دكتور / بدر عبد الحميد هميسه
1430 هـ = 2009 م
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات الأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت إله السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حق، اللهم لك أسلمنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، اللهم بك خاصمنا، وإليك حاكمنا، وبدينك رضينا، وإلى رحمتك رغبنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه الله على حين ظلمة وغفلة من الناس، فبصر به من العمى، وهدى به من الضلالة، وأنار به من الظلمة، وأنقذ به من الهلكة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد . . ؛
فإن الله تبارك وتعالى قد أحل لعباده الطيبات من المآكل والمشارب، وحرم عليهم الخبائث التي تعود عليهم بالضرر في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وقد وصف الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بوصف جميل فقال : " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) سورة الأعراف.(1/1)
كما نهى الإسلام عن كل ما يؤثر على العقل ويعطل دوره عن التفكير والإبداع , فعَنْ أم سَلَمَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: " نَهَى رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلًّ مُسْكِرٍ ومُفْتِرٍ" . أخرجه أحمد 6/309 قال : و"أبو داود" 3686 , قال الحافظ العراقي: إسناده صحيح، وصححه السيوطي في الجامع الصغير.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ .أخرجه أحمد 1/255(2307) و(ابن ماجة) 2337 , (رواه احمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي) 0
والإنسان سوف يسأل يوم القيامة عن عمره وشبابه وصحته , عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ , وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ.أخرجه الترمذي (2416) الألباني :حسن ، الصحيحة ( 946 ) ، التعليق الرغيب ( 1 / 76 ).
ومن هنا فقد جاء تحذير الإسلام من جميع الخبائث والمحرمات، ومنها: إدمان الخمور والمخدرات والأمور المذهبة للعقل والمال والعرض.(1/2)
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92) سورة المائدة .
فالخمور والمخدرات هي الآفة الخطيرة القاتلة التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة في كافة المجتمعات بشكل لم يسبق له مثيل، حتى أصبحت خطراً يهدد هذه المجتمعات وتنذر بالانهيار.
والمخدرات هذه السموم القاتلة، فقد ثبت من الأبحاث والدراسات العلمية أنها تشل إرادة الإنسان، وتذهب بعقله، وتحيله بها لأفتك الأمراض، وتدفعه في أخف الحالات إلى ارتكاب الموبقات.
وبزيادة إقبال الشباب على تعاطي المواد المخدرة، لم يعد الأمر مقتصراً على مجرد حالات فردية يمكن التعامل معها، من خلال المنظور الفردي، سواء بالعلاج الطبي أو الجنائي، بل تحول الأمر إلى ظاهرة اجتماعية، بل مأساة اجتماعية خطيرة، وهنا لابد أن ننظر إليها من مستوى اجتماعي وقومي.
إن الإدمان أنشب مخالب الموت في عنق المجتمع العربي الإسلامي إلى أعماق دامية، فأصبح يهددها أخطر تهديد، بحرمانها من أعز ما تملك، ألا وهو شبابها، رصيدها في بناء الحاضر والمستقبل.
إن تعاطي المخدرات وإدمانها ـ خاصة بين الشباب ـ تعتبر العقبة الكبرى أمام جهود التنمية، بسبب ما يفرزه الإدمان من أمراض اجتماعية وانحرافات، وكذلك ما يحدثه من آثار اقتصادية وصحية وسياسية سيئة، تعتبر معوقات لعملية التنمية.(1/3)
إن مشكلة إدمان المخدرات ليست مشكلة أمنية فحسب، بل هي مشكلة اجتماعية واقتصادية، وصحية ونفسية، ودينية وتربوية وثقافية، وبالتالي فهي تدخل في نطاق اهتمام معظم أجهزة الدولة ومؤسساتها، وبالتالي يجب أن يخطط لها مركزياً، وأن يتم علاجها في إطار خطة قومية شاملة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ولا بد من تكاتف الجميع لمواجهة هذا الخطر المدمر القاتل .
اللهم واحفظنا وارزقنا العفو والعافية في الدنيا والآخرة .
راجي عفو ربه
دكتور / بدر عبد الحميد هميسه hamesabadr@yahoo.com
المواسير – إيتاي البارود – البحيرة – مصر
في : 3 ذو القعدة 1430 هـ = 22 أكتوبر 2009 م
أولاً - أسباب إدمان الخمور المخدرات :
كان العربي في الجاهلية يعتقد أن الخمر تجعل المرء يعيش في عالم من الخيالات الحالمة التي ينسى بها فقره وألمه وأحزانه , وهو لعمري وهم كبير ولذة عاجلة , قال المنخل اليشكري :
فإذا شربتُ فإنني * * * رب الخورنق والسرير
وإذا أفقت فإنني * * * رب الشويهة والبعير
وقال أبو محجن الثقفي:
إذا مت فادفنيّ إلى جنب كرمة * * * تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني بالفلاة فإنني أخاف * * * إذا متّ أن لا أذوقها
ولم يكن ذلك دأب العرب كلهم فقد كان منهم حكماء حلماء يرون أن الخمر تذهب العقل والشرف والمروءة .
سُئل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - : هل شربت الخمر في الجاهلية ؟ قال : أعوذ بالله ! فقيل له : ولِمَ ؟ قال : كنت أصون عرضي ، وأحفظ مروءتي
وهذا قصيّ بن كلاب - يروي أنه لما احتُضر قال لأولاده: اجتنبوا الخمرة، فإنها لا تصلح الأبدان بل تفسد الأذهان. وقال عثمان بن مظعون: لا أشرب شيئا يُذهب عقلي، ويضحك بي من هو أدنى مني، ويحملني على أن أنكح كريمتي من لا أريد. وقيل للعباس بن مرداس لم تركت الشراب؟ فقال: (أكره أن أصبح سيد قوم وأمسي سفيههم) .وقال زيد بن عمرو بن نفيل:
رأيت الخمر صالحة وفيها * * * خصال تفسد الرجل الحليما(1/4)
فلا والله اشربها صحيحا * * * ولا اشفي بها أبدا سقيما
ولا أعطى بها ثمنا حياتي * * * ولا أدعو لها أبدا نديما
فإن الخمر تفضح شاربيها * * * وتجنبهم بها الأمر العظيما
وممّن حرّمها في الجاهليّة أيضاً: قيس بن عاصم، وذلك أنّه سكر ذات ليلة فقام لابنته أو لأخته، فهربت منه، فلمّا أصبح سأل عنها فقيل له: أوما علمت ما صنعت البارحة، فأخبر القصّة، فحرّم الخمر على نفسه.(1/5)
وحينما جاء الإسلام جاء بتحريم الخمر على التدريج , جاء في : ( التفسير الكبير للإمام الرازي ج6/ص35) نزلت في الخمر أربع آيات ، نزل بمكة قوله تعالى : {وَمِن ثمرات النخيل والأعناب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [ النحل : 67 ] وكان المسلمون يشربونها وهي حلال لهم ، ثم إن عمر ومعاذاً ونفراً من الصحابة قالوا : يا رسول الله أفتنا في الخمر ، فإنها مذهبة للعقل ، مسلبة للمال ، فنزل فيها قوله تعالى : {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ومنافع لِلنَّاسِ} فشربها قوم وتركها آخرون ، ثم دعا عبد الرحمن بن عوف ناساً منهم ، فشربوا وسكروا ، فقام بعضهم يصلي فقرأ : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ، فنزلت : {لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنتُمْ سكارى} [ النساء : 43 ] فقل من شربها ، ثم اجتمع قوم من الأنصار وفيهم سعد بن أبي وقاص ، فلما سكروا افتخروا وتناشدوا الأشعار حتى أنشد سعد شعراً فيه هجاء للأنصار ، فضربه أنصاري بلحى بعير فشجه شجة موضحة ، فشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً فنزل : {إِنَّمَا الخمر والميسر} إلى قوله : {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} [ المائدة : 91 ] فقال عمر : انتهينا يا رب ، قال القفال رحمه الله : والحكمة في وقوع التحريم على هذا الترتيب أن الله تعالى علم أن القوم قد كانوا ألفوا شرب الخمر ، وكان انتفاعهم بذلك كثيراً ، فعلم أنه لو منعهم دفعة واحدة لشق ذلك عليهم ، فلا جرم استعمل في التحريم هذا التدريج ، وهذا الرفق ،(1/6)
واشتد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن شرب الخمر , وبين أنها أساس المفاسد والشرور , وروي موقوفا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه خطب ذات يوم فقال : "اجتنبوا الخمر أمّ الخبائث، فإنه كان رجل مّمن كان قبلكم، كان يتعبّد ويعتزل الناس، فعلِقَته امرأة غاوية، فأرسلت إليه خادمها، فقالت: إنها تدعوك لشهادة، فدخل؛ فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة، وعندها غلام وباطية خمر، فقالت: إنما دعوتك لتقتل هذا الغلام، أو تقع عليّ، أو تشرب كاسًا، فإن أبيت صحت وفضحتك، فلما رأى أنه لا بدّ له من ذلك قال لها: إسقيني كأسًا، فسقته، ثم قال: زيديني، فلم يَرِم حتى وقع عليها، وقتل الغلام. فاجتنبوا الخمر، فإنه لا يُجمع الإيمان وإدمان الخمر في صدر رجل أبدًا [إلا] يوشك أحدهما أن يخرج صاحبه.".أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" برقم (17060) وابن أبي الدّنْيا في "ذم المسكر" برقم (1)، والنسائي في "المجتبي" (5666)، وابن حبّان (5348) وصحح رفعه، ورجّح وقفه أبو زرعة كما في "العلل" لابن أبي حَاتِم (1586)، والدارقطني في "العلل" (3/41)، والبيهقي في "الكبرى" (8/ 287 – 288)، وقال ابن كثير في "التفسير" (3/180).(1/7)
عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ، عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ ، قَالَ:أَوْصَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتِسْعٍ : لاَ تُشْرِكْ بِاللهِ شَيْئًا ، وَإِنْ قُطِّعْتَ أَوْ حُرِّقْتَ ، وَلاَ تَتْرُكَنَّ الصَلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ مُتَعَمِّدًا ، وَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا ، بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ ، وَلاَ تَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ ، فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ ، وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ ، وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ دُنْيَاكَ ، فَاخْرُجْ لَهُمَا ، وَلاَ تُنَازِعَنَّ وَلاَةَ الأَمْرِ ، وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّكَ أَنْتَ ، وَلاَ تَفْرِرْ مِنَ الزَّحْفِ ، وَإِنْ هَلَكْتَ وَفَرَّ أَصْحَابُكَ ، وَأَنْفِقْ مِنْ طَوْلِكَ عَلَى أَهْلِكَ ، وَلاَ تَرْفَعْ عَصَاكَ عَلَى أَهْلِكَ ، وَأَخِفْهُمْ فِي اللهِ ، عَزَّ وَجَلَّ. أخرجه البخاري في الأدب المفرد 18 و"ابن ماجة"3317 و4034 .
والمخدرات الآن هي الخمر بعينها , فهي من المسكرات وكل مسكر خمر , فكل ما يخامر العقل ويحجبه يسمى خمرا , عَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ تَذْهَبُ اللَّيَالِى وَالأَيَّامُ حَتَّى تَشْرَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا.أخرجه ابن ماجة (3384) .
وهناك أسباب كثيرة لإدمان المخدرات منها :
أ- الأسباب الاجتماعية وأهمها:
1- غياب القيم الأخلاقية والدينية .
2- وجود الفراغ الروحي "الغفلة عن الصلة بالله" في المجتمع بصفة عامة.
3- عدم توافر الوعي الاجتماعي الكامل بالأضرار الناتجة عن تعاطي المخدرات.
4- عدم استخدام وسائل الإعلام لدرجة كافية في مكافحة المخدرات.
5- انتشار المخدرات في المجتمع المحيط بالشباب.
6- عدم تطهير البيئة الاجتماعية من عوامل الانحراف وتعاطي المخدرات.
7- غياب جماعة الرفاق الصالحين.(1/8)
8- غياب وسائل الترويح المناسبة والهادفة في البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد.
9- وجود الإغراءات من مروجي المخدرات بوضع مسميات جذابة لها.
10- تقصير بعض المسئولين من المؤسسات الاجتماعية مثل المدرسة والجامعة وغير ذلك في دورهم تجاه التحذير من تعاطي المخدرات وكشف أضرارها.
11- تقصير بعض أئمة المساجد ورجال الدين نحو التوعية بأضرار المخدرات في البيئة الاجتماعية.
12- الحملة الشرسة التي يواجهها أعداء الإسلام ضده وضد أبنائه مع قلة جهود التصدي لها.
13- ظهور فئة من المواطنين تبغي الثراء السريع عن طريق تجارة المخدرات.
14 - التقليد الأعمى للآخرين .
ب- الأسباب الأسرية ومنها :
1- عدم وعي الأسرة بخطورة تعاطي المخدرات، وتقصير الأسرة في التحذير منها.
2- وجود الخلافات العائلية والتفكك الأسري.
3- انشغال الأب بأعمال كثيرة خارج المنزل ولفترات طويلة.
4- ارتباط الأم بالعمل خارج المنزل ولفترات طويلة.
5- تعاطي الأبوين أو أحدهما للمخدرات أو المواد المهدئة.
6- قصور التربية الأسرية والدور التربوي الذي ينبغي تأديته في المنزل.
7- عدم قيام الأسرة بدور الرقيب المباشر على الابن، وترك الحرية له كما يشاء، والخروج من المنزل في أي وقت والعودة في أي وقت.
8- استقدام الخدم في البيوت من غير الملتزمين بقواعد الإسلام فهماً وسلوكاً.
9- تكاسل الأسرة في تأدية دورها نحو أمر الابن بالمواظبة على الصلاة في جماعة المسجد.
10- استقدام أفلام فيديو التي تدعو لقيم خبيثة وعرضها باستمرار داخل المنزل.
ج- الأسباب المتعلقة بالمتعاطي نفسه وأهمها:
1- لرغبة لدى المتعاطي في اقتحام سور الممنوع.
2- عدم الاستغلال الأمثل لوقت الفراغ في ما يفيد الفرد ومجتمعه.
3- التخلف الدراسي وكثرة الرسوب عند الفرد.
4- وجود الاضطرابات النفسية ومسببات القلق النفسي.
5- اطلاع الشخص على المجلات التي تدعو إلى الانحراف والقيم الهابطة.(1/9)
6- مصاحبة رفاق السوء في كثير من الأماكن العامة والخاصة.
7- شأوا عليها في بلدانهم الأصلية. .
8- عدم الاستثمار الأمثل لوقت الفراغ.
ثانياً - أضرار الخمور والمخدرات :
أثبتت الإحصاءات أن :
1- ثلث عدد الحوادث في الانتحار ومحاولاته تكون بين المدمنين .
2- أن 13 -72 % من حوادث الاغتصاب سببها المخدرات .
3- أن 13 -50 % من حوادث القتل سببها المخدرات .
4- في استراليا أكثر من 50 %من الجرائم سببها المخدرات .
5- ثلثي وفيات حوادث الطرق بسبب المخدرات .
ويمكن تقسيم المخدرات وتصنيفها بطرق مختلفة عديدة نختار منها التالي :-
1-مخدرات طبيعية وأهمها وأكثرها انتشارا : الحشيش والأفيون والقات والكوكا والبانجو.
2-المخدرات المصنعة وأهمها المورفين والهيروين والكودايين والسيدول والديوكامفين والكوكايين والكراك
3-المخدرات التخليقية وأهمها عقاقير الهلوسة والعقاقير المنشطة والمنبهