|
المؤلف : نخبة من العلماء
تم استيراده من نسخة : المكتبة الشاملة المكية
الإنابة في الحج
د. محمد طاهر حكيم
أجمع العلماء على أن فريضة الحج مرة في العمر لمن استطاع إليه سبيلاً، لقوله ـ تعالى ـ: ((ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً)) [آل عمران: 97].
ولحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا" فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم"(1).
وأجمعوا على أن من كان عليه حج ـ وهو قادر على أن يحج بنفسه لا يجزئ أن يحج عنه غيره، وأن من لا مال له يستنيب به غيره فلا حج عليه(2).
واختلفوا في المريض والمعضوب يكون كل واحد منهما قادراً على ما يستأجر به من يحج عنه، هل يجب عليهما في ذلك؟ بعد إجماعهم على أنه لا يلزمهما المسير إلىالحج، إنما فرضه الله على المستطيع. ولا استطاعة لهما(3). وكذلك اختلفوا فيمن مات وعليه حج. هل يحج عنه أم لا؟
* أما المريض والمعضوب: فقد ذهب جمهور أهل العلم منهم: علي بن أبي طالب، والحسن، والثوري، وابن المبارك، وداود، وابن المنذر، والأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، إلى أنهما إذا وجدا مالاً ورجلاً يحج عنهما، وجب الحج عليهما(4).
واحتجوا على ذلك بأدلة، منها:
1 - حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، قالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ فقال: "نعم". وذلك في حجة الوداع(5).
(1/1)
2 - وحديث أبي رزين العقيلي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن"، قال: "حج عن أبيك واعتمر"(6).
* وذهب بعض أهل العلم إلى أن المعضوب لا يجب عليه الحج أصلاً ـ وإن ملك المال ـ رُوي ذلك عن الليث والحسن بن صالح، وبه قال الإمام مالك(7) وهو رواية عند الحنفية(8).
واحتجوا بالآتي:
1 - قوله ـ تعالى ـ: ((ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً)) [آل عمران: 97] فالآية وردت مقيدة لمن يستطيع السبيل إلى البيت. فمن لم يستطع السبيل إليه لم تتناوله الآية، والاستطاعة صفة موجودة بالمستطيع كالعلم والحياة، وإذا لم توجد به استطاعة فليس بمستطيع فلا يجب عليه حج(9).
2 - وقوله ـ تعالى ـ: ((وأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى)) [النجم: 39] فأخبر أنه ليس له إلا ما سعى، فمن قال: إنه له سعي غيره فقد خالف ظاهر الآية(10).
3 - قالوا: وأما حديث "الخثعمية" فهو مخالف لظاهر القرآن؛ فيرجح ظاهر القرآن (11).
وقد أجيب عن هذه الأدلة مِن جانب الجمهور:
1 - الاستطاعة تكون بالغير كما تكون بالنفس. قال ابن رشد: "وهي ـ أي الاستطاعة ـ تتصور على نوعين: مباشرة ونيابة"(12).
2 - وعن الآية: ((وأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى)) [النجم: 39] فقالوا: إننا نقول كذلك. ولكنه بذل ماله للنائب؛ فكأن الحج أصبح من سعيه.
وقد نقلوا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: "إن هذه الآية منوطة بقوله ـ تعالى ـ: ((والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)) [الطور: 21] وقال أكثر أهل العلم: هي محكمة.
(1/2)
وقال الربيع بن أنس: هذه الآية في الكافر، وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له غيره، وقال أبو بكر الوراق: ((إلاَّ مَا سَعَى )) إلا ما نوى(13). وقيل غير ذلك. وعلى أيٍّ كان الأمر فليس في الآية دليل للمالكية ومن معهم فيما ذهبوا إليه.
3 ـ وأما القول بأن ظاهر حديث "الخثعمية" مخالف لظاهر القرآن فجوابه كما قال الحافظ ابن حجر: "وتعقب بأن في تقرير النبي صلى الله عليه وسلم لها على ذلك حجة ظاهرة".
ويظهر من هذا أن قول الجمهور أقوى. والله أعلم.
