهة، بالمقابل كان أحمد السويداني يصر أن تتم عمليات على القشرة من قبل الأخوة في حركة فتح..
أحمد منصور: يعني خطوط التماس القريبة بينكم.
أحمد جبريل: التماس إيه أنا بالجبهة على بعد كيلو من هالجبهة لا يزال هذا لغز محير لغز محير أن عناصرنا التي تدخل إلى العمق وتعود يحاول أن يلقي القبض عليها ويضعها في السجن..
أحمد منصور: في سوريا؟
أحمد جبريل: في سوريا.
أحمد منصور: كان رئيس أركان؟
أحمد جبريل: رئيس أركان سجن لنا مجموعات مرة مجموعة كان بيقودها أبو جهاد طلال ناجي ووضعت في السجن عارف كيف لأيام متعددة لولا تدخل صلاح شديد وأنا.
أحمد منصور: في المقابل ماذا كان يفعل الآخرين؟
أحمد جبريل: بينما إحنا كنا نستغرب كان يعطي الألغام والأسلحة ليتم عملية الاشتباك على مواجهة الجبهة السورية.
أحمد منصور: يعني كان يريد توريط السوريين في حرب؟
أحمد جبريل: أنا ما أعرف هذا الموضوع هل هو راغب بهذا الموضوع هل هو كان نوع من المزايدة على عبد الناصر على منظمة التحرير اللي كانت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: التي كانت تعتبر كما يقال ذراع يحاك على عبد الناصر.
(4/197)
أحمد جبريل [متابعاً]: محسوبة على مصر عارف كيف يعني في هناك ألغاز كبيرة جدا هل السعودية أرادت أن تنتقم من عبد الناصر الذي وصل إلى اليمن وأصبح يهدد النظام السعودي هناك بس بالتأكيد أن هذا العدوان نسق مع أميركا بين جونسون وبن غوريون..
أحمد منصور: هذا أمر يحتاج إلى وثائق لبيانه.
أحمد جبريل: هه؟
أحمد منصور: يحتاج إلى وثائق حتى يظهر حقيقة ما حدث.
أحمد جبريل: هذه الوثائق ستكتشفها بعد أجيالنا بعد عشر أو خمسة عشر سنة مثل ما الآن بدأت بعض الوثائق يعني تُكشف في هذا الموضوع.
أحمد منصور: ما هي الأسباب الأخرى التي سببت الهزيمة؟
أحمد جبريل: الهزيمة من الناحية العسكرية لم تكن كما قلت هذه الجيوش العربية هي تضع في تفكيرها المواجهة مع إسرائيل.
أحمد منصور: هل تعتقد أن عبد الناصر تورط في الحرب؟
أحمد جبريل: أنا معتقد جازماً.
أحمد منصور: من الذي ورطه؟
أحمد جبريل: أولا كما قلت أن الحشود الإسرائيلية التي تمت على سوريا الوضع الداخلي المصري عبد الناصر كان رجل إعلامي يتضايق من هذه الحملة الإعلامية اللي كان يشنها الملك حسين عليه في هذا.. يعني بهذا الشأن وكان عبد الناصر يمثل أمل للجماهير فكيف لا يكون له دور فأنا لا أعتقد أن عبد الناصر كان يعتقد أنه في إدخاله الجيش المصري إلى سيناء أو إغلاق المضائق أمام القطاعات الحربية الإسرائيلية يمكن أن تؤدي إلى مثل هذه الحرب يعني أيضا كان تقدير ناقص عارف كيف في هذا المجال وكما قلنا أنه الجيش المصري دخل لسيناء بطريقة استعراضية.
أحمد منصور: هل كان لكم أي دور في الحرب؟
أحمد جبريل: طبعا على الجبهة السورية بعد اندلاع الحرب مباشرة دعينا واستنفرنا كل شيء في عناصر عندنا لحمل السلاح.
أحمد منصور: لم يكن هناك جبهة استسلمت الجبهة في وقت مبكر وانسحبت؟
(4/198)
أحمد جبريل: يعني في بدء اشتباكات في بدء الاشتباك واستطعنا أن نشكل بين خمسمائة إلى ستمائة عنصر لا أتذكر تماما العدد وسُلحوا من جيش التحرير الفلسطيني اللي كانوا عم بيقوده عضو مؤسس في الجبهة عثمان حداد وأيضا أخذنا بعض الأسلحة من الجيش السوري وكنا إحنا القوة الأساسية الفلسطينية اللي دخلت ذهبت باتجاه الجبهة لتقوم بدور ضرب مؤخرات العدو.
أحمد منصور: قاتلتم؟
أحمد جبريل: طبعا أخذنا محور يسموه بدجن مدجل شمس.
أحمد منصور: بالتنسيق مع من؟
أحمد جبريل: ومنعنا مع القيادة السورية مع غرفة العمليات.
أحمد منصور: من الذي كان مسؤول وقتها؟
أحمد جبريل: كان رئيس العمليات أحمد السويداني للأسف عارف كيف وصلت أثناء مرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قدت أنت أحد الجبهة؟
أحمد جبريل: قدت أنا معه قوات وللأسف شاهدناه في منطقة اسمها سعسع ما كان بيعرف وين القوات السورية كان يسألنا فصرنا إحنا نستهزئ به أنت رئيس أركان ولا تعرف أين..
أحمد منصور: تذكر اليوم بالضبط؟
أحمد جبريل: يعني هذا الموضوع يمكن تسعة أو عشرة حزيران.
أحمد منصور: تسعة أو عشرة كانت الدنيا خلصت.
أحمد جبريل: بقولك ليه لأن هم استفردوا في المصريين بعدين الأردنيين أتوا للجبهة السورية يعني مش بنفس الوقت والتوقيت.
أحمد منصور: لكن القوات السورية تبعثرت في البداية بعد ما تلقت أوامر الانسحاب.
أحمد جبريل: لا بالأول السوريين كانوا يعتقدون أن الإسرائيليين ممكن يعني لا يغامروا بدخول الجولان..
سقوط الجولان ونجاح سياسة التوريط
أحمد منصور: أنت كرجل عسكري كان من السهل أن تسقط الجولان بالشكل الذي سقطت به؟
”
الجولان منطقة جبلية وعرة وممراتها محدودة ومحصنة بشكل جيد منذ عام 1948 ومحاطة بالخنادق وألغام فكان من المستغرب سقوطها
”
(4/199)
أحمد جبريل: لا الجولان مناطق جبلية وعرة ممراتها محدودة في تحصينات من عام 1948 والتحصينات تنشأ على طول هذه الجبهة اللي مواجهة ثمانين كيلو متر من خنادق مغطاة لدشم إسمنتية لألغام حقول ألغام يعني إحنا استغربنا.
أحمد منصور: هل سُلمت الجولان؟
أحمد جبريل: هه؟
أحمد منصور: معنى ذلك أن الجولان سُلمت للإسرائيليين؟
أحمد جبريل: لا بس ما كان الجيش السوري كما قلت مؤهل لمثل هذه المعركة عارف كيف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما أثر..
أحمد جبريل [متابعاً]: وأيضا فتح وأبو عمار كان يقود قوات واستنفر مجموعات من فتح وأيضا هناك مجموعات من حركة القومية العرب إجَت وأيضا تسلحت وتوجهت إلى الجبهة.
أحمد منصور: لكن لم تفعلوا شيئا في النهاية؟
أحمد جبريل: لم نستطع أن نفعل شيء وصار وقف إطلاق النار وطلب منا يعني إحنا لما صار وقف إطلاق النار كنا متحركين إلى داخل القنيطرة لأن القنيطرة سقطت إعلاميا قبل أن تسقط عسكريا بعشرين ساعة أو ثلاثين ساعة فطلبوا منا الأخوة في سوريا عدم التحرك تحت طائلة المسؤولين يظهر أن هناك كان تمت صفقات أو..
أحمد منصور: يعني هناك علامات استفهام أيضا كثيرة تدور حول هذا؟
أحمد جبريل: ما هو تسقط القنيطرة إعلاميا قبل أن تسقط فعليا بعشرين ساعة هذا شيء يعني ملفت للنظر الجبهة الأردنية بما فيها القدس سقطت وكأنها ليس.. رغم أن هناك كان ثلاثة ألوية أو فرقة ونصف من الجيش الأردني موجود لم يتم قتال مجموع الشهداء اللي سقطوا من الجيش الأردني عبارة عن عشرات فيها..
أحمد منصور: يعني نجحت سياسة التوريط نجاحا باهرا وورط الجميع.
أحمد جبريل: وأحد الألوية اللي هو في منطقة الخليل كان الإسرائيليين وصلوا إلى منطقة أريحا وأُغلق عليه اللواء بكامله وباتفاق مع الأميركان والإسرائيليين فتحوا له بوابة وانسحب ثم نسفوا الجسور على نهر الأردن.
أحمد منصور: يعني هزيمة بلا ثمن؟
(4/200)
أحمد جبريل: هزيمة بس أنا هون السؤال بالتأكيد نحن لم نكن متورطين ولا كنا نريد وأنا شخصيا لو رجعت إلى ذلك الوقت والتاريخ أنا بقول كان يجب أن نقف وقفة جادة في عدم اختيار 1/1/1965.
أحمد منصور: قلت جملة قبل ذلك أنت كانت مهمة للغاية بغض النظر عما تحدثت فيه فيما يتعلق بالفصائل الفلسطينية وسياسة التوريط والانطلاق والبيان الأول والعمليات البسيطة التي كان الهدف منها الضجيج الإعلامي وليس التحريك الحقيقي لساحة المعركة ولكن قلت أن الزعماء العرب لم يكن أحد فيهم متفرغ إلى إسرائيل كان عبد الناصر يتآمر على البعثيين في سوريا والبعثيين في سوريا يشتموا عبد الناصر، كان عبد الناصر.. الملك حسين يشن عليه حرب إعلامية وكان هو في المقابل أيضا يسب الملك وكان يتآمر لعمل انقلابات عليه، كان العراقيين والمصريين كانت القوات المصرية في اليمن كان الملك سعود فلم يكن أحد من هؤلاء الزعماء يفكر في إسرائيل فأنا لنا أن ننتظر من هؤلاء أن يحققوا نصرا أو حتى يصدوا هجوما منها؟
أحمد جبريل: يعني هذا بيظل اجتهاد يمكن أنت تقول يجب أن يكون لدينا الحد الأدنى من عملية الصمود قبل التوريط يعني أنا يمكن أن أرميك في بحر بركة من الماء إذا كنت أعرف أنك لا تتقن السباحة ولكن تعرف السباحة ولكن إذا كنت أنا واصل إلى تأكيد أنك لا تعرف السباحة نهائيا وأدفعك إلى بركة أنا بالتأكيد بدي أعرف إنه أنت ستموت غرقا فـ..
أحمد منصور: وماتت الأمة غرقا.
أحمد جبريل: تماما 1967 كانت هزيمة نكراء شنيعة، دمشق مفتوحة أمام الجيش الإسرائيلي عمان حتى بغداد القاهرة وكانت هذه مثل الصرصور المقلوب عارف كيف يتحرك ولكن هو ينتظر حتفه.
أحمد منصور: تقول حينما انطلقتم أنتم الفلسطينيون كفصائل للكفاح المسلح كنتم تفكرون في يافا وعكا وتحريرها، الآن بعد 1967 كيف صارت القضية الفلسطينية بالنسبة لكم؟
(4/201)
أحمد جبريل: لا شك هو صارت ثقافة جديدة عربية حتى يعني لم تكن ترى في الصحف أو بعض الكتاب يتحدثوا إلا عن فلسطين 1948 والمعتدل منهم كان يتحدث عن قرارات الشرعية الدولية وقرار التقسيم عارف كيف لكن بعد 1967 بدأت الأقلام وثقافة عربية وأيضا فلسطينية أن هذه إسرائيل حقيقة وعلينا أن نفكر بإزالة العدوان من الأراضي التي احتلت عام 1967 وكانت نقطة تحول حتى في الساحة الفلسطينية بدأت هناك بعض الأصوات الخافتة التي تتحدث بهذا الشأن لما كنا دخلنا إلى الأردن يعني بعد 1967 فهذا كانت حقيقة وواقع وهذا الاستعراض العسكري الإسرائيلي المُذِل جعل كثير من الأصوات اللي ما كانت يعني أنا أذكر أحمد بهاء الدين مثلا.
أحمد منصور: الكاتب المصري المعروف.
أحمد جبريل: أباظة.
أحمد منصور: فكري أباظة؟
أحمد جبريل: فكري أباظة في المصور قال على العرب أن يصحوا هذه إسرائيل حقيقة وواقعة وعلينا أن نقبل بهذا الواقع ونفتش عن حلول في هذا الموضوع، أحمد حمروش في روزاليوسف أيضا تحدث الكثير في هذا الموضوع، يعني صار في هناك ثقافة تدعو إنه لإيجاد حل وهذه حقيقة ما في إمكانية للقضاء على إسرائيل ولا تحرير فلسطين الآن علينا في ضفة غربية وفي الجولان وفي سيناء أن نجد كيف نُجلي هذا العدو الإسرائيلي عن هذه الأراضي.
أحمد منصور: عقد مؤتمر القمة العربي أو ما أطلق عليه مؤتمر اللاءات الثلاث في الخرطوم في نهاية أغسطس عام 1967 لا صُلح لا تفاوض لا اعتراف هل حضرت المؤتمر؟ أو..
أحمد جبريل: لا طبعا لم أحضر.
أحمد منصور: أنت واضح أنك كانت القضايا السياسية كنت تحاول أن تعزل نفسك عنها وتتحرك في الإطار السياسي.
أحمد جبريل: لا أبدا بس كنا مطلعين يعني ما حصل تماما، الشقيري كان في منظمة التحرير حاضر نحن وفتح لم نحضر.
أحمد منصور: انضممت إلى منظمة التحرير؟
(4/202)
أحمد جبريل: لا ما انضممنا في ذلك الوقت وحدث هناك في الخرطوم مصالحة مصرية سعودية عارف كيف بين الملك فيصل وعبد الناصر، أيضا طرحت أفكار إنه يُكلَف الملك حسين بعمل مفاوضات مع إسرائيل ولكن بدون عقد اتفاق يعني اتغطى الملك حسين بمفاوضات من خلال مؤتمر القمة لكن بشرط ألا يعقد اتفاق.
أحمد منصور: يعني منحوه شرعيا الاتصال بالإسرائيليين وبعد ذلك خوَّنوه على ما قام به؟
أحمد جبريل: تماما وهذا اللي أزعج الشقيري في ذلك الوقت وحكى خطاب ناري يعني معنى ذلك..
أحمد منصور: أزعج الحكام العرب جميعا الشقيري؟
أحمد جبريل: يعني قال لك أن معنى ذلك الملك حسين سيكون مسؤولا عن موضوع الضفة الغربية وهالمواضيع.
أحمد منصور: على الصعيد الفلسطيني في أربعة ديسمبر عام 1967 تلقى الشقيري مذكرة من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يطالبونه بالتنحي وفي خمسة وعشرين ديسمبر عام 1967 وجه الشقيري استقالته للشعب الفلسطيني من إذاعة المنظمة وتسلم يحيى حمودة مهمات الرئيس بالوكالة، باختصار شديد تقييمك لفترة الشقيري ولأداء الشقيري خاصة أنه كتب عشرات الكتب أو عدة كتب بعد ذلك ينتقد الموقف العربي والانهزامية العربية والتآمر العربي عليه الذي أدى به إلى ما وصل إليه بحيادية وموضوعية وللتاريخ ما هو حكمك على شخصية الشقيري وعلى أدائه وفترة رئاسته؟
أحمد جبريل: الشقيري رجل وطني ومن أسرة وطنية وابن عكا ويفهم فلسطين أنها هي عكا بصراحة ولكن أيضا كان عنده عقلية براغماتية مرحلية يعني إذا بنقدر نوصل الآن لقرار التقسيم هذا شيء إيجابي إنه والله 49% من أرض فلسطين تُسلم للفلسطينيين كان يعتبرها أنها بداية لانهيار الدولة اليهودية.
أحمد منصور: غيره جه قال شبر وعلم.
أحمد جبريل: هه؟
أحمد منصور: غيره جاء بعده وقال أنا عايز شبر وعلم.
(4/203)
أحمد جبريل: مضبوط هذا الكلام هذا والشقيري حاول أن يطور منظمة التحرير يعني كانت الأساس منظمة سياسية من أجل الكيان الفلسطيني انطلق في جيش التحرير الفلسطيني وهذا أزعج بعض الناس مثل الأردن والملك حسين وسبب قطيعة وتراشق إعلامي بين الشقيري والملك حسين، الشقيري كلف وجيه المدني قبل 1967 بإنشاء طلائع فدائية كانت اللي هي أبطال العودة للقيام ببعض العمليات في هذا الموضوع، الشقيري رفض المفهوم الذي طرح في مؤتمر القمة في الخرطوم وهذا مما أزعج الرئيس عبد الناصر والرئيس عبد الناصر هو الذي طلب من الشقيري أن يستقيل وحدث الانقلاب المشهور في القاهرة.
أحمد منصور: هل كون الشقيري محسوبا على عبد الناصر المنهزم عجَّل في نهايته وجعله كبش فداء للهزيمة؟
أحمد جبريل: يعني ما بعتقد ولكن عبد الناصر كان يرى الشقيري سيكون عقبة مثل المفتي في اللقاء مع الملك حسين بينما القيادة الجديدة عارف كيف من الممكن أن تتعامل مع الملك حسين بشكل أفضل أو أن يرتاح له الملك حسين فلذلك كان هذه القيادة جدية.
أحمد منصور: مع الإحباط الكبير الموجود لدى الشارع العربي بدأت المقاومة الفلسطينية يرتفع صوتها من جديد والدعوة إلى المقاومة وبدأ الفلسطينيون يتدفقون إلى غور الأردن تحت غطاء ليشاركوا في المعركة تحت غطاء مصري سوري عراقي أنتم كمنظمات فلسطينية لماذا الأردن وليس سوريا؟
أحمد جبريل: لا وسوريا يعني بدأت العمليات أولا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا أقصد العمليات العسكرية وإنما التدفق الآن بالنسبة للفدائيين وانتقال الحركات الفلسطينية كلها إلى الأردن.
أحمد جبريل: لا مو كلها لا يعني..
أحمد منصور: أغلبيتها.
أحمد جبريل: أغلبيتها يعني.
أحمد منصور: حتى أنتم أيضا أسستم في الأردن..
أحمد جبريل: لم نترك الجبهة السورية ومن بعد الجبهة اللبنانية يعني إحنا كنا نريد أن نفتح جميع الجبهات العربية ضد العدو الإسرائيلي..
(4/204)
أحمد منصور: لكن في إطار سياسات الدول التي تنطلق منها.
أحمد جبريل: لمزيد من إنهاكه يعني لأنه العدو الإسرائيلي في عام 1967 صحيح حقق هزيمة ولكن هو ابتلع شئ كبير ابتلع مساحة جغرافيا أد كيانه ثلاث أربع مرات وابتلع أيضا عدد سكان 50% من هذا السكان هذا الكيان ما كان عملية سهلة وهناك آلاف من الكيلومترات من الحدود من رأس النافورة إلى الأردن لسيناء لقناة السويس فكان يعني هذا الموضوع مشجع لنا أن نفتح هذه الجبهات لنرهقه فيها.
إستراتيجية الفصائل العسكرية بعد النكسة
أحمد منصور: يعني أنتم على إطار وضعكم أنتم ما هي الاستراتيجية العسكرية التي وضعتموها بعد 1967؟
أحمد جبريل: هي بالحقيقة إحنا كان في لقاء مهم جدا عقدناه في دمشق.
أحمد منصور: متى؟
أحمد جبريل: بعد 1967 مباشرة يعني يمكن بـ 20/6.
أحمد منصور: من ومن الذين اجتمعوا فيه؟
أحمد جبريل: من فتح وجبهة التحرير الفلسطينية وحركة القوميين العرب والبعثيين الفلسطينيين في سوريا.
أحمد منصور: ومن الشخصيات تذكرها حضرت؟
أحمد جبريل: ياسر عرفات أبو جهاد خليل وزير الله يرحمه جاء خالد الحسن ما كانوا متفرغين هادول فبدؤوا يتفرغوا ويأتوا أبو لطف عارف كيف محمود الخالدي.
أحمد منصور: من الذي دعا للمؤتمر؟
أحمد جبريل: والله إذا بدك تاريخ اسألهم نحن دعينا وكان الاجتماع في بيت علي بشناق شخصيا عارف كيف.
أحمد منصور: أحد مؤسسي جبهة التحرير الفلسطينية كان زوج شقيقتك.
”
التقت الفصائل الفلسطينية في دمشق بعد هزيمة 1967 وتمت مناقشة الكارثة التي وقعت والدور الذي يتوجب على الفلسطينيين القيام به، وتم الاتفاق على نقاط عدة
”
(4/205)
أحمد جبريل: أحد مؤسس جبهة التحرير.. شقيقتي إيه.. وطرحنا إنه يا إخوان راحت فلسطين كلها كنا قاعدين عم بنبكي على حيفا ويافا وعكا الآن بدنا نبكي على كل فلسطين وهاي راحت سيناء والجولان في كارثة ماذا نفعل عارف كيف لكن كنا نشعر بالغيظ والألم ونريد حقيقة أن نجد الوسائل والطرق لمتابعة المواجهة مع العدو الإسرائيلي واتفقنا على نقاط متعددة.
أحمد منصور: ما هو أهم ما اتفقتم عليه؟
أحمد جبريل: كان بالأساس نطمح إنه تعالوا يا إخوان راحت فلسطين خلينا نعمل وحدة نضالية قتالية لكل من يريد أن يقاتل وقيادة واحدة راحت فلسطين يجب أن نذهب للقتال تحت إطار قيادة واحدة موحدة وتحت هذه القيادة من يريد أن يقاتل حتى طرحنا إنه جيش التحرير الفلسطيني قوات حطين أو القادسية اللي في العراق كلها تكون ضمن هذه القيادة الموحدة ألا نكون متشرذمين في هذا الموضوع.
أحمد منصور: ماذا كان رد الفعل؟
أحمد جبريل: فكان في طرح أن يكون يعني مش علاقة وحدوية اتحادية نشكل قيادة فوقية ويبقى كل فصيل كما هو لمرحلة انتقالية وبعد ذلك ممكن أن تتم مثل هذه الوحدة شكلنا قيادة عمل يومية يعني كان من حركة القوميين العرب الدكتور جورج حبش وديع حداد فايز مرجماني عارف كيف فايز قدورة يعني من هذا من قيادات وميان الهندي يعني من الصاعقة أو من الحزب طلائع حرب التحرير إميل صبيح مضيف غنطوس أحمد القاضي يعني من.. واتفقنا أن تكون هناك قيادة نجتمع كل خمسة عشر يوم.
أحمد منصور: حددتم القيادة؟
أحمد جبريل: يعني قيادة من كل طرف أثنين.. أثنين ..أثنين
أحمد منصور: ماذا حدث بعد ذلك؟
(4/206)
أحمد جبريل: هو أن تكون هناك اجتماعات دورية كل خمسة عشر يوم إلا إذا احتجنا أن ندعي إلى اجتماع فوري اتفقنا بدأت التبرعات تجمع في الوطن العربي من أجل عمل فدائي إنه هذه تبرعات ما نتخانق عليها ونتصادم عليها كلها تجمع وتنحط في صندوق ونتفق كيف يتم الصرف عليها، اتفقنا نطلب من الإخوان السوريين إنه يسمحوا لنا لإنشاء معسكرات تدريب للفلسطينيين سواء اللي في سوريا أو اللي في الأردن أو اللي في لبنان أو اللي من الأرض المحتلة من الضفة الغربية نأتي فيهم إلى هنا اتفقنا إنه نسيِّر دوريات إلى الجولان لجمع الأسلحة والذخائر اللي تركها الجيش السوري في الجولان لنقلها إلى الضفة الغربية واستعمالها اتفقنا أنه نرسل مدربين إلى الضفة الغربية لأنه شعبنا في الضفة الغربية جاهل عسكريا وليست لا يوجد عنده أي ثقافة عسكرية لا يعني بحرب كلاسيكية ولا لحرب العصابات.
أحمد منصور: طبعا في هذا الوقت كما ذكرت حضرتك لم يكن الإسرائيليون قد سيطروا بعد بإحكام كان من الممكن ترتيب أمور كثيرة.
أحمد جبريل: ما كان.. كان منفلجين.. استدعاء آلاف من الفلسطينيين من الضفة الغربية من شباب تدريبهم ودفعهم إرسال آلاف من السلاح واتفقنا ألا نحتك مع الإسرائيليين بعمليات عسكرية إلا إذا تم تصادم يعني..
أحمد منصور: يعني تكونوا في مرحلة إعداد من جديد.
أحمد جبريل: بمرحلة إعداد تماما واتفقنا إنه نبقى على تواصل مع بعضنا البعض في هذا الشأن
أحمد منصور: ما الذي تم تحقيقه من كل هذه الاتفاقات؟
أحمد جبريل: للأسف بعد أربع اجتماعات بدأ خرق هذه الاتفاقات.
أحمد منصور: من الذي خرقها؟
أحمد جبريل: الإخوان في فتح بدأ إنه في هناك مبلغ مالي في العراق جُمع من الاتحادات الاقتصادية.
أحمد منصور: هذا أربعمائة ألف دينار تقريبا؟
أحمد جبريل: يعني كان مبلغ، فاتفق إنه نرسل ناس ليستلموا هذا المبلغ فراح من عندنا ناس وأذكر وديع حداد فضل شرور..
(4/207)
أحمد منصور: من المجموعة من كل..
أحمد جبريل: إنه يروحوا من شان يسلموا المبلغ فوصلوا لبغداد ولا وجدوا إنه الإخوان في فتح استلموا هذا المبلغ.
أحمد منصور: من بالضبط اللي استلمه؟
أحمد جبريل: محمد أبو ميزر عارف كيف أبو حاتم استلم هذا المبلغ قلنا يا إخوان هذا المبلغ هينحط في الصندوق فرفضوا الإخوان أن يضعوا هذا المبلغ في الصندوق عارف كيف، الموضوع الثاني راح أبو عمار دخل للضفة الغربية على نابلس ورام الله وأتى وأبتدأ العمل ضد الإسرائيليين عارف كيف قبل أن نتم يعني التحضيرات المتفق عليها وهذا مما عرقل خططنا وبدأ الإسرائيليين استحضروا أكبر شركات إسرائيلية وعالمية ليعملوا السياج الأمني على نهر الأردن لمنع التدفق من الضفة الغربية باتجاه الضفة الشرقية والعكس في هذا الموضوع.
أحمد منصور: يعني كما كان لفتح السبق في 1965 أيضا إعادة الانطلاقة مرة أخرى.
أحمد جبريل: تماما في هذا الموضوع.
أحمد منصور: اتخذها ياسر عرفات دون الرجوع إليكم رغم الوحدة والتنسيق التي كان موجودة
أحمد جبريل: بدون هذا.. رغم هذا..
أحمد منصور: ما تأثير هذا على الخطط والأعمال التي رتبتموها؟
أحمد جبريل: بعدها الإخوان البعثيين الفلسطينيين في هزيمة خمسة حزيران كانت قوية فطلبوا منا إن هم الآن يعيدوا تقييم فبقينا إحنا وحركة القوميين العرب مش بس التحرير الفلسطينية وحركة القوميين العرب.
أحمد منصور: هذا الذي أعلنتموه في 11 ديسمبر 1967 تشكيل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
أحمد جبريل: تماما بدأنا إحنا هو افتتح معسكرين السوريين وافقوا لفتح معسكرين تدريبيين لنا افتتحناه في منطقة دوما قرب دمشق والآخر افتتحته حركة فتح في منطقة دُمَّر على طريق بيروت.
أحمد منصور: يعني أنتم الآن جبهة التحرير الفلسطينية..
أحمد جبريل: وحركة القوميين العرب.
أحمد منصور: وحركة القوميين العرب كان لديها تنظيم شباب الثأر.
(4/208)
أحمد جبريل: يعني لم يكن في قاعدة عسكرية بدليل إنه إحنا بدأنا في..
أحمد منصور: وأبطال العودة الذين كان يقودهم صبحي التميمي.
أحمد جبريل: وفايز جابر.
أحمد منصور: وفايز جابر.
أحمد جبريل: عارف كيف هادول كانوا تابعين لوجيه المدني لمنظمة التحرير فهناك ثلاث فصائل التقينا مع بعضنا البعض وإحنا في..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وخرجت فتح بالشكل الذي أشرتم إليه.
أحمد جبريل: وقررنا أنه والله نعمل وحدة كاملة عارف كيف مش اتحاد بين هذه الفصائل مع بعضها البعض.
أحمد منصور: وأُعلن عن الجبهة في..
أحمد جبريل: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يعني وأذكر جيدا كان المرحوم الشهيد وديع حداد يريد أن يسميها الجبهة القومية تيمنا بالجبهة القومية في اليمن الجنوبي فقلنا له لا هذا الموضوع غير مسموح حتى نحن أنا شخصيا اللي سميت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ثم انضم إلينا مجموعات الناصريين وضباط الأحرار الناصريين في الأردن بقيادة أبو سامي أحمد زعرور ومجموعة من الضباط والسياسيين اللي موجودين في الأردن وأصبح لهذه الجبهة زخم معين.
أحمد منصور: ما هو أثر تحالفكم تحديدا مع حركة القوميين العرب التي كانت وثيقة الصلة بعبد الناصر هل هذا أدى إلى إن عبد الناصر يتحول في دعمه من فتح إلى دعم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على اعتبار أن حركة القوميين العرب أصبحت جزء منها.
[فاصل إعلاني]
أحمد جبريل: أنا كنا يعني بالأول نعتقد بمثل هذا الكلام ولكن كل يوم بعلاقتنا إحنا وحركة القوميين العرب بدأنا نشعر بالمأزق بين الحركة والرئيس عبد الناصر.
أحمد منصور: من أي الجوانب؟
أحمد جبريل: وحتى في اللقاء مع الرئيس عبد الناصر استغرق أكثر من نصف ساعة ثلاث أرباع ساعة الرئيس عبد الناصر يتحدث إلينا عن الألم والحزن من حركة القوميين العرب..
أحمد منصور: متى كان هذا اللقاء؟
أحمد جبريل: بـ 1968 يعني أواخر 1968.
(4/209)
أحمد منصور: أنتم انتهى التحالف بينكم وبين حركة القوميين العرب في أكتوبر عام 1968.
أحمد جبريل: بعدها مباشرة.
أحمد منصور: بعدها مباشرة.
أحمد جبريل: إيه.. بقينا نحن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا كان لقاءك الأول مع عبد الناصر؟
أحمد جبريل: أينعم بقينا نحن والضباط الأحرار والناصريين كتلة واحدة وخرجوا القوميين العرب وأبطال العودة عارف كيف..
أحمد منصور: وانفضت قوات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
أحمد جبريل: انفضت بعد ستة أشهر كانت يعني وصلت الجبهة الشعبية إلى مكانة أصبحت تنافس أو يعني لها مسموعية ولها تعاطف شعبي أكثر من فتح عارف كيف عمليات كبيرة يعني فيه مصداقية في كذا في أشياء.
أحمد منصور: كانت وحدة بالمفهوم الحقيقي للوحدة؟
أحمد جبريل: أبدا كنا وحدة واتفقنا حتى القيادة يعني مثلا أنا أتحمل المسؤولية العسكرية لهذه الجبهة جورج حبش يتحمل المسؤولية السياسية عارف كيف نحن وهم لجنة مشتركة للإعلام والمال يعني ويعني شُكلت قيادات في سوريا قيادات في الأردن قيادات عسكرية ودخلنا وطعمنا من الإخوان من حركة القوميين العرب في هذا الموضوع.
أسباب الخلاف بين الفصائل والقوميين العرب
أحمد منصور: ما هي الأسباب التي أدت للخلاف بينكم وبين القوميين العرب؟
أحمد جبريل: بصراحة إحنا ما كنا نعرف ماذا يدور في داخل حركة القوميين العرب بالتفصيل لما توحدنا إحنا شفنا الدكتور جورج الدكتور وديع، هاني الهندي يعني أبو ماهر اليماني يعني هالناس وشفناهم ناس مندفعين لهذا الموضوع لم نكن نعرف إنه في خلافات جذرية وحادة ما بين اتجاهات قومية واتجاهات ماركسية لينينية في داخل حركة القوميين العرب هذا ما كان واضح لنا.
أحمد منصور: من الذي كان يقود الماركسيين ومن الذي كان..؟
أحمد جبريل: ما كنا أنا ونايف حواتمة لحين تركنا انفكاك بعضنا في الجبهة الشعبية عن حركة القوميين العرب أنا لم أسمع باسمه.
(4/210)
أحمد منصور: هو طبعا أسس بعد ذلك الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين.
أحمد جبريل: الديمقراطية.. فبدأت تفاعلات في داخل جسم حركة القوميين العرب..
أحمد منصور: لكن أنتم كنتم يساريين أيضا كما قال الدكتور طلال ناجي.
أحمد جبريل: لا لم نكن هناك حتى ذلك الوقت كنا نحن ناس اتجاهنا قومي وخلفية دينية أما هذا الكلام..
أحمد منصور: جورج حبش ووديع حداد كان اتجاههم يساري من البداية.
أحمد جبريل: لا كان اتجاههم قومي.
أحمد منصور: اتجاههم قومي لكن قومي يساري.
أحمد جبريل: بس هو بقي وديع حداد حتى وفاته وهو الاتجاه القومي وضد اليسار لكن الدكتور جورج بالنهاية اتجه باتجاه اليسار.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني الصراع داخل حركة القوميين العرب..
أحمد جبريل [متابعاً]: هذه أثرت على يعني عطاء الجبهة هاي وبدؤوا بعض الناس في داخل الجبهة الشعبية ما نشوف إلا في بيانات سياسية بدأت تنزل للشارع فيها مهاجمة عبد الناصر وأنظمة البرجوازية الصغيرة عارف كيف ولابد إنه أن تسقط 1967 تقيم يعني يقيموها في منشورات طيب إحنا كنا نقول لهم مين عم يصدرها؟ ما كان يخفوا عنا هذا الموضوع عارف كيف ولا يقولوا لنا شو الخلافات الداخلية الحادة فيما بينهم كنا نقول لهم هلا نحن نريد أن نتحاسب مع عبد الناصر ومع سوريا أم نريد حقيقة أن نندفع لتحرير فلسطين؟
”
جورج حبش: لا يوجد في عالم اليوم بريء ولا يوجد محايد إن الإنسان إما مضطَّهد وإما مع المضطَّهدين كل من لا يهتم بالسياسة يبارك النظام السائد نظام الطبقات الحاكمة وقوى الاستغلال
”
أحمد منصور: لا يوجد في عالم اليوم برئ ولا يوجد محايد إن الإنسان إما مضطَّهد وإما مع المضطَّهدين كل من لا يهتم بالسياسة يبارك النظام السائد نظام الطبقات الحاكمة وقوى الاستغلال هذا ليس أسامة بن لادن وإنما جورج حبش بأحد خطاباته.
(4/211)
أحمد جبريل: أنا بقول لك يعني إحنا انزعجنا منه وبدأنا نكتشف أن العلاقة بين عبد الناصر وحركة القوميين العرب ليست هي جيدة هذا الموضوع الأول، الموضوع الثاني هو حقيقة القضايا المالية فكانت تُجمع تبرعات وتصرف على دوائر فبدأ يصير تقليص على العمل العسكري لإعطائه للعمل الإعلامي والسياسي..
أحمد منصور: اللي الجبهة تكفلت به.
أحمد جبريل: عم بقول لك يعني فإحنا بدنا نطور الوضع في الضفة الغربية في قطاع غزة بدنا أشياء بدنا إمكانات فكانت هذه الإمكانات تقل تحت حجة ما في إمكانات وكان يمكن الأخ أبو ماهر اليماني هو مسؤول المالية على ما أذكر في عمّان حتى في مرة من المرات قُتل لنا يعني من عناصر جبهة التحرير الفلسطينية 12 شهيد جنوب البحر الميت وبدنا نشيعهم ما كان في إمكانات مالية.
أحمد منصور: تفتكر التاريخ؟
أحمد جبريل: بعد معركة الكرامة بشوية صغيرة يعني بشهر أربعة.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول في أبريل يعني أنتم بقولوا الخلاف الفعلي حدث في 23 إبريل 1968؟
أحمد جبريل: لا..
أحمد منصور: الكرامة كانت في 19.
أحمد جبريل: لا الخلاف بينا وبين..
أحمد منصور: الكرامة 21 مارس 1968.
أحمد جبريل: بينا وبينهم لشهر تسعة.
أحمد منصور: تسعة 1968.
أحمد جبريل: عارف كيف هذا الخلاف.
أحمد منصور: يعني في أبريل حدث هذا الموضوع؟
أحمد جبريل: يعني أبريل يعني عم بقول لك أنا المعاناة المالية هل هم كانوا صادقين إنه ما فيه إمكانيات مالية رغم إن كانوا يرتكزوا هم على بعض الاقتصاديين المهمين شركة سي سي عندكم هاي بالخليج في بعض الكويتيين الأغنياء بعض الأردنيين معالي مانجو.
(4/212)
أحمد منصور: يعني مصادر المخابرات الإسرائيلية دقيقة في هذا صمويل كاتس في كتابه جبريل في مواجهة إسرائيل يقول إن من أسباب الانشقاق والخلاف كان حول الأموال التي كان جورج حبش يأتي بها من الخليج وأنك وصفت حبش أحمد جبريل أنت حضرتك وصفت حبش وأتباعه بالمحاربين الضعفاء؟
أحمد جبريل: يعني هم لم يعني أنا ما كنت أشعر هل يا ترى لأنه الأداة العسكرية مش لهم اتبنت على من عناصر جبهة التحرير الفلسطينية أم إنه هم غير مهتمين يعني في هذا الموضوع.
أحمد منصور: ماهو اللي ثبت خلال فترة النضال الطويلة هذه أن الـ (Propaganda) الإعلامية والسياسية هي التي كانت تكسب أما الذين كانوا يعطون دمائهم في المعارك فقليلا ما كان يهتم أحد حتى بتشييع جثثهم كما تتحدث الآن.
أحمد جبريل: يعني إحنا في خلال أشهر كما أذكر ستين بلاغ عسكري صادق وبشفافية مطلقة في مواجهتنا مع الإسرائيليين فيه حدود أربعين شهيد أغلبهم من الجبهة الشعبية من جبهة التحرير الفلسطينية من ها الجزء حتى فيه عملية هاجمنا مطار اليد واستشهد هناك شاب من شبابنا أسمه صائب سويق في نفس أرضيت مطار اليد فيعني إحنا كنا مندفعين لعملية يعني القتال في هذا الموضوع.
أحمد منصور: وأنت كنت المسؤول العسكري عن كل ده؟
أحمد جبريل: أنا المسؤول العسكري ويعني أنا ما فيه كيلو متر إلا مداخلة داخل الناس يعني في هذا الموضوع فلكن بقول أنا السبب الأساسي أن انشغال حركة القوميين العرب في مشاكلها الداخلية عارف كيف يعني هذا وفيه عامل آخر في هذا الوقت أعتقل جورج حبش..
أحمد منصور: جورج حبش..
أحمد جبريل: في دمشق وعلي بشناق من عندنا عارف كيف، سبب اعتقاله إحنا ما كنا نعرفه إلا فيما بعد فكان الدكتور جورج حبش يشتغل ضمن تحالف..
أحمد منصور: لا أنا عايز في اعتقال جورج حبش عندي معلومة مهمة جورج حبش حينما اعتقل في مارس 1968 كنت أنت معه في اجتماع مع عبد الكريم الجندي..
أحمد جبريل: صحيح.
(4/213)
أحمد منصور: وعبد الكريم الجندي سمح لبعضكم بالخروج وكنت آخر من سمح له ثم اعتقل جورج حبش في أعقاب ذلك..
أحمد جبريل: وعلي بشناق..
أحمد منصور: وعلي بشناق زوج شقيقتك وبقوا الاثنين حوالي ثمانية أشهر في السجن اختطف جورج حبش أثناء نقله من مكان إلى آخر وتُرك علي بشناق..
أحمد جبريل: لأنه أزمة قلبية جت له كبيرة..
أحمد منصور: هل صحيح علي بشناق مات بعد خروجه من السجن؟
أحمد جبريل: لا بعد 1970..
أحمد منصور: بعد 1970؟
أحمد جبريل: إيه.
قصة القبض على جورج حبش
أحمد منصور: المصادر الكثيرة الموجودة في الكتب يبدو فيها خلط في المعلومات، قول لي الآن بالتفضيل قصة القبض على جورج حبش وأنت كنت معه ولماذا أُفرِج عنك أنت واعتقل جورج حبش؟
(4/214)
أحمد جبريل: جورج حبش وعلي بشناق للأسف كانوا يشتغلوا بحركة من خلفنا يعني فإحنا عم نعمل جبهة شعبية بتاعة تحرير فلسطين واهتمامنا أبو باسل علي بشناق بنى علاقة مع كرم الحوراني ومع المعارضة السورية أنه يجب إسقاط النظام في دمشق عارف كيف وجورج حبش أيضا الحركة القومية للعرب انضمت بهذا الاتجاه لتغيير النظام عبد الكريم الجندي وصله والمخابرات وصلوا لمعلومات وشايات عن علي بشناق وعن جورج حبش أما بالنسبة لنا أنا اجتمعت مع عبد الكريم الجندي قال لا تعتقد يا أبو جهاد أننا ضد العمل الفلسطيني واتفضلوا قاتلوا الإسرائيليين ولم نسمح لأحد أن يعترضكم لكن إذا كنتم بعض منكم يريد أن يجلس حاكم في دمشق سنتحارب معه فحاولت أخذ منه معلومات قال لي لدينا المعلومات الكافية لإدانة الدكتور جورج حبش وعلي بشناق في.. أنا لا أريد أن أدافع عن هذا الموضوع بس أنا أعرف شخصية علي بشناق بشكل جيد وهو من مؤسسي الجبهة أنه يمكن أكرم الحوراني حاول يورطه في هذا الموضوع عارف كيف هو استفاد منه لأنه هو جزء من التنظيم في التحرك ويعني ورطه في هذا الموضوع ثم وشوا عليه فخلال عملية الانفصال أو الانفكاك بيننا وبين حركة القوميين العرب للأسف كان جورج حبش موقوف وكان دكتور وديع حداد قد اكتفى في وجوده في بيروت للقيام بأعمال خارجية عارف كيف فمع تصفى رؤوس تتعامل معها بشكل صحيح وسليم بالإضافة إنه بدأ هذا الشرخ في داخل حركة القوميين العرب بدأ المشكلة السباب على عبد الناصر والبعث في سوريا وإحنا قلنا مش أي وقت المعركة مع الناس اللي في الخلف في ها الموضوع هذا.
أحمد منصور: انفض التحالف في أكتوبر 1968؟
أحمد جبريل: بكل هدوء وأبدا اجتمعنا..
أحمد منصور: اخترتم أنتم أسم القيادة العامة والآخرون بقوا؟
(4/215)
أحمد جبريل: بالجبهة.. اجتمعنا اجتماع موسع وقلنا لهم يا إخوان أنتو عندكم مشاكل داخلية عم تنكعس علينا أنتم فيها لكم مواقف سياسية إحنا لا نريد أن ندخل مع عبد الناصر أو مع الأنظمة بما فيها الملك حسين لتصفية حسابات في هذا الموضوع فعلينا أن ننفك أنا اقترحت قلت لهم يا إخوان أنتو حركة القوميين العرب ولكم امتدادات سياسية طويلة إحنا جبهة التحرير الفلسطينية مقصرين بالناحية الإعلامية والامتداد السياسي والآن هذا ستين بلاغ أو 65 بلاغ لا أذكر هذا كله من دمائنا..
أحمد منصور: العمل العسكري المشترك.
أحمد جبريل: وبجهد وبعرق عارف كيف أنتم ساهمتم ولكن مساهمة محدودة في هذا الأمر.
أحمد منصور: دائما الإعلام والسياسة هو الذي يجني؟
أحمد جبريل: عم بقول لك يعني فاتركوا لنا التسمية اللي إحنا دفعنا ثمنها شهداء وأسرى مجموعات من المدربين أرسلنا اللي استشهد في الضفة الغربية اللي اعتقل وأسر.
أحمد منصور: التقيت أنا مع بعضهم.
أحمد جبريل: ها دول الناس بالتجربة للنهوض في الجبهة الشعبية يعني هذه المجموعات كنا نبعتها بس فقط إنه واجب حركة القوميين العرب يقووهم في أماكن معينة ويتابعوا برنامجهم فأن يتركوا لنا التسمية فرفضوا هذا الموضوع كونه كانت البلاغات العسكرية تخرج باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة عارف كيف هيك كانت تطلع البلاغات عارف كيف فقلنا له إحنا سنبقى متمسكين في هذه التسمية وهم بقيوا متمسكين في هذه التسمية عارف كيف وبعد ذلك حصل انشقاقات وحرب دامية بين اليمين واليسار بحركة القوميين العرب وتصفيات جسدية بين بعضهم البعض.
أحمد منصور: طبعا حدثت انشقاقات جديدة وأسسها نايف حواتمة.
أحمد جبريل: وعندها سمعنا باسم نايف حواتمة.
أحمد منصور: أسسها في 22 شباط سنة 1969 الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين.
(4/216)
أحمد جبريل: وهنا أقول بصراحة أنه الإخوان في فتح لعبوا دور كبير جدا في شق حركة القوميين العرب.
أحمد منصور: كيف اتهام كبير هذا؟
أحمد جبريل: يعني نايف صديقي وبحبه أنا يعني بس لما يكونوا قادرين على أن يقوموا بهذا الموضوع بدون تأييد من ياسر عرفات واحتضانه عارف كيف لهذا التوجه وحمايته يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعا كانت البيانات الثورية غرقت في الكتب وأنا أقرأها في ذلك الوقت يعني بيانات ثورية مصاغة بأساليب وصياغات يعني غير عادية ربما نُفصل بعضها في حلقات قادمة تقييمك بشكل نهائي؟
أحمد جبريل: أنا عم بحكي أنت سألتني عن الاجتماع مع الرئيس عبد الناصر..
أحمد منصور: اجتماع الرئيس عبد الناصر..
أحمد جبريل: يعني بعد الانفكاك..
أحمد منصور: سأسمعه منك بالتفصيل في الحلقة القادمة مع معركة الكرامة التي قامت في 21 مارس عام 1968 واتُهمت أنت وقواتك بأنكم انسحبتم منها ولم تخوضوا الحرب، أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/217)
الحلقة5(4/218)
الاثنين 14/3/1425هـ الموافق 3/5/2004م(آخر تحديث) الساعة 17:36(مكة المكرمة), 14:36(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
2/05/2004
- الساحة العربية قبل معركة الكرامة
- وضع القوات الفلسطينية
- جبريل ينفي انسحابه من المعركة
- دور الجيش الأردني في معركة الكرامة
- نتائج المعركة
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيك.
أحمد منصور: كانت جموع الفدائيين بدأت تتوافد على الأردن في أعقاب هزيمة 1967 وبدأت الفصائل الفلسطينية معظمها تتوافد إلى هناك وفي الحادي والعشرين من مارس عام 1968 قامت معركة كبيرة جدا في منطقة الكرامة أو في قرية الكرامة أطلق عليها اسم معركة الكرامة. قبل أن أخوض معك في تفاصيل المعركة ما هي القوى الأساسية التي كانت موجودة وشكل التواجد الفلسطيني في ذلك الوقت على.. في غور الأردن؟
الساحة العربية قبل معركة الكرامة
أحمد جبريل: بسم الله الرحمن الرحيم بس دعني أقول لك وللمشاهد المسرح العام الذي كان موجود بعد هزيمة 1967.
أحمد منصور: ضع صورة المسرح أمامنا.
(4/219)
أحمد جبريل: دخل الجيش العراقي وتحرك من العراق لنجدة الجيش الأردني ولدخول الضفة الغربية لكن للأسف ما وصل كان سقطت الضفة الغربية وكان التشكيل عبارة عن فرقة عسكرية لواء مدرع ولواءين مشاة هادول توضعوا في المفرق وعلى قسم من الحدود السورية الأردنية يعني شرقي درعا وقسم منهم في منطقة الزرقاء عارف كيف وكتيبة مدفعية في منطقة أم قيس بيقولوا لها شمالي الأردن هذا كان الوضع، الجيش الأردني كما قلت لك لم يقاتل في الضفة الغربية وانسحب من هناك قتاله كان محدود رغم القدس مسرى الرسول.
أحمد منصور: عليه الصلاة والسلام.
أحمد جبريل: عارف كيف فالجيش الأردني لم يتضرر بالشكل الصحيح يعني ولم يدفع خسائر كبيرة لكن شعر الجيش الأردني بخيبة أمل بسبب ما دار في هذه المعركة الهزيمة المعنوية التي أثرت عليه من خلال الجيش المصري، ثانيا الأوامر الذي أُعطِيت للحفاظ على الجيش الأردني لكن كان يشعر ضباط الجيش الأردني أن هناك اُنتقِصت كرامتهم من خلال هذه المعركة وراحت القدس والضفة الغربية وبدون قتال، كان أيضا على المسرح سوريا والجولان محتل، عبد الناصر الإسرائيليين على قناة السويس، يعني كان فيه هناك أجواء عربية مساعدة لنا لكي ندخل إلى الأردن لكن جهاز الأمن الأردني لم يتضرر في المعركة ونشره الملك حسين شمال الأردن على الحدود السورية ليمنع أي تدفق للفدائيين باتجاه الأردن واتجاه الأغوار.
أحمد منصور: كان دور المخابرات الأردنية هو حماية العرش ولا زال ربما إلى الآن ولكن في ذلك الوقت كان الرجل القوي محمد رسول الكيلاني وقد جلست معه ساعات مطولة واستمعت منه إلى كثير من الأشياء ولكن للأسف مرضه حال دون التسجيل معه، روى لي كثير من التفصيلات في هذا الأمر، لكن كان بالنسبة لكم كان البعبع المخيف بالنسبة للفلسطينيين تحديدا.
”
(4/220)
قامت المخابرات الأردنية بدور خطير في ضرب البنية التحتية لفتح وبقية الأحزاب الفلسطينية، حتى إن قوات الاحتلال الإسرائيلية عندما دخلت إلى الضفة الغربية وجدتها دون قيادة سياسية ولا نقابية
”
أحمد جبريل: يعني هو قام بدور كبير جدا وخطير حتى قبل حرب 1967 يعني ضرب البنية التحتية لفتح ولجبهة التحرير الفلسطينية، ضرب البنية التحتية للأحزاب جميعها بحيث لما دخلوا الإسرائيليين لقوا الضفة الغربية حتى بدون لا قيادة سياسية ولا نقابية وجدوها مهشمة يعني هذا، فكان همهم يمنعوا تدفق الفدائيين إلى الأردن ونجحوا أن يمسكوا الحدود ولولا الغطاء السوري العراقي كان أيامها عبد الرحمن عارف قُتِل عبد السلام بحادث مجهول وأستلم أخوه عبد الرحمن والرئيس عبد الناصر تحت هذا الغطاء والضغط السياسي ودور الجيش العراقي الموجودة على الحدود السورية استطعنا من خلاله أن نتدفق إلى الأردن نحن والإخوان في فتح ونقلنا مئات الآلاف قطع الأسلحة الخفيفة للضفة الغربية، كان تواجدنا يتواجد في الأغوار أغوار الأردن من منطقة الشمال العدسية ووادي اليرموك للبحر الميت لجنوب البحر الميت غور صافي عارف كيف وضانا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان لكم قواعد ثابتة أم..
أحمد جبريل [متابعاً]: لا ثابتة بدأنا نُنشئ قواعد لكن بدأ يحدث صراع بينا وبين النظام في الأردن، النظام في الأردن يريد أن يقتلع هذه القواعد وهذه قواعد كان إيش قواعد للعمل الفدائي إما قواعد ارتكاز لإدخال السلاح، لعمليات عسكرية، هذه القاعدة ما كنا نجمعها يعني تعددها يكون عشرة 15 عشرين واحد عارف كيف ومختفية.
أحمد منصور: سآتي معك بالتفصيل إلى الصراع الذي حدث بين الفدائيين وبين السلطات الأردنية ولكن أنا الآن في إطار الكرامة.
أحمد جبريل: ما هو هذا سبق الكرامة عارف كيف واستطاع الملك حسين أن يقتلع العديد من هذه القواعد في الأغوار.
أحمد منصور: ما شكل العمليات التي كنتم تقومون بها؟
(4/221)
أحمد جبريل: كنا نقوم بالتصدي للإسرائيليين كما أنه ضرب مؤخراتهم غير نقل السلاح والعتاد للداخل أو استقبال الشباب لتدريبهم، بس كان فيه عمل نشط للغاية موجود وكانت هناك ثلاث فصائل الموجودة فيه فتح إحنا كجبهة شعبية وقوات التحرير الشعبية تابعة لمنظمة التحرير لوجيه المدني وبهجت أبو غربية ويحيى حمودة.
أحمد منصور: لكن الثقل الرئيس كان لفتح؟
أحمد جبريل: والله في المراحل الأولى يعني نقول الأشهر الأولى بعد حرب 1967 كنا نحن وفتح متعادلين رغم الإمكانات المالية الهائلة التي كانت تملكها حركة فتح، فكان الجيش الأردني يحاصر هذه المجموعات ويأخذها يجردها من سلاحها ويرميها على الحدود السورية، أنا مثلا كنا ندخل بالتخفي إلى الأردن عارف كيف ولا نظهر نُلاحَّق في الشوارع نتحرك ليلا في المخيمات حتى علي بوشناق وأحد الرفاق اسمه يوسف طُبّل من المؤسسين اُعتقِلوا على الحدود الأردنية وزجوا فيهم بالسجن ولهم قصة كبيرة مع محمد رسول الكيلاني ومع الملك حسين، قواعد عندنا اُعتقِلت يعني كان يُعتقَّل خمسين عنصر ستين عنصر سبعين عنصر..
أحمد منصور: كل هذا قبل الكرامة؟
أحمد جبريل: كله قبل يعني قبل الكرامة وكان الملك حسين يعني عم يضع كل إمكاناته لكي يمنع أن تكون الأردن مسرح للعمل الفدائي باتجاه الضفة الغربية..
أحمد منصور: لأنه يريد أن يحمي نظامه في النهاية.
أحمد جبريل: عم بأقول لك يعني هذا لا شيء، إحنا أمام هذا الموضوع التقينا إحنا والإخوان في فتح في الكرامة في هذه القرية الصغيرة، قلنا يجب أن نتبع يا إخوان تكتيك مغاير عن التكتيك اللي هلا عم يقتلعنا الملك حسين بيحاصر هذه القاعدة 15 عشرين عنصر وغير قادرة للدفاع عن حالها يجب أن نجمع قوانا بثلاث أماكن اتفقنا هكذا؛ منطقة اسمها الكريمة هاي شمال الكرامة بالكرامة بغور الصافي تكون القواعد قريبة لبعضها ليكون قدرة للدفاع ويشعر الملك حسين إنه غير قادر يقتلع فيه مئات المقاتلين.
(4/222)
أحمد منصور: كان أعدادكم كم تقريبا في ذلك الوقت؟
أحمد جبريل: يعني كان بحدود ثلاث آلاف بين كل الفصائل..
أحمد منصور: يعني كل تجمع ممكن يكون ألف؟
أحمد جبريل: يعني لا الكرامة كانت ألف وخمسمائة، هناك ستمائة وجنوب البحر الميت يعني ستمائة إن كان بهالشكل هاي..
أحمد منصور: بدل النقاط البسيطة الصغيرة اللي 15 واللي عشرة فيُقبَّض عليهم ويؤخذوا.
أحمد جبريل: اتبعنا مثل هذا التكتيك أيضا لجأ الملك حسين أرسل قواته على هذه الكتل الكبيرة ونذكر جيدا في يوم من الأيام كنت موجود أنا في الكرامة ما شفت إلا حصار الجيش الأردني يحاصرنا في الكرامة ويمسك التلال اللي حولنا.
أحمد منصور: قبل المعركة؟
أحمد جبريل: قبل المعركة بشي شهر- شهر ونص.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول في يناير أو نهاية يناير؟
أحمد جبريل: مضبوط تماما وبدأ في الميكرفونات ويبعت رسائل عليكم تلقوا السلاح وإن أنا محضر الباصات- أتوبيسات- من شان تنقلكم خارج الأراضي الأردنية، وقع إرباك وكنا في الكرامة كما قلت لك فتح إحنا كجبهة شعبية موحدة كنا وقوات التحرير الشعبية وكان الحشود كبيرة الأردنية وجايب معه مصفحات ويعني مدرعات عارف كيف وقوات بادية يعني خصوصي إنه هدول لا بتعرفكم ولا..
أحمد منصور: بتنفذ أوامر.
أحمد جبريل: بتنفذ أوامر وحوصرنا مُنِع عنا الأكل والتموين بقي فقط جبهة صغيرة جدا لهالموضوع.
أحمد منصور: كام يوم استمر الحصار؟
أحمد جبريل: هذا استمر ثلاثة أيام عارف كيف وهو إذا بدنا نحكي هالحوادث يمكن..
أحمد منصور: أنا لا أريد أدخل في تفصيلات دقيقة كثيرة يعني.
أحمد جبريل: يعني بمعنى أنا اقترحت أن أعالج هذا الوضع.
أحمد منصور: كيف؟
أحمد جبريل: قلت لهم هل تسمحوا لي أنا أعالج هذا الوضع ميدانيا.
أحمد منصور: لمن بالضبط قلت؟
(4/223)
أحمد جبريل: لأبو عمار وخليل الوزير كان أبو أياد موجود عارف كيف الله يرحمه قلت لهم إنتوا عالجوه سياسيا، اتصلوا بمنظمة التحرير ببهجت ويحيى حمودة وورا إثارة الموضوع مع المصريين مع العراقيين وأنا اتركوني ميدانيا أن أتعامل معه.
أحمد منصور: ما الخطة التي وضعتها؟
أحمد جبريل: قالوا اتفضل إحنا نضع كل الناس تحت تصرفك.
أحمد منصور: وكانوا صادقين؟
أحمد جبريل: إيه كانوا صادقين، فبدأت عملت استعراض عسكري في داخل الكرامة وهم قاعدين على التلال شايفينه ونمررهم ونعاود نرجعهم نمررهم إنه يعني هناك آلاف الآلاف.
أحمد منصور: وهم هم بيلفوا؟
أحمد جبريل: وهم هم عارف كيف وسلاحهم وكذا إلى أخره يعني.. بعدين قسمت الناس مجموعات بدون أسلحة معهم مسدسات قلت لهم أنا شوفوا شو شي بده يساوي هذه المجموعات تساوي مثله هالمجموعة عشرة أشخاص رحنا باتجاه القوات الأردنية وإنه إحنا يعني ما معنا سلاح من شان ما يطلقوا علينا النار لو وصلنا لعندهم احتكينا فيهم مباشرة هم فكرونا يمكن إحنا جايين نستسلم وبدأ حوار سياسي عالي للغاية شو بدكم إيانا منه؟ هناك هاي مآذن القدس أمامكم إحنا جايين بدنا نموت منيح ما قاتلتم هناك دفاعا عن الضفة الغربية اتركونا بدنا نروح نموت.
أحمد منصور: أثرتم فيهم؟
أحمد جبريل: وبدأنا في حوار ومن ثم هناك مجموعة ثانية طلعت بذات الاتجاه صاروا يقولوا لنا بعدوا عنا إحنا عملنا صرنا بتماس إحنا وياهم عارف كيف وهالمجموعة هاي كل شوية تصير عشرة 15 عشرين ثلاثين أربعين صار اختلاط بينا وبين الجيش الأردني حتى بالسلاح وبالبنادق يتصلوا بعمان بالقصر يقولوا لهم ابتعدوا هم يبتعدوا وإحنا نبتعد يعني بأعمل لهم التماس..
أحمد منصور: في النهاية فكيتوا الحصار؟
(4/224)
أحمد جبريل: بالنهاية أُعطِيت الأمر بيجوز كما.. يعني لا أقلل أهمية الإخوان في فتح يمكن باتصالاتهم باتجاهات معينة شعبنا في عمان وفي الوحدات طلع فيه مظاهرات وقرر الملك حسين سحب هذا الجيش.
وضع القوات الفلسطينية
أحمد منصور: قل لي الآن أريد أصل إلى الكرامة في ظروف هذه..
أحمد جبريل: هذا الجو اللي كان قبل الكرامة. قبل الكرامة بأسبوع تماما..
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول في 11 في 21، 14 مارس 1968؟
أحمد جبريل: وإذا بترجعوا للأرشيف.
أحمد منصور: 14 مارس 1968.
أحمد جبريل: إحدى قواعدنا جنوب البحر الميت قامت بعملية عسكرية كبيرة في منطقة اسمها عين يهف.
أحمد منصور: من قواعد الجبهة الشعبية؟
”
أحمد جبريل: قامت إحدى قواعد الجبهة الشعبية بعملية عسكرية كبيرة في منطقة اسمها عين يهف استهدفت حافلة قتل كل من كان على متنها، وعلى الإثر استنفرت القوات الإسرائيلية
”
أحمد جبريل: إيه طبعا وهم من عناصر جبهة التحرير بقيادة أبو علي الأخضر الله يرحمه استشهد فيما بعد عارف كيف وهذا عملية كانت عملية كبيرة بحيث استهدفنا باص كان جاي إلى مناجم بيسموها هناك مستعمرة تمناع هذا للنحاس وقُتِل كل هاللي موجود في الباص هذا عارف كيف، اليهود قالوا إنه هدول كانوا طلبة جامعة وأساتذتهم رايحين لتمناع إحنا بصراحة لا نستطيع إنه نقول هيك ولا نقول هيك، فلكن هذا الباص دُمِر وقُتِل الناس واستنفر العدو الإسرائيلي وبدأ يقوم بحشوداته من شان..
أحمد منصور: من أجل القضاء على المقاومة في الأغوار؟
أحمد جبريل: بهالأغوار وبدأت حشودات في منطقة أريحا ومنطقة الجفتلك والناس المدنيين اللي يجوا ينقلوا لنا هذا الكلام وبدأت حشودات مخيفة، أيضا اجتمعنا مع بعضنا إحنا وإخوان في فتح..
أحمد منصور: من حضر الاجتماع؟
أحمد جبريل: نفس الشيء أبو عمار، أبو أياد، خليل الوزير الله يرحمه يعني كلهم صفت الكرامة هي مركز إلينا هالموضوع هذا..
(4/225)
أحمد منصور: إذا قلنا المعركة يوم 21 متى كان هذا الاجتماع؟
أحمد جبريل: هذا الاجتماع قبل المعركة بثلاثة أيام.
أحمد منصور: نقدر نقول في 18 مارس 1968؟
أحمد جبريل: قبل ثلاث أيام بالضبط قلت لهم يا إخوان اللي عجز عليه الملك حسين في اقتلعنا وحصارنا هلا اللي حصل قبل شهر ونصف، يظهر أن الإسرائيليين سيقوموا بمثل هذا العمل ولذلك يجب أن نغير تكتيكنا أن نعيد في نشر قواتنا لأنه لا نستطيع أن نتحمل أن نضع هذه القوات في جيوب متقاربة وتُقتَّل وهذه عناصر كانت في منتهى الروعة في منتهى الشفافية جاية متطوعة بإيمان مطلق عرفت كيف..
أحمد منصور: كانت نوعية الفدائي الحقيقي، الذي ترك أولاده وترك أسرته وترك حياته وجاء ليستشهد.
أحمد جبريل: والله أبدا حتى شعبنا متعاطف والله شعبنا كل يوم تأتي الأكل من عمان ومن هذا إلى هالقواعد هاي عارف كيف ييجي الناس يتفرجوا علينا إنه هذا أمل الأمة..
أحمد منصور: ما هو التكتيك الذي اقترحته؟
أحمد جبريل: في هذه المرحلة أنا بأعتبر العنصر البشري عنصر هام هو ذخيرتك في هذا الموضوع وأيضا تسليحنا كان تسليح خفيف..
أحمد منصور: ما هو كان سلاحكم؟
أحمد جبريل: ما فيه كان حتى البندقية الكلاشنكوف نادر ما كنت تشوفها مع الناس..
أحمد منصور: أي بنادق كانت؟
أحمد جبريل: السيمينوف وبنادق..
أحمد منصور: بنادق الطلقة الواحدة.
أحمد جبريل: طلقة واحدة يعني طلقات.. أر بي جيه ما كان موجود فيه أر بي جيه تو وعددهم كان محدود، يعني ما كان عندنا لا التسليح الكافي ولا العتاد الكافي إنه ندخل في معركة تصادمية مع هالعدو وطبيعة الأرض لا تسمح، هذه أرض الكرامة أرض مكشوفة ما فيها شجرة كلها بيزرعوها خضراوات بندورة وباذنجان وهالمواضيع هاي وشرق الكرامة مجموعة من التلال ووديان تطلع على منطقة السلط يعني هاي تبوغرافية المنطقة يعني مش مناطق جبلية وعرة ممكن والله تصير عملية مواجهة أراضي كلها مكشوفة عارف كيف..
(4/226)
أحمد منصور: وأنت كعسكري محترف تقيس المعارك بالمعايير العسكرية.
أحمد جبريل: طبعا هذا فيه صعوبة إحنا بالماضي فقلنا لهم يا إخوان لنخفف إحنا من خسائرنا اللي كل الدلائل بتقول إنه بدهم يهجموا علينا بحيث هذه القوة نُبقي قوة رمزية في داخل الكرامة ونسلحها تسليح جيد منا ومنكم وقوات التحرير الشعبية وباقي الناس ندفعهم باتجاه الوديان اللي تطلع على السلط ونخفيهم لنحافظ على هذا العنصر البشري، جدال كان كبير..
أحمد منصور: كان رأي الآخرين إيه؟
أحمد جبريل: كان رأي أبو عمار لا أنا بدي أحول الكرامة لستالينغراد.
أحمد منصور: يعني إيه يحولها لستالينغراد؟
أحمد جبريل: مثل القتال اللي صار في ستالينغراد هو سامع ستالينغراد قلت له..
أحمد منصور: ستالينغراد إيه والكرامة إيه؟
أحمد جبريل: عم بأقول لك قلت له يا أبو عمار أنت قاري معركة ستالينغراد؟ إحنا بناخذها بالتاريخ العسكري وكيف.. قلت له ستالينغراد مدينة فيها اثنين مليون من البشر، فيها أبنية من عشرة طوابق، مساحتها الجغرافية إليها اتصال بالأنهر عارف كيف بهالشيء عارف كيف، تسليح الجيش السوفيتي شو كيف ممكن هذا إحنا هاي الكرامة أخ أحمد بيوت من اللبن نادر ما تلاقي بيت من الأسمنت، نادر تلاقي بين من طابقين عرفت كيف وأزقة كلها من اللبن يعني من عارف اللبن يعني مش من الطوب يعني من التراب معمول بشكل طوب..
أحمد منصور: مفهوم يعني إيه.
أحمد جبريل: يعني مش حجارة حتى طب وين هذه الملاجئ؟ وين أنت بدك تحفر وين هالأشياء فحصل الخلاف..
أحمد منصور: أنت وصلت لإيه وهم وصلوا لإيه في الخلاف؟
أحمد جبريل: أنا نشر القوات عارف كيف وإبقاء مجموعات في الكرامة لو دخل هذا العدو في داخل الكرامة يشتبكوا في هالموضوع.
(4/227)
أحمد منصور: أبو أياد في كتابه فلسطيني بلا هوية في صفحة 104 يقول إن 15 ألف جندي إسرائيلي هاجموا قواعدنا الممتدة بطول ثمانين كيلو مترا والكرامة كان بها أقل من ثلاثمائة مقاتل، أنت كنت في الجبهة هناك قل لي ماذا كانت الصورة؟
أحمد جبريل: يعني أبو أياد لم يكن عسكريا كان موجه سياسي أو يعني في التوجيه..
أحمد منصور: رئيس المخابرات الفلسطينية.
أحمد جبريل: يعني أيامها ما كان فيه هالمخابرات يعني إسمح لي عارف كيف لا كان في الكرامة بحدود ألف ومائتين لألف وأربعمائة مقاتل عارف كيف..
أحمد منصور: من كل الفصائل؟
أحمد جبريل: من كل الفصائل.
أحمد منصور: كان توزيعهم إيه تقريبا بعدالة تاريخية؟
أحمد جبريل: يعني فتح هي القسم الأكبر، إحنا كان عندنا بحدود خمسمائة، قوات التحرير مائة وخمسين مائتان وسبعمائة ثمانمائة من فتح عارف كيف وما فيه هالمواجهة اللي بيقول لك ثمانين كيلو متر يعني..
أحمد منصور: ما هو أنا لما فكرت في جبهة عرضها ثمانين كيلو متر أو طولها ثمانين كيلو متر قدرت عدة آلاف من المقاتلين من المفترض أن يملؤوا هذه الجبهة حتى يواجهوا.
أحمد جبريل: فكان هناك مركز تدريب لتدريب.. لفتح في إحدى مدارس الأنروا..
جبريل ينفي انسحابه من المعركة
أحمد منصور: انسحبت بقواتك؟
”
جبريل ينفي انساحبه من المعركة، ويؤكد أن الذي تم هو إعادة ترتيب انتشار قواته فوضع فصيل في داخل منطقة الكرامة وآخر على أطرافها لتعزيز القوات في حال انسحابها
”
أحمد جبريل: أنا لما اختلفنا في هذا الموضوع جمعنا العريفات والكوادر وبدأنا إعادة ترتيب انتشار فوضعنا فصيل في داخل الكرامة وحفرنا له حفر برميلية من شان القصف وإلى أخره وحطينا فصيل معزز لمسك.. لأنه أنا توقعت إنه العدو سيقول بالإنزال على التلال اللي شرقي الكرامة ليمنع هروب الفدائيين لكي نؤمن على الأقل مثل ما بيقولوا يعني..
(4/228)
أحمد منصور: يعني عملت تخطيط من جهتك وهم عملوا تخطيط من جهاتهم؟
أحمد جبريل: أنا هذا..
أحمد منصور: هم يقولون أنك انسحبت من المعركة وهي التي أدت إلى الانفصال بينكم وتفتت الجبهة الشعبية وأدت إلى إن رصيدك السياسي بعد ذلك يصبح ضعيفا.
أحمد جبريل: لا ما صحيح الكلام هذا اللي حصل ونقلنا كل هذه القوات إلى الوديان وأبعدناهم..
أحمد منصور: كم عدد الفصيل اللي تركته في المواجهة في الكرامة؟
أحمد جبريل: تركت أنا ثلاثين عنصر في داخل الكرامة.
أحمد منصور: هم كانوا عناصرهم كام تقريبا؟
أحمد جبريل: هم كانوا بقيوا بالمئات بالداخل ووضعت على التلال اللي شرقي الكرامة حتى مش فوق التلال بالوديان تحت التلال بحدود فصيلين يعني ستين عنصر قلت لهم ديروا بالكم أنتم ما تطلعوا إذا بتبلش القصف المدفعي إلى حين ما تسمع طائرات الهليكوبتر إجت بتطلع تستلم التلال وبتشتبك مع طائرات الهليكوبتر لأنه لتمنع الإسرائيليين هالتلين هدول لهم أهمية تعبوية هناك ما نخلي الإسرائيليين..
أحمد منصور: يعني أنت وضع خطة استراتيجية عسكرية كرجل عسكري عندك قوة صغيرة ستواجه جيش؟
أحمد جبريل: بهذا تقدير الموقف العسكري في هذا الموضوع بهالشغلة..
أحمد منصور: يعني لم تنسحب وإنما وزعت قواتك..
(4/229)
أحمد جبريل: وزعت قواتنا لنحمي إحنا هالعنصر البشري هذا هم الإخوان رفضوا هذا الكلام، ليش رفضوا؟ يعني أنا ما بأعرف ليش لهلا رفضوا هذا الأمر لكن السيناريو تبع المعركة أنا كنت أتوقع التقدم الإسرائيلي عبر نهر الأردن فيما يسموها مخاضة المندسة وأم الشرط وأم نخلة والشعشعة وهذه في مواجهة الكرامة تماما أنا توقعت إنه.. وفيه كانوا الإسرائيليين حاطين نوع من الجسور يعني للتمويه في هذه المنطقة إتوقعت أنا إنه يتقدموا بين النهر وما بين الكرامة عبارة عن أربع كيلو متر فقط عارف كيف إنه في قصف مدفعي إنزال قوات على التلال تقدم جيشهم عبر هالنهر بهذا الشكل إنه هذا هو السيناريو..
أحمد منصور: ما الذي حدث في المعركة؟
أحمد جبريل: اللي حدث في هذا السيناريو قسم كبير مثل ما توقعناه، القصف المدفعي الباكر الساعة خمسة ونص صباحا، محاولة مسك التلين اللي شرقي الكرامة عارف كيف ومن ثم هذا الشيء اللي أنا تفاجأت منه تقدموا بقوات مدرعة عن طريق الإسفلت من جسر بيسموه اللمبي أو الملك عبد الله عارف كيف إلى الشونة الجنوبية ثم إلى الكرامة يعني هذا اتجاه وبين الشونة الجنوبية والكرامة فيه 15 كيلو عارف كيف وأيضا تقدموا بمحور شمالي من جسر دامية إلى مثلث العارضة بيسموه واتجهوا باتجاه الجنوب للكرامة يعني..
أحمد منصور: كنت أنت أين في كل ما يحدث؟
أحمد جبريل: أنا كنت بالجبال اللي موجودة في شمال..
أحمد منصور: ترصد ما يحدث؟
أحمد جبريل: هالقوات وقاعدين عم بنشوف كيف بدنا نضرب لهم خطوط المواصلات لما يتبلش الليل يعني لهالموضوع هاي فأنا استغربت إنه فتح هالجبهة الكبيرة عارف كيف قلت يعني أنا ما حطيت هذا الاحتمال..
أحمد منصور: عرضها قد إيه تقريبا الجبهة؟
(4/230)
أحمد جبريل: يعني أربعين كيلو بدك تقول 15 كيلو عشرين يعني ثلاثين كيلو متر تقدم المحاور اللي تقدموا منها الإسرائيليين، ما تقدموا عبر النهر عارف كيف تقدموا على الطرق الإسفلتية عارف كيف أنا ليش حطيت هذا التحليل؟ قلت لأنه إحنا بنعرف إنه الجيش الأردني عامل عقدة دفاعية مهمة عند الشونة الجنوبية عارف كيف وفيها أسلحة وتسليح مرتبينها الأردن وكنا بنمر من جنبها وبنعرف قوامها وأيضا عاملين عند بيسموه مثلث العارضة عارف كيف والطريق اللي بيجي من جسر دامية كمان عاملين قلت ما بدهم يحرجون الملك حسين والجيش الأردني ويمروا من قدامه، أكيد راح يمروا ينزلوا من أم الشرط والمندسة والشعشعة ويتقدموا بهذا الاتجاه لحتى ما يسببوا إحراج للملك حسين في هذا الموضوع، فلما شفت أنا تقدموا على هذا الموضوع شغلة غريبة هون هم قصفوا إجت الطائرات الهليكوبتر شاب عندنا هو قائد الوحدة هنا أبو الفدا عباس رأسا طلع على هالتلال وبدؤوا يشتبكوا بالبنادق عارف كيف ومرة شجعت معهم على الطائرات الهليكوبتر لأنه الإسرائيليين كانوا استطلعوا هالتلال لقوا ما فيه شيء..
أحمد منصور: أنتم كنتم مختفينهم في التلال.
أحمد جبريل: ومخبينهم في هيك مثل المغر أو الجاروف هيك بهالشيء هذا بحيث فوجؤوا الإسرائيليين ما استطاعوا ينزلوا على هالتلال، بعد نصف ساعة كان ياسر عرفات ومن معه ينسحبوا من هذه الوديان باتجاه السلط، حتى هذا الشاب أبو الفدا حضر الاجتماع كان يسمعنا نادى عليه أخ أبو عمار وين ستالينغراد؟ عارف كيف قال رده وظلوا طالعين وأقسم لك بالله لولا ما مسكنا هالتلين هدول كان من الممكن كل الناس تُؤخذ أسرى..
أحمد منصور: هذه رواية جديدة لمعركة الكرامة.
أحمد جبريل: عم بحكي لك عم بقول لك هذا الواقع..
أحمد منصور: يعني كانوا هم يتهموكم بالانسحاب من المعركة وأنت تقول أنتم الذين تمكنتم من إيقاف الانسحاب يا سيدي.
(4/231)
أحمد جبريل: لولا هذا اللي مسكنا هالتلين كان تم قطع الطريق.
أحمد منصور: وأين المئات الذين كانوا في الكرامة؟
أحمد جبريل: بقيوا هناك عارف كيف فبدؤوا قسم منهم يطلع باتجاه الجبال والوديان اللي باتجاه السلط..
أحمد منصور: من الذي قاد المعركة إذا أنت تقول إن أبو عمار هرب من المعركة بعد ساعة؟
دور الجيش الأردني في معركة الكرامة
أحمد جبريل: أنا ما أقول هرب أنسحب، عارف كيف هو بالأساس أنا كنت لا أريده أن يكون في هذا الموقف وهذا الموقع يعني موقع.. القوات المدرعة اللي تقدمت من جسر اللمبي باتجاه الشونة الجنوبية لم تتوقع أن يشتبك معها الجيش الأردني في عقدة الشونة.
أحمد منصور: هذه التي كان عليها مشهور حديثة؟
”
بدأ الجيش الأردني بقيادة مشهور حديثة يشتبك من الدقيقة الأولى مع القوات الإسرائيلية فعطل تقدمه وتمكن من تدمير العديد من آلياته
”
أحمد جبريل: هذه الفرقة اللي كان مشهور حديثة من البحر الميت عنده لمثلث العارضة هو كان مسؤول عن هذه الفرق، فبدأ الجيش الأردني يشتبك من الدقيقة الأولى مع الجيش الإسرائيلي في المدفعية السادسة هالمدفعية 155 ملليمتر في وديان وراء السلط، بدأت تضرب تجمعات الإسرائيليين اللي على جنب النهر، نقاط الاستناد نقطتين عقدتين م- د عقدة في الشونة وعقدة في مثلث العارضة هذه الدبابات ماشي برتل ورا بعضها بدؤوا يضربوها هون دمر خمس دبابات هون خمس دبابات الإسرائيليين ما استطاعوا من المحور الشمالي (كلمة غير مفهومة) من مثلث العارضة يتقدموا تجاه الجنوب إلى الكرامة، توقفوا نتيجة القصف الجيش الأردني..
(4/232)
أحمد منصور: أنا سجلت مع الفريق مشهور حديثة الجازي شهادته على العصر وتحدث بالتفصيل عن الدور الذي قام به في الكرامة وكل المراجع تقريبا تُجمِع على أن لولا ما قام به مشهور حديثة الجازي قائد القوات الأردنية التي كانت موجودة لتمكن الإسرائيليون من القضاء عليكم في تلك الأودية أو يعني لم تتحول المعركة إلى هزيمة بالنسبة إليهم.
أحمد جبريل: عم بأحكي لك أنا هذا الواقع اللي حصل..
أحمد منصور: هذا أمام عينك وأنت في المعركة.
أحمد جبريل: طبعا إحنا شهود ومش تبع تضليل ولا بدنا نصنع انتصارات..
أحمد منصور: لأن أيضا للأسف الشديد حاول الفلسطينيون أن يقولوا أنه هم الذين صنعوا كل هذا النصر في المعركة.
أحمد جبريل: أنا من شان أكون دقيق يعني تمت مقاومات هناك مجموعات صغيرة لكن هذه الدبابات اللي شفتوها لو ترجع للأرشيف هذه دُمِرت بفعل المدفعية الأردنية وعقدة الاستناد اللي موجودة في منطقة الشونة وعقدة الاستناد في مثلث العارضة عارف كيف..
أحمد منصور: إنصافا لمشهور حديثة أيضا وهو قد توفي قبل عامين تقريبا هو قال لي بأنه تلقى الأوامر بوقف إطلاق النار عدة مرات، لكنه لم يتوقف عن إطلاق النار إلا في المساء عندما تأكد أن الإسرائيليين انسحبوا أو هزموا في المعركة.
(4/233)
أحمد جبريل: مضبوط يعني أن أشهد إنه المدفعية السادسة في منطقة السلط بقيت إطلاق النار ويحاول الطيران الإسرائيلي يقصفها ما يتمكن إنه يقصفها وبقيت تقاتل بس أنا في تقديري الموقف العسكري لما التقينا قبل معركة الكرامة أنا ما نقدر نقول أنا أن الجيش الأردني سيتصدى للإسرائيليين وخاصة هذا الجيش قبل شهر ونص إيجه يقتلعنا من المنطقة عارف كيف لكن يظهر أن مشهور حديثة رحمه الله ومجموعة الضباط وصلوا إلى قناعة أن يوم الثأر من هزيمتهم وتركهم الضفة الغربية آن الأوان ليصنعوا مثل هذه البطولة واستبسلوا وهناك المجموعات الفدائية استبسلت ولكن بشكل.. لأنه ما فيه تكافؤ أصلا في هذا الموضوع.
نتائج المعركة
أحمد منصور: استشهد من عندكم فدائيين؟
أحمد جبريل: استشهد فدائيين وأسر من عندنا يعني أسر من عندنا ثلاثة واستشهد ثلاثة أما الإخوان في فتح استشهد أعداد عشرات..
أحمد منصور: حوالي 90 شهيد.
أحمد جبريل: عم بأحكي لك، هو لماذا حصل..
أحمد منصور: نتيجة المعركة.
[فاصل إعلاني]
أحمد جبريل: بدؤوا الإسرائيليين ينسحبوا ليلا مع وجه الصباح أنا دخلت للكرامة ومعي قوة حتى أتفقد الشباب اللي أبقيناهم هناك فوجدنا من استشهد ومن أُسِر وفيه مجموعات بقيت حتى في داخل الكرامة لكن مختفية دخاليج وإلى أخره وأمام الحدث اللي هو ما كان متوقع عند الإسرائيليين في تدخل الجيش الأردني أربكهم هذا إرباك الخطة بكاملها الإسرائيلية، فمريت في داخل كرامة ما وجدت لا دبابة ولا سيارة جيب ولا فيه شيء مدمر عارف كيف يعني طب وين ستالينغراد؟ عارف كيف ما هو ستالينغراد دمرت الدبابات والآليات وأنا بأدعي إنه من أوائل الناس اللي دخلوا للكرامة مع وجه الصباح في اليوم الثاني..
أحمد منصور: 22 مارس.
(4/234)
أحمد جبريل: فمريت على مدرسة كان فيها معسكر تدريبي لفتح للأنروا فوجدت جثث على جنب الحائط إشي عشرين ثلاثين جثة تفرجت على هالجثث هاي كان موقفينهم الإسرائيليين معدمينهم إعدام وهم جايين مدنيين ليتدربوا في المعسكر التدريبي والطلقات مبينة على الجدار..
أحمد منصور: ومن الذي أبقى هؤلاء في المعركة ولم يكونوا مُدرَّبين؟
أحمد جبريل: هذا سؤال مو إلي تسأله عارف كيف والطلقات تبع إعدامهم على الجدران على جدار المدرسة وأنا موجود ما شفت إلا أبو عمار بيجي تعرف أنا فيه صداقة بيني وبينه فأخذني بالأحضان يا أخوي أحمد وبوس هون بعدين هيك دفعشه قلت له أبو عمار مين مسؤول عن هذا؟ عن مقتل هؤلاء الناس اللي أمانة بأعناقنا هادول؟ هذا ستالينغراد اللي بدك تحكي عنها؟ هذا أقل مركز تدريب هون ما بتخليه للخلف؟ ركب سيارته ومشي هناك بدأ فتح النار عليّ عارف كيف واستخدم..
أحمد منصور: فتح النار عليك لأنك انهزامي وأنك انسحبت وأنك لم تقم بالمعركة وهناك أشياء كثيرة خدمت وساعدت في ذلك.
أحمد جبريل: طبعا..
أحمد منصور: كان العرب في حاجة إلى أي انتصار..
أحمد جبريل: انتصار.
أحمد منصور: يتمسكوا به فجأة استطاعت فتح أن تقطف ثمار الكرامة حتى من الجيش الأردني الذي قام بها؟
أحمد جبريل: أنا دققت في المعلومات بعدين يعني من بعض الضباط كان عندهم قبل الكرامة مجموعة من الضباط المسرحّين بالجيش الأردني مثل واحد اسمه أبو الزعيم لو تسمعوا فيه وواحد بهادي عواد عارف كيف أبو مجدي يِظهر فتح جعلتهم يتصلوا مع الضباط اللي حواليهم فيظهر إنه لما أبو عمار قال لي أنا بدي أعمل ستالينغراد كان مطمأن إنه والله يعني مشهور حديثة وهذه العقد والمدفعية ستشارك في هذه المعركة ولكن هذه المعلومات لم يطرحها في تقدير الموقف اللي قعدنا نعمله..
أحمد منصور: بالنسبة لك أنت كان تقدير الموقف سيتغير.
أحمد جبريل: أنا ممكن إنه لا تغير..
(4/235)
أحمد منصور: لكن لم تضع في احتمالك مطلقا أن الجيش الأردني..
أحمد جبريل: أنا ما وضعت في بالي نهائيا وأنا قلت لك التقدم تخيلته لأن هذا الأقرب إليهم.
أحمد منصور: وتحرك الجيش الأردني فاجأ الجميع، فاجأ الجميع أيضا تحرك الجيش الأردني.
أحمد جبريل: عم بقول لك يعني.
أحمد منصور: والجيش الأردني تلقى أوامر عديدة بوقف إطلاق النار من الصباح من العاشرة صباحا لكنه رفض أن يتوقف.
أحمد جبريل: تماما بالضبط.
أحمد منصور: كما قال الرجل في شهادته.
”
قطفت فتح ثمار الكرامة وفتحت الأبواب أمامها فوعدوا بدعم عربي وتلقوا تأييدا من دول الخليج ومصر وأخذ آلاف المتطوعين يتدفقون على معسكرات فتح باعتبارها قادت الانتصار
”
أحمد جبريل: فلذلك يظهر في الاجتماع اللي عملناه في الكرامة قبل معركة الكرامة يعني أبو عمار كان متحصن في هذه الاتصالات الموجودة، بس رغم هذا الموضوع إنه المفروض إحنا إن والله إنه نخفف من الكتلة البشرية الموجودة لحتى ما تكون فيه هدف للعدو الإسرائيلي..
أحمد منصور: ربما أنت تفكر بطريقة تختلف دائما عما يفكر به الآخرين لأنك تضع ساحة المعركة ربما والتخطيط العسكري فقط أمامك دون أن ترى الأبعاد السياسية، شُنَّت ولازالت تُشَّن عليك حروب إلى اليوم بأنك أنت انسحبت من الكرامة، فُتِحت الأبواب أمام حركة فتح الملك فيصل دعا خليل الوزير وصلاح خلف ووعدهما بدعم مالي كبير، أيضا استطاع ياسر عرفات أن يجني ثمار الكرامة فتحت له أبواب دول الخليج وأيضا عبد الناصر كان يريد أن يرى ثمرة أو نجاح وبدأت آلاف المتطوعين يتدفقوا على حركة فتح باعتبارها هي التي قادت الانتصار، في 14 أبريل 1968 أعلنت حركة فتح عن تعيين ياسر عرفات قائدا.. ناطقا رسميا باسمها وأصبح شخصية عامة معروفة بعد سنوات عديدة من السرية بينما بقيت أنت وآخرون كثيرين غير معروفين، هل تعتقد أن الكرامة هي التي توجت عرفات زعيما سياسيا وعسكريا لفتح بعد ذلك؟
(4/236)
أحمد جبريل: يعني لا شك أنا بأعترف بأنه عرفات استثمر اللي حصل في الكرامة أنا حكيت لكم هذه الوقائع تماما..
أحمد منصور: وأنا حرصت إنك تذكرها بشكل تفصيلي لأن هناك ردود أفعال كثيرة حولها.
أحمد جبريل: أما كيف استثمر عرفات بذكاء خارق وجَنّد هذه المواضيع بحيث راح أنت عم تحكي على الملك فيصل والخليج عرفات راح على الجزائر عند أبو مدين وسلمه باحتفال رسمي لأبو مدين عصا الجنرال الذي قتلوه في.. قائد القوات الإسرائيلية وإذا بترجع لأرشيف التليفزيون الجزائري تجد أنه كيف العصا المارشالية تُسلَّم لأبو مدين إنه هذه من القائد الإسرائيلي اللي هاجم الكرامة.
أحمد منصور: وكان جاي يعمل استعراض القائد الإسرائيلي بالعصاية المارشالية؟
أحمد جبريل: يظهر..
أحمد منصور: لا أنا بأسأل؟
أحمد جبريل: عم بأحكي لك بأقول لك أنا العمل يعني إحنا..
أحمد منصور: الجيش الإسرائيلي بيستخدم عصا المارشال؟
أحمد جبريل: يعني عم بحكي لك هو يظهر لأنه معتاد فيه..
أحمد منصور: أنت كقائد عسكري قول لي؟
أحمد جبريل: لا كان معتاد في مصر في النظام الإنجليزي مرة تبقى عصاية تحت يد الضابط مش بالمعركة يعني مونتغمري ما كان معه عصاية ولا ويفل عارف كيف ولا أوكلينغ يعني ولا شيء لكن هو تخيل إنه والله خيال هذا الموضوع لكن إحنا يجب أن نقر أنه استثمر هذا الموضوع استثمار كبير وشن حملة كبيرة علينا إنه والله إحنا لم نقاتل وأنا أصدقكم القول هذا ما حصل بالتفصيل وبدقة كاملة وتخيل الآن لما بنحكي عن الحقيقة..
