سنريهم ءاياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق
الشيخ عبد المجيد الزنداني
معجزة العصر تتجلى في محاورة علمية مع 14 من رواد العلوم المعاصرة في شتى الآفاق
البينة القرآنية الحية قائمة بين أيدينا تشع بأنوارها عبرالقرون وتدهش بحقائقها اليوم علماء الكون في شتى التخصصات
لصاحب الفضيلة العلامة الشيخ عبدالمجيد الزنداني
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:فهذه محاورة علمية مع أربعة عشر من رواد العلوم المعاصرة في شتى الآفاق جمعت في شريط (إنه الحق) نقدمها للقراء في هذا الكتاب وهو يضم أربع عشرة مقابلة مع علماء كونيين في مختلف التخصصات، كان الغرض من هذه المقابلات معرفة الحقائق العلمية التي أشارت إليها بعض الآيات القرآنية، مع بيان أن دين الإسلام حث على العلم والمعرفة، وأنه لا يمكن أن يقع صدام بين الوحي وحقائق العلم التجريبي.وهؤلاء العلماء الذين أجريت معهم تلك المقابلات غير مسلمين، ولكنهم كانوا يقررون حقائق عليمة توصلوا إليها بعد البحث والدراسة، وحينما يخبرون بأن ما توصلوا إليه قد أشار إليه القرآن الكريم إما تصريحاً وإما تلميحاً منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، فإنهم يصابون بالدهشة والاستغراب وتختلف تعبيراتهم في ذلك، إلا أنهم يكادون يجمعون على أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من البشر. بل إن منهم من أعلن صراحة بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، ومنهم من شهد شهادة الحق فنطق بالشهادتين وأقر لله عز وجل بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وإذا كان هؤلاء قادة العلوم يقولون هذا فإنهم يقيمون الحجة بذلك على من هم في منزلتهم العلمية فضلاً عمن دونهم من أبناء قومهم، إنهم يفتحون لهم الأبواب الموصدة، ويمهدون لهم الطريق الموصل إلى الإيمان بالله رب العالمين، فما حجة المعرضين عن(1/1)
الإيمان بعد قيام الحجة، ووضوح المحجة، وشهادة العلماء على ذلك. وصدق قول الله تعالى في أمثال هؤلاء: ?قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين? (سورة الأحقاف، الآية:10).وأصل هذه المحاورات والمقابلات مع أولئك العلماء مسجل بالصوت والصورة. وهي أقوى تأثيراً وأوضح بياناً بالنسبة للمشاهد، إلا أن كثيراً من الناس لا تتوفر لهم الأجهزة التي يشاهدون عليها اعترافات العلماء وشهاداتهم بصدق الرسول r.ورغبة منا في تعميم الفائدة ونشرها، واستجابة لكثير من الطلبات والرغبات فقد عزمنا على طباعة تلك الحلقات وإخراجها في كتيب يسهل تداوله والاطلاع عليه، مع المحافظة على النص ومراعاة الدقة في النقل، آملين أن ينفع الله بهذا الجهد وأن يجعله سبباً موصلاً إلى طريقة القويم وصراطه المستقيم، وما نريد إلا الإصلاح ما استطعنا وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير والحمد لله رب العالمين.
الحلقة الأولى
أطوار خلق الإنسان (أ)
لقد أرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً للعالمين.قال تعالى: ?وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين? )سورة الأنبياء، الآية:107 (فهو رسول إلى البدوي في الصحراء، ورسول إلى العالم وراء مختبراته في عصرنا، ورسول إلى كل العصور.(1/2)
فالرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم كان كل رسول منهم يرسل إلى قومه خاصة ?ولكل قوم هاد? )سورة الرعد، الآية:7 (أما رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهي للناس جميعاً. ولذلك جعل الله بينة محمد صلى الله عليه وسلم مختلفة عن بينات الرسل قبله. فبينات الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم يراها المعاصرون لهم ومن جاء بعدهم من أجيال متقاربة، ثم يبعث الله رسولاً جديداً فيجدد الدين ويجدد المعجزة، لكن محمداً صلى الله عليه وسلم هو الرسول الخاتم إلى يوم القيامة جعل الله معجزته باقية.فلو طلبنا من يهودي أو نصراني أن يرينا معجزة موسى أو عيسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام لقال كل من اليهودي والنصراني لا أملك ذلك. لا أستطيع أن أحضر عصا موسى، ولا أستطيع أن أحضر عيسى ليحيي الموتى أمامكم هذا الأمر ليس لنا فيه إلا الخبر التاريخي.لكن المسلم لو سئل عن أكبر معجزة لمحمد صلى الله عليه وسلم لأجاب: إنها معجزة القرآن الكريم لأنها معجزة باقية بين أيدينا ويمكن للناس أن يتفحصوا ما فيها كما قال تعالى: ?قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ? (سورة الأنعام، الآية:19) وطبيعة المعجزة في هذا الكتاب هي العلم الذي فيه كما قال تعالى: ?لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه? (سورة النساء: الآية:166) ويمكن لأهل عصرنا للباحثين للأساتذة في الجامعات لقادة الفكر الإنساني أن يفصحوا العلم الذي في كتاب الله سبحانه وتعالى.إنهم في عصرنا قد تفرقوا في الكشوف الكونية. ولقد تكلم القرآن عن الكون وعن النفس الإنسانية فماذا كانت النتيجة؟هذا هو البروفيسور "كيث ل. مور" أحد كبار العلماء في العالم في مجال (التشريح وعلم الأجنة). طلب منه أن يكون مستشاراً علمياً لإبداء رأيه من الجانب العلمي حول بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بمجال تخصصه.هذا الأستاذ مؤلف لكتاب (The Developing Human)(1/3)
(أطوار خلق الإنسان) وهذا الكتاب مترجم بثمان لغات: الروسية، واليابانية، والألمانية، والصينية، والإيطالية، والبرتغالية، والإنجليزية، واليوغوسلافية.وعندما طلبنا منه أن يبدي رأيه فيما سمع من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية اندهش وأعلن دهشته هذه، كيف يكون لمحمد صلى الله عليه وسلم قبل 1400 عام أن يصف الجنين وأطواره هذا الوصف الدقيق الذي لم يتمكن العلماء من معرفته إلا منذ ثلاثين عاماً؟ وسرعان ما تحولت دهشته إلى إعجاب بهذا البيان وهذا الهدي فتبنى هذه الآراء في المجامع العلمية وقدم محاضرة بعنوان "مطابقة علم الأجنة لما في القرآن والسنة."وقد قدمه الدكتور عبدالله نصيف مدير جامعة الملك عبدالعزيز سابقاً والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي حالياً لإلقاء محاضرته بقوله: محاضرنا اليوم هو الأستاذ كيث مور أستاذ علم التشريح والأجنة في جامعة تورنتو بكندا وقد تدرج فيها حتى وصل إلى هذه المرتبة في جامعات عديدة منها جامعة توينابك في الغرب الكندي حيث كان هناك لمدة 11 سنة ورأس العديد من الجمعيات الدولية. منها على سبيل المثال جمعية علماء التشريح والأجنة في كندا وأمريكا، ومجلس اتحاد العلوم الحيوية الأخرى. كما انتخب عضواً بالجمعية الطبية الملكية بكندا، والأكاديمية الدولية لعلوم الخلايا، والاتحاد الأمريكي لأطباء التشريح، وعضواً في إتحاد الأمريكتين في التشريح أيضاً، وقد ألف العديد من الكتب، بعض هذه الكتب في مجال التشريح الأكلينكي وعلم الأجنة، وله ثمانية كتب تعتبر مرجعاً لطلاب كليات الطب، وقد ترجمت إلى ست لغات: الإيطالية، والألمانية، والبرتغالية، والإسبانية، واليونانية، والصينية.وتحدث الدكتور مور فقال: لقد أسعدني جداً أن أشارك في توضيح هذه الآيات والأحاديث التي تتحدث عن الخلق في القرآن الكريم والحديث الشريف، ويتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله لأن كل هذه المعلومات لم تكتشف إلا حديثاً(1/4)
وبعد قرون عدة وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله.وقد عقب الشيخ الزنداني بقوله: تأمل ما قاله هذا الأستاذ الكبير من مشاهير علماء العالم في الأجنة عندما درس الآيات المتعلقة بمجال اختصاصه في هذا الكتاب تأمل ماذا قال: إنه لا بد أن يكون محمد رسولاً من عند الله.وعندما شاهد البروفيسور كيث مور العلقة التي توجد في البرك وقارن بينها وبين الجنين في مرحلة العلقة وجد تشابها كبيراً بين الاثنين ثم قال بعد ذلك: إن الجنين في مرحلة العلقة يشبه هذه العلقة تماماً. وتبنى هذه القضية وجاء بعد ذلك بصورة لهذه العلقة التي تعيش في البرك ووضعها بجوار صورة أخرى للجنين وجمع بينهما في شكل توضيحي وعرصه على الأطباء في عدد من المؤتمرات.وبين البروفيسور كيث مور أيضاً أن الجنين في مرحلة العلقة يكون معلقاً في رحم أمه.وكذلك فإن العلقة في لغة العرب تعني الدم المتجمد. وقد ذكر البروفيسور كيث مور أن الجنين في مرحلة العلقة تكون الدماء فيه محبوسة في العروق الدموية قبل أن تتم الدورة بين الجنين وبين المشيمة فيظهر شكل الجنين كشكل الدم المتجمد.وهكذا تشمل كلمة (العلقة) جميع أوصاف الجنين فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا؟.ثم تحدث البروفيسور كيث مور عن المضغة. وجاء بقطعة من الطين الصلصال ومضغها بفمه ثم جاء بصورة من جنين وقارن بين الاثنين وقال: إن الجنين يشبه المضغة.ولقد نشرت بعض الصحف الكندية كثيراً من تصريحات البروفيسور كيث مور. وأخيراً قدم كيث مور ثلاث حلقات في التلفزيون الكندي عن التوافق بين ما ذكره القرآن قبل 1400 عام وما كشف عنه العلم في هذا الزمان.وعلى أثر ذلك وجه له هذا السؤال: يا أستاذ مور معنى ذلك أنك تؤمن بأن القرآن كلام الله؟فأجاب: لم أجد صعوبة في قبول هذا. فقيل له: كيف تؤمن بمحمد وأنت تؤمن بالمسيح؟ فأجاب: أعتقد أنهما من مدرسة واحدة.وهكذا يمكن لعلماء العالم في عصرنا أن يعلموا أن هذا الكتاب قد نزل بعلم الله،(1/5)
كما قال تعالى?لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه? (سورة النساء،الآية:166).فيعلمون إذاً أن محمداً رسول الله r.
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هوالحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد?(سورة سبأ، الآية:6).
الحلقة الثانية
أطوار خلق الإنسان (ب)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وبعد:فهذا كتاب (The Developing Human) (أطوار خلق الإنسان) وهو مرجع علمي عالمي مترجم بثمان لغات مؤلفه هو البروفيسور كيث مور، عندما كونت لجنة في أمريكا لاختيار أحسن كتاب في العالم ألفه مؤلف واحد كان هذا الكتاب هو الفائز عند تلك اللجنة. صاحب هذا الكتاب التقينا به وعرضنا عليه كثيراً من الآيات والأحاديث المتعلقة بمجال تخصصه في علم الأجنة فاقتنع بما عرضنا عليه وقلنا له: إنك ذكرت في كتابك القرون الوسطى وقلت إن هذه القرون لم يكن فيها تقدم لعلم الأجنة بل لم يعلم فيها إلا الشيء القليل وفي هذه العصور عندكم كان القرآن ينزل عندنا وكان محمد صلى الله عليه وسلم يعلم الناس الهدي الذي جاء من عند الله سبحانه وتعالى وفيه الوصف الدقيق لخلق الإنسان ولأطوار خلق الإنسان.وأنت رجل عالمي فلماذا لم تنصف وتضع في كتابك هذه الحقائق؟ فقال: الحجة عندكم وليست عندي قدموها لنا ففعلنا فكان هو كذلك عالماً شجاعاً. فوضع إضافة في الطبعة الثالثة وهي الآن منتشرة في العالم بثمان لغات يقرؤها أكابر العلماء في العالم الذين ينطقون باللغة الإنجليزية والروسية والصينية واليابانية والألمانية والإيطالية واليوغوسلافية والبرتغالية. أكابر العلماء في العالم الناطقون بهذه اللغات يقرؤون ما أضافه البروفيسور كيث مور في هذا الباب.يقول البروفيسور كيث مور في كتابه تحت عنوان: العصور الوسطى:كان تقدم العلوم في العصور الوسطى بطيئاً ولم نعلم عن علم الأجنة إلا الشيء القليل وفي القرآن الكريم الكتاب المقدس لدى المسلمين ورد أن(1/6)
الإنسان يخلق من مزيج من الإفرازات من الذكر والأنثى وقد وردت عدة إشارات بأن الإنسان يخلق من نطفة من المني وبين أيضاً أن النطفة الناتجة تستقر في المرأة كبذرة بعد ستة أيام، والمعروف أن البيضة الملقحة بعد أن تكون قد بدأت في الانقسام تبدأ في النمو بعد ستة أيام من الإخصاب ويقول القرآن الكريم أيضاً: إن النطفة (المني) تتطور لتصبح قطعة من دم جامد (علقة) وأن البُييضة الملقحة بعد أن تكون قد بدأت في الانقسام أو أن البُييضة الملقحة التي بدأت بالإنقسام أو الحمل المجهض تلقائياً يمكن أن تشبه العلقة ويمكن رؤية مظهر الجنين في تلك المرحلة يشبه العلقة كما هو موضح (الشكل):فإن الرسم لا يختلف عن شكل العلقة أو ماص الدماء.ويكون مظهر الجنين في هذه المرحلة يشبه شيئاً ممضوغاً كاللبان أو الخشب ويظهر في (الشكل):وكأن فيها آثار الأسنان التي مضغتها، ولقد اعتبر الجنين في الشكل الإنساني بعد مضي أربعين أو اثنين وأربعين يوماً ولا يشبه بعدها جنين الحيوان. لأن الجنين البشري يبدأ باكتساب مميزات الإنسان في هذه المرحلة، كما هو مبين في (الشكل):قال تعالى: ?يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث? (سورة الزمر، الآية:6).إن الجنين يتطور داخل ثلاثة حجب مظلمة. وهذا قد يشير إلى:
1- جدار البطن الخارجي للمرأة.
2- جدار الرحم.(1/7)
3- الغشاء الداخلي الذي يحيط بالجنين مباشرة، ولا يتسع المجال لمناقشة موضوعات هامة أخرى مشوقة وردت في القرآن الكريم وتتعلق بتطور الإنسان في مرحلة ما قبل ولادته.هذا الذي كتبه د. كيث مور وأصبح منتشراً في العالم اليوم ولله الحمد هذا ما أملاه عليه البحث العلمي. لقد اقتنع الأستاذ كيث مور أيضاً بأن التقسيم الذي تقسم إليه أطوار الجنين في بطن أمه الآن في العالم كله تقسيم صعب غير مفهوم ولا ينفع في فهم مراحل تطور الجنين، ذلك لأنه يقسم المراحل تقسيماً رقمياً أي المرحلة 1،2،3،4، أو المرحلة رقم 5 وهكذا.والتقسيم الذي جاء بالقرآن لا يعتمد على الأرقام بل يعتمد على الأشكال المتميزة الجلية فكانت التقسيمات في كتاب الله "نطفة-علقة-مضغة-عظام-كساء العظام باللحم-النشأة خلقاً آخر" وهناك تفاصيل متفاوتة في كل منها.وعن هذه التقسيمات القرآنية التي تعتمد على الشكل المحدد المتميز عن الشكل الآخر قال البروفيسور كيث مور: هي تقسيمات علمية دقيقة، وتقسيمات سهلة ومفهومة ونافعة، ووقف في أحد المؤتمرات يعلن هذا فقال:الدكتور كيث مور: "يحمي الجنين في رحم الأم ثلاثة أحجبه أو طبقات موضحة في الشريحة التالية:
أ- الجدار البطني.
ب- الجدار الرحمي.