* وأما من مات وعليه حِجة الإسلام أو قضاء أو نذر فإنه يجب أن يحج عنه من جميع ماله ـ أوصى أو لم يوص ـ ويكون الحج عنه من حيث وجب عليه، لا من حيث مكان موته؛ لأن القضاء يكون بصفة الأداء. قال بهذا جماعة من أهل العلم منهم: ابن عباس، وأبو هريرة، وابن المبارك، وابن سيرين، وابن المسيب، وأبو ثور، وابن المنذر، وهو قول الشافعي وأحمد(14).
واحتج هؤلاء بالآتي:
1ـ حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "إن أمي نذرتْ أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم، حجي عنها! أرأيت لو كان على أمكِ دين أكنتِ قاضيته؟ اقضوا الله؛ فالله؛ أحق بالوفاء"(15).
2 ـ وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رجل: "يا رسول الله"! إن أبي مات ولم يحج.
أفأحج عنه؟ قال: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق"(16).
3 ـ ولأنه حق تدخله النيابة لزمه في حال الحياة فلم يسقط بالموت كديْن الآدمي، ويجب من رأس المال؛ لأنه ديْن واجب، فكان من رأس المال كديْن الآدمي(17).
* وذهب آخرون إلى أن من مات وكان قد وجب عليه الحج ـ ولم يحج ـ فإن أوصى حُج عنه من ثلث التركة وإلا فلا يجب على الورثة شيء إلا أن يَطَّوَّعوا. قال به النخعي والشعبي وحماد والليث في جماعة.
(1/3)
وبه قال أبو حنيفة(18) ومالك(19)؛ لأن الميت ليس له حق إلا في ثلث ماله، ودين العباد أقوى؛ لأنه مبني على المشاحَّة، ولأن له مطالِباً بخلاف دَيْن الله ـ تعالى ـ لأنه مبني على المسامحة فلا يعتبر إلا من الثلث لعدم المنازع فيه.
* وهناك قول ثالث روي عن ابن عمر والقاسم بن محمد وابن أبي ذئب؛ حيث قالوا: لا يحج أحد عن أحد مطلقاً(20). والأحاديث المذكورة حجة عليهم.
شروط الحج عن الغير(21):
اشترط الفقهاء شروطاً للحج عن الغير، نذكر أهمها:
1 - نية النائب عن الأصيل عند الإحرام؛ لأن النائب يحج عن الأصيل لا عن نفسه فلا بد من نيته، كأن يقول: أحرمت عن فلان أو لبيك عن فلان. وهذا الشرط متفق عليه.
2 - أن يكون الأصيل عاجزاً عن أداء الحج بنفسه وله مال، فإن كان قادراً على الأداء بأن كان صحيح البدن ـ وله مال ـ فلا يجوز حج غيره عنه باتفاق الجمهور غير المالكية. أما المالكية: فلم يجيزوا الحج عن الحي مطلقاً. وعليه: لا يجوز أن يستنيب في الحج الواجب من يقدر على الحج بنفسه إجماعاً. وأجاز الجمهور الحج عن الميت، لكن إذا أوصى عند الحنفية والمالكية. وقال الشافعية والحنابلة: يجب الحج عنه إذا كان قادراً ومات مفرطاً.
3 - أن يستمر العجز كالمرض إلى الموت. وهذا باتفاق الحنفية والشافعية، فلو زال العجز قبل الموت لم يجزئه حج النائب؛ لأن جواز الحج عن الغير ثبت بخلاف القياس لضرورة العجز الذي لا يُرجى برؤه، فيتقيد الجواز به.
وقال الحنابلة: يجزئه؛ لأنه أتى بما أمر به. فخرج عن العهدة كما لو لم يزل عذره. وهذا أظهر.
4 - أن يُحْرِمَ على النحو الذي طالب به الأصيل. فلو اعتمر مثلاً وقد أمره بالحج، ثم حج من مكة، لا يجوز عند الحنفية.
(1/4)
وكذا لو أوصى بالحج وحدد المال أو المكان؛ فالأمر على ما حدده وعينه؛ وإن لم يحدد شيئاً فالحج من بلد المنوب عنه؛ لأن الحج وجب على الأصيل من بلده فوجب أن ينوب عنه منه، وهذا عند الحنفية والحنابلة. وقال الشافعية: يجب على النائب الحج من ميقات الأصيل؛ لأن الحج يجب من الميقات.
5 - يجب أن يكون النائب قد حج عن نفسه قبل الحج عن الغير عند الشافعية والحنابلة لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: "لبيك عن شبرمة" قال: مَنْ شبرمة؟. قال: أخ لي، أو قريب. قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا. قال: "حجَّ عن نفسك، ثم حج عن شبرمة"(22).
ويجوز عند الحنفية ـ مع الكراهة التحريمية ـ الحج عن الغير قبل أن يحج الرجل عن نفسه عملاً بإطلاق حديث "الخثعمية" المتقدم من غير استفسار عن سبقها الحج عن نفسها.
وترك الاستفصال في وقائع الأحوال ينزل منزلة عموم المقال أو الخطاب، أما سبب الكراهة فهو أنه تارك فرض الحج.
وكذلك قال المالكية: يكره الحج عن الغير ـ أي في حالة الوصية بالحج ـ قبل أن يحج عن نفسه؛ بناءاً على أن الحج واجب على التراخي وإلا مُنع على القول بأنه على الفور ـ وهو المعتمد عندهم.
والقول الأول أرجح لحديث "شبرمة" ويحمل ترك الاستفصال في حديث "الخثعمية" على علمه صلى الله عليه وسلم بأنها حجت عن نفسها أولاً وإن لم يروِ لنا طريق علمه بذلك؛ جمعاً بين الأدلة كلها ـ كما قال الكمال ابن الهمام(23).
هذه أهم شروط الحج عن الغير؛ والله ـ تعالى ـ أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
============
الهوامش:
(1) رواه مسلم، 9/101، وأحمد والنسائي وغيرهم.
(2) المغني لابن قدامة 3/178، 180.
(3) تفسير القرطبي 4/150.
(1/5)
(4) انظر سنن الترمذي 3/677، وشرح السنة، 7/26، والمبسوط 4/148، وفتح القدير 2/309، والمغني 3/177، وكشاف القناع 2/255، وزاد الشافعي: أنه إذا لم يجد مالاً يحج به غيره ولكن وجد من يطيعه من ولده ونحوه فإن الحج يجب عليه كذلك. انظر المجموع 7/74 ـ 75، ومغني المحتاج 1/469 ـ 470، والمهذب 1/266، والغاية القصوى 1/431.
(5) رواه البخاري 4/67 (على الفتح) ومسلم 9/97 ـ 98 (بشرح النووي)، ومالك 2/267، وأحمد 3/313، و4/98، و5/420، وأبو داود 2/401، والترمذي 3/675، والنسائي 5/117، و8/228.
(6) أخرجه الترمذي 3/678، وقال: حسن صحيح. وأبو داود 2/402، والنسائي 5/117.
(7) انظر شرح السنة 7/26، والمنتقى 2/269، والشرح الصغير 2/115، والكافي 1/357.
(8) كما في المبسوط 4/153، وجعله المذهب وانظر البدائع 3/1085، وملتقى الأبحر 1/233.
(9) المنتقى 2/269، وانظر القرطبي 4/151.
(10) تفسير القرطبي 4/151.
(11) تفسير القرطبي 4/152، وراجع فتح الباري 4/70.
(12) بداية المجتهد 1/319. وانظر المجموع 7/75.
(13) تفسير القرطبي 17/114 ـ 115، وانظر: ملتقى الأبحر 1/234.
(14) انظر: سنن الترمذي 3/677، وشرح السنة 7/26، والتمهيد 9/136، والمجموع 7/87،90، ومغني المحتاج 1/468، والمغني 3/195، والإنصاف 3/409، والإقناع 1/344.
(15) رواه البخاري 4/64، . والنسائي بمعناه 5/117.
(16) رواه النسائي 5/118.
(17) المهذب 1/267، وراجع فتح الباري 4/66.
(18) انظر التمهيد 9/136، والمحلى 7/53، وعمدة القارئ 10/213 ـ 214، وعند الحنفية: لو مات رجل بعد وجوب الحج عليه ولم يوص به فيحج عنه رجل حجة الإسلام من غير وصية، قالوا: يجزيه ـ إنْ شاء الله ـ لأنه إيصال ثواب وهو لا يختص بأمر من قريب أو بعيد، ذكره ابن عابدين في حاشيته 2/600، وراجع مختصر الطحاوي ص 59.
(1/6)
(19) المنتقى 2/271، والشرح الصغير 2/15، والقرطبي 4/151، وعنده: إذا لم يوص فالصدقة أفضل من استئجار من يحج عنه، فإن حجّ أحد تطوعاً فله أجر الدعاء.
