رمضانيات
هدية للصائمين والصائمات
آداب ـ أحكام ـ أذكار ـ فوائد ـ توجيهات
جمع وإعداد
عبد الله بن أحمد العلاف الغامدي
غفر الله له ولوالديه ولذريته وللمسلمين أجمعين
الناشر
دار الطرفين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبي الكريم وآله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين .... ……وبعد ,,
…فقد يسر الله جمع هذه الفوائد والمتفرقات من بعض الكتب والمؤلفات والمواعظ والكلمات, مصدرةً بما نزل في الصيام من الآيات والأحاديث البينات شملتها هذه الوريقات, والموسومة بـ ( رمضانيات ) هدية للصائمين والصائمات أهديها إلى كل مسلم ومسلمة راجيًا من الله أن يعم نفعها الجميع , وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم إنه هو الغفور الرحيم .
محبكم في الله
عبدالله بن أحمد ال علاف الغامدي
الطائف ــ وادي وج 15 / 8 / 1428 هـ
آيات في الصيام
? ? ? چ چ ٹ ٹ چ ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ?? ? ? ? ? ? ?? ژ ژ ڑ ڑک ک ک ک گگ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ?? ? ہ ہ ہ ہھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پپ پ ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ?? ? ? ? ? ?? ? ? ژ ژڑ ڑ ک ک ک کگ گ گ گ ? ? ? ? ? چ البقرة: 183 – 187
أحاديث في الصيام(1/1)
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : قال الله تعالى :((كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أجزي به ، والصيام جنة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولايصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله ، فليقل إني صائم ، إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ؛ للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه)) [ رواه البخاري ـ واللفظ له ـ ومسلم ] وفي رواية للبخاري : (( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به ، والحسنة بعشر أمثالها )) .
وفي رواية لمسلم : (( كل عمل ابن آدم يضاعف ، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله تعالى : إلا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به ، يدع شهوته وطعامه من أجلي ؛ للصائم فرحتان : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )) .
وفي رواية لمسلم ـ أيضاً - :(( وإذا لقي الله عز وجل ـ فجزاه فرح )).. الحديث.
وعن سهيل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ? قال : (( إن في الجنة باباً يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لايدخل منه احد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد )) .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ? (( ما من عبد يصوم يوماًفي سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ))
[البخاري ومسلم ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ? قال : (( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات مابينهن إذا اجتنبت الكبائر ))
[رواه مسلم ]
عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? قال : (( لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )) [ رواه البخاري ومسلم ] .
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي : (( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) [ رواه البخاري](1/2)
رمضانيات
رمضان: اسم الشهر التاسع من الشهور القمرية، وهو الشهر الوحيد الذي صرح باسمه في القرآن الكريم .
حكمة مشروعية الصيام : تطهير النفس وتزكيتها وإعدادها للتقوى لتصبح أهلاً لكرامة الآخرة وسعادتها .
آداب واجبة :
1ـ القيام بالعبادات القولية والفعلية .
2ـ اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال مشاهدة وسماعاً .. الخ .
آداب مستحبة : تأخير السحور، تعجيل الإفطار، قراءة القرآن،كثرة الذِكر والدعاء والصدقة.
فضائل رمضان :
1ـ نزول القرآن فيه . قال تعالى : {شهرُ رمضان الذي أُنزل فيه القرآن} .
2ـ غفران الذنوب، قال - صلى الله عليه وسلم - : "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"
رواه البخاري: 1910
3ـ استجابة الدعاء، قال - صلى الله عليه وسلم - : "ثلاثة لا ترد دعوتهم؛ الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم" . حسن ، الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة .
4ـ فيه ليلة القدر .
5ـ تصفد فيه الشياطين .
6ـ تكفر فيه الذنوب لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : "... ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" . رواه مسلم : 233 .
7ـ العمرة فيه تعدل الحج، قال - صلى الله عليه وسلم -:"عمرة في رمضان تعدل حجة"[صحيح الجامع4097].
الصوم :
الصيام : هو الإمساك بنية عن الطعام والشراب والجماع وجميع المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وهو ركن من أركان الإسلام .
واجب على كل مسلم، بالغ، عاقل، قادر عليه، مقيم .
يجب صيامه برؤية هلاله أو إتمام شعبان ثلاثين يوماً .
لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين".
ما يباح للصائم :
1ـ السواك طوال النهار .
2ـ السفر لحاجة مباحة .
3ـ التبرد بالماء من شدة الحر .
4ـ التداوي بالمباح (الحلال) ، مثل : استخدام الإبرة إن لم تكن للتغذية.
5ـ التطيب .
6ـ الاكتحال .
مفطرات الصوم :
1ـ الجماع .(1/3)
2ـ الأكل و الشرب أو ما بمعناهما، مثل الإبرة المغذية.
3ـ إخراج الدم بالحجامة .
4ـ التقيؤ عمداً .
5ـ خروج دم الحيض والنفاس .
وهذه المفطرات ما عدا الحيض والنفاس لا تفطر الصائم إلا بشروط وهي :
1ـ العلم بالحكم والوقت .
2ـ أن يكون ذاكراً .
3ـ أن يكون مختاراً .
أقسام الناس في الصيام (1):
(الذين لا يجب عليهم الصيام أصلاً)
القسم الأول : الكافر .
القسم الثاني : الصغير فلا يجب عليه الصيام حتى يبلغ ويحصل بلوغ الذكر بواحد من أمور ثلاثة :
الأول : إنزال المني باحتلام أو غيره .
الثاني : نبات شعر العانة .
الثالث : بلوغ تمام خمسة عشرة سنة. ويحصل بلوغ الأنثى: بما يحصل به بلوغ الذكر وزيادة أمر رابع وهو الحيض .
القسم الثالث : المجنون .
القسم الرابع : الهَرِم الذي بلغ الهذيان وسقط تمييزه .
القسم الخامس : العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً لا يرجى زواله كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، لكن يجب عليه أن يطعم بدل الصيام عن كل يوم مسكيناً .
(الذين لا يجب عليهم أداء ولكن يجب عليهم القضاء) :
القسم السادس : المسافر إذا لم يقصد بسفره التحيل على الفطر .
القسم السابع : المريض الذي يرجى برؤ مرضه وله ثلاث حالات :
أحدها : أن لا يشق عليه الصوم ولا يضره فيجب عليه الصوم .
الثانية : أن يضره الصوم فيجب عليه الفطر ولا يجوز له الصوم .
الثالثة : أن يشق عليه الصوم ولا يضره فيفطر .
القسم الثامن : الحائض، فيحرم عليها الصيام. (إذا ظهر الحيض منها وهي صائمة ولو قبل الغروب بلحظة بطل صوم يومها ـ إذ طهرت من الحيض في أثناء نهار رمضان لم يصح صومها بقية اليوم ـ إذا طهرت في الليل ولو قبل الفجر بلحظة وجب عليها الصيام) .
والنفساء كالحائض في جميع ما تقدم .
__________
(1) مختصر من مجالس شهر رمضان ـ للشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ .(1/4)
القسم التاسع : المرأة إذا كانت مرضعاً أو حاملاً وخافت على نفسها أو على الولد من الصوم فإنها تفطر .
القسم العاشر: من احتاج للفطر لدفع ضرورة وغيره؛ كإنقاذ معصوم من غرق أو حريق أو غير ذلك.
الإفطار :
الإفطار: هو إفطار الصائم عقب تحقق غروب الشمس .
تعجيله :
قال - صلى الله عليه وسلم - : "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" . رواه البخاري: 1856، ومسلم 1098 .
على ماذا يفطر ؟
عن أنس رضي الله عنه قال : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر قبل أن يصلي على رُطبات فإن لم تكن رطبات فتمرات فإن لم تكن تمرات حسى حسوات من ماء" . صحيح الترمذي 560 ، الألباني .
دعاء الإفطار :
عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا أفطر : "ذهب الظمأ و ابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله" . حسن ، صحيح أبي داود 2066 .
الدعوة المستجابة عنده :
لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : "ثلاث لا ترد دعوتهم؛ الصائم حين يفطر..." .
أجر من فطَّر صائماً :
قال - صلى الله عليه وسلم - : "من فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً"
[صحيح الترمذي: 647] .
أحاديث لا تصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :
1ـ صوموا تصحوا . [السلسلة الضعيفة: 253] .
2ـ إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي، فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه إلاّ كانت نوراً بين عينيه إلى يوم القيامة .
3ـ ليتقه الصائم (يعني الكحل) [السلسلة الضعيفة: 1014] .
4ـ تحفة الصائم الدهن والمجمر. [ضعيف الجامع 2402] .
5ـ شهر رمضان معلق بين السماء والأرض ولا يرفع إلى الله إلاّ بزكاة الفطر.
[السلسلة الضعيفة:43].
القيام (التراويح) :
هي إحياء ليالي رمضان بالصلاة والقراءة الطويلة فيها. سميت بذلك لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين .(1/5)
وهي سنة، وعدد ركعاتها إحدى عشرة ركعة، وقد قال بعض العلماء بغير ذلك والقول الموافق لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنها ثمان ركعات دون الوتر، لحديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري قالت : "ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة".
القيام :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئرز" [البخاري: 1920 ، ومسلم 1174] .
السحور :
السحور: هو الأكل والشرب في آخر الليل بنية الصوم .
قال - صلى الله عليه وسلم - : "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور" [رواه مسلم: 1096] .
الحث على السحور :
قال - صلى الله عليه وسلم - : "تسحروا فإن في السحور بركة" [مسلم: 1095] .
وقته :
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : "تسحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قام إلى الصلاة، فقلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية"رواه البخاري
الصوم المستحب :
1ـ صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يكمل بها أجر صيام الدهر .
2ـ صوم الاثنين والخميس لأنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله .
3ـ صيام ثلاثة أيام من كل شهر يكتب بها أجر صيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها. والأولى أن تكون الثالث عشر والرابع عشر و الخامس عشر .
4ـ صيام التسع الأول من ذي الحجة وآكدها التاسع وهو يوم عرفة لغير الحاج.
5ـ صيام شهر محرم وآكده التاسع والعاشر .
الصوم المنهي عنه :
1ـ صوم يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان.
2ـ صوم يومي العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى .
3ـ صيام أيام التشريق؛ وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة لغير الحاج المتمتع أو القارن إذا لم يجد الهدي .
4ـ تخصيص يوم الجمعة بالصوم .
5ـ صوم المرأة تطوعاً بغير إذن زوجها .
الاعتكاف
ٹ ٹ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ البقرة(1/6)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده) رواه البخاري ومسلم
تعريفه: هو لزوم مسجد لعبادة الله تعالى من شخص مخصوص على صفة مخصوصة. قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ــ رحمه الله ــ (1):
الاعتكاف: عبادة وسنة وأفضل ما يكون في رمضان في أي مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، كما قال تعالى:" ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد " فلا مانع من الاعتكاف في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، من الرجل والمرأة، إذا كان لا يضر بالمصلين ولا يؤذي أحداً فلا بأس بذلك، والذي على المعتكف أن يلزم معتكفه ويشتغل بذكر الله والعبادة، ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان كالبول والغائط ونحو ذلك أو لحاجة الطعام إذا كان لم يتيسر له من يحضر له الطعام فيخرج لحاجته فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج لحاجته، ولا يجوز للمرأة أن يأتيها زوجها وهي في الاعتكاف، وكذلك المعتكف ليس له أن يأتي زوجته وهو معتكف؛ لأن الله تعالى قال:"ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد "والأفضل له ألا يتحدث مع الناس كثيراً بل يشتغل بالعبادة والطاعة، لكن لو زاره بعض إخوانه أو زار المرأة بعض محارمها أو بعض أخواتها في الله وتحدثت معهم أو معهن فلا بأس،وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزوره نساؤه في معتكفه ويتحدث معهن ثم ينصرفن فدل ذلك على أنه لا حرج في ذلك.
__________
(1) مجموع فتاوى الشيخ/ عبد العزيز بن باز ــ رحمه الله ــ ،الجزء الخامس عشر ، ص (440)(1/7)
والاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة؛ لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لابيوم ولابيومين ولا بما هو أكثر من ذلك، وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجباً بالنذر وهو في حق المرأة والرجل سواء، ولايشترط أن يكون معه صوم على الصحيح فلو اعتكف الرجل أو المرأة وهما مفطران فلا بأس في غير رمضان
شروط الاعتكاف:
يشرع الاعتكاف في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، وإن كان المعتكف ممن تجب عليهم الجمعة ويتخلل مدة اعتكافه جمعة فالاعتكاف في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل، ولا يلزم له الصوم، والسنة ألا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه، ولا يجيب دعوة، ولا يقضي حوائج أهله، ولا يشهد جنازة، ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد؛ لما ثبت عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنها قالت:"السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه".اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/410-411)
ما يكره للمعتكف فعله:
يكره للمعتكف أن يشتغل بغير ذكر الله وما لا بد له منه من حاجات، خاصة:
1. الجدل والمراء. 2. السباب والفاحش من القول.
3. اللغو. 4. الغيبة والنميمة.
5. النظر إلى المحرمات.
صفة الوضوء والغسل
فرائض الوضوء :
1ـ النية : وهي عزم القلب على فعل الوضوء امتثالاً لأمر الله تعالى وطلباً لمرضاته .
2ـ غسل الوجه مرة واحدة .
3ـ غسل اليدين إلى المرفقين .
4ـ مسح الرأس .
5ـ غسل الرجلين إلى الكعبين .
6ـ الترتيب بين الأعضاء المغسولة .
7ـ الموالاة وهو عمل الوضوء في وقت و احد بلا فاصل زمني لأن قطع العبادة بعد الشروع فيها منهي عنه .
سنن الوضوء :
1ـ بأن يقول عند الشروع: بسم الله .
2ـ السواك .
3ـ غسل الكفين ثلاثاً في أول الوضوء .
4ـ تخليل اللحية .
5ـ تخليل الأصابع في اليدين والرجلين .
6ـ الغسل ثلاثاً ثلاثاً .(1/8)
7ـ التيمن وهو البداية باليمين .
8ـ أن يقول بعد الوضوء : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين .
كيفية الوضوء :
…يسمي الله تعالى فيغسل يديه ثلاثاً بنية الوضوء ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثاً ثم يغسل وجهه من منبت شعر رأسه إلى منتهى لحيته طولاً ثم يغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثاً ثم اليسرى ثم يمسح رأسه واحدة ثم يمسح أذنيه ظاهراً وباطناً ثم يغسل رجله اليمنى إلى الكعب ثلاثاً ثم اليسرى ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين .
نواقض الوضوء :
1ـ الخارج من السبيلين (القبل والدبر) .
2ـ النوم الثقيل المستغرق الذي لا يبقى معه إدراك .
3ـ مس الذكر بباطن الكف والأصابع .
4ـ زوال العقل واستتاره وفقد الشعور سواء كان بالجنون أو الإغماء أو السكر أو الدواء.