ج- الغشاء.(1/8)
لأن مراحل تطور الجنين البشري معقدة وذلك بسبب التغيرات المستمرة التي تطرأ عليه فإنه يصبح بالإمكان تبني نظام جديد في التصنيف باستخدام الاصطلاحات والمفاهيم التي ورد ذكرها في القرآن والسنة، ويتميز النظام الجديد بالبساطة والشمولية إضافة إلى انسجام مع علم الأجنة الحالي.لقد كشفت الدراسات المكثفة للقرآن والحديث خلال السنوات الأربعة الأخيرة جهاز تصنيف الأجنة البشرية الذي يعتبر مدهشاً حيث إنه سجل في القرن السابع بعد الميلاد فيما يتعلق بما هو معلوم من تاريخ علم الأجنة لم يكن يعرف شيء عن تطور وتصنيف الأجنة البشرية حتى حلول القرن العشرين ولهذا السبب فإن أوصاف الأجنة البشرية في القرآن الكريم لا يمكن بناؤها على المعرفة العلمية للقرن السابع. الاستنتاج الوحيد المعقول هو أن هذه الأوصاف قد أوحيت إلى محمد r من الله. إذ ما كان له أن يعرف مثل هذه التفاصيل لأنه كان أمياً ولهذا لم يكن قد نال تدريباً علمياً.الشيخ الزنداني: وقلنا للدكتور مور: إن هذا الذي قلته صحيح ولكنه أقل مما عرض عليك من حقائق الكتاب والسنة في مجال علم الأجنة فلم لا تكون منصفاً وتفسح المجال لبيان جميع الآيات والأحاديث التي وردت في القرآن المتعلقة بمجال اختصاصك. قال: لقد كتبت القدر المناسب في المكان المناسب في كتاب علمي متخصص ولكني أسمح لك أن تضيف إلى كتابي إضافات إسلامية تجمع فيها جميع الآيات والأحاديث التي تحدثنا عنها وناقشناها وتضعها في مواضعها المناسبة من كتابي هذا وبعد ذلك تقدم وتبين أوجه الإعجاز في هذا الكتاب ففعلت ذلك. ثم بعد ذلك وضع الدكتور كيث مور مقدمة هذه الإضافات الإسلامية فكان هذا الكتاب هو الذي اقترحه البروفيسور كيث مور مع الإضافات الإسلامية كما يراه القارئ بين يديه. لقد رجعنا إلى كل صفحة من الصفحات التي فيها حقائق من علم الأجنة فوضعنا في مقابلها الآيات والأحاديث النبوية التي تبين وجه الإعجاز.إننا اليوم بإذن الله(1/9)
تعالى على موعد مع الإسلام في فتح جديد للعقول البشرية المنصفة.
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هوالحق ويهدي إلى صراط العزيزالحميد?(سورة سبأ، الآية:6)
الحلقة الثالثة
عن الإحساس ومراكزه في الجلد والأعصاب والتصوير القرآني
أقر الدكتور تاجات تاجاسون في هذه الحلقة بأنه:"لا إله إلا لله محمد رسول الله".
وعقب الشيخ الزنداني بقوله: إنه يعلن الشهادتين، كان هذا في المؤتمر الطبي السعودي الثامن بالرياض، إنه البروفيسور تاجات تاجاسون رئيس قسم التشريح والأجنة في جامعة شاينج ماي بتايلاند والآن عميد كلية الطب بها. بدأت صلتنا بالبروفيسور تاجات تاجاسون عندما عرضنا عليه بعض الآيات والأحاديث النبوية المتعلقة بمجال تخصصه في مجال علم التشريح وعندما أجاب عليها قال لنا: ونحن كذلك يوجد لدينا في كتبنا المقدسة البوذية أوصاف دقيقة لأطوار الجنين فقلنا له: نحن بشوق لكي نعرف هذه الأوصاف ونريد أن نطلع على ما كتب في هذه الكتب. وعندما جاء ممتحناً خارجياً لطلاب الطب في جامعة الملك عبدالعزيز بعد عام سألناه فاعتذر لنا وقال: كنت قد أجبتكم دون أن أتثبت لهذا الأمر ولما بحثت عنه وجدت أنه لا توجد النصوص التي ذكرتها لكم. عندئذٍ قدمنا له محاضرة مكتوبة للدكتور كيث مور وكان عنوان المحاضرة "مطابقة علم الأجنة لما في القرآن والسنة" وسألناه عن الأستاذ كيث مور هل تعرفه؟ قال: إنه رجل من كبار علماء العالم المشهورين في هذا المجال. وبعد أن اطلع على هذه المحاضرة اندهش أيضاً . وسألناه عدداً من الأسئلة في مجال تخصصه كان منها ما يتعلق بالجلد فأجابنا قائلاً:الدكتور تاجات تاجاسون: نعم، إذا كان الحرق عميقاً دمر عضو الإحساس بالألم.المترجم المناقش: سيهمك أن تعرف أنه في هذا الكتاب المقدس القرآن الكريم إشارة منذ ألف وأربعمائة سنة إلى يوم عقاب الكافرين بعذاب النار في جهنم ويذكر القرآن أنه عندما ينضج الجلد يخلق الله لهم جلوداً(1/10)
أخرى حتى يذوقوا العقاب بالنار مما يشير إلى حقيقة أطراف الأعصاب في الجلد ونص الآية هو:?إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا ً حكيماَ?(سورة النساء, الآية:56).هل توافق على أن هذه إشارة إلىأهمية أطراف الأعصاب في الجلد بالنسبة إلى الإحساس منذ 1400سنة؟الدكتور تاجاتات تاجاسون: نعم , اوافق أن هذه معرفة إذا الإحساس عرفت منذ زمن طويل قبل ذلك لأنه مذكور أنه إذا ارتكب أحد خطيئة وعوقب بحرق جلده يخلق الله جلداً جديداً ويغطيه لجعله يذوق الألم مرة أخرى هذا يعني أنه كان معروفاً منذ 1400سنة أن مستقبل الإحساس بالألم لا بد وأن يكون في الجلد ولذلك فلا بد أن يخلق لهم جلداً جديداً.الشيخ الزنداني: إن الجلد هو مركز الإحساس بالحريق إذا حرق الجلد بالنار فإذا نضج فقد الإحساس, لذلك يعاقب الله الكفار يوم القامة بإعادة الجلد مرة بعد مرة كما قال تعالى:?إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب…? وهكذا ذكرنا له عدداً من الآيات والأحاديث وسألناه بعد ذلك هل يمكن أن تكون هذه الآيات قد جاءت إلى محمد صلى الله عليه وسلم من مصدر بشري؟(1/11)
فأجاب: لا يمكن أن يكون ذلك. قلنا: فمن أين جاءت؟ قال: لا يمكن أن تكون مصدراً بشرياً ولكن أسألكم أنتم من أين تلقى محمد هذه العلوم؟ قلنا له: من عند الله سبحانه وتعالى. فقال لنا: ومن هو الله؟ قلنا له: إنه الخالق لهذا الوجود. إذا رأيت الحكمة، الحكمة تدل على الحكيم، وإذا رأيت العلم في هذا الوجود دلك على أنه من صنع العليم، وإذا رأيت الخبرة في تكوين هذه المخلوقات دلتك على أنها من صنع الخبير. وإذا رأيت الرحمة شهدت لك على أنها من صنع الرحيم وهكذا إذا رأيت النظام الواحد في هذا الوجود والترابط المحكم دلك ذلك على أنه من صنع الخالق الواحد سبحانه وتعالى.فأقر بما قلنا، ثم عاد إلى بلاده وألقى عدداً من المحاضرات عن هذه الظاهرة التي رآها واطلع عليها وبلغنا أنه أسلم بعد محاضرته خمسة من طلابه.ثم جاء موعد المؤتمر الطبي السعودي الثامن واستمع في الصالة الكبرى التي خصصت للإعجاز الطبي في القرآن والسنة طوال أربعة أيام لعدد من الأساتذة من المسلمين وغير المسلمين يتحدثون عن هذه الظاهرة (الإعجاز العلمي في القرآن والسنة).وفي ختام هذه الجلسة وقف البروفيسور تاجاتات تاجسون يقول هذه الكلمات.البروفيسور تاجاتات تاجاسون: "في السنوات الثلاث الأخيرة أصبحت مهتماً بترجمة معاني القرآن الكريم الذي أعطاه لي الشيخ عبدالمجيد الزنداني في العام الماضي، ومحاضرات البروفيسور كيث مور التي طلب مني الشيخ الزنداني أن أترجمها إلى اللغة التايلاندية وأن ألقي فيها بعض المحاضرات للمسلمين الذي أعطيته في دراساتي، فإنني أؤمن أن كل شيء ذكر في القرآن منذ 1400 سنة لا بد أن يكون صحيحاً، ويمكن إثباته بالوسائل العلمية، وحيث إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يستطيع القراءة والكتابة فلا بد أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول جاء بهذه الحقيقة، لقد بعث إله هذا عن طريق وحي من خالق عليم بكل شيء، هذا الخالق لا بد أن يكون هو الله، ولذلك فإنني أعتقد(1/12)
أنه حان الوقت لأن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.أخيراً يجب أن أشكركم على جهدكم لإعداد هذا النقاش والذي كان على درجة عالية من النجاح. إن الفقرات التي أعدت (لهذا المؤتمر) بمثل هذا الحجم لا بد وأنها كانت صعبة جداً لقد اهتممت كثيراً ليس بالجانب العملي فقط ولكن بالأمانة العظيمة التي أصبحت لي لزيارة العلماء وتكوين صداقات جديدة. إن أثمن شيء اكتسبته باعتناق هذه العقيدة هو (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فأصبحت مسلماً".الشيخ الزنداني: وصدق الله القائل: ?وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها? (سورة النمل، الآية:93).
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هوالحق ويهدي إلى صراط العزيزالحميد?(سورة سبأ الآية:6)
الحلقة الرابعة
عن تصريحات البروفيسور كرونر بشأن الأخبار القرآنية عن الجيولوجيا وتكون الأجرام
البروفيسور ألفريد كرونر: إن كثيراً من القضايا المعروضة في ذلك الوقت لم يكن من الممكن إثباتها ولكن الوسائل العلمية الحديثة الآن في وضع تستطيع فيه أن تثبت ما قاله محمد صلى الله عليه وسلم منذ 1400 سنة.(1/13)
الشيخ عبدالمجيد الزنداني: هذا هو البروفيسور ألفريد كرونر من أشهر علماء العالم في الجيولوجيا اشتهر بين العلماء بنقده لنظريات أكابر علماء العالم في علم الجيولوجيا. التقينا به وعرضنا عليه عدداً من الآيات وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاب عليها وناقشناه فيها فقال:البروفيسور كرونر: إن التفكير في كثير من مسائل الجيولوجيا ونشأة الأجرام من أين جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان بدوياً على أية حال يجعلنا نعتقد أنه من المستحيل أن يكون قد عرفها بنفسه أو بمعارف عصره لأن العلماء اكتشفوا ذلك فقط خلال السنوات القليلة الماضية بوسائل معقدة جداً ومتقدمة جداً تكنولوجياً.الشيخ عبدالمجيد الزنداني: ولقد اختار مثلاً للتدليل على أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون قد جاء من عند محمد النبي الأمي. كان المثل الذي اختاره البروفيسور ألفريد هو المتعلق بوصف القرآن للبداية الواحدة لهذا الكون والمتعلقة بقول الله تعالى: ?أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي?(سورة الأنبياء، الآية:30).?كانتا رتقاً ففتقناهما? كما قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما رضي الله عنهما كانتا ملتزقتين أو ملتصقتين ففصلتا.ضرب البروفيسور كرونر مثلاً بهذه الآية لبيان أن هذا لا يمكن أن يكون من عند محمد ولا يمكن أن يكون من المعلومات البشرية في عصره.البروفيسور كرونر: وشخص لا يعرف عن الفيزياء النووية منذ 1400 سنة ما كان له في رأيي أن يكون في وضع يكشف فيه بعقله هو مثلاً أن الأرض والسماوات كانت لهما نفس الأصول أو كثيراً من المسائل الأخرى التي ناقشناها هنا.الشيخ عبدالمجيد الزنداني: لقد كان البروفيسور كرونر لا يترك لنا فرصة يمكنه أن يفر منها إلا فر سأذكر مثالاً على ذلك ونحن نتناقش معه كيف كانت بلاد العرب لقد سألناه: هل كانت بلاد العرب بساتين وأنهاراً؟ فأجاب: نعم، فقلنا: متى كان هذا؟ قال: في(1/14)
العصر الجليدي الذي مر بالأرض إن الجليد يتراكم في القطب المتجمد الشمالي ثم يزحف نحو الجنوب فإذا اقترب من جزيرة العرب قرباً نسبياً طبعاً تغير الطقس وتكون بلاد العرب من أكثر بلاد العالم بساتين وأنهاراً، قلنا له: وهل ستعود بلاد العرب بساتين وأنهاراً؟ قال: نعم، هذه حقيقة علمية. فعجبنا كيف يقول هذه حقيقة علمية وهي مسألة تتعلق بالمستقبل. فسألناه: لماذا؟
قال: لأن العصر الجليدي قد بدأ، فهذه الثلوج تزحف من القطب المتجمد الشمالي مرة ثانية نحو الجنوب وهي في طريقها لتقترب من المناطق القريبة من بلاد العرب.ثم قال: إن من أدلتنا على ذلك ما تسمعون عنه من العواصف الثلجية التي تضرب في كل شتاء المدن الشمالية في أوروبا وأمريكا. هذه من أدلة العلماء على ذلك، لهم أدلة كثيرة إنها حقيقة علمية. فقلنا له: إن هذا الذي تذكره أنت لم يصل إليه العلماء إلا بعد حشد طويل من الإكتشافات وبعد آلات دقيقة يسرت لهم مثل هذه الدراسات لكنا قد وجدنا هذا مذكوراً على لسان محمد النبي الأمي قبل 1400 عام.قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم: (في الزكاة باب18 حديث60): "لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً" أي بساتين وأنهاراً فقلنا له: من قال لمحمد صلى الله عليه وسلم أن بلاد العرب كانت بساتين وأنهاراً؟ فأجاب على الفور قال: الرومان فتذكرت قدرته على التخلص من المآزق فقلنا: إذاً نوجه له سؤالاً آخر فقلنا له: ومن أخبره بأنها ستعود مروجاً وأنهاراً؟.لقد كان يفر إذا أحرج وإذا وجد فرصة، ولكنه إذا وجد الحقيقة يكون شجاعاً ويعلن رأيه بصراحة قال: إن هذا لا يمكن أن يكون إلا بوحي من أعلى.وبعد مناقشتنا معه علق على هذه المناقشة بكلمته هذه:(1/15)
البروفيسور كرونر: أعتقد أنك لو جمعت كل هذه الأشياء وجمعت كل هذه القضايا التي بسطت في القرآن الكريم والتي تتعلق بالأرض وتكوين الأرض والعلم عامة، يمكنك جوهرياً أن تقول: إن القضايا المعروضة هناك صحيحة بطرق عديدة، ويمكن الآن تأكيدها بوسائل علمية، ويمكن إلى حد ما أن نقول: إن القرآن هو كتاب العلم المبسط للرجل البسيط وإن كثيراً من القضايا المعروضة فيه في ذلك الوقت لم يكن من الممكن إثباتها. ولكنك بالوسائل العلمية الحديثة الآن في وضع تستطيع فيه أن تثبت ما قاله محمد صلى الله عليه وسلم منذ 1400 سنة.الشيخ الزنداني: وصدق الله القائل في كتابه: ?إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين?(سورة ص، الآية: 87-88).