(20) المحلى 7/45، والمجموع 7/90، ومعالم السنن 2/401، وعمدة القارئ 9/213.
(21) منع قوم من النحاة إدخال "ال" على "غير وكل وبعض" لأن هذه لا تتعرف بالإضافة فلا تتعرف بالألف واللام، قال ابن عابدين: إنها تدخل عليها؛ لأنها هنا ليست للتعريف ولكنها المعاقبة للإضافة. رد المحتار 2/323، (نقلاً عن الفقه الإسلامي وأدلته 3/37).
(22) رواه أبو داود وابن ماجة والدارقطني (نيل الأوطار 4/292).
(23) انظر فتح القدير 2/317 ـ 321و الشرح الصغير 2/15، ومغني المحتاج 1/470، وكشاف القناع 2/462، وانظر الفقه الإسلامي وأدلته 3/49 ـ 55.
مجلة البيان - العدد 148 ذو الحجة 1420 هـ
(1/7)
الحج وأثره في تربية الضمير
عثمان جمعة ضميرية
تربية مثالية واقعية:
لقد كانت تربية القرآن الكريم للمؤمنين تربية رائعة عالية ، تمد أنظار الإنسان إلى علم المثال الطيب النظيف وتوقفه على أرض الواقع الصلبة، فكانت بذلك تربية مثالية واقعية، يتربى عليها المسلم في صلته بربه تبارك وتعالى ، وفي صلته بنفسه ، وفي صلته بالناس من حوله ، وفي أدائه للعبادات وقيامه بالمعاملات ،-وخضوعه للعادات ، وفي كل مظهر من مظاهر حياته.
ولنأخذ مثالاً ذلك: إن الإسلام يدعو إلى العدالة الشاملة الكاملة فيرغب الناس بذلك في المثالية التي يسعى إليها: ((إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحْسَانِ )) [النحل:90] ، ويدعو إلى العفو والتسامح: ((وأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)) [ البقرة :237 ] ((ومَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِف فِّي القَتْلِ إنَّهُ كَانَ مَنصُوراً )) [ الإسراء:33].
ولكنه في الوقت نفسه لا يهمل الجانب الواقعي الذي فطر عليه الإنسان ، وهو حب الانتصار للنفس إذا ما وقع عليها الاعتداء ، وإلا فإنه يدعو إلى مثالية خيالية لا طاقة للنفس البشرية بها ، ولذلك كانت مشروعية القصاص: ((ولَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)) [البقرة: 179] ، إنها ليست دعوة إلى القصاص فحسب دون عفو ، ولا دعوة إلى العفو دون إقرار حق القصاص، وإنما شرع الله تعالى الأمرين معاً ، ها أنت على عدل وحق لو طالبت بالقصاص من المعتدي ، وها أنت على فضل عندما تعفو وتصفح.
تربية الضمير:
ولقد ارتفع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مستوى رائع عندما أرشدهم إلى هذا وترك الإنسان لضميره المؤمن ووجدانه الحي ،يستفتيه في كل ما يعمل وما يترك ، فقد قال عليه الصلاة والسلام. »إنكم تختصمون إلى ولعل بعضكم أن يكون ألحن (أقوى) بحجته من فإنما أقطع له قطعة من قطعة من نار فليأخذها أو فليدعها« (1).
(1/1)
أرأيت إلى هذه التربية الوجدانية والتهذيب الخلقي للفرد؛ إنها لا تكتفي بوسائل الإثبات المادية ، ولكنها تعود بالمرء إلى ضميره ، فلعل أحد الخصمين يكون أقوى حجة من أخيه الذي يخاصمه فيحاجه بالكلام يخصمه بما قدم، ولكنه ليس على حق... فليحذر ، فإنما هي قطعة من نار... وحكم الحاكم لا يحل الحرام ولا يحرم الحلال.
ثلاث محاكم أدبية... وسبيل النجاة:
وقد وضعنا القرآن الكريم أمام ثلاث محاكم أدبية (2) هي:محكمة الضمير في قلوبنا، ومحكمة المجتمع من حولنا ، ومحكمة السماء من فوقنا ، فقال الله تعالى: ((وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ وسَتُرَدُّونَ إلَى عَالِمِ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) [التوبة:105].
