رسالة في
العالم الرباني
ولوازم العلم
تأليف : تركي بن سعد البواردي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي علّم بالقلم .. علّم الإنسان ما لم يعلم .. والصلاة والسلام على أشرف الخلق وخاتم النبيين وآله وصحبه الطيبين الطاهرين..أما بعد :
•• قال الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجرّي رحمه الله :
" فإنّ الله عزّ وجلّ وتقدّست أسماؤه .. اختصّ من خلقه من أحبّ فهداهم للإيمان .. ثم اختصّ من سائر المؤمنين من أحبّ فتفضّل عليهم فعلّمهم الكتاب والحكمة وفقّههم في الدين.. وعلّمهم التأويل .. وفضّلهم على سائر المؤمنين.. وذلك في كل زمان وأوان .. رفعهم بالعلم .. وزيّنهم بالحلم .. بهم يُعرفُ الحلال من الحرام .. والحقّ من الباطل .. والضّارُّ من النافع .. والحسن من القبيح .. فضْلُهم عظيم ..وخَطَرُهم جزيل.. ورثة الأنبياء .. وقرّة عين الأولياء .. الحيتان في البحار لهم تستغفر .. والملائكة بأجنحتها لهم تخضع .. والعلماء يوم القيامة بعد الأنبياء تشفع .. مجالسهم تفيد الحكمة .. وبأعمالهم ينزجرُ أهل الغفلة .. هم أفضل من العُبّاد .. وأعلى درجة من الزّهاد .. حياتهم غنيمة .. وموتهم مصيبة ..يذكّرون الغافل .. ويعلّمون الجاهل .. لا يُتوقّعُ لهم بائقة .. ولا يُخاف منهم غائلة .. بحسن تأديبهم يتنازع المطيعون .. وبجميل موعظتهم يرجع المقصّرون ..جميع الخلق إلى علمهم محتاج .. والصحيح على من خالف بقولهم محجاج .. الطاعة لهم من جميع الخلق واجبة .. والمعصيةُ لهم محرّمة .. من أطاعهم رشد ..ومن عصاهم عَنَد .. هم سراجُ العباد .. ومنارُ البلاد .. وقِوامُ الأمّة .. وينابيع الحكمة .. هم غيظُ الشيطان .. بهم تحيا قلوب أهل الحقّ .. وتموت قلوب أهل الزيغ .. مثلُهم في الأرض كمثل النجوم في السماء .. يُهتدى بها في ظلمات البرّ والبحر .. إذا انطمست النجوم تحيّروا .. وإذا أسفر عنها الظلام أبْصروا " ا.ه(1/1)
إنّ هذا الثناء ومن قبله قوله تعالى { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( العلماء ورثة الأنبياء ) ليس عاما لجميع العلماء .. إنما هو خاص بفئة منهم .. وهو ما تقرأه في كلام المترجمين والمؤرخين رحمهم الله .. وإلقاء نظرة على كتب التراجم – كالسير والتهذيب -وكتب الطبقات – طبقات المفسرين .. طبقات المحدثين ..طبقات القرّاء – تجعلك تدرك يقينا معنى قولنا السابق .. وتشعرك بوجود فوارق بين علماء كل طبقة .. وكذلك استئثار عدد قليل منهم بالإمامة والعلم .
وعند البحث عن تلك الفوارق وأسباب ذلك الاستئثار يتضح لديك أن الإلمام بالعلوم الشرعية ليس هو الفارق الرئيسي .. وعليه فلا تكاد تظفر باتفاق الناس - على اختلاف مذاهبهم - على إمامة عالم في عصر من العصور إلا على القليل جدا .
وقبل الشروع في المراد نذكر الداعي إلى التأليف :
•• حال العلماء وطلاب العلم :
- إذا أردت أن تعرف عظمة أمّة فانظر إلى حال علماءها .. وإنك لتأسف وتتألم عندما تشاهد حال البعض من علمائنا وطلاب العلم وتعيش واقعهم .. وحالهم يختصر ذكره في أمور :
1- وراثة العلم وترك العمل .
2- تجاهل حقيقة وجودهم .
3- زرع الفتنة في مجتمعهم وبين أنفسهم من غير قصد أحياناً كثيرة .
4- تصنيف الناس .
5- سوء الظن والشك في الآخر والتخويف منه .
6- انشغالهم بصغائر الأمور وتضخيمها .
7- التسابق للفتيا .
8- الشغف بشواذ المسائل .
9- بيع العلم وشراء الشهرة .(1/2)
* وهذا الكلام يحمل على الغالب كما قلنا .. لوجود من يُستثنى .. وهم فئة العلماء الربانيين .. وقد ذكر وصفهم الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله بقوله " فإذا استكمل هذه المراتب الأربع ( العلم والعمل والدعوة والصبر ) صار من الربّانيين .. فإن السلف مجمعون على أنّ العالم لا يستحق أن يسمّى ربّانيا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلّمه ..فمن علِم وعمِل وعلّم فذلك يُدعى عظيما في ملكوت السماء"
ولما كان للعالم الرباني منزلته في بلده .. كان طلاب العلم والجمهور من العامة يتسابقون لتقييد أو حفظ كل كلمة ينطق بها .. أو أي عمل يعمله والاقتداء به . وهذا الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه – وقصته في فتنة القول بخلق القرآن معلومة – كان يسعه ما وسع غيره .. سواء كان ذلك بالسكوت وعدم الإنكار أو موافقتهم فيما ذهبوا إليه .. ولكن ربانيته أبت عليه أن يبطل أصلا من أصول التوحيد لهوى أو دنيا أو خوف وعلمه أيضا أن لكلامه أثر في نفوس الناس وربما اقتدى به البعض وكان سببا في ثبات من ضلّ على ضلاله..ولهذا كان الإمام أحمد رضي الله عنه رجل مرحلة واستحقّ أن يلقب بسيّد العلماء وكبيرهم.
وإننا أحوج ما نكون في زماننا هذا إلى العلماء الربانيين الذين حصّنوا أنفسهم من أن يصل إليهم الفساد المعنوي والحسي !! .
والربانية هي موضوع هذا الكتاب .. ومردّها إلى أمرين لا سبيل إلى تحقيقها إلا بهما.
حقيقة العلم .. و حقيقة الطلب .
وهما موضوع مبحثنا الأول :
أولا : حقيقة العلم :
- كان العلم يُطلبُ للآخرة فطلب للدنيا فمحيت بركته .
وهذا هو الفارق الأول بين العالم الرباني وغيره.
قال الصحابي ابن عباس رضي الله عنهما لو أنّ حملة العلم أخذوه بحقّه وما ينبغي لأحبّهم الله وملائكته والصالحون ولها بهم الناس .
فالسلف رحمهم الله ما كانوا يطلبون العلم لذاته بل لشيء أكبر .
قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله إنما يطلب الحديث ليُتْقى به الله عزّوجل .(1/3)
قال الإمام الحسن البصري رحمه الله في تفسير قوله تعالى ( ولكن كونوا ربانيين ) قال أهل عبادة وتقوى .
- كان العلم عبادة فأصبح عادة فزال أثره .
ولهذا نقول لا يغرّنك كثرة الحاملين للعلم ولكن انظر إلى أثر العلم فيهم .
وهذا هو الفارق الثاني .
قالت امرأة للإمام الشعبي رحمه الله أيها العالم أفتني.. فقال إنما العالم من خاف الله عزّوجل.
قال الإمام مسروق رحمه الله بحسب امرئ من العلم أن يخشى الله .. وبحسب امرئ من الجهل أن يعجب بعلمه .
قال الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله قال لي عبدالله بن المبارك .. أكثركم علما ينبغي أن يكون أكثركم خوفا .
قال الإمام مالك بن دينار رحمه الله من تعلّم العلم للعمل كسره .. ومن تعلّمه لغير العمل زاده فخرا .
قال الإمام الحسن البصري رحمه الله الذي يفوق الناس في العلم جدير أن يفوقهم في العمل.
قال الإمام عبدالأعلى التيمي رحمه الله من أُوتي من العلم ما لا يُبكيه فخليق أن لا يكون أوتي علما ينفعه .. لأن الله عزوجل نعت العلماء وقرأ { قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إنّ الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون للإذقان سجدا 0 ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا 0 ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا } .
قال الإمام الحسن البصري رحمه الله كان طالب العلم يُرى أثر ذلك في سمعه وبصره وتخشعه .
وإن من لوازم أثر العلم على حامله عنايته بعمل القلب ويظهر ذلك بـ :
1- معاملة الله .
2- الصدع بالحق .
3- عدم الجرأة على الفتيا .
4- تعلّم وتعليم العلم النافع .
5- جمع الناس على كلمة الحق .
6- صيانة العلم .
ثانيا : حقيقة الطلب :
ومرادنا معرفة أصوله .. ولا يتم ذلك إلا عن طريق معرفة كيف أحسن السلف رحمهم الله أخذ العلم ( الطلب ) .. وذلك بأمور :
1- أخذ العلم عن العالم الربّاني وهجر غيره :
قال الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه إنّ هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .(1/4)
ولهذا حذّر السلف رحمهم الله من أخذ العلم عن العالم الفاجر وعالم الدنيا .
فقال الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله إنّما هما عالمان = عالم دنيا وعالم آخرة .. فعالم الدنيا علمه منشور وعالم الآخرة علمه مستور .. فاتبعوا عالم الآخرة واحذروا عالم الدنيا لا يصدّنكم بشكره .. ثم تلا هذه الآية { وإنّ كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدّون عن سبيل الله } .
قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله تعوّذوا بالله من فتنة العالم الفاجر .
ولهذا نقول إن من أسوأ نكبات الدهر وأرزائه أن تبتلى أمة بفتنة عالم .
2- العبادة :
قال تعالى { يا أيها المزمل0 قم الليل إلا قليلا 0 نصفه أو انقص منه قليلا 0 أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا 0 إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا } .
قال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله إذا كان نهاري نهار سفيه وليلي ليل جاهل فما أصنع بالعلم الذي كتبت .
ولذلك إذا رأيت طالب علم يتعلّل بترك نوافل العبادات مع القدرة عليها بقول الإمامين الشافعي وابن حنبل رضي الله عنهما بأن طلب العلم أفضل من نوافل العبادات فاغسل يديك من فلاحه .. لأن حالهم مع النوافل يبين مرادهم فتنبّه!! .
قال الإمام الأوزاعي رحمه الله كان يقال ويل للمتفقهين لغير العبادة والمستحلين الحرمات بالشبهات .