5ـ مس المرأة بشهوة .
6ـ الردة عن الإسلام .
7ـ أكل لحم الإبل .
ما يجب له الوضوء:
يجب الوضوء لأمور ثلاثة :
1ـ الصلاة فرضاً أو نفلاً .
2ـ الطواف بالبيت .
3ـ مس المصحف .
الغسل :
موجبات الغسل :
1ـ الجنابة : وتشمل الإنزال وهو خروج المني بشهوة في النوم أو اليقظة من ذكر أو أنثى وتشمل أيضاً الجماع وهو التقاء الختانين ولو بدون إنزال .
2ـ انقطاع دم الحيض والنفاس .
3ـ الموت .
4ـ إسلام الكافر .
فروض الغسل :
1ـ النية .
2ـ تعميم سائر الجسد بالماء .
3ـ تخليل الشعر .
سنن الغسل :
1ـ التسمية .
2ـ غسل الكفين ابتداء ثلاث مرات .
3ـ البدء بغسل الفرج وإزالة الأذى .
4ـ الوضوء قبل الغسل .
كيفية الغسل :
أن يقول بسم الله ناوياً رفع الحدث ثم يغسل كفيه ثلاثاً ثم يستنجي فيغسل ما بفرجه من أذى ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً ثم يغسل رأسه مع أذنيه ثلاثاً ثم يفيض الماء على شقه الأيمن ثم الأيسر .
ما يحرم على الجنب:(1/9)
1ـ الصلاة مطلقاً فرضاً أو نفلاً .
2ـ مس المصحف .
3ـ الطواف بالكعبة .
4ـ قراءة القرآن .
صفة الصلاة (1)
كيفية صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - :
…الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، أما بعد:
…فهذه كلمات موجزة في بيان صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - أردت تقديمها إلى كل مسلم ومسلمة؛ ليجتهد كل من يطلع عليها في التأسي به - صلى الله عليه وسلم - في ذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "صلوا كما رأيتموني أُصلي" [رواه البخاري] . وإلى القارئ بيان ذلك :
1ـ يسبغ الوضوء، وهو أن يتوضأ كما أمره الله، عملاً بقوله سبحانه وتعالى : {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} [المائدة:6] . وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا تُقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول" [رواه مسلم في صحيحه] . وقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي أساء صلاته : "إذا قمت إلى الصلاة فاسبغ الوضوء" .
2ـ يتوجه المصلي إلى القبلة ـ وهي الكعبة ـ أينما كان بجميع بدنه، قاصداً بقلبه فعل الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة، ولا ينطق بلسانه بالنية؛ لأن النطق باللسان غير مشروع، لكون النبي- صلى الله عليه وسلم - لم ينطق بالنية ولا أصحابه - صلى الله عليه وسلم - .
ويسن أن يجعل له سترة يصلي إليها إن كان إماماً أو منفرداً؛ لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك.
واستقبال القبلة شرط في الصلاة إلا في مسائل مستثناة معلومة موضحة في كتب أهل العلم .
3ـ يكبر تكبيرة الإحرام فيقول : (الله أكبر) ناظراً ببصره إلى محل سجوده.
4ـ يرفع يديه عند التكبير إلى حذو منكبيه، أو إلى حيال أُذنيه.
__________
(1) للشيخ/ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ .(1/10)
5ـ يضع يديه على صدره، اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد؛ لثبوت ذلك من حديث وائل بن حجر و قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه رضي الله عنهما .
6ـ يسن أن يقرأ دعاء الاستفتاح وهو : "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيض من الدنس. اللهم اغسِلني من خطاياي بالماء والثلج والبرَدَ" متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ـ وإن شاء قال بدلاً من ذلك: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدُّكَ، ولا إله غيرك" لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن أتى بغيرهما من الاستفتاحات الثابتة عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، فلا بأس ، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة؛ لأن ذلك أكمل في الاتباع.
ثم يقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم" . ويقرأ سورة الفاتحة، لقوله- صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" .
…ويقول بعدها : "آمين" جهراً في الصلاة الجهرية وسراً في الصلاة السرية، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن، والأفضل أن تكون القراءة في الظهر والعصر والعشاء من أوساط المفصل، وفي الفجر من طواله، وفي المغرب من قصاره، وفي بعض الأحيان من طواله أو أوساطه ـ أعني في المغرب ـ كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويشرع أن تكون العصر أخف من الظهر .
7ـ يركع مكبراً رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو أُذنيه، جاعلاً رأسه حيال ظهره،، واضعاً يديه على ركبتيه، مفرقاً أصابعه، ويطمئن في ركوعه ويقول : "سبحان ربي العظيم" . والأفضل أن يكررها ثلاثاً أو أكثر، ويستحب أن يقول مع ذلك : "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي".(1/11)
8ـ يرفع رأسه من الركوع ، رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو أُذنيه قائلاً: "سمع الله لمن حمده" . إن كان إماماً أو منفرداً، ويقول حال قيامه : "ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد" .
…وإن زاد بعد ذلك : "أهل الثناء والمجد، أحقّ ما قال العبد، وكلُّنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذ الجد منك الجد" . فهو حسن؛ لأن ذلك قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأحاديث الصحيحة .
…أما إن كان مأموماً فإنه يقول عند الرفع : "ربنا ولك الحمد" إلى آخر ما تقدم. ويستحب أن يضع كل منهم يديه على صدره، كما فعل في قيامه قبل الركوع؛ لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث وائل بن حجر، وسهل بن سعد رضي الله عنهما.
9ـ يسجد مُكبِّراً واضعاً ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك، فإن شقَّ عليه قدَّم يديه قبل ركبتيه، مستقبلاً بأصابع رجليه ويديه القبلة، ضاماً أصابع يديه. ويكون على أعضائه السبعة، الجبهة مع الأنف، واليدين والركبتين، وبطون أصابع الرجلين، ويقول : "سبحان ربي الأعلى" ويكرر ذلك ثلاثاً أو أكثر .
…ويستحب أن يقول مع ذلك : "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك.. اللهم اغفر لي" . ويكثر من الدعاء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "فأما الركوع فعظِّموا فيه الرّبّ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم" .
…وقوله - صلى الله عليه وسلم - : "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء" . [رواهما مسلم في صحيحه] . ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين من خيري الدنيا والآخرة، سواء كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً، ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويرفع ذراعيه عن الأرض؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب" [متفق عليه] .(1/12)
10ـ يرفع رأسه مكبراً، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، ويضع يديه على فخذيه وركبتيه، ويقول : "رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، وعافني، واجبرني" . ويطمئن في هذا الجلوس حتى يرجع كل فقار إلى مكانه كاعتداله بعد الركوع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطيل اعتداله بعد الركوع وبين السجدتين.
11ـ يسجد السجدة الثانية مكبراً، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى .
12ـ يرفع رأسه مكبراً، ويجلس جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين، وتسمى جلسة الاستراحة، وهي مستحبة في أصح قولي العلماء، وإن تركها فلا حرج، وليس فيها ذكر ولا دعاء، ثم ينهض قائماً إلى الركعة الثانية معتمداً على ركبتيه إن تيسر ذلك، وإن شقَّ عليه اعتمد على الأرض بيديه، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر له من القرآن بعد الفاتحة. كما سبق في الركعة الأولى .
…ولا يجوز للمأموم مسابقة إمامه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حذّر أمته من ذلك، وتكره موافقته للإمام، والسنة له أن تكون أفعاله بعد إمامه من دون تراخٍ، وبعد انقطاع صوته، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا" الحديث متفق عليه .(1/13)
13ـ إذا كانت الصلاة ثنائية ـ أي ركعتين ـ كصلاة الفجر والجمعة والعيد، جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصباً رجله اليمنى، مفترشاً رجله اليسرى، واضعاً يده اليمنى على فخذه اليمنى، قابضاً أصابعه كلّها إلا السبابة فيشير بها إلى التوحيد عند ذكر الله سبحانه وعند الدعاء، وإن قبض الخنصر والبنصر من يده، وحلق إبهامها مع الوسطى، وأشار بالسبابة فحسن؛ لثبوت الصفتين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والأفضل أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة، ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وركبته، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس وهو : "ألتحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده رسوله" ثم يقول : "اللهم صلّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آله محمد، كما باركت على إبراهيم، وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد" .
…ويستعيذ بالله من أربع فيقول : "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال" .
…ثم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، وإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس، سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن مسعود لما علَّمه التشهد : "ثم ليتخيَّر من الدعاء أعجبه إليه فيدعو" وفي لفظ آخر : "ثم ليتخيَّر من المسألة ما شاء"، وهذا يعمُّ جميع ما ينفع العبد في الدنيا والآخرة، ثم يسلم على يمينه وشماله قائلاً : "السلام عليكم ورحمة الله... السلام عليكم ورحمة الله".(1/14)
14ـ إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب ، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء، فإنه يقرأ التشهد المذكور آنفاً، مع الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم ينهض قائماً معتمداً على ركبتيه، رافعاً يديه إلى حذو منكبيه، قائلاً : "الله أكبر" ويضعهما ـ أي يديه ـ على صدره كما تقدم، ويقرأ الفاتحة فقط.
…وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر زيادة على الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس؛ لثبوت ما يدلّ على ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وإن ترك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد الأول فلا بأس؛ لأنه مستحب وليس بواجب في التشهد الأول، ثم يتشهد بعد الثالثة من المغرب، وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال . ويكثر من الدعاء، ومن الدعاء المشروع في هذا الموضع وغيره: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار" لما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال : كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار" كما تقدم ذلك في الصلاة الثنائية .
…لكن يكون في هذا الجلوس متوركاً واضعاً رجله اليسرى تحت رجله اليمنى، ومقعدته على الأرض، ناصباً رجله اليمنى، لحديث أبي حميد في ذلك. ثم يسلم عن يمينه وشماله، قائلاً : "السلام عليكم ورحمة الله ... السلام عليكم ورحمة الله" .(1/15)
…ويستغفر الله ثلاثاً ويقول : "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إيّاه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون" .
…ويسبح الله ثلاثاً وثلاثين، ويحمده مثل ذلك، ويكبره مثل ذلك، ويقول تمام المائة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" . ويقرأ آية الكرسي، و"قل هو الله أحد"، و"قل أعوذ برب الفلق"، و"قل أعوذ برب الناس" ، بعد كل صلاة. ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب؛ لورود الحديث الصحيح بذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كما يستحب أن يزيد بعد الذكر المتقدم بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب قول : "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يُحيي ويميت وهو على كل شيء قدير" عشر مرات؛ لثبوت ذلك عن النبي- صلى الله عليه وسلم -.
وإن كان إماماً انصرف إلى الناس وقابلهم بوجهه بعد استغفاره ثلاثاً وبعد قوله: "اللهم أنت السلام ومنك السلام،تبارك يا ذا الجلال والإكرام" . ثم يأتي بالأذكار المذكورة، كما دلّت على ذلك أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -،منها حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم. وكل هذه الأذكار سنة وليست بفريضة .
…ويستحب لكل مسلم ومسلمة أن يصلي قبل صلاة الظهر أربع ركعات، وبعدها ركعتين، وبعد صلاة المغرب ركعتين، وبعد صلاة العشاء ركعتين، وقبل صلاة الفجر ركعتين، الجميع اثنتا عشرة ركعة، وهذه الركعات تسمى الرواتب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحافظ عليها في الحضر .(1/16)
…أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر والوتر، فإنه كان عليه الصلاة والسلام يحافظ عليهما حضراً وسفراً، ولنا فيه أُسْوةٌ حسنَةٌ، لقول الله سبحانه : {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب، 21] ، وقوله عليه الصلاة والسلام: "صلوا كما رأيتموني أصلي"
رواه البخاري .
…والأفضل : أن تُصلى هذه الرواتب والوتر في البيت، فإن صلاها في المسجد فلا بأس؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة" متفق على صحته.
…والمحافظة على هذه الركعات من أسباب دخول الجنة؛ لما ثبت في صحيح مسلم، عن أم حبيبة رضي الله عنها أنها قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "ما من عبدٍ مسلمٍ يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنّة" ، وقد فسّرها الإمام الترمذي في روايته لهذا الحديث بما ذكرنا .
…وإن صلى أربع ركعات قبل صلاة العصر، واثنتين قبل صلاة المغرب،واثنتين قبل صلاة العشاء فحسن؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "رحم الله امرءاً صلى أربعاً قبل العصر" رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وحسنه، وابن خزيمه وصححه، وإسناده صحيح، ولقوله عليه الصلاة والسلام : "بين كل آذنين صلاة بين كل آذانين صلاة" ثم قال في الثالثة : "لمن شاء"
رواه البخاري .
…وإن صلى أربعاً بعد الظهر وأربعاً قبلها فحسن؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرَّمه الله تعالى على النار" رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، عن أُمّ حبيبة رضي الله عنها .
…والمعنى : أنه يزيد على السنة الراتبة ركعتين بعد الظهر ؛ لأن السنة الراتبة أربع قبلها واثنتان بعدها، فإذا زاد ثنتين بعدها حصل ما ذكر من حديث أم حبيبة رضي الله عنها .
…والله ولي التوفيق .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله و أصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .(1/17)
قاله ممليه الفقير إلى ربه
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
سامحه الله وغفر له ولوالديه وللمسلمين
أحكام الزكاة (1)
…الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه .
أما بعد فإن الباعث لكتابة هذه الكلمة هو النصح والتذكير بفريضة الزكاة التي تساهل بها الكثير من المسلمين فلم يخرجوها على الوجه المشروع مع عظم شأنها وكونها أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يستقيم بناؤه إلا عليها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت) متفق على صحته وفرض الزكاة على المسلمين من أظهر محاسن الإسلام ورعايته لشئون معتنقيه لكثرة فوائدها ومسيس حاجة الفقراء المساكين إليها فمن فوائدها تثبيت أواصر المودة بين الغني والفقير لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، ومنها تطهير النفس وتزكيتها والبعد بها عن خلق الشح والبخل كما أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قوله تعالى : {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} ومنها تعويد المسلم صفة الجود والكرم والعطف على ذوي الحاجة، ومنها استجلاب البركة والزيادة. كما قال تعالى : {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح يقول الله عز وجل {يا ابن آدم انفق ننفق عليك} إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة .
__________
(1) عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ .(1/18)
وقد جاء الوعيد الشديد في حق من بخل بها أو قصر في إخراجها قال الله تعالى :{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون} ، فكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة كما دل على ذلك الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ، ثم ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - صاحب الإبل والبقر والغنم الذي لا يؤدي زكاتها وأخبر أنه يعذب بها يوم القيامة وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (من آتاه الله ما لاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه (يعني شدقيه) ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} متفق عليه .(1/19)
والزكاة تجب في أربعة أصناف الخارج من الأرض من الحبوب والثمار . والسائمة من بهيمة الأنعام، والذهب والفضة وعروض التجارة. ولكل من هذه الأصناف الأربعة نصاب محدود لا تجب الزكاة فيما دونه فنصاب الحبوب والثمار خمسة أوسق والوسق ستون صاعاً بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون مقدار النصاب من التمر والزبيب والحنطة والأرز والشعير ونحوها ثلاثمائة صاع بصاع النبي- صلى الله عليه وسلم - وهو أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل الخلقة إذا كانت يداه مملوءتين . وأما نصاب السائمة من الإبل والبقر والغنم ففيه تفصيل مبين في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي استطاعة الراغب في معرفته سؤال أهل العلم عن ذلك ولولا قصد الإيجاز لذكرناه لتمام الفائدة .(1/20)
وأما نصاب الفضة فمائة وأربعون مثقالاً ومقداره بالدرهم العربي السعودي ستة وخمسون ريالاً. ونصاب الذهب عشرون مثقالاً ومقداره من الجنيهات السعودية أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه والواجب فيهما ربع العشر على من ملك نصاباً منهما أو من أحدهما وحال عليها الحول والربح تابع للأصل فلا يحتاج إلى حول جديد كما أن نتاج السائمة تابع لأصله فلا يحتاج إلى حول جديد إذا كان أصله نصاباً. وفي حكم الذهب والفضة الأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس اليوم سواء سميت درهماً أو ديناراً أو دولاراً أو غير ذلك من الأسماء إذا بلغت قيمتها نصاب الفضة أو الذهب وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة، ويلتحق بالنقود حلي النساء من الذهب والفضة خاصة إذا بلغت النصاب المتقدم وحال عليها الحول فإن فيها الزكاة وإن كانت معدة للاستعمال أو العارية في أصح قولي العلماء لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار) الخ الحديث المتقدم . ولما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى بيد امرأة سوارين من ذهب فقال أتعطين زكاة هذا قالت لا قال : أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار فألقتهما وقالت هما لله ولرسوله أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت : يا رسول الله أكنز هو فقال - صلى الله عليه وسلم - (ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز) مع أحاديث أخرى في هذا المعنى . أما العروض وهي السلع المعدة للبيع فإنها تقوّم في آخر العام ويخرج ربع عشر قيمتها سواء كانت قيمتها مثل ثمنها أو أكثر أو أقل لحديث سمرة قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع رواه أبو داود .(1/21)
ويدخل في ذلك الأراضي المعدة للبيع والعمارات والمكائن الرافعة للماء وغير ذلك من أصناف السلع المعدة للبيع . أما العمارات المعدة للإيجار لا للبيع فالزكاة في أجورها إذا حال عليها الحول أما ذاتها فليس فيها زكاة لكونها لم تعد للبيع وهكذا السيارات الخصوصية والتكاسي ليس فيها زكاة إذا كانت لم تعد للبيع وإنما اشتراها صاحبها للاستعمال وإذا اجتمع لصاحب سيارة الأجرة أو غيره نقود تبلغ النصاب فعليه زكاتها إذا حال عليها الحول سواء كان أعدها للنفقة أو للتزوج أو لشراء عقار أو لقضاء دين أو غير ذلك من المقاصد لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الزكاة في مثل هذا والصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع الزكاة لما تقدم . وهكذا أموال اليتامى والمجانين تجب فيها الزكاة عند جمهور العلماء إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول ويجب على أوليائهم إخراجها بالنية عنهم عند تمام الحول لعموم الأدلة مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث معاذ لما بعثه إلى أهل اليمن (إن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم) رواه البخاري ومسلم .
والزكاة حق لله لا تجوز المحاباة بها لمن لا يستحقها ولا أن يجلب الإنسان بها لنفسه نفعاً أو يدفع ضراً ولا أن يقي بها ماله أو يدفع بها عنه مذمة. بل يجب على المسلم صرف زكاته لمستحقيها لكونهم من أهلها لا لغرض آخر مع طيب النفس بها والإخلاص لله في ذلك حتى تبرأ ذمته ويستحق جزيل المثوبة والخلف .(1/22)
وقد أوضح الله سبحانه في كتابه الكريم أصناف أهل الزكاة فقال تعالى :{إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} وفي ختم هذه الآية الكريم بهذين الاسمين العظيمين تنبيه من الله سبحانه لعباده على أنه سبحانه هو العليم بأحوال عباده ومن يستحق منهم الصدقة ومن لا يستحق وهو الحكيم في شرعه وقدره فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها وإن خفي على بعض الناس بعض أسرار حكمه ليطمئن العباد لشرعه ويسلموا لحكمه والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين للفقه في دينه والصدق في معاملته والمسابقة إلى ما يرضيه والعافية من موجبات غضبه إنه سميع قريب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه .
زكاة الفطر
قال ابن عباس رضي الله عنهما:"فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين،فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة،ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"المقصودبالصلاة(صلاة العيد) [صحيح أبي داود]
وتخرج عن النفس وعن كل من يمونه؛ صغيراً وكبيراً، ذكراً وأنثى، حراً وعبداً.
الترغيب في العمرة في رمضان
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عمرة في رمضان تعدل حجة ))
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان: ((مامنعك أن تحجي معنا )) ؟ قالت : لم يكن لنا إلا نضحان، فحج أبو ولدها وابنها على ناضح، وترك لنا ناضحاً ننضح عليه قال : ((فإذا جاء رمضان فاعتمري ، فإن عمرة في رمضان تعدل حجة )) [رواه مسلم].
صفة العمرة (1)
__________
(1) لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ .(1/23)
من أراد أن يحرم بالعمرة فالمشروع أن يتجرد من ثيابه ويغتسل كما يغتسل للجنابة ويتطيب بأطيب ما يجده من دُهن أو عود أو غيره في رأسه ولحيته ولا يضره بقاء ذلك بعد الإحرام .
والاغتسال عند الإحرام سنة من حق الرجال والنساء حتى الحائض والنفساء.
ثم بعد الاغتسال والتطيب يلبس ثياب الإحرام ثم يصلي (غير الحائض والنفساء) الفريضة إن كان في وقت فريضة وإلا صلى ركعتين ينوي بها سنة الوضوء .
فإن فرغ من الصلاة أحرم وقال (لبيك عمرة لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) يرفع الرجل صوته بذلك والمرأة تقول بقدر ما يسمع من بجنبها .
وينبغي للمحرم أن يكثر من التلبية خصوصاً عند تغير الأحوال مثل أن يعلو مرتفعاً أو ينزل منخفضاً أو يقبل الليل أو النهار وأن يسأل الله بعدها رضوانه والجنة ويستعيذ برحمته من النار .
والتلبية مشروعة في العمرة من الإحرام إلى أن يبدأ بالطواف وفي الحج من الإحرام إلا أن يبتدئ برمي جمرة العقبة يوم العيد .
فإذا دخل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى وقال (بسم الله والصلاة والسام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم) .
ثم يتقدم إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله فإن لم يتيسر استلامه بيده فإنه يستقبل الحجر ويشير إليه بيده إشارة ولا يُقبلها .
والأفضل أن لا يزاحم فيؤذي الناس ويتأذى بهم. ويقول عند استلام الحجر (بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاء بعهدك واتباعاً لسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -).(1/24)
ثم يأخذ ذات اليمين ويجعل البيت عن يساره ، فإذا بلغ الركن اليماني استلمه من غير تقبيل فإذا لم يتيسر فلا يزاحم عليه ويقول بينه وبين الحجر الأسود (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة) .
وكلما مر بالحجر الأسود كبّر، ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن، فإنما جُعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله، وفي هذا الطواف أول ما يقدم ينبغي للرجل أن يفعل شيئين :
أحدهما : الاضطباع من ابتداء الطواف إلى نهايته، وصفة الاضطباع أن يجعل وسط ردائه داخل إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، فإذا فرغ من الطواف أعاد ردائه إلى حالته قبل الطواف، لأن الاضطباع محله الطواف فقط.
الثاني : الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط والرمل: إسراع المشي مع مقاربة الخطوات، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل وإنما يمشي كعادته .
فإذا أتم الطواف سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم فيقرأ {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} ثم صلى خلفه ركعتين خفيفتين يقرأ في الأولى {قل يا أيها الكافرون} وفي الثانية {قل هو الله أحد} فإذا فرغ من صلاة الركعتين رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه إن تيسر له .
ثم يخرج إلى المسعى فإذا دنا من الصفا قرأ {إن الصفا و المروة من شعائر الله} ثم يرقى على الصفا حتى
يرى الكعبة فيستقبلها ويرفع يديه فيحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو. وكان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده) ويكرر ذلك ثلاثاً مرات ويدعو بين ذلك .(1/25)
ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً، فإذا بلغ العلم الأخضر ركض ركضاً شديداً بقدر ما يستطيع ولا يؤذي فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يسعى حتى ترى ركبتاه من شدة السعي تدور به إزاره، وفي لفظ وإن مأزره ليدور من شدة السعي، فإذ بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته حتى يصل إلى المروة فيرقى عليها ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا.
ثم ينزل من المروة إلى الصفا ماشياً فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه .
فإذا وصل إلى الصفا فعل كما فعل أول مرة وهكذا المروة حتى يكمل سبعة أشواط ذهابه من الصفا إلى المروة شوط ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر .
ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن .
فإذا أتم سعيه سبعة أشواط حلق رأسه إن كان رجلاً وإن كانت امرأة تُقَصّر من كل قرنٍ أُنملة .
ويجب أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس. وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس.
والحلق أفضل من التقصير إلا أن يكون وقت الحج قريباً بحيث لا يتسع لنبات شعر الرأس فإن الأفضل التقصير ليبقى الرأس للحلق في الحج .
وبهذه الأعمال تمت العمرة .
فضل الصدقة والإنفاق
تعريف الإنفاق اصطلاحًا: الإنفاق إخراج المال الطيب في الطاعات والمباحات .
والنفقة على العيال والأهل : مقدرة بالكفاية وتختلف باختلاف من يجب له النفقة في مقدارها ,
وبهذا قال أبو حنيفة ومالك , وقال القاضي أبو يعلى من الحنابلة : هي مقدرة بمقدار لا يختلف في القلة والكثرة .
وقال ابن علان : النفقة هي سائر المؤن من كسوة ونفقة وسكن على من يعول من زوجة وولد وخادم .
الإنفاق والقرض الحسن:(1/26)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى... في معنى قول الله تعالى:(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)) البقرة. صَدّر سبحانه الآية بألطف أنواع الخطاب, وهو الاستفهام المتضمن معنى الطلب، وهو أبلغ في الطلب من صيغة الأمر. والمعنى :هل أحد يبذل هذا القرض الحسن ، فيجازى عليه أضعافا مضاعفة ؟ ..................................وحيث جاء هذا القرض في القرآن قيده بكونه حسناً, وذلك يجمع أموراً ثلاثة:
أولها : أن يكون من طيب ماله , لا من رديئة وخبيثة .
ثانيها : أن يخرجه طيبة به نفسه , ثابتة عند بذله , ابتغاء مرضاة الله .
ثالثها : أن لا يمن به ولا يؤذي .
فالأول : يتعلق بالمال .
والثاني : يتعلق بالمنفق بينه وبين الله .
والثالث : بينه وبين الآخذ .
آيات في الإنفاق:
(الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ(3)). البقرة
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)).الأنفال
(قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ(31)). إبراهيم
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (272)).البقرة
(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)) ال عمران(1/27)
(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)). ال عمران
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)).سبأ
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)) البقرة
الأحاديث الواردة في "الإنفاق"(1):
1 – ( عن عائشة رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت , ولزوجها أجره بما كسب , وللخازن مثل ذلك , لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً " . البخاري ـ الفتح 3 (425)و مسلم (1024)
2 – ( عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال, وهو على المنبر , وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة : " اليد العليا خير من اليد السفلى , واليد العليا المنفقة والسفلى السائلة. البخاري ـ الفتح 3 (1429)و مسلم (1033) واللفظ له
3 – ( عن أبي مسعود البدري – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة " .
__________
(1) انظر نضرة النعيم 3 / 608(1/28)
البخاري ـ الفتح 7 (4006) ومسلم (1002) واللفظ له
4 – ( عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال لي : أنفق أنفق عليك " , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يمين الله ملأيا , سَحَّاءٌ , ولا يغيضها شيء الليل والنهار(1), أرأيتم ما أنفق مذ خلق السماء والأرض , فإنه لم يغض ما في يمينه " قال : " وعرشه على الماء وبيده الأخرى القبض يرفع ويخفض " . البخاري ـ الفتح 13 (7419) ومسلم (993) واللفظ له
5 – ( عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دينار أنفقته في سبيل الله , ودينار أنفقته في رقبة , ودينار تصدقت به على مسكين , ودينار أنفقته على أهلك , أعظمهما أجر الذي أنفقته على أهلك" . … مسلم (995 )
6 – ( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله . إمام عدل , وشاب نشأ في عبادة الله , ورجل قلبه معلق في المساجد و ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه , ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال أني أخاف الله , ورجل تصدق بصدقة , فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه , ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " .
البخاري ـ الفتح 3 (1442) ومسلم (1031)
7 – ( عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما أعط منفقاًُ خلفاً , ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً . البخاري ـ الفتح 3 (1442) ومسلم (1010) متفق عليه
__________
(1) سحاء الليل والنهار: سحَّاء دائمة العطاء(1/29)
8 – ( عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب – يعني الجنة – يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة , ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد , ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة , ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان , فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ؟ وقال : هل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله , قال : " نعم وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر " . البخاري ـ الفتح 7 (3666)واللفظ له ومسلم (1027)
9 – ( عن خُرَيْمِ بن فاتك – رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت له بسبعمائة ضعف "
النسائي 6 / 49 وقال الألباني (2 / 671) صحيح وذكره في صحيح الجامع برقم 6110
10 – عن عائشة – رضي الله عنها – أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أمي افتلتت(1) نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت , فهل لها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال : " نعم " . البخاري ـ الفتح 3 (1388)واللفظ له ومسلم (1004)
11 – ( عن سلمان بن عامر – رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الصدقة على المسكين صدقة , وعلى ذي الرحم اثنتان : صدقة وصلة".
