شاهد على العصر(1/1)
الأربعاء 6/8/1422هـ الموافق 24/10/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 22:03(مكة المكرمة)،19:03(غرينيتش)
الفريق مشهور حديثه الجازي - الحلقة الأولى
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الفريق مشهور حديثه الجازي/ القائد العام للجيش الأردني الأسبق، ورئيس الأركان
تاريخ الحلقة
12/06/1999
أحمد منصور مشهور حديثه
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة، مع ضيف جديد في برنامج (شاهد على العصر).
شاهدنا على العصر في هذه الحلقة، والحلقات القادمة هو الفريق أركان حرب مشهور حديثه الجازي (القائد العام للجيش الأردني الأسبق ورئيس الأركان)، ولد الفريق أركان حرب مشهور حديثه الجازي في منطقة معان جنوبي الأردن، مضارب عشيرة الحويطات، وذلك عام 1928م، التحق بالجيش الأردني عام 1943م.
وتدرج في مناصبه المختلفة حتى أصبح رئيساً للأركان وقائداً عاماً للجيش عام 1970م، شارك في حرب العام 1948م، وجرح فيها، كما كلف في العام 1956م بإخراج الجنرال (جلوب) قائد الجيش العربي من الأردن، كذلك شارك، أو شهد حرب العام 1967م.
والفريق أركان حرب مشهور حديثه الجازي هو قائد معركة الكرامة التي وقعت بين الفدائيين الفلسطينيين والجيش الأردني من جهة، وبين الإسرائيليين عام 1968م، قاد التفاوض مع الفدائيين الفلسطينيين الذين اختطفوا الطائرات قبيل أحداث أيلول الأسود عام 1970م، ونجح في إخراج كافة الرهائن الذين كانوا بالطائرات سالمين قبل تفجيرها، كما قاد التفاوض مع الفدائيين الذين احتجزوا 57 صحفياً غربياً في فندق الإنتركونتننتال، وتمكن أيضاً من الإفراج عن جميع الرهائن، كذلك قاد التفاوض في عملية احتلال بريد العاصمة، التي قادها طاهر دبلان عام 1970م قبيل أحداث أيلول الأسود، ترك منصبه كقائد عام للجيش ورئيساً للأركان عشية معركة أيلول الأسود ولم يشارك فيها. مرحباً سعادة الفريق.(1/2)
مشهور حديثه الجازي: الله يخليك، أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: هذه المحطات الطويلة، والهامة التي تحدثنا عنها، والتي تعكس جانباً مهماً في تاريخ الأردن، بل التاريخ العربي الحديث، والتي كنت شاهداً عليها، نود أن نبدأ من معان، بل من عشيرة الحويطات، المكان الذي ولدت، ونشأت، وترعرعت فيه، ما هي التأثيرات الأساسية للبيئة البدوية التي نشأت وترعرعت فيها؟، كيف كانت ولادتك؟ وكيف كانت نشأتك في هذه البيئة؟
مشهور حديثه الجازي: أولاً: أنا أشكر لك الأخ أخ أحمد على هذا البرنامج الجيد، ونهني ونرحب بك في وطنك الأردن الثاني، ويسعدني أن أدلي بهذه المعلومات التي تفتح أشجان تاريخ طويل عشته في حياتي، وأني أحمد الله -سبحانه وتعالى- الذي أعطاني من العمر لأصل لهذه المرحلة، وأتكلم عما....
أحمد منصور [مقاطعاً]: ربنا يديك طولة العمر.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: عما.. عما شاهدته وشفته بهذه المنطقة، وبهذه الحروب، كما تعلم نحن.. نحن بادية الأردن وعشائر الأردن في الأردن بشكل عام كانوا في مضاربهم، ولكننا نختلف كلياً عن بقية المناطق العربية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف؟
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: نحن في الأردن نملك أرض، وهذه الأرض معظم الأراضي الزراعية الجيدة، نظراً لنفوذ جدي -رحمه الله- حمدي بن جازي هو شيخ مشايخ الحويطات، ولذلك نحن نملك أحسن أراضي في منطقة زراعية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني، عفواً.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: بعكس مثلاً: مناطق الأخرى، بعض ليس بالبداوة الرحالة التي تطرق الأرض شرقاً وغرباً، بالعكس لنا أرض نستقر بها، ولكننا كنا نعيش في بيت (الشعر) الذي يرمز إلى العزة والكرام في ذلك التاريخ، ولا يزال هكذا.
(1/3)
أحمد منصور: عفواً سعادة الفريق، أنا أود هنا في هذه النقطة أن تفرق لنا ما بين البدو الرحل، والبدو المقيمين، الآن أنت تشير إلى أنكم من البدو المقيمين، أي الذين لهم رباط بالأرض وبالوطن، ولهم جذور في المكان الذين يعيشون فيه، هل لهذا اختلاف أو تأثير -عفواً- في الحياة البدوية عن البدو الرحل؟
مشهور حديثه الجازي: طبعاً، طبعاً، كما تعلم إذا الإنسان لا يملك أرض، ويشعر أنه يملكها ويزرعها لا استقرار له، نحن لم نكن مستقرين ولكن الأرض تعود لنا، ولذلك هي شدتنا إلى الاهتمام بالأرض، والتي حولتنا من ذلك الوقت من الترحل إلى الإسكان، والآن جزء كبير وحديث من الريف الأردني هذا الذي جعلنا نلتزم به، ولذلك إحنا لم نكن بدو مرحلين مثلاً مثل: جنوب المغرب، مثل: سينا ولو إن سينا، يعني إحنا متنقلين ضمن منطقتنا، ومناطقنا الزراعية. ولذلك أصبح الانتماء الزراعي لنا والاستقرار أقرب لنا من بقية الأخوة في الوطن العربي، هذا اللي أردت أنا أوضحه، كما تعلم..
أحمد منصور: كيف رأيت هذه البيئة البدوية حينما وعيت على الدنيا؟
(1/4)
مشهور حديثه الجازي: منذ نشأتي، ونعومة أظفاري، وأنا أعيش في بيت جدي –رحمه الله- الشيخ حمدي بن جازي وهو شيخ مشايخ الحويطات، وله باع طويل سواءً كان بالمشاركة السياسية أبان الحكم التركي، أو إبان الانتداب البريطاني، وكما.. وكما هي العادة الحياة البدوية هي تقريباً، تقريباً لا.. لا.. لا بعد فيها عن الحياة القروية، ولكن بيت العشيرة يعني بيت المجلس في هذه في هذه المضارب هو بيت الشيخ، والشيخ يستضيف الضيوف، ويستضيف الشعب، ولذلك نحن الصغار نجلس نستمع ولا نتكلم، نسمع أحاديثهم، بحل النزاعات، بحل المشاكل العائلية، بحل مشاكل الزواج، ثم ينتقل إلى الحديث عن الرحيل هل نرحل شرقاً؟ أو غرباً؟ كيف نسكن؟ كيف.. ما هي المراعي الجيدة؟ هذه الأشياء علمتنا شيئاً كثيراً إنه علينا أن نتعلم من كبارنا، ونتعلم العادات الطيبة، ونشأت بهذا الجو. جدي رحمه الله...
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان هناك مؤثرات أساسية تركتها هذه الأجواء بنفسيتك..
(1/5)
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: هذه الأجواء بنفسي -طبعاً- حتى نصبح قياديين، كما هما يتكلمون عن حل النزاعات وعن الشجاعة في الحرب، الحروب تعرف كانت المناظر هي كانت في حروب مع أنها حروب عربية إلا إنها تبرز فيها الشجاعة، يتكلموا عنها، ركوب الخيل، وكيفية الاستيلاء على المغانم وإلى آخره، كنا نتمتع بها ونتعلم، فلذلك اكتسبنا كثيراً من هذه العادات الطيبة، طبعاً أنا عشت في كنف جدي، ولو أن والدي -رحمه الله- كان.... أنا أكون ابن بنت حمدي بن جازي، وأبي يكون ابن أخوه، فبذلك هي بنت العم، الذي دائماً عليه إنه يتزوجها، فكانت رحمها الله لا تريد الزواج من والدي، ولكنه جبرها وقال: يجب أن تتزوجي منه وستنجبي ابناً صالحاً أحسن منكم، فترعرعت في هذا الجو، وكان عادة يحنو علي، ويدفعني للأمام، ويبرزني أكثر من أولاده، حتى أولاده نفسهم، لذلك نشأت في جو قيادي، جو كله نشأة، كله حب، كله قيادة، كله أنفة، هذا الجو الذي كنت أعيش به، طبعاً منذ نشأتي وعمري يمكن فوق الخمس ست سنوات، وأنا رأيت والدي وهو عسكري، جندي...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت والدك كان جندي في الجيش..
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: كان نعم، دخل الجيش بأوائل أظن الثلاثينات، وهذا الجيش اللي هوا الجيش العربي، قوات البادية اللي هي الآن يعني تلبس الجابون (الزابون).. إلى آخره، وكنت أنا معجب في هذه اللباس، زركشة والحلو، وهو قريب من لباسنا البدوي، ولكنه محسن بالزنار الأحمر، وبالنطاق، وبالبندقية، وما إلى ذلك.. وبالشبرية اللي بالنص، يعني هو لباس جيد، كما إن خالي -رحمه الله- الشيخ نايب الذي استشهد بباب الواد أيضاً دخل الجيش فكانا هما رمز إلي، إن هذا الجو، هذه الصورة يجب أن تنعكس علي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عفواً، أنت ذكرت باب الواد بإيجاز معركة باب الواد كانت...
(1/6)
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: معركة باب الواد هي معركة المجاهدين الأردنيين، اللي هما ذهبوا للمشاركة في قتال فلسطين، قبل دخول، قبل دخول الحرب، وهي يعني كان نقول...
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة 47م.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: 47م، 46م، دخلوا، وكانوا مجاهدين في سبيل الله بسلاحهم، بمالهم، متطوعين، وقاتلوا في باب الواد، واستشهد خالي -رحمه الله- هناك مع رحمة الشيخ هارون اللي هوا ابن عمنا أيضاً، فهما سبقونا في النضال، وكنا نرفع رؤوسنا من نسمع لهم من.. من استشهاد، من استبسال في فلسطين، فلذلك فلسطين كانت مرتبطة قبل حرب 48م.
أحمد منصور: طالما ذكرت فلسطين، ومعركة باب الواد، متى وعيت على إن هناك فلسطين، وعلى أن هناك قضية فلسطينية، وعلى إن هناك معارك بين العرب وبين اليهود؟
مشهور حديثه الجازي: في وعي كنت صغيراً جداً، يمكن بالسن الثامنة التاسعة، ما أذكر بالضبط، ولكن حتماً في أوائل الثلاثينات أو أواخر الثلاثينات، أذكر أن جدي –رحمه الله- استضاف مجموعة من المجاهدين الفلسطينيين في قريته (الرشادية)، وكان يضيف.. يضيف عليهم، ويهلل ويرحب بهؤلاء الناس، ولفت نظري لباسهم، كانوا يلبسوا الأمشاط المتعاقبة، زي الإكس، وهذه ما عمري شفتها، مش بالجيش، الجيش فقط (مجلد) بواحد هو كان صفين، هو كان يقول لهم أهلاً في ثوار فلسطين، الحكم آنذاك لإنه متأثر بالإنجليز يقال عليهم عصابات فلسطين...
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان يقال على المجاهدين....
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: عصابات إسرائيل، عصابات...
أحمد منصور [مقاطعاً]: فلسطينية.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: العصابات، حد يقول العصابات، يعني عصابات متمردين على النظام، متمردين على القانون، فهذا أول شيء ترك بذهني، هذا النوع من المقاتلين والمجاهدين عندما حياهم -رحمه الله- جدي في بيته.
(1/7)
أحمد منصور: تفتكر إن ده كان في الحرب اللي هي قامت ما بين الثورة التي اندلعت من 36م إلى 39م؟
مشهور حديثه الجازي: من 36م نعم، هي من المجندين لـ36 حتى، وأذكر وهم جالسين أن قائد المخفر أتى لجدي وهو وهم يتناولوا العشاء، وهمس بأذنه، وقال له: هؤلاء غير مرغوب بهم هنا، قال له: "اسمع ها دول ضيوفي لن يخرجوا إلا إلا بموافقتي وموافقتهم، روح بلغ اللي بعتك" وطرده من هنا....
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كان يعكس موقف البريطانيين....
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: طبعاً، طبعاً.
أحمد منصور: أو الإنجليز الذين كانوا يسيطرون على الأردن، وربما على الجيش الأردني.
الفريق مشهور حديثه الجازي: يعكس السياسة البريطانية، يعكس سياسة... يعكس السياسة البريطانية في الانتداب إلى آخره، لأنه ارتباطنا بفلسطين ارتباط عضوي، عشائرنا مترابطة، مصالحنا مترابطة، بعدين مشاركة في كل شيء، لأن ها لفلسطين كان موجود في شرق الأردن قبل 48، وكذلك كان جدي دائماً كثير السفر، يذهب لفلسطين، ولمصر عن طريق فلسطين، وإلنا أقارب، يعني عشيرة الحويطات تمتد في فلسطين... شمالي فلسطين وجنوب فلسطين، وإلنا امتداد كثير بعشائر اسمها (شديد)، اللي هما الشدائد الموجود في مصر، موجودين في فلسطين، لذلك امتداد العشائر أيضاً كان واحد في.. المنطقة، ولكن لا نرى.. والعدو واحد، وهو أن إسرائيل أو الصهيونية محتلة وتحتل مقدساتنا في فلسطين، هذا ترك بذهني شيء، ولفت نظري، وبقى به وبمخيلتي، من هو هذا العدو؟ هذا عدو موجود مثلما بنعرف، فهذا أول نقطة تعرفت بها عن فلسطين، وعن المجاهدين.
أحمد منصور: ما هي الأشياء التي في طفولتك رسخت في ذهنك أيضاً موضوع الانتماء للجيش، أو دخول الجيش؟ أو هل كان الزي، والشكل اللطيف اللي كنت ترى فيه والدك وهو كان جندي في.. في الحرب؟
(1/8)
مشهور حديثه الجازي: والله أظن هذه أحد الأسباب، أولاً: لهذا الزي الحلو، اتنين: الانتماء إلى القتال، لأنه نحن كبدو نحن مقاتلين من الطبيعة، من صغري وأنا أركب الخيل، وأركب الجمال الأبل، وأتعلم الرماية، إحنا ناس نشأتنا قتالية، فهذه جذبتني للقتال، زي مع قتال.. مع شيء اسمه فلسطين حلو كتير، فهذا الشيء اللي جذبني كثيراً إلى القتال.
أحمد منصور: وإمتى قررت في أي مرحلة أيضاً من مراحل سنك...
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: والدي -رحمه الله- ترك الجيش..
أحمد منصور: قررت الدخول إلى الجيش؟
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: ترك الجيش السنة 42، وبقى فراغ سنة كان عندي هو، كنا إحنا نسكن معهم في المناطق الشمالية في المفرق، يعني مناطق الشمال من الأردن، في المفرق، وفي حدود العراق وإلى آخره، ولما استقال استقر عند أهله وكنت.. اسكن مع جدي، وكنا في القرية، بعد يعني ارتباط يعني حبي ظل مولع، يعني مولع في نفسي، وحبي لهذا اللباس وهذا الانتماء فاغتنمت أول فرصة اعتبرتها سانحة، كان جلوب كثير الزيارات، وهو نشيط..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عفواً، عفواً جلوب هو الجنرال جلوب.. جلوب رئيس..
مشهور حديثه الجازي: هو الجنرال جلوب رئيس أركان القوات الأردنية، والجيش العربي كما هو معروف، وهو بعبارة أخرى هو حاكم الأردن آنذاك، بالرغم من وجود أمير وملك (أخير)، كان جلوب هو يدير البلد، وهو يتعرف على العشائر، وقد يعرف العشائر أكثر من الحكام نفسهم....
أحمد منصور: اسمح لي هنا سعادة الفريق -برضه- نلقى الضوء شوية على الوضع السياسي للأردن في تلك المرحلة، يعني الآن الأردن كانت خاضعة للاحتلال البريطاني، كان هناك ما يسمى بالجيش العربي الأردني، ولكن قادته من.. من البريطانيين، وعلى رأسهم جلوب الذي كان يعتبر حاكماً أساسياً للأردن في ذلك الوقت، وكان يتجول في المناطق، ومن بينها منطقة العشائر التي كان جدك شيخاً لها...
(1/9)
مشهور حديثه الجازي: جلوب كما تعلم -رجل- ضابط بريطاني أرسل في حرب (...) في الحرب العالمية الثانية إلى العراق، وهو ضابط مخابرات واستخبارات، ونشأ ومكث مدة طويلة في العراق، ثم اكتشف على أن هو يعني يراقب أو يشك بأمره بوجوده في العراق، وتعرض لمحاولة قتل في حنكه، انضرب وانجرح كبير، وسموه من ذلك الوقت أبو حنيك، لأنه حنكه انقطع، عندها قرر....
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي محاولة الاغتيال تمت من العرب... من العراقيين.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: في العراق، ثم ارتحل، 28 وهي سنة ولادتي يمكن.. إلى الأردن، وبدأ أن يكون قائداً للبادية اللي هي نواة الجيش، البادية هما الناس اللي يلبسون اللباس الحلو، هذا الجيد، وهما حرس الحدود في المخافر، المخافر الموجودة على الحدود، والقريب من عمان، وأحد أهدافها هي أولاً: الوقوف وعزل الصراعات العشائرية، لأنه آنذاك فيه صراع عشائري داخل الأردن، وعشائر الأردن خارج الأردن، فهو أول عمل كانوا يوقفوا هذه المحاولة ألا يكون مقاتلة، أو حرب.. حروب محلية بين العشائر نفسها هذا كان الواجب آنذاك ما كان فيه جيش، تطور الجيش وأخيراً هو كان قائد، قائد الجيش، يعني الأساس…
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هذا الجيش كون من البدو.
مشهور حديثه الجازي: كون من البدو أولاً، وكان فيه شويه حضر أخيراً من ما يسموه الدينار الأحمر إلى آخره.. في فلسطين وانتشر في الأردن..
أحمد منصور: وسمي الجيش العربي في الوقت، الذي هو كان قواده بريطانيين، ويخدم المصالح البريطانية.
مشهور حديثه الجازي: نعم الجيش العربي وبالإنجليزي (آراب ليجن) مع أن هو مجندين أردنيين، طبعاً التجنيد لم يكن مقتصراً على الأردنيين، بل احتوى العراقيين، والسعوديين، يعني عربان عنيزة… وعربان سوريا، يعني كون هذا الجيش من مختلف العشائر العربية في المنطقة...
أحمد منصور: هل كان التجنيد هنا إجباري ولا كان…
(1/10)
مشهور حديثه الجازي: لأ، كان تطوعاً، والسبب أقول لك بكل أمانة تلك الوقت كان فقراً مدقعاً في المنطقة، كان المصدر الوحيد هو الجيش، وبعده العمل في الـ (I B C) ولكون العمل في الـ I B C محدود…
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هو الـ I B C .
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: الـ I B C هو خط البترول الإنجليزي الممتد من كركوك إلى حيفا، هذا العمل، لذلك كان هناك واجبين، الواجب الأول محلي لحماية وإيقاف المقاتلة العشائرية، الحماية الثانية حماية خطوط الأنابيب الواردة من العراق إلى حيفا، ثلاثة: خط المواصلات المؤدي من إيران عبر العراق إلى فلسطين، ثم إلى أيه إلى مصر…
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا خط مواصلات الجيش البريطاني في المنطقة.
مشهور حديثه الجازي: مواصلات الجيش البريطاني نعم، أتذكر أنه في الحرب العالمية الثانية كان يتحركوا شرقاً وغرباً، وخاصة بالعلمين لما وصل القوات روميل إلى العلمين بدؤوا ينسحبوا من هنا إلى إيران، وكنت أرى قوات عديدة، كثيرة كانت...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني سعادة الفريق هنا…
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: هذا الخط كان جزء من حماية مسؤولينا كجيش أردني، أو جيش بادية.
أحمد منصور: سعادة الفريق هنا كإلقاء الضوء هنا على هذه المرحلة الهامة في تاريخ المنطقة، هذه المنطقة الهلال الخصيب.. أو هذه المنطقة، نستطيع أن نقول أنه في أثناء الحرب العالمية الثانية وربما قبلها، لجأ البريطانيين إلى عوز الناس وحاجتهم في تلك المنطقة، فقاموا بتجنيدهم تحت ما يسمى بالجيش العربي لحماية المصالح البريطانية.
مشهور حديثه الجازي: بالضبط، لحماية المصالح البريطانية، وتشغيل الناس، هي الحقيقة نهاية الحرب العالمية الأولى وبداية الحرب، يعني اكتفاء، واندحار الكلي، وانسحاب العثمانيين من المنطقة كلها، من الحجاز حتى.. حتى.. حتى استنبول..
(1/11)
أحمد منصور: طبعاً دي الثورة العربية الكبرى ربما يكون لها وقت آخر، الآن جلوب جاء إلى عشيرتكم، وكان في زيارة إلى جدك…
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: هذا الزيارة أنا عرفت أن استغلها.
أحمد منصور: سنة كام؟
مشهور حديثه الجازي: الحكي هذا كله من سنة 43م.
أحمد منصور: كان عمرك أربع، 15 سنة.
مشهور حديثه الجازي: كان عمري حوالي 14 سنة لا أزيد عن ذلك، فالناس كانوا منسجمين بالحديث، جلوب يتحدث العربية بطلاقة، ويتكلم، ويداعب، وجدي كان يتكلم معه في الأمور، ولذلك كان الجو صافياً، فهمست في أذن -كان الجو صيف- همست في أذن جدي -رحمه الله- قلت له يا جدي أريد أدخل الجيش، قال: شو؟ قول لجلوب إذا ممكن.. قال: يا جلوب، يا باشا، قال له: نعم قال: هذا مشهور يريد يدخل الجيش قال: وما عليه، أهلاً وسهلاً حياه الله، بكره الصبح معي بالسيارة…
أحمد منصور [مقاطعاً]: مباشرة.
مشهور حديثه الجازي: مباشرة، جلوب نام في المخفرة اللي هو في قرية جدي، مخفر الأمن وصبحنا الساعة ستة ونص كنت عنده، وراكب السيارة معه، وأخذني معه…
أحمد منصور [مقاطعاً]: قبل أن تتحرك، هل سبق وأن فاتحت جدك في رغبتك في الجيش؟
مشهور حديثه الجازي: أبداً، فاجأته، وألزمته شبه إلزام.
أحمد منصور: ومباشرة وافق، ومباشرة تكلم معه.
مشهور حديثه الجازي: ومباشرة، ولم يجادل قال يا أهلاً: يا مرحباً، أهلاً وسهلاً على طول، يعرف أبوي ويعرفني وأنا صغير.
أحمد منصور [مقاطعاً]: جلوب.. جلوب.
مشهور حديثه الجازي: ويعرف والدي معرفة كويسة.
أحمد منصور: يعني هل.. هل هذه أيضاً المرة الأولى التي تلتقي فيها جلوب، أم رأيته في زيارات؟
مشهور حديثه الجازي: لأ هذى أول مرة أكون قريب منه، وأخذني معه بالسيارة طبعاً.
أحمد منصور: ما هي الترتيبات والاستعدادات التي أخذت.. التي رتبتها لذهابك إلى الجيش؟
(1/12)
مشهور حديثه الجازي: ما استعديت لبست لباسي عربي، وعباتي، وجئت للسيارة، وذهبت ذهبنا وركبني بالسيارة وكان يتكلم معي بلطف وإلى آخره.
أحمد منصور: يعني أنت ركبت مع جلوب، والمرافقة و(...) في سيارته التاكسي...
مشهور حديثه الجازي: أنا ركبت مع جلوب...
أحمد منصور: من منطقة..
مشهور حديثه الجازي: من الرشادية، من مخفر الرشادية اللي هو مضارب جدي إلى عمان.
أحمد منصور: هل كنت تعرف معني أن يكون عمرك 14 أو 15 سنة وتذهب للالتحاق بالجيش؟!
مشهور حديثه الجازي: أعرف.. أعرف أنني صغير في السن، ولكنني أشعر أني كنت رجلاً، كان عندي 14 سنة لكن كنت أقول وأكابر أن أنا رجل مش ولد.
أحمد منصور: هل تعرف التبعات التي كانت ستلقي عليك؟
مشهور حديثه الجازي: أنا ما حسبت حسابها.
أحمد منصور: ولا كنت عارف هيقولولك روح فين، تعالى منين؟ تدريبات.
مشهور حديثه الجازي: كنت على استعداد أذهب لأي مكان، وأصبح رجلاً مع الرجال.
أحمد منصور: كيف كان وداع جدك ليك، ووالدك ووالدتك؟
مشهور حديثه الجازي: طبعاً، ودعوني وقالوا: الله يوفقك، وكانوا مسرورين، وشافوني أنا مرتاح فانبسطوا كلهم، ولم أبلغ أمي إلا الصباح، قالوا إن أنا رحت ذهبت.
أحمد منصور: ماذا أخذت معك؟
مشهور حديثه الجازي: لم أخذ إلا لباسي، وذهبت هناك، وكان فيه تأمين للإسكان.. إلى آخره في عمان.
أحمد منصور: حينما وصلت إلى عمان، وكنت ترافق الجنرال جلوب في سيارته، ماذا حدث؟
مشهور حديثه الجازي: أولاً: شعرت أنني أنا مع رجل صاحب قرار، واحترمني، ثم عندما ذهبنا ونزلنا من السيارة الكل كان ينظر، من مسؤولين، يستقبلوا جلوب، تعرف الرجل هذا كبير، يستغربوا كيف هذا الطفل، هذا الولد راكب مع جلوب، وبعدين لما عرفوني، عرفوا السبب إن أنا ليش، لماذا الاحترام، لأنه جدي حمدي بن جازي وأنا شاب والدي كان بالجيش…
(1/13)
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنت تعرف ما معنى وجود جلوب، يعني زعيم بريطاني يقود جيش ومحتل، كان معنى الاحتلال واضح في ذهنك؟
مشهور حديثه الجازي: لأ، لأ ما كان جلوب كان من الذكاء والبراعة أنه تأقلم في المنطقة وأظهر إلى.. إلى العرب، وخاصة إلى المناطق الريفية، وإلى البادية أنه يحبهم أكثر من الحكام، فهو استدر عطفهم، وإحنا وجدنا فيه ملجأ أيضاً، أنه هو كان يشجع التعليم، كان يشجع الالتحاق الجيش من أجل الاستفادة، من رفع المستوى وإلى آخره، كنا نعتقد أن هذا الرجل حقيقة يخدمنا حقيقة، ولكن هو كان يخدم طبعاً بريطانيا، وما في شك أنه خدم –أيضاً- مناطق الريف والبادية آنذاك، ولكن ضمن مصلحته، ضمن مصلحة الحكم.
أحمد منصور: هل كنت قطعت شوطاً في التدريس في التعليم في تلك المرحلة؟
مشهور حديثه الجازي: أنا كنت مخلص تقريباً السادس الابتدائي عندما مع والدي رحمه الله.. وأخيراً طبعاً أتممت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أتممت دراستك وأنت في الجيش.
مشهور حديثه الجازي: أتممت دراستي وأنا في الجيش.
أحمد منصور: كيف وجدت الأيام الأولى؟ كيف كانت أيامك الأولى في الجيش العربي الأردني، الذي كان يقوده جلوب؟
مشهور حديثه الجازي: أول.. -طبعاً- أولاً: استلمت ملابسي كعسكري، يعني أصبحت عسكري، ولأني صغير السن لم أستطع أحمل ملابسي.
أحمد منصور: هل كان فيه عساكر صغار في السن؟
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: كان هناك بس مش أصغر، يمكن عسكري دخل الجيش، ولذلك دايماً افتخر أني دخلت صغيراً جندي وأصبحت قائداً للجيش من رتبة متدرج حتى القيادة، وهذا يندر يندر ما حدث في الجيوش أو في الجيش الأردني أيضاً، فلذلك طبعاً أقول لك إن أنا ما استطعت أن أحملها وهي بالكيس، وبندقية، البندقية جرتها جر.
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل كنت تدربت على البندقية؟
(1/14)
مشهور حديثه الجازي: البندقية –طبعاً- تعاملت مع البندقية، والرمح، والمسدس، يعني مش.. مش جديد عليا التعامل.
أحمد منصور: تفتكر نوعية البندقية التي سلمت إياها؟
مشهور حديثه الجازي: 303، نعم، بندقية 303.
أحمد منصور: بريطانية الصنع؟!
مشهور حديثه الجازي: آه بريطانية الصنع، وآنذاك بندقية عظيمة في الحرب العالمية الثانية، طبعاً أذكر هذا، وأربط لك لما دخلت الجيش وأدربت، ورحت المفرق، كنت أطلع يعني داخل خارج المخفر أتمشي يشوفوني نسوان، النسوان كانوا بيجوا يأخدوا الميه وكدا، فكانوا يقولوا شوا هذا؟ يلعن أمك كيف أمك تركتك؟ أنا أتطلع أقول: شو أنا ما أني ولد، أنا أزعل، كان يحزنوا علي شوى، شو هذا الطفل اللي يجر ملابسه صغير..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هذا ما فت في عضدك شيء.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: أبداً، ما فت بالعكس، هذا زادني ثقة.
أحمد منصور: مين قوادك اللي تعرفت عليهم في أول أيامك العسكرية؟
مشهور حديثه الجازي: في أول أيامي كان ابن عم أحد أعمامنا اللي هوا اسمه –رحمه الله- اسمه صقر عبطان الجازي كان هوا قائد مقاطعة هو الذي وضعني عنده.. كنت أذهب معه في الزيارات العشائرية في المناطق الريفية للعشائر لما يصير فيه قضايا.. وكوني أنا الوحيد اللي أقرأ بينهم، كاتب، لأني آنذاك العامية تعوم.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني الأمية.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: الأمية عامة، تصور أنا بين 35 أو 40 واحد الوحيد اللي بقرأ وأكتب، فكنت أنا مرجع لهم، مع طفولتي كنت أنا المسؤول، يعني مع أن أنا جندي، لأن دوني لا يعلموا شيء، أنا اللي ياخذ البرقيات، ويرسل البرقيات، وأكتب الكتب وأعمل التحقيق، وأوظب الناس طبعاً هذا..
أحمد منصور: يعني هذه أيضاً وضعت لك ميزة.
مشهور حديثه الجازي: وضعت لي ميزة كبيرة، يعني شعرت أنا منهم، يعني أنا أهم من الضباط، وضباط الصف اللي…
(1/15)
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني ها دول كانوا ضباط صف، ولا يتقنون القراءة والكتابة!!
مشهور حديثه الجازي: ما يقرؤوا، وضباط حتى كانوا شبه أميين، حتى اللي متعلم شبه أمي، طبعاً فيه شيء، وأنا بشتغل ككاتب في هذه المرحلة، بعد ما تم تدريبي القصير في المفرق تعرفت على شيء حديث وهو إنه كثرة المبعدين من فلسطين إلى العراق، يومياً أكتب حوالي خمسين كتاب.
أحمد منصور: الفلسطينيين الذين كانوا يبعدون من فلسطين إلى العراق.
مشهور حديثه الجازي: آه نعم.. يبعدوا من فلسطين يأتوا إلنا هون، ونحن نبعدهم إلى العراق.
أحمد منصور: هذا كان في 43م، 44م.
مشهور حديثه الجازي: هذا، 44م، 45م.
أحمد منصور: من الذي كان يبعدهم؟
مشهور حديثه الجازي: يبعدهم حكم الانتداب.
أحمد منصور: البريطاني.
مشهور حديثه الجازي: طبعاً بالتأثير الصهيوني وإلى آخره.
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول إن في هذه المرحلة كان هناك تنسيق بريطاني يهودي.
مشهور حديثه الجازي: أكيد.. أكيد.
أحمد منصور: لترحيل الفلسطينيين إلى العراق..
مشهور حديثه الجازي: إلى العراق..
أحمد منصور: وليس إلى الأردن.
مشهور حديثه الجازي: لا إلى العراق، حتى إن… تركت أثر القلم قد ما كتبت، لأن ما كان فيه نسخ، ما كان فيه طبع، كنت أنسخ على حوالي أربع خمس نسخ هذه تركت بذهني لماذا يبعد هؤلاء الناس؟ هذه أيضاً علمتني عن إنه فيه هناك قضية اسمها قضية فلسطين، وشعب محروم من أرضه، وشعب يعني مهدد في إقامته، وفي حياته، هذا وأنا بسن 14 كجندي صغير.
أحمد منصور: سعادة الفريق في المرحلة دي، مرحلة عملية تهجير الفلسطينيين من فلسطين إلى العراق، وليس إلى الأردن، معنى ذلك أن كان هناك مخطط في هذه المرحلة لتفريغ فلسطين من أهلها، فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
مشهور حديثه الجازي: هذا صحيح.
أحمد منصور: وأنت كنت تقوم بكتابة أسماء العائلات التي يقوم الجيش العربي بترحبلها…
(1/16)
مشهور حديثه الجازي: أنا لم أدرك آنذاك في ذلك الوقت لصغر سني، ولعدم تعرفي على المسؤولية، وعلى السياسة، مقدار الخطر الذي كان يحدث في فلسطين، إلا متأخراً بعد ذلك الوقت، عندما ربطت حديثي مع أقاربي الضباط.. ضباط الأردنيين في فلسطين، ربطت هذا الإبعاد في هذا التهجير، هي مؤامرة على فلسطين، أما آنذاك كنت أعرف إنه…..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن كيف الآن بعد مرور هذه السنوات، والمأساة التي تعيشها فلسطين والفلسطينيين، كيف تنظر إلى ما حدث في أعقاب الحرب العالمية الثانية؟
مشهور حديثه الجازي: يعني خلينا نقول: إننا أنه البداية كانت هي هناك مؤامرة صهيونية بريطانية غربية في الوطن العربي، ولتهجير الفلسطين، وإخلاء فلسطين، وتسليمها كلياً إلى الصهيونية، فطبعاً بدأت هذه البدايات البسيطة، أن هناك مشاغبين وين الأرض اللي تاخذهم؟ العراق.
أحمد منصور: لماذا العراق في تصورك؟
مشهور حديثه الجازي: أعتقد لأنه…
أحمد منصور [مقاطعاً]: لماذا ليست سوريا في ذلك الوقت، أو لبنان، أو الأردن؟
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: أنا بقول لك ليه، الأردن قد يجوز أنها… السبب إن الهيمنة البريطانية كانت ضمن المناطق في العراق والأردن.
أحمد منصور: يعني لأن العراق في ذلك الوقت كانت تخضع للبريطانيين مع الأردن.
مشهور حديثه الجازي: نعم. نعم. نعم.
أحمد منصور: وإبعاد الفلسطينيين إلى مكان بعيد.. عن فلسطين..
مشهور حديثه الجازي: نظام ملكي في الأردن، ونظام ملكي في العراق، وبالتالي فيه تحالفات (استراتيجية) سابقاً بتخص الحرب العالمية.. الحرب العالمية الثانية، وخروج الأتراك من هنا، وارتباط أيضاً الثورة العربية الكبرى في مواعيد الإنجليز الكاذبة، اللي هو إعطاء وطن قومي، وتوحيد الأمة العربية وهذا ما كان يحملها المرحوم الملك حسين.
(1/17)
أحمد منصور: في عام 1946م حدث شيء هام يتعلق بميلاد الأردن، حيث أو وجود الأردن، أو ما يسمى باستقلال الأردن، حيث تم إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية التي وقعت في العشرينات.
مشهور حديثه الجازي: 1956م ما ألغيت هي، المعاهدة ما تلغى، إنما خلق كيان، خلق كيان.
أحمد منصور: تم تغيير وضع الأمير عبد الله إلى الملك، أصبح ملكاً على الأردن، وأصبحت الأردن مملكة.
مشهور حديثه الجازي: -يا سيدي- دعنا نقول التالي، أن الأردن وفلسطين كان يقع مباشرة تحت الانتداب البريطاني، وأكبر دليل أن (تشرشل) كان الـ "High commissioner" في القدس مسؤول عن الأردن، وأكبر دليل أيضاً إن عبد الله فلبى زار عمان، ورأى بنفسه أن.. إنه في عمان يبنى هناك مسجد، اسمه مسجد الحسيني الكبير…
أحمد منصور: عفواً هنا عشان تشرشل، تشرشل هو كان وزير المستعمرات -في ذلك الوقت- البريطانية.
مشهور حديثه الجازي: هو كان هيك يشتغل في الأول.
أحمد منصور: في الأول قبل أن يقود البريطانيين إلى النصر في الحرب العالمية الثانية.
مشهور حديثه الجازي: وبعدين قاد البريطانيين، إنما هتيجي لموضوع فيلبى رأى أنه…
أحمد منصور: مين فيلبى برضه؟
مشهور حديثه الجازي: عبد الله فيلبى اللي هو استعرب مؤخر، واستلم، وهو أحد أيضاً الجواسيس الإنجليز في المنطقة هذا معروف فيلبى اللي ذهب إلى العراق ثم للأردن، وانتهت بيه الحال أظن في الخمسينات في بين بيروت و…
أحمد منصور: هذا غير لورانس.
(1/18)
مشهور حديثه الجازي: هذا غير لورانس، هما ما شاء الله الفروخ كتار، مفرخين كتير عندنا، من أول (الثورة) لذلك لما رأى أن هناك حجار رومانية تؤخد... وتبني في المسجد، نقل هذا الفكر إلى تشرشل، وقال له: يعتدوا على الحجارة الأثرية، وكتب كتاب إلى الأمير عبد الله تعاد الحجار من المسجد إلى الآثار، طبعاً الملك عبد الله… رفض ولكن هذا ما حدث هذا يعطيك شيئاً، إن نحن كنا تحت استعمار وليس انتداب، من هنا….
أحمد منصور: عفواً ممكن سعادة الفريق برضه لأنه ممكن الأجيال اللي ربما تشاهدنا -الآن- لا تعرف هذه الفوارق ما بين الانتداب، وما بين الاحتلال وما بين الاستعمار، ما معني انتداب بريطاني؟ وكيف كان الانتداب البريطاني الذي بدأ في 1921 على منطقة فلسطين، وعلى منطقة الأردن؟ ما الفرق بين الانتداب والاحتلال في تصورك، أو كواقع كان؟
مشهور حديثه الجازي: يعني أنا اعتقادي لا فرق بينهم كثيراً لأن أثناء الانتداب الذي يحكم هو الإنجليزي، وتصرف المصاري عن طريق الإنجليزي، والسياسة البريطاني تفرض على المنطقة، فلذلك مش في الفرق بين اتنين بين واحد محتل بدبابة، ومحتل بعقل، فأنا أربطهم الاثنين مع بعض، ولذلك بس من هنا أنا حبيت أن أثبت إنه فلسطين والأردن كانوا في موقع واحد من الانتداب، والمؤامرة كانت على الاثنين.
أحمد منصور: ما هي الإرهاصات أو الظروف التي أعلنت فيها الأردن كمملكة في عام 1946م؟ وكيف أنت في ذلك الوقت، وكان مضى عليك في الجيش ربما ثلاث سنوات، كيف استوعبت هذا الأمر؟
مشهور حديثه الجازي: حقيقة الأمر لم أكن واعي سياسياً، حتى بعد دخولي الجيش، لأن ثلاث سنين لا تتعلم شيء، نضجت بعدما أصبحت ضابط، ودخلت المدن لأن كل خدماتي كانت في المناطق البعيدة، في المفرق بعيد عن العاصمة، والعاصمة هي الأردن يعني كما هي عمان يعني هي الأردن، الأردن كانت هي العاصمة هي عمان فكنت بعيد عن هذا الجو، لما انتقلت للمفرق..
(1/19)
أحمد منصور: كان دورك إيه -عفواً- كان إيه طبيعة الخدمات التي بتقوم بيها للجيش؟
مشهور حديثه الجازي: كنت أقوم كاتب، كاتب كوني أنا أتقن الكتابة والقراءة، كاتب مهم، يعني كاتب أهم من ضابط آنذاك، أهم بكتير.
أحمد منصور: لأن الضابط أمي.
مشهور حديثه الجازي: الضابط أمي، معظمه أميين، فلذلك عندما انتقلت للمفرق وجلست قعدت حوالي أشهر حوالي سنة زمان، تعلمت من خلال اختلاطي بالناس الذين يعملوا مع الإنجليز، ومشاهدة المعسكرات الإنجليزية، وإحنا في المفرق عبارة عن محطة (Station) للإنجليز الذاهب لفلسطين والذاهب للعراق وإيران.
أحمد منصور: يعني كانت المفرق تقع على مفترق طرق.
مشهور حديثه الجازي: مفترق طرق و…
أحمد منصور: الجنود البريطانيون في تجولهم ما بين المستعمرات.
مشهور حديثه الجازي: و Station ومرتبطة هواتفنا مع حيفا، وكنت أتكلم يومياً مع حيفا بالتليفون عن طريق الخطوط الـ I B C اللي هي شركة (التاب لاين)، فكان ارتباط عضوي، بعدين قواتنا اللي نشأت في الأخير بعد تكوين البادية أصبحت تحولت إلى حراسة للمعسكرات.. للمعسكرات البريطانية، إن إحنا بيستخدمونا حراس، وبقينا حتى 48م، وقبل الانتداب بأيام، هكذا كانت الوظائف المعطاة إلي، تعلمت وقربت من وبوعي ومعرفتي عن فلسطين من خلال أصدقائنا الضباط وأقاربنا اللي يأتوا من فلسطين، من حيفا ومن يافا ومن عكا ويتكلموا عن…
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن كان هنا وعيك بينمو مع استمرارية…
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: استمرارية الاختلاط.
أحمد منصور: ومع ارتفاع سنك أيضاً..
(1/20)
مشهور حديثه الجازي: ارتفاع سني من جهة، اختلاطي بالناس المثقفين، الضباط العرب اللي بيشتغلوا في فلسطين، الشباب اللي يحكوا في السياسة أيضاً، ناس مثقفين كنت قريب منهم، لهذا بداية الوعي السياسي إن إحنا مرتبطين مع الإنجليز تحت الانتداب، يعني شبه محتلين، وفلسطين عليها مؤامرة، وأكبر دليل ما يفيض من هذه الأعداد الكثيرة، الذي نسفرهم يومياً إلى بغداد إلى العراق.
أحمد منصور: ظروف أو سؤالنا الأساسي اللي إحنا كنا بندور حوله الآن، وهو الظروف التي تم إعلان الأردن مملكة فيها عام 46م.
مشهور حديثه الجازي: مملكة حتى…
أحمد منصور [مقاطعاً]: وتحول الأمير إلى ملك.
مشهور حديثه الجازي: حتى تخفف.. تخفف ما هي كان الهيمنة موجودة، يعني حتى تعطى شيء من الشرعية، وشيء من الراحة النفسية للأردن، للأردنيين أن إحنا أعطيناكم الاستقلال، هذا نتيجة أن أنتم تعاونتم مع البريطانيين، أنتم حلفاؤنا.. أنتم حلفاؤنا..
أحمد منصور: يعني هذا كان مكافأة من البريطانيين.
مشهور حديثه الجازي: هاي مكافأة طبعاً، يعتبر مكافأة من البريطانيين.
أحمد منصور: والبريطانيون هم اللي منحوا الأردن أو حولوا الأردن من إمارة إلى مملكة.
مشهور حديثه الجازي: طبعاً، طبعاً نتيجة مطالبة من الحكم، ولكن هم اعتبروها منحة.
أحمد منصور: هل تغير شيء ما بين وضع الأردن كإمارة ووضعها كمملكة شيء في بناء الدولة في هيكلها في نظمها؟
مشهور حديثه الجازي: تغير، يعني توسعت الإدارات، وأعطى شيء من الصلاحيات أكثر، لكن القرار السياسي بقى في إيد الإنجليز.
أحمد منصور: كيف؟
مشهور حديثه الجازي: بقى قرار أي قرار سياسي ارتباط مع العرب، ارتباط مع.. مع القوات، حتى السيطرة على الجيش يجب أن تكون بيد الإنجليز، وليس بيد الملك.
أحمد منصور: أنت كجندي في الجيش في ذلك الوقت، وأعتقد لم تكن بعد قد أصبحت ضابط ما قبل سنة 48م.
مشهور حديثه الجازي: لا، سنة 47م، صرت نعم ضابط.
(1/21)
أحمد منصور: 47م صرت ملازم ثاني.
مشهور حديثه الجازي: نعم. ملازم. نعم.
أحمد منصور: في هذه الفترة من الذي كان يصدر قرار بترقيتك -مثلاً- كضابط أو ملازم. مثلاً، في ظل المملكة؟!
مشهور حديثه الجازي: هو جلوب، قائد الجيش.
أحمد منصور: ما كان يستطيع الملك؟!
مشهور حديثه الجازي: نحن لا نعرف.. نحن لا نعرف في الجيش إلا واحد اسمه جلوب، هو الذي يحكم البلد، هو الذي يرفع، حتى أعطيك مثل إنه الملك عبد الله –الله يرحمه- وهو أظن يعني بأمير، أو قبل الاستقلال بشويه، رفع عريف إلى شاويش، ضابط صف يعني…
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني من شريطة إلى شريطتين.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: رفض جلوب هذه الترقية، قال: لأ هناك فيه دور، هذا يعطيك صورة هل كنا إحنا مستقلين؟ طبعاً لأ، هذه الصورة التي كانت، واستمر هذا الحكي حتى أيام الملك حسين في 56م عندما عاد الملك كان له زميل هناك، وهذا يأتي في نطاق بس أربطهم مع بعض…
أحمد منصور: ستناوله.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: بزميله اسمه هاني حدادين كان معه في (سانت هيرست)..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كلية سانت هيرست العسكرية في بريطانيا نعم.
مشهور حديثه الجازي [مستانفاً]: كلية سانت هيرست العسكرية كان جلالة الملك ومعه هذا زميله هذا حدادين، ورآه ماشياً بالشارع، شارع الصلت، وقف الملك وقال له: تعالى هاني شو مالك؟ كيف أحوالك؟ كيف أحوالك؟ مش مترفع ما رفعوني، قال له: أنا تأخرت، قال له: أنت ملازم، هاني رأساً حط نجمة…
أحمد منصور [مقاطعاً]: ملازم.
مشهور حديثه الجازي: الصبح جانا قرار يبلغ بنزع النجمة.
أحمد منصور: مين القرار أصدره؟
مشهور حديثه الجازي: قرار من قائد الفرقة، بناء على موافقة جلوب، قرر الإنجليز أنه يتم، وهو كان معي، عندي في الكتيبة، فأبلغته (…) النجمة إذاً هناك استعماراً مستمراً من الـ46م لغاية 56م…
(1/22)
أحمد منصور: يعني كان لم يتغير شيء من الاحتلال البريطاني، وإن البريطانيون هم الذين يتحكمون فيكم…
مشهور حديثه الجازي: نعم.. نعم، وجود الإنجليز هو حكم، حكم حقيقة بمعني كل الكلمة.
أحمد منصور: معني ذلك أن في هذه الفترة، أو حتى ما قبلها، يعني فترة ما قبل عام 1948م، في هذه الفترة لم يكن هناك توجه واضح من الجيش الأردني مثلاً، أو منكم كأردنيين مجاورين لفلسطين، وفلسطين اليهود كانوا عصابات الهاجانا، والاستعداد للتقسيم، التقسيم حدث في سنة 47م، قرار التقسيم وغيرها، ما كان هناك أي ترتيبات لخوض معارك من أجل الدفاع عن فلسطين؟
مشهور حديثه الجازي: لأ، نحن كنا مرتبطين تحت القيادة البريطانية، يعني خلينا نقول: إحنا جزء من قيادة الشرق الأوسط…
أحمد منصور [مقاطعاً]: البريطانية.
مشهور حديثه الجازي: البريطانية وكنا نأخذ الأوسمة من بريطانيا، كل الأوسمة الحربية تعطى إلنا من وزارة الدفاع، وكنا نأتمر بهم، ويعتبرونا جزءاً منهم، ولذلك سمي (foreign legen) (Arab legen) أو foreign legen.
أحمد منصور: يعني الجيش العربي في ذلك الوقت كان دوره حماية المصالح البريطانية بشكل مباشر.
مشهور حديثه الجازي: حماية المصالح البريطانية، في الأردن كما هي وفي فلسطين يستخدمونا كيعني هنقول أمنياً لحراسة المراكز البريطانية، والمعسكرات ومستودعات تبعتهم، وإلى آخره.
أحمد منصور: سعادة الفريق، في الفترة دي كانت إرهاصات، يعني فترة قرار التقسيم الذي صدر في عام 47م، وإرهاصات تقسيم فلسطين، والمعارك التي ربما كانت تقوم فيها ما بين جيش الجهاد المقدس الذي كون من المتطوعين في ذلك الوقت، وما بين العصابات الإسرائيلية وغيرها، ماذا كان صدى هذا لديكم، أنتم هنا في الأردن، وبصفتك كرجل عسكري؟
(1/23)
مشهور حديثه الجازي: حقيقة الأمر مع صغر سني أنا تأثرت كثيراً، وكان ليا كذلك أخوتنا الأردن الأردنيين تأثروا في حرب فلسطين، وفيما يدور في فلسطين، كما هو يتأثر الشعب الفلسطيني نفسه، بالعكس بقى هذا الحقد والكره للاحتلال الإسرائيلي أو الصهيوني لفلسطين، حتى وصلت بنا عزل جلوب من القيادة، لأننا كنا نعرف إنه لولا وجود بريطانيا، ولولا وجود جلوب نفسه، بإنه بحجم دورنا، بإنه نبقى فقط حرس حدود، وحرس قوافل، هذا اللي جعل منا، وعبانا تعبئة كاملة ضد الوجود الإنجليزي بكافة أنواعه.
أحمد منصور: هل كان هناك -يعني- محاولات لتكوين بعض الخلايا السرية، عمليات إمداد للفلسطينيين أو المجاهدين في ذلك الوقت، أو الثوار، أو المقاتلين، كما كان يطلق عليهم في هذه المرحلة؟
مشهور حديثه الجازي: بالنسبة إلنا تعرف أول شيء البلد لم تطور سياسياً، يعني هناك أحزاب إلى آخره كانت ما فيه، إنما التعاطف الموجود، التعاطف الموجود الأردني الفلسطيني كان موجود في فلسطين وفي الأردن، ومن هنا كان حيث ما يمكن تقديم مساعدة للفلسطينيين، للمجاهدين في فلسطين أو الأردن، كانت تتاح الفرصة لهم وتقدم كل المساعدات، هذا جزء من تأثيرات، ولكن هذا رغم أوامر الإنجليز اللي هم مسيطرين على القيادة.
أحمد منصور: في هذه الفترة أيضاً، فترة نقول: ما قبل حرب 48م، أو ما قبل خروج، أو انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، في هذه الفترة، كان المقاتلين الفلسطينيين، المفروض كانت الأردن امتداد استراتيجي ليهم هل كان بيحدث أيضاً أو كنت تعي على بعض عمليات الإمداد يعني…
مشهور حديثه الجازي: نعم أذكر…
أحمد منصور: أنت ذكرت لنا في بداية الحلقة كيف كان جدك -رحمه الله- يعني كان يساعد الثوار أو الفدائيين..
مشهور حديثه الجازي: حتى هو شخصياً ذهب إلى باب الواد على رأس مجموعة من المجاهدين في فلسطين، حتى وهو مسن في الثمانين.
أحمد منصور: جدك؟!
(1/24)
مشهور حديثه الجازي: نعم جدي نفسه.
أحمد منصور: يعني شارك في القتال في ذلك الوقت؟
مشهور حديثه الجازي: شارك في حرب في جزء من المعارك.
أحمد منصور: ضد اليهود؟
مشهور حديثه الجازي: ضد اليهود نعم.
أحمد منصور: معنى ذلك أن…
مشهور حديثه الجازي: لأنه اعتبر هذا جهاداً مقدس لأرض عربية إسلامية.
أحمد منصور: هذا الشعور كان موجود؟
مشهور حديثه الجازي: هذا شعورنا موجود كلنا في باديتنا وقرانا وإلى آخره، وكان التعاطف مع المجاهدين اللي كانوا يأتوا إلى شرق الأردن كانوا يهربوا، ويطاردوهم الإنجليز، كان تعاطف كبير، بحيث يستقبلوهم، ويمدوهم بالسلاح، ويمدوهم بالمعيشة حتى يشتغلوا.
أحمد منصور: إحنا الآن أمام مرحلة خطيرة، ومرحلة هامة في تاريخ الأمة العربية وهي حرب العام 1948م، وقرار -بعد قرار- تقسيم فلسطين والدور الذي حدث فيها، وأنت شاركت في هذه الحرب وجرحت فيها، وهذا ما سوف نتناوله بشكل تفصيلي في الحلقة القادمة -إن شاء الله- وأعتقد أن هناك محطات، أو نقاط هامة في تلك الفترة، سوف نتناولها…
مشهور حديثه الجازي: محطات كثيرة سنغطيها -إن شاء الله- وهي هامة فعلاً، وهي بداية العمل الحقيقي من 48م.
أحمد منصور: شكراً، سعادة الفريق…
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: أشكرك.
أحمد منصور [مستأنفاً]: مشهور حديثه الجازي رئيس الأركان، والقائد العام الأسبق للجيش الأردني، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة نواصل هذا الحوار الشيق، لنتناول المزيد من المعلومات، ومن أهم ما سوف نتناوله في الحلقة القادمة حرب العام 48م، وشهادة الفريق مشهور حديثه الجازي (القائد العام للجيش الأردني الأسبق ورئيس الأركان) على ما حدث في هذه المعركة. حتى ألقاكم هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(1/25)
الحلقة الثانية
الأربعاء 6/8/1422هـ الموافق 24/10/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 22:03(مكة المكرمة)،19:03(غرينيتش)
الفريق مشهور حديثه الجازي - الحلقة الثانية(1/26)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الفريق مشهور حديثه الجازي/ القائد العام للجيش الأردني الأسبق، ورئيس الأركان
تاريخ الحلقة
19/06/1999
أحمد منصور مشهور حديثه
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع الفريق أركان حرب مشهور حديثه الجازى القائد العام الأسبق للجيش الأردني ورئيس الأركان، وقائد معركة الكرامة، مرحباً سعادة الفريق.
مشهور حديثه الجازي: شكراً.
أحمد منصور: سعادة الفريق، في الحلقة الماضية توقفنا عند محور هام أو مفصل في تاريخ الأمة الحديث وهو حرب العام 1948 م، وكنت وقتها ضابطاً في الجيش العربي الذي كان يقوده البريطاني جلوب، برتبة ملازم، قبل أن أدخل إلى المعركة نفسها، وما وقع وما حدث فيها، كيف الإرهاصات التي سبقت الحرب؟ كيف كانت هذه الإرهاصات، لاسيما بعد قرار التقسيم؟
مشهور حديثه الجازي: كما أنا أسلفت في الحلقة السابقة، ارتباطنا بفلسطين ارتباط عضوي، ولذلك لم تغب القرارات السياسية التي تفرض على فلسطين عن الأردن، لا عن الأردنيين، ولا عن الحكم الأردني، ولذلك نحن كنا نوع هذا النوع من التغطرس الصهيوني، وهذا أيضاً الخيانة الكبرى من البريطانيين لعهودهم، لإعطاء فلسطين لغير أهلها، لذلك التعبئة كانت مع إن الميديا (media ) أيامها انذاك يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وسائل الإعلام.(1/27)
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: وسائل الإعلام كانت بدائية، الراديوهات محدودة الحجم، كانت راديوهات صغيرة كبيرة تحتاج تحملها سيارة، وطبعاً ما في تليفزيون، والجرايد شبه معدومة، لكن كنا نتعلم.. نتعلم من الاحتكاك في الناس، من أحاديث الناس، من الجند اللي يذهبوا ويعودوا، من الناس اللي يزورونا ويذهبوا ويعودوا، كنا يعني ندخل في الصورة الموجودة في هذا الصراع الصهيوني العربي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف كان وضعكم ودوركم كضباط عرب أردنيين، تشعرون بأن فلسطين هي جزء منكم ومن كيانكم، وفي نفس الوقت القيادة التي تحكمكم كانت قيادة بريطانية، وكانت تنفذ أهداف من خلالكم، كانت تخدم المصالح البريطانية، والمصالح الصهيونية، وضد المصالح العربية؟
مشهور حديثه الجازي: من نتيجة الانتداب البريطاني والتسلط الإنجليزي بقيادة جلوب على البلد، وعلى الجيش، ما كنا نتوقع أن الجيش الأردني يدخل هذه الحرب ضد اليهود، ولكن عندما تم القرار، هو كان قرار شبه عربي، والقيادة أردنية، تفاءلنا خير أن هذا القرار صحيح.
أحمد منصور: ما هو القرار؟
مشهور حديثه الجازي: قرار دخول الحرب لمحاربة اليهود، واحتلال فلسطين، من أجل الشعب الفلسطيني.
أحمد منصور: هذا اللي الجامعة العربية اتخذته؟
مشهور حديثه الجازي: هذا الجامعة العربية اتخذته، وأذكر أنه في حشدنا قبل ما ندخل فلسطين في مركز اسمه (بشونه) مقابل الحدود الفلسطينية الأردنية، خطب بنا الملك الله يرحمه عبد الله وقال لنا، بيتمنى لنا أن نحارب وأن نقاتل للتحرير من أجل فلسطين، طبعاً (اعتبرناه) خير، إنما نسمع هذا من قائدنا عربي، وهو قرار عربي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن كان إيش موقف البريطانيين وهم كانوا القادة الفعليين لكم؟
(1/28)
مشهور حديثه الجازي: تعلم إن الإنجليز دهاة سياسة، وهما طبخوا المنطقة، وضبطوا المنطقة، ويعرفوا ما هو المقبول وغير المقبول، كان المقبول أن يطاطوا رؤوسهم آنذاك، ولكن القرار بالنهاية للقيادة بالميدان، عندما جلوب كان جلوب هو القائد، وقادة الألوية قادة إنجليز، القرار بالتالي بيدهم، القرار الإنجليزي راح ينفذوه، واللي هو لصالح إسرائيل، وهذا اللي تم فعلاً بهذه الحرب، ومع كل آسف دخلنا بهذه الروح، إن إحنا مقاتلين، ولكن بقينا أسابيع ونحن لم ندخل حرب مع اليهود، لم نر اليهود.
أحمد منصور: يعني وقع القرار التي اتخذته الجامعة العربية.
مشهور حديثه الجازي: كان (تهدئة)..
أحمد منصور: طيب هل كنتم وحدكم –أيضاً– أم هل كان هناك تنسيق ما بين الجيوش العربية الآخري على الجبهة الأردنية، باعتبارها جبهة واسعة في مواجهة الإسرائيليين؟
مشهور حديثه الجازي: كان التنسيق القريب إلنا وهو لإن النظامين قريبين من بعض العراقي والهاشميين اللي هو..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الملك فيصل كان في ذلك (الوقت)؟
مشهور حديثه الجازي: لأ، مش الملك فيصل، كان أيامها الولي العهد، لإن الملك فيصل توفى، وغازي توفى، فبقت الوصاية في قيادة عمارة الأمير عبد الإله، والحكم الفعلي هو نورى السعيد الذي يسير الحكم البريطاني في المنطقة في العراق، كان أيضاً هو جزء من لعبة الإنجليز..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني نوري..
مشهور حديثه الجازي: نوري السعيد.
أحمد منصور: في العراق كان جزءاً من..
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: ينفذ الحكم الإنجليزي.
أحمد منصور: الأهداف البريطانية.
مشهور حديثه الجازي: هيك كما ما هيك تعلمنا، هيك رأينا، دخلت التنسيق فقط التنسيق بين العراقيين وبين الأردنيين..
أحمد منصور: معنى ذلك أن فيه قوات عراقية جاءت...
(1/29)
الفريق مشهور حديثه الجازي: جاءت ودخلت معانا، دخلت المنطقة الشمالية ونحن في الوسط، يعني شمال القدس وجنوب القدس، حتى بيت لحم.
أحمد منصور: من الذي كان يقود هذه الجبهة في مواجهة اليهود؟
مشهور حديثه الجازي: اسمياً هو الملك عبد الله..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فعلياً.. عملياً هو جلوب.
أحمد منصور: جلوب يقاتل ضد الإسرائيليين!!
مشهور حديثه الجازي: جلوب، جلوب نعم والقادة الإنجليز، وأروي لك شيء يمكن يذهلك الآن، واحد ولاد عمي اللي هو المرحوم الملازم صقر عبطان الجازي كان مع شبه المجاهدين معانا ضابط، فاحتل مستعمرة اسمها المستعمرة الخامسة، وبعد ما احتل، وبعد قتال مرير، وكانت مسيجة دخلوا فيها وقطعوا الأسلاك واستشهد منهم عدد كبير وقتلوا منهم، وبينهم نساء فلما..
أحمد منصور [مقاطعاً]: نساء من اليهود.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: نساء يهوديات مسلحات، وكان البنات شعرهم طويل وشقر، يقول: عندما أتى لاش قائد الفرقة، قائد الفيلق الأردني اللي هو بعد جلوب، قال: يا ويلي نسوان، يقول لك: شبه بكى على هذا المنظر، هذه يدل إنك كيف أنت تحارب، كيف هؤلاء الناس شعورهم معانا، وشعورهم مع اليهود، فدخلنا بهذه الصورة للأسف إنه القيادة الإنجليزية كانت تحدد لنا حدود معينة وهي احتلال ما يقارب التقسيم أو أقل من التقسيم.
أحمد منصور: يعني كانت القيادة البريطانية توجهكم إلى عدم تجاوز حدود التقسيم.
مشهور حديثه الجازي: بالعكس، وأقل منها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني بما يخدم وضع اليهود..
الفريق مشهور[مستأنفاً]: بما يخدم مصالح اليهود والإنجليز، ورغم كل هذا كله أبلوا جنودنا وجيشنا بلاءً حسناً، واحتلال القدس، وتوغلوا في القدس القديمة، وأعيدوا بالخلف بعد ما احتلوها، هذا يدل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قبل أن أدخل إلى تفصيلات – عفواً – هذه المعركة، أنت ذكرت في كلامك الآن ان ابن عمك كان يقاتل مع المجاهدين..
(1/30)
مشهور حديثه الجازي: مع المجاهدين، انتدبنا مقاتلين من الجيش يقوده ناس مسلحين في عمليات قتالية.
أحمد منصور: هنا خروج عن الجيش المنظم، ووجود تجمعات من المجاهدين..
مشهور حديثه الجازي: نغم، لأن المجاهدين آنذاك سمحوا كما سمح العمل الفدائى بعد 67م، حمل لمن يناضل في فلسطين وأتت..
أحمد منصور: من الذي كان يقود فرق المجاهدين هذه في مواجهة.. ؟
مشهور حديثه الجازي: مختلف الفصائل، ناس من السوريا، ناس من الأردن،
أحمد منصور: يعني ناس متطوعين..
مشهور حديثه الجازي: متطوعين ولكن طعمناهم بناس عسكريين قادوهم.
أحمد منصور: ما هي طبيعة توجهات هؤلاء الناس الذين كانوا يعتبروا المجاهدين، الذين كانوا..
مشهور حديثه الجازي: هو خلق خلل في الهيكل الإسرائيلي، في المستعمرات، كما هم خلقوا مشاكل في.. في قرى الفلسطينيين، كان الرد هذا ردة فعل، ومتعاون للجيوش العربية اللي هي راحت تحرر فلسطين.
أحمد منصور: يعني هل كان هناك أي شكل من أشكال العلاقة أو التنسيق ما بين الجيوش وما بين المتطوعين المجاهدين أم هذا كان..
مشهور حديثه الجازي: مش تنسيق كامل، يعني هو يأتي عامل مساعد، إنما نظرة الجيوش العربية مع كل آسف في الـ 48 كما هي نظرتهم سنة 67م .
أحمد منصور: كيف؟
مشهور حديثه الجازي: وهو إنه كان هنا قوة اسمها القواقجي، بقيادة مناضلين من سوريا، ومجموعات العرب إلى آخره، ومن فلسطين، والأردن، وفرضنا عليه أن يخرج من القسطل، لحتى الجيوش تستطيع أن تقاتل.
أحمد منصور: يعني هذا كان مجاهد؟
مشهور حديثه الجازي: هو مجاهد.. متطوعين..
أحمد منصور: أو من المتطوعين.
مشهور حديثه الجازي: وهو رجل سوري، أو لبناني..
أحمد منصور: دول استطاعوا أن يحققوا بعض الانتصارات..
(1/31)
مشهور حديثه الجازي: كانوا محتلين، كانوا جالسين في فلسطين، نحن بقيادة الإنجليز فرضنا أنه يجب أن يخرجوا ليسمح لنا القتال، هذا مو صحيح هذا إن دل إن التآمر الموجود، يجب أن لا يتركوا ناس يقاتلوا قتال صحيح ضد الصهيونية.
أحمد منصور: من الذي كان يصدر لكم الأوامر بالقتال، وقيادتكم كانت بريطانية؟
مشهور حديثه الجازي: طبعاً إحنا تعرف فيه هرم قيادي، هرم قيادي القائد الأعلى اللي هو الملك بعده جلوب، وبعده قادة الألوية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وقادة الألوية بريطانيين؟
مشهور حديثه الجازي: كلهم بريطانيين وقادة الكتاب بريطانيين، قائد الكتيبة اللواء 1000 بريطاني وقائد اللواء، وقائد الفرقة، وقائد الجيش.
أحمد منصور: كلهم بريطانيين؟
مشهور حديثه الجازي: كلهم بريطانيين.
أحمد منصور: وأنت تقاتلون تحت رايتهم؟
مشهور حديثه الجازي: ونحن نقاتل تحتهم.
أحمد منصور: يبقى إذاً من أين سيكون هناك قتال لصالح أرض فلسطين العربية؟
الفريق مشهور حديثه الجازى: ومع هذا قاتلنا قتال أشراف، قاتلنا بباب الواد، قاتلنا بالقسطل، قاتلنا بالقدس.
أحمد منصور: خروجاً عن الأوامر.
مشهور حديثه الجازي: خروجاً بالطبع خروجاً عن الأوامر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف أنت شاركت في إحدى معارك حرب العام 48 وجرحت فيها..
مشهور حديثه الجازي: أنا شاركت في الحرب قبل الانتداب بحوالي.
أحمد منصور [مقاطعاً]: قبل انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: قبل انتهاء أي نعم، وأعطيت واجب أن أذهب إلى القدس لحامية القدس التي كانت تحت قيادة المرحوم عبد الله التل، واسند إلنا واجب لأن إحنا مدرعات، منقولين في المدرعات أن نذهب إلى بير السبع، ونحمي قافلة أردنية تحمل أسلحة وذخيرة إلنا، من بير السبع إلى الأردن.
أحمد منصور: كان – عفواً – سعادة الفريق كان رتبتك ومسؤوليتك إيه؟
(1/32)
مشهور حديثه الجازي: رتبتي ملازم، وعندما وصلنا نصف الطريق في منطقة اسمها العروب قريب من بيت لحم كانت الطريق مقطوعة، وجدنا اليهود قاطعين علينا، وإحنا راجعين فقصفونا قصفاً شديداً بالهاون، وبالراجمات، وبالرشاشات، واستشهد عدد من أقاربي معي، وأنا جرحت آنذاك..
أحمد منصور: أقاربك كانوا جنود؟
الفريق مشهود حديثه الجازي: كانوا جنوده كلنا كنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أم متطوعين؟
مشهور حديثه الجازي: مهنتنا عسكر إحنا كلنا مهنتنا كنا بالأردن عسكر.
أحمد منصور: خلينى هنا أسألك سؤال محرج.
مشهور حديثه الجازي: لأ، تفضل انشاء الله نقدر نجاوب عليه.
أحمد منصور: إن شاء الله آمل أن الإجابة عليه تكون وافيه، وهو الإتهام الموجه لكم كبدو من أنكم كنتم تخدمون البريطانيون، وتخدمون المصالح البريطانية، وأنه لولا دعمكم كبدو للبريطانيين ما استطاع البريطانيين أن يمكثوا في هذه المنطقة؟
مشهور حديثه الجازي: هذه التهمة كانت موجودة، وأنا أفسر لك لماذا وكيف أنفيها، أولاً: من طبيعة البدوي العربي الأصيل أن يكون صادقاً ووفياً لصديقه، وأمين لضيفه، وأمين لزائره، ولرفيقه، هذه الأمانة بقت معنا، حتى لو كان عدو، يبقى هذا المكان موجوداً.
أحمد منصور: بس هذا مو ضيف، هذا محتل.
مشهور حديثه الجازي: لأ معلش آنذاك الوعي قليل.. نحن نرى إنسان يتكلم اللغة العربية معنا، يأكل معنا، يشرب معنا، ينام معانا، لا يشرب الخمور أمامنا هذا إنسان كأنه عربي، وجلوب لم أراه بحياتي وأنا أعرفه من وأنا خمس سنين لم أراه يشرب كأس.
أحمد منصور: أمامكم.
مشهور حديثه الجازي: أبداً، ولم نسمع أنه شرب كأس..
أحمد منصور: لكن يعني، هل معني ذلك إن البدو من السهل أن يتم أنهم ناس سذج، ومن السهل يعني..
(1/33)
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: إحنا كانت تنقصنا مش السذاجة بالضبط، إحنا كنا مصداقيتنا ويعني احترامنا للغير، وحبنا للرفيق، وإخلاصنا للصديق، وبنقدم خدمة، وجلوب كان يقدم خدمة، كان يقدم خدمة لا تقدمها الحكومة، لإن هو بمكان يعطي، والحكومة ما عنده شيء لإن هو كان يملك المال، ويملك الـ..
أحمد منصور: طب –عفواً- سيادة الفريق اسمح لي هل دى رؤيتك في هذا الوقت لهذا، أم رؤيتك حتى الحالية؟
مشهور حديثه الجازي: لا، رؤيتي، اختلفت كثيراً ، لأ لأ، أعوذ بالله، أنا اختلفت من 48م.
أحمد منصور: كيف اختلفت رؤيتك، وتغيرت من نظرتك؟
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: اختلفت إن إحنا ذاهبين نحرر فلسطين، وجدنا أن محددين، إنه لا نقاتل، حتى أنه أنا شخصياً بعدما انجرحت ودخلنا الحرب مرة ثانية كقوات قدمت ملاحظة لأحد زملائي –رحمه الله- نقل هذه الكلمة، قلت له: هل إحنا آتين لتجلس، أو لنحارب؟ هذه كانت خطيئة، وكنا بموقع اسمه (بيتونيا) جنوب رام الله..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت كنت بتنتقد وضعكم لأنكم..
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: انتقد وأنا عسكرى.
أحمد منصور: لأنكم مجمدين من قبل قادتكم البريطانيين.
مشهور حديثه الجازي: مجمدين.. حطونا بقرية بحيط، زي الغنم قلت هذا للمراكز العسكرية، نقلت إلى اللواء اللي هو الجنرال آنذاك اسمه (اشتون)، ديل اشتون، وقرر إعادتي للقيادة الخلف (أربد) من المعركة.
أحمد منصور: يعني كده من المواجهة رجعت إلى الخلف.
مشهور حديثه الجازي: من المواجهة إلى الخلف هذه تعطيك الصورة أنه كيف يتصرفوا الإنجليز، إنه ما في نفس وطني، وكيف يصل النفس إلى واحد مثلي، واحد بدوي، هذه التهمة الموجهة لي أنت سألتني حضرتك عنها.
أحمد منصور: هي لازالت قائمة إلى الآن، ويوجه الاتهام إلى البدو أنهم...
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: لا لا لا، بدي أنفي لك إياها..
(1/34)
أحمد منصور [مستأنفاً]: يحمون الأنظمة في مقابل حفنة من المال.
مشهور حديثه الجازي: أولاً طبيعة البدوي أنه عربي أصيل، يكرم ضيفه، ويحافظ على صداقته، وعلى صديقه، هذه استمرت في التعامل مع جلوب، إنما انتفت عندما تقرر تعريب الجيش، تعريب الجيش، وطرد جلوب، وأنا أول المشاركين في هذا التعريب، وترحيل جلوب، حمايته وترحيله للمطار، حتى ننفي..
أحمد منصور: هذه ربما سنعود لها في العام 56م.
مشهور حديثه الجازي: حتى ننفى ما يقال إنه إحنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ربما سعادة الفريق ستعود لها بشكل من التفصيل.
مشهور حديثه الجازي: لأ، أنا حبيت أبطها لأنها أتت مع بعض أقاربي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في العام 56، لكن نفس هذا الشعور الذي بدأ يتبدل في ذهنك، وفي تفكيرك، وفي نفسيتك تجاه البريطانيين..
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور [مستأنفاً]: هل كنت تشعر إن أبناء قبيلتك، أو العشائر الموجودين في الجيش، والذين كانوا يخضعوا للسلطة البريطانية هل كان نفس الشعور بدأ يتسرب إليهم في الحرب؟
مشهور حديثه الجازي: يعني هو مش في نفس الحجم، لكن حتماً شعور بسيط، واللي زادني عندما ذهبت إلى بريطانيا، واللي أرسلنا بعثة هم الإنجليز وهو جلوب، تعلمنا الشيء الكثير رأينا أنهم يعاملوا شعبهم ديمقراطياً وإن الحاكم ينتقد، وإن حقوق الناس يعني، يعنى مصانة، وإن الإنسان إله كيان، يعني هذه الحقيقة أعطتنا شعور إن نحن مش هكذا.
أحمد منصور: أنت قبل أن نذهب إلى بريطانيا، إحنا لازلنا في أحداث معارك العام 48، وشهادتك على العصر عليها، ورؤيتك ليها، وتقييمك ليها، هل كنت ترى أن هؤلاء المجاهدين، أو المتطوعين الذين كانوا يوجدوا على جبهات مصر، وجبهات الأردن، وجبهات سوريا، هل كان هؤلاء فعلا يستطيعون أن يدخلوا في حرب عصابات مع اليهود بنفس الشكل، ويزلزلوا وضع اليهود؟
(1/35)
مشهور حديثه الجازي: لأ، فيه فرق بين الاثنين، أولاً: نحن في مقاومتنا بدائيين، بالسلاح وبالتفكير، بينما نحن نجابه 120 ألف مسلح من بقايا الحرب العالمية الثانية، مجندين في الفليق اليهودي والحرب العالمية الثانية مع بريطانيا، نحن نجابه جيش أكبر خطأ بنظري ارتكبته الجامعة العربية، أو القوات العربية، إنه لم يحصوا، ولم يقدروا تقديراً صحيحاً عسكرياً حجم القوات اليهودية.
أحمد منصور: كم كانت قوات القوات العربية الرسمية؟
مشهور حديثه الجازي: بأحسن الظروف عشرة آلاف.
أحمد منصور: في مقابل 120 ألف يهودي.
مشهور حديثه الجازي: 120 ألف مسلح..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على كل الجبهات؟
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: على كل الجبهات، مسلح ويزود يومياً من الإنجليز كيف تنصر؟ نحن دخلنا الحرب ارتجال، هو قرار سياسي لإرضاء الشعوب لإرضاء الشعب إن إحنا نحرر فلسطين، لكن الحقيقة أنا بأعتقد القرار السياسي هذا كان خاطئ، وتقديرنا لقوة العدو، قوة معادينا ومن يساندهم كانت دون المستوى الصحيح، وللأسف تكرر ذلك سنة 67م، عندما دخلنا هذه الحرب الفاشلة.
أحمد منصور: في حرب العام 48م هناك تقييم عسكرى من بعض العسكريين يرون أن دخول الجيوش العربية إلى الحرب كان هو الكارثة الكبرى، ولو ترك الأمر لسكان فلسطين لكي يواجهوا العصابات الصهيونية، وللمتطوعين لاستطاعوا – فعلاً – أن يفعلوا الكثير باليهود، والمثال على ذلك ما حدث في الانتفاضة، بعد مرور سنوات طويلة على ما حدث في عام 48م، الجيش العربي كان يقوم بطرد المجاهدين من بعض المناطق، وحضرتك استشهدت مشاهد على هذا الأمر، المتطوعين استطاعوا أن يحققوا انتصارات كثيرة على اليهود، ويحتلوا منهم بعض المواقع، وفي قراءتي عن الدور اللي لعبوه المتطوعين المصريين كانوا يحتلوا كثير من المواقع التي كان الجيش المصري – ربما – يعجز عن السيطرة عليها.
(1/36)
مشهور حديثه الجازي: أنا –الحقيقة- حتى لا أظلم، ولا أدخل فى شيء من الغلط، لا أعتقد إن دخول الجيوش العربية خطيئة، بقدر ما هو عدم تهيئة الشعب الفلسطيني بالسلاح، وتهيئته خطيئة، إن إحنا كان لازم ندخل، ولكن الكارثة إن إحنا ما زودنا الشعب الفلسطيني بالسلاح، ودربناه.. رحثا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ليدافع عن أرضه.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: إحنا رحنا ارتكبنا خطيئة، إحنا جايين نحرركم ونرجع لكم فلسطين، يمكن لو إحنا زودنا، سلحناهم، ودربناهم، ودخلنا بالقوة يمكن كانت الظروف أحسن، لكن مع الأسف لا قرار سياسي هنا، وكما تعلم القرار- مثلما – قلنا نرجع لها.. القرار هما الانتداب البريطاني، البريطاني.
أحمد منصور: لكن أنتم كعسكريين دائماً تلقوا باللائمة على السياسيين، كلما وقعت هزيمة، أو وقعت معركة، أو وقعت انتكاسة، تقولون إن القرار قرار سياسياً، أين دوركم أنتم وكعسكريين وموجودين في ساحة المعارك؟ هل لو أتيحت لكم الفرصة للقيام بمعركة حقيقية، هل كانت يمكن أن تتبدل الظروف؟
مشهور حديثه الجازي: والله يا أستاذنا أحمد، أنت الآن يعني تقول كلام صح، ولكنى أنا أقول لك بالتالي والله إن هذا الجندي العربي ظلم في هذه المعارك.
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف يا سعادة الفريق؟
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: ظلم لإن كل حروبنا قرار سياسي، دون تقدير صحيح.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني لم يتم أية تهيئة عسكرية...
مشهور حديثه الجازي: أكبر دليل 48، دخلنا بين 7 وعشرة آلاف مقاتل، مقابل 120 ألف مقاتل مدرب في الجيوش الغربية، معه سلاح كافي من الإنجليز وغيرها، 67 دخلنا مفرقين بقرار سياسي و...
أحمد منصور [مقاطعاً]: حدث ما حدث.
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: وحدث ما حدث في 67.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مما سوف نأتي على تفصيله.. نعم.
(1/37)
مشهور حديثه الجازي: إحنا لا نرميه، لا نعلق الشماعة على الآخرين، لكن والله بقولك العسكري كان قراره عسكري محض، ما أعتبر حدث ما حدث أنا ما بقول إنه أنبياء، إحنا، وإحنا كل شيء فيه هناك عسكر أساءوا، يمكن هذه الانقلابات أسأت، ولكن لو إنه اتجه العرب بعد 48 بدل ما تدخل جيوش، تسلح الشعب الفلسطيني كاملاً، مثل القرى الأمامية وهذا ما سبق واقترحه، وسيأتي اقترحنا إن إحنا ندرب، ونسلح القرى، كما هي مستعمرات مسلحة، لما حدث ما حدث، لنربط الإنسان بأرضه، أكبر دليل إن الذين جلسوا من 48م بقوا على أرضهم، رغم القول أنهم إسرائيليين الجنسية، ولكن أنا أقدر لهم ثبوتهم على أرضهم.
أحمد منصور: يعني أنت بتعتقد هنا لو كان هناك تكتيك عسكري جيد مع قرار سياسي واعي، كان يمكن أن يتبدل الأمر؟
مشهور حديثه الجازي: كان يتبدل من 48 نأخذ فلسطين كاملة، ونأخذ حتماً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما رأيك في بعض التقارير والدراسات التي تشير إلى أن حرب العام 48م أعلنت من قبل العرب لتكريس الدولة اليهودية، وليس لإخراج اليهود، ولإقرار قرار التقسيم الذي صدر في عام 47م، وكما أشرت أنت أنكم في الجيش العربي كانت البريطانيين يطلبون منكم عدم تجاوز خطوط التقسيم، التي أقرت من الأمم المتحدة.
فريق مشهور حديثه الجازي: والله، أنا بنقول لك التالي، 48 هو قرار الحرب فيها كان يعني قرار سياسي، وهو لإزالة المسؤولية عن القيادات العربية، وكانوا يفكروا في سؤ تقديرهم إنا لم يحرر فلسطين أن يحرروا نصها.
أحمد منصور: لكن كانوا هم يعتقدوا إن الأمر سيؤول إلى هزيمة؟
مشهور حديثه الجازي: أعتقد إنه كان المفهومية إننا نحافظ علي فلسطين، نصف فلسطين، نصل إلى التقسيم اللي رفضه العرب، وتنتهي القضية علي هذا الصراع.
أحمد منصور: لكن هم التقسيم كان لن يؤدي إلى حرب لو قبلوه.
(1/38)
الفريق.مشهور حديثه الجازي: ما قبلوه طبعاً، الفلسطينيين رفضوه، والشعب، والقيادة، والعرب رفضوه، فلذلك الرفض كان.. كان غير صحيح، طالما إحنا ما عندنا قرار، لكن رفضناه، وما قاتلنا القتال، لم نعطي الفرصة أن نقاتل ونحرر فلسطين، كما هي، إنما أنا أقولك: رغم إن القوات العربية قليلة العدد، وقليلة العدة، كنا نستطيع أن نحتل فلسطين.
أحمد منصور[ مقاطعاً]: كيف؟
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: لولا القرار السياسي.
أحمد منصور: طيب الآن فيه قرار صدر بالحرب.
مشهور حديثه الجازي: كيف نقاتل أمام إنجليز يمنعونا أن نعود إلى المستعمرة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت تعتبر إن البريطانيين لعبوا دور في تكريس الهزيمة العربية .
مشهور حديثه الجازي: أكبر.. أكبر.. أكبر شيء وأدلة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأنت تعرضت شخصياً إلي أن القائد البريطاني ..
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: أنا أعطيتك مثل إنه علي كلمه أنا عدت إلى الخلف، كيف قرار سياسي؟ ثم أثبت لك شغلة أخرى،الجيش العراقي عندما دخل فلسطين، دخل الأردن لفلسطين، أعطي هدف من قبل القيادة، ويمكن مشتركين فيه الإنجليز، هدف اسمه كوكب الهوا، كوكب الهوا يحازي يحاد إلى حد ما جبال الجولان، واقف هيك.
أحمد منصور: يعني هدف صعب.
مشهور حديثه الجازي: هدف مستحيل.
أحمد منصور: عسكرياً صعب.
مشهور حديثه الجازي: رغم إنه مستحيل، وانقتل به 160 واحد، احتلوه الأخوان العراقيين، وبعد الاحتلال قالوا: انسحبوا.
أحمد منصور: يعني أنا سعادة الفريق اسمح لي.
مشهور حديثه الجازي: القرار السياسي ليس إلنا.
أحمد منصور: اسمح لي، يكاد يكون هناك من يصل إلى حد إن حرب 48 كانت مؤامرة.
مشهور حديثه الجازي: نعم.
أحمد منصور: اشتركت فيها بعض القوي السياسية العربية، وساعدت علي عملية التكريس.
(1/39)
مشهور حديثه الجازي: نعم، نعم، نعم بكل آسف، أقول لك: نعم، إنه كان باستطاعة هذه القوة بقراراتها، وبشعوبها، وبنفسها الوطني، أن تحرر أكبر جزء من فلسطين، إذ لم تكن فلسطين كاملة، لكي القرار ليس بإيدنا، وأكبر دليل إني قلت لك بكلمة عدت أنا، هدف صعب حتى الجيش العراقي يفشل، ومع هذا ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذه عودتك إلى الخلف كانت بعد المعركة التي خضتها؟
مشهور حديثه الجازي: آه بعدها.
أحمد منصور: أصبت أنت في هذه المعركة.
مشهور حديثه الجازي: نعم بعدها..
أحمد منصور: ورجعت إلى الخطوط الخلفية.
مشهور حديثه الجازي: ورجعت إلى الخطوط الخلفية.
أحمد منصور: والقائد البريطاني أعادك إلى بعيد، حينما أبديت رغبة في قتال اليهود..
مشهور حديثه الجازي: نعم..
أحمد منصور: يعني.. هذه الملابسات -الحقيقة الآن- والأجيال الجديدة تتلقاها، وتحاول أن تتعرف عليها بتكرس بعض الأشياء الخطيرة بالنسبة لأحداث التاريخ العربي الحديث، كيف انتهت حرب العام 48؟ وكيف كان شعورك كعسكري عربي كنت في خط المواجهة مع اليهود؟ كيف انتهت الحرب؟ وكيف مشاعر بعد نهاية الحرب؟
مشهور حديثه الجازي: يعني أولاً: شعرنا إن إحنا كنا في.. في حماية شعبنا الفلسطيني، وشاهدنا الإندحارات والهزيمة، من اللاجئين وهم كانوا بيعده من اللد والرملة أمامنا، بعد هذه الحرب، ونحن جالسين ما نعمل شيء، كنا في باب الواد، كنا في القدس، كنا في بيت لحم.. يعني هذا كان القرار -أيضاً- يعني ترك بنفسنا مرارة كبيرة، ولكن القرار ليس بأيدينا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي..؟
الفريق. مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: ماكو أوامر.
أحمد منصور: ما هي الحدود التي وقفتم عليها، والتي وقف عليها الإسرائيليين مع نهاية حرب العام 48؟!
مشهور حديثه الجازي: هو –الحقيقة- وقفنا تقريباً إلى.. إلى أقل من التقسيم، ولكن القدس كانت معانا كاملة، كنا نستطيع أن نحتل القدس كاملة، وبعدما احتلينا.
(1/40)
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنتم تستطيعوا لكن..
الفريق. مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: احتلينا ورجعنا.
أحمد منصور: بأوامر مِن مَنْ؟
مشهور حديثه الجازي: من القيادة الإنجليزية، بعدما احتلينا القدس القديمة اللي هي فيها اليهود الآن، اللي هي القدس الغربية، احتلناها كاملة بمدرعاتنا، ولكن رفضوا، رجعونا للخلف لغاية الحدود المرسومة، اللي حالياً (بياخدوها) اليهود..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وصارت هي مقسمة وعرف ما سمى بالقدس الشرقية والغربية .
الفريق. مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: بالقدس الشرقية من ذاك التاريخ، وإلا كان بالإمكان السيطرة عليها، فأنا بقول: الهزيمة هي خذلان، هي تنفيذ لسياسة الغرب، هي قصر نظر، وتقصير في الإدارة.
أحمد منصور: وتكريس لعملية التقسيم.
مشهور حديثه الجازي: وتكريس لعملية التقسيم، وإقامة دولة الصهيونية على فلسطين، ما في أدنى شك، أنا أقول هذا ورزقي على الله، يزعل اللي يزعل، ويرضي اللي يرضى.
أحمد منصور: سعادة الفريق، اسمح لي بسؤال وإن كان محرج شوية.
مشهور حديثه الجازي: وما أكثره!
أحمد منصور: ما هو شعور الضابط، أو الجندي المنهزم؟ وأنا أتحدث وأسألك عن هزيمة العام 47؟
مشهور حديثه الجازي: أول شيء أشكرك على السؤال، أحمد الله أني لم أهزم، اعتبرت نفسي ولو أني جزء من هذا الجيش في 48 لم نهزم، حقيقة وقفنا على حد ما، وفي 67لم.. لم يحالفني الحظ والحمد لله أن أشارك بهذه الهزيمة، الجندي المهزوم محيط ويشعر بذل، وإعادته للقتال شبه مستحيلة، فلذلك.. يعني هو شيء من المرارة، والذل، خاصة إذا كان إنسان عربي يعرف العزة والكرامة إلى آخره، تعرف فمر الهزيمة مرة مرة، إحنا ذقنا مرارة كبيرة في 48، نعتبر إحنا هزمنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إحنا عمالين نتذوق مرارات.
مشهور حديثه الجازي: نعم، نعم.
أحمد منصور: متتالية.
(1/41)
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: في 48 طبعاً هزيمة، إحنا كنا يعني نفسياً نفسيتنا تحطمت، لأنه كان بإمكانا أن نقاتل، ما قاتلنا، كان الجيش المصري محاط ومطوق في الفالوجا، ما قدرنا نعمله شيء، ونحن نستطيع، لكن القرار طلبوا حتى شيء من الذخيرة والأكل لم نستطع مساعدتهم لأن القرار الإنجليزي لأ، الجيش المصري، إحنا شعرنا بالإحباطات كتير يعني.
أحمد منصور: هناك بعض الدراسات التي صدرت في خلال السنوات التي أعقبت عملية المفاوضات مع إسرائيل، وكامب ديفيد، وغيرها، عن إن العلاقات العربية الإسرائيلية بدأت في حرب العام 48، وإن هناك كان بعض اللقاءات السرية، على أكثر من جبهة، وعملية ترسيخ أو اتفاق على أن إسرائيل تكون موجودة، حتى مع وجود هذه العداوات وهذه الحروب، ما مدى المعلومات التي عندك بخصوص هذه..؟
الفريق. مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: والله أنا كما تعلم، كما أسلفت لك- أنا دخلت في سن مبكر شاب ودخلت أيضاً ملازم وأنا برضه شاب، يعني بالعشرين –ما وصلت 18 سنة- فلذلك أنا لم أكن قريب من القرار السياسي، لم أكن بعرف المجموع، وقفنا لهون، ليش ما قاتلنا، لكن أنا بقول لك يعني الإجابة عليها إن القرار السياسي اللي وقفنا في فلسطين، هو القرار السياسي الذي عمل صلح مع إسرائيل، ونحن ضده في هذا العالم العربي، ولذلك يبقى القرار السياسي هو الفاصل بين الشعوب.
أحمد منصور: يعني أنت تعتبر القرار السياسي هو الأخطر في صناعة تاريخ الأحداث التي وقعت..
مشهور حديثه الجازي: هو الأخطر طبعاً.
أحمد منصور: يعني أنت تعتبر القرار السياسي هو الأخطر في صناعة تاريخ الأحداث التي وقعت..
مشهور حديثه الجازي: هو الأخطر طبعاً.
أحمد منصور: في العصر الحديث في العالم العربي والتي هي محل هذا البرنامج.
مشهور حديثه الجازي: يعني نحن الآن خليني أتكلم، نحن الآن ضد التطبيع.
أحمد منصور: كشعوب مثلاً.
(1/42)
مشهور حديثه الجازي: كشعب إحنا ضد التطبيع، ولكن على المستوى السياسي هناك صلح، حتى التطبيع، إيقاف التطبيع ممنوعين إن نتكلم عنه، حتى تغيرت العداء، عندما تنعت إسرائيل دولة.. دولة عدوانية، يقال إنه تجاوز حدودها، لأنها أصبحت صديقة مع كل آسف إن القرار السياسي يصنع... يصنع المعجزات، خاصة على شعوبنا في المنطقة.
أحمد منصور: سعادة الفريق أنا أود أن انتقل إلى نقطة أنت أشرت إليها في معرض حديثك، وهي رحلتك إلى بريطانيا، أو المهمة، أو الدورة الأولى التي أخذتها في بريطانيا والمشاعر بالنسبة لك كضابط في الجيش العربي، الذي يتحكم فيه البريطانيين، أو الذي يقوده البريطانيين، وخروجك إلى بيئة غربية، كانت تعتبر بريطانيا في ذلك الوقت بريطانيا العظمى، وكانت تخضع لها مستعمرات حتى الهند، وكانت كما يطلق عليها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، ما هي الأشياء التي رسختها هذه الدورة في نفسك حينما ذهبت إلى بريطانيا؟
مشهور حديثه الجازي: أولاً: كانت فرصة إليَّ أن أخرج من بلدي لأرى بلداً آخر، خاصة غربي، ولكن الشيء اللي أثر بنفسي، كنا نشعر نحن ضباط –وأنا منهم- إن جلوب معروف في الغرب، لما تقولوا جلوب وبريطانيا تعرفه الملكة، وجدت إن جلوب الهام عندي لا يعرف حتى من قبل شعب بريطانيا، ولا له…
أحمد منصور [مقاطعاً]: الشعب البريطاني لا يعرف الجنرال جلوب! !
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: لا يعرف جلوب ولا حتى السياسيين..
أحمد منصور: فقط إحنا كل طفل صغير هنا..
مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: من جلوب من جلوب من هو جلوب؟ كنا نعتقد إن جلوب أهم من الملك، أهم من النظام، تعلمت إن جلوب ما هو إلا عميل بريطاني، يخدم السياسة البريطانية في الشرق، هذا أول شيء تعلمته، تعلمت الشيء الثاني: أنه إحنا مسلوبين الحرية والقرار السياسي والعسكري من قبل إناس لا علاقة لنا بهم.
أحمد منصور: هذا ترسخ في ذهنك في ذلك الوقت؟
(1/43)
مشهور حديثه الجازي: ترسخ في ذهني، وعدت مخموراً بأنه يجب أن نتخلص من هذه الطغمة الحاكمة بأي ثمن.
أحمد منصور: سنة كام ذهبت إلى بريطانيا؟
الفريق. مشهور الجازي: هذا الحكي سنة 50 ورجعت 52.
أحمد منصور: يعني بقيت ما يقرب من عامين.
مشهور حديثه الجازي: العامين نعم، تعلمت عاداتهم، ولغاتهم طبعاً، والدورات إلى آخره، وهذا ما عدت فيه بدال ما صح حبيت البلد، حبيت الثقافة، حبيت التقدم، ولكني عدت كارهاً لحكم الإنجليز، لأنه لا نحكم إحنا كشعوب وهم كشعوب، يحكمونا كما يحكموا شعوبهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان معك ضباط أردنيين؟
مشهور حديثه الجازي: كان معي زملاءنا، نعم.
أحمد منصور: الشعور الذي كان عندك، والذي تتحدث عنه الآن، والذي رجعت به في العام 52، هل كان عند زملائك؟
مشهور حديثه الجازي: كان عند زملائي، وكنا نتحدث طويلاً في هذا الموضوع.
أحمد منصور: تذكر مين من زملائك كان معك في الدورة هذه؟
مشهور حديثه الجازي: والله بذكر واحد اسمه الحلف شافي موجود، والحقيقة عدد آخر رحمهم الله راحوا، منهم أقاربي، ومنهم واحد اسمه محمد نايف محمد أبو تايه، وإبراهيم عبد الله رجل حجازي، يعني هادول الزمايل، كانوا قريبيين مني، كان تقريب من الأفكار، تفكير متقارب الحق.
أحمد منصور: سعادة الفريق في الفترة دي وقع انقلاب في سوريا سنة 49، قادة العسكريين، وقع في مصر انقلاب أو ثورة يوليو في عام 52، هل لهذه الأمور كان تأثيرها عليكم كعسكريين بلدكم خاضعة لانتداب بريطاني، قائدكم بريطاني، والجيش البريطاني يحكم القبضة عليكم؟
مشهور حديثه الجازي: تأثير أتى من هذه الانقلابات كبير.
أحمد منصور: كيف؟
(1/44)
مشهور حديثه الجازي: أولاً: نحن نعيش في منطقة واحدة، وقريبين من سوريا، وقريبين أيضاً من مصر، فكانت ردة الفعل على الشعب، وعلى الجيش خاصة على الضابط كبيرة جداً، الثورات هذه أحيت في نفوس المثقفين والضباط أنه يجب أن يتغير أوضاعنا مع الإنجليز (تحدثوا) إن هزيمة 48 لولا وجود الإنجليز وسياستهم لم يحدث هذا، هذا بقت حقيقة خلينا نقول يعني دفعة إلى الحركة الوطنية، وإلى ضباط القوات المسلحة، إلى التفكير جدياً في تغيير الأوضاع وخاصة طرد الإنجليز.
أحمد منصور: يعني كان فيه تأثير مباشر؟
مشهور حديثه الجازي: تأثير كثير، خاصة ثورات صوت العرب - أخيراً- التي كان فعال في المنطقة، وثورة 23 يوليو – هي الحقيقة - فجرت الأوضاع في كل المنطقة، وتأثرت الأردن تأثرت تأثيراً كبيراً.
أحمد منصور: عايز أسألك هنا، عن كتأثير في البيئة العربية، شيء مهم جداً، أرجو أيضاً أن تقول لنا إحساسك بيه، وهو في أعقاب الحرب العالمية الثانية بدأت ظهر، ظهرت المد القومي، ظهر البعث، الأخوان المسلمين كان تأثيرهم-كان- واضح واعترف بيهم في الأردن في العام 46، وشاركوا في سنة 48 مع القوات الأخرى -هل أيضاً- هل لهذه الروح التي أحدثتها هذه القوى المختلفة على الساحات العربية، هل لها كان تأثير عليكم أيضاً في الجيش؟
مشهور حديثه الجازي: هو تأثير كبير أثرت، المد الإسلامي أثر، البعث أثر، ولكن الحقيقة اللي طغى عليها في كل الإمتدادات هو صوت العرب، وجمال عبد الناصر، لان كان عبد الناصر يعني هو المؤثر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هنا إذاعة صوت العرب عشان..
الفريق. مشهور حديثه الجازي [مستأنفاً]: يعني صوت العرب لغة جمال عبد الناصر، الحقيقة يعني ثورة يوليو إني أنا بعتقد أن التأثير القومي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني انقلاب حسني الزعيم في سوريا، رغم سوريا أقرب لكم من مصر..
الفريق مشهور الجازي: أثر.
أحمد منصور: كان تأثيره.
(1/45)
مشهور حديثه الجازي: لأ.. لأ مش بقدر تأثير 23 يوليو، لأن عبد الناصر الكارزمة تبعه أو سياسته، منطقة تختلف عن الباقيين.
أحمد منصور: لكن عبد الناصر بدأ يظهر قوي في 45 -مثلاً- بعد إبعاد محمد نجيب.
مشهور حديثه الجازي: يعني بعد 54، يعني هي امتداد لـ 52..
أحمد منصور: يعني كل دي مرحلة ما قبل.
مشهور حديثه الجازي: كلها امتدت من الـ 49 لـ 50، سنتين ثلاثة يعني، ما استقر حكم في سوريا كما تعرف صارت ثلاثة خلافات وما استقرش ولا حكم منهم.. حسني الزعيم.. وبالعراق نفس الشيء ثورته الأخيرة فهي ما استقرت حتي تعطي واحد طابع انه قيام …
أحمد منصور: لكن الثورات دي أيضاً يعني هذه الانقلابات العسكرية التي بدأت في المنطقة، هناك يعني تحليلات كثيرة لها كتبت، كتاب (لعبة الأمم) وغيره من الكتب التي تحدثت، كثير من رجال الاستخبارات الغربيين تحدثوا عن أن هذه الانقلابات هي لعب من قبل هذه الاستخبارات، وان الاستخبارات الغربية استطاعت أن تخترق الجيوش العربية سواء في سوريا، أو في مصر، أو في غيرها، بشكل غير مباشر، من أجل تبديل الأنظمة الموجودة بأنظمة -أيضاً- تكون موالية بشكل أو بآخر لها.
مشهور حديثه الجازي: هو الحقيقة تقييمي لهذه الثورات قد يكون أخطأ في تقيمها صحيحاً، لأني لا أريد أن أظلم، لكن أنا بقول هذه الانقلابات كافة هي نتيجة محصلة الإحباط العربي فيما حدث في 48، ما حدث من بريطانيا، ما حدث من استيلاء علي مكتسباتنا، مكتسباتنا في فلسطين وغيرها، جعل هذه القوى تقرب للحكم، وتغير الحكم، كانت هذه الانقلابات محببة للشعوب، لأنهم يعتقدوا أن أي انقلاب سيأتي بالأفضل، للأسف مسلسلات الانقلابات لم تستقر من جهة، اتنين: لم تغير الواقع في الوطن العربي لأن الواقع مرير، الشعب العربي لم تصل له مستوى الثقافي الذي يغير تغيراً سليم كما ظهر في ثورات فرنسا إلى آخره .
(1/46)
أحمد منصور: يعني أنت بتغير الانقلابات التي حدثت في أعقاب الحرب الحرب العالمية الثانية في بعض الدول العربية..
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: نتيجة ردود فعل.
أحمد منصور: ابتداء من انقلاب حسني الزعيم في سوريا سنة 49م ..
مشهور حديثه الجازي: ماعدا ثورة 23 يوليو اعتقادي إن هذه الثورة غيرت الكثير في الوطن العربي، ولأنها أنجزت أيضاً.
أحمد منصور: لكن -أيضاً- البعض بينظر لها علي أنها انقلاب لا يقل عن الآخرين ولا..
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: أنا أثبت لك ما يلي حتى لا نكون لعبد الناصر، أو ضد عبد الناصر، لكن عبد الناصر بقيادته استطاع بهذه الثورة أن يخرج الإنجليز من الخليج، استطاع أن يخرج اليمن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الإنجليز خرجوا من الخليج في 72 .
مشهور حديثه الجازي: لا يا سيدى خروجهم الأولاني، الخروج الأولاني في الخمسينات .
أحمد منصور: من منطقة قناة السويس تقصد؟
مشهور حديثه الجازي: لأ لأ، وحتى من الخليج، ستينات طلعوا الخليج.. حرر كان يقود هذه المنطقة كلها ميجور جونسون، ميجور يحكم كل الخليج، (يأخذ) البترول مع الآسف...
أحمد منصور: يعني كان البريطانيين في الخليج، وفي المنطقة هنا أيضاً.
مشهور حديثه الجازي: عبد الناصر عبد الناصر، نعم.. نعم (...) كان يحكم كل منطقة الخليج.
أحمد منصور: أنت بتعتبر البريطانيين عن طريق وجودهم العسكري استطاعوا أن يستنزفوا المنطقة، طوال هذه الفترة .
مشهور حديثه الجازي: استنزافا كبيراً، ولا يزالوا مستمرين، ثم اخرج اليمن من القرن خمسة إلى القرن عشرين، عبد الناصر أنجز إنجازاً كبيراً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بالدماء، وباستنزاف ثرواتها؟
مشهور حديثه الجازي: بالدماء وللآسف إنه ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ثروة مصر استنزفت في حرب اليمن .
مشهور حديثه الجازي: آه، ولكن طالما لصالح أمة عربية، معلهش بيجوز هذه أحد اعتقادي إن أيضاً هنا…
(1/47)
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت كرجل عسكري -عفواً سيادة الفريق هنا- اسمح لي بسؤال مهم في موضوع اليمن، أنت كرجل عسكري تقيم حرب اليمن يعني هل تصور ما اتخذ من..
مشهور حديثه الجازي: المنجزات، أنا ما بتكلم من ناحية عسكرية، منجزات الثورة أثرت للتغيير في الخليج العربي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب ما الفرق.. ما الفرق بين ثورة يوليو- طالما إحنا الآن - أنت رجل عسكري، وكان الإيحاء عندك في فترة الخمسينيات تأثرت بهذه الثورات، بماذا تفرق بين ثورة يوليو 52 وبين انقلاب حسني الزعيم في سوريا، أو الأحداث، الثورات التي قامت في العراق، أو حتى الانقلابات التي تلت مسلسل الانقلابات في سوريا وفي العراق وفي المنطقة..
مشهور حديثه الجازي: للأسف إن ثورة سوريا، مع احترامي لكل من قام فيها، أنها ثورة ضد ثورة، واستمرت القتال والنزيف، ولم يغيروا شيء، حتى الوحدة فشلت، نتيجة، حتى الوحدة بين سوريا ومصر فشلت، نتيجة الـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذه في وقت متأخر.
مشهور حديثه الجازي: أقولك: يعني أنا بعتقد ما أنجزت، أنا اعتقادي ثورة يوليو هي الوحيدة اللي أنجزت شيئاً بقيادة عبد الناصر.
أحمد منصور: هذا التيار تيار، التيار إن العسكر بدؤو يسيطروا يقومون بانقلابات، أو بثورات، - كما تقول حضرتك – وبدؤو يمسكوا بزمام بعض الدول العربية، وعلى رأسها مصر كدولة كبيرة ومن أكبر دول المنطقة، كان شعوره عندكم إيه، أنتم كعسكر أيضاً موجودين في الجيش الأردني في تلك الفترة؟
الفريق مشهور حديثه المجازي: شعوره توحيد هذه الأمة، قوة للعرب، تغيير للأفضل، هذا الشعور اللي كان عند ردة الفعل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان فيه مد تقدر تقول مد قوى أو رغبة..
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: فيه مد فيه مد..
أحمد منصور: أو رغبة في تكرار ما حدث في تلك المناطق في الأردن؟
(1/48)
مشهور حديثه الجازي: يعني فيه مد، بعض المحاولات اللي هي ما كانت يعني ما كانت مساندة كثيراً في الأردن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا لسه -الآن- لم أدخل إلى 56، أنا أقصد الفترة من52 إلى 56.
مشهور حديثه الجازي: خليني أنا -دعني أقول- أجاوبك على موضوع الثورة، أنا ما بدي أحلل الثورات أنا بدى أقولك لك: لو كانت هذه الأنظمة صالحة، وهذه الأنظمة جيدة، ومع أمتها، ومع شعبها، لم يحدث انقلاب، هو نتيجة الإخفاق السياسي في الدول كلها.
أحمد منصور: لكن التحليل للواقع بعد كده إن هذه الثورات لم تغير كثيراً من واقع الشعوب.
مشهور حديثه الجازي: هى لم تغير، أولاً: لم تعطي فرصة، يعني تكون صادقين أيضاً، إنه كل ثورة كان مقابلها مقاومة، كل ثورة مقاومة أمامها، لم تعطى الفرصة طويلاً لمن يثور أن يصلح، وللأسف الإنسان عندما يصل للحكم أن يحافظ على نفسه، وهذا ما جرى، يتكون أمامه قوة ويصير انقلاب أيضاً، الهدف يحاول للأسف، هذا مسلسل الثورات، لكن أسبابها الإخفاق السياسي في الدول، لو كان النظام جاهز مثل أميركا مثل بريطانيا ما بيضر، حقوق الإنسان محفوظة، وطنه محفوظ، كيانه محفوظ، إحنا الحقيقة نتصور هذه الأمة هي قضية فلسطين، قضية الإخفاقات في فلسطين، قضية التآمر على فلسطين، أحدث الثورات في قلب القادة، اللي هم ظبابط من هذه الأمة، من هؤلاء السكان، على هذه القرارات الخاطئة..
أحمد منصور: سعادة الفريق أنا لا أريد أن أدخل بعمق في هذا الموضوع..
مشهور حديثه الجازي [مقاطعاً]: وأنا لا أريد أدخل بعمق لأني هغضب الجميع كمان.
أحمد منصور: لكن أعتقد يعني حوارك سيغضب الكثيرين ولكن..
مشهور حديثه الجازي: ويزعل الكثيرين كمان أيضاً.. أيضاً.
أحمد منصور: أنا أريد للحقيقة وللتاريخ وأنت رجل ستلقى وجه الله سبحانه وتعالى.
مشهور حديثه الجازي: إن شاء الله.
أحمد منصور: وأشكرك على قبولك أيضاً لإيضاح هذه الحقائق بدون..
(1/49)
مشهور حديثه الجازي: يعني أنا مجرد رأيي أنا شخصي، وأنا بدي أوضحها لإن هذه أمانة.
أحمد منصور: الآن هل نستطيع أن نقول أن مسلسل الانقلابات العسكرية في الدول العربية المجاورة للأردن ساعد على وجود فكرة تعريب الجيش الأردني، والخروج من نطاق السيطرة البريطانية عليه؟
مشهور حديثه الجازي: ساعد كثيراً، ساعد كثيراً، وساعد أيضاً بإخفاق التآمر لإقامة حلف بغداد، والمشاركة فيه.
أحمد منصور: وضح لنا حلف بغداد كيف، يعني ما هي أطراف هذا الحلف وماذا كانت أهدافه بإيجاز؟
مشهور حديثه الجازي: كما تعلم بريطانيا مع إسرائيل أرادت أن تقيم حلف يحمي هذه المنطقة من المد الروسي، استطاعوا أن يجذبوا العراق، والعراق كما قلت تحت التيار البريطاني ونوري السعيد يؤمن في العلاقة البريطانية إيمان عميق، مع أنه مش سيد يعني لما تقرأ تاريخه هو رجل مقاتل، وحتى شعور فلسطين جيدة، ولكنه يخضع للإرادة البريطانية مطلقاً، وبذلك يعني.. الحلف نفسه كان حماية لهذه الدول لمصالح بريطانيا، وحماية لإسرائيل، فأريد أن تجر، أن تكون سوريا والأردن والعراق، طبعاً سوريا رفضت، لإن هى تحت التأثير الناصري آنذاك، الأردن رفضت رفضاً قاطعاً، في مظاهرات والقتال، مظاهرات صاخبة من أطفال ومن مدارس إلى آخره، ففشل فشل (تمبر) عندما أرسل هنا (تمبر) المندوب البريطاني وهذه أحد الإخفاقات اللي أخفقوها، يعني الشعوب أخفقتها..
أحمد منصور: وكان يقابلها في نفس الوقت لدى ضباط الجيش الأردني الرغبةفي الخروج من تحت السيطرة البريطانية عليها.
الفريق مشهور الجازي: نحن يعني مؤيدين لما حدث، وأيضاً كنا ضد الحلف، رغم إن الإنجليز كانوا يحاظرونا باستمرار بان هذا الحلف لصالحنا وهذا لصالح الأمة وإلى آخره، ولكنه ضمناً ضده، حتى المظاهرات عندما نذهب إلها إحنا وجنودنا الأوامر تقول: اضرب لتقتل، إحن قلنا اضرب لترهب، يعني هذه مشاعرنا..
أحمد منصور: إذاً إحنا الآن وقفنا..
(1/50)
الفريق مشهور حديثة الجازي: المشاعر الوطنية امتدت من هذه الثورات بغير أدني شك.
أحمد منصور: الآن نحن أمام مرحلة هامة، وحاسمة فى تاريخ الأردن، وأيضاً في تاريخ حياتك أنت، وهي قرار تعريب الجيش الأردني، وطرد الجنرال جلوب من الأردن، وتكليفك رسمياً كضابط، أو كقائد كتيبة في ذلك الوقت، بأن تتولى أنت إخراج الجنرال من الأردن إلى بريطانيا، تفصيلات هذا الأمر، وتفصيلات المد القومي الذي حدث أيضاً في الجيش الأردني، ومراحل الانقلابات في نهاية الخمسينات والستينات، ستكون محور موضوع الحلقة القادمة، إن شاء الله.
مشهور حديثه الجازي: نتيجة الاحتقانات اللي إحنا ذكرنا عنها دعاية والتغيير في سوريا، والتغيير في مصر، جعل عندنا شعور كبير إنه يجب أن نتخلص من الإنجليز..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا التفصيل في الحلقة القادمة.
مشهور حديثه الجازي: هذا التفصيل آه..
أحمد منصور: أشكرك سيادة الفريق مشهور حديثه الجازى (رئيس أركان الجيش الأردني الأسبق)، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة من برنامج (شاهد على العصر) هذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.(1/51)
الحلقة الثالثة
الأربعاء 6/8/1422هـ الموافق 24/10/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 22:04(مكة المكرمة)،19:04(غرينيتش)
الفريق مشهور حديثه الجازي - الحلقة الثالثة(1/52)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الفريق مشهور حديثه الجازي/ القائد العام للجيش الأردني الأسبق، ورئيس الأركان
تاريخ الحلقة
26/06/1999
أحمد منصور مشهور حديثه
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل حوارنا مع سعادة الفريق مشهور حديثه الجازي (القائد العام ورئيس الأركان الأسبق للجيش الأردني، وقائد معركة الكرامة)، مرحباً سعادة الفريق.
مشهور حديثه الجازي: وبكم.
أحمد منصور: سعادة الفريق إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند سؤال هام وعند مرحلة هامة في تاريخ الأردن وهي تعريب الجيش الأردني، وطرد قائده، قائد الجيش العربي (جلوب) من الأردن في العام 1956، هناك إرهاصات سبقت عملية طرد جلوب، تحدثنا عن الثورات وبعض الانقلابات العسكرية التي وقعت في بعض الدول العربية عن المد القومي الذي بدأ في ذلك الوقت، عن الحركات التي وجدت في الدول العربية وتأثيرها على الجيش الأردني أو على ضباط الجيش الأردني العربي في ذلك الوقت، قبيل طرد جلوب، -في العام 1956- ماذا كانت المشاعر تجاه البريطانيين؟ وهل كنتم تتوقعون أن يصدر قرار بهذا الحجم أو بهذه الضخامة؟(1/53)
مشهور حديثه الجازي: أولاً –كما أسلفت- الأردن تأثر تأثيراً كثيراً في الروح الوطنية وفي الروح القومية التي تبث وتنتشر نتيجة الانقلابات سواء كان بسوريا أو في مصر ولكن التأثير الكبير الحقيقي هي ثورة يوليو وقيادة عبد الناصر لذلك الحقبة، هذه أشعلت المشاعر الأردنية ويعني عبت النفوس ضد القرارات السياسية الخاطئة والتي كانت تجسم في وجود الأجنبي، وخاصة قائد الإنجليز وعلى رأسهم جلوب، وأيضاً قبل هذه بسنة أو بسنتين كانت هناك مواجهات كبيرة بين الشعب وبين الحكومة بخصوص الدخول في الأحلاف المدعو إليها المطلوب أن ندخل فيها وهي حلف بغداد وغيره، كل هذه صبت كلها هذه في قناة التعبئة العامة للشعب والجيش إنه يجب أنه نتخلص من هذه القيادة، لكن -بكل أمانة-لم أتوقع أن يتم ذلك بهذا الوقت وبهذه السرعة.
أحمد منصور: كيف تلقيت القرار وقد كلفت أنت بتنفيذ هذه المهمة في الوقت الذي يجب أن نعود فيه إلى العام 1943 حينما دخلت الجيش عن طريق جلوب، الذي كلفت الآن بطرده بعد 13 عاماً؟
مشهور حديثه الجازي: يا سيدي أنا عندما بعدما دخلت في الخدمة وترقيت لهذه الرتب تعلمت الكثير، طبعاً زادت ثقافتي وزادت معلوماتي وكثروا زملائي، طبعاً وقتها. فكانت الروح الوطنية موجودة عندي في كياني، لكن الطابع العام في الأردن، وفي العالم العربي للأسف أنه فئة البدو بالذات هي مخلصة لجلوب أكثر من الحكومة.
أحمد منصور: هذا تحدثنا فيه فعلاً، وأيضاً مثار سؤال دائم ومتكرر وربما إلى اليوم.
مشهور حديثه الجازي: مع كل أسف.
أحمد منصور: وهو ولاء البدو للبريطانيين أكثر من ولاؤهم من عروبتهم وإلى حكوماتهم.
مشهور حديثه الجازي: ولكن حقيقة الأمر انتفت -أعتقد في ذلك الموقف- أولاً في بعد قرار جلالة الملك بعزل جلوب، وتنحيته وطرد الإنجليز من الجيش الأردني، أتصل بي المرحوم علي أبو نوار والذي هو كان قريب من جلالة الملك وهو المسؤول.
(1/54)
أحمد منصور: ماذا كانت رتبته في ذلك الوقت.
مشهور حديثه الجازي: رتبته كان عميد وبعد ترفع لواء.
أحمد منصور: كان مستشار خاص للملك.
مشهور حديثه الجازي: كان هو مستشار وكبير مرافقين مع الملك وهو كان فعال ومؤثر أيضاً وطنياً في طرد الإنجليز وبما إنه أنا مسئوليتي كانت تمتد لحماية القصور، لأنه تغييرات من وقت لآخر لإنه أنا كنت المسؤول عن الحراسة في القصر الملكي في عمان والقصور الملكية.
أحمد منصور: يعني الحسابات الخاصة كانت مسئوليتك.
مشهور حديثه الجازي: الحمايات الخاصة للقصور.
أحمد منصور: كانت رتبتك أيه سعادة الفريق في ذلك الوقت؟
مشهور حديثه الجازي: كنت.. نقيب.
أحمد منصور: نعم.
مشهور حديثه الجازي: اتصل بي علي أبو نوار وقالي: هل أنت معنا، قلت له: معك.
أحمد منصور: ما معنى سؤال هل أنت معنا؟
مشهور حديثه الجازي: ما معنى ذلك؟ قال: ضد الإنجليز قلت له: إذا كنت ضد الملك إحنا مش معك ولكن إذا كنت ضد الإنجليز أن أول من يكون معك ما هو المطلوب؟ قال: حراسة القوات البريطانية من المفرق حتى لا تأتي، ونريد أيضاً تحرس بيت جلوب حتى يخرج، فتوجهت رأساً.
أحمد منصور: عفواً، القرار هذا كان قرار سري أم كان جلوب على دراية به.
مشهور حديثه الجازي: لأ، كان سرى جداً كنا مدعوين جميعاً لحفلة مع جلوب ولكن إحنا أتتنا المعلومات قبل الظهر، و جلوب لم يعلم و جلوب فوجئ بذلك.
أحمد منصور: يعني جلوب كان يستعد للذهاب إلى حفل.
مشهور حديثه الجازي: يستعد للذهاب لحفلة، كان داعيته عشيرة في الأردن ولكنه بلغ قبل الظهر إن هذا القرار الملك على أنه أنت تتخلى عن القيادة.
أحمد منصور: كيف بُلغ جلوب بهذا القرار؟
مشهور حديثه الجازي: والله بُلغ بواسطة رئيس، رئيس الديوان الملكي اللي هو كان المرحوم بهجت السلقوني.. فبُلغ على إنه هذا القرار..، وفوجئ ولكن قبله.
أحمد منصور: في نفس الوقت تم ترحيله؟
(1/55)
مشهور حديثه الجازي: لأ.. ترحيله تانى يوم.
أحمد منصور: تانى يوم.
مشهور حديثه الجازي: كنا نخشى أن جلوب يستغل وجود -خلينا نقول- مَنْ يحبوه -وهم كثر- للأسف.
أحمد منصور: مَنْ يحبوه.. تقصد من العرب؟ من البدو؟
مشهور حديثه الجازي: مَنْ يحبوه، من البدو ومن الحضر فيه له عملاء كثير..، وهو كان اتغلغل الرجل كان اتغلغل في الأردن.
أحمد منصور: كم بقى في الأردن؟
مشهور حديثه الجازي: وخفنا أيضاً.. 28 سنة و..
أحمد منصور: يعني من 28 إلى 56؟
مشهور حديثه الجازي: تقريباً. نعم..
أحمد منصور: كان يعتبر حاكم الأردن الفعلي.
مشهور حديثه الجازي: هو حاكم الأردن بدون.. مطلق.. مطرقة مطلق بدون كلام وخفنا أيضاً من القواعد البريطانية، لأنه هناك فيه قاعدة في عمان قاعدة سلاح جو.
أحمد منصور: نعم.
مشهور حديثه الجازي: وقاعدة في المفرق، وقاعدة في معان، وقاعدة في العقبة، وكان كل..
أحمد منصور: كم كان يقدر عدد البريطانيين في ذلك الوقت؟
مشهور حديثه الجازي: أعتقد كان مجموعهم 5 آلاف، 10 آلاف، 7 آلاف، 8 آلاف.
أحمد منصور: لكن كانوا يستطيعوا أن يتغلبوا على الجيش الأردني.
مشهور حديثه الجازي: لو أرادوا ممكن يغلبونا على…
أحمد منصور: لكن أيضاً -هنا سؤال مهم- كيف تقبل البريطانيون قرار إخراج جلوب وإخراجهم من الأردن بهذه السهولة، وهي كانت بالنسبة لهم تعتبر موقع رئيسي لحماية مصالحهم في المنطقة؟
مشهور حديثه الجازي: أنا أعتقد –كما تعلم- الإنجليز سياسيين بارعين، وعندما تهب الرياح يطئطئوا رأسهم شويه، اعتبر أعتقد أنهم ما أرادوا أن يخسروا الأردن نهائي، قبلوا في هذا ليبقى الخيط، خيط معاوية مستمر ما بيننا وبينهم، وهذا ما حدث.
أحمد منصور: هل كان هنا علاقة.
مشهور حديثه الجازي: وكان أمر واقع، لابد من التغيير.
أحمد منصور: كيف نقل جلوب من بيته إلى المطار؟
مشهور حديثه الجازي: أولاً أنا أرسلت بحرس، حرسته في منزله.
(1/56)
أحمد منصور: لحراسته، أم لتحديد إقامته؟
مشهور حديثه الجازي: تحديد شبه إقامة، ما يأتي إليه ناس لأنه خفنا أن يأتي إليه أناس أو إلى آخره… أو إن هو يتحرك، لو راح لحد القواعد مين يمسكه، فهو حرس شبه إقامة، والصبح المطار أخذ بحراسة المدرعات إلى المطار للطيارة.
أحمد منصور: طائرة بريطانية أيضاً.
مشهور حديثه الجازي: والله أعتقد بريطانية أيامها كان فيه طائرة ما بعرف هي..
أحمد منصور: طيب كيف أمنتم وضع القوات البريطانية الموجودة على الأرض والقواعد..
مشهور حديثه الجازي: اتخذنا إجراء بقطع الطريق إلى المفرق، حماية المقاطع من سلاح الجو في القاعدة البريطانية، وكذلك منطقة معان.
أحمد منصور: هل كان جلوب وحده هو الذي أُخرج أم أيضاً القادة البريطانيين؟
مشهور حديثه الجازي: كافة القادة البريطانيين -ماعدا- واحد.
أحمد منصور: مَنْ الذي بقى؟
مشهور حديثه الجازي: اللي هو كان قائد كتيبتي اللي هو (كيرك ستريك لاند) رجل ايرلندي ورجل فاضل وكان ينتقد جلوب وهو في الخدمة عنده.
أحمد منصور: هذا بقى أيضاً.
مشهور حديثه الجازي: هذا بقى مستشار عند الملك.
أحمد منصور: مستشار عند الملك، لكن أخرج..
مشهور حديثه الجازي: لفترة… أُخرج من القيادة أنا استلمتها، وأخرج إلى القيادة، حتى يبقى مستشار لفترة معينة ويروح ولم يبق ولا واحد.
أحمد منصور: سعادة الفريق هل فيه علاقة ما بين إخراج البريطانيين من الأردن في العام 56 وكذلك إخراجهم من مصر في نفس العام ووقوع حرب السويس أو العدوان الثلاثي على مصر؟
مشهور حديثه الجازي: والله ما بعرفش ممكن تربطها مع بعض.
أحمد منصور: يعني هنا هنرجع للسياسيين برضه.
مشهور حديثه الجازي: يعني تقدر تربطها ولا تربطها.. أظن المطالبة بإخراج الإنجليز من قناة السويس وفايد، كان قبل طرد جلوب وتعريب الجيش.
أحمد منصور: نعم.
مشهور حديثه الجازي: كانت حركة الفدائيين كانت في فايد إلى آخره..
(1/57)
أحمد منصور: هذه المعارك في 51 ضد البريطانيين عقب حرب 48.
مشهور حديثه الجازي: عام 51 واستمرار كان يجب أن تخرجوا، أنا أعتقد أنا أفصلهم الطرفين، لكن حتماً تأثير ما حدث في مصر هو رده الفعل في مصر.. في الأردن، القرار السياسي اللي أُخذ ولتعريب الجيش.
أحمد منصور: ماذا كان شعورك وأنت تقوم بإخراج الرجل الذي أدخلك الجيش؟
مشهور حديثه الجازي: والله أنا لا أكتمك سر، أني لم أحزن عليه، يمكن كصديق أو كإنسان أعطف، لكن لم أحزن لأنه هو يمثل -حقيقة- جسم استعماري، ولكني لا أنكر ما قدمه لي من خدمة.
أحمد منصور: ده شعورك الآن.. ولا شعورك وقتها.
مشهور حديثه الجازي: وقتها ولكن بقى من هذا كله كان حب الوطن وحب العروبة طغى على أي قرار آخر، بس كنت أنا مرتاح وكنت سعيد جداً.
أحمد منصور: بإخراج جلوب من الأردن وكذلك قادة الجيش العربي البريطانيين.
مشهور حديثه الجازي: نعم.. نعم البريطانيين..
أحمد منصور ]مستأنفاً:[ بدأت عملية تعريب الجيش الأردني -بإيجاز- كيف بدأت خطوات التعريب، هل تم الاستعانة بقوات عربية من دول أخرى لها أسبقية على الأردن أم كيف تمت عملية التعريب، كيف تم إحلال قادة أردنيين حمل القادة البريطانيين؟
مشهور حديثه الجازي: هو الحقيقة شبه محلولة، لأن القائد الإنجليزي كان له مساعد عربي (توما تيكلي) يستلم محله الثاني، لكن مع الأسف الناس اللي استلموا المسؤولية يعني الجروب أو المجموعة اللي كانت مع علي أبو نوار كان لها رأي آخر، أم هو الصح فتم تغييرات وبعض التغيير غير صحيح، وكانت في نظرها أن البدوي لا يزال متعاطف مع الإنجليز وظهر فيه حضري وبدوي لفترة معينة، الحقيقة التركيبة اتلخبطت شويه..
أحمد منصور: لأ.. محنا عايزين حضرتك توضح لنا ليه الآن عملية التعريب، البدو متهمين بأنهم ولاؤهم للإنجليز، وهذا الاتهام كان لا يزال قائم حتى أن الضابط اللي أخرج جلوب ضابط بدوي وأيضاً جلوب هو الذي أدخله إلى الجيش.
(1/58)
مشهور حديثه الجازي: يعني بعد كده يعني أكبر إجابة على مَنْ يوصمونا بهالتهمة إن نحن من هذه الأمة، من الأردن من المحبين لتحرير أوطاننا، من المحبين للقتال في فلسطين وأثبتنا عملياً، وكما ورد في كتاب علي أبو نوار -الله يرحمه- ما يسمي الغضب، كتابه نسيته.. كتابه.. كتابه.. مذكراته… ذكر بها اسمي وموقفي معه في ذلك الوقت، فأعتقد في هاديك المرحلة انتفت التهمة لمدة قصيرة ولكن مع الأسف شبه الحساسيات ظلت مستمرة.
أحمد منصور: يعني في أعقاب إخراج جلوب في 56 حدثت حركة علي أبو نوار في العام 57 مباشرة، واتهم علي أبو نوار بالسعي لعمل انقلاب.
مشهور حديثه الجازي: نعم.. نعم.
أحمد منصور: وحوكم في ذلك الوقت، ما هي الملابسات وكان.. أعتقد أن هذه أول محاولة انقلابية تتم على حكم الملك حسين بعد إخراج البريطانيين من الأردن في العام 56.
مشهور حديثه الجازي: للأسف خروج الإنجليز ترك فراغ قيادي، والفراغ القيادي جعل إنه فيه هناك فئات تتحارب على القيادة وعلى الحكم، أنا لم أرى -وأنا بعتقد من الناس اللي يجب أن أعرف لو كان فيه انقلاب- أن هناك محاولة من علي أبو نوار، هذا اعتقادي أنا، لكن الرجل أتهم بذها، وأعتقد أنها نتيجة -خلينا نقول- أعمال غير مسؤولة أدت لهذا الاتهام وهي أعمال من مجموعة كانت قريبة من علي أبو نوار.
أحمد منصور: ما طبيعة هذه الأعمال؟
مشهور حديثه الجازي: أعمال إنه ابتزازية، إنه يفرضوا على الملك وعلى الحكومة أن يعترفوا في دولة روسيا، ومنهم السيد (بدير رشيد) اللي هو كان وزير خارجية داخلية قبل أسابيع قبل شهر..
أحمد منصور: يعني هؤلاء كانت ميولهم ماركسية؟
(1/59)
مشهور حديثه الجازي: هدول المجموعة اقنعوا علي أبو نوار إنه يجب أن يثق فيها، هذا التيار خلق مشكلة بين الحكم وبين الجيش في الأردن، حولت إن هذه المحاولة، هذا القرار، هذه المحاولات إنه إحنا يجب أن نعتبر.. نعترف بدولة روسيا أن هذه حركة انقلابية. حقيقة الأمر، علي أبو نوار بعد كده لم يكن يخطط لانقلاب.
أحمد منصور: هل كان لك علاقة مباشرة بعلي، كنت قريب منه؟
مشهور حديثه الجازي: نعم.. نعم.. كان الرجل يثق في ويتكلم معي ويتكلم معي في أشياء كثيرة حساسة وأعتقد لو كان ينوي على انقلاب حقيقي لابد أن يبلغني مع إني أنا كنت في جنوب الأردن.
أحمد منصور: حتى تشترك معه في الانقلاب.
مشهور حديثه الجازي: آه يعني ممكن، يمكن، لكنه لم يتكلم.. أو يتكلم هو كان يتحدث مع أقربائه من أصالته.. منطقته بالذات أنا لم أرى -حقيقة الأمر- لم ألمس إن هناك فعلاً مؤامرة حقيقية للانقلاب، بقدر ما هي حساسيات، فئات تتحارب للقيادة، قيادة الجيش..
أحمد منصور: ماذا كانت نتيجة المحاكمات التي تمت و ما قيل عن إحباط هذا الانقلاب؟
مشهور حديثه الجازي: طبعاً لم أحاكم علي، حاكمته محكمة أخرى، لكن بالتالي فرض عليه حكم غيابياً لأن هو ذهب لـ.. حتى هو أخلي سراحه من قبل ليذهب جلاله الملك إلى سوريا ثم إلى مصر، فلو كان -
أعتقد- فيه شيء كان أُعتقل، هو ترك أن يذهب، لكن ذهابه لبسِّه كل الجرائم على إنه فرَّ وما فرَّ وإلى آخره.
أحمد منصور: هل ترك هذا آثار أيضاً لدى الضباط الموجودين في الجيش، وكان لهذا تأثير على ما ذكر من محاولات انقلاب تمت بعد ذلك؟
مشهور حديثه الجازي: هذا كان له تأثير كبير، أول شيء خلخلة بالجيش لأن الجيش بدأ يدخل بالسياسة والتفكير بالانقلابات، والفئات اللي كانت مناوئة لعلي أبو نوار احتلت المركز واتهمت نفس الاتهام وهو السيد (صادق الشرع) الفريق صادق الشرع..
أحمد منصور: هذه محاولة أخرى أو عملية أخرى.
(1/60)
مشهور حديثه الجازي: هي أتت بعد بذيول.. بذيول..
أحمد منصور: في العام 59 على ما أعتقد.
مشهور حديثه الجازي: بذيول.. بذيول الفراغ اللي تم بين 56، 57.
أحمد منصور: نعم.. قبل ما أدخل على الانقلاب اللي حدث، أو المحاولة الانقلاب اللي اتهم فيها اللواء صادق الشرع، وحضرتك كنت أحد أعضاء المحكمة التي حاكمت صادق الشرع.
مشهور حديثه الجازي: نعم.. نعم
أحمد منصور: وحكم عليه بالإعدام ولم ينفذ الحكم، بل تولى مناصب ومسؤليات بعد ذلك، في العام 58 وقع انقلاب عسكري في العراق، وكان عبد الكريم قاسم هو قائد لهذا الانقلاب.
مشهور حديثه الجازي: قائد الانقلاب صحيح.
أحمد منصور: أنت كان لك علاقات وثيقة بعبد الكريم قاسم؟
مشهور حديثه الجازي: لأ.. أنا لم أدخل العراق قبل الـ 60 في حياتي، وأثناء الانقلاب كنت في الباكستان في دورة عسكرية كلية أركان، إلى إنه بعد عودتي وترفيعى لعقيد.
أحمد منصور: كم المدة التي بقيتها في في باكستان؟
مشهور حديثه الجازي: سنة ونصف، جيت 59.
أحمد منصور: دورة أركان..
مشهور حديثه الجازي: أركان.
أحمد منصور: أركان حرب في..
مشهور حديثه الجازي: رجعت 59.
أحمد منصور: في الكلية العسكرية في..
مشهور حديثه الجازي: نعم في الباكستان، رجعت واترقيت لعقيد وكان التوتر قائم بين العراق والأردن بعد الانقلاب، ولكن دعينا رسمياً لحضور أول.. ثاني احتفال للثورة الثورة العراقية وتشاء الصدف أن تلك الليلة يقرر عبد الكريم قاسم وهو يمسك ميكرفون متحرك أمامنا، وأنا كنت في الصف الأول يقرر ضم الكويت كمحافظة في ذلك الجلسة، وتتكرر ذلك أنني أكون على رأس وفد سنة 90 ويقرر صدام حسين بعد احتلال الكويت، هذا…
أحمد منصور: كان شعورك أية وأنت في العراق وعبد الكريم قاسم يعلن ضم دولة عربية لتكون جزء من العراق.
مشهور حديثه الجازي: والله أنا مع الوحدة.. بس..
أحمد منصور: كانت الكويت لم تستقل.. يعني.
(1/61)
مشهور حديثه الجازي: يعني شبة مستقلة مش مستقلة، يعني كان شعوري إنه ضمها للكويت بأعتقد إنه ليس خطأ طبعاً هو يعني.. يجب أن يكون قصراً.. لكن مع الأسف.. كل -نعود إلى التاريخ- كل الوحدات اللي تمت التوحيد اللي تم بين كل العالم -بما فيه الغرب- هو تم بالسلاح مع الأسف كنا نتمنى أن يكون هو بقرار إجماعي بين الشعب، الشعبين ولكن حدث ما حدث وكنا سعداء أن تضم دولة إلى دولة وتكون قوة لنا، لكن إحنا لا نملك عداء للكويت أن يضمها العراق سابقاً ولا أخيراً.
أحمد منصور: أنا لا أريد أن أفتح هذا الملف لأنه ليس ضمن..
مشهور حديثه الجازي: وما أريد فتحه.
أحمد منصور: موضوعاتنا، لكن الشاهد هنا هو وجودك في الكويت في العام 1960 أثناء إعلان..
مشهور حديثه الجازي: في العراق، بغداد.
أحمد منصور: في العراق -عفواً- عام 1960 أثناء إعلان عبد الكريم قاسم عن ضم الكويت للعراق.
مشهور حديثه الجازي: وتعين الشيخ محافظ.
أحمد منصور: نعم.. ووجودك أيضاً في العراق في العام 1990 بعد احتلال العراق للكويت على رأس أحد الوفود، في.. بعد محاكمة أو محاولة انقلاب علي أبو نوار وفرار علي أبو نوار خارج الأردن كانت هناك محاولة انقلابية أخرى، قيل أنها بقيادة اللواء صادق الشرع، وتمت محاكمة صادق الشرع وحكم عليه بالإعدام مع ضباط آخرين أنت كنت عضو في المحكمة العسكرية التي حاكمتهم..
(1/62)
مشهور حديثه الجازي: والله.. -بكل أمانة- أنا أريد أن أتكلم للتاريخ والصح.. ولا أعتقد أن زميلي ورفيقي وصديقي صادق الشرع يدافع عن نفسه أكثر ما أدافع عنه، أنا لا أعتقد أن هناك انقلاب.. لا أعتقد أنه هناك انقلاب والسبب إن صادق الشرع أتى -وهو أذكى أن يقع في مقالب- أتى لاحتلال قيادة الجيش أو تنظيم الجيش بعد أبو نوار، بعد ما حدث في التغييرات الكبيرة وهروب أبو نوار وإلى آخره.. وكان الرجل في دور تصحيح بعض المسارات، هذه المسارات تغضب كثير من المتنفذين، من عسكريين وسياسيين، ولذلك تحولت من محاولة تصحيح إلى انقلاب، ولكن لا هو عنده استعداد.. ولا الكاريزمة عنده لهذا الانقلاب، هذا.. هذه مطالعتي الأولي عنه، ونتيجة تحقيق كمان.. والمحاكمة لم أرى فيها التهمة صحيحة..
أحمد منصور: طب ولماذا صدر عليه الحكم بالإعدام؟ هل لأن المحكمة عسكرية؟
مشهور حديثه الجازي: لأن المحكمة العسكرية، لأن الشهود، لأن الدفاع.. النائب العام اللي هو قائم بالحكم وضب كل الشهود والوثائق بأن هناك انقلاب.
أحمد منصور: أنا في إطلاعي وقراءتي لكتاب جلالة الملك "مهنتي كملك"، تحدث عن هذه المحاولة بشكل خاص، دوناً عن باقي المحاولات وقال إنها كانت من أقسى الأمور التي بيعتبرها تمت ضده، وأن اللواء صادق الشرع كان معه في الولايات المتحدة في ذلك الوقت وإنه ضيق عليه المجال بعد القبض على مرافقه هنا..، لكن هل تعتقد أن إعادة صادق الشرع بعد ذلك إلى مهمات رسمية في الدولة وتعيينه في بعض الوظائف ربما يؤكد إنه -كما تقول حضرتك- لم تكن هناك محاولة انقلابية..
(1/63)
مشهور حديثه الجازي: والله أنا اعتقادي ولا أريد أن أنفي ما قاله جلالة الملك -هو حر- بس أنا رأيي ومطالعتي أنه ما في هناك انقلاب وأكبر دليل إنه أعيد انتخاب تعيينه وزير مرتين، وأعيد أخيه المتهم صالح الشرع مرتين، مرتين الوزارة، وأعتقد إنه لو كان فيه انقلاب ماكنش… ما بعرف، هل هي هذه يعني ثمن لهذا الانقلاب أو تكفير سيئات، ما بعتقد.
أحمد منصور: سعادة الفريق أيضاً في الفترة دى كان هناك توتر دائم ما بين الدول العربية، كان هناك توتر ما بين الأردن وما بين العراق، ما بين الأردن وبين سوريا، ما بين الأردن وبين مصر، حتى إن الأمور وصلت في العام 1960 إلى..
مشهور حديثه الجازي: قطيعة..
أحمد منصور: قطيعة بل وإلى قيل إن هناك تخطيط لكي تغزو الأردن العراق.. سوريا.. وتستولي عليها هل هذا الكلام كان دقيق؟
مشهور حديثه الجازي: يا سيدي –لأ صح- فيه شيء فيه، للأسف –كما قلنا- المخاضات اللي تمت في.. واخفاقات 48 أتت انتقلت لـ 50 لأنها ما انتهتش، لا احتلينا فلسطين ولا حررنا فلسطين ولا غيره.. فظلت هذه تارة تنتقل من وقت إلى وقت، انتقلت الخمسينات وفي أواخر الخمسينات كان فيه توتر شديد بين عبد الناصر وبين مصر والأردن، وبين الأردن وبين سوريا، واتهامات تضارب بعضها، وتوتر مع العراق، كل هذا كله جعل إنه الأمور تصل إلى مستوى عجيب، فبعد اغتيال المرحوم هزاع المجالى رئيس الحكومة.
أحمد منصور: نعم.. هزاع المجالي في العام 60.. نعم..
مشهور حديثه الجازي: الطريقة اللي تمت بتفجير في بناية في مقره..
أحمد منصور: هذا كان يعتبر يعني أول حادث تفجير ضخم تواجهه الأردن؟
مشهور حديثه الجازي: هذا تفجير..، أعتقد هذا هو ثاني اغتيال سياسي كبير، رياض الصلح أيضاً اغتيل في الأردن.
أحمد منصور: نعم.
مشهور حديثه الجازي: ولكن هذا أكبر اغتيال وتفجير في الأردن.
أحمد منصور: رياض الصلح اغتيل قبيل اغتيال الملك عبد الله بأسبوعين.
(1/64)
مشهور حديثه الجازي: بأسابيع.
أحمد منصور: والملك عبد الله اغتيل في العام آه في القدس.
مشهور حديثه الجازي: هذه اغتيالات سياسية.. هذا الاغتيال..
أحمد منصور: هزاع المجالى كان رئيساً لوزراء الأردن.
مشهور حديثه الجازي: رئيس وزراء الأردن.
أحمد منصور: وتم اغتياله في مبنى رئاسة الوزراء في العام 1960.
مشهور حديثه الجازي: في مبنى رياسة الوزراء في قيادته اللي محمية ومن الصعب الوصول إلها، لكنها مؤامرة دبرت أنا ولا أعرف كيف.. لكن اتهم لا أحد..
أحمد منصور: ألم يكشف؟
مشهور حديثه الجازي: يعني هو.. للأسف غُطيت إنه المؤامرة كانت وراءها سوريا.
أحمد منصور: وهذا الذي دفع إلى الحشد الأردني ضد سوريا.
مشهور حديثه الجازي: هذا اللي دفع إلى الحشد الأردني ضد مصر.. ضد سوريا وأنا أول المحتشدين على الحدود للدخول لسوريا، وقيل لنا من العملاء في سوريا -لإن فيه عملاء للأسف- والمخططين الغير صادقين في الأردن أنه من السهل احتلال سوريا.
أحمد منصور: كيف؟
مشهور حديثه الجازي: وإنه لا يكلفنا إلا ندخل بتحية سلام.. قف.. خذ.. وندخل ونحتل سوريا.. وتضم سوريا إلى الأردن.
أحمد منصور: ما هو رتبتك العسكرية في ذلك الوقت.
مشهور حديثه الجازي: كنت مقدم.
أحمد منصور: وكانت مسؤليتك في أي المواقع.
مشهور حديثه الجازي: كانت مسؤليتى أن أنا أول رطل يدخل إلى سوريا..
أحمد منصور: يعني فعلاً أنت كُلفت..
مشهور حديثه الجازي: أنا كلفت بأمر..
أحمد منصور: بأمر بالدخول لاحتلال سوريا..
مشهور حديثه الجازي: ما نسميه بأمر قتالي استلمناه، على أساس أنه الساعة الخامسة صباح كذا يوم.. -التاريخ نسيته- ندخل إلى سوريا.
أحمد منصور:هذا في العام 1960.
مشهور حديثه الجازي: نعم.. وسندخل مرحب فينا وإلى آخره -أنا ضمناً- ما كنت واثق من هذا الحكى.
أحمد منصور: في أعقاب اغتيال هزاع المجالى.
مشهور حديثه الجازي: اغتيال هزاع المجالى.. نعم.
(1/65)
أحمد منصور: كيف تلقيت الأمر بالدخول لاحتلال دولة عربية؟!
مشهور حديثه الجازي: والله أنا تلقيته في هزل، لأنه أولاً: إحنا لماذا نغزو سوريا؟، اثنين: كيف نغزو دولة؟ أمامنا ذلك الوقت 400 ألف مسلح درزي ميليشيا، الجيش الأول والثاني، الجمهورية العربية المتحدة، ونحن كل ما نملكه يمكن 10، 15 ألف، كيف ندخل سوريا؟!
أحمد منصور: كان عددكم عدد الجيش الأردني 15 ألف.
مشهور حديثه الجازي: أقل أقل من الميليشيا اللي على الحدود.
أحمد منصور: في مقابل 400 ألف؟!
مشهور حديثه الجازي: آه.. آه.. مقابل 400 ألف..
أحمد منصور: والموازين العسكرية.. هنا.
مشهور حديثه الجازي: طبعاً الموازين مختلفة كلياً.
أحمد منصور: في الوقت الذي كان هناك في ذلك الوقت اتحاد بين مصر وسوريا.
مشهور حديثه الجازي: سوريا، الجيش الأول.
أحمد منصور: يعني الحرب هذه ضد مصر وسوريا..
مشهور حديثه الجازي: بقولك الجيش الأول والجيش الثاني فتلقيتها بهزل.. ولكنني كوني أنا متهم أنني أحب العروبة وأنا يعني عميل للقومية العربية وإلى آخره.. وهذا وسام أنا أفتخر بيه، قلت لهم نعم، فأخذت الأوامر وعدت إلى قيادتي.. وصدرت الأمر للقائد.. اللي لأنهم بده ينفذ الصبح.
أحمد منصور: القادة التابعين لك..
مشهور حديثه الجازي: القادة التابعين إلىِّ، على أساس إنه الساعة 5 نتحرك، بالمساء أتوا أقاربي -وهم عندي بالجيش- قالوا لي: شو هذا؟! قلت: ما بدكم أنفذ الأوامر!!، أنا عسكري، أنا عسكري ما أنا رجل سياسي، وبعدين كانوا زعلانيين متأثرين، فأنا قاعد لابس "البيجاما" قلت لهم بالحرف الواحد: أنتوا خايفين ليش؟ قالوا: خايفين عليك.. قلت: اسمعوا، والله لن تدخلوا سوريا إلا بجواز سفر، أما انتوا خايفين على إذا دخلت سوريا لن أقاتل سأكون مع الجيش السوري، وبعد يمكن نصف ساعة راحوا من عندي جاءتني برقية بتقول: تقرر تأجيل الأمر إلى إشعار آخر، تأجيل من الستين لغاية الآن!!
(1/66)
أحمد منصور: ولازال الإشعار متوقف..
مشهور حديثه الجازي: والمؤسف جداً.. حتى نربط الأمور -أنه أقرأ في كتاب (هيرزوج) شو اسمه كتاب (هيرزوج).
أحمد منصور: ده رئيس إسرائيل.
مشهور حديثه الجازي: رئيس إسرائيل، كان مدير الاستخبارات وأخيراً رئيس الدولة.
أحمد منصور: كان مدير استخبارات في ذلك الوقت.
مشهور حديثه الجازي: نعم، يقول بالحرف الواحد، أنه هو في خلال حشدنا ذلك الوقت على الحدود، تلقى رسالة -من الأردن- على أساس إنه هناك مرسل من الجانب الأردني، المدير الاستخبارات العسكرية، ولكنه فوجيء أن المرسل -ناقل الرسالة- هو العقيد السيد أميل الجميعان، اللي هو كان في القيادة، ونقل له رسالة بطلب، أن الأردن قرر أن -بالحرف الواحد- قرر أن ينهي الأعمال التخريبية من جانب سوريا والجمهورية العربية المتحدة، يعمل لها نهاية ويطلب، ويطلب الأردن أن تحمى حدوده مع إسرائيل، ويقول بالحرف الواحد لقد ذهبت إلى رئيس الدولة اللي هو مش عارف حايم بن جوريون -أظن- في شقته، وأبلغته وكان الجواب "على بركة الله"، نحن نحافظ على التزامنا إنه لا تعتدي على الحدود.
أحمد منصور: ده كلام خطير سعادة الفريق.
مشهور حديثه الجازي: ده كلام.. هذا التاريخ أنا ما أحكيه.. ما هو منى أنا.. هذا كتاب.. كتاب هيرزوج..
أحمد منصور: يعني معنى ذلك إن كانت الأردن تأمن على حدودها مع إسرائيل لذا قامت بضرب سوريا..
مشهور حديثه الجازي: مع كل أسف.. مع كل أسف.. هكذا وصلت الأمور بين الأمة العربية وبعضها.
أحمد منصور: كيف كان تقييمكم أنتم طيب، كعسكريين… الآن كان هناك.. واضح أن الفترة دى كانت فترة صراعات ما بين كل الدول العربية كانت في صراع مع بعضيها، العراق والأردن وسوريا والأردن، والأردن والسعودية، والأردن ومصر، كانت الأمور متداخلة وفترة صراعات في الوقت اللي كانت إسرائيل في بناء، في عملية بناء مستمر لقواتها، كان العرب داخلين في صراعات فيما بينهم.
(1/67)
مشهور حديثه الجازي: يا سيدي هذا الصراعات، هذه الصراعات المستمرة الخمسينات والستينات ومحاولة احتلال سوريا هو ما أوصل هذه الأمة إلى حرب 67 حيث إسرائيل بنت نفسها وقوت نفسها وأصبحت قوة كبيرة جداً بقرارها السياسي، ونحن متفرقين وكانت الحرب إلى 67 قاتلة على الجبهات العربية الثلاثة.
أحمد منصور: أنا قبل ما أدخل على 67، أريد أن أعرف ويعرف معي الأخوة المشاهدون كيف التبعات التي تبعت القرار الذي اتخذ بغزو القوات الأردنية إلى سوريا، في الوقت الذي كان عدد القوات الأردنية 15 ألف في مقابل 400 ألف سوري…
مشهور حديثه الجازي: والله مع الأسف أنا أعتبر إنه القرار بحد ذاته كان خاطئ، وأعتقد إن الأردن -في الأخير- نُصح من دول غير عربية أن لا تدخل..
أحمد منصور: هذا كان معلن إن سوريا.. الأردن..
مشهور حديثه الجازي: لأ.. لا سوريا كانت تحشد قواتها على الحدود، حشدينهم معروف، لإنه الناس رايحين جايين شايفين بعض، الحدود المشتركة -تعرف- إحنا بلد واحد لأن (درعات) تحكى مع (الرمثة) كأنها قرية واحدة فلذلك الحشود متوفرة، لإني أنا بشوف الجندي بالعين المجردة العسكري السوري.. والسوريين، فالحشد كاد وافر وكانت متوفرة، لكن مع الأسف هذا القرار اللي كان.. ومع الأسف إن الأمور وصلت إلى ما وصلت إليه من هذا التفكير إن دولة تغزي دولة، ونستعين ونستغيث بأعدائنا الصهيونية العالمية!!
أحمد منصور: في أعقاب هذه المأساة إن شئنا أن نقول..
مشهور حديثه الجازي: مأساة كبيرة.
(1/68)
أحمد منصور: في التاريخ العربي ورؤية الأجيال القادمة لهذا الوضع المتردي، كانت هناك وحدة بين مصر وسوريا من 59 إلى 62 أو إلى 63، نهايتها، بعد ذلك دخلت مصر أيضاً في حرب اليمن إلى جوار ثورة اليمن التي قامت في عام 62، ودخلت الأردن إلى جوار المملكة العربية السعودية التي كانت تقف مع نظام الإمامة الموجود في اليمن وصار هناك صراعات في فترة الستينات ما بين الدول العربية في الوقت اللي نكرر فيه إن إسرائيل كانت بتحشد وبتبني قواتها، حتى وصلنا إلى مرحلة العام 67، قبيل 67 كيف كان الوضع العسكري على الجبهة الشرقية المواجهة لإسرائيل؟
مشهور حديثه الجازي: أولاً إحنا كدولة صغيرة كنا مسؤولين عن حدود فوق 600 كيلو، وهذا لا يمكن لأي جيش بحجمنا أن يحافظ على فلسطين وعلى حدودنا مع العدو، فلا شك أن هذا كان واضعنا في مأزق كبير جداً مع الدولة العبرية، ومع كل أسف هذه المؤامرة استمرت بالتوترات وخلق المشاكل وفتح الجبهات في اليمن، ومشاركة الأردن، يعني مشاركة قتالية بأحجام قليلة، يعني أحجام مستشارين وإلى آخره.. إرضاء للسعودية، يعني كان آنذاك هذا الحكي، طبعاً كل هذا الحدث، سواء كان المواجهة مع سوريا أو المساندة للإمامة في اليمن أعتقد كان لها مردود سيئ على القوات المسلحة الأردنية، وعلى شعورنا كمواطنين في الأردن، وكانت هذه نتيجة إنه فيه تذمر كبير والنتيجة بينت إنه بعدما وصلنا إلى ما وصلنا إليه بالحشودات القوات العربية ضد إسرائيل إن إحنا لا نملك الشيء اللي نقدر نحارب فيه.
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول إن القوى العربية استنزفت في معارك داخلية.. صراعات..
مشهور حديثه الجازي: استنزفت استنزف العراق، استنزف العراق في شمال العراق ولم يستطع يرسل إلنا قوات..
أحمد منصور: استنزف مع الأكراد؟
(1/69)
مشهور حديثه الجازي: مع الأكراد.. ونحن أيضاً، كان بيننا وبين العراق خلافات وخوفاً من الجانبين، ومصر كانت في ورطة في حرب اليمن، الأردن أيضاً، دخل غير مباشر بين حرب اليمن، كل هالاستنزافات كانت تصب لصالح الدولة العبرية لتبقى هي الأقوى هي الأكثر وتسيطر على ما سيطرت عليه.
أحمد منصور: إذن قبيل 67 كان معروف إن العرب سيبلو بالهزيمة إن دخلوا المعركة.
مشهور حديثه الجازي: حقيقة الأمر -لو أردنا نتطلع في منظار عسكري صحيح- نحن منهزمين.
أحمد منصور: قبيل المعركة.
مشهور حديثه الجازي: ولكن الروح الوطنية المتأججة إنها تكابر إنه إحنا لسة قوة متماسكة نحن كنا.. كيف دول عربية ثلاثة في ثلاث جيش في ثلاث قيادات مختلفة تقابل قوة أكثر منها عدداً في قرار واحد، وفي جيش واحد، طبعاً الغلبة لمن هو صاحب القرار.
أحمد منصور: كيف كان.. أيوه..
مشهور حديثه الجازي: أما مماثلة القوى مع العرب، لكن لم تحشد بطريقة صحيح وتستخدم استخداماً استراتيجياً يليق بالمعركة.
أحمد منصور: سعادة الفريق، قبيل 67 كيف كانت الجبهات العربية وكيف كانت الجبهة الإسرائيلية، من حيث توازن القوى؟
مشهور حديثه الجازي: توازن القوى، يكاد يكون إحنا في جانب العرب فيه الغلبة، يعني التوازن يمكن يميل للعرب لو استخدمت القوات كلها.
أحمد منصور: غير حرب 48.
مشهور حديثه الجازي: غيرها.. يعني لو كان العراق ليس منشغلاً بالأكراد حرب الأكراد، وكانت مصر متخلصة بكير أبدر مما عملته في اليمن.
أحمد منصور: بس هم يقولون إن لم يكن هناك في اليمن إلا 5 آلاف جندي فقط.
مشهور حديثه الجازي: يعني بس كانت فيه ورطة عسكرية كبيرة.. استنزاف.. وإلى آخره.. ولو كان القيادات متجانسة والجيش فعلاً متجانس في قيادة واحدة، ليس نخلق جبهة قيادة عربية ونلبسها للمرحوم عبد المنعم قبل الحرب 44 ساعة، هذا ارتجال.. هذا ظلم للعسكرية، وأذكر إنه المرحوم عبد المنعم الله يرحمه..
(1/70)
أحمد منصور: عبد المنعم رياض؟
مشهور حديثه الجازي: عبد المنعم رياض بعد 67، انسحاب القوات جمعنا وقال والله نحن العسكريين ظُلمنا لهذه المعركة -والله إنه صادق- نحن ظُلمنا..
أحمد منصور: قبل 67 ما تحدث، الآن كان هناك صراعات وخلافات كيف استطاعوا خلال أيام يوحدوا أنفسهم ويخوضوا معركة.
مشهور حديثه الجازي: يا سيدي هي كل أمورنا كانت تبدأ وتنتهي في بوسة اللحى، التقليد العربي الفاشل، ويعتقد هذا كان هو ما وصلنا إلى هذه النتائج الكاذبة، نحن نكذب، ونستقبل، ونهنى، ونتآمر، هذا ما حدث، كان إحنا في خلاف مع عبد الناصر لأبعد الحدود، إذاعتنا مفتوحة ضد عبد الناصر، وعبد الناصر الجمهورية العربية ضدنا وسوريا قبل 48 ساعة، ثم فكر الأردن إنه يدخل حتى ما يخرج من اللعبة وهي لا يتحمل مسؤولية الإخفاق أو الاحتلال أو أو المشاركة في هذه المعركة، دخل في وفاق مع عبد الناصر في خلال 48 ساعة كنا متجانسين وأرسل المرحوم عبد المنعم ليكون الرمز أنه هذا هو أكبر دليل.
أحمد منصور: عبد المنعم رياض جاء إلى هنا إلى الأردن.
مشهور حديثه الجازي: نعم، إيجه هون بهذه القيادة ليكون هو الرمز القيادي القيادة العربية الموحدة المشترك فيها مصر والأردن وسوريا. ومع الأسف لا… التوازن الحقيقي، لأنه نحن يجب أن يكون بجانبنا القوة العراقية لتحمى الشمال.. لم تدخل.. و
أحمد منصور: هل منعت العراق من المشاركة في حرب 67.
مشهور حديثه الجازي: نعم مُنعت.. نعم مُنعت.
أحمد منصور: يعني كان لدى العراقيين استعداد..
مشهور حديثه الجازي: منعها سببين.. السبب الأول: اشتراكم بقوة ثقيلة في الشمال، ثم الأردن لم يرحب لم يرحب في قدوم الجيش.
أحمد منصور: خوفاً منهم بسبب الاضطرابات ما بين الدولتين.
(1/71)
مشهور حديثه الجازي: خوفاً منهم وأذكر إنه أخي وزميلي الفريق عامر قماش بعدما رجع من القيادة الموحدة باجتماع أخرج ورقة صغيرة ها لقد وقال بهذه الورقة أحبطت دخول القوات العراقية، كأنه يحبط دولة إسرائيلية، وفعلاً لم تدخل القوات العراقية المعركة بالوقت المناسب، لكنها دخلت بعد حرب 67 وتصدت إلى القصف من الحدود العراقية حتى وادي الأردن…
أحمد منصور: الإرهاصات اللي سبقت عملية الحرب 67 كانت فيه أحداث متلاحقة، تصعيد متلاحق، هل كان اليهود مستعدين، والعرب مستعدين فقط بالتصريحات وبالتهويش، مَنْ الذي قاد إلى وقوع الحرب؟
مشهور حديثه الجازي: أنا أعتقد إنه الحرب 67 هي مطب لعبد الناصر.
أحمد منصور: مَنْ الذي أعد هذا المطب؟
مشهور حديثه الجازي: أعدها إسرائيل وأميركا، وكان السبب أنه حشدوا هذه الجيوش وعبوا هذه التعبئة وهم يعرفوا، هم قدموا كل المعونات كل.. المعدات العسكرية الغربية المتواجدة قريب من المنطقة كانت تحت أمر إسرائيل كانت واضح، المؤامرة كانت للخلاص من عبد الناصر وحكمه في مصر.
أحمد منصور: كيف الخلاص من عبد الناصر وعبد الناصر بشكل غير مباشر كان يحقق مصالح هذه القوى الكبرى.
مشهور حديثه الجازي: بس لا شك إنه وقع في مطب.
أحمد منصور: ما هو المطب إذا كانت القوات المصرية كقوة إذا دخلت معركة حقيقية مع الإسرائيليين -كما حدث في أكتوبر بعد ذلك- كان يمكن أن تهزم الإسرائيليين؟
مشهور حديثه الجازي: والله يا أحمد –أنا أريد أن أتكلم- قد يجرح الكثير –ولكني أريد أن أتكلم- نحن دخلنا في قيادات، غير جديرة، أنا أحكي عن القيادات المدنية، القرارات السياسية فيها خطأ، خطأ نحن لم يكن الرجل المناسب في المكان المناسب.
أحمد منصور: كيف سعادة الفريق؟
مشهور حديثه الجازي: أنا أقولك، يعني على الجبهة المصرية، وأكبر قوة موجودة قادها أخ المشير عبد الحكيم.
أحمد منصور: عبد الحكيم عامر.
(1/72)
مشهور حديثه الجازي: وعبد الحكيم عامر بحياته لم يقد فئة.. سريه، كيف يقود جيش؟!
أحمد منصور: يعني بدأ حياته العسكرية قائداً..
مشهور حديثه الجازي: لم يقد أكثر من 150 جندي، يقود مليون جندي بالسلاح، هذا واحد، وباعتقد إنه عسكرياً لم يكن فعلاً كفوء.. لكن قربه من عبد الناصر وحبه له، هو اللي جعله أن يكون قائد عام، أنا أعتقد أنه لم يكن الرجل المناسب لقيادة تلك المعركة، بينما نجد أن الفريق فوزي كله جدارة وكله مقدرة وعندهم.. أنا اعتقادي.
أحمد منصور: يعني أنت تؤكد مبدأ إن تقريب رجال الثقة وليس رجال الخبرة.
مشهور حديثه الجازي: تقريب الثقة وليس رجال الثقة.
أحمد منصور: وليس الخبرة.
مشهور حديثه الجازي: وليس الخبرة.. وأنا بقول إن الخلل الرئيسي تم أنه القيادات العسكرية لم تكن على مستوى المسؤولية حتى على الساحة الأردنية، لم تكن في مستوى المسؤولية.
أحمد منصور: بس أنت كنت على الساحة الأردنية أحد قائدي القوات العسكرية في ذلك الوقت.
مشهور حديثه الجازي: لأ.. أنا ليس في الضفة الغربية كنت في الضفة الشرقية.
أحمد منصور: يعني كنت أحد أركان الجيش.
مشهور حديثه الجازي: لأ.. بس مليش علاقة بالحرب، حرب 67.
أحمد منصور: يعني لم تشارك بشكل أساسي في الحرب.
مشهور حديثه الجازي: لم أشارك ولم تكن بايدى مسؤولية إلا دعم من بعيد.
أحمد منصور: يعني الجبهة الشرقية اللي هي كانت السعودية وحدود السعودية والعراق.
مشهور حديثه الجازي: لا لا.. السورية.. وقسم من إسرائيل طبعاً فيه جبهتين، بالشمال وفي الجنوب إحنا محاذين إسرائيل.
أحمد منصور: لكن لم تقم معارك في تلك المنطقة.
مشهور حديثه الجازي: لم تقم معارك.. لم تقم معارك.. المعارك كانت في فلسطين، في الضفة الغربية، في القدس، في جنين، وللأسف إنه..
(1/73)
أحمد منصور: طب كانت الحدود الأردنية الإسرائيلية في ذلك الوقت -كما أشرت لنا في حلقة سابقة- بعد حرب 48، كان نصف القدس يخضع على الأقل وكانت الضفة الغربية كلها بدون استثناء تخضع للسيطرة الأردنية سواءً المدنية أو العسكرية، كيف سقطت الجبهة الأردنية؟
مشهور حديثه الجازي: يا سيدي –بدى أقولك- أنا لا أريد أن أشرح لأنه لا أريد للمشاهد ولحضرتك أن أشغلك بخرائط عسكرية، لكن أنا بدى أبسط الموضوع، نحن في قبل 67 نستطيع أن نقطع إسرائيل ثلاث مقاطع بالبحر، يعني بالشمال منطقة جنين، من جنين إلى إلى طولكرم ممكن نقطعها بكيلو، 800 متر، ومن باب الواد نفس الشيء، ومن القدس نفس الشيء لكن حقيقة الأمر.
أحمد منصور: يعني كان الفارق ما بين قوتكم وبين البحر هذه المسافات الصغيرة.
مشهور حديثه الجازي: كانت مسافات صغيرة، وكنا إحنا في موقف مهدد لإسرائيل لو بقينا نحن لن تحتل إسرائيل هذه المنطقة لـ 100 سنة، لو قاتلنا القتال المطلوب لم يكن ما حدث، ولكن عندما يكون لواء من أحد ألويتنا في منطقة جنين وهي محور رئيسي.. محور رئيسي يعطى بلاغ للقيادة العربية الموحدة لعبد المنعم، يقال إن اللواء تدمر كلياً.. يعني أبيد، ويتبين أخيراً أن قائد اللواء، زميلنا لواء عواد الخالدى إنه سبق جنوده للنهر، وتبين أكثر من هذا، أنه أخذ راتب، أخر راتب كامل، الرواتب دفعت لكل الجيش لكل اللوا ماعدا أشخاص معدودين إذن كانت هي هزيمة وليس قتال.
أحمد منصور: سعادة الفريق، أنا هنا قدام نقطة هامة وخطيرة، اسمح لي أطرح عليك السؤال واسمع الإجابة عليه في الحلقة القادمة.
مشهور حديثه الجازي: إن شاء الله.
(1/74)
أحمد منصور: هل حقاً صدرت أوامر للجيش الأردني بالانسحاب من المعركة وعدم القتال أم أنها أخطاء صدرت من القادة العسكريين على أرض الواقع وأدت إلى الهزيمة على الساحة الأردنية -التي كما قلت- إن ثبت إن ثبت، القادة أو الجنود الأردنيين في أماكنهم، ما كانت استطاعت إسرائيل أن تزحزحهم وكانت قسمت إلى ثلاث مناطق.. الإجابة في الحلقة القادمة من هذا السؤال.
مشهور حديثه الجازي: إن شاء الله.
أحمد منصور: أشكرك سعادة الفريق على هذا الأمر.
مشهور حديثه الجازي: سؤال جيد.
أحمد منصور: شكراً ليك، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة من برنامج (شاهد على العصر) هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمه الله.(1/75)
الحلقة الرابعة
الأحد 17/9/1422هـ الموافق 2/12/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 15:31(مكة المكرمة)،12:31(غرينيتش)
الفريق مشهور حديثه الجازي - الحلقة الرابعة(1/76)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الفريق مشهور حديثه الجازي/ القائد العام للجيش الأردني الأسبق، ورئيس الأركان
تاريخ الحلقة
03/07/1999
أحمد منصور مشهور حديثه
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع شاهدنا على العصر الفريق أركان حرب مشهور حديثة الجازي (القائد العام الأسبق للجيش الأردني ورئيس الأركان) مرحباً سعادة الفريق.
مشهور حديثة الجازي: وبكم.
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند مفصل هام، ربما في تاريخ الأمة كلها، وليس في تاريخ الأردن، وهو أحداث الحرب العام 67، وطرحنا سؤالاً هاماً وحساساً أيضاً بحاجة إلى إجابة واضحة، هل -حقيقة- صدرت أوامر إلى الجيش الأردني بعدم القتال والانسحاب من الجبهة، وهذا ما أدى إلى سقوطها خلال ساعات؟
مشهور حديثة الجازي: لا هذه المعلومة غير دقيقة، ولم يصدر هناك أوامر إلى عدم القتال، بالعكس التعليمات عندنا التصدي لأي اعتداء كان، وهذا جاء للجند، بالمواجهات المعادية، أنه يتعاملوا مع كل اعتداء في موقعه، بل بالعكس كانت النفوس كلها مهيئة، والجيش مهيأ للقتال.
أحمد منصور: إذن كيف انهارت جبهة الجيش العربي الأردني المواجهة للقوات الإسرائيلية؟
مشهور حديثة الجازي: دعنا نفسر شغلة بسيطة، هو أن استراتيجية إسرائيل-الدولة العبرية-في حرب 67 أن تقاتل جبهة جبهة، وهذا ما حدث، هي لم تواجه الثلاث جبهات، بل واجهت الجبهة المصرية لوحدها، ثم الجبهة الأردنية، وأخيراً السورية.
أحمد منصور: هذا يعني في مدى 5 يونيو صبيحة في 5 يونيو تم الهجوم فجراً على الجبهة المصرية.
مشهور حديثة الجازي: على الجبهة المصرية، وتم تدمير السلاح الجوي المصري كاملاً.(1/77)
أحمد منصور: كيف كان واقع، أو وضع الجيش الأردني صبيحة 5 يونيو؟ هل كان في مأمن؟ لم يكن هناك قتال على هذه الجبهة بالمرة؟
مشهور حديثة الجازي: لا، كان في مأمن بالعكس إحنا فتحنا النار على كل المراكز اليهودية المقابلة لنا، بالعكس إحنا باشرنا الحرب، لأن هناك عندما تبين أن هناك اعتداء على مصر فتحت الجبهة نيرانها على الأعداء، على كافة المراكز الدفاعية اللي أمامنا، أو المراكز الهجومية.
أحمد منصور: كيف انهارت الجبهة؟
مشهور حديثة الجازي: دعني أقول لك إنه الاستراتيجية العربية-آنذاك-التي رسمت كان الاعتماد كلياً على مصر، مصر هي الدولة الأقوى، هي الدولة التي تملك سلاح جو أكبر، هي الدولة اللي تملك فوق المليون جندي، وأخيراً الجبهة السورية أيضاً جيش كبير، فلذلك لم نتوقع أن يتم تدمير سلاح الجو المصري في سويعات قبل الهجوم على الجبهة المصرية، ولهذا –حقيقة- يعني كان مسبباً للإحباط، ولكن الناس قاتلوا، الجيش الأردني فتح النار وقاتل، لكن إمكانيته بالدفاعية.. الدفاعية محدودة، ولكونها محدودة، ولكون الرديف المهم لم يأت إلى الساحة وهو الجيش العراقي -طبعاً- لم يستطع الجيش الأردني أن يستمر في الدفاع كما هو مطلوب، مع أن هناك إمكانية كان لازم يصمد أكثر.
أحمد منصور: سعادة الفريق من خلال هذه الإجابة هناك أيضاً سؤال مهم يطرح نفسه، وهو أن الجيش الأردني كان في مأمن من الهجوم الإسرائيلي، وأن خطة الحرب كانت في فهم الأردنيين هو أن الحرب إذا قامت ستقوم على الجبهتين المصرية والسورية فقط؟ ما مدى دقة هذا؟
مشهور حديثة الجازي: هذه دعاية، الحقيقة هذه هي دعاية يهودية إسرائيلية، وهو إنه لو لم يتدخل الجيش الأردني ويطلق النار على القوات الإسرائيلية، وعلى المواقع الإسرائيلية، لما دخل بالحرب، ولم يهاجم كما هوجم بالحرب المعروفة في الضفة الغربية.
(1/78)
أحمد منصور: هل تتوقع إن في حالة دخول القوات العراقية إلى الأردن ومقاتلتها إلى جوار الجيش الأردني، هل هذا كان سيغير شيء في المعادلة؟
مشهور حديثة الجازي: أنا اعتقادي لو كتب للجيش العراقي اللي هو قوة لا بأس فيها وهي القوة المقدرة أن تأتي إلى الجبهة، تقدر نصف الجيش الأردني، وهذا حجم كبير، وتأخذ قطاعاً كبيراً من الشمال، أنا اعتقادي لو تم ذلك ولم تكن العوائق السياسية والقتالية التي تواجه العراق آنذاك –في شمال العراق- لكانت الصورة أفضل بكثير.
أحمد منصور: يعني أنا لازلت بحاجة إلى فهم كيفية سقوط الجبهة، كيف انهارت الجبهة من الناحية العسكرية؟ وكيف استطاع الإسرائيليين في خلال مدة محدودة الوصول إلى نهر الأردن؟
مشهور حديثة الجازي: أعتقد إنه كان بإمكان قواتنا أن تصمد لمدة أطول، قد لا تصمد طويلاً كثيراً أمام هذا الزخم، عندما تنفرد إسرائيل في الأردن، وهي ساحة كبيرة، وقوات قليلة، ولكن كان بإمكان القوات أن تستمر في الدفاع، لو كان هناك قرار الدفاع من القادة المحليين، لكن للأسف حصل خلل في القطاع الشمالي كما أسلفت في الحلقة الأولى، يعني حدث خللاً كبيراً في القطاع الشمالي قطاع (جنين)، وهذا ما أوردته اللجنة التحقيقية التي أسند لها هذا الواجب، لجنة باكستانية محايدة، وتبين أن انهيار..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: لجنة عسكرية.
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: نعم، إنه انهيار هذا القطاع سبب خلل كبير على الجبهة.
أحمد منصور: يعني أنت تعتبر أن القادة المحليين، أو قادة الجبهات لو أعطوا أوامر لجنودهم بالصمود، لهذا أدي أيضاً-على الأقل-إلى تأخير عملية الانهيار الذي حدث للجبهة.
مشهور حديثة الجازي: إلى تأخير.. نعم، أنا اعتقادي..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: هل كان هناك استعداد معنوي للجنود لكي يصمدوا ولكي يقاتلوا لو تلقوا أوامر بالبقاء في أماكنهم واستمرار المواجهة مع إسرائيل؟
(1/79)
مشهور حديثة الجازي: في اعتقادي أن المفاجأة، والحرب النفسية الذي قامت بها إسرائيل، هي هزمت نفوس الأمة العربية، والجندي العربي، وهو بأنه دمرت السلاح الجوي المصري واستطاعت أن تحقق انتصارات سريعة جداً، لا شك أن الجندي بشر أيضاً يتأثر بالدعاية، يتأثر، أعتقد أن هذه أخلقت إحباط عند الجندي وخلل عند القيادة، ولو أن القادة في مستوى المسؤولية لصمدوا ولو مدة من الزمن.