3- ملازمة المروءة :
وهي آداب نفسانية تحمل صاحبها على التحلّي بمحاسن الأخلاق وجميل العادات المتعارف عليها عند أهل هذا الشأن .
قال الإمام ابن وهب رحمه الله سمعت مالكا يقول إنّ حقا على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية وأن يكون متبعا لآثار من مضت قبله .
4- تعلّم الهدي والسمت والأدب :
قال الإمام ابن وهب رحمه الله ما تعلمت من أدَبِ مالك أفضل من علمه .
قال الإمام ابراهيم النخعي رحمه الله كنّا نأتي مسروقا فنتعلّم من هديه ودله .(1/5)
• ولما تجاهل طلاب العلم أصوله لم يفلح منهم سوى نزر يسير .. قال الإمام شعيب بن حرب رحمه الله كنّا نطلب الحديث أربعة آلاف فما أنجب منّا إلا أربعة .. وقيل للإمام الأعمش رحمه الله : يا أبا محمد قد أحييت العلم بكثرة من يأخذ عنك ..فقال لا تعجب
..فإن ثُلُثا يموتون قبل أن يدركوا وثُلُثا يلزمون السلطان فهم شرٌ من الموتى ومن الثُلُث الثالث قليل من يفلح .
( لماذا الحاجة إلى العالم الرباني :
1- لأنه يحمل الكتاب والسنة معه .. يعيشهما في حياته وفي أمته .
2- لأنه يؤم الناس خارج المسجد في جميع مجالات الحياة وميادينها ومساحاتها الأخرى.
3- لأنه لا يفصل في واقع حياته واهتماماته ونشاطاته ولسان حاله بين الدين وشؤون الحياة الأخرى .
4- لأنه العالم الذي يقرأ الناس فيه تصرفات الرجل الوقور ذي الحكمة والرزانة.
5- لأنه الذي يحي بين الناس التفسير الأخلاقي للدين الصحيح .
6- لأنه الذي يعيد ثقة الناس بحملة الدين ورموز الإسلام .
7- لأنه الذي يعيد ربط الوشائج بين الشباب ورموزهم العلمية .
فيا طالب العلم إذا يسّر الله لكَ وأدركت عالما ربّانيّاً فسارع إليه والزم عتبة داره!!
فإن أخشى ما أخشاه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعا .. إنما يقبض العلماء ) وقوله ( إنّ الله لا ينزع العلم من الناس بعد أن يؤتيهم إياه .. ولكنه يذهب بالعلماء .. فكلما ذهب بعالم ذهب بما معه من العلم ) رواهما البخاري في صحيحه.
قال الصحابي ابن عباس رضي الله عنهما لما مات شيخه الصحابي زيد بن ثابت رضي الله عنه : " من سرّه أن ينظرَ كيف ذهاب العلم فهكذا ذهابه " .
" فموت العالم نجمٌ طُمس ..موت العالم كسرٌ لا ينجبر ..وثُلمةٌ لا تُسد "
( المبحث الثاني :(1/6)
وهذا المبحث هو التطبيق العملي لهذه الرسالة .. وهو أن نتعرف على سلسلة واحدة فقط من العلماء الربانيين من عصر النبي صلى الله عليه وسلم وحتى عصرنا الحاضر .. والتي تبيّن لنا أثر ربّانية العالم في طلّابه ..واكتسابهم لحقيقة العلم من شيوخهم .. وأن طلّاب العلم في السابق كانوا أشدّ حرصاً في انتقاء من يأخذون عنهم أمر دينهم .. وأن العلم لا يصلُحُ إلا لأهله .. وأن لطلب العلم لوازم لا ينفك عنها – المبحث الثالث – وهذه اللوازم تتبعناها في سير كبار العلماء الراسخين في العلم .. وهي من المتفق عليها عندهم .. وهذه السلسة الربانية مختصرة جدا سواء في ذكر العلماء أو بعضا من تراجمهم.. ولم نتكلف فيها بل جاءت مما هو متاح بين أيدينا..ويلاحظ ذلك في تنوّع العلماء وبلدانهم .. وإذا رأيت أو قرأت أو سمعت أنّ عالماً في زماننا يجتمع في حلقته العشرات من طلاب العلم ولا ترى لهم نفعاً أو أثراً .. فاعلم أن ذلك عائد لأمرين لا ثالث لهما إمّا لأن العالم ليس ربّانيّاً أو أن طلبة العلم زهدوا في تلك اللوازم وأعرضوا عنها لما رأوه من ثقلها على نفوسهم وحرمناها لهم من متع الحياة ولذائذها .
00 السلسة الربانية :
نبي الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم
(
يروي عنه الصحابي أنس بن مالك .
وهو أنس بن مالك بن النضر الأنصاري أبو حمزة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه رضي الله عنه .. قال أبو هريرة رضي الله عنه ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أمّ سُليم يعني أنساً .. وقال ابن سيرين كان أنس أحسن
الناس صلاة في السفر والحضر .. وعن ثمامة بن عبدالله قال كان أنس يصلي فيطيل القيام حتى تفطّر قدماه دماً .. وعن ثابت البناني قال كنت مع أنس فجاء قهرُمانُهُ فقال يا أبا حمزة(1/7)
عطِشتْ أرضنا قال فقام فتوضأ وخرج إلى البريّة فصلى ركعتين ثم دعا فرأيت السحاب يلتئم قال ثم مطرت حتى ملأت كل شيء فلما سكن المطر بعث أنس بعض أهله فقال
أنظر أين بلغت السماء فنظر فلم تَعْدُ أرضه إلا يسيرا ً وذلك في الصيف .. قال قتادة لما مات أنس بن مالك قال مورّق ذهب اليوم نصف العلم .
ويروي عن أنس عدد من التابعين :
( ( ( ( (
ربيعة الزهري محمد بن قتادة بن يحى ابن
الرأي المنكدر دعامة أبي كثير
( 1 ) ربيعة بن أبي عبدالرحمن واسمه فرّوخ القرشي التيمي ويقال أبو عبدالرحمن المدني المعروف بربيعة الرأي .. قال ابن حنبل والنسائي وأبو حاتم والعجلي ثقة .. وقال يعقوب ابن أبي شيبة ثقة ثبت أحد مفتي المدينة .. وقال مصعب الزبيري وكان قد أدرك بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والأكابر من التابعين وكان صاحب الفتوى بالمدينة وكان يجلس إليه وجوه الناس بالمدينة وكان يحصى في مجلسه أربعون مُعتماً .. وقال يحى بن سعيد ما رأيت أحداً أفطن من ربيعة .. وقال الليث قال لي عبيدالله بن عمر في ربيعة هو
صاحب معضلاتنا وعالمُنا وأفضلنا .. وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم مكث ربيعة دهْراً طويلا عابداً يصلي الليل والنهار صاحب عبادة .. وقال سوار العنبري ما رأيت أعلم من ربيعة الرأي قيل ولا الحسن وابن سيرين فقال ولا الحسن وابن سيرين .. وقال الحافظ
أبوبكر بن ثابت كان ربيعة فقيها عالما حافظا للفقه والحديث .. وقال مالك بن أنس ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة بن أبي عبدالرحمن .(1/8)
( 2 ) محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أبو بكر المدني .. قال ابن المديني له نحو ألفي حديث .. وقال أبو بكر بن منجويه رأى عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان من أحفظ أهل زمانه وأحسنهم سياقا لمتون الأخبار وكان فقيها فاضلا .. وقال محمد بن سعد كان الزهري ثقة كثير الحديث والعلم والرواية فقيها جامعا .. وقال عبدالرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال كنا نكتب الحلال والحرام وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس .. وقال الزهري ما استعدتُ حديثا قطّ ولا شككتُ في حديث إلا حديثاً واحدا فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت .. وقال عمرو بن دينار ما رأيت أحداً الدّينار والدرهم أهون عليه ما كانت عنده إلا بمنزلة البَعْر .. قال الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة قلت لعراك بن مالك من أفقه أهل المدينة فقال أمّا أعلمهم بقضايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضايا أبو بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقها وأعلمهم بما مضى من أمر الناس فسعيد بن المسيّب وأمّا أغزرهم حديثا فعروة بن الزبير ولا تشأ أن تفجّر من عبيدالله بن عبدالله بحراً إلا فجّرته قال عراك وأعلمهم جميعا عندي محمد بن شهاب لأنه جمع علمهم إلى علمه .. وقال مالك بن أنس إنّ هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم لقد أدركنا في هذا المسجد سبعين وأشار إلى مسجد رسول الله ممن يقول قال فلان قال رسول الله فما أخذت عنهم شيئا وإن أحدهم لو ائتمن على بيت مال لكان به أمينا لأنهم لم
يكونوا من أهل هذا الشأن ويقْدم علينا محمد بن مسلم بن شهاب الزهري وهو شابٌ فنزدحم على بابه .. قال ابن حجر فقيه حافظ متفق على جلالته وإتقانه وثبته .(1/9)
( 3 ) محمد بن المنكدر بن عبدالله القرشي التيمي أبو عبدالله .. قال محمد بن سعد كان ثقة ورعاً عابداً قليل الحديث .. قال سفيان بن عيينة كان من معادن الصدق ويجتمع إليه الصالحون ولم يُدرك أحداً أجدر أن يقبل الناس منه إذا قال قال رسول الله منه .