وسبيلنا للنجاة أمام محكمة السماء الكبرى هو تربية الشعور الديني " الحسان وسبيل النجاة أمام المحكمة الثانية هو تربية الشعور الاجتماعي ، وسبيل النجاة أمام المحكمة الأولى (محكمة الضمير في قلوبنا) هو تربية الوجدان أو الضمير الخلقي ليجعل من نفس الإنسان وازعاً قبل محاسبة الآخرين، ولذلك حذرنا من كل عمل يترتب عليه تأنيب الضمير، وأمرنا أن نرجع إلى هذا الضمير نستفتيه:»استفت قلبك... وإن أفتاك الناس وأفتوك« (3).
الحج تربية للضمير:
وهذه المعاني عن التربية الوجدانية أو الضمير الحي الحساس نجدها متمثلة في كثير من مشاعر الحج ومناسكه ، منذ أن يفرض المسلم الحج على نفسه في أشهره إلى أن يقضي مناسكه ، فأنت واجد في كل شعيرة من الشعائر ما يحملك على مراقبة الله تعالى لك ، ويجل من النفس اللوامة أو الضمير حكماً أو قاضياً في كثير مما يقوم به المسلم في الحج..
فإن الله به عليم:
(1/2)
ففي أعقاب الدخول في النُّسك يلتفت السياق القرآني إلى هذه الناحية التفاتة رائعة ، فيقول الله تعالى: ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ ولا جِدَالَ فِي الحَجِّ ومَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)) [ البقرة:197] ، فكل خير وكل قربة وكل عبادة...فإن الله به عليم ، وعليه يجازي، وبه يرفع المؤمن عنده درجات ، وهو طريق تحلية النفس وتزكيتها وتطهيرها بعد تخليتها من الرفث و الفسوق والجدال..
والإقبال على الله تعالى بهذه الهيئة النظيفة ، وهذه الصورة المشرقة الوضيئة ، والتقلب في هذه المناسك والرياض... يمحو من النفوس آثار الذنوب وظلمتها ، ويدخلها في حياة جديدة لها فيها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.
ويكفي المسلم أن يشعر أن الله تعالى يعلم ما يفعله العبد من خير ، ويطلع عليه ويجازي ويثيب ، ليكون ذلك حافزاً له على الإكثار من الخير والاجتهاد فيه... فمن ذا الذي لا يريد أن يراه ربه تبارك وتعالى على أحسن صورة في العمل.؟ ومن ذا الذي لا تتطلع نفسه وتتشوق إلى أن يعلم الله منه الخير كل الخير…؟ فيصل بذلك إلى درجة الإحسان التي قال عنها النبي - صلى الله عليه وسلم: »الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه،فإن لم تكن تراه فإنه يراك« (4)
أثر الذكر والدعاء والتضرع:
ولن يكون الإنسان صاحب ضمير حي ، ونفس لوامة حتى يكون على صلة طيبة بالله تعالى الذي خلقه وسيحاسبه يوم القيامة على ما اقترف ، وفي الذكر والدعاء والتضرع إلى الله تعالى بصدق وإخلاص ، وفي التلبية التي يجأر بها العبد في مناسكه...
كل هذا وسيلة من وسائل تربية الوجدان وإعلاء قيمته ، وهو يصقل النفس ويزكيها ، بما فيه من إظهار العبودية لله تعالى وصدق اللجوء إليه..
رقابة ذاتية صارمة على المخالفات:
(1/3)
وعندما يدخل المسلم في مناسك الحج ويشعر أنه في عبادة لله... يفرض على نفسه رقابة سلوكية صارمة ، تحاسبه أشد الحساب على كل مخالفة تصدر منه ، كبيرة كانت هذه المخالفة أو صغيرة يسيرة. فإذا ما ارتكب محظورا من محظورات الإحرام وجب أن يعود إلى ضميره فيكفر عن هذا المحظور الذي وقع فيه بإراقة دم أو صدقة أو صيام ،ولكن السلطة التي تضبط ذلك وتسجله هي سلطة الضمير ومحكمته ،.فليس هناك سلطة خارجية وراء ذلك... وفي هذا تربية لهذا الضمير وارتقاء به وإعلاء من منزلته وقيمته ، فاستحق هذا الحاج المغفرة بابتعاده عن الرفث والفسوق والجدال.