أحمد منصور: لكن كيف حتى فتح عملت كتاب عن الكرامة وقيل عنك فيه يعني كلام كثير كلام سيئ بيَنُم عن ليس شخصية عسكرية كما لنا أن نراها ورصدناها في الصحف وإنما شخصية انهزامية انسحبت وكانت تدعو للانسحاب والرعب والخوف ولكن هؤلاء هم الذين صمدوا؟
(4/237)
أحمد جبريل: أنا رأيت هذا الكتاب واستغربت يعني منه يعني بدي أحكيه بكل صراحة يعني لو حشاش أراد أن يكتب ويتخيل خيالات لما استطاع أن يضعها في مثل هذا الكتاب الفسفوري اللي حمل الألغام وطلع على الدبابة وفجر نفسه اللي ما بأعرف كيف قصص وأنا استغربت يعني من هذا الموضوع وأنا يمكن يعني شفت إن هذا من التنافس التنظيمي ولم يكن أخلاقي حتى هذا التنافس وراحت الأيام وكاتب هذا الكتاب الشهيد ماجد أبو شرار..
أحمد منصور: هذا قُتِل في روما.
أحمد جبريل: في روما عارف كيف وكان من مسؤولي الإعلام، في يوم أتاني بعد ما حصل الانتفاضة في داخل فتح قال لي أنا بدي ألتقي أنا وياك عاوزك..
أحمد منصور: سنة كام؟
أحمد جبريل: يعني بدك تقول في 1983 عارف كيف، فقال لي أنا جاي أعتذر منك وأنا مصاب بعقدة الذنب تجاهك شخصيا، أنا نسيان القصة عارف كيف صدقها فقال لي ما حدث بالكرامة وقال لي كيف أبو عمار جمعهم وقال لهم بدكم تكتبوا قصة عن الكرامة تخيلوها كما تريدون ولا تنسوا أن تقولوا أحمد جبريل هرب ولم يقاتل في الكرامة، فقال أنا وبعض الناس كتبنا هذا الكتاب ونحن نشعر بالظلم التاريخي تجاهك أنت في هذا الأمر.
أحمد منصور: لكن عفوا أنا لما رجعت إلى أدبياتكم أنتم، أنتم لم تسعوا مطلقا إلى أن تدونوا شيء أنتم من الناحية التاريخية أيضا ساعدتم الآخرين على أن يلقوا عليكم هذه الاتهام وأن يصدقها الناس.
أحمد جبريل: مضبوط بس أنا بأرجع بأحكي لك نحن ننظر إن هذه المعركة طويلة الأمد ولازم نسلم الراية من جيل لجيل..
أحمد منصور: في النهاية لابد من أن مصادر يا سيدي.
أحمد جبريل: كنت أنا أعتقد أن هذه عبارة عن انتهازية وناس تنظر إلى لم الغنائم في هذا الأمر، يعني بمثالية يمكن أنا بأقول لك غلط يعني ده مثالية مطلقة يعني كنت أقول أنا..
أحمد منصور: طب قل لي أنا أين أجد هذه الرواية التي أنت رويتها لي الآن؟
(4/238)
أحمد جبريل: هلا أنت عملت شاهد على العصر مع مشهور حديثة؟
أحمد منصور: صحيح.
أحمد جبريل: أكد لك هذا الموضوع ولا لا؟
أحمد منصور: أكد لي ما يتعلق بالجيش الأردني.
أحمد جبريل: بالجيش الأردني طيب هو.. الدبابات التي دمرت وطلعت بالتليفزيونات إنه والله الفلسطينيين دمروها في الكرامة..
أحمد منصور: أنا أقصد المسؤولية التاريخية عليكم الآن تاريخ الشعب الفلسطيني لا يؤخذ من مصدر واحد وإنما من كل المصادر التي شاركت في صناعته.
أحمد جبريل: يعني أنا عم بأحكي لك هذا الموضوع تمسك أنت من جماعة القوميين العرب اللي كانوا معي يعني أنا أذكر شاب كان قائد قاعدة هلا عضو اللجنة التنفيذية معتقل عند اليهود محمد ملوح عضو اللجنة التنفيذية للجبهة الشعبية.
أحمد منصور: مَن مِن الآخرين أيضا اللي كانوا شهود عليها؟
أحمد جبريل: هذا كان في قاعدة موجودة قرب الكرامة وأنا بأذكر كيف سحبته وحطيته على المجنبات وكيف رتبنا بعد ذلك مجرد ما أتى الليل كيف نقطع الخطوط، إذا بترجع أنت للأرشيف العمليات بعد معركة الكرامة تماما هم ما هاجموا بس منطقة الكرامة هاجموا أيضا في غور الصافي بس الكريمة ما هاجموها هاجموا هالمكانين هالتجمعين، تجد بعد معركة الكرامة فتح من هون اللي ضمدت جراحها لمدة عشرين يوم أو شهر ولا عملية عسكرية، إحنا في هذا الشهر تحملنا مسؤوليات العمليات العسكرية من العدسية في الشمال والشونة إلى جنوب البحر الميت.
أحمد منصور: هم كانوا يحتفلوا بالانتصار الذي حققوه.
أحمد جبريل: يعني عم بأحكي لك أنا..
(4/239)
أحمد منصور: الآن معركة الكرامة وضعت حركة فتح في طليعة الحركات القتالية الفلسطينية، استطاعوا تماما أن يحققوا النصر السياسي والنصر الإعلامي الكبير من وراء هذه المعركة التي خاض الجيش الأردني الجانب الحقيقي والأساسي فيها، أنتم استطاعوا أن يصفوكم ويضعوكم في دائرة المنهزمين والمنسحبين من وراء الموضوع وجنوا هم الثمار وأصبحت كل الحكام العرب الذين كانوا يريدون أن يتنسموا شيئا أصبحوا يضعوا حركة فتح في المقدمة، أصبح الفدائيين يتدفقوا على الأردن من كل الدول العربية ويذهبوا إلى فتح ليس إلى الآخرين وبدأت الأموال تتدفق أكثر وبدأ وضع الفلسطينيين يستفحل في الأردن إلى أن حدثت المواجهات التي سنتطرق لها ربما في الحلقة القادمة، تعليقك النهائي إيه على هذه الصورة قبل المواجهات التي حدثت بعد ذلك بين الفلسطينيين والأردنيين وأدت إلى مذابح أيلول في العام 1970؟
أحمد جبريل: يعني أنا بأعترف إنه الإخوان في فتح كانوا يفهموا العقلية الحاكمة العربية أكثر منا، كانوا يعرفوا إنه والله الحاكم العربي مهزوم في 1967 بده يلتقط أي انتصار لاحق ويعطيه ويكبره ويضخمه ويعمل له شيء كبير للغاية، أما تزوير الحقائق وهالشيء هذه قصص في داخل الساحة الفلسطينية لها بداية ما لها نهاية، أنا بس بدي أحكي لك قصة واحدة..
أحمد منصور: باختصار.
أحمد جبريل: باختصار، كنا على علاقة مع المصريين وفتح علاقتهم مع المصريين هم يلتقوا مع الرئيس عبد الناصر نلتقي مع محمد فوزي مع محمد أحمد صادق مسؤول المخابرات ويدعموهم ويدعمونا وكل ما نلتقي معهم يعني محمد أحمد صادق يقول لي بيوصيك الريس دير بالك على الإخوان في فتح لا تختلفوا مع بعض وأيضا اللي..
أحمد منصور: هذا في أي مرحلة تاريخية؟
أحمد جبريل: بعد 1968.
أحمد منصور: بعد 1968.
(4/240)
أحمد جبريل: عارف كيف يقول لي عبد الناصر.. يقول له محمد أحمد صادق لأبو عمار ديروا بالكم ما تختلفوا عارف كيف أنت وأحمد في هالمواضيع، أنا في يوم من الأيام ما سمعت إلا عملية عسكرية كبيرة ضخمة استهدفت ميناء إيلات دُمِرت سفينتين وضُرِب الميناء وخزانات نفط وإلى أخره..
أحمد منصور: تفتكر تاريخها بالضبط في حرب الاستنزاف؟
أحمد جبريل: بحرب.. بداية حرب الاستنزاف.
أحمد منصور: يعني حرب الاستنزاف بدأت في سنة 1969 بالضبط مارس 1969 على ما أعتقد.
أحمد جبريل: هاي كانت قبل ما تبدأ حرب الاستنزاف يعني مقدمات لهالموضوع، ما شفت إلا بيان أنا باسم العاصفة..
أحمد منصور: حركة فتح.
أحمد جبريل: حركة فتح العاصفة قامت كذا قامت هيك هيك كل هالعملية طب أنا بأعرف يعني قوات العاصفة فيه شو إمكاناتها طب ما إحنا يعني عسكريا فيه فرق شاسع في عملية التدريب والتخطيط بينّا وبينهم وما فيه كم فيه إعلام فيه كذا لكن هذه دورة الضفادع البشرية هاي بدها ستة أشهر سنة بكاملها أنت لا تستطيع يمكن تقوم بعمليات صغيرة في هذا الموضوع، أنا فوجئت في هذا الموضوع وكنت بالأغوار انزعجت ورحت على السفير المصري وكان فيه ضابط من بيت الدخاخني هو عنصر الاتصال بيننا وبين المصريين ومع فتح..
أحمد منصور: في الأردن؟
(4/241)
أحمد جبريل: في الأردن في عمان، فدخلت وبدأت يعني بمشادة إنتوا قلتوا لنا ستقفوا على الحياد بينا وبين الإخوان في فتح ونحن لا نصطدم مع بعضنا إنتوا عم بتزكوا هذا التصادم لما إنتوا بتقوموا بمثل هيك عمل وتعطوه لفتح والعاصفة هي قامت بمثل هذا العمل الكبير لو ترجع للأرشيف حتى الآن فيه فيلم عربي اسمه الطريق إلى إيلات عن هذه العملية وكيف الضباط المصريين والضفادع كلها مواضيع هاي وأنا ثائر بعصبية عم بأحكي معهم فبيقول لي الدخاخني طول بالك يا أبو جهاد طول بالك شوية يا أخي إحنا اللي عاملين العملية هذا موضوع لكن فيه اثنين مفقودين عندنا عم ننتظر حتى نعرف نتائجهم وين وصلت وحقيقة في اليوم الثاني طلع المصريين بيان إنه قوات الوحدات الخاصة المصرية قامت بعملية إيلات..
أحمد منصور: طب بناء على إيه فتح طلعت بيان؟
أحمد جبريل: أنا عم بجيب لك يعني الأسلوب الـ(Propaganda) وأسلوب عرفات..
أحمد منصور: لكن الـ(Propaganda) في النهاية هي التي كسبت.
أحمد جبريل: طيب ما أنا عم بحكي لك أنا بعد أسبوع من عملية إيلات هاي أنا طالع من الأغوار سايق سيارتي أبو عمار سايق سيارته وقفنا على جنبين الشارع وقعدنا نتحدث، فقال لي يا أبو جهاد بدك شيء أنا رايح على مصر بدك شيء من الإخوان المصريين؟ لأنه دائما كانوا يوصونا ببعض تفرجت فيه هيك قلت له أبو عمار قلت إمبارح كذبت كذبة كبيرة تبع إيلات يعني أنت هلا مو خجلان تروح لعندهم؟ والله العظيم مسك هيك قال لي لك يا أحمد قلت له الحكام العرب طول حياتهم بيكذبوا علينا يعني إذا كذبت كذبة يعني هو هيحصل إيه؟ عارف يعني أنا عم بأعطيك عارف كيف في العرقوبة الأولى بجنوب لبنان زُوِرت في العرقوبة الثانية فيه عملية اجتياح في 1976 يعني فيه هالإعلام وأنا قلت لكم إذا بدت التاريخ هلا يزال بدهم يكونوا أقوياء وأولى الأمر والحكام إلى متى هذا التاريخ..
أحمد منصور: نحن لهذا نحاول أن نفهم جانب من التاريخ.
(4/242)
أحمد جبريل: يعني هذه ظاهرة..
أحمد منصور: بشكل أساسي من بعض الناس الذين صنعوه، تطور وضع الفلسطينيين في الأردن وتضخم بشكل كبير بعد معركة الكرامة إلى أن حدثت المواجهات في أيلول، في الحلقة القادمة أبدأ معك من الصدام الفلسطيني الأردني أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/243)
الحلقة6(4/244)
الأحد 27/3/1425هـ الموافق 16/5/2004م(آخر تحديث) الساعة 13:27(مكة المكرمة), 10:27(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
9/05/2004
- اللقاء مع عبد الناصر
- القضية الفلسطينية وخطف طائرة العال
- الانفصال عن القوميين العرب
- الانتقام لبحر البقر
- حرب العصابات ومشاكل التمويل
اللقاء مع عبد الناصر
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيكم.
أحمد منصور: في ديسمبر 1968 التقيت أنت مع عبد الناصر للمرة الأولى..
أحمد جبريل: صحيح.
أحمد منصور: كيف كان هذا اللقاء وكيف كانت رؤيتك الأولى لعبد الناصر وما الذي فتح بينك وبين عبد الناصر خطاً في الوقت الذي كان عبد الناصر قاصرا في علاقاته على فتح حتى ذلك الحين والقوميين العرب طبعا شطبهم بعد البيانات التي أخرجوها أو أصدروها ضده؟
أحمد جبريل: هو بالحقيقة أنه بعد ما تم الإنفكاك بيننا وبين حركة القومية العرب بقينا نحن والقوى الناصرية التي زعمها..
أحمد منصور: أحمد زعرور.
أحمد جبريل: أحمد زعرور في هذا الموضوع وهم على علاقة وطيدة مع عبد الناصر ومع المصريين منذ فترة طويلة من الزمن لكن حتى هذه الساعة لم أكن أنا أعرف حجم الخلاف بين الرئيس عبد الناصر وجورج حبش ولم يظهروا لنا أثناء إنشاء هذه الجبهة أن مثل هذه الخلافات واقع.
أحمد منصور: نعود للقاءك بعبد الناصر لأن هذا اللقاء يعتبر لقاء هام جدا..
أحمد جبريل: مضبوط.
أحمد منصور: كلقاء أول بينك وبين عبد الناصر كيف تم ترتيب اللقاء وما هو أهم ما دار بينك وبينه؟
(4/245)
أحمد جبريل: لا شك كان يجب أن يتم اللقاء قبل هذا التاريخ لكن كان الرئيس عبد
”
أول لقاء بين عبد الناصر وأحمد جبريل في منشية البكري برفقة أحمد زعرور وموسى محمود، من ضباط الجيش الأردني الناصريين
”
الناصر منشغل في هذا الموضوع ثم حددوا لنا وسافرنا للقاهرة..
أحمد منصور: من كان معك؟
أحمد جبريل: كان أحمد زعرور وموسى محمود ضابط من ضباط الجيش الأردني من الناصريين المعروفين المسرحين في هذا الموضوع وتم اللقاء لمدة أكثر من ثلاثة ساعات ونصف مع الرئيس عبد الناصر في منشية البكري..
أحمد منصور: كان في ديسمبر تفتكر تاريخه بدقة؟
أحمد جبريل: والله لا أتذكر بالدقة يعني.
أحمد منصور: وليس في أدبياتكم أيضا تاريخ دقيق بحثتما فيه؟
أحمد جبريل: لا موجود لا عارف كيف فبدأ اللقاء في التحدث عن الساحة الفلسطينية فدخل الرئيس عبد الناصر رأسا في موضوع الإنفكاك اللي حصل بيننا وبين القوميين العرب مع جورج حبش وتشكى بألم شديد للغاية ولا أزال أذكر أنه قال لقد حملت حركة القوميين العرب على الأكف وأطعمناهم من لحمنا عارف كيف وأنشأت لهم جرائد في لبنان وتحدث عن التاريخ بينهم ثم بدأ يقول عندما بدؤوا يشعرون أنهم قادرين أن يحققوا أي انتصار بدؤوا يوجهوا الطعنات لنا وقصد في ذلك ما كان يحدث في اليمن الجنوبي والصراع ما بين الجبهة الوطنية اللي كان فيها الأصنج ومكاوي والجبهة القومية اللي كانت حركة القوميين العرب تسير باتجاهها.
أحمد منصور: كان يتحدث عبد الناصر بمرارة؟
(4/246)
أحمد جبريل: طبعا مثل ما قلت لك أنا بمرارة وتحدث عن الدكتور جورج وحركة القوميين العرب وكان يقول أنا استغرب يعني لماذا مثل هذا التعامل لماذا هذا الشتيمة والسباب علينا في منشوراتهم وفي أدبياتهم في مجلة الحرية اللي هو أنشأها عبد الناصر في بيروت عارف كيف، كيف إنه عم بيشنوا هذا يعني معنى ذلك أنهم لا يعرفون شو دار في 1967 وشو أسباب هذه الهزيمة إذا الشارع العربي عرف إنه أسباب هذه الهزيمة هم المفروض أنهم يكونوا مثقفين أو سياسيين يدركوا أبعاد هذا الموضوع يعني هذا الموضوع الأول ثم انتقلنا إلى الموضوع الآخر وفوجئ مني في حول المناقشة حول القرار 242 الذي وافق عليه عبد الناصر بعد وقف إطلاق النار 1967 وتم جدال في هذا الموضوع وأذكر جيدا أن قال لي يا أحمد نحن نعترف أن هذا القرار وافقنا عليه من واقع الهزيمة ولكن ليس هو الهدف المنشود عندنا وإن شاء الله عندما تتحسن أوضاعنا سنتجاوز سقف القرار 242 وتحدّث عن الهزيمة يعني في هالموضوع هذا وأذكر جيدا أن كانت القوات الإسرائيلية ضَربت بعد في بحر البقر مدرسة..
أحمد منصور: كان في الـ 1969 في حرب الاستنزاف أنت التقيت به بعد ذلك؟
أحمد جبريل: التقينا وتحدثنا حتى على بحر البقر عارف كيف يعني فيعني لا شك أن الهزيمة كانت هزيمة مرة يعني بالنسبة لـ 1967 وأثرها المعنوي والنفسي وبدأ يتحدث عن التغييرات الداخلية التي حصلت في مصر وكيف كُلف اللواء محمد فوزي في إعداد الجيش المصري وبلغنا أنه هو..
أحمد منصور: رؤيته إيه كانت للصراع العربي الإسرائيلي في تلك اللحظة وفي هذا الوقت؟
”
رغب عبد الناصر في تنشيط عمليات الاستنزاف ضد العدو الإسرائيلي لإعطاء الفرصة لإعداد الجيش المصري من جديد
”
(4/247)
أحمد جبريل: بالنسبة لنا هو كان يؤكد أن عليكم أن تنشطوا وان لا تجعلوا الإسرائيليين يستكنون للراحة يجب أن تضربوهم في كل مكان لأنه إذا تمت الاستكانة فهؤلاء الإسرائيليين والصهاينة سـ.. يعني يثبتوا الواقع على الأرض..
أحمد منصور: ما هو الهدف في النهاية؟ ما هي الرؤية الاستراتيجية عند عبد الناصر في ذلك الوقت؟
أحمد جبريل: هو أولا كان يريد منا أن ننشط في عملية استنزاف العدو وقال لنأخذ الفرصة للجيش المصري لإعداده من جديد وقال لنا أننا سنشارك بعد ذلك في حرب الاستنزاف ضد الإسرائيليين في هذا الموضوع.
أحمد منصور: ما هي الثمار التي جنيتها من تلك المقابلة الأولى مع عبد الناصر؟
أحمد جبريل: هو أبدى استعداده على تقديم السلاح والعتاد والتدريب لنا في هذا الموضوع..
أحمد منصور: وقدمها؟
أحمد جبريل: طبعا قدمه وأنشؤوا لنا في أنشاص كذا دورة عسكرية هناك أرسلوا بعض الأسلحة إلى بغداد ومن بغداد نقلها الجيش العراقي وسُلمت لنا في الأردن في هذا الشأن اشتكينا إحنا في ذلك الوقت على أجهزة الإعلام المصرية التي لم تكن محايدة سواء في وصف ما يدور بالإعمال الفدائية في الأرض المحتلة وكانت منحازة إلى فَتح عارف كيف في..
أحمد منصور: أنتم لسه عندكم إعلان.
أحمد جبريل: عم أقولك يعني..
أحمد منصور: فتح لم تشمل الطلبة في هذه الفترة كان كل تنظيم كأنما يزايد يعني إذا قَتل جندي إسرائيلي يبقى قتل خمسين وإذا ضرب طلقتين يبقى ضرب عدة صواريخ وهكذا.
أحمد جبريل: يعني فاشتكينا يعني على أجهزة الإعلام لموضوعين أولا انحيازه الكامل باتجاه فتح وعدم نشره لبياناتنا وبلاغاتنا العسكرية اللي كانت صادقة ومؤثرة على العدو الإسرائيلي وأيضا كنا نشتكي حول الطرح السياسي المبكر لأجهزة الإعلام سواء من كان حسنين هيكل أو أحمد حمروش كان مسؤول عن روزاليوسف أو أحمد بهاء الدين وفكري أباظة في المُصوَّر والسادات كان مستلم المساء عارف كيف فقال..
(4/248)
أحمد منصور: الطرح السياسي المبكر عن إيه؟
أحمد جبريل: عن إنه والله إسرائيل هي حقيقة ويجب أن نعترف بها ويجب أن نفكر الآن فقط في الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلت عام 1967..
أحمد منصور: يعني الترويج لهذا كان مبكرا في 1968؟
أحمد جبريل: مبكرا نعم وإحنا كنا متأذيين من هذا الطرح فطرحناه مع الرئيس عبد الناصر.
أحمد منصور: الناس بتنسى والناس بتذكر كأن السادات هو الذي فعل هذا في 1977ولم يكن هناك تقديم مبكر أو ترتيبات مبكرة للتسوية السياسية التسوية السياسية بدأ الترتيب لها إعلاميا طبعا بعد 1967؟
أحمد جبريل: طبعا بعد الهزيمة مباشرة بدأ أنا أذكر ارجعوا إلى مقالات حسنين هيكل وفكري أباظة وأحمد بهاء الدين وحمروش كانت هناك إحنا خفنا حتى كنا نقول..
أحمد منصور: طبعا كانوا بيكتبوا بتوجيه من النظام السياسي؟
أحمد جبريل: عم أقول لك يعني إحنا يعني خفنا من هذا الطرح على قواعدنا عم نحاول إحنا نفهم أنه لا هذه المعركة مصيرية وطويلة وليس لها أفق سياسي محدود في هذا الشأن..
أحمد منصور: لو رجعت إلى..
أحمد جبريل: فعندها وقتها الرئيس عبد الناصر قال سأرتب لكم لقاء مع أجهزة الإعلام وحقيقة التقينا مع حسنين هيكل ومع حمروش ومع كل هؤلاء الناس لكن فشلنا في إقناعهم وكان جدل حامي للغاية بيننا وبينهم وبين هذه الأجهزة وتابعت هذه الأجهزة طروحاتها السياسية المعروفة.
القضية الفلسطينية وخطف طائرة العال
أحمد منصور: اندلعت حرب الاستنزاف في مارس 1969 وقبلها كنت في فبراير 1969 أصبح عرفات رئيسا لـ منظمة التحرير الفلسطينية خلفا لحسين حمودة..
أحمد جبريل: يحي حمودة.
أحمد منصور: يحي حمودة عفواً وبالتالي أصبحت فتح هي التي تسيطر على المنظمة..
أحمد جبريل: هو في لقاءاتنا مع الرئيس عبد الناصر ثم مع سامي شرف ومحمد أحمد صادق كان مسؤول المخابرات..
أحمد منصور: تكررت لقاءاتك مع عبد الناصر؟
(4/249)
أحمد جبريل: تكررت هاللقاءات في هذا الشأن كانوا حقيقة في دور الناصح لنا يعني كانوا يؤكدوا أنه يجب أن تكونوا أخوة مع بعضكم لا يتم الخلافات ويكون التنافس في الميدان في المعركة إلى آخره ويوصون في الأخوة في فتح يعني الرئيس عبد الناصر على الباب يقول لي انتبهوا على الوحدة الوطنية أنتم والإخوان في فتح لا تختلفوا مع بعضكم وأيضا كان يوصوا حركة فتح أنهم أن يكونوا معنا كأخوة في هذا الشأن لكن قبل وصول عرفات وفتح إلى منظمة التحرير صار اجتماع بيننا وبين الإخوان المصريين وطرحوا عملية إنه كيف يدخل الفدائيين ليستلموا منظمة التحرير وأنت بتعرف بعد ما استقال الشقيري أو الانقلاب الذي حصل عليه يحي حمودة وبهجت أبو غربية وعبد الخالق يغمور ومجموعة من هؤلاء الإخوان أصبح هم يمثلوا منظمة التحرير الفلسطينية فكان الرئيس عبد الناصر يريد منا أن ندخل المنظمة ونمسك نحن المنظمة يعني الفدائيين يمسكوا منظمة التحرير الفلسطينية..
أحمد منصور: اللي هي كانت من المفترض أنها واجهة سياسية لترتيب حل للقضية الفلسطينية؟
أحمد جبريل: هذا الموضوع اختلفنا وتباينا إحنا والأخوة المصريين وتمت نقاشات يعني شديدة يعني أنا كنت أقولهم دعونا إحنا ما حد يشوف وجوهنا دعونا مقاتلين عم نقاتل عارف كيف..
أحمد منصور: لم يكن من ذلك الوقت ما حد وجهه معروف إلا ياسر عرفات؟
(4/250)
أحمد جبريل: إلا ياسر عرفات عارف كيف دعونا نبتعد عن الكاميرات والتصوير ومنظمة التحرير هلا في شباب مستقلين وطنيين يعني معروف في وطنيتهم فليكونوا مثل الوكالة اليهودية جولدمان وإلى آخره وتبقى الناس تقاتل لكي لا تُفسَد في هذا الموضوع فكانوا يقولوا الإخوان في مصر لا عليكم أن تمسكوا منظمة التحرير وأذكر جيدا أنه يمكن سامي شرف اتصل قبل أسبوع من عقد المجلس الوطني اللي إحنا رفضنا أن نشارك به عارف كيف لسبب معين أولا لا نريد إحنا أن ندخل رأسا وبشكل مبكر في عملية المزايدات السياسية والمشاريع السياسية التي تُطرح هذا أولا اثنين كنا رافضين أيضا أن نتلفت لهذا الموضوع وعلينا أن نتلفت جديا في قتال العدو..
أحمد منصور: يعني اسمح لي أبو جهاد..
أحمد جبريل: البند الأول كنا خايفين بصراحة.
أحمد منصور: أبو جهاد أي عمل عسكري بدون غطاء سياسي يجني ثماره في النهاية بيأتي ناس آخرين يجنوا ثمار هذا العمل يعني أما يعتبر هذا قصورا في الرؤية بالنسبة لطبيعة العمل و القضية والنظرة الأساسية لها؟
أحمد جبريل: يعني أنا ما بعتقد أنه الدخول والاستيلاء على منظمة التحرير هو دفع
”
تم إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية بقرار سياسي اتخذ في مؤتمر القمة العربية عام 1964
”
(4/251)
العمل الفدائي للأمام أنا حتى هذه الساعة بقول معنى ذلك أن القرار السياسي اللي اتخذه في مؤتمر القمة في عام 1964 في إنشاء منظمة التحرير هذه منظمة التحرير الموجودة اللي هي عَقدت الاتفاقات مع الإسرائيليين ومع الأميركان مع كل الناس أنا كنت أقول علينا أن نبتعد ألا نُلزم أنفسنا والشعب الفلسطيني يمكن أن يُترك لبعض المستقلين الفلسطينيين في منظمة التحرير أن يقوموا بهذا الموضوع يا أخوان المعركة طويلة يعني يجب ألا نفتش عن الانتصارات يعني الجزئية أو الانتصارات الثانوية يعني هذا كان وجهة نظرنا أنه طيب إحنا هذا الكلام عم بنحكيه إحنا بالـ 1969 يعني بعد أد إيش من 1967 بعد سنتين من 1967 طيب شو هي المعركة سيران هي نزهة إحنا عم بنعرف أن هذه معركة هتكون معركة صعبة وقاسية بنستمر سنوات متعددة فلماذا التعجل للجلوس وراء مؤتمرات الصحفية واللقاءات السياسية وإلى آخره.
أحمد منصور: لأن هذه هي عادة التي تجني الثمار.
أحمد جبريل: صحيح بس أما هذا ثمار اللي جنيناه للأسف هي هو اتفاق أوسلو والاعتراف بإسرائيل على ثمانين في المائة من أرض فلسطين وكانوا يعتقدوا إنه والله الضفة الغربية وقطاع غزة سيقدمه العدو الإسرائيلي لهم على طبق من ذهب وهاي أنتم شايفين ما يدور الآن.
أحمد منصور: كما كان هناك استراتيجية عسكرية للتعامل مع الإسرائيليين على الأرض كان هناك استراتيجية عسكرية أخري بدأت في توسيع ساحة المعركة وإخراجها إلى خارج فلسطين في الثانية وعشرين من يوليو عام 1968 خُطفت أول طائرة إسرائيلية لشركة العال وكانت متجهة من روما إلى تل أبيب وحُولت إلى الجزائر واتهمتك إسرائيل كما جاء في كتاب صومائيل كادز بأنك كنت المخطط لها ضمن سلسلة تالية لعمليات خطف الطائرات.
(4/252)
أحمد جبريل: بالحقيقة أنا لست صاحب هذه الفكرة الإبداعية في ذلك الوقت كان صاحبها الدكتور وديع حداد أتى لعندي إلى الأردن وقال من الضروري أن نوسع المعركة وأن نسلط الأضواء على مظلومية الشعب الفلسطيني عالميا وتناقشنا مطولا في هذا الموضوع لأنه أنا كنت دائما قبل ذلك وحتى بعده أن أحاول أن أختار الأهداف العسكرية الإسرائيلية للاشتباك معها في هذا الموضوع بالنهاية اقتنعت أنا حول الأفكار اللي إجه فيها الدكتور وديع أنه مثل هذه العملية ممكن أن نبادل فيها بعض المعتقلين وبعض الأسرى الذين اعتقلوا سنوسع عدة المواجهة أيضا إعلاميا الجبهة الشعبية ستصبح مطروقة على كل لسان في هذا الموضوع.
أحمد منصور: طبعا فتح كان لها الزخم الأكبر؟
أحمد جبريل: أي بس كان الجبهة الشعبية وصلنا نحن وفتح قرينين متعادلين طبعا.
أحمد منصور: في تلك المرحلة؟
أحمد جبريل: في تلك المرحلة وبدأنا نتناقش أين تذهب هذه الطائرة عارف كيف واتفقنا أن تذهب إلى الجزائر كون الجزائر بلد بعيدة عن مسرح الاشتباكات مع العدو الإسرائيلي وثانيا أن الثورة الجزائرية ثورة حديثة منتصرة ويمكن أن تتحمل مثل هذه المسؤولية وتمت العملية بنجاح..
أحمد منصور: ما الذي ساعد على نجاحها؟
أحمد جبريل: أولا بعد ما تم الاتفاق دخلنا في التفاصيل يعني عارف كيف سواء الناس المنفذة أو المكان أو التوقيت أنه كان أحد الخاطفين يعني هو طيار يعني هو الذي قاد الطائرة باتجاه الجزائر بعد عملية خطفها في الجو..
أحمد منصور: يعني هذا الشيء فريد في عمليات الخطف؟
أحمد جبريل: أيوه تماما.. وبعد وصولها إلى الجزائر سافرت أنا للقاهرة واجتمعت كان السفير الجزائري في القاهرة الأخضر الإبراهيمي..
أحمد منصور: الآن مندوب كوفي أنان.
أحمد جبريل: والتقينا معه وغادرت إلى الجزائر..
أحمد منصور: ماذا كان موقفه يعني؟
أحمد جبريل: أنا فوجئت في المطار الجزائر كان في هناك لجنة تستقبلني أنا ومعي وفد.
(4/253)
أحمد منصور: من الذي كان معك؟
أحمد جبريل: كان معي يعني يا فايز جابر من أبطال العودة أو صبحي التميمي لا أذكر..
أحمد منصور: لماذا لما يأتي وديع حداد؟
أحمد جبريل: والله يعني ما..
أحمد منصور: كان يحب الاختفاء دائما وعدم الحضور؟
أحمد جبريل: لا يعني ما قِبِل يعني يتحمل مسؤولية المواجهة يعني مع الجزائريين في هذا الشأن وكوني أنا كنت..
أحمد منصور: كانوا غاضبين الجزائريين؟
أحمد جبريل: وكان أنا معرفتي في الجزائريين سابقا يعني يمكن هذا الموضوع ففي المطار لسه ما وصلنا في غرفة التشريفات والوفد الجزائري اللي عم يستقبلنا إلا بدأنا في خلاف وفي صياح قال لنا إنه هذه مؤامرة على الجزائر لماذا تخطفوا هذه الطائرة وتأتوا فيها في الجزائر؟ فأخبرتهم الحيثيات لماذا يعني اخترنا الجزائر وبالنهاية قلت لهم أنا أريد أن أسألكم سؤال وكان أحدهم لا أعرف إذا كان حي هو جلول الملائكي عارف كيف قلت له أرجوك أعلمني إنه هل رحل الفرنسيين عن الجزائر أم لازالوا؟ عارف كيف..
أحمد منصور: هذا إحراج يعني؟
أحمد جبريل: إي يعني من كُثر التصادم اللي حدث في أثناء النقاش بهذا الموضوع ثم ذهبنا..
أحمد منصور: يعني هم كانوا رافضين عملية الخطف ورافضين أن تأتي الطائرة إلى الجزائر؟
أحمد جبريل: على الجزائر يمكن لو بغير الجزائر كان ممكن يوافقون.
أحمد منصور: كان هناك عملية إحراج لهم في المسألة يعني؟
أحمد جبريل: إحنا تصورنا إنه بلد بعيد عن المرمى الإسرائيلي والنقطة الثانية إنه هاي ثورة عم بتنادي بقضية فلسطين..
أحمد منصور: ما الذي شكله لك هذا الأمر؟
أحمد جبريل: يعني أنا انزعجت منه عارف كيف ثم ذهبنا إلى قاعة الاجتماع وكان الوفد الجزائري شرحت لهم أنا بعدها..
أحمد منصور: كانت الطائرة مخطوفة وعلى أرض المطار؟
(4/254)
أحمد جبريل: مخطوفة وعلى أرض المطار بدأنا النقاش يعني وشو أسباب العملية في هذا الموضوع هم طبعا لم يقتنعوا في هذا الموضوع قلت لهم أنا مشان أعطيكم حسن النية نحن جاهزين فورا لإطلاق سراح جميع الأطفال والنساء اللي على متن هذه الطائرة يعني لأبرهن لكم أننا لسنا قراصنة.
أحمد منصور: كان هدفكم إبراز وجه القضية الفلسطينية؟
أحمد جبريل: إبرازها.
أحمد منصور: ألم يكن في الجانب الآخر ظهور الفلسطينيين كقراصنة وخطاف طائرات؟
أحمد جبريل: يعني شفنا إحنا الإيجابيات أكثر من السلبيات في ذلك الوقت.
أحمد منصور: وكانت كذلك في النتائج؟
أحمد جبريل: والنتائج بالنهاية صار إلحاح من الجزائريين علينا أنه مفروض إنه تُترك الطائرة وتترك.. فطلبنا منهم أنه أن يحاولوا أن يُحصِّلوا لنا مطالب من الإسرائيليين منها إطلاق سراح المعتقلين والأسرى اللي اعتقلوا خلال الفترة الماضية.
أحمد منصور: هل هناك إسرائيليين كانوا وصلوا إلى المطار أيضا للتفاوض؟
أحمد جبريل: لا بس أنا شخصيا رحت واجتمعت مع الإسرائيليين في المكان بعدما أُنزلوا من الطائرة وضعوا في (Hangar) أو في مكان..
أحمد منصور: مع المخطوفين يعني مع ركاب الطائرة؟
أحمد جبريل: مع المخطوفين بعد ما إطلاق سراح النساء والأطفال والمرضي وإلى آخره بقي الـ (Crew) الإسرائيلي ومجموعة من الشباب اللي يعني..
أحمد منصور: الركاب.
أحمد جبريل: الرجال.
أحمد منصور: عددهم كم تقريبا كان؟
أحمد جبريل: اللي بقي بالنهاية خمسة وثلاثين واحد يعني أربعين واحد وجلست معهم ساعات متعددة وباعتقد يمكن لابد إلا هم يتذكروا هذا وكان نقاش..
أحمد منصور: ما الذي دار بينك وبينهم؟
(4/255)
أحمد جبريل: ناقشا إنه أنتم أعداء لنا لماذا؟ لماذا تسخركم القوى الاستعمارية العالمية للانتقام منا هل إحنا ارتكبنا فيكم المجازر اللي بتقولوا عنها في ألمانيا أو في أي دولة أوروبية لماذا تدفعون الثمن الإسلام احتضن اليهود وحماهم على مر السنين في الأندلس وهم في المغرب إلى آخره في..
أحمد منصور: ماذا كان رد فعلهم؟
أحمد جبريل: فكان نقاش يعني شديد يعني..
أحمد منصور: لكن هم في النهاية تحت الأسر؟
أحمد جبريل: بالنهاية لا أنا أقول بالنهاية..
أحمد منصور: يعني ليس الأسير ليس لديه حرية أن يتكلم أو حرية كما تتحدث أنت.
أحمد جبريل: لا والله كانوا هم يُعامَلون معاملة حسنة يعني قاعدين بيشربوا سجاير وكوكاكولا وإلى آخره..
أحمد منصور: الجانب النفسي أهم.
أحمد جبريل: عم أقولك يعني قلت لك يعني في البدء كان يعني في موقف تصادمي ثم انقسموا الإسرائيليين إلى قسمين..
أحمد منصور: الحضور؟
أحمد جبريل: الحضور المخطوفين يعني وقالوا صحيح يعني أنتم مظلومين عارف كيف مثلنا وانتهت يعني ساعات متعددة تمَّ اللقاء معهم عارف كيف في منهم ناس متطرفين جدا يعني وخاصة بعض الـ (Crew) كانوا طيارين عسكريين حربيين قبل أن يأتوا إلى شركة العال.
أحمد منصور: ما هي نتائج العملية؟
أحمد جبريل: طلب الجزائريون أن نعطيهم يعني الموافقة على ماذا يريدون أن يفعلون فأنا بصراحة قلت لهم إحنا الهدف الأول من العملية قد نجح هو تسليط أضواء على قضية فلسطين ومظلومية الشعب الفلسطيني الموضوع الثاني أخذت الخاطفين وقعدتهم معي يعني الموضوع الثالث قلنا لهم..
أحمد منصور: كانوا كم الخاطفين؟ ثلاثة؟
أحمد جبريل: ثلاثة قلت لهم..
أحمد منصور: طبعا لم يكن تأمين المطارات وقتها مثل ما هو الآن؟
أحمد جبريل: لا طبعا.
أحمد منصور: كان ممكن تدخل سلاح طيارة ولا حد يقولك حاجة.. لكن أيضا كان هناك عملية اختراق تمت؟
أحمد جبريل: هه؟
(4/256)
أحمد منصور: كان هناك عملية اختراق تمت في المطار لإدخال السلاح إلى الطائرة؟
أحمد جبريل: يعني هو ما كان مثل ما قلنا لك هذه من إبداعات الدكتور وديع حداد يعني.
أحمد منصور: لأن هو احترف بعد ذلك خطف الطائرات.
أحمد جبريل: وترك لهم للجزائريين وقلنا لهم إحنا ماذا نريد بعد ذلك هو إطلاق سراح المعتقلين والأسري قالوا اتركوا لنا هذا الأمر ثم أطلقوا سراح المعتقلين والطائرة وأفرجوا عنها وللأسف الإسرائيليين لم يعطوا الجزائريين شيء أخرجوا فيما بعد عشرة من الجناة الفلسطينيين العاديين.
أحمد منصور: وكانت هذه بغض النظر أن إذا اخرجوا مَنْ عملية التبادل الوحيدة التي تمت في أية عملية خطف للطائرات.
أحمد جبريل: لا ما تمت عملية التبادل فورا.
أحمد منصور: فقط أطلقوا سراح ثمانية جنائيين؟
أحمد جبريل: لا ومش وقتها أتخيل يعني أنه ترك للإسرائيليين اختيار الزمان والأشخاص وبعد شهر سمعنا إنه الإسرائيليين قالوا أطلقنا سراح ثمانية أو عشرة من جناة وليسوا من مقاتلين.
”
هوجمت الطائرات والشركات الإسرائيلية في أثينا ولندن وبروكسل بين 1968-1969
”
أحمد منصور: ياسر عرفات أدان عملية خطف الطائرات في مارس 1969 مباشرة بعد أن أصبح زعيما لمنظمة التحرير الفلسطينية هوجمت بعد ذلك الطائرات والشركات الإسرائيلية في أثينا زيورخ لندن لاهاي بروكسل بون بين ديسمبر 1968 وسبتمبر 1969 وفي 28 ديسمبر 1968 رداً على عملية تمت في 26 ديسمبر 1968 ضد شركات إسرائيلية في روما.
[فاصل إعلاني]
الانفصال عن القوميين العرب
أحمد جبريل: إحنا كنا قد حدث إنفكاك بيننا وبين حركة القوميين العرب..
أحمد منصور: كل هذه الأشياء ليس لكم دور فيها؟
أحمد جبريل: أبدا.
أحمد منصور: ولا الهجوم على الشركات الإسرائيلية؟
أحمد جبريل: أبدا.
أحمد منصور: كل الشركات والمطارات وكل شيء؟
(4/257)
أحمد جبريل: أبدا كنا إحنا نعتبر إن ساحة الصراع على أرض فلسطين ومواجهة لهذا الجندي الـ (Superman) كيف إن نُحجَّم هالـ (Superman) وبنجعله يصرخ هذا الموضوع أما هذا كان من عمل الإخوان الدكتور جورج وحركة القوميين العرب بعد إنفكاكنا بسلام فيما بين بعضنا البعض.
أحمد منصور: في 28 ديسمبر 1968 دُمرت ثلاث عشرة طائرة ركاب لبنانية في مطار بيروت إسرائيل تتهمك بأنك أسست لم تقتصر على إنك تواجهها في غوْر الأردن وفي جنوب لبنان وفي هذه المناطق وإنما اعتمَدَّت على ثلاث شخصيات نفذت من خلالها كثير من عملياتك في أوروبا ضد الإسرائيليين الأول حافظ محمد حسين دلقموني واعتُقل في إحدى العمليات وحكم عليه مدى الحياة الثاني محمد عباس زيدان كنيته أبو العباس والثالث مروان خريسات من هم هؤلاء الثلاثة؟
”
اعتبر ميناء حيفا أفضل الموانئ لإدخال السلاح إلى الضفة الغربية
”
أحمد جبريل: إحنا كنا ننظر إلى الساحة الدولية كساحة نفوذ إلى داخل الأرض المحتلة يعني لم نكن ولم نخطط لنجعل هذه الساحات الخارجية مسرح للاشتباكات بيننا وبين الإسرائيليين لأننا كنا نعرف أن الإسرائيليين يملكون جهاز موساد قوي وإمكانات كبيرة ولا نستطيع أن نجاريهم في هذا الموضوع بكل صراحة لكن إحنا كنا نريد أن نوصل السلاح والعتاد إلى داخل فلسطين إلى الضفة الغربية فكانت الموانئ في حيفا هو الميناء الذي يمكن.. أو أجدود هو الذي ينقل حتى السيارات المشتراة من أوروبا إلى الضفة الغربية وقطاع غزة فأنشأنا هذه الخلايا لنشتري سيارات ونعمل فيها مخابئ سرية نضع فيها البنادق والسلاح والمتفجرات لإرسالها إلى فلسطين عبر هذه الموانئ.
أحمد منصور: وكنتم تنجحون في هذا؟
(4/258)
أحمد جبريل: نجحنا فيه مرات عارف كيف ولم نُوفق بنجاحنا في مرات أخرى عارف كيف بالنسبة للأخ الحاج أبو محمد حافظ دلقموني هو كان أسير عند العدو الإسرائيلي وأُسر في عام.. أواخر عام 1968 وقطعت رجله في انفجار وأُسر وتم تبديله في أول عملية قمنا فيها عملية تبادل اسمها عملية النورس في عام 1969 بعد ما طلع حافظ دلقموني بدأ نشاطه وهو مصاب وإلى آخره فتسلم العمل في ساحة الخارجية مش للقيام بأعمال هناك..
أحمد منصور: للتخطيط؟
أحمد جبريل: ولكن كان لنا خلايا متعددة في أوروبا تقوم بمثل هذا العمل.
أحمد منصور: إيه أهم مراكز هذه الخلايا؟
أحمد جبريل: يعني كانت في فرنسا في ألمانيا في الدول الاشتراكية يعني في ذلك الوقت..
أحمد منصور: كانت هذه الدول تغض الطرف عنكم؟
أحمد جبريل: لا ولكن كنا في منتهى السرية لكن إحنا كنا نقلنا كميات من الأسلحة إلى ألمانيا..
أحمد منصور: من أين؟
أحمد جبريل: نقلناها من الشرق الأوسط من هون.
أحمد منصور: إلى ألمانيا؟
أحمد جبريل: لألمانيا.
أحمد منصور: أدخلتموها إلى ألمانيا؟
أحمد جبريل: متفجرات ألقى عليها البوليس الألماني عندما داهم هذه المجموعة لأنه هذه كنا نخبئها كما قلت في مخابئ سرية ونرسل بالسيارات.
أحمد منصور: بهدف إرسالها إلى فلسطين..
أحمد جبريل: إلى فلسطين لكن..
أحمد منصور: وليس بهدف القيام ضد بعمليات ضد الإسرائيليين في أوروبا؟
أحمد جبريل: لا أبدا نحن لم ننفذ هناك عمل اتُهمنا في بعض الأعمال لكن ليس هناك دليل قاطع يعني علينا في هذا الموضوع.
أحمد منصور: هذا المركز اللي في ألمانيا في عام 1969 أسستوه وأخذوا منه السلاح من برلين؟
أحمد جبريل: مضبوط هذا فيه بون وبرلين وإلى آخره وكميات يعني كبيرة كنا عم نرسلها للداخل لها الموضوع.
أحمد منصور: هل نفذت الهجوم في 26 ديسمبر/كانون أول 1968 على طائرة شركة العال في مطار أثينا الدولي؟
أحمد جبريل: لا مش..
(4/259)
أحمد منصور: في 28 ديسمبر ردت إسرائيل في 18 فبراير 1969 قامت مجموعة من أربع عناصر بالهجوم على طائرة بوينغ 720 تابعة لشركة العال في مطار كروتين بزيورخ وإسرائيل تقول أنك أنت الذي كنت وراء الهجوم؟
أحمد جبريل: يعني كلهم يقول.. يعني عبارة عن أحداث نحن لم نشاركها.
أحمد منصور: هل شاركت في الهجوم أيضا على طائرات سويسرية يقولون أنك فجرت طائرة سويسرية في 21 شباط 1970؟ وفجرت طائرة نمساوية كانت في طريقها من فرانكفورت إلى فيينا إلى تل أبيب أيضا في ذلك الوقت؟
أحمد جبريل: يعني كانت تلصق بنا تهم متعددة وليس لدى الإسرائيليين أي إثبات أو الأوروبيين أننا كنا وراء هذه العمليات.
أحمد منصور: كل ما يتعلق بخطف الطائرات أو تفجيرها بعد ذلك لم تشارك في أي منها؟
أحمد جبريل: لا وإحنا نتحدى إنه يأتوا بإثباتات لهذا الأمر.
أحمد منصور: قائمة طويلة هي من ملفات الموساد مذكورة في كتاب كادز حول إن معظم الطائرات تقريبا التي كانت يتم خطفها كانت..
أحمد جبريل: يعني هلا هناك أعمال سرية كثيرة قام فيها الموساد وقمنا فيها ولم نعلن ولكن يعطونا الدليل المادي اللي لهذا الموضوع وهي أجهزة الأمن الأوروبية تكشف في أرشيفها أننا شاركنا بأي من هذه العمليات.
الانتقام لبحر البقر
أحمد منصور: إسرائيل تتهمك أنك في عشرين مايو 1970 قامت مجموعة فدائية من طرفك بالهجوم على باص مدرسة إسرائيلي قتل فيه أحد عشر تلميذا وثلاث أساتذة في ذلك الصباح بينما أصابت الحروق والتشوهات الكثيرين هل هذا أيضا لم تقوموا به؟
أحمد جبريل: لا صحيح هذه الحادثة.
أحمد منصور: قمتم بهذا؟
أحمد جبريل: وهذه لها أسبابها بصراحة.
أحمد منصور: يعني استهدفتم أطفال المدرسة؟
أحمد جبريل: لا عم نحكي إحنا لها أسبابها يعني الإسرائيليين استهدفوا مدرسة بحر البقر..
أحمد منصور: في مصر في حرب الاستنزاف.
(4/260)
أحمد جبريل: في مصر في حرب الاستنزاف وقتلوا على ما أذكر يمكن مائة وخمسين طفل وهذه المدرسة معروفة كانت مدرسة وأنا عندما سألت الإخوان المصريين عارف كيف والرئيس قال لا يعني ما في مجال للغلط العسكري..
أحمد منصور: سألت عبد الناصر؟
أحمد جبريل: لا مجال للغلط العسكري في هذا يعني.. بهذا الشأن حتى قلت لهم طيب لماذا لا تردون هذا ضرب مثل أيام بحر البقر سامي شرف قال لي بالحرف الواحد إحنا استدعينا قائد سلاح الجو بعد مدرسة بحر البقر وقائد سلاح البحر لنقوم بعملية انتقامية لبحر البقر ولكن وقفوا أمام الرئيس وقالوا لا نستطيع أن نرسل أو من الصعب أن تصل طائرة إلى الكيان الصهيوني وسيُسقطها العدو..
أحمد منصور: ليس هناك مدى للطائرة؟
أحمد جبريل: مدى يعني أو قدرة لها المواضيع وإذا أرسلنا قطعة بحرية نخاف أن يحدث كما حدث للبارجة إبراهيم باشا في عام 1956 على ميناء حيفا في هذا الموضوع أنا بالحقيقة تألمت كثيرا يعني بعد حادث بحر البقر ونقلت يعني آلامنا وأحزاننا إنه هذه الأمة مستباحة بهذا الشكل عارف كيف فنقلت إلى شباب المقاتلين وكنا لازم يعرفوا الإسرائيليين إنه دماء الأطفال سواء عندهم ولا عندنا مثل بعضها البعض وبدأنا نرتب لنذكر الإسرائيليين إنه بحر البقر لن.. يعني ما راحت بسهولة إنه تُنسى في هذا الموضوع واختير حقيقة هذا الباص والخسائر في الباص هذا يعني الأعداد ولكن الجنود اللي إجوا إلى مكان الباص ومكان التفجير الألغام انفجرت فيهم ووقع خسائر كبيرة جدا وسبب هذا اجتياح لمنطقة بنت جبيل في ذلك الوقت وقصف شديد لجنوب لبنان.
أحمد منصور: يعني أنت قررت أن يكون العين بالعين وأن تنتقم للأطفال المصريين بقتل أطفال إسرائيليين؟
”
اتهمت غولدا مائير أحمد جبريل بقتل الأطفال بدماء باردة
”
(4/261)
أحمد جبريل: طبعا وجولدا مائير وقفت وقالت كانت رئيس وزارة أذكرها جيدا قالت أنها أحمد جبريل قتل هؤلاء الأطفال بدماء باردة ولكن أنا بدي أتساءل إن ما قتلوا أطفالنا في دير ياسين وقبية ونحالين وهاي في مدرسة بحر البقر كيف يعني كانوا هذا في أعصاب باردة ولا بأعصاب حامية فكنا نريد أن نُعلم الإسرائيليين أننا لا نريد أن ندخل معكم في قتل المدنيين لكن أنتم بدأتم في هذا الموضوع وعليكم أن تتحملوا مسؤولية هذا الأمر وبالعكس كنا دائما نتعمد اشتباكنا مع الأهداف العسكرية عارف كيف يعني وهذا سجلنا مع الإسرائيليين بيعرفوه الإسرائيليين ودباباتهم كمائن على الطرقات الإغارات إلى آخره هذا..
أحمد منصور: كل هذا في الفترة من 1968 لـ 1970 من 1967 لـ 1970؟
أحمد جبريل: بالضبط.
حرب العصابات ومشاكل التمويل
أحمد منصور: إيه أهم الطرق ووسائل القتال أو حرب العصابات في ذلك الوقت التي كانت ناجعة والتي كانت تؤثر في الإسرائيليين؟
أحمد جبريل: هو كما قلت أن الإسرائيلي والجندي الإسرائيلي أولا يجب أن نعترف أنه مدرب تدريب جيد يملك عتاد متطور سواء سلاح أو الأجهزة الفنية يتنقل في الدبابات وناقلات الجند ونادرا ما يتنقل بآليات خفيفة سهل اصطياده فلذلك إحنا منذ البدء فكرنا في تطوير تسليحنا لنكون قادرين على الاشتباك معه فنحن أدخلنا البندقية الكلاشينكوف المعدلة هي من بولونيا اشتريناها أذكر اشترينا في حدود 300 بندقية هذه تستطيع أن ترمي قنابل يدوية لمسافة مائتان متر بالإضافة إلى عملها..
أحمد منصور: القنبلة نفسها الـ..
أحمد جبريل: القنبلة اليدوية.
أحمد منصور: الرشاش نفسه؟
أحمد جبريل: الرشاش نفسه.
أحمد منصور: على رأسه فوهة؟
”
الجندي الإسرائيلي كان مجهزا ومدربا تدريبا جيدا ويحمل سلاحا متطورا، والمقاومة الفلسطينية حصلت على آر بي جي 7 من جيش التحرير في سوريا
”
(4/262)
أحمد جبريل: على رأسه كل شيء تستطيع هذه البندقية أن ترمي قذيفة مضادة للدرع بحيث كل الدروع الخفيفة يمكن يتم ثقبها بالإضافة إحنا حصلنا على الـ (RPG-7) بشكل مبكر اللي أخذناه من جيش التحرير في سوريا فبالإضافة إنه كانت أجهزة الاتصال أول من استعملناها أجهزة تفجير عن بُعد كنا نستعمل وسائل متعددة على (PhotoCell) على الظل..
أحمد منصور: تفجير على الظل في هذا الوقت المبكر؟
أحمد جبريل: إي طبعا.
أحمد منصور: كل هذا من ابتكارك كخبير متفجرات.
أحمد جبريل: طبعا هذا الظل هذا الصوت الآلية ينطلق رأسا الصواريخ وتدمر الآلية..
أحمد منصور: كل هذه عمليات الابتكار اعتمدتم فيها على من الذي أعطاكم هذه التكنولوجيا؟
أحمد جبريل: أولا أنت من حيث الفكر بدك تقول أنا أمامي معضلة كيف أريد أن أحلها عندها تستطيع أن تجمع الناس يعني هالأمة غنية بالأشراف..
أحمد منصور: يعني لم تستعينوا بخبرات من أوروبا الشرقية؟
أحمد جبريل: لا أبدا ليس لنا علاقة مع أي دولة من دول أوروبا الشرقية أو الاتحاد السوفيتي.
أحمد منصور: عن طريق من كنتم تشتروا السلاح منهم؟
أحمد جبريل: أبدا كتجار سلاح عاديين.
أحمد منصور: من أين لكم التمويل للشراء؟
أحمد جبريل:التمويل إحنا حقيقة أولا..
أحمد منصور: طبعا الشراء ده كان بيتم بعيد عن فتح كانت الجبهة القيادة العامة؟
أحمد جبريل: الجبهة.
أحمد منصور: والتسليح ده كان خاص بكم؟
أحمد جبريل: خاص بنا.
أحمد منصور: وهذه العمليات التكتيك هذا في العمليات كان خاص بكم أيضا؟
أحمد جبريل: طبعا خاص فينا.
أحمد منصور: لماذا لم تعمموه أيضا على الآخرين أو تحاولوا إنكم تدربوهم؟
(4/263)
أحمد جبريل: إحنا والله كثير من النقاشات ما هو هذا إحدى مآسينا يعني أنا كنت أشتهي في من بعد الـ 1967 لسه بين 1971 نلتقي كأخوة مع بعضنا قيادة ولنناقش وضعنا نناقش المشكلات التي تواجهنا وكيف يمكن أن نحلها يمكن لو كان تمت هذه الاجتماعات كانت الفائدة بتبقى أشمل وأسرع لأنه الإمكانات اللي كانت بين يدي فتح المالية كانت ممكن تمكنا إنه نقفز قفزات كبيرة في هذا الموضوع..
أحمد منصور: يعني فتح لم تكن تعطيكم تمويل؟
أحمد جبريل: لا أبدا.
أحمد منصور: طب والمقاتلين من أين يعيشون؟
أحمد جبريل: هذا المقاتل إحنا أولا اعتمدنا على طلبة الجامعات على الطلبة الثانويين على الشباب الفتيان اللي هن غير معيلين كنا لا نبحث عن الناس المتزوجين يعني لكي لا تكون هناك..
أحمد منصور: كانت استراتيجية لديكم؟
أحمد جبريل: إيه من شان ما تكون هناك أعباء مالية لها الموضوع هذا حتى أذكر قبل 1970 يعني بدأنا إنه والله نرسل لجان اجتماعية إلى بيوت هؤلاء المقاتلين لتبحث مشاكلهم أما أن نعطيه أول الشهر خذ هذا راتب ووقع عليه أو تفرغ أو إلى آخره هذا لم يحدث فلذلك كانت ميزانياتنا قليلة هي ميزانية الأكل والعمل العسكري لكن كنا نحن بحاجة إلى تمويل لتطوير تسليحنا لتطوير معداتنا وأدواتنا لكي تتلاءم لأنه هذه حرب الشعب..
أحمد منصور: الفصائل الأخرى كيف كانت تتعامل مع المقاتل؟
أحمد جبريل: لا كانت منذ البدء هي متفرغين من الـ 1965 أبو عمار..
أحمد منصور: يأخذون رواتب؟
أحمد جبريل: 1965 أبو عمار وهو يعطي الرواتب لمن يعمل في هذا الموضوع.
أحمد منصور: ولهذا استطاع أن يحشد أكثر منكم؟
(4/264)
أحمد جبريل: فاهم بس إحنا كنا نفتش على النوع مش على الكم يعني بصراحة في دائمة في بداية أي عمل بدك تحط ركيزة كل ما كان قواعد هذا البناء متينة وقوية كل ما هذا البناء يستطيع يعني أن يتحمل أكثر فلذلك ما عودنا هذا الإنسان إحنا أن يفتح يده ليأخذ يعني راتب لبعد 1967 وحدود 1970 لما خرجنا من الأردن فكانت تكاليفنا قليلة بس إحنا كنا بحاجة..
أحمد منصور: تكلفة للسلاح للعمليات للمتفجرات؟
أحمد جبريل: للسلاح لها الشيء يعني في كنا في حاجة فالإخوان العراقيين قدموا لنا بعض المساعدات يعني المحدودة لهذا الموضوع..
أحمد منصور: بعد 1968؟
أحمد جبريل: آه بعد 1967 وعندما قامت ثورة البعث..
أحمد منصور: بعد 1967 كان في عبد الرحمن عارف.
أحمد جبريل: عبد الرحمن عارف.. أيام عبد الرحمن عارف..
أحمد منصور: أعطاكم عبد الرحمن عارف؟
أحمد جبريل: قدموا لنا بعض المساعدات المحدودة أنا أقول من سوريا لم نأخذ قرشا واحدا طوال هذه الجبهة والإخوان السوريين وقفوا يقولوا قدموا إحنا كنا نعتبره إنه هذه الجغرافيا السياسية وتحمل سوريا ظلنا الثقيل هذا يكفينا في هالموضوع..
أحمد منصور: لكن لم تأخذوا أي تمويل من سوريا؟
أحمد جبريل: أبدا. من عبد الناصر أخذنا وأذكر جيدا أنه مرات تنتهي زيارتنا ولقاءاتنا مع المصريين يعني فيؤخرونا أربع أيام وخمس أيام فسامي شرف يقول تتأخروا لأنه عم بنجمع لكم من المطار قطع نادر عشان يجمعوا لنا ألفين ثلاث آلاف دولار أو أربع آلاف دولار تصور يعني المبلغ أديش كان يعني زهيد في هذا الموضوع لأنه إذا أعطونا بالجنيه المصري ما في فائدة لهؤلاء لهالموضوع إجتنا الفرجة بعد انتصار ثورة الفاتح في ليبيا..
أحمد منصور: سبتمبر 1969.
(4/265)
أحمد جبريل: 1969 فكان فيه هناك شاب مجاهد جزائري اسمه محمد عاشور يعرف هؤلاء الإخوان السابق عارف كيف وهو على علاقة معنا متينة وكان ينزل ويعيش في قواعدنا في الأوقات رجل كبير كان مشارك في الثورة الجزائرية فأتى لعندي قال لي بدك تمشي تروح معي عارف كيف الآن ممكن إنه نفتح باب مهم جدا شكّلنا وفد وذهبنا إلى هناك واجتمعنا مع القيادة الطالعة الليبية وكلهم شباب صغار وكلمة السر عندهم القدس كانت في ثورة الفاتح وتحدثنا مطولا معهم..
أحمد منصور: مين اللي اجتمعوا معك؟
أحمد جبريل: معمر القذافي وأبو بكر وعبد المنعم الهوني كلهم كانوا أيامها ما كان في مشاكل وعبد السلام جلود فبدؤوا يعطونا إمكانات قليلة يعني.
أحمد منصور: إيه طبيعة الإمكانات اللي أعطوها؟
أحمد جبريل: مادية عارف كيف..
أحمد منصور: برضه عدة آلاف من الدولارات؟
أحمد جبريل: لا يعني مثلا عشرين ألف خمسين ألف دولار يعني كان بهذا.. لكن هذا الموضوع..
أحمد منصور: هل كان هذا يكفي لـ..
أحمد جبريل: يعني مثل ما قلنا معداتنا كانت صغيرة عارف كيف بس ما كانت تلبي لنا الحاجة لتطوير العمل وخاصة بعد ما أنجز العدو الإسرائيلي هذا الحاجز الأمني صار يجب أن تطور أنت وسائلك اللي تقدر ترسل سلاح ترسل آلاف من البنادق والأسلحة للضفة الغربية..
أحمد منصور: كنت تواكب هذا التطور الأمني وتسعى بالمقابل إلى أن تستخدم أشياء مضادة لها؟.
أحمد جبريل: لا هو هذا الأساس في هذا الموضوع وأذكر أنني ذهبت إلى ليبيا معي وفد والتقينا مع القيادة الليبية وشرحت لهم الظروف التي نعيشها يعني في هذا الأمر كنا بالأموال السابقة أيشترينا مثلا الصفقة اللي من بولونيا هاي اللي قلت لك البنادق المعدلة وبعض أجهزة الرؤية الليلية ومواضيع متعددة لكن وجدنا إنه إحنا بحاجة إلى مال أكبر..
أحمد منصور: لشراء إيه؟
(4/266)
أحمد جبريل: لشراء معدات وأدوات نستطيع فيها جوا وعبر البحر الميت وحفر الأنفاق لإمرار سلاح للضفة الغربية لأنه نحن بالأساس نقوم بأعمال ضد إسرائيل ولكن أملنا هو أنه شعبنا في الداخل هو الذي يقوم ويتحرك لأنه أسهل عليه وأمام تل أبيب وأمام العدو الإسرائيلي في الداخل يعني فاقتنعوا الأخوة الليبيين بهذا الأمر وقدموا لنا مبلغ كبير في حدود مليون ونصف دولار..
أحمد منصور: آه هذا أول مبلغ ضخم.
أحمد جبريل: هذا أول مبلغ من أجل شراء هذه الأسلحة والمعدات وحول على البنك العربي
أحمد منصور: في عمّان؟
أحمد جبريل: في عمّان يظهر أن مدير البنك عبد المجيد شومان خبّر عرفات بهذا الموضوع فعرفات من خلال علاقته الحميمة والوطيدة مع محمد حسنين هيكل اللي كان محسوب عليهم يعني بشكل..
أحمد منصور: هو الذي عرف عرفات على عبد الناصر.
أحمد جبريل: عم بقول لك يعني ذهب كُلف يعني أو هو تطوع لا أعرف يعني عارف كيف أن يذهب محمد حسنين هيكل ويلتقي مع القيادة الليبية الشابة ويقول لهم ماذا تفعلون في الساحة الفلسطينية أنتم أعطيتم مبلغ كبير لأحمد جبريل وهذا تاجر للأسلحة بيبيع الأسلحة وبيتاجر فيها حتى العقيد في اجتماعه بالقيادة قال يا أخوان يمكن إحنا تسرعنا في إعطاء هذا المبلغ لأحمد جبريل في هالموضوع هذا لأن محمد حسنين هيكل إجه حكا لنا هيك الموضوع والعقيد قال لي إن أنا كنت فاكرة إنه جاي من عند عبد الناصر يعني عارف كيف..
أحمد منصور: إن أنت جاي من عند عبد الناصر؟
أحمد جبريل: لا محمد حسنين هيكل يعين جاي بتوجيه من عبد الناصر..
أحمد منصور: آه ده العقيد قال لك بعدين يعني..
(4/267)
أحمد جبريل: بعدين يعني قال لي فيما بعد هذا الموضوع فعلمت أنا النقاش اللي حدث إن قال لي أن عبد المنعم الهوني هلا موجود في القاهرة عارف كيف في علاقة يعني أرسل لي لعمّان أنه والله صار هيك.. يقولوا عنك تاجر أسلحة اجتمعنا كقيادة إحنا قيادة الجبهة قلت لهم شو حكى السفير الليبي في عمّان معي في هذا الموضوع قولت لهم ماذا نفعل قال ماذا تفعل قل لنا ونحن جاهزين قلت لهم علينا أن نرجع هذا المبلغ إلى الليبيين لأنه إحنا مش تجار أسلحة عراف كيف اتهمنا تجار أسلحة اختلفنا حتى في داخل القيادة لأنه إحنا بحاجة لهذا المبلغ وش بدنا نعمل بهذا الكلام الفاضي هاللي وصلنا أصريت أنا إصرار شديد للغاية إنه إحنا ثوريين ومناضلين ما المفروض نقبل بمثل هيك اتهامات والحقيقة رحت عند عبد المجيد شومان ووقعت إله وأعدنا المبلغ إلى معمر القذافي.
أحمد منصور: مرة أخرى.
أحمد جبريل: مرة ثانية ففوجئ معمر القذافي إنه هذا المبلغ أهو رجعنا مرة ثانية اقترحوا حتى في اجتماع القيادة عنده أن المبلغ هذا والله ما يمكن إحنا اتهمناه ظلما هذا الإنسان يعني..
أحمد منصور: لعبتها ببعد نظر حتى تجني بعد ذلك عشرات الملايين؟
أحمد جبريل: لا ما هيك أبدا والله بشفافية ثورية عارف كيف أن إحنا لا يمكن إحنا عم بنموت يوما وبنضحي بصغيرنا وكبيرنا وفي المعركة وإلى آخره أن يقال علينا هذا الموضوع فنحن نرفض..
أحمد منصور: ما هي النتيجة في النهاية؟
أحمد جبريل: أرسل معمر القذافي أنه تعالوا على طرابلس عارف كيف رفضت طبعا وبقيت أبدا ما عد زرت طرابلس تصور حتى معمر القذافي عمل مقابلة في جريدة النهار إذا ترجع للأرشيف لجريدة النهار اللبنانية عارف كيف..
أحمد منصور: النهار اللبنانية.. تفتكر متى تاريخها؟
(4/268)
أحمد جبريل: يعني بين 1960.. يعني1970 يعني قبل أحداث أيلول يعني 1970 في الشهر الأول الثاني مع صحفي لبناني هلا يمكن أتذكر اسمه فقال معمر القذافي لما سألوه عن القضية الفلسطينية قال لهم والله في رجالات في الشعب الفلسطيني والقيادات شريفة ومخلصة وكُفء إلى أخرى وقال جاب الحادثة أنه لقد أعطينا أحمد جبريل مبلغ من المال كبير للغاية ليشتري أسلحة وعندما لم يستطع شراء السلاح أعاده إلينا عارف كيف..
أحمد منصور: يعني غطاه يعني.
أحمد جبريل: أنا اعتبرت إن هذا نوع من الاعتذار ورد الاعتبار لنا علناً..
أحمد منصور: وأصبح الداعم الرئيسي لكم.
أحمد جبريل: طبعا ثم اعتبرت وقتها إنه علي أن أذهب إلى طرابلس واستقبلنا استقبال رحب وقال الحكاية تبع محمد حسنين هيكل وقال بصراحة أنا فكرته أن عبد الناصر بعته.
"
1970 أحداث أيلول في الأردن موضوع الحلقة القادمة
"
أحمد منصور: في 17 أيلول 1970 اندلعت أحداث أيلول في الأردن وكانت قبلها مقدمات كثيرة عن الصراع بين الفلسطينيين والأردنيين أبدأ بها الحلقة القادمة أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/269)
الحلقة7(4/270)
الثلاثاء 29/3/1425هـ الموافق 18/5/2004م(آخر تحديث) الساعة 16:42(مكة المكرمة), 13:42(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
16/05/2004
- إشكاليات انتشار الفدائيين في الأردن
- الخلاف بين الملك حسين وفصائل المقاومة
- مشروع روجرز والانسحاب إلى حدود 1967
- العراقيون ومحاولة توجيه الفدائيين ضد الأردن
- مواقف الدول العربية من قصة المتطوعين
- الفصائل الفلسطينية قبل أحداث أيلول 1970
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيكم.
أحمد منصور: أشرنا أو أشرت أنت في حلقة سابقة إلى أن الفدائيين اضطروا بعد سياسة الأرض المحروقة التي أتعبتها إسرائيل إلى الانسحاب..
أحمد جبريل: الانكفاء.
إشكاليات انتشار الفدائيين في الأردن
أحمد منصور: أو الانكفاء إلى المدن وهنا بدأت الإشكاليات تظهر في الأردن انتشر الفدائيين في عَمَّان في الزرقاء في كل المدن الأردنية تقريبا وبدأت عملية الاحتكاك وبدأت عملية الدولة داخل الدولة التي أدت إلى ما حدث في أيلول 1970، بداية قل لي رؤيتك باختصار شديد لما حدث والأخطاء التي وقعت فيها المقاومة والتي أدت إلى هذا؟
أحمد جبريل: هو أولا هذا الانكفاء كنا إحنا نعرف شو خطورته والتراجع إلى المدن بنعرف كمان شو سلبياته لأنه هناك مقولة المدينة مفسدة للزوار ودخول الفدائيين للمدن يعني فيه بيصير تسيب وعدم انضباط والمشاكل وبيصير المقاتل يتلهف في أشياء كثيرة..
أحمد منصور: لأن المقاتل إن لم يكن في قتال أو في تدريب فهو في فراغ..
(4/271)
أحمد جبريل: في فراغ، لذلك إحنا أصرينا إنه نعتبر الأرض مهمة وما انكفأنا كما انكفئ الآخرين في هذا الشيء..
أحمد منصور: أنتم في الجبهة القيادة العامة تقصد؟
أحمد جبريل: طبعا والناس كلها جميعا تعرف هذا الموضوع أيضا الانكفاء إلى المدينة بدك تدخل أنت بصراع مع السلطة القائمة نظام الملك لكن أنا بعتقد فيه أسباب بعيده يعني لما حدث في أيلول 1970 وأسباب قريبة والأسباب..
أحمد منصور: ما هي الأسباب البعيدة؟
”
الملك حسين كان يشعر بأن وجود العمل الفدائي على الأراضي الأردنية تهديد للعرش وتهديد للكيان الهاشمي
”
أحمد جبريل: الأسباب البعيدة إنه الملك حسين كان يشعر أن وجود العمل الفدائي هو تهديد للعرش وتهديد للكيان الهاشمي في الأردن هذا الموضوع..
أحمد منصور: حقه..
أحمد جبريل: عم بقولك يعني هذا شيء وحاول هو كما أسلفنا في حلقات ماضية أن يقتلع هذا العمل الفدائي وفشل ثم حولوا الإسرائيليين أن يقتلعوه بالكرامة وغور الصافي وأيضا فشلوا في هذا الموضوع فاضطر الملك حسين أن يغير سياسته بأن يحتوي العمل الفدائي وبدأ يُظهر نواياه الحسنة..
أحمد منصور: وأعلن نفسه الفدائي الأول.
أحمد جبريل: وأعلن نفسه الفدائي الأول وبعد كل قصف لمواقع فتح عارف كيف يأتي ليتفقد هذه المواقع وهو إلى آخره لكن هو كان يراهن على الوقت يراهن أن دخول الفدائيين إلى المدن سيكون له مبرر أمام الناس وأمام الحكام العرب للتصدي للفدائيين يعني هذه الشعبية اللي كانت تملكها الحركة الفدائية وها المنظمات بعد العودة إلى داخل المدينة بدأت تبهت يعني في هذا الشأن وقبل أيلول 1970 بالشهر الخامس احتُلت عَمَّان وأربد وزرقاء من المنظمات الفدائية من المسلحين..
(4/272)
أحمد منصور [مقاطعاً]: الأمر وصل إلى أكثر من ذلك يعني أبو أياد صلاح خلف رئيس مخابرات فتح يقول في مقابلة في مجلة شؤون فلسطينية في نوفمبر 1971 نقلها يزيد صايغ أتينا إلى النظام من فوق كان الملك ينتظرنا عشرين يوما لنسمح له بمقابلتنا وكنا نضرب أمامه على الطاولة وكنا كمنافسين له أنه ليس هناك ما يضرنا في الأردن، ألم يساهم هذا في صناعة الأزمة من القيادات الفلسطينية؟
أحمد جبريل: هو بالتأكيد يعني هذه المواضيع الملك كان ينتظر موضوع الوقت كيف داخليا تنضج الأمور وأيضا خارجيا كيف تنضج الأمور وللأسف عارف كيف نضجت هذه الأمور بسرعة تذكر أنه في عام يعني نهاية 1969 و1970 بلجت حرب الاستنزاف العربية يعني المصرية والسورية بالإضافة إلى حرب الاستنزاف اللي إحنا كنا نقوم فيها كمقاومة وكان هذا العمل كبير ورائع يعني عارف كيف وأرجو إنه أن لا يفهم مني أنه أنا يعني أشرت إلى سلبيات أنه لكن كان فيه هناك إيجابيات هناك في حب التضحية وحب الموت من كل الناس أتوا لنا إلى الأردن آلاف الآلاف من غير الفلسطينيين من العرب كل شيء فيه معارضة تسمع فيها كام في العراق ولا في سوريا ولا في السعودية ولا في مصر فكانت المنظمات تحوي على الأقل ستة سبعة آلاف من العرب يعني ها الموضوع وكلهم جايين عشان يموتوا ويضحوا في هذا الموضوع لكن هذه الممارسات اللي حصلت وبدأ أيضا الملك حسين يشتغل على هذه الممارسات يعني هو وشريف ناصر خاله عارف كيف بدؤوا يستفيدون من أخطاءنا ومن عثراتنا ومن البلاغات الكاذبة أو المضخمة وينشروها هم أنشؤوا منظمة أيضا لتسيء أيضا للعمل الفدائي..
أحمد منصور: قيل أن شريف ناصر كان هو المشرف عليه؟
أحمد جبريل: عم بقولك هو مشرف عليها ها المواضيع اخترقوا المنظمات بأشخاص سيئين لممارسة سيئة في هذا الموضوع بدؤوا هؤلاء الناس يروا الضباط الأردنيين يأخذوا منهم السيارات وأسلحتهم ومسدساتهم..
(4/273)
أحمد منصور: بدأ حجم المخالفات يزيد بشكل كبير في عام 1970 دراسة نشرتها وزارة الدفاع الأردنية قالت أن الفدائيين قاموا باقتراف 43397 تجاوز أمني من بينها الاعتقال غير القانوني القتل الجرح اقتحام المساكن بالقوة الخطف الاغتصاب فدائي يغتصب السرقة الاعتداء على المدنيين حوادث طرق تزوير وثائق رسمية الاعتداء على أملاك الدولة أين هيبة الدولة وأين وجودها؟
أحمد جبريل: بس لنكون كمان دقيقين أن هذه الأحداث كانت قسم كبير منها بفعل النظام بس إحنا أعطينا المبرر للنظام هذا الفدائي لما يعود إلى المدينة هو سيفسد هذا عارف كيف..
أحمد منصور: ليس النظام بقدر ما الآن يعني حينما نسمع شخص مثل أبو أياد يتحدث غيره هاني الحسن يقول في حوار مع كمال عدوان في فتح الميلاد والمسيرة إن فتح قادرة تحويل ليل عَمَّان إلى نهار والنهار إلى ليل حضرتك أنت في 1972 ألقيت محاضرة في 28 نوفمبر 1972 قلت فيها أزمة حركة المقاومة نقد ذاتي كان عنوانها إن هذا الافتقار إلى التفهم كان مشتركا بصورة واسعة لدى القادة الفلسطينيين القادة بتحملهم المسؤولية.
أحمد جبريل: يعني أنا لما بقول وفي بداية لقائي معك حكيت إنه هل الكوارث اللي أصبنا فيها هي فقط من صنع العدو ولا إحنا ساهمنا بهذه الكوارث..
أحمد منصور: الجانب الأكبر مساهمة منكم.
أحمد جبريل: عم بقولك يعني أنا بأعتقد..
أحمد منصور: رؤيتي أنا كقراءة للتاريخ أن القادة الفلسطينيين لعبوا دور خطير جدا في تحميل الشعب الفلسطيني مسؤولية الكوارث أكثر من العدو.
(4/274)
أحمد جبريل: أنا يعني وأنا ما بختلف معك في هذا الموضوع إنه هذه الكوارث كان يمكن أن نتجنبها عارف كيف بس مثل ما حكيت أنا مرارا خلال اللقاءات لم تكن هناك وحدة لم تكن هناك ناس تريد أن تسمع عارف كيف ياما أثرنا هذه المواضيع في لقاءات مع بعضنا البعض ولكن كانت تذهب أدراج الرياح الناس كانت بواد نحن نتحدث بواد والآخرين في واد آخر، مليح اللي عم تقرأه لي ها دول إنه عملية النقد الذاتي ولكن بعد فوات الأوان هذا الكلام، لماذا هذا الكلام ما انطرح لما كانوا في موقع القرار والتأثير ليوقفوا هذه الانهيارات يعني إحنا كنا نعتقد مع إننا ما بنحب الملك حسين أنا واحد من الناس والنظام أنا الوحيد الآن من كل القيادات الفلسطينية ممنوع أن أزور الأردن حتى هذه الساعة عارف كيف جورج حبش مقيم هناك..
أحمد منصور: ربما لأنك محسوب على أنظمة سياسية أخرى الأردن علاقتها بياسر..
أحمد جبريل: أبدا السوريين أصحاب معهم والليبيين وإلى آخره فرغم كل هذا الموضوع كنت أنا أطرح في الاجتماع أنه يا إخوان علينا أن نتعايش مع هذا النظام وحتى كنت أجيب لهم موضوع اللورد سهانوك في كمبوديا..
أحمد منصور: الأمير سهانوك.
أحمد جبريل: الأمير سهانوك في كمبوديا كيف استطاعوا السوار الفيتناميين يتعايشوا لما عملوا طريق شومنه عبر كمبوديا ولاوس في هذا الموضوع يعني إحنا قادرين في هذا الموضوع..
أحمد منصور: ما السبب إذاً يعني أبو أياد حينما يقول في كتابه فلسطيني بلا هوية إنه صور لينين كانت تُعلق في المساجد يعني أي استفزاز لكل إنسان بيدخل المسجد من الثوار الفلسطينيين كذلك قال إن عبد المنعم الرفاعي رئيس الحكومة أسمعه خطبة لجورج حبش يسب فيها الملك ووالدته يعني حتى يقول أني من الألفاظ المقذعة لم أتحمل أني أسمع باقي الخطبة يعني مثل هذا الاستفزاز الذي كان يتم كان فيه انتقاد لهيبة الدولة؟
(4/275)
أحمد جبريل: مضبوط بس أبو أياد ما بعرف إذا حكى عن تصرفاته وعن أعمالهم في هذا الموضوع..
أحمد منصور: هو نفى.
أحمد جبريل: لا هم..
أحمد منصور: أعمال مين فتح هو نفسه بيقول إحنا كنا بنخبط للملك على الطاولة قلنا كذا وهاني الحسن يقول إحنا سنحول ليل عَمَّان إلى نهار يعني وصل الضعف بالملك إلى إنه من شدة الضغوط عليه من الفلسطينيين صحيح عرض على عرفات تشكيل حكومة في 11 يونيو 1970 يضع فيها من يشاء؟
أحمد جبريل: لا يعني ما هذا..
أحمد منصور: عرفات أعلن هذا.
الخلاف بين الملك حسين وفصائل المقاومة
”
لجنة فيشر الأميركية زارت الأردن مطلع عام 1970 لتعرض على الفلسطينيين إمكانية تنفيذ القرار الأممي 242 بعدما تعب الإسرائيليون من حرب الاستنزاف
”
أحمد جبريل: بس أما تشكيل الحكومات يعني الحكومات الأردنية كان يعني تؤخذ مثلا الرغبات الفلسطينية إنه لا يكون هناك في الحكومة ناس معاديين للمقاومة يعني أو معاديين للعمل الفدائي يعني بس أنا بحكي لك إنه الأمور بدأت طبخة على نار حامية لعملية التصادم بيننا وبين الملك حسين مو بس على مستوى..
أحمد منصور: أليس منكم ولا هناك أيدي خارجية لعبت؟
أحمد جبريل: لا هو أول مثل ما حكيت لك..
أحمد منصور: في ظل هذه النفسية لا نحمل الأعداء.
أحمد جبريل: أنا مثل ما حكيت أولا الملك حسين هو رفضنا ويرفضنا وخايف منا وأنا بحكي بنفس الوقت كان فيه منا أطراف يريدوا السلطة في الأردن..
أحمد منصور: فعلا السيطرة على النظام والانقلاب عليه.
أحمد جبريل: عم بقولك يتملكوا يريدوا السلطة في الأردن وحكيت لكم موضوع الضباط اللي في الجيش الأردني اللي أنا قلت لهم أرجوكم ما تحكوا ها المواضيع مع غيرنا لما إيجوا يفتحوا الموضوع معنا يعني في هذا الشأن فالأمور كانت تنضج على الأرض في خلال الممارسات والملك حسين عم ينتظر الوقت ومن ثم أتت قصة مهمة اللي هي الصراع السياسي.
أحمد منصور: بين مَنْ ومَنْ؟
(4/276)
أحمد جبريل: بين منظمة التحرير كان صارت وقتها منظمة التحرير والملك حسين يعني فتح دخلت منظمة التحرير وياسر عرفات صار رئيس منظمة التحرير، بعد حرب الاستنزاف الشديدة مثل ما قلت لك هرعوا الأميركان ليوقفوا النزف الإسرائيلي لأنه أصبح لا يطاق داخليا وهناك مؤشرات لانهزام الوضع وزعزعة الوضع الداخلي..
أحمد منصور: في الجانب الآخر البندقية الفلسطينية انقلبت بدلا من أن توجه لإسرائيل أصبحت الآن توجه للحكومة الأردنية.
أحمد جبريل: ما أنا بقول لك هي أصبحت مثل ما قلت لك على المستوى الممارسة أصبحنا نحن على طرفي النقيض نحن وأميركا وأنا عندما أقول عم بحكي أنا جمعا ولكن يشهد الله أننا لم نساهم في هذا الأمر وأنا بدي أجيب لك هذه القصة الفعلية اللي حصلت.
أحمد منصور: ما هي؟
أحمد جبريل: صار اجتماع للقيادة الفلسطينية أثناء حرب الاستنزاف.
أحمد منصور: تفتكر التاريخ حرب الاستنزاف من 1970 من مارس 1969؟
أحمد جبريل: المصرية السورية الفلسطينية يعني هذا في السبعين يا بواحد أو شهر أثنين بالـ 1970.
أحمد منصور: شهر فبراير 1970.
أحمد جبريل: سنة 1970 قالوا في هناك معهد أكاديمي أميركي عارف كيف جايين باعثين بعثة لدراسة الأوضاع في هذه المنطقة مثل المعاهد الأكاديمية اللي تبقى حول الرئيس بيقولوا يُطبخ فيها القرار، فجاءت هذه البعثة برئاسة واحد أسمه فيشر لذلك سميت لجنة فيشر قالوا يا إخوان وهذه اللجنة وصلت الآن وموجودة في فندق الأردن، فهادول اللي جايين بدهم يفهموا منا فشو رأيكم بنشكل وفد نطلع نلتقي فيهم، أنا والله ما اعترضت عارف كيف لكن لم أقبل مشاركة لما طُرِح إلي مستوى الإطلاق أولا أنا صورتي ما معروفة وأنا لا أرغب بمثل هذا الموضوع وخاصة مع الأميركان بس راحوا التقوا رجعوا..
أحمد منصور: مين اللي التقى؟
أحمد جبريل: الشهيد خليل الوزير أبو أياد عارف كيف أبو عمار ما التقى معهم عارف كيف ومين معهم والله لا أعرف.
(4/277)
أحمد منصور: وليس أحد من طرفك؟
أحمد جبريل: لا.
أحمد منصور: ما فيه حد من الجبهة الشعبية؟
أحمد جبريل: إحنا مقاطعين عمل ما نقوم يعني شو اللي صار قال هاي لجنة فيشر يقولون أن الإسرائيليين أُتعِبوا من حرب الاستنزاف والآن يفتشون عن حل للانسحاب وتنفيذ القرار 242..
أحمد منصور: اللي هو العودة لحدود 1967..
أحمد جبريل: لحدود 1967 ولكن يسألوننا هل الضفة الغربية لمن بعد الانسحاب الإسرائيلي فأنا سألتهم شو كان جوابكم، قال جوابنا واضح قلنا له هاي لنا إحنا منظمة التحرير وقلنا إحنا كفلسطينيين وكانت أيامها كان الضفة الغربية جزء من المملكة الأردنية الهاشمية عارف كيف فقلت لهم أنا في بدء القتال ابشروا بدأ القتال بينا وبين الملك حسين ما عاد فيه فقط الممارسات اللي على الأرض هي اللي الآن أصبح فيه خلاف سياسي قال شو لازم نجاوب كنتوا يا أخي قلتوا لهم يعني حكيت أنا في الجلسة ما من الضروري إنه تعطوا مثل هذه الجواب قولوا لهم لما ترجع الضفة الغربية سنتفاهم إحنا والملك حسين عليها ليش نختلف على جلدة الدب هذا في هذا الموضوع قالوا هذا اللي حصل راحت فيشر عند الملك حسين اللجنة قالت له هيك وهيك الإسرائيليين مفكرين إن ينسحبوا وتنفيذ قرار 242 هاي الضفة الغربية لمن قال الملك حسين هي جزء من المملكة الهاشمية شو قالوا لهم قالوا لهم التقينا إحنا مع الفلسطينيين بالأمس وقالوا هاي لهم مش لك عارف كيف، يعني أنا عم بعطيك كيف الظروف عم تتهيأ لعملية التصادم اللي كان موجود..
أحمد منصور: والجناية على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
مشروع روجرز والانسحاب إلى حدود 1967
أحمد جبريل: طبعا ها الموضوع مطروح ها إلى حين ما إيجه مشروع روجرز الثاني بشهر خمسة 1970..
أحمد منصور: مايو 1970.
”
وافق عبد الناصر والملك حسين على وقف حرب الاستنزاف للتمكين للمفاوضات السياسية والاتفاق على انسحاب إسرائيلي إلى حدود عام 1967
”
(4/278)
أحمد جبريل: عارف كيف وافق الرئيس عبد الناصر والملك حسين على وقف حرب الاستنزاف لتمكين المفاوضات السياسية ليتم الانسحاب الإسرائيلي كما قلت إلى حدود 1967 ومقابل إنهاء حالة الحرب.
أحمد منصور: مبادرة روجرز الثانية كانت في 19 يونيو 1970.
أحمد جبريل: نعم 1970.
أحمد منصور: يونيو وليس مايو.
أحمد جبريل: يعني كان في شهر خمسة أو ستة يعني ما بذكر يعني بالضبط تماما فعبد الناصر قال أنا أريد أن أرتب أموري وأدفع مزيد من الصواريخ باتجاه قناة السويس ولذلك أنا محتاج أيضا لوقف إطلاق النار إذا نجح روجرز وأجبروا الأميركان الإسرائيليين أن ينسحبوا إلى أراضي 1967 كان بها ولكن إحنا سنستفيد لأنه كانت حرب مشتعلة على طرفي القنال عارف كيف والطائرات الإسرائيلية يوميا تقصف هناك فعندها بدأت المظاهرات في الأردن ضد عبد الناصر ووضعوه لعبد الناصر في أشكال مزرية وعشرات الألوف المظاهرين..
أحمد منصور: حمار ويحطوا عليه صورة عبد الناصر وأشياء كثيرة من هذا وقيل إن جورج حبش هو الذي كان.. وقيل إن الجبهة الشعبية هي التي كانت..
أحمد جبريل: لا جورج حبش والديمقراطية كانت من المنظمات التي شاركت لكن الذي حِرَّك هذا الموضوع هي منظمة فتح يمكن تقول لي طيب أبو عمار أصحاب هو وعبد الناصر بالضبط..
أحمد منصور: أكيد.
أحمد جبريل: لكن لأنه مشروع روجرز اللي هو الانسحاب إلى حدود 1967 وعودة الضفة الغربية للأردن فهم انزعجوا من هذا الموضوع يعني لو كان في صياغة أخرى لما تمت هذه المظاهرات في هذا الموضوع فالرئيس عبد الناصر انزعج وبدأ يرفع الغطاء عن الفدائيين والملك حسين مبسوط..
(4/279)
أحمد منصور: طبعا الملك حسين لم يكن يستطيع أن يفعل شيئا ضد الفدائيين في ظل أن عبد الناصر كان بيحمي الفدائيين، الفدائيين أساؤوا إلى قضيتهم الفلسطينيين أساؤوا إلى قضيتهم بالدرجة الأولى أساؤوا في وجودهم في الأردن دولة داخل الدولة وفعلوا مثل هذه الأشياء وفي النهاية حتى حليفهم عبد الناصر اللي كان بيحميهم خرج.