النسائي 5 / 92 وقال الألباني في صحيح النسائي صحيح (2 / 546) حديث 2420 وابن ماجه( 1844)
12 – ( عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً ؟ قال : " أن تَصَدَّقَ وأنت صحيح شحيح, تخشى الفقر , وتأمل الغني , ولا تُمهلِ حتى إذا بلغت الحُلقُوم قلت : لفلان كذا وفلان كذا وقد كان لفلان " . البخاري ـ الفتح 3 (1419)واللفظ له ومسلم (1032)
__________
(1) افتلتت : أي ماتت فلته أي فجأة(1/30)
13 – عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى , ثم أنصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة , فقال : " أيها الناس تصدقوا , فمر على النساء فقال : يا معشر النساء تصدقن , فإني رأيتكن أكثر أهل النار " فقلن : وبم ذلك يا رسول الله ؟ قال : " تكثرن اللعن , وتكفرن العشير(1), ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء", ثم انصرف فلما صار إلى منزلة جاءت زينب إمرأة ابن مسعود تستأذن عليه , فقيل : يا رسول الله هذه زينب فقال : " أي الزيانب ؟ "فقيل : امرأة ابن مسعود.قال : نعم.ائذنوا لها" فإُذن لها , قالت : يا نبي الله إنك أمرتَ اليوم بالصدقة , وكان عندي حُلي لي فأردت أن أتصدق بها , فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم " صدق ابن مسعود , زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم " . البخاري ـ الفتح 3 (1462)واللفظ له ومسلم (1000)
14 –عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " على كل مسلم صدقة " , قيل : أرأيت إن لم يجد ؟ قال : " يعتمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق " , قال : قيل : أرأيت إن لم يستطيع ؟ , قال : " يعين ذا الحاجة الملهوف " . قال : قيل له : أرأيت إن لم يستطع ؟ , قال : " يأمر بالمعروف أو الخير", قال: أرأيت إن لم يفعل ؟ , قال : "يمسك عن الشر فإنها صدقة " .
البخاري ـ الفتح 10 (6022) ومسلم (1008) واللفظ له
__________
(1) تكفرن العشير: إي يجحدن إحسان أزواجهن(1/31)
15 – ( عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل سلامي من الناس عليه صدقة , كل يوم تطلع فيه الشمس" , قال تعدل بين الإثنين صدقة , وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها , أو ترفع له عليها متاعه صدقة , قال : " والكلمة الطيبة صدقة , وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة,وتميط الأذى عن الطريق صدقة " . البخاري ـ الفتح 6 (2989) ومسلم (1009) واللفظ له
16 – عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تصدق أحد بصدقة من طيب – ولا يقبل الله إلا الطيب – إلا أخذها الرحمن بيمينه , وإن كانت تمرة , فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل , كما يُربّي أحدكم فلوه أوفصيله" . البخاري ـ الفتح 3 (1410) ومسلم (1014) واللفظ له
17 – عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس , وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل , وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة " . البخاري ـ الفتح 6 (3220) واللفظ له ومسلم (2308)
من أقوال المفسرين:
قال القرطبي – رحمه الله تعالى : " النفقة تعم الواجبات والمندوبات , لكن الممسك عن المندوبات لا يستحق دعاء الملك ( اللهم أعط منفقاً خلفاً ) إلا أن يغلب عليه البخل المذموم بحيث لا تطيب نفسه بإخراج الحق الذي عليه لو أخرجه ) .
قال النووي – رحمه الله تعالى – الإنفاق الممدوح ما كان في الطاعات على العيال , والضيفان , والتطوعات " دليل الفالحين (2 / 121)
فوائد الزكاة والصدقة (1) :
__________
(1) من كتاب الرياض الناضرة للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي.(1/32)
قد فرض الله على المؤمنين ذوي الأموال الزكوية زكاة تدفع للمحتاجين منهم، وللمصالح العامة النفع كما قال تعالى:{إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم،وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل،فريضة من الله والله عليم حكيم} .
وفي القرآن آيات كثيرة في الأمر بإيتاء الزكاة والنفقة مما رزق الله والثناء على المنفقين والمتصدقين وذكر ثوابهم، وتواترت بذلك كله الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين ما تجب فيه الزكاة من المواشي والحبوب والثمار والنقود والأموال المعدة للتجارة ، وذكر أنصابها ومقدار الواجب منها وذكر الوعيد الشديد على مانعها، واتفق المسلمون على نقصان إيمان تاركها ودينه وإسلامه، وإنما اختلفوا هل يكفر تاركها أم لا ، وذلك لما في الزكاة والصدقة والإحسان من الفوائد الضرورية والكمالية والدينية والدنيوية فمنها أنها من أعظم شعائر الدين وأكبر براهين الإيمان، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال : والصدقة برهان، أي على إيمان صاحبها ودينه ومحبته لله إذ سخى لله بماله المحبوب للنفوس .(1/33)
ومنها أنها تزكي وتنمي المعطي والمعطَى والمال الذي أخرجت منه، أما تزكيتها للمعطى فإنها تزكي أخلاقه وتطهره من الشح والبخل والأخلاق الرذيلة ، وتنمي أخلاقه فيتصف بأوصاف الكرماء المحسنين الشاكرين فإنها من أعظم الشكر لله، والشكر معه المزيد دائماً، وتنمي أيضاً أجره وثوابه، فإن الزكاة والنفقة تضاعف أضعافاً كثيرة بحسب إيمان صاحبها وإخلاصه ونفعها ووقوعها موقعها ، وهي تشرح الصدر وتفرح النفس وتدفع عن العبد من البلايا والأسقام شيئاً كثيراً، فكم جلبت من نعمة دينية ودنيوية ، وكم دفعت من نقم ومكاره وأسقام ، وكم خففت الآلام وكم أزالت من عداوات وجلبت مودة وصداقات، وكم تسببت لأدعية مستجابة من قلوب صادقات. وهي أيضاً تنمي المال المخرج منه، فإنها تقيه الآفات وتحل فيه البركة الإلهية ، قال - صلى الله عليه وسلم - : "ما نقصت صدقة من مال، بل تزيد، قال تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ما من صباح يوم إلا وينزل ملكان يقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر : اللهم أعطِ ممسكاً تلفاً، والتجربة تشهد بذلك فلا تكاد تجد مؤمناً يخرج الزكاة وينفق النفقات في محلها إلا وقد صب الله عليه الرزق صباً، وأنزل له البركة ويسر له أسباب الرزق .(1/34)
وأما نفعها للمعطَى فإن الله قد أمر بدفعها للمحتاجين من الفقراء والمساكين والغارمين وفي الرقاب وللمصالح التي يحتاج المسلمون إليها فمتى وضعت في محلها اندفعت الحاجات والضرورات واستغنى الفقراء أو خف فقرهم وقامت المصالح النافعة العمومية، فأي فائدة أعظم من ذلك وأجل، فلو أن الأغنياء أخرجوا زكاة أموالهم ووضعت في محلها لقامت المصالح الدينية والدنيوية وزالت الضرورات واندفعت شرور الفقراء وكان ذلك أعظم حاجز وسد يمنع عبث المفسدين، ولهذا كانت الزكاة من أعظم محاسن الإسلام لما اشتملت عليه من جلب المصالح والمنافع ودفع المضار وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
من فوائد الإنفاق(1):
1 – الإنفاق من كمال الإيمان وحسن الإسلام .
2 – دليل حسن الظن بالله والثقة به .
3 – أداء شكر نعمة الله – عز وجل – بالمال إذ إن المالك على الحقيقة هو الله – عز وجل.
4 – سبب نيل حب الله – عز وجل – وحب الخلق .
5 – تقوية العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأمة .
6 – مواساة الفقراء والمحتاجين وسد حاجة المعوزين .
7 – الإسهام في حل مشكلة الفقر التي أعجزت العالم المعاصر.
8 – إشاعة التراحم والتّوادّ في المجتمع بدلاً من الشحناء والبغضاء .
9 – تزكية النفس وتطهيرها بإخراج الشح منها .
10 – الإنفاق سبب بركة المال ونمائه ووقاية للإنسان من المصائب والبلايا .
11 – الإنفاق طريق موصل إلى الجنة .
12 – الإنفاق يجعل لصاحبه مكانه اجتماعية مرموقة .
13 – الإنفاق يدعم الروابط الأسرية ويقوي الصلات بين أفراد المجتمع .
14 – الإنفاق يكفر فتنة الرجل في أهله وجاره .
15 – المنفق يستظل بظل الله – عز وجل – يوم لا ظل إلا ظله.
16 – الإنفاق دليل الطبع السليم والأريحية الكريمة ومدعاة لنصرة الله عز وجل .
رمضانيات نسائية
__________
(1) انظر نضرة النعيم 3 / 628(1/35)
أحكام تختص بالمرأة في صلاتها (1)
حافظي أيتها المسلمة على صلاتك في أوقاتها مستوفيةً لشروطها وأركانها وواجباتها. يقول الله تعالى لأمهات المؤمنين : {وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله} [الأحزاب: 33].
وهذا أمرٌ للمسلمات عموماً .
فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الإسلام وتركها كفرٌ يخرج من الملة.
فلا دين ولا إسلام لمن لا صلاة له من الرِّجال والنساء .
وتأخير الصلاة عن وقتها من غير عذرٍ شرعيّ: إضاعة لها .
قال الله تعالى : {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً* إلا من تاب} [مريم: 59 ،60] .
وقد ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره عن جمعٍ من أئمة المفسرين أن معنى إضاعة الصلاة إضاعة مواقيتها بأن تُصلى بعدما يخرج وقتها، وفسَّر الغيّ الذي يلقونه بأنه الخسار. وفُسِّر بأنه وادٍ في جهنم .
وللمرأة أحكام في الصلاة تختص بها عن الرجل وإيضاحها كما يلي:
1ـ ليس على المرأة أذانٌ ولا إقامةٌ؛ لأن الأذان شُرِعَ له في رفع الصوت والمرأة لا يجوز لها رفع صوتها ولا يصحَّان منها .
قال في "المغني" (2/68) : "لا نعلمُ فيه خلافاً".
2ـ كلُّ المرأة عورةٌ في الصلاة إلا وجهها وفي كفَّيها وقدميها خلافٌ.
وذلك كلّه حيث لا يراها رَجُلٌ غير محرمٍ لها، فإن كان يراها رجلٌ غير محرمٍ لها وجب عليها سترها كما يجب عليها سترها خارج الصلاة عن الرجال. فلابد في صلاتها من تغطية رأسها ورقبتها ومن تغطية بقيَّة بدنها حتَّى ظهور قدميها.
قال - صلى الله عليه وسلم - : "لا يقبل الله صلاة حائضٍ ـ يعني : من بلغت الحيض ـ إلا بخمارٍ" رواه الخمسة .
والخمار : ما يغطِّي الرأس والعنق .
__________
(1) تنبيهات على أحكام تختص بالمؤمنات . للشيخ / صالح الفوزان ـ نفع الله بعلمه ـ .(1/36)
وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أتُصلي المرأة في درع وخمارٍ بغير إزار؟قال : "إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظُهور قدميها" أخرجه أبو داود وصحح الأئمة وقفه .
دل الحديثان على أنه لابد في صلاتها من تغطية رأسها ورقبتها كما أفاده حديث عائشة، ومن تغطية بقيّة بدنها حتَّى ظهور قدميها كما أفاده حديث أُمِّ سلمة .
ويُباحُ كشف وجهها حيث لا يراها أجنبيٌّ لإجماع أهل العلم على ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (22/113ـ114) : فإنَّ المرأة لو صلَّت وحدها كانت مأمورةٌ بالاختمار وفي غير الصَّلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها. فأخذ الزِّينة في الصلاة حقٌّ لله فليس لأحدٍ أن يطوف بالبيت عرياناً ولو كان وحده بالليل ولا يصلِّي عرياناً ولو كان وحده".
إلى أن قال : "فليست العورة في الصلاة مرتبطةً بعورة النظر لا طرداً ولا عكساً"انتهى.
قال في "المغني" (2/328) : "وأما سائر بدن المرأة الحرة فيجب ستره في الصلاة، وإن انكشف منه شيءٌ لم تصحَّ صلاتها إلا أن يكون يسيراً . وبهذا قال مالكٌ والأوزاعيُّ والشافعيُّ" .
3ـ ذكر في "المغني" (2/258) : أنَّ المرأة تجمع نفسها في الرُّكوع والسُّجود بدلاً من التجافي، وتجلس متربِّعةً أو تسدل رجليها وتجعلهما في جانب يمينها بدلاً من التورك والافتراش؛ لأنه أستر لها.
وقال النووي في "المجموع" (3/455) : "قال الشافعيُّ رحمه الله في المختصر: ولا فرق بين الرجال والنساء في عمل الصلاة إلاّ أنَّ المرأة يُستحبُّ لها أن تَضُمَّ بعضها إلى بعض، وأحبّ ذلك لها في الركوع وفي جميع الصلاة" .انتهى.
4ـ صلاة النساء جماعةٌ بإمامة إحداهن فيها خلافٌ بين العلماء بين مانع ومجيز، والأكثر على أنه لا مانع من ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أمَّ ورقة أن تؤم أهل دارها. رواه أبو داود وصحَّحه ابن خزيمة.
ـ وبعضهم يرى استحباب ذلك لهذا الحديث.(1/37)
ـ وبعضهم يرى أنه غير مُستحبٍّ، وبعضهم يرى أنه مكروهٌ، وبعضهم يرى جوازه في النَّفل دون الفرض. ولعلَّ الرَّاجحُ استحبابه.
ولمزيد من الفائدة في هذه المسألة يُراجَعُ"المغني" (2/202) والمجموع للنووي(4/84ـ85).
وتجهر المرأة بالقراءة إذا لم يسمعها رجالٌ غير محارم.
5ـ يُبَاحُ للنساء الخروج من البيوت للصلاة مع الرجال في المساجد وصلاتهنَّ في بيوتهن خيرٌ لهنَّ فقد روى مسلمٌ في "صحيحه" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "لا تمنعوا النساء أن يخرُجن إلى المساجد وبيوتهنَّ خير لهن"رواه أحمد وأبوداود
فبقاؤهن في البيوت وصلاتُهنَّ فيها أفضل لهنَّ من أجل التستُّر.
6ـ وإذا خرجت إلى المسجد للصلاة فلا بُدّ من مراعاة الآداب التالية:
ـ تكون متسترةً بالثياب والحجاب الكامل :
قالت عائشة رضي الله عنها : "كان النِّساءُ يصلِّين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمَّ ينصرفن متلفعاتٍ بمروطهنَّ ما يُعرفن من الغلس" متفق عليه .
أن تخرج غير متطيبة :
لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلاتٍ" رواه أحمد وأبو داود. ومعنى "تفلات" أي غير متطيبات .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أيما امرأة أصابت بُخُوراً فلا تشهدنَّ معنا العشاء الأخير" رواه مسلمٌ وأبوداود والنسائي .
وروى مسلمٌ من حديث زينب امرأة ابن مسعودٍ :"إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً".
قال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (3/140 ـ 141) : "فيه دليلٌ على أنَّ خروج النساء إلى المساجد إنما يجوز إذا لم يصحب ذلك ما فيه فتنة ٌوما هو في تحريك الفتنة نحو البخور. وقال: وقد حصل من الأحاديث أنَّ الإذن للنساء من الرجال إلى المساجد إذا لم يكن في خروجهنَّ ما يدعو إلى الفتنة من طيبٍ أو حليٍّ أو أيِّ زينةٍ" . انتهى .(1/38)
ألاَّ تخرج متزينة بالثياب والحلي :
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : "لو أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى من النساء ما رأينا لمنعهنَّ من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها" متفق عليه .