أحمد منصور: لكن سعادة الفريق، من يتابع أحداث 67 يجد أنه قبيل اندلاع الحرب كانت نذر الحرب كلها واضحة، يعني عنصر المفاجأة هنا لم يكن.. لا نستطيع أن نقول إن هناك مفاجأة في حرب، تم إبعاد قوات الأمم المتحدة من سيناء، تم حشد القوات بشكل كبير، التصعيد الإعلامي اللي كان واضح عدم.. الإنذارات التي وجهت، فكان هناك نذر الحرب موجودة، عنصر المفاجأة هنا في أي شيء، هل في الاستراتيجية الإسرائيلية في الضرب؟ أم في أنه لم يكن أحد يتوقع رغم هذه الأجواء نشوب حرب؟
مشهور حديثة الجازي: أعتقد من جانبنا السبب الرئيسي أنه لم نتوقع أن تقوم إسرائيل باجتياح الضفة الغربية، بل العكس كان.. كنا يمكن هناك كان فكر أنه كما حدث في 56 على جبهة مصر يتم الاعتداء محلي على مصر لوحدها، ثم يتم الانسحاب تدريجياً وإلخ، لكن هذه المرة الاستراتيجية الإسرائيلية بما أنه هناك كان شبه قيادة موحدة للجبهات الثلاث أرادت أن تدمر كافة القوات الموجودة في الساحات.
أحمد منصور: يعني إذن فعلاً إن لم يكن هناك توقع بأن تهجم إسرائيل على الجبهات الثلاث..
مشهور حديثة الجازي: على الجبهة..
أحمد منصور: وإنما كان التوقع العسكري أيضاً أن إسرائيل ستهاجم فقط الجبهة المصرية.
(1/80)
مشهور حديثة الجازي: الجبهة المصرية، والجبهة المصرية ستثبت جدارتها، وتتمكن من امتصاص الضربة، وأخيراً القوات العربية اللي هي الجبهة السورية والجبهة الأردنية تصمد في وجه هذا الاعتداء، إلا أن الذي حدث عكس انفردت هذه القوة.. هذه القوة المعادية بالثلاث جبهات، جبهة جبهة، كيف لا.. وأنهم يشتغلوا، يعملوا جبهة واحدة وقيادة واحدة، ونحن ثلاث جبهات، بثلاث قيادات، وبذيول الخلافات التي سبقت 5 أيلول وهي 5 حزيران، وهي كثيرة من تشنجات سياسية، ومهاترات، ودخلنا الحرب ونحن غير ملتئمين.
أحمد منصور: يعني سعادتك بتعتقد أيضاً أن خلافات أواخر الخمسينات والستينات لها دور كبير جداً في الهزيمة.
مشهور حديثة الجازي: والستينات.. أكبر دور.. ما في أدنى شك.
أحمد منصور: سعادة الفريق، هنا قبيل الحرب أيضاً كان هناك اتفاقية وقعت بين الدول العربية، عرفت باتفاقية الدفاع العربي المشترك، أين كان موقع هذه الاتفاقية من حرب 67؟
مشهور حديثة الجازي: خلق أو تكوين القيادة العربية الموحدة التي كانت في مصر، هي أصبحت البديل أو شبه البديل عن الدفاع المشترك، والدفاع المشترك يعتقد.. أعتقد يعني سلم مهمة الدفاع المشترك العربي، وهي طبعاً.. خلينا نقول الدفاع المشترك هي ثلاث دول المواجهة الحقيقية لإسرائيل، وهي مصر سوريا، الأردن، فدوره أعطي إلى قيادة، والقيادة كانت ممثلة في المرحوم عبد المنعم رياض وهذا ما تم.. ما لها دور فنخرج.. ما لها..
أحمد منصور: هل كان هناك استراتيجية عربية عسكرية واضحة لمواجهة القوات الإسرائيلية، أو للهجوم على إسرائيل في العام 67، أم كانت القضية هي مجرد رد فعل انتظار ما سوف يفعله الإسرائيليين، ثم الرد على هذا؟
مشهور حديثة الجازي: هل تسألني الجبهات، أم عن الجبهة الأردنية فقط؟
أحمد منصور: أسألك عن الجبهة الأردنية، وأنت أيضاً كان لك علاقة تنسيق مع الجبهات الأخرى.
(1/81)
مشهور حديثة الجازي: يا سيدي، معلوماتي أن دائماً نحن بدراساتنا العسكرية الاستراتيجية أن هناك مخططات دفاعية، وما نسميه هجمات معاكسة، ولكن هي للأسف كانت على الورق ولم تطبق لا على الجبهة الأردنية ولا أعتقد على الجبهات الأخرى..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: نعم.. عفواً، تفضل.
مشهور حديثة الجازي [مستأنفاً]: فلو طبقت بأعتقد الأمور كانت اختلفت عما حدث في 67.
أحمد منصور: يعني أنا من خلال سماحك لي بالإطلاع على مذكراتك الخاصة -وأشكرك على ذلك- حيث أنها لازالت مخطوطة، وجدت أن كان هناك تصور دفاعي قبيل الحرب، يعني كان هناك استعداد قبل الحرب، وبكيفية المواجهة، وكيفية الرد على العدوان أو الترتيب للرد عليه، هذه الاستراتيجية العسكرية اللي كانت واضحة، أو الواضحة في ذهنك على الأقل، هل أنت بصفتك كنت قائد للجبهة -ربما- الغير مواجهة لإسرائيل الجبهة الشمالية والشرقية..
مشهور حديثة الجازي [مقاطعاً]: الشرقية نعم.
أحمد منصور: يعني كان هناك وضوح ونقاش أين موقع هذه الاستراتيجية لمواجهة العدوان الإسرائيلي في حاله حدوثه، أو حتى قبيل حدوثه أين كانت من الواقع الذي حدث؟
مشهور حديثة الجازي: لو طبق ما كتب على الورق لحدث ما هو أفضل مما هو، ولكن مع الأسف المخططات على الورق لم يطبق منها 1%، وإلا هناك استعداد كامل للمواجهة، للهجمات المعاكسة بحالة هجمات… نحن نعرف الأرض وجالسين على أرض نعرفها 100%، فالمفروض إن إحنا نطبق ما كتبنا في أوراقنا العسكرية وهذا طبعاً مخططات عسكرية موجودة في كل مذكراتي.
أحمد منصور: يعني لو عدنا إلى ما ألمحت إليه في عجالة وهو الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في الحرب العام 67، هل يمكن أن توضح لنا في نقاط محددة كيف بنت إسرائيل إستراتيجيتها العسكرية في الحرب العام 67 لمواجهة ثلاث جبهات عربية كبرى؟ وهي جبهة مصر وجبهة الأردن والجبهة السورية؟
(1/82)
مشهور حديثة الجازي: أنا اعتقد أن اليهود أو الإسرائيليين لديهم خبرة عن التعامل مع الجبهات العربية نتيجة الحروب السابقة، يعني أصبحوا يعرفوا طبيعة الأرض، طبيعة الجيوش، نوعية المقاتل العربي.. وإلخ، هذا من ناحية.
الناحية الثانية: همه في هذه الحرب كان عندهم قرار وإسناد غربي، أنه لابد من أنه يتم احتلال كامل بمقدمته القضاء على القوات المصرية، وقيادة عبد الناصر، هذه يجب أن لا يسقط من حسابنا أن هذه الحرب لم تكن حرب إسرائيلية، أعتقد أنها حرب غربية أيضاً، إن ما رأيته من كميات من الطائرات في الجو هو أكثر من القوات الإسرائيلية ثلاث مرات، وهذا ما شاهدناه بالعين..
أحمد منصور: يعني أنت تعتقد..
مشهور حديثة الجازي: وهذا يعني أن هناك تدخل إستراتيجي غربي مع إسرائيل في هذه الحرب.
أحمد منصور: أن في حرب 67 الإسناد الغربي لإسرائيل لم يكن مجرد إسناد بالإمداد بالسلاح، وإنما بمشاركة فعلية بالقوات؟
مشهور حديثة الجازي: قد يجوز خاصة بالطيران، أما المعدات شيء بديهي.
أحمد منصور: خاصة في الطيران.. هل وصل إليكم كعسكريين ومن خلال دراساتك وواقعك العسكري أي معلومات مؤكدة حول هذا الجانب؟
مشهور حديثة الجازي: الحقيقة كان هناك فيه شكوك، لكن نتائج المعركة تجعل أن هذه القوة التي استطاعت أن تدمر الجبهة المصرية، والجبهة الأردنية، والجبهة السورية بهذه السرعة، بهذا الزمن القصير، هو حتماً أن هناك قوة غير القوة الإسرائيلية، أو أسندت من قوات غربية كبيرة جداً، خاصة سلاح جوي، خاصة قوات الطائرات.
(1/83)
أحمد منصور: من الناحية العسكرية لو أردنا أن نقول المصالح المشتركة التي تجمع إسرائيل بالدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والتي تجعل هذه الدول تقدم هذا الدعم اللامتناهي لإسرائيل، وتعمل على إلحاق هزيمة ماحقة بالقوات العربية، ما هي هذه العوامل المشتركة التي تجعل هذه الدول تقدم هذا الدعم اللامتناهي لإسرائيل؟ ما هي أهدافها؟ من الناحية الاستراتيجية أتكلم.
مشهور حديثة الجازي: من الناحية الاستراتيجية ينظر الغرب في هذه المنطقة أن القوة القريبة منا، والتي تمثل الغرب، وتعتبر حرس المقدمة، والممثل الشرعي إلى الغرب والولايات المتحدة في الشرق هي إسرائيل، من هنا أتى الإسناد الغير محدود سواء كان بالمجندين، أو بالأسلحة، أو بمختلف الأسلحة المطلوبة والتزويد، ويجب أن نعلم أن إسرائيل تزودت بأعداد كبيرة من المجندين الأميركان، المجندين الإنجليز، والمجندين الغربيين، الذين هم من أصل يهودي، أو يساندوا إسرائيل، هذا وحده جدير بأن يرجح الكفة اليهودية ضد العرب..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: سعادة الفريق.. تفضل.
مشهور حديثة الجازي: يعني إنه النظرة الشاملة للقوة الغربية خاصة بحقبة عبد الناصر، أنه لابد من تقوية إسرائيل على كافه الدول العربية، وهذا ما يحدث الآن، 67 امتداداً لما نواجهه الآن، أن بالرغم من هذه الحروب، وهذا الاستتاب والاستسلام الكامل من حقول بترول إلى آخره، تبقى إسرائيل هي الدولة المسيطرة والمساندة دولياً خاصة من الغرب بكامله، وعلى رأسه الولايات المتحدة، يعني التاريخ يعيد نفسه.
أحمد منصور: نعم سعادة الفريق، لو رجعنا إلى صورة الجبهات في الحرب 67، ما هو ميزان القوى الإسرائيلية مقارنة بميزان القوى العربي من الناحية العسكرية؟
(1/84)
مشهور حديثة الجازي: كأعداد الميزان لصالح العرب كعدد وعدة، ولكن كنوعية قد يجوز يتفوق الإسرائيلي بأنه هناك استخدام للتكنولوجيا عالي، التكنولوجيا عالية، استخدام طائرات أحدث، دبابات أحدث، ثم اعتمادهم كلياً على معلومات صادقة، يعني معلومات دقيقة استخبارية، عن كل جبهة –مع كل أسف- يعني نحن حوربنا أيضاً.. حوربنا أيضاً سياسياً واستخبارياً، وهذا ما تم لنا مؤخراً، اختراقات كبيرة جداً في الساحات العربية.
أحمد منصور: لكن كان هناك جاهزية عربية للمواجهة، مقارنه بالجاهزية الإسرائيلية.
مشهور حديثة الجازي: لم تكن جاهزية بالشكل الصحيح، لو كان جاهزية لكان هناك يجب أن تكون تعبئة عربية، نحن لم نُعبَّئ الجبهة الغربية بقراها مثلاً، ولا أعتقد إنه تم تعبئة على الجبهة المصرية، ولا على الجبهة السورية بالمعنى الحقيقي.
يعني.. إسرائيل عبئت مستعمراتها مجندين ومجندات، وبأسلحة إنه يدافعوا عن نفسهم، نحن اعتمادنا الكلي على الجندي المقاتل، وهذا بأعتقد من أسوأ ما قمنا به، يعني غيبنا دور الشعب، وهذا غلط، فأعتقد لو كانت المشاركة القتالية من ابن القرية، للجندي، للمزارع لكانت الظروف أفضل بكثير مما حدث.
أحمد منصور: يعني أنت بتعتبر أن التعبئة الإسرائيلية العامة باعتبار كل مواطن إسرائيل داخل الدولة هو جندي..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: حامل سلاح.
أحمد منصور: جندي وحامل سلاح، كان من المفترض أن يقابلها أيضاً جاهزية عربية، وأن كل عربي يعتبر نفسه جندي في المعركة..
(1/85)
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: نعم، يعني مش مجالها هون ولكن لو قرأت عن خطة النحال القرى الزراعية.. القرى الحدودية، لو جدت أنه عبارة عن معسكرات.. معسكرات مسلحة، تدافع عن نفسها وتقوم بواجبها، الدوريات، والدفاع ومرات -يمكن- الاعتداء على الجانب الآخر، هذا بعكس الجانب العربي، الجانب العربي المواطن يريد أن يحميه الجيش، المواطن لم نثق به ولا يثق بنا أن يحمل السلاح، هذه أشياء كثيرة.
يعني اختلاف سياسي وسيكولوجي كبير، لو إحنا اعتبرنا أن هذا المواطن عليه مسؤولية ويجب أن يسلح، ويدافع عن أرضه، وقريته وأدعمناه بقواتنا العسكرية، أو وضعنا جيوشنا في مراكز إستراتيجية حقيقية، لكانت الصورة تختلف، لكن إحنا كانت عند مسؤوليات حماية القرى، وحماية المداخل الرئيسية التي نتوقع منها الهجوم، وهذا حمل ثقيل جداً.
أحمد منصور: بعد انتهاء معركة 67، كيف صار وضع الجبهة الأردنية الإسرائيلية؟
مشهور حديثة الجازي: للأسف بعد الانسحاب، واللي أنا أعتبره هو اندحار، وليس انسحاب، لأنه انسحاب غير منظم طبعا وصلت قواتنا..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني هل ما حدث -عفواً- هنا على الجبهة الأردنية أشبه بما يكون حدث على الجبهة المصرية؟
مشهور حديثة الجازي: قد يكون مثله أو أسوأ.
أحمد منصور: نفس عملية الانسحاب غير منظم التي أدت إلى مقتل الناس بشكل.. غير منظم..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: غير منظم.. مقتل الناس بالطرق.. غير منظم.. ناس فارين.. ناس بدون سلاحهم، ناس بلباس مدني إلى آخره.. يعني.. هذا كان انهيار للجبهة، دعنا نكون صادقين، انهيار وهذا لم نعتاده، فهذا كان.. كان عودة الجيش من الجبهات كان ذل، وأنا كنت استقبل هؤلاء وهم عائدين.
أحمد منصور: أعود إلى السؤال الرئيسي وهو كيف صار وضع الجبهة بعد انتهاء المعركة؟
(1/86)
مشهور حديثة الجازي: الجبهة -طبعاً- تم نقل الجبهة من الضفة الغربية إلى حدود وادي الأردن إلى نهر الأردن، يعني..أصبح الحد الأردني الإسرائيلي هو نهر الأردن، وهذا ما تطمع له إسرائيل أن تثبت حدود الدولة اليهودية، يعني تحتل فلسطين كاملة وتعتبر أن فلسطين ملكها، هذا لكم وهذا لنا ووقفت عند هذا الحد.
أحمد منصور: يعني إسرائيل هي التي توقفت.
مشهور حديثة الجازي: أعتقد أنها توقفت -وطبعاً- تدخلات أجنبية، لكن كان بإمكان أن تستمر حتى للضفة الشرقية.
أحمد منصور: هذا سؤال؟
مشهور حديثة الجازي: إنما.. لأنه ما في هناك دفاعات صحيحة.
أحمد منصور: هذا سؤال أيضاً ربما يكون محرج، لو أرادت إسرائيل أن تواصل تدخلها في العمق الأردني، هل كانت تستطيع؟
مشهور حديثة الجازي: تحتل المرتفعات الشرقية بكل سهولة مع الأسف.
أحمد منصور: هل كان وضع الجيش وصل إلى مرحلة من الانهيار إلى هذا الحد؟
مشهور حديثة الجازي: نعم وصل لهذا مع كل أسف، وأنا كنت جالس على الحد لا يوجد هناك قوة فعلاً تردع هذا التغطرس، أو هذه الهجمات الكبيرة الإسرائيلية.
أحمد منصور: كان انعكاس الهزيمة على المواطن إيه، كان انعكاس.. كيف كنتم ترون صورة الهزيمة لدي المواطن، لدى الناس بشكل عام؟
مشهور حديثة الجازي: والله، هذه يمكن يشعر فيها أي مواطن عربي، وأنت واحد منهم أن هناك إحباط، يأس، ذل وعدم الاعتراف بالهزيمة، لأن يعنى يعتقد المواطن -وأنا واحد من المواطنين- أنه بإمكان هذه الأمة على الأقل مش تهزم إسرائيل بس إسرائيل تستطيع أن توقف هذا المد، هذا كان شعور المواطن العربي، كان.. كان في يأس، في ذل، في اندحار في.. يعنى.. فقدان وزن.
أحمد منصور: لكن هذه المعركة بمفهوم ما أجبت عليه الآن لا تعكس الواقع الحقيقي للأمة؟
(1/87)
مشهور حديثة الجازي: لا، الأمة لم تستسلم بروحها كروح كأمة عربية كناس قوميين، أعتقد أن الأمة لم تهزم، الهزيمة كانت نفسية اكثر مما هي عملية، إنما الجيوش اندحرت ما في شك، يعني ما كنا نرتكز عليه من قوة اندحر أمام هذه الهجمة.
أحمد منصور: بعد تحليلكم للهزيمة، وملابساتها، وكيفية وقوعها، وأنت ذكرت أن هناك جبهة، أو هناك لجنة عسكرية باكستانية قامت بتحليل أسباب انهيار الجبهة الأردنية، بشكل عام كمحلل استراتيجي، كخبير عسكري، كرئيس أركان لأحد الجيوش العربية، وقائد لهذا الجيش لفترة من الفترات، لو أردت أن أسألك أو توجز لي باختصار الأسباب التي أدت إلى هزيمة 67 بشكل عام.
مشهور حديثة الجازي: الإجابة ستكون رأي شخصي، لأني لم أكون مسؤولاً آنذاك، آنذاك مسؤولياتي هي في الجبهة الشرقية، شرق نهر الأردن والمحاذية إلى منطقة (أم قيس) في الشمال ومنطقة العقبة، وغور الصلت في الجنوب، لكن أنا أقول: إن أسباب الهزيمة هي عدم الانتماء القومي للوطن..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: هذا واحد من الأسباب.
مشهور حديثة الجازي: هذا واحد، أنا اعتقادي لو أن الإنسان العربي الجندي بما فيه قيادته كانت تؤمن بهذا الوطن إيمان صحيح، لم تتم هذه الهزيمة بهذه الصورة الشرسة، وهذا ما حدث للأسف على جبهاتنا الثلاث.
أحمد منصور: لكن -عفواً- أنت قلت إن جبهة (أم قيس) كانت تتبعك وأنا ذهبت إلى أم قيس، ورأيت مواقع القوات الإسرائيلية في أماكن منخفضة، ربما يكون الوصول إلى التلال أو الأماكن المرتفعة هدف إستراتيجي، لكن حتى السيطرة على أماكن منخفضة في مرمى البصر، وفي مرمى أي مدفعية حتى (الكلاشينكوف) ماذا يعني ذلك بالنسبة لإحدى الجبهات التي كانت في مواجهة مع الإسرائيليين؟
(1/88)
مشهور حديثة الجازي: والله، أنا مثلما قلت أنا ألوم الجندي العربي والقيادات الميدانية كثيراً، لأنه نحن كنا نتمتع في مراكز تعبوية ممتازة في الضفة الغربية، وفي الضفة الشرقية، وفي الجولان، وأعتقد لو كان الدفاع معبَّأ تعبئة سليمة، وهناك إيمان بالقتال، ما انهارت هذه الجبهات بهذه الصورة المذلة.
أحمد منصور: هل بعد حدوث عملية الانهيار، وبعد المعركة كانت هناك أي.. يعني متى بدأت المحاولات لعملية إعادة البناء وعملية إصلاح الجيش وعملية بناء النفسية التي ذكرت حضرتك بأنها كانت نفسية منهارة.
مشهور حديثة الجازي: يا أستاذ أحمد، أنت ذكرتني بشيء مهم، وأريد أنا مش أعقب.. أكد لك أن ما قلته صحيح، أن نفس الجندي الذي أعيد من الجبهة الغربية أو انهزم، كان أتى بالتنظيم الجديد تحت إدارتي، وخلال 10 أشهر، قمت بتدريبهم تدريباً سليماً وتعبئة صحيحة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كانت.. ماذا كانت مسؤوليتك في هذا؟
مشهور حديثة الجازي: مسؤوليتي قائد الفرقة الأولى..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: هذه اللي في المواجهة مع إسرائيل.
مشهور حديثة الجازي: نعم، أعدت بناء هذه القوة وهذا النوع الجندي والظابط نفسه وقاتلت فيهم في معركة الكرامة قتالاً أعتقد أنه شرف الأمة العربية، هذا أن هناك ثقة، تأكد أن هناك فيه شيء مهم في القتال أن الإنسان لا يحب أكثر من نفسه، لا تقول أبوه وأمه إلخ مو صحيح، الإنسان الجندي هو يحب نفسه، ويحب الحياة، لا يسلم هذه النفس إلا لمن يثق أنه يحافظ عليها وينتصر بها.
أحمد منصور: هنا -سعادة الفريق- عندي أيضاً سؤال مهم، كيف الآن أنت أمامك جيش منهزم، أمامك نفسيات منهزمة..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: لا تثق بسلاحها، لا تثق بقيادتها.
أحمد منصور: نعم، كل هذه الأشياء كانت موجودة، ما هي الخطوات التي قمت بها لمحاولة إعادة بناء هذه النفسية من جديد؟
(1/89)
مشهور حديثة الجازي: أولاً: أنا شعرت أنهم مجندين جدد، وكأني أنا الآن وياهم جنود، فأعدت أول شيء ثقتهم بسلاحهم، ثقتهم بنفسهم، ثقتهم بوطنهم –طبعاً- هذه خلال محاضرات وتدريب وسهر وعمل منى وياهم يعني معاهم، أعمل مش أقعد في الخلف وأحكي وأمرر معلومات هيك.. أثبت لهم أن هذه الهزيمة ليست نهاية، وأنت يا إنسان عربي لازلت قادر أن تقاتل، وأنه الثقة بالسلاح هو عدم استخدام، لو استخدمت سلاحك استخداماً جيداً ما تمت الهزيمة.
يعني هذا الأسلوب اللي كان في إيدي بس لم أجدد لا قياديين القادة نفسهم، الجنود نفسهم، وعادة هذا مخالف القانون، مخالف للعقائد العسكرية، أن المنهزم لا يقاتل مرة ثانية، ولكني أنا استطعت في هذا الفترة الوجيزة التي لم تتعد 10 أشهر أن أعيد بنيته مرة ثانية وثقته بنفسه وثقته فيَّ كقائد، وقاتل قتالاً مشرفاً، وألحق أكبر هزيمة بعد الهزيمة التي لم يمض عليها 10 أشهر.
أحمد منصور: ما مدى تجاوب الجندي الأردني معك؟
مشهور حديثة الجازي: تجاوب ممتاز، الجندي العربي شهم ومقاتل صحيح، ولديه الكفاءة ولديه الإيمان، إذا استطعت أن تدخل فيه الإيمان وتعيده إلى تاريخ الإسلام، وتعيده إلى دينه، وإلى تاريخ أمته، وإلى الفتوحات الإسلامية وإلى تاريخه العربي الأصيل، أعتقد أنه يبدع، وهو جندي مقاتل، ولكنه ظلم في كافة الحروب، هذا الجندي المسكين ظلم، لأن حروبنا كلها ارتجالية وسياسية وليس قتالية صحيحة.
أحمد منصور: يعني لو أتيحت الفرصة الحقيقية للجندي العربي أن يقاتل، أو أن يدخل معركة، مهما كانت إمكانات العدو الذي يواجهه فأنت تعتقد أنه يمكن أن ينتصر؟
(1/90)
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: يا سيدي أنا أعطيك مثل أنه في الكرامة أنا قابلت واحد إلى خمسه همه خمسة إلى واحد، هذا زائد على ما تلقيته من قوة جوية فوق 100 طائرة في نفس المعركة، واستطعنا أن نصمد، ونستخدم سلاحنا أحسن استخدام، ونلحق به الأذى ونطرده من الساحة، هذا بديهي نفس الجندي، نفس الساحة، نفس السلاح.
أحمد منصور: يعني طالما..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: الموضوع موضوع ثقة وعمل صادق.
أحمد منصور: نعم.. قضية معركة الكرامة -الحقيقة- من القضايا الهامة، وتعتبر معركة رغم أنها محدودة الوقت والزمن وحتى المواجهة، إلا أنها من المعارك العربية الهامة، والتي ربما لا يعرف الكثير من العرب شيئاً عن هذه المعركة، لكن التوقيت ربما الذي وقعت فيه، طبيعة المعركة، وما حدث فيها، أهداف إسرائيل من وراء هذه المعركة، وكونها استطاعت أن تحققها، أم لم تحققها.
أنا سؤالي المهم الآن طالما وصلنا إلى قضية معركة الكرامة وهي محور رئيسي من شهادتك على العصر، باعتبارك كنت القائد العسكري لهذه المعركة، هل أنتم خططتم لهذه المعركة، أم أن الإسرائيليين هم الذين خططوا لها؟
مشهور حديثة الجازي: نحن لم نخطط لمعركة خاصة، لكن خططنا للدفاع عن الوطن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بشكل عام..
مشهور حديثة الجازي [مستأنفاً]: بشكل عام، وبالمنطقة المحدودة، لكن فرضت علينا معركة وقابلناها بكل رجولة، أما مسبباتها لابد أن نرجع إليها إذا تريد تفصيلاً، كيف..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: نستطيع هنا أن نقول بأن معركة الكرامة الإسرائيليين هم الذين فرضوها.
مشهور حديثة الجازي: هم الذين فرضوها، وهم اللي خططوا إلها، حتى يقتلوا على الروح المعنوية التي بدت تتنامى في الجبهة الأردنية.
أحمد منصور: سعادة الفريق، إحنا الآن لو أردنا أن نعرف الأسباب والدوافع الإسرائيلية لتخطيط إسرائيل لمعركة الكرامة في تصورك، ما هي هذه الأسباب؟
(1/91)
مشهور حديثة الجازي: دعني أعطي توضيح أولي لمعركة الكرامة، وكيف حدثت..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: إحنا لسه الآن ما تكلمناش عن كيف حدثت؟ إحنا الأول ليه إسرائيل..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: المسببات، دعنا نحط أرضية.. المسببات.. عندما سقطت الجبهات، وسقطت الجبهة الأردنية سنه 67، وتساوي الجندي والعامل والمزارع، واحد.. يعني له فضل على الآخر أنت مقاتل وأنا مقاتل (..) أصبحت أنا أشعر أن أنا بإمكاني أو استحق أن أحمل السلاح، قبل 67 كان يمنع دخول الحركة العامة الفدائية إلى الأردن، عبر الأردن لإسرائيل.
وهذه كان استراتيجية أردنية وسياسية أردنية، حتى لا تخلق ذرائع لإسرائيل لتحتل الأردن، هذا ما كان يحدث سياسياً، ولكن بعد انهيار الجبهات فتحت الحدود فدخل أعداد كبيرة جداً، ولو كانت محدودة، أعداد لا بأس فيها من سوريا..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: من الفدائيين الفلسطينيين.
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: كما تعلم أن سوريا نبعت بها المقاومة وترعرعت هناك وقيادتها هناك، فأخذت تدخل بأعداد قليلة، ولكن نواة.. نواة عقلانية، نواة قيادات..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: تدخل بعلم السلطات الأردنية.
مشهور حديثة الجازي: تدخل بدون علم، بدون علم.. بدون علم.. ولكن وجدنا هم.. الحدود مفتوحة لا نستطيع أن تعمل جبهة مع إسرائيل، وجبهة مع سوريا، إحنا منهارين، في وقت انهيار كامل للجبهات، فأبلغني قائد لواء عالي ابن عمي، أو من أولاد عمي العميد (كاسب اسفور الجازي) بأن هناك أعداد من الشباب يحملون السلاح، يقال أنهم فدائيين أو مناضلين.. فدائيين لمقاتلة إسرائيل، طبعا هذا كان..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: هذا في أعقاب هزيمة 67.
مشهور حديثة الجازي: نعم، كان هذا بالنسبة إلنا جديد، فقلت له أريد أن أشوف هؤلاء الناس قسم منهم، اختار لي، فاختار ثلاثة أشخاص بينهم أذكر المرحوم أبو صبري، ووجدت أن هذا..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: (نهال أبو صبري) اسمه ..
(1/92)
مشهور حديثة الجازي: والله، أبو صبري.. سآتي إلى اسمه مؤخراً..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: هو أحد قيادات المنظمة المعروفة..
مشهور حديثة الجازي: أحد قيادات.. نعم.. نعم.. فتح.. فتح..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: من حركة فتح؟
مشهور حديثة الجازي [مستأنفاً]: من فتح.. وبعد لقائه هو وأصحابه اللي لا أذكر أساميهم، سمعت منه كلاماً يعني نضالياً، ناس قدموا أنفسهم من أجل وطنهم، من أجل تحرير الوطن، تحريك القضية، فوجدت أنه هؤلاء الناس فئة تحمل السلاح والعقل، والعلم منهم الطبيب، منهم المهندس، منهم المحامي، فهذه فئة -الحقيقة- مقاتلة.. مقاتلة عن أيدلوجية، مش مقاتلة... فأنا استأنست أن هناك فيه أمة بين أمتنا من يحمل السلاح بعد الانهيار، حتى أغطي نفسي وأعزز هذا الموقف ونطوره، أبلغت الملك بالموضوع..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: ذهبتَ والتقيتَ بالملك (حسين) وأبلغته.
مشهور حديثة الجازي: نعم.. نعم.. أبلغته وظبط اجتماع بينه..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: عفواً، ماذا قلت له؟
مشهور حديثة الجازي: قلت له إن هناك فئات من الشباب فلسطينيين مسلحين، يريدوا أن يدافعوا، يريدوا أن يشغلوا العدو، وأعتقد أنه من الأفضل أن إحنا نسمح لهذه الحركة، لأنها تعيننا في أشغال العدو، لأن إحنا الآن مربوكين، إعادة التنظيم، إعادة الجندي ونسلحه، أنت مربوك لا تستطيع أن تحارب، تشغل العدو وتبني نفسك فمجيئهم كان وقت مناسب إلنا -هذا في تقديري- مناسب جداً أن يشغلوا العدو، وأيضاً ننمي الحركة الفدائية القتالية ضد إسرائيل، وقد وجدت تجاوب كبير، رتبت اللقاء في قيادتي المتقدمة مع جلالة الملك مع الشباب الفدائيين، وأستأنس في الرأي، وبارك هذا النوع من التعاون.
أحمد منصور: يعني أنت الآن أبلغت جلالة الملك، وافق على هذا، وأجتمع بنواة أو بقيادات الفدائيين، في جبهة عندك تذكر التاريخ بالضبط أو في أي شهر؟
(1/93)
مشهور حديثة الجازي: نعم.. بها القيادات.. نعم.. والله في أواخر 67، أواخر 67، يمكن نوفمبر 67، يمكن ديسمبر، أوائل الشتاء.. أذكر أوائل الشتاء، وللأمانة رحب بذلك النوع من التعاون بس أن ينضبط إلى آخره.. أنت تعرف...
أحمد منصور: هل فيه ضوابط معينة وضعتموها للشباب الفدائي؟
مشهور حديثة الجازي: طبعاً، طلبنا أن يكون هناك ضوابط، إنه أنتم تعملون من خلال مراكزنا الدفاعية بالتعاون مع جيشنا، نساندكم إذا قمتم بعمليات، نحن لا نريد أن تخلقوا مشاكل لنا قبل بناء قواتنا، هذا النوع، فكان هناك تجاوب كويس إلا أن الأعداد كثرت، يعني لم تقتصر على ثلاثة أو أربعة.
كل بلد فيها منظمة فدائية دخلت الأردن، دخلت.. دخل الصاعقة من سوريا، دخلت فتح بجيوشها كاملة، وهي أكبر.. أكبر حركة فدائية، دخل الجبهة العربية بالعراق، دخلت الأيدلوجيات والسياسة مع الفدائيين لكن أنا لا كنت أفرق بين البندقية وبين ... لأنني أنا أريد أن تحمل البندقية ضد إسرائيل.
أحمد منصور: سعادة الفريق، الآن.. هنا أنت أجملت شيئاً أنا أود أن تفصله، الآن قلت أن الصاعقة دخلت وهي مدعومة من سوريا، الجبهة العربية مدعومة من العراق، معنى ذلك أنه بعد هزيمة 67 أو ربما قبل هزيمة 67 حينما بدأ الكفاح الفلسطيني المسلح في الستينيات، كل منظمة فلسطينية أسست من قبل دولة عربية معينة، أم أنها التجأت إلى هذه الدولة لتؤويها.
مشهور حديثة الجازي: أنا ما أقولش إنها منظمات تابعة إليها بقدر ما هي هذه الجاليات الموجودة في الخليج في سوريا، في العراق، أوجدت لنفسها هيكل أن تقوم بعمل منظم اسمه حركة فدائية مسلحة، وطبعاً هذه الحكومات أدعمتها بكل ما أتاها من قوة، أدعمتها مالياً، أدعمتها سلاحياً إلى آخره..
أحمد منصور: هل هناك.. ما معنى الفروقات الأيدلوجية الموجودة ما بين المنظمات الفلسطينية المختلفة؟ ألم تكن فلسطين هي الهدف الرئيسي للجميع؟
(1/94)
مشهور حديثة الجازي: هذا الهدف المعلن، لكن الهدف الغير معلن لأ..
أحمد منصور: ما هو الهدف غير المعلن؟
مشهور حديثة الجازي: يعني فيه ناس يؤمنوا بالاشتراكية والماركسية، ناس يؤمنوا بالحركات الإسلامية، ناس يؤمنوا بالقومية العربية، الجبهة الشعبية القومية.. فتح..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: طيب هذه المعتقدات لن تعيد الأرض، التفكير فيها بعد إعادة الأرض وليس قبله.
مشهور حديثة الجازي: هذه الأيدلوجيات اللي أتت مع الناس لا أقدر تغيرها، هذه بنيت في مواقعها في الأراضي التي عاشوا فيها الفلسطينيين التي تجمع فيها، لا أقدر تغيرها، ، كنت أريد من هذا التجمع السلاح يتجه إلى إسرائيل، واستطعنا إلى حد ما أن نوجه هذه العملية.
أحمد منصور: هل يمكن أن تحدد لنا، ما هي أهم القوى الفلسطينية التي وجدت على الساحة الأردنية في أعقاب حرب العام 67؟
مشهور حديثة الجازي: منظمة فتح.
أحمد منصور: من يتزعمها؟
مشهور حديثة الجازي: كان يتزعمها ياسر عرفات، وأبو أياد، وأبو جهاد –رحمه الله- وأبو صبري، وأبو المعتصم هؤلاء القادة الذي أنا أعرفهم معرفة جيدة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: من حركة فتح.
مشهور حديثة الجازي: من حركة فتح، وهؤلاء اللي تعاملنا معهم، رئيسين وهم اللي أتاحوا حقيقة، وأعطوا الغطاء والقناع إلى المحافظة على الحركة الفدائية.
أحمد منصور: القوى الأخرى؟
مشهور حديثة الجازي: القوى الأخرى -طبعاً- كانت تنسق، اللي هي الجبهة الشعبية..
أحمد منصور: بقيادة أحمد جبريل، دكتور جورج حبش..
مشهور حديثة الجازي: لأ.. بقيادة دكتور جورج حبش، معرفش جبهة النضال.. كثروا.. كثار.. نسيتهم.. الجبهة العربية بالعراق، كانت بقيادة المرحوم الدكتور عصام السلطاوي اللي قتل استشهد في اغتيال في أحد الاجتماعات، وطبعاً الصاعقة اللي..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: قوات أحمد جبريل.
مشهور حديثة الجازي: لأ، القوة المسندة من سوريا بقيادة..
(1/95)
أحمد منصور: بقيادة.. قوة الصاعقة..
مشهور حديثة الجازي: نعم قوة الصاعقة.. نعم وقادوها عدة إخوان من الأردن ومن سوريا.
أحمد منصور: هل كنت تلمس فروق في الأهداف، أنت لك هدف رئيسي من وراء التعامل مع هؤلاء وهو إشغال العدو، هل كنت تلحظ فروقاً في التعامل ما بين جبهة وأخرى؟
مشهور حديثة الجازي: الحقيقة الكل كان يريد أن يقاتل إسرائيل، لكن اختلاف الأهداف الداخلية أنا لا أعرف عنها شيء، أنا أتعامل معهم من خلال الأعمال القتالية ليس الأيدلوجية، من يمثلوا؟ وكيف ينتموا؟ هذا لا شأن لي به، كنت أريد أن أعمل منهم قوة متماسكة، تشغل العدو، وتربك العدو، ونسندهم في كل العمليات الفدائية.
أحمد منصور: ما هي طبيعة التنسيق، أو التعاون الذي كان بين الجيش الأردني الذي كنت تمثله في ذلك الوقت، وما بين تجمعات قوات الفدائيين الفلسطينيين؟
مشهور حديثة الجازي: طبعاً من الصعب جداً أن تعامل قوة منظمة مع أشخاص مناضلين لا ينتمون لها، صعوبات كبيرة، لكن العواطف السياسية، العواطف الوطنية جعلتنا أن نغض النظر عن تجاوزات كبيرة منها الخروج، إطلاق النار في وقت غير مناسب، الدخول إلى داخل إسرائيل، داخل المناطق المحتلة في وقت إحنا ما عندنا استعداد للمساندة، لأنهم كانوا يختلقون شيء من الإرباكات، لكن رغم هذا كله كنا نتحملها، لأن الهدف هو إزعاج العدو، خلق جو غير مريح له، وإعطاؤه رسالة أنه هذا الموقع ليس له.
أحمد منصور: معنى ذلك أن قوات الفدائيين كانت تقوم بتنفيذ عمليات عسكرية دون الرجوع إليكم، أو دون إخباركم بأي شيء، أليست طبيعة هذه العمليات أيضاً تقتضي ذلك؟
(1/96)
مشهور حديثة الجازي: هي تقتضي، لكن في الظروف السياسية اللي أتت على الجبهات خاصة الأردن، لأن إحنا التزمنا، بوقف إطلاق النار دون هدنة، يعني دون مراقبين وهذا التزام دولي، ويجب أن نحافظ عليه، لكن رغم هذا أطلقنا يد العمل الفدائي لمدة طويلة، وفعلاً أربكوا.. أربكوا قوات العدو لعدم التمركز الحقيقي، وأربكوا المستعمرات الواقعة في الشمال وبعض المستعمرات التي بدأت تبنى على ضفاف النهر.
أحمد منصور: أين كان موقع قوات الفدائيين؟ هل كانت تتخذ من القرى مثلاً مواقع لها؟ أم كان لها مواضع لكتائب..
مشهور حديثة الجازي: لها مواقع متقدمة إلها مواقع..
أحمد منصور: يعني مواقع، نقاط عسكرية واضحة تشبه الجيش؟.
مشهور حديثة الجازي: نقاط عسكرية، وبعضها ينطلق من نقاط خلفية في عمليات وتعود، مختلف التكتيكات، كانوا يستخدموا..
أحمد منصور: هل كانوا يرتدوا زي عسكري؟ بحيث أنهم الآن بدؤوا ينموا، أو يصبحوا قوة منافسة للجيش الأردني.
مشهور حديثة الجازي: يلبسون زي مبرقع مثله مثلهم الجيش وطواقي وقبعات.. إلخ، كان يميزوا إلى حد ما.
أحمد منصور: كيف كان يتم التفريق ما بين قوات الجيش الأردني وما بين الفدائيين؟
مشهور حديثة الجازي: سهل التفريق بينهم نوعية سلاحهم ونوعية الأشخاص ونوعية تكتيكهم، سلاحهم كلاشينكوف، وإحنا مش كلاشينكوف، لباسهم مبرقع غير مبرقع الجيش يعني اختلاف كبير.
أحمد منصور: من أين كانت يأتيهم الإمدادات في ذلك الوقت؟
مشهور حديثة الجازي: لا تنسى أن هذه الحركة بنت علاقات دولية.
أحمد منصور: هي الآن لسه في بدايتها في 67.
مشهور حديثة الجازي: قبل.. قبل.. بنت علاقات دولية مع الصين مثلاً، مع كوريا الشمالية، مع روسيا، هؤلاء الناس مدربين في هذه المناطق، مدربين في روسيا، مدربين في الصين، مدربين في فيتنام، فهم لم يأتوا من فراغ، أتوا ناس آخرين دورات عسكرية، مقاتلين فيها أتوا مش من فراغ من خلفية قتالية.
(1/97)
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول بأن مجموعات الفدائيين الأولى التي جاءت إلى الأردن في أعقاب حرب 67 جاءت مدربة جاهزة..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: هم اللي كونوا هذه النواة الرئيسية، لكن بالأخير كبر الحجم، وكبرت المشاكل وصعبت السيطرة.
أحمد منصور: في هذه الفترة كان يصعب عليكم السيطرة عليهم أو عملية توجيههم.
مشهور حديثة الجازي: قبل معركة الكرامة والسيطرة كانت إلى حد ما والتعاون كان موجود.
أحمد منصور: طبيعة التنسيق القائم بينكم وبينهم، يعني حضرتك الآن تقول رغم وجود تنسيق، إلا إن كان فيه شبه انفلات في القيام بعمليات عسكرية.
مشهور حديثة الجازي: هذه هي طبيعة العمل الفدائي، العمل الفدائي لا تقيده كالجيوش، إذا أصبح جيش يجب أن يتنظم، جيش يكون له مدفعية ومراكز خاصة ومعلومات إلخ، هم من طبيعة العمل هو عمل تخريبي غير منظم، ولكن مدرب وذو كفاءة لكن إذا أمكن أن ننسق مع القوات المتواجدة، هذا خير له وخير لنا.
أحمد منصور: طيب هو العمل الفدائي بالصورة التي تصفها في هذه المرحلة كان عبارة عن حرب عصابات، كرٌّ وفرٌّ، وكمائن وكل ما تقوم به حرب العصابات..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: حرب عصابات.. تخريب.. وتفجير وقطع طرق واصطياد أشخاص، نعم.
أحمد منصور: حرب العصابات تتعارض بشكل رئيسي مع حرب الجيوش المنظمة.
مشهور حديثة الجازي: دائماً وأبداً.
أحمد منصور: إذن كان هناك شبه تعارض ما بين عملكم العسكري كجيش أردني في ذلك الوقت وما بين عمل المنظمات الفدائية على الجبهة..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: نعم، لكن حاجتنا لهذا النوع لأشغال العدو، وانتمائنا لقضية فلسطين، وشعورنا بأنَّا خُذلنا في فلسطين جعلنا أن نساند أو أي عمل.. أو أي عمل فدائي، أو قتالي ضد إسرائيل.
أحمد منصور: هل كنتم تقومون بعمليات مساندة وإمداد، أم مجرد غض الطرف عما يقوم به الفدائيون وحمايتهم؟
(1/98)
مشهور حديثة الجازي: كثيراً ما نقوم بالإسناد المدفعي والإسناد بالدبابات وإسناد الرشاشات بدخولهم وخروجهم.
أحمد منصور: طيب هل نستطيع أن نقول بأن العمل الفدائي في تلك المرحلة قد أدي أهدافه.
مشهور حديثة الجازي: أدي هدفاً جيد وأعان بنيتنا للقوات المسلحة إلى القوات الموجودة على الأقل في بساحتي.. نعم.
أحمد منصور:
هذه هي إرهاصات ما قبل معركة الكرامة.. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نتناول معركة الكرامة بالتفصيل أحد المعارك الهامة والحاسمة في تاريخ الجيوش العربية، أو الجيش الأردني بشكل خاص، في مواجهته مع إسرائيل من خلال الشكل العام، السؤال الأساسي الذي سيوجه إليك، كيف كان استعدادكم لهذه المعركة؟ وكيف كانت الترتيبات لها؟ وكيف نجحتم في صد الهجوم الإسرائيلي المباغت والكاسح على مواقع الفدائيين؟
مشهور حديثة الجازي: وعلى مواقعنا إحنا نعم.
أحمد منصور [مستأنفاً]: والتي أيضاً استهدفت الجيش الأردني في ذلك الوقت.
شكراً سعادة الفريق، كما أشكركم مشاهدي الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل حوارنا مع شاهدنا على
العصر، الفريق مشهور حديثة الجازي رئيس الأركان والقائد العام الأسبق للجيش الأردني حتى ألقاكم في الحلقة القادمة، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/99)
الحلقة الخامسة
الأحد 17/9/1422هـ الموافق 2/12/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 15:31(مكة المكرمة)،12:31(غرينيتش)
الفريق مشهور حديثه الجازي - الحلقة الخامسة(1/100)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الفريق مشهور حديثه الجازي/ القائد العام للجيش الأردني الأسبق، ورئيس الأركان
تاريخ الحلقة
10/07/1999
أحمد منصور مشهور حديثه
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع الفريق مشهور حديثة الجازي (القائد العام الأسبق للجيش الأردني ورئيس الأركان) وموضوع حلقة اليوم هو موضوع هام للغاية (معركة الكرامة) مرحباً سعادة الفريق.
مشهور حديثة الجازي: وبكم.
أحمد منصور: معركة الكرامة، تحدثنا في الحلقة الماضية عن الإرهاصات التي سبقتها من التوافد الفدائي على الأردن، والفصائل الفدائية المختلفة، وأنها -يعني- تم غض الطرف أو السماح من السلطات الأردنية لهذه القوات بالقيام بمناوشات مع الإسرائيليين لتحقيق أهداف معينة، لتمكين الجيش الأردني من إعادة بناء قواته، قبل أن نتكلم عن الكرامة نفسها -كمعركة- هل كان هذا التواجد الفدائي سبباً دفع إسرائيل إلى الترتيب لهذه المعركة؟
مشهور حديثة الجازي: أولاً: قبل ما ندخل في هذا الموضوع -إذا أمرت- أقول إن معركة الكرامة أتت محصلة للمواجهة اليومية بين القوات الأردنية والإسرائيليين، لأننا كنا نقوم بأعمال تدريبية ومناوشات مع العدو الإسرائيلي المتواجد والذي يحاول أن يعزز مراكزه أمامنا، زاد حدة ذلك تواجد العمل الفدائي وإعطاءنا له كل المساندة والمساعدة ليقوم بعملياته.(1/101)
لكن أريد أن أذكر شيئاً مهماً وهو أنه حتى قبل هذه المعركة كان هناك محاولات من بعض السياسيين الأردنيين أن يخرجوا العمل الفدائي لأنه خلق شيئاً من فوضى في وادي الأردن ومواجهة مع إسرائيل، ومسببات أن هذا العمل سيسبب لحرب جديدة نحن لا نستطيع التصدي لها، حقيقة الأمر أنا استمريت في مساندة هذا العمل الفدائي وتقويض كل محاولة لإبعاد هذا العمل أو الاصطدام به، وبأسلوبي المقنع وعلاقاتي الخاصة مع جلالة الملك ظلينا مستمرين بهذا العمل بالتحاور وبالتنسيق، إلا أنه الأمور ساءت مؤخراً قبيل معركة الكرامة بيوم أو بيومين، حيث أبلغني العميد كاسب الجازي وهو قائد عالي لواء على محور "الصلت-عمان" أنه هناك قوات أمنية مطوقة للفدائيين في مدينة الكرامة، لأن هم إلهم مركز هناك..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: أمنية أردنية؟!
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: أمنية أردنية، طبعاً هذا الحكي خارج عن معرفتي، ولكونه خرج وبإيحاء من قوات أمنية -أمن وليس جيش- أنا غضبت شديداً..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: معركة الكرامة كانت في 21مارس 1968م؟!
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: نعم، قبلها بيوم كانت محاولة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني نقدر نقول يوم20 أو19؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: تقريباً آه، واستطعت -بحمد الله- أن أحول من التطويق للعمل الفدائي إلى التنسيق، في اليوم التالي في 21 آذار هذه -بس- نقطة أردت أن أوضحها، أنه لم تكن معركة الكرامة سهلة مريحة للتنسيق والعمل في المعنى الحقيقي، خاصة بالتنسيق مع العمل الفدائي.
واستطعنا بالتنسيق الكامل بالمواقع وتغطية المواقع الفدائية وتغطية الثغرات اللي ممكن يتوقع منها العدو طبعاً، مسببات المعركة -اللي أنت سألتني عنها- لم تكن -فقط- العمل الفدائي، اعتقادي تنامي مناوشاتنا وقتالنا اليومي مع إسرائيل أصبح يزعج إسرائيل..
(1/102)
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني أنتم كجيش -أيضاً- كان لكم معارك دائمة أو معركة استنزاف نستطيع أن نقول؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: كنت أنا أخلق هذه المعارك لأطعم الجيش، لأعوض قواتنا التي فقدت الثقة بأن مقاتلة إسرائيل ليس صعب، وكنت كثيراً ما نقوم في مبادرة نحنا بإطلاق النار على دورية، على آلية، على تجمع، وهذا خلق -الحقيقة- أشكال مزعجة لإسرائيل ما اعتادت عليها، لأنها اعتقدت أنه بعد 1967م يجب أن تستسلم هذه المنطقة كاملة، اعتقادي مسببات المعركة الحقيقية -أولاً- هي قتل الروح المعنوية في القوات الأردنية المتنامية.
اثنين: القضاء على العمل الفدائي قضاءً مبرماً، لأنه القواعد -الحقيقة- كانت في الأردن.
وثالثاً: احتلال جيب، وهو الجيب الواقع بين النهر ومرتفعات "الصلت" لتصبح المنطقة أشبه بجنوب لبنان، ويمارس هناك الضغط على الدولة الأردنية لصك السلم بالاعتراف بإسرائيل، هذه المسببات اللي -بنظري- هي الحقيقة، بعكس همه قالوا لا هي معركة.. بيسموها (توفيد) هي اقتلاع الفدائيين، أنا أعتقد ما هو صحيح، لأن اقتلاع الفدائيين كان -في الواقع- صعب أن يقتلعوهم دفعة واحدة ما عدا موقع الكرامة.
إلا أنه كان القتال -عندما دخلت قواتنا برجالها- القتال كان على مراكزنا الرئيسية، وأن الهجوم كان على ثلاثة محاور رئيسية أحدهم: الطريق المؤدي من (نابلس) إلى (الصلت) الطريق الثاني من (جسر الملك حسين إلى الصلت-عمان) والمحور الثالث (القدس-جسر الملك عبد الله-سويمة ناعور) إذن الأهداف كانت مبيتة احتلالاً إسرائيلياً وليس تدميراً للعمل الفدائي.
أحمد منصور: يعني لم تكن عملية خاطفة من الإسرائيليين بهدف تدمير العمل الفدائي؟
(1/103)
مشهور حديثة الجازي: لا، لو كانت عملية خاطفة.. نعم، ما زجوا فيه حوالي 30 ألف عسكري جندي و100 طيارة وحوالي يمكن آلاف الدبابات، أعتقد المعركة ليست محدودة.. معركة كانت احتلالية، واحتلال مواقع جديدة، ضغط على الأردن، قضاء على العمل الفدائي، وبالتالي الوصول لما يريدوه وهو توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل، الهدف الحقيقي..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: لكن هناك مصادر فلسطينية تؤكد على أن الهدف الرئيسي للمعركة كان محو العمل الفدائي وتصفية الفدائيين الموجودين في الأردن، وإجبار الأردن -كما ذكرت- على الدخول في مبادرة أو اتفاقية سلام مبكرة مع -وإن كانت وقعت بعد ذلك- ولكن الدخول في اتفاقية سلام وإجبار الأردن على هذا الأمر، يعني هناك من يقول بأن الأردنيين كانوا على علم بهذا الهجوم؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: أنا أنفي هذا، لا أعتقد هذا صحيح، أنا اعتقادي أن هذه المعركة.. معركة ذات طابع سياسي إستراتيجي، وهو احتلال مواقع رئيسية في جبال الصلت، وهي مرتفعات لغاية الآن تأسف إسرائيل بعدم احتلالها 1967م، كما أسلفت لك إنه كانت الجبهة منهارة.
ما يسمونه "جلعاد" و"جلعاد" لهم يعني شيء من التاريخ، موضوع المعركة سيدي -أستاذنا- المعركة معركة جيش لجيش، لم تكن معركة فدائيين إلى قوات مسلحة إسرائيلية، ولو كانت هكذا لدمر العمل الفدائي كله، واحتلت إسرائيل ما تريد.
فالمعركة معركة جيش، واصطدمنا في القوات المسلحة وقوات الدبابات -يعني- هاجمة بدون عقل على كافة المحاور، إلا أن الاخوة الفدائيين شاركوا وأبلوا بلاءً حسناً في.. حيثما وجدوا، وخاصة في مخيم "الكرامة" لقد قاتلوا قتال مرير، وقدموا ضحايا كثيرة تزيد على المائة، مائة شهيد، وهذا إن دل أنهم كانوا أبطال في هذه المعركة، لكن لم المعركة..لم تكن معركة فدائيين وجيش إسرائيلي.
أحمد منصور: هل كان لديكم جاهزية للدخول في مثل هذه المعركة؟
(1/104)
مشهور حديثة الجازي: نعم، كنا جاهزين، وكنا نرى الحشد، وكانت عندنا المعلومات الكاملة من قيادتنا في عمان أنه فيه احتمال هجوم كبير جداً على الجبهة، الاستعداد كان 100% صح، وكنت أنا على اطلاع فيها، وأعدت تركيز كل قواتي على أساس أنني سأقابل إسرائيل، قوات إسرائيلية صباح 21 آذار.
أحمد منصور: يعني التاريخ -أيضاً- كان واضح عندك؟
مشهور حديثة الجازي: نعم، مجرد العين، هم الفارق بيني وبينه النهر يا أستاذ، إحنا نرى الجندي والدبابة لما تتحرك.
أحمد منصور: يعني أنت ترى ولكن توقيت الهجوم؟
مشهور حديثة الجازي: توقيت الهجوم حسب ما ورد من الاستخبارات -وهذا صحيح- أن الهجوم صباح 21.
أحمد منصور: يعني ما هي الاستعدادات التي أخذتها للمواجهة أمام جيش هُزِمْت أو هُزِمَت قواته أو القوات الأردنية هزمت أمامه قبل أقل من عام أو..؟
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: كما قلت لك نتيجة إعادة التدريب و إعادة الثقة والعمل المستمر خلال ثلاثة أشهر أعدنا الثقة للجندي بسلاحه ببلده، بقيادته، واستطعت أن أدخل بينهم الثقة التامة بقيادتي أنا شخصياً، وأعتقد هذا أحد المسببات الذي قاتل جنودي إيماناً بأنهم يقادون بقيادة حسنة تتوفر فيها المعرفة.
أحمد منصور: بصفتك قائد هذه المعركة على الجبهة الأردنية، كيف كان حجم قواتك مقارنة بالقوات الإسرائيلية التي ذكرت بأن هناك رصد لها؟
مشهور حديثة الجازي: أولاً: المقاومة الأرضية هم أكثر منا 3:1، لكن الأهم من هذا..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كم كان عدد قواتك، وكم عدد قوات الإسرائيليين؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: قواتنا حوالي لا يزيد عن 5 آلاف، 6 آلاف، بهذه الحدود، ثلاثة أولوية، لكن هم أتوا في حوالي ثلاثة ألوية منقولة، وقوة منقولة جواً، وقوة مدرعات، ومجموعة مدفعية أكثر منا بكثير، يعني نسبة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لم يكن لديك رصد دقيق بحجم القوة الإسرائيلية التي دخلت من المعركة؟
(1/105)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: لم نكن نعرف 100% لأنها تستطيع.. شو حجمنا في المنطقة.. ما عرفنا إلا من نتائج المعركة، لكن كانوا كثافة، كثافة نار المدفعية كثيفة مما يدل أن العدد كبير، كثافة دبابات هاجمة علينا طبعاً، مما يزيدها أكثر من عددها، وحتماً الطيارات كانت السيادة الجوية كاملة لإسرائيل، وهي بحجم معركة كبيرة، لأنه كل طلعة تطلع بحوالي 50 طائرة على الجبهة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: مرة واحدة؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: مرة واحدة.
أحمد منصور: يعني كنتم تحصوا.. تستطيعوا إحصاء عدد الطائرات التي تقوم بالهجمة؟
مشهور حديثة الجازي: كانت هجمة وراء هجمة، حوالي 18ساعة، ولكن نتيجة التخندق والإيمان بالمقاومة واستخدام السلاح، حيث أعطيت تعليمات: استخدموا سلاحكم الأرضي ضد طائراتهم الطائرة، حتى وهو طائرة هو أجبن من أن يقع.. أن يضرب بسهولة، ومن المعروف أنه إذا وجهت الطائرة في قتال أرضي صحيح، حتى لو هناك بندقية بسيطة ممكن أن تحدث فيها انفجار أكثر من مدفع، نظراً لسرعة الطلقة وسرعة الطيارة، فمرات الانفجارات تأتي هيك.. فلذلك جنودي -والحمد لله- استخدموا أسلحتهم بأفضل ما يمكن، وكانوا في منتهى الشجاعة، وأعطيت تعليمات: عدم الخروج من الخندق بأي حال، لأن المراكز الرئيسية لو خرجنا منها لتقدمت القوات الإسرائيلية حتى عمان.
أحمد منصور: طيب، طبيعة التنسيق قبل المعركة بينك وبين القادة الفلسطينيين الذين كنت تعتبرهم داعم رئيسي لك، وتعتبرهم أيضاً هدف من أهداف هذا الهجوم، كيف كانت طبيعة التنسيق وهم..أنتم جيش منظم وهم رجال حرب عصابات؟
(1/106)
مشهور حديثة الجازي: يا سيدي، أولاً إحنا ليس جدد لبعض، نحن متعاملين مع بعض أشهر، وأبلغناهم أن المعركة آتية، وهم لديهم رصد -أيضاً- أن هناك عملية كبيرة ضد الفدائيين، وضد الأردن، وضد القوات الأردنية، فوضعناهم بصورة أن الهجمة قائمة، والأفضل أن ننسق، نحمي ما يمكن نحميه من قواتنا وقواتكم، ونسقت بيني وبينهم..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: مين اللي كان من الطرف الفلسطيني ونسقت معه؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: القادة عدة أفراد، لأنه عدة قيادات، ولكن على رأسهم أبو عمار على رأس القيادات كلهم، فنسقنا وجعلنا منهم أن يتم التنسيق بين القادة المحليين، بحيث أن نيران أسلحتنا تغطى مراكزهم ما عدا "الكرامة" لم نستطع أن نحميها، لأنها أتت من الجو..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: الإسرائيليون عملوا عليها إنزال جوي؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: عملوا إنزالاً (نتنياهو) نفسه نزل فيها، هو قائد القوة.
أحمد منصور: كان (نتنياهو) قائد القوة التي قامت بالإنزال على "الكرامة" ؟
مشهور حديثة الجازي: المهم في الموضوع -وهذه معلومة لك- أن جميع قادة إسرائيل تقريباً اشتركوا في هذه المعركة وعلى رأسهم (موشى ديان).
أحمد منصور: مين اللي اشترك من القادة الإسرائيليين؟
مشهور حديثة الجازي: نتنياهو، باراك ومثل ما أسلفت وزير الدفاع (موشى ديان) الذي قال عندما قرر صباح الهجوم جمع 300 صحفي، قسم منهم أبلغني هذا الحكى في "أريحا" وقال: "غداً سنشرب كأسة شاي في الصلت" "صلت" بالحرف الواحد.
أحمد منصور: يعني هذا يؤكد أن أنت ذكرت أن الهدف الإسرائيلي كان الاستيلاء على مرتفعات الصلت و..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: نعم، عندما يقول: والله نشرب كأسة شاي في الصلت، الصلت هم الفدائيين؟! "الصلت" مدينة مثل عمان!! هي جبال "الصلت" هي الحامي الرئيسي لعمان.
(1/107)
أحمد منصور ]مستأنفاً[: هل كان هذا يعكس أيضاً غرور إسرائيلي كبير، خرجوا منتصرين على ثلاث جبهات؟
مشهور حديثة الجازي: اعتقادي أن أحد الأسباب لهذه المعركة مثل الأسباب الإستراتيجية والسياسية، أن استهتار اليهود الإسرائيليين بعد حرب 1967م، وهو غرور، وأثبت لك كيف غرور، أنه عادة عندما تقتحم أو تقوم بالهجوم الدبابات تتحرك من موقع لموقع، هذه الدبابات أتت من فوق الجسر يعني بعد قطع النهر بسرعة 60 كيلو حتى اصطدم في قواتنا المهاجمة.
أحمد منصور: يعني دي السرعة القصوى للدبابة تقريباً؟!
مشهور حديثة الجازي: هذه تقريباً قصوى، يعني هذا إن دل أن هناك استهتار.
أحمد منصور: يعني هو لا يتوقع أي شكل من أشكال المقاومة؟!
مشهور حديثة الجازي: ولا يتوقع أية مقاومة، حتى أنه اصطدمت أحد الدبابات القادمة على المحور الرئيسي عند "الصلت" كان يشرب القهوة.. يريد يشرب الشاي فيها، قصفت على مدخل مدينة "الشولة"والذي بها وجدنا واحد مربط بالأسلاك قائدها.
أحمد منصور: سعادة الفريق كيف بدأ الهجوم الإسرائيلي في معركة الكرامة؟ وكيف تلقيتم أو كيف كان رد فعلكم الأول على هذا الهجوم؟
مشهور حديثة الجازي: عادة القادة يتأكدون من كافة الاستعدادات عندما يعلن يعني.. يبلغوا في هجوم قمت في واجباتي بالنهار..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: ما هي طبيعة الواجبات التي قمت بها؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: الواجبات أني تأكدت أن مراكزي.. مراكز قواتي في الموقع الصحيح، فيما لو تقدم العدو، وهذه طبعاً وضعت الدبابات، وضعت قسم المدفعية، قدمت قوات للأمام، فلذلك عدت مساءً بعد أن عملت اجتماع نسميه اجتماع القيادة، تأكدت من كل الترتيبات وعدت مرتاحاً فيما لو هجم العدو.
أحمد منصور: كنت مسؤولاً عن ثلاث ألوية رئيسية كانت هي في المواجهة؟!
(1/108)
مشهور حديثة الجازي: كنت مسؤولاً عن ثلاث ألوية رئيسية، منطقة حوالي 50 كيلو –عرضها- في عمق حوالي 60-70كيلو يعني لعمان، يعني هي الواجهة التي لو سقطت -لا سمح الله- لسقط الأردن، يعني سقطت العاصمة الأردنية لإسرائيل، كما سقطت بيروت.
أحمد منصور: هذه هي الترتيبات التي سبقت المعركة من قِبَلكُم.
مشهور حديثة الجازي: نعم.
أحمد منصور: كيف وقعت المعركة؟ كيف بدأت المعركة؟
مشهور حديثة الجازي: نمت مرتاحاً بعد ما أجريته، لأنه لا مزيد من الموجود، كل..لم أغير شيئاً، المواقع هي المواقع، إنما حثت القادة بالصمود، أعطيت تعليمات أنه القادة يجب أن يكونوا بالأمام، لأن اليهود كانوا يعيرونا دائماً يقولون: "قادة الضباط في الخلف العرب وإحنا الأمام" أنا قلت لهم: "الضباط في الأمام" حتى أن قسم منهم تجاوز حدوده، وأصبحوا الخندق الأول، وهذا طبعاً مخالفة، لكن حتى نشعر..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني عسكرياً الضباط يجب ألا يكونوا في المقدمة؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: عسكرياً يجب أن يكون القائد.. لا يجب أن يكونوا في الأمام 100%، لكن أن يكون قريب من أرضية المعركة، هم تجاوزوا الحدود بما أن نحن طلبنا منهم هذا الحكي وأصبحوا في الخنادق المقدمة، يروا القتال بالعين، وهذا طبعاً غير عادي بالنسبة لـ..ثم هناك تعليمات أن مراكزنا الرئيسية، إن المواقع الإستراتيجية لا حركة منها بأي ثمن، حتى ندمر، ما عدا القوات الساترة اللي هي ما نسميها "قوات الحجاب" هذه قوات خفيفة للإنذار، أول ما تشتبك مع العدو قسم منها اللي يقدر أن ينسحب، ينسحب والباقي يقاتل ما يمكنه القتال، أما المراكز الرئيسية..المحاور الثلاثة يمنع الخروج من الخندق.
أحمد منصور: يعني أصدرت أوامر واضحة بعدم الانسحاب؟
مشهور حديثة الجازي: بعدم الانسحاب.
أحمد منصور: حتى لو أدى ذلك إلى..
(1/109)
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: حتى لو أدى إلى.. لأنه بالنسبة الليَّ حياة أو موت، يا صمود ويا إما انهزام، الموت أحسن من الانهزام بالنسبة الليَّ، خاصة عندما أتذكر صورة 67.
أحمد منصور: كيف بدأت أو انطلقت الطلقة الأولى للمعركة؟
مشهور حديثة الجازي: يا سيدي صباحاً، إحنا عندي قيادتي..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: صباح 21مارس 1968م؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: قيادتي.. قيادتي أنا بالخلف فيه موقع أنام فيه، في قيادة نسميها القيادة الحربية، القيادة الحربية في الجبل فيها أجهزتي، تليفوناتي، خرائطي، مناوبين إلى آخره، حتى هم اللي.. أنا أدير المعركة من هناك، لأن هناك اتصالات، أبلغني المناوب الساعة الخامسة وقال لي: "سيدي أول دبابة معادية تقطع الجسر الآن".
أحمد منصور: الخامسة صباحاً؟!
مشهور حديثة الجازي: الخامسة صباحاً، قلت له: "تفتح النار" ولحقت صلاة الصبح يا دوب، ركعتي الصبح، وأتذكر أني قلت: "اللهم يا رب أنت تعلم أنهم يعتدون على حق، ونحن ندافع عن حق، أن تنصر الحق على الباطل يا الله" وترجلت بعد ذلك إلى قيادتي.
أحمد منصور: يعني أصدرت الأمر مباشرة بإطلاق النار؟
مشهور حديثة الجازي: مباشرة وصليت.
أحمد منصور: وبدأت المعركة؟!
مشهور حديثة الجازي: وبدأت المعركة من دبابات إلى آخره، حتى الساعة العاشرة لما اصطدمت في مواقعنا، وجدت أنه.. هناك فيه مقاومة، مش سهولة سير، تدخل السلاح الجوي، وقصفنا قصفاً شديداً، والله عندما رأيته قلت أنا سببت إبادة الجيش -صراحة- ارتعدت.
أحمد منصور: يعني نقدر أن نقول من الخامسة إلى العاشرة صباحاً كانت المواجهة بين قوات المشاة؟!
(1/110)
مشهور حديثة الجازي: إلى العاشرة صباحاً نحن في موقف..العاشرة والنصف نحن في أخطر المواقف، إنه إحنا نواجه قصف جوي وأرضي، خاصة الجوي كثيف جداً، لم نره ولم نحسب حسابه، ولكننا والحمد لله كلما أسأل اطمئن: "شو الخسائر" ؟يقولون: لا شيء، جريح، شهيد، يعني شيء لا يذكر، طبعاً أعطيت تعليمات في خضم المعركة، هناك عندنا أئمة، أئمة يعني وعاظ، قلت لهم: كلهم يأخذون المكبر، ويقولوا "الله أكبر" في كل الكتائب على الساحة -يعني- نحن في الحقيقة اتجهنا إلى الله سبحانه وتعالى.
أحمد منصور: سعادة الفريق المصادر الفلسطينية التي أرخت للكرامة..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: نعم.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: قالت بأن الجيش الأردني لم يطلق الطلقة الأولى إلا في الحادية عشرة صباحاً؟!
مشهور حديثة الجازي: أريد أن أجاوب جواب قاسي وصادق، أنه هذه أكذوبة، ومع كل أسف معلومة غير صحيحة، لولا فتح إطلاق النار الساعة الخامسة والله لاحتلوا ووصلوا "الصلت" ومع الفدائيين احتلوا الكل، لأن هذه معركة معركة جيش، وأكبر دليل أنها كانت تخاض على ثلاثة محاور رئيسية، فلو ما فتحنا النار كما قال بعض الإخوان.. شاهدتهم على بعض المسلسلات، بعض المقابلات لكان دمروا الفدائيين والقواعد كاملة، ووصلوا ما يريدون، أقول مرة ثانية كانت معركة جيش، ولكن -للأمانة- ساهم بها وشارك بها الأخوة الفلسطينيين الفدائيين مشاركة في كل فداء ورجولة، كما أنه شارك فيها المواطن الأردني.. المزارع الأردني.. حتى بياع البنورة كان يحمل سلاح ويقاتل، وكثير منهم ما جندته أنا بأن حملة (R.B.G) حملت قانصات للدبابات، هم والفدائيون باصطياد..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني الـ (R.B.G) في هذا الوقت –ربما- كان في أيدي الفدائيين؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: مع..مع الفدائيين.
أحمد منصور: نعم.
مشهور حديثة الجازي: نحنا اتوزعنا عليهم مع الفدائيين..
(1/111)
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني قمت بالتنسيق في أثناء المعركة؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: بالتنسيق بين (R.B.G) حامل (R.B.G) الفدائي والجندي والمزارع.
أحمد منصور: يعني أثناء المعركة كان فيه تنسيق قوي بينك وبين قائد القوات الفدائية؟
مشهور حديثة الجازي: قبل اليوم.. طبعاً طبعاً، أقول لك حولناها من.. من مجابهة أو من تطويق إلى مشاركة بالقتال أخوة واحدة عندنا السلاح..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: لكن لم يحدث قبل المعركة أية مواجهات ما بين الجيش الأردني وما بين الفدائيين؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: فيه كان شيء من النزاعات، بدأت بعض النزاعات، لأن فيه هناك شقوق سياسي، وفيه مشاكل، وفيه من يعمل عملية تخريب ضد وجود العمل الفدائي، خاصة من الفشلة، الذين فشلوا سياسيين أو عسكريين، كانوا يقومون بهذا التخريب، وكانوا مضادين لرأيي، بينما أنا رأيي أن كل السلاح يتجه إلى إسرائيل، العمل الفدائي جزء من عملنا، القوات الأردنية تحافظ على الفدائي وتحافظ على المواطن، طبعاً هناك عمليات -يعني- محاولات لتخريب..تهميش الدور، ولكن فشلوا، ووشحنا هذه اللحمة في "الكرامة".
أحمد منصور: سعادة الفريق اسمح لي بسؤال -ربما- يكون محرج، لكن هناك من يتهمك بأنك ورطت القيادة الأردنية في هذه المعركة، وأصدرت الأوامر بالقتال دون الرجوع للقيادة السياسية؟
مشهور حديثة الجازي: يا سيدي، إجابتي بسيطة، لم أورط لكن عادة القائد الميداني لا يأخذ إذن، هو يبلغ ما يحدث، هذا القائد الناجح أن يقاتل العدو، ويبلغ أن هناك اعتداء، ما ينتظر أوامر، فأنا لم أنتظر أوامر، لإنه أنا عندي إستراتيجية، أنني أواجه أية قوة معادية للأردن، لم أعد..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني أنت تعتبر نفسك في معركة مفتوحة؟
(1/112)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: أنا في معركة مفتوحة مقابل عدو، وعليَّ أن أقاتله وأبلغ قيادتي، لكن لا أقول لهم أطلق النار أو ما أطلق النار؟ إذن أصبحت أنا (ناطور) أو ما أنا مقاتل، الحارس في "جفت" مثل لو كنت أنا حارس مصلحة في "جفت" ما أطلب إذن، أطخ مش هيك؟ فلذلك أنا استخدمت صلاحياتي، وهى صلاحيات صحيحة عسكرية ميدانية قتالية، أما أقول (ماكو) أوامر لأ (هاكو) أوامر.
أحمد منصور: الآن وصلنا إلى الساعة العاشرة أو الحادية عشرة صباحاً، وبدأ سلاح الجو الإسرائيلي يقوم بهجمات مكثفة..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: قصف شديد.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: وقصف شديد على مواقعكم، كيف كان ميزان القوى وميزان المعركة بعد مرور خمس ساعات؟
مشهور حديثة الجازي: كنا لازلنا صامدين، كنا لا زلنا صامدين بمواقعنا، طبعاً متأثرين بالقصف الجوي، ولكن تأثيره -لأننا متخندقين خندقة ممتازة- لا شيء يعني كأنه بصقة.. يعني هذه الغارات الكثيفة لما رأيت أنا كان الوادي يغلي نار، كان -يعني- سناء النار يمكن 20 متر، 30 متر، والدنيا كانت ربيع أول الربيع، يعني الحرائق كانت تشتعل في الوادي كأني أنا أحرقها، انحرقت المنطقة كلها، لكن صمود جنودنا وإيمانهم بقوتهم، وإيمانهم بمواجهة العدو كان أكبر من هذا القصف الشديد.
وحوالي 11 استلمت مكالمة من جلالة الملك يسألني: "ما هو الموقف؟ قبل الحادية عشرة قلت له: جيد جدا، واقع الأمر آنذاك ما كان جيد، ولكن أردت أن أصمد، الساعة الحادية عشرة تكلم معي شخصياً الملك وقال لي: "الجماعة طالبين إيقاف إطلاق النار"..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: مين الجماعة؟ الإسرائيليين؟!
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: الإسرائيليين.
أحمد منصور: كيف أعلنوا، أو كيف تقدموا بالطلب؟
مشهور حديثة الجازي: طبعاً بواسطة السفارة الأميركية، وبواسطة ضباط الارتباط..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: الحادية عشرة صباحاً؟
(1/113)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: الحادية عشرة صباحاً.
أحمد منصور: يعني بعد ست ساعات فقط من بداية المعركة؟
مشهور حديثة الجازي: أي نعم، نعم.
أحمد منصور: لكن المعركة أعتقد استمرت 18 ساعة؟!
مشهور حديثة الجازي: استمرت حتى..لأن نحن لم نوقف، أنا قلت إنه يجب ألا نوقف، إيقاف إطلاق النار حتى تخرج هذه القوات كاملة.
أحمد منصور: يعني تعتقد أن الطلب الإسرائيلي في ذلك الوقت كان مناورة؟
مشهور حديثة الجازي: لا، كان..كان ضيق، لأنه ألحقنا فيهم خسائر كبيرة جداً في المعدات..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني نتائج المعركة بدأت تتضح بعد ست ساعات فقط من بدايتها؟!
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: نعم، طبعاً..طبعاً، لأنه تم تدمير عدد كبير من الدبابات، وأسقطنا سبع طيارات..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: في خلال هذا الوقت؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: في خلال هذه المعركة، وأهلنا في الضفة الغربية في "أريحا" شافوا الجنود وهم عائدين، والخسائر والهزيمة كانت تقع على وجوههم.
أحمد منصور: إلى الحادية عشرة صباحاً هل كان الجيش الأردني، أو القوات التي كنت تقودها هل فقدت أي موقع من مواقعها؟
مشهور حديثة الجازي: لم نفقد إلا المواقع الأمامية اللي أسلفت لك قلت لك القوة..الساترة قوة إنذار يعني نقاط بس، أما لم أفقد متراً واحداً، بالعكس وقفتهم قبل الوصول للمراكز الرئيسية، وأكبر دليل أنه على كل محور حوالي دبابتين ثلاثة مدمرات، كما ترى في الصور.
أحمد منصور: فيه معلومة إستراتيجية حضرتك ذكرتها، بس عايز أتأكد منها، أنت قلت أن السبب الرئيسي لصمودكم أمام هجمات الطيران هو جودة الخندقة؟!
مشهور حديثة الجازي: جودة الخندقة.
أحمد منصور: في حالة الخندقة الجيدة لا يستطيع سلاح الطيران أن يؤثر تأثير مباشر في الجيوش؟
(1/114)
مشهور حديثة الجازي: يا سيدي أنت بدك تتصور ما يلي: أنه الطيار لا يمكن أن يستطيع أن يعمل (Direct hit) يعني "طلقة مباشرة" بهالسهولة، هو يرعب ولكنه لا يستطيع أن يصوب 100%، فأمام الشظايا التي حول..التي بجوانب الخندق إذا كنت متخندق ما تصيبك، أنا حتى استنبطت شيء خندقت الدبابات بحيث إن كمان الإصابات كانت قليلة إلا الـ direct hit وأعطيت تعليمات أنه السلاح اللي على الدبابة والجندي يستعمل..يستعمل رمايته ضد طائرات العدو.
أحمد منصور: لكن أعتقد -الآن- بعد استخدام الليزر في تحديد الأهداف أصبحت يعني هذه ...
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: هذه الأمور جديدة.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: صعوبة، لكن بواقع المعركة في ذلك الوقت كانت جودة الخندقة سبب رئيسي..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: كانت جودة الخندقة كانت ممتازة، وأثبتت أنها -يعني- وفرت لنا عدد كبير من الضحايا، لأن لو رأيت أنت هذه الهجمة وهذه الكثافة من القصف لقلت سيخرجوا بأقل ما يمكن ألف ألفين واحد قتيل.
أحمد منصور: لكن هل وقع ضحايا كثيرون في صفوف المدنيين؟
مشهور حديثة الجازي: يا سيدي المدنيين يعني مش كثير جداً، إنما نحنا بين القوات المسلحة، شهيد وجريح 120، وهذه..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: والفدائيين؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: الفدائيون حوالي مائة، وفيه أخذوا أسرى، لأنه استطاعوا أن يدخلوا منطقة، أخذوا حوالي 100 أو 200..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: الإسرائيليين؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: الإسرائيليين.
أحمد منصور: أخذوا أسرى من الفدائيين؟
مشهور حديثة الجازي: جو.. جوا.. نعم جوا.
أحمد منصور: حينما أبلغك جلالة الملك..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: إيقاف إطلاق النار.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: برغبة الإسرائيليين في وقف إطلاق النار، ماذا كان ردك؟
مشهور حديثة الجازي: ردي كان القصف الشديد عليهم.
(1/115)
أحمد منصور: كنت شعرت أن المعركة -الآن- بدأت تنفتح؟
مشهور حديثة الجازي: شعرت أن الميزان بجانبي الآن، علينا استثمار الفوز -يعني- نقصف ما يمكن قصفه، ويعني أفسدنا عليهم إخلاء الخسائر، ولو كان.. أو دبابة في الأرض، لأن اليهود يهتمون بإخراج الموتى والآليات في كل في معركة حتى لا يبينوا خسائرهم، خاصة الضحايا، ولذلك هم يطالبوني -من وقت لآخر- باتصالات عن جثة فقدت في الكرامة.
أحمد منصور: آه، يعنى الآن -حتى هذا الوقت- لازالت هناك جثة لأحد الجنود الإسرائيليين؟
مشهور حديثة الجازي: منذ شهر اتصلت معي القيادة تطلب منى معرفة الجثة، أو إذا كان هناك جثة في دبابة معينة، ومرسلين لي رقم الدبابة، وصورة الدبابة، ورقم الشخص تبع الدبابة، قلت لهم والله أنا ما حفرت، أنا مش.. أنا لست حفار قبور، أنا قاتلت.. أنا لا أعرف وين راح، وطبعاً طلبوا مني أيضاً مقابلتي هم الإسرائيليين، رفضت رفضاً قاطعاً، قلت لهم لا.
أحمد منصور: كيف سارت المعركة من الحادية عشرة قبل الظهر إلى الثامنة مساءً؟
مشهور حديثة الجازي: طبعاً رماية متقطعة، خف القصف، كفوا المواجهة الأرضية، ولكن الطيران ظل مستمراً للساعة 8 مساءً.
أحمد منصور: هل تعتقد أن استمرار هجمات الطيران كانت لتغطية الانسحاب الإسرائيلي؟
مشهور حديثة الجازي: لتغطية الانسحاب، لإعطاء مجال لتغطية.. إخلاء الخسائر.
أحمد منصور: ماذا كانت النتيجة في نهاية المعركة؟ كيف اتخذ قرار وقف إطلاق النار في 8 مساءً؟
مشهور حديثة الجازي: هم انتهوا لحالهم.
أحمد منصور: انتهوا من الضرب؟
مشهور حديثة الجازي: وافقوا هم.. اعتبروا وقف إطلاق النار، وانسحبوا على طول، وانتهى القصف.
أحمد منصور: انتم لم تتقدموا؟
مشهور حديثة الجازي: لا، لم نتقدم.
أحمد منصور: لم يكن في خطتكم التقدم؟
مشهور حديثة الجازي: ما فيه عندنا إمكانيات، لإنه نحن لا يوجد عندنا غطاء جوي بأي حال من الأحوال.
(1/116)
أحمد منصور: لم تدخل القوات الجوية الأردنية بأي طائرة؟
مشهور حديثة الجازي: كما تعلم لا قوات جوية أردنية زلا سورية ولا مصرية.. مدمرين كنا..
أحمد منصور: يعني غطاء جوي إسرائيلي قوي.
مشهور حديثة الجازي: قوي جدا.
أحمد منصور: هجوم أرضي مدرعات قوي.
مشهور حديثة الجازي: قوي.
أحمد منصور: مدفعية صواريخ.
مشهور حديثة الجازي: مدفعية، لذلك أقامت..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: وأنتم -فقط- في مواقع أرضية للدفاع.
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: فقط لأن أنا سألني هذا لسؤال القائد الباكستاني عندما زارني، طبعاً إحنا لا نستعين بيهم، لأنهم أصدقاء لنا، قال لي: "شو الغطاء الجوي اللي عندكم؟" قلت: "لا شيء" قال لي: "مش معقولاً" قال لي "شو عن الـ a nti –tank، الـanti-anti،anti – aircraft..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: ضد الطائرات.
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: قلت: "لا شيء" كان 12 مدفع.
أحمد منصور: لم يكن لديكم شيء ضد الطائرات؟
مشهور حديثة الجازي: 12 مدفع عندي فقط.
أحمد منصور: لم يكن هناك صواريخ، ولا أي شيء من هذا النوع؟
مشهور حديثة الجازي: صواريخ HS، لا.. عبارة عن مدافع عادية، وبها أسقطنا سبع دبابات.. طيارات..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: سبع طائرات، نعم.
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: ودحرنا القوات المعادية، يعني هي كانت هي الحقيقة كان التصميم والصمود.
أحمد منصور: أنت هنا بتعبر أن الجندي العربي المسلم إذا أتيحت له الفرصة للدخول في المعركة بشكل..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: حتى لو ما كان متساوي، يعني حتى لو ما كان متوازن.. يبدع..
أحمد منصور ]مستأنفاً[: أنت تقديرك للقوات الإسرائيلية مقابل قواتكم أنها كانت 1 إلى..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: إلى 5.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: 1 إلى 5 ؟!
مشهور حديثة الجازي: لو أخذنا الجوي إلى 5 وأكثر، نعم.
(1/117)
أحمد منصور: سعادة الفريق هل قمتم بعملية مسح لخسائر القوات الإسرائيلية بعد المعركة وقدرت تعرف الأرقام بالدقة؟
مشهور حديثة الجازي: حسب ما جاءتنا من المعلومات بالخارج، ومن أيضاً أهلنا بالضفة الغربية قدرت بحوالي 1200 قتيل وجريح يهودي.
أحمد منصور: يعني تقريباً عشرة أضعاف ضحايا الجيش الأردني؟!
مشهور حديثة الجازي: نعم، وحوالي 400 آلية مدمرة.
أحمد منصور: 400 آلية مدمرة؟
مشهور حديثة الجازي: نعم، نعم على الأقل.
أحمد منصور: يعنى هذا يعكس أن عدد الآليات التي شاركت..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: عدد كبير.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: أنتم أحصتيم كم آلية على أرض المعركة؟
مشهور حديثة الجازي: والله أعتقد مش أقل من 100 آلية في داخل المعركة.. اللي ..
أحمد منصور: اللي أحصيتموها.
مشهور حديثة الجازي: نعم، نعم، والباقي تم.. تم إخلاؤه بواسطة اليهود، لأن اليهود الإسرائيليين -كما تعلم- دائماً يخلو الخسائر من الأشخاص والآليات.
أحمد منصور: هل بقيت جثث لم يأخذها إسرائيليون أولم..؟
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: بقى أظن الواحد المفقود اللي قلت لك عنه قبل شوية، وواحدة كان في الدبابة، الموضوع في سلاسل.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: كان مربوط داخل الدبابة بسلاسل؟
مشهور حديثة الجازي: كان مربوط بسلاسل معكوسة نعم.
أحمد منصور: بحيث أنه حتى ما استطعتش أن يخرج منها ليأخذوه؟!
مشهور حديثة الجازي: وظل محروق فيها، وسلمت الجثة هاي إلى إسرائيل طبعاً.
أحمد منصور: شعوركم إيه في نهاية المعركة؟ يعني بعد الساعة الثامنة مساءً.
مشهور حديثة الجازي: طبعاً أنا أذكر لك أن الخسائر حوالي 1200 مثلما قلت لك، وقد قالت إحدى الصحف الرئيسية الغربية: "إن ما خسرته إسرائيل في معركة الكرامة يساوي ما خسرته على الثلاث جبهات العربية في حرب 1967م" هذا فخر لهذه المعركة الخطيرة.
أحمد منصور: رغم أن مدتها كانت 18 ساعة؟!
(1/118)
مشهور حديثة الجازي: رغم أنها حوالي ثماني عشرة ساعة نعم، وهي محدودة الموقع ومحدودة القوات.
أحمد منصور: يعني تحليلك العسكري أو ميزان هذه المعركة في إطار المواجهات العسكرية مع إسرائيل رغم مدتها القصيرة؟
مشهور حديثة الجازي: يا سيدي أنا أن أستذكر ما يلي: أن القائد جمال عبد الناصر -الله يرحمه - قال عن هذه المعركة: "لقد كانت نقطة تحول في الصراع الإسرائيلي-العربي بين القوات العربية والإسرائيلية" وقال عنها وزير دفاع روسيا الذي كان يزور دمشق آنذاك: "لقد كانت معركة تشرف الأمة العربية" وقدم لنا شكره، إلى هذا أن عندنا أن هذه المعركة كان لها ميزة كبيرة جداً أنه بعد الاندحار، بعد هذه الهزيمة الصاخبة في 67 أن تأتي من نفس القوة وبنفس الأشخاص الذين هزموا أن يهزموا إسرائيل مما يدل على أنه فيه كان إمكانية أن نهزم إسرائيل في أي معركة.
أحمد منصور: عوامل وأسباب النصر في معركة الكرامة؟
مشهور حديثة الجازي: عوامل..أولاً عوامل النصر هي أنه نحن كان عندنا استعداد وقابلية لمقابلة إسرائيل، والنصر هو إيماناً بأننا ندافع عن قضية مقدسة وعن وطن مسلوب، أعتقد هذه العوامل التي جعلت منا الصمود، واندحار إسرائيل، طبعاً هذا الحادث بالذات خلق لي من المتاعب الكثيرة أنه كيف في 67 تندحر الجيوش كلها، وخاصة الجيش الأردني بالذات، وتصل هزيمتها لما وصلت إليه، وبنفس الجندي المهزوم أعيد قتاله، ويقاتل ويدحر القوات الإسرائيلية في معركة كانت من أبرز المعارك التاريخية.
أحمد منصور: هذا سؤال هام، سؤال هام: كيف أن قوة جيش بالكامل تنهار بهذه السرعة وبهذه السهولة، وفي نفس الوقت معظم الذين انهاروا -ربما- أو شاركوا في عملية الانسحاب يصمدوا أمام قوة عسكرية كبيرة طوال 18 ساعة بدون أي انسحاب بل ويحققوا نصر؟
مشهور حديثة الجازي: الذين شاركوا هم الجنود والضباط الصغار، أما القادة الذين انهزموا ما حققوا نصر، وما اشتركوا في المعركة.
(1/119)
أحمد منصور: يعني سعادة الفريق هنا نقطة مهمة، هل تعتقد أن النصر الذي تحقق في معركة الكرامة هو الذي أدى إلى شكل من أشكال النزاع في محاولات قطف ثمار النصر ما بينكم -أنتم كممثلين أو كقادة للجيش الأردني- وما بين القيادات الفدائية كل طرف يدعي أنه هو الذي حقق النصر في المعركة؟
مشهور حديثة الجازي: والله، نظرتي..نظرتي لهذه المعركة أن معركة "الكرامة" بنتائجها أكبر من أن نتنازع عليها، لأنه كان الهدف.. الهدف صد القوات المعادية عن الوطن العربي لا أكثر ولا أقل، وهذه المحاولة أن كل من يرونها، تسمع من أي أردني يجيروها للجيش الأردني، ولا يذكروا الفدائيين، والفدائيين يجيروها للفدائيين، ولا يذكروا الجيش الأردني، هذه الحقيقة مماحكة ومغالطة سياسية عيب..
أحمد منصور: يعني هل تعتبر طلب الإسرائيليين لوقف إطلاق النار في المعركة كان له إيحاء معين من الجانب العسكري من ناحية الرؤية العسكرية الحقيقية المعركة؟
مشهور حديثة الجازي: طبعاً، هم كتبوا عن أن.. ما كتبه "باراك" قبل حوالي شهر في مذكراته: لقد تلقينا درساً قاسياً، لقد لقننا الجيش الأردني درساً قاسياً في معركة "الكرامة" وهو أحد القادة الهاجمين، نفس "باراك" هذا عند.. أن الانسحاب وإيقاف الإطلاق ليس حباً في الأردن، بل كان رغماً عنهم عندما وجدوا هذه المواجهة.
أحمد منصور: يعني في أعقاب المعركة الآثار السياسية التي تركتها بالنسبة للأردن، والآثار النفسية التي تركتها بالنسبة للجيش الأردني؟
مشهور حديثة الجازي: أولاً: بالنسبة للجيش ارتفعت معنوياته جيداً، بالنسبة للموقف السياسي لقد ارتفع اسم الأردن بالعالم العربي وتوالى الدعم عليه وعلى قواته، وأيضاً ارتفع المساندة الكبيرة إلى العمل الفدائي، وكثر العدد، وكثر المتطوعون، وكثرت المعونات الخارجية، وكثرت المشاكل، زاد العدد وزادت المشاكل الفدائية، ومن هنا دخلنا في النفق الأخير.
(1/120)
أحمد منصور: يعني قبل أن ندخل إلى موضوع "أيلول" هذا -في الحلقة القادمة- بشكل مفصل، ولكن هنا في هذه المرحلة الهدف الإسرائيلي من القضاء على قوة الفدائيين..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: تحطيمنا.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: وتحطيم الوجود الفدائي..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: الوجود الفدائي.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: تحقق بشكل عكسي.
مشهور حديثة الجازي: تحقق بشكل عكسي، بالعكس..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني استطاع الفدائيون..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: خلق عندهم نشوة، وانتصار وأيضاً عزة كبيرة، وصوت كبير، وعطف كبير من الوطن العربي كاملاً.
أحمد منصور: هناك من يتهمك -واسمح لي أيضاً في هذا- بأنك -يعني- اتهامك بالعمالة للفدائيين، وأنك كنت -يعني- تقف إلى جوارهم، وتناصرهم ويعني حتى ضد المصالح الأردنية، كما يقال؟
مشهور حديثة الجازي: أنا أحمد الله أن التهمة أتت ليس عميلاً لإسرائيل، وعندما أكون عميلاً -كما يصفوني- إلى فلسطين، ففلسطين مقدسة، أنا لم أكن عميلاً بقدر ما أنا مواطناً عربياً يحب فلسطين، ويقاتل من أجل فلسطين والقدس الشريف، لأن هذا جزء من حياتنا وديننا ومذهبنا، إنما ما أسند إليَّ هو غير صحيح، لسبب بسيط أن محبتي للأردن تساوي محبتي لفلسطين، وفلسطين والأردن بلد واحد، ودم واحد، وعندما استطعت أن أمزج الدماء مع بعضها، وتقاتل مع بعضها، أعتقد أن هذا هو أكبر دليل أننا قاتلنا بشرف من أجل قضية، وليس من أجل أشخاص.
أحمد منصور: طبيعة العلاقة بينك وبين القادة الفلسطينيين بعد انتهاء المعركة، هل أدت إلى توطد العلاقات، مزيد من العلاقات القوية والجيدة أم أن مسار المعركة كان له تأثير عكسي؟
(1/121)
مشهور حديثة الجازي: يا سيدي أنا أقول لك إن هناك فهمت من بعض المسؤولين، وبعض الحساد فهم غلط، أنا في مصداقيتي مع القيادات الفدائية فرضت احترامي، وهذا الاحترام جندته من أجل الوفاق والتنسيق بين العمل المسلح الفدائي الفلسطيني والعمل الأردني، وأعتقد هذه رسالة جيدة، لكن الذين فشلوا أن يحققوا هذه العلاقة حولوا أن أنا كنت أعمل -كما ورد في بعض المذكرات- أني أعمل لفلسطين أكثر، لكن دعنا نقول: لماذا كل الدول العربية كانت تعمل وتحارب لفلسطين؟ لأن فلسطين مقدسة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: لكن هناك..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: لست عميلاً، أنا مواطناً أحب وطني في كل مكان، وطبعاً مسؤوليتي بفلسطين كبيرة.
أحمد منصور: هناك من يقول بأن عملية دعم فلسطين كانت شعارات أكثر منها شيء عملي، وأن الجانب العملي الذي -ربما- لعبت دوراً فيه لم يكن مطلوب على الساحة السياسية؟
مشهور حديثة الجازي: يا سيدي قد يجوز، لكني أقول لك إحدى التهم أضحكتني كثيراً بعد.. قبل معركة (أيلول) وأنا اتهمت أن أنا أريد أن أعمل انقلاب، وأكون قائداً عاماً عند أبو عمار لماذا؟ ما أكون أنا قائداً؟ هذا نوع من السذاجة والتهم الباطلة والغير صحيحة، لكنها والله يا أستاذ أحمد هي الحسد، وهي الفشل من جوانب الفاشلين.
أحمد منصور: يعني نجاحك في معركة الكرامة ألَّب عليك؟
مشهور حديثة الجازي: ألب عليَّ الكثير، ودفعت الثمن، ولا زلت أدفع الثمن، وأنا راضٍ بذلك، والحمد لله، أنا لأن أقم بخيانة، لقد قاتلت من أجل قضية مقدسة، ومن أجل وطن وشعب.
أحمد منصور: لست نادماً على المواجهة في هذه المعركة؟
مشهور حديثة الجازي: أنا لست نادماً على.. أنا لست نادماً على كل النتائج، بالعكس أنا فخور بما حققته من عمل في الميدان، ومن امتزاج مع عمل الحركة الفدائية، ومن احترام لي بالجانب الفلسطيني، وأخص العمل الفدائي.
(1/122)
أحمد منصور: معركة الكرامة رغم النجاح الذي حققته لكن ليس لها مكانة في الإعلام العربي بالشكل الذي -يعني- أعاد للعرب كثير من الثقة بعد هذه المعركة، لماذا -يعني- ليس هناك شكل من أشكال -يعني- وضع المعركة على قائمة الانتصارات العربية؟
مشهور حديثة الجازي: يا سيدي إذا أهل المعركة ينسوا ذكر مشهور حديثة، وهم يجب أن يكونوا فخورين بها، أنا لم أُدعَ على كل الندوات التي تخص معركة الكرامة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: رغم أنك كنت قائد المعركة؟!
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: أنا لا أحمل هذا الوسام، حتى وسام معركة الكرامة لم يعط لي، لأنه يعتقد..لأنه يعتقد أن هذا يكبرني مع كل أسف، هذا نوع من النكران للجميل للأسف، لأني لم أعمل للمعركة من أجل عشيرتي، أو عائلتي، أنا عملتها من أجل وطن وقضية، ولكني –رغم هذا- كله أنا فخور بما أديت، وأنا غير نادم على ما عملت، وغير نادم من أي نتائج كانت التحقت بي بعد ذلك المعركة.
أحمد منصور: كيف كان وضع الساحة أو الـ..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: سألتني عن العلاقات، استمريت في العلاقات مع الأخوة الفدائيين كما كنت، ولكن طبعاً أنا خارج الزي العسكري، علاقة الصداقة والآراء حتى أنهم أثناء معاركهم في بيروت كنت أزورهم تحت الرصاص.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: هذا بعد.. أنا أسأل عن العلاقة بعد المعركة، يعني طبيعة العلاقة مع الفدائيين بعد المعركة؟
مشهور حديثة الجازي: طبعاً -كما ذكرت لك- نتيجة الحسد والفشل من جانب قسم كبير من بعض العسكريين والسياسيين، بدأت الحملة ضد وجود العمل الفدائي وضدي شخصياً، وبدأت تعبئة كاملة أن تواجد العمل الفدائي على ساحة الأردن هو مضاد، وهو ضد النظام بداخل الأردن، طبعاً هناك حملات ودس وإلى آخره، حتى بدأت الاصطدامات الصغيرة تكبر شيئاً فشيئاً، شيئاً فشيئاً، وتصغر وتكبر حتى أنه اصطدمت إلى معارك كبيرة، وأتت إلى أبواب (أيلول) الذي يؤسفني يعني ما حدث به.
(1/123)
أحمد منصور: يعني الآن النجاح الذي حدث في معركة الكرامة أوجد شكلاً من أشكال الصراع الداخلي؟
مشهور حديثة الجازي: نعم.
أحمد منصور: وعملية التنافس ما بين الفدائيين وما بين السلطة الأردنية، وقاد إلى الأحداث المأساوية التي وقعت في أيلول..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: وأضع عليه الضوء أن أنا أيضاً كنت ملام في المعركة، وكنت يعني..
أحمد منصور ]مستأنفاً[: كنت ملام للقيام بالمعركة؟
مشهور حديثة الجازي: يعني زي اتهام أنه، مش ملام للمعركة، يعني هناك حسد، هناك غيرة، وبدأ التعامل..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كانوا يودوا أن تنهزموا في المعركة؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: نعم، نعم، كانوا يتمنوا الهزيمة للأسف، لهذا الحد -مع الأسف- الحقد وقصر النظر، كانوا يتمنوا لي..أحد جنودي -يا أحمد- تذكرت ضابطي كان واقفاً على أحد المحاور، ويرى الدبابات القادمة من إسرائيل، ويقول "خللي مشهور حديثة يرجع الدبابات" تصور هذا الحقد، وإن كان حتى في المعركة، والله لم أسأله لغاية هذه اللحظة لأني كنت أكبر من هيك، لكن قلت لواحد من الإخوان: "خليه يروح يشوف الدبابات المحطمة" هذا نوع من الحسد والحقد المعبأ.
أحمد منصور: يعني أنا أود أيضاً أن تذكر لي القيادات الفلسطينية التي كانت موجودة، والتي كان لك تعامل مباشر معها في ذلك الوقت كأسماء، لأن هناك من القيادات من لا يذكرك حتى ولا يذكر وجودك في المعركة؟!
مشهور حديثة الجازي: الله يعطيهم العافية، الله يسهل لهم، يا سيدي أبو عمار واحد، أبو جهاد رحمه الله..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: تنسيق مباشر بينك وبينهم؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: نعم، أبو أياد، هنا التنسيق بدأ من الكرامة، واستمر إلى الأخير، كونهم لا يذكروا هذا شأنهم، لكن أنا أذكرهم بالخير، جزاهم الله خير، وهذا شأن الأمة العربية تنسى من يخدمها مع الأسف، وتنسى قياداتها، وتنسى من يضحي، وهذا شأن سيئ.
(1/124)
أحمد منصور: سعادة الفريق إحنا توفقنا عند مرحلة هامة وحاسمة، وللأسف سوداء في تاريخ الأمة (أيلول) الأسود، وما حدث فيها، كان لك دور كبير فيما قبل (أيلول) هذا الدور نتناوله في الحلقة القادمة بالتفصيل، كافة الإرهاصات التي سبقت (أيلول) وما زعم من أن (أيلول) دبر لها، وأخذ الضوء الأخضر لإبادة القوة الفدائية المواجهة للإسرائيليين، تدلي بشهادتك على العصر حول هذا الموضوع في الحلقة القادة إن شاء الله.
مشهور حديثة الجازي: إن شاء الله.
أحمد منصور: شكراً جزيلاً لك.
مشهور حديثة الجازي: شكراً لك.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في الحلقة القادمة من برنامج (شاهد على العصر) هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(1/125)
الحلقة السادسة
الأحد 17/9/1422هـ الموافق 2/12/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 15:30(مكة المكرمة)،12:30(غرينيتش)
الفريق مشهور حديثه الجازي - الحلقة السادسة والأخيرة(1/126)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الفريق مشهور حديثه الجازي/ القائد العام للجيش الأردني الأسبق، ورئيس الأركان
تاريخ الحلقة
17/07/1999
أحمد منصور مشهور حديثه
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة في برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل حوارنا مع الفريق أركان حرب مشهور حديثة الجازي (القائد العام الأسبق للجيش الأردني، ورئيس الأركان) وحلقة اليوم نخصصها للحديث عما سبق أحداث (أيلول) الأسود. سعادة الفريق مرحباً بيك.
مشهور حديثة: بكم وبارك الله فيك.
أحمد منصور: معركة الكرامة التي تحدثنا عنها في الحلقة الماضية والتي أظهرت العلاقة التي كانت بينكم كقائد للجبهة المواجهة لإسرائيل وبين الفدائيين، وأيضاً أعطت زخماً للعمل الفدائي، وبدأت أعداد كبيرة من الفدائيين تصل إلى الأردن للمشاركة في الهجمات على القوات الإسرائيلية، وكذلك الانضمام إلى الفصائل الفلسطينية المختلفة الموجودة على الساحة، هناك آثار نستطيع أن نقول أنها كانت سلبية لهذه المعركة رغم النصر الذي حققته، وتمثلت في المشاكل التي بدأت تنمو ما بين الأردن، وما بين الفدائيين الموجودين على أرضها، كيف بدأت هذه المشاكل تنمو وما هي أسبابها؟(1/127)
مشهور حديثة: كنا نتمنى أن نتيجة المعركة تتعمق اللحمة الفلسطينية الأردنية، ويساندها بذلك القوة العربية سواء كان سياسياً أو عسكرياً، لكن مع الأسف المتصدين والمتخبئين بالخلف كان يصعب عليهم أن تكون هناك علاقة مميزة، علاقة متينة وخاصة عندما يعرفوا أني أنا كنت أحمل هذا الملف، فبدأت الشكوك كثيرة بالموضوع، وكثيراً من الأصوات طلبت خروج الفدائيين بالإذاعة وبالإعلانات، حتى أن وزير الداخلية –آنذاك- أظن –رحمه الله- أحمد الكايد أعطى تصريح بأنه ضد الـ.. وجود العمل الفدائي، ولكنه بعد مدة انتهت هذه التصريحات، وبقى العمل مستمر..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني في أعقاب عفواً..
مشهور حديثة الجازي الجازي: في أعقاب..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: في أعقاب المعركة تصاعدت العداوة للعمل الفدائي؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: تصاعدت العداوة نتيجة المشاحنة، ونتيجة.. عدم التفاهم على من انتصر في المعركة من جهة، وتكاثر عدد الفدائيين لأنه كثر العدد –كما قلت- وكثرت المشاكل لأن العمل الفدائي بعد معركة الكرامة استقطب عدداً كبيراً من الشباب –خاصة العاطلين عن العمل- العدد كبر والممارسات الغير ملتزمة كثرت والجانب الآخر السياسي يرى السلبي.
أنا كنت أنظر بمنظار واحد وهو الإيجابي، أن كل ما نزيد العدد نقاتل إسرائيل نضم بندقية ضد إسرائيل..المتفرجين والذين لا يريدوا لهذا العمل أن يستمر، أو لهذا الـ.. هذه العلاقة.. كانوا يجعلوها من السلبيات استمرت الحال هكذا، وتقرر تعيني بنقلي من الجبهة إلى القيادة، لأصبح الرجل الثاني، يعني نائباً لرئيس الأركان و أخذت الملف، وأصبح الملف الفدائي معي..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كيف؟ وضح لنا هذه الصورة الآن..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: الملف..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني انتقلت من قائد للجبهة المواجهة لإسرائيل، إلي نائب لرئيس الأركان..
(1/128)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: ترقيت إلى نائب لرئيس الأركان، لكن الملف بقى معي، علاقتي مع العمل الفدائي موجودة علاقتي مع قادة الفدائيين موجودة وتنسيقي بين الجبهة والفدائيين موجودة يعني، ولكنها كبر -يعني- أكبر من حجم فرقتي في الأول، كنت مسؤولاً أصبحت مسؤول عن الجيش، لأن العمل الفدائي ليس محدود في موقع واحد، هو بالشمال وفي الجنوب والوسط، هو موجود في إربد، في "إمقيج" كما ذكرت كما هو موجود في العقبة، هو موجود في غور الصافي، وفي أغوار الأردن أصبح الملف كبير، والمسؤولية كبرت علي، فأصبحت العلاقة أكبر مما هي كانت عليه..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: هذا بشكل رسمي..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[ : بشكل.. واستمرت..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: تكليفك -رسمياً- بالملف الفدائيين؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[ : نعم، واستمرت العلاقة هكذا، وكلما تتوتر الأمور أتدخل أنا، وينتهي الاجتماع وتنتهي الأمور إلى إيجابيات، وإلى وفاق، واستمرت هكذا.
أحمد منصور: يعني -عفواً- هل.. هل إلى إيجابيات ووفاق حقيقي أم كانت عملية ترقيع تتم للأمور بحيث إن بتظل النفوس مشحونة -أيضاً- ويظل التوتر قائم؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[ : هو للأسف أنه وجود العمل الفدائي على الأرض الأردنية تناقص للنظام الأردني، النظام الأردني أو الحكومة الأردنية لا تريد أن تكون هناك قوة غير قواتها على الساحة الأردنية، العمل الفدائي بطبيعة العمل نفسه نشأته فوضوية هو متمرد، متمرد على العالم العربي، ومتمرد على العمل العسكري، فطبيعة العمل لا تتناسب مع الانضابطية بالجيش، هذه ناحية الناحية الثانية كان يحرج الأردن بعمليات غير مخططة لها، غير منسقة لها، طبعاً يحرجها على.. على المستوى السياسي أن هناك أعمال غير منضبطة، أن هناك قتل أشخاص أبرياء، هناك (باصات) متحرقة.. تنحرق كما تعرف..
(1/129)
أحمد منصور]مقاطعاً[: يعني -عفواً- وضح لنا هذه النقطة-يعني-العمل الفدائي كان بدأ يسبب خلخلة في بنية المجتمع الأردني، وتحدث عمليات داخل الأردن نفسها وخارجها..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: هو أولاً كان العمل اللي كان يواجه ويزعج الأردن أكثر هي الأعمال التي يتعرضوا لها للسكان وللأشخاص، أو للسكان اليهود الإسرائيليين، لكن بالأخير صار العمل يخلق شيئاً من الفوضى، صار التعرض إلى جلب المال بالبندقية، صار التعرض لسيارات داخل البلد، صار التعرض لنشاطات الأمن، أو المواقع العسكرية..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: عفواً-سيادة الفريق-وضح لنا دى بشكل يُفهم أفضل من هذا؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: يعني..يعني العمل الفدائي مع كبره كبرت مشاكله، انعدمت السيطرة عليه، نستطع.. حاولنا أن نجعل من القيادات الفدائية قيادة حقيقية ظابطة، ما استطعنا.
أحمد منصور: يعني هنا عايزين نفهم معلهش الوضع -الآن- صار هناك قوى للفدائيين متناثرة على الساحة الأردنية..
مشهور حديثة الجازي: قوة متواجدة وعدد كبير..
أحمد منصور: ليس لها قيادة واحدة، وإنما لها قيادات متعددة؟!
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: القيادات.. لكن هما عاملين قيادة جماعية على أساس إنه..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: اللي هي منظمة التحرير الفلسطينية؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: منظمة التحرير، ولكن حقيقة الأمر ما كان ينفذ، ما كان ينفذ الأوامر عليهم كلهم.
أحمد منصور: يعني كانت-أيضاً-هناك جيوب منفلتة؟
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: كانت هناك جيوب واستقلاليات، كل واحد يضع الخطأ على غيره فانفلتت عدة أشياء منها مخالفات –كما قلت- مدنية، منها مخالفات..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: للسكان الأردنيين؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً: [ للسكان، ولبعضهم، وللأمن، وللقوات المسلحة ولأخره..
(1/130)
أحمد منصور ]مقاطعاً[: أصل أحنا عايزين -عفواً- عايزين نفرق هنا ما بين الإشكالات التي سببها الفدائيين للساحة الأردنية والإشكالات المتعلقة بهجومهم على الإسرائيليين..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: ما يخص القوة.. ما يخص المواجهة مع إسرائيل هذا موضوع قتال يومي يستمر لكن اللي عكس الأمور، وزادها الطين بلة..زاد الطين بلة هو الأعمال الداخلية الأمنية طبعاً..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: التي بدأت تمس أمن الأردن؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً:[ تمس أمن الأردن، كما جسمت.. يعني ضخمت، كمان لأنه فيه هناك أعداء متربصين من الجانب الأردني كانوا يضخموا الحادث، إذا كان حادث صدام يصير انقلاب يصير قلب سيارة، وإذا كان رفض هويته يقولك لا سحب السلاح علي، يعني تضخيم في الأحداث من الجانبين،فكثرت المشاكل، طبعاً أنا بهذه المعمعة لازلت أحمل الملف، ولازلت أنا الوسيط، وأنا ألام من هنا وألام من هنا، وظلت مستمرة الأحوال، حتى أنه حدثت حوادث كثيرة جداً، منها اقتحام قوة عسكرية في منطقة إربد إلى مجموعة فدائية 65 واحد قتلوا، وهم في الدم..يعني..نقول في دم بارد، قتلوهم تحت الشجر وهم نائمين.
هذا أثارني -طبعاً- كثيراً، وأخذت إجراءات، واصطدمت مع القادة المسؤولين لكن العمل الفدائي-أيضاً-ارتكب أخطاء كبيرة منها مثلاً اقتحام البريد..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: هذا في وقت متأخر قبل سبتمبر -ربما- في الفترة التي سبقت أحداث (أيلول) 1970م نفسيها، حدث كثير من الأشياء التي ربما سنأتي إليها بالتفصيل، لكن-الآن-أنا في عملية التصاعد التي تمت في أعقاب معركة الكرامة، والأخطاء التي بدأت ترتكب مع الطرفين، يعني هناك طرف متربص يريد أن يحافظ على سيادة الدولة والنظام الموجود، وهناك طرف آخر يريد أن يمارس دوره في كفاح العدو الإسرائيلي، ولكن هناك اصطدام الآن في المصالح..
(1/131)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: بأسلوب..بأسلوب..بأسلوب غير مقبولاً للنظام الأردني -طبعاً- تضخمت هذه الأحداث، ونُقل هذا الملف في اجتماع إلى القاهرة، إلى عبد الناصر الذي كان هو رائد، يعني هو القائد اللي ممكن أن يكون يحل مشكلات الطرفين..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: لكن -عفواً- قبلما نروح لعبد الناصر واجتماعكم معاه، يعني يقال -أيضاً- إن التضخم العمل الفدائي جعل الطرف الفلسطيني يسعى للسيطرة على الساحة الأردنية، أو للسيطرة على الدولة؟..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: هو الحقيقة هذا تضخم كثيراً، وقيل أنه يريدوا الاستيلاء على الحكم، وهو مو صحيح، هم أرادوا أن يأخذوا استقلالية، لكن استقلالية شبه انفرادية، وهذا غير صحيح..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني استقلالية على دولة موجودة؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً: [ على دولة موجودة.
أحمد منصور: طبعاً هذا ينفي سيادة الدولة؟
مشهور حديثة: ينفي سيادة الدولة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: سيادة الدولة تريد أن تحافظ أيضاً على سيادتها؟
555مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: على نظامها، وعلى سيادتها، وهذا يتعارض..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: وهذه قوة مسلحة موجودة..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: وهذه قوة مسلحة موجودة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: وهذه دولة موجودة أيضاً مسلحة؟!
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: نحن نظرتنا إلى الوضع أنه طالما إنوجدوا على هذه الأرض يجب أن ننسق، ونهدئ الأوضاع، ونمزج الأطراف كلها لتتعاون من أجل قضية واحدة، وهو الهدف الرئيسي مقاومة إسرائيل، لكن لم نستطع أمام هذا التناقض..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: أيه في رأيك الأسباب الأسباب -عفواً- التي أدت إلى إن لم يكن هناك التقاء على توحيد الجهود نحو هدف واحد وهو العدو الإسرائيلي، واستمرار إن كل طرف-الآن-انشغل بالسيطرة وبالسلطة على الأرض التي يقيم عليها، وليس بالعدو الذي ينبغي مواجهته؟!
(1/132)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: يا سيدي..يا سيدي كما قلت لك إنه هذه المنظمات انبثقت من أيدلوجيات خاصة كان أيدلوجية سياسية، يعني كان اتجاه إسلامي، أو اتجاه اشتراكي، أو اتجاه شيوعي كما هو كان في الجبهة، "جبهة..العربية" "الجبهة الديمقراطية"..
أحمد منصور: الشعبية.
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[:الجبهة الديمقراطية.. الجبهة.. ولذلك كان التناقض هنا أنهم يحملوا هم أفكار أيدلوجيات، فما كانوا مستعدين أن ينسقوا للأبد، هم مستعدين أن يقاتلوا ونعطيهم إمكانيات، ولكن مو مستعدين يتعاونوا وينظبطوا كما نريد إحنا كقوات مسلحة.
أحمد منصور: سعادة الفريق، اسمح لي بسؤال -برضه- هنا -يعني- أريد إجابة أكثر وضوحاً عليه،الآن كان هناك خلافات أردنية عربية مع بعض الدول العربية في فترة الستينات..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: هذا قبل الحرب..هذا قبل الحرب، نعم.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: هل نستطيع أن نقول أن القوة الفلسطينية التي جاءت إلى الساحة بدعم من هذه الدول التي كانت الأردن على خلاف معها بدأت تلعب دوراً في نقل الخلافات التي كانت بين دول إلى خلافات على أرض الساحة الأردنية؟
مشهور حديثة: دعني أكون صادقاً معك، لقد نقلت هذه.. هذه.. هذه الفصائل أيدلوجيات ومشاكل الدول التي..وتمثل الدول اللي كانت تعيش بيها، سواء كانت خارجية أو في سوريا، ما في شك إنه هذا أثر عليه.
أحمد منصور: لكن هذا..هذا ما ينفي وجود العناصر المخلصة التي كانت تسعى إلى توحيد الجهود؟..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: لا طبعاً.. طبعاً كان..
أحمد منصور ]مستأنفاً[: ثقلها أيه إلى جانب العناصر التي كانت بتسعى إلى..
(1/133)
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: يعني كان.. كنت أقول.. كنت أقوله إن إنه كان الثقل الرئيسي العقلاني هي منظمة فتح، وبالتالي عندما سيطرت على منظمة التحرير تفاءلنا خير أن يسيطروا، لكن ما قدروا يسيطروا سيطرة فعالة على كافة الفصائل كما هو يريد، أو كما أُريد يعني بقت الخلاف كما هو، لأنه كمان هناك فيه صراعات بين الحركة الفدائية بين فتح وبين بقية الجبهات، فالصراع كان قائم وهو حقيقة ينقل مشاكل هذه الدول إلى عندنا -كمان- أيدلوجياتها، إنما نظرتنا نحن إليهم قوة مسلحة وجدت على الأردن في ظروف صعبة، بعد حرب خسرانة بعد حرب 67، يريدوا أن يقاتلوا جنباً لجنب لقواتنا، نعتقد أن هذا كان شيء شرعي ويجب أن يُدعم، هذا كان اتجاهي وسياستي الذي كنت أهدئ الوضع فيها.
أحمد منصور: الآن أصبحت رئيس للأركان..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: لأ، أنا قبل رئيس الأركان، نقلت إلى نائب رئيس الأركان، ثم تقرر أن يتم تغيير في القيادة بحيث يأتي شخص آخر يكون قائد عام وأنا أبقى رئيس أركان وهو الشريف ناصر، أنا رفضت أن أكون -يعني- نائب لأنه أنا كنت نائب أول فعرض على أن أكون أن أصبح وزيراً للداخلية فاعتذرت عن الموضوع، فقلت أنا جندي وأريد أن أسير في سكة الجيش -يعني- على طريق الرتب العسكرية حتى أصل مركزي الحقيقي، ثم إذا هناك مراكز أفكر فيها.
أما حالياً لا، فقبل ذلك وأصبحت عينت عند جلالة الملك مستشاراً عسكرياً، إلا أنه الملف -أيضاً- نقل معي -الملف الفدائي- أصبح معي أيضاً أنا قلت هم لا يثقوا الفدائيين إلا معي وظلت مستمرة باطلاع الحكومة، باطلاع جلالة الملك-شخصياً- كنت أنسق لاجتماعات دورية بين القيادة وبين الملك، وبين رئيس الحكومة، وإلى آخره.
(1/134)
ثم بعد فترة تغيرت الحكومة، عندما فشل الطاقم اللي.. اللي استلم إلى القيادة إلى الحكومة فشل في أن ينجح بالتعامل مع الإخوان الفدائيين، الحركات الفدائية، تغيرت الحكومة برئاسة المرحوم عبد المنعم الراعي، وعُينت رئيساً والقائد العام للجيش.
أحمد منصور: سنة كام تفتكر؟
مشهور حديثة: هذا في أوائل السبعين، و 69، أواخر 69 عينت رئيس الأركان، وأصبح الملف كاملاً عندي في قيادة الجيش، هنا المسؤولية أصبحت تقع علي -مباشرة- أيضاً.
أحمد منصور: وهنا بداية تصعيد الأحداث التي سبقت أيلول..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: هنا تصاعدت الأحداث، وكثرت التجاوزات، وكثرت الأحداث القتل والتجاوزات الفدائية..
أحمد منصور ]مستأنفاً[: يعني هنا كانت عمليات تصفية ما بين الطرفين؟
مشهور حديثة: كانت في الحقيقة أحداث دامية، مش تصفيات.
أحمد منصور: أيه أبرز الأشياء التي سبقت أيلول؟
مشهور حديثة: أبرزها –كما قلت لك- إنه اعتداء شامل على قاعدة فدائية في "إربد" من قبل الجيش وأنبت المسؤولين، واتخذت إجراء فيها، ثم الفدائيين قاموا في عدة أعمال منها احتلال البريد يعني المركز الرئيسي للسنترال احتل احتلالاً عسكرياً من قبل المسلحين، واضطررت بشخصي أن أخرجهم..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كيف -يعني- فصل لنا كيفية -يعني- الآن فيه قوة فدائية هاجمت مبنى البريد الرئيسي واستولت عليه؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: يعني إحنا بين طريقين، بين أن نفتح حرب وهذا لا أريد أن أعمله، ونقتل وندمر ونخرجهم، بينما أحنا بأسلوبنا الخاص نطلعهم، فمما لي من علاقة واحترام عند هذه القيادات ذهبت، وحليت الموضوع، وانتهى الموضوع.
أحمد منصور: بالمفاوضات؟
مشهور حديثة: بالمفاوضات وأخرجت..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: من القائد الذي..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: والمسؤول.. أيضاً والمسؤول واحد اسمه طه دبلان والمسؤول أيضاً وضعته في السجن، فلذلك -يعني- حلينا الموضوع.
(1/135)
أحمد منصور: لم يحدث قتل في هذا ولا أي شيء..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: لم يحدث قتل، ولا جرح، ولا شيء.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: هناك -يعني- حادثين -أيضاً- يعني ضخمين، أو حادثين كبيرين أنت شاركت..، اختطفت ثلاث طائرات تابعة لخطوط أجنبية منها طائرة بريطانية، وهبطت في إحدى القواعد العسكرية الأردنية، وكان على متنها يعني عشرات أو مئات من الركاب..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: 300.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: 300 راكب -تقريباً- بينهم مجموعة من (الحاخامات) الإسرائيليين كانوا على إحدى هذه الطائرات، واختطفت في وقت متقارب، وانضمت طائرة رابعة لهم بعد يومين -تقريباً- وهبطت، أنت كلفت بالتفاوض مع الفدائيين..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: حل الأزمة.
أحمد منصور ]مستأنفاً[: وحل هذه الأزمة، كيف واجهت قرار التكليف؟ وكيف وقع الحادث بشكل عام..؟
مشهور حديثة: أنا بلغت من القوات الأردنية المتواجدة في التدريب في المنطقة، هي ليست قاعدة هو مطارا قديم كان يستخدم في الحرب العالمية الثانية من قبل بريطانيا، مثل ما تقول airstrip يعني- مطار عادي مطار صحراوي، فخطط له، واختطفت هذه الطائرات في الموقع فبلغوني، بلغني القائد الموجودين في الموقع ضمن المنطقة أن هناك طائرة تهبط، طائرات ركاب كبيرة، فبعدين فهمنا على أنه هذه الطائرات مخطوفة من قبل الحركة الفدائية.
فكلفت أنا من قبل الملك على أن أحل الأزمة، طبعاً أول عمل عملته طوقت الطائرات طوق كامل بالقوات مدرعات ومدفعية وإلى آخره.. وكنا بين شيئين، هل نفتح النار ونحرق الطائرات ومن فيها؟ أو نضع.. أو إحنا نحتجز الناس ونفاوض الناس، ونخرجهم سالمين، فأنا قررت أن أسلك الطريق الأسلم حتى لا أسفك الدماء لا للركاب ولا للفدائيين ولا للجيش-طبعاً-هم..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: أيه هدف عملية الخطف اللي قام بها الفدائيين التابعين للجبهة الشعبية؟
(1/136)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: الهدف هو تصعيد الأعمال الفدائية، إحياء قضية فلسطين، بيان النشاط للحركة الفدائية، والمطالبة لإخراج سجناء وإلى آخره-يعني-هذا كثير جداً، طبعاً دخلت في.. عندما عرفوني ويعرفوني، ولي من الاحترام عند هؤلاء الناس، دخلوني.. دخلت..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: دخلت الطائرات؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: دخلت الطائرات واحده واحده، تفقدتها ووجدت الركاب فيها، وبعد أن تحققت من سلامتهم..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كنت قائداً عاماً للجيش ورئيس للأركان؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: كنت قائداً عاماً..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: وسمح لك الخاطفين بالدخول للطائرة؟!
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: ووجدت طائرة طائرة، وشاهدت بأم عيني ملغمة كل الطائرات، أي حركة من جانب القوات المسلحة ستحترق تلك الطائرات ومن فيها، وتكون الكارثة أكثر، فقررت أن أحاور الشباب..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كيف كانت طبيعة حوارك معهم؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: حواري معهم أن ما تعملوه حققتوا هدف منه، هو لفت نظر للعالم، ولكن أن تقتلوا أبرياء، وتحصروا ناس مسنين في هذا الموقع هذا غلط، هذا لن يرتد علينا صح لا إعلامياً ولا عسكرياً وإلى آخره، ثم ممكن أن تعملو لنا يعني إحراجات مع الدول أخرى، لأنه كان هناك فيه تهديد من الفرقة 28 أن تنزل لإخلاء هذه الطائرات من الركاب..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: الفرقة 28 الأردنية؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: لا، 28 الأميركية..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: الأميركية؟!
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: فطرحت هذا الحكي، وقلت لهم بعقلانية يجب أن ننهي الموضوع، ماذا تريدون؟قالوا نريد عشرة.. نأخذهم أسرى، قلت لهم خذوهم..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: عشرة من الركاب؟
(1/137)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: عشرة من الركاب اختاروا..كام يهودي مش عارف وأميركي و..وأخرجت الـ 300 سالمين، إذن أنا كنت بعتقد بعمل إنساني.. إنساني عقلاني بدل من القتال، وبعدما خرجنا سمعنا على إنه تم تفجير طائرات، وتحمدنا الله أن الناس ما كانوا فيها..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: لكن الرهائن العشرة كانوا-أيضاً-خارج الطائرات؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: -طبعاً- أخذوهم معهم.
أحمد منصور: هناك من يشكك في دورك هذا، ويقول إنك لم تفعل شيئ؟
مشهور حديثة: والله أنا أقول الحقيقة، لأن الحقيقة واضحة، ومع الأسف اللي يشكك في ذلك أنني قمت بهذا الدور، وغامرت بحياتي لأن المسلحين كانوا على استعداد إطلاق النار إذ لم يعرفوني أنا، أنا لو ما كنت أنا شخصياً.
أحمد منصور: هل هذا يعكس طبيعة العلاقة التي كانت بينك وبين الفدائيين في هذه الفترة؟
مشهور حديثة: يا سيدي –مثل ما قلت لك- أنا الاحترام اللي اكتسبته ليس احترام عمالة كما هي فيه بعض الناس احترام مصداقية، أنا كنت صادقاً معهم عندما قاتلوا معي في.. بالكرامة، وكنت صادقا معهم في حل كل المشاكل، هذه المصداقية جعلت إلي يعني مركز خاص عند العمل الفدائي، وعند الشعب الفلسطيني.
أحمد منصور: في أعقاب هذا الحادث، وتفجير الطائرات، بعد الإفراج عن الرهائن، وعدم-يعني-مقتل أحد منهم ده تعتبره أنت إنجاز في تاريخك العسكري؟
مشهور حديثة: أنا ما بأعتبره منجز لأني أنا أنقذت..أنا ما-يعني- ما أستطعت أن أوقف الخطف لأن الخطف هذا بالجو، لكن استطعت أن أنقذ من خطفوا، وأنا بأعتبره ده منجز كبير.
أحمد منصور: بصفتك خضت عملية التفاوض دي -يعني-تعتبرها مهمة سهلة أن تفاوض ناس مسلحين، وفي أيديهم أناس عزل من السلاح ومهددين بالقتل؟
مشهور حديثة: أنا رجل مؤمن بأن القدر يلعب دوره، والحياة والأعناق بيد رب العالمين، وكنت مؤمن في قضية أني أخدم وطني وأخدم قضيتي، فكنت مجازف في هذا الموضوع.
(1/138)
أحمد منصور: في حادث آخر كبير أيضاً أنت كلفت بالتفاوض فيه، وهو عملية الاختطاف التي قام بها الفدائيين -أيضاً- الفلسطينين لأكثر من 75 صحفي في فندق (الانتركونتننتال)؟!
مشهور حديثة: نعم، بلغت أيضاً عنهم وحاول الجميع أن يخرجوهم، ورفضوا رفضاً قاطعاً، وذهبت بشخصي بسيارتي إلى الفندق، ودخلت عندما عرفوني، وأخرجت الفدائيين.. الفندق، وأخرجت كافة الصحفيين سالمين.
أحمد منصور: ولم يصب أحد فيهم؟
مشهور حديثة: ولم يصب أحد فيهم، وكانوا مهددين بأن..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كيف بنيت التفاوض-أيضاً-يعني..؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: كما قلت –لك- المصداقية موجودة، والاحترام موجود، والكل يعرفني من كبيراً وصغيراً، ويعرفوا أنني أعمل بأمانة وليس بعمالة.
أحمد منصور: أين في المرة الأولى والثانية، ماذا كان مصير الفدائيين اللي قاموا بهذه العملية؟
مشهور حديثة: ما أقدر… قدموهم لقياداتهم، جعلنا الحكم..تعرف دائماً وأبداً.
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني سُلموا للقيادات الفلسطينية؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: آه –طبعاً- خرجوا، وقياداتهم معهم، وطلبنا منهم عدم تكرار ذلك..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: والقيادات الفلسطينية لها دور في تسهيل قضية المفاوضات؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: طبعاً حكينا معهم المسؤولين، ولكن عندما ذهبت أنا-شخصياً-أنهيت الموضوع مع الناس الخاطفين مباشرة.
أحمد منصور: لم يكن معك أحد من القيادات الفلسطينية؟
مشهور حديثة: كان قيادات صغيرة، مش قيادات كبيرة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: ليست من القيادات البارزة؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: لا، بس كان هناك مواصلات.. اتصالات هاتفية، وانتهت (مو جي) تحل الإشكال بسرعة.
أحمد منصور: هذه الأحداث كانت قبيل (أيلول) بفترة بسيطة جداً، هل تعتقد أنها ساعدت على تفاقم الأزمة والأمور؟
(1/139)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: ساعدت كثيراً للأسف، وهي عبأت النفوس أكثر، ثم حادثاً ثالثاً بلغت أنه عدد من الدبابات والآليات التي تحرس المركز التليفزيوني-اللي أنت ذهبت له-تمردت لتقتحم قواعد الفدائيين في أطراف عمان، واضطررت أن أذهب مع أنه كان هناك فيه اجتماع رسمي إلى ما يسمى باللجنة العربية اللي تفاوض بين الأردن والعمل الفدائي لنصل إلى اتفاقية لإخراج العمل الفدائي من داخل المدن إلى الخارج وإنهاء الأزمات المتراكمة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كان مين في اللجنة العربية؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: كان بوتفليقة، وكان مندوب... محمد نجم عن ليبيا، ومندوب ثان سوداني، وهذه المجموعة كلها، وطبعاً صالح عبيدي من العراق نائب الرئيس،ورئيس الحكومة الأردنية و..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كان مين رئيس الحكومة الأردنية؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: كان عبد المنعم الرفاعي، وأنا، ومدير الأمن العام- الله يرحمه-زهير، واللواء معلى أبو نوار، فاضطررت أن أذهب، وأثناء ذهابي أعطيت أمر لإعادة الدبابات ولكني تعرضت لحادث رهيب وهو أنه أطلق النار علي من قبل أحد الفدائيين في (R.B.J)..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني كان فيه محاولة لاغتيالك؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: نعم.
أحمد منصور: قصفت سيارتك؟!
مشهور حديثة: أحرقت سيارتي وقصفت، تم إحراقها كاملة، وقفزت منها سالماً-والحمد لله-وبعد أن اكتشفوا وعرفوا إني أنا، تم إنقاذي من قبل العمل الفدائي.
أحمد منصور: يعني اللي قصفوك أنقذوك؟!
مشهور حديثة: الآخرين نعم.
أحمد منصور: لم يكونوا يتوقعوا أنك أنت بداخل السيارة؟
مشهور حديثة: نعم، نعم، حتى لا أفسد عمل اللجنة اللي هي بدها تحل الإشكالات في حادث من هذا النوع، أنه القوات الأردنية تهجم على جبال عمان وتقتل الناس، ذهبت بنفسي، وعدت سالم، وغسلت وجهي، وعدت إلى الاجتماع، وتحاورنا، ووضعنا هناك اتفاقية لو نُفذت ما حدث هذا.
(1/140)
أحمد منصور: ما هي أهم بنود هذه الاتفاقية؟
مشهور حديثة: بنودها أولاً: خروج العمل الفدائي-الفدائيين من داخل المدن، عدم حمل السلاح داخل المدن، الذهاب إلى قواعد خارجية قريبة من التماس.. التماس مع إسرائيل، يعني ظبط.. منع الفدائيين من التجول، وإيقاف السيارات، والتعرض للمواطنين، تعليمات-يعني-بنود إدارية.
أحمد منصور: يعني بنود إدارية تحفظ سيادة الدولة الأردنية..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: سيادة الدولة الأردنية..
أحمد منصور: وتوجه العمل الفدائي إلى المواجهة مع إسرائيل، وليس الدخول في..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: نعم طبعاً أنا لازم أذكر لك إنه قبل هذا الحكي كنا-أيضاً-نقرر أن نذهب إلى عبد الناصر ويبحث الموضوع لما تفاقمت الأحداث بعد الطيارات، وذهبت مع رئيس الحكومة عبد المنعم رفاعي..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: وكنت ضمن هذا الوفد؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: وكنت أنا ضمن هذا الوفد، ومعنا زيد الرفاعي، وكان هناك اجتماع، اجتماع تقرر أن يكون في رأس التين في الإسكندرية..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: في الإسكندرية.
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: وذهبنا في القطار من القاهرة إلى رأس التين، وللمرة الأولى أرى إن رأس التين يدخل به السكة الحديد هذا القصر العظيم، وجلسنا أول جلسة وثاني جلسة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: طبعاً قبيل أحداث أيلول بأيام؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: قبليها.. قبيل أحداث أيلول وأدلى جلالة الملك في حديث وشكوته الكاملة من العمل الفدائي..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: ما هي طبيعة-عفواً-طبعاً أنت شاهدت هذا اللقاء الذي تم بين الرئيس عبد الناصر وبين جلالة الملك حسين، وكان معكم رئيس الوزراء، وأنت كنت ضمن هذا، ما هي طبيعة الحوار الذي دار في إطار أن هذا الاجتماع لم يكن سوى إعطاء ضوء أخضر من عبد الناصر..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: حقيقة شكوى الأردن..
(1/141)
أحمد منصور ]مقاطعاً[: إلى الأردن لتصفية العمل الفدائي؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: شكوى الأردن من تجاوزات وبمعنى أن هناك مسببات إذا اتخذناها هي إحنا مضطرين إنها ضد العمل الفدائي لو اُتخذت، يعني بعبارة أخرى إجازة ما نقوم به مؤخراً.
أحمد منصور: ماذا كان رد عبد الناصر؟
مشهور حديثة: حقيقة الأمر إحنا بالوفد تكلمنا مع الأستاذ محمد حسنين هيكل وتكلم معنا، وأوضحنا له الموقف شو، وأوضحنا أن التصادم ليس لصالح الأردن، وأن الصدام سيعمل شرخ وأعطيناه مسببات كثيرة جداً، والتي نقلها بدوره لعبد الناصر وبالاجتماع الثاني جلس عبد الناصر مع الملك، وبعد ما تحدثوا حديثاً كبيراً قال-أذكر ما قال عبد الناصر يا ملك حسين أنت تأتي من منطقة خرج منها سيدنا أيوب-يعني صبر أيوب-فاصبر دول ولادنا، بالحرف قال دول ولادنا، لما أنا كنت رايح من عندكم امبارح لحقوني شباب من عندنا وقالوا لي شد حيلك يا عبد الناصر هنحارب.
قال هذه الروح التي يعيش بها المواطن العربي أنه لا يؤمن في الانكسار وأنه يجب أن يؤمن في.. في النضال، وحقيقة هذا الأمر هذه المسببات لم يعط فيها عبد الناصر أي إذن لقتل الفدائيين، وقال هم جرحوني أنا أكثر لأنهم هنا في عمان حطوا صورته على حمار "الجبهة الشعبية" وقال أنا حتى ما ألحقوا به من حديث لم أحقد عليهم، لأن دول ولادنا وهذا تفكيرهم وإلى آخره، إذا أنت خائف من العراق لو كان فيه تخوف من العراق سأنزل إليك لواء منقول للكرك -بالحرف الواحد- سأنزل لك لواءً مظلياً في الكرك هذا ما قاله عبد الناصر، فلم تعط في الحقيقة أي ضوء خضراء من عبد الناصر لضربة العمل الفدائي بأي حال من الأحوال.
أحمد منصور: يعني أنت تؤكد كشاهد على العصر، وشاهد لهذا الاجتماع و..
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: أنا أؤكد للتاريخ..
أحمد منصور ]مستأنفاً[: بأن عبد الناصر لم يعط ضوء أخضر لتصفية العمل الفدائي في الأردن.
(1/142)
مشهور حديثة: لم يعط ضوءاً أخضر، لم يعط ضوءاً أخضر، لو أعطى ما قال الموضوع بتاع صبر أيوب.
أحمد منصور: لكن هو مجرد-عفواً-اللقاء-برضه-كان مجرد كلام-يعني-لم يكن فيه يعني الحوار الجاد الذي يعني يطالب بإيقاف المعركة المرتقبة ما بين الطرف الأردني والطرف الفلسطيني؟
مشهور حديثة: هو كان يأمل أنه هذا الحديث ينعكس على..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني موقف عبد الناصر البعض يحلله على أنه موقف يعني فيه شك، هو كان للمهادنة يعني ليس فيه..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: عبد الناصر كان في الحقيقة بحيرة..، هل يقف بجانب الأردن، أو بجانب العمل الفدائي..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: لكن الصورة-الآن-كانت واضحة أن فيه مواجهة قادمة لا محالة؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: لا، لغاية الآن لا، إحنا خرجنا إنه ما فيه مواجهة..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: خرجتم من الاجتماع مع عبد الناصر؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: خرجنا نحن انطباعي أنا وجماعتي إنه ما فيه مواجهة.
أحمد منصور: ورجعتم إلى الأردن؟
مشهور حديثة: ورجعنا إلى الأردن وتطورت الأحداث وصارت المواجهة.
أحمد منصور: سعادة الفريق-يعني-أنتم-الآن-رجعتم من القاهرة بانطباع أنه ليست هناك مواجهة، لكن كيف تصاعدت الأمور بعد ذلك، ووصلت إلى حد المواجهة المباشرة؟
مشهور حديثة: يا سيدي، فيه هناك قوى حتى أكون أيضاً.. بين الطرفين، قوة لا تريد لهذه المصالحة أن تتم، ولهذا التعايش أن يستمر، ولعبت أدوار كثيرة بالتخريب، وهذا التخريب وصل لحد القتل، والقصف، وإلى آخره، ثم..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: هذه الأطراف من الجانبين؟
(1/143)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: من الجانبين، ووصلت فينا أنه آخر اجتماع لمندوبين الجامعة العربية-اللي سميت اللجنة العربية-اجتماع القيادة، وأحضرت جميع الأطراف الموجودين بما فيهم "جورج حبش" الذي لم يأت للاجتماع قبل ذلك في القيادة، واتفقنا على اتفاقية كبيرة على إنه.. بنودها –أذكر- خروج الفدائيين من المدن الرئيسية، عدم حمل السلاح، عدم التعرض لأمن البلد، عدم تعرض المواطنين، واتفاقية كانت محترمة من جانب..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: هل تعتقد أن الاتفاقية دية لو طبقت بنودها كانت كفيلة بالحيلولة دون وقوع أحداث أيلول؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: نعم، بكل أمانة لو طبقت، لكن الحقيقة الجانب الأردني لم يكن مرتاح لها.
أحمد منصور: لم يكن مرتاح لها.
مشهور حديثة: نعم، ولذلك..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: والجانب الفلسطيني؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: الجانب الفلسطيني كان يقول أنه مستعد ينفذها، ولكنه ما نفذ، ما تم التنفيذ لأنه ها الوقت ما حان، لذلك القرار على أنه بعد هذه الاتفاقية لم تكن صيغتها مقبولة إلى الأردن بشكل عام، وفوجئت في استدعائي إلى القصر، إلا بمجموعة من سيارات الجيش، وعرفت إن هناك حكم عسكري.
أحمد منصور: استدعيت يوم 14 أيلول/ سبتمبر 1970م كنت وقتها رئيساً للأركان استدعيت ليلاً إلى القصر الملكي؟
مشهور حديثة: ووجدت أن هناك مجموعة من ظباطي الذين أصبحوا وزراء-يعني بدهم إن يكونوا وزراء-وبينهم السيد محمد داود اللي هو-عين-رئيس الحكومة، والذي هو كان ظابط الارتباط في الجيش..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني هنا إعلان حكومة عسكرية؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: آه فوجئت أنه يقابلني على الباب يقول لي: تفضل يا سيدي، فقلت له يا أهلاً يا دولة الرئيس فضحك، طبعاً ودخلت إلى..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: لم تكن على علم بتشكيل هذه الحكومة؟
(1/144)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: لم أكن على علم، استدعيت حتى أكون موجوداً، وطبعاً الحكومة قدمت استقالتها، وأنا قدمت استقالتي، وانتهت مهمتنا ذلك المساء.
أحمد منصور: ماذا كان-يعني-تشكيل حكومة عسكرية يوم 14 سبتمبر؟
مشهور حديثة: تشكيل حكومة عسكرية أن تتصرف في عرف، في قانون عرفي ليس مدني على أنه تحتل، وتقتل، وتسجن وإلى آخره-يعني-حكومة عسكرية.
أحمد منصور: ماذا كان شعورك وأنت كنت تحمل ملف الوساطة الفلسطينية الأردنية، ورئيس للأركان للجيش الأردني والقائد العام للجيش في هذه اللحظات؟
مشهور حديثة: والله كان أكبر شعور أنني ارتحت، أنني تخلصت من حمل ثقيل، وملحمة لم أكن مستعداً أن أدخلها.
أحمد منصور: يعني كيف تخلصت؟ وأنت –يعني- ألم يكن هناك في الأفق آثار أو..أو إرهاصات لما يمكن أن يحدث؟
مشهور حديثة: عندما تعمل شيء وأنت مش صاحب القرار النهائي ماذا تعمل؟
أحمد منصور: هل كنت تشعر أن ما حدث سوف يحدث؟
مشهور حديثة: نعم، وأنا أذكر..سبق وأنذرت الحكم الأردني والعمل الفدائي أنه أنتوا بحالة الفشل ستكون هناك مذبحة فاصلة في الأردن، ولكن يظهر الكل ما كان يتخيل ما يحدث.
أحمد منصور: هل كان الفلسطينيين يتوقعوا أن في إمكان قواتهم السيطرة على الأردن في ذلك الوقت؟
مشهور حديثة: والله أعتقد أنه فيه من هذا الحكى هذا وهذا تفكير جهل طبعاً.
أحمد منصور: هل كان-أيضاً-في تصور الجانب الأردني أنه يستطيع أن يمحق العمل الفدائي ليحفظ سيادته على أرضه، وفي نفس الوقت يعني ستباد المقاومة مع إسرائيل؟
(1/145)
مشهور حديثة: كان القرار الأردني بين شيئين، أن يبقى الحكم ويسيطر أولا يبقى، ولا يبقى العمل الفدائي، القرار كان بهذا الحكى أن يكون أو لا يكون، ووجود العمل الفدائي هو مناقضة للحكم، لذلك من هذا القرار، من هذا الجانب اتخذ القرار بحرب أيلول ولا اعتقد أن الطرفين حسبوا جيداً ما حدث لأنه..هذا الحمل الذي كنت أحمله لوحدي لم يصمد أربعة وعشرين ساعة في اندلاع أكبر مذبحة في التاريخ، لأني كنت أحمله بأمانة، وأنهي المشاكل بين الطرفين في كل حب، انهارت في خلال سويعات.
أحمد منصور: كيف بدأت؟
مشهور حديثة: كانوا يفكروا أن الجيش مجرد ما يدخل جيش تهرب الفدائيين.. الفدائيين، ما يقاتلوا.
أحمد منصور: كيف وقعت أحداث أيلول في 15 سبتمبر؟
مشهور حديثة: طبعاً، أنا ما عندي تفصيل لأني تركت الخدمة، وتركت عمان كمان، وتركت لأهلي..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني أنت.. أنت في نفس الليلة تركت المنطقة؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: لا، نمت ليلة مكثت ليلة بالقصر -طبعاً-إجباري..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: كيف ليلة إجباري؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: يعني نمت، بدي أنام، الحكم العسكري، الحكم العسكري وأصبحت سلمت وذهبت، وثاني يوم كانت المذبحة ثاني يوم.
أحمد منصور: ذهبت إلى الجنوب؟
مشهور حديثة: إلى بلدي، نعم.
أحمد منصور: يعني لم تشاهد أحداث (أيلول) ؟
مشهور حديثة: شاهدت قسم منها، ولكني لم أر.. شاهدت.. شفت قسم منها...
أحمد منصور: ما الذي شاهدته؟
مشهور حديثة: شاهدت أناس يتقاتلون بالدبابات ومذابح وكسر وقذف -يعني- شاهدت شيء لا يسر، وهذا ما كنت أنا لا أحبذه.
أحمد منصور: هل ذهبت إلى الجنوب هروباً من..؟
(1/146)
مشهور حديثة الجازي ]مقاطعاً[: لا، مش هروب، لا، مكثت كام يوم في عمان بعدين ذهبت إلى الجنوب، لأنه المعركة لم تنته في ساعة أو ساعتان، الجيش قدر أنها ينتهي رأساً، يطلعوا على طول يهربوا بقوا حوالي شهر زمانهم يقاتلوا… خذوا شهرين والقتال مستمر في الشوارع وبين الجبال، والدماء.. وانتقلت إلى جرش..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: لكن..لكن صلتك المسؤولية قُطعت بشكل عام؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: قطعت مع أني أنا عُينت -رسمياً- بجانب الملك أن أكون مستشار عسكرياً..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: في ليلة.. استقالتك؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: نعم..نعم، ولكنني لم أزاول ذلك خوفاً من أنه أنا أزج في شيء من المشاركة في هذه المذبحة.
أحمد منصور: يعني أنت برضه ذهبت إلى الجنوب، ومكثت هناك-يعني-هروباً من يوصم اسمك أو يكون لك صلة؟
مشهور حديثة: لا، لا بُعداً بعداً عن المعركة كلها، ولا أشترك فيها لا مستشاراً ولا عسكرياً.
أحمد منصور: ماذا كان توقعك لمسار المعركة؟
مشهور حديثة: توقعي أن الأردن سيُوصم بأنه قام بعملية قتل الحركة الفدائية الوطنية، وبأنه العمل الفدائي يتضرر في الساحة الأردنية لصالح إسرائيل، يعني شعور كمواطن-يعني-لا يحب..لا يحب هذه النهاية للطرفين، وقتال بين أهلين وبين عائلتين، ولأن الجندي الأردني هو أخ للجندي الفلسطيني، ونسبة 60% من القوات الأردنية هي فلسطينية، يعني الأخ يقاتل أخوه.
أحمد منصور: هل كانت هذه المعركة كفيلة بقتل العمل الفدائي؟
مشهور حديثة: هي قللت العمل الفدائي كثيراً،نعم.
أحمد منصور: وأثرت عليه؟
مشهور حديثة: وأثرت عليه تأثيراً كبير، ولكنها.. لكنها أساءت الأردن، وانتهت في فك الارتباط الأردني الفلسطيني، أعتقد أنها.. من ذلك التاريخ فك الارتباط تم في هذه المذبحة.
(1/147)
أحمد منصور: لو جيت تقيم الأحداث-الآن-بعد مرور ما يقرب من ثلاثين عام على وقوعها كيف تراها؟ هل كان يمكن إيقاف هذه الأحداث الدامية؟
مشهور حديثة: هو يعني لازلت أعيش في فكرة إنه كان بإمكاننا لو صبرنا صبر أيوب أو أقل من صبر أيوب بعقلانية أن نتجاوز اللي حدث، ولو أن العمل الفدائي عاد له عقله النير بأنه هذه الساحة لا تعوض وهي فعلاً لا تعوض.. لأن لبنان لم تكن.. لم تكن تعويضاً للأردن.. المواجهة الحقيقية كانت هي في الأردن..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: لكن هل كانت الأردن-أيضاً-ستترك الفدائيين لو تفرغوا للعمل الفدائي؟
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: لا، لو تم التنسيق ممكن.. لكن اعتقادي إن القرار هو سياسي، وقرار دولي، أن المعركة.. أن تهدأ المعركة، ونصل إلى ما وصلنا إليه من سلم، فلنقل ذيول هي ما وصلنا إليه، أنه ينتهي العمل الفدائي وتنتهي المقاومة، وممكن تكون هناك مصالحة،في اعتقادي هذه بدايات لما وصلنا إليه.
أحمد منصور: اتهمت بأنك إنت عميل للفدائيين، اتهمت بأنك إنت عميل للعراقيين، اتهمت بأنك إنت عميل لقوى مختلفة-يعني-في خلال المرحلة، دية وأنت راضٍ وتعلن رضاك عن الدور الذي قمت به، وأنت كنت حريص على بقاء العلاقات -يعني- أنا لازالت -يعني- معركة الكرامة باعتبارها كانت -يعني- النقطة.. أكبر النقاط في حياتك اللي بتعتبرها.. هل تعتبر أن معركة الكرامة والنصر الذي تحقق فيها والتنسيق ما بينك وبين الفدائيين هو الذي جر عليك هذه المآسي؟
مشهور حديثة: والله أنا بأقول وبعد ثلاثين سنة، وما حدث معي من مسلسلات من وضعي في الاعتقال وفي منزلي، ووضعي في.. منعي من السفر، اعتقادي أنه هذا ثمن ضريبة دفعتها لمعركة الكرامة، والدخول فيها.
أحمد منصور: بعدما تركت.. استقلت من قيادة الأركان ورئاسة الجيش فرض عليك إقامة جبرية؟
(1/148)
مشهور حديثة: نعم، فرضت إقامة جبرية علي في ضيعتي في بلدي، ثم إحدى السفريات وأنا ذاهب لأسجل أولادي بالقاهرة نُزلت بالطيارة بعد إقلاعها، وهذا مخالف لكل القوانين من الطيارة المصرية، والذي نزلني هو أخي وحبيبي أحمد عبيدات الذي أنقذته من القتل وهو معتقلاً.. معتقل من قبل الجبهة الشعبية.
أحمد منصور ]مقاطعاً[: في.. وإلا مثلها..
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: هذه كانت المكافأة وقبلتها..
أحمد منصور: وكيف -يعني- وضعك بعد فرض الإقامة الجبرية عليك، وإنزالك من الطائرة؟
مشهور حديثة: بعد هذا انتهت الأمور بعد ثلاث أربع شهور وخفت الحدة، وبديت أنا نشاطي وأزاول أعمالي الخاصة، زراعتي وعملي وتجارتي، وعلاقتي بالحكم عبارة عن علاقة عامة عادية مثلي مثل أي مواطن.
أحمد منصور: سعادة الفريق، وأنت تروي شهادتك على العصر باعتبارك أحد الشخصيات التي لعبت دوراً في الحياة العسكرية في الأردن، والتي كان لها انعكاسات على العالم العربي في بعض أحداثها الرئيسية، كيف تنظر إلى هذا التاريخ الحافل من حياتك؟
مشهور حديثة: والله، أنا أقول خرجت بأنه أنا.. فخور بأني أولاً قاتلت الإسرائيليين العدو الذي لم يكتب لنا مقاتلته سنة 67 قاتلته في معركة، معركة ناجحة بقوى فلسطينية أردنية ثبتت وجودها على الساحة، وأسقطت رموز إسرائيل الذين كانوا يحتلوا.. أهدافهم سيحتلوا الأردن، هذا من ناحية، الناحية الثانية أتمنى أن العرب يعودوا إلى رشدهم مرة ثانية، ويظبوا جراحهم، وينظموا جيوشهم لتكون هي مواجهة حقيقية لتصل ما وصلنا إليه سابقاً.
أحمد منصور: هل أنت راضٍ عن الـ.. اتفاقيات السلام التي وقعت مع الإسرائيليين؟
مشهور حديثة: لا، لا..
أحمد منصور ]مقاطعاً[: الاتفاقية الأردنية؟
(1/149)
مشهور حديثة الجازي ]مستأنفاً[: أنا ضد هذه الاتفاقات، وأنا ضد التطبيع، ولا أعتقد إنه هناك سلام، لأنه هذا السلام بمستوى قيادات وليس شعوب، ولذلك لا أعتقد له الاستمرار، وهذا السلام هو من جانب واحد فقط، وهو إنه نحن -للأسف- استسلمنا لإسرائيل دون قيد أو شرط، وأتمنى أن لا يستمر، وأتمنى أن الأمة العربية تعود لرشدها، وتحشد قوتها لتصبح قوة حقيقية في هذه المنطقة، وتوقف هذا التيار، هذه العنصرية والعنجهية التي يقودها (نتنياهو).
أحمد منصور: يعني أنت تعتقد أنه لابد من مواجهة عسكرية مع إسرائيل؟
مشهور حديثة: أنا اعتقادي أنه لابد من هذه المواجهة ولو بعد عشرات السنين، لأنه إسرائيل لن تعطي شيئ، وهي تبرهن يوماً بعد يوم أنها تريد أن تأخذ ولا تعطي.
أحمد منصور: يعني ليس هناك حل عربي إسرائيلي في تصورك؟
مشهور حديثة: محلي، الحل أنا أعتقده مؤقت، ولكنه ليس أبدي، الحل السلمي عادة يأتي إذا الشعوب كانت راضية، إذا الشعوب مش راضية ما هو حل.
أحمد منصور: هل فيه شيء كنت تتمنى أن تفعله خلال فترة مسؤوليتك، ولم تتمكن من إتمامه، أو فعله؟
مشهور حديثة: وحدة هذه الأمة العربية، أن أشارك في وحدتها، هذا ما كنت أتمناه، لكن التمني شيء و(الحقوق) شيء آخر، لكن أنا لازلت آمل أن هذه الأمة لابد أن تتوحد مرة أخرى.
أحمد منصور: كيف ترى المستقبل القريب من خلال هذا الواقع، وهذا العصر الذي تعيشه؟
مشهور حديثة: المستقبل القريب سيئ، المستقبل البعيد لصالح هذه الأمة، لأن هذه الأمة لن تهُزم نهائياً، وهذه الأمة العريقة المتمركزة في التاريخ في جغرافيتها، وفي دينها، وفي ممتلكاتها، وإمكانياتها ستصبح الدول.. الأمة الكبيرة في هذه المنطقة، والقادم هو هذه الأمة أن تكون دولة واحدة أو قوة واحدة يصعب على إسرائيل أو ما وراءها أن.. أن يتخطاها.
(1/150)
أحمد منصور: سعادة الفريق مشهور حديثة الجازي (القائد العام الأسبق للجيش الأردني، ورئيس الأركان، وقائد معركة الكرامة) أشكرك شكراً جزيلاً على ما قدمته للمشاهد العربي من شهادة على هذا العصر الذي عشته على مدى الحلقات الماضية، شكراً.
مشهور حديثة: شكراً، الشكر لله.
أحمد منصور: كما أشكركم-مشاهدينا الكرام-على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة وضيف جديد، في برنامج (شاهد على العصر) هذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.(1/151)
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود(1/152)
الثلاثاء 9/9/1421هـ الموافق 5/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 15:37(مكة المكرمة)،12:37(غرينيتش)
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة
07/10/2000
أحمد منصور طلال بن عبد العزيز
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في برنامج شاهد على العصر ضيفنا هو صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، نتناول في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على العصر، مرحباً سمو الأمير..
طلال بن عبد العزيز:
أهلاً بك..
أحمد منصور:
أريد أن أبدأ معك من هناك من الطائف، من مراتع الصبا والطفولة، لتصف لنا الحياة التي وعيت عليها في بدايات الطفولة.
طلال بن عبد العزيز:
في ذلك الوقت، الطائف كانت هي المصيف التقليدي للحجاز، وأراد عبد العزيز -رحمه الله- أن يستمر في هذه العادة، ولذلك نجده كل سنة كان يذهب للرياض قبل الحج أو بعده، ويبقى في الطائف شهرين أو ثلاثة، رغم إنه ما كان يستلطف هواء الطائف، هوا الطائف منعش للمصيفين عادة، إنما هو كان يفضل هواء أو طقس مكة، أو الرياض، ومع ذلك كان يقضي فيها أشهر فيها قصر اسمه شبرا بُني من قبل الأتراك لحساب الأشراف -القصر الرسمي- أنا ولدت في هذا القصر وقيل لي -يا أخ أحمد- إنه أنا مولود 1931م، وقيل 1933م..
أحمد منصور[مازحاً]:
طبعاً سموك تفضل 1933م..
طلال بن عبد العزيز:
أنا أفضل روح الشباب، أفضل روح الشباب، وهذا -الحقيقة- يذكرني بأحد المسؤولين كان يزمع زيارة مصر، فسألوني قالوا: طيب، إيش يمكن نكتب عن هذا الزائر، عن تاريخه، وعن هواياته، وعن ثروته، وعن عمره، قلت: اكتبوا عن كل شيء، إلا عن عمره..
أحمد منصور[ضاحكاً]:
لماذا؟
طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:(1/153)
ولا هتخربوا الزيارة؟! هذه عادة الحقيقة –نجدية، نجد هي البقعة المتوسطة من المملكة العربية السعودية، ملثما قال عبد العزيز.. قال: نحن أهل نجد ندمدم ثلاث أو أربع سنوات من أعمارنا، يعني نأكل نبلع ثلاث أو أربع سنوات من أعمارنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني سمو الأمير نعتبر سموك مواليد 1933م الآن؟
طلال بن عبد العزيز:
لاء.. الحقيقة.. لأ، أنا لا يهمني هذا الموضوع، إنما لماذا يقولوا لتصحيح التاريخ مثلما ذكره الزركلي، أو حافظ وهبه، أو أولئك الذين سجلوا، لأنه ما كان فيه سجل أنفس أو مواليد في ذلك الوقت، فكما ذكرت كانت ولادتي في قصر شبرا في الطائف في ذلك الوقت، وطبعاً –حسب ما عرفنا وسمعنا- كانت الأمور لم تستقر تماماً في المملكة العربية السعودية، منها الحدود مع اليمن، والمشاكل التي واجهتها المملكة مع الأدارسة في جيزان أو ما بعد جيزان.. في نجران، ولم تستقر الأمور في المملكة، ولكن كان عبد العزيز رجلاً تمكن من المملكة، لكنها عموماً لم يكن فيه استقرار أثناء السنة التي ولدت فيها.
أحمد منصور:
من 1902م إلى 1933م كانت فترة البناء الأولى في المملكة، وربما هذا كان قبل مولدك، ولكن من المؤكد أنك ألممت بهذا الأمر، وألممت بجانب أساسي من حياة المؤسس، لو رجعنا إلى التاريخ المفترض في قضية الولادة، وهو 1929م هذا شهد ثورة الإخوان، والإخوان هم القوة التي اعتمد عليها الملك عبد العزيز في البداية لتأسيس أركان المملكة، ما هي الأسباب التي دفعت هذه القوة -التي اعتمد عليها الملك عبد العزيز- إلى أن تثور عليه وأن يسعى الملك للتخلص منها بعدما كانت ذراعه الضارب في تأسيس الدولة؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/154)
لما ذكرتم 1932م في سياق الحديث، هو إعلان المملكة العربية السعودية 1932م إنما قبل أن نعود إلى 1929 ميلادي.. هؤلاء الناس كانوا جنود عبد العزيز قبل 1929م منذ سنة 1912م، وكانوا رؤساء القبائل -تقريباً- هم القيادات العسكرية التي كان يعتمد عليها عبد العزيز في حروبه، لتوحيد هذه البلاد ولم شملها، وكان يعتمد عليهم اعتماداً كبيراً، إنما أصابهم فيما بعد، وأنا أستطيع أن أحدد عند دخول مكة سنة 1923م، وحصار جدة 23-24 كان هناك زعيمان واحد اسمه (سلطان بن بجاد) وهو رئيس قبيلة عتيبة، والثاني (فيصل الدويش)، وهو رئيس قبيلة مطير، وهذه من أكبر القبائل النافذة في المملكة العربية السعودية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
في الجزيرة.
طلال بن عبد العزيز:
ما كان اسمها المملكة السعودية في ذلك الوقت، يسمونها مملكة الحجاز وسلطنة نجد، الحقيقة لما كانوا.. التاريخ بيقول لنا: أنو لما كانوا في مكة كان لهم نزعة التأمر، يعني أراد أحدهم أن..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الرغبة في الإمارة؟
طلال بن عبد العزيز:
في الإمارة، أن يكون أميراً لمكة، والثاني اللي هو فيصل الدويش، كان هو الذي حاصر المدينة المنورة، أهل المدينة رفضوا أن يستسلموا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
طبعاً في هذا الوقت مكة وجدة كانت تخضع لحكم..
طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
الشريف حسين.
أحمد منصور:
الشريف حسين.
طلال بن عبد العزيز:
وكذلك المدينة.
أحمد منصور:
وكذلك المدينة.
طلال بن عبد العزيز:
(1/155)
أيوه.. ولكن المدينة كان فيها جيش تركي فحاصرها جيش عبد العزيز، وكان يرأسه فيصل الدويش، ورفضوا أهل المدينة، قالوا: لا يمكن أن نستسلم على يد الدويش، نستسلم على يد أحد من أبناء عبد العزيز، فأرسل الأمير محمد بن عبد العزيز اللي هو الابن الثالث لعبد العزيز، أرسله هناك، وفعلاً سلمت المدينة فغضب الدويش، وبدأت حزازات من وجهة نظري المشكلة التي تطورات إلى أن حصلت هذه الثورة سنة 1929م، هي من عملية مكة والمدينة، الحقيقة إنه الاثنين تركوا الحجاز، تركوا الحجاز، وعادوا إلى نجد إلى مواقع البادية حيث كانوا يتواجدون، من هذه النقطة أعتقد إنه بدأ الخلاف بينهم وبين عبد العزيز..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لم يكن الخلاف هو ديني في المعتقدات؟
طلال بن عبد العزيز:
في الواقع أنا أعتقد إن بدايته خلاف دنيوي، تطور إلى خلاف ديني.
أحمد منصور:
هل استخدام هنا الدين كمطية لتأجيج الخلاف؟ أم أنها كانت معتقدات أساسية لدى الإخوان؟
طلال بن عبد العزيز:
هو الحقيقة يختلف عن وضعنا الحالي، اللي هو إنه استعمل الدين للوصول إلى أهداف معينة، أو كذا من هذا القبيل..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ليس للوصول، وإنما لحشد القبائل ضد، لتحقيق الهدف..
طلال بن عبد العزيز:
ممكن، ممكن.. نعم، نعم.. والحقيقة القبائل –كما ذكرت ذلك- كانوا متدينين بالفطرة، كان البدوي يصلي ويؤدي فريضة الصلاة، وهو لا يعلم آية واحدة، أو يقرأها، أو يحفظها، هم..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بالتقليد..
طلال بن عبد العزيز:
بالفطرة، متدينين بالفطرة فكان التأييد تأييدهم لعبد العزيز، هو تأييد الزعامات التي هي من طبيعة رجل الصحراء، القبائل، عندما يكون هناك رئيساً له –رئيس القبيلة- تجده مطيعاً له، فأتى هذا الأكبر فيما بينهم اللي هو عبد العزيز، وشاخ على الجميع، واعتبروه الزعيم لأمور دنيوية في البداية.
أحمد منصور:
(1/156)
سموا الأمير.. اسمح لي بسؤال آمل ألا يكون محرجاً وأن نعرف رأيك –أيضاً- بوضوح فيه، وهو أنه بعض الاتهامات التاريخية، من أن الإخوان حينما كانوا تحت إمرة وسلطان الملك عبد العزيز –رحمه الله- سفكوا كثيراً من الدماء في سبيل توحيد المملكة، ووجهت لهم كثير من الاتهامات: أنهم كانوا يبحثون عن الغنائم، ويعتبرون من لم يلتحق بهم كافراً في ذلك الوقت، ما رأي سموك فيما ينسب لتلك المرحلة من هذه الأقاويل؟
طلال بن عبد العزيز:
التكفير –للأسف- كان يطلق على كل من يخالف أوامرهم أو تعليماتهم، من كان يدخن السجاير كان يقال عنه كافر، من كان لا يطلق العنان للحيته يعتبروه كافر، الذي يلبس برنيطة يقول هذا.. إنها تحجب النظر إلى الله –سبحانه وتعالى- فكانت التكفير –يعني- كلمة سهلة ومتداولة بين الجهلة من هؤلاء الناس، وهذا كان صحيح..
أحمد منصور:
لكن كانوا يستحلوا الدماء بعدها، يعني كانوا يعتبرونها مدخلاً لاستحلال دماء الآخرين؟
طلال بن عبد العزيز:
ليس لهذه الدرجة، لأن بعد حكم عبد العزيز، الإخوان وجدوا أيام عبد العزيز وحكاية أنهم كانوا يعملون ليصلوا إلى هذا الشخص أو ذاك بهذه التهمة تهمة الكفر، حتى أنه ينفذوا فيه حكم الإعدام أو هذا، لا.. ما كان يستطيعون، لأنه أصبح عبد العزيز متمكناً من حكم المملكة في ذلك الوقت، منذ وجدوا الإخوان 1912م، فلم يكن هذا موجوداً كما يقال، هذا غير صحيح.
أحمد منصور:
هل صحيح أنهم اتهموا الملك عبد العزيز –أيضاً- بأنه اتبع نظام الكفار، وبدأ يدخل بعض الأشياء الحديثة إلى الدولة، مثل: التليفون، واللاسلكي، والسيارات وغيرها من الأمور؟
طلال بن عبد العزيز:
والله هم وصلوا إلى حد التكفير..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إلى تكفير الملك عبد العزيز؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/157)
إلى حد التكفير، أنا لا أقول التكفير، ولكن أفعالهم التي كانت يرونها الناس وتصرفاتهم، كانت تجعل الإنسان يقول: هؤلاء الناس وصلوا إلى تكفير عبد العزيز.. إلى حد تكفيره عندما أدخل هذه الوسائل التقنية التكنولوجية، من تليفون، ولاسلكي، وسيارة.. وغيره، فاحتجوا عليها وثاروا، وقالوا هذا من صنع الكفار، وهذا من صنع الشيطان، وهذا من صنع الجان، يعني كانوا ضد هذه المسائل، وعبد العزيز دعا إلى مؤتمرين، حتى يهدئ من روع الإخوان، ويفهمهم من خلال رجال الدين في الرياض المعتدلين المتنورين نسبياً في ذلك الوقت: أن كل هذه صناعة، وأنها لا تدخل في الأمور الدينية بشكل أو بآخر، ومع ذلك المؤتمرين فشل فيها الملك عبد العزيز، بل بالعكس..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
فشل في إقناعهم بهذا!
طلال بن عبد العزيز:
فشل في إقناعهم، بعد المؤتمر الثاني ثارت ثورة 29م، فأنا أتصور لو هزم عبد العزيز في هذه الثورة..كيف كانت أحوال المملكة العربية السعودية؟! كانت –يعني أعتقد- أنها ستكون مزرية، وتكون مفككة كما كان العهد بها قبل وجود عبد العزيز، حيث إن المملكة العربية السعودية عبارة عن إمارات، وممالك، وعشائر، كل عشيرة يرأسها إمبراطور، والفوضى، والقتل، والسلب، والنهب، دابة في أنحائها، من جنوبها إلى شمالها، ومن شرقها إلى غربها..
أحمد منصور:
أنت رأيت الملك عبد العزيز ووعيت، وهو ولاك الوزارة، كيف كان الملك عبد العزيز يدير شؤون الدولة؟ يعني لو ذكرت لنا يوماً من أيام حكمه، كيف كان يبدأ، وكيف كان ينتهي؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/158)
أولاً: كان يصلي الفجر حاضراً، ثم يأخذ له غفوة من النوم إلى أن تطلع الشمس، يتناول إفطاره ثم يأتون العاملين في ديوانه وفي مقدمتهم المستشارين الساعة 7 صباحاً، ويجتمعوا عنده في القصر –في القصر اللي إحنا سكن –ويقوم ببعض الأمور الخاصة بالسياسة الخارجية، يتداولها لمدة ساعة، ثم ينفض هذا الاجتماع، وكل يذهب إلى مكانه، وبعد نصف ساعة أو ساعة إلا ربع يخرج المجلس العام.
أحمد منصور:
هذا المجلس الاستشاري كان بمثابة مجلس وزراء، لم تكن هناك وزارة؟
طلال بن عبد العزيز:
ممكن، نعم، صحيح، صحيح.
أحمد منصور:
كان عدد أفراده يتكون من كم؟
طلال بن عبد العزيز:
هم كانوا خمسة زائد ثلاثة، حوالي بين تسعة أو عشرة.
أحمد منصور:
تذكر بعض أعضاء هذا المجلس.
طلال بن عبد العزيز:
جيداً، كان في مقدمتهم عمي عبد الله، وعبد العزيز، وكان الملك سعود، وكان الملك فيصل، الأمير منصور..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هذا شقيقك الثالث في الترتيب.
طلال بن عبد العزيز:
أخي، وكان خالد القرقني بن وليد، بشير السعداوي، الشيخ يوسف ياسين..
أحمد منصور:
هؤلاء ليسوا من العائلة الحاكمة.
طلال بن عبد العزيز:
لا.. هذا كانوا من أيام الملك عبد العزيز.
أحمد منصور:
الآن كان الملك عبد العزيز وشقيقة، وكان ثلاثة من أبنائه..
طلال بن عبد العزيز:
صح..
أحمد منصور:
والباقون الذين ذكرت أسماءهم؟
طلال بن عبد العزيز:
مستشارين له.
أحمد منصور:
مستشارين كانوا يحضرون المجلس كل يوم؟
طلال بن عبد العزيز:
كل يوم.
أحمد منصور:
ويشاركون في رسم سياسات الدولة وعلاقاتها الخارجية؟
طلال بن عبد العزيز:
هذا صحيح، نعم.. نعم.
أحمد منصور:
متى فكر الملك عبد العزيز في تكوين وزارة أو مجلس وزراء؟ هل حدث هذا في أواخر أيامه؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/159)
قبل أن أجاوب على هذا السؤال –أخ أحمد- الرجل لم يأته اقتراح أو رأي من شخص –حسب ما أتذكر أنا شخصياً وبلاش حكاية التاريخ حتى نعود إليه فيما بعد- إلا وناقشه فيه وإذا ما يجده مناسباً يأخذ به وينفذه فوراً، على طريق سؤالكم: هل فكر عبد العزيز بتشكيل مجلس الوزراء؟ الجواب نعم ولا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
نعم ولا!!
طلال بن عبد العزيز:
نعم.. لأنه حصلت على يدي أنا، لا.. لأنه لم يقترح عليه أحداً أن يشكل مجلس الوزراء، نعم عندما اقترح عليه تشكيل هذا المجلس وافق عليه فوراً، وهذه حصلت على يدي أنا.
أحمد منصور:
كيف سمو الأمير؟
طلال بن عبد العزيز:
والله شوف الملك سعود لما كان أميراً وولي العهد، آخر سنة في حياة عبد العزيز لما مرض.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
1952م.
طلال بن عبد العزيز:
1952م، صار يوليه بعض الأمور اليومية، فأصبح هو الحاكم بالنيابة في أمور كثيرة، ولكن عندما يصحو عبد العزيز ويفيق إلى نفسه يمارس الحكم، وعندما يضعف فسعود بجانبه، أنا عينت وزير مواصلات في ذلك الوقت..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كيف كان تعيينك؟
طلال بن عبد العزيز:
هذه هأقولها لك بعد ما أكمل هذه النقطة.
أحمد منصور[ضاحكاً]:
طيب.. ماشي.