أحمد جبريل: بس عبد الناصر كان يعرف أيضا أن الملك حسين هو من الناس الذين يسيرون باتجاه هذه النتائج باتجاه عملية التصعيد..
أحمد منصور: الملك حسين في مؤتمر القمة الاستثنائي اللي بحث المشاكل بين الملك حسين ومنظمة التحرير واللي عقد في الفترة من 22 إلى 25 مايو 1970 الملك حسين تحدث في هذا المؤتمر..
أحمد جبريل: مضبوط.
أحمد منصور: ويعني عن كل ما يفعله الفدائيين.
أحمد جبريل: عن كل الممارسات الموجودة.
أحمد منصور: أبو أياد يقول أنه ذهب إلى المؤتمر وتحدث إلى القادة العرب فلم يجد منهم أي تعاطف ووجد منهم سلبية تامة تجاه الوضع الفلسطيني.
أحمد جبريل: هو استطاع الملك حسين في هذا المؤتمر أن يكسب عارف كيف حتى أذكر أنا جيدا..
أحمد منصور: لأن في النهاية فيه دولة.
أحمد جبريل: العقيد معمر بعد المؤتمر حكى كلام قاسي عن العمل الفدائي..
أحمد منصور: رغم تعاطفه معكم.
أحمد جبريل: رغم تعاطفه معنا في هذا الموضوع لكن مثل ما حكينا..
أحمد منصور: كل واحد منهم تحسس كرسيه يا سيدي.
أحمد جبريل: ما فيه شك إنه أصبحت يعني الوضع يعني يسير باتجاه عملية التصادم يعني القصة ما هي قصة بنت ساعتها يعني فيه أمور تتراكم يوم بعد يوم إلى حين ما وصلنا إلى موضوع روجرز فعبد الناصر رفع الغطاء وأنا أقولها وهذه للتاريخ نحن طبعا لم نشارك في هذا الموضوع إحنا رفضنا روجرز ولكن لم نوافق على التصادم السياسي مع عبد الناصر.
أحمد منصور: ما الذي فعلته أنت؟
(4/280)
أحمد جبريل: يعني على الأقل ما كنا نطلع إحنا في هذه المظاهرات وكنا ندين يعني هذا التحرك اللي كان موجود في هذا الشيء لكن بالمقابل كنا نقول إنه هذه أميركا قادمة لتنقذ الإسرائيليين مزيد من حرب الاستنزاف سنأخذ مزيد من المكتسبات يعني فهمت كيف يعني، هذه نظرتنا ليست نظرتنا هو تخوين عبد الناصر لا سمح الله في ذلك الوقت وأنا بأعتقد عبد الناصر بانزعاجه من الفدائيين لم يكن يريد أن ينهي هذه الظاهرة بالأردن..
أحمد منصور: قرصة ودن.
أحمد جبريل: هو يريد أن يشد أذنها لكن جت وفاة الرئيس عبد الناصر مبكرة..
أحمد منصور: كأنه أعطى ضوء أخضر للملك حسين.
أحمد جبريل: وقد صار فيه فراغ وأستغل الملك حسين هذا الفراغ..
أحمد منصور: الملك حسين اجتمع به عدة مرات لكن قبل ما ندخل على ما حدث في 17 أيلول..
أحمد جبريل: ما هو مو بس يعني بس هو شو أسمه مصر حقيقة اللي ساعد الملك حسين كمان عوامل متعددة أولا تطمينات إسرائيلية وأميركية إنه قوم الظروف الموضوعية موضوع سوريا كان بدأت الخلافات بين أجنحة السلطة الموجودة وبدأ دورها يبهت وتأثيرها في الأردن أيضا كان هناك نظام البعث اللي هو أحمد حسن البكر وصدام مسكوا السلطة في العراق في الشهر الثاني من عام 1968 أيضا يظهر أنهم كانوا يريدون تثبيت أقدامهم في السلطة فقدموا ودفعوا فواتير على حسابنا إحنا..
العراقيون ومحاولة توجيه الفدائيين ضد الأردن
(4/281)
أحمد منصور: فيه هنا يعني شاهد مهم ذكره أبو إياد قال إن العراقيين قالوا لن نسمح بهزيمة الفدائيين، طلال ناجي في كتابه الأمين العام المساعد للقيادة العامة بيقول أن العراق حذر صراحة من أن قواته الموجودة في الأردن لن تسمح بهزيمة الفدائيين أبو إياد في كتابه فلسطيني بلا هوية يقول إن صالح عماش وزير الداخلية العراقي مع عبد الخالق السامرائي وزيد حميد اجتمعوا معه هو وعرفات وعرضوا عليه مساعدة العراقيين لحركة فتح حتى تقوم بانقلاب عسكري على الملك حسين وتستولي على السلطة في مايو عام 1970 وأثناء اجتماع تم بين عرفات وأبو إياد وبين هذه المجموعة في قاعدة الحبانية العسكرية في العراق لكن فتح رفضت ذلك، هل لديك معلومات عن الموضوع؟
أحمد جبريل: أنا اللي عشته يعني بدقة إنه قبل أيلول 1970..
أحمد منصور: فتح رفضت لأن قالوا لم نجد العراقيين جادين بما فيه الكفاية.
أحمد جبريل: يعني قبل هو فيه جيش عراقي حتى نضع المشاهد في صورة..
أحمد منصور: هذا الذي جاء في 1967 وجاء متأخرا وبقي في الأردن أربعين ألف مقاتل.
”
كانت الفصائل الفلسطينية مطمئنة بسبب تواجد الجيش العراقي على الأراضي الأردنية والذي تعهد بحماية المقاومة
”
أحمد جبريل: في 1967 بقي في الأردن هذا قوامه عبارة عن فرقة في الأمام وفرقة في الخلف يعني بحدود ثلاثين ألف أربعين ألف جندي وحقيقة ساعدنا هذا الجيش مثل ما أسلفت سابقا في تثبيت وجودنا وحمانا ونقلنا وكنا ننقل بسياراته السلاح والعناصر وكل ها المواضيع والأشياء هذه وكانوا حتى لما أستلم البعث السلطة بعثوا ضابط بعثي أسمه أحمد حسن نقيب إنسان جيد وشجاع وإلى آخره وقال نحن وعندي وتعليمات من القيادة لن نسمح للملك حسين بالتصدي لكم أو القتال.
أحمد منصور: قال لكم؟
(4/282)
أحمد جبريل: قال لنا طبعا وهذا يظهر قاله لغيرنا من الناس نحن كنا مطمئنين أن الجيش العراقي سيكون عقبة كأداء في وجه مخططات الملك حسين في هذا الموضوع موجود في الزرقاء موجود في المفرق موجود في أربيد جيش عدده أكبر من الجيش الأردني عارف كيف وتسليحه أفضل من الجيش الأردني في هذا الوقت لكن حدث شيء لا يمكن أن أنساه..
أحمد منصور: ما هو؟
أحمد جبريل: وكان أنا علاقتي علاقتنا كجبهة وعلاقتي الشخصية مع الرئيس أحمد حسن البكر علاقة قوية كتير وكان يستقبلنا في بيته وهو يعملنا الولائم وإلى آخره في هذا الموضوع لكن أنا أعرف جيدا إنه أحمد حسن البكر في ذلك الفترة لم يكن يعني على وفاق مع ياسر عرفات ولا مع أبو إياد يعني هذه الرواية أنحكت بهذا الشكل هو حر حكاها بس أنا من لقاءاتنا مع أحمد حسن البكر بعد استلامهم السلطة كان يكره عرفات كره كبير وهذه القيادة..
أحمد منصور: وكان يكره الملك حسين أيضا..
أحمد جبريل: عم أقولك حتى..
أحمد منصور: ممكن أن يستخدم الفلسطينيين لتحقيق مآربه مع الملك حسين..
أحمد جبريل: يعني حتى أنا أول مرة سمعت اصطلاح منه ما كنت بعرفه قال شو أخبار أبو رغال قال لي أنا ما فهمت مين أبو رغال عارف كيف بصراحة يعني لم يكن عندي ثقافة عارف كيف قال أبو رغال ما تعرفه هذا اللي حلف الوعود هذا الكذاب هذا في الحرب في الجاهلية معروف أبو رغال عارف كيف..
أحمد منصور: طبعا.
أحمد جبريل: قلت له يعني مسيلمه الكذاب قال مسيلمه الكذاب لا قيمة له أمام أبو رغال عارف كيف يعني أنا عم بعطيك يعني هذا الموضوع أنا لا أعتقد أنه ها الموقف هذا اللي من أحمد حسن البكر كان صالح مهدي عماش وأنا بعرفه شخصيا وزير داخلية كان إلى آخره كان تحت أمرته والله ممكن أن يتم هذا الموضوع..
(4/283)
أحمد منصور: طب من خلال علاقتك الوثيقة بأحمد حسن البكر كيف كان موقف العراقيين تحديد إحنا عرفنا موقف المصريين رفع عبد الناصر الغطاء السوريين مشغولين بالصراعات الموجودة فيما بينهم ومش فاضيين لأي شيء ممكن يحصل للفلسطينيين؟
أحمد جبريل: أنا قبل عشر أو خمسة عشر يوما لا أذكر بالضبط السفير العراقي اتصل في..
أحمد منصور: من أين يعني تقصد أول أيلول؟
أحمد جبريل: يعني أول أيلول عارف كيف قال لي الإخوان بدهم إياكم بسرعة طلعت أنا وأخ لنا علي بوشناق ويمكن فضل..
أحمد منصور: فضل شرورو..
أحمد جبريل: ايه طلعنا بالسيارة وصلنا لبغداد طلعنا بكير قبل صلاة الصبح يعني وصلنا بحدود الساعة عشرة 11 بالليل..
أحمد منصور: بالليل سيارات بطيئة دي..
أحمد جبريل: بالليل أيامها كانت الطرق صعبة..
أحمد منصور: 160 كيلو..
أحمد جبريل: عارف كيف يعني ها الموضوع فلما وصلنا إلى الفندق (Ambassador) اللي نازلين فيه اتصلنا فيهم إن إحنا جئنا لاقينا جاية لنا سيارات مراسم تفضلوا روحنا على بيت أحمد حسن البكر عارف كيف مجهز لنا عشاء الرجل وبدأنا نتناقش قال يا أخوان شو تقديركم بالموقف السياسي وبعد روجرز حكينا قلت له أنا ها المظاهرات وخايفين إحنا عبد الناصر يتأذى عارف كيف وهذه الأنظمة الشمولية لما تزعل يعني تتخربط الدنيا كلها وها الشيء هذا..
أحمد منصور: كنتم مستوعبين النقطة دي؟
أحمد جبريل: عارفين الواحد لما يسب ويشتم مثل عبد الناصر عارف كيف وصل أبو عمار يمكن يشوفني هلا ويسمعني يقول إنه عبد الناصر كان يتصور معي علشان يتحط ملصق مع بعض حتى إنه يقول وصار..
أحمد منصور: أبو عمار كان يقول هذا الكلام؟
أحمد جبريل: وبدؤوا يحكوا نوع من النكت إنه مين اللي مع أبو عمار هذا في الصورة يعني فيه صار نوع من الغرور..
أحمد منصور: يحكوها بشكل معلن يعني؟
(4/284)
أحمد جبريل: ما هذه النكت تصل للمصريين تصل لما تبلج تحكي هذا يعني صار بغرور كبير ولما بيقول أبو إياد إنه ضربنا على الطاولة أمام الملك حسين يعني صار فيه غرور منقطع النظير يعني على إيش مستند أنا ما بعرف يعني أنا كنت خايف وبعرف شو إحنا ثلاث سنوات موجودين بالأردن لسة ما لنا جذور عميقة ولا هذا وبعدين الشعب ما عاد علاقته فينا والتهجير اللي حصل من الأغوار ومخيمات جديدة وإلى آخره والشرق أردنيين خايفين منا إن والله إحنا ممكن نحكم الأردن يعني فيه أجواء على إيش كانوا تستند هذه القيادة في غرورها أنا ما كنت بعرف كيف.
أحمد منصور: أنت كنت جزءا منها؟
أحمد جبريل: لا أنا كنت أجتمع معهم.
أحمد منصور: يعني لم تكن تحدثهم في هذا؟
أحمد جبريل: كنت أحدثهم في كل هذه الموضوعات.
أحمد منصور: طيب كيف كانت ردودهم عليك؟
أحمد جبريل: للأسف لما كنت عم أقولهم أنا اللورد سيانو ما يحكوا أمامي يحكوا خلفي مبين أبو جهاد خياره أردني تصور يعني عارف كيف يعني أنا عم ببحث كيف نحمي هذه الثورة..
أحمد منصور: في مثل هذه الأجواء بيصبح العاقل هو المجنون.
أحمد جبريل: مضبوط هذا اللي كان يحصل فأحمد حسن البكر وقف قال يا أخوان عليكم مؤامرة كبيرة وهي لاقتلاعكم من الأردن وإنهاء وجودكم بالأردن قلت له هايدي ما بتريده إسرائيل وما بتريده أميركا والملك حسين لأنه صرنا إحنا خطر أرض الرباط أرض الأردن آلاف من العرب جايين يقاتلوا..
أحمد منصور: أكثر من خمسة آلاف مقاتل عربي.
أحمد جبريل: أكثر من سبعة آلاف اللي اعتقلوا بالأخير بعد حوادث جرش كانوا خمس ستة آلاف..
أحمد منصور: عربي وليس فلسطيني ؟
أحمد جبريل: عربي..
أحمد منصور: ودول جايين علشان يموتوا.
أحمد جبريل: جايين علشان يموتوا يعني في ها الموضوع.
أحمد منصور: يعني سبقتوا بن لادن في جمع العرب.
(4/285)
أحمد جبريل: أكثر من أفغانستان ولا في غير أفغانستان فحكى عن المؤامرة فبس خلص قلت له أبو الهيثم ما عاد تسألنا إنه إحنا خايفين يعني مرعوبين مرتبكين قال شو أبو شهاب إنه عم بيقولوا احمد أبو شهاب العراقي قال والله هذا لازم أسألكم إياه قلت له أبدا عندنا ثلاثين أربعين ألف جندي عراقي موجودين حول حمام والزرقاء والمفرق معقول يتجرأ الملك حسين يشتبك معنا قال على كل حال..
أحمد منصور: ردة فعله إيه حينما قلت هذا؟
[فاصل إعلاني]
أحمد جبريل: قال على كل حال إحنا معطين توجيهات للجيش يكون معكم وأرسلنا الآن قوافل تحمل الذخائر والسلاح إلى مدينة المفرق عشان تستلموا أسلحة وذخائر إذا صار مثل هذه المعركة..
أحمد منصور: بالنسبة لكم أنتم؟
أحمد جبريل: لنا و.. هو قال..
أحمد منصور: إذا صارت المعركة.
أحمد جبريل: إيه إذا صارت معركة والله، خرجنا من عنده ممكن الساعة واحدة أو اثنين بالليل..
أحمد منصور: انطباعكم كان إيه؟
أحمد جبريل: أنا كان دخيلك شو اللي حصل فعلا علي بوشناق المرحوم الله يرحمه قال لي تعالى نتمشى على دجله عارف كيف ما بده يكون يعني بالفندق يحكي أجهزة تسجيل ولا كذا عارف كيف..
أحمد منصور: حتى أنتو كمان كانوا بيحطوا لكم أجهزة تسجيل؟
أحمد جبريل: بقولك هو هيك قال هذا فرحت أتمشى معه على دجلة الساعة الواحدة اثنين بالليل قال لي يا أبو جهاد أنا شامم رائحة مؤامرة..
أحمد منصور: من العراقيين؟
(4/286)
أحمد جبريل: والإخوان هنا مشاركين فيها أنا والله زعلت وأكبر منه عمرا يمكن يكون عنده معرفة بهذا وقعد يحكي لي على ماكو أوامر في عام 1948 وإخلاء الجليل ولا ماضي هو كان عايشها قلت له يا أبو باسل أرجوك لا تحبط هممنا الناس عم يجيوا يقولوا لك فيه مؤامرة وجيشنا لن يترككم وهنبعث لكم سلاح قال لي تصطفي أنا عم بحكي لك ها النقطة أفهموها أنا هيك شامم رائحة مؤامرة وطلعنا إلى الأردن لما بدأ قبل أيلول بكام يوم بدأ الجيش العراقي يجمع نفسه يعني قواته ها الكتيبة الموجودة هون بيأخذها اتجاه عشان تجميع..
أحمد منصور: يعني يجمع نفسه من المناطق اللي كانت منتشرا فيها.
أحمد جبريل: المناطق التي كانت منتشرا فيها ويُجمعها في منطقة المفرق والزرقاء..
أحمد منصور: حسيتوا بإيه؟
أحمد جبريل: كان إحنا عندنا عراقيين كثير إحنا كان شيء سبعمائة ثمانمائة عراقي..
أحمد منصور: متطوعين معكم.. معظم عملياتكم المميزة فيها عراقيين..
أحمد جبريل: لا عراقيين وفلسطينيين سوريين إحنا ناس نؤمن بها الأمة العربية والإسلامية..
أحمد منصور: كان من كل الجنسيات عندكم؟
أحمد جبريل: كل الجنسيات..
أحمد منصور: حتى من الجزائر والمغرب وهذه البلاد؟
أحمد جبريل: لا الجزائر لا من المغاربة التوانسة مصريين سودانيين سعوديين خليجيين..
أحمد منصور: كل هؤلاء سالت دماءهم على أرض فلسطين.
أحمد جبريل: آه طبعا عارف كيف.
أحمد منصور: وكلهم تركوا ديارهم وجاؤوا من أجل القضية الفلسطينية.
أحمد جبريل: كلهم كانوا شجعان.
أحمد منصور: وكل هؤلاء رجعوا مخذولين خائبين بسبب القيادات السياسية الفلسطينية.
(4/287)
أحمد جبريل: يعني شيء محزن يعني إنه هذه الأمة تصدم في أثناء مسيرتها من خلال قيادات تستهتر فيها العواطف وفي ها الاندفاع فيجون لي الشباب العراقيين قالوا لي شايف الجيش العراقي كيف عم ينسحب يا أبو جهاد والله فيه مؤامرة حتى بذكر مزحت معهم قلت لهم أنتم العراقيين صعبين المراس أنتم والله ما بينفعكم إلا الحجاج بن يوسف الثقفي لك إحنا كنا ببغداد عم يجمعوا حالهم حتى يكون الجيش عنده قدرة قتالية يندفع بأي اتجاه ما تكون منتشر..
أحمد منصور: حتى الآن نواياك حسنة؟
أحمد جبريل: أنا والله حتى هذه الساعة لما بدأ أيلول 1970..
أحمد منصور: أنا لسة ما بدأتش أيلول السبعين.
أحمد جبريل: يعني أنا بحكيك الجو بالعراق.
مواقف الدول العربية من قصة المتطوعين
أحمد منصور: أنا الآن عايز أعرف مواقف الدول المختلفة عرفنا موقف مصر عرفنا السوريين مشغولين مش فاضيين عرفنا الآن موقف العراقيين السعوديين؟
أحمد جبريل: السعوديين باقي النظام الرسمي العربي بدأ ينزعج من قصة المتطوعين..
أحمد منصور: لماذا؟
أحمد جبريل: لأنه خافوا إن هادول المتطوعين أن يعودوا بعدين إلى أوطانهم..
أحمد منصور: بدل الأفغان العرب الفلسطينيين العرب.
أحمد جبريل: يعني كانوا خايفين يعني ما كانوا مرتاحين بها الموضوع يعني حتى..
أحمد منصور: وهؤلاء معظمهم ربما كانوا معارضين لأنظمتهم أو غير راضيين عنها؟
أحمد جبريل: طبعا يعني أنا بتذكر الجزائريين وهواري ماديون كان يقول أخي ممنوع تأخذوا من عندنا من الجزائر لن نسمح جزائري يروح يقاتل إحنا قاتلنا كجزائريين في الثورة الجزائرية ولا نريد إحنا الجزائرين..
أحمد منصور: والمقاتل ده جاي يأكل ويشرب ويقاتل..
أحمد جبريل: عم أقولك..
أحمد منصور: لا عايز مرتب ولا عايز أي طموح آخر ولا وراءه عائلة ولا وراءه أي شئ..
أحمد جبريل: لا والله يمكن جايين مشي على الأقدام عارف كيف يعني بحماس شديد منقطع النظير..
(4/288)
أحمد منصور: هكذا خُذِل الناس.
”
كان النظام الرسمي العربي غير مرتاح للنمو الكبير في عدد المتطوعين من الجماهير العربية للانضمام في صفوف المقاومة الفلسطينية خشية أن يعودوا إلى بلادهم مستقبلا ويزعجوا الأنظمة القائمة
”
أحمد جبريل: فكان النظام الرسمي العربي ما مرتاح من هذا النمو الكبير الأفقي عارف كيف مو العمودي.
أحمد منصور: قيل إن هناك صفقة السعودية عرضتها على عرفات أن يقوم بتصفية التنظيمين اليساريين الشيوعيين باعتبارهما سبب المشاكل في الأردن اللي هما الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية؟
أحمد جبريل: بعتقد مو دقيق الكلام هذا يعني ما هو دقيق يعني السعودية طول حياتها هي تمول فتح عارف كيف..
أحمد منصور: إلى اليوم.
أحمد جبريل: وأبو عمار ما أخفى يوم أبا عن الملك فيصل حين مقتله واغتياله قال لقد أخذت أول قرش يعني حركة فتح أخذت أول قرش من الملك فيصل عارف كيف..
أحمد منصور: لكن يعني في هذا الوضع هذا الشيء وكما قلت ترك الملك حسين حتى يَفرُق أُذُن المقاومة الفلسطينية شيء آخر؟
أحمد جبريل: هو نمو التيار اليساري الماركسي كان يرعب الخليج والسعودية والدول المحافظة..
أحمد منصور: وكان يمثله جورج حبش ونايف حواتمة.
أحمد جبريل: إيه والحزب الشيوعي يعني وخاصة بدأ الاتحاد السوفيتي عارف كيف يعني يتحرك باتجاه المشرق عارف كيف..
أحمد منصور: أنتم لم يكن لكم علاقة بالسوفيت؟
أحمد جبريل: أبدأ.
أحمد منصور: مطلقا؟
أحمد جبريل: أبدا إحنا..
أحمد منصور: رغم إنه بينظر لكم على أنكم يساريين؟
أحمد جبريل: يعني لأقول لم نأخذ قطعة سلاح بتاريخ الجبهة الشعبية القيادة العامة أو طلقة من الاتحاد السوفيتي كل ما هنالك أرسلنا بعض البعثات الطلابية يدرسوا هندسة وطب إلى آخر ها الشيء أرسلنا..
أحمد منصور: وليس تدريب عسكري؟
(4/289)
أحمد جبريل: وافقنا لدورة واحدة عارف كيف بعد السبعين مشتركة لمنظمة التحرير وكانت هي الدورة اليتيمة لأنني لما أوافق بعدها لأني لما أطلعت على البرنامج الدورة العسكرية شعرت إنه الناس لا يعطوننا ما نريد ما نستفيد منه في قتال العدو يُدَرسون الناس على أساس حرب النظامية والكلاسيكية وإلى آخره لا عن موضوع هذا..
أحمد منصور: ليس حروب العصابات.
أحمد جبريل: رغم أنه أنا عندما زرت الاتحاد السوفيتي بدعوة منهم كان على رأس جدول..
أحمد منصور[مقاطعاً]: سنة كام؟
أحمد جبريل: يعني بعد 1973 يمكن على رأس جدول أعمالنا كان هي الهجرة اليهودية وفوجؤوا السوفيت إنه كيف أنت جاي لأول مرة وتطرح معنا الهجرة اليهودية وقلت لهم أن الإسرائيليين أميركا تمول الإسرائيليين والغرب بالمال والسلاح والإمكانات وأنتم تمولوا الإسرائيليين بالعنصر البشري وهذا العنصر البشري أخطر علينا من المال ومن السلاح الإسرائيلي..
أحمد منصور: تكررت الزيارات ولا كانت المرة الأخيرة؟
أحمد جبريل: لا هي الزيارة الوحيدة.
أحمد منصور: الأولى والأخيرة.
أحمد جبريل: يعني كانوا يطلقون علي إنه هذا شيوفوني قومي متعصب عارف كيف يعني.
الفصائل الفلسطينية قبل أحداث أيلول 1970
أحمد منصور: أندلع القتال في 7 يونيو 1970 في الزرقاء قتل ثلاثون شخصا توصل عرفات والملك حسين إلى هدنة إلا أنها سرعان ما انهارت وسط صدامات عنيفة في عَمَّان في 9 يونيو وعشرة يونيو استولت فيها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش على فندقين كبيرين وسط عَمَّان احتجزت 88 رهينة معظمهم من الأجانب حاولت الجبهة الاستيلاء على محطة الإذاعة الحكومية قُدِرت الإصابات الإجمالية بحلول 12 يوليو بحوالي ألف شخص بين قتيل وجريح وفق مصادر هذه من الكتاب السنوي للقضية الفلسطينية لعام سبعين؟
(4/290)
أحمد جبريل: يعني هما الإخوان في الجبهة الشعبية اعتقدوا إنه بدهم يواجهوا روجز بخطف طائرات وعملوا في الأردن مطار أسمه سموه مطار الثورة عارف كيف وأخذوا رهائن لعله..
أحمد منصور: بعد كده خطفوا أربعة طائرات طبعا.
أحمد جبريل: عم بقولك أربعة طائرات لعل..
أحمد منصور: الرهائن كانوا في البداية وقال لمشهور حديث إنه راح يتفاوض معهم من أجل هذا الأمر تفضل.
أحمد جبريل: يعني لعلهم إنه يمنعوا الملك حسين من البدء في عملية تصفية المقاومة أنه يعني هاي عندنا رهائن لحتى نصير حل سياسي ولكن هذا عَجَّل في أيلول السبعين وأعطى غطاء للملك حسين دوليا إنه أصبحت الأردن ليس مركز فقط من أجل فلسطين بل أصبح مركز لليسار الدولي وكانوا يسمونه الإرهاب الدولي فأصبح هناك مطلوب رأس الحركة الفدائية من الأردن واقتلاعها من هذه الساحة الهامة اللي لا يمكن تحرير فلسطين إلا إذا تواجدنا على أرضها.
أحمد منصور: إحنا في ظل الممارسات اللي قام بها الفلسطينيين الآن لا نستطيع أن نلوم الملك حسين كشخص يريد أن يحافظ على ملكه وعلى نظامه وعلى دولته من أن يسعى للحفاظ عليها في ظل هذه الغطرسة التي كان يمارسها القادة الفلسطينيين في ظل أن الملك كان عاجزا على أن ينتقل من قصر إلى قصر في ظل إن الجبهة الشعبية كانت تخطف طائرات وتعرض أمن الناس ولم يكن الملك يشعر بأنه يحكم كان هناك حكومة أخرى موجودة وكان كل شيء مهيأ للصدام إذاً أنتم الذين تتحملون المسؤولية الأولى والأخيرة عما حدث؟
”
رغم عدم إعفائه للفصائل الفلسطينية عما آلت إليه الأمور في أيلول الأسود فإن جبريل يضع المسؤولية الكبرى على عاتق الملك حسين
”
أحمد جبريل: أنا لا أعفي عارف كيف المسؤولية عن مجمل حركة المقاومة والعمل الفدائي ولكن علينا أن لا ننسى أن الملك حسين أستعمل ذكاؤه بشكل كبير وهائل..
أحمد منصور: من حقه.
أحمد جبريل: للوصول لهذه النتيجة عارف كيف.
(4/291)
أحمد منصور: يعني أيضا الأمور تطورت بشكل جعل وصف من الأوصاف لطلال ناجي الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية القيادة العامة يقول الثورة الفلسطينية ارتكبت كماً من الأخطاء في الأردن تجاوز حدود المنطق العناصر السيئة في صفوف الثورة مارست أعمالا يمكن وصفها بغير المعقولة والمقبولة وتجاوزت حدود كل ما هو ممكن ومن بعض تصرفاتها مثلا قيامها بكتابة شعارات على المساجد في الأردن منها أن كل السلطة للمقاومة ولا صوت يعلو فوق صوت المقاومة إضافة لإذاعة النشيد الأممي من المساجد النشيد الأممي يذاع من المساجد وتوجيه الشتائم للرئيس عبد الناصر هذا كلام طلال ناجي في كتابه في الخيمة الأخرى كوصف لما حدث؟
أحمد جبريل: سيدي كل هذا الأحداث حدثت وأصحابها الآن موجودين في عَمَّان والجبهة الشعبية القيادة العامة ممنوعة أنا عندي شقيقة أكبر مني في العمر بحدود السبعين راحت لمشكلة اجتماعية للأردن وقفوها على الحدود الأردنية ورفضوها شقيقة أخرى ثانية راحت بالمطار عم تأخذ امرأة عمها المرة الكبيرة مشان توصلها لعَمَّان أوقفت في مطار عَمَّان ورفضت بينما من كانوا يحملون هذه الشعارات ويكتبونها هم الآن روح شوفهم بعَمَّان وبالأمس شاهدت الأخ نايف حواتمي في التلفزيون الأردني وهو قاعد عم يحكي عن التسويات وعن الماضي ومستضيفينه لمدة ساعة من الزمن فيعني هذه المواضيع..
أحمد منصور: كل شيء أصبح مهيأ للصدام.
أحمد جبريل: للانفجار.
أحمد منصور: في 31 أغسطس أندلع القتال في 9 أيلول جرت صدامات في الأردن في عَمَّان والزرقاء بلغت حصيلتها 150 قتيلا وخمسمائة جريح، في 10 أيلول في نفس اليوم قررت فتح إطاحة الحكومة الأردنية وفي 11 أيلول وافقت اللجنة المركزية لحركة فتح وكذلك دعت صحيفة فتح إلى حكومة وطنية ثورية، متى أصبح إيقاف الصدام مستحيلا وأدركتم أن المعركة قادمة لا محالة؟
(4/292)
أحمد جبريل: يعني من أول أيلول في بداية أيلول إحنا عرفنا إنه الصدام أصبح حتمي عارف كيف وكنا نريد أن ننادي لإيقاف يعني من العوامل الخارجية مثل ما حكينا مصر كان الرئيس عبد الناصر زعلان سوريا كانت في عندها مشكلاتها الداخلية ودورها أصبح ما هو فاعل الإخوان العراقيين كنا تناقشنا معهم وأعطونا من طرف اللسان حلاوة وعندما بدأ القتال عارف كيف كانوا إلى جانب الملك حسين وليس معنا..
أحمد منصور: الكل كان ينتظر مذبحة للفلسطينيين.
أحمد جبريل: بالتأكيد هذا الموضوع فعلا ما حصل لكن هون أنا أريد أن أقول..
أحمد منصور: لكن كان الغرور يملأ الفلسطينيين أيضا وهناك تصريحات بأن المقاومة تملك ستة وثلاثون ألف بندقية نحن سنقلب ليل نهار إلى عَمَّان إلى نهار ونهارها إلى ليل كل هذه الأشياء وخبط للملك على الطاولة وكلام بأن إقامة يعني لما تُقرر فتح قبل الصدام بثلاثة أيام إلى حكومة وطنية ثورية معناها إلى انقلاب فعلا لم يعد خيار أمام الملك سوى أن يحافظ على عرشه أو يباد؟
أحمد جبريل: فاهم أنا بحكي لك أنه في بداية أيلول 1970 نحن شعرنا أنه ما عاد في إلا التصادم لذلك قواعدنا العسكرية اللي موجودة في أغوار الأردن اللي بقيت قلت لك ما انكفأت بدأنا نسحبها من الأغوار إلى مناطق الجبال وأرسلنا بعض التعزيزات لحماية بعض مقراتنا في عَمَّان في هذا الموضوع وتخيلنا إحنا سيناريو اللي ممكن يحدث وهذا السيناريو الأردني أخذ أبدا مثل ما بيقولوا تم تنفيذه بدقة هو مسك الزرقاء مهاجمة عَمَّان مهاجمة إربد وعزل الحدود السورية عن الحدود الأردنية..
أحمد منصور: لأن كان السوريون متعاطفون مع الفدائيين..
أحمد جبريل: كانوا متعاطفين معنا بس كانوا منشغلين يعني ما عم نقدر يكون لهم..
أحمد منصور: طبعا في صراعات داخلية مش فاضيين لكم..
(4/293)
أحمد جبريل: يعني يأخذ لهم دور وحقيقة هون أريد أن أحكي أنه في الأيام الأولى في اليوم الأول من الاشتباكات القيادة السورية طلعت..
أحمد منصور: قبل اليوم الأول من الاشتباكات لأن أنا الاشتباكات سأتناولها بالتفصيل في 5 أيلول سبتمبر أقال الملك حكومة عبد المنعم الرفاعي الذي وصفه..
أحمد جبريل: وجاب محمد داود..
أحمد منصور: أبو إياد بأنه كان في غاية النزاهة أبو إياد قال عن هذا الرجل أنه كان في غاية النزاهة..
أحمد جبريل: يعني كان لم يكن معاديا لنا..
أحمد منصور: وشكل حكومة عسكرية.
أحمد جبريل: محمد داود..
أحمد منصور: كل أعضائها من العسكريين ومحمد داود فلسطيني الأصل أقال رئيس الأركان مشهور حديث الجازي الذي كان ضد الصدام مع الفدائيين وظل يقاوم إلى اللحظة الأخيرة كأردني عريق ضد أن يقتل الفلسطينيين وتذمر عدة مرات من جراء الأحداث التي حصلت من قبل شكلت حكومة برئاسة اللواء محمد داود وكان هدفها الأساسي هو القضاء على..
أحمد جبريل: وسبقها حادثة هيك اللي هي قاموا مجموعة من فتح أو من الجبهة الشعبية لا أذكر وهاجموا قصر زيد بن شاكر وقتلوا أخته اللي صار بعدين..
أحمد منصور: ما هو خلاص في دعوة لحكومة ثورية.
أحمد جبريل: عم بقولك يعني هذا الموضوع وبدأت تحشيد القوة كلها في عَمَّان والمدن لمواجهة أيلول السبعين..
أحمد منصور: في 17 أيلول 1970 اندلعت المواجهات بشكل دموي شديد أبدأ به معك في الحلقة القادمة، أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/294)
الحلقة8(4/295)
الثلاثاء 6/4/1425هـ الموافق 25/5/2004م(آخر تحديث) الساعة 12:41(مكة المكرمة), 9:41(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
23/05/2004
- الأوضاع قبيل المواجهات بين الأردن والفدائيين
- موقف العراق وسوريا ومسؤولية القيادة الفلسطينية
- أخطاء القيادة الفلسطينية
- جهود عربية للهدنة ووفاة عبد الناصر
- تقييم الأداء العسكري للمعركة
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيكم.
الأوضاع قبيل المواجهات بين الأردن والفدائيين
أحمد منصور: في 17 أيلول/ سبتمبر عام 1970 فشلت كل المحاولات لإيقاف الصدام بين الأردنيين وبين الفدائيين الفلسطينيين واندلعت مواجهات دموية بين الجانبين كيف بدأت شرارة المعركة؟
أحمد جبريل: يعني كنا سلفا كنا وطرحنا هذا الموضوع في اجتماعات القيادة الفلسطينية أن سيكون هناك هدفين أساسيين للملك حسين، هو موضوع عمان والسيطرة عليها والموضوع الثاني هو السيطرة على منطقة إربد لعزل سوريا الحدود يعني السورية الأردنية لعدم تقديم رجالات أو سلاح أو عتاد، حقيقة موضوع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأن الملك كان أصبح مطمئنا من الجيش العراقي مطمئنا.
أحمد جبريل [متابعاً]: أه مطمئنا ولكن كان في سوريا بعثيين ويعني معتبرين أنهم متطرفين يعني فما كان مطمئن الملك حسين في هذا الموضوع.
أحمد منصور: فقط سوريا هي الدولة الوحيدة أو الجبهة الوحيدة التي كان يمكن أن تقف إلى جانبكم.
أحمد جبريل: ممكن أن تقف.
(4/296)
أحمد منصور: غير ذلك عبد الناصر أعطى ما يسمي بالضوء الأخضر، الخليجيين مرتاحين لفرك أذن الفلسطينيين والمقاومة التي كانت تقلقهم والعراقيين لهم حسابات سوف نراها؟
أحمد جبريل: لكن كل هذا بجانب.. ولكن الرغبة الأميركية والإسرائيلية هي كانت الملحة.
أحمد منصور: ما هي الرغبة الأميركية والإسرائيلية؟
”
اتفق الملك حسين مع إسرائيل قبل أحداث يلول على موضوعين: الأول بعد القضاء على الفدائيين في الأردن يتم تقديم مشروع سياسي يضم توحيد الضفتين وانسحاب إسرائيل من الضفة الغربية، والثاني تصدي إسرائيلي للجيش السوري في حال تدخل الأخير
”
أحمد جبريل: أنا هذا الكلام ما عم بأحكيه من عندي أنا، المرحوم غازي عربيات وكان استلم مسؤولية كبيرة في الأردن هذا كان من الضباط الأحرار الأردنيين الناصريين ثم استوعبه الملك حسين وبعدين سلمه في العمليات بعدين قائد قوى الأمن الداخلي هذا بعد أيلول السبعين التقيت أنا وياه وأسر لي وأنا يمكن لو هو حي ما حكيت هالكلام هذا عارف كيف قال لي لقد اتفق الملك حسين مع الإسرائيليين قبل أيلول السبعين وباجتماعات سرية على كل ما سيدور في أيلول السبعين وطلب الملك حسين منهم ووافقوا على موضوعين هامين؛ الموضوع الأول أنه بعد القضاء على الفدائيين في الأردن الملك حسين سيتقدم بمشروع سياسي المملكة المتحدة الهاشمية يعني تضم الضفة الغربية والضفة الشرقية ويكون برلمانين في هذا الموضوع وينسحبوا الإسرائيليين فورا من الضفة الغربية، الموضوع الثاني خاف الملك حسين من تدخل سوري في المعركة فطلب من الإسرائيليين أن يساعدوه في التصدي للجيش السوري إذا تدخل في هذا الموضوع لكن أصبحت الأمور كلها ووافقوا الإسرائيليين على هذا الموضوع..
أحمد منصور: لكن لم يحدث شيء من هذا.
(4/297)
أحمد جبريل: لا أنا بأحكي لك شو اللي حدث يعني عارف كيف، حقيقة السيناريو تبع الحرب كما تخيلنا اختلف قليلا إنه الزرقا ما كنا يعني مهتمين فيها يظهر هي كقاعدة لوجستكية أيضا اُستهدِفت مدينة الزرقا، عمان، إربد يعني هذه المعركة اللي..
أحمد منصور: تركيز المعركة كان في المناطق الثلاثة.
أحمد جبريل: بهالموضوع للسيطرة عليها، كما قلت أنا سابقا إنه..
أحمد منصور: قواتكم أنتم الفلسطينيين إيه في مواجهة الأردن؟
أحمد جبريل: لا بدأنا سحبنا قواتنا للدواخل حتى إنه ندافع لأنه ما عاد فيه مجال.
أحمد منصور: يعني الآن كان يشاع أن الفلسطينيين لديهم مائة آلف مقاتل.
أحمد جبريل: يعني مبالغ فيه الرقم.
أحمد منصور: كم الرقم التقريبي؟
أحمد منصور: لا هلا فيه فرق بين واحد ميليشيا طخيخ حامل بندقية وفيه فرق بين مقاتل يستطيع أنه يواجه الجيش الأردني وهذا..
أحمد منصور: يقال أن المقاتلين الفلسطينيين كما ذكر.. مصادر كثيرة الحقيقة رجعت لها قالوا إنهم في حدود 25 ألف فدائي.
أحمد جبريل: يعني عشرة 11، 12 ألف.
أحمد منصور: ليس أكثر من ذلك؟
أحمد جبريل: ليس أكثر.. المقاتلين أما مليشيا شو موزع أسلحة هذا..
أحمد منصور: يقولون كانوا سبعين ألف؟
أحمد جبريل: يعني هذا..
أحمد منصور: لكن بعض المصادر بتقول عددهم الحقيقي كان لا يزيد عن عشرة آلاف فقط.
أحمد جبريل: لا المقاتلين كانوا بين عشرة إلى 12 ألف مقاتل.
أحمد منصور: والمليشيا؟
أحمد جبريل: المليشيا أعداد كثيرة يعني هو ورد أسلحة على الأردن للمخيمات والمدن وإلى أخره لكن هي ليس لها قدرة وليس لها فاعلية..
(4/298)
أحمد منصور: في المقابل الجيش الأردني كان 65 ألف مقاتل منهم عشرة آلاف رديف من الشرطة وقوات الأمن حشد 330 دبابة 350 ناقلة جند مدرعا 270 عربة مصفحة 1500 مدفع هاون ومدفع عديم الارتداد ومائة إلى 150 مدفع ميدان علاوة على 32 طائرة مقاتلة ويخرج القادة الفلسطينيين ليقولوا نحن سنجعل ليل نهار.. ليل عمان نهار ونهارها ليل.
أحمد جبريل: هو شوف ليست هي كانت معركة بينا وبين الملك حسين معركة كلاسيكية لحتى نقول تقدير الموقف العسكري في العدد والسلاح..
أحمد منصور: لكن فيه قوة نيران.
أحمد جبريل: معلش هذا الموضوع إحنا نقاتل في المدن، يعني في المدينة، قتال شوارع يعني هذا مرات الدبابة لا تكون لها أهمية يعني كبرى في هالموضوع هذا..
أحمد منصور: في النهاية حتى قتال الشوارع فشلتم فيه، ذكر أبو أياد كيف إن هو ظل يختبئ من بيت إلى بيت ويجري من شارع إلى شارع وكذلك الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية دكتور طلال ناجي أيضا روى كيف وكثير من القادة الفلسطينيين اللي رووا كانوا بيجروا من شارع إلى شارع الأخر طلع كل ده أكذوبة.
أحمد جبريل: يعني هذه المواضيع أنا كنت سلفا عارف إنه ليس بالسهولة لمواجهة جيش أردني مدجج بالسلاح والعتاد بالإضافة حاشد الشرق أردنيين معه من خلال عملية تحريضية وكنت أقول على الأقل إذا ما بنطلع كلانا خاسرين يمكن نحن نطلع الخاسر الأكبر في هذا الموضوع.
أحمد منصور: وكنتم كذلك؟
أحمد جبريل: صحيح وُضِعت قوات حول عمان من الفدائيين وكانت غرفة العمليات المركزية موجودة في جبل الحسين وكان يقودها الشهيد خليل الوزير وعبد الرزاق اليحيى ومجموعة من الضباط كان لنا مقر إحنا بجبل الحسين..
أحمد منصور: لكم أنتم كجبهة شعبية؟
أحمد جبريل: كجبهة وأرسلنا فصيلين من ستين عنصر..
أحمد منصور: كانت هناك غرفة تنام فيها كانت محصنة عرفات كان ينام فيها..
(4/299)
أحمد جبريل: لا يعني غرفة خلفية يعني ما إليها شبابيك يعني عارف كيف فأرسلت فصيلين لحماية هذا المقر، من المقاتلين..
أحمد منصور: الفصيل كم؟
أحمد جبريل: ثلاثين يعني ستين لحماية هذا المقر لأنه هذا المقر بعيد عن الجبهة يعني عن عملية التصادم مع الجيش الأردني في هذا الموضوع وأرسلنا لكل مخيم قوة عسكرية موجودة وأبقينا الباقي في الجبال عارف كيف..
أحمد منصور: يعني النسبة الأكبر من المقاتلين؟
أحمد جبريل: بقيوا في الجبال..
أحمد منصور: كان عندك كم مقاتل؟
أحمد جبريل: كان عندنا بحدود 1500 مقاتل يعني عارف كيف و1500 مقاتل كان..
أحمد منصور: ليس كما ذكر.. 300 مقاتل كما ذكر الكفاح المسلح يزيد صايغ؟
أحمد جبريل: يعني غير موثوق الكلام هو يمكن كان طفل صغير أيامها يعني ما هو..
أحمد منصور: الأخر فيه مصادر.
أحمد جبريل: فاهم يعني بيجمع مضبوط بس يعني..
أحمد منصور: نحن لا نعتمد على قدراتنا الشخصية..
أحمد جبريل: يعني هذا يزيد صايغ ما إيجه سألنا عارف كيف يعني وسأل مين يعني بهالموضوعات؟ وبدأ القتال صباحا على كل هالمحوار عمان إربد الزرقا..
أحمد منصور: كنت أنت خارج عمان؟
أحمد جبريل: أنا كنت ببداية الشهر يعني بواحد أيلول بعد ما سحبنا مقاتلينا ووزعناهم في الداخل في الجبال وفي المدن لمثل هذه المعركة، قلت لعله نقدر نأجل هالاشتباك قدر المستطاع مع الملك حسين، ذهبت إلى الجبهة اللبنانية وقواعدنا في جنوب لبنان وحكيت للمقاتلين علينا إنه نصّعد القتال..
أحمد منصور: ضد الإسرائيليين من الجنوب؟
(4/300)
أحمد جبريل: لعله إنه يصير جذب الانتباه لهون وتتوقف هذه المؤامرة وفعلا قمنا بكذا عملية، لكن قبل 24 ساعة 36 ساعة نقلوا لي الرفاق إنه خلاص ما فيه.. اشتباك حتمي واقع وبعدها دخلت للأردن وصلت لإربد قالوا لي الحواجز الأردنية عملوا على الطرق وأنت إذا شاهدوك.. يعني مش من عندنا من شباب الجبهة من أبو عمار وأبو أياد سيقتلوك فورا لأن هم عارفين شو معنى..
أحمد منصور: فتح؟
أحمد جبريل: إيه إنه انتبه يعني لا تمر لا تأتي إلى عمان فاكتفيت..
أحمد منصور: لا قل لي ديه معلومة خطيرة يعني إزاي فتح ممكن تفكر أن تصفيك في ذلك الوقت؟
أحمد جبريل: لا مش فتح تصفيني الجيش الأردني حواجز الجيش الأردني عارفين إنه أنا ممكن آتي يعني فقالوا لي حذروني من هذا الموضوع، فقلت خليني أقعد في المنطقة الشمالية اللي هي منطقة هامة جدا اللي هي..
أحمد منصور: أي منطقة؟
أحمد جبريل: إربد اللي هي استهدفها الجيش الأردني لعزلها عن الأراضي السورية كما قلنا إنه..
موقف العراق وسوريا ومسؤولية القيادة الفلسطينية
أحمد منصور: توقعتم أن يتدخل العراقيون؟
أحمد جبريل: لا إحنا كنا مفكرين إنه بدهم يتدخلوا العراقيين عارف كيف..
أحمد منصور: ولأخر لحظة تذكرون هذا يعني؟
أحمد جبريل: لأخر دقيقة كنت أتخيل إنه الجيش العراق بده يتقدم باتجاه عمان يحاصر الجيش الأردني من مؤخراته، بصراحة.
أحمد منصور: وما الذي حدث؟
”
تجمع الجيش العراقي بقيادة وزير الدفاع بالمفرق وقدموا تسهيلات للجيش الأردني، والفدائيون قطعوا الإمدادات النفطية عن الجيش الأردني، فبدأ الجيش العراقي بتمويل الجيش الأردني بالوقود
”
(4/301)
أحمد جبريل: تجمع الجيش العراقي إجه حردان التكريتي وزير الدفاع بالمفرق قعد وحط هالجيش هناك وبالعكس قدموا تسهيلات للجيش الأردني لوجستيكية، يعني منطقة الزرقا كان فيها مصفاة للنفط كان قطعوا الإمدادات النفطية عن الجيش الأردني الفدائيين، فبدأ الجيش العراقي هو يمول الجيش الأردني بالوقود وبقضايا كمان لوجستيكية خدمات طبية أو إلى أخره يعني ما اكتفوا إنه والله تخلوا عنا بل قدموا..
أحمد منصور: ما أثر هذا عليك؟
أحمد جبريل: هذا بالطبع أثر معنويا علينا كبير يعني كان تأثير معنوي إحنا كنا الواحد في تقدير الموقف حاطين إن هذا الجيش سيكون معنا..
أحمد منصور: ويقلبوا لكم النظام ويسلموا الحكم لكم.
أحمد جبريل: لا يمكن ما هي النظام بس على الأقل يمنع الجيش الأردني ويحد من حركته في هذه..
أحمد منصور: أوهام سياسية طبعا عشتوها؟
أحمد جبريل: طبعا عم بأقول لك هذا ما هو الكلام اللي كان متداول بيننا وبين أعلى المسؤولين في العراق.
أحمد منصور: عرفتم ما دار وراء الكواليس حتى غير العراقيون موقفهم؟
أحمد جبريل: عرفنا إحنا إنه صار اتفاقات أميركية معهم لتثبيت نظام حكمهم للأسف أحمد حسن البكر وصدام حسين كان أصبح نائب عارف كيف ونحن دفعنا الثمن لهذا الموضوع عارف كيف.
أحمد منصور: يعني دائما اُستخدِمتم كفلسطينيين ورقة دائمة للحرق من الأنظمة العربية؟
أحمد جبريل: كانت فيه بعض المرات..
أحمد منصور: كنتم أداة طيعة في أيديهم؟
أحمد جبريل: لا مو أداة طيعة لكن ممكن إنه تقول خُدِعنا.
أحمد منصور: والشعب الفلسطيني يدفع الثمن.
أحمد جبريل: طبعا وإحنا دفعنا الثمن.
أحمد منصور: ثمن أخطاء قيادته السياسية.
أحمد جبريل: فدارت المعركة في عمان فوجئنا..
أحمد منصور: شعورك أنت إيه وأنت المفروض عمال تحشد وتربي الناس على إن عدوها هي إسرائيل والآن بتقول له وجه البندقية إلى الأردني لتقتله؟
(4/302)
أحمد جبريل: كان هو قرار صعب مو قرار سهل يعني عارف كيف يعني وحماس الفدائي ليقاتل إسرائيل عشرة أضعاف لما بيقاتل جيش عربي مثل حكايته ومسلم.. يعني كان فيه صعوبة يعني في هذا الموضوع..
أحمد منصور: طيب أنت كنت ضد هذا القتال لما اشتركت فيه؟
أحمد جبريل: ما هو أصبحنا إحنا كلنا في سفينة واحدة يعني ما عاد..
أحمد منصور: أما كان أن تعزل قواتك؟
أحمد جبريل: لا ما كان ممكن..
أحمد منصور: هو خفت أن تُتهَّم بالانسحاب كما اُتهِمت في الكرامة؟
أحمد جبريل: لا هذا الموضوع أصبحنا في سفينة واحدة والمؤامرة كبيرة إسرائيلية أميركية عربية لإخراجنا من الأردن عارف كيف تم خوض..
أحمد منصور: في الأخر القاتل والمقتول خاسرين.
أحمد جبريل: تم خوض هالمعركة وفوجئنا إحنا..
أحمد منصور: هل أدركتم لحظة واحد أنكم ممكن أن تنتصروا؟
أحمد جبريل: أنا كنت أقول كلانا خاسرين وإذا فيه أحد واحد خاسر سنكون نحن وكنت أحكي أمام الناس سنبكي ليس دموع إذا خرجنا من الأردن سنبكي الدم هذه هي الأرض المناسبة لتحرير فلسطين معنى خروجنا ستُطرَّح علينا المشاريع التصفوية اللي وصلنا فيها لأوسلو وخارطة الطريق وإلى أخره.
أحمد منصور: تصرفاتكم أخرجتكم سلوكياتكم أخرجتكم.
أحمد جبريل: يعني هذه التصرفات الطائشة والغير مسؤولة هي اللي سببت هذا الموضوع ولكن إذا أردنا نحتكم للتاريخ فنحن مستعدين للاحتكام للتاريخ وللمحاكمة التاريخية أمام شعبنا وأمام جماهيرنا ولكن كنا لا نستطيع ولسنا بالقوة والقدرة التي نستطيع أن نغير التوجه اللي كان ماشي في هذا الاتجاه.
أحمد منصور: أملكم الوحيد كان في السوريين، ماذا فعل السوريون؟
أحمد جبريل: السوريين من الساعات الأولى تم الاتصال فيهم واستنفروا السوريين واجتمعوا..
أحمد منصور: هل قمت أنت بالاتصال مثلا؟
أحمد جبريل: لا أنا كنت في الأردن أبو باسل علي بوشناق وفضل شرورو كانوا حاطينهم إحنا في سوريا لهالموضوع..
(4/303)
أحمد منصور: يعني الحرب بقت معلنة الكل عارف بها.
أحمد جبريل: فاجتمعت القيادة القطرية السورية وقررت التدخل..
أحمد منصور: قيل أن صلاح جديد هو الذي دفع لواءين مدرعين إلى هناك وليس أحدا آخر.
أحمد جبريل: الموضوع مش كيف..
أحمد منصور: بمبادرة منه شخصيا.
أحمد جبريل: مش هيك، هذا قرار القيادة القطرية التدخل لنجدتنا عارف كيف لنجدة ولحماية العمل الفدائي في الأردن، هذا القرار القيادي لكن هذا القرار قيل إنه قبل أن ندخل إلى الأردن علينا أن نتشاور مع العراقيين في بغداد وأرسلت القيادة القطرية..
أحمد منصور: أعدائهم اللدودين.
أحمد جبريل: يعني كانت بيناتهم أرسلوا وفد من محمد سعيد طالب حي، أبو رباح الطويل متوفى، بطائرة خاصة لبغداد ليقولوا تعالى ننسى شوي خلافاتنا وأنتم ونحن نتعاون في الأردن لحماية العمل الفدائي أو حتى لإسقاط النظام تعرف لإسقاط النظام في عمان فاجتمعوا مع أحمد حسن البكر وصدام وإلى أخره قالوا لهم طب اذهبوا نحن خلال ساعات سنجيبكم، أنا أحدهم اعرفه وهو زميلي محمد سعيد طالب ومروان حبش نقلوا لي أنهم انتظروا الجواب ولم يأت الجواب من بغداد فقرروا التدخل.
أحمد منصور: في 19 أيلول بعد يومين من الميعاد؟
أحمد جبريل: بعد يومين، في التدخل كُلِف وزير الدفاع هو أن يشرف اللي كان الرئيس حافظ الأسد عارف كيف أن هو يشرف على هذه القوات، اُستهيِن بالأول بالقوة الأردنية اللي كانت متوضعة أمام الحدود السورية..
أحمد منصور: كان اللواء أربعين؟
أحمد جبريل: اللواء أربعين فأُرسِل فوج ضعيف الفوج هو أكثر من كتيبة وأقل من لواء استطاع الجيش الأردني اللواء أربعين أنه يُخرِج الوجود السوري من الأردن وشاركت أنا بعيني أمامي الطائرات الأردنية بعملية القصف عندها تم اجتماع آخر للقيادة القطرية واتفقوا على دفع فرقة إلى شمال الأردن وأنا أُرسِلت لي خرائط العمليات وهذه بالتاريخ..
أحمد منصور: من السوريين؟
(4/304)
أحمد جبريل: إلى أنه شُكِلت غرفة عمليات في درعا وكان علي بوشناق مشارك في غرفة العمليات عارف كيف، إحنا كنا تنظيم يعني التنظيم قوي من حيث النوع والقدرة وإلى أخره فكان تكريم أن يشارك علي بوشناق في غرفة العمليات في درعا، أرسل لي نسخة هم قالوا له السوريين إنه ابعت هاي لأبو جهاد عارف كيف إلى إربد وأتت خريطة العمليات والخريطة تقول أنهم بدهم يصلوا إلى الصويلح لقصر الحُمّر يعني هيك حسب البرنامج ما هو لما تقرأ الخريطة العسكرية تعرف قد إيه أنه.. لا إنه وين هدفك في الهجوم وأرسلوا لي رسالة صغيرة يقولوا حافظوا على الجسور والعبارات أن لا ينسفها الجيش الأردني في الطريق تبعنا في منطقة جرش ووصولا لعمان في هذا الموضوع وحقيقة حمينا إحنا هذه الجسور والعبارات وتقدمت الفرقة ودُمِر اللواء أربعين عارف كيف وتشتت اللواء أربعين ولكن خلال يومين خضنا معركة قاسية جدا إحنا وياه هذا اللواء أربعين وكاد يدخل إربد ولكن حصناها.
أحمد منصور: تشتتوا وبعدين جمعوا أنفسهم بسرعة.
أحمد جبريل: لا أنا بأقول قبل خلال يومين من هون لتدخل..
أحمد منصور: قبل تدخل السوريين.
أحمد جبريل: السوري، اللواء أربعين أراد أن يدخل مدينة إربد وحولها وكنا إحنا قد حصناها تحصين جيد.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: يعني انتم قرار بضرب الأردنيين في ساعة والإسرائيليين ثلاثين سنة مفيش قرار.
أحمد جبريل: يعني ودافعنا عن إربد دفاع يعني بطولي هاليومين لثلاثة أيام ومنعنا الجيش الأردني اللواء أربعين ومن معه أن يدخل إلى حين ما دخلوا القوات..
أحمد منصور: طبعا السوريين ضُغِط عليهم عبر السوفيت وكمان الأميركان ضغطوا على السوريين فانسحبوا؟
(4/305)
أحمد جبريل: لا إحنا بدأنا نستغرب يعني الطريق مفتوح إلى جرش وإلى عمان عارف كيف ومسكنا إحنا كل الجسور المؤدية إليها وأنا التقيت مع قائد القوة العسكرية السورية قلت له هاي الطريق مفتوح يالا اتفضلوا فكانوا نهارا يتقدمون إلى جنوب إربد بحدود عشرة كيلو متر 15 كيلو متر ويتوقفوا وليلا ينسحبوا، قلت له يا أخي أقول لك الطريق مفتوح في هذا الموضوع هذا الموضوع حقيقة هم فسروه السوريين إنه ما تابعوا كما هي الخطة الموجودة لأنه الجيش العراقي اللي انسحب قعد في منطقة المفرق والزرقا لما تدخل الجيش السوري دفع تشكيلات عسكرية مدرعا في وجه الجيش السوري وقطع..
أحمد منصور: ليمنعهم من التقدم؟
أحمد جبريل: لمنعه للتقدم.
أحمد منصور: علاوة على الضغوط الأميركية.
أحمد جبريل: لا أنا هذا أولا أنا بأحكي لك، هذا في البدء هالموضوع هذا بعد هذا بدأت الضغوط الأميركية والسوفيتية واذكر أنا نور الدين أتاسي حكى لنا هذا الكلام إنه عندما وصل.. وعبد الناصر أرسل رسالة إليهم إنه فيه خطورة على الجيش السوري تهديد إسرائيلي سيقوم بضربه اجتمعت القيادة القطرية وأخذت قرار الانسحاب من شمال الأردن لكن..
أحمد منصور: هل صحيح انسحبوا وتركوا 120 دبابة وستمائة مصاب؟
أحمد جبريل: لا من وين؟
أحمد منصور: من الأردن، السوريين انسحبوا وسابوا الدبابات وناقلات الجند وانسحبوا ركضا.
أحمد جبريل: لا سُحِب الجيش هذا تركوا كتيبتان معنا وسميوا وكأنهم جزء من قوات الصاعقة السورية..
أحمد منصور: لكن في النهاية خسر السوريون أيضا.
(4/306)
أحمد جبريل: بس خرجت القوات السورية نهائيا ونور الدين أتاسي حكى لنا الحادثة إنه لما وصل لمطار القاهرة كان في استقباله الرئيس عبد الناصر، مات الرئيس عبد الناصر محضر قاعة اجتماع في مطار القاهرة ليقول له إنه فيه خطورة على الجيش السوري إذا ما بتنسحبوا فلما نور الدين أتاسي قال قلنا له للرئيس عبد الناصر اتخذنا قرار في القيادة القطرية في سحب الجيش، قال له خلاص ريحتني وتابعوا اجتماع مؤتمر القمة اللي عقد.
أحمد منصور: أنا ما أعرفش شعور المشاهد العربي إيه وهو بيشوف الآن الجيوش العربية بتتحرك ضد بعضها بسرعة في قتال أردني فلسطيني فيه أمن إسرائيلي وفيه اطمئنان إسرائيلي مفيش قتال ضد الإسرائيليين وكان هذا العام من الأعوام التي كانت فيها العمليات القتالية الفلسطينية كانت عمليات قليلة للغاية مقارنة بما قبلها، بالنسبة لساحة المعركة الناس اللي كانت ستحيل ليل عمان إلى نهار أبو إياد صلاح خلف في مذكراته قال انه اختبأ عدة أيام في بيت أحد القضاة بعدما فر هاربا، طلال ناجي الأمين العام المساعد للجبهة..
(4/307)
أحمد جبريل: لا سابقة من شان نفرق بين أبو إياد وفاروق قدومي وطلال ناجي، إحنا هذا المقر اللي في جبل عمان لنا حاطين إحنا ستين مقاتل محترف من المقاتلين الأشاوس لحماية هذا المقر فكانت القيادة الفلسطينية تجتمع في جبل الحسين وعاملة مقر قيادة لأبو عمار، تقدم الجيش الأردني سقطت كل المواقع عارف كيف، انتقلت بعدين هذه القيادة الفلسطينية الأردنية إلى مقرنا إحنا اللي هو كان مجهز تجهيز جيد كان فيه إليه اتصالات لاسلكية مع بغداد ومع دمشق ومع ليبيا ومع لبنان ومع سوريا وعندنا إذاعة محلية مداها عشرين 25 كيلو متر يعني محلية داخلية إجت كل هذه القيادة وقعدت في هذا المقر اللي عندنا وهادول الستين شاب فوجؤوا إلا الدبابات الأردنية هالفصيلين الدبابات الأردنية على بعد أمتار طيب وين خطوط الدفاع؟ كيف سقطت غرفة العمليات؟ وقتها اُعتقِل أبو إياد وأبو اللطف وإبراهيم بكر..
أحمد منصور: أبو إياد وأبو اللطف وإبراهيم بكر وبهجت أبو غريبة..
أحمد جبريل: اعتقلوا بها الشيء هاي وإنتركت غرفة العمليات وانهارت كل هالقوى، هدول الستين شاب القاصي والداني بيعرف لولا هم اشتبكوا مع الدبابات تبع الجيش الأردني في دوار مكسيم واعطبوا ثماني دبابات دفعة واحدة ثم اعطبوا ست دبابات لأنه موجة ورا موجة كانت القيادة الفلسطينية أُسِرت ومسكها مثل كيف مسك أبو أياد وأبو اللطف وإبراهيم بكر وبهجت كان اعتقل الملك حسين كل هذه القيادات.
أحمد منصور: وأُعلِن هذا؟
أحمد جبريل: هذا العمل البطولي اللي قاموا فيه هالشباب في دوار مكسيم..
أحمد منصور: مفيش بطولة هنا. مفيش بطولة في عربي يقتل عربي مفيش بطولة.
(4/308)
أحمد جبريل: لا دفاع عن النفس ماشي يعني بس أنا أقول شو المجريات اللي صارت عارف كيف حتى أبو عمار ونايف حواتمة صاروا يعني يقولوا يتحدثوا إنه فلان هذا قائد الفصيل بدنا نرفعه إلى رتبة رائد وهذا كذا من رفاقنا يعني وكأنه إحنا كنا نفتش عاد وكان الوضع النفسي في منتهى السوء عارف كيف، يعني منيف الرزاز كان يعوّل على العراق ويتصل في بغداد أنا سامعه على المحطة اللاسلكية عندنا ويستنجد فيهم في بغداد.
أحمد منصور: كله كان يجلس على الأرض محبط.
أحمد جبريل: عم بأحكيك يعني كل واحد..
أحمد منصور: طلال ناجي يقول أنه هام على وجهه ستة أيام مع كثير من القادة الفلسطينيين.
أحمد جبريل: عم أقول لك ما فيه يعني مرات إنت تخلي موقع بتخليه بشكل منظم، تتراجع من خط إلى خط وين هذه القيادات والجنرالات اللي حاطهم أنت أبو عمار؟
أحمد منصور: أمام الميكروفونات.
أحمد جبريل: عارف كيف يعني وين هدول الناس؟
أخطاء القيادة الفلسطينية
أحمد منصور: ده يدل على إن لا كان فيه تدريب ولا كان فيه.. ده بغض النظر طبعا عن الملاحظات على القتال من أوله إلى أخره وكان القضية قضية عنتريات إعلامية والسعي لتحقيق مكاسب سياسية.
أحمد جبريل: مو بس هيك اشتباكات بين الناس مع بعضهم البعض يعني هذا الصرطاوي كان عنده منظمة اللي قُتِل في إسبانيا..
أحمد منصور: إسبانيا.
(4/309)
أحمد جبريل: مو فاكر ولا في البرتغال عارف كيف قتله أبو نضال البنا، صار ناطق بعدين عند عرفات ومخول هو يتصل مع الإسرائيليين هذا كان عنده منظمة اسمها الهيئة العاملة هذا كان إليها معسكر في جبل الحسين قبل أيلول 1970 بشهر زمان لومه أنا رحت وقفت عارف كيف ولا كان فتح هجمت عليهم كان قتلوهم وانتهت، يعني الناس حتى في هذه الحشّرة الصعبة لم تكن القلوب مع بعضها صافية عارف كيف بغض النظر، أنت عم بتقاتل الملك حسين ولا عم بتقاتل الإسرائيليين، لم نشعر في يوم من الأيام للأسف أن كانت هناك فيه قيادة رصينة واعية تجمع لا تفرق، تصالح ولا تتآمر هذا ما كان بالعكس تماما هذا الموضوع، إحنا موجودين يعني بالجبال هذه عندنا مواقع، موقع من المواقع محصن تحصين بشكل والمغر والأنفاق وإلى أخره لكن وضعنا المادي بعد كان سيئ بدأ يسوء لأنه معمر القذافي أتذكر لما بمؤتمر الإسكندرية حكى عن المقاومة قطعوا الإمكانات المالية عنا عارف كيف، فالشباب عندنا ما فيه عندهم عمل يأكلوا عارف كيف ما فيه إمكانات مادية فراحوا عند الأخوان في فتح فبدل ما يقولوا لهم والله أنتم عاملين هالمواقع واللي حافرينها هذا قبل يعني قبل اشتباكات أيلول أخدنا إحنا القيادات العسكرية الفلسطينية وزورناهم كيف المواقع كيف بدنا ندافع عن حالنا والله لا يمكن أنسى فيه واحد منهم بدي ما أقول اسمه..
أحمد منصور: مين؟
أحمد جبريل: قال لي.. لأنه متوفي يعني بصراحة، عارف كيف قال لي أبو جهاد كم عامل جبتوه حتى عملوا لكم هالمواضيع هايدي هالأنفاق وهالمغر وهالخنادق المغطاة فاتفرجت فيه هيك، قلت له إحنا نجيب عمال؟ يعني متخيل إنه فيه مقاول قاعد عم بيشتغل هذا الموضوع.
أحمد منصور: ما هو طالما فيه فلوس وشنط أي حد تجيبه تشغله.
(4/310)
أحمد جبريل: يعني اضطر واحد منا يقول والله يشهد الله أن هذا عمل الجبابرة، طب هذا الموقع القوي المتين عارف كيف اللي قطع منطقة جرش على الجيش الأردني بمنطقة عجلون كان إليه موقع اسمه 707 طب بدال ما أنت تمسك تقولهم يا إخوان خدوا هاي التموين والأكل شو اللي بدكم إياه؟ تيجي تتآمر عليهم تقول لهم تعالوا اتركوا موقعكم وتعالوا انضموا إلينا..
أحمد منصور: طالما هياخذوا مرتب وأنت ما بتدفعهش.
أحمد جبريل: ما هو أنا عم بأقول لك يعني حقيقة جروا مجموعة من الناس لأنه هناك شافوهم مستودعات الطحين والأكل والكذا وإلى أخره حاطين رشاشاتهم ومدافعهم هيك بالعراء كأنه كشاف، فهم شافوا إنه كيف إحنا هذه المواقع محطوطة وهذه الأسلحة مربضة في حفرها وفي دشمها وفي التراب اللي فوق منها وأماكن النوم، طيب أنت بدل ما تساعد على هذه التجربة تأتى بجماعتك تقول لهم تعالوا شوفوا كيف هدول الناس بإمكاناتهم بأظافرهم عم يشتغلوا تجي تتآمر..
أحمد منصور: لذلك انتصرت إسرائيل يا سيدي ولذلك مرغت أنف العرب جميعا في التراب.
أحمد جبريل: لأنه يعني لم يكن الأجواء للحقيقة مناسبة في هذا الموضوع.
أحمد منصور: سال الدم الفلسطيني في المكان الخطأ وُجِهت البندقية الفلسطينية إلى العدو الخطأ، بدلا من أن يكون الأردنيون دعامة حولتوهم إلى أعداء ودخلتم معهم في معركة وكما قلت أنت كان خروج أو الإرهاص بخروج الفلسطينيين من الأردن بداية للبحث عن الحلول الاستسلامية، العام 1969 كان عام مليان أحداث، انقلب النميري عمل انقلابه النميري في مايو 1969 القذافي في سبتمبر 1969، طبعا السوريين كانوا في فبراير 1969 بما يشبه الانقلاب الداخلي 13 نوفمبر 1970 سيطر الأسد على السلطة، يونيو 1969 سالم الربيعي علي ومحمد على هيكل عملوا انقلاب على السلطة في اليمن الجنوبي، حزب البعث سيطر على السلطة في العراق في 17 و30 يونيو 1968.
أحمد جبريل: فيه كان مخاض كان فيه حالة مخاض.
(4/311)
أحمد منصور: فكانت ماحدش فاضي لإسرائيل ليس هناك أحد يقف لإسرائيل.
أحمد جبريل: يا سيدي لم تكن على أجندة النظام الرسمي العربي للحقيقة موضوع القضية الفلسطينية من أولوياته، أولوياتها الاستيلاء على السلطة تثبيت هالسلطة، الصراع على هذه السلطة ومن ثم كيف نستطيع أن نزاود على موضوع القضية الفلسطينية في هذا المجال، رغم كل هذه السلبيات اللي حكيت لك إياها عندما توقف القتال في أيلول 1970 لم يكن الملك حسين قد ربح المعركة يعني نصف عمان معه والنصف ثاني معنا، إربد بكاملها معنا المفرق عارف كيف جبال كلها بكاملها اللي هي من جبال إربد..
أحمد منصور: ألم تحشدوا الناس للقتال من أجل السيطرة على هذه الأماكن؟
أحمد جبريل: لا عم بأحكيك شو اللي حصل..
أحمد منصور: حشدتموهم من أجل تحرير فلسطين.
أحمد جبريل: عم بأقول لك فاهم..
أحمد منصور: وليس تحرير عمان ولا الزرقا.
أحمد جبريل: إحنا عم بنقول وقع القتال عرفت كيف وهناك أصبح فيه مؤامرة مكشوفة إسرائيلية أميركية عربية لإخراجنا من الأردن، قاومنا هذا الموضوع ورغم كل هذه الظروف اللي هي عم نحكي عليها بالميدان وعلى الأرض لم يستطع الملك حسين أن يحتل عمان، لم يستطع أن يحتل إربد ولا السلط ولا كل هالجبال الصويلح، مخيمات البقعة، الوحدات إلى أخره يعني لم يستطع وعندما تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في القاهرة كان الوضع على الأرض متوازنا، هم حققوا شيء اللي يعني النظام الأردني ونحن حققنا شيء آخر..
أحمد منصور: كلاكما خاسرين وأنتم الأكثر خسارة.
أحمد جبريل: طبعا أنا قلت حكيت يعني إنه..
جهود عربية للهدنة ووفاة عبد الناصر
أحمد منصور: الرئيس نميري وصل إلى عمان في 22 أيلول على رأس بعثة سلام عربية تضم وزير الدفاع المصري محمد صادق ووزير الخارجية التونسي الباهي الأدغم وزير الخارجية الكويتي سعد العبد الله.
أحمد جبريل: هذا من شان وقف إطلاق النار.
(4/312)
أحمد منصور: من أجل وقف إطلاق النار.
أحمد جبريل: وأخذ ياسر عرفات من هناك من أجل أن يحضر مؤتمر القمة في القاهرة.
أحمد منصور: في 23 أيلول في اليوم التالي بثت الإذاعة الأردنية بيانا تلاه صلاح خلف يقترح وقف إطلاق النار والانسحاب المتبادل.
أحمد جبريل: هذا قبل وقف إطلاق النار هذا في اليوم الثاني أو الثالث يعني من..
أحمد منصور: هو قال صلاح خلف إن هو كان سجل هذا البيان ولم يدر أنهم خدعوه في قضية إن هم ينقلوه عن طريق الإذاعة وأنه غضب كثيرا بسبب سماعه هذا البيان في 24 أيلول/ سبتمبر.
أحمد جبريل: الآن هو بذمة الله ما بدنا نقول..
أحمد منصور: مذكراته بتقول.
أحمد جبريل: فاهم ما بدنا نحكي بهالتفاصيل ولكن هو إحنا وفي ذروة الصمود خرج علينا بالتليفزيون، يترجى الملك ويقول نحن أولاده ونحن أطفاله..
أحمد منصور: نفسه الذي كان يربت له على الطاولة..
أحمد جبريل: أطفال ونرجو منك المغفرة وإلى أخره عارف كيف وهذه شكلت له عقدة فيما بعد لقتل وصفي التل وكذا وإلى أخره وإرسال أبو داود على عمان..
أحمد منصور: على عمان في محاولة قتل رئيس الوزراء الأردني.
أحمد جبريل: عارف كيف يعني هالمواضيع هاي.
أحمد منصور: في 24 أيلول قدم محمد داود رئيس الحكومة الأردنية استقالته وهو في القاهرة وفي نفس اليوم ظهر عرفات في القاهرة بعدما هربه النميري وسعد العبد الله في طائرتهم، في 25 أيلول تمكن الجيش الأردني من بسط نفوذه على الزرقا وأضطر الفدائيين من بعض..
أحمد جبريل: يعني كل اللي سيطروا عليها هو مأدبا، الزرقا، قسم من عمان عارف كيف يعني نص بنص يعني وبس هذا اللي عارف كيف يعني.
(4/313)
أحمد منصور: 26 أيلول أذعن الملك في القاهرة الضغوط العربية خلاص بعد ما ذبح الفلسطينيين أو بعد ما ذُبِح الفلسطينيين، أرتاح الزعماء العرب وحسوا إن ودنهم إتفركت على أساس إنكوا يعني تسمعوا الكلام وقبل المشروع وقف إطلاق النار وعين أحمد طوقان رئيسا جديدا للوزراء.
أحمد جبريل: هذا اللي صار بالقاهرة، صحيح أول بند هو وقف إطلاق النار عارف كيف في مؤتمر القمة اللي حضره الرئيس عبد الناصر قبل وفاته، الموضوع الثاني كان مطروح هو خروج المقاتلين من المدن إلى الجبال ونعود إلى الأغوار، يعني الملك حسين قال أنا سيخرجوا من المدن يتفضلوا يقعدوا في الجبال يقاتلوا الإسرائيليين عارف كيف يعني هذا الاتجاه موجود فثمة موافقة عربية حول هذا الاتجاه اللي هو إخراج المقاتلين من المدن بأسلحتهم الثقيلة والخفيفة إلى..
أحمد منصور: هذا الذي وقع عليه عرفات مع الملك حسين في القاهرة بحضور الزعماء العرب في 27 أيلول.
أحمد جبريل: هذا هو اللي قلت لك في نهاية..
أحمد منصور: في 28 أيلول مات جمال عبد الناصر في نهاية مؤتمر القمة بعدما ودع أمير الكويت مات..
أحمد جبريل: هذه كانت الكارثة الثانية يعني.
أحمد منصور: أثر وفاة عبد الناصر؟
أحمد جبريل: طبعا وأطلقت يد الملك حسين نهائيا عارف كيف يعني كان يفعل، فتابع الملك حسين لتنفيذ هذا القرار والسعودية دخلت على هذا الخط وقدمت مبادرة كيف سحب المقاتلين إلى الجبال عارف كيف بعيدا عن المدن، إحنا من حيث المبدأ إحنا بالأساس كنا موافقين إحنا ضد..
أحمد منصور: كقيادة عامة؟
تقييم الأداء العسكري للمعركة
(4/314)
أحمد جبريل: إحنا كنا ضد هذا الموضوع ولكن الآن هو قول حق يراد به باطل، طيب إذا طلعنا إحنا للجبال وهذا الجيش الأردني موجود وقع بيننا ما وقع عارف كيف طيب، شو الضمانات إنه إحنا في هالجبال لا يستفرد بنا الجيش الأردني عارف كيف بهالجبال هاي اللي إحنا موجودين فيها؟ ففي الاجتماعات التي طرحت بعد ذلك الفلسطينية وأذكر في جبل وده اجتماع تم للقيادة الفلسطينية، عملنا عملية تقييم طلبنا إنه والله يصير عملية تقييم وأنا شخصيا طلبت إنه يصير عملية تقييم لكل تنظيم عن أدائه في هذه المعركة.
أحمد منصور: قيمتم في تنظيمكم أنتم كما ذكر طلال ناجي ولكن الآخرين لم يقيموا بقوا هم على صوابهم.
أحمد جبريل: بالضبط وكان تقييمنا في منتهى القسوة.
أحمد منصور: ما النتائج النهائية؟
أحمد جبريل: عم بقول لك يعني تصور تقييمنا مسؤول الدائرة العسكرية عارف كيف قُصر من مرتبته المسؤول العسكري في الجبهة..
أحمد منصور: بسبب؟
أحمد جبريل: بسبب لأنه والله لم يقم بدور فاعل..
أحمد منصور: في قتال الأردنيين؟
أحمد جبريل: محمد حديد لا يعني كان موجود في عمان مع أبو جهاد طلال، اكتفى أن يكون معه مرافق يعني إنه تحت حجة إنه أبو جهاد طلال يده رايحة وعينه رايحة، طب وين دورك أنت في المعركة؟ أنت المفروض أن يكون لك دور قيادي قادر تحط شخص أو شخصين فردين خمسة عشرة يقعدوا معه يعني ويتنقلوا معه، أنت تصفي بس عبارة عن هذا الموضوع يعني هذا، فيه اثنين أعضاء مكتب سياسي بالساعات الأولى للقصف راحوا تخبوا مثل ما بيحكي أبو أياد وثاني وإلى أخره طب إنتوا وين دوركم بين الجماهير بين الشعب في المخيمات المفروض إنه والله كل واحد يأخذ دوره في هالمواضيع أخي..
أحمد منصور: مين هيطلع يموت إلا إذا هيموت أمام عدوه؟
أحمد جبريل: يا أخي فاهم يعني كان ما هو أنت هون في مرحلة الدفاع عن النفس مش عاد القصة هيتصفى إنه من المعتدي..
(4/315)
أحمد منصور: دفاع عن النفس وأنت فتحت المعركة؟
أحمد جبريل: لا هو فاهم هو فتحت المعركة يعني فُتِحت المعركة فقمنا في عملية تقييم عملنا أعضاء مكتب سياسي جمدناهم عارف كيف، عضو مسؤول..
أحمد منصور: يعني كان التقييم داخلي بالنسبة لكم عن المعركة لكن لم تقيموا هل أخطأتم أنتم كفلسطينيين أم أصبتم؟
أحمد جبريل: لا إحنا عارفين إحنا لم نخطئ، يعني إحنا كتنظيم لم نخطئ وبدليل هاي شهادة الملك حسين وهاي..
أحمد منصور: هؤلاء لا دليل على شهادة الملك وكلاهما توفي يعني.
أحمد جبريل: يعني ما هو يعني هذا الموضوع صحيح متوفي الملك حسين..
أحمد منصور: والرئيس الأسد.
أحمد جبريل: بس هناك العماد حكمت الشهابي رئيس أركان وهو موجود وهاي..
أحمد منصور: وكان حاضرها؟
أحمد جبريل: طبعا.
أحمد منصور: كانوا حاضرين؟
أحمد جبريل: حاضرين وحكمت الشهابي نقل لي أيضا غير الرئيس حافظ الأسد ما دار في هذا الموضوع.
أحمد منصور: أنا لم أجد لك سجلا أسودا مثل الآخرين لدى الأردنيين في إطار هذا الموضوع رغم إن محمد رسول كيلاني كان يلاحقك وكان يريد أن يلقاك.
أحمد جبريل: مضبوط لا هو بده كان يلتقي معه.
أحمد منصور: مجرد أن يلقاك؟
أحمد جبريل: أنا ما بألتقي مع جهاز أمن.
أحمد منصور: لم تلتق معه؟
أحمد جبريل: أبدا لم ألتق في تاريخ حياتي.
أحمد منصور: هل تكره أجهزة الأمن مثلي؟
(4/316)
أحمد جبريل: أنا مرة وحيدة التقيت مع الملك حسين وبعد إلحاح وهاي بهجت أبو غربية موجود حي يرزق واللجنة التنفيذية اجتمعنا إحنا كفصائل وبدأنا واللي قالوا إن الملك حسين طالب إنه يلتقي في، قلت لهم على بركة الله قالوا وين سكروا الباب هالملك حسين بده إياك، ليش كل الناس بتروح إلا أنت؟ بده إياك يا أخي شخصيا عارف كيف وجينا نطلع ما قدرت قالوا ما بنطلع إلا بدك تفوقت رجلي على رجلك بس يكون هيك نوع من المداعبة يعني، ذهبت مخفورا على القصر عارف كيف وهذه هي المرة الوحيدة اللي التقيت والملك كان يتحدث بمكان أبو عمار وكان الأمير الحسن موجود وعمر..
أحمد منصور: لازلت تتحرك بشخصية الرجل العسكري الذي لا يريد الأضواء لا يحب السياسيين لا يرى رجال الأمن وأجهزة الأمن ويريد أن يكون دائما في المعركة، يرتب تفجيرات يرتب أشياء للمعارك يخطط لمعارك إنما حتى لقاء الملك ما تريد أن تلتقي به.
أحمد جبريل: عم بقول لك يعني حتى هذا الاجتماع التقينا أصدقك القول عارف كيف وهاي الأمير الحسن موجود عارف كيف لسه حي يرزق، الملك حسين كان يتحدث بشكل عام ويوجه الحديث لي أنا قاعد على يمينه يا أخ أحمد يا أخ أحمد حتى جذب الانتباه يا أخي ليش؟ لأنه أنا كنت ممتنع ثم عزمنا على الغداء حطني على يمينه هوه يقوم لي اللحمة ويحطي لي إياها وكل يا أخي وأرجوك خلينا دائما القصر مفتوح لك..
أحمد منصور: كل ده قبل أيلول طبعا؟
أحمد جبريل: قبل أيلول إنه والله القصر مفتوح بس احمل سيارتك وتعالى قول لهم فلان ستفتح لك الأبواب وتأتي أنا جاهز..
أحمد منصور: الآن الأردن كلها مغلقة عليك وعلى عائلتك.
أحمد جبريل: ونُعاقَّب عليها عارف كيف.
أحمد منصور: الجيش الأردني خسر ستمائة قتيل وألف خمسمائة جريح وأنضم سبعة آلاف جندي أردني إلى حركة فتح أو الفدائيين الفلسطينيين، قٌتِل أكثر من ألف وخمسمائة مدني وحوالي ألف مقاتل فلسطيني ومن المفترض..
(4/317)
أحمد جبريل: وأُسِر واُعتقِل..
أحمد منصور: يعني خرج اُعتقِل بعد ذلك خرجوا في ظروف لكن خرج..
أحمد جبريل: بدي أدلل لك على الممارسة تبعنا، اعتقل عندنا بأثناء الأحداث إما على حواجز أو إلى أخره مجموعات من شباب الجبهة الشعبية للقيادة العامة يعني بالعشرات عارف كيف، فأتوا ضباط أردنيين على المعتقل يعني بعد أيلول هاي صاروا يقولوا كل واحد يسمي اسمه لمين لأي منظمة ينتمي، الشباب عندنا شاورا بعضهم إحنا قاتلنا يعني الجيش الأردني قتال شرس بإربد أوقعنا فيه خسائر في عمان ولا أسرت القيادة بمنطقة السلط كتيبة بكاملها من الجيش الأردني..
أحمد منصور: القيادة العامة قتالهم شرس في كل الحروب.
أحمد جبريل: عم بقول لك يعني هذا الموضوع وقف هذا الضابط قال اللي من القيادة العامة يرفع إيده، خافوا فيه أربعة بس أربعة رفعوا أيديهم، قال لهم تعالوا ضباط وقفوا قدام كل.. بحدود مائتين ثلثمائة معتقل قال هدول الرجال الشجعان اللي قاتلوا الإسرائيليين بشجاعة ورجولة وقاتلونا بشجاعة ورجولة يا ولاد يالا ضبوا إغراضكم بعدين هدول ما طلعوا قالوا له يا أخي بس مو إحنا عندنا بحدود ثلاثين واحد أربعين واحد موجودين فنادوا عليهم قام بهدلهم الضرب يقول لك واحد بيخجل أن يحمل هذه التسمية وأنتم تاريخكم هيك عارف كيف لهلا بأتذكر اسم الضابط اللي نقلوا لي إياه الشباب من بيت عقرباوي عارف كيف.
”
في 28 أكتوبر 1970 عُيِن وصفي التل رئيسا للحكومة الأردنيةوقتل على يد شابين فلسطينيين في القاهرة وكان هذا ميلادا لمنظمة أيلول الأسود التي أسسها أبو إياد
”
أحمد منصور
(4/318)
أحمد منصور: في 28 أكتوبر 1970 عُيِن وصفي التل رئيسا للحكومة الأردنية وكان معروفا أن التل الذي اغتيل بعد ذلك في القاهرة لا يبدي ارتياحا للفلسطينيين، في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني قتل على يد شابين فلسطينيين على سلم فندق شيراتون في القاهرة وكان هذا ميلاد منظمة أيلول الأسود التي أسسها أبو أياد والتي قامت بعمليات كثيرة تقييمك أنت إيه؟ طبعا خرجتم أنتم إلى جرش وعجلون وبعد ذلك وقعت في يوليو مصادمات في جرش وعجلون 1971 وخرجتم..
أحمد جبريل: شوف لما.. فاهم ما هو على مرحلتين لما طلعنا إلى الجبال حدثت اجتماعات في الجبال وأنا موجود وهاي أبو عمار موجود الله يرحمه خليل الوزير كله وأيضا كان جورج حبش موجود وأبو علي مصطفى اللي استشهد، عملنا اجتماع قلنا يا إخوان يعني رب ضارة تنفع هالمدينة أفسدتنا ومنيها رجعنا للجبال وإلى أخره ولكن هالأغوار بقربنا لنبتدئ هالشيء لكن بدنا نرتب أمورنا لكي الجيش الأردني ما يدخل علينا عارف كيف في هالمواضيع ونرتب خططنا الدفاعية، تصور إحنا بهذا الظرف قد أيش حساس لم يكن هناك تعاون حقيقي وفعلي كيف بدنا نصد الهجمات الأردنية على مواقعنا في..
أحمد منصور: أمال كنتم بتفكروا في إيه؟
أحمد جبريل: عم أقول لك وأنا بحكيك عم مسكت قلت لهم يا إخوان اتفضل يا أبو عمار أنا انتزعت العراق بيني وبين العراقيين عارف كيف، أنا أروح أجيب شوية ألغام من سوريا وأنت تجيب ألغام من العراقيين نسد كل هالمنافذ الجبلية لحتى نضمن بس إنه ما يجي الجيش الأردني يتابع بهذا الموقف، طبعا ما كان فيه هناك يعني أذن صاغية كانوا يعتمدوا بصراحة أن هناك مبادرة سعودية عارف كيف هي التي ستحمينا من وجودنا في سلسلة هالجبال بعد خروجنا من المدينة، هذا الموضوع المبادرة السعودية إنه هي الحامية فلم تؤخذ أي إجراءات، يعني تخيل أنت مثلا مدافع في هالمناطق بالجبل محطوطة عارف كيف كأنك أنت طالع برحلة كشفية حتى..
(4/319)
أحمد منصور: وقعت بعد ذلك الأحداث في يوليو 1971 وأخرجتم بشكل نهائي.
أحمد جبريل: الملك الأمير حسن قاد الهجمات المتتالية أول شيء..
أحمد منصور: سأبدأ معك في الحلقة القادمة من حيث انتقلتم بعد ذلك إلى لبنان وكررتم المأساة مرة أخرى، أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أبو جهاد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/320)
الحلقة9(4/321)
الأربعاء 14/4/1425هـ الموافق 2/6/2004م(آخر تحديث) الساعة 14:34(مكة المكرمة), 11:34(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
30/05/2004
- الخلاف الأردني الفلسطيني
- انتقال المقاومة الفلسطينية للبنان
- حرب العصابات
- انغماس لبنان في المعارك
- حرب أكتوبر
الخلاف الأردني الفلسطيني
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العالم للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العام أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: يا أهلا وسهلا فيك.
أحمد منصور: بين الثالث عشر والسابع عشر من يونيو/تموز عام 1971 تم القضاء على آخر تواجد للفدائيين في الأردن وكما يقول أبو إياد في مذكراته كان هناك ثلاثة آلاف فدائي فلسطيني ظلوا يقاتلون حتى الطلقة الأخيرة أما كان يمكن تجنب ما حدث في أيلول وفي 1970 وفي يوليو 1972 في الأردن؟
أحمد جبريل: أنا بأعتقد إنه في هناك أخطاء ارتكبت من الطرف الفلسطيني كان يجب أن نتجنبها؟
أحمد منصور: ما هي أهم هذه الأخطاء؟
أحمد جبريل: أولا كما قلت أنه استطاعوا الأميركان أن يلعبوا على الطرف الفلسطيني بأن يقولوا له أن الإسرائيليين موافقين أن ينسحبوا من الضفة الغربية اللي هي جزء من الأردن وكما قلت لكم لجنة فيشر التي أتت لعمان وأوقعت الفلسطينيين في الفخ
”
الأميركيون خدعوا الفلسطينيين وأوهموهم بموافقة إسرائيل على الانسحاب من الضفة الغربية
”
وقالت لهم الإسرائيليين ينسحبوا من الضفة الغربية لمن هذه الضفة فقالوا لنا وهي كانت جزء من المملكة الأردنية الهاشمية.