قال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" ـ نفس المرجع السابق ـ على قول عائشة : "لو رأى ما رأينا" يعني : من حسن الملابس والطِّيب والزِّينة والتبرج .
وإنما كان النساء يخرجن من المُرِط والأكسيةِ والشملات الغلاظ .
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتاب "أحكام النساء" صفحة 39: "ينبغي للمرأة أن تحذر من الخروج مهما أمكنها أن سلمت في نفسها ما لم يسلم النَّاسُ منها. فإذا اضطرت على الخروج بإذن زوجها في هيئة رثة وجعلت طريقها في المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق واحترزت من سماع صوتها ومشت في جانب الطريق لا في وسطه" انتهى
قال الزُّهري: "فنرى ذلك والله أعلم أن ذلك لكي ينفذ من ينصرف من النساء" . رواه البخاري
انظر : "الشرح الكبير على المقنع"(1/422).
قال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (2/326) : "الحديث فيه أنه يُستحب للإمام مراعاة أحوال المأمومين، والاحتياط في اجتناب ما قد يفضي إلى المحظور واجتناب مواقع التُّهم وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلاً عن البيوت" انتهى .
قال الإمام النووي رحمه الله في "المجموع" (3/455) : "ويخالف النساءُ الرجال في صلاة الجماعة في أشياء :
أحدها:لاتتأكد في حقهن كتأكدها في الرجال.
الثاني : تقف إمامتهنُّ وسطهن .
الثالث : تقف واحدتهنَّ خلف الرجل لا بجنبه بخلاف الرجل .
الرابع : إذا صلين صفوفاً مع الرجال فآخر صفوفهن أفضل من أولها" . انتهى .
ومما سبق: يُعَلمُ تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء .
7ـ خروج النساء إلى صلاة العيد :(1/39)
عن أمِّ عطيَة رضي الله عنها قالت : "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق والحيض وذوات الخدور. فأما الحيض فيعتزلن الصلاة" ، وفي لفظ : "المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين" رواه الجماعة .
قال الشوكاني : "والحديث وما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرقٍ بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض وغيرها ما لم تكن معتدة أو كان خروجها فتنةً أو كان لها عذرٌ" . انتهى . انظر (3/306) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/458ـ 459): "فقد أخبر المؤمنات أنَّ صلاتهن في البيوت أفضل لهن من شهود الجمعة والجماعة إلا العيد فإنه أمرهنَّ بالخروج فيه.
ولعلَّه والله أعلم لأسبابٍ :
أحدها : أنه في السنة مرتين فقُبِل بخلاف الجمعة والجماعة .
الثاني : أنه ليس له بدلٌ خلاف الجمعة والجماعة فإنَّ صلاتها في بيتها الظهر هو جمعتها.
الثالث : أنه خروجٌ إلى الصحراء لذكر الله فهو شبيهُ بالحج من بعض الوجوه، ولهذا كان العيد الأكبر في موسم الحج موافقة للحجيج".انتهى.
وقيد الشافعية خروج النساء لصلاة العيد بغير ذوات الهيئات .
قال الإمام النووي في "المجموع" (5/13): "قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: يستحب للنساء غير ذوات الهيئات حضور صلاة العيد.وأما ذوات الهيئات فيكره حضورهن" .(1/40)
إلى أن قال : "وإذا خرجن استُحب خروجهن في ثيابٍ بذلةٍ لا يلبسنَ ما يشهرهنَّ ويُستحبُّ أن يتنظفن بالماء. ويُكره لهنّ الطيب. هذا كله حكم العجائز اللواتي لا يُشتهين ونحوهن، وأما الشابة وذات الجمال ومن تشتهى فيُكره لهن الحضور لما في ذلك من خوف الفتنة عليهن وبهن. فإن قيل: هذا مخالفٌ حديث أم عطية المذكور. قلنا : ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : "لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل" ؛ ولأن الفتن وأسباب الشر في هذه الأعصار كثيرةٌ بخلاف العصر الأول والله أعلم" انتهى .
قلت : وفي عصرنا أشد .
وقال الإمام ابن الجوزي في كتاب "أحكام النساء" ص 38: "قلت قد بينا أن خروج النساء مباح. لكن إذا خيفت الفتنة بهن أومنهن فالامتناع من الخروج أفضل؛ لأن نساء الصدر الأول كُنَّ على غير ما نشأ نساء هذا الزمان عليه وكذلك الرجال" . انتهى .
يعني : كانوا على ورعٍ عظيم .
وفي هذه النُقولات تعلمين أيتها الأخت المسلمة أن خروجك لصلاة العيد مسموحٌ به شرعاً بشرط الالتزام والاحتشام وقصد التقرُّب إلى الله ومشاركة المسلمين في دعواتهم وإظهار شعائر الإسلام .
وليس المراد منه عرض الزينة والتعرُض للفتنة فتنبهي لذلك.
من أحكام النساء في رمضان (1)
أختي المسلمة ..
…نظراً لكثرة التساؤلات التي ترد على العلماء بشأن أحكام الحيض في العبادات رأينا أن نجمع الأسئلة التي تتكرر دائماً وكثيراً ما تقع دون التوسع وذلك رغبة في الاختصار .
تنبيه : قد يبدو لمن يتصفح الكتاب لأول مرة أن بعض الأسئلة متكررة ولكن بعد التأمل سوف يجد أن هناك زيادة علم في إجابة دون الأخرى. رأينا عدم إغفالها. هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
__________
(1) من إجابات الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين يرحمه الله تعالى .(1/41)
س1/ إذا طهرت المرأة بعد الفجر مباشرة هل تمسك وتصوم هذا اليوم؟ ويكون يومها لها أم عليها قضاء ذلك اليوم؟
ج/ إذا طهرت المرأة بعد طلوع الفجر فللعلماء في إمساكها ذلك اليوم قولان :
القول الأول: إنه يلزمها الإمساك بقية ذلك اليوم ولكنه لا يحسب لها بل يجب عليها القضاء وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ .
والقول الثاني : إنه لا يلزمها أن تمسك بقية ذلك اليوم لأنه يوم لا يصح صومها فيه لكونها في أوله حائضة ليست من أهل الصيام، وإذا لم يصح لم يبق للإمساك فائدة ، وهذا الزمن زمن غير محترم بالنسبة لها لأنها مأمورة بفطره في أول النهار، بل محرم عليها صومه في أول النهار، والصوم الشرعي كما نعلم جميعاً هو الإمساك عن المفطرات تعبداً لله ـ عز وجل ـ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وهذا القول كما تراه أرجح من القول بلزوم الإمساك وعلى كلا القولين يلزمها قضاء هذا اليوم .
س2/ هذا السائل يقول : إذا طهرت الحائض واغتسلت بعد صلاة الفجر وصلت وكملت صوم يومها، فهل يجب عليها قضاؤه ؟
ج/ إذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر ولو بدقيقة واحدة ولكن تيقنت الطهر فإنه إذا كان في رمضان فإنه يلزمها الصوم ويكون صومها ذلك اليوم صحيحاً ولا يلزمها قضاؤه؛ لأنها صامت وهي طاهر وإن لم تغتسل إلاّ بعد طلوع الفجر فلا حرج كما أن الرجل لو كان جنباً من جماع أو احتلام وتسحر ولم يغتسل إلاّ بعد طلوع الفجر كان صومه صحيحاً .
وبهذه المناسبة أود أنبه إلى أمر آخر عند النساء إذا أتاها الحيض وهي قد صامت ذلك اليوم فإن بعض النساء تظن أن الحيض إذا أتاها بعد فطرها قبل أن تصلي العشاء فسد صوم ذلك اليوم، وهذا لا أصل له بل إن الحيض إذا أتاها بعد الغروب ولو بلحظة فإن صومها تام وصحيح .
س3/ هل يجب على النفساء أن تصوم وتصلي إذا طهرت قبل الأربعين ؟(1/42)
ج/ نعم .. متى طهرت النفساء قبل الأربعين فإنه يجب عليها أن تصوم إذا كان ذلك في رمضان، ويجب عليها أن تصلي، ويجوز لزوجها أن يجامعها، لأنها طاهر ليس فيها ما يمنع الصوم، ولا ما يمنع وجوب الصلاة وإباحة الجماع.
س4/ إذا كانت المرأة عادتها الشهرية ثمانية أيام أو سبعة أيام ثم استمرت معها مرة أو مرتين أكثر من ذلك فما الحكم ؟
ج/ إذا كانت عادة هذه المرأة ستة أيام أو سبعة ثم طالت هذه المدة وصارت ثمانية أو تسعة أو عشرة أو أحد عشر يوماً، فإنها تبقى لا تصلي حتى تطهر و ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحد حداً معيناً في الحيض وقد قال الله تعالى : {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} فمتى كان هذا الدم باقياً فإن المرأة على حالها حتى تطهر وتغتسل ثم تصلي فإذا جاءها في الشهر الثاني ناقصاً عن ذلك فإنها تغتسل إذا طهرت وإذا لم يكن على المدة السابقة والمهم أن المرأة متى كان الحيض معها موجوداً فإنها لا تصلي سواء كان الحيض موافقاً للعادة السابقة أو زائداً عنها أو ناقصاً . وإذا طهرت تصلي .
س5/ المرأة النفساء هل تجلس أربعين يوماً لا تصلي ولا تصوم أم أن العبرة بانقطاع الدم عنها، فمتى انقطع تطهرت وصَلّت؟ وما هي أقل مدة للطهر ؟
ج/ النفساء ليس لها وقت محدود بل متى كان الدم موجود جلست لم تُصلِّ ولم تصم ولم يجامعها زوجها، وإذا رأت الطهر ولو قبل الأربعين ولو لم تجلس إلا عشرة أيام أو خمسة أيام فإنها تصلي وتصوم ويجامعها زوجها ولا حرج في ذلك .
والمهم أن النفاس أمر محسوس تتعلق الأحكام بوجوده أو عدمه، فمتى كان موجوداً ثبتت أحكامه ومتى تطهرت منه تخلت من أحكامه، لكن لو زاد على الستين يوماً فإنها تكون مستحاضة تجلس ما وافق عادة حيضها فقط ثم تغتسل وتصلي .
س6/ إذا نزل من المرأة في نهار رمضان نقط دم بسيط، واستمر معها هذا الدم طوال شهر رمضان وهي تصوم .. فهل صومها صحيح ؟(1/43)
ج/ نعم .. صومها صحيح، وأما هذه النقط فليست بشيء لأنها من العروق، وقد أُثِر عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : إن هذه النقط التي تكون كرعاف الأنف ليست بحيض..
هكذا يذكر عنه ـ رضي الله عنه ـ .
س7/ إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل الفجر ولم تغتسل إلاّ بعد الفجر هل يصح صومها أم لا ؟
ج/ نعم .. يصح صوم المرأة الحائض إذا طهرت قبل الفجر ولم تغتسل إلاّ بعد طلوع الفجر.. وكذلك النفساء لأنها حينئذٍ من أهل الصوم، وهي شبيهة بمن عليه جنابة إذا طلع الفجر عليه وهو جُنب فإن صومه يصح لقوله تعالى : {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}. فإذا أذن الله تعالى بالجماع إلى أن يتبين الفجر لزم من ذلك أن لا يكون الاغتسال إلاّ بعد طلوع الفجر ولحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ : "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جنباً من جماع أهله وهو صائم" .. أي أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يغتسل عن الجنابة إلاّ بعد طلوع الصبح .
س8/ إذا أحست المرأة بالدم ولم يخرج قبل الغروب، أو أحست بألم العادة هل يصح صيامها ذلك اليوم أم يجب عليها قضاؤه ؟
ج/ إذا أحست المرأة الطاهرة بانتقال الحيض وهي صائمة ولكنه لم يخرج إلاّ بعد غروب الشمس، أو أحست بألم الحيض ولكنه لم يخرج إلاّ بعد غروب الشمس، فإن صومها ذلك اليوم صحيح وليس عليها إعادته إذا كان فرضاً ولا يبطل الثواب به إذا كان نفلاً .
س9/ إذا رأت المرأة دماً ولم تجزم أنه دم حيض فما حكم صيامها ذلك اليوم؟
ج/ صيامها ذلك اليوم صحيح لأن الأصل عدم الحيض حتى يتبين لها أنه حيض .
س10/أحياناً ترى المرأة أثراً يسيراً للدم أو نقطاً قليلة جداً متفرقة على ساعات اليوم.مرة تراه وقت العادة وهي لم تنزل، ومرة تراه في غير وقت العادة.فما حكم صيامها في كلتا الحالتين ؟(1/44)
ج/ سبق الجواب على مثل هذا السؤال قريباً، لكن بقي أنه إذا كانت هذه النقط في أيام العادة وهي تعتبر من الحيض الذي تعرفه فإنه يكون حيضاً .
س11/ الحائض والنفساء هل تأكلان وتشربان في نهار رمضان ؟
ج/ نعم تأكلان وتشربان في نهار رمضان لكن الأولى أن يكون ذلك سراً إذا كان عندها أحد من الصبيان في البيت لأن ذلك يوجب إشكالاً عندهم .
س12/ إذا طهرت الحائض أو النفساء وقت العصر هل تلزمها صلاة الظهر مع العصر أم لا يلزمها سوى العصر فقط؟
ج/ القول الراجح في هذه المسألة أنه لا يلزمها إلاّ العصر فقط، لأنه لا دليل على وجوب صلاة الظهر والأصل براءة الذمة، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" ولم يذكر أنه أدرك الظهر، ولو كان الظهر واجباً لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولأن المرأة لو حاضت بعد دخول وقت الظهر لم يلزمها إلاَّ قضاء صلاة الظهر دون صلاة العصر مع أن الظهر تجمع إلى العصر ولا فرق بينها وبين الصورة التي وقع السؤال عنها، وعلى هذا يكون القول الراجح أنه لا يلزمها إلاّ صلاة العصر فقط لدلالة النص والقياس عليها. وكذلك الشأن فيما لو طهرت قبل خروج وقت العشاء فإنه لا يلزمها إلاَّ صلاة العشاء ولا تلزمها صلاة المغرب .
س13/ بعض النساء اللاتي يجهضن لا يخلون من حالتين: إما أن تجهض المرأة قبل تخلُّق الجنين، وإما أن تجهض بعد تخلقه وظهور التخطيط فيه .. فما حكم صيامها ذلك اليوم الذي أجهضت فيه وصيام الأيام التي ترى فيها الدم ؟(1/45)
ج/ إذا كان الجنين لم يُخَلَّق فإن دمها هذا ليس دم نفاس وعلى هذا فإنها تصوم وتصلي وصيامها صحيح، وإذا كان الجنين قد خُلّق فإن الدم دم نفاس لا يحل لها أن تصلي فيه ولا أن تصوم والقاعدة في هذه المسألة أو الضابط فيها أنه إذا كان الجنين قد خُلِّق فالدم دم نفاس وإذا لم يُخَلَّق فليس الدم دم نفاس، وإذا كان الدم دم نفاس فإنه يحرم عليها ما يحرم على النفساء، وإذا كان غير دم النفاس فإنه لا يحرم عليها ذلك .