وقال الحميدي كان حافظا .. وقال ابن معين وأبو حاتم ثقة .. وقال العجلي مدني تابعي ثقة رجل صالح .. وقال يعقوب بن شيبة صحيح الحديث جداً .. وقال ابن المنذر غاية في الحفظ والإتقان .. وقال ابن حبان كان من سادات القرّاء لا يتمالك البُكاء إذا قرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
( 4 ) قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري وكان أكمه .. قال عبدالرزاق سمعت معمراً يحدّث عن قتادة انه أقام عند سعيد بن المسيب ثمانية أيام فقال له في اليوم الثامن ارتحل يا أعمى فقد انزفتني .. قال عمرو بن عبدالله لما قدم قتادة على سعيد بن المسيب فجعل يسأله أيّاما وأكثر فقال له سعيد أكلّ ما سألتني عنه تحفظه قال نعم سألتك عن كذا فقلت فيه كذا وسألتك عن كذا فقلت فيه كذا وقال فيه الحسن كذا حتى ردّ عليه حديثا كثيراً فقال سعيد ما كنتُ أظن أنّ الله خلق مثلك .. وقال بكر بن عبدالله المزني من سرّه أن ينظر إلى أحفظ من أدركنا في زمانه وأجدر أن يؤدي الحديث كما سمعه فلينظر إلى قتادة .. وقال ابن سيرين هو أحفظ الناس .. وقال الورّاق كان قتادة إذا سمع الحديث يختطفه اختطافا وكان إذا سمع الحديث يأخذه العويلُ والزّويلُ حتى يحفظه ..قال الورّاق ما زال قتادة متعلّما حتى مات .. وقال أبوعوانة قال قتادة ما أفتيتُ برأيي منذ
ثلاثين سنة .. وقال معمر عن قتادة من طلب العلم جملة ذهب منه جملة إنما كنا نطلب العلم حديثا أو حديثين .. قال أبو حاتم سمعت أحمد بن حنبل وذُكر قتادة فأطنب في ذكره فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير وغير ذلك وجعل يقول عالم(1/10)
بتفسير القرآن وباختلاف العلماء....ووصفه بالحفظ والفقه فقال قلّ ما تجد من يتقدّمه .. وقال ابن حنبل أيضا كان سليمان التيمي وأيوب يحتاجون إلى حفظه ويسألونه وكان من العلماء ..وقال ابن معين ثقة وقال ابن سعد كان ثقة مأمونا حجّة في الحديث .. وقال ابن أبي
حاتم كان قتادة بارع العلم نسيج وحده في الحفظ في زمانه لا يتقدّمه كبير أحد .. وقال ابن حبان كان من علماء الناس بالقرآن والفقه .
( 5 ) يحي بن أبي كثير الطائي مولاهم ..قال أيوب السختياني ما بقي على وجه الأرض مثل يحى بن أبي كثير .. وقال شعبة يحى أحسن حديثا من الزهري .. وقال ابن حنبل من أثبت الناس فإذا خالفه الزهري فالقول قول يحى .. وقال العجلي ثقة كان يُعدُّ من أصحاب الحديث .. وقال أبوحاتم إمام لا يحدّث إلا عن ثقة .. وقال ابن حبان كان من العُبّاد إذا حضر جنازة لم يتعشّ تلك الليلة ولا يقدر أحد من أهله يُكلّمه .. وقال يحى بن شعبة أقام يحى بن أبي كثير بالمدينة عشر سنين لا أعلمه إلا قال في طلب العلم .
( ربيعة الزهري ابن المنكدر ( ربيعة الرأي
الرأي
( ( ( (
ويروي عنهم الإمام مالك بن أنس ويروي عنه الإمام
عبدالله ابن المبارك
( ربيعة الزهري ابن المنكدر قتادة ابن أبي كثير
( ( ( ( (
ويروي عنهم الإمام الأوزاعي(1/11)
( 1 ) مالك بن أنس الأصبحي أبو عبدالله المدني إمام دار الهجرة ..قال سفيان بن عيينة كان مالك إماماً في الحديث .. وكان عبدالرحمن بن مهدي لا يُقدّم على مالك أحداً .. وكان وكيع بن الجراح إذا أراد أن يحدّث عن مالك قال حدثني الثبت حدثني الثبتُ .. وقال الإمام أحمد مالك أثبت في كل شيء .. وقال الشافعي إذا جاء الأثر فمالك النجم ..وقال ابن سعد كان مالك ثقة مأمونا ثبتاً ورعا فقيها عالما حجّة .. وقال ابن أبي حاتم مالك نقيّ الرجال نقي الحديث .. وقال ابن حبان كان لا يروي إلا ماصح ولا يحدّث إلا عن ثقة مع الفقه في الدين والفضل والنّسك .. وقال الشافعي مالك حجة الله تعالى على خلقه بعد التابعين ..وقال ابن حجر إمام دار الهجرة رأس المتقنين وكبير المتثبتين .
( 2 ) عبدالله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي أبو عبدالرحمن المروزي أحد الأئمة الأعلام وحفاظ الإسلام .. قال أبو أسامة ما رأيت أطلب للعلم من ابن المبارك الشامات ومصر واليمن والحجاز .. وقال ابن مهدي ما رأيت مثل ابن المبارك .. وقال ابن حنبل كان من رواة العلم رجلا صاحب حديث حافظا .. وقال الحسن بن عيسى اجتمع جماعة من أصحاب ابن المبارك فقالوا تعالوا حتى نعُدّ خصال ابن المبارك من أبواب الخير فقالوا جمع العلم والفقه والأدب والنحو واللغة والشعر والفصاحة والزّهد والورع والإنصاف وقيام الليل والعبادة والحجّ والغزو والشجاعة وترك الكلام فيما لا يعنيه ..وقال محمد بن علي عن أبيه كان ينفق على الفقراء في كل سنة مئة ألف درهم .. وقال يحى بن معين ابن المبارك سيّد من سادات المسلمين وقال أشعث بن شعبة قدم هارون الرشيد أمير المؤمنين الرّقة
فانجفل الناس خلف ابن المبارك وتقطّعت النعال وارتفعت الغبرة فأشرفت أمّ ولدٍ لأمير المؤمنين من بُرج من قصر الخشب فلما رأت الناس قالت ما هذا قالوا عالمٌ من أهل(1/12)
خراسان قدِم الرّقة يقال له عبدالله ابن المبارك فقالت هذا والله الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشُرطٍ وأعوان ..وقال سفيان بن عيينة عندما بلغه نعي ابن المبارك رحمه الله لقد كان فقيها عالما عابدا زاهدا سخيّا شجاعا شاعرا .
( 3 ) عبدالرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي إمام أهل الشام في زمانه في الحديث والفقه .. قال أبوحاتم إمام مُتّبعٌ لما سمع .. وقال أمية بن يزيد الأوزاعي جمع العبادة والورع وقول الحق .. وقال ابن سعد كان ثقة مأمونا صدوقا فاضلا خيّرا كثير الحديث والعلم والفقه ..وقال مالك كان الأوزاعي إماما يُقتدى به .. وقال عبدالحميد سمعت أميرا كان بالساحل وقد دفنّا الاوزاعي ونحن عند القبر يقول : رحمك الله أبا عمرو فقد كنت أخافك أكثر ممن ولّاني .
( مالك ( الأوزاعي
( ( ( ( (
الشافعي عبدالله وكيع بن عيسى بن ابن المبارك
القعنبي الجراح يونس
( 1 ) الإمام محمد بن إدريس بن العباس أبو عبدالله الشافعي المكي إمام عصره وفريدُ دهره حجة الإسلام وكبير العلماء .. قال أحمد بن حنبل هذا الذي ترون كلّه أو عامّته من
الشافعي وما بتّ منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعوا الله للشافعي وأستغفر له .. قال الشافعي حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين والموطأ وأنا ابن عشر سنين .. وقال الربيع بن سليمان(1/13)
كان الشافعي يختم في كل ليلة ختمة فإذا كان شهر رمضان ختم كل ليلة منها ختمة وفي كل يوم ختمة فكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة .. وقال بحر بن نصر كنّا إذا أردنا أن نبكي قلنا بعضنا لبعض قوموا بنا إلى هذا الفتى المطّلبي يقرأ القرآن من حسن صوته .. وقال الربيع كان الشافعي يفتي وله خمسة عشر سنة وكان يُحْي الليل إلى أن مات .. قال ابن مهدي كان الشافعي شاباً مُفْهماً .. وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل قلت لأبي يا أبت أيّ رجل كان الشافعي فإني سمعتك تُكْثِرُ من الدعاء له فقال يابُني كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للناس فانظر هل لهذين من خلف أو منهما عوض .. وقال أبو ثور كان محمد بن إدريس الشافعي منقطع القرين في حياته فما مضى لسبيله لم يُعْتض منه .. وقال الحميدي الشافعي سيّد الفقهاء .
( 2 ) عبدالله بن مسلمة القعنبي الحارثي أبو عبدالرحمن المدني .. قال ابن سعد كان عابدا فاضلا قرأ على مالك بن أنس كُتُبَهُ .. وقال العجلي ثقة رجل صالح قرأ مالك عليه نصف الموطأ وقرأ هو على مالك النصف الباقي .. وقال أبو زرعة ما كتبتُ عن أجلّ في عيني منه .. وقال أبو حاتم ثقة حجة لم أر أخشع منه .. وقال ابن معين ثقة مأمون لا يسأل عنه .. وقال ابن حجر ثقة عابد .
( 3 ) وكيع بن الجرّاح بن مليح الرّؤاسي أو سفيان الكوفي .. قال ابن حنبل ما رأيت أوعى للعلم من وكيع ولا أحفظ من وكيع مارأيته شكّ في حديث إلا يوماً واحدا كان حافظا
حافظا .. وقال ابن حنبل إنّ وكيعا لم يتلطّخ بالسلطان وما رأيت أحداً أوعى للعلم ولا أشبه بأهل النُّسك من وكيع .. وقال ابن حنبل ما رأيت رجلا قطّ مثل وكيع في العلم مع(1/14)
خشوعٍ وورعٍ ولا يتكلّم في أحد .. وقال ابن حنبل كان وكيع إمام المسلمين في وقته .. وقال ابن معين ما رأيت أفضل من وكيع قيل له ولا بن المبارك قال كان لابن المبارك فضل ولكن ما رأيت أفضل من وكيع كان يستقبل القبلة ويحفظ حديثه ويقوم الليل ويسرد الصوم .. وقال يحي بن معين إنما كانت الرحلة إلى وكيع في زمانه .. وقال يحى بن يمان نظر سفيان إلى عيني وكيع فقال ترون هذا الرؤاسي لا يموت حتى يكون له شأن .. وقال الشاذكوني عن أبي نعيم قال لنا يوما ونحن عنده ما دام هذا التنّين يعني وكيعا حيّاً ما يفلحُ أحدٌ معه .. وقال صالح بن سفيان لما قدم وكيع مكة انجفل الناس إليه وحجّ تلك السنة غيرُ واحد من العلماء وكان ممن قدم عبدالرزاق قال فخرج ونظر إلى مجلسه فلم ير أحداً قال فاغتمّ لأجل ذلك وجعل يدخل ويخرج حتى رأى رجلاً فقال ما للناس فقال قدم وكيع بن الجراح قال فحمدالله وقال ظننت أنهم تركوا حديثي قال وأمّا أبو أسامة فخرج فلم ير أحداً في مجلسه فقال أين الناس فقالوا قدم وكيع بن الجراح فقال هذا التنّين لا يقعُ في مكان إلا أحرق ما حوله .. قال أبو هشام الرفاعي وكان يجتمع لعبيدالله بن موسى في المسحد الحرام ناسٌ كثير فقلتُ كثر الزبون كثر الزبون فدخلت الطواف فطفت أسبوعا واحدا فخرجت فإذا عبيدالله بن موسى وحده قاعدٌ وإذا رجل خلف الأسطوانة الحمراء قاعدٌ يحدّث وقد اجتمع عليه زحام مثل ما على عبيدالله وزيادة فاطّلعت فإذا وكيع بن الجراح فقلت لعبيدالله ما فعل الناس أين زبونك قال قدم التّنّين فأخذهم قدم وكيع بن الجراح تركوني وحدي .. وسأل علي بن خشرم وكيعا عن أدوية الحفظ فقال إن علمتك الدّواء استعملته قلتُ أي والله قال تركّ المعاصي ما جرّبت مثله للحفظ .. وقال هارون بن الحمّال ما رأيت أخشع من كيع .. وقال يحى ابن أكثم القاضي يقول صحبت وكيعا في الحضر والسفر فكان يصوم الدّهر ويختم(1/15)
القرآن كل ليلة .. وقال يحى بن أيوب المقابري حدّثني بعض أصحاب وكيع الذين كانوا يلزمونه كان لا ينام يعني وكيعا حتى يقرأ جزءه في كل ليلة ثُلُث القرآن ثم يقوم آخر الليل
فيقرأ المفصل ثم يجلس فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر فيصلي ركعتين .. وقال ابن سعد كان ثقة مأمونا عاليا رفيعا كثير الحديث حجة .