أحمد منصور: هذا أولا، ثانيا؟
(4/322)
أحمد جبريل: ثانيا التصرفات اللي نتيجة عملية الانكفاء المقاتلين من أغوار الأردن للجبال للمدينة بدأت هذه الممارسات الكبيرة تحدث يوميا في كل المدن وفي كل المخيمات وفي بعض الأوقات اضطر الملك يجلس في قصر الحُمَّر يعني.
أحمد منصور: تعرض لمن هذا؟ وكيف أن أبو إياد يقول كنا نتركه بالعشرين يوم لا نلقاه وندق له على الطاولة.
أحمد جبريل: يعني هذا الموضوع أنا باعتقد أن مثل هذه التصرفات كان يمكن أن يتم تجنبها يعني أنا ما كنت بستطيع أفهم في ذلك الوقت كنت أتساءل طب لماذا يكتب أو بميكرفونات الجوامع يصير المناداة في الشعارات السلطة كل السلطة للمقاومة معني ذلك أننا نقول أننا بديل عن النظام في الأردن أو إنه والله أن نختطف طائرات من كل أرجاء الدنيا ونعمل مطار بالمفرق وثم نختم الجوازات أنه والله بختم الجبهة الشعبية مطار الثورة في هذا الموضع فاستطاع الملك حسين بذكاء كامل إنه يحرض الوضع العربي علينا وفي مؤتمر اللي عقد في الإسكندرية مؤتمر القمة في الشهر الخامس يعني قبل أربعة أشهر تقريبا من مجازر أيلول الملك حسين استطاع أن يعني يأخذ
”
استطاع الملك حسين قبل أربعة أشهر من مجازر أيلول أن يأخذ غطاء عربيا من غالبية الدول العربية لضرب الفدائيين
”
(4/323)
غطاء عربي من أغلب الأنظمة العربية إنه هذه تصرفات غير لائقة بالعمل الفدائي وأنا باعتقد أنه كان من الإمكان يعني التعايش مع الملك حسين وخاصة بعدما قال إنه أنا الفدائي الأول يعني الفيتناميين في وعيهم وجبهة تحرير فيتنام استطاعت أنه اللورد سيهانوك ملك عارف كيف تبع كمبوديا أمير هناك ما قلبت النظام كانت محتاجة للأرض الكمبودية والهلاوس لفتح جبهة جديدة باتجاه سايكون اللي هو ممر يخش منه عبر كمبوديا وهلاوس استطاعوا أن يتعايشوا معه ويقول له أنت الأمير وستبقى أنت ماسك المال ولن نتصرف نحن خارج في الجبال في الوديان أنا كنت أعتقد أنه كنا ممكن عاد إذا ما استطعنا أن نتجنب ما حدث في أيلول 1970 كنا يمكن أن نؤخرها وإذا أخرناها يمكن كانت نُفشل هذه المؤامرة في هذا الموضوع لأنه راح تبين بعدين أنه والله راح قصة روجرز هي وعود يعني في هذا الشأن.
أحمد منصور: الرئيس عرفات ألقى أو ياسر عرفات وقتها ألقى بالمسؤولية على الإمبريالية والاستعمار وقال إن الرئيس الأميركي نيكسون كان يرقب ما يجري من فوق حاملة الطائرات ساراتوغا وأن خطأه الوحيد في تقرير عرفات يعني أن الملك حسين قصف عمّان ست أمثال القنبلة الذرية التي ألقيت على هوريشيما؟
أحمد جبريل: يعني هو هذه التصريحات يمكن حكت أثناء المعركة وأثناء الاشتباكات وتعرف قد يكون فيها بعض يعني المبالغات ولكن الملك حسين يعني واجه عمان بأسلوب غير إنساني وغير أخلاقي في حربه معنا حيث قتل كثير من المدنيين ومن الأطفال ومن النساء في هذا الشأن أما هناك مصلحة أميركية وإسرائيلية بضربنا من الأردن وخروجنا لأنه الأردن كانت تمثل السلطة الرئيسية لعملية الصراع.
(4/324)
أحمد منصور: النقطة الأساسية الآن أبو جهاد إن لم يقيم الفلسطينيون أو أنتم لم تقيموا حتى الآن تجربة الأردن بشكل تستفيدوا منه والدليل على ذلك أنكم كما سيأتي لاحقا كررتم نفس الأخطاء في تجربة لبنان نفس الأخطاء قررت مرة أخرى في تجربة لبنان واعتبرتم خروجكم من الأردن انتصار وكانت ترفع إشارة النصر كانت ترفع وكأن ما حدث انتصار بالدرجة الأولى البندقية الفلسطينية لم توجه إلى إسرائيل وإنما وجهت إلى الجندي الأردني وحدث ما حدث بعد ذلك من شرخ ربما يعتبر منحا خطير في تاريخ الثورة الفلسطينية؟
أحمد جبريل: هو عندما وقف إطلاق النار في أيلول 1970 ونتيجة مؤتمر القمة الذي عقد في القاهرة والذي توفى الرئيس عبد الناصر بعده اجتمعنا كقيادة مقاومة في عمان نفسها في جبل الوبدة وكان هناك في اتجاه يطرح أنه يجب أن نقيم ما حصل سياسيا وعلى الأرض عمليا سياسيا وين أخطأنا وبعدين في الممارسة على الأرض حتى أثناء عملية القتال والصراع وأذكر جيدا وقلت لهم إحنا قيمنا في داخلنا في داخل تنظيمنا وبدليل في ثلاثة من أعضاء المكتب السياسي أسقطناهم من المكتب السياسي لأنهم لم يقوموا بواجبهم وفي بعض القادة العسكريين كمان أسقطناهم أو قللنا من مراكزهم فأنا بطلب أنه نقيم ما حدث سياسيا وميدانيا لحتى إحنا نعرف كيف بدنا نواجه المعركة فيما بعد.
أحمد منصور: من كان الحضور في هذه الجلسة؟
أحمد جبريل: الحضور كل قيادات المقاومة وحتى بعض الشخصيات المستقلة مثل إبراهيم بكر وبهجت أبو غربية وإلى آخره.
أحمد منصور: ماذا كان رد الفعل؟
أحمد جبريل: أنا لم أشعر إنه هناك في جدية كاملة للكلام اللي كنا نحكيه.
أحمد منصور: ربما لأنهم يشعرون أنهم مدانون فيما حدث؟
(4/325)
أحمد جبريل: يعني قد يكون أنه هذا أو يقولوا إنه ممكن أن هذا التقييم يمكن يزيد تمزق المقاومة والملك لا يزال حول عمان يعني ولكن أنا كنت بقول أنه بده نقيم إحنا في غرفنا المغلقة يعني نأتي نقول وين أخطأنا ليش انكفأنا من الأغوار وتركنا ساحة القتال على نهر الأردن إلى الجبال ثم تركنا الجبال ودخلنا المدن لنتنافس مع الملك حسين هذا أليس هو كان سبب عجّل في عملية التصادم مع الملك حسين هذه الشعارات لما نقول للأميركان هاي الضفة الغربية إلينا كان يجب أن نقول للأميركان ولا فيشر لما جاء إن بعد والله الانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية سنتفق إحنا والملك حسين أما ندخل رأسا في صراع سياسي معه في هذا الموضع لماذا والله هذه التصرفات الكبيرة من خطف الطائرات وإنزالها في الأردن هذا صار في تقليب جو عالمي يعني صار العالم ينظر أنه إحنا ناس يعني إرهابيين أو ناس خارجين عن القانون ويجب أن يعطى الملك حسين ضوء أخضر له فما استطعنا بالحقيقة رغم إلحاحى أنا شخصيا في هذا الاجتماع على عملية التقييم لرفضه وهذا قبل خروجنا هذا.
أحمد منصور: أنا أريد أن تقول لنا أسماء من حضروا هذا الاجتماع للتاريخ بالاسم من تذكره منهم؟
أحمد جبريل: يعني أنا اللي.. أعضاء اللجنة التنفيذية اللي كانت منظمة التحرير أغلبها يعني كان أبو عمار وأبو لطف في ذلك الوقت.
أحمد منصور: ياسر عرفات، فاروق قدومي؟
أحمد جبريل: طبعا ياسر عرفات، فاروق قدومي.
أحمد منصور: صلاح خلف.
أحمد جبريل: صلاح كان وأبو جهاد الله يرحمه كان موجود.
أحمد منصور: وأبو جهاد.
أحمد جبريل: حتى كمال ناصر جاء وحضر عارف كيف.
أحمد منصور: تفتكر تاريخ الجلسة تحديدا؟
أحمد جبريل: يعني بدك تقول بعد شهر أو شهر ونصف من وقف إطلاق النار.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول في سبتمبر، أكتوبر، نوفمبر مثلا كانت في الأيام دي السبعينات؟
(4/326)
أحمد جبريل: أية يعني هذا الموضوع بعد شهر، شهر ونصف لأنه بالاتفاق في مؤتمر القمة وقف إطلاق النار إزالة الحواجز الجيش الأردني عنده طرقات فسمح لنا في عملية الدخول والخروج من عمان وإطلاق سلاح المعتقلين وكل شيء.
أحمد منصور: يعني عبد الناصر في 28 سبتمبر توفي وكان نُفذ هذا الأمر فنقدر نقول في نوفمبر تمت هذه؟
أحمد جبريل: تماما هذا الموضوع.
أحمد منصور: طيب الآن لم تستفيدوا من الأخطاء ولم تقيموا؟
أحمد جبريل: لا بس أنا بدي أحكي هون أنه هذا في فرق بين الخطأ والخطيئة ما حدث في أيلول وخروجنا من الساحة الأساسية للصراع وسوء إدارتنا للمعركة السياسية والعسكرية أنا أقول كلنا مسؤولين عن هالموضوع هذا ولكن هذه مسؤولية تتوزع حسب من تبوأ القيادة.
أحمد منصور: يعني من تحمله المسؤولية؟
أحمد جبريل: يعني الإخوان في فتح هم الذين ارتضوا أن يتبوأ القيادة وبيمسكوا منظمة التحرير وأصبح أبو عمار رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يعني أنا باعتقد أنه إحنا فوتنا فرصة تاريخية كبيرة جدا على طريق مشروع تحرير فلسطين يعني عندما كنا في الأردن كنا نقول حيفا ويافا والناصرة إلى آخره لكن عندما خرجنا من الأردن بدأت المشاريع الانهزامية وثقافة جديدة مختلفة تنادي بالدولة الديمقراطية ومن ثم تنادي بقرار 242 وهذه الحلول اللي هي موجودة فلذلك أنا بقول أنه من الفروض أنه الآن أن تطرح قضايا مفصلية وتتحدث والكتب التي لامست هذا الموضوع كتب محدودة جدا وما بعرف شو السبب يعني.
أحمد منصور: بعد ذلك انتقلتم إلى؟
أحمد جبريل: لا لسه قبلها مش.. إحنا صار في جد اجتماع عربي وفي كان طًرح مشروع سعودي وهذا هو إخلاء الفدائيين المدن والمخيمات والخروج باتجاه الجبال إحنا ما تركنا الأردن مباشرة بعد أيلول 1970.
أحمد منصور: طبعا استمر الوضع إلى..
أحمد جبريل: استمر الوضع عارف كيف.
(4/327)
أحمد منصور: جرش وعجلون بعد ذلك حينما حدثت أحداث أيلول 1971 خلاص انتهى وضعكم؟
أحمد جبريل: عم باقول لك يعني هذا الموضوع خروجنا من المدن يعني إحنا طول حياتنا كنا ضد وجود قواعد عسكرية في داخل المدن.
أحمد منصور: مش طول حياتكم أنت غير.
أحمد جبريل: يعني أنا عم بحكيك هذا وكنا.
أحمد منصور: يعني كتنظيم منهجك أن تبقى في الجبال الآخرين لا المدن كانت هي حياتهم؟
أحمد جبريل: مضبوط إحنا بدليل سحبنا قواعدنا من الأغوار صدقا قبل أربعة أو خمسة أيام من أيلول 1970 لكن بعد ما وقع هذا الشرخ الخطير اللي حصل في أيلول 1970 صار في خوف أنه إذا خرجنا من المخيمات ومن المدن إلى الجبال ممكن أن نؤكل هناك سكت في هالشيء وخاصة في غياب الرئيس عبد الناصر اللي كان يمكن أن يكون أداة ضاغطة على الملك حسين ألا يتابع برنامجه وأيضا الأخوة في فتح انفردوا في قراراهم في مع وصفي التل ومع هذا النص في سحب المقاتلين وأسلحتهم من المخيمات إلى الجبال وهذه الجبال ما هي مهيأة لاستقبال هذه القواعد لأنه هي أصلا غودرت وتم مغادرتها من زمان يعني غي هذا الشأن وهي جبال قليلة المياه ومحصورة فكنت أقول لهم أنا بدنا ما إحنا مستعدين نطلع للجبال بس تأتي قوة العربية فلتكن الجيش العراقي يمسك حولنا الطرق المؤدية للجبال لكي لا نؤكل ونُقضم قطعة قطعة وبالحقيقة هذا اللي حصل والملك حسين سلم الأمير الحسن أذكر وصفي التل في عملية تنظيف وابتدوا في منطقة الصلط وغربي مخيم البقعة وقضموه وكنا نصيح بس ما حد سألنا فينا لأننا كنا في الجبال.
أحمد منصور: قتل بعد ذلك وصفي التل في 28 نوفمبر على يد شابين.
أحمد جبريل: بعد ما خرجنا نهائيا من الأردن عارف كيف.
انتقال المقاومة الفلسطينية للبنان
(4/328)
أحمد منصور: طيب أنا لا أريد أن أبقى كثيرا عند هذه النقطة وأقف عند هذا الحد من التقويم للمسألة أو عدم تقويم المسألة حتى الآن وكما تقول أنت لم يكتب فيها كثيرا لم يقف الفلسطينيين ولم يقف الفلسطينيون عند المثالب والأخطاء الأساسية من تاريخهم ليقولوا أخطاءنا عند هذه النقطة لازالت الثورة الفلسطينية إلى اليوم ترفع شعارات النصر حتى وهي تنهزم في بعض المواقف أو تكون سبب أساسي فيها اختيرت لبنان بعد ذلك ملجأ للمقاومة بعد يوليو 1971 وكانت لبنان من قديم ربما من 1965 كان هناك تواجد للفدائيين أيضا في لبنان ولكن لم يكن بالدرجة التي كان موجودا فيها في الأردن وديع حداد انتقل إلى عمّان في أول سنة 1968 جورج حبش في مارس 1968 أيضا انتقل إلى عمان كان هناك عفوا للبنان وديع حداد راح لبنان لا انتقل لعمان في 1968 وجورج حبش اعتقل في عمان لكن بعد ذلك هم ذهبوا إلى لبنان وأنتم أيضا انتقلتم تباعا إلى لبنان كيف كان وضع الفلسطينيين في لبنان؟
”
كانت هزيمة 1967 ضربة قاسية للنظام العربي وللعمل الفدائي
”
(4/329)
أحمد جبريل: هو مثل ما تكلمت قبل قليل يعني كانت هناك ما حصل في الأردن كانت ضربة قاسية للغاية يعني كيف هزيمة 1967 بالنسبة للنظام الرسمي العربي كانت ما حصل في الأردن هو أيضا ضربة قاسية للعمل الفدائي خرجنا وهناك الآلاف من الناس أين تتوضع توضع قسم منها على جبهة الجولان وبقي يقاتل على جبهة الجولان حتى حرب تشرين والقسم الآخر تحرك على لبنان هون أنا أريد أن أقول لك حول كيف الوضع في لبنان يعني منذ 1965 بدء العمل الفدائي حتى عام 1967 كان لبنان مغلقا أمام العمل الفدائي وأذكر حتى أنه في إحدى المحاولات الأخ أبو عمار حاول أن يقود إحدى الدوريات عبر نهر الحصباني واعتقل وبضغط من سوريا أُفرج عنه في جلال كعوش في 1966 مات تحت التعذيب عند المخابرات اللبنانية يعني قبل 1967 لم يكن عمل فدائي متواجد أو لم تكن لبنان ساحة صراع مع الإسرائيليين.
أحمد منصور: اسمح لي هنا أسألك سؤال مهم لماذا لبنان وليس سوريا؟
أحمد جبريل: لماذا؟
أحمد منصور: لبنان وليس سوريا؟
أحمد جبريل: لا إحنا سوريا بس طلعنا كنا قبل ما نطلع من الأردن كان لنا قواعد لنا والأخوة في فتح..
أحمد منصور: لا أقصد انتقال النضال أو الثورة الفلسطينية إلى سوريا وليس إلى لبنان.
أحمد جبريل: لا وهو انتقل إلى الجولان وبدأ في عمليات وأنا أذكر من بعد السبعين..
أحمد منصور: لا يتحدث أحد عن وجود مقاومة في الجولان.
أحمد جبريل: ما هو إذا بدك ترجع إلى أرشيف العدو الإسرائيلي ترى أن هو أغار بطائراته على دمشق ومشارف دمشق ضرب لنا معسكر في دومة واستشهد 13 شاب..
أحمد منصور: سنة كم هذا؟
أحمد جبريل: بـ 1972.
أحمد منصور: لا أنا بقصد هنا متأخر في هذه المرحلة.
أحمد جبريل: لا هي 1971، 1972 عم بحكي لك يعني.
أحمد منصور: يعني أنت كنت محسوبا على السوريين ولازلت ربما كان لك قواعد لكن غالبية القوى الفلسطينية انتقلت للبنان.
”
(4/330)
بعد 1967بقيت حركة فتح وقواعدها تزاول العمل الفدائي من الجولان وتحرك القسم الأكبر من الفدائيين وانتقلوا إلى لبنان
”
أحمد جبريل: لا والأخوة في فتح موجودة قواعدها وكنا نزاول العمل يعني ضد العدو الإسرائيلي في الجولان لكن القسم الأكبر تحرك إلى لبنان لأنه لبنان كما قلت لك أنا بعد 1967 كان يكتفي بعض الشباب المتحمس من المخيمات الفلسطينية يأتون مهربين عبر سوريا ويذهبوا إلى الأردن يقاتلوا معنا وبقيت هذه..
أحمد منصور: بعد 1967؟
أحمد جبريل: بعد 1967.
أحمد منصور: لكن بعد سبعة وستين عندي شواهد أخرى كثيرة من لبنان يعني في ديسمبر 1968 لبنان بدأ يدفع الثمن مبكرا أيضا في مواقفه المؤيدة للمقاومة في ديسمبر 1968 القوات الخاصة الإسرائيلية شنت هجوم على مطار بيروت دمرت فيه 13 طائرة ركاب بسبب هجوم يقال أنكم أنتم الذين قمتم به على مطار أثينا على طائرة للعال الإسرائيلية.
أحمد جبريل: يعني أنا قلت لك أنه لم تكن مسرح ميداني في القتال بقينا إحنا من شهر دخلنا للبنان بعد معركة الكرامة بشهرين أو ثلاثة أشهر وبدأنا نفتح الجبهة اللبنانية اللي هي موازية لجبل الشيخ وبغطاء سوري عارف كيف وبقينا نشتبك والجيش اللبناني يمنعنا من الدخول..
(4/331)
أحمد منصور: وانتووا اشتبكتم مع الجيش اللبناني مرارا في اشتباكات وقعت في مايو 1968 بين الفدائيين والجيش اللبناني وقتل فيها جنديين لبنانيين وفدائيين وعبد الناصر تدخل في هذا الموضوع أيضا تصاعدت الهجمات من الفدائيين ضد الجبهة الإسرائيلية في تلك الفترة صدامات بين الفدائيين والجيش اللبناني مرة أخرى في أغسطس وسبتمبر 1968 عملاء للموساد قاموا في أكتوبر 1968 بهجوم على مقر مكتب المنظمة في لبنان، في 23 أبريل 1968 في مظاهرات قامت في لبنان لدعم الفدائيين ما أطلق عليه الحركة الوطنية اللبنانية أضطر عبد الله اليافي رئيس الوزراء أن يستقيل وحل محله رشيد كرامي 24 أكتوبر أيضا في معارك بين الجيش اللبناني وبين الفدائيين أدت إلى مقتل 24 فدائي وقتل عشرات قتل 14 من الجيش تقريبا يعني كان الصراع الأساسي انتقل بين الجيش اللبناني وبين الفدائيين في الساحة اللبنانية.
أحمد جبريل: يمكن ما أوردته من تواريخ كثير منها صح ولكن في بعض الشاغلات ما هي أخذتها أنت بيجوز من مراجع..
أحمد منصور: يعني من المصادر التي رجعت إليها.
أحمد جبريل: يعني ضرب مكتب منظمة التحرير بعد أيلول 1970.
أحمد منصور: لا في مرة أخرى هذا.
أحمد جبريل: يعني عم بحكيك عم بقولك يعني ضربوا شفيق الحوت الأخ شفيق الحوت في هالموضوع هذا لكن أنا بقول لك كساحة صراع مباشرة واتصال مباشر ضد الإسرائيليين إحنا بدينا بعد معركة الكرامة بكذا شهر وتوج باتفاق القاهرة الذي نص على أن تكون يعني منطقة العرقوب الذي هي شرقي نهر الحصباني لجبل الشيخ مسموح للعمل الفدائي أن يتواجد فيها.
أحمد منصور: طبعا هذه في 3 نوفمبر 1969 وُقعت اتفاقية سرية بحضور وزير الدفاع ووزير الخارجية المصريين بين ياسر عرفات وإميل البستاني قائد الجيش اللبناني لوقف إطلاق النار بين الفدائيين والجيش اللبناني وكان هناك بنود لهذه الاتفاقية كانت تصب جميعها في صالح الفدائيين.
(4/332)
أحمد جبريل: بالنهاية انتهت بنتيجة ضغوط منه توسط عبد الناصر والسوريين اضطروا اللبنانيين أن يوقعوا اتفاق القاهرة على أن يتواجد الفدائيين فقط في منطقة العرقوب أما بعد..
أحمد منصور: لكن عفوا هذا كان أعطى الفدائيين ما يسمي بدولة داخل الدولة اللبنانية اتفاقية القاهرة وقيل أن إميل البستاني تنازل من أجل أن يدعمه عبد الناصر حتى يصل إلى رئاسة الجمهورية بعد ذلك.
أحمد جبريل: يعني إحنا ممكن منطقة العرقوب يعني إذا درسناها من ناحية جغرافية وطبوغرافية لا توجد فيها كثافة سكانية لأنها هي تعتبر السفوح الغربية لجبل الشيخ لجبال الشيخ يعني.
أحمد منصور: منح السلطة للفلسطينيين على المخيمات وخروج قوات الدرك اللبناني والشرطة منها أيضا أعطي نوع من السلطة ونوع من ازدواجية الدولة في لبنان بشكل..
أحمد جبريل: لأنه المخيمات كانت الفلسطينية في لبنان تعيش حالة مزرية وحالة خوف ورهبة ومسيجة بالأسلاك الشائكة ولها باب معين يخرجوا الناس صباحا ويعودون مساء ممنوع الزيارات بين المخيمات فهذا الفلسطيني شعر أنه هو بعد اتفاق القاهرة أنه هو بيحق له يتمرد وأنه ينهي هذه الحالة من الإذلال اللي كان الدرك والمكتب الثاني اللبناني يمارسه عليها..
أحمد منصور: هل تعتبر اتفاقية القاهرة هي نوع من تنازل السيادة بالنسبة للدولة اللبنانية لصالح الفلسطينيين في تلك الفترة؟
أحمد جبريل: يا أخي هلا إذا كنا بدنا نأخذ هذا الكلام بهذا الشكل في أراضي الجولان محتلة الضفة الغربية محتلة سيناء في حرب استنزاف قادمة على الطريق..
أحمد منصور: هذه (كلمة غير مفهومة) عبد الناصر لم يسمح للفدائيين أن يقاتلوا من سيناء أو يقاتلوا على أجواء سيناء ودفعكم أن تقاتلوا من لبنان.
أحمد جبريل: لا شكل منظمة سيناء العربية وبدأ عبد الناصر في حرب استنزاف بعد 1968 يعني بعد الكرامة يعني بداية 1969 بدأت حرب الاستنزاف المصرية.
(4/333)
أحمد منصور: هذه قامت على بدو سيناء بالدرجة الأولى.
أحمد جبريل: لا والجيش على أطراف قناة السويس.
أحمد منصور: والجيش المصري لكن أنا أقصد هنا..
أحمد جبريل: وأيضا في الجولان وإحنا كنا نقوم ونتحمل مسؤولية حرب استنزاف ضد العدو من جنوب بحيرة طبرية للعقبة فكنا نريد أن نوسع جبهة استنزاف العدو من الجبهة الشمالية فيعني عندها كان لبنان يقوم بواجبه العربي في مواجهة ما حدث كارثة عام 1967 ليس هو تنازل عن السيادة ومنطقة العرقوب كما قلت هي منطقة محدودة يعني..
أحمد منصور: لكن أخذتم بصك شرعي بعدما صوت مجلس النواب اللبناني في ديسمبر 1969 على الاتفاقية بعدما صوت عليها أخذتم صكا شرعيا بحق المقاومة من الجنوب اللبناني.
أحمد جبريل: مش من كل الجنوب من القطاع الشرقي فقط يعني هالمواجهة اللي هي 10-12 كيلومترا مع الكيان الصهيوني من شمال فلسطين هذا اللي نستطيع أن نفعل منه لكن بعد خروجنا من أيلول السبعين وهذه الأعداد الكبيرة اجتزنا نهر الحصباني باتجاه النبطية وباتجاه بنت جبيل وهذا اللي ساعدنا في هذا الموضوع هو التركة التاريخية للشعب اللبناني وأحزابه والصراعات الداخلية.
أحمد منصور: من صور الصراعات الداخلية أن بيير الجميل رئيس الكتائب قال لقد واجهت لبنان شرين إما الحرب الأهلية وإما الموافقة على اتفاقية القاهرة لكن في يناير سبعين وزير الداخلية اللبناني كمال جمبلاط طلب من الفدائيين وقف إطلاق النار عبر الحدود بسبب التوترات وبسبب الهجمات الإسرائيلية التي كانت تستهدف لبنان.
[فاصل إعلاني]
حرب العصابات
أحمد جبريل: يعني هو الخريطة السياسية في لبنان خريطة معقدة والعامل الفلسطيني مش هوه كان جزء من التعقيدات اللبنانية..
أحمد منصور: زدتم تعقيدها.
(4/334)
أحمد جبريل: زيدنا تعقيد ولا في عام 1952 حققت الثورة في لبنان في مواجهة شمعون وانقسمت المارونية السياسية في مواجهة المسلمين والأحزاب الوطنية كما تعرفون في هذا الموضوع وصار إنزال أميركي على بيروت في ذلك الوقت.
أحمد منصور: كررتم مأساة الأردن مرة أخرى وأصبحتم جزءاً من الصراع الداخلي اللبناني بدلا من أن توجهوا صراعكم تجاه إسرائيلي.
أحمد جبريل: هو هذا الموضوع أنا بحيك لأنه لم تقرأ يعني ما حدث في الأردن القراءة الصحيحة والسليمة لو درست ما حصل معنا بالأردن وكنا شجعان..
أحمد منصور: ده إلى اليوم.
أحمد جبريل: عم بقول لك وكنا شجعان لنضع أيدينا كنا لما دخلنا إلى لبنان ما دخلنا إحنا إلى بيروت وإلى المدن دخلنا إلى الجبال وخطوط التماس مع العدو لكن العدو الإسرائيلي بدأ في بهجمات متتالية من سلاح الجو والإغارات وإلى آخره انكفأ هاي المواطنين إلى القرى ثم ضرب القرى انكفأ المقاتلين إلى المدن الصغيرة ضُربت المدن الصغيرة انكفؤوا الناس إلى في بيروت
أحمد منصور: حتى اصبح لبنان يدير بيروت.. عرفات يدير بيروت.
أحمد جبريل: أما هذا الموضوع أنا أريد أن أستثني فيه وأنا عم بأقولها كشاهد على العصر والناس يعيشوها بيعرفوا أن إحنا كنا كتنظيم الوحيد الذي رفض عملية..
أحمد منصور: لا أدري مدى قبول الآخرين بما تقوله الآن.
أحمد جبريل: الآن هم بيعرفوا إنا حفرنا المغر والأنفاق في الوديان والجبال ابتعدنا عن القرى كنا نقاتل بصمت ووقعنا في العدو خسائر كبيرة في هذا سببنا مشاكل اللي هي الغارة الكبيرة اللي صارت على عرقوب في عام 1970 و1972..
أحمد منصور: متى كان دخلت أنت بتنظيمك إلى لبنان وفتح دخلت بشكل مبكر؟
أحمد جبريل: دخلنا مع بعضنا البعض يعنى هناك ثلاث تنظيمات اجتمعت في دمشق..
أحمد منصور: متى؟
أحمد جبريل: كما قلت لك يعني بدك تقول في أوائل الـ 1969.
(4/335)
أحمد منصور: طلال ناجي يقول الأمين العام المساعد لتنظيمكم يقول في الخيمة الأخرى ومذكرته أنكم دخلتم في 1969 لكن فتح كأنها دخلت قبل ذلك؟
أحمد جبريل: لا كنا مع بعض نحن وفتح والصاعقة.
أحمد منصور: ده الدخول العسكري فتح طبعا من 1959 كانت بتصدر فلسطينيون من لبنان؟
أحمد جبريل: إعلاميا إحنا عم نحكي عن الصراع العسكري مع العدو الإسرائيلي هو وإيجاد قواعد عسكرية في لبنان.
أحمد منصور: قل لي عن هذا الاجتماع الذي تقول أنه عقد في دمشق في 1969.
انغماس لبنان في المعارك
أحمد جبريل: عقدنا في دمشق مع بعضنا البعض وقلنا لنوسع ساحة الاستنزاف مع العدو الإسرائيلي باتجاه منطقة العرقوب ولم نشعر أن هناك في معارضة..
أحمد منصور: كان هذا الاجتماع قبل اتفاقية القاهرة أم بعدها؟
أحمد جبريل: طبعا قبل اتفاقية القاهرة بأشهر متعددة هذا بعدين بعد دخولنا واشتباكنا مع الجيش اللبناني اللي كان ماسك الحدود بشكل جيد ووقع خسائر منا ومنهم تُوج بعد ذلك باتفاق القاهرة وتواجدنا في منطقة العرقوب وكنا هذه التنظيمات الثلاث بعدين تواجدت أيضا الشعبية والديمقراطية وباقي الفصائل اللي هالمكان لكن أنا بقول أن لو إحنا أخذنا الدروس اللي مرانا فيها في الأردن ولم يحدث الانكفاء العسكري من جنوب لبنان باتجاه القرى والمدن كان يمكن ألا نصل إلى الشيء اللي وصلنا فيه للأسف في 1982 والاجتياح الإسرائيلي.
أحمد منصور: لم يكن هناك ارتياح من الكتائب تحديدا للوجود الفلسطيني حتى أن الصِدام بدأ مبكرا وفي مارس 1970 قتل عشرة فدائيين بعد كمين أعده مقاتلون من حزب الكتائب كنتم تشعرون أن الكتائب تحديدا أو المسيحيين أو الموارنة غير متقبلين لجودكم في الوقت الذي كان ربما الدروز والمسلمون بكل طوائفهم يعتبرون وجودكم تدعيما لقواتهم على الساحة اللبنانية؟
”
المارونية السياسية كانت تعتبرنا نصيرا للمظلومين من المسلمين السنة والدروز والشيعة في لبنان
”
(4/336)
أحمد جبريل: لا شيء أنه المارونية السياسية كانت تعتبرنا إحنا سنكون رديف ونصير للقلة المظلومة في لبنان اللي هم المسلمين السنة والدروز والشيعة في هذا الأمر فلذلك هم كانوا متخوشين وخايفين وبيير الجميل أجر على توقيع اتفاق القاهرة لكن ما معنى ذلك أنه هما ما بدءوا يتحرشوا هم تحرشوا فينا في منطقة الكحالة عارف كيف وقتلوا لنا ناس رايحين على الطريق الرئيسي في موضوع الكحالة بينما الشارع اللبناني كان المسلم معنا تخيل..
أحمد منصور: هناك مظاهرات تأييد مختلفة قامت.
أحمد جبريل: تأييد خليل الجمل لبناني الجنسية جاء قاتل بحركة فتح في الأغوار واستشهد هناك ونقل جثمانه إلى لبنان..
أحمد منصور: وكانت جنازة ضخمة ومهيبة.
أحمد جبريل: طلع لبنان بساحة البرج مئات الألوف يعني هذا كان نوع من الاستفتاء اللبناني في وجه المارونية السياسية اللي خايفة على مصالحها كانت الأحزاب اللبنانية الوطنية حتى بزعامة كمال جمبلاط كانت ترى فينا يعني إسناد لها في تغيير موازين القرى في لبنان في هذا وإحنا كنا نشعر إنه هذه الأحزاب الوطنية اللي افتقدناها في الأردن بشكل فعال ممكن أن تقف مساندة لنا في وجه المارونية السياسية في ذلك الوقت.
أحمد منصور: كثير دعا بيير الجميل لضبط العمل الفدائي في تصريحات كثيرة جدا ربما بعد كل اعتداء الإسرائيلي كان يتم لكن الغارة يعني هناك غارات كثيرة إسرائيل قامت بهجوم على جنوب لبنان في 15 سبتمبر 1972 قتل فيه ثلاثين فدائيا وثمانية عشر جنديا لبنانيا بداية 1973 استؤنفت العمليات العسكرية والكوماندوز الإسرائيلي قام بغارة في 21 فبراير لكن مقتل كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار في بيوتهم في شارع فردان في 10 إبر يل 1973 كان يعتبر ضربة قاسمة أو ضربة كبيرة جدا وجهت للعمل الفدائي كيف كان وضعكم وكيف تمت هذه العملية؟
أحمد جبريل: يعني هو أنت تعرف في تشرين 1973 يعني حرب أكتوبر/تشرين.
(4/337)
أحمد منصور: إحنا لسه ما وصلناش ليها.
أحمد جبريل: لا إحنا عم بنقول قبلها عارف كيف هذا الخلاف بين المارونية السياسية والأحزاب الوطنية والفلسطينيين الفدائيين أخذ في ذلك الوقت يعني قبل حرب تشرين بخمسة أشهر ذروة من الخلافات أيام كان الرئيس فرنجية في هذا الموضوع والجيش اللبناني شن حملة على المخيمات عسكرية على شاتيلا وصبرة وبرج البراجنة وأيضا في منطقة العرقوب وكان قتال شديد للغاية عارف كيف لكن أيامها كان السادات والرئيس الأسد متفقين على حرب تشرين فأرادوا إنه يمسكوا الموضوع وأن يجهضوا هذا الخلاف تمهيدا لحرب تشرين يعني منذ ما قبل حرب تشرين والمشاكل مستمرة لكن كانت قادرة على استيعابها بدليل مثلا عندما استشهد القادة الثلاث اللي هو كمال عدوان وأبو يوسف النجار وكمال ناصر أنا أذكر جيدا كان ماشي معنا بالجنازة بيير الجميل ويمكن كميل شمعون..
أحمد منصور: ربما خرجت لبنان كلها تقريبا يعني عشرة في المائة من سكان لبنان وقتها 250 ألف خرجوا في الجنازة.
أحمد جبريل: أفتكر كان مفتوح في هذا الموضوع وأذكر جيدا الحج أمين حسيني كان يقول لي..
أحمد منصور: كان يعيش في لبنان.
أحمد جبريل: كان يعيش في لبنان وهو بذل جهد أيضا كانت تربطه علاقة مع شمعون ومع بيير الجميل ولتأخير هذا الموضوع فيعني هذا قبل بدء الحرب الأهلية اللبنانية كان في إمكانية لضبط الأمور يعني من سوءا تصرفاتنا أو ما عملناه ولكن الإسرائيلي كان يلعب اللعبة المعروفة اللي هي الإغارات المستمرة تهجير الناس والسكان ضرب بعض المرافق المهمة في لبنان فهذا الموضوع بدأ يعني يغير المعادلة في لبنان.
أحمد منصور: لكن يقال أنه لم يكن ليحدث ما حدث في شارع فردان في إبريل 1973 دون تواطؤ داخلي حتى أن صائب سلام رئيس الوزراء استقال متهما الجيش بإهمال واجبه في الدفاع عن العاصمة بعد الاختراق الإسرائيلي الذي حدث؟
(4/338)
أحمد جبريل: يعني هو في هذه العمليات الخاصة أن تتم في بشارع فردان وكان بعيدة عن ثكنة من ثكنات الجيش عبارة عن ميت متر يعني هذا الموضوع كان نوع من التقصير يعني مش تواطؤ أما الموساد الإسرائيلي مخترق في لبنان وبيعرف بدليل نجاحه في هذه العملية يعني في هذا الشأن.
أحمد منصور: كان شعرتم أنكم جميعا كقادة في خطر وأن وجودكم داخل مدينة بيروت تحديدا يشكل خطرا عليكم يستدعي تغيير تلك الإستراتيجية أم أبقيتم على وضعكم كما أنتم وكأن شيئاً لم يحدث؟
أحمد جبريل: هو بالحقيقية بعد 1973 وخاصة بعد حرب تشرين بدأ يصبح الثقل للعمل الفدائي في بيروت وبدأت جمهورية الفاكهاني
أحمد منصور: 1978 بدأت تتبلور ربما بشكل طبيعي؟
أحمد جبريل: بدأت بعد حرب تشرين لتثبت وجودها يعني لأن مثل ما حكيت تلك القصف الإسرائيلي اللي في الجنوب وخلى الناس تنكفئ لتتدخل بين المدنيين وتحتميهم بينما نحن كنا عما بنحفر أنفاق وموجودة هلا..
أحمد منصور: إيه هي المنهجية العسكرية التي اخترتها أنت كما تقول اخترت طريقا مختلفا عما اختاره الآخرون في أنك سعيت إلى أن تكون الجبال هي موطن المقاتلين وليس المدن؟
أحمد جبريل: إحنا اخترنا الجبال والوديان في جنوب لبنان وهذه المعالم موجودة حتى الآن والإسرائيلي لما دخل جنوب لبنان ما قدر يدمرها عارف كيف لأنه صعب تدميرها كنا أولا نريد أن نبتعد عن المدنيين اللبنانيين حتى ما يصير هذا الاحتكاك كنا نبعد عن كل قرية على الأقل كيلوا متر أو كيلوا ونصف كيلوا متر ونبني قواعدنا في مناطق صعبة وقاسية ونعيش تجربة الغوار تجربة المقاتل للي جاي بده يقاتل العدو الإسرائيلي رغم مشاكلنا الإدارية وقلة إمكاناتنا المالية وكنا نخطو هذه الخطوة نريد الآخرين أن يقلدوننا وصلنا إلى مرحلة بدون مبالغة أقول لك أصبحا وكأننا وحيدين في المناطق..
أحمد منصور: كان عندك كم مقاتل تقريبا في تلك المرحلة؟
(4/339)
أحمد جبريل: كان ذات الأيام إمكاناتنا المالية يعني مقبولة نسبية..
أحمد منصور: التمويل كان يأتيك من القذافي ولا لسه لم يكن..
أحمد جبريل: كنا نأخذ مساعدات من ليبيا.
أحمد منصور: فقط ليبيا التي كانت تدعمك كان يأتيك دعما من عرفات؟
أحمد جبريل: عمرنا ما أخدنا إحنا قرش أو قطعة سلاح.
أحمد منصور: كنتم جزء من منظمة التحرير أو من المفترض أن كل أموال المنظمة كانت تأتي إليه وكان يوزعها على الفصائل.
أحمد جبريل: هذا الموضوع كان حدث بدي أقولك بـ 1977 أو 1978 صار توزيع من الصندوق القومي (Quta)..
أحمد منصور: انفصمت بغداد تحديدا حيث تدفقت الأموال بالملايين على عرفات.
أحمد جبريل: صار في (Quta) الجبهة الشعبية للقيادة العامة لها مائتين وخمسين ألف دولار والشعبية والديمقراطية..
أحمد منصور: سآتي إلى هذا في حينه لكن أنت في هذه المرحلة لم يكن يأتيك أي دعم إلا من القذافي؟
أحمد جبريل: آه من القذافي.
أحمد منصور: طيب..
أحمد جبريل: حتى من سوريا لم نأخذ ولا قطعة سلاح ولا قرش ستستغرب إذا أقول لك سوريا كانت تدعم بعض الفصائل اليساريين مثل الجبهة الديمقراطية كان لها (Quta) مالية من القيادة القومية بينما نحن لم نأخذ قرشا من سوريا..
أحمد منصور: الشائع عنك غير ذلك أنك كنت ذراع سوريا الضاربة.
أحمد جبريل: الشائعات.. يا سيدي هذا الموضوع احتار لأن في فهمنا لطبيعة الجغرافيا السياسية وأهمية سوريا هو حرصنا على سوريا ممكن أن يفسر مثل هذه تفسيرات.
حرب أكتوبر
(4/340)
أحمد منصور: طيب أنا هنا لا أريد أن أمر على حرب أكتوبر مروراً سريعاُ ولكن أيضاً بمرور مختصر حرب أكتوبر كان لها دور كبير في تغيير مسيرة الثورة الفلسطينية أيضاً لأن كل ما يدور على الجبهة السورية أو الجبهة اللبنانية أو الجبهة الأردنية أو المصرية هو جزء لا يتجزأ من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وتحديداً قضية فلسطين كان لديكم أي علم عن حرب أكتوبر أو عن دور يجب أن تقوموا به في تلك الحرب قبل أن تقوم؟
أحمد جبريل: يعني على الأقل نحن نقول إحنا كتنظيم كان لدينا علم من الضباط السوريين وليس بشكل رسمي..
أحمد منصور: كيف ؟
أحمد جبريل: يعني أنا زملائي كانوا في مراكز القيادة في سوريا.
أحمد منصور: من المفترض أن العلم بالحرب لم يكن يصل إلى كل..
أحمد جبريل: يعني هم ما قالوا لنا متى التوقيت لكن قالوا أن هناك اتفاق مصري سوري على خوض حرب.
أحمد منصور: متى علمت به لأول مرة؟
أحمد جبريل: يعني علمت فيه يعني قبل لا أنا أراقب التدريبات السورية للجيش السوري اللي هي هذه التدريبات قريبة جداً إلى طبيعة القتال اللي بده هيحصل في الجولان أو على جبل الشيخ على مرصد جبل الشيخ كنت أراقبه وأعرف أن هذه التدريبات ولكن ضابط فى الجيش بيعرف أنها إيه عبارة عن تحضير وتهيئة لكن أنا..
أحمد منصور: هل كان لكم أي دور في المعركة؟
أحمد جبريل: لكن بدك تقول قبل شهر بدأت أنا أطلع على تفاصيل ماذا أما التوقيت ما كان عندي علم.
أحمد منصور: يعني في سبتمبر تقريباً؟
أحمد جبريل: إيه يعنى بدك تقول قبل شهر تقريباً وأنا وإحنا خفنا كثير من هذه الحرب.
أحمد منصور: من أي شئ خفتم؟
(4/341)
أحمد جبريل: خفنا أن تكون بعد هذه الحرب تقع كارثة لأنه لما كنت أسأل أنا الضباط السوريين طيب شو الحشود اللي أنتو حاطينها في المعركة لأن المعركة الرئيسية راح تكون معكم هون فى الجولان لن تكون على قناة السويس بين قناة السويس في عمق للعدو يستطيع أن يناور في في ثلاثمائة كيلومتر في سيناء أما هون أنتم إذا قمتم بعمل وألقيتوا الإسرائيليين بنهر الأردن أو بحيرة طبرية هيحصل اختلال في التوازن فكنت أسألهم عن قوام التشكيلات اللي الموجودة وهل في تشكيلات جديدة مثلا هل هناك ثلاث فرق عراقية ستكون معكم لا طيب المفروض أن يأتي من مصر على الأقل فرقتين أو ثلاثة لأن هذه الجبهة الرئيسية..
أحمد منصور: يعني لم يكن هناك استعداد حقيقي على الجبهة السورية؟
أحمد جبريل: لا كان في استعداد لكن كان في استهزاء كان وعدم تقدير موقف لطبيعة هذه المعركة وطبيعة الجغرافية اللي بده بيصير عليها القتال.
أحمد منصور: هل كان هذا من السوريين أم كان من المصريين؟
أحمد جبريل: أنا باعتقد إن في تقصير في العسكريتارية السورية والمصرية فى تقدير الموقف
أحمد منصور: (Sorry) المصريين مش ملزمين الآن بأن هم يوفروا إذا السوريين لم يطلبوا والسوريين كناس بيخافوا من كل شئ في ذلك الوقت وكنظام أمني لم يكن يسمح بوجود أي جندي آخر على أرضه.
أحمد جبريل: أنا ما كنت بقدر أطرح هذا الموضوع صراحة مع السوريين أنا أخذت هذه الخرائط..
أحمد منصور: أي خرائط الخرائط العسكرية؟
أحمد جبريل: الخرائط العسكرية اللي على الجبهة السورية وعلى جبهة سيناء..
أحمد منصور: كنت على علم بتفصيل بعدد القوات هنا وهناك؟
أحمد جبريل: يعني تقريباً عارف شو عدد قوام الجيش المصري والجيش السوري في هذا الموضوع وكنا خايفين أن تكون هذه حرب تكون لها نتائج سلبية مش نتائج إيجابية.
أحمد منصور: على سوريا ولا على الكل؟
(4/342)
أحمد جبريل: على الكل على كل الأمة العربية وعلينا كفلسطينيين طيب كيف نريد أن ندخل وسطاء لحل هذه المشكلة كانت تربطنا علاقة قوية مع العقيد معمر القذافي وإخوانه أخذت هذه الخرائط وسافرت إلى طرابلس إلى ليبيا وآمل أن تكون الأخ معمر يشوفنا..
أحمد منصور: إن شاء الله يكون بيشوفنا.
أحمد جبريل: كان فى هناك وحدة ثلاثية اتحاد..
أحمد منصور: مصر وسوريا وليبيا.
أحمد جبريل: فأنا قلت هذا الاتحاد ممكن نقدر العقيد يقدر يبذل جهد فيه.
أحمد منصور: اتحاد الجمهوريات العربية.
أحمد جبريل: فوضعنا هذه الخرائط وطرحنا أنه كيف خطة الحرب اللي بدها تصير وشو في خطورة تكون ستنتج وخاصة على الجبهة السورية لأنه سيتم وضع الجهد على الجبهة السورية ومن ثم الإستفراد في الجبهة المصرية وإذا بدها تصير حرب حقيقية لا يصير الثقل العسكري العربي على الجبهة السورية وتكون الجبهة المصرية على قناة السويس جبهة استنزاف أو لاجتياز قناة السويس وتدمير خط بارليف فقط.
أحمد جبريل: هو مدى استعداد السوريين للقبول بهذا إيه؟
أحمد جبريل: أنا باعتقد يعني لو طرح أو قلت لك أنا فيه أو هو ضعف تقدير من العسكريتارية في سوريا أن هم قادرين ينجزوا تحرير الجولان لأن عمق الجولان ثلاثين كيلومتر لكن ثلاثين كيلومتر معقدة مسرح ضيق مناطق جبلية طرق اقتراب محدودة هذه لصالح المدافع مش لصالح المهاجم مش أرض سيناء مفتوحة ممكن تلتف يمين أو يسار أو خرقك الاقتراب إلى الجبهة الجولان والوصول إلى نهر الأردن هي بوابات محددة في هذا الموضوع..
أحمد منصور: رد القذافي إيه على مقترحك؟
أحمد جبريل: قلت له هذا سيكون فيه خطر كبير ويمكن تحدث كارثة عسكرية بعدها تحدث كارثة سياسية القذافي وأخوانه..
أحمد منصور: وأخوانه مين؟
أحمد جبريل: كان اللواء أبو بكر يونس ولدي خروبي وتناقشنا ليلة بكاملها وقال أنا ذاهب للقاهرة وذهب وأنا بقيت في طرابلس وذهب للقاهرة وأخذ والخرائط معه..
(4/343)
أحمد منصور: الكلام ده في سبتمبر..
أحمد جبريل: قبلها بشهر من أكتوبر..
أحمد منصور: 1973.
أحمد جبريل: ذهب هناك واجتمع مع الإخوان المصريين وأنا ظليت استنى في طرابلس بعد كان يوم رجع قال لى لا تعليق فالج لا تعالج هزأه إنه كيف نرسل فرق مصرية..
أحمد منصور: السادات هزأه؟
أحمد جبريل: لا يعني هو مش هزأه يعني استخفه في هذا في نقل قوات مصرية مثلاً فرقتين ثلاثة مصريات أو سلفا الاتفاق مع العراق في إيجاد فرقتين أو ثلاثة عراقيات..
أحمد منصور: النظام في سوريا اللي كان على صراع مع النظام في العراق يقبل أن العراقيين يدخلوا يروحوا يحاربوا؟
”
في حرب أكتوبر كان يجب أن تعود ثلاث فرق عسكرية عراقية إلى ثكناتها، ويبقى الجيش المصري على القناة لحرب استنزاف أو لاجتياز قناة السويس وخط بارليف
”
أحمد جبريل: إذا ما كان بده يكون هيك من المفروض تكون في ثلاث فرق عراقية هي تروح ويبقى الجيش المصري على القناة إما بحرب استنزاف شديدة أو يمكن يجتاز بس قناة السويس وخط بارليف ويتوقفوا هناك في هذا الشأن فالمصريين..
أحمد منصور: فى حد بيوافقك على النظرية العسكرية دي؟
أحمد جبريل: أنا باعتقد يعني لو أنا ما بقول أنا اللي اخترعت البارود لكن إحنا قدرنا الموقف تقدير صحيح وقدرة سوريا قدرة العدو الإسرائيلي مسرح العمليات هنا مسرح العمليات المصري كل هذا الموضوع يعني وإحنا ناس عشنا ونعيش في هذا الشأن يعني فلذلك أنا بقول أنه ما حدا يوافقني بالنهاية النتائج ثبتت أنه بدل ما تكون حرب للتحرير انتهت هذه الحرب للأسف في كامب ديفد وبأوسلو وبوادي عربة.
أحمد منصور: كان واضح أن ده هدف الحرب للتحريك وليس للتحرير.
(4/344)
أحمد جبريل: لهذا إحنا كنا خايفين وكنت أقول أنا حكيت للعقيد معمر إنه إذا مُصرين الإخوان في مصر وأنور السادات على بقاء هذه الخطة بهذا الشكل معنى ذلك إحنا مقدمين في مؤامرة ولعبة عارف كيف غربية وخاصة كان أنور السادات أجلى وطرد الخبراء المصريين وكان في ثلاث ألوية جوية روسية أو سوفيتية في مصر فكنا خايفين ومرعوبين يعني..
أحمد منصور: في أعقاب هذه الحرب كان الجو الجبهة اللبنانية بدأ يتوتر بشكل كبير جداً ومنظمة التحرير الفلسطينية عدلت أهدافها واستراتيجيتها في قرار مجلس الوطني في يونيو 1974 لإقامة سلطة وطنية مقاتلة فوق أي جزء من التراب الفلسطيني تجلو عنه إسرائيل وهذا كان يعني بداية القبول بالحلول السلمية التي حدثت بعد ذلك على الساحة اللبنانية الجو بدأ يتوتر ويتصاعد بين المسلمين والموارنة إلى أن وقعت حادثة عين الرمانة في الثالث عشر من أبريل عام خمسة وسبعين أبدأ بها الحلقة القادمة.
أحمد جبريل: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع لشهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجمعية الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.(4/345)
الحلقة10(4/346)
الثلاثاء 20/4/1425هـ الموافق 8/6/2004م(آخر تحديث) الساعة 15:25(مكة المكرمة), 12:25(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 10
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
06/06/2004
- حرب أكتوبر وموقف المنظمات الفلسطينية منها
- عمليات فلسطينية ضد إسرائيل بعد الحرب
- الأوضاع قبيل الحرب اللبنانية
- مسؤولية الفلسطينيين عن حرب لبنان
- علاقة إسرائيل بالموارنة واشتعال الحرب الأهلية
- تصاعد الحرب
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا أخي.
حرب أكتوبر وموقف المنظمات الفلسطينية منها
أحمد منصور: أنا وجدت أن أبو إياد في كتابه فلسطيني بلا هوية قال معلومات هامة وخطيرة للغاية، هو أنه اجتمع مع ياسر عرفات والقدومي مع أنور السادات في التاسع من سبتمبر عام 1973 أي قبل حرب أكتوبر بحوالي شهر في الوقت الذي كنت أنت فيه تعرض مخطط الحرب برؤيتك على القذافي والسادات أطلعهم أنه سيشن حربا ليست كاملة وإنما هدفها إخراج المشكلة العربية من المأزق وسيدعو بعدها لعقد مؤتمر سلام ورغم أنه طلب منهم التكتم إلا أن صموئيل كاتز في كتابه جبريل في مواجهة إسرائيل يقول بأن أبو إياد أدلى بحديث للنهار اللبنانية قبل الحرب لكن الإسرائيليين لم يحفلوا بهذا الكلام ووقعت الحرب، هذا يعني أن ياسر عرفات والقيادة الفلسطينية بشهادة أبو إياد نفسه كانت على علم بأن الهدف الأساسي للحرب هو عملية تحريك من أجل مؤتمر سلام وليست حربا للتحرير.
أحمد جبريل: يعني إذا كان هذا الكلام دقيق اللي حكاه الأخ أبو إياد فهذا حصل مع قيادة فتح وليس باطلاع..
(4/347)
أحمد منصور [مقاطعاً]: لم تكن أنت على علم به؟
أحمد جبريل [متابعاً]: أبدا، لا ولم نعلم به، لكن كما قلت كنا نحن نعرف أن سيناريو الحرب إذا سيتم بهذا الشكل ستشكل هذه الحرب بنتائجها خطورة كبيرة على مستقبل القضية العربية ومستقبل القضية الفلسطينية لذلك كنا سميناها حرب التحريك وليس التحرير.
أحمد منصور: المنظمات الفلسطينية الرافضة للحلول السلمية قامت في نهاية العام 1973 بدعم من العراق وليبيا بعد بدء جولات كيسنجر المكوكية للبحث عن حل سياسي، في العاشر من أكتوبر عام 1974 شُكِل ما يسمى بجبهة القوى الفلسطينية الرافضة للحلول الاستسلامية وكنتم أنتم على رأس هذه الجبهة، ما هي قصة هذه الجبهة وهل كانت مجرد جبهة ألعوبة في أيدي تلك الدول لا سيما العراق؟
”
كان هناك تحالف بين سوريا ومصر إبان حرب تشرين وبعد توقف الحرب وعمليات الاستنزاف على الجبهة السورية وجولات كيسنجر بدأنا نشعر بالخطر
”
أحمد جبريل: كما تعرف أن كان هناك تحالف سوري مصري دخل في حرب تشرين و.. ثم توقفت هذه الحرب وبعد يعني حرب تشرين وبعد عملية الاستنزاف على الجبهة السورية وجولات كيسنجر نحن بدأنا نشعر في خطورة ما يحدث كما كنا نتوقع قبل هذه الحرب، فتداعينا نحن كفصائل نحن الجبهة الشعبية والجبهة العربية الموالية للعراق وجبهة النضال الشعبي، إنه تعالوا يا إخوان نحن أين مكاننا؟ مكان..
أحمد منصور: وفتح المجلس الثوري كانت معكم؟
أحمد جبريل: لا لم تكن عارف كيف أين مكاننا وخاصة كان هناك في منظمة التحرير تيار آخر مثل الفتح والصاعقة زهير محسن كان الله يرحمه موجود والجبهة الديمقراطية..
أحمد منصور: نايف حواتمة.
أحمد جبريل: نايف حواتمة، كانوا مع التوجه التسواوي اللي ماشي ونتيجة العلاقة مثل ما حكينا المشتركة السورية المصرية.
أحمد منصور: رغم الخطاب الثوري الرافض الذي كانت تنتهجه تلك الفصائل؟
أحمد جبريل: إحنا هذا عم أقول لك..
(4/348)
أحمد منصور: لا سيما الجبهة الديمقراطية.
أحمد جبريل: الخريطة الفلسطينية كانت بهذا الشكل، خريطة مؤمنة أو اتجاه مؤمن في عملية التسوية واستثمار هذه الحرب..
أحمد منصور: ودا ظهر في أعقاب الحرب مباشرة؟
أحمد جبريل: مباشرة عارف كيف وكانوا يُنظِرون له وأذكر أنه حدث اجتماع مهم جدا عن زهير محسن في بيروت..
أحمد منصور: تذكر تاريخه؟
أحمد جبريل: يعني بعد الحرب بفترة بسيطة يعني..
أحمد منصور: أكتوبر 1973 كانت الحرب.
أحمد جبريل: يعني فاهم يعني بعد شهرين أو ثلاثة عارف كيف..
أحمد منصور: نهاية عام 1973 يعني نقول في ديسمبر 1973.
أحمد جبريل: كانوا يقولون أن الإسرائيليين تذكر الإسرائيليين شكلوا لجنة اسمها لجنة التقصير أغرانات إنه أدان الجيش الإسرائيلي وغولدا مائير استقالات في الكيان الصهيوني حول نتائج الحرب والحرب فقالوا إن هناك..
أحمد منصور: ناس بيحاسبوا نفسهم على أخطاء، مش زيكم إلى اليوم لم تقفوا مع أنفسكم عند أي خطأ ارتكبتموه، ليس أنتم فقط ولكن كل القيادات العربية، منهزمين ويرفعوا راية النصر.
أحمد جبريل: فأشاعوا جو أن الإسرائيليين سينفذوا القرار 242 و338 سينسحبوا من أراضي مصر وأراضي الضفة وأراضي الجولان وكانوا يحكوا لنا إياها بمليء العبارة واعتقد أغلبهم أحياء يقولوا إنه فيه أرض فلسطينية بدهم ينسحبوا عنها الإسرائيليين..
أحمد منصور: أذكر لنا أسماءهم كده عشان برضه يفتكروا.
أحمد جبريل: يعني الأخ أبو عمار كان من هالشيء..
أحمد منصور: أبو عمار ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بعد ذلك
(4/349)
أحمد جبريل: لا في ذاك الوقت هو ونايف حواتمة ومعه ياسر عبد ربه وحتى زهير محسن الله يرحمه إنه أخي فيه أرض فلسطينية بده ينسحب عنها العدو الإسرائيلي، لمن هذه الأرض؟ استنادا لقرار 242 هل نعطيها للأردن؟ هل ندولها ولا نقول لها إنهم نعم هي لنا في هذا الشأن؟ يعني بدأ بعد حرب تشرين حقيقة فرز في الساحة الفلسطينية بين اتجاه رافض لهذه الحلول واتجاه موافق لهذه الحلول.
أحمد منصور: وكانت تلك الخريطة التي أشرت إليها.
أحمد جبريل: تماما فشُكِلت لجنة الرفض ولكن أيضا إحنا نحتاج إلى..
أحمد منصور: هل شكلت من قِبَّلكم أم من قِبَّل الدول التي رعتها؟
”
شمل التحرك لطلب الدعم للفدائيين العراق وليبيا وتم اللقاء مع أحمد حسن البكر ومعمر القذافي
”
أحمد جبريل: لا إحنا ومن بعدها ذهبنا للعراق والتقينا مع الأخوة في العراق يعني مع القيادات الأولى بتذكر مع الرئيس أحمد حسن البكر وإخوانه وطلبنا منهم الدعم والمساعدة وذهبنا إلى ليبيا وقابلنا الأخ معمر القذافي وطلبنا الدعم للوقوف في وجه هذه المشاريع الاستسلامية المطروحة..
أحمد منصور: من الذي كان يدعمكم تحديدا؟
أحمد جبريل: العراق وسوريا بجبهة الرفض..
أحمد منصور: وسوريا؟
أحمد جبريل: عفوا العراق..
أحمد منصور: وليبيا.
أحمد جبريل: وليبيا.
أحمد منصور: نعم، هل كانت تستخدمكم كأداة للحرب على السادات وعلى دعاة التسوية؟
أحمد جبريل: يعني أنا ما بدي أقول هي تستخدمنا يعني نقول هي قد تكون تقاطع مصالح بيننا وبينهم بس يعني يمكن إحنا شخصيا لم نكن نثق كثير في الأخوة اللي موجودين في بغداد يحكموا بغداد، كنا نثق بالأخ معمر القذافي لأن هو ضد الحلول..
أحمد منصور: لكن كان مين بيدفع أكثر؟ كان من الذي يدفع أكثر؟
أحمد جبريل: لا في هذه المرحلة جبهة الرفض العراقيين هم اللي قدموا أغلب المال عارف كيف.
(4/350)
أحمد منصور: ولهذا يقال أنكم طلال ناجي يقول ربما اُستخدِمنا من قِبَّل العراقيين بسبب ما كانوا يدفعونه من مال؟
أحمد جبريل: لا لم نُستخدَّم، إحنا يعني لأن نكون دقيقين في هذا الموضوع وفي ذلك الفترة بالذات بدأنا نشعر إن خطورة نتائج حرب تشرين..
أحمد منصور: هل قمتم بشيء فعال ولا مجرد جبهة ميكروفونات كما يحدث دائما؟
أحمد جبريل: ما هذا هو، أردنا إنه نحن أن نثبت لشعبنا ولأمتنا إنه الصراع لسه مستمر مع هذا العدو الصهيوني.
عمليات فلسطينية ضد إسرائيل بعد الحرب
أحمد منصور: قمتم بذلك بعملية الخالصة في 13 أبريل عام 1974 وأم العقارب في 11 يونيو 1974 واختصرتوا كل ما هما هاتين العمليتين؟
”
عملية الخالصة في عام 1974 كانت أول عملية فدائية في تاريخ العالم العربي حيث كان الفدائيين يلفون أنفسهم بأحزمة ناسفة ويفجرونها
”
أحمد جبريل: يعني هذه عمليات استشهادية لأول مرة في التاريخ العربي عارف كيف يحدث إنه مقاتلين يدخلون في قتال مع العدو بعد ما يفرغوا ذخائرهم.. أحزمتهم الناسفة ويفجروا نفسهم في عدوهم..
أحمد منصور: تعرف المشاهدين باختصار ما هي عملية الخالصة التي جرت في 13 أبريل 1974؟
أحمد جبريل: يعني عبارة عن ثلاثة من الإخوة المقاتلين واحد فلسطيني واحد سوري واحد عراقي، يعني هذه التشكيلة لازم نعرفها يعني شو معانيها إنه والله نحن..
أحمد منصور: ما معانيها يعني؟
أحمد جبريل: يعني هذا الصراع العربي مش الصراع الفلسطيني عارف كيف وخاصة يعني في 1974 عُقِد مؤتمر القمة في تونس وهناك أُخِذ أن منظمة التحرير لأول مرة هي الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني..
أحمد منصور: حتى يتم تهميشكم أنتم؟
(4/351)
أحمد جبريل: عم أقول لك لا إحنا كنا نشعر إنه هذا وكأنه رفع المسؤوليات عن العرب والحكام العرب، يعني إحنا نفرح إنه إحنا نكون مسؤولين عن قضيتنا بس أن الوحيد والشرعي لهذا الموضوع يعني حتى لو كانوا أصحابين هالاتجاه يريدوا أن يقطع الطريق على الملك حسين في مواضيع التسوية ولكن بالنهاية صار القرار الفلسطيني المستقل، فلذلك بنقول واحد عراقي عرفت كيف من الرمادي وواحد سوري من حلب وفلسطيني يقوموا بعملية يدخلوا إلى كريات شمونة أكبر مدينة صهيونية مزروعة في شمال فلسطين، كانوا بالسابق نضربها بالصواريخ الكاتيوشا من مسافة عشرين كيلو متر، هالمرة لا راحوا لهم الناس على رجليهم ودخلوا..
أحمد منصور: من أين دخلوا؟
أحمد جبريل: دخلوا من جنوب لبنان عارف كيف..
أحمد منصور: من الذي خطط لهذه العملية؟
أحمد جبريل: يعني إحنا اجتمعنا كجبهة عارف كيف..
أحمد منصور: من كان معك في عملية التخطيط؟
أحمد جبريل: أنا كنت المسؤول العسكري وجمعت كوادر هالجبهة وفيه منهم شهداء وإتوفوا وفيه منهم يعني أحياء لا يزالون وطرحت المشكلة السياسية التي نواجهها وإنه إحنا كيف بدنا نرفض هذه الحلول وكان الإسرائيليين..
أحمد منصور: كان هدفكم لخبطة مسيرة التسوية القائمة.
أحمد جبريل: طبعا وأردنا أن نقول إنه لا في طريق آخر هو استمرارية الصراع، لذلك قمنا بسلسلة عمليات استشهادية يعني بالخالصة، أم العقارب كفار غلعادي، في هذا الموضوع ساعدنا بعمليات مشتركة بداخل جبهة الرفض هذه عمليات كنا نقوم فيها لوحدنا ومن ثم جرأنا الناس في جبهة الرفض، الفصائل الأخرى..
أحمد منصور: مين أهم الفصائل اللي قامت بعمليات؟
أحمد جبريل: يعني مثلا إنه الجبهة العربية بتذكر إنه إحنا وإياهم قمنا في عملية أيضا في الجليل، يعني فهذه العمليات فاجأت العدو الإسرائيلي..
أحمد منصور: من أي جانب فاجأته؟
(4/352)
أحمد جبريل: فاجأته إنه كانوا بيعرف إنه هذا الفدائي بيجي يزرع لغم وبيمشي، بيعمل كمين وبيظل ماشي أما يأتي..
أحمد منصور: أنا عايز هنا أقول إن سنة 1974 لم يحدث إلا عشر عمليات عسكرية فقط ضد إسرائيل من الأراضي اللبنانية في الوقت الذي شنت فيه إسرائيل 1437 هجوم و55 غارة جوية على لبنان قتلت فيها 167 مدني وجرحت 412.
”
برغم قلة العمليات الفدائية في عام 1974 فإنها أذهلت العدو الإسرائيلي وأحرجت الحكام العرب
”
أحمد جبريل: بس يعني هذه العمليات الاستشهادية النموذجية اللي أذهلت العدو الإسرائيلي وأحرجت حتى الحكام العرب لأنه هؤلاء المقاتلين كتبوا رسائل صريحة للحكام العرب وموجودة بترجع..
أحمد منصور: إنتوا اخترتوهم أما هم اللي..
أحمد جبريل: والله تركناهم هم اكتبوا ما تريدون حتى..
أحمد منصور: لا أنا عفوا في اختيار الثلاثة هؤلاء.
أحمد جبريل: إحنا لما طرحنا هذا الموضوع في اجتماع كادر عسكري ومقاتلين قلنا إنه ليس أمامنا إلا العمليات الاستشهادية، فمن يرشح نفسه لهذا الموضوع؟ وشاهدنا العشرات من الأيدي ترفع.
أحمد منصور: كان عندك عرب قد إيه نسبة العرب لنسبة الفلسطينيين؟
أحمد جبريل: فيه عندنا عرب فيه سوريين فيه عراقيين فيه لبنانيين بدليل أم العقارب أربعة دخلنا العامل اللبناني يعني شاب لبناني درزي أبو الشمس..
أحمد منصور: مع استمرار السوري والعراقي والفلسطيني؟
أحمد جبريل: والفلسطيني، بعد ذلك..
أحمد منصور: مفيش مصريين شاركوا معكم؟
أحمد جبريل: فيه مصريين عندنا وفيه توانسة عارف كيف يعني وبعدين قاتلوا معنا ليبيين فيه أعداد من الشهداء الليبيين يعني إحنا دائما كنا ننظر لقومية المعركة إنه هذه مسؤولية الأمة العربية وعلينا إحنا نكون طليعة لهالأمة، أما أن نقول يا وحدنا بالنهاية أو إحنا القرار الفلسطيني المستقل ومنظمة التحرير الممثل الوحيد والشرعي معني ذلك إننا سنسير باتجاه التسوية لنقول نحن وحدنا.
(4/353)
أحمد منصور: كيف نُفِذت عملية الخالصة؟
أحمد جبريل: نفذت بعشرة أربعة 1974 ووقتنها في ذكرى قتل القادة الثلاث إذا بتذكرهم كمال عدوان وكمال ناصر..
أحمد منصور: كمال ناصر.
أحمد جبريل: والنجار لنقول إنه هكذا يكون الرد على قتل أيضا القادة وهؤلاء الشباب تدربوا تدريب جيد وغولدا مائير كانت لستها ما استقالت كانت لسه موجودة رئيسة للوزراء واضطرت إنه تخرج للتلفزيون تيجي..
أحمد منصور: قل لي ما حدث في العملية ونتائجها.
أحمد جبريل: العملية دخلوا إلى منطقة بالأول اشتبكوا وقتلوا هم الناس بعدين..
أحمد منصور: كيف تم اختراق الحدود الإسرائيلية وهل مشيوا عشرين كيلو متر داخلها؟
أحمد جبريل: ما فيه عشرين كيلو متر عبارة عن سبعة أو ثمانية كيلو متر للوصول من.. قريبة كريات شمونة للحدود اللبنانية، قتلوا من الإسرائيليين بعدين جمعوا الناس..
أحمد منصور: إيه كان السلاح اللي معهم؟
أحمد جبريل: كان عبارة عن البنادق وإحنا كنا متميزين في بندقية خاصة فينا يعني بيعرفوها الناس في المقاومة، البندقية المعدلة اللي ممكن ترمي قنابل يدوية لمسافة مائتين متر، ممكن ترمي أيضا قذائف مضادة للدروع وهي بندقية يعني القوة..
أحمد منصور: إنتوا اللي عدلتوها؟
أحمد جبريل: لا إحنا شفنا هذا التعديل من دولة اشتراكية ورتبنا هذا الموضوع ويعني كانت القوة..
أحمد منصور: لم تكن الفصائل الأخرى في ذلك الوقت لديها هذه البندقية؟
أحمد جبريل: لا لم يكن عارف كيف فكانت القوة النارية لهذه المجموعة قوة كبيرة جدا..
أحمد منصور: رغم أنهم ثلاثة أفراد؟
(4/354)
أحمد جبريل: لذلك الإسرائيليين حتى بيحكوا في كتبهم بيقولوا إحنا اعتقدنا إنه هناك فيه فصيل من كثر توزيع النيران ما اعتقدنا إنه فيه ثلاثة وغولدا مائير بتقول نعم إنهم فجروا بالنهاية أحزمتهم الناسفة، إحنا ما جمعنا هؤلاء الرهائن لنقول لنريد أن نبدل الأسرى وأنا حكيت مع الشهداء قلت لهم إحنا راح نحكي أمام العالم إنه فيه هناك رهائن ونريد تبديلهم في عملية الأسرى لكن هذا لا تسمعوه إنتوا بتنهوا هذا الموضوع وتجمعوا أكبر عدد من الإسرائيليين وبتقتلوهم عارف كيف..
أحمد منصور: قتلوا كم تقريبا؟
أحمد جبريل: حسب الإسرائيليين بيقولوا في ذلك الوقت يمكن 28 واحد وأربعين جريح أو خمسين جريح يعني..
أحمد منصور: واستشهدوا هم الثلاثة؟
أحمد جبريل: والثلاثة استشهدوا بعد ما فجروا نفسهم هم والإسرائيليين في هذا الموضوع.
أحمد منصور: وديه كانت أول عملية استشهادية في تاريخ النضال الفلسطيني؟
أحمد جبريل: مو الفلسطيني حتى العربي يعني ما كان هذا الموضوع تعرف هذه إليها مشاكل حول الانتحار والإسلام وإلى أخر هالشيء حتى أذكر بعض البروفيسوريين اليابانيين أتوا لبيروت والتقوا معي، بروفيسوريين في الجامعات في طوكيو وسألوني قالوا لي إنتوا مسلمين هذا الكاميكاز هذا شغلتنا إحنا لأنه إحنا بنؤمن بتناسخ الأرواح أما إنتوا كمسلمين فأعطونا الـ(Background) تبع خلفية كل واحد، فوجدوا لا كل واحد منهم هدول الشهداء عنده أب أبوه وأمه ما كان يعني فيه مشكلة نفسية أو اجتماعية هي اللي دفعته لهذا الاتجاه، عارف كيف لما أجيت العملية الثانية والعملية الثالثة صار في إحراج للاتجاه الآخر في داخل منظمة التحرير عارف كيف.
أحمد منصور: هم بالفعل يقولون دعاة التسوية وحتى الإسرائيليين في كتاب صموئيل كاتز يقولون بأنك كنت دائما تدمر مشروعاتهم وأنك لعبت دورا في تدمير مشروعات التسوية الفلسطينية الإسرائيلية دون هدف محدد أو بديل واضح.
(4/355)
أحمد جبريل: مضبوط إحنا البديل لا معروف إنه..
أحمد منصور: لكن كان فيه هدف محدد من تدمير كل محاولة للتسوية كنت تقوم بعمليات..
أحمد جبريل: تدمير أنا عم بأقول لك الناس على سكة الجهاد وسكة متابعة القتال..
أحمد منصور: نجحت في هذا؟ في النهاية التسوية تمت.
”
من الأسباب التي أدت إلى عدم نجاح مقاومة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الفصيل الذي كان ينادي بالتسويات من داخل منظمة التحرير الفلسطينية وبدليل ماحصل في أوسلو وما بعدها
”
أحمد جبريل: بالنهاية لم ننجح، بدليل اللي حصل أوسلو وما بعدها وما بعدها، فلذلك الاتجاه الآخر في داخل منظمة التحرير اللي كان عم ينادي بالتسويات أضطر بشكل أو بآخر أن يقوم بعمليات مشابهة استشهادية، مثلا الإخوان في الجبهة الديمقراطية عملوا في معلول ووصلت هذه العمليات للإخوان في فتح ووصلوا بدلال المغربي فتاة..
أحمد منصور: طبعا هذه عملية ضخمة ومشهورة.
أحمد جبريل: ونزلوا على شواطئ تل أبيب وقتلوا الإسرائيليين فارتفع حجم المواجهة، يعني ما أرادوه من حرب تشرين..
أحمد منصور: دلال المغربي بعد حرب لبنان لا أريد أن استبق، دلال المغربي عمليتها بعد حرب لبنان في 1978 تقريبا.
أحمد جبريل: فاهم بس عم بأقول لك إحنا جرينا الناس من المراهنة على التسويات السياسية لاستمرار عملية الصراع، في قبلها الإخوان في فتح في نهاريا في هكذا يعني تغير المسرح على الأرض اللي كان عم ينادي في عملية التسوية في هذا الشأن وجبهة الرفض أخذت تحرز شعبيتها لكن..
أحمد منصور: دلال المغربي في 11 مارس 1978.
أحمد جبريل: عم أقول لك يعني انتهت تُوِجت.. وصلنا إلى دلال المغربي في يعني في هذه العملية البطولية الكبيرة، الإخوان..
أحمد منصور: إيه أهم النتائج اللي حققتموها من وراء هذه العمليات في تلك الفترة؟
(4/356)
أحمد جبريل: هي مثل ما قلنا إنه هم أرادوا أن يقولوا حرب تشرين هي حرب تحرير وهي لم تكن كذلك وراهنوا على التسويات وأردنا أن نقول لا استمرارية الصراع والقتال مع هذا العدو هو اللي بده يحقق النتائج في هذا الشأن.
الأوضاع قبيل الحرب اللبنانية
أحمد منصور: في نفس هذا الوقت كانت التوترات تتصاعد بشكل كبير جدا على الجبهة اللبنانية، في يوليو 1974 حدث توتر بين منظمة التحرير وبين الحكومة اللبنانية وكان التوتر الداخلي بين المسلمين والموارنة يرتفع وأنا وقفت عند عملية الخالصة لإنه في 13 أبريل عام 1975 كنتم أنتم تحتفلون بذكرى مرور عام أو بالذكرى الأولى لعملية الخالصة بالهجوم على كريات شمونة، أطلق البعض النار على سيارة مسرعة على كنيسة كان من المفترض أن بياد الجميل رئيس حزب الكتائب سيقوم بافتتاحها قُتِل فيها شخصان وقيل أن هذه السيارة تابعة لمقاتلين لكم أنتم كانوا يحتفلون بشكل عشوائي بالذكرى الأولي للخالصة، بعد ذلك كان هناك باص ينقل عدد من الفدائيين أو عدد من المشاركين في هذا الاحتفال كانوا عائدين من مخيم تل الزعتر وكانوا يحتفلون معكم قُتِل 26 فلسطيني وجرح 29 آخرين وكانت هذه هي الشرارة التي أدت إلى اندلاع الحرب اللبنانية، يعني أنتم بتُتهَّموا إنكم سبب في اندلاع الحرب اللبنانية يعني إنتوا اللي أطلقتوا الرصاصة التي..
أحمد جبريل: يعني هو إحنا إذا درسنا المرحلة قبل هذه الشرارة اللي هي شرارة الحرب اللبنانية بحطك أنت والأخوة المشاهدين في المسرح..
أحمد منصور: باختصار.
(4/357)
أحمد جبريل: جبهة الرفض ومدعومة من العراق ومن ليبيا، الاتجاه الآخر فيه منظمة التحرير مدعومة من مصر وسوريا هذا كان وتأزم الوضع بيننا يعني بين هالاتجاهين وكاد يحدث اقتتال بصراحة وأيضا السوريين انزعجوا منا نحن كفصيل أن نكون عامل أساسي في تشكيل جبهة الرفض وهذا الكلام المردود على بعض الناس بيقولوا لك إنه والله أنتم محسبوين إحنا بنعرف أهمية الجغرافيا السياسية بسوريا وأذكر جيدا وإحنا في جبهة الرفض إنه الأخوة في سوريا والقيادة وأذكر في ذلك الوقت ناجي جميل يمكن هلا بيسمعني وحكمت الشهابي وعلي ذوبة وعلي المدني استدعونا في دمشق وهؤلاء كانوا هم والأستاذ عبد الحليم خدام استدعونا إحنا كجبهة وقالوا إنتوا على عينا ورأسنا..
أحمد منصور: كان مين معك غيرك في الاجتماع؟
أحمد جبريل: أنا وطلال ناجي وفضل شرورو وطلعت يعقوب اللي انشق فيما بعد عنا عارف كيف وفي مركز القوى..
أحمد منصور: كل دول من الجبهة من القيادة العامة، كل دول من القيادة العامة.
أحمد جبريل: إيه لحالنا استدعونا إحنا كجبهة يعني جورج حبش ليس ما كان يتواجد في سوريا ولا طرف من أطراف جبهة الرفض، فقالوا لنا أنتم على عينا ورأسنا مناضلين لكن إحنا لم نعد نستطيع أن نتحمل مواقفكم، أنتم واقفين مع العراق ومع ليبيا وإلى أخره في مواجهتنا فلذلك إحنا أخذنا قرار اتفضلوا يا توجهوا شرقا يعني باتجاه العراق أو توجهوا غربا باتجاه لبنان يعني دبوا معسكراتكم..
أحمد منصور: قواعدكم الأساسية ومعسكراتكم في سوريا.
أحمد جبريل: هالشيء ومراكز التدريب وإحنا تنظيم كبير يعني في هالمواضيع ففكروا في هذا الموضوع ورتبوا كيف كنت تتوجهوا شرقا أو غربا.
أحمد منصور:كان تذكر التاريخ بالضبط في 1974 ولا في 1975؟
”
في عام 1974 تم تبليغ حافظ الأسد بأننا نقاتل في معركة قومية ليس فيها أي فرق بين المقاتلين سواء كان سوري أو عراقي أو لبناني أو أردني
”
(4/358)
أحمد جبريل: لا بالـ1974 هالكلام هذا فقلت له بلغوا الرئيس حافظ الأسد إحنا مش ولاد سايكس بيكو إحنا عم نقاتل في معركة قومية ليس فيها أي فرق بين سوري وعراقي وفلسطيني ولبناني وأردني وكل هالعرب هدول عارف كيف، نحن لن نذهب لا شرقا ولا غربا تستطيعوا في تضمر صحراؤها هناك فيها سجن كبير وسعوا هذا السجن لنذهب ونجلس في هذا السجن، لماذا تتهمونا؟ نحن ضد ما تسيرون فيه من موضوع التسوية كمؤتمر جنيف والسادات وما شابه هالمواضيع هاي وتأزم الموقف وانتهى الاجتماع وحقيقة إحنا كان هذا الموضوع مثل ضربة على الرأس لأنه بنعرف شو أهمية سوريا بالجغرافية السياسية في هذا الموضوع وثم خطر في بالنا إنه نطلب لقاء مع الرئيس حافظ الأسد فطلبنا لقاء من القصر والله في اليوم الثاني صار اللقاء فقلنا له حصل هيك هيك، أنا أكيد هو بيعرف..
أحمد منصور: أكيد طبعا.
أحمد جبريل: عارف كيف قلت له إحنا شو جوابنا؟ فقال لي يا أحمد ويا إخوان يعني إحنا نثق فيكم وفيه تأمر على سوريا وفيه كذا لكن اعتبروا الكلام اللي حكوا لكم إياه الرفاق ملغي.
أحمد منصور: معنى ذلك إن سوريا كلها كانت حافظ الأسد؟
(4/359)
أحمد جبريل: عم أقول لك يعني ملغي وليس له قيمة في هذا الشأن، حقيقة إحنا في داخل جبهة الرفض كنا مختلفين وهون الدور العراقي اللي أحكي فيه بها الموضوع هاي، إنه شو هدفنا في جبهة الرفض؟ يعني ليش شكلنا جبهة الرفض إحنا كنا نقول يجب أن نلقى طوق النجاة حول ياسر عرفات وهالتيار هذا ألا نشتبك معهم عسكريا نجرهم إلى مواقع الرفض وعدم الانخراط في عملية التسوية، كنا نشعر أن هناك في بدء خلل في العلاقة بين سوريا ومصر بين الرئيس السادات والرئيس حافظ الأسد، إحنا طرحنا في اجتماعنا في بغداد وفي بيروت وجود أعضاء قيادة قطرية وقومية عراقية إنه هذا الموضوع فهمنا إحنا في جبهة الرفض كيف نرمي طوق النجاة لسوريا لتبتعد عن أنور السادات، إحنا كنا في ذلك الوقت واصلين إلى حالة من اليأس الكامل إنه من الممكن إنه والله أنور السادات يعود.
أحمد منصور: لكن في النهاية القرار بتصنعه دول وليست جماعات أو أحزاب أو فئات أو تنظيمات.
أحمد جبريل: مضبوط هالكلام هذا بس إحنا ما بدك نقول فيه جبهة الرفض تعرف شو اللي بدنا إياه؟ حقيقة في داخل جبهة الرفض عارف كيف اختلفنا يعني حتى..
أحمد منصور: بسبب أو حول اختلفتم حول إيه؟
أحمد جبريل: حول مثلا الموقف السوري وأذكر الآن الله يعطيه العمر والصحة دكتور جورج حبش قال لي يا أبو جهاد أحمد أنت غلطان السادات راكب بلدوزر باتجاه ماشي باتجاه التسوية وحافظ الأسد راكب خلف البلدوزر يعني بالواجهة.. قلت له إحنا هذا مختلفين.
أحمد منصور: إنتوا كان من وجهة نظركم إيه؟
أحمد جبريل: إنه لا بدنا نعمق الخلاف ولابد إنه والله هذا..
أحمد منصور: بين مصر وسوريا؟
أحمد جبريل: بين مصر وسوريا بحيث سوريا لا تنخرط، خسرنا شيء لا نخسر كل شيء في هذا الشأن..
أحمد منصور: لكن كانت وجهة نظر جورج حبش ربما كانت صحيحة؟ ربما كانت وجهة نظر جورج حبش كانت صحيحة؟
أحمد جبريل: بدليل إنه بعد ذلك حيث سوريا صامدة عارف كيف..
(4/360)
أحمد منصور: سوريا لها حساباتها.
أحمد جبريل: طيب بأعرف بالنهاية لم تنخرط في برامج التسوية هذا الكلام من 1973 هلا إحنا في 2004..
أحمد منصور: ربما لأن القطار فاتها فأحبت أن تركب قطارا آخر؟
أحمد جبريل: هلا المهم إنه هي صامدة وثابتة على المواقف..
أحمد منصور: وفق حسابات ربما تختلف مع حساباتكم أنتم.
”
قررت الجبهة الشعبية عقد مؤتمر وطني فلسطيني في بغداد لسحب الشرعية من ياسر عرفات مما يعني حرب فلسطينية فلسطينية على الأراضي اللبنانية
”
أحمد جبريل: مضبوط بس إحنا بيهمنا أيضا النتائج في هذا الموقف، أيضا وقفوا الأخوان في الجبهة الشعبية عارف كيف في ذلك الوقت وقلنا شركاءنا يطرحوا إنه نعمل مجلس وطني فلسطيني في بغداد ونسحب الشرعية من ياسر عرفات وبدؤوا حتى يسفروا بعض الأخوان إلى الخليج إلى هون بشأن التحضير لهذا المجلس، إحنا في الجبهة رغم خلافنا مع الأخ ياسر عرفات كنا نقول إنه مثل هذا الموضوع يعني هذه حرب فلسطينية فلسطينية على الأرض اللبنانية في هذا الموضوع، فلذلك إحنا كنا نُصعِد في الداخل ضد العدو الإسرائيلي حتى نشد الناس باتجاه العدو..
أحمد منصور: ألم يكن هذا في النهاية تخبط فلسطين داخلي؟
أحمد جبريل: ممكن إنه تسميه يعني..
أحمد منصور: وألم يكن هذا في النهاية أنتم في النهاية عرفات لم يستطع أن يجني في النهاية ما كان يستطيع أن يجنيه في تلك الفترة؟
أحمد جبريل: لا ما كان ما.. فيه سراب ما كان موجود شيء يعني من شان نكون إحنا يعني دقيقين لو فيه..
أحمد منصور: ألم يقال بأن إسرائيل سوف تخرج من الأراضي المحتلة عام 1967 ومن الجولان ومن سيناء، خرجت من سيناء فقط كما يقول المصريون الآن؟
أحمد جبريل: هذا بعد سنوات..
أحمد منصور: في 1978 - 1979؟
أحمد جبريل: 1979..
أحمد منصور: وأحتفل السادات المفروض يكون 1982 كان الخروج النهائي.
(4/361)
أحمد جبريل: عم بأقول لك يعني هذا الكلام بعد ست سنوات أو سبع سنوات في هذا الأمر..
أحمد منصور: يعني لو أنتم بدأتم في هذه المرحلة كما يقول دعاة التسوية ألم يكن الفلسطينيين قد يعني جنوا أفضل مما جنوه في المرحلة الأخيرة؟
أحمد جبريل: أنا ما بأعتقد يعني الحسابات هيك بتكون بها الشكل هذا، إحنا عارفين إنه أي صفقة بدها تيجي بدها تيجي دائما تحكمها موازين القوى والعدو لم يخرج..
أحمد منصور: كان موازين القوى في ذلك الوقت أفضل مما كان عليه في أوسلو.
أحمد جبريل: مضبوط بس أنا ما كانت بتُمكِنا إنه نستطيع نحصل على شيء حقيقي وفعلي ولا نفرط في الهدف الاستراتيجي.
أحمد منصور: إذا كان كما قال أبو إياد في كتابه إن السادات أبلغهم في سبتمبر 1973 بأنها حرب تحريك ودعاهم أن يأتوا معه بعد ذلك كان عرفات موجودا وأبو إياد أيضا يشير إلى أن هناك أشياء كثيرة تمت بينهم وبين السادات بعد ذلك كانت تبين أنهم على الخط، ما الذي جعل عرفات يتراجع عن الدخول في عملية التسوية وكان قد أُعِد له كرسي للجلوس ومنضدة في..
أحمد جبريل: في مينا هاوس.
أحمد منصور: في مينا هاوس.
[فاصل إعلاني]
أحمد جبريل: هو بعد ما بدأ الخلاف المصري السوري حول موضوع التسوية إحنا بصراحة تنفسنا الصعداء، إنه معنى ذلك أن الجغرافيا السياسية لن تصاب بخلل، صحيح مصر لها ثقل سياسي لكن الجغرافيا بتعرف لها أهمية كبيرة في هذا الموضوع، هون بدأت تتغير الخريطة على الساحة الفلسطينية..
أحمد منصور: يعني إنتوا لعبتوا دور في هذا الخلاف؟
أحمد جبريل: طبعا بأقول لك إحنا يعني وأنا ما بدي أقول والله إحنا اللاعبين الأساسيين ولكن لعبنا دور كجبهة رفض في إنه والله نبعد سوريا عن مصر.
أحمد منصور: ربما دعاة التسوية يعتبرونكم مخطئين الآن ويحملونكم مسؤولية ما حدث من نتائج بعد ذلك؟
(4/362)
أحمد جبريل: يعني هذا الموضوع متروك للتاريخ يعني في هذا الشأن، هون في الساحة الفلسطينية تغيرت الخريطة بدأنا جبهة الرفض لحالنا كنا لا صار انضم لنا الصاعقة وزهير محسن والجبهة الديمقراطية صارت أيضا تتحدث بها والقسم الكبير..
أحمد منصور: اللي قاعد في سوريا والتمويل السوري كل من مع سوريا أنضم لكم.
أحمد جبريل: والقسم الكبير من فتح عارف كيف القسم الكبير من فتح إنه.. فيه قسم بداخل فتح بدأ يخاطر ويقول أن مصر هي اللي ممكن تجيب لي الحل، هي صاحبة القرار، هي الآن الصديقة مع أميركا، هي اللي ممكن تجيب لي وأنا ما بدي أهتم بالجغرافية السياسية.
أحمد منصور: الآن هذا الاتجاه الذي مشت فيه جبهة الصمود والتصدي.
أحمد جبريل: عم بأحكي لك يعني هذا الموضوع بعد الـ1974 - 1975 هو بالـ1974.
أحمد منصور: أريد في هذا الإطار أيضا أن نفهم الخريطة اللبنانية في ظل هذا الوضع الذي كان يجري على الساحة الفلسطينية تجاه عملية التسوية، نريد أن نفهم أيضا بشكل سريع أيضا أجواء الخريطة اللبنانية وكيف تصاعدت الأمور ووصلت إلى المواجهة في 13 أبريل 1975؟
أحمد جبريل: يعني إحنا كنا قبل أبريل 1975 بتحدث مثل ما حكينا مشاكل بينا وبين اللبنانيين، لكن كان من خلال التحالف السوري المصري يلعب دور إطفاء لها المشكلات، نتجنب هذه الأخطاء مرة هنا.. كان فيه يعني إمكانية لاستيعاب هالمشكلات اللي كانت تحدث بينا وبين اللبنانيين.
مسؤولية الفلسطينيين عن حرب لبنان
أحمد منصور: طب جوزيف أبو خليل في كتابه قصة الموارنة في الحرب اللبنانية بيقول جملة آمل أن تقول لي هل تتفق معها أم لا؟ يقول أن الحرب الأهلية اللبنانية بدأت حقيقة عام 1969 وليس عام 1975 عندما انتقلت الثورة الفلسطينية إلى لبنان وراحت تتحدى الدولة اللبنانية وسيادتها.
أحمد جبريل: هلا هو المارونية السياسية بتعتقد هذا الكلام..
أحمد منصور: لكن أليس هذا حقيقة أيضا؟
(4/363)
أحمد جبريل: لا ما هو إحنا..
أحمد منصور: لأن بعد اتفاقية القاهرة بدأ الصراع يتصاعد بين الموارنة تحديدا وبين الفلسطينيين وأيضا بين القوى الوطنية الفلسطينية وبين الموارنة؟
أحمد جبريل: يعني إحنا بعد ما طُرِدنا من الأردن عارف كيف ما كان أمامنا غير الساحة السورية والساحة اللبنانية وكنا نسعى باستمرار لتثوير الضفة الغربية وقطاع غزة ولم تكن هناك ظروف مهيأة..
أحمد منصور: هو الشاهد هنا أنكم انتقلتوا بنفس الأخطاء والمشاكل والسلوك والتصرف اللي كنتم بتمارسوه في الأردن مارستوه تماما في لبنان؟
أحمد جبريل: قلنا لك إحنا ما تم علمية وقفة لما حدث في الأردن، لو تم وقفة جدية في المجال العسكري والتنظيمي أنا ما بأعتقد إنه هالشيء.. لكن أنا من شان أكون دقيق..
أحمد منصور: لكن هنا عشان منفعكوش من الخطأ من البداية حتى لا نعفيكم من الأخطاء من البداية حينما لم تقيموا وضعكم في الأردن نقلتم أخطاؤكم نفسها إلى لبنان؟
أحمد جبريل: هذا مضبوط يعني أنا ما عم بحكي عم بأقول إحنا ونعترف إنه هذا الموضوع لم يحدث مثل هذا التقييم لكن أنا بدي أكون كمان..
أحمد منصور: أليس هذا يحملكم مسؤولية كبيرة في الحرب اللبنانية وأسبابها قبل بدايتها؟
أحمد جبريل: أنا دائما أحمل الجسم الأكبر في هذا الشأن، الوحدة الوطنية الفلسطينية لم تكون في يوم من الأيام وحدة حقيقية، عارف كيف كانوا الأخوان في فتح مهيمنين على الساحة الفلسطينية ويعتبرون الآخرين..
أحمد منصور: هم الجسم الأكبر، الدعم بيجي لهم، الفلوس عند أبو عمار.
أحمد جبريل: عم بأقول لك لذلك يجب هم أن يتحملوا هذا الموضوع وهم بدؤوا ينظروا إلى لبنان وكأنها طائرة مخطوفة عارف كيف يريدوا أن يساوموا عليها بإيجاد أي حل، بينما إحنا لا إحنا كنا..
أحمد منصور: أنتم شاركتم كما شاركتم فيما حدث في الأردن عشان قلتم أنكم موجودين أيضا شاركتم فيما حدث في لبنان.
(4/364)
أحمد جبريل: هلا إحنا حاولنا.. أنا لا أريد أن أبرئ أنفسنا من الأخطاء لأنه إحنا بشر وممكن نخطئ لكن كنا بنحاول باستمرار كيف ننجز برنامج وحدة وطنية حقيقية وكنا نقول مين هي الثورة في هالعالم اللي انتصرت وما كان فيه وحدة حقيقية في فيتنام ولا الجزائر ولا في أي تجربة من تجارب العالم، لماذا لا نصنع وحدة حقيقية؟ فكان هناك محاولة من الهيمنة من الأخوة في فتح على القرار مرة يلجؤوا إلى لجنتهم المركزية مرة إلى اللجنة التنفيذية ويتم التلاعب رغم مشاركة الفصائل الأساسية في تشكيل منظمة التحرير.
أحمد منصور: لو عدت إلى حادث الكنيسة وهو الحادث الذي قبل عشرة..
أحمد جبريل: بس هو قبل أحكي لك إحنا بالـ1974 مثل ما حكينا جبهة رفض موجودة خفنا يتم الاشتباك بهالموضوعات هذا تحاورنا..
أحمد منصور: اشتباك مع من؟
أحمد جبريل: اشتباك بين التيارين في داخل منظمة التحرير التيار الرافض..
أحمد منصور: المؤيد للتسوية.
أحمد جبريل: والتيار المؤيد للتسوية بعد حرب تشرين، في الـ1974 عقدنا مجلس وطني فلسطيني في القاهرة عارف كيف وأردنا أن نخرج..
أحمد منصور: هذا الذي أشرتم عنه من قبل.
أحمد جبريل: أردنا أن نخرج ببرنامج سياسي مشترك بينتنا أولا نمنع الانفجار الداخلي على الأرض اللبنانية بين بعضنا البعض رغم إنه حدثت حوادث عديدة يعني.
أحمد منصور: هذا كان في يونيو 1974.
أحمد جبريل: يونيو 1974 ووصلنا إلى النقاط العشر الذي بيعتبرها مرات الأخ ياسر عرفات أنها هو ما يقوم به هو تنفيذ للقرارات لهذا البرنامج رغم إنه إذا رجعتم لهذا البرنامج هذا البرنامج..
أحمد منصور: هذا كان مقدمة للاعتراف بإسرائيل.
(4/365)
أحمد جبريل: لا أبدا يقول أننا نحن يعني ننشئ دولة فلسطينية على كل جزء يتم تحريره بدون مفاوضات أو اعتراف بالعدو هذا لب البرنامج النقاط العشرة فيها وكنا غايتنا بالأساس هو مثل ما قلنا إنه منع عملية تفجر الساحة الفلسطينية على الأرض اللبنانية هذا بالـ1974 عارف كيف، لما اشتد الصراع بينتنا والعمليات مع الإسرائيليين الإسرائيليين واجهوا الآن عمليات ما كان يعهدوها في السابق والحاجز الأمني اللي عاملينه..
أحمد منصور: أنا بأقول لحضرتك إن في 1974 عشر عمليات فقط التي نُفِذت.
أحمد جبريل: لكن يا سيدي عشر عمليات استشهادية احسب شو الخسائر اللي دفعوهم العدو الإسرائيلي خسائر كبيرة.
أحمد منصور: يعني كأن الفصائل التي اتجهت إلى التسوية لم تكن تقاتل معكم؟
علاقة إسرائيل بالموارنة واشتعال الحرب الأهلية
أحمد جبريل: عم بأقول لك يعني هذا الموضوع ما حصل فعلا في هالشيء بالإضافة إلى عملية تراشق بالكاتيوشا ولا المستعمرات والمدن وإلى.. في شمال فلسطين هذا الموضوع أنا بأعتقد أن الإسرائيليين بدؤوا يفتحون خطوط مع المارونية السياسية لافتعال الحرب الأهلية اللبنانية وهذا ما بده يجينا..
أحمد منصور: أعلنه إيغال ألون في ثلاثة يونيو 1975 عن وجود علاقة إسرائيلية مع الموارنة وفي 22 يونيو 1975 أيضا دخلت أول كتيبتين سوريتين إلى لبنان، لكن في ثلاثة يونيو 1975 إيغال ألون أعلن رسميا وجود علاقة مع الموارنة.
أحمد جبريل: يعني هذا مثل ما قلت لك أن الإسرائيليين للأسف استنجدوا في الموارنة لضربنا في مؤخرتنا وفي ظهرنا عارف كيف في هذا الشأن ليخففوا الجهد ليسحبوا جهدنا القتالي في مواجهتهم إلى الخلف باتجاه بيروت والمناطق اللي هي متواجدين فيها.
أحمد منصور: مرة أخرى البندقية الفلسطينية لم توجه إلى الإسرائيليين وإنما وُجِهت إلى طرف عربي هو اللبنانيين واندلعت الحرب فعليا في 13 أبريل 1975 لكن أنا عايز أسألك..
(4/366)
أحمد جبريل: أولا أنا بدي أصحح لك يعني الحادثة تبع عين الرمانة عارف كيف ليس كما أوردت أنت إحنا كنا.. عم بأقول لك يعني..
أحمد منصور: كل المصادر تقول ذلك.
أحمد جبريل: معلش يعني إحنا كان عندنا احتفال مركزي بالذكرى السنوية الأولى لعملية الخالصة الاستشهادية في مهرجان في بيروت الغربية وكان هناك أخوة لنا جايين ومدنيين من تل الزعتر، هذا تل الزعتر لما بده يعبر بده يعبر مناطق مسيحية، رغم هالشيء لأنه كان فيه توتر طلبنا منهم حين حضورهم أن يأتوا متجنبين نسبيا المناطق اللي ممكن مكتظة بالسكان وحضروا المهرجان هم راجعين وهو أتوبيس يحمل ثلاثين- 35 إنسان ولا معهم لا قطعة سلاح ولا.. هم راجعين هذا الأتوبيس الوحيد كان جاي من تل الزعتر عشرة أو 15 باص هذا مسكين قال أروح أنا من الطريق المختصر على تل الزعتر ما فيه شيء..
أحمد منصور: علشان الحر طبعا.
أحمد جبريل: فمروا من عين الرمانة، يقال أن هناك مشكلة حصلت في افتتاح الكنيسة بين الحزب القومي والكتائب وأُطلِقت النار..
أحمد منصور: يقال الحزب القومي السوري ولكن فيه مصادر تقول إن مقاتلين من طرفكم أنتم بما فيها مصادر المخابرات الإسرائيلية.
أحمد جبريل: لا وكان الباص الموجود من المدنيين ونساء وأطفال وليس معهم قطعة سلاح واحدة، فتم ضرب هذا الباص بوحشية وقُتِلوا كل ركابه فعملنا اجتماع في بيروت.
أحمد منصور: مين حضره؟
أحمد جبريل: كان أبو عمار بأذكر مسافر بره، كان المرحوم أبو إياد وإحنا وكل الفصائل عارف كيف تم مناقشة ما حدث في عين الرمانة فكان فيه هناك اتجاهين اتجاه هل ننجر للرد عليهم وتقع حرب أهلية، اتجاه كان يقول لا خلينا نرد عليهم بطريقة أخرى فيه ناس إنه خلينا نستوعب اللي حصل..
أحمد منصور: مين دعاة هذا ومين دعاة هذا؟
(4/367)
أحمد جبريل: يعني أنا من شان أكون دقيق إنه أذكر جيدا إنه الأخ أبو إياد كان مع التصعيد يعني بهالشيء إحنا كنا نقول يجب أن نرد ولكن ليس بالطريقة العشوائية يعني نمسك نقصف مدنيين وهكذا مين؟ هم الكتائب؟ نقتص من هالقيادات تبع الكتائب.
أحمد منصور: يقولون أنت الذي تزعمت هذا الأمر؟
أحمد جبريل: هه؟
أحمد منصور: يقولون مصادر مطلعة تشير إلى أنك أنت الذي تزعمت الرغبة في الانتقام؟
أحمد جبريل: انتقام من..
أحمد منصور: حتى أن الإسرائيليين وفق إسرائيل كانو يقولون إن أحمد جبريل بهذا القرار أضعف القدرة العسكرية التقليدية للفلسطينيين إلى الأبد يعني هم قلبهم عليكوا الإسرائيليين.
أحمد جبريل: أنا قلت إنه يجب ألا تمر هذه الحادثة ببساطة ولكن يجب أن يكون الرد تبعنا رد مدروس ويستهدف قيادة الكتائب وليس الناس المدنيين وأذكر جيدا أني سافرت لدمشق بدليل هذا اللي عم بأحكيه وأنا في دمشق ولا سمعت أن هناك المدفعية الفلسطينية بدأت تقصف عين الرمانة والمناطق المسيحية قصف عشوائي وبدأت الحرب الأهلية وكانت هذه الحرب بشعة كثير وإحنا بدأنا نشعر في خطورتها لأنه هي معنى ذلك استدراجنا لمعركة تبعدنا عن الصراع مع العدو الإسرائيلي في هذا الشأن.
أحمد منصور: في 15 أبريل انضمت أحزاب المعارضة اللبنانية إلى التنظيمات الفدائية وطالبت بعزل الكتائب، حينما انطلقت الرصاصة الأولى هل كنتم تتصوروا أن الحرب يمكن أن تصل إلى المدى الذي وصلت إليه؟
أحمد جبريل: إحنا كنا خايفين لذلك كنا نحاول بشتى الوسائل ما ننجر إلى هذه الحرب بدليل إحنا لم نسحب مقاتلينا من جنوب لبنان إلا بعد ستة أشهر من بدء الحرب الأهلية في عين الرمانة اتخيل يعني ستة أشهر ما دخلنا أحد..
أحمد منصور: كيف كانت خريطة القوى الفلسطينية على الأرض وكيف كانت خارطة المعركة؟
(4/368)
أحمد جبريل: في الخريطة اللبنانية يعني كانت هناك أحزاب لبنانية وأحزاب تنقسم مع بعضها وتفرخ وكانت هناك مجلس قيادة للأحزاب اللبنانية مشكل من ثلاثين واحد الحزب مقسوم لحزبين وكلهم يُموّلوا من الأخوة في فتح من أبو عمار بالسلاح والمال وإلى آخره فكانوا كلهم ينادوا..
أحمد منصور: فيما أُطلِق عليه الجبهة الوطنية اللبنانية.
أحمد جبريل: الجبهة الوطنية، كانوا كلهم ينادوا..
أحمد منصور: في المقابل؟
أحمد جبريل: عم بأقول لك لا كان بالمقابل الكتائب والأحرار عارف كيف وهناك جيش..
أحمد منصور: شمعون يعني.
أحمد جبريل: لشمعون وجيش لبركات انشق والجيش البناني قسم منه انشق معنا اللي هو كان يتزعمه..
أحمد منصور: أحمد الخطيب.
أحمد جبريل: أحمد الخطيب في هذا الشأن..
أحمد منصور: لكن الجيش اللبناني انتهى خلاص بقى أغلبية الجيش تابعة للموارنة وقسم أحمد الخطيب تابع له.
أحمد جبريل: قسم يعني إتقسمت لبنان عارف كيف باتجاهين يعني معينين، هون بدأت هذه الحرب..
أحمد منصور: شعرتم بأيدي خارجية من البداية في الحرب؟
أحمد جبريل: هه؟
أحمد منصور: شعرتم بوجود أيدي خارجية من البداية في الحرب؟
أحمد جبريل: ما هو حتى الوثائق اللي هلا أنت بتحكيها إحنا عندنا وثائق عندما بدأت هذه الحرب بدأ الاتصال مع الإسرائيليين من الكتائب ومن الأحرار مع الإسرائيليين والاجتماعات ونقلوا لهم السلاح والعتاد لحتي يشغلوننا في جبهة جديدة وإحنا كنا عارفين أنه هدف هذه المؤامرة بدليل إنه منذ بدء هالحرب اللي بدأت بشهر نيسان لنهاية العام قبل نهاية العام يعني بشهر 11 لا سحبنا المقاتلين من مواقعهم في مواجهة العدو الإسرائيلي إلى بيروت ومتى بعد ما سقط النبعة وسقط مخيم ضبي للفلسطينيين والكرنتينا..
أحمد منصور: كانت مسؤوليتك عن إيه أنت وتنظيمك؟
أحمد جبريل: لا أنا بأحكي لك ليش إحنا..
أحمد منصور: ما هو أنا عايز آخذ مسار الحرب شوية شوية.
(4/369)
أحمد جبريل: هذا إحنا..
تصاعد الحرب
أحمد منصور: كيف الآن تصاعدت شرارة الحرب؟
أحمد جبريل: تصاعدت هي بدأت هالحرب هاي فأخذت الحرب قضم المواقع المنعزلة..
أحمد منصور: إحنا في إبريل الآن 1975.
أحمد جبريل: بعدها يعني في مخيم مثل ضبي عندنا هذا قريبا لجونيا فيه من إخواننا الفلسطينيين من إخواننا المسيحيين حاصروه الكتائب واحتلوه، منطقة النبع الكرانتينا جيوب محاصرة يعني، بالمقابل أيضا عندهم كان جيوب مثلا في الدامور وفي السعديات والجية كمان تم السيطرة عليها فصاروا وكأنه فيه تقسيم جغرافي بين.. وجبهة وخط وتماس، فالمارونية السياسية اللي هي قوات اللي كنا نسميها الانعزالية تقدمت في بيروت إلى مناطق ساحة البرج ومناطق السوق التجارية أخذتها والفنادق حتى وصلت بلشت تصل إلى شارع الحمرا والبنك المركزي تقنص عليه يعني إذا امتدت إلى شارع الحمرا معناه صار وضعنا صعب للغاية، فهون إحنا احترنا عاد وهذا الكلام في شهر عشرة أو نصف عشرة..
(4/370)
أحمد منصور: أكتوبر 1975 لكن خليني أقول إيه التطورات السياسية اللي جرت على الساحة بسرعة، أُجبِر رشيد الصلح.. أولا في ثلاثة مايو شكلت لجنة مراقبة لوقف إطلاق النار ولكن لم يتوقف إطلاق النار، رشيد الصلح رئيس الوزراء أُجبِر على الاستقالة في 15 مايو 1975 بضغوط مارونية، في 23 مايو 1975 ألف سليمان فرنجية حكومة عسكرية برئاسة الجنرال نور الدين الرفاعي وطمأن وزير الداخلية الجديد الجنرال سعيد نصر الله منظمة التحرير بأن لبنان سيحمي نضال الشعب الفلسطيني لكن لم يتم شيء، 28 مايو عُهِد إلى رشيد كرامي بتأليف حكومة جديدة عقد علي حسن سلامة بصفته رئيس مخابرات منظمة التحرير اتفاقا سريا مع الموارنة إلا أن القوى الفلسطينية الأخرى بخلاف فتح كانت ضد هذا وربما أنتم أيضا كنتم ضد هذا وطبعا لاقيت صموئيل كاتز في كتابه يقول إن العلاقة كانت قوية بين علي حسن سلامة وبين بشير الجميل وقال إن كلا الرجلين كانا على علاقة بالـ(CIA) ولكن لا ندري مدى دقة هذه المعلومات، كانت جولات كيسنجر على الطرف الآخر أيضا تدور، في ثلاثة يونيو 1975 وزير الخارجية الإسرائيلي إيغال ألون أعلن رسميا عن وجود علاقة إسرائيلية مع الموارنة، في 22 يونيو دخلت أول كتيبتين سوريتين إلى لبنان ولكن مع صمت إسرائيلي أو إسرائيل اعتبرت هذا شيء.. أميركا سكتت عن هذا الأمر وإسرائيل اعتبرت أن هذا شيء أيضا ممكن أن يكون بالنسبة لها، في منتصف سبتمبر 1975 اندلع القتال في قلب بيروت مرة أخرى في أعقاب الاتفاقية الثانية لفصل القوات بين مصر وإسرائيل التي أعلنها كسينغر وربما هذا ما تتحدث عنه.
(4/371)
أحمد جبريل: يعني إحنا هلا من خلال تصاعد هذه الحرب الأهلية اللي بدت مثل ما قلنا في شهر أبريل 1975 شعرنا إحنا بخطر مثل هذه الحرب إنه راح تأخذنا أو تحولنا من هدف إلى هدف آخر، الأخوة في سوريا كمان بدؤوا يشعروا وخاصة بدؤوا يشعروا في تعاون القوى الانعزالية المارونية مع الإسرائيليين فصاروا يأتوا إلى بيروت ويدخلوا في دور الوساطة بيننا وبين الأحزاب الوطنية والقوى الانعزالية لإيقاف هذا البرنامج، لكن ما كانوا قادرين الأخوة السوريين ولا إحنا الناس اللي متشجعين لوقف هذه الحرب الأهلية لأسباب متعددة؛ أولا فيه بعض الأطراف اللبنانية عندنا كان لها مصلحة في استمرار هذا الاقتتال، أيضا الإسرائيليين لهم مصلحة في استمرار هذا القتال وبدعم أجنحة في داخل الكتائب والأحرار اللي يهمهم هذا الشيء، أيضا داخل عامل اللي هو السادات كان بدأ الخلاف بينه وبين سوريا فأراد أيضا إنه والله يخلق مشكلة لللسوريين، حافظ الأسد وعى هذا الموضوع..
أحمد منصور: هنا سوريا بدأت تلعب دور رئيسي وابدأ به الحلقة القادمة لأن الدور السوري دور مهم أيضا معركة قلب بيروت في ديسمبر 1975 اندلعت بشكل كبير جدا وأنت لعبت بشكل شخصي أنت وقواتك دور رئيسي فيها نستعرضها بشكل متكامل في الحلقة القادمة، أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نتابع شهادة السيد أحمد جبريل على الحرب الأهلية اللبنانية، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/372)
الحلقة11(4/373)
الثلاثاء 27/4/1425هـ الموافق 15/6/2004م(آخر تحديث) الساعة 13:29(مكة المكرمة), 10:29(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 11
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
13/06/2004
- السبت الأسود
- دخول بيروت وحرب العصابات
- نهب البنوك والمتاجر
- الوحدة النضالية بين سوريا ولبنان
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
السيد أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيك.
السبت الأسود
أحمد منصور: لازلنا ندور في أوار الحرب الأهلية اللبنانية، في ديسمبر عام 1975 وقعت أحداث هائلة حيث قتل ثلاثمائة مسلم فيما عرف بيوم السبت الأسود واجتاحت الحركة الوطنية قلب بيروت ونهبت الفنادق وكان هذا تحولا في الانزلاق النهائي قبل الحرب بعد عدة محاولات لوقف إطلاق النار بين الموارنة وبين الحركة الوطنية والفلسطينية، طبعا في بداية يناير 1976 أو في 3 يناير تحديدا حوصرت المخيمات في تل الزعتر وجسر الباشا وضبية وعرضت حياة مائة وخمسين ألف شخص للخطر ولكن سأبقى في إطار ديسمبر 1975 حيث معركة قلب بيروت التي قيل أنك لعبت فيها دورا أساسيا ودورا هاما، كيف انزلقت الحرب إلى هذه المعركة وما هي طبيعة الدور الذي لعبتموه مع الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية الأخرى في تلك الفترة؟
أحمد جبريل: يعني كما قلت في السابق أن الوضع في لبنان هو وضع مشحون تاريخيا منذ الاستقلال يعني ودائما جاهز للتفجير يعني لذلك يعني.
أحمد منصور: خلاص فجرت وإحنا وصلنا لديسمبر 1975.
(4/374)
أحمد جبريل: لذلك تسارعت بشكل صار من الصعب السيطرة عليه، يعني إذا بدنا ناخد المسرح السياسي اللي كان موجود، كما قلت فيه أحزاب لبنانية متحالفة معنا هذه الأحزاب قسم منها يمكن متأثر في العراق والعراق كان ضد سوريا في ذلك الوقت، أيضا فيه بعض اللبنانيين من هذه الأحزاب يروا أنه يجب أن تنتهي الحالة الماضية في لبنان وأن يكون الموارنة هم يقودون لبنان فلذلك يجب إنه والله أن يهزموا وكانوا بيعتقدوا هؤلاء الناس إن ممكن يتم هزيمة الموارنة والوصول على جونيا وإسقاط الموارنة.
”
ما دعا الرئيس الراحل حافظ الأسد لطرح الوحدة بين سوريا النضالية والفلسطينيين عام 1974 خشيته من الوجود الإسرائيلي في جونيا والأشرفية، وشعوره بأن السادات قد يساعد في خلق مشاكل لسوريا
”
أحمد جبريل
سوريا كانت حذرة جدا كانت تشعر بالخطورة وكانت تدرس المسرح السياسي في الأرض اللبنانية وهذه الرمال المتحركة لذلك في 1974 و1975 طرح الرئيس حافظ الأسد دعانا إلى دمشق وطرح الوحدة بين سوريا النضالية مع الفلسطينيين، كان هو يهدف طبعا إلى أمور متعددة أولا طمنا إنه انتم لن تكونوا وحيدين ولن يحدث ما حدث معكم في الأردن لأنه إحنا سنكون معكم في هذا الموضوع هو أراد أن يعني يحد من اندفاع الناس باتجاه الحرب الأهلية لأنه بدأ القوى المارونية تتصل بالإسرائيليين والوجود الإسرائيلي صار في جونيا وفي الأشرفية شيء عادي، أيضا بدأ يشعر إنه نتيجة خلافه مع السادات بدأ إنه والله ممكن السادات يساعد في خلق مشاكل لسوريا في هذا الموضوع، وإحنا اتجاه كنا نرى إنه هذه.. مثل هذه الحرب تبعدنا ولكن مثل ما حكيت أنت بما شفنا يوم الثلاثاء الأسود مجزرة تنعمل في منطقة المرفأ ووسط بيروت ويقتل المئات منها.
أحمد منصور: السبت الأسود.
أحمد جبريل: السبت الأسود فصارت الناس تقتل على الهوية هذا أحمد ولا محمد وهذا جورج فما عاد أصلا حرب ذات قيم أو ذات أخلاق هم.
(4/375)
أحمد منصور: أنا أريدك أن تفصل لي معركة قلب بيروت تحديدا.
أحمد جبريل: هذا هو مثل ما حكيت إنه إحنا ما أردنا أنه ندخل في هذه المعركة غير أنهم دخلوا جاب قواته ونشرها بمناطق الشياع والرمل الظريف وإلى آخره يعني كل ها المناطق والمصيبة إن القوى الانعزالية بدأت تدحش أو تحقق مكاسب أخذت الضيي في هذا المخيم أخذت كرانتينا التابعة حاصرت تل الزعتر دخلت بعدين منطقة البرج للفنادق اللي هي تعتبر من المناطق الغربية ومنطقة القنطارة وبدأت تقنص وتسيطر على شارع الحمرة هون إحنا وقعنا..
أحمد منصور: رغم إن عددكم كان أكبر من الموارنة؟
أحمد جبريل: ها؟
أحمد منصور: من المفترض عن أعدادكم أكبر من أعدادهم.
أحمد جبريل: إيه بس مثل ما قولت لك هم عم يقاتلوا دفاع عن نفسهم وهون دخل الإسرائيلي في دعمه في السلاح والعتاد في الموارنة في هذا الشأن فهون أصبحنا إحنا مجبرين فسحبنا إحنا ستمائة مقاتل من مقاتلينا اللي كانوا يقاتلوا الإسرائيليين إلى بيروت أنا كنت..
أحمد منصور: لا بس عشان الإسرائيليين مناحيم بيغن رئيس الحكومة أعلن في حوار نشرته مجلة(time) الأميركية في 14 أغسطس 1979 عن أن المليشيات المارونية تلقت من إسرائيل عام 1976 دعما ماليا مقداره مائة مليون دولار أميركي وأن هذا الدعم تضمن مائة وعشر دبابات وخمسة آلاف رشاش 12 ألف بندقية وتدريب ألف وخمسمائة رجل مليشيا في معسكرات جيش الدفاع الإسرائيلي.
أحمد جبريل: فنحن بدأنا نشعر إنه وكأن المعركة واحدة في الداخل يعني على حدود فلسطين أو في خلفنا في بيروت وبدأت بيروت الغربية مهددة بالسقوط بصراحة يعني منطقة رأس بيروت فأحضرنا هؤلاء المقاتلين ووضعناهم في الضاحية الجنوبية من بيروت.
”
المليشيات المارونية تلقت مساعدات ضخمة من الحكومة الإسرائيلية عام 1976، وهو ما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في حوار نشرته مجلة تايم الأميركية عام 1979
”
أحمد منصور
(4/376)
أحمد منصور: عددهم قد إيه تقريبا؟
أحمد جبريل: ستمائة تقريبا.
أحمد منصور: كلهم من تنظيمك أنت.
أحمد جبريل: من تنظيمنا إحنا لوحدنا.
أحمد منصور: بترتيب مع عرفات رتبت هذا؟
أحمد جبريل: لا بس لأنه أنا طبيعتي ما بحب هذه اللي اسمها القوات المشتركة العلميات المشتركة.
أحمد منصور: كان عدد قواتك الموجودة داخل بيروت قد إيه؟
أحمد جبريل: كانت مليشيات أما..
أحمد منصور: كان عددهم قد إيه؟
أحمد جبريل: المقاتلين هؤلاء أتوا من الجنوب.
أحمد منصور: المليشيات كان عددها قد إيه؟
أحمد جبريل: حوالي بكل حي وبكل منطقة مرات أنت بتوزع ألفين بندقية بس مثلا أما شوف عددهم ما بتقدر تعرف قد إيه.
أحمد منصور: لكن كمقاتل مدرب..
دخول بيروت وحرب العصابات
أحمد جبريل: وكمقاتل دخل أدخلنا إلى بيروت في شهر عشرة أو 11..
أحمد منصور: أكتوبر أو نوفمبر.
أحمد جبريل: عارف كيف وعسكرنا في الضاحية لكن هلا معركتنا في بيروت مختلفة عن معاركنا مع الإسرائيلي يعني تكتيكاتنا مختلفة.
أحمد منصور: الآن حرب شوارع.
أحمد جبريل: الآن حرب شوارع ومباني وهما مسكوا القوى هاي الانعزالية اللي بنسميها مسكت مواقع مهمة جدا يعني فنادق كبيرة جدا من أربعين طابق.
أحمد منصور: (Holiday In)؟
أحمد جبريل: مثل (Holiday In) فينيسيا (Hilton) يعني(Normandy) يعني مواقع مهمة كثير، كثير يعني برج المر إلى آخره يعني ومو سهل يعني، فقعدنا عشرين يوم خمسة وعشرين يوم نعطي محاضرات كيف قتال الشوارع.
أحمد منصور: منين جبت نظرية قتال الشوارع؟
أحمد جبريل: مثل ما قلت لك الحاجة أم الاختراع أولا عارف كيف، النقطة الثانية إحنا كنا دائما وكانوا بيعرفوا الإخوان في المقاومة لدينا معسكرات التدريب كانت معسكرات مثالية.
أحمد منصور: لكن هناك نظريات عادة أنت كنت بتنتهجها؟
أحمد جبريل: نظريات فإحنا هلا أمام واقع جديد..
أحمد منصور: أي تجربة سبق..
(4/377)
أحمد جبريل: حرب الشوارع حصل عندنا في عمان وفي دوار مكسيم عندما صدينا التوغل الجيش الأردني ودمرنا الدبابات اللي على دوار مكسيم، لكن هذا الموضوع راح أما هلا نحن أمام شيء جديد.
أحمد منصور: لكن أنا أريد لك من التاريخ من المصادر العسكرية من المعارك السابقة ما هي مصادرك أو الأشياء التي استندت فيها في وضع نظرية حرب الشوارع في بيروت؟
أحمد جبريل: يعني منشان أكون دقيق والله الحاجة أم الاختراع يعني أنا صرت أقوم باستطلاعات فأردت أنا أنه أخذ قطاع في بيروت ما موجود فيه أو فيه قلة من الناس، لأنه ما بريد أنا اختلاط قواتنا منشان ما الناس يتحملوا المسؤولية أنه والله لا هذا هرب لا هذا قاتل لا هذا، فأخذنا على المناطق الصعبة اللي كانت الناس بتخاف منها.
أحمد منصور: هل صحيح إلى تلك الفترة كان عرفات يقوم بدور الوسيط ولم تدخل فتح إلى تلك الفترة دخول قوي في الحرب؟
أحمد جبريل: إحنا ما بنقدر ننكر أنه عرفات لم يقطع علاقته مع هذه القوى ويحاول أن يهدئها منذ دخولنا للبنان لأنه الخطوط دائما مفتوحة، بس أما كل الناس حطت ثقلها لما سقطت ضبية والكرانتينة وجسر الباشا وإلى أخرها..
أحمد منصور: يقولون هو وضع ثقله بعد محاصرة المخيمات؟
أحمد جبريل: عم بقولك بدليل فتح هي اللي..
أحمد منصور: وحصار المخيمات كان في 3 يناير 1976؟
أحمد جبريل: قامت بفتح طريق الدمور وسعديات هما القوة العسكرية لفتح وكان يقودها الشهيد سعد صايل..
أحمد منصور: سعد صايل.
أحمد جبريل: عارف كيف يعني في ها الموضوع هاي فإحنا أخذنا هذه المنطقة اللي بيسموها القنطرة في مواجهة هذه القوة الكتائبية الشيمونية مع جيش بركات..
أحمد منصور: لم يكن قدرتوا موقف وحجم القوات الموجودة؟
أحمد جبريل: طبعا.
أحمد منصور: كان تقريبا حجمهم قد إيه؟
أحمد جبريل: هما كانوا أكثر منا عددا وتسليحا.
أحمد منصور: يعني إذا أنتم ستمائة مقاتل هما كانوا كام؟
(4/378)
أحمد جبريل: يعني هذه المنطقة لأنه هذه المنطقة مفتوح إمدادها لهم يعني مثلا الجية..
أحمد منصور: مفتوحة على المواني.
أحمد جبريل: والسعديات وإلى أخره..
أحمد منصور: والعمق الاستراتيجي لهم كبير؟
أحمد جبريل: كبير وبيقدر هاي جيوب محاصرة يعني مثلا والله أسقطوا مخيم ضيي لأنه موجود في مناطقهم وكله حوله..
أحمد منصور: أنا حاولت كثيرا أن أفهم الحرب على الأرض يعني من خلال المصادر المختلفة ومع بعض الذين عاشوا الحرب حاولت أن أفهم منهم حتى كانوا يقفوا بي يقول هذا كان شارع تماس وهذا كان كذا طبعا كان تصور الأمر صعب للغاية.
”
شارع الشياع بعين الرمانة مثال حي على نجاح أسلوب قتال الشوارع ضد العدو، لاسيما إذا ما اتبع التكتيك المفاجئ للخصم
”
أحمد جبريل
أحمد جبريل: هو مثل ما قلت لك يعني قتال الشوارع والمدن إذا ما اتبعت أنت التكتيك مفاجئ لخصمك اللي عم بتقاتله وبأساليب بدليل هذا شارع الشياع بعين الرمانة بقي خلال كل هذه الحرب وعرضه 15 متر لم نستطع هذه القوات تتجاوزه باتجاه عين الرمانة عارف كيف يعني تحت عاليه فيه قرى للمارونية السياسية بدادون وبسوس وإلى أخره والكحالة عملوا هجومات متعددة عليها رغم التفوق اللي بيسموه التعبوي لنا عارف كيف ما تم إسقاط هذه المواقع إحنا لجئنا إلى تكتيكات جديدة ومفاجئة.
أحمد منصور: أهمها؟
أحمد جبريل: يعني أهمها هي أولا عملية الخرق والالتفاف.
أحمد منصور: كيف؟
أحمد جبريل: يعني كنا نمسك وين نقطة ضعف معينة يعني مثلا أول شيء كان عندهم قلاع كبيرة مثل (Holiday In) اللي هلا موجود وهذا كان..
أحمد منصور: لازال لم يعمر إلى الآن.
(4/379)
أحمد جبريل: وهذا كان مزعج، مبنى ضخم للغاية ومحصنينه تمت محاولات متعددة لاستعادته لأنه هوا ماسك عقدة مواصلات متعددة وحطين عليه رشاشات خمسمائة وأثنى عشر وسبعة وقناصات شغلاتهم، إحنا جينا بدأنا قلنا أول شيء لازم نسقط (Holiday In) وفينيسيا هذا الفندق اللي جانبه لأنه هذا إذا أسقطناهم بنربح حالة معنوية عليهم أنه والله شو هذا القلعة اللي إحنا..
أحمد منصور: تكشفوا المنطقة كلها؟
أحمد جبريل: تكشف ها الشيء هذا بالعادة كانوا الإخوان يعني في الحركة الوطنية أو الفصائل الأخرى تواجه وتحاول تدخل على (Holiday In) من أماكن يعني أماكن قوة للخصم أنا جيت دخلت على هذا على فينيسيا من منطقة هما ما ممكن يتوقعوها وحفرنا وفتحنا ثغرة في الجدار يعني مش من البوابات فتحنا ثغرة بعرضها متر ونصف بارتفاع مترين بالأسمنت المسلح بالمتفجرات ورأسا دخلنا في داخل من ها الثغرة هاي.
أحمد منصور: من الخلف؟
أحمد جبريل: من الخلف عارف كيف..
أحمد منصور: من الشارع الصغير الضيق؟
أحمد جبريل: أي من شارع ضيق ولا يمكن هما يتصوره وما عندهم قدرة لتغليق ها المنطقة هاي ورأسا اندفعنا إلى داخل هذا الفندق وكانت هذه الثغرة في الطابق الرابع تحت الأرض تصور.
أحمد منصور: وكيف وصلتوا ليها دي منين؟
أحمد جبريل: من ها الثغرة هاي يعني الثغرة مواجهة..
أحمد منصور: يعني عملتوا ثغرة في الطابق الرابع تحت الأرض؟
أحمد جبريل: تحت الأرض عارف كيف ودارت معركة شرسة كثير بينا وبينهم.
أحمد منصور: كنت تقود أنت المعركة بنفسك؟
أحمد جبريل: وأنا كنت فيها.
أحمد منصور: كان معاك كام مقاتل تقريبا؟
أحمد جبريل: بهذه العملية كنا عبارة عن عشرين شاب بس.
أحمد منصور: فقط لا غير؟
أحمد جبريل: بس.
أحمد منصور: بقيادتك أنت شخصيا؟
أحمد جبريل: ما حبيت أنا أنه والله انه نظهر في حشود وكذا..
أحمد منصور: سلاحكم كان إيه؟
(4/380)
أحمد جبريل: عبارة عن البنادق والمعدلات يعني بس هذا اللي والقنابل اليدوية هما القوى الانعزالية فوجئت في هذا الموضوع ودارت المعارك في الطوابق بينا وبينهم وأنا أصبت يوميتها بطلقة في..
أحمد منصور: ركبتك؟
أحمد جبريل: في فخذي شفت يعني وضمدت الجراح وتابعنا لحتى نظفنا الفندق.
أحمد منصور: استغرقت المعركة قد إيه، استغرقت معركة الاستيلاء على الفندق قد إيه؟
أحمد جبريل: يا سيدي مع أخر ضوء.
أحمد منصور: كانت في الليل يعني؟
أحمد جبريل: يعني أي مع أول العتمة لوجه الصباح لحتى استطعنا إحنا..
أحمد منصور: في قوات إمداد جاءت..
أحمد جبريل: إليهم؟
أحمد منصور: لكم أنتم؟
أحمد جبريل: بعد ما دخلنا إحنا طبعا سيطرنا بره البوابات دخلنا قوات وهون لم يكن أحد لا من اللبنانيين ولا من الفصائل الفلسطينية وعلى شاهد العصر في أحد الأشخاص لا أريد أن أذكر أسمه أن قابلته..
أحمد منصور: أبو داود؟
أحمد جبريل: تبجح بهذا الموضوع وكأنه أحمد جبريل كان ضابط هندسي يعني وهو أخر من يعلم ولم يكن له دور في..
أحمد منصور: لا المصادر كلها تذكر دورك حتى الإسرائيلية في هذه المعركة.
أحمد جبريل: عم أقولك يعني ليس لهم فرأسا دخلنا مائة واحد بين فينسيا و(Holiday In) وارتحنا هناك وانقتل أعداد كبيرة منهم يعني الجثث كانت موجودة بالعشرات عارف كيف يعني.
أحمد منصور: صورت في بعض الكتب وكثير من المصادر.
أحمد جبريل: عشرات في ها الموضوع.
أحمد منصور: حتى القناصة..
أحمد جبريل: حتى أنا النزف اشتد في رجلي أخذت شاب معي مرافق لمدير مكتبي أبو نضال يعني ورحت على المستشفي.
أحمد منصور: الآن سيطرتم، تمكنتم من السيطرة؟
أحمد جبريل: يعني سيطرنا بس خايف أنا من هجوم معاكس.
أحمد منصور: على(Holiday In) وعلى فينسيا؟
أحمد جبريل: وعلى الفينيسيا بس أنا..
أحمد منصور: هذا كان في ديسمبر 1975؟
(4/381)
أحمد جبريل: في ديسمبر تماما فرحت على المستشفى البربير، أنا صورتي ما في حدا بيعرفها هيك الوقت مجهول، بيعرفوا فيه اسم فلان بس ما حدا بيعرفه دخلت على المستشفى وأنا شاب مرافق..
أحمد منصور: في الصباح؟
أحمد جبريل: ها؟
أحمد منصور: في الصباح؟
أحمد جبريل: لا بالمساء لأنه اشتد النزف لها الموضوع.
أحمد منصور: المعركة كانت نهارية؟
أحمد جبريل: لا ليلية.
أحمد منصور: ليلية نعم.
أحمد جبريل: ليلية بس إحنا سيطرنا يعني أجيت الساعة ثلاثة أربعة الصبح كنا سيطرنا.
أحمد منصور: مع أول ضوء يعني؟
أحمد جبريل: مع أول ضوء سيطرنا ها النزف حط أربطة وإلى أخره وخايف أنا أترك قبل ما تنتهي المهمة تفشل بصراحة عارف كيف فذهبت للبربير ودخلوني..
أحمد منصور: يعني بمائة مقاتل أنهيت المعركة؟
أحمد جبريل: طبعا سيطرنا على هذا وفي نادي أسمه نادي الضباط كان هلا انهدم، هدموه نادي الضباط (Holiday In) الفينيسيا وصارت سان جورج ساقط لأنه صار وراءها.
أحمد منصور: تحت مرمى النيران؟
أحمد جبريل: ورانا في ها الموضوع ها ففي المستشفى قالوا لي..
أحمد منصور: أنت كده قطعت الطريق تماما على القوى؟
أحمد جبريل: لا ما قطعت يعني أردنا أنه هذه كانوا يعتبروها قلاع فها القلاع قلعة كبيرة يعتمدوا عليها لما أنت تحتلها وتأخذها منهم..
أحمد منصور: معنويا بترفع..
أحمد جبريل: معنويا هما سينهاروا في ها المواضيع وأنا مرتب أنه في اليوم الثاني ما أعطي راحة نتابع ونستغل الانهيار المعنوي الموجود في ها الشأن، يعني ذهبت لأضمد الجراح طلبوا مني المستشفى بده تخدير ما بقدر أتخدر أنا ولا أروح قولت له فكان الطلقة شاقة الفخذ كله ويظهر حارقة كمان حارقة يمسكوا يخيطوا يفلت الخيط عارف كيف قالوا بدك تنام قلت له ضمده قولك يا أخي أنت شو بدك في ها الموضوع وقعدت لأنه خفت أنا..
أحمد منصور: بدون بنج؟
أحمد جبريل: بنج موضعي يعني بس بقى عارف كيف..
(4/382)
أحمد منصور: وخيط لك ورجعت؟
أحمد جبريل: ها؟
أحمد منصور: خيط لك ورجعت؟
أحمد جبريل: أه خيط عارف كيف وحطيت ورأسا رجعت منشان ما يصير بتعرف دائما القيادي مهم في المعركة.
أحمد منصور: أكيد.
أحمد جبريل: ومثل ما توقعت صباحا قاموا بهجوم معاكس هما عارف كيف لاسترداد المواقع فشلوا وأوقعنا فيهم خسائر، كنت وقتها محضر أنا أيضا سرية تلتف من خلفهم.
أحمد منصور: قد إيه عددهم؟
أحمد جبريل: سرية بحدود المائة واحد عارف كيف وهاي توجهت إلى يعني منطقة اللي هي بتجاه فندق(Holiday) هلا إذا بتروح وتشوف لسة هلا ما عمروه حتى.
أحمد منصور: بيعيدوا تعميره.
أحمد جبريل: ومبنى هلا بتذكره أسمه كبير سوق تجاري موجود هناك حتى أقطع عليهم الطريق، هم حطين متاريس في الطرقات..
أحمد منصور: نعم اسمنتيه.
أحمد جبريل: متاريس وقاعدين حاطين رشاشاتهم إحنا منشان نفتح ثغرات في الأبنية من مبنى لمبنى بالمتفجرات وندخل من مبنى إلى مبنى لمبنى ما يشوفونا إلا صرنا وراء المتاريس فيفاجؤوا هم.
أحمد منصور: ماكنوش ينتبهوا لقوة التفجير؟
أحمد جبريل: معركة قائمة عارف كيف.
أحمد منصور: عارف ده اللي بيحصل.
أحمد جبريل: وأنا شفته مرة ثانية فجروا عبارة عشان ما يصير قنص شيء من مبنى لمبنى ونلتف عليهم.
أحمد منصور: من الخلف؟
أحمد جبريل: من الخلف.
أحمد منصور: تقطعوا خطوط الإمداد وتحاصرهم.
(4/383)
أحمد جبريل: نقطع الطرق ونسقط المتاريس اللي كانوا عملينها والله أذكر جيدا أنه ما كان يعني بنيتنا إحنا إيقاع خسائر كبيرة يعني حرب قذرة ما كنا متشجعين كنا مجبرين على هذا الموضوع أنه جيت والله فتحنا ثغرة هيك والمتراس تحت منا وعشرة إذا شاب بده يمسك قنابل يدوية يرمي معي كنا شي ستة سبعة يعني فاتحين قلت له لأ، فتحنا الشباك وصرخت عليهم بصوت قوي جدا يا كلاب يا قذرة .. تركوا أسلحتهم وظلوا هربانين يعني عارف كيف، نوع من الحرب المعنوية كنت محضر سيارات وعليها ميكرفونات تتحدث معهم لها الناس.
أحمد منصور: يعني استخدمت الحرب النفسية مع السلاح؟
أحمد جبريل: الحرب النفسية.. الطرق والشوارع فيه شوارع رئيسية أساسية.
أحمد منصور: طبعا أنا عمال أتخيل المنطقة الآن وكل من يعرفها يتخيلها.
أحمد جبريل: وممكن تسأل الناس اللي هناك لا يزالوا يتذكروا هذا الموضوع هذه الشوارع الرئيسية رأسا نمسك من أثوابها هناك منطقة تجارية أثوابها القماش هاي ورأسا واحد يأخذ حبل ويروح على الطرف الثاني من الشارع يسحب ها ثوب القماش يصير ستارة من هون لحتى أنت تحط أكياس الرمل لحتى يصير القناصة.
أحمد منصور: خط جديد.
أحمد جبريل: ما تقدر ها الشيء، فندق هذا الـ(Hilton) دخلنا عليهم من فتحات التهوية وعملينوا قلعة من القلاع، فتحات التهوية كان فيه مبنى قريب منهم اسمه لسان الحال جريت للسان الحال دخلنا من هذا المبنى فيه عبارة عن عشر أمتار بين ها المبنيين فيه فتحات للتهوية كبيرة بعرض بقطر متر منها وفتنا وكانوا قاعدين هم وحتى معهم فتيات ودارت المعركة في موضوع.
أحمد منصور: يعني عكننتوا عليهم؟
(4/384)
أحمد جبريل: وتابعنا القتال وهم كانوا يقوموا بهجمات معاكسة وإذا بترجع هلا للأرشيف النهار كميل شامعون حاكي بكل موضوع بها الشيء قال أن أحمد جبريل يقاتلنا بالطريقة الفيتنامية يسقطوا منا المقاتلين يدوس على مقاتلين وهذه حقيقة إحنا خسرنا ستين سبعين شهيد ومائتين جريح من الستمائة يعني مو شغلة بسيطة، ظلينا متابعين لحتى وصلنا إلى الحوض الخامس أو السادس أسمه أخر حوض لميناء بيروت وأخذنا كل المناطق الفنادق والسوق التجارية.
أحمد منصور: والبنوك؟
أحمد جبريل: لأ البنوك ما عندنا دولا ناس آخرين اتجهوا للبنوك إحنا..
أحمد منصور: لأ خلينا هرجعلك للبنوك.
أحمد جبريل: لأ إحنا ما عندنا ما فيه منطقة فيها بنوك المناطق اللي فيها بنوك هي منطقة وسط بيروت من جهة الرمله.
أحمد منصور: أيضا كانت من ضمن المعركة؟
أحمد جبريل: بس هيدي إحنا ما قطعنا هذا لا البنك البريطاني ولا البنك..
أحمد منصور: يقولون أنكم أنتم الذين نهبتم البنوك؟
أحمد جبريل: يعني ما صحيح الكلام ما هو دقيق إحنا لم يكن.
أحمد منصور: مش دقيق يعني فيه بس فيه نسبة.
أحمد جبريل: عم بحكي لك أنا بعود أكمل لك يعني أكيد الوضع يعني وما كنا نتلفت مع أنه منطقة غنية للغاية هيك وحتى وصلنا..
أحمد منصور: يعني القماش عملتوه ستائر؟
أحمد جبريل: على ساحة البرج هلا إذا بتروح أنت إلى بيروت إذا في بيروت تزورها تشوف من وين بدينا وتصورها.
أحمد منصور: رقعة كبيرة هذا كله خلال يومين بس؟
أحمد جبريل: لأ 25 يوم.
أحمد منصور: 25 يوم.
(4/385)
أحمد جبريل: عارف كيف وقاموا بهجمات معاكسة، هلا إذا بترجع للأرشيف وبقولك أنا بعدين كميل شامعون شو حكى قرعوا أجراس الكنائس في المناطق الشرقية بكثروان أنه تعالوا يا جماعة هذا مو جيب محصور جيب مفتوح يعني إمداده سهل وكان بشير جميل في المعركة عارف كيف وبركات يعني وجها لوجه إحنا وياهم أوقعنا فيهم خسائر كبيرة وفنون قتال هم لم يعهدوها، يعني في السابق لوصلنا إلى ساحة البرج وأصبح أمامنا المركز الرئيسي الصيفي على الطرف الثاني من البرج ساحة البرج هون ساحة الشهداء، أنا أشتد الألم برجلي وصارت يطلع رائحة عفن حتى وأنا والممرض اللي معي هو اللي يقوم يضمد فجبت الطبيب قالي إذا ما بتتجبسن هي بده يصير غرغرينة في رجلك لأنه أنت عم تمشي وعم تفتح هذا لازم تثبت وتقعد منشان، قلت كيف أنا بدي أترك هون ولسه الاستنفار في كثروان وفي المتن وفي جونيا وإلى آخره بها الشيء والمنطقة اللي إحنا أخذناها منطقة غنية أسواق تجارية أغنى منطقة في بيروت.
أحمد منصور: فلوس، تجارة، بنوك، فنادق.
أحمد جبريل: تجارة، حملت حالي أنا طبعا إحنا أغلقنا.
نهب البنوك والمتاجر
أحمد منصور: طبعا يقولون أن فيه عملية نهب كبيرة تمت لهذه المنطقة وهي تحت سيطرتكم؟
أحمد جبريل: بحكي لك كيف صار، أغلقنا الطرق كل الجانبية بالألغام ميم ألف مشغول والميم دال حيث ما سمحنا بدخول ها المنطقة إلا من بوابات محدودة حاولت بعض المنظمات وفيه منهم قتلوا بعض الناس.
أحمد منصور: منظمات فلسطينية.
أحمد جبريل: فلسطينية ولبنانية عارف كيف.
أحمد منصور: للدخول للنهب يعني؟
(4/386)
أحمد جبريل: طبعا أثناء المعركة ما كنت أنا أقول أنه الجبهة الشعبية للقيادة العامة كنت أجيب اللبنانيين منشان والله تحت راية لبنانية المرابطون، الاتحاد الاشتراكي منير صياد وهلا يمكن بكره بيسمعوا أنه هم اللي دخلوا وهم اللي فاتوا وهم كذا حتى إبراهيم (كلمة غير مسموعة) والمرابطون هلا بيحتفلوا بمعركة الـ (Holiday In) وإلى أخره بها الأشياء.
أحمد منصور: الكل بيقول معركتنا.
أحمد جبريل: عم بقولك يعني هذا اللي حصل هذا بصدق يعني.
أحمد منصور: وهنشوف كلامك هيثير ردود فعل كثيرة.
أحمد جبريل: عم بقول لك يعني هذا أنا بحكيها والله مو بفخر يعني عارف كيف ولا مجبر وكنا بألم وفقدنا كوادر وشباب يعزوا علينا يعني من خيرة المقاتلين يعني، طب ماذا بدي أفعل يعني هذا هو الخلاص رجعناهم إلى ساحة الشهداء, رحت عند الأستاذ كمال جمبلاط على بيته واستقبلني استقبال رحب قلت له يا أستاذ كمال هي إحنا كانوا القوى الانعزالية في الكمبارة على بوابة الحمرة بعد عشرين خمسة وعشرين هاي رجعناهم إلى ساحة الشهداء.
أحمد منصور: مسافة قد أية كم كيلو تقريبا؟
أحمد جبريل: هذه مدينة ما بتقدر تقول أنت بالأمتار يعني عارف كيف شوارع كبيرة وضخمة وإلى أخره.
أحمد منصور: قلب بيروت يعتبر.
أحمد جبريل: قلب بيروت، قلت له أنا جاي لعندك وهاي منطقة غنية وإحنا سكرنا كل الشوارع بالبوابات بالألغام، أنت زعيم الحركة والأحزاب الوطنية أتفضل استلم هذه المنطقة بتعرفوا مين أصحابها ها الأموال لمين منشانها وصدقا حتى هذه الساعة ما فيه هناك يعني أنا بحكي لك.
أحمد منصور: تفتكر التاريخ بالضبط؟
أحمد جبريل: أنا برأيي لو تسأل أستاذ وليد جمبلاط لأنه..
(4/387)
أحمد منصور: سأسأله ولكن أنا عندي هنا إن عرفات أو فتح دخلت في ستة يناير عرفات عقد أول اجتماع ستة يناير 1976 عرفات عقد أول اجتماع ودخل به على خريطة أو قررت فتح أنها تدخل على الخريطة ستة يناير 1976 ترأس اجتماع للمجلس العسكري الأعلى لمنظمة التحرير للبحث في وضع المحاصرين طبعا في ثلاثة يناير حصرت المخيمات إمتى هذا؟
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: من ثلاثة يناير لبداية ديسمبر 1975 أنت قلت 25 يوم استمرت المعركة؟
أحمد جبريل: خمسة وعشرين يوم.
أحمد منصور: قبل حصار المخيمات ذهبت إلى جمبلاط.
أحمد جبريل: كان تل الزعتر محاصر.
أحمد منصور: يعني بدأ الحصار في ثلاثة يناير؟
أحمد جبريل: لا ومرات ينفك عنه لكن أذكر.
أحمد منصور: لكن الحصار الحقيقي تم في ثلاثة يناير وكله..
أحمد جبريل: بعد ما أسقطنا إحنا كل هذه المنطقة..
أحمد منصور: يعني نقول في أول يناير تقريبا أنت ذهبت إلى..
أحمد جبريل: الأستاذ كمال جمبلاط؟
أحمد منصور: كمال جمبلاط؟
أحمد جبريل: قلت له إتفضل أنتم حزب التقدمي وأحزاب الحياة استلموا هذه المنطقة، قالي يا عم أنا شو استلم المنطقة هايدي أنا كيف احميها هاي، قلت له إحنا سنبقى متواجدين على الواجهة مع القوة الانعزالية بحيث أن نمنعهم من أي هجمة معاكسة يعني بعمق أربعين خمسين متر شارع شارعين أما هاي من هون لهون أنتم يا أستاذ كمال أنتم بتعرفوا مين أصحاب هالعقارات قال لي يا عمي بالحرف الواحد لا تدخلني مشاكل مع العصابات السرقة والنهب والسلب، يا أستاذ كمال منشان الله فوقف هيك قالي أبو جهاد إحنا صرنا بالعالي بدنا نأخذ الكحالة وبسوس وبدادوم صار لنا سبعة أشهر كل يوم بيقولوا لي فيه هجوم منشان الله ها الرجال اللي عندك ابعث لي إياهم لهناك خلي بدنا ننهي ها الموضوع أنا ما كنت بعرف أن الأستاذ وليد جمبلاط ينتبه علي.
أحمد منصور: نعم كان شاب صغير.
(4/388)
أحمد جبريل: كان شاب فهو كان عم يسمع وعم يشوف أنا ما منتبه له هو أستاذ وليد ذكرني في هذه القصة قالي بتتذكر لما جئت للوالد هيك.. هيك .. هيك .. كذا أشياء، قال لي أنا كنت واقف وموجود على هذا الموضوع أنا اضطريت أنزل لدمشق حتى أعمل الجبس لرجلي ووصيت الشباب قلنا لهم أننا فقدنا خيرة شبابنا وهاي الجرحى فيا أخوان نرجوكم هذه المنطقة حتى نلاقي حل كيف يجي أهلها وشكلنا لجنة ليجي منشان أصحاب المحلات والناس يستلموهم بعد ما رفض الأستاذ كمال جمبلاط هذا الموضوع.
أحمد منصور: أنا أفهم من كلامك ده أن هذه المنطقة حينما كانت تحت أيدي الموارنة لم تمس المحلات ولم تمس البنوك ولم تمس الفنادق وأنها لم يتم نهبها وسلبها إلا حينما وقعت تحت أيديكم أنتم؟
أحمد جبريل: يعني ممكن يكون هذا الكلام دقيق، هما مثل ما قلت لك بسرعة يعني دخلوها عارف كيف بهجوم كبير كاسح دخلوها.
أحمد منصور: بقوا فيها كثيرا؟
أحمد جبريل: لا قلت لك لما بدءوا يدخلوا جئنا إحنا يعني قعدوا لهم عشرة خمسة عشر يوم عشرين يوم..
أحمد منصور: ما نهبووش حاجة؟
أحمد جبريل: فهم يعني ما صار الوقت الكافي لها الموضوع بينما إحنا قعدنا فترة طويلة إلى حين ما انتهت الحرب الأهلية، لها الموضوع..
أحمد منصور: لا بس دي كنقطة تاريخية بس علشان أيضا يكون فيها نوع من الإنصاف.
أحمد جبريل: ممكن أنا عم بحكي لك أن إحنا يعني ما شفنا يعني علاقة من النهب الكبير أو السلب الكبير لها الموضوع هذا..
أحمد منصور: يعني السلب والنهب تم بعد ذلك؟
أحمد جبريل: كيف اللي صار هذا وهذا بداية الانشقاق في الجبهة الشعبية للقيادة العامة اللي قادوه الأخوان في حركة فتح ضدنا عارف كيف.
أحمد منصور: طيب أنت الآن ذهبت إلى سوريا لتضميد رجلك.
(4/389)
أحمد جبريل: لتثبيتها، قبلها جمعنا كل الكادر القيادي يا أخوان هايدي أمانة، أمانة ما بدنا ينسرق شغل من هنا ما بدنا تنعمل أي موضوع إلى آخره وهيئة مغلقة كل الشوارع بالألغام ما في غير البوابات محدودة وهاي لجنة تشكل منشان تيجي أهالي أو أصحاب هذه المحلات لتستلم هذه المحلات.
أحمد منصور: مع من تحدثت بهذا؟
أحمد جبريل: مع لجنة شكلناها من عندنا من تنظيمنا.
أحمد منصور: من عندكم أنتم؟
أحمد جبريل: من عندنا.
أحمد منصور: إلى ذلك الوقت التنظيمات الأخرى لم تكن قد دخلت؟
أحمد جبريل: ما دخلت حاول تدخل بعضهم قتلوا صراحة عارف كيف.
أحمد منصور: تدخل لتنهب يعني؟
أحمد جبريل: داخلة بدها تدخل يعني عارف كيف وقلنا لهم اللي بده يجي يتفرج يجي من البوابات الرئيسية حاطين حقول ألغام يعني مو الله الشيء ..
أحمد منصور: يعني سمحتم للفصائل أنها تدخل تشوف..
أحمد جبريل: أنها تيجي تتفرج..
أحمد منصور: نتائج النصر اللي حققتموه؟
أحمد جبريل: وهنا بحكي لك في المرحلة الأخيرة لتاريخ الجبهة الشعبية دخلت معنا بقوة رمزية.
أحمد منصور: جورج حبش؟
أحمد جبريل: جورج حبش وكان يقود أبو أحمد فؤاد عارف كيف يعني.
أحمد منصور: لحماية المنطقة والبقاء فيها؟
أحمد جبريل: لا .. آخر مرحلة بدنا نوصل سوق الجوخ اللي بيسموها إلى ساحة البرج.
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول أنت في الفترة دي كل اللي كان موجود معك ثلاثمائة مقاتل تقريبا؟
أحمد جبريل: ستمائة مقاتل.
أحمد منصور: لا ستمائة منهم مائتين جرحوا وسبعون قتلوا.
أحمد جبريل: خلاص هادول طلعوا برات المعركة.
أحمد منصور: الآن باقي ثلاثمائة ولا باقي ستمائة؟
أحمد جبريل: الباقي ثلاثمائة، ثلاثمائة وخمسين إلى آخره وأعطينا للجبهة الشعبية قطيع صغير ليمسكوه في هذا الموضوع فأنا نزلت لدمشق ومضطر أن أعالج اثبت رجلي.
أحمد منصور: يناير 1976؟
أحمد جبريل: يعني والله ما عاد أتذكر بدقة يعني.
(4/390)
أحمد منصور: مو مشكلة أنا مش لاقي حاجة لتاريخكم ثابتة، عيني طلعت في المصادر ومش قادر ألاقي شيء لكن أنا بقرب التواريخ مع المصادر التي وقعتوا عليها.
أحمد جبريل: فبعد خمسة عشر يوم يأتوني الرفاق من عندنا وأسفي قلبهم وعقلهم، قالوا إحنا ضحينا ومتنا منشان تشكل عصابات سرقة منظمة من عندنا من الجبهة قلت لهم أف إحنا حاميين ناس بنمنع الناس من هذا قالوا والله متشكلة أربعة خمسة عصابات بقيادة بعض الرفاق عندنا على مستوى المكتب السياسي..
أحمد منصور: فعلا؟
أحمد جبريل: عارف كيف.
أحمد منصور: وسموا لك الأسماء؟
أحمد جبريل: طبعا أنا بعرفهم.
أحمد منصور: طيب للتاريخ قولها.
أحمد جبريل: اعذرني لأن اثنتنهم واحد مات قبل شوية قبل فترة في بغداد عارف كيف.
أحمد منصور: أبو العباس يعني هو اللي منشق عليك في سنة 1976؟
أحمد جبريل: أقولك فشكلوا عملية سطو في المنطقة عارف كيف.
أحمد منصور: هما اللي سطوا على البنوك؟
أحمد جبريل: مش من المقاتلين ها دول انتبه عليهم، من المليشية تبعنا لأن إحنا المليشية مرات كنا نستعملها نحطها في محلات وطلعت يعقوب وأبو العباس كانوا مسؤولين من ها الميليشية فالمقاتلين وقفوا في حيرة..
أحمد منصور: في الآخر قلت أساميهم.
أحمد جبريل: أحرجتنى .. فأنا إتأثرت كثير حقيقة فقدنا من خيرة رفاقنا في هذه المعركة وأنا ندمان بصراحة..
أحمد منصور: ندمان على إيه بالضبط؟
أحمد جبريل: على ها الشهداء اللي راحوا يعني..
أحمد منصور: مش أنت اللي قدت بهم المعركة؟
أحمد جبريل: بس أنا مثل ما قلت لك كنا مجبر أخاك لا بطل، غصب عنا وإلا..
أحمد منصور: يعني لو استدبرت من أمرك ما استدبرت لم تكن لتخوض المعركة؟
أحمد جبريل: ما نعرف يمكن وصلوا القوى الانعزالية إلى رأس بيروت عارف كيف يعني بهذه النتيجة هذه..
”
سُجل في تاريخ الجبهة الشعبية للقيادة العامة أنها نهبت قلب بيروت
”
أحمد منصور
(4/391)
أحمد منصور: لكن في الآخر سجل في تاريخ الجبهة الشعبية للقيادة العامة أنها هي التي نهبت قلب بيروت؟
أحمد جبريل: ما هو لو أن هلا إحنا بنحكي شاهد على العصر فإذا واحد حب يعرف الحقيقة فيسمع لي.
أحمد منصور: قل لنا الحقيقة إحنا بنحاول نسمعها منك لأن المدون في المصادر مختلف.
أحمد جبريل: فرجعت وما نهيت مرحلة العلاج تبعي وجمعت الناس وشفت بعيني شو صاير.
أحمد منصور: إيه اللي شفته بعينك قول لي؟
أحمد جبريل: يعني أنه كيف مسلوبة كيف مفتوحة الغلاقات تبع المحلات..
أحمد منصور: والبنوك؟
أحمد جبريل: ما في غير بنك واحد.
أحمد منصور: البنك البريطاني؟
أحمد جبريل: لا .. لا بنك الريف هذا بالمنطقة.
أحمد منصور: والبريطاني مين اللي نهبه؟
أحمد جبريل: البريطاني لا، هذا الجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي أو..
أحمد منصور: أكبر سرقة في تاريخ العالم كما يقال في البنوك.
أحمد جبريل: هادي هم معروف هذه القصة أما إحنا لا ما في عندنا إلا في منطقتنا بنك الريف لكن محلات تجارية كبيرة إلى آخره، فإجيت جمعت كل ها الناس وجمعت هادول الناس.
أحمد منصور: فسر لي شوية الموضوع ده للتاريخ لأنه يعني يعتبر علامة سوداء في تاريخ النضال الفلسطيني، فسرهولي للتاريخ عملية نهب قلب بيروت.
أحمد جبريل: فهم يعني أنا جيت جمعتهم قلت لهم هذا اللي إحنا أتوصينا مع بعض حاطينا دم فلان وفلان هادول ما بيحاسبونا دمائهم علشان انتم تقوموا تنهبوا بعصاباتكم ما كان أمام القوات المقاتلة إلا تقاتلهم، تخيل عم نقاتل قوة انعزالية هذه القوات ترجع تقاتل رفاق إليهم جايبين ميليشية وعاملين عصابة إحنا فيه عندنا نوع من الديمقراطية شوية.
أحمد منصور: تقدر ُتقدر حجم الحاجات اللي نهبت قد إيه؟
أحمد جبريل: والله ما بقدر عارف كيف.
أحمد منصور: لكن بالملايين طبعا؟
(4/392)
أحمد جبريل: عم أقولك يعني فيه مشكلين لجنة فيه واحد هلا عند عرفات في غزة اسمه أبو أحمد حربه هذا عمل شغلات هذا انشق طبعا عنا فقلت لهم..
أحمد منصور: عمل إيه يعني؟
أحمد جبريل: كان من اللجنة من اللجان المشرفة اللي تجيب أصحابين المحلات وتسلمهم المحلات.
أحمد منصور: وبعدين؟
أحمد جبريل: بعد ما رفض الأستاذ كمال جمبلاط هذا الموضوع..
أحمد منصور: يعني أنتم شكلتم لجنة للبحث عن أصحاب المحلات وتسليمها؟
أحمد جبريل: لكن بحثوا وأجيؤوا أصحاب المحلات ييجوا وفيه كثير اجؤوا واستلموا محلاتهم على فكرة.
أحمد منصور: وهذه المحلات التي استلمت لم تنهب؟
أحمد جبريل: لم تنهب عارف كيف فيه غير هذه اللي ما أجى صار ينهبوه، قلت لهم إحنا نعقد مؤتمر للجبهة وكونكم أنتم أعضاء مكتب سياسي وفي لجنة مركزية منشان ما تقولوا أحمد جبريل اتخذ وتجاوز الأنظمة وعاقبنا ووضعنا بالسجن أو إلى آخره للأسف ستحاسبوا حساب عسير، فكانت هذه فرصة هؤلاء الناس ليطرحوا عارف كيف ويتآمروا مع الأخوان في فتح على شق الجبهة الشعبية للقيادة العامة..
أحمد منصور: بس الانشقاق ده حصل في ستة أكتوبر 1976.
أحمد جبريل: عم بقولك يعني هذا.
أحمد منصور: لا أنا هنا لسة الآن في يناير 1976 ما روحتش لأكتوبر الآن أنتم اكتشفتم أن دول سرقوا ونهبوا المتاجر المفروض في يناير 1976..
أحمد جبريل: ما هو تقدر تعقد مؤتمر في..
أحمد منصور: وأبو طلال ناجي يقول أنه في 1974 حذروكم أو في بداية عملية انشقاق حصلت في المؤتمر الرابع في الجبهة في 20/8/1973 المؤتمر الرابع في الجبهة الشعبية للقيادة العامة وضعت في أدبيات الجبهة وكذا وحدث بداية عملية انشقاق محمد أبو العباس، أبو العباس وفؤاد زيدان سنة 1971.
أحمد جبريل: لا يعني مو هذا الكلام..
أحمد منصور: هما حذروك ولكن أنت كنت مقتنع ببقاء فؤاد زيدان وأبو العباس.
(4/393)
أحمد جبريل: أبدا فؤاد زيدان مخلص للجبهة وبقي مخلصا حتى استشهد عارف كيف يعني فيه بعض الأشياء اللي ممكن الرفاق ما كانوا مشرفين عليها وعارفينها، بس أنا في هذا المؤتمر إحنا طلعنا 50% من اللجنة المركزية من الشباب حتى جيل وراء جيل من ضمنهم هادول أبو العباس وطلعت وغيرهم هادول الناس من اللي طلعوا إلى المكتب السياسي واللجنة المركزية في المؤتمر الرابع لما صارت هذه القصة تبع ..
أحمد منصور: وأعيدت الانتخابات أنا بس هنا ملاحظ أن الذنوب كلها على رأس أبو عمار لكن أنتم عليكم ذنوب كبيرة أيضا؟
أحمد جبريل: يعني ما بتصور أنا هذه الذنوب يعني أخطاء وليس خطأ يعني عارف كيف..
أحمد منصور: يعني اللي عمله أبو عمار خطايا وأنتم بس عملتم أخطاء؟
أحمد جبريل: أنا عم بحكيك أنه إحنا عبارة عن أخطاء لو هؤلاء الرفاق..
أحمد منصور: أخطاء كبيرة المناضلين يتحولون إلى لصوص..
أحمد جبريل: عم أقولك يعني..
أحمد منصور: المقاتلين عن فلسطين المفروض يوجهوا بندقيتهم إلى الإسرائيليين وجهوها للبنان.
أحمد جبريل: اللي قام بهذا العمل بصراحة هو من جسم المليشية.
أحمد منصور: حاسبتهم طيب؟
أحمد جبريل: ما هو هاي أنا قلت لك أنه أنت بدك تحاسب العنصر ولا بتحاسب رئيس العصابة، بنحاسب رئيس العصابة أنت بدك تدعي إلى مؤتمر لأنه عندنا في الأنظمة ما بتقدر هذا عضو لجنة مركزية ولا مكتب سياسي إلا أما اللجنة المركزية أو مؤتمر يحاسبه لأنه هو اللي انتخبه، فبدأنا نحضر لها المؤتمر هذا وعرفوا انه بده إيش يكون مصيرهم فلعبوا لعبة وغلفوها بقصة لأن الأحداث كانت..
أحمد منصور: قصة سوريا أنهم طلبوا منك تصدر بيان يدين التواجد السوري في لبنان.
أحمد جبريل: أنه القصة مشيت بتسارع كبير جدا يعني بعد الفنادق والسوق التجارية..
أحمد منصور: قل لنا نهب البنوك برضه.
أحمد جبريل: وعرض..
(4/394)
أحمد منصور: لأنك بتقول أنكم أنتم اللي نهبتم البنوك وهما بيقولوا أنكم أنتم اللي نهبتوا البنوك.
أحمد جبريل: هذا الكلام مو صحيح يعني.
أحمد منصور: بس أنتم بنك الريف والمحلات.
أحمد جبريل: كان بقطاعنا بنك الريف بس..
أحمد منصور: كان في قطاعكم.
أحمد جبريل: بس هذا..
أحمد منصور: مين اللي نهبه، من الذين معك أي عصابة اللي نهبته؟
أحمد جبريل: أنا قلت لك هادول الناس اللي هما إحنا أدناهم والمقاتلين كادوا يشتبكوا معهم ويقتلوهم صراحة..
أحمد منصور: طيب البنوك الثانية كانت في قطاع من..
أحمد جبريل: كانوا بقطاع المنظمات الأخرى وأحزاب اللبنانية..
أحمد منصور: مين يعني؟
أحمد جبريل: أنا عم بتسألني مين، أنا ما شفت بعيني هذا الموضوع سمعت عارف كيف أن هناك ناس..
أحمد منصور: لكن بتبرأ نفسك من هذه المسؤولية والتنظيم.
أحمد جبريل: وهذا كل الناس بيعرفوه، يعني اللي متابعين لهذه القضايا بيعرفوه يعني في هذا الشأن.
أحمد منصور: الناس دول ألم يلوثوا تاريخ النضال الفلسطيني؟
أحمد جبريل: طبعا ما هو يعني أنا ليش حزني كان أنه إحنا ناس مثل البرلنت مثل الجوهرة بتيجوا أنتم بتلوثوا نضالاتنا، تخيل أنت قبل سنة ولا سنة ونصف عم بتقوم بعمليات استشهادية لأول مرة في التاريخ وبتهز هذا الكيان، اختل موازين القوى على الجبهة الانعزالية إجا هؤلاء المقاتلين ليصدوا في دمائهم ونضع خيرة هؤلاء المقاتلين يعني كنت أنا أتصور أنه إحنا نوع من التطهر عندنا تطهر كبير للغاية فكيف هذا التطهر ينقلب لبعض الناس الانتهازيين ليقوموا بمثل هذه الأعمال..
أحمد منصور: لكن أنتم أيضا ألم تكونوا بحاجة إلى مال وإلى دعم لتمويل هذه العمليات ويعتبر هذا المال بالنسبة لكم مال حلال؟
أحمد جبريل: إحنا أحكي لك هذا كلها مواد عينية يعني ملابس..
أحمد منصور: لأ البنوك أنا قصدي البنوك.. الفلوس.
أحمد جبريل: البنوك أنا قلت لك..
(4/395)
أحمد منصور: والمواد العينية تتباع وتجيب فلوس.
أحمد جبريل: فهم يعني هذا ليس ما هو هذا بيستغلها أفراد عصابات أما مش تنظيم.
أحمد منصور: الأخر هم يتبعوا التنظيم وكانوا جزء من قيادة التنظيم.
أحمد جبريل: وإحنا وفي هذه المرحلة كانوا الإخوان الليبيين يعني غير مقصرين معنا في تقديم الدعم..
أحمد منصور: زيادة الخير خيرين.
أحمد جبريل: لأ هو ليش طيب أنت هلا سؤالك عندك هلا حكى قولت لك أرجع لأرشيف شوف كميل شامعون شو حكى إنه ناس عم بتقاتل بالطريقة الفيتنامية عم تسقط شهدائهم عم بيدوسوا على الشهداء وهم بيمشوا بتتخيل أنت بعدها نقبل إحنا أن نلوث بمثل هذه التصرفات الشائنة في ها الموضوع وهذا سبب أقولك أنا انشقاق في الجبهة، الأخوان في فتح احتضنوا هؤلاء الناس الأخ أبو أياد وبدأ يدعمهم ويعززهم إلى آخره وتم استغلال ها الموضوع السوري اللي راح نحكي عنه ليخفوا الحقيقة المرة اللي هي السبب الرئيسي والأساسي اللي عمل المشكلة..
الوحدة النضالية بين سوريا ولبنان
أحمد منصور: أنا أحب أن ألتزم بالتواريخ والأحداث حتى لا أستبق هذا الذي حدث عملية الانشقاق في أكتوبر 1976 ربما نعود إليها بشكل من أشكال الخاتمة لكن الآن أنا في يناير وحصار المخيمات الذي تم في 3 يناير ودخلت المنظمة فعليا في المعركة في 6 يناير 1976، عرفات رأس اجتماع للمجلس العسكري الأعلى لمنظمة التحرير هل شاركتم في هذا الاجتماع؟
أحمد جبريل: طبعا كنا مشاركين بمندوب.
أحمد منصور: شارك تسع فصائل في هذا الاجتماع كنتم أنتم من هذه الفصائل وفي الثالث عشر من يناير عام 1976 دخلت فتح فعليا في المعركة وكانت معارك يناير 1976 معارك قاسية للغاية شاركتم في هذه المعارك؟
(4/396)
أحمد جبريل: قولت لك كل واحد أخذ قاطع وجبهة إحنا عم بنحكي على حول هذه الجبهة هون ما انتهت لسه هذه المعركة في وسط بيروت كانوا الأخوان السوريين طرح الرئيس حافظ الأسد كما قلت لك الوحدة النضالية بين فشل..
أحمد منصور: دي ربما كانت لسة في إبريل بس خلينا الآن سليمان فرنجيه اجتمع مع الأسد في دمشق في 14 فبراير 1976 وأعلن اتفاقا اعترضت عليه الحركة الوطنية ووقع الصدام بين منظمة التحرير وسوريا في تلك الفترة، صحيح هذا في 31 يناير 1976 خليني هذا ليس مهم ولكن في محاولة انقلاب قادها عزيز الأحدب في 11 مارس 1976 تمت بدعم من حركة فتح لديك معلومات عن هذه المحاولة لاسيما وأن علي حسن سلامة مسؤول حرس عرفات رافق الأحدب إلى محطة تليفزيون ليعلن الانقلاب؟
”
كان هناك معسكران: معسكر قوى انعزالية متحالف مع الإسرائيليين، وآخر وطني اتبعته فصائل المقاومة والأحزاب الوطنية اللبنانية
”
أحمد جبريل
أحمد جبريل: يعني هو مثل ما حكينا تحدد عندنا معسكرين فيه معسكر قوى انعزالية متحالف مع بدايات تحالفه مع الإسرائيليين ومعسكر وطني إحنا كفصائل مقاومة وأحزاب وطنية لبنانية في هذا الاتجاه هون دخل الإخوان السوريين ما دخلوا مباشرة الأخوان السوريين، أرسلوا جيش التحرير الفلسطيني إلى بيروت عارف كيف وكان أيضا عندهم الصعقة والمنظمة كانت قوية بقيادة المرحوم زهير محسن، فحصل رأسا لما صار تفكير سوري في الدخول إلى لبنان رأسا اجتمعت بعض الناس بدون علمنا الأخوان في فتح الديمقراطية وهاجموا جيش التحرير واعتقلوا قائدهم اللي هو مصباح البديري وهاجموا الصاعقة وبيت زهير محسن واستطاع أن.. نفد بأعجوبة..
أحمد منصور: طبعا دول موالين لسوريا؟
أحمد جبريل: عم أقولك بحيث أن مع بدهم الموقف السوري وهون دخلوا العراقيين على الخط بقوة كبيرة ودخل أنور السادات أيضا بقوة كبيرة على المسرح السياسي اللبناني في هذا..
(4/397)
أحمد منصور: لكن أيضا المشهد اللبناني هنا كان يتقلب بسرعة التحالفات تتغير بشكل كبير جدا برغم أنه سليمان فرنجيه في فبراير كان عند الأسد واتفق معاه وأعتبر هذا انقلاب على منظمة التحرير، في 16 أبريل عقد الأسد مع عرفات اجتماعا وقعت اتفاقية بين الطرفين وفي التاسع عشر من إبريل سيطرت القوات السورية على الحدود وتدخلت بقوة لواءان مدرعان وكتيبة مشاة دخلوا سهل البقاع، في 12 أبريل بلغ عدد القوات السورية في لبنان 17 ألف مقاتل وفي 13 أبريل فرض حظر على رسو السفن في ميناء طرابلس وكان هذا الميناء الرئيسي لمنظمة التحرير، قوات الصاعقة بدأت تعمل ضد الفلسطينيين حتى أنها قصفت في 8 أبريل مخيم شاتيلا، لكن كل ده تغير في 19 أبريل بعد التدخل السوري وقيل أن سوريا دخلت للحفاظ على الموارنة وليس لدعم الحركة الوطنية الفلسطينية.
أحمد جبريل: يعني أولا عندما دخلوا الأخوة السوريين نحن لم ننزعج من هذا التدخل نحن كفصيل..
أحمد منصور: طبعا لأن أنتم وسوريا جيب واحد.
أحمد جبريل: مش بهذا المفهوم.
أحمد منصور: أمال بأي مفهوم؟
أحمد جبريل: هل في حرب أهلية قذرة جدا في لبنان هذا العرب يقتل بعضهم البعض وفي الشوارع وأطفال نساء..
أحمد منصور: لكن في النهاية فيه تحالف بين الموارنة والإسرائيليين، التدخل السوري كان يجب أن لحساب الفلسطينيين وليس لحساب الموارنة..
أحمد جبريل: كان لسه هذا التحالف سري جاي لك في الكلام..
أحمد منصور: لكن كان معروف..
أحمد جبريل: لأ كان سري مطلعين إحنا كأجهزة أمن يعني على ها المواضيع.
أحمد منصور: طيب أنتم اللي بتخدوا القرار يعني.
أحمد جبريل: يعني فطيب هذه الحرب الأهلية كيف يمكن أن تتوقف..
أحمد منصور: هذا سؤال سيبدأ به الحلقة القادمة.
أحمد جبريل: أنا كنت أسأله في اجتماعات بحضور الأخ أبو عمار هذه الحرب يا أخوان لوين بتمشي..
(4/398)
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ من هذا المحور الهام، محور التدخل السوري بقوة في لبنان في أبريل عام 1967 ومسار الحرب إلى نهايتها وإلى وقف إطلاق النار والفترة التي انتهت بجمهورية الفكهاني قبيل التدخل الإسرائيلي عام 1982، أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إنشاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/399)
الحلقة12(4/400)
الأربعاء 6/5/1425هـ الموافق 23/6/2004م(آخر تحديث) الساعة 09:09(مكة المكرمة), 6:09(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 12
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
20/06/2004
- تدرج التدخل السوري في لبنان
- قيادة فتح والاستفزاز الكبير للموارنة
- أطول معارك الحرب الأهلية
- معركة القوات السورية والفلسطينيين
- معركة تل الزعتر والممولين بالسلاح
- أبو العباس وهجومه على الجبهة الشعبية
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيك.
تدرج التدخل السوري في لبنان
أحمد منصور: في التاسع عشر من إبريل عام 1976 سيطرت القوات السورية على الحدود ودخل لواءان مدرعان ودخل وكتيبة مشاة إلى سهل البقاع في الثاني عشر من إبريل بلغ عدد القوات السورية في لبنان سبعة عشر ألف رجل حيث تدرج التدخل السوري من لبنان من بداية إبريل حتى ذلك الوقت كان هناك اجتماع عقد بين سليمان فرنجية وبين الرئيس حافظ الأسد في فبراير عام 1976 ولكن قبل هذا مباشرة في 16 إبريل عقدت مباحثات بين الأسد وعرفات وقعت اتفاقية بين الطرفين كثير من التقرير تشير إلى أن النتائج النهائية للتدخل السري للسوري صبت في مصلحة الموارنة ولم تكن في مصلحة الفلسطينيين وأن تدخل السوريين في الحرب جاء لإنقاذ الموارنة من عملية الاجتياح والانتصارات الكثيرة التي بدأت تحققها الفصائل الفلسطينية والحركة اللبنانية ما تعليقك؟
أحمد جبريل: أولا إذا أردنا أن نتحدث عن المسرح العملياتي والسياسي يعني هذه المعلومات اللي أنت أوردتها ما هي دقيقة.
أحمد منصور: ما هو الدقيق؟
(4/401)
أحمد جبريل: يعني مسألة أن نقول والله قادرين إحنا أن نحقق انتصار عسكري على الموارنة وكما قال البعض أن الطريق لفلسطين عن الطريق الجونية يعني هذا..
أحمد منصور: هذا أبو إياد قاله أن الطريق إلى القدس يمر عبر الجنوية.
أحمد جبريل: عبر الجنوية هذه الموارنة طول حياتهم لهم وضع متميز في لبنان حتى أيام الخلافة العثمانية.
أحمد منصور: صحيح.
أحمد جبريل: وأيام منها داخل أيام الموارنة يعني ليس من السهل وليست لنا مصلحة أن ندفع الموارنة باتجاه الكورنر إنه إحنا بدنا نركعكم وبدنا ننهي هذا الجيب.
أحمد منصور: هذا كلام تقوله الآن في 2004.
”
كثير من التقارير يشير إلى أن النتائج النهائية للتدخل السري السوري في لبنان صبت في صالح الموارنة ولم تكن لخدمة الفلسطينيين
”
أحمد منصور
أحمد جبريل: لا ومالك هذا عمليا بدليل هاي الأستاذ جمبلاط عم يقول لي إنه هاي تحت عاليه مباشرة إبدادون إبسوس قرى مع الموارنة والكحالة وطول حرب أهلية سنوات متعددة لم تستطع لم يستطيع الناس أن يُسقطوا هذه القرى الموجودة، المعركة الوحيدة اللي بيحكوا فيها الموارنة هم أنهم خسروها بجدارة هي المعركة اللي خدناها نحن في مواجهتهم من القنطارة للفنادق لسوق التجارية.
أحمد منصور: لكنها غيرت المعادلة المعادلة الصراع بشكل عام.
أحمد جبريل: أما الباقي فهي عبارة عن جيوب إما في مناطقنا أو في مناطقهم تم الاستيلاء عليها هذه ويمكن أحكي لك قصة وبعضها وبعض الأشخاص شهودها موجودين مرة كنت رايح أنا إلى ليبيا وكان الأستاذ وليد جمبلاط.
أحمد منصور: أي مرة بتروح ليبيا كثير؟
أحمد جبريل: ها.
أحمد منصور: أي مرة في أي تاريخ؟
أحمد جبريل: يعني هذا بعد يعني بيقول لك.
أحمد منصور: يعني قبل الدخول السوري في إبريل ولا بعد؟
أحمد جبريل: لا، لا بعد هذا الكلام.
أحمد منصور: 1976، 1977؟
أحمد جبريل: لا بعد 1982.
أحمد منصور: بعد 1982.
(4/402)
أحمد جبريل: بعد 1982 وكنا بطائرة خاصة الأستاذ وليد جمبلاط ومعه إخوا إله وأنا رايحين نجتمع مع العقيد القذافي.
أحمد منصور: بخصوص؟
أحمد جبريل: بعد 1982 من أجل كيف..
أحمد منصور: بعد الاجتياح.
أحمد جبريل: بعد الاجتياح مباشرة فالأستاذ وليد أتفرج على شاب عنده لهلا بتذكره أنور فطائري استشهد فيما بعد وهو عضو قيادي في الحزب التقدمي قاله أعطيني الشنطة أعطني الدفتر وقلم أنا فكرت إحنا بالطائرة الخاصة بدو يقعد يكتب أي شئ فقالي اتفضل هاي الدفتر كبير بدك تشرحلي كيف صارت المعركة هاي في وسط بيروت وكيف هذا يعني كيف قدرتم أنتم تقوموا بهذا أنا كنت شاب وبتذكر لما أجيت أنت عند والدي قلت له تعالوا اتفضلوا استلموا قلت له ليش طيب هاي القصة مضت يعني شوف اللزوم نحكي قال بصراحة حصلت معنا قصة معينة قال بعد ما بشير الجميل صفى داني شمعون والأحرار في الصفرة عند وهرب داني شمعون للمنطقة الغربية.
أحمد منصور: كان هذا في بداية الثمانينات؟
أحمد جبريل: إي هذا الحرب.
أحمد منصور: النار ما بينهم وبين بعض.
أحمد جبريل: يعني بالثمانينات هرب داني شمعون من سيطرة بشير الجميل ولجأ إلى المنطقة الغربية هذه قال في هناك شخصية لبنانية ثري لبناني اسمه هاني سلام عم بيحكي لي الأستاذ وليد ويمكن هلا يسمع هذا الكلام قال دعانا على عشاء في الدوحة هون في بيروت مناسبة داني شمعون واحنا في علاقة بين الدروز وبين الأحرار في الموضوع وقال كان حاضرين قيادة من القيادات الفلسطينية سمىّ لي أسماءهم القيادات العليا بعد ما اتغدوا فبدؤوا يفتحوا سيرة الماضي والحروب فقال اسمعوا لما أحكي لكم بكل صراحة أنتم أخذتم منا جيوب معزولة وإحنا أخذنا منكم جيوب معزولة أخذتم منا المنارجية والسعديات والدامور..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا مين اللي بيحكي؟
أحمد جبريل: داني شمعون.
أحمد منصور: داني شمعون.
(4/403)
أحمد جبريل: وإحنا أخدنا منكم البي والكرانتينا وتل زعتر يعني شو يعني لكن المعركة الوحيدة اللي إحنا بنقر كقوى هزمنا فيها وكان غصب عنا هذه الهزيمة هي المعركة اللي حدثت في وسط بيروت من الفنادق للسوق التجارية لساحة البرج وطلع إلى الأخوان اللي داعيهم إخوان السلام من فتح قالك بس مش أنتم هذا اللي قام فيها القيادة العامة مو أحمد جبريل عارف كيف يعني فيعني بدي أنا أقول إنه مسرح القتال ما كان بدل إنه والله إحنا قادرين أو متوهمين إنه نستطيع نمسك إحنا الموارد.
قيادة فتح والاستفزاز الكبير للموارنة
أحمد منصور: لكن أنتم لستم متوهمين لكن قيادة فتح ولا المنظمة كانوا يقولون أن الطريق إلى القدس يمر عبر جونية.
أحمد جبريل: لا ما هو فاهم بس ما هو الواقع مختلف عن هذا الأمر.
أحمد منصور: وهذا أيضا كان في نوع من الاستفزاز الكبير للموارنة.
”
لم نكن مع ضرب الموارنة في لبنان لأن مثل ذلك سيدفعهم للتحالف مع الصهاينة ليحموهم وبالتالي يمكنهم إنشاء دولة مارونية على أساس ديني على غرار الدولة اليهودية
”
أحمد جبريل: أنا فاهم يعني هذا الموضوع غير واقعي يمكن يكون في بعض الأحزاب اللبنانية تخيلت إنه بشوية دعم ممكن نوصل لجونية ونوصل للأرز ولسليمان الفرنجية هذا عبارة عن أوهام بعيدة عن الواقع ومثل هذا الموضوع يعني سيدفع الموارنة أكثر وأكثر بالتحالف مع الصهاينة ليحموهم ومعنى ذلك إنه إيجاد دولة طائفية جديدة مثل الكيان الصهيوني على الدينية على أرض..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنتم قلتم هذا في 1976.
أحمد جبريل: ما إحنا اللي قاله هو مسؤول عن هالكلام بس إحنا كنا ضد هذا الموضوع، فلذلك حصل في داخل الاجتماعات الفلسطينية خلاف.
أحمد منصور: حول؟
(4/404)
أحمد جبريل: أنه أخي من سيوقف هذا القتال هذه الحرب الدامية اللي هي صارت حرب مواقع من بدو يوقفها بهذا النسف واللي إحنا بدأنا ننسى صراعنا مع الإسرائيليين، الأميركان هو هي اللي راح تقوم توقف هذا الحرب هل هذا الكيان الصهيوني مين هي الجهة اللي ممكن.
أحمد منصور: في هنا تصريح خطير إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل أعلن أن التدخل السوري في لبنان ستعتبره إسرائيل مسألة داخلية وكسنغر وزير الخارجية الأميركي آنذاك أعلن أمام الكونغرس في 18 إبريل بأن الخطوة السورية لم تعرض أمن إسرائيل للخطر في نفس الوقت من بين 44 سفينة وصلت للمتقاتلين لم تعترض إسرائيل إلا سفينة واحدة فقط مما تحمل السلاح.
أحمد جبريل: الإسرائيليين كانوا فاتحين السواحل سواء أن ما يأتي للمقاومة أو الأحزاب من دول معينة يعني مثلا الأخوان في العراق اللي هو دعموا الأحزاب الوطنية وأبو عمار بالسلاح والعتاد كانت قناة السويس مسكرة لسه تنزل في السويس دفعت السلاح وتطلع على بورسعيد تتحمل بالسفن بالمقاتلين الجيش الشعبي هاك ويأتوا إلى صور وصايدة والزوارق الإسرائيلية تراهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ويقال إن دول خليجية إسرائيل كانت تدعم الكتائب.
أحمد جبريل [متابعاً]: عم أقول لك وتقلهم باي باي يعني قوموا تابعوا هذا القتال القلة الواعية كانت تقول وين بدنا نمشي لوين هذا الموضوع بده يوصلنا هل إحنا قادرين نحسم المعركة أنا واحد من الناس كنت عارف إنه لا نستطيع أن نحسم هذه المعركة والقادم أسوأ بكثير مما نراه ولذلك..
أحمد منصور: بصفتك حليف لسوريا..
أحمد جبريل: لا.
أحمد منصور: هل تعتقد أنك هل تعتقد أن سوريا نسقت مع أميركا على الأقل بخصوص تدخلها في لبنان؟
(4/405)
أحمد جبريل: أنا سأصل لهذا الموضوع سوريا دولة مجاورة للبنان هذه الحرب الأهلية دفعت سوريا ثمنها أيضا أشياء كبيرة أكثر من نصف مليون لبناني هربوا إلى سوريا وبدؤوا يعتاشوا هناك يعني في أزمة صارت اقتصاديا السوريين خافوا من إيجاد دولة طائفية في منطقة الموارنة تدعمها إسرائيل أنور السادات كان مع تأجيج..
أحمد منصور: لذلك تدخله لصالح الموارنة.
أحمد جبريل: راح نأتي أنور السادات مع تأجيج هذا الصراع لأنه بدأ خلاف شديد بينه وبين حافظ الأسد باتجاه الاجتماعات اللي أدت بعد ذلك كامب ديفد أيضا سوريا والعراق على خلاف من أشد ما يمكن في هذا الموضوع فلذلك لما صار تدخل سألتني عن التدخل اجتمعنا إحنا كنا لساتنا جبهة رفض موجودة ونجتمع كقيادة فلسطينية وإجو القيادات عراقية وقيادات قطرية وقومية واجتمعا ببيت السفير العراقي هون بالحازمية لويس أسمه هاديك اليوم هو يتذكر وبعت لي أنه أنت رؤيتك كانت الرؤية الصحيحة فطلبوا منا أنوا السوريين بدهم يتدخلوا جبهة الرفض مفروض تقاتل السوريين وتمنعهم من الدخول إلى لبنان لأنهم جايين السوريين مش عشان يقضوا عليكم ويسلموكم للموارنة وهذا ببيت السفير فوقفت أنا قولت لهم يعني فيه عاقل منا الإسرائيليين في الجنوب والموارنة في الشمال والبحر مع الإسرائيليين أيضا نستعدي سوريين بعدين نقول ثورة حتى النصر إحنا معنى ذلك عم ندفع قضيتنا بأسوأ مما حصل في آيلول سابقا.
أحمد منصور: أنته لسه هاتتدفعوا ما هي ماشيه كلها من البداية إسرائيل لم تكن هدف على طول النضال الفلسطيني لذلك الوقت.
أحمد جبريل: عم بحكيك عم بقولك قال هذا حافظ الأسد..
أحمد منصور: أو هدف لكن عمليا هناك معارك عرب ضد عرب
(4/406)
أحمد جبريل: قال حافظ الأسد هذا متآمر وواخد موافقة إسرائيلية وأميركية عن الدخول قولت له طيب إذا كان هو هيك متآمر يتفضل الجيش العراقي يدخل إلى سوريا ويسقط النظام وأنا بأعطيكم وعد إذا دخل هذا الجيش إلى سوريا سيكون لنا موقف أخر في اتجاه هذه الغزوة يعني بدأ في خلاف حول الدور السوري في لبنان إحنا عارفين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنتم صفيتو إلى جوار سوريا.
أحمد جبريل: إحنا وقفنا..
أحمد منصور: أنتم الصاعقة.
أحمد جبريل: الصاعقة خلصت وتم تصفيتها وبقينا نحن في الاجتماعات ندافع مش على التدخل أنه اتفضلوا صار بها ذاك الوقت ليبيا تدخلت للوساطة بيننا وبين سوريا.
أحمد منصور: وظل الوسيط الليبي رايح جاي بين دمشق وبيروت لشهور.
أحمد جبريل: لأ وبقى عبد السلام جلوت هون وفي لبنان وبين لبنان وسوريا في هذا الموضوع لرأب الصدع في هالموضوع وكان العقيد القذافي شخصيا يتابع هذا الموضوع وأنا أذكر هذا الاجتماع الواضح وكان تل زعتر محاصر وكاد أن يسقط وسقط قسم منه وهذا المخيم تعداده خمسة وعشرين ألف مش لعبه بها الموضوع وبقى قسم منه هالمخيم اللي هو لساته صامد أُدعينا إلى اجتماع للقيادة وحضروه عبد السلام جلوت وكان الأستاذ كمال جمبلاط موجود وأحزاب الحركة الوطنية والأخ أبو عمار كله في بيت من مقرات فتح فبدؤوا يتحدثوا قولت لهم أنا هلا قبل ما أجي إلى هون اتصلت بتل الزعتر في الأجهزة وقالوا الوضع عندنا سيئ وإحنا ما بنقدر نصمد.
أطول معارك الحرب الأهلية
أحمد منصور: حتى نقف أيضا نشوف التواريخ حرب مخيم تل الزعتر كانت في عشرين يونيو 1976 وأبو أياد في كتابه فلسطيني بلا هوية قال إنها كانت أطول معارك الحرب الأهلية وأكثرها مقتلة قتل أربعة آلاف وثمانمائة وعشرين قتيلا في تلك الحرب.
(4/407)
أحمد جبريل: فكان لما كان محاصر تل الزعتر طرحت أنا في الاجتماع كيف نفك الحصار هل نستطيع عسكريا نفك الحصار عن تل زعتر سألتهم تقدروا تفكون تفضلوا شكلوا قوة أنا الجندي الآن اللي ممكن أمشي بهذا الاتجاه طيب كيف نستطيع قالوا الشورى إياك قاعد الأخ عبد السلام جلوت يمكن هلا يشوفنا قولتلهم أنا باقتراح يا أخ أبو عمار هلاّ بيطلع الأخ عبد السلام وأنت وأنا وجورج حبش ونايف حواتمة نطلع نلتقي مع الرئيس حافظ الأسد وبنعمل باكدج هو طرح في الخمسة وسبعين لعمل وحدة نضالية قبله خلينا نعمل باكدج سياسي كامل في لبنان ومصيرنا وعملنا والأحزاب الوطنية إلى أخره.
أحمد منصور: محتوياته أية الباكدج ده؟
أحمد جبريل: باكدج يعني حول الوضع في لبنان وكيف يمكن نوقف الحرب.
أحمد منصور: ما هي نفقاته ما هي مقترحاته؟
أحمد جبريل: كيف تقف الحرب اللبنانية بحيث لا غالب ولا مغلوب.
أحمد منصور: كان عندكم تصور ولا كنتم هتنتظروا..
أحمد جبريل: بدنا نوقف هذه الحرب لا غالب ولا مغلوب نرجع نلتفت للقتال الإسرائيليين يعني في هالشأن وممكن إحنا لأنه الخلاف بين المصري السوري بدأ يدب إنه والله أيضا إحنا ضد التوجهات المصرية اللي ماشي باتجاه التصويب.
أحمد منصور: كنت عايز تنقذ سوريا ولا تنقذ الفلسطينيين؟
”
نعتقد أن سوريا تعمل لمنع المشروع الصهيوني على الأرض اللبنانية، لذلك كنا نتحاور مع السوريين لما فيه مصلحة شعبنا الفلسطيني
”
أحمد جبريل: لا بدنا ننقذ حالنا وأنقذ أنا خمسة وعشرين واحد بتل الزعتر لأنه أنا لما بروح بعمل باكدج مع الرئيس حافظ الأسد في ذلك الوقت أنا متأكد أنه هو سيتدخل لمنع سقوط تل الزعتر بها الشأن فللأسف جاوبني الرئيس عرفات أخونا أبو عمار قالي أنا ما روحش أنا ما بضعش إيدي بإيد ملوثة بالدم إيد حافظ الأسد.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أمال إيد رابين بعد كده كان أخبرها إيه؟
(4/408)
أحمد جبريل: فهاي عبد السلام جلوت والحركة الوطنية شاهدة قولته يا أخ أبو عمار جرى الفورد هذا صار رئيس أميركا..
أحمد منصور: رئيس أميركا.
أحمد جبريل: بعد سقوط نيكسون بفضيحة الووتر غيت عصابة بتخطف طائرة أميركية فيها مائة مدني بتخاطب فورد وفورد مستعد يقدم تنازلات من أجل إنقاذ هالمائة مدني في طائرة خمسة وعشرين ألف فلسطيني في تل الزعتر ألا تستحق منا القيام بمثل في الأخير قالوا طيب خلينا نشكل وفد أبو لطف وفضل الشورو وياسر عبد ربه مع الأخ أبو مع الأخ عبد السلام قولت لهم مع احترامي لكل هالأخوان هذا موضوع ما بيحل المشكلة فبدأ في خلاف سوري فلسطيني وأيضا الحركة الوطنية اللي قسم منها كان موالي للعراق أيضا في مواجهة سوريا ونحن كنا نرى أن سوريا هي التي يمكن أن تمنع المشروع الصهيوني يطبّق على الأرض اللبنانية يمكن تقولي معقول سوريا تدخل بدون موافقة أميركية وإسرائيلية يمكن أخذوا يمكن هم فكروا إن حافظ الأسد بدوا يفوت عشان يدبح الفلسطينيين والوطنيين اللبنانيين إحنا بنعرف سوريا بنعرف هذا الجيش السوري.
أحمد منصور: وقد فعل.
أحمد جبريل: لا إحنا بنعرف سوريا وبنعرف هذا الشعب السوري وبنعرف هذا الجيش السوري..
أحمد منصور: وفي الأخر بيتلقى أوامر وبينفذ.
أحمد جبريل: مهما كان هذا جيش الفقراء والعمال في هالموضوع هذا في حزب البعث يعني مو بهذه السهولة إنه نتخيله أنه إحنا جيش البادية اللي دبحنا في آيلول السبعين فلذلك إحنا كنا نطرح يا أخي.
أحمد منصور: يا أبو جهاد كثير من المراقبين يقولون أن ما فعله حافظ الأسد في الفلسطينيين في لبنان لا يقل عما فعله الملك حسين في الفلسطينيين في الأردن يعني أنا أقدر علاقتك بالرئيس الأسد وبالسوريين لكن أيضا نفس الشيء تم.
أحمد جبريل: لا أنا صدقا أتحدث بشفافية كاملة.
أحمد منصور: الوقائع التاريخ بتقول غير كده.
أحمد جبريل: دخل عم بيحكيه دخلوا السوريين.
(4/409)
أحمد منصور: لإنقاذ الموارنة.
أحمد جبريل: عم أقولك طيب بعد ذلك مين اشتبكوا مين.
أحمد منصور: مع الفلسطينيين.
أحمد جبريل: لا الاشتباك الأساسي والرئيسي دخلت القوات السورية إلى منطقة يعني محور دهر البيدر وباتجاه صيدا وباتجاه المناطق الانعزالية يعني جونية الكسروان كل هذه المنطقة حصل اصطدام بين القوات الفلسطينية وبعض الأحزاب الوطنية مع سوريا وعدد الخسائر كانت محدودة يعني اللي معطيك المعلومات ما هو دقيق في هذا الشيء بعد فترة معينة أخ أحمد المسيحيين الموارنة كانوا يتوقعوا أنه حافظ الأسد بده يجي يدبحنا ويذبح الأحزاب الوطنية لم دخل ما عمل هذا الكلام ما فعل هذا الموضوع لذلك انقض الموارنة أو يعني حزب الكتائب والقوات اللي موجودة انقضوا على الجيش السوري الموجود في كسروان وفي شكا وفي جونية وهون في أنطلياس وأضطر الجيش السوري يأتي إلى مناطقنا والمعركة الأساسية مع الموارنة دارت بين الجيش السوري والموارنة حتى 1982...
أحمد منصور: تذكر المعركة؟
أحمد جبريل: حتى 1982 في هذا الموضوع والخسائر.
معركة القوات السورية والفلسطينيين
أحمد منصور: في سبعة يونيو 1976 حدث انقسام بينكم أنتم في القوى الوطنية بالنسبة لسوريا وانضمت قوات تابعة لجيش التحرير الفلسطيني إلى منظمة التحرير وقامت معركة دموية بين القوات السورية والفلسطينيين هذا حدث أم لم يحدث؟
أحمد جبريل: عم بقولك حصل معارك بس إيش معارك يعني محدودة يمكن عدد يعني عدد الشهداء محدود.
أحمد منصور: لا عالي.
أحمد جبريل: لا أنا معلش اللي بده يقول لي ها الكلام يجيء يقول لي بالأرقام في هذا الموضوع.
”
جورج حبش أعلن أن الجيش السوري في لبنان يخدم السياسة الأميركية وهذا انعكس على موقف منظمة التحرير من السوريين
”
(4/410)
أحمد منصور: جورج حبش أعلن بأن سوريا تخدم الجيش السوري في لبنان يخدم السياسة الأميركية في ثلاثين مايو أصبح هناك صدام واضح بين منظمة التحرير وبين السوريين هنا تصريح أبو أياد في 23 مايو أن طريق فلسطين يمكن إلا أن تمر في عنطورة وعيون السمان ولابد أن تصل إلى جونية حتى نمنع المؤامرة والتقسيم كان كل هذا الأمر بيدل على موقف الفلسطينيين أو موقف المنظمات أو منظمة التحرير من السوريين.
أحمد جبريل: هذا في كان ضعف في تقدير الموقف لأن الأمور..
أحمد منصور: فقط أنت الوحيد الذي كان تقديرك في الموقف سليم؟
أحمد جبريل: بدليل شو اللي حصل أصلا قبل ما يحدث الدخول السوري أنتبه على دارت معارك بيننا وبين الإسرائيليين قاسية يوميا إغارات على مخيماتنا وعلى مواقعنا الجيش السوري بعت وحدات دفاع جوي بناءا لطلبنا وتوزع في المخيمات معها استريلا ومعها رشاشات ثقيلة وتوزعت في مخيمات..
أحمد منصور: ولا وقعت طيارة.
أحمد جبريل: والطائرات السورية اشتبكت مرارا مع الطائرات الإسرائيلية في لبنان..
أحمد منصور: كانوا بيقوعها الإسرائيليين.
أحمد جبريل: ويوصلوا وفي معركة من المعارك فوق سور فوق سور عارف كيف.
أحمد منصور: كانوا الإسرائيليين بيوقعوا الطائرات السورية.
أحمد جبريل: مضبوط بس يا أخي هذا موضوع ها الشيء لم بدأ هذا الخلاف يعني هذا كمان حز أنا في نفسي هؤلاء الجنود السوريين اللي قاعدين في المخيم كانوا بالأمس عم يضربوا الطائرات الإسرائيلية بتيجي أنت ومجموعات صغيرة بتقتلهم يعني وين القيم بهاي المواضيع هاي معني ذلك أنه في هناك نية لعمل شرخ كبير وأنا بأعتقد هذا الشرخ كان هو لصالح النظام في مصر وأنور السادات اللي عم يغذي هذا الموضوع.
(4/411)
أحمد منصور: كيف والسادات حينما وجد أن السوريين يقتلون في الفلسطينيين في 5 يونيو 1976 أغلق السفارة السورية واستدعى الدبلوماسيين المصريين من دمشق وقرر مجلس وزراء الجامعة العربية إرسال قوات مشتركة هدأ الوضع قليلا.
أحمد جبريل: طب كيف بدي يقولوه بده يقول أنا مختلف مع السوريين على كيف بدي أروح على القدس يعني وعلى كامب ديفد يعني بها المسيرة اللي ماشية أنا بقول أنه يجب تصحيح التاريخ وأنا مش مُدافع عن سوريا أنا مدافع عن قضيتي اللي هي قضية هذه الأمة حافظ الأسد إله أخطاؤه أيله أفكاره هو بيبحث عن دور كيف موضوع حل قصة الجولان في مصلحته في أنه والله لم يكون في لبنان معني ذلك يقوي ورقته السادات تركه وغادر المسرح باتجاه أخر في هناك..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني لازال يلعب بكم كفلسطينيين إلى هذه اللحظة؟
أحمد جبريل: أنا عم أسمح لي شويه هلا ما عم نحكي حتى اللحظة إحنا عم نحلل..
أحمد منصور: لا لحظة 1976.
أحمد جبريل: إحنا عم نقول هل يا تري التدخل السوري بنهايته لما دخل صحيح تم مواجهته في عليا.
أحمد منصور: على فكرة أبو أياد بيعترف فلسطيني بلا هوية صفحة 297 يقول إزاء غياب بقية أعضاء قيادة المقاومة أنا الذي اتخذت في 6 يونيو 1976 القرار المؤلم بالتصدي للتدخل العسكري السوري بالسلاح.
أحمد جبريل: لأنه أبو عمار ما كان في بيروت كان مسافر فهذا الموضوع ما هو بدك تأخذ أنت هذا التدخل..
أحمد منصور: إيه تأثير ده على مسار الحرب؟
أحمد جبريل: لا أنا عم بحكي هذا التدخل السوري.
أحمد منصور: تأثير هذا التدخل على مسار الحرب إيه؟
(4/412)
أحمد جبريل: شوف هذا التدخل أن الجيش السوري إيجي بالنهاية وبالتأكيد أصبح معادي للقوي الانعزالية اللي أصبحت متصهينة ومعارك دارت في زحلة ومعارك دارت في الأشرافية ومعارك دارت في أنطلياس وفي كل مكان وكنا نري إحنا المدفعية والراجمات السورية اللي تصب قذائفها ليلا بالآلاف على ها المواقع أما لم نشاهد مثل هذا الشيء معنا إحنا فلذلك كان يجب أن نفكر مليا ولمّا طرح حافظ الأسد الوحدة النضالية بيننا وبين سوريا لماذا رُفضت حتى بعد هذه الحرب؟
أحمد منصور: له فيها مأرب.
أحمد جبريل: عم أقولك حتى بعد هذه الحرب طلعت طرح مرة ثانية مشروع الوحدة ووثيقة مكتوبة بين سوريا.
أحمد منصور: قبليها لأن مشروع الوحدة ده كان في 23 يوليو في 4 يوليو عاد عرفات سرا إلى لبنان واتفق على وقف إطلاق النار في 23 يوليو ولم يُنفذ لكن سوريا بدأت تواجهه ضغوط وذهب وفد من منظمة التحرير إلى دمشق برئاسة محمود عباس واتفق على تنظيم العلاقات اللبنانية الفلسطينية في اتفاقية القاهرة 1967 مضبوط؟
أحمد جبريل: يا سيدي هذا الوفد كان في..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ومقترحات كانت مقترحات سوريا التي قدمت في فبراير 1976 الذي تتحدث عنه.
أحمد جبريل: هذا الوفد برئاسة أبو أياد ونحن كنا مطلعين وقابلوا الرئيس حافظ الأسد ووزير الخارجية كان لسه عبد الرحيم خدام واتفقوا على وثيقة موقعة وكانوا ثمانية من اللجنة المركزية أو تسعة واعتبروا إنه هذا إنجاز مهم وهذا الوفد برئاسة المرحوم أبو أياد وأحضروا هذه الوثيقة لبيروت رفضها أبو عمار يعني هذا الموضوع مش من عند هذا ..
أحمد منصور: يعني وجهة نظر أبو عمار أن هذه الوثيقة ما كان لها أن تُنهي الصراع على الساحة اللبنانية.
أحمد جبريل: بس هلاّ معك قوة أنت جغرافيا وسياسة وقوة موجودة اللي هي سوريا..
أحمد منصور: هل تعرف لماذا رفضها أبو عمار؟
(4/413)
أحمد جبريل: أنا بحكي لك أيها بكل صراحة أبو عمار كان يراهن على الحصان المصري والسادات كان يقوله مزيد من المتاعب لسوريا أنا معنى ذلك أنت تستحق الجائزة لها الموضوع هذا والعراقيين بدؤوا يتآمروا على السوريين ويرسلوا مجموعات تخريبية تدمر في داخل دمشق وفي حمى وإلى أخره وهون أيضا أُنشأت في لبنان معسكرات لهؤلاء الناس للتآمر على سوريا طب أنا بدي أسال سؤال سوريا بتقول لا للصلح مع الإسرائيليين لا للتفريط والسادات بيقول أنا بدي أمشي بهذا الطريق معناه إحنا لازم نقف مع سوريا وسوريا تقف معنا ولا أن نقف مع السادات اللي ماشي باتجاه كامب ديفد.
معركة تل الزعتر والممولين بالسلاح
أحمد منصور: أنا سبق أن أشرت إلى ما ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن عن الدعم الذي قدم في العام 1976 إلى الموارنة من بينهم مائة دبابة أيضا أشرت إلى 43 سفينة وصلت إلى منظمة التحرير محملة بالسلاح لم تعترض إسرائيل على واحدة وكأن إسرائيل كانت تريد الحرب أن تشتعل وأن يتم تصفية الفلسطينيين في هذه المعركة أنا أريد أعود إلى تل الزعتر لأن تل الزعتر معركة هامة شاركتم في هذه المعركة؟
[فاصل إعلاني]
أحمد جبريل: طبعا إحنا كان..
أحمد منصور: كيف تم؟
”
قبل حصار مخيم تل الزعتر اجتمعت القيادات الفلسطينية في بيروت الغربية وتم ترتيب الأوضاع العسكرية في المخيم خشية سقوطه، وكان يمكن ألا يسقط لو عملنا بحنكة سياسية وعسكرية
”
أحمد جبريل: يعني قبل الحصار اجتمعنا إحنا كقيادة في بيروت الغربية وتحدثنا عن مخاطر سقوط تل الزعتر وشُكلت لجنة عسكرية ما بدي أحكي أنه بإمرتي نعم أنا كنت مسؤولها ومسؤولي العسكريين للفصائل وكان مندوب فتح أبو الزعيم يمكن يسمعني هلا موجود في عمان وذهبنا إلى تل الزعتر وجلسنا مع القيادات العسكرية والمليشيا هناك قولنا لهم يا أخوان بدكم ترتبوا وضعكم.
أحمد منصور: تفتكر مين أهم الشخصيات اللي كانت موجودة في تل الزعتر؟
(4/414)
أحمد جبريل: مسؤولين العسكريين هذا ممدوح نوفل أبو أحمد فؤاد من تبع الشعبية أبو الزعيم عارف كيف أنا عارف كيف وقعدنا أيام أنا لا أؤمن بخلط الأوراق في العمل القتالي فقلت لهم هذا تل الزعتر وهذا الكلام في داخل تل الزعتر يقسم إلى قطاعات تعالوا يا إخوان انتووا في فتح بتقولوا انتووا التنظيم الأكبر خذوا القطاع الأكبر بس أما في قطاعات مسؤولة عنها منظمات بحيث إذا صار في خرق يتحمل هذا التنظيم هذه المسؤولية في ها الموضوع هذا، بعد يومين اقتنعت الناس بالكلام وقسمنا هذه القطاعات أبدا وطلعنا على الميدان من هون لهون هذا قطاع من هون لهون مليح ماشي الحال أمنوا أما هاي القوات المشتركة وخلط الأمور مع بعضها البعض هاي لا تجدي.
أحمد منصور: أنت جبت النظرية دي منين؟
أحمد جبريل: ها؟
أحمد منصور: نظرية القطاع؟
أحمد جبريل: بقولك يا أخي في الجيوش أي في كتائب في ألوية أما تُخلط لي عناصر مع عناصر..
أحمد منصور: دا هي من قديم نظرية عسكرية قديمة حتى الرسول كان يفعل ذلك في الغزوات مثلا كان يعطي لكل قبيلة أو عشيرة .
أحمد جبريل: عم بقولك هو عشان تتحمل المسؤولية لأنه هذه قوات مشتركة بتصير الإنهزام بتصير يقولك فلان والتنظيم الفلاني كل واحد بسيرة التاني خلي كل واحد يتحمل مسؤولية فقلت لهم اتفضلوا هاي تل الزعتر وهذا عمقه هاي قطاعات، طبعا تل الزعتر في جانبه معامل أسمها المكلس أبنية قوية ومتينة وإلى أخره الإخوان في فتح قالوا إحنا بدنا نأخذ هذه المنطقة الشعبية قالت بدنا نأخذ هذا بقى أضعف قطاع في تل الزعتر عارف كيف أسمه الدكواني لأنه منخفض وصار فيه الموارنة.. المارونية السياسية والقوات مشرفة عليه قلت لهم يعني هلا رست عنا نأخذ إحنا أضعف نقطة ماشي الحال حتى زعلوا رفاقي قلت لهم بدنا نحفر ونشتغل بها الموقع هذا الضعيف.
أحمد منصور: الضعيف من أي جانب يعني؟
أحمد جبريل: من الناحية الطوبغرافية.
(4/415)
أحمد منصور: ضعيف بالنسبة لكم أنتم لكن قوي بالنسبة للطرف الأخر.
أحمد جبريل: قوي لكان في أبنية تحيط فيه أبنيه عالية ومسيطرة عليه يعني بالقنص وبالرشاشات وها الشيء وعندما بدأت معركة تل الزعتر وبدأ السقوط سقطت المواقع كلها بقي أسم تلة القيادة العامة وكل الناس صاروا هناك ليش لأنه حفرت الناس واشتغلت أما هناك ناس ما قامت بالواجبات المطلوبة في ها الشيء هذا وللأسف سقط تل الزعتر وأنا بقول تل الزعتر كان يمكن إن لا يسقط لو اشتغلنا بحنكة سياسية وعسكرية مع ها الخمسة وعشرين ألف اللي راح فيه مثل ما بيقول أبو أياد.
أحمد منصور: حوالي خمسة آلاف 4850.
أحمد جبريل: خمسة آلف هادول لأنه هاي مجازر هاي ارتكبها بشير الجميل عارف كيف مجازر بحق تل الزعتر..
أحمد منصور: قصف بخمسة وخمسين ألف قذيفة.
أحمد جبريل: هو والنمور الأحرار.
أحمد منصور: قصف بخمسة وخمسين ألف قذيفة أربعة آلاف وثمانمائة وعشرين ألف قتيل.
أحمد جبريل: فأنا برجع بقول يعني أنه إحنا هذا التدخل السوري للبنان هل هلاّ إحنا نرى نتائجه منذ الستة وسبعين حتى الآن.
أحمد منصور: خمسة وخمسين يوما من الحصار جرفت الجرافات أزالت المخيم في 12 أغسطس 1976.
أحمد جبريل: عم أقولك يعني ما شيء محزن هذا؟ طب من مسؤول عن هذه الدماء؟
أحمد منصور: أنتم.
أحمد جبريل: مفروض أنه هذه القيادة تتحمل ولكن هذه القيادة مثل ما بقول لما تتفرد وتستهزاء بالكلام العسكري والثوري الصحيح بدك تعطي نتائج.
أحمد منصور: خلي الشعب الفلسطيني يعرف تاريخه الحقيقي وما فعلت هذه القيادات به.
أحمد جبريل: يا أخي أنا مرات كانوا يقول لي الناس لا بدهم هما مثل ها المذابح مشان يزداد التعاطف الدولي ومشان إعطائهم شيء في التسوية يعني هيك صاروا يفكروا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بدماء الشعب الفلسطيني بدماء الناس البسطاء الفقراء في المخيمات.
(4/416)
أحمد جبريل: عم بحكيلك عم بقولك يعني إحنا تل الزعتر كان من الممكن تفادي عملية سقوطه وأن تتم مثل هذه المجزرة هذا مختلف عن بذرة صابرا وشاتيلا بعد 1982 عارف كيف اختلاف كان كبير بها الموقع إحنا عندنا هون موجودين وكان فيه إمكانية لهذا الموضوع طيب من هم ألد أعداء لسوريا صفت؟ مش القوات اللبنانية مش بشير جميل وجعجع وشمعون وإلى أخره وصاروا يعتبره من ذلك الوقت إلى ها الآن أنه والله سوريا والوجود السوري والتواجد السوري في لبنان وبعدين من 1976 بعد 1977 تصالحنا إحنا وسوريا بقى السوريين معنا بمواقعنا لـ1982.
أحمد منصور: ممكن تقولي أية الأطراف اللي كانت بتمدكم بالسلاح سوريا الأطراف اللي كانت تمد الصراع بالسلاح الأطراف العربية؟
أحمد جبريل: بالنسبة إلنا كان يعني..
أحمد منصور: لا للكل؟
أحمد جبريل: عم قولك العراقيين أرسلوا قلت لك عبر مصر وبالتنسيق مع مصر عارف كيف.
أحمد منصور: ومصر أرسلت.
أحمد جبريل: ومصر أرسلت.
أحمد منصور: السعودية الجزائر اليمن الجنوبي وكان فيه دول بتعطي الفلسطينيين وبتعطي الموارنة.
أحمد جبريل: ليبيا أرسلت لقوى فلسطينية يعني تثق فيها وأيضا أحزاب لبنانية أرسلوا سلاح وبواخر من السلاح والعتاد لأنه أنت حتى لما بدك توصل إلى التسوية مع الموارنة بدك تكون أنت قوي ما تكون ضعيف يعني لما تجلس على الطاولة بدهم يفهموا أن ما أنت ضعيف لكن بالأساس إحنا يجب أن نوقف هذه الحرب الدموية اللي كانت تهدد مصير هذه الأمة بإنشاء كيان طائفي جديد مثل الكيان الصهيوني.
أحمد منصور: الموارنة طلبوا قوات سلام أكدوا على ضرورة وجود سعوديين فيها ما مغذى ذلك؟
أحمد جبريل: هذا فيما بعد أُقر في اجتماع القوى تشكيل قوات ردع عربي.
(4/417)
أحمد منصور: لا الموارنة بدري قبل اجتماع القمة اللي كان في أكتوبر 1976، 11 أكتوبر الموارنة طلبوا قوات في أثناء علمية التفاوض الذي تمت وطلبوا قوات وطلبوا أن يكون هناك قوات سعودية في هذا الأمر في مناطقهم يعني.
أحمد جبريل: يعني هم أردوا أن يعني يظهروا للناس أنهم مظلومين وخلينا نحكي بصراحة قسم من الكتائب لا يرغب التعامل مع إسرائيل وقسم من الموارنة كانوا لا يرغبون، يرغبون في إيجاد حل عربي في هذا الموضوع وهذا ما نشاهده الآن وما حدث في الطائف وما نشاهده الآن من انقسامات في داخل الشارع المسيحي في خلال الفترة الماضية.
أحمد منصور: أغسطس 1976 حدث نوع من الانشقاق داخل الجبهة الوطنية الفلسطينية؟
أحمد جبريل: داخل تنظيمنا؟
أحمد منصور: كان تنظيم الجبهة الوطنية لا تنظيمكم أنتم في أكتوبر 1976 أبو العباس جاءك إلى مقر الأمانة العامة في بيروت وطلب منك أن تصدر بيانا تدين فيه سوريا صحيح هذا الكلام؟
أحمد جبريل: لا ليته صحيح.
أحمد منصور: كيف حدث عملية انشقاق أبو العباس عنك؟
(4/418)
أحمد جبريل: قالت لك لما إحنا ندين هؤلاء الناس في أعمال غير انضباطية وبعيدة كل البعد عن مناقبية الجبهة وبدؤوا يعرفوه أنهم في تحضيرات للمؤتمر هذا جانب الجانب الأخر الدخول السوري وموقفنا إحنا منه إنه إحنا يجب أن لا نواجه سوريا في القتال والمعركة يجوا يتفضلوا السوريين ليش ما يتفضلوا تعالوا تفضلوا بدكم تقفوا لحرب أهلية إحنا جاهزين لنعود إلى فلسطين أما الجايين إحنا لماذا يعني هل فيه إنسان عاقل ممكن أن يقبل يقول ثورة حتى النصر نستعدي سوريا والموارنة وإسرائيل والبحر وبعدين قول ثورة حتى نصل كيف وين كيف بده يصير هذا؟ فهذا الموقف الجريء اللي وقفناه وكانت هناك قوات حتى سوريا في المدينة الرياضية ودار المعلمات محاصرة من بعض الفصائل أنا ذهبت وفكيت الحصار إنه.. وحامل عالم أبيض وكنت أقتل مرات عديدة لأنه يقول لك حرام أنه يقتتل الأخوة مع بعضهم البعض يجب أن نكون..
أحمد منصور: حرام أمتى دا أنتم من أول ما بدأتم وأنتم عمالين تقتلوا في بعض.
أحمد جبريل: لا عم بقولك يعني هذا الموضوع هذا كبير وهو مثل أيلول.
أحمد منصور: أنا لا أردي الحقيقة الأجيال القديمة لما تطلعوا وحتى الذين يعيشون الآن لما يطلعوا على هذا التاريخ الأسود يعني كيف سينظر له الناس؟
أحمد جبريل: يعني هو أنا معلش أنا بعترض عليه هو ليس تاريخ أسود كله لا.
أحمد منصور: أمتى يا أستاذ أبو جهاد أنا مش لاقي حاجة تبيض الوجه يعني؟
أحمد جبريل: له سلبياته وله إيجابياته عارف كيف يعني هذا الموضوع له ما له وعليه ما عليه هذه..
أحمد منصور: يعني ترى التيار دا هيقتلنا من كثر نظرتنا ووجود هذه المآسي فيه يعني نفسي يعني مش عاوز أقول رأيي الشخصي ولكن حتى رأي من يشاهد يعني دائما أود أن أجد صفحة بيضاء حتى لو وجدت صفحة بيضاء أجدها ملوثة بالسواد وبالدماء يعني هذا التاريخ أما تجد أنه مأساة؟
(4/419)
أحمد جبريل: يعني هذا حودث حصلت عارف كيف وهناك كان تيار وأنا قبل فترة قريبة جدا هذا السفير العراقي لويس أجتمع معه أحد الأصدقاء وبعت لي سلام قال له وذكر له اجتماع الحازمية وكيف أنه يجب التصدي إلى سوريا قال له بحكي لك بكل صراحة وأما الناس كانوا قاعدين ناس كثير في غزه وشهده وقال أشهد أن أبو جهاد أحمد هو الذي كان يرى البعض الاستراتيجي لطبيعة الصراع على هذه المنطقة ولكن كان مسكين وحده وتم التآمر لقتله من أجل هذا الموقف.
أبو العباس وهجومه على الجبهة الشعبية
أحمد منصور: ماذا كان نهاية وضع أبو العباس والمجموعة التي معه في 7/10 قاموا بالهجوم على مقر الجبهة وكنت أنت فيه ودارت معركة طاحنة طوال اليوم؟
”
كنت أنا ورجالي في الجبهة من القلائل الذين جابوا فلسطين بعمليات مسحلة من شماليها إلى جنوبيها وتنظيمنا أول من قام بعمليات استشهادية فهل يعقل أن نصبح عملاء كما يتهمنا بعض القادة الفلسطينيين
”
أحمد جبريل: يعني أولا أنا تفاجئت يعني أنا كان الجهاز الأمني يقول فيه تحركات فيه اجتماعات بينهم وبين أبو جهاد وفيه كذا ومع أبو الهول يعني أنا كنت أحكي بنوع من الشفافية كنت أتوقع أنه صعب أن حد أنا يتآمر ليش بتتآمر عليه، يا رجل أنا الوحيد اللي ما فيه كيلو متر من أرض فلسطين من رأس الناقورة لجنوب لبنان للجولان للأغوار للعقبة إلا ما فيه كيلو متر إلا دايسوه أنا بأقدامي ومعي المقاتلين وهذا شيء بيعرفوه هذه القاعدة معقول يعني أنا طيب أنا قمت بعمليات استشهادية وراح أبو عمار على الأمم المتحدة رافع غصن الزيتون والبندقية وإلى أخره بعد هذه العمليات الاستشهادية طيب لما هُددت جبهتنا الداخلية في بيروت اجينا بذلنا الغالي والنفيس طب هل معقول أنه واحد يتآمر يعني علينا أنا بحكيك أنا بنتقد نفسي أنه يعني أنا ما كنت متوقع أنه فيه ممكن أن يكون انحدار في القيم لموقف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما أنت عايش فيه بشكل دائم؟
(4/420)
أحمد جبريل [متابعاً]: يا أخي فاهم بس أنا ما كنت أتصور أنه يعني عملية الاعتداء الشخصي ممكن أن تكون خط أحمر..
أحمد منصور: ليه ما هو دائما فيه اعتداءات شخصية تصفيات.
أحمد جبريل: خاصة بيني وبين المبنى اللي كنت أنا قاعد فيه والمبنى اللي موجود فيه الأخ أبو عمار بدون مبالغة 75 متر عارف كيف والله أنا صباح وهذا محدود من الحرس يعني حراسة لأنه مو حاطت قواتنا العسكرية سحبتها أنا بعد معركة الفنادق وأرجعتها للجنوب لخارج بيروت يعني رجعناها بعد عشان ما تفسد في بيروت ما شفت إلا والله بدأت إطلاق النار على هذا المبنى اللي موجود أنا والله لابس حتى مش جندرة لابس شحراته أتفرجت ما ها الشبابيك وها الناس آلاف أو مئات من الناس يحيطون في هذا المبنى وجايبين ميكروفونات تستسلم أنت يا عميل سوري يا كذا إلى أخره ها الشتمة وبدنا نوريك فيه شرطة فلسطينية أسمه الكفاح المسلح أبو طعان قائد واللي هو كمان جاي برشاشاته ومدافعه ونازل في ها المبنى ما بنعرف شو ده ست سبع طوابق يعني ومن اللبولكية فيه مدنيين المبنى فبعت لهم أنه طيب ممكن تسمحوا للمدنيين ليطلعوا لها الناس هاي، أبو إياد الله يرحمه ويغفر له يقول لهم هذا أحمد جبريل في المبنى اللي موجود فيه فيه بين خمسة إلى عشرة مليون دولار رُوحوا قصة الغزو عارف كيف.
أحمد منصور: وخذوا الغنائم؟
أحمد جبريل: وخذوا الغنائم.
أحمد منصور: طب ودول كانوا منين من بنوك لبنان ولا من القذافي ولا منين؟
أحمد جبريل: لأ أنا أبصر أنه هذا يعني بها الشكل وجاء الناس إبراهيم قليلات كان مرابطون عنده إذاعة في بيروت ينقل على الهواء كيفية الاستيلاء على المبنى وقتل مثلا يعني كيف تنقل مباراة كرة قدم حية يعني طبعا بعدين اعتذر وإبراهيم قليلات وصار صديق لنا.
أحمد منصور: تنظيم المرابطون.
(4/421)
أحمد جبريل: المرابطون وها التنظيم ويعني نقد نفسه بها المواضيع ويعني نقد نفسه بها الموضوع فنزلنا المدنيين فبعتوا لي أنه استسلموا إزاي يعني ها الشيء فبعت لهم شوية ورق صغيرة أنا اليوم بدي ألقنكم درس لم تنسوه بحياتكم أنا قصدته أنه يعني إحنا ما بنرفع أدينا وما بنستسلم.
أحمد منصور: كان معك كام مقاتل؟
أحمد جبريل: يعني ما كنش عشرة 11، 12 بس ها دول عارف كيف ودارت..
أحمد منصور: فقط يعني وهم عددهم كان كام؟
أحمد جبريل: بالمئات بالآلاف جايين عرب كلهم جايين في يوم يفوتوا هناك.
أحمد منصور: على العشرة مليون كله عاوز العشرة مليون دولار.
أحمد جبريل: هيك حكى لي هو بها الشكل ها.
أحمد منصور: أنت تأكدت من الرواية دي؟
أحمد جبريل: أي أنا تأكدت أه عارف كيف.
أحمد منصور: يعني هم بعد كده أبو عمار اللي طلُعك يعني؟
أحمد جبريل: لأ أنا بحكي لأ بعرف شو اللي حصل بالضبط فبدأت المعركة الساعة عشرة صباحا على هذا المبنى من كل جوانبه وأطرافه بقينا لحتى أخر ضوء ولم يتجرأ أحد أن يدخل هذا المبنى.
أحمد منصور: هذا في سبعة أكتوبر 1976؟
أحمد جبريل: عم بقولك وأنا من طابق إلى طابق أقاتلهم ونطفي الحرائق أوقعنا فيهم خسائر كبيرة لها الناس هاي احترق المبنى وفي سيارات تحت احترقت وفيه محل للدهانة كنا نختنق طلعنا على دهر المبنى لفوق فوق على السطح.
أحمد منصور: كان كام طابق ستة؟
أحمد جبريل: ستة عارف كيف في مبنى مقابل منه لكن فيه فسحة.
أحمد منصور: أربعة متر.
أحمد جبريل: أربعة، خمسة متر بين المبنى والمبنى ما فيه أمامنا حل أما أن ترفع إيديك أو بدك تتصرف وأنا بأحكيها بنوع من الشفافية كنت أنا عم بقاتل حتى أيدي هاي احترقت من كتر ما أطلقت آلاف الطلقات كان أولادي جهاد وخالد لساتهم صغار.
أحمد منصور: كانوا معك؟
(4/422)
أحمد جبريل: لا كانوا صغار يعني قلت يا ترى ها التاريخ ممكن بكره يظلمني ويقولوا هذا قُتل أبوهم من أجل والله موقف سوريا وكنت متآمر على المقاومة الفلسطينية اللي بدها تحرر فلسطين تحرر حيفا ويافا طب أنا شو علمت هيك كان بالسهل أنا بطلقها بالقنابل هاي القفازة اللي حاكيت لك عنها المعدلة من هون ومن هون وأقسم لك بالله وكأنه وحي هيك أجى قال لي ليش زعلان طب المسيح يهوذا الأسقريوطي باعه بعشرة فضة أثبت عم بحكيك ما هو وقت كبير وقت زي من الساعة عشرة للساعة ستة مساء عارف كيف وأنا بيني وبين مكتب أبو عمار 75 متر.
أحمد منصور: أبو عمار لم يتحرك.
أحمد جبريل: 75 متر.
أحمد منصور: وكان موجود في المكتب.
أحمد جبريل: طبعا موجود.
أحمد منصور: كان في بيروت في ذلك الوقت.
أحمد جبريل: بعد شوية يعني أتضايق أني أنا هلا طيب بعد شوية بده يموت شو بدهم يحكوا أولادي تاريخهم ما أشوف ألا واحد أنا يجي هيك والله كوحي.
أحمد منصور: العشرة اللي معك لم يصب منهم أحد؟
أحمد جبريل: لا كلهم أباضايات مقاتلين ينتقل من شباك إلى شباك ومن هون لهون.
أحمد منصور: والفلوس أتحرقت؟
(4/423)
أحمد جبريل: ما كان فيه فلوس احترقت المبنى قالوا لي طيب أنت شو أحسن من اللي الأمام علي بن أبي طالب يا رجل هذا ابن عم الرسول وهذا اللي حمى الرسول شو أنت يعني وبعدين جماعته قتلوه عارف كيف أنا عم بحكيك كيف مشاعره الإنسان في هذه الساعات الصعبة بهذا الشيء بأقعد أتذكر أنا وين فيه في كيلو متر من أرض فلسطين اجتزتها بإقدامي ألا المقاتلين تعالوا أوريكم كيف نقاتل الإسرائيليين كيف نصنع المعارك كيف نفدنا من معارك إحنا والإسرائيليين ساعات نقول هلا ميتين إحنا هذا لأني كنت هذا القائد الميداني المؤمن بقضيته أن أكون نتيجتي بهذا الشكل وناس قاعدين بيقودوا ناس كانوا بالميكرفونات وحقائب فيها فلوس شو هالظلم هذا، وطلعنا لفوق قلت لهم يا شباب بعده هيك بدي أقفز قالوا كيف تقفز قلت لكم اقفزوا هيا يا رجال.
أحمد منصور: ولا زلتم.
أحمد جبريل: قفزت على المبنى الثاني أوطى شوي.
أحمد منصور: خمسة متر.
أحمد جبريل: خمسة متر أوطى المبنى اللي هو إحنا فيه يعني كيف جراج سيارات ممر لسيارات تبعهم أعطينا البندقية ياله تعال يا فلان مين أشجع ورياض اركض هذا أنا لما بده يقع من إصابة امسك إلى أخره والله..
أحمد منصور: العشرة عدّو؟
أحمد جبريل: لا طلعنا لفوق أربعة عارف كيف انتقلنا من المبنى هذا للمبنى الثاني في مجاوره أليه لاقينا أسلحة وذخيرة سلّحنا حالنا وذخرّنا هيك وصلنا منطقة تشرف على المدينة الرياضية عارف كيف..
أحمد منصور: مسافة كبيرة طبعا.
(4/424)
أحمد جبريل: أنا ما أحد بيعرفني ولا يعرف شكلي عتمة الدنيا قلت لهم يا شباب انزلوا محاصرة المنطقة محاصرة كل المنطقة بمئات المقاتلين فقلت لهم كل واحد منكم يطلع سيجارة ويحطها أنا ما بدخن كمان قلت لهم أعطوني سيجارة ونحط بنادقنا على أكتفنا وننزل على الدرج كأنه عاديين نزلنا لاقينا متخبيين المقاتلين اللي بيهاجموا عارف كيف على باب المبنى مرحبا شباب فكرونا من الناس اللي نقاتل وطلعنا في حاجز موجود وأكياس رمل جنب المدينة الرياضية وقعدنا فترة سواء كأنه إحنا من القوة المُهاجمة لهذا الشيء هذا شوية قطعنا باتجاه دار المعلمات ومشينا علشان نلف نطلع عارف كيف أنا ماشي ولا بنعرف أن هنا مركز للقوات أو للجبهة التحرير العربية كان يقودها المرحوم عبد الرحيم أحمد.
أحمد منصور: التابعة لسوريا.
أحمد جبريل: لا للعراق.
أحمد منصور: لا العراق عفوا.
أحمد جبريل: قف الحرس قف إحنا أربعة وقفنا عارف كيف، مين هون هناك تعالوا اتفضلوا هذا إحنا ممزع واعيين وإلى آخره معركة كبيرة للأسف وغير متكافئة وغير أخلاقية.
أحمد منصور: علشان عشرة مليون يستاهلوا.
أحمد جبريل: بقولك هي بتستاهل والله ما شفت ألا عبد الرحيم وصديقه اللي هو ما أخذنا نبوس ألا وجاب لنا قواعي وغيروا وغسلنا وإلى آخره اتصل عبد الرحيم بأبو عمار قاله أبو جهاد إحنا وصل عندنا فبعث المرحوم سعد صائب حكى معي الأول بالتليفون الحمد الله على السلامة..
أحمد منصور: أبو عمار بوسك وكذا؟
أحمد جبريل: لا هذا الأول بالتليفون فقلت له يا أبو عمار أنا وياك رفيق درب من الخمسة وستين وأنا بيني وبينك خمسة.. عاد يحلف لي يمين وكذا وإجي هاني حسن كمان يحلف يمينات وإلى آخره وبعد ذلك جئنا واطلعنا إلى سوريا..
أحمد منصور: في ثمانية أكتوبر ذهبت إلى سوريا.
(4/425)
أحمد جبريل: إلى سوريا استرحنا إحنا قواتنا العسكرية خارج بيروت كلها موجودة وجاهزة ما فيه يعني لأنه حتى حاولت حتى قواتي تنجدنا عملوا لها كمائن عند خالدة وحواجز منعوها وحدثت اشتباكات في هالموضوع فرجعنا وعدنا إلى بيروت مرة ثانية فهذا هو الموضوع اللي هو حصل فإيجوا هادول أبو العباس وطلعت والناس هاي عارف كيف أنه إحنا اسمنا الجبهة الشعبية القيادة العامة وهادول.. القيادة الفلسطينية قالت لهم لا انتم بدكم تتركوا الجبهة اتركوا الجبهة في هالمواضيع رجعوا سمو حالهم باسم..
أحمد منصور: جبهة التحرير الفلسطينية اسمكم القديم.
أحمد جبريل: جبهة التحرير الفلسطينية اللي أسسها بالتسعة وخمسين كأن لهم علاقة في هذه التسمية وتاريخها.
أحمد منصور: وأصبحت العراق تدعمهم في هذا.
أحمد جبريل: وأصبحت العراق تدعمهم.
أحمد منصور: في ستة عشر أكتوبر عام 1976 عقد مؤتمر قمة حضره عرفات والياس سركيس والسادات وجابر الأحمد صباح والملك خالد في الرياض واتفق على وقف إطلاق النار في واحد وعشرين أكتوبر عام 1976 ووقف إطلاق النار بالفعل ودخل النضال الفلسطيني في مرحلة جديدة ابدأ معك بها في الحلقة القادمة. أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/426)
الحلقة13(4/427)
الثلاثاء 12/5/1425هـ الموافق 29/6/2004م(آخر تحديث) الساعة 16:38(مكة المكرمة), 13:38(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 13
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
27/06/2004
- العلاقات المصرية السورية والحرب الأهلية في لبنان
- الدور العربي في حرب لبنان
- تأثير تحركات السادات للسلام على الفلسطينيين
- الفلسطينيون ودخول إسرائيل للبنان
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيك.
أحمد منصور: في السادس عشر من أكتوبر عام 1976 عُقِدت قمة قال عنها أبو إياد في كتابه فلسطيني بلا هوية وخلال 48 ساعة تمكن ستة رجال من وضع حد للحرب الأهلية اللبنانية هم الملك خالد ملك العربية السعودية وأمير الكويت الشيخ صباح والرؤساء الأسد وسركيس ثم ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير.
أحمد جبريل: وحافظ الأسد.
أحمد منصور: وحافظ الأسد نعم، علامات استفهام كثيرة الآن تدور حول دور الزعامات العربية وعلاقاتها بهؤلاء فقدرة هؤلاء التي تجلت في ذلك اليوم على اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار وإيقاف ما يقرب من أكثر ما يقرب من 18 شهرا من الحرب الدموية بين الفلسطينيين وبين اللبنانيين، أما كان يمكن أن تتم قبل ذلك؟ من الكاسب ومن الخاسر من وراء هذه الحرب؟
أحمد جبريل: بسم الله الرحمن الرحيم، هي بالحقيقة منذ ما انتهت حرب تشرين في عام 1973 فُتِحت معركة داخلية عربية ونحن كنا الفلسطينيين طرف بها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أم وقود لها؟
العلاقات المصرية السورية والحرب الأهلية في لبنان
(4/428)
أحمد جبريل [متابعاً]: طرفا أو وقودا لها كما تريد، عندما كان تاريخيا يكون لقاء جدي وحيوي بين سوريا ومصر كانت دوما تستقر الأوضاع وأنتم شاهدتم كيف عندما كان الانسجام في عام 1969 بين سوريا ومصر أيام الرئيس عبد الناصر وُقِع اتفاق القاهرة التي أقرت به الحكومة اللبنانية والأحزاب اللبنانية بما فيها الموارنة في ذلك لكن بعد حرب تشرين بدأ هناك خلل في العلاقة بين مصر وسوريا.
أحمد منصور: تقصد أن ما حدث في لبنان من حرب أهلية كان صراعا خفيا بين مصر وسوريا.
أحمد جبريل: طبعا بالتأكيد هذا الموضوع هذا عامل من العوامل يعني وأخوتنا..
أحمد منصور: يعني تريد أن تبرر موقفكم أنتم باتهامكم أنكم كنتم السبب من وراء حادثة الباص التي تمت في 13 أكتوبر في عين الرمانة إبريل عفوا؟
أحمد جبريل: يعني حادثة الباص هي القشة التي قسمت ظهر البعير..
أحمد منصور: لكن كان هناك تهيؤ للمعركة من قبلها؟
”
عندما نشب الخلاف بين الأسد والسادات انتهز الموارنة الفرصة وبدعم من إسرائيل لإعادة النظر في اتفاق القاهرة
”
(4/429)
أحمد جبريل: هو فيه الأخوة الموارنة في لبنان أو المارونية السياسية كانت دوما تعتقد أن مادام هناك فيه تفهم سوري مصري هم لا يستطيعون أن يخالفوا ويضطروا كما حدث كما قلت في اتفاق القاهرة الذي عقد في 1969 عندما بدأ الخلاف بين الأسد وما بين السادات شعرت المارونية السياسية أنها هي فرصة لها لإعادة النظر في اتفاق القاهرة وهذه فرصة وبتشجيع من الإسرائيليين لأنه الإسرائيليين كانوا معنيين أن تقوم مثل هذه الحرب لتخفيف وطأة الهجمات والتصعيد الفدائي اللي تم في فلسطين وخاصة بدء العمليات الاستشهادية، أيضا الأميركان كان لهم مصلحة في هذا الموضوع وكيسنغر لعب دور كبير في هذا الموضوع وأيضا الرئيس أنور السادات كان يعتقد أن مثل هذه الحرب الأهلية ستكون قنبلة دخانية تغطي خطواته اللي هي التفاوضية التي كانت تتم بين النمسا وبريطانيا وفي أماكن مختلفة من أنحاء العالم للتفاهم مع الإسرائيليين في هذا الشأن.
أحمد منصور: قليل من سمعتهم يتحدثون ويعطون هذه الصورة وهذه القراءة، ما أدلتك عليها؟
أحمد جبريل: الأدلة إنه الرئيس أنور السادات استمر في نهجه في الحوار مع الإسرائيليين بشكل سري وبرعاية أميركية.
أحمد منصور: طب ما علاقة هذا بالحرب اللبنانية؟
أحمد جبريل: فمثل هذا الموضوع كان مرفوض عربيا على المستوى الشعبي وحتى يسبب إحراج للحكومات العربية..
أحمد منصور: هل دعم السادات طرفا من الأطراف ضد الطرف الآخر؟
أحمد جبريل: بالتأكيد أن الرئيس السادات أكثر من مرة لمح للطرف الفلسطيني ولمنظمة التحرير أنكم إذا سرتم معي في طريق التسوية وهذا حدث مرتين مرة في..
أحمد منصور: أبو إياد تكلم عنه في فلسطين.
(4/430)
أحمد جبريل: مرة في القناطر الخيرية ومرة في الجيزة مع منظمة التحرير، قال لهم إذا تسيروا معي هذا من 1975 هالكلام إذا سرتم معي في برنامج التسوية أنا هأقول لكم هاي الدولة الفلسطينية بجبتي أهيه هيك بالتعبير بالمصري حتى بعض الناس والأخوة اللي كانوا حاضرين ضمن..
أحمد منصور: طلال ناجي أيضا حضر وتحدث عنها نعم.
أحمد جبريل: منهم رفيق.. طلال الناجي قال له طيب يعني على إيش أنت معتمد إنه الإسرائيليين بدهم ينسحبوا من سيناء ومن الجولان وإذا يعطوا دولة فلسطينية؟ السادات ما جاوب أجاب إنه (Already) أنا متفائل أنا قروي صعيدي أنا طول حياتي متفائل..
أحمد منصور: فلاح هو من المنوفية ليس من الصعيد.
أحمد جبريل: إنه فلاح متفائل يعني من هالموضوع هذا فعندما بدأ حافظ الأسد يأخذ قرار الابتعاد عن أنور السادات ما وصلت إلى حد لسه القطيعة فكان السادات بيهمه إيجاد متاعب أيضا لسوريا سوريا.. لبنان دولة مجاورة لسوريا..
أحمد منصور: طب بصفتك أنت مقرب من السوريين وكنت مقرب من الرئيس حافظ الأسد، ما طبيعة وصول الأزمة أو وصول العلاقة بين الرجلين الأسد والسادات إلى مرحلة التأزم التي صارت إليها بعد ذلك في الوقت الذي كان بينهما شراكة في حرب 1973؟ هل أسر لك الرئيس الأسد بشيء في هذا الموضوع؟
أحمد جبريل: يعني خلال لقاءاتنا المتكررة كان واضحا أن الرئيس حافظ الأسد تأزم من مجريات والنفاق الذي حصل في حرب تشرين وكيف تُرِكت الجبهة السورية في الأيام الأولى وحيدة تواجه وليس كما كان الاتفاق وصول القوات المصرية إلى..
أحمد منصور: السوريون هم الذين ورطوا المصريين في الثغرة.
(4/431)
أحمد جبريل: لا ما كان هذا هي كان الخطة التي ناقشتها القيادة السورية والمصرية أن السوريين يدفعون الإسرائيليين في معركة باتجاه الجولان إلى طبرية إلى نهر الأردن ثم التوقف والمصريين يجتازوا قناة السويس وخط بارليف إلى ممر المثلى والجري بعيدا شرق قناة السويس أربعين كيلو متر، القوات المصرية أخفت والشاذلي أنت قابلته يعني في هالشيء هاي كان لديه تعليمات أن لا يقول للسوريين أنهم فقط سيجتازوا خط بارليف ويتوقفوا على بعد 28 كيلو متر..
أحمد منصور: يعني قبيل الحرب حدثت اجتماعات ولا أريد أن أخوض كثيرا في هذه النقطة بقدر ما أنا كلامي الآن عن إذا كان الرئيس الأسد أسر لك بشيء عن تفاعل تأزم العلاقة وحقيقة أن الحرب الأهلية في لبنان كانت من الخلف هي صراعا بين السادات والأسد.
أحمد جبريل: يعني هو مثل ما قلت إنه مجريات الحرب سببت صدمة شديدة بين الاثنين هذا عامل، العامل الثاني السادات قبل حرب تشرين وهو بدأ يتقرب باتجاه الأميركان ويحارب السوفييت..
أحمد منصور: وطرد السوفييت قبل الحرب.
أحمد جبريل: وطرد الخبراء السوفييت يعني، سوريا كانت على علاقة قوية مع الاتحاد السوفيتي وهناك معاهدة سورية سوفيتية في ذلك الوقت، حافظ الأسد كان يقول لنا أن الهدف النهاية اللي هي دخول أميركا للمنطقة، يعني معنى ذلك الهيمنة الصهيونية للمنطقة وأن الرئيس السادات يسير بهذا الاتجاه فلذلك أيضا بدأ الخلل والخلاف السياسي..
(4/432)
أحمد منصور: يعني لا نستطيع أن نقول أن لو رجعت أنا للحرب وأنا بصدد تقييم هالحرب الأهلية في الفترة الأولى التي انتهت في أكتوبر 1976 وبدأت في 13 إبريل 1975، هل نقول أن هناك حلقة ضيقة هي حلقة الفلسطينيين واللبنانيين في المعركة أو القوة الوطنية اللبنانية ومعها الفلسطينيين من جهة والموارنة من جهة أخرى، حلقة أوسع يقف خلفها كل من أنور السادات وحافظ الأسد، حلقة أكثر اتساعا تقف وراءها أميركا وإسرائيل من ناحية والاتحاد السوفيتي من ناحية أخرى؟
أحمد جبريل: أكثر.. أميركا والاتحاد السوفيتي تماما..
أحمد منصور: هل يمكن أن نفهم كفهم جديد أو كرؤية دقيقة للحرب اللبنانية أنها ضمن هذه الدوائر الثلاث؟
أحمد جبريل: تماما ما حصل مثل هذا الأمر وهذا اللي هو اللي أزكى الحرب الأهلية واعتقد السادات إنه بهذه الحرب وصوت المدافع والقتل والتدمير والحرق الذي يحصل في لبنان هذا سيساعد أن يسير ويستفيد من الوقت لإنجاز صفقة مع الإسرائيليين في هذا الوقت.
أحمد منصور: هل كان لديكم استعداد في 16 أكتوبر أن يتم وقف إطلاق النار فعلا في 21 أكتوبر؟
أحمد جبريل: هو هذا الموضوع حصل حوادث قبله يعني.
أحمد منصور: باختصار.
أحمد جبريل: السوريين فهموا اللعبة فحاولوا في 1975 أن يطرحوا معنا وحدة نضالية، الرئيس حافظ الأسد قال اتفضلوا نعمل وحدة نضالية بيننا وبينكم أيها الفلسطينيين يعني منظمة التحرير لكي يطمئن منظمة التحرير أن موقفه يعني لن يتخلى عنهم في أي تسوية وهم سيكونون مع بعضهم البعض هذا الأمر أيضا حاول مع اللبنانيين اجتماعات في بيروت وتُوِجت باسم الوثيقة الدستورية أيضا بين الفلسطينيين واللبنانيين في شطورة وأيضا وقع اتفاق لإعادة تعديل اتفاق القاهرة في هذا الأمر يعني كان حافظ الأسد عم يبذل جهود لمنع..
أحمد منصور: هذا تم في 23 يوليو أو 20 يوليو بالضبط في 20 يوليو 1975.
أحمد جبريل: تماما يعني سوريا وحافظ الأسد حاولوا..
(4/433)
أحمد منصور: لا 1976 عفوا.
الدور العربي في حرب لبنان
أحمد جبريل: يعني حاولوا أن يوقفوا هذه الحرب ومسبباتها لكن السوريين كانوا مزعوجين وخايفين من الخط الذي فتح بين إسرائيل والمارونية السياسية وكانوا قلقين جدا أنه هذا سيؤدي لتقسيم لبنان إلى دولة طائفية يمكن هذه الدول الطائفية تنتشر في المنطقة دولة علوية ودولة درزية وإلى أخره يعني فكان فيه تأكيد..
أحمد منصور: طب إحنا لو كانت سوريا دخلت فعليا في إبريل 1975 كانت دخلت بشكل رسمي إلى لبنان إبريل 1975.
أحمد جبريل: 1975 بطلب من الرئيس سركيس.
أحمد منصور: بطلب من الرئيس سركيس.
أحمد جبريل: أيه ودخل إلى..
أحمد منصور: وإحنا تناقشنا فيها وقلنا أنها كانت إنقاذا للموارنة ضد الفلسطينيين في ذلك الوقت.
أحمد جبريل: لا مش هاي اللي إحنا حكيناه الدخول الكبير فيما بعد في 1976..
أحمد منصور: في الدخول الكبير.
”
في عام 1975 دخلت القوات السورية للبقاع بأعداد محدودة، فقام قسم بالسيطرة على مطار بيروت وبعض الموانئ لمنع تسريب الأسلحة للفلسطينيين حسب ادعاء الموارنة
”
أحمد جبريل: أما هاي 1975 دخلت قوات سورية للبقاع بأعداد محدودة وقسم منها دخل وصل إلى بيروت مسك مطار بيروت وبعض الموانئ اللبنانية لأنه الموارنة كانوا يقولون أن السلاح والعتاد يتسرب من مصر ومن العراق إلى الفلسطينيين وإلى اللبنانيين لإذكاء الحرب الأهلية.
أحمد منصور: هذا ما حدث 12 إبريل 1976 بلغ عدد القوات السورية في لبنان 17 ألف رجل هذا ما أقصده الدخول الثاني كان في إبريل 1976 لم يكن في 1975.
أحمد جبريل: هذا بعد ما انسحبوا السوريين من بيروت عارف كيف نتيجة الوساطة الليبية والوساطة الجزائرية، جاء عبد السلام جلود مرسل من العقيد معمر القذافي ووزير التعليم العالي وأوقفنا بدء الاشتباكات بين الفلسطينيين والسوريين في بيروت..
(4/434)
أحمد منصور: طبعا علاقتك وثيقة بالليبيين وعلاقتك وثيقة بالسوريين وكان جلود تقريبا يرافقه أشخاص من تنظيمكم وأنت ربما في بعض المراحل رافقت جلود بشكل شخصي.
أحمد جبريل: طبعا وكان همنا إنه نوقف هذه الحرب ما بيننا وبين سوريا.
أحمد منصور: طلال ناجي أشار أكثر من مرة ربما تعرض جلود لمحاولات للاغتيال بهدف طرده من.. أو عدم مواصلة ليبيا للتفاوض الذي ربما استمرت ليبيا ستة أشهر تحاول فيه ولم تنجح فيه.
أحمد جبريل: طبعا كان يعني أبو عمار ما مستعد أن يبيع عملية وقف إطلاق النار لليبيا أو للجزائر.
أحمد منصور: ليه معهم فلوس يعني؟
أحمد جبريل: إذا بده يبيعها لا لأنه كان..
أحمد منصور: ولا فيه ناس ثانية بتدفع أكثر يعني؟
أحمد جبريل: لا كان موقف معمر القذافي موقف متوازن يعني يلتقي معه..
أحمد منصور: ولا حتى لا يقوي موقفك أنت؟
أحمد جبريل: يعني لا هذا الموضوع هو يريد أن إذا كان يريد أن يبيع مثل هذا الموقف بيبعه لأنور السادات للسعودية فلذلك يعني أُفشِلت مهمة عبد السلام جلود وحاولوا أكثر من مرة يعني عرقلته مرة كانوا الرفيق طلال ناجي بالسيارة وإطلاق النار عليهم ليه لكي يسير..
أحمد منصور: إحنا تحدثنا طبعا عن قوافل الإمداد بالسلاح إلى الفلسطينيين وإلى حتى الموارنة والتي ساهمت دول عربية فيها كأن هذه الدول التي اتخذت قرار بوقف إطلاق النار في القمة التي عقدت في 16 أكتوبر هي نفسها التي أزكت نيران الحرب طوال 18 شهرا من بين 44 سفينة وصلت للفلسطينيين لم تعترض إسرائيل إلا على سفينة واحدة فقط وأيضا إسرائيل كانت تمون الموارنة ودول خليجية كانت تمون الموارنة أيضا.
أحمد جبريل: يعني كان كما قلت..
أحمد منصور: ومصادر أكدت أن السعودية تحديدا كانت تمون الموارنة كما تمون الفلسطينيين.
(4/435)
أحمد جبريل: كما قلنا في البدء أصبح على الأرض اللبنانية معركة محلية إقليمية عربية دولية فيها على الأرض اللبنانية وكل طرف بدأ يمد ذراعه في هذا الموضوع.
أحمد منصور: يعني هذا فهم جديد ألا نضع الحرب اللبنانية في إطار حادثة الكنيسة والباص؟
أحمد جبريل: لا هالكلام يعني هذا يبقى تسطيح يعني وتبسيط كثير للأمور في هذا الشأن، أما مؤتمر القمة اللي انتهى اللي عم تحكي عنه حدث بالأول لقاء في السعودية تمهيدي بين الأطراف المعنية السعودية ومصر وسوريا ومنظمة التحرير ويمكن الكويت ثم حدث مؤتمر القمة في..
أحمد منصور: السداسي هذا.
أحمد جبريل: هذا السداسي ثم حدث مؤتمر القمة في القاهرة برئاسة الرئيس أنور السادات.
أحمد منصور: هذا عقد في 25 - 26 يونيو 1976.
أحمد جبريل: إيه بس قبله حدث لقاء في السعودية اللي حكينا عنه السداسي واختلى الرئيس حافظ الأسد وأنور السادات وإحنا سألنا الرئيس حافظ الأسد والرئيس كان صريح معنا عندما قال..
أحمد منصور: لا إحنا الآن في أكتوبر 1976 قبلها كانت مؤتمر القاهرة كان في 25 - 26 يونيو 1976 بعدها حدث وقف إطلاق النار.
أحمد جبريل: حدث ما هو نتيجة ليش؟ إنه صار اتفاق بين الرئيس حافظ الأسد رجع وأنور السادات والرئيس أنور السادات حكى مع الرئيس حافظ الأسد بين بعضهم وهذا ما نقلوه لنا في لقاءات معنا قال له يا حافظ أنا دخلت الحرب أنا وإياك تعالى نمشي مع بعضنا في السلم في البرنامج السلمي وأنا أضمن سيناء والجولان ويمكن نعطي للفلسطينيين حكم ذاتي أو أي حاجة.
أحمد منصور: يعني معناها إحنا كفاية علينا 18 شهر عمالين نذبح في بعض ونذبح في الفلسطينيين في النصف واللبنانيين.
أحمد جبريل: إيوه وإنه هاللي حصل في لبنان بيكفي هذا نتيجة خلافاتنا مع بعضنا البعض.
أحمد منصور: بهذه الصراحة تحدث؟
أحمد جبريل: بهذه الصراحة ويظهر أن رئيس..
أحمد منصور: من روى لك هذا الحديث؟
(4/436)
أحمد جبريل: الرئيس حافظ الأسد ومن كانوا مع الرئيس حافظ الأسد في هذه الاجتماعات وعندها هدأ الجو بين سوريا وبين مصر عقد حينها مؤتمر القمة في القاهرة اللي سيادتك أشرت إليه وقُرِر في مؤتمر القمة في القاهرة أن تدخل القوات السورية تحت اسم غطاء..
أحمد منصور: غطاء قوات الردع العربية.
أحمد جبريل: قوات ردع عربية مع قوات رمزية من ليبيا من اليمن من السودان من الإمارات إلى أخر هالشيء هذا وهنا فيه حادثة مضحكة هي..
أحمد منصور: باختصار.
أحمد جبريل: ومؤلمة الأخ أبو عمار في هذا المؤتمر وقف قال لما عم بيشكلوا قوات الردع العربية وقائدها يكون الخطيب..
أحمد منصور: أحمد الخطيب.
أحمد جبريل: لا مو هو أحمد الخطيب.
أحمد منصور: سامي الخطيب.
أحمد جبريل: سامي الخطيب من سوريا من لبنان قال ياسر عرفات أنا بأقترح أن تكون هناك عشرة آلاف جندي مصري يشارك في قوات الردع فالسادات أنفجر في وجه عرفات انفجار كان ملفت للنظر قال له يا أبو عمار بتقول إيه أنت؟ ده أنا شريكي حافظ الأسد هو بيمثلني وأنا بأمثله عارف كيف وبدكم تفهموا هذه الحرب تتوقف.
أحمد منصور: يعني باع عرفات.
أحمد جبريل: هذا اللي حصل عم بأحكي لك بهالموضوع لاعتقاد منه أن يمكن حافظ الأسد يسير معه في برنامج التسوية اللي لسه ماشي على الطريق يعني في هالشأن هذا وحقيقة دخلت القوات السورية لأول مرة تحت اسم قوات الردع مش للمديرج أو لدهر البيدر إلى بيروت وإلى لبنان ما عدا منطقة الجنوب..
أحمد منصور: دون أن تُطلَّق عليها أي طلقة واحدة.
أحمد جبريل: وبدون أي طلقة وبتسهيلات والكفاح المسلح الفلسطيني هو يقف على الشوارع ليدلها على الطرق..
أحمد منصور: في الوقت الذي.. في أثناء الحرب الأهلية دارت بينهم معارك دامية.
أحمد جبريل: دارت قتال وإلى أخر هالشي وكل ما هنالك..
أحمد منصور: لأن في النهاية كان الأسد والسادات هم الذين يقتتلان؟
(4/437)
أحمد جبريل: مضبوط طلب هناك الأخ أبو عمار ألا يدخلوا جمهورية الفكهاني وألا يدخلوا المخيمات يعني الجيش السوري في هذا الموضوع هذا الشيء اللي.. ودخل الجيش السوري حتى إلى المنطقة الشرقية على جونيا وعلى أنطلياس وعلى كل هالمناطق هاي بكاملها عارف كيف وهون اجبروا حتى الموارنة على دخول هذه القوات لكن رفضوا أن تدخل إلا قوات سورية المارونية سياسية للمنطقة الشرقية وبعد يمكن شهر أو شهر ونص بدأت الاشتباكات بين قوات الردع اللي بتمثلها سوريا في المنطقة الشرقية وعمل بشير جميل عملية بالفياضية قتل شي ثلاثين جندي أو أربعين جندي سوري عارف كيف لأنهم قالوا أن إحنا هذه قوات الردع لازم تفوت تقضي على الفلسطينيين وتقضي على الأحزاب الوطنية بينما حافظ الأسد هو يريد أن يوقف هذه الحرب الأهلية ولا يهدف إلى إنهاء الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير ولا إنهاء الأحزاب..
أحمد منصور: إضعاف كافة الأطراف.
أحمد جبريل: إضعاف أو إيجاد (Compromise) يعني حل وسط ما بين هذه الأطراف المتتالية على أرضية الوثيقة الدستورية اللي رعتها سوريا بين الأطراف اللبنانية.
أحمد منصور: التي في النهاية تجعل لسوريا اليد الطولى في لبنان؟
أحمد جبريل: طبعا سوريا ولبنان توأم هذا يعني شعب واحد فيه دولتين..
أحمد منصور: مين اللي توأم هم مش هم لوحديهم الشعب العربي كله.
أحمد جبريل: أنا عم بأقول لك..
أحمد منصور: لما نقول سوريا ولبنان فقط وفلسطين والعراق ومصر والمغرب.
(4/438)
أحمد جبريل: لا فيه خصوصية كبيرة جدا بين سوريا ولبنان تاريخيا هذا سواء من أيام العثمانيين والحرب العالمية حتى بعد الحرب العالمية الأولى كان لبنان اسمه لبنان الصغير عارف كيف يعني منطقة طرابلس والبقاع هذا كان جزء من سوريا لعام 1924 عارف كيف يعني والعائلات الدمشقية واللبنانية يعني فيه خصوصية معينة ثم مثل أن هذه الحرب الأهلية سببت مشاكل لسوريا لجأ من لبنان بحدود ستمائة سبعمائة ألف لبناني وسكنوا في سوريا وعملوا مشكلة اقتصادية..
أحمد منصور: ما هي سوريا برضه حطت لبنان في جيبها يعني.
أحمد جبريل: معلش بس أما إحنا مو زعلانين من هذا الموضوع إحنا إذ كان هذا الموضوع سيوقف المخطط الإسرائيلي في تقسيم لبنان وعمل دولة مارونية طائفية موجودة هذا شيء أنا بعتبر إذا ما كان عند حافظ الأسد أي إنجاز بتاريخ حكمه لسوريا عنده إنجاز إنه منع تقسيم لبنان هذا أنا بعتبر إنجاز كبير جدا يعني..
أحمد منصور: اللي منع تقسيم لبنان هو المقاومة اللبنانية لإسرائيل ونجاحها في صد إسرائيل ويعني عدم تمكين إسرائيل من تحقيق هذا المخطط لأن إسرائيل..
أحمد جبريل: كل هذا كله كان يتم بصراحة بتفاهم مع سوريا حتى المقاومة وتفاهم كان مع بعد 1982 مع معمر القذافي ثم مع إيران يعني هذا..
أحمد منصور: يعني كل الأطراف التي كانت تدفع لك يعني؟
أحمد جبريل: هه؟!
أحمد منصور: كل الأطراف التي كانت تدفع لكم سوريا القذافي إيران هذه الأطراف التي أنت على توافق معها يعني.
أحمد جبريل: أنا بعتقد أنه هذا هو لمنع تقسيم لبنان ومنع أن يوجد إسرائيل جديدة في لبنان.
(4/439)
أحمد منصور: المسار الفلسطيني الآن بعد نهاية الحرب اللبنانية، بدأ السادات يرتب أوراقه لترتيب القدس والاتفاق مع الإسرائيليين في نفس الوقت صلاح خلف وفاروق القدومي أعلنوا استعدادهم بالقبول بالقرار 242، في 13 سبتمبر 1977 الخارجية الأميركية أعلنت عن ضرورة تسوية وضع الفلسطينيين ضمن اتفاق سلام عربي إسرائيلي شامل، عرفات رحب بالبيان الأميركي وأعلن أن منظمة التحرير ستقبل بالقرار 242 كل ده في الفترة اللي بعد نهاية الحرب اللبنانية، في تسعة نوفمبر تشرين الثاني 1977 فاجأ السادات العالم بإعلانه استعداده للذهاب إلى القدس لإقامة سلام مع إسرائيل وكان ياسر عرفات يجلس في مجلس الشعب المصري وصفق مع المصفقين ثم خرج وسافر وانهالت الشتائم على السادات بعد ذلك الذي خطب الكنيست في 19 نوفمبر، ما مدى تأثير ما حدث على القضية الفلسطينية؟ وأسمع منك الإجابة بعد فاصل قصير نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذه الشهادة فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
تأثير تحركات السادات للسلام على الفلسطينيين
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد لمتابعة شهادة السيد أحمد جبريل على العصر، أبو جهاد أثر كامب ديفد أو تحرك السادات للذهاب إلى إسرائيل على القضية الفلسطينية؟
أحمد جبريل: يعني هو كانت الحرب الباردة في أوج تصارعها ما بين أميركا والغرب وما بين الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت، السادات بدأ ينحاز باتجاه أميركا وتذكرون عندما قال أن 99% من أوراق وحل المشكلة في الشرق الأوسط بيد الولايات المتحدة الأميركية يعني أعطى للاتحاد السوفيتي بنط من مائة بنط..
أحمد منصور: طب جايز البنط الثاني مش للاتحاد السوفيتي يعني كمان.
أحمد جبريل: عم أقول لك يعني وهذا الكلام..
أحمد منصور: لكن هذا لم يكن واقعا أيضا؟
”
(4/440)
الأميركان كانوا يشعرون -ومن خلال نقاشهم مع الرئيس السادات- أن موضوع الورقة الفلسطينية ورقة هامة، لذلك حرصت واشنطن على دفع الفلسطينيين للاعتراف بقرار 242 ”
أحمد جبريل: هذا في منتصف السبعينات هالكلام بشكل مبكر وطرد كما قلنا السوفييت شر طرد من مصر إلى أخره فالأميركان بدؤوا يشعرون أنهم سيصطادوا الحوت الكبير في هالأمة العربية اللي هي مصر وإذا اصطادوها معني ذلك أنهم حققوا نصر لم يستطع أن يحققوا أيزنهاور في عام 1958 ولا الرئيس كيندي في 1961 فهم الآن يصطادوا الجسم الأكبر من هالأمة ومعنى ذلك أن سيحدث خلل ويدخلوا منطقة الشرق الأوسط هذه المنطقة الهامة اقتصاديا وجغرافيا في مواجهة الاتحاد السوفييتي في هذه الحرب، الأميركان كانوا يشعرون ومن خلال نقاشهم مع السادات أن موضوع الورقة الفلسطينية ورقة هامة حتى أيام الرئيس عبد الناصر تتذكر وكيندي والرسائل وركز على الوضع الفلسطيني فلذلك بدأت تصريحات أميركية تغازل الفلسطينيين إنه إذا أنتم تعترفوا بـ242 نحن بنفتح حوار معكم تشجيع لحتى ينشد الطرف الفلسطيني إنه والله مش راح يصير حل في المنطقة بدونهم فلذلك هذا الانحياز لبعض الأطراف في داخل منظمة التحرير خاصة ببعض اتجاهات في فتح برئاسة أو يعني كان يقود هذا الاتجاه الأخ أبو عمار مع السادات لاعتقاد منه إنه هذا الطريق هو الذي سيأتي له بحل للقضية الفلسطينية..
أحمد منصور: طب السؤال المهم هنا لماذا لم يسر أبو عمار مع السادات في هذا الاتجاه وكان هناك مما نشر كثيرا من المذكرات والتقارير والأشياء المختلفة إلا أنه كان هناك ما يشبه التفاهم بين الرجلين ابتداء يعني حتى أبو إياد في مذكراته قال إن السادات قال لهم قبل حرب أكتوبر تشرين أن هذه الحرب للتحريك وليست للتحرير مع كل هذه الترتيبات لماذا تأخر عرفات ولم يدخل مع السادات في المصالحة؟
(4/441)
أحمد جبريل: هو الخارطة الفلسطينية تأثرت كثيرا في زيارة السادات للقدس يعني زيارة السادات للقدس كانت نوع من الصاعقة الكبيرة مش بس على الفلسطينيين وعلى العرب وعلى المسلمين كانت عبارة عن حدث عالمي خطير وكبير جدا يعني معروف.. هذا الموضوع..
أحمد منصور: لكن يعني هؤلاء أثبت الزمن أنهم لم يكونوا يعيشوا واقعهم بشكل لم يكونوا يجيدوا القراءة بشكل جيد.
أحمد جبريل: هلا لا لسه ممكن نختلف في هذا الأمر فلذلك الوضع الفلسطيني اللي كان متشرذم وغير متفق وكلهم كان ضد الموقف السوري في دخوله إلى لبنان بعد زيارة السادات للقدس أصبح كل الأطراف الفلسطينية والفصائل وخاصة فيه تيار في فتح بدأ ينمو بشكل قوي إنه يجب أن نأخذ موقف من أنور السادات وصار ضغوط على ياسر عرفات بداخل فتح وبداخل فصائل منظمة التحرير ويعني بالكاد كانوا يأخذون تصريح يهاجموا فيه زيارة..
أحمد منصور: يعني هنا قرر عرفات أن يكسب فتح على حساب أن يخسر السادات في هذه المرحلة على الأقل؟
أحمد جبريل: مش هيك، خاف على حاله بصراحة لأنه الوضع في فتح أصبح على كف عفريت الفصائل كلها الفلسطينية جميعها ضد زيارته للقدس والوضع العربي سوريا العراق لأنه إحنا قبلها يعني قبل زيارته للقدس كانت إنعملت جبهة الصمود والتصدي عارف كيف وعقدت هذا الكلام..
أحمد منصور: أجتمع رؤساء سوريا والجزائر واليمن الجنوبي وليبيا وياسر عرفات في طرابلس..
أحمد جبريل: في طرابلس.
أحمد منصور: في خمسة ديسمبر كانون الثاني وقعوا بيانا يدين السادات بالخيانة العظمى ويعلن مقاطعة اجتماعات جامعة الدول العربية وأُنشئت جبهة الصمود والتصدي.
أحمد جبريل: وهذا الاجتماع وافقوا كلهم ما عدا الأخوة في العراق وإذا كان بتريد..
أحمد منصور: طبعا ياسر عرفات بذكاء شديد لم يوقع على البيان وإنما..
أحمد جبريل: لا وقع.
أحمد منصور: لم يوقع هو وإنما جعل أبو إياد يوقع مكانه.
(4/442)
أحمد جبريل: لا وقع هو على هذا أنا كنت موجود وحاضر هذا الاجتماع وقعوا كل الأطراف اللي ما وقع هو الوفد العراقي كان برئاسة طه الجزراوي أو طه ياسين اشترط أنه يعلن حافظ الأسد من طرابلس الغرب بإلغاء أو بالقرار 242 و338 لحتى فالرئيس حافظ الأسد تكلم بصراحة قال هذا القرار 338 إلغائه يعني إعادة يعني بدء الحرب وقال للأخوة العراقيين أمامنا جميعا وشاهدين كلهم قال له اتفضل يدخل الجيش العراقي هلا خمس ست فرق إلى سوريا ويتوضع على الجبهة السورية أنا سأعلن رفضي للقرار 338 أو أبتدئ بحرب استنزاف ضد العدو الإسرائيلي..
أحمد منصور: الآن هذه جبهة الصمود والتصدي..
أحمد جبريل: جبهة الصمود والتصدي عُقِدت في الجزائر أيضا..
أحمد منصور: طبعا عقدت عدة مؤتمرات.
أحمد جبريل: ثم أخرها في دمشق وكان أخر لقاءات لهواري بومدين وبعدها توفى رحمه الله يعني عارف كيف في هذا فلذلك كان فيه جو مهيأ يعني إذا بدي آخذ أنا تقدير الموقف العربي كان السادات لوحده ومصر لوحدها تسير باتجاه أميركا وباتجاه الإسرائيليين..
أحمد منصور: ما هو إنتوا بعتوا السادات حتى تحافظوا على مناصبكم وأماكنكم والضغوط الداخلية التي كانت لكن في النهاية سار عرفات وحصل مكاسب أقل مما كان يمكن أن يحصلها لو سار مع السادات وكانت التصريحات المختلفة التي تصدر من القيادات الفلسطينية مرحبة بالقرار 242 قبل أن يعلن السادات رغبته في الذهاب إلى القدس كانت كلها تسير في اتجاه التسوية.
أحمد جبريل: لم يتجرأ أي فلسطيني أن يعلن أو يقبل القرار 242 حتى عام 1983.
أحمد منصور: لا.
أحمد جبريل: عم أقول لك هذا..
أحمد منصور: فاروق قدومي وصلاح خلف في مذكرات أبو إياد أعلنوا عن استعدادهم للقبول بالقرار 242 في ذلك الوقت قبل سبتمبر 1977.
أحمد جبريل: هذا معلش يعني ممكن إنه والله..
(4/443)
أحمد منصور: وعرفات رحب في 13 سبتمبر 1977 بإعلان الخارجية الأميركية عن ضرورة تسوية وضع الفلسطينيين ضمن اتفاق سلام عربي إسرائيلي شامل وأعلن أن منظمة التحرير ستقبل بالقرار 242، موثقة كل المعلومات.
أحمد جبريل: هذا كله كان مثل ما بيقولوا من تحت الطاولة أما لم يكن هناك قرار فلسطيني رسمي عن منظمة التحرير أن منظمة التحرير توافق على القرار 242 حتى بعد الاجتياح الإسرائيلي وعقد مؤتمرنا في 1983 في..
أحمد منصور: طب قبل الاجتياح أنا أريد أن أعود إلى نقطة مهمة الآن يبدو أن الفلسطينيين أرادوا أن يؤكدوا على أن النضال الفلسطيني لا زال قائما فقاموا بترتيب العملية التي قادتها دلال المغربي في 11 مارس 1978 حينما نزلوا إلى حيفا واستولوا على حافلة مدنية وقامت معركة في تل أبيب في هرتزليا قُتِل فيها تسعة فدائيين فلسطينيين و36 إسرائيلي. واضح من خلال قراءاتي المختلفة لهذه الحادثة أنها كانت لمجرد إثبات أن المقاومة لا زالت قائمة حيث كانت الاستنزاف الذي حدث للفلسطينيين في الحرب الأهلية اللبنانية والصراعات التي كانت لا زالت قائمة بين الموارنة وبين الفلسطينيين كانت تستنزف الجهد الأكبر من الجهد الفلسطيني.
أحمد جبريل: بس هنا بعد زيارة السادات للقدس، كما قلت بدأت الأطراف الفلسطينية تتجمع الأطراف العربية تتجمع هون الموارنة المارونية السياسية بدأت اشتباكات هي والسوريين إحنا أصبحنا إحنا والقوى اللبنانية خارج.. وبدأ سوريا والجيش السوري هو في اشتباكات مريرة معها هذا تسنى لنا إحنا كفلسطينيين أن نعود إلى ساحة الاشتباك مع الإسرائيليين يعني عملية دلال المغربي كانت هي تتويج لمجمل عمليات تمت ضد الإسرائيليين في هذا..
أحمد منصور: بسيطة وفرقعات إعلامية أكثر منها أثر يعني ربما كانت العملية في تلك الفترة هي كانت أقوى العمليات.
(4/444)
أحمد جبريل: هذا العملية لأنه كانت في عمق ونوعية معينة مثل كيف عملية الخالصة فكانت هذه العملية ولكن أما كل مستوطنات الجليل هاي الإسرائيلية كانت يباتوا بالملاجئ أو هجروا إلى داخل ووسط فلسطين.
الفلسطينيون ودخول إسرائيل للبنان
أحمد منصور: هل كنتم تتوقعوا أن إسرائيل فقط بعد ثلاثة أيام ستقوم بالرد حيث هاجمت جنوب لبنان في 14 مارس بقوة تقدر بثلاثين ألف مقاتل إسرائيلي وثلاثمائة دبابة وفق تقديرات المنظمة، بينما كان هناك فقط وفق تقديرات المنظمة ألفين فدائي وألفين آخرين موجودين في الجنوب؟
أحمد جبريل: ما هو أولا لنتفق مع بعضنا أن هذا التصعيد للعمل الفدائي ضد الإسرائيليين..
أحمد منصور: ديه عملية يتيمة مع شوية عمليات صغيرة، يا أستاذ أبو جهاد أنا للأسف أشعر بحسرة إن العمل الفدائي أخذ ضجة إعلامية في كثير من الأحيان أكبر من حجمه في الوقت الذي الفلسطينيين كانوا بيفرموا بعض فرم وبيفرموا في اللبنانيين وبيفرموا في الأردنيين بقتال شرس من نوع آخر ما استخدمهوش ضد الإسرائيليين.