س14/ نزول الدم من الحامل في نهار رمضان هل يؤثر على صومها ؟
ج/إذا خرج دم الحيض والأنثى صائمة فإن صومها يفسد لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"ولهذا نعده من المفطرات والنفاس مثله وخروج دم الحيض والنفاس مفسد للصوم.ونزول الدم من الحامل في نهار رمضان إن كان حيضاً فإنه كحيض غير الحامل أي لا يؤثر على صومها، وإن لم يكن حيضاً فإنه لا يؤثر، والحيض الذي يمكن أن يقع من الحامل هو أن يكون حيضاً مطرداً لم ينقطع عنها منذ حملت بل كان يأتيها في أوقاتها المعتادة فهذا حيض على القول الراجح يثبت له أحكام الحيض، أما إذا انقطع الدم عنها صارت بعد ذلك ترى دماً ليس هو الدم المعتاد فإن هذا لا يؤثر على صيامها لأنه ليس بحيض.
س15/ إذا رأت المرأة في زمن عادتها يوماً دماً والذي يليه لا ترى الدم طيلة النهار. فماذا عليها أن تفعل ؟
ج/ الظاهر أن هذا الطهر أو اليبوسة التي حصلت لها في أيام حيضتها تابع للحيض فلا يعتبر طهراً، وعلى هذا فتبقى ممتنعة مما تمتنع منه الحائض، وقال بعض أهل العلم من كانت ترى يوماً دماً ويوماً نقاءً فالدم حيض والنقاء طهر حتى يصل إلى خمسة عشر يوماً فإذا وصلت إلى خمسة عشر يوماً صار ما بعده دم استحاضة وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله(1/46)
س16/ في الأيام الأخيرة من الحيض وقبل الطهر لا ترى المرأة أثر للدم، هل تصوم ذلك اليوم وهي لم ترَ القصة البيضاء أم ماذا تصنع ؟
ج/ إذا كان من عادتها ألاَّ ترى القصة البيضاء كما يوجد في بعض النساء فإنها تصوم وإن كان من عادتها أن ترى القصة البيضاء فإنها لا تصوم حتى ترى القصة البيضاء .
س17/ ما حكم قراءة الحائض والنفساء للقرآن نظراً وحفظاً في حالة الضرورة كأن تكون طالبة أو معلمة ؟
ج/ لا حرج على المرأة الحائض أو النفساء في قراءة القرآن إذا كان لحاجة كالمرأة المعلمة أو الدارسة التي تقرأ وردها في ليل أو نهار، وأما القراءة أعني قراءة القرآن لطلب الأجر وثواب التلاوة فالأفضل ألاّ تفعل لأن كثيراً من أهل العلم أو أكثرهم يرون أن الحائض لا يحل لها قراءة القرآن .
س18/ هل يلزم الحائض تغيير ملابسها بعد طهرها مع العلم أنه لم يصبها دم ولا نجاسة؟
ج/ لا يلزمها ذلك لأن الحيض لا ينجس البدن وإنما دم الحيض ينجس ما لاقاه فقط، ولهذا أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - النساء إذا أصاب ثيابهن دم حيض أن يغسلنه ويصلين في ثيابهن .
س19/ سائل يسأل امرأة أفطرت في رمضان سبعة أيام وهي نفساء، ولم تقض حتى أتاها رمضان الثاني وطافها من رمضان الثاني سبعة أيام وهي مرضع ولم تقض بحجة مرض عندها. فماذا عليها وقد أوشك دخول رمضان الثالث أفيدونا أثابكم الله ؟(1/47)
ج/ إذا كانت هذه المرأة كما ذكرت عن نفسها أنها في مرض ولا تستطيع القضاء فإنها متى استطاعت صامته لأنها معذورة حتى ولو جاء رمضان الثاني، أما إذا كان لا عذر لها وإنما تتعلل وتتهاون فإنه لا يجوز لها أن تؤخر قضاء رمضان إلى رمضان الثاني، قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : "كان يكون عليَّ الصوم فما أستطيع أن أقضيه إلاّ في شعبان" وعلى هذا فعلى المرأة هذه أن تنظر في نفسها إذا كان لا عذر لها فهي آثمة وعليها أن تتوب إلى الله وأن تبادر بقضاء ما في ذمتها من الصيام، وإن كانت معذورة فلا حرج عليها ولو تأخرت سنة أو سنتين .
س20/ بعض النساء يدخل عليهن رمضان الثاني وهن لم يصمن أياماً من رمضان السابق فما الواجب عليهن ؟
ج/ الواجب عليهن التوبة إلى الله من هذا العمل لأنه لا يجوز لمن عليه قضاء رمضان أن يؤخره إلى رمضان الثاني بلا عذر لقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ : "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أقضيه إلا في شعبان" وهذا يدل على أنه لا يمكن تأخيره إلى ما بعد رمضان الثاني.. فعليها أن تتوب إلى الله ـ عز وجل ـ مما صنعت وأن تقضي الأيام التي تركتها بعد رمضان الثاني .
س31/ إذا حاضت المرأة الساعة الواحدة ظهراً مثلاً وهي لم تصل بعد صلاة الظهر هل يلزمها قضاء تلك الصلاة بعد الطهر ؟
ج/ في هذا خلاف بين العلماء فمنهم من قال أنه لا يلزمها أن تقضي هذه الصلاة لأنها لم تفرّط ولم تأثم حيث إنه يجوز لها أن تؤخر الصلاة إلى آخر وقتها، ومنهم من قال إنه يلزمها القضاء أي قضاء تلك الصلاة لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" والاحتياط لها أن تقضيها لأنها صلاة واحدة لا مشقة في قضائها .
س22/ إذا رأت المرأة الحامل دماً قبل الولادة بيوم أو يومين فهل تترك الصوم والصلاة من أجله أم ماذا ؟(1/48)
ج/ إذا رأت الحامل الدم قبل الولادة بيوم أو يومين ومعها طلق فإنه نفاس تترك من أجله الصلاة والصيام وإذا لم يكن معه طلق فإنه دم فساد لا عبرة فيه ولا يمنعها من صيام ولا صلاة .
س23/ ما رأيك في تناول حبوب منع الدورة الشهرية من أجل الصيام مع الناس ؟
ج/ أنا أحذِّر من هذا.. وذلك لأن هذه الحبوب فيها مضرة عظيمة، ثبت عندي ذلك عن طريق الأطباء ويقال للمرأة هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فاقنعي بما كتب الله ـ عز وجل ـ وصومي حيث لا مانع وإذا وجد المانع فافطري رضاءً بما قدَّر الله ـ عزوجل ـ
س24/ يقول السائل: امرأة بعد شهرين من النكاح وبعد أن طهرت بدأت تجد بعض النقاط الصغيرة من الدم . فهل تفطر ولا تصلي ؟ أم ماذا تفعل ؟(1/49)
ج/ مشاكل النساء في الحيض والنكاح بحر لا ساحل له، ومن أسبابه استعمال هذه الحبوب المانعة للحمل والمانعة للحيض، وما كان الناس يعرفون مثل هذه الإشكالات الكثيرة، صحيح أن الإشكال ما زال موجوداً منذ بعث الرسول بل منذ وجد النساء، ولكن كثرته على هذا الوجه الذي يقف الإنسان حيران في حل مشاكله أمر يؤسف له، ولكن القاعدة العامة أن المرأة إذا طهرت ورأت الطهر المتيقن في الحيض وفي النكاح، وأعني الطهر في الحيض خروج القصة البيضاء وهو ماء أبيض تعرفه النساء فيما بعد الطهر من كدرة أو صفرة أو نقطة أو رطوبة، فهذا كله ليس بحيض، فلا يمنع من الصلاة، ولا يمنع من الصيام، ولا يمنع من جماع الرجل لزوجته، لأنه ليس بحيض. قالت أم عطية: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً" [أخرجه البخاري وزاد أبو داود بعد الطهر وسندها صحيح] وعلى هذا القول : كل ما حدث بعد الطهر المتيقن من هذه الأشياء فإنها لا تضر المرأة ولا تمنعها من صلاتها وصيامها ومباشرة زوجها إياها. ولكن يجب أن لا تتعجل حتى ترى الطهر، ولهذا كان نساء الصحابة يبعثن إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالكرسف يعني القطن فيه الدم فتقول لهن : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء .
س35/ بعض النساء يستمر معهن الدم وأحياناً ينقطع يوماً أو يومين ثم يعود.. فما الحكم في هذه الحالة بالنسبة للصوم والصلاة وسائر العبادات ؟
ج/ المعروف عند كثير من أهل العلم أن المرأة إذا كان لها عادة وانقضت عادتها فإنها تغتسل وتصلي وتصوم وما تراه بعد يومين أو ثلاثة ليس بحيض لأن أقل الطهر عند هؤلاء العلماء ثلاثة عشر يوماً، وقال بعض أهل العلم إنها متى رأت الدم فهو حيض ومتى طهرت منه فهي طاهرة، وإن لم يكن بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً .
س26/ أيهما أفضل للمرأة أن تصلي في ليالي رمضان في بيتها أم في المسجد وخصوصاً إذا كان فيه مواعظ وتذكير، وما توجيهك للنساء اللاتي يصلين في المساجد ؟(1/50)
ج/ الأفضل أن تصلي في بيتها لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "وبيوتهن خير لهن" ولأن خروج النساء لا يسلم من فتنة في كثير من الأحيان فكون المرأة تبقى في بيتها خير لها من أن تخرج للصلاة في المسجد والمواعظ والحديث يمكن أن تحصل عليها بواسطة الشريط.. وتوجيهي للاتي يصلين في المسجد أن يخرجن من بيوتهن غير متبرجات بزينة ولا متطيبات.
س27/ ما حكم ذوق الطعام في نهار رمضان والمرأة صائمة ؟
ج/ حكمه لا بأس به لدعاء الحاجة إليه ولكنها تلفظ ما ذاقته .
س28/ امرأة أصيبت في حادثة وكانت في بداية الحمل فأسقطت الجنين إثر نزيف حاد فهل يجوز لها أن تفطر أم تواصل الصيام وإذا أفطرت فهل عليها إثم ؟(1/51)
ج/ نقول إن الحامل لا تحيض كما قال الإمام أحمد ، إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض والحيض كما قال أهل العلم خلقه الله تبارك وتعالى بحكمة غذاء الجنين في بطن أمه، فإذا نشأ الحمل انقطع الحيض، لكن بعض النساء قد يستمر بها الحيض على عادته كما كان قبل الحمل فهذه يحكم بأن حيضها حيض صحيح لأنه استمر بها الحيض ولم يتأثر بالحمل فيكون هذا الحيض مانعاً لكل ما يمنعه حيض غير الحامل وموجباً لما يوجبه ومسقطاً لما يسقطه، والحاصل أن الدم الذي يخرج من الحامل على نوعين نوع يحكم بأنه حيض وهو الذي استمر بها كما كان قبل الحمل فمعنى ذلك أن الحمل لم يؤثر عليه فيكون حيضاً والنوع الثاني دم طرأ على الحامل طروءاً إما بسبب حادث أو حمل شيء أو سقوط شيء ونحوه فهذه دمها ليس بحيض وإنما هو دم عرق وعلى هذا فلا يمنعها من الصلاة ولا من الصوم بل هي في حكم الطاهرات ولكن إذا لزم من الحادث أن ينزل الولد أو الحمل الذي في بطنها فإنها على ما قال أهل العلم إن خرج وقد تبين فيه خلق إنسان فإن دمها بعد خروجه يعد نفاساً تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنبها زوجها حتى تطهر .. وإن خرج الجنين وهو غير مخلَّق فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة ولا من الصيام ولا من غيرهما .
قال أهل العلم وأقل زمن يتبين فيه التخليق واحد وثمانون يوماً؛ لأن الجنين في بطن أمه كما قال عبد الله بن مسعود ـ ري الله عنه ـ : حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق فقال: "إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث إليه الملك ويؤمر بأربع كلمات فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد"
و لايمكن أن يخلق قبل ذلك والغالب أن التخليق لا يتبين قبل تسعين يوماً كما قال بعض أهل العلم .(1/52)
س29/ أنا امرأة أسقطت في الشهر الثالث منذ عام، ولم أصلّ حتى طهرت وقد قيل لي كان عليك أن تصلي فماذا أفعل وأنا لا أعرف عدد الأيام بالتحديد ؟
ج/ المعروف عند أهل العلم أن المرأة إذا أسقطت لثلاثة أشهر فإنها لا تصلي لأن المرأة إذا أسقطت جنيناً قد تبين فيه خلق إنسان فإن الدم الذي يخرج منها يكون دم نفاس لا تصلي فيه. قال العلماء: ويمكن أن يتبين خلق الجنين إذا تم له واحد وثمانون يوماً وهذه أقل من ثلاثة أشهر فإذا تيقنت أنه سقط الجنين لثلاثة أشهر فإن الذي أصابها يكون دم فساد لا تترك الصلاة من أجله، وهذه السائلة عليها أن تتذكر في نفسها فإذا كان الجنين سقط قبل الثمانين يوماً فإنه تقضي الصلاة وإذا كانت لا تدري كم تركت فإنها تقدر وتتحرى، وتقضي على ما يغلب عليه ظنها أنها لم تُصَلِّه .
س30/ سائلة تقول : إنها منذ وجب عليها الصيام وهي تصوم رمضان ولكنها لا تقضي صيام الأيام التي تفطرها بسبب الدورة الشهرية ولجهلها بعدد الأيام التي أفطرتها فهي تطلب إرشادها إلى ما يجب عليها فعله الآن ؟
ج/ يؤسفنا أن يقع مثل هذا بين نساء المؤمنين فإن هذا الترك أعني ترك قضاء ما يجب عليها من الصيام إما أن يكون جهلاً، وإما أن يكون تهاوناً ، وكلاهما مصيبة؛ لأن الجهل دواؤه العلم والسؤال، وأما التهاون فإن دواءه تقوى الله ـ عز وجل ـ ومراقبته والخوف من عقابه والمبادرة إلى ما فيه رضاه. فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله مما صنعت وأن تستغفر وأن تتحرى الأيام التي تركتها بقدر استطاعتها فتقضيها وبهذا تبرأ ذمتها ونرجو أن يقبل الله توبتها .
س31/ تقول السائلة ما الحكم إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت الصلاة؟ وهل يجب عليها أن تقضيها إذا طهرت؟ وكذلك إذا طهرت قبل خروج وقت الصلاة ؟(1/53)
ج/ أولاً : المرأة إذا حاضت بعد دخول الوقت أي بعد دخول وقت الصلاة فإنه يجب عليها إذا طهرت أن تقضي تلك الصلاة التي حاضت في وقتها إذا لم تصلها قبل أن يأتيها الحيض وذلك لقول الرسول- صلى الله عليه وسلم - : "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" فإذا أدركت المرأة من وقت الصلاة مقدار ركعة ثم حاضت قبل أن تصلي فإنها إذا طهرت يلزمها القضاء .