وفي الطواف وسيلة لتربية الضمير:
وإذا نظرت إلى سائر المناسك وجدتها أيضاً وسيلة لتربية هذه الرقابة الذاتية للضمير ، فالحاج يطوف حول الكعبة ، ويرف حولها نسوة ، وقد يكون في الطواف شيء من الزحام مما قد يقع فيه البصر على مالا يجوز النظر إليه من النساء الأجنبيات ، وقد لا يكون هناك رقابة خارجية صارمة تضبط كل مخالفة من كل واحد من هذه الألوف من الطائفين حول البيت... ومع هذا كله لم يحرم الإسلام طواف الرجال والنساء في وقمت واحد ، أو لم يجعل لهن مطافاً خاصاً... ولعل في هذا أكبر الأثر في تربية الضمير ، فالمسلم يُترك هنا لضميره ولوجدانه المؤمن الذي يحجزه عن فعل أي محظور عندما تكون الوسيلة بهذه المثابة ، ولكنه يعلم أن الله تعالى يراقبه ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وأن مخالفة ومعصية في الحرم ليست كغيرها من المخالفات ، فهي عظيمة جسيمة ، بل هي مضاعفة ، حتى إن إرادة المعصية والهمَّ بها فيه تعتبر معصية يستحق صاحبها العذاب الأليم ((وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)) [ الحج:25]..
وفي قضاء المناسك تربية...
فإذا ما قضى الحاج مناسكه وذكر الله تعالى في أيام معلومات وفي أيام معدودات ثم جدد العهد مع الله تعالى على الاستقامة على منهاجه وشرعه
(1/4)
بتوبة صادقة من نفس مؤمنة نادمة ضارعة إلى الله ، وإذا ما وضعته هذه المناسك على طريق المسئولية فإنه يربأ بنفسه بعد ذلك أن تنحرف وتخالف منهج الله ، وإن حياءه من الله تعالى وشعوره بأهمية هذه العبادة العظيمة يربى في نفسه هذا الضمير الحي وهذه التربية الوجدانية.
وبعد:
تلكم بعض اللمحات عن أثر الحج في تربية الضمير والوجدان ، تضاف إلى كثير من الآثار والمنافع التي يشهدها المسلمون في الحج ، فهنيئاً لهؤلاء المسلمين الطائعين، هنيئاً لهم حجهم وعبادتهم التي ترفعهم إلى هذا المستوى المشرق الوضيء الكريم،. والتي تهذب نفوسهم وتزكيها ، وتربى وجدانهم وتطهره ، وتذهب ، بذنوبهم وآثامهم ، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم، والحمد لله رب العالمين .
الهوامش :
1- متفق عليه من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
2- الفكرة مأخوذة عن الأستاذ الشيخ محمد عبد الله دراز في كتابه عن المسئولية.
3- قطعة من حديث رواه الإمام أحمد و الدرامي
4- قطعة من حديث جبريل عليه السلام عن الإسلام والإيمان والإحسان ، أخرجه الشيخان.
---
العدد (19) ذو الحجة 1409 - يوليو 1989
(1/5)
الحج والأمل
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه
ومن سار على هديه ، وبعد :
فنحن نعيش في عصر وصلت فيه أمتنا المسلمة إلى حالة من التخلف والفرقة
لم تعرفها من قبل ، وقد طال هذا التخلف الدعائمَ الأساسية التي قامت عليها الأمة ،
والأركان التي ارتكزت عليها في سابق تكونها ، بدءاً بجانب الإيمان وقضية الهوية ؛
حيث أصبحت الأمة في الجملة في وقتنا الراهن متَّشحة بهويات غيرها من الأمم ،
ففقدت نتيجة ذلك جوهر عقيدتها ، وتحلَّت بأخلاق أعدائها وسلوكهم حتى وصل
الحال بطائفة كبيرة من أبناء الأمة إلى التباهي بالتحلي بمنطلقات وأخلاق وسلوك
الأمم الأخرى ، والتفاخر بالمبادرة إلى تطبيق ذلك في واقع حياتهم وسيرهم على
منوالها .
أضف إلى ذلك وجود برود ظاهر في انتساب جل الأفراد إلى الأمة ، وضعف
بيِّن في اعتزازهم بها وثقتهم بإمكانية نهوضها نتيجة الانبهار برقي ( الآخر )
المادي وتقدمه المعرفي وضخامة الفجوة بين أمتنا وبينه في هذا الأمر .