( 3 ) عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي .. قال أحمد بن حنبل وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة والنسائي ثقة .. وقال علي بن المديني ثقة مأمون .. وقال العجلي كوفي ثقة وكان ثبتا في الحديث .. وقال وكيع عيسى بن يونس رجلٌ قهر العلم .. وكان إذا أقبل عيسى بن يونس نظر الأعمش ومعه الشباب والشيوخ إلى هديه وسمته .. وكان عفيفا ورِعا مجاهدا .
( وكيع : الشافعي ( وكيع : ابن المبارك ( ابن المبارك : عيسى
( ( ( ( ( (
يروي عنهم الإمام يروي عنهم أبو بكر يروي عنهم علي
أحمد بن حنبل بن أبي شيبة بن حُجْر
( 1 ) الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني أبو عبدالله المروزي البغدادي الإمام الحجة أمير المؤمنين في الحديث إمام أهل السنة وقامع البدعة العالم الزاهد الورع .. قال ابن معين ما رأيت خير من أحمد بن حنبل قطّ طلب الحديث وهو ابن ستة عشر سنة .. قال وكيع وحفص بن غياث ما قدم الكوفة مثل ذاك الفتى يعنيان أحمد بن حنبل..وقال ابن معين ما رأيت مثله فقها وورعاً .. وقال يحى القطان أحمد بن حنبل حبرٌ
من أحبار هذه الأمّة .. وقال الشافعي خرجت من بغداد وما خلّفت بها أفقه ولا أزهد ولا أورع ولا أعْلَمَ من أحمد بن حنبل .. وقال قتبة بن سعيد أحمد بن حنبل إمام الدنيا ..قال(1/16)
محمد بن إسحاق لولا أحمد بن حنبل وبذْل نفسه لِما بذلها له لذهب الإسلام ..وقال أبوعبيد القاسم بن سلام لستُ أعلمُ في الإسلام مثلهُ .. وقال الحارث بن عباس قلت لأبي مسهر هل تعرف أحداً يحفظ على هذه الأمة أمر دينها قال لا أعلمه إلا شاب في ناحية المشرق يعني أحمد بن حنبل ..وقال أبو عبدالله البينوني قلت لبشر بن الحارث ألا صنعت كما صنع أحمد بن حنبل فقال تريد مني مرتبة النبيّين لا يقوى بدني على هذا حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه ومن فوقه ومن أسفل منه وعن يمينه وعن شماله .. وقال عبدالله بن أحمد كان أبي يصلّي في كل يوم وليلة ثلاث مئة ركعة فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته فكان يصلّي في كل يوم وليلة مئة وخمسين ركعة وقد كان قرب من الثمانين وكان يقرأ في كل يوم سُبْعاً يختم في كل سبعة أيام وكان ساعة يصلّي العشاء الآخرة ثم ينامُ نوْمه خفيفة ثم يقوم إلى الصباح يصلّي ويدْعو .. ولمّا توفّي أحمد بن حنبل نظروا كم صلى عليه فكانوا ألف ألف وثمانين ألفاً .
( 2 ) عبدالله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي أبو بكر بن أبي شيبة .. قال ابن حبان كان متْقناً حافظاً ديّناً ممن كتب وجمع وصنّف وكان أحفظ أهل زمانه .. وقال الدارقطني حافظ .. وقال أبو حاتم والعجلي ثقة وكان حافظاً للحديث .. وقال الذهبي أبو بكر ممن قفز القنطرة وإليه المنتهى في الثقة .. وقال ابن حجر ثقة حافظ صاحب تصانيف .
( 3 ) علي بن حُجْر بن إياس بن مقاتل السعدي أبو الحسن المروزي .. كان متيقّظاً حافظا ثقة مأموناً فاضلاً صالحاً .. قال النسائي ثقة .. كان من أوعية العلم .
( أحمد : القعنبي : ابن أبي شيبة : ابن حُجْر
( ( ( (
ويروي عنهم الإمامين البخاري ومسلم
(الشافعي
( (
المزي الربيع
( ( (
ابن الطحاوي
خزيمة
( (
الإسماعيلي أبو القاسم الطبراني
( (
البرقاني أبونعيم(1/17)
( 1 ) الإمام المحدّث الحافظ المتقن الحجّة الفقيه عمدة الحفاظ وإمام المحدّثين محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو عبدالله البخاري صاحب الصحيح .. لم يُر مثله في الحفظ والإتقان ولم ير هو مثل نفسه .. قال أبو إسحاق السُّرماري من أراد أن ينظر إلى فقيهٍ بحقه وصدقه
فلينظرإلى محمد بن إسماعيل ولمّا دخل البخاري البصرة قال بُندار اليوم دخل سيّ الفقهاء .. وقال الحسين بن الحريث لا أعلم أنّي رأيت مثله كأنه لم يخلق إلا للحديث .. وقال عمرو بن علي الفلاس حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث ..وقال يعقوب الدورقي محمد
بن إسماعيل فقيه هذه الأمة وقال حاتم الكِسّي محمد بن إسماعيل آية من آيات الله في بصره ونفاذه من العلم ..وقال أبوعبدالله الحاكم البخاري إمام أهل الحديث وقال ابن خزيمة ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ له من محمد بن إسماعيل .. وقال الترمذي لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل .. قال البخاري أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أنّي اغتبت أحداً .. وكان يصلّي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة ..وقال سليم بن مجاهد ما رأيت بعيني منذ ستين سنة أفقه ولا أورع ولا أزهد في الدنيا منه .. وقال السمرقندي كان لمحمد بن إسماعيل ثلاث خصال كان قليل الكلام وكان لايطمع فيما عند الناس وكان لا يشتغِلُ بأمور الناس كلُّ شغله في العلم .
( 2 ) الإمام الكبير الحافظ المجوّد الحجّة الصادق أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري صاحب الصحيح .. وقال ابن أببي حاتم كان ثقة من الحفّاظ .. وكان من أوعية العلم .. له براعة في سرد طرق الأحاديث والأسانيد .. كل ذلك مع ورع وزهد وعبادة .(1/18)
( 3 ) المزي الإمام العلامة فقيه الملة عَلَم الزّهاد أبو إبراهيم إسماعيل بن يحى بن إسماعيل بن عمرو بن مسلم المزي المصري تلميذ الشافعي وكان زاهدا عالماً مجتهداً مناظراً محْجاجاً غوّاصاً على المعاني الدقيقة .. قال الشافعي المزي ناصر مذهبي .. وكان المزي إذا فرغ من
تبييض مسالة وأودعها مختصرة صلى لله ركعتين .. قال عمرو بن عثمان المكي ما رأيت أحداً من المتعبّدين في كثرة من لقيتُ منهم أشدّ اجتهادا من المزني ولا أدوم على العبادة منه وما
رأيت أحداً أشدّ تعظيماً للعلم وأهله منه وكان من أشدّ الناس تضييقاً على نفسه في الورع .. وكان يقول عن نفسه أنا خُلُقٌ من أخلاق الشافعي .. وكان مُجاب الدعوة ذا زهدٍ وتألّه .
( 4 ) الربيع بن سليمان بن عبدالجبار بن كامل .. الإمام المحدّث الفقيه الكبير بقيّة الإعلام أبو محمد المرادي مولاهم المصري المؤذن صاحب الشافعي وناقل علمه وشيخ المؤذنين بجامع الفسطاط ومستملي مشايخ وقته طال عمره واشتهر اسمه وازدحم عليه أصحاب الحديث ونعم الشيخ كان أفنى عمره في العلم ونشره .. وروي عن الشافعي أنه قال للربيع لو أمكنني أن أطعمك العلم لأطعمتك .
( 5 ) ابن خزيمة محمد بن إسحاق بن خزيمة الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام إمام الأئمة أبو بكر السلمي النيسابوري الشافعي صاحب التصانيف كان لا يدّخر شيئاً جهده بل ينفقه على أهل العلم .. قال أبو علي الحافظ كان ابن خزيمة يحفظ الفقهيات من حديثه كما يحفظ القارئ السورة ..وقال أبو حاتم بن حبان ما رأيت على وجه الأرض من يحفظ صناعة السنن ويحفظ ألفاظها الصّحاح وزياداتها حتى كأن السنن كلها بين عينيه إلا محمد بن إسحاق بن خزيمة فقط .. وقال الدارقطني كان ابن خزيمة إماماً ثبتاً معدوم النظير وكان جهبذاً بصيراً بالرّجال وله عظمة في النفوس وجلالة في القلوب لعلمه ودينه واتباعه السنة .(1/19)
( 6 ) الطحاوي الإمام العلامة الحافظ الكبير محدّث الديار المصرية وفقيهها أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي المصري الطحاوي الحنفي صاحب التصانيف كان ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلاً لم يخلّف مثله .