أحمد جبريل: لا إحنا خلصنا من الحرب الأهلية..
أحمد منصور: لا أنا بقصد بشكل عام.
”
المقاومة الفلسطينية واجهت صعوبات جمة في تنفيذ العمليات انطلاقا من جنوب لبنان حيث أنشأ العدو حاجزا أمنيا كما سيطر على البحر، ورغم ذلك تمكنت المقامة من تنفيذ عمليات نوعية
”
أحمد جبريل: بس أما في جنوب لبنان عدنا وبدأ عملية التصعيد وهذه مستعمرات الجليل بكاملها هُجِرت يعني هاي كريات شمونة..
أحمد منصور: صاروخين.
أحمد جبريل: لا يوميا اشتباكات ويوميا قتال ويوميا وتوجت في عملية سافوي الشهيدة دلال المغربي..
(4/445)
أحمد منصور: نجاحكم في هذه العملية في ذلك الوقت كان يؤكد على إنكم لديكم القدرة لتقوموا بعشرات العمليات المشابهة ولكن لم يكن هذا ليحدث ما تقوم به الآن الفصائل الفلسطينية من عمليات اقتحام والدخول داخل إسرائيل، كان يمكن أنتم أن تقومون بعمليات مثل عملية دلال المغربي لكن لم تقوموا استخدمتم دلال المغربي فقط للتأكيد على مكاسب سياسية.
أحمد جبريل: لا هذا الوضع الحالي بين الفلسطينيين إحنا كنا أصلا من عام 1967 نهدف إلى تطوير شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة كان هذا أحد.. ولما إحنا قمنا بعملية الخالصة الاستشهادية يعني كنا نقول لشعبنا في الداخل عليك أن تتحمل المسؤولية لكن الحقيقة شعبنا ما كانت ناضجة عنده مثل ما هي كانت ناضجة الأمور الحالية فهو ساكن جنب المستوطنة ساكن.. بيروح على تل أبيب بيروح على حيفا بيروح.. يعني مختلط ويعرف.. أما هنا من جنوب لبنان كان فيه صعوبات عسكرية كبيرة جدا؛ العدو أنشأ حاجز أمني كلفه مئات الملايين من الدولارات، مسك البحر يعني ورغم هذا قمنا بمجموعة يعني الفصائل كلها قامت بمجموعة عمليات توجت بعملية سافوي دلال المغربي وهون أنا أريد أن أقول لك أن هذه العمليات كان الغاية منها هو إحراج أنور السادات اللي راح على القدس في 1977 وبدأ يسير باتجاه اتفاقية كامب ديفد في هذا الشأن لتعرية الموقف اللي مشي فيه..
أحمد منصور: هذا ما أقصده لم تكن عمليات منهجية مرتبة منظمة ضمن تخطيط واسع المدى وإنما كان الهدف منها فرقعة من أجل إحراج السادات، عملية من أجل كذا يعني لم يكن العمل الفدائي عملا قائما على أسس منظمة واستراتيجية واضحة وإنما كان قائم على فرقعة.
(4/446)
أحمد جبريل: أخي هذا إحنا ما نقوم فيه العمل للأسف فيه كثير كانوا يفهموه في البدء أنه كأنه عمل فلسطيني مع كيان صهيوني، هذا العمل إليه أبعاده العربية والدولية والعالمية، هذه قضية الصراع في الشرق الأوسط إذا إحنا بدنا نجردها عن فهمنا للصراع الدولي القائم وعن صراعنا العربي والمحلي بيبقى إحنا عم بنهمش موضوع هذا النضال هذا الكيان الصهيوني مو سهل المعركة هذا بده حشد طاقات الأمة العربية والإسلامية وخلل في موازين القوى ويستمر هذا الصراع سنوات وسنوات، أما نتخيل إنه والله فيه أمامنا عقبات صعدنا العمل بعد حرب تشرين رأسا العدو الإسرائيلي شغل في ظهرنا المارونية السياسية في هذا الشأن وأنور السادات حط فيه دلو في هالموضوع وأميركا حطت المارونية السياسية حطت لتشدنا بعيدا عن الإسرائيليين يعني هذه المعركة مفتوحة مع أطراف متعددة في هالمنطقة لا نستطيع أن نقول أن هذا الموضوع كان نوع من أعمال الموسمية لا بدليل إنه عملية الليطاني هاي اللي بيسموها الإسرائيليين اللي هي عام 1978 وصلت القوات الإسرائيلية إلى شمال صور بعشرين كيلومتر على مصب الليطاني طيب مش يعني عملية سافوي ممكن تتم كل هالاجتياح ومنطقة العرقوب..
أحمد منصور: هذا السؤال المهم الآن هل كان لديكم استعداد للمواجهة لصد إسرائيل، إسرائيل دخلت لبنان مرتين كنتم أنتم الفلسطينيين تجروا قدامها لحد ما تعدوا بيروت؟
أحمد جبريل: لا هذا لا ما هو..
أحمد منصور: في المرة الأولى يعني اجتاحوا في يوم وليلة ودخلوا ولم يصمد الفلسطينيين أمامهم وللمرة الثانية كما سمعت في 1982 دخلوا بيروت يعني الآن هذه الشراسة التي كنتم تبدوها ضد الموارنة ضد الأردنيين من قبل لماذا لم تبدوها ضد الفلسطينيين وتوقفوهم؟
(4/447)
أحمد جبريل: يعني هو أولا مثل ما حكينا إحنا في عملية نقد ذاتي أن التجارب التي حدثت معنا في الأردن لم تؤخذ في الاعتبار والحسبان في معركتنا في جنوب لبنان يعني حول تكتيكنا في قتال العدو الإسرائيلي حول ابتعادنا عن المدن ابتعادنا عن القرى ابتعادنا عن الممارسات السياسية..
أحمد منصور: أنا حتى لا أحملك مسؤولية ذنوب الجميع، أنت كان لك بتنظيمك استراتيجية خاصة الكل ركز عليها؛ أنك ابتعدت عن المدن، أنشأت قواعد عسكرية قوية، أنفاق في الجبال، حميت رجالك بشكل أساسي، كنت بتركز على العمليات العسكرية، لكن أنا الآن في إطار الكلام عن الوجود الفلسطيني بشكل عام لا أحملك المسؤولية الكبرى لكل ما أرتكبه الآخرون وإنما من المفترض أن يرد أناس من فتح أيضا على هذه المرحلة ونسعى إلى.. لكن لأبقى في الإطار معك، أنت حينما هاجمت إسرائيل لبنان ليلة 14 مارس 1978 بثلاثين ألف مقاتل وستمائة دبابة واستطعت أن تصل كما قلت أنت إلى مسافات كبيرة حوالي أربعين كيلو أو أكثر..
أحمد جبريل: إلى الليطاني.
أحمد منصور: إلى الليطاني، أين كنتم أنتم من هذه المعركة؟
أحمد جبريل: يعني حدثت مواجهات لكن لم تتم لم تكن هذه المواجهات بالشكل المطلوب يعني ونحكي بصراحة إنه لم انكفأت قواعد هالمقاتلين لبيروت وإلى المدن ما عاد.. واعتبرت إنه المعركة مع الموارنة أو المارونية السياسية وهذا القتال مع المارونية السياسية بيختلف اختلاف مائة وثمانين درجة عن قتالك مع العدو الإسرائيلي في تكتيكاته، إحنا كنا نسعى بكل ما نستطيع وخلال اجتماعاتنا إنه والله لنضع استراتيجية قتالية في مواجهة هذا العدو وكنا نحكي إنه إحنا ما أمامنا غير هذه الجبهة فلذلك العدو الإسرائيلي ما بده يقوم بغارات مدرعة علينا أن ندفعه ثمن كبير وغالي..
أحمد منصور: رد فعل الآخرين كان إيه على هذا؟
أحمد جبريل: هذا الموضوع لم يكن يعني يؤخذ بمحمل الجد في هذا الموضوع..
(4/448)
أحمد منصور: أه طبعا إسرائيل ملهاش أي.. المصيبة أنا مش لاقي إسرائيل ليها أي اهتمام عند الفلسطينيين.
أحمد جبريل: لا لذلك أنا من شان ما بدي أتزاود وأوقل أنا هلا عم بحكي أنا إليّ تصريحات في ذلك الوقت كنت بقول يظهر أن بعض الأطراف الفلسطينية بتعتبر أن لبنان طائرة مخطوفة وبدهم ثمن مقابلها للتسوية اللي هلا كنت عم بتحكي عنه إنه والله الغزل الأميركي حول قرار 242 وإلى أخره، أنا كنت أحكي ولكن أنت كنت عم بتحكي وحيدا والناس ما عم تسمع هذا الصوت لما إحنا كنا ننشئ هذه القواعد والمراكز ونبعد هؤلاء المقاتلين ونخلي لهم هالشفافية اللي عندهم وهالممارسة الآخرين لم يكونوا في برنامجهم هذا الموضوع كان برنامجهم بصراحة إنه يجلسوا في شارع الحمرا وفي أماكن.. لكن أنا بدي أحكي بكل صراحة كان في هنا قواعد..
أحمد منصور: والصمود والتصدي وياخد فلوس من العراق ومن ليبيا ومن كذا هو ده.
أحمد جبريل: لا لكن فيه كانت قواعد في داخل فتح هي مؤمنة مثلنا من داخل الشعب يعني إنوجد شرخ غير مكشوف ما بين الاتجاه الذي صادق في عملية المواجهة والقتال وما بين الاتجاه الذي يقول إنه إحنا نريد أن نجلس في بيروت ونخطف هذه الطائرة إلى حين ما يعطونا حلا بهذا الشأن، فهذه القواعد الشريفة من كل الفصائل لا قاتلت ومرات قاتلت ضراوة وبإمكاناتها وهون في اجتياح الليطاني في عام 1978 أيضا لم يكن لدينا التسليح الكافي الذي..
أحمد منصور: طبعا خلصتوا السلاح في قتل الموارنة؟
أحمد جبريل: لا بعد ذلك أتانا التسليح..
أحمد منصور: التسليح وبس والفلوس والمليارات والدنيا.
أحمد جبريل: يعني هذا الموضوع..
(4/449)
أحمد منصور: أنا هأجي له بشكل مفسر لكن الآن أبقى في إطار هذا الاجتياح، لأن أنتم لم تعتبروا من هذا الاجتياح للاجتياح الثاني الذي جاء بعد ذلك، لم ترتبوا أنفسكم كالعادة.. المسيرة الفلسطينية التي قام بها الرسميون منذ إنشاء منظمة التحرير وحتى اليوم لم تقف وقفات فيها محاسبة فيها تقييم للدور الذي.. لكل الأحداث التي مرت حتى يتم الاتعاظ كل شيء بيتم وخلاص ويطلع أبو عمار يقول خطبتين وتخلص القصة. انتهت المعركة في عشرين مارس مجلس الأمن أصدر قراره بوقف إطلاق النار قبلت به إسرائيل وكذلك المنظمة نجحت إسرائيل في أن تبعد الفلسطينيين عن الحدود بحيث لا يهددوها بشكل أساسية وكان هناك خمسة آلاف رجل من اليونيفيل يقومون على شكل مصد في هذا الموضوع..
أحمد جبريل: وعمل شريط حدودي بقيادة سعد حداد يعني عمقه بحدود بين عشرة إلى 15 كيلو متر من رأس الناقورة لجبل الشيخ..
أحمد منصور: حققت إسرائيل أهدافها بشكل واضح.
أحمد جبريل: يعني قالت أننا نمنع يعني هذه المنطقة الـ(Zone) هاي هي ستكون عقبة في وجه التسلل إلى شمال فلسطين وإبعاد القذائف والصواريخ عن المستوطنات الموجودة، لكن الإسرائيليين كانوا يشعروا بعبء كبير جدا عسكري في منطقة الجليل وكانت تسبب إليهم أمور داخلية كثيرة إضرابات..
أحمد منصور: مع ذلك لم تستفيدوا أنتم كفلسطينيين بشكل أساسي..
أحمد جبريل: لم نستفد، إحنا سلفا حكينا هذا الموضوع لا نريد أن نكرره، أن هناك كان فيه عقليتين فيه موجودة في داخل المنظمات الفلسطينية؛ عقلية تقول أننا يجب أن نقاتل قتال شرس ولا ننكفئ كما انكفأنا من الأغوار إلى الجبال إلى عمان لنشارك الملك حسين في الأردن..
أحمد منصور: نسبتهم كام؟
أحمد جبريل: والله ما بقدر أقول لك 10% ولا 15% عارف كيف ونحن كنا نتزعم هذا الاتجاه عارف كيف ونحكي..
أحمد منصور: 10% و90% بيبحثوا عن المخصصات والامتيازات والتسوية مع إسرائيل.
(4/450)
أحمد جبريل: وهذا الموضوع سببه أنا بأحكي لك إياه السبب الأساسي أنهم كانوا يطمعون أن السادات سيحضر لهم الدولة الفلسطينية..
أحمد منصور: ما هو كان حاططها في جيبه؟
أحمد جبريل: وكان ياسر عرفات يتكلم..
أحمد منصور: مرحتوش لو رحتوا خدتوها جيبه كان أحسن.
أحمد جبريل: أنا عم بأقول لك هو كان يتكلم ياسر عرفات بصراحة يعني قال أنا مش عاوز اعمل الحاج أمين ثاني، أنا أريد أي حل ولو موطئ قدم هناك، كنا نقول له موطئ القدم هذا لدولة ذات سيادة ولا لدولة تحت السيادة الإسرائيلية؟ فما كان يجيب في هذا الموضوع.
أحمد منصور: في 13 مارس 1979 أعلن الرئيس الأميركي كارتر أن مصر وإسرائيل عقدتا معاهدة سلام بعد مفاوضات مكثفة بدأت في 21 من شباط فبراير وكان يأمل كما قال كارتر في ضم منظمة التحرير في هذا الاتفاق، من عشرين إلى 22 نوفمبر 1979.. من اثنين لخمسة نوفمبر 1978 انعقد مؤتمر القمة العربي التاسع في بغداد بمبادرة من العراق إثر توقيع السادات اتفاقيتي كامب ديفد وبعد مساعي لحمل الرئيس المصري على التراجع على الاتفاقيتين نشأت عملية دعم كبيرة جدا بعشرات أو مئات الملايين من الدولارات إلى الفلسطينيين أسسوا بها ما يسمى بجمهورية الفكهاني في لبنان، أبدأ معك الحلقة القادمة لنتحدث عن جمهورية الفكهاني والاجتياح الإسرائيلي للجنوب في العام 1982 أشكرك شكرا جزيلا.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله، نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/451)
الحلقة14(4/452)
الثلاثاء 19/5/1425هـ الموافق 6/7/2004م(آخر تحديث) الساعة 16:08(مكة المكرمة), 13:08(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 14
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
04/07/2004
- الموارد المالية لمنظمة التحرير
- تسليح المقاومة
- التجربة الثورية
- مكاتب منظمة التحرير
- تصفية القيادات
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيك.
الموارد المالية لمنظمة التحرير
أحمد منصور: بعد قمة بغداد التي عقدت في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1978 بدأت الموارد المالية تتدفق بأرقام ومبالغ ضخمة على منظمة التحرير الفلسطينية وأعتقد أن نصيبكم أيضا كان لا بأس به، كيف كان يتم توزيع الأنصبة وما هي معلوماتك عن حجم الأموال التي وصلت إلى المنظمة بعد تلك القمة؟
أحمد جبريل: يعني هو اجتماع مؤتمر القمة في بغداد أتى..
أحمد منصور: حضرته؟
(4/453)
أحمد جبريل: لا أنا لم أحضره ولكن حضره ممثل عنا وهو الرفيق طلال ناجي أتى بعد مثل ما حكينا اجتماع تشكيل جبهة قمة الصمود والتصدي واجتماعات الثلاث صار في تأطير جماهيري وشعبي عربي الإخوان في العراق وأحمد حسن البكر شار أنه أصبحت العراق معزولة يعني لوحدها فدعوا إلى مؤتمر قمة عربي هناك وحضروا الجميع إلى هذا المؤتمر بما فيه زعماء الأساسيين مثل الملك فهد وأمراء الخليج بكاملهم وسوريا ما عدا مصر يعني عارف كيف وكان أهم ما بحثوه إنه محاولة يعني إعلام السادات إذا هو تراجع ممكن أن يقدم له مبلغ كبير من المال بحدود عشرة مليار دولار وشُكِّل وفد عربي برئاسة سليم الحص للذهاب إلى مصر ولإبلاغ السادات أنه أنت بتقول الموضوع المالي هو اللي دفعك باتجاه التسوية ومع الأميركان هي نحن نقر كعرب بعشر مليار دولار تقدم إلى مصر رفض السادات أن يلتقي بالوفد العربي واتُخذ قرار بعزل مصر ونقل الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس في هذا وأقر أيضا في هذا المؤتمر..
أحمد منصور: وبدل عشر مليار للسادات يبقوا خمسة ستة مليار لعرفات.
أحمد جبريل: لا مو خمسة هو أقر بمبلغ لمنظمة التحرير وإلى سوريا في هذا الموضوع وهون هذا الجو..
أحمد منصور: تفتكر المبلغ كم كان؟
أحمد جبريل: يعني بأعتقد اثنين مليار يمكن يعني الموضوع هذا، وكان الجو قبل ما بين سوريا والعراق الجو مشحون وجو خلافي شديد للغاية وكان يُترجم على الأرض اللبنانية هذا الموضوع ومرات حتى على الأرض السورية بمشكلات معها، لكن لما جاء مؤتمر بغداد كان بدأت العلاقات تتحسن بين سوريا والعراق يعني وبعد المؤتمر مباشرة تمت لقاءات سورية عراقية وبدؤوا أعلنوا بين بعضهم ميثاق العمل القومي يعني وحدة القطرين سوريا والعراق والحزبين إعادة توحيد الحزبين..
أحمد منصور: كلام على الورق كالعادة.
أحمد جبريل: لا كان جدي وشكلت لجان.
أحمد منصور: جدي.. دول بيعملوا حاجة جدية؟
(4/454)
أحمد جبريل: لا . لا هو جد يعني بحكيك يعني هذا الموضوع يعني وحتى اتفقوا أنه يستلم أحمد حسن البكر هو رئيس وأن يكون نائب للرئيس، الرئيس الأسد وافق على هذا الموضوع لكن فيما بعد حصل انقلاب في العراق ونُحي أحمد حسن البكر واستلم صدام وألغى ميثاق العمل القومي.
أحمد منصور: قيل أن يعني من بين الأشياء التي قيلت أن قبول البكر بهذا ربما كان سبب من التعجيل بالانقلاب الذي قام به لكن أنا الآن أريد أن أبقى في إطار الفلسطينية والأموال التي جاءت.
أحمد جبريل: فاهم بس أنا بحكيك بقولك يعني كان الجو جو ملائم وجو يعني عربي وجو صمود صحيح عم نخسر مصر لكن في هناك إعادة لملمة الصف الفلسطيني والعربي وموضوع الحرب اللبنانية بدأت مثل ما بيقولوا تنحسر وبدأ يشعر الموارنة أن هم وضعهم محرج فانقسم الموارنة على بعضهم عارف كيف كانوا مشكلين جبهة لبنانية..
أحمد منصور: طبعا وحدث صراع ما بين شمعون..
أحمد جبريل: جبهة لبنانية فرنجيا كان فيها ثم ترك فرنجيا هذه الجبهة اللبنانية وثم بشير الجميل بعت جعجع وقتل أبنه طوني فرنجيا ووقع شرخ بين الموارنة، يعني كان الجو الفلسطيني والجو العربي يعني رغم الحزن الكبير حول ما أقدم عليه السادات لكن في كان جو لعملية الصمود لكن مثل ما حكيت أنا في حلقات ماضية للأسف في أطراف فلسطينية هذه الأطراف لم تكن مؤمنة بكل هذا الكلام أنه كانت مؤمنة مثل ما كان مؤمن السادات أن 99% من أوراق الحل بيد أميركا وعلينا أن نصطف مع السادات لكن هذه الأطراف وأنا عشان أكون صريح الأخ أبو عمار هو كان يتزعم هذا الموضوع لم يكن يجرأ أن يطرح وجهة نظره أو يندفع بسبب هذا الموقف والزخم ميثاق العمل القومي بين سوريا والعراق وحدة الصف الفلسطيني وصول..
أحمد منصور: الأهم من كده المليارات التي بدأت تصب.
أحمد جبريل: لا وصول حالة..
أحمد منصور: وجمهورية الفاكهاني التي أسسها وأصبح رئيس جمهورية في لبنان.
(4/455)
أحمد جبريل: معلش وجود حالة في داخل حركة فتح عارف كيف معادية للتوجه باتجاه السادات في هذا الموضوع وهذا أقلقت عرفات يعني في هذا الموضوع وكانت في داخل فتح مشاكل يعني أبو عمار كان يتزعم تيار صلاح خلف الله يرحمه كان يتزعم تيار..
أحمد منصور: كلهم تم تصفيتهم.
أحمد جبريل: أبو جهاد خليل وغيره..
أحمد منصور: إحنا طبعا نريد أن نفهم بعد ذلك في السياق الذي جعل عرفات يصل إلى أوسلو في 1993 أن كل هؤلاء الذين كانوا يتزعموا التيارات المضادة للتسوية مع إسرائيل تم تصفيتهم بشكل أو بآخر.
أحمد جبريل: وكان الشهيد له..
أحمد منصور: أبو جهاد أبو إياد وغيرهم كثيرين.
أحمد جبريل: وهناك كمان تكتل كان يتزعمه يعني من الشباب الصاعدين منهم أعضاء لجن مركزية مثل الشهيد ماجد أبو شرارة المرحوم أبو صالح في هذا الموضوع ومعهم قدري ومجموعة من الضباط تبع الوحدات الموجودة وهؤلاء كانوا قوة على الأرض مرات يعني يشعر أو أبو إياد يعني يفتخر أنهم هم من جماعته لمواجهة أبو عمار وحتى مرات كاد يحدث اشتباك ما بين أبو عمار وأبو إياد يعني في هالمرحلة هاي لكن هذا الموضوع كله على أرضية الموقف السياسي ولكن أنا بحكيلك إياه لم تكن هناك جدية فعلية لاحتمال أن يمكن أن يحدث اجتياح إسرائيلي إلى لبنان.
أحمد منصور: طيب أنا في..
(4/456)
أحمد جبريل: كان في قصور يعني كان في قصور في هذا قصور في عملية التفكير الوقت ما كان مهم أنا بحكيلك يعني مثل أنا كنت كنا نشتغل بالليل والنهار في جنوب لبنان وكنت صادق مع الشباب قاعدين يشتغلوا بالأعمال الشاقة في حفر المُغُر والأنفاق وعمل العقد العسكرية وكنت أمسك التنظيمات الأخرى أجيبها أنه أقول لها تعالي شوفي شو عم يشتغلوا والقصف الإسرائيلي مستمر علينا بالليل والنهار ليمنعنا من لأنه بيعرفوا أن معنى ذلك بداية جديدة لعملية مواجهة يعني العدو كنت أقول لهم يا شباب يا بنلحق يا ما بنلحق يعني يا إخواننا عشان ما أخادعكم يوم من الأيام إذا كنت حي أو ميت هناك سيتم اجتياح للبنان هذا الجو اللامبالي الموجود في بيروت وفي الفاكهاني وضع هش يساعد الإسرائيليين على عملية الاجتياح وببساطة وبسهولة حتى..
أحمد منصور: طب قبل أن أصل إلى موضوع الفاكهاني والاستعداد للاجتياح الذي حدث في 1982 أنا عايز يعني أبقى معك وأنت تتحدث بشفافية وأتمنى ذلك يعني أن يكون الحديث بشفافية من قِبَلك حتى للمشاهدين قضية المال قضية خطيرة جدا كان أبو عمار ولازال يمسك بزمام المال وهناك أرقام وإحصاءات مختلفة نُشرت حول حجم الأموال التي جاءتكم بعد قمة بغداد إذ قيل أن أبو عمار استلم ما بين واحد ونصف مليار إلى ثمانية عشر مليار دولار من المساعدات وهو الذي كان يقوم بتوزيعها ما هي معلوماتك الدقيقة عن حجم الأموال التي وصلت؟ وكيف كان يتم توزيعها على المنظمات المختلفة؟
أحمد جبريل: أنا عشان أريحك وأريح المشاهدين أبو عمار..
أحمد منصور: ريحنا والله.
أحمد جبريل: أبو عمار منذ الـ 1965 هو كان يُصر أن يمسك موضوع المال بيده عارف كيف من 1965 وكل المحاولات في داخل فتح لتغيير هذا الوضع كان يرفض أبو عمار يعني هذا.
أحمد منصور: وهم يرضخوا؟
(4/457)
أحمد جبريل: وهو يرضخوا مما اضطر بعدين صلاح خلف المرحوم صلاح خلف أنه يعمل ميزانية لحاله من الدول الخليجية ومن هون ومن بعد الأثرياء الفلسطينيين بالخارج وبكذا لحتى يخلص من سيطرة أبو عمار تحت حجة الأمن الموحد وحتى مسكين الشهيد خليل الوزير كان مرات يجلس في البيت شهر وشهرين لأنه والله ما عم بنصرف له ميزانية فأبو عمار قصة المال هي قصة أساسية معه منذ ما تعرفنا عليه في 1965 جاء المال هذا المال مرات يأتي يعني كانت السعودية مثلا..
أحمد منصور: ولا زالت.
أحمد جبريل: لا تعترف بمنظمة التحرير أنه فيها فصائل علمانية وفيه كذا تعترف بحركة فتح ولم يكن هناك مكتب لمنظمة التحرير في السعودية في ممثل لفتح هناك والأموال الذي تجبى من السعودية تذهب إلى فتح.
أحمد منصور: وطبعا كان يجبى من كل فلسطيني يعمل في السعودية مبلغ وإلى اليوم.
أحمد جبريل: وأيضا مبالغ يعني مبالغ أخرى الأمير سلمان كان مستلم هو هذا الموضوع..
أحمد منصور: الصندوق.
أحمد جبريل: وأعرف أنا ويقول أنا فتح وخلاص يعني بها المواضيع.
أحمد منصور: عندك علم بالمبالغ أد إيه؟
أحمد جبريل: مبالغ كبيرة السعودية.
أحمد منصور: مليارات يعني؟
أحمد جبريل: بلد غنية إلى آخره أما الأموال اللي نصت عليها قرارات مؤتمر القمة هذه كانت تدخل إلى منظمة التحرير وإلى الصندوق القومي الفلسطيني لكن أيضا إحنا حاولنا أن يكون الصندوق القومي مستقل ولا يخضع لأبو عمار لكن أبو عمار كنا إحنا معه في معركة شديدة للغاية عارف كيف حتى مرات يعني مسكنا بعض الناس سلمناهم للصندوق القومي من فتح ولكن نريد أن يكون له حالة مستقلة مثل زهير العلمي مذار الطيب عارف كيف.
أحمد منصور: لا في علامات استفهام كثير حول الفساد المالي والإثراء غير المشروع والناس اللي خدت مليارات وملايين وعشرات الملايين في الوقت اللي أبناء الشهداء ربما مش لاقيين هدمة يلبسوها.
(4/458)
أحمد جبريل: هذا ستنلكم عنه بس أنا عم بحكيك عشان نفهم ما بين الأموال اللي كانت تأتي لفتح كانت تأتي لأبو عمار وهو مشرف عليها الأموال اللي..
أحمد منصور: تعتقد حجمها كان أكبر من حجم الأموال التي تأتي لمنظمة التحرير؟
أحمد جبريل: لا بالأخير لما مؤتمرات القمة صار لا اللي تأتي من الدول العربية.
أحمد منصور: لكن في النهاية جيب فتح هو الجيب الكبير في المنظمة؟
أحمد جبريل: أبو عمار كان يمسك هذا الموضوع وبدلنا كذا يعني وكان هو كل ما يسمك الصندوق القومي أحد من الأخوة ويشاكسه ويرفض معه عارف كيف مثلا استلموا مرة الأخ رفعت النمر عارف كيف بالنهاية زاحه بأي شكل لأنه كان يحاول ضبط هذا الموضوع فكان أبو عمار مسيطر حتى على الصندوق القومي الفلسطيني.
أحمد منصور: أنت وعدتني تريحيني وتريح المشاهدين بس لسة مرتحناش.
أحمد جبريل: فإحنا هذه الأموال اللي كانت تأتي للصندوق القومي بدأنا إحنا نشعر كفصائل إنه طيب هذه تذهب إلى فتح وأبو عمار عم يصرفها فصار اجتماع بيننا في اللجنة التنفيذية وهذا الاجتماع تم الاتفاق على تقسيم (Quota) يعني هذه الأموال توزع يعني نحن الجبهة الشعبية والديمقراطية مثلا مائتان وثلاثين ألف دولار شهريا عارف كيف.
أحمد منصور: كل مجموعة؟
أحمد جبريل: أي كل واحد.. لا كل واحد.
أحمد منصور: مائتان وثلاثين ألف؟
أحمد جبريل: مائتان وثلاثين ألف، الصاعقة كانت تأخذ ثلاثمائة ألف فتح تأخذ مليون ونصف أو مليون وسبعمائة ألف دولار.
أحمد منصور: معنى ذلك أن شهريا المبالغ اللي بتأتي في حدود ثلاثة أربعة مليون؟
أحمد جبريل: عم بقول لك يعني هذا الموضوع بهذا الشكل واستمر هذا الموضوع حتى يعني خروجنا من لبنان في 1982 وبدء خلافتنا بعد مؤتمر الجزائر في 1983 يعني هذه الأموال كانت بيد مثل ما حكينا أبو عمار وحتى كانت تعمل مشكلة.
(4/459)
أحمد منصور: يعني المبالغ تعد مليارات فعلا في النهاية حينما تشير بعض التقارير إلى أنه وصلت إلى ثمانية عشر مليار دولار يمكن..
أحمد جبريل: وعمل أبو عمار.
أحمد منصور: إمبراطوريات.
أحمد جبريل: لجان استثمار في الصومال وفي أوغندا وفي اليونان أساطيل لهالشيء وللأسف وصامت وللأسف كل هذه المشاريع كانت أنا كنت أسأل أبو إياد والمرحوم الشهيد أبو خليل الوزير يقول لي كلها خسرانه.
أحمد منصور: مشاريع إيه قول لنا؟
أحمد جبريل: مشاريع مثلا الموز، بواخر، زراعة هذا أنا أحمد قريع ما بعرفه ولا حد كان يعرفه كان مستلم صامد في لبنان لصنع الملابس والتجارة في عملية الملابس سواء العسكرية أو غير العسكري هذا أحمد قريع يعني أنا ما كان إلي شرف أنه أتعرف عليه يعني في السابق يعني لها الموضوع فكان عنده لجان لها الشيوخ كلها كانت عم تخسر بنتيجة التسيب والمشاكل.
أحمد منصور: يعني ما يقال عن علامات الاستفهام والإثراء المال الغير المشروع والفساد المالي الذي تم بالنسبة لهذه الأمور التي جاءت من أجل المقاومة ومن أجل الشهداء وأبناء الشهداء وعائلاتهم وكذا كلها أشياء صحيحة ودقيقة ولابد من محاسبة لأن هذه الأموال ليست مِلك للذين أنفقوها وإنما هي ملك للشعب الفلسطيني؟
أحمد جبريل: يعني هو كان من الممكن أن هذه الأموال أن تنفق في طريق الصمود والقتال والصراع وهناك سوق سوداء دولية عالمية كانت تمكننا من شراء بعض الأسلحة النوعية.
أحمد منصور: ألم يكن لمثل هذه الأموال الضخمة أن تُغير مسار المعركة.
تسليح المقاومة
”
السلاح الجوي الإسرائيلي هو السلاح المرعب على المستوى الفلسطيني والعربي
”
(4/460)
أحمد جبريل: أنا أقولك الأسلحة المضادة للطائرات أنت تعرف السلاح الجوي الإسرائيلي هو السلاح المرعب على المستوى الفلسطيني والعربي عارف كيف فما كان في جدية كان الجدية إنه والله التعاون مع الاتحاد السوفيتي، الاتحاد السوفيتي كان له وجهة نظر أنه والله أيضا ألا يكون بين أيدينا يعني السلاح المتطور جدا اللي نقدر نواجه فيه يعني سلاح الجو الإسرائيلي بس كان هناك شبكات عالمية في السوق السوداء ممكن توفر لنا الأسلحة التي نستطيع أن تخفف من حجم الضربات الإسرائيلية الجوية.
أحمد منصور: وطبعا..
أحمد جبريل: لأنه هذه الضربات الإسرائيلية ما رُفعت عنا بصراحة حتى وصلنا إلى حرب تشرين يعني مرات أنا بحكي يضربوا مواقع لنا مدة ثلاثة ساعات أربع ساعات يرموها ثلاثمائة، أربعمائة قنبلة أو صاروخ هاي لو ضربتهم على مدينة لدُمرت عارف كيف لكن الحمد لله كان دائما حافرين هالأنفاق هاي لكن الآخرين ما كانوا يعملوا هذا الموضوع يعني فكانوا يكتفوا إنه يرجعوا للمدن فالإسرائيليين كمان شافوا إنه ما في حرمة للمدن ضربوا صيدا في المدينة ضربوا بيروت في داخل المدينة وفي جمهورية الفاكهاني اللي أنت بتحكيها عدد من المرات.
أحمد منصور: أنا لسه هحكيها لأن حضرتك الآن بتتحدث عن شراء أسلحة مضادة للطائرات وأسلحة حديثة في الوقت الذي ذهبتم واشتريتم دبابات تي-34 من مخلفات الحرب العالمية الثانية معظمها ما كنش بيقدر يتحرك اثنين كيلو من مكانه.
أحمد جبريل: من رومانيا..
أحمد منصور: من رومانيا..
أحمد جبريل: وهذه صفقات مشبوهة بصراحة.
أحمد منصور: يعني هنا بقى.
أحمد جبريل: وفيها كمسيونات حصلت.
أحمد منصور: آه قل لي بقى قل لي لأن الآن مصيبة كبيرة إن هذه المليارات التي جمعت أُنفقت في مثل هذه الأسلحة بدل ما يروحوا أسلحة مضادة للطائرات وأسلحة حرب عصابات راحوا يشتروا دبابات كأن عاملين دولة بالفعل ودبابات متهالكة.
أحمد جبريل: من الحرب العالمية..
(4/461)
أحمد منصور: من الحرب العالمية الثانية.
أحمد جبريل: من رومانيا عارف كيف واشتروا أسلحة مشابهة لها المواضيع اللي..
أحمد منصور: ألم يكن هذا خداعا للثورة انحرافا عسكريا أيضا في مسيرة الكفاح الفلسطيني؟
أحمد جبريل: ما هو بدك أنت تفهم الهدف الأساسي في إذا كنت تفكر جديا في الصراع مع العدو الإسرائيلي هذا له استراتيجية وله فهم معين أما إذا أنت ما عم بتفكر بها الموضوع بتفكر أنه كيف لبنان وبيروت أن تكون طائرة مخطوفة باتفاق مع بعض الأحزاب الوطنية اللبنانية لها مصلحة أو تتقاطع مصلحتها مع مصلحتنا إلى حين ما يتبلور حل يأتي عن طريق السادات يأتي عن طريق الأميركان هذا موضوع أخر لذلك كان في عقليتين والمال ليس بيد العقلية الحقيقة اللي كانت تريد أن تقاتل فعلا يعني أجيب لك أنا بس مثل بسيط إحنا حفرنا أنفاق جبنا بالأدين والكمبروسات والشانيورات وإلى آخره الإسرائيليين بدؤوا يشعروا في خطورة هالتجربة هاي مرة من المرات قاموا بغارة علينا في منطقة الناعمة مدة أربع ساعات، ثلاثة ساعات وأنا كنت هناك شخصيا ويمكن بعض الإخوان اللي قاعدين هون كانوا موجودين معي عارف كيف كان في اجتماع للقيادة العسكرية اللي مشكلها أبو عمار أسمه المجلس العسكري وفيه مندوب من عندنا موجود معه لما بدؤوا سمعوا صوت الطيران والقصف فتأتي برقيات لأبو عمار فيحكيها فوقف قال يا إخواننا القيادة العامة هذه الغارات اللي عليها دُمرت كل الأنفاق وهناك قتلى وجرحى بالمئات وأرسلنا.
أحمد منصور: تاريخها كم تفتكر؟
أحمد جبريل: يعني بدك تقول بالـ 1980، 1981.
أحمد منصور: قبل الاجتياح؟
أحمد جبريل: قبل الاجتياح طبعا قبل الاجتياح هذا الكلام.
أحمد منصور: أثناء قيام جمهورية الفاكهاني من 1978 لـ 1982.
(4/462)
أحمد جبريل: بها الفترة هي، وأرسلنا سيارات الإسعاف وحقيقة أكثر أربعين سيارة الشاب مندوبنا في المجلس العسكري معه جهاز لاسلكي إحنا كنا متطورين في أساليب هالشيء الاتصال طلع لبره حكي معي وأنا موجود في موقع القصف قال لي شو الموضوع قالت له ما في شيء قال لي ما في جرحى قلت له لا ولا فيه شهداء قلت له أبدا الوضع عادي كل ما هنالك إنه والله رموا قصف شديد للغاية وكل حفرة تكون بعمق خمسة عشر متر وقطرها عشرين متر.
أحمد منصور: طبعا أنتم عاملين أنفاق على عمق أربعين متر بحيث أن أحدث الأسلحة لا تستطيع أنها تنالها يعني.
أحمد جبريل: أربعين وخمسين متر لا يمكن أنها.. فمندوبنا رجع للاجتماع قالوا يا أخ أبو عمار أنا اللي حكيت مع أبو جهاد أحمد وهو موجود هناك وبيقول ما في خسائر عندنا ولا جريح فضحك أبو عمار قال له يعني اسمه أبو إبراهيم يا أبو إبراهيم هو يعني أبو جهاد راح يقول لك في عنده خسارة ده عسكري مش راح يحكي هالكلام أنا بعت الشهيد سعد صايل.. وحقيقة سعد صايل جاء للمنطقة ومعه بحدود ثلاثين، أربعين سيارة إسعاف ولما توقف القصف جاء لعندي استقبلناه وفتنا على جوة الأنفاق شرب الشاي والمي يعني وين القصف قلنا له هيك اطلع برة صرنا نحصي مائة، مائة وخمسين، مائتين صاروخ وقنبلة ووزنهم طن واثنين طن الواحدة بها الشيء قلت له بيحكي أبو عمار معقول يعني إحنا دُمرت هذا الموضوع بدل ما إنه والله هذه التجربة لو عممها يا أخ سعد رجع إلى هناك هذا حدث علينا في الصرفند هذا حدث علينا في الجرمخ في العرقوب في كل المواقع اللي كنا يصير هالشيء تخيل صار ضغط على أبو عمار من قواعده اللي في الجنوب اللي كانت تتعرض لقصف إما تترك وترحل للمدن أو تضع خسائر مرة هاي كتيبة طلابية راح منها ستين، سبعين واحد مساكين طلابها هادول جابوا من كل أنحاء العام مستنفرين للبنان هذا راح منهم..
”
(4/463)
جمهورية الفاكهاني أسسها أبو عمار في مخيم الفاكهاني في بيروت في الفترة بين 1978 و1982
”
أحمد منصور: يعني الحقيقة أنا لأن أنا شاهد عيان زرت بعض الأنفاق التي أقمتموها وربما ليس سرا إن إحنا بنسجل في أحدها على عمق أربعين متر من سطح الأرض يعني تجربة فعلا لو أن الفصائل الفلسطينية نهجت هذا النهج الذي نهجتموه ربما كان كثيرا من مسار المعركة كان يمكن أن يتغير ولكن علامات الاستفهام هذه لابد أن تبحث عن إجابات عن الأموال التي جُمعت والأسلوب الذي أدير به الكفاح الفلسطيني طول السنوات الماضية حيث بُددت الأموال وأديرت الأمور بشكل مليء بعلامات الاستفهام؟ الدولارات أسست ما يسمى بجمهورية الفاكهاني أسسها أبو عمار في مخيم الفاكهاني في بيروت في الفترة من 1978 إلى الاجتياح الإسرائيلي في 1982 بدأت المنظمة تشتري دبابات متهالكة من الحرب العالمية الثانية بعشرات الملايين من الدولارات تي-34 نوعيات مختلفة من الأسلحة بدأت المنظمة تدرب طيارين في دول أوروبا الشرقية وترسلهم للقتال في نيكارغوا وفي إفريقيا وفي غيرها من المناطق كأنما هم مرتزقة يعني دربت هؤلاء ليس من أجل النضال الفلسطيني وإنما من أجل أن يروحوا يقاتلوا في مناطق أخرى هذه أيضا بحاجة إلى أن الشعب الفلسطيني يسعى للبحث عن إجابات لهذه الأشياء.. كيف تقييمك أنت لجمهورية الفاكهاني؟ أسمع منك الإجابة بعد فاصل قصير نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذه الشهادة فأبقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
التجربة الثورية
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد لمتابعة شهادة السيد أحمد جبريل على العصر، أبو جهاد ما تقييمك لجمهورية الفاكهاني؟
(4/464)
أحمد جبريل: كانت هناك تجربتين، التجربة أين اللي هي مفسدة الثورة والتجربة الثورية الحقيقية في الكفاح المسلح اللي كنا الولوج والخروج إلى الوديان وإلى الجبال وصنعت تجربة وهذه التجربة اللي إحنا مشينا فيها سببت قلق وضغط حتى على الأخ أبو عمار يعني من قواعده إنه طب إحنا ليش عم نوقع فينا خسائر كبيرة في الطيران وعم نضطر ندخل إلى المدن والشوارع ثم نأتي إلى بيروت أذكر جيدا أنه أتصل مرة الأخ أبو عمار ويمكن يكون عم بيسمعني هلا..
أحمد منصور: إن شاء الله يسمعك حتى يسعى للإجابة على هذه التساؤلات.
أحمد جبريل: قال لي بدي أبو جهاد أمر عندك قلت له أهلا وسهلا جاء أنا بيني وبينه صداقة يعني رغم كل هالخلافات لأنه هو دمث ويعني..
أحمد منصور: رجل يجيد أن يجمع الناس حوله.
أحمد جبريل: يعني دمث وخلوق وإلى آخره.
أحمد منصور: هو فلتة بدون شك، هو فلتة يعني.
أحمد جبريل: عم أقولك يعني..
أحمد منصور: يعني عنده إمكانيات يعني أهلته إلى أن يبقى إلى هذه الفترة بهذا الشكل.. تفضل.
أحمد جبريل: فقالي أنتم نجحتوا في هذه التجارب وهذه ثبتت فعلا..
أحمد منصور: تجارب الأنفاق يعني؟
أحمد جبريل: الأنفاق والمغر وإلى التحصينات يعني وأنت بدك توقف تأثير هالسلاح الجوي اللي عند العدو اللي هو الذراع الطويلة تبعه قال لي أنا بدي منك خدمة قلت له تفضل قال بدك تعيرني قسم من هذه الأدوات لحتى نعمل هذه التجارب إحنا عارف كيف يعني أعيره..
أحمد منصور: الأجهزة اللي عملت بها الأنفاق.
(4/465)
أحمد جبريل: من هالمعدات لحتى هو يقوم وضحكت قلت له أخ أبو عمار إذا بدي أحكي بكرة للشباب اللي عندنا مسؤولين عن التحصينات أعطونا من هذه المعدات اللي عم نشتريها بالعرق عارف كيف مشان بدنا نعطيها للإخوان في فتح لأبو عمار مشان يعمل هذه التجربة مش راح يضحكوا علينا ويضحكوا ويقولوا معقول يا أخ أبو عمار أنا بقدر أدلك منين إحنا جبنا هالمعدات هاي وأنا باعطيك عهد أنه أفرز عناصر فنية صار لديها الخبرة والتجربة لتدرب الطواقم عندكم حتى تقوم بهذا العمل فتخيل يعني الإمكانات المالية الضخمة تبعه عارف كيف جاي بده يأخذ من عندي معدات إحنا عم بنشتريها مثل ما بيقولوا بضائقة النفس حاولوا يشتروا معدات اشتروا معدات لا تنفع تصور اشتروا معدة لحفر أنفاق هاي للأنفاق الكبيرة جدا اللي هي عبارة..
أحمد منصور: الطرق الـ (Highway).
أحمد جبريل: عم أقولك اللي تعمل أنفاق في الجبال ولها تعقيدات كبيرة جدا وحطوها بالجنوب وما استعملوها حتى الإسرائيليين جاؤوا أخذوها كما هي يعني، يعني في هالشأن يعني كنا في خلاف يعني يطلب للاتحاد السوفيتي دورات تدريبية أول دورة تدريبية راحت بعتنا ناس جيت لما جاء هالشباب قلت لهم يالا اكتبوا لي تقرير شو الشيء اللي تدربتوه في الاتحاد السوفيتي تدربوا وكأنهم دورة ضباط كلاسيكيا في جيش نظامي بقولك يا إخواننا هذا الاتحاد السوفيتي..
أحمد منصور: مفيش حروب عصابات ولا حروب مقاومة ولا أي شيء؟
(4/466)
أحمد جبريل: هذا الاتحاد السوفيتي عنده تجربة في حرب العصابات في الحرب العالمية دارسين حرب العصابات وحرب الغوار في فيتنام هادول السوفيت هاي دولة عظمى طيب ليش ما أعطوكم هذا الموضوع عم يعطوهم تصور تشكيلات الجيش وقتال الجيش وكأنه جزء من هذا الموضوع فمثلا إحنا لم أتت الدورة الثانية واتصل أبو عمار أنه ما بدكم تبعتوا دورة قلت له لا لأنه ما في فائدة بيروحوا لهناك ودورة شكلية وفي بيحاولوا ينظموا عناصر من عناصرها للـ (KGB).
أحمد منصور: ما هو الآن في جمهورية أنت لسة حضرتك عايش في عصر المقاومة في جمهورية الآن لازم تبعت ضباط عشان هيعيشوا في جمهورية الفاكهاني.
”
مناهج التدريب في الجبهة الشعبية للقيادة العامة تعتمد على أسس حرب العصابات الذي هو فن قائم بذاته لا يمكن أن تشبهه بالحرب النظامية
”
أحمد جبريل: يعني تصور أنه مناهج تدريبنا إحنا في الجبهة الشعبية للقيادة العامة والمراجع اللي عملناها حول حرب العصابات ما موجودة يعني إحنا كان عندنا مسكر التدريب يعني معسكرات التدريب إحنا الوحيدين الذي ندرب كيف هو موضوع حرب العصابات والقتال والمواجهة وهذا حرب العصابات هذا فن قائم بذاته يعني ولا يمكن إنه أنت تقدر تشبهه في الحرب النظامية العادية في هذا الشأن..
أحمد منصور: في إطار جمهورية الفاكهاني العقيد أبو موسى اللي قاد التمرد ضد عرفات في أغسطس 1983 قال إن عرفات كان لديه واحد ونصف مليار دولار كموجودات مصرفية في ذلك الوقت مصادر أخرى قدرتها بـ 8 مليارات ومصادر وصلت بها إلى 14 مليار دولار تقديرك أنت إيه؟
أحمد جبريل: أنا بعرف أنه مليارات لكن ليس لدي يعني معلومات..
أحمد منصور: مع بناء جمهورية الفاكهاني بدأ كما أشرت أبو عرفات يرسل ضباط ليتدربوا كضباط يرسل طيارين ليدربوا كطيارين ثم يرسلهم للقتال في نيكارغوا وفي..
أحمد جبريل: موها بس فنيين في باكستان إداريين مشان موضوع الدولة ومحاسبين وقانونيين.
(4/467)
أحمد منصور: هؤلاء كان يهيئهم للسلطة ولا لجمهورية الفاكهاني في..
أحمد جبريل: لا.. لا هما أنا بحكي لك هما موعدين كانوا من السادات أنه بده يعطيهم دولة عارف كيف فهو كان يرتب هذا الموضوع لهذا الشأن.
أحمد منصور: أموال كثيرة كانت تصرف على الأجهزة على الإدارات على المنتفعين من الدولة الوهمية على الرحلات درجة أولي ثوار بيركبوا درجة أولي وعربيات مرسيدس فخمة وطائرات خاصة وعلاج في أفخم المستشفيات..
أحمد جبريل: منين هاي المعلومات جبتها كيف؟
أحمد منصور: عندك معلومات غيرها ولا؟
أحمد جبريل: لا يعني بس..
أحمد منصور: صحيحة ولا غير صحيحة؟
أحمد جبريل: لا قسم منها كبير صحيح.. بس من وين يعني؟
أحمد منصور: طيب خلاص والرواتب والمزايا منشورة هذه الأشياء بس الناس لا تقرأ يا سيدي الناس لا تقرأ ومنشورة بشكل دقيق ومفصل في مصادر كثيرة يعني أنا لا آتي بمعلوماتي من مصادر سرية دائما أتي بمعلوماتي من مصادر منشورة ولكن العرب لم يقرؤوا لم يعودوا يقرؤوا للأسف.
أحمد جبريل: للأسف يعني كانت هناك تصرفات بعيدة كل البعد يعني شراء الذمم، التفنن في قَسم وتقسيم وشق المنظمات ما في منظمة في الساحة الفلسطينية إلا تم التآمر عليها وشقها مرة ومرتين وثلاثة وأربعة وتخيل إحنا ماشيين لسة على طريق التحرير وقدمنا معارك كبيرة ونجتمع مع بعضنا ونتباوس مع بعض ونشرب الشاي مع بعض ثم نخرج لنجد المؤامرة.
أحمد منصور: والشعب يجني المرارة في فلسطين.
أحمد جبريل: والأموال تدفع لبعض الناس اللي هم متساقطين ليتآمروا على تنظيمهم هذا حدث يعني إحنا تم علينا خمس مرات تآمر من قبل الأخوة في فتح لشق هذا التنظيم تصور من 1965 حتى الآن حتى.
مكاتب منظمة التحرير
(4/468)
أحمد منصور: منظمة التحرير الفلسطينية حصلت على الصفة الديبلوماسية وفتحت مكاتب لها بلغت في العام 1982 يعني في زهو جمهورية الفاكهاني مائة مكتب، مائة مكتب واخدين صفة ديبلوماسية مفتوحين في أنحاء العالم على دولة وهمية.
أحمد جبريل: أنا زرت بدعوة من تشيكوسلوفاكيا بدعوة، فاللي سألت هناك كان في مكتب لمنظمة التحرير فسألت شو ملاك مكتب منظمة التحرير في براغ في ذلك الوقت كان قالوا لي ستين واحد..
أحمد منصور: موظف.
أحمد جبريل: موظف تصور ملاك السفارة في براغ.
أحمد منصور: جمهورية الفاكهاني؟
أحمد جبريل: والدول موجودة الكبيرة..
أحمد منصور: أربعة أفراد وخمسة.
أحمد جبريل: كان في حدود أربعة خمسة ستة عشرة وهكذا قس على باقي أنا هذا..
”
لا بد أن يعرف الشعب الفلسطيني كيف كانت تُصرف الأموال التي جُمعت من أجل النضال
”
أحمد منصور: الشعب الفلسطيني لابد أن يعرف هذه الأموال التي جمعت من أجل النضال وذهبت إليه هو حتى يجني كيف كانت تُصرف وكيف كانت تنفق ولابد إن القادة الفلسطينيين يجيبوا على هذه الأسئلة للتاريخ وأن يعترفوا بالأخطاء إذا كانت هناك أخطاء.
أحمد جبريل: يعني في مثل ما حكينا أنه في برنامجين كان في داخل هذه الساحة..
أحمد منصور: ولازالوا يبدو قائمين إلى الآن؟
أحمد جبريل: إلى هذه الدقيقة عارف كيف برنامج لا يزال يؤمن بالتحرير وأن كل هذه الوعود اللي بتعطيها أميركا والغرب وهذا الكيان الصهيوني هو عبارة عن سراب وأوهام والآن عرفات موجود ومحاصر هو استنتج هذا الدرس يعني ولذلك إحنا معه الآن عارف كيف في حصاره يعني أعطوه جائزة نوبل للسلام أعطوه ومشوه على السجادة الحمراء السجادات الحمر في كل بلاد العالم في البيت الأبيض أكبر رئيس دولة في العالم كلينتون استقبال وبالنهاية قالوا له الآن أنت مرفوض لأنه يجب أن تقدم مزيد من التنازل ولما هو..
أحمد منصور: لكن عاش عشر سنين رئيس دولة برضه.
(4/469)
أحمد جبريل: فاهم بس أنا بحكي لك.
أحمد منصور: وانتووا عايشين في الإنفاق هنا.
أحمد جبريل: يعني هذا الموضوع يظهر هذه سنة الحياة.
أحمد منصور: لم تتوقف العمليات العسكرية بعد الاجتياح الإسرائيلي الأول في مارس 1978 والاجتياح الكبير بدأ الإعداد له في العام 1982 صحيح أنكم في فبراير 1981 لأن العام 1981 شهد أحداث كبيرة جدا بين السوريين والموارنة وبين الإسرائيليين والفلسطينيين وأطلقت أنت شعار الثورة داخل الثورة ماذا كنت تقصد من وراءه؟
أحمد جبريل: أنه إصلاح الوضع الداخلي يعني أنا وكنت أقول أنه إحنا موجودين في زنزانة ومحكوم علينا بالإعدام ننتظر ساعة التنفيذ..
أحمد منصور: ماذا يعني ذلك؟
أحمد جبريل: يعني إذا صرنا بهذا النهج وبهذه الطريقة وهذا في اجتماعات كنت أحكي في خطابات في مناسبات حتى بالصحف وكان هذا يسبب لي إشكالات كبيرة كنت أحكي عن هذه الممارسات يعني إحنا مش عم بحكيها أنا هلا لكن يمكن أيام هم كانت أجهزة الإعلام بهذا الشكل ولا هالفضائيات كنت أحذر أننا نسير باتجاه الهاوية باتجاه التدمير الذاتي لها الموضوع بها لشأن فلذلك يعني هذا الأمر كنا نصرخ وكنت أشعر أنه لابد أن أصرخ بصوت عالي وبوضوح..
أحمد منصور: هل استجاب لك؟
أحمد جبريل: على الأقل ريح ضميري أنه أنا لم أكن شريك في هذه الممارسة.
أحمد منصور: هل برأتك هذه الصيحة في ذلك الوقت؟
أحمد جبريل: لا بالعكس اشتدت الحملات عليّ لما كنت بالأردن أنادي بالانضباط والثورية وأنه ما لازم نطلع من الأغوار ومن الجبال وما ندخل المدن ما نمارس إلى آخره كانوا يتهمونني أنه هذا هاشمي يعني أنا مع الملك حسين ولما بلبنان هون أنه هذا لسوريا عارف كيف ومرة لليبيا وبعدين مؤخرا لإيران عارف كيف لكن هذا الموضوع هذه حملات كبيرة وما يملكه أبو عمار من أجهزة إعلام وما يصرفه على الإعلام كان مبالغ خيالية.
أحمد منصور: ما هو فاهم اللعبة.
(4/470)
أحمد جبريل: يا سيدي فاهم ولا مو فاهم.
أحمد منصور: أنتم مفهمتوش اللعبة مشكلتكم..
أحمد جبريل: لما أقولك يعني فمبالغ كبيرة للغاية يعني أنا حتى لما بدأنا يصير التماس مع الناس مع أخواتنا بالأرض المحتلة المساكين صاروا يقول لنا كم حجم التشويش والتشويه إلي ولهذا التنظيم اللي أنا فيه اللي حطينا آلاف الشهداء على طريق التحرير نتيجة الإعلام المضلل اللي مجموعة كُتب طلعت في داخل فتح عارف كيف وفيها النادر ما تلاقي كل خمسة صفحات إلا ووارد اسمي في هالموضوع طيب شو اللي بيدكم أنا كل ما هنالك عم بقول هذا غلط يا أخوان تعالوا نصحح المسيرة لكن يا أخوان أنتم معقول إنه فدائي يصبح خلال أربع وعشرين ساعة بيجي مدني بيلبس بدلته وبيحمل بارودته هذا المفروض أنه والله يخضع لقضايا أمنية يخضع إلى معسكرات تدريب شهر وشهرين وثلاثة وأربع بحيث اخترقنا من العملاء الإسرائيليين هون في الداخل تخيل في إحدى الاجتماعات طلب ميثاق شرف بين بعضنا البعض قلت لهم يا أخوان ميثاق شرف نتفق إذا عنصر بده يروح من الجبهة الشعبية للقيادة اللي عندك يا أخ عمار مبروك عليك بس ابعت لي اسألني هذا العنصر يعني أعطني ادبارته وأنا مستعد أبعت لك ادبارته ووريك أنه يمكن أنت تستطيع أنه والله تتجنب كثير من المشاكل من وراء هذا العنصر أو جاء عنصر من عندك لعندنا اطلب منك تعطيني أنا الوصف تصور ميثاق الشرف هاك كان مرفوض في هالموضوع كان يركض حول القوات المشتركة أعطونا ثلاثين واحد أعطونا مائة واحد من عندكم ومائة هداكم ومائتين من هدا نعمل قوات مشتركة يا أخوان هذه القوات المشتركة مختلفة ما في لا بجيوش ولا بحركات ثورية صارت بالتاريخ هذا الموضوع لأنه هذا منشئهم مختلف مسلكيتهم مختلفة تدريبهم مختلف كل هذه صفاتهم منقبيتهم مختلفة طيب أنا لما بدي أبعت مجموعة من هالناس تجلس تحت مع هالوحدة هاي أنا بخاف تفسد بصراحة.
تصفية القيادات
(4/471)
أحمد منصور: أنا عايز أسألك عن حاجة بتحمل كثير من علامات الاستفهام أن معظم الذين كانوا يعارضون التسوية مع إسرائيل من قادة فتح تمت تصفيتهم من العسكريين ومن غير العسكريين؟
أحمد جبريل: هذا يعني هو حدث هذا الموضوع يعني الله يرحمهم كمال عدوان وأبو يوسف النجار ابتدأ فيهم العدو الإسرائيلي..
أحمد منصور: 1973.
أحمد جبريل: وأنا بعرف أنه كلاهما يعني كانوا شديدي الانتقاد للممارسات التي تمت ولا يريدون هذا الموضوع يعني أن يسير بهذا الاتجاه خليل الوزير أعرفه جيدا الله يرحمه وكان جدي فيه يريد القتال والصراع ويتم التقنين عنده المالي وأنا مرة زرته قال لي أنا عايش بقالي شهر قاعد في بيتي عارف كيف ويمكن زوجته تشهد على هذا الكلام ليش لأنه والله حصر عنه المال.
أحمد منصور: أم جهاد بقت وزيرة يعني.
أحمد جبريل: آه وزيرة أبو إياد كان يشتكي ويتحدث عن والله من المفروض يعني أنت تخيل مثلا قبل الاجتياح الإسرائيلي عقدنا مجلس وطني في دمشق أردنا أن نغير في تركيبة اللجنة التنفيذية أردنا ندخل ناس من فتح لنخفف عملية التفرد والهيمنة تصور بدنا ندخل في اللجنة التنفيذية ناس يعني بدنا ندخل بصراحة أبو إياد ندخل أبو صالح للجنة التنفيذية فأبو عمار اعترض وتفجر المجلس الوطني يعني رايدين إحنا في داخل اللجنة التنفيذية أنه يوجد ناس من ده أو أبو جهاد خليل الوزير فكان يرفض إلا أن يكون واحد من فتح أبو لطف أو أبو مازن مثلا يعني فقط هذا الموضوع فإحنا كنا نريد مثلا يعني هؤلاء الناس اللي يستطيعوا يواجهوا ويقولوا له لا ما يصير هذا التفرد فكان يرفض هذا الموضوع عارف كيف فهذا..
(4/472)
أحمد منصور: الأمر ده أما تعتقد أن النقطة دي تحديدا بحاجة إلى مزيد من البحث والتمحيص ولا سيما ويعني حينما رجعت إلى مذكرات بعض هؤلاء يعني أبو إياد كتابه فلسطيني بلا هوية ليس موجود حتى مؤسسة الدراسات الفلسطينية أشكرهم نسخوا لي صورة (Photocopy) يعني تصوير لأن الكتاب نفذ ومثل هذه الكتب يبدوا أنه يراد ألا يطلع عليها أحد كتب كثيرة من الكتب اللي حصلت عليها بصعوبة يعني بالغة وبطرق مختلفة من التي تحوي كثير من التفصيلات حول هذه الأمور أما تعتقد الآن إن الفلسطينيين يعني لابد أن هم يعيدوا قراءة تاريخهم بشكل فيه نوع من الدقة ولا يستحوا أن يسلطوا الأضواء على كثير من علامات الاستفهام التي بحاجة إلى إجابة؟
أحمد جبريل: يعني هلا أنت منذ سنة ونصف أو سنتين وتطلب مني هذا البرنامج شاهد على العصر..
أحمد منصور: صحيح.
أحمد جبريل: وأنا متردد أنه هل هذا التوقيت صحيح ما صحيح مدى تأثيره على الروح المعنوية مدى تأثيره على شعبنا اللي عم بقاتل في الداخل إلى آخره لكن بالنهاية قررت لأن شعبنا في الداخل هو يعرف أصبح كل شيء فإحنا مسؤوليتنا أن نضع هذا التاريخ وأنا عم أتحدث عن التاريخ السياسي إذا بتسمحوا لي حلقة بالنهاية أحكي سياسة سأتحدث سياسة أنا عم بأحكي عن شاهد على العصر عن الأحداث التي يعني حصلت بحيث هذا الجيل الصاعد اللي بالأرض المحتلة مثل والله مروان البرغوثي والخضر هالشباب شباب جيل جهاد وغيرهم يعني يدرسوا هذا التاريخ وما قصدي أنا ولم أقصد في برنامجي معك أنه هو محاولة للتهشيم ولا الإساءة ولا التجريح وحاولت أنتقي الألفاظ بدقة حتى ما ييجي واحد يقول أنه والله لكن هذه هي الحقائق وهلا في الأرض المحتلة إذا ما بيتم تدارك هذه الأخطاء حتى هذا التواجد لمنظمة التحرير سينتهي أنا بحكي لك إياه بكل صراحة وهذا الكلام مو من عندي من ناس في داخل فتح واللجان اللي هي ضد.. شُكلت حتى بالمجلس التشريعي ضد الفساد..
(4/473)
أحمد منصور: فيه قراءة هنا عشان أخلص منها في النقطة دي أن الآن على نفس المسار هناك عملية تصفية لقيادات حماس ورموزها هل إسرائيل تهدف من هذا إنها ربما تفرغ أيضا حماس كما فرغت منظمة التحرير وفتح بشكل خاص من التيار الذي يرى أن التحرير هو الطريق ومن ثم دفع الآخرين إلى الخلاف فيما بينهم وربما الوصول في النهاية إلى ما وصلت إليه فتح ومنظمة التحرير؟
أحمد جبريل: شوف يا أستاذ أحمد الإسرائيلي له قول مشهور من كل قادته من اليمين واليسار بيقول لك الفلسطيني الأفضل هو الفلسطيني الميت أو المقتول مين بصح إلهم بإسرائيليين في طريقهم لن يقصروا في هذا الموضوع لكن ممكن يعطوا أفضليات يعني مثلا لما راحوا على تونس واستشهدوا خليل الوزير فبالبيت المقابل إنه كان محمود عباس عارف كيف وما عليه حراسة عارف كيف طيب ليش استهدفوا خليل الوزير وتركوا أبو مازن اللي باب مقابل منه حتى أم جهاد حكت لي صرخت عليه ولك يا أبو مازن يعني وكذا من هالموضوع طب ليش فالإسرائيليين عندهم يعني فهم لهذا الموضوع كيف عملية التخلص من الناس اللي هي متطرفة يعني عملياتهم لعملية الاغتيال.
أحمد منصور: أنت بتسميهم متطرفين؟
أحمد جبريل: أه مش متطرفين يعني اللي هم بدي أقول لك يعني.
أحمد منصور: دا أنت كدا تبقى إرهابي بقى مش متطرف.
(4/474)
أحمد جبريل: يعني بحكي لك الإسرائيليين لا له فهم للعملية لهالعمليات هاي يعني، يعني لما قتلوا أبو حسن سلامة ما قتلوا الشهيد أبو حسن سلامة لأنه والله هو أيلول الأسود ولا ميونخ ولا عارف إيه لأنه كان هو جسر التوصيل بين الأميركان وأبو عمار الإسرائيليين يريدوا أن يضربوا هذا الجسر اللي موجود بين بعضهم فالحسابات الإسرائيلية لهم حسابات عارف كيف لا شك إنه غياب أبو جهاد خليل الوزير وأبو إياد وأبو يوسف وإلى آخره يعني فرغ قيادة فتح وترك المجال لأبو عمار والآن ما معه من القيادة التاريخية أبو لطف مسكين هو وأبو ماهر اثنين قاعدين في تونس وما موجود حد معه في الداخل إلا أبو مازن هذا من التاريخ أما قريع مثل ما حكيت لك هو جديد يعني بالصنعة تبعنا لهالشيء يعني.
أحمد منصور: هل صحيح أنكم قمتم في فبراير 1981 بنشر بطارية صواريخ سام-9 مضادة للطائرات في جنوب لبنان حصلتم عليها من ليبيا؟
أحمد جبريل: طبعا صار هذا الموضوع وجاءت أطقم ليبية.
أحمد منصور: ودمرتها إسرائيل في إبريل 1981 وقتل أربع ليبيين؟
أحمد جبريل: مضبوط.
أحمد منصور: صحيح.
أحمد جبريل: يعني هذا حصل وللأسف يعني.
أحمد منصور: وقعت كم طائرة للإسرائيليين؟
أحمد جبريل: جاؤوا الأطقم هاي من المفروض إنه تقبل توجيهاتنا وتقبل نصائحنا هم ما واخذين في الجيوش الكلاسيكية إنه هذه البطاريات أربعة خمسة مع إنه ثمينة وكانت هذه الصواريخ سام-9 ممكن تسقط الطائرة على ارتفاعات ستة وسبعة كيلو متر سواء كانت الطائرة مقبلة أو مدبرة أو مجانبة يعني كل عربي ثمنها كبير هذا ماخدين بالجيوش الكلاسيكية النظامية إنه والله كيف يقعدوا مع بعضهم هيك يعني يقول لك يا أخوان.
أحمد منصور: يعني في النهاية القذافي مش جابها لكم وإنما جابها لنفسه يعني؟
أحمد جبريل: لا هو لا جابها هو دعما لنا.
أحمد منصور: ما هو طالما جاب طواقم ليبية ويريد هو يجبها من ليبيا.
(4/475)
أحمد جبريل: لا طواقم لا لأنه هذا بده تدريب منا عليها وجبنا شيلكا هذا رشاش رباعي على شبه دبابة كمان عليها رادار تستطيع يعني فعالة ضد الجو لكن هذه الأطقم كانت لسة في مرحلة انتقال بين تدريب عناصرنا وهي مسالمة وكانت ترفض أن تتوضع بالطريقة اللي إحنا بدنا إياها كنت أقول لهم أنا بدي يا أخي هالعربة هاي محتوطه في دكاني مسكر عليها لما بتصير الغارة الإسرائيلي أنا مستعد أتحمل أول صاروخ ثاني صاروخ ما مهم بعدين تنفتح هاي الدكانة تطلع هاي عارف كيف هالعربة وتطلق صواريخها تسقط الطائرة أما طيران محلق استطلاع على ارتفاع عشرة و12 كيلو متر بنمسك أمام الناس نطلق هذه الصواريخ.
أحمد منصور: طبعا.
أحمد جبريل: للأسف إنه كان في استهزاء عارف كيف من هالطواقم حتى.
أحمد منصور: يعني كلما جاء شيء يمكن أن يغير المعادلة استُخدم بشكل من أشكال اسمح لي..
أحمد جبريل: لو يعني لو تم استخدام هذه الأسلحة بالشكل الصحيح وانعمل فيها دورات بشكل جيد كانت والله ممكن أعطت فاعلية وللأسف هذه البطاريات اللي جاءت ضربوها الإسرائيليين بدون أن تسقط أي طائرة واستشهد مجموعة من الأخوة الليبيين من أطقمها.
”
في7 آب/أغسطس 1981 أعلن الملك فهد خطته للسلام مع إسرائيل من ثماني نقاط تتلخص في انسحاب إسرائيل من أراضي 1967 وإقامة دولة فلسطينية
”
أحمد منصور: مش بقول لك تاريخ كله الله يعنا عليه في 7 آب/أغسطس 1981 أعلن الملك فهد الأمير فهد كان ولي عهد السعودية خطته للسلام مع إسرائيل من ثماني نقاط تتلخص في انسحاب إسرائيل من أراضي 1967 وإقامة دولة فلسطينية وحط إسرائيل في الوجود كيف استقبلتم هذا السعودية الدولة الكبيرة الآن؟
(4/476)
أحمد جبريل: ما هي السعودية قبل الأمير فهد كان أمير أيامها يعني ولي العهد استدعى الفلسطينيين إلى الرياض ومجموعة من الفلسطينيين وبدأ يتحاور معهم مشان إحنا ما نظلمه هلا وليس دفاعا عنه هذا المبادرة اللي قدمها الأمير فهد في فاس كانت هي حصيلة مناقشات مع بعض الأطراف الفلسطينية في الرياض عارف كيف وحتى يعني قال لهم أنا هلا ما بيطرحها في المؤتمر المفروض ما أجد معارضة بهذا الموضوع هيك لكن هذا التيار اللي كان مشي كان تيار صحيح وفوق بالقمة لكن معزول عن تحت بحيث لما قبل المؤتمر ما يعقد في فاس الأولى صارت اجتماعات فلسطينية رفض هذا الموضوع والذي..
أحمد منصور: يعني في النهاية هناك تيار فلسطيني هو الذي دعم خطة الملك فهد؟
أحمد جبريل: طبعا والذي عزز هذا الرفض نحكي بكل صراحة الشق اللي بدأ يتوضح في داخل فتح إنه في قوة وطنية وثورية ضد هذا الموضوع فلذلك لما ذهبوا إلى فاس رُفض هذا الموضوع.
أحمد منصور: بدأ شارون يعد لغزو لبنان منذ تسلمه حقيبة الحرب الإسرائيلية في 28 مايو 1982 وجه لـ.. حيث تسلم حقيبة الحرب في أغسطس 1981 وبدأ يعد للحرب قتل أنور السادات في 6 أكتوبر 1981 وفي 4 يونيو 1982 بدأ الغزو الإسرائيلي للبنان أبدأ معك الحلقة القادمة منها أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(4/477)
الحلقة15(4/478)
الثلاثاء 26/5/1425هـ الموافق 13/7/2004م(آخر تحديث) الساعة 12:11(مكة المكرمة), 9:11(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 15
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
11/07/2004
- الاعتراض على وقف إطلاق النار مع إسرائيل
- أميركا ومباركة الغزو الإسرائيلي للبنان
- أسباب الاجتياح الإسرائيلي للبنان
- إسرائيل والوصول إلى بيروت
- موقف القوات الفلسطينية من غزو لبنان
- حقيقة الانسحاب السوري أمام إسرائيل
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيك.
الاعتراض على وقف إطلاق النار مع إسرائيل
أحمد منصور: بعد تسلم بيغن رئاسة الوزراء في إسرائيل عَيَّن في أغسطس أب عام 1981 أرييل شارون وزيرا للحرب حيث بدأ يعد شارون لغزو لبنان لكن قبلها وتحديدا في يوليو عام 1981 كانت هناك معارك بين الإسرائيليين وبين الفلسطينيين في الفكهاني وصبرا وغيرها من المناطق ووُُُُقِّع في 24 أو أتفق في 24 يوليو عام 1981 على وقف إطلاق النار بين عرفات والكيان الإسرائيلي، اعترضتم أنتم بشدة على هذا الاتفاق ما هي أسباب اعتراضكم؟
أحمد جبريل: هي المرحلة التي سبقت هذا الاتفاق اللي أبرمه الأخ أبو عمار مع الإسرائيليين عبر الأمم المتحدة وقوات الطوارئ اللي كانت موجودة في الجنوب كانت مرحلة اشتد القتال بيننا وبين العدو الإسرائيلي وما كان يمر يوم إلا كان عشرات من الطائرات الإسرائيلية تدك مواقع الفدائيين في جنوب لبنان.
أحمد منصور: معارك الجنوب الشهيرة في العام 1981.
(4/479)
أحمد جبريل: نعم ووصلت هذا القصف الجوي إلى بيروت وإلى الفكهاني وضرب أكثر من مكان عارف كيف ومن موقع في الفكهاني طبعا لم يكن لدينا مقر لحتى إحنا نضربه كانوا إحنا يضربونا في المواقع المحصنة اللي ما كانت لها أثر لهذا الموضوع حتى من كثر الغارات الجوية الأخوة في سوريا الرئيس حافظ الأسد أرسل كذا مرة الطائرات السورية لتعترض الطائرات الإسرائيلية ومرات كانت تدور معارك فوق قصور رغم أنه المعركة غير متكافئة ولكن كان يريد أن يقول الرئيس حافظ الأسد قال ورجي عذرك ولا تورجي بخلك وتسقط الطائرات السورية فوق يعني..
أحمد منصور: بعد ذلك سقطت بالعشرات.
أحمد جبريل: هنقولك يعني هذا الموضوع بعد ضرب الفكهاني وها المنطقة يمكن بعض ها الإخوان حسوا بالحامي يعني عارف كيف بينما ما كانوا يحسوا وقت ها القصف في..
أحمد منصور: عليكم أنتم في الجنوب.
أحمد جبريل: في الجنوب كل يوم ثلاث ساعات وأربع ساعات الغارات الجوية المتتالية..
أحمد منصور: ما أنتو داخل الأنفاق متحصنين.
”
اعترضنا على وقف إطلاق النار مع العدو الإسرائيلي في جنوب لبنان، رغم موافقة الرئيس عرفات وإقناعه للبعض بالموافقة على وقف إطلاق النار
”
(4/480)
أحمد جبريل: طيب ما إحنا ليش ما حصنوا نفسهم يعني هل لقلة إمكاناتهم يعني فطُرح موضوع وقف إطلاق النار وتمت المناقشة قلنا لهم إحنا يعني لما بدنا نوقف إطلاق النار بينا وبين العدو الإسرائيلي شو نبرر وجودنا في لبنان إحنا بدون وقف إطلاق النار قسم من ها الناس السيئين بالعمل الفدائي.. عم بيتلهوا في شوارع الحمراء وفي جمهورية الفكهاني وإلى آخره طب إذا وقف إطلاق النار ها القواعد اللي موجودة في الجنوب يقولوا لك ليش إحنا بدنا نأكل ونشرب وننام فمن حيث المبدأ إحنا وجدنا أن مثل هذا المنحى خطير للغاية إنه أنت تعمل وقف إطلاق النار وقف عمليات القشرة يعني على الحد الإسرائيلي حتى يعني الكوماندوز وقف كل أنواع القصف المتبادل كل هذا الشيء فإحنا حقيقة اعترضنا بها الموضوع هذا وأتخذ عرفات القرار وإحنا رفضناه وحكى وكان عرفات جمع القيادة الفلسطينية والقيادة اللبنانية وقال لهم إحنا بدنا نعمل وقف وهذا ميزته أن لأول مرة أن إسرائيل تعترف بنا والأمم المتحدة تعترف بنا يعني بتصور أنت هذا هو المكسب الكبير في يعني في ها الشأن هذا حتى في بعض الناس اعترضوا يعني فكان جمعهم أبو عمار عنده وعم يتناقش إنه لا نوقف ما نوقف وإلى آخره ها الأشياء بالأخير بعد جلسة حامية هم وافقوا وإحنا بقينا معترضين باقي الناس وافقوا مع أبو عمار..
أحمد منصور: الأمر لم يقف عند حد الاعتراض ولكن ربما وصل إلى الاقتتال بينكم وبينهم.
(4/481)
أحمد جبريل: بعد ذلك حتى أبو عمار قال يا إخوان لحتى نبلغ الأمم المتحدة كبس الجرس تبع إلها قال لهم ابعثوا لي أبو حميد الله يرحمه ضابط كان برتبة عميد مسؤول الكفاح المسلح عنصر ارتباط مع القوات الدولية إيجى أبو حميد ضرب تحية لأبو عمار قال له مشان تبلغ الوسطاء الدوليين يعني قوات الأمم المتحدة إنه إحنا وافقنا على وقف إطلاق النار قال يا أفندم أنا بلغتهم من إمبارح عم بعطيك كيف الانفراد حتى في القرار فضحك أبو عمار قال يخرب بيتك يا أنت سودت وجهي يعني وكانت نكتة من النكت يعني تصور جامع الناس قال يناقشهم وهو سلفا مبلغ عارف كيف على وقف إطلاق النار إحنا اعتراضنا وبدأنا نزاول متابعة القصف.
أحمد منصور: طب أنتو حسيتوا بأية قل لي؟
أحمد جبريل: هاه؟
أحمد منصور: حسيتوا بإيه؟
أحمد جبريل: ما هو يعني هذا هي عادته التفرد في ها المواضيع يعني عارف كيف..
أحمد منصور: طب أبو حميد ما أخذش باله ليه؟
أحمد جبريل: بهدله شتمه عارف كيف مسكين علمت إنه استشهد في قطاع غزة عارف كيف الإسرائيليين قتلوه فإحنا انسحبنا وتابعنا عملي واستنفر قواته أبو عمار وبدأت كاد أن يحدث اشتباك حاصرنا بعض يعني قواعد له وحصار بعد قواعد لنا..
أحمد منصور: في الجنوب؟
أحمد جبريل: في الجنوب يعني يصير مشكلة كبيرة فاستنجد باللبنانيين والأحزاب اللبنانية وعملوا اجتماع في بيروت طبعا أنا ما حضرته إيجى الرفيق طلال ناجي عارف كيف عضو اللجنة التنفيذية ممثلنا وصارت مناقشة ومسكوا الأخوان اللبنانيين أنه يا أخي أعطوه فرصة لأبو عمار عم يقول إنه بده يصير هجوم إسرائيلي كبير هو يريد أن يوقف هذه المؤامرة مشان نكون دقيقين إنه حجة أبو عمار إنه في هناك بده يصير..
أحمد منصور: طب هو عنده بعد نظر عنكم؟
(4/482)
أحمد جبريل: اعتداء إسرائيلي كبير لأنه هنا كنا رفضنا فاس الأولى هو بس رفضت فاس الأولى هو بس قال أبو عمار بكل صراحة انتظروا يا أخوان عدوان كبير يمكن يصل إلى بيروت.
أحمد منصور: يعني كان في هناك استعداد وتهيأ من ذلك الوقت للاجتياح الإسرائيلي الكبير.
أحمد جبريل: هو أنت مثل ما حكينا في هذه ممارسات ما بتيجي بين عشية وضحاها أنت تكون غير مستعد وتستعد يعني هذا المعركة والقتال لها تحضيراتها ولها مقدماتها الجيوش والحركات لا تهزم في المعركة تهزم يعني حتى قبل المعركة لأنه نتائجها معروفة سلفا وحقيقة إحنا ما بقول إحنا توقفنا عارف كيف عن هذا الموضوع ولكن تجنبنا عملية التصادم ولا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: طبعا إسرائيل كانت تعد للحرب فبالتالي لابد أنتم أيضا أن تعدوا لها لكن يبدو أنكم لم تعدوا لها..
أحمد جبريل: لا إحنا كنا نعد وأنا مثل ما حكيت لك..
أحمد منصور: طب قل لي إعدادكم أنتم إيه في مقابل إعداد الآخرين؟
أحمد جبريل: يعني إحنا مثل ما..
أحمد منصور: مسار المعركة بعد ذلك ما حدث بعد الاجتياح في 4 يونيو 1982 يؤكد أنكم لم تكونوا تعدوا لشيء.
”
طريقة الإسرائيليين الرئيسية في القتال تعتمد على القوة الضاربة للطائرات للتمهيد لتقدم الوحدات المدرعة
”
أحمد جبريل: العقيدة الإسرائيلية في عملية القتال معنا وحتى مع الجيوش إنها تعتمد على قوة نارية كبيرة جدا من الطائرات بكل أنواعها بما فيها الهليكوبتر تمهد وثم تتقدم وحداتهم المدرعة على ها الطرق الرئيسية وتطوق هذا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: قبل أن تبدأ الحرب..
أحمد جبريل: لذلك إحنا كنا أولا أردنا أن نبطل تأثير فعالية ها القصف..
أحمد منصور: عبر مشروعاتكم في الأنفاق والمغر وغيرها..
أحمد جبريل: ومن ثم من الوديان نخفي مجموعات لكي تضرب العدو من..
أحمد منصور: طب القوات الأخرى وكانت أكبر منكم عددا وعدة.
(4/483)
أحمد جبريل: أكبر منا بكثير ولكن مثل ما قلنا لك تسليحها يعني كانت أسلحتها..
أحمد منصور: لم يكن هناك تنسيق بينكم وبينهم؟
أحمد جبريل: لا لم يكون يعني تنسيق مثل ما حكينا القيادة المشتركة المجلس العسكري كلها عبارة عن خطط وأوهام ليست هي لها يعني مثلا في هذا 1981 الإسرائيليين بدؤوا في غارات كوماندوز ينزلوا من البحر من الرشيدية حتى هون لخالدة ينزلوا من البحر بزوارق ويعملوا كمائن على هذا الطريق الساحلي يعني أنا ما كنت أحضر المجلس العسكري إلا مندوب أضطريت أروح أنا وحكيت إنه يا إخوان معقول هذا الطريق الساحلي يبقى بالإسرائيليين يعملوا في السعديات ويعملوا في الجية ويعملوا هناك ويعملوا ها الكمائن على طريق ساحلي وهذا شريان رئيسي يا أخ أبو عمار ويا إخوان تعالوا نقسم هذا الطريق إلى قطاعات وكل قطاع يتسلمه منظمة تكون مسؤولة عنه بحيث والله إذا نزل الإسرائيلي تدان هذه المنظمة في ها الموضوع وأنت يا أخ أبو عمار خذ القطاع اللي بدك إياه وخذ أكبر قطاع أنتو فتح أم الدنيا خذوا اللي بدكم إياه بس خلينا نحمل المسؤولية صدقا رُفِض هذا الاقتراع.
أحمد منصور: لماذا؟
أحمد جبريل: ما بعرف أنا لهلا ما في تفسير.
أحمد منصور: لا ما أنت كنت قاعد في الجلسة أكيد هتعرف لماذا رفض.
أحمد جبريل: عم قولك يعني أنه ما في..
أحمد منصور: أنتو مش جماعة مقاومة قاوموا..
أحمد جبريل: يعني أنا كنت أعتقد أنه إحنا..
أحمد منصور: أليس هذا في النهاية لحماية الفلسطينيين واللبنانيين الذين كنتم على أرضهم؟
أحمد جبريل: إحنا قيادة فتح وإحنا المهيمنين وأنتو ليسوا أنتو ديكور يعني هيك يمكن كانوا ينظروا لهذا الموضوع بها الشيء لذلك..
أحمد منصور: ده تحميل كبير للمسؤولية لفتح.
(4/484)
أحمد جبريل: أنا عم بحكيك أن هذا اللي حصل فإحنا اتخذنا قرار لحالنا أخذنا قطاعين قطاع يبتدي من خالدة لجسر الدامور بحدود 8 كيلو متر وقطاع آخر في منطقة السرفند عارف كيف على الساحل كمان وبدأنا ننزل كمائن وإلى آخره والحمد لله ما صار إنزال كوماندوز إسرائيلي في ها المنطقتين عارف كيف على الطريق الساحلي.
أميركا ومباركة الغزو الإسرائيلي للبنان
أحمد منصور: في 28/5/1982 مايو 82 الكسندر هيغ وزير الخارجية الأميركي وجه رسالة إلى مناحم بيغن قال فيها إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها وكان هذا كان موافقة أميركية على الغزو الإسرائيلي للبنان الذي بدأ في 4 يونيو 1982؟
أحمد جبريل: وأكثر من ذلك ريغن أعطى تصريح في ذلك الوقت قال يجب أن يقتلع الإرهاب من الشرق الأوسط ومركزه في لبنان.
أحمد منصور: متى شعرتم أن الحرب اللبنانية أو الاجتياح الإسرائيلي للجنوب واقع لا محالة؟
أحمد جبريل: أبدا أنا من قبل سنوات عارف إنه بده والله كأنه سيناريو.
أحمد منصور: توقعكم أن يصل الإسرائيليون إلى أي مدى؟
”
أصبح الناس في الجنوب اللبناني ينظرون إلينا كمحتلين وأعداء، لذلك لم يكن باستطاعة أي فدائي دخول القرى اللبنانية لمّا اجتاح الإسرائيليون الجنوب
”
أحمد جبريل: هو في موضوع مايو يعني إحنا توقعنا أن يعني يصل الاجتياح الإسرائيلي إلى جنوب بيروت يعني منطقة اللي بيسموها مصب الأولي جسر الأولي يعني شمال صيدا عارف كيف مش مثل ما عملوا بالليطاني راح تكون أوسع من هذا الموضوع ويبقوا لفترة معينة وكانت الأجواء مهيئة يعني الشعب اللبناني في الجنوب كان للأسف أصبح ينظر لنا نحن كمحتلين كأعداء ودارت معارك مع هذه القرى الشيعية وحُرِقت ودمرت بعض القرى الشيعية في جنوب لبنان لذلك الإسرائيليين لما دخلوا في الجنوب ما كان قادر فدائي يروح يدخل إلى قرية لبنانية لأنه هم..
(4/485)
أحمد منصور[ٍمقاطعاً]: وهناك مصادر قالت بأن الشيعة لم يقاتلوا في الجنوب أو صدرت لهم أوامر بالانسحاب؟
أحمد جبريل: مش لم يقاتلوا بالعكس تماما يعني لما يسمحوا لأي فدائي إنه يقدر يأخذ منهم مياه أو أكل أو إلى آخره يعني كانوا..
أحمد منصور: طبعا جنيتم ثمار ما فعلتم فيهم.
أحمد جبريل: مضبوط إنه تمت تصرفات شائنة خلال هذا وتصور أنت السنة اللي قبل الاجتياح في منطقة أنصار في قرية دمرت عارف كيف بالمدفعية..
أحمد منصور: من الفلسطينيين.
أحمد جبريل: عارف كيف فكانت يعني في خطة إنه لإيقاع الخلل بيننا وبين الشعب الجنوبي في جنوب لبنان، حتى الجيش الإسرائيلي لما دخل طلعوا هذه القرى ترميه بالأرز والورود للجيش الإسرائيلي طب كيف هذا الشعب اللي بعدين قاتل الإسرائيليين قتال وأجبرهم على الانسحاب من جنوب لبنان..
أحمد منصور: نكاية في الفلسطينيين بالدرجة الأولى.
أحمد جبريل: عم قولك يعني من خلال هذه التصرفات يعني يكون مسؤول من الأخوة في فتح بعرف هو عزمي الصغير كان عامل سجن في صور يجيب أكبر لبناني عارف كيف من ها القرى هاي ويذله ويهينه وزنازين وعامل يعني شغله ومثله بالنبطية ومثله في كل محل يعني وأنت بتعرف هذه حرب العصابات بيشبهوها القادة تبع العصابات هي مثل السمك في الماء، الماء هو الشعب والسمك هو الفدائيين أو حرب الأنصار فإذا أنت جردت ها السمك من الماء مات هذا السمك للأسف لم يكن هناك..
أحمد منصور: وكانت القيادة الفلسطينية على علم بما كان يفعله هؤلاء في الجنوب؟
أحمد جبريل: أكيد بعض منهم شارك عارف كيف في تدمير بعض القرى في جنوب لبنان.
أحمد منصور: بعض مِن مَن؟
(4/486)
أحمد جبريل: تقول لي إنه أنتو شاركتم إحنا لم نشارك وبقي معنا بعض أخوانا من الشيعة وعندنا شهداء بالعشرات بالمئات من الشيعة وأذكر حادثة تماما في قرية شيعية في الجنوب أسمها السكسكية إحنا عملنا فيها مستوصف وملاكه طبيبان وأثنين ممرضين وممرضة في نفس القرية عارف كيف لحتى يصير عملية التقارب في ها الموضوع، في يوم من الأيام جايين الأطباء إلى موعدهم أو يعني صباحا في كمين على بعد مائتي متر من القرية بيفتح النار بيقتل الأطباء والممرضين بكاملهم الشباب عندنا استنفروا وعندنا مدافع..
أحمد منصور: مين اللي عمل الكمين ده؟
أحمد جبريل: ما بنعرف عم بقولك هذا اللي حصل.
أحمد منصور: بس أكيد عرفتوا مين؟
أحمد جبريل: عم بقولك هذا اللي حصل يعني ها الشيء.
أحمد منصور: وقتها مكنتوش تعرفوا يعني؟
أحمد جبريل: ورأسا بعتوا الشباب لي برقية وقالوا إحنا مستنفرين بدنا ندمر السكسكية إنه اعتقادا من شبابنا إنه هادول ناس من السكسكية من قرية السكسكية وبأعتقد الآن لابد الكبار منهم يسمعني ويقول نعم هذا اللي حصل نزلت رأسا لهذه لمنطقة ها القواعد اللي حول السكسكية في السرفند وجمعت ها القادة قلت لهم لا تدخلوا وتصبحوا جزء من المؤامرة شو عرفكم بيجوز هادولا عملاء لإسرائيل هما اللي عملوا مشان يخلونا إحنا نحرق السكسكية ويصير مشكلة بيننا وبين السكان المحليين وهضمنا ومسكنا يعني على أعصابنا عارف كيف وعلى دمائنا من أجل والله ما يتم ردود فعل وتصور بعد ثلاثة أيام لما فشلت ها الخطة للإيقاع بيننا وبين الإسرائيليين، الإسرائيليين هاجموا إحدى القواعد البحرية تقع عندنا في نفس المنطقة.
(4/487)
أحمد منصور: يبدو الإسرائيليين كانوا درسوا هذا الأمر بشكل جيد وواضح هذا من خلال كتاب شيمون شيفر كرة الثلج ومن خلال كتاب أطول حرب.. لبنان أطول حروب إسرائيل الذي كتبه ثلاثة من الإسرائيليين كان واضح تماما هذا الأمر كان واضح إنه ليس هناك معكم تعاطف من أهل الجنوب وإنما أهل الجنوب ربما آثروا الإسرائيليين في البداية عليكم ورموا الإسرائيليين بالورود؟
أحمد جبريل: يعني بعكس لما دخلنا والله لما دخلنا فتحوا بيتوهم بس إحنا كنا مثل ما حكينا ننزل للوديان نبتعد عن القرى نمنع المقاتلين يروحوا.
أحمد منصور: أنتم كجبهة لكن الآن الآخرين أنت تحدثت عن تصرفات شائنة كانت تتم بالنسبة لأهالي الجنوب من قِبَل هؤلاء الناس الآن بدأ الاجتياح الإسرائيلي في 4 يونيو..
أحمد جبريل: عم أقولك هذا هو..
أحمد منصور: في نفس اليوم اللي ذهب فيه ياسر عرفات إلى السعودية حتى يسأل السعوديين إلى أي مدى يمكن لإسرائيل يعني لم يكن هناك تخطيط لصد الهجوم الإسرائيلي بقدر ما كان التخطيط هو السماح للإسرائيليين بالدخول إلى مدى أربعين كيلو كما كان يعتقد الجميع، حتى شارون في مذكراته يقول أنه لم يكن قد أبلغ بيغن أنه يريد أن يتجاوز ويصل إلى بيروت وإنما كان الكلام كله عن أربعين كيلو متر فقط لكن كانت خطة شارون هي الوصول إلى بيروت.
أحمد جبريل: يعني هو يعني قبل ما يعني يبتدأ الاجتياح الإسرائيلي في ذلك الوقت تسربت معلومات.
أحمد منصور: لمن؟
أحمد جبريل: إلينا لكن هذه المعلومات يعني مش إللي للأخوة في فتح ويقول أبو أياد أنه أمين جميل سرب له المعلومات عارف كيف.
أحمد منصور: هو أبو إياد في فلسطين بلا هوية أشار لم يصل إلى هذه المرحلة ربما لكن هناك مصادر كثيرة في فتح قالت إن السوفيت بلغوه السوريين بلغوه.
أسباب الاجتياح الإسرائيلي للبنان
(4/488)
أحمد جبريل: لا أنا بعرف إنه أبو أياد حكى إنه أمين جميل بلغنا رسميا أن الإسرائيليين سيصلوا إلى بيروت لكن إحنا بدنا نتساءل شو هي الأسباب اللي خلت الإسرائيليين يقوموا باجتياح 1982؟
أحمد منصور: لا أسمح لي حضرتك أنا عايز أقف معك عند دي عايز أقف معاك عند أبو أياد قال لكم إن أمين الجميل قال..
أحمد جبريل: لا ما حكى، حكى بعدين.
أحمد منصور: آه بعدين.
أحمد جبريل: لا بعدين حكى هذا الموضع أما قبل ما حكى بها الموضوع هذا الاجتياح الإسرائيلي ليش تم له أسبابه..
أحمد منصور: ما هي؟
أحمد جبريل: يعني أول سبب أنه حقيقة المخطط استنزافنا في الخلف فشل وصفى سوريا هم إللي قعدين علقنين مع المارونية السياسية وبدأ تصعيد العمل الفدائي بدت تدفق سلاح علينا من الأخوة في ليبيا وسلاح نوعي وشية حكينا..
أحمد منصور: ما أهو الإسرائيليين ضربوه.
أحمد جبريل: عم أقل لك اتفاهم بس يعني تدفق مش بس إلينا يعني إحنا كان يجي السلاح أعطينا كل الأحزاب اللبنانية في ذلك الوقت..
أحمد منصور: آه طبعا ما هو لازم كل واحد يأخذ من الكيكة حتة.
”
حفر الفلسطينيين للخنادق وعمل التحصينات بلبنان، والمعارك التي قامت بين السوريين والمارونيين، واغتيال السادات عام 1981 الذي شكل نهضة عربية، وقيام ثورة الخميني عام 1979، كلها عوامل سرعت باجتياح إسرائيل للبنان
”
(4/489)
أحمد جبريل: وأعطينا كل المنظمات ماعدا فتح يعني هذا السلاح والعتاد وكان في منه بعض الأسلحة يعني ممكن إذا تم استخدامها بشكل صحيح أنت تهدد شمال فلسطين المحتل في ها الشيء الإسرائيليين بدؤوا يعرفوا إن إحنا قاعدين عم نحفر الخنادق ونعمل تحصينات لذلك مناحم بيغن بكرة الثلج بيقول إنه إحنا عجلنا في هذا الموضوع لأنه في مثل يقول السير على الشوك وهو أخضر أفضل من أن تسير عليه وهو ناشف أو يعني مجفف عارف كيف سيؤلم فهم بدؤوا يشعروا أنه ممكن بده يصير تهديد فيدركون ضربتهم إجهاضية الأخوان في المارونية السياسية أرادوا الإسرائيليين يطمنوهم إنه بعد المعارك اللي صارت بين السوريين معهم وزحلة وها المواضيع إنه هاي إحنا نقف معكم هي جاين لننجدكم وتم اجتماع بين بشير الجميل وما بين الإسرائيليين قبل عملية الاجتياح في لعب دور أيضا هو اغتيال أنور السادات في 1981 هذا الاغتيال شكل حالة نهوض معنوي عربي موجود وبدؤوا الأميركان يشعرون وكأنه مصر بدها تفلت من أيدهم مرة ثانية بدها تروح وكل الشغل اللي اشتغلوه على مصر منذ 1973 أو منذ استلام السادات في 1970 معناه سينتهي فلابد من عملية ضرب استباقيةًًًًًًًًًًًًًًًًٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌُُُُُُُُُُُُُُُُُ لتخفيض الروح المعنوية لعب أيضا دور إنه قامت ثورة إسلامية في إيران الخميني في 1979 وهذا كان يعني شيء رفع الروح المعنوية إلى كل ها الجماهير شاه إيران اللي هو شرطي وإسرائيل أقوى من إسرائيل في مشرق هذا الوطن ويدعم إسرائيل وإلى آخره تقوم ثورة إسلامية ويعلن إنه والله مكان السفارة الإسرائيلية في طهران لتصبح سفارة فلسطينية..
أحمد منصور: سفارة فلسطينية.
أحمد جبريل: أول سفارة فلسطينية هذه العوامل بمجملها عرفت كيف هي اللي خلت الإسرائيليين يأخذوا مناحم بيغن يأخذ قرار عملية الاجتياح أما أين يصل هذا الاجتياح بالتأكيد بين شارون وهيغ كان الاتفاق هو أن يصل للمنطقة المتفق عليها.
(4/490)
أحمد منصور: أنت كقائد عسكري بارز ربما القادة الأخريين معظمهم قادة سياسيين وإعلاميين وغيرها أنت توقعت أن يصل الإسرائيليون إلى أي مدى؟
أحمد جبريل: أنا بحكي بكل بصراحة ما توقعت أن يصلوا إلى بيروت.
أحمد منصور: توقعت أن يقفوا عند أين؟
أحمد جبريل: يعني كنت أتوقع أنا..
أحمد منصور: عند صيدا..
أحمد جبريل: عند الأولي عارف كيف أو..
أحمد منصور: شمال صيدا..
أحمد جبريل: أو عند جسر الدامور يعني كنت أعتقد يعني لا يتورطوا في المدينة في المدن..
أحمد منصور: لماذا حددت هذه المناطق؟ طب ما صيدا كانوا هيمروا على مدن لبنانية في الجنوب.
أحمد جبريل: أولا المناطق الجنوبية مثل ما حكينا إحنا من أخواتنا الشيعة اللي أصبحوا يكرهوننا من غير سبب..
أحمد منصور: صيدا الأغلبية سُنّة..
أحمد جبريل: لا عم بحكي هناك صيدا بيقدروا يتجنبوها وهم ما دخلوها هم كانوا..
أحمد منصور: قصفوها ودمروا فيها.
أحمد جبريل: بخطتهم هو الوصول إلى بيروت لأنه دخلوا بست ..
أحمد منصور: يعني لما روحت هذه المناطق حتى أرى كيف صارت الحرب يعني لو إسرائيل بتتمشى تمشية مش هتبلغها في الوقت الذي بلغتها فيه يعني سآتي بعد ذلك إلى مسار الحرب ولكن أيضا في الجانب الآخر أنتم كأن كل إعداداتكم هو أنكم كيف تتجنبوا مواجهة إسرائيل وتدعوها تقف عند الحد الذي حددته للوقوف وعدم الدخول لبيروت.
أحمد جبريل: يعني هذا الموضوع أنا لسه عندي أنت بترق على هذه القصة.
أحمد منصور: أنا برق لأن قصة خطيرة.
أحمد جبريل: أنا بقولك يعني هذا الموضوع نحن لا نتحمل هذه المسؤولية عارف كيف وكنا هندق جرس الإنذار يجب أن نعد نفسنا أنت مش معقولة الإسرائيلي يعرف إنه أنت صرت تملك راجمات من الصواريخ تصل واحد وعشرون كيلو ومدافع مائة وثلاثين ميل بتوصل لثلاثين كيلو متر وتسليح وإمكانات وإلى آخره والإسرائيلي سيقف يتفرج عليك فلذلك..
(4/491)
أحمد منصور[مقاطعاً]: ماذا فعل الإسرائيليين أخذوا هذه الأسلحة في مغلفاتها؟
أحمد جبريل: ولذلك كنا نقول.. هقولك كنا نقول المفروض كنا نرتب أمورنا بالشكل الصحيح للأسف المجريات ثبتت لا مش هيك بحيث أعطي للحاج إسماعيل من الساعات الأولى أمر بالانسحاب من الجنوب.
أحمد منصور: قصة الحاج إسماعيل هنأتي لها لكن الهجوم البري بدأ الساعة الحادية عشر صباح يوم ستة يونيو حسب التقديرات الإسرائيلية.
أحمد جبريل: سبقه قصف جوي لمدة أربعة وعشرين ساعة.
أحمد منصور: طبعا خمسة وسبعين إلى ثمانية وسبعين ألف مقاتل إسرائيلي ألف وأربعمائة وعشرون دبابة إسرائيلية ألف وخمسمائة وعشرون ناقلة جند مدرعة في المقابل عدد مقاتلي منظمة التحرير بكل فصائلهم الموجودين في جنوب لبنان لا يزيد عن ستة آلاف رجل مسلحين ما بين مائة إلى مائتين قطعة مدفعية ستين دبابة من مخلفات الحرب العالمية الثانية لا أدري يعني على من دبابات مخلفات الحرب العالمية الثانية بتواجه ترسانة إسرائيلية متقدمة انهارت المقاومة خلال أسبوع ووصلوا إلى بيروت قل لي كيف كان مسار المعركة ولكن بعد فاصل قصير نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذه الشهادة فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
إسرائيل والوصول إلى بيروت
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد لمتابعة شهادة سيد أحمد جبريل على العصر كيف استطاع الإسرائيليون خلال أسبوع واحد أن يصلوا إلى بيروت؟
أحمد جبريل: بالنسبة لي أنا تماما قبل الاجتياح الإسرائيلي بخمسة وعشرين يوم أو شهر أصبت في جنوب لبنان وقعت يعني وكُسِر فقرتين من فقراتي..
أحمد منصور: فقرات ظهرك..
(4/492)
أحمد جبريل: فقراتي إلى دمشق ومن ثم محمولا إلى بلغاريا بطائرة إسعاف فبدء المعركة يعني لم أكن كنت أنا في بلغاريا وعندما سمعت أنا كنت متوقع لكن هذا اللي حصل فعليا وأنا دوما لا أريد أن أقوم بنوع من التفاخر كنت أرغب في كل المعارك أن أكون موجودا فيها يعني في عملية الليطاني في عملية العرقوب الأولى الثانية كنت حتى في عملية الليطاني..
أحمد منصور: الكل يشهد لك أنك كنت تقود قواتك غير الآخرين وكنت تشارك في المعارك بنفسك وهذا لا يغمطك أحد فيه الحق..
أحمد جبريل: لا في ناس يعني بالليطاني تقدموا الإسرائيليين على محاور وسلمنا نحن المحور الأصعب وطريق الأوتوستراد اللي جاي من بنت جبيل لقانا..
أحمد منصور: هذا في 1978.
أحمد جبريل: ب 1978 وعطونا إياه مشان يحمولنا مسؤولياتها وأما الطرق الأخرى اللي بتوصل إلى صور شمال صور إلى الليطاني طرق فرعية وجزئية يعني إذا تدمر فيها دبابة توقف الرتل وكأنه كان الناس يريدوا أن يختبرونا وقلت لهم يا شباب يجب أن نقبل التحدي وهذا المحور هو الوحيد اللي الإسرائيليين اللي توقفوا عليه وكنت أنا موجود مع الأخوة المقاتلين من رفاقنا حتى وكالات الأنباء أنا ما كنت بظهر على الإعلام بدأت الزي تقول أحمد جبريل يقود المعركة في الليطاني بنفسه بزمانه بالعرقوب يقولوا ها الشيء أبو عمار طلع تصريح قال أحمد جبريل ليس موجودا في كل لبنان وأنا كنت عم أقاتل يعني الإسرائيليين حتى لما بعض رفاقنا عاتبوه قال لهم يا إخوانا أن خايف عليه أبو جهاد لما أقول أنا مش بلبنان..
أحمد منصور: قلبه عليك.
أحمد جبريل: لا أنا عم بحكيك عم أجيبلك أنا فكنت أنا في منتهى الحزن لما كنت أنا في بلغاريا ملقى على ظهري وفي علاج عندما سمعت ولكن كنت متوقع متى يكون هذا، حاولت من خلال التليفون أعطي يعني توجيهات أعطي فشعرت إنه ما في نتيجة من هذا الموضوع بصراحة..
أحمد منصور: الوضع مختلف.
(4/493)
أحمد جبريل: عارف كيف فمعي زوجتي عارف كيف ومعي شاب أو شابين مرافقين بعته وراء رئيس الأطباء قلت له أنا بدي أتحرك هلا قال كيف تتحرك أنت إذا بتمشي ممكن تنشل لسه الفقرتين يعني ما مستقرات وضعهم قلت له أنا بدي أمشي لا تجبروني على تصرف غيره فهذا المستشفى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في بلغاريا عارف كيف دعوا رئيسهم رئيس لجنة التضامن جنرال كرانسكي عارف كيف قال لي ما بيصير قلت له أنا هلا بلقي نفسي من الشباك أنا ما بستطيع أتحمل كان مغلق مطار دمشق ومطار عَمَّان ومطار بيروت فراحوا فصلوا لي قفص حديدي تصور عارف كيف لأنه شافوني إنه ما في..
أحمد منصور: حتى يمسك الظهر بتاعك.
أحمد جبريل: يمسك كل جسمي إلى آخره وقالوا إن شاء الله ما يصير لك شيء وطلعنا على أثينا وأول ما فتح مطار دمشق لمدة ساعتين كنت نازل فيه.
أحمد منصور: تاريخ كام وصلت؟
أحمد جبريل: هذا الكلام بـ 7،8 بالشهر مش اعرف يعني بعد يومين..
أحمد منصور: بعد أربع أيام أو يومين..
أحمد جبريل: بعد يومين ثلاثة أيام من بداية المعركة..
أحمد منصور: من بداية المعركة صحيح السوريين كانوا أبلغوكم أن الهجوم لن يتعدى منطقة الزهران؟
أحمد جبريل: لا عارف كيف..
أحمد منصور: السوريين رفضوا نشر المزيد من وحدات المضادة للدبابات والطائرات حول بيروت رغم إدراكهم بأن الإسرائيليين قادمين؟
أحمد جبريل: كان في..
أحمد منصور: هل كان سوء تقدير أم؟
أحمد جبريل: بس هنقول أنه أنا من مطار دمشق ودخلت آخر واحد على بيروت كانوا اليهود في خلدة لما أنا دخلت الناس عم تطلع تهرب أنا دخلت على خلدة قلت بدي أخوض معركة مع ها الناس اللي موجودة في بيروت وفوجئت الناس بوجودي كان معنا كل ها القوات بعض ها القوات اللي انسحبت كان في لواء سوري أسمه اللواء 85 موجود في بيروت كان في لواءين لجيش التحرير الفلسطيني التابع لسوريا معنا في بيروت يعني لم نكن وحيدين إحنا عارف كيف..
(4/494)
أحمد منصور: في النهاية معملوش حاجة.
”
خوف الإسرائيليين من دخول سوريا المعركة دفعهم لضرب القوات السورية في جزين والريحان، والدخول في مواجهة مفتوحة معهم
”
أحمد جبريل: معلش هلا بنحكي كيف الموضوع تقول لي الإسرائيليين حاولوا يتجنبوا في البدء الاشتباك مع القوات السورية في منطقة جزين والعيشية والريحان والعرقوب لكن شارون بعدين يعني خافوا إنه والله تدخل سورية في المعركة بعدين يظهر بيعملوا عملية (Test) أو تجربة ضربوهم في جزين في منطقة الريحان تراجعوا صاروا دخلوا في مواجهة مع السوريين وضربوا القوات السورية وقيادتهم كانت في منطقة قرب عالية حمدون ضهر الوحش وأصبح الجيش السوري داخل في المعركة معاه..
موقف القوات الفلسطينية من غزو لبنان
(4/495)
أحمد منصور: يعني الآن بس عشان نفهم المعركة كيف كان مسارها أهل الجنوب لم يكن لديهم الاستعداد للتعاون مع الفلسطينيين بل ربما رحبوا بالإسرائيليين بناء على تصرفات الفلسطينيين السيئة معهم وسجنهم وإيذائهم طوال الفترة التي بقوا فيها، السوريين لم يكن لديهم استعداد أو ترتيب للدخول إلى المعركة ولكنهم وُرِطوا فيها القوات الفلسطينية كانت كلها تستعد لكي تحمي منطقة بيروت أو تقف عند حد بيروت على اعتبار إن إسرائيل لم تتوغل أو لم تصل إلى العاصمة بيروت وربما تقف عند نهر الأولي ومنطقة صيدا، أنت كنت مريضا وجئت رغم مرضك بقفص حديدي نقلوك ودخلت إلى بيروت في الوقت الذي كان يهرب فيه الآخرون واستطاعوا أن يصلوا في عدة أيام الحاج إسماعيل جبر عمل قواته الخاصة لم يأمر بشن هجوم على القوات الإسرائيلية ضد رأس الجسر البحري إلا عند الساعة الحادية عشر ظهرا ثم أخلى مقر قيادته ثم فر للصالحية ومن ثم إلى الشوف بصحبه كمال الشيخ آمر كتيبة شهداء أيلول ومصطفى سعد زعيم التنظيم الشعبي الناصري وضباط آخرين وأرسل في 8 يونيو رسالة لياسر عرفات يبرر بها أسباب تصرفه، الحاج إسماعيل الآن من الشخصيات التي تحمل مسؤولية كبيرة في السلطة الفلسطينية وهذا الكلام ليس كلامي وإنما نشره يزيد صايغ في كتابه وقال أنه اطلع على البرقية التي أرسلها الحاج إسماعيل جبر إلى ياسر عرفات وقال إنها في أرشيف الرئاسة الفلسطينية، كيف رؤيتك لمسار الأمور وكيف كانوا قادة منظمة التحرير يقاتلون؟
”
انهارت الروح المعنوية لدى كل المقاتلين عندما أعطى الحاج إسماعيل أوامره بالانسحاب
”
(4/496)
أحمد جبريل: يعني مع احترامي لهذه المعلومات أنا بعرف إنه الحاج إسماعيل أعطى أمر لعملية الانسحاب بيسموه العشوائي وهذا سبَّب انهيار في الروح المعنوية لكل المقاتلين لأن جسم حركة فتح هو الجسم الأكبر لما الناس تشوف هذا الجسم قاعد عم ينهار ويمشي يعني هذا بتقع كارثة حتى لو أنت حطيت وقاعد في مواقع محصنة وإلى آخره الناس بتقول لك شو أنا بدي أقاتل لوحدي يعني هذا فيه تأثير على الروح المعنوية وأنا واحد من الناس اللي حقدت على الحاج إسماعيل واتهمته في الجبن والتخاذل وإلى آخره حتى لما طلعنا من الحصار من بيروت للحقيقة أنا بحكيلك ها المواضيع ما يقوله يزيد صايغ..
أحمد منصور: يزيد بيستند لمعلومات مش كلامه هو الرجل وثق تاريخ بالوثائق..
أحمد جبريل: أنا بحكي هذه القصة..
أحمد منصور: في النهاية هناك وثيقة في الرئاسة الفلسطينية موقع عليها إسماعيل جبر بيتكلم فيها..
أحمد جبريل: أنا عندي رواية معاكسة من وين أخذت هذه الرواية من الحاج إسماعيل شخصيا الحاج إسماعيل اتصل فيّ في دمشق..
أحمد منصور: متى؟
أحمد جبريل: بعد ما طلعنا من بيروت عارف كيف من حصار بيروت وقال لي بالحرف الواحد إيجى إلى عندي وقالي بدي نصف ساعة بس من وقتك أنا الناس كلهم تتهمني بالجبن أنا مو فارقة معي بس أنت كأحمد جبريل أرجوك أنه تفهم الحقيقة وطلع لي من جيبته لابس فيلد وقال لي تفضل هذه هي البرقية من أبو عمار يطلب منه الانسحاب فقال لي تفضل قرأت التاريخ والساعة في عملية..
أحمد منصور: طب قل لنا دي لأن دي وثيقة مهمة؟
أحمد جبريل: أنا هذا الكلام هلا يمكن الحاج إسماعيل بيسمعني هلا له مسؤولية كبيرة في الضفة الغربية..
أحمد منصور: أنت كده هتفنشه الآن.
أحمد جبريل: أنا بعدين..
أحمد منصور: الرجل أرسل ربما برقية أخرى؟
(4/497)
أحمد جبريل: بعد ذلك أنا سألت الناس في داخل فتح اللي انشقوا وعملوا انتفاضه في فتح من أبو صالح وقدري عارف كيف وأبو موسى وها أكدوا لي ها الموضوع.
أحمد منصور: يعني عرفات هو الذي أصدر الأمر لقوات المنظمة بعدم القتال والانسحاب أمام الإسرائيليين؟
أحمد جبريل: بالانسحاب هذا الموضوع هيك..
أحمد منصور: لا قل لي أنت الكلام ده على مسؤوليتك؟
أحمد جبريل: أنا عم بقولك هو حدث عملية الانسحاب العشوائي هذا فعلا أما كيف تم هلا أنت بتقول فيه رواية يزيد صايغ أنا عم بحكيلك في روية أخرى وهذا الموضوع متروك للناس تدقق في ها الروايتين عارف كيف إن الحاج إسماعيل أخذ أمر بعملية الانسحاب هو وأبو هاجم حتى أبو هاجم كان في أخو أبو الزعيم كان في منطقة مهدوشة ومنطقة الريحان انسحب وظل بسباط يعني قريب لبعلبك.
أحمد منصور: طب لعل الرئيس عرفات كان خايف على القوات؟
أحمد جبريل: هو إذا إحنا ما بدنا نستعمل هذه القوات في هذه المعركة الأخيرة على لبنان وين؟
أحمد منصور: نقيم بها السلطة الفلسطينية هو كان عنده بعد نظر ويخطط؟
أحمد جبريل: هو بده يحمي هذه القوات عشان يأخذها على تونس وعلى الجزائر وعلى السودان وعلى اليمن..
أحمد منصور: أليس هذا ما حدث تاريخيا بعد ذلك؟
أحمد جبريل: والله إذا كان هذا الموضوع أنا كنت أعتقد إنه هذه المعركة في لبنان يجب أن تكون معركتنا ومعركة يعني معركة الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية ومعركة الأحزاب برمتها..
أحمد منصور: كنتم تستطيعوا أن تقاوموا الإسرائيليين وتردوهم؟
أحمد جبريل: أنا عم بقولك..
أحمد منصور: بهذه الإمكانيات دبابات تي 32 من مخلفات الحرب العالمية..
(4/498)
أحمد جبريل: لا أنا كنت أعرف شو نتيجة الحرب لأن مثل ما قلت لك الحرب يعني تعرف تقدر تعرف ما نتائجها قبل أن تخوضها هذا مثل عسكري في هذا الموضوع أما لو كنا رتبنا أمورا ونزلوا ها السنوات الماضية وما تلفتنا للخلف وللمباذل ونعمل والله شرطة ونعمل كيف الأفران نصفي مسؤولين عنها وزبالة كيف نشيلها من بيروت وكيف..
أحمد منصور: الجمهورية جمهورية الفكهاني.
أحمد جبريل: كيف نفرغ كيف نقسم الأحزاب اللبنانية ونفرغها يصفي خمسين، ستين حزب لبناني وأعطي هذا وأعطي هذا نشتغل في بعضنا بدي أهجم على الموقع الإسلامي على مكاتبك والثاني على مكاتبه عشان أدبك وإلى آخره يعني أنا كنت أشعر حقيقة في السنوات اللي سبقت الاجتياح فيه نوع من العبثية المطلقة وكنت مرات أتساءل يا ترى الناس موعودين إنه نمشي وأنا بقولك أنا كنت أشعر إنه وكأن هؤلاء الناس موعودين بشيء سياسي وشو اللي خلاني أكثر العداء اللي كان لسوريا طب سوريا معنا في لبنان كنتوا تقولوا بدها جاية تقاتلنا صارت تقاتل هي والكتائب والمارونية السياسية ومعارك وشقت المارونية السياسية والجبهة اللبنانية اللي هي إفرنجية عن باقي ها الناس ومعارك دائرة مستمرة مع المارونية السياسية وحاصرت كل ها المناطق المسيحية بصور سوريا عندها لواء عم يقاتل معنا بالخمسة وثمانين لواءين من جيش التحرير تبعها قاعدة موجودة عم بتخوض معارك بعين الحلطة وبيادر العدس وكل ها المنطقة وأنا أرجو كنت لياسر عرفات وإحنا تحت الحصار يا أبو عمار خذ أحكي مع الرئيس حافظ الأسد معنا هو الوحيد اللي معنا هو الوحيد اللي معنا ميدانيا معنا في المعركة يرفض..
أحمد منصور: طب أنا هقولك بقى..
(4/499)
أحمد جبريل: يتصل مع مين مع فهد مع حسني مبارك مع الملك الحسن طب أنا كنت استغرب إنه طب ليش طب واحد معك في المعركة بالعكس تماما مندوبه سفيره في الصين وإحنا بالحصار طالع تصريح إذا بترجعوا للأرشيف أنه سوريا لم تقاتل وسوريين أسقط لهم تسعين طائرة عارف كيف ودمر لهم والقتلى والشهداء..
أحمد منصور: هذا حقيقة انسحب السوريون من جزين من معظم أنحاء الشوف..
أحمد جبريل: لا رجعوا..
أحمد منصور: دمر السلاح الجوي الإسرائيلي يوم ثمانية يونيو بطاريات سام 6 السورية أسقط عشرات الطائرات حوالي تسعين طائرة سقطت لو طائرات ورقة مش هتقع بنفس الشكل..
أحمد جبريل: ما في تكافؤ مضبوط أخي مهو ما كنا فيه تكافؤ..
أحمد منصور: طب ليه طلع طائرات طالما معندهاش تكافؤ؟
أحمد جبريل: يا أخي هو قال ورجي عذرك ولا تورجي بخلك أنا داخل ها المعركة.
أحمد منصور: يطلع الطائرات يبيدها السلاح الجوي يبيده؟
أحمد جبريل: حصل معارك وهو لو ما طالع رح يقولوا وين هذا سلاح الجو بها الشأن هذا..
أحمد منصور: يعني لا الصواريخ وقعت طائرات إسرائيلية ولا الطائرات وقعت طائرات إسرائيلية ولا وانسحب..
أحمد جبريل: هو اللي أسقط للإسرائيليين حسب اعترافهم أنا قرأت يومياتهم كلها عبارة عن أربع خمس طائرات..
أحمد منصور: ميساووش حاجة..
أحمد جبريل: السوريين دخلوا في معركة كبيرة في عين زحلتة عند نبع الصفا دخلوا في معركة كبيرة في بيادر حمدون معركة في بيادر العدس ودمرت الكتيبة الإسرائيلية المدرعة اللي كانت بدها بتقطع طريق دمشق يعني..
حقيقة الانسحاب السوري أمام إسرائيل
أحمد منصور:هل روى الرئيس الأسد شيئا حول هذه المعارك وعلامات الاستفهام التي لا زالت قائمة حول الدور السوري وتدمير الأسلحة السورية بهذا الشكل والانسحابات السورية التي تمت بعد مواجهة الإسرائيليين؟
(4/500)
أحمد جبريل: هو الرئيس الأسد بعد ما خرجنا من الحصار التقيت معه أنا وسألته سؤال يعني أولا أعطيته عن أداء اللواء 85 اللي كان معنا في بيروت وقالت له إنه قائد اللواء سيئ وجبان يعني بلاش أذكر أسمه عارف كيف معروف أسمه لكن الجنود والكتائب كانت في منتهى الشجاعة وبتستغرب إذا بقولك أنا خسرت قوة هذه الكتائب استنادا لحرب العصابات لأنه الجيش بيحط مدافعه جنب بعضهم بيحط دباباته وكأنه ها الشيء..
أحمد منصور: عشان إسرائيل تضربها..
”
الرئيس حافظ الأسد قال إن الطائرات السورية كانت تتعرض لتشويش شديد للغاية قبل أن تصل الحدود اللبنانية
”
أحمد جبريل: لا هذا تكتيكهم عارف كيف ما هو أنا تحدثت في حلقات أخرى إنه للأسف فيه عقم في العسكريتارية العربية كيف تقاتل هذا العدو الإسرائيلي غيرت تشكيلات المدافع تبعهم الدبابات دخلتها في البدروم في الأبنية في بيروت وأقول للطاقم ما بتطلع أنت من ها الأبو تبع ها المبنى الكبير لتسمع هدير وصوت الدبابات الإسرائيلية أمامك بتطلع بتبقى دبابة في وجهك بتقاتلها وإلا الطيران بده يدمرك عارف كيف يعني ها المواضيع جيش التحرير الفلسطيني كان فيه تعاون كيف صمدنا في بيروت عم بحكي لما سألت الرئيس حافظ الأسد حكى بصراحة قال إحنا خسرنا هذه الطائرات ونحن فوجئنا عارف كيف بحيث إنه طائراتنا السورية لما كانت تطلع من المطارات السورية قبل ما توصل الحدود اللبنانية يتم عليها تشويش شديد للغاية بحيث الطيار يصير أزيز بأذنيه تريد إنه والله تخزق له طبلة أذنه ويشعر إنه بده يشيل ها الهلمت هي الخوذة اللي طبع الطيار جانبا ورداره..
أحمد منصور: إلى هذا الحد إسرائيل اخترقت الأراضي السورية؟
أحمد جبريل: لأنه كانت وقتها دخلت الطائرات أف 15 و16..
أحمد منصور: طيب على الأقل لا تستطيع أن تواجههم بطائرات مماثلة حافظ على الطائرات التي عندك؟
(5/1)
أحمد جبريل: هذا الموضوع هو كمان عنده جيش موجود على الأرض يريد أن يقول له أنا حاولت ولكن هذا اللي حصل عارف كيف رغم كل هذه قلت لك الخسائر..
أحمد منصور: طائرة اثنين ثلاثة لكن تسعين طائرة.
أحمد جبريل: كل هذه الخسائر اللي حصلت والسفير الفلسطيني التابع لأبو عمار في الصين بيعطي تصريح أن القوات السورية لا تقاتل وتتفرج يعني أنا طلبت منه..
أحمد منصور: هي الذي يقاتل من القوات السورية إلا الذي تورط في القتال..
أحمد جبريل: يا أخي معلش هلا هو مش محطوطه جبهة إنه والله بده يدخل..
أحمد منصور: لكن إسرائيل جاية؟
أحمد جبريل: ماشي الحال قلت لك يعني حتى الصواريخ السورية اللي كانت منشورة لسام 6 لحماية..
أحمد منصور: دُمرت كلها.
أحمد جبريل: دمرت يعني عم بقولك يعني فيه أميركا كانت المعركة في لبنان ليس معركة إسرائيلية معركة إسرائيلية أميركية جنرال هيغ وزير الدفاع وريغن يريد تدمير كل شيء وإخراج المقاومة الفلسطينية والجيش السوري من لبنان في ها الموضوع هذا..
أحمد منصور: كان واضح الإسرائيليين عندهم خطة واضحة السوريين والفلسطينيين لم يكن لديهم خطة واضحة كانوا يعملوا بنظام رد الفعل كما عملت الجيوش العربية وجنت الخسائر طوال الفترة الماضية مضبوط؟
أحمد جبريل: مضبوط.
أحمد منصور: لكن لا أريد أن أغمض أيضا الفلسطينيين حقهم كان بينهم أبطال قاتلوا وصمدوا مساء 9 يونيو كان يوما هاما في هذا الصراع حيث تمكن المغاوير الفلسطينيين ومقاتلين من أمل من صد قوات إسرائيلية وقتلوا نائب رئيس الأركان.
أحمد جبريل: هذا نحن اللي قتلناه في الدامور.
أحمد منصور: هو لا فيه كلام عنكم أنكم مش قتلتوه بالدامور هو أنكم هربتوا يوم 9 يونيو والإسرائيليين تمكنوا من أن يسيطروا في دير الناعمة على أسلحتكم التي كانت مخزونة في الأنفاق وهي في حالة سليمة تماما.
(5/2)
أحمد جبريل: عشرة بالشهر سقطت الناعمة كان الإسرائيليين في خلدة يوم 8 بالشهر شوف وين الناعمة والخالدة يعني صاروا ورائنا ومثل ما حكيت لك هذا الانهيار اللي حصل في صفوف المقاومة أثر على الروح المعنوية طبعا رغم هذه المستودعات اللي بيحكوا عنها هذه أعطيت لهم أوامر لرفاقنا أن تفخخ بحيث والله إذا هو كان عندنا إحنا أجهز تفخيخ وأجهزة توقيت لمدة يوم ويومين وثلاثة أيام وأربعة أيام وحقيقة إذا بترجع للأرشيف الإسرائيلي نُقِل كميات من الأسلحة وخزنت جمب طبرية ويوم شافوها انفجرت كلها عارف كيف فأرادت الناس أن تحملنا يعني مسؤولية إنه والله إحنا هذه الأسلحة والعتاد لكن لم..
أحمد منصور: لم تقاتلوا به..
أحمد جبريل: لا قاتلنا فيه إحنا أصلا لما بتأخذ اليوميات الإسرائيلية هاي عقدة الدامور الناعمة قلت لك تجاوزها الإسرائيليين ووصلوا على خلدة بثمانية بالشهر إحنا عشرة بالشهر سقطت هذه المنطقة وأخليت هذه المنطقة عارف كيف لأنه حاصروها من كل الجهات من البحر ومن كذا وكنا وحيدين فيها ورغم ذلك هذه الإسرائيليين يعترفوا بتدمير الدبابات في منطقة الناعمة والدامور أرجع للمراجع الإسرائيلية..
أحمد منصور: رجعت إليها.
أحمد جبريل: وقتل معاون رئيس الأركان اللي ممكن يعني ممكن جنرال آدم معرف إيش أسمه عارف كيف..
أحمد منصور: أسمه يكؤتيل آدم.
أحمد جبريل: آدم عارف كيف وقتل هناك عندنا عارف كيف طب هاي منطقتنا مين اللي عم بيدافع عنهم كمان يعني هذا الجنرال اللي قتل في الناعمة وبالدامور إيجو ناس يعني من بره قتلوه..
أحمد منصور: هكذا بعض المصادر تقول إيجوا ناس قتلوه.
أحمد جبريل: كيف يعني؟
أحمد منصور: مغاوير من فتح ومن حركة أمل ومن غيرها.
(5/3)
أحمد جبريل: لا بالعكس حصل إنزال في منطقة الخالدة عندنا شباب هم اللي صدوا ويمكن قائد الوحدة أنا بقولك بجمعك معهم وكيف هم نزلوا من البحر ودمر رأسا مجنزرتين بالمدافع مائة وستة وكانت الناس قاعدة في الملاجئ وبعدين طلعوا أخذوا الناس ها الملالات وصاروا يرفعوا إشارات النصر إنه والله أنت بتعرف النصر يلد يتيم أما الهزيمة فلها ألف أب وأم.
أحمد منصور: فيليب حبيب دخل على الخط يوم عشرة يونيو وأقنع سوريا وإسرائيل بوقف إطلاق النار لكن الإسرائيليين لم يلتزموا ولم يتوقف إطلاق النار الحامية السورية انسحبت من الطرق الجبلية الاستراتيجية في قبرشمون مساء 11 يونيو استولى عليها الإسرائيليين بدأ الإسرائيليين وصلوا إلى بيروت وبدأ حصار بيروت في 13 يونيو..
أحمد جبريل: أحكم الحصار بعشرة لا كانوا الإسرائيليين بخلدة..
أحمد منصور: من تسعة وصلوا ربما وصلوا..
أحمد جبريل: ماني بالشهر ماني تسعة..
أحمد منصور: لكن أُحكِم الحصار بعد سيطرتهم على بيروت الشرقية..
أحمد جبريل: على منطقة الشويفات واتصلوا مع المسيحيين.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من حصار بيروت أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(5/4)
الحلقة16(5/5)
الأربعاء 4/6/1425هـ الموافق 21/7/2004م(آخر تحديث) الساعة 08:58(مكة المكرمة), 5:58(غرينتش)
القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل
الحلقة 16
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
تاريخ الحلقة
18/07/2004
- الفصائل وترتيبات الدفاع عن بيروت
- دخول الإسرائيليين مطار بيروت
- التكتيكات العسكرية في معركة بيروت
- الأسيران الإسرائيليان وتسليمهما دون ثمن
- خلافات حول قرار الخروج من بيروت
- ترتيب عملية خروج القوات الفلسطينية
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أبو جهاد مرحبا بك.
أحمد جبريل: أهلا وسهلا فيكم.
أحمد منصور: وصل الإسرائيليون حتى بيروت وأحكموا حصارهم عليها في الثالث عشر من يونيو عام 1982 وفي الرابع عشر وصلوا إلى بيروت الشرقية عن طريق دهر الشويفات وأصبحتم تحت الحصار في بيروت، كيف وقع هذا؟
(5/6)
أحمد جبريل: يعني لا شك أنه لو تمت وضع خطة صحيحة وسليمة كان على الأرض ما تكون المعركة فقط تُختزَّل في بيروت، كان يجب في كل مخيم وكل مدينة في الجنوب أن يكون هناك معارك، هذا لا أقلل أنا من البطولات الفردية والمجموعات حتى من الأشبال اللي كانوا في الرشيدية أو في عين الحلوة والبرج الشمالي بقتالهم الرائع بحيث تتخيل أن هذه المخيمات بقيت محاصرة وبقيت لأيام حتى سقطت بيروت بيد الاحتلال، تخيل لو كان فيه خطة صحيحة وسليمة كانت صيدا ممكن أن تكون مثل بيروت تقاتل وبشكل أكبر وممكن تعمل مشكلة للإسرائيليين، صور.. هذه المخيمات اللي في الجنوب فيها مئات الألوف من الفلسطينيين قاتلت ولكن ليس بالشكل المرضي، دخلت إلى بيروت كما قلت إنه أنا أخر واحد يمكن دخل لبيروت وأُحكِم الحصار في خالدة وفوجئوا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وضعك الصحي كان شكله إيه؟
أحمد جبريل [متابعاً]: عم أقول لك أنا لابس قفص من الحديد ومعي عصايا أتعكز عليها ولقيت رفاقنا أعضاء المجلس..
أحمد منصور: من أول من التقيت حينما وصلت؟
الفصائل وترتيبات الدفاع عن بيروت
أحمد جبريل: التقيت أنا رفاقنا في المكتب السياسي كانوا ثلاثة فيه طلال ناجي وفضل شرورو ويوسف طبل موجودين ففوجئوا هم عارف كيف عرفوا أنا جيت وصلت مطار دمشق وفقالوا إن يعني بدي أكون أنا قريب من هون ولكن ففوجئوا ليش إجي وضعك الصحي وإلى أخره قلت لهم جاي أنا أموت معكم عارف كيف ونسأل ربنا بيكتب لنا الشهادة في هالموقف يعني، لكن حزنت أنا ماشي على طريق الأوزاعي خالد الأوزاعي وصولها إلى بيروت وين هي الترتيبات والإسرائيليين ورانا؟ وين هي الترتيبات اللي معمولة؟ عارف كيف..
أحمد منصور: المفروض من قِبَّل ثلاثة أطراف من قِبَّل السوريين من قِبَّل الفصائل الفلسطينية واللبنانيين ثالثا لأن الأخر هذه بلدهم يعني؟
(5/7)
أحمد جبريل: بقول لك يعني من.. وكأن الطرق شبه مفتوحة، يعني لو أو عم تفكر إنه هلا لديهم ضمانات إنه ما حدا بده يدخل لبيروت يعني فيه ضمانات سياسية، لأنه اللي شفته نوع من العبثية الكاملة المطلقة اللي ممكن تشهل الإسرائيلي إنه ببساطة يدخل، فرحت على هذا المقر فاتصلوا رفاق معي وأنا أجيت مع باقي الفصائل وعُقِد اجتماع في مقر كنا ماخدينه تحت الأرض هناك كنت أنا يعني مسطح على ظهري وإجه أبو عمار والأخوان سلموا..
أحمد منصور: قل لي من حضر في هذا؟
أحمد جبريل: كله يعني المسؤولين من قادة الفصائل يعني فتح كان الأخ أبو عمار والشهيد خليل الوزير وهاني وأبو الهول وسعد صايل عارف كيف، جورج حبش نايف حواتمة عارف كيف..
أحمد منصور: أيضا سعد صايل قاتل قتالا مريرا في حرب 1982 يحسب له يعني.
أحمد جبريل: عم بأقول لك يعني.. عم أقول لك أنا سألتني مين عم بأقول لك مين اللي إجوا عارف كيف والأحزاب اللبنانية كان نوع من الاجتماع..
أحمد منصور: مين حضر من الأحزاب اللبنانية؟
أحمد جبريل: الحزب الشيوعي ووليد جنبلاط ونبيه بري والحزب القومي والقوة الناصرية..
أحمد منصور: تفتكر تاريخ الاجتماع بالضبط؟
أحمد جبريل: يعني بدك تقول بتسعة أو عشرة بهالشيء..
أحمد منصور: يعني قبل إحكام الحصار في 13؟
أحمد جبريل: يا تسعة يا عشرة لا كان الحصار صار المنطقة الشرقية، أما هم أحكموا الحصار بعشرة بالشهر 11 بالشهر صاروا ماسكين المناطق اللي إحنا ممكن نطلع منها وننزل منها عارف كيف حتى كنا عندي سيارة غرفة عمليات فيها أجهزة لاسلكية كنت جايبها غلط في منطقة الشويفات وأُسِروا وقتلهم الإسرائيليين..
أحمد منصور: واستولوا على السيارة؟
(5/8)
أحمد جبريل: واستولوا على السيارة عارف كيف بالأجهزة اللاسلكية تبعها لكن فرضت على الإسرائيليين أن تعود هذه الأجهزة لنا بعملية تبادل الأسرى في سنة 1985 وأرجعوا لنا الأجهزة بأرقامها اللي كانت موجودة خارجة من مستودعات، فما ارتحت أنا للحالة يعني حالة الانفلاج وكانت صدمة يعني إجوا..
أحمد منصور: وقع الموضوع على الآخرين إيه؟ اللي الآخرين كان رؤيتهم ابتداء بياسر عرفات؟
أحمد جبريل: يعني كل الناس مثل مصابة بضرب على الدماغ مثل ما بأقول لك..
أحمد منصور: طب والمصابين بالضرب على الدماغ ليه وأنتم لم تستعدوا لهذا؟
أحمد جبريل: يعني هذا اللي حصل يمكن كانوا يعتقدوا..
أحمد منصور: وعمالين عفوا بالمصري بتاكلوا في بعض؟
أحمد جبريل: يعني ما كان يعني الناس متوقعة أن يصل بهالشكل وبهالسرعة هذا العدو الإسرائيلي إلى بيروت يعني فطلبت أن أجتمع يعني مع القيادة العسكرية المُشكّلة وحقيقة رحت اجتمعت معها..
أحمد منصور: مين كانوا؟
أحمد جبريل: من كل الفصائل وكما قلت الأخوان من فتح أبو جهاد الله يرحمه وسعد صايل الله يرحمه وكان أبو موسى موجود هو قال لي أنا كنت موجود يعني..
أحمد منصور: هل لم ينفصل لأنه انفصل في 1983؟
أحمد جبريل: لا عارف كيف وطلبت شغلتين منهم قاعدين مع ثلاثين أربعين واحد يعني مش واحد من الكوادر..
أحمد منصور: عسكريين محترفين ولا برضه وسط؟
(5/9)
أحمد جبريل: لا محترفين هم من الفصائل قلت لهم الغلط اللي غلطناه في الجنوب يجب ألا يتكرر في بيروت، بيروت هلا هاي خريطتها يجب أن تُقسَّم إلى قطاعات وكل قطاع يتحمل مسؤوليته من ميمنته إلى ميسرته زيد من الناس والقوة التابعة لفلان أو للفصيل لكي لا نرمي المسؤوليات على بعضنا البعض وإنتوا يا أخوان في فتح بتريدوا تاخدوا عشرين قطاع خدوا بس أما أن تبقى الحالة مثل ما قاتلنا في الجنوب لا أنت هربت لا أنا هربت لا الثاني هذا ترتفع المسؤوليات كل واحد يست على الثاني هذا غلط إحنا هلا في معركة مصيرية وكل اللي سويناه في الماضي وعدم القتال في هالجنوب لعل نعوضه في بيروت والموضع الثاني شوف عندكم ألغام مضادة للآليات والأفراد من كل الفصائل ابعتوا لي إياها وحددت لهم وين المكان، لم يعجبهم الاقتراح الأول عارف كيف إنه توزيع بيروت لقطاعات..
أحمد منصور: أمال كانوا عايزين.. ماذا كانوا يريدوا كيف تدار المعارك؟
أحمد جبريل: قوات مشتركة.. كوكتيل
أحمد منصور: فوضى يعني؟
(5/10)
أحمد جبريل: كوكتيل عم بحكيك هالموضوع وهذا نوع من عملية عدم تحديد المسؤولية، في الجيش في حرب العصابات في الكتيبة الفلانية في السرية الفلانية ميمنتها ميسرتها تتحمل مسؤولية بل أبلت بلاء حسن أو تخاذلت إلى أخره بغض النظر من هو قائدها يعني فما كان فيه رغبة حقيقة للتلبية لكن كان عندهم رغبة شديدة للغاية يتخلصوا من الألغام اللي عندهم لأنه أغلب.. يعني أغلبهم ضعيف في القصص الهندسية واستعمال الألغام والمتفجرة حقيقة ما شفت إلا آلاف وإحنا كنا شباب بغياب لما كنت خزنوا آلاف الألغام المضادة للآليات وهذا اللغم لما أنت بتزرعه بشكل جيد وبتعمل له الحشوة تؤذي العدو، هذا ما بيخاف يعني يثبت بمكانه إليه، فصار فيه آلاف فكان جهدي اجتمعنا إحنا كمكتب سياسي قلت يا رفيق طلال ناجي وأنت يا أبو فراس اشتغلوا سياسة مع هالناس وأتركوني أنا وأبو جهاد ويوسف نشتغل في الأمور العسكرية..
أحمد منصور: يوسف مين؟
أحمد جبريل: طبل.
أحمد منصور: يوسف طبل هذا معكم؟
أحمد جبريل: معنا إيه عارف كيف وأنا بدأت أتحرك والله..
أحمد منصور: طيب أبو جهاد طلال ناجي تقصد يعني إنتوا الثلاثة من الجبهة لأن حتى لا يختلط الأمر.
أحمد جبريل: لأنه الناس يشتغلوا في العمل السياسي والاجتماعات السياسية ويصير يتركوني أنا ما بدي ألتقي بالعمل السياسي ولا بأحكي فيه، هلا المهم إنه كيف نصمد في بيروت واعتبرت حالي أنا يعني شخصية عامة يعني مو والله خاص بتنظيمنا وبدأت كل هالمحاور التقدم نزرع فيها الألغام والمتفجرات والحشوات المُسيطَّر عليها والأسلحة المضادة للدرع عارف كيف بكل المحاور اللي ممكن حتى في المناطق اللي هي كانت مسيطرة عليها المارونية السياسية اللي هي منطقة المتحف أو المناطق اللي.. ميناء بيروت عارف كيف وزرعنا آلاف الألغام حتى هاي الروش اللي بتسمع فيها وطريق هذا.. هذا أيضا زرع لأنه ممكن البحر يتم إنزال منه..
أحمد منصور: تحته زرعتم
(5/11)
أحمد جبريل: تحت وفوق.. فوق بيبه وما بيبه طلعت الحمام العسكري كله هذا كل الطرق..
أحمد منصور: يعني تقريبا لغمتم الكورنيش كمان؟
أحمد جبريل: كل الكورنيش كله، طريق الإوزاعي، طريق المطار كل هالطرق هاي عملناها بطرق بحيث إنه لو الإسرائيليين جابوا معهم كاسحات ألغام تتفجر يعني بأسلوب إحنا بنعرف إنه والله كيف تتفجر الدبابة اللي هي دافعة..
أحمد منصور: كاسحة الألغام.
”
قوات العدو الإسرائيلي كانت تجوب الشوارع وتتقدمها كاسحة للألغام، لذلك قمنا بتغطية الشوارع بالأوساخ كي نتمكن من زرع الألغام
”
أحمد جبريل: كاسحة الألغام أو دافعة بلدوزر قدامها وغمرنا هذه الشوارع كلها بالأوساخ والتراب لأنه هاي طرق أسفلتية من شان ما يعرفوا وين مكان اللغم أوساخ وإلى أخره قاذورات ما تعرف وين اللغم عارف كيف وهذه مئات الألغام..
أحمد منصور: بس أنتم كان عندكم خريطة للألغام ولا أيضا زرعتم..
أحمد جبريل: لا طبعا ما عارفين إحنا وينها يعني زرعنا يعني وبدأنا نحفر هالأبنية من الأقبية ونعمل طلاقات من شان الأسلحة إلـ (RPG 7) وإلى المدافع المضادة عقد بيسموها عقد ميم دال عارف كيف..
أحمد منصور: أنت لم تكتب هذه الأشياء كحرب عصابات؟ حرب بيروت كواحد خضتها؟
أحمد جبريل: كتبوا كثير ناس يعني..
أحمد منصور: كتبوا كثير جمعوا من الكتب معظم الكتب.
أحمد جبريل: وتركنا لهم البطولات إليهم يعني..
أحمد منصور: صنعوا بطولات هم.
أحمد جبريل: وأنا عم بأحكي عن قصة صارت في عابر الزمان يعني عارف كيف.
أحمد منصور: كيف عبر الزمان عشرين سنة تفصل بينها وبينها؟
أحمد جبريل: ثلاثين سنة كيف يعني..
أحمد منصور: لا 1982 إحنا بنتكلم.
أحمد جبريل: 1982..
أحمد منصور: طيب إحنا 2004 يعني.
أحمد جبريل: يعني 22 سنة.
أحمد منصور: طيب يعني أنت بتحكي عن أحداث يعني ربما 90% من المشاهدين عايشوها يا سماعاً فبالتالي قريبة من الناس.
(5/12)
أحمد جبريل: عم بأقول لك حتى كان تفاجأ تستغرب بعض هالشباب من المنظمات ما شافوني إلا وأن جنب منهم يعرفوني ويقولوا لي إحنا الآن ارتفعت روح معنوياتنا لأنه فلان معنا..
أحمد منصور: وكان الآخرون أين؟
أحمد جبريل: بالأجهزة اللاسلكية كيفك؟ كيف حالك؟ كيف كذا إلى أخره أصمد إلى أخره حتى التموين دبر راسك..
أحمد منصور: طيب هل كانت الفصائل الأخرى تسمع كلامك حينما تطلب منهم أو ترتب لهم شيء؟
دخول الإسرائيليين مطار بيروت
أحمد جبريل: بالميدان هناك والله كنت أعطيهم تعليمات وكانوا ينفذوها بالشكل هذا الممتاز، أنا ما بأجي بدي أقول هذا الموضوع يعني صمود بيروت هو والله أنا ساهمت فيه بقدر ما أستطيع وثبتت الروح المعنوية بقدر ما أستطيع لكن أيضا فيه رجال وفيه شجعان وحكيت قبل شوية عن سعد صايل وعن بعض الأخوان عارف كيف قاموا بمجهود لكن كله تضافر مع بعضه عارف كيف بحيث إنه أصبح الإسرائيليين دخلوا مطار بيروت ووصلوا لمنطقة الأوزاعي بعدها ما عاد يقدروا يدخلوا..
أحمد منصور: لكن صمد المقاتلون في المطار.
أحمد جبريل: عم أقول لك يعني هذا الموضوع..
أحمد منصور: وكان من فتح أيضا حتى..
أحمد جبريل: احتلوا المطار، المطار منطقة مفتوحة وصعب الدفاع عنها..
أحمد منصور: لكن حاول الإسرائيليين عدة مرات وهم تمكنوا من صدهم.
”
المدافع السورية والمقاومة كان لهما دور كبير في الحد من تقدم الإسرائيليين والسيطرة بسهولة على المطار
”
أحمد جبريل: لا دخلوا المطار ببساطة الإسرائيليين لأنه منطقة مفتوحة اللي بيقول لك أنا بأقدر أقاتل جيش نظامي بمنطقة مفتوحة تقول هذا يعني ما بيفهم في القتال، أنت بتحاول ترجع بنتيجة تسليحك إلى الأماكن السكنية الأمان..
أحمد منصور: لكن هم من خلال المدفعية لم يمكنوا الإسرائيليين من السيطرة بسهولة على المطار؟
(5/13)
أحمد جبريل: معلش هذا والمدافع السورية اللي كانت موجودة ومدافع المقاومة ومن هاونات ومن غيره لعبت دور في عملية ضرب عملية تقدم أو اقتراب العدو الإسرائيلي..
أحمد منصور: فيه كلام عنك هنا إنك يوم 14.. الآن بتتكلم في الطريق وهناك طريق آخر مدون عنك، أنك في يوم 14 يونيو كنت أحد الذين وافقوا على خروج قوات منظمة التحرير من بيروت وأقريت مع آخرين إرسال عطا الله عطا الله رئيس استخبارات فتح آنذاك إلى بيروت الشرقية وهو يحمل عرضا إلى الإسرائيليين للتفاوض مع شارون في 13 يونيو؟
أحمد جبريل: ليس صحيح لأنه أصلا ما اجتمعت سياسيا مع هذه القيادة المُشكّلة وكان رأينا إنه يجب أن نعوض عما حصل في الجنوب لحتى نقدر نشوف..
أحمد منصور: ربما لم تجتمع ولكن مندوبك أقر بهذا.
أحمد جبريل: لا حتى مندوبينا طلال ناجي وفضل شرورو هاي موجودين أحياء قلنا لهم إحنا إما نموت أو عندما نقابل نساءنا وأولادنا نقول لهم على الأقل عوضنا ما فقدناه في معركة الجنوب.
أحمد منصور: لكن إذا كان خروج قوات منظمة التحرير هو الثمن وأصبح الأمر واضحا الآن وخرجوا في النهاية ألم يكن الأولى الخروج قبل تدمير بيروت؟
أحمد جبريل: هذا بعد ثمانين يوم عارف كيف ثمانين يوم من الصمود وكان فيه هناك تيارين لعملية يعني وجهة النظر؛ فيه وجهة نظر كان الخروج..
أحمد منصور: مبكرا.
أحمد جبريل: مبكرا أو بعده عارف كيف ووجهة نظر لا صامدة تقول نعم سنقاتل من شارع إلى شارع..
أحمد منصور: أنا عايز أعرف حكاية ستالينغراد معاكوا إيه؟ في 14 يونيو أعلن جورج حبش أن بيروت ستصبح ستالينغراد الثانية، قبلها في الكرامة قالها عرفات.. ما حكايتكم مع ستالينغراد؟
أحمد جبريل: طبعا فيه فرق بين ظروف الكرامة والمعركة التي تمت هناك والمعركة في بيروت، بيروت مدينة كبيرة، مباني عالية، شوارع فيها ضيقة وشوارع كبيرة..
أحمد منصور: كانت مهيأة لقيام مثل هذه المعركة؟
(5/14)
أحمد جبريل: ما هو أنت كيف بتقول أنت إنه الموقع الجغرافي وطبيعة عدد السكان والمباني اللي ممكن إنه والله تتعب العدو إذا حاول يدخل وعندما قال الدكتور جورج.. كلنا يعني هو يعبر عنا جميعا إنه إحنا يجب أن نصمد وأن نقاتل وألا نستسلم أو نخرج..
أحمد منصور: كيف كان هذا وكل فصيل يقاتل على حدا وبدماغ القائد والزعيم الذي يرأسه؟
أحمد جبريل: يعني هو من شان أنا أكون دقيق كثير القوة اللي كانت تقاتل يعني ممكن أن أقول إنه الأخوة في فتح هم القوة الأكبر يليها إحنا مباشرة عارف كيف يعني قوة، أما باقي الفصائل كانت قوة رمزية عندنا عارف كيف، اللبنانيين الأحزاب اللبنانية جميعها كانت من ناصريين وحزب شيوعي والمرابطون ووليد جنبلاط كلهم كانوا موجودين معنا في المعركة، يعني المعركة أصبحت لبنانية فلسطينية ضد الإسرائيليين وفيه مقومات الصمود في هالموضوع هذا وإنوجد تيار في داخل القيادة الفلسطينية لرفض أي أفكار تُطرَّح حول الخروج من بيروت يعني أنا بعد أسبوع تماما من ترتيب الوضع العسكري..
أحمد منصور: نستطيع أن نقول السادس عشر من يونيو؟
أحمد جبريل: لا يعني 15 - 16 بالشهر صرت أحضر..
أحمد منصور: أصل هنا كل يوم له تفاعلات وأحداث أو كل ساعة على الأرض كان يتغير الوضع.
أحمد جبريل: يعني أنا بدأت أشعر بالطمأنينة إنه هالمحاور تستطيع أن تقاتل عارف كيف، ثم عملنا نسق أول عملنا نسق ثاني نسق ثالث حتى في داخل كورنيش المزرعة تصور وين بدأنا نعمل عبارة عن خطوط ورا بعضها البعض لتصمد لو سقطت يعني خط دفاعي يكون فيه الخط البديل إليه، بدأت أحضر الاجتماعات كان فيه هناك آراء تُطرّح إنه يا أخوان والله نطلع لكن كان فيه معارضة شديدة حتى في داخل فتح يعني أبو صالح الله يرحمه يعني..
أحمد منصور: مين أبو صالح؟
(5/15)
أحمد جبريل: اللي عضو اللجنة المركزية في فتح عارف كيف كان معارض سعد صايل، خليل الوزير يعني لكن فيه هناك ماكينة عم تشتغل سياسة من تحتنا وإحنا مو عارفين يعني أبو إياد يستقبل مثلا إسرائيليين دول تبع السلام في داخل بيروت عارف كيف، يبعتوا أبو الزعيم إلى المناطق الشرقية ليلتقي مع بشير الجميل وإلى أخره يعني هالعمل هذا الموجود..
أحمد منصور: طيب بصفتك أنت كنت قائد عسكري موجود على الأرض وقائد فصيل هام وخضت معارك في مدينة بيروت قبل ذلك ولكن ضد الموارنة، الروايات كثيرة اطلعنا عليها عشرات الروايات عشرات الكتب طلعت عن بيروت وتحدثت حتى عنك أنت، أنك كنت من دعاة الخروج للقوات بشكل مبكر وأنا استشهدت لك ببعض هذا، قل لنا شيئا مما لا يعرفه الناس عن هذه المعركة وكيف كان مسارها ووصل بها الأمر إلى هذا الحد من الداخل أنت كنت ترى الأمور تتجه إلى أي اتجاه؟
أحمد جبريل: أولا مثل ما حكينا إنه الأسبوع إلى العشرة أيام الأولى إحنا اطمئنينا نسبيا إنه الإسرائيلي مو بسهولة عاد يدخل بيروت عارف كيف نتيجة لأعمال التحصين اللي قمنا فيها وتوزيع الأسلحة المضادة للدبابات والقناصات على الأبنية العالية يعني صار فيه.. وهذا الموضوع أعطى الطمأنينة للناس وأما القول..
أحمد منصور: تستطيع تقول لي تقريبا كم مقاتل كانوا يدافعوا عن بيروت؟
أحمد جبريل: كان فيه آلاف..
أحمد منصور: بس ليس لديك إحصائية فيه ستة آلاف؟
أحمد جبريل: أربعة خمسة آلاف يعني هالشيء، ماعدا اللواء السوري 85، ماعدا لواءين جيش تحرير فلسطيني موجود، ماعدا الأحزاب الحركة الوطنية، هذه الرواية أنا ما بأعرف مين اللي بيحكي أنه أنا كنت أنا بالعكس أنا من دعاة أن نصمد ونقاتل حتى الموت عارف كيف..
أحمد منصور: فيه شخص تعرفه اسمه.. هفتكر اسمه الآن لكن هو يزيد صايغ ناقل عنه هذه الرواية.
(5/16)
أحمد جبريل: يعني ما صحيح وبإمكانك تسأل كل الأحياء الموجودين أنا كنت من الناس المتطرفين..
أحمد منصور: نوفل.
أحمد جبريل: ممدوح نوفل؟ هذا تبع مسؤول عسكري تبع الديمقراطية هم أصلا لم يكن لديهم وجود فعلي وعملي في هذا الموضوع وممدوح نوفل له قصة في أيلول السبعين وكنت في إربد ماسك مدينة إربد عسكريا ومحصنها ومعطي لكل تنظيم قطاع فهو كان مسؤول عسكري للجبهة الديمقراطية ففي الليل أخذ عناصره وظل مائة مائة وخمسين عنصر وهربوا إلى سوريا بدون أن يستأذنا بدون.. لو ما إجت بنت من الجبهة الديمقراطية لعندنا عارف كيف قبل ما يطلع الضوء قالت صار عندنا هيك وإحنا ضد هذا الموضوع وممدوح نوفل أخذ.. يظهر أن يحاول ممدوح نوفل أن يرد بطريقته أو بأخرى بهذا الموضوع، لكن تسألوا من تريد أن تسألوا نحن كنا من الناس المتمسكين ونقول إحنا شو بدنا نروح نحكي لأولادنا لنسائنا؟ راح لبنان بدنا نقاتل يا بنموت عارف كيف يا ننتصر وبقي هذا التوجه ثابت وقوي حتى بالنهاية أبو عمار فلسطينيا ما قدر ياخد قرار الخروج هو كان يجتمع مع الوزان..
أحمد منصور: فيليب حبيب ومع شفيق الوزان رئيس الوزراء بس هو هنا لما نأتي للنهاية هو ذهب للوزان في النهاية وأعطاه الموافقة.. القرار الفلسطيني بالموافقة، لكن أنا الآن لا زلت مبكرا في 21 ستة لأن معركة بيروت معركة هامة وأنت كنت أحد القادة الأساسيين فيها.
أحمد جبريل: القصف الجوي والقصف المدفعي الإسرائيلي كبير وإلى أخره لكن وضعنا صامد الجيش السوري أخذ مثل ما قلت لك يعني وضعه للدفاع..
التكتيكات العسكرية في معركة بيروت
أحمد منصور: هل كانت هناك تكتيكات في معركة بيروت؟
أحمد جبريل: كيف؟
(5/17)
أحمد منصور: هل كانت هناك تكتيكات عسكرية وأساليب معارك ووسائل كانت تختلف عن معركتكم الأولى مع الموارنة وكانت تختلف عن رصيد كفاحكم الطويل؟ اسمح لي اسمع الإجابة بعد فاصل قصير نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذه الشهادة فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد لمتابعة شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة على العصر، أبو جهاد ما هي المميزات الجديدة التي أضفتها إلى تاريخك العسكري والتكتيكات العسكرية التي قامت عليها معركة بيروت مع الإسرائيليين أثناء الحصار؟
أحمد جبريل: طبعا إحنا عارفين إنه العدو الإسرائيلي لديه قوة نارية هائلة كان عم يصب علينا فلذلك هذه المباني الكبيرة يجب أن تكون ملجأ للناس وللمقاتلين أثناء القصف الجوي والمدفعي، كنا بنعرف إنه بعدها تتقدم دباباته وآلياته المصفحة، هذه الطرق بكاملها كما أسلفت قطعناها وزرعنا آلاف الألغام، فيها خرقنا الأبنية وفتحنا فيها ثغرات توصل بين مبنى وآخر أو للمدافع بحيث تبقى العناصر محل الـ(RPG) في الملجأ عندما تسمع هذه الدبابة تقدمت إسرائيلية تتعامل معها وتحمي الألغام الموجودة، فيه هناك مدافع في وسط بيروت قاعدة بتتعامل مع العدو على تجمعاته وعلى أماكن تحشداته أو على طرق الاقتراب بهذا الشأن، الأبنية العالية عارف كيف انحط فيها أيضا القناصة اللي بيتقنوا الرمايات وبدقة بحيث أنهم يصطادوا جنود العدو في هذا وهذا تم خلال عشرة أيام وكان كل يوم يمضي يعني يزداد أكثر حتى بأذكر إنه بعد 15 يوم جماعة الشباب عندنا قلت لهم كيف بدنا نثبت إنه روحنا المعنوية عالية؟ فقالوا كيف؟ فقلت بدنا نأسر من الجنود الإسرائيليين اللي محاصرينا والحقيقة تحركت مجموعة من عندنا إلى مطار بيروت وأسرت قائد دبابة وهو قاعد على دبابته الإسرائيلية وجابته..
أحمد منصور: هذا الذي بدلتموه فيما بعد؟
(5/18)
أحمد جبريل: لا ما بدلناه للأسف هذا راح هيك يعني عارف كيف..
الأسيران الإسرائيليان وتسليمهما دون ثمن
أحمد منصور: كيف راح هيك قول لي؟
أحمد جبريل: فأسرناه وجبناه وحققت معه وهو يهودي شرقي كان تونسي أصله يعني وقائد دبابة، استنفر أبو عمار علينا والإسرائيليين هددوا كالعادة إنه هلا بدهم يبلشوا القصف من الجو ومن الأرض ومن البحر إذا لم يُطلَّق سراح هذا الجندي، أبو عمار جمع القيادة الفلسطينية واللبنانية أنا قلت لك ما كنت أحضر وبدأ يتحدث بهالمواضيع وبعث لي المرحوم سعد صايل عارف كيف إنه يا أخ أبو جهاد من شان الله خلينا نحلها، قلت له إنتوا عندكم أسير إسرائيلي من قبل أسقِطت طائرته في الجنوب طيار إسرائيلي سكاي هوك
أحمد منصور: اللي هو اللي لا زالت المشكلة قائمة عليه إلى الآن؟
أحمد جبريل: لا هذا قبل 1982 هذا بـ1981 اُسقِط فوق النبطية، فهذا الطيار مأسور عندهم قلت له أنا بوافق على شغلة إنه هالطيار وهذا القائد الدبابة هدول ما بينعطوا للإسرائيليين إلا إذا الإسرائيليين..
أحمد منصور: فكوا الحصار.
أحمد جبريل: فكوا.. لا المعتقلين الأسرى اللي اعتقلوهم يعطونا إياهم عارف كيف، فصار اجتماع قيادة فلسطينية ولبنانية وبصراحة إجوا اتصلوا فينا وتعال يا أخي يعني إجيت اجتمعت عارف كيف قلت لهم إحنا فيه أسرى إلينا وإليكم أسرى وهالشيء ليش نسلم هذا الإسرائيلي؟ بدنا ثمن مقابل هذا الموضوع فأخذنا وعد أن مستحيل أن نخرج من لبنان ومن بيروت بدون ما الأسرى الفلسطينيين أو اللبنانيين يسلموهم الإسرائيليين مقابل هذا قائد الدبابة والطيار الإسرائيلي..
أحمد منصور: وعد من مين؟
أحمد جبريل: أبو عمار قال أنا هذا وعد وأنا حكيت مع الوزان والوزان حكى مع فيليب حبيب وفيليب حبيب حكى مع الإسرائيليين واتفقنا على هذا الموضوع.
أحمد منصور: طبعا فيليب حبيب دخل مبكرا في عشرة يونيو.
(5/19)
أحمد جبريل: أنا بأقول ك عم بأحكيك يعني فأنا طلبت أن يجتمعوا اثنيناتهم يعني الطيار وتكون مثل ما بيقولوا حراسة مشتركة بيناتنا يعني عليهم وذهبت وكان محطوط تحت تصرف أبو الزعيم هذا الطيار فأخذوني أزور لهذا الطيار، موجود بشقة ولاقيته قاعد وقدامه الفواكه وعم ياكل حتى ما قدرت أعرف إنه هو ولا لا من كثر معاملة الحسنة وهالشيء وها ذاك لسه قائد الدبابة ما جبناه اللي موجود عندنا بالسجن عارف كيف، فبدأت أتحدث أنا وهذا الطيار وهذا الطيار كتب مذكراته وعمل كتاب في داخل فلسطين وحكى عن مقابلتي الطويلة معه عارف كيف تقدر ترجعوا له، فبدأت أتناقش أنا وياه فكريا وسياسيا وعقائديا والتوراة والتلمود وكل هالمواضيع والحق التاريخي في فلسطين كل هذا موضوع هو يهودي غربي عارف كيف يعني من الأشكيناز المتعصبين إلى أخره اللي عيونه خضر وأشقر قلت له منين أنت؟ أنت بتقول أنت نبوخذ نصر نفى أبوك أنت مبين يعني أنت من وين فقلت له أنت شايف المعاملة اللي عم يعاملوك فيها الأخوان هذه معاملة هل ممكن تعتقد أنتم الأسرى تبعنا بيتعاملوا مثل ما عم يعملوكم هلا الإخوان بها الشيء هاي؟ فضحك هو قلت له أنت تعتقد إنه يعني الإسرائيليين بدهم تتبدل قال أنا ما أعرف إنه حياتي غالية وما يستطيع أحد بهالشيء، قلت له طب هلا أنتم بتعتقدوا إنه إحنا محاصرين هل روحنا المعنوية منهارة بتعتقد أنت؟ قال لي يا سيد جبريل عرفني هو طبعا قال لي جيشنا يحاصركم من كل جانب من البر والبحر والجو وأنا لو كنت محلكم لازم أكون روحي المعنوية منهارة قلت له لأدلل لك إنه إحنا رحنا المعنوية مو منهارة، طيب إذا كلفنا إحنا مجموعة بتروح تأسر جندي من عندكم من جيشكم ما بتدل إنه إحنا روحنا المعنوية عالية؟ عم ضحك قال هذا مو جيشنا اللي بينأسر منه هيك عارف كيف، أعطيت إشارة لشاب من الشباب فدخلوا قائد الدبابة بلباسه قلت له احكوا مع بعضكم وفيه مترجم..
أحمد منصور: لديكم صور لهم؟
(5/20)
أحمد جبريل: لا ما هو كل هاي الأمور كانت سريعة، قلت له احكوا مع بعضكم بالعبري حكوا مع بعض كذا وإلى أخره قعدوا عشرة دقائق يحكوا مع بعض عرفه، قلت له هل تعتقد إنه روحنا المعنوية منهارة إحنا؟ قال لا أنا اقتنعت الآن أن روحكم المعنوية.. للأسف سُلِموا هذا الطيار وقائد الدبابة وبدون ثمن ولم يُطلَّق سراح أحد..
أحمد منصور: مين اللي سلمهم؟
أحمد جبريل: هو كان تحت تصرف أبو عمار.
أحمد منصور: متى سلموهم؟
أحمد جبريل: يعني سلمهم بعتقد بعشرين 25 يعني..
أحمد منصور: يونيو؟
أحمد جبريل: إيه يعني.
أحمد منصور: وأنتم لا زلتم تحت الحصار؟
أحمد جبريل: إيه إحنا تحت الحصار.
أحمد منصور: دون أي مطالب؟
أحمد جبريل: هو بعد قال إنه انتصر بهالشيء..
أحمد منصور: حسن النوايا.
أحمد جبريل: إنه حسن النوايا ولكن بالنهاية ثبت إنه قدموا بدون ثمن..
أحمد منصور: أنت تعتقد إن فيه حاجة اسمها حسن نوايا في الحروب؟
أحمد جبريل: لا ما أنا قلت لك يعني ما هو كان أمامنا إنه نقتتل مع بعضنا في بيروت من أجل قائد الدبابة هذا عارف كيف مو مرة أكثر من مرة حصل يعني صراعات وكنا نقتتل مع بعضنا وإحنا تحت الحصار لكن كان الواحد يمسك أعصابه..
أحمد منصور: من بين هذه الأشياء؟
خلافات حول قرار الخروج من بيروت
أحمد جبريل: يعني مثل هاي مثل اليوم إنه والله أخي قرار الخروج عارف كيف وهلا بأحكي لك عن قرار الخروج كمان..
(5/21)
أحمد منصور: لكن قبل قرار الخروج في 21 يونيو 11 دولة عربية أعلنت عن موافقتها على عقد القمة العربية وعقدت ولم تفعل شيئا كما العادة، 25 يونيو استقال ألكسندر هيغ وزير الخارجية الأميركي من منصبه وخلفه جورج شولتز، 25 ستة اقترحت فرنسا قرارا في مجلس الشعب.. الأمن عفوا.. تبدأ القوات الإسرائيلية بموجبه بالانسحاب من ست بنود وقيل أنها تمثل مطالب إسرائيل، هل لديك معلومات إن المبعوث الفرنسي فرانسيس غوتمان ناقش هذه المقترحات مع هاني الحسن بين يومي 15 و17 يونيو في بيروت الشرقية قبل أن ترفعها فرنسا كمقترحات في مجلس الأمن؟
أحمد جبريل: يعني إحنا الإخوان في فتح لديهم ميكنة سياسية وإعلامية لكن لم يضعوننا نحن في القيادة الفلسطينية أو القيادة المشتركة اللبنانية بكل هذه الاتصالات، يعني كانوا يتصلوا مع بشير الجميل اللي هو حليف الإسرائيليين في هالموضوع هاي ولم نكن إلا علمنا فيها بعدين يعني بشكل يعني مؤخر ومثل ما قلت لك يعني كاد الأمر مرات يتفجر عنه وإحنا تحت الحصار حتى كنت أنا مرات أقول فيه قصة في التاريخ يقولها محمد الفاتح لما حاصر القسطنطينية وفتح القسطنطينية كانوا الرهبان في ذلك الوقت يتناقشون هل الملاك ذكر أم أنثى؟ عارف كيف قلت يا ترى هل ممكن ينعاد التاريخ بشكل أسوأ يقولوا إنه الفلسطينيين كانوا محاصرين في بيروت واقتتلوا مع بعضهم فكنا نقدم تنازلات ليس لقناعتنا في التنازلات ولكن لكي لا نصبح مثلا من الأمثلة في المستقبل..
أحمد منصور: ما هي أشكال التنازلات الأخرى التي قدمتها؟
أحمد جبريل: يعني مثلا إنه والله بالنهاية أبو عمار لما عجز في موضوع إقناعنا في الخروج..
أحمد منصور: متى بدأ النقاش معكم حول قضية الخروج؟
أحمد جبريل: يعني بعد شهر.
أحمد منصور: وقف إطلاق النار في 26 يونيو أُعلِن 1982؟
(5/22)
أحمد جبريل: بعد شهر بدأ يبحث هذا الموضوع في الاجتماعات، أما شو كان بالسر في هذا الموضوع ما بنعرف واللبنانيين كانوا ساركيس شكلوا لجنة إنقاذ وفيها بشير الجميل وفيها الأخ وليد جنبلاط ونبيه بري وبعض هالشيء واستقال ثم وليد جنبلاط من هذه اللجنة لجنة الإنقاذ لأنه الحكومة ما أدانت هذا العدوان، فالأخ أبو عمار حشد اللبنانيين واستقوى باللبنانيين علينا من أجل الخروج عارف كيف..
أحمد منصور: كان مين غيركم يرفض الخروج؟
أحمد جبريل: الجبهة الشعبية والديمقراطية وفتح قسم مهم في داخل فتح يرفض هذا الموضوع..
أحمد منصور: لكن ما هو البديل بالنسبة لكم وأنتم محاصرون؟
أحمد جبريل: بدنا نصمد يعني إحنا على الأقل ألا يكون ثمنا اللي هو الخروج الانسحاب الإسرائيلي..
أحمد منصور: لأن أصبح مطلب دولي الخروج وأميركي.
أحمد جبريل: عم بأقول لك يعني إحنا هذا الموقف شاعرين حالنا أقوياء ما إحنا ضعاف في هالموضوع..
أحمد منصور: رغم الحصار؟
أحمد جبريل: رغم الحصار، ففيه اجتماع أنا ما حضرته عارف كيف جاب أبو عمار الأحزاب اللبنانية قادتهم كلهم واجتمعوا كقيادة مع القيادة الفلسطينية وما تكلم هو تكلموا هؤلاء الناس وقالوا يا إخوان إحنا أعطيناكم لبنان وبيروت عشرين سنة 15 سنة أو 17 سنة يعني من يوم ما دخلتم أعطونا بيروت يعني امشوا وكان جو درامتيكي يعني مأساوي ونُقِل لي إنه إحنا وأبو صالح وبعض الإخوان قالوا طيب شكرا إليكم إحنا رايحين على المخيمات صابرا وشاتيلا وبرج البراجنة وسنقاتل داخل المخيمات حتى نموت وإجوا نقلوا لي هذا موقف قلت لهم برافو، لكن الوضع صار صعب وما عاد يحتمل لأنه اللبناني صار اللي مع كتف لكتف عم يقول لك يا أخي أرجوك سامحني في بيروت عارف كيف، أما على الأرض لم يكن وضعنا سيئ..
أحمد منصور: ديه نقطة مهمة وأنت قائد عسكري هناك.
(5/23)
أحمد جبريل: عم بأقول لك يعني ثمانين يوم من عملية صمود بطولي عارف، كيف قاتلوا الناس فيه من كل الأحزاب ومن كل المنظمات بجدارة وبشجاعة واستعادوا عافيتهم وبدؤوا يصنعوا يعني..
أحمد منصور: لكن كانت الخسائر هائلة يعني عندي في 25 يونيو حزيران بلغ عدد القتلى اللبنانيين والفلسطينيين عشرة آلاف و112 قتيلا حسب معلومات أو مصادر الشرطة اللبنانية 19 ألف جريح نسبة المدنيين بينهم كانت 84% في المقابل في الثاني من يوليو 1982 نشرت صحيفة همولام هزيل الإسرائيلية أن عدد القتلى الإسرائيليين نتيجة المعارك في لبنان بلغ 1250 ضابط وجندي إسرائيلي فيما بلغ عدد الجرحى ثمانية آلاف لكن الجيش الإسرائيلي أعلن بشكل رسمي عددا أقل من ذلك قال هناك 269 قتيلا وإصابة 1255؟
”
الجيش السوري استبسل في عين زحلة ونبع الصفا وبيادر العدس، وكبد الإسرائيليين خسائر
”
أحمد جبريل: يعني لا نكتفي في حصار بيروت وإحنا عم بنقاتل في بيروت طلبنا من قواعدنا اللي بره تقوم أيضا بعمليات قتال العصابات في ضرب مؤخرات العدو وضربوا كثير من مؤخرات العدو يعني في هالشأن هذا والجيش السوري مثل ما حكيت لك استبسل في عين زحلته ونبع الصفا وبيادر العدس وكبد الإسرائيليين أيضا خسائر فكنا نشعر يعني ما شاعرين إحنا بالضعف لكن فيه مؤامرة دولية لابد إنه أن نخرج من بيروت عارف كيف، بالنهاية مجبر أخاك لا بطل، يا بدك تدخل في قتال مع بعضنا البعض أو توافق على الخروج وليس صحيح ما حكاه ممدوح نوفل وهذا مردود عليه والشهود ما يزالون أحياء يعرفون الحقيقة بكل وضوح هذا.
أحمد منصور: هل كان لديك علم إن فيه اثنين يوليو أرسل عرفات رسالة خطية إلى رئيس الحكومة اللبنانية شفيق الوزان يعلن فيها التزام منظمة التحرير الفلسطينية مبدأ الانسحاب من بيروت؟
(5/24)
أحمد جبريل: أنا ما بأذكر التاريخ بالضبط ولكن بعد اجتماع هذا التاريخي اللي طلبوا فيه اللبنانيين إنه كفى واتركوا لنا بيروت، بعد أيام تداعت الناس وأصبح الخروج أمر واقع، هل هو بهذا التاريخ؟ لا أعرف..
أحمد منصور: لا بهذا التاريخ.
أحمد جبريل: عم أقول لك يعني وأصبح الخروج ولكن هناك شو هي إجراءات الخروج والمناقشة إنه لا تخرج الناس بسلاحها بدون سلاحها لا السلاح الخفيف وإلى أين تخرج عارف كيف..
أحمد منصور: لأن سعيد كمال في 11 سبعة ممثل منظمة التحرير في القاهرة قال إن الفلسطينيين مستعدين لقبول دعوة مصر لإقامة حكومة في المنفى في القاهرة شرط أن تكون لدينا ضمانات أن الولايات المتحدة ستعترف بهذه الحكومة لأن كان هدف الخروج أيضا هو الآن الدخول في فتح علاقات مع الأميركيين وربما التخطيط لما حدث بعد ذلك، في 15 يوليو القوات الأميركية نزلت إلى شواطئ بيروت.
ترتيب عملية خروج القوات الفلسطينية
أحمد جبريل: لا لسه يعني إحنا عم نحكي لستنا في عملية الخروج، أبو عمار قال إحنا طيب لنقسم كيف الناس تخرج فسؤالنا عاد أنا صرت أحضر هذه الاجتماعات..
أحمد منصور: خلاص أقريتم بالخروج؟
أحمد جبريل: أقرينا قلت له وينا نخرج؟ قال وينا نخرج على الجزائر وعلى تونس وعلى السودان قلت له لماذا لا نخرج إلى سوريا؟ عارف كيف قال السوريين إنه ممكن يعني يقبلونا أنت مش عارف شو اللي صاير في هالعالم حقيقة خلصنا الاجتماع رحنا اجتمعنا عندنا في مقرنا وحضر هذا الاجتماع جورج حبش ونايف حواتمة وتناقشنا مع بعض وكتبنا رسالة للرئيس حافظ الأسد عارف كيف وقعناها وبعد..
أحمد منصور: من وقع عليها؟
أحمد جبريل: أنا وجورج ونايف.
أحمد منصور: ماذا كنتم قلتم فيها؟
أحمد جبريل: نطلب فيها أن الخروج يكون إلى سوريا.
أحمد منصور: لكم أنتم ولا للجميع؟
أحمد جبريل: لا للجميع عارف كيف إحنا روحنا..
أحمد منصور: طب إذا كان عرفات لم يوقع عليها؟
(5/25)
أحمد جبريل: لأنه أنا ما هيك هو بيقول لك إن سوريا ما بتقبل معنى ذلك أن في مؤامرة لإبعاد البندقية والقتال وانتهى وكل شيء لما بدك بتروح على تونس وعلى الجزائر وعلى اليمن الديمقراطي واليمن معنى ذلك إنه أنت خلاص..
أحمد منصور: النضال بالكلمة يبقى النضال بالكلمة والميكروفون.
أحمد جبريل: لا إنه معنى ذلك إنه انتهت مرحلة الكفاح المسلح، بينما إحنا ثلاثتنا كنا نرى إنه ممكن الخروج لسوريا وإعادة المعركة مرة أخرى..
أحمد منصور: يعني هل سوريا كان لديها استعداد أن تحمل هذا العبء وهي كانت موجودة في لبنان ولم تتحمل؟
أحمد جبريل: لما أرسلنا إحنا هذه الرسالة إلى الرئيس حافظ الأسد..
أحمد منصور: تذكر تاريخها لم أجدها في المصادر؟
أحمد جبريل: بعد مثل ما قلنا الموافقة على الخروج..
أحمد منصور: يعني نقول في بداية يوليو في نصف يوليو؟
أحمد جبريل: يعني هيك بأعتقد فالرئيس حافظ الأسد دعا القيادة القطرية والقومية السورية وقرأ الرسالة أمامهم وهذا نقلوا لنا إياه وأُخِذ قرار في القيادة القطرية والقومية أهلا وسهلا بمن يريد من كل المنظمات بما فيها جبهة التحرير العربية الخاصة في العراق..
أحمد منصور: مقابل وشروط؟
أحمد جبريل: ولا شيء.
أحمد منصور: دون أي شروط؟
أحمد جبريل: أبدا هيك.
أحمد منصور: بسلاحكم وعتادكم؟
أحمد جبريل: أبدا فضلوا هالشيء..
أحمد منصور: لا مفيش حاجة اسمها اتفضلوا يعني فيه دولة وفيه نظام وإنتوا في كل مكان بتروحوا بتعملوا بلاوي مش معقولة هيسبكم لحالكم.
(5/26)
أحمد جبريل: لا عم بأحكيك إنه هذا اللي حصل والأستاذ عبد الحليم خدام كان وقتها وزير خارجية، أستدعى ثلاثة رفيق عندنا عضو المكتب السياسي عمر الشهابي وصالح رأفت من الجبهة الديمقراطية وأبو ماهر غنيم من فتح عضو اللجنة المركزية اللي هلا في تونس وبلغهم القرار السوري إنه أهلا وسهلا فيكم عارف كيف، بعتوا لنا رفيقنا بعت لنا شو حصل مع أبو جمال وهذا قرار قيادي في هالموضوع هذا..
أحمد منصور: رفيقكم مين وأبو جمال مين؟
أحمد جبريل: أبو جمال عبد الحليم خدام..
أحمد منصور: أيوة نعم.
أحمد جبريل: لما بلغهم فبعتوا لنا بالبرقية، مساء اجتمعنا كقيادة فلسطينية فقلت له الأخ أبو عمار أبو ماهر غنيم يعني عضو اللجنة المركزية يعني ما بعت لك برقية شو صار مع أبو جمال؟ قال لا انتبه هه لا وإحنا من الظهر البرقية عندنا موجودة قلت، له أبو ماهر ما بعت لك شو اللي صار؟ قال لا أمام كل هالناس طلعت البرقية قرأت البرقية اللي جتني إنه والله سوريا توافق على من يريد من الفدائيين أن يأتي إلى أراضيها بغض النظر عن انتماءاتهم التنظيمية بما فيهم جبهة التحرير العربية الموالية للعراق، إتوقف أبو عمار وقال لي يا أبو جهاد أنا ما بشتغلش شغل برقيات يجب سوريا أن تعلن رسميا أنها مستعدة ببيان رسمي مستعدة لاستقبال هؤلاء الناس..
أحمد منصور: حقه مش تحت الطاولة ده فيه جيوش هتخرج.
أحمد جبريل: فاهم اليمن الديمقراطي ولا تونس ولا والجزائر ما أعلنت إنه إحنا مستعدين..
أحمد منصور: لكن كان معروف والأميركان داخلين على الخط والأمور مرتبة.
أحمد جبريل: فأرسلنا برقية أخرى أنا والدكتور جورج والأخ نايف عواد إنه نرجوكم أن تعلنوا هذا الموضوع حقيقة خلال ساعة أعلنت وفا قرار..
أحمد منصور: وكالة الأنباء السورية.
(5/27)
أحمد جبريل: وكالة الأنباء السورية موافقة سوريا على هذا، تصور ثاني يوم صباحا جريدة النهار إذا ترجع للأرشيف تجد معسكر محاط بالأسلاك الشائكة وخيام يمكن تبع معتقل من المعتقلات على الصفحة الأولى إنه سوريا هذا وأنشأت سوريا معسكرات لاعتقال الفدائيين الذين سيأتون إلى سوريا، مين سربوا وكيف ماشية القصص هاي؟ هلا أرجعوا أنتم لأرشيف النهار ترى هذه الصورة على الصفحة الأولى خيام وأسلاك شائكة شديدة إنه هذه أنشأتها سوريا من أجل استقبال الفدائيين..
أحمد منصور: أمال هتحطهم فين؟
أحمد جبريل: يعني تخويف الناس إنه ديروا بالكم إنتوا بدكم تروحوا على سوريا معتقلين..
أحمد منصور: ألم يكن هذا هو الواقع؟ إذا كان الشعب السوري نصه مُعتقَّل؟
أحمد جبريل: لا اسمح لي شوية إجينا إحنا بالاجتماع قلت له لأبو عمار اتفضل هاي، سانا عارف كيف وكالة سانا الوكالة السورية للأنباء أعلنت رسميا هذا الموضوع، تعرف شو جاوب؟ قال أنا أبيع حافظ الأسد مثل الورقة، قلت له إمبارح عم تقول لي بدنا قرار معلن قال لا قلنا له لذلك إحنا مش طالعين على المنافي، إحنا بنطلع نعود إلى سوريا وجورج حبش حكى هالكلام ونايف حواتمة وسمير غوشة ويعني وكلهم وقسم من فتح أبو صالح وهالناس قالوا أخي ما بنمشي بدنا على الجزائر وعلى تونس وعلى اليمن ووقع ياسر عرفات في إحراج وبدأت تعمل ماكينة إغرائية مين بيروح إلى تونس وإلى الجزائر معاش هالقد معاش هالقد بالدولار إلى أخره نوع من الإغراء، رغم هاالشيء ناس طلعوا باتجاه المنافي والتشريد البعيد وإحنا طلعنا إلى سوريا إلى طرابلس إلى طرطوس وبسفينتين محملة كل سفينة بحدود يمكن ألف..
(5/28)