وليس هذا فحسب ؛ إذ نُحِّيت الشريعة عمداً عن التطبيق والحكم في الغالب
الأعم ، وتم تقزيم مفهوم الدين ، والقيام بالفصل بينه وبين جوانب الحياة المختلفة
بدرجات متفاوتة .
كما تم صياغة العقائد الزائفة والمفاهيم المغلوطة والشرائع المشوهة بصورة
بهية وأساليب جذابة مخادعة تساعد على تمريرها وتقبُّل العامة لها ، بالإضافة إلى
القيام بفلسفة الدين وعرضه بهيئة تقر الأمر الواقع ، وتعطي له شرعية حتى صار
الصواب في كثير من الأحيان انحرافاً والانحراف صواباً .
وتم في جل الأماكن إقصاء العلماء الصادقين والدعاة المخلصين عن مؤسسات
التوجيه الفاعل وأماكن صنع القرار والتأثير في صياغته ، وتجفيف منابع الخير ،
والكيد الشديد للدعوة والدعاة ، ومحاربة ذلك بشتى سبل الحرب المعنوية والمادية
وأقساها .
ولم تؤتَ الأمة في هويتها فقط بل كان من أبرز مقومات تخلفها فقدان كثير
(1/1)
من أبنائها الإخلاص لها ، وتصدَّر جل شؤونها صنائع الأعداء من أبنائها ، فتعمقت
لذلك التبعية وكثرت حالات تقلبها في أحضان الشرق والغرب بحسب اختلاف
الظروف وتبدل موازين القوى .
وأخطر ما في الأمر أن أصبح آخر ما يفكر به جلُّ الملأ في أمتنا - إن كانوا
يفكرون - هو المحافظة على هوية الأمة وتحقيق مصالحها نتيجة فساد الطويَّة
وتسابق القوم في إرضاء أسيادهم : نشراً لأفكارهم وممارسة لسلوكياتهم وخدمة
لمصالحهم ؛ طمعاً في استمرار التصدُّر ونيل المزيد من المآرب .
ومن الإنصاف إثبات وجود طائفة تحمل هوية الأمة ، وتمتلك إخلاصاً لها
واعتزازاً بالانتساب إليها ، وثقة بقدرتها على النهوض من كبوتها وتجاوز تخلفها
متى استمسكت بدينها وأخذت بسنن الله تعالى في النصر والتمكين ، ولكن الذي
يعيب جلَّ أفراد هذه الطائفة أحد أمرين :
الأول : احتقار الذات وعدم ثقة الفرد بقدراته بصورة جعلت منه غاية في
السلبية ؛ مما أفقده الحماس الدافع لعمل ما يفيد الأمة ويكون سبباً في رقيها وتجاوز
كبوتها .
الثاني : عدم قدرة كثير من المتحمسين لنهوض الأمة على تحويل حماسهم
والأفكار التي تختلج في صدورهم إلى أعمال مثمرة نتيجة ضعف المعرفة بمقومات
النهوض ، أو عدم امتلاك المهارات اللازمة لتحقيقها .
وأياً كانت طبيعة الاختلاف بين فصائل هذه الطائفة وموقف الشرع منها ؛ فإن
المؤدى واحد في مجال حديثنا وهو عدم قيام الجميع بالشيء المأمول منهم لرقي
الأمة ونهضتها .
وباختصار : فأمتنا بعد أن هجرت دينها وابتعدت عن هدي ربها نراها قانعة
بالقبوع في ذيل الأمم ، وما من جانب من جوانب الحياة تأملتَهُ إلا رأيتَ أن تخلفها
فيه قد بلغ الغاية أو قاربها .
هذا عن الانحطاط والتخلف ، أما الفرقة فلا يُعرف عصر من العصور بلغ
فيه الرابط الشرعي بين أفراد الأمة وشعوبها ما بلغه الآن من التفكك والضعف .
ومع المعرفة الأكيدة بأن السبب الرئيسي لذلك التمزق يعود إلى الأمة نفسها مصداقاً
(1/2)
لقوله عز وجل : { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ } ( آل عمران : 165 ) ، إلا أنه لا
يمكن الراصد للوضع بحال إغفال المكر الكُبَّار والدور الضخم لأعداء الأمة
وصنائعهم داخلها في ذلك ، والذين مزقوا الأمة تحت رايات القومية بصورها
المختلفة في تارات ، وتحت رايات الشعارات الإقليمية الضيقة ( الوطنية ) في
تارات أخرى ، حتى إنه لم يعد يوجد ذكر للرابط الشرعي بين أفراد الأمة في جل
الأوقات إلا في بعض الخطب والبيانات السياسية التي تستلزم ذلك .