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هوالحق ويهدي إلى صراط العزيزالحميد?(سورة سبأ الآية:6)
الحلقة الخامسة
التوصيف الظاهري والداخلي لأطوار التخلق الإنساني في القرآن الكريم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:(1/16)
فهذا هو البروفيسور مارشال جونسون رئيس قسم التشريح ومدير معهد دانيال بجامعة توماس جيفرسون بفلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، لقد التقينا به في المؤتمر الطبي السعودي الثامن وقد خصصت لنا لجنة تبحث في موضوع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة فالتقينا به أول ما التقينا في هذه اللجنة.بدأ بالسؤال فقال: ما هو موضوع لجنتنا هذه؟ فقلنا له:موضوعنا هو دراسة العلاقة بين ما ذكر في القرآن والسنة قبل 1400 عام وما ذكرته العلوم الحديثة فقال: مثل ماذا؟ قلنا: مثلاً ذكر العلم أن الإنسان يخلق في أطوار وذكر القرآن الكريم هذه الأطوار قبل 1400عام. كان جالساً فوقف يصيح لا. لا. لا اجلس يا دكتور قال: أجلس ما هذا الكلام الذي تقوله؟ كنا ندرك أثر هذا عليه وهو أحد العلماء المشهورين في أمريكا يعلم أن البشرية بعد اكتشاف الميكروسكوب في القرن السادس عشر كان الأطباء طوال القرن السابع عشر يعتقدون أن الإنسان يخلق خلقاً كاملاً في الحيوان المنوي أي في نطفة الرجل أي في السلالة التي تخرج من الرجل كما في (هذا الشكل):هذا الشكل رسمه الأطباء في ذلك العصر ليدللوا على أن الإنسان يخلق خلقاً كاملاً في هذا الحيوان المنوي، واستمر هذا الاعتقاد إلى القرن الثامن عشر.وبعد اكتشاف البُييضة في القرن 18 غير العلماء جميعاً آراءهم قالوا: إن الإنسان يخلق خلقاً كاملاً في بُييضة المرأة لأنها أكبر، وأهمل دور الرجل بعد أن أهمل القرن السابع عشر دور المرأة، وفي منتصف القرن 19 فقط بدأ الإنسان، وبدأ العلماء يكتشفون أن الإنسان يخلق في أطوار.لذلك لما قيل للبروفيسور مارشال جونسون هذا مذكور في القرآن قبل 1400 عام وقف يصرخ لا لا لا فقمنا إليه وقدمنا له المصحف وقلنا له: تفضل اقرأ وقرأنا عليه قوله سبحانه: ?ما لكم لا ترجون لله وقاراً* وقد خلقكم أطوارا? (سورة نوح، الآية:13-14) وقرأ ترجمة معناها باللغة الإنجليزية. ثم قرأنا عليه قول الله سبحانه وتعالى:(1/17)
?يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث? (سورة الزمر، الآية:6) فجلس، قال: لكن هذا يمكن أن يكون له ثلاثة تفسيرات، الأول: أن يكون صدفة. فجمعنا له أكثر من خمسة وعشرين نصاً ووضعناها بين يديه، وقلنا: كل هذه النصوص قد تكون صدفة؟ ثم إن القرآن الكريم قد أعطى لهذه الأطوار أسماء هذا نطفة والذي بعده علقة والذي بعده مضغة والذي بعده العظام والذي بعده كساء العظام باللحم. إنه سمى هذه الأطوار بأسماء أيكون هذا صدفة؟ فقال:لا. قلنا: فماذا بقي؟ قال: يمكن أن يقال: إن محمداً عنده ميكروسكوبات ضخمة: قلنا: أنت تعلم أن مثل هذه الأطوار والدقائق والتفاصيل وما عرفه العلم من تفاصيل هذه الأطوار وذكره القرآن كذلك هذا لا يتيسر إلا بميكروسكوبات ضخمة جداً والذي عنده هذه الميكروسكوبات الضخمة لا بد أن يكون له تقنية عالية جداً وتنعكس على طعامه وشرابه وحربه وسلمه ولا بد أن يتلقى هذا من الجيل الذي قبله، ويسلمه للجيل الذي بعده فضحك بعد ذلك وقال: لقد رأيت في معرض من المعارض أول ميكروسكوب اخترع في العالم. إنه لا يكبر أكثر من عشر مرات، ولا يستطيع أن يظهر الصورة واضحة.لا. لم يكن عند محمد أجهزة ولا مكروسكوبات فما بقي إلا أن نقول هو رسول من عند الله ثم بعد ذلك تبنى هذه الأبحاث المتعلقة بالإعجاز العلمي وركز في بعض أبحاثه على أطوار الجنين، فبينما كان الدكتور كيث مور وغيره من الدكاترة يتكلمون عن الشكل الظاهري أخذ يقدم بحثه هو عن وصف القرآن الدقيق لشكل الجنين الخارجي ولتركيبات الجنين الداخلية.البروفيسور مارشال جونسون: القرآن في الواقع شرح المراحل الخارجية ولكنه يؤكد أيضاً المراحل التي داخل الجنين أثناء خلقه وتطوره مؤكداً على أحداث رئيسية تعرف عليها العلماء المعاصرون.(1/18)
الشيخ عبدالمجيد الزنداني: هذا الشكل الذي نراه للمضغة ضمن الأشياء التي قدمها واستدل بها. تعطينا الشكل الخارجي للجنين إنه يكون مقوساً كما نرى ويكون في نهاية هذا القوس آثار وكأنها طبع الأسنان ليوحي بشكل المضغة ونرى انتفاخات وأخاديد ونرى سطحاً منفرجاً يعطي انطباع المضغة، هذه المضغة طولها1 سم.لو أننا وضعنا قطاعاً منها جئنا نشرح الأجزاء الداخلية سنجد معظم الأجهزة قد تخلقت كما هو واضح في هذا الشكل، وسنرى في هذا الشكل الظاهر أمامنا الآن- أن جزءاً من الخلايا قد تخلق، وجزءاً آخر لم يتخلق بعد . إذا أردنا أن نصف هذه المضغة. هذا ما يقوله البروفيسور جونسون –ماذا نقول؟ هل نقول هي مخلقة؟ هذا ينطبق على الجزء الذي تخلق. نقول غير مخلقة؟ سيصدق هذا على الجزء الذي لم يخلق فقط. قال: فلا بد لنا أن نصف المضغة في تركيبها الداخلي بالوصف الذي وصفت به في القرآن فنقول كما قال القرآن: ?ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة? ثم جاء بملخص لبحثه هذا فقال:(1/19)
البروفيسور مارشال جونسون: إنني كعالم أستطيع فقط أن أتعامل مع أشياء أستطيع أن أراها بالتحديد أستطيع أن أفهم علم الأجنة وتطور علم الأحياء أستطيع أن أفهم الكلمات التي تترجم لي من القرآن كما ضربت لكم أمثلة من قبل. إذا افترضنا أنني نقلت نفسي لتلك الفترة عملاً بما تعلمته حتى اليوم وواصفاً الأشياء. لقد استطعت أن أصف الأشياء التي تترجم لي من القرآن كما ضربت لكم أمثلة من قبل. إذا افترضنا أنني نقلت نفسي لتلك الفترة عملاً بما تعلمته حتى اليوم وواصفاً الأشياء. لقد استطعت أن اصف الأشياء التي وصفت. إنني لا أرى شيئاً لا أرى سبباً لا أرى دليلاً على حقيقة تفند مفهوم هذا الفرد محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا بد وأنه يتلقى هذه المعلومات من مكان ما ولذلك إنني لا أرى شيئاً يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولاً فيما كان باستطاعته أن يبلغه.الشيخ الزنداني: هذا هو البروفيسور مارشال جونسون الذي بدأ رافضاً لما قلناه من أول وهلة وانتهى به الأمر متبنياً لهذه الأبحاث في عديد من المؤتمرات. عندما سئل عن رأيه في تفسير هذه الظاهرة- ظاهرة ما كشفه العلم من تصديق لما جاء في القرآن والسنة- أجاب بقوله: نعم، إنه الوحي. نعم، لا طريق أمام البشرية إلا أن تقر كما يقر هؤلاء العلماء بأن الله قد أوحى إلى محمد صلى الله عليه وسلم كتاباً أنزله بعلمه ووعد البشرية أثناء سيرها أن تكتشف طوال سيرها ما يدلها على أن هذا القرآن من عند الله كما قال تعالى: ?ولتعلمن نبأه بعد حين? (سورة ص، الآية: 88).وكما قال تعالى: ?لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون? (سورة الأنعام، الآية:67).وكما قال تعالى: ?سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق* أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد? (سورة فصلت، الآية:53).
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هوالحق ويهدي إلى صراط العزيزالحميد?(سورة سبأ الآية:6)
الحلقة السادسة(1/20)
عن تطابق بعض الكشوف الكونية مع الأخبار القرآنية
البروفيسور يوشيودي كوزان: "قلت: إنني متأثر جداً باكتشاف الحقيقة في القرآن".
الشيخ الزنداني: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنه يتكلم بلغته الأصلية اللغة اليابانية إنه البروفيسور يوشيودي كوزان مدير مرصد طوكيو عرضنا عليه عدداً من الآيات المتعلقة بوصف بداية الخلق وبوصف السماء وبعلاقة الأرض بالسماء فلما قرأ معاني هذه الآيات وسألنا عن القرآن وعن زمن نزوله فأخبرناه أنه نزل منذ 1400 عام وسألناه نحن عن هذه الحقائق التي تعرضت لها هذه الآيات فأجاب وكان بعد كل إجابة يجيب بها نعرض عليه النص القرآني. ولقد عبر عن دهشته فقال: "إن هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطة في الوجود فكل شيء أمامه مكشوف إن الذي قال هذا القرآن، يرى كل شيء في هذا الكون، فليس هناك شيء قد خفي عليه" . سألناه عن الفترة الزمنية التي مرت بها السماء يوم أن كانت في صورة أخرى فأجاب: لقد تضافرت الأدلة وحشدت وأصبحت الآن شيئاً مرئياً مشاهداً نرى الآن نجوماً في السماء تتكون من هذا الدخان الذي هو أصل الكون كما نرى في (هذا الشكل):هذه الصورة حصل عليها العلماء أخيراً بعد أن أطلقوا سفن الفضاء إنها تصور نجماً من النجوم وهو يتكون من الدخان. انظروا إلى الأطراف الحمراء للدخان الذي في بداية الالتهاب والتجمع وإلى الوسط الذي اشتدت به المادة وتكدست فأصبح شيئاً مضيئاً وهكذا النجوم المضيئة كانت قبل ذلك دخاناً وكان الكون كله دخاناً. وعرضنا عليه الآية وهي قول الله جل وعلا: ?ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين? (سورة فصلت،الآية:11).إن بعض العلماء يتكلمون عن هذا الدخان فيقولون إنه ضباب فبين البروفيسور يوشيودي كوزان أن لفظ الضباب لا يتناسب مع وصف هذا الدخان، لأن الضباب يكون بارداً وأما هذا الدخان الكوني فإن فيه شيئاً من الحرارة. نعم، الدخان عبارة عن(1/21)
غازات تعلق فيها مواد صلبة. ويكون معتماً وهذا وصف الدخان الذي بدأ منه الكون. قبل أن تتكون النجوم كان عبارة عن غازات تعلق فيها مواد صلبة وكان معتماً. قال: وكذلك كان حاراً، فلا يصدق عليه وصف الضباب، بل إن أدق وصف هو أن نقول: هو دخان.
وهكذا أخذ يفصل فيما عرض عليه من آيات وأخيراً سألناه: ما رأيك في هذه الظاهرة التي رأيتها بنفسك، العلم يكشف بتقدمه أسرار الكون، فإذا بكثير من هذه الأسرار قد ذكرت في القرآن أو ذكرت في السنة هل تظن أن هذا القرآن جاء إلى محمد صلى الله عليه وسلم من مصدر بشري؟ كما نرى هذه المحاورة معاً.البروفيسور يوشيودي كوزان: وقبلنا كان هؤلاء الفلكيون المعاصرون يدرسون تلك القطع الصغيرة في السماء. لقد ركزنا مجهودنا لفهم هذه الأجزاء الصغيرة لأننا نستطيع باستخدام التلسكوب أن نرى كل الأجزاء الرئيسية في السماء، ولذلك أعتقد أنه بقراءة القرآن وبإجابة الأسئلة أنني أستطيع أن أجد طريقاً في المستقبل للبحث في الكون.الشيخ عبدالمجيد الزنداني: قال كما رأينا لا. لا يمكن أن يكون من مصدر بشري. وقال: إننا نحن العلماء نركز على جزء صغير في دراستنا، أما من يقرأ القرآن فإنه يرى صورة واسعة لهذا الكون. قال: إنني عرفت منهجاً جديداً في دراسة الكون لا بد أن ننظر إليه نظرة شاملة لا أن ننظر إليه من هذه النقطة الضيقة الجزئية المحدودة. قال: إنني سأنهج هذا المنهج وقد عرفت بعد أن قرأت القرآن وهذه الآيات المتعلقة بالكون عرفت مستقبلي، أي إنني سأخطط أبحاثي على هذه النظرة الشاملة التي استفدتها من كتاب الله.سبحانك يا رب سبحانك ها هم علماء الشرق وعلماء الغرب يحنون رؤوسهم إجلالاً لهذا الكتاب الكريم، هذه حجة محمد صلى الله عليه وسلم. هذه هي معجزته الباقية المتجددة، هذه هي المعجزة الحية التي تقنع المسلمين وغير المسلمين وتقنع الأجيال إلى يوم الدين.(1/22)
?لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه…? (سورة النساء، الآية:166).?وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها?(سورة النمل، الآية:93).
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هوالحق ويهدي إلى صراط العزيزالحميد?(سورة سبأ الآية:6)
الحلقة السابعة
الإسلام والعلم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين… وبعد، فإن الفكر الغربي يعيش معركة قوية عارمة بين الدين والعلم فلا يمكن لمفكر غربي أن يتقبل أن يكون هناك لقاء بين الدين والعلم ذلك لأن التوراة المقدسة عند النصارى تقول: إن الشجرة التي منع آدم من أكلها هي شجرة المعرفة. فإنه بعد أن أكل منها ازداد بصيرة، لذلك أخذت أوروبا تتحاور مدة قرنين من الزمان، هل تقبل هذه العلوم الكونية القادمة من بلاد المسلمين أم تردها على المسلمين لأن القسس حكموا على هذه العلوم والمعارف بأنها المعصية الأولى واستدلوا بأن التوراة تقول بأن آدم عندما أكل من هذه الشجرة ازداد بصيرة وغضب الله عليه وطرده من رحمته، لذلك رفضوا هذه العلوم جملة وتفصيلاً وصادروا هذا العلم من أساسه فلما انتصر قادة العلم على رجال الكنيسة انتقموا بحركة في اتجاه معاكس فأرادوا أن يصادروا الدين من أساسه وفعلوا ذلك واعتسفوا أي شيء من أجل أن ينجحوا في معركتهم حتى نجحوا في حصر الكنيسة في أضيق دائرة لها. ولذلك عندما تتكلم مع غربي عن الدين والعلم يعجب يقول: ماذا تقول؟ إنهم لا يعرفون الإسلام، لا يعرفون أن الإسلام كرم العلم والعلماء وجعل العلماء هم الشهود على أن لا إله إلا الله بعد الملائكة كما جاء في قوله تعالى:?شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم? (سورة آل عمران، الآية:18).وكما قال تعالى: ?فاعلم أنه لا إله إلا الله? (سورة محمد، الآية:19).ويعلمون أن الصفة التي كرم الله آدم بها على الملائكة هي صفة العلم وأن القصة عندنا في القرآن تعاكس الذي جاء عندهم في(1/23)
التوراة بعد أن حرفوا قول الله جل وعلا. إن العلم هو سبب تكريم آدم لا سبب طرده هذا ما يقرره القرآن ولذلك إذا حدثتهم عن الإسلام والعلم ظنوا أنك تحدثهم عن أمر مشابه لما في دينهم وعن موقف مشابه لدينهم وللعلم ولكنهم يفاجؤون بعد ذلك إذا وجدوا الحقائق جلية واضحة.
