……………………
………………تفريغ شريط
"سنن يومية"
لفضيلة الشيخ : عبد الله الجعيثن
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين ....وبعد
فهذا الذي بين يديك هو جهد يسير من أختٍ لك في الله ، تسأل الله العلي القدير أن ينفعكِ به ، وينفع به غيرك .
وهو عبارة عن تفريغ لمحتوى شريط " سنن يومية " لفضيلة الشيخ : عبد الله الجعيثن .
بتصرف يسير لا يغير مادة الدرس وإنما يرتب العبارة لتناسب مخاطبة القارئ بدلاً عن المستمع .
وقد تم اختيار هذا الشريط ليكون موضع الاهتمام والتدوين لما فيه من مادة علمية قيمة موثقة ، فيها فائدة جمّة لكل من قرأها . فلا تحرمي نفسك أختي هذه الفرصة الثمينة وابدئي بقراءة هذه الكلمات من الآن وأرشدي غيرك إليها .
وتذكري حديث الرسول ( الذي قال فيه ( الدال على الخير كفاعله).
واستعيني بالله في تطبيق ما تسمعين لتنالي الفضل الآن ولا تسوفي في ذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أختك التي تسألك الدعاء لها في ظهر الغيب.
أم عبدالله...
ذو القعدة |1426هـ
Alma3refah@gmail.com
( أتمنى منك المحافظة على هذه الورقات في مكان محترم ، لأنها تحوي آيات كريمة وأحاديث نبوية شريفة.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأصلي وأسلم على عبده ونبيه محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، أما بعد:
تراه ملتزما يتتبع المحاضرات والندوات ليستفيد منها، تعجبك هيئته ومظهره وتُسر عند رؤيته بأنك تراه محسوبا على أهل الخير، ترى حديثه في مسائل الخير والحق ، واجتماعاته ولقاءاته تدور حول الإيمان والتقوى والعمل الآخر.(1/1)
لكنك حينما تُلقي نظرة على عمله ، تجده مفرطاً في كثير من المستحبات والنوافل ، فتراه معرضا عن حفظ كتاب الله وتنظر إليه وهو آخر من يدخل المسجد لآداء صلاة الفريضه ، تراه يهمل السنن الرواتب كثيراً ، ولايعبأ بكثير من التطوعات ، وتتسائل في نفسك ماالذي دعاه الى هذا الإهمال وذلك التفريط مع كونه محسوباً على أهل الخير؟ ومحباً لأهل الإيمان ومجالسه مجالس خير؟
فتستشف من لسان حاله ربما تسمع من لسان مقاله أن تلك التطوعات إنما هي كماليات ، وليست أموراً أساسية في الدين ، وليست بأمور ضرورية .
فلهذا هو يعرض عن كثير من الخيرات والفضائل بدعوى أنها ليست بأمور أساسيه في هذا الدين .
ولعلك تلحظ معي أن كثيرا من أعمال الإسلام وكثيراً من الطاعات والقربات التي يُتقرب بها إلى الله هي من قبيل التطوعات والنوافل .ولهذا يكون قد ترك قدراً كبيراً مما جاء به هذا الدين.
حنانيكَ يا أخي الشاب ، حنانيكِ يا أختي الفاضلة حينما تفرطُ أو تفرطين في النوافل والتطوعات بدعوى أنها ليست بأمور أساسيه والمهم هو الفرائض .!
لا..
إن النوافل و التطوعات من أهم المهمات ذلك أنها تشكل شطراً كبيراً من هذا الدين ، وذلك أنها تتضمن فوائد وفضائل كثيره نحن بأمس الحاجه إليها ، تظهر إن شاء الله تعالى من خلال رصد بعض فضائل هذه السنن وتلك التطوعات.
ولهذا لم نجد نبينا ( ولا صحابته الكرام ولا السلف الصالح من بعده ، لم نجدهم مفرطين مهملين لتلك التطوعات وإنما يحافظون فقط على الفرائض والواجبات .
لا..
إنهم كانوا سباقين إلى الخيرات فرضها ونفلها، فها هو رسول الله ( يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ، فتقول له عائشة: يا رسول الله تفعل ذلك وقد غُفر لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر؟
فيقول صلوات ربي وسلامه عليه : (أفلا أحب أن أكون عبداً شكورا).
وفي لفظ:(أفلا أكون عبداً شكوراً). متفق عليه .(1/2)
وكان عليه الصلاة والسلام لايدع قيام الليل ، فإذا مرض أو كسل صلى قاعداً عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الذي رواه أبو داوود ،(وإذا نام عن قيام الليل قضاه من النهار ثنتي عشرة ركعة ) ، فلم يترك قيام الليل ولو أنه لعذرفإنه يقضيه من النهار ثنتي عشرة ركعة .
ولما بلغ عبد الله بن عمر قول النبي ( فيه ( نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل ) كان بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً . والحديث متفق عليه .
وكان أذا فاتته الأربع ركعات التي قبل الظهرقضاها بعد الظهر حرصا على عدم ترك شيء من التطوعات والنوافل - والحديث رواه ابن ماجه وحسنه الألباني-
ولما شغله وفد عبد القيس عن الركعتين اللتين بعد صلاة الظهرقضاهما بعد صلاة العصر-كما في صحيح البخاري وصحيح مسلم . هذا هو ( كان حريصاً على التطوعات والنوافل والسنن والمستحبات ، لايفرط في شيء يستطيعه منه، ودرج على ذلك صحابته رضوان الله عليهم .
فها هي أم حبيبه رضي الله عنها لما روت حديث فضل السنن الرواتب تقول بعد ما روت الحديث : فما ربحت أصليهن بعد، بعد إذ سمعت هذا الحديث ما تركت التطوعات ، أعني السنن الرواتب أبداً ، والغريب في الأمر أن الراوي لهذا الحديث عن أم حبيبه يقول : وما تركت فعلهن بعد إذ سمعت أم حبيبة تقول ما قالت، ثم يتتابع الرواة إلى الراوي المخرج وهو مسلم ، كل واحد منهم يقول : ماتركت هذه السنن بعد إذ سمعت هذا الحديث عن النبي ( . فأين كثير من إخواننا ممن يفرّط في مثل هذه التطوعات .
ثم إن الله تعالى رتب على كثير من التطوعات دخول الجنات ، فما أكثر ما نجد من التطوعات من فعل كذا أو من قال كذا دخل الجنة ومن ذلك ... قول النبي ( في حديث عائشة ( الذي رواه النسائي أن النبي ( قال ( من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة ) يعني السنن الرواتب .فنجد كثيراً من التطوعات والنوافل رتب عليها دخول الجنة .
1. فضل الذكر:(1/3)
لما علّم النبي ( فاطمة وعلياً التسبيح ثلاثاً وثلاثين ، والتحميد ثلاثاً وثلاثين ، والتكبير ثلاثاً وثلاثين ، عند النوم وقال : إن ذلك خير لكما من خادم . يقول علي ( : فما تركتها بعد .
ما تركها أبداً ، قيل له : يا أمير المؤمنين ولا ليلة صفين ؟! قال : ولا ليلة صفين . وصفين هي الوقعة العظيمة التي حصل فيها القتال بين طائفتين من المؤمنين . لم يغفل ( عن الإتيان بهذا الذكر و لا في تلك الليلة ، التي قلبه فيها في أشد الشغل ، لكنه إتباعاً للنبي ( لم يترك ذلك الذكر ولم يغفل عنه والحديث في صحيح البخاري .