وأنكى ما في الأمر أن التشرذم قد جاوز الملأ والعامة إلى العلماء والدعاة
أنفسهم ، وأصبح المتأمل في واقع الصحوة يشاهد داء التعصب ، والولاء والبراء
من منظور حزبي لا شرعي . وأزمة الثقة ، وسوء الظن ، وتتبع الزلات تموج في
أوساط الأفراد والمؤسسات والجماعات الدعوية موج البحر .
في ظل هذا الظلام الدامس والواقع المفزع للتوحيد والوحدة والانقياد للشرع
في حياة الأمة يأتي الحج بما يحمل في طياته من توحيد نقي وعبودية حقة ؛ بدءاً
من التلبية التي يجيب فيها الحاج نداء ربه ويعلن إفراده - سبحانه - وحده دون
سواه بالألوهية ، ومروراً ببقية الشعائر التي يتقصد فيها الحاج مخالفة المشركين
والسير على هدي إمام المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ، وما يتضمنه من
صور مشرقة ومعالم وضَّاءة للوحدة ؛ إذ الرب المقصود واحد ، والدين واحد ،
والرسول المتبوع واحد ، والزمان واحد ، والمكان واحد ، واللباس واحد ، والشعائر
والأحكام واحدة ، ولا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ، ولا لأحمر
على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى .
زد على ذلك ما يشتمل عليه من استسلام تام وخضوع شامل في القصد
والهيئة والزمان والمكان وأداء الشعائر .. يأتي الحج بهذه الهيئة ليكون بمثابة أمل
يطل ونور يسطع على كل غيور بأن الأمة لا تزال حية تحمل في طياتها مقومات
(1/3)
البقاء وإمكانات النهوض والوحدة ، وإن اعتورها من العاهات وأصابها من
الأمراض الفتاكة الشيء الكثير ، مما يرجى أن يكون في ذلك دافعاً قوياً لكل مخلص
لأمته معتز بهويتها مشفق على واقعها للتركيز على هذا النور الخافت في بحر
الظلمات بدلاً من التيهان في تأمل الظلمة ، والقيام بالمحافظة عليه ورعايته حتى
يقوى على مدافعة الظلام ومن ثم إزاحته أو تقليل مساحته ؛ لأن الاستمرار في
التباكي دون القيام بعمل مثمر لن يزيد الظلام إلا انتشاراً ولا النور إلا إخفاتاً .
ولعل مما يدفع لذلك أن الحج جهاد وبذل وعمل بنوعيه القلبي والبدني
ونهوض الأمة واجتماع كلمتها وانقيادها لكتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم
لن يكون إلا بجهاد وبذل وعمل بنوعيه أيضاً .
وغير خفي التحول الضخم الذي أحدثه الحج في نفوس كثير من الوجهاء
وذوي الشأن في كثير من البقاع عبر التاريخ ؛ مما حدا بهم إلى الدعوة إلى الخير
بدلاً من مواجهته والوقوف حجر عثرة في سبيله .
ولعل من التباشير الجالبة للأمل ما هو ملحوظ من عود كثير من العلماء
والدعاة بعد الحج إلى بلدانهم وهم أشد حماساً لدعوتهم ، وأكثر استعداداً للبذل
والتضحية في سبيل تمكينها ، وما هو مشاهد من تأثير الحج على قطاع كبير من
الحجيج ودفعه إياهم إلى تغيير حياتهم نحو الأفضل بمفارقة ما لديهم من عقائد
مغلوطة وسلوكيات منحرفة وتقصير في طاعة الله عز وجل ، وليس هذا فحسب ؛
إذ يتجاوز بعضهم أمر الاستقامة إلى الدعوة فيقوم بدور إصلاحي في مجتمعه يدعو
فيه إلى الحق مناصراً أهله ، ويقارع الباطل مجابهاً حملته .
وبعد هذا : فيا ترى من يكون له شرف السبق في نهضة الأمة واجتماع
كلمتها ؟ ! ويا ترى من يحمل الراية ويقول : أنا لها ؟ !
وفَّق الله الجميع للخير ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين .
(1/4)