ثانياً :إذا طهرت من الحيض قبل خروج وقت الصلاة فإنه يجب عليها قضاء تلك الصلاة،فلو طهرت قبل غروب الشمس بمقدار ركعة وجبت عليها صلاة العصر،ولو طهرت قبل منتصف الليل لم يجب عليها صلاة العشاء،وعليها أن تصلي الفجر إذا جاء وقتها،قال الله ـ سبحانه وتعالى:{فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا}أي فرضاً مؤقتاً بوقت محدود لايجوز للإنسان أن يخرج الصلاة عن وقتها ولاأن يبدأ بهاقبل وقتها.
س32/دخلت عليَّ العادة الشهرية أثناء الصلاة ماذا أفعل؟وهل أقضي الصلاة عن مدة الحيض ؟
ج/ إذا حدث الحيض بعد دخول وقت الصلاة كأن حاضت بعد الزوال بنصف ساعة مثلاً، فإنها بعد أن تطهر من الحيض تقضي هذه الصلاة التي دخل وقتها وهي طاهرة لقوله تعالى : {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} .
ولا تقضي الصلاة عن وقت الحيض لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الطويل : "أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصل ولم تصم" . وأجمع أهل العلم أنها لا تقضي الصلاة التي فاتتها أثناء مدة الحيض أما إذا طهرت ، وكان باقياً من الوقت مقدار ركعة فأكثر فإنها تصلي ذلك الوقت الذي طهرت فيه لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" . فإذا طهرت وقت العصر أو قبل طلوع الشمس وكان باقياً على غروب الشمس أو طلوعها مقدار ركعة، فإنها تصلي العصر ركعة في المسألة الأولى والفجر في المسألة الثانية .(1/54)
س33/ شخص يقول: أفيدكم أن لي والدة تبلغ من العمر خمسة وستين عاماً، ولها مدة تسع عشرة سنة وهي لم تأت بأطفال والآن معها نزيف دم لها مدة ثلاث سنوات وهو مرض يبدو أتاها في تلكم الفترة، ولأنها ستستقبل الصيام كيف تنصحونها لو تكرمتم؟ وكيف تتصرف مثلها لو سمحتم ؟
ج/ مثل هذه المرأة التي أصابها نزيف الدم حكمها أن تترك الصلاة والصوم مدة عادتها السابقة قبل هذا الحدث الذي أصابها فإذا كان من عادتها أن الحيض يأتيها من أول كل شهر لمدة ستة أيام مثلاً فإنها تجلس من أول كل شهر مدة ستة أيام لا تصلي ولا تصوم فإن انقضت اغتسلت وصلت وصامت، وكيفية الصلاة لهذه وأمثالها أنها تغسل فرجها غسلاً تاماً وتعصبه وتتوضأ وتفعل ذلك بعد دخول وقت صلاة الفريضة وكذلك تفعله إذا أرادت أن تتنفل في غير أوقات فرائض وفي هذه الحالة ومن أجل المشقة عليها يجوز لها أن تجمع الصلاة .
س34/ ما حكم وجود المرأة في المسجد وهي حائض لاستماع الأحاديث والخطب ؟
ج/لايجوز للمرأة الحائض أن تمكث في المسجد الحرام ولا غيره من المساجد،ولكن يجوز لها أن تمر بالمسجد وتأخذ الحاجة منه وما أشبه ذلك كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة حين أمرها أن تأتي بالخُمْرَة فقالت:أنها في المسجد وهي حائض.فقال:"إن حضيتك ليست في يدك"فإذا مرت الحائض في المسجد وهي آمنة من أن ينزل دم على المسجد فلا حرج عليها أما إن كانت تريد أن تدخل وتجلس فهذا لا يجوز والدليل على ذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم - أمر النساء في صلاة العيد أن يخرجن إلى مصلى العيد العواتق وذوات الخدور والحيَّض إلاَّ أنه أمر أن يعتزل الحيَّض المصلى فدل ذلك على أن الحائض لايجوز لها أن تمكث في المسجد لاستماع الخطبة أو استماع الدرس والأحاديث
أحكام تختص بالمرأة في باب الصيام(1/55)
صوم شهر رمضان واجبٌ على كل مسلمٍ ومسلمةٍ وهو أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام. قال الله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام} [البقرة: 183] .
ومعنى {كُتب} : فُرِضَ .
فإذا بلغت الفتاة سنَّ التَّكليف بظهور إحدى أمارات البلوغ عليها ومنها الحيض فإنَّه يبدأ و جوب الصَّوم في حقها .
وقد تحيض وهي في سنِّ التاسعة، وقد تجهل بعض الفتيات أنَّه يجب عليها الصِّيام حينذاك فلا تصوم ظناً منها أنَّها صغيرةٌ .
ولا يأمرها أهلها بالصِّيام وهذا تفريطٌ عظيمٌ بترك ركنٍ من أركان الإسلام .
ومن حصل منها ذلك وجب عليها قضاء الصوم الذي تركته في حين بداية الحيض بها ولو مضى على ذلك فترةٌ طويلةٌ؛ لأنه باقٍ في ذمتها.
من يجب عليه رمضان :
إذا دخل شهر رمضان وجب على كل مسلمٍ ومسلمةٍ بالغين صحيحين مقيمين صيامه، ومن كان منهما مريضاً أو مسافراً في أثناء الشهر فإنه يفطر ويقضي عدد ما أفطره من أيام أُخر.
قال الله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدةٌ من أيامٍ أُخر}البقرة:185
كما أنَّ من أدركه الشهر وهو كبيرٌ هرمٌ لا يستطيع الصيام أو مريضٌ مرضاً مزمناً لا يُرجى ارتفاعه عنه في وقتٍ من الأوقات من رجلٍ أو امرأة فإنه يفطر ويطعم عن كل يومٍ مسكيناً نصف صاع من قوت البلد.
قال الله تعالى : {وعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعام مسكين} [البقرة: 184] .
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : "هي للكبير الذي لا يُرجى برؤه" . رواه البخاري .
والمريض الذي لا يُرجى برؤ مرضه في حكم الكبير ولا قضاء عليه لعدم إمكانه. ومعنى {يطيقونه} يتجشمونه .
وتختصُّ المرأة بأعذار تُبيحُ لها الإفطار في رمضان على أن تقضي ما أفطرته بسبب تلك الأعذار من أيامٍ أخر .وهذه الأعذار هي :
1ـ الحيض والنفاس :(1/56)
يحرم على المرأة الصوم أثناءهما ويجب عليها القضاء من أيامٍ أخر.لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : "كُنا نُؤمَرُ بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" وذلك لما سألتها امرأةٌ فقالت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة. بيَّنت رضي الله عنها أن هذا من الأمور التوقيفية التي يُتبع فيها النصُّ .
حكمة ذلك :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (25/251) : "والدم الذي يخرج بالحيض فيه خروج الدم. والحائض يمكنها أن تصوم في غير أوقات الدم الذي يخرج بالحيض فيه دمها. فكان صومها في تلك الحال صوماً معتدلاً لا يخرج فيه الدم الذي يقوي البدن الذي هو مادته. وصومها في الحيض يوجب أن يخرج فيه دمها الذي هو مادتها ويوجب نقصان بدنها وضعفها وخروج صومها عن الاعتدال فأُمِرَت أن تصوم في غير أوقاتِ الحيض" . انتهى .
2ـ الحمل والإرضاع اللذان يحصل بالصيام فيهما ضررٌ على المرأة أو على طفلها أو عليهما معاً:
فإنها تُفطر في حال حملها وإرضاعها.
ثم إن كان الضرر الذي أفطرت من أجله يحصل على الطفل فقط دونها فإنها تقضي ما أفطرته وتطعم كُلّ يومٍ مسكيناً .
وإن كان الضرر عليها فإنه يكفي منها القضاء.
وذلك لدخول الحامل والمرضع في عموم قوله تعالى : {وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين} [البقرة : 184] .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (1/379) : "ومما يلتحق بهذا المعنى الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما" . انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "إن كانت الحامل تخاف على جنينها فإنها تفطر وتقضي عن كل يوم يوماً وتطعم عن كل يوم مسكيناً رطلاً من خبزٍ" . انتهى (25/318).
تنبيهات :
1ـ المستحاضة: وهي التي يأتيها دمٌ لا يصل أن يكون حيضاً ـ كما سبق ـ يجب عليها الصيام ولا يجوز لها الإفطار من أجل الاستحاضة.(1/57)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما ذكر إفطار الحائض قال : "بخلاف الاستحاضة فإن الاستحاضة تعمُّ أوقات الزمان وليس لها وقتٌ تُؤمَرُ فيه بالصوم وكان ذلك لا يمكن الاحتراز منه كذرع القيء وخروج الدم بالجراح والدمامل والاحتلام ونحو ذلك مما ليس له وقتٌ محددٌ يمكن الاحتراز منه فلم يجعل هذا منافياً للصوم كدم الحيض"انتهى (25/251)
2ـ يجب على الحائض وعلى الحامل والمرضع إذا أفطرتا قضاء ما أفطرنه فيما بين رمضان الذي أفطرن منه ورمضان القادم، والمبادرة أفضل وإذا لم يبق على رمضان القادم إلا قدر الأيام التي أفطرنها فيجب عليهن صيام القضاء حتى لا يدخل عليهم رمضان الجديد وعليهنَّ صيامٌ من رمضان الذي قبله .
فإن لم يفعلن ودخل عليهنَّ رمضان وعليهنَّ صيامٌ من رمضان الذي قبله وليس لهنَّ عذرٌ في تأخيره وجب عليهنَّ مع القضاء: إطعامُ مسكينٍ عن كُلِّ يومٍ. وإن كان لعذرٍ فليس عليهنَّ إلا القضاء، وكذلك من كان عليها قضاءٌ بسبب الإفطار لمرضٍ أو سفرٍ حكمها كحكم من أطفرت لحيضٍ على التفصيل السابق .
3ـ لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوُّعاً إذا كان زوجها حاضراً إلا بإذنه.
لما روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه".
وفي بعض الروايات عن أحمد وأبي داود : "إلا رمضان" .
أما إذا سمح لها زوجها بالصيام تطوعاً أو لم يكن حاضراً عندها أو لم يكن لها زوجٌ فإنها يُستحبُ لها أن تصوم تطوعاً، خصوصاً الأيام التي يستحب صيامها كيوم الاثنين ويوم الخميس وثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ وستة أيام من شوال وعشر ذي الحجة ويوم عرفة ويوم عاشوراء مع يوم قبله أو يوم بعده. إلا أنه لا ينبغي لها أن تصوم تطوعاً وعليها قضاءٌ من رمضان حتى تصوم القضاء . والله أعلم .(1/58)
4ـ إذا طهرت الحائض في أثناء النهار من رمضان؛ فإنها تمسك بقية يومها وتقضيه مع الأيام التي أفطرتها بالحيض .
وإمساكها بقية اليوم الذي طهرت فيه يجب عليها احتراماً للوقت. ا.هـ من كتاب أحكام تختص بالمؤمنات
جدول صائم (1)
المقصود من الجدول: الكيفية المثالية لاغتنام المسلم يوماً من رمضان حقاً كما ينبغي مستغلاً كل ساعة فيه بأداء طاعة وعبادة أو نفع متعدي للآخرين يتقرب به إلى الله تعالى راجياً بذلك الأجر والثواب .
قال ابن مسعود رضي الله عنه (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي) الوقت في حياة المسلم .
قال الإمام النخعي رحمه الله يصف يوماً من رمضان : (صوم يوم من رمضان أفضل من ألف يوم، وتسبيحة فيه أفضل من ألف تسبيحة، وركعة فيه أفضل من ألف ركعة) لطائف المعارف .
فاليوم الواحد من رمضان يعد فرصة سانحة ومجالاً واسعاً للتقرب إلى الله بأنواع من الطاعات وتنوع العبادات فيكون الأجر الأعظم والثواب أكبر .
فيا أخي المسلم : "إن استطعت ألا يسبقك أحد إلى الله في هذا الشهر فافعل" فاللهم إني أسألك خير ما في هذا اليوم من رمضان فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليماً كثيراً .
البرنامج المقترح قبل الفجر :
ـ صلاة التهجد ولو ركعتين، قال الله تعالى :{أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} .
صلاة الوتر إن لم تصلي مع الإمام في التراويح .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : (من استيقظ من الليل وأيقظ أهله فصليا ركعتين جميعاً كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه .
وكان صلة ابن أشيم يصلي الليل كله ، فإذا في الحر كان يقول : "إلهي ليس مثلي يطلب الجنة، ولكن أجرني برحمتك من النار" المتجر الرابح .
__________
(1) كتبه الشيخ / خالد بن عبدالرحمن الدرويش .(1/59)
السحور مع استشعار نية التعبد لله تعالى وتأدية السنة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (تسحروا فإن في السحور بركة) متفق عليه .
الدعاء والاستغفار حتى أذان الفجر، قال الله تعالى : (وبالأسحار هم يستغفرون) .
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح .
البرنامج المقترح بعد طلوع الفجر :
ـ أداء سنة الفجر بعد إجابة المؤذن، قال - صلى الله عليه وسلم - (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) رواه مسلم .
ـ التكبير لصلاة الصبح، قال - صلى الله عليه وسلم - : (ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً) متفق عليه .
ـ الانشغال بالدعاء أو الذكر أو قراءة القرآن حتى إقامة الصلاة، قال - صلى الله عليه وسلم - (الدعاء لا يرد بين الآذان والإقامة) رواه أحمد والترمذي وأبو داود .
ـ الجلوس في المسجد للذكر ومنه أذكار بداية اليوم إلى طلوع الشمس فقد كان - صلى الله عليه وسلم - (إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء) رواه مسلم .
ونص الفقهاء على استحباب إحياء هذا الوقت بالذكر. قال الإمام النووي رحمه الله (اعلم أن أشرف أوقات الذكر في النهار الذكر بعد صلاة الصبح) .
الأذكار للنووي وهي عادة السلف رضي الله عنهم أجمعين .
ـ صلاة ركعتين مستشعراً ثواب وأجر عمرة وحجة تامة، قال - صلى الله عليه وسلم - : (من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة) رواه الترمذي.
ـ ثم الدعاء بأن يبارك الله في يومك، قال - صلى الله عليه وسلم - : (اللهم إني أسألك خير ما في هذا اليوم فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده) رواه أبو داود
ـ استصحاب نية الخير طوال اليوم الرمضاني .
البرنامج المقترح بعد ذلك :(1/60)
1ـ النوم مع الاحتساب فيه، قال معاذ رضي الله عنه(إني احتسب في نومتي كما احتسب في قومتي).