من هؤلاء الذين فوجئوا بهذا: البروفيسور جولي سمسون وهو أستاذ أمراض النساء والولادة في جامعة نورث وستون في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية. التقينا به وكان في شك أول الأمر –يريد أن يتأكد هل هذه نصوص القرآن؟ هل هذه نصوص السنة؟ فلما اطمأنت نفسه ورأى النصوص المتعلقة بالوراثة والتي تحدث في المراحل الأولى في الجنين عندما يكون نطفة، وعرف دقة الأوصاف وكيف أن القرآن يقرر أن الإنسان يخلق بعد أن تجمع النطفتان فيتقرر خلق الإنسان، وبعد ذلك يقرر البرنامج الوراثي في هذه الكروموزومات التي نشاهدها الآن. هذه الكروموزومات فيها تفاصيل الإنسان الذي يولد لون العينين، لون الجلد، لون الشعر، كثير من تفاصيل الإنسان مقررة هنا، فالإنسان في هذه الكروموزمات مقدر، وهذه الكروموزمات في مرحلة النطفة، إذاً فهذا الإنسان يقدر وهو في مرحلة النطفة.قال تعالى: ?قتل الإنسان ما أكفره * من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدره? (سورة عبس، الآية:17-19).والجنين قبل أربعين يوماً –خلال الأربعين يوماً الأولى- تجمع جميع أجهزته، فتكون جميع الأجهزة قد ظهرت، وإن كانت تظهر تباعاً.بدأت الأجهزة تتخلق وتجمع، والجنين يكون منحنياً على نفسه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً" تعرض البروفيسور جولي سممسون لهذا الحديث والحديث الآخر: "إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً فصورها" وأخذ يقارن بين الحديثين والحد الفاصل بينهما وبعد أن رأى هذه الدقائق والتفاصيل وقف في أحد المؤتمرات يعلن رأيه حول هذا الموضوع فقال:البروفيسور جولي(1/24)
سمسون: من هذين الحديثين يمكننا استخلاص جدول محدود حول التطور الرئيسي للجنين قبل أربعين يوماً. ومرة أخرى تكررت هذه النقطة من قبل.
الشيخ الزنداني: إنه يقول: إن بإمكان الدين أن يقود العلم قيادة ناجحة انظروا هناك الدين ضد العلم، وهنا هذا البروفيسور الأمريكي يقول: يمكن للدين –أي الإسلام- أن يقود العلم قيادة ناجحة. نعم، أنت إذا دخلت مصنعاً من المصانع ولديك إرشادات في الكتالوج فإنك ستتعرف على المصنع بسهولة لأن معك إرشادات من الصانع أما الذي يدخل وهو لا يعلم لا يتعرف بسهولة. إلى علماء المسلمين نسوق هذه الكلمات للبروفيسور جولي سمسون.
البروفيسور جولي سمسون: وعليه أعتقد أنه لا يوجد خلاف بين المعرفة العلمية وبين الوحي بل إن الوحي ليدعم أساليب الكشف العلمية التقليدية المعروفة حينئذٍ. وجاء القرآن قبل عدة قرون مؤيداً لما تطرقنا إليه مما يدل على أن القرآن هو كلام الله.الشيخ الزنداني: نعم، وأقول: يمكن للمسلمين أن يقودوا الحركة العلمية، وأن ينزلوا العلم منزلته الصحيحة، وأن يضعوه في موضعه دليلاً على الإيمان بالله سبحانه وتعالى ومصدقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وصدق الله القائل: ?سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق* أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد? (سورة فصلت، الآية:53).
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هوالحق ويهدي إلى صراط العزيزالحميد?(سورة سبأ الآية:6)
الحلقة الثامنة
الحقائق التي في البحار والمحيطات
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:(1/25)
هذا هو البروفيسور هاي خرجنا معه في رحلة بحرية ليرينا بعض الظواهر البحرية المتعلقة بموضوع أبحاثنا معه عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.فالبروفيسور هاي من أشهر علماء البحار في أمريكا، سألناه عن كثير من الظواهر البحرية التي تتعلق بسطح البحر، والتي تتعلق بالحد الفاصل بين البحر السطحي وبين البحر العميق، والتي قد تتعلق أيضاً بقاع البحار وجيولوجيا البحار.سألناه عن هذا كله، وسألناه عن الحواجز المائية بين البحار المختلفة، وعن الحواجز المائية بين مياه البحار والأنهار. سألناه عن هذا كله وكان يجيبنا بتفصيل، وعندما تعرضنا لشرح الحواجز بين البحار المالحة وضح لنا أن البحار المالحة ليست كما تشاهدها العين بحراً واحداً، إنها بحار مختلفة، تختلف في درجة الحرارة، والملوحة والكثافة. كما نرى في هذه الشريحة. حيث نرى فيها خطوطاً بيضاء تمثل الحواجز بين الكتل البحرية، وكل حاجز يفصل بين كتلتين بحريتين مختلفتين فيما بينهما، في الحرارة والملوحة والكثافة، والأحياء المائية وقابلية ذوبان الأوكسيجين. هذه الصورة أول ما عرفت في عام 1942 بهذا الشكل بعد أن أقام العلماء مئات المحطات المائية في البحار لدراسة خصائص البحار. وهي توضح حداً فاصلاً بين البحر الأبيض المتوسط وبين المحيط الأطلنطي. في الوسط الذي في الصورة مثلث هو عتبة جبل طارق أسفل وهذه منطقة جبل طارق نرى فيها كيف يوجد الحد الفاصل، وهو مبين باللون بين الكتلتين المائيتين يفصل بينهما. هذا أمر لا تشاهده الأبصار ولكنه أصبح الآن حقيقة واضحة وبتطور الأقمار الصناعية ودراستها واستشعارها من بعد تمكنت هذه الأقمار الصناعية أن تصور هذه المناطق البحرية، الحدود البحرية بين الكتل المختلفة.كما نرى في هذا الشكل الذي التقط بالأقمار الصناعية بالخاصية الحرارية فظهرت البحار بألوان مختلفة، كما نرى بعضها بلون أزرق فاتح وبعضها بلون أزرق قاتم وبعضها بلون أسود وبعضها بلون يميل(1/26)
إلى الأخضر. هذه الألوان المختلفة السبب فيها اختلاف درجات الحرارة على سطح البحار، ولكنك لو وقفت على سطح البحر لا ترى. لا ترى إلا ماءً أزرق في كل هذه البحار والمحيطات. إنها حواجز لا ترى إلا بالدراسة وبالتقنية الحديثة. لقد كان المفسرون وهم يتعرضون لتفسير هذه الآية يقفون أمام منهجية أو رأيين متمايزين، جمهور المفسرين كانوا يقولون في تفسير قوله تعالى: ?مرج البحرين يلتقيان* بينهما برزخ لا يبغيان? (سورة الرحمن، الآية:19-20).كما رأينا هذه البرازخ الآن التي تفصل بين البحار، لكن كما قلت ظهر في كتب التفسير رأيان بارزان، رأي الجمهور في قوله تعالى: ?مرج البحرين يلتقيان? قالوا مرج معناها: خلط هكذا في اللغة "مرج البحرين يلتقيان" أي يلتقي بعضها مع بعض ويختلطان."بينهما برزخ" أي حاجز "لا يبغيان" رأي: لا يطغى أحدهما على الآخر. الرأي الثاني قالوا: كيف يكون بينهما برزخ؟ وكيف يوصفان بأنهما لا يبغيان؟ وتقولون: إن مرج معناها خلط، كيف يختلطان وبينهما برزخ؟ قد نفى الله جل وعلا بغي أحدهما على الآخر، فقالوا: إذاً الاختلاط لا يتم، وبحثوا عن معنى آخر للفظ مرج الذي يدل على الخلط ولكن رد عليهم الجمهور بأن استدلالهم غير صحيح، فجاءت هذه العلوم وكشفت هذه الدقائق. نعم، البحار تختلط ببعضها مع بعض، كما رأينا، فمياه البحر الأبيض تدخل في مياه المحيط الأطلنطي، ومياه المحيط تدخل مياه البحر الأبيض، وبينهما برزخ مائي بدرجة مائلة. هذا البرزخ ينتقل فيه ماء كل من البحرين إلى البحر الآخر. ولكنه أثناء انتقاله يفقد خصائصه ويتجانس مع البحر الذي يدخل فيه، فإذا دخل ماء البحر الأبيض إلى ماء المحيط أخذ صفات المحيط، وإذا دخل ماء المحيط إلى ماء البحر الأبيض أخذ بالتدريج في هذا البرزخ صفات البحر الأبيض، فلا يبغي أحدهما على الآخر.فتأمل كيف تأتي الكشوف، ويتقدم علم الإنسان، وتتجلى آيات الإعجاز: تكلمنا مع البروفيسور هاي عن هذه(1/27)
الظواهر، وعن هذه الآية غيرها، ثم في النهاية وجه له السؤال. ما رأيك في هذه الظاهرة؟ نصوص نزلت قبل 1400 عام تصف دقائق لا يمكن لبشر أن يعرفها في ذلك الزمان، وجاء العلم اليوم شاهداً بها مبيناً لدقائقها فما هو رأيك؟ فجرت معه هذه المحادثة.البروفيسور هاي: إنني أجد من المثير جداً أن هذا النوع من المعلومات موجود في آيات القرآن الكريم، وليست لدي طريقة أعرف بها من أين جاءت، ولكنني أعتقد أنه من المثير للغاية أنها موجودة فيه، وأن العمل مستمر لكشف معاني بعض الفقرات.
المترجم: إذن فقد أنكرت تماماً أنها من مصدر بشري: ممن إذن يأتي في اعتقادك أصل أو مصدر هذه المعلومات؟
البروفيسور هاي: أعتقد أنه ولا بد أن يكون من الله.الشيخ الزنداني: حقاً إنه العلم الإلهي الذي أيد الله به محمداً صلى الله عليه وسلم ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة" إنه وحي فيه المعجزة، وفيه البينة للبشرية إلى قيام الساعة(1).
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هوالحق ويهدي إلى صراط العزيزالحميد?(سورة سبأ الآية:6)
الحلقة التاسعة
ظهور الأمراض والأوجاع بظهور الفاحشة
البروفيسور برسود: إنني لا أجد صعوبة في أن أوفق في عقلي أن هذا الإلهام إلهي أو وحي قاده إلى عرض القضايا.(1/28)
الشيخ الزنداني: وهذا هو البروفيسور… برسود رئيس قسم التشريح بكلية الطب بمينوتوبا بكندا. عرضنا عليه الدكتور كيث مور وقال الدكتور مور: هناك علماء أحرار يهمهم البحث عن الحقيقة، وهذا أحدهم البروفيسور فان برسود مؤلف مشهور له عدد من الكتب ألفها في علم أمراض النساء، وأضاف أيضاً في هذه الكتب بعض ما جاء في القرآن والسنة، وأشار إلى هذه الآيات والأحاديث في كتبه وقدم عدداً من البحوث في عدد من المؤتمرات. وكان من ضمن أبحاثه ما قدمه حول حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً فصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء"(2).كما نرى في هذه الصورة، هذه صورة للجنين في اليوم الخامس والثلاثين لا نكاد نميز فيه صورة الإنسان. وهذه الصورة التي نراها هي صورة للجنين في اليوم الثاني والأربعين تماماً. إلى الآن كما يقول البروفيسور ت. ف. ن. برسود لم يتبين الشكل الإنساني فيه. ونرى هذه الصورة التوضيحية التي قدمتها شركة سيبا. هذه الشركة قدمت هذا للأطباء في العالم في اليوم 42 تماماً. وبعد هذا بأسبوع، أي في خلال الأسبوع السابع بعد اثنتين وأربعين تماماً تتغير الصورة كما نراها هكذا.والحديث، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً فصورها، وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها…".(1/29)
كما رأينا في الصورة التي مرت بنا، وقدم البروفيسور برسود أبحاثاً كثيرة حول علاقة القرآن والسنة بالعلوم الحديثة، وكان من ضمن أبحاثه ما قدمه في معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن ماجه والحاكم وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم"(3). ها هو ذا البروفيسور برسود يشرح لنا هذا الجزء من بحثه.البروفيسور برسود: من المعترف به الآن على نطاق واسع أن هذه التغيرات الخبيثة في عنق الرحم لها صلة بعمر النساء، وعدد مرات الجماع، وعدد مرات الولادة. عديد من دراسات علم الأوبئة قد أظهرت بوضوح علاقة متبادلة هامة بين التعرض للعلاقات الجنسية المتعددة، والسرطان العرضي المحتمل الحدوث بدرجة عالية.إن نتائج ومخاطر العلاقات الجنسية غير الشرعية، والممارسات الجنسية المنحرفة، قد ذكرت في هذا الحديث منذ 1400 سنة وأرجو أن أكون مصيباً "مشيراً إلى مرض الإيدز"."ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم" الفاحشة الخيانة والشذوذ الجنسي غير المعلن والبوهيمية، وكل العلاقات الجنسية الأخرى، وليس من اتساع الخيال أن نعتبر الهربز والإيدز كأمثلة واضحة لأمراض جديدة في الوقت الحاضر ليس لدينا العلاج لها.الشيخ الزنداني: انظروا إلى هذا الربط بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم" فلما أعلنت أوروبا وأمريكا إباحة الشذوذ وإباحة الزنا والفجور بأشكاله ما إن أعلنوا هذا وأذاعوا به حتى ظهرت بعد ذلك بأعوام هذه الأمراض التي تهز كيانهم هزاً . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها أمراض جديدة، طاعون فشا. وأمراض تفشو وتسري بين الناس وهم يخافونها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع(1/30)
التي لم تكن في أسلافهم.البروفيسور برسود له جهد مشكور في هذا الباب وعندما سئل عن رأيه في هذه الظاهرة التي اطلع بنفسه عليها وشارك بأبحاثه فيها قال:البروفيسور برسود: الطريقة التي شرح لي بها هو أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان رجلاً عادياً جداً، ولم يكن يقرأ ولم يكن يكتب، بل كان في الواقع أمياً، ونحن نتحدث عنه أنه كان منذ 1400 سنة رجلاً أمياً يدلي بتصريحات عميقة ودقيقة بصورة مدهشة، وذات طبيعة علمية، وأنا شخصياً لا أستطيع أن أرى كيف يكون هذا مجرد مصادفة، هناك أشياء كثيرة دقيقة مثل دكتور كيث مور لا أجد صعوبة في أن أوافق في عقلي أن هذا إلهام إلهي أو وحي قاده إلى البيانات.الشيخ الزنداني: إنه الوحي الذي جاء من عند الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم هذا الوحي الذي نزل بعلم الله ?لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه? (سورة النساء، الآية:166) فهو الهدى، وهو البينة، وهو الدليل، وهو المدلول عليه، وهو الحق الباقي بين أيدينا إلى قيام الساعة.
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هوالحق ويهدي إلى صراط العزيزالحميد?(سورة سبأ الآية:6)
الحلقة العاشرة
أخبار كونية وجغرافية
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين أما بعد:(1/31)
فكيف تقوم الحجة بهذا الدين على الذين لا ينطقون بلغة العرب ولا يعرفون الإعجاز البلاغي في هذا الزمان؟ هل يجب عليهم أن يتعلموا اللغة العربية ويتقنوا علومها؟ أم أن الله سبحانه وتعالى قد رحمهم ورحم الأجيال كلها فأقام من الأدلة ما يكفي للبشرية كلها على اختلاف أجناسهم ولغاتها وأزمنتها وعصورها.معنا في هذه الحلقة البروفيسور بالمار من أشهر علماء الجيولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية، كان رئيس اللجنة التي أشرفت على الاحتفال المئوي للجمعية الجيولوجية الأمريكية. عندما التقينا معه وعرضنا عليه أوجه الإعجاز العلمي للقرآن والسنة. كان يندهش. وأذكر قصة لطيفة بدأت معه عندما قلنا له: إن القرآن يذكر أخفض منطقة في الأرض وبين أنها قرب بيت المقدس، حيث دارت المعركة بين الفرس والروم. كما جاءت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: ?الم* غلبت الروم* في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون?(سورة الروم، الآية:1-3).وأدنى تأتي بمعنى أقرب، وتأتي بمعنى أخفض، والمفسرون رضوان الله عليهم ذهبوا إلى معنى "أدنى الأرض" أي أقرب الأرض إلى جزيرة العرب، ولكن المعنى الثاني أيضاً مقصود. وهكذا القرآن الكريم، اللفظ الواحد منه يحمل معاني كثيرة، كما وصفه الرسول صلى الله ليه وسلم بقوله: "أوتيت جوامع الكلم"(4).وعندما درسنا أخفض منطقة في الأرض وجدنا أنها هي نفس المنطقة التي دارت فيها المعارك ?غلبت الروم* في أدنى الأرض?.فلما قلنا هذا للبروفيسور بالمار، قال: لا… مناطق كثيرة هي أخفض من هذه المنطقة، وأخذ يذكر لنا مناطق في أوروبا ومناطق في أمريكا، فقلنا له: يا دكتور نحن قد تأكدنا من ذلك. فكان معه مصور جغرافي مجسم فيه الارتفاعات والانخفاضات، فقال: إذاً الأمر بسيط، هذا هو المجسم يبين لنا أخفض منطقة، فأدار الكرة الأرضية بيده – المجسمة- ووجه نظره على المنطقة المحددة وهي قرب بيت المقدس فإذا به يرى سهماً قد خرج من تلك الخريطة مكتوباً عليه(1/32)
أخفض منطقة على وجه الأرض. ثم بعد ذلك تحول بسرعة وقال: هذا كلام صحيح. ثم أخذ يشرح كما نرى الآن وهو يتكلم في الخريطة ويقول عن هذه المنطقة إنها أخفض منطقة في العالم.البروفيسور بالمار: إن هذا في الواقع يقول: أخفض منطقة في العالم بجانب البحر الميت.الشيخ الزنداني: لقد اندهش البروفيسور بالمار عندما وجد القرآن يصف الماضي كيف بدأ، خلق الأرض كيف بدأ، خلق السماء كيف، خرجت المياه من باطن الأرض كيف، أُرسيت الجبال كيف، خرجت النباتات كيف. كيف حدثت هذه الأحداث، ثم كيف يصف سطح الأرض اليوم ويصف الجبال ويصف ما عليها من ظواهر، ثم يصف الأحوال التي تمر بها الأرض، كما حدث بالنسبة لجزيرة العرب، بل ويصف ما سيكون عليه حال بلاد العرب، وما سيكون عليه حال الأرض.فقال: هذا الكتاب عجيب يصف لنا الماضي، ويصف لنا الحاضر، ويصف لنا المستقبل، ولكنه كغيره من العلماء، يقفون مترددين في أول الأمر ثم بعد ذلك يعلنون ما يعتقدون.