ويقول النبي ( ( إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله و الله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها ) رواه الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح .
2. كتابة الوصية :
وأبو هريرة ( لما روى وصية النبي ( له بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن ينام على وتر . يقول: ( أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن ما عشت ، صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أنام على وتر) . والحديث في الصحيحين . بل وقد روى هذا الحديث وتلك الوصية أبو الدرداء وأبو ذر، كلاهما يقول نحو ما قاله أبو هريرة من أنه لن يترك تلك الوصية ما عاش .
ولما روى ابن عمر وصية النبي ( أو أمر النبي ( بكتابة الوصية بقوله ( ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلة أو ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ) . قال ( : ما مرت علي ليلة بعدما سمعت ذلك من رسول الله ( إلا ووصيتي عندي.
3. الإنفاق في سبيل الله :(1/4)
ولما نزل قول الله عز وجل ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) يأتي أبو طلحة ويقول للنبي ( إن أحب مالي إلي بيرحاء وهي بستان مقابل للمسجد كان النبي ( يشرب من ماء فيها طيب فيعرضها على النبي ( ويقول : ما تأمرني فيها ؟ فيأمره النبي ( بعد أن دعا له بأن يجعلها في أقاربه فيخرج بطوعه واختياره عن أحب ماله إليه امتثالاً لأمر الله (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) .
4. الصبر عند المصيبة :
وأم سلمة ( بعد أن سمعت النبي ( يقول : ( ما أصيب أحد بمصيبة فقال : " إنا لله وإنا إليه راجعون" ، اللهم اجبرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا جبره الله في مصيبته و أخلفه خيراً منها) . أو كما قال عليه الصلاة والسلام . فلما مات أبو سلمة تقول : ومن خير من أبي سلمة؟! ولكنها إتباعاً لهدي النبي ( تقول ذلك الدعاء ، فيخلف الله لها خيراً مما فقدت وهو النبي ( يتزوجها .
المهم أيها الإخوة أن النبي ( وصحابته الكرام ومن جاء بعدهم لم يكونا يفرطون في شيء من الدين بحجة أنه من النوافل و التطوعات .
وقد وعدتكم أن أحيطكم علماً ببعض ما ورد في فضائل التطوعات والنوافل فأقول :
* يقول النبي ( في الحديث الذي رواه البخاري يقول الله عز وجل : (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه) وهذا الحديث الذي هو في أصح الكتب بعد كتاب الله تضمن
ثمرات عديدة وفوائد كثيرة ،عظيمة للنوافل و التطوعات منها :(1/5)
> تحصل محبة الله عز وجل ، فإن الله عز وجل يقول ( ولا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) وأي ثواب وأي فضل أعظم من محبة الله لعبده . ماذا يكون شأنك وأنت تمشي بين الناس وربك من فوق سبع سموات يحبك ! كل خير إليك واصل وكل شر عنك مندفع ، فيا لها من فضيلة وما أعظمها من مزية . إذا بكثرة التطوعات والنوافل تحصل محبة الله عز وجل للعبد . ثم تلك المحبة تترتب عليها فوائد أخرى .( ولا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها )
> تحصيل معية الله للعبد ، فيكون الله تعالى في معية العبد مصاحبا له في كل جارحة من جوارحه ، مسدداً وحافظاً . فلا يحصل من تلك الجوارح إلا ما يرضي الله عز وجل .
وإنا لنشكو كثيراً من انفلات جوارحنا . وتأذيها علينا وانطلاقها فيم حرم الله . لكن أمامنا هذا الطريق اليسير المعبّد المذلل وهو أن نكثر من التطوعات فيتولى الله عز وجل حفظ تلك الجوارح.
فلا تبصر العين إلا ما أذن الله وما شرع ، ولا تسمع الأذن إلا ما أذن الله وما شرع ، وكذلك اللسان لا يتكلم إلا على وفق مراضي الله . كل جارحة لا تفعل ولا يصدر منها إلا ما يرضي الله عز وجل وذلك أن الله تعالى تولى حفظها وتسديدها . إنها معية خاصة غير المعية العامة التي هي معية العلم والإحاطة . بل هي معية الله الخاصة التي تقتضي النصر والتسديد والإعانة والتيسير .
> الثمرة الثالثة المأخوذة من هذا الحديث (ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه) إذاً كثرة النوافل و التطوعات من أسباب إجابة الدعاء ، ومن أسباب تفريج الكربات . -ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه- فإذا سألت الله عز وجل وجدته قريباً منك يُيسر أمرك ويُجيب دعوتك ، ويكشف كربتك و يعيذك مما تتعوذ به منه . إذا هذه ثمرة ثالثة -ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه-
وثمة فوائد أخرى منها :(1/6)
> ما دل عليه حديث أبي هريرة ( المخرج عند الترمذي في جامعه يقول النبي ( (إن أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله الصلاة فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر ، فإن انتقص من فريضته شيئاً قال الله عز وجل انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع ، فيُكملُ بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك ) قال الترمذي حديث حسن.
> إن هذه التطوعات وتلك النوافل يُكمّل بها ما انتقص من الفرائض وما أكثر النقص وما أعظمه في كل عبادة وكل فريضة نقوم بها.
ففي هذا الحديث دلالة على أن ما يحصل في الصلاة من النقائص يُكمل ذلك النقص من التطوعات والنوافل أعني نوافل الصلاة ، وكذلك ما يحصل من النقائص في الزكاة أو في الحج أو في أي فريضة أخرى ، يُكمل ذلك الناقص من التطوعات والنوافل . لقوله بعد ذلك (ثم يكون سائر عمله على ذلك). أي كل عمل وكل عبادة مفروضة يُكمل ذلك النقص الحاصل فيها من تلك التطوعات والنوافل .
إذا كفى بتلك مزية أن يحصل ترقيع للخلل الحاصل في عباداتك من تلك النوافل و التطوعات.
هذه الصلاة التي نصليها كم يحصل فيها من الخلل ، وكم فيها من القصور والتقصير والإفراط والتفريط والإهمال فيها الشيء العظيم لو لم يكن إلا عدم حضور القلب فيها ....لكفى.!
فتأتي تلك التطوعات والنوافل فترقع ذلك الخلل الحاصل في تلك الصلوات.
> أن الله رتب عليها تكفير الخطايا ومحو السيئات . فإن كل سيئة يعملها العبد تأتي الحسنات فتمحوها محواً كما في قول الله عز وجل ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) الحسنات تتناول الفرائض وتتناول النوافل ، وقال النبي ( ( وأتبع السيئة الحسنة تمحها ).(1/7)
> إن كثرة التطوعات والنوافل زيادة في الإيمان فإن الإيمان عند أهل السنة يزيد وينقص ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. فأنت حينما تتقرب إلى الله تعالى بأي قربة صغيرة أو كبيرة فإن معدل الإيمان يزيد تلقائياً ، كل عمل صالح قولي أو فعلي ، بدني أو قلبي يزيد به الإيمان تلقائياً . فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
إذاً التطوعات والنوافل من ثمراتها أنها تزيد الإيمان . وكذلك تكثر بالتطوعات والنوافل الحسنات ، فإن الإنسان بحاجة إلى رصيد من الحسنات فتأتي تلك التطوعات تُكثر معدل الحسنات لديك ، كما أن أهل الدنيا يستكثرون منها بالتجارة والضرب في الأرض فأنت تستكثر من تجارة الآخرة بهذه الحسنات .