2ـ الذهاب إلى العمل أو الدراسة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:(ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده)رواه البخاري
وقال - صلى الله عليه وسلم - : (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)
رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان
3ـ الانشغال بذكر الله تعالى طوال اليوم، قال - صلى الله عليه وسلم - : (ليس يتحسر أهل في الجنة إلا على ساعة مرت بهم ولم يذكروا الله تعالى فيها) رواه الطبراني .
4ـ صدقة اليوم، مستثمراً دعاء الملك (اللهم أعط منفقاً خلفاً) .
البرنامج المقترح بعد الظهر :
ـ إجابة المؤذن وصلاة الظهر في وقتها جماعة مع التبكير والاستعداد لها : قال ابن مسعود رضي الله عنه(إن رسول الله علمنا سنن الهدى وأن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه) رواه مسلم .
ـ أخذ قسط من الراحة مع نية صالحة ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (وإن لبدنك عليك حقاً) .
البرنامج المقترح بعد العصر :
ـ صلاة العصر مع الحرص على صلاة أربع ركعات قبلها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً) رواه أبو داود والترمذي .
ـ سماع موعظة المسجد، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان له كأجر حاج تاماً حجته) رواه الطبراني .
برنامج منوع :
1ـ الجلوس في المسجد لذكر الله أو قراءة الجزء اليومي للختمة .
2ـ الاستعداد لتنفيذ مشروع إفطار صائم للجاليات في الحي .
3ـ المطالعة الإيمانية والتربوية في كتب الرقائق وفضائل الأعمال الصالحة .
4ـ الاهتمام بشؤون المنزل والعائلة.
5ـ حضور حلقة علم .
6ـ خدمة عامة .
برنامج قبيل المغرب :(1/61)
ـ الانشغال بالدعاء قبيل الغروب ـ فردي ـ أو مع العائلة ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (ثلاثة لا ترد دعوتهم وذكر منهم الصائم حتى يفطر) أخرجه الترمذي .
برنامج بعد غروب الشمس :
ـ أداء صلاة المغرب جماعة في المسجد مع التبكير والدعاء بين الأذان والإقامة حتى تقام الصلاة .
ـ الجلوس في المسجد وقول أذكار المساء مع تأدية السنة بعد المغرب ـ والأفضل عند العودة للمنزل .
ـ الاجتماع مع الأهل على مائدة الإفطار وإدخال السرور على الأولاد (مع شكر الله تعالى على إتمام صيام ذلك اليوم على خير وتقوى) .
ـ الاستعداد لصلاة العشاء والتراويح بالوضوء والتطيب واستشعار خطوات المشي إلى المسجد .
البرنامج المقترح بعد العشاء :
ـ صلاة العشاء جماعة في المسجد .
ـ صلاة التراويح كاملة مع الإمام، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) .
ـ الجلسة العائلية: جلسة شاي ـ درس تربوي ـ نزهة .ـ زيارة رحم .
البرنامج المنوع في ليالي رمضان :
زيارة (أقارب ـ صديق ـ جار) ممارسة النشاط الدعوي الرمضاني .
مطالعة شخصية ـ مذاكرة ثنائية (أحكام ـ آداب ـ رقائق) .
درس عائلي ـ حضور مجلس الحي ـ تربية ذاتية ـ رياضة بدنية ـ زيارة الجمعيات الخيرية و الدعوية ـ نزهة عائلية ـ السمر الرمضاني الهادف ـ الاشتراك في الدورات التدريبية والمهارات الإدارية كالحاسب الآلي ـ نشاط دعوي للأقرباء والأرحام وغيرها من الأنشطة الذاتية والجماعية الهادفة .
مع الحرص على الأجواء الإيمانية واقتناص فرص الخير في هذا الشهر الكريم .
أذكار تهم الصائمين
…الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه .. وبعد :
…فالمسلم يذكر ربه على كل حال وفي كل وقت وزمان، والأدعية والأذكار عبادة لله وحده نحتسب أجرها، ونسير على هدي المصطفى في ذكرها، وهناك أدعية وأذكار مطلقة، وغيرها مقيد بزمان أو مكان أو عدد .(1/62)
…والأعمال والأذكار في رمضان خاصة تحتاج منا إلى مزيد عناية وكثير اهتمام مع النية الصادقة والاتباع الصحيح والاحتساب في كل ما نعمله أو نقوله .
…وهذه الكلمات تذكير بما ينبغي لنا الإكثار منه في هذا الشهر الفضيل والمبارك، فنقول وبالله التوفيق :
عليك أخي الصائم ، أختي الصائمة، بالمحافظة على :
ـ الأذكار عند الاستيقاظ من النوم ـ أذكار الصباح ـ أذكار دخول الخلاء ثم الخروج منه ـ الذكر عند سماع المؤذن وبعد الأذان ـ الذكر قبل الوضوء وبعده ـ أذكار الخروج من المنزل والدخول إليه ـ أذكار دخول المسجد ، الخروج منه ـ الدعاء بين الأذان والإقامة، قال - صلى الله عليه وسلم - : (الدعاء لا يُرد بين الأذان والإقامة) صحيح الترمذي 3/581 .
أذكار الصلاة :
(دعاء الاستفتاح في الركعة الأولى فقط) وهو سنة وله عدة صيغ منها : "سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" أو يقول "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني بالماء والثلج والبرد" .
(الاستعاذة قبل قراءة الفاتحة) ومن صيغها : "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" أو "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه" (في الركعة الأولى) ثم يقول : "بسم الله الرحمن الرحيم" .
(ثم يقرأ الفاتحة في كل ركعة) وهي ركن لا تصح الصلاة بدونها ـ وإذا كان لا يجيد قراءتها فيقرأ ما تيسر من القرآن فإن لم يستطع فإنه يقول "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله" ويجب عليه تَعَلّم الفاتحة .
(يقول في الركوع) "سبحان ربي العظيم" ويسن تكرارها ثلاثاً أو يقول : "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي" أو يقول "سُبُوح قدوس رب الملائكة والروح" .(1/63)
(يرفع من الركوع قائلاً) "سمع الله لمن حمده" ويقول بعد أن يستوي قائماً "ربنا لك الحمد" أو "ربنا ولك الحمد" أو "اللهم ربنا لك الحمد" أو "اللهم ربنا ولك الحمد" ويسن أن يقول بعدها "ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" . (يقول في السجود) "سبحان ربي الأعلى" يكررها ثلاثاً ويسن أن يقول : "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" أو يقول "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" ثم يدعو بما شاء" . مثل "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك" .
(ويقول بين السجدتين) "رب اغفر لي" ويسن أن يقول "رب اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واهدني واجبرني" .
(يقول في التشهد الأول) "التحيات لله والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد ألاّ إله إلاّ الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" .
(ويقول في التشهد الأخير) "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد" .
ولنحافظ على الأذكار بعد الصلاة .
ـ وقراءة القرآن الكريم، كلام الله سبحانه وتعالى، قال - صلى الله عليه وسلم - : (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول "آلم" حرف ، بل ألفٌ حرف ولامٌ حرف وميمٌ حرف) رواه الترمذي 2192 وقال حديث حسن صحيح .
ـ دعاء سجود التلاوة (سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين) صحيح الترمذي 1/180 .
(اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود) حسن صحيح الترمذي 1/180 .(1/64)
ـ الدعاء أثناء الصيام حيث أنه مستجاب قال - صلى الله عليه وسلم - : (ثلاث لا ترد دعوتهم، الصائم حين يفطر، الإمام العادل، ودعوة المظلوم) ـ حسن الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة .
قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إني صائم، إني صائم) إذا سابك أحد أو خاصمك. متفق عليه.
ـ ولا ننسى أذكار المساء .
ـ أما دعاء الصائم عند فطره : (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) . حسن صحيح سنن أبي داود2/449 .
ـ دعاء الصائم إذا أفطر عند قوم : (أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار، وتنزلت عليكم الملائكة) . رواه أحمد وصححه الألباني صحيح الجامع 4/449 .
ـ دعاء استفتاح صلاة الليل : (كان - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا قام إلى الصلاة في جوف الليل: (اللهم لك الحمدُ أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيَّام السماوات والأرض ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاءك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمتُ وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمتُ وأخرت وأسررت وأعلنت، أنت إلهي، لا إله إلا أنت) متفق عليه .
(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح صلاته إذا قام من الليل : (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)
رواه مسلم 1/534 .
دعاء القنوت : (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت ، لا منجا منك إلاّ إليك) صحيح الترمذي 1/144 .(1/65)
(اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك) صحيح ابن ماجه 1/194 .
(اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك بالكافرين مُلحق، اللهم إنا نستعينك، ونستغفرك، ونثني عليك الخير، ولا نكفرك، ونؤمن بك ونخضع لك، ونخلع من يكفرك) وهذا موقوف على عمر رضي الله عنه
الإرواء 2/171ـ824 .
ـ دعاء ليلة القدر : (اللهم إنك عفوّ تحب العفو، فاعف عني) صحيح ابن ماجه 2/328.
ـ الذكر بعد السلام من الوتر (سبحان الملك القدوس) ـ ثلاث مرات متتالية يجهر بها ويمد بها صوته ـ ويقول في الثالثة : (رب الملائكة والروح) . قيام الليل للألباني .
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
توجيهات للصائمين والصائمات(1)
أخي المسلم :
1ـ صم رمضان إيماناً واحتساباً لله تعالى ليغفر لك ما مضى من ذنوبك.
2ـ احذر أن تفطر يوماً من رمضان لغير عذر؛ فإنه من كبائر الذنوب.
3ـ قم ليالي رمضان لصلاة التراويح والتهجد ـ ولاسيما ليلة القدر منه ـ إيماناً واحتساباً ليغفر لك ما تقدم من ذنبك .
4ـ ليكن طعامك وشرابك ولباسك حلالاً؛ لتقبل أعمالك، ويستجاب دعاؤك. واحذر أن تصوم عن الحلال ثم تفطر على الحرام .
5ـ فطِّر عندك بعض الصائمين لتنال مثل أجرهم .
6ـ حافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة لتنل ثوابها ويحفظك الله بها.
7ـ أكثر من الصدقة فإن أفضل الصدقة صدقة في رمضان .
8ـ احذر أن تضيع أوقاتك بدون عمل صالح فإنك مسؤول عنها ومحاسب عليها ومجزي على ما عملت فيها .
9ـ اعتمر في رمضان فإن العمرة في رمضان تعدل حجة .
10ـ استعن على صيام النهار بالسحور في آخر جزء من الليل ما لم تخش طلوع الفجر .
__________
(1) من رسالة الصيام ــ للشيخ عبد الله بن جار الله الجار الله ــ رحمه الله ــ(1/66)
11ـ عجل الفطر بعد تحقق غروب الشمس لتنال محبة الله لك .
12ـ اغتسل من الجنابة قبل الفجر لتؤدي العبادة بطهارة ونظافة .
13ـ انتهز فرصة وجودك في رمضان واشغله بخير ما أنزل فيه؛ وهو تلاوة القرآن الكريم بتدبر وتفكر ليكون حُجة لك عند ربك وشفيعاً لك يوم القيامة .
14ـ احفظ لسانك عن الكذب واللعن والغيبة والنميمة فإنها تنقص أجر الصيام .
15ـ لا يخرجك الصيام عن حدك فتغضب لأتفه الأسباب بحجة أنك صائم بل ينبغي أن يكون الصيام سبباً في سكينة نفسك وطمأنينتها .
16ـ أخرج من صيامك بتقوى الله تعالى ومراقبته في السر والعلانية وشكر نعمه، والاستقامة على طاعته بفعل جميع الأوامر وترك جميع النواهي .
17ـ أكثر من الذكر والاستغفار وسؤال الجنة والنجاة من النار في رمضان وغيره، ولاسيما إذا كنت صائماً وعند الفطر وعند السحور، فإنها من أهم أسباب المغفرة.
18ـ أكثر من الدعاء لنفسك ولوالديك وأولادك وللمسلمين فقد أمر الله بالدعاء وتكفل بالإجابة .
19ـ تب إلى الله تعالى توبةً نصوحاً في جميع الأوقات بترك المعاصي والندم على ما سلف منها والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل فإن الله يتوب على من تاب.
20ـ صم ستّاً من شوال، فمن صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كله.
21ـ صم يوم عرفة التاسع من ذي الحجة لتفوز بتكفير ذنوب السنة الماضية والسنة الآتية.
22ـ صم يوم عاشوراء العاشر من شهر محرم مع التاسع لتفوز بتكفير ذنوب سنة.
23ـ استمر على الإيمان والتقوى والعمل الصالح بعد رمضان حتى تموت {واعبُد ربك حتّى يأتيك اليقين} .
24ـ لتظهر عليك آثار العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج؛ بالتوبة النصوح وترك العادات المخالفة للشرع .
25ـ أكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين .
اللهم اجعلنا وجميع المسلمين ممن صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباً فغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .(1/67)
اللهم اجعلنا ممن صام الشهر واستكمل الأجر وأدرك ليلة القدر وفاز بجائزة الرب تبارك وتعالى .
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا .
ربنا تقبَّل منَّا إنك أنت السميع العليم، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
من آداب العيد
.. ودعنا رمضان .. فمن أودعه خيراً وعملا صالحاً فليحمد الله , وليبشر بحسن الثواب , فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً , ومن أودعه عملاً سيئاً فليتب إلى ربه توبة نصوحاً فإن الله يتوب علي من تاب .
ومن الآداب النبوية والأحكام الشرعية في العيد ما يلي :
إخراج زكاة الفطر بعد صلاة الفجر وقبل صلاة العيد .
التكبير : الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله .. الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد .
الأكل قبل الخروج إلى صلاة العيد تمرات وتراً ثلاثاً أو خمساً .
أداء الصلاة بخشوع وحضور قلب , وكثرة ذكر .
تذكير يومك القيامة والحشر .
الاستماع للخطبة .
العودة من طريق آخر .
زيارة الأهل والأقارب وتهنئتهم بقول : " تقبل الله منا ومنكم " .
اللهم تقبل منا صيامنا وصلاتنا وزكاتنا وسائر أعمالنا ...
اللهم أجعلنا ممن صام شهر رمضان إيماناً واحتساباً وممن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ... اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم , وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً , سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
فهرس
م ... العنوان ... الصفحة
1 ... مقدمة ... 4
2 ... آيات في الصيام ... 5
3 ... أحاديث في الصيام ... 6
4 ... رمضانيات ... 8
5 ... الاعتكاف ... 16
6 ... صفة الوضوء والغسل ... 18
7 ... صفة الصلاة ... 22
8 ... أحكام الزكاة ... 31
9 ... صفة العمرة ... 36
10 ... فضل الصدقة والنفاق ... 40
11 ... رمضانيات نسائية ... 51
12 ... جدول صائم ... 80(1/68)
13 ... أذكار تهم الصائمين ... 86
14 ... توجيهات للصائمين والصائمات ... 91
15 ... من آداب العيد ... 94(1/69)