ولقد قدم بحثاً في القاهرة حول الإعجاز في مجال علم الجيولوجيا، ثم ختم بحثه هذا بقوله: أنا لا أعلم المستوى الثقافي الذي كان عليه الناس في زمن محمد صلى الله عليه وسلم ولا أدري في أي مستوى علمي كانوا، فإذا كان الأمر كما نعرف عن أحوال الأولين والمستوى العلمي المتواضع والذي ليس فيه هذه الإمكانيات، فلا شك أن هذا العلم الذي نقرؤه الآن في القرآن هو نور من العلم الإلهي قد أوحي به إلى محمد صلى الله عليه وسلم. ها هو ذا ينهي بحثه بالتصريح التالي.(1/33)
البروفيسور بالمار: لقد قمت ببحث في تاريخ الحضارة المبكر للشرق الأوسط لأعرف إذا كان في الواقع قد وردت أنباء جادة كهذه، إذا لم يكن هناك سجل كهذا فإن هذا يقوي الاعتقاد بأن الله قد أرسل من خلال محمد صلى الله عليه وسلم مقادير ضئيلة من علمه اكتشفناها فقط في الأزمنة الحديثة، إننا نتطلع إلى حوار مستمر في موضوع العلم في القرآن في سياق الجيولوجيا.الشيخ الزنداني: نعم، هذا علم من أعلام الجيولوجيا في عالمنا المعاصر في الولايات المتحدة الأمريكية لا يتردد في أن يعترف ويقدم ويبين ولكنه بحاجة إلى من يوضح له الحقيقة، لقد عاش الغربيون وكذلك الشرقيون معركة بين الدين والعلم، وكان لا بد أن تحدث هذه المعركة، لأن كل الأديان قد حرفت وما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالإسلام إلا لتصحيح ما أفسده هؤلاء. سيتساءل متسائل ويقول: وكيف سيقبل منا هؤلاء الناس ونحن في تخلف ونحن في بعد عن ديننا؟ أقول: إن العلم يفتح بصائر أهله، إنهم ينظرون إلى الحقائق ولا ينظرون إلى الصور، إن رصيد الإسلام اليوم هو هذا العلم والتقدم العلمي. فإن هذا العالم يحني رأسه إجلالاً لكتاب الله وسنة رسول الله r. ثم إن الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تطمئن إلا مع الإيمان. إن الناس بدون إيمان في قلق وضياع.ثم إن هذه الحرية التي يتمتع بها أهل الغرب تعين علماءهم على أن يقولوا الكلمة التي يعتقدونها، وهم لا يبالون ولا يحسبون أي حساب.وها هم كما سمعناهم في كثير من هذه الحلقات، يقرون ويعترفون بالمعجزة القرآنية الحية المتجددة إلى قيام الساعة.
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد? (سورة سبأ، الآية:6).
الحلقة الحادية عشرة
الجبال(1/34)
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:سنلتقي اليوم مع نموذج من العلماء يختلف عن بعض العلماء الآخرين ويمثل قطاعاً منهم، إنه البروفيسور سياويدا.البروفيسور سياويدا من أشهر علماء جيولوجيا البحار في اليابان، وهو من العلماء المشاهير كذلك في العالم.البروفيسور سياويدا، قد ملئت رأسه تشويشات وشبهات عن الدين، وعن كل الأديان. له حق فيما يقول عن الأديان كلها إلا الإسلام. لأن الإسلام يختلف عن سائر الأديان التي يتحدث عنها. عندما التقينا معه أول مرة قال لنا: لا يصح أن تتحدثوا أهل الدين أبداً. يجب أن تسكتوا في الدنيا كلها، فقلت له: لماذا يا بروفيسور؟لماذا؟قال: لأنكم إن تكلمتم أشعلتم الحرب بين الناس في العالم كله.فقلت له: وحلف وارسو وحلف الأطلسي لماذا يحشدون هذه الترسانات الهائلة من الأسلحة النووية في الفضاء وفي البحار وعلى الأرض وتحت الأرض؟ لماذا هذا؟ أبسبب ديني؟ فسكت. قلنا له: على أي حال نحن نعلم أنك تتخذ موقفاً من الدين كله ولكن نريد طالما أنت لا تعرف ما هو الإسلام أن تسمع أولاً وأن نرى ما عندك. فوجهنا له عدداً من الأسئلة في مجال تخصصه، وعن الآيات والأحاديث التي تصف تلك الظواهر التي يتحدث عنها، وكان منها ما طلبنا منه أن يبينه في موضوع الجبال. سألناه ما هو شكل الجبل؟ هل هو في شكل وتد فأجاب.البروفيسور سياويدا: الجبال القارية والجبال المحيطية تتكون من مواد مناسبة. فالجبال القارية مكونة جوهرياً من مواد راسبة. بنيما الجبال المحيطية مكونة من صخور بركانية. الجبال القارية تكونت بواسطة قوى ضاغطة، بينما الجبال المحيطية تكونت بواسطة قوى تمديدية، ولكن النقاط المشتركة بين النوعين من الجبال هي: أن لها جذوراً لتدعم الجبال. في حالة الجبال القارية فإن المادة الخفيفة القليلة الكثافة التي تكون الجبل تمتد تحت الأرض كجذر، في حالة الجبال المحيطية هناك(1/35)
أيضاً مادة خفيفة تدعم الجبل كجذور ولكن في حالة الجبال المحيطية فإن مادتها الخفيفة مناسبة للتركيب الخفيف ولكنه ساخن ولذلك فإنها ممتدة بطريقة رقيقة ولكن من وجهة نظر الكثافة فإنهما تؤديان نفس المهمة وهو دعم الجبل ولذلك فإن مهمة الجذور هي دعم الجبال وفق قانون أرشميدس "الطفو".الشيخ الزنداني: لقد شرح لنا البروفيسور سياويدا شكل كل جبل سواء كان على اليابسة في القارات أو في قاع المحيطات، إنه في شكل وتد، ولكن هل كان أحد يعلم هذا الشكل في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل يمكن أن يتصور الإنسان أن هذا الجبل الذي نراه عبارة عن كتلة ضخمة على سطح الأرض لها امتداد في باطن الأرض وما يسمى بالجذر عند العلماء. إن كثيراً من الكتب التي تتكلم عن الجغرافيا وليس عندها تخصص في هذا الباب لا تصف الجبال إلا من الجزء الأعلى فقط، ولكن هذا ما كشفه العلم، والله تعالى يقول عن "الجبال" في وصفها: ?والجبال أوتاداً? (سورة النبأ، الآية:7).(1/36)
وعندما سألنا –البروفيسور سياويدا- عن وظيفة الجبال ألها دور في تثبيت القشرة الارضية؟ فقال: إلى الآن لم يكتشف العلم هذا. فأخذنا نبحث ونسأل فوجدنا كثيراً من علماء الجيولوجيا يجيبون علينا بنفس الجواب إلا القليل ومن هؤلاء أصحاب هذا الكتاب الذي نراه أمامنا.-الأرض- وهو مرجع علمي في كثير من الجامعات في العالم. أحد الذين كتبوه هو فرانك برس، هو الآن رئيس أكاديمية العلوم في أمريكا. وكان قبل ذلك المستشار العلمي للرئيس الأمريكي في زمن كارتر. ماذا يقول هذا؟ إنه كما نرى في صفحة 488 بين شكل الجبل وأنه في شكل وتد. وكذلك في صفحة 413، كما نرى في هذه الصورة، الجبل جزء صغير كما في هذا الشكل، وتحته الجذر غائر في الطبقة السفلى. وفي هذا الشكل الذي وضعه في صفحة أربعمائة وخمسة وثلاثين نراه قد كتب عن وظيفة الجبال يقول:إن للجبال دوراً كبيراً في تثبيت قشرة الأرض، وهذا الذي قرره القرآن قبل 1400 عام قال تعالى: ?والجبال أرساها? (سورة النازعات، الآية:32) وقال تعالى: ?والجبال أوتاداً? (سورة النبأ، الآية:7) وقال تعالى: ?وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم? (سورة النحل، الآية:15).فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا ثم توجهنا بالسؤال إلى البروفيسور سياويدا وقلنا له: يا أستاذ ما رأيك في هذا الذي رأيته من ظاهرة حديث القرآن والسنة عما في هذا الكون من أسرار، الأمر الذي لم يكتشفه العلم إلا في هذا الزمان، فأجاب على سؤالنا بقوله:البروفيسور سياويدا: أعتقد أنه يبدو لي غامضاً جداً جداً غير معقول تقريباً، إنني أعتقد حقيقة إن كان ما قلته صحيحاً، فإن هذا الكتاب جدير جداً بالملاحظة، إنني أوافقك.الشيخ الزنداني: ماذا يستطيع العلماء أن يقولوا، لا يمكنهم أن ينسبوا هذا العلم الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الكتاب، لا يمكنهم أن ينسبوا هذا العلم في هذا الكتاب إلى مصدر بشري، أو إلى جهة علمية في ذلك العصر. فإن(1/37)
جميع العلماء ما كانوا يعلمون شيئاً عن هذه الأسرار.إن البشرية كلها لم تعلم شيئاً عن ذلك، إنهم لا يملكون أن يجدوا تفسيراً إلا أن يقولوا هذا من جهة أخرى هي وراء هذا الكون. نعم، إنه وحي من الله سبحانه وتعالى، أوحى به إلى عبده النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم، وجعله معجزة باقية دائمة تستمر مع البشرية إلى قيام الساعة.
--------------------------------------------------------------------------------
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد? (سورة سبأ، الآية:6).
الحلقة الثانية عشرة
حقائق علم الفلك
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:
فإن الله سبحانه وتعالى بين لنا أن هذا الكتاب القرآن الكريم قد أنزله رحمة للعالمين قال تعالى: ?إن هو إلا ذكر للعالمين* ولتعلمن نبأه بعد حين?(سورة ص، الآية:87-88).فهو ذكر للبشرية كلها إلى قيام الساعة، وفيه من الأنباء ما يتجدد مع مرور الزمن، فهذا القرآن نزل بعلم الله، وكل آية فيه نزلت بعلم الله، كما قال تعالى: ?لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه?(سورة النساء، الآية:166).أي وفيه علمه، فكل آية تحمل علم الله، والبشر يرتقون، فإذا ارتفى البشر إلى مستوى علمي تمكنوا معه أن يفهموا هذا المعنى الإلهي الذي أشارت إليه تلك الآية، وعلموا أن هذه الآية قد جاءت من عند الله، فإذا تقدم البشر وجدوا كشوفات وآيات أخرى، فإذا تقدموا التقوا مع آيات أخرى، وهكذا لا يزال البشر يجدون ما يؤكد لهم أن القرآن الكريم من عند الله سبحانه وتعالى.(1/38)
هذا هو البروفيسور آرمسترونج، أحد مشاهير علماء الفلك في أمريكا، يعمل في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا. هو من مشاهير علمائها، التقينا به وسألناه عن عدد من الآيات الكونية المتعلقة بمجال تخصصه في الفلك.سألناه عن كيف تكون؟ فقال: سأحدثكم كيف تكونت كل العناصر على الأرض، لقد اكتشفناها، بل لقد أقمت عدداً من التجارب لإثبات ما أقول لكم. إن العناصر المختلفة تجتمع فيها الجسيمات المختلفة من الكترونات وبروتونات وغيرها. لكي تتحد هذه الجسيمات في ذرة كل عنصر يحتاج إلى طاقة. وعند حسابنا للطاقة اللازمة لتكوين ذرة الحديد وجدنا أن الطاقة اللازمة يجب أن تكون كطاقة المجموعة الشمسية أربع مرات، ليست طاقة الأرض ولا الشمس ولا القمر ولا عطادر ولا زحل ولا المشتري كل هذه المجموعة الشمسية بأكملها لا تكفي طاقتها لتكوين ذرة حديد، بل تحتاج إلى طاقة مثل طاقة المجموعة الشمسية أربع مرات. ثم قال هو من نفسه بدون كلام منا، قال: ولذلك يعتقد العلماء أن الحديد عنصر غريب وفد إلى الأرض ولم يتكون فيها.فذكرنا قول الله تعالى: ?وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس? (سورة الحديد،الآية:25).ثم سألناه هل في هذه السماء فروج وشقوق؟ قال: لا، إنكم تتكلمون عن فرع من فروع علم الفضاء اسمه الكون التام.هذا الكون التام ما عرفه العلماء إلا أخيراً، لو أخذت نقطة في الفضاء وتحركت مسافة معينة إلى اتجاه وتحركت بنفس المسافة في اتجاه آخر لوجدت أن وزن الكتلة في كل الاتجاهات متساو لأن هذه النقطة متزنة فيجب أن تكون الضغوط عليها من كل جانب متساوية. والكتلة يجب أن تكون كذلك. ولو لم يكن هذا الاتزان لتحرك الكون وحدث فيه تصدع وشقوق.الشيخ الزنداني: فذكرت قول الله جل وعلا: ?أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج? (سورة ق، الآية:6).وتحدثنا معه كذلك عن جهود العلماء في محاولاتهم الوصول إلى حافة الكون. هل وصلوا إلى حافة الكون؟(1/39)
قال: نحن في معركة للوصول إلى حافة الكون. إننا نكبر أجهزة ثم ننظر من خلالها فنكتشف نجوماً ونكتشف أننا ما زلنا بداخل هذه النجوم ما وصلنا إلى الحافة؟ وأنا أعلم من قوله تعالى: ?ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين?(سورة الملك، الآية:5).إن كل هذه النجوم هي زينة للسماء الدنيا. وهو يقول لنا: لم نصل إلى الحافة. لم نصل إلى النهاية. قال: ولذلك نحن ننفكر في إقامة التلسكوبات في الفضاء حتى لا يكون هذا الغبار والأشياء من الظواهر الجوية الموجودة على الأرض من العوائق التي تحول بيننا وبين هذه الرؤيا. إن التلسكوبات البصرية التي تستعمل الضوء أو البصر عجزت ولم تستطع أن تتجاوز بنا مسافات كبيرة، فعوضنا عن هذه التلسكوبات البصرية بتلسكوبات لا سلكية فوجدنا مسافات جديدة، ولكن لا زلنا داخل الحدود.فذكرت قول الله جلا وعلا:?فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير? (سورة الملك، الآية:3-4).كل هذا ونحن نريه الآيات، كلما ذكر لنا حقيقة ذكرنا له الآية وهو يوافق على ذلك، ثم قلنا له: هذا أنت ذا قد رأيت بنفسك حقائق علم الفلك الحديث بعد أن استخدم الإنسان هذه الأجهزة والصواريخ وسفن الفضاء واكتشفت هذه المعلومات، ها أنت ذا قد رأيتها ثم رأيت كيف جاءت في نصوص القرآن الكريم قبل 1400 عام فما رأيك في هذا؟ فأجاب:البروفيسور آرمسترونج: هذا سؤال صعب ظللت أفكر فيه منذ أن تناقشنا هنا وإنني متأثر جداً كيف أن بعض الكتابات القديمة تبدو متطابقة مع علم الفلك الحديث بصورة ملفتة للأنظار، لست عالماً وافياً في تاريخ البشرية وفي صورة يعتمد عليها بحيث ألقي بنفسي تماماً في ظروف قديمة كانت سائدة منذ 1400 سنة، ولكني بالتأكيد أود ألا أزيد على أن ما رأيناه جدير بالملاحظة، ومع ذلك قد لا يترك مجالاً للتفسير العلمي، قد يكون هناك شيء فيما وراء فهمنا كخبرة بشرية عادية ليشرح الكتابات(1/40)
التي رأيناها، ولكن ليس في نيتي أو وضعي عند هذه النقطة أن أقدم إجابة على ذلك، لقد قلت كلمات كثيرة على ما أظن دون أن أعبر بالضبط عما أردتني أن أعبر عنه. إنه من واجبي كعالم أن أظل مستقلاً عن مسائل معينة، وأعتقد أن هذا عندما توقفت على أفضل وجه عند نقطة أقل قليلاً من إعطائك الإجابة التي قد ترغب فيها؟الشيخ الزنداني: نعم، أمر صعب أن يتصور أن هذا العلم الذي نزل في كتاب الله قبل 1400 عام قد جاء إلى محمد صلى الله عليه وسلم من مصدر بشري، لا بد أن هناك مصدراً وراء تفكير هؤلاء العلماء ?قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض? (سورة الفرقان، الآية:6).إننا كما شاهدنا وكما رأينا من اللقاءات المختلفة مع هؤلاء العلماء على أبواب عصر جديد. هذا العصر عصر تعانق الدين والعلم، ولكن العلم الحق والدين الحق. فلا يمكن أن يكون بينهما تناقض، ولا يمكن أن يكون بينهما تعارض، وهذا ما قرره علماء المسلمين عبر القرون، لا يمكن أبداً أن تتناقض حقيقة علمية قطعية مع حقيقة شرعية قطعية في دلالتها وفي معناها، إذا كانوا يقولون نحن في عصر الفضاء وفي عصر الذرة فكذلك نحن نقول: هذا صحيح، ولكن عصراً أهم من ذلك يوشك أن يطل علينا هو عصر الاتفاق بين العلم والدين، ولا يكون ذلك إلا بين العلم الصحيح، والدين الإسلامي الذي حفظه الله من كل تبديل وتحريف.