طلال بن عبد العزيز:
فكنا جالسين سعود، ووزير الخاصة الملكية عبد الرحمن الطبيشي، وأنا وزير المواصلات، فقلنا: يا طويل العمر، لماذا لا يكون هناك مجلس وزراء، وأنت تكون رئيس مجلس الوزراء؟ فقال: كيف يا طلال؟ قلت له: والله أبوك موجود ونكلمه، قال لي: نشوف، قلت له: تسمح لي أنا أتصرف؟ قال لي: ما في مانع..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لم تكن تهاب أن تتكلم مع الملك في أمر عظيم مثل هذا؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/160)
صحيح، كان مهيباً، وكنا –فعلاً فعلاً- مثلما تفضلت شخصية مهيبة، وكنا نهاب كلامه، ولكن هو كان يشجعنا بابتسامته اللطيفة، بنظرته الأبوية الحنونة كان يشجعك بحركات معينة، المهم دخلت عليه وشفته في قواه العادية ومتفتح.. إلى آخره، قال لي: إيش فيه يا طلال؟ قلت له: يا طويل العمر الموضوع كذا وكذا، كنا مع الأخ/ سعود، واقترحت عليه، قال لي: ليش لا يا طلال؟ هل سعود طلب مني هذا الطلب وأنا رفضته؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وافق من فوره؟
طلال عبد العزيز [مستأنفاً]:
قال بلِّغة: إن أنا موافق على هذا الطلب، رحت لسعود، أخويا الكبير سعود فبست يده وقلت له: مبروك قال لي: على إيه يا طلال؟ قلت: أبوك وافق كذا كذا، فانبسط سعود طبعاً، دخلنا على الملك، وسلم على أبوه، وقال سوي المرسوم فوراً، وفعلاً أنشئ مجلس وزراء برئاسة سعود في حياة الملك عبد العزيز..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
سنة 1952م.
طلال بن عبد العزيز:
سنة.. أنا أسف، سنة 52.
أحمد منصور:
وكان هذا أول إعلان لمجلس وزراء سعودي.
طلال بن عبد العزيز:
صحيح.
أحمد منصور:
كان الملك سعود في ذلك الوقت، كان ولياً للعهد، و أصبح الآن رئيساً للوزراء كيف شكل وزارته؟
طلال بن عبد العزيز:
هو بدأ كان رشيد على الكيلاني موجود معانا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
اللي هو كان صاحب الثورة في العراق.
طلال بن عبد العزيز:
أيوه.. وكان رئيس الوزارة في العراق مرتين أو ثلاثة، وكان هو عميد كلية الحقوق في بغداد، وأنا كنت الموكل من قبل عبد العزيز على شؤون رشيد على الكيلاني.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كان لاجئ لدى الملك عبد العزيز.
طلال بن عبد العزيز:
كان لاجئ.. نعم، وكان ينتقل مع عبد العزيز حيث ذهب.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كمستشار؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/161)
أبداً كان يعني رفيق الطريق، كان رفيق لاجئ وقريب من عبد العزيز فقلت: يعني عندما رشيد علي الكيلاني.. الأخ/ سعود، لماذا لا يعمل نظام مجلس الوزراء فعلاً؟ اجتمعنا إحنا الثلاثة وكلفه، في هذا الدور ضعف عبد العزيز، قواه، وبدأ يعني تقل نشاطه وأموره، وسعود هو يأخذ من الصلاحيات شيئاً فشيئاً، ولم يبدأ في تشكيل الوزارة إلا بعد وفاته، بعد وفاة عبد العزيز.
أحمد منصور:
التشكيل الأول، لكن في هذا الوقت كان الملك فيصل –رحمه الله- كان وزير الخارجية..
طلال بن عبد العزيز:
كان وزير الخارجية..
أحمد منصور:
نعم.. وسموك كنت وزير للمواصلات، ربما نأتي على قصة توزيرك في هذا الوقت، هل كان وزراء آخرين؟
طلال بن عبد العزيز:
لاء.. قليلين..كان عبد الله سليمان وزير مالية، مشعل وزير دفاع بعد وفاة أخيه منصور، عبد الله الفيصل اختاره فيصل بن عبد العزيز وزير.. اختاره أبوه، رشحه للملك عبد العزيز، لأنه فيصل كان نائب الملك في الحجاز، ووجد أنه الأعمال كثرت عليه، فاقترح علي عبد العزيز أن يعين ابنه وزيراً للصحة، ثم اقترح على أبيه أن يضاف إليه أيضاً وزارة الداخلية، وهذه قصة طويلة، ليس هذا أنا ذكرتها في المذكرات، ولكن ليست هذا مجال كيف حدثت هذه، وكيف كان رد فعلها عندنا في الرياض عند أبناء عبد العزيز..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إحنا نأمل أن تتاح الفرصة لتناولها.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
كانت تولدت مشاكل، فهذا ليس مجال حديثنا، ولكن هذه الوزارات اللي كانت موجودة وقت الملك عبد العزيز.
أحمد منصور:
(1/162)
قبل أن نخرج من هذه المرحلة، أنا أود أن أعود قليلاً إلى الوراء، أود أن أعود إلى فترة التأسيس، والعلاقة ما بين الملك عبد العزيز وما بين البريطانيين، هناك شبهات مثارة حول هذه العلاقة، وأن الملك عبد العزيز –رحمه الله- كان مهادنا للبريطانيين، بل كان يتقاضى منهم راتباً شهرياً مقداره خمسة آلاف جنيه إسترليني، ما هي رؤيتك لتلك المرحلة، وتفسيرك لهذه العلاقة؟
طلال بن عبد العزيز:
والله.. أنتم سميتوها مرحلة وهذا صحيح، لكل مرحلة لها ظروفها واعتباراتها الخاصة، في ذلك الوقت كانت المملكة العربية السعودية محاطة بالإنجليز من كل الجهات.. من مصر مروراً بالعراق، بالكويت، بالبحرين، بالساحل المتصالح بعمان، بعدن، ومن ناحية البحر بالسودان، فكان محاطاً بالإنجليز، وهي كانت القوة المهيمنة قبل الحرب العالمية الثانية والقوة الأولى، وبعدها تأتي فرنسا وأمريكا كانت يعني في عزلة من أمرها في ذلك الوقت، إذن الإنجليز كانوا مهيمنين على المنطقة، وكان لابد من مهادنة الإنجليز، رغم أنه كان يكره الوجود الإنجليزي في المنطقة.
أحمد منصور:
ما هو مفهوم المهادنة هنا؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/163)
المهادنة: أنه يبني بلاده بوجود هذا التواجد الإنجليزي الضخم، اللي عامل حلقة حول المملكة العربية السعودية أو شبه الجزيرة العربية، أو القسم منها الأكبر وهو اللي عرف الآن بهذا الاسم، أن يهادنها ليبني بلاده، وينميها بالشكل الذي اتبعه فيما بعد، لأنه مجابهة هذه القوة مع وجود الإمبراطورية العثمانية، معناه إنه كان يقف أمام قوتين مهيمنة على المنطقة، بريطانيا من هنا، والدولة العثمانية من الناحية الأخرى، هو وجد أن العثمانيين لهم تواجد فيما يعرف بالمملكة العربية السعودية أكثر من الإنجليز، كانوا موجودين في الأحساء، وكانوا موجودين في مكة، وكانوا موجودين في الجنوب، الأتراك.. فكان يهادن الإنجليز على حساب القوة الضاربة الموجودة في داخل بلاده، اللي هي الأتراك..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كيف كان يوازن ما بين العلاقة بالبريطانيين والأتراك؟
طلال بن عبد لعزيز:
كان التقرب إلى الإنجليز على حساب الأتراك، رغم إن هذا عملت مشكلة، لأنه تعرف إنه في الدول اللي فيها قوى إسلامية مؤثرة مثل الهند، كان فيها قوى إسلامية مؤثرة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
صحيح..
طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
كانت تدعوا للخلافة، وكانت..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وكان هناك مجلس للخلافة، وسعى لحل المشكلة بين الملك عبد العزيز والشريف حسين.
طلال بن عبد العزيز:
وصار مؤتمر مكة والساحل.. إلى آخره، فهذه الأمور –الحقيقة- كان الملك عبد العزيز يحسب لها حساب..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كان يخشى منها الملك عبد العزيز؟
طلال عبد العزيز:
لا.. على الإطلاق.
أحمد منصور:
ما كان يخشى من قضية الخلافة وأن يكون لها تأثير على ملكه؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/164)
لا.. لأنه هو شعر مثل غيره أن الخلافة كانت في أيامها الأخيرة، يعني -مثلما تعلمون- بدأ انحدار هذه الخلافة من القرن التاسع عشر، فهذا السبب كان حتى في التاريخ المسجَّل للملك عبد العزيز يقول: نحن ذهبنا إلى الأحساء وأخذناها من الأتراك لما عرفنا وعلمنا عن تدهورهم، بمعنى لو كانوا أقوياء كنا ترددنا في الإقدام على الاستيلاء على منطقة الأحساء اللي هي منقطة التمور، وكانت تحل محل البترول.. يعني القوة الاقتصادية الضاربة هي منطقة الأحساء..
أحمد منصور:
هل صحيح كان يتقاضى راتب من البريطانيين؟
طلال بن عبد العزيز:
آه نعم.. كان يتلقى راتب، وكان الراتب هذا هو.. أنا من وجهة نظري الآن لما هم إدُّوله [أعطوه] هذا الراتب، هو مثل قروض، القروض التي تمنح من الدول الغنيَّة للدول الفقيرة.
أحمد منصور:
يعني لم يكن هذا الراتب بمثابة إسكات للملك أو نوع من شراء الولاء؟
طلال بن عبد العزيز:
ممكن، ممكن لأنه هدف الإنجليز.. طبعاً معقول يعطوا راتب خمسة آلاف جنيه في ذلك الوقت لإنسان في الصحراء؟ مبلغ ضخم! هل ممكن يعطوه هكذا لوجه الله؟! لا.. هم يعطوه لغرض في نفس يعقوب لا شك في ذلك، المهم متلقي هذا العطاء كيف يفسره؟ وكيف يستعمله؟ وكيف يكون موقفه تجاه المعطي؟
أحمد منصور:
نريد نفهم هذا.
طلال بن عبد العزيز:
(1/165)
هذا مهم، أنا أعتقد إنه كان في حاجه إلى مال، البلد كانت فقيرة جداً، يعني البلد.. منطقة الملكة العربية السعودية لربما البلاد في العالم كله التي فيها جفاف هائل، وشمس محرقة للأرض اللي حرقت حتى السماد العضوي، يعني الذي ينبت من الأشجار، يعني أصبحت بلد خالية حتى من آثار الحضارة، فكانت فقيرة وكان يستجدي المساعدات من هنا وهناك من الداخل، وكان هناك مصدرين الحقيقة، مصدر الزكوات التي تؤخذ على البادية، على حلالهم من الإبل والأغنام أو من النخيل، فكان هذا المصدر، فكان يحتاج إلى مصادر دخل أخرى، لذلك أعتقد اضطر أن يقبل هذه المنحة.
أحمد منصور:
أنا أريد –هنا- أن أنتقل إلى مرحلة أواخر الثلاثينيات واكتشاف النفط والموازنات التي لعبها الملك عبد العزيز في الترتيب بين العلاقة ما بين البريطانيين وما بين الأمريكيين الذين دخلوا إلى الساحة الآن.. كانت هناك عروض من شركات نفط مختلفة، لكن الملك عبد العزيز اختار شركات النفط الأمريكية، هل هذا كان قرار سياسي وتوجُّه سياسي أم اقتصادي؟
طلال بن عبد العزيز:
لا شك في ذلك، والدليل على ذلك أنه العراق، الكويت، عَبَدان جارتنا، إيران البحرين سبقت الجميع، كانت كلها شركات إنجليزية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
صحيح.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
إذن كان المفروض أن تُعطَى هذه الامتياز إلى شركة إنجليزية بالتبعية يعني، ولكنه –كما ذكرت في مناسبات سابقة- وجد أنه الإنجليز الذين استعمروا البلاد العربية وهم قريبين من حدود المملكة –كما ذكرت- يعني مطوقينها من كل ناحية ورأى بعينه الاستعمار الإنجليزي والفرنسي في الشام أو في بلاد أخرى من ناحية الإنجليز، وأضرار هذا الاستعمار الفرنسي والإنجليزي، ففضل أن يأخذ هذه البلاد البعيدة، وهذا قبل الحرب العالمية الثانية، هي بدأت سنة 1933م، وتوقيع اتفاقية مع الشركات الأمريكية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
والتصدير خمسة مليون.
(1/166)
طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
ووجد أنه من الأفضل أنه يعطي هذه الامتيازات لشركات أمريكية، لبعدها ولعدم تلويث سمعتها كدولة مستعمرة في الخارج، يعني أمريكا لم تكن مستعمرة في الخارج، يعني أمريكا لم تكن مستعمرة في ذلك الوقت.. لمين يعني؟ للفلبين مثلاً؟ أو لبعض الجزر أو كذا .. ولكن لم تكن دولة مستعمرة، ولكن لم تكن دولة مستعمرة.
أحمد منصور:
كان رد فعل البريطانيين إيه على القرار؟
طلال بن عبد العزيز:
والله أنا أقول لك مثال واحد، سنة 1945م، كان مؤتمر [يالطا]، فأراد الرئيس روزفلت أن يقابل الملك عبد العزيز في البحيرات المرة في القناة.. قناة السويس وكانت مراسلات سرية، ولكن عرف عنها تشرشل.. هذا في التاريخ..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
رئيس وزراء بريطانيا..
طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
وذكرها الرئيس تشرشل في مذكراته، وقال: عندما علمت أن روزفلت سوف يقابل عبد العزيز بالذات – وكله علشان البترول، انتبه –يعني- هو قابل فاروق وقابل هيلاسلاسي ولكن لم يهتمون ما عندهم بترول، لكن بداية اكتشاف البترول طلب روزفلت مقابلة عبد العزيز، عندما علم تشرشل بهذه المقابلة طلب أن يقابل الملك عبد العزيز..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
في نفس الوقت؟
طلال بن عبد العزيز:
في نفس الوقت، وفعلاً قابلة بعد يومين، قابل هذا في البحيرات المرة، وقابل هذا في الفيوم.
أحمد منصور:
لو وقفنا عند اللقاء الذي تم بين روزفلت وبين الملك عبد العزيز، يقال أن قضية فلسطين كانت السبب الرئيسي، والرغبة في توطين اليهود في فلسطين، أو إقامة وطن قومي لهم، كانت الحوار الرئيسي ما بين روزفلت وما بين الملك عبد العزيز، ونقل أن الملك عبد العزيز مصادر كثيرة أشارت إلى أنه كان موقفه رافضاً، وآخرون قالوا أنه ترك الأمر بدون حسم مع روزفلت، معلوماتك كشاهد على العصر، وكنت تعي في هذه المرحلة بشكل جيد..
طلال بن عبد العزيز:
(1/167)
هناك ما ذكره الرئيس روزفلت نفسه، في ذكرياته وليست مذكراته، لأن على حد علمي ليس له مذكرات، والكولونيل (إيدي) الوزير المفوض الأمريكي في جدة، اللي كان مترجم بين عبد العزيز وبين روزفلت، له كتيب صغير في هذا الموضوع، يقولون معاً: أنه روزفلت الذي علمه من عبد العزيز عن قضية فلسطين، بصراحته البدوية صراحته هكذا بدوية، يقولون علينا بدو إلى اليوم يعني، فيقول: علمت منه في هذه اللحظات القصيرة من اجتماعي به أكثر مما قرأت من تقارير وكتب عن قضية فلسطين، الأمر الثاني كان عبد العزيز عنيداً في موضوع الهجرة، كان يومها الهجرة.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هجرة اليهود إلى فلسطين.
طلال بن عبد العزيز:
هجرة اليهود، هذه كانت.. ولم تطرح قضية استقلال فلسطين، أو إعطاء دولتين بالتقسيم، يعني قبلها بثلاث سنوات، فكان الملك عبد العزيز مُصر على أنه يحد من الهجرة، كانت وصلت إلى 250 ألف في ذلك الوقت، وكان روزفلت يريد أن يفهم الملك عبد العزيز أن الهجرة لا تشكل خطراً على عرب فلسطين، وأن كل ما أعطوا فرصة لليهود أن يهاجروا، أن هذا فيه تمكين للطرفين للتعايش سلمياً، فيما يخص إنه لا غالب ولا مغلوب عندما يتساوى الطرفين في العدد كان رأيه، فكان عبد العزيز يقول: لا.. عليكم أن تجدوا مكاناً غير فلسطين اذهبوا إلى أستراليا، اذهبوا إلى نيوزيلاندا، اذهبوا إلى كندا، عندهم أراضي شاسعة، وأعطوهم من الأراضي ما يشاءون، إنما هذه الأراضي التي عليها مشكلة زمنية من أيام الصليبيين إلى اليوم، وهي عملية حساسة للعرب والمسلمين، كيف أنتم تدخلوا أنفسكم يا أمريكان، وأنتم دولة جديدة توكم طالعين –يعني- من الحرب العالمية الثانية منتصرين، وكنتم بعيدين عن الاستعمار ومشاكله هذه أمور إنجليزية وليست أمريكية، فكان يرفض..
أحمد منصور:
كان رد روزفلت إيه على هذه الصلابة من الملك؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/168)
كان وعد عبد العزيز ودول كثيرة، أولاً: وعده أنه سوف ينظر شخصياً في عملية الهجرة، وأنه في عهدي –أنا روزفلت- هكذا يقول.. لن أمكن من الهجرة، أو تجاوز تلك المعاهدات، الاتفاقيات بين الحكومة الإنجليزية في فلسطين –كان فيه حكومة إنجليزية في فلسطين.
أحمد منصور:
نعم.. انتداب بريطاني..
طلال بن عبد العزيز:
انتداب بريطاني، أو الأطراف المعنية اللي هم الإسرائيليين واليهود.. إلا بعد العودة لك، وهذا في خطاب رسمي منشور في كتب التاريخ، من روزفلت إلى الملك عبد العزيز، كان أعطت نتائج..
أحمد منصور:
يعني الملك كانت له مطالب واضحة بالنسبة لقضية فلسطين؟ وكان هناك تجاوب من روزفلت؟ دفعت روزفلت إلى هذا التجاوب، المصلحة الاستراتيجية لأمريكا فيما يتعلق بالنفط؟ هذا كان الثقل..
طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
لا شك في ذلك.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
هذا كان الثقل اللي دفع روزفلت إلى أنه يتفاوض مع الملك عبد العزيز في قضية فلسطين؟
طلال بن عبد العزيز:
هذا أعتقد الأساس، المنطلق، لأنه الجماعة الغربيين هادول أذكياء، أذكى منا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كيف سمو الأمير؟
طلال بن عبد العزيز:
يشوفوا مصالحهم، يقول لك: هناك مصالح..ليس هناك صداقات دائمة، ولكن هناك مصالح دائمة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
صداقات دائمة، أو عداوات دائمة، وإنما مصالح دائمة.
طلال بن عبد العزيز:
مصالح دائمة، هم من حيث وجهة المصلحة يندفعون نحوها، ويقدرون، ويكبرون هذا الشخص، أو تلك الجماعة حيث توجد مصالحهم، هم لا شك بداية البترول، وعبد العزيز هو المملكة العربية السعودية، كلهم تراكضوا علشان يقابلوه، هذه حقيقة تاريخية ولا يمكن أن ننكرها..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني النفط هنا وضع المملكة العربية السعودية على خريطة استراتيجية بالنسبة للعالم الجديد بعد الحرب العالمية الثانية؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/169)
العالم الجديد العربي والذي سبقه العالم الإسلامي، لأنه عبد العزيز كان هو حامي الحرمين مكة والمدينة، هذه مهمة بالنسبة للغرب أيضاً، يعني ذلك كان 300 مليون مسلم، أما سنة 1945م 250 مليون مسلم، وكان لهم يعني برضو شايفين إن الدولة سوف تتحرر، باكستان، إيران.. دول ماليزيا، أندونسيا في طريقها للتحرر، وهذه هتكون لها ثقل في العالم الجديد ما بعد الحرب، مين اللي كان له دور المفروض يكون له دور مستقبلي؟ هو الذي يخدم الحرمين الشريفين، وكان عبد العزيز بجانب البترول، أعتقد هذا سببين رئيسيين.
أحمد منصور:
اسمح لي بسؤال مهم أيضاً، يتعلق باستتباع قضية فلسطين، حينما اتخذ قرار التقسيم، في سنة 47 كان الملك فيصل –رحمه الله- كان وزيراً للخارجية وهو الذي ذهب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان له موقف، بيؤخذ على الدول العربية في ذلك الوقت أنها كانت تستطيع أن تشكل فيتو ضد قرار التقسيم لو تحالفت مع الاتحاد السوفيتي، أو سعت إليه، لكن كانت الرؤية قاصرة في ذلك الوقت أن هؤلاء كفار، ولا ينبغي حتى السعي إليهم..
طلال بن عبد العزيز:
اللي هم الشيوعيين.
أحمد منصور:
السوفييت، ولا ينبغي أي شكل من أشكال التفاوض معهم، حتى لإيقاف قرار التقسيم.
طلال بن عبد العزيز:
يا سيدي.. أولاً: الاتحاد السوفيتي كان من أوائل الدول التي أيدت قيام الدولة الإسرائيلية.
أحمد منصور:
لأن الموقف العربي لم يسع إلى..
طلال بن عبد العزيز:
(1/170)
إطلاقاً مصلحتها، كانت تعتقد إنه حزب العمل (بن غوريون) وجماعة اشتراكيين وسوف يشيدون دولة تكون موطئ قدم للسوفييت، وهذا ما تقوله أمريكا وبريطانيا، تقول نحن أسرعنا في قيام الدولة الإسرائيلية على الأسس الغربية حتى لا تحتويها الدولة السوفييتية، فكان السوفييت اتجاههم قيام الدولة الإسرائيلية، يعني لا مفر من ذلك، إنما قيام لوبي عربي من ذلك الوقت كان موجباً ليس فقط في قيام الدولة، ولكن في كل قضاياهم، ولكن للأسف دائماً العرب مفككين.
أحمد منصور:
تقييمك أيه للمرحلة دي عربياً؟
طلال بن عبد العزيز:
أبداً.. وجدوا العرب أنفسهم أنهم يعني أمام موجة عارمة عالمية، والعالم كان كله كام يعني لا يتجاوز خمسين دولة أظن تجاه قيام هذه الدولة، وحتى هناك من يقول: كيف يرفضوا التقسيم، ورفضوا التقسيم أنه دولتين، والقدس تكون دولية ومن الناس الذين يأخذوه على العرب تقلباتهم، يقولوا: كيف للعرب أن يرفضوا التقسيم، هم الآن قبلوا أكثر من التقسيم، إحنا الآن بنساوم على السنتي، والشبر وفتر، وذراع، ومتر.. إلى آخره، يعني هناك من يقول من المؤرخين، وأنا بأعرف ناس من الإخوان في مصر مؤرخين، كل ما أناقشهم يقولوا: لو العرب قبلوا بالتقسيم..
أحمد منصور:
بس اليوم، يقولوا هذا الكلام، وليس بتاريخه.
طلال بن عبد العزيز:
لأنه ما كان لهم رأي، رجل الشارع العربي.
أحمد منصور:
النظرة الآن لـ 49 تختلف عن النظرة لـ 47 عام 47 نفسه، الأمر يختلف كثيراً.
طلال بن عبد العزيز:
صحيح.. الظروف تختلف.
أحمد منصور:
(1/171)
كان.. هناك ثورة في الثلاثينيات في القدس، نعم وكان هناك كفاح، وهناك يعني جهاد كان في فلسطين، يعني كان هناك إلى حد ما الظروف كانت متغيرة، لو اتحد العرب، لأن سموك جئت على الوتر -كما يقولون- الموقف العربي كان موقف ممزق للغاية، وكانت الرؤية غير واضحة بالنسبة لقضية فلسطين، حتى لما جاءت حرب 1948م، كانت الجيوش مفككة، ولم يعن تكن في قوة العصابات الصهيونية.
طلال بن عبد العزيز:
والله أنا معك إلى حد بعيد، ولكن برضو لي وجهة نظر أقولها: العرب كانوا يعلمون بتفككهم، العرب كانوا يعلمون أنهم عندما يخوضوا الحرب مع إسرائيل أن لن يكون هناك قيادة موحدة متفق عليها والثقة فيها، مثلاً لما عينوا الملك عبد الله هو القائد العام للحملة.
أحمد منصور:
للجيوش العربية.. نعم.
طلال بن عبد العزيز:
في الوقت نفسه ما كانش يثقوا في الملك عبد الله، طيب.. كيف تعينوا قائد عام وأنتم لا تثقوا فيه؟ إذن من باب أولى أن تقبل التقسيم، لأنك هتخوض حرب بدون قيادة، أو وجود القيادة بدون أن يكون فيها ثقة، إذن معناها كانوا يعلمون بعض الأمور، ومع ذلك أقدموا على الحرب رغم رأي الملك عبد العزيز المعروف، لما راح له عبد الرحمن عزام باشا، وراح له رياض الصلح رئيس دولة لبنان، وراح له (سعد الله هجابي) رئيس وزارة سوريا وقال أنا معكم، ولكن لا أنصح بدخول الجيوش العربية، وذكر لهم هذه الأسباب اللي ذكرتها لكم.
أحمد منصور:
صحيح.
طلال بن عبد العزيز:
أولاً: هذا سبب رئيسي ذكرته لكم، وثانياً: أنتم قدامكن الهجانة والآخرين من عصابات إسرائيل بتحارب باسم العصابات، أنتم أعطوا السلاح، والدعم المادي والمعنوي للفلسطينيين، ودع العصابات تحارب عصابات.
أحمد منصور:
(1/172)
هذا الكلام نريد أن نتأكد منه بشكل صريح، لأنه يقال: إن الملك عبد العزيز –رحمه الله- كان يرى أنه لابد الرد الوحيد على العصابات الصهيونية، هو تسليح الفلسطينيين، ودفعهم لخوض حرب عصابات بشكل مواجهة، وليس الجيوش العربية التي منيت بالهزيمة.
طلال بن عبد العزيز:
إذن كان العرب يعلمون سلفاً أنهم خوضهم للحرب خوض شكلية، صورية تمويهاً قدام.. لذلك عبد العزيز لم يرسل جندياً واحداً، إلا كتيبة واحدة انضمت للجيش المصري، رأسها أحدهم، وأنا أعرفه جيد اسمه الطاساب، إبراهيم الطاساب، وحل محله سعيد كردي نعرفهم كلهم اثنين جنرالات في الجيش السعودي، كتيبة صغيرة مع جيش الملك فاروق في ذلك الوقت، إنما رفض أنه جيشه يذهب إلى الحرب، لأنه كان ضد أن تدخل العسكر الجيش نظامية هذه الحرب، إذن معناها نعود للكلام اللي تفضلتم به، أن العرب يعلمون.. إذن حساباتنا إحنا من الأول غلط، يعني هذه مشكلة كمان، يعني لو قبلنا، أو لم نقبل التقسيم.
أحمد منصور:
في هذا الوقت كان كل حاكم عربي يدرك الحسابات الصحيحة.
طلال بن عبد العزيز:
المفروض، المفروض يعني إحنا ناس بسطاء الآن، وندركها، ونحسبها، ونلوم الذي لم يحسبوها في ذلك الوقت، أنتم مقبلين على حرب مع هؤلاء الناس وتعلمون أن الثقة ما بينكم معدومة منذ أول مؤتمر قمة سنة 1946م في إنشاص، الملوك والرؤساء، حتى الملك عبد العزيز ما راح، ما حضره، وأرسل ابنه ولي العهد، من ذلك الوقت، وأنتم تعلمون أنه الثقة مفقودة بينكم، فكيف تخوضون الحرب معاً والثقة مفقودة؟!
أحمد منصور:
يعني سمو الأمير، الواقع العربي الآن.
طلال بن عبد العزيز:
هذه، فأنتم تأخذون المتاح.
أحمد منصور:
الواقع العربي الآن محصلة لهذه الأيام.
طلال بن عبد العزيز:
(1/173)
والله.. الخلافات وعدم الثقة نعم.. نعم.. نعم.. مفقودة لا شك في ذلك، وأنا قلت هذا الكلام وأكرره نحن الآن علاقاتنا ما بين رؤساء الدول -للأسف الشديد- في معظمها هي علاقات مزاجية لا تقوم على برامج، أو تقوم على نظرة فاحصة للمستقبل، لا.
أحمد منصور:
سمو الأمير، لو رجعنا إلى لقاء، بعد لقاء روزفلت التقى الملك عبد العزيز مع تشرشل، هل الموضوعات كانت مختلفة، برنامج اللقاء مع روزفلت، ما هو الخلافات بينه وبين برنامج اللقاء مع تشرشل؟
طلال بن عبد العزيز:
هو روزفلت هو الذي سبق تشرشل في طلب لقاء عبد العزيز، وهو أيضاً الثاني تبعه، إنما طبعاً عبد العزيز كان بيتحدث مع روزفلت كزعيم جديد على العالم زعيم طلع في الصورة بعد الحرب العالمية الثانية، إنما تشرشل رجل عتيق، وله تاريخ استعماري.
أحمد منصور:
تاريخ، صحيح.
طلال بن عبد العزيز:
منذ كان وزير للبحرية، ثم وزير للحربية.
أحمد منصور:
وزير للمستعمرات.
طلال بن عبد العزيز:
وزير للمستعمرات فكان معروف في المنطقة، وعبد العزيز يسمع عنه، ويعرف عنه، فكان محضر نفسه لهذا الوافد الإنجليزي، ولكن لم يكن يعرف الوافد الأمريكي، فكان جديد يتحدث لأول مرة مع زعيم أمريكي.
أحمد منصور:
هل صحيح أن الملك عبد العزيز –رحمه الله- منح الأمريكيين الفرصة لإقامة أول قاعدة عسكرية لهم في المملكة؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم.. صحيح وهذا كان لسببين الحقيقة: السبب الأول: كرهه للإنجليز، السبب الثاني الأشد: خوفه من الشيوعية.
أحمد منصور:
دى نقطة مهمة عايزين نفهمها بشكل أفضل.
طلال بن عبد العزيز:
إللي هي؟
أحمد منصور:
الخوف من الشيوعية.
طلال بن عبد العزيز:
(1/174)
شوف الشيوعية بالنسبة لعبد العزيز، هي نظام ملحد، وكان دائماً يقول: أهل الكتاب اليهود والنصارى أقرب لنا كما هو في القرآن لنا من أي، من المجوس من البوذيين، من الملحدين الشيوعيين، الشيوعية تحولت إلى دولة عظمى، وتنافس الغرب في بقاع كثيرة من العالم.
أحمد منصور:
يعني عداء الملك عبد العزيز كان عفواً فطري للشيوعية؟
طلال بن عبد العزيز:
فكري، عقائدي.
أحمد منصور:
عقائدي.
طلال بن عبد العزيز:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
الدين كان مرجع رئيسي له في الكراهية.
طلال بن عبد العزيز:
هذا صحيح.. هذا صحيح.. إنما علماً أن أول من اعتراف بالملك عبد العزيز هو ستالين.
أحمد منصور:
نعم، ما هو كنت سأسأل في هذا، نعم.
طلال بن عبد العزيز:
سنة 1926م أول من اعتراف بعبد العزيز، وكان المقيم الوحيد، كان يومها قائم بأعمال المفوضية، كان المقيم الواحد في مكة المكرمة هو السفير الـ.
أحمد منصور:
الروس.
طلال بن عبد العزيز:
أو المندوب الروسي.
أحمد منصور:
وكان مسلم أعتقد.
طلال بن عبد العزيز:
كان مسلم، وسحب، أنا من الناس اللي تكلموا مع الاتحاد السوفيتي فيما بعد على إعادة العلاقات، كان دائماً رأي عبد العزيز وأبناؤه الذين يخلفوه في ذلك الوقت، أنه الحقيقة نحن لم نقطع العلاقات معكم، العلاقات قائمة أنتم إللي سحبتوا مندوبكم، يعني كان تخلص دبلوماسي من عودة العلاقات.
أحمد منصور:
تفتكر سمو الأمير، سنة كم أسست القاعدة الأمريكية في..؟
طلال بن عبد العزيز:
سنة 1946م.
أحمد منصور:
1946م.
طلال بن عبد العزيز:
نعم.
أحمد منصور:
واستمرت إلى متى؟
طلال بن عبد العزيز:
1961م، 1961م برضو مع الهيجان الناصري.
أحمد منصور:
هل كانت سرية؟
طلال بن عبد العزيز:
لا.. أبداً كانت معلنة.
أحمد منصور:
كانت معلنة.
طلال بن عبد العزيز:
نعم.. نعم معلنة ومع الهيجان الناصري.
أحمد منصور:
كان لك دور في إلغاء هذه القاعدة؟
(1/175)
طلال بن عبد العزيز:
نعم.. نعم.. بلا شك، أنا ذهبت للملك سعود وكنت وزير في وزارته اللي تشكلت سنة 1961م، وقلنا وجود القاعدة اللي عملها أبونا، ونحن لسنا وطنيين أكثر من عبد العزيز، لكن ظروفه تختلف عن ظروفنا اليوم، تحتم إلغاء هذه الـ.
أحمد منصور:
القاعدة.
طلال بن عبد ا لعزيز:
فعلاً اقتنع بها وأمر بإلغائها.
أحمد منصور:
كانت تتكون من أيه؟ كانت أيه محتويات هذه القاعدة؟
طلال بن عبد العزيز:
يعني بالنسبة للعدد؟
أحمد منصور:
بالنسبة للأجهزة، القوات..؟
طلال بن عبد العزيز:
أبداً أنا شفتها بنفسي، هي مكان تواجد كان لا يتجاوز عشرين أو ثلاثين ضابط.
أحمد منصور:
فقط.
طلال بن عبد العزيز:
ولا فيه طيارة.
أحمد منصور:
مجرد وجود رمزي.
طلال بن عبد العزيز:
وجود على أساس لو احتاجوه برغبة الملك عبد العزيز، وهذه من المعاهدات لا يمكن أن توطأ قدم أي أمريكي، أو طائرة إلا بموافقة مسبقة من الملك عبد العزيز.
أحمد منصور:
هل دي كان لها علاقة بأحداث حرب الخليج، أم اعتبرت ملغية هذه الاتفاقية؟
طلال بن عبد العزيز:
حرب الخليج لا.
أحمد منصور:
حينما جاء الأمريكان في عام 1990م، هل كان هناك تواصل ما بين الاتفاقية اللي وقعها الملك عبد العزيز، وما بين هذه؟
طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً.. إطلاقاً.. أبداً.
أحمد منصور:
هذه تعتبر ألغيت سنة 1961م.
طلال بن عبد العزيز:
صح، سنة 1961م ألغاها الملك سعود.
أحمد منصور:
بقرار ملكي؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم.
أحمد منصور:
سمو الأمير أيضاً في..
طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
وبعدين هذا سموه الأمريكان الأمير الأحمر قصدوا عليّ أنا بعد هذه الحادثة يعني.
أحمد منصور:
عليك أنت، نعم.. إحنا ربما سنأتي لها بالتفصيل في هذه المرحلة..كيف اختارك الملك عبد العزيز وزيراً وعمرك لم يكن تجاوز تسعة عشر عاماً.
طلال بن عبد العزيز:
والله أنا لا أعرف.
أحمد منصور:
(1/176)
ثم سفيراً بعد ذلك، ثم علاقتك بعبد الناصر، هذه ستكون محاور الحلقة القادمة وهي محاور هامة.
طلال بن عبد العزيز:
إن شاء الله.
أحمد منصور:
شكراً سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز:
شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام، على حسن متابعتكم حتى ألقاكم في الحلقة القادمة من برنامج شاهد على العصر، لنكمل حوارنا مع صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(1/177)
الحلقة 2(1/178)
الثلاثاء 9/9/1421هـ الموافق 5/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 15:37(مكة المكرمة)،12:37(غرينيتش)
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة
14/10/2000
أحمد منصور طلال بن عبد العزيز
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر).
حيث نواصل حوارنا مع صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، مرحباً سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز:
أهلاً بك.
أحمد منصور:
في الحلقة الأولى، أو الحلقة الماضية خدنا جانباً من يوم في حكم الملك عبد العزيز، في حياة حكمه وذكرت سموك كيف كان يبدأ يومه، بعد الصلاة يرتاح قليلاً، ثم يجتمع مع مستشاريه ووزرائه، ثم المجلس العام، كيف كان يقضي باقي اليوم؟
طلال بن عبد العزيز:
هذا الصباح إلى الساعة الثانية عشر تقريباً –الظهر- ثم يعود إلى منزله، ويتناول الغداء مع أولاده ومع بناته، كان غدانا يومها عبارة عن صحن فيه رز وقرصان ولحم أو فراخ –كان بسيط جداً- ومرق، المرق يا خضار مختلفة من يوم إلى يوم، وهذا الصحن كان يكفينا نحن وأبناؤه وزوجاته والخدم فيما بعد، غريب أنا لما أتذكر هذه الأمور ببساطتها كان فيه قناعة حتى في الأكل.
أحمد منصور:
ولم يكن هناك إسراف في الإعداد؟
طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً.
أحمد منصور:
كان الطعام على قدر أهل البيت؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/179)
هذا صحيح، هذا صحيح، وبعد ذلك يعود إلى منزله، وكان –أيضاً- له.. يسموها (SIESTA) الآن معروفة في العالم، اللي هي ينام بعد الظهر، يرتاح بعد الظهر لمدة ساعة، ساعة ونص، وثم يعود إلى المجلس العام إلى صلاة المغرب صلاة المغرب أحياناً يخرج خارج الرياض، مع بعض حاشيته وأولاده، وإذا كان هناك سبق خيل كان يحضر سبق الخيل، أو يذهب إلى مكان اسمه عليشة، وهو خاص بالأمير محمد، محمد كان من الذين يحبهم عبد العزيز، عبد العزيز أحب اثنين من أولاده في صغرهم وكبرهم.
أحمد منصور:
من هم؟
طلال بن عبد العزيز:
محمد ومنصور.
أحمد منصور:
منصور توفي في حياة الملك.
طلال بن عبد العزيز:
سنة 50.
أحمد منصور:
كان عمره كام؟
طلال بن عبد العزيز:
ثلاثين سنة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حزن الملك عليه؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم؟
أحمد منصور:
حزن عليه الملك؟
طلال بن عبد العزيز:
جداً، جداً جداً.
أحمد منصور:
كان منصور ترتيبه الثالث؟
طلال بن عبد العزيز:
هو ترتيبه السابع أو الثامن عموماً.
أحمد منصور:
السابع؟
طلال بن عبد العزيز:
أو الثامن، آه.
أحمد منصور:
لكن كان ترتيبه في الحكم الثالث.
طلال بن عبد العزيز:
هو لم يكن هناك ترتيب حكم في الواقع، إنما في السن.
أحمد منصور:
في السن.
طلال بن عبد العزيز:
في العمر. وكان يحب الاثنين دول، كان يذهب إلى مزرعة الأمير محمد، ثم يعود ويذهب إلى المنزل ونتعشى معه أولاده، برضه تتكرر عملية الغداء، وبعد هذا يذهب إلى المجلس بعد صلاة العشاء، يقعد ساعتين أو ساعة ونص ثم يذهب إلى الراحة ينام في الليل، وهو ينام كان في الليل حوالي ساعتين ثلاثة، عبد العزيز عمره لم يأخذ أكثر من ساعتين ثلاثة في الليل، وينام في النهار حوالي ساعة، حوالي أربع ساعات، طول عمره..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
في اليوم.
طلال بن عبد العزيز:
طول عمره..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مقسمين على مرتين.
طلال بن عبد العزيز:
(1/180)
نعم.
أحمد منصور:
في عام 1952م وكان عمرك تسعة عشر عاماً تقريباً اخترت لتكون وزيراً، رغم ترتيبك أنك كنت السادس عشر بين إخوانك. كيف بلغت بهذا الأمر؟ وكيف تلقيته وأنت في هذه السن؟
طلال بن عبد العزيز:
والله أنا كنت في سفرة لأمريكا، ومريت على لبنان، كان ثاني زيارة للبنان، وشفت هذا الجبل الجميل ومناخه البارد المنعش ومناظره الخلابة وأهله الطيبين، فاستأجرنا بيت في عاليه –منطقة اسمها عاليه- لعائلة معروفة هناك اسمها فرعون، هنري فرعون. وذهبنا إلى أمريكا، وفي عودتي قلت: نمر على البيت ونقعد فيه على الأقل شهر.
لما وصلت لبنان ثاني يوم جاني برقية من عبد العزيز عن طريق السفارة لنا: عُدْ إلى الطائف. فشوف أنا تلكأت، فكانت البرقيات تتابع علي السفير بأن فلان يجب أن يعود، تلكأت، وكنا صغار وغير مدركين لأهمية هذا الطلب الذي أتانا من شخص مثل عبد العزيز، لا يُرفض طلبه، لكن المهم هكذا حدث في أيام شبابنا إلى أن أُبلغت في يوم من الأيام إن الطائرة موجودة في المطار، وتقول: ينقل طلال إلى الطائف. ذهبنا إلى الطائف، لما دخلت عليه في غرفته، وجدته مريض، شكله مريض، ومن حديثه لي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني هل هذا كان في بداية مرضه الذي استمر معه؟
طلال بن عبد العزيز:
فعلاً، هذه بداية مرضه، وبدأ من أشهر، ولما كنت أنا هناك لم يكن استفحل إلى هذه الدرجة، أنا تعجبت لما سألني وقال لي: كيف الرياض وأهل الرياض؟ كيف الجو في الرياض؟ وجدت الملك يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وأنت قادم من أمريكا.
طلال بن عبد العزيز:
(1/181)
وأنا جاي من أمريكا وهو يعلم إني جاي من أمريكا، من الأول يعني، هو اللي كان يبعث لي برقيات على بيروت، ولاحظت إنه فعلاً تعبان، مع ذلك برضه الشغب والطفولة وأفكار التي كانت تراودني في ذلك الوقت، أصريت على أن أعود إلى بيروت، كلمنا الوالدة وقالت: لا . في خبر ثاني، أنت عُينت وزير. قلت: والله عجيب بدل ما أسمع الخبر الطيب أن نعود إلى..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إلى بيروت.
طلال بن عبد العزيز:
إلى بيروت.. إلى الجبل، إلى عاليه وأستأنف عملية المصيف هناك تبلغيني بهذا الخبر؟ أنا مالي ومال الوزارة؟
أحمد منصور:
هذا كان في الصيف، في أغسطس تقريباً؟
طلال بن عبد العزيز:
في الصيف حوالي أغسطس أو July .
أحمد منصور:
52.
طلال بن عبد العزيز:
52 . قالت: والله إذا كنت تريد أن ترفض الوزارة هذا أبوك قدامك، وروح له، أنا بلغتك الرسالة. ثاني يوم يجيني الشيخ يوسف ياسين..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
من الشيخ يوسف ياسين؟
طلال بن عبد العزيز:
مستشار الملك عبد العزيز، قال لي: أبوك بيرسلني لك ويقول: إيش الوزارة اللي تريدها؟ قلت: يا أخي العملية صعبة حقيقة.
أحمد منصور:
كنت في التاسعة عشر، هل كنت مدرك معنى وزارة؟
طلال بن عبد العزيز:
أبداً.
أحمد منصور:
وأن تكون وزير؟
طلال بن عبد العزيز:
أبداً.
أحمد منصور:
وأن تحكم؟
طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً.
أحمد منصور:
وأن تكون جزء من نظام الدولة؟
طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً، إطلاقاً، لم يكن وارداً في ذهني، إنما كان أمر ملكي.
أحمد منصور:
لم يكن لديك طموح في هذا الوقت في الحكم؟
طلال بن عبد العزيز:
لم يكن لي طموح في السياسة.
أحمد منصور:
وأن يكون لك دور في إدارة الدولة؟
طلال بن عبد العزيز:
أبداً.
أحمد منصور:
مثل إخوانك؟
طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً، إطلاقاً.
أحمد منصور:
كان تفكير سموك إيه في الفترة دي عن الحكم؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/182)
كنت مسؤول عن القصر، يعني مسئوليتي في ذلك الوقت مسؤول عن قصر عبد العزيز الخاص.
أحمد منصور:
إدارة القصر؟
طلال بن عبد العزيز:
إدارة القصر.
أحمد منصور:
كيف كانت الإدارة؟ ما هي المهام الأساسية التي كنت تقوم بها؟
طلال بن عبد العزيز:
هي أهمها مالية، يعني المناطة بي –حقيقة الأمر- هي ميزانية القصر، والإشراف على جماعة عبد العزيز من النساء في القصر، لأنه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
نفقتهم وطلباتهم واحتياجاتهم؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم، وميزانية الملك، وميزانية القصر، والأشياء التي..خاصة به هو شخصياً، فكنت مشغول بهذا الأمر، يعني كنت مرتاح، ما كنت أفكر في السياسة، أنا كنت هاوي راديو، ما يسموه Radio amateur.
أحمد منصور:
لاسلكي يعني.
طلال بن عبد العزيز:
لاسلكي، كنت لي أصحاب في العالم من خلال اللاسلكي، وكل مكان وكل دولة لها.
أحمد منصور:
كود معين.
طلال بن عبد العزيز:
نداء معين، Call sign بيسموه، نداء معين، وكنت يعني حقيقة متحمس لهذه الهواية، فقلت ليوسف ياسين، خطر على بالي اللاسلكي. قلت له: المواصلات.
أحمد منصور:
كان هناك وزارة للمواصلات في المملكة؟
طلال بن عبد العزيز:
كان فيه إدارة.
أحمد منصور:
إدارة.
طلال بن عبد العزيز:
إدارة تابعة لوزارة المالية.
أحمد منصور:
لكن لم تكن وزارة مستقلة.
طلال بن عبد العزيز:
لم تكن وزارة، فأنشأنا الوزارة في ذلك الوقت إنما السبب..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني سموك اللي أسست وزارة المواصلات سنة 1952م.
طلال بن عبد العزيز:
نعم..هذا صحيح، إنما السبب في تعييني إلى الآن، دائماً عندي احتمالات: احتمال أول، احتمال ثاني علشان كده عينني عبد العزيز، لكني لم أصل إلى نتيجة، ما هو الدافع..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن إيه هي الاحتمالات اللي دفعته؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/183)
والله أبداً، يعني منها الأشياء إنه أراد أن يكرمني، وجد إنه أفضل ما يكرمني به هو أن أكون مسؤولا بجانبه كوزير..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هل كنت على علاقة خاصة به؟
طلال بن عبد العزيز:
كنا على علاقة جيدة وخاصة، بالملك عبد العزيز، هذا صحيح. الأمر الثاني: أراد أن يهيئني للمستقبل، أن أمارس العمل الحكومي من بداية عمري، يعني عدة احتمالات، إنما لم أصل إلى نتيجة فيما يختص بهذا التوجه.
أحمد منصور:
حينما توليت الوزارة في ذلك الوقت، والوزارات كانت قليلة كما ذكرت لنا من قبل، كيف تبدأ في وزارة جديدة في بلد مثل المملكة العربية السعودية، هي وزارة مواصلات، مليئة بالجبال والطرق الصحراوية، وكانت هذه أشياء حديثة اللاسلكي وغيرها من الأمور؟
طلال بن عبد العزيز:
في البداية كانت صعبة شوية. أولاً: التأسيس، بدك موظفين، بدك مدير عام، بدك وكيل وزارة، بدك ميزانية، بدك صلاحيات، وكانت الصلاحيات متشابكة. أنا أتذكر مثلاً أنه كانت المينا، المينا من الدمام عُملت أصلاً من أجل أرامكو.
أحمد منصور:
من أجل النفط.
طلال بن عبد العزيز:
من أجل النفط، ووسعت في أيام عبد العزيز حتى أن تكون –أيضاً- تحتوي تجارة بجانب البترول، كانت تابعة لوزارة المالية، فلما جينا وقلنا: أنه نلم هذه القطاعات المختلفة في وزارة المواصلات غضب وزير المالية، وقال لي: كيف تسلب مني حقي فيما يختص بالمينا قلنا: المينا حقيقة أنها مربوطة بالسكة الحديد ومربوطة بالبترول، ولكن كوزير مواصلات أهم شيء لها مواصلات هي القطار، والمواصلات أهم شيء النقل، فكان بيننا نوع من الاحتكاك. يعني عملية كانت بدائية بالنسبة لهم، يعني عملية كأنك تتكلم مع رئيس قبيلة.
أحمد منصور:
كان مين وزير المالية في ذلك الوقت؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/184)
عبد الله سليمان، فكانت في البداية، كانت موضوع قيام هذه الوزارة كان له صعوبات، وكان فيه صعوبات مالية، أنا أتذكر قبل وفاة عبد العزيز كنت أنا والأمير فيصل في ذلك الوقت –اللي هو الملك فيصل بعد- قاعدين في الممر، على الأرض، ننتظر إذنا من عبد العزيز. قال لي: ليه يا طلال ما تعمل .. لأن فيصل كان يحب الطائف، بصفته كان نائب الملك.
أحمد منصور:
في المنطقة دي.
طلال بن عبد العزيز:
في الحجاز، ليه ما تعملوا طريق من الطائف إلى مطار الحوية؟ حوالي نصف ساعة في ذلك الوقت، قلت له: والله نشوف، لا بأس. فدخلت على الملك، قلت له: الأمر كذا. قال: اعملوه، فوراً. فبدأنا في المطار، ما كان فيه فلوس، تسلفت خمسمائة ألف ريال بصفتي وزير مواصلات علشان أرصف الطريق وأدفعها لمحمد بن لادن. يعني من قلة المال.
الذي حدث أن الطريق كان يُعمل به .. يُعمل في هذا الطريق بالتراكتارات، وكلنا شايلين عبد العزيز ميتاً في السيارة، يعني الطريق لم يُكمل إلا بعد وفاته، في ذلك الحين أنا أتذكر أنه ركبنا الحمير، وطلعنا على مرتفعات الهَدى، بيسموه الهدأ هذه قريبة من مكة، علشان نخطط لطريق الطائف – مكة - جدة – المدينة.
أحمد منصور:
يعني كانت المملكة عبارة عن صحراء، وكانت الطرق..
طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
صحاري شاسعة.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
ليس فيها طرق ممهدة، ليس فيها..
طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
لم يكن فيه مال أصلاً، أنا علشان أعمل طريق الحوية - الطائف تسلفت خمسمائة ألف، ما كان فيها فلوس حقيقة الأمر، المهم أنه طلعنا على الحمير، وجبنا دار الهندسة اللبنانية الموجودة إلى اليوم في لبنان، دفعنا لها 250 ألف ريال، 250 ألف ريال في ذلك الوقت كبيرة جداً، مبلغ ضخم، علشان تعمل وضع المخططات الضرورية واللازمة لهذا الطريق، وهذا كلها في عهد الملك
عبد العزيز.
أحمد منصور:
في سنة 1946م قلت لي سموك إنه كان بدأ النفط يبقى له مردود.
(1/185)
طلال بن عبد العزيز:
مردود بالنسبة للمجتمع.
أحمد منصور:
للمجتمع.
طلال بن عبد العزيز:
والعمران.
أحمد منصور:
لكن ليس بالنسبة للمنشآت، ليس بالنسبة لعملية التطوير؟
طلال بن عبد العزيز:
شوف يا سيدي، هذه غريبة، كان ابن سليمان هو كل شيء.
أحمد منصور:
وزير المالية.
طلال بن عبد العزيز:
آه، فقلت له: أنا بأتعجب للناس، الطريق الموجود من مطار الرياض إلى مدينة الرياض لم يكن ممهداً، أنا أتذكرها في نفسي يعني، لما تيجي السيارة من المطار، أولاً: المطار ما كان ممهد، مطار جدة ممهد، لكن مطار الرياض وهي العاصمة كان على التراب.
أحمد منصور:
ليس له مدرج؟
طلال بن عبد العزيز:
مدرج مسفلت يعني.
أحمد منصور:
ليس له.
طلال بن عبد العزيز:
وليس طريق من المطار يربطها بالمدينة، لما طلعت السيارة تشوف الغبرة تثور من جراء حركة السيارات.
أحمد منصور:
صحيح.
طلال بن عبد العزيز:
فكيف لم يفكر هذا الرجل أو غيره في عهد عبد العزيز أن يعملوا هذه الطرق، رغم إن الأسفلت موجود عندي في أرامكو؟ يعني عملية الحقيقة واحد يتلخبط فيها، لأنه ليش ما فكروا حتى في الأمور البسيطة؟
أحمد منصور:
هل هذا يعود –عفواً- إلى طاقم الإدارة، إلى المستشارين، إلى الشخصيات، أواللا إلى النظام؟
طلال بن عبد العزيز:
إلى طاقم الإدارة، إلى المستشارين، لأنه إيش معنى جدة كان فيها؟ ما جدة جزء من المملكة، إيش معنى الظهران كان فيها؟ ليش الرياض العاصمة ما كان فيها؟ يعني العملية الحقيقة إهمال، لا مبالاة، عدم إدراك لأهمية هذه المشاريع الضرورية للبلاد.
أحمد منصور:
في يوليو عام 52 وقعت ثورة يوليو، ما هو تأثير قيام الثورة على المملكة العربية السعودية، وثورة يوليو أنهت نظام ملكي وأقامت نظام جمهوري؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/186)
هي الأنظمة التي تهتز من قيام الثورات المجاورة في بلدان مجاورة هي الأنظمة الضعيفة، إنما عبد العزيز كان حكمه قوي، وكان واثق من نفسه، فتقبلها إلى درجة أنه الرئيس محمد نجيب زار .. حج، واستقبله الملك عبد العزيز، وأنا من الناس اللي كنا في استقبال الرئيس، على العشاء، أنا كنت واقف وراء الملك عبد العزيز، كان نجيب وصلاح سالم والشافعي وأحدهم الآن ناسي اسمه –أربعة- فكان يتكلم عبد العزيز عن فاروق، قال له ياأخ محمد نجيب: نحن كنا مع فاروق ولا نزال، ولكن ليس على حساب مصر أو الثورة، نحن معه كملك الآن، وكان معاه كشخص عادي، ونحن لازم نمد له يد المساعدة، فاروق هو الذي له الفضل بإعادة العلاقات المصرية - السعودية، فكيف ننكرها له بعد أن ترك؟
أحمد منصور:
دي سمو الأمير نقطة مهمة، كنت أود أن أسألك عنها.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
جاوب نجيب قال له: طالما أنت أبونا جميعاً، أبو فاروق وأبو نجيب وأبونا جميعاً، وأنت إنسان وفي، ولن نناقشك في هذا الأمر، أنا حاضر هذا الحديث.
أحمد منصور:
بنفسك رأيت هذا الحديث.
طلال بن عبد العزيز:
نعم.
أحمد منصور:
هنا كان الملك عبد العزيز –رحمه الله- له علاقة خاصة مع الملك فاروق توجت بالزيارة التي قام بها إلى مصر في سنة 46، وأيضاً فيكم أنتم أبناء الملك عبد العزيز –رحمه الله- حينما كنتم تفدون إلى مصر، وكان العلاقة تعتبر علاقة وثيقة إلى حد ما، وسموك الآن ذكرت إنه كان الملك عبد العزيز بيعتبر الملك فاروق لعب دور في إعادة العلاقات المصرية السعودية. هنا هذه العلاقة الخاصة كيف تعامل معها الملك عبد العزيز بعد قيام الثورة؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/187)
أولاً: استقبل نجيب –كما ذكرت- وبارك رئاسته، وقال: نحن معكم. يعني تغيير نظام لا يعني شيء بالنسبة للمملكة العربية السعودية سواء ملكي أو جمهوري، نحن الذي نرغبه ونهدف إليه هي مصلحة البلدين مصر والسعودية بصرف النظر مَنْ الذي يحكمها؟ فكان المبدأ.. وهذا مبدأ من المبادئ الراسخة في ذهن عبد العزيز، وأتصور أنها مستمرة إلى اليوم، وهي نحن يجب أنه نتأقلم مع الأحداث، وأنه لا ننظر لطبيعة النظام ما هي في هذا البلد أو ذاك ما دام إنه الموضوع مستقر في البلاد المجاورة، وخاصة العربية، وإنها تخدم المصلحة العربية، وتخدم المصلحة العام.
أحمد منصور:
في بداية العام 1953م بدأ المرض يشتد على الملك عبد العزيز –رحمه الله- وأنت كنت وزيراً للمواصلات، وكنت قريباً منه.
طلال بن عبد العزيز:
صح.
أحمد منصور:
ويُقال: أنك كنت من القلائل الذين شهدوا وفاة الملك –رحمه الله- كيف كان تأثرك بهذا الوضع؟ وكيف كانت الصورة؟
طلال بن عبد العزيز:
والله كنا إحنا، أنا ونواف أخي كنا ساكنين في القصر اللي ساكن فيه عبد العزيز في الطائف، وهو قصر الملك فيصل، عبد العزيز كان يسكن الحوية، منطقة اسمها الحوية -اللي كنا تكلمنا عن المطار فيها- في الخيم، كان يحب الخيم هو [ما كان يلذ له القصر] لأن شبرا صغرت عليه فانتقل إلى الحوية، فأراد أن ينتقل لمدينة الطائف، فقال لفيصل سوف أسكن بيتك. سكن بيت فيصل، أنا ونواف كنا ساكنين مع الملك إنما أيامها كان كل ليلة نذهب عند أحد الإخوان نتعشى عنده ونتأخر فلما رجعت أنا ونواف من إحدى هذه العشوات كان عبد العزيز أمامه نافذة وفيها قزاز وتعكس الذي يقف وراءها، بحاسته هو كأنه عارف إنه أنا ونواف قال: طلال نواف فجاوبناه، قال: أبشركم أنا بخير وعافية، وسلمنا على يده وكنا سعداء بأنه شوفناه يتكلم ويتحدث وذهبنا لننام.
أحمد منصور:
تفتكر اليوم بالضبط؟
طلال بن عبد العزيز:
أظن يوم الثلاثاء.
أحمد منصور:
تاريخه.
(1/188)
طلال بن عبد العزيز:
والله نسيت.
أحمد منصور:
في مارس.
طلال بن عبد العزيز:
ما أعرف والله نسيت، لا تحضرني الذاكرة الآن. قبل ما نروح ننام فوق فجاني عميل عبد العزيز اللي هو الخادم الخاص، عنده وقال أبوكم يعني مريض جداً وربما أنه يصاب بـ..
أحمد منصور:
بعد ما ناداكم، بعد ما ناداكم.
طلال بن عبد العزيز:
بعد ما صلينا الفجر.
أحمد منصور:
بعد ما صليتم الفجر.
طلال بن عبد العزيز:
بعد صلاة الفجر نادانا وذهبنا إليه وقعدنا جنبه، المهم لما شوفنا الحالة متردية، كان الملك سعود في جدة إخوانا الكبار وفيصل في الطائف، فعبد الرحمن الطبيشي الوزير الخاصة نده لفيصل قال له: أحضن أبوك. فمات بين أيدينا.
أحمد منصور:
هو كان حضر الملك فيصل والملك سعود؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم، نعم إحنا الثلاثة حضرناه، يعني حضرناه بجانب أطبائه الخاصين وأمين، إحنا كنا موجودين والطبيشي شفنا وفاته.
أحمد منصور:
هل أوصى بشيء؟ هل تحدث بشيء قبل وفاته؟
طلال بن عبد العزيز:
أوصى بأمور بسيطة يعني..
أحمد منصور:
تفتكر بعض هذه الأمور.
طلال بن عبد العزيز:
والله شوف هي قبل ما يموت كان دائماً يوصي أولاده وخاصة الكبار منا، مين الكبار؟ سعود، فيصل، محمد، وخالد، خالد صار ملك بعدين يوصيهم بالرعية، ما هو الرعية لو تقول المثقفين يزعلون الآن، مواطنون لا رعايا أم لأ؟ خالد محمد خالد، مش هدا كتابه المشهور؟
أحمد منصور:
نعم صحيح.
طلال بن عبد العزيز:
هو يقول أوصيكم بالرعية، أوصيكم بالناس أوصيكم بالاختلاط بالناس، هذه كانت وصاياه الأساسية، أوصيكم بإخوانكم، أوصيكم بعائلاتكم، صلة الرحم، هذا الكلام الذي كان يقوله لهم، هذه وصاياه، يعني كان قبل أن يحتد عليه المرض.
أحمد منصور:
الملك عبد العزيز رحمه الله كان نادر أو قليل الأسفار، ربما لم يسافر خارج المملكة إلا مرات محدودة.
طلال بن عبد العزيز:
(1/189)
سافر مرتين: مره لما قابل روزفلت وتشرشل وهي يومين أو ثلاثة، ومرة لما دعاه فاروق سنة 1946م.
أحمد منصور:
يعني يعتبر لم يغادر أجواء البحر الأحمر، ومصر.
طلال بن عبد العزيز:
هذا صحيح.
أحمد منصور:
كيف كانت رؤيته للعالم؟
طلال بن عبد العزيز:
رؤية متحفظة خصوصاً للغرب.
أحمد منصور:
سببها مين؟
طلال بن عبد العزيز:
السبب هو حقيقة العملية، الفلتان –في رأيه- الموجود في المجتمع الغربي، الاختلاط الزائد عن اللزوم، الفساد الناشئ عن هذا الاختلاط، هذا كان رأيه، كان يخشى الأمور من المسكرات، الخمور، الرقص الـ dance يعني والأمور هذه كلها يعني، إنما الأمور الحلوة اللي كان عبد العزيز يعملها، أنا كنت أشغل له الأفلام، أنا بنفسي ماكينة (بيل آند هاول) موجودة إلى اليوم، وأنا آتي عند بناته وعند زوجاته، وعند أخواته وأشغل أفلام الحرب، الحرب العالمية الثانية، وبعدين جبت له فيلم مصري إلى الآن أبحث عنه وما وجدته.
أحمد منصور:
ما هو؟
طلال بن عبد العزيز:
كان حاجة اسمها ضباط، ثلاثة ضابط وامرأة شيء، من ها القبيل، فعلاً حتى آخر ما سألت فريد شوقي الله يغفر له، ما وجدناه، المهم قلت له فيه فيلم مصري أيش رأيك أشغله؟ قال شغله، قلت: بس فيه ستات، قال شغله، كان أخواته الكبار في السن اللي عاشروه منذ خروجه من الكويت موجودات، متحفظات، فلما شغلته وطلعت الممثلة، أو كان يراها ولكن لا أتذكر اسمها ولابسة مايوه كلهم صاحوا يا عبد العزيز، يا عبد العزيز. شيء غريب بالنسبة لهم، وامرأة بمايوه، قال لي سكِّر، سكِّر، سكِّر الأشياء هذه، إذن كان متفتح.
أحمد منصور:
أنت شاهدت وفاة الملك رحمه الله، كيف تقبلت هذا الأمر؟ هذا التصور أن الملك عبد العزيز رحمه الله توفي.
طلال بن عبد العزيز:
(1/190)
والله صراحة ما كنا نتوقع أن عبد العزيز سوف يموت، رغم إيماننا بالقضاء والقدر، وإيماننا بكل الناس إنه مصيرهم الموت، ولكن كانت صدمة كبيرة وعميقة في نفوس الجميع، هزتها إنه هذا الرجل العظيم المهاب العبقري، الذي بنى المملكة، الذي هو سوَّى وفعل وكذا هكذا يذهب من أيدينا بشكل يعني مفاجئ، كانت مفاجئة وكانت صدمة للجميع.
أحمد منصور:
رغم المرض الذي أصابه؟
طلال بن عبد العزيز:
رغم المرض اللي كان يعانيه هذا صحيح.
أحمد منصور:
كيف أنت..؟
طلال بن عبد العزيز:
حتى أتذكر أنا وفيصل لما كنا جالسين على.. –قلت لك قبل شوية- على الممر، قال لي: والله يا طلال لو كان الأعمار تعطي لأعطيته أنا من عمري.
أحمد منصور:
إلى هذه الدرجة كان يحبه الملك فيصل؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم، نعم .. فيصل وغيره.
أحمد منصور:
كلكم.
طلال بن عبد العزيز:
آه، يعني هذه يقولها واحد من أولاده وهو صادق لدرجة إنه لم نكن نتصور أنه هذا الرجل.. يعني كانت صدمة للجميع.
أحمد منصور:
كيف تعاملتم مع الوفاة؟ يعني كيف حدث انتقال للسلطة، أو الانتقال الأول للسلطة بعد وفاة الملك؟
طلال بن عبد العزيز:
هذه من ميزات العائلة، من ميزات العائلة المالكة بالسعودية أنه كان الخليفة -خليفة الملك، أو ولي عهده- حاضر موجود، موافق عليه بالإجماع، ما إحنا عندنا مهمة جداً، يجب الموافقة على الولي بالإجماع.
أحمد منصور:
ليس بالأغلبية؟
طلال بن عبد العزيز:
لأ، بالإجماع.
أحمد منصور:
طب الموافقة هذه تتم في حياة الملك لولي العهد أم..؟
طلال بن عبد العزيز:
لأ، بعد وفاته.
أحمد منصور:
بعد وفاته.
طلال بن عبد العزيز:
لأنه في حياة الملك يكون ولي عهد، الملك يختار ولي العهد، ويسأل الجميع: هل توافقون على فلان؟ الذي لا يوافق يتحفظ. إنما الذي حدث في كل الملوك المتتابعين بعد عبد العزيز كان إجماعاً عليهم.
أحمد منصور:
(1/191)
كيف تختار الأسرة الملك وولي العهد؟ وكيف توزع الأدوار فيما بينها؟
طلال بن عبد العزيز:
ليس هناك توزيع أدوار كما يقال في الصحافة الخارجية إطلاقاً. هي عملية عرف وتقليد، والعرف والتقليد –أحياناً- يطغى على الأنظمة والدساتير.
أحمد منصور:
كيف؟ وضح هذا الأمر.
طلال بن عبد العزيز:
فجاء الملك فهد وصاغها، هذا العرف صاغه بشكل نظام أساسي للحكم اللي هو الدستور، الآن أصبح عندنا نظام أساسي لأول مرة في التاريخ بعد عبد العزيز.
أحمد منصور:
يعني منذ عبد العزيز..
طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
كان هناك نظام أساسي.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
.. إلى الملك فهد.
طلال بن عبد العزيز:
إلى الملك سعود كان فيه نظام أساسي للحكم أيام عبد العزيز، عمل مجلس شورى، وعمل نظام أساسي للحكم، الملك عبد العزيز، وبعدين أبطل النظام بعد وفاة عبد العزيز.
أحمد منصور:
حينما جاء الملك سعود؟
طلال بن عبد العزيز:
الملك سعود. ولم يعاد النظام الأساسي إلا وقت الملك فهد.
أحمد منصور:
من الملك سعود إلى الملك فهد كانت المملكة دون نظام أساسي.
طلال بن عبد العزيز:
أيوه.. دون نظام أساسي.
أحمد منصور:
طب كيف كان يدار الحكم وينتقل من ملك إلى آخر؟
طلال بن عبد العزيز:
هنا عملية العرف، هذه خارجة عن نطاق الدستور لأنه أصبح عرفاً يسري على جميع الملوك، الملك عندما يتولى الملك بصفته ولي العهد يختار أحد أبناء عبد العزيز، لأنه الوراثة ما دام هناك ابناً لعبد العزيز، فالوراثة فيه إذا كان صالحاً طبعاً.
أحمد منصور:
هل فيه شروط معينة؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم فيه شروط متفق عليها ضمنياً.
أحمد منصور:
ما هي أهم هذه الشروط؟
طلال بن عبد العزيز:
أن يكون عاقلاً، مرشداً، فيه وازع ديني، والصفات الأخرى المعروفة.. يعني السلوك، السمعة، المواقف تجاه مواطنيه، انفتاحه على الأمور الإصلاحية والأمور.. يعني أمور حقيقة متفق عليها تقليدياً.
(1/192)
أحمد منصور:
مجلس الأسرة مِمَن يتكون؟
طلال بن عبد العزيز:
ليس هناك مجلس أسرة.
أحمد منصور:
مَن يأخذ القرار؟ ومَن يوافق ويرفض؟
طلال بن عبد العزيز:
الأمور الأسرية الداخلية هناك ترتيبات خاصة.
أحمد منصور:
لا. في أمور الحكم.
طلال بن عبد العزيز:
لا. ليس هناك شيء من هذا القبيل.
أحمد منصور:
يعني سموك ذكرت لنا أن الملك حينما يريد اختيار ولي العهد يستفتي أو يسأل.
طلال بن عبد العزيز:
أيوه، يسأل بالضبط، يسألهم فرادى.
أحمد منصور:
فرادى.
طلال بن عبد العزيز:
أيوه. يسألهم فرادى بخطاب يذهب إليه أنه اخترنا فلان، فهل توافق عليه؟ اللي يوافق يوقع، والذي لا يوافق بتحفظاته يعلن تحفظاته، لكن لم يحدث إطلاقاً أن تحفظ أحداً لا تجاه سعود ولا تجاه فيصل ولا خالد ولا فهد ولا عبد الله كولي عهد، لم يحدث.
أحمد منصور:
نعم، هل الملك عبد العزيز –رحمه الله- استخدم معكم هذه الطريقة؟
طلال بن عبد العزيز:
أيام سعود كنا صغار.
أحمد منصور:
كنتم صغار.
طلال بن عبد العزيز:
فاستشار الكبار، إخوانه يومها، يعني كان عمي محمد، عمي عبد الله، أعمامي الكبار، لا شك أنه استشارهم، واستمزج رأيهم، إنما سعود له وضع خاص، لأن سعود بويع في الحرم، بويع من الناس.
أحمد منصور:
بعد وفاة الملك عبد العزيز.
طلال بن عبد العزيز:
لا. لا. في حياته.
أحمد منصور:
في حياته.
طلال بن عبد العزيز:
سنة 1932 ميلادي.
أحمد منصور:
بويع ولياً للعهد.
طلال بن عبد العزيز:
ولي العهد، ولم يبايع عائلياً، بويع جماهيرياً، ذهب إلى مكة وصارت البيعة في مكة.
أحمد منصور:
وهذه لم تتكرر لأحد من بعده.
طلال بن عبد العزيز:
لم تتكرر، لأن الظروف كانت تحتم على عبد العزيز أن يتبع هذا الأسلوب.
أحمد منصور:
(1/193)
الآن الأمير سعود أصبح الملك سعود بن عبد العزيز بعد وفاة الملك عبد العزيز عام 1953م، كيف بدأ الملك سعود يمارس.. هذه نقلة من حياة المؤسس إلى أحد أبنائه.
طلال بن عبد العزيز:
والله، الشهادة لله، كان ممارسة جيدة، إلى سنة 1957م، 1958م بدأت اللخبطة شوية.
أحمد منصور:
قبل اللخبطة، أنا أريد الفترة من 1953 إلى 1957/ 1958م.
طلال بن عبد العزيز:
كإدارة لا بأس بها، جيدة، على نفس الطريق التقليدي اللي ماشي عليه أبوه، يعني الناس يقولوا: نظام مجلس الشورى، هو نظام الشورى –كما ذكرت- عمل في وقت عبد العزيز وأنا كنت حاضره. يعني من ناحية الأنظمة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هذا مجلس شورى كان معين، كان الملك يعينه.
طلال بن عبد العزيز:
أيوه، ولا يزال.
أحمد منصور:
كان يجتمع به الملك، بمجلس الشورى في أوقات معينة يستشيره؟
طلال بن عبد العزيز:
لا. هي مجالس الشورى أصلاً، أو المجالس النيابية لا يجتمع معاها رئيس الدولة.
أحمد منصور:
هل كانت مجالس تشريعية أو..
طلال بن عبد العزيز:
شبه تشريعية.
أحمد منصور:
شبه تشريعية، كان رأيها معلم أم ملزم للملك؟
طلال بن عبد العزيز:
لا. كان دائماً اختياري.
أحمد منصور:
اختياري.
طلال بن عبد العزيز:
نعم.
أحمد منصور:
معلِم.
طلال بن عبد العزيز:
لأنه شورى معين.
أحمد منصور:
أنت قلت وزير للمواصلات في عهد الملك عبد العزيز، حينما انتقل الملك إلى الملك سعود هل بقيت الوزارة بشكلها وهيئتها أم الملك سعود أحدث تغييرات في هذا الأمر؟
طلال بن عبد العزيز:
لم يحدث تغييرات إلا أضاف إليها وزراء جدد، صار تعيينات وزير معارف، ووزير مواصلات، ووزير تجارة، فصار تعيينات إضافية.
أحمد منصور:
يعني أصبح هناك مجلس وزراء شبه..؟
طلال بن عبد العزيز:
بالضبط، لأنه شكل المجلس.
أحمد منصور:
في عهد الملك عبد العزيز.
طلال بن عبد العزيز:
(1/194)
عبد العزيز، وتم تشكيله تماماً ونظامه بعد وفاة عبد العزيز، فالأمور هي الحقيقة الأسس وضعها عبد العزيز في كل مجالات الحياة في المملكة العربية السعودية، ما إن أتى بعد عبد العزيز أكمل هذا المشوار بإضافات باجتهادات من عنده إصلاحية، سعود مثلاً أول من عمل الجامعة، أول من أمر بمدارس البنات، أول من أقام –شو اسمه هذا- ديوان المظالم، هذه إنجازات، إنجازات لا بأس بها، إنجازات سياسية، أنا لا أتكلم عن الإصلاحات Concrete (الكونكريت) ما يسمى بالإصلاح البنائي.
أحمد منصور:
العمراني.
طلال بن عبد العزيز:
أو العمراني، ولكن الإصلاح السياسي الاجتماعي، أنا هذي أعددها.
أحمد منصور:
في عام 1954 وصل الأمر إلى أنك استقلت من الوزارة، ما هي الأسباب التي دفعتك إلى أن تخرج من الوزارة وتقدم استقالتك في الوقت اللي كان عندك طموح لإنشاء طرق وتأسيس أشياء، وكانت المواصلات في هذا الوقت تعتبر شيء مُلح بالنسبة للمملكة لتحديثها في عملية التحديث؟
طلال بن عبد العزيز:
والله حصل يعني، إن هناك اختلاف في وجهات النظر، كان وجهة نظري أنها جوهرية كمجلس الوزراء، أولاً بالنسبة للنقلة من الطائف، تأسيس مجلس الوزراء، ونظام مجلس الوزراء الذي عمل من قبل، وضع من قبل الخبير الدستوري رشيد علي الكيلاني بطلب من الملك سعود أعطى الصلاحيات لرئيس الوزراء، وأنا أيدت هذا الكلام كطلال بن عبد العزيز –بصرف النظر عن أني وزير- أنا كنت قريب من الاثنين، من عبد العزيز ومن سعود، فلا بأس، عبد العزيز في آخر حياته، وهذا بيتهيأ أن يكون ملكاً، فلتكن الصلاحيات في يد رئيس الوزراء.
(1/195)
لما انتقلنا إلى الرياض صار النقلة الثانية، غُير النظام، وأعطى الصلاحيات للملك، فقلنا لا، يعني حتى لو أنت رئيس وزارة إبقى مثلاً حتى بدأ الاختلاف من هنا تطور الاختلاف على الميزانية، كان للبعض رأي في ميزانية الدولة، وصار جدل في المجلس، وكان يقعد جنبي (خالد القرقني) الذي عرف بخالد الوليد، سماه عبد العزيز خالد بن الوليد تيمناً بالزعيم الإسلامي القائد المعروف.
أحمد منصور:
الصحابي نعم.
طلال بن عبد العزيز:
فصار نقاش حاد، فعمل لي كذا خالد القرقني، وقال لي يا طلال نحن لسنا في دولة أحزاب إحنا في دولة يعني، تحكمونها أنتم فهذا النقاش الحاد بلاش منه، ما سمعت كلامه للأسف، يعني أنا أحمل نفسي الكثير من المسؤولية.
أحمد منصور:
يعني أنت نادم على موقفك في هذه الفترة؟
طلال بن عبد العزيز:
نادم بس على شرط الآخرين يندمون أيضاً، لا يكون الندم من طرف واحد، أنا نادم واعترف بس الآخرين كمان يعترفون هناك بيت القصيد، واللا أنا مُسلِّم أمري لله وأقول اعترفت، لو كنت بحالتي الآن وظروفي التي أتمتع بها الآن بوعيي وبإدراكي كنت عالجت الأمر بطريقة أخرى ولم أستقل.
أحمد منصور:
الآن أنت –بعد هذه الفترة- الآن تقول أنك ربما تصرفاتك، الشباب كان يغلبك، حماس الشباب كان يغلبك في تلك الفترة. ما هي كانت الطريقة في تصورك لحل الأمور وبقائك دون استقالة؟
طلال بن عبد العزيز:
في ذلك الوقت؟
أحمد منصور:
نعم.
طلال بن عبد العزيز:
المرونة، أن تكون أكثر مرناً مع إخوانك ومع الآخرين.
أحمد منصور:
يعني من قبلك أنت؟
من قبلي أنا، والآخرين قاعدين يقدرون اندفاعك وتحمسك للأمور ويشجعوك.
أحمد منصور:
هل كانوا يكبتوا؟
طلال بن عبد العزيز:
كان فيه نوع من الشد بين الطرفين.
أحمد منصور:
هل لأنك كنت أصغر منهم؟
طلال بن عبد العزيز:
صبياً.
أحمد منصور:
كنت صبياً.
طلال بن عبد العزيز:
(1/196)
آه.. وهم يعتقدون أنهم الأنضح، وهذا من حقهم على كل حال، بس كان ممكن أن تدار الأمور بشكل أو آخر.
أحمد منصور:
ممكن توصف لنا؟
طلال بن عبد العزيز:
والله أبداً أنا اللي اعتقدته أنه أنا..، أولاً كنا أطفال، شباب لما تولينا وزارة المالية، لكن في ذلك الوقت، يعني بينها فترة كم؟ يعني حوالي تسع سنوات.
أحمد منصور:
يعني عمر سموك على اعتبار سنة 1933م يعني كان عمرك 21 سنة؟
طلال بن عبد العزيز:
مثلاً أو 22 سنة.
أحمد منصور:
أو 22.
طلال بن عبد العزيز:
كنا صغار، أيه 22 سنة يعني وتكون في مجلس الوزراء فكنا أطفال، أعتقد كان بشيء من المرونة وشيء من التعقل كان يمكن أن تنفذ من هذه المعمعة وتصل إلي هذا بشكل أو بآخر الذي ينسجم مع المصلحة العامة، لكن مش بالانفعال، الذي حدث أني انفعلت واستأذنت رئيس الجلسة اللي هو نائب رئيس مجلس الشورى الأمير فيصل.
أحمد منصور:
رحمه الله.. نعم.
طلال بن عبد العزيز:
فمشيت، وقدمت استقالتي إلى الملك سعود.
أحمد منصور:
وأنت في فورة الغضب.
طلال بن عبد العزيز:
صحيح، فقال سعود: ليش تستقيل، فقلت له الأسباب، طبعاً دافع عن نفسه، وهذا من حقه أن يدافع عن نفسه، إنما أصريت أنا على الاستقالة، بعدها وجدت نفسي في جو مشحون، هذا كان شعوري، أكان على حق أم على صواب؟!، الله أعلم، مشحون فيما بيننا، للملك سعود أريد أن أخرج من البلد لمدة سنة، فقال لي: يا طلال أنت فيك شيء يعني في نفسك، أنا أحل المشاكل أيش فيك؟ كأخ أكبر يعني، بمثابة والدنا الآن، قلت له: على كل حال أنا بدي أخرج، فقال اللي تشوفه.
أحمد منصور:
كان الفارق بينك وبين الملك سعود العمر كام في تلك المرحلة؟
طلال بن عبد العزيز:
والله كان في ذلك الوقت؟
أحمد منصور:
نعم.
طلال بن عبد العزيز:
نفكر شوية.. لما نقول من 1922 لسنة 1952م يعني ثلاثين سنة.
أحمد منصور:
فرق؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/197)
آه.. يعني فقلت له: أنا بأروح سفير. قال لي: كمان. ما خلصنا من الوزارة يعني.. كمان .. يقول لي وبعدين أنت صغير يا طلال.. أيش هيقولوا عنا الناس هناك، تعين سفير عمره صغير بالشكل هذا.. أيش هيقولوا عنا؟ قلت له: والله أنا هذا طلبي ولكم أن ترفضوه. كأنه شاور البعض فنده لي وقال: لا بأس روح سفير. قعدت تسعة أشهر، أنا كنت ناوي سنة.
أحمد منصور:
في أي بلد كنت سفير؟
طلال بن عبد العزيز:
في باريس.
أحمد منصور:
إلى فرنسا يعني؟
طلال بن عبد العزيز:
في فرنسا، قعدت تسعة أشهر سفيراً للمملكة العربية السعودية، إنما قضيت منها، وهذه من الأمور اللي تحزني، السفير لازم يقضي مدته كلها هناك..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
نعم في الدولة التي..
طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
قضيت ستة أشهر منها في الرياض، وثلاثة أشهر فقط.. الطامة الكبرى من الجهل الذي كان يسود تفكيرنا في ذلك الوقت، أنه عندما تركت السفارة لم أودع المسؤولين.
أحمد منصور:
في فرنسا؟
طلال بن عبد العزيز:
في فرنسا.
أحمد منصور:
هل تركتها باستدعاء من الملك سعود؟
طلال بن عبد العزيز:
لم يستدعني. أنا اللي تركت.
أحمد منصور:
أنت اللي قررت أن تترك المنصب.
طلال بن عبد العزيز:
آه.. أنا تركت وبلغتهم يعني أريد أن أترك، فقال لي: بكيفك. أنا نصحتك.. حتى قال لي: أنا نصحتك ألا تذهب ورجعت في كلامي الآن.
أحمد منصور:
لكن أنت لك علاقات خاصة بباريس إلى اليوم، هل هي امتداد لتلك الفترة؟
طلال بن عبد العزيز:
أبداً، ليس لها علاقة، مالها علاقة.
أحمد منصور:
يعني كيف تقيم تلك الفترة وتنظر لها الآن بإسقاط تاريخي؟
طلال بن عبد العزيز:
والله يا أخي فترة راحة البال، وفترة لم الشمل، وفترة على بساطتها فيه نوع من أنواع الحوار، الغضب والزعل لا يدوم، الحقد واللي في النفوس يزول بسرعة، فعلا كانت أيامها لا بأس بها، كانت حلوة.
أحمد منصور:
(1/198)
كان إخوانك يستوعبونك على ما كان منك؟
طلال بن عبد العزيز:
والله كنا نستوعب بعض، يعني كان لا يمر ليلة إلا يكون الغداء أو العشاء في بيت أحد منا كان الوصال موجود أكثر، أكثر بكثير، في البلاد العربية كلها. للأسف فيه صار حتى هي الحضارة الغربية بهوامشها التي وفدت علينا فرقت حتى بين العائلة الواحدة.
أحمد منصور:
يقال إن علاقتك مع الزعيم جمال عبد الناصر بدأت تنمو بعد فترة 1954م، وكان لك إعجاب شخصي خاص بعبد الناصر، ولقاءات خاصة أيضاً معه.. كيف بدأت علاقتك بجمال عبد الناصر؟ وكيف تطورات ونمت.
طلال بن عبد العزيز:
أنا زرت الرئيس نجيب سنة 1954م في منزله، وكان الخلاف داباً بين الاثنين.
أحمد منصور:
نعم.
طلال بن عبد العزيز:
وكان معي القائم بالأعمال السعودي، قال لي الرئيس نجيب: وأنت أمامي يا فلان والخنجر في ظهري، أنا ما فهمت هذا التعبير، قلت: أيه يا فخامة الرئيس أيش تقصد؟ قال: الجماعة إياهم، من عبد الناصر وجماعته، كان يشكو لي ظروفه وأحواله.
أحمد منصور:
نعم.
طلال بن عبد العزيز:
نجيب.
أحمد منصور:
احك لنا عن هذا الموقف، يعني كشاهد على العصر، في فترة الحسم ما بين الرئيس نجيب والرئيس عبد الناصر.. احك لنا شعور الرئيس نجيب وما حدث بالضبط في هذه الزيارة التي قمت بها والتقيت بالرئيس نجيب.
طلال بن عبد العزيز:
لم أشعر إلا بهذا الكلام، قاله وكأن الخنجر في ظهري.
أحمد منصور:
استوعبت وأنت في هذه المرحلة؟
طلال بن عبد العزيز:
في أول وهلة فسألته، قال: الجماعة اللي إياهم، فاستفسرت منه، قال لي: عبد الناصر وجماعته يريدون إزالتي من هذا الكرسي بأي شكل أو وسيلة، ويمكن الآن يسجلون هذا الكلام لنا. هذا يقوله الرئيس نجيب. هي كانت أواخر 4 و..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أغسطس تقريباً.
طلال بن عبد العزيز:
أغسطس أو.. في الصيف.
أحمد منصور:
فيما بعدها، نعم.
طلال بن عبد العزيز:
(1/199)
بعد أشهر طلبت مقابلة عبد الناصر سنة 55.
أحمد منصور:
حينما أصبح رئيس للدولة، رئيس مجلس قيادة الثورة.
طلال بن عبد العزيز:
قبل الدستور الدائم.
أحمد منصور:
سنة 1955م.
طلال بن عبد العزيز:
1955م، فقابلته في منشية البكري، أول مرة في صالون بسيط، لابس شو اسمه هذا؟
أحمد منصور:
قميص نصف كم.
طلال بن عبد العزيز:
قميص قصير في بيته، أول مرة قابلته، وكانت يعني زيارة مجاملة، بدأت العلاقة بيني وبين الرئيس عبد الناصر سنة 1958م.
أحمد منصور:
كعلاقة؟
طلال بن عبد العزيز:
كعلاقة يعني..
أحمد منصور:
وثيقة.
طلال بن عبد العزيز:
كنت مبعوثاً من هناك.
أحمد منصور:
من الملك سعود؟
طلال بن عبد العزيز:
من هناك، لا أستطيع أن.. برضه أنا قلت: فترة 1957م إلى سنة 1964م لا أريد أن أتحدث عنها، لأنها ستخلق لنا مشاكل وأمور وتساؤلات نحن في غنى عنها، مع أن رواية التاريخ تروى، والحقائق تُقال، إذا لم نقلها نحن ستقال من غيرنا، وربما تُقال في يوم من الأيام مشوهة، ومشوشة عليها، إنما للأسف العالم غير.. يعني غير.. أنا مثلاً..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أما تجد مسؤولية تاريخية تجاه الأجيال أن تتحدث عن هذه المرحلة؟
طلال بن عبد العزيز:
ممكن، ولكن ليس هذا وقت.. عملية 1957م إلى 1964م هذه أريد ألا أتحدث فيها في الوقت الحاضر، إنما أتكلم عن إني كنت مبعوث لعبد الناصر، وذهبت من بيروت له في الشام..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
نعم، في دمشق.
طلال بن عبد العزيز:
في دمشق، طبعاً ما كان موجود، فلما جات الطائرة، عبد الحميد سراج استقبلني، وقعدنا في الشقة حقته، وكان عملوا لي طيارة روسية عسكرية، وكانت كلها مغطاة، علشان لما نمر مع إسرائيل ما يشوفوا النور، فطرت من الشام إلى القاهرة، واستقبلني سامي شرف.
أحمد منصور:
كان مدير مكتب عبد الناصر.
طلال بن عبد العزيز:
(1/200)
وقعدنا في قصر طاهرة، حتى زعلت يومها، أنا وصلت الصبح، وجاء المغرب وما شفت الريس عبد الناصر، فقلت يا أخي أنا جاي برسالة يعني مش معقول، فطيبوا خاطري، فشفته في الليل قلت له: يا أخي خلتني ملطوع في قصر طاهرة. قال لي: يا طلال ما دي بلدك، وأنا كنت مشغول، كلام من هذا القبيل، المهم قعدت وياه سبع ساعات.
أحمد منصور:
هذا كان اللقاء الأول اللي التقيت به من بعد 55؟
طلال بن عبد العزيز:
الأول، هذا صحيح، فبدأت العلاقة بيني وبينه.
أحمد منصور:
كيف كانت طبيعة هذه العلاقة؟
طلال بن عبد العزيز:
طبيعة إيه هو؟
أحمد منصور:
طبيعة العلاقة بينك وبين عبد الناصر.
طلال بن عبد العزيز:
والله كانت متينة، كانت متينة، وكانت مع مرور الأيام تزداد متانة وقوة، لأنه إحنا كنا معجبين بعبد الناصر.
أحمد منصور:
إيه جوانب الإعجاب اللي ..
طلال بن عبد العزيز:
الكاريزما اللي موجودة فيه، في ذلك الوقت، طريقة إلقائه الخطابات، ضد الاستعمار، ونحن كلنا ضد الاستعمار، وكنا يعني.. عبد العزيز وتاريخه كان عانى من الإنجليز واستعمارهم –كما ذكرت بالحلقة- التي كانت تحلق على مملكته وعليه شخصياً، فكنا يعني مشحونين، فجاء هذا الإنسان وانفجر تحت الاستعمار، وكانت كثير من أطروحات عبد الناصر كانت تلائم تفكيري، القومية العربية مثلاً..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ما هي أهم هذه الأطروحات؟
طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
أنا لا أزال أقول: إيه هي القومية العربية؟ ليست شعارات، القومية العربية هي، وهذا اللي تعلمناه من دروس من بعد عبد الناصر، مش رفع شعارات، طبعاً من الأشياء التي نقدتها وكرهتها في هذا العهد أو العهود التي نادت.. أو الأشخاص الذين نادوا بعد الرئيس عبد الناصر بهذه الشعارات، إنه القومية العربية مقرونة بالاشتراكية، مقرونة بالحكم الديكتاتوري، طبعاً معادلة أنا أرفضها.
أحمد منصور:
لكن كانت واقعة؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/201)
كانت ظاهرة، وكنا نتجاهلها في سبيل أمور أهم في رأينا، لكن لما وعينا الأمر، وجدنا لا.. أنه فيه أخطاء ارتكبت بسبب التفرد في الحكم، بسبب ربط هذه الأمور، نحن كلنا قوميين عرب، ليش؟ لأنه إحنا عرب. القومية بتأتي من القوم، من قومك، من عرقك.
يعني العملية مش عملية مثل الصهيونية، يعني عملية عنصرية، انتمائي للعرب، ولكن نحن لا نربط عروبتنا أو قوميتنا لا بالاشتراكية العلمية ولا بالديكتاتورية.
أحمد منصور:
اسمح لي سمو الأمير في الحلقة القادمة نتناول العلاقة الخاصة التي ربطتك بالزعيم عبد الناصر، ونتناول ما أطلق عليه تنظيم الأمراء الأحرار أيضاً في هذه الفترة.
طلال بن عبد العزيز:
إن شاء الله.
أحمد منصور:
ونكمل مرحلة الستينيات. شكراً سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز:
شكراً لكم والله.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في الحلقة القادمة من برنامج (شاهد على العصر) لنكمل حوارنا مع سمو الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(1/202)
الحلقة3(1/203)
الثلاثاء 9/9/1421هـ الموافق 5/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 15:37(مكة المكرمة)،12:37(غرينيتش)
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة
21/10/2000
أحمد منصور طلال بن عبد العزيز
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود.
مرحباً سو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أهلاً بك يا أخ أحمد.
أحمد منصور:
إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند محور هام، وفاصل في حياتك وفي شهادتك على هذا العصر، وهو اللقاء الهام بينك وبين الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1958م، وذكرت أن هذا الحوار استمر إلى سبع ساعات، ما هي أهم الأمور التي دارت بينك وبين عبد الناصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هي الأمور فحوى الرسالة، الرسالة التي نقلتها إليه هذا كان الموضوع الأساسي، وبعد ما انتهينا منه تطرقنا إلى أمور كثيرة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ولا تريد أن تذكر ما هي الرسالة، ولا فحواها ولا مِن مَنْ.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم؟
أحمد منصور[ضاحكاً]:
لا تريد أن تتطرق إلى..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذه كما قلنا داخله في عملية 1957م –1964م، لكن عندما يحين الوقت –إن شاء الله- لربما.. ربما نتمكن من رواية هذه الأمور.
أحمد منصور:
هل تعدنا أن تكون حلقة أيضاً أو حلقتين في هذا البرنامج؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إن شاء الله أنا أعدكم بهذا، فتطرقنا إلى أمور كثيرة، فتارة يتطرق إلى مجلس الثورة، سألته مثلا ليش ما دخل مسيحي معكم؟
أحمد منصور:
في مجلس الثورة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/204)
آه، أنا أتذكر بعض الأمور، فقال لي: أبداً يا طلال، صدفه، يعني لم يحدث.. أنا قلت يعني: هل معقول ثلاثة عشر –أظن كانوا- مش كده؟
أحمد منصور:
نعم، نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما فيه واحد مسيحي معكم!! كان لازم يكون فيه مسيحي، وأنتم –يعني- عايشين في مصر طول عمركم وتاريخكم إخوة بين المصريين.
أحمد منصور:
والمسيحيين.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مسيحي ومسلم، ولما نيجي لثورة 1919م كان من الذين نفوا إلى الخارج مع الزعيم سعد زغلول كانوا مسيحيين، وكانوا في البرلمان منتخبين، وكانوا كذا..فلماذا لم يكن عضواً مسيحياً؟
فقال لي:صدفة يا طلال ولم نقصدها، وهذه وجهة نظر صحيحة، وقد سئلت عنها من قبلك.
فكان يتحدث عن –حتى- رجال الثورة، قال لي مثلاً عن الرئيس السادات، قال لي: الرئيس السادات لا يصلح في سلطة تنفيذية.
أحمد منصور:
عجيب.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم، أنا قال لي هذا، هو أمور نظرية في الصحافة، في الحريات في كذا.. في كذا..
أحمد منصور:
ولهذا كان وضعه الرئيس رئيس مجلس إدارة لدار التحرير التي كانت تصدر الصحف في ذلك الوقت،في العام 54.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا نعم، هو كان رئيس تحرير، فكان هذا يعني من الأمور.. كنا نتطرق إلى أمور حتى في داخل مصر.
أحمد منصور:
ماذا ذكر لك عن الآخرين من أعضاء مجلس قيادة الثورة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، أنا سألته عن البغدادي كان صديقي، وعرفته سنة 1955م، فسألته إيه رأيك في عبد اللطيف؟ قال: هذا من أفضل الرجال؟
أحمد منصور:
عبد اللطيف البغدادي؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
البغدادي، رجل إداري، له نظرة شاملة للأمور، وحقيقة أنا أعتمد عليه كثيراً في إدارة الدولة.
أحمد منصور:
معظم مجلس قيادة الثورة ثار خلافات بينهم وبين بعض.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فيما بعد، صح.
أحمد منصور:
(1/205)
فيما بعد في الفترة الأخيرة، لكن تقييم الرئيس عبد الناصر في عام 1958م لمن حوله من الرجال.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله ذكرنا نحن فقط السادات ذكره والبغدادي، هذا الذي بالنسبة وعملية المسيحي ليش ما كان عضواً في التأسيس، عبد الناصر –لا شك- كان زعيم مستقيم في حياته، كما ذكرنا عنده الكاريزما في الخطابة، في الطلة، وكان له احترامه، أو سميها اللي تسميها عند الغرب..عند العامة، ولكن لم يستغل هذه الأمور الاستغلال الصحيح كزعيم دولة مهمة كمصر، لم يكن عنده المرونة الكافية كسياسي، يعني كان ناشف شوية.
أحمد منصور:
هل هذا سبب من الأسباب اللي أدت إلى بعض الكوارث مثل هزيمة 1967م مثلاً؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أنا أعتقد هذا، أنا أعتقد نعم أعتقد هذا يعني مثلاً كارثة 1967م، لو كان هناك انفتاح على الآخرين، لو كان هناك نوع من أنواع الديمقراطية، لو كان هناك نوع من المرونة في التحدث مع الجهات المعنية العربية للتنسيق، بس كان عداوات، وجد عداوات عربية..
أحمد منصور:
تقييمك ده لعبد الناصر، عدم المرونة السياسية عند عبد الناصر هو تقييم آني، الآن واللا تقييمك أيضاً في المرحلة..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من ذلك الوقت.
أحمد منصور:
يعني لاحظت في هذا اللقاء المطول أنه ليس عنده مرونة سياسية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه، لا، بعد اللقاء، يعني بعد في الستينات لاحظنا هذا الكلام.
أحمد منصور:
لكن علاقتك به كيف بدأت تنمو بعد عام 1958م؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بدأت 1958م وصرت كل ما آتى إلى مصر أتصل بمصطفى أمين، وكان من المقربين له جداً، وكان هو الذي يقوم بالاتصال بمكتب الرئيس، ويحدد الميعاد، سواءً في الإسكندرية أو في القاهرة في معظم رحلاتي إلى مصر، واستمرت العلاقة إلى سنة 1963م.
أحمد منصور:
في الفترة هذه كان علاقة جمال عبد الناصر بالمملكة العربية السعودية علاقة متوترة.
(1/206)
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كانت سيئة.
أحمد منصور:
في أواخر الخمسينات.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كانت سيئة، أنا أتذكر.
أحمد منصور:
لكن علاقته مع سموك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كانت مستمرة.
أحمد منصور:
ممكن، عفواً اسمح لي قل لنا: إيه البعد هنا اللي خلى العلاقة معك علاقة مستقرة وجيدة، والعلاقة مع الدولة..؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، أنا كنت أفرق دائماً، ما هو الحكام معظم الحكام العرب يقول لك: ما دام هو الحاكم طيب مع الآخرين أنت بالتبعية تكون طيب، إذا كان ثار مشاكل أنت بالتبعية يكون لك مشاكل، وهذا غير صحيح. نفرق بين سياسات الحكومات وبين العلاقات الشخصية، وهذا أعتقد..
أحمد منصور:
علاقات الشعوب.
الأمير طلال[مستأنفاً]:
هذا أعتقد إنه حتى يجب أن تستمر لأنها ربما في يوم من الأيام هذا الحاكم يحتاجك في نقل رسالة أو اتصال بالجهات المسؤولة التي بينك وبينها خصومة، هذه لم يستغلوها إلى الآن، وهذه أعتقد من الأخطاء التي ترتكب عربياً.
استمرت هذه العلاقة مع عبد الناصر إلى أن قامت حرب اليمن، وللمزايدة على جماعتنا في الرياض لأن كنا مش زعلانين يومها أيدنا حرب اليمن، بس أنا –في قرارة نفسي- ما كنت مع حرب اليمن حتى رجال عبد الناصر –بعض رجاله في الداخل وأنا بأعرفهم- كانوا يعارضون إرسال الجيش لليمن لأنه فيه إسرائيل، كل تحرك إفريقي يبعثه لمساعدة إفريقيا..
أحمد منصور:
الرئيس عبد الناصر أرسل قوات إلى الكونغو في عام 1960م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مثلاً، أو اليمن، دي بتضعف الجيش المصري تجاه العدو الأكبر اللي هو إسرائيل. وهذا ما حدث، يعني في 1967م من الذين يكتبون التاريخ، ومن الذين أدلوا بدلوهم في عملية كارثة 1967م يقولوا من أسبابها الجوهرية هو وجود أكثر من سبعين ألف جندي في اليمن، فأنا كنت متحفظ على هذه الأمور.
أحمد منصور:
(1/207)
هم يقولوا: إن القوات اللي كانت في اليمن وقت الحرب لا تزيد عن خمسة آلاف، لكن أسباب الخلاف ما بين الملك سعود وما بين جمال عبد الناصر، في نقاط؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله غريبة، إلى سنة 1956م كانت العلاقات.
أحمد منصور:
جيدة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
جيدة ومتينة، وفعلاً –كأي علاقات عربية إلى اليوم- لا تعرف كيف تبدأ وتتحسن، وكيف تتحول إلى خصومة، هي عملية مزاجية..
أحمد منصور:
بين الحكام أنفسهم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بين الحكام، يعني عملية الوفاق أو الغضب والزعل من بعض لا يقوم على أسباب جوهرية وسياسات منهجية إطلاقاً، إنما على أمور شخصية. وهذا ما نشوفه إلى اليوم، وكذلك حدث مع سعود ومع عبد الناصر.
أحمد منصور:
يعني لم تكن هناك أسباب محددة يمكن للتاريخ أن تذكرها كشاهد على العصر أدت إلى سوء العلاقات.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله شوف، تتوقع من الذي يكتب التاريخ إذا كان منصفاً ومحللاً لأسباب هذا الخلاف أو ذاك لا شك أنه سوف يبينها للناس، وسوف يدلي بدلوه، ويقول عن أسباب هذه الخلافات وكيف بدأت، ويشرحها شرحاً دقيقاً وعلمياً وصحيح حتى يوضح الحقيقة.
أحمد منصور:
لكن سموك كشاهد على العصر.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا بشوف إن العملية مزاجية، لم أر سبباً جوهرياً لهذه الاختلافات.
أحمد منصور:
كيف بدأت الخلافات؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأنه ما قعدوا يتحاورون، عمرهم ما جلسوا يناقشون، زعلت عليك زعلت عليك صارت القطيعة.
أحمد منصور:
إيه السبب اللي أدى إلى الخلاف في عام 1956م ثم تطوره واستفحاله بعد ذلك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/208)
الزعامات، الزعامات، يعني أنا من الأسباب اللي أراها –وربما أكون مخطئاً فيها- إن العملية إشمعنى فلان زعيم وأنا مش زعيم؟ هذا يهددني أمنياً بخطاباته واستخباراته –مخابراته يعني- وبكذا، هذه عوامل لربما من الأسباب التي خلقت هذا التوتر بين الحكومات العربية.
أحمد منصور:
كان في ذلك الوقت انتشرت حركات الضباط الأحرار في جيوش بعض الدول في المنطقة، الأردن، في العراق، في –ربما- سوريا، ربما بعض الدول والأنظمة، وحركة الانقلاب أو الثورة اللي قام بها عبد الناصر جعلت العسكريين في معظم هذه الدول يطمحوا إلى أن يصلوا إلى ما وصل إليه عبد الناصر من زعامة بدأت تتشكل في أواخر.. بعد سنة 1956م على وجه الخصوص.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طال عمرك، هذه من الأمور التي آخذها على الرئيس عبد الناصر، عندما صارت الوحدة.
أحمد منصور:
بين مصر وسوريا.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بين مصر وسوريا كان من شرطة الأساسي ألا يتدخل الجيش السوري في السياسة، طيب كيف تطلب من الجيش السوري ألا يتدخل في السياسة وأنت بنفسك بتحرض الجيوش العربية الأخرى أن تقوم على حكوماتها المدنية؟!
ففيه تناقض، هذه من الأمور اللي جعلتني –يعني- أشكك في هذا المسار، أنت بتقول الجيش السوري أنا أشترط عليكم-في الوحدة مع سوريا- ألا تتدخلوا في السياسة، إذن معناها أردت تبعد الجيش عن السياسة، في الوقت الذي نحرك الجيوش في دول عربية معينة –لا أريد أن أذكر اسمها وهي معروفة- لجيوشها أن تقوم على الحكومات المدنية، معناها أنك أنت مع العسكر في الوقت اللي كنت ضدهم في سوريا، ففيه تناقض.
أحمد منصور:
هل هناك تناقضات أخرى تأخذها على الرئيس عبد الناصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أنا أتصور أن الزعامة القومية العربية، وهذا لم الشمل العربي من خلال الميكرفون كان لازم يتبعه تنظيم صحيح برضا الحكومات، صعب: الحكومات مركزية، ولها تاريخ، ولها أمور ولها كذا..
(1/209)
أحمد منصور:
طيب القمم العربية التي بدأت بقمة 1964م ألم يكن لها دور في لم الشمل العربي؟ أم كانت شكلية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، ما كانت، كانت متروكة لعبد الناصر، يعني حدث مثلاً، طيب الانقلاب، نأخذ الانقلاب في العراق، هل الحكومات التي جاءت بعد (نوري السعيد) كانت مؤيدة لعبد الناصر؟
أحمد منصور:
ده انقلاب 1957م؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
1958م.
أحمد منصور:
1958م عفواً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
1958م، فترة صغيرة اللي هي الرئيس عارف، عبد السلام عارف فقط، ما عدا ذلك أبداً، يعني حقيقة الأمور لما تقوم انقلابات بوحي أو بدعم من مصر أو كما يقولون، إنما لا شك مصر لا كان لها يد في هذا الموضوع، هل هي سارت في سياسة الرئيس عبد الناصر؟ أبداً معظمها لم يسير في سياسة الرئيس عبد الناصر، لأن الزعامات دائماً، الزعيم عندما يتولى الكرسي يريد أن يكون هو الزعيم، هذه ما تعلمناها، ما تعلمها الرئيس. هذا من مآخذي عليه.
أحمد منصور:
نعم، هل كان في لقاءاتك وحواراتك مع الرئيس عبد الناصر في تلك المرحلة كنت تتطرق إلى هذه الأمور؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بحذر، لأنه كان لا يتجاوب، يعني بحذر يتكلم فيها، ويتحدث وجهة نظره، ولكن أنا شخصياً كنت حذر جداً أن أفتح هذه المواضيع، لأنه أيضاً من الأسباب المانعة الخوف أن.. معه، أنه وكأنني أقول له عن السعودية، لربما تؤوّل فكنت حذراً من هذا، ولم أكن أتطرقها.
أحمد منصور:
لكن هو كان نظرته إيه للخلاف بينك وبين إخوانك في تلك المرحلة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله شوف، هذا أمور غريبة، محمد بن عبد العزيز كان هناك في مصر، والأكبر محمد وكان هو اللي سيأتي ملك، يعني لو لم يتنازل محمد لأخوه خالد كان هو الملك.. ناداه، كان دب الخلاف عندنا شوية.
أحمد منصور:
في أي سنة؟ لو تذكر.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/210)
أتصور سنة 1956م، 1957م، أظن لا أتذكر التاريخ بالضبط، فجاب محمد عنده في القصر، قال له: يا محمد هذه رسالة لإخوانك قول لهم: الخلاف بينهم لا يخدم المصلحة العربية.
أحمد منصور:
يا سلام!!
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طبعاً، هذه الأمور يعني اللي تجعل الإنسان، ليش نقول عبد الناصر زعيم؟ يعني فيه نواحي لا بأس بها، لكن إيش اللي حوَّله؟ إيش اللي كان؟ هذا اللي يدوخني كما يقول المثل الحجازي، يدوخني.
أحمد منصور:
لكن بعد ذلك دعم الخلاف وضخمه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بإعلامه.
أحمد منصور:
بإعلامه.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ليس عندي علماً أو إثباتاً مادياً يقول: إنه تدخل مادياً.. إعلاميا.
أحمد منصور:
لكن علاقته بسموك الخاصة، وأنت كنت على خلاف مع إخوانك في تلك المرحلة، ألم يكن هذا دعماً للشقاق بينكم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا مجيئي إلى هنا؟
أحمد منصور:
مجيئك إلى هنا وعلاقتك به؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا مجيئي إلى هنا مضطراً، لأن لما قعدنا في بيروت، لبنان رفضت تدينا باسبور.
أحمد منصور:
كيف خرجت إلى بيروت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا رحت مع والدتي مريضة، ونحن عائدين إلى.. هذه برضو من الأمور اللي لا أتحدث فيها، لكن ممكن أقول لك هذه النقطة، ففوجئنا بسحب باسبورتاتنا.
أحمد منصور:
سنة كام سمو الأمير؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سنة 1962م، أغسطس.
طب وين أروح؟ أصبحنا الآن..
أحمد منصور:
كنت إلى 1962م تقيم في المملكة بشكل طبيعي؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه، بشكل طبيعي.
أحمد منصور:
رغم بعض الخلافات التي كانت موجودة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/211)
رغم الخلافات، وكان هذا الطبيعة الحلوة فينا، يعني تعلمنا من عبد العزيز إنه مهما كان بينا من خلافات، إنما بقاءنا، هذه بلدنا كلنا، مش بلد واحد وهي ليست بلد الآخر بل للجميع حتى المواطن العادي، في العالم المتحضر لا يمكن لك تستطيع أن تمنع أحداً من الإقامة في بلده، أو تمنعه من العودة إلى بلده إطلاقاً، تسجنه، تعدمه أنت حر، لكن تمنعه من بلده هذا لم يحدث. إحنا كنا أولى بهذا، إنما حدث، ففوجئنا بسحب باسبورتاتنا، جيت شفنا أنفسنا أنه مقيمين في لبنان إقامة غير شرعية، بصفة إيه؟ طب نروح فين؟ الذي حدث أنه الإخوان اللي كانوا معنا قالوا: مالك إلا مصر، علاقاتك طيبة مع عبد الناصر، ومصر بلد آمنة، لبنان كان فيها فوضى أمنية أيامها، يمكن يجيك واحد يقتلك يقتلنا.
أحمد منصور:
صحيح كانت استخبارات العالم تلعب فيها كلها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بالضبط، قلت: يا جماعة أنا والله بأعرف أقابله، بالرغم إنه صديقي بس أفضل ما نروح، لأنه سوف يستغل وجودنا إعلامياً ويقول: شهد شاهد من أهلها، بلاش نروح، المهم قالوا والله: يا ويلك.
أحمد منصور:
سموك كنت وزير؟ كنت وزير في هذا الوقت.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، لا.
أحمد منصور:
بعد الوزارة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه بعدها بأشهر.
أحمد منصور:
نعم، سنعود لها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/212)
بعدها بأشهر، فقلت: والله صحيح. ذهبت على سفير مصر في ذلك الوقت، ناسي اسمه الآن، كان حتى يسمى السلطان، لأنه كان أيام الوحدة وهو في بلده صار، كان هو اللي يحكم لبنان، ناسي اسمه الآن، سفير مصر، لما كلمته وكأنه منتظر مكالمتي، سبحان الخالق، قلت له: إحنا عاوزين باسبورت passport، قال بس باسبورتات يا فلان يا أهلا وسهلا، بس يا فلان طلب الباسبورت، هذا اللي جعلني أعرف أنه محضر لأن الصحف اللبنانية كانت تكتب هذه الأمور، فلا شك أنه قرأ ورفع اللي كذا وكذا، بس أنتم تحتاجوا لباسبورتات دبلوماسية، والدبلوماسية لا تطلع إلا من مصر.
أحمد منصور:
كان معك أحد من إخوانك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اثنين.
أحمد منصور:
من إخوانك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فبعدين قال لي: أنا هذه كانت راحت عن بالي، هو ممكن يعطينا باسبور دبلوماسي من السفارة، بس راحت عني.
المهم قلت له: طيب، نروح مصر، كلمت مصطفى أمين، يا مصطفى الأمر كذا وكذا وقال لي: لا، لازم تيجي –أنت عارف مصطفى أمين وحماسه- لازم تيجي، ومصر ترحب بك، قلت له: أنا مش عاوز ترحب بي، أنا عاوز الباسبورتات، رحنا إلى مصر استقبلونا في المطار، عبد القادر حاتم والتليفزيونات والأنوار علينا والدنيا.
أحمد منصور:
كان وزير إعلام في ذلك الوقت.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كان وزير إعلام، هيصة، الأمراء الأحرار..
أحمد منصور:
يعني هذا هو تنظيم الأمراء الأحرار.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هو كده.
أحمد منصور:
لم يكن هناك تنظيم بالفعل.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أبداً، إطلاقاً.
أحمد منصور:
لم يكن هناك تشكيل لم يكن هناك..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً، كله حدث كذا بالصدفة وبعجلة بشكل يعني غريب.
أحمد منصور:
شعرت أنه فخ لكم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا شعرت من لبنان.
أحمد منصور:
أنه فخ.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/213)
آه، خفت، قلت: لا نروح مصر، لأن الرئيس عبد الناصر حيمسكنا وحيستعملنا، ويستغلنا إعلامياً ويقول: هؤلاء شهد ناس من أهلها، فأفضل لنا ألا نذهب.
أحمد منصور:
كانت الخلافات متصاعدة بينه وبين المملكة وبين الملك سعود في ذلك الوقت؟
والملك فيصل.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
على طول، على طول، وكان هذا قبل حرب اليمن.
أحمد منصور:
قبل 1962م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
المهم، رحنا له في الإسكندرية في بيته في المعمورة على البحر.
أحمد منصور:
كان انطباع سموك إيه لما فوجئت بالتصوير وبالإعلام، وما يسمى بالأمراء الأحرار؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما عرفت قلت هذا اللي يريدوه، هذا اللي قلت لإخواني في بيروت.
أحمد منصور:
هل طلب منك الإدلاء بتصريحات؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه صرحنا.
أحمد منصور:
قلت إيه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أبداً، برضو مع التحرير العربي، ما الكلام اللي كان يقال، الشعارات إياها، الشعارات إياها للأسف يعني فرحت له..
أحمد منصور:
كنت مقتنع بها –عفواً- أم الظروف جعلتك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، كنت مقتنع.
أحمد منصور:
كنت مقتنع.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
في كثير منها، في كثير منها لا شك، لذلك أنا كنت معجب به.
أحمد منصور:
يعني فيه حاجة اسمها الناصرية أم دي أفكار؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، فيه، فيه.
أحمد منصور:
فيه.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كان موجود، الآن –طبعاً- تآكلت، ولكن لا يزال لها في الأرض وجود.
أحمد منصور:
كنت على قناعة بهذا الفكر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
في الأول نعم، في الأول.. بعدين لأ لما فكرت..
أحمد منصور:
إيه المبادي اللي عجبتك في الفكرة نفسها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كما قلت لك: إنه طلع عندي زعيم يلم العرب حتى بالميكروفون.
أحمد منصور:
يعني أيضاً القناعة كانت بشعارات.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/214)
كانت بداية.
أحمد منصور:
كانت بالشعارات،وليست بشيء واقعي ملموس.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما حصل واقعي أصلاً. لم يحدث شيء واقعي.
أحمد منصور:
يعني أنت لازالت..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إيش اللي حدث؟ حدث سوريا وانفصال مضبوط أم لا؟
أحمد منصور:
نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني السوريين حملوا سيارة الرئيس على أكتافهم، والشعب نفسه أيد الثورة، الانقلابيين على الرئيس وعلى الوحدة أواللا لا؟
أحمد منصور:
نعم. صحيح.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الشعب السوري، يعني منها شخصيات كانت تؤيد عبد الناصر وكانت مع الانفصال، لأنه اعتبروا أن الوجود المصري هو استعمار وليس وحدة، والشعب السوري بمزاجه وتفكيره السياسي والاجتماعي والزراعي والصناعي يختلف عن المصريين، فأراد المصريين أن ينقلون عاداتهم إلى سوريا، هذا ما[لا] يريده السوري، كل بلد لها طبيعتها، يجب أن نعترف، لذلك أنا أدعو للوحدة العربية.. للوحدة التكاملية وليست الوحدة الاندماجية.
أحمد منصور:
سوف نأخذ هذه بالتفصيل، ولكن هل كان تسمية الأمراء الأحرار على غرار الضباط الأحرار؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه، هم سمونا كده.
أحمد منصور:
سموكم كده؟!
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما هم ضباط أحرار فإحنا بالتبعية أمراء أحرار.
أحمد منصور:
أمراء أحرار.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إحنا فوجئنا بها في المطار، لكن مشيت علينا، رحت له الإسكندرية.
أحمد منصور:
وأنت قبلتها وتعاملت معها بعد ذلك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً أبداً، خالص، أصبحنا الآن مربوطين بمصر، خلاص أصبحت يعني (ديفاكتو) defacto كما يقولون أمر واقع، أمر واقع في مصر، فكنا لازم نسير في هذه السياسة وهذا التوجه إلى أن يفرجها الله.
أحمد منصور:
هل دفعت ثمن، تعتبر نفسك دفعت ثمن لهذا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/215)
يعني دفعت الثمن، في رأي البعض، رأي الآخرين رأي الآخرين إنه دفع الثمن، لكن أنا أشوف إنه دفعت شيء من الثمن، وهذا كل إنسان يقوم بعمل من هذا يجب أن يدفع ثمناً معيناً، هذا..
أحمد منصور:
ما هو الثمن سمو الأمير؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، أنا بالنسبة لي إنه برضو لو كنت بعقلي الآن كنت تصرفت بشكل آخر.
أحمد منصور:
ما هو الشكل الذي كنت..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
رغم أن التهمة التي وجهت إلينا باطلة باطلة باطلة، باطلة وكانت يعني، مجحفة في حقنا وليست صحيحة، ولكن حصلت على كل حال، وكان ممكن مداراتها من أول الأمر، لأن هي بدأت تتراكم الأمور، مش جت فجأة، تتراكم العملية إلى أن صار الانفجار. فرحنا له في الإسكندرية، شفته، أهلاً وسهلاً كأصدقاء، معي سعيد فريحة ومعي ابنه بسام فريحة صاحب الصياد.
أحمد منصور:
الصياد نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وحدنا بس، قال لي: يا طلال، أنا قلت لفخامة الرئيس: أنا بدي جوازات، قال لي: بس باسبور، أنا أعطيك خمسمائة، من 21 أغسطس قعدنا ل 15 أكتوبر ولا باسبور ولا شيء.
أحمد منصور:
كنت تريد الباسبور للتحرك خارج مصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
عشان نترك..
أحمد منصور:
آه، يعني لم يكن لك نية في الإقامة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا أبداً، أنا آجي مصر ومكتبي.. أنا عندي مكتب في مصر من زمان، وعندي أملاك في مصر، مصر بلدي، أعتبرها بلدي مصر، دائماً الناس يعرفون هذا التوجه لي أنا، فكان لنا إقامة وكده إني آخذ الباسبور وأحمله عشان.. لحرية التنقل، آخذه وأرجع بيروت، الخمسة عشر هذه الأيام قامت فيها الثورة، ثورة اليمن.
أحمد منصور:
اليمن عام 1962م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وأيدناها.
أحمد منصور:
أنت أيدت الثورة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيدتها.
أحمد منصور:
رغم رفض المملكة للثورة ووقوفها ضدها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/216)
ورغم عدم قناعتي أنا، لو كنت الآن ما كنتش اتبعت هذا الأسلوب..
أحمد منصور:
يعني الآن حينما تعمل إسقاط تاريخي تشعر أن تصرفك هذا..؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم نعم، في هذه ما كان حكيم، لأنه الذي حدث فيما بعد أنه صار الاحتدام بين الدولتين –اليمن والسعودية- واليمن تساعدها مصر، هي بدأت بخمسة آلاف جندي على كل حال كما ذكرت، بدأت بكتيبة أو كتيبتين.
أحمد منصور:
يُقال: إنها انتهت إلى سبعين ألف.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إنما وصلت إلى أرقام هائلة طبعاً، لكن لما ضربوا (جيزان) الإخوة المصريين، أنا غضبت وكنت عند الرئيس، وقلت له: كله إلا ضرب البلد.
أحمد منصور:
ضرب جيزان وكانت جزء من المملكة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طبعاً جيزان هي يعني، محافظة موجودة في المملكة، اللي هي يسموها محافظة في مصر، وفي بلاد ثانية اللي إحنا نسميها يعني أمارة.
أحمد منصور:
إمارة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فقلت للرئيس: لا نقبل، فبدأ حتى لما قلت له: يا ريس ليش تضربوها كشر في وجهي، هو أسمر وزاد سماره، قال لي: يا طلال إحنا بندافع عن أنفسنا، بيجيني إمدادات من جيزان، بيجينا البدر من جيزان. قلت له: برضو أنا لا أقبل أن تضرب شبر من السعودية، فبدأ الخصومة فيما بيننا من هذه النقطة.
أحمد منصور:
يعني هذا اللي أدى إلى توتر العلاقة بينك وبين الرئيس عبد الناصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا صحيح.
أحمد منصور:
موقفك من ضرب.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من ضرب جيزان.
أحمد منصور:
جيزان بالطائرات، هل كنت تعتبر حرب اليمن كانت حرب بالوكالة بين مصر والسعودية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، هو الثورة كانت مصرية ليه؟ لأنه أصدقاءنا اليمنيين أحمد النعمان رئيس الوزراء، القاضي الأرياني رئيس مجلس الرئاسة، الأخ الزبيري المشهور..
أحمد منصور:
القاضي الشاعر نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/217)
القاضي الزبيري، الشاعر والأديب، الوزير، الزعيم، كانوا كلهم أيدوا (البدر) ليه أيدوا البدر؟ وأصدقائي أنا، أيدوا البدر، لأنه البدر عمل البيان حقه من أربعين نقطة، وقال بالديمقراطية، بحرية الصحافة، وبالنقابات.. إلى آخره، فنشروا بيان في الأهرام وأيدوه، أتاري العملية بتحبك بطرق أخرى سرية للسلال وأمثاله للقيام بالثورة. الناتج عن هذا سجن هؤلاء الزعماء، الرئيس عبد الناصر سجنهم بطلب من الثورة، هم لاجئين.
أحمد منصور:
بطلب من عبد الله السلال وزعماء الثورة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إلى آخره، هم لاجئين، كيف تسجن ناس لاجئين؟
أحمد منصور:
وهو قبل لجوءهم هنا.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وقبل لجوءهم.
أحمد منصور:
وحمايتهم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا يجوز، هذه من مآخذي عليه، فمادام أيدوها وهم لا يعلمون عن التحركات السرية، هذه من الأمور كمان اللي هي عليها علامة استفهام، فأقول لك: إن العملية الحقيقة المتتبع لمثل هذه الأمور يجد أن الحكم الفردي يتحمل ذنوب مهما كان له من حسنات برضو غلطة واحدة تمحي كل هذه الحسنات، لذلك إحنا دائماً نقول: نحن ضد حكم الفرد.
أحمد منصور:
تفسر هذه المرحلة بأنها كانت حكم فرد؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طبعا، ما هي حكم فرد، طبعاً، مين كان يحكم مع الرئيس؟
أحمد منصور:
لكن أنت كنت سموك في هذه الفترة من المقتنعين بهذا و..؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما أنا تركت.. قلنا إحنا زعلنا سنة 1963م.
أحمد منصور:
1963م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه.
أحمد منصور:
أنا أريد أعود قليلاً إلى الوراء إلى عام 1960م..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
(1/218)
لا هي الأمور.. أهم من كده أنا كنت أنادي بالديمقراطية في الرياض، في جريدة الرياض وجريدة القصيم في بلدي، وكنا ماشيين مع عبد الناصر في حكمه الفردي، لأنه وجدنا في ذلك الوقت أن الشعارات المطروحة: العروبة والوحدة وضد الاستعمار.. إلى آخره كلها شعارات جذابة، وكنا نعتقد أنها تخدم المصلحة العربية، وهذا كان خطأ، وكانت تناقض أهدافنا ومبادئنا في الديمقراطية وفي الحرية، ومع ذلك أيدناها، ومن حق الإنسان اللي يشاهدني يقول: هذا يناقض نفسه، أنا لا أناقض نفسي ولكن أذكر وقائع تاريخية.
أحمد منصور:
أريد أن أعود إلى عام 1960م وعودة الملك سعود إلى تشكيل الحكومة، أنت لا تريد أن تتكلم عن الفترة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
1961م.
أحمد منصور:
من 1957م إلى 1964م، في العام 1961م تم الملك سعود..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
تشكيل الوزارة.
أحمد منصور:
أعاد مرة أخرى، وتم تشكيل الوزارة وعينت وزيراً للمالية فعدت مرة أخرى إلى الوزارة وإلى المسؤولية. أعتقد الآن صار فيه نضوج ما بين فترة وزارتك للمواصلات وأنت شاب يافع في العشرين أو الحادي والعشرين من العمر وما بين الآن أنك أصبحت شاب في عام 1961م، كان لك رؤى إصلاحية في هذا الوقت ورغبة في.. أو أطروحات متميزة، ما هي أهمها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا اللي أقدر أقوله في هذا الحقبة من التاريخ: إنني أقول أُجبرنا أن نكون وزيراً للمالية والاقتصاد.
أحمد منصور:
كيف؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا أريد أن أتكلم في هذه النقطة، ولكن أُجبرنا ولم يكن برغبتي إطلاقاً، لكن لما يحين الوقت أعدك بأنني سأذكر لك التفاصيل، أُجبرنا، وكان ممكن أيضاً معالجة الأمر بطريقة أو أخرى غير الطريقة التي عولجت بها من جميع الأطراف وليس مني شخصياً.
أحمد منصور:
داخل الأسرة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/219)
داخل الأسرة، ومن ساعدهم من خارج الأسرة، كان ممكن تعالج طريقة أكثر مرونة وأكثر ليونة وأكثر واقعية ونخرج من الورطة اللي ربما كنا وقعنا فيها، إنما أنا لم أكن راغباً في تولي هذا المنصب إطلاقاً.
أحمد منصور:
بقيت تسعة أشهر في هذا المنصب.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
تسعة أشهر.
أحمد منصور:
مارست مسؤولياتك كوزير؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مارست مسؤولياتي.
أحمد منصور:
مارست مسؤولياتك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مارست مسؤولياتي، لكن ممكن أقول لك هذا يعني، وأنت ما شاء الله يعني مثل ما بيقول الإنجليز Pulling my leg.
أحمد منصور[ضاحكاً]:
شكراً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني بتجر رجلي لكن برضو أنا هأكون أحذر منك، يعني تسع أشهر كان منها أشهر كثيرة مشغولين بالمشاكل، يعني كان راحت مجهوداتنا بالمشاكل، لكن على كل حال مثل ما قلت لك: أنا استقلت سنة 1954م، وسنة 1962م أُقلت.
أحمد منصور:
أُقلت!
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه أُقلت.
أحمد منصور:
لم تستقل رغم أنك أُجبرت على قبول الوزارة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم، نعم هذي صحيحة..
أحمد منصور:
كيف كان تأثير إقالتك عليك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، ثاني يوم رحنا لأبونا اللي هو سعود كأبونا وسلمنا على يده وقعدنا معه نتكلم وكأن.. وآدي عائلتنا اللي يجب أن تكون، مش أنت طلبت مني إني أخرج من الوزارة، خلصنا من السياسة وجينا كأب، قعدنا سلمنا على يده، وقعدنا تحت الأرض كوالد، وصرنا طبيعيين..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بعدها سافرت إلى لبنان.
الأمير طلال[مستأنفاً]:
ولكن أتوا أصحاب الشر والنميمة والقيل والقال وأفسدوا مرة ثانية بيننا، وحصل أنني لجأت إلى مصر.
أحمد منصور:
(1/220)
بعد رحلة لبنان التي ذكرتها. سمو الأمير بالنسبة للعلاقة مع عبد الناصر، بعد ذلك سموك ذكرت لنا من أول فترة استقبالك في المطار وإعلان ما يسمى بتنظيم الأمراء الأحرار الذي فوجئت –حتى أنت- بمسماه، ثم بقاءك بعد ذلك إلى قيام حرب اليمن وموقفك أو بداية سوء العلاقة بينك وبين عبد الناصر بعد ضرب (جيزان).
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بعد..
أحمد منصور:
بعد ضرب.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
جيزان أيوه.
أحمد منصور:
جيزان، كيف صارت العلاقة بعد ذلك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
انقطعت.
أحمد منصور:
وأنت كنت في مصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بعدما تركت مصر إلى لبنان.
أحمد منصور:
تركت مصر إلى لبنان.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأنه لجأت، ذهبت إلى لبنان لتهيئة الأجواء فيما بيننا من الرياض وإحنا وإخواننا للعودة.
أحمد منصور:
من الذي لعب دور الوساطة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الحقيقة أتذكر الأمير ناصر عبد العزيز.
أحمد منصور:
أخوك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أخوي، الرئيس عسيران رئيس مجلس النواب.
أحمد منصور:
في لبنان.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اللبناني، وكامل مروة صاحب.
أحمد منصور:
جريدة الحياة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
جريدة الحياة، وكان مانشيتاته في الصلح دافع قوي للصلح بيننا، وهذه أشهدها لله يعني.
أحمد منصور:
طيب هذه المانشيتات، سموك اذكر لنا أهم ما كان فيها، مانشيتات منشورة يعني الصلح القريب بين الإخوة، هذا قبل أن يتم الصلح، الإخوة لا يختلفون في الأمور الأساسية والجوهرية إنما في الأمور التفصيلية، كانت أشياء تمهيدية إلى أن كتب المانشيت (.. في الصلح) عندما وافقنا الطرفين أن نعود للمملكة، فكان هو يعني هذه البادرة منه.
أحمد منصور:
هل تذكر أهم الأشياء المنشورة، الأشياء المنشورة حول بنود الصلح أو..؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/221)
ما فيه بنود صلح، ليس هناك بنود صلح لأنه ليس من عاداتنا مثل هذه البنود، وأصله ما كانت تحتاج إلى بنود، هي عملية.. ثار اختلاف، ما هي أسبابه؟ وكيف حدثت؟ قلنا: ليس هذا مجال لذكرها، إنما..
أحمد منصور:
ولا شيء بسيط منها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وجب الوقت يعني حان الوقت في ذلك الوقت أنه يتم الصلح فتم.
أحمد منصور:
وكانت نفسيتك مهيأة تماماً؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم.
أحمد منصور:
كانت نفسيتك مهيأة تماماً لهذا الأمر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه.. جداً، كنت طبيعي جداً.
أحمد منصور:
وشعرت..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
أصل إحنا في لبنان ما كان عندنا قرش واحد، كان يُصرف علينا.
أحمد منصور:
مِن مَنْ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من شخص اسمه إبراهيم أغا، إبراهيم أغا كان موظف عندي في السعودية، نكرمه و(نحشمه) لأن هو الذي يصرف علينا، عشرين دولار عشرين دولار في اليوم، كان هو اللي يستأجر بيتنا، كان هو اللي يعطينا البنزين للسيارة.
أحمد منصور:
إيه دافعه في هذا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأنه كان هو لهم مكتب اسمه مكتب (الغنيم) وكان متولي شؤون السعوديين في لبنان، أنا وغيري، فتمت العلاقة بينا وبينهم، وكان رجلاً نبيلاً وشهماً، فلم ينس العلاقة القديمة فيما بيننا، فلما شافنا في مأزق وورطة من الناحية المالية مد يد العون والمساعدة لنا، كان يصرف علينا ها المبالغ البسيطة.
أحمد منصور:
سموك وإخوانك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا وإخواني.
أحمد منصور:
متى رجعت إلى المملكة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
1964م.
أحمد منصور:
1964م، كيف كان استقبالك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
عادي، وكأني عدت من داخل السعودية حقيقة يعني.
أحمد منصور:
رجعت بجواز السفر السعودي؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أعطونا إياه في لبنان، واحتفظت بالمصري.. إلى اليوم عندي للذكرى.
أحمد منصور:
(1/222)
كيف كانت العودة إلى المملكة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبدًا أنا عدت إلى طريق الظهران..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
رجعت بالسيارة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بالطائرة.
أحمد منصور:
بالطائرة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ولكن طلبت منهم من أهلي هناك من جماعتي، أن يعملوا لي خيمة بين الرياض وبين الظهران..
أحمد منصور:
في الصحراء.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
في الصحراء.
أحمد منصور:
حددت المكان والموقع؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً، مكان في الصحراء بين هي ثلاثمائة كيلو متر المسافة، لأني اشتقت لها، أول ما نزلت من الطيارة بُست الأرض..
أحمد منصور:
آه.. كان مين في استقبالك من الأخوان؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما كان أبداً، ولم أُعلم إنساناً عن وجودي.
أحمد منصور:
يعني ركبت طائرة عادية، رحلة عادية متجهة إلى هناك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صح..
أحمد منصور:
شعورك إيه بعد فترة الاغتراب والصراع السياسي والغربة والشعور بأنك قضيت فترة لم تكن طبيعية في حياتك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا صحيح، أولاً تعرف كثير من الناس يتأقلمون بسرعة عندما يكونوا في غربة، أنا لست من هذا النوع، أنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني كنت تشعر كل يوم بغربة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم؟
أحمد منصور:
كل يوم مر عليك كنت تشعر إنك غريب؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كل يوم بالغربة، كل يوم.. إلى اليوم أنا لما أترك الرياض الآن بطوعي واختياري، أشعر بالرغبة للعودة، يعني أحن للعودة إلى الرياض، هذا طبعي من الله خلقني، معي عائلتي، أنا عائلتي، أنا الأمس جاي هنا لمصر ومسافر إلى باريس لشغل ما، عائلتي وأولادي معي الصغار، يعني دايماً أحن للعائلة، أحن للأرض، أحن للوطن، أحن لأهل الوطن.
أحمد منصور:
سموك.. اذكر لي الجانب الإنساني لأول ما لمست قدميك أرض المملكة ورجعت إليها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/223)
والله شوف.. أنا في الطيارة كنت أقرأ القرآن، وأتلو تلاوة، تلوت آيات كثيرة منه، وأشكر ربي على ما حدث لي في الأول وحدث للعائلة، كلها بإرادة الله..
أحمد منصور:
كنت نادم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.. لا أبداً، لأني ما كنت مخطئ.
أحمد منصور:
الآن تذكر أنك أخطأت في بعض التصرفات.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا أخطأنا في الأسلوب، في أسلوب معالجة الأمر بعد أن مُنعت من دخول السعودية، المعالجة.. كان ممكن أعالجها بشكل آخر، لكن أنا لم أبدأ، أنا اللي مُنعت مش أنا اللي منعت نفسي، لذلك أُخطئ في حقي، ولم أرتكب جريمة حتى أعاقب هذا العقاب الشديد، لأن النفي من الأرض أشد اللحظة من شوية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الآية اللي بتتكلم عن الذين يفسدون في الأرض، أن ينفوا من الأرض، أو يبعدوا..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هم عدوها فساد، إيش الفساد في الأرض؟ الفساد هو زنى يعني أو شرب خمر؟ لأ.. الفساد متنوع، فساد سياسي، فساد اجتماعي، فساد أخلاقي، الفساد متنوع، فهذه الأمور يعني الحقيقة لم أكن أخطأت فيها، فالنفي من الأرض هذا شديد، عقاب يعني هائل..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
خاصة حينما تكون مرتبط بشكل نفسي وعاطفي بالشكل الذي تصفه أنت.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
صحيح.. هذا صحيح..
أحمد منصور[مستأنفاً]:
بالبيئة وبالأرض..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح.
أحمد منصور:
بعدما نزلت من الطائرة..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/224)
من الطيارة، شكرت ربي، وبُست الأرض، وأنا أهتز بكا، أبكي والدموع تنهمر من عيني وأبكي، أني –ونحمد الله- رجعت إلى هذه البلاد، بلد أبي وجدي وجماعتي وأصدقائي.. وإلى آخره، وثم ذهبت إلى الخيمة ليلتها وكأني في البادية، خيمة لوحدها فقط أنا وجماعتي فيها خاصية طلبت من فلان.. فلان أن يلاقوني في هذه الخيمة، طبخنا الطبيخ بنفسنا، الطريقة القديمة، ونمنا في الخمية، وثاني يوم صباحاً دخلنا الرياض..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كيف كان دخولك إلى الرياض؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله.. أبداً، كان طبيعي وكان ببهجة أول ما رحت لوالدتي، وقبلتها وقبلت يدها ثم شفت إخواني الكبار..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
من لقيت من إخوانك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
شفت سعود، شفت فيصل، شفت محمد، شفت فهد، شفت عبد الله، إخواني الكبار، سلمنا عليهم وكأنه ما حصل شيء..
أحمد منصور:
وليت الوزارة وأنت شاب في مقتبل العمر في العشرينات، ثم وليت الوزارة بعد ذلك، ثم خرجت وحدثت الأمور، هل كان لك مطامح أن يكون لك دور سياسي معين وأنت كنت مقرباً من الوالد؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً.. صحيح، مرتين فرصتين كنت مقرب من عبد العزيز وعينني وزيراً كما ذكرت، ولم يكن لي طموح، لأنني متمسك بتقاليد العائلة وهو الأكبر هو الأصلح، لأنه أي إنسان يشذ عن هذه القاعدة سوف تنعكس على العائلة وعلى مصير البلد، هذا كان تطلعي باستمرار، فلم يكن.. في أيام سعود كنت أنا الوزير الأول، وكان المسموع الكلمة، هذا معروف في البلد، لم أستغل إطلاقاً لطموح معين تجاوزاً لإخواني الأكبر مني، لأنه هذا تقليدنا ويجب أن نحافظ عليه.
أحمد منصور:
نعم، بعد هذه الفترة إيه الدور الأساسي اللي فكرت إنك تقوم به أو تمارسه في البلد وأنت في فترة صراع أنت صاحب صراع سياسي كما يُقال يعني؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/225)
كنت أشغل نفسي بالتجارة، فذهبنا للكويت في زيارة، وكان لي أصدقاء هناك من التجار، بيت آل غانم، يوسف وعبد الله وأولاده أو إخوانه بالأحرى.. قالوا: عندنا شركة اسمها اتحاد المقاولين، تأخذها؟ قلنا: نأخذها، فهذا العمل الوحيد الذي قمت به، أشياء جانبية بسيطة قمنا بها ليست هذا مكان ذكرها، لأنها كانت تافهة، ولكن هذا العمل الجوهري الأساسي وإلى اليوم محتفظين بالشركة.
أحمد منصور:
يعني إلى اليوم تمارس التجارة منذ ذلك الوقت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من خلال هذه الشركة.
أحمد منصور:
لكن سمو الأمير.. حينما يكون حاكم أو جزء من نظام الحكم يعمل بالتجارة..
الأمير طلال بن عبد العزيز [مقاطعاً]:
هذه نصيحة عبد العزيز، عبد العزيز صار هناك مشكلة مع الملك سعود، كان ولي عهد، وغضب عبد العزيز فأرسل سعود، وسعود كان بريء -حقيقة الأمر- ولكنه اقتنع فيها عبد العزيز، وأرسل له بن مسلم، سعود بن مسلم بالاسم، وقال له: بلغ سعود يختار بين أمرين إما الملك أو التجارة، لا تجتمع التجارة والملك، هذا عبد العزيز لكنه للأسف الدنيا شذت عن هذا الأمر، علماً أنا لي رأي في التجارة، طيب.. هؤلاء أفراد العائلة إذا لم يقوموا بعمل تجاري، كيف يعيشون؟
أحمد منصور:
من موارد الدولة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما هنا الناس بتقوم على موارد الدولة، تقول: ليش تعطون موارد الدولة للأمرا؟ لا تأخذوا من موارد الدولة ولا تعملوا في التجارة، طيب يعملوا إيه؟! مشردين بالشارع؟!
أحمد منصور:
لكن هناك مخاوف –أيضاً- من أن يساعد الملك على..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/226)
مخاوف.. هذا صحيح، هذه واردة وإخواننا الكويتيين مع نقاشهم معي، وعندهم العائلة المالكة قسم منها يشتغلوا في التجارة، قسم منهم يقول لك: لا.. لما يشتغل فرد من أفراد العائلة المالكة في التجارة معناه ينافسنا، وله الدالة على الموظفين والوزراء أكثر منا، فيمشوا له أموره، الثانيين يقولوا: لا، ما دام فيه حكم دولة القانون والمحاكم لها اعتبارها وكذا، إذا حصل أي تجاوز من أمير نحن نشكوه على المحكمة، هذا قسم ثاني، فإذن فيه وجهتي نظر مختلفة، أنا مع الجهة التي تقول: مادام فيه دولة قانون وفيه محاكم صحيحة وتحكم بهذا، والدولة تراقب هذه المناقصات، وتراقب هذه الأعمال التجارية التي يمارسها أفراد الشعب وأفراد العائلة بعدل ومساواة ليس هناك خوف، هذا من وجهة نظري، ولكن شرط ألا تسلب حقوق المواطنين في التجارة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
المخاوف من هنا..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
المخاوف من هنا، يجب أن يكون من حكومة رقيبة على هذا الأمر، أما تكون فوضى فالفوضى أصلاً مرفوضة سواء اشتغلوا العائلة أو لم يشتغلوا، الفوضى كمبدأ مرفوضة يعني.
أحمد منصور:
اسمح لي هنا بسؤال ربما يكون بعيد شوية، لكن أختم به هذه الحلقة وهو: هل اندماجك في التجارة هو الذي جعل سمو الأمير الوليد بن طلال من أبرز التجار في العالم الآن أو رجال الأعمال؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، الوليد من صغره وهو في يده الحاسب الآلي، يحسب القرش، وهو من صغره كان توجهه فأنا دعمته في هذا الأمر، بمعنى أنه أيدته في هذا التوجه وباركته، ونجح والحمد لله، ولكن أنا لم أشتغل، أنا قلت: التوجه كان تجاري ولكن اقتدرنا على شركة واحدة، وهي شركة مقاولات.
أحمد منصور:
(1/227)
أشكر سموك على هذا الوقت، كنا أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في الحلقة القادمة من برنامج شاهد على العصر لنكمل حوارنا مع صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(1/228)
الحلقة4(1/229)
الثلاثاء 9/9/1421هـ الموافق 5/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 15:37(مكة المكرمة)،12:37(غرينيتش)
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة
28/10/2000
أحمد منصور طلال بن عبد العزيز
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر" حيث نواصل الاستماع إلى شهادة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود.
فبعد ما يقرب من عام كامل أو يزيد على تسجيل الحلقات الأولى من هذا البرنامج التي رفض فيها صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز أن يتحدث باستفاضة عن الفترة التاريخية الهامة في تاريخ المملكة العربية السعودية، وعلاقاتها بالدول المجاورة في الفترة بين عامي 1957م حتى 1964م وافق مشكورًا بعد عام كامل وقبل بث شهادته كاملة على قناة الجزيرة أن يوافينا بالتفصيلات الدقيقة لهذه المرحلة بكل تفصيلاتها.
أشكرك في البداية سمو الأمير على قبولك بأن تكون شهادتك كاملة إلى المشاهد العربي، وأن تتحدث عن هذه الفترة بكل ملابساتها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أهلاً وسهلاً بكم يا أخ أحمد، الحقيقة أنا ما رفضت، أنا نوع من الدلال، والتمنع يعني، وهذا محبب إلى النفوس.
أحمد منصور:
ومقبول أيضًا.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مثل هذه الحقبة والحقبات الحقيقة هي لم تكن أسرار بمعنى الأسرار، إنما ابتدع طريقة وأنا أعتقد إنها أصبحت بالية وقديمة اللي هي عملية التكتم، الناس هم العالمين (الحمد لله رب العالمين) رب الناس اللي يعلمون ويعرفون.
هذه الحقبة الحقيقة تطرقنا إلى أعظم شكل من أشكالها..عفوًا.
أحمد منصور:
بشكل من الإيجاز وأنت كلما كنا نتقدم للاستفاضة كنت تقول: لن أسمح لك بأن تنزلق قدمي.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/230)
نعم طيب، إلى حد كبير هذا أعتقد ما تفضلتم به هو اللي ورد فعلاً، إنما في سنة 1957م..
أحمد منصور:[مقاطعًا]
تسمح لي سمو الأمير أرجع لـ 1956م، وتحديدًا إلى يونيو 1956م وهو تاريخ زيارة الملك سعود إلى القاهرة، ولقائه بالرئيس جمال عبد الناصر فيما وصف بأنه شكل من أشكال العلاقة الحميمة التي كانت بين الرجلين، وأنه جاء ليهنئ عبد الناصر بانتخابه رئيسًا للجمهورية، كيف مثلت هذه الزيارة منعطفًا في تاريخ العلاقات السعودية-المصرية في عهد الملك سعود؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، هي العلاقات الودية بدأت قبل ذلك-الحقيقة-بين الرجلين، وخاصة عندما بدأت الثورة المصرية بالتقرب من المملكة العربية السعودية لما أوفدت الرئيس محمد نجيب وقابل الملك عبد العزيز قبل وفاته بأشهر.
أحمد منصور:
نعم في عام 1953م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وكان معه بعض رجال أعضاء مجلس الثورة أنا أتذكرهم بنفسي: كمال الدين حسين، صلاح سالم، و..أتصور كمان حسين الشافعي أتصور.. أعتقد هم ثلاثة مع الرئيس.
وبعد ذلك لما توفى الملك عبد العزيز جاء الرئيس عبد الناصر بصفته نائبًا للرئيس، أو رئيس وزارة في ذلك الوقت.
أحمد منصور: نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
.. وهنأ الملك سعود، هنأه عندما صار ملكًا، فكان الصفاء فيما بين الرجلين إلى أن زار الملك سعود سنة 1954م مصر زيارة رسمية..
أحمد منصور:
قبل هذه الزيارة، نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
..وكان الرئيس نجيب موجود، ودبّ الخلاف بين الرجلين: بين نجيب وبين عبد الناصر، والملك سعود هو الذي توسط في الصلح، هي قصة طويلة إنما هذا معالمها من الموجز لها، حتى يُقال إنه في المطار لما ودع الرئيس نجيب الملك سعود أراد أن يركب معه الطائرة، وأن يهرب إلى جدة..
أحمد منصور:
إلى هذا الحد؟!
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/231)
نعم إلى هذا الحد، فكان الخلاف بين الرجلين، بين زعيم الثورة (الصوري) هكذا يسموه رجال الثورة.
أحمد منصور:
هو لم يكن صوريًا، الرجل بقي رئيسًا للدولة لمدة عامين.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا أعتقد إنه رئيس فعلي، لأنه لو حصل للثورة ومسكوهم أول من يُشنق محمد نجيب.
أحمد منصور:
صحيح.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إنما هم هذا كلامهم ولا يزالوا يصروا على هذا الكلام، عندما تقرأ مذكرات نجيب تجد فيها العجائب.
أحمد منصور:
صحيح.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طبعًا، هو الذي قاد الثورة، وهو اللي جاب الثقة في رجال الكذا، هم كلهم كانوا صغار في السن، وكان معروف نجيب، وهكذا.. ما قرأناه عن الثورة ومن المحايدين لها أو اللي معها أو اللي ضدها. المهم أن الملك سعود زاره سنة 1954م، وكان بين الرجلين علاقات طيبة ومتينة، ومن ثم زار الملك سعود مصر في طريقه إلى أمريكا بدعوة من (أيزنهاور)..
أحمد منصور:
نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هنا بدأت الخلافات، لأنه كما يقولون، وهذا ليس موثقًا بالنسبة لي، أنا حاولت إني أتتبع هذه النقطة بالذات، ولكني لم أجد إلا الروايات التي هي منحازة إلى الطرف الثاني ضد الملك سعود.
أحمد منصور:
ما هي هذه الروايات؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بيقولوا أنه اتفق مع الرئيس أيزنهاور على سياسة مناوئة لعبد الناصر، وأنه بدر أمور كثيرة من الملك سعود أنا لا أتذكرها الحقيقة، لأنه ليست مهمة بالنسبة لي لأنها غير موثقة، تدل على أنه في تحول في السياسة السعودية بقيادة الملك سعود ضد سياسة الرئيس عبد الناصر، وبالتالي اشتغلت وسائل الإعلام، السلاح الأمضى في ذلك الوقت عند الرئيس عبد الناصر هو سلاح الإعلام: أحمد سعيد وهيكل .. الإخوان يعني..
أحمد منصور:
(1/232)
اسمح لي سمو الأمير فيه هنا شيئين: الشيء الأول هو زيارة الملك سعود إلى الولايات المتحدة في يناير 1957م ولقائه مع أيزنهاور، وما ذُكر عن أنه قبل مبدأ أيزنهاور القائم على ملء الفراغ، وعلى أن تكون الولايات المتحدة هي البديل للقوى الاستعمارية السابقة، بريطانيا وفرنسا، وإن العلاقات بدأت تتوتر بين عبد الناصر.. أو بين مصر وبين السعودية على إثر هذه الزيارة..ما هي المعلومات المتوفرة لديك حول هذا الجانب؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يا سيدي أنا قلت قبل شوية المعلومات المتوفرة لدي ليست موثقة، وهي من طرف واحد-الطرف المصري-لم أجدها عند الأمريكان ولا عند الطرف السعودي إطلاقًا..
أحمد منصور:
طيب الزيارة هنا..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هو سنة 1956م، وقابله في يناير سنة 1957م، عندما كان في طريقه إلى أمريكا، وطلع عملية أيزنهاور ومبدأ أيزنهاور، الكلام اللي نسمعه اللي تفضلت به.
أحمد منصور:
هو على اعتبار-حضرتك.. يعني سموك- في هذه الفترة على وجه التحديد كان الولايات المتحدة تريد أن تحكم قبضتها على المنطقة، والمحور الأساسي-محور الرياض-القاهرة كان يمثل محور قوة: محور القوة في مصر ومحور المال في السعودية، فدخلت الولايات المتحدة من أجل تفتيت هذا..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هكذا يقولون، لكن..
أحمد منصور:
وماذا تقول أنت سمو الأمير؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أولاً: هل المملكة السعودية..، أنا لست أدافع عن أحد، أنا طبيعي.. ، حتى فيه مأخذ علىّ في بلدي إن أنا مرات منحاز ضدنا، وثانياً يقولوا منحاز لـ..
أحمد منصور:
يعني تكون منحاز للحق يعني
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أريد، وأحاول، وأعمل طول حياتي إني أكون منحازاً للحق، وأرجو إن الله يوفقني في هذا.
أولاً: الملك سعود هل دعا إلى حلف بغداد؟
أحمد منصور:
لم يدع له
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/233)
أبدًا، وحلف بغداد انطلق من فين؟ من بغداد وتركيا وإيران، يعني الثلاثي الذي لم يكن على علاقات طيبة مع السعودية.
أحمد منصور:
مصر اعترضت في العام 1957م أو في قبله على تجديد القاعدة الأمريكية التي كانت موجودة منذ العام 1946م، إلا أن المملكة العربية السعودية جددت العقد لمدة خمس سنوات بمبلغ خمسمائة مليون دولار.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح
أحمد منصور:
واعتبرت مصر ذلك واعتبر عبد الناصر هذا الأمر موجه إلى مصر على اعتبار-أيضاً-أن الولايات المتحدة كانت تعادي مصر.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
عبد الناصر-رحمه الله-كان بعظمته وهيمنته على الشارع العربي، بدعواته المعروفة ضد الاستعمار مع تحرر الشعوب مع الوحدة العربية مع.. حتى ما كانش فيه اشتراكية يومها.
أحمد منصور:
نعم نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فكان يعني له قوته وله كذا.. فلا يريد أحد ينافسه، فيأتي الملك سعود عشان يذهب لأمريكا مع دولة مناوئة لعبد الناصر بشكل أو آخر، ليست معه.. كان معروف بعد 1965، مشى مع الاتحاد السوفيتي .. بعد..
أحمد منصور:
لأ،كانت لكن كان هناك علاقات أيضًا ورسائل متبادلة بينه وبين الولايات المتحدة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه علاقات إنما ليست علاقات جيدة، بدأت تهتز، وبدأ (دالاس) يتكلم بسياسات يسمونها (الهاوية)، (حافة الهاوية).
أحمد منصور:
نعم.. وزير الخارجية الأمريكي
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ودخل في هذا الأمر، يعني بدأ يشوشوا على عبد الناصر، بدا عمليا عبد الناصر واضح أمريكيا، هو كان يريد التعاون مع أمريكا في بداية عهده، إنما الملك سعود راح لأمريكا، وكان يجب أن يذهب لأمريكا ويتفق معاها على أمور كثيرة في مصلحة المملكة العربية السعودية أولاً وقبل كل شيء.
أحمد منصور:
ممكن تذكر لنا أهم هذه الأمور سمو الأمير ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/234)
المصالح المشتركة، هو إيش عندنا حنا أساساً ... أولى أولوياتنا بالمصالح المشتركة ؟ اللي هو البترول.
أحمد منصور:
المصالح المشتركة في هذا الوقت قيل أنها تصادمت مع مصلحة مصر باعتبارها دولة شقيقة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنت-الآن-جيت للنقطة .. الانطلاقة في الكلام، هي تعارضت مع توجهات الرئيس عبد الناصر، هذا ظنه، هذا رأيه، شعر.. أنا لا أتصور إن هناك شيء موثق لأني أنا ما شفته.
أحمد منصور:
هو يقال إن إيزنهاور في يومياته أشار إلى بعض هذه الأشياء.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
تكتب الجرائد الأمريكية، يكتب أحد مقال، يروحوا واخدينه ويبنوا عليه أشياء كثيرة، هذا تصوري الشخصي وانطباعي إنما لم أر وثيقة.
أحمد منصور:
لكن هذا مصدر أساسي في المعلومات أيضاً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
معلومات إعلامية، إعلامية، لكن ليست رسمية، أنا بحثت شخصياً، لم أجد رسمياً لا في الوثائق الأمريكية، ولا عند السعودية، ولا الإخوان المصريين أنا شفت الكتب حقتهم طلعوها، ما فيه شيء موثق، تضارب مصالح.
أحمد منصور:
يعني سمو الأمير أنت حينما رجعت إلى الملفات عندكم في المملكة العربية السعودية وإلى الوثائق لم تجد شيئاً في الاتفاقات التي وقعها الملك سعود مع أيزنهاور أثناء وجوده..
الأمير طلال بن عبد العزيز [مقاطعاً]:
تتعارض مع توجهات الرئيس عبد الناصر، أنا..
أحمد منصور:
لم تجد شيء يتعارض مع توجهات عبد الناصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إطلاقًا، إطلاقًا.
أحمد منصور:
لم تجد شيء يتعارض مع مصالح مصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، إطلاقاً، أنا أقولك إياها، شوف لم يكن هناك..، يمكن فيه اختلافات جذرية، يمكن جماعتنا مرات كرهوا عبد الناصر، كره الموت، وهو كرههم، وارد..لكن أنه فيه اتفاقية وقعت وأنا أعرف عنها تناوئ مصر من أيام الملكية إلى الجمهورية أؤكد لك إن هذا لم أطلع عليه ولم أعلمه.
أحمد منصور:
(1/235)
يعني أنت الآن بتؤكد على إن كل التفصيلات التي تمت في زيارة الملك سعود في يناير 1957م إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولقائه مع أيزنهاور لم يتم إبرام اتفاقات تحد من دور مصر، وتحد من دور عبد الناصر وانطلاقه في المنطقة العربية على وجه التحديد وليس بشكل مستتر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم، على وجه التحديد إلا إذا كان هناك أشياء سرية لا نعلمها..ده ملك..
أحمد منصور:
الكلام ده..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
رئيس دولة ممكن يعمل أشياء سرية، أو عبد الناصر يعملها أو أي رئيس دولة، ولا يطلع عليها الآخرين، ولا تكون-حتى-في ملفات الدولة، لأنها سرية هذا لا أعلمها.
أحمد منصور:
ما هو طبعًا هو بيقال إن دي سرية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه، هنا بقي لا أحد يعلمها، طب كيف عرف عنها هو؟
أحمد منصور:
لأن فيه بعض الوثائق تم الإفرج عنها في الولايات المتحدة ونشرت.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أكيد وشفتهم.
أحمد منصور:
مبدأ المعلومات المتعارف عليه بعد ثلاثين سنة بتخرج بعض المعلومات.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه، هنا بعد ثلاثين سنة التي سُمح بإعلانها للناس من ثلاثين أو خمسين سنة لم تذكر فيها هذه الأمور السرية، وبعدين أعطوني مثال واحد اتفاقية معينة سرية أو علنية ضد عبد الناصر، إيش هي مثلاً؟ ما هو لازم نعرفها عشان نعلق عليها.
أحمد منصور:
ذكر في يوميات إيزنهاور ونشرت على اعتبار إن الملك سعود يعتبر هو رجل الولايات المتحدة في المنطقة، ومن ثم يتم سحب البساط من تحت أقدام الآخرين. وتدعيمه من الناحية العسكرية، ومن ناحية الدعم اللوجستي.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا سعود يطلب لأنه لم نكن مؤهلين لذلك.
أحمد منصور:
هو لم يطلب، ولكن الولايات المتحدة افترضت ذلك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/236)
ولا أمريكا تطلب لأنه تعرف إنه غير مؤهلين في ذلك الوقت لهذا الدور، فيطلبوا دولة عظمى في ذلك الوقت من بلد لم تكن مؤهلة في ذلك الوقت، لهذا الدور أعتقد أنه غير وارد إطلاقًا يعني..وبعدين رجل أمريكا، دولة أمريكا هي إسرائيل، عمر عبد الناصر ما كان رجل الغرب.
أحمد منصور:
الآن بذرة الخلاف وتصاعده بين عبد الناصر والملك سعود إلى أي شيء ترجعها إذا اعتبرنا أنه لم يكن هناك أي شيء موجه إلى عبد الناصر من خلال زيارة الملك سعود إلى الولايات المتحدة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله شوف، الرئيس عبد الناصر-وهذا من حقه على كل حال-أراد أن يكون الزعيم الأوحد في العالم، لا يريد أن ينافسه أحد، وهذا من حقه، من حق أي زعيم أن يدعي هذا الشيء لنفسه..الملك سعود أراد أن يكون للسعودية دور معين، دور ما، ولكن ليس منافسه لعبد الناصر، أولاً ما عندنا إمكانيات مصر الإعلامية.
أحمد منصور:
عندكم الأموال.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا صحيح، هذا اللي قاله إن أموال البترول هي التي لعبت الدور بالرشاوى، بشراء الذمم، بكذا بكذا.. طيب..يعني حقيقة يا أخ أحمد بمنتهي البساطة إلى اليوم نيجي لمنظمة اليونسكو في عملية انتخاباتها، ماذا قالوا على اليابان، ماذا قالوا على السعودية؟ الشيكات صارت تلعب، لما انتهت الانتخابات وجدوا لا شيكات ولا هم يحزنون.
أحمد منصور:
لكن فيه هناك مصالح وضغوط.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يقصدون بهذا الدعم الاقتصادي التمويلي أو الإنمائي الياباني لهذه الدول..يعني حقيقة لما بيقولوا الشيكات هذه عملية كل ما عندك بترول وفلوس يتهموك في جيبك وفي الصرف.
أحمد منصور:
لكن سمو الأمير أنت رجل لعبت دوراً في السياسة أيضاً الأموال تلعب دور رئيس في عملية صناعة القرار في كثير من الأماكن، وفي تحييد البعض، وفي شراء الذمم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/237)
أنا ما أقول لا، أنا أقول صحيح، لكن بالغوا فيها، يعني بالغوا فيها، يعني..
أحمد منصور:
أنا أقصد هنا إن المملكة تملك إمكانات، إذا عبد الناصر يملك شعب، يملك قوة، يملك موقع استراتيجي، المملكة..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
المملكة يملكوا المال
أحمد منصور:
طبعاً، واعتبر إن محور الرياض-القاهرة يعتبر أقوى محور، لو تم التقارب ما بين عبد الناصر وما بين الملك سعود سيكون هذا محور قوي يمكن أن يتصدى للولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح.
أحمد منصور:
لذلك لابد من ضرب هذا المحور بشكل دائم وتفتيته.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني برضو نرجع إلى..، نعلق مشاكلنا وخلافاتنا على شماعة الأجنبي، ما هذه نفس الـ..هي مكررة يا أخ أحمد، هذا شيء مكرر، أبدًا، يعني يمكن الأجنبي يتدخل لما يشوف له فرصة إنك أتحت له فرصة التدخل.
فأنت تقصد إن الجهتين الزعامتين لو اتفقت وتمكنت من اتفاق لمضت بالأمة العربية إلى ما هو أفضل، ولكن من خلافاتهم طلع ثغرات فتدخل أيدي من هذه الثغرات عشان يفرق ما بينهم، هذا وارد، ليش لا؟
أحمد منصور:
ما هو كل المعطيات بعد ذلك تؤكد على أن مرحلة الصراعات هذه هي التي أدت لهزيمة 1967م وإلى الوضع الموجود.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الخصم صاحب المصلحة إذا وجد له فرصة وهو ذكي لا يفوتها ويتدخل فيها عشان يحافظ على مصالحه، بس ده كان معناه الذنب ذنبنا إحنا وعبد الناصر، لأنه تركنا الآخرين يتدخلوا في شؤوننا ويفرقوا ما بيننا، أنا أعتقد برضو هذا مش بيت القصيد.. تضاربت مصالح الشخصين، إلى اليوم ونحن-الزعامات العربية-مصالح شخصية.
أحمد منصور:
ليست مصالح دول يعني؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، للأسف، وهم يعتقدوا في ذهنهم، ويصدقوا أنفسهم المشكلة، إن هذه المسائل الشخصية هي مصالح شعوبهم، فبالتالي تضارب..
أحمد منصور:
(1/238)
طب في هذه المرحلة أنا أريد أن أبقى معك في الإطار الزمني والإسقاط التاريخي لمرحلة 1957م وبداية الخلاف ما بين عبد الناصر والملك سعود، هل يمكن أن تعدد لنا في نقاط الأسباب التي جعلت الخلاف يدب بين الرجلين؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اللي ييجي يقول لنا يا أخ أحمد في هذا المجلس في هذا المكان أنه يعرف الأسباب الحقيقية أنا أقول له إنه مبالغ في هذا.
أحمد منصور:
بس أنت كنت قريب أيضًا من الملك سعود.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
علشان كده ليس هناك أسباب ملموسة، هي أسباب كل واحد منهم أراد أن يحافظ على كرسيه، على صلاحياته، على نفوذه في العالم العربي، هذا النفوذ عاد طويل ومداه عميق مثل عبد الناصر، أو محدود بالنسبة للملك سعود، إنما كل واحد يعتقد أن له مكانة في الأمة العربية، فتضاربت المصالح.. تدريجياً..
أحمد منصور:
أما يمكن أن يدفع هذا الطرف هذا أو الطرف ذاك إلى أن يسعى للتحالف مع قوة كبرى مثل الولايات المتحدة لتدعيم مصالحه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ممكن، ممكن .. تشرشل قال: أتحالف مع الشيطان، والشيطان لا ينشاف، غير مرئي بس عشان أدحر عدوي هتلر، الزعامات ممكن تتحالف مع أي جهات قوة ثانية لتخدم مصالحها، هذه معروف تاريخيًا، وارد.
أحمد منصور:
هل تعتقد أن تجديد عقد القاعدة الأمريكية في"الظهران" أيضاً لمدة خمس سنوات بمبلغ خمسمائة مليون دولار تدفع مائة مليون دولار سنوياً لعب دور أيضاً في تأزيم العلاقة ما بين الرجلين وما بين الدولتين؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ممكن، ليش لا، لأن الرجل يدعو إلى طرد الاستعمار وإحنا نيجي ندي القاعدة للاستعمار، وإحنا كنا مع الملك سعود يومها، كلنا مؤيدينه لأنه أبونا اللي عملها.
أحمد منصور:
مؤيدينه في التجديد؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
في التجديد، طبعاً في التجديد لأنه إحنا كنا في حاجة لها، اعتقادنا لكن..
أحمد منصور:
(1/239)
ما هو كانت حاجتكم في هذا الوقت للقاعدة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
عبد العزيز..أولاً: نبدأ أنا قلت في الأول ليش عبد العزيز عملها.
أحمد منصور:
طبعاً ذكرنا في..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ذكرناها؟
أحمد منصور:
نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الآن أنا أعتقد إن السبب في ذلك الوقت أن نحن مصلحتنا الأولى أن تكون العلاقة طيبة مع.. ما هي كانت "أرامكو" شركة أمريكية، لم تكن سعودية. وهي المهيمنة على البترول وعلى المصالح البترولية في ذلك الوقت، أنه مصلحتنا أن تكون علاقاتنا جيدة مع هذا الإنسان المستثمر، هذه الثروة الهائلة هي المورد الوحيد الذي لدينا، فلذلك من واجبنا أن نستمر بعلاقة طيبة مع أمريكا بالحفاظ على هذه القاعدة، وفي الوقت نفسه كانت هي مورد، إحنا ما كان عندنا موارد ضخمة في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
يعني أنتم أيضاً كنتم تعتبروا القاعدة مورد للمملكة من خلال المبالغ التي كانت تُدفع؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سبب من أسبابها..نعم
أحمد منصور:
في فبراير 1958م تم إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وفي قضية إعلان الوحدة يقال أن الملك سعود لعب دوراً كبيراً في عدم إتمام هذه الوحدة على اعتبار أنها تمثل محوراً يمكن أن يهدد المصالح السعودية والزعامة والتنافس في الزعامة كما يقال. ما هي شهادتك على هذا الأمر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أنت بتسأل واحد هو الرسول بين الطرفين، أنا أرسلت من الرياض من بعض الإخوة عشان أتقصى الحقيقة عند عبد الناصر، وذهبت إلى لبنان، ووسطنا صديق مشترك وتوفاه الله.
أحمد منصور:
مين من إخوانك اللي أرسلك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأ .. ناسي، لربما البعض منهم لا يريد أن أذكر اسمه
أحمد منصور:
يعني إذا حد توفى قل لنا اسمه.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إخواني.. إخواني،قسم من إخواني وأنا..
أحمد منصور:
إخوانك .. طيب..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/240)
ورحنا للبنان، وصار اتصال مع الرئيس عبد الناصر، وقالوا لي طيب تيجي للرئيس عبد الناصر في القاهرة، رحت في الليل مع ضابط لا أذكر اسمه ونمنا في بيت عبد الحميد السراج، وعبد الحميد السراج لم يفتح الموضوع، ركبت طيارة من بيته قبل طلوع الشمس إلى القاهرة حتى سكروا الستاير عشان يقولوا الإسرائيليين ما يشوفوا الطيارات المصرية ويضربوها، هذا كلامهم، وصلنا هنا وقابلونا في المطار، ورحنا للقصر بالطائرة، وقعدنا الصبح، وقالوا الريس هيشوفك الليلة، قلت أنا جايب رسالة مستعجلة، يشوفني في الليل ليه؟ قلت أنا أطلع من البيت أروح أشوف أصحابي في القاهرة، قالوا لا..نرجوك، هذه زيارة سرية والمفروض تقعد. قعدت لليل، فرويت لك أنا قسم من ها المقابلة.
أحمد منصور:
قسم منها وبدون تفصيل، لكن أنا أريد أن أرجع إلى قصة هذه المؤامرة وما حيك قبلها من أن الملك سعود دفع مبلغ يقرب من اثنين مليون دولار إلى عبد الحميد..
الأمير طلال[مقاطعاً]:
جنيه استرليني.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
جنيه استرليني إلى عبد الحميد السراج على أكثر من شيك بدعوى إن عبد الحميد السراج يقوم بعملية انفصال للوحدة بين مصر وسوريا، وتُدبر عملية اغتيال لجمال عبد الناصر في دمشق أثناء زيارته في 24 فبراير سنة 1958م..كانت هذه القصة، عبد الناصر أعلن القصة دية بالتفصيلات في خطاب ألقاه في دمشق، وكأنه ألقى قنبلة في كل القصور الملكية السعودية، رد فعلكم أنتم إيه كأمراء آل سعود حينما سمعتم بأن الملك سعود يدبر خطة أعلنت على الملأ بهذه الطريقة ضد جمال عبد الناصر وضد الوحدة بين مصر وسوريا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كنا مجتمعين عند بعض الإخوة في الرياض وأوفدوني أشوف الملك سعود في المدينة.
أحمد منصور:
أنت أول من ذهب إلى الملك سعود للاستقصاء منه.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/241)
أنا أول من ذهب موفداً منهم، وقابلني عمي (مساعد) وكان مقرب للملك سعود ورئيس ديوان المظالم في المطار، وذهبنا إليه في قصره في المدينة، وكان يدوبه طالع من الحمام متروّش ويلبس هدومه، قال لي: يا طلال هذا كذب، قلت: يا جلالة الملك أنا أريد أن أصدق أو أكذب الرئيس عبد الناصر، أرجو أن يكون كلامكم صحيح، لأنه هذه فرية لا نقبلها، قال لي: يا طلال هذا غير صحيح، المهم خلصنا .. قال: روح افطر الآن، وأنا أخلص هدومي ونروح المجلس العام، رحنا المجلس العام، وكانوا هيكتبون بيان ضد عملية إعلان الرئيس عبد الناصر، وجدتهم كلهم متفقين، قال لي: إيش رأيك؟ قلت: أنا رأيي لأ، الرجل مسموع الكلمة عند العرب، وصوت العرب مسموع في كل مكان إحنا الراديو حقنا في جدة يعني كله شوية كيلوات، أنا في الرياض يدوبك أسمعه مين هيسمعه؟ فأنا رأيي إنه خلينا ما دام أنتم صادقين مما تفضلتم به من كلامكم الحقائق هتبان يوم من الأيام ما دام الرجل غير صادق، هذا كلامي للملك سعود..رحنا وطلبنا الملك فيصل.
أحمد منصور:
كان أمير وولي عهد.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كان ولي عهد.
أحمد منصور:
ورئيس وزراء.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ورئيس وزراء، كان في البر طلبناه من جدة، خدنا بنزين في الطيارة ورحنا.. خدنا بنزين من الطيارة-طيارة صغيرة-ورحنا له البر.
أحمد منصور:
كان مين معاك..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا لوحدي.
أحمد منصور:
ممكن تقول لنا مين من إخوانك اللي دفعوك إلى أن..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، مش دفعوك
أحمد منصور:
اللي كانوا يريدون
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ده قرارهم، هم قرارهم، قراراتهم.
أحمد منصور:
قرارهم .. قرار من في العائلة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
قرار كل إخواني كلهم، يعني معظم إخواني إلا بعض، هذا كان اللي غايب واللي كذا واللي كذا، إنما الإخوان موجودين كلهم.
أحمد منصور:
يعني كل أبناء الملك عبد العزيز؟
(1/242)
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني معظمهم..
أحمد منصور:
معظمهم
الأمير طلال بن عبد العزيز:
واللي مش موجود ما حضر معانا، المهم رحت للملك فيصل
أحمد منصور:
كنتم مستائين من الأمر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأنه هذا الحدث إذا كان صحيح طبعاً، إذا كان مش صحيح الحمد لله. رحت للملك فيصل، كان ولي عهد في ذلك الوقت وهو كان حزينًا من الخبر وتمنينا معًا ألا يكون هذا الخبر صحيح.
أحمد منصور:
حزيناً ليه؟ آه
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني نريد أن يكون أخونا هو الصادق في هذا الأمر، الملك فيصل قال: أن جاي لكم في الرياض.. جانا في الرياض، اجتمعنا عندنا في البيت في بيتي أنا منزلي، كل إخواني موجودين، معظمهم كما قلت، وصار اتفاق ضمني إن أنا أروح مصر، فجينا بقي مصر عشان نتأكد من عبد الناصر.
أحمد منصور:
تروح مصر
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أتقصى الحقائق من عبد الناصر.
أحمد منصور:
بدون علم الملك سعود؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، سعود إحنا الآن على أساس أنه هيترك الفرصة لفيصل بعدين ما إحنا بدأنا الآن، نحضر إنه فيصل يتولى الرئاسة الفعلية لمجلس الوزراء، كانت اسمية، ويترك الصلاحيات.. سعود له
أحمد منصور:
بسبب هذا الحادث؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أسباب كثيرة تراكمت، إنما هذا حرك الأمور، هذا حركها أسرع.
أحمد منصور:
يعني في سنة 1958م بدأت المحاولات الفعلية..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
قبلها سنة 1957م
أحمد منصور:
متى بدأت بقي المحاولات؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله لا أتذكر الشهر، ولكن أنا أتذكر أن الملك فيصل كان في أمريكا، وكان باين نوع من الجفا بيننا وبينه، رحت برضو، أُرسلت لأمريكا أنا..
أحمد منصور:
من إخوانك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من إخواني، وصفينا الجو مع الملك فيصل
أحمد منصور:
بينه وبين الملك سعود
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأ، بينا حنَّا
أحمد منصور:
(1/243)
طيب أنا، طيب سمو الأمير
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بينا يا أخ أحمد، لا .. لا، سعود ما جيناه.
أحمد منصور:
طيب سمو الأمير، اسمح لي الأول نكمل قصة عبد الناصر وأعود لقصة الخلافات
الأمير طلال بن عبد العزيز:
تفضل.
أحمد منصور:
الآن أنت ذهبت موفد من إخوانك إلى الملك سعود واستقصيت منه عن محاولة الاغتيال التي ذكر عبد الناصر أن الملك سعود دبرها ضده ولفصل الوحدة بين مصر وسوريا..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ورفض
أحمد منصور:
ونفى ذلك
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صح
أحمد منصور:
ذهبت إلى الملك فيصل وقال أنه يتمنى أن يكون الخبر غير صحيح.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا اللي قلت له.
أحمد منصور:
أنت اللي قلت له؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه، قلت له يا طويل العمر نتمنى، قال: أنا مثلك إحنا كلنا نتمنى ألا يكون هذا الخبر صحيح، وكل هذا صحيح.