> ثم إن في الاشتغال بالتطوعات والنوافل ربطاً للقلب بالله سبحانه وتعالى وطرداً للغفلة ، فإن الإنسان يغفل إذا انهمك في دنياه واشتغل في عرضها الزائل لكن حينما يشتغل بهذه التطوعات والنوافل سواء كانت فعلية أو قولية يرتبط قلبه بالله عز وجل ويكون دائماً متذكراً لربه متذكراً لآخرته ثم إن الاشتغال بالتطوعات والنوافل اشتغالاً عن المحرمات ، فإن النفس إن شغلتها بالحق وإلا شغلتك بالباطل ، قال أحد السلف : ( الوقت سيف إن قطعته وإلا قطعك ونفسك إن شغلتها بالحق وإلا شغلتك بالباطل).
5. الدعاء عند لبس الثوب الجديد:
روى أبو داوود عن النبي ( أنه قال ( من لبس ثوباً فقال الحمد لله الذي كساني هذا الثوب و رزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفر له ما تقدم من ذنبه ) .
6. الذكر بعد الفراغ من الطعام :
ومن أكل طعاماً فقال (الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام و رزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفر له ما تقدم من ذنبه ) وهو حديث حسن . فتأمل هذا الدعاء اليسير الوجيز كم يحصل به من خير -غُفر له ما تقدم من ذنبه- !!!
7. فضل قراءة القرآن :(1/8)
انظروا إلى النبي ( حينما يقول ( من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول " آلم " حرف بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) كم يحصل لك عندما تتلو من كتاب الله . كل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها؟ إذا ثلاثة حروف بثلاثين حسنة! و الله الذي لا إله غيره لو قيل لنا أن الإنسان لو قرأ حرفاً من كتاب الله فله به عشر ريالات لوجدتنا جادين أعظم الجد في كثرة قراءة القرآن ، ولوجدت الواحد قد أغلق على نفسه لا يخرج إلى الناس ولا يقابلهم ولا يحضر اجتماعاتهم ، لأنه مشغول !!!
كيف يُفرط في وقته وهو يعرف أن له بكل حرف عشر ريالات ؟!
فكيف يا أخي ... حينما تعلم أن الحسنة الواحدة من حسنات الآخرة خيرٌ من الدنيا وما فيها فبكثرة التطوعات تزداد الحسنات .
فاعلم يقيناً أنك إن لم تكن مشغولاً في طاعة الله وفيما يقربك إليه فإنك لابد مشتغل فيما يباعدك منه . فالتطوعات والنوافل فيها شغل للوقت بما ينفع ويقرب إلى الله ، وفي ذلك اشتغال عن المحرم وقد قال ابن القيم رحمة الله عليه " من علامات صحة القلب أن يكون أشح بوقته من البخيل بماله ".
وقال في موضع آخر " ضياع الوقت أشد من الموت لأن الموت يقطعك عن الدنيا وأهلها وأما ضياع الوقت فيقطعك عن الله والدار الآخرة " وما أكثر من ضيعوا أوقاتهم فصنيعهم هذا أشد في الحقيقة لأنه تضييع للآخرة .…المهم أن هذه طائفة يسيرة من فوائد وثمرات التطوعات والنوافل .
بعد ذلك ألج إلى أصل الموضوع ولكنني في الحقيقة أجدني حائراً ..! بماذا أبدأ؟ وماذا أذكر ؟ وعن ماذا أتحدث ؟ في وقت يسير كهذا . لكني سأقتصر على نماذج ، والنماذج تعتبر القدر الأقل فيكون ما ترك و ما لم يذكر هو الأكثر . ثم إني سأقتصر على الإشارة السريعة العابرة لأن التفصيل والبسط لا نتمكن منه مع وقت كهذا .
فنقول من السنن التي تتكرر في اليوم والليلة :
8. سنة السواك :(1/9)
وقد قال النبي ( (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) والحديث علقه البخاري في صحيحة ووصله الإمام أحمد في مسنده وصححه ابن خزيمة وابن حبان. ولعلك تتأمل كيف أن هذا العود من الأراك الذي تمره على أسنانك لينظفها ، يرضي ربك جل وعلا .
نعم إن في ذلك حكمة عظيمة ، حكمة الامتثال لأمر النبي ( . إذا السواك مرضاة للرب ومطهرة للفم وعليه فإن السواك مسنون في كل وقت . وماذا يضيرك حينما تضعه على أسنانك وعلى لسانك وتطهر فمك ، وترضي ربك جل وعلا . وقد أكثر النبي ( من الحض على السواك حتى أنه قال في الحديث الذي رواه البخاري " أكثرت عليكم في السواك "
والسواك يتأكد في مواضع منها :
* عند كل صلاة فريضة أو نافلة ، كما في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة يقول النبي ( ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) . لكن خشية المشقة لم يفرضه علينا عليه الصلاة والسلام .بل إن بعض أهل العلم فهم من النصوص التي تحض على تأكد السواك عند كل صلاة فهم منه وجوب السواك . حتى قال إسحاق بن راهويه رحمه الله : إن السواك عند الصلاة فرض ولا تصح الصلاة بدونه . وقال داوود الظاهري : إنه فرض و لكنه ليس بشرط لصحة الصلاة .
ولا شك أن هذين القولين لا صحة لهما لكن ذلك يدل دلالة أكيدة على أهمية السواك عند كل صلاة .
* عند الوضوء ، فإذا أراد الإنسان أن يتوضأ ، والوضوء يبتدئ من عند المضمضة ، وقد قال النبي (… في حديث أبي هريرة يقول النبي ( ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ) . رواه الإمام مالك والشافعي والبيهقي وصححه الألباني.
* عند دخول المنزل ، فكلما دخل الإنسان منزله يسن له أن يبدأ بالسواك ، فقد كان الرسول ( إذا دخل بيته بدأ بالسواك . وهذا الحديث عند مسلم.(1/10)
* عند القيام من النوم، وقد قال حذيفة ( كان النبي ( إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك ، متفق عليه .وقد قيد هذا الحديث بالقيام من نوم الليل ،ولكن هناك أحاديث مطلقة ليس فيها التقييد بنوم الليل.
* عند تغير رائحة الفم ، لقول النبي ( في الحديث السابق (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب )
* عند الخروج من البيت للصلاة ، فإذا أردت أن تخرج من بيتك تريد الصلاة فإنك تستاك ،فعن زيد بن خالد ( قال:" ما كان يخرج رسول الله ( من بيته بشيء من الصلاة حتى يستاك" .رواه الطبراني وقال المنذري إسناده لا بأس به وحسنه الألباني .
* عند قراءة القرآن ، فعن علي ( عن النبي ( قال : ( إن العبد إذا تسوك ثم قام يصلي قام الملك خلفه فيدنو منه حتى يضع فاه على فيه - أو كلمة نحوها -وما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا كان في جوف الملَك ، فطهروا أفواهكم للقرآن) .قال المنذري رواه البزار بإسناد جيد لا بأس به.