--------------------------------------------------------------------------------
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد? (سورة سبأ، الآية:6).
الحلقة الثالثة عشرة
الأطوار الجنينية(1/41)
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:فهذا هو البروفيسور ج. س. جورنجر أستاذ في كلية الطب قسم التشريح في جامعة جورج تاون في واشنطن. التقينا بهذا الأستاذ وسألناه: هل ذكر في تاريخ علم الأجنة أن الجنين يخلق في أطوار؟ وهل هناك من الكتب المتعلقة بعلم الأجنة ما قد أشار إلى هذه الأطوار في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعده بقرون، أم أن هذا التقسيم إلى أطوار لم يعرف إلا في منتصف القرن التاسع عشر؟ أجابنا بقوله: لقد كانت هناك عناية من اليونانيين بدراسة الجنين، وقد حاول عدد منهم أن يصف ما يدور للجنين وما يحدث فيه. قلنا له: نعم، نعلم هذا، إن هناك نظريات لبعض العلماء منهم أرسطو وغيره، ولكن هل هناك من ذكر أن هناك أطواراً؟ لأننا نعلم أن الأطوار لم تعرف إلا في منتصف القرن التاسع عشر، ولم تثبت إلا في أوائل القرن العشرين.فبعد نقاش طويل قال: لا. قلنا: هل هناك مصطلحات أطلقت على هذه الأطوار كالمصطلحات التي وردت في القرآن الكريم؟ قال: لا. قلنا فما رأيك في هذه المصطلحات التي تغطي أطوار الجنين؟ بعد مناقشة طويلة معه قدم بحثاً وألقاه في المؤتمر الطبي السعودي الثامن عن هذه الأطوار التي وردت في القرآن الكريم، وعن جهل البشرية بها، وعن شمول ودقة هذه المصطلحات التي أطلقها القرآن الكريم على هذه الأطوار لأحوال الجنين بعبارات موجزة وألفاظ مختصرة شملت حقائق واسعة. ثم هو ذا يتكلم عن رأيه في هذا فيقول:البروفيسور جورنجر: إنه وصف للتطور البشري منذ تكوين الأمشاج إلى أن أصبحت كتلاً عضوية، عن هذا الوصف والإيضاحات الجلية والشاملة لكل مرحلة من مراحل تطور الجنين في معظم الحالات إن لم يكن في جميعها يعود هذا الوصف في قدمه إلى قرون عديدة قبل تسجيل المراحل المختلفة للتطور الجنيني البشري التي وردت في العلوم التقليدية العلمية.الشيخ الزنداني: وتطرق البحث مع(1/42)
البروفيسور جورنجر حول هذه الظاهرة التي كشفت علمياً وكشفت حديثاً أنها لتزيل الإشكال الذي كان يثيره النصارى. النصارى يقولون ها هو ذا عيسى عليه السلام قد خلق من أم فمن هو أبوه؟ يثيرون هذا الإشكال لا يتصورون أن يكون هناك خلق بدون أب. أجاب عليهم القرآن الكريم وبين لهم وضرب لهم مثلاً بآدم قال تعالى:?إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون? (سورة آل عمران، الآية:59).إننا نجد ثلاثة أنواع من الخلق. آدم مخلوق بدون أب ولا أم. حواء مخلوقة بدون أم. عيسى عليه السلام مخلوق بدون أب. والذي قدر أن يخلق آدم عليه السلام بدون أب وأم قادر على أن يخلق عيسى عليه السلام من أم بدون أب، ومع ذلك لا يزال النصارى يجادلون، ويشاء الله سبحانه وتعالى أن يكشف لهم حجة بعد حجة وبرهاناً بعد برهان.لماذا تستشكلون هذا أيها النصارى؟ قالوا: لأنا لا نرى أبداً مخلوقاً يمكن أن يأتي بغير أب ولا أم. فإذا بالعلم يكشف أن كثيراً من الحيوانات الدنيا وكثيراً من الكائنات الآن تتوالد وتنجب بدون تلقيح الذكور، فهذا النحل: جميع ذكوره عبارة عن بيض لم يلقح بماء الذكور والبيضة التي تلقح بماء الذكور تكون شغالة أنثى. أما الذكور فهي مخلوقة من بيض الملكة بدون ماء الذكور وهناك أمثلة كثيرة على ذلك. بل لقد حدث في التقدم العلمي أن تمكن الإنسان أن ينبه بعض البيض لبعض الكائنات فتنمو هذه البيضة بدون حاجة إلى تلقيح الذكر. وها هو ذا البروفيسور جورنجر يحدثنا عن هذا الأمر.البروفيسور جورنجر: في نوع آخر لتناول الموضوع فإن البيض غير المخصب لكثير من الحيوانات اللافقارية والبرمائية والثديية السفلي يمكن تنشيطه بوسائل ميكانيكية، كالوخز بالإبرة، أو بوسائل مادية كالصدمة الحرارية، أو بوسائل كيميائية بأي عدد من المواد الكيمائية المختلفة، ويستمر البيض إلى مراحل تطور متقدمة، في بعض الأجناس يعتبر هذا النوع من التطور الجيني طبيعياً.الشيخ(1/43)
الزنداني: أين الإشكال إذاً عند النصارى؟ يقولون مستحيل أن يكون هناك مخلوق من أم بدون أب. ويقدم هذا الدليل ويصبح ذلك من الأمور التي يمكن أن تقاس فيما بعد فأي إشكال بعد ذلك؟ لقد أجاب الله تعالى الجواب القاطع الشافي وضرب مثلاً بآدم الذي هم يؤمنون به ليس له أب وليس له أم. أنتم تستشكلون مخلوقاً من أم بدون أب فإن الله قد قدم لكم مثلاً مخلوقاً أنتم تعرفونه وتؤمنون به بدون أب وبدون أم وهو آدم عليه السلام. ?إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون?.ويشاء الله جل وعلا أن يأتي هذا التقدم العلمي والكشف العلمي ليقيم دليلاً بعد دليل على بيان الحق الذي جاء به القرآن، وهكذا يتجلى هذا الكتاب الكريم مع مرور الزمن وتتجلى آياته، وتتضح لأكابر علماء عصرنا وللعلماء جيلاً بعد جيل، فهو الكتاب الذي لا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه.
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد? (سورة سبأ، الآية:6).
الحلقة الرابعة عشر
أعماق البحار والمحيطات(1/44)
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:فإن المعجزة القرآنية معجزة باقية متجددة إلى قيام الساعة، يعرفها الناس على اختلاف ثقافاتهم وعلى اختلاف عصورهم، يرى فيها البدوي في الصحراء ما يكفيه، ويرى فيها الأستاذ الجامعي ما يكفيه.هذا هو البروفيسور درجا برساد راو إنه أستاذ في علم جيولوجيا البحار، وأستاذ الآن بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، التقينا به وعرضنا عليه عدداً من الآيات المتعلقة بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة فاندهش لما سمع ولما رأى وهو يقرأ معاني آيات القرآن في بعض الكتب المخصصة لذلك. كان مما تعرض لشرحه هو قول الله جل وعلا: ?أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور? (سورة النور، الآية:40).قال: نعم، هذه الظلمات عرفها العلماء الآن بعد أن استعملوا الغواصات وتمكنوا من الغوص في أعماق البحار، لا يستطيع الإنسان أن يغوص بدون آلة أكثر من عشرين إلى ثلاثين متراً. الذين يغوصون من أجل اللؤلؤ في مناطق الخليج يغوصون في مناطق قريبة لا تزيد على هذا العمق. فإذا غاص الإنسان إلى أعماق شديدة حيث يوجد الظلام على عمق 200 متر لا يمكن أبداً أن يبقى حياً، وهذه الآية تتحدث عن ظاهرة توجد في البحار العميقة ولذلك قال تعالى: ?أو كظلمات في بحر لجي…? ليس في أي بحر وصفت هذه الظلمات بأنها متراكمة بعضها فوق بعض، والظلمات المتراكمة والتي تتراكم في البحار العميقة تنشأ بسببين، السببان يكونان نتيجة اختفاء الألوان في طبقة بعد طبقة. فالشعاع الضوئي مكون من سبعة ألوان، فإذا نزل الشعاع الضوئي إلى الماء توزع إلى الألوان السبعة، نرى في هذا الشكل الذي أمامنا الشعاع في الماء، فالجزء الأعلى قد امتص اللون الأحمر في العشرة الأمتار السطحية العليا. لو أن غواصاً يغوص(1/45)
على عمق ثلاثين متراً وجرح جسمه وخرج الدم وأراد أن يراه فلا يرى اللون الأحمر لأن الأشعة الحمراء غير موجودة وبعده يمتص اللون البرتقالي، وكما نرى في هذا الشكل الشعاع الضوئي وهو ينزل في أعماق الماء على مسافة 50 متراً يبدأ امتصاص اللون الأصفر، وعلى عمق100 متر يكون امتصاص اللون الأخضر وهكذا. ونرى تحت مائتي متر يكون الامتصاص للون الأزرق، فإذاً ظلمة اللون الأخضر تحت عند عمق 100 متر وظلمة الأصفر تكون على عمق 50 متراً، وقبلها ظلمة اللون البرتقالي وظلمة اللون الأحمر، فهي ظلمات بعضها فوق بعض. وأما السبب الثاني فيكون بسبب الحواجز التي تحجب الضوء، فالشعاع الضوئي الذي نراه هنا ينزل من الشمس فتمتص السحب بعضه وتشتت بعضه فتنشأ ظلمة تحت السحب،هذه الظلمة الأولى، فإذا نزل الشعاع الضوئي إلى سطح البحر المتموج انعكس على سطح الموج فأعطى لمعاناً. ولذلك نرى إذا حدث موج في البحر كان اللمعان شديداً على حسب ميل سطح الموج. فالموج إذاً يسبب عكساً للأشعة أي يسبب ظلمة ثم ينزل الشعاع الضوئي إلى أسفل، ونجد البحر هنا ينقسم قسمين، قسم سطحي وقسم عميق. أما السطحي فهو الذي يوجد فيه الظلام والبرودة. يختلف البحران في خصائصهما وصفاتهما ولكن يوجد موج فاصل بين البحر السطحي والبحر العميق، هذا الموج الداخلي لم يكتشف إلا عام 1900م تحت الموج العميق الذي يفصل بين البحرين يوجد البحر العميق، ويبدأ الظلام حتى إن الأسماك في هذه المناطق لا ترى بأعينها بل لها مصدر للضوء يصدر من جسمها في هذه الظلمات التي تراكمت بعضها فوق بعض، جاء ذكرها في قوله تعالى:?أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج..? وإذا نظرنا أسفل الشكل نرى الظلام ونرى فوق الموج الأول الذي يفصل بين البحر السطحي والبحر العميق ?يغشاه موج من فوقه موج? أي من فوق هذا الموج موج آخر، هو الذي يكون على سطح البحر "من فوقه سحاب" فوقهم "ظلمات بعضها فوق بعض" ظلمات هذه الحواجز وظلمات الألوان(1/46)
في طبقات بعضها فوق بعض ?إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور? في هذه المناطق ظلام شديد، والغواصات تنزل إلى هذه المسافات فلا ترى شيئاً، وتستخدم مصادر للضوء والإضاءة حتى ترى طريقها. فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم عن هذه الآيات؟كان هذا مما حدثنا عنه البروفيسور راو، ثم استعرضنا معه كثيراً من الآيات المتعلقة بالبحار وفي مجال تخصصه ثم قلنا له: ما هو تفسيرك يا أستاذ راو لهذه الظاهرة؟ ظاهرة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة كيف أخبر محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الحقائق منذ 1400 عام فقال:البروفيسور راو: ومن الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400سنة هجرية، ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جداً، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً، لا يستطيع الإنسان العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل، ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة الطبيعة خارج الإنسان، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعة.الشيخ الزنداني: نعم، لا بد أن يكون مصدر هذا العلم من جهة ليست في مستوى البشر ولا في مستوى الطبيعة كما يقول الأستاذ راو، إنها وراءها، إنها فوق الطبيعة فوق الطاقة البشرية، إنه يريد أن يقول لا يمكن أن يكون هذا من كلام موجود من موجودات الطبيعة، حقاً إنه كلام الذي يعلم هذه الطبيعة ويعلم هذا الكون ويعلم الأسرار فيه?قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض?إنه من عند الله سبحانه وتعالى. وهكذا تتضافر شهادات العلماء شهادة بعد شهادة لبيان:أن هذا الهدى وأن هذا النور يحمل برهان صدقه فيه فهو الهدى وهو الحجة وهو البينة المتجددة إلى قيام الساعة.
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد? (سورة سبأ، الآية:6).