أحمد منصور:
ثم حملت رسالة من إخوانك إلى عبد الناصر.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه.
أحمد منصور:
الملك فيصل أو الأمير فيصل ولي العهد ورئيس الوزراء هل شاركك في عملية إنك تذهب..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، ولا يعرف.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، لأنه إحنا واسطة بين فيصل وسعود إحنا، إنما الإخوان الثانيين..
أحمد منصور:
في الوقت ده كان الخلاف بين فيصل وسعود كان مستشري..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صح، للأسف، يعني كنا نتمنى أنه .. لأنه إخوان، وأبناء عبد العزيز والملك واحد، وهو ولي العهد وهذا الملك، يعني كان المفروض ألا يحدث هذا الخلاف ولكن دائمًا أبوهم وأبونا جميعاً يحذر من الحاشية، يحذر من الخدم، يحذر من أصحاب القيل والقال، يحذر من أصحاب الفرقة اللي هم دبوا ودخلوا ووجدوا منافذ لهم مثل ما يجد الاستعمار منافذ ضد الحكام، هم ذول استعمار محلي، فصار بدأت الأمور من هذه الناحية.
(1/244)
فلما رحت للملك فيصل أنا.. قال أنا جاي فرجع لكن ما قعد في الرياض، راح القنص، البر، فحصلت العملية هذه، ورحت شفته أنا، وجاءنا وصار بعدها التغيير، انتقلت السلطة من سعود إلى فيصل بشكل سلمي.
أحمد منصور:
قبل أن نأتي لمرحلة التغيير أنت الآن في طريقك من الرياض إلى بيروت إلى دمشق لمحاولة مقابلة عبد الناصر والاستوثاق منه من دقة المعلومات التي ذكرت...
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فرحنا لعبد الناصر، وقلت له هذا الكلام. قلت له: إحنا شفنا الملك وشفنا فيصل، وسعود قال أنا لا أعملها، وقلت للرئيس عبد الناصر، وقلت يا جلالة الملك أرجو أن تكون أنت الصادق والرئيس عبد الناصر كاذب، فضحك عبد الناصر، وقال: نتمنى هذا، المهم شرح لي هو الأوضاع..
أحمد منصور:
ماذا قال لك عبد الناصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
قال لي هذا عندي وثائق، عندي شيكات وتواقيع-أظن-من مؤسسة النقد العربي السعودي أو من وزير المالية وأنا لا أتذكر وهذه مذكورة على كل حال، بعض الوقائع ذكرت..
أحمد منصور:
ومنشورة، ويقال أنك..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
منشورة.
أحمد منصور:
ومنشورة ويقال أنك حينما علمت بأن البنك العربي المحدود-تقريباً-الذي حولت منه الشيكات لحساب عبد الحميد السراج أنت سحبت اثنين مليون دولار أو اثنين مليون جنيه استرليني.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا كلام الأخ هيكل.
أحمد منصور:
ذكرها هيكل في "سنوات الغليان".
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، مش صحيح، مش صحيح أبداً.
أحمد منصور:
لم يكن لك أموال في هذا البنك ولم تسحبها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً يعني، أولاً يا أخ أحمد الأموال اللي لأي إنسان في البنك، كيف يعرفها فلان واللا علاَّن؟ هذه أمور سرية، يعني مع التدخل في أمور البنوك ومعرفة حساب هذه مصيبة.
أحمد منصور:
إحنا في عصر الأمور، خروج الأمور..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/245)
لا مش صحيح، ويضر في البنك، سمعة البنك .. البنك هذا من سنة 1935م وهو موجود في فلسطين، عبد الحميد شومان هذا أبو البنوك..
أحمد منصور:
نعم، نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني ضربت سمعته إنه أنت يعني كشفت أحد عملائي، فأنا لو قاضيته يمكن أكسب القضية ضده.
أحمد منصور:
يعني ما ذكره هيكل في "سنوات الغليان"؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً.
أحمد منصور:
غير صحيح.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، وليس له علاقة بالملك سعود، وليس له علاقة إطلاقًا بشكل من الأشكال.لأنه حقيقة بعض إخواني رفضوا أن يصدقوا هذه الوثائق.
أحمد منصور:
لكن أنت صدقتها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله مع الحماس الناصري، بتاع ذلك الوقت، يعني ما هو إحنا إيه.. فيه جوانب يا أخ أحمد، جوانب تحمست لها، وجوانب تحفظت أنا، مثل دعوتي إلى الديمقراطية وحكم الناس هذا ضد توجه الرئيس عبد الناصر، وكنت أدعو إليها من القاهرة، لما مثلاً إحنا قعدنا .. قصدي توافقنا كلنا مع الملك سعود إنه يجددها في سنة كام؟ سنة 1956م تجديدها واللا 1957م؟ تجديد الاتفاقية..
أحمد منصور:
الاتفاقية 1956م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
1956م، كان ضد عبد الناصر، وإحنا كنا ماشيين، حتى الملك فيصل كان صديقه، الملك فيصل كولي عهد كان صديق لزم للرئيس عبد الناصر. يعني كلنا كنا مع عبد الناصر.
أحمد منصور:
ومع ذلك الملك فيصل هو اللي وقع للتجديد..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هو اللي؟
أحمد منصور:
الملك فيصل أو الأمير فيصل في ذلك الوقت هو اللي وقع على التجديد للقاعدة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هو اللي وقع ، لأن كلنا مع الملك سعود، كلنا مع التوجه.
أحمد منصور:
نعم .. الشيخ يوسف ياسين زار القاهرة في 18 ديسمبر 1957م، والتقى مع عبد الناصر وسعى لنفي الاتهامات الموجهة إلى الملك سعود في تدبير محاولة اغتيال عبد الناصر وفصل الوحدة بين مصر وسوريا.
(1/246)
أنت لقاؤك مع عبد الناصر أيضًا في 1958م موفداً من إخوانك، ماذا كانت النتيجة النهائية لسبع ساعات تقريباً من الحوار بينك وبين عبد الناصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أثر في إنه عملية صحيحة، وأنا أقول لك إياها تسرعت في قبول ما قاله الرئيس عبد الناصر، كان لازم أكون متأني أكثر بس كنا صغار، شباب يعني بحماسنا. إنما لو الآن-زي ما قلتها لهيكل قبل كام يوم-قلت هذا الكلام سمعناه، ولكن لم يوثق لم يكن هناك محاكم، ولا تحريات تحقيق أنا أطالب بها وطالبت فيها في جريدة مصرية من كام يوم، وقلت هذا الموضوع أثير، وأنا الآن أطالب بلجنة تحقيق للتاريخ، أو محكمة تحقق في هذه الادعاءات.
أحمد منصور:
معظم الأطراف يعني انتقلوا إلى رحمة الله.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
منهم، ما هو المتحمسين وأنا واحد منهم للتوجه الناصري، أنا كنت واحد منهم يعني ده حدث تاريخي أعتقد أنه حدث تاريخي غير عادي وبحاجة أيضاً إلى توثيق لأنه عمل شكل من أشكال الشرخ في العلاقات المصرية السعودية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
تسمح لي أنا عندي وجهة نظر أحب أبديها الأول..
أحمد منصور:
تفضل سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يا سيدي الدول والزعامات بتعمل لمصالحها، وترتكب أحيانًا كثير من الحماقات لخدمة هذه المصالح إلى اليوم..نأخذ الرئيس عبد الناصر، سواء تدخل وساهم في مؤامرات معينة في انقلابات في البلاد العربية، أو تحريك الشعب من الناحية الإعلامية، أو دفع فلوس عن طريق المخابرات، لكن لا شك إنه كان فيه تحرك، ليه؟ عشان يخدم مصالحه، سميها اللي تسميها، مؤامرة أو غيرها، طيب إذا كان سعود صحيح 100% يعني هذا شديد العقاب واللي عمله الرئيس عبد الناصر غفور رحيم؟!
أحمد منصور:
ماذا فعل عبد الناصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/247)
اللي قلت لك إياه الآن، يعني ما حدث من ثورات في العراق، ما حدث من انقلابات في السودان، ما حصل في تحريك الشارع في سوريا، ما هنا أمور كثيرة، تدخل العسكر في اليمن، أمور كثيرة حصلت، يعني هذه ما كانت تخدم طموحاته وسياساته؟ بصرف النظر عن من له الحق معه والباطل، إنما حصل هذا الشيء لخدمة أغراضه
أحمد منصور:
في إطار..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا..، طلب ليش لأ؟ يعني افترض إنه والله طلع التحقيق والمحكمة بكرة أثبتت إنه سعود إيش عمل؟ عشان خدمة مصالح المملكة العربية السعودية..
أحمد منصور:
إحنا لذلك نريد-يعني-نعمل قراءة وشهادة على هذا التاريخ..
الأمير طلال بن عبد العزيز [مقاطعاً]:
نريد شهادة، نريد توثيق..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
حتى يعرف المواطن العربي حقيقة ما حدث من خلال صناع القرار نفسهم، وصناع التاريخ.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح، أنا طلبت في الجريدة من كام يوم ووجهت كلامي للأستاذ هيكل لأنه مسني في هذا في أحد كتبه، مسني أنا شخصياً.
أحمد منصور:
في سنوات الغليان.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فقلت خليني أنا مرة واحدة أفتح مرة واحدة،أشغل كل ما عندي، لأن هذه ذكرت ونريد من يحقق فيها أو محكمة تدقق فيها.
أحمد منصور:
الجزيرة أوسع من الصحف ومن غيرها-يعني-قناة الجزيرة أوسع من الصحف..
طلال بن عبد العزيز:
لا شك.. يعني أنت تعتبرها محاكمة هذه الآن.
أحمد منصور:
لا يا سمو الأمير، أنا بآخذ شهادة سموك، يعني نحن لا نحاكم أحداً.
طلال بن عبد العزيز:
يعني دعاة لا قضاة.
أحمد منصور:
الأمير فيصل رئيس الوزراء وولي العهد تحرك أيضاً في إطار هذه المؤامرة وسعى لمقابلة عبد الناصر وفي يناير 53 [58] جاء إلى مصر والتقى مع عبد الناصر في شهر يناير وحده أربع مرات في أربع زيارات.
طلال بن عبد العزيز: في سنة؟
أحمد منصور:
يناير 58 من أجل الاستوثاق منه للم…
طلال بن عبد العزيز: الشمل
(1/248)
أحمد منصور:
الشمل مرة أخرى والدردشة معه حول ما يمكن تلافيه من خلافات وأن تعود المملكة ويعود سعود وعبد الناصر لتوثيق العلاقة والمملكة مرة أخرى، معلوماتك إيه عن الجزء ده؟
طلال بن عبد العزيز:
أنا ما عندي معلومات عن هاي بس إذا كان تحرك الملك فيصل تحرك بصفته ولي عهد ووزير خارجية، أنا لم أكن ولي عهد أو وزير خارجية.
أحمد منصور:
طب اتحركت بصفة أيه سموك وقتها؟
طلال بن عبد العزيز:
بصفة طلال بن عبد العزيز.
أحمد منصور:
ما كنش بصفتك الفردية كان معاك، أنت كنت بتمثل مجموعة.
طلال بن عبد العزيز:
لأن هناك نوعين، فيه نظام وفيه الحكم، لما نتكلم عن النظام إحنا النظام.
أحمد منصور:
أبناء عبد العزيز.
طلال بن عبد العزيز:
طبعاً.. أساس النظام، الحكم له وزير، له نائب رئيس وزارة.. حاجة تانية.
أحمد منصور:
يعني الآن فيه ازدواجية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إحنا ننطلق من إحنا أسس لهذا النظام.
أحمد منصور:
فيه ازدواجية الآن في الحكم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.. لا.. أبدًا إطلاقاً.
أحمد منصور:
يعني لو الآن سموك بتقول فيه نظام وفيه الحكم، أنتم تحركتم باسم النظام والتقيتم مع عبد الناصر وسعيتم لترتيب مسألة تمس الدولة بشكل عام ثم جاء الملك فيصل أو الأمير فيصل بعد ذلك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أن يصلح بين الطرفين، إيه التعاون في هذه ما فيه تعاون، وفيصل بلغناه عن روحتي لمصر، لما رجعنا بلغناه إني رحت أنا مصر وشفت الرئيس عبد الناصر، وقال عبد الناصر كذا وكذا.. أُبلغ.
أحمد منصور:
كذا وكذا وكذا باختصار إيه اللي عبد الناصر حمله لك واللي أنت رجعت أبلغت به..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/249)
والله أبداً يا أخ أحمد، عبد الناصر أراد أن يثبت هذه.. حتى قال لي: أنا عارف إنت ليش جاي، وأنا حضرت أوراقي وحضرت المستندات، وكانت عنده، وشفتها، أثر فيّ، أثر فيّ، قال لي: أنا عارف إنك جاي هذا، هيقول لي أكثر من كده، إن هذا صحيح .. أنا جاي لمهمة واحدة لكن قعدنا بعدين ساعات إحنا ندردش في أمور خارجة عن هذا الموضوع، بس إلى هذه اللحظة -أخ أحمد- عبد الناصر لم يكن ضد الملك سعود يعني كان من كلامه يريد إصلاح الأمور، يقول رغم إنها كانت ضد الوحدة وأنتم، أبوك عمل الوحدة السعودية، وكيف تناقضوا أنفسكم وتتآمروا على كذا، الكلام اللي كان يبديه الرئيس، لكن مع ذلك كان يبدي بعض الشعور أنه مع الرجل الطيب، باللفظ كان يعتبر الملك سعود رجلاً طيباً فهذا كله نقلناه إلى جماعتي ..
أحمد منصور:
أنا أعود-الآن-إلى محور هام جداً أنت أشرت له في ثنايا هذه القصة وهو بداية-في حلقة سابقة-قلت لي بداية اللخبطة، لكن أنا مش عايز أقول كده أنا عايز أقول الآن بداية توجه أبناء الملك عبد العزيز لإقصاء الملك سعود عن الحكم بسبب ما يقال عن أخطاء موجودة متى كانت هذه البدايات وما هي هذه الأخطاء ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا هي بدأت المشاكل تتضح الحقيقة، سعود-الله يغفر له-مشى صح من يوم تولى الملك إلى سنة 7..
أحمد منصور[مقاطعاً]: من 53 لـ 57
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه من 53 لـ 57 لا شك، بعدين صار عندنا عوامل كثيرة وتعب، صار مريض، وإحنا ما كنا عارفين إنه مريض.
أحمد منصور:
إيه أهم العوامل دي؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مريض.. مرضه، كانت تعتريه أمراض، وعينه، وسافر كثيراً وعالج وإلى آخره فوجدنا أن العملية يعني أنها بعدين الحقيقة وجدنا الصرف زاد عن اللزوم، الصرف
أحمد منصور:
يعني إيه الصرف زاد عن اللزوم ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صرف الفلوس.
أحمد منصور: منه شخصياً؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/250)
لا.. على البلد، بس أكثر من اللزوم يعني نتجاوز أحيانًا بنود الميزانية.
أحمد منصور:
لأشياء تتعلق بأمور شخصية واللا بأشياء تتعلق بمشروعات وأمور في البلد..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فيه أمور شخصية وفيه أمور مشروعات، يعني هنا ناحية أريد أن أركز عليها عربيًا أيضاً أو دولياً، أنا لما رحت فرنسا أطلب مساعدة من الرئيس (ميتران).
أحمد منصور:
سنة كام؟
طلاب بن عبد العزيز:
سنة 1980م، أنا آسف 1981م.
أحمد منصور:
مساعدة لأي شيء؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مساعدة إلى آبار ارتوازية في السودان كنا نشحذ بالقرش بالمليم، تبرعات، أنا آسف مش الرئيس (ميتران) الرئيس (جيسكار دي ستان)سنة 80 فقال لي: أنا هأعطيك من عندي، أنا تعجبت يعني من عنده إيه؟! فرحنا (دي كريون) في ضيافة الحكومة الفرنساوية، فجاني تليفون من السكرتارية قال الرئيس أمر بمبلغ كذا، مبلغ معين، فسألنا قالوا: لا.. هذا الرئيس له مخصصات من الدولة يتحرك من ضمنها ولا يحاسب عليها، الرؤساء حتى في الدول الديمقراطية..
أحمد منصور:
لكن ده كان موجود عندكم في السعودية ..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا مش موجود، كان يجب يكون موجود تحت تصرف الملك كأي رئيس دولة على أساس لا يحاسب عليها.
أحمد منصور:
يعني ليس هناك فرق بين أموال الدولة وأموال الملك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الرئيس عبد الناصر قال لي أنا عندي اثنين مليون جنيه.. تحت أمره في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
عبد الناصر؟!
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم، اثنين مليون تحت أمره .
أحمد منصور:
يعني حتى أعتقد حتى في الشركات الصغيرة هناك نثريات لدى المسؤولين للتصرف فيها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/251)
بالضبط، أنا عندي في مؤسساتي مبلغ محدد لي أتركه، فهذا ما كان هذا موجود عند (سعود) فتجاوز بعض هذه الأمور فصارت مآخذ عليه يعني هذه الحقيقة.. فبدأت اللخبطة، أنت أردت تتجنب الكلمة، أنا أقولها من سنة 57..
أحمد منصور:
معالم اللخبطة دي إيه.. الصرف؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أولاً: ما عاد فيه ذلك الحزم من الإدارة مسك الأمور بيد قوية، عاوز يستعمل يد من حديد، لأن نيجي بقي للديكتاتورية والعنف والتسلط لأ، قوى مهما كان الحكم.. القضية تكون..
أحمد منصور:
من قبل مين؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من قبل الحُكَّام.. الحاكم
أحمد منصور:
الملك بس وحده أو حتى..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ارتخت يده ما هي لما ترتخي اليد تكثر الحاشية، الحاشية اللي هي كثيرا من الأحيان، بعض الحاشية طيبين، لكن كثير من الأحيان يكونوا سيئين يعني لما نيجي مثلاً عندك في الاتحاد السوفيتي قبل أن تكمل هذا الحديث ليه سموه (تريويكا).
تريويكا ليه؟ لأن ثلاثة بيحكموا فبيحكم بدل واحد، فبدأ الضعضعة في الاتحاد السوفيتي. إحنا الحاشية، الحاشية أثرت على المسيرة في الوقت نفسه أثرت على الحكم فوجدنا مين البديل .. هو أخوه اللي هو رئيس الوزراء وولي العهد، والملك ملك..
أحمد منصور:
لكن في الأنظمة الملكية غير شائع عملية إقصاء الملك من الحكم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ليس هناك قاعدة .. هل الملكية الدستورية أو الملكية المطلقة ؟ تتكلم عن أي ملكية؟
أحمد منصور:
يعني أعتقد أن النظام القائم هو ملكية مطلقة عندكم، مرتبطة بحياة الملك
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا إنت مش أي.. أي شيء الملكيات؟! لا .. إذا كانت الملكيات الدستورية هو يملك ولا يحكم، أما الملكيات التقليدية مثل عندنا مثل الجمهوريات، الحكم نفس النظام جمهورية كان أو ملكية فهو مطلق.
أحمد منصور:
(1/252)
مين اللي كان أيضاً بيشجع خطوة إقالة الملك أو إبعاد الملك وتولية الأمير فيصل بدلاً منه ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كلنا بالإجماع.
أحمد منصور:
بالإجماع!
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بالإجماع.
أحمد منصور:
لهذين السببين فقط اللي أنت ذكرتهم ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأسباب ثانية داخلية.
أحمد منصور:
داخلية..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كثير طبعاً..
أحمد منصور:
مش ممكن تذكر لنا بعضها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الأسباب التي قلتها لك هذه تهز الجبال، .. الأمور الداخلية أمور داخلية كثيرة.
أحمد منصور:
تذكر لنا بعضها.. هي تاريخية وانتهت يعني..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني مثلاً أنا أعتقد من اليوم.. من الأسباب الكثيرة إنه إحنا أبعدنا كأبناء عبد العزيز عن الواجهة.
أحمد منصور:
ومن الذي قُدم ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما فيه حد، ما فيه حد إلا حاشية، حاشية فهذه مشكلة لأن دُول الأساس، حقيقية، ليش أقول الأساس .. السعودية فيها أمرين من الثوابت: الأمر الأول هو الشريعة الإسلامية.. لا أحد يقبل تطبيق أي قانون أو نظام يخرج عن نطاق الشريعة الإسلامية، الأمر الثاني بقاء هذه العائلة .. ليه؟ لوحدة المملكة العربية السعودية، يعني العائلة تجمع الشمل، طبعاً.. الشريعة الإسلامية يريدوا الشريعة الإسلامية كما هي أيام الرسول –صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين، المتنورة وليس المتحجرة، عائلة مالكة صالحة، عائلة مالكة تجاري الأمور وتطور نفسها، إنما مع بقاء الاثنين، فانطلاقاً من هذا الأمر كان سعود –الله يغفر له- وفيصل، هذا ملك وهذا ولي العهد إذا.. فشافوا فيه خلل ما فقالوا أخوك يتولى الأمر.
أحمد منصور:
(1/253)
إحنا في الحلقة القادمة سوف نبدأ من هذا المحور، محور تولي الأمير فيصل سلطات الملك سعود في الوقت الذي بقي فيه الملك سعود وطبيعة الخلافات التي تمت بعد ذلك وهي مرحلة توصف أنها مرحلة شائكة في التاريخ السعودي الحديث، أشكرك سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح.. شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/254)
الحلقة5(1/255)
الثلاثاء 9/9/1421هـ الموافق 5/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 15:37(مكة المكرمة)،12:37(غرينيتش)
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة
04/11/2000
أحمد منصور طلال بن عبد العزيز
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود.
مرحباً سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أهلاً أخ أحمد، أهلاً بك.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند نقطة هامة وهي قبول الملك سعود بشكل سلمي أن يتنازل للأمير فيصل عن صلاحياته كملك، بحيث يصبح فيصل ولياً للعهد، ورئيساً للوزراء، وملكاً فعلياً للملكة العربية السعودية، وتم تأسيس حكومة جديدة في 22 مارس 1958م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا يكون ملكاً، أن يكون يعني.. هو كان رئيس وزارة.
أحمد منصور:
قائماً بأعمال الملك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه، لا هو لا رئيس وزارة، هو عين في.. بعد سنة من تولى الملك سعود الملك سنة 1954م، إنما لم يكون ذلك رئيس الوزراء الفعال، كان برضو الصلاحيات للملك، الملك تنازل عن صلاحياته إلى الملك فيصل.
أحمد منصور:
بما فيها الصلاحيات المالية التي كان عليكم..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم.
أحمد منصور:
مؤاخذات فيها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم.
أحمد منصور:
وبقي الملك فيصل من 22 يناير 1958م وحتى ديسمبر عام 1960م، توترت العلاقات بعد ذلك بين الملك فيصل..
الأمير طلال بن عبد العزيز [مقاطعاً]:
صحيح، مرة ثانية.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
بين الأمير فيصل والملك سعود.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والملك سعود.
أحمد منصور:
أسباب توتر العلاقات إيه في المرة الثانية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/256)
لا.. هو هنا من حق الملك، ما هو صار ملك، فقال: أنا تعافيت وصرت طيب وكذا، وأريد أن أسترجع صلاحياتي.
أحمد منصور:
على اعتبار إن المشكلة أو سبب تنازله كان مرضه وليس الأشياء الأخرى التي أشرت إليها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا الظاهر، الظاهر لنا، المهم – طال عمرك- قبلها صار اجتماعات مع الإخوان ومع المعنيين في الأمر على أساس أنه يجب أن نثبت هذا التوجه، إلى يوم من الأيام أراد الملك فيصل أن يسافر للخارج بحجة أنه وزير خارجية –كان وزير خارجية- يشوف زملاؤه من وزراء الخارجية ورؤساء الحكومات في هيئة الأمم المتحدة، كان هذا سنة 1959م، الملك سعود قال له: أنت تسافر، لكن أنا آخذ صلاحياتي.
هذا غير صحيح، طبعاً إحنا وقفنا مع الملك فيصل، إنما إحنا.. وطرحنا بديل وقلنا: هذا أخونا وهذا أخونا، يا إخوان الذي يتبنى هذه المطالب هو الذي يأخذ الصلاحيات.
أحمد منصور:
ما هي هذه المطالب؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، مطالبنا هي معروفة، برضو مجلس شورى، ونظام أساسي للحكم.
أحمد منصور:
إحنا عايزين نعرف سمو الأمير بالتفصيل.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما هي هذه، حكم ومجلس عائلي، كلام يعني إصلاحي تقدمي، وكلهم متفقين عليه، إحنا لما قعدنا مع... سبع ساعات أو تسع ساعات كما.. كلنا وافقنا على المبادئ هذه، وهو معانا موافق عليها، وكتبناها وهو موجود، إنما أعدنا تكرارها وجدنا الأكثرية إن هذا مش وقته، إحنا وقت الآن إن على الملك فيصل –ولي العهد كان- أن يسافر، فصارت الأكثرية مع هذا الرأي، يعينه فلان وفلان، رفض الملك سعود.
أحمد منصور:
تذكر لنا أسماء، هذا تاريخ سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إخواني كلهم، في الاجتماع هذا كلهم.
أحمد منصور:
كانوا يعينوا مين؟ يعينوا مين ومين؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، فيصل ما سافر.
أحمد منصور:
لم يسافر.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/257)
لأنه رفض الملك سعود إلا يأخذ الصلاحيات.
أحمد منصور:
فبقي فيصل للحفاظ على الصلاحيات.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فبقي فيصل أيوه.
أحمد منصور:
تقييمك إيه للفترة من مارس 1958م –وهي فترة الحكومة التي كان فيها صلاحيات كاملة للأمير فيصل- إلى نهاية 1960م بداية 1961م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كانت سنة تقشف، لأنه سياسة الملك فيصل أنه البلد يعني، ما عاد خزينتها فيها تلك الأموال الكافية، فيجب أن نتبع سياسة التقشف إلى أن نعيد للخزينة أموالها التي فُقدت، هذا بالأساس..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني هو الملك سعود فتح الخزائن كلها إلى هذه الدرجة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مش إلى هذه الدرجة فتح..، هذه طبيعته يعني، ما هو المشكلة هو الشيء، يعني لما نيجي مثلاً الحكومات الديمقراطية أحياناً بتعمل سياسة تقشف لأسباب كثيرة اقتصادية ومالية، فالملك فيصل لما تولى هذه العملية وجد أنه الأموال اللي المفروض تكون في الخزينة مش موجودة، فاتبع سياسة التقشف، أنا أعتقد أنها -من ناحية المبدأ- جيدة ولكن قسا، كان قاسي في حكاية التقشف.
أحمد منصور:
قسا على الشعب واللا قسا على كل النفقات بشكل عام بما فيها المشروعات الحكومية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
النفقات، وهذه اللي بتؤثر على المشاريع لكن هذه سياسته.
أحمد منصور:
وتأثيرها على الشعب كان مقداره إيه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا، أبداً، احتياجات الشعب وأمور الشعب هذه لم تتضرر، هذه تركها كما هي عليه، لكن فيه مشاريع كان مفروض إنها تحصل في رأي البعض، هو – من رأيه- أنها يجب أن تُجمّد حتى تعود أموال الخزينة كما كانت عليه في السابق، هذا الحقيقة، إنما كان هناك استقرار، وسعود كان ساكت ونحن ساكتين، والأمور سايبينها كانت تسير في مجراها الطبيعي، إلى أن جينا سنة 1960م.
أحمد منصور:
في هذه الفترة أنت قلت: إن الملك سعود أبعد أبناء عبد العزيز عن الواجهة هل..
(1/258)
الأمير طلال بن عبد العزيز [مقاطعاً]:
قبل 1958م.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
قبل 1958م، هل بدأ الأمير فيصل يعيد أبناء عبد العزيز؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إلى حد كبير.
أحمد منصور:
إلى حد كبير، كيف كانت عملية الإبعاد؟ وكيف كانت عملية الإعادة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً هي بمنتهى البساطة، العملية إن دول هم أصحاب النظام، ركائز النظام، القائد قائم على أعمدة، هادول أعمدته، المفروض في أي توجه لأي حاكم أن يكون قريباً من هؤلاء الناس، لأن الناس عاوزين كده، يقول لك: أبناء عبد العزيز.. أبناء عبد العزيز، وهذا صحيح، فلذلك الحاكم الرشيد، الحاكم الحكيم، الحاكم الذي كذا يدرك هذه الحقيقة ويقرب إخوانه.
أحمد منصور:
هل مجرد تقريب ..عفوا كحاشية أم تولية مناصب أيضاً؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا يعني مقربين له، ياخد رأيهم ويستشيرهم، ويشوفهم على الأقل، يعني ما يكون فيه هذا الجفوة فيما بينه وبينهم، أما المناصب أنت عارف المناصب من يتولى أو لا يتولى هذا راجع للحاكم، يعني من يستلطفه عربياً، ما العرب عندنا الاستلطاف، أو من يقرأ فيه الحكمة أو..
أحمد منصور:
ليس خبرة أو قوة يعني.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أو رأى فيه خبرة في وجهة نظره بيعينه، لأن هذا حكم، حكومة مش نظام كما قلنا.
أحمد منصور:
لكن لم يكن لكم أنتم مطالب كأبناء عبد العزيز بأنكم لكم دور في السلطة وأن تكونوا.. يعني مشاركين.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
قسم منا كان له مطلب أن يكون في السلطة، وقسم آخر يقول لك: ما بدي السلطة.
أحمد منصور:
أنت كنت من أي قسم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، إحنا رفضنا السلطة، ما عشان هاجيك في الستينات.
أحمد منصور:
لا، وكنت توصف في هذه المرحلة أنت ومجموعة من إخوانك بأنكم معارضين.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
المجموعة اللي كنا فيها كنا نرفض السلطة سنة 1958م.
أحمد منصور:
كنتم كام أمير؟
(1/259)
الأمير طلال بن عبد العزيز:
تسعة.
أحمد منصور:
تسعة، ممكن تقول لنا مين هم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا ما فيه داعي للأسماء لأنه الواحد.. أقول..
أحمد منصور [ضاحكاً]:
تاريخ سمو الأمير هذا تاريخ.
الأمير طلال بن عبد العزيز [ضاحكاً]:
أنا لما أطلع في التليفزيون الآن مثل أي عربي يقول لك: يا رب أنا باتكلم عشان أرضي مين وأزعل مين؟ واحد يزعل، واحد يكشر، واحد يبتسم، العملية عربياً طبعاً مش سهلة..
أحمد منصور:
ما هو مفيش حد يقول.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأنه مراعاة الخواطر عربياً دي من الأمور اللي أخرتنا، اللي جعلتنا متخلفين عربياً، لأنه..
أحمد منصور:
دي مرحلة تاريخية وانتهت.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا أبداً، لأن الخوف مسيطر علينا، وبالتالي يصير عندنا عقد، ليش الآخرين سبقونا في الحضارة؟ لأنهم تخلوا من العقد والخوف.
أحمد منصور [ضاحكاً]:
بس معروف عنك إن أنت تجاوزت هذه المرحلة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كل شيء له حدود، حقيقة، لكن..
أحمد منصور:
إحنا في شاهد على العصر مش بلا حدود.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لكن العملية هذه الحقيقة إحنا من الناس الذين رفضنا الوظيفة.
أحمد منصور:
كنتم توصفوا بأنكم تمثلون التيار التقدمي داخل العائلة الحاكمة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يقولوا عنا هكذا، ما الثانيين عندهم أفكار تقدمية كمان، بس تختلف عن أفكارنا.
أحمد منصور:
إيه طبيعة الاختلاف بين أفكاركم وأفكارهم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، يعني مثلاً حزب العمال وحزب محافظين ما كلهم يدعوا إلى مصلحة، الكل من وجهة نظرهم إن هذه الخطوات تقدمية، إحنا من وجهة نظرنا إن هذه الخطوات تقدمية.
أحمد منصور:
معنى ذلك عن كان فيه تكتلين داخل العائلة الحاكمة أو اتجاهين؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/260)
ليش لا؟ وهذا طيب، أنا أتمنى أن يستمر هذا التوجه، يعني حقيقة عندما يكون فيه تضارب في المصالح الأساسية في المملكة العربية السعودية.
أحمد منصور:
كنت تتزعم التيار التقدمي؟ أو ما يوصف بالتقدمي؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هم يقولوا عنا كذا، بس أنا أعتقد إنه أمور طبيعية.
أحمد منصور:
مش يقولوا سمو الأمير، كان فيه تسعة يبقى فيه واحد بيسير التسعة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
تحصيل حاصل، يعني أنا أعتقد إنه.. لأنه إحنا مبادئنا دي فلا يمكن إني أقول ليست تقدمية.
أحمد منصور:
أصل هذه لها ما بعدها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الآخرين يقولوا متسرعين، يعني أتذكر حكاية: إحنا أقنعنا الملك سعود بأن نعمل المجلس الأعلى للتخطيط.
أحمد منصور:
في أي سنة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
1961م، وقال أنا رئيسه –هو- وأنت نائبي.
أحمد منصور:
كنت أنت في الحكم وقتها وزير المالية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كنت وزير المالية والاقتصاد.
أحمد منصور:
ويقال أنك كنت الملك الفعلي، سنأتي إلى هذه المرحلة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بيقولوا كده. قلنا طيب، تعرف المعارضة.. المعارضة هنا وهناك يقول: هذا تخطيط شيوعي، كلمة تخطيط شيوعية!! فهذا.. حتى واحد كتب لمسعود كتاب يقول: طلال شيوعي، أنا عندي صورة من الخطاب هذا، طلال..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
واحد من العائلة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
واحد.. لا واحد.
أحمد منصور:
واحد سعودي.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بس متنكر يعني، له مكانته، فلان شيوعي، قال سعود أنت شيوعي، ليه شيوعي يا خوي؟ والله طيب.
الذي حدث إنه بعد ما تركنا الوزارة هذا المجلس الأعلى حُوِّل إلى وزارة تخطيط، طب أقول على سبيل نكتة، قلت هم بقى الشيوعيين أكثر منا، صار وزارة.
أحمد منصور:
(1/261)
طيب أنا أعود بك للفترة من 1958م إلى ديسمبر عام 1960م، في هذه الفترة أنت كنت تنادي بمبادئ تنشرها في الصحافة، تنادي بها، تقولها بشيء علني، وهذه كانت تصطدم –إلى حد ما- مع نظام الحكم القائم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
التقليدي، النظام الحكم التقليدي.
أحمد منصور:
لكن هو النظام اللي بيحكم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
معلش، بس إحنا كمان جزء من النظام، يعني إحنا مع الحركة، مع الجديد، ما هي يمكن تخلي شيء جامد هكذا، حركة التاريخ ترفض، ما تقدر تستمر كده..
أحمد منصور:
كان.. طيب أنا لو عدت للإسقاط الزمني والتاريخي على 1958م – 1960م المملكة العربية السعودية في هذا الوقت وفي هذا التاريخ كان يمكن أن تحتمل أو تتقبل هذه التحولات والتغيرات التي كنت تنادي بها في هذه المرحلة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ليش لأ؟ طبعًا والدليل على ذلك أن فيما بعد كل ملك يأتي أول بيان له يروح عامل مجلس شورى ونظام أساسي إيش معناه هذا؟ معناه موافق وعلى رأينا بس متأخرين.
أحمد منصور:
مطالبكم الأساسية في نقاط أساسية كأمراء كنتم تنادوا بالإصلاح وبعملية التغيير السياسي، المطالب الأساسية اللي كنتم بتنادوا بها، مبادئكم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هي هذه.
أحمد منصور:
أولاً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مجلس شورى..مجلس شورى.
أحمد منصور:
اللي أسس بعد ذلك في 1992م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إحنا كنا نسميه مجلس وطني.
أحمد منصور:
كنتم بتطالبم أن يكون بالانتخاب أم بالتعيين في ذلك الوقت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/262)
لا إحنا في النظام الأساسي اللي وضعناه وهذا نُشر، اللي وضعناه ووافق عليه الملك سعود، يعني كنت أروح للملك سعود في الأسبوع ليلتين عنده في الجنينة وأقعد تحت رجله كابنه، وأقرأ عليه مواد الدستور، مواد النظام الأساسي لأن كلمة الدستور هناك مكروهة، مع إنه مافيهاش حاجة، هو يعني كل القوانين وكل الأنظمة وكل الدساتير.. المفروض يكون مصدرها القرآن والشريعة إنما كلمة يعني، إيه النظام الأساسي للحكم؟
وكنت أقرأ عليه المواد، ويقول لي: هذا يا طلال راجع فيه فلان، هذا خليه، هذا.. وأكتب ملاحظاتي، وكان الدكتور عثمان أحمد عثمان هو الذي –الدكتور المصري المشهور الدستوري- هو الذي يضع هذا النظام الأساسي للحكم، وكنا سميناه المجلس الوطني.
أحمد منصور:
بالانتخاب واللا بالتعيين؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا انتخاب غير مباشر.
أحمد منصور:
كيف؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بمعنى أنه يكون هناك انتخابات بلدية، الانتخابات البلدية معمولة من أيام الوالد.
أحمد منصور:
مباشرة من الناس.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه، انتخابات بلدية، يعني انتخابات المجالس البلدية بالانتخاب، فإحنا ما جبنا جديد، عبد العزيز عمل نظام الانتخابات البلدية، إحنا إذاً نعمل انتخابات بلدية مطورة، ونختار –كحكومة أو كملك- من أعضاء المجلس البلدي يكونوا في المجلس الوطني.
أحمد منصور:
كمرحلة ممكن أن يكون بعدها انتخابات.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كمرحلة ممكن أنها تؤدي –إذا وجدنا العملية ماشية صح- وتخدم المملكة.. ليش لأ؟ تتطور، الملك سعود قال: لا سموه مجلس شورى، قلنا: التسمية مش مهم، بس مجلس شورى في ذلك الوقت الناس تعبوا يقول شورى استشاري يعني، يعني يا يأخد برأيه يا لأ، فعملنا الوطني دي يعني كحل وسط يعني.
أحمد منصور:
وإيه –عفواً- المبادئ الأخرى؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الشورى والنظام الأساسي.
أحمد منصور:
وغير ذلك من المبادئ.
(1/263)
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذه الأساس، هذه أسس، لأنه نعتقد أنه الإصلاح يأتي من هذا المنطلق، ولا نزال نعتقد هذا.
أحمد منصور:
كان مين اللي بيدفعك لهذه الأشياء أنت وإخوانك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً أبداً.
أحمد منصور:
لم تكن هناك قوى خارجية لكم أي علاقة بها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً أبداً، أنا عمري ما صار لي علاقة إطلاقاً خارجية إلا علاقات صداقة يعني.
أحمد منصور:
من أي الأنظمة أو من أي أنظمة الحكم تأثرت بهذه المبادئ والأفكار؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، من قراءتنا، من نظراتنا للأمور في العالم الآخر، أنه لابد أن نشرك الناس في الرأي وفي القرار.
أحمد منصور:
هل كانت هذه الأفكار تعتبر في تلك المرحلة أفكاراً غربية أم أفكاراً شرقية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
غربية، لأن الناس هناك لا بده شورى ولا بده انتخابات أبداً، ما أنا أقول لك لما سموا ناصرية قلت ناصرية إيه؟
ما إحنا ماشيين في الخط اللي يتعارض فعلاً مع خط الرئيس عبد الناصر إن إلا إحنا معاه في القومية وضد الاستعمار والكلام.. الوحدة العربية، لكن لسنا مع الاشتراكية، لسنا مع الديكتاتورية.
أحمد منصور:
الملك سعود كان بيقبل منكم هذا الكلام حينما تطرحوه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا كان يرفض، بعدين قبل.
أحمد منصور:
في أي مرحلة قبل؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً قبل لما أراد أن يسترجع.
أحمد منصور:
حتى يستميلكم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طبعاً هذا من حقه، بيلعب أوراق، يعني في هذه كان ذكي، إحنا كنا نقول له: لا نأتي للحكم.
أحمد منصور:
وانتو كنتو بتعملوا إنكم بتستخدموا كورقة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، لا.
أحمد منصور:
كنتم تعلموا.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا، كيف نعلم يعني؟ هو ما بلغنا لكن نحس يعني؟ شعورنا يعني؟
أحمد منصور:
(1/264)
يعني أنتم كمجموعة الآن واضح إن فيه اتجاهين من الأمراء داخل العائلة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إحنا نعتقد إن إحنا صفر –في ذلك الوقت- مهم جداً، ورقة مهمة.
أحمد منصور:
أنتم التسعة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إحنا تقلصنا شوية.
أحمد منصور:
بقيتم ستة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بقينا ثمانية.
أحمد منصور:
ثمانية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وبعدين سبعة وبعدين ستة، مش مهم العدد.
أحمد منصور:
الستة دول اللي شاركوا في الحكم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مش مهم العدد، هو لو كان اثنين ثلاثة كانوا يعملوا أشياء كثيرة. المهم في الأمر إحنا كنا نشعر إنه يعني برضو كل واحد منهم بده مؤيدين من إخوانه، هذا من حقه.
أحمد منصور:
كان فيه مجموعة أخرى بتؤيد الأمير فيصل؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طبعاً، والأكثرية الساحقة كانت معه.
أحمد منصور:
وكان موقف الأمير فيصل إيه من مشروعكم وأطروحاتكم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فيصل كان متفق معانا في بداية ... إحنا التسعة لما كنا معاه متفقين على الشورى وعلى النظام الأساسي، على الكلام ده كله.
أحمد منصور:
طب إيه اللي خلاف يغير موقفه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كحاكم، لما استلم الحكم له حسابات خاصة عاد، ما هو الحكام.. حتى عندك في العالم الغربي لما ييجي مثلاً المرشح للرئاسة يطرح برنامجه الانتخابي لما يأتي الحكم ما ينفذ كثير من هذا البرنامج، يعني هذه الحقيقة من حق الحاكم، بس إحنا نجده غلط، إحنا وجدنا له منه خطأ، لكن من حق الحاكم لما يأتي في الصورة في الحكم له حسابات خاصة.
أحمد منصور:
ما كنتم تدركوا إن هذا الانقسام يمكن أن يؤدي إلى مشاكل داخل العائلة الحاكمة يتأثر بها الناس والنظام في المملكة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/265)
لا لا، أنا باتكلم عن نفسي، إطلاقاً إحنا لم نتجاوز الخطوط الحمراء، إحنا مشينا -في اعتقادنا في ذلك الوقت، يمكن الآن لو سألتني رأيي أقول لك موضوع ثاني في ذلك الوقت إنه إحنا –بالعكس- نريد الإصلاح من الداخل بطريقتنا الخاصة. فالملك سعود أراد أن يسترجع السلطات، أتكلم في هذه؟
أحمد منصور:
لا، في تلك المرحلة –عفواً- سآتي إلى هذه النقطة، ولكن هل هذا الصراع بدأ يتكشف إلى الخارج؟ بدأت القوى الخارجية تدرك أن أبناء عبد العزيز بينهم تكتلين واتجاهين، وهناك صراعات؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا، أي نعم، في الخارج؟
أحمد منصور:
أيوه نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح، والصحف كتبت عنه، وجابت الأسماء.
أحمد منصور:
وأنتم كان موقفكم.. طالما الصحف جابت الأسماء اذكر لنا أسماء الأمراء [ضاحكًا].
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، جابت أسماء فيصل وسعود يعني.. [ضاحكاً]
أحمد منصور:
طيب، أنت في هذه المرحلة بدأت تشعر –كما تقول- بأن الملك سعود بدأ يقربكم، وبدأ يقتنع بمشروعكم وبدأ يقوي نفوذكم على حساب الآخرين..تقول أن الآخرين كانوا أكثرية وأنتم أقلية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صح.
أحمد منصور:
كيف استرد الملك سعود سلطته من الأمير فيصل مرة أخرى في ديسمبر عام 1960م، في نهاية العام 1960م وبداية 1961م؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طال عمرك أولاً هو هنا إحنا طرحنا مشروع، في أعمالنا وتوجهاتنا في ذلك الوقت أنه من يتبنى هذا المشروع، مشروع الحكم يعني إحنا معه، تبناه سعود، تبناه الملك فيصل سنة 1958م صرنا معاه، صح أم لا؟
أحمد منصور:
نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وبعدين ماصار، تبناه الملك سعود صرنا معاه، يعني الشرعية حقيقة الأمر مع سعود اللي هو الملك، واللا لا؟
أحمد منصور:
لكن أنتم أيضاً لعبتم دور في إبعاده.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/266)
معلش لما شفنا الحكم فيه يعني نوع من الضعضعة والزعزعة، أخوه، ولي عهده، بقناعة مش بالقوة.
أحمد منصور:
هو كان حقيقة في عام 1960م حينما طلب السلطة مرة أخرى مؤهل؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طلبها باستمرار، يعني يمكن من أشهر بعدما أخذت السلطة منه صار يطالب بها.
أحمد منصور:
الأسباب اللي دفعت إلى إبعاد السلطة عنه زالت وأصبح..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هكذا يقول.
أحمد منصور:
أنتم الذين اتخذتم القرار.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا إحنا صرنا محايدين هنا، لما شفنا العملية ضاعت من هنا وضاعت من هنا اتخذنا لمدة سنتين موقف الحياد.
أحمد منصور:
كل أبناء عبد العزيز؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا، الفئة حنا الأقلية.
أحمد منصور:
الإصلاحيين نقدر نقول.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الأقلية سميها إصلاحية أنت.
أحمد منصور [ضاحكاً]:
هم يقولون عنكم هكذا.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا بأس لا بأس، أخذنا موقف الحياد، ومع ذلك اتهمونا إن فيه تقارب بينا وبين سعود، هذا أؤكد لك الآن وهو في القبر لم يكن بيننا اتفاقية إلا في أوائل..أواخر سنة 1960م.
أحمد منصور:
اتفقتم على إيه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صرنا نتقرب منه وهو يتقرب منا وإحنا قلنا له والله إنتم كلكم إخوان، إحنا نريد الصلاح، لبلدنا وعائلاتنا وشعبنا، فإنت هل مستعد تتبنى هذه المطالب. قال: مستعد، قلنا: خلاص.. على بركة الله.
أحمد منصور:
أنت الذي تكلمت معه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله مرَّات ومرات غيري من الإخوان، لكن أنا أشهد على هذا ، المهم.. أكمل؟
أحمد منصور:
تفضل سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سافرنا إلى روما في أجازة، ولجأنا للبنان، وكنت أنا قاعد في بيت (الصلح)، ( رياض الصلح).
أحمد منصور:
صهرك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم؟.
أحمد منصور:
كان صهرك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/267)
نعم، ويأتيني تليفون من الملك سعود إنه أرجوك تفضل حالاً.
أحمد منصور:
من الملك سعود.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من الملك سعود.. أنا تعجبت..
أحمد منصور:
تفتكر التاريخ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا والله.
أحمد منصور:
ديسمبر.. نهاية ديسمبر 1960م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كله عندي في مذكراتي.. لا والله المسائل هذه ضعيف فيها.. ذاكرتي.
أحمد منصور:
طيب أنا جايب التاريخ عندي ديسمبر 1960م.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يمكن.. أنا ها راجع على كل حال التاريخ هذا، لأنه فيصل حكم كانت وزارة ثلاث سنوات وشوية يعني تقول 58،60 معناها سنتين.
أحمد منصور:
لو خدنا مارس 58 إلى ديسمبر 60 هتبقى سنتين ونصف.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
معلش هذه أنا هأراجعها وبعديها إحنا قعدنا 9 أشهر وتركنا 62، إذن معناها تسعة أشهر من 60 مش ممكن يعني.. المهم- طال عمرك- وصلنا الرياض، رحنا لبيته، خير إن شاء الله؟ قال فيصل استقال. قلنا: إحنا ما اتفقنا على كده، إحنا اتفقنا إنه فيصل لا يستقيل، وإن استقال لا تُقبل استقالته إلا بعد ما نتشاور إحنا وياك، لا ننس هذا الرجل الثاني في الدولة وهذه سابقة خطيرة ليه ما أخذت رأينا يا طويل العمر، نكلمه كوالد يعني، قال: والله هذا اللي حدث، قلنا: إذن هذا أمر واقع، وقال: شكلت الوزارة من دول، فوجئنا يعني.
أحمد منصور:
يعني الأمير فيصل في ذلك الوقت حينما استقال، استقال أيضاً بسبب المشاكل والخلافات بينه وبين سعود.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اتضايق فيصل من الإلحاح..الإلحاح، أعطني صلاحيات، أعطني كذا فقال استقيل.
أحمد منصور:
وباقي الإخوان إيش كان موقفهم؟ ماذا كان موقفهم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كانوا ضد الاستقالة، اللي معه وإحنا.
أحمد منصور:
أنتوا كلكم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم نعم.. يمكن الثانيين أول مرة يسمعوا هذا الكلام لأن ما صار فرصة نتكلم فيها.
(1/268)
أحمد منصور:
التانيين مين..؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إحنا قلنا: يا طويل العمر لا.. اتفاقنا معك ألا تفاجئنا، هذه دول حكم مش لعب يعني، بعدين تشكل وزراة!. المهم قلنا أعطينا فرصة، رحنا البيت عندنا واجتمعنا احنا مع الإخوان وبعض الشخصيات السعودية.
أحمد منصور:
ماذا.. حينما قال لك.. أخبرك أنه شكل وزراة تكوين الوزارة كان شكله إيه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
قلنا: لا.. أسماء.. الله لايوريك، قلنا لا نوافق على هذا الكلام.
أحمد منصور:
كنت فيها حضرتك ..سموك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا ما أنا هاجيك.. رحنا البيت، رحنا له ثانية، قال: أنت تكون وزير أنت.. ، أنا.. لا أنا متفق وياك أنا شخصياً ما أدخل وزارة، وأقوى لكم.
أحمد منصور:
ليه كنت بترفض تدخل وزارة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
عشان أكون همزة وصل بين الجميع، أنا كان لي دور لازم أقوم بيه ما قمت بيه إلى الآن، أريد أن الإخوان يعرفون أني أنا ليس لي مطمع في الحكم، أنا لي مطمع في الإصلاح.
أحمد منصور:
يعني أنت بتعتبر توليك الوزارة وأنت صغير 19 عاماً يعني خلاص ذقت الوزارة وشكلها مليت منها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.. لا أبداً لو.. بالعكس هذا ليس سبب، أنا السبب أنه وأنا خارج الوزارة أقوى للوزارة إذا وافقت على أسمائها، وفي الوقت نفسه ممكن أقوم بدور الصلح بين الجهتين، لكن وأنا في الحكم يقولوا هذا طماع في الحكم، وأنت عارف الناس فقال لي: ما فيه إلا أنت. قفلت له: يا طويل العمر أنا متفق أنا وإخواني كلهم موجودين أنا لا أتولى وزارة فأراد أن يبوسني، قلت: لا مش لها الدرجة اللي تأمر فيه، بس أنا برضو هنأسف على هذا الموقف، فقبلت الوزارة.
أحمد منصور:
لكن بيقال إنك أنت سعيت أنت ومجموعة الأمراء الإصلاحيين إلى أن تكونوا أنتم لكم السلطة في هذه الوزارة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/269)
نعم.. نعم.. أنا اشترطت أنا عليه، آه هذه مهمة.. قعدت أنا لوحدنا واسترجعنا كل أمورنا قلنا: يا طويل العمر الآن إحنا معاك في الحكم السلطة في يد الملك، ولكن نرجوك لا يحدث شيء إلا نشاور نحن وياك فلذلك أنا بيني وبين الملك سعود تليفون خاص.
أحمد منصور:
معنى ذلك أنك أنت تدخلت في تشكيل الحكومة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم.. لما قبلت أنا أدخل الوزارة.
أحمد منصور:
وأنت الذي عينت وحددت الوزراء؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.. لا.. هو بالشرط هو، اقترحنا عليه أسماء، وشالها قبل معانا وقبلنا معاه كحل وسط يعني.
أحمد منصور:
أدخلت نسبة كام تقريباً في في تشكيل الوزارة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا أبداً نسبتنا إحنا والله حتى لأنه بعض الأسماء اللي حطها كانت جيدة هو، بس البعض الآخر لا ما كان موفق فيه.
أحمد منصور:
دخلتم أنتم الستة إلى الحكم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
دخلنا إحنا.
أحمد منصور:
ست أمراء أنتم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.. لا.. أنا وزير مالية، الأمير عبد المحسن وزير مواصلات، الأمير بدر.. أنا آسف الأمير عبد المحسن وزير داخلية، أنا وزير مالية، الأمير بدر وزير المواصلات، والأمير فواز أمير الرياض، أربعة.
أحمد منصور:
ما كانش فيه أمراء آخرين.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.المهم على هذا الأساس دخلنا الوزارة مرغمين ومرغمين على استقالة فيصل ما كنا نريد استقالته إنها تحدث.
أحمد منصور:
ألم تذهبوا إلى الأمير فيصل وتحاولوا إثناؤه عن الاستقالة.
طلال بن عبد العزيز:
لا..لا.. لكن رحنا شكلنا الوزارة، ورحنا لفيصل في بيته، وسلمنا على يده كأب وقعدنا حدا رجله.. طلعنا من مجلس الوزراء ورحنا لفيصل في بيته عشان نبين يعني إنه إحنا إخوان.
أحمد منصور:
يقال إنك أنت الآن في هذه المرحلة أصبحت الملك الفعلي للممكلة العربية السعودية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا، مبالغ فيه.
(1/270)
أحمد منصور:
كيف والمال كله تحت يديك، وكنت وزيرا للمالية، والملك سعود لم يكن يحكم بالشكل الذي كان يحكم به؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، لأن الملك سعود أراد أن يفهم الناس –هذه فكره- أنه ما دام طلال في الوزارة فالأموال يعني لا تتهموني فيها بقي..
أحمد منصور:
لكن أنت كان لك القرار الأول والأخير فيما ينفق في هذه المرحلة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذه اتفاقي أنا وياه، اتفاقي أنا والملك، أنه ما يخص بالمال أنا أتصرف فيه.
أحمد منصور:
ما يخص بالمال يعني ما يخص بالحكم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الدولة طبعاً.. نعم.. أنا الوزير المسؤول، أنا وزير سياسي، ما أنا ماني موظف عادي ما هو الوزارات المفروض اللي يجب أن تدرك معانيها في الوقت الحاضر إنه الوزارة مركز سياسي، يعني تشارك في اتخاذ القرار، أنا قراري كان مخصوص بالمالية، الحفاظ على المال العام.
أحمد منصور:
أنت الآن رجل صاحب مشروع، صاحب فكرة، لديك دستور أو نظام أساسي تريد تطبيقه، إصلاحات سياسية واسعة تسعى منذ سنوات لتحقيقها، الآن بقيت.. أصبحت أنت الرجل الثاني في السلطة.. ما هو مصير المبادئ والأفكار والآمال والمشروعات السياسية التي كنت تسعى لتحقيقها وقد أصبح القرار في يدك الآن؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/271)
طال عمرك لما انعقد مجلس الوزراء كنت بأخذ معاي ورقة صغيرة اللي هي كتبناها للملك، وبعثناها له من بيتي إلى بيته عن مطالبنا وعنده صورة منها، فقلت يمكن الحاشية أو الثانيين يغيروا رأي الملك، وبعدين لما يجي خطاب العرش- خطاب مجلس الوزراء، نسميه العرش إحنا، الدول تسميه العرش، يعني، إحنا نسميه خطاب الملك- يمكن يغير فيه كلمة، فأنا هأتابع الورقة اللي معايا هل هو هذا النص الصريح، إذا كان الصحيح وإلأ سأنسحب من مجلس الوزراء، فعلاً أذيع وأعلن وضع نظام أساسي للدولة رسمياً، وقيام مجلس الشورى والمطالب حقتنا، ذكرت في بيان الملك إذاً انتهى الأمر يعني تبناها الملك.
أحمد منصور:
رد فعلها إيه على الأخرين؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني هم وجدوا إنه إحنا يعني غير أكفاء للحكم.
أحمد منصور:
يعني أنت الآن بتغير نظام الحكم في المملكة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
غير صحيح إطلاقاً.. إحنا نريد أن نكرس هذا النظام، أن نكرسه.
أحمد منصور:
كيف تكرسه وأنت تتيح للآخرين المشاركة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مين هم الآخرين؟
أحمد منصور:
الشعب يعني أن يشارك في الحكم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/272)
تحصيل حاصل، ما عبد العزيز أشركهم سنة 1926م وكان ممكن عبد العزيز يطلع.. بشكل يعني على حسب الظروف في ذلك الوقت كان مجلس الشورى في ذلك الوقت عظيم ممكن الآن لا يسوى هللة يمكن أي ضابط صغير يعمل انقلاب ويقولك أنا أحكم بنفسي وحصل في العالم العربي، هذا الرجل قام من سنة 1926م ويجاهد تأسيس المملكة وعلى أسس دينية صحيحة وقيام دولة وحدود وأنظمة وإلى آخره، كان ممكن يقول أنا عبد العزيز وأحكم بدون شورى وبدون أنظمة.. ما قال هذا الكلام.. عبد العزيز عمل نظام أساسي، عمل نظام البلديات والانتخابات في البلدية، إحنا نمشي على خطاه بس مع تجديد هذه الأمور عشان تواكب ركب الحضارة وركب التوجهات الدولية، إنما هذه موجودة من أيام عبد العزيز، ليش تغير في نظام الحكم؟ إطلاقاً.
أحمد منصور:
هل بدأتم أشياء تطبيقية في هذه الأشياء التي؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إحنا أربع أشهر كنا في شهر عسل، بعدين تدخلوا الناس.
أحمد منصور:
إزاي.. اوصف لنا شهر العسل ده، شهر العسل شهر، الآن إنتو أربع شهور.
الأمير طلال بن عبد العزيز [ضاحكًا]:
شهر العسل للزواج، بس للحكم أربعة اشهر.. إنما مشينا في العملية، وكنا الحقيقة يعني بنحاول أن نطبقه على الأرض، بس تدخلت العناصر التي تشوش على الملك سعود وإن هادول كذا ويريدوا من وراها كذا أمور كثيرة أُدخلت في ذهنه..
أحمد منصور:
وضح لنا الصورة شوية لو سمحت.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
قالوا مثلاً بيغير من نظام الحكم، بيغير من القواعد اللي مشي عليها أبوكم وأجدادكم.. طب ما احنا أبونا وأجدادنا نفس الشيء.. كلام غريب.. كلام غريب في ذلك الوقت لا يصدقه إنسان.
أحمد منصور:
بس ألم تكن متعجلاً لخطوات الإصلاح؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.. ما أعتقد.. ما أعتقد. أبدًا ليش؟
أحمد منصور:
ألم تسع لتطبيقها بشكل سريع ومخيف للآخرين؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/273)
ما هو هنا الغلط مخيف ليه ؟! أبونا عملها. يعني سنة 26 وإحنا الآن في الستينات، بس عملها طبعاً بطريقته ووقته وتاريخه وأموره، ليه يعني؟ أنا جاني واحد مرسول من شخص مهم جداً في السعودية، لا أريد أن أحرجه لأنه عايش الآن فوق التسعين عمره قال لي: أنتوليش تعملوا النظام الأساسي والدنيا ما تطبقوا نظام أبوكم وخلاص.
أحمد منصور:
نظام الملك عبد العزيز كان معطل في ذلك الوقت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كان معطل.. إحيوه.. هيجذب مع عنفوان الشباب والتوجه.. ما انتبهنا وإلا لطبقناه.. لو طبقناه.. لو طبقناه وقلنا أعيدوا إحياؤه ما كان فيه مشاكل..بلديات خلوها بالانتخاب، مجلس الشورى يعاد ويمارس صلاحياته، النظام الأساس موجود وينفذ، خلاص، إحنا هذه نسيناها، وأنا أعترف بهذا، والله أرسل لي هذا وهو عايش فوق التسعين عمره.
أحمد منصور:
لكن سمو الأمير ماقمتم به يوصف بأنه انقلاب على نظام الحكم في المملكة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يقولوه هم.. مش صحيح.. أعوذ بالله.
أحمد منصور:
توصيفك ليه أيه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إيه؟
ما هو توصيفك لما قمتم به؟
الأمير طلال بن عبد لعزيز:
أنه ناس من أبناء عبد العزيز من النظام وركائز النظام أرادوا أن يطوروا في أنظمة الحكم.
أحمد منصور:
ألم تقوموا بانقلاب على باقي الأسرة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا..لا.. أبداً.. إنما صادف الأكثرية لها وجهة نظر، وكان هي الأكثرية المعارضة، وهذا من حقها.
أحمد منصور:
ألم تسعوا لاستقطاب الأكثرية هذه أو استقطاب بعضها وأنتم كنتم في السلطة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وإحنا في السطلة.. وإحنا في السلطة للأسف لا، وهذه يعني، صار محاولات ولكن من الآخرين، وسلطات، ولكن أنا هنا -كما قلت في حديث سابق- لو كنت الآن كنا عملنا الصالح السريع فيما بين الأطراف المعينة للحد الأدنى من الإصلاح وكان مشيت السفينة على بركة الله.
أحمد منصور:
(1/274)
يعني انتوا ارتبكوا أخطاء وأنتم في السلطة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا شك بس هم كان اعترفوا بأخطاؤهم.. انتبه.. الجهتين ارتكبت أخطاء.
أحمد منصور:
أخطاؤكم ربما تكون أكبر.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ليش لأ؟ فلتكن أكبر، بس المهم فيه أخطاء مقابلها.
أحمد منصور:
يعني أنت تعترف أيضًا بأن أخطاءكم أكبر؟
طلال بن عبد العزيز:
أرجو أن أعترف بس أرجو أن يعترف الآخرين.
أحمد منصور:
تقييمك إيه لفترة الأربع شهور الأولى من كونك كنت فعلياً الملك الفعلي في المملكة العربية السعودية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.. لا حكاية الملك الفعلي دي تودينا في داهية يا أخي، أي ملك فعلي؟ أعوذ بالله لا.. أبداً.. الملك سعود ونحن نساعد سعود في هذه العملية، وكان هو الملك، وأنا كنت الأبرز، وكان نتشاور إحنا وياه يا بالتليفون.. يا أروح له في بيته.. أنا أقول لك حكاية للملك سعود.
أحمد منصور:
تفضل.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
حكاية لطيفة.. الرجل هذا ترى غبن في كثير من أموره، الرجل له فلتات جملية، وله إصلاحات طيبة.. أنا بيجي لي مرسول الملك سعود بعد ما أصحي من النوم بعد الظهر بطلبات معينة، أفاجأ يقول إنه الملك زعلان عليك لأنه فيه كفرات Cover مش عارف يسموها إيه، إطارات.
أحمد منصور:
إطار .
الأمير طلال بن عبد العزيز:
منعتوها من الجمارك.. معقول طلال يمنع الكفرات دي. قلت: على كل حال الموضوع هذا خليه لما نشوف الملك، رحت له في الليل قال: كيف يا طلال تعمل كذا؟ قلت له: يطول عمرك أشرح لك، النظام اللي عمله أبوك مش أنت ولا أنا، إنه الملك له الحق في أمور معينة، والله لا أتذكر العدد الآن لكن أعطيك تقريباً، كم عندكم من السيارات؟
سيارة وسيارة ثانية احتياطي يعني كم فيها من عجل؟ أربعة وأربعة ثمانية، كم الاحتياطي كمان أربعة وكمان أربعة يبقى 16 أو 26 Cover ، لكن اللي جالكم 40، 50 Cover تصور! حتى في هذه كنا..
(1/275)
أحمد منصور:
لقصر الحكم.. يعني كفرات أو إطارات جاية لقصر الحكم وأنت تاخد عليها جمارك!
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لقصر الحكم.. فأنا عاوز آخد عليها لأنها زادت عن المقرر في النظام، يا طويل العمر بتغير القانون! أنت الملك.
أحمد منصور:
بس سموك زودتها برضو.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا زودتها ما أنا بقول لك، أنا اعترفت لك قبل شوية لو كنت الآن طلال الآن ما كنت عملنا كده المسائل لا مع إخواني الثانيين ولا مع الملك سعود –حقيقة- زودناها حبة شوية يعني، لكن الضرايب أو أنا أدفعها من جيبي، اقتنع الرجل،قلت يا طويل العمر أنت لما يقولوا الملك دفع عند الجمارك وعند الناس إنه سعود دفع.. إيش هية كانت آلاف الريالات يومها بسيطة قال: والله عندك حق قولوا لهم يدفعوا. تصور! ملك البلد يقول عندك حق يا طلال، كان زعلان، هادي الناس ما يعرفوها فله كمان أشياء، له حسناته.
أحمد منصور:
إيه أهم القرارات اللي أنت اتخذتها أثناء وجودك في السلطة في هذه المرحلة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله ما فيه شيء إلا هذه الأمور اللي ذكرناها.
أحمد منصور:
لأ ..فيه قرار خطير وهو إغلاق القاعدة الأمريكية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه طبعاً هذه –طال عمرك- مع عنفوان الناصرية والقومية العربية، كنا نكره شيء اسمه استعمار، أمريكا وإسرائيل والبلاوي اللي شفناها كلها من هذا الاستعمار. رحت له وأنا في البيت طلبته قلت له بأجيك، اتكلمنا قال لي أنا –طال عمرك- هذا وقته، أبونا اللي عمل القاعدة سنة 46، خلي أولاده هم اللي.. قال لي: عندك حق. يومها كانت الأخبار بدأت الأخبار تذاع من جدة، طلبت الأخبار وبعدين عطيتها للملك، وكلم قال له طلال هيكلمكم قرأت ها البيان أنه إلغاء الاتفاقية.
أحمد منصور:
إلغاء الاتفاقية حينما اتخذت هذا القرار موازين القوى الدولية والعلاقات الأمريكية السعودية ألم تعمل لها أي حساب أو توازن؟
(1/276)
الأمير طلال بن عبد العزيز:
للأسف لا..لا في ذلك الوقت؟ لا، تعرف ليه؟ من قلة المستشارين.
أحمد منصور:
لكن لو كان لك مستشارين..
الأمير طلال بن عبد العزيز [مقاطعاً]:
ما كان فيه.. أولاً: رجال البلد المتعلمين والمثقفين كانوا قلة.. مضبوط، المستشارين في الديوان كانوا في صراع بمعنى أنهم يكونوا مع مين؟ الجهة دي أو..، المستشارين كانوا كويسين مع عبد العزيز اللي صاروا مع سعود بعدين ومع فيصل.. دول بيريدوا الصلح مع الإخوان، ما بدهم يا خدوا جانب ضد الجانب الآخر، فأي فكرة يعطوا فيها معناها إنهم اتخذوا جانبك.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بعني قرار بإلغاء..
الأمير طلال بن عبد العزيز [مستأنفاً]:
فلو كان فيه استشارة يومها وكذا كنا ممكن ناخد المعادلات الدولية ونحتاط، كان محتمل مع شبابنا وتهورنا يعني.
أحمد منصور:
الأسباب اللي دفعتك لإلغاء القاعدة كانت أسباب عاطفية بحتة؟
طلال بن عبد العزيز:
سميها كده، وأنا يعني، أريد أن أؤيدك في هذا التوجه.
أحمد منصور:
تقييمك إيه الآن وقد عاد الأمريكان إلى المنطقة، ليس بقاعدة وإنما بقواعد؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا أعتقد.. هو فيه استعمارين في العالم العربي: استعمار خارجي واستعمار داخلي. الخارجي: هو الدول التي تأتيك وتستعمرك غصباً عنك وليس برضاك، إحنا جا برضانا وليس قواعد.. ليس قواعد.
أحمد منصور:
الآن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي الأخيرة لا تحمل أي احترام لدول المنطقة، وقال: نحن جئنا لنبقى إلى الأبد.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.. ما سمعنا هذه.
أحمد منصور:
التصريحات الأخيرة قال إننا جئنا لنبقى.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لم نسمع حكاية (الأبد).
أحمد منصور:
لنبقى في المنطقة بلاش (إلى الأبد)، لنبقى.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/277)
لنبقى في المنطقة ما دام فيه حاجة مشتركة بينها الدول المعنية، أنا قلت في حديثي: سألنا عن العراق، وقال: هل تخشوا من العراق أن يعود بهذه الأسلحة الهجومية؟ قلت: والله العراق وغير العراق، فيه جيراننا بيعملوا مناورات كل يوم، مناورات عسكرية كل شهر، ففيه خوف على المصالح المشتركة للبترول.
أحمد منصور:
إلغاء القاعدة الأمريكية بقرار منك مجرد قرار..
الأمير طلال بن عبد العزيز [مقاطعاً]:
بقرار من الملك.
أحمد منصور:
بقرار من الملك..يعني أنت..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بناءً على نصيحتي.
أحمد منصور:
بناءً على نصيحتك.. مجرد قرار ألغاها وانتهت.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كملك.. نعم انتهت.
أحمد منصور:
لم يعترض الأمريكان؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
قيل اعترضوا عنده أنا ما أعرف لكن زعلوا عليّ وسموني الأمير الأحمر، والأمير الشيوعي، أحمر يعني شيوعي.
أحمد منصور:
وأُطلق عليك هذا الأمر، ووصفت بهذا الوصف مراراً بسبب الأفكار التي كنت تطرحها والتي..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كان بسبب القاعدة أولاً وبعدين بسبب الناصرية.
أحمد منصور:
كنت في هذه المرحلة تميل إلى التيار الناصري العروبي.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الناصري العروبي ضد الاستعمار، لكن مش الأمور الثانية، فلما جاءت الاشتراكية – أعوذ بالله- جفلت منها، وأنا ضد التعذيب، ضد التأميم، ضد سجن الناس بدون محاكمة عادلة مدنية، هذه من مبادئي فكيف أكون معهم؟! ما ممكن.
أحمد منصور:
طيب ما هي المبادئ الناصرية أو توجهات عبد الناصر التي تأثرت بها؟ فقط معاداة الاستعمار؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا والقومية العربية.. الوحدة العربية..نعم.
أحمد منصور:
والوحدة العربية.. يقال إن القاعدة الأمريكية التي كانت موجودة في المملكة والتي ألغيت في العام 1961م كان إيجارها يصب في جيب الملك سعود شخصياً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/278)
أبداً، لما جيت في المالية دخلت في هذه الحسابات بنفسي كل ما قيل عن سعود بما يختص بالقاعدة وأموالها غير صحيح، وكل ما قيل عن سعود فيما يخص التبذير موجود ولكنه مبالغ فيه، مبالغ فيه، الدولة عندما بتروح.. هي اللي بتصب علينا أموال، يعني بولغ في هذه الأمور، والرجل له إنجازات هائلة لا نبخسه حقه.
أحمد منصور:
كيف بدأت العلاقة بينك..تسوء بينك وبين الملك سعود وبينك وبين إخوانك الآخرين بعد أربع شهور العسل التي تحدثت عنها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً دخلت الناس إنه هذا نظام أساسي ومجلس شورى. يعني أنت الملك ملك أباك وأجدادك هذه التقاليد اللي مشيتوا، عليها وهذا إنسان يعني، أفكاره هدامة، أفكاره جديدة على النظام، الكلام اللي هو ينفر الحاكم منك، فصار يكش شوية إلى أن صار.. فوجئنا إنه فلان أقيل..
أحمد منصور:
أنت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إني أنا أقلت.
أحمد منصور:
صدر قرار بإقالتك، بدون استدعاء منك أو كلام معك أو أي شيء؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا كنت في المالية، أنا أذهب الصبح الساعة 8 الصبح وأبقى إلى الساعة 4 وأتغدى في المالية، وبعدين في الليل أرجع الساعة 7 وأقعد للساعة 9، وكنا معزومين ليلتها عند أحد الوزراء، الغريبة إن وكيل الوزارة معايا، وأنا اللي جبته وكيل وزارة كان يعرف عن إقالتي وما قال لي، ما بلغني، فوقّعت حتى قلت له بعدين توقيعاتي لك كانت غير قانونية لأنك أنت عارف إني أنا مقال، فلما عرفنا إخواني أرادوا يتضامنوا معايا وبعض الوزراء قلت لهم: لا.
أحمد منصور:
مين من إخوانك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اللي هو عبد المحسن وبدر و..
أحمد منصور:
اللي هم كانوا معاك في الوزارة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه ووزراء ثانيين.
أحمد منصور:
أنت أقلت دون الآخرين.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/279)
أنا الوحيد، وقالوا: نتضامن معاك، قلت لهم أنتم الوزرا ولإخواني أنا أرجوكم هذه مصلحة بلدي ابقوا، أصروا فاستقال إخواني.
أحمد منصور:
كلهم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم.
أحمد منصور:
كان موقف الأمير فيصل إيه في تلك المرحلة؟ فترة الحكم بتاعتكم أنتم هو كان يعتبر..كان الحاكم الفعلي والآن أبعد وصرت أنت يعني الحاكم الفعلي.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كانت غير مقبولة لأنه فيصل –الله يغفر له- يعتقد إنه من حقه أن يتولى الأمر، هذا هو وجهة نظره.
أحمد منصور:
في هذه الفترة لم يكن فيصل يشارك في الحكم بالمرة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أثناء حكمنا إحنا؟
أحمد منصور:
نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً.
أحمد منصور:
بالمرة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.
أحمد منصور:
كان ولياً للعهد ولا يقوم بأي دور؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ولي عهد، أبداً ما كان له دور وهذا خطأ.. هذا خطأ برضو ارتكبناه، يعني ما ليش أنا قلت أخرج من الوزارة، يمكن الوزارة عمتنا شوية، شغل الوزارة والمعمعمة والمشاكل الحكومية، يمكن لو قبلوا كلامي أنا وأنا كنت خارج الوزارة، محتمل إنه يكون هذا الدور. الله أعلم.
أحمد منصور:
ما هي نسبة ما استعطت أن تحققه من مشروعاتك ومبادئك خلال هذه الفترة الوجيزة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أصدقك القول إنه كنا أربع أشهر ما شيين صح، إنما الخمسة أشهر الثانية كانت لخبطة ما كنا نعرف نشتغل مع الخناقات اللي دخلت بينا وسوء التفاهم.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة آخذ مزيداً من التفصيل في هذا الأمر، وإبعادك عن المملكة وسحب.. وسحب جواز سفرك وجنسيتك السعودية، ولجوءك إلى مصر..
الأمير طلال بن عبد العزيز [مقاطعاً]:
إن شاء الله.. إن شاء الله.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
واتهامك بالتآمر ضد المملكة أيضاً.. أشكرك سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز:
شكراً أخ أحمد.
أحمد منصور:
(1/280)
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله - نواصل الاستماع إلى شهادة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود. في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/281)
الحلقة6(1/282)
الثلاثاء 9/9/1421هـ الموافق 5/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 15:37(مكة المكرمة)،12:37(غرينيتش)
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة
11/11/2000
أحمد منصور طلال بن عبد العزيز
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود.
مرحباً سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أهلاً بك يا أخ أحمد.
أحمد منصور:
سمو الأمير إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند مرحلة هامة وهي إقالتك من الحكومة التي أسست برئاسة الملك سعود واستمرت من نهاية العام 60 حتى بداية 62، وبُلِّغت أنت بالقرار بإقالتك ثم استقال باقي أعضاء الحكومة، ماذا كان وقع عملية الإقالة عليك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله حسب ما أتذكر الآن طبعاً بالنسبة للمؤيدين كانت فاجعة، وكانوا يتمنوا أن نكون أكثر مرونة مع الملك سعود، ونغض النظر عن بعض الأمور حتى أنها تسير هذه المسيرة في طريقها الذي رُسم لها، إنما الأكثرية –كما ذكرنا، المعارضة، نسميها المعارضة، وهذا اسم جميل بالنسبة للناس الذين يقولون ليس هناك معارضة في السعودية- كانوا مبتهجين وفرحين أنه حصل.. دب هذا الخلاف، وأنني أنا أُقلت، والآخرين تضامنوا معنا واستقالوا، فهذا هو اللي كان رد الفعل في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
هل تقبلت الأمر بشكل تلقائي وعادي، كما كُلفت الآن أقلت بنفس الوضع؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/283)
نعم، رحنا للملك سعود برضو ثاني يوم، وسلمنا عليه، واستقبلنا استقبال طيب، وقلنا: على كل حال إحنا الآن كنا في الحكومة، والآن جئناك كأب، كوالد، وقال: إطلاقاً أنا ما حدث فيما بيننا كان تجربة، وهو سعيد بهذه التجربة التي حدثت، وأنه يعتبرنا مثل أولاده وإخوانه وأولاده الصغار، ومشيت الأمور.
أحمد منصور:
لم يبين لك الأسباب التي دفعته إلى إقالتك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لم يتطرق لهذا إطلاقاً.
أحمد منصور:
بعد ذلك على وجه الإطلاق؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً.
أحمد منصور:
ولم تستطع أن تتعرف على الأسباب الحقيقية التي..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا عارفها، يعني كما قلنا تدخلت الناس أصحاب القيل والقال، وصوروا له أمور كثير لم تكن –حقيقة- في ذهننا، وإن هؤلاء يريدوا أن ينفردوا بالحكم، هؤلاء يريدوا إدخال مفاهيم جديدة على النظام وغريبة علينا وعلى تقاليدنا وعلى تراثنا، ومنها الأمور التي سبق وذكرناها، النظام الأساسي، والمجلس الوطني أو الشورى على كل حال.
مثل هذه الأمور في ذلك الوقت كانت أمور –يعني- حساسة، حساسة بالنسبة للملك بالذات، رغم أنه كان يبين لنا في السابق أنها أمور طبيعية، وأنه يتبناها لأنها تتفق وظروف المملكة، ولكن مع ها المداخلات التي حدثت، والقيل والقال –كما ذكرت- صوروا له الأمور على غير واقعها، على غير حقيقتها للأسف الشديد، وبعدين الرجل –ومن حقه- يريد أن يحكم يعني سواء بنا أو بغيرنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن الواقع أنه بغيركم لم يكن ليحكم لأن غيركم هو مجيء الأمير فيصل، والأمير فيصل على صدام أو عدم وفاق دائم مع الملك سعود، وبالتالي إذا رجع الأمير فيصل فلابد أن يُنحي الملك سعود.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/284)
أنا لا أعتقد إن هذه كانت.. كان يفكر فيها ربما، إنما لم تكن راسخة في ذهنه إطلاقاً أنه سوف يزاح عن الملك، إنما هي كان عملية تداول السلطة بشكل أو آخر، تداول السلطة بالشكل الذي تمت فيه لأنه نحن مع تداول السلطة –بشكل أو آخر- سلمياً، والحقيقة الذي تم إلى هذه اللحظة ما كان فيه تصادم، تصادم يعني مضر بالنظام أو بالبلاد، أنا أعتقد كان يمكن برضو تحمل ما حدث، لأنه لم نتجاوز الخطوط الحمراء من وجهة نظري، إنما أعتقد كانت تحولات طبيعية وكان يمكن أن يتم ضمن هذه التحولات إنجازات كبيرة للمملكة العربية السعودية.
أحمد منصور:
إيه توقعك للإنجازات التي كان يمكن أن تحققوها في هذه المرحلة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
دماء جديدة، أفكار جديدة على المملكة العربية السعودية..
أحمد منصور:
كان يمكن أن يكون لها تغيير في مسار الحكم خلال الثلاثين عاماً الماضية، أو الأربعين عاماً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنه؟
أحمد منصور:
الآن مضى على هذه الأحداث ما يقرب من أربعين عاماً، هل كنت تتوقع –إذا بقيتم أنتم في السلطة ومنهجكم- أن يكون هناك تغيير في شكل المملكة ونظام حكمها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/285)
أنا أتصور هذا، وقلت لهم أنا أتكلم عن المبادئ، وعن الأفكار الإصلاحية التي طرحت في ذلك الوقت، يعني لو وُجِدت أتصور أنها سوف تكون راسخة في أذهان الجميع، ولن يستطيع الأفراد –أياً كانوا نوع هادول الأفراد أن يأتوا للحكم -أن يغيروا من جوهرها، ربما من بعض الأساليب في اتباعها وتطبيقها، ولكن لا شك لو نفذت في ذلك الوقت، وكنا أكثر مرونة مع الملك سعود ومع الإخوان الثانيين، يعني كنا ناشفين شوية هذه أنا لما أتذكرها أقول: عيب يعني، ليش عملنا كده؟ إنما أهو شباب، ومع ذلك كان ينقصنا الاستشارة، الجميع، يعني المستشارين الذين فيهم الخير والبركة اللي يمكن الواحد أن يعود لهم ويستشيرهم في مثل هذه الأحداث، ربما كانت الأمور تتغير عما حدث في سنة 62.
أحمد منصور:
كذلك الخبرة تعتقد أيضاً أنها كانت مهمة بالنسبة لكم في مرحلة أنتم تسعون لتغيير كبير وخبرتكم لم تكن تناسب أيضاً عملية.. حجم المطالب الضخمة التي تطالبون بها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح، لذلك كنا في حاجة لمستشارين لأنه خبرتنا كانت قليلة في مجال ممارسة الحكم، لأنه تعرف الحكم عادة في دول العالم الثالث، وخصوصاً في الأنظمة الانفرادية والشمولية لا تخرج زعامات واعية بأمور الدنيا كما يحدث في الغرب، هناك بيمارسوا الحياة السياسية في المدارس ومن الجامعات عن طريق التجمعات نقابية أو حزبية أو.. إلى آخره.
إنما في بلاد العالم الثالث ومنها البلاد العربية –للأسف- تجد إنه هذا غير متوفر، القيادات السياسية التي عندها تجارب وحتى مش ممارسة الحكم، يعني مثلاً عندك المعارضة في بريطانيا، الـ Shadow Cabinet مجلس وزراء الظل.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الظل، نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
بيمارس العمل نظرياً فيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حتى بعض الجامعات الغربية فيها مجلس وزراء داخل الجامعة من الطلبة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/286)
مثلاً، إحنا في الجامعة الأمريكية، كان عند الطلبة اليوم في الصباح وإمبارح، لأن أنا خطبت فيهم من سنة في الجامعة الأمريكية، رحت هناك وخطبت، فيه نموذج الجامعة العربية، يعني عندهم نموذج الجامعة العربية من الطلبة، وكل واحد يمثل دولة، يعني مثلاً مصري يمثل السعودية، كلهم عرب، والسوداني يمثل المغرب، فكانوا يتناقشون في الأمور التي عرضت أو سوف تعرض على الجامعة العربية، ويخوضوا فيها، ولما خطبت كان موجود الأخ عصمت عبد المجيد اللي هو الأمين الحقيقي الفعلي للجامعة العربية، هذه الأمور لا تتوفر في البلاد العربية، فلذلك عدم الخبرة، وعدم وجود المستشارين الجيدين اللي يمكن الواحد يلجأ إليهم أنا أو غيري من الإخوان لم يكونوا متوفرين للأسف، فلذلك صارت بعض الأخطاء التي ارتكبت.
أحمد منصور:
سمو الأمير، بعد ما يقرب من أربعين عاماً من هذه التجربة هل ترى المبادئ التي رفعتها، والأفكار التي تبنيتها في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، وسعيت خلال فترة وجيزة لتحقيق جزء منها ثم حدث ما حدث بعد ذلك، هل ترى أنه تم تطبيق أشياء منها أو تنفيذها الآن في المملكة بعد مرور هذه الفترة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أنا أعتقد إنها من ناحية الشكل وإلى حد كبير من ناحية المضمون طُبقت، يعني مجلس الشورى أعلن عندنا في المملكة العربية السعودية في عهد الملك فهد.
أحمد منصور:
لكن هذا كان بنفس الشكل الذي كنتم تسعون له؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/287)
لربما يختلف في الشكل إنما الفكرة نفسها وجدت، ولا شك إنه الآن تسعين نائب –أسميهم نائب، لأول مرة يطلق عليهم هذا الاسم- أعضاء مجلس الشورى، نواب مجلس الشورى معينون من قبل الملك فهد، معظمهم أصدقائي أنا، وناس جديرين بالمنصب من ناحية وطنيتهم، ومصداقيتهم، وتدينهم، وتوجههم الوطني، وبعدين متخرجين من أكبر الجامعات الغربية، يعني حتى لو كان انتخابات –ولا يعني هذا إنه أفضل التعيين على الانتخابات إطلاقاً، إنما أضرب كمثال- حصلت في السعودية حتماً لن تأتي انتخابات بمثل هذه الكفاءات، والمهم هنا بقى عملية إعطاء هذا المجلس دوره الطبيعي أن يقوم بهذا الدور فيما يختص بالمشاركة في الحكم.
أحمد منصور:
يعني هذين المحورين: محور عملية الاختيار بالنسبة للأعضاء، ومحور –أيضاً- دورهم في عملية المشاركة الفعلية في الحكم كمجلس تشريعي.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صح.
أحمد منصور:
هاتين النقطتين تكادان أن تكونا غائبتين الآن، يعني المجلس هو رأيه استشاري غير ملزم، وفي نفس الوقت عملية التعيين هي الأصل وليس عملية الانتخاب.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هنا نعود إلى العرب، أنا قلت: إحنا جزء من العرب تاريخي وجغرافيتي هي عربية إطلاقاً يعني، طب أعطيني مثلاً مثال في تلك الدول اللي فيها انتخابات، معظمها انتخابات إيه؟ هي مجالس أقل من الاستشارية، تأتي باسم الانتخاب ومثل هذا ولكن ليس الانتخابات نظيفة، ويتدخل فيها الحكومات، وتأتي بمن تشاء في المجالس النيابية، يعني إحنا جزء من كل، هذه المشكلة ولكن الفكرة فيها إن ما كنا ننادي به في الخمسينات أو أوائل الستينات يطبق الآن في العالم العربي.
أحمد منصور:
لكن أنت بتنادي بعملية تطوير لمجلس الشورى السعودي بحيث يكون له فاعلية أكثر وأسلوب أيضاً عمل أكثر.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح، صحيح.
أحمد منصور:
ما هو شكل التطوير الذي تنادي به؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/288)
أنا أتصور –طال عمرك- أنه إعطاؤه الكثير من الصلاحيات اللي هي تتوفر للمجالس النيابية الأخرى بشكل تدريجي، إعطاء جرعات من هذا القبيل مثل ما حدث في عمان، عمان الحقيقة اتبعوا طريق جيد، يعني هي انتخابات على مرحلتين، هناك من يعارضها، ولكن أنا أعتقد كخطوة جيدة بالنسبة لعمان، عمان يا أخي خلّوا السطان قابوس أيش قال، قال لا شيء والحقيقة يشكر على ما فعله فىعمان، وبعد ذلك، عن طريق الانتخابات في المرحلة الثانية انتخابات نظيفة، يختار السلطان اثنين أو ثلاثة لا أتذكر، منهم واحد يعينه مجلس الشورى، مجلس الشورى يتكلم في كل شيء إلا في أمرين: الأمن والسياسة الخارجية، لا بأس، المرأة لا تدخله في أوائله، المرحلة الثانية دخلته المرأة عضواً منتخباً، المرحلة الثالثة أو الرابعة –لا أتذكر الآن- سوف يتكلم هذا المجلس ويبحث الأمور الأمنية والسياسية، إذن لا بأس من الـ.. لأنه –طال عمرك- من الصعب جداً –وهذا أريد أن أقوله بكل وضوح- أن نطبق في بلادنا العربية الديمقراطية الغربية بشكلها الموجود حالياً، استحالة، ما ممكن، مصر كان فيها أحزاب تتداول السلطة وماذا حدث فيها؟ يعني حقيقة لا نستطيع أن نطبقها، نطبق الديمقراطية أو (الشوغيرية) التي تناسب بلدنا، إنما هنا يجب أن نستشير أصحاب الحل والعقد، من هم أصحاب العقد اليوم؟ غير طبعاً أيام الرسول وأيام الخلفاء، اللي هم الآن النقابات أو الجامعات، أساتذتها، أو إذا كان هناك أحزاب، فعاليات، وإلى آخره، أجيبهم أقول لهم: العنوان هو الشورى، العنوان هو الديمقراطية، وعليكم أن تفصّلوا هذه الديمقراطية على مقاس بلدكم، مثلاً يعني.
فلذلك يجب أقول: ما كنا نطالب به نشوفه الآن بالعين المجردة يطبق في أنحاء العالم كله، العالم الثالث.
أحمد منصور:
سمو الأمير بعد عملية إقالتك أين ذهبت؟ وما هو تصورك كان في ذلك الوقت للدور الذي يمكن أن تقوم به؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/289)
والله بعد هذه التجربة قررت أنا شخصياً أنه لا أمارس عملية السياسة.
أحمد منصور:
بالمرة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
برضو كنا بشبابنا.
أحمد منصور:
رد فعل يعني؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
رد فعل، كان رد فعل لا شك.. أنه هذا الذي حدث وتمسخرنا واتبهدلنا وبشكل يعني اعتباطي، ولم يكن محقين في كل ما قالوه عنا، وهذه نتيجتها، فيعني مثل ما يقولوا: Give up أعطينا عملية إنه والله يعني قرف، قرفت من العملية، إنما قلنا يالله مثل ما يقولوا نستريح شوية، ولم أضع لنفسي خطة مستقبلية.
أحمد منصور:
بالمرة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، شغلت نفسي بالسفر.
أحمد منصور:
لم ترتب مرة أخرى لمحاولة العودة مرة أخرى، لمحاولة التصويب بالنسبة للذين جاءوا مكانكم في الحكومة الجديدة ولا أي شيء.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً.. إطلاقاً.
أحمد منصور:
قررت أن تسافر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أسافر.
أحمد منصور:
تسافر يعني جولات سياحية، أو..؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سياحية، وحدث أنه والدتي مرضت وكنا بالمناسبة نسافر معها للعلاج..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
تفتكر، تفتكر الشهر، بعد فترة كم من خروجك من الحكومة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أشهر.
أحمد منصور:
بعد أشهر، برضو في العام 62؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
62، آه صحيح.
أحمد منصور:
نعم، خرجت وسافرت مع الوالدة للعلاج؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سافرنا إلى لندن للعلاج، علاجها، وبعدين عملت العملية الضرورية أُجريت هناك في لندن ثم رحنا لفترة نقاهة –حسب رأي الطبيب- إلى سويسرا، وفوجئنا في هذه اللحظة بمن يتصل بنا ويقول: أنه أموالكم صودرت، ومنعتم من السفر، وكان هاك اليوم بالذات مسافرين لبيروت..
أحمد منصور:
هذا كان يوم 16 أغسطس 1962.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا يمكن 6 أغسطس.
(1/290)
أحمد منصور:
6 أغسطس.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
6 أغسطس.
أحمد منصور:
في 6 أغسطس اتُهمت بالتآمر وتم مصادرة أموالك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بالتآمر.. التآمر، وصادروا أموالنا ومنعونا من السفر، ويعني هيصة وهيصة عملوها.
أحمد منصور:
وهل كنت تتوقع شيئاً من هذا القبيل؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً. أعوذ بالله لم يحدث في تاريخ المملكة العربية السعودية، وبعدين إحنا داخلين على.. جايين في القرن العشرين، أواخر القرن العشرين، وقدامنا الواحد والعشرين، والدنيا كلها يعني حوسه وجمبلة، ونيجي علشان نتخذ قرارات انفعالية متسرعة دون تحقيق ودون محاكمة.. كيف؟ هيقولوا مين.. ابن عبد العزيز، طب إذن ما بالك بالفرد العادي أيش كان يحمله؟ هنا ضايقني كثيراً، إضايقت، وصلنا بيروت.. بعثت برقية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هل مجرد مضايقة وقع قرار عليك مثل هذا، وأنت يعني كما تقول: ابن الملك عبد العزيز وأخوك أصدر قرار بسحب الجنسية السعودية منك..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
بسحب جواز السفر.
أحمد منصور:
جواز السفر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صح.
أحمد منصور:
معناه سحب الجنسية أيضاً.
الأمير طلال بن عبد العزيز[ضاحكاً]:
(1/291)
ده المفهوم العربي، لأنه سحب الجنسية أو الباسبور في الدول المتحضرة لا تحدث بهذه السهولة، في خيانة عظمى ومحاكم تدينك، عملية إجراءات هايلة لكن مش على مزاج شخص واحد، فما جيت أنا بيروت، بعثت برقية، قلت لهم: أنا فوجئت، أنا آسف.. جينا بيروت فجانا القائم بالأعمال السعودي، السفير ماكانش موجود يومها، وقال لي: والله الملك سعود يأمر بسحب جوازك، فعلى طول قلت: إذا كان هذا جواز سعود خذه، لكن هذا جواز المملكة العربية السعودية اللي بناها عبد العزيز، فيعني أتصور إنها يعني صعبة هتسحبوه مني، قال لي: والله هذا الأمر اللي عندي قلت له: لاء.. أنت مكلف بالأمر خذ الجواز، إذا هذا جوازه هو مش جواز المملكة العربية السعودية، إخواني أرادوا أن يتضامنوا معايا فرفضت.. قلت لهم: لأ..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
كان معك من؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
برضو إخواني..
أحمد منصور:
الأمير عبد المحسن..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، عبد المحسن ما جاء، عبد المحسن في السعودية.
أحمد منصور:
الأمير بدر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بدر، وفواز.
أحمد منصور:
وفواز، وسعد.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وسعد بن فهد ولد عمنا.
أحمد منصور:
كلكم تم سحب جوازاتكم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، لا، أنا وحدي.
أحمد منصور:
أنت وحدك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آي نعم، أنا وحدي.. هم أرادوا أن يتضامنوا معايا.
أحمد منصور:
وصودرت أموالك أنت وحدك، أم هم أيضاً؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وحدي وحدي.
أحمد منصور:
وحدك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه، أنا المتآمر، أنا المتآمر الأول والأخير أكثر من أي حد.
أحمد منصور:
ما هي طبيعة المؤامرة، أو التآمر الذي اتُهمت به؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/292)
ولا عندي خبرها، ولا (أقدر أقول) تفاصيلها، هذا الكلام اللي جالي ليس رسمياً، من الناس، الاتصالات تجينا من السعودية، أنه الإجراءات التي تُتخذ ضدك كانت على أثر المؤامرة التي اتُهمت بالقيام بها.
أحمد منصور:
ولم تعرف شيئاً عن تفاصيل هذه المؤامرة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً.. أبداً.. الذي حدث، بعثت برقية للملك سعود يا أخي بلغني أنا برضو أخوك، إذا عليّ شيء أنا موجود، ما جاوبني، طيب وبعدين؟ الدنيا كلها هتقوم الآن وفلان ومؤامرة الإخوان، عملت مؤتمر صحفي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
في بيروت.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
في بيروت.
أحمد منصور:
نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بعد لما ما جاني الجواب، وقلت له اللي حدث كذا وكذا، وأنا غريب يعني يحصل مني كذا، وأنا أحب أن أثبت لكم في هذا المؤتمر إني أنا بريء..
أحمد منصور:
ممكن –سمو الأمير- تقول لنا كذا وكذا بالتفصيل إيه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أبداً أنا قلت يعني إنه طبعاً مع الانفعال والجرح الذي أصابني، وبرضو كنا شباب كما ذكرت، طبينا بقي فيهم..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ماذا قلت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طبينا.. قلت هادول ناس ليس عندهم ديمقراطية، وليس عندهم انضباطية، وليس عندهم كذا وكذا، ويتخذون القرارات الانفعالية المتسرعة يعني (أخوهم بدون أي سند أو أسباب موضوعية، فأنا أتصور إن هذا إذا جرى –كما ذكرت قبل لحظات- إلى أي فرد سعودي، ماذا كان يحدث فيه يعني؟ وكنا مقررين البقاء في بيروت..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
قررت أن تبقى؟
الأمير طلال:
في بيروت لأنه كنا هنتخذ الطريق السلمي، كنا اكتفينا بـ ها المؤتمر.. قلنا المؤتمر..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن المؤتمر ده ما كانش يعتبر من سموك الآن عملية تصعيد وعداء؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/293)
ليش تصعيد؟! أنا بدي أقول اللي في (..) مش من حقها تعرف كلام طلال، جواب على..، لأن هم اللي هناك ما أعلنوها رسمياً.
أحمد منصور:
لماذا لم تسع أيضاً لاتصالات؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سعيت ببرقية ما جاني جوابها، برقية بعثتها لهم وما جاني جوابها..
أحمد منصور:
ما سعيت للاتصال ببعض إخوانك الآخرين؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ليه؟.. لأني أنا برئ، برئ ولست أسعى إلى شيء لم يحدث مني، وبعدين إخوانك!! على الأقل يقول لك طب إحنا باعتين لك واحد علشان يبين لك أوراق تتهمك، فيها شيء هذه؟ ما فيها شيء، هذه أوراق نعم لهذا ولو لم تكن 100% بس يوروني أي شيء قدامي!
أحمد منصور:
من الذي كان له مصلحة في إثارة الأمر بينك وبين الملك سعود بهذه الطريقة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله شوف.. للأسف حتى هذه اللحظة لم أجد إنساناً له مصلحة 100% إلا أنه يريدوا أن يفرقوا بيني وبين سعود مرة ثانية، إنه قالوا الناس، هذا كلام العالم، يقولوا أنه لا يريد تكرار –لأنه صار.. بدأ الصدام يبدأ من هذه اللحظات بين الملك سعود وبين الأمير فيصل، وقالوا - هذا سمعناه من ناس- أنه وجود طلال ربما يزيد النار اشتعالاً، هذا.. فخلينا نبعده، مثلاً.. أثروا في رأي سعود.. أثروا في سعود، سعود طيب، طيب القلب.
أحمد منصور:
كان لديك استعداد أن ترجع إلى المملكة وأن تحاكم فعلاً؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً.
أحمد منصور:
كان عندما استعداد أن تعود وتحاكم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أكيد، ياريت، ما كنا قعدنا 19 سنة ننتقل من بلد إلى بلد، لا وطن ولا أهل ولا مال ولا شيء يعني، ما كان عندنا شيء، يعني كنا مشردين في الخارج، هذا شيء طبيعي.
أحمد منصور:
بعد بقائك في بيروت عدة أيام كيف تمت..؟
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
(1/294)
في بيروت يا سيدي قعدنا.. وقررنا، الحكومة اللبنانية بعثت لي صديق اسمه (تقي الدين الصلح) صار رئيس وزراء لبنان فيما بعد، وبعثت لي رئيس مجلس النواب (عادل عسيران)، وبعثت لي مدير الأمن العام، كل واحد على انفراد، في أيام شهاب، وقالوا لي ننصح ألا يكون طلال في لبنان، هه.. خايفين من هناك..
أحمد منصور:
من العلاقات السعودية اللبنانية..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طبعاً، طيب نروح فين؟ طب عطونا Lasee pase [جواز مرور] علشان نشوف نترك فين ولا جواب، فقاعدين إحنا والإخوان فأحدهم قال: ما أمامنا إلا مصر، أنا عندي شوية أملاك في مصر، وعندي شقة في مصر، قال ما نروح الشقة عندك هناك وعندك أملاك، وبعدين الناحية الأمنية أفضل من أي بلد في عهد الرئيس عبد الناصر، قلت لهم يا جماعة أنا بأعرف رأي عبد الناصر، وهو أقرب الناس لي أنا، عبد الناصر هيستعملكم.. هه.. هيقول: شهد شاهد من أهلها، أهو، دول جوا [جاءوا] لاجئين وهيستعملكم ضد عائلتكم..
أحمد منصور:
بس أنت كان لك علاقات جيدة بعبد الناصر ومؤيد لأفكاره ومبادئه.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طبعاً، كان لنا معاه علاقات جيدة، يعني كل ما أذهب لمصر من سنة 1958م لازم أقابله مرة أو مرتين، فقلت لهم أنا حذرتهم، فلما وجدت حق الجماعة عندهم حق طب ووين نروح؟
أحمد منصور:
طب هم كان معاهم جوازات سفر عادية سعودية؟ أنت فقط..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إخواني لا..، كلهم كلهم سياسية..
أحمد منصور:
معاهم جوازات سفر سعودية..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم، سياسية سعودية.
أحمد منصور:
أنت فقط الذي لم يكن معك جواز؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إيه.. طال عمرك؟
أحمد منصور:
أنت فقط الذي تم سحب جواز سفرك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وهم تضامنوا معايا وأعطوا جوازاتهم.
أحمد منصور:
آه.. صرتم أنتم الأربعة بدون جوازات.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/295)
جوني هم وقالوا لا يمكن، هذا عيب قدام الناس، إحنا معاك وسفر، فقلت كيفكم، المهم رفعت السماعة وكان سفير مصر في ذلك الوقت –والله ناسي اسمه- وكان حتى يسمى السلطان السفير، يعني سلطان الجمهورية العربية المتحدة ما هي جارة سوريا هو اللي يحكم، أخذت السماعة –سبحان الخالق- وكأنه منتظر مكالمتي، قلت له: كذا كذا، قال لي أعوذ بالله، ده إحنا الإيه.. حاضر ومش عارف.. بس يا افندم إحنا الجوازات السياسية ما نقدرش نعطيها من هنا، أنا ضاعت علي الفكرة دي.. ضاعت علي عملية.. هه.. لازم القاهرة، وهم هناك منتظرينك، قلت: طيب، بعدين لما فكرنا قلنا السفارة تستطيع أن تعطى جواز عادي وجواز.. إنما عاوزينا نروح القاهرة، كلمني مصطفى أمين، قال لي: إحنا سمعنا في الراديو كذا.. إيش اسمه؟ المؤتمر الصحفي، وإنه السفارة المصرية اتصلتوا بها، وإنه الرئيس عبد الناصر يرحب بمجيئك، قلت: يا مصطفى –في التليفون- أنت عارف الأوضاع عندكم هناك، قال لي يا راجل بس أنت تعال وهتنبسط، وكان يومها قريب من الريس..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
نعم، قبل عملية اتهامه بالتجسس.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
رحنا القاهرة، وجدنا عبد القادر حاتم بنفسه وزير الإعلام بالهيصة الإعلامية الهائلة، هذه بداية المشاكل بقى..
أحمد منصور:
كيف؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أولاً أول ما طبّت رجلينا الأرض، قال لهم الأمراء الأحرار، ما هو ضباط أحرار هم، أمراء أحرار..
أحمد منصور:
لم يكن لديك أي علم أو ترتيب بهذا الاسم قبل أن تنزل إلى أرض مطار مصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً.. أبداً، إطلاقاً، ولا حكاية التنازل عن اللقب وما اللقب، الأمير وما الأمير، كنا نفاجأ بهذه القرارات.
أحمد منصور:
يعني أنتم فوجئتم بتصريحات قيلت على لسانكم لم يكن لديكم بها علم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/296)
لا.. التصريحات اللي بلساني، بصوتي، أنا قلتها، لكن فيه أشياء تقال عنا إلى اليوم.. يعني المشاهد حتى..
أحمد منصور:
طيب، ما هو الذي قلته أنت؟ وما الذي قالوه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله لا أحصي الآن، لو تحصر سؤالاتك وتوجهها بشكل دقيق أجاوبك، لا أتذكر أنا.
أحمد منصور:
طيب، بمجرد ما نزلت من المطار فوجئت بأن قيل بأنكم أنتم الأربعة..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أحرار.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
تنظيم الأمراء الأحرار.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه، بالضبط.
أحمد منصور:
ماذا قلت وأنت وجدت الكاميرات ووسائل الإعلام؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
في المطار؟
أحمد منصور:
تجاوبت مع الأمر وتحدثت باسم الأمراء الأحرار.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
خلاص، ما خلاص أصبحنا الآن في بيتهم.
أحمد منصور:
كان لك الحرية أيضاً أن تقول ما تريد.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح، لو افتكر الآن، لو الآن أنا طلال بتفكيري وبعقلي الآن كان قلته، قلت لا أحرار ولا يحزنون، إحنا جينا علشان ناخذ باسبورتات وهنرجع بيروت، وهذا اللي حدث، فقال لي عبد القادر حاتم: الرئيس منتظرك في إسكندرية، بس أنت لوحدك، فرحت أخذت معي سعيد فريحة، ومصطفى أمين، وابنه بسام فريحة، ودخلنا على الرئيس، عنده بيت على البلاج في المعمورة، أهلاً وسهلاً إزيكم، قعدنا معه، قلت له: أنا جاي علشان الباسبورتات دولة الرئيس فخامة الرئيس، قال لي: باسبور واحد! أنا أعطيك 500 باسبور، قلت له: شكراً، على أساس ناخذ الباسبور ونرجع بيروت..
أحمد منصور:
يعني كنت تريد العودة للإقامة في بيروت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
خايف من مصر.
أحمد منصور:
ما الذي كان يخيفك من مصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أولاً: شخصية عبد الناصر الطاغية، وأنت ضيف عنده ولاجيء، ليس لك حيل ولا قوة، فمثلما قلت لإخواني هيستعملنا في الإعلام.
أحمد منصور:
(1/297)
طب أنتمalready بمجرد ما نزلتم المطار خلال استعملتم وأصبحتم أمراء أحرار، وتحدثتم إلى وسائل الإعلام.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
علشان كده بأقول لك لوكنت الآن ونزلت المطار كان تصرفنا من المطار وروحتي لعبد الناصر تختلف عما حدث.
أحمد منصور:
طبعاً أدليت بتصريحات ضد المملكة وضد نظام الحكم في المملكة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا..لا، وهذا شيء مبالغ فيه ولو أنا بذهني وتفكيري الآن كنا أدلينا بتصريحات موضوعية، لنا أفكارنا نقولها ولكن بدون شتيمة..
أحمد منصور:
لكن أنت شتمت.
الأمير طلال بن عبد العزيز[ضاحكاً]:
لا، شتمت!! هم يمكن يعتبروها شتيمة، أنا الآن أفكر فيها أقول نعم فيها نوع من أنواع الشتيمة، لا شك في ذلك، المهم خلصنا منه، قعدنا لطعنا من 21 أغسطس إلى 15 أكتوبر ما عندناش باسبورتات.
أحمد منصور:
أنت وصلت مصر في 19 أغسطس؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
19، وشفناه 21 أو 20 يعني يوم واحد بعد وصولنا، بعد يوم واحد.
أحمد منصور:
لكن قبل أن ترى عبد الناصر –الآن- وتتكلم معاه، أثر تصريحاتكم اللي أدليتم بها الآن إليه على إخوانكم في المملكة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سيئة، طبعاً سيئة، وأنا لو كنت بعقلي الآن ما كنتش قلته، كنا قلنا أشياء موضوعية وجميلة وهائلة، توصل رسالة، توصل ما نفكر به من إصلاحات وانتهى الأمر.
أحمد منصور:
وصولكم إلى القاهرة وإدلاؤكم بهذه التصريحات كان بمثابة قطيعة الآن بين السعودية ومصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا المفروض، ما كناش عارفنها، اكتشفناها بعدين، يعني.. وهذا من حقهم، وأخطؤوا في حقنا في الأول وأخطأنا في حقهم في التاني لا شك في ذلك.
أحمد منصور:
وهذا الذي أدى أيضاً إلى زيادة محاولات المملكة –كما اتهمتها بمصر- بالسعي لفصل الوحدة بين مصر وسوريا بعد ذلك، وتكوين عملية التحالفات بين العواصم العربية التي ربما نتحدث عنها فيما بعد؟
(1/298)
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إن شاء الله.
أحمد منصور:
سمو الأمير.. كم المدة التي بقيتها في مصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله كل فترة النفي من الخروج من المملكة حوالي 19 شهر..
أحمد منصور:
19 شهر.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه.. بعد ما أخذنا الباسبورتات كنا نقضي أوقاتاً أكثر في لبنان، رحنا لبنان قابلونا، لأنه خلاص نحمل باسبورت مصري وكلهم يرتعشوا من عبد الناصر هناك، يعني اللي يحمل باسبورت مصري يحطوه على رأسهم..
أحمد منصور:
ده كان زمان الكلام يعني؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيام شهاب سنة 1962م.
أحمد منصور:
لأ، بشكل عام كان اللي يحمل جواز مصري أيام زمان كان إلى هذا الحد تقول لي..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
عربياً، عربياً طبعاً، وخصوصاً لبنان، ما أنت عارف لبنان بلد صغير، وفيها طوائف ومشاكل وداخلية وهذا جنبهم، كان جنبهم الريس، وذاقوا يعني من حلاوته ومن مرارته، فلهذا لما جه بالباسبور دخلنا بقي كفاتحين، استقبال مصري، والتليفزيون، والإذاعة، والدنيا، يعني خلاص، والحكومة اللبنانية.. ما عاد فيه مشاكل.
أحمد منصور:
ما الذي كنت تتحدث.. أيضاً كنت تتحدث إلى وسائل الإعلام في تلك المرحلة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم بدأنا نتحدث في مصر ولبنان بشكل حر وبدون أي عقبات وبدون أي موانع.
أحمد منصور:
أما تعتقد أنك بهذا الأسلوب أثبت تهمة التآمر عليك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/299)
أبداً.. يعني أثبت الدفاع عن نفسنا، وأردنا أن نروَّج مبادئنا وأفكارنا وإصلاحنا حتى نجاوبهم هناك، عشان الرأي العام العربي أو السعودي اللي بيسمعنا بالذات وبعدين العربي أن يفهم إنه لأ، إنه جماعة طلال دُوُل مصلحين، وكنا نقول لهم باستمرار: اثبتوا التهم التي وجهتموها لنا، حاكمونا، ليش تنفونا من بلدنا؟ كنا نقولها في صوت العرب، وكنا نقولها في وسائل الإعلام المختلفة، كل هذا الكلام كان يقال، ما حد جاوبنا.
أحمد منصور:
لم تحدث أي وساطة بينك وبين إخوانك في تلك المرحلة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
حصل وساطتين من أخونا الأمير ناصر عبد العزيز، أراد أن يتوسط أنا ما أعرف هو شافهم أم لا، وعادل عسيران رئيس مجلس النواب.
أحمد منصور:
اللبناني.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اللبناني، بس.
أحمد منصور:
ولم تسفر عن شيء في تلك المرحلة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هناك عاندوا.
أحمد منصور:
ما هو أنت كنت أيضاً تستثيرهم في..، وتثير الإعلام عليهم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا بأس.. ما هم اللي أثاروا الدنيا من الأول علىّ، يعني واحد يطرد من بلده!!
لما ينفي إنسان من وطنه ومن أهله ومن بلده، أيش معناها دي يعني؟! عملية ترى قاسية.
أحمد منصور:
لأنك ذقت هذا وجربته فعرفت قسوته.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
طبعاً، طبعاً.. آه.
أحمد منصور:
في 11 أكتوبر 1962م أصدرت بياناً من القاهرة إلى الشعب السعودي تنتقد فيه نظام الحكم في المملكة، وذلك بعد قيام ثورة اليمن بقيادة عبد الله السلال في 29 سبتمبر 1962م..هل هذا الكلام صحيح؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نؤيد فيه؟
أحمد منصور:
تؤيد في ثورة اليمن.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح، صحيح.
أحمد منصور:
ضد نظام الحكم في المملكة الذي كان يؤيد نظام الإمامة ويرفض نظام الثورة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/300)
إحنا طلعنا بيان –حسب ما أتذكر، أنا قلت في مذكراتي –نؤيد فيه ثورة اليمن، لأنه فعلاً اليمن كانت تحتاج إلى تغيير، الإمامة هناك الله لا يوريك، يعني عايشين في العصور الوسطى، يعني كلام غريب..، إنما لو قعدت أفكر الآن أقول لك إنه ممكن التطور اللي حدث أيام الملك البدر هو الذي يستمر، لأن أنا شاهدته وأنا في مصر، لما كان الثورة كنا في القاهرة، وكان الإخوة اليمنيين، زعامات اليمن الكبار الموجودين معانا وأصدقاؤنا، تغيرت فكرتي وقلنا يا ريتنا ما أيدنا قيام الثورة.
أحمد منصور:
بعد ذلك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بعد بذلك باتصالنا مع اليمنيين، لأنه تسرعت يا طلال، لأنه لما قامت الثورة الإرياني، النعمان، الزبيري، ورابعهم أنساه، لا أتذكره عملوا بيان ونشر في الأهرام يؤيدوا البدر، لكن (أسانيدها) كان مؤامرات تحاك من وراء ظهرهم من هنا من مصر ومن الثوار هناك أو الانقلابيين بالأحرى ورغم ظهورهم، فقامت الثورة.
أحمد منصور:
سمو الأمير، تقييمك إيه لموقف المملكة من ثورة اليمن في ذلك الوقت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الأيه.. طال عمرك؟
أحمد منصور:
موقف المملكة من ثورة اليمن.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله موقف إيجابي، أنا لما أتصوره الآن، تصوري في ذلك الوقت أم الآن؟
أحمد منصور:
تصورك في ذلك الوقت، إحنا بنطرح تاريخ يعني.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/301)
في ذلك الوقت على أساس إنه إنا..، تسرعنا أولاً، تسرعنا، كان لازم نشوف خبايا الأمور، ونشوف اليمنيين اللي موجودين ونسألهم، لكن تسرعنا فيها، وبعدين كان الجو العام مكهرب، الجو العام كان كله ثوري، ونحن منفيين يعني هذه تؤثر في النفس وتجعل يعني مقاومتك ضعيفة، كل هذه أسباب تجمعت وعملنا هذا التأييد، علماً أنا كما قلت لك: هناك الإمامة الله يغفر لهم على كل حال، ويصلح من هو موجود أيام الإمام يحيى والإمام أحمد ما كانت إمامة صالحة، إنما لما جاء البدر حسب كلام الأربعة دول الزعماء يقول لك إحنا راضيين، راضيين بتوجهه.
أحمد منصور:
في 2و3 و8 أكتوبر 1962م لجأ بعض الطيارين السعوديين إلى مصر بطائرات محملة بالسلاح كان من المفترض أنها تنتقل من بعض القواعد السعودية إلى دعم قوات الإمامة، هل كان لك علاقة بهؤلاء الطيارين حينما جئت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أعوذ بالله، أعوذ بالله. أولاً لو كان فيه علاقة أو كان الإخوة هنا المصريين برئاسة الرئيس عبد الناصر يريدوا أن نعلم الأمور كان أول ما جاء الطيارين قابلونا.
أحمد منصور:
لكن قيل إن أنت التقيت معهم، وسعيت لترتيب قواعد للتدريب في سيناء.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، مين اللي قال ها الكلام هذا؟
أحمد منصور:
هيكل ذكر هذا في كتاب سنوات الغليان.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما هيكل الله يهديه ولو أنه صديق أكبر بالنسبة لنا وسمى في كتابه.. اسمه أيه كتابه؟
أحمد منصور:
سنوات الغليان.
طلال بن عبد العزيز:
آه، وهو أهداه لي بخط يده، إن أنا تآمرت مع الشمال وقبائل الشمال وجاب أسماء الضباط، أسماءهم، بس أنا جاوبته، جاوبته في جريدة مصرية وقلت له يا أخ هيكل تقول هذا الكلام، طب ما تسألني إذا كان هذا صحيح.
أحمد منصور:
هو سمو الأمير ذكر إنك التقيت مع اللواء عبد القادر حسن مساعد قائد القوات المصرية في اليمن.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه صح.
(1/302)
أحمد منصور:
واللواء عماد ثابت مدير المخابرات العسكرية المصرية في ذلك الوقت، وسعيت للترتيب معهما لتدريب بعض قبائل السعودية في الشمال، وبعد ذلك تنتقل للقيام بثورة ضد نظام الحكم في المملكة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح، هذا ماذكره، ولم أكن أعلم إنه هيكل كتب هذا الكلام إلا بعد ما أهدى لي كتابه من سنة، أهداني أربع كتب بخط يده، ولما رحنا السعودية المسؤول عن مكتبتي هو يقوم بتلخيص الكتب فلخصها لي، فلما لخصها شفت اسمي ووجدت المؤامرة، هذا الكلام من شهر تقريباً، قلت بقى معقول الكلام، جيت هنا سألت الأصدقاء.
أحمد منصور:
يعني أنت لم تعلم إلا في 1999م؟ كتاب هيكل صدر قبل ما يقرب من..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
عشرين سنة أظن.
أحمد منصور:
لا.. لا.. في 1988 يعني قبل عشر سنوات تقريباً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
1988، يمكن، عشر سنوات والله لا أتذكر ولا أهتم أصلاً بعد ما حدث، سألت أصدقاءنا هنا من الإخوان المصريين من كبار رجال البلد، اللي قال ارفع عليه قضية،واللي قال اكتب له كتاب تحذره فيه وتوزه وتقول أعطيني كذا، واللي قال لا، جاوبه، فأنا فضلت الآن الجواب مؤقتاً.
أحمد منصور:
ما هو جوابك على ما ذكره؟
طلال بن عبد العزيز:
قلت له يا أستاذ هيكل أنت أعطيتني كتابك كهدية، وأحلت كتابك إلى المعني بالمكتبة علشان ألخصه، ففوجئت بالاتهامات اللي أنت بتقولها وليست على أساس، المهم هنا فيه نقطة في الكتاب اللي ذكرته حَطّ وثيقة أمريكية.
أحمد منصور:
صحيح.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الوثيقة لما تشوفها اسمي مش موجود فيها.
أحمد منصور:
ممسوح على الأسماء كلها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، ممسوح أمريكياً.
أحمد منصور:
أمريكياً؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أمريكياً، للأمن الأمريكي طب خليه يبينها هو؟
أحمد منصور:
هو لا يستطيع، هذا ما أفرج عنه من وثائق، الوثائق يتم الإفراج عنها في القانون..
(1/303)
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
وثائق، طب أنت.. أنا أريد أنك يا أستاذ هيكل أنك تبين لي بعدين أنا في مصر –يطول عمرك- وبعدين أنا قابلته وأنا من القاهرة ناقشته، أو كنت في السعودية؟
أحمد منصور:
لا، هل التقيت مع عبد القادر حسن أو تعرفه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا أعرفه.
أحمد منصور:
بالمرة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً.
أحمد منصور:
هل التقيت مع اللواء عماد ثابت مدير المخابرات المصرية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ولا أعرفه، يعني قلت لهيكل.
أحمد منصور:
هل التقيت مع الطيارين السعوديين الذين لجؤوا للـ..؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً إطلاقاً.
أحمد منصور:
قيل أنك التقيت معهم وكان هناك خلافات في وجهات النظر بينك وبينهم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مين اللي قالوا؟
أحمد منصور:
هيكل أيضاً ذكر هذا.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
غير صادق، أبداً، إطلاقاً أنا في مصر، كل وجودي مصر لم أقابل إلا عبد الناصر كمسؤول، لم أقابل أحداً أنا وإخواني.
أحمد منصور:
لم تسع لتشكيل معارضة للسعودية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً، عملنا جبهة للتخويف، الجبهة كلها فيها 4 أو 5 بدو، وبدو أيه اكتشفنا بعدين إنهم أونطة، كل واحد عامل لي هو رئيس قبيلة، أقول لك عملية يعني أطفال.
أحمد منصور:
ده لقيتهم فين دول؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
جاءونا هم في مصر، واحد منهم مدسوس من فلان وعلان، جاسوس علينا، والثاني مخابراتي مش عارف جي من فين، الله لا يوريك، حالة..، فعملنا هذه الجبهة للتخويف.
أحمد منصور:
سميتوها جبهة أيه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
جبهة التحرير السعودية أظن، ده كلام، والله ناسي اسمها.
أحمد منصور:
كنتوا هتحرروا السعودية من أيه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
شيء مش معقول، في الحقيقة لما أتذكر هذه المهازل وأنا بهذا، بحالتي الحاضرة أقول لك يعني عيب كان ممكن نعمل..
(1/304)
أحمد منصور:
سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بس استعملونا هنا بقى، استعملونا إعلامياً.
أحمد منصور:
وأنتوا برضو ركبتوا الموجهة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
معلش معلش ما هو إحنا قلت لك إحنا لأسباب كثيرة، أو دوافعنا كلاجئين، والضعف البشري أمام هذه الآلة الإعلامية الجبارة.
والهالة الشعبية والناصرية، ونحن نعتبر أنفسنا مظلومين، عندنا قضية ندافع عنها، زائد العقاب الغير عادل الذي اتخذ ضدنا، كل هذه عوامل اشتركت.. وشبابنا وعدم خبرتنا، كل هذه اجتمعت ونتج عنها هذه الأمور المعيبة اللي بنتكلم عنها الآن، أنا معاك فيها، أنا معاك طبعاً..
أحمد منصور:
هل الجبهة قامت بشيء سوى الدعاية والإعلانات؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، إطلاقاً.
والشعارات فقط؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بس.
أحمد منصور:
إنما لم يكن لديك –بأي شكل من الأشكال- أي مخطط أو أي سعي للقيام بعمليات أو..؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مع مين؟ مع مين؟ بتقولي مع مين؟
أحمد منصور:
مع البدو من تبوك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
البدو دول عرب، دول مساكين، غلابة عاوزين يأكلوا، واللي عاوز يتجسس عليك، حتى لما رحت السعودية جاني واحد منهم مسكين قال الأمراء مش عارف شكلهم إيه، مسكين كده غلبان، هو أنت فلان؟ ولا حاسبته ولا سألته، عرفت إنه فلان يعني مسكين.
أحمد منصور:
سمو الأمير.. من أين كان يأتيكم الدعم والأموال في تلك المرحلة وأنت صودرت أموالك وكنت في الخارج؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يا سيدي.. صحيح، أولاً أنا كان عندي حوالي 150 أو 170 ألف ريال..
أحمد منصور:
فقط؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فقط، وسحبتها آخر لحظة من البنك في الرياض.
أحمد منصور:
من السعودية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من السعودية.
أحمد منصور:
يعني لم يكن لديك ملايين ولا شيء؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا كلامهم هم..
أحمد منصور:
ويقال..
(1/305)
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
يقال بلايين، يقال بلايين، ما أنا هاجيلك في دي..
أحمد منصور:
نعم، تفضل.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، فجبنا 170 ألف، في مصر كان عندنا سينما ريفولي..
أحمد منصور:
بتاعتكم كانت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كانت بتاعتنا، وتدر.. كان دخلها في السنة 15 ألف جنيه، 15 ألف جنيه كان أيامها لا بأس بها يعني، فكانت تعيشنا وعندي شقة أنا وإخواني، لما ما قدرنا إِسَّلَّفنا من البنك الأهلي وبنك مصر..
أحمد منصور:
إسَّلَّفتم!!
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اسلفنا.
أحمد منصور:
لم تكن الحكومة المصرية تعطيكم أموال؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
رفضنا.
أحمد منصور:
رفضتم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ولا مليم، لأنه اللاجئين في مصر لهم بيعطوهم شقة في الأوقاف، ولهم أظن 100 أو 200 جنيه، إحنا لاء ما حدش عطانا، وإحنا رفضناها، نريد أن نكون أحرار، في هذه –الحمد الله- نفذنا شوية..
أحمد منصور[ضاحكاً]:
يعني الشعار بس طبق في دي، الأمراء الأحرار!!
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا صحيح، فلماذا طال عمرك؟ أنا أتذكر أنه لما في مصر انطلقنا كانت ريفولي مرهونة..
أحمد منصور:
السينما.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
علشان ناخد فلوس، طب نجيب من فيه؟ طلبت من الأخ مصطفى أمين أن يجمعني بهيكل أنا ما كنت أعرفه، وجه اجتمعنا في بيت مصطفى أمين في الفرندا [البلكونة].
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مع محمد حسنين هيكل.
الأمير طلال:
أيوه، فقلت له يعني أنت قريب من الريس، بلغة –أرجوك- نريد سلفة من البنوك بدون ضمان، لأنه.. ضمان إيه؟ ما عندنا شيء ولا أعطاني جواب، فعلاً كنا في حالة.. لبنان كان فيها سليمان غنيم، سعودي له مكتب هناك، ومعه واحد اسمه إبراهيم أغا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
قلت لي يعني..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
(1/306)
إبراهيم أغا هذا موظف عندي الآن، يصرفون علينا 25 أو 30 دولار في اليوم، بنزين، إيجار، أكل..
أحمد منصور:
لم يعطكم أحد من إخوانك الأمراء لم يرسل لك أي أموال ولا أي شيء؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، أبداً.
أحمد منصور:
ولم تسع لأن تطلب من أحد منهم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً.. وكنا مبسوطين بفلوسنا،
أحمد منصور:
يعني أنت أكيد متعود على مستوى حياة معين الآن في هذا الوضع..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
جربناها، أيوه، لكن حلوة لما جربناها، والله حلوة دي جداً، أنا ما أنا عارف ليش الناس، الطبقة المتوسطة تشكو من هذا! يا ريت كنا مثلهم.
أحمد منصور:
لاء، ما هم بيشكوا لأنهم يريدوا أن يروا الرغد والنعيم أيضاً يعني.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما أنا جربت الاثنين..
أحمد منصور[ضاحكاً]:
ما هو باستمراريتها ما تقبلها سمو الأمير، كفترة مؤقتة ماشي يعني..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
جربناها 19 شهر، نتعشى في مطاعم، نتغدى في مطاعم، نروح للأصحاب، يعني كانت الأمور ماشية..
أحمد منصور:
كان فيه مورد برضو يعني؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً، أبداً، تاريخ، إطلاقاً أبداً..
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أكمل معك هذه المسيرة وصولاً إلى العام 1964م،
الأمير طلال بن عبد العزيز:إن شاء الله.
أحمد منصور:
أشكرك سمو الأمير، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/307)
الحلقة7(1/308)
الأحد 21/9/1421هـ الموافق 17/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 12:32(مكة المكرمة)،9:32(غرينيتش)
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة
18/11/2000
أحمد منصور طلال بن عبد العزيز
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، مرحباً سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أهلاً يا أخ أحمد، مرحباً.
أحمد منصور:
بعد وجودك .. فترة وجودك في القاهرة، وما سمي بتنظيم الأمراء الأحرار وجبهة التحرير السعودية كنت تتنقل ما بين بيروت والقاهرة في تلك المرحلة، هل كنت تتابع ما يحدث في المملكة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
إلى حد كبير، المعلومات لم تكن وافية وشاملة، الناس كانت تخاف.
أحمد منصور:
من أين كانت تأتيك المعلومات؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
من أفراد، يأتون مصر، ويأتون لبنان، يراسلونا بالكتب، ما كان فيها فاكسات يومها، وكانت تأتينا معلومات، ولم تكن موثقة، أو تلك المعلومات الصحيحة التي يعتمد عليها، وبعدين هي مجرد معلومات، لكن هنعمل إيه فيها إيه؟
أحمد منصور:
ما أنت عامل جبهة وعامل تنظيم.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
لكن زي ما تقول جبهة هايفة، جبهة.. فعلاً. لا شك في ذلك يعني .. لا شك.
أحمد منصور:
عاد الملك أو الأمير سعود .. الأمير فيصل -عفواً- لتشكيل الحكومة في نهايات العام 62 مرة أخرى، وبدأ الصراع والمشاكل بينه وبين الملك سعود، كنت تتابع هذا الأمر؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم، إلى حد كبير، وعرفناها بعد ما عدنا للمملكة.
أحمد منصور:
لكن لم يكن لك أي صلة بالعائلة الحاكمة في تلك الفترة.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/309)
أبداً، إطلاقاً، حتى أنا أتذكر أنه في عودة الأمير فيصل من أمريكا قابل الرئيس شهاب...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في لبنان.
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مستأنفاً]:
في لبنان.
أحمد منصور:
وأنت كنت هناك؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أنا كنت في بيروت، وجاني بعض الأخبار من القريبين من شهاب، منهم تقي الدين الصلح، كان صديق شهاب وهو قريب .. قريب العيلة يعني .. عيلتنا، وعلى أساس إنه يعني برضه الرئيس شهاب أكد للأمير فيصل إنه فلان موجود في لبنان بباسبور مصري، علشان يبرئ ذمته، أيوه يعني إحنا مالناش دعوة، هذه وصلتنا هذه المعلومة يعني.
أحمد منصور:
بعض الأشياء تقول: إنه أخذ جرين لايت (green light) من الإمريكان.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
يمكن، يمكن، ليش لا؟ ليش لا؟ يعني ما أنت .. يعني أمريكا .. هي المشكلة اللي عند العرب إنه لا يتصورون إن هم وطنيتهم زايدة عن الحدود أكثر من اللزوم، مش متصورين هذه الحركات الدولية ما يدور في العالم. أبداً...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ممكن تفهمنا -سمو الأمير- كيفية استيعاب -أيضاً- العلاقات الدولية والقبول ببعض الأشياء التي ربما يرى بعض الوطنيين أنها شيء من العمالة، أو شيء من العمل ضد مصالح الوطن نفسه؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
الوطنية، إيه هي الوطنية أولاً؟ يعني علشان الواحد يكون وطني، الوطني الذي يحكم به هي المحكمة، مش الديماجوجية، مش الشعارات، مش واحد يكتب بالصحيفة يتهم فلان بخيانة، ما كانوا زمان يتهمون فلان الذي لا يكون اشتراكي أو ناصري أو مع الحكم الشمولي يعتبروه خائن، والآن الذي لا يمشي مع بعض الجهاد وكذا يعتبروه كافر، لا يا أخي إحنا نقول: الذي يطلق هذه النعوت وهذه التسميات هي المحاكم، وطني!! وطني إيه يعني؟
(1/310)
الوطني كل الناس وطنيين -إن شاء الله- وكلهم يحبوا بلدهم، إنما فيه مدارس، أما الواحد يكون عميل، وثبت إنه له عمالة، أو يقبض من فلان أو علان على حساب بلده، هنا الذي يجب أن تقول المحكمة: إنه عميل أو خائن، ويحكم عليه بما يجب أن يكون.
أحمد منصور:
أنت لا ترى بأس أن الحاكم -أيضاً- من حقه أن يسعى للحصول على دعم خارجي من القوى الكبرى في الوقت الذي يمشي فيه، أو يحرص فيه على مصالح بلده؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
صحيح.
أحمد منصور:
هل يمكن أن يكون هناك توازن بين الاثنين؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم، نعم، طبعاً، طبعاً، أنا أجيب لك (كاسترو) هذا الـ.. وين؟ هذا الألمعي الوطني الأول لما يدخل في صالة اجتماعات كل الناس تصفق عليه، كله يصفق له، إيش كان مع روسيا؟ تدفع له خمسة آلاف، ستة آلاف بليون دولار، ولما اجت كاسترو اتفاقية 62 إيش صار فيها؟ يعني عملية، هو الوطني عالمياً، أحد يقول عنه من عند اليساريين أو الإخوان اليمين والشمال هناك إنه هذا مش وطني، هل يتجرأ؟
أنا لم أسمع عن كاسترو ما حد قاله له وطني من الجماعة دول، ومع ذلك كانت علاقاته متينة وعريقة مع الاتحاد السوفيتي، فلذلك الحاكم الذي يستعمل الآخرين لمصلحة بلده باتصالاته أنا أعتقد إن هذا جائز ممكن، ما فيها شيء.
أحمد منصور:
تقول أن الملك فيصل عاد من الولايات المتحدة بقوة.
طلال بن عبد العزيز آل سعود آل سعود:
نعم.
أحمد منصور:
ومن هنا بدأت الخلافات بينه وبين الملك سعود.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
قوة، وضعف الملك سعود.
أحمد منصور:
كيف؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/311)
بدأت صحته تتدهور، يعني جهتين خدمت أغراض الملك فيصل، إخوانه كانوا جاهزين له، يتلقفوه، قالوا له: أنت الحاكم، فشكل وزارة، ومن ثم صار نائب الملك، أول مرة يصير نائب الملك في وجود الملك وغيابه، انتبه هذه مهمة عادة نائب الملك يكون في غيابه، هنا لا. أصدر الملك مرسوم بأنه فيصل يكون نائبي في حضوري وغيابي، فصار الملك فيصل هو الذي يحكم.
أحمد منصور:
هذا في نوفمبر 62.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم.
أحمد منصور:
الملك خضع لضغوط -أيضاً- من العائلة من أجل...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
خلاص الملك سلم.
أحمد منصور:
هذه المرة خلاص.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
سلم، إنه يكون ملك.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
فقط، ولا يحكم. ملك ولا يحكم.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم، ولا يحكم.
أحمد منصور:
فيصل ولي عهد ورئيس وزراء ونائب ملك، وحاكم.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
صحيح، أخوه وأجدر منه في ذلك الوقت، والمجموعة كلها معاه، إيش يبغي أكثر من كده؟
أحمد منصور:
هل الملك سعود يعني كان فيه شكل من أشكال الخلافات أم سلم بالأمر الواقع؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أنا أعتقد أنه سلم بالأمر الواقع.
أحمد منصور:
في تلك المرحلة.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أنا أعتقد لأنه أنا ما كنت موجود، بس أعتقد هذا حسب ما سمعت لما رجعت.
أحمد منصور:
لكن هو في العام 64 حضر مؤتمر القمة العربي في القاهرة الأول كشكل من أشكال إثبات الحضور وأنه الملك الفعلي في الوقت الذي كان الجميع يترقب وصول الأمير فيصل وليس الملك سعود.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
رغب هذا، أراد أن يحضر، وأصر على حضوره.
أحمد منصور:
كنوع من إثبات أنه الملك أيضاً.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
فليكن، هذه وجهة نظره هو، إنه أنا الملك -وهو الملك فعلاً- هو الملك، فحضر نيابة عن المملكة العربية السعودية بموافقة فيصل.
أحمد منصور:
(1/312)
بموافقة الملك فيصل.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
طبعاً سعود حضر بموافقة فيصل.
أحمد منصور:
طيب، في تلك المرحلة ما بين عامي...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
لا، لا، هذا الوقت أنا كنت في بيروت.
أحمد منصور:
كنت لم تعد؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
لا. ما عدنا.
أحمد منصور:
الأمور وصلت بك إلى مرحلة من...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
اليأس.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
من القلق ومن اليأس.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
يأسنا من الخارج، يعني البلد .. وطنك هو وطنك حقيقة، يعني إذا كان فيه مجال أن تبقى في وطنك هو الأفضل.
من تجربة حقيقة .. الهروب هو مشكلة...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
حتى تبقى في وطنك ولا تمارس دور سياسي ولا حاجة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
فليكن، أن تكون الثاني والثالث والرابع والعاشر في وطنك أحسن ما تكون الأول في الخارج.
أحمد منصور:
هذا نتاج تجربتك 19 شهر من الـ...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
نعم، نعم، إلا إذا كان سافرت برغبتك، مش مجبور عليها، إذا كنت عارف المهاجرين بيهاجروا لأسباب مختلفة، أما سياسياً من نفسه وهاجر ما حد طرده من بلده، أو معيشية، ظروف يعني تحتم عليه، وهذا الوضع هذه. الوضع اللي عندنا من تجربتنا لا. الوطن أفضل.
أحمد منصور:
في تلك المرحلة 62 .. 63 كانت مرحلة تغيرات كبرى في العالم العربي، وعمليات استقطاب، الوحدة بين مصر وسوريا انتهت في العام 61، بعد ذلك حدثت بعض الانقلابات والتغيرات، حصل فيه .. استقلال الجزائر يوليو 62. قيام وصمود ثورة اليمن في سبتمبر 62. سقوط نظام عبد الحكيم .. عبد الكريم قاسم في بغداد فبراير 63. انهيار نظام الانفصال على الوحدة في سوريا في مارس 63.
كانت المنطقة تغلي بالانقلابات، بالحركات، بالاستقطابات أيضاً، كان جمال عبد الناصر بارز كقوة كبيرة في المنطقة.
(1/313)
أيضاً بدأت بعض العواصم الأخرى أو الولايات المتحدة تتدخل لتفتيت قوة جمال عبد الناصر في المنطقة، سياسة المحاور في تلك الوقت، أثناء وجودك في الخارج هل كنت تتابع أياً منها أو كان لك بها علاقة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
إلى حد كبير.
أحمد منصور:
كيف؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
من خلال الإعلام.
أحمد منصور:
من خلال الإعلام.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
آه.
أحمد منصور:
لكن لم تسع لكي يكون لك رباط بأي جهة من هذه الجهات؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أبداً، أبداً، إطلاقاً.
أحمد منصور:
ما رأيك وتقييمك لعملية..
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
إلا أنه رحنا لعبد السلام عارف سنة 63.
أحمد منصور:
ذهبت له.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
آه، أنا وإخواني، رحنا له على أساس يومها كنا عايزين ندخل السعودية من العراق، زهقنا.
أحمد منصور:
تدخلوا هروباً يعني؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
هروباً، عاوزين ندخل وبس، يمسكونا، يقبضوا علينا مش مهم.
أحمد منصور:
طيب ما الذي كان يمنعك من إنك تدخل عادي في طائرة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أدخل من فين؟
أحمد منصور:
في طائرة من أي مكان.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
لا ممكن يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لن يسمحوا لك.
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مستأنفاً]:
ما هو هنا الحدود والمطارات والمواني كلها عندها أوامر إنه إحنا لا ندخل السعودية.
أحمد منصور:
لا تدخل.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أبداً، وإذا صار شيء يقاومونا بالسلاح.
أحمد منصور:
تذكر لنا تفاصيل خطة، أو سعيك للدخول عن طريق العراق؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أبداً، رحنا هناك علشان نشوف العملية، نشوف العملية، وقلنا: إحنا خلاص زهقنا عايزين ندخل، نركب سيارة في البر وندخل بلدنا، يقبضوا عليك ما يقبضوا، بكيفهم، ندخل نشوف أرضنا.
(1/314)
رحنا هناك لما شفنا الجو العراقي المكهرب، ولم يتم اتفاق مع عبد السلام عارف والبعثيين والجيش، انطباعنا قلنا: لا. يمكن كما دول يودونا في داهية، فبلاش خلينا نرجع لبيروت، غيرنا رأينا.
أحمد منصور:
رجعت مرة أخرى.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
آه.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور:
علاقتك بالرئيس جمال عبد الناصر في تلك المرحلة وصلت إلى طريق مسدود -كما يقال- في الوقت الذي كان عبد الناصر بيرحب بيك بسبب التدخل المصري في اليمن، والصراع بين السعودية ومصر فيما يتعلق بتواجد القوات المصرية في اليمن والتدخل المصري في اليمن، ووقوف السعودية إلى جوار الإماميين ووقوف مصر إلى جوار الثوريين. ماذا حدث بينك وبين عبد الناصر؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
هو -طال عمرك- أيام لما جيت عبد الناصر -انطباعي- إن الرجل شاف .. ما شاف منا .. من ورانا فايدة، قال: دول بتاع شعارات، ويمكن يكون خلاف عائلي ويرجعوا بكره على حسابي، أنا تصوري كده يعني لما ترجع بي الذاكره إلى ما كان يجري وإحنا في مصر إيه دول يعني؟ صوت العرب وهنا .. ومش عارف إيه، ما وراها فايدة، فصارت العلاقات بيننا تفتر إلى أن قامت ثورة اليمن، وأنا كنت عنده في ليلتها واخد موعد مسبق، أنا آسف أنا آسف، عشان بس الواحد يكون دقيق لما صار البدر ملك أنا كنت عنده مش الثورة، لما مات...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الثورة 29 سبتمبر 62.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
62، كنت عنده في البيت، قلت له: أنت هتهني البدر؟
قال لي: والله ما أني عارف، أفكر.
(1/315)
قال لي: أنا مش عارف أهنيه أو لا، وأنا في بيته، فصار فتور في العلاقات في 63 يعني بعد سنة تقريباً من مضي لجوءنا إلى مصر، لأنه أنا أتصور إنه قال: هادول يعني إيش يعني؟ أولاً: أحرار يروحوا بيروت وييجوا بيروت، يعني هنمسكهم إزاي؟ وما صرنا لاجئين في بتاع الأوقاف في الشقق، ولا إحنا ناخد 100 أو 200 جنيه يعني مثلاً، أتصور إن هذه أسباب الفتور إلى أن ضربت (جيزان).
أحمد منصور:
بالطائرات.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
بالطائرات، فطلبت أنا مقابتله قابلني، قلت له: فخامة الرئيس، لا أقبل أن تضرب السعودية بالطيران، حرب حدود، حرب في لبنان إنما أرجوك. كشر في وجهي وهو أسمر فزاده سماره سماراً أكثر...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مع الغضب...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
وكان يعني شكله .. قال لي: والله طلال هذه يعني حرب، هم المعتدين وكل الامدادات تيجي من جيزان، قلت له: والله أنا بأقول لك يعني رأي أنا لا أقبل أحد يضرب الأراضي السعودية بالقنابل، حرب بينكم واليمن بكيفكم إحنا ما نتدخل فيها .. هنا بقى -تقريباً- أقدر أقول لك: قطعت العلاقات بيننا.
أحمد منصور:
في هذا الموقف.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
في هذا الموقف.
أحمد منصور:
ولم تلتق بعبد الناصر بعد ذلك.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أبداً، أبداً.
أحمد منصور:
حتى وفاته؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أبداً.
أحمد منصور:
هل بقيت في مصر بعدها أم خلاص؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نروح ونيجي، نروح لبنان ونرجع.
أحمد منصور:
لكن بعد ذلك هل قمت بأي نشاط أو أي شيء بعد هذا الأمر؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نشاط إيه مثلاً؟
أحمد منصور:
هنا استمرار في الشعارات في..
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
هي برضه الصحافة، بس بعدين خففنا.
أحمد منصور:
إلى متى قررت أن تتوقف؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/316)
والله التواريخ لا أتذكرها، أنا هذه من عيوبي يعني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كم شهر..
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مستأنفاً]:
أنا شايف مثلاً بعض الناس اللي أنت بتجيبهم بيقول لك: اثنين ثلاثة مش عارف كذا التاريخ .. أنا هذا مش عندي.
أحمد منصور:
طب أنا عندي بعض التواريخ اللي سعادتك هترتبها، عندي بعض التواريخ لترتبيها يعني أنت بعد سبتمبر 62 نهاية العام 62- 63، أنت رجعت في نهاية العام 64، كم شهر تقريباً من 19 شهر، كم شهر بقيت في ثورة التصريحات ضد المملكة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أتصور -طال عمرك- يمكن .. يمكن نص المدة أو أكثر منها بشهرين.
أحمد منصور:
يعني أنت في 63 فبراير أو...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
يعني 12- 14 شهر.
أحمد منصور:
في فبراير 63 ذهبت للعراق لمحاولة الدخول إلى المملكة 63 في بداية العام، لكنك رجعت أيضاً واستمريت في بيروت. لو أردت أيضاً أن آخذ قضية متابعة الآن ما بين الملك سعود أعود إلى المملكة...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
وفيصل.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
وقضية الملك سعود والملك فيصل بعد حضور الملك سعود مؤتمر القمة في يناير، الأمير فيصل حضر مؤتمر القمة الذي كان في سبتمبر، ورجع من مؤتمر القمة سبتمبر، أكتوبر، نوفمبر، 2 نوفمبر قرر الملك سعود .. أو الأمير فيصل خلع أخيه...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
هذا مش صحيح.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
الملك سعود.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
هو إخوانه.
أحمد منصور:
قول لنا تفصيل بقى ما حدث، أنت كنت رجعت إلى السعودية.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
آه، رجعت إلى السعودية.
أحمد منصور:
بعد ما أرسلت إلى الأمير فيصل في سبتمبر هنا في الإسكندرية.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
هو تجاهلنا.
أحمد منصور:
لم يرد عليك.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أيوه، تجاهلنا.
أحمد منصور:
(1/317)
سبق وإن إحنا تحدثنا قليلاً عن الوساطة التي قام بها رئيس تحرير صحيفة الحياة في إعادتك في .. بينك وبين إخوانك من أجل عودتك إلى...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
صحيح نعم .. نعم..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
إلى السعودية.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
مضبوط.
أحمد منصور:
تفتكر تاريخ رجوعك بالضبط إلى المملكة.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
لا والله، لا والله.
أحمد منصور:
لكنه كان قبل نوفمبر 64.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
صحيح.
أحمد منصور:
وبعد سبتمبر 64.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
وبعد سبتمبر، بالضبط.
أحمد منصور:
حينما رجعت اعتزلت الحياة بشكل عام أم كنت تقوم ببعض الأدوار؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نهائياً.
أحمد منصور:
كيف كان ينظر لك إخوانك وأنت شنعت عليهم تسعة عشر شهراً؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أنا .. هو السؤال يجب أن يكون العكس بمعنى كيف نظرتي لإخواني من خلال نظرتهم لي؟ انطباعي، كان نظرة يعني برضه واحد يعني برضه جه، وشتمنا، وسبنا ومش عارف .. ولهم حق في هذه، لأنه احنا الحقيقة تجاوزنا في بعض الأمور، وكان نوع من الجفا، إنما مع مرور الوقت صرنا طبيعيين.
أحمد منصور:
مع مرور الوقت وأنت تحدثت فيها أيضاً في حلقات سابقة، لكن في تلك الفترة كنت في شبه عزلة تقريباً؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم، نعم.
أحمد منصور:
وكذلك إخوانك اللي رجعوا معك؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
لا، اندمجوا لأنهم رجعوا قبلي.
أحمد منصور:
هم رجعوا قبلك؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
آه.
أحمد منصور:
اندمجوا هم، أنت الذي بقيت، متى رجعوا هم؟ أنت بقيت 19 شهر..
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
قبل شهرين ثلاثة من عودتي.
أحمد منصور:
كيف تم قبول رجوعهم وأنت لا، وهم كانوا متحالفين معك؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/318)
والله لا أعرف، إنما أنا فوجئت إنه إخواني هؤلاء اللي معانا تركوا المنزل عندي وانتقلوا للأوتيل.
أحمد منصور:
لم يخبروك؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أبداً، ورحت عندهم هناك، ووجدت منهم جفا، صد، عرفت انطباع يعني، شعرت إنه فيه شيء بيدور من الظهر، فقلت لهم: بكيفكم.
أحمد منصور:
يعني أنت بقيت وحيداً في النهاية.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
لوحدي، إلى أن جاء كامل مروه صاحب "الحياة"، وكان بيني وبينه جفا كامل مروه في ذلك الوقت، إنما هو كان بيحب العيلة، بيحب العائلة يعني الحياة والسياسات تحولت من العراق إلى السعودية بعد 58 من العراق، وهو قام بدور الواسطة وكما .. أول .. أنا شفت أنا أتذكر ما نشيت في الحياة (عودة طلال إلى السعودية) على أساس .. بناءً على الواسطة اللي هو قام بها.
أحمد منصور:
نعم، الآن نعود، أنت الآن عدت إلى المملكة ووجدت الصراع بين فيصل وسعود على أشده، تروي لنا الصورة.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم؟
أحمد منصور:
تروي لنا الصورة التي كان عليها الصراع.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
لا أبداً أنا الحقيقة كنت بعيد عن العملية، هم فيصل -الله يغفر له- كان في الطائف وسعود كان في الرياض، وفيصل ما كان عاوز يتحرك من الطائف، إخوانه أصروا عليه إنه لازم لا يترك الأحوال بالشكل هذا، لازم نعمل إجراء معين، وتيجي أنت الحكم، فجاء عن طريق البر، السيارات، حتى لما جاء أنا رحت وقابلته في البر.. فيصل.
أحمد منصور:
قبل أن يدخل إلى الرياض؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أيوه، ثم قابلته في منزله، وهو اللي قال لي: روح شوف سعود، ما أنا خايف أروح أشوف سعود بدون موافقته ما هو الحاكم، ولو إنه من إخوانا يعني.
أحمد منصور:
كيف التقاك الملك .. الأمير فيصل في ذلك الوقت؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
لا عادي ذلك كأنه ما صار شيء.
أحمد منصور:
كأن ما صار شيء؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/319)
أبداً، ما هو هنا أقول لك الروابط العائلية الحقيقية –اللي الناس ما يعرفوها- مهما كان من أزمات، إذا صار تلاقي بينهم، تنتهي هذه الأزمات، يعني هذه طبيعة جيدة وطيبة، أعتقد ميزة.
أحمد منصور:
نعم، لم تكن رأيت الملك سعود حتى تلك اللحظة وطلب منك الأمير فيصل أن...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
ورحت زرته.
أحمد منصور:
ماذا قال لك؟ كيف استقبلك؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أبداً، كيفك؟ أهلاً وسهلاً، حمد الله على السلامة، يعني إيش الغياب هذا.. ، الكلام اللي.. السعودي الدارج اللي يستعمل في مثل هذه المناسبات يعني.
أحمد منصور:
كان الملك سعود يدرك أن هناك ترتيبات من أجل خلعه وتنصيب فيصل ملكاً؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
والله أنا .. صراحة هذا سؤال وجيه لكن ما أعرف، بس حتماً كان بيشعر طبعاً.
أحمد منصور:
يعني هل من المعقول أن الملك سعود كان وحده فقط، وكل العائلة كانت في الجهة الأخرى؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم، في تلك اللحظة؟
أحمد منصور:
نعم.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم.
أحمد منصور:
لم يكن أحد بالمرة إلى جواره؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أبداً.
أحمد منصور:
هل كان يمارس أي شكل من أشكال الحكم أو الصلاحيات؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
بيحاول، كان بيحاول، لأنه هو الملك.
أحمد منصور:
لكن هو تنازل في وثيقة رسمية.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
تنازل لكن هو الملك، يعني ما تنازل .. تنازل عن السلطات، ولكن لم يتنازل عن اللقب فاللقب له بريقه، له بريقه وله يعني أشكال مختلفة من السلطة حتى لو لم يمارسها هو شخصياً.
أحمد منصور:
لكن أنت كيف وجدته صحياً في تلك الفترة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم؟
أحمد منصور:
كيف وجدته صحياً؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
طبيعي، سعود اللي بنعرفه.
أحمد منصور:
(1/320)
لكن الأسباب اللي قيلت أنها صحية في خلعه أو في نقل الصلاحيات للأمير فيصل.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
بعدين .. إحنا قعدنا أشهر إلى أن خلع الملك سعود، فلما أرادوا أن يخلعوا الملك سعود، اجتمعوا في بيت الأكبر فينا اللي هو محمد بن عبد العزيز. أنا بعت خطاب للأخ محمد قلت له: يعني أنا جاي من برة الآن، وما شُفت العيلة كلها ففي حرج لي، لكن هذا توكيل مني لك لمحمد -الله يغفر له- اللي ما يُقره أبناء عبد العزيز.
أحمد منصور:
ما هي أسباب عدم حضورك؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
يعني ما شُفت العيلة ولا تشرفت بيهم ولا كان، أروح يعني نشاز، جاي واحد من بره والشتائم اللي حدثت، والنفي، والغضب، والزعل وأروح أدخل في معمعة أنا لا أعرف خلفياتها ولا خفاياها فقلت أوكل أفضل.
أحمد منصور:
لكن ما هي كان خلفياتها وخفاياها بعد هذه الفترة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
خلفيات الـ ؟
أحمد منصور:
آه، أسباب المشاكل والصراع والخلع.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أبداً .. أبداً، ما هو ليس صراع على الحكم الحقيقة، يعني هذه هنا مهمة .. نقطة مهمة ربما كان .. كنت أقولها من بداية الحديث، هو وصلت العملية إلى عملية بقاء أو عدم بقاء، الرأي العام في العيلة إنه لابد أن فيصل يأتي للحكم حتى تستمر المسيرة، لكن بوجود الملك سعود في ذلك الوقت مع مرضه، مع الأمور التي كانت تحدث في ذلك الوقت، يعني هيكون نوع من الارتباك في نظام الحكم وهذا لا يؤدي إلى نتائج حميدة، فوجدوا إنه من الأفضل أن يأتي فيصل فوراً بتنازل من الملك سعود، والملك سعود الحقيقة هم طلبوا منه، إخوانه يعني اللي راحوا له أنا عرفت فيما بعد أنه تبقى ملكاً برضه أو تبقى -أنا آسف- تبقى إمام.
أحمد منصور:
إماماً.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
والمُلْك لفيصل، ياريته قَبِل.
أحمد منصور:
من الذي أبلغه بالقرار؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/321)
والله لا .. إخواني .. بس اللي راحوا له لا أتذكرهم يعني، لكن راحوا له قالوا أن تبقى إمام، وفوق روسنا ومُحشم، مُكرم لك، إنما فيصل الملك يحكم، وهذا صحيح كان يجب أن يتبع هذا الطريق في ذلك الوقت.
أحمد منصور:
لكن كون الأمير فيصل في ذلك الوقت كولي عهد ورئيس وزراء ونائب للملك، وملك فعلي للمملكة، ما الذي كان يمنعه من أن يمارس هذا الأمر ويبقى الملك سعود؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
برضه سعود كان يتدخل، والناس هناك ما تعرف نائب وتعرف ملك، العامة، حتى كثير من موظفي الدولة، إنه هو الملك، يعني لما يجي يرفع سماعة على فلان ويأمره مش هيقدر يقول لسعود لا؟ صعب، هو الملك.
أحمد منصور:
يعني نقدر نقول أن هذه الفترة كانت المملكة تحكم، برأسين ولذلك كان لابد أن يتم حسم الأمر؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
إلى حد كبير .. إلى حد كبير، نعم.
أحمد منصور:
وحسم الأمر للأمير فيصل، وأصبح ملكاً للمملكة العربية السعودية.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
صح.
أحمد منصور:
في 2 نوفمبر 64.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم، مضبوط.
أحمد منصور:
وبدأت فترة الملك فيصل والتي امتدت إلى العام 1975م حتى حادث اغتياله.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
75، صح.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور:
هل فكرت، أو سعيت إلى أن تقوم بأي نشاط سياسي أو دور في فترة الملك فيصل؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أبداً.
أحمد منصور:
هل الجفوة أو بقاءك، أو مجيئك إلى الحكم لمدة تسعة أشهر 61، 62 جعل الملك فيصل أيضاً يتعامل معاك بشكل من الأشكال الغريبة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/322)
إلى حد كبير .. إلى حد كبير لكن الرجل -الشهادة لله، الله يغفر له- قبل سنتين من وفاته، لما كان يستقبلني كان استقبلني فيصل الأول اللي كان صديقي، كنا أصدقاء أنا وفيصل، لما أروح الطايف، أو أروح جدة أسكن في بيته، يعني كنا قريبين من بعض، فالسنتين قبل وفاته صار بيننا التقارب غريب حتى لما يجيلي أمرض أو كذا أو كذا أول من يسأل عني فيصل، هذه قبل سنتين من وفاته.
أحمد منصور:
الملك سعود تقبل أمر الخلع بشكل طبيعي، أو؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
لا، أمر واقع هو الحدث خالص إجماع، إجماع.
أحمد منصور:
أليس هذا شيئاً غريباً أن يحدث في العائلة الحاكمة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
ليه؟ بالعكس أنا أعتقد هذا جيد، لحقوا أنفسهم، والبديل موجود، المهم إنه .. الفراغ، الدول إذا تشكوا من الفراغ، إنما ما فيه فراغ، فيه بديل.
أحمد منصور:
اسمح لي سمو الأمير، فيه علامات استفهام كثيرة أيضاً في تلك الحقبة، وعام 64 بيوصف من أنه أكثر الأعوام ضبابية في التاريخ السياسي الحديث للمملكة العربية السعودية، وهناك أمور كثيرة غير واضحة حتى الآن، وبالذات في عملية ترتيب نظام الحكم، وانتقال الحكم من الملك سعود إلى الملك فيصل، يعني فيه غموض، وفيه ضبابية كثيرة في طبيعة العلاقة، في أسباب خلع الملك...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
إيه بالضبط. قلها..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
أسباب خلع الملك، الجوانب الصحية، بعد ذلك الملك خالد كان مريض، وكان برضه ملك موجود، وكان الأمير فهد في ذلك الوقت ولي العهد، كان يمارس صلاحيات الملك، في بعض الأحيان الآن الأمير عبد الله يمارس صلاحيات الملك.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
برغبته، هنا مش برغبة الملك سعود، هنا سعود أجبر عليه هذا.
أحمد منصور:
ما هو النقطة هنا إجبار الملك سعود.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/323)
معلش ما إحنا قلنا مريض، وكان يريد أن يحكم وهو مريض، انتهى، خلاص، يعني في فترة مضت عليه وحكم أهلاً وسهلاً، لما وصلت إلى هذا الحد من العجز بأنك تمارس الحكم كان يجب أن تتنازل -كخطوة أولى- لفيصل كنائب لك بحضورك وغيابك، ولكن تتدخل في الحكم بشكل أو آخر كان لازم بقى تعطي كل شيء لفيصل حتى المُلك، اسم .. اللقب، الثانيين لا برضاهم.
أحمد منصور:
كيف كان وضع وحياة الملك سعود بعد خلعه؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
رفض أن يكون إماماً، وطلب أن يغادر السعودية إلى المنفى، هو طلب ما حد نفاه، إخوانه كانوا متشبثين به إنه يقعد، هو قال: أريد أن أترك، كلهم ودعوه في المطار، وباسوا يده أولهم فيصل.
أحمد منصور:
ذهب إلى أين؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أظن اليونان.
أحمد منصور:
وأقام فيها كم سنة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
والله لا أعرف كم الفترة.
أحمد منصور:
متى تعرف، متى توفي؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
سنة 68.
أحمد منصور:
توفي في اليونان، أو في المملكة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
في اليونان.
أحمد منصور:
يعني بقى من 64 إلى 68 يعني إقامة اختيارية له في اليونان.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
اختيارية وجاء مصر هنا، جاء لمصر، وعلى أساس إنه بده يموت في بلد إسلامي، أراد يروح لبنان ورفضوه في لبنان.
أحمد منصور:
لكن عبد الناصر استقبله؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
عبد الناصر استقبله.
أحمد منصور:
رغم كل ما كان بين الرجلين؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
آه، طبعاً، ما هو برضه (شهد شاهد من أهلها) خليه ييجي عندي أهلاً وسهلاً، ما دي سياسة منه.
أحمد منصور:
رغم اتهام عبد الناصر له بإنه تآمر ضده لقتله في دمشق في سنة 58.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/324)
مثلاً نسيها، ما هي دي سياسة، إحنا جينا أهلاً وسهلاً قال: تفضلوا خد باسبور واشتموا، أنت يا سعود تعالى هنا واشتم، يعني تخدم أغراضه، وهذا من حق الحاكم.
أحمد منصور:
لكن الملك سعود هل مارس أي دور من أدوار الشتيمة أو العداء لـ..؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
لا، لا، أنا ما سمعت، لكن اللي كان برضه .. يعني رجل ملك في البلد ونُفي وهو يعتقد أنه أجبر على كذا، يا أخي من حقه أنه يحاول أنه يعمل حركات هنا أو هنا هذا طبيعة البشر، غلطان أو على صح، طبيعة البشر، لا يُلام هذه أشياء يعني.
أحمد منصور:
تقييمك إيه لفترة حكم الملك سعود؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
طفرة التعليم في السعودية يعني سعود، أعلن النظام الأساسي الحكم، أعلن بقيام المجلس.
أحمد منصور:
الذي رفعتموه.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
هو اللي أعلنه إحنا ما أعلنوش أية فأيدته، فيه إصلاحات قام بها سعود لاشك، لا يمكن أن ننكرها، عنده بعض التدبيرات والأمور الإدارية مثلاً ديوان المظالم وهذا مهم جداً أنشئ في عهده، كثير من الأمور أنشئت في عهده.
أحمد منصور:
قانون تحرير الرق اللي صدر في العام 63.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
حكاية تحرير العبيد.
أحمد منصور:
نعم.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
في وقته أول من أصدر أمراً أن يكون -في وزارتنا إحنا- أمراً لتشكيل هذا، وكان .. ونشرتها في كتابي، كُتيب صغير، موجودة، وجبتها بالتواريخ وموثقة، عبد المحسن وزير الداخلية رئيسها، ومن أعضائها الشيخ محمد الحركان من أشهر علماء المملكة، عضواً فيها، رئيس المحاكم في الحجاز، هذه من إنجازات سعود، بعدين أكملها فيصل، ليش ما نعطيه حقه الرجل يعني؟!
أحمد منصور:
(1/325)
سمو الأمير، في هذه المرحلة كان هناك عملية محاور، محاور وأقطاب للعواصم العربية، الفترة كانت فترة دسائس ومؤامرات، فترة انقلابات، وفترة ترتيب علاقات ما بين بعض المصالح أو الأقطاب العربية، وما بين الغرب كانت القاهرة بينظر لها على إنها الثقل العربي الرئيسي، كان دمشق بينظر لها على أنها أيضاً محور وبؤرة أساسية في قوة العرب، كان بينظر للرياض على إنها المركز المالي الذي يستطيع أن يدفع القوة العربية ويحميها، لكن تم ضرب هذه المحاور الثلاثة، وتفتيتها وإيقاع الصراعات بينها، تقييمك أيه لهذا الأمر؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
شوف -طال عمرك- نرجع لحكاية المؤامرة ودي مهمة لما جبت عملية الانقلابات وكذا، هنا المؤامرات مش مؤامرة طلال لأنه الأستاذ هيكل بيستمد قوته إلى اليوم من الرئيس عبد الناصر، قوة دفعه، ويركب أموراً كثيرة تركيبات في خياله لفلان وعلان ما فيه حد يجاوبه، وهم الآن يعني لما تشوف الشخصيات الـ.. يقول لك: لا، إحنا مش هنسكت، هنا المؤامرات، هي عندك مؤامرات عن طريق الجيوش من القاهرة يا عن طريق إثارة الشعب وحماس الشعب عن طريق الإعلام، كلها تسميها إيه دي مؤامرات، أو دفع فلوس...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن هذه هي السياسة..
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مستأنفاً]:
فكانت المحاور الموجودة في ذلك الوقت هي المحاور -الحقيقة- محورين أساسين الرياض وهنا -ومصر- وكان بينهم مصنع الحداد إلى سنة 67، في 67 مات الرئيس عبد الناصر، إكلينيكياً مات، بس عايش بروحه، 67، هنا برز دور السعودية أكبر بهزيمة 67 اللي هي هزيمتنا كلنا للأسف.
(1/326)
مات عبد الناصر في ذلك الوقت، مين طلع وبرز أكثر؟ الملك فيصل، صار المحور الأساسي هو السعودية، ما عندها من مال، وما عندها من .. وشخصية فيصل -على كل حال- كانت يعني -بشكل أو بآخر- لها وجود عربي ودولي، لأنه هو وزير خارجية من سنة 26، وله اتصالات في الخارج وفي العالم، له يعني دالة على الآخرين، فالمحاور -حقيقة- اللي كانت موجودة سوريا بعد الوحدة ما كانش لها .. ما كان عندها إلا مشاكلها الداخلية.
وحكم البعث وانفرد بالحكم الاستبدادي، أيام جديد وما جديد، العراق ولخبطاته، انقلاب قاسم، يأتي البعث بعديه عبد السلام عارف، بعديه أخوه عبد الرحمن، بعديه البعث، فكان الحقيقة السعودية ومصر.
أحمد منصور:
تعتبر أنت محور الرياض- القاهرة حتى الآن .. محور الرياض- القاهرة حتى الآن هو محور أساسي في ترتيب العلاقات العربية- العربية؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
صحيح، أعتقد هذا، ويا ريت أن تكون العلاقات بين البلدين هي علاقات استراتيجية مدروسة على أسس علمية لكل نواحي الحياة منها السياسية والأمنية والاقتصادية، إلى آخره، مدروسة ووضع خطة عليها تسير عليها، وبعدين دعوة الدول العربية إلى .. وهي كلها -يعني- مستعدة أنها .. وسوريا لا ننساها اليوم عنصر أساسي.
أحمد منصور:
نعم، لو رجعت للسبب الرئيسي في المشاكل أو تصعيد المشاكل بين مصر وبين المملكة العربية السعودية كانت حرب اليمن بشكل أساسي وبشكل رئيسي، والأمور تصاعدت في تلك المرحلة، كيف تم لم الشمل بين مصر وبين السعودية؟ والملك فيصل كان حريص حتى إنه حضر في العام 64 وكانت الخلافات على أشدها، الجيش المصري موجود في اليمن، الحرب لازالت قائمة، كيف كانت عملية الترتيب لنزع فتيل الأزمة ما بين..؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
هو كلهم كانوا حريصين، الرئيس مبارك هنا .. أنا ذكرته أو ما ذكرته في الحلقة الأولى لما دعى الأمير محمد عبد العزيز؟ ما ذكرته لكم هذا؟
أحمد منصور:
لأ.
(1/327)
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
الأخ الأكبر محمد سنة 55 كان في القاهرة، وسمع عبد الناصر إنه كان فيه خلافات بين فيصل وسعود، شاع، فطلب إنه يشوف محمد عبد العزيز، محمد كان في زيارة خاصة، قال له أنت الأكبر بعد...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ذكرتها لنا دي سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
ذكرته لكم؟
أحمد منصور:
نعم.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
هذا يدل على أنه كل الفرقاء كانوا يريدوا التفاهم، ولكن برضه الزعامات والكرسي، والسلطة تدخلت في الأمور و أوجدت هذه الخلافات، المؤتمر الإسلامي عُين الملك سعود هو رئيسه، والسادات، أيامها ما كانش رئيس، كان أمين عام، مثلاً بالتقارب اللي بينهم، سنة 56 اللي اتخذ قرار قطع البترول عن بريطانيا وفرنسا تضامناً مع مصر. مين هو؟ الملك سعود، وقطع علاقاته مع بريطانيا ومع فرنسا، هذه ما يذكروها، تناسوها، هذا موقف رغم إن أنا ضد قطع البترول هذا موضوع ثاني.
أحمد منصور:
تحدثنا فيه في بعض الأشياء...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
إيه، بس هو اتخذ هذا القرار، طب هذه إيش معناها؟ ذلك الوقت ولا تزال معالمها موجودة للأسف هي العلاقات الثنائية بين الحكام نحكم كل شيء بيخسر الشعوب ومصالح الدول، وهذا اللي يجب أن نتخطاه.
أحمد منصور:
لكن الدور الخارجي، الدور اللي لعبته الولايات المتحدة على وجه الخصوص في محاولة تقوية موقف ووضع المملكة العربية السعودية ضد مصر التي كانت في ذلك الوقت لها ميول للاتحاد السوفيتي؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/328)
الرئيس (كيندي) كان فيه مراسلات بينه -ونشرت كلها- وبين ... قال له: أنت شاب مثلي ويجب أن نتعاون، وهنا كل مذكراتهم يقول لك: إن توجه مصر كان التعاون مع أمريكا، بس عندما رفضت تسليح مصر وتُسلح إسرائيل صار دب الخلاف فيما بينهم، فكانت المسائل المصرية أيضاً أمريكية، هو التوجه كله كده، لكن يحصل بعض الفجوات وينقطع حبل العلاقات فيما بينهم، فأمريكا كانت دولة –ولا تزال- الكبرى في العالم، ومصالحها الأهم هي في السعودية، وليس في مصر اللي هو البترول، طبعاً الدعاية المصرية ضخمت من هذه العلاقات، وأنه كانت على حساب سياسة الرئيس عبد الناصر، أنا أعتقد إنه فيها مبالغة.
أحمد منصور:
يعني الواقع كله كان بيؤكد على ذلك أو بيؤدي إليه.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
إيش هي الوقايع؟ اعطوني الوقايع، الرئيس كنيدي ما أيد السعودية في حربها مع اليمن، كان مع عبد الناصر إلا لما ضُربت جيزان وجابوا الـ F4 أظن من الظهران وضربت طيارات عبد الناصر الأمريكية، هنا شعر عبد الناصر لكي يتحول، أول من اعترف بالثورة هو كنيدي في اليمن، طب ليه ما يقولوا هم عبد الناصر، ما دام اعترف بجيوشه موجودة في اليمن؟ إذن معناها مع عبد الناصر ضد السعودية، فهذه كلها الأمور يجب أن نأخذها في الحسبان عندما نحكم على الأمور.
أحمد منصور:
تقييمك إيه لهذه المرحلة، مرحلة بداية الستينيات والتقلبات والصراعات التي كانت موجودة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
سيئة، سيئة، سيئة جداً، يعني حقيقة كانت غوغائية، سنين المؤامرات والدسائس والإعلام الذي يحشو بالكذب والمبالغات، يعني لما نيجي 67 كل الشعب المصري يقول لك: أوقعنا مليون طيارة، أوقعنا مش عارف كذا!! ذبحنا كذا!! طبعاً هذا غير صحيح. الإعلام له دور كان كاذب في كثير مما كان يتعاطاه، هذه كانت .. أليست مآخذ أيضاً...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هل تعتقد أن هذا..
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مستأنفاً]:
(1/329)
الله لو عملها سعود أو فيصل كان مسحوه من الأرض. ننصف الناس، ننصف .. نعطي هذا حقه وهذا حقه، إذا أردنا أن نتكلم بالتاريخ بشكل موضوعي.
أحمد منصور:
هل تعتقد أن هذه الأحداث وهذا الواقع العربي هو الذي قاد إلى هزيمة 67؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
نعم، أولاً وجود الجيش المصري بعشرات الألوف بهذه القيادة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في اليمن تقصد؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مستأنفاً]:
في اليمن. في اليمن آسف، وهذه القيادة اللي كان معروفة مين هي، عبد الحكيم عامر، فيه حد يحط عبد الحكيم عامر قائد الجيوش ولا حد يسأل فيه؟! كانت دولة داخل دولة، وإنت عارف إسرائيل إنها جنبك، هذا كلام! أعوذ بالله! الريس عبد الناصر نفسه قال: أنا مسؤول، والله أنا كنت أتمنى الرئيس عبد الناصر ولا شك إنه بوطنيته ليس .. ليس عليه غبار عندي، وطني ونزيه في نفسه، إنه لما قال: أنا مسؤول، يقدم نفسه للمحاكمة.
أحمد منصور:
هو قدم استقالته.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
بس رجع فيها...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الشعب خرج...
طلال بن عبد العزيز آل سعود [مقاطعاً]:
خلاص، بس هو قال: أنا المسؤول عن الهزيمة، عندها إما يكون إنسان مهزوم، على الإنسان يقول: حاكموني مسؤول إزاي؟!
أحمد منصور:
مَنْ يحاكمه إذا هناك مجلس تشريعي، إذا هناك مثل الغرب كان يمكن محاكمة .. مَنْ المسؤول عن الهزيمة؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
اللي يحاكم .. قيادات الجيش تحاكمه.
أحمد منصور:
هذه حوكمت بعد ذلك في محاكم الثورة.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/330)
حتى ما فيه قيادات جيش حوكمت، بالعكس أنا أعتقد إنها جيدة، وخليه بره، ويتهم عبد الحكيم عامر بالمحكمة لأنه عليها لغط كبير إلى اليوم. عليها علامة استفهام، والناس يطالبوا كثير بإعادة التحقيق في هزيمة 67، ليش لأ؟! مو هذه .. طب ليش لو عملها فيصل أو سعود ما شاء الله؟ يعني على كتر ما جاهم من مهازل، هه؟ لو جتهم هذه اشتموا فيهم، عشان نكون منصفين طيب، هذا .. فلذلك الحقيقة لما ييجي الأخ هيكل يقول: فلان متآمر وتعطي لي أسماء من عندك وتفكيرك وذهنك وغيري وغيري كمان في كتابه. طيب، ما أنت عندك المؤامرات اللي انتوا عملتوها من هنا!! أنت مقالاتك في حد ذاتها يا هيكل مؤامرات، وتحريض الآخرين شعوباً وجيوش على القيام .. على الشرعية، فلذلك عملية يعني حقيقة أنا مش فاهمها.
أحمد منصور:
سمو الأمير، تقييمك إيه لهذه المرحلة من 57 إلى 64 وهي مرحلة هامة في التاريخ السعودي وفي حياتك -أنت أيضاً- الخاصة وفي شهادتك على العصر كصانع للحدث في تلك المرحلة وللتاريخ؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
كيف الأمر؟
أحمد منصور:
تقييمك لهذه المرحلة كصانع للتاريخ فيها من 57 إلى 64.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
والله أنا أتصور أنه الرتابة عادة في أنظمة الحكم كارثة في حد ذاتها. الاستمرار بشكل رتيب بدون ما يدخل فيه تغيير وتحرك، حركة التاريخ، نتائجها وخيمة على أي بلد، فكنت أتمنى لأي بلد عربي أن ينظر ما يحدث حولنا من العالم، ويتحرك، فلذلك نظرتي لهذه المرحلة التاريخية نظرة تقليدية.. تقليدية ليس فيها جديد يعني.
أحمد منصور:
لكن أنت .. أنت في هذه المرحلة كنت صانعاً للتاريخ، وصانعاً للأحداث، وصانعاً للقرار في فترة معينة من فتراتها.
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
أيوه.
أحمد منصور:
تقييمك إيه للفترة التي كنت فيها؟
طلال بن عبد العزيز آل سعود:
(1/331)
أنا أعتقد إنها .. تقييمي لهذه الفترة هي فترة الشباب متحمس فيه جو ناصري شعبي مكتسح، ضد الاستعمار، مع الوحدة إلى آخره. طلعنا في هذا الجو، وعندنا مبادئ، مبادئ اللي هي لا يتفق مع عبد الناصر الديمقراطية مثلاً مش معاه، انتخابات مش معاه، تختلف، إنما هذه مبادئنا. فكانت فترة حركة كانت -من وجهة نظرنا- ولو إنه فيها بعض الحماقات والأخطاء كبيرة، إنما كانت لو .. لو تمت كانت المسيرة تتبدل وتتغير.
أحمد منصور:
أشكرك سمو الأمير شكراً جزيلاً على ما أدليت به من شهادة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- يتحدث صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود ليدلي بشهادته عن هزيمة العام 67 وما بعدها. في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/332)
الحلقة8(1/333)
الأحد 21/9/1421هـ الموافق 17/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 12:32(مكة المكرمة)،9:32(غرينيتش)
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة
25/11/2000
أحمد منصور طلال بن عبد العزيز
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود.
مرحباً سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أهلاً بك ومرحباً.
أحمد منصور:
إحنا الحقيقة في الحلقة الماضية ربما توقفنا عند محور هام، أو مفصل هام في تاريخ الأمة يتعلق بهزيمة العام 1967 والآثار التي تركتها ليس على مصر وسوريا والأردن وحدهم كدول مواجهة دخلت في الحرب، وإنما على الأمة العربية كلها، كيف كان تأثير هذه الهزيمة على المملكة التي كانت في خلاف مع نظام حكم الرئيس عبد الناصر في ذلك الوقت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
حقيقة بصرف النظر عن الخلاف اللي كان موجود بين القيادتين السعودية والمصرية في ذلك الوقت، إنما لا شك إنه كان صدمة للسعوديين أو على السعوديين بوجه عام، حكومة وشعباً وملكاً، لأنها كانت مفاجأة، والحرب –كما تعلمون- دامت أيام، بضعة أيام فقط وانتهت بهزيمتنا، هزيمة العرب من خلال مصر، الدولة الأكبر، الدولة الكبرى بين الدول العربية، ولها مكانة خاصة في نفوس العرب، ونفوسنا نحن في المملكة العربية السعودية.
طبعاً المشكلة اللي حيرت الجميع في ذلك الوقت هي الأخطاء التي ارتكبت في هذه الحرب.
أحمد منصور:
هل كانت الحرب متوقعة والهزيمة متوقعة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/334)
أبداً الحرب كانت متوقعة، أنه لم تكن تتوقع في تلك اللحظة، إنما عندما بدأت تحركات الرئيس عبد الناصر تجاه قوى الأمم المتحدة في المضيق وفي شرم الشيخ، والأمكنة هذه كما تعلمون، ومنع الإسرائيليين من المرور عبر خليج العقبة، الناس حسوا إنه في الجو شيء يدور، ولا يعلمون مداه، خصوصاً العامة منهم، أما المتتبعين لأمور العلاقات بين اليهود الإسرائيليين والعالم العربي الحقيقة كانوا يعتقدون أنها أمور مدروسة دراسة جيدة.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
من قبل العرب؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من قبل الرئيس عبد الناصر، وأنه كل هذه الخطوات تتخذ بناء على..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
دراسات واستعداد.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
أمور مرتبة واحتمالات متوقعة، وإلى الآن… هذه الأمور التي هي الدافع الأساسي لقيام هذه الحرب، فالأخطاء التي ارتكبت، منها على سبيل المثال مثلاً من الأشياء التي تعتبر انتصار للرئيس عبد الناصر –كما هو معروف في ذلك الوقت، وقيل من قبل الإخوة في مصر- هو جلاء الإنجليز سنة 54 أنه وقع اتفاقية الجلاء، ومن ثم تم الجلاء بشكل أو آخر بسبب الأخطاء الفادحة التي ارتكبها (إيدن) و (جيموليه) فرنسا وبريطانيا لغزوهم لإسرائيل، وتم الجلاء عملياً على الأرض الواقع، فمن أجل الأخطاء التي قيلت في ذلك الوقت بأنه صار الجلاء بيجي من هنا وترك أرض مصر، واحتلت إسرائيل أرضنا في حرب 67، أرض سيناء، الجولان، الضفة الغربية والقدس، فإذاً احتلال تركنا طوعاً أو غصباً واحتلالاً حقيقة حل محل الإنجليز بطوعنا واختيارنا من الأخطاء التي ارتكبت، هذه من الأمور –الحقيقة- اللي كانت من المآخذ في ذلك الوقت على الرئيس عبد الناصر فهذا زاد البلبلة فيما يختص بالعالم العربي، وفي عندنا في المملكة العربية السعودية أنه لماذا ترتكب هذه الأخطاء؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
(1/335)
كان يمكن تفاديها من الأول.
أحمد منصور:
لو طلبنا من سموك الآن أن تحدد كشاهد على العصر ورجل سياسة ورجل كان لك علاقاتك الخاصة بعبد الناصر في فترة من الفترات، وكنت متابعاً للساحة العربية، لو طلبنا أن تحدد في نقاط أهم الأخطاء التي ارتكبت، والتي أدت إلى الهزيمة في 67.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هو قال بنفسه: أنا مسؤول، لما صارت الهزيمة طلع على الجمهور والمواطنين ومجلس الشعب وقال: أنا أتحمل كل المسؤولية عن هذه الحرب. ولا شك أنه يتحمل المسؤولية، لأنه هو القائد.
أحمد منصور:
يعني هل يمكن تحميل قائد سياسي مسؤولية تصرفات آخرين في مثل هذه الأحداث.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هي تصرفات سبقت الحرب، كانت تصرفات الرئيس، لما قلنا في المضايق وتعيين عبد الحكيم عامر قائد الجيش..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
آه، يعني عملية..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
وكان يتخذ القرار، كما قلنا إنه كان يجب إنه يكون ديمقراطياً في ذلك الوقت، وليس بشكل انفرادي، كل هذه سببت قيام الحرب، والأخطاء التي ارتكبت –أيضاً- في هذا الخط فيما أتصور وهي القيادة السياسية باستمرار في العالم كله، المفروض إنها تتحمل أخطاء مرؤوسيها، لأنه هم المسؤولين على تعيينهم.
أحمد منصور:
يعني أنت سموك ترى الآن إن أي أخطاء تنتج عن نظام حكم قائم القائد السياسي يتحمل هذا، إما بسوء اختياره لمن حوله، وإما بأنه هو المسؤول مباشرة عن هذا الوضع؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إذا كنا نتكلم عن العصر الحجري، لا. يتحملها الناس اللي تحت القيادة السياسية، إذا كنا بنتكلم عن العصر الحديث نعم، القيادة السياسية تتحمل أخطاء الناس اللي تحتها.
أحمد منصور:
هل هناك شواهد في عصرنا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/336)
هذا غير موجود للأسف، يعني لما نروح الدول الأخرى، البارحة استقال وزير بريطاني، لأنه خرج في مكان مشبوه، فاضطر أن يقدم استقالته لبلير، في اليابان عندما يرتكب الوزير خطأ أو مرؤوسيه خطأ في ذلك –وهو بسيط بالنسبة لنا إحنا العرب- يقدم استقالته، نحن لم نتعود على هذه الأمور.
أحمد منصور:
لكن الرئيس عبد الناصر أعلن أنه سيتنحى ولكن الجماهير هي التي تمسكت به.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
ولكنه تراجع.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
بعد إلحاح الجماهير عليه.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم، هذا صحيح، طبعاً هذه الشهادة لله، أنا سألت وتقصيت من ناس عرب كانوا يسكنون القاهرة في ذلك الوقت، ويقولون أن الهجمة الجماهيرية تجاه البرلمان ورئاسة الحكومة، ومنزل عبد الناصر في منشية البكري كان عفوياً.
أحمد منصور:
يعني لم تر أنها مصطنعة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هكذا يقولون الذين تواجدوا من العرب، لأنه حقيقة ما كانوا يتصوروا أن هذا الزعيم الكبير في العالم العربي أن يرتكب هذه الأخطاء، وكأنهم أرادوا أن يحملوه مسؤولية إعادة ترتيب أوضاع الجيش واستعداد لحرب مقبلة، وأنت الذي سببت الهزيمة، إذاً فأنت تتحمل –أيضاً- النصر فيما بعد، لأنهم فوجئوا، فوجئوا إن مثل شخصية عبد الناصر ترتكب مثل هذه الأخطاء.
أحمد منصور:
هل تعتبر أن هذه الهزيمة هزيمة لمصر أم هزيمة للعرب؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
للعرب، لنا كلنا، احتلت كم دولة؟ أربع دول احتلتها إسرائيل. أو ثلاث دول بالأحرى، سوريا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
والأردن ومصر.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
وفلسطين.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وفلسطين.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
وجزء من الأردن وسينا.. الجولان وسينا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أربع دول يعتبروا مع فلسطين.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ثلاث دول.
أحمد منصور:
مصر والأردن.
(1/337)
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وسوريا.
أحمد منصور:
وسوريا وفلسطين أجهز عليهما.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح، صحيح..نعم.
أحمد منصور:
سمو الأمير هل هذا –أيضاً- كان نتاج للخلافات العربية التي تراكمت طوال فترة الخمسينات والستينيات؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سيدي، العلاقات العربية العربية طول عمرها في التاريخ هي علاقات بين أفراد، بين حكام، لم تكن عمرها بين الشعوب، فلذلك تجدها بين المد والجزر، ولم يكن هناك ثقة متبادلة بين هؤلاء الحكام، للأسف الشديد.
أحمد منصور:
تقصد من ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى اليوم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله من بعد الرسول والخلفاء الراشدين –صلى الله وسلم على محمد وعلى خلفائه الراشدين- نجد من الدولة الأموية إلى الدولة العباسية، الدولة الفاطمية، إلى آخره نجدهم لما نقرأ التاريخ هي عملية أفراد، وليست عملية..، مثل اليونان مثلاً، الحكم من أيام اليونان، أيام الرسول كان فيه شورى فيما بينهم يتشاورن بينه وبين أصحابه وإلى آخره والرسالة منزلة على الرسول العظيم، يختلف الوضع لكن اليونان كان فيها برلمان، بعدين الدولة الرومانية فيها برلمان، مثلاً نحن كعرب –حقيقة الأمر- لم يكن هناك لدينا شورى بالمعنى الذي أنزله الله –سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم إلا بعد الرسالة، الإسلام.
أحمد منصور:
(1/338)
لكن كان فيه توازنات –اسمح لي سمو الأمير- حفظت نظام الخلافة على ما كان فيه من عيوب، سواء بوضع العلماء القوي الذين كانوا ملجأ للناس على مدار التاريخ أو بوضع الجيوش القوية التي حمت دولة الخلافة على أشكالها المختلفة من الأمويين إلى العباسيين إلى العثمانيين إلى غيرهم، لكن إحنا في منظور –الآن- الدولة القطرية التي نشأت بعد الحرب العالمية. عملية –أيضاً- الدولة القطرية هل تعتبرها لعبت دور –عملية التجزئة- لعبت دور –أيضاً- في إيصال الواقع العربي إلى هزيمة 67 وإلى الوضع الذي كان متردياً في العلاقات العربية –العربية في ذلك الوقت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مع إصراري على كلامي أولاً إنه بعد الخلفاء الراشدين إنه العرب من أيام معاوية بن أبي سفيان مروراً بالدول الأخرى لم يكن هناك إلا حكماً فردياً، ولم يكن يعودوا العلماء بشكل أو آخر إلا في أمور تمس الحاكم نفسه، ومع ذلك لا أريد في الخوض في أمور التاريخ، ننتقل إلى اللي تفضلتوا به. من سنة 48 اللي هو نعتبره العصر الحديث نصف القرن العشرين 48 اللي هو حرب فلسطين أو 46 اللي هو اجتماع القمة في إنشاص، للأسف نجد الخلاف العربي كان يستحكم ويزيد عمقاً من سنة إلى أخرى، وأيضاً هذه بسبب فقدان الثقة ما بين الحكام، بسبب أنه الحكام العرب من ذلك الوقت لم يدركوا أهمية الشعوب في إشراكهم في الرأي أو في القرار، لأنه الحاكم بطبعه حاكماً لمن؟ حول الحجر والشجر حاكماً للبشر، بما أنه تحكم هؤلاء البشر إنما الأولى أن تشركهم في الرأي وفي القرار لأنه هذا يقوي مركزك، يقوي مركزك تجاه الآخرين ويدعم من توجهاتك. فهذه الحقيقة كأنها ضاعت من تفكير زعامات العرب من ذلك الوقت فنجد الخلافات هي خلافات شخصية أكثر منها خلافات بين الشعوب.
أحمد منصور:
(1/339)
لكن العنصر الخارجي يعني سموك تسقطه من العنصر الخارجي، المؤثرات الخارجية، التدخلات الخارجية، الاستعمار الذي أخذ شكلاً جديداً بعدما كان استعماراً مباشراً. ألم يلعب هؤلاء دوراً أيضاً في تمزيق العلاقات العربية –العربية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هي هذه اللي يقول: (فرق تسد)، Divide and Rule ، وهذه كلمة أخذت عن الإنجليز أنه يعني فرق بين الشعوب الداخلية وتستطيع أنك تنفذ.
هذه يمكن موجودة أيام هم يحكموا ولكن أن تبقى وتستمر بعد أن يتركوا البلاد والاستعمار يتركنا.
الأمر الثاني إحنا عندنا عقدة الخواجة، كل شيء نعجز عليه بنحيله للأجنبي أنه مؤامرة أجنبية، مؤامرة أمريكية، مؤامرة إنجليزية، يعني فيها مبالغة، نعم الخصوم –عادة- أو الأعداء إذا وجدوا ثغرات في هذا المجتمع أو ذاك ومن مصلحتهم أن يتداخلوا فيه يتداخلوا ولكن بعد أن توجد الثغرة، ونحن الذين نجد هذه الثغرات، ولكن لا يجب أن نحط كل أخطائنا وكل مشاكلنا وأسباب خلافاتنا على العالم الآخر، هذا غير صحيح ومبالغ فيه.
أحمد منصور:
سموك عشت في داخل الأسرة الحاكمة في المملكة مشاعر الهزيمة في العام 67، كيف كان تلقاها الملك فيصل –رحمه الله- ومن حوله؟ وكيف تلقيتموها؟ وكيف كان رد فعلكم على هذا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أبداً، الملك فيصل تلقاها كما ذكرت لكم هو جزء من الشعب في المملكة العربية السعودية كما تلقاها أي فرد سعودي يعني واجهها بتعجب واستغراب أنه في أيام عديدة تحصل هذه الهزيمة!! طب فين الإعداد لها؟! كيف فوجئنا بالراديو والتليفزيون ومثل هذا الآلات الإعلامية في بداية الحرب أنه كانت تطيح الطيارات من السماء وكأنها عصافير، عشر طيارات.. عشرين طيارة، ثمانين طيارة الناس قالوا: فيه انتصار، وفجأة نجد جيشنا العربي المصري ينسحب من إسرائيل مهزوما، فكانت صدمة قوية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
من سيناء.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
(1/340)
فلذلك كان..وتأثيرها عليه وعلى العاملين معه وعلى أفراد العائلة والشعب كانت شديدة جداً.
أحمد منصور:
هل بادرتم بالاتصال بالرئيس عبد الناصر كشكل من أشكال المؤازرة رغم الخلاف اللي كان بينكم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ليس على علمي أنه…لأنك ما هو هيقول: لو أنت بادرت يا فيصل وأنت مع الرئيس عبد الناصر أو عبد الناصر مع الملك فيصل هيقولوا نوع من الشماتة، ما هو بينهم خصومة، ونحن بعض العرب لا نخلو من الحقد، فلذلك لما يصير مبادرة ويقول لك والله هذه شماتة في الثاني. فأعتقد إن هذا من الأسباب هذه اللي جعلت الأمور لا يكون بالسرعة اللي تصورها الغير في المبادرة بالاتصال بالرئيس عبد الناصر.
أحمد منصور:
هل استمرت الخصومة بين الملك فيصل –رحمه الله- وبين الرئيس عبد الناصر إلى وفاته؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هي امتداد للخلاف بين سعود وعبد الناصر عشان حرب اليمن، فاستمرت من سعود إلى فيصل انتقل الملك من سعود إلى فيصل، فاستمرت الخلافات إلى أن اجتمعوا. زار عبد الناصر جدة وبعد سنة صار مؤتمر الخرطوم، لا أتذكر التواريخ الآن، وبعدين صار الاتفاق على الانسحاب من اليمن بشروط معينة على إبقاء الحكم الجمهوري في ذلك الوقت، حتى سألت أنا أحد اليمنيين قلت له: يا أخي تعال، كيف أنتم غيرتوا إلى جمهوريين أنتم غيرتوا الملكيين ليه؟ اشرح لي سبعين ألف جندي وكذا، نعم ففهمنا، لكن أيضاً هذه وراها دولة مجاورة اسمها المملكة العربية السعودية، فكيف أنتم تغلبتوا على الجمهورية على الملكية؟ قلتها بطريق المزاح، قال لي: أرجوك لا تحرجني قدام الناس، شخصية مرموقة يمنية، أريد أن أقابلك وليه لأنه قابلني شخصياً وأدِّيك الأسباب، هذا ملكي، هذا اللي ناقشته، عندما أقابلك سوف أروي لك الأسباب، فأنا منتظر مقابلة مع هذا الرجل حتى يشرح لي ها الأسباب.
أحمد منصور:
يعني إلى اليوم لم تلتق معه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لم ألتق معه.
(1/341)
أحمد منصور:
رغم أن تعتبر نهاية الحرب الفعلية كانت في العام 70 يعني؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح، هذا صحيح.
أحمد منصور:
يعني مضى عليها أكثر من 28 عاماً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اللي هي حرب اليمن؟
أحمد منصور:
نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
حرب اليمن يعني في..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
في عام 70.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
في الداخلية، حرب اليمن الداخلية 1970.
أحمد منصور:
1970 تم التصالح ما بين المملكة وما بين مصر وتم سحب القوات المصرية وانتهى هذا الوضع في العام 1970.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ولكن نجد الأمور تتغير وتتبدل بشكل دراماتيكي ومتسارع بين الحكام.
نجدهم مثلاً –بعد هذه الخلافات والصراع بمبادرة من رئيس الوزراء- الله يغفر له- محمد محجوب ثم..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
رئيس وزراء السودان.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
رئيس وزراء السودان تم مؤتمر الـ..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مؤتمر الخرطوم اللي هو بعد حرب 67 يعني إحنا رجعنا.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فصار الصلح ما بيننا، يعني إحنا كنا بنتكلم عن ردة الفعل عند الملك فيصل وحكومته والعائلة والشعب.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
رجعنا فعلاً.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
وهذه الأمور والأشياء، نعم. في ذلك الوقت أنا ذكرت هذا الأمر في حلقة سابقة، إنما أردت بس أن أقول كيف يمكن للعرب أن يتخاصموا وفجأة نجدهم يتباوسوا ويتصافحوا.
أحمد منصور:
يعني سموك ترى إن روح المبادرة أيضاً بتغيب؟ يعني إذا حدث أي خلاف ما بين الدول العربية –وهذا أمر وارد- أنت ترى الطرف الثالث دائماً غائب؟ ليس هناك طرف ثالث يبادر إلى المصالحة، إلى لَمِّ الشمل، إلى التوفيق ما بين الأطراف المتخاصمة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
حصل، لما نقول طرف ثالث يعني عربي.
أحمد منصور:
عربي نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/342)
حصل في خلافات كثيرة كان طرف ثالث وما وفق.
أحمد منصور:
وما وفق.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا.
أحمد منصور:
لكن مبادرة الطرف الثالث مطلوبة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني هو جزء من النسيق العربي، جزء من هذه الزعامات العربية، فأيضاً لديهم خلافات –الطرف الثالث- مع هذه الأطراف التي توسط من أجلها، فلذلك يصعب عليها أنه يحاول الوساطة ويحاول فك الاشتباك بين الزعامات ولكنه حصل محاولات ولم تنجح.
أحمد منصور:
قبل أن أصل إلى العام 70 أريد أسأل سموك: هل تابعت قضية الفدائيين الفلسطينيين وتواجدهم في الأردن ومساعيهم للقيام بعمليات ضد إسرئيل وما حدث من تراكمات أدت إلى أيلول الأسود بعد ذلك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أنا سمعت من الطرفين..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
من الطرفين.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
الفلسطيني والأردني، حقيقة –عقال [عقلاء] الطرفين يقولون الخطأ من المتطرفين الفلسطينيين وأنه كان عرفات في منأى –الرئيس عرفات- عن هذه المشكلة، ولكن أجبر على أن ينضم إلى فريقه الفلسطينيين..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هل هذا التحليل مقبول سياسياً؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اللي هو؟
أحمد منصور:
أنه جر قائد سياسي إلى رأي مجموعة ويتورط في حرب مدمرة مثل هذه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً هو صار احتكاك، ما هي الإخوان الفلسطينيين – وأنت قبل أن أسترسل في هذا الحديث –نحن معهم في قضيتهم الفلسطينية، لا شك هي قضيتنا الأساسية، وكثير من أخطائهم نتجاوزها في سبيل قضيتنا المصيرية، ولكن أيضاً هم ارتبكوا بعض الأخطاء وهم باعترافهم هم. لا في أيلول الأسود أو فيما بعد في بيروت في لبنان..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
صحيح.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
(1/343)
تجاوزوا السلطات، تجاوزوا الحكم المركزي، تجاوزوا السيادة فصاروا يتصرفون بعضهم تصرفات صبيانية مما جعل قيام المشكلة الأردنية الفلسطينية في أيلول الأسود، وبعد ذلك في لبنان. فإنما من هم المسببين لهذه الإشكالات –حسب ما سمعت بنتكلم عن الأردن- هو بعض القيادات المتطرفة الفلسطينية، فحتم على الرئيس الفلسطينية عرفات في ذلك الوقت أن ينضم إلى جماعته مجبراً، ولكن الحقيقة أنها بدأت منهم قبل أن تبدأ من الأردنيين.
أحمد منصور:
في عام 1970م أيضاً حدث شيء أيضاً اهتزت له الأمة التي كانت متعلقة كثيراً بعبد الناصر وهو وفاة الرئيس عبد الناصر. كيف –من خلال علاقتك الخاصة التي كانت تربطك بعبد الناصر –كيف تلقيت نبأ وفاته؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله كان نبأ أنا كنت..،كان عندنا برضو سينما إحنا نرجع لـ(بلندهيوير) أيام الوالد، وأيضاً لأن التليفزيون ما تطور في ذلك الوقت بشكل إيجابي، فكنا نشوف بالصدفة فيلم وفي الوقت نفسه أسمع الأخبار.
فسمعت الخبر من إذاعة مصر، سمعنا...، أنا آسف في لحظة كلمني أحدهم بالتليفون قال: اسمع القاهرة. فتحت وجدت إنها قراءته تقرأ وكذا عرفنا إن هناك مشكلة حصلت في مصر وفاة يعني.
فأعلن إنه الرئيس عبد الناصر توفى، وكان وقعها شديد لا شك كان وقعها شديد.
أحمد منصور:
سمو الأمير الآن أنت ارتبطت بعلاقة مع الرئيس عبد الناصر من البدايات تقريباً، وكان أول لقاء لك معه في العام 56 توثقت علاقتك به بعد ذلك ووصلت في عام 62 إلى الوضع الذي تناولناه فيما بعد، يعني كان لك احتكاك مباشر بالرئيس عبد الناصر، كان لك أملاكك في مصر كان لك علاقتك النفسية الخاصة بمصر والذي أعتقد أنها لازالت موجودة..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
صحيح، نعم ما فيه شك.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
(1/344)
نعم لو طلبت من سموك أيضاً –وأنت تدلي بهذه الشهادة للأجيال على هذا العصر الذي كنت متأثراً أيضاً فيه بعبد الناصر كزعيم، كأطروحات –لو طلبت منك أن تقيِّم التجربة الناصرية بشفافية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يا أخي حقيقة كان يمكن الرئيس عبد الناصر يستغل الظروف التي أوجدها والمناخ اللي أوجده هو بنفسه بالهالة الهائلة التي نشرها في العالم العربي وسمعته التي خرقت كل الحواجز ووصلت إلى قلوب وليست عقول –لأنه مهمة الفرق بين القلب والعقل- قلوب العرب تأثراً..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
عفواً التفرقة اللي تقصدها هنا هو التأثير على العواطف؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
على العواطف.. قلوب العرب، ولأنه ليش أنا بأتكلم عن هذا؟ هاجيك ليش أنا بأقول. فأثرت وأنا واحد منهم وقسم كبير من إخواني منهم الحقيقة يعني، كان ممكن أن يستغلها بشكل أكثر تنظيماً وأكثر عقلانية وأكثر مرونة لأنه هو الزعيم، هو زعيم الأمة العربية من المغرب إلى الخليج.
أحمد منصور:
كان فعلاً هذه الرؤية في ذلك العصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صحيح، وهذا واقع الأمر، يعني لا يمكن أن ننكرها، كل عندما يسمع يطلع عبد الناصر، كان أم كلثوم لما تطلع كلنا نسمع أم كلثوم، هو حل محل أم كلثوم بشعبيته، لأنه كان يدق في أوتار حساسة في أجساد العرب..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حتى بعد 67 ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
الاستعمار، العمال، الفلاحين، الفقرا، يعني هذه أمور كلها حقيقة تحز في نفوس العرب.
أحمد منصور:
حتى أنتم سموك كواحد من العائلة المالكة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مش مهم أتأثر بها.
أحمد منصور:
كنت تتأثر بهذه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/345)
نعم نعم تأثرنا به، تأثرنا به كثيراً وهي دعوات منصفة ولكن لازم نشوف بقى كيف يمكن تطبيقها على الأرض، فلما أن جاءت حكاية التطبيق، صار هنا الأخطاء التي ارتكبت يعني مثلاً في التأميم، يعني التأميم إحنا غضبنا غضباً شديداً سنة 61..
أحمد منصور:
أمم ممتلكاتك في مصر؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا أممها لما رحت السعودية يعني نوع من الغضب، كأنه.. أنا أولته للي معاي يعني أيش معنى في نفس اليوم أو ثاني يوم أعلن عودتي إلى السعودية هو أمم أملاكي هنا؟! هذا موضوع ثاني ولكن هو أممها. وبعدين الحراسات على الناس، وبعدين قوة الاستخبارات، يعني حقيقية هذه كان.. يتجنبها لأنه في يده أن يعمل حزباً والحزب هذا هيكون حزب الرئيس عبد الناصر، أي انتخابات ديمقراطية هيكسبها إنما على أسس ديمقراطية، وبالتالي يحول هذا الحكم الفردي إلى حكماً ديمقراطياً يستمر اللي هو حكم المؤسسات. هذه لم يفكر فيها الرئيس عبد الناصر.
طبعاً هناك من هذه الأخطاء التي ارتكبت في ذلك الوقت جعل العقل بدل العاطفة، صار الناس يحكموا العقل وأنا واحد منهم.
أحمد منصور:
هذا بعد 67 مثلاً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هو أنا حكمته قبل 67.
أحمد منصور:
قبلها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه طبعاً، وأنا بديت أوعي لنفس قبل 67 في هذه الأمور لكن بعد 67 وعيت إنه هذه الهالة ترتكب مثل هذه الأخطاء الفادحة.. كيف؟!
هو صار رد فعل.. اليوم مصر –حسب ما نسمع من كل الطبقات المصرية- أنه هزيمة 67 لا تزال مؤثرة في نفوس المصريين.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
طبعاً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني عبارة عن مقتل، مقتل لنا يا عرب جميعاً.
أحمد منصور:
يعني سمو الأمير مع هذا التقييم للتجربة الناصرية، هل ترى أن هناك فكر يمكن أن نقول عليه: الفكر الناصري أو أحزاب ناصرية، أم أنها كانت أشياء مرتبطة بشخص الرئيس عبد الناصر وانتهت بوفاته؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/346)
أنا أعتقد أنها من ناحية الجوهر كانت مرتبطة بالرئيس عبد الناصر وانتهت معاه، ولكن آثارها المتبقية اللي هي نصير الفقراء. أنا مرة كنت ماشي رايح لأحد أزوره في إحدى العمائر المصرية فسألت البواب، طبيعتي أني أسأل الناس أنا، سواق تاكسي، بواب، وزير، باشا، أمير، فقير،غني.. أسألهم، فقلت: إيه رأيك في الرئيس عبد الناصر؟
قال لي: ده راجل عظيم. البواب، قلت: ليه؟ قال لأنه كان ينصف الفقراء.
إذن هذه باقية المسائل دية، ولكن بشكل غير منظم يعني عواطف تجاه الشخص الذي كان يعتقدون أنه ينصفهم.
هذه من الأمثلة يعني.
أحمد منصور:
نعم، بعده جاء الرئيس السادات وتم الإعداد لحرب أكتوبر بتنسيق مع الملك فيصل رحمه الله هل كان لك علاقة مع الرئيس السادات؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
تنسيق بين مين ومين؟
أحمد منصور:
مع الملك فيصل رحمه الله.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
على؟
أحمد منصور:
على حرب أكتوبر.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا ما أظن فيه تنسيق؟
أحمد منصور:
ما تعتقد أن كان هناك تنسيق؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا، أنا لا أعتقد. أنا أعتقد أنه أُخبر شخصين الملك فيصل والرئيس الأسد.
أحمد منصور:
أُخبروا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أخبروا بأنه هناك حرب.
أحمد منصور:
يعني تقصد برضو سموك أنه لم يكن هناك تنسيق مصري سوري؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا، إطلاقاً.
أحمد منصور:
سوري؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سوري، تنسيق عسكري.
أحمد منصور:
عسكري، تحديد موعد مشترك للحرب.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إيه نعم هذا صحيح، وإنما السوريين في نفسهم برضو ترى السوريين كانوا نفوسهم بالنسبة للرئيس السادات من البداية ما هي طيبة، يعني كانوا مع الرئيس عبد الناصر.. توجههم.
أحمد منصور:
يعني رغم ما حدث من الوحدة والخلاف والمشاكل وكذا لكن بقى لعبد الناصر مكانة كبيرة في سوريا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/347)
نعم نعم، وخصوصاً الرئيس الأسد أنا سمعتها منه شخصياً.
أحمد منصور:
الآن سموك تعلن إن كان علم الملك فيصل بالحرب كان لمجرد الإخبار وليس للتنسيق؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
التنسيق في ماذا؟
أحمد منصور:
على أن تكون المملكة سند. على أن تكون المملكة سند.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الجبهة هناك، هم قالوا بالتنسيق على البترول، البترول جاء فجأة، أبداً، عملية الكويت ورفع الأسعار وما سمعناه أنه كانت مبادرة من الشيخ زايد نحن فوجئنا بها.
أحمد منصور:
هذا في الفترة التي كنت المملكة تحاول الضغط فيها على الولايات المتحدة وكذلك كان أمير الكويت والشيخ زايد أعلنوا بعض الأشياء المتفقة بالنسبة لزيادة الأسعار التي بلغت –أعتقد- 5 دولارات في ذلك الوقت أو 0.2 لسعر البرميل.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هي ارتفعت خمسة وبعدين ارتفعت كما قال أحد الوزراء في التليفزيون، ولكن عملية أنها ترتفع بهذه الأرقام الفلكية لـ 30 و 40 دولار هذه ارتفعت من اللي بيضاربوا، ارتفعت بعد إيقاف البترول.
أحمد منصور:
بعد أكتوبر بفترة يعني أيضاً بفترة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه رد الفعل.
أحمد منصور:
لكن هنا سمو..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
وهذا الوزير المسؤول اللي طلع في التليفزيون وبعض ما قاله صحيح –حقيقة- بعض ما قاله صحيح..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
تقصد الشيخ زكي يماني؟
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
أنه كان ينذر ويحذر من هذه الأمور، لأنه عواقبها علينا يا العرب على المدى الطويل أو المتوسط هيكون سيء مثل ما نعاني منه اليوم هذا قاله وأنا أوافقه تماماً على هذا الكلام.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أنا..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
يعني الأمور لم تكن محسومة، أمور سواء قطع البترول أو رفع الأسعار هذه كلها أمور افتعالية ارتجالية غير مدروسة، يا سيدي، غير مدروسة.
أحمد منصور:
(1/348)
سأعود لهذا، سمو الأمير، سأعود لهذا بالتفصيل، لكن الآن هذا بعد حرب أكتوبر. كان لك علاقة خاصة بالرئيس السادات أو شخصية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، أنا الرئيس السادات شفته لأنه إحنا رايحين المطار وبنتي الصغيرة وقعت من النافذة حوالي 4 متر وقعت، فاضطرينا نرجعها (لمصر)، وبعدين وخدناها على لندن هم نصحونا خدناها نكشف على رأسها، فكتبت إحدى الصحف عنها خبر، هو أرسل لي باقة ورد وحلاوة..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
سنة كام؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا 72.
أحمد منصور:
قبل الحرب.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
72، ورحنا بالبنت لندن، وأنا راجع طلبت من صلاح الشاهد هو رئيس التشريفات وصديق للعائلة –عائلتنا- من أيام الملك فاروق، وكان قديم الإنسان في هذه الوظيفة، وقلت له: أرجوك تاخد لي موعد من الرئيس السادات. فعلاً بعد ساعات طلبني وقال: تحب تيجي الآن أو بكرة الصبح؟
قلت: والله اللي تشوفه، قال: بكرة الصبح رحت وشكرته على الورد وعلى الحلاوة. هذه أول مرة أقابله فيها وقابلته مرة ثانية عشان مصطفى أمين.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حتى يخرجه من السجن؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من السجن.
أحمد منصور:
كانت علاقتك بمصطفى أمين لازالت..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
جيدة.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
لازالت وثيقة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم آه ده صحيح، فرحت قابلته من أجل مصطفى أمين.
أحمد منصور:
من خلال اللقائين –هذين اللقائين- بالرئيس السادات لو طلبت منك يعني impression أو انطباع عن شخصية الرئيس السادات. ماذا تقول؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله شوف، من انطباع المقابلتين وأيضاً مراقبتي لتصرفات الرئيس السادات أثناء حكمه أنه لا شك إنه فيه نوع من الدهاء، فيه نوع من الدهاء، مش سهل، مش ما وصفوه في السابق، لا، فيه نوع من الدهاء، وبعدين يلقطها وهي طايرة كما يقولون المثل.
(1/349)
أحمد منصور[مقاطعاً]:
آه ده مثل مصري.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
آه يلقطها وهي طايرة صحيح، لكن وجدت أمور أخرى تعجبت منها مثلاً مصطفى أمين، قال لي: يا طلال، هذا مظلوم. قلت له. فخامة الرئيس، مادام مظلوم طلعوة من السجن. فراح قلب الموضوع يروي لي رواية على أرمني كان يمد الجيش المصري.. أنا آسف.. يمد الخبراء الروس في الجيش المصري بالخمور بالفودكا -حتى قال لي فودكا- واكتشفوه مش عشان إنه يجيب الخمور، اكتشفوه لأنه جاسوس أمريكي ففهمت إنه بده يفهمني إن مصطفى أمين جاسوس.
قلت هل تقول إنه جاسوس؟ قال: أعوذ بالله، أنا لم أقل هذا الكلام، قلت بالعكس إن المحامي بيقول: إذا كان هناك من يدخل السجن فهم قضاته، لأنه كانت محكمة استثنائية، محكمة عسكرية، وهو مستعد يقابلك ويشرحلك.
المهم فخامتك هتطلقوه؟ قال لي: نشوف إن شاء الله. وتحدثنا عن.. أنا كنت من الناس القلائل اللي سمح لي بزيارة مصطفى أمين في السجن، فشفته في حالة.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
سنة كام هذا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
برضو من سنة 70 لسنة 82.
أحمد منصور:
72.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
72، فشفته في حالة يرثى لها –حقيقة يعني- فقلت له: يا فخامة الرئيس، الرجل مريض فيه سكر، وفيه نقرس، وفيه مشاكل كثيرة، تحدثنا لينقل مرحلياً إلى مستشفى خاص أو كذا، واحنا طالعين شفنا الأخ حافظ إسماعيل .. وهذا الأخ حافظ إسماعيل ..مصطفى أمين.
هو حول الموضوع قال: طلعوه من السجن من مستشفى السجن إلى مستشفى خاص، قالوا يعني المستشفى..
أحمد منصور:
طلب الرئيس السادات من حافظ إسماعيل؟
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
نعم، قال له: يعني المستشفى العيني قال لي معليش العيني، أنا مش عارف المستشفى.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
القصر العيني.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
ما أعرفش، القصر العيني، ما كنت دخلته فنقلوه فعلاً، نقلوه.
أحمد منصور:
(1/350)
وتم الإفراج عنه بعد.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فيما بعد.
أحمد منصور:
في 1973م في أكتوبر وقعت حرب أكتوبر، وكثيرين اعتبروها رد على هزيمة 67 وإعادة للهيبة العربية مرة أخرى ضد إسرائيل.
كيف تلقيت نبأ الحرب؟ وكيف تابعت أحداثها؟ وكيف كان موقف المملكة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا كنت في القاهرة.
أحمد منصور:
في نفس الوقت؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم، وما كان عندنا خبر إطلاقاً، ففوجئنا بها، وسمعنا الراديو وخفنا أنه يعيد التاريخ نفسه أيام 67 فكان فيه تليفزيون وكان فيه راديو، وكنا حول الراديو والتليفزيون نتلقى الأخبار وحقيقة من أول الأمر ما كنا نصدق إلا لما سمعنا الإذاعات الخارجية تؤكد أنه الجيش المصري عبر القنال. حينها فرحنا كلنا وبقينا في بيتنا حوالي 6 أيام 7 أيام ونحن مطفيين الأنوار ومسدلين الستاير على النوافذ لأنه كانت حالة طوارئ، ولكن كنا سعداء جداً. هكذا تلقينا النبأ ونحن في القاهرة.
أحمد منصور:
في أعقاب الحرب نأتي إلى النقطة أو المحور الرئيسي المتعلق بالنفط وارتفاع أسعار النفط واستخدام النفط كسلاح في هذه المعركة. هل ترى أن قضية استخدام النفط كسلاح وأن النفط العربي –فعلاً- يمكن أن يكون سلاحاً في يد العرب لتحقيق مطالبهم السياسية في قضاياهم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا في رأيي سنة 56 لما قطع الملك سعود البترول على بريطانيا وعلى فرنسا كما ذكرنا في السابق أن (جيموليه) و(إيدن) ارتكبوا حماقة ما بعدها حماقة في هجومهم على القناة لم تكن محسوبة، ونسيوا التواجد الأمريكي والروسي لأنه كانت الدولتين المهيمنتين على العالم.
أنا لا أعتقد أنه كان سلاحاً موفقاً لا من قبل 56 ولا 67..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لماذا سمو الأمير؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأنه أولاً السلاح هو مصدر رزقنا، مصدر رزقنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني تبيعه لعدوك ويحاربك به؟!
(1/351)
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني مصر –مثلاً- أو سوريا لديها من الخيرات من المياه دجلة والفرات والنيل هتقطع عن.. تقاطع البضائع الغربية عندك ما تستطيع أنك تنتجه وتستهلكه محلياً، لكن أنا ما عندي شيء في ذلك الوقت إلا البترول زائد أن البترول كان يمكن استعماله كسلعة استراتيجية تجارية وحصيلة هذا البترول نقوي به أنفسنا.
أحمد منصور:
لكن هذا لم يتحقق أيضاً؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كيف يتحقق وأنت قطعته فيما بعد، إنما لو منعت البترول كان عواقبه تكون وخيمة، لأنه كان في ذلك الوقت من أهم السلع الاستراتيجية للغرب. فأنت قفلت عليهم هذا البزبوز.
أحمد منصور:
لتجبره على أن يتبنى موقفك أو يقف إلى جوار قضيتك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وهل تبناه؟
أحمد منصور:
بعض الدول زي ألمانيا كانت تبنت.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً مش صحيح إحنا قطعنا علاقاتنا مع ألمانيا سنين لأنها مدت إسرائيل ببلايين الدولارات تعويضاً عن..
أحمد منصور:
أعتقد هولندا أيضاً غيرت موقفها.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
(الهولوسوك) كما يسموه عن المجازر اليهودية.
أحمد منصور:
الهولوكوست نعم نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إيش سوت ألمانيا؟ إحنا رجعنا عشان نكسب ودها.
ما هذه القرارات الارتجالية السريعة هي انفعالية في نظري.
أحمد منصور:
يعني أنت –سموك- ترى أن سلاح النفط، استخدام النفط كسلاح لم يؤد إلى الغرض الذي أعلن من أجله؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأنه كان خطأ، في 56 و 67 و..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ماذا كان البديل سمو الأمير؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وسنة 73، طيب ليه ما قطعنا البترول سنة 67؟ ليه؟
أحمد منصور:
لأن الحرب كانت خاطفة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما هو احتلونا أم لا؟
أحمد منصور:
وربما لم يكن النفط أيضاً بوضعه الذي وصل إليه في سنة 73.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/352)
لا لا، سنة 56 سبقت سنة 67، لا كيف؟ كان مهم.
أحمد منصور:
يعني في هذا الوقت كان هناك..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
كان سلعة استراتيجية، وقُطعت وهل لما قطعنا هذا البترول طلعوا من سينا؟
أحمد منصور:
لا. طبعاً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا. أقول: لو قطعنا كان بقوا في سينا.
أحمد منصور:
لكن ما هو البديل سمو الأمير؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
البديل أن تقوي نفسك داخلياً، يعني لما نيجي نجلس الآن اللي بيسموه الأمن القومي العربي، فسألت أنا الخبراء والمختصين عسكريين واقتصاديين إيش الأمن القومي العربي؟
قالوا: مش عملية عسكرية دبابة وطيارة وصاروخ، الأمن متكامل، اقتصادي، اجتماعي، تقويتك داخلياً، وبعدين عسكري أما تكون مدمر داخلياً اقتصادك وأمورك الاجتماعية، ومهلهل،ولا ديمقراطية، ولا شعب يؤمن بمبادئ معينة، ويساعدك فيها، وتُقوي من ناحية السلاح، لا. تشتري سلاح جديد مهيأ ويتحول إلى خردة.
أحمد منصور:
يعني سموك ترى أن أولويات البناء أيضاً فيها خلل.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
البناء الأول، الداخلي، يعني هو السلاح الأمضى هو أن تقوي نفسك بمداخيلك من البترول وغيره، وتقوي أمورك الداخلية.
أحمد منصور:
هل ترى –سمو الأمير- أن العرب استفادوا من عائدات النفط ومن الثروة النفطية بالشكل الذي كان ينبغي الاستفادة منه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا. بالشكل اللي كان ينبغي تماماً لا. ولكن لا شك إنه استفادوا منه.
أحمد منصور:
ما هو الأشياء التي استفادوها الأشياء الأشياء التي حققوها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اللي هي البنية التحتية نسبياً، من طرق ومن مستشفيات ومن مدارس ومن هذه الأمور، استفادوا منها، ولكنه إلى حد كبير تجاهلوا بناء الإنسان. بناء الإنسان، يعني هو تنمية الإنسان، تنمية البشر تسبق أي تنمية.
أحمد منصور:
هل هذا في حاجة إلى مال، بناء الإنسان؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/353)
طبعاً، المال عنصر أساسي، ولكن بجانبه الإرادة والوعي، يعني أنا سنة 74 كان عبد العزيز حجازي الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس الوزراء مصر، وهو صديقنا، ومكتبه كان هو محاسب قبل أن يتولى رئاسة وزارة هو محاسبنا القانوني في مصر، فذهبت إليه أشوفه في مقره في الوزارة اقترحت له اقتراح.
قلت له: المصريين في البلاد العربية منتشرين، العمالة هناك، أستاذ، مدرس وعامل إلى آخره، مختلفين يعني.. لماذا لا تقووا المدارس المهنية والفنية في مصر؟ وهي هذه التنمية البشرية، يعني بعدما يتخرجوا، لأنه في ذلك الوقت كان مناهج المدارس والجامعات أفضل من ها اليوم، إحنا تخلفنا شوية في العالم العربي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
صحيح.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
وأنتم هؤلاء الناس توفدوهم للبلاد العربية لما يطلبوا منكم..
أحمد منصور:
كحرفيين مهرة أو فنيين.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
قلت له اعملولهم خمس سنوات مع أجور محسومة، مثلاً ألف جنيه أو ألفين جنيه كل شهر لمدة خمس سنوات، ويلتزم بعمله في هذه البلد، وعندما ينتهي يحل محله واحد آخر، أولاً هتشغلوا مصريين بشكل يعني مهني راقي ومتعلمين، هذا اقتراح سنة 74 وعبد حجازي الآن بيتعاون معنا في مشروع...
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن هل الدول الأخرى كان لديها الاستعداد.. الدول العربية أن تقبل ذلك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ليه؟ بالعكس، أنا أقول لك ليه؟ لأنه فعلاً العمالة المصرية موجودة.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن العمالة الغربية مفضلة عنها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً، العمالة الآسيوية.
أحمد منصور:
عن العربية بشكل عام، أو الآسيوية نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الآسيوية، لأنها مدربة أكثر، الآن عندنا عمالة آسيوية أكثر من المصريين.
أحمد منصور:
لكن نسبة التدريب والأداء فيها ليست مرتفعة، وإنما لرخص أجورها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/354)
واللهِ لا. الشهادة لله، هناك الفلبيني، لم أذهب إلى مكان في العالم العربي، يعني موجودين الآن قسم منهم في البيوت في منازل وبعض الأمكنة في مصر أو في لبنان أو في سوريا أو في السعودية أو في الخليج لا. شاطرين ومدربين إلى حد كبير، وأمناء، ورخيصين.
أحمد منصور:
هو ده السبب الرئيسي سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني من الأسباب، من الأسباب. لا. أنا عربي، وأفضل العروبة عن أي جهة أخرى نتعاون معها.
أحمد منصور:
لأنه طالما سموك فتحت هذا هو فعلاً الآن من الملاحظ إن العمالة الآسيوية حتى في دول الخليج أكثر من العمالة العربية ومفضلة عنها، ليس ربما بسبب الجانب الحرفي أو..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
المهارة.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
أو جانب المهارة، وإنما الأسباب عديدة أخرى ربما يكون موضوع رخص الأجر من بينها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا من الأسباب التجارية، لأنه التاجر يهمه العامل الرخيص، إنما الجيد أيضاً، لكن ما يكون الجيد وغالي، أو يكون غير جيد وغالي مثلاً..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
والخوف من الاستيطان أيضاً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا. لم يفكروا في الحكاية دي إلا مؤخراً، لأنها برضو هذه بتشكل خطورة على دول الخليج، يعني عملية التوافد بكثرة من العمالة الأجنبية في دول سكانها قليلين تشكل الخطورة علي المدى الطويل.
أحمد منصور:
لكن على الأقل هي عمالة عربية، تتوافق في اللغة والدين والعادات، الآن العمالة الآسيوية مختلفة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
واللهِ شوف، صرنا نخاف من بعض، حتى العرب، انتبه، لأنه الثقة مش موجودة كما ذكرنا، بدأنا نخاف من بعض، يقول لك: هؤلاء بتواجدهم المستمر في هذه البلد ربما يشكلوا علينا خطر على المدى الطويل، هو الخوف موجود من عدة اتجاهات ونواحي.
أحمد منصور:
(1/355)
لو رجعنا لقضية النفط، وقضية الارتفاع المفاجئ في أسعار النفط الذي حدث، هل ترى أن هذا كان أمراً صواباً وفي صالح الدول المنتجة باعتبار سعر البرميل ارتفع من دولارين ثلاثة إلى خمسة إلى ثمانية عشر حتى وصل إلى أربعين دولار لسعر البرميل؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الوزير الذي نعرفه جيداً وقتها في بالتليفزيون قال بعض الحقائق بهذا الخصوص، وأنا أتفق معه فيها، قال كيسنجر لما راح إلى إيران وشاف الشاه، كان الشاه يقول برفع الأسعار.
أحمد منصور:
يعني أنت على قناعة بما طرحه الشيخ ذكي يماني؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بهذه النقطة، وكسنجر كان يؤيده، ليش يؤيده؟ وهذا اللي كان زكي يماني ضده، وكان يحذر منه، كان يقول: أنا حذرت منه، أنه لا ترفعوا الأسعار، ولا تسمعوا كلام كسنجر ولا الكاليكات الأمريكية ولا الأخرى، لأنه عندما ترتفع الأسعار سوف يبحثون عن مصادر غير البترول المتوفر في دول الخليج، يقول: هو هذا ما حدث، بحثوا في عدة أمكنة ووجدوا بترول ومخزون بترول كبير كان ممكن أن يحل محل، الآن عندنا مثلاً أمريكا، وزير خارجية أمريكا السابق جيمس بيكر كان عندي أنا من أسبوع في الرياض كان جاي في زيارة تجارية وهي مدير شركة الآن.
أحمد منصور:
صح.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فجاء في زيارة للخليج وشفته، قال لي ترى عملية الشو اسمه؟ الأمريكان وتواجدهم في الخليج أيام الحرب، حرب إخراج العراقيين من الكويت لربما لن نتكرر.
أحمد منصور:
لماذا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
قلت له: ليش. قال لي من أهم الأسباب إن أمريكا كانت تستهلك أكثر من 50% من بترولكم، الآن إحنا نستهلك 20%.
أحمد منصور:
والباقي يأتون به أماكن أخري.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والباقي من فنزويلا والمكسيك إلى آخره اللي هي دول مجاورة.
أحمد منصور:
والآن حتى النفط الموجودة في آسيا الوسطى.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/356)
إذاً السبب، هذا القزوين فيما بعد، فقال لي هذا الكلام، إذاً معناه كان فيه حافز أمريكي لأنه فيه بترول بيمد أمريكا بنسبة كبيرة منه، هذا كلام جيمس بيكر اعتمدوا على أنفسكم، وجاب أسباب أخرى، أسباب أخرى.
أحمد منصور:
سمو الأمير، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نكمل هذا الجانب، مستقبل النفط، ونتناول جوانب هامة أخرى من بينها حادث مقتل الملك فيصل -رحمه الله- في العام 75.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إن شاء الله.
أحمد منصور:
شكراً جزيلاً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
شكراً.
أحمد منصور:
صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.(1/357)
الحلقة9(1/358)
الخميس 25/9/1421هـ الموافق 21/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 9:39(مكة المكرمة)،6:39(غرينيتش)
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
الحلقة 9 والأخيرة
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة
02/12/2000
أحمد منصور طلال بن عبد العزيز
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود.
مرحبا سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز:
أهلاً بك يا أخ أحمد.
أحمد منصور:
سمو الأمير، إحنا في الحلقة الماضية توقفنا عند محور هام ربما يهم كل عربي باعتبار الدول العربية معظمها منتجة، أو كثير منها منتجة للنفط وهو مستقبل صناعة النفط، وأشرت سموك إلى أن جيمس بيكر أشار إلى أن اعتماد العرب في مستقبلهم على النفط أصبح أمرًا خطرًا يجب أن يعيدوا النظر فيه.
طلال بن عبد العزيز:
أي نعم، هو جيمس بيكر قال: إنه اعتماد أمريكا على النفط الخليجي قلَّ كثيرا عنه عندما.. عن 90/1991م عندما أتت الجيوش الغربية، ومنها على طليعتها الجيش الأمريكي إلى المنطقة عندنا حتى تخرج العراقيين من الكويت، فقال لي: الأسباب لأنه كنا نستورد 50 أو أكثر من 50%، اليوم لا نستورد إلاَّ 20%، إذا ما هم بيتكلموا عن مصالحهم، مش عن الاحتياطي الموجود، الاحتياطي وكأنهم يقولوا هذا مُؤمَّن..
أحمد منصور [مقاطعا]:
كأنهم يعني مطمئنين.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
كأنهم يعني مطمئنين، إنما أتكلم عن استيراد البترول، يقول: قلَّت أهميته بسبب تناقص استيراده من منطقة الخليج من أكثر من 55 إلى 20 %، وقال صراحة نستورد الآن من المكسيك ومن..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
فنزويلا.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
(1/359)
فنزويلا، طبعًا أهمية البترول إلى اليوم وحسب ما يقوله الخبراء هتستمر إلى سنوات عديدة قادمة، هذا لا شك في ذلك، الآن العالم يمر بفترة ركود اقتصادي، وخصوصًا مشكلة..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
الأسواق في جنوب شرق آسيا، نعم.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
النمور اللي كانت تستهلك، النمور الآسيوية، والآن تواجهنا مشكلة-أيضا-البرازيل وأمريكا اللاتينية بجانب الاتحاد السوفيتي، وهو مصدر على كل حال، مش مشكلة.. من الدول اللي كانت تستهلك البترول، هذه كلها يقول: إنها فترة السنين العجاف.
أحمد منصور[مقاطعًا]:
ستواجه دول المنطقة.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
هكذا يقولون، ويجب أن ننتبه لأنفسنا، إنما هو المهم الكوبري الذي سوف نستعمله للمرور من هذه السنين العجاف إلى سنين الراحة المقبلة، هم يقولون: هناك سنين راحة أيضًا.
أحمد منصور[مقاطعًا]:
ستعود مرة أخرى.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
ستعود، ستعود ليس بشكل الطفرة التي مرَّت علينا، وكانت كارثة، الطفرة كانت كارثة ونعوذ بالله منها.
أحمد منصور:
يعني سمو الأمير، لو كانت الأسعار بيعت بالسعر العادي، ولم ترتفع إلى أربعين دولار للبرميل هل كان الآن سعر النفط في وضع آخر؟
طلال بن عبد العزيز:
هكذا يقول الوزير المسؤول في التليفزيون، يقول: لولا نرفع الأسعار أو نحاول أن نحفظها على المستويات المعينة لربما أنه كان مستقبل البترول للعالم اليوم أفضل مما هو عليه، ونشاهده في الأسواق الدولية.
أحمد منصور:
ما هي البدائل الآن التي يجب أن تعتمد عليها الدول النفطية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لتعويض الانهيار الواقع في أسعار النفط الحالي؟
طلال بن عبد العزيز:
في الوقت الحاضر؟
أحمد منصور:
نعم.
طلال بن عبد العزيز:
في الوقت الحاضر هم الآن أنا من وجهة نظري ماشيين بخطة متوازنة ومتوازية أيضًا.
أحمد منصور:
ما هي هذه الخطة ؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/360)
أولاً: أوقفوا المشاريع الكبرى منها، طبعًا وكانوا مضطرين لتجميد الوظائف غصبًا عنهم، حقيقة يعني حتى لو كنت أنا مكانهم لاتبعت نفس الطريقة، إلى فترة أخرى لما تتحسن الأوضاع، أيضًا فتحوا المجالات إلى مداخيل جانبية ثانية أخرى، يعني مثلاً تذاكر الطيران مثلاً هكذا سمعنا في الصحف.
أحمد منصور[مقاطعًا]:
ازدادت بعض الأسعار للدرجة..
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
رسوم المطارات اللي بيخرج منها، التليفونات أيضًا صار فيها..، عالجوها بشكل أو آخر، الكهربة الآن مشروع.. معروضة في مجلس الشورى، أيضا بيعالجوه، كيف يتحول من شبه حكومي إلى خاص؟ يعني شيء من هذا القبيل..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
يعني مواجهة الواقع بشكل ما.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
إنما هذا لا تكفي، لأنه مداخيل البترول أكثر من 80 % يأتي من البترول، فمهما عمل في الوقت الحاضر يصعب أنك تجد البدائل للبترول، ولكن للمستقبل البعيد يجب أن ننظر لهذه السلعة أنها سلعة مؤقتة، استمرت سواء خمس سنوات أو عشرة أو خمسين سنة، هناك بدائل اشتغل عليها الغرب، طاقات أخرى يمكن أن تحل..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
مصادر أخرى للطاقة.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
مصادر أخرى للطاقة، تريد بها أن تحل محل..، هكذا.. أنا بيقول لي مدير شركة شل في الرياض، قال لي: اللي سمّى فلان الفلاني اللي كان هو أكبر غنى وبيستثمر في أمواله في الفحم الحجري سنة 38 قبل الحرب بسنة، وقال: أنا أملك كذا- يفتخر-وأنه هذا الفحم سوف يستمر إلى أجيال وأجيال.
يقول: فين الفحم اليوم؟
أحمد منصور:
نعم، صحيح.
طلال بن عبد العزيز:
وهكذا البترول، أنا شفت بنفسي في معرض السيارات في برلين، إنه كل سنتين يكون هناك معرض في برلين وأنا أذهب إليه، لإنه أشوف التقدم التقني التكنولوجي في السيارات. سيارة كانت بتسير ثمانين كيلو بالكهربة، الآن 200 كيلو.
أحمد منصور[مقاطعًا]:
بالكهربة.
(1/361)
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
بالكهربة، أليس هذا من البدائل؟ من البدائل. عندما يجدوا علاجًا لانتشار الذرة، لا أعلم إيش هو تسميته العلمية، حتى لا يكون مضرًا يعالجوا الذرة، ممكن يستعملوها-أيضًا-مصدر للطاقة، وعدة أمور، لذلك يجب أن ننتبه عندنا على مستقبل البترول.
أحمد منصور:
يعني أنت سموك ترى أن مستقبل النفط مستقبل غير مشرق كثيرًا؟
طلال بن عبد العزيز:
لا. لا. مش أنا، ده الخبراء.
أحمد منصور:
الخبراء؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم، نعم، يقول لك: يستمر، وهو يستمر لكم عشرات السنين محتمل، ولكن انتبهوا للمستقبل، العملية مش عملية جيل بالنسبة للمملكة العربية السعودية، بالنسبة للخليج، بالنسبة للدول الثانية المصدرة للبترول، لازم يكون لها بدائل، أن يكون هناك بدائل بجانب البترول، لو حدث حادثة من هذه الأمور اللي أوردتها، لكن أن يكون هناك بدائل، البدائل عندي أنا هي عربية.
أحمد منصور:
كيف ؟
طلال بن عبد العزيز:
امتدادنا عربي، أولاً إحنا مشتركين مع العرب بالتاريخ والجغرافيا.. هذا شيء مفروغ منه..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
والدين قبل هذا.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفا]:
ما هو التاريخ، لمَّا نقول: تاريخ، هو الدين، هو الثقافة، هي مصطلح عصري يسموه التاريخ.
أحمد منصور[مقاطعًا]:
يجمع كل هذا.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
يجمع هذا، هو التاريخ طبعًا، الدين يأتي في قمة هذه الأمور، فتجمعنا أمور كثيرة، ومنها اللغة، ومنها كذا. إنما اللي يجمعنا المصالح، لذلك أنا أود عندما يتكلم حاكمًا أو مسؤول عربي لا يقول: باسم الإخوة، خليه يقولها يعني بتعبير علشان يكسب العواطف، ولكن عمليًا يقول: باسم المصالح المشتركة، لأنه بيننا مصالح مشتركة.
أحمد منصور:
التي هي القاسم المشترك في العلاقة مع الغرب الآن؟
طلال بن عبد العزيز:
لا. لا.. فيما بيننا.
أحمد منصور:
التي هي قاسم الغرب. الغرب يتعامل معنا طبقًا لمصالحه.
(1/362)
طلال بن عبد العزيز:
بالضبط، وهذا صحيح، مصالح ما بيننا، ولكن مصالح كثيرة مشتركة، فلهذا امتدادنا الطبيعي هو العرب، عندنا السودان من ناحية الزراعة، عندنا البشر من ناحية مصر، عندنا الثروة الآن-كما قلنا-وهي ثروة تستمر إلى وقت طويل وهي البترول ومصادره، الشام والعراق وشمال إفريقيا كلها تكمل بعض، بس كيف تكمل بعض ؟
هنا هو بيت القصيد، يجب أن نجلس على الطاولة وأن نحاور بعض، وأن نناقش كيف يكون مستقبلنا، نحن لم نتفق على موضوع واحد عربيًا اليوم، موضوع واحد من خلال الجامعة العربية، هل هذا يجوز؟ هذا لا يجوز.
أحمد منصور:
سمو الأمير، أمامنا الآن-الحقيقة-مفصل تاريخي هام، أو حادث تاريخي كبير في تاريخ المملكة، وهو مقتل الملك فيصل-رحمه الله-في عام 75، وما يكتنفه من غموض لدى الكثيرين حتى الآن كيف وقع هذا الحادث؟ وكيف كانت ملابساته؟
طلال بن عبد العزيز:
أولا: ما سمعنا هذا الكلام، وقلنا أمريكا لها يد، وأمريكا تنتقم من الملك فيصل علشان قطعه البترول، كلام من هذا القبيل، نقلوه عن الملك سعود، لمَّا نُحي عن العرش، قالوا هذا أمريكان تدخلوا فيها، وشالوا سعود وجابوا فيصل، وهذا غير صحيح، اللي شال سعود وجاب فيصل هو إخوانه، إخوانه، وهذا من حقهم يعني، إذا وجدوا إن هذا بديل للآخر وأفضل يتصرفوا كيف يشاؤون وقالوا: انتقامًا..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
لكن الكلام ده ..
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
انتقامًا من قطع سعود للبترول سنة 1956م..
أحمد منصول[مقاطعًا]:
1956م.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
وخمسين، فجه [فجاء] 73 قال قتلوه الملك فيصل، لا أبدًا، شُكلت لجان، وبحثت الأمر، وبأمر من الملك خالد وتأييد من الأمير فهد وإخوانه، وأثبتت أنه عملية قتل شخصية.
أحمد منصور:
كيف وما ذكر وقتها عن علاقة القاتل، دراسته في الولايات المتحدة..
طلال بن عبد العزيز[مقاطعًا]:
(1/363)
غير صحيح، إطلاقاً، أولادنا كلهم كانوا هناك في أمريكا وبريطانيا وفرنسا يتعلمون، بالصدفة كان هناك، إطلاقاً هذا غير صحيح.. وهذا كل ما..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
إيه ملابسات..
طلال بن عبد العزيز:
نعم ؟
أحمد منصور:
ملابسات ودوافع القاتل ؟
طلال بن عبد العزيز:
شخصية.. شخصية يعني من كثرة تفاهتها لا تُروى، أنا أتعجب كيف أقدم هذا الصبي المجنون على هذه الجريمة الشنعاء، وأنا كنت في الصحراء في البر، أنا كنت في الصحراء يومها، فكلموني من منزلي من البيت، في التليفون اللاسلكي، قالوا: ارجع بسرعة.. ليه؟ قالوا: ما نقدر نتكلم بالتليفون اللاسلكي، يُسمع، فعرفت إنه هناك حدث وقع في المملكة، لكن ما تصورت إطلاقًا أنه الملك فيصل سوف يغتال، فرجعت فورًا وعرفت كذا، إنما ميَّلت سيارتي إلى بيت الملك خالد، وجدته طالع من الحمام يغتسل لفريضة الصلاة، لأنه كان متدين..
أحمد منصول[مقاطعًا]:
الملك خالد رحمه الله
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
الملك خالد، فبايعته، فسألته إيش اللي حدث؟ قعدت أنا وإيَّاه في الزاوية، وشرح لي كذا حدث، وكذا حدث..
أحمد منصور مقاطعًا]:
اشرح لنا سمو الأمير الموضوع.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
أبدًا، قال لي هذا إنسان مجنون، معتوه، فدخل.. يعني كواحد من أولادنا، ما يمكن يُمنع ولا يفتش، مطمئنين إليه، أتاريه كان يحمل مسدس داخل بيشته، وكان عمه اللي هو الملك فيصل بيتلقاه كما يتلقى أحد أبنائه، فشال المسدس فجأة وضربه، شالوا الملك فيصل فورًا للمستشفى، ولكنه كان ميتًا، يعني طبعًا إخوانه وجماعته كانوا يتمنوا له الشفاء، وأسرعوا بنقله إلى المستشفى، ولكن كان قد فارق الحياة.
أحمد منصور:
طبيعة علاقة القاتل؟
طلال بن عبد العزيز:
لا.. القاتل اسمه فيصل بن مساعد.
أحمد منصور:
نعم، فيصل بن مساعد-عفوًا-هل كان له علاقة بالملك فيصل تخوّل له الدخول عليه؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/364)
أبداً.. كان أولادنا كلهم يدخلون.
أحمد منصور[مقاطعًا]:
كلهم يدخلون.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
بسهولة، وهذا تقليد عندنا في العائلة.
أحمد منصور[مقاطعًا]:
نعم، يعني..
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
ما كان أحد يشك فيه، أعوذ بالله.
أحمد منصور:
ولم يكن يُتوقع أن يقدم على هذا ؟
طلال بن عبد العزيز:
إطلاقًا.
أحمد منصور:
لكن بعض المصادر ذكرت إنه كانت له مشكلة تتعلق بمقتل أخ له أو..
طلال بن عبد العزيز:
إيه هو حصل من هذا، وقالوا: إنه نوع من الثأر لأخوه..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
نعم، لأخيه.
طلال بن عبد العزيز[مستأنفًا]:
هكذا يقولوا، ولكن أنا أستبعد هذا، لأنه شفنا إخوانه بعدين، اللي هوأنا عمهم يعني، أولادي يعني، لأنه خالتهم، خالة الأولاد دول، اللي هي زوجة أخوي مساعد، وهذا ابنه، خالتهم زوجة عبد العزيز، أنا كنت وكيلها، لكنها كانت عقيم، فعبد العزيز سماها أم فيصل، وقال: أنت وكيلها يا طلال، أنا كنت وكيل خالتي، لما توفت، أنا أسميها خالتي، توفت تقريبًا من حوالي عشر سنوات.
أحمد منصور:
فقط.
طلال بن عبد العزيز:
آه، فأنا أعرفهم، فقالوا من هذا.. نعم سمعناه، سمعناه.
أحمد منصور:
كيف كان وقع مقتل الملك فيصل –رحمه الله- عليكم، وهذا كان يعني حادث لم يكن متوقع أن يحدث؟
طلال بن عبد العزيز:
صحيح، شديد جدًا، والناس غضبت، وكانت جنازته مهيبة، وأتت الرؤساء من كل مكان تعزي أخوه أو خليفته الملك خالد وإخوانه، وأنا كنت واحد منهم، يعني شفنا الأسى والحزن على وجوه الجميع، لأنه حادث أولاً مفاجئ، وشخصية الملك فيصل برضو لها تاريخها، ولها مسارها في التاريخ، وكان وزير خارجية من سنة 26 ونائب الملك في الحجاز، وله كثير من الأدوار العربية، فكان الحزن مبيِّن على الناس وعلى الرؤساء المعزين وعلى إخوانه وعلى عيلته..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
(1/365)
لو ذكرت لنا-عفواً-على المقاطعة يعني نود أن تعرفنا بشخصية الملك فيصل وأسلوبه في الحكم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
رجل صبور، كتوم، له نظرة فاحصة سياسيًا، ولا ننس أنه فيصل-الله يغفر له-ظل وزير خارجية وهو ملك.
أحمد منصور[مقاطعًا]:
ظل وزير خارجية ؟!
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم.. نعم، لم يترك هذا المنصب من سنة 29 إلى سنة.
أحمد منصور[مقاطعًا]:
75.
الأمير طلال[مستأنفًا]:
75، عين وزير دولة لكن هو الوزير، لم يتخل عن هذا المنصب، فمن سفراته ولقاءاته مع الزعامات العالمية ومنظمة الأمم المتحدة وإلى آخره حقيقة صار نوع من زيادة الوعي لديه بالشؤون الخارجية، لأنه وزير خارجية كام سنة من 26 – 75.
أحمد منصور:
يعني خمسين عامًا أو تسعة وأربعين سنة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني سنوات طويلة فأكسب خبرة في هذا المجال.
أحمد منصور:
كيف كان تعامله مع الناس ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
معاملة جيدة طبيعية، الحقيقة أنا لما ألاحظ الإخوان اللي تتالوا بعد عبد العزيز كلهم يتساوون في معاملتهم مع الناس-حقيقة الأمر-ببشاشة.. باحترام يتقبلون الحوار، يتقبلون النقاش، عندهم مجالس عامة وهذا سماها عبد الله فيلبي في أحد كتبه قال: مجالس العامة السعودية أيام عبد العزيز كانت تشبه في كثير من أوجهها البرلمان الإنجليزي إنما بدون انتخابات، كان كل إنسان يدلي بدلوه، وهكذا استمرت يعني.
أحمد منصور:
سمو الأمير، قلت لي في الأربع سنوات الأخيرة من حياته-رحمه الله-كان لك.. العلاقة توطدت، وكانت سمن على عسل.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
كانت متوترة، ولكن في الأربع سنوات الأخيرة عندما أذهب إليه-وأنا أذهب إليه في الليل-يعني حقيقة كنا على وفاق في الأربع سنوات الأخيرة.
أحمد منصور:
كان يفضي لك في شيء، كان يشركك في الرأي.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا، هو من طبيعة فيصل لأ، طبيعته كده، طبيعته من زمان يعني.
(1/366)
أحمد منصور:
ما كان يستشيرك في أمور الدولة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا أنا ولا غيري إلا من هو موظف عنده.
أحمد منصور:
في عهد الملك فيصل-رحمه الله-العلاقات الأمريكية السعودية-يعني-في العام 61 ألغيتم القاعدة الأمريكية التي كانت.
الأمير طلال[مقاطعًا]:
إحنا مش هو
أحمد منصور:
نعم، بعد ذلك بدأت العلاقات الأمريكية السعودية تأخذ منحىً آخر، وقضية النفط-أيضًا-وحاجة الولايات المتحدة إلى النفط كان بيجعل العلاقات السعودية-الأمريكية إلى حد ما فيها شكل عن أشكال الحيوية.
لو طلبت من سموك أن تحدثنا عن طبيعة العلاقات الأمريكية السعودية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
شوف، العلاقات الأمريكية السعودية وأنا أؤيد هذا الاتجاه -وبحذر-قوية كانت من أيام عبد العزيز إلى اليوم والسبب هو البترول، يعني هو الثروة الأساسية في هذه المنطقة ومقدمة على الكثير هو البترول، عمادنا على البترول، قواتنا معتمدة على البترول، مواردنا أساسية من البترول، وما ينتج عنها من جمارك ورسوم كلها بسبب البترول، يعني عندما ينقص البترول تنقص الرسوم اللي تأخذها من الناس أوتوماتيكيا، إذن هو الأساس. طيب من هو عماد الغرب اليوم؟ أو بالعكس القوة الأحادية في العالم من هي ؟ هي أمريكا.. هي الغرب.
إحنا من مصلحتنا أن يكون لنا علاقات خاصة مع أمريكا.
أحمد منصور:
يعني إلى أي مدى حدود الخصوصية ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني أولاً أنه خاصة واستراتيجية ولكن أيضًا ممكن أنه يكون لنا طلبات من خلال هذه العلاقة لتحقيق بعض الأهداف العربية والسعودية.
أحمد منصور:
رؤيتك لعملية السلام من كامب ديفيد إلى اليوم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/367)
والله أنا كل ما شفت الإخوة الفلسطينيين كل ما صار عندي ندر أباركهم وأقول لهم: أنتم أصحاب الشأن، أبارككم في مسيرتكم، ولكن في داخلي مش مطمئن، ما أنا مطمئن لهؤلاء الناس، أنا مش مطمئن للإسرائيليين، بعيدين إيش الفرق بين بيريز وبين نيتانياهو ؟ هذا أكثر تطرفًا ومجاهرة وصراحة، ذاك لبق ومرن..، إنما إطلاقًا، وجهين لعملة واحدة. وهذا ما سمعناه من أصحابنا الإخوة الفلسطينيين وجماعتهم. يقول لك: دولة فلسطين.. أي دولة فلسطينية؟! مجردة من الهوا من أن تطير طيارة مدنية أو حربية إلا بأمرهم، على الأرض البوليس يقتحم أي منزل في أي وقت يشاؤون، دولة مجردة من السلاح، مجردة من الصلاحيات القضائية والتنفيذية والتشريعية إلا بورقة إسرائيل، كل هذا أي دولة؟! فإذن الكلام اللي بيقولوه أنا غير راضي عنه ولكن مادام هم راضيين وأصحاب القضية مالنا بديل.
هم يقولوا لك: ما هو البديل؟
أحمد منصور:
يعني عفوًا سمو الأمير، الكل يقول: هم أصحاب القضية. ألا تعتبر قضية فلسطين هي قضية كل عربي وليس قضية الفلسطينيين وحدهم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله مرة نسمع قضية عربية يهودية مسيحية بالنسبة للقدس، مرة يقول لك: قضية إسلامية، مرة يقول لك..، إحنا ضعنا، إحنا مش عارفين هي قضية إيه. كل مرة نسمع اتجاه. لذلك إحنا.. أنا شخصيًا بأقول قضية فلسطينية بدرجة أولى، لأنهم أصحاب الأرض اللي عايشين فيها، فليكن قضية إسلامية بالنسبة للقدس، مسيحية يهودية وهادي إحنا موافقين عليها، وموافقين على الكلام والفاتيكان موافقة عليه وإلى آخره، وهذا-أعتقد-منفذ لنا إذا تحقق.
أحمد منصور:
كيف ترى مستقبل عملية السلام القائمة الآن ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
مستقل ؟
أحمد منصور:
عملية السلام القائمة الآن.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
صعبة، صعبة جدًا، مش سهلة.
أحمد منصور:
(1/368)
هل ترى أنها يمكن أن تحقق نجاحات أم ستظل في تعثرها إلى بروز شكل آخر من أشكال المواجهة ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم نعم، أنا من هذا الرأي.
أحمد منصور:
هل ترى أن هناك مواجهة مستقبلية بين العرب وإسرائيل؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ليه، مادام هم الأقوياء وبيحصلون على كل ما يريدوه بالطرق.. بدون حرب، كل مطلب لهم اليوم بيحصلوا عليه، يعني إحنا نواجه.. نفاجأ من كام يوم أن الولايات المتحدة الأمريكية بتطلب من العرب إعادة.. شو اسمه. العلاقات الاقتصادية يعني..مع العرب.
أحمد منصور:
رفع المقاطعة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أو رفع المقاطعة، رفع المقاطعة بعد إيه؟! بها السرعة!!، طب على الأقل خلي ينفذوا عملية الاتفاق اللي حصلت في أمريكا مؤخرًا، وبعدين يطالبونا بهذا، لم يتم شيء.
أحمد منصور:
سمو الأمير، في الفترة من عام 1975م إلى 1982م كان الملك خالد-رحمه الله-ملكًا للمملكة العربية السعودية..كيف تميزت فترة حكمه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سعودياً كانوا فرحين لأنه حصل طفرة.
يقولوا: جانا المال، جانا الخير، المشاريع عمت، مستشفيات، طرق..وكذا. اللي هي الحركة العمرانية، فبالنسبة لهم..
أحمد منصور[مقاطعًا]:
نعم، البنية الأساسية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بنية أساسية، مطارات، مواني.. إلى آخره، حقيقة، مدارس مستشفيات. فكانوا مستبشرين بهذه الفكرة.
82 بدأ البترول ينزل، وهذه صدف ليس لها علاقة إطلاقاً بحظ هذا أو ذاك من وجهة نظري يعني، صدف..فهي فترة من ناحية المواطن السعودي فترة رخاء وإنجازات.
أحمد منصور:
كيف..يعني لو وصفت لنا الملك خالد كأخ لك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ورع، رجل ورع بسيط صريح عفوي، نياته صافية-حقيقة الأمر-صافية جدًا ومحب للغير.
أحمد منصور:
بعد العام 82 وحتى الآن هل حدث تغيرات واسعة في المملكة، في تطور هذه الدولة التي أسسها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/369)
من ناحية إيه؟ العمرانية أم من ناحية إيه؟
أحمد منصور:
من النواحي المختلفة حتى في بناء.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
تطورات سياسية واجتماعية.
أحمد منصور:
نعم، من أهمها.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من وجهة نظري إنها جيدة وأنا باركتها حقيقة في العلن في الإذاعة والتليفزيون، مثلا النظام الأساسي في الحكم.
أحمد منصور:
اللي وضع في العام 92؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
92، جيد.
أحمد منصور:
نعم.. ما هي المميزات التي كان يتمتع بها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أولاً لأمور كثيرة كانت عادات وأعراف صيغت بشكل مواد، ما يسمى بالدستور، بلد ما فيها دستور، اللي هو القانون الأساسي إحنا بنسميه النظام الأساسي للحكم، يعني هم كلمة الدستور بيخفوها، بيتجنبوها، إنما الكلمة جاية من (دست) دست الحكم بالإيراني، وأنت عارف حتى القرآن فيه بعض الكلمات العجمية، ليس فيها مبرر لرفضها، لكن لأنها وافدة ويخشون إنها تحل محل القرآن والسنة. ما إحنا قلنا في يوم.. مرة من المرات إنه كلمة دستور ليس فيها مشكلة لأنه القرآن يأتي فوق الدستور وفوق القوانين.
فعملنا الدستور، عملنا مجلس الشورى، عملنا نظام المقاطعات، فعمل إصلاحات سياسية يمكن في بدايتها، وإحنا نطالب بالمزيد منها ومن غيرها، تطويرها، وهو وعد بهذا قال: كل فترة، بس طبعًا الآن ظروف خاصة بنمر بها فلذلك نرجو له الصحة والعافية حتى أن ينفذ ما وعد به في..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني تعتبر سموك دستور أو النظام الأساسي في العام 92 نقلة نوعية في النظام السياسي في المملكة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم نعم
أحمد منصور:
كنت أبديت بعض الملاحظات على هذا الدستور.. هذا النظام الأساسي، كان لك بعض الآراء؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه، أبديتها علنًا.
أحمد منصور:
ما هي أهم هذه الأشياء؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/370)
أولاً دائمًا أقول على المعترفين أقول لهم: خذوا وطالبوا كما قال أحد زعماء العرب، كان يقول بالنسبة لقضية فلسطين-يومها قامت الدنيا ضده-الرئيس عبد الناصر وسوريا، وإحنا أنه ليش يا أبورقيبة تقول هذا الكلام؟ هذا مبدأه، إحنا نقبل النظام الأساسي على ما فيه من أمور سلبية أو إيجابية، ونطالب بالمزيد، مثلا، فنتج عنه مجلس الشورى، مجلس الشورى الآن فيه إنجازات طيبة، لأنه-حقيقة-مجلس الشورى أنا باعرف ثلث هؤلاء الأعضاء، وهم وطنيين، مخلصين لبلدهم، مخلصين لدينهم، مخلصين لمبادئهم، ومثقفين ومتعلمين، ومتخرجين من أكبر الجامعات الغربية، ويدلون بدلوهم كل المشاريع التي تعرض، ولكن أنا قلت بتطوير النظام الأساسي للحكم، بتطوير مجلس الشورى، وإعطائه الصلاحيات، وإعطائه الحصانة البرلمانية، يعني تطويره بشكل أو آخر لهذه الأمور التي نرجو أن يلحقوا أنفسهم ويطوروها سواء من ناحية النظام الأساسي أو بالنسبة لمجلس الشورى.
أحمد منصور:
سمو الأمير..هل لازال لديك -عفوًا اسمح لي في السؤال-هل لازال لديك طموحا سياسيا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبدًا، آخر تصريح عملته للنهار من حوالي عشرة أيام قلت فيه: مسكين الذي يشتغل في السياسة العربية اليوم.
أحمد منصور:
لماذا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لأنه من الفوضى الدابة في العالم العربي، في عدم الجدية في أخذ الأمور السياسية وممارستها، يعني الفوضى دَبَّ فينا الفوضى، وبدأ يدب اليأس في نفوس المواطنين لعدم الوفاق العربي، وعدم الاتفاق العربي، الحد الأدنى بالاتفاق اللي يخدم الشعوب العربية، سيبك من الأمور الداخلية، اقتصادية، أو ثقافية أو إلى آخره.
هذه الأمور لم يتفق عليها، محكمة العدل العربية إيش صار فيها؟ السوق العربية المشتركة..إيش صار فيها؟
أحمد منصور:
طيب، ما هو الطريق للإصلاح وتحقيق هذه الآمال؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/371)
ما نعرف.. ما نعرف، حقيقة أنا سألت كثيرًا، سألت المثقفين، سألت المفكرين العرب..يا جماعة طيب إيش الحل؟ قالوا: لا حل هناك إلا أن يأتيكم المجهول، ما إحنا نخشى هذا المجهول، طب ليه ونحن الآن يعني في هذه المواقع، مواقع المسؤولية، لا نحاور الآخرين؟ أصحاب الحل والعقد من المواطنين، ونتدارك أمورنا، ونصلح من شئوننا قبل أن تداهمنا الأمور، يعني التاريخ ألا يعلمنا؟ أعتقد هذه من الضروريات بمكان يعني، من الضرورة بمكان.
أحمد منصور:
هل هذا هو الدافع لديك للاتجاه للعمل الاجتماعي المتعلق..
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يا سيدي..هذا بدأ من حياة الوالد.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
عملك الاجتماعي.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إحنا أول من عمل مدرسة خاصة للبنات، أول في الرياض، أول من عمل مستشفى خاصة، وكله بتوجيهات عبد العزيز، إنها بادرة منَّا إحنَّا، أول من عمل مدرسة مهنية في الرياض، أول من أعطى بيته كلية للأطفال، كلية للشباب يعني، في مكة إذن، هذا العمل ليس جديدا علينا منذ ذلك الوقت.
أحمد منصور:
سمو الأمير.. البعض يقول: ربما توجه بعض السياسيين إلى العمل الاجتماعي هو شيء من سد الفراغ، ما هي طبيعة العلاقة بينك وبين العمل الاجتماعي؟ القناعة؟ ما هي طبيعة العلاقة ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما هو؟ ما إحنا بدأنا في هذا من الخمسينات.
أحمد منصور:
هل تحب هذا العمل؟ تشعر بثماره؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم، إنما قلت لك قبل فترة قلت أنا القلق الذي يعانيه الإنسان، ردود الفعل لما يحدث في عالمنا العربي بتسئ إلى نفسيته فيحصل نوع من الاضطراب حتى في عملك الإنساني والاجتماعي.
أحمد منصور:
إحنا تحدثنا عن علاقة المملكة بالولايات المتحدة، وأعتقد أن هناك شيئًا تود أن تضيفه في هذا.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/372)
أمريكا كما علمنا وعرفنا عن اتخاذ القرار فيها، هناك مدارس مختلفة، وهناك مراكز أبحاث، وهناك أصحاب قرار على مستويات متعددة ودرجات مختلفة حتى يتخذ قرار العملية تأخذ طريق طويل عريض، هناك أمرين فيه قضايا استراتيجية هذه مهما أتى من رئيس الجمهورية أو حزب لا يمكن أن تنحاز عنها إطلاقا، وفيه أمور تكتيكية، هذه يمكن معالجتها والاتصال بأمريكا بمدى النفوذ في السعودية أو علاقات خاصة يمكن تعديل مسارها..
أحمد منصور:
مثل إيه سمو الأمير؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الاتصال معهم، افتح حتى الحوار، اتصال بالشعب الأمريكي من خلال..أنا رحت 3 مرات لأمريكا للترويج لمهامي الإنسانية، 81، 82، 83، وجدت الأبواب مفتحة لي، اللي كانوا يقولون أنه الأبواب مغلقة أمام العربي، اللي هي الإعلام، لا في الصحافة ولا في التليفزيون ولا في الراديو، أنا طلعت في الراديو-على سبيل المثال-جابوني في الراديو
أحمد منصور:[مقاطعًا]
الأمريكي ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الأمريكي، الساعة 4 صباحاً، علشان أخاطب فئات معينة من الشعب منهم سواقين التاكسي، والسكران، والضايع واللي كان..، وكانوا يشتموني في سؤالاتهم: أنت عربي، أنت متزوج أربعة، أنت صاحب الجمل، أنت إيش جابك أمريكا ؟ كنت أسكت وكنت أجاوبهم، الأبواب فتحت لي..
أحمد منصور[مقاطعا]:
يعني إحنا لم نستغل-أيضًا-هذه الفرصة بالشكل الجيد؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لم نستغل هذه الفرصة، اجتمع مع أصحاب القرار، أنا كنت أشوف أعضاء الكونجرس الأمريكي، مكاتبهم زرناها في الكونجرس، ولكن أشوفهم في الحفلات الخاصة، هم ينبسطوا لما يكون فيه كوكتيل Party أو فيه حفلة عشاء، ينبسطوا في تناول الحديث والحوار فيما بينك وبينهم.
هذه فرص إحنا لا نستغلها.
أحمد منصور:
لكن مهما كانت قوتنا ومساعينا للتأثير هل يمكن أن نُغيّر شيئًا من الموقف الأمريكي تجاه إسرائيل؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/373)
نعم.. أنا من تجاربي نعم.
أحمد منصور:
أما تُعتبر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية من الثوابت الاستراتيجية التي أشرت سموك إلى أنها لا يمكن أن تتغير؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
من الثوابت لعدة أمور أولاً الجماعة دول بدؤوا من 100 سنة.
أحمد منصور:
اليهود؟
طلال بن عبد العزيز:
اليهود، يعني من مؤتمر بازل
أحمد منصور:
1897م
الأمير طلال بن عبد العزيز:
و97 وبدؤوا في أمريكا بقوتهم الإعلامية والمالية واشتغلوا مش بس إنهم، مش كسالى طب خلينا نعطيهم حقهم كمان، ما هو عشان تعطي خصمك الحق من خلال إعطائه هذا الحق تستطيع أنك تقيِّم نفسك وتعمل عشان تصل إلى ما وصلوا من مستوى في الإعلام وفي المال وفي النفوذ، أم كيف نقيم خصمنا؟ بالاعتراف له بما أنجزه من أمور لمصلحة نفسه، فأمريكا وجدت مصلحتها منذ البداية أنه في هذا الغربيين الذين انتقلوا من بلادهم إلى إسرائيل وطبقوا المعايير الغربية، البرلمان، تداول السلطة، الانتخابات، الأحزاب إلى آخره..فصار هناك انسجامًا روحيا وحضاريا بين الغرب وبين إسرائيل، في الوقت اللي إحنا هنا مفككين، يعني هم وجدوا لهم بؤرة إسمها إسرائيل تخدم مصالحهم، وهذا من حقهم يا أخي، ليش نجاورهم لازم إحنا نثبت أنفسنا إنه نحن لا، إحنا أقوى من إسرائيل، أو على الأقل نماثل إسرائيل حتى نكسب احترام الآخرين، إحنا إذا كنا لا نكسب احترام أنفسنا وننتقد أنفسنا بعنف، هل نتوقع الآخرين إن هم يحترمونا ويقدرونا، أعوذ بالله.
أحمد منصور:
ما هو الطريق؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
برضو كما سألنا كما يقول لك خطين متوازيين سنسير فيها إلى المجهول لا نعرف النهاية أو يطلع لك ناس من فين ؟ من هنا أو هناك ويقلبوا هذه الأمور بشكل أو آخر ونتائج هذه التغيرات لا يعرف مداها إلا الله، هذه مشكلة اللي نرجو من قياداتنا أن توعي لها وأن تدرك أهميتها وخطورتها.
أحمد منصور:
(1/374)
سمو الأمير لو سألتك أن تقيم العلاقات السعودية، علاقات المملكة مع جيرانها؟
طلال بن عبد العزيز:
إحنا دائمًا نقول إحنا حوالي ثمان دول جيراننا عربية، أعتقد ثمانية أو تسع يجب أن نكون على صداقة ووئام بقدر ما نستطيع وأن تكون هذه الدول المجاورة قوية مثلما نحن أقوياء، يعني مثلا اليمن أنا فوجئت إنه مجلس التعاون يرفض دخول اليمن، أنا من رأيي إنه تعالوا لا نرفض ولا نقبل الآن نجيب جهة معينة تعمل لنا تقييم لفائدة مجلس التعاون من انضمام اليمن له، وفائدة اليمن من انضمامه لمجلس التعاون، أيش الفوائد الناتجة عن هذا؟ هل فيه فائدة لهم ولنا؟ بناءً على هذه الدراسة والجدوى اللي يمكن إنها تجرى اتخذوا قراركم لا أو أيوه برضو نرجع للمزاجات والعاطفة، هذا لا يجوز.
أحمد منصور:
لكن تقييم سموك لتجربة مجلس التعاون نفسها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله تجربة في بداياتها وأصحاب الشأن في هذا المجلس ينتقدونها بمرارة.
أحمد منصور:
رغم مرور هذه السنوات الطويلة على تأسيسها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
رغم مرور السنوات الطويلة، أعتقد إنه يجب أن يتحرك أكثر ديناميكية وأكثر فاعلية حتى إن يكون له إنتاج مردوده لشعوب المنطقة.
أحمد منصور:
سمو الأمير ونحن في ختام هذه الشهادة التي تقدمها للأجيال التي عايشت هذه الأحداث وأجيالنا نحن التي ربما لم تعش أحداثا كثيرة منها، والأجيال القادمة، يعني ما هي رؤيتك لهذه الفترة السياسية والحياتية في تاريخ الأمة التي عشتها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الحاضرة أو المستقبلية؟
أحمد منصور:
التي عشتها ابتداء منذ مرحلة الوعي في بداية الثلاثينيات إلى اليوم، كيف تنظر إلى هذا المدى من التاريخ العربي الحديث؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/375)
والله أنا اللي بأشوفه وشوفته بالفعل إنه لم يكن هناك تغييرات جذرية في أوضاعنا العربية من ذلك الوقت إلى اليوم، وهي أوضاع يعني تغييرات شكلية، سطحية، ليست في العمق الذي يوصلنا إلى مصالح شعوب المنطقة، وهذه لن تتحقق إلا بالمزيد من الديمقراطية أو الشورية والحريات، الحريات التي هي يعني لها ضوابط مش الحريات الفوضوية اللي نقولها بعدين نخاف من الغرب، يقول لك الحرية عند الجهة الغربية معناها الجنس والاختلاط، يعني مش هذه الحرية، ولا أحد يدعو إليها، ومرفوضة حتى مش من الحكَّام، حتى من الناس العاديين، الحرية تداول في شؤونهم وأمورهم واحد مثلا ينتقد وزير الصحة، ووزير المواصلات، أو المسؤول الفلاني، حق المساءلة سواء من طريق الرأي العام من خلال صحافته أو نقاباته أو برلمانه أو مجلس الشورى، هذه من حق الناس، وهذه من الدوافع، هذه مثلا قفزات حضارية حقيقية لو حققناها، مش إن يكون عندك لمبة وتولع لي ماتور، وتجيب لي سيارة وتقول هذه نقلة حضارية وهي مصنوعة في الخارج، وأنت استوردتها من مالك ومن ثرواتك. هذه
أحمد منصور:
يعني تعبر هذا عملية الإصلاح السياسي والإصلاح بناء الشخص شيء رئيسي ومطلوب.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم أساسي.
أحمد منصور:
هل هناك أشياء كنت تأمل أن تحققها في حياتك ولم تستطع؟ ؟ أو ولم تتحقق؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله إحنا أول من دعينا إلى مجلس وطني اللي هو يشبه مجلس الشورى حتى زعلوا عليه ليه سماه الوطني قلت له: يا أخي الاسم تغيره ومش مهم، وفي ذلك الوقت جاءني رسالة من شخص
أحمد منصور:
سنة كم سمو الأمير؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
سنة 1961، ليش أنت تقول مجلس وطني؟ وليش أنت تقول نظام أساسي؟
(1/376)
طب ما تجيب نظام أبوك، ارجع للنظام الأساسي اللي عمله الوالد، شوف مجلس الشورى وكبروه وطوروه، كفاية، هذا ضاعت علي الحقيقة، أنا أعترف بها، ضاعت علينا كانوا يجيبوه ويطبقوه ويقولوا هذا نظام عبد العزيز ما فيه حد هيقول لك لا، إحنا اتصورنا إنه نظام بالي، نظام قديم 26 يعني نحدث إنما يعني على أساس إنه قفزات إلى الأمام، لكن الحقيقة لولا أخذنا بهذا الرأي كان ممكن، هذه من الأمور التي آسف على عدم تحقيقها.
أحمد منصور:
هل هناك أشياء أخرى؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله في بال الإنسان أشياء كثيرة ويأسف يعني أنا قلت في آخر حديث إنه فيه بعض الأمور لو إحنا أدرناها بطريقة أو أخرى كنا حققنا أشياء كثيرة، لكن من حماقات الشباب ومن أخطاء الآخرين أيضًا، الاثنين مع بعض، مش بس من ناحية واحدة، ضاعت هذه الفرص.
أحمد منصور:
سمو الأمير ما هي رؤيتك لمستقبل المملكة العربية السعودية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يعني مبشر، مبشر بالخير لأنه ليه هو مبشر؟ أنا داخل في العملية، داخل في المؤسسة، وأعرف خفايا الأمور، أعتقد، وهذه يجب أن تتضح للناس لأنه التكتم على الكثير من الأمور هذا يؤذينا، يعني أنا شايف أشياء إيجابية طيب ليه ما نطلعها للناس خلي الناس تعرفها، إنت بدك الناس تصفق لك وهي لا تعرف شيء، تصفق المجهول ما يسير، إذاً فيه أشياء إيجابية وتبشر بالخير بس شرط أن تبلور أولاً بشكل جدي، وشكل يعني معقول ونظامي وقانوني.
أحمد منصور:
هل فيه أشياء محددة تحب أن تراها ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.. لا هناك أشياء كثيرة إن أمور الدولة متشابكة وكثيرة ومتنوعة، من الصعب إنك تحدد، ولا ما عندي مانع أن أقول.
أحمد منصور:
لكن في الإجمال؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
في الإجمال الأشياء كثيرة الحقيقة يعني لا يحضرني الآن ما هي ولكن أشياء كثيرة اللي خاصة في أمور الدولة يعني
أحمد منصور:
نعم والمستقبل العربي؟
(1/377)
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا من الناس اللي لو مش متفائل ما كنت قاعدت قدامك ها الحين،كان انزويت في بيتي وخدت ما عندي من ثروة أنا وأولادي وهاجرت، بس لأني متفائل ومن طبعي أني أتفائل ويجب أن نعمل من أجل هذا التفاؤل أنا أو غيري لمستقبل أمتنا وأولادنا وأحفادنا ونسائنا.
أحمد منصور:
ما الذي توصي به جيلنا والأجيال التي تأتي بعدنا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا جيل الموجود حالياً بس إحنا بنتكلم من أجل الأجيال القادمة اللي سوف تحملنا المسؤولية، مسؤولية الكوارث التي لو تركنا الحبل على الغارب كما يقولوا هكذا أمور سايبة هو هيحمل المسؤولية.
أحمد منصور:
ماذا توصي هذا الجيل عفواً سمو الأمير؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم؟
أحمد منصور:
ماذا توصي الجيل القادم؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله الجيل القادم بحالتنا الحاضرة هيكون جيل يعاني، يعاني أكثر مما عانينا لأنه التعليم ومناهجه متخلفة، الفوضى دابة في الجيل القادم اللي هو بيربي الجيل..، ما إحنا بنربيه، وإحنا بنعلمه، يعني كيف بجيل عاجز يربي جيل مستقبلي وضعت فيه الآمال، ما هادي كمان معادلة صعبة.
أحمد منصور:
صحيح.
طلال بن عبد العزيز:
يعني هادي كمان بدها شوية بحث ونقاش.
أحمد منصور:
لو طلبت منك في ختام هذه الشهادة شيئًا أخيراً، كلمة أخيرة في ختام شهادتك على العصر.. ماذا تقول؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وهو أنا قلت قبل لحظات بأنني إنسان متفائل بطبعي، إنما التفاؤل هذا يجب أن يدعم عمليا بوسائل تجعل مني وغيري من المتفائلين يضاعفوا من هذا التفاؤل وإلا يوم من الأيام هنسيب أزمتنا لغيرنا وهو برضو يا إخواني، يا أصدقائي، يا زعامات العربية أن تدركوا المخاطر المحدقة بنا مستقبلاً، وأن تعملوا بمشورة الآخرين عن تقييم أموركم وتعديل مساركم لما فيه مصلحة شعوبكم.
أحمد منصور:
(1/378)
صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود أشكرك شكراً جزيلا على هذه الشهادة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع ضيف جديد في برنامج شاهد على العصر هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(1/379)
ردود الفعل على شهادته(1/380)
الخميس 25/9/1421هـ الموافق 21/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 9:39(مكة المكرمة)،6:39(غرينيتش)
ردود الفعل على شهادة الأمير طلال بن عبد العزيز على العصر
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة
06/12/2000
أحمد منصور طلال بن عبد العزيز
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة من القاهرة، وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود).
(1/381)
ردود فعل واسعة النطاق تلك التي أثارتها شهادة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود طوال الأسابيع التسعة الماضية من خلال برنامج (شاهد على العصر)، ذلك لأنها تناولت –للمرة الأولى- بعض الأحداث الهامة التي وقعت في المملكة العربية السعودية خلال الخمسين عاماً الماضية برؤية ورواية من شارك في صناعتها، وكانت كثير من الأحداث تعتبر من المحرمات التي لا يُتطرق إليها، وأنا لا أنكر أن هذه الحلقات التي تم تسجيلها على مدار عامين هما العام 1998م والعام الماضي 1999م قد أرهقتني بالفعل، وكانت قلة المراجع المحايدة أو الموضوعية أحد أسباب الإرهاق في البحث عن معلومات، كما أني أعتقد أنها أرهقت الأمير أيضاً، وربما سببت له كثيراً من المشكلات، لأنه فتح صفحات كان الكثيرون يودون لها أن تُطوى، وإني إذ أشكره على ما قدم وعلى ما تحمل ويتحمل في سبيل بيان الحقيقة أو جانب هام منها على الأقل فإني –كذلك- أشكر مشاهدي الجزيرة الذين أمطروني طوال الأسابيع الماضية بعشرات الرسائل والتساؤلات والمعلومات عبر البريد الإلكتروني والفاكس والهاتف حول ما أثاره الأمير طلال في شهادته المثيرة والتي ستظل مثيرة للجدل، والتي نتمها أو نحاول أن نتمها بهذه الحلقة من برنامج (بلا حدود)، لنفتح بينه وبين مشاهدي الجزيرة حواراً مفتوحاً حول ما أدلى به من معلومات وما تناوله في شهادته من أحداث.. ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على الأرقام التالية، مشاهدينا في مصر 5748941 00202 مع إضافة كود القاهرة 02 للمقيمين خارجها.
أما مشاهدينا في جميع أنحاء العالم فيمكنهم الاتصال بنا على 5748942 00202 أو 43 أما رقم الفاكس فهو 5782132 مع إضافة كود القاهرة 02 للمقيمين خارجها وإضافة الكود الدولي 00202 للمقيمين في جميع أنحاء العالم.
سمو الأمير مرحباً بك.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أهلاً أخ أحمد.
أحمد منصور:
(1/382)
أشكرك على قبولك لهذه الدعوة حتى نتم معك ما بدأناه في العام 98 حول هذه الشهادة التي لازالت أو ستظل مثيرة للجدل لاسيما بالنسبة للفترة من العام 57 إلى العام 64.
أبدأ معك بتساؤل أرسله المشاهد يوسف عبد الرحمن الذكير من الرياض، وأشكر الأخ يوسف شكراً جزيلاً لأنه كان يتابع معنا الحلقات أولاً بأول وأرسل تساؤلات كثيرة.
سؤاله الأول عما أثير في الحلقة الأولى عن مبلغ الخمسة آلاف جنيه إسترليني التي كان يتقاضاها الملك عبد العزيز من بريطانيا، وأرسل أدلة كثيرة حول هذا المبلغ منها ما نُشر في كتاب (بعثة إلى نجد) الذي ألفه (سانت جون فيلبي) والذي قدم له وترجمه وعلق عليه الدكتور عبد الله الصالح العثيمين، وكذلك ما جاء في بعض المصادر الأخرى حول هذا المبلغ وطبيعة العلاقة التي ربطت الملك عبد العزيز بالبريطانيين. تعليقك سمو الأمير بداية على هذا الموضوع.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
شكراً جزيلاً.. بداية أود أن أعلق تعليق بسيط قبل ما أجاوب على هذا السؤال على هذه الحلقة. الحلقة هذه أنتم وأنا وعدنا المشاهدين بأنها سوف تُجرى بعد انتهاء آخر حلقة من الحلقات التي أُجريت في (شاهد على العصر)، ونحن الآن نحقق هذا الوعد للمشاهدين، ونبدأ حديثنا معكم بالملاحظة التالية: أولاً: الحقيقة أنا لم أتحمل مشاكل -كما تفضلتوا- نتجت عن حديثي في (شاهد على العصر) بعض الأمور التي.. والملاحظات التي أبديت، وهذا من الأمور الطبيعية التي أنا كنت أتوقعها أصلاً، وكان.. وكنت أتمنى في كثير من هذه الملاحظات أن يحدث نقاش حتى نوجه أو نوضح –بالأحرى- الحقيقة للذين يتساءلون عن بعض الحقائق أو تلك التي رأيت أنها حقائق وذكرتها في هذه الحلقات.
(1/383)
الأمر الثاني المهم -أخ أحمد- إنه أنا.. لربما أني أدركت هذا الموضوع متأخراً، ولكن على الأقل أريد أن أصرح به وأقوله بصوت عالي أنه المسائل العامة والكثير من المسائل الخاصة في المملكة العربية السعودية منوطة بثلاث أشخاص فقط في الوقت الحاضر أن يتحدثوا عنها هو: الملك، وسمو ولي العهد الأمير عبد الله، وسمو النائب الثاني الأمير سلطان بن عبد العزيز فقط، أدركت هذا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ماذا تقصد هذه؟
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
أدركت هذا في المدة الأخيرة وقبل حتى (شاهد على العصر) أن هم الذين يتحدثون عن هذه الأمور فقط، طبعاً هذه الحلقة سأتحدث بكل راحة وسوف أجاوب على كل الأسئلة، لكن بعد هذه الحلقة سوف نلتزم بأنه هذه أمور منوطة بهم الثلاثة فقط، كما قلت الأمور العامة وكثير من الأمور الخاصة لأنها..، أما ما عدا الأمور الأخرى فهذه منوطة بالمسؤولين وزراء أو غيرهم..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حتى التاريخ؟
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
أو غيرهم، التاريخ اللي خاص بعبد العزيز لأ، هذا منوط بي أنا وأولاد عبد العزيز، لا يستطيع أن أحد يلومنا عليه أو يستطيع أن أحد يحاسبنا عليه، لأن هذا ملك للجميع.
أحمد منصور:
والذي شاركت فيه بعد عبد العزيز؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم؟
أحمد منصور:
والذي شاركت فيه بعد عبد العزيز أنت وغيرك من إخوانك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذا.. ذكرنا الكثير من الأمور، ذكرنا في الحلقات بعض الأمور اللي أنا كنت أتذكرها لأن أنا لم أكن أقرأ من كتاباً أو كنت أنقل من مذكراتي التي تحتوي على كل الحقائق، فذكرتها اجتهاداً مني بمعنى أنه شَغَّلَت ذاكرتي حتى أني أتذكر هذه الحقبة من التاريخ واللي أنا شاركت فيها.
أحمد منصور:
(1/384)
يعني هل أفهم منك تصريحاً –عفواً سمو الأمير- أن هذه هي الحلقة الأخيرة أو الحوار التليفزيوني الأخير أو الإعلامي أو الصحفي الأخير الذي سوف تتحدث فيه عن الشؤون العامة في المملكة العربية السعودية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
وكثير من الأمور الخاصة نعم.
أحمد منصور:
هذه هي المرة الأخيرة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هذه هي المرة الأخيرة.
أحمد منصور:
يعني إذن سنحاول أن نستفرغ منك كل ما نستطيع.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
فليكن، فليكن، ولكن هذه الحقيقة أدركتها وهذا أفضل للجميع، وحتى لا يكون فيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني معنى ذلك إنك بتعتزل العمل السياسي بعد هذه الحلقة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله قول.. سميها اللي تسميها، سميها اللي تسميها، إنما هذا هو الواجب اللي يجب أن يكون..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني شيء خطير أن تعلن اعتزالك للعمل السياسي.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
ثلاثة أشخاص.. ثلاثة أشخاص.. أنا قلت أنه لن أتحدث، لن أتكلم باعتزال العمل السياسي، لن أتحدث في الأمور العامة الخاصة بالمملكة العربية السعودية أو كثير من الأمور الخاصة، لأنها منوطة فعلاً بثلاثة أشخاص، يعني.. لذلك.. يعني أنا أدركتها متأخر ولكن لا بأس.. لا بأس إني أقولها من الآن.
أما بالنسبة لعبد العزيز فلا أريد أن أحد يزايد عليّ في عبد العزيز، عبد العزيز هذا والد الجميع، وأمانة في عنقنا جميعاً، فنتحدث عن تاريخه ونتحدث عن أموره بكل تجرد وصدق وإخلاص لأنه ما حدش يكفينا، إحنا عبد العزيز بالنسبة لنا –يعني- مدرسة.. مثال بعظمته وبأعماله المجيدة، فلهذا يجب أن نتحدث في تاريخه ونتحدث في أمجاده، ونتحدث في الأحداث التي وقعت أثناء حياته بالإضافة -أنا قلت لا أقبل أحد يزايد علي- أيضاً لقربي الذي كان في حياة عبد العزيز، والناس..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
رغم أن سنك كان صغيراً.
(1/385)
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
فلذلك أنا أحب إني أقول في هذه المناسبة إنه هذه الحلقة هي الأخيرة بالنسبة للشؤون العامة للمملكة العربية السعودية والكثير من الأمور الخاصة، سوف أتكلم عن تاريخ والدي، عن تاريخي أنا، عن أعمالي، عن الأشياء هذه، وهذه فيها –ما شاء الله- الكثير مما الواحد يتطرق إليه، هذه هي الحقيقة.
أحمد منصور:
يعني..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
نرجع السؤال لو أمرت.
أحمد منصور:
السؤال كان فيما يتعلق بالقضية المثيرة للجدل حول المبلغ الذي كان يتقاضاه الملك عبد العزيز من البريطانيين ومقابل ما كان يقوم به بالنسبة لهذا المبلغ وهو خمسة آلاف جنيه إسترليني شهرياً.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يا سيدي، هذا الكلام سنة 1916م أو 1917م ميلادية، وكان (بيرسي كوكس) هو المرسول أو المنوطة به أمور المملكة العربية السعودية، وكان كثير من أمراء المنطقة لما نرجع إلى كتاب الزركلي، خير الدين الزركلي، وهو الكتاب المعتمد أو من الكتب المعتمدة والمعترف بها في السعودية.
أحمد منصور:
صحيح، نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ورواها عن (فيلبي) أنه هذا المبلغ ومنها ثلاثة آلاف بندقية ومنها ثلاثة أو أربعة رشاشات ومدافع، إنما السؤال المطروح لماذا..؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
قائمة طويلة عندي يعني لا مجال لذكرها.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
لماذا لم يستعمل عبد العزيز هذه الأسلحة إطلاقاً.. ليه؟ لأنه فيه أقوال متعددة ولم أراها أنا بالتاريخ إنما أقوال تواردت من شخص لآخر إنه لا يريد إنه هذه الهدية من الإنجليز تُستعمل ضد جماعته في المملكة العربية السعودية، فكان السلاح الذي يأتيه من هولندا من بلجيكا من ألمانيا أيام هتلر، من دول مختلفة بأموال تُدفع لهم، وكان المرسول له معروف من (خالد بن الوليد الخرقني) وهو من المبعوثين لهذه الدول عشان يأخذ من السلاح، لماذا لم يستعمل السلاح؟
(1/386)
لأنه قيل من الأمور المتواردة عنه أنه لم يرغب بإعطاء السلاح، قامت الدنيا علينا بالنسبة للخمسة آلاف جنيه، يا سيدي هذه عملية في منتهى البساطة، لأنه في هذا الكتاب يقولوا أنه الدول الموجودة في ذلك الوقت كانت تتقاضى مثل هذه المبالغ، وبعدين مش عبد العزيز، هي للدولة السعودية، لأنه ما كان فيه حكومة، سنة 1917م إيش عندنا كان؟ كان عبد العزيز هو كل شيء.
فأنا ما أعتقد إنه فيها إطلاقاً أي مساس بالملك عبد العزيز في ذلك الوقت. اليوم هناك حوالي 13، 14 بليون دولار يقرها مجلس الشيوخ الأمريكي والنواب للمساعدات الخارجية، مساعدات.. عطايا.. منح –سميها- لهذه الدول منها دولتين في الشرق الأوسط بتاخذ -حوالي- من هذا المبلغ بين حوالي أربع آلاف وخمسمائة مليون دولار منح لا ترد، الله!!!
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مصر والأردن وإسرائيل.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
فليكن.. فليكن.. فليكن هذه منح لا ترد، منحة تسمى لا ترد، وليست قرضاً وليست كذا، وإحنا في أواخر القرن العشرين..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ما هي مقابل مصالح لهذه الدول.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هو فيه..
أحمد منصور:
مقابل مصالح الولايات المتحدة.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هو فيه حاجة تعطى بدون مقابلها؟! ما هو هنا الشطارة، إحنا دي مش مدركينها العرب.
أحمد منصور:
أما يؤدي هذا إلى تنازل عن المبادئ والقيم الخاصة بتلك الدول؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، أي مبادئ وقيم؟ هو تنازل عن مبدأ واحد من مبادئه أو قيمه؟ أعطوني مثال واحد.. مثال واحد إنه عبد العزيز تنازل عن مبدأ من مبادئه الدينية أو القومية أو الوطنية مقابل هذا المبلغ.. إطلاقاً. ولذلك ليس الضجة والكلام الفارغ اللي قالوه عنه، هذا مش صحيح.
أحمد منصور:
(1/387)
فيه معلومة أخرى تتعلق بالنفط، ذكرت سمو الأمير أنه كان الملك عبد العزيز أعطى امتياز النفط للشركات الأمريكية كراهية في البريطانيين، وهنا -أيضاً- في الصفحة 692 من الجزء الثاني من كتاب (شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز) تأليف خير الدين الزركلي بيقول:
وأن الأمريكان لم يدخلوا إلا بعد توقف الشركات البريطانية عن التنقيب، ووزير الخارجية السعودي –آنذاك- الأمير فيصل حاول إقناع الشركات البريطانية عام 1932م بالعودة للتنقيب عن النفط وعدم اليأس، مما يعكس أن الملك عبد العزيز لم يلجأ للشركات الأمريكية إلا بعد تخلي الشركات البريطانية عنه وليس تخليه هو عن البريطانيين.. عن الشركات البريطانية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
شوف يا سيدي، أولاً: هذا الكلام اللي قلته ليس موثقاً ولكن أنا سامعه من الوالد نفسه.. عبد العزيز أنه كان يرغب ويتمنى في قرارة قلبه ونفسه وفي أعماقه أن تعطى هذه للأمريكان وليس للإنجليز لبُعد الأمريكان، وكان يكره الإنجليز كما ذكرنا لأنهم كانوا محيطين بالمملكة العربية السعودية، ودائماً شركات البترول عندما تأتي وتبحث عن البترول بتأخذ فترات طويلة حتى أنها تعثر على البترول، فلما الإنجليز شافوا عندهم.. أصل عندهم بترول جانبي في العراق وفي عبدان وفي البحرين، فكانوا يستغنوا عن بترول الجزيرة، فلما ما اكتشفوه بسرعة –ده هو تفسيري أنا واجتهاداً مني- أنه فضل الأمريكان وأنا سامعها منه أنه يفضل الأمريكان على الإنجليز، إنما ما ذكره الزركلي هو هذا صحيح، إحنا لم ننكره.
أحمد منصور:
(1/388)
فراس مصطفى من ألمانيا في تساؤل عبر الفاكس ومحمد أبو شيحة في رسالة أرسلها عبر E-Mail وكلاهما يسأل في نقطة واحدة وهو أن الملك عبد العزيز تعهد للبريطانيين بتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين وأعطاهم صكاً –لم يذكروا مصدره كلاهما- يقول: (إني أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود أقر وأعترف ألف مرة ولا مانع عندي من إعطاء اليهود المساكين فلسطين ولا أخرج عن هذا الرأي حتى تصيح الساعة). كلام في أكثر من رسالة.
تعليقك سمو الأمير على هذا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يا سيدي أنا بنتي الكبيرة شافت هذا الكلام في الفضائية العراقية، وقالوا هناك إعادة له فسجلته لي وجابته لي، أنا انزعجت وتحققت من هذا الأمر من الوثائق ومن الذين يعملون في الأمور التاريخية والمسائل دية، وجدنا هذا الكتاب كتبه واحد اسمه ناصر السعيد.. ناصر السعيد من حوالي 30، 50 سنة، وهذا إنسان شيوعي طُرد من المملكة العربية السعودية أو بالأحرى –أنا آسف- هرب من المملكة العربية السعودية، واغتيل في.. اغتيل من جماعته، صار خلافات هذا ما سمعناه، أنا ما أعرف إيش الوقائع التاريخية.
المهم فكتبه، إحنا لما تحققنا من الأمر اتصلنا بالمعارضة العراقية في لندن، وأنا طلبت فعلاً هذا الكلام عشان يجيني هنا للمقابلة، أظن اللي سلموك.. أما سلموك الورقة اليوم هذه؟
أحمد منصور:
لا لا، ما سلموني شيء.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، أعوذ بالله، أنا اليوم قلت سلموها للأستاذ أحمد.
أحمد منصور:
هذا الشخص كتب كتاب عن تاريخ آل سعود.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا، لا، معليش، أنا -اجتهاداً مني- ما حد تحرك غيري أصلاً، تحرينا الأمر وكتبنا ورقة من حوالي ست سبع صفحات وبعثناها للمعارضة، المعارضة عندهم راديو موجه للعراق، أذاعوه في الراديو بتاعهم ووزعوه، حتى قالوا وزعوا سبعين.. ثمانين نسخة جوه العراق، وضعنا الوقائع أولاً وبعدين رحنا وشفنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
(1/389)
اسمه ناصر السعيد وكتابه اسمه (تاريخ آل سعود).
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ناصر السعيد، هو هذا بالضبط، هو هذا. المهم قارنا خطاب عبد العزيز اللي ذكرته الجماعة دول وخدناه من كتاب ناصر السعيد..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وليس له مصدر في الكتاب، ليس له مرجعية.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
إطلاقاً.. إطلاقاً، ولا يمكن عبد العزيز أن يقول هذا الكلام، فقارنا خط عبد العزيز بالخط اللي موجود في هذا الكتاب فوجدناه مزوراً، هذه وثائق عندي أنا، فإذن الكلام فارغ هذا لا يجوز أنه يقال عن الملك عبد العزيز.
أحمد منصور:
الدكتور أحمد في رسالة عبر E-Mail يقول: سؤالي هو ما صحة ما يردده البعض عن قيام الملك عبد العزيز بإرسال يهود نجران إلى فلسطين للاستيطان هناك خصوصاً وأن البعض يعتبر أن ذلك كان دعماً خفياً لإسرائيل، والهدف هو التخلص من تلك الطائفة من السعودية حتى لا تسبب مشاكل للدولة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
هو شيء عجيب، طيب كيف اليهود اللي في مصر.. إحنا كنا عندنا مئات اليهود والآلاف كمان ألفين.. ثلاثة فيلكن، العراق اللي طردهم نوري السعيد، مصر واليهود اللي هاجروا، لبنان.. كل الدول العربية، إشمعنى بقى السعودية اللي كانت في ذلك الوقت ما عندها مقومات الدولة؟! عبد العزيز ما كان يحب اليهود، كان يكره اليهود، فيمكن وربما أنا هذه والله لم أراها في كتابه وإلا كنت قلتها لك بصراحة، يمكن من كراهيته لليهود وجدوا نوع من المضايقات المحلية فهم انطلقوا مع أنفسهم، إنما ليس هناك مصدراً تاريخياً..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لا يوجد يهود في السعودية الآن؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الآن لأ.
أحمد منصور:
ولا في أي منطقة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً.
أحمد منصور:
(1/390)
الدكتور محمد عبد الحسين أستاذ التاريخ الحديث في جامعة أوسلو، يقول لك: من خلال الدراسات التأريخية –ولم يذكر أي مصدر- في الجامعات الغربية وجدت أن هناك علاقة لعائلة آل سعود بالمدعو موردخاي بن موشى بن إبراهيم -وهو كما هو واضح من اسمه يهودي- هل تتفضل سمو الأمير بتوضيح هذا الأمر وبدون حرج خدمة للحقيقة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
ما إحنا سمعناها، بيقولوا إحنا –يعني- لنا علاقة وأصلنا يرجع لليهود.. لليهود، ما أنت سمعت الإخوان العرب –الله يهديهم، أحياناً بعض العرب يعني- يقول لك والله.. لما يزعلوا على القذافي، لما يزعلوا على أي رئيس دولة يقولوا: ده أصله يهودي، لما يرضوا عليه يقول لك: لا هذا أصله من عدنان وقحطان وأصله يامي وعتيبي وكذا، عبارة عن رضاهم تجاه هذه العائلة أو ذلك الحاكم، أهواء.. طيب أخينا في الله هذا أستاذ هل معقول أن يبعث هذه الرسالة دون أن يكون له مصدر؟! كلام فارغ.
أحمد منصور:
موسى العنزي من شمال السعودية يقول لك تتجاهل الأسرة الكريمة دور قبيلة عنزة حين ذكر القبائل التي ساندت الملك عبد العزيز؟ ودور قبيلة عنزة المتمثل في الشيخ فرحان الأيدة شيخ قبيلة ولد عليّ من عنزة حيث حارب ثلاث سنوات تحت لواء الملك عبد العزيز.. ده سؤاله الأول. سؤاله الثاني: ما هي الشخصيات التي أتت إليك من القبائل البدوية لِتُكوِّن معك جبهة ضد الدولة؟ وإلى أي قبائل السعودية تنتمي؟ وده جه في الحلقة السابعة.. الثاني.
الأول جاء في الحلقة الأولى حينما تحدثت عن القبائل التي شاركت عبد العزيز؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/391)
أولاً يا سيدي أنا لما ذكرت كنا ذكرنا منطقة السبالة.. معركة السبالة هذه منطقة هناك اسمها سبالة فسميت معركة السبالة، أنا –على علمي- قبيلة عنيزة ما حضروها على علمي أنا، ربما حضروها علماً إنه عنيزة إحنا كآل سعود يعني ننتمي إلى هذه القبيلة إلى قبيلة عنيزة، فكيف أتجاهل قبيلتي؟! هذا غير وارد لم أتجاهلها.. فلذلك أنا لا.. لكن بهذه المناسبة أنا جاني ناس من بعض القبائل..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بعد شهادتك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه وقالوا لي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
بعد ما نشرت الحلقات؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
بالضبط، قالوا لي ليش تقول قبيلة (عتيبة) وقبيلة (مطير) إنها ناوأت عبد العزيز؟ لأ.. الأكثرية من ها القبيلتين هادول مع عبد العزيز، الأقلية هم اللي حاربوه. قلت: يا جماعة أنا ما ذكرت هذا ولا قصدته. وفعلاً الأكثرية من قبيلة مطير وعتيبة كانوا مع عبد العزيز، هم الأقلية اللي كانوا مع المناوئين في القبيلة.
أيه السؤال الثاني –طال عمرك-؟
أحمد منصور:
السؤال الثاني تحدثت في الحلقة السابعة حينما كونت جبهة -جبهة التحرير السعودية هنا في مصر بد لجوئك إلى مصر.
الأمير طلال بن عبد العزيز[ضاحكاً]:
جبهة الأونطجية يعني.
أحمد منصور[ضاحكاً]:
الآن أونطجية لكن كانت أيامها صوت العرب مفتوحة لكم وتنظيم الأمراء الأحرار كان مفتوح.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.. أنا قلتها عندك، أنا قلتها لك يا أحمد إن لما ألفناها كانت أونطجية، قلت لك إياها.
أحمد منصور:
أونطة، ما هي الشخصيات التي أتت إليك من القبائل البدوية وكونت معكم هذه الجبهة؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/392)
شخصيات!! ولا شخصيات ولا ما يحزنون، علماً يعني برضو لفت نظري في السعودية واحد كان حاضر هذه الحقبة قال: ليش أنت قلت بدوية لأ.. وفيها ناس ناس من الحضر، هو لحقني، ما أنا أقول لك الذاكرة بتخون الإنسان، كان فئة قليلة من الناس من البادية وهم من الحاضرة شكل منهم هذه اللجنة أو الجبهة التي ذكرتها أنت.
أحمد منصور:
أيوه، لم تذكر أسماء أحد.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، مين هم أصلاً؟ ومساكين.. غلابة أوديهم في داهية؟
أحمد منصور:
كانوا جايين ياكلوا عيش يعني؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا لا أبداً يمكن هم دول اللي قالها الأستاذ هيكل إن أنا عملت منهم يعني جبهة مناوئة عشان نعمل مؤامرة.
أحمد منصور:
أحمد محمد حسن من السعودية يقول لك: ما هي الأسباب الحقيقية لإزاحة الملك سعود؟
[موجز الأنباء]
أحمد منصور:
سمو الأمير.. سؤال كان من أحمد محمد حسين حول حقيقة إزاحة الملك سعود أو تنحية الملك سعود، وغيره كثيرون يسألون حول نفس الموضوع.
الأمير طلال:
والله.. أبداً، أنا ما أنا عارف ليش هو بيسأل السؤال!! ما إحنا قلناه، وشرحناه، أو هو -يعني- يقصد بهذا السؤال اللغم أنه برضو يجيب لنا مزيد من المشاكل ؟ إحنا ذكرنا الأسباب..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني كان فيه مشاكل سمو الأمير..
الأمير طلال:
في هذه النقطة بالذات، في ها النقطة تلقى فيها لغط، وليس مشاكل، لغط، هي تساؤلات..
أحمد منصور:
ولازال لأن.. يعني، كأن هناك معلومات تؤكد على أن الملك سعود ظُلم تاريخياً في النظرة إليه وإلى فترة حكمه، وأنه لم يُنصف.
الأمير طلال:
من ناحية ظُلم أنا أقول لك إياها بصوت عالي، هذا الرجل ظلم في تاريخه، لأنه له إنجازات كبيرة، وله أعماله -الحقيقية- له بالنسبة داخل السعودية، وله بالنسبة لسياسته الخارجية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
(1/393)
إحنا نأمل الحقيقة أيضاً إن إحنا نعمل حلقة عن تاريخ الملك سعود بشكل خاص، نتناول سلبياته وإيجابياته وإن كان له إيجابيات لابد أن توضح إلى الناس، لأن تاريخ الملك سعود أحد عشر عاماً من الملك والحكم في تاريخ المملكة، من المهم أن يطّلع الناس على ما حدث فيها، وهي تاريخ.
الأمير طلال:
هناك من الفاعليات السعودية الوطنية، من العائلة أو غيرهم، يستطيعوا أن يدلوا بدلوهم في هذا الموضع، لأنهم يعرفوا الجوانب الكثيرة غير ما أعرفها أنا، ولربما لم تكن موثقة في التاريخ بالنسبة لحياة الملك سعود، إنما معرفتي.. أنا اشتغلت مع سعود شخصيا مرتين، لما كنت في المواصلات ولما كنت في المالية، فلذلك أعرف كثير من الأمور عن كثب، هذا الرجل ما فيه شك أنه غُبِن في أمور كثيرة في تاريخه، فالآن يعني وجب علينا وعلى غيرنا أن يُدلي بدلوه فيما يختص بهذا الأمر، وهذه الحقبة من تاريخه، وينصفه في الأعمال المجيدة التي قام بها في الداخل والخارج، لاشك في ذلك.
أحمد منصور:
ونحن أيضاً نعد مشاهدي الجزيرة بأننا سوف نسعى لترتيب حلقة عن الملك سعود وتاريخه، قدر ما نستطيع، لبيان الحقيقة عن تلك الفترة الهامة، لا سيما وأن الكثيرين ممن أرسلوا إلينا طوال الأسابيع التسعة الماضية طلبوا المزيد من المعلومات حول فترة حكم الملك سعود، وأشكر لسمو الأمير طلال هذا الإنصاف.
الأمير طلال:
أحب أن أُعلِّق تعليق بسيط.
أحمد منصور:
تفضل.
الأمير طلال:
مثلاً قيل في أواخر الخمسينات أنه وجدوا في الخزينة 340 [أو] 350 ريال.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أحد المشاهدين يقول أن الخزينة كانت صفر.
الأمير طلال:
معليش، خليها 350، وهكذا قيل، بيان رسمي يعني..
أحمد منصور:
350 ألف أم 350 ريال؟
الأمير طلال:
ريال، أنا قلت في أحاديث سابقة قلت: يا جماعة حتى البقالة مش ممكن يكون فيها هذا المبلغ فقط، لما كنا في المالية بحثت الأمر..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
(1/394)
طب هي خزينة الدولة بتبقى في القصر؟ يعني أموال الدولة بتوضع في خزينة في القصر؟
الأمير طلال:
لأ، في الدولة، في وزارة المالية.
أحمد منصور:
طبعاً في البنوك وفي وزارة المالية، نعم.
الأمير طلال:
بالضبط، أنا قلت هذا غير الموجود.. هو اللي حصل فيه لغط برضو، أو فيه نوع من اللبس، اللبس، هو الذي حدث قيل في البيان أنه..
المفروض إنه يقال في البيان، إذا ماذكر، فهذا خطأ، أنا ناسي.. والله-البيان، إذا كانت 340 أو خمسمائة هي العملة الصعبة التي وجدت في الخزينة، لذلك بذلك الوقت ارتفع الريال إلى 7 يعني سعر الدولار الصرف من 3 وشوية إلى 7 ريال، لأنه من قلة الدولار..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وهذا يُقال إن ده-عفواً سمو الأمير-كان تجارة في السوق السوداء، كان بعض أفراد العائلة يقومون بها.
الأمير طلال:
ميَّه ميَّه، لأنه مش موجود.. لأنه قلت الدولارات.. العملة الصعبة في مؤسسة النقد العربي السعودي، فصار يُباع في السوق السوداء، فارتفع سعر الريال [الدولار] إلى 7، فهنا ممكن يقال أنه كانت العملة الصعبة الموجودة في الخزينة بهذا المبلغ المحدود اللي ب 300 وكذا ريال، ممكن، إنما ليس في الخزينة، الخزينة فيها بترول، فيها ثروات هائلة..
أحمد منصور:
طيب، محمد عليّ من الأردن يصحح معلومة سموك ذكرتها في الجزء الأول من البرنامج، يقول لك: ناصر السعيد لم تغتله جماعته، وإنما اغتاله الفلسطينيون في لبنان بإيعاذ من الحكومة السعودية.
الأمير طلال:
أنا هذه لم أسمعها إطلاقا، أنا اللي سمعته من مصادري الخاصة في ذلك الوقت أنه قُتل من جماعته، والله أعلم.
أحمد منصور:
ناصر بن حمدان الحمدان من منطقة الجوف في السعودية يقول لك:لماذا لا نستطيع نحن في السعودية أن نفتح أفواهنا إلا عند طبيب الأسنان، أو من خلال خطف الطائرات؟ ومتى يتغير هذا الوضع المحزن؟
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور:
(1/395)
سمو الأمير.. ناصر بن حمدان الحمدان يقول لك لماذا لا نستطيع نحن في السعودية أن نفتح أفواهنا إلا عند طبيب الأسنان، أو من خلال خطف الطائرات؟
الأمير طلال:
حلوة طبيب الأسنان دية، والله العظيم شوف، لما أسمع هذا الكلام أتعجب، لما أرجع للتاريخ القريب، يُروى عن إمام الملك عبد العزيز، وهو كان رجل مُثقف وقارئ اسمه عبد الرحمن القويس، يقول: في أوائل الخمسينات كنا نعتقد أن هناك ملك واحد اللي هو عبد العزيز، لكن بعدها سمعنا هناك ملكة، يعني المرأة في ذلك الوقت كانت يعني محتقرة ومهملة، يقول: ملكة بجانب عبد العزيز؟! امرأة بجانب الرجل؟ إذن..
أحمد منصور:
كان يقصد ملكة بريطانيا يعني؟
الأمير طلال:
ملكة بريطانيا، سنة 1952م فالعملية حديثة بالنسبة للسعودية، كلمة حرية، كلمة..كلام..عملية بالنسبة للسعودية..لكن شوف الدول العريقة عندها برلمانات حتى أيام الاستعمار مثل مصر وسوريا والعراق.. هه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
المملكة عمرها سبعين سنة الآن سمو الأمير؟
الأمير طلال:
لأ.. سبعين سنة إيه؟ إيش كانت؟ الله لا يوريك.
أحمد منصور:
سبعين سنة فيه دول بتطلع وتنزل فيها.
الأمير طلال:
الله لا يوريك، يعني كانت حالتنا هباب، بالفقر، والجهل، والتخلف من جميع النواحي، ما إيه كان في السعودية؟ لا مياه ولا نهر، ولا ثلوج..هه.
أحمد منصور[مقاطعا]:
فيه نفط وفيه فلوس.
الأمير طلال:
إمتى النفط؟ النفط اكتشف سنة 1939م، وأصبح تجارياً، عملياً حقيقياً في أوائل الخمسينات.
أحمد منصور:
خمسين سنة تخلي المملكة.. المملكة دخل لها..
الأمير طلال:
هل بس وجود البترول يوجد حرية؟
وجود الحرية.. لأ، الحرية بِدَّك تقدم فكري، نضوج، بِدَّك نضوج.
أحمد منصور:
طب طالما دي آخر حلقة سوف تتكلم فيها في الشأن العام.
الأمير طلال:
(1/396)
نضوج عند البشر ما كان موجود، فبدأت العملية.. فلذلك مساحة من الحرية لابد منها في كل بلد عربي، حتى نتقدم، حتى تتطور البلد.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إذا أنت الآن -سمو الأمير- بتقول لي دي آخر مرة هاتكلم، يعني أنت كمان الحرية ماعدش عندك!
الأمير طلال:
فليكن، لأ، أنا اللي قلت لنفسي، أنا بأقول لنفسي إني أدركت، أنا اللي أدركت، ما حد قال لي إنك أنت أدركت أو يقول لا، أو إن عليك أن تدرك، فلهذا السبب أنا أعتقد لابد من مساحة من الحرية في السعودية في مختلف المجالات، وهذا الكلام أقوله في كل مكان، مجالس الخاصة والعامة إنه لا بد منها، مثلاً إيش معنى ما يكون فيه مساحة من الحرية عن الأمور الصحية، والتعليمية، والمالية، والاقتصادية لشؤون المواطنين، في الجمارك، في الكذا والكذا.. إيش فيها؟ بالعكس، يجب أن تعطي الحرية للمجال، أنا دعوت بصوت عالي أنه مجلس الشورى وأنا قلت إنه كثير من أعضائه أنا أعرفهم، وناس وطنيين ومتعلمين، ومثقفين، وقلت في أحد أحاديثي أنه لو حصل انتخابات، وأنا هذا لا يعني أني ضد الانتخابات ،أنا مع الانتخابات، انتخابات أنها لن تأتي بمثل هذه الأشخاص المميزين، فطلبت أن يعطى مجلس الشورى حصانة، طلبت في كثير من الأمور التي يجب أن تعرض على المجلس هذه جزء من الحريات اللي يطالب بها، أعتقد هذا تحصيل حاصل.
أحمد منصور:
فيصل عبد العزيز من الرياض..أتعذر للإخوة المشاهدين عن تأخري عليهم، تفضل يا فيصل.
فيصل عبد العزيز:
مساء الخير.
أحمد منصور:
مسَّاك الله بالخير يا سيدي.
فيصل عبد العزيز:
وكل عام وأنتم بخير.
أحمد منصور:
وأنت بالصحة والعافية يا سيدي.
فيصل عبد العزيز:
ممكن أسأل سمو الأمير؟
أحمد منصور:
تفضل.
فيصل عبد العزيز:
(1/397)
عادة -يا سمو الأمير- من يملك شخصية مثل شخصيتكم يجب أن يعاني من صعوبات لأن أحاديثكم تتسم بالصراحة وكلمة الحق، خصوصاً وأنا من الناس الذين يتعجبون -يعني- من رباطة جأشكم، وحدة طرحكم، وفي اعتقادي أن التاريخ لن ينسى إنكم من أوائل من نادى بالتنوير والشورى في الجزيرة العربية، وأخيراً..شكراً يا سمو الأمير على كل ما قدمت لأهل وطنك، شكراً جزيلاً، أنا مجرد كنت أبغي أقول شيء نيابة عني وعن الناس اللي بأسمع بيتكلمون عنك طبعا، يا طويل العمر.
شكراً، طال عمرك، شكراً، الله يوفقك إن شاء الله.
أحمد منصور:
صالح البحري من مصر..تفضل يا صالح.
صالح البحري:
مساء الخير يا طويل العمر.
الأمير طلال:
مساء الخير، أهلا بك.
صالح البحري:
أولاً: نحييك ونُحيي الأستاذ أحمد منصور، وكل سنة وأنت طيب، وأنا عندي مداخلتين بسيطتين يا أستاذ أحمد.
أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.
صالح البحري:
أولاً: نُحيي أمير العرب الأمير طلال بن عبد العزيز، وزعيم العرب الرئيس عليّ عبد الله صالح، يا سمو الأمير أنا شاهدت لك آخر حلقة بشاهد على العصر، فرجاءً لا تحرمنا من برامجك الشيقة والنيرة، وشكراً يا طويل العمر.
أحمد منصور:
شكراً لك.
الأمير طلال:
شكراً لك، شكراً جزيلاً.
أحمد منصور:
فيه اعتراض على إعلانك إن هذه الحلقة الأخيرة يعني.
الأمير طلال:
شكراً، طال عمرك، الله يخليك.
أحمد منصور:
العنود العنزي من السعودية، تفضلي يا عنود.
العنود العنزي:
مساء الخير سمو الأمير.
الأمير طلال:
أهلاً وسهلاً، مساء الخير.
العنود العنزي:
سمو الأمير تفضلت من شوية حكيت عن الملك سعود-الله يرحمه-فقلت إنه كان ظلم في فترة من حياته، فلو تفضلت حدد لي بعض النقاط، كيف ظلم الملك سعود؟ وممن ظلم؟ وهو الملك في ذلك الوقت؟ شكراً سموك.
أحمد منصور:
شكراً يا عنود شكراً لكِ.
الأمير طلال:
(1/398)
أنا ذكرت وحتى الأستاذ أحمد قال إنه سوف يعمل حلقة خاصة بتاريخ الملك سعود، ويبين هذه الأمور.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
سأحاول، أتمنى أن أجد مَنْ يتحدث فيها.
الأمير طلال:
ويتمنى، إنما أنا اللي قلته أنه كثير من الأمور الملك سعود ظُلم فيها، ويجب أنه تعاد قراءة تاريخ هذا الرجل، وإعطاؤه حقه في الأعمال المجيدة التي قام بها داخل السعودية أو خارجها، هذا ذكرت هذا في بداية الحديث.
أحمد منصور:
أحمد بن عبد الله العجمي، وفهد سعيد القحطاني يقولون لك -سمو الأمير- يبلغ عدد أبناء القبائل البادية أكثر من 60 % من سكان السعودية، وهم إحدى القوى الرئيسية التي ساعدت الملك عبد العزيز في توحيد المملكة العربية السعودية، والسؤال هو: لماذا لا يتناسب تمثيلهم المناصب الإدارية العليا في الدولة كالوزراء ووكلاء الوزارات ومدراء الجامعات مع نسبتهم السكانية، وخاصة وأن منهم الآن حملة الشهادات العليا من الأكاديميين البارزين؟
الأمير طلال:
يا سيدي.. بالنسبة للبادية، البلد الوحيدة التي تقدر البادية، وتعطيهم حقوقهم، ولهم مكانتهم الاجتماعية، بين الدول العربية اللي فيها بادية، هي المملكة العربية السعودية، أما حكاية المناصب.. وكذا أؤكد لك حسب معلوماتي أنا أنه ليس هناك إجحافا في حقهم، ولكن لسبب أو آخر ما تمكنوا من أن تكون وزير، إنما بقية المناصب الأخرى لأ، موجودين فيها، في الجامعة، في الحكومة، كوكلاء وزارة، كمدراء، موجودين في هذه المناصب، إنما وزير.. أعتقد سوف يأتي دورهم، ليس هناك إذن إطلاقا حسب معلوماتي منعاً لهم، أبداً.
أحمد منصور:
(1/399)
أيضاً يبدو أن البدو لديهم اعتراضات كثيرة، شاري الأيدة من السعودية يقول لك: لماذا تجاهلت سؤال الأخ سعود من المنطقة الشمالية عن دور أسرة الأيدة مع الملك عبد العزيز، علماً بأن الشيخ فرحان الأيدة وكثير من جماعتهم كأن لهم دور كبير، وما هو مصير باقي قبيلة عنزة الموجودة في المملكة السعودية، إذ لا يوجد لديهم سواء بطاقة نازح أو إقامة؟
الأمير طلال:
لا، لا، هي حكاية نازح أو البطاقة الخضراء، هذه الأمور -الحقيقة- إدارية وداخلية منوطة بوزارة الداخلية، وهي بالعكس، هم عايشين بأمان هناك، وعايشين بطريقة تختلف تماماً وجذرياً عن أولئك اللاجئين الذين نزحوا من بلادهم إلى بلاد أخرى، حالتهم أفضل مئات المرات من حالة الآخرين، فأنا أعتقد الأمور متعلقة بالداخلية، والحقيقة لا أعرف تفاصيلها.
أحمد منصور:
الدكتور عبد العزيز الأحمد من جامعة الملك سعود يقول لك: في الحلقة الأولى والثانية كنت تركز على وصايا والدك، الملك عبد العزيز ونحن نعرف الكثير من تلك الوصايا، ولكن يشاع على نطاق واسع بأن من أهم وصايا الملك عبد العزيز عدم إنشاء جيش نظامي في المملكة، والاكتفاء بقوات أمن داخلي، والتركيز على الحماية الدولية الأمريكية، بدليل موافقته على إعطاء أمريكا قاعدة الظهران، وما اتضح لاحقا من تواجد قوات حلف الأطلسي في حرب الخليج الثانية، وعندي أسئلة كثيرة حول قاعدة الظهران.
الأمير طلال:
طيب أولاً يا سيدي أول من أنشأ الجيش السعودي هو الملك عبد العزيز في أواخر الثلاثينات وأوائل الأربعينات، هو أول من أنشأ الجيش السعودي، وحتى كان رؤساؤه الاثنين معروفين في تاريخ السعودية، لم يكونوا سعوديين لأن السعوديين لم يكونوا مهيئين أن يتولوا الرئاسة وأركان الحرب، وكان تابع لوزارة المالية، في ذلك الوقت في جدة ومكة، أن يوصي ألا ينشأ جيش هذا كلام فارغ ولم نسمعه إطلاقا إلا هذه المرة، أبداً.
أحمد منصور:
(1/400)
سمو الأمير.. كثيرون يسألون أيضاً عن.. أنت قلت أن القوات الأمريكية جاءت برغبتكم أنتم، معروف أن الأمريكان يتخلون عن حلفائهم وقتما تقتضي المصلحة، ما هو توقعكم لاستمرار بقاء القوات الأمريكية في.. واستمرار حمايتها لكم؟
الأمير طلال:
والله شوف، سمو الأمير سلطان نفسه صرح أنه ليس هناك قواعد أمريكية، هذا وزير الدفاع.
أحمد منصور:
طب القوات الأمريكية الموجودة في السعودية؟
الأمير طلال:
هو قال هذا موجودة بالنسبة لقرارات الأمم المتحدة التي اتخذتها للحصار، هذا الكلام الرسمي.
أحمد منصور:
وغير الرسمي؟
الأمير طلال:
أبداً، إذا كان هناك قوات أمريكية حسب ما تفضل الأخ السائل، فهي جت [جاءت] برغبة من حكومة المملكة العربية السعودية، وهي تترك المملكة العربية السعودية عندما تشاء الحكومة السعودية، هي ليست جت..ما هي عملية.. الفارق هم بيعتبروها عملية استعمارية، الاستعمار بيجيك بدون رغبتك ويحتلك، هذا لأ، جت بطلب من الحكومة.. من المملكة السعودية وتغادر عندما تطلب منها الحكومة السعودية بكل بساطة يعني.
أحمد منصور:
فاطمة أبو سبيل من فلسطين.. تفضلي يا فاطمة، وآسف للتأخير عليك.
فاطمة أبو سبيل:
آلو.
أحمد منصور:
تفضلي.
فاطمة أبو سبيل:
مساء الخير أخ أحمد.
أحمد منصور:
مسَّاكِ الله بالخير.
فاطمة أبو سبيل:
مساء الخير سمو الأمير.
الأمير طلال:
أهلا بكِ.
فاطمة أبو سبيل.
بنحييك وبنحيي هذا البرنامج الرائع..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
شكرا لكِ.
فاطمة أبو سبيل[مستأنفة]:
(1/401)
اللي فيه كثير من الصدق والشجاعة والأمانة، ففيه سؤال لسمو الأمير طلال، إحنا نحييه من فلسطين، وكل ما يقوم فيه من إنسانية فهو بالفعل أمير الإنسانية والسؤال هو: لماذا لا يقوم سمو الأمير طلال بدور سياسي أكبر، وقيادي أكبر، إذ أنه من أكثر ما عمل وفعل دعاية للحكم في المملكة؟ وهو بالفعل يعطي انطباع لديمقراطية أكثر، لأمانة أكثر، لصدق أكثر، ونتمنى ككل مواطن أو مواطنة عربية أن يكون له دور سياسي فعال أكبر، وقيادي أكثر، ونحيي سمو الأمير طلال لإنسانيته مرة ثانية، وفيه سؤال للأخت من القدس.
أحمد منصور:
شكراً لك- شكراً لك.
إيمان فضل:
آلو.. إيمان فضل من القدس، لسمو الأمير طلال.. وضح بالحلقات الماضية إعجاب سمو الأمير في الملك فهد والأمير عبد الله، مين من الرؤساء العرب سواء اللي على قيد الحياة أو اللي مضوا معجب فيهم سمو الأمير؟
أحمد منصور:
شكراً لكِ، سؤال فاطمة يا سمو الأمير.. لماذا لا تقوم بدور سياسي أكبر؟
الأمير طلال:
أولاً: أنا بأقولها من قلبي وصادق فيما أقول وهذه توجهاتي من الله خلقني.. بس أرجو إن الآخرين يفهموني، أنا أقول: إخواني فيهم البركة، وأدعو لهم من قلبي صباحا ومساءً إن الله يوفقهم إلى طريق الخير، وعمل الخير للبلد، وهم أفضل مني في هذه الأمكنة التي يحتلوها، أنا دوري الذي وجدت لأقوم به منذ نشأتي الأولى، منذ كنت وزير المواصلات.. من زمان، لم أكن أرغب في أي دور سياسي، وقلتها في الحلقات التي ذكرتوها، طبيعتي كده، أنا طبيعتي أن أساعد، طبيعتي أن أُستشار، طبيعتي أن أؤيد الآخرين في أعمالهم الطيبة، فهذا هو الحقيقة جوابي عليك.
أحمد منصور:
باكر العبدلي من السعودية، تفضل يا باكر.
باكر العبدلي:
آلو.
أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.
باكر العبدلي:
زاكر العبدلي.
أحمد منصور:
زاكر، آسف يا أخ زاكر، تفضل.
زاكر العبدلي:
مساء الخير يا طويل العمر.
الأمير طلال:
أهلاً بك.
زاكر العبدلي:
(1/402)
كل عام وأنت طيب.
الأمير طلال:
شكراً، طال عمرك.
زاكر العبدلي:
يا طويل العمر.. بالنسبة للملك عبد العزيز هو أبوكم -رحمه الله- ولكن تعلمون أن الشعب السعودي كله يعتبر الملك عبد العزيز الأب، وبالنسبة لما دار في شهادتك على العصر -طال عمرك- نخشى من تفسير بعض الأقاويل على الأهواء.
أحمد منصور[مقاطعا]:
مثل..؟
زاكر العبدلي[مستأنفا]:
التي تصطاد في الماء العكر، ونرجو -طال عمرك- التوضيح لبعض الأمور المبهمة..
أحمد منصور[مقاطعا]:
مثل..؟
زاكر العبدلي:
مثلا المبلغ اللي كان يأخذه الملك عبد العزيز من بريطانيا أو هو الإعانة التي كانت تعطي لكل الدول وبالنسبة للملك سعود -رحمه الله- ودوره، فنطلب التوضيح بدل الموضوع المعلق الذي لا يُفهم من الناس الذين يبحثون عن أخطاء لنا قد يفسرونها حسب أهوائهم.
أحمد منصور:
شكراً لك يا زاكر، ولعلك إذا تابعت من البداية تحدث سمو الأمير بشكل واضح عن مبلغ الخمسة آلاف جنيه، وكذلك تحدث عن الملك سعود، سمو الأمير تحب تضيف شيء غير ما قلته؟
الأمير طلال:
لا.. أبداً، أما الذين يصطادون في الماء العكر ها دول موجودين في كل زمان ومكان، ونعوذ بالله من شرهم وآذاءهم، لا نستطيع إطلاقا.. لأنه اللي يصطاد في الماء العكر دايماً إنسان هذا جبان، إحنا نرضي الله أولاً وثم ضميري، هذا من أهم الأمور، من توجهاتي وأن تكون بقدر ما تستطيع يعني محايدا فيما تقول، هذا كل ما أستطيع أن أقوله.
أحمد منصور:
سؤال من محمد المدني عبر e-mail عرف عن عبد الله بن جلوي أنه حكم منطقة الإحساء وهي منطقة شيعية بالحديد والنار، فما هو انطباعك عن شخصية بن جلوي.
الأمير طلال:
(1/403)
شوف، إذا كان تكلم عن الأمير عبد الله بن جلوي أو عن سعود بن جلوي، هذا ابنه، الحقيقة إنه وجدوا في حقبة من التاريخ كانت الشراسة القبلية في عنفوانها، وكان لازم يعينوا الملك عبد العزيز مثل هؤلاء الناس الأشداء للحفاظ على الأمن في ذلك الوقت لهذه الحقبة ومرت ومضت، أنا أعتقد أنه هذه الحقبة كان وجب عليه أنه يعين مثل هؤلاء الأشداء والأقوياء، علشان يقمع الكثير من الحركات العشائرية التي وجدت خصوصا في المنطقة الشرقية، إنما بعد ما استتب الأمر والحمد لله أصبحت الأمراء الآن يعينون بطريقة أخرى حسب الكفاءات، وهذا ما.. نظرتي الشخصية، أو ما أتمناه يعني.
أحمد منصور:
أكثر من فاكس من المنطقة الشرقية آخرهم عبد الله الرحيم من الإحساء يتحدثون عن التفرقة بين الشيعة والسنة، وقمع الشيعة في المنطقة الشرقية.
الأمير طلال:
قلت هذا الكلام بنفسي في هذا المكان من خلالكم أخ أحمد وصرحت به في عدة مناسبات أنه لا يجوز التفرقة بين مواطن وآخر، حق المواطنة للجميع، نحن ما نتدخل في المذاهب إطلاقا، كل واحد له مذهبه، وكل واحد له دينه، إحنا ما لنا دخل في المذاهب، إنما المواطنة هي حق للجميع ولا يجب التفرقة بين هذا وذاك، لأنه موطن، الأمر الثاني وهذا دعوت إليه في مناسبات أيضاً متعددة، أنه إشمعنا نذهب إلى الفاتيكان ونحاور النصارى؟ لماذا لا نحاور جيراننا والذين في بلادنا اللي هو المذهب الشيعي؟
أنا يقول لي مثلا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله أنا شخصيا قال لي يا طلال من الاختلافات الجوهرية اللي بيننا وبين الشيعة أمر واحد اللي هو عصمة الإيمان. طيب هذه.. طيب نيجي إحنا نقعد معاهم ونتكلم، نشوف الأشياء الإيجابية التي يتفق عليها ونترك الأمور المختلف عليها إلى وقت آخر.. إنما التفرقة، لأ، يجب ألا تكون بين مواطن وآخر.
أحمد منصور:
عمرو زكريا.. عدت يا عمرو إلينا.
عمرو زكريا:
يا أستاذ أحمد.
أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.
(1/404)
عمرو زكريا:
السلام عليكم.
أحمد منصور:
وعليكم السلام.
عمرو زكريا:
سمو الأمير الله يحييك، عملية اغتيال الملك فيصل الله يرحمه سمو الأمير لم يوضحها بصورة وافية في الحلقات، وهل كانت نتيجة لموقفه الشجاع في حرب أكتوبر يعني تصفية حسابات مع أمريكا، ومن ثم ما هو الدافع القوي الذي يدفع أحد أفراد العائلة لقتل كبير العائلة وهو ملك البلاد في نفس الوقت؟
أحمد منصور:
شكراً لك يا عمرو، سؤال مهم سمو الأمير.
الأمير طلال:
لا.. أبداً أنا ذكرت ها الأمر وأعتقد إنه ليس هناك داعي لتكراره، وذكرته بكل وضوح في الحلقات اللي شفتها ذكرته.
أحمد منصور:
يعني ليس هناك إضافة لما ذكرته لي؟
الأمير طلال:
لا.. لا.
أحمد منصور:
كثير من الطلبة من السعودية أرسلوا يقولون أن ما ذكرته سمو الأمير يخالف ما يدرسونه في الكتب بالنسبة للتاريخ، فإما ما ذكرته يعني فيه شيء من مخالفة الحقيقة وإما الذي يدرسونه هو الذي يخالف الحقيقة.
فهل تطالب بإعادة صياغة التاريخ لاسيما في فترة الخمسين سنة الماضية من جديد؟
الأمير طلال:
أنا أقول: إذا كان هناك تاريخا كتب يخالف الحقيقة فيجب إعادة النظر فيه وهذا شيء طبيعي، لأنه إذا لم نقوله الآن سوف يأتي غيرنا من الذين يشوهوا تاريخنا ويكتبوا بعض الأمور التي ليس لها علاقة إطلاقا بتاريخ المملكة العربية السعودية، وبالتالي يكون مضر لنا، فلذلك إنه يجب أن نلحق أنفسنا لتصحيح.. أنا أعرف مثلا أنه فيه بعض المقررات كانت على الطلبة في السعودية فجاء الملك فهد وأمر بتصحيحها هو بنفسه، الأمير عبد الله هناك كتابا يتداول في السعودية وقُرر على الطلبة فوجد أنها يخالف التاريخ الحقيقي للسعودية، فأمر.. مثلاً بإبعاده. إذن معناها إعادة النظر في التاريخ الذي لم يكتب، أو اللي كتب وهو فيه مغالطة يجب إعادة النظر فيها وإعادة كتابة التاريخ بشكل صحيح .
أحمد منصور:
(1/405)
عباس سلام عبر الـ E-Mail يقول لك بأنك حينما ذهبت إلى عبد الناصر في مصر كان الهدف الأساسي هو أنك تكشف الناصريين للحكومة السعودية، وبالفعل أرسلت كشفا بأسماء أكثر من مائتي ناصري في السعودية تم القبض عليهم من الحكومة، وأنك أرسلت هذه المعلومات بعد مجيئك من هنا من مصر، من هؤلاء: أحمد العربي وفهد الرميح وأخوه منصور وأكثر من مائتي عسكري، ما حقيقة هذا؟
الأمير طلال:
أعوذ بالله، لم يحدث، هذا كلام فارغ، يا أخي خليك دقيق فيما تقول، لم نبعث أحداً وأنا كنت صريح في هذا التوجه، وهذا الأمر في شاهد على العصر لم يحدث إطلاقا أن بعثنا مثل.. حتى الأسماء اللي تكلمتها أنا لا أعرفها.. وأجهلها، طيب أيش مصادرك أنت؟
أنت تجيب الكلام اللي على الهوى وهو ضايع في الهوا أيضاً، لأنك ليس لك مصادر، بعثت فلان وبعثت علان ما تجيب مصادرك يا شيخ، ده كلام فارغ لم يحدث إطلاقا.
أحمد منصور:
الدكتور عصام رشدي الناظر زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية في القدس، أشكرك دكتور علي رسالتك وهو يحييك سمو الأمير على ما ذكرته ويطالب-أيضا-بصياغة التاريخ مرة أخرى، ويقول أن كل من لديه حقيقة هامة لابد أن يوضحها للناس مثل الأمير طلال..عباس السامرائي يقول لك سمو الأمير..، هناك بعض المشاهدين يتهمونني، ومنهم عباس السامرائي.
بأني كنت رقيقاً في تساؤلاتي مع سمو الأمير أثناء شهادته على العصر، وآخرون يتهمونني بأنني كنت متشدداً وأنا لم أكن هذا ولا ذاك وإنما كنت أتفنن في طريقة استخراج الإجابات والمعلومات من الضيوف، وكل ضيف له طريقته في استخراج المعلومات منه، عباس يقول لك.. كنت واضحاً في أن منهجك كان منهجاً قومياً أثناء فترة الخمسينات والستينات، فما هو منهجك الفكري الآن؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/406)
نفس منهجي.. أنا رجل قومي عربي، مسلم أولاً، وقومي عربي إنما قوميتي هي ديمقراطية شوارية وليست استبدادية ديكتاتورية، أنا قلت هذا في شهادتي على العصر، لا أزال عند مبادئي ولكن مبادئي التي أؤمن بها -بعد إيماني بالله عز وجل- هي إنني توجهي وحدوي عربي قومي، إنما على طريقة ديمقراطية.
أحمد منصور:
معنا جميلة الحارثي من السعودية، تفضلي يا جميلة.
جميلة الحارثي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحمد منصور:
وعليكم السلام ورحمة الله
جميلة الحارثي:
أنا أحييكم وأحيي البرنامج هذا اللي سويتوه
أحمد منصور:
حياكم الله، شكراً
جميلة الحارثي:
سمو الأمير أنا أحيي فيك الشجاعة وأحيي فيك مساعدتك للفقراء وللمحتاجين وللأرامل، وأنا واحدة من الأرامل اللي في السعودية أتمنى من سمو الأمير إنه يساعدني أو يعطيني أي حاجة مساعدة.
أحمد منصور:
شكراً لك.. على الهواء هكذا يا جميلة، شكراً لك، يحيى عبد الفتاح من المدينة، يحيى معنا.. لازلت معنا يا يحيى؟
يحيى عبد الفتاح:
آلو، السلام عليكم.
أحمد منصور:
وعليكم السلام ورحمة الله.
يحيى عبد الفتاح:
مساكم الله بالخير جميعاً.
أحمد منصور:
مساك الله بالخير يا سيدي.
يحيى عبد الفتاح:
يا سيدي الكريم أنا على عهد الملك عبد العزيز –رحمة الله عليه- كنت صغير جداً، فعلى عهد الملك سعود، الملك خالد، الملك فيصل -يرحمهم الله جميعاً- تمام؟! صراحة يعني نكن لهم كل محبة وإخلاص.
أحمد منصور:
سؤالك؟
يحيى عبد الفتاح:
سؤالي بعد أن ما الله يشفيه أبو فيصل إنه يعني ينتبه شوية للشعب.
أحمد منصور:
للشعب؟
يحيى عبد الفتاح:
نعم.
أحمد منصور:
شكراً لك.
يحيى عبد الفتاح:
وشو اسمه، لحظة..
أحمد منصور:
على نفس المنوال على الحسن المكي.
يحيى عبد الفتاح:
لا.. لحظة معايا.
طلال بن عبد العزيز:
تفضل.
أحمد منصور:
(1/407)
تفضل تفضل، أنا معك تفضل، يبدو أنك ذهبت..، علي الحسن المكي من السعودية يقول لك: أهل الحجاز، مكة والمدينة، دورهم واضح في نشأة الدولة السعودية ولكن دورهم الديني سحب لغيرهم من أهل نجد فلا إمامة ولا قضاء، ولا تدريس في الحرم.. فهل الأيام كفيلة بتغيير هذه الأوضاع؟
طلال بن عبد العزيز:
هو أنا أعوذ بالله هذا لا يجوز ولا أعتقد إنه هذا حادث، يعني هذا لا يجوز التفرقة، إحنا قلنا لا تفرقة ما بين مواطن ومواطن.
أحمد منصور:
فيه إثارة هنا يا سمو الأمير للنقطة..
طلال بن عبد العزيز:
ما فيه مانع، أي شيء عندك تقوله يا أخ أحمد؟
أحمد منصور:
فيه إثارة لنقطة مهمة الحقيقة..
طلال بن عبد العزيز:
أيه هي؟
أحمد منصور:
أثارها الكثيرون وهو المؤسسة الدينية في المملكة أيضاً وكيف أنها يعني بعدما كان الحرمين هما منبع للعلم يأتيهم المسلمون من كل أنحاء الدنيا، تحول الحرمين الآن إلى فقط أماكن لأداء العمرة وأداء الحج، وأصبحت مجالس العلم في الحرمين كما يقول كثير من المشاهدين قاصرة على دروس الوضوء والطهارة وغيرها، ولم يعد هناك دروس علم حقيقية، ولم يعد هناك علماء قبل عشرين سنة ربما كان هناك علماء من أنحاء العالم العربي، من المغرب، من..، حتى من الدول الإسلامية يلقون دروسهم في مكة والمدينة، الآن لم يعد هناك سوى علماء كما يقول هو هنا علماء نجد فقط.
طلال بن عبد العزيز:
والله شوف أنا سمعت بعض الكلام، بعض اللي تفضل به الأخ السائل، أنا نفسي كنت أحضر جلسات دينية في الحرم المكي، من فلسطيني إلى سعودي سواء من مكة أو جدة، أو الرياض أو أي مكان آخر، ومن دول أخرى، وكان موجود أنا أحب حتى أشاهدها، هو السؤال المطروح: ليه.. وين راحوا دول؟ ومين اللي منعهم؟ بالعكس هذا الـ
أحمد منصور:
الحكومة منعتهم.. كل من يتكلم في السياسة ممكن أن يمنع.
طلال بن عبد العزيز:
(1/408)
والله أنا بأتساءل مين منعهم وهذا غلط، لأنه الحقيقة أنا كنت أحضرها، أنا بنفسي كنت أحضر هذه المجالس وكنا نتمتع..
أحمد منصور:
يعني أنت أيضاً كمان تشعر بأنها لم تعد موجودة أنا ما أعد شفتها الآن، ما أعد شفتها بالحرم وهذا غريبة يعني، بالعكس كان لازم تقعد، لأنه الحرم المكي كان يخرج الكثير من العلماء.
أحمد منصور:
والناس كانت تشد له الرحال من الحرم المكي.
طلال بن عبد العزيز:
المساجد عموماً كانت مدارس، ما بالك بالحرم، حرم بيت الله -سبحانه وتعالى-بالعكس أنا أعتقد هذه الأمور يجب أن تعود مرة ثانية.
أحمد منصور:
محمد الحديدي مهندس استشاري يقول لك أغفلتم تماماً أن عبد الناصر..، أن الصراع بين الملك سعود وعبد الناصر كان سببه هو زيارة الملك سعود إلى الولايات المتحدة وتوجه عبد الناصر إلى الاتحاد السوفيتي، وأن كلاهما كان يؤدي دوراً لإحدى القوى العظمى أثناء الحرب الباردة؟
طلال بن عبد العزيز:
أعوذ بالله أنا ما قلت هذا الكلام إطلاقاً، لم..
أحمد منصور:
لا.. هو يقول، هو اللي بيقول هذا الكلام.
طلال بن عبد العزيز:
أو هو اللي يقول يمكن.. هو على مسؤوليته، أنما أنا أعتقد إن كل واحد كان له توجهاته، الرئيس عبد الناصر عندما بدأ في سنة..، وكان قائداً مجهولاً لذلك كان نجيب، وبعدين صار الرئيس عبد الناصر..، كانت توجهاتهم أمريكية ولكن الحقيقة أمريكا أخطأت في حق تلك الحقبة، لأنهم لم يساعدوهم بالسلاح من أجل إسرائيل، فاضطروا أن يذهبوا إلى.. أنا أعذرهم في هذا التوجه، إنما عملية الملك سعود، الملك سعود أيضاً وجد من مصلحة المملكة العربية السعودية بسبب البترول أنه لا يتوجه للاتحاد السوفيتي ولكن يتوجه للولايات المتحدة، فكل واحد نظر إلى مصلحة بلاده من زاويته الخاصة.
أحمد منصور:
(1/409)
عبد الله ناصر الحمد يقول لك تحدثت في شأن يعني حينما تحدثت عن إرسال الملك سعود بعض الناس يقول لك: هناك معلومات تقول أن الملك فيصل أوفد إلى سموكم الكريم شخص على علاقة متينة معكم حينما كنتم خارج المملكة فترة الستينات، هذا الشخص هو الشيخ ماضي بن علي العايد، السؤال: ماذا كان هدف الملك فيصل من إرساله إليكم؟ وما مدى تأثير هذه الزيارة عليكم؟
طلال بن عبد العزيز:
والله شوف أنا نسيت أصلي في الحلقات إني ما ذكرت ماضي بن علي، هذا رجل من البادية، ولكن رجل حاضرة وبادية في الوقت نفسه، هذا الرجل كان مميز حقيقة، وكان عند الإخوان كلنا يعني كان بيأتينا ويزورنا ونعرفه واحد من جماعتنا الخاصين، كان يأتينا لزيارة خاصة، وكان بعلم الإخوان ولم يكن (مرسولا) من أحد أبداً.
أحمد منصور:
أثناء فترة وجودك في لبنان ومصر.
طلال بن عبد العزيز:
نعم في لبنان ومصر.
أحمد منصور:
عبير عبد الكريم من الأردن، تفضلي يا عبير.
عبير عبد الكريم:
مساء الخير.
أحمد منصور:
مساكي الله بالخير.
عبير عبد الكريم:
في البداية أحب أن أوجه تحية لكم ولبرنامجكم الجميل.
أحمد منصور:
شكراً لكِ.
عبير عبد الكريم:
ولسمو الأمير طلال.
طلال بن عبد العزيز:
أهلاً وسهلاً.
عبير عبد الكريم:
السلام عليكم سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز:
أهلاً، السلام عليك، أهلاً وسهلاً.
عبير عبد الكريم:
أنا فتاة في الأردن أرقض على سرير الشفاء في إحدى مستشفيات الأردن، لابد أن أحييك وأذكر كلمة، مجرد كلمة أنه لو عمل أي استفتاء في العالم لاختيار أعظم رجل ورجل إنساني ومحسن، لا تعلم يده اليسرى ما تصرف يده اليمنى لتم اختيارك دون أي تردد، ولكرمك دون تمنن.
أحمد منصور:
شكراً يا عبير، لديك سؤال في الحلقات؟
عبير عبد الكريم:
ليس لي أي سؤال بل مجرد تحية.
أحمد منصور:
شكراً، شكراً لك، أحمد شعبان من مصر، أحمد.
أحمد شعبان:
آلو.
أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.
(1/410)
أحمد شعبان:
والله أنا لي سؤال.. لي سؤال يتعلق ببداية تصريح الأمير عن رغبته في عدم التحدث في المستقبل، سمو الأمير أنت مش شايف إن إعطاء الحق لثلاثة أشخاص فقط بالتحدث عن سياسة المملكة العربية السعودية أمر يصيب كثير من الناس وبالذات الشباب بالإحباط؟
أحمد منصور:
سؤال مهم.
طلال بن عبد العزيز:
أنا.. بأتكلم عن إخواني، أنا ما تكلمت عن الناس، بأتكلم عن إخواني، أنا واحد من أبناء عبد العزيز، أنا قلت إنه الأمور العامة وكثير من الأمور الخاصة منوطة بهؤلاء الثلاثة من أبناء عبد العزيز، أنا ما ذكرت على الناس الآخرين.
أحمد منصور:
يعني سمو الأمير إذا أنت أمير والرجل الثالث في مجلس العائلة ولك تاريخك السياسي، ولك وضعك، وليس لك الحق في أن تتكلم في الشأن العام فما بالك بالمواطن العادي الآن؟ يعني معنى ذلك إن كل مواطن عادي في السعودية سيخشى أن يتحدث في الشأن العام؟
طلال بن عبد العزيز:
أكرر أنا لم أقصد إطلاقاً المواطن العادي أو أي فرد من أفراد آل سعود حتى أتكلم عن أبناء عبد العزيز لأنه هذه أدركت مؤخراً إنه هذه العملية منوطة بهم وعليهم هم أن يتحدثوا عن هذه الأمور العامة أو كثير من الأمور الخاصة، وأرجو ألا يكون كلامي هذا إحباطاً للشباب السعودي لأنه أنا لم أقصده ولم أتطرق إليه.
أحمد منصور:
مساهير من السعودية تفضلي يا مساهير
مساهير العتيبي:
مساء الخير
أحمد منصور:
مساكي الله بالخير يا سيدتي
مساهير العتيبي:
مساء الخير يا سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز:
أهلاً.. مساء الخير.
مساهير العتيبي:
حياك الله.
طلال بن عبد العزيز:
مرحباً بكِ.
مساهير العتيبي:
(1/411)
سمو الأمير أنا أحب أشكرك الليلة نيابة عن الفتيات في السعودية وعن إخواني، وأحب أقول لك إنه إحنا نفتخر فيكم (...) إلى جانب إني أقول لجميع المشككين في ها الأسرة إنه يكفينا 3 أشياء من ها الأسرة أول شيء يكفينا إن الملك المغفور له عبد العزيز إنه رفع اسم المملكة ووحدها، ويكفينا العلم اللي دار على كل القبائل وكل المدن يحمل كلمة التوحيد، والشيء الثاني: يكفينا فخر على كل الأمم خدمة الحرمين الشريفين، والشيء الثالث يكفينا فخر إنه الأمن والأمان والسلام اللي عندنا من قبلكم يا سيدي، ومشكور وما قصرت.
أحمد منصور:
شكراً يا مساهير.
طلال بن عبد العزيز:
شكراً لك.
أحمد منصور:
أحمد محمود من السعودية، تفضل يا أحمد.
أحمد محمود:
آلو.
أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.
أحمد محمود:
السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام.
أحمد محمود:
كيف الحال؟
أحمد منصور:
ممكن تخفض صوت التليفزيون وتسأل سؤالك مباشرة يا أحمد؟
أحمد محمود:
إن شاء الله، شكراً.
أحمد منصور:
سؤالك، تفضل.
أحمد محمود:
السؤال لسمو الأمير، كيف حالك سمو الأمير؟
طلال بن عبد العزيز:
أهلاً أهلاً بك يا أخ أحمد، تفضل.
أحمد محمود:
سؤالي لو سمحت بالنسبة.. أنت صحيح من قبل مسكت منصب وزير المالية؟
أحمد منصور:
صوتك غير واضح.
أحمد محمود:
صحيح إنك مسكت منصب وزير المالية سابقاً؟
أحمد منصور:
صحيح كان وزير المالية، أنت لم تشاهد شهادته على العصر؟ هل شاهدتها؟
أحمد محمود:
شاهدتها بس بعض الحلقات.
أحمد منصور:
طيب ارجع إلى الحلقة الثالثة والحلقة الرابعة فيها توضيح كامل حول الدور الذي لعبه سمو الأمير.
أحمد محمود:
معليش سؤال.
أحمد منصور:
تفضل.. تفضل.
أحمد محمود:
بالنسبة لاستقالة الأمير، هل هي من المجلس الملكي، يعني في كل أم من نفسه استقال؟
أحمد منصور:
شكراً لك، هل استقالتك رغم أنك وضحتها، هل استقلت أنت أم أُقِلت من وزارة المالية؟
(1/412)
طلال بن عبد العزيز:
أخ أحمد أنا قلت أيه في الحلقات، قلت أقلت.
أحمد منصور:
نعم، قلت أنك استقلت من وزارة المواصلات لكنك أقلت من وزارة المالية.
طلال بن عبد العزيز:
أيوه، صح.
أحمد منصور:
سمو الأمير، عبد الله جمعان الهاجري من الولايات المتحدة الأمريكية، من جورجيا في أتلانتا يقول لك: أرجو منك وبكل صراحة أن تقول لنا كم تقدر ثروتك الآن؟ ومن أين لك هذا؟ طالما دي آخر مرة سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز:
ده كلام؟ لا لا أبداً أنا أحاول دائماً وأعمل جهدي إني أكون واضح وصريح في جواباتي، ولا عندي حرج من أي سؤال إطلاقاً، أولاً أنا منذ صغري وأنا أتهم بالبلايين، في ذلك الوقت حتى ما كانش فيه بلايين، ملايين يسموها، هذا كلام فارغ، أنا ثروتي الحمد لله جيدة، ولكن ليست بتلك الثروة التي قيلت أو تقال عني بالبلايين.
أحمد منصور:
كم مليار؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم؟
أحمد منصور:
كم مليار؟
طلال بن عبد العزيز:
كم مليار؟! من فمك لباب السما كما يقولوا الإخوان المصريين، لا لا أبداً أنا بالعكس بالعكس، وهذه مكشوفة يعني مثلاً، مجلس الإدارة اللي الآن مشكلينه متطوعين معايا أصدقائي من مختلف الجهات يعلمون عن ثروتي وكم هي، وكيف نعاني في بعض الأحيان، كيف نعاني –يمكن هذا أول مرة تسمع مني- لدفع الواجبات المتوجبة عليّ، هذه الناس ما يعرفوها، إحنا مصروفاتنا أكثر بكثير من مدخولي أنا الشخصي، هذا أكثر ما أستطيع أن أقوله.
أحمد منصور:
هل هناك علاقة بين ثروتك وثروة الأمير الوليد بن طلال؟
طلال بن عبد العزيز:
أبداً الوليد مستقل استقلال تام.
أحمد منصور:
هل تمارس التجارة أو أي شكل من أشكال المشاركات في شركات مالية؟
طلال بن عبد العزيز:
أبداً أنا قلت هناك شركة واحدة، شركة واحدة لما كنا في الـ..، لما كنا خارجين السعودية، وقلتها أنا في الحلقات.
أحمد منصور:
ليس لك وكالات أو مؤسسات؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/413)
أبداً، إطلاقاً إطلاقاً.
أحمد منصور:
ولا تشارك في شركات دولية ولا أي شيء؟
طلال بن عبد العزيز:
أبداً.
أحمد منصور:
من أين يعني سؤالي ربما يكون بعيد، لكن الوليد بن طلال هل منحته أنت شيئاً من هذه الأموال التي عنده؟
طلال بن عبد العزيز:
لا، لا، في الأول بس في الأول.
أحمد منصور:
كم مليون يعني؟
طلال بن عبد العزيز:
أعطيناه 100 ألف دولار.
أحمد منصور:
100 ألف دولار.
طلال بن عبد العزيز:
آه 100 ألف دولار وقلنا على بركة الله أمشي فيها وهو عمل ثروته.
أحمد منصور:
يعني هل كل الثروة له؟ أم حقيقة أنه يستثمر أموال الأمراء الآخرين؟
طلال بن عبد العزيز:
أبداً ثروته شخصياً.
أحمد منصور:
كل هذه المليارات ما شاء الله يعني هو الآن أعلن أمس أو أول أمس أنه أغنى رجل في آسيا حسب بعض التقارير.