هذه مواضع سبعة يتأكد فيها السواك ، وهو مسنون في كل وقت ،لكنه يتأكد في هذه المواضع و لك أن تتأمل كم يفوتك من السنن إذا لم يكن هذا السواك في جيبك ؟!، كم تمر بك هذه المواضع السبعة في اليوم والليلة ؟ مرات وكرات فيفوتك من السنن قدر عظيم فاحرص بارك الله فيك أن يكون هذا السواك موجوداً لديك .وأن يكون لديك رصيد منه في البيت أيضاًُ ، واحرص على أن تهدي وتتبرع لإخوانك بهذا السواك فتحيي تلك السنة في نفوسهم ويكون لك مثل أجورهم .
9. من السنن أيضاً متابعة المؤذن :
ولتعلم أن هناك في حق من سمع المؤذن خمس سنن :
* أن تقول مثل ما يقول المؤذن إلا في قوله (حي على الصلاة ،حي على الفلاح ) فتقول : لا حول ولا قوة إلا بالله . وقد جاء في حديث عمر ( عند مسلم ( أن من قال ذلك دخل الجنة).(1/11)
* حينما يتشهد المؤذن تقول : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً . ثبت في صحيح مسلم أن من قال ذلك غفر له ذنبه.
* أن تصلي على النبي ( بعد فراغ المؤذن من أذانه ، وقد قال النبي "( من صلّى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً"
* أن تقول : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته . قال النبي ( : ( من قال ذلك وجبت له شفاعتي يوم القيامة ).
* بعد فراغ المؤذن وفراغك من متابعته والإتيان بما يشرع ، تدعو الله عز و جل بما تحب من خير الدنيا والآخرة , جاء رجل إلى النبي ( فقال : يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا -أي يفوقون علينا في الأجر - فقال الرسول ( ( قل كما يقولون ثم سل تعطه ).
هذه خمس سنن مجموعها في اليوم والليلة خمس وعشرون سنة . قال ابن القيم رحمه الله في كتابه -جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على سيد الأنام- : ( فهذه خمس وعشرون سنة في اليوم والليلة لا يحافظ عليها إلا السابقون). فكن يا أخي بارك الله فيك من السابقين لأن الأمر يسير إذا تأملته وجاهدت نفسك فيه ، هذه السنن في الأسبوع مائة وخمس وسبعون سنة . بالله عليك سل نفسك كم نصيبك من هذه المائة وخمس وسبعون سنة؟!!!
أنصيبك منها مائة ؟ أنصيبك منها خمسون؟ أنصيبك منها عشرون ؟ أم ماذا؟!!! تتاح لك مائة وخمس وسبعون سنة في الأسبوع لو سألت نفسك كم نصيبك منها ؟ والله ستجد أن الإجابة مزعجة.وأن الوضع غير مرضي !!!
فعليك أخي الحبيب عندما تسمع المؤذن وأنت في حديث مع غيرك أو في قراءة للقرآن أو في كلام مع أحد أن تتوقف عن كل شيء . ثم تشتغل بتحصيل تلك السنن التي أتيحك لك في تلك اللحظة وأن تستغل تلك الفرصة.
10. من السنن ، تطوعات الصلوات:(1/12)
وهي كثيرة جداً ، ومنها السنن الرواتب وقد جاء في حديث أم حبيبة ( أن من حافظ عليها ، بنى الله له بيتاً في الجنة ) كما في الحديث الذي رواه مسلم والترمذي وبيّن الترمذي في سياقه هذه السنن وهي :……أربع قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل صلاة الفجر . فهذه السنن تسمى عند أهل العلم بالسنن الرواتب وذلك لكونها مما ينبغي ويتأكد المحافظة عليه .وفي حديث عائشة ( أن النبي ( قال ( من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة ) ثم ذكرها .والحديث رواه النسائي وصححه الألباني . وآكد هذه الركعات ركعتا الفجر فإن النبي ( قال (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) وكم نفرط حينما نضيع هاتين الركعتين اللتين هما خير من الدنيا وما فيها . وفي لفظ ( لهما أحب إلي من الدنيا جميعاً ). رواه مسلم . ويسن أن يصلي أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها ، لحديث أم حبيبة( أن النبي ( قال (من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار).رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح وفي رواية للنسائي (لا تمس وجهه النار أبداً ).
وإذا فاتت الركعات اللاتي قبل الظهر يصليها بعد الظهر ،كما بينا ذلك من فعله عليه الصلاة والسلام في بداية الحديث . وكم نجد من يفرط بهذه التطوعات ، أعني السنن الرواتب وما أكثر ما يتركها الإنسان ويغفل عنها لأدنى شغل ولأدنى عارض .
ويضاف لهذه السنن أربع قبل العصر فعن ابن عمر ( أن رسول الله ( قال ( رحم الله امرأ صلّى قبل العصر أربعاًَ ) . رواه الترمذي وقال حديث حسن وصححه ابن خزيمة وابن حبان .
11. وكذلك من السنن الصلاة بين كل أذانين:
بين كل أذان وإقامة يشرع أن يصلي الإنسان صلاة فعن عبد الله بن مغفل ( عن النبي ( قال ( بين كل أذانين صلاة لمن شاء) ، فيسن أن يصلي الإنسان ركعتين بين كل أذان وإقامة. والحديث متفق عليه .(1/13)
12. ومن السنن التي يغفل عنها كثير من الناس سنة الضحى:
فعن أبي هريرة ( أن رسول الله ( قال ( أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وصلاة الضحى ، ونوم على وتر ) متفق عليه . ونحوه عن أبي الدرداء وعن أبي ذر،
وعن عائشة ( قالت ( كان رسول الله ( يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله ) .
فضل سنة الضحى : لسنة الضحى فضل عظيم ،هل تتصور يا أخي المسلم ويا أختي المسلمة أن سنة الضحى تعدل 360 صدقة وأن من صلّى ركعتي الضحى فكأنما تصدق ب 360 صدقة .
نعم هكذا يقول النبي (: فقد أخبر عليه الصلاة والسلام في حديث عائشة عند مسلم أنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل فهذا يجمل مفاصل الإنسان وأنها ثلاثمائة وستون مفصلاً ، وفي حديث أبي ذر عند مسلم يقول عليه الصلاة والسلام ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ) أي يسن ويندب ويتأكد أن يتصدق الإنسان عن كل سلامى- أي كل عضو - في كل يوم صدقة ، وأعضائه سبق لنا أنها 360 فيقول (يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تحميدة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ).
فأخبرنا أن الصدقات المندوبة التي تتأكد في حق كل إنسان تجاه مفاصله 360 أخبرنا أن هذه الصدقات يجزئ عنها ركعتان يركعهما من الضحى فدل ذلك أن سنة الضحى تعدل 360 صدقة .
وأقل ركعاتها : ركعتان ولا حد لأكثرها على القول الصحيح .