الحلقة الخامسة عشرة(1/47)
الظواهر البحرية بين الكشوف العلميةوالآيات القرآنية
البروفيسور شرويدر: لقد أرانا الشيخ الزنداني أن العلم في الحقيقة يؤكد ما يقوله القرآن، وما ورد في القرآن الكريم منذ عديد من السنين هو حقيقة ما يكشفه العلماء اليوم.الشيخ الزنداني: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:هذا هو البروفيسور شرويدر من علماء البحار في ألمانيا الغربية التقينا به في ندوة لعلماء البحار نظمتها جامعة الملك عبد العزيز بجدة. وطلب مني أن ألقي محاضرة عن الظواهر البحرية بين الكشوف العلمية والآيات القرآنية، وبعد أن ألقيت المحاضرة وقف البروفيسور شرويدر في اليوم الثاني يعقب على هذه المحاضرة فكان مما قاله:البروفيسور شرويدر: أود أن أعلق على المحاضرة التي ألقاها علينا الشيخ الزنداني بالأمس وأود أن أقول: إنني أقدر هذه المحاضرة في إطار اجتماع علمي كهذا لا يحتاج المرء أن يكون مسلماً. حتى بالنسبة لي كمسيحي من المهم أن أرى العلم ليس فقط كما هو عليه ولكن أيضاً أن أراه بصورة أوسع وأقابله بالدين أي أن أراه في إطار الدين.الشيخ الزنداني: ثم أخذ البروفيسور شرويدر يبين العلاقة بين الأديان والعلم، إنه يتحدث عن تلك الفجوة الهائلة بين الأديان كلها وبين العلم، فهناك تنافر واضح بين قادة العلوم الدينية وقادة العلوم الكونية، ولكنه اندهش عندما سمع آيات القرآن الكريم وسمع الحقائق التي ذكرها هذا الكتاب الكريم قبل 1400 عام فعلق على ذلك وقال:البروفيسور شرويدر: في أديان كثيرة نجد أن القادة يظنون أن العلم يستطيع أن يأخذ شيئاً من الدين، إذا كان العلم يتقدم فإن على الدين أن يتقهقر، هنا لدينا تناول مختلف تماماً لقد أراني الشيخ الزنداني أن العلم في الحقيقة يؤكد ما يقوله القرآن وما ورد بالفعل منذ عديد من السنين في القرآن هو حقيقة ما يكتشفه العلماء اليوم أعتقد أنه من المهم بالنسبة(1/48)
لندوة كهذه أن تبلغ إلى العلماء من جميع الأمم. وإنني واثق أننا جميعاً سنعود إلى أوطاننا ونحن نفكر أكثر في العلاقة بين الدين وعلوم البحار. ليس هناك علم في جانب ودين في جانب آخر.
الشيخ الزنداني: يتبين أن ما يكتشفه العلماء اليوم قد ذكر في القرآن قبل 1400 عام. ولنا أن نتساءل من الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بها. من الذي أوحى إليه بها، إنها البينة التي يعرفها علماء عصرنا سواء كانوا من علماء الفلك أو من علماء البحار أو من علماء الجيولوجيا أو من أي مجال من مجالات التخصصات التي يعرفها علماء عصرنا اليوم من المجالات التي ذكرها القرآن الكريم أو أشارت إليها السنة النبوية المطهرة. إن البروفيسور شرويدر بكل ثقة بعد أن سمع ما سمع يتكلم عن هذا الأمر فيقول:البروفيسور شرويدر: ليس هناك علم في جانب ودين في جانب آخر. ليس هناك أناس لا يتكلمون إلى بعضهم البعض ولكنهم جميعاً يسيرون في اتجاه واحد إنهم يقولون نفس الشيء في لغة مختلفة في لغة علمية جداً في لغة مجردة جداً في لغة الآيات كما عبر عنها الشيخ.(1/49)
الشيخ الزنداني: إنه يطالب جلياً وبوضوح أن يقدم هذا للعالم جميعاً وللناس جميعاً وللعلماء خاصة في مجامعهم العلمية بكل لغاتهم ليفهموا هذه الظاهرة وليتبين لهم العلاقة الحقيقية بين الدين والعلم.نعم، إنه الدين الذي سلم من التحريف. والعلم الذي يكون صحيحاً لا بد أن يتفقا ولا بد أن يحث الدين الصحيح على العلم الصحيح كما هو الأمر في الإسلام.?هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون? (سورة الزمر، الآية:9).?فاعلم أنه لا إله إلا الله? (سورة محمد، الآية:19).?قل انظروا ماذا في السماوات والأرض? (سورة يونس، الآية:101).?إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين. وفي خلقكم وما يثبت من دابة آيات لقوم يوقنون. واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون. تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون? (سورة الجاثية، الآية:3-6).الدين يحث على العلم ويأمرنا أن ننظر في الكون من حولنا والعلم يحني رأسه إجلالاً لهذا الدين الحق وهكذا نحن في عصر جديد بإذن الله عصر اللقاء بين الدين والعلم بل التضافر بين الدين والحق والعلم الصحيح لتظهر البينة ولتتجدد في هذا الزمان بلغة يفهمها أهل هذا العصر.
?ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد?(سورة سبأ، الآية:6).
مقتطفات
يتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله. وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله.
(كيث مور)
حان الوقت لأن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
(تاجاتات تاجاسون).
ولكن الوسائل العلمية الحديثة الآن في وضع تستطيع أن تثبت ما قاله محمد صلى الله عليه وسلم منذ 1400 سنه.
(كرونر).
ولذلك إني لا أرى شيئاً يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولاً فيما كان باستطاعته أن يبلغه.
(مارشال جونسون)(1/50)
إنني متأثر جداً باكتشاف الحقيقة في القرآن.
(يوشيودي كوزان).
أعتقد أنه لا يوجد خلاف بين المعرفة العلمية وبين الوحي، بل إن الوحي ليدعم أساليب الكشف العلمية.
(جولي سمسون).
أعتقد أنه لا بد وأن يكون من الله.
(هاي).
إنني لا أجد صعوبة في أن أوافق في عقلي أن هذا الإلهام إلهي أو وحي قاده إلى عرض القضايا.
(برسود).
إذا لم يكن هناك سجل كهذا فإن هذا يقوي الاعتقاد بأن الله قد أرسل من خلال محمد صلى الله عليه وسلم مقادير من علمه اكتشفناها فقط في الأزمنة الحديثة إننا نتطلع إلى حوار مستمر في موضوع العلم في القرآن في سياق الجيولوجيا.
(بالمار).
قد يكون هناك شيء فيما وراء فهمنا كخبرة بشرية عادية ليشرح الكتابات التي رأيناها.
(آرمسترونج).
من الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400 سنة هجرية ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً.
(راو).
ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة للطبيعة خارج الإنسان لقد جاءت المعلومات من مصادر خارج الطبيعة البشرية.
(راو).
ما قيل بالفعل منذ عديد من السنين في القرآن الكريم هو حقيقة ما يكشفه العلماء اليوم أعتقد أنه من المهم بالنسبة لندوة كهذه أن تبلغ هذا إلى العلماء من جميع الأمم. في أديان كثيرة نجد أن القادة يظنون أن العلم يستطيع أن يأخذ شيئاً من الدين.
إذا كان العلم يتقدم فإن على الدين أن يتقهقر .هنا لدينا تناول مختلف تماماً.
(شرويدر).
(الإضافات المكملة)(1/51)
الشيخ الزنداني: إن هذه هي البينة المتجددة الحية الباقية. هذه هي المعجزة الدائمة بين أيدينا إلى قيام الساعة. نظر فيها البدوي في الصحراء قبل 1400 عام فوجد فيها علماً إلهياً عرفه بربه وشهد له بصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وينظر فيها اليوم علماء عصرنا في شتى المجالات الكونية فيجدون ذلك العلم الإلهي يدلهم كذلك ويشهد لهم بأنه من عند خالق الكون ويشهد لهم كذلك بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وقد رأينا طائفة من هؤلاء العلماء فمنهم من رأيناه يشهد أن هذا العلم لا يمكن أن يكون من مصدر بشري.البروفيسور درجا راو: من الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400 سنة هجرية ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جداً ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً.الشيخ الزنداني: ومنهم من قال إن هذا العلم لا يمكن إلا أن يكون من وراء هذا الكون.
البروفيسور آرمسترونج: قد يكون هناك شيء فيما وراء فهمنا كخبرة بشرية عادية ليشرح الكتابات التي رأيناها.
البروفيسور درجا راو:ولذلك فقدفكرت في قوةللطبيعةخارج الإنسان.لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعة.
الشيخ الزنداني: ومنهم من تقدم بدون وجل ليقرر بأن هذا العلم لا يمكن أن يكون إلا من الله خالق هذا الكون.
المناقش: ممن إذا يأتي في اعتقادك أصل أو مصدر هذه المعلومات.
البروفيسور هاي: أعتقد أنه ولا بد أن يكون من الله.
البروفيسور كرونر:ولكن الوسائل العلميةالحديثةالآن في وضع تستطيع فيه أن تثبت ما قاله محمد r منذ 1400 سنة.
البروفيسورمارشال جونسون:ولذلك إنني لاأرى شيئاً يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولاًفيما كان باستطاعته أن يبلغه
البروفيسور شرويدر: ما قيل بالفعل منذ عديد من القرون في القرآن الكريم هو حقيقة ما يكشفه العلماء اليوم.(1/52)
البروفيسور برسود: إنني لا أجد صعوبة في أن أوافق في عقلي أن هذا الإلهام إلهي أو وحي قاده إلى عرض القضايا.
الشيخ الزنداني: ومنهم من أكمل شهادته فقال:
البروفيسور كيث مور: ويتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله. لأن كل هذه المعلومات لم تكتشف إلا حديثاً وبعد قرون عدة وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله.
الشيخ الزنداني: ومنهم من أعلن شهادة الإسلام فقال:
البروفيسور تاجاتات تاجاسون: أعتقد أنه حان الوقت الآن لأن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.(1/53)
الشيخ الزنداني: نعم، إنها المعجزة الباقية بين أيدينا يقول الله جل وعلا:?قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ? (سورة الأنعام،الآية:19) ومن بلغ إليه هذا القرآن فهو أيضاً يحمل الشهادة ويحمل الإنذار وطبيعة هذه الشهادة هي تلك الشهادة العلمية التي تضمنتها كل آية في كتاب الله فكل آية تحمل علماً إلهياً والعلماء عبر القرون يتقدمون في علومهم في شتى المجالات فما من عصر إلا ويكتشف أهله علماً جديداً موجوداً في هذا الكتاب قال تعالى: ?لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه? (سورة النساء، الآية:166).إنها المعجزة التي تتجدد لأهل كل عصر بما يناسبهم قال تعالى: ?لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون? يقول ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية ?لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون? (سورة الأنعام، الآية: 67) قال: لكل خبر مستقر: يعني قرار يستقر عنده ونهاية ينتهي إليها فيتبين حقه وصدقه من كذبه وباطله ?وسوف تعلمون? يقول وسوف تعلمون أيها المكذبون بصحة ما أخبركم به (تفسير الطبري 7/327) وقال ابن كثير أيضاً في تفسير هذه الآية قال ابن عباس وغير واحد أي لكل نبأ حقيقة أي لكل خبر وقوع ولو بعد حين كما قال تعالى: ?ولتعلمن نبأه بعد حين? (سورة ص، الآية: 88)(5).هذا الذي رأيناه هو ما فهمه المفسرون من وعود القرآن بأن هذا سيكون، وهذا ابن حجر في فتح الباري يشرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلى فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة"(6).قال ابن حجر في شرح هذا الحديث: ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقة للعادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات فلا يمر عصر من الأعصار إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه. ثم قال: فعم نفعه من(1/54)
حضر ومن غاب ومن وجد ومن سيوجد. يقول الله جلا وعلا: ?سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق? (سورة فصلت، الآية:53).هذا وعد من الله سبحانه وتعالى بأن هذه المعجزة المتجددة في هذا الكتاب الكريم ستبقى دائماً للناس ظاهرة بينة جلية في الآفاق تشهد بصدق هذا القرآن وتشهد أنه هو الحق وأنه من عند الله سبحانه وتعالى. قال المفسرون في تفسير هذه الآية هذه المعاني وداروا حولها، فقال الشوكاني: ?سنريهم آياتنا في الآفاق? قال: سنريهم صدق دلالات صدق القرآن الكريم وعلامة كونه من عند الله في الآفاق وفي أنفسهم(7).وقال ابن كثير في قوله تعالى: ?سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم? أي سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقاً منزلاً من عند الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية في الآفاق(8).وقال الزمخشري في تفسيره: ومعناه أن هذا الموعد من إظهار آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم سيرونه ويشاهدونه فيتبينون عند ذلك أن القرآن تنزيل عالم الغيب الذي هو على كل شيء شهيد أي مطلع ومهيمن يستوي عنده غيبه وشهادته فيكفيهم ذلك دليلاً على أنه حق وأنه من عنده(9).وقال أبو العباس ابن تيمية في الفتاوى: وأما الطريق العياني فهو أن يرى العباد من الآيات الأفقية والنفسية ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغته الرسل عن الله حق كما قال تعالى: ?سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق?(سورة فصلت، الآية:53)(10) فهذا الذي تجلى ويتجلى في كل عصر من بينات القرآن المتجددة هو ما وعدنا به القرآن وفهمه السلف، وفهمه المفسرون، ويتوقع المسلمون والأجيال المتعاقبة أن معجزة هذا القرآن وأن بينة هذا القرآن تتجدد زمناً بعد زمن وجيلاً بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.فهذه الأمور ليست مفاجئة وهذه المعجزة العملية التي تجلت في عصرنا ليست مسألة مفاجئة، ما كان المسلمون يعلمونها ولا كان المفسرون يتوقعونها(1/55)
بل وعد القرآن بها ووعد بها الرسول صلى الله عليه وسلم وفهمها المفسرون فجاءت محققة مصدقة لوعد الله ?سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق?(سورة فصلت، الآية:53) وأخبار القرآن عن هذه الأمور الكونية تشمل ثلاثة أوجه.الأول هو أن هذا القرآن الكريم يخبر بالأمر الذي وقع في بداية الخلق في الماضي ويخبر بالأسرار التي يقوم عليها الكون وتقوم عليها المخلوقات الآن ويخبر فوق ذلك عن مستقبل الإنسان ومستقبل الكون، لأن علم الماضي والحاضر والمستقبل سبحانه وتعالى فكتابه اشتمل على هذا كله. وكما أننا رأينا في عصرنا الآن ما كان يسمعه آباؤنا وأجدادنا فقط عن بعض الحقائق الكونية. كانوا يسمعون عن البرزخ بين البحرين ?مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان? (سورة الرحمن، الآية: 19-20) يعلمون أن هناك برزخاً ولا يشاهدونه، يعلمون أن هناك علقة ومضغة وعظاماً في خلق الجنين ولا يعرفونها، يعلمون أن هناك ظلمات في البحار العميقة ولم يشاهدوها. كان القرآن يخبر بها وكثير مما كشفه العلم اليوم لنا كان محجوباً لا يرى كان يسمع فقط في كتاب الله فأصبح اليوم مرئياً لنا ومشاهداً. نفس الكتاب يقص علينا خبر المستقبل ويواصل معنا الرحلة إلى يوم القيامة إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وإلى أن يدخل أهل النار النار. يقول الله جل وعلا في قصة خلق الإنسان التي مرت بنا. ?ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين? "آدم بداية الخلق الأول" ?ثم جعلناه نطفة في قرار مكين? هذا الخبر الذي يجري الآن ونشاهده ?ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين? (سورة المؤمنين، الآية: 12-14).هذا كان من الأمور الغيبية التي لا تعرف، الناس لا يعرفون ما يدور في الرحم فكشفت في عصرنا ورأيناها لكن الآية لا تقف عند هذا الحد بل تتعداه ?ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم(1/56)
القيامة تبعثون? (سورة المؤمنين، الآية: 15-16) فكما رأينا العلقة التي ما كانت ترى ورأينا المضغة التي لم تكن ترى ورأينا كيف تمت هذه الأطوار وما كان أحد يشاهدها سنرى الأطوار القادمة من قصة حياتنا سنراها حقاً كما رأينا تلك الأطوار حقاً كما رأينا العلقة حقاً والمضغة حقاً والعظام حقاً كما رأينا هذا كله حقاً سنرى الجنة حقاً والنار حقاً وسنرى البعث حقاً وسنرى ذلك كما قال الله سبحانه وتعالى:?ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون. قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون. إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون فاليوم لا تظلم نفس شيئاً ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون. إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون. هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون. لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون? (سورة يس، الآية:51-57).نعيم عظيم ويأتيهم بعد ذلك سلام ممن؟ وما هو أبالإشارة أم بالكتابة؟ "سلام قولاً" إنه بالقول ممن؟ "من رب رحيم" ?قولاً من رب رحيم? (سورة يس، الآية:58) هذا حال أهل الجنة وعندما يلتقي أهل الجنة في الجنة يتذاكرون أحوال الدنيا فيقول قائلهم ?أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين. إن هذا لهو الفوز العظيم. لمثل هذا فليعمل العاملون? (سورة الصافات، الآية:58-61).إذا دخل أهل الجنة الجنة ورأوا ما فيها من نعيم مقيم.كما قال تعالى: ?إن للمتقين مفازاً. حدائق وأعناباً وكواعب أتراباً(11) وكأساً دهاقاً. لا يسمعون فيها لغواً ولا كذاباً. جزاءً من ربك عطاءً حساباً. رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطاباً? (سورة النبأ، الآية:31-37).سنرى هذه الحقائق التي أخبر بها الكتاب إنه نفس الكتاب الذي أخبر بتلك المعجزات التي أذعن لها علماء عصرنا. إنه الكتاب الذي يتجاوز بالبشرية حواجز الزمن ويكشف لهم آفاق مستقبلهم الذي إليه يسيرون سنرى هذه الآيات في هذا الكتاب(1/57)
التي تخبرنا عن مستقبلنا حقاً كما رأينا آيات هذا الكتاب التي تخبرنا عن كوننا وأنفسنا كما رأيناها حقاً.أهل الجنة أهل النعيم المقيم ?إن المتقين في جنات وعيون. آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين? (سورة الذاريات، الآية:15-16)."وأزلفت الجنة" قربت الجنة ?وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد. هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ. من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب. ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود. لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد? (سورة ق، الآية:31-35).أي والله سنرى هذا حقاً كما رأينا آيات هذا الكتاب عبر القرون حقاً وأما أهل النار فسوف يرون كذلك النار حقاً كما قال تعالى: ?ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً إنا موقنون? (سورة السجدة، الآية: 12)الآن يعترفون: أرجعنا إلى الدنيا يا رب وسترانا نعمل الصالحات قد أيقنا، لا ينفعهم ذلك، لا ينفعهم أن يندموا وقالوا في آية أخرى كما حكى الله جل وعلا عنهم:?وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير? لو كنا نسمع هذا القرآن أو نعقل ما فيه وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل نستفيد من سمعنا وعقولنا وأبصارنا لو كنا نستفيد من ذلك . ?وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير?(سورة الملك، الآية:10-11).ويقول الله عنهم: ?إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب? (سورة النساء، الآية:56) هل يرتاحون من هذا العذاب.?لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور? (سورة فاطر، الآية:36).وعندئذٍ يتنادى أصحاب الجنة وأصحاب النار فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار كما قال تعالى:?ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً?.نحن والله قد رأينا الذي كان يخبرنا به الله في هذا القرآن(1/58)
من أوصاف الجنة ونعيمها قد رأيناه حقاً. فأنتم يا أهل النار هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ هل وجدتم ما أخبر به هذا الكتاب حقاً؟?قالوا نعم. فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين? (سورة الأعراف، الآية:44).نعم وعندئذٍ يحمد المؤمنون لأنفسهم هذه العاقبة ويحمدون الله جل وعلا ويقولون:?الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين? (سورة الزمر، الآية: 74).فنعم أجر العاملين بهذا الكتاب، فنعم أجر العاملين، لا النائمين، لا الكسالى، لا العجزة، فنعم أجر العاملين: فهيا إلى هذا الكتاب نقرؤه ونتدبره ونفهم معانيه وهيا إلى هذا الكتاب لنطبقه ولنعمل به لنكون من أهل الجنة من الفائزين.فهذه بينة قائمة شاهدة تقطع الشبهات ?لقد أرسلنا رسلنا بالبينات? (سورة الحديد، الآية:25).وهذه هي البينة الكبرى أيد الله بها محمداً r لتقوم بالرسل الحجة والبينة كما قال تعالى:?رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل?(سورة النساء، الآية:56).والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمدوعلى آله وصحبه .