طلال بن عبد العزيز:
فليكن.. هذه ثروته.
أحمد منصور:
وفاء هرساني تقول لك، تريد لك، يعني هي تقول فقط تريد لك أن تقسم حسب طلبها يعني -أنك تقول الحقيقة- بدون قسم يعني هل ما تقوله هو الحقيقة أم جزء منها؟
طلال بن عبد العزيز:
إن شاء الله.. إن شاء الله إنه اللي بتسمعيه مني هو الحقيقة أما الذي لم أقوله فكيف تحكمين عليّ فيه؟ أما ما قلته فأتمنى أن تكون هي الحقيقة.
أحمد منصور:
محمد خالد من الكويت، محمد تفضل.
محمد خالد:
أستاذ أحمد.
أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.
محمد خالد:
أنا اسمي محمد خالد قطمي صحفي سوري مقيم في الكويت.
أحمد منصور:
أهلاً بك، سؤالك يا سيدي.
محمد خالد:
استمعت بكل أسف، أنا جيت متأخر على البرنامج.
أحمد منصور:
لكن سمعت شهادة الأمير؟
محمد خالد:
طبيعي طبيعي كلياتها عم متابعها.
أحمد منصور:
طيب سؤالك.
محمد خالد:
بالنسبة للسؤال حول الملك عبد العزيز رحمه الله والعلاقة مع اليهود، يهمني هنا إذا ما كان قد أثير من قبل..
أحمد منصور:
أثير.
محمد خالد:
(1/414)
أن أشير إلى رسالة هاري ترومان إلى الملك عبد العزيز حول فلسطين، فإذا كانت أثيرت حتى ما أتعبك وأتعب المشاهدين..
أحمد منصور:
بإيجاز ما الذي تريد أن تقوله؟
محمد خالد:
فيه رسالة موجهة من هاري ترومان يقول..
أحمد منصور:
بإيجاز ما الذي تريد أن تقوله؟
محمد خالد:
أريد أن أقرأ عليك وعلى المشاهدين ما قاله هاري ترومان في خطابه..
أحمد منصور:
مصدرك أيه؟ مصدرك أيه؟ من أين جئت نص هذه الرسالة قبل أن تقرأها؟
محمد خالد:
هذه رسالة منشورة في جريدة الأنباء بتاريخ 29/8/1998م.
أحمد منصور:
الأنباء الكويتية؟
محمد خالد:
الأنباء الكويتية للزميل الأستاذ فيصل الزامل.
أحمد منصور:
نقلاً عن؟
محمد خالد:
نقلاً عن وثائق سعودية.
أحمد منصور:
كده بدون مصدر يعني.
محمد خالد:
موجود قدامي، هذا اللي قدامي في الجريدة نشر في 1998م.
أحمد منصور:
طيب بدون ما تقرأ أيه الإيجاز؟ أيه النقطة التي تريد أن تشير إليها في الرسالة؟
محمد خالد:
بإيجاز، بكل بساطة ترومان يخاطب الملك عبد العزيز ويدعوه إلى أن يتدخل لوقف الحرب العربية اليهودية في عام 1948م، ويشير إلى إنه عدم تدخله قد يؤثر على المصالح الأمريكية السعودية المشتركة، ويرد عليه الملك عبد العزيز بالقول: أما ما ذكرته من المصالح الاقتصادية التي تربط بلدينا فاعلموا أنها أهون في نظرنا من أن نبيع بها شبراً واحداً من أرض فلسطين العربية لمجرمي اليهود، ويشهد الله أنني قادر على أن أعتبر آبار البترول كأن لم تكن، فهي نعمة ادخرها الله للعرب حتى أظهرها لهم في الزمن الأخير، فلا والله تكون نقمة عليهم أبداً، ولقد صرحت للعالم مراراً أنني مستعد أن أسير أنا وأولادي جميعاً لنقاتل في سبيل فلسطين حتى نمنع قيام دولة اليهود فيها أو نموت.
أحمد منصور:
شكراً لك يا محمد خالد لهذا التوضيح، سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز:
نعم، هذا صحيح أنا قرأت الكلام هذا في الأنباء.
(1/415)
أحمد منصور:
نعم.. وهذا تأكيد.. هناك وثائق سعودية لهذا المصدر؟
طلال بن عبد العزيز:
نعم.. نعم.
أحمد منصور:
خالد عبد الله من السعودية، تفضل يا خالد.
خالد عبد الله:
آلو.
أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.
خالد عبد الله:
مساء الخير.
أحمد منصور:
مساك الله بالخير.
خالد عبد الله:
باختصار شديد إحنا شاكرين لسمو الأمير صراحته المعهودة لكن أتمنى أن أجد فيك الصراحة في سؤالي، هو خارج عن موضوعنا نوعاً ما ولكن أتمنى حقيقة لأن كثير من المشاهدين يتساءلون نفس السؤال هذا..
أحمد منصور:
ما هو؟
خالد عبد الله:
هناك تصريحات الآن يطلقها صاحب السمو الملكي خالد بن طلال وموجهة لصاحب السمو الملكي عبد الرحمن بن سعود بسبب بعض المباريات في كرة القدم وما إلى ذلك، بعض المناسبات الرياضية ما هي مرئياتكم حول هذه الأشياء إذا كانت تصدر؟ شكراً.
أحمد منصور:
شكراً لك، هل ترى السؤال..
طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
أنا لا أتدخل في شؤون أولادي، أولادي أنا تارك لهم المجال أن يخوضوا في الأمور التي يشاؤونها، لا أتدخل في أمورهم.
أحمد منصور:
أمير البحري من مصر، أمير.
أميرة البحري:
آلو.
أحمد منصور:
أميرة تفضلي يا أميرة.
أميرة البحري:
السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام.
أميرة البحري:
وكل سنة وأنتم طيبين إن شاء الله.
أحمد منصور:
وأنت طيبة، سؤالك يا أميرة.
طلال بن عبد العزيز:
أهلاً بك.
أميرة البحري:
(1/416)
بداية أحيي سمو الأمير على شجاعته وصراحته، وحسن الكلام وهذا ما عاهدناه منه دائماً، وأنا أقول للذين لم يكتفوا بتسع حلقات في شاهد على العصر، نحن نريد تسعين حلقة أخرى، وأتمنى من سموكم يا سيادة الأمير أن تنادوا بجهودكم بدخول اليمن مجلس التعاون الخليجي، لأنكم وكما تعرفون أن تقدم الأمة العربية يكون بتوحدها وليس العكس، ونحن شاهدنا لسيادتكم زيارتكم لليمن، ولكننا نسأل: لماذا سمو الأمير الوليد بن طلال لا يقوم بأي استثمارات في اليمن؟ وأخيراً أتمنى أن لا يكون هذا آخر لقاء لسموكم فأنتم دائماً الوجه المشرق للمملكة، وشكراً.
أحمد منصور:
شكراً يا أميرة.
طلال بن عبد العزيز:
شكراً، أبداً.. شكراً على هذا الكلام اللطيف، وأرجو أن اليمن يكون.. وأنا كنت هناك في اليمن وكنت سعيد بهذه الزيارة، وما شاهدته في اليمن الشقيقة، وأرجو أن يعمل الوليد على زيارة اليمن ويستثمر بعض أمواله في المشاريع المفيدة للطرفين إن شاء الله.
أحمد منصور:
عندي سؤال عبر e-mail من علي يقول لك: ما هي سبب دعوة الحكومة اليمنية للقوات المصرية للتدخل في اليمن؟ وهل كانت الحرب اليمنية السعودية حرب بالوكالة بين مصر والسعودية؟
طلال بن عبد العزيز:
والله هكذا يقولون، أنا ليس عندي شيء موثق بهذه الأمور.
أحمد منصور:
خاصة وإنه حدث بينك وبين عبد الناصر احتكاك حينما قامت الحرب وضربت نجران؟
طلال بن عبد العزيز:
آه صحيح.. ما ضرب جيزان.
أحمد منصور:
نعم، جيزان.. نعم.
طلال بن عبد العزيز:
إنما العملية هو الناس الزعامات اليمنية اللي كانت في القاهرة وذكرت هذه في هذه الحلقات في شاهد على العصر، كانوا ضد تدخل الجيش المصري في اليمن، وأنا ذكرت أسماءهم، اللي هو سيرهم بعدين، فهم كلهم كانوا ضد التدخل إنما يملكون حرب الوكالة عملية إنه (يرسل) اليمن إنها حاجة السعودية، سمعنا هذا الكلام وما أعرف.. المعنيين عليهم أن يتحدثوا في هذا الأمر.
أحمد منصور:
(1/417)
طلال التويركي من السعودية، تفضل يا طلال.
طلال التويركي:
سعد الله مساءك يا سمو الأمير، يا سيد الصراحة الفصيحة، عندي توضيح بشأن الوثيقة التي نشرت في الأنباء أنها نشرت قبلاً.. الرسالة ورَدَّها من الملك عبد العزيز في مجلة الخطوط العربية السعودية قبل فترة من الزمن، هذا ولكم جزيل شكري واعتذاري.
أحمد منصور:
شكراً لك خالد الكناني من السعودية.
خالد الكناني:
آلو.
أحمد منصور:
تفضل يا خالد.
خالد الكناني:
آلو.. مساء الخير.
أحمد منصور:
مساك الله بالخير.
خالد الكناني:
مساك الله بالخير سمو الأمير.
طلال بن عبد العزيز:
أهلاً بك مساء الخير.
خالد الكناني:
أنا أبغي أتكلم عن الرئيس جمال عبد الناصر ألا تعتقد إنه أخذ أكثر من حقه بسبب يعني خطاباته والقومية العربية بينما الملك فيصل رحمه الله يعني ربما لم يعني انتقص من حقه مع إنه هو الذي جمع المسلمين، وهو الذي أسس منظمة المؤتمر الإسلامي، ألا تعتقد إن الملك فيصل -رحمه الله- يعني ربما يعني لم يأخذ حقه أكثر من جمال عبد الناصر، وهو شهيد القدس؟ وشكراً سمو الأمير.
أحمد منصور:
شكراً لك.
طلال بن عبد العزيز:
هل أنا أعطيت الرئيس عبد الناصر أكثر من حقه؟ أو هضمت حق الملك فيصل؟
أحمد منصور:
لا، لا، لا، هو سؤاله هو بيقول ألا تعتقد أنت تاريخياً أن عبد الناصر أخذ أكثر من حقه عن طريق خطاباته وما كان يقوم به، وأنت أشرت لذلك سمو الأمير في الحلقة الثامنة تقريباً.
طلال بن عبد العزيز:
(1/418)
لا، لا.. هي العملية إن أنا أريد، يعني العملية أنا.. شوف يا سيدي بالنسبة للرئيس عبد الناصر كان زعيم والأمة العربية كلها آمنت بزعامته، هذا لا يمكن أن ننكره، إنما أنا ذكرت في الحلقات -(شاهد على العصر)- إيجابياته وسلبياته، وانتهينا من هذا، أما الملك فيصل فأيضاً أعطيناه حقه في (شاهد على العصر) وقلنا عن الأشياء التي كانت في جزء من تاريخه، الذي كان تاريخاً منوراً بالنسبة للسعودية والعالم العربي، هذا لا يمكن أحد ينكرها، والحقيقة أنه لو شاهدت أنت الحلقات لوجدت إن أنا ذكرت هذه الأمور بالتفصيل.
أحمد منصور:
هشام السيسي من المغرب يقول لك، يثني على شهادتك ويقول لك أنه يتمنى أن يكون الاثنين والعشرين ملك ورئيس وأمير عربي بنفس صراحتك، وأنه لو وجد هؤلاء لانتهت مشكلات العالم العربي، يعني مجرد.
طلال بن عبد العزيز:
والله هذه أمنية على كل حال أنا يعني نرجو أن أولاً لا يكونوا مثلي، لأنه أنا برضو فيّ سلبيات والله لا يوريك، إحنا بس نعرف بعض من بعيد
أحمد منصور:
طيب أبو طارق عبر e-mail يقول لك: لماذا تحولت المملكة العربية السعودية إلى بلد عنصري حيث أن المنتمين إلى نجد أو القصيم لهم نصيب الأسد في كل شيء دوناً عن الآخرين.
[موجز الأنباء]
أحمد منصور:
(1/419)
ضيفنا صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، في حلقة خاصة في حوار مع مشاهدي الجزيرة حول شهادته على العصر التي أدلى بها على مدى تسع حلقات، وفجر قنبلته في بداية هذه الحلقة أن هذا هو الحوار الأخير الذي سوف يتحدث فيه عن الشأن العام السعودي، تاركاً المجال للمسؤولين الثلاثة في المملكة العربية السعودية الكبار أن يتحدثوا بعد ذلك عن هذه الأمور، على أن يتفرغ هو للقضايا البسيطة، وما يخص تاريخه السياسي فقط، وعندي عشرات من الرسائل التي وصلتنا على الفاكس يطالبونك -سمو الأمير- بأن تسحب هذا الأمر آخرهم.. من بينهم عبد الكريم البليل الذي قال: نرجوك يا طلال، أنت وذاكرتك جزء مهم من تاريخ الجزيرة العربية، ومن حق الأجيال القادمة أن تعرف عن تاريخها، فلا تحرمنا وتحرم الأجيال من معرفة هذا التاريخ.
وعندي –أيضاً- رسالة من بنتيك الأميرة ريما بنت طلال، والأميرة سارة بنت طلال –أيضاً- يرجوانك أن تسحب هذا الأمر، ويشيدان بك وبتربيتك لهما، وأنك –كما عوَّدتهم- دائماً شامخاً وقوياً ونبيلا، ويريدون منك أن تستمر في الإدلاء بهذه التصريحات، السؤال كان قبل الاستراحة عن التحول في المملكة العربية السعودية، كما جاء في رسالة المشاهد إلى جوانب عنصرية -كما ذكر- في حيث أن بعض القبائل هي التي تظهر في الساحة دون الأخرى.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
اللي هو القبائل إيش يا أخ أحمد؟
أحمد منصور:
هو يعني كان في سؤاله يقول أن الآن تحول الوضع في المملكة العربية السعودية إلى وضع عنصري، حتى أنه معظم المناصب الأساسية توزع على بعض العائلات والقبائل دون غيرها.
طلال بن عبد العزيز:
والله أنا غلبت في هذا الموضوع.
أحمد منصور:
السؤال تحديداً يقول: لماذا تحولت المملكة إلى بلد عنصري، حيث أن المنتمي إلى منطقة نجد أو القصيم له نصيب الأسد في كل شيء في البلد من المناصب إلى التجارة؟
طلال بن عبد العزيز:
(1/420)
أنا جاوبت على هذا السؤال.
أحمد منصور:
وأطلق.. آه ربما جاوبت عنه، لكن هو متكرر -أيضاً- في أكثر من شيء، وتطرقنا له، نعم.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يا سيدي، نحن ضد العنصرية، ضد التفرقة، المواطن هو المواطن، هذا حق المواطنة، ويجب أن نتعلم هذه المباديء الأساسية. عبد العزيز لما بنى المملكة ووحدها ما وحدها على أساس عنصري، بالعكس يعني حتى من أقواله المشهورة، وهذه قالتها خالتي أم بدر بن عبد العزيز وهي عايشة.. من زوجاته، تقول: والدكم يقول –من البداية، وهذا من العشرينات والثلاثينات –الحجاز ونجد، قربوا بينهما من خلال التملك، ورغم إن إحنا كنا فقراء أيام هذا، وهي نصيحته والزواج حتى يكون هناك أرحاماً بين الحجاز وكذا، هي هذه الوحدة، فهناك ليس تفرقة إطلاقاً، ولا يجب أن تكون هناك تفرقة، إن وجدت، يجب أن يكون السعودي مساوياً لغيره من منطقة أهالي نجد أو غيرها، هذا جوابي على السؤال ويجب ألا يكون.
أحمد منصور:
جميل كامل مروة، ابن كامل مروة مؤسس الحياة، صحيفة الحياة وصاحبها يقول لك: بأنك تعرضت في شهادتك إلى الدور الذي لعبه كامل مروة في ترتيب العلاقة بينك وبين إخوانك وعودتك إلى السعودية، ويقول بأن هناك اتهام لكامل مروة بالعمالة للسعودية، حتى أن في نفس الجريدة التي أسسها كتب حول هذا الموضوع، ما هو الصحيح؟ وما هي طبيعة العلاقة التي كانت تربط كامل مروة بالعائلة السعودية؟
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور:
سمو الأمير، ما تعليقك على ما ذكره جميل كامل مروة حول طبيعة علاقة والده كامل مروة بالعائلة السعودية؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/421)
أولاً يا سيدي حكاية العمالة دي، ما إحنا قلناها في الأول، هذا عميل، وهذا كافر، وهذا كذا، عملية إطلاق التهم جزافياً بهذا الشكل دي عملية صعبة جداً، يجب أن نتحرر منها، ونتخلى عن هذه النعوت، لا يمكن أن يكون إنساناً يُكفَّر أوأنه يكون عميل لهذه الجهة أو تلك إلا بناءً على حكم قضائي، هذا كلام أطلق عليه ولا يجوز أن نسمعه مرة ثانية إلا إذا كان فيه حكم قضائي، كامل مروة بالنسبة لي كان رجلاً صحفياً بارزاً كاتباً مميزاً، وكان عصامياً، وأوجد هذه الجريدة –الحياة- وزميلتها الإنجليزية لا أتذكر اسمها من لا شيء..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ديلي ستار (Daily star) على ما أعتقد.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
ديلي ستار Daily star)) أظن. فهذه هي بالنسبة لكامل مروة، والرجل قام بواجبه في الوساطة على خير ما يجب، ولم يكلفه أحد، وكان يقصد بهذه الوساطة الصالح العام السعودي والعربي إذن بها المناسبة أحاول أن أوجه رسالة عائلية لحبيباتي ريما وسارة وأقول لهم: أنا على عهدي بكم، وعلى عهدكم بي، ولن نتغير -إن شاء الله- ووفقكم جمعياً كعائلة صغيرة اسمها آل طلال، هذا الذي أريد أن أوجهه لكن يا سارة وريما. أما بالنسبة لكامل مروة مرة ثانية عهدي به أنه كان رجل عصامياً، وكان توجهه وطني، لكن السؤال المطروح: من الذي اغتال كامل مروة؟
ابنه يعرف هذا الجواب، ولبنان تعرف هذا الجواب، هنا علامة الاستفهام.
أحمد منصور:
وأنت تعرفه سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أنا لا أعرفه.
أحمد منصور:
(1/422)
سيف الإسلام بن سعود بن عبد العزيز، ابن الملك سعود يقول لك: أشكركم على ما أبديتموه حول تاريخ الملك سعود، وإزالة اللبس الذي اعترى الحلقة أو الحلقات الماضية، وإذا سمحتم لي فإن لي ثلاث ملاحظات: الأولى: أن المؤرخ يخلط بين الذاتية وبين موضوع التاريخ الذي يتحدث عنه، مما يجعل الأمر مشوشاً لدى القاريء أو المستمع أو المشاهد، بل إن الآخر يعتقد في بعض الأحيان والأوقات أن ما يراه أو يسمعه أو يشاهده أو يقرأه هو تاريخ المتحدث أو الكاتب.
الثانية: أن ما ذكر عن الظلم الذي تعرض له الملك سعود أن أفضل -وأظن سموكم تفضل ذلك- أن نطلق عليه مسمى سوء الفهم بدل الظلم، لأن هناك مظلوم وهو الملك سعود، ولكن ليس هناك ظالمين، بل أناس يخطئون ويصيبون، والخطأ في هذا الشأن تمثل في الاعتقاد أن تاريخ الملك سعود سيصبح مثيراً للجدل إن أخرج للنور، كان هذا في البداية، واستمر هذا الاعتقاد بدون الاهتمام بإزالته لاحقاً، والأمل أن ينتهي قريباً.
الثالثة: التاريخ عموماً من الأفضل أن يطلع عليه الناس، ولكن هناك أجزاء من التاريخ الأفضل أن يبقى مطوياً حتى تتوفر المصادر الكاملة.
دكتور: سيف الإسلام بن سعود بن عبد العزيز. تعليقك على هذا؟
طلال بن عبد العزيز:
شكراً يا حبيبي على هذه الرسالة، إنما أحب أنه.. أنا قلت ما فيه الكفاية عن أخي والملك سعود، وإنما الدور عليكم أيضاً يا أبناءه، أن تتحركوا، وأن تطالبوا بإعادة التاريخ.. إعادة كتابة التاريخ بالنسبة لوالدكم، وأخي سعود..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أنت تحملهم المسؤولية في هذا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:
أنا لا أحمل أحداً، أنا بأقول: أنتم لكم واجب عائلي ووطني أن تتحركوا وتطالبوا بإعادة التاريخ لهذا الرجل، التاريخ الصحيح، ما له وما عليه، هذا واجبكم أيضاً.
أحمد منصور:
محمد طاهر من فرنسا، تفضل يا أخ محمد.
محمد طاهر:
آلو، السلام عليكم.
أحمد منصور:
(1/423)
وعليكم السلام يا سيدي، آسف على التأخير عليك، تفضل.
محمد طاهر:
معلهش، أنا بأحيي –الحقيقة- سعادة الأمير على الحقائق، فقد أدهشنا كثير بهذه الحقائق، وعلى الصراحة المتناهية، لأول مرة بنسمع يعني أمير يتكلم بهذه الصراحة –حقيقة يعني- طبعاً نشكره شكراً جزيلاً.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن هو يقول أنه.. يعني هذه المرة الأخيرة، لن يتحدث بعد ذلك.
محمد طاهر[مستأنفاً]:
نعم، لهذا أقول يعني: في الوقت الذي يفتح التاريخ، أو يكتب التاريخ من جديد عن طريق شاشة الجزيرة الأمير -يعني- يعتزل، هذا شيء يعني إحنا نريده أن يكتب ويكتب ويكتب، ويقول ويقول على شاشة الجزيرة.
أحمد منصور:
شكراً لك، هناك من يطالبك أيضاً –سمو الأمير- بنشر مذكراتك، متى ستنشرها؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله شوف، المذكرات موجودة ومنتهية، ولكني ذكرت أنني لم أقرر متى أنشرها.
أحمد منصور:
هل هناك في المذكرات أشياء لم تذكرها في حوارك معنا؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
نعم، نعم، هذا صحيح.
أحمد منصور:
ما تحدثت به يمثل كم في المائة تقريباً مما تريد أن تتحدث به؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
الربع، 25- 30%..
أحمد منصور:
الربع والدنيا اتقلبت، الـ 75% لما.. حينما يظهروا..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
75%.. لأ.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
يعني أنت الآن تقول أن ما ذكرته هو ربع الحقائق والمعلومات.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
تقريباً.
أحمد منصور[مستأنفاً]:
يعني باقي 75% من المعلومات عندك؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أيوه.
أحمد منصور:
نسجلها في حلقات قادمة في شاهد على العصر.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا. لا. هذه.. ما إحنا قلنا: بطلنا، إنما هذه في المذكرات -إن شاء الله- في المذكرات.
أحمد منصور:
(1/424)
يعني كثير من المشاهدين -أيضاً- يسألون: لماذا سجلنا الحلقات على مدى عامين ونشرت في العام الثالث أيضاً، وأنا أريد أن أنوه إلى حجم الجهد الضخم ومحاولات الإقناع التي قمت بها، وكذلك حرص سمو الأمير على أن يهيئ نفسه بالنسبة لهذا الأمر، وهناك كثير من الأشياء لا أستطيع أن أتحدث بها لأن الوقت صار ضيقاً، ولكن هل لديك تعليق على -سمو الأمير- على هذه التساؤلات التي طرحها كثير من المشاهدين؟ لِمَ سجلت الحلقات على مدى عامين، وبثت في العام الثالث؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً هي لظروفك الخاصة، وظروفي الخاصة، هذا هو السبب الحقيقي، ليس هناك سبب آخر.
أحمد منصور:
محمد المعص من السعودية.
محمد المعص:
آلو، السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.
محمد المعص:
مساء الخير يا أخ أحمد.
أحمد منصور:
مساك الله بالخير.
محمد المعص:
والله شكراً على البرنامج، استضافتكم الأمير طلال.
أحمد منصور:
شكراً.
محمد المعص:
لكن هل.. هاي خطوة جيدة من البرنامج، لكن هل نشوف المرات القادمة استضافة لشخصيات من دول الخليج الأخرى؟ نبغي نشوف واحد مثلاً من آل ثاني يتكلم ليش الأب [الابن] انقلب على أبوه؟ ليش الأب من الأول انقلب على عيال عمه؟
نعرف تفاصيل تاريخ المنطقة، ليش الشيخ زايد اغتصب الحكم من ابن عمه؟ نبغي نعرف كما استعرضنا تاريخ المملكة العربية السعودية عشر حلقات، وبالتفاصيل وعلى الهواء مباشرة، خلنا ننشر باقي الغسيل في الخليج وفي الدول العربية..
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
غسيل؟!
أحمد منصور:
(1/425)
ليس غسيل يا سيدي، هذا تاريخ، وكما تحدثنا عن السعودية سوف نتحدث –أيضاً- عن الآخرين، وحتى تكون في الصورة كل شخصية تظهر في هذا البرنامج يستغرق أحياناً عملية الإعداد عام وعامين، حتى نقدم هذه الشهادة، فالبرنامج يأخذ جهداً كبيراً ومحاولة لمسح التاريخ بشكل كبير، فكما قدمنا شخصيات من السعودية، هناك ترتيبات –أيضاً- مع شخصيات من كل دول الخليج ومن الدول الأخرى. هل لازلت معنا يا محمد أم انقطع عنا الخط؟ محمد المعص.
آمل آن أكون قد وضحت لك، لك تعليق -سمو الأمير- على ما ذكره؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
والله أنا أولا.. يا أخي إيش الكلام الفارغ ده؟ إيش تسميه غسيل أنت؟ أعوذ بالله، هذا كلام ولا يجوز حتى لمقام الجزيرة أن تسمى هذه.. تطلق على هذه الأحداث التي رويت بغسيل، نشر الغسيل، هذا كلام فارغ، ولا يجوز أنه نسمعه منك أو من أمثالك، هذا الكلام روي لوقائع تاريخية، وحدثت فعلاً، وبالعكس وكانت إيجابية من وجهة نظري، وأنت تسميها.. عيب عليك، هذا لا يجوز أن نسمعه.
أحمد منصور:
مريم محمد من السعودية، تفضلي يا مريم.
مريم محمد:
سمو الأمير، لماذا يطلق على المغفور له الملك سعود بن عبد العزيز كلمة خُلع أو نُفي، وهو كما ذكرت يا سمو الأمير في حلقات سابقة بأنه خرج من المملكة بإرادته، وكانت الأسرة المالكة في وداعه؟
بما أنه –كما ذكرت أيضاً- أنه كان الملك الوحيد من بين ملوك السعودية الذي بويع جماهيرياً.
أحمد منصور:
شكراً لك يا مريم، سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
أبداً، يا أخت مريم، أنا قلت يجب إعادة تاريخ الملك سعود، ويجب إعادة كتابة تاريخ الملك سعود، وإعطاؤه حقه، الذي عليه مثل أي ملك، مثل أي رجل دولة، هذا واجب، وأنا قلت هذا الكلام، ولا تعليق عندي أكثر مما قلته.
أحمد منصور:
هشام يوسف من مصر، تفضل يا هشام، هشام.
هشام يوسف:
آلو.
أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.
هشام يوسف:
(1/426)
بأرحب أولاً بسمو الأمير، وأحب بس أسأل حضرته، هو عدم ظهوره في الآونة الأخيرة بس يعني، ظهوره في الإعلام في الآونة الأخيرة، قبل كده ليه سموه ما كانش ظاهر وواضح يعني؟
أحمد منصور:
ده هو أعلن أن لن يظهر بعد ذلك فيما يتعلق بالشأن العام، شكراً لك، تعليقك سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا. أبداً، ما عندي تعليق.
أحمد منصور:
لا تعليق؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
لا.
أحمد منصور:
وتصر على عدم الظهور فيما يتعلق بالشأن العام؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
آه.
أحمد منصور:
تقييمك لما قمت به وما أديته، وهناك.. مازال هناك 75% من الحقائق تقول أنك لم تتعرض لها، وأن ما أفصحت به هو يمثل 25% فقط من المعلومات التي لديك، أليس من حق الناس أن تتعرف على المعلومات الباقة؟ وهل يمكن أن تعيد النظر مرة أخرى، وتتيح لنا المجال لتسجيل هذه الحلقات، وبثها في الوقت الذي تراه مناسباً؟
الأمير طلال بن عبد العزيز:
يا سيدي لو قلنا البقية النسبة اللي تفضلت بها معناها إنه ما فيه داعي للمذكرات، يعني إذا قلنا: هذا كان في الحلقات مثلما سجلناها في شاهد على العصر إذاً في هذه الحالة نلغي حكاية المذكرات، لأن المذكرات أهم من أن نخرج في مقابلات تليفزيونية، لأنها فيها دقائق الأمور وتفاصيلها وتواريخها، فلذلك نترك هذا المجال للمذكرات، وعندما تصدر سوف يقرأها وينظر فيها الرأي العام، ويحكم عليها في حينها.
أحمد منصور:
الأميرة عبير، باقي لي 30 ثانية تقدري خلالهم تطرحي سؤالك؟ أميرة عبير. أنا طفل سعودي صغير أبلغ من العمر عشر سنوات، أعتقد أن من حقي عليك ألا تتوقف عن رواية تاريخ بلادي الذي أنت جزء مهم منه، حفظك الله.
الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:
من مين؟
أحمد منصور[مستأنفاً]:
وهذه الرسالة، طفل سعودي اسمه محمد.. من السعودية أرسل هذه الرسالة أختم بها هذا البرنامج، وأشكرك سمو الأمير.
الأمير طلال بن عبد العزيز:
(1/427)
شكراً...
أحمد منصور:
شكراً جزيلاً على ما تفضلت به طوال الأسابيع الماضية، أو طوال الثلاث أعوام الماضية التي حاولنا فيها أن نأخذ شهادتك على العصر، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
موضوع الحلقة القادمة هام للغاية، حيث نتناول فيه المستقبل السياسي للإخوان المسلمين في مصر بعد فوزهم في الانتخابات البرلمانية الحالية، والتي أصبحوا فيها القوة الثانية في البرلمان المصري بعد الحزب الوطني الحاكم، أما ضيفنا فهو الدكتور عصام العريان أحد قيادات الإخوان المسلمين البارزين في مصر، في الختام أنقل لكن تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود من القاهرة التي يحبها الأمير طلال، وأحبها أنا كذلك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/428)
عبد الرحمن البيضاني نائب الرئيس اليمني الأسبق(1/429)
الثلاثاء 18/4/1422هـ الموافق 10/7/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 18:50(مكة المكرمة)،15:50(غرينيتش)
عبد الرحمن البيضاني نائب الرئيس اليمني الأسبق
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عبد الرحمن البيضاني - نائب الرئيس اليمني الأسبق
تاريخ الحلقة
09/07/2001
- نشأة الدكتور البيضاني في مصر ودراسته بها
- انقلاب عبد الله الوزير سنة 48 وأسباب فشله
- عودته إلى اليمن وطموحه في الإصلاح
- عودته إلى القاهرة وعمله بالسفارة اليمنية
عبد الرحمن البيضاني
أحمد منصور
أحمد منصور: يعتبر الدكتور عبد الرحمن البيضاني واحداً من أبرز الشخصيات السياسية اليمنية إثارة للجدل، لا سيما في الدور الذي لعبه خلال حقبتي الخمسينيات والستينيات. ولد الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني في مدينة القاهرة عام 1926م لأب يمني جاء للدراسة في الأزهر، وأم مصرية.
حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، وفي نفس الوقت على شهادة الدراسات في الفلسفة والمنطق وعلم النفس من الجامعة الأميركية في القاهرة عام 1950. وكان أول يمني يحصل على شهادة جامعية آنذاك.
استدعاه الإمام أحمد إلى اليمن عام 1950م بعد تخرجه من الجامعة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تطأ فيها قدماه أرض اليمن منذ ولادته في القاهرة عام 1926م.
سعى للتقرب من الأمير البدر نجل الإمام أحمد، كما كلف من الإمام للقيام بأدوار مختلفة وذلك في الفترة بين عامي 50 و 55، منها أنه عين مستشاراً للمفوضية اليمنية في القاهرة، ومشرفاً على البعثات التعليمية اليمنية في مصر، ومندوباً لليمن لدى الجامعة العربية، وممثلاً لوفد اليمن في مؤتمر وزراء الاقتصاد والمال العرب.
وفي هذه الفترة حصل على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي من جامعة القاهرة عام 52، كما حصل على دبلوم الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية عام 53.(1/430)
عُيِّن في العام 55 قائماً بأعمال المفوضية اليمنية في ألمانيا وحتى العام 59، حيث حصل على الدبلوم في العلوم الاقتصادية والسياسية من جامعة (بون) في ألمانيا.
ثم حصل بعد ذلك على الدكتوراة في الاقتصاد والتنظيم والإدارة من نفس الجامعة أيضاً عام 61. غير أن الإمام كان قد استدعاه للعودة من ألمانيا إلى اليمن عام 59 حيث عين وزيراً مفوضاً في سفارة اليمن في الخرطوم، ثم مستشاراً اقتصادياً للإمام عام 60، ثم ساءت علاقته بالإمام فهرب إلى مصر وشارك من القاهرة في الترتيب لثورة اليمن التي قامت في السادس والعشرين من سبتمبر عام 62، حيث عُيِّن نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة، ثم نائباً لرئيس الجمهورية ورئيساً للوزراء ووزيراً للخارجية.
(1/431)
ويشير المراقبون إلى أن قربة الشديد من القيادة المصرية آنذاك قد ساعده في ذلك، فسرعان ما بدأت المشاكل تدب بينه وبين القيادة اليمنية والتي انتهت بطلب أرسله عبد الله السلال –رئيس الجمهورية- في يناير عام 63 إلى عبد الناصر أي بعد حوالي ثلاثة أشهر ونصف فقط قضاها البيضاني في السلطة يطلب فيه من عبد الناصر إبقاء البيضاني في مصر، وذلك في أعقاب مهمة كان السلال قد كلف البيضاني بها في القاهرة التي كان قد وصلها بالفعل، ورغم إبقاء عبد الناصر للبيضاني في القاهرة وعدم عودته لليمن آنذاك إلا أن البيضاني ظل قريباً من القيادة المصرية ومتابعاً لملف العلاقات المصرية اليمنية من قريب، حتى أن عبد الناصر عينه سفيراً لليمن في بيروت في العام 66. وهنا تكمن أهمية شهادة الدكتور عبد الرحمن البيضاني، فرغم أنه قضى فترة قصيرة في السلطة بعد قيام الثورة إلا أنه كان شاهداً أساسياً على مراحل قيام الثورة اليمنية لا سيما الدور المصري فيها، وكذلك مراحل التدخل العسكري المصري في اليمن التي يعتبر حتى الآن أحد الأحداث الكبرى التي وقعت في عهد عبد الناصر، حيث يعتبر التدخل العسكري المصري في اليمن في رأي كثير من المراقبين أحد الأسباب الرئيسية لهزيمة العام 67، وكما يعتبر الكثيرون داخل اليمن وخارجه أن شخصية الدكتور عبد الرحمن البيضاني شخصية مثيرة للجدل، فقد كانت شهادته كذلك شهادة مثيرة للجدل.
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة مع شاهد جديد على العصر. شاهدنا على العصر في هذه الحلقة والحلقات القادمة معالي الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني (نائب رئيس مجلس قيادة ثورة اليمني الأسبق، ونائب رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ووزراء الخارجية).
سعادة النائب مرحباً بك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أهلاً وسهلاً.
نشأة الدكتور البيضاني في مصر ودراسته بها
(1/432)
أحمد منصور: أود أن أبدأ معك من القاهرة حيث ولدت في العام 1926 لتحدثنا في البداية عن طفولتك ونشأتك والمؤثرات الأولى في حياتك.
د. عبد الرحمن البيضاني: بدأت نشأتي في كنف أبي الذي كان قد وصل من اليمن سنة 1897م وهو طفل في التاسعة من عمره من قبيلة مراد ليدرس في الأزهر، ثم تزوج في مصر وأنجبني..
أحمد منصور: تزوج مصرية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: مصرية، وكان مع مجموعة من اليمنيين، وكانوا دائماً يجتمعون في بيت السيد "حسن البار" عميد الأسرة اليمنية في القاهرة.
أحمد منصور: اليمنيين مشهورين بالهجرة وبالترحال وتقريباً يملأون العالم، هل جاء إلى مصر بنية الهجرة أم بنية الدراسة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بنية الدراسة.
أحمد منصور: على أن يعود مرة أخرى إلى اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: على أن يعود مرة أخرى إلى اليمن.
أحمد منصور: لكنه بقي فيها.
د. عبد الرحمن البيضاني: بقي فيها انتظاراً لانتهاء تعليمي في مصر ثم يعود معي إلى اليمن.
أحمد منصور: أم لارتباطه بزوجة مصرية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، هو طبعاً كان سيأخذ زوجته المصرية معه إلى اليمن، وهي كانت مستعدة على هذا، وتوفى قبل أن أنهي دراستي.
أحمد منصور: كم كان عمرك حينما توفى؟
د. عبد الرحمن البيضاني: حوالي 14 سنة.. عاماً.
أحمد منصور: يعني 1940.
د. عبد الرحمن البيضاني: 1940 بالضبط.
أحمد منصور: في أي سنة دراسية كنت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كنت في السنة الثالثة في مدرسة التجارة المتوسطة.
أحمد منصور: هل كان لك أشقاء أو إخوةً؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ثلاثة بنات أكبر مني سناً، وشقيق سبقني في الميلاد وسبقني في الوفاة وهو طفل.
أحمد منصور: نعم، في هذه الفترة الأولى من حياتك 1926 إلى 1940م حيث توفي والدك كانت هناك جالية يمنية موجودة في مصر لا سيما من التجار ومن غيرهم. صلة أبيك بهؤلاء وأيضاً صلتك أنت بهم.
(1/433)
د. عبد الرحمن البيضاني: هم جاؤوا جميعاً في مجموعة واحدة، في وقت واحد للدراسة في الأزهر، وكان تحويل النقود من اليمن إلى مصر مستحيل في تلك الأيام، لا توجد بنوك، ولا توجد صناديق توفير، ولا.. شيء من ذلك، ولذلك كان أهل الأبناء اليمنيين يرسلون إليهم كل عام بن يمني لبيعه في مصر لتكملة نفقات الأزهر، أما الأزهر فكان مكتفلاً بإقامة جميع الطلبة سواءً يمنيين أو غير يمنيين، كان متكفلاً بإقامتهم وإعاشتهم..
أحمد منصور: في الأروقة التي لا زالت موجودة إلى الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: في الأروقة التي لا تزال موجودة حتى هذه اللحظة. بعضهم استثمر هذا.. تجارة البن وتفرغ للتجارة، وبعضهم تفرغ للعلم، وكان أبي من الذين تفرغوا للعلم، وكان أول من تخرج من الأزهر من اليمنيين في تلك الأيام.
أحمد منصور: يعني كان عمرك 14 عاماً، توفي والدك وأنت غريب يعني لست في بلدك.. فمن الذي تكفل بك بعد ذلك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: تكفلت بي أمي وأخوالي في مصر، وكان قد زرع والدي الطموح في نفسي، طموح العلم، لأنه كان يأخذني دائماً معه في الجلسات الرمضانية في بيت السيد حسن البار (كبير المجموعة اليمنية في القاهرة، الجالية اليمنية في القاهرة) وكان دائم التحدث عن اليمن وتاريخ اليمن، وكان يحدثهم في البخاري وصحيح البخاري وابن مسلم وما إلى ذلك في أيام رمضان. تبدأ الأحاديث من وقت الإفطار حتى السحور، وكان حريصاً على أن يسألني عما سمعت وحذارِ أن أكون قد نسيت كلمة قالها في تلك الساعات الطوال، طوال الجلسة التي كانت تبدأ من المغرب حتى الفجر.
أحمد منصور: هل كان هناك أقران لك يمنيون أيضاً يعيشون مع أهلهم هنا؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: تذكر منهم أحداً؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أذكر منهم حسين.. حسين البار وآخرين.
(1/434)
أحمد منصور: في العام 1946م حصلت على دبلوم التجارة وعلى شهادة الثانوية العامة أو التوجيهية في ذلك الوقت في آن واحد.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: يعني كنت تدرس دراسة مزدوجة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هو الوالد كان حريص على أن أستعجل في الدراسة ويعود معي إلى اليمن، ولذلك اختصر الطريق.
أحمد منصور: تعود معه أنت، نعم.
د. عبد الرحمن البيضاني: معه، ولذلك اختصر الطريق.
أحمد منصور: يعني كان يخطط للعودة.
د. عبد الرحم البيضاني: للعودة، ولذلك أختصر الطريق، وأدخلني مدرسة التجارة المتوسطة. وعندما توفى وأنا في الثالثة في مدرسة التجارة المتوسطة تبينت أن الدراسة في التجارة المتوسطة لا يمن أن تصلح لمن يتأهل.. يشترك في إصلاح شعب، وقيل لي في ذلك الوقت أن الحل الوحيد هو الالتحاق بكلية الحقوق، كلية الحقوق تحتاج إلى التوجيهية في تلك الأيام، والتوجيهية تحتاج إلى الثقافة.
أحمد منصور: ما هذا المفهوم الذي ذكرته؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: ما هو تفسيرك لهذا المفهوم الذي ذكرته أن شهادة دبلوم التجارة لا تصلح لمن يريد إصلاح شعب؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأن دبلوم التجارة منحصر في.. في المحاسبة وإدارة الأعمال.
أحمد منصور: يعني هل كان واضح لديك في تلك الفترة ما الذي كنت تريده؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كنت أتمنى طبعاً إصلاح اليمن لأني سمعت من الوالد ومن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكنك لو تولد فيها، ولم تر شيئاً منها إلى هذه اللحظة.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولكن سمعت عنها.
أحمد منصور: سمعت عنها كما يسمع أي أحد عنها.
د. عبد الرحمن البيضاني: نحن الآن مسلمون وسمعنا عن الإسلام وأصبحنا مسلمين، ليس بالضرورة أن نكون في عهد الرسول حتى نكون مسلمين.
أحمد منصور: في تلك الفترة كنت تؤهل نفسك دراسياً وعلمياً حتى نعود إلى اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: حتى أعود إلى اليمن، نعم.
(1/435)
أحمد منصور: ما الذي سمعته عن اليمن في تلك المرحلة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: سمعت عن اليمن في تلك الأيام أن اليمن كانت ذات حضارة عريقة ذكرها القرآن، سمعت عن اليمن أن جيوش معاوية عندما فتح الشام كانت معظمها من اليمن.
أحمد منصور: هذا في التاريخ، لكن أنا أسألك عن العام 46 تعديداً.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، لما سمعت عن أمجاد اليمن كان يقال في تلك الأيام في الجلسات الرمضانية عن أحوال اليمن في تلك الأيام وهي.
أحمد منصور: كيف كان.. ما الذي سمعته؟
د. عبد الرحمن البيضاني: سمعت أن اليمن تعيش في حالة من الفقر، في حالة من التخلف، في حالة من الجهل، في حالة من الانعزال، تعيش في كهف مظلم يكاد لا يراه.. يراه أحد.
أحمد منصور: وما الذي يدفعك وأنت تعيش في القاهرة إلى أن تفكر في العودة وقد عاش أبوك هنا، أخوالك مصريون، أنت ولدت ونشأت وترعرعت هنا؟
د. عبد الرحمن البيضاني: فعلاً هذا سؤال مهم، ولكن أجدادي في اليمن وأصلي من اليمن.
أحمد منصور: لا يعرفونك.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولكنني منسوب.. منسوب إليهم، ومهما عشت في أي بلد غريبة سيقال أنني من الغرباء، علماً بأن شهادة الوالد في الأزهر العالمية في الأزهر الدكتوراة التي حصل عليها في الأزهر مكتوب عليها "شهادة العالمية للغرباء"،حتى الوالد كان يعتبر نفسه غريب، وكل من كان في مصر من غير المصريين كان يعتبر نفسه غريب.
أحمد مصور: لا، مصر كانت تحتضن الجميع.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، مصر كانت تحتضن الجميع ولكن.
أحمد منصور: ولازالت ألقاب الناس إلى الآن في مصر تحمل أصولهم التي جاءوا منها.
(1/436)
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم حصل فعلاً، ولكن أن بأتكلم عن حقبة انتهت في سنة 40، في سنة 40 كانت شهادة الوالد التي حصل عليها سنة 17 مكتوب عليها –هي موجودة عندي في الصالون- موجود عليها "شهادة العالمية الغرباء"، وكان الوالد يشعرني دائماً بأننا نحن غرباء، ويجب أن نعود إلى اليمن و..
أحمد منصور: هل كان لك أي صلات باليمن حتى ذلك الوقت؟
د. عبد الرحم البيضاني: صلاتي بالإخوة اليمنيين الموجودين في القاهرة.
أحمد منصور: لكن صلتك أيه بعائلتك وقبيلتك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كانت.. كان يتردد على القاهرة عدد كبير من اليمنيين وكنت أجلس معهم وأنا صغير.. بلا جدال.
أحمد منصور: لكن القبيلة نفسها لم يكن لها صلة بك إلى ذلك الوقت.
د. عبد الرحمن البيضاني: كانت القبيلة متصلة بالوالد، لأن أنا طفل.
أحمد منصور: بعد ما حصلت على الدبلوم والثانوية العامة أو التوجيهية في عام 1946.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، ولما حصلت على.. لما كنت في التجارة المتوسطة سنة.. في أو في السنة الثالثة قيل لي أن في استطاعتي أن أدرس نظام الأربع سنوات في الثقافة، نظام الأربع سنوات، وكان و.. في تلك الأيام الوقت في مارس سنة 44، والامتحان كان في مايو أو يونية 44، يعني باقي 4 شهور أو 5 شهور على امتحان الثقافة نظام الأربع سنوات في وقت واحد، دخلت وجازفت، والحمد لله حصلت على.. على الثقافة نظام الأربع سنين في 4 شهور، وفي السنة التالية حصلت على دبلوم التجارة المتوسطة بالإضافة إلى التوجيهية، وأخدت مجموع في تلك الأيام كان مجموع عالي وهو 70.5% أدخلني كلية الحقوق مجاناً.
أحمد منصور: هل أنت.. أنت الذي اخترت كلية الحقوق؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، لأن كان في تلك الأيام المعروف أن كلية الحقوق هي التي تخرج السياسيين.
أحمد منصور: في تلك الأيام.
د. عبد الرحمن البيضاني: في تلك الأيام.
(1/437)
أحمد منصور: نعم، وجدت حينما التحقت بالكلية أنها تشبع طموحاتك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: وجدت أنها تشبع طموحاتي، ولكني وجدت أنها ينقصها دراسة الفلسفة والمنطق وعلم النفس،ولذلك التحقت بالجامعة الأميركية مساءً.
أحمد منصور: بعد ذلك.. في نفس.
د. عبد الرحمن البيضاني: في نفس الوقت.
أحمد منصور: الوقت الذي درست فيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: في نفس الوقت اللي كنت أدرس.. كنت أدرس صباحاً في كلية الحقوق، ما أنا تعودت وأنا في دبلوم التجارة المتوسطة أن أدرس منهجين في وقت واحد. ثانوية عامة وتجارة، فو أنا طالب في كلية الحقوق وجدت إن الوقت يعني يتسع لأن أدرس في المساء فلسفة ومنطق وعلم نفس في الجامعة الأميركية.
أحمد منصور: كيف كانت صلتك باليمن وأنت الآن أصبحت في الجامعة، الجامعة كانت تموج بالتيارات والحركات السياسة؟ لأبقى بداية في إطار علاقتك باليمن في ذلك الوقت.
د. عبد الرحمن البيضاني: كان وصل في تلك الأيام 40 طالب يمني كانوا يدرسون في الثانوية في بيروت، وصلوا إلى القاهرة.
أحمد منصور: تذكر منهم من؟
د. عبد الرحمن البيضاني: محمد.. كلهم أصدقائي، محمد.. ومعظمهم اشترك معانا في الثورة.
أحمد منصور: مثل من؟
د. عبد الرحمن البيضاني: محمد قائد سيف، عبد اللطيف ضيف الله، عبد الله جزيلان، محمد الأهنومي، علي سيف الخولاني، وعدد كبير منهم.
أحمد منصور: في 22.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولا يزال.. معظمهم لا يزال على قيد الحياة.
أحمد منصور: هل هؤلاء جاؤوا من أرض اليمن ولدوا في اليمن، ترعرعوا في اليمن جاءوا بقضايا وهموم بلدهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: في الوقت الذي لم تولد أنت فيه في اليمن ولم تذهب إليها حتى هذه اللحظة، مجرد أنهم يمنيون مثل أصولك أنت اليمنية، لكن كيف كانت علاقتك بهم؟
(1/438)
د. عبد الرحمن البيضاني: هم لما وصلوا من بيروت إلى القاهرة أصدقاء الوالد في القاهرة طلبوا من ولي عهد اليمن في تلك الأيام الأمير أحمد، سيف الإسلام أحمد الذي تولى الإمامة بعد وفاة أبيه، طلبوا منه إلحاقي في..ضمن البعثة، كنت في تلك الأيام في السنة الأولى.
أحمد منصور: حتى يتكفل بك مادياً.
د. عبد الرحمن البيضاني: حتى يتكفل بي مادياً.
أحمد منصور: لكن أخوالك كانوا يتكلفوا بك إلى هذه اللحظة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: إلى حدٍ ما لأني كنت أعمل، كان عندي.. بدأت أفتح مكتب للمحاسبة.
أحمد منصور: وأنت في ذلك السن.
د. عبد الرحمن البيضاني: وأتعيش على حساب.. على حسابي الشخصي، فتحت مكتب للمحاسبة لأني كنت دبلوم تجارة متوسطة، فتحت مكتب.. افتتحت مكتب للمحاسبة وكنت أتعايش على حسابي الشخصي، ولكن..
أحمد منصور: وتدرس في نفس الوقت.
د. عبد الرحمن البيضاني: وأدرس في نفس الوقت.
أحمد منصور: في كلية الحقوق صباحاً وفي الجامعة الأميركية مساءً.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، نعم، وبعدها تكفل بي الإمام، ولما تكفل بي الإمام أغلقت المكتب.. مكتب المحاسبة.
أحمد منصور: كان الموارد كافياً؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كان المورد كافياً.
[فاصل إعلاني]
انقلاب عبد الله الوزير سنة 48 وفشله
أحمد منصور: في 22 سبتمبر 1948م وقع انقلاب عبد الله الوزير في اليمن الذي لم يقدر له أن يكتمل، كيف كان وقع هذا عليكم هنا في القاهرة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: آثار في جميع الطلبة الأمل.. أحيا الأمل.
أحمد منصور: أي أمل؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أمل في إصلاح اليمن، يعني مجرد التغيير في اليمن حتى لو فشل، أي تغيير حتى لو فشل يعتبر في اتجاه للتغيير، في اتجاه نحو الأفضل.
أحمد منصور: لكن في تصورك إيه الأسباب اللي أدت إلى فشله؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لم تكن له مقومات النجاح أصلاً، أصلاً لم تكن له مقومات النجاح.
(1/439)
أحمد منصور: لكن هو كان شكل من أشكال الرفض؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أشكال الرفض، ولكن على.. على نفس وتيرة الرفض الذي استمر ألف.. مائة عام.. مائة عام، كل إمام يأتي مشرح يرشح نفسه للإمامة يدعي أنه مصلح، وبعد أن يتولى.. يجمع حوله عدد من المصلحين أو المتطلعين للإصلاح ثم بعد ذلك بعد ما يصل إلى.. الإمامة ينقلب على عقبيه.
أحمد منصور: إيه مفهوم الإصلاح في ذلك الوقت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: مجرد الكف عن الظلم حتى وضع اليمن في وضع يعني..
أحمد منصور: كانت الإمامة مرتبطة بالظلم والجور؟
د. عبد الرحمن البيضاني: مرتبطة بالظلم والجور والتفرقة العنصرية والتفرقة الطائفية.
أحمد منصور: التي أنت متهم بها بعد ذلك حينما آتي إلى هنا.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولذلك إذا حبيت تتكلم فيها الآن أتكلم.
أحمد منصور: لن أتكلم إلا في وقتها.
د. عبد الرحمن البيضاني: نؤجلها، ماشي، نؤجلها كما شئت.
أحمد منصور: فشل الانقلاب وأعدم.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا جاهز.
أحمد منصور فشل الانقلاب وأعدم القائمون عليه.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: تأثير ذلك إيه على طلاب الإصلاح أو دعاته؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أولاً، عن نفسي أنا كنت متأكد أنه.. سيفشل مثل ما فشل عدد كبير من محاولات الانقلاب خلال ألف ومائة عام طوال الحكم الإمامي في اليمن، فكان محكوم عليه بالفشل مؤكد.
أحمد منصور: 1950.
د. عبد الرحمن البيضاني: وشرح أسبابه قد تحتاج وقت، إذا أردت، إذا كان لديك وقت مستعد أشرح أسبابه.
أحمد منصور: هو لأنك لم تكن شاهداً عليه ولم تكن جزءاً فيه.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا أنا أعرف ومتطلع على كل كبيرة وصغيرة.
أحمد منصور: تطلعت بالسماع وليس بالمشاركة.
د. عبد الرحمن البيضاني: بالسماع وبالاتصالات.. الرسائل مع زملائي اليمنيين وبمراقبة التاريخ.
أحمد منصور: طيب، أوجز لي أسباب فشله باختصار.
(1/440)
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت لما تبحث عن أسباب ثورة.. فشل ثورة فرنسا.. الثورة الفرنسية وأسباب قيامها لا.. لا.. ليس بالضرورة أن تكون عشت في أيام الثورة.
أحمد منصور: لكن هنا في هذا البرنامج نحن نقتصر مع الشهود على ما عاشوه وعلى ما يرتبط بهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا يعني بأجزم بأنني كنت مطلع على كبيرة وصغيرة في فشل انقلاب 48، لأني كنت أسمع هذا من اليمنيين العائدين من اليمن، بالإضافة إلى إن قبل ما أن يقوم الانقلاب كان.. كانت هنالك دراسات بين الطبلة اليمنيين ومناقشات بين الطلبة اليمنيين.. كيف يمكن أن يتم الإصلاح؟
أحمد منصور: لمعلومة المشاهدين أرجو أن تحدث بإيجاز تام عن الأسباب التي أدت إلى فشل انقلاب 1948 الذي قادة عبد الله الوزير ضد الإمام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أولاً، قاد الانقلاب على أساس إمام، يحل محل إمام على أساس النظام.. نفس النظام، يعني هم أخطأوا في فهم نظرية سقراط لما قال: إن الظلم يولد.. يولد الثورة، لم يتبينوا أن الظلم وحده لا يكفي، معرفة أسباب الظلم هي التي تؤدي فعلاً إلى الثورة وليس مجرد الظلم، الشعب اليمني كان مظلوم ألف سنة، لكنه كان لا يعرف سبب ظلمه، وهو النظام الإمامي وليست شخص الإمام، ولذلك عندما قام بانقلاب عبد الله الوزير لم.. أنا لا أسميه ثورة لأن قام على أسس نفس النظام الذي كان قائماً، هذه واحدة.
(1/441)
ثانياً: لم يكن هنالك وعي حتى.. يبشروا فعلاً بالإصلاح في اليمن لما قالوا: سنعلن الدستور. الإمام أحمد أو ولي عهد اللي كان يحاول أن يسترد ملك أبيه أشاع إن "الدستور" رجل قتل الإمام يحيى.. قتل والده، فهجمت القبائل على صنعاء تبحث عن "الدستور" وتريد قتله!!! فالوعي لم يكن متوفر لمجرد كلمة "دستور"، لم يختاروا الألفاظ ولم يختاروا المعاني التي ممكن أن تؤدي إلى التفاف الشعب حول هذا الانقلاب. لو قالوا "إلغاء الامتيازات الهاشمية"، لو قالوا "إلغاء الامتيازات الطائفية"، لو قالوا "إعلان المساواة العامة بين جميع أبناء اليمن"، لو قالوا أن لا يمكن.. لن يكون في اليمن مواطن درجة أولى ومواطن درجة ثانية".
أحمد منصور: اليمن ليست فيها درجات.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، لأ فيها، كان فيها قبل ثورة 26 سبتمبر هي قامت من أجل هذا السبب بالذات، يعني هذا هو سبب قيام ثورة 26 سبتمبر.
أحمد منصور: سنأتي لها بالتفصيل.
د. عبد الرحمن البيضاني: هنأتي لها بالتفصيل، لو قالوا هذا كان ممكن جداً إن الشعب يلتف حولها، لكن لم يكن.
أحمد منصور: لكن الشعب كيف.. كيف يلتف الشعب وأنت نقول لم يكن هناك الوعي الكافي ولم تكن هناك المقومات التي يمكن أن تؤدي إلى نجاح الانقلاب؟ كما أنه كان لربما –يعني- بيوصف انقلاب حسني الزعيم في سوريا 1949، بأنه أول انقلاب قام في الدول العربية، كأن اليمن هنا سبقت في محاولات الانقلاب.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، اليمن سبقت مش بانقلاب عبد الله الوزيران فيه عشرات سبقت انقلاب عبد الله الوزير، وكلها فشلت. ولما أقول الوعي كان غير كافي لا أقول أن الوعي العام، أنا أقول الوعي للتغيير الذي حدث في.. حدث في.. في سبتمبر 48 والذي يشعر بيه كل يمني في تلك الأيام هو التفرقة العنصرية والتفرقة الطائفية، هذا الوعي الذي.
أحمد منصور [مقاطعاً]: ماذا تقصد –هنا تحديداً- بالتفرقة العنصرية؟
(1/442)
د. عبد الرحمن البيضاني: إذا حبيت تتكلم فيها الآن أو نؤجلها كما شئت.
أحمد منصور: أنا أريد بس المفهوم الذي تقصده؟
د. عبد الرحمن البيضاني: المذهب الزيدي وهو مذهب سمح جداً وأقرب المذاهب الشيعية إلى الإسلام.. إلى إلى..
أحمد منصور: أهل السنة.
د. عبد الرحمن البيضاني: المذاهب.. المذاهب السنة، يقول: أن الأفضل أن يكون الإمام من سلالة فاطمة.. من السلالة الهاشمية، ولكن إذا وجد الأصلح من أبناء الشعب فالأصلح يجب الأفضل، هذه نظريته. ولكن للأسف الشديد الإمام الهادي بن الحسين كان في.. مقيم في جدة في.. في المدينة، وحصلت في اليمن اضطرابات نتيجة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مش عايز أدخل في تاريخ، لكن هنا إحنا الآن فيه شوافع في اليمن وفيه زيدية في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: الزيدية كانوا يتبعوا نظام الإمامة.
د. عبد الرحمن البيضاني: والشوافع مرغمين على اتباع نظام الإمامة.
أحمد منصور: إذاً التطبيق السيئ كان من الأئمة وليس من المذاهب.
د. عبد الرحمن البيضاني: بالضبط، هذا ما أريد أن أقوله، المذهب.. المذهب سمح جداً.
أحمد منصور: التطبيق السيئ، التطبيق السيئ إذاً من الأئمة يعني إذاً ظلم وجور من أي إمام أو حاكم.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، وليس من المذهب.
أحمد منصور: كما هو ظلم موجود من كل الحكام الذين يمكن أن.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، وحرفوا الإسلام، يعني الإسلام يقول: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) الآية 40 من سورة الأحزاب.
أحمد منصور: الآن انتهى النظام، بس.. يعني أنا هنا بس حبيت أفهم منك مفهوم عدم المساواة الذي تقصده: في أن الزيدية هم الذين كانوا يحكمون وبالتالي أنت تعتبرهم قد حرموا أهل السنة أو الشوافع من بعض امتيازاتهم في المواطنة.
د. عبد الرحمن البيضاني: وليس كل الزيدية، وليس كل الزيدية.
(1/443)
أحمد منصور: نقطة حساسة وبتضرب على وتر حساس في اليمن، وإذا تكلمنا فيها أو حينما نفتحها في حينها نفتحها بالشكل.
د. عبد الرحمن البيضاني: بالتفصيل.
أحمد منصور: الذي يفهمها الناس فيه بشكل دقيق.
د. عبد الرحمن البيضاني: تماماً.
أحمد منصور: تخرجت من الجامعة في عام 1950م، في نفس الوقت الذي حصلت فيه على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة حصلت على.. ليسانس الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع من الجامعة الأميركية. كنت أول يمني يتخرج من الجامعة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: استدعيت من الإمام أحمد إلى اليمن ووصلت إليها في 25 أكتوبر 1950م؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، حصل.
أحمد منصور: وكانت المرة الأولى في حياتك التي ترى فيها أرض اليمن وعمرك 24 عاماً؟
د. عبد الرحمن البيضاني: تماماً.
أحمد منصور: قضية الانتماء هنا كيف تتحقق؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أول ما وصلت إلى.. "تعز" حيث يوجد الإمام قبَّلت أرض اليمن.. أرض المطار.
أحمد منصور: الإمام هنا انتقل إلى تعز بعد محاولة الانقلاب عليه في صنعا سنة 48.
د. عبد الرحمن البيضاني: هو أصلاً كان في تعز أصلاً أيام الانقلاب كان في تعز، لو كان في صنعا كان ممكن أن يقتل، لكن أصلاً كان في تعز وقت قيام الانقلاب في 48 في صنعاء، وبقي في تعز واستقر في تعز، ورفض أن أو.. هي زار مرة واحدة صنعاء طوال حياته بعد الانقلاب، فأنا وصلت إلى تعز فعلاً قبلت أرض المطار، والتقيت بالإمام أحمد، ثم التقيت بابنه سمو الأمير البدر رحمهم الله جميعاً.
أحمد منصور: قبل أن أسألك عن تفاصيل اللقاءات، حينما درست في الجامعة من 46 على 1950 كانت الحركة السياسية في مصر تموج بكثير من الأفكار والاتجاهات ألم تنتمي إلى أي اتجاه سياسي؟
(1/444)
د. عبد الرحمن البيضاني: في الحقيقة كنا طلبة كلنا في الجامعة، وكان حزب الوفد هو حزب.. الحزب المسيطر على معظم الطلبة اليمنيين، وأذكر أني خرجت في مظاهرة جامعة نهتف بوحدة مصر والسودان، وكنت أنا في تلك الأيام محمول على الأعناق فوق كوبري عباس وأخطب وأقول: النيل لا يتجزأ، ثم أصب بعيار ناري واعتقلت في.. إحدى حجرات مستشفى القصر العيني.
أحمد منصور: سنة كام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أعتقد سنة 47. ثم تولى الدفاع عن الطلبة المعتقلين، أنا كنت معتقل في.. المستشفى للإصابة، الباقي كانوا معتقلين في السجون، كان محامي عن الطلبة جميعاً محمود سمير الغنام الوزير الوفدي المعروف، ثم أفرج عن الجميع وأطلق سراح الجميع و..
أحمد منصور: يعني تريد أن تقول أن ميولك كانت وفدية أم أنه مصادفة اشتركت في مظاهرة وأصبت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا كنت –يعني- أقدس الكلمة التي قالها مصطفى النحاس، عندما قال.. ألغي معاهدة 36 وقال: تقطع يدي ولا تقطع السودان.
أحمد منصور: سنة 51 الكلام ده.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا.. هذا.. هذا قاله.
أحمد منصور: طيب إحنا الآن في سنة 47.
د. عبد الرحمن البيضاني: فأنا.. نعم، يعني والنحاس يعني النحاس قال هذا الكلام وكانت في طوال مدة حكمه كان معروف إن السرايا ضد الوفد والوفد ضد السرايا، حزب السعديين وحزب الكتلة وما إلى ذلك كانوا يعني في تلك الأيام يعني يستخدمون.
أحمد منصور: ده الجو السياسي العام، لكن أنا أسألك عن انتمائك أنت السياسي.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا لم أنتمي، لم أنتمي.. كانتماء حزبي لأي حزب، ولكن كنت أتعاطف مع الميول الوطنية التي كان يمثلها حزب الوفد في تلك الأيام.
أحمد منصور: حينما جاء الطلبة اليمنيون إلى مصر أيضاً انخرط بعضهم في بعض الاتجاهات السياسية الموجودة.
(1/445)
د. عبد الرحمن البيضاني: بعضهم اختلط.. ارتبط بحزب البعث لأن هو أقدم من الحزب.. هو أقدم من قيام ثورة 26.. ثورة 23 يولية، بعضهم التقى ارتبط بحزب البعث، وعندما عينت أنا في القاهرة سكرتير أول للسفارة اليمنية، ثم مستشاراً للسفارة اليمنية بالقاهرة، ومندوباً.. ونائباً للمندوب اليمني لدى الجامعة الدول العربية، أضاف الإمام إليَّ مسؤولية الإشراف عن جميع الطلبة اليمنيين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مرحلة لاحقة، أنا بأسألك برضو عن –حتى لا أقفز على المراحل- أنا في الفترة من 46 إلى 50 حيث كنت تدرس أنت في الجامعة.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا بأتكلم عن انتماءات بعض الطلبة الذين.. بعضهم أندمج مع حزب البعث.
أحمد منصور: يعني واضح من تلك المرحلة إلى إنك لم تدخل في انتماءات عميقة مع أي اتجاه.
د. عبد الرحمن البيضاني: إطلاقاً، لا إطلاقاً.
أحمد منصور: فقط كنت تشارك في بعض المظاهرات الوطنية العامة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، كأي طالب موجود في القاهرة، وكان فيه طلبة عرب أيضاً يشتركون في هذه المظاهرات.
عودته إلى اليمن وطموحه في الإصلاح
أحمد منصور: كيف تمت؟ كيف تمت عملية استدعائك إلى اليمن من قبل الإمام أحمد؟ من الذي أبلغك بالاستدعاء؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بعد ما حصلت على ليسانس الحقوق وأخذت ليسانس الحقوق بدرجة شرف الحمد لله، كان الوزير المفوض اليمني السيد علي المؤيد رحمه الله، وهذا أعتبره أستاذي زعيمي و.. بمثابة أبي، الوزير المفوض، وكنت عندما كنت.. عندما كنت في كلية الحقوق كنت أمضي بعض.. بعضاً من الوقت في السفارة اليمنية أترجم له ما يشاء من ترجمة، وأقدم له بعضا لتقارير التي يريد من إعدادها، فنشأت بيننا صداقة وأنا طالب.
أحمد منصور: إيه نوعية التقارير اللي كان بيطلب منك إعدادها؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: ما هي نوعية التقارير؟
(1/446)
د. عبد الرحمن البيضاني: لأنه كان هو مندوب اليمن في الجامعة العربي، وكانت فيه لجان.. اللجان القانونية والشؤون الاجتماعية، اللجان الاقتصادية، فكل هذا كان يحتاج إلى.. إعداد فكنت أساعده في هذا الإعداد، فبمجرد ما حصلت على ليسانس الحقوق بدرجة شرف.. أقام حفل كبير جداً في السفارة اليمنية احتفالاً بتخريج أول طالب يمني في تاريخ اليمن من الجامعة، وحضره أعضاء الجالية اليمنية في القاهرة والطلبة اليمنيين في القاهرة، ثم استدعاني..
أحمد منصور: عددهم كان كام تقريباً في تلك الفترة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: كم كان عددهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني لا يتجاوز خمسين واحد، ثم طلبني الإمام بناءً على.. معرفة.. معرفته بأني حصل على ليسانس الحقوق وانتهى المفروض في نظره انتهى تعليمي، دوري التعليمي، فوصلت إلى اليمن بناءً على طلبه.
أحمد منصور: يعني الذي أبلغ الإمام هو الوزير المفوض؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الوزير المفوض أبلغه بحصولي على الشهادة و..
أحمد منصور: كان الإمام يعرف أنك لم ترً أرض اليمن من قبل؟
د. عبد الرحمن البيضاني: يعلم هذا طبعاً.
أحمد منصور: أنت حينما طُلبتَ للعودة إلى اليمن، ماذا كان في ذهنك ورأسك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كان في ذهني أن الحلم بدأ يتحقق.
أحمد منصور: أي حلم وأنت ستكون أحد يعني واحد من حاشية الإمام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، حتى لو كنت خادم من خدم الإمام فيكون عندي حلم في تطوير اليمن، هل كان.. هل كان عبد الناصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف تتطور من خلال نظام أصلاً أنت تعتبره نظام استبدادي؟
د. عبد الرحم البيضاني: هل كان عبد الناصر وزيراً حتى قام بثورة 23 يوليو؟
أحمد منصور: ليس لي علاقة بعبد الناصر، أنا في إطار اليمن الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني..، من يريد أن يحلم له الحق أن يحلم.
أحمد منصور: كانت أحلامك إيه؟
(1/447)
د. عبد الرحمن البيضاني: أحلامي أن تتطور اليمن.
أحمد منصور: إيه مفهوم التطور في ذلك الوقت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أن.. أن تكون مثل سائر الدول العربية المتحضرة على الأقل.
أحمد منصور: حينما لقيت الإمام كانت المرة الأولى التي تراه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: انطباعك إيه كان عنه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: انطباعي عنه إنه في الأول.. فوجئ بشخص يمني.. جاءه من القاهرة، وأنا أخطأت في تلك الأيام إن كانت معي حقيبة صغيرة حقيبة ورق صغيرة، وكنت واضع فيها تقرير عن إصلاح اليمن.
أحمد منصور: دون أن ترى اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: دون أن أرى.
أحمد منصور: بالسماع.
د. عبد الرحمن البيضاني: قواعد الإصلاح معروفة، قواعد الإصلاح..
أحمد منصور: لكن قواعد الإصلاح لابد أن تنبع.
د. عبد الرحمن البيضاني: أن تطبق.
أحمد منصور: أن تنبع أن تنبع من واقع المجتمع.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا في الطريق إليك، في الطريق إليك.
أحمد منصور: نعم.
(1/448)
د. عبد الرحمن البيضاني: قواعد الإصلاح معروفة منها النظريات الاقتصادية المعروفة، وعندما الإنسان يدرسها.. يدرسها ثم يأتي الأرض الواقع ليحاول التوفيق بينها وكيف يمكن تطبيق هذه النظريات على أرض الواقع؟ وكيف يمكن أن يعدل في هذه النظريات احتراماً للواقع وواقع الطبيعة؟ لأن الطبيعة يجب أن ينبع منها.. وينبثق منها وسائل إصلاح، ولكن وسائل الإصلاح لا تنبت شيطانياً، تنبت من منح ومن فكر ارتبط بالنظريات الاقتصادية يعلم، يعني لا يمكن إنك أنت تأتي بـ.. بشخص جاهل وتقول له: عالج مريض، لابد أن يكون متخرج من كلية طب حتى يكون متعلم طب وبعدها يأتي إلى المريض ليعالجه، فأنا كنت دارس نظريات معينة ومتهيئ وعندي معلومات، يعني لا أقول كافية ولكن معلومات تكفي –على الأقل- لأن أضع فكرة مبدئية لإصلاح اليمن. وضعت هذه الفكرة في حقيبة ورقي ودخلت على الإمام، وتصافحنا وقبلت ركبته كما هي عادة كل اليمنيين.
أحمد منصور: ركبته!!
د. عبد الرحمن البيضاني: ركبته، كما هي عادة، وإلا كنت أفصل، هذه عادة اليمنيين في تلك الأيام، لابد من تقبيل ركبة الإمام وركبة أي واحد من الهاشميين، هذا كان.. هذا كان من ضمن.. يعني الأشياء.
أحمد منصور: البروتكول يعني.
د. عبد الرحمن البيضاني: بروتكول، المفروض الذي يقال أنه المفروض دينياً، والحقيقة أنه مفروض ظلماً وعدواناً المهم.
أحمد منصور: انتهى خلاص.
د. عبد الرحمن البيضاني: المهم، بعدها.. فوجئت بالإمام بينصرف من الغرفة.
أحمد منصور: بعد ما سلم عليك.
د. عبد الرحمن البيضاني: بعد ما سلم، جلسنا عشر دقائق بالضبط.
أحمد منصور: إيه اللي دار في العشر دقائق؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما.. كيف أحوال مصر؟ كيف درست؟ كيف كان الوالد؟ كيف كذا؟ إلى آخره، أشياء من العاديات كلها كلام عادي جداً، لكن لم أتكلم في أي إصلاح في تلك الوقت في هذا..
أحمد منصور: يعني على طول نازل بالبراشوت على الإصلاح؟!
(1/449)
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: يعني حضرتك جاي له بعد 24 سنة لم تر فيها البلد أول كلام على الإصلاح؟!!!
د. عبد الرحمن البيضاني: وما هو المانع؟ طالما إن أنا أول خريج جامعي في تاريخ اليمن وجئت إلى اليمن، وهو يعلم إن أن طالب في كلية الحقوق ومتخرج من كلية الحقوق، ماذا سأقول للإمام؟ سأقول له عيني إمام مسجد؟!!
أحمد منصور: تعرف على وضع البلد أولاً، وبعد ذلك قدم ما شئت.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لابد أن أفتكر أفكر في إن أنا أبدأ، يعني يجب أن.. نكون نقطة بداية إن أفتح موضع الإصلاح معه، فإذا وجدت إنه مستعد ومتجاوب الإصلاح عندئذ أبدأ في البحث عن الوسائل الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى هذا الإصلاح.
أحمد منصور: تركك وذهب إلى الغرفة الأخرى.
د. عبد الرحمن البيضاني: تركني وذهب وخرج، ثم علمت أنني أخطأت حين حملت معي حقيبة.. حقيبة فيها ورق، فظن أنها فيها قنبلة، وهذا كان خطأ، كان يجب أن أضع الحقيبة على الباب.
أحمد منصور: هو طبعاً الهاجس الأمني بالنسبة له كان خطير.
د. عبد الرحم البيضاني: نعم.
أحمد منصور: كل واحد ممكن داخل عليه حتى يقتله.
د. عبد الرحمن البيضاني: أبلغوني الأصدقاء اليمنيين في صنعا.. في تعز أنك أخطأت حين أخذت هذه الحقيبة معك، عندما تدخل للإمام ادخل منفرداً لا تحمل شيئاً، فكان هذا أول خطأ.
أحمد منصور: طب ما هو قعد عشر دقائق، كانت كافية لتفجير القنبلة.
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني هو انصرف أنا بأحكي واقع.
أحمد منصور: ماذا حدث بعد؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بعدها دعاني الإمام بعد 3 أيام، راح وصلت إلى اليمن وكنت فعلاً بدون أي أوراق، بدون أي.
أحمد منصور: إلى تعز تقصد.
د. عبد الرحمن البيضاني: وتحدثت معه عن بعض أفكار إصلاحية، لأن الأحرار في الخارج..
أحمد منصور: هل كان هو الإمام له أي رغبة في الإصلاح؟
(1/450)
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا، ما أنا في الطريق إلى هذا الكلام، يعني كانت في تلك الأيام الإمام متأثر إن إحنا لاحظ إن أنا وصلت إلى صنعاء بعد عامين اتنين من انقلاب 48، يعني لا يزال الجو مشحون بكلمة "إصلاح إصلاح إصلاح إصلاح"، الأحرار اليمنيين.. اللي أفلتوا من سيف الإمام في في صنعاء وصلوا إلى عدن، وصلوا بعضهم وصل إلى باكستان وبعضه وصلوا إلى القاهرة..
أحمد منصور: وبدؤوا كتبوا ويصدروا بعض المنشورات؟
د. عبد الرحمن البيضاني: مثلاً، فكلمة إصلاح ليست غريبة على الإمام، والإمام يعني.
أحمد منصور: لم تكن لك صلة بأي من هؤلاء؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كان لي صلة جيدة بالجميع.
أحمد منصور: من الذي كنت على صلة به؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أحمد نعمان..
أحمد منصور: في القاهرة كان يصدر هو والزبيري.
د. عبد الرحمن البيضاني: الزبيري كان لا يزال في باكستان في تلك الأيام، فالمهم في الموضوع إن الإمام كان متشوق –في.. في نظري أنا- أن يسمع كلم إصلاح من شخص قريب إليه وكان بينفق عليه في التعليم ومستعد إنه يكون أحد أعوانه، فلما يأتي هذا الكلام من أحد أعوانه أفضل مما يأتي يسمعه من أعدائه.
أحمد منصور: لم تكن تخشى بطشه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كنت أخشى بشطه ولكن كنت حريص كل الحرص على أن أكون مترفقاً في كل كلمة أقولها.
أحمد منصور: تفتكر بإيجاز إيه اللي أنت قدمته كمشروع إصلاحي في ذلك الوقت؟
(1/451)
د. عبد الرحم البيضاني: قلت: إن الإصلاح في اليمن يحتاج إلى.. إلى.. إعادة النظر في عملية التجارة أولاً، لأن التجارة كان فيها احتكار، احتكار للحكومة، الحكومة كانت محتكرة كل التجارة، والاحتكار كان في يد.. في جيب الإمام، والإمام معاه اتنين تلاتة من التجار اللي بيصرفوا.. بيتولوا كل شيء بالنيابة عن الإمام، ففي نفس الوقت إن لا يمكن هتأتي للإمام وتقول له: نصلح الوضع السياسي، لأن يبدأ.. أي إصلاح اقتصادي لابد أن يبدأ بإصلاح سياسي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهل كان هناك استيعاب لمثل هذه الأفكار في ذلك الوقت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: مجرد الكلام مع الإمام، فيه كلام مع الإمام وفيه كلام مع البدر، الكلام اللي كان مع الإمام كان محصور في عملية التجارة، لأنه هو تاجر، يعني كان بيتاجر بشؤون اليمن، بيتاجر بكل –يعني مثلاً جبل الملح في "الصريف" منجم الملح في الصريف وهو من أكبر مناجم العالم في الملح الحجري، كان الإمام يحتكره، الإمام يحتكر معظم تجارة اليمن من خلال بعض التجار.
أحمد منصور: الأمير البدر كان له أي سلطان في ذلك الوقت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني بعد ما انتهى موضوع الإمام، أنا هأحكي بس هأكمل موضوع الإمام إني كانت كلامي أنا مع الإمام كلام مختصر فيما يتعلق بما يعني أرى أنه ممكن أن يدخل في ذهنه ويقتنع به ويفرح به.
أحمد منصور: ماذا كان رد فعله؟
د. عبد الرحم البيضاني: رد فعله إنه مستعد، مستعد لهذا الإصلاح، الإصلاح التجاري والإصلاح الزراعي والإصلاح إلى آخره، ولما التقيت بالبدر كان موضوع آخر.
أحمد منصور: ما هو الموضوع الآخر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: البدر أولاً يصغرني سناً.. أولاً يصغرني سناً.
(1/452)
ثانياً: كان متطلع إلى ولاية العهد بينما كان المرشح لولاية العهد عمه الأمير سيف الزاملي حسن، وكانت القبائل معظمها مع الحسن، وكان الأمير عبد الله أخو الأخ الأصغر.. أصغر من حسن كان يتردد دائماً على الولايات المتحدة الأميركية، وقيل في تلك الأيام أن الولايات المتحدة الأميركية تفضل أن يكون الأمير عبد الله هو الإمام، ولم يذكر أحد البدر، البدر كان صغير.. أصغر مني سناً يعني إذا كان عندي أنا وقتها 25 سنة أو 24 سنة كان هو 22 أو 21.
أحمد منصور: ماشي.
د. عبد الرحمن البيضاني: فالتقيت بالبدر وقلت له: يا سمو الأمير، اليمن في حاجة إلى الإصلاح، كنت بسيط.. تباسطت.. تباسطت معاه في الحديث، قلت: اليمن في حاجة إلى إصلاح و.. المفروض أن تكون أنت ولي العهد، صحيح المذهب الزيدي لا.. يعني يصرح بولاية العهد، ولك حصل عرف في اليمن إن يعني حصلت أمثلة كثيرة إن أبناء الأئمة كانوا أئمة مثل الإمام أحمد كان ولي عهد لأبوه، فقلت له: ما رأيك فيما لو نسعى إلا أن تكون أنت ولي عهد اليمن؟
أحمد منصور: أنت بأي صفة بتتكلم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بأتكلم كمواطن يمني له علاقة مع كل الطلبة اليمنيين في الخارج، وفي نفس الوقت إنه يعتبر إني أول متخرج يمني من الخارج من.. في الجامعة، ويريد أن يبحث عن أنصار البدر وكان من الممكن أن أكون أحد أنصاره.
أحمد منصور: يعني ورقة بدأت تلعب بها من البداية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، فقلت للبدر: يا مولانا، اليمن في حاجة إلى الإصلاح، اليمن كانت ذات ماضٍ عريق، أين هو الماضي؟ أين قلعة (يحصد) في.. في.. في أشبيلية؟
أحمد منصور: ماذا كان رد فعله؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: ماذا كان رد فعله؟
د. عبد الرحمن البيضاني: قال لي: كيف.. كيف يمكن أن أتولى العرش؟
أحمد منصور: يعني أنت الآن عرفت نقطة ضعف الرجل ودخلت له منها.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، منها.
(1/453)
أحمد منصور: وبدأت ترسخ لوجودك في اليمن من خلال تقوية صلتك بالبدر.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: صحيح هذا؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ممكن.
أحمد منصور: وبدأت من اللحظة الأولى تفرض لنفسك دوراً في الحياة السياسية في اليمن. أثناء عودتك من القاهرة عقدت مؤتمراً صحفياً في (أسمره)، بأي صفة عقدت مؤتمر صحفي؟
عودته إلى القاهرة وعمله بالسفارة اليمنية
د. عبد الرحمن البيضاني: كنت وقتها معين سكرتيراً أولاً للسفارة اليمنية بالقاهرة.
أحمد منصور: أثناء زياراتك تم تعيينك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أثناء الزيارة تم تعيين، وأثناء زياراتي اتفقت مع الإمام على الإصلاح، وفي أسمره عقدت مؤتمر، وفي طريقي إلى القاهرة عقدت مؤتمر صحفي وحضره عدد كبير.. بعض اليمنيين اللي كانوا موجودين في تلك الأيام في.. في أسمره، منهم القاضي عبد الله الحجري الذي أصبح فيما بعد رئيس المجلس الجمهوري..
أحمد منصور: طبعاً في هذا الوقت المبكر هذا يكشف عشقك للكاميرات والظهور وحب التأثير، ويعني أن يكون لك حضور معين تفرضه من خلال اختياراتك أنت.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولماذا تفرض حب الكاميرا ولا تفرض حب الإصلاح.. حب انتشار الدعوة؟!
أحمد منصور: أنا أسأل.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: أنا أسأل.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا وقتها كان عندي حب، ليس حب الكاميرا وإنما حب نشر أفكاري الإصلاحية.
أحمد منصور: هل هناك مشكلة في حب الكاميرا؟! أنا بأحب الكاميرا!!
د. عبد الرحمن البيضاني: لا يعني، لكن ليس.. لم يكن هو الهدف، أنا أقصد أقول: إنه لم يكن الهدف.
أحمد منصور: المقصد هنا إن عقد مؤتمر صحفي لشاب لازال متخرجاً من الجامعة ولازال في أول وظيفة له ينم عن طموح سياسي معين.
د. عبد الرحمن البيضاني: فعلاً.
أحمد منصور: دخلت للبدر من مدخل نقطة الضعف التي لديه.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
(1/454)
أحمد منصور: عُينت قبل أن تغادر المكان لتكون في القاهرة مع أول بادرة لك حينما تعطلت الطائرة في أسمره عقدت مؤتمراً صحفياً.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا أترك الحكم لك وللمشاهدين، هذا ما حصل فعلاً، سواءً اعتبرته حب الكاميرا أو أنا اعتبرته حب في نشر أفكاري إن أصبحنا الآن في ظروف تسمح بإصلاح اليمن، التفسير يعني يتعلق برأي كل شخص.
أحمد منصور: أنت الآن في قضية يعني عودتك إلى القاهرة أو تعامل الإمام معك تعيينك في هذا المنصب في القاهرة، حينما ذهبت إلى اليمن، هل ذهبت بنية البقاء أم بنية أن تنال منصباً يعيدك إلى القاهرة مرة أخرى؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أصارحك القول أني ذهبت إلى اليمن إلى المجهول لا أعلم ماذا سيحدث، كان عندي حلم، مجرد حلم، كيف يتحقق هذا الحلم الله أعلم، إذا سألتني كيف يمكن تحقيق هذا الحلم؟ أقول لك: لا أدري، أنا ذهبت إلى اليمن للمجهول، ماذا سيحدث في اليمن؟ هل سأبقى في اليمن؟ هل سأعين في الخارج.. في اليمن؟ لا أدري.
أحمد منصور: كان لديك استعداد للبقاء؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ممكن.
أحمد منصور: حصلت على دبلوم الشريعة الإسلامية في عام 1953م، دبلوم الدراسات في العلوم الاقتصادية من جامعة القاهرة قبله في العام 52، قامت ثورة يوليو في العام 1952م. كنت أنت في ذلك الوقت تمثل أو سكرتير في السفارة اليمنية وبدأت تقوم.
د. عبد الرحمن البيضاني: مستشار، وقتها ترقيت إلى مستشار.
أحمد منصور: بدأت تقوم بوظيفة، سعيك للحصول على كم هائل من الشهادات حتى أيضاً تتميز على اليمنيين باعتبارهم ينظرون إليك أنك لست يمنياً؟
(1/455)
د. عبد الرحمن البيضاني: ممكن أن.. أن يفسر هذه بهذه الكيفية، ممكن، ولكن حقيقة القول ليست هكذا، حقيقة القول أنني أؤهل نفسي لأكون مصلح، والمصلح يجب أن يكون ملم بأكبر عدد ممكن من العلوم السياسية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية والإسلامية حتى يمكن أن يقوم بأي عمل إصلاحي في اليمن.
أحمد منصور: يعني أنت من هذه اللحظة وربما من قبلها تفكر في أن تقوم بدور متميز في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، لا.. لا أسميه "متميز" وإنما دور مصلح في اليمن، ممكن أن يتميز به غيري وأفضل منَّي، لكن أنا كنت أتمنى وأعمل من أجل.. لو البشرية يا أخ محمد.
أحمد منصور: أحمد.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا أخ أحمد -أنا آسف- لو البشرية ارتضت بالأمر الواقع كان.. كنا لازلنا في العصر الحجري، ولسنا في عصر الفضاء وعصر الذرة، الحلم.. يجب أن يكون حلم.. أنا لمَّا كنت في.. في مدرستي الابتدائية، في السنة الرابعة في المدرسة الابتدائية كان فيه مقرر علينا كتاب إنجليزي اسمه “Trip to the moon" "رحلة إلى القمر"، سنة 37 رحلة إلى القمر؟! أنا كنت بأستغرب، ولكن حلم تحقق، لم أتصور في تلك الأيام، يعني هل أنت تتصور يا أخ أحمد..؟
أحمد منصور: أحلامك كانت أيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هل تتصور يا أحمد إن لمّا.. لو اكتفت البشرية بإن 2×2 بـ 4 و 4×5 بـ 20.
أحمد منصور: أنا فقط يا سيدي أسأل.
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة.. لحظة.
أحمد منصور: أريد أن أسألك.
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة واحدة.. ها لحظة واحدة، هل لو اكتفت البشرية بجدول الضرب كان ممكن جداً يظهر (أينشتين) ويقول: الطاقة هي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الصوت فتظهر "النظرية النسبية" وتظهر الذرة؟!
أحمد منصور: أنا الآن في إطار.
د. عبد الرحمن البيضاني: الحلم يجب أن يستمر.
(1/456)
أحمد منصور: سعادة النائب.. سعادة النائب أنا في إطار الدكتور عبد الرحمن البيضاني، لست في إطار البشرية كلها، ماذا كانت أحلامك بالنسبة لليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا حلم من جزء من البشرية!
أحمد منصور: لليمن تحديداً من خلال سعيك للحصول على كم هائل من الشهادات، وفي نفس الوقت استفدت من الزيارة الأولى وحققت الخطوة الأولى.
د. عبد الرحمن البيضاني: الأولى.
أحمد منصور: التي تريدها.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: في العام 1952م قامت ثورة يوليو، ثم تطورت علاقة مصر باليمن وأصبح لمصر دوراً خاصاً في علاقتها باليمن، لعبت أنت دوراً أساسياً فيه. في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذه النقطة: بداية الدور المصري في اليمن ودورك فيه.
د. عبد الرحمن البيضاني: شكراً جزيلاً.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: أرجو ألا تكون قد مللت حديثي.. الحديث معي في..
أحمد منصور: حديث غير ممل، منذ عام وأنا أتحدث معك!!
د. عبد الرحمن البيضاني: الله يخليك.
أحمد منصور: مشاهدينا الكرام في الحلقة القادمة نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن البيضاني (نائب رئيس مجلس الثورة ونائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق ووزير الخارجية) في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/457)
الحلقة2(1/458)
الخميس 27/4/1422هـ الموافق 19/7/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 19:58(مكة المكرمة)،16:58(غرينيتش)
عبد الرحمن البيضاني نائب الرئيس اليمني الأسبق الحلقة 2
مقدم الحلقة
- أحمد منصور
ضيف الحلقة
- عبد الرحمن البيضاني، نائب الرئيس اليمني الأسبق
تاريخ الحلقة
16/07/2001
- بداية علاقة الدكتور البيضاني بالثورة في مصر
- ترتيب الدكتور البيضاني لقيام الثورة في اليمن
- انقلاب مارس 1955 وأسباب فشله
عبد الرحمن البيضاني
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني (نائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق ورئيس الوزراء ووزير الخارجية). سيادة النائب مرحباً بك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند عودتك من اليمن إلى مصر، وعملك في السفارة اليمنية، ووصلنا إلى 23 يوليو 1952م حيث قامت الثورة في مصر، كنت وقتها مستشاراً للمفوضية اليمنية في القاهرة، نائباً لمندوب اليمن لدى الجامعة العربية، ومشرفاً على البعثة التعليمية اليمنية في مصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: تأخذ شهادات متعددة وتحمل ألقاب متعددة دائماً!!
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا قدري!!
بداية علاقة الدكتور البيضاني بالثورة في مصر
أحمد منصور: حينما قامت الثورة أين كنت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أي ثورة؟
أحمد منصور: 23 يوليو 52.
د. عبد الرحمن البيضاني: كنت في القاهرة.
أحمد منصور: كيف تقبلت قيام الثورة؟(1/459)
د. عبد الرحمن البيضاني: فرحت جداً، لأنها أعطت بارقة أمل لبقية الشعوب التي تريد أن تتخلص من أنظمة الحكم المتخلفة أو الاستعمار، وكان الحلم الذي كنت أحلم به لتحقيق النهضة في اليمن، وكنت أتصور أنه إذا لم يتحقق في جيلنا يمكن أن يتحقق في جيل آخر، قد بدأت بوادر تحقيقه بعد قيام ثورة 23 يوليو.
أحمد منصور: لكن ليس هناك في ذلك الوقت أية معالم تغيير ظهرت يمكن أن تدفعك إلى هذا التفاؤل.
د. عبد الرحمن البيضاني: لكن الأمل كان قائم والحلم قائم.
أحمد منصور: هل كنت تعرف أحداً من مجلس قيادة الثورة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: إطلاقاً.
أحمد منصور: متى بدأت علاقتك أو معرفتك الأولى وأي شخص كان؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هو يوم 24 ديسمبر سنة 1952م دعاني الإمام أحمد إلى.. إلى (تعز).
أحمد منصور: مرة أخرى؟
د. عبد الرحمن البيضاني: مرة أخرى.
أحمد منصور: هذه كانت زيارتك الثانية لليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، تكررت الزيارات من سابق.
أحمد منصور: يعني بعد 1950م فتح الباب لك.
د. عبد الرحمن البيضاني: باستمرار.. باستمرار ذهاباً وإياباً، لا يمر شهر إلا وأنا مع الإمام.
أحمد منصور: بدأت تشعر بقضية الانتماء والحب لبلدك في ذلك الوقت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا شاعر بالانتماء بالحب لبلدي من وأنا من صغري، منذ طفولتي.
أحمد منصور: لكن هناك.. هناك فرق بين الرؤية والحياة وبين لا سيما وأن أخوالك مصريون.
د. عبد الرحمن البيضاني: بصرف النظر عن أخوالي مصريون وأنا أتشرف بهذا، ولكن أنا انتمائي لبلدي اليمن، اسمي (مرادي)، البيضاني مراد.
أحمد منصور: هناك تشكيك أيضاً من بعض اليمنيين في قضية انتمائك إلى المراد البيضاني وأنك تعود إلى أصول إريترية.
د. عبد الرحمن البيضاني: هل تريد الإجابة الآن أو بعد..؟
أحمد منصور: الآن.
(1/460)
د. عبد الرحمن البيضاني: فعلاً حصل إن أحد الكتاب كتب مقال في صحيفة 26 سبتمبر التابعة لمجلس.. لرئاسة الجمهورية في اليمن، وكان هذا في العام الماضي وقال: إن أبي الحقيقي أفغاني، كان يدرس في الأزهر وتزوج بأمي، وأنجبني ثم طلقها، وتزوجت بالشيخ عبد ربه أحمد المرادي البيضاني، فاحتضنني طفلاً صغيراً، وأعطاني اسمه. كانت هذه المقالة في معرض التشكيك في النسب، حيث كان هنالك اتجاه لانتخابات لرئاسة الجمهورية في اليمن، وكان بعض الإخوة اليمنيين يفكرون في ترشيحي لرئاسة الجمهورية بالرغم من أنا كنت رافض رفضاً قاطعاً، وكتبت مقالاً أرفض فيه هذا العرض.
أحمد منصور: ده في الانتخابات الرئاسية الماضية.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: طُرح فيها أكثر من اسم وكان اسمك من بين الأسماء التي طرحت.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.. و طرح، لم يُطرح رسمياً داخل مجلس النواب، ولكن طُرح على مستوى مجالس (القات) والندوات الاجتماعية والشخصيات الاجتماعية، أنا رفضت هذا لأني يعني لي..
أحمد منصور: لماذا ترفض؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لي وجهة نظر أريد أن أحتفظ بها لنفسي في الوقت الحاضر، لكن هذا المقال نُشر بصدد التشكيك في هذا النسب، أنا تغاضيت عنه، لم أذكره ولم.. أتكلم فيه.
أحمد منصور: لكن أصبح حديث الناس في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: معاك.
أحمد منصور: وأنا على مدار زيارتين أثناء الإعداد للبرنامج قمت بهما لليمن سمعت هذا الكلام يتردد كثيراً.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولهذا.. ولهذا، نعم ولهذا اضطررت مُرغماً إني أقدم كاتب هذا المقال ورئيس التحرير.. تحرير "26 سبتمبر" وهو المستشار الخاص لرئيس الجمهورية ومندوبه ورئيس هيئة التوجيه المعنوي في اليمن العميد (علي حسن الشاطر) وكاتب المقال الأستاذ عبد الكريم قاسم قدمتهم للمحاكمة الجنائية في العام الماضي.
أحمد منصور: وماذا كانت النتيجة؟
(1/461)
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأتكلم.. والقانون في اليمن.. قانون العقوبات المادة (289) تنص على.. عما يلي: من يقذف محصناً بالزنى أو بنفي النسب يعاقب بالجلد 80 جلدة حداً –وعجز طبعاً- إذا عجز عن إثبات ما رماه به، قدمتهم للمحكمة وقدمت وحضرت أول جلسة فعلاً في المحكمة في العام الماضي، آخر العام، أواخر العام الماضي، وقلت لرئيس المحكمة: أنا حضرت رغم إن القانون لا ينص على حضوري لأني أنا المدعي والمجني عليه.. أنا المجني عليّ والجاني قام بجواري ومعي محامي، ولكن حضرت لأثبت للتاريخ أن نائب رئيس الجمهورية اليمنية ونائب رئيس مجلس الثورة، وأول رئيس حكومة يمنية لم يشأ أن يأخذ حقه بيده وبقبائله، ولكن أراد أن يأخذ حقه قضاءً عن طريق حضراتكم، وأنا جئت لأوفر على المتهمين.. الجناة مؤونة إثبات العجز عما رماني به، فأقدم لحضراتكم وثيقة رسمية معتمدة من وزارة العدل المصرية ومعتمدة من وزارة الخارجية المصرية تثبت زواج أبي الشيخ عبد ربه أحمد عبد ربه البيضاني المرادي من أمي البكر، وشهادة أخرى موثقة من وزارة العدل ووزارة الصحة المصرية.. المصريتين، ووزارة الخارجية المصرية، تثبت شهادة ميلادي من أبي وأمي منهما الاثنين فأصبحت الأدلة قائمة لدى المحكمة وأعتقد أنهم سيجلدون 80 جلدة حداً.
أحمد منصور: لازال الحكم لم يصدر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الآن أُجل.. الحكم أُجل لبعد انتهاء السنة القضائية، والسنة القضائية الأجازة القضائية في شهر ذو القعدة، الشهر الحالي، والمفروض أنني عائد بعد أن ننتهي من هذا الحوار، عائد إلى اليمن ومحامي الذي.. المحامي الذي وكلته موجود في اليمن وهو يتابع هذه الجلسات، وليس مفروضاً أن أحضر هذه الجلسات ولكني مصر على إني أحضر حتى أتأكد أن العدالة سوف تأخذ مجراها.
أحمد منصور: هل طُلب منك أن تتنازل عن القضية؟
(1/462)
د. عبد الرحمن البيضاني: بعض الأصدقاء حاولوا أن أتنازل عن القضية، وبعض الرسميين حاولوا أن أتنازل في نظير أن يعتذر رئيس مجلس.. رئيس تحرير الصحيفة، لأن.. وكاتب الصحيفة اعتذاراً رسمياً لكنني حتى الآن رفضت الاعتذار، وقتل إننا سوف أعفي عنهما قبل أن يجلدا بعد صدور الحكم.
أحمد منصور: لكن هُم أيضاً لديهم أدلة قدموها للمحكمة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لا.. لا توجد أدلة، لم يقدموا أي دليل، وما هو الدليل الذي يقدموه؟
أحمد منصور: أنا أعرف أن..
د. عبد الرحمن البيضاني: الدليل.. الدليل هو شهادة الزواج من أمي البكر بأبي والدليل أنه ميلادي منهما.
أحمد منصور: ما الذي دفعهم.. أو ما الذي يدفع بعض اليمنيين إلى التشكيك في نسبك إلى قبيلة البيضا وإلى..؟
د. عبد الرحمن البيضاني: قبائل مراد كلها.. قبائل مراد كلها تعصبت وأرادت أن تأخذ حقها بيدها في هذا الموضوع بالذات، وأن تعتدي على الجُناة الذي كتبوا هذا المقال، وأنا رفضت. فقبائل مراد كلها ملتزمة، وقبائل مراد كلها معي.
أحمد منصور: لكن هناك..
د. عبد الرحمن البيضاني [مقاطعاً]: والشيخ عبد الله بن حسين الأحمر (رئيس مجلس النواب وأحد أصدقائي من قبيلة حاشد) طبعاً في غاية الغضب من هذا الكلام.
أحمد منصور: يعني عفواً يا دكتور.. سعادة النائب، هناك انزعاج من اليمنيين منك، يعني أنا أثناء عملية التحضير زرت اليمن مرتين، والتقيت بك مرة هناك، ومن تحدثت معه عن أني سوف يعني أسجل معك شهادتك على العصر كان الكل يعني ينفر من أن يستمع إلى شهادتك. ليه صورتك في اليمن ليست إيجابية لدى الناس؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الذين قابلتهم ربما يكونوا مسؤولين في الحكومة.
أحمد منصور: لا، كتاب عاديين وصحفيين وأنا مصادري متنوعة.
د. عبد الرحمن البيضاني: أعتقد أن هؤلاء تدفعهم فقط الحسد.
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت
أتاح لها لسان حسود
(1/463)
وأنا سعيد بهذا الاتهام، وأنا سعيد بما قلته الآن لأنه يشهد لي بأني شخصية موجودة على الساحة اليمنية، وإلا لماذا يكرهني البعض ويحبني البعض؟
أحمد منصور: يعتبرونك غير يمني.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، يعتبروني إن أنا منافس، إن أنا قوي، إن أنا.. إن أنا عالم مثقف.
أحمد منصور: لكن لم تعش.. لم.. مُجمل ما عشته في اليمن لا يتعدى عدة سنوات أو على أشهر متناثرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لكن أقل ما فيه إنه أنا الذي دعيت إلى قيام ثورة جمهورية، وقامت الثورة الجمهورية بناءً على إلحاحي.
أحمد منصور: سآتي إلى هذا بالتفصيل، ولكنك لم تعش بين الناس.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولكن هذا جوهر.. هذا جوهر الموضوع.
أحمد منصور: لم تعش بين الناس والشعب اليمني شعب قبلي، وقضية القبيلة بحياة الناس وامتزاجهم فيها.
د. عبد الرحمن البيضاني: لو شاهدت فيلم فيديو استقبال القبائل لي في صنعا، واستقبال القبائل لي في.. في مراد لعدلت عن هذا الرأي.. والفيلم عندي..
أحمد منصور: متى كان هذا الاستقبال؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: متى كان هذا الاستقبال؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا الاستقبال كان في سنة 94.. في.. في 93 ديسمبر..
أحمد منصور: بعد الغيبة التي غبتها عن اليمن، ولكن أنا أقصد خلال السنوات التي سبقت ذلك.
د. عبد الرحمن البيضاني: خلال..
أحمد منصور: يعني منذ دخولك إلى اليمن للمرة الأولى في عام 1950م وحتى اليوم لم تعش في اليمن فترات مطولة، بحيث يستشعر الناس أنك يمني مثلهم تعيش همومهم وتعيش قضاياهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: أعتقد أن كتبي كلها تنفي هذا الكلام، لأنه كتبي بتتكلم عن نبض الشعب اليمني فعلاً، ولي مقال أسبوعي لا يزال ينشر حتى هذه اللحظة كل أسبوع، كل يوم أربع، وجميع اليمنيين يقرأ.. ومعظم اليمنيين يقرأ..
أحمد منصور: في الصحف اليمنية تقصد يُنشر..
د. عبد الرحمن البيضاني: صحيفة يمنية طبعاً و..
(1/464)
أحمد منصور: يعني ممكن أي واحد يكتب في الصحف اليمنية، أنا دُعيت من الصحف اليمنية لأكتب فيها.
د. عبد الرحمن البيضاني: لكن فرق بين إنسان يكتب للنفاق ونفاق السلطة، وفرق أن إنسان يكتب لتبصير الشعب اليمني بحقيقة مأساته الحالية والآن أنت بتجرني إلى هذا الموضوع.
أحمد منصور: لا أجرك ولكن أنا دخلت في قضية أريد أن أتناولها بجوانبها المختلفة، لأن أنت –عفواً- يعني شخصية مثيرة للجدل لدى اليمنيين منذ أن بدأت تدخل الحياة السياسية في عام 1950 وإلى اليوم، وأنت دائماً تثار في كل مكان تتواجد فيه هناك زوابع سواءً سياسية أو اقتصادية أو غيرها، شخصية غير عادية على كل المفاهيم التي يمكن أن تكون، نحن نريد أن نفهم شخصية الدكتور عبد الرحمن البضاني.
د. عبد الرحمن البيضاني: أولاً أنا أشكرك على هذا، وأشكر كل من يقول هذا الكلام، لأن شهادة لي بإني شخص غير.. غير..
أحمد منصور: أنا أتكلم عن واقع.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: أنا أتكلم عن واقع إنك شخص مثير للجدل.
د. عبد الرحمن البيضاني: شهادة إنك تشهد لي.. تشهد لي بأني شخصية ما على المستوى اليمني، أما إذا كنت نكرة فلا أحد.. لا أحد يتكلم عني.
أحمد منصور: يعني إحنا هنا لسنا في إطار النكرة..
د. عبد الرحمن البيضاني: ضع.. ضع الأسباب، قلي لي لماذا.. لماذا..
أحمد منصور: أنت نائب رئيس جمهورية سابق تاريخياً لا يستطيع أحد أن ينكر دورك، لا يستطيع أحد أن يُنكر ما قمت به، لك دور، لك مسمى، لك أشياء قمت بها، وإن كانت قصيرة أو محدودة إلا أنها لها أثر أنا الآن في إطار لماذا يقوم هؤلاء الناس بالتشكيك في نسبك، بالتشكيك في انتمائك إلى اليمن، يسعون لإبراز أن دورك المتعلق باليمن دور ضئيل للغاية، رغم أنك تسعى دائماً من خلال كتاباتك إلى إبرازه كدور كبير.. كدور كبير؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هل القيام بثورة اليمن يعتبر دور ضئيل في نظرهم؟
(1/465)
أحمد منصور: هذا ما سوف نأتي له.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو لابد نأتي الآن أنت مادام فتحنا الموضوع نتكلم فيه.
ترتيب الدكتور البيضاني لقيام الثورة في اليمن
أحمد منصور: طيب، قبل أن آتي لثورة اليمن ذهبت أنت إلى اليمن في ديسمبر 1952 باستدعاء من الإمام ماذا طلب منك الإمام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الإمام طلب مني أن أربط علاقة خاصة شخصية بينه وبين القيادة المصرية التي قامت بثورة 23 يوليو، وسر اختياري أنا بالذات للقيام بهذه المهمة أنه يعلم أنني مقيم في مصر فترة طويلة، ويعرف إني أظهرت جدارة –سواء لسوء الحظ أو لحسن الحظ- أظهرت جدارة في تمثيل اليمن في جامعة الدول العربية، واتصالي بجميع المسؤولين المصريين قبل قيام ثورة 23 يولية، فطلب مني أن أعقد علاقة خاصة شخصية بين.. بينه وبين القيادة المصرية في القاهرة. أحمد منصور: كان في ذلك الوقت الرئيس محمد نجيب هو رئيس مصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، لكن عندما رجعت إلى القاهرة بطلب من الرئيس.. من الإمام –رحمه الله- لم تكن لي معرفة سابقة بأي إنسان مسول في قيادة الثورة.
أحمد منصور: كان هناك مسؤولين يمنيين أعلى رتبة منك في السفارة.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: لكن لم توكل لهم هذه المهمة.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: أوكلت لك أنت.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: ألا يعتبر هذا تخطياً أو تجاوزاً عليهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أعتقد هذا السؤال يوجه للإمام أحمد إذا كان ممكن.
أحمد منصور: الإمام أحمد مات من زمان.
د. عبد الرحمن البيضاني: طبعاً ولذلك إذا كان هذا.
أحمد منصور: أنا أسألك أنت عن سبب اختيارك.
د. عبد الرحمن البيضاني: هو اللي كلفني، هو الذي كلفني، لم أكلف نفسي.
أحمد منصور: اعتبرت هذا الشيء أيضاً من الترقية والترفيع لك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لم أكلف نفسي، هو وجد..
(1/466)
أحمد منصور: اعتبرته شيئاً من الترفيع لك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أعتقد إن أنا.. أنا في.. يعني شعرت بشيء من الفخر لأنه اختارني دون غيري، واعتبرت إن هذا ترفيع لي، وإذا كان هو أخطأ في اختياري فالخطأ يقع عليه، وإذا كان أصاب فالإصابة تقع عليه لكن اختاراني أنا بالذات الحمد لله وأشكر الله أنه اختارني، وشهادة أخرى لي بإن حتى الإمام أحمد كان يرى في رأياً حسناً في تلك الأيام.
أحمد منصور: حتى ذلك الوقت لم يكن هناك أي علاقة أو ترتيب بين مجلس قيادة الثورة في مصر برئاسة محمد نجيب وبين الحكومة اليمنية.
د. عبد الرحمن البيضاني: إطلاقاً.
أحمد منصور: أو حكومة الإمام.
د. عبد الرحمن البيضاني: عادي، يعني كان علاقات عن طريق مجلس.. حضور مجلس جامعة الدول العربية، حضور المؤتمرات على مستوى وزراء الخارجية، حضور المؤتمرات على مستوى وزراء.. رؤساء الوزراء، فقط لا غير.
أحمد منصور: كُلفت أنت الآن من الإمام ببداية فتح المجال، هل وضع لك ما الذي يريده الإمام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.
أحمد منصور: أم فقط فتح علاقة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: فتح علاقة، إيجاد علاقة جيدة بينه، تربطه بينه وبين القيادة المصرية لأنه وجد إن القيادة المصرية أو ثورة 23 يوليو أبهرت الأمة العربية بقيامها، فأراد أن يركب الموجة وأراد أن يلحق بها.
أحمد منصور: ما الذي فعلته من أجل فتح العلاقة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بمجرد وصولي إلى القاهرة أنا وصلت القاهرة –على ما أظن- أول يناير53.
أحمد منصور: 53.
د. عبد الرحمن البيضاني: 53 أنت دارس في الموضوع تماماً!
أحمد منصور: لا يافندم، حاولت على مدار عام نحن نجهز في الحلقات يعني.
د. عبد الرحمن البيضاني: أول.. أول يناير.. أول يناير 53 وصلت إلى القاهرة، واتصلت بمجلس قيادة الثورة في الجزيرة، وعرفتهم بشخصيتي.
أحمد منصور: من الذي اتصلت به؟
د. عبد الرحمن البيضاني: اتصلت بالسكرتارية.
(1/467)
أحمد منصور: مقدم كمال عبد الحميد.
د. عبد الرحمن البيضاني: هم أحالوني إلى المقدم كمال عبد الحميد، والتقيت بالمقدم كمال عبد الحميد، كان وقتها البكباشي كمال عبد الحميد، وقلت له: إن الإمام أحمد طلب مني كذا وكذا وكذا، ويريد إيجاد علاقة بين اليمن وبين مصر عن طريق مجلس قيادة الثورة، المقدم كمال عبد الحميد استمهلني بضعة أيام إلى أن يستأذن، فاستأذن وقال لي أن البكباشي جمال عبد الناصر لم يذكر محمد نجيب نهائياً، وهذه كان غرابة بالنسبة لي. إنما قال لي أن البكباشي جمال عبد الناصر وافق على إيجاد هذه العلاقة، وكلفني بالسفر معك إلى اليمن لنعرف ماذا يريد الإمام، ونحن في الطائرة..
أحمد منصور: فعلاً توجتهم إلى اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: فعلاً توجهنا إلى.. إلى تعز أنا والمقدم كمال عبد الحميد.
أحمد منصور: حيث مقر الإمام.
د. عبد الرحمن البيضاني: حيث مقر الإمام، قلت للإمام، قلت، قلت للمقدم كمال عبد الحميد: كيف تكون هنالك علاقة جيدة ما بين مصر وبين اليمن في الوقت الذي أشعر أن الإمام أحمد يريد أن –ولو إنه لم يفصح حتى هذه اللحظة عن ذلك- لكنه يريد أن يكلف ابنه بولاية العهد؟ فأنا أعتقد إن الإمام يريد دعم مصر بولاية عهد البدر، وأنا أقترح عليك أن نبدأ أن تبدأ بالحديث مع الإمام عن إنشاء جيش يؤيد البدر، جيش.. نواة جيش لليمن.
أحمد منصور: لم يكن في اليمن جيش حتى الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: جيوش كلها براني والجيش الدفاعي وكانت الإمام يعتمد.
أحمد منصور: كله لحماية الإمام.
د. عبد الرحمن البيضاني: وكان الإمام يعتمد ليس على الجيوش ولكن يعتمد..
أحمد منصور: على القبائل.
(1/468)
د. عبد الرحمن البيضاني: على اختلاف القبائل، لا ليس على القبائل، على.. على خلق خلافات بين القبائل حتى يسلط قبيلة على قبيلة، يعني كان سلاح الإمام أمرين: الفساد وإثارة القبائل بعضها ضد بعض، هذا كانت سياسة الإمام. وعندما التقيت بالبدر في أول مرة عند.. في سنة 50.. في.. يعني بعدما وصلت 25 أكتوبر 50 قلت للبدر: إن يا مولانا إذا أردت أن تكون ولي العهد فلابد من.. من التحضير أو توفير خمسة أركان لولاية العهد.. خمسة أركان، لابد من توفير خمس أركان.. الركن الأول: جيش، لأن.. لأن جيش يحمل أسلحة ليست في متناول القبائل، لأن عمك الحسن معاه قبائل اليمن وكلها مسلحة فلابد من إنشاء نواة جيش تكون قادرة على الدفاع عن ولاية العهد. هذا الركن الأول.
الركن الثاني: بناء ميناء (الحُديدة) لأن لابد من استيراد أسلحة ثقيلة حتى تكون في يدك أسلحة تختلف عن الأسلحة المتوفرة لدى القبائل. الركن الثالث: توسيع.. إنشاء طريق ما بين الحُديدة وصنعا حتى يمكن أن تنتقل هذه الأسلحة أو هذا الجيش من الحُديدة إلى صنعا، لحماية صنعا، حتى لا تسقط صنعا منا مرة أخرى كما سقطت سنة 48. الركن الخامس: دولة. الركن الرابع: دولة تقف معك، لأن بدون وقوف دولة معك لا يمكن أن تستطيع أن تستمر في تلك الظروف المحاطة باليمن.
الركن الخامس: الدعوة والإعلان عن سبب الظلم القائم في اليمن، إذن نحن في حاجة إلى خمسة أركان، ولاية عهدك يا مولانا البدر في حاجة إلى خمسة أركان.
أحمد منصور: طبعاً بالنسبة للبدر هذه الأشياء كانت بالنسبة له.
د. عبد الرحمن البيضاني: جديدة.
أحمد منصور: كان محتاج واحد مثلك عشان.
د. عبد الرحمن البيضاني: تمام.
أحمد منصور: يضع له الخطوط و..
د. عبد الرحمن البيضاني: وسألني.
أحمد منصور: ويهيئه.
د. عبد الرحمن البيضاني: لك الحق، وسألني كيف نحقق هذه الخمسة أركان، ميناء، جيش، أولاً جيش الركن الأول، الركن الثاني: الميناء، الركن الثالث.
(1/469)
أحمد منصور: الطرق.
د. عبد الرحمن البيضاني: الطريق من الحديدة إلى صنعا، الركن الرابع: دولة تقف معانا، الركن الخامس: التبشير بالدعوة إلى الثورة، بالدعوة إلى ولاية العهد، لأن كان في تلك الأيام وسائل النشر معدمة، كان معانا صحيفتين أو 3 صحف موجودة في عدن معارضة كانت تصل فقط إلى صنعا أو تعز أو.. قليل جداً من يقرأها، لا توجد كهرباء في.. في صنعا، كان يوجد عدد 2 جهاز راديو عند بعض الأمراء، في تعز كان فيه 3 أجهزة إذاعة، راديو، واحد عند الإمام، وواحد عند البدر، وواحد عند واحد اسمه القاضي أحمد الحضراني صديق عزيز.
أحمد منصور: دول بس اللي بيسمعوا راديو.
د. عبد الرحمن البيضاني: دول اللي موجودين، والكهرباء كانت في تعز.
أحمد منصور: بيسمعوا أيه دول؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: بيسمعوا.. بيسمعوا أي أخبار.
أحمد منصور: يعني فيه إذاعات كانت بتوصل اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كانت بتصل، لكن يعني ما كانش غير.. كان غير اهتمام وفي تلك الأيام راديو ترانزيستور...
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا طبعاً حضرتك بتتكلم عن راديو هنا للاستماع وليس راديو للبث.
د. عبد الرحمن البيضاني: للاستماع، ولكن.. الراديو الترانزيستور كان حديث الاختراع، إحنا بنتكلم في الخمسينيات، في أوائل الخمسينيات.
أحمد منصور: طبعاً الراديو أيامها كان..
د. عبد الرحمن البيضاني: كان.. وكان.. الراديو الترانزيستور لم يصل بعد اليمن، لأن كان حديث الاختراع، ولذلك قلت.. للبدر إن إحنا هنحتاج وقت، يعني لما سألني.
أحمد منصور: حتى لا أفصل في قضية البدر، أريد أن أخلص إلى.. إلى قضية مهمة.
د. عبد الرحمن البيضاني: رجعنا.. لأ.. لأن لها ارتباط.
أحمد منصور: الآن توثقت علاقتك بالبدر وأصبحت تخطط للبدر حتى يرتب كيف يصبح هو الإمام القادم ويصبح حتى –على الأقل- ولي العهد في ظل أن نظام الإمامة لم يكن يعترف بولاية...
د. عبد الرحمن البيضاني: العهد.
(1/470)
أحمد منصور: العهد، طلب منك الإمام أحمد أن تفتح علاقة بينه وبين مجلس قيادة الثورة في مصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: وجاء معك المقدم كمال عبد الحميد إلى اليمن، التقيت بالإمام أم بالبدر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الأول.. اتكلمت مع كمال عبد الحميد في الطيارة وإحنا في الطريق إلى...
أحمد منصور: لترسيخ قضية البدر.
د. عبد الرحمن البيضاني: لترسيخ قضية البدر عن طريق اقتراح بإنشاء نواة للجيش اليمني.
أحمد منصور: يقوم الجيش المصري بتدريبها.
د. عبد الرحمن البيضاني: قال لي: أنا غير مكلف.. قال لي: أنا غير مكلف من جمال عبد الناصر بأن أفتح هذا الموضوع، قلت له: لي أنا، فاجتمعنا نحن الثلاثة.
أحمد منصور: ما الذي حمله من عبد الناصر ليتكلم فيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: مجرد الاستماع.
أحمد منصور: ليعرف ما هي مطالب الإمام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ماذا يريد الإمام.
أحمد منصور: طيب هنا الثورة كانت ثورة على نظام رجعي ملكي.
د. عبد الرحمن البيضاني: أي ثورة؟
أحمد منصور: المصرية.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور [مستأنفاً]: أم والإمام خاف من انقلاب قام عليه سنة 48، ومن المفترض أنه يتخوف من مثل هذه التحركات لا أن يقيم علاقات معها.
د. عبد الرحمن البيضاني: هو وجهة نظره.. الإمام كان في منتهى الذكاء.. للعلم يعني.
أحمد منصور: دا واضح من تاريخه…
(1/471)
عبد الرحمن البيضاني: منتهى الذكاء.. وإذا كان عدو للإصلاح فلأنه عدو ما يجهل، والإنسان عدو ما يجهل، أو بمعنى آخر: أسير ما يعرف، الإنسان اليوم لا يعرف إلا.. المحيط الذي يحيط به، فكان أسير هذا المحيط، لكنه كان في منتهى الذكاء، وجد أنه لو اتصل بالقيادة المصرية –على الأقل- سيتجنب أن القيادة المصرية تهاجمه، على الأقل يتجنب.. وثم يشيع بين الناس إنه ربط علاقة مع دولة متحضرة أو ثورة متحضرة في.. في القاهرة، فيعطي نفسه أمل أو فرصة لدى الشعب في إنه يستقر.. ويقضي على نشاط الأحرار الموجودين في تلك الأيام في الخارج.
أحمد منصور: ماذا كانت مطالب الإمام الأساسية من مصر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الأول كانت مجرد إيجاد علاقة جيدة وصداقة جيدة. أنا أثناء الاجتماع مع.. مع جمال عبد.. مع.. الإمام أحمد والمقدم كمال عبد الحميد، وكان حاضر معانا البدر، فأنا طرحت هذا الموضوع: يا مولانا أحمد، الإمام أحمد بأكلم جلالة الإمام أحمد وهو كان عنده.. كان عنده لقب "الملك" ولقب "الإمام"، قلت: يا جلالة الإمام، يعني.. أنا أعتقد إن معظم أبناء اليمن المثقفين يفضلون البدر ليكون وليا للعهد.. سمو الأمير البدر ولياً للعهد.
أحمد منصور: كان الإمام أحمد لديه هذه الرغبة أيضاً؟
د. عبد الرحمن البيضاني: عنده هذه الرغبة ولكن لم يفصح عنها، وكان سعيد بإني أفصح عنها، وأنا أشعر بإنه سعيد، لأني لا أحتاج إلى ذكاء حتى أشعر ما في نفسه في هذا الموضوع بالذات، فكانت النتيجة إنه الإمام ابتسم. قلت له: ولكن يا مولانا مصر لا تستطيع أن تؤيد البدر إلا إذا.. كان لدى البدر لدى مولانا البدر نواة جيش، يكون لديه أسلحة ولديه تدريبات تختلف عن التدريبات اللي موجودة والأسلحة اللي موجودة مع القبائل اللي معتمد عليها الحسن.
أحمد منصور: خلاصة هذه القصة.
د. عبد الرحمن البيضاني: قبل.
(1/472)
أحمد منصور: إقامة جيش، وتم وصول أول بعثة عسكرية مصرية إلى اليمن لتدريب اليمنيين كأول نواة لتأسيس جيش يمني.
د. عبد الرحمن البيضاني: وكانت بقيادة.. العقيد.. كمال أبو الفتوح اللي أصبح فيما بعد محافظ القليوبية، وعضوية أحمد.. محمد لبيب (later on) فيما بعد أصبح محافظ (بني سويف).
أحمد منصور: كانت هذه هي الخطوة الأولى التي قمت بها في ترتيب العلاقات اليمنية –المصرية بتكليف من الإمام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: ماذا حدث بعد ذلك من خطوات؟ متى التقيت بجمال عبد الناصر المرة الأولى؟
د. عبد الرحمن البيضاني: في الحقيقة إن الإمام بعد ما جاءت البعثة العسكرية إلى مصر.. إلى اليمن، وأقنعت البدر بتعيين محمد قائد سيف زميلي إنه يكون حلقة اتصال.
أحمد منصور: محمد قائد سيف كان أول يمني يتخرج من الكلية الحربية في مصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، وكان زميلي وصديقي إلى الآن، ويدي.. وذراعي الأيمن.
أحمد منصور: إلى الآن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: إلى الآن وأقنعت البدر بإنه يعينه ضابط اتصال ما بين الإمام وبين البعثة العسكرية المصرية، لكن الإمام في النهاية رفض –يعني- بعد فترة من التدريب عدل عن رأيه، ولسببين، تحب تسمعهم؟
أحمد منصور: بإيجاز.
د. عبد الرحمن البيضاني: آه، بإيجاز.. إن أولاً أعمامه.. أخواله.. أوغروا صدره ضد وجود جيش في اليمن، لأن هذا سيغير النظام الإمامي.
أحمد منصور: أخوال الإمام يعني؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أخوال الإمام. ثانياً: إن البعثة المصرية وجدت إن ملابس.. الجيش اليمني أثناء التدريب لا تتناسب مع التدريب، لا، كان كلها عبارة عن أشياء مزركشة وأحذية مختلفة.
أحمد منصور: حرس شرف مش.. مش جنود.
(1/473)
د. عبد الرحمن البيضاني: فالمهم إن لأ كان يعني.. ملابس بالية، نقدر نقول باختصار: بالية، فجاؤوا بملابس من مصر، منها البنطلونات، فقال لي الإمام: "إن البنطلون هذا سيؤدي إلى الكفر!! لأن النصارى في عدن الإنجليز هم اللي يلبسوا هذه.. البنطلونات!!! فكان ده سبب نمرة (2) فاستدعاني الإمام في 5.. وده فعلاً شيء مضحك، فجمد الإمام.. -والله حصل- فجمد الإمام البعثة المصرية لهذين السببين: يعني إغارة صدره من جانب أخواله، والبنطلونات، فكانت نتيجة طلبني.
أحمد منصور: ما فيش حل!!
د. عبد الرحمن البيضاني: طلبني من ألمانيا، وطلب مني إن أنا ألتقي.. أذهب إلى.. إلى مصر.
أحمد منصور: إحنا.. يعني أنت في هذه الفترة كنت ابتعثت إلى ألمانيا.
عبد الرحمن البيضاني لا لأ.. لأ.. لأ، آسف، آسف، أنا لم أكن في ألمانيا، كنت في مصر، كنت.. لازلت في مصر.
أحمد منصور: طيب أنت سافرت لألمانيا في فبراير 1955.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. لأ.. لأ.. لأ، أنا آسف، آسف.
أحمد منصور: فبراير 1955، لكن هنا أعود لعلاقتك، كيف بنيت علاقة مع جمال عبد الناصر؟ وكيف ألقيت بالإمام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو أنا نطيت سطرين تقريباً.
أحمد منصور: نرجع!!
د. عبد الرحمن البيضاني: نرجع، هو لما طلب مني الإمام.. أنا كنت في القاهرة، عدت إلى القاهرة –على ما أظن- في 5.. يناير 55، التقيت بالرئيس جمال عبد الناصر في يوم على ما أظن يوم 18.
أحمد منصور: يناير 55؟
د. عبد الرحمن البيضاني: 55.
أحمد منصور: للمرة الأولى؟
د. عبد الرحمن البيضاني: للمرة الأولى.
أحمد منصور: كانت علاقتك بمين؟ بكمال عبد الحميد فقط طول الفترة السابقة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الأول كمال، الأول اتصلت بكمال عبد الحميد.
أحمد منصور: متى لقيت السادات للمرة الأولى؟
(1/474)
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا لم التقيت بكمال عبد الحميد لما رجعت من اليمن، كمال عبد الحميد.. وحكيت له القصة أخدني للرئيس.. للرئيس جمال عبد الناصر، حكيت القصة للرئيس جمال عبد الناصر، وقلت له: يا سيادة الرئيس، لا أمل مطلقاً في إصلاح اليمن بغير ثورة، وثورة جذرية.
أحمد منصور: ده إمتى؟ سنة كام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: 18 يناير 1955.
أحمد منصور: يعني أنت من.. يناير 53 ليناير 55 لم تكن تلتقي بأحد من المصريين إلا كمال عبد الحميد.. سنتين؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ بنلتقي بمثلاً بأحمد فؤاد طايع وزير الخارجية.
أحمد منصور: لكن لم تلتق..
د. عبد الرحمن البيضاني: ألتقي بعلي ماهر رئيس الوزارة.
أحمد منصور: عبد الناصر لم تلقاه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لم ألقاه، أول مرة ألقاه.
أحمد منصور: لقيت عبد الناصر قبل السادات؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أول مرة، نعم؟ قبل السادات.
أحمد منصور: عبد الناصر هو الذي عرفك إلى السادات؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، في 18 يناير التقيت.. 55 التقيت بعبد الناصر، وقلت له: حصل كذا كذا، ولا يمكن إصلاح اليمن إلا من خلال ثورة.
أحمد منصور: ما الذي دفعك..؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ففوجئت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي دفعك إلى التفكير في قضية ثورة الآن؟ وعملية الإصلاح الإمام –يعني- متقبلها وإن كانت بطيئة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: وجدت إن فيه استحالة في إنه.. في إنه ينفذ ما يريد ما.. ما يعد به ولذلك قلت لعبد الناصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: رد فعل عبد الناصر كان إيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: وجدت ملامح وجهه تغيرت، وقال لي: لحظة، واتصل بالتليفون بأنور السادات، وقال له: سيأتي لك عبد الرحمن البيضاني أتكلم معاه.
أحمد منصور: يعني نقل ملفك للسادات؟
(1/475)
د. عبد الرحمن البيضاني: للسادات ورفض إنه يكلمني.. مش رفض، يعني أنا وجدت، أنا حسيت الإحساس الشخصي، إحساس شخصي يجوز يكون مخطيء أحسست بإن عبد الناصر لا يريد أن يسمع كلمة "ثورة" في دولة يعترف بها، ويريد أن يحيلني لشخص آخر، والشخص الآخر ليست له وظيفة رسمية، لأنه كان وقتها سكرتير عام المؤتمر الإسلامي، لم يكن..
أحمد منصور: كان عبد الناصر في ذلك الوقت تخلص من محمد نجيب ومن الضباط المناوئين، ضباط المدفعية وغيرهم، وأصبح يهيئ، نفسه ليصبح رئيس للدولة، وكانت كل السلطات في يديه.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.. نعم.
أحمد منصور: حينما قلت له إن اليمن لن يتغير فيها النظام إلا بثورة أحال الملف إلى السادات.
د. عبد الرحمن البيضاني: إلى السادات.. والتقيت..
أحمد منصور: ما معنى إحالة الملف إلى السادات؟
د. عبد الرحمن البيضاني: التقيت بالسادات يوم 20 يناير، أول لقاء مع السادات كان 20 يناير، وأنت تراجع معاي التواريخ الآن في.. في ملفك.
أحمد منصور: نعم، نعم.. نعم.
د. عبد الرحمن البيضاني: 20 يناير سنة.
أحمد منصور: 1955.
د. عبد الرحمن البيضاني: 1955، التقيت بيه أول مرة في..
أحمد منصور: وتوثقت علاقتك وتوطدت بالسادات.
د. عبد الرحمن البيضاني: علاقتنا به، وجدت السادات راجل متفتح جداً، وبعيد النظر جداً، وهذا رأيي الشخصي قد يختلف معايا آخرون، ولكن هذا رأيي الشخصي، كان.. فوجدت..
أحمد منصور: من حقك هنا أن تقول ما تشاء بلا حدود.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، ما.. ما.. ما أعتقده أنا شخصياً بصرف النظر عن رأي الآخرين في السادات، أنا أعتقد إن السادات رجل ذكي جداً، ورجل حكيم جداً، وقارئ، فبعد ما.. جلست معاه حوالي خمس ساعات.
أحمد منصور: في أول مرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: في أول مرة.
أحمد منصور: 20 يناير 1955.
(1/476)
د. عبد الرحمن البيضاني: وبعد أن التقينا، قال لي: ما رأيك لو نتعشى مع بعض غداً في بيتي في الهرم أنت والعائلة؟ وفي اليوم التالي ذهبت إليه أنا والعائلة.. زوجتي، والتقينا بالسيدة الفاضلة جيهان السادات لأول مرة، واختلت هي مع زوجتي بعد العشاء ففوجئت..
أحمد منصور: فيه إشاعات كثيرة إن فيه صلة مصاهرة أو نسب بينك وبين السادات.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذه الإشاعة انطلقت لأن ملف السياسة ملف اليمن السياسي مع السادات، وعلاقته بي باستمرار كنا لا نفترق يوماً.
أحمد منصور: حتى أن البعض يقول أن زوجتك هي شقيقة السيدة جيهان السادات.
د. عبد الرحمن البيضاني: وده حصل، وأذيع هذا فعلاً من إذاعة لندن ومن إذاعات العالم كلها تقريباً اللي كانت معادية للثورة اليمنية، ولما وصل السادات لأول مرة في اليمن بعدما توليت أنا نائب رئيس جمهورية وتوليت بعد قيام الثورة، وسمعت هذه الإذاعات، عرضت عليه أن أكذب هذا الخبر لأنه غير صحيح، فقال لي: هل أنا لست على قدر المقام حتى تكذب هذا الكلام؟! فوجدت إن أنا أحرجت في.. قلت له: لأ، أنا أقصد من تكذيبه حتى إنك لا تتحمل مسؤوليتي أنا.
أحمد منصور: لكن أنت هنا تؤكد عدم وجود أي صلة قرابة أو مصاهرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا توجد صلة إطلاقاً، لكن صلة أقوى من القرابة.
أحمد منصور: توطدت علاقتك بالسادات بعد ذلك، لكن في 3 فبراير 55 تم تكليفك بالسفر إلى ألمانيا لتصبح وزيراً مفوضاً لليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني للأسف الشديد بعد أقل من أسبوعين من لقائي مع السادات، لأن كنا بنلتقي مع السادات يومياً من 25.. من يوم 20 يناير ليوم 2 فبراير ونحن نلتقي يومياً تقريباً.
أحمد منصور: خلاص يعني.
د. عبد الرحمن البيضاني: آه يومياً.
أحمد منصور: أصبحت القضية مش قضية اليمن ومصر، توطدت العلاقة..
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، كان كلها عن ثورة اليمن، كان كل حديثنا عن اليمن.
(1/477)
أحمد منصور: أي ثورة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لا أتكلم..
أحمد منصور [مستأنفاً]: وأنت دائماً حينما تتكلم عن الثورة تتكلم كأن الثورة هي الدكتور عبد الرحمن البيضاني وكأنه لا يوجد يمينون آخرون.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، ليه؟
أحمد منصور: كيف كان ترتيبك مع السادات.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأتكلم عن رأيي أنا الشخصي.
أحمد منصور: رأيك أنت الشخصي، لكن الآن أنت تتكلم عن ثورة، من الذي سيقوم بالثورة، هناك ثوار آخرون كثيرون، هناك معارضون، هناك وطنيون.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.. نعم.
أحمد منصور: لهم أدوار موجودة، كيف كانت علاقتك بهؤلاء الناس؟
د. عبد الرحمن البيضاني: علاقتي بهم علاقة جيدة جداً.. وبالذات مع الضباط.
أحمد منصور: هل كان هناك أي تنسيق بينك وبينهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كان التنسيق مع محمد قائد سيف بالذات، بالذات.. أحمد منصور: محمد قائد سيف من رجالتك يعني..
د. عبد الرحمن البيضاني: بالذات.. بالذات..
أحمد منصور [مستأنفاً]: وشخص، لكن دايماً الثورات بتقوم على.. يعني على مجموع من الناس وليس على فرد.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولكن أن نبدأ بالبداية نفكر.. يوم أتكلم مع أي يمني، هيا بنا نفكر في عملية تكوين مجلس قيادة ثورة أو ثورة، هيضحك، هيضحك عليَّ، يقول لي: كيف يمكن أن.. أن نقوم بثورة؟! أنا عارف إن أركان الثورة خمسة.
أحمد منصور: مش مع أي يمني، مع ناس منتقين أكيد.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو بعض.. بعض.. بعض اليمنيين كانوا لا يزالوا على ارتباط مع البدر.
أحمد منصور: وكان الآخرون يفكرون في الثورة مثلك بالضبط.
د. عبد الرحمن البيضاني: بالضبط.
إنقلاب مارس 1955 وأسباب فشله
أحمد منصور: وفي سنة 55 قامت محاولة للانقلاب.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. لأ.
أحمد منصور: بالضبط قام به المقدم أحمد يحيى الثلايا يوم الخميس 31 مارس 1955.
(1/478)
د. عبد الرحمن البيضاني: ما إحنا الآن قفرنا على التاريخ.
أحمد منصور: ما قفزناش، إحنا في فبراير 55 ومارس 55، يعني لم تكن وحدك الذي تفكر في ثورة أو انقلاب.
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة، أنا حبيت أتكلم بصفة مسلسلة إن لما.. إنت تسألني بالأول سؤالك.
أحمد منصور: أنا أقصد هنا.. أقصد هنا.
د. عبد الرحمن البيضاني: إن الوحيد اللي بأتكلم عن الثورة، لأ، غيري بيتكلم عن الثورة.
أحمد منصور: آه، لماذا لم تلتق الأفكار إذاً؟ لماذا كل واحد يريد عايز يعمل.. يعني يريد ثورة لوحده؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ومن قال أن الأفكار لم تكن.. لم تكن ملتقية؟ بدليل إن لما انتقلت إلى ألمانيا في 3 فبراير السادات كان بيزور اليمن في مارس في 55.
أحمد منصور: 55، والتقى بك في (فرانكفورت)
د. عبد الرحمن البيضاني: قبل أن يلتقي بي في (فرانكفورت) زار اليمن، والتقى.. وهو زار اليمن حتى يشعر.. حتى يطلب من اليمن تفسير حقيقي لماذا يطلب إبعاد البعثة العسكرية المصرية من اليمن.
أحمد منصور: في ذلك الوقت تم اتخاذ قرار بإبعاد الـ..
د. عبد الرحمن البيضاني: فكانت النتيجة إنه وهو موجود في دار الضيافة طرق على بابه حسن نائل مدير مكتبه، وقدم له محمد قائد سيف، محمد قائد سيف التقى بالسادات في.. في أوائل مارس.. 55.
أحمد منصور: 55.
د. عبد الرحمن البيضاني: وشكى له من عبد الرحمن البيضاني، وهو صديقي و(ذراع) يدي اليمني، قال: نحن الآن على استعداد للقيام بانقلاب حالاً، لكن البيضاني يريد تأجيل هذا الانقلاب وهذه الثورة، لأنه في ذهنه خمس أركان، وهذه الخمس أركان كيف يمكن أن تتحقق؟ فإحنا الآن أمامنا فرصة.
أحمد منصور: باختصار ما هي الخمسة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما إحنا أتكلمنا فيها.
أحمد منصور: آه.. آه الخمس اللي أنت تحدثت فيها مع البدر.
د. عبد الرحمن البيضاني: اللي اتحدثت فيها، فمحمد..
(1/479)
أحمد منصور: بس دي مش أركان قيام ثورة هذه، دي أركان.. أركان يعني..
د. عبد الرحمن البيضاني: البداية..
أحمد منصور: ولا أركان البداية، هذه الأركان الذي وضعتها لترسيخ حكم البدر والتمهيد له حتى يأتي إماماً بعد أبيه.
د. عبد الرحمن البيضاني: عظيم، وإذا لم.. لم يصلح البدر فيكون لدينا الجيش، ولدينا المينا، ولدينا الطريق، ولدينا الدولة التي تؤيدنا، ولدينا وسائل الإعلام فإذا كان البدر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عفواً هذا شيء وهذا شيء آخر، الآن من يريد أن يقوم بثورة يتعامل مع الواقع الذي أمامه؟ ولا يطالب.. مين اللي هينشيء طريق؟ ومن اللي هيجيب ميناء؟ ومن اللي هيجيب..؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لاحظ يا أخ أحمد لاحظ يا أخ أحمد أنت بتتكلم مع واحد قام بثورة فعلاً، وخبير في هذا الموضوع.
أحمد منصور: طيب ما أنا أتكلم معك، أنا لي عقل أيضاً (أوزن) الأمور.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا عارف.. عارف، فأنا بأقول لك: إن قيام ثورة في اليمن تحتاج خمس عناصر في رأيي أنا الشخصي، قد أكون مخطيء.
أحمد منصور: لم يكن شيئاً منها قائماً في ذلك الوقت.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولكن نأمل في أن يتحقق وتحقق فعلاً بالتدريج، وحققناه فعلاً بالتدريج، الشيء المستحيل هذا حققناه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس ما ينبغي أن يتم من أجل ثورة يختلف تماماً على ما ينبغي أن يتم لترسيخ الأمير بدر ليكون وليا لعهد أبيه.
د. عبد الرحمن البيضاني: كحل احتياطي، فإذا لم يصلح البدر كحل، إحنا اتخذناه كورقة إما أن يصلح نصلح اليمن من خلاله، وأنا اشترطت عليه إلغاء التفرقة العنصرية، والتفرقة الطائفية، واعتبار الشعب اليمني شعباً واحداً، وكل هذا اتفقنا عليه، وهيأتي ذكره.. فيما بعد وإذا توفرت لدينا هذه العناصر الخمسة فسواء البدر كان موجود أو غير موجود ممكن.. نغير الأمور. المهم محمد قائد سيف شكاني أمام.. أمام السادات.
(1/480)
أحمد منصور: يشكوك ليه هم يعملوا ثورتهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا ما حدث، هذا ما حدث، ممكن تسأل محمد قائد سيف، لكن هذا ما حدث..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في 31 مارس 55.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. لأ، لحظة..
أحمد منصور: محاولة الانقلاب التي قام بها الثلايا..
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة.. لحظة واحدة لو سمحت، إن لما شكا محمد قائد سيف لأنور السادات سلمه رسالة لي أنا فيها كل هذه (المرارة) ومنشورة في كتابي بإمضاء محمد قائد سيف يشكو مني إن أنا أمامه فرصة، كان وقتها فيه فرصة كبيرة جداً للقضاء على الإمام فعلاً وقتله وتعيين الأمير عبد الله أو أي واحد من الأمراء بدلاً عنه.
أحمد منصور: ما غيرتوش حاجة.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، وهذا.. هذا فعلاً ما قتلته، فعلاً ما قلته، وقلت للسادات: يا أخي، يا أخي أنور، هذا انقلاب فاشل، وشكوى محمد قائد سيف إنه مستعجل، وهذا انقلاب فاشل، وإذا قامت... وإذا قام أنا سأعارضه، وإذا قام أرجو أن مصر لا تتدخل فيه، والبعثة العسكرية التي لا تزال موجودة في اليمن أرجو منها ألا تدخل نهائياً بأمر من القيادة المصرية.
أحمد منصور: وهذا ما حدث.
د. عبد الرحمن البيضاني: وهذا ما حدث، قام الانقلاب في.
أحمد منصور: فشل انقلاب 55.
د. عبد الرحمن البيضاني: قام انقلاب بـ 31.
أحمد منصور: مارس.
د. عبد الرحمن البيضاني: مارس، وفشل في 3 إبريل، وأنا أعلنت في واحد إبريل معارضتي لهذا الانقلاب وتأييدي للإمام أحمد.
أحمد منصور: وفي 4 إبريل 1995 أعلن الإمام انتصاره وقضاءه على المنقلبين.
(1/481)
د. عبد الرحمن البيضاني: أعلن انتصاره، هو انتصر في مساء 3.. 3.. 3 إبريل، وأعلن انتصاره 4 إبريل، ثم دعاني أنا 7 إبريل لمحاكمة من؟ لمحاكمة الخونة –في نظره- الذين قاموا بهذا الانقلاب، فأنا أحاكم من؟! أحاكم محمد قائد سيف؟! أحاكم أحمد يحيى الثلايا صديقي.. الذي قام بهذا الانقلاب؟! أحاكم أخو الإمام الأمير عبد الله؟! أحاكم أخو الإمام الأمير العباس؟! أحاكم حاكم "تعز" الصياغي اللي كان عضو اليمنيين في محكمتي اللي أنا كنت رئيس محكمة الأجانب؟! أحاكم من؟! فتباطأت في السفر إلى اليمن..
أحمد منصور: طبعاً القاضي.. الإمام قبل ذلك أسبغ عليك لقب قاضي وولاك محكمة التمييز.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: يعني ولذلك استدعاء.. للحكم استدعاك لـ..
د. عبد الرحمن البيضاني: هو "القاضي" لقب.. لقب يعطي للشخصيات البارزة في اليمن.. كلقب أقل قليلاً من السادة "السيد" يعني أسرة هاشمية، وبعدها القاضي وهو لقب يعني يعتبر.
أحمد منصور: ليس بالضرورة أن يكون قاضياً.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، ليس بالضرورة أن يكون قاضي، فالمهم في الموضوع إن أنا وصلت إلى.. إلى قبل أن أصل إلى تعز وصلت إلى القاهرة في طريقي إلى اليمن، والتقيت بالسادات، وكنت مقتنع إن أنا مقبل على.. مقبل على شيء أنا لا أريده وبأحاول أتخلص منه، وهو محاكمة هؤلاء.
أحمد منصور: أنت لما ذهبت إلى أو أرسلت إلى.. ألمانيا، هل كان بغرض إبعادك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كان بغرض إبعادي عن الطلبة أساساً.
أحمد منصور: لأن دايماً عامل مشاكل في كل مكان بتتواجد فيه.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، هو اللي حصل بالضبط بالنسبة للطلبة إن أنا كنت..
أحمد منصور: الطلبة اليمنيين هنا في القاهرة الذين كنت تشرف عليهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: أشرف عليهم، ماذا حدث؟
أحمد منصور: تريد تعمل بيهم ثورة.
(1/482)
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لم يحصل، اللي حصل بالضبط إن أنا كنت مشرف عليهم من.. بأمر الإمام، ففوجئت في عدة –يعني- مرات أن أطلب في الفجر أو في منتصف الليل لفض اشتباك بين الطلبة لأن كانوا مقيمين في بيت واحد في حلوان، وكانوا أحياناً يستخدموا السكاكين ضد بعض، أحياناً مثلاً على سبيل المثال على سيف الخولاني وعبد الله جزيلان، اللي كان.. أصبح أعضاء الاتنين أعضاء في مجلس قيادة الثورة.
أحمد منصور: عادي، الطلبة بيمسكوا في بعض في كل حته بـ..
د. عبد الرحمن البيضاني: فأنا أقترحت الآتي على الوزير المفوض رئيسي، قلت له: نختصر عمل إشراف.. السفارة على الطلبة على الناحية التعليمية والصحية والمالية، ونطلب من الطلبة أن يختاروا من بينهم 3 أو 4، لجنة ينتخبوها بتنتخبهم ليختاروا.. لحل مشاكلهم الشخصية بعيد عن السفارة، فُسر هذا خطأ لدى الإمام، الطلبة فرحوا بهذا الكلام كلهم، فُسر هذا الكلام لدى الإمام بإن أنا بأشيع فيهم الروح الديمقراطية والانتخابية، فأبعدني عنهم لهذا السبب، ليس لأني فعلت مشاكل مع الطلبة، أبداً..
أحمد منصور: بتعمل مشاكل للنظام بتعمل مشاكل للإمام.
د. عبد الرحمن البيضاني: هو تصور هو تصور هذا، إذا كنت تعتقد إن..
أحمد منصور: طبعاً كيف تأتي بنظام إمامي وأنت عايز تعمل ديمقراطية، وعايز تعمل انتخابات.
د. عبد الرحمن البيضاني: دي مش ديمقراطية ولا شيء، كل ما في الموضوع بأخفف أعباء السفارة اليمنية بدلاً من أن أقوم أنا أو الوزير المفوض في منتصف الليل لحل مشكلة طلابية بالسكاكين في.. بيتهم في حلوان، في المقر.. مقرهم في حلوان، ما هو المانع إن يختاروا مجموعة أو 3 أو 4 منهم يحلوا هذه المشاكل بدل ما يدوخوا معاهم السفارة؟
أحمد منصور: ماذا فعلت في استدعاء الإمام بك لتكون قاضياً في محاكمة الانقلابيين؟
(1/483)
د. عبد الرحمن البيضاني: وصلت في طريقي إلى اليمن، وصلت.. وصلت التقيت بالسادات، فالسادات قال لي الموضوع انتهى، محمد قائد سيف هرب إلى عدن والإمام أجهز على جميع من اتهمهم بهذا.. بالانقلاب، واستعجل لأن الرئيس عبد الناصر أرسل السيد حسين الشافعي لمحاولة الشفاعة.
أحمد منصور: .. السيد حسين الشافعي.
د. عبد الرحمن البيضاني: الشفاعة فقال لك.. والسعودية أيضاً أرسلت وزير.. وزير من وزارئها للشفاعة.
أحمد منصور: لكن هؤلاء الانقلابيون حينما قاموا بانقلابهم لم يكونوا يستمدوا أي قوة من مصر أو من السعودية أو من أي طرف خارجي؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ولا أي طرف.
أحمد منصور: ولعل هذا سبباً رئيسياً في فشلهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: فشلوا لأن الموضوع كله، يعني هي فيه أسباب كتيرة للفشل، يعني والقصة بدأت بإيه؟ القصة بدأت بإن عسكر الإمام اللي كانوا تحت قيادة المقدم يحيى الثلايا، كانوا بيحتطبوا في إحدى القرى، القرية اسمعها "الحباي" فحصل قتال بينهم وبين أصحاب الزراعات اللي.. فالإمام توعدهم.. توعد، وعد الزراع بالقصاص لهم من جنوده، فأحمد يحي الثلايا استغل هو و.. محمد قائد سيف، استغلوا غضب الإمام على الجنود وأثاروا الجنود على الإمام، وحاصروا الإمام، وجمعوا العلماء، ماذا نفعل؟
بعضهم قال: نقتله، وبعضهم قال يتنازل الإمام عن العرش لأخيه.. لأخيه عبد الله، لكن الذي أفشل الانقلاب فعلاً.. فعلاً.. فعلاً إن سيدات الأسرة المالكة أو أسرة الإمام أحمد قصوا شعورهن ووضعوهم في أظرف، أرسلوهم للقبائل، وكتبوا لهم: "يا غارة الله بنات النبي" اعتبروا إن هم بنات النبي من الأسرة الهاشمية، "يا غارة الله على بنات النبي"، القبائل وجدت: الله!! طب بنات النبي محاصرين.. محاصرين وسيقتلون، وسيمثل بهم، وممكن اغتصابهم؟ هجموا على تعز، ده كان سبب من أسباب الفشل.
(1/484)
أحمد منصور: في الحلقة لقادمة أتناول معك المهمات الأساسية التي قمت بها بعد ذلك إلى طوكيو وإلى الاتحاد السوفيتي وعملية بناء اليمن وصولاً إلى قيام ثورة 1962. أشكرك شكراً جزيلاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: إن شاء الله، أنا أشكرك، وأشكرك على سعة صدرك أولاً.
أحمد منصور: دا أنا اللي بأشكر سيادتك على سعة صدرك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أشكرك على سعة صدرك.
أحمد منصور: أنا صدري ليس مشكلة عندي، المشكلة عند الطرف الآخر.
د. عبد الرحمن البيضاني: ويعني يمكن.. يمكن تجد مني نوع من يعني..
أحمد منصور: أنا اللي باعتذر لك عن قسوتي أحياناً، أنا أريد أن يفهم الناس ما يريدون أن يفهمونه.
أحمد منصور: أنا.. أنا.. أحب جداً وأرحب جداً بأن تنقل لي كل ما يقال عني وكل ما يقال ضدي، حتى تعطيني فرصة للشرح.
أحمد منصور: هذا هدف البرنامج.
د. عبد الرحمن البيضاني: لحتى تعطيني فرصة لشرح ما يدور في أذهانهم خطأ.
أحمد منصور: نحن نسعى لتقديم الحقيقة للناس.
د. عبد الرحمن البيضاني: وأنا صدري واسع، ولا يمكن أن.. يعني.. وليس عندي ما أخفيه.
أحمد منصور: شكراً يا فندم.
د. عبد الرحمن البيضاني: الله يخليك.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام، على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل.. نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن البيضاني (نائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/485)
الحلقة3(1/486)
الخميس 27/4/1422هـ الموافق 19/7/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 19:58(مكة المكرمة)،16:58(غرينيتش)
عبد الرحمن البيضاني نائب الرئيس اليمني الأسبق الحلقة 3
مقدم الحلقة
- أحمد منصور
ضيف الحلقة
- عبد الرحمن البيضاني، نائب الرئيس اليمني الأسبق
تاريخ الحلقة
23/07/2001
- صفقة الملح مع اليابان وبناء ميناء الحديدة
- صفقة السلاح مع موسكو ونتائجها
- وصول البعثة العسكرية المصرية الثانية إلى اليمن
- حقيقة مرض الإمام ومحاولة البدر الانقلاب على أبيه
- فشل الانقلاب ورد فعل الإمام
- هروب البيضاني من اليمن
عبد الرحمن البيضاني
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني (نائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية). سيادة النائب مرحباً بك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند انتهاء محاولة الانقلاب التي قام بها المقدم "أحمد الثلايا" والتي انتهت بإعدامه وفرار بعض المشاركين له وعودتك إلى اليمن باستدعائك من الإمام من ألمانيا، ولقائك مع السادات، الذي أصبحت تلتقي به بشكل مستمر، بعد ما كلف رسمياً من الرئيس عبد الناصر بأن يشرف على ملف اليمن معك.
د. عبد الرحمن البيضاني: وكنت أعلم أنه يتصل بالرئيس عبد الناصر ويخبره يوم بيوم، كلمة بكلمة، كل ما أقوله للسادات.
أحمد منصور: ألم يطلعك السادات على شيء بالنسبة لموقف البعثة العسكرية المصرية وموقف مصر خصوصاً من انقلاب 56؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم أطلعني.. 55.
أحمد منصور: 55 عفواً.
د. عبد الرحمن البيضاني: أطلعني وقال: إن هم مصر التزمت فعلاً بالحياد الكامل، والبعثة العسكرية المصرية لم تتحرك ولم تحرك ساكناً.
(1/487)
أحمد منصور: لماذا ومصر لها رغبة في تغيير الوضع في اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. هو أنا كنت التقيت بالسادات في تقريباً في 14 مارس 55 في (فرانكفورت) واتصل بي من لندن بالتليفون وقال لي: أنا في الطريق إلى القاهرة وسأمر بفرانكفورت أرجو أن نلتقي ساعة أو ساعتين في.. في القنصلية في فرنسا. وفعلاً التقينا وكما سبق قلت له: إن هذا انقلاب فاشل لأن كان محمد قائد سيف مُصِّر على هذا انقلاب، قلت.
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا قبل وقوعه.
د. عبد الرحمن البيضاني: قبل وقوعه، وقلت له: هذا الانقلاب محكوم عليه بالفشل، وأرجو أن تتجنب مصر الاشتراك في أمر فاشل، وسأكتب لمحمد قائد سيف أحاول أثنيه عن عزمه، ولذلك أعتقد إن مصر يعني كانت تثق في حسن تقديري، هكذا ظننت في تلك الأيام، والتزمت فعلاً الحياد، والبعثة العسكرية المصرية التزمت الحياد حتى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على اعتبار أن..
د. عبد الرحمن البيضاني [مستأنفاً]: حتى إن أحمد.. أحمد يحيى الثلايا طلب بعض مدافع (هاون) من البعثة العسكرية المصرية فرفضت.
أحمد منصور: على اعتبار أن المصريين كانوا ينظرون إليك على أنك رجلهم أيضاً في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، هو ليس هذا هو.. ليس هذه هي النظرة، ولكن نظرتهم إني يعني لي وجهة نظر محل تقدير ومحل احترام لدى القيادة المصرية.
صفقة الملح مع اليابان وبناء ميناء الحُديدة
أحمد منصور: رجعت إلى تعز، رجعت إلى اليمن، سافرت إلى طوكيو في أبريل 56 لتوقيع اتفاقية اقتصادية مع اليابان، بأي صفة سافرت؟
(1/488)
د. عبد الرحمن البيضاني: كان فيه خلاف ما بين الحكومة اليمنية –الإمام أحمد يعني- وبين الحكومة اليابانية على تصدير ملح الصليف، عندنا.. عندنا منجم.. أو يعني حجري.. ملح حجري، وكنا نصدر منه إلى اليابان وكانت هي المستورد الوحيد، وفجأة اليابان قررت التوقف عن استيراد الملح اليمني من اليمن اكتفاءً بإنها ستأخد ملح من الصين، والملح من الصين هيكون أرخص، لأن الـ C.I.F.
أحمد منصور: التكلفة أقل.
د. عبد الرحمن البيضاني: سعره C.I.F، free cost insurance بيكون من الصين أرخص من cost insurance من (الصليف).
أحمد منصور: تأمين يعني.
د. عبد الرحمن البيضاني: قول التكلفة والنقل والتأمين. فأرسل الإمام وفد سابق لليابان وفشل، فأرسلني أنا لليابان للمفاوضات مع اليابان على رأس وفد يمني، وأمضينا هناك حوالي أسبوعين أو 3 أسابيع –على ما أظن- ونقاش طويل عريض لغاية ما وصلنا إلى اتفاقية مع اليابان على إنها تستورد بدل أن كانت تستورد حوالي 250.. 200 ألف طن قمح.. 200 ألف طن ملح.
أحمد منصور: ملح.
د. عبد الرحمن البيضاني: اتفقنا على 500 ألف طن ملح، ولأني رفعت شعار "المقاطعة". إذا لم تستوردوا منا ملح فسوف نقاطع بضائعكم بالكامل، وكنت أستأذنت الإمام في إني ألقي هذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنتو هل تملكوا إنكم تقاطعوا منتجات اليابان؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، نعم لأن كان كل منتجات اليابان تأتي عن طريق عدن، فممكن..
أحمد منصور: ليس عن الطريق ولكن أنتم في حاجة إلى هذا.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لأن.
أحمد منصور [مقاطعاً]: دائماً اللي يهدد بالمقاطعة يكون عنده بدائل.
د. عبد الرحمن البيضاني: هي الأشياء اللي كانت بتأتي من اليابان يمكن الاستغناء عنها تماماً.
أحمد منصور: في ذلك الوقت.
د. عبد الرحمن البيضاني: في ذلك الوقت.
أحمد منصور: لكن اليابان.. أميركا لا تستطيع الاستغناء عنها!!
(1/489)
د. عبد الرحمن البيضاني: فكنا نستورد من اليابان ما قيمته 5 مليون جنيه إسترليني كل العام، بينما نصدر لها 200 ألف طن.
أحمد منصور: ملح.
د. عبد الرحمن البيضاني: ملح، الطن حوالي 2 جنيه، يعني تافه، الموضوع تافه، فقلت للإمام نهددهم بإن إحنا كل صادراتهم تتوقف عن اليمن، وفعلاً قبلوا هذا وانتهزت الفرصة لنحقق الركن الثاني من.. الركن الأول أو العنصر الأول.
أحمد منصور: الميناء.
د. عبد الرحمن البيضاني: الميناء، وطلبت منهم أن يشترطوا علينا، يبقى الشرط جاء من اليابان وليس مني أنا، شرط اليابان أن.. أن ننشيء ميناء في الحُديدة وننشئ بنك الحديدة. يعني يعني أغريتهم أن يشترطوا علينا حتى..
أحمد منصور: يعني تبدأ عناصر الدولة وعواملها تكتمل.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، حتى لما يسألني الإمام: لماذا وقعت على هذه الاتفاقية، أقول والله هذا كان شرط من شروط اليابان حتى نصدر إليهم. فتحقق أول ركن من أركان القيام بثورة في اليمن وهو بناء.. الاشتراط على اليمن أن تقوم ببناء ميناء في الحديدة وفعلاً كلفني الإمام بالعودة إلى.. إلى ألمانيا للاتفاق مع شركات ألمانية وتوقيع العقد بالنيابة عن الحكومة اليمنية لإنشاء.. لتوسيع ميناء الحديدة، ميناء الحديدة للعلم يعني كصورة مبدئية يعني سطحية إن كانت السفن ترسو على بعد 150 متر من ميناء الحديدة، الميناء كان مفيش ميناء في الحديدة، وكانت الزوارق تصل إلى.. إلى.. إلى السفن، الزوارق بيسموها في اليمن "سنابيك"، "سنيك" سنبك يعني "زورق"، كان الزوارق تصل إلى 150 متر على بعد 150 متر من الشاطئ لتصل إلى.. إلى السفن، ثم تحمل الركاب والأمتعة في هذه الزوارق، والزوارق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني لم يكن هناك عمق للميناء ولا بحاجة إلى...
(1/490)
د. عبد الرحمن البيضاني: والزوارق، والزوارق كانت لا تصل إلى ميناء، لا تصل إلى الشاطئ، كانت تقف على بعد 20، 25 متر من الشاطئ، ثم يأتي الحمالون يحملون الأمتعة والركاب على أكتافهم إلى.. إلى الميناء، فكيف يمكن أن نستورد أسلحة من هذا.. بهذه الكيفية؟.. هذا...
أحمد منصور: وهذه النقطة الثانية في استيراد السلاح حينما ذهبت إلى الاتحاد السوفيتي مع الأمير البدر.
د. عبد الرحمن البيضاني: وصلت إلى ألمانيا وإذا بالإمام –بناءً على رغبة من البدر- إني ألحق به في مفاوضات مع.. مع.
أحمد منصور: الاتحاد السوفيتي.
صفقة السلاح مع موسكو ونتائجها
د. عبد الرحمن البيضاني: مع موسكو، وفي موسكو التقينا بـ (خروتشوف) و (وبولكالين)، وكنت أنا المتحدث الرسمي باسم الوفد اليمني، وأقنعت البدر بإنه يطلب من الاتحاد السوفيتي أسلحة، وهذا يحقق هدفنا في استيراد أسلحة من الاتحاد السوفيتي ولا ندفع فيها أي ثمن.
أحمد منصور: لكن هذا أغضب الإمام.
د. عبد الرحمن البيضاني: وهذا أغضب الإمام، ولأنه لم نكن مكلفين بطلب أسلحة من الاتحاد السوفيتي، لكن أنا كنت متصور إن (خروتشوف) سيفرح جداً عندما نطلب منه أسلحة باسم الدفاع عن اليمن ضد العدوان البريطاني المستمر من عدن.
أحمد منصور: على اعتبار أن عدن أو اليمن الجنوبي كان تحت الانتداب البريطاني.
د. عبد الرحمن البيضاني: كان.. كان تحت الاستعمار البريطاني. فالبدر قال لي: أنا لا أستطيع أن أطلب هذه السلاح من.. من الروس، لأنه لم أكن مفوضاً من قبل الإمام، قلت له: أنا سأتطوع بهذا وأتحمل المسؤولية. وفعلاً قلت لخروتشوف أثناء الاجتماع والبدر.. بحضور البدر.
أحمد منصور [مقاطعاً]: المهم إن.. يعني بدون تفصيلات، لأن أنا لا أستطيع أقف عند التفصيلات أنا دايماً عند النتائج.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب وهو كذلك.
أحمد منصور: فالنتائج الآن أنه تم الموافقة على إمداد اليمن بالسلاح.
(1/491)
د. عبد الرحمن البيضاني: بالسلاح.
أحمد منصور: هذا لم يوافق رغبة الإمام والإمام غضب للغاية،
د. عبد الرحمن البيضاني: غضب للغاية.
أحمد منصور: وحينما رجعتم إلى اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: رجعنا إلى.. أنا قلت للبدر أنا أتحملها، وصلتنا برقية من الإمام بعد التوقيع بقطع الزيارة –كنا المفروض نزور تشيكوسلوفاكيا بعد ألمانيا الشرقية- إن إحنا نقطع الزيارة ونعود إلى اليمن فوراً، لأن كان حسن إبراهيم –هو الوزير المفوض في اليمن.. اليمني في لندن- كان استدعاه مستر (إيدن) وكان وقتها وزير.. (أنتوني إيدن) وزير خارجية بريطانيا، وأظهر له انزعاج بريطانيا من حصول اليمن على أسلحة. فحسن إبراهيم –رحمه الله- وصل إلى الإمام وخلق في قلبه الذعر، فطلبنا الإمام، وكان الإمام في غاية الغضب، والبدر يعني حسب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي مشكلة الإمام في أن تصل إليه أسلحة من الاتحاد السوفيتي؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأنه لا يريد، لأنه لا يريد أسلحة..
أحمد منصور: لأن معنى وجود أسلحة وجود جيش ممكن أن يهدد نظامه.
د. عبد الرحمن البيضاني: ممكن أن يهدد نظامه، فلذلك لما البدر تخلى عن المسؤولية وقال: البركة في القاضي عبد الرحمن هو اللي كان له الفضل في أخذ هدية الأسلحة من الاتحاد السوفيتي، الإمام غضب مني فقلت: يا مولانا، المسألة لا.. لا.
أحمد منصور: لكن ماذا فعل في البدر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: ماذا فعل في البدر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ركله، كان جالس على الأرض، ركله برجله حتى أسقطه على الأرض.
أحمد منصور: أمام الناس؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أمامي وأمام عبد الملك العمري كان مدير مكتبه، وأمام القاضي أحمد الحضراني وأمام بعض الآخرين. فأنا قلت للإمام: يا مولانا لا داعي إطلاقاً لهذا الغضب.. لهذا الغضب.
أحمد منصور: لكن شخصية البدر كأنها كانت ضعيفة أمام أبيه؟
(1/492)
د. عبد الرحمن البيضاني: كانت ضعيفة، فإذا وصلت الأسلحة ستأتي في صناديق مغلقة دعها في الشاطئ يأكلها الصدأ، إن شئت فتحتها، إن شئت أغلقتها.
أحمد منصور: لكن كان لديك الجرأة أن تتكلم مع الإمام بهذه الطريقة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: وهو، أنا أتكلم في مصلحته قلت له يا مولانا
أحمد منصور [مقاطعاً]: ليست قضية مصلحة هنا، وإنما قضية حدود وضوابط دائماً يضعها من يعني يديرون شعوبهم بنظام ديكتاتوري أو مستبد، لا يسمحوا للناس أن.. وإلا لو سمحوا للناس أن يتكلموا معهم لصار نظاماً ديمقراطياً. ولكن دائماً الأنظمة المستبدة والحكام المستبدون لا يسمحون للناس أن يتكلموا معهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: لكن ما حدث إن الإمام لما غضب على البدر وركله في ساقه ووقع على الأرض.
أحمد منصور: إذا هذا ما فعله مع ابنه فكيف بك أنت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، فوجه الكلام إليَّ: كيف تطلب هذا السلاح من دون إذني؟ قلت له: يا مولانا هذه هدية.
أحمد منصور: وتعامل معك برأفة.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا كان الغضب، قلت له يا مولانا، لا داعي لهذا الغضب.
أحمد منصور: إذا كان ركل ابنه فكيف يتعامل مع الآخرين؟
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني ضع في اعتبارك إن أنا كنت وزيره المفوض في الخارج.
أحمد منصور: ابنه ولي عهده.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولكن له، دلال على الابن أكتر من دلاله على شخص غريب، ولا يريد أن يضمني إلى المعارضين لأن لو.. لو ركلني مثل ما ركل البدر كنت سأنضم للمعارضين، وهذا ما يخشاه، هو ضامن ابنه البدر في حضنه، لكن ليس ضامن عبد الرحمن البيضاني، ثم إني..
أحمد منصور: هل مؤهلاتك العلمية..
(1/493)
د. عبد الرحمن البيضاني: ثم إن ماذا قلت للإمام؟ أنا قلت يا مولانا، لا داعي للغضب، السلاح سيأتي في صناديق مغلقة، وستأتي إلى الشاطئ، دعها على الشاطئ يأكلها الصدأ، إذا أردت أن تستخدمها أهلاً وسهلاً، إذا أردت أن يأكلها الصدأ أهلاً وسهلاً، لكن في كلا الحالتين سنستفيد فائدة كبرى وهي: أن بريطانيا تشعر أننا لسنا جثة هامدة يمكن أن نتحرك في يوم من الأيام..
أحمد منصور: هو لا يريد هذا أيضاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، هو كان يريد هذا، يريد إنه يشعر الشعب اليمني إنه يعني ضد الاحتلال البريطاني.
أحمد منصور: في هذا الوقت طُردت البعثة العسكرية المصرية الأولى من اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: أيوه، نعم.
أحمد منصور: وبدأ الإمام يخشى من عبد الناصر بشكل كبير، أليس كذلك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هو حسن إبراهيم لما وصل إلى اليمن وصل في يوليه 56.
أحمد منصور: 56.
د. عبد الرحمن البيضاني: 56، أبلغ الإمام نقلاً عن مستر إيدن (وزير خارجية بريطانيا) أننا.. أن عبد الناصر الآن في طريقه إلى النهاية كان قبل تأميم قناة السويس –خد بالك- كان بعد الجلاء وقبل التأميم.
أحمد منصور: قبل 26 أكتوبر.. العدوان الثلاثي، نعم.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، وقال له: إن عبد الناصر في نهايته، وسوف نبشرك بنهايته في أقرب فرصة. فالإمام فرح بهذا الخبر من جانب حسن إبراهيم، ولذلك كان القاضي محمد العمري –وهو عضو في الوفد معانا- كان وكيل وزارة الخارجية، عزل محمد العمري وكيل الخارجية لأن اشترك معانا في موضوع السلاح، وعين حسن إبراهيم –مجاملة لبريطانيا- وكيلاً للخارجية.
أحمد منصور: أنت لم تعاقب بأي شيء في موضوع السلاح.
د. عبد الرحمن البيضاني: لم أعاقب.. أعادني إلى (بون).
أحمد منصور: أعادك إلى بون مرة أخرى.
د. عبد الرحمن البيضاني: أعادني إلى بون مرة أخرى.
أحمد منصور: أنت كنت طبعاً في (بون) كنت..
(1/494)
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني.. يجب أن تدخل.
أحمد منصور: كنت المفوض كنت.. بس حتى نوضح طبيعة العمل الذي كنت فيه في ألمانيا، وأنك أيضاً حصلت على الدكتوراه من هناك في تلك المرحلة، كنت المفوض للحكومة اليمنية هناك في بون.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
وصول البعثة العسكرية المصرية الثانية إلى اليمن
أحمد منصور: البعثة العسكرية المصرية الثانية وصلت في منتصف فبراير 57 برئاسة.
د. عبد الرحمن البيضاني: 21 فبراير بالضبط.
أحمد منصور: العقيد حسن فكري إلى..
د. عبد الرحمن البيضاني: الحسيني.
أحمد منصور: الحسيني إلى اليمن، حتى تقوم بعملية التدريب مرة أخرى بعد ما استدعيت أو رجعت البعثة العسكرية الأولى والتي كانت بقيت حتى محاولة الانقلاب التي وقعت في 55، بعدها رجعت إلى مصر في 59.. صيف 59 تحديداً –سافر الإمام [للعلاج] روما للعلاج.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ هو فيه نقطة، نقطة مهمة، لماذا عادت البعثة المصرية الثانية برئاسة حسن فكري الحسيني؟ لماذا وصلت؟ لماذا.. الأول عرفنا لماذا أبعد البعثة الأولى، طيب لماذا قبل البعثة الثانية؟ ما هو السبب؟ هذا هو بيت القصيد هنا.
أحمد منصور: باختصار، نعم.
د. عبد الرحمن البيضاني: بيت القصيد هنا إن بعد ما انتصرت مصر، يعني بعد العدوان الثلاثي وانتصرت مصر، وخرج آخر جندي بريطاني من مصر يوم 23 ديسمبر 56 الإمام حب يركب الموجة من جديد، أعلن في اليمن ما سماه بـ"الصيحة الكبرى" وهو غزو عدن، وأخذ يرسل إليَّ برقيات.
أحمد منصور: خلاص البريطانيين بقوا حيطة واطية كدا!!
د. عبد الرحمن البيضاني: مثلاً، وأرسل.. أرسل إليَّ عدة برقيات إن فيه معارك بينه وبين الإنجليز، وأنا كنت آخد البرقيات وأعمل مؤتمر صحفي.. أعقد مؤتمرات صحفية في السفارة اليمنية، وفتحت باب التطوع للإنجليز.. للألمان لدرجة إن مستر (إيدن) عقد مؤتمر.. طلب عقد انعقاد مجلس الأمن.
(1/495)
أحمد منصور: تطوع يعملوا أيه الألمان؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟ يرجعوا اليمن، يحاربوا ضد.. يحاربوا الإنجليز، وحصل عندي قائمة من مئات..
أحمد منصور: ليردوا على ما فعل بهم في الحرب العالمية الثانية.
د. عبد الرحمن البيضاني: مثلاً.. مثلاً، فكانت النتيجة الإمام استدعاني إلى اليمن، وقال لي: أنا يعني لا أوافق مطلقاً على دعوة.. على السماح بوجود ألمان معنا هنا في اليمن.
أحمد منصور: يعني كنت تتحرك.. تتحرك كأنك رئيس اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: قلت له.. قلت له: أنا لم أطلب، قلت له: أنا لم أطلب.
أحمد منصور: كأنك رئيس اليمن!!
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، لحظة لحظة واحدة، قلت له: أنا لم أطلب، أنا أنت أرسلت لي بيانات عن معارك فأنا أعلنت هذه البيانات في الصحافة، فجاء لي متطوعين، فإذا شئت أخذتهم وإذا شئت تركتهم، وفي نفس الوقت قال لي: أنا عينت القاضي أحمد الصياغي –كان أمير.. لواء (إب)، إنه سيزحف على عدن، قلت له: مستحيل نزحف على عدن، لأن الأسلحة لا تزال في الصناديق، ليس معنا أجهزة طبية، لم ندرب الجيش اليمني، فكيف نزحف على عدن؟! اطلب بعثة مصرية جديدة لفتح هذه الصناديق وتدريب الجيش اليمني حتى يمكن أن نبدأ فعلاً في معاركنا مع بريطانيا إذا أردنا، والمعارك لن تكون معارك دولة بين دولة ودولة، المعارك عبارة عن قبائل، يعني معارك قبلية، كانت النتيجة الإمام وافق، أنا كنت موجود عنده في.. وأنا موجود عنده في مكتبه.. في.. في غرفته، كان البدر في.. في القاهرة، فأرسل للبدر برقية بالشفرة يطلب منه إرسال.. أن يطلب من عبد الناصر إرسال بعثة عسكرية مصرية ثانية، فعبد الناصر أرسل العقيد حسن فكري الحسيني رئيساً وصلاح المحزري وعادل السيد.
أحمد منصور: عشان تحقيق الصيحة الكبرى!!
د. عبد الرحمن البيضاني: تحقيقها، هذا سبب وجود البعثة الثانية.
حقيقة مرض الإمام ومحاولة البدر الانقلاب على أبيه
(1/496)
أحمد منصور: في صيف العام 1959م مرض الإمام أحمد وسافر إلى روما للعلاج، واعتقد الأمير البدر أن والده في نهايته لا سيما وأن الإمام كان يدخل في غيبوبة وبدأ عملية إصلاح. كنت في ذلك الوقت أنت في ألمانيا، أين كان موقعك مما كان يحدث؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا لم أكن في ألمانيا، أنا استدعيت لمرافقة الإمام ضمن الحاشية في روما، فكنت باستمرار جليس الإمام طول فترة مرضه الفترة الأخيرة.
أحمد منصور: ما حقيقة هذا المرض؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الإمام كان ينام على الأرض فعلاً على مرتبة، وكنا حوله كنت أنا والقاضي محمد العمري والأمير الحسن و.. أخو شقيقه، عدد من الحاشية السيد أحمد عباس وغيرهم، وكنا نقرأ الفاتحة حتى –يعني- يسهل الله –سبحانه وتعالى- عليه آخر لحظاته.
أحمد منصور: يعني للدرجة دي كان؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لهذه الدرجة.
أحمد منصور: كان حقيقي هذا أو كان تمثيل؟
د. عبد الرحمن البيضاني: علمت فيما بعد إنه كان غير حقيقي.
أحمد منصور: يعني يمثل دور الميت أو المتحضر؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: علمت.. علمت هو كان عنده روماتيزم فعلاً لكن ليست لهذه الدرجة، والبدر بلغه هذا الخبر فبدأ لإصلاحات التي كنت متفق.. متفقاً عليها معه في سنة 50.
أحمد منصور: استغرق مرض الملك.. الإمام قد إيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الفترة اللي بقيناها في روما حوالي 30 يوم تقريباً.
أحمد منصور: يعني خلال الـ 30 يوم لم يصبر الأمير البدر وبدأ عملية الإصلاح.
د. عبد الرحمن البيضاني: هو أي إصلاح عمله البدر؟ هو اللي حصل إنه شك.. يعني أنا كنت متفق معاه على إلغاء التفرقة العنصرية وإلغاء التفرقة الطائفية و
أحمد منصور: يعني إيه تفرقة عنصرية وتفرقة طائفية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هي أنت قلت هنؤجلها للمستقبل..
أحمد منصور: ما هو دوراً ها جه الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: جاء وقتها.
(1/497)
د. عبد الرحمن البيضاني: جاء وقتها.. وهو كذلك. المذهب الزيدي –وهو مذهب سمح جداً، أقرب المذاهب الشيعية إلى السنة- يساوي بين جميع الناس، ويقول إن الإمام الأفضل يكون من سلالة فاطمة بنت.. من أولاد علي، ولكن إذا وجد الأصلح فهو الأصلح يجب الأفضل. الإمام الهادي يحيى بن الحسين كان وقتها سنة ألف.. سنة 284 هجرية كان في المدينة المنورة.
أحمد منصور: أنا كده ها أدخل في تاريخ ألف سنة!!
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. باختصار باختصار.
أحمد منصور: أنا عايز ما أردته مع البدر في سنة 59.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنت سألنتي ما هي التفرقة العنصرية والتفرقة الطائفية؟ ما أقدرش أجيبها في (لا تقربوا الصلاة..) وإلا سيساء فهمها أمام المشاهدين.
أحمد منصور: طب عايزين ناخد كل 100 سنة في 30 ثانية.
د. عبد الرحمن البيضاني: وهو كذلك، ما عنديش.. ليس عندي مانع.
أحمد منصور: اتفضل.
د. عبد الرحمن البيضاني: فانتشر في اليمن دعوة القرامطة والإسماعيلية سنة 284 هجرية، فذهب بعض اليمنيون. بعض اليمنيين إلى المدينة وجاؤوا بالإمام الهادي يحيى بن الحسين، والإمام الهادي يحيى بن الحسين أعلن في دعوته للإمامة أنه سيلتزم بكتاب الله وسُنَّة رسول الله، وإن خرجت على ذلك فلا طاعة لي عليكم. وهذا مكتوب في ورقة 35 لديكم هنا في دار الكتب المصرية مخطوطات الإمام الهادي يحيى بن الحسين، لكن أتباع.. أتباع.. خلفاء الإمام الهادي لم يتبعوا تعاليم المذهب الزيدي حقيقة، وأنشأوا ونشروا المذهب الزيدي، ووجدوا في شمال اليمن.. فوجدت.. فوجد انقسام في اليمن ما بين أتباع المذهب الزيدي الشيعي وأتباع المذهب الشافعي السني، المفروض أن الإمام لا يميز بين هذا وذاك، لأن الله –سبحانه وتعالى- قال: (ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليماً) الآية (40) سورة الأحزاب وقال..
(1/498)
أحمد منصور [مقاطعاً]: بدون ما ندخل في تفصيلات تقنين للوظيفة.. إحنا قدام واقع.
د. عبد الرحمن البيضاني: تقنين، فكانت.. فكانت النتيجة إنه ميز سلالة.. السلالة الهاشمية بامتيازات معينة تحتكر السلطة، ويأتي من بعدها الطبقة الزيدية.
أحمد منصور: كل ده موجود في الأنظمة الملكية والأنظمة الوراثية.
د. عبد الرحمن البيضاني: لكن.. لكن صبغها بمذهب ديني، في الأنظمة الملكية ليست هناك مذهب ديني.
أحمد منصور: فيه ناس صابغينها وعاملين حاجات!!
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني.. يعني، ولكن أن بأتكلم عن اليمن لا دخل لي بأي دولة أخرى، ولا أتدخل في أي دولة أخرى، أنا بأتكلم عن اليمن. فكان في اليمن تفرقة عنصرية بين الهاشميين وبين بقية أبناء الشعب سواء زيود أو شوافع، وبين تفرقة طائفية ما بين الزيود وبين الشوافع، وقلنا إن الدولة أنا.. أنا كرجل اقتصاد لا أرى إطلاقاً إمكانية أي نهضة اقتصادية في أي دولة في العالم إذا وجد تمييز بين مواطن ومواطن داخل دولة واحدة، المفروض جميع المواطنين درجة أولى متساويين في الحقوق والواجبات. كان هذا متفق عليه من البدر، والبدر كان موافق.
أحمد منصور [مقاطعاً]: إزاي متفق عليه -عفواً سيادة النائب- إزاي متفق عليه، لإن هذا النظام يعني زوال نظام الإمامة باختصار.
د. عبد الرحمن البيضاني: البدر كان.
أحمد منصور [مستأنفاً]: لا يمكن أن يكون هناك إمامة في ظل تحقيق هذا، قبول هذا يعني إنهاء نظام الإمامة.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، فعلاً، ولكن البدر كان لا يزال يافع السن وإنه عنده شبق أن يكون حاكم وإمام، ونفس المذهب الزيدي حقيقي يقر المساواة بين أبناء اليمن الحقيقي.
أحمد منصور: دايماً تقول أنا قلت للبدر، اتفقت مع البدر، أنا قلت لفلان، اتفقت.. أين الآخرون؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأتكلم.. أنت بتسألني أنا أم وبتسأل الآخرون.
أحمد منصور: هل كنت وحدك الذي تشير في كل هذا؟
(1/499)
د. عبد الرحمن البيضاني: مع آخرين طبعاً مع آخرين، لكن أنت تسألني.. تسألني الآن عن.. تسأل عبد الرحمن البيضاني، فعبد الرحمن البيضاني بيرد عليك فالمهم إن البدر أنشأ فعلاً مجلس نيابي برئاسة أحد أبناء الشعب، وهو القاضي "أحمد الصياغي".
أحمد منصور: خلال 30 يوم.
د. عبد الرحمن البيضاني: خلال الـ 30 يوم، لأن قبل أن ينشئ هذا المجلس كان فيه احتفال للجيش اليمني.. يحتفل.. فيه احتفال للجيش اليمني في صنعاء، فألقى خطاباً نارياً في هذا الجيش –الجيش اليمني- ضد الإمام.
أحمد منصور: كان بينسق مع مين البدر الحاشية من اللي موجودين حوالين أبيه، واللي كانوا بيبلغوه إن أبوه بيحتضر وأبوه خلاص في النهايات، وبدأ هو يتحرك بهذا الشكل.
د. عبد الرحمن البيضاني: البدر كان له رسل مندسة بينا في السفارة اليمنية بروما، وكان الاتصالات مستمرة وبعدها.
أحمد منصور: هل كان لك أنت اتصل معه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ويمكن.. محتمل يمكن.. لأ، هو محتمل أن يكون هنالك مندسون بيحاولوا إنه يوجدوا ثغرة ما بين الإمام وبين ابنه.
أحمد منصور: وأنت كنت من أنصار البدر.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا كنت لكنني لم أكتب إليه أي شيء في تلك الأيام.
أحمد منصور: ولم تتصل به مطلقاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: اللي حصل إني.. إني أنا كنت متصور فعلاً إن مقتنع مع جميع المقتنعين داخل.. مع حاشية الإمام أن الإمام يتحضر، فطلب طلب مني الإمام أن أسافر إلى.. إلى (بون) لاستئجار يخت.
أحمد منصور: هيطلب منك إزاي وهو بيحتضر؟
(1/500)
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو بأقول لك إحنا إحنا متصورين إنه بيحتضر، لكن كان بيجي له حالات إفاقة، فطلب مني إن ينتقل إلى اليمن حتى يلقى ساعته الأخيرة في اليمن، فطلب مني إن أنا أتصل بالألمان وآتى بيخت من ألمانيا، وصلت إلى ألمانيا وجدت.. التقيت بالدكتور (فون…) وهو كان صديق عزيز وزير خارجية ألمانيا، وقال لي: إحنا لا توجد لدينا في.. الألمان.. لا يوجد لديهم يخوت، ليست لديهم أوقات لهذا الكلام. عدت من ألمانيا رأساً إلى الإمام، ولم يكن هنالك بيني وبين الإمام أي حاجز، أدخل عليه في أي لحظة وأخرج من عنده في أي لحظة، فأنا دخلت على الإمام، قرعت الباب خفيف، قرعت وجدت الإمام.. يمشي في الغرفة، يمشي ولا كأنه … ولا كأنه مريض، إن أنا تركته نايم على الأرض وجدته بيمشي في الغرفة.
أحمد منصور: صدمت بهذا.
د. عبد الرحمن البيضاني: طبعاً صدمت، فقال لي: يا عبد الرحمن..
أحمد منصور: يعني الراجل فاق.. فاق واستفاق وأصابكم بصدمة!!
د. عبد الرحمن البيضاني: الإمام قال لي: يا عبد الرحمن، هو لاحظ طبعاً إن فيه تغير في موقفه، ولاحظ دهشتي أنا، فقال لي: يا عبد الرحمن، المرض يأتي ويزول، قلت له: ونحمد الله على زواله، فكتبت للبدر رسالة.
أحمد منصور: عن طريق مين بقى؟
د. عبد الرحمن البيضاني: عن.. مع شخص مسؤول، مع شخص صديق عزيز كان معانا في الحاشية، وأرسلت.
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنت على دراية بما قام به البدر من تغييرات في البلد؟
د. عبد الرحمن البيضاني: طبعاً علمناها، لأن ما..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والإمام نفسه علم بها أيضاً؟
(2/1)
د. عبد الرحمن البيضاني: اللي حصل ما هو اللي حصل بالضبط إنه لما.. لما البدر قام بهذه الإصلاحات بعض الهاشميين ثاروا ضد البلد، فقامت مظاهرات في (تعز) قتلوا.. حرقوا بيت، قتلوا أحمد الجبري، حاكم تعز وأخيه علي الجبري، أخي.. أخ.. أخ الحاكم وهو من أبناء الشعب، وحرقوا بين عامل صنعا وهو.. العامل في اليمن يعني محافظ، حرقوا بيته وحرقوا مكتبة حسين العامري عم القاضي.. القاضي محمد.. عبد الله.
أحمد منصور: بدون تفصيلات كثيرة يعني.
د. عبد الرحمن البيضاني: المهم إن حصلت ثورة ضد البدر، فالبدر استعان بالقبائل، فالقبائل وصلت إلى اليمن، منهم الشيخ حميد بن حسين الأحمر شقيق الشيخ عبد الله، ومنهم الشيخ عبد الله.. ومنهم الشيخ حسين الأحمر أبو الشيخ عبد الله، وللأسف الشديد الدكتور محمد علي الشالي كتب في صفحة -أظن- (108) إن القبائل جاءت لإبادة الهاشميين، ليس لمجرد تأييد البدر، وإنما لإبادة الهاشميين من اليمن وطردهم من اليمن. هذا ما كتبه محمد علي الشالي وهو سيد من ضمن الهاشميين، طبعاً هذا خطأ، لا.. عبد الله الشيخ.. لا الشيخ حسين الأحمر ولا الشيخ حميد كانوا يريدو إطلاقاً المساس بأي هاشمي، يريدوا.. يريدوا فعلاً الإصلاح وتأييد البدر في إصلاحاته بلغ الخبر.. وصلنا الخبر، لم يجرؤ أحدنا أن يقول هذا الكلام للإمام، فواحد اسمه السيد أحمد عباس ابن أخت الإمام تبرع بإنه، أو تطوع بإنه يحكي القصة هذه للإمام، فلما كان بيحكيها كان بيحكيها بتردد ممل، الإمام شعر بملل وهو يسمع كلمة ثم كلمة ثم كلمة، الآخر عرف إن المسألة وقعت في أربعة من أبناء الشعب فقال: ما.. ما.. شغلتني.. ماذا..
أحمد منصور: رجع الإمام، رجع الإمام إلى اليمن، وحاول أن يسترد ما قام ابنه بتغييره ابتداء من وصوله إلى الميناء.
(2/2)
د. عبد الرحمن البيضاني: فيه نقطة مهمة، نقطة مهمة إن فيه رسالة وصلت إلى.. إلى الإمام، وأنا موجود من أحد الأذناب يقول إن البدر اتفق.. اتفق مع الرئيس عبد الناصر على اعتقال الإمام أحمد في القاهرة أثناء عودته إلى اليمن.
أحمد منصور: وهذا الذي أخافه وجعله لا ينزل من.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا ينزل من المركب، هذا مهم جداً لأنه.. بينما القصة غير صحيحة، لا عبد الناصر اتفق مع البدر ولا البدر اتفق مع عبد الناصر.
أحمد منصور: لكن كان فيه اتصال وترتيب ما بين عبد الناصر والبدر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لكن لم يكن اتصال بقصد إن.. إن.. يحجز عبد الناصر يحجر الإمام أحمد في مصحة داخل القاهرة.
أحمد منصور: هذه القصة التي اشتهرت أو أذيعت.
د. عبد الرحمن البيضاني: أذيعت.
أحمد منصور: أنه أثناء مروره في القاهرة سيتم احتجازه ويبقى البدر على ما هو.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، يعني أنا بأحكي لك هذا الكلام ليه؟ حتى تعرف إن فيه أقاويل كثيرة ليست لها أصل، فيه أقاويل كثيرة تقال ليست لها أصل.
أحمد منصور: هذا هو التاريخ. رجعت أنت مع الإمام إلى اليمن؟
د. عبد الرحم البيضاني: الإمام لما عرف بقصة.. ما حدث داخل صنعاء وتعز وقتها كان عبد الكريم قاسم بيحكم العراق، وكان فيه محكمة اسمها محكمة الهنداوي أنت تذكرها.
أحمد منصور: نعم.
د. عبد الرحمن البيضاني: أراد الإمام أن يمثل هذا الدور فقال: يا عبد الرحمن، أنت سترأس محكمة لمحاكمة هؤلاء الخونة، من أحاكم؟! من أحاكم؟! فاستأذنت من الإمام فعلاً إني أرجع إلى بون.. يعني أعود بملابسي وما إلى ذلك وألحق بيه في روما، وصلت إلى بون، شعرت بفتور في صحتي فعلاً، وفوجئت إني أصبت بمرض السكر نتيجة للانفعال العصبي، فلما بلغت الإمام بهذا الخبرن وطلبت منه أن يعفيني من السفر معاه وإن أنا ألحق بالحديدة، اعتبر إن هذا يعني..
أحمد منصور: مخالفة لأوامره.
(2/3)
د. عبد الرحمن البيضاني: اعتذار.. اعتذار غير مهذب، فنقلني إلى السودان فوراً.
أحمد منصور: سفير هناك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.. و..
أحمد منصور: عقاباً يعني؟
فشل الانقلاب ورد فعل الإمام
د. عبد الرحمن البيضاني: عقاباً، وسافر الإمام إلى.. إلى الحديدة، وبمجرد ما وصل إلى الحديدة البدر خرج لاستقباله، طبعاً أنا أرسلت رسالة –كما قلت لك- للبدر إن هذا كلام يعني أنت استعجلت، وهذا كلام كان لا يجوز منك أن يحدث الآن في حياة الإمام. فبمجرد ما وصل الإمام أحمد إلى إلى الحديدة البدر حشد حشود كبيرة لاستقبال الإمام العائد، وإذا بالإمام يلطم البدر على وجهه أمام كل المشاهدين، يلطم ولي العهد!!
أحمد منصور: في الميناء أمام الناس!
د. عبد الرحمن البيضاني: في الميناء أمام المشاهدين، ثم دعا رئيس المجلس النيابي الجديد وهو القاضي أحمد الصياغي، قال له: أهلاً برئيس المجلس القحطاني، قحطان يعني من أبناء الشعب. فكانت النتيجة إنه هرب إلى عدن، وبدأ الإمام يخرج عن وعيه، وألقى خطاب ناري في قصر [البويني] في الحديدة وقال: سيشق رأس كل من يكسر بيضه الإسلام –حسب نظره إن الخروج على الإمام خروج كسر لبيضه الإسلام وهذا الفرس وهذا الميدان، وطلب جميع المشايخ اللي أخدوا أموال من البدر أو أسلحة أن يعيدوها إليه، هرب 11 شيخ منهم إلى.. إلى السعودية، فرجعوا بوجه من الملك.. بوجه يعني بضمانة من الملك سعود رحمه الله، ولكن الإمام اعتقلهم أعطاهم للبدر، فالبدر أمر بذبحهم.
أحمد منصور: رغم أنهم..
د. عبد الرحمن البيضاني: ذبح.. ذبح من كانوا معه.
أحمد منصور: حلفاؤه.
د. عبد الرحمن البيضاني: حلفاؤه، ومن هنا بدأت الشقة.. الشقة تتسع بيني وبينه، وللحديث بقية حسب أسئلتك.
أحمد منصور: أنت في هذه الفترة قررت أن تهرب إلى القاهرة، وأن –يعني- تضم –كما يقال بشكل رسمي الآن- الآن صفوف المعارضة؟
(2/4)
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، أنا كنت في السودان، ولما وصل الإمام إلى.. إلى الحديدة اطلع على.. الرسالة اللي أنا أرسلتها إلى البدر، فاستدعاني من.. السودان، السفير المصري في تلك الأيام –على ما أظن- اسمه محمود سيف اليزن خليفة سلمني رسالة من الرئيس جمال عبد الناصر بينصحني بعدم السفر إلى اليمن لأني سأعدم.
أحمد منصور: من الخرطوم.
د. عبد الرحمن البيضاني: من الخرطوم، عدم السفر إلى اليمن من الخرطوم لأني سأعدم، فأنا وجدت إني –يعني-لا أكون كالفأر الذي أول من يهرب من السفينة الغارقة، فقلت: أذهب إلى اليمن.. ويفعل الله ما يشاء، لأني لو رجعت إلى القاهرة يبقى انتهت كل آمالي وكل طموحاتي، فسافرت إلى اليمن، فلم أهرب إلى القاهرة، وإنما سافرت إلى اليمن، وواجهت الإمام، والتقيت مع الإمام و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أيه واجهت الإمام والإمام لم يكن يستطع...؟
د. عبد الرحمن البيضاني: واجهت.. "المواجهة" في اليمن يعني "اللقاء" وليست الصدام، يعني فيه فرق في اللغة في بعض الأحيان يعني، المواجهة في اليمن –يعني- حتى الإمام كان يسمي يوم المواجهة.
أحمد منصور: اللغة المصرية تغلب على لغتك اليمنية على طول.
د. عبد الرحم البيضاني: ولو، ولكن أنا عشت في اليمن. فترة.. بأقصد بمواجهة الإمام يعني لقاء الإمام.
أحمد منصور: رد فعل الإمام إيه عليك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: رد فعل الإمام كان يريد أن يتخلص مني بأي شكل، لأنه اعتبر إن أنا –يعني- يعني كنت من خلف ما اتخذه البدر.
أحمد منصور: ما الذي منعه أن يعدمك أو يقتلك وهو أعدم..؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هو أسرف في القتل، قتل عشرات.
أحمد منصور: آه ما أنا بأقول قتل الكثيرين.
(2/5)
د. عبد الرحمن البيضاني: وكان يعني يحاول أن يقتل –يعني- بعد ما أسرف في القتل، ابتكر طريقه جديدة وهو يطلب المطلوب قتله من الحديدة إلى السخنة كان مقيم في منطقة اسمها السخنة على بعد 60، 70 كيلو من.. من الحديدة، مصحة –يعني- مش مصحة، يعني فيه.. ينبوع ماء معدني للروماتيزم، فكان (...) وهو هناك في هذا في هذا المكان، يطلب المطلب قتله من الحديدة إلى.. إلى السخنة ثم يقتل في الطريق، ويبدأ الإمام يبحث عنه و..
أحمد منصور: على إنه هارب.
د. عبد الرحمن البيضاني: على إنه هارب والعكس صحيح، يرسله من الحديدة من السخنة إلى الحديدة ويقتله في الطريق، أنا كنت عرفت هذا الكلام من أصدقائي فكانوا باستمرار لما يطلبني الإمام من الحديدة يأتي معي عدد من السيارات نمشي جماعة، ولما يرجع أرجع من السخنة إلى الحديدة أرجع بأربع خمس سيارات، وأنا راكب سيارة الحكومة، فعقاباً لي عيني ضابط مكافحة جراد، أكافح جراد يعني من سفير، لوزير مفوض، لكذا لكذا، إلى إني أكافح الجراد، عامل من عمال مكافحة الجراد!!
أحمد منصور: علاقتك إيه كانت بالسادات والمصريين في ذلك الوقت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: العلاقة لا تزال كما هي، لم تتغير.
أحمد منصور: هل كان هناك اتصال دائم بعد ما طلب طلب منك عبد الناصر ألا تذهب إلى..؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ده كان آخر طلب.
أحمد منصور: آخر طلب آه.
أحمد منصور: أما يعتبر ذلك..؟
د. عبد الرحمن البيضاني: آه، اقتصرت.. انقطعت العلاقات.. لأنه كان.. لم تكن هنالك وسيلة.
أحمد منصور: يعني ما هو التنسيق أو الرد الذي أرسلته وأنت تعتبر رجلهم الذي يتحرك معهم في…
د. عبد الرحمن البيضاني: مش راجلهم، أنا آسف في كلمة "راجلهم"، أنا أقول "صديق" وليس "رجل"، يعني فرق بين إن أنا أكون صديق لعبد الناصر وفرق أن أكون..
أحمد منصور: التفسير الآخر يرى أنك رجل عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: يقول ما يشاء.
(2/6)
وإذا أرد الله نشر فضيلة
طويت، أتاح لها لسان حسود
وإذا جاءت مذمتي من ناقص
فتلك شهادة لي بأني كامل
الشعر –يعني- الكلام ده ليس ابتكار الآن ما بيني وبينك الآن، الكلام ده كان من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هو مش ابتكار، أنا أردد ما يقول الآخرون.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا عارف، الكلام هذا من زمان، يعني من آلاف السنين من مئات السنين كانوا الشعراء يقولون هذا الكلام، كان فيه حساد وفيه ناس ناقصين.
أحمد منصور: كنت تدرك أنك ستقطع الخيط الذي بينك وبين عبد الناصر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، وأنا لم أقل، لم أعارضه في شيء، أنا.. كوني اضحي بحياتي هذا لا يغضب عبد الناصر، أنا.. أنا صديقي نعم، أنت نصحتي أشكرك على هذه النصيحة، أنت نصحتني بإني لا لا أدخل اليمن في هذا.. في هذه الظروف والإمام في هذا الانفعال، وبيقتل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان عبد الناصر هو الذي.. كان السادات عفواً هو الذي لديه ملف اليمن وهو الذي كان على صلة بك، فكيف الآن تصلك رسالة من عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا ما حدث عن طريق السفير، السفير هو اللي بلغني، رسالة.. ليست..
أحمد منصور: شفهية طبعاً.
هروب البيضاني من اليمن
أحمد منصور: حدث الانفصال بين مصر وسوريا في 28 سبتمبر، أولاً أنت كيف عدت إلى ألمانيا من.. من اليمن؟ كيف هربت من اليمن وخرجت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا.. كيف هربت شيء، وكيف ذهبت إلى اليمن شيء آخر.
أحمد منصور: كيف هربت أولاً؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كيف هربت أولاً، كنا في.. لما عيني الإمام مكافح في الجراد السيد محمد أحمد أحمد باشا أمين لواء الحديدة.. لواء يعني.. يعني محافظة، كان صديق عزيز جداً هو وبعض أصدقاء.. آخرين، أقنعوا الإمام بإن هذا خطأ إن وزير مفوض وكذا وكان يمثلك في كل المحافل الدولية.. والجامعة العربية تعينه عامل جراد مش معقول هذا الكلام..
أحمد منصور: وأنت كيف قبلت هذا؟
(2/7)
د. عبد الرحمن اليضاني: لأني أريد أبقى، ووجدت إنها فرصة فرصة إن أنا آخذ سيارة جيب وأمشي بين القبائل أكافح جراد وأتكلم، وأبشر بوجهات نظري، أهلاً وسهلا، العملية منصب وزير أو منصب عام مكافحة جراد.
أحمد منصور: كان فيه.. تنسيق بينك وكثير من المعارضين؟
د. عبد الرحمن البيضاني: وبين البدر، نعم؟
أحمد منصور: كان فيه معارضة كثيرة داخل اليمن في ذلك الوقت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: داخل اليمن.
أحمد منصور: لم يكن هناك تنسيق بينك وبينهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: وكلها ما هو كلنا كنا منسقين.
أحمد منصور: مين أهم الناس اللي كنت تنسيق معهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أحمد هاشم طالب (مدير مكتب البدر) محمد الرعيني (مدير أمن الحديدة) حسين المقدمي (مدير مستشفى الحديدة) وكل هؤلاء أحياء ما عدا محمد الرعيني.. قُتل.
أحمد منصور: العسكريين من كنت تنسق معهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: محمد الرعيني.. محمد الرعيني، هو العملية ليست مسألة عسكرية، عسكرية وقبلية، ومحمد يحيى منصر بن الشيخ يحيى منصر، لا سيما إن الإمام لما رجع إلى.. إلى.. إلى السخنة أو إلى اليمن طرد الحرس الملكي كله، لأنه كان منتمي.. منتمي إلى قبيلة "حاشد"، وقبيلة حاشد كانت ثائرة على الإمام، قبيلة الشيخ عبد الله والشيخ حميدو والشيخ حسين هاربين في الجبال وبيطاردهم، فكانت النتيجة نزع الحرس الملكي.
أحمد منصور: أنت كان لازال لديك أي ثقة في البدر بعد كل ما فعله؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو لسه أنا أقول لك ما هو ما هي القشة اللي قصمت ظهر البعير، لم أصل إليها حتى الآن.
أحمد منصور: ما هي؟
د. عبد الرحمن البيضاني: إن لما أعتقل.. لما الإمام استطاع اعتقال الشيخ.. الشيخ حسين الأحمر أبو الشيخ عبد الله.
أحمد منصور: وابنه.
(2/8)
د. عبد الرحمن البيضاني: وابنه، وبقوا معاهم الشيخ نعمان بن راجح، وبعد ما قاتل (11) شيخ بيده، مش بيده، بأمره، فأنا كنت مقيم في غرفة واحدة أنا والشيخ عبد الله.
أحمد منصور: الأحمر.
د. عبد الرحمن البيضاني: الأحمر في السخنة، مقيمين في غرفة واحدة، قلت للشيخ عدب الله. أنا سأرسل إلى البدر، سأذهب إلى البدر في السخنة في الحديدة لأراجع.. أراجع يعني يعني أتشفع.
أحمد منصور: تطلب منه الشفعة.
د. عبد الرحمن البيضاني: آه، المراجعة في اليمن يعني الشفاعة، إننا أتشفع أطلب منه الشفاعة لدى والده في أبيك وأخيك، ذهبت إلى البدر قال لي: أنا أريد من يتشفع لي، أنا لا أستطيع أتشفع لأحد، أنت سمعت إن الإمام لطمني أما الناس، كيف أتشفع؟! أنا أريد من يتشفع لي. قلت له: طيب إذاً إحنا اتفقنا إن الإمام خرج عن وعيه، لا سيما إنه بعد ما نزع سلاح الحر الملكي، واحتمى بقبائل الزرانيق اللي كانوا أصلاً أعداء له، الحرس الملكي طلب منه في برقية: يا مولانا، طالما أنك فقدت الثقة فينا، اتركنا نعود إلى بلادنا (نتزيرع) بنفس النص نص البرقية (نتزيرع) يعني نزرع، ما دام إحنا نزع سلاحنا نزعت الثقة. خرج الإمام بدون حذاء، حافي القدم، عاري الرأس في الفجر يطلب منهم اختيار أربعة من المشوقين –يعني المحرضين- لإعدامهم، خرج عن وعيه فعلاً فالمهم بأقول للبدر: طالما إن الناس كلها عرفت إن الإمام خرج عن وعيه لدينا القوة التي تستطيع –في داخل اليمن- أن تعتقل الإمام، لأنه كان الآن أبعد الحرس الملكي ومعاه قبائل (الزرانيق) وقبائل (الزرانيق) معانا، لأنه كان هم أعداء الإمام أصلاً وابنهم محمد يحيى ابن الشيخ...
أحمد منصور [مقاطعاً]: بدون أدخل في تفاصيل سيادة النائب..
د. عبد الرحمن البيضاني: آه،.. أصل لابد.. فيه تفاصيل لابد من ذكرها لأنه وإلا الكلام هيكون (لا تقربوا الصلاة..) فالمهم في الموضوع إن.. إن قلت للبدر نحن نستطيع أن نعقل الإمام.
(2/9)
أحمد منصور: تتحدث معه هكذا عن أبيه؟!!
د. عبد الرحمن البيضاني: آه، وتعلن أنت –بحضور هاشم طالب مدير مكتبه- وتعلن أنت إماما على اليمن.
أحمد منصور: آه طبعاً، ما أنت جيت له على الجرح اللي بيريحه!!!
د. عبد الرحمن البيضاني: وتعلن أنت إماماً على اليمن، ما رأيك؟ قال: أنا موافق، أنا كان عندي.. بندقية بتليسكوب كنت دايماً أحملها..
أحمد منصور: قناص يعني!!
د. عبد الرحمن البيضاني: كان.. من أيام ما كنت بأصطاد غزال وأنا في ألمانيا، وكان الهدية دي من (فون..) أعطيتها للإمام.. للبدر كرمز للاتفاق اللي بينا وقرأنا الفاتحة على هذا الأساس، على إني أخرج من عنده وأبلغ أصحابي إن نمسك الإمام ونعلن البدر ولياً على العهد، خرجت من.. من عند البدر، وأنا على الباب باب قصر (اللودي) دعاني هاشم طالب، مدير مكتبه، وقال: كلم مولانا، دخلت على مولانا البدر وجدته يتصبب عرقاً، قال لي أنا لا أستطيع أنا أغامر بهذه المغامرة، أولاً: لا أستطيع إلغاء الطائفية ولا العنصرية، الامتيازات هذه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أمَّال كيف أنت تقول لي إنك طول الفترة اللي فاتت إنك اتفقت معه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأقول لك ما حدث أحكي براوية ما حدث بالضبط بدون تعليق، يعني معنى ذلك إنه لما وجد إنه حصلت ثورة ضده وفي هذا الموضوع أيام غياب أبوه يمكن تراجع، المهم تراجع عن هذا الرأي نمرة (1)، نمرة (2) قال لي: افعلوها أنتوا كما شئتم وأنا إذا نجحتم فأنا معاكم وأحاول إن أنا –يعني- أقوم بالإصلاح اللي أقدر عليه، وإذا فشلتم لا تذكروا اسمي ولا أذكر اسمكم فخرجت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حتى الآن ليس واضحاً لنا مين الذين سوف يتحركون معك للقيام بهذا الانقلاب.
(2/10)
د. عبد الرحمن البيضاني: قبائل أولاً اللي كان موجود الإمام في حماية قبائل (الزرانيق)، وكان ابن.. ابن شيخ (الزرانيقي) يحيى منصّر، محمد كان من ضمن الثوار اللي موجودين معانا، وكان معنا.. يعني مجموعة من الضباط اللي موجودين في الحديدة.
أحمد منصور: في حد عايز يعمل انقلاب أو ثورة بيتحرك على المكشوف كده؟!!
د. عبد الرحمن البيضاني: … أي مشكوف؟
أحمد منصور: ما أنت عمال تتكلم مع ولي العهد وعمال تتكلم مع..
د. عبد الرحمن البيضاني: مع البدر شخصياً، مع إنه هيكون إمام، ثم إن اجتماعاتنا كلها كانت في بيت مدير مكتبه.
أحمد منصور: يعني الآن كل اللي انتوا عايزينه تغيير إمام بإمام.. وخلصت القصة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا كان.. تغيير إمام بإمام كمرحلة على أساس إنه إذا اتصلح فعلاً، وإذا استطاع أنه يلغي الامتيازات ويحقق الإصلاحات التي نتمناها جميعاً أهلاً وسهلاً، ليكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني [مستأنفاً]: وإذا لم يستطع فالتخلص منه سهل.
أحمد منصور: الآن أنت القادم من مصر تحرك الأحداث في اليمن وشيوخ القبائل و الناس الكبار هناك ما حدش عارف يعمل حاجة!!
د. عبد الرحمن البيضاني: أبداً عارفين كل التفاصيل، كلهم عارفين كل هذه التفاصيل، وكنا بنجتمع في بيت الشيخ أحمد في بيت هاشم الطالب.
أحمد منصور: ممكن تقول لي مين اللي كانوا عارفين هذا الكلام.
أحمد الرحمن البيضاني: كان كل الموجودين في بيت هاشم طالب مدير مكتب البدر عارفين هذا الكلام.
أحمد منصور: مين منهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: وكنت.. وكنت للعلم..
أحمد منصور: فيه حد حي منهم الآن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: فيه..
د. عبد الرحمن البيضاني: حسين المقدمي حي بينا وزير الزراعة.. وزير الصحة.
أحمد منصور: وزير الصحة الحالي؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كان وزير صحة أيامي أنا.
أحمد منصور: نعم، مين تاني؟
(2/11)
د. عبد الرحمن البيضاني: هاشم طالب مات، أنت بتتكلم في قصة من خمسين سنة، أربعين سنة، محمد رفعت مات..
أحمد منصور: يعني حتى الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: محمد الرعيني الله يرحمه.. محمد.
أحمد منصور: فيه عملية تشكيك بتتم لمثل هذه الروايات، فأنا أريد منك أن تأتي بالشهود لتأكيدها ليس أكثر.
د. عبد الرحمن البيضاني: أحييهم من قبورهم؟!!
أحمد منصور: لا الأحياء منهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: الأحياء منهم خد حسين المقدمي موجود على قيد الحياة.
أحمد منصور: طيب ما الذي دفعك إلى الفرار من.. من اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ونحن نجتمع دائماً في بيت هاشم طالب كان معانا سعيد فارح، واحد اسمه سعيد فارح من ضمن الثوار، وسعيد فارح لما وجد إن الإمام هيخرج عن يعني.. عن كل القيم وهيبدأ بقتلي وقتل بقية الإخوان.
أحمد منصور: هو لسه هيخرج؟! يعني أنتو بس (المانعين) الإمام عن الخروج؟!!
د. عبد الرحمن البيضاني: لا.. لا إحنا الموضوع وصل إلينا، فلما وصل إلينا الموضوع، أنا كنت بأجتمع.. يعني لما كنا نجتمع في بيت هاشم طالب كنت حريص على إن العراف.. عراف الإمام، محمد حلمي الحضر معانا، وكان.. كنا.. نتكلم بحضوره، فعراف الإمام كان موجود، وعراف الإمام كان صديق شخصي لي من أيام.. من سنة 50، وكنت دائماً أرسل له أخليه يرسل للإمام تقارير مفيدة بالنسبة لي أنا وهو اللي.. اللي يعني، أنت نسيت تسألني إن كيف بدأت البعثة العسكرية المصرية التانية تعمل؟ لولا العراف هذا ما كان.. ما كان تعمل.
أحمد منصور: أنا الآن في سؤال محدد: ما الذي دفعك للهروب من اليمن؟ بإيجاز حتى أختم الحلقة.
د. عبد الرحمن البيضاني: بمجرد ما سعيد فارح علم بإن بدأ السيف يصل إلى رقابنا أخذ قنبلة دون علمنا ليقتل الإمام، فوصل إلى السخنة فعلاً لقتل الإمام بدون علمنا، لا أدعي هذا الشرف ولا هذا.. ولا هذه الجريمة..
(2/12)
أحمد منصور [مقاطعاً]: وليه بتعتبرها جريمة وأنت عايز تتخلص من الإمام؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، يعني أصل مسألة قتل، إذا كان القتل إما أن تقيم نظام محله..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما أنت يا سيدي خرجت من بيت ولي العهد على أساس تروحوا تقتلوا الإمام، لماذا تعتبر هذه جريمة وتعتبر أنت تقوم بعمل آخر؟!!
د. عبد الرحمن البيضاني: فرق بين.. بين إن البدر يكون موافق معانا فيبقى هو..
أحمد منصور: مفيش فرق طالماً انتو تتخلصوا.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا لا لا لحظة..
أحمد منصور: أليس ثائراً هذا هو الآخر؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة لحظة لا من البديل.
أحمد منصور: أليس من الثوار؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو المشكلة من البديل؟ ما هو المشكلة من البديل؟ يعني إحنا كنا بنفكر في البدر، البدر يكون هو البديل، لكن طالما البدر تخلى، أصبح المسألة مؤجلة، تؤجل.
أحمد منصور: المهم إنه ثائر من الثوار تحرك على الإمام.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا لا أنا أحب.. أحب أوضح النقطة حتى لا تكون غامضة، لما اتفقنا..
أحمد منصور: في رأيك أنت الآن، لكن في قراءتنا نحن لها الأمر يستوي.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب، كل واحد يقرأ كما يشاء، لكن بالنسبة لما أنا التقيت مع البدر على إن إحنا نخلص من الإمام كان المفروض هو البديل، لكن لما عرفنا إن البدر تخلى يبقى إذن أصبح أي عملية ضد الإمام عبارة عن مجرد قتل، لأن ليس هناك بديل.
أحمد منصور: قصة هروبك، قصة هروبك من اليمن إلى مصر سأبدأ بها الحلقة القادمة.
د. عبد الرحمن البيضاني: المهم لا.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب وهو كذلك.
(2/13)
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن البيضاني (نائب رئيس مجلس قيادة الثورة اليمنية ونائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية الأسبق) في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(2/14)
الحلقة4(2/15)
الخميس 27/4/1422هـ الموافق 19/7/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 19:58(مكة المكرمة)،16:58(غرينيتش)
عبد الرحمن البيضاني نائب الرئيس اليمني الأسبق الحلقة 4
مقدم الحلقة
- أحمد منصور
ضيف الحلقة
- عبد الرحمن البيضاني، نائب الرئيس اليمني الأسبق
تاريخ الحلقة
30/07/2001
علاقة الدكتور البيضاني بالأفراد في مصر واليمن
الثورة في اليمن والإعداد لها وخطتها
وفاة الإمام وتغير موقف مصر من الثورة
عبد الرحمن البيضاني
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) جيت نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني (نائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق).
سعادة النائب مرحباً بك.
عبد الرحمن البيضاني: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند خلافك مع الإمام وتعرضك لضغوط شديدة جعلتك تفكر في الهروب إلى مصر، وسعيت فعلاً للهروب، وبالفعل هربت إلى مصر في يناير في العام 1960م. حينما وصلت إلى مصر التقيت مع السادات على اعتبار أن السادات كانت تربطك به علاقة دائمة، وكنت ترتب معه أوراق اليمن، وهذا أيضاً جعل السادات يرتب لك لقاءً مع عبد الناصر.
ما الذي حدث؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أوضحت للرئيس أنور السادات، كان وقتها.
أحمد منصور: رئيس مجلس الشعب.
(2/16)
د. عبد الرحمن البيضاني: رئيس مجلس الأمة وشرحت ما وصل إليه الوضع في اليمن، وذبح المشايخ في اليمن، وخروج الإمام عن كل ما هي.. ما هي المقومات لإنسان عاقل إلى هذه الدرجة، في الوقت التي كانت معظم مشايخ اليمن تؤيد الإصلاحات التي أجراها البدر في غيبة والده، وكان في ذلك الوقت الشيخ (حميد بن حسين الأحمر) و(الشيخ حسين الأحمر) و(عبد اللطيف بن رايح) كان كلهم مسجونين في الحديدة، ولما حاولت إصلاح ذات البين بينهم وبين البدر للتشفع إلى آخره القصة التي قلنا عنها في المرة الماضية، وتورط أحد الأصدقاء في محاولة قتل الإمام بدون علمي، ثم حكم علي بالإعدام، وقبل تنفيذ الحكم بيومين هربت إلى القاهرة، وعرضت على الشيخ عبد الله وهو الآن رئيس مجلس النواب، عرضت عليه أن يهرب معي (...) النشاط من مصر.
أحمد منصور: (...) في السجن معك.
د. عبد الرحمن البيضاني: كان هو في سجن في السخنة، يعني كان معتقل في سجن السخنة.. في السجن في السخنة وأنا كنت معتقل في دار الضيافة في الحديدة، ثم وصلت إلى القاهرة، شرحت هذا الموضوع للرئيس عبد الناصر بحضور السادات طبعاً بواسطة السادات و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل كانت هذه الأشياء جديدة؟ كان دائماً الإمام يذبح من يعارضه، وعمليات القتل لم تكن تتوقف منذ ثورة 1948م، ومع ذلك أنت كنت أحد رجالات الإمام وكنت تروج للإمام، وكنت ترفض أو تقوم بتشويه صورة من يقوم الإمام بقتلهم على اعتبار أنهم متمردون، حينما طالك الآن الأمر تغيرت الصورة؟!!
د. عبد الرحمن البيضاني: على العكس، أنا لم أهاجم أي شخص ممن ذبحهم الإمام، بل رثيتهم رثاءً مُراً سواءً أحمد..
أحمد منصور: كنت وقتها مسؤولاً في السلطة.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولكن لم..
أحمد منصور: والمسؤولية كانت تقتضي عليك وعل غير أن تقوم بمهاجمة هؤلاء باعتبارهم متمردين.
(2/17)
د. عبد الرحمن البيضاني: لكن لم يحدث أني هاجمت أحد، والذي يقول ذلك يتفضل بإثبات الدليل.
أحمد منصور: فيه (القاضي الإرياني) ذكر ذلك عنك في رسالة وجهها في شهر يونيو سنة 62 إلى "الأحرار"، وقال: إنك كنت قبل ذلك من رجالات الإمام، وكنت دائماً تهاجم هؤلاء المتمردين، والآن ركبت الموجة المضادة بعد ما كدت أن تعدم من قبل الإمام.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا لا أعلم شيئاً عن هذه الرسالة، القاضي عبد الرحمن الإرياني أنا شخصياً كنت مرشحة ليكون رئيساً لمجلس.
أحمد منصور: الرسالة منشورة بالكامل في كتاب "وثائق أولى عن الثورة اليمنية"، نشر عن مركز الدراسات والبحوث اليمني ودار الأدب في بيروت، ومؤرخة بتاريخ 20/6/62 ومليئة بالتحذير منك.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا الكتاب إذا أردت أن نخرج عن موضوع السؤال الأول وندخل في هذا الموضوع أنا جاهز.
أحمد منصور: أنا في جزئية محددة، أنا أتناول جزئيات في.. في وقتها..
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، لا، الجزئية لا يمكن فصلها عن الكل، إذا أردت أن أجيب عن هذا السؤال باستفاضة مستعد.
أحمد منصور: أنا حضرتك باسأل بشكل محدد، الآن أنت متهم من قِبَل هؤلاء الناس –الذين أنت تتهمهم أيضاً بأنهم كانوا يعني متقاعسين عن القيام بالثورة- بأنك في المرحلة التي كنت فيها أحد رجالات الإمام ونحن لا زلنا في هذه المرحلة كان كل الثوار ينالهم منك ما ينال من كلمات مضادة لهم، الآن حينما انقلبت الكفة عليك وأصبحت مطلوباً للإعدام وهربت إلى مصر انقلبت حتى تركب الموجة الأخرى.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا أسأل سؤال: من.. متى كتب هذا الكتاب الذي أشرت إليه؟
أحمد منصور: بغض النظر، كل شخص مسؤول عن الذي يكتبه.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا لا، تاريخ كتابته.. تاريخ كتابته يدل على أحداثه وأسبابه، يعني حتى يونية يا سيدي.
أحمد منصور: يا سيدي المسؤول، المسؤول عن هذا.
(2/18)
د. عبد الرحمن البيضاني: يا أستاذ أحمد حتى يونيه سنة 62 كان عبد الرحمن الإرياني أنا مرشحة ليكون رئيس مجلس قيادة الثورة، وفعلاً كانت ثورة 23 ثورة، اللي هي الثورة اليمنية، كان محدد لها ساعة الصفر الأولى يوم 23 يوليه سنة 1962.
أحمد منصور: سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: وكان الذي يرأسها وقتها القاضي عبد الرحمن الإرياني، ثم تقاعس في تلك الأيام فتأخرت الثورة.
علاقة البيضاني بالأفراد في مصر واليمن
أحمد منصور: سعادة النائب، علاقتك كانت أيه بالأحرار حينما لجأت إلى مصر في سنة 60؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لما وصلت إلى مصر سنة 60 التقيت بالأستاذ المرحوم أحمد نعمان والقاضي محمد.. المرحوم.. القاضي محمد الزبيري وحدثتهم عما (...) لي من قناعة لأهم كانوا حتى.. حتى تلك الأيام متصورين أنه لا يوجد بديل غير البدر، أطلعني.
أحمد منصور: طبعاً دول من زعامات وقيادات الثوار الذين لجأوا إلى مصر بعد ثورة 48، هربوا إلى عدة أماكن واستقر بهم المقام في مصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، بلا جدال، بلا جدال 48، نعم، بلا جدال، أطلعني القاضي محمد محمود الزبيري على كتاب له بعنوان "الإمامة" وخطرها على وحدة اليمن، فالكتاب كله مليء بالهجوم على.. على السادة الهاشميين وإن لا يمكن أن تصلح اليمن بوجود حكم هاشمي داخل اليمن.
أحمد منصور:
د. عبد الرحمن البيضاني:
أحمد منصور: تفضل.
د. عبد الرحمن البيضاني: وأطلعني أيضاً على بقية هذا الكتاب الذي قطع من وجهة نظره بأنه لا يمكن أن تصلح اليمن في ظل النظام الأمامي الهاشمي العنصري، الأستاذ أحمد نعمان أطلعني هو وابنه الأستاذ محمد رحمه الله الذي أصبح فيما بعد نائب رئيس وزراء.
أحمد منصور: لا أريد تفصيلات لا، يعني أريد معلومات مباشرة يا سيادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: أطلعني أيضاً، لا.. سألتني.. سألتني عن علاقتي.
(2/19)
أحمد منصور: ما هو ممكن نحكي قصة لمدة حلقتين، أنا حضرتك بأسأل سؤال محدد، أرجوك وأريد إجابة مختصرة ومباشرة ومحددة.
د. عبد الرحمن البيضاني: (...) إذا كان المطلوب اتهامي فهذا ممكن أن أتهم في لحظة، أما إذا كان المطلوب.
أحمد منصور: ردك على هذا الاتهام، الاتهام منهم هم.
د. عبد الرحمن البيضاني: لابد أن أشرح لك، إذا كان موضوع الحلقة مجرد اتهام أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: يا فندم في كلام يقال فيه رد عليه.
د. عبد الرحمن البيضاني: إذا كان مطلوب.. إذا كان الغرض هو إظهار الحقيقة فأنا أحكي الحقيقة، الأستاذ محمد أحمد نعمان قدم لي كتاب وأنت علاقتي مع الأحرار في تلك.. في شهر يناير 60، قدم لي كتب باسم "من وراء الأسوار" ذكر فيه آراء الأحرار جميعاً لما كانوا في سجن (حجة) بعد انقلاب 48، كان رأي القاضي عبد الرحمن الإرياني: يجب أن تقوم دولة شافعية، وإن النظام الهاشمي هو السبب في فساد اليمن. رأي.. رأي (عبد السلام صبرة)، القاضي عبد السلام صبرة ولا زال قيد الحياة يقول أنه: بليت الإمامة وسحقت شخصيتها بالسيادة الهاشميين، إذن.
أحمد منصور: أنا بأسأل بشكل مباشرة الآن، طبيعية علاقتك، لم تكن لك علاقة بالأحرار؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كانت جيدة.. كانت جيدة.
أحمد منصور: لم تكن لك علاقة بالأحرار.
د. عبد الرحمن البيضاني: باختصار إذا كان باختصار
أحمد منصور: ... على اعتبار.
د. عبد الرحمن البيضاني:
كنت على علاقة بهم باستمرار هنا في بيتي أو في بيوتهم رغم وجود.
أحمد منصور: بشكل شخصي.
د. عبد الرحمن البيضاني: بشكل شخصي طبعاً.
أحمد منصور: ليس بشكل منظم.
د. عبد الرحمن البيضاني: تنظيمي.
أحمد منصور: ليس لشكل تنظيمي.
د. عبد الرحمن البيضاني: ليس بشكل تنظيمي.
(2/20)
أحمد منصور: بعد سنة 60 حينما انتهت علاقتك بالنظام وبالإمام، وأصبحت تدرك أنه يجب أن يتم تغيير هذا النظام، بدأت ترتب لعلاقتك بعبد الناصر والحكومة المصرية من جهة، وعلاقتك بالأحرار من جهة أخرى، هذا صحيح؟
د. عبد الرحمن البيضاني: علاقتي بعبد الناصر وعلاقتي بالسادات كانت من قبلهم إلى مصر.
أحمد منصور: في طار أنك من رجالات الإمام ولست من الأحرار.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولكن كمصلح، من رجالات الإمام ولكن لدي تطلعات للإصلاح.
أحمد منصور: فردية.
د. عبد الرحمن البيضاني: سبق أن طرحنا.. أو قلنا هذا الكلام
أحمد منصور:
د. عبد الرحمن البيضاني: لم أكن معارضاً.. لم أكن معارضاً.
أحمد منصور: الآن الوضع تغير.
د. عبد الرحمن البيضاني: تغير.
أحمد منصور: ما هو الشكل الجديد والإطار الجديد الذي وضعت نفسك فيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: التقيت مع الأستاذ أحمد نعمان ومحمد محمود الزبيري على حتمية التغيير، ولكن لم نتفق على أسلوب التغيير ثم استمرت.. استمرت هذه الصلة معهم وسافرت إلى.
أحمد منصور: ألمانيا في 2 يونية.
د. عبد الرحمن البيضاني: ألمانيا.
أحمد منصور: خلال 6 شهور من يناير ليونية، كان دورك ووضعك أيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كنا نجتمع.. نجتمع باستمرار دائماً مع بعض.. مع بعض، أنا والنعمان.
أحمد منصور: في هذه الفترة انقطعت مواردك المالية باعتبارك كنت من رجالات الإمام، من أين كنت تتقاضى راتبك ومعاشك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لحسن الحظ أو لسوء الحظ الإمام لم يقطع معاشي أبداً، و (...) الإمام في القاهرة الأمير لحسن بن على كان يأتيني إلى البيت ويسلمني المرتب، ويدعوني إلى الانضمام مرة أخرى إلى صفوف الإمام.
أحمد منصور: وأنت كان محكوم عليك بالإعدام وهربت من الإعدام.
(2/21)
د. عبد الرحمن البيضاني وأنا كان محكومة على بالإعدام، بل عرض على وظيفة أكون مندوب اليمن في مجلس الاتحاد الفيدرالي الذين كان قائماً بين مصر وسوريا واليمن.
أحمد منصور: واليمن، وانفض هذا الاتحاد فيما بعد.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: الراتب الذي كان يأتيك كان يكفي؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كان يكفي طبعاً.
أحمد منصور: في 2 يونية 60 سافرت إلى ألمانيا.
د. عبد الرحمن البيضاني: سافرت إلى ألمانيا لاستكمال الامتحان في.. للدكتوارة، لأني كنت أخذت البكالوريوس في العلوم الاقتصادية من جامعة (بون) وقدمت رسالة للمناقشة، وقبل المناقشة والامتحان فيها طلبني الإمام إلى.. نقلني الإمام إلى السودان، ثم إلى.. اليمن، فعدت في يونيو.
أحمد منصور [مقاطعاً]: تحدثنا عن هذا من قبل.
د. عبد الرحمن البيضاني: فعدت إلى.. قلت عدت إلى يونية في يونية إلى ألمانيا لاستئناف الاستعداد للامتحان (الشفوي) الخاص برسالة الدكتوراة.
أحمد منصور: العلاقة الآن جيدة.
د. عبد الرحمن البيضاني: علاقتي الآن كانت جيدة جداً .
أحمد منصور: ... العلاقة دي أيه في ذلك الوقت لم يكن لك أي منصب في الدورة.
د. عبد الرحمن البيضاني: كنت وقتها مفوض، كنت وزير مفوض لمدة 5، 6، 7 سنوات في ألمانيا، وكانت لي علاقات.
أحمد منصور: أنا أتكلم عن 62 الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: وكانت لا تزال علاقاتي جيدة، هل.. المبرر لما تقيم علاقات مع شخص ما 5 سنوات، هل إذا تغيرت تغير منصبك تقطع علاقتك به وتنساه؟
أحمد منصور: هذا في إطار السلطة موجود.
د. عبد الرحمن البيضاني: في إطار السلطة، لا، في إطار.. العلاقات الشخصية غير موجود.
أحمد منصور: هذا الأمر يتوقف على طبيعة هذه العلاقة.
د. عبد الرحمن البيضاني: (طبيعة هذه العلاقة).. يجب محتمل إنك لا تصدقني إذا قلت أن الدكتور بمبونتانو وهو صديق شخصي وزير خارجية..
أحمد منصور: من كان بمبونتانو؟
(2/22)
د. عبد الرحمن البيضاني: كان وزير خارجية ألمانيا الغربية، إن أحياناً لا.. مرة على الأقل كل شهر نذهب معاً إلى الغابة السوداء –لصيد الوعول، ونقيم مع بعض يومين أو ثلاثة أيام داخل الغابة السوداء وأن وزير مفوض، فكانت علاقتي مع بمبونتانو جيدة، حتى لما وصلت إلى ألمانيا بعد ثلاثة أسابيع فقط، وكنت أسكن مع أسرة، لأني خرجت.. خرجت من السلك الدبلوماسي، كنت أسكن مع أسرة فبمبوناتو طلبني وقال لي: إن المكان الذي تسكن فيه الآن غير آمن، ولا نستطيع حراستك فيه، وأعطاني مسدس وأعطاني رخصة والرخصة.. صورة الرخصة موجودة وموجود وموجودة مصورها في كتاب أزمة الأمة العربية وثورة اليمن، وطلب مني الانتقال من هذا المكان وكانت الشرطة الألمانية تحرسني.
أحمد منصور: الآن ليس لك أي منصب؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بدون منصب.
أحمد منصور: الألماني مهتمين بأمنك وتأمينك.
د. عبد الرحمن البيضاني: شخص صديق كان موجود في ألمانيا ولم.
أحمد منصور: أيه صديق بقى؟ هنا علامة استفهام كبيرة على موضوع صديق هذه.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، هل تعتقد إن ألمانيا لها أطماع أنها تحتل اليمن؟
أحم منصور: لأ، لكن أن يكون لها رجل من رجالات اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: يفعل ماذا؟
أحمد منصور: ليكون، كل المخابرات.
د. عبد الرحمن البيضاني: يفعل ماذا؟
أحمد منصور: كل المخابرات اللي تعمل في الدنيا وهذا ما جعل..
د. عبد الرحمن البيضاني: ليفعل ماذا؟ ليفعل ماذا؟
أحمد منصور: هذا ما جعل الآخرين يتهمونك بأنك كان لك صلة بالمخابرات الألمانية.
د. عبد الرحمن البيضاني: هم قالوا هذا الكلام لما كنت رئيس الحكومة ووزير الخارجية اليمنية، ومضى أسبوع ولم يعتبر فبمبونتانو وزير خارجية ألمانيا بالثورة.. بالحكومة الجمهورية، أرسلت له عتاباً مراً.. كصديق مش كوزير خارجي وهذا.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مفيش صداقة في علاقات الدول بعضها ببعض.
(2/23)
د. عبد الرحمن البيضاني: وهذا، وهذه سيدي العزيز اسمع ما أقول لك، وهذا ما حدث، وتستطيع أن تجد هذه الرسالة في مكتبة الوثائق في (دوزندورف) حالياً، لأنها اعتبروا إنها وثيقة غريبة إن وزير خارجية ورئيس حكومة يرسل رسالة حادة إلى صديق وزير خارجية ألمانيا، فـ.. في الحال اعترف.. ألمانيا (...) الألمانية وكانت أول دولة تعترف بالنظام الجمهوري في اليمن وطلبت وعرضت علينا (...) مليون مارك معونة، قلت: لا يابمبونتانو أرسل لي بهذه.. بهذه القيمة مضخات مائية لفحر.. لحفر آبار ارتوازية لتوزيعها على المتمردين وليس على الجمهوريين حتى يستقروا في أرضهم ويزرعوا، فقالوا: إن علاقتي.. علاقة الصداقة التي بيني وبين بمبونتانو علاقة (عمالة).
أحمد منصور: صداقة أيه يا فندم بس؟! إحنا الآن بنتكلم في إطار دول، في إطار علاقات دول، والدول بتحكمها نظم وبتحكمها قوانين، وبتحكمها دساتير بالذات لو دول غربية، وكل واحد موجود في منصب في هذه الدول يدرك تماماً أنه لا يستطيع أن يتلاعب بالقوانين والنظم، وقضية العلاقات والصداقات دي هذه تكون في البيوت، خارج نظام العلاقات بين الحكومات.
د. عبد الرحمن البيضاني: والله هذا، كلامك هذا مكتوب في القصص، لكن على الواقع غير هذا، تنشأ صداقات ما بين المسؤولين وعندما.. وعندما – عندما.
أحمد منصور: بتنشأ صداقات، لكن مقدرات الدول.. مقدرات الدول الآن بنسمع عن فضائح كثيرة لمجرد إن وزير عزم عزومة في مكان أو كذا وقضية العلاقات، والصحف الغربية مليئة بمثل هذه الأمور، الآن ما الذي يجعل دولة مثل ألمانيا تعترف بنظام وليد غير مستقر، له معارضون؟ يعني سآتي له بشكل مفصل، لكن طالما دخلنا في النقطة حتى ننهي علاقتك بالألمان.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب، هل تعلم أن لما وصلت أنا إلى ألمانيا في 62، في يونيو 61.
أحمد منصور: بعد سنة من ذهابك في المرة الأولى.
(2/24)
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، وألقيت محاضرة بدعوة من (هيركندمان) في قاعة.. في (دوريون) هاجمت فيها الحكومة اليمنية بحضور الوزير اليمني المفوض هاشم طالب، ثم عزل نتيجة لحضوره هذه.. هذه المحاضرة، وكتبت هذه المحاضرة في القاهرة، بعد ما وصلت إلى القاهرة، كتبها الأستاذ أحمد نعمان، أحد كبار (...).
أحمد منصور: ... موضوعنا.
د. عبد الرحمن البيضاني: علاقتي أقول لك: إن علاقتي مع الألمان كانت علاقة صداقة، وأنا اتهمت مرة بإن.
أحمد منصور: الصداقة هذه فسرت من الآخرين.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا أستاذ.. يا أستاذ أحمد، أستاذ أحمد، اتهمت مرة إني عميل للألمان، اتهمت مرة إن أنا عميل للمصريين.
أحمد منصور: هذه فرصة لتدافع.
د. عبد الرحمن البيضاني: واتهمت مرة بإني عميل للمصريين لأن جئت بالجيش المصري إلى اليمن، اتهمت مرة بإني عميل للأميركان لأني أخذت منهم الاعتراف بالنظام الجمهوري في اليمن، اتهمت مرة بإن أنا عميل للسعوديين لما تصالحت مع الملك فيصل وأصبحنا أصدقاء وحبايب مع الملك فيصل، اتهمت ذات مرة إن أنا.. أن أنا (عميل للاتحاد) السوفيتي لأني أخذت من الاتحاد السوفيتي سلاح، اتهمت بأني عميل للصين لأن.
أحمد منصور: أنا الآن في إطار ألمانيا يا سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ ما أنا عايز أحكي لك.
أحمد منصور: أمامك الفرصة الآن، أمامك الفرصة الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: أحكي لك إن هذه اتهامات، يعني معنى ذلك أنا عميل للعالم كله!!
أحمد منصور: هذه الفرصة.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا عميل لليمن، كل ما يصلح لليمن أتصادق معه.
أحمد منصور: هذه الفرصة الآن لملايين الناس أن توضح العلاقة الحقيقية وطبيعتها.
د. عبد الرحمن البيضاني: العلاقة الحقيقية.
(2/25)
أحمد منصور في ظل ما يقال عن أن علاقات الصداقات التي تنشأ بين المسؤولين من الدول المختلفة لا تعني شيئاً من التنازل من هذه الدول، أو شيئاً من المنح التي تتحدث عنها، وإنما كلها تدور في إطار مصالح هذه الدول وارتباطها بأشخاص ينفذون مصالحها.
د. عبد الرحمن البيضاني: تنشأ صداقات، أنا لا تزال لدي صداقات مع.. مع اللبنانيين، لأني كنت سفير عندهم فترة معينة من الزمن، معايا صداقات مع.. ومع السويسريين، معايا صداقات مع الفرنسيين، فالصداقات.
أحمد منصور: يا فندم لا أحد يتحدث عن إن لا تقوم الصداقات، الصداقات تقوم بين الناس بشكل أساسي من خلال العمل، إحنا الآن في إطار المنح التي قدمت من الألمانيين.
د. عبد الرحمن البيضاني: منحة مائة.. مائة مليون مارك قدمت لليمن في صورة مضخات مائية وزعتها على المتمردين، أنا لعلمك كان لي أرض في.. في اليمن 200 فدان تقريباً، وكيلي طلب مضخة واحدة لزراعتها فرفضت، قلت له: أنا مسؤول ولا يمكن أن أستفيد من أي.. من منصبي الرسمي، هذه الطلمبات توزع على المتمردين، وليس على الجمهوريين، وليس على نحن، وليس علينا نحن.
أحمد منصور: في 28 فبراير 61 حصلت على رسالة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بون في ألمانيا، ورجعت بعد ذلك إلى مصر. في 26 ديسمبر 61 أنهت مصر اتحادها الفيدرالي مع اليمن بعد الانفصال اللي حصل بين مصر وسوريا في 28 سبتمبر 61، حيث كان له تأثير مباشر على هذا الوضع. بدأت تتبلور قضية الثورة ضد النظام الإمامي في اليمن، وبدأ تحرك الأحرار يأخذ أبعاد مختلفة، جرت محاولة لاغتيال الإمام في سنة 61.
د. عبد الرحمن البيضاني: 26 مارس بالضبط 61.
أحمد منصور: وفشلت وفشلت أيضاً هذه المحاولة، وكان هناك غليان داخل اليمن طبيعية علاقتك أيه بالأحرار بعد ما حصلت على الدكتوراه وفي نهاية سنة 61؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بعد ما حصلت على الدكتوراه وصلت في إلى القاهرة في يناير 61 وعينت نائب..
(2/26)
أحمد منصور: أنت حصلت على الدكتوراه في فبراير 61؟
د. عبد الرحمن البيضاني: 28 فبراير 61.
أحمد منصور: مظبوط.
د. عبد الرحمن البيضاني: 28 فبراير 61، ثم وصلت إلى القاهرة والتقيت بالإخوة الأحرار.
أحمد منصور: مين أبرز الشخصيات؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أحمد نعمان طبعاً، والقاضي محمد محمود الزبيري، وأحمد المعلمي، وحسن الطاحوني مجموعة كبيرة.. هاشم طالب كان وصلت إلى القاهرة، وانتخبوني نائباً لرئيس الاتحاد، أظن هذا كان في 21 يونية.. مايو..
أحمد منصور: مايو 61.
د. عبد الرحمن البيضاني: 21 مايو 61، بعدها تطورت الأمور داخل اليمن.. على..
أحمد منصور [مقاطعاً]: (بناية) الاتحاد في ذلك الوقت صحيح كان جميع قائمة على التنسيق مع البدر ضد أبيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: فيه.. كان فيه رأبين: رأي ينسق مع البدر، وهو كان رأي الأستاذ نعمان الزبيري، ورأيي أنا كنت أنسق مع الأحرار ضد.. ضد نظام الإمام أحمد.
أحمد منصور [مقاطعاً]: ألم يكن البدر رهانك من قبل؟
د. عبد الرحمن البيضاني: قلنا قبل.. في حلقات سابقة كان رهاني وفقدت هذه الثقة فيه في سنة في آخر 59، أنا قلت هذا في حلقات سابقة، فقد ثقتي تماماً بالبدر، وجدت إنه لا يصلح إطلاقاً أن يكون عسكري مرور!
أحمد منصور: كيف يكون لحركة تحرر اتجاهين متضادين في أسلوب التحرير؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ولهذا عزلت من الاتحاد اليمني في 24 ديسمبر 61 لأن اختلفنا، وسبب الاختلاف إن لما أعلن انفصال في 28 سبتمبر سنة 61 كنت أنا مجتمع مع.. مع الرئيس.
أحمد منصور: 26 سبتمبر.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، الانفصال.. الانفصال كان 28 سبتمبر.
أحمد منصور: الانفصال بين مصر وسوريا تقصد؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: 26 ديسمبر الاتحاد الفيدرالي بين مصر واليمن..
(2/27)
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، فاجتمعت مع.. مع الرئيس السادات في يوم 22 ديسمبر، وكان هو على وشك السفر مع الرئيس عبد الناصر إلى بور سعيد للاحتفال بعيد الجلاء وعلمت من السادات أنه سيهاجم.. يعلن أنه.. عبد الناصر سيعلن أن الاتحاد الفيدرالي مع اليمن أصبح غير.. غير موضوعي، فأوعزت.. لمحمد قائد سيف أن.. يأتيني.. بالقاضي محمد محمود الزبيري وأحمد نعمان لنجتمع معاً في خطاب الرئيس في يوم 23 يوليو.. 23 ديسمبر، وكنت على علم مسبق من السادات إنه سيعلن فيه هذا الخبر، اجتمعنا في بيتي، وبعد أن استمعوا بهذا.. الرئيس عبد الناصر في اليمن اقترحت عليهم إن إصدار بيان باسم الاتحاد اليمني كنت لازلت نائب رئيس الاتحاد اليمني، اقترحت عليهم أن نعلن بياناً نطالب فيه بالجمهورية اليمنية وإسقاط النظام الإمامي، هذا كان في يوم 23 ديسمبر، وفي الحال تاني يوم.. يوم 24 ديسمبر عزلوني من نيابة رئاسة الاتحاد، وأصدروا عدة بيانات في.. في عدن تهاجمني، وجاء بعض الإخوة من عدن محمد أحمد.. محمد أحمد شعلان، ومحمد علي الأسودي من كبار الأحرار في اليمن، ونزلوا في الميناء هاوس على حساب رئاسة الجمهورية المصرية، وجاء الأستاذ أحمد علي الأخ على أحمدي أيضاً أرسل رسالة.
أحمد منصور: يعني أنت الآن متهم منهم بأنك شققت صف الأحرار؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لم أكن متهم بشق صف الأحرار، ولكن متهم بإن لي رأي.. مش متهم مؤيد من جانب الأحرار، لأن رأيي هو الأهم وهو إقامة نظام جمهوري..
أحمد منصور: أي أحرار؟! أي أحرار وقادة الأحرار أنفسهم وهم فصلوك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: قادة الأحرار اتنين اللي كانوا في القاهرة، لكن معظم أحرار..
أحمد منصور: هم القادة التاريخيين أيضاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي العزير، دعني أكمل حديثي: جاء الأحرار من عدن برسائل من الداخل يؤيدون الدكتور عبد الرحمن البيضاني في طلب إعلان الجمهورية اليمنية.
(2/28)
أحمد منصور: هم يؤيدوك لسبب رئيس هو علاقتك بالمصريين وتحديداً بالسادات وعبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: فكانت.. المهم كانت النتيجة وصلوا واجتمعنا نحن الخمسة: أحمد نعمان، محمد ومحمود الزبيري، وعبد الرحمن البيضاني: ومحمد أحمد شعلان، ومحمد الأسودي وأصدرنا ووقعنا وثيقة بإعلان الجمهورية، وأعلناه من صوت العرب.
أحمد منصور: هنا بقى دخلنا مرحلة صوت العرب.
د. عبد الرحمن البيضاني: دخلنا.. دخلنا.. لم ندخل في الإذاعة حتى الآن، هي مجرد بيان أذيع باسم الأحرار بتوقيع نعمان والزبيري والبيضاني والأسودي وشعلان، بعدها بعد -ما أعلن هذا البيان حصلت –يعني- انتعاش، حصلت انتعاشة لدى.. لدى الأحرار داخل اليمن، وإذا بالزبيري ونعمان يصدروا قراراً بعزلي مرة أخرى.
أحمد منصور: بسبب إيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بسبب هو تنصلوا.. أولاً تنصلوا من الوثيقة التي أعلناها في إذاعة صوت العرب رغم رغم إنها موقعة منهم.
أحمد منصور: لماذا تنصلوا منها؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأن وحدوا إن.. إن إعلان جمهورية معناه إسقاط إمامة، إسقاط إمامة معناه إسقاط إمتيازات.
أحمد منصور: ألم تقل أنت –من قبل- أن هم كل واحد كتب كتاب ضد الإمام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، ولكن.. في الصفحة 13 في كتاب "الإمامة وخطرها على وحدة اليمن" بقلم الزبيري، يقول: ولكن لن يجرؤ إنسان أن يجاهر.. بعدائه.. بشجبه للعنصرية والطائفية حتى لا يشيع إلى.. إلى قبره بأنه كافر ملحد فاسق" كتبه هوده، يعني هو كتبه باختصار العبارة، باختصار العبارة أستاذ أحمد.
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل ما أسأل سؤال في وجهة تعود بي إلى الطائفية وإلى..
(2/29)
د. عبد الرحمن البيضاني: يا أستاذ أحمد، لما الأستاذ الزبيري وكتابه موجود يعلن في كتابه أنها سبب مصيبة اليمن التفرقة العنصرية والتفرقة الطائفية، ثم يكتب في نفس الكتاب أنه استحالة أن يظهر واحد يقول هذا الكلام علناً حتى لا يشيع إلى قبره بتهمة الكفر والفسق والإلحاد، هذا مكتوب في كتابه، واحد يكتب كلام ويخاف يعلنه، أنا لا أخاف أعلنه، هذا كان كل الخلاف.
أحمد منصور: بدأت تنسق.. بدأت تنسق علاقات مع تيار الأحرار الموجود في اليمن عن طريق علاقاتك بعبد الناصر والسادات؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، بدأت أنسق مع علاقاتي اليمنيين الأحرار من خلال الأحرار أنفسهم: عبد الغني مطهر، محمد قائد سيف محمد ميهوب ثابت، عبد القوي حميد، وما إلى ذلك، وعبد الناصر والسادات كانوا مستمعين.
أحمد منصور: ما الذي يجعل هؤلاء –أصلاً- يتجهوا إليك إلا لأنك أغريتهم بأنك لك علاقاتك الخاصة بالقيادة المصرية وأنك ستكون مصدر التعاون؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت مصر على هذا الموضوع.
يا سيدي العزيز، الأحرار وجدوا إن ما.. يقوله عبد الرحمن البيضاني يعبر عما في نفوسهم، يعبر عما في نفوسهم والذي كانوا لا يستطيعون إعلانه.
الثورة في اليمن والإعداد لها وخطتها
أحمد منصور: كيف بدأت عملية الترتيب للثورة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بدأت عملية الترتيب للثورة إن.. أتصلت.. ذهبت إلى السادات مع الأخ محمد قائد سيف وطلبنا منه وسائل اتصال بين الأحرار بين خلايا الأحرار داخل اليمن، فاجتمعنا بالرئيس عبد الناصر يوم 8 مارس 62 فالرئيس عبد الناصر أحالنا إلى المخابرات العامة، يوم 10 مارس ذهبنا..
أحمد منصور: المخابرات العامة أم المخابرات الحربية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: العامة.. هذبنا أنا ومحمد قائد سيف وكان معنا محمد ميهوب ثابت ولكن سافر إلى عدن، فالتقينا بالأخ صلاح نصر رحمه الله فأحالنا إلى عزت سليمان نائبه.
(2/30)
أحمد منصور: صلاح نصر لم يكن على قناعة بهذا الأمر.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، عارف صلاح نصر كان على قناعة، الذي كان ليس على قناعة كان اللواء عزت سليمان نائبه.. نائب رئيس المخابرات العامة فعزت سليمان قال لنا: يا جماعة لا داعي إطلاقاً للتفكير في ثورة جذرية ولا جمهورية ولا شيء، معاكم البدر، وكان البدر على علاقة جيدة جداً مع عزت سليمان ومع نعمان ومع الزبيري كما تعلم، فعزت سليمان قال لنا:..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على اعتبار إن عزت سليمان كان ذهب إلى اليمن كذلك.
د. عبد الرحمن البيضاني: كان ذهب أكتر من مرة.
أحمد منصور: وقام بعملية ترتيب تدريب الجيش اليمني.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، نعم.. لأ، مش تدريب لم يدرب لأنه كان في المخابرات، لم يقم بأي تدريب، لكن كان علاقة على علاقة جيدة مع البدر وكان فيه حتى شفرة بينهم، هو فتحي الديب.
فلما التقينا بعزت سلميان عزت سليمان اعتذر عن.. إعطائنا وسائل الاتصال بين الخلايا داخل اليمن، وأنهي هذه الزيارة وخرج ودعنا إلى باب المصعد ثم مال على أذن محمد قائد سيف وكلمه كلام لم أسمع منه شيئاً، ثم خرجنا إلى الطيارة فأبلغني محمد قائد سيف أن اللواء عزت سليمان قال له: لا تسمع كلام البيضاني، وأنا أرجوك أن تأتيني غداً 10 صباحاً لأ تتكلم معاك حديث منفرد.
عاد.. محمد قائد سيف قال: لأ، لن أذهب، فقلت له: لابد أن تذهب لنسمع ما عنده وصلت إلى عزت سليمان، عزت سليمان قال له: إحنا عندنا مجموعة فدائية داخل عدن لقتل الإنجليز ومحاولة طرد الاستعمار بالقوة، وأنت ضابط وكنت نائب رئيس القيادة التي قامت بانقلاب 48 وحكم عليك بالإعدام، وأنت مقيم في عدن، ولديك الشجاعة الكافية، ولذلك إحنا نرشحك تكون زعيم للأحرار الفدائيين في عدن، اترك عبد الرحمن البيضاني.
(2/31)
فكانت النتيجة إن محمد قائد سيف قال له: أنا من مدرسة عبد الرحمن البيضاني، وهي: إن لا يمكن إخراج الإنجليز من عدن إلا بعد إخراج الإمام من تعز من اليمن، وثم أنك.. –يعني- لم تحافظ على.. على أمني أنا، لأني وقفت على باب المخابرات حوالي نصف ساعة يسألوني من أنت وذاهب إلى فين إلى كذا إلى كذا، يعني كنت ممكن تقابلني في أي مكان آخر غير مكان المخابرات، وأنت تعلم أنك تكلفني بمهمة فدائية. فأعطى لعزت سليمان درس وخرج.. وخرج..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في 6 يونيو 62 التقيت مع السادات وأخذك للقاء المشير والتقيت مع صلاح نصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: 6 يونيو؟
أحمد منصور: 62، 6 يونيو 62 التقينا بعبد الناصر.
أحمد منصور: هذا في كتابك، أنا أخذت التاريخ.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا.. وأنا اللي كاتب الكتاب.
أحمد منصور: أخذك السادات للقاء عامر ورئيس المخابرات صلاح نصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة، قصة لقائي مع عبد الناصر هي قصة تاريخية.
أحمد منصور: المهم.. المهم إن هذا اللقاء كان لقاء لترتيب تاريخي كما تقول حول ترتيبات الثورة فيما بعد، ما الذي خرجتم منه من هذا اللقاء؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أولاً: لازم تعرف ما هو سبب اللقاء.. سبب اللقاء إن كانت كمية معلومات تصلنا من خلال عبد الغني مطهر، ففي أول مايو سنة 62 التقيت بالرئيس عبد الناصر ورسمت معه خطة.. وعرضت عليه خطة استقدام عبد الغني مطهر من اليمن إلى القاهرة بصفة سرية، وفعلاً جئنا به بصفة سرية من تعز بدون ختم جوازه، وفوزي عبد الحافظ استقبله في المطار.. في الطائرة على إنه عبد الرحمن البيضاني، وأخذو إلى عندي البيت، وبعدها سافرت أنا وياه أنا معه إلى.. إلى ميونيخ ثم إلى جرمش، ما دام لا تريد أن تسمع التفاصيل المهم وضعنا خطة الثورة، وضعنا.. يعني سبب لقائي مع عبد الناصر يوم 6 يونية أننا وضعنا أنا ومحمد عبد الغني مطهر وضعنا خطة الثورة في جرمش في ألمانيا.
(2/32)
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت لست رجل عسكري كيف تضع خطة ثورة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا تدربت تدريبات عسكرية في.. في.. في أبو قير وفي نفس الوقت المسألة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: التدريبات لا تؤهل أن تقوم بثورة!
د. عبد الرحمن البيضاني: لما نأتي إلى خطة الثورة ستجد إن إنها كانت في منتهى البساطة لا تحتاج إلى فن.
أحمد منصور: ما إحنا الآن دخلنا على خطة الثورة.
د. عبد الرحمن البيضاني: قبل أن ندخل على خطة الثورة أنت كنا بنتكلم على 6.. 6 يونيو، 6 يونيو جاء لأني وصلت من.. من ألمانيا أنا وعبد الغني مطهر ومعنا خطة الثورة، عرضناها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قل لي –أولاً- كيف وضعتم خطة الثورة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: خطة الثورة أولاً طلبت من عبد الناصر أن يأتي.. أن نسعى إلى مجيء محمد عبد الغني مطهر ومعه كل خيوط الداخل، بعد ما يلتقي بكل الأحرار في الداخل يأتينا على الطاولة بجميع المعلومات المتاحة.
أحمد منصور: لما اخترت هذا دون غيره؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: محمد عبد الغني مطهر دون غيره..
د. عبد الرحمن البيضاني: لأن عبد الغني مطهر كان هو رجل فدائي، وكان تاجر صحيح، ولكن كان يصرف على الأحرار من جيبه الخاص، وكان يقتني قنابل ومدافع هاون وقنابل زمنية وقنابل متفجرات، ورشاشات، وو.. إلى آخره كانوا..
أحمد منصور: كل هذا شيء جميل، لكن أيضاً لا يؤهله أن يضع خطة ثورة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، هو لم يضع، هو عنده المعلومات، فجئت بهذه المعلومات.. جاءني بهذه المعلومات إلى.. إلى.. إلى ألمانيا.. إلى مصر.
أحمد منصور: ما طبيعة المعلومات.. اللي كان عنده مخطط بخلايا الثوار مثلاً؟
د. عبد الرحمن البيضاني: عرفنا إن.. يعني فهمت منه إن الخلايا في تعز تتكون من.. معاه الملازم..
أحمد منصور: أنا مش عايز أعرف الأسامي، أنا أتكلم عن عدد الخلايا، كم خلية؟
(2/33)
د. عبد الرحمن البيضاني: عدد الخلايا 3 خلايا، واحدة في تعز وواحدة في صعنا، وواحدة في الحديدة.
أحمد منصور: 3 خلايا ممكن يعملوا ثورة؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: تعرف.. تعرف تحب تعرف أسماءهم؟
أحمد منصور: لأ، أنا بأسأل 3 خلايا ممكن يعملوا ثورة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: وخلية واحدة ممكن تعمل ثورة.. وكانت خطة الثورة كالآتي.
أحمد منصور: أمال ليه الثورات –اللي قبل كده- فشلت كلها؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأنها لم تكن منظمة، لم تكن على.. على.. على.. لها برنامج، ولها هدف ولها مقومات، ولها دعم خارجي.
أحمد منصور: جاءك بالمعلومات وذهبتم إلى ألمانيا ووضعت أنت خطة الثورة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: وضعت.. وضعت خطة الثورة، وكانت في منتهى البساطة.
أحمد منصور: ما هي هذه الخطة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: خطة الثورة كانت في منتهى البساطة معنى معنا.. عدد جنود الإمام.. عدد جنود اليمن في تعز في تلك الأيام كانت حوالي من 800 جندي، كان معانا منهم 530 تقريباً، والضباط إذا حبيت أذكر لك أسماءهم أوز.
أحمد منصور: بدون تفصيل.
د. عبد الرحمن البيضاني: بدون ذكر أسماء، تمام قائد المدرعات وقائد المدفعية كانوا كلهم معانا من ضمن المجموعة، وكان تنقصهم بعض الذخيرة أرسلناها إليهم. فكانت خطة الثورة تبدأ بالآتي: أثناء نوبة.. نوبة.. شاويش (...) معاه مجموعة من 3 أفراد دايماً هم اللي بيحرسوا الإمام وكانت منضمة معانا.
في هذه النوبة يأتي الأحرار يقتحموا قصر البدر.. قصر.. الإمام في (...) علي الحيمي مفتش الأسلحة والذخيرة العميد.. الملازم علي الحيمي مفتش الأسلحة والذخيرة سيفتح أبواب المخازن والأحرار معاهم قنابل يدوية، ومعاهم مدافع رشاشة، وهيقتحموا القصر وينهوا الإمام، ويحتلوا المراكز الرئيسية داخل صنعا.. داخل تعز.
أحمد منصور: أنت كنت تعرف القصر جيداً؟
(2/34)
د. عبد الرحمن البيضاني: طبعاً عشت عشر سنوات مع الإمام، كل مسمار فيه عارفه، وبعدها بعد أن تنجح مهمة تعز تبدأ مهمة صنعا، صعنا عليها أن تبدأ كالآتي: عبد الله السلال كان الأخ عبد الله السلال كان رئيس حركة البدر مع مجموعة من الإخوة يصلوا إلى.. إلى البدر ويدينوا الانقلاب الذي حدث في تعز، إدانة، ويطلبوا منه الخروج معهم إلى محطة الإذاعة لإعلان بيان ضد الثورة، وبمجرد خروجه من قصر.. البشائر يقبض عليه، في تلك اللحظة بيكون بقية الخلايا تحفظت على كبار الشخصيات المهمة التي نخشى أن تقوم بأي عمل مضاد للثورة، مهمة العقيد حسن عامري –كان وقتها نائب وزير المواصلات ومدير اللاسلكي- مهمته احتلال إذاعة صنعا، وإذا لم يحتلها ينسفها.. مهمة خلية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل الخطة الاستراتيجية ديه حضرتك اللي حطيتها؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة.. لحظة أكمل.. أكمل كلامي: بعد ما تنتهي مهمة صنعاء بمهمتها تبدأ مهمة الحديدة بقيادة العميد حمود الجيفي، حمود الجيفي مهمته مع مجموعته أن يؤمنوا ميناء الحديدة لوصول القوات المصرية، وبمجرد ما أسمع قيام الثورة في تعز سأصل في طائرة خاصة، وكانت الطائرة مجهزة.
في مطار أسوان، وفيها محطة إذاعة تتصل.. تتصل بموجة على موجة صوت العرب لتقول: هنا الجمهورية العربية اليمنية.
إذا.. إذا.. إذا لم نتمكن من احتلال إذاعة صنعا، لأنه قلنا لهم: إذا لم تتمكنوا من احتلال إذاعة صنعا دمروها حتى لا تكون في اليمن إذاعتين، فهذه كانت خطة الثورة.
أحمد منصور: كل ده قبل 6 يونيو؟
د. عبد الرحمن البيضاني: قبل 6 يونيو واللي موجود في كتابي كلها بتفاصيلها كلها.
أحمد منصور: كتابك أنت بتقول اللي هو عايزه.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا عندي وثائق، عندي وثائق لهذا الكلام، وثائق خطة الثورة موجدة عندي، وموجودة في الكتاب.
أحمد منصور: يا سعادة النائب، سعادة النائب امن أين لك بهذا الفكر الاستراتيجي؟
(2/35)
د. عبد الرحمن البيضاني: عرضنا.. عرضنا المهم.
أحمد منصور: بس جاوبني على سؤالي: من أين لك بهذا الفكر الاستراتيجي الذي تضع فيه خطة ثورة بهذا الأحكام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت تتكلم مع نائب رئيس مجلس قيادة ثورة.
أحمد منصور: بعدين.
د. عبد الرحمن البيضاني: وقبل وقبلها.
أحمد منصور: وقبلها لم تكن، عفواً كنت تقيم في القاهرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: من من الذي دعى إلى الثورة يا أخ أحمد؟
أحمد منصور: في الميكروفون هنا في إذاعة صوت العرب، لكن هناك من قام بالثورة ودفع دماءه!
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيد العزيز، من يدعو؟ وهل الرئيس عبد الناصر عندما فكر في قيام ثورة 23 يولية كان..
أحمد منصور: أنا ما ليش علاقة بعبد الناصر، أرجوك أنا بأتكلم تحديداً عن ثورة اليمن ودورك فيها، لا أدخل شيء في بعضه، أنا بأتكلم عن شيء محدد.
د. عبد الرحمن البيضاني: إذا كنت تعتقد إن هذا تفكير استراتيجي جيد فأنا أشكرك، لا أكثر من هذا، أشكرك.
أحمد منصور: لأ، أنا بأسأل حضرتك الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأقول لك: هذا تخطيط.
أحمد منصور: هذه خطة استراتيجية تقتضي.. تقتضي فريق عمل عفواً، فريق عمل وأدوار مختلفة، والناس اللي حضرتك رسمت أدوارهم دول من المفترض يكونوا موجودين عشان كل واحد يعرف الدور اللي هيقوم بيه إيه.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي العزيز.
أحمد منصور: الثورات لا ترسم في إن الواحد يقعد في غرفة جميلة أو في غابة في ألمانيا ويحط خطة ثورة، وبعدين كل واحد لا يدري ما الدور الذي يقوم بيه.
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني لو.. لو صبرت كنت سمعت لكنت سمعت عجباً.. بعد ما وضعنا هذه الخطة في في ألمانيا طلبت من عبد الغني مطهر أن عرضها على الأحرار داخل اليمن، وعلى الثوار داخل اليمن، ويعيدوا تنسيقها ويعيدوا النظر فيها، ويغيروا فيها كما يشاءوا هذه الخطوط الرئيسية.
(2/36)
جئنا أنا وعبد الغني مطهر إلى القاهرة، التقينا يوم 4 يونيو 62، التقينا مع محمد قائد سيف ومحمد قائد سيف ضابط.
وقام بثورة، وناقشنا معاه في هذا الموضوع، أضاف جزئية صغيرة جداً وهي إضافة بعض أفراد، ثم عرضنا نحن الثلاثة هذا الموضوع على.. الرئيس عبد الناصر وعرضنا عليه هذا المخطط، وقلت للرئيس عبد الناصر: إن هذا المخطط معرض للتغير والتبديل لما يرجع عبد الغني مطهر إلى تعز ويلتقي بالضباط الأحرار زملائنا، فعبد الناصر كان –يعني- شبه.. يعني.. في 6 يونية كان شبه متردد إما أن يقبل. وإما أن يرفض، لأن كان جهاز جزء من جهاز المخابرات لا يزال مقتنع باستحالة تنفيذ هذا هذا الموضوع، وجزء من المخابرات معانا، السادات معانا، فالرئيس عبد الناصر كان متردد. قلت: يا سيادة الرئيس، أنتم في 21 مايو 62، يعني قبل ما نجتمع ببضعة أيام الفصل التاسع من الميثاق اللي أنتوا أصدرتوه في القاهرة ينص على إن مصر مسؤولة عن أمن الأمة العربية كلها، وليس فقط عن أمنها وحدها، ثم إلى جانب هذا الفصل رمسيس التاني سنة من 33 قرن وجد إن أمن مصر وأمن الأمة العربية وأمن الجزيرة العربية كلها هو البحر الأحمر ويبدأ من باب المندب. ولذلك عزفت أنا على وتر الأمن القومي العربي"، إن.. لا.. قلت لسيادة الرئيس: البحر الأحمر عبارة عن زجاجة لها عنقين: عنق في بور سعيد وعنق في عدن عنق في الشمال وعنق في الجنوب، من يمسك عنق واحد لا يمسك شيئاً.
أحمد منصور: يعني المهم إنك سعيت إقناعه بكل.. بكل السبل.
د. عبد الرحمن البيضاني: أقنعناه عبد الناصر.. أقنعناه عاطفياً وسياسياً واستراتيجياً عسكرياً و.. تاريخياً
أحمد منصور: كان متخوف من إياه عبد الناصر؟
د. عبد الناصر البيضاني: متخوف من عدم نجاحها، بس لا أكثر ولا أقل، فكانت النتيجة إن عبد الناصر.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مقومات النجاح كانت متوفرة؟
(2/37)
د. عبد الرحمن البيضاني: في رأيي أنا كانت أنا عندي أمل إنها كانت كانت متوفرة، لأن ميناء الحديدة كان كان.. كان بني، الطريق من صنعا إلى تعز قد تم، الجيش اليمني اللي تم بناء اللبنات الأولى، البعثة العسكرية.
الثانية برئاسة العقيد حسن سيف الحسيني مع صلاح.. المحرزي وعادل السيد ومجموعة.. ومحمود عبد السلام، ومجموعة الضباط المكلفين بالتدريب أنشأوا مدرسة.. مدرسة الأسلحة الصغيرة، وأنشأوا مدرسة أنشأوا الكلية الحربية.
أحمد منصور: يعني ما تحدثنا عنه من قبل من عملية الإعداد.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، أنا لم أتحدث هذا من قبل، وخرج على عبد المغني، وخرج حسين المسوري، وخرج الحميدي، وخرج.. يعني.. محمد مطهر، خرج عدد من الضباط اللي أصبحوا قادة مجلس قيادة الثورة.
أحمد منصور: كنت تتحدث من صوت العرب؟ كنت تتحدث من صوت العرب؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت سألتني بتقول لي: هل كانت مقومات النجاح موجودة أقول لك: نعم موجودة، لماذا؟ الميناء تم الحديدة، الطريق تم، الجيش بدأ.. دعم مصر الركن الرابع دعم مصر بدأنا فيه.
أحمد منصور: ليست هذه هي.. سيادة النائب أيضاً الثورات تقوم على الرجال ليس على الميناء ولا على..
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، على الوسائل، الرجال وحدهم دون بدون وسائل لا يمكن أن يفعلوا شيئاً.
أحمد منصور: الآن كنت تلقي.
د. عبد الرحمن البيضاني: وبعدين أنت تكلم خبير ثورة، تكلمني أنا كخبير ثورة.
أحمد منصور: ما أنا من حقي أن أكلمك وأطرح ما أشاء وعليك أن تجيب.
د. عبد الرحمن البيضاني: تطرح ما تشاء آه، لكن تكلمني كخبير ثورة، أنا خبير ثورة، ولذلك بأقول لك: الثورة انتهت من 4 من 3 عناصر الأولى: الميناء والطريق والجيش، باقي دعم مصر، يعني الالتزام المصري المسبق بدعم مصر الركن الرابع، الخامس: إذاعة.. تمكيني من إذاعة الوعي من قيادة صورت العرب، باقي الوترين دول وكنا بنعزف عليهم.
(2/38)
أحمد منصور: وفتحت لك صوت العرب؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بعدها مباشرة.
أحمد منصور: وفتحت لك جريدة مجلة "روزاليوسف"
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، فتحت مجلة روزليوسف في 22 يناير 62 أول مقر كان 22 يناير.
أحمد منصور: يعني في سنة 62 فتحت روزليوسف وفتحت صوت العرب لتلقي منها البيانات المختلفة.
د. عبد الرحمن البيضاني: أيوه.
وفاة الإمام وتغير موقف مصر من الثورة
أحمد منصور: ولكن في 19 سبتمبر 1962 مات الإمام أحمد، والأوراق كلها الخاصة بالثورة –يعني- اختلفت ومصر غيرت موقفها بشكل مفاجئ، منعت أنت من الحديث في صوت العرب، وأرسلت برقية عزاء إلى الإمام البدر من قبل الرئيس عبد الناصر فيما أعتبر أنه تغيير للدور المصري تجاه اليمن، لأن كان كنتم حدد تم عدة مواعيد للثورة، وهذه المواعيد لم.
د. عبد الرحمن البيضاني: لم تنفذ.
أحمد منصور: تنفيذ، مما جعل عبد الناصر يعتقد باستحالة قيام ثورة في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: هو أول تاريخ ثورة تاريخ.. لقيام الثورة كان يوم 23.
أحمد منصور: 23 يوليو.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولما.. لما فشلت يوم 23 يوليو ولم تقم، الرئيس عبد الناصر قال لي: إن أصحابك غير جادين وبدأ من هنا يتردد في الموضوع، للأسف. فقلت له: يا سيدي الرئيس، يعني فرق كبير ما بين المصريين واليمنيين، أنت هنا في 23 يوليه عندك مجموعة عسكرية منظمة "معتدل مرش" إلى قصر عابدين. لكن في اليمن الوضع مختلف جداً، فيه.. تتنازعهم عواطف متباينة القلق والخوف والأمل واليأس ورؤوس.. ويأتي في ذهنهم رؤوس الأحرار التي كانت معلقة على.. على.. في 48، وفي 55.
أحمد منصور: 55.
د. عبد الرحمن البيضاني: على الأشجار.
أحمد منصور: بخلاف العشرات الذين كانوا بعد موت في الشوارع.
د. عبد الرحمن البيضاني: فكانوا، يا سيادة الرئيس إحنا الآن نحمد الله إن أسرارنا لم تعلن حتى هذه اللحظة.
أحمد منصور: المهم.
(2/39)
د. عبد الرحمن البيضاني: في 28 سبتمبر أيضاً كانت مفروض 28 أغسطس.
أحمد منصور: أغسطس، نعم.
د. عبد الرحمن البيضاني: أغسطس كانت هتقوم ثورة أخرى فعلاً، وبعدها ترددت بيترددوا يعني وجدوا إن فيه أشياء ناقصة، وكان عبد الرحمن الإرياني تخلى عن رئاسة مجلس قيادة الثورة، فجاء.. على عبد المغني وهو أهم شخصية في الثورة، أرسل لي رسالة في 30 أغسطس يطلب مني إنه ينضم إليَّ تحت قيادتي وتحت مع هذه الواقعة.
أحمد منصور: بصفتك عندك الموارد، أنت اللي عندك العلاقة مع مصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، عندي..
أحمد منصور: وأنت المنفذ.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت ليه تمسك بالموارد؟ ليه..
أحمد منصور: هم كلهم يقولون ذلك، ليس كلامي أنا.
د. عبد الرحمن البيضاني: الله!! هو كان مصطفى كامل عنده موارد؟! كان سعد زغلول عنده موارد؟!
أحمد منصور: ليس كلا في أنا.. ليس كلامي أنا.
د. عبد الرحمن البيضاني: سعد زغلول كان كل الشعب التف حوله بدون موارد، الجيش كان ضده.
أحمد منصور: حتى الدكتور محسن العيني في كتابه (خمسون عاماً في الرمال المتحركة" تحدث أيضاً عن هذا الأمر: إن علاقتك بمصر الوثيقة التي كانت عن طريق السادات، علاقة السادات الوثيقة بك أيضاً من خلال تقديمه لعبد الناصر، هو الذي كان يجعل الأحرار يضطروا إلى أن يربطوا علاقتهم معك.
د. عبد الرحمن البيضاني: وهو حتى لو كان صحيح، ولو حتى لو كان هذا.. صح، ما هو المانع؟
أحمد منصور: أنا الآن في 25 سبتمبر 62 أعلن مجلس وزراء جديد برئاسة البدر في اليمن، وتقرر إعلان الثورة، وأنت ذهبت إلى السادات ترجوه أن يسمح لك فقط بإلقاء بيان.
د. عبد الرحمن البيضاني: أخير.
أحمد منصور: أخير ووحيد من صوت العرب، في الحلقة القادمة نبدأ بهذا البيان.
د. عبد الرحمن البيضاني: وهو كذلك.
أحمد منصور: وهو كذلك.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا أشكرك على سعة صدرك.
(2/40)
أحمد منصور: دا سعة صدر سعادتك أنت، أنا مفيش مشكلة عليَّ أنا.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن البيضاني (نائب رئيس مجلس قيادة الثورة اليمني، ونائب رئيس الجمهورية الأسبق) في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(2/41)
الحلقة5(2/42)
الخميس 27/4/1422هـ الموافق 19/7/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 19:58(مكة المكرمة)،16:58(غرينيتش)
عبد الرحمن البيضاني نائب الرئيس اليمني الأسبق الحلقة 5
مقدم الحلقة
- أحمد منصور
ضيف الحلقة
- عبد الرحمن البيضاني، نائب الرئيس اليمني الأسبق
تاريخ الحلقة
6/08/2001
- قصة إلقاء البيان الأخير للبيضاني من صوت العرب
- قيام الثورة في اليمن وهروب الإمام البدر
- تشكيل مجلس قيادة الثورة وحجم دور البيضاني
عبد الرحمن البيضاني
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر).
حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني (نائب رئيس مجلس الثورة ونائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق).
سعادة النائب، مرحباً بك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أهلاً بكم وسهلاً.
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند المواعيد المتتالية التي لم تتم فيها الثورة اليمنية، كان الموعد الأول في 23 يوليو 62، الموعد الثاني في 28 أغسطس 62، ثم الموعد الذي قامت فيه الثورة في السادس والعشرين سبتمبر 62، بعد عدم نجاح قيام الثورة في الموعدين السابقين أصيب الرئيس عبد الناصر بشكل من أشكال الإحباط عن قيام ثورة في اليمن، حينما توفي الإمام في 19 سبتمبر 62 أرسل برقية عزاء لابنه البدر اعتبرت تخلياً عن الأحرار وعن قيام ثورة في اليمن، إلا أنك سعيت من خلال السادات –وكان ذلك في الوقت المنسق الرئيسي بينك وبين عبد الناصر- إلى إقناع عبد الناصر بإلقاء بيان وحيد وأخير من إذاعة صوت العرب التي كنت تلقي منها بيانات مختلفة للشعب اليمني. ما قصة هذا البيان الأخير؟
قصة إلقاء البيان الأخير للبيضاني من حدوث العرب
(2/43)
د. عبد الرحمن البيضاني: هو في الواقع نبدأ بسطر قبل ذلك إنه سبب إحباط الرئيس عبد الناصر إن في ثورة.. في تحديد ساعة الصفر في 23 يوليه سبب عدم قيامها إن الرئيس المنتخب بين الثوار أن يكون رئيس لمجس قيادة الثورة تخلى وهو القاضي عبد الرحمن الإرياني.
أحمد منصور [مقاطعاً]: فيه بينك وبين الرجل، كل منكما يتكلم عن الآخر كلاماً قاسياً، بس بين قوسين أحطها.
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة.. لحظة، لأ.. هذه، طيب وهو كذلك.
أحمد منصور: الإرياني يتحدث عنك بقسوة، وأنت تتحدث عنه بقسوة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، الإرياني كان..
أحمد منصور: حتى يدرك المشاهد أيضاً أنكما لم تكونا على وفاق.
د. عبد الرحمن البيضاني: الإرياني كان وزير عدل في أول حكومة معي وأنا كنت رئيس.. رئيسه.
أحمد منصور: وأصبح بعد ذلك رئيساً لليمن من 68 لـ 75.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، لو.. لو كنت صبرت قليلاً واستطعت معي صبراً كنت.. كنت سآتي لك منه خبراً.
أحمد منصور: ما هو أنا لست صبوراً، أنا عجول (وخلق الإنسان عجولاً)!!
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لأ، لا إحنا الآن بنحاول نحكي الحقيقة أمام المشاهد، 30 أغسطس علي عبد المغني أرسل إلى برقية عن طريق السفارة المصرية.
أحمد منصور: علي عبد المغني..
د. عبد الرحمن البيضاني: علي عبد المغني وهذا الذراع العسكري الأهم في قيادة الثورة اليمنية، أرسل إلى برقية.
أحمد منصور: هذا الذي نسق معك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، من ضمن اللي نسقوا.. من ضمن، أرسل في 30 أغسطس 62 يعلن.. يطلب مني الانضمام إلى مجموعتنا للقيام بالثورة و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان يتبع أي شيء علي عبد المغني؟
د. عبد الرحمن البيضاني [مستأنفاً]: وفي 6 سبتمبر...
أحمد منصور: ماذا كان موقعه –عفواً- علي عبد المغني؟
د. عبد الرحمن البيضاني: علي عبد المغني كان رئيس جميع المجموعات العسكرية في صنعا، بلا جدال وهو ملازم.
(2/44)
أحمد منصور: أي مجموعات عسكرية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: أي مجموعات عسكرية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: عبد اللطيف ضيف الله.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مجموعات الأحرار تقصد.
د. عبد الرحمن البيضاني: الأحرار طبعاً.
أحمد منصور: ولم يكن حتى ذلك الوقت على علاقة معكم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كان على علاقة عن طريق عبد الغني مطهر في تعز، فأرسل إلي برقية يوم 30 أغسطس يطلب مني الانضمام رسمياً ضمن المجموعة كلها، وأنا وافقته وأرسلت رداً.. رداً عليه عن طريق السفارة المصرية برموز الثورة المصرية أطلب منه أو أرحب به هو ومجموعته ينضموا إلى علي عبد الغني مطهر..
أحمد منصور: معنى ذلك أن هناك تجمعات عسكرية مختلفة تعمل ضد الإمام، لم تكونوا وحدكم في الساحة.
د. عبد الرحمن البيضاني: تماماً.. تماماً اجتمعنا، واجتمعنا، برقية علي عبد المغني جمعت الكل، ففي 6 سبتمبر أرسل إلي علي عبد المغني برقية أخرى، قال: إن حمود الجيفي وافق على إنه –وهو كان عميد الكلية الحربية وكان يعني الأب الروحي لكل الضباط اليمنيين- أرسل إلي برقية علي عبد المغني في 6 سبتمبر يعلن فيها أن حمود الجيفي قبل أن يكون رئيساً لمجلس قيادة الثورة، واعتبرت أن هذا فتح من عند الله سبحانه وتعالى. وأبلغت الرئيس عبد الناصر ففرح بها الكلام. في يوم 18 سبتمبر وصل –62- وصل عضو مجلس قيادة الثورة عبد القوي حميم وأبلغني أن الثورة ستقوم يوم 23 سبتمبر. يوم 21 سبتمبر أرسل إلي العقيد حسن العمري برقية يقول فيها: أن الثورة ستقوم بعد 3 أيام، هي بالشفرة: "فتح اعتماد سيكون بعد 3 أيام" وهذا بخط..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن ألم..
د. عبد الرحمن البيضاني [مستأنفاً]: لحظة واحدة، لحظة واحدة، لخطة واحدة، وهذا بخط حسن العمري وموجود في الصفحات الأولى من كتابي بخط حسن العمري.
أحمد منصور: رأيته هذا.. هذا ألم يربك موت الإمام ألم يربك هؤلاء؟
(2/45)
د. عبد الرحمن البيضاني: يوم 21، يوم 21 أولاً برقية عبد القوى، وصول عبد القوي حميم إلى القاهرة يوم 18 سبتمبر لم يكن الإمام قد مات.
أحمد منصور: الإمام مات 19.
د. عبد الرحمن البيضاني: 19، يوم 21 أرسل العمري رغم هذا.. هذه البرقية ومفتوحة، "المصباح" القاهرة "المصباح" كان اسم الشقرة، "القاهرة سيكون فتح الاعتماد بعد ثلاثة أيام" عرضنا هذا الموضوع على عبد الناصر.
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس أنا لاحظت إن هذه البرقية جاية عن طريق الحكومة!
د. عبد الرحمن البيضاني: عن طريق الحكومة طبعاً، لأنه ده شيء عادي، المصباح، القاهرة.
أحمد منصور: يعني معروف إن برقية بترسل بيكون معروف من المرسل وإلى من ستذهب.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو هذا في.. في رأيك، ولكن في عرف الأسماء التلغرافية المصباح عبارة عن اسم، كود ومتعارف عليه دولياً، وأنا صورتها في كتابي بختم البريد إنها حصلت، كونها غلط، أو صح، هذا.. هذا ما حدث، هذا ما حدث وهذه الوثيقة موجودة، وموجودة في كتابي منشورة. وقال: المصباح في القاهرة: سيكون فتح الاعتماد بعد ثلاثة أيام". هذا الكلام كان يوم 21 سبتمبر بعد وفاة الإمام بيومين، طبعاً خطأ كبير من الثورة أنها لم تنتهز فرصة موت الإمام، لأن كان من ضمن التخطيط اللي وضعناه إن إذا لم.. إذا مات الإمام ولم تكن الاستعدادات قد استكملت فلتكن هذه ساعة صفر لأن لو قام إمام آخر بعد.. بعد الإمام أحمد يمكن أن يغير موازين الأمور كلها، لاسيما أن بريطانيا كان لها مرشح إمامي بدل الإمام أحمد وهو حسن إبراهيم، أميركا كان لها مرشح إمامي غير الإمام أحمد هو عبد الرحمن عبد الصمد، وكان لدينا أعضاء في التنظيمين ليبلغونا بتفاصيل كل ما يجري داخل التنظيمين.
أحمد منصور: لديكم مين؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أصدقاء.
أحمد منصور: لديكم أنتم من؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، لدى الأحرار، أنا بأتكلم باسم الأحرار.. الضباط.
(2/46)
أحمد منصور: ما هو الأحرار الآن أصبحوا كل واحد بيقول: أنا الأحرار.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو إما.. إما إنك بتكلم نجيب محفوظ وهو بيكتب قصص، أو بتكلم عبد الرحمن البيضاني الذي قام بثورة!!
أحمد منصور: يا فندم بأكلم عبد الرحمن البيضاني.
د. عبد الرحمن البيضاني: إذن لما تكلم عبد الرحمن البيضاني وهو اللي قام بالثورة بيقول لك: إحنا، يعني إحنا الثوار.
أحمد منصور: الأحرار الآن كان النعمان والزبيري كل دول كانوا أحرار.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا سيدي العزيز، نعمان.. نعمان والزبيري أبعدوا تماماً عن قيادة الثورة وعن.. لم يكن أحدهم عضو مجلس قيادة الثورة إطلاقاً، أبعدوا تماماً عن الثورة.
أحمد منصور: لم يكونوا أعضاء مجلس قيادة الثورة.
د. عبد الرحمن البضاني: ولم يكونوا.
أحمد منصور: ولكن كان لهم دور في.. في هذا الأمر، دور.
د. عبد الرحمن البيضاني: دور قديم، دور قديم وانتهى.
أحمد منصور: وجديد يا دكتور، يعني ما يؤخذ عليك أنك تهمش الآخرين أيضاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو دور.. لأ.. كونك.. كونك تقول..
أحمد منصور: يعني ما المانع أن تتحدث عن دورك، وأن تعطي للآخرين حقهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: يا حبيبي، أنا قلت لك إن أحمد النعمان والزبيري على عيني وراسي وهم زعمائي وأساتذي، وقاموا بأدوار مهمة في 48 و55 وما إلى ذلك، لكن لم يكونوا متفاعلين مع قيام ثورة جمهورية، قالوا مع الإمامة، ولذلك الأحرار تخلوا عنهم، انتهى الموضوع.
أحمد منصور: (يعني) حتى أنت لم تترك حتى القاضي الإرياني أيضاً أنت تحدثت عنه بشيء سلبي كلهم..
د. عبد الرحمن البيضاني: يا.. إذا القاضي الإرياني هو اللي قال لك هذا الكلام موضوع آخر.
أحمد منصور: مكتوب، ما هو كتب هذا الكلام.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا.. لما حبيت أكلمك عن هذا الكتاب رفضت، قلت نؤجله لبعدين أنا مستعد أتكلم الآن، ونقطع الحديث عن ثورة 26 سبتمبر.
(2/47)
أحمد منصور: يعني أنت.. أنت، إحنا ما بنقطعش عن حاجة، كل خيوطنا موصلة في بعض.
د. عبد الرحمن البيضاني: إذن لازم.. لازم نتكلم في موضوع 26 سبتمبر ثم ننتقل إلى.. ما تراه الآن عن موضوع (الإرياني).
أحمد منصور: يعني الآن، الآن سيادتك بتتحدث عن أن أنت المحرك الأساسي والوحيد للثورة.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا الكلام سمعته منك 20 ألف مرة يا أخ محمد.. أحمد، ولذلك أرجو أن تترك لي فرصة أقنعك، أنت لا تترك لي فرصة لأقنعك.
أحمد منصور: كل هذا ولا أترك؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: كل هذا ولم تترك لي فرصة، بتقاطع، كل ما أتكلم بتقاطعني.
أحمد منصور: أنا مجرد بأستفسر، من حقي أن أستفسر.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما ه لما بتستفسر بتحاول تقطع الإجابة، فأنا.
أحمد منصور: أنا بأسأل السؤال وجاوبني عليه.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا جاوبتك.
أحمد منصور: أنت كنت الرجل المحرك الأول والوحيد والأساسي للثورة، أم لا؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هل هناك شخص آخر يدعي غير ذلك؟
أحمد منصور: الذين قاموا بها في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: من الذي قام بها في اليمن؟
أحمد منصور: قام بها السلال وقام بها الأحرار والضباط الآخرون.
د. عبد الرحمن البيضاني: السلال لم يقم.. السلال لم يقم بالثورة، ما رأيك؟ وأنا هأتكلم معاك والوثائق موجودة.
أحمد منصور: أنت قمت بها وأنت هنا في إذاعة صوت العرب؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: الذي.. الذي قام بالثورة، الذي قام بالثورة في اليمن علي عبد المغني وعبد اللطيف ضيف الله ومحمد مطهر وهم ضباط أحرار.
أحمد منصور: هم تحركوا، هم الذين.
د. عبد الرحمن البيضاني: والسلال كان في بيته ولم يقم بدوره، وعبد السلام صبرة أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة طلبوا أن يخرج من بيته لينضم للأحرار، فقال: سأصل إلى البدر أولاً بقصر البدر وأتأكد من صحة ما حدث، ثم، ثم..
أحمد منصور: لكن هو له كلام آخر.
(2/48)
د. عبد الرحمن البيضاني: ثم مضى ساعتين وهو في بيته، وبعدها اتصل مرة أخرى.
أحمد منصور: طب حتى لا نستبق الأحداث.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي، ما أنت.. أنت اللي استبقت مش أنا.
أحمد منصور: نعود بها مرة أخرى الخيوط كلها في أيدينا.
د. عبد الرحمن البيضاني: آه يبقى الغلط مش عندي.
أحمد منصور: دايماً أنت مش مخطئ أنا اللي غلطان، أنا المخطئ دائماً!
د. عبد الرحمن البيضاني: فيوم، الآن نعود إلى الموضوع، فيوم 19.. يوم 21 سبتمبر أرسل حسن العمري هذه البرقية التي تحدثنا عنها، لم يصدقها عبد الناصر نهائياً، ووجد إن كلامنا كله كلام في الهوا، وإن كان فعلاً أحمد نعمان والزبيري على حق، وعزت سليمان كان على حق جهاز.. جزء من جهاز المخابرات كان حق لما.. قالوا نؤيد البدر، وليس صحيحاً –كما قلت- إن الإمام أرسل.. إن عبد الناصر أرسل برقية تعزية للبدر، الذي حدث إن البدر هو الذي أرسل برقية تعزية لعبد الناصر، وهذه هي دي..
أحمد منصور: تعزية في أبوه.
د. عبد الرحمن البيضاني: في آيوه، هذا ما حدث.
أحمد منصور: إذا كان نص برقية التعزية.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا عارف، أنا أقول لك.
أحمد منصور: هأقول لحضرتك بس، بالمصادر والوثائق.
د. عبد الرحمن البيضاني: تسمح لي أكمل كلامي وبعدها علق علي.
أحمد منصور: أنا مش بأعلق أنا بأستفسر، أنا بأتكلم على الحاجة في حينها.
د. عبد الرحمن البيضاني: دعني أتكلم، الذي يستفسر.. يستفسر عن شيء سمعه، إنما الآن أنت بتستفسر عن شيء لم تسمعه، أنا..
أحمد منصور: يا دكتور.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا بأكلمك أهه.
أحمد منصور: لا تشكك في مصادري، كل ما قرأته، وكل المصادر الموجودة، ليس بالضرورة أن نعيش الحدث.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي، أنا عندي الوثائق وهأصورها ومصورة عندي في كتبي.
أحمد منصور: الآن اسمعني حضرتك.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، اسمعني أنت.
(2/49)
أحمد منصور: منشور نص البرقية التي أرسلها عبد الناصر للعزاء في البدر في مصادر كثيرة، وعلى رأسها الكتاب الذي كتبه الدكتور أحمد يوسف أحمد رسالة دكتوراه عن الدور المصري في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي العزيز، الذي.
أحمد منصور: أنت الآن تقول إن عبد الناصر لم يرسل برقية عزاء.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، أنا لم أقل: لم يرسل، أنا قلت الذي بدأ بالإرسال البدر، ثم رد عليه الرئيس عبد الناصر.
أحمد منصور: طيب هي.. هي، في المحصلة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، لا مش هي.. هي، مش هي.. هي، فرق بين إن عبد الناصر يبدأ ابتداءً يعزي البدر، وفرق بين إن البدر يبدأ ابتداءً يعزي الرئيس عبد الناصر في وفاة أبوه، هذا استثناء من القاعدة، فكانت النتيجة إن عبد الناصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذه سياسة وكل واحد بيأخذها من منظوره، النتيجة إن عبد الناصر تجاوب مع البدر.
د. عبد الرحمن البيضاني: النتيجة إن عبد الناصر لما عرف إن البدر أرسل له هذه البرقية معنى ذلك إن البدر يرجو من عبد الناصر أن يبدأ معه صفحة جديدة، هذا هو..، هذا.. ده اللي فرق اللي بيني وبينك، لو إن عبد الناصر هو اللي أرسل برقية التعزية أولاً ابتداءً المسألة عادية جداً.
أحمد منصور: لكن كان مهيئاً.. كان مهيئاً إلى ذلك.
د. عبد الرحمن البيضاني: كان مهيئاً إلى ذلك، فلما وصلت له هذه البرقية اقتنع بإن البدر مستعد أن يفتح صفحة جديدة مع مصر، ولذلك أرسل إليه برقية التعزية المنشورة في كل الكتب، ومنشورة أيضاً في كتابي، إنه أرسل برقية إلى البدر، ثم منعني أنا من الكتابة في "روزاليوسف" ومنعني من الإذاعة في صوت العرب، وسمح للاتحاد اليمني برئاسة الأستاذ أحمد نعمان أن يؤيد البدر، وأن يرسل برقية تأييد البدر، وأن تذاع هذه البرقية من صوت العرب.
أحمد منصور: صحيح.
(2/50)
د. عبد الرحمن البيضاني: اجتمع مجلس الوزراء الذي قلت عنه في يوم.. في اليمن في 25 وسبتمبر.
أحمد منصور: مظبوط، برئاسة البدر.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، برئاسة البدر، والبدر في هذا الاجتماع أحاط المجلس علماً بأنه علم بجميع تفاصيل الثورة من أحد المشايخ وهو الشيخ يحيى المصلي كان صف ثاني من صفوف.. من الأحرار، وكان مكلف بمهمات معينة في الثورة، خشي من أن تعرف أسماؤهم لدى.. للبدر بعد ما فشلت الثورة مرات.
أحمد منصور: فيه مصادر أخرى بقى بتقول: إن البدر علم بهذا من المندوب المصري اللي كان موجود في ذلك الوقت.
د. عبد الرحمن البيضاني: مستحيل، هذا مستحيل، المندوب المصري في ذلك.. الذي كان في ذلك الوقت الأخ محمد عبد الواحد.
أحمد منصور: لأنه هو أدرك إن موقف عبد الناصر تغير وبادرة حسن نية منه حرصاً على ...
د. عبد الرحمن البيضاني [مقاطعاً]: لا لم يحدث إطلاقاً، وهذه أول مرة أسمعها، لم يحدث إطلاقاً، وأنا رجل عندي 14 كتاب عن اليمن لم.. وعندي وثائق كل وثائق من كتب عن الثورة، لم...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني لكن، ليس معنى كل ذلك 50 كتاب وكل الوثائق أنك تحيط بكل صغيرة وكبيرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، لا، لم، لم.. إطلاقاً، هل.
أحمد منصور: عبد الناصر الآن تخلى عن موضوع الثوار وبدأ علاقة معاه.
د. عبد الرحمن البيضاني: هل ممكن، هل ممكن، حتى لو تخلى هل ممكن للمندوب المصري في اليمن القائم بالأعمال محمد عبد الواحد –الله يرحمه- هل ممكن أن يجرؤ يقول للبدر أسماء الثوار، أهم أعدمهم من فضلك؟
أحمد منصور: هو ما قالش كده، هو معنى إنك تقدم الأسماء..
د. عبد الرحمن البيضاني: هل معنى.. ما يقدم أسماء الثوار.
أحمد منصور: يعني أنت بتنفي دي، أنت لم تكن موجود هناك في ذلك والوقت
(2/51)
د. عبد الرحمن البيضاني: لا مش لم أكن موجود، عقلي كان موجود، أنا بأتكلم بعقلي، أنا بأتكلم بحسي، أنت لما تخاطب الإنسان بالعقل تخاطب البصيرة، وعندما تخاطبه بالحس تخاطبه بالنظر.
أحمد منصور: كل واحد يأخذ الأمور من خلال ما يهواه وما يتمناه.
د. عبد الرحمن البيضاني: محمد عبد.. استحالة، بالمنطق السليم 1 و 1 = 2
أحمد منصور: إحنا قدامنا أحداث بنتناولها.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا عارف.
أحمد منصور: أنا لم أعش هذه الأشياء، لكنها موجودة في مصادرها في الكتب.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا بأحكي لك، أنا.. أنا أتحدى إنها موجودة.. حتى، أنا لا، أشك، أنا أشك في هذا، بعد إذنك أشك في أن يقال عن محمد عبد الواحد في أي جريدة، أو أي مجلة، أو أي كتاب، إن محمد عبد الواحد أطلع البدر على أسماء الثوار، استحالة، لأن معنى ذلك إنه بيقومهم للمشنقة، للسيف.
أحمد منصور: نعود إلى البيان، نعود إلى البيان الأخير من صوت العرب.
(2/52)
د. عبد الرحمن البيضاني: فذهبت أنا لما وصلني، لما اجتمع مجلس الوزراء في اليمن برئاسة البدر طبعاً، وبلغ مجلس الوزراء أسماء الثوار، القاضي عبد الله الحجري كان وقتها وزير المواصلات وحاضر هذا الاجتماع، عز عليه أن يعدم هؤلاء، عز عليه أن يكف عبد الرحمن البيضاني عن الإذاعة من صوت العرب، عز عليه أن يكف عبد الرحمن البيضاني عن الدعوة للثورة الجذرية فأرسل إلي.. ذهب إلى محمد عبد الواحد، وهذا دليل قاطع على أن محمد عبد الواحد. لا يمكن أن يكون هو الذي أبلغ البدر بشيء –ذهب إلى محمد عبد الواحد وقال له.. سلمه برقية وطبعاً هو لا يعرف كيف ترسل إلي، سلمه برقية إلي وهذه منشورة في كل.. في كل الكتب منشورة، كتب عبد الله الحجري وزير المواصلات بيخاطبني: أناشدك الله أن تستمر في الإذاعة وتدعو إلى الثورة الجذرية الجمهورية، بالرغم إننا كنا نعتبر أن عبد الله الحجري من ضمن الشخصيات المبالغة في التشدد، ولا يمكن أن يقبل تغيير النظام الإمامي، كنا متصورين هذا، ومع ذلك فوجئت بهذه البرقية، فاعتبرت إنها يعني مصباح نور أضاء.. أضاء الليل.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا بأرجو من سيادتك شيء.
د. عبد الرحمن البيضاني [مستأنفاً]: فكانت النتيجة.
أحمد منصور: بأرجو من سيادتك شيء.
د. عبد الرحمن البيضاني: فرحت بهذا، كلمني.. بأكلمك..
أحمد منصور: ما هو سيادتك.
(2/53)
د. عبد الرحمن البيضاني: فرحت بهذه البرقية، ما هو ده، فاتصلت.. ذهبت مع السادات إلى الرئيس عبد الناصر لإذاعة بيان أخير، وأطلعته على هذا، طبعاً لما أرسل لي عبد الله الحجري هذه البرقية رديت.. لم أرد عليه، إنما أرسلت برقية لعلي عبد المغني، قلت له: أبلغني القاضي عبد الله الحجري اليوم كذا وكذا.. وكذا، فأنتم الآن يعني سيحكم عليكم بالإعدام في خلال ساعات، إما أن تقوموا بالثورة، وإما أن تذهبوا إلى عدن وسوف أرسل من يلتقطكم من عدن لتكونوا لاجئين سياسيين في مصر. طبعاً هذه البرقية لا يمكن أن ترسل إلى علي عبد المغني عن طريق السفارة المصرية وعن طريق السادات إلا بعد أن يطلع عليها عبد الناصر بطبيعة الحال، فلما أنا التقيت مع السادات بعد ما أرسلت هذه البرقية ذهبت مع السادات.. ذهبت.
أحمد منصور: هندخل في قصص لـ 3 أيام أنا بأرجو منك، أنا بأسأل سؤال محدد وعايز إجابة محددة.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا بأتكلم أهوه وصلت إلى.. وصلت إلى بيت عبد الناصر أرجوه أن أذيع بيان واحد وأخير حتى إما أن تقوم الثورة أو لا تقوم، وبعدها أتعهد بالصمت المطبق نهائياً، ذهبت مع السادات إلى بيت عبد الناصر، فلأول مرة يعتذر عن.. عن استقبالي، ويقابل.. السيد أنور السادات، وقال له: أبلغ الأخ عبد الرحمن. كفى لا يمكن أسمح بأي إذاعة أخرى، ويكفي إن أنا سمحت بإرسال برقية إلى علي عبد المغني، وهذا سيكلف مصر الكثير إذا لجؤوا الأحرار أو الضباط إلى عدن ثم جاؤوا إلى القاهرة.
أحمد منصور: معنى ذلك إن عبد الناصر رفع يده تماماً عن الثورة.
د. عبد الرحمن البيضاني: رفع يده تماماً
[فاصل إعلاني]
د. عبد الرحمن البيضاني: ورجعت أنا مع السادات، أوصلني إلى بيتي، أنا بيتي كان وقتها على كورنيش النيل في شارع عبد العزيز آل سعود وذهب إلى الأهرام بيته في الهرم. أنا لم أطق صبراً وذهبت إلى بيت السادات.
(2/54)
أحمد منصور: أنا بأسأل سؤال محدد وأريد إجابة محددة.
د. عبد الرحمن البيضاني: وهو.. وهو؟
أحمد منصور: أنا سؤالي المحدد الآن عن البيان الأخير. كيف أقنعت عبد الناصر –باختصار- بإذاعة هذا البيان؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا.. قلت.. رحلت للسادات وضعت مسدسي على مكتبه، وقلت له: إما أن تقتلني الآن وإما أن أنتحر أمامك في مكتبك، لأني لا أستطيع أن أصبر وأستطيع وأطيق قتل.. أكتر من عشرين ضابط داخل صنعاء غير الآخرين في عدن وأنا .. في القاهرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من الذي سيقتل هؤلاء؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: من الذي سيقتل هؤلاء؟
د. عبد الرحمن البيضاني: البدر.
أحمد منصور: بعد ما كشفت أسماؤهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: بعد ما كشفت أسماؤهم، فكانت النتيجة إن.. السادات أشفق عليَّ و..
أحمد منصور: لكن هل هم كانوا سينتظروا..؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أرسل، أرسل..
أحمد منصور: كانوا سينتظروا بعد ما عملوا أنهم تم كشف أسمائهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هم لم يعملوا.. كشف أسمائهم إلا مني أنا عن طريق علي عبد المغني، وأنا بعد ما أرسلت البرقية.
أحمد منصور: لكن البرقية وصلت خلاص وهم أدركوا ذلك.
د. عبد الرحمن البيضاني: بساعة بعدها بساعة.
أحمد منصور: معنى ذلك إن هم أمامهم شيئين لا ثالث لهما: إما أن يتحركوا بالثورة وإما أن يقتلوا.
د. عبد الرحمن البيضاني: إما أن يهربوا إلى عدن.. اتصل عبد الناصر بالسادات.. اتصل السادات بعبد الناصر وقال له: أنا عندي الأخ عبد الرحمن في حالة.. يعني حالة يرثى لها، وأصابه شلل في ذارعه الأيسر ورجله اليسرى نتيجة لصدمة النفسية التي أصيب بها بالإحباط، ويرجو إذاعة بيان أخير بعدها.. بعده يتعهد ألا يتكلم.
أحمد منصور: وافق عبد الناصر؟
(2/55)
د. عبد الرحمن البيضاني: حالتي كان وقتها يرثى لها، وأنا واضع مسدسي على مكتبه السادات وبأطلب منه إذاعة واحدة أخيرة، اتصل السادات وشرح للرئيس عبد الناصر ظروفي النفسية وعبد الناصر صحيح إنه.. يحبني، لكن كان لا يريد أن يورط نفسه أكثر من ذلك، فسمح بإذاعة أخير على شرط أن يطلع عليها السادات قبل هذه.. قبل إذاعتها حتى يتأكد إن أنا لن أدخل مصرفي هذا الموضوع، ذهبت.. مع السادات صوت العرب والتقيت بأحمد سعيد وأذعت البيان.
أحمد منصور: متى كتبته؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كتبته في الحال في بيت السادات، وصلت لأحمد سعيد في صوت العرب، وكان السادات ينتظرني في السيارة خارج الإذاعة، كنت أعلم إن هذا آخر كلمة سأقولها وآخر أمل أمامي فسجلت الإذاعة.. سجلت البيان، و بعد ما سجلت البيان طلبت الاستماع إليه، استمعت إلى التسجيل، طلبت من أحمد سعيد أن أعيد الإذاعة مرة أخرى أعيد تسجيله مرة أخرى، سألني: لماذا؟ قلت له: الآن أنا أكثر تشنجاً مما جئت إليك، لما سمعت هذا البيان، فأرجو أن أسجله وأنا.. وأنا في هذه.. في هذه الحالة النفسية.
أحمد منصور: الحماس يعني.
د. عبد الرحمن البيضاني: في هذا الحماس، في هذه الحالة النفسية، لأني أريد أن أحرك الحجر في اليمن وليس البشر، وليس وليس البشر فقط.
أحمد منصور: من الذي كان يسمع صوت العرب في اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كل اليمنيين، لأن وقتها انتشر الراديو الترانزيستور، وكانت الإذاعات المعتادة وقت الإذاعة المعتادة كنت لا ترى رجلاً في الشارع، وأنا بأتكلم الآن أمام مشاهدين فيه معانا 18 مليون يمني الكبير منهم يعلم، والكبير منهم سمع، والصغير منهم سمع عن أبيه أو عن أمه، أتكلم وأقول لك: إن يوم ما.. أتكلم بصوت العرب كنت لا تجد أي إنسان ماشي في.. في الشارع، كان كلهم.. الراديو الترانزيستور في بيوتهم، حتى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كلماتك لها مواعيد ثابتة؟
(2/56)
عبد الرحمن البيضاني: كان لها مواعيد ثابتة، كانت يوم الاثنين والخميس في نفس الوقت الإمام نفسه أحمد كان وقت الإذاعة يعتذر للموجودين بإنه عنده ظرف طارئ يدخل غرفة النوم ليستمع لوحده بدون ما يستمع أمام الناس، لأن استمعت.. كنت بأذيع مرتين في الأسبوع ابتداءً من 6 يونيه 62 أذعت الإذاعة.
أحمد منصور: يوم 25 سبتمبر.
د. عبد الرحمن البيضاني: يوم 26 سبتمبر، يوم 25 سبتمبر مساءً أذعت هذه الإذاعة، وخرجت إلى السيارة، وجدت طبعاً كان السادات موجود والسيدة الفاضلة جيهان السادات كانت في السيارة وزوجتي كانت أيضاً في السيارة، وطفنا في شوارع.. يعني ما كانش مكان.. كنا بنجتمع كل يوم.
أحمد منصور: خلاص أنت كده اعتبرت عن.
د. عبد الرحمن البيضاني: كنا نجتمع كل يوم.
أحمد منصور [مستأنفاً]: الثورة ستقوم بعد هذا؟
قيام الثورة في اليمن وهروب الإمام أحمد
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لا لا، كنا نجتمع كل يوم ولكن.. ونخرج كل يوم، ولكن ليس لنا مكان نجلس فيه، يعني من الناحية السياسية أو الدبلوماسية، فكنا نطوف بالشوارع أو في بيتي أو في بيته، هضبة الهرم، المقطم، ما إلى ذلك، ونحن نطوف بعد ساعتين ثلاثة وصل الخبر من علي عبد المغني قال لي: قمنا بالثورة وهدمنا قصر البشائر ولكن للأسف البدر قد هرب، كانت هذه البشرى.. ارتدت أعصابي طبعاً، كانت هذه البشرى كقميص يعقوب حين ألقاه البشير... كقميص يوسف حين ألقاه البشير على وجه يعقوب فارتد بصيراً. امتدت ساقي وانشدت يدي (ويخلق ما لا تعلمون) سألت السادات: هل الطائرة جاهزة؟
أحمد منصور: طبعاً كان فيه هناك طائرة كانت بتنتظرك منذ أكثر من شهر..
د. عبد الرحمن البيضاني: من 28.. أغسطس بالضبط، في أسوان.
أحمد منصور: لا يتم التحرك بها إلا..
(2/57)
د. عبد الرحمن البيضاني: وبعدها وصلت إلى القاهرة، يعني في الفترة هذه، يعني لأن كانت لا تستطيع أن تطير رأساً من القاهرة إلى صنعاء، فكان موجودة في.. كانت موجودة في 28 سبتمبر.. 28 أغسطس في مطار أسوان، وكان مفروض أطير بطائرة أخرى بـ (ميج) إلى.. إلى.. أسوان ومن أسوان آخذ الطائرة المجهزة اللي أنا متفق عليها. ففي يوم 26 كانت الطائرة وصلت فعلاً إلى.. إلى.. إلى القاهرة، وكنا.. كانت الحكومة المصرية أو المخابرات الحربية جهزتها.. بخزانات وقود إضافية حتى يمكن أن تطير مباشرة من القاهرة إلى صنعا دون المرور بأي جهة أخرى، دون الهبوط بأي مطار آخر، فسألت السادات: هل الطائرة لا تزال موجودة؟ قال لي: موجودة. قلت له: هل مصر لا تزال مستعدة؟ قال لي: مستعدة.
أحمد منصور: وعلى أي.. على أي أساس قال لك السادات هذا الكلام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هو قال لي هذا، هو طبعاً كل يوم مع عبد الناصر.
أحمد منصور: أنتو الآن لسه عبد الناصر تراجع..
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا لم أتكلم مع (صيدناوي) أو مع (بنزايون) أنا بأتكلم مع السادات، لما أقول إن السادات بأقول له: هل الطائرة جاهزة؟ قال: نعم، لأن هو عضو مجلس قيادة ثورة، وكل يوم مع السادات.. مع جمال عبد الناصر.
أحمد منصور: يا فندم الآن إحنا في مرحلة حاسمة.
د. عبد الرحمن البيضاني: عبد الناصر.. حاسمة طبعاً.
أحمد منصور: كل ما سمح به عبد الناصر لك هو مجرد إلقاء بيان من الإذاعة.
د. عبد الرحمن البيضاني: فأنا سألته، السؤال لم يحرم، أنا سألت السادات بعد ما قال.. بعد ما أذعت البيان، وبعد ما سمعنا الخبر. قلت له: هل الطائرة جاهزة؟ قال: نعم، هل مصر مستعدة؟ قال: نعم، قلت له: إذاً يخلق الله ما..، هذا الكلام كان قبل بيان، كان قبل بيان..
أحمد منصور: في 28 سبتمبر 62 ركبت إلى الطائرة وتوجهت بها إلى صنعاء.
(2/58)
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، قبل 28 سبتمبر اجتمعت وعبد الناصر يوم 27، لأن هذه مهمة جداً، اجتمعت مع عبد الناصر يوم 27 سبتمبر بعد.. الثورة قامت 26 اجتمعت معاه يوم 27 حتى أنسق معاه ماذا سنصنع في اليمن. فطلبت من عبد الناصر أمرين -رحمه الله- طلبت منه مندوب يكون معي يحمل شفرة خاصة بالرئيس عبد الناصر حتى يمكن أن يكون صلتي به مباشرة وليس عن أي طريق آخر، حتى لا يحدث سوء تفاهم كما حدث مع عبد الكريم قاسم مع عبد الناصر نتيجة لسوء نقل معلومات، فاختار النقيب محمد عبد السلام محجوب كان في وقتها في مكتب الرئيس في المخابرات، والآن هو اللواء محمد عبد السلام محجوب محافظ الإسكندرية، وسيسمعني وأنا أقول هذا الكلام كان النقيب محمد عبد السلام محجوب، قال لي: أنا أعطي لك النقيب عبد السلام محجوب، ولكن سيتأخر يوم حتى بعد نفسه، قلت له: وهو كذلك أتأخر يوم، قلت له: وأنا أريد أيضاً.. ضابط يكون مختص بالأسلحة حتى نعلم ماذا بقي لدينا من أسلحة أخذناها من الاتحاد السوفيتي، ماذا أكله الصدأ؟ وماذا خسر أثناء التدريب؟ وماذا بقي؟ حتى نعرف ماذا نطلب؟ فقال لي: أنا أعطي لك المشير عامر كان موجود، قال لي: أعطي لك العميد علي عبد الخبير كان مدير مكتب كان مدير مكتبه، فقال لي: هذا يتأخر بشرط أن تكون مستعد إنك تتأخر يوم، قلت له: أتأخر يوم، وسافرنا يوم 28.. 28 سبتمبر فعلاً.
أحمد منصور: من كان معك في الطائرة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كان معايا العميد علي عبد الخبير..، محمد عبد السلام محجوب، النقيب محمد عبد السلام محجوب عضو مجلس قيادة الثورة، الطيار عبد الرحيم عبد الله، والقاضي محمد محمود الزبيري، لأن المذيع الذي أذاع بيانات الثورة أدخله ضمن...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أدخله، يعني أنت عايز تنفي دور الرجل التاريخي، يعني جه في الزحمة؟!
تشكيل مجلس قيادة الثورة وحجم دور البيضاني
(2/59)
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي العزيز، هذا لم يكن ضمن مجموعة الثورة ولا ولا ولا ضمن مجموعة.. ولا في تشكيل مجلس الوزرا لم يكن موجود أصلاً، ولا تشكيل مجلس الوزراء، ولا تشكيل مجلس الثورة،.. وهذا ما كتبه محمد عبد الله (الفسيل) المذيع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عملية التشكيل.
د. عبد الرحمن البيضاني: يوم 8 مايو سنة..
أحمد منصور: يعني المذيع هو اللي عمل.. ؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هيأتي دوره، المذيع هو الذي.. الذي شكل كما.. كما يشاء، لدرجة إن السلال قال له: أنتم ورطوني في الثورة اعملوني –على الأقل- رئيس وزرا مثلاً يعني، هل ده مقبول؟ هل مقبول إن رئيس جمهورية يقبل هذا الكلام في حياته وينشر في حياته؟ إن مذيع يقول: السلال قال لي: أنتو ورطوني في الثورة، كان مفروض السلال يكون قائد حرس وطني فقط أو وزير دفاع، فكانت النتيجة إنه.. لما بدأت إذاعة التشكيل محمد عبد الله (الفسيل) المذيع بحضور حسن العمري وبحضور عبد السلام صبره، وعبد السلام صبره لا يزال على قيد الحياة، وعبد اللطيف سيد سيسمعني ولا يزال على قيد الحياة، لأنه حالياً هو مستشار رئيس الجمهورية، كتب في مجلة "الحوادث اللبنانية" في يوم 8 مايو سنة 68 أيوه 68.. إنه لما سلمت إليه الأوراق لإذاعتها.. أوراق التشكيلات لإذاعتها، سلمها له.. سلمها له عبد السلام صبرة وحسن العمري كان معاهم الاتنين صورتين، فكانت نتيجة محمد عبد الله الفسيل المذيع قال: استحالة أن يكون البيضاني رئيس وزرا، واستحالة أن يكون وزير خارجية.
(2/60)
ولذلك اختار عبد الرحمن الإرياني لما عرض الموضوع على السلال قال: لأ، انتوا عرض.. أنتوا ورطوني في الثورة، أنا.. ورطوني أنتم في الثورة، يعني هو بيعترف إنه ورطوه في الثورة، على الأقل اعملوني رئيس وزراء. بيقول لمن؟ ليس يقوله لمجلس الثورة، يقوله للمذيع، والمذيع على قيد الحياة اللي أنا بأتكلم عنه، وهو مستشار الآن رئيس الجمهورية الحالي الأخ الرئيس علي عبد الله صالح، فكانت النتيجة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل حينما يأتي الكلام بشكل يصادف روايتك أنت.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو أنت.. الموضوع واسع.
أحمد منصور: عن عن شخص آخر تؤكد الكلام كيف واحد مثل السلال كان قائد حرس البدر..
د. عبد الرحمن البيضاني: خرجنا عن الموضوع الآن.
أحمد منصور: لأ، ما خرجناش أنا في سؤالي.. يا سيدي أنا..
د. عبد الرحمن البيضاني: اتفضل اتفضل اتفضل.
أحمد منصور: يا سيدي أنا اللي أحدد الموضوع يمشي ويذهب، نحن لا نخرج عن شيء، الخيوط في يدي كما قلت لك.
د. عبد الرحمن البيضاني: اتفضل.. اتفضل.. اتفضل. الآن كيف يتحدث عن السلال وهو رجل وضع رقبته قبلكم جميعاً وأنت كنت لازالت هنا في القاهرة على أن تضرب هذه الرقبة ثم يقال عن السلال هذا الكلام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب قصة الثورة: عبد الغني مطهر.. علي عبد الغني بمجرد ما خد البرقية مني.. وصلت البرقية بلغ الثوار بإن الآن مصر لا تزال معانا، ولا تصدقوا لا تهتموا بالبرقية التي وصلت من عبد الناصر إلى.. إلى البدر، مصر لا تزال واقفة معانا. فكانت النتيجة تحركوا جميعاً، وكانت خطة صنعا غير مدروسة مسبقاً، فلما تحركوا نفدت الذخيرة منهم، نفذت الذخيرة منهم اتصلوا بعبد السلام صبرة وهو على قيد الحياة عضو مجلس قيادة الثورة من فضلك اطلب من السلال أن يأتينا، لأن هو رئيس حرس البدر ويعطينا أمر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: السلال كان على علاقة من بهم من البداية.
(2/61)
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، نعم.
أحمد منصور: وكان له دور في الثورة من البداية.
د. عبد الرحمن البيضاني: تسمح لي أكمل كلامي، وبعدها كذبني كما شئت، لكن اسمح.
أحمد منصور: أنا يا سيدي لا أكذب أحداً.
د. عبد الرحمن البيضاني: طب اسمعني للآخر، عبد السلام صبرة قال طلبوا من عبد السلام صبرة.. أنت بتخليني أقرر الكلام مرة أخرى، طلبوا من.. لماذا نفذت الذخيرة طلبوا من عبد السلام صبرة إقناع السلال بالخروج من بيته، عبد السلام صبره لأنه رئيس حرس البدر ويستطيع أن يعطي أمر.. أمر بصفته رئيس حرس البدر بفتح قصر السلاح مخازن السلاح باسم حماية البدر، لكن في الواقع للثوار. عبد الله السلال اتصل.. قال لعبد السلام صبرة، وعبد السلام صبرة على قيد الحياة ما بأذكرش إنسان مات قال له: يا عبد السلام، أنا سأذهب إلى قصر البشائر أتحسس الموضوع ثم آتي إليكم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: رواية عبد السلام..
د. عبد الرحمن البيضاني: فكانت النتيجة.. لحظة واحدة..
أحمد منصور: رواية السلال.
د. عبد الحمن البيضاني: لأ، أكمل.. لو سمحت.. كانت النتيجة إنه أتأخر ساعتين.
أحمد منصور: ليه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأنه لم لم لم.. اسأله؟
أحمد منصور: لأن أسأله هو قال إن هو تأخر لأن هم وعدوه أن يرسلوا له سيارة مدرعة، والسيارة هي التي تأخرت في الوصول إليه.
د. عبد الرحمن البيضاني: أبداً أبداً لأ، لم يحدث.
أحمد منصور: هذه رواية الرجل، وأنت لم تكن هناك يا سيادة النائب؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا.. بأحكي لك ما قلته..
أحمد منصور: أعط للناس الحق أن ينصفوا أنفسهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأحكي لك.. يا أخ أحمد، بأحكي لك.. ما كتب على غير لساني.
أحمد منصور: أنا أحكي لك ما كتبه السلال بنفسه..
(2/62)
د. عبد الرحمن البيضاني: هو كتب ما يشاء وأنا أكتب ما أشاء، لكن الحقيقة ستكتب.. ستكون أمام الرأي العام من خلال كل الكتابات الثوار لما.. لما لما خرجوا.
أحمد منصور: في النهاية السلال أصبح هو زعيم الثورة بغض النظر عن أي شيء.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، تسمح لي تسمح لي تسمح لي أعترض، نقطة اعتراض، لازم أكمل هذه القصة لأن كده وقفنا الحديث.
أحمد منصور: يا سيدي، هذه القصة نفاها السلال بالكامل في الكتاب.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي، لما تقول، لما الله سبحانه وتعالى يقول: (ويل للمصلين) يسكت؟! .. ينفي بيقول (ويل للمصلين)؟!
أحمد منصور: القصة الآن أنت تشكك في دور السلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: أم لازم يشرح لماذا للمصلين؟ الذين إذا..
أحمد منصور: بتشكك في دور السلال في الثورة.
د. عبد الرحمن البيضاني: (الذين هم عن صلاتهم ساهون)، لازم يقول هذا الكلام.
أحمد منصور: بتشكك في دور السلال في الثورة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، أشكك، أنا أقول لك. ما حدث، اللي حدث إنه لما أتأخر عن القيام عن الخروج، أول مرة قال: أنا (سأرصد رقابة البشائر)، تاني مرة قال: لما أجد الأمور استقرت، تالت مرة الثوار أرسلوا له مدرعة بقيادة الملازم محمد أحمد الرحومي وطلبوا منه النزول، فسألهم: أنزل بالبدلة الرسمية بالزي الرسمي أو.. معتقل..، قالوا له: انزل كما شئت، كما تشاء نزل السلال بزيه الرسمي وذهب إلى مقر القيادة، وطلبوا منه أن يوقع قرار بـ.. موجه للمخازن.
أحمد منصور: لفتح المخازن.
(2/63)
د. عبد الرحمن البيضاني: لفتح المخازن، وفتحت المخازن. وكان.. طلب منهم أن يكون هو رئيس مجلس قيادة الثورة بدل حمودة الجاثي، لأن حمودة الجاثي قد قد تخلى، رحبوا طبعاً بهذا العرض أهلاً وسهلاً وهو عميد ممتاز، وكان على علاقة بهم من سابق فعلاً، ثم قامت الثورة، أعلنوا اسمه برياسة عبد الله السلال، لما بدأ تشكيل وزارة أرسلوا الأوراق لمحمد عبد الله الفسيل عن طريق حسن العمري وعن طريق عبد السلام صبره وهو على قيد الحياة، محمد عبد الله..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فيه أسماء كثيرة عفواً.. فيما يتعلق.
د. عبد الرحمن البيضاني [مستأنفاً]: عدِّل.. عدِّل.. عدِّل التشكيلات وقال هو في مجلة.. "الحوادث" في 8 مايو 68 قال: إن أنا عدلت هذه التشكيلات.. والسلال طلب مني قال.. ورطتوني ورطتوني في الثورة، على الأقل اعملوني رئيس وزراء. هذا الكلام كتب في حياة السلال، وأنا نشرته في حياة السلال في كتابي نقلاً عن محمد عبد الله الفسيل ولم يكذبه السلال. النهاية في الموضوع إنه لما وصلت أنا إلى صنعا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل هذا لا يقلل من دور السلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: أبداً، أنا لا أقلل من دوره إطلاقاً أنا بأحكي واقع، ما حدث وما كتبوه الثوار في كتبهم غير.. عن غير طريقي وما كتبته وما كتبه عبد الله الفسيل، وليس ليس معنى ذلك.
أحمد منصور: وصلت في 28 سبتمبر.
د. عبد الرحمن البيضاني: ولعلمك أنا كنت مخلص للسلال إلى أبعد درجة حتى بعد ما أخرجت للقاهرة ووصلت إلى القاهرة، وخرج بعدي هو، وحجز بعدي في القاهرة سنة، وكنا على علاقة يومياً مع بعض.
أحمد منصور [مقاطعاً]: في 28 سبتمبر..
(2/64)
د. عبد الرحمن البيضاني: إنما إحنا بنحكي تاريخ، الأجيال القادمة هي.. التاريخ يكتب من أمرين: برأي ووثائق، كل واحد يقول رأيه، لكن المهم الأجيال القادمة ستأتي وتفتش عن الوثائق وتجد.. وتختار من الآراء ما يتفق مع الوثائق، ما لا يتفق مع الوثائق تستبعده. وهذا.. ولذلك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل الخطة مرت.. كل لحظة.. كل لحظة مرت عليك وعلى الآخرين كانت مختلفة، كان معك رسالة دكتوراه، متعلم، مثقف، تجيد لغات.. لغات مختلفة، تدرك أنك أنت الآن جزء من صناعة التاريخ، فكل لحظة كانت تمر عليك كنت تسجلها، وكل وثيقة كانت تمر عليك كنت تحتفظ بشيء منها. الآخرون بطبيعتهم كانت طبيعتهم مختلفة، ولذلك حينما تتكلم أنت دائماً تبرز الوثائق، حينما يتكلم الآخرون لم يكونوا يدركوا أن يوماً ما سيأتي ستصبح هذه الأشياء تاريخ ينبغي لكل من لديه وثيقة أن يتحدث بها، بقيت لديك أنت الوثائق والصور حيث كنت تحتفظ بصورة لكل موقف يمر عليك في حياتك، فيما الآخرون ليس لديهم أي شيء من هذا، حينما رجعت إلى مذكراتهم وما كتبوه، وما رجعت إلى ما كتبته أنت وجدت فرقاً واضحاً، وجدت أنك كنت تعتبر أن مثل هذا اليوم سيأتي، وستكون هناك شيء اسمها قناة (الجزيرة) تسجل معك، إن فيه أيام ستأتي ستدون فيها مذكراتك، الآخرون لم يكونوا يفكروا في هذه الأشياء، ربما هذا يميز ما عندك بالنسبة للآخرين بالنسبة للتواريخ، لكن الأحداث نفسها لابد أن نأخذ من كل الأطراف.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: هم يختلفون معك ويتهمونك بأنك لم تكن تنصفهم باعتبار أن لديك الوثائق وهم لديهم التاريخ في أذهانهم فقط، كل ما أريده هو عملية إنصاف أن تروي التاريخ مالك أنت وما عليك، وما لهم وما عليهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: سيدي العزيز، هل تعتقد.. هل تعتبر ما قلته لي الآن وسام على صدري وإشادة؟
أحمد منصور: أنا لا أمنح أحد أوسمة.
(2/65)
د. عبد الرحمن البيضاني: أو.. أو إدانة، هل تعتبره إشارة؟
أحمد منصور: أنا لا أمنح أحد أوسمة ولا أدين أحد.
د. عبد الرحمن البيضاني: لما تقول: أنت مثقف وأنت متعلم، وأنت تحتفظ بكل الوثائق، هل هذه إشادة أو ذم؟
أحمد منصور: سعادة النائب، سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: هل كان خطأ مني أن أحتفظ بالوثائق؟
أحمد منصور: ليس هذا دوري هنا، ليس هذا دوري.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، هل.. اترك.
أحمد منصور: ليس هذا دوري هنا ولا في غير هذا المكان.
د. عبد الرحمن البيضاني: اترك الوثائق، هل تعتقد إن..
أحمد منصور: أنا أتكلم عن واقع الآن حتى يفهم المشاهد طبيعة الأمر، وحتى أنا أنقل أيضاً ما فهمته من خلال عام كامل وأنا أبحث في ما نتحدث عنه الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا. يا أستاذ أحمد، أي واحد بيقول كلام مرسل بدون وثائق شيء، وأي شخص يقدم لك وثائق على أحداث معينة ولا أتكلم إلا على وثائق..
أحمد منصور: ما هو فيه برضو الناس اللي بتستخدم الوثائق، بتستخدم الوثائق التي تعبر عن وجهة نظرها والتي في صالحها، فيما الوثائق الأخرى إذا كانت لديها لا تبرزها.
د. عبد الرحمن البيضاني: إذا كان يبرزوها، أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: لا تبرزها.. لنعد إلى..
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني أنا الآن على أي حال خرجت من.. من من السؤال الأخير أو من تعليقك الأخير إن أنا يعني شهادة لي بأني كنت على حق لما أحتفظ بكل هذه الوثائق، كنت أتميز عن غيري بإني لا أتكلم إلا بوثائق.
أحمد منصور: لست وحدك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أما.. أما..
أحمد منصور: كل شخص يلعب دوراً في صناعة القرار، كل شخص بيلعب دور في صناعة القرار ينبغي أن يفعل ما فعلت.
د. عبد الرحمن البيضاني: يفعل ذلك، ينبغي.
أحمد منصور: أنت فطنت لهذا من البداية والآخرون لم يفطنوا، ولذلك لديك ما تفسر به كل ما تريد أن تقوله.
(2/66)
د. عبد الرحمن البيضاني: لكن.. لكن يا سيدي العزيز لم.. لم أهدر حق إنسان إطلاقاً، أنا قلت لك إن الذراع الأول للثورة علي عبد المغني مات لم يترك وثيقة لأنه قتل بعد 5، 6 أيام من قيام الثورة.
أحمد منصور: طيب سعادة النائب، أنا الآن أعود إلى النقطة المهمة وهي وصولك إلى صنعاء في 28 سبتمبر 1962 بعد يومين من قيام الثورة، المطالب المحددة طلبتها من عبد الناصر وأتيت بها معك، كان هناك مطالب أخرى تتعلق بإمدادات عسكرية وجنود ليحافظوا على هذه الثورة، حيث أن البدر لم يمت وإنما استطاع أن يهرب، وأن يشكل قوات، وأن هناك قبائل أخرى كانت متمردة، وبدأت الثورة في مواجهات مستمرة، أعلن عن قيام ثورة، لكنها لم تكن تملك زمام الأمور.
د. عبد الرحمن البيضاني: والسؤال؟
أحمد منصور: سؤالي هو: ما الذي طلبته من عبد الناصر بالنسبة للإمدادات العسكرية، وما وصل بعد ذلك فيما يسمى بالباخرة السودانية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أولاً.. نعم، أولاً: طلبت من عبد الناصر أربع أشياء منها الإمداد العسكري، منها إن أنا خط أحمر لا يمكن أدخل في صراع مع الولايات المتحدة الأميركية، لأن لسنا في ساحة قتال دولي، ونريد الاستقرار، لا ندخل في صراع من السعودية إطلاقاً، لأن إذا جوار.. لابد أن يكون هناك حسن جوار، وإذا لم نكن حمائم سلام بين مصر وبين السعودية لا نكون صقور حرب.
رابعاً: الاشتراكية لا أقبلها في اليمن لأنها تخالف التقاليد اليمنية ولا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بالعكس هم يتهمونك بأنك حينما ذهبت إلى اليمن طالبت بالاشتراكية.
د. عبد الرحمن البيضاني: أكمل الكلام أكمل القصة، أكمل القصة، والاشتراكية –في نظري أنا كرجل اقتصاد- لا تصلح لليمن، والأربع خطوط الحمراء هذه اتفقنا عليها، و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف اتفقت عليها وعبد الناصر أرسل لك بعد ذلك من يسعى لتطبيق الاشتراكية في اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: حصل.
(2/67)
أحمد منصور: وأنت يعني..
د. عبد الرحمن البيضاني: أول ما وصلت إلى صنعا، أول ما وصلت إلى صنعا عقدت مؤتمر شعبي ويعلم عبد الناصر هذا الكلام ومحمد عبد السلام محجوب الآن محافظ الإسكندرية سامعني، وأنا بأقول.. بأقول لك هذا الكلام...
أحمد منصور [مقاطعاً]: اليمنيين سامعينك اللي عاشوا الحدث.
د. عبد الرحمن البيضاني: واليمنيين كلهم سامعني، وعقدت مؤتمر شعبي أعلنت فيه كل هذا الكلام. لن نكون صقور حرب ضد السعودية، لن نحاول أن نكون على عداء مع الولايات المتحدة، لن نقبل الاشتراكية في اليمن، وستأتينا قوات عسكرية تدافع عنا..
أحمد منصور: تفتكر تاريخه طالما أنا تذكر كل شيء؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: تذكر تاريخ هذا الكلام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: 30 مارس.. 30 سبتمبر، 30 سبتمبر.
أحمد منصور: 62..
د. عبد الرحمن البيضاني: 30 سبتمبر 62..
أحمد منصور: أعلنت هذه الأشياء..
د. عبد الرحمن البيضاني: أعلنت هذه الأشياء، 30 سبتمبر.
أحمد منصور: وفعلت غيرها بعد ذلك.
د. عبد الرحمن البيضاني: وأكثر من هذا، فعلت غيرها واستمريت عليها، ودعيت السفير الأميركي يوم.. يوم.. في الحال، طلبت من رئيس الحرس المرافق لي العقيد محمود حسن الشابي قلت له: أأتني بالسفير الأميركي إلى مكتبي.
أحمد منصور: سيادة النائب، الآن هناك.
عبد الرحمن البيضاني: جاني السفير الأميركي إلى مكتبي.
أحمد منصور: الآن هناك ضباط قاموا بالثورة، هناك مجلس قيادة ثورة، كما يقال أنت نزلت عليهم بالبراشوت من القاهرة!
د. عبد الرحمن البيضاني: وليه ما تقولش بمركبة فضاء من القمر؟!!
أحمد منصور: لأ، أنا بأقول..
د. عبد الرحمن البيضاني: ما إحنا ما دام دخلنا في البراشوت نتكلم في مبركة الفضاء افضل.
أحمد منصور: بدأت تعقد مؤتمرات.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا من اليمن يا أخ أحمد.
أحمد منصور: بدأت تعقد مؤتمرات.
(2/68)
د. عبد الرحمن البيضاني: من اليمن، وإلى اليمن، وكل أصدقائي في اليمن، وكلهم يعرفون مقداري.
أحمد منصور: لم.
د. عبد الرحمن البيضاني: وعارفين وعارفين إن أنا –كما قلت- إن أنا مؤهل للأعمال السياسية.
أحمد منصور: لا ينكر عليك ذلك.
د. عبد الرحمن البيضاني: فلذلك أوكلوا إلى جميع الأعمال السياسية الخارجية.
أحمد منصور: لا ينكر عليك ذلك، ولكن الآن هناك آخرون موجودون، هناك مجلس قيادة الثورة، أنت بدأت تتحرك بشكل منفرد كأنك أنت الزعيم الأوحد للثورة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا. لم أتحرك بشكل منفرد لم أتحرك، أنا قلت لك: طلبت.. عقدت مؤتمر صحفي يوم 30، أنا وصلت يوم 28، جمعت مجلس قيادة الثورة، وجمعت علي عبد المغني بالذات وهو الذراع الأيمن.. الذراع الأهم للثورة اليمنية، وقلنا هنفعل كذا وكذا وكذا وكذا واتفقنا على هذا الكلام، بل أكثر من هذا قرروا أن توكل إليَّ.. جميع مهام.. السلال السياسية والعسكرية.
أحمد منصور: والسلال يبقى إيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: رئيس، وأنا أوكل.. أوكل إلى جميع مهماته، ونشر هذا يوم 2 أكتوبر في مجلة الأهرام.. في جريدة الأهرام.
أحمد منصور: أنت كان لك صلة بالصحف هنا وبتنشر فيها اللي أنت عايزه..
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ ما أنشر شي، لأ ده فيه مخبرين بيبقوا موجودين في اليمن، مخبرين صحفيين.
أحمد منصور: عن طريقك طبعاً، أنت كان لك علاقة، وأنت راجل مثقف.. تريد نشر..
د. عبد الرحمن البيضاني: وأذيع وأذيع يعني هل يعني هل تعتقد مثلاً إن أنا أتصلت بالتليفون بالأهرام وقلت له: انشر إن مجلس قيادة الثورة اليوم اجتمع وقرر كذا كذا؟!
أحمد منصور: لا، لا، لا، هناك طرق أخرى نحن نعرفها كصحفيين كيف يتعامل المسؤولون معها.
(2/69)
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي العزيز، أنا إذا كنت بأتكلم بوثيقة فبتقول لي: هذه الوثيقة أنت من صنعك، الأهرام وهل الأهرام هينشر شيء جذري إن مجلس قيادة الثورة اجتمع وقرر..
أحمد منصور: يا سيدي نحن نعلم إحنا كصحفيين بقى دي مهنتنا نعلم كيف تنشر الأخبار، وكيف تسرب، وكيف أن لكل مسؤول مصادر يوصل لها ما يريد نشره من أخبار.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب أنت تقول إن أنا كنت المسؤول الأول في نظرك.
أحمد منصور: مش في نظري.
د. عبد الرحمن البيضاني: في نظر الآخرين.
أحمد منصور: أنا بأتكلم من خلال وثائق.
د. عبد الرحمن البيضاني: في نظر الآخرين، عظيم، كيف كنت المسؤول الأول: من خلال مجلس قيادة الثورة من خلال ما نشر في الأهرام.
أحمد منصور: كنت تتعامل معهم على أنك أنت المسؤول الأول.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا.
أحمد منصور: الأهرام هي اللي هتعين المسؤول الأول؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: هم هم اللي اتفقوا، هم.. هم الأحرار.. الضباط الأحرار، وثقوا في إني مخلص لهم.
أحمد منصور: مين فيهم الظبط؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كلهم، كل.. عبد اللطيف ضيف الله، علي عبد المغني، عدب الله جزيلات في تلك الأيام، السلال نفسه، عبد الغني مطهر، محمد قائد سيف.. جميع.. جميع.. محمد ميهوب ثابت، كل أعضاء مجلس قيادة الثورة،.. علي محمد سعيد، كل أعضاء مجلس قيادة الثورة، وأنا أذكر لك أسماء كثيرة بس هنيضيع وقت فالمهم...
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما فيش وقت بيضيع عندنا.
(2/70)
د. عبد الرحمن البيضاني: المهم إن.. أنت خايف على وقت البرنامج!! فالمهم إن.. المهم إن هم أوكلوا إلى المهام جميع مهام الرئيس السلال سواء العسكرية أو السياسية، هذا منشور في كل مكان فكانت النتيجة إن أنا أبلغتهم بخطتنا السياسية خطتنا الاقتصادية، خطتنا الدولية، وقدوم البعثة، قدوم الوفد.. الدعم العسكري المصري. وعلى أثر ذلك عقدت مؤتمر اقتصادي في.. شعبي في يوم 30.. وأعلنت..
أحمد منصور: في الحلقة القادمة نبدأ معك من تناول هذه الخطط ووصول أول قوات مصرية إلى اليمن في الخامس.
د. عبد الرحمن البيضاني [مقاطعاً]: لكن تنس المؤتمر الشعبي لأنه مهم جداً.
أحمد منصور: في الخامس من
د. عبد الرحمن البيضاني: مهم.. مهم جداً تاريخياً.
أحمد منصور: أكتوبر 1962م.
د. عبد الرحمن البيضاني: إن شاء الله.
أحمد منصور: أشكرك يا سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: الله.. أنا أشكرك.
أحمد منصور: تحملتني كثير.
د. عبد الرحمن البيضاني: وأنت أكثر.
أحمد منصور: بس أرجو أن تتحملني للحلقات القادمة.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا أتحملك تماماً، أنا تحملت ما هو أكثر من ذلك في اليمن.
أحمد منصور: شكراً يا فندم.
د. عبد الرحمن البيضاني: أهلاً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني (نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ونائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق). في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(2/71)
الحلقة 6(2/72)
الخميس 27/4/1422هـ الموافق 19/7/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 19:58(مكة المكرمة)،16:58(غرينيتش)
عبد الرحمن البيضاني نائب الرئيس اليمني الأسبق الحلقة 6
مقدم الحلقة
- أحمد منصور
ضيف الحلقة
- عبد الرحمن البيضاني، نائب الرئيس اليمني الأسبق
تاريخ الحلقة
13/08/2001
- موقف البيضاني من تطبيق الاشتراكية في اليمن
- بداية تدخل الجيش المصري في اليمن ودور البيضاني
- علاقة الثورة بالأميركان والروس ودول الجوار
- موقف البيضاني من الطائفية في اليمن
عبد الرحمن البيضاني
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني (نائب رئيس مجلس قيادة الثورة اليمنية ونائب رئيس الجمهورية الأسبق).
سعادة النائب، مرحباً بك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أهلاً بكم وسهلاً.
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عن نجاح الثورة اليمنية، وصولك إلى صنعاء في 28 سبتمبر والثورة قامت في 26 سبتمبر –قادماً من القاهرة ومعك بعض الضباط المصريين. مشروع قرار قدمته أو بعض الخطط التي قدمتها بالنسبة لليمن، وقلت لك سأتيح لك المجال في بداية الحلقة القادمة لتتحدث باختصار عن هذه الخطط.. اتفضل.
موقف البيضاني من تطبيق الاشتراكية في اليمن
(2/73)
د. عبد الرحمن البيضاني: هو لما وصلت صنعا اجتمعت بزملائي الثوار وشرحت لهم ماذا دار بيني وبين الرئيس عبد الناصر، وكان هذا اتفاق بيني وبينه، إن بمجرد ما أوصل.. أبلغ الإخوان في صنعاء ماذا دار بني وبينه، فعقدت مؤتمراً شعبياً في صنعاء يوم 30 سبتمبر 62 حضره ما لا يقل عن 100 ألف شخص من المواطنين وجميع السفراء المعتمدين في تلك الأيام في اليمن، وأعضاء مجلس قيادة الثورة، وأعلنت أن.. أعلنت أهداف الثورة التي كنت قد سبق أعلنتها من إذاعة صوت العرب في 23 إبريل سنة.. في روزاليوسف في 23 إبريل 62.. وأذعتها ليلة قيام الثورة، أعدت إذاعتها، أو أعدت نقلها إلى الأحرار أو إلى المواطنين يوم 30 سبتمبر، ومن ضمن كلامي قلت أننا إذا وصل رأيتم جندياً مصرياً واحداً يأتي إلينا للدفاع معنا عن الثورة فليس معنى ذلك أنه سيأتي إلينا ومعه الاشتراكية المصرية، فنحن لا نقبل هذه الاشتراكية.
أحمد منصور: ده طعن في نظام عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا قلت.. بأحكي لك ما قلته وما سجل، وإلى الآن.. وإلى الآن لم تطبق الاشتراكية في اليمن، لم يحدث إطلاقاً أن طبقت الاشتراكية في اليمن، سواء..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأن الشعب اليمني لا يتقبلها.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا يتقبلها، والنظام الاقتصادي غير قابل للاشتراكية.. كانت معلنة في مصر في ذلك الوقت.
أحمد منصور: لكنهم يتهمونك بأنك حملت النظام الاشتراكي وحاولت أن تطبقه على اليمنيين.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. هذا خطأ..
أحمد منصور: وأرسل عبد الناصر إليك مسؤولين يحلمون مشاريع اشتراكية.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لحظة لحظة.. لحظة واحدة: أنا قلت هذا.. دعني أكمل ما قلته، والذي قلته مسجل..
أحمد منصور: خلينا في الاشتراكية نخلصها وبعدين نرجع، الخيط في يدي، ما ردك على موضوع الاشتراكية؟
(2/74)
د. عبد الرحمن البيضاني: قلت في المؤتمر الشعبي: لسنا اشتراكيين ولن نكون، وإذا وجدتم اشتراكي واحد، إذا وجدتم جندي واحد مصري فليس معنى ذلك أنه سيأتي ومعه الاشتراكية.
أحمد منصور: خلاص..
أحمد منصور: سجل هذا، سجل هذا.. لست أنا وحدي الذي سجل هذا الكلام، وإنما سجله المؤرخ البريطاني لأنه كان موجود في تلك الأيام في صنعاء آدم.. آدم.. (آدم سميث).. (سميث آدامز) فني كتاب yanans and the wav صفحة 75.
أحمد منصور: سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: عندي الكتاب.
أحمد منصور: الكلام الذي يقال يقال للجميع.. دائماً.
د. عبد الرحمن البيضاني: عند الكتاب موجود.
أحمد منصور: الكلام الذي يقال.
د. عبد الرحمن البيضاني: وقال إن بالرغم إن صداقة عبد الناصر.
أحمد منصور: أنا لا أنكر عليك أنك قلت ذلك.
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة لحظة لحظة قال: "بالرغم- في كتابه الإنجليزي في صفحة 75- قال: بالرغم.. لأنه اليمن الحرب مجهولة، قال.. وصادر في لندن مش في صنعا ولا في القاهرة، قال: بالرغم من صداقة البيضاني الوثيقة بالرئيس عبد الناصر إلا أنه رفض تطبيق سياسته الاقتصادية والاشتراكية.
أحمد منصور: ألم يكن هذا ترتيب بينك وبين عبد الناصر؟
د. عبد الناصر البيضاني: أنا قلته لعبد الناصر قيل ما أخرج من القاهرة، أنا قلت له: لن أطبق الاشتراكية في اليمن، لأني لا أؤمن بها.
أحمد منصور: ترتيب أن تعلن ذلك في الوقت الذي تطبق فيه الاشتراكية، والدليل أن عبد الناصر أرسل مسؤولين لتطبيق الاشتراكية في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي العزيز..
أحمد منصور: ألم يرسل عبد الناصر مسؤولين لتطبيق النظام الاشتراكي في اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لم يحدث، حدث ما يلي دعني..
أحمد منصور: أنت ذكرت في كتابك أنه أرسل.
د. عبد الرحمن البيضاني: دعني.. دعني.. دعني.. أصحح.
أحمد منصور: ناس يحملون المنهج الاشتراكي لتطبيقه.
(2/75)
د. عبد الرحمن البيضاني: دعني أصحح دعني أصحح هذا هذا.. هذه المقولة: أنا أخذت دكتوراه في الاقتصاد من ألمانيا على تنمية الدول المتخلفة، واتخذت اليمن نموذجاً، ووضعت برنامج اقتصادي لليمن، ناقشته مع سبعة أساتذة اقتصاد ألمان، ومع ذلك –يعني- لم أجرؤ وأنا في صنعاء وأنا رئيس حكومة ووزير خارجية لم أجرؤ أن أطبق هذا هذا.. هذا الخطة الاقتصادية، وطلبت من عبد الناصر أن يأتيني بخبراء اقتصاديين ليساعدونا على وضع خطة اقتصادية، فأرسل لنا الدكتور حسين خلاف، كان وقتها وزير التجارة الخارجية في مصر، على رأس وفد من عشرين شخص، أرسلت أنا محمد قائد سيف عضو مجلس رئاسة الجمهورية.. عضو مجلس الثورة، ووزير شؤون رئاسة الجمهورية لاستقبالهم في المطار، جاءوا إلي.. إلي.
أحمد منصور: مش عايزين تفصيلات يا سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: حاضر.
أحمد منصور: جم في المطار وأكلوا وشربوا مش موضوعنا!
(2/76)
د. عبد الرحمن البيضاني: قدموا لي..، قدموا لي.. قدموا لي مجلد أنا ظننت أنه مصحب شريف قبلته ووضعته على المكتب، قلت لهم: أين الخطة؟ نتكلم الآن في الخطة الاقتصادية، قالوا: ها هي الخطة الاقتصادية، قلت لهم: لو كانت خطة اقتصادية أنا طالبها جاهزة من مصر كانت ممكن أن ترسل بالحقيبة أو مع أي طيارة مصرية جاءت بتأتي بأسلحة كل يوم، أنا طلبت وفد لمناقشتنا في خطة اقتصادية تصلح لليمن ولا غير اليمن، ومن الآن لن أقابلكم إلا بعد عشرين يوم، وتوزعوا على كل الدوائر الحكومية، وعينت مسؤولين يمنيين يسيروا معاهم في جميع.. الدوائر.. جميع الدوائر الحكومية والجمارك وما إلى ذلك حتى يعرفوا أوضاع اليمن، ثم نتناقش على خطة اقتصادية.. بعد عشرين يوم بالتمام دعيتهم وقابلتهم برئاسة الدكتور حسين خلاف وإذا به يقدم لي مشروع خطة اقتصادية اشتراكية تأميم الأراضي الزراعية في اليمن وقطاع عام وما إلى ذلك، قلت له: يا سيدي العزيز، هذا غير مقبول في اليمن إطلاقاً، قلت له: أنتو أممتوا في مصر المساحات الزراعية الخاصة بالملاك، إحنا عندنا أراضي زراعية صالحة للزراعة غير مزروعة، فسنؤسس شركات زراعية نحن برأس.. بالأرض والمستثمرون برأس المال، ثم أنتم في مصر الفدان –في ذلك الوقت- 5 فدادين لكل فلاح، ما.. الفدان ماذا يغل كل عام؟ قال: 20 جنيه، قلت معنى ذلك إن في السنة 100 جنيه، 100 جنيه على 12 شهر معنى ذلك 8.5 في الشهر، 8.5 جنيه في الشهر، فإذاً أنا لما.. أقيم مشروعات زراعية في اليمن بإن أنا أملك الأرض كحكومة وشركات.. تشترك معانا برأس المال بقيمة الأرض نحدد إن..
أحمد منصور: إحنا هنغرس في الأرض مش هنطلع!
د. عبد الرحمن البيضاني: أجر العامل. نعم، أجر العامل لا يقل عن 8.5 جنيه، معنى ذلك إن إحنا سلمناه 5 فدادين بدون أن يتحمل مسؤولية الملكية..
أحمد منصور: المهم إن في الآخر رفضت الخطة الاشتراكية.
د. عبد الرحمن البيضاني: رفضناها رفضناها.
(2/77)
أحمد منصور: الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: وأعلنت إنشاء البنك اليمني للإنشاء والتعمير.
أحمد منصور: طيب هذه قصة أخرى، الآن نعود إلى وضع الإمام، كيف كان الوضع العسكري في تلك المرحلة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: يعي ننقل ع الوضع الاقتصادي اقتنعت؟
أحمد منصور: خلاص.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب.
أحمد منصور: مش اقتنعت، أنت خلاص قلت المعلومة، أنا ما بأقتنعش بحاجة، وما بأرفضش حاجة، وما بأقبلش حاجة، شغلتي هنا أفحر في الحاجة بس!
د. عبد الرحمن البيضاني: أولاً: حتى أكمل الجانب الاقتصادي لحظة واحدة.. أنشأنا البنك اليمني للإنسان والتعمير قطاع خاص شركة مساهمة مصرية.. يمنية، ثم أرسلت لوزير شؤون مغتربين محمد مهيوب ثابت زميلي وصديقي لجميع المهاجر برسائل مني قلت لهم: عودوا إلى اليمن لبناء اليمن، لقد زالت الأسباب التي جعلتكم تهاجرون من اليمن، فعادوا بأموالهم.. وعاد معظمهم بأموالهم، وأسسنا البنك، وضاعفنا رأس المال خلال.. مرتين خلال شهر واحد.. البنك اليمن للإنشاء والتعمير.
أحمد منصور: نترك الجانب الاقتصادي ونذهب إلى الجانب العسكري.
بداية تدخل الجيش المصري في اليمن ودور البيضاني
د. عبد الرحمن البيضاني: نذهب إلى الجانب العسكري.
أحمد منصور: الآن أنت طلبت قوات مصرية.
د. عبد الرحمن البيضاني: مصرية.
أحمد منصور: من مصر، وأنت متهم –عفواً يعني- تاريخياً بأنك الرجل الذي ورطت مصر في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: بدأت هذه الورطة بأول قوات وصلت إلى اليمن على الباخرة "السودان" في 5 أكتوبر 1962م، وعدد القوات في ذلك الوقت كان 900 رجل تضاعف بعد ذلك إلى ألفين، ثم حدثت الورطة الكبرى.. الكبرى إلى أن وصلوا إلى سبعين ألف، ولكن بيلقى عليك العبء التاريخي بأنك السبب في هذا البلاء الذين ألم بمصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: من الذي يتهمني بذلك أولاً قبل أن أجيبك؟
(2/78)
أحمد منصور: مش لازم أقول لك فلان أو علاّن.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا.. لا.
أحمد منصور: كله بيتهمك بذلك.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا لا لا.. اللي بيتهمني هيكل، أول من اتهمني هيكل، محمد حسنين هيكل.
أحمد منصور: أنا بغض النظر عن هيكل أو غيره.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا لا لأ، لازم أحكي لك، لازم لازم، ما إحنا بنتكلم عن تاريخ.
أحمد منصور: أنا الآن مش واقف عند تهمة هيكل ولا تهمة غير هيكل.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأتكلم.
أحمد منصور: أنا الآن فيه عندي حدث رئيسي أنت مسؤول عنه.
د. عبد الرحمن البيضاني: لولا.. لولا..
أحمد منصور: هو أنك مسؤول عن تورط مصر عسكرياً في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: كلمة "تورط" نبعد كلمة "تورط"، مسؤول عن التدخل المصري العسكري في اليمن، كونه ورطة هذا نتكلم في موضوع ورطة وصفه.. هذا الوصف نتكلم فيه بعد.. في سؤال آخر، لكن فعلاً أنا مسؤول عن إقناع عبد الناصر بإرسال أول بعثة عن أول مجموعة عسكرية إلى اليمن، وصلت هذه المجموعة العسكرية يوم 5 يونية 5..
أحمد منصور: أكتوبر.
د. عبد الرحمن البيضاني: أكتوبر سنة 62، واستقبلتها أنا في.. في..
أحمد منصور: ميناء الحديدة.
د. عبد الرحمن البيضاني: في ميناء الحديدة، هيكل يقول في كتابه "سنوات الغليان" صفحة..
أحمد منصور: أنا ما جبتش سيرة هيكل.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا لأ لابد.. لابد.. هذه واقعة مهمة.
أحمد منصور: يا فندم ما جبتش سيرة هيكل.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا لأ لابد.. لابد.. هذه واقعة مهمة.
أحمد منصور: يا فندم ما جبتش سيرة هيكل.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا أنا أنا اللي بأجيب أنا، لأن أنا اللي متهم.
أحمد منصور: أنا ما ليش علاقة، اللي هيكل ذكره هامشي، إن القوات يوم 8 ودي يوم 5، أنا الآن في القضية المحورية.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا.. لا.. القضية المحورية.
أحمد منصور: أيوه.
(2/79)
د. عبد الرحمن البيضاني: إن هيكل كتب في كتابه صفحة 626 في "سنوات الغليان".
أحمد منصور: والله ما عندي.. ولا لي دعوة با اللي هيكل قاله، أنا يا فندم سؤالي محدد.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، أنا هأثبت لك كيف يزور التاريخ.
أحمد منصور: أنا مليش علاقة بهيكل الآن، أنا أحمد منصور بأسأل الدكتور عبد الرحمن البيضاني.
د. عبد الرحمن البيضاني: عبد الرحمن البيضاني.
أحمد منصور: بأقول له: يا دكتور عبد الرحمن، إن فيه مصادر كثيرة بتقول أنت المسؤول عن توريط مصر عسكرياً في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي العزيز.
أحمد منصور: إن ما ليش دعوة بهيكل ولا بغير هيكل الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: طالما إن أنا يقال إن أنا متهم بتوريط مصر، من بدأ بهذا الكلام لابد أن أذكر اسمه، واثبت وأثبت وأثبت إنه أخطأ في هذا الكلام، لأنه كتب في.. في كتابه صفحة.. 626 "سنوات الغليان" قال: إن اجتمعت اجتمع مجلس الرئاسة يوم 8 أكتوبر ولمدة خمسة أيام يفكروا كيف يساعدوا ثورة اليمن، وقال إن السادات.
أحمد منصور: يقصد مجلس الرئاسة المصرية اللي شكل في سنة 62.
د. عبد الرحمن البيضاني: المصري.. نعم يقصد هذا، قال اجتمعنا يوم 8 وجلسنا 5 أيام نتكلم، كان رأي هيكل وعبد الناصر إرسال مستشارين عسكريين فقط، أما.. السادات كان رأيه إرسال قوات عسكرية، لأنه كان صديق أحد اليمنيين، هذا الكلام كتبه صفحة 626.
أحمد منصور: غلط في التاريخ.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، كيف يغلط في التاريخ يغلط.. يخطأ.. هيكل يخطيء في التاريخ؟!
أحمد منصور: غلط في تاريخ الاجتماع.
(2/80)
د. عبد الرحمن البيضاني: علماً علم.. لم يجتمع مجلس الرئاسة أصلاً، اللي حصل إن فعلاً لما التقينا مع عبد الناصر يوم 27 أكتوبر 27 سبتمبر، وقلنا: ولا مجلس رئاسة ولا غير مجلس رئاسة، كنت أنا وهو وعبد الحكيم عامر وأنور السادات قلت له: يا سيادة الرئيس، كما اتفقت معانا إننا نرسل قوات، أرسلوا قوات لينا قال لي: لما أرسل قوات إليك يا عبد الرحمن اليوم 27 سبتمبر إلى أن تصل إليك القوات ممكن تاخد عشر أيام أو أسبوعين، كم يوم ممكن أن تبقوا في صنعاء وحدكم بدون قوات مصرية؟ قلت له: أربعة أيام يا سيادة الرئيس، قال لي: إذا كنت معتقد ومرجح إنكم لن تستطيعوا البقاء أكثر من أربع أيام، كيف تطلب مني أن أرسل إليك قوات الآن وتاخد معاك محمد عبد السلام محجوب وعلي عبد الخبير ويقتلوا معاكم في صنعاء؟ قلت له: يا سيادة الرئيس، أنا قلت أربع أيام، وأنت سيادتك قلت وصول القوات ياخد 10 أو 15 يوم، الثورات في البلاد المتخلفة.. تتجاذبها عوامل كثيرة نفسية من الألم، من الأمل، ومن اليأس، ومن الحرمان، ومن الفاقة، ومن التطلع إلى مستقبل أفضل، وكل هذا عوامل نفسية كثيرة، سنعزف على وتر مستقبل اليمن، فإذا استطعنا أن نعيش أكثر من أربع أيام ووجدت إن إحنا استمرينا في الثورة أرسل قواتك في الطريق إلينا، أما إذا في خلال 4 أيام أو خمس أيام قتلنا وعلقت رؤوسنا على أعواد الشجر للوحوش والطيور الجارحة.. استعيد قواتك من البحر، قواتك لن تكون قد ذهبت.. إلى اليمن. فالاتفاق على إرسال قوات مصرية كان يوم 27 يناير، وقلت يا سيادة الرئيس..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا أيضاً ليس سؤالي.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: هذا ليس سؤالي.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، وصل يعني.. القرار.
أحمد منصور: القوات وصلت يوم 5، الرئيس قال.
د. عبد الرحمن البيضاني: القرار كان يوم 27 وليس يوم 8 أكتوبر.
أحمد منصور: طيب.. سعادة نائب..
(2/81)
د. عبد الرحمن البيضاني: ولم يكن بقرار مجلس قيادة..
أحمد منصور: أنا ما جبتلكش سيرة 8، أنت مصر ترد على هيكل، وأنا ما ليش علاقة بهيكل، يوم 27 اجتمعت مع.. مع عبد الناصر وقال لك القوات محتاجة.. عشر أيام أو أسبوعين.
د. عبد الرحمن البيضاني: 27.. 27.
أحمد منصور: 27، القوات وصلت يوم 5.
د. عبد الرحمن البيضاني: يوم 5.
أحمد منصور: معنى كده ن القوات كانت في البحر أصلاً،..
د. عبد الرحمن البيضاني: معني هذا معنى هذا إحنا ده اللي أريد أن أصل.. أن أصل إليه، هذا ما أريد فعلاً أن أصل إليه، وأنت لم تتركني أن أصل إليه.
أحمد منصور: ما أنا سبقتك أهو!
د. عبد الرحمن البيضاني: يوم 27 لما قال لي هذا الكلام، كانت فعلاً القوات مجهزة وموجودة في.. في.. في السويس، وصلت فعلاً يوم 5، ونشرت صورتي وأنا بأستقبلهم في يوم 6 في الأهرام، 6 أكتوبر.
أحمد منصور: صورك كات بتنشر مع كل حاجة!
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ لأ مع.. في استقبال.
أحمد منصور: حتى وأت بتقرأ حاجة بسيطة!
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، في استقبال، في استقبال الباخرة "السودان" بحضور العميد علي عبد الخبير ومحمد علي فهمي كان جاي جاء برسالة من المشير عامر العقيد.. العميد محمد علي فهمي اللي أصبح فيما بعد رئيس.. قائد القوات البحرية، استقبلنا هذه القوات في وكانت كتيبة فعلاً فيها 900 عسكري في يوم 5..
أحمد منصور: الآن.. القوات دي كانت مهمتها الأساسية إيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: مهمتها الأساسية أن تساعدنا على حماية العاصمة من أن يغيروا عليها القبائل.
أحمد منصور: معنى ذلك إن الانقلاب والقوى التي كانت تحميه كانت مهددة حتى تلك اللحظة.
د. عبد الرحمن البيضاني: طبعاً.
أحمد منصور: أعلنتم مقتل الإمام، والإمام لم يكن قد قتل.
(2/82)
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا لما قلت لعلي عبد المغني لما أرسل لي برقية في يوم 26، وقال لي: إن إحنا ضربنا قصر البشائر، ولكن للأسف الشديد هرب البدر، أرسلت إليه ردي في الحال، قلت له: البدر لم يهرب، البدر قتل تحت الأنقاض أعلنوا موته، ولا يضيرنا إن هو ظهر بعد أن تستقر الثورة.
أحمد منصور: ألم يكن هذا خطأ منكم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، كان سياسة استراتيجية.
أحمد منصور: ألم يكن خداعاً إلى الناس؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، ليست.. سميها كما شئت إنما استراتيجية حربية، لأنه لو أعلنا إن البدر هرب أنصاره هيكون عندهم أمل، أما إذا قلنا قتل تحت الأنقاض يفقدوا أي أمل في الدفاع عنه، فهل لذلك التزموا بكلامي لعلي عبد المغني وأعلنوا موت البدر.
أحمد منصور: كان هناك عملية استقطاب واسعة للقبائل من قبل البدر، وكان هناك أيضاً قبائل انضمت إليكم، وكان وضع الثورة مهزوز بشكل كبير في البداية.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: في نفس الوقت القوات المصرية بدأ عددها يتزايد ويتضاعف يوم 5 أكتوبر كان 900، يوم 21 أكتوبر وصلوا إلى ألفي رجل، ثم بدأت الأعداد تتوالى بعد ذلك واتسعت الورطة العسكرية المصرية في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: كلمة "ورطة عسكرية".
أحمد منصور: مش مصطلحي أنا.
د. عبد الرحمن البيضاني: أتوقف عنها.
أحمد منصور: أنا مش مصطلحي أنا.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ،.. أشرحها، أشرحها: الورطة.. يعني يوم 22 ديسمبر سنة 62 أعلن الرئيس عبد الناصر إن عدد القتلى المصريين..
أحمد منصور: 136.
(2/83)
د. عبد الرحمن البيضاني: 136، منهم 15 ضابط، و26 جندي، وعادت القوات المصرية.. أغلبها عاد يوم 22 مايو 63 بناءً على اتفاقي أنا مع عبد الناصر ومع الأميركان على سحب القوات المصرية لأن كان فيه اتفاق عناصر اتفاق مع أميركا على اضطراب النظام الجمهوري أن تنسحب القوات المصرية من اليمن ويبقى المدرعات، تبقى المدرعات والطيران بناءً على طلبي، ثم تتعهد أميركا بوقف المساعدات العسكرية من جانب السعودية والأردن للمتمردين.
أحمد منصور: طبعاً يعني حتى يفهم المشاهد جبهة القتال في ذلك الوقت..
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني المهم.. المهم.. المهم إن عادت القوات المصرية بكامل قواتها يوم يوم 23 مايو وأنا في القاهرة.
أحمد منصور: طيب حتى يفهم المشاهد..
د. عبد الرحمن البيضاني: ما الذي أعادها إلى اليمن؟ هذه الورطة هنا تبدأ الورطة، الورطة لم تبدأ في 5 أكتوبر.. الورطة..
أحمد منصور: الورطة بدأت من 5 أكتوبر.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا لا لا، الورطة بدأت.
أحمد منصور: بدأت تحديداً من 27 سبتمبر اجتماعك مع عبد الناصر والسادات.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، لا، هذا رأيك، إنما حقيقة الموضوع إن عبد الناصر كان في منتهى السعادة لما استعاد قواته في –أظن- 20 مايو 63، وعبد الحليم حافظ غنى أغاني جملية جداً "عودتوا يا حبابينا الحلويين" واستقبلتها أنا والرئيس عبد الناصر والمشير عامر والسادات و.. و.. إلى آخره، وكان حفل عظيم جداً لاستقبال القوات المصرية العائدة بعد أن انتصرت، بقيت فقط المدرعات والطيارات لكن للأسف الشديد وقتها المشير عام سافر إلى موسكو والتقى بـ (خروشوف)، ووعده بعشرين مليون جنيه مصري.. يعني لدعم الحملة العسكرية المصرية، وطلب منه عودة القوات المصرية إلى اليمن، فعادت القوات المصرية إلى اليمن، فمن الذي ورط مصر؟ هل أنا أو (خروشوف) وعبد الحكيم عامر؟ عادت القوات المصرية.. انتهت فرحانة 23 مايو.
(2/84)
أحمد منصور: أنت الذي ورطها..
د. عبد الرحمن البيضاني: الجمهورية كانت موجودة، الجمهورية قائمة، والسلال رئيس جمهورية، والاستقرار الكامل، دخلنا الأمم المتحدة على يدي، وأميركا اعترفت بالنظام الجمهوري، أرسلت لنا 20 ألف طن قمح معونة أميركية، الروس أرسلوا لنا عشرين ألف طن قمح، لأن كان علاقتي، أنا كنت مضطر أتعامل مع 3 أشياء متناقضة مع بعضها، مضطر الاتحاد السوفيتي، لكن بدون شيوعية، مضطر للدعم المصري ولكن بدون اشتراكية، مضطر للدعم الأميركي بدون تدخل في الشؤون الداخلية، وكنت لابد أن أتعامل مع هذه الأمور الثلاثة، وفعلاً نجحت في هذا إلى حد كبير.
أحمد منصور: (...) هذا.. سعادة النائب
د. عبد الرحمن البيضاني: وعادت القوات المصرية.
أحمد منصور: بقية أعضاء مجلس الثورة أين، وأنت كنت تشكك فيهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: متفقين.. مين قال.
أحمد منصور: كنت دائماً تشكك في الزبيري والسلال.
د. عبد الرحمن اليضاني: من قال أشكك فيهم؟ من كان.. من قال أنا كنت أشكك؟
أحمد منصور: كنت دائماً تشكك في الزبيري والسلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: الزبيري الزبيري لم يكن ضمن الثوار إطلاقاً، ولم يكن العامري الإرياني، ولم يكن النعمان، بدليل إن فيه 16 سبتمبر.. 16 أكتوبر، 16 أكتوبر 62 عاد السادات، عارف جيه أول مرة 14 أكتوبر ليلقي كلمة للشعب اليمني.
أحمد منصور: كان رايح جاي على الطريق..
(2/85)
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، 14 أكتوبر وصل السادات لإلقاء كملة بالنيابة عن الرئيس عبد الناصر، يوم 16 أكتوبر وصل مرة أخرى ومعه أحمد محمد نعمان، وقال لي: أنتوا عينتوا الزبيري وزير لماذا لم تعينوا نعمان وزير؟ قلت له: أنا لم أعين الزبيري، الذي عينه محمد عبدالله الغسيل في الإذاعة.. التليفزيون، مجرد في الإذاعة، مجرد إدخال اسمه، ومع ذلك أهلاً وسهلاً بالأخ أحمد نعمان، فاخترت له وزارة.. وزير شؤون الحكم المحلي، ثم ضاق به السلال فأبعده إلى القاهرة مرة أخرى.
أحمد منصور: بدأت صراعات مبكرة داخل مجلس قيادة الثورة، كنت أنت متهم دائماً بأنك تتدخل في شؤون الوزراء، وتلغي أدوارهم، وتقدم من تريد، وتلغي من تريد.
(2/86)
د. عبد الرحمن البيضاني: أولاً: لم.. يحدث أبداً أي مشاكل بيني وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة إطلاقاً، بدليل أنني حتى عندما أمرض كانوا يجتمعوا عندي في غرفة نومي وأنا بالبيجامة، والصور موجودة في الكتاب، والصورة سلمت لك صورة منهم، أعضاء مجلس قيادة الثورة يجتمعوا في سريري جنبي جولي حول سريري وأنا مريض، كنت عندي حالة تسمم، كان فيه محاولة لاغتيالي بالسم، وكانوا كلهم مجتمعين عندي مجلس قيادة الثورة، من الذي قال أنني على خلاف مع مجلس قيادة الثورة؟ أما الوزراء فالوزراء كانوا يعني غير أنت عارف الوزراء يعني إحنا في بلد متخلف ليست كمصر، والوزراء كانت ثقافتهم محدودة، ولذلك جئنا لهم بـ 52 خبير من مصر لكل وزير 2 أو 3 من الخبراء المصريين، فلما كنا نجتمع في مجلس الوزراء كانوا غير متعودين على اجتماعات رسمية، فكان كل واحد يحاول يتكلم في نفس الوقت، منهم عبد الرحمن الإرياني مثلاً وجه عبد الرحمن الإرياني شكاني فعلاً للسادات، والسادات أرسل لي رسالة منشورة عندك في كتابي، يقول لك: ترفق.. بالإخوة أثناء الاجتماع في مجلس الوزرا، كان كل اللي طلبته منهم إن كل من يريد أن يتكلم في مجلس الوزرا أن يرفع يده حتى أكتب اسمه ليكون الكلام بالترتيب، ولا يتكلموا في وقت.. في وقت.. في وقت واحد. ثم أنا أنت سبق في حلقة سابقة وصفتني بصفات قد تكون غير موجودة.. قد لا تكون عندي..
أحمد منصور: لست أنا، أنا لا أصف.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. لأ..
أحمد منصور: أنا لا أصف أحد بأي شيء من عندي.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت.. نسبت إليَّ إن عندي مؤهلات كثيرة، وعندي خبرة كثيرة، وعشت في الخارج فترة، وكنت وزير الإمام عشر سنين، وسفير.
أحمد منصور: ما هو ده واقع، أنا ما أقدرش أنكره.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا عارف.. هذا الوصف.. هذا الوصف مؤاده إيه؟ مؤداه إن.
أحمد منصور: مؤاداه أانك جمعت كل السلطات في يديك.
(2/87)
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، مؤداه.
أحمد منصور: نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، نائب رئيس الجمهورية.
د. عبد الرحمن البيضاني: خرجنا عن الوضع.
أحمد منصور: وزير الخارجية، وزير الاقتصاد.
د. عبد الرحمن البيضاني: خرجنا عن الموضوع، مؤدى هذا الكلام إن أعضاء مجلس قيادة الثورة وهم ضباط خريجي (التأهل) من الكلية الحربية، وبعضهم تجار، كانوا لما يستمعوا إلى رأيي كانوا يعجبوا به، ويؤمنوا به، ويكلفوني بتنفيذه، فكنت أشرح وجهات نظري.. وجهات نظري علمية.
أحمد منصور: هذا كان يدعوك إلى إلغاء الآخرين أيضاً.
علاقة الثورة بالأميركان والروس ودول الجوار
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، هذا ليس فيه إلغاء، هو كون أنا واحد أتكلم كلام علمي، وهم يؤمنوا بهذا الكلام العلمي ويصدقوه، ويثقوا فيه، وثبت لهم نجاحه، بدليل إن إحنا استطعنا نأخذ اعترف الولايات المتحدة الأميركية وهذا كان أمر صعب جداً، لأن كنا على علاقة غير جيدة في تلك الأيام مع إسرائيل.
أحمد منصور: في 19 ديسمبر 1962م اعترفت الولايات المتحدة بالحكومة اليمنية
د. عبد الرحمن البيضاني: بالحكومة اليمنية.. نعم، وكان.
أحمد منصور: بناءً على تعهدات والتزامات أنت تعهدت بها إليهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: ليست تعهدات، في يوم 2 ديسمبر، في يوم 2 ديسمبر –نعم- 62 تحدث ناطق باسم الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة لها طلبات حتى تعترف بالحكومة اليمنية، أول طلب إن اليمن تعلن التزامها بحسن الجوار مع السعودية، وهذا مقبول.
تاني طلب: الحكومة الأردنية تسحب قواتها من السعودية.
تالت طلب: الحكومة السعودية تسحب قواتها من الحدود.. السعودية اليمنية.
خامس طلب: الحكومة المصرية تسحب قواتها من اليمن ويبقى المدرعات والطائرات حسب كلامي، وهذا ما كنت قد سبق أن اتفقت معاه..
أحمد منصور: لا.. مافيش يبقى المدرعات والطائرات.
(2/88)
د. عبد الرحمن البيضاني: لا.. لا هذا كان.. هذا كان حسب طلبي أنا وفعلاً بقيت و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسب طلبك لكن أميركا ما أقرتش بقاءه.
د. عبد الرحمن البيضاني: وأميركا.. أميركا وافقت.. أميركا وافقت بدليل اعترفت رغم وجود هذه القوات.
أحمد منصور: بقيت، اعترفت أميركا والقوات بقيت لكن لا، أميركا لم تنص في تعهدها على هذا.
د. عبد الرحمن البيضاني: هي لا.. لم تتعهد، أنا لما قلت لك: تحدث ناطق باسم الأمم المتحدة ولم.. ولم يتحدث ناطق باسم الحكومة الأميركية.
أحمد منصور: ما هو بناءً على إن أميركا.
د. عبد الرحمن البيضاني: المهم إن أنا لم أقل لك، أنت لم تترك لي فرصة إن أنا.. إني أشرح لك كيف باتت العلاقة مع الأميركان، يوم ما عقدت المؤتمر الشعبي..
أحمد منصور: لا تهمني كثيراً، أنا يهمني شق اعتراف الولايات المتحدة..
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ هذه مهمة جداً، هذه مهمة جداً.
أحمد منصور: هندخل في قصة مدتها 5 ساعات.
د. عبد الرحمن البيضاني: أبداً دي في دقيقة واحدة أقولها لك.
أحمد منصور: تفضل.
د. عبد الرحمن البيضاني: في دقيقة واحدة.
أحمد منصور: دقيقتين.
د. عبد الرحمن البيضاني: في دقيقتين، تحب نقول دقيقة ونصف ما عنديش مانع!!
أحمد منصور: ثلاثة يا فندم، ثلاثة.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب حاضر، يوم 30 سبتمبر كما قلت لك في المؤتمر الشعبي فيه 100 ألف شخص والسفراء كلهم موجودين أعلنت كل هذا الكلام لا داعي لذكره مرة أخرى، دعيت مدير حرسي النقيب محمود عبد السلام، محمود حسن.. حسين الشامي، وهو بالمناسبة هاشمي وكان هو الوحيد الذي يدخل على رأس..
أحمد منصور: أنا هأدخل معاك في الهاشمية و..، طيب.
(2/89)
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، طلبته، قلت له: أدعي لي السفير الأميركي، دعا لي السفير الأميركي إلى مكتبي، قلت له: هل استمعت –كان يجيد اللغة العربية- قلت له: هل استمعت إلى خطابي؟ قال: نعم، قلت له: هذا الخطاب كان موجه لك أنت، وليس لكل المائة ألف اللي كانوا موجودين، أرجو أن تنقله على لساني إلى الرئيس كيندي، هذه آراؤنا وأفكارنا، وهذه سياستنا، ما هو مطلوب مننا أكثر من ذلك؟ قالت له: باللغة الإنجليزية:
I want to know the last line of the billy, either to beat or to (...) the way.
أنا أحب أعرف آخر حاجة، ما هو المطلوب مننا أكثر من هذا؟ جاءني بعد 4، 5 أيام قال لي: عندكم 17 شيوعي في جهاز الحكم.
أحمد منصور: قلت له: لا دول 45.
د. عبد الرحمن البيضاني: قلت له: 43 والكلام ده من دماغي ليس عندي رقم، إنما أي كلام، قلت له: لكن ماذا أفعل؟ قفوا معي وأنا مستعد أقبض على الشيوعيين، لكن لما أقبض على 17 شيوعي، 5 دقائق في التليفون يقبض عليهم، أطلب العميد غالب الشرعي مدير الأمن العام اقبض عليهم، يقبض عليهم، وبعدها يأتي السفير السوفيتي ويقول لي اطلقهم، السفير السوفيتي معايا، بيعطينا مساعدات اقتصادية.. عسكرية، في الطريق إلينا 20 ألف طن قمح (دس) في.. في البحر الميت، وأنتم واقفين ضدنا في كل مكان..
أحمد منصور: بدأت من هنا، العلاقة حتى اعترفت الولايات المتحدة في 19 ديسمبر.
د. عبد الرحمن البيضاني: بدأت العلاقة أرسلوا لنا 20 ألف طن قمح، أرسلوا 20 ألف طن قمح من الأميركان، والأميركان.. جه السفير الأميركي.. الأميركي وقال لي: ما هو الدقيقتين لسه ما انتهوش.
أحمد منصور: لا يا فندم دا إحنا بقا لنا خمسة.
د. عبد الرحمن البيضاني: سفير أميركي قال لي: إحنا في الطريق إليكم 20 ألف طن قمح، ولكن..
أحمد منصور: عليهم ختم المعونة الأميركية.
د. عبد الرحمن البيضاني: قلت له..
(2/90)
أحمد منصور: قلت له: إن شاء الله كل رغيف يبقى عليه ختم المعونة، أنا حافظ كتبك.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب أنت.. أنت عرفت كتبي، لكن هل المشاهد عرفها؟ ما عرفهاش.
أحمد منصور: حفظتها، أنا حفظتها.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت حفظتها.
أحمد منصور: أنا بأذاكر فيها وحفظتها.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت حفظتها، والحمد لله لم أقل لك كلام خارج عن.. عن ما كتب، فهل المشاهد عرف هذا الكلام؟ قلت.. قلت للسفير الأميركي: إذا كان عند الرئيس كيندي ختم صورته أنا مستعد أوزعه على المخابز في اليمن وأختم على كل رغيف خبز صورة الرئيس كيندي، نريد خبز لليمن، للشعب اليمني. والاتحاد السوفيتي موجود، قلت لسفير الاتحاد السوفيتي: من فضلك حصل كذا.. وكذا.. وكذا.. وكذا، حقائبكم في الطريق إلينا بدون علامات سوفيتية، تحب أرسل لك خطاط إلى الحديدة يكتب علامات على الحقائب إنها.. الأغلفة إنها معونة سوفيتية؟ قال لي: نعم. أرسلت له، يعني كنت بأحاول أعمل علاقة متوازنة.
أحمد منصور: بتلعب مع كله يعني.
د. عبد الرحمن البيضاني: متوازنة، مع الكل، لصالح من؟ 20 ألف طن قمح لليمن، أنا أكلها الـ 20 ألف طن؟! هل الـ 20 ألف طن من أميركا أكلها أنا؟!
أحمد منصور: هم بيقولوا بقى إنك كنت بتلعب لصالح أميركا ولصالح..
د. عبد الرحمن البيضاني: ولصالح روسيا في نفس الوقت؟! هل ده ممكن؟!
أحمد منصور: ما المانع؟
د. عبد الرحمن البيضاني: يبقى أنا ألعبان!! يبقى أنا.. أنا بألعب لصالح اليمن، أنا بألعب لصالح اليمن.
أحمد منصور: وألمانيا، إحنا نسينا ألمانيا..
د. عبد الرحمن البيضاني: لصالح.. بألعب لصالح اليمن، إذا وجدت معونة من.. من الألمان هات، 20 ألف، 100 بمبة عظيم، بيسموها في اليمن بمبة بالمناسبة المضخات الارتوازية 100 مضخة أهلاً وسهلاً، 20 ألف طن قمح من أميركا أهلاً وسهلاً، من روسيا أهلاً وسهلاً، من مصر أرسلت إلينا.. أهلاً وسهلاً، ما هو المانع؟
(2/91)
أحمد منصور: نعود إلى خيط، نعود إلى خيط الوضع العسكري، الإمام لم يمت، حشد الحشود في منطقة نجران وكان يقاتلكم، كانت القبائل أيضاً تقاتل الثورة في ذلك الوقت، أرسل الملك حسين قوات أردنية أيضاً لقتال الثورة، وأصبحت اليمن ملعب للقوى السياسية العربية المتصارعة.
الصراع بين عبد الناصر وبين الملك سعود في ذلك الوقت، حتى الملك سعود لما سافر للعلاج وكان الأمير فيصل هو القائم بأعمال الملك، كان الصراع بين عبد الناصر وبين سعود كان.. وبين السعودية كان اليمن ساحته، الصراع بين الملك حسين وبين عبد الناصر كانت اليمن ساحته أيضاً، وأصبحت اليمن مكان لتصفية الحسابات ما بين الزعماء العرب.
د. عبد الرحمن البيضاني: لكن أنا حاولت بكل وسيلة أن أمنع هذا، بدليل إن في اليوم الخامس من قيام الثورة بلغني مدير الأمن العميد غالب الشرعي إن الجماهير أحاطت.. المظاهرات.. المتظاهرين أحاطوا بالسفارة السعودية، ويريدوا قتل القائم بالأعمال السعودي، فنزلت جري أجري على السفير.. القائم بالأعمال السعودي الشيخ "إسماعيل المعني" وهو يسمعني الآن لأنه الآن سفير في الخارجية السعودية واحتضنته، وأخذته معايا في حضني إلى السفارة.. إلى القصر الجمهوري، وقلت له.. سلمته رسالة شفهية إلى جلالة الملك سعود، قلت له: نحن أولادك ونريد أن نوقع معاك على أي معاهدة حسن جوار كما تشاء، وأرسلت القائم بالأعمال الشيخ إسماعيل المعني إلى "جيزان" بمصفحتين يعني كان عندنا سبع مصفحات في صنعا بتحرس صنعا استغنيت عن مصحفتين –وهذا أمر خطير جداً- استغنيت عن مصحفتين لتحرس القائم بالأعمال السعودي إلى.. إلى جيزان حتى إنه الأخ الرئيس علي عبد الله صالح –حفظه الله- قالي لي إنه هو شاف هذا المنظر وهو صغير يمر في طريقه إلى.. بيمر التفيت.. بيمر من خلال منطقة "سنحان"، وأتصور..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني بدون تفصيل رأي الرجل إنه وصل بالسلامة.
(2/92)
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. لأ، لأ دا إثباتات، إثباتات بأتكلم على أشياء.. على.. على رؤساء، على واحد على قيد الحياة، كان متصور إننا إحنا أبعدنا.. طردنا السفير السعودي، على العكس فكانت النتيجة أرسلناه إلى جيزان وقلت له: أنا سأوقف إذاعة اليمن لا ترد على السعودية إطلاقاً إلى أن تصل إلى الرياض ويمر.. تمر ثلاثة أيام، وإن توقفت إذاعة صنعا..
إذاعة جدة لمهاجمة الحكومة اليمنية أنا سأرأس وفد يمني إلى الرياض وأوقع على بياض على أي معاهدة يراها جلالة الملك سعود، أما إذا استمرت إذاعتكم ضدنا ثلاثة أيام بعد وصولك إلى الرياض فالوجه أبيض، وهذه بلغة العرب "الوجه أبيض" يعني كل واحد حر.
موقف البيضاني من الطائفية في اليمن
أحمد منصور: وضع القوات اليمنية التي كانت حليفة لكم كان آيه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أقول إن أنا حاولت إن أنا أمنع إن يكون فيه صراع سعودي مصري.. أو سعودي.. يمني..
أحمد منصور: هو كان قائم بالفعل، مش.. شيء واقع وموجود..
د. عبد الرحمن: حاولت.. حاولت، لكن تسمح لي تقول لي ما سبب.. ما دخل الأردن بإنها تدخل تحارب ثورة اليمن؟
أحمد منصور: دا سيادتك اللي تجاوب لنا على السؤال.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. أسألها.
أحمد منصور: لأنهم هاشميين مثلهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: آه دخلنا في الهاشمية، دخلنا في الهاشمية.
أحمد منصور: آه، وأنت بقى عايز تدخل لي في الهاشمية.
د. عبد الرحمن البيضاني: دخلنا وأرسلوا جيش يحاربنا دخلنا.
أحمد منصور: والزيدية والشافعية.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت اللي دخلت أنت اللي دخلت، مش أنا.
أحمد منصور: مش أنا اللي دخلت، التاريخ كان إنك أنت متهم أيضاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني أنا بأسألك، لا، أنا.. أنا بأسألك لماذا؟
أحمد منصور: عفواً سعادة النائب، متهم إنك كنت تثير النعرات الطائفية.
د. عبد الرحمن البيضاني: هنتكلم فيها.. نتكلم فيها بعدين.
(2/93)
أحمد منصور: لا الوقتي نتكلم، النعرات طالما فتحنا الهاشميين.
د. عبد الرحمن البيضاني: مستعد.. مستعد الآن؟
أحمد منصور: أنا مستعد دائماً.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. لأ الآن في موضوع الهاشمية.
أحمد منصور: دائماً ما خلاص ما إحنا بنتكلم عن تدخل الأردنيين.
د. عبد الرحمن البيضاني: بنتكلم عن تدخل الأردنيين..
أحمد منصور: في البداية كنت تبحث عن دور فلما افتقدت هذا الدور مع الإمام ومع غيره ورجعت إلى مصر، بدأت تثير النعرات الطائفية أولاً بين الزيديين والشافعيين، وبين القحطانيين والهاشميين.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب.. أرد؟
أحمد منصور: تفضل.
د. عبد الرحمن البيضاني: بدون مقاطعة؟
أحمد منصور: بس بإيجاز.
د. عبد الرحمن البيضاني: هو كل ما أتكلم هتقول لي: بايجاز؟! ما هو لازم أشرح لك، ما هو لا يمكن أقول يعني (ويل للمصلين..) واسكت..
أحمد منصور: (الذين هم عن صلاتهم ساهون) ما هي جملة واحدة!!
د. عبد الرحمن البيضاني: لازم أكمل، (والذين هم..) ويمنعون الماعون، لازم تكمل بقية الآية.
أحمد منصور: ماشي يا فندم، كل واحدة.. كل واحدة 3 دقائق..
د. عبد الرحمن البيضاني: عظيم، لما وصلت إلى القاهرة أصلاً في.. في 8.. في 18 يناير 60.
أحمد منصور: سنة 60.
د. عبد الرحمن البيضاني: 60 والتقيت بالأحرار أحمد نعمان وهم زعمائي.
أحمد منصور: حكينا القصة.
د. عبد الرحمن البيضاني: حكينا القصة، أطلعوني على الكتب.. كتبهم التي تدل.
أحمد منصور: وكانت مليئة بالكلام عن الهاشميين والقحطانيين والزيديين والشوافع.
د. عبد الرحمن البيضاني: الإرياني نفسه كتب في هذا الكتاب.
أحمد منصور: لكنهم لم يجهروا به لأنه يسبب فتنة.
د. عبد الرحمن البيضاني: عظيم.
أحمد منصور: أنت جهرت به وسببت فتنة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، جهرت به لأنه هو.. لأنه يعني هم شخصوا المرض، ولكن خافوا يعالجوه، خافوا يعالجوه..
(2/94)
أحمد منصور: بس كان هنا خلط منك، كانوا يقولون: بأنك كنت تخلط ما بين حكم الإمامة وما بين الزيدية كمذهب.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. فرق..
أحمد منصور: ولابد أن يكون هناك تفريق بين حكم الإمامة وبين الزيدية كمذهب، كنت تخلط بين حكم الإمامة وبين الهاشميين وتثير بينهم النعرات وبين القحطانيين الذي تنتمون أنتم إليهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا كلام غير صحيح.
أحمد منصور: أنا عايز منك الكلمة دي.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا كلام غير صحيح بدليل إن.. إن أنا قلت أكثر من مرة: إن المذهب الزيدي من أروع المذاهب وأقربها إلى السنة.
أحمد منصور: لكن دايماً تقرنه أنت بالإمامية.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأن.. لأن المذهب.. لأن مذهب، مش المذهب الزيدي، الأئمة الزيود وليس المذهب، لأن المذهب الزيدي (كان بينص على التفرقة، المذهب كمذهب لم ينص على التفرقة، وإنما الأئمة التي..
أحمد منصور: خلاص، يعني إذن القضية قضية حكم الأئمة والأئمة راحوا إلى رحمة الله.
د. عبد الرحمن البيضاني: والأئمة خلقوا.. خلقوا امتيازات خاصة بهم داخل اليمن، والزيود نفسهم كانوا ضد هذه.. كانوا ضد هذه..
أحمد منصور: يعني أنت تقر الآن بأنك لا تثير الفتنة بين الزيود وبين الشافعية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي العزيز، باختصار.. باختصار العبارة الدكتور محمد لما حصل إن البدر.. أعلن إصلاحاته سنة 59 في غياب والده والقبائل دخلت صنعا بناءً على طلب البدر، كتب محمد.. محمد عبد الله الشهاري –وهو هاشمي- كتب في كتابه "الثورة في الجنوب" –لأنه شيوعي- "والانتكاسة في الشمال"، قال: إن قبائل "حاشد" كلها وقبائل "بكيل" اللي هي كل شمال اليمن هجموا اللي دخلوا إلى صنعا لقتل الهاشميين جميعاً، وهذا ده غير صحيح.. القاضي عبد الوهاب الشماحي في صفحة.. دا هذا الكلام في سنة.. صفحة (70) في كتاب انتكاسة في الجنوب.. "انتكاسة في الشمال والثورة في الجنوب".
(2/95)
عبد الله الشماحي وهو أحد كبار القادة الأحرار في اليمن كتب قال: إن القبائل لم تأت لقتل الهاشميين، وإنما جاءت لأن البدر أعلن إلغاء التفرقة الطائفية وإلغاء التفرقة الهاشمية، العنصرية يعني، ولذلك جاءت تؤيد هذا.. هذا الاتجاه، فلما وصل حميد بن حسين الأحمر أخو الشيخ عبد الله حالياً وكان معاه 20 ألف مقاتل أبقاهم خارج صنعا ودخل بـ 500 مقاتل فقط ليؤيدوا البدر، البدر لما أراد إنه يبعده عن صنعا، قال لهم يا جماعة أنا التزمت وأعلنت فعلاً إلغاء التفرقة العنصرية والطائفية، عملية يعني كانت مؤكدة ومعروفة. وبعدها عندي دليل جديد، عندي دليل جديد يمحي كل هذا الكلام.
أحمد منصور: ما هو؟
د. عبد الرحمن البيضاني: السيد "الزيد الوزير" هذا من كبار الهاشميين، وجده أو عمه كان عبد الله الوزير اللي قام بانقلاب.
أحمد منصور: 48.
د. عبد الرحمن البيضاني: 48.
أحمد منصور: الذي لم ينجح.
د. عبد الرحمن البيضاني: الذي لم ينجح، كتب عني في 11 في 12 نوفمبر العام الماضي..
أحمد منصور: 2000 يعني؟
(2/96)
د. عبد الرحمن البيضاني: 2000 أستاذ زيد الوزير، بينما كان يهاجمني في مجلة "الشورى" سابقاً كتب وبين قواسين: (عندما استلم البيضاني زمام الاتحاد اليمني، ثم الناطق الرسمي، بلغ التحرك نحو التحرير على يده حتى أصبح رجل المعارضة الأول، والحق أن الدكتور البيضاني –هذا كلام زيد الوزير- والحق أن الدكتور البيضاني استطاع أن يسرع بالتعجيل بقيام الجمهورية، وأكد.. وأكاد أعتقد إنه لولا.. لولاه لما قامت الجمهورية في تلك الفترة، أو تأخرت قيامها على الأقل، فهو بحق محرك الجمهورية التي أعلنت للناس.. أعلنت للناس مساء 26 سبتمبر 62، وأنا إذ أقرر ذلك فأنا أعلم أن هذا سيغضب الكثيرين، لكنني أرى أن من الأمانة التاريخية ألا نغلب المهاترات الشخصية ولا نمزجها بتحريف الواقع، وألا.. وإلا سنكون ممن يحرمون.. ممن يحرفون الكلام عن مواضعه، وأنا لا أرضى لنفسي ذلك، وللناس أن يقولوا في البيضاني ما يشاؤون، أما أنا فلا أنكر.. أما أن ينكر أحد دوره الرئيسي في مولد الجمهورية فلا أعتقد أن أحداً يستطيع ذلك).
هذا ما قاله من؟ زيد الوزير اللي إحنا قمنا ضد الهاشميين وهو يقول هذا الكلام..
أحمد منصور: لكن أنت لازلت حتى الآن.
د. عبد الرحمن البيضاني: لم أقل هذا الكلام..
أحمد منصور: في كتاباتك دايماً تثير النعرة، من يذهب إلى اليمن لا يستطيع أن يكتشف الفروق بين الزيديين والشوافع، أنت دائماً تثير نعرة الزيديين والشوافع.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا.. يا.. يا أخ أحمد.. يا أخ أحمد، أنا رجل اقتصاد وأريد المساواة بين جميع أبناء اليمن، وكل أبناء، يعني معظم أبناء اليمن يؤيدوا هذا.
أحمد منصور: لم تمس المذاهب وتمس الأعراق؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لو كنت أنا.. لو كنت أنا متعصب للشافعية كما قالوا ألا تدري إن..
أحمد منصور: وللقحطانيين.
(2/97)
د. عبد الرحمن البيضاني: و.. ألا تدري إن يوم 25 أبريل سنة.. سنة 64 أحسست وأنا في القاهرة بأن هنالك خلاف ممكن أن ينتهي إلى حرب ما بين علي سالم البيض وهو شافعي رئيس الجنوب وبين علي عبد الله صالح وهو زيدي وهو في الشمال.
أحمد منصور: 94 تقصد.
د. عبد الرحمن البيضاني: 64.
أحمد منصور: و 90 [94].
د. عبد الرحمن البيضاني: 94 نعم، 49 نعم، كتبت فاكس من هنا للرئيس للأخ الرئيس علي عبد الله صالح وقلت له: أنا أشم راحة حرب من خلال المعلومات التي أجمعها، وأنا في الطريق إليك غداً لأكون جندي تحت قيادتك أنت يا أخ علي عبد الله صالح، ووصلت فعلاً إلى صنعاء يوم 26..
أحمد منصور: مش.. مش موضوعي.. مش موضوعي.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ لحظة واحدة، لحظة واحدة، لحظة واحدة في يوم 26 سبتمبر 26 أبريل 94 وصلت فعلاً إلى.. إلى صنعاء، ووضعت نفسي تحت رهن تصرف الرئيس على عبد الله صالح وهو زيدي، لماذا لم أقف مع علي عبد الله.. مع علي سالم البيض ومعه جيش؟ أنا وحدوي.
أحمد منصور: أنت الآن بتثير حاجات الناس لا تتحدث عنها.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ ما أنت بتتكلم أنا بأثير نعرات طائفية.
أحمد منصور: أنت بتثيرها، في اليمن لا يتحدث الناس عنها.
د. عبد الرحمن البيضاني: أين النعرات.. أين النعرات الطائفية هذه؟ إذا كنت أنا..
أحمد منصور: لا يستطيع أحد في اليمن مثلي ذهبت إلى اليمن أكثر من مرة، وبقيت مدد فيها، لا أستطيع أن أعرف أن هذا زيدي أو هذا شافعي.
د. عبد الرحمن البيضاني: عظيم.
أحمد منصور: لكن حضرتك الآن في الكتاب.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت..
أحمد منصور: أنا بدأت أدرك من الكتاب قضية الصراع بين الزيدية الذي ليس له وجود على أرض اليمن.
(2/98)
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا الصراع كان موجود قبل 62، كان هذا الموجود و.. كان 62، وكل الكتب التي ألفت من الأحرار سنة.. قبل 62 كانت.. كانت تتضمن هذا الكلام، حتى إن محسن العيني نفسه اللي أنت بتستشهد به ذكر في صفحة (70) في "معارك ومؤامرات" كتاب "معارك ومؤامرات" قال: إن تاريخ اليمن كله تاريخ دموي نتيجة للحكم الهاشمي الذي كان يعتمد على قتل الناس باسم الدين والإسلام، هذا كلامه.
أحمد منصور: منصور ما حدش بينكر إن كان فيه عمليات قتل من الأئمة وعمليات بشعة تمت.
د. عبد الرحمن البيضاني: وكان فيه وتفرقة.. وتفرقة عنصري وتفرقة عنصرية.
أحمد منصور: ولكن تم هناك السعي للتغيير، استمرار ظهور النعرة بين الشوافع والزيدية وبين الهاشميين والقحطانيين هو.. هو الذي يثير إشكالات..
د. عبد الرحمن البيضاني: لو أنت ذكرت.. يا أخ أحمد، يا أخ أحمد، قول لي: من قال لك الآن أنني أثير نعرات طائفية في اليمن؟ الآن.
أحمد منصور: في كتبك، في كتبك.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ أنا بأتكلم على أنت قلت سافرت اليمن أكثر من مرة، التقيت بمن؟ يعني وبدون أسرار.
أحمد منصور: ما أنت شوفتني هناك مرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: التقينا مع بعض على الغدا.
أحمد منصور: نعم.
د. عبد الرحمن البيضاني: لكن من الذي قال لك: إن أنا أثير نعرات طائفية؟ من؟ كلمني وأنا أشرح لك.
أحمد منصور: أنا بأقول: أنا شايف إنك بتثيرها في كتابك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أبداً.. الكتاب..
أحمد منصور: وكنت تثيرها في ذلك الوقت..
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا الكتاب صدر سنة.
أحمد منصور: كنت تثيرها بشكل أساسي وحينما أرسل السلال رسالته إلى عبد الناصر، أرسل السلال رسالته إلى عبد الناصر التي طلب فيها إبقاءك في القاهرة في 19 يناير 1963، من بين الأشياء الأساسية التي ذكرها أنك تثير النزعة الطائفية دائماً بين الشوافع والزيود، هذا كان بيحدث منك بعد ما ذهبت إلى اليمن.
(2/99)
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب، ما رأيك إن أنا لما وصلت إلى القاهرة في تلك.. في..
أحمد منصور: لسه أنا مش عايز أقفز ليها.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا.. لا.. لا، لأ، وصلت إلى اليمن.. إلى القاهرة سنة في. في 19 يناير فعلاً يوم 19 يناير في 63، ويوم 20 كنت في طريقي إلى.. وتكلمت مع الرئيس عبد الناصر، لأن كان فيه اتجاه لمجيئي..
أحمد منصور: سآتي لها بالتفصيل، لكن رد لي على نقطة الشوافع والزيدية.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لأ، دي النقطة الأساسية يا سيدي العزيز، ما تقعد ليش كل شوية تتنطط لي، دي نقطة أساسية.
أحمد منصور: أنا ما بأنططكش، أنا الخيوط معي.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، هذه نقطة أساسية.
أحمد منصور: طب قول لي أنا في الشوافع والزيدية يا سيدي.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا.. أنا بأرد على الرسالة، أنا بأرد على الرسالة..
أحمد منصور: أنا بقى.. أنا بأسألك في الشوافع والزيدية.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا سأفاجئك.. سأفاجئك الآن بما يقلب كل موازين ما عندك من أوراق، هأفاجئك الآن بخبر مهم جداً موثق: لما عبد الناصر استلم، وأنا في طريقي إلى صنعا عائد في اليوم الثاني إلى صنعا، وفوجئت بعبد الناصر استلم في اليوم التالي من مقابلتي له رسالة السلال التي تشير إليها أنت السلال.. الرئيس عبد الناصر ثار ثورة عارمة ضد السلال، وكان السادات معانا وكتب..
أحمد منصور: يا فندم أرجوك أنا الرسالة هأعمل لك حلقة كاملة عليها، بس رد علي في الشوافع والزيود.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا الكلام غير صحيح..
أحمد منصور: غير صحيح، طيب، الآن أرجع لوضع القوات المصرية..
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ مش بس، كيف يكون غير صحيح، لأ، أرسل رسالة عبد الناصر.. إلى السلال يدين هذه الرسالة.
(2/100)
أحمد منصور: أنا الآن بأتكلم في جزئية من بين 100 جزئية في الرسالة وعايزك تردك على الجزئية، الرسالة سآتي لها بالتفاصيل في حينها تاريخياً، أنا الآن في نقطة قضية إثارة النزعات الطائفية التي اتهمت بها خلال الستة أشهر أو لمدة الأشهر التي بقيت في الحكم.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب هل جاء.. هل جاء بدليل واحد يثبت هذا الكلام وأنا في الحكم؟
هل تصرفت تصرف واحد ينبئ عن إني كنت متعصب لأي جهة؟
أحمد منصور: أقول لك أنا.
د. عبد الرحمن البيضاني: ألا تدري إن..
أحمد منصور: أقول لك أنا.
د. عبد الرحمن البيضاني: آه تفضل.
أحمد منصور: ارجع إلى نصوص كتبك تجدك دائماً حينما تتحدث عن هذه الفترات تقول: هذا زيدي وهذا شافعي، هذا زيدي وهذا شافعي، هذا زيدي وهذا شافعي.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا كلام للتاريخ لأميز بين.. بين التصرفات، لكن هل..
أحمد منصور: معنى ذلك إن هذا الأمر كان غالب عليكم في تقييمك في نظرتك للناس.
د. أحمد عبد الرحمن: هل أنا تصرفت، لما عينت أعضاء مكتبي كانوا كلهم زيود وكلهم هاشميين، يبقى أين التصريف؟
أعضاء مكتبي أنا الذي كان رئيس حرس أنا كان هاشمي زيدي، الذي يقف على رأسي بالرشاش، مدير مكتبي أنا عبد الوهاب الجحاف كان هاشمي وزيدي، كيف تصرفت تصرف معارض لهذا الكلام؟
أحمد منصور: كيف كان وضع القوات اليمنية في.
د. عبد الرحمن البيضاني [مقاطعاً]: أكمل القصة دي، أكمل قصة الشوافع والزيود، لم.. لم يحدث معني إطلاقاً تصرف واحد يدل على هذا، بل على العكس الدكتور محمد عبد الله الشهاري.. محمدعلي الشهاري وهو يحاول يدينني في صفحة (367) في كتاب "الانتكاسة في الشمال والثورة في الجنوب".
(2/101)
قال: البيضاني متعصب شافعي، تعرف ما هو الدليل في نظرة؟ قال: البيضاني متعصب للشوافع بدليل إنه عين في مجلس الثورة 11 زيدي و8 شوافع!! هل ده دليل؟!! "11 زيدي و8 شوافع" بيستدل على إن أنا شافعي متعصب بدليل إني عينت في مجلس الثورة 11 شافعي.. 11 زيدي و8 زيود، يبقى ده معقول؟! إذا كان المتكلم مجنون يكون المستمع عاقل، وإذا كان القارئ مجنون.. إذا كان الكاتب مجنون يكون القارئ عاقل، فكل ما يكتبه المجانين لا.. لا يقره العقلاء، مش ممكن..
أحمد منصور: أنا إما استشهدت.. استشهدت بكتابك وليس بما كتبه الآخرون.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ لو أنت استشهدت بكتاب علي الشهاري اللي بيتكلم عن إنه أنا متعصب للشوافع، وتجد إنه دليله على إني متعصب للشوافع.
أحمد منصور: أنا ماليش دعوة بيه، أنا بأحصر حاجاتي.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو أنت بتختار من تختار، بتختار من تشاء.
أحمد منصور: يا فندم من كتبك أنا..
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا لما أنظر (البوكية) ورد أنظر إلى وردة واحدة أم أنظر لمعظم.. معظم الورد وأشوف المنظر الجميل؟
أحمد منصور: أنا باختار وردة.. باختار وردة واحدة أنا.
د. عبد الرحمن البيضاني: وتتكلم عنها.
أحمد منصور: آه بأحب الوردة واحدة!!
لازال خيط القوات المسلحة المصرية والقوات اليمنية في يدنا نريد أن نفهمه بشكل مفصل.
د. عبد الرحمن البيضاني: عن إيه؟
أحمد منصور: كيف كان وضع القوات المصرية حينما بدأت تتوافد إلى اليمن والمعارك التي خاضتها ضد القوات القبلية، والخسائر الكبيرة التي تعرض لها المصريون بسبب عدم درايتهم بالأرض اليمنية؟ كان هناك قائد القوات المصرية اللواء أنور القاضي وكان هناك معركة في "رأس الوتد" خسر فيها المصريين كثيراً وكان لها تأثير سلبي، ويقال أنك تتحمل مسؤوليتها لأنك أنت الذي أعطيتهم الفرصة أو أعطيتهم الإذن بالقيام بهذه المعركة وهذا ما سوف أبدأ به في الحلقة القادمة.
(2/102)
د. عبد الرحمن البيضاني: بحول الله!!
أحمد منصور: أشكرك يا سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: شكراً.
أحمد منصور: أرهقتك.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا أبداً، بس السؤال ده مهم وكنت أحب أرد عليه حلاً..
أحمد منصور: شكراً جزيلاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: وهو كذلك.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني (نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ونائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(2/103)
الحلقة7(2/104)
الخميس 27/4/1422هـ الموافق 19/7/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 19:58(مكة المكرمة)،16:58(غرينيتش)
عبد الرحمن البيضاني نائب الرئيس اليمني الأسبق الحلقة 7
مقدم الحلقة
- أحمد منصور
ضيف الحلقة
- عبد الرحمن البيضاني، نائب الرئيس اليمني الأسبق
تاريخ الحلقة
20/08/2001
- معركة رأس الوتدة ومسؤولية البيضاني عن خسارة القوات المصرية
- صراع البيضاني مع السلال واستقالته وبقاؤه في مصر
- تعيين البيضاني سفيراً لليمن في بيروت
عبد الرحمن البيضاني
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن البيضاني (نائب مجلس قيادة الثورة ونائب رئيس الجمهورية اليمنية الأسبق).
سعادة النائب، مرحباً بك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أهلاً بكم وسهلاً.
معركة رأس الوتدة ومسؤولية البيضاني عن خسارة القوات المصرية
أحمد منصور: في الثاني والعشرين من نوفمبر عام 62 وقعت معركة "رأس الوتدة" و"رأس العرقوب" في اليمن، وقتل فيها عدد من الضباط المصريين، واعتبرت بمثابة انتكاسة في المواجهات القائمة بين أنصار الجمهورية وأعدائها في اليمن، كنت نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة، ووافقت اللواء أنور القاضي رئيس.. أو قائد للقوات المصرية في اليمن في ذلك الوقت على القيام بهذه المعركة، وهناك من يحملك مسؤولية مقتل المصريين فيها.
(2/105)
د. عبد الرحمن البيضاني: أشكرك على إثارة هذا الموضوع، يوم 22 نوفمبر فعلاً زارني اللواء أنور القاضي، وطلب مني الموافقة على زحف قواته المصرية إلى رأس.. من رأس العرقوب إلى رأس الوتدة في الطريق إلى سرواح للوصول إلى مأرب، قلت له: هذا لا يمكن أن يحدث الآن، لأن لا يجوز أن ندخل امتحان غير مضمون عواقبه، ففي الوقت الذي نجحنا فيه في السياسة الخارجية واقتربنا من الحصول على الاعتراف الأميركي بالنظام الجمهوري، ودخولنا الأمم المتحدة، وبدأت الإذاعات الأجنبية تشيع وتذيع أن اليمن تسيطر على معظم أرجاء اليمن بعد أن استدعيت عدد كبير من الصحفيين الأجانب.. جعلتهم يزرون معي معظم المواقع العسكرية، قلت للواء أنور القاضي: لا يجوز أن ندخل في امتحان غير مضمون عواقبه، قال لي: قال: على العكس أنا ضامن النصر في هذه المعركة، والرائد عبد المنعم سند، قائد الصاعقة المصرية اتفق مع قبائل "خولان" بالذات الشيخ عبد الخالق الطموح والشيخ يحيى الرويشان، مشايخ من خولان أنهم سيحرسون القوات المصرية أثناء زحفها إلى رأس الوتدة.
أحمد منصور: كان أيه الهدف من الزحف على رأس الوتدة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: رأس.. كان الهدف من.. من الزحف على رأس الوتدة أن يصل إلى سرواح في طريقه إلى.. إلى مأرب، لأن كان مأرب فيها بعض المشاكل العسكرية من قبل الاستعمار البريطاني. المهم بعد إصرار عنيف من اللواء أنور القاضي وبعد تحذير قاسي منه.. مني له، وجدت أنه ربما يكون من غير المناسب أن أحرم القائد المصري من نصر عسكري يضمنه هو، برغم أنني أشك فيه كل الشك.
أحمد منصور: سبب شكك أيه؟
(2/106)
د. عبد الرحمن البيضاني: إن احتمالات الشك.. احتمالات النجاح تتساوى مع احتمالات الفشل، ولا أريد أن أدخل امتحان عسكري في الوقت الذي نجحنا سياسياً ودولياً، وإذا وصلنا إلى النجاح السياسي واكتمل ودخلنا الأمم المتحدة ستكون هذا.. سيكون هذا بمثابة أكبر هزيمة نفسية لقوات المتمردين، ومع ذلك وافقت القاضي محمد.. اللواء أنور القاضي تحت إلحاحه، وطلب مني قوات قبلية، أرسلت معاه قوات قبلية وقوات من الحرس الوطني وذهب، وفي نفس الوقت أعطيت تعليماتي.. للعقيد حسن العمري كان وقتها عينته قائد لمنطقة (جيحانا) وهي في الطريق من صنعا إلى رأس العرقوب، ليطهر الطريق ويمهد الطريق إلى إرسال قوات من جانبنا إلى رأس العرقوب.
أحمد منصور: أنت تقول: أعطيته الأوامر.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ لحظة واحدة.. لحظة واحدة.
أحمد منصور: أعطيته الأوامر، قلت لفلان افعل.. قلت لفلان أفعل..
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة واحدة، سيدي العزيز، أنت سألتني ومن حقي أن أجيب.
أحمد منصور: تجديب بس أنا من حقي أيضاً أن أستفسر.
د. عبد الرحمن البيضاني: في الآخر، حتى تكتمل الصورة.
أحمد منصور: ليس في الآخر يا سيدي، أنا في الوقت الذي أحدده، الآن..
د. عبد الرحمن البيضاني: حتى تكتمل الصورة.
أحمد منصور: أريد أن أفهم هذا الأمر أولاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: تفضل.
أحمد منصور: أنت لست رجل عسكري، كيف توجه قادة عسكريين في أرض معركة وأنت لم تدرس أبداً أو مطلقاً المعارك العسكرية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لماذا وصفتني في بداية الحديث أنك يا عبد الرحمن يا بيضاني كنت نائب القائد الأعلى للقوات المشتركة؟ لماذا وصفتني هذا الوصف؟
أحمد منصور: مش وصفتك، كانت وظيفتك، بس أنت لست رجل عسكري.
د. عبد الرحمن البيضاني: إذن.. إذن.. هذا.. إذن.. هذا ليس من شأنك أن تسألني هل.. هل.
أحمد منصور: من شأني أن أسأل أي سؤال طالماً قبلت أن أن تجري معي الحوار.
(2/107)
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، قبلت.. قبلت.
أحمد منصور: أرجو أن تجيب على أسئلتي.. أرجو أن تجيب على.. من حقك أن ترفض الإجابة، ولكن ليس من حقك أن تقول لي: لا تسأل.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا.. هذا ما حدث فعلاً وأنت تصفني بأني نائب القائد الأعلى للقوات المشتركة وأنا أتكلم بمنتهى الوثائق.
أحمد منصور: أنا أسأل يا سيدي هنا سؤالاً عسكري.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا سيدي العزيز..
أحمد منصور: سؤال فني.. سؤال فني: كيف تدير معارك عارك وتصدر أوامر لقادة عسكريين وأنت لست رجل عسكري؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أسأل من عينني من قادة الثورة أن أقوم بهذه المهمة، لا تسألني أنا، وقادة الثورة أحياء وسأذكر لك أسماء أحياء.
أحمد منصور: من حقك أن ترفض الإجابة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، أكمل الإجابة، طلبت من حسن العمري.. أو العقيد حسن العمري أن يطهر الطريق إلى رأس العرقوب، وبعد بضعة أيام بالضبط يوم 26 نوفمبر أبلغني اللواء أنور القاضي أنه للأسف حوصرت قواته في رأس الوتدة، وافتقد الاتصال مع الرائد سند مع مجموعة من ستة أشخاص في رأس.. في قمة رأس الوتدة.. جبل، وطلب مني النجدة، طبعاً أنا لم.. لا يجوز أن أستمع لهذا الحديث أو هذا النبأ الخطير وأسكت، أخذت..
أحمد منصور: الستة كانوا مصريين.
(2/108)
د. عبد الرحمن البيضاني: ستة.. ستة، لأ واحد مصري و4 مصريين و2 يمنيين، فأخدت اللواء أنور القاضي بطائرة هليكوبتر ومعايا القاضي عبد السلام الصفدي وهو يسمعني الآن وكان وزير شؤون القبائل، وذهبنا إلى.. إلى الفريق حسن العمري.. إلى العقيد حسن العمري في تلك الأيام واطمأننا، وأخذت معايا أيضاً العميد حسين الدفعي، وهو لازال على قيد الحياة حتى الآن عضو مجلس قيادة الثورة، وأخدت معايا.. معي العميد محمد قائد سيف وهو لا يزال على قيد الحياة، وذهبنا إلى جيحانا، وأخدنا معنا العقيد حسن العمري واتجهنا إلى رأس الوتدة لإنقاذ الموقف، وصلنا هناك وجدنا قوات البيضا كان قوات.. قبائل البيضا كانت هي في مقدمة التقدم، واتجهنا مشياً مع الدبابات إلى رأس الوتدة حتى يمكن أن نحرر الأسرى الموجودين في رأس جبل الوتدة، وإذا بالعقيد حسن العمري الذي أصبح في Later on الفريق أول حسن العمري وقائد القوات المسلحة إلى آخره، أفاجأ بإنه ضربني ضربة في ظهري أوقعني على الأرض ووقع معي على الأرض، وإذا بالرصاص يأتينا من كل جانب.
أحمد منصور: يعني كان هناك كمين.
د. عبد الرحمن البيضاني: كمين، قتل منا 7 أشخاص، وأستأنفنا الحديث. استأنفنا المسيرة إلى رأس الوتدة، أرسلنا رسول إلى الجبل أبلغنا بإن للأسف الشديد وجد إن الستة مقتولين ورؤوسهم مفصولة عن أجسادهم، طبعاً.
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان من بينهم قائد الصاعقة المصري.
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني من بينهم قائد الصاعقة، هذا كان موقف مؤلم جداً، فاللواء أنور القاضي طلب إنه يعدل تعديل مواقع قواته يعني انسحاب، ينسحب إلى رأس العرقوب، قلت له: مستحيل أن تنسحب، مستحيل، سأعزز هذا الموقع لأنه أول.. سيكون هذا أول انسحاب لقوات مصرية معها قوات يمنية من معركة، وسوف نفتح هذا.. يفتح هذا الموضوع شهية بقية المواقع بـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان عدد القوات المصرية كام في ذلك الوقت؟
(2/109)
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني كان حوالي 40 مصري أو 50 مصري.
أحمد منصور: لا بشكل عام في اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: 900.. كنا في نوفمبر كان حوالي لم.. لم يزد حتى الآن عن.. عن 2000 جندي كلهم. فالمهم أعطيته تعليمات مشددة بعدم انسحاب وسأذهب إلى صنعا وأرسل مزيد من الإمدادات، وصلت إلى صنعا وأفاجأ بخبر إنه بدأ ينسحب من رأس الوتدة، فانسحب ومعاه قوات مدرعة في طريقة إلى رأس الوتدة فهرولت خلفه القوات اليمنية التي لم تكن معاها مدرعات، منهم من تسلق على الدبابات والمدرعات المصرية، ومنهم من سبقها وتقدمها حتى يكون في حمايتها، أنا طبعاً تألمت جداً..
أحمد منصور: يعني كانت هزيمة وتقهقر للقوات.
د. عبد الرحمن البيضاني: هزيمة، كانت هزيمة ويعني وخشيت أن يصل القوات اليمنية إلى صنعاء وهم مصدومين بهذا الشكل، ولم نبلغهم بعودة القوات المصرية.. بانسحاب القوات المصرية، كان المفروض التبليغ يكون للطرفين، كان المفروض إن اللواء القاضي يأمر.. إذا كان أراد الانسحاب يأمر اليمنيين مع المصريين لأن اليمنيين غير مسلحين.. غير مسلحين بمدرعات.
أحمد منصور: كانت كل قيادة من القوات تتحرك وحدها، أم كانت قيادة مشتركة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ كانت تحت قيادة اللواء أنور القاضي في تلك الأيام.
أحمد منصور: يعني كان القاضي يقود المصريين واليمنيين؟
د. عبد الرحمن البيضاني: في هذا.. في هذه المعركة بالذات.. كانت.. كانت.
أحمد منصور: لكن بشكل عام القوات المصرية كانت منفصلة عن اليمنية؟
(2/110)
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة.. لحظة واحدة، كانت النتيجة وصلت صنعا، علمت هذا فكانت.. اتصلت في الحال، أخذت طائرة هليكوبتر ووصلت إلى رأس العرقوب أستقبل القوات العائدة المهزومة، وقلت لهم: أنا الذي أمرت بالانسحاب حتى أطمأن القوات اليمنية، إلا أن جهاز الاستقبال الذي كان لديكم ربما كان معطلاً، ولكن الانسحاب كان موجه للطرفين، لليمنيين والمصريين، وقسمت الأغذية و.. المياه بين الطرفين وعدت إلى صنعاء، فوجئت في صنعا طبعاً أبلغت الرئيس السلال.
أحمد منصور: سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة واحدة، لأنه هي داخل على موضوع في غاية الأهمية.
أحمد منصور: أنا مش في قصة ورواية.
د. عبد الرحمن البيضاني: مش في قصة، لا يا سيدي العزيز، لابد أن أكمل هذه ولو في سطر واحد، وصلت إلى صنعا، التقينا مع الأخ عبد اللطيف ضيف الله وزير الداخلية، وهو لايزال على قيد الحياة، وحضر معنا حسين الدفعي على قيد الحياة، محمد قائد سيف على قيد الحياة، والسلال كان موجود معانا، قالوا لي: كيف تأمر بالانسحاب، قلت لهم: أنا لم أأمر بالانسحاب، الذي أمر بالانسحاب هو اللواء أنور القاضي، قالوا: إذن نحاكم أنور القاضي، نعقد له محكمة عسكرية الآن، قلت لهم: مستحيل نعقد محكمة عسكرية لقائد مصري، نطلب من عبد الناصر التحقيق معه ومحاكمة، السلال قال لي: اكتب هذه البرقية كتبت هذه البرقية..
أحمد منصور: كتبت البرقية وأرسلتها لعبد الناصر وجاء عبد الحكيم عامر، وقال لك عبد الحكيم عامر: إذا تريد أن تحاكم المسؤول عن الهزيمة فحاكم جمال عبد الناصر، هذه القصة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: إذن إذا كنت تعلم هذا الكلام بالتفصيل، لماذا تتهمني بإن أن اللي أمرت بالانسحاب؟! دا إحنا حضر..
أحمد منصور: أنا مش بأقول الكلام بالتفصيل أنا بأقول لحضرتك إن الكلام ممكن يتروى في كلمتين وممكن يتروى في 10 ساعات، أنا أريد خلاصة الموضوع.
(2/111)
د. عبد الرحمن البيضاني: حصل.. وصل.. وصل المشير عامر فعلاً إلى اليمن في اليوم التالي، وقال لي: هل تريد –كما قلت أنت- هل تريد محاكمة عبد الناصر؟ قلت له.. قلت له لأ، أنا أريد محاكمة أنور القاضي، ولماذا توجه لي أنا هذا الكلام؟ وجهه للسلال ووجهه لبقية الأعضاء مجلس قيادة الثورة. قال لي: أنت اللي كتبت البرقية ووقع عليها والسلال اللي وقع عليها، والسلال قال: أنه لم يكن موافقاً على ذلك لولا أنك أصريت على إنه يوقع فوقع، قلت له: اسأل بقية أعضاء مجلس قيادة الثورة، وإذا سالني هل أنت نبهت أنور القاضي عن خطورة هذه المعركة؟ قلت له: نعم، نبهته عن خطورة هذه المعركة؟
قال لي: هل أنت رفضت دخول هذه المعركة؟
قلت له: نعم، رفضت دخول هذه المعركة، كل هذه يجب أن يعلم، وبعدها كنت متصور أنه سيسحب أنور القاضي معه إلى القاهرة وأفاجأ بإنه يهاجمه هجوم عنيف أمامي بالكلام، ثم يأخذني معه إلى الغذاء في السفارة المصرية، فهل أنا.. من الذي أمر بالانسحاب؟ هل أنا أو أنور القاضي؟ بس، هذا ردي.
[فاصل إعلاني]
صراع البيضاني مع السلال واستقالته وبقاؤه في مصر
أحمد منصور: من الملاحظ إن العلاقة بينك وبين السلال بدأت تتوتر في تلك المرحلة.. نوفمبر.. ديسمبر 62، أنت كنت تستدعي القائم بالأعمال البريطاني والسفير.. والقائم بالأعمال الأميركي وتجري اتصالات، وكان السلال أيضاً في جانب آخر يرى اتصالات، وكان هناك ما يشبه الفوضى في إدارة الحكم في الدولة.
د. عبد الرحمن البيضاني: إذا أجبتك ستقول لي أنا أعلم الإجابة مقدماً، وإذا لم أجبك فتقول أني امتنعت عن الإجابة.
أحمد منصور: أنا لا أقول لك: أنا لا أعلم، ولكن أنا درست الأمور بكل جوانبها.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما حدث.. ما حدث..
أحمد منصور: وكل اللي بأرجوه من سيادتك إنك تجيب على قد سؤالي.
(2/112)
د. عبد الرحمن البيضاني: ما حدث.. ما حدث أن كنت على علاقة جيدة مع الرئيس الأميركي (جون كينيدي) وكنا على وشك الاعتراف بالنظام الجمهوري، لأ.. دا كنا قد كنا قد حصلنا على الاعتراف بالنظام الجمهوري في 19 ديسمبر، الخلاف الذي تذكره لم يكن في ديسمبر، كان في يناير، بدأ في يناير ولم يبدأ في ديسمبر، بدأ في يناير وصحح هذه المعلومة في ورقك، بدأ.. بدأ الخلاف في يناير.
أحمد منصور: كانت له مقدمات يا سيدي، أنا أتكلم.. أنا لا أتكلم..
د. عبد الرحمن البيضاني: لا.. لم تكن.. لم يحدث.
أحمد منصور: سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: إذن الإجابة مختصرة: لم تكن بيني وبين السلال أية خلافات قبل ديسمبر..
أحمد منصور: سعادة النائب، سعادة النائب، قبل يناير أرجو أن تزيل جو التوتر هذا عشان تجيب على أسئلتي بشكل واضح.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا أنت..
أحمد منصور: أرجو أن تجيب بهدوء، أنا أطرح عليكم التساؤلات، بهدوء وأرجو أن تكون هادئاً أيضاً حتى يستفيد المشاهد من هذه الشهادة.
أنا ليس بيني وبينك شيء –وأنت تدرك ذلك- سوى أننا نريد إيصال الحقيقة للمشاهد.
د. عبد الرحمن البيضاني: إذن لما تطلب..
أحمد منصور: إحنا صار لنا سنة بنحضر في هذه الحلقات، يعني لابد أن تدرك أني قرأت واطلعت بشكل كافي، جلست معك بما فيه الكفاية، أرجو حينما أسأل سؤالاً محدداً وبسيطاً أن تجيب إجابة محددة وبسيطة حتى يفهمها المشاهد.
في شهر ديسمبر 62 بدأت العلاقات تتوتر بينك وبين السلال، ووصلت إلى مرحلة الذروة في شهر يناير، لم تتوتر في يوم وليلة، ولم تكن أيضاً في ديسمبر فقط، ولكن العلاقات بدأت تتوتر منذ وصولك إلى اليمن بشكل متدرج.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا اتهام.
أحمد منصور: وتحدثنا فيه من قبل بشكل أساسي، وصلت الذروة في شهر يناير.
د. عبد الرحمن البيضاني: هل فيه عندك دليل واحد إن الخلافات بدأت قبل يناير.. قبل يناير؟
(2/113)
أحمد منصور: عندي أدلة كثيرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: تفضل قول وهات دليل واحد.
أحمد منصور: هأقول لك شيء.
د. عبد الرحمن البيضاني: أرجوك دليل واحد.
أحمد منصور: في شهر ديسمبر 62 كنت أنت تستدعي القائم بالأعمال بالبريطاني تم يستدعيه السلال مرة أخرى، والصراع وصل بينك وبين السلال..
د. عبد الرحمن البيضاني [مقاطعاً]: طيب أجاوب على هذه النقطة، في هذا الوقت بالذات كنت فعلاً أستدعي السفير البريطاني لنتفق معاً على الخطابات المتبادلة التي سيلقيها السفير البريطاني عند تقديم أوراق اعتماده، والخطاب الذي سيلقيه السلال عند تقديم.. عند استلام أوراق اعتماده، وكنا بعد ذلك يلتقي.. نلتقي بالسلال لنطلعه على كل هذه الأمور، فهل هذا خلاف؟ أنا وزير خارجية، ليس فقط رئيس حكومة.
أحمد منصور: أنت دايماً عمال تنفي لي، أنا هأجيب لك الآن.. هأقرأ عليك..
د. عبد الرحمن البيضاني: هات الدليل.
أحمد منصور: هأقرأ عليك الآن أدلة.
د. عبد الرحمن البيضاني: عظيم، أكون سعيد بهذا.
أحمد منصور: من رسالة الدكتوراة اللي أعدها الدكتور أحمد يوسف أحمد.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا ليس.
أحمد منصور: أنا لا ألقي عليك اتهامات، ولكن أرجو أيضاً حينما أطرح عليك شيئاً وهو واضح المعالم أي أن الصراع بينك وبين السلال لم يولد في يوم وليلة، هل ولد في يوم وليلة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: جئت بدليل وأثبت عكسه.
أحمد منصور: أنت ما أثبتش عكسه ولا حاجة.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا أثبت إن العلاقة.. إنه كان يلتقي فعلاً برئيس الجمهورية وبيلتقي بي وكنا متفقين على.. على..
أحمد منصور: الأمر يا سيدي من البداية، منذ أن فرضت نائباً لمجلس قيادة الثورة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لم تقل: "فرضت، أنا آسف أن تقول "فرضت".
أحمد منصور: مش كلامي أنا "لم ينف البيضاني نفسه"
د. عبد الرحمن البيضاني: يا.. يا أستاذ أحمد.. يا أستاذ أحمد.. يا أستاذ أحمد.
(2/114)
أحمد منصور: سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: يا أستاذ أحمد، لاحظ أنك تخاطب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، ونائب رئيس الجمهورية، ورئيس حكومة.
أحمد منصور: لم أتخط ذلك.
د. عبد الرحمن البيضاني: وإذا أردت أن تتهم.
أحمد منصور: أنا لا أتهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: وأنا بأقبل هذا الاتهام منك فلابد أن تسمع إجابتي عليه.
أحمد منصور: سعادة النائب، في صفحة 196 من رسالة الدكتوراة اللي أعدها الدكتور أحمد يوسف أحمد عن الدور المصري في اليمن يقول ما نصه: "لم ينف الدكتور البيضاني نفسه حدوث عملية فرض له في منصب نائب السلال، وإن فسر ذلك بأنه أصدقاءه –ويقصد السادات- هم الذين اشترطوا ذلك بعد تعيين السلال رئيساً لمجلس قيادة الثورة، وهو تفسير..
د. عبد الرحمن البيضاني [مقاطعاً]: ولماذا لا يكون من قبل الثوار؟
أحمد منصور [مستأنفاً]: وهو تفسير سبق بيان مدى ضعفه" هو يتكلم عن إنه بين ضعف هذا التفسير، "وبعد تعيين البيضاني نائباً للسلال على النحو السابق ازدادت سلطاته فأصبح نائباً لرئيس الجمهورية بعد شغل السلال لهذا المنصب، يتولى مهمة رئاسة مجلس الوزراء، فضلاً عن استمراره في منصب وزير الاقتصاد والثروة المعدنية، وشغله منصب وزير الخارجية، وأصبح صراع البيضاني مع معظم القوى السياسية الداخلية في اليمن حتمياً". هذا الصراع لم يأتي في يوم وليلة، وهذا ليس كلامي وإنما من مصدر علمي موثق حصل به صاحبه على درجة الدكتوراه، تفضل يا سيدي.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لأ، يا سيدي العزيز، هذا حديث جزء منه صحيح وجزء منه مكتوب في رسالة دكتوراه و..
أحمد منصور: هو عبارة عن مراجع، الراجل جايب 20، 100 مرجع راجع ليهم.
د. عبد الرحمن البيضاني: أرجو تذكر لي مرجع.
أحمد منصور: ذاكر عن جزيلان وذاكر.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا هأتكلم، تحب أتكلم عن جزيلان؟!
(2/115)
أحمد منصور: وذاكر عن الشهادري وذاكر عن حمروش.. عن حمروش، وذاكر عن الأهرام، يعني آدي 4 حاجات في الكلمتين تلاتة اللي أنا قريتهم عليك.
د. عبد الرحمن البيضاني: كويس، أكلمك عن.. تحب أتكلم عن واحد واحد منهم؟
أحمد منصور: ما تتكلمش عن الأشخاص، كلمني عن المعلومات.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب، المعلومات غير صحيحة.
أحمد منصور: طيب خلاص يكفينا، شكراً جزيلاً، أنتقل معك الآن إلى نقطة مهمة جداً وهي تطور الصراع بينك.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ لو وصلنا لأمر الخلاف اللي كان.. الخلاف في ديسمبر.
أحمد منصور: تطور الصراع.. تطور الصراع بينك وبين السلال وأنت.. اجتمع.. وصلت ذروة هذا الصراع في 12 يناير 1963م حينما عقد السلال لأول مرة اجتماعاً مع مجلس قيادة الثورة دون حضورك.
د. عبد الرحمن البيضاني: لم يحدث، 12 ديسمبر لم يحدث.
أحمد منصور: يناير 63.
د. عبد الرحمن البيضاني: 12 يناير لم يحدث، ما حدث بالضبط في 12 يناير أنه اجتمع يعني بالسفير الأميركي، وأبلغه أنه عبأ القوات اليمنية وأنه سيطهر –بالاشتراك مع مصر- سيطهر الجزيرة العربية من الاستعمار ومن سعود وفيصل وحسين في الأردن، وهذا نشر في الأهرام يوم 13 ديسمبر، بينما يوم 12 ديسمبر نشرت الأهرام على لساني إن أنا اجتمعت بالسفير الأميركي وقلت: إننا نريد أوثق العلاقات مع المملكة العربية السعودية، إحنا اتفقنا، اعترفت أميركا بالنظام الجمهورية، وكان من شروط –في 19 ديسمبر- وكان من شروط الاعتراف بالنظام الجمهورية هذه الأشياء أن تكون علاقتنا جيدة مع السعودية، تنسحب القوات المصرية إلى.. إلى مصر، وتبقى المدرعات والطيران، تنسحب القوات.. الأردنية من المملكة العربية السعودية، تنسحب القوات السعودية من الحدود اليمنية، نعلن حسن الجوار مع السعودية، فأنا كنت أمثل هذه السياسة.
(2/116)
للأسف الشديد أن القائد المصري بأوامر من عبد الحكيم عامر وبتوجيهات من الاتحاد السوفيتي وجدوا إن السلام هيتحقق والاستقرار هيتحقق، والاتحاد السوفيتي كان لا يريد ذلك، كان يريد أن يصل إلى عدن يوم 8 أكتوبر 68 ذكر الفريق أول صلاح الحديدي، وهو قائد المخابرات الحربية، قال: إن الاتحاد السوفيتي قال.. كتب في مجلة "روزاليوسف"، قال: "إن الاتحاد السوفيتي كان يستهدف أن يركب على ظهور مصر واليمن للوصول إلى عدن، حتى يكون على مقربة من القرن الأفريقي.. وآسيا". فكان الاتحاد السوفيتي هو اللي يدير شؤون اليمن في تلك الأيام من خلال القائد المصري، من خلال عبد الحكيم عامر.
أحمد منصور: ده استنتاج حضرتك.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ ده كلام.. أنا.
أحمد منصور: زي ما بالضبط آجي أقول لك استنتاج لتصرف من تصرفاتك، كانت العلاقات..
د. عبد الرحمن البيضاني [مقاطعاً]: هذا.. هذا كلام قائد المخابرات الحربية المصرية، في واقع الأمر أن السياسة العسكرية في اليمن في تلك الأيام كانت تدار من موسكو، ولم تكن تدار من القاهرة، وأثبت لك بالدليل.
لما وصلنا يوم 18 مايو 18 يناير طلب مني السلال عقد.. أتكلم؟
أحمد منصور: اتفضل يا فندم.
د. عبد الرحمن البيضاني: طلب مني السلال عقد مجلس قيادة الثورة في بيته لأنه كان مريض، اجتمعنا.
أحمد منصور: بس 18 يناير ده أنت سافرت القاهرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا،.. سافرت.
أحمد منصور: 18 يناير 63 أنت سافرت إلى القاهرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: سافرت 19.
أحمد منصور: أنت التقيت مع عبد الناصر 19 مساءً.
د. عبد الرحمن البيضاني: سافرت 18 يعني أو 19 مش مستحيل يعني.
أحمد منصور: 18.
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني ممكن.. لأ، أعتقد وصولي إلى القاهرة كان يوم 19، سافرت إلى.. الاجتماع كان يوم 18، حضره..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ممكن أؤكد لك إن يوم 18 من كتابك؟
(2/117)
د. عبد الرحمن البيضاني: بصرف النظر يوم 18 أو 19.
أحمد منصور: لأ، أصل مهم التواريخ.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، المهم.. المهم الحدث، وأنا واثق إنه يوم 18.
أحمد منصور: يعني النهاردة المهم الحدث وأمس مهم التواريخ؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، كل شيء مهم، اليوم أنا بأقول لك يوم 18 اجتمعنا في بيت السلال، ولأول مرة يحضر معنا اللواء أنور القاضي، وكان موجود معانا عبد الرحمن الإرياني وكان موجود معانا عبد السلام صبره، وكان موجود معانا بقية أعضاء مجلس قيادة الثورة.
قبل أن أصل إلى هذا الاجتماع سألت السلال: لماذا تريدنا نجتمع بسرعة وفي بيتك، وأنت مريض؟
قال: لأن عدد كبير من المواقع في اليمن سقطت، قلت له: اضرب لي مثالاً واحداً، قال: "صعدة" منطقة "صعدة"، أنا التليفون الوحيد اللاسلكي، المتصل بجميع الجبهات في اليمن في غرفة نومي عندما أنام، وفي غرفة مكتبي عندما أعمل، فقبل أن أصل إلى هذا الاجتماع اتصلت بصعدة، رد علي الرائد عبد الرحمن الترزي قائد منطقة صعدة، سألته عن حالة المنطقة، قال لي: ولا شيء، ولم يحدث أي شيء، قمة الاستقرار، فعلمت إن المعلومات اللي عند السلال معلومات لم تصل إليه من طريق جيد، وصلت الاجتماع وفوجئت بإن الاجتماع كان ملتهب، والفريق اللواء أنور القاضي كان يؤكد عن معلوماته إن فيه انفجارات في كل مكان في اليمن أنا قلت: لم يحدث هذا، وأنا اتصلت بعدد من المواقع في اليمن، ولم أجد فيها أي نوع من التغيير. فأنور القاضي قال: أنا مسؤول عن أمن اليمن، وأنا اتصلت بالقيادة في مصر لوقف سحب القوات المصرية من اليمن، لوقف سحب القوات المصرية، لأنه بدأت تنسحب بناءً على الاتفاق مع الأميريك، فبدأ أسحب القوات المصرية من اليمن، فقال: أنا اتصلت بالقيادة والقيادة رفضت..
(2/118)
أحمد منصور: في هذا الوقت لم تكن القوات المصرية بس، كان الاتفاق على إن القوات المصرية تنسحب والقوات السعودية تنسحب، والملك حسين أيضاً يسحب قواته.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأقولك إن أنور القاضي ما هو ده اللي بيطول الوقت، إنه هنعيد تاني، أنو القاضي.
أحمد منصور: لأن، ما نعيدش تاني، ما خلاص فهمناها، الناس بتفهم والله!!
د. عبد الرحمن البيضاني: أنور.. أنور.. أنور القاضي طلب من.. من القيادة في مصر إنه.. تقف القيادة المصرية سحب القوات المصرية من اليمن، وكانت النتيجة إن عبد الرحمن الإرياني قال: وأنا مستعد آتي بقوات والقيادة المصرية رفضت، هذا كلام أنور القاضي، عبد الرحمن الإرياني قال أنا مستعد آتي بقوات عراقية، فسألت أنور القاضي: هل تقبل قوات عراقية إلى جانب القوات المصرية؟
قال: نعم لماذا لا نقبل؟ وجدت المسألة فيها مؤامرة، لما تأتي قوات عراقية وقت وجود قوات مصرية، وفي وقت فيه خلاف بين عبد الكريم قاسم وعبد الناصر المسألة فيها مؤامرة، فقلت: أنا سأسافر على رأس وفد إلى الرئيس عبد الناصر لشرح هذا الموضوع إلى الرئيس عبد الناصر.
أحمد منصور: كان مقرراً أن يسافر هذا الوفد بدونك.
د. عبد الرحمن البيضاني: بدوني.
أحمد منصور: ولكنك أنت أصريت أن تكون على رأسه.
د. عبد الرحمن البيضاني: كان هيكون برئاسة عبد الرحمن الإرياني قلت: لأ، أنا رفضت، لأن سيطمعوا.
أحمد منصور: وصلت إلى مصر في 18 يناير والتقيت مع عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: في 19 يناير.
أحمد منصور: التقيت مع..
د. عبد الرحمن البيضاني: 20 يناير.. أعتقد.
أحمد منصور: التقيت مع عبد الناصر في 19 في 20 في 25، المهم إنك في نهاية يناير 63 التقيت.. التقيت مع عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لأ لسه لحظة.. فيه مهمة جداً فيه نقطة في غاية الأهمية يجب أن تقال.
أحمد منصور: ما هي؟
(2/119)
د. عبد الرحمن البيضاني: عبد الناصر لما التقيت به، وشرحت له وجهة نظري، قالي لي: أنا على أي حال سيرضي السلال بإرسال بعض القوات، ولكنه مصمم أنه مصمم على سحب جميع قواته من اليمن، تمام.
في اليوم التالي أخذني السادات في طريقي إلى صنعا فزارنا السادات.. الرئيس السادات الرئيس عبد الناصر، فوجدت عنده رسالة مرسلة من السلاك بيقول له: ابق عبد الرحمن البيضاني لديك، وقال فيما قال في الخمر، طائفية، وما غير طائفية، وما إلى آخره، عبد الناصر زعل.. زعل جداً من هذه البرقية و..
أحمد منصور: قال سبع نقاط، أنا اطلعت على نص الرسالة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لا، لأ، مهم أنا.. لازم أقول هذه..
أحمد منصور: أنا أقول لك ما قال السلال في الأول.
د. عبد الرحمن البيضاني: قال ما قال في الخمر.
أحمد منصور: قال أنك تجمع القوى حولك وتوسع المشاكل في القبائل، وتستميل بعض المشايخ بالأموال دوناً عن الآخرين، وأنك رفعت مستوى المعاشات بالنسبة للموظفين دون أن تتحمل الميزانية ذلك، وفرضت ضرائب عالية على المستهلكين، وتثير النزعة الطائفية بين الشوافع والزيود والقحطانيين والهاشميين، وأنك تضع أنصارك في جهاز الدول دوناً عن الآخرين.
د. عبد الرحمن البيضاني: عظيم جداً، عظيم.
أحمد منصور: خلاصة رسالة السلال المنشورة في أربع صفحات.
د. عبد الرحمن البيضاني: كل هذا الكلام غير صحيح، باختصار، كانت النتيجة عبد الناصر لم يصدقه، وقال: أنا سأرسل خطاباً إلى.. إلى السلال وأعاتبه عتاباً مراً على كل هذا الكلام الكاذب الذي لا يجوز أن يكتب إلي.
أحمد منصور: وإيش عرفه إنه كاذب؟!
(2/120)
د. عبد الرحمن البيضاني: يعلم من مصادره الخاصة في اليمن، هل عبد الناصر ليست.. لديه مخابرات؟! فكانت النتيجة إنه طلب مني من تختار ليحمل رسالتي إلى السلال؟ قلت له: عضو الوفد اليمني العميد.. العميد حمود بيدر، والعميد حمود بيدر (رئيس جمعية المناضلين اليمينين)، وكان رئيس أركان حرب القوات المسلحة اليمنية، ويسمعني الآن وهو على قيد الحياة.
أنور السادات سهر ليلة كاملة مع.. مع عبد الناصر، وكتب هذه الرسالة، في صباح اليوم التالي سلم رسالة مغلقة إلى.. إلى حمود بيدر.
أحمد منصور: حتى يحملها إلى السلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: حتى يحملها إلى السلال. وصل إلى السلال، فقال للسلال: الرئيس.. الرئيس عبد الناصر في غاية الغضب من رسالتك، الرئيس والسيد أنور السادات في غاية الغضب من رسالتك، قال له: أنا لم أكتبها، أنا وقعت عليها، الذي أملاها على القائد المصري، فتصورت هذه إرادة مصر، فكتبتها على هذا الأساس.
أحمد منصور: ثم فتح الرسالة فوجد عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: فوجد.
أحمد منصور: يرحب بقرار السلال بإبقائك في مصر.
(2/121)
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، وجد.. فتح الرسالة، فوجد الرسالة مختلفة، لما وجد الرسالة مختلفة صاح في وجه حمود بيدر، حمود بيدر عاد إلي، ولما عاد إلى التقينا بالسادات، السادات أقسم على المصحف الكريم أن الرسالة التي.. التي كانت مغلقة ووصلت إليه من سامي شرف لتسليمها لحمود بيدر كانت تحمل الكلمات التي أملاها هو، اتفق هو مع الرئيس عبد الناصر على كتابتها، ولكن علم فيها بعد أن المشير عامر قبل أن.. أن تغلق هذه الرسالة جاء إلى عبد الناصر وقال له.. استلم رسالة من (خروتشوف)، وهذه نقطة مهمة، استلم رسالة من خروتشوف يقول فيها: إذا عاد البيضاني إلى اليمن سوف تتوقف المساعدات السوفيتية عن مصر وعن اليمن، لأن البيضاني سيؤمرك الجزيرة العربية ونحن لا نريد ذلك، فالأمر بينك يا عبد الناصر إما أن تقبل وصف المساعدات السوفيتية بالكامل عسكرياً ومالياً ومدنياً لمصر واليمن، وإما أن تبقى عبد الرحمن البيضاني لديك.
معنى ذلك أن الرسالة التي كتبها السلال لم تكن.
أحمد منصور: سأترك السلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، السلال لم تكن.. رسالة السلال، وإنما كانت رسالة موجهة.. مملاه عليه من القائد المصري.
أحمد منصور: سنترك رسالة السلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: والذي أمر بتغيير الرسالة..
أحمد منصور: يا سيدي، سنترك الرسالة السلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: خروتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي.
أحمد منصور: سأترك رسالة السلال، وأقرأ عليك من رسالة الدكتوراه لأحمد يوسف أحمد.
د. عبد الرحمن البيضاني: اتفضل.
(2/122)
أحمد منصور: "الطريقة التي عين بها البيضاني نائباً للسلال وفقاً لروايته تلقي ظلالاً كثيفة من الشك حول نواياه القادمة، كما أن ممارسات البيضاني اليومية أكدت هذا الشك، وكان الصراع مع القادة العسكرية للثورة حتمياً أيضاً، فقد كانت لهم اعتراضاتهم منذ البداية على أحاديث البيضاني المذاعة من صوت العرب، وكان رأيهم أن البيضاني –بحكم بعده عن التعامل المباشر مع حقائق الأوضاع في اليمن- غير قادر على إبداع رأي صائب عند التخطيط لأي عمل ثوري في البلاد، ثم كان شعورهم بعد الصعود السريع للبيضاني أنه جنى ثمار جهودهم دون أي جهد بذله في إعداد الثورة أو تنفيذهاً. الكلام ده بالنص أيضاً ذاكره.
د. عبد الرحمن البيضاني: منسوب لمن؟
أحمد منصور: القاضي الإرياني، ذاكره القاضي الإرياني..
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا أرجو.. أرجوا أن تأتي بمصدر يمني.
أحمد منصور: مصدر يمني.. جزيلان.
د. عبد الرحمن البيضاني: جزيلان، جزيلان كتب.. كتب في كتاب صفحة (164) في كتاب "أسرار الثورة اليمنية" أنه التقى بعبد الناصر، وقال: أن أكبر جريمة ارتكبت في حق اليمن تعيين السلال رئيس جمهورية.
أحمد منصور: القاضي عبد السلام..
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا كلام عبد الله جزيلان.
أحمد منصور: القاضي عبد السلام صبره.
د. عبد الرحمن البيضاني: لماذا لم تقل هذا الكلام على جزيلان؟
(2/123)
أحمد منصور: القاضي عبد السلام صبره، عبد السلام صبره في كتاب "وثائق أولى عن الثورة اليمنية" يقول: "إننا ما عرفنا الدكتور عبد الرحمن البيضاني ولا سمعنا عنه إلا في الأشهر الأخيرة قبل الثورة، وسمعنا الأخ المناضل عبد الغني مطهر أحد تجار تعز وهو يتحدث عنه –ده اللي تحدثت عنه أنت، والتقيت به في اليمن، يتحدث عنه حين قال: يوجد في القاهرة الدكتور البيضاني وهو من اصل يمني، وعنده الاستعداد للقيام بدور إعلامي، ثم تحدث عن خطبك في صوت العرب، وروز اليوسف، وكان الشهيد الزبيري يحذر منك ويشير أنك تعمل في الخفاء لجهات غريبة". يعني أنا..
د. عبد الرحمن البيضاني: أرد أولاً أرد؟
أحمد منصور: آه طبعاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب، عبد السلام صبره أنت بتتكلم الآن من وثائق..
أحمد منصور: أنا بس كمان فيه إضافة للي نقله أحمد يوسف.
د. عبد الرحمن البيضاني: وهتترك لي نفس الوقت اللي أنت تكلمت فيه؟
أحمد منصور: أنت بتتكلم أكتر مني!
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب حاضر، وهو كذلك.
أحمد منصور: الدكتور أحمد يوسف أحمد أيضاً أضاف حاجات كثيرة من مراجع أخرى أيضاً للشهاري نفس الكلام اللي ذكره عنك.. السلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: الشهاري هذا مشكوك في شهادته لأنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هو أنت لازم تشكك فيهم كلهم!
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، لا، لأ، الشهاري قال: "إن البيضاني شاهد.. البيضاني طائفي بدليل إنه عين 11 زيدي، و 8 شوافع في مجلس قيادة الثورة، وهذا الكلام اللي قلته لك أمس". هل هذه شهادة؟!
أحمد منصور: لقمان ولقمان بيقول برضو.
د. عبد الرحمن البيضاني: من لقمان ولقمان؟
أحمد منصور: إن فيه تذمر.
د. عبد الرحمن البيضاني: من لقمان ولقمان؟
أحمد منصور: عن الشهاري ناقل عن الشهاري، بيقول: إن فيه تذمر داخلي في اليمن ضد استمرار وجود البيضاني في السلطة، وأن هذا جدير باتهامك.
(2/124)
د. عبد الرحمن البيضاني: مصدر الشهاري.. الشهاري نفسه.
أحمد منصور: وأحمد حمروش.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنت ما بتترك ليش أتكلم في هذا الموضوع.
أحمد منصور: كل ده؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: الدكتور محمد عبد الله.. محمد علي الشهاري هو قال في كتابه أن البيضاني جمع جميع السلطات الدستورية من خلال الدستور الذي صدر في 30 أكتوبر سنة 67 سنة 62.
أحمد منصور: ما هو سيادتك لو وزعت شوية مناصب من اللي كان حضرتك عليها!
د. عبد الرحمن البيضاني: كان.. قال هذا الكلام، وقال إنه البيضاني كان متحيز للشوافع، وقال: إن أنا عينت 11 -أنا اللي عينت- 11 زيدي و8 شوافع، وقضية الشوافع والزيود حتفضل نتكلم فيها طول الوقت لن ننتهي منها.
أحمد منصور: خلصنا فيها كلام.
د. عبد الرحمن البيضاني: لن ننتهي منها، لأن أنا لا أحب أن أتكلم فيها، وإذا أردت أن أتكلم فيها هأضطر أتكلم فيها..
أحمد منصور: اتكلمنا وخلصنا امبارح.
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب.. بداية السؤال إن اللي أنت اتكلمت فيه عن الخلاف اللي بيني وبين السلال في ديسمبر، لم يكن خلاف بيني وبين السلال باختصار، وإنما كان هو مأمور من جانب القائد المصري أنور القاضي، والرسالة التي كتبها إلى عبد الناصر كانت بأمر القائد المصري بشهادة نفس باعتراف نفس عبد الله.. عبد الله السلال لحمود بيدر الذي لا يزال على قيد الحياة، وهو رئيس جمعية المناضلين اليمنيين في اليمن، يعني يشغل مركز هام من مراكز اليمن.
الاتحاد السوفيتي هو الذي أوعز إلى عبد الحكيم عامر، وعبد الحكيم عامر هو الذي طلب من عبد الناصر إلغاء الرسالة التي كان سيرسلها إلى السلال، وعبد الحكيم عامر هو الذي أمر أنور القاضي بأن يكتب هذه الرسالة إلى السلال ويطلب منه إبعادي، ليه؟ لماذا؟
أحمد منصور: بقيت في القاهرة.
(2/125)
د. عبد الرحمن البيضاني: لماذا؟ مرة طلبت محاكمة أنور القاضي، مرة أخرى في.. في.. في 30.. في 11 ديسمبر 62 فوجئت.. أو أنط سطر، في يوم 12 ديسمبر 62 جاء المشير عامر لزيارة اليمن وقابلني، وقال لي: يا عبد الرحمن، الإنجليز والفرنسويين أعطونا إنذار 12 ساعة يوم العدوان الثلاثي على مصر سنة 56، وأنت صديقنا تعطينا إنذار ست ساعات؟! قلت له: لأ، أنا أتوقف عن الكلام إلى أنا يأتي أنور القاضي، فطلبت أنور القاضي.
أحمد منصور: خلصنا قصة أنور القاضي.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لأ، جزئية مهمة تثبت.. تثبت لك الواقع، طلبت أنور القاضي، حكيت القضية أمام أنور القاضي، قلت له: يوم 11 أمس كان عندنا اجتماع الساعة 6 مساءً في مجلس في مجلس الوزرا في القصر الجمهوري، أبلغني رئيس الحرس الجمهوري أن أنور القاضي ألقى بكل مكاتب الوزراء وكراسي الوزراء إلى.. إلى الطريق...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يا فندم أنا ما ليش علاقة بالتفصيلات دي.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ ما هو ده.
أحمد منصور: فيه تفصيلات كثيرة، فيه تواجد.. لا تهمني لا تهمني، فيه تفصيلات كثيرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: يهم المشاهد، يهم المشاهد.
أحمد منصور: لا تهمنا هذه الأشياء، كل دي أشياء بسيطة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. أنا.
أحمد منصور: في علاقات يومية تتم داخل الثكنات العسكرية.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا.. لا.. لا.
أحمد منصور: لا يهمنا التفصيل.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا يمكن لقائد مصري أن يلقي بكل أثاثات مجلس الوزرا في الطريق.
أحمد منصور: المهم إن كان فيه خلاف بينك وبين القائد المصري في اليمن هو الذي أدى إلى ذلك، وإحنا استعرضنا ذلك بشكل مفصل.
أنا النقطة المهمة عندي الآن.. أيوه أرجو أن تشرب شيئاً حتى تهد الأمور شوية!
(2/126)
النقطة المهمة الأساسية عندي الآن إن بعد 19 ديسمبر وإبلاغ السلال لعبد الناصر بأن يبقيك في مصر بقيت في مصر، وطلب منك أن تقدم استقالتك، رفضت أن تقدمها في البداية، ثم ألغى السلال مجلس قيادة الثورة، قدمت استقالتك إلى السلال بعد ذلك بشكل.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا.. لا.. لا.
أحمد منصور: الذي طلبه عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا يا سيدي العزيز.
أحمد منصور: وألغي مجلس قيادة الثورة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لا يا سيدي العزيز.
أحمد منصور: فيها إيه لما تقدم استقالتك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لأ، لا، الرئيس عبد الناصر طلب مني تقديم استقالة، فقدمت الاستقالة لمن عينني وهو مجلس قيادة الثورة، فعبد الناصر قال لي: أرجوك: تلطف العبارة وترجع..
أحمد منصور: يعني ما كانش عبد الناصر اللي عينك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، مين عبد الناصر اللي عيِّني، يعيني ليه عبد الناصر؟! طيب.. طيب.
أحمد منصور: الثورة من البداية كان فيه تدخل مصري مباشرة فيها.
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو الدليل..
أحمد منصور: أنا بأسأل سؤال، أنا بأسأل قل لي: لأ وخلاص.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لم يعيني، الله؟! هو بمجرد إنه.. إنه أبقاني في القاهرة، يبقى معنى ذلك أنه عزلني هو اللي عزلني، طب لماذا أبقى السلال سنة؟
منعه من السفر من القاهرة وهو رئيس جمهورية؟ هل هو اللي عين السلال؟
طلبه سنة.. في أكتوبر 66.. 65 وأبقاء في مصر لغاية أكتوبر 66.
أحمد منصور: هو لوحده؟! ده جابوا مجلس القيادة كله والوزرا وسجنوهم!!
(2/127)
د. عبد الرحمن البيضاني: هذه قصة.. هذه قصة أخرى، هذه قصة أخرى، أنا اشترطت على عبد الناصر قبل خروجي من القاهرة 27 سبتمبر، قلت له: أرجو ألا تتدخل القيادة العسكرية المصرية في الشؤون اليمنية حتى لا تتكرر مسألة سوريا، ولكن للأسف الشديد المشير عامر أرسل القيادات التي كانت مسؤولة عن الانفصال السوري أرسلها إلى اليمن، فمارست نفس العمال.
أحمد منصور: بقيت في مصر، سعيت للبحث عن دور خلال هذه الفترة، ذهبت إلى عدن لمحاولة تأسيس بنك، وبعد ذلك طلب منك عبد الناصر أن تعود، عدت إلى مصر، حصل خلافات بينك وعبد الناصر، اعتقلت. في يوليو 66 إلى مصر، اعتقلت لعدة أيام ما بين مبنى المخابرات العامة وما بين..
د. عبد الرحمن البيضاني: وبعدها؟
أحمد منصور: وبعدها تم الإفراج عنك.
د. عبد الرحمن البيضاني: وبعدها؟
أحمد منصور: وبعدها 9سبتمبر.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، بعدها، كيف أفرج عني؟ ألم أصل رأساً إلى بيت عبد الناصر مع السادات، وتناولنا طعام الغداء معاً؟
أحمد منصور: عادي.
د. عبد الرحمن البيضاني: وقال، لا، وقال: إنني أثق فيك ثقة مطلقة، قلت له: ما هو السبب في إنك أنت اعتقلتني؟ قال لي: إنك أنت كنت التقيت بالسادات، وقلت إنك ستذهب إلى الصومال، وتبعك محمد قائد سيف، فأردت أن أمنعك من الوصول إلى الصومال، قلت له: كان ممكن بالتليفون تقول لي:.. لا تذهب إلى الصومال.
أحمد منصور: احتجز السلال في مصر في أكتوبر 65، يوليو 66 عرض عليك عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني خلاصة الموضوع، أنت ذكرت الفقرة الأولى إن أنا اعتقلت، ولكن لم تذكر أسبابها، فأصبح.. أصبح المشاهد الآن يعلم إن أنا اعتقلت من غير معرفة أسباب.
(2/128)
أحمد منصور: حضرتك ذكرت الأسباب الآن.. وسبتمبر 66 وصل أعضاء المجلس الجمهوري في اليمن إلى مصر رئيس الوزراء وأكثر من 50 من المسؤولين، وبقوا أسبوعاً دون أن يلتقي بهم أحمد، وبعد ذلك اعتقلوا وقضوا فترة في السجن الحربي، عينت سفير لليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. دي نقطة بس نتكلم فيها.. الجزئية دي.
أحمد منصور: أنت لست طرفاً فيها.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.
أحمد منصور: أنا الحاجة التي لست أنت طرفاً فيها لا أناقشك فيها، أنا.. أناقشك فيما أنت مسؤول عنه فقط.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لأ أبداً أنا لي طرف فيها أنا، أنا لي طرف فيها.
أحمد منصور: ما هو الطرف؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بدأت.. بدأت بطرف فيها.. لما وصلت هذه الوثائق إلى عبد الناصر اللي أنا بأسلمها لك الآن، طلبني عبد الناصر، وقال لي: ما رأيك تذهب إلى اليمن مع السلال؟ قلت له: لي شروط في ذهابي إلى اليمن مع السلال، قال لي: ما هي الشروط؟
قلت له: أنا أخطأت، وأعترف بأنني أخطأت إن أنا كنت النائب الوحيد لرئيس الجمهورية، فمعنى ذلك أنني شافعي، ورئيس الجمهورية زيدي، فسيقال إن أنا لي مصلحة أن يموت فأحل محله، وهذا غلط من جانبي أنا، ولم يكن هذا قولي، ولذلك إذا أردتني أذهب إلى اليمن فليكن معنا أربعة مع السلال، الفريق.. يكون عبد الرحمن الإرياني نائب أول لرئيس الجمهورية، لأنه زيدي، للشؤون القبلية، وأنا أكون النائب الثاني للشؤون الاقتصادية، حسن عمري يكون النائب الثالث للشؤون العسكرية، أحمد نعمان يكون النائب الرابع للشؤون..
(2/129)
لشؤون مجلس الشورى. فكانت النتيجة عبد الحكيم عامر –والسلال كان جنبي بجواري- قال لي: لأ، مستحيل، لأن السلال –هذا كلام العمري بالنيابة عن السلال- السلال لا يقبل التعاون مع العمري.. مع.. مع الإرياني، وأنا لا أطيق العمري أتعامل معه لأنه عنيف، والسلال بتجنب الاتصال بالإرياني، وينفر من العمري، ومن.. ومن نعمان، فكانت النتيجة أنا اعتذرت عن السفر.
تعيين البيضاني سفيراً لليمن في بيروت
أحمد منصور: في سنة 66 عينت سفيراً لليمن في بيروت، وبقيت في بيروت إلى سنة 68، سبب اختيارك سفير في بيروت، ما طبيعة المهمة التي كلفت بها؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أولاً: لما رفضت السفر مع السلال إلى اليمن، وبناءً على إلحاح اليمنيين إن أنا لازم أتواجد على الساحة السياسية، وهذه هي وثائقهم، كانت.. طلبني الرئيس عبد الناصر، وقال: إن معظم مشاكل الأمة العربية تأتي من مخابرات العالم كلها.
أحمد منصور: بتلعب في بيروت.
د. عبد الرحمن البيضاني: موجودة في بيروت، وإن السفارة المصرية في تلك الأيام يبدو إنه كانت يعني تأقلمت أكثر من اللازم مع الأوضاع في لبنان، فلم تستطع في تلك الأيام أن تسيطر عل الموقف لصالح القومية العربية، فطلب مني فعلاً إن أنا أسافر إلى بيروت لأقوم بهذه المهمة، على أساس إن السفارة المصرية والسفارة اليمنية شيء واحد، وإن أنا سأكون المسؤول الأول عن الأمرين فعلاً.
أحمد منصور: يعني بطلب رئيسي من عبد الناصر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بطلب رئيسي من عبد الناصر، واتصلنا.. وقلت له: هل يا سيادة الرئيس تقبل أن أكون سفير لدي السلال، ويرأسني وزير خارجية كان تلميذي؟ قال لي: أنت لن تكون مسؤول أمام أحد، أنت مسؤول أمام الله وأمام الشعب العربية لتخدم القضية العربية، والمفروض الوطني يكون جندي، ممكن يكون رئيس جمهورية في يوم، ويمكن يكون جندي في يوم آخر.
(2/130)
أحمد منصور: أثناء عملك سفير لمصر.. لليمن في بيروت بتعيين من عبد الناصر، إلى من كنت ترسل تقاريرك؟ إلى صنعاء أم إلى القاهرة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هو كان باتفاق ما بين عبد الناصر وما بين السلال، التعيين كان باتفاق بين الطرفين وبيني، وأنا قبلت هذه المهمة على أساس مدة محددة أقوم بها في خلالها بتأمين أمن الأمة العربية في تلك.. من بيروت فيما يتعلق بما هو معروف في تلك الأيام.
أحمد منصور: في 20 يونيو 67 رجعت إلى القاهرة، وطلب منك أن تصحب الملك سعود إلى اليمن وأن تتولى السلطة، وكان الأمر هنا كان فيه صراع ما بين السلال وما بين باقي أعضاء مجلس قيادة الثورة، وبدأت ثورة اليمن تأكل أبناءها.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: هل عرض عليك عبد الناصر حقيقة أن تصبح رئيساً لليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، ولم يكن معنا في تلك.. في ذلك اليوم.. الملك سعود، الحديث كان في بيت.. في بيت عبد الناصر، وكان معانا المشير عامر، ومعانا السيد أنور السادات، وطلب مني إني أسافر إلى صنعاء لاستلام رئاسة الجمهورية، وإن السلال سيعود كما كان في القاهرة لمدة سنة، يعني كان أقام في القاهرة سنة معزولاً.
أحمد منصور: يعني الآن.. عبد الناصر كان يتعامل مع اليمن وكأنها إحدى محافظات مصر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ممكن تفسرها كما تشاء، لكن أنا بأحكي ما حصل.
أحمد منصور: اشمعنى دي أنا أفسرها كما أشاء؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: لأن أخشى إن أنا أقول كلمة تحسب علي، ولا أريد هذا، وأنا رجل دبلوماسي سياسي، ولا أريد أن أقول كلمة تحسب علي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأنت تقبل إن عبد الناصر كان يعينك ويفرضك على الآخرين؟
(2/131)
د. عبد الرحمن البيضاني: إذا كان.. يعني الظروف اقتصت في اليمن أن نعود إلى الصواب ونعود إلى الحقيقة، وبناء على طلب القائد المصري طلعت حسن الذي تغير وأصبح هو المسؤول بدلاً من أنور القاضي، فطلب مني عبد الناصر الذهاب إلى اليمن ورئاسة الجمهورية، عدت مع المشير عامر وأنور السادات إلى بيت المشير عامر لتناول طعام الغداء، وأثناء الطعام قالي لي: استعد غداً للسفر نحن الثلاثة، قلت له: من ثالثنا؟ هل سيكون السادات معنا؟ قال لي: لأ، سيكون معانا الملك سعود، قلت له: إذاً مهمتي احترقت، لأن اللواء طلعت حسن طلب.. منكم..
أحمد منصور: في هذا الوقت كان الملك سعود كان خُلع.
د. عبد الرحمن البيضاني: كان خُلع.
أحمد منصور: وذهب للإقامة في أوروبا.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: ورغم أنه كان عدواً لدوداً لعبد الناصر إلا أن عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: احتضنه.
أحمد منصور: احتضنه، حتى كان على خلاف مع الملك.
د. عبد الرحمن البيضاني: بالضبط.. بالضبط.. بالضبط.
أحمد منصور: فيصل آنذاك.. وأرسل الملك كان فتح إذاعة صوت العرب أيضاً للملك سعود.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. لأ، هو اللي حصل إنه يومها.. لما..
أحمد منصور: بدون تفصيل المهم في النهاية.
د. عبد الرحمن البيضاني: في النهاية.
أحمد منصور: الملك سعود ذهب إلى اليمن وأنت رفضت الموضوع.
(2/132)
د. عبد الرحمن البيضاني: النهاية النهاية، قلت له: إن إذا ذهب معي الملك سعود مهمتي احترقت من الآن، لأن المطلوب مني تحسين علاقات اليمن مع العالم الغربي، ولا يمكن أن أحسن علاقة اليمن مع أميركا والعالم الغربي كله من خلال وجود سعود يهاجم السعودية من صنعا، وحصل فعلاً، وقلت له أنا.. قلت له: أنا لن أفرح بجمهورية.. رئاسة جمهورية شهر واحد، وسوف تسقط، بل النار التي ستوقدوها في اليمن ستنتقل شرارتها إلى.. إلى القاهرة.. ويمكن أن تحرق جزءاً من القاهرة، إذا وصل الملك سعود إلى..
أحمد منصور: ذهب الملك سعود إلى صنعا.
د. عبد الرحمن البيضاني: ذهب الملك سعود، وأعلن في مؤتمر شعبي أنه سيستعيد.. سيسترد عرشه مهما كان الثمن.
أحمد منصور: وجاء ذلك في الأهرام كمانشيت رئيسي.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، وعبد الحكيم عام أعلن أنه انتهت الحرب الدفاعية عن الجمهورية اليمنية، وبدأت الحرب الدفاعية عن الجمهورية اليمنية.. وبدأت الحرب الهجومية على الملكة العربية السعودية.
أحمد منصور: تحليلك إيه لهذا باختصار شديد؟
د. عبد الرحمن البيضاني: توجيهات من الاتحاد السوفيتي، بدليل إن هو يريد أن يوسع القتال، فكانت النتيجة إنه نشر هذا الكلام اللي بأقوله لك الآن في الأهرام يوم 28..
أحمد منصور: يونيه.
د. عبد الرحمن البيضاني: إبريل.. يونيه.. إبريل.. إبريل 28 إبريل 67، ثم وصل الملك سعود إلى القاهرة في يوم 13 مايو 67، والتقى بالرئيس عبد الناصر صباحاً مجرد ما وصوله.. ما وصوله من المطار اتجه إلى بيته.
أحمد منصور: أنا قلت لك في 20 يونيه لكن هي 20 أبريل عفواً لتصحيح المعلومة.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.. نعم..
أحمد منصور: تفضل.. تفضل.. تصحيح المعلومة.
د. عبد الرحمن البيضاني: 20 إبريل، أنا وصلت إلى 20 أبريل.
أحمد منصور: سعود رجع إلى القاهرة في..
(2/133)
د. عبد الرحمن البيضاني: رجع القاهرة يوم 13، التقى بعبد الناصر يوم 13 مباشرة من المطار إلى بيته في منشية البكري، ومضى معاه 4 ساعات حديث هو والمشير عامر على.. على انفراد، وفي المساء أعلن الملك سعود من إذاعة –الملك سعود.. الملك السابق سعود- من الإذاعة المصرية نداءً أو بياناً يعلن فيه التزامه بميثاق جامعة الدول العربية، التزامه بميثاق الأمم المتحدة، تأمين جميع أموال وأرواح الأجانب داخل المملكة العربية السعودية.
أحمد منصور: انقلاب إذاعي يعني.
د. عبد الرحمن البيضاني: معنى ذلك انقلاب إذاعي، وعلى هذا تلاقت العيون السوفيتية في النظرات الأميركية واتفقوا على خلع جمال عبد الناصر وخلع القيادة الناصرية.
أحمد منصور: الآن هذه هي الأجواء التي سبقت هزيمة الخامس من يونيو.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: في يونيو.. قبل يونيو أنت كلفت ببعض المهام أثناء الهزيمة من خلال علاقاتك الخاصة التي كانت تربطك بعبد الناصر والسادات في ذلك الوقت، وكلفت بمهمة إلى سوريا.. مهمة سرية إلى سوريا قبيل الهزيمة، ومن خلال أيضاً أنك كنت سفيراً لليمن في بيروت معيناً من قبل عبد الناصر. في الحلقة القادمة..
د. عبد الرحمن البيضاني: والسادات.. والسلال.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة والأخيرة أتناول معك مهمتك الرسمية الأخيرة بشكل من التفصيل، وهزيمة 7 يونيو باعتبارك كنت في ذلك الوقت تتولى مسؤولية ظاهرة في مصر وكنت قريباً من صناعة القرار.
د. عبد الرحمن البيضاني: شكراً جزيلاً.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا أشكرك.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام إلى حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة والأخيرة –إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن البيضاني (نائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق).
(2/134)
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(2/135)
الحلقة8(2/136)
الخميس 27/4/1422هـ الموافق 19/7/2001م، (توقيت النشر) الساعة: 19:58(مكة المكرمة)،16:58(غرينيتش)
عبد الرحمن البيضاني نائب الرئيس اليمني الأسبق الحلقة 8 ( الأخيرة )
مقدم الحلقة
- أحمد منصور
ضيف الحلقة
- عبد الرحمن البيضاني، نائب الرئيس اليمني الأسبق
تاريخ الحلقة
27/08/2001
- طبيعة مهمة البيضاني إلى دمشق
- لقاء البيضاني مع عبد الناصر قبل هزيمة 67
- هزيمة 67 وقرار تنحي عبد الناصر
- تقييم البيضاني لحياته السياسية في اليمن
- مسؤولية توريط مصر في حرب اليمن
عبد الرحمن البيضاني
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل في هذه الحلقة الأخيرة من شهادة الدكتور عبد الرحمن البيضاني (نائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق) الاستماع إلى شهادته. سعادة النائب، مرحباً بك.
د. عبد الرحمن البيضاني: أهلاً بكم وسهلاً.
طبيعة مهمة البيضاني إلى دمشق
أحمد منصور: في 27 مايو 1967م كلَّفك الرئيس جمال عبد الناصر بمهمة خاصة إلى دمشق، كنت وقتها تعمل رسمياً سفيراً لليمن في بيروت بتعيين من عبد الناصر، وكما قلت أنت بموافقة السلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: ما هي الصفة التي ذهبت بها إلى دمشق في 27 مايو 67؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كرسول عربي محايد من جانب الرئيس عبد الناصر.
أحمد منصور: ومنذ متى كان عبد الناصر يستعمل رسل عرب محايدين؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: والله هذا رأيه في تلك الأيام، وأنا لا أتدخل ولا أصادر رأيه.
أحمد منصور: لماذا اختارك لهذه المهمة؟
(2/137)
د. عبد الرحمن البيضاني: لأنه يثق في إني عندي بعض أبعاد سياسية نظرية، وبدليل أنه في يوم 20 مايو طلب مني أن أرأس الجمهورية مرة في اليمن وأن يسحب السلال بناءً على طلب القائد المصري، ووجد إن الأفكار السياسية التي طرحتها في بداية الثورة وتحسين علاقات اليمن مع الولايات المتحدة الأميركية كانت يعني في محلها، وإن كان سارت الأمور على هذا النحو الذي بدأناه في 62 في اليمن ودخلنا الأمم المتحدة، واتفقت مع الرئيس .. رئيس الوزراء البريطاني (ماك ميلان) على حق تقرير المصير للجنوب، كل هذه الأشياء جعلت عبد الناصر يثق في إن سياستي الخارجية معقولة.
أحمد منصور: ما هي طبيعة المهمة التي كلفت بها إلى دمشق؟
د. عبد الرحمن البيضاني: عندما أُغلق خليج العقبة يوم 29.. يوم 22 مايو، ووصلت.. وصلت لمصر مبادرة أميركية يوم 23 مايو، وصلت القيادة السورية برئاسة الدكتور نور الدين الأتاسي وإبراهيم مخوز (نائب رئيس الوزراء) وصلاح جديد (أمين عام الحزب.. حزب البعث) وآخرين، والتقوا بعبد الناصر على أساس إنه سيتعاونوا مع بعض على.. على الدفاع المشترك، وأتصل عبد الناصر في تلك.. في ذلك الوقت بزميلي وصديقه الرئيس عبد الرحمن عارف في العراق على أساس إرسال قوات عراقية لمرتفعات الجولان، فيكون الضفة الجبهة الشرقية في مرتفعات الجولان قوات سورية عراقية، ويكون في الضفة الغربية.. الجبهة الغربية للمعركة في سينا القوات المصرية التي حُشدت فعلاً في تلك الأيام فتلكأت سوريا في قبول دخول القوات العراقية إلى مرتفعات الجولان.
أحمد منصور: بسبب؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أرسلني عبد الناصر، أنا لا أعلم السبب، لكن لا .. أرسلني عبد الناصر لإقناع القيادة السورية بإدخال القوات العراقية إلى منطقة الجولان.
أحمد منصور: من التقيت في سوريا حينما ذهبت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أول من التقيت التقيت باللواء شاكر محمود شكري وزير الدفاع العراقي، وجدته في..
(2/138)
أحمد منصور: العراقي؟
د. عبد الرحمن البيضاني: وجدته في دار الضيافة يشكو أنه يعني أمضي عدة أيام في دمشق دون أن يقول له أحد صباح الخير أو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهملوه ..
أحمد منصور: وهو جاء حتى ترسل قوات عراقية إلى الجبهة.
د. عبد الرحمن البيضاني: قواته.. سألته: قواتك العراقية أين؟
قال على الحدود، قلت له: كم تأخذ يوم حتى.. كم يوماً تأخذه القوات العراقية لو جئت لك بالإذن من القيادة السورية كم يوماً تأخذه حتى تصل إلى مرتفعات الجولان؟ قال لي: سبعة أيام، انزعجت لأن إحنا الآن بنسابق الزمن، فاتصلت...
أحمد منصور: يعني التصاعد للحرب كان يوماً عن يوم بتزداد وتيرته.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.. يوماً عن يوم.. نعم، فالتقيت بالقيادة السورية بعد العصر يوم 27..
أحمد منصور: 27 يونيو.. مايو 67.
د. عبد الرحمن البيضاني: 27 مايو.. 27 مايو.
أحمد منصور: نفس يوم وصولك.
د. عبد الرحمن البيضاني: نفس يوم وصولي، حضر الأسد.. حضر اللقاء اللواء حافظ الأسد.
أحمد منصور: كان وزير الدفاع.
د. عبد الرحمن البيضاني: كان وزير الدفاع، واللواء مصطفي طلاس ولا يزال يعيش حتى الآن، ونور الدين الأتاسي.. الدكتور نور الدين الأتاسي رئيس الدولة، وحافظ.. وصلاح جديد أمين عام الحزب.
أحمد منصور: أمين عام حزب البعث.
د. عبد الرحمن البيضاني: والدكتور إبراهيم مخوز نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وقلت لهم: والله أنا يعني موفد إليكم من قبل الرئيس عبد الناصر بتنفيذ ما اتفقتم عليه في القاهرة يوم 23 مايو وهو دخول القوات العراقية إلى مرتفعات الجولان، فقالوا: مستحيل، حافظ الأسد نفسه قال لي: مستحيل، وأنا كتبت هذا الكلام في كتابي وأيضاً على قيد الحياة والسوريين يسمعون الآن، قالوا: مستحيل، نور الدين الأتاسي قال: مستحيل.
أحمد منصور: لماذا؟
(2/139)
د. عبد الرحمن البيضاني: قال لي: لا نقبل مطلقاً دخول جندي عراقي واحد إلى مرتفعات الجولان، هذا أخطر ما في الموضوع.
أحمد منصور: حتى لحمايتهم؟
د. عبد الرحمن البيضاني: حتى لحمايتهم، وقال لي حافظ الأسد: أن وجود الجولان في عصمة سوريا لا يمكن لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة الأميركية أن تأخذ منها شبراً واحداً، فنحن لا نقبل.. ندخل قائد... جندي واحد عراقي إلى مرتفعات الجولان. قلت له: طيب..
أحمد منصور: أيه سبب مخاوفهم من العراقيين؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الله أعلم، لأن حزب البعث منقسم على نفسه يمكن.. يمكن احتمال، لإن حزب البعث منقسم على نفسه.. الله أعلم، يعني لكن يمكن تكون أسباب أخرى خفية لا أعلمها، ولا أتحدث إلا.. إلا على ما أعلم. فكانت النتيجة قلت لهم: طيب إذا كنتم واثقين تمام الثقة من أن مرتفعات الجولان وهي في أيديكم لن تأخذ منها إسرائيل ولا الولايات المتحدة شبراً واحداً، لماذا عبد الناصر أرسل قواته إلى سيناء لتخفيف الضغط عليكم؟ قالوا: نحن لم نطلب منه شيئاً، وهو يريد أن يكون زعيماً للأمة العربية لا أكثر ولا أقل، لكننا.. نحن لم نطلب منه شيئاً.
أحمد منصور: الكلام كان واضح بهذا الموضوع؟
د. عبد الرحمن البيضاني: بهذا الوضوح.. بهذا الشكل.
أحمد منصور: مَنْ الذي قال لك هذا الكلام؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أظن حافظ الأسد ونور الدين الأتاسي.. كلهم في صوت واحد تقريباً.
أحمد منصور: لكن ما معني هذا الكلام في الوقت الذي قصة الصواريخ وسوريا والضغط على سوريا كانت سبب في عملية التصعيد التي تمت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا أعتقد إن سبب التصعيد هو اختلاق من جانب الاتحاد السوفيتي، لأنه ثبت بعدها أنه لم تكن هنالك حشود أصلاً عسكرية على الحدود السورية.
أحمد منصور: دكتور مراد غالب وكان سفيراً لمصر في موسكو في ذلك الوقت تحدث عن هذا الموضوع.
(2/140)
د. عبد الرحمن البيضاني: ..أنا هأقول هذا الكلام.. آتي إلى ذكره.
أحمد منصور: انتهى أيه.. على أيه اجتماعك.
د. عبد الرحمن البيضاني: انتهى الاجتماع على إن دعوني على طعام العشا.
أحمد منصور: من غير عشا، من غير تفصيلات بروتوكول..
د. عبد الرحمن البيضاني: من غير عشا من غير غدا..
أحمد منصور: إحنا في.. في القرارات، أيه اللي انتهي به؟
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب.. انتهي على إن لن.. لن نقبل قوات عراقية لدخولها إلى مرتفعات الجولان.
أحمد منصور: رجعت إلى عبد الناصر وأخبرته بهذا..
د. عبد الرحمن البيضاني: رجعت إلى.. إلى شكري.. إلى شاكر محمود شكري وزير الدفاع العراقي قلت له: يا أخ شاكر ارجع إلى بغداد لا أمل إطلاقاً في هذا الموضوع ورجعت إلى عبد الناصر، كان أولاً كان معايا اللواء محمد كوثر نائب رئيس المخابرات العامة..
أحمد منصور: المصرية.
د. عبد الرحمن البيضاني: المصرية، طبعاً لم يحضر الاجتماع ولكن كان على مقربة من الاجتماع لأنه كان مكلَّف بإنه أرسل برقية شفرة بمجرد ما أصل إلى نتيجة مع القوات.. مع القيادة السورية، فأرسلنا البرقية هذه من بيروت للعلم يعني، وليست من دمشق.
أحمد منصور: أرسلتوها من بيروت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: من بيروت للرئيس عبد الناصر.
أحمد منصور: لماذا؟ لماذا من بيروت وليس من دمشق؟
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني ضماناً للسرية، في نظر.. أولاً أنا لا أفهم في هذا الموضوع، يعني لا أفتي فيما لا أفهم.
أحمد منصور: يعني انتقلتوا من دمشق إلى بيروت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا.. هذا.. هذا رأي محمد كوثر، هذا رأي محمد ولا يزال على قيد الحياة اللواء محمد كوثر، أرسل هذه البرقية إلى عبد الناصر، عبد الناصر قال.. (يجب) بالوصول، فوصلت إلى القاهرة يوم أول يونية وكان ينتظرني في المطار الأخ أنور السادات والدكتور.
أحمد منصور: صديق العمر.
(2/141)
د. عبد الرحمن البيضاني: صديق العمر وحبيب العمر، وأعتقد إن أحكم يعني حاكم عربي إذا.. بالإضافة إلى الملك فيصل، يعني هذا رأيي الشخصي حسب ما تعارفت معاهم. فالمهم إن كان في انتظاري في المطار حسن صبري الخولي.. الدكتور حسن الخولي الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية المصرية في تلك الأيام، والأخ العزيز الفاضل أنور السادات، وذهبنا إلى الرئيس جمال عبد الناصر، كان في.. في تلك اللحظة مشغولاً في أشياء لا أعلم منها شيء أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مش عايز أعرف، حينما أبلغت عبد الناصر بهذه النتيجة ماذا كان رده؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لن أذكر.. لن أذكر شيء، بقيت نصف ساعة عند سامي شرف فاطلعت على برقيتين مهمتين.
أحمد منصور: يوم 1 يونيو.
د. عبد الرحمن البيضاني: يوم 1 يونيو، برقيتين، برقية منهم من مراد غالب.
أحمد منصور: وكان سفير لمصر في موسكو.
د. عبد الرحمن البيضاني: لمصر في موسكو، والبرقية الثانية من عوض القولي سفير مصر.. سفير مصر في الأمم المتحدة فدخلت على عبد الناصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وكان لك الحق أن تطلع على برقيات الدولة بهذه الطريقة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا كنت لا.. يعني عادي جداً إن إحنا كنا بنتعامل على قضية مشتركة عربياً، عادي.
أحمد منصور: لكن كل دولة لها خصوصياتها وهذا مكتب رئيس الجمهورية.
د. عبد الرحمن البيضاني: وهذا عادي، أمر عادي باعتبار إن القضية عامة تخصنا كلنا، وأنا ما كنت مكلف بمهمة أخطر من المهمة اللي كانت موجودة على مكتب سامي شرف في تلك الأيام.
أحمد منصور: هذا شيء وهذا شيء آخر، بس إحنا نريد أن نفهم كيف كانت تُدار الأمور.
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأحكي لك ما حدث، هو يعني فسرها كما شئت وأنت ذكي جداً، وتستطيع أن تستنتج منها ما تشاء، وأنت في قمة..
أحمد منصور: أنا فقط أستفسر منك كيف كانت تُدار الأمور.
(2/142)
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا لا أعرف.. لا أعرف، أنا وجدت عنده هذه.. هاتين البرقيتين وقرأتهم فعلاً، أنور السادات.
أحمد منصور: قُل لنا نص برقية مراد غالب أيه كانت؟
د. عبد الرحمن البيضاني: هأحكيها لما أقولها للسادات.. لعبد الناصر بدل ما أحكيها مرتين.
أحمد منصور: يا فندم أجنبي على سؤالي، ماذا كان نص البرقية الذي اطلعت عليها من مراد غالب؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا هأتكلم فيها لما أقابل عبد الناصر.
أحمد منصور: لما يجي سؤالي عن عبد الناصر، أنا الآن أنت اطلعت على برقيتين وأنت في المكتب، ماذا كان نص برقية مراد غالب؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نص برقية مراد غالب يقول : أنه تصادف بالصدفة أن أتجد التقي جاد (إدجار..) أن وجد (إدجار آنون) وهو أحد الصقور الإسرائيلية مجتمعاً بصفة سرية مع (بريجنيف)، فكيف يمكن استغرب مراد غالب كيف يمكن أن يلتقي (بريجنيف) مع صقر إسرائيلي ونحن نستعد لحرب، مصر تستعد لحرب وروسيا بتقول إنها تقف مع مصر في الحرب، وبتدفعها للحرب؟ فشك في إن هنالك تواطؤ ما بين سوريا.. ما بين مصر.. ما بين إسرائيل وبين الاتحاد السوفيتي، فأرسل قلقه إلى عبد الناصر في هذه البرقية.
أحمد منصور: في 1 يونيو 67، نعم.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذه البرقية أنا قرأتها في 1 يونية لأنه لا أدري متى.. متى وصلت.
أحمد منصور: البرقية الأخري ما..؟
د. عبد الرحمن البيضاني: البرقية الأخرى من عوض القولي إنه..
أحمد منصور: مندوب مصر لدي الأمم المتحدة.
(2/143)
د. عبد الرحمن البيضاني: مندوب مصر لدي الأمم المتحدة، قال: إنه السفير الفرنسي أبلغه قلقه لأنه سمع حديث دار بين (يوتنت) وبين (جولد برج) سفير الولايات المتحدة الأميركية لدي الأمم المتحدة، يوتنت يقول لجولد برج يقول له: إحنا لدينا معلومات في أروقة الأمم المتحدة أنه يوجد كمين تحت خط.. حط تحت خط.. خط تحت (كمين) كمين أميركي إسرائيلي لمصر في.. في سيناء، جولد برج قال له: هذه مجرد إشاعة، لكن السفير الفرنسي أصابه قلق، فنقل قلقه إلى عوض القولي، فعوض القولي أرسل هذا.. هذا القلق في هذه البرقية إلى الرئيس عبد الناصر.
أحمد منصور: إذن في 1 يونيو كان هناك مؤشرات.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: إلى إن عملية التصعيد التي تقوم بها مصر تجاه إسرائيل في ذلك الوقت لم تكن سوي فخ أو كمين تُجرجر له مصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
لقاء البيضاني مع عبد الناصر قبل هزيمة 67
أحمد منصور: التقيت مع عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: ماذا دار بينك وبينه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: قلت للرئيس عبد الناصر: يا سيادة الرئيس، أنا أشعر أن مصر داخلة في كمين مسافة إلى كمين...
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا الاستفسار من خلال قرأته من..
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ لأ، أدلة.. قلت له: أدلة الكمين أربعة، أول دليل ما جئت لك.. ما جئت لك به من سوريا، وهو إن السوريين يقولوا كذا كذا كذا. الدليل الثاني: جلالة الملك حسين شرَّف مصر سنة.. في.. في 30 مايو 67، وعرض عليك أن ينضم إليك في هذه المعركة، وطلب منك قوات أن تصل إلى الضفة الغربية، يعني القوات العراقية.. القوات..
أحمد منصور: أردنية.
د. عبد الرحمن البيضاني: القوات مصرية أو عراقية.
أحمد منصور: مصرية تذهب إلى الضفة الغربية.
(2/144)
د. عبد الرحمن البيضاني: قال له لأ، القوات العراقية، فاتصل بعبد الرحمن عارف، عبد الرحمن عارف قبل أن القوات العراقية التي عجزنا عن إدخالها إلى مرتفعات الجولان تعود.. تأتي الأردن وتدخل الضفة الغربية وتصل إلى طولكرم، وطولكرم تبعد لعلمك 16 كيلو متر عن تل أبيب، يعني المدفعية الثقيلة العراقية تستطيع أن تضرب تل أبيب من...
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا هذا إذا وصلت في موعدها، وتمترست، وأخذت مواقعها.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا.. هذا إذا وصلت.. إذا وصلت..
أحمد منصور: نعم.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، قلت له الملك حسين عرض عليك إرسال القوات العراقية وأنت اتصلت بعبد الرحمن عارف وعبد الرحمن عارف وافق، ولكن علمت وأنا في الطريق إليك من بيروت أن هنالك 24 طائرة جديدة كانت مهداة من الولايات المتحدة الأميركية إلى الملك حسين هربها اليوم إلى تركيا.
أحمد منصور: الملك حسين؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الملك حسين، فلو كان جاد معك في المعركة ويخشي على هذه الطائرات كان أرسلها إلى مطار غرب القاهرة أو مطار بني سويف ليحميها، أو يبقيها إذا.. إذا كان لا يخاف عليها، أما إنه يشترك معاك في معركة، ويدَّعى إنه يشترك معاك في معركة، ثم يرسل قواته.. يرسل طائراته إلى تركيا معنى ذلك أنه غير جاد، وهذا الدليل التالت للكمين.
أحمد منصور: الرابع؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ده التاني للكمين.
أحمد منصور: التاني عفواً.
د. عبد الرحمن البيضاني: الدليل التاني للكمين.
أحمد منصور: السوري والأردني.
د. عبد الرحمن البيضاني: الدليل التالت.. الدليل التالت برقية مراد غالب.
أحمد منصور: والرابع؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الرابع برقية عوض القولي من.. من واشنطن.. من نيويورك.
أحمد منصور: هذا أيضاً يدخل في إطار الاستنتاجات، تعليق عبد الناصر كان أيه؟
(2/145)
د. عبد الرحمن البيضاني: تعليق عبد الناصر، فقبل أن يُعلِّق عبد الناصر قلت أنا: ولذلك أري يا سيادة الرئيس، كان وقتها مقرر إنه هيرسل زكريا محيي الدين إلى (جونسون) يوم 8، وكان زكريا يجلس بجواري، زكريا محيي الدين يجلس بجواري وصدقي محمود كان موجود، وعبد المحسن كامل مرتجي كان موجود، والمشير عبد الحكيم عامر كان موجود، فرتبت على فخذ زكريا قلت: لماذا يا سيادة الرئيس لا يسافر زكريا الآن؟ فوجئت بإن الرئيس يقول لأنور السادات.. يقول له: يا أنور، الأخ عبد الرحمن اليوم أعصابه يعني تعبانة، فخذه معك إلى البيت ولا تتركه حتى ينام!!
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: يعني كل كلامك ما عجبش منه عبد الناصر ولا كلمة.
د. عبد الرحمن البيضاني: إطلاقاً، ولا كلمة، قلت له: يا سيادة الرئيس..
أحمد منصور: وأنت دخلت بانفعالك العاطفي المعهود منك والمعروف عنك لتتحدث مع عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني [مقاطعاً]: العقلاني.. والعقلاني.. العاطفي والعقلاني.
أحمد منصور [مستأنفاً]: لنتحدث مع عبد الناصر بهذه الطريقة وأنت رجل كلفت بمهمة بسيطة لتذهب وتأتي بالنتيجة، فإذا بك الآن تُنظِّر لعبد الناصر!!
د. عبد الرحمن البيضاني: مثلاً.. نعم، فكانت النتيجة، قلت للرئيس عبد الناصر لما قال هذا الكلام للسادات، قلت له: يا سيادة الرئيس، لن أبرح هذا المكان حتى أتم كلامي لأنك ائتمني على أخطر أسرار الأمة العربية سيؤثر فيها هذه.. سيؤثر فيها هذه الأسرار لمدة قرن من الزمان، فلابد أن أبقي هنا ولن أخرج من هذا المكان حتى أقول آخر كلمة في ذهني، وبعد ذلك..
أحمد منصور: كل شهود هذه الموقف توفوا؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كل الشهود أحياء.. أحياء.
أحمد منصور: فيه منهم أحياء؟
د. عبد الرحمن البيضاني: زكريا محيي الدين، وإن..
أحمد منصور: ويرفض أن يتكلم مع أي شخص.
(2/146)
د. عبد الرحمن البيضاني: عبد المحسن كامل مرتجي، وكتب هذا الكلام لعلمك في "أكتوبر" مجلة أكتوبر. فكانت النتيجة قلت للرئيس: يا سيادة الرئيس، لن أخرج من هذا المكان إلا كذا كذا كذا.. لأن هذا حقي، أما حقك فتأخذ كلامي تضعه تحت حذائك أمامي لن.. لن أتأثر..
أحمد منصور: أيضاً أليس هذا إهانة.. لما تقول؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: ولن أغضب.. ولن أغضب، لأ.. لم أسمع..
أحمد منصور: يعني أنت تهين نفسك بإنك تقول له يعني: "ضع كلامي تحت حذائك".
د. عبد الرحمن البيضاني: ليست إهانة.. ليس إهانة.. هذه ليست إهانة، قلت له: أنا .. أنت كلفتني بمهمة خطيرة من حقي أن أقول آخر كلمة، ومن حقك أن تأخذ كلامي وتضعه.
أحمد منصور: ما آخر كلمة قلتها؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لسه لم أقلها، "ومن حقك أن تضع كلامي تحت حذائك"..
أحمد منصور [مقاطعاً]: خلاص.. خلاص.. ماذا قلت له في النهاية؟
د. عبد الرحمن البيضاني: قال لي: اتفضل كَمِّل، قلت له: لماذا لا يسافر زكريا محيي الدين غداً إلى (جونسون) لتهدئة الموقف؟ نمرة واحد، لا سيما إن القوات العراقية لا تزال في الطريق إلى مرتفعات الجولان، ولن تأخذ مواقع قتالية إلا يوم 7 يونية، لأن ستصل يوم 6 يونية حسب التخطيط العسكري.. لن تصل إلا..
أحمد منصور: هي لن تصل أصلاً، لأن السوريين رفضوا..
(2/147)
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا بأحكي لك، لأ عن طريق مَنْ؟ الضفة الغربية أقصد الضفة الغربية، أنا آسف، إنه لن تصل إلى الضفة الغربية عن طريق الأردن بواسطة الملك حسين إلا يوم 6 يونيو، ولن تأخذ وضعها القتالي إلا يوم 7 يونيو، ولذلك كيف يمكن أن ننتظر هتنتظرنا إسرائيل حتى يكون في الجبهة الشرقية في مرتفعات.. في الضفة الغربية القوات العراقية الضاربة على بعد 16 كيلو متر من تل أبيب، ولديكم الطائرات (T.U) هنا 32 طائرة (T.U) ممكن تدمر جزء من إسرائيل، هل هتنتظر إسرائيل طول هذا الوقت؟ لماذا لا يسافر غداً يوم 2 يونية زكريا محيي الدين إلى جونسون؟
أحمد منصور: ما هو قال لك: أنت أعصابك تعبانة وروَّح نام!!
د. عبد الرحمن البيضاني: فقال لي.. فقال لي.. قال لي: نهيت كلامك؟ قلت له: نهيت كلامي، قال لي إذن نبدأ في موضوع آخر. قلت له: وأنا أنصرف، نهيت كلامي وأنصرف، قال لي: لأ أبقي معنا، وبقيت معاهم حوالي 4 ساعات.
أحمد منصور: كانوا أيه المواضيع (...)؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أقدرش فيه.. قيل أشياء كثيرة ليس من حقي أن أتكلم فيها.
أحمد منصور: اشمعنى.. من حقك تتكلم في أشياء..؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، هذا الجزئية من حقي لأنه كنت أشارك فيها، أما الباقي أنا مستمع، فلا يجوز إن أنا أقول ما سمعت.
أحمد منصور: ليس من المهم، وقعت الهزيمة.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ الذي يهمك أن في يوم 8 أكتوبر سنة 1968م ذكر الفريق أول/ عبد المحسن كامل مرتجي في مجلة أكتوبر مقالاً قال فيه: "لو أخذنا برأي الدكتور البيضاني كنا نجينا من كمين في سينا"، هذا ما قاله وهذه شهادة أعتز بها أكثر من شهادة الدكتوراة وأكثر من.. من موقعي حتى في اليمن.
هزيمة 67 وقرار تنحي عبد الناصر
أحمد منصور: بدأ الصراع في اليمن يأخذ أشكال مختلفة، الأول قبل أن أنتقل إلى الصراع في اليمن، يوم 5 يونيو كنت أين؟
(2/148)
د. عبد الرحمن البيضاني: يوم 5 يونية كنت في القاهرة.
أحمد منصور: كيف تلقيت نبأ الهزيمة؟
د. عبد الرحمن البيضاني: تلقيت الخبر بمنتهى الانزعاج، وتوجهت إلى مكتب الأخ الدكتور حسن صبري الخولي، وتوليت عمل معاه كتابة وتقارير وما إلى ذلك، لأن كرهت أن أبقى في بيتي والأمة العربية تحترق، وبقينا إلى.. إلى المساء معاه، وفي المساء قال لي: اذهب إلى البيت نام لأن أنت تعبان، وسأبلغك بالخبر السعيد بعد ساعتين. قلت له: ما هو الخبر السعيد؟ قال لي: سندكّ إسرائيل، وجاء بخريطة ورسم لي الخطة لدك إسرائيل، لما وصل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في 9 يونيو، عفواً في 9 يونيو أعلن عبد الناصر قرار التنحي، كنت موجوداً أثناء كتابة القرار؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، إنما حضرت بعد بعد إلقاء الخطاب، حضرت بيت عبد الناصر بعد إلقاء الخطاب، بعد إلقاء الخطاب والجموع كلها توافدت، وأنا ذهبت إلى بيت عبد الناصر، ودخلت إلى مكتبه في.. في منشية البكري، كان هو نائم، يعني أغلق عليه غرفة النوم، وقال إنه أخذ ويعني محمد أحمد وهو لا يزال على قيد الحياة، قال : إن الرئيس –يعني- يعتذر عن مقابلة أي إنسان..
أحمد منصور: سكرتيره الخاص.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأنه، سكرتيره الخاص، لأنه متعب وأخد حبوب مهدِّئة، فكان معانا في تلك الأيام علي صبري، وكان معانا زكريا محيي الدين، وكان معانا حسين الشافعي، وكان معانا كمال الدين حسين، كان معانا عبد المنعم أمين، فقلت أنا لزكريا محيي الدين: كيف تقبل أن تحل محل الرئيس عبد الناصر؟ وأنا بأتكلم عاطفي في تلك الأيام، أنا أعتبر إن أنا.. وجهة نظري في تلك.. في هذه اللحظة عاطفية ليست عقلانية. زكريا قال لي: أنا معايا.. أنا حاولت أرسل.. يعني أعلن هذا البيان من التليفزيون ورُفض، منعوا دخولي التليفزيون، لم يخطر في ذهني كيف رئيس الجمهورية المعين يُرفض دخوله للتليفزيون المصري؟!
(2/149)
ما خطرش في ذهني. يعني إن أنا استوعب هذه الحقيقة، فإذا بكمال محمدي.. العقيد كمال محمدي وهو قائد الشرطة العسكرية في القصر.. في القصر في منشية البكري، قصر عبد الناصر.. بيت عبد الناصر، قال: يا فندم، أنا مستعد آخدك بكتيبة عسكرية وتذيع هذا البيان بالقوة. علي صبري قال هذا هيضايق الرئيس عبد الناصر فاتفقنا على كتابة رسالة للرئيس عبد الناصر نرجوه أن يعيد النظر في هذا الموضوع، فوعدنا بإعادة.. ودخلها محمد أحمد إلى بيت إلى.. إلى.. وأنا اللي توليت كتابتها، ووقعنا عليها كلنا، وكان معانا عبد الحميد السّراج وهو لا يزال على قيد الحياة، ودخل محمد أحمد إلى الرئيس عبد الناصر، والرئيس عبد الناصر وعد بإنه سيعيد النظر في هذا الموضوع في اليوم التالي في مجلس الأمة. هذا ما حدث.
أحمد منصور: وصل السلال إلى القاهرة في 31 أكتوبر.
د. عبد الرحمن البيضاني: مَنْ؟ مَنْ؟
أحمد منصور: السلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: أيوه.
أحمد منصور: وصل للقاهرة في 31 أكتوبر 67، وفي 5 نوفمبر 67 كان في العراق حينما أعلن.. الإرياني انقلاباً ضد السلال. على جبهة اليمن الآن تواجد القوات المصرية في اليمن، ألم يكن سبباً من أسباب هزيمة 67؟
د. عبد الرحمن البيضاني: القوات المصرية كان جزء منها في اليمن، وبعضها الأكثر كان وصل فعلاً إلى مصر. والهزيمة سببها أخطاء تكتيكية، وسببها أخطاء يعني كمين.. كمين منصوب، أميركا مشتركة، الاتحاد السوفيتي مشترك، إسرائيل مشتركة.
أحمد منصور: أي كمين وكان التصعيد من قِبل عبد الناصر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو استُدرج لهذا التصعيد..
تقييم البيضاني لحياته السياسية في اليمن
أحمد منصور: تقييمك إيه للدور الذي لعبته أنت في الحياة السياسية في اليمن في الفترة البسيطة التي قضيتها نائباً لرئيس الجمهورية، ونائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة أو وزير الخارجية، ووزير الاقتصاد؟
(2/150)
د. عبد الرحمن البيضاني: السياسي لا يقاس عمره بسنوات عمله، ولكن بسنوات ذكره، وأنا على هذه الفترة البسيطة استطعت إن أنا أقيم اقتصاد حر في اليمن، والحمد لله لا يزال قائم حتى الآن، ويرعاه الأخ الفاضل الرئيس علي عبد الله صالح. وثانياً: حاولت إنهاء الصراع السياسي بين اليمن وبين الولايات المتحدة الأميركية، واعترفت الولايات المتحدة الأميركية بالجمهورية اليمنية، ودخلنا الأمم المتحدة اتفقت مع بريطانيا على حق تقرير المصير بالنسبة للجنوب، وكانت ستجلو عن الجنوب بلا رصاصة، ولا عملية صلاح الدين ولا غيره.. و.. وأقمنا جيش وطني في تلك الأيام من الحرس الوطني.
أحمد منصور: لا أسألك عن إنجازاتك، بأسألك عن تقييمك لدورك؟
د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنا بأقيِّم الإنجازات، كيف أقيِّم دوري بدون إنجازات؟ فهذا ما حدث فعلاً، وثبت بالتاريخ إن هذه الإنجازات كانت في محله.
أحمد منصور: أما تعتقد أنك قمت بأخطاء هي التي أدت إلى عدم استمراريتك في الدور الذي قمت به..؟
د. عبد الرحمن البيضاني: سيدي العزيز، الثورات لها مقومات.. مختلفة، فين مؤهلات التحرير ومؤهلات التطوير، مؤهلات التحرير هي إنك تقتحم القصر، تدمر، تنسف مؤهلات التحرير عبارة عن الشجاعة والإقدام والصبر والكتمان، وهذه كانت موجودة ومؤهلة لدي كل اليمنيين، مؤهلات التطوير تحتاج إلى نوع خاص من الكفاءة السياسية والاقتصادية والدولية والاجتماعية وما إلى ذلك. أخطاء القيادات التحريرية في كل دول العالم النامي إنها بعد أن تنتصر على دولة.. على نظام متخلف، أو على نظام استعماري، تتصور أنها بمؤهلات قيادة التحرير وهي الشجاعة والإقدام والصبر والكتمان يمكن أن تتولي قيادة التطوير وهو النهضة الحضارية والاقتصاد و.. و.. إلى آخره، فتسقط في هذا..
أحمد منصور: أنا مش طالب محاضرة والله!
د. عبد الرحمن البيضاني: مش محاضرة.
(2/151)
أحمد منصور: أنا بأسألك عن تقييمك الآن، أليس.. ألم تقم أنت..
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا قلت كان دوري.. كان دوري في الثورة اليمنية التحضير للثورة اليمنية، إقناع المصريين، بأنهم يقفوا معانا، ثم قيادة التطوير من الناحية العلمية الاقتصادية السياسية.
أحمد منصور: أنا أقصد في الممارسة العملية.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأن هدفي الرئيسي هو نهضة اليمن.
أحمد منصور: الممارسة العملية لك مع اليمنيين، من خلال الأخطاء الكثيرة التي يصفونك بأنك وقعت فيها، أما تعتبر أن عدم فهمك للواقع اليمني وتعاملك وتعايشك معه فترة طويلة، وكذلك المساحة الشاسعة التي كانت بينك وبين الآخرين في التعامل كانت سبباً من أسباب إبعادك عن قيامك بدور في اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، أنا قلت لك سبب إبعادي هو الاتحاد السوفيتي من خلال.. القيادة العسكرية المصرية بقيادة المشير عامر وأصحابه.
أحمد منصور: ولم يكن لمصر..
د. عبد الرحمن البيضاني: ولم يكن لأي يمني دخل في ذلك.
أحمد منصور: تقييمك ما هو تقييمك للتدخل المصري في اليمن؟
(2/152)
د. عبد الرحمن البيضاني: تقييمي للتدخل المصري في اليمن إنه المفروض أن.. أولاً: لولا وجود مصر لم تقم ثورة في اليمن، نمرة (1)، وكانت اليمن لا تزال متخلفة من دول القرون الوسطي، فأدّت دور مهم جداً في تطوير الحياة اليمنية. الخطأ الوحيد الذي وقعت فيه القيادة المصرية أنها سمحت للقيادة العسكرية المصرية.. وأنور القاضي بالذات أن يحاول أن يتدخل في الشؤون السياسية في اليمن، فاصطدم معي في هذا الموضوع، ثم بعد ذلك تأكد هذا الصدام لما اصطدم مع الإرياني، ومع نعمان، ومع الزبيري، ومع.. ومع.. لأ الزبيري كان في قتل، مع إبراهيم الحمدي، مع حسن العامري، ومع حسين المسْوري، ومع كل القيادات اليمنية اختلف معاهم، مما أدي إلى إنه يأتي السلال بهذه القوة، ثم يعودوا إلى القاهرة لمحاولة إقناع عبد الناصر بإن هذا خطأ، وتدخل القائد المصري في شؤوننا الداخلية خطأ، فكانت النتيجة أدخلونا السجن الحربي، هذا كان خطأ.
أحمد منصور: في 24 نوفمبر 68 قدمت استقالتك من منصبك الأخير الرسمي الذي توليته وهو سفيراً لليمن في بيروت، معيناً من قبل عبد الناصر، وبموافقة السلال.
د. عبد الرحمن البيضاني: ليكن..
أحمد منصور: هل اعتبرت دورك السياسي هنا قد انتهي؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، أنا كنت معترض على أسلوب الحكم في اليمن لأن بدأ..
أحمد منصور: أسلوب الحكم الجديد اللي هو كان بيرأسه الإرياني؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، رغم إن أنا كنت شريك يعني أنا.. اللي دفعته لموضوع انقلاب 5 نوفمبر لما كان في القاهرة، وهذه قصة أخرى، لا نطيل.. لا نريد أن نطيل فيها، يعني أنا كنت موافق على هذا الانقلاب، لأن كان لابد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت سعيت طبعاً خلال الفترة من أول مجيئك إلى مصر في يناير 63 إلى انقلاب الإرياني في 5 نوفمبر 67.
د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، الانقلاب.
(2/153)
أحمد منصور: للقيام بمحاولات أخرى ومحاولة استعادة رجوعك إلى اليمن مرة أخرى؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، لا، لا، .. لأ انقلاب انقلاب الإرياني كان حتمياً وضرورياً بعد أن اتفق عبد الناصر مع جلالة الملك فيصل في الخرطوم يوم 29 أغسطس سنة 67 بعد الهزيمة إلى سحب القوات المصرية، وتكوين لجنة ثلاثية برئاسة الأستاذ محمد أحمد محجوب للمصالحة بين الإماميين وبين الملكيين.. طيب بين الإماميين وبين الجمهوريين، في هذه اللحظة كان جميع القيادات الجمهورية إما محاصرة في الجبال مطرودة، والسلال وحده يحكم، و.. أو 50% من 50 قيادة من القيادات الكبرى في اليمن كانت كلها في السجون المصرية، فكان لابد من معادلة جديدة تحافظ على النظام الجمهوري بعد هذه المصالحة، وجدت إن الشخص الذي يستطيع أن يحافظ على هذه.. على هذه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دائماً "وجدت"، "قلت"، "عملت"، "سويت"..
د. عبد الرحمن البيضاني: وجدت وجدت نعم، أنا بأقول لك ما حصل، وجدت إن القاضي عبد الرحمن الإرياني هو الوحيد، كان محدد إقامته في مصر..
أحمد منصور: مع إنك ما بتبحبش الإرياني..
(2/154)
د. عبد الرحمن البيضاني: لم يكن معتقل، نعم، قلت: يا قاضي عبد الرحمن، الآن وضع كذا كذا كذا، وأنا أرشحك لتكون.. لابد من انقلاب حتى نستعيد كل القوى الجمهورية وتتوحد جميع الصفوف الجمهورية حتى لما نتفاهم مع الملكيين أو الإماميين يكون معانا قوة جمهورية متراصة ما تكونش كلها مبعثرة، قال لي: من يكون قائد الانقلاب؟ قلت له: أنت، قال لي: لماذا اخترتني.. تقول أنت؟ قلت له: لأنك أنت لك علاقة جيدة مع الجمهوريين، وعلاقة جيدة أيضاً مع المتمردين، لك علاقتين، فأنت تستطيع حماية.. حماية النظام الجمهوري الآن، وفعلاً قبل هذا الكلام، اتصلت بحسن العامري بعد.. ما كان هو حسن عامري في السجن، وخرج من السجن بعدما التقيت أنا مع أحمد محجوب والسادات، وهذه قصة طويلة عريضة، طلبت من حسن العامري أن يذهب إلى اليمن معهم، حسن العامري مدد رجله على المائدة، وقال لي: هذه.. يعني فيها ورم..
أحمد منصور: ورم فيها ورم نعم.
د. عبد الرحمن البيضاني: ورم نتيجة حبسه في زنزانة 4 شهور 14 أشهر.
أحمد منصور: في السجن الحربي.
د. عبد الرحمن البيضاني: في السجن الحربي وقال..
أحمد منصور: يعني حتى زعماء اليمن.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.
أحمد منصور: كان هنا بيتحبسوا وهنا بيروحوا..
(2/155)
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأقول لك ما حدث، قال لي: يا أخ عبد الرحمن، هذه نتيجة ما أرسلته لك، قلت لك: ساعة الصفر بعد 3 أيام، الموجودة في أول كتابي، هذه هي النتيجة، قلت له: يا حسن، ليس وقت العتاب ولا وقت الزعل، الآن وقت حماية الجمهورية، وقت كتابة التاريخ، وأصريت على إنه يذهب حسن العامري إلى اليمن وفعلاً تولى قيادة الدفاع عن صنعاء لما حوصرت أيام الإماميين، ودافع دفاع الأبطال عن.. عن.. عن صنعاء، فطلبت منه أن يزور القاهرة، وأخذته معي إلى الرئيس عبد الناصر حتى أثبت لعبد الناصر أن هؤلاء الذين حبستهم هم أهم وأعظم من قاموا بالثورة في اليمن، ومن يستطيعون الدفاع عنها . حسن العامري وصل إلى.. معي إلى.. مع الدكتور حسن مالكي وهو سفيرنا الآن في جنيف، وصل إلى.. زرنا عبد الناصر..
أحمد منصور: أما تعتبر نفسك تتحمل مسؤولية توريط القوات المصرية في اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا لا أتحمل هذا التوريط، فرق بين التدخل المصري في الأول للمساعدة.. لمساعدة اليمن وكنا اتفقنا مع أمريكا وانتهى الموضوع، والقوات المصرية ستنسحب.
أحمد منصور: رسمت صورة وردية للمصريين.
د. عبد الرحمن البيضاني: وانسحب وانسحب..
أحمد منصور: وأن قنبلة واحدة من القوات المصرية على قصر إمام ستؤدي إلى مقتله..
د. عبد الرحمن البيضاني: لا لا لا، لا لا، لم يكن هذا الكلام، وإلا.. لو كانت قنبلة واحدة كنا.. كان ستأتي سرية أو السرية 900.. 900..
أحمد منصور: في البداية، ما هي أولاً يبدأ يبدأ.. الغيث بقطرة.
د. عبد الرحمن البيضاني: يعني، المهم إن إن إن عادت القوات المصرية فعلاً يوم 23 مايو 63، فعلاً عادت القوات المصرية، وإذا بعبد الحكيم عامر يذهب إلى موسكو ويعود برأي آخر من (خرشوف) إن لابد من عودة القوات المصرية مرة أخرى.
أحمد منصور: لكن يقال أن المصريين غُدر بهم كثيراً حتى من الذين ذهبوا لكي يحموهم هناك؟
(2/156)
د. عبد الرحمن البيضاني: لأن دخلت المسألة إلى حرب ما بين اليمنيين وبين المصريين، سواء كانوا جمهوريين أو ملكيين، وهذا خطأ من القيادة المصرية ما فيش.. بلا جدال يعني، ففرق بين التدخل وفرق بين التورط، التورط نتج نتيجة إن بعد ما انسحبت القوات المصرية، واحتفلنا بها، وأنا اشتركت في هذا الاحتفال مع عبد الناصر والمشير عامر وحسن..
أحمد منصور: تحدثنا عنه قبل ذلك.
د. عبد الرحمن البيضاني: قبل ذلك.
أحمد منصور: ولا نريد أن نكرر ما ذكرناه من قبل.
د. عبد الرحمن البيضاني: عظيم.
أحمد منصور: هل لا زلت تبحث عن دور سياسي؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: لا زلت تبحث عن دور سياسي؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنا لا أبحث عن شيء، أنا رجل مفكر يمني، ولا زلت أكتب في الصحف اليمنية وفي الصحف المصرية، ولي مقال نشر أمس ومقال هيتنشر الأسبوع القادم، ومستمر في نشر مقالاتي السياسية والاقتصادية على مستوى العالم العربي، والمفكر لا ليس له عمر ينتهي فيه إلا.. إلا.. إلا عند قضاء أجله.
مسؤولية توريط مصر في حرب اليمن
أحمد منصور: من يتحمل مسؤولية الورطة التي تعرضت لها مصر في اليمن خلال الفترة من 62 إلى ما بعد 67؟
د. عبد الرحمن البيضاني: أنت قارئ جيد، ولك مصادرك، كتاب صدر من.. من سنتين باسم الـ( K.G.B) المخابرات السوفيتية، مكتوب فيه.
أحمد منصور: مين اللي كاتب الكتاب؟
د. عبد الرحمن البيضاني: نائب رئيس المخابرات السوفيتية.
أحمد منصور: ما اسمه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لا أذكر اسمه الآن، لكن ممكن أكتب لك اسمه، وذكر فيه أن هنالك اثنان كانوا عملاء للاتحاد السوفيتي في مكتب الرئيس عبد الناصر، واعفيني من ذكر أسمائهم، وأنا سألت مدبولي هنا في القاهرة، وسألت مكتبات هنا أشتريه، وجدت إنه قُرئ فعلاً في مصر، ووزع في مصر، وأنا الآن عائد إلى الولايات المتحدة الأميركية سأطلب منه نسخة وأعطيها لك منه نسخة.
(2/157)
أحمد منصور: ما لناش علاقة بعملاء الاتحاد السوفيتي أنا بأسألك عن المسؤول عن الورطة التي وقعت فيها مصر في اليمن؟
د. عبد الرحمن البيضاني: الورطة.. الورطة الذي.. الورطة الذي يتسبب فيها هو عبد الحكيم عامر، والدليل على ذلك إن..
أحمد منصور: هو عشان عبد الحكيم عامر مات فالشماعة تبقى عليه؟
د. عبد الرحمن البيضاني: لا، لا لا لا.. في 3 مارس الماضي، يعني من شهر.. شهر واحد، في 3 مارس الماضي محمد وجدي قنديل.
أحمد منصور: 2001 تقصد.
د. عبد الرحمن البيضاني: 2001 في هذه السنة، يعني من شهر.. من شهر واحد، من شهر واحد، 3 مارس أو أقل من شهر، 3 مارس في صحيفة.. "آخر ساعة" كتب إنه هو كان رئيس تحرير "آخر ساعة" سابقاً كتب إنه بعد محاكمة أخطاء المخابرات، وخروج صلاح نصر وخروج، علي شفيق، وخروج كل هذه المجموعة، كان علي شفيق لا يجد قوت يومه، ومنعت زوجته مها صبري من الغناء، فوسط على شفيق إلى الرئيس عبد الناصر ليتوسط له في إقرار معاش هذا كلام كتبه محمد وجدي قنديل.
أحمد منصور: إيه علاقة ده بسؤالي؟!
د. عبد الرحمن البيضاني: السؤال جاي في الطريق؟ فمحمد وجدي قنديل وصل إلى عبد الناصر، ويترجاه على علي شفيق فانتفض عبد الناصر، قال له: هل تعلم ماذا فعل بي علي شفيق؟ قال له: ماذا فعل؟ قال له: سنة 62 يعني يوم ما قمنا بالثورة سنة 62 قيل أن الجيش المصري كله يأتمر بأمر عبد الحكيم عامر، ولا علاقة له.. بعبد الناصر به.
أحمد منصور: هذا كلام خطير.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟
أحمد منصور: كلام خطي.
د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، ويسأل عنه محمد وجدي قنديل.
أحمد منصور: هو مجرد كاتب.
(2/158)
د. عبد الرحمن البيضاني: طيب، اسمح لي أكمل الكلام، وقال: إن إن.. إن علي شفيق لما كان في تلك في تلك القوة سنة 62، وهو سكرتير خاص للمشير عامر، ذهب لعبد الناصر -هذا كلام عبد الناصر- ذهب إلى بيتي أنا- هذا كلام عبد الناصر اللي منشور في آخر ساعة يوم 3 مارس الماضي ذهب إلى بيتي أنا، جاءني أنا إلى البيت، وحاصرني بالمدفعية والدبابات، لأنه قيل في تلك الأيام الجيش كله مع عبد الناصر ما عدا الطيران.. مع.. مع عبد الحكيم عامر ما عدا الطيران، فقال له: يا سيادة الرئيس -ده كلام علي شفيق- إذا طارت طائرة طائرة واحدة من أي مطار بدون إذن سأنسف بيتك الآن، وفي أي لحظة وستبقي قواتي هنا. هذا كلام مكتوب في "آخر ساعة".
أحمد منصور: سيبنا من كلام "آخر ساعة".
د. عبد الرحمن البيضاني: لا..
أحمد منصور: أنت كيمنيين حينما..
د. عبد الرحمن البيضاني: محمد وجدي قنديل.
أحمد منصور: دعني أسألك..
د. عبد الرحمن البيضاني: فأنا..
أحمد منصور: دعني أسألك..
د. عبد الرحمن البيضاني: فأنا تبينت.. تبينت، أنا كنت تبينت بعدما رجعت إلى القاهرة.
أحمد منصور: ما أنا عايز أسألك هنا، أنتم كيمنيين وكثورة كنتوا بتتعاملوا مع الرئيس عبد الناصر أم الرئيس عبد الحكيم عامر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: كنا بنتعامل.. أنا كنت بأتعامل مع الرئيس عبد الناصر، وكنت لا أعلم إن القرار النهائي قرار عبد الحكيم، كنت لا أعلم ذلك.
أحمد منصور: يعني أنت عايز تقول إن عبد الحكيم هو الذي كان يحكم مصر وليس عبد الناصر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: حتى لما عدت حتى لما .. نعم، حتى لما عدت أنا إلى القاهرة، وفاتحت السادات بهذا الموضوع تردد في أن يجيب عليَّ، تردد، يعني وجد إنه عيب يقولها، لكن حقيقة القول..
(2/159)
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو السيد حسين الشافعي في شهادته في هذا البرنامج أشار أيضاً إلى هذه النقطة. وقال : إن الفترة من 62 إلى 67 كان عبد الحكيم عامر هو الذي يحكم قبضته على إدارة أمور الدولة أكثر من جمال عبد الناصر.
د. عبد الرحمن البيضاني: إذاً الموضوع صحيح.
أحمد منصور: لكن هنا أنا أسألك: أنت في تعاملكم في شقكم أنتم.
د. عبد الرحمن البيضاني: أيوه.
أحمد منصور: كنتم تشعرون أن الذي يدير الدولة أو تتعاملون معه، كان عبد الحكيم عامر أم جمال عبد الناصر؟
د. عبد الرحمن البيضاني: إلى أن وصلت إلى القاهرة بجواب من السادات.. للسادات كما قلت كنت مقتنع فعلاً إن اللي يدير مصر جمال عبد الناصر، لم أبدأ أفهم العكس إلا لما أبلغني أنور السادات إن الذي غيَّر جواب عبد الناصر إلى السلال المشير عامر بالأمر، وبتعليمات من الاتحاد السوفيتي.
أحمد منصور: لكن الذي عينك سفيراً في بيروت سنة 66 كان جمال عبد الناصر مش عبد الحكيم عامر.
د. عبد الرحمن البيضاني: على أي حال كان هو ديكور لليمن.. ديكور لمصر، كان هو الشكل العام لمصر، زعيم..
أحمد منصور: يعني أنت عايز تقول جمال عبد الناصر كان ديكور وعبد الحكيم عامر كان ...؟
د. عبد الرحمن البيضاني [مقاطعاً]: إذا كان عبد الحكيم عامر هو اللي بيحكم كل شيء يبقي عبد الناصر ماذا يفعل غير إنه هو بيقوم بالأعمال الروتينية الرسمية المعلنة؟ للأسف الشديد هذا حدث، وأنت استشهدت بحسين الشافعي، أنا بأستشهد بما سمعته، أنت استشهدت الآن بأقوى من شهودي، استشهدت بحسين الشافعي.
أحمد منصور: سعادة النائب.
د. عبد الرحمن البيضاني: هذا ما حدث للأسف الشديد، وهذا سر النكسة، هذا سر نكسة 65، من ضمن أسرارها.
أحمد منصور: 67.. 67..
د. عبد الرحمن البيضاني: 67.
أحمد منصور: سعادة النائب، ما الذي تريد أن تقوله في ختام هذه الشهادة.
د. عبد الرحمن البيضاني: أول شيء أشكرك.
أحمد منصور: شكراً.
(2/160)