ويبتدئ وقتها : من طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح -أي نحو متر بنظر العين -
وينتهي وقتها بزوال الشمس. وتحديد ذلك بالساعات أن وقتها يبتدئ بعد عشر دقائق أو ربع ساعة من طلوع الشمس ، وينتهي قبل أذان الظهر بنحو عشر دقائق . وأفضل وقتها : هو شدة الضحى لقول النبي ( في حديث زيد الأرقم ( صلاة الأوابين حين تربض الفصال ) رواه مسلم . أي تشتد حرارة الشمس على الفصال وهي صغار الإبل.(1/14)
13. وكذلك مما يندب التطوع بين المغرب والعشاء :
وهو تطوع مطلق ويعتبر أيضاَ من قيام الليل فعن حذيفة ( قال( أتيت النبي ( فصليت معه المغرب ، فصلى إلى العشاء) قال المنذري رواه النسائي بإسناد جيد، وقال الألباني صحيح الإسناد .وعن أنس ( أنه قال في تفسير قول الله تعالى ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) نزلت في انتظار صلاة العشاء التي تدعى العتمة . رواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب . ورواه أبو داوود إلا أنه قال : كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون ، قال الألباني حديث صحيح فالصلاة بين المغرب والعشاء مندوبة وأنس بن مالك يفسر التجافي عن المضاجع أنه الصلاة بين المغرب والعشاء.
14. كذلك من السنن سنة الوضوء:
فيسن كلما توضأت أن تصلي ركعتين أو ما شاء الله أن تصلي في أية ساعة من ليل أو نهار ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله ( : ( ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة ) ركعتان فقط ، لكن يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة . رواه مسلم . وعن أبي هريرة ( أن النبي ( قال لبلال عند صلاة الفجر : ( يا بلال حدثني عن أرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة ، قال بلال : ما عملت عملاَ أرجى عندي من أني لم أتطهر طهوراَ في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي ) متفق عليه . وفي جامع الترمذي من حديث بريده في هذه القصة - قصة بلال-يقول بلال : ما أذنت قط إلا صليت ركعتين ، وما أصابني حدث إلا توضأت عندها ورأيت أن لله علي ركعتين . قال رسول الله ( : بهما ) قال الترمذي حديث صحيح غريب . …(1/15)
إذن سن للإنسان أن يصلي ركعتين كلما توضأ ، بل على ضوء قول بلال يسن أنه إذا أحدث يتوضأ ويصلي ركعتين . وهذا عام في أي وقت كان لأن الصحيح من قول أهل العلم أن ذوات الأسباب تُصلى في وقت النهي ، وهذه من ذوات الأسباب فإن سببها هو الوضوء ، أما أن يبتدئ الإنسان يعني يتقصد أن يصلي في وقت النهي فهذا ممنوع .
15. وأيضاَ من التطوعات ، قيام الليل والوتر:
فقد قال عليه الصلاة والسلام ( إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن ) رواه الترمذي وحسنه ، وصححه ابن خزيمة . وقال عليه الصلاة والسلام ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ) متفق عليه .
إذن آخر الليل ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا يتعرض لعباده من يسألني فأعطيه، من يدعوني فأستجيب له، من يستغفرني فأغفر له ، كلنا بأمس الحاجة إلى ربنا تبارك وتعالى ، وقد كان عليه الصلاة والسلام يقوم الليل حتى تتفطر قدماه كما مر معنا ، وعن جابر ( أن رسول الله ( قال : ( من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فاليوتر أوله ومن طمع أن يقوم من آخر الليل فاليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل ) رواه مسلم ، فالسنة أن يوتر الإنسان في آخر الليل إن طمع أن يقوم من آخر الليل ، أما إن كان لا يظن انه يقوم فالسنة أن يوتر من أول الليل ، وقد مر معنا وصية النبي ( لأبي هريرة ولأبي الدرداء ولأبي ذر بالوتر قبل النوم وذلك خشية من عدم القيام . فإذا كان الإنسان يظن انه لا يقوم ، والحزم بل السنة أن يوتر أول الليل . وقيام الليل أيها الإخوة من أفضل الصلوات حتى قال عليه الصلاة والسلام ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) رواه مسلم .(1/16)
وقال عليه الصلاة والسلام ( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وقربة إلى ربكم ، ومًكفًرةٌ للسيئات ، ومنهات عن الإثم ) كم تضمن قيام الليل من فائدة؟ " دأب الصالحين قبلنا" إذا هو
1. تأسي بالصالحين قبلنا من الأنبياء والرسل وأتباعهم .
2. قربة إلى الله سبحانه و تعالى .
3. يكفر السيئات .
4. ينهانا عن الإثم . فمن قام الليل نهاه قيامه عن المعصية في النهار .
وأقل الوتر ركعة ، وأكثره إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة وإذا فاتك وردك من الليل فإنك تقضيه في النهار شفعاً ، فإذا كنت تصلي بالليل خمس ركعات ففاتك بالليل فاقضه بالنهار ست ركعات وإذا كنت تصلي ركعة واحدة فإنك تقضيها بالنهار ركعتين . وهكذا فإن النبي ( كان إذا فاته ورده من الليل قضاه من النهار ثنتي عشرة ركعة .
16. ومن السنن الثابتة انه يشرع للإنسان أن يجعل تطوعه في البيت :
فإن النبي ( يقول : ( خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ) وأفضل الصلاة من حيث البقعة أن تكون في البيت ، إلا صلاة الفريضة والحديث في الصحيحين . وعن ابن عمر ( عن النبي ( أنه قال (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً ) متفق عليه .
فينبغي للإنسان ويشرع له أن يحرص على أن يجعل تطوعه في البيت إلا إذا كان يخشى أنه إذا ذهب للبيت يضيع تلك النافلة لانشغاله بالأولاد أو أعمال البيت أو نحو ذلك . فإذا وجدت نفسك لم تحافظ على السنة إذا ذهبت للبيت فعليك أن تصليها في المسجد ولا تضيعها عليك . وقد روى البيهقي عن رجل من أصحاب النبي ( عن النبي ( أنه قال ( فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل الفريضة على التطوع ) قال المنذري إسناده جيد إن شاء الله . هذا يدل على عظيم التطوع في البيت ، أن الإنسان تطوعه في البيت يفضل على تطوعه حيث يراه الناس في المسجد وغيره كفضل الفريضة على النافلة وذلك انه أقرب إلى الإخلاص .(1/17)
وهناك بعض السنن التي تتعلق بالتعامل مع الناس ، والإحسان إليهم وهي كثيرة منها وسنحاول أن نسردها سرداً .من ذلك :
17. زيارة المريض:
وقد قال النبي ( ( من عاد مريضاً فما زال في خرفة الجنة حتى يرجع ) وفي لفظ ( في مخرفة الجنة حتى يرجع ) قالوا : يا رسول الله وما خرفة الجنة ؟ قال جناها ، أي ثمارها وبساتينها ) والحديث رواه مسلم , وفي حديث آخر يقول النبي ( (ما من مسلم يعود مسلما مريضاً غدوة إلا صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي فإن زاره عشية صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ). رواه الترمذي وأبو داوود وصححه ،
ولفظ أبي داوود( يستغفرون له ).
فتأمل أخي إذا زرت المريض في الصباح يشتغل سبعون ألف ملك بالدعاء والاستغفار لك حتى المساء وإذا زرته في المساء صلّى عليك ،استغفر لك ، ودعا لك سبعون ألف ملك حتى الصباح ، هذا فضل عظيم وثواب جسيم .
ويقول النبي ( أيضا ً( من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه منادٍ أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً ) رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه وصححه ابن حبان والألباني. فهذا يبين لك أخي أي فضل فرّطنا فيه بغفلتنا عن زيارة المرضى في بيوتهم أو في المستشفيات فهذه ثمرة واحدة من ثمرات زيارة المرضى أن الإنسان يحصل له هذا الثواب العظيم ، فكيف وهو يستفيد فوائد عظيمة أخرى منها العظة والاعتبار ، وتذكر نعمه الله سبحانه وتعالى عليه ، وإدخال السرور على ذلك المريض وتعليمه ما يحتاج إليه من الأحكام إن كان الزائر متعلماً والمريض جاهلاً ، وغيرها من الفضائل والفوائد .
18. كفالة اليتيم:
وقد قال النبي (( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا -وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى وفرج بينهما ) والحديث رواه البخاري في صحيحه. تكون مع النبي ( يلحقك الله سبحانه فتعالى بدرجة النبي ( بكفالة اليتيم ، فهذا فضل عظيم يا إخواني ما يفرط فيه إلا جاهل .(1/18)
والآن المسلمون في أصقاع الأرض يعيشون حالة يُتم عجيبة ! فما أكثر من يعيش يتيماً على وجه الأرض في الصومال، و اريتريا ، والفلبين ،وفي بورما وكشمير و البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد الله الواسعة . كثير من هؤلاء مات آباؤهم في الحروب أو بأمراض أو بغير ذلك . ملايين من أطفال المسلمين يحتاجون إلى كفالة .
والآن هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية تقوم بكفالة هؤلاء الأيتام وعندها الآن شهادات فيها أسماء أولئك الأيتام وصورهم والتعريف به وبحالته كاملة ، فبإمكانك أن تكفل يتيماً لمدة سنة أو أكثر . وهؤلاء الأيتام تتفاوت قٍيَم كفالتهم، فمنها ما كفالته 1200 ريال لمدة سنة ومنهم من كفالته 1800 ريال لمدة سنة ومنهم 2400 ريال لمدة سنة ، حسب اختلاف المناطق . وهؤلاء الإخوة الذين يقومون على هيئة الإغاثة الإسلامية عندنا نعرفهم ونزكيهم ولا نزكي على الله أحداً . فبإمكان الواحد منا أن يكفل هذا اليتيم ويمسح دمعته ويفرج كربته ويبين له أنه وإن مات أبوه أو أمه فإن إخوانه المسلمين معه .وجرب أخي وجاهد نفسك ، اكفل يتيماً لمدة سنة فإن وجدت من نفسك نشاطاً ورغبة فواصل وإلا فقد حصلت على أجر لا بأس به .
19. إلقاء السلام :
وقد قال النبي ( ( إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام ) و قال النبي ( ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم ) .
ودخل رجل على النبي ( فقال : السلام عليكم فرد عليه وقال : عشر -أي عشر حسنات-ودخل آخر وقال : السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه وقال : عشرون ، -أي عشرون حسنه-ودخل الثالث وقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه وقال : ثلاثون ، -أي ثلاثون حسنه-).(1/19)
ونظراً لهذا الخير العظيم المترتب على إلقاء السلام كان عبد الله بن عمر يخرج إلى السوق وليس له من حاجة فلا يقلب بضاعة ليشتريها ولا يبيع ولا يشتري فيذهب إلى السوق ويرجع ماله غاية وقصد في ذلك إلا السلام ، يريد أن يستفيد لآخرته من السلام لمّا قيل له في ذلك قال : ( إنما نغدو من أجل السلام ) فقط ، فكان لا يمر على أحد لا كبير ولا صغير ولا طفل إلا ويلقي عليه السلام .
20. كذلك البشاشة والابتسامة في وجوه الناس:
فإنها من وجوه الإحسان وقد كان عليه الصلاة والسلام لا يُرى إلا متبسماً ، وقال عليه الصلاة والسلام (وتبسمك في وجه أخيك صدقة)، وقال عليه الصلاة والسلام (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) وهذا الحديث رواه البزار بإسناد حسن قاله الحافظ بن حجر .
فاحرص أخي بارك الله فيك أن تكون بشوشاً طلق المُحيا أمام الناس لماذا العبوس؟ لماذا الكآبة ؟ لماذا تنقل همومك النفسية ومشاكلك العائلية عبر قسمات وجهك فتلاقي بها الناس ؟ وتقابل بها إخوانك من المسلمين ! .
لا ، حاول أن تتجلد وأن تجعل همك وغمك في داخل نفسك وأما وجهك فاجعله طليقاً بشوشاً مبتسماً فإن في ذلك إدخالاً للسرور على إخوانك المؤمنين ، وفي ذلك تحصيل صدقات و قربات لله عز وجل .
21. كذلك الكلمة الطيبة اللينة:
قال عليه الصلاة والسلام (الكلمة الطيبة صدقة ) . متفق عليه . ويقول النبي ( ( إن في الجنة غرفاً يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام وتابع الصيام و ألان الكلام وصلّى بالليل والناس نيام ) رواه أحمد. فلتكن كلمتك طيبة وعباراتك جميلة غير خشنة غير غليظة ، بل سهلة لينة محببة للنفوس.
22. السماحة في البيع والشراء :(1/20)
هذا أيضاً من أوجه الخير وقد دعا النبي ( لمن كان سمحاً في بيعه وشراءه فقال ( رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى ، سمحاً إذا قضى ، سمحاً إذا اقتضى) رواه البخاري .
بل قال عليه الصلاة والسلام ( أدخل الله الجنة رجلاً بسماحته بائعاً ومشترياً وقاضياً ومقتضياً ) رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح. فلتكن يا أخي في بيعك وشراءه ليناً سهلاً لا غليظاً ولا فضاً .
23. الدعوة والنصيحة والتوجيه :
فإن هذا من أعظم الأعمال وأجلها ، بل هو واجب على كل من كان قادراً وقد قال عليه الصلاة والسلام ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ) وقال عليه الصلاة والسلام ( من دل على خير فله مثل أجر فاعله ) خرجهما مسلم في صحيحه . وقال عليه الصلاة والسلام ( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمر النَعم ) وتستطيع أن تدعو وأن تبلغ بقدر ما تستطيع ، بقدر ما لديك ، بقدر ما يوجد عندك من الخير بلّغ ، قال عليه الصلاة والسلام ( بلغوا عني ولو آية ) رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو ، فلم يجعل النبي ( نصاباً إذا بلغه الإنسان وجبت عليه زكاة العلم ! وإنما جعل الواجب على الإنسان إذا وصل أدنى قدر من العلم أن يبلغه . فيجب عليك تبليغ العلم ولو لم تملك منه غلا القليل ، لكن لا تبلغ ولا تتحدث إلا بعلم .
24. الصدقة :
يقول النبي ( ( الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) وقال ( من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها حتى تكون مثل الجبل) رواه البخاري ومسلم وفي لفظ لمسلم ( حتى تكون مثل الجبل أو أعظم ) مقدار تمرة إذا كانت من كسب طيب وتصدقت بها مخلصاً لله عز وجل يتقبلها الله عز وجل بيمينه ثم يربيها وينميها حتى تكون مثل الجبل أو أعظم .(1/21)
وهذا فضل عظيم من الله سبحانه وتعالى ولهذا أحد السلف كان لا يفوته يوم إلا ويتصدق فإن لم يجد إلا أن يتصدق بكعكة تصدق بها ، وأعلم أخي إن الصدقة لا تنقص مالك فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ( ما نقصت صدقة من مال ) رواه مسلم في صحيحه .
25. مساعدة إخوانك بالجاه بالشفاعة لهم في حدود المباح :
وقد قال النبي ( ( اشفعوا تؤجروا) فقد يحتاجك أحد من إخوانك في أن توصل مظلمته إلى من كان قادراً على علاجها ، أو تحصيل حق حيل بينك وبينه ، فإذا شفع الإنسان لأخ من إخوانه ولم يترتب على تلك الشفاعة تضييع حق من حقوق الناس غيره أو تأخير حقوقهم ، فإن تلك الشفاعة مشروعة ومطلوبة وقد شفع النبي ( لمغيث لما تركته بريره، فإن مغيثاً كانت تحته بريره ، كان يحبها حباً شديدا…، وكانت تبغضه بغضاً شديداً ، وكان كلاهما مولى ، فلما عتقت بريرة ، خيرت بريرة بين البقاء معه والفسخ ، فاختارت الفسخ . لأن الأمة إذا عتُقت وكانت تحت عبد فإنها تخير بين البقاء معه أو الفسخ ، فلما كانت تكره كراهية شديدة اختارت الفسخ ، ولكنه حزن عليها حزناً شديداً ، فكان يلاحقها في الشوارع يمشي خلفها ودموعه تتحادر من عينيه على وجهه ولحيته ، ويقول رسول الله ( لأصحابه : ألا تعجبون من حب مغيث بريرة ، وبغضها له؟! . فاستشفع مغيث الرسول ( وطلب منه أن يتدخل في الأمر فشفع إليه . فتأمل الرسول ( يتدخل في شأن رجل وامرأته ، فشفع وقال : لعلك ترجعين إليه . فقالت : يا رسول الله أتأمرني ، أم تشير علي؟ قال : بل أشير . قالت : لا حاجة لي به . لأنها كانت تكرهه فلا تحب أن ترجع إليه ، لكنها تقول : إن كنت يا رسول الله تأمرني أمراً فأنا لا أخالف أمرك . وهذا يدل على مدى امتثال صحابة رسول الله ( لأمره عليه الصلاة والسلام . فمحل الشاهد أن النبي ( شفع في مثل هذا الأمر اليسير ، الحقير بالنسبة إليه عليه الصلاة والسلام . ويقول الشاعر :(1/22)
وأد زكاة المال ، وأد زكاة الجاه…………………… فإنها كمثل زكاة المال تم نصابها
ثم تنبه بارك الله فيك إلى أن لا تجعل شفاعتك على شرط القبول ، كثير من الناس إذا أردت أن يشفع لك في أمر من الأمور المباحة قال : إني أتوقع أنهم لا يوافقون وكذا ....لا يا أخي ، لا تجعل شفاعتك على شرط القبول ، أنت ابذل ما تستطيع وحصل الأجر المترتب على الشفاعة وأرضٍ من شفعة له وطمئنه أنك بذلت له ما تستطيع ، ولربما تفلح في هذه المرة ، ولربما يعلم الله سبحانه وتعالى من نيتك الصدق والإخلاص في هذا فيلين قلب هذا الشخص الذي أردت أن تشفع عنده .
26. العفو والصفح ، عن زلات الناس :
والإنسان دائما ًفي كل لحظة وفي كل حين مهدد بأخطاء الناس ، بكلماتهم ، بتصرفاتهم التي لا يرتضيها لكن ليوطن نفسه على احتمال الأذى والصبر والعفو والصفح ( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون ان يغفر الله لكم ) والله تعالى ذكر أن من صفات المتقين الذين لهم الجنة التي عرضها السموات والأرض ، ذكر منها : ( والعافين عن الناس ) ويقول الله سبحانه وتعالى ( و أن تعفوا أقرب للتقوى ) ويقول النبي ( : " وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً " وقال " ارحموا ترحموا ، واغفروا يغفر لكم " فمن أراد أن يغفر الله له ويصفح عنه وأن يحلم عليه فليعف وليصفح وليتحمل من إخوانه المؤمنين فإن ذلك سبب في غفران الله سبحانه وتعالى له .
27. التيسير على المعسر والوضع عنه :(1/23)
يقول النبي ( " من أنظر معسراَ أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " رواه مسلم . إن كثير من الناس اليوم مدين وغير قادر على السداد ، فعلينا أيها الإخوة أن ننظر هؤلاء ، ولا نستعجل عليهم بالوفاء وهم غير قادرين ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) بل هذا أمر واجب ، أعني إنظار المعسر واجب علينا ، لا يجوز مطالبة المعسر بالسداد ، بل يجب تركه حتى يتحصل على ما يستطيع به الوفاء . ولكن من أنظر المعسر فإن الله سبحانه وتعالى يظله يوم القيامة وكذلك إذا وضع عنه أي أعفاه وتجاوز عنه ، فإن الله سبحانه وتعالى يتجاوز عنه .
28. القرض الحسن :
كثير من الناس يحتاج الآن في أمور كثيرة ولو مؤقتة أن يقرضه إخوانه المؤمنون ، فعلينا ألا نتردد في القرض إن كثير من الناس اليوم يتردد ويتلكأ في أن يقرض إخوانه فيؤثر البنك الذي قد يرابي بماله على إخوانه المؤمنين ، فلا يقرض إخوانه الذين ينتفعون بهذا المال في أمر حلال ويكون له أجر بذلك ويؤثر عليهم هذه الجهات. وقد قال النبي ( ( إن السلف يجري مجرى شطر الصدقة ) رواه الإمام أحمد وقال أحمد شاكر إسناده صحيح . يعني أن السلف يعتبر نصف صدقة ، فإذا أقرضت إنسانا مائة ألف ريال كأنك تصدقت عليه بخمسين ألف ريال . وفي حديث آخر " ما من مسلم يقرض قرضاً مرتين إلا كان كصدقتها مرة " فالقرض ثوابه أنه يعتبر نصف صدقة فمن أقرض مبلغاً من المال فليعلم أنه كأنما تصدق بنصف هذا القرض .
29. الدعاء لإخوانك :
فالدعاء يعتبر من ألوان الإحسان وقد قال النبي ( " دعوة المسلم لأخيه في ظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه ملك موكل به كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل : آمين و لك بمثل ) رواه مسلم في صحيحه .(1/24)
إذن أنت بهذا تحسن لنفسك وتحسن لأخيك أما إحسانك لنفسك فإنك بهذا تأتي بسبب من أسباب الإجابة لأن الملائكة يؤَمنون ويقولون آمين و لك بمثل ، وتحسن لأخيك حيث تدعو له بظهر الغيب والدعاء بظهر الغيب مستجاب .
وقد ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد في ترجمة أبي الطيب أنه كان يدعو لإخوانه وقد كان عنده ثلاثمائة اسم من أسماء إخوانه يدعو لهم كل ليلة واحداً واحداً ، وفي ذات ليلة نام وقد نسي أن يدعو لهم فأوتي في المنام فقيل له : لم تسرج مصابيحك الليلة ! فاستيقظ و أوقد السراج وأخرج ورقة ودعا لهؤلاء الثلاثمائة واحداً واحداً ، ثم نام .
نعم ينبغي لنا أن ندعو لإخواننا ولكن يتأكد هذا في حق من له حق علينا من الوالدين أو من له حق علينا في توجيه أو تربية أو إصلاح ، في دعوة أو تعليم . لا ينبغي أن نستفيد من علمائنا ودعاتنا ويكون حظهم منا السماع . لا ! ينبغي أن ندعو لهم بظهر الغيب أن يسددهم وأن يوفقهم وأن يفرج كربتهم وأن يعينهم ، هذا أمر لابد منه . كذلك الدعاء للإسلام وأهل الإسلام أن يعز الإسلام والمسلمين وأن يذل الشرك والمشركين وأن ينتصر للمظلومين من الظالمين كل ذلك أمر مطلوب .
30. إزالة الأذى من الطريق :
وقد قال النبي ( " الإيمان بضع وسبعون شعبة -وفي لفظ بضع وستون شعبة - فأعلاها قول لا إله إلا الله -وفي لفظ فأفضلها قول لا إله إلا الله-وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان " متفق عليه . وقال عليه الصلاة والسلام " لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس " رواه مسلم . وفي الصحيحين أن النبي ( قال " وتميط الأذى عن الطريق صدقة " .
31. الجلوس لذكر الله من بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين:(1/25)
فإن ذلك يعدل عمرة وحجة تامة تامة تامة. وكان ( لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الفجر حتى تطلع الشمس ، رواه مسلم . وقال عليه الصلاة والسلام في حديث أنس " من صلّى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلّى ركعتين كانت له كأجر حجة و عمرة تامة تامة تامة " رواه الترمذي وحسنه وصححه الألباني وقال الشيخ ابن باز أن له شواهد كثيرة وهو من قبيل الحسن لغيره . ومن شواهده ما رواه الطبراني من حديث أبي أمامة في نحو هذا اللفظ وقال المنذري إسناده جيد .
فإن لم تستطع أن تجلس كل يوم فلا أقل من أن تختار يوماً في الأسبوع تجلس فيه فيحصل لك على الأقل كل أسبوع حجة وعمرة تامة تامة تامة .
32. التبكير إلى المسجد وانتظار الصلاة :
كثير من الناس قد فرط في ذلك وصار لا يأتي إلا عند إقامة الصلاة وقد يفوته شيء من الصلاة ، وقد قال النبي ( في حق من أتى إلى المسجد " وإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه وتصلي عليه الملائكة ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه ، اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، ما لم يؤذي فيه ما لم يحدث فيه " متفق عليه . وزاد مسلم " اللهم تب عليه " وفي رواية لهما " لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث " إذن تستفيد فوائد كثيرة منها :
> أنك ما تزال في صلاة ما كنت تنتظر الصلاة ،وأنت جالس لا تقرأ ولا تذكر ولا تفعل أي شيء غير أنك تنتظر الصلاة فأنت في صلاة كأنك قائم وراكع و ساجد .
> وكذلك الملائكة تصلي عليك ما دمت في مصلاك ، اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ما لم تؤذي فيه ما لم تحدث.
33. التيامن في الأشياء الفاضلة والتياسر في الأشياء المفضولة :(1/26)
فعن عائشة ( عن النبي ( أنه كان يعجبه التيامن في تنعله وترجله وفي طهوره وفي شأنه كله . متفق عليه ، فعليك أن تتيامن فيما وردت السنة بالتيامن فيه ، و تتياسر فيما وردت السنة بالتياسر فيه، ومالم يرد فيه سنة فالأصل التيامن فيه . قال الشيخ محمد بن عثيمين -حفظه الله -في كتابه "شرح بلوغ المرام " يقول ها هنا ثلاث حالات :
1. ما دلت السنة على أنه يبتدئ فيه باليمين ، فيبتدئ فيه باليمين .
2. ما دلت السنة على أنه يبتدئ فيه باليسار ، فيبتدئ فيه باليسار .
3. ما لم يرد فيه لا هذا ولا هذا ، فيبتدئ فيه باليمين لأنها الأصل في الإكرام . ولهذا قال العلماء عبارة توافق هذا التقسيم قالوا ( اليسرى تقدم في الأذى واليمين فيما عداه ) . قال : فقولهم (فيما عداه ) يشمل الطيب وما ليس بأذى و لا طيب فإنه تقدم فيه اليمنى .
وذكر الشيخ حفظه الله : أن حديث عائشة ( (كان يعجبه التيمن..) يستثنى منه أشياء كثيرة كان يبدأ بها ( باليسار كدخول الخلاء والخروج من المسجد، وخلع الثياب، وخلع النعال ، وخلع الخفين ، كل هذه يبدأ فيها باليسار . هل هناك صعوبة أو تكلف حينما يقدم الإنسان اليمنى أو اليسرى ؟!
حينما تدخل الخلاء -الحمام-قدّم رجلك اليسرى تثاب وتؤجر ! وإذا خرجت منه قدّم اليمنى . إذا دخلت البيت قدّم اليمنى و إذا خرجت قدّم اليسرى , إذا دخلت المسجد قدّم اليمنى و إذا خرجت قدّم اليسرى , إذا لبست النعلين قدّم اليمين و إذا خلعته قدّم اليسار , ليس في هذا تكلف ولا أدنى جهد، وإنما هو الحرمان الذي يمنعك من فعل هذا .
34. قراءة القرآن وحفظه :
وما أكثر التفريط في ذلك، و الله سبحانه وتعالى يقول ( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور ).(1/27)
يقول النبي ( " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجه ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ) متفق عليه.
هذا ما أحببت أن أتحدث به وأسأل الله أن يقسم لنا وإياكم من خشيته ما يحول به بيننا وبين معصيته ومن طاعته ما يبلغنا به جنته ، ومن اليقين ما يهون به علينا مصائب الدنيا ، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبداً ما أبقيتنا ، وأجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا .
الفهرس :
الموضوع
الصفحة
الإهداء
1
التقديم
2
ثمرات وفوائد النوافل والتطوعات
6
1. فضل الذكر
4
2. كتابة الوصية
5
3. الإنفاق في سبيل الله
5
4. الصبر عند المصيبة
5
5. الدعاء عند لبس الثوب الجديد
8
6. الذكر بعد الفراغ من الطعام
8
7. فضل قراءة القرآن
8
8. سنة السواك
9
9. متابعة المؤذن
11
10. تطوعات الصلوات
12
11. الصلاة بين كل أذانين
12
12. سنة الضحى
12
13. التطوع بين المغرب والعشاء
13
14. سنة الوضوء
14
15. قيام الليل والوتر
14
16. أن يجعل الإنسان تطوعه في البيت
15
17. زيارة المريض
16
18. كفالة اليتيم
16
19. إلقاء السلام
17
20. البشاشة والابتسامة في وجوه الناس
17
21. الكلمة الطيبة اللينة
18
22. السماحة في البيع والشراء
18
23. الدعوة والنصيحة والتوجيه
18
24. الصدقة
18
25. مساعدة إخوانك بالجاه بالشفاعة لهم في حدود المباح
19
26. العفو والصفح ، عن زلات الناس
20
27. التيسير على المعسر والوضع عنه
20
28. القرض الحسن
20
29. الدعاء لإخوانك
21
30. إزالة الأذى من الطريق
21
31. الجلوس لذكر الله من بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين
21
32. التبكير إلى المسجد وانتظار الصلاة
22
33. التيامن في الأشياء الفاضلة والتياسر في الأشياء المفضولة
22
34. قراءة القرآن وحفظه
23
الفهرس
24
??
??
??
??
صفحة 13 من 25(1/28)