--------------------------------------------------------------------------------
تساؤلات مهمة
السائل: فضيلة الشيخ هناك بعض تساؤلات كيف فهم السلف والمفسرون هذه الآيات المتعلقة بالعلوم الكونية؟(1/59)
الشيخ الزنداني: أنت تسأل الآن عن تأويل القرآن وتفسير القرآن. التأويل جاء في القرآن بمعنيين، المعنى الأول: التفسير. أي بمعنى فهم مفردات الألفاظ وفهم تراكيب الجمل لأن هذه لغة عربية فصيحة كما كان ذلك يتضح في دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس عندما قال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل"(12) معنى علمه التأويل: أي تأويل معرفة المعاني التي نزل بها القرآن وهذا هو نفس الفهم الذي عند السلف ابن جرير الطبري وغيره يقولون: "ويقول أهل التأويل" أي أهل التفسير. فالآية معناها واضح لنأخذ لذلك مثالاً قول الله جل وعلا: ?مرج البحرين يلتقيان? "مرج" يعني خلط "البحرين" معلوم إذا أطلق البحر دل على الماء المالح "يلتقيان" واضح "بينهما برزخ" أي بينهما حاجز "لا يبغيان" أي: يطغى أحدهما على الآخر، هذه الجملة بتراكيبها وألفاظها معلومة عند المفسرين وعند السلف لكن هناك شيء آخر: حقيقتها، كيفيتها في الواقع. هذه الكيفية وهذه الحقيقة كثير من الآيات لا تعرف كيفيتها وحقائقها إلا مع مرور الزمن كما قال تعالى:?بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله? (سورة يونس، الآية:39).أي لما يأت بيان كشفه، ومنها ما قاله تعالى عنه:?ولتعلمن نبأه بعد حين? فما هو هذا النبأ؟ النبأ المقصود هنا والتأويل المقصود هنا: هو التحقيق كما قال يوسف عليه السلام. يوسف رأى رؤيا منامية وقصها على أبيه فلما تحققت ورأى أمه وأباه وإخوانه بين يدي عرشه قال:?هذا تأويل رؤياي من قبل? (سورة يوسف، الآية100).تأويل أي تحقق هذه الرؤيا. تأويل أو تحقق فإذاً المعاني القرآنية جاءت إلينا بألفاظ وبتراكيب عربية ?قرآناً عربياً غير ذي عوج? (سورة الزمر، الآية:28).معاني هذه الآيات تفسير هذه الآيات، تفسير هذه الجمل معروف معلوم ولذلك فإن جميع المفسرين ليس هناك آية من آيات القرآن إلا وقد فسروها، لكن هناك آيات سيفسرها الزمان وآيات لا يعلمها الناس إلا عند(1/60)
مشاهدتهم لها سواء في الدنيا أو يوم القيامة كما قال تعالى: ?وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها? (سورة النمل، الآية:93).فالمعرفة هنا ما هي؟ معرفة التحقيق والكيفية، ولذلك فإن موقف العلماء المحققين في هذا الأمر أن صفات الله معلومة نعرف اللفظ ونفهمه مثل ?الرحمن على العرش استوى? (سورة طه، الآية:5).نحن نعرف معنى الاستواء، ولكن الكيف مجهول. فالمعاني والألفاظ معلومة، والسلف الصالح والمفسرون السابقون رضوان الله عليهم عرفوا المعاني، وعرفوا التراكيب، وعرفوا الألفاظ، ومنهم نقلنا هذه العلوم، وعندما تنكشف هذه الحقائق تستقر تلك المعاني وتتجلى، كما قال تعالى:?وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها?.فإذاً التأويل يأتي بمعنيين: بمعنى فهم التفسير اللغوي والتراكيب وهذه معلومة عند السلف واضحة جلية، والثاني: بعض الآيات ما يعرف فيها تحققها ووقوعها. بل هنا آيات في القرآن لا نعرف حقائقها وكيفياتها لا أنا ولا أنت ولا من هو عائش الآن ولا كل من يوجد على وجه الأرض إلى قيام الساعة لا نعلم إلا إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. فإذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا الحمد لله هذا ما وعدنا الله.?وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده? (سورة الزمر، الآية:74).والكفار يرون ذلك ويقول أهل الجنة لأهل النار ?أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً? (سورة الأعراف، الآية:44) هذه هي الحقيقة كنا نعرفها معنى فأصبحت هي الحقيقة ?فهل وجدتم ما وعد ربك حقاً? (سورة الأعراف، الآية:44).إذاً معرفة اللغة ومعرفة التحقق، والتحقق يدخل تحته الكيف والتفصيل. فالكيفيات والتفاصيل هذه هي التي لم تكن معلومة. ومع ذلك فإن للمفسرين جهوداً مشكورة رضي الله عنهم وأرضاهم. من منطلق هذه الآيات القرآنية اجتهدوا في فهم الكيفيات التي أسعفتهم بها علوم عصرهم فوصلوا إلى تقرير عدد من الحقائق العلمية قبل اكتشافها.مثلاً ابن عباس رضي الله عنهمايقول:?أولم ير الذين كفروا(1/61)
أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما?(سورة الأنبياء،الآية:30)يقرركانتا ملتصقتين متصلتين ففصلتا قبل أن يكتشف الناس هذه الحقائق.فإذا كان لهم جهد عظيم. وقل أن تجد من المفسرين من لم يشر ولو بطريقة قريبة إلى ما كشف عنه العلم في هذا الزمان. نادراً ما يكون هذا لأنهم كانوا أهل جد وأهل بحث وأما نحن الآن فقد أصبح عندنا شيء زائد وهو تحقق الأمر مشاهدة الشيء وليس معنى ذلك أننا أفضل منهم، لا، هم أفضل منا وأعلم، وعنهم ننقل هذه العلوم ولكن نحن شاهدنا فقط. مثل أن يأتي شخص يدخل إلى مكان يرى هناك ظلاماً في هذا المكان ثم تقول له وهو في الظلام صف لي هذا المكان؟فيحاول أن يصف من بعض أوصافك ثم بعد قليل تضيء المصباح في هذا المكان فيتجلى له،ويأتي طفل فتقول له:صف لي هذا المكان فيصف هذا الطفل أحسن من الأول،الذي في ظلام لا يتيسر له ذلك،فنحن تيسر لنا هذا، بل الكفار سيكونون أعلم بحقائق النار منا الآن،لأنهم سيذوقونها وسيعلمون معانيها فهل هم أفضل منا الآن،لا،ليسوا بأفضل وإنما انكشف لهم ما كان مخفياً.
السائل: إذاً ما هو الضمان من تغير هذه المعاني العلمية مع تقدم الاكتشافات؟(1/62)
الشيخ الزنداني: هذا سؤال دائماً يسأله كثير من الناس. الآن جاءت كشوف علمية فقد تأتي كشوف علمية أخرى تعطي معاني غير هذه التي تقولون، والعلم يتبدل، وخاصة النظريات المتقلبة والمتبدلة. نقول: إن الضمان موجود في كتاب الله يقول الله سبحانه وتعالى: ?سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم? فربط ذلك بالرؤية والمشاهدة معاً. الأمر إذا أصبح مرئياً مشاهداً هو الضمان. فالضمان رؤيته ومشاهدته مثلاً البرزخ بين البحرين أصبح الآن مرئياً مشاهداً يصور بالأقمار الصناعية ويقاس، فمهما تقدم العلم أسيأتي العلم ويقول لا غير موجود؟ أنا لا أخشى. الآن بيدي هذا المصحف. وها أنا ذا أمامك، هذا مصحف بين يدي أنا لا أخشى أن يتقدم العلم ويثبت أن هذا ليس مصحفاً إنه مصحف أصبح مشاهداً فالمقياس ضمنه الله لنا في كتابه الكريم:?سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد??وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها?.فما كان مرئياً أو في حكم المرئي بالأدلة العلمية القطعية هو الذي نقول به وعلى هذا فنحن نتكلم عن الحقائق العلمية القطعية لا على النظريات المتبدلة.(1/63)
السائل:فضيلة الشيخ هناك تساؤل آخر لماذا لا يتكلم المسلمون عن الحقائق الكونية المذكورةفي القرآن والسنة إلا بعد اكتشاف غير المسلمين لها؟الشيخ الزنداني: نقول هذا عيب في المسلمين وليس في الإسلام وليس في العلم قلت لك: إن المفسرين إذا رجعت إلى كتبهم ستجد عجباً ستجد أن المفسر في القرن الأول أو في القرن الثاني يتحدث عن حقائق الكون وكأنه خبير، يعني هضم علوم عصره وفهم كل ما هو متيسر ليشرح بها هذه الآية المتعلقة بهذا العلم الكوني وترى كثيراً من العجب في أوصافهم مهتدين بالكتاب والسنة. فعندما كانت الريادة العلمية والدينية بيد المسلمين كانوا هم أهل هذا السبق، ولكن لما نام المسلمون تخلفوا. الله يأمرهم في القرآن بالنظر ?قل انظروا ماذا في السماوات والأرض? (سورة يونس، الآية:101).ولا أحد منهم ينظر ويتفكر، جاءت فترة من الفترات تركوا هذا للمنجمين والمشعوذين، وغيرهم من الكفار ينظر ويتأمل. فمن الذي سيعرف الحقائق؟ الذي ينظر أم الذي لا يرى؟ الله يأمرهم بالعلم فسبقهم غيرهم به. فنقول هذا نقص كائن في المسلمين ولكن إذا بارك الله في نهضة المسلمين الآن فنتوقع أنهم سيسبقون إن شاء الله، ومثال على ذلك الدكتور أحمد القاضي. الدكتور أحمد القاضي في أمريكا وهو من أطباء المسلمين ومن أطباء العالم المشهورين قرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحبة السوداء شفاء من كل داء"(13) فقال: إذاً الحديث يتكلم عن شيء له علاقة بجميع الأمراض؟ لعله: جهاز المناعة؟ إذاً فما تأثير الحبة السوداء على جهاز المناعة. فقام بتجاربه ودراساته وإذا بالنتيجة تظهر جليلة له ويسبق بها غيره من الكفار في أمريكا، في قاعدة المدنية، يسبقهم ويجعلهم وراءه. ويقول: هذه مادة ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لها دور في تقوية جهاز المناعة. وشفاء "لا تعني كل الشفاء" فأي قدر من الشفاء يتحقق فهو المقصود في هذا الحديث أي قدر سواء كان كبيراً أو(1/64)
قليلاً.وجهاز المناعة إذاً يستفيد فائدة قوية من الحبة السوداء.فإذاً المسألة عندنا نحن، ولكن هل هذا يسقط حجتنا على الناس بهذه الآيات؟ نقول: لا، إن الحجة تبقى أقوى لأن الكافر –غير المسلم- إذا اكتشف هذه الحقيقة اكتشف أن للجبال جذوراً وأن الجبال كالأوتاد وأن هناك برزخاً بين البحار وهو صورها وجاء بها فتكون الحجة للمسلمين أقوى والبينة أعظم، لأن الذي قدم هذه الكشوف غير مسلم لا يدري ماذا في القرآن ولا يعلم ماذا في الكتاب الكريم، فتكون بذلك الشهادة أجلى وأوضح. لو أن مسلماً هو الذي قرر هذا وسبق في تقرير هذا، لربما قال بعض الناس: إنه عدلها. هذبها، صاغها لتكون مناسبة، ولكن إن اكتشفها الكفار فإن الحجة تبقى باقية. بل إني لألمح من الخطاب أن الحجة تقوم على الكفار بمعرفتهم لهذه الحقائق لأن الله يقول ?سنريهم آياتنا في الآفاق? أي أن الذين لم يتبين لهم أن القرآن هو الحق ?سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق? أي أن هذا القرآن هو الحق فتبين الكفار لهذه الحقائق وبيانها ووضوحها في كتاب الله الكريم وتقريرها هذا يتحقق به الشهادة بأن هذا القرآن من عند الله، يكتشفه من يكتشفه، اكتشفه مسلم أم اكتشفه غير مسلم فالحجة باقية والحقيقة قائمة.والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
--------------------------------------------------------
(1) رواه البخاري في فضائل القرآن باب 1 حديث 4981عن أبي هريرة. (2) رواه مسلم في القدر باب 1 حديث 3 عن ابن مسعود.
(3) رواه ابن ماجه، الفتن باب22 حديث 4019، والحاكم 4/540 وصححه. (4) مسلم 1/372 المساجد، حديث رقم 7و8.(1/65)
(5)انظر تفسير ابن كثير 2/23.(6) انظر صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن مع شرحه فتح الباري9/3-7.(7) فتح القدير 4/523. (8) تفسير ابن كثير 4/157.(9) انظر الكشاف 3/396.(10) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 14/189.
(11) كواعب أتراباً: الحوريات.(12) رواه أحمد في المسند 1/266. والجملة الأولى منه في صحيح البخاري في كتاب الوضوء حديث143(13) متفق عليه رواه البخاري في الطب ومسلم في السلام.(1/66)