( 7 ) الإسماعيلي الإمام الحافظ الحجّة الفقيه شيخ الإسلام أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني الإسماعيلي الشافعي صاحب الصحيح وشيخ الشافعية كان إماماً في
الفقه والحديث عالماً عاملا بعلمه جليل القدر حسن الصيت واحد عصره وشيخ المحدّثين والفقهاء وأجلّهم في الرئاسة والمروءة والسخاء ولا خلاف بين العلماء من الفريقين وعقلائهم على أبي بكر .
( 8 ) البرقاني الإمام العلامة الفقيه الحافظ الثبت شيخ الفقهاء والمحدّثين أبوبكر أحمد بن محمد بن أحمد الخوارزمي ثم البرقاني الشافعي صاحب التصانيف .. كان ثقة حافظا ورِعاً ثبتاً فهِماً عارفاً بالفقه له حظّ من علم العربية كثير الحديث .. كان حريصا على العلم منصرف الهمة إليه لم يُرَ أكثر عبادة منه ولم يقطع التصنيف إلى حيث وفاته ومات وهو يجمع حديث مِسْعر .
( 9 ) الطبراني هو الإمام الحافظ الثقة الرّحّال الجوّال محدّث الإسلام علمُ المعمّرين أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الشامي الطبراني صاحب المعاجم الثلاثة ارتحل ولقي الرّجال ستة عشر عاماً وكتب عمن أقبل وأدبر وبرع في هذا الشأن وجمع وصنّف وعمّر دهراً طويلاً وازدحم عليه المحدّثون ورحلوا إليه من الأقطار .
( 10 ) أبونعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد بن مهران الإمام الحافظ الثقة العلامة شيخ الإسلام أبو نعيم المهْراني الأصبهاني الصوفي الأحول الزاهد الورِع .. صاحب الحلية كان حافظاً مبرّزاً عالي الإسناد تفرّد في الدنيا بشيء كثير من العوالي وهاجر إلى لُقيّه الحفّاظ .. بقي أربع عشرة سنة بلا نظير .
( أحمد بن حنبل
(
البغوي
(
الدارقطني
(
الإسفراييني(1/20)
( 1 ) البغوي عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز ابن المرزبان بن سابور بن شاسنشاه الحافظ الإمام الحجّة المعمّر مسند العصر أبو القاسم البغوي الأصل البغدادي الدار والمولد .. كان ثقة مطلقا جبل إمام من الأئمة عابد تقيٌ .
( 2 ) الدارقطني الإمام الحافظ المجوّد شيخ الإسلام علم الجهابذة أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الشافعي المقرئ المحدّث من أهل محلّة دار القطن ببغداد .. كان من بحور العلم ومن أئمة الدنيا انتهى إليه الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله مع التقدّم في القراءات وطُرُقها وقوة المشاركة في الفقه والاختلاف والمغازي وأيّام الناس وغير ذلك ..
وكان واحد عصره بلا منازع في الحفظ والفهم والورع مع الصدق والثقة وصحة الاعتقاد وباختصار هو فريد عصره وقريع دهره ونسيج وحده وإمام وقته .
( 3 ) الإسفراييني الأستاذ العلامة شيخ الإسلام أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفراييني الثقة شيخ الشافعية ببغداد .. انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد ..وطبّق الأرض بالأصحاب وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقه .
( البرقاني : أبو نعيم : الإسفراييني
(
ويروي عنهم الحافظ أبو بكر الخطيب
( ( (
الهمذاني أبوالقاسم ابن الأكفاني
النسيب
( ( (
ويروي عنهم الإمام ابن عساكر
( (
القاسم بن علي : فخر الدين بن عساكر
( (
الإمام العز بن عبدالسلام
( 1 ) الخطيب الإمام الأوحد العلامة المفتي الحافظ الناقد محدّث الوقت أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي صاحب التصانيف وخاتمة الحفّاظ .. كتب الكثير وتقدّم في هذا الشأن وبذّ الأقران وجمع وصنّف وصحّح وعلّل وجرّح وعدّل وأرّخ وأوضح وصار أحفظ(1/21)
أهل عصره على الإطلاق .. كان من كبار الشافعية ..وكان من آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفة وحفظاً وإتقاناً وضبطاً لحديث رسول الله وتفنّناً في علله وأسانيده وعلماً بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ومطروحه .. وكان مهيباً وقوراً ثقة متحرّياً حجّة .. وكان ورِعاً عفيف النفس متواضعاً كريماً عاملاً بعلمه تالياً لكتاب الله .
( 2 ) يوسف بن أيوب بن يوسف بن حسين بن وهرة الإمام العالم الفقيه القدوة العارف التّقي شيخ الإسلام أبو يعقوب الهمذاني الصوفي شيخ مرو .
( 3 ) أبو القاسم النسيب علي بن إبراهيم بن العباس يرجع نسبه إلى جعفر الصادق سيّد الهاشميين محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الشهيد سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه .. كان صدْراً معظّماً وسيّداً محتشماً وثقةً مكْثراً محدّثاً ونبيلاً مُمدّحاً من أهل السنة والجماعة والأثر والرواية .. كلُّ أحدٍ يُثني عليه .
( 4 ) ابن الأكفاني الشيخ الإمام المُفنّن المحدّث الأمين مفيدُ الشام أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد بن هبة الله بن علي بن فارس الأنصاري الدمشقي المُعدّل المعروف بابن الأكفاني .. كان ثقة ثبتاً متيقّظاً معْنياً بالحديث وجمعه ..حافظ مكثر كان تاريخ الشام وكتب الكثير .
( 5 ) ابن عساكر الإمام العلامة الحافظ الكبير المجوّد محدّث الشام ثقة الدين أبو القاسم الدمشقي الشافعي صاحب تاريخ دمشق .. هو علي بن الشيخ أبي محمد الحسن بن هبة
الله بن عبدالله بن الحسين .. كان ورِعا زاهداً عابداً معظّماً وقوراً .. كان مواظبا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن يختم كل جمعة ويختم في رمضان كل يوم كان كثير النوافل والأذكار.(1/22)
( 6 ) القاسم الإمام المحدّث الحافظ العالم الرئيس بهاء الدين أبومحمد القاسم بن الحافظ الكبير محدّث العصر ثقة الدين بن أبي القاسم علي بن الحسن الدمشقي الشافعي المعروف بابن عساكر سمع من أبيه ثلاثة آلاف جزء .
( 7 ) فخر الدين الشيخ الإمام العالم القدوة المفتي شيخ الشافعية فخر الدين أبو منصور عبدالرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبدالله الدمشقي الشافعي .. لا يملُّ الشخص من النظر إليه لِحُسْنِ سمته ونور وجهه ولطْفه واقتصاده في ملبسه .. كان لايفْتُرُ من الذكر .. وكان زاهداً ورِعاً منقطعاً إلى العلم والعبادة .. حسن الأخلاق قليل الرغبة في الدنيا .
( 8 ) الشيخ الإمام العلامة الفقيه المجتهد حجة الإسلام وشيخ الإسلام عز الدين أبومحمد عبدالعزيز بن عبدالسلام بن أبي القاسم بن حسن السلمي الدمشقي الشافعي صاحب التصانيف .. برع في العربية والأصول وبلغ رتبة الاجتهاد وتخرّج به الأصحاب وانتهت إليه معرفة المذهب مع الذكاء المفرط وسعة المعرفة وفقه النفس والعبادة والنّسك والقول بالحق .. حدّث ودرّس وأفتى وصنّف وكان عَلَمَ عصره في العلم جامعاً لفنون متعدّدة مضافاً إلى ما جُبِلً عليه من ترك التكلّف والصلابة في الدين .
( العز بن عبدالسلام
(
ابن دقيق العيد
( ( (
الذهبي ابن سيد المزي
الناس (
( ابن كثير
ابن الملقن ( (
( ابن أبي الجزري
ابن حجر العز الحنفي
( (
زكريا السخاوي
الأنصاري
( 1 ) ابن دقيق العيد الإمام العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري المنفلوطي المصري المالكي والشافعي أحد الأئمة الأعلام وقاضي القضاة .. قيل فيه الكثير ومن ذلك : كان إماما متفنّناً محدّثاً مجوّداً محرّراً فقيهاً مدقّقاً أصولياً(1/23)
مدركاً أديباً نحوياً ذكياً غوّاصاً على المعاني وافر العقل كثير السكينة تام الورع مديماً للسهر مكبّاً على المطالعة والجمع قلّ أن ترى العيون مثله وكان سمحاً جواداً زكيّ النفس نزر الحديث عديم الدعاوى له اليد الطولى في الفروع والأصول وبصير بعلل المنقول والمعقول
تخرّج به أئمة وكان لا يسلك المراء في بحثه بل يتكلّم بسكينة كلمات يسيرة فلا يُرادّ ولا يراجع .. ومما قيل فيه أيضاً : كان ممن فاق بالعلم والزهد عارفاً بالمذهبين إماماً في الأصلين حافظاً في الحديث وعلومه يُضربُ به المثل في ذلك وكان آية في الإتقان والتحرّي شديد الخوف دائم الذكر لا ينام الليل إلاقليلا يقطعه بمطالعة وذكر وتهجّد وأوقاته كلها معمورة صنّف كُتُباً جليلة أقرّ له الموافق والمخالف وعظّمه الملوك حتى إن السلطان كان ينزل له عن سريره ويقبّل يده وكان صحيح الاعتقاد قويّاً في ذات الله وكان للعلوم جامعا وفي فنونها بارعا مقدّماً في معرفة الحديث على أقرانه شديد النظر بأذكى ألمعيّة وأزكى لوذعية لا يُشقّ له غبار ولا يُجرى معه في مضمار حسن الاستنباط مبرّزاً في العلوم العقلية والنقلية فكان من العلوم بحيث يُقضى له في كل علم بالجميع ولم يزل حافظاً للسانه مقبِلاً على شأنه وقف نفسه على العلم وقصرها ولو شاء العادّ أن يحصُر كلماته لحصرها وله تخلّق وبكرامات الصالحين تحقق وبمقامات العارفين تعلّق .
( 2 ) الذهبي الإمام العلامة الشيخ الحافظ الكبير مؤرخ الإسلام وشيخ المحدّثين واحد عصره وإمام زمانه خاتمة النّقاد شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان التركماني الأصل الفارقي ثم الدمشقي الشافعي..بصرٌ لا نظير له وكنزٌ هو الملجأ إذا نزلت المعضلة إمام الوجود حفظاً وذهبُ العصر معنى ولفظاً وشيخ الجرح والتعديل ورجل الرجال في كل سبيل كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد فنظرها ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها فقيه النفس له دراية بأقوال الناس .(1/24)
( 3 ) المُزّي الإمام العالم المُقدّمُ الحافظ شيخ المحدّثين وناقد الأسانيد جمال الدين أبو الحجّاج يوسف ابن الزكي عبدالرحمن بن يوسف المزي الشافعي ..فاق من تأخّر من أقرانه ومن تقدّم بحر العلم الزاخر وحبرَه.. القائل من رآه : كم ترك الأول للآخر صاحب
المعضلات وموضح المشكلات حامل راية السنة والجماعة والقائم بأعباء هذه الصّناعة والمتدرّع جلباب الطاعة إمام الحفّاظ كلمةً لا يجحدونها وشهادةً على أنفسهم يؤدّونها واحد عصره بالإجماع وشيخ زمانه الذي تُصغي لما يقوله الأسماع .
( 4 ) ابن سيّد الناس الإمام العلامة الحافظ المحدّث المفيد الأديب البارع المتقن فتح الدين أبو الفتح محمد بن الإمام الحجة أبي عمرو محمد بن حافظ المغرب أبي بكر محمد بن أحمد بن عبدالله ابن سيّد الناس الأندلسي اليعمري المصري الشافعي .. أحد الأعلام الحفّاظ إماماً في الحديث ناقداً في الفنّ خبيراً بالرجال والعلل والأسانيد عالماً بالصحيح والسقيم حسن التصنيف صحيح المعتقد متفنّنا في البلاغة حجّة فيما ينقله مستحضراً السيرة له معرفة بالاختلاف ويدٌ طولى في علم اللسان كتب وخرّج وصنّف وعلّل وفرّع وأصّل .
( 5 ) ابن الملقّن الإمام العالم الكبير الحافظ المحدّث المجوّد شيخ العلماء وكبير الفقهاء عمدة المصنّفين سراج الدين عمر بن علي بن أحمد أبو حفص الأنصاري الأندلسي التكريري الأصل ثم المصري الشافعي .. واسع الإطلاع غزير العلم في الحديث وعلومه والفقه وأصوله والنحو وغيرها من الفنون مع عبادة وورع .
( 6 ) ابن حجر الإمام العلامة المحدّث الحافظ البحر الحبر الفقيه العابد الزاهد التّقيّ الورع قاضي القضاة ومفتي الأنام كبير المحدثين وخاتمة الحفّاظ .. شهاب الدين أبوالفضل أحمد بن(1/25)
علي بن محمد بن حجر الكناني العسقلاني المصري القاهري الشافعي جمع وصنف شيئاً كثيراً ودرّس وأفتى .. بورك في وقته وعلمه .. كان إماماً في الحديث وفقهه وأسانيده وعلله وزياداته مع عبادة وتقوى قلّ أن تجد له نظير .
( 7 ) زكريا الأنصاري شيخ الإسلام فخر الدين علامة المحققين وفهامة المدققين ولسان المتكلمين وسيّد الفقهاء والمحدّثين النحرير سيبويه زمانه زين الدين أبويحى زكريا الأنصاري السنيكي المصري الأزهري الشافعي .. حافظ زمانه وإمام عصره في الحديث والفقه والنحو والأصول شيخ فقهاء الشافعية .. المجتهد العابد الزاهد القائل بالحق .
( 8 ) السّخاوي الإمام العالم المحدّث الحافظ العمدة الرّحالة شمس الدين أبوالخير محمد بن عبدالرحمن بن محمد السخاوي القاهري الشافعي .. واحد عصره في العلم والدين رحل وجاب الآفاق والتقى بأئمة العصر فقرأ وسمع وأجيز واعتنى بحديث سيّد المرسلين واشتهر بذلك في العالمين على طريقة أهل الدين والتقوى فبلغ فيه الغاية القصوى .
( 9 ) ابن كثير الإمام الحافظ المحدّث المؤرّخ الفقيه المفسّر أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي .. أفتى ودرس وناظر وبرع في الفقه والتفسير والنحو وأمعن النظر في الرجال والعلل .. لازم الاشتغال ودأب وحصل وكتب ..إمام روى التسبيح والتهليل وزعيم أرباب التأويل اشتهر بالضبط والتحرير وحدّث فأفاد وسارت تصانيفه إلى جميع البلاد .. انتهت إليه رياسة علم التاريخ والحديث والتفسير مع عبادة عارف وزهد عالم .. يحي ليله بالصلاة والقرآن والذكر ودعاء الرحمن وانكباب على الدرس والتحصيل .
( 10 ) ابن أبي العز الحنفي الإمام العالم الفقيه صدر الدين أبوالحسن عليٌ بن علاء الدين علي بن شمس الدين أبي عبدالله محمد الأذرعي الأصل الدمشقي الصالحي الحنفي المعروف(1/26)
بابن أبي العز .. شيخ فقهاء الحنفيه العَلَم المتقن المتفنّن الذكي الجامع لأصناف العلوم مع تقوى لله وعبادة ..تولى الخطابة والتدريس والقضاء .
( 11 ) ابن الجزري شيخ القرّاء والمحدّثين وإمام أهل الأداء والمجوّدين شيخ الدنيا في القراءات والتجويد من عصره إلى عصرنا العلامة الحافظ الفقيه محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري شمس الدين أبو الخير الدمشقي الشافعي .. حفظ القرآن وأفرد القراءات وعمره خمس عشرة سنة وجمعها وعمره سبعة عشر عاما.. انتفع به خلق كثير من زمانه إلى زماننا مع صدق وإخلاص وهمة وطاعة وتألّه .
( زكريا الأنصاري
(
الرملي
(
اللقاني
(
الشبراملسي
(
البصري
( 1 ) الرملي الإمام المحقق الكبير الفقيه المفتي شيخ الشافعية شمس الدين محمد بن أحمد بن حمزة الرملي المنوفي المصري المشهور بالشافعي الصغير ..كان ديّنا حافظاً لجوارحه .. ورِعاً حسن الخلق كريم النفس مكبّا على طلب العلم والعبادة .. متقناً حافظاّ ذكيّاً دقيق الفهم غزير العلم وأصبح مرجع الفتوى في المذهب الشافعي .
( 2 ) اللقاني الشيخ العلامة المحدث الفقيه الفاضل برهان الدين ابراهيم بن ابرهيم بن حسن بن علي بن عبدالقدوس اللقاني ..كان أحد الأئمة الأعلام المشار إليهم بسعة الاطلاع في علم الحديث رواية ودراية والتبحر في الكلام وكان قوي النفس عظيم الهيبة صرف وقته بين الدرس والإفادة والعبادة .(1/27)
( 3 ) الشبراملسي الإمام العالم المحدّث الفقيه نور الدين أبو الضياء علي بن علي الشبراملسي القاهري الشافعي .. خاتمة المحققين محرر العلوم النقلية والعقلية وعلم أهل زمانه لم يأت مثله في دقة النظر وجودة الفهم واستخراج الأحكام من عبارات العلماء .. حسن التأنّي واللطف والحلم والإنصاف ولم يُعهد أنه أساء إلى أحد من الطلبة ولا بكلمة واحدة وكان مجلسه مصانا من الغيبة وذكر الناس بالسوء .. وجميع أوقاته معروفة في الخير إما مطالعة وإما تدريسا وإما تقريرا وإما سماعا للقرآن لم يعهد مفارقته للخيرات المذكورة في حالة من الحالات ووقت من الأوقات ليلا أو نهارا إلا حالة دخوله بيت الخلاء أو حالة النوم متخلّياً عن الناس مطلقاً في سائر الأحوال لا يهمّه إلا شأنه الذي هو فيه .. وكان ذكيّاً قوي الحفظ .
( 4 ) البصري الإمام العالم التّقي عمدة الحققين وخاتمة المحدّثين إمام عصره الجامع في علم الحديث بين الرواية والدراية بحر البحور مسند الحجاز مصحّح الكتب الستة وجامع المسند الشيخ جمال الدين عبدالله بن سالم بن محمد البصري أصلا المكي مولدا ومدفناً والشافعي مذهباً .. ومما قيل فيه علم الإسناد وملحق الأحفاد بالأجداد الحجّة الرحلة الثبت المفيد شارح الصحيح أمير المؤمنين في الحديث إمام الحرمين وضياء المسجدين طار صيته في الآفاق وانعقد على فضله الوفاق وبلغ من التحقيق إلى أكمل غاية .
( عبدالله بن سالم البصري
(
السندي
(
شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب
(
عبدالرحمن بن حسن
(
عبداللطيف بن عبدالرحمن
(
عبدالله بن عبداللطيف
( 1 ) السندي الإمام العلامة المحدّث العالم الفاضل الزاهد التقي الورع حامل لواء السنة في المدينة النبوية الشيخ محمد بن حياة بن ابراهيم السندي المدني الحنفي .(1/28)
( 2 ) شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب التميمي المجدد الإمام الكبير العالم الفهامة المحقق المدقق ..علم العلماء وكبير الفقهاء البحر الحبر المبارك في دعوته .. كان صاحب خلق وعبادة مع تألّه .. كثير النوافل صرف وقته للعلم تصنيفا وتدريسا .. له هيبة في النفوس شديد التواضع .
( 3 ) الشيخ العالم الحافظ الفقيه الأصولي المجاهد عبدالرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام شيخ الحنابلة .. كان تقيّاً زاهدا عابداً مجاهدا في سبيل الله لا يخاف في الله لومة لائم .
( 4 ) الشيخ الإمام علم الهداة الأعلام البحر الفهامة والفاضل العلامة الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام .
( 5 ) الإمام العالم الزاهد التقي الشيخ عبدالله بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن شيخ المشايخ كبير العلماء الحافظ مع ذكاء وفطنة وسعة علم مع عبادة .. شديد الخوف من الله قوي النفس له هيبة في قلوب الناس .
( سعد بن حمد بن عتيق
( (
عبدالرحمن محمد بن
بن قاسم ابراهيم آل الشيخ
( ( (
ابن جبرين ابن باز ابن جبرين
( ( (
ابن بكر عبدالكريم
عثيمين أبوزيد الخضير(1/29)
( 1 )ابن عتيق الإمام العلامة الحافظ الحبْرُ البحْرُ الفهّامة الثقة المحدّث المجتهد المفتي المدرّس الورع الزاهد التّقيّ النّقيّ سعد بن حمد بن علي بن عتيق النجدي الحنبلي السلفي بدرُ زمانه وسعْدُ أوانه برع حتى أدرك من العلوم حظاً وافراً وفاق أهل زمانه محصولا وسمق حتى كان حجّة حافظا وكان كامل العقل شديد التّثبّت حسن السمت حسن الخُلُق له اليد الطولى في الأصول والفروع تامّ المعرفة في الحديث ورجاله وكان من العلماء العاملين واشتهر ذكره في العالمين وأثنت عليه ألسُنُ الناطقين ولو تتبّعنا مناقبه وفضائله لطال .. أوقع الله محبّته في القلوب وأمدّه بسعة العلم وكان كثير الدعاء والابتهال له حزب من الليل لا يتركه متواضعا عند العامة مرتفعا عند الملوك مجالسه معمورة بالعلماء مشحونة بالفقهاء والمحدّثين مشتغلا بنفسه وبتعليم الناس تجرّد للعبادة في آخر حياته ولازم المسجد .
( 2 ) ابن قاسم الشيخ الإمام العلامة العامل المحقق المدقق المجتهد المتفنن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن قاسم آل عاصم القحطاني ..كان رحمه متواضعا مستكيناً لربّه دمث
الأخلاق لا يحب المظهر ولا الشهرة سخيّاً لين العريكة حلو الشمائل وصولا للرحم مستقيما في دينه وخلقه وكانت عنده غيرة على حرمات الله وكان إماما في الورع ومضرب المثل في الزهد حفظ وجمع وكتب وصنّف ودرّس وبارك الله في تصانيفه حتى بلغت الآفاق ولو لم يكن منها عند طالب العلم سوى الفتاوى والحاشية لأغنته عن غيرها من الكتب .(1/30)
( 3 ) ابن جبرين الشيخ العالم الفقيه البحر الحبر العلامة عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن جبرين .. كان نابغاّ ذكيّاً محبّاً للعلم وأهله منذ أن كان صغيراً.. مباركاً ذا خلق عظيم مع تواضع للصغير والكبير .. فطر الله الناس على حبّه ورزقه الحكمة .. صاحب تألّه وعبادة زاهدا ورِعا عفيف النفس شديد الخوف من الله يقول الحق ولا يخاف في الله لومة لائم.. صرف أوقاته في التدريس وتعليم الناس الخير والدعوة إلى الله وكان مع كبر سنّه لا يملّ ولا يكلّ ..ظهرت بركته بين الناس وطلاب العلم ونحسب ذلك والله حسيبه لإخلاصه وصدقه .
( 4 ) الشيخ العلامة والإمام الفهامة محدث الفقهاء وفقيه المحدثين كبير العلماء الأصولي مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام .. رزقه الله حافظة نادرة مع ذكاء وفراسة .. مخلصا في عمله طاهر القلب كثير التبتل إلى الله مع عبادة وتألّه .. وافر العلم و العقل تامّ الحكمة .
( 5 ) الإمام العلامة القدوة المحدث الفقيه الزاهد الورع التقي النقي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن باز .. رزق الشيخ قوة في الحفظ مع ذكاء وفهم دقيق .. حسن الخلق رقيق القلب حليما كريما كثير التعبد لله في الليل والنهار .. صرف وقته في خدمة الناس من طلاب علم وعامة .. يصدع بالحق لا يماري ولا يداهن في دين الله .. له هيبة في النفوس .. وهو آية في التواضع وحسن المعاشرة وعلو الهمة وصدق العزيمة مع عزة في النفس وإباء في الطبع .(1/31)
( 6 ) ابن عثيمين الإمام العلامة الفقيه المحقق المدقق الأصولي المفسر النحوي الورع الزاهد التقي العابد بقيّة السلف الصالح.. إمام وحده لم يُر مثله ولم ير هو مثل نفسه ..الشيخ محمد بن صالح بن محمد بن سليمان آل عثيمين .. كان الشيخ راسخ العلم ذا تأصيل علمي وملكة عظيمة في معرفة الدليل واتباعه واستنباط الأحكام والفوائد من الكتاب والسنة .. جمع بين العلم والعمل .. رزق القبول عند الناس وأقبل طلاب العلم عليه من كل مكان وطارت كتبه وفتاويه إلى الآفاق وانتفع به المسلون .. بارك الله في علمه فحفظه في صدور طلابه ومريديه .
( 7 ) شيخ العلماء بلْه بليغ الأدباء العالم الكامل والأديب الفاضل بليغ نجد وأديبها وحارس حياض العقيدة ورياضها شيخ العلوم الدينية وابن بجدة الأحاديث النبوية وقاضي الأحكام الفقهية وخرّيت المسائل النازلة العصرية فإليه الغاية وعنده النهاية .. الشيخ بكر بن عبدالله أبوزيد بن محمد بن عبدالله بن غيهب .. البحر الزاخر بالنقليات والحبر المتلفّع بالعقليات فريد عصره الإمام الهُمام بلا مدافع والفاضل المُناضل بلا منازع .. كان قوّالاً بالحق أمّاراً
بالمعروف ونهّاء عن المنكر وتبّاعاً للسنن وأقوال الصحابة قفّاءً لآثار السلف أُولي الإنابة .. يتوقّد ذكاء ويتلألأ زكاءً مع زهد وورع وخوف ورغبة ورهبة وعبادة .
( 8 ) الشيخ العالم العامل المحدّث الفقيه المفسر الأصولي النحوي وحيد عصره وإمام زمانه .. الشيخ عبدالكريم بن عبدالله بن عبدالرحمن الخضير .. خاتمة المحدثين وكبير الفقهاء لم يُر منذ زمن طويل مثله في سعة العلم وغزارته وقوة الحفظ وكثرة المطالعة .. دقيق الفهم مع ذكاء .. يأتيك في كل فن بالعجب العجاب .. كل ذلك مع إخلاص وصدق وهمة وعزيمة وعبادة وورع وزهد وتألّه .
ولا يُفهمُ من ذكري لبعض العلماء أنّ من لم يُذكر ليس ربّانيّاً .. بل الهدف أن الكتاب لا يستوعب جميعهم فانقينا من سبق والله أعلم .(1/32)
(المبحث الثالث :
* لوازم طلب العلم :
1- استحضار عظمة العلم الشرعي وإجلاله .
2- الاهتمام بالغاية من الطلب : قال الإمام حمّاد بن سلمة رحمه الله : " من طلب الحديث لغير الله مُكِرَ به " وما أكثر من مُكِرَ به في زماننا .. فزهد الناس فيه وهان في أعينهم !!.
3- القراءة : •أن يعتقد في قراءته رفع الجهل عن نفسه وأنها من طلب العلم .
•أن تكون قراءته تأصيلية : قراءة درس وضبط وتحصيل .
القراءة السريعة وتنمية الاستيعاب .
تكرار قراءة الكتب الأصلية .
الاعتناء بكتب المتقدّمين .
تدوين الفوائد .
كتابة الحواشي .
التأمل والتفكير أثناء القراءة وبعدها.
4- الشغف بالعلم : قال أبو العباس المبرّد ما رأيت أحرص على العلم من ثلاثة – وذكر منهم الجاحظ – فقال فأما الجاحظ فإنّه كان إذا وقع بيده كتاب قرأه من أوله إلى آخره .. أيّ كتاب كان حتى إنّه كان يكتري دكاكين الورّاقين ويبيت فيها للنظر في الكتب.
5- تقييد العلم : وهي فوائد ونكت علمية وبحوث استفادها طالب العلم من شيوخه وقراءاته .. قال أبو سعد السمان من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام .. وقال علي ابن المديني انتهى علم الناس إلى يحى بن معين ..وقال عبدالخالق بن منصور قلت
لعبدالله بن الرومي سمعت بعض أصحاب الحديث يحدّث بأحاديث يحى بن معين ويقول حدثني من لم تطلع الشمس على أكبر منه .. فقال ابن الرومي وما تعجب ؟ سمعت علي بن المديني يقول ما رأيتُ في الناس مثله ..وما نعلم أحدا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحى بن معين ..قال محمد بن نصر المروزي سمعت يحى بن معين يقول كتبت بيدي ألف ألف حديث.(1/33)
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمة المحدث ابن شاهين : هو الحافظ الإمام المفيد المكثر محدّث العراق صاحب التصانيف .. صنّف شيئا كثيرا .. قال أبو الحسين بن المهتدي بالله قال لنا ابن شاهين صنّفت ثلاث مئة مصنّف وثلاثين مصنّفا منها التفسير الكبير ألف جزء ومنا المسند ألف وثلاث مئة جزء والتاريخ مئة وخمسون جزءا والزهد مئة جزء .
قال الموفق عبداللطيف كان ابن الجوزي لا يضيع من زمانه شيئا .. يكتب في اليوم أربعة كراريس ويرتفع له كل سنة من كتابته ما بين خمسين مجلدا إلى ستين .
6- الرحلة في الطلب ( المدارس والدورات العلمية خارج مدينته ) :
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله قيل لأحمد بن حنبل رجلٌ يطلب العلم يلزمُ رجلاً عنده علمٌ كثيرٌ أو يرحل ؟ قال يرحل يكتب عن علماء الأمصار .. فيُشامُّ الناس ويتعلّم منهم .
وقال ابن معين أربعة لا تؤنس منهم رشدا وذكر منهم رجلاً يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث .
قال مكحول الشامي أُعتقتُ بمصر فلم أدعْ علما إلا حويته فيما أُرى .. ثم أتيتُ العراق فلم أدعْ بها علما إلا حويته فيما أُرى .. ثم أتيتُ المدينة فكذلك .. ثم أتيتُ الشام فغربلتُها .. كلُّ ذلك أسأل عن النّفل .وقال الحافظ يعقوب بن سفيان كتبت عن ألفي شيخ وكسر .. كُلُّهم ثقات .. وأقمت في الرحلة ثلاثين سنة .
قال ابن المؤمل ما بقي بلد لم يدخله الفضل الشّعْراني في طلب الحديث إلا الأندلس.
وهل يُظنُّ أن أحداً من أولئك العلماء أتونا بذلك العلم بذهابهم مرة في كل أسبوع لحضور درس ما بين العشائين !!
7- الإنفاق على طلب العلم :
قال الإمام الفقيه المجتهد محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة ترك لي أبي ثلاثين ألف درهم .. فأنفقت خمسة عشر ألفا على النحو والشعر وخمسة عشر ألفا على الحديث والفقه.(1/34)
قال ابن وضّاح أنفق ابن القاسم في سفرته إلى مالك ألف مثقال وقال الذهبي بلغنا عن ابن القاسم قال خرجت إلى الحجاز اثنتي عشرة مرة أنفقت في كل مرة ألف دينار .
قال حمدان بن هانئ سمعت خلف بن هشام يقول أشكل عليّ باب في النحو فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حذقته .
ولهذا يقول الإمام مالك بن أنس لا يُنال هذا الأمر – يعني العلم – حتى يُذاق فيه طعم الفقر .
فإذا رأيت طالب علم ينفقُ على هندامه وهيئته وملهياته أضعاف ما ينفق على العلم وشراء الكتب فلا ترجوا منه خيرا !!
8- لا استكبار في طلب العلم :
قال الفارسي لقد سمعت الشيخ أبا الحسن عليّ بن فضّال بن علي المجاشعي القيرواني النحوي القادم علينا سنة تسع وستين وأربع مئة وقد قبِلَهُ الإمام فخرُ الإسلام إمام الحرمين أبو المعالي عبدالملك الجويني وقابلهُ بالإكرام وأخذ في قراءة النحو عليه والتلمذة له بعد أن
كان إمام الأئمة في وقته ( يعني الجويني ) وقد بلغ من العمر خمسين سنة .. وكان يحملهُ كل يوم إلى داره ويقرأ عليه كتاب إكسير الذهب في صناعة الأدب من تصنيفه .. فكان أبو الحسن المجاشعي يحكي ويقول ما رأيت عاشقا للعلم مثل هذا الإمام فإنّه يطلب العلم للعلم وكان كذلك .
9- لا تخصص إلا بعد كمال :
وهذه مسألة على طالب العلم استيعابها جيداً ..لأن ما يصنعه طلاب العلم في زماننا بعيد كل البعد عن منهج السلف رحمهم الله .. قال عبدالملك بن حبيب سمعت ابن الماجشون يقول كانوا يقولون لا يكون إماماً في الفقه من لم يكن إماماً في القرآن والآثار ولا يكون إماما في الآثار من لم يكن إماماً في الفقه .
قال الإمام الأزهري رحمه الله كان الدارقطني ذكيا إذا ذُكر له شيئا من العلم أي نوع كان وُجِد عنده منه نصيب وافر .
ومعنى هذا الكلام استيعاب الطالب للعلوم الأصلية القرآن والتفسير والحديث والعقيدة والفقه واللغة والنحو لترابط هذه العلوم بعضها ببعض .
مسألة : متى يكون التخصص ؟(1/35)
فالجواب أن التخصص لا يكون إلا بعد أن يستكمل الطالب مراتب التأسيس في العلوم الأصلية – بعد حفظ كتاب الله حفظا متقناً –
فإذا بدأ بالتفسير مثلا فيجب عليه أن يقرأ تفسير الجلالين أو الواحدي ويستظهره على أقل تقدير ثم ينتقل إلى ابن كثير ثم يختم بفتح القدير .
وفي الحديث العمدة ثم البلوغ أو المحرر ثم المنتقى ويكثر من قراءة الكتب التسعة والزوائد.
وهكذا حتى يختم العلوم الأصلية .. ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التخصص .
مسألة : كيف يكون التخصص ؟
الجواب إتقان الفن المراد التخصص فيه والتدقيق في مسائله والإحاطة بجميع جوانبه .
فإذا أخذنا علم الحديث كمثال – لأنه مما تشتهيه نفوس طلاب العلم في هذا العصر مع جهلهم وتجاهلهم للأهم وهو القرآن وعلومه – فعليه
أ- حفظ السنة : الكتب الستة وزوائد المتن والإسناد لمسند أحمد والموطأ وسنن الدارمي وصحيح ابن خزيمة وابن حبان والمستدرك وسنن البيهقي الكبرى وسنن الدارقطني ومصنف ابن أبي شيبة وعبدالرزاق ثم يستظهر المعاجم الثلاثة للطبراني ومسند الطيالسي والموصلي والحميدي وغيرها من كتب الحديث .
ب- قراءة واستظهار شروح كتب الحديث :
فإذا بدء بالبخاري فعليه أن يطالع أعلام الحديث للخطابي وشرح الكرماني وابن بطال والعيني والقسطلاني وابن حجر وابن رجب والكشميري والسندي .. الخ .
ويطالع كتب غريب الحديث كغريب الحديث لابن سلام وابن الجوزي وابن قتيبة والخطابي والحربي وابن الأثير .
فإذا فرغ من شروح كتب الحديث انتقل إلى شروح كتب أحاديث الأحكام كشرح ابن دقيق العيد وابن الملقن وابن بسام على العمدة وشرح الشوكاني على المنتقى والصنعاني وابن بسام على البلوغ ثم ينتقل إلى شرح السنة للبغوي وشرح المشكاة للقاري
والمباركفوري ومشارق الأنوار ودليل الفالحين ومعاني الآثار وتهذيب الآثار وهكذا حتى لا يبقي من ذلك شيء.
ج- معرفة رجال الحديث :(1/36)
فيبدأ بالتقريب والكاشف ثم التهذيب وتهذيب الكمال وميزان الاعتدال ولسانه والكامل والتواريخ الثلاثة للبخاري والثقات والمجروحين لابن حبان وتواريخ ابن معين والجرح
والتعديل لا بن أبي حاتم وكتب السؤالات وتراجم رجال البيهقي والحاكم والضعفاء للعقيلي وأبي نعيم والمغني في الضعفاء وتاريخ أسماء الثقات لابن شاهين ومعرفة الثقات للعجلي وكتب التدليس والتراجم والطبقات وغيرها حتى يسبر ويستقرئ أحوال الرجال .
د- مصطلح الحديث :
فيبدأ بالنخبة وشروحها ثم توضيح الأفكار والمقدمة وشروحها والباعث والموقظة وشروحها والغاية وتدريب الراوي والألفية وشروحها والكفاية والمعرفة والمخزون ورسوم التحديث والجامع ومقدمة مسلم ونصيحة أهل الحديث والمحدث الفاصل والاقتراح والتذكرة وتقييد العلم وهدي الساري وقواعد التحديث ثم ينتقل إلى تحقيق ألفاظ المصطلح عند المحدثين السابقين .. ثم الكتب التي تتحدث عن باب من أبواب المصطلح ككتب المراسيل والمضطرب والناسخ والأسماء المبهمة والكنى والألقاب ومعجم الشيوخ وغيرها .
ه- علل الحديث :
فيبدأ بشرح علل الترمذي لابن رجب ثم ينتقل للعلل لابن حنبل وابن أبي حاتم والدارقطني وابن المديني وعلل الترمذي الكبير وغيرها .
و- التخريج :
يطالع نصب الراية والبدر المنير والتلخيص والإرواء والسلسلتين للألباني .
ويتخلل ذلك دراسة لأحاديث من اختلف فيهم.. ولا يضيره أن يمكث بضعة عشر عاما في دراسة هذا التخصص.. حتى يتقنه ليستحق لقب الحافظ والمحدّث .
10- الإكثار من سؤال العالم :
قال روّاد بن الجراح قدم سفيان الثوري عسقلان فمكث ثلاثا لا يسأله أحد في شيء .. فقال أكثر لي أخرج من هذا البلد .. هذا بلدٌ يموت فيه العلم .
11- أظهر البطاقة الحمراء للأشخاص الكسالى والبطّالين .(1/37)
12- إتقان العلم والتدقيق فيه : قال الزعفراني تلميذ الإمام الشافعي رضي الله عنه سمعت الشافعي يقول من تعلّم علماً فليدقّق لكيلا يضيع دقيقُ العلم .
قال الإمام الأزهري رحمه الله كان الدارقطني ذكيا إذا ذُكر له شيئا من العلم أي نوع كان وُجِد عنده منه نصيب وافر .
وقال الإمام أبو بكر البرقاني رحمه الله كان الدارقطني يُملي عليّ العلل من حفظه.
•• ختاما :
اعلم بارك لله فيك ونفع بك أن لا مستحيل مع الإخلاص والعزيمة الصادقة والهمة العالية والاستعانة بالله .. ذكر في ترجمة الإمام ابن حزم أنّه طلب العلم مع كِبَر في السن .
وأختم رسالتي لك يا طالب العلم بنبوءة عالم فاحذر أن تكون ممن عنى:
قال الإمام يزيد بن قودر رحمه الله : "يوشك أن ترى رجالاً يطلبون العلم فيتغايرون عليه كما يتغاير الفسّاق على المرأة هو حظّهم منه" !! .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين..والسلام عليكم ,,,
تم الفراغ من تقييد هذه الرسالة في اليوم الثاني من شهر صفر للعام الثلاثين بعد الأربعمائة والألف بمدينة الرياض .
بقلم
تركي بن سعد البواردي
( المراجع :
1- سير أعلام النبلاء للذهبي .
2- تهذيب الكمال للمزي .
3- المدخل لمذهب الإمام الشافعي للقواسمي .
4- تفسير ابن كثير .
5- التعليقات الرضية على الروضة الندية لصديق خان .
6- شرح العقيدة الطحاوية .
7- التوضيح الأبهر لتذكرة ابن الملقن للسخاوي .
8- فتح العلام لزكريا الأنصاري .
9- تحقيق الرغبة في توضيح النخبة للخضير .
10- النكت على نزهية النظر للحلبي .
11- منظومة المقدمة الجزرية للجزري .
12- الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي .
13- جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر .
14- صفحات من صبر العلماء لأبي غدة .
15- قيمة الزمن لأبي غدة .
16- حلية طالب العلم لبكر أبوزيد .
17- أخلاق العماء للآجري .
18- أخلاق حملة القرآن للآجري .
19- قراءة القراءة لفهد الحمود .(1/38)
20- نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية للشريف حاتم العوني .
21- الأعلام للزركلي .
22- طبقات الشافعية للسبكي .
23-مشيخة أبي المواهب الحنبلي .
24- الضوء اللامع للسخاوي .
25- البدر الطالع للشوكاني .
26 – مآلات الخطاب المدني للسكران .
27 – ترجمة سعد بن عتيق لمحمد زياد بن عمر .
28 – ترجمة عبالرحمن بن قاسم لعمار الجبرين .
29 – نصيحة الإخوان للقاني تحقيق آل محمود .
30 – مسند الحجاز المحدث عبدالله البصري لرضا السنوسي .
31 – ترجمة بكر أبو زيد للغامدي .
32 – علماء نجد للبسام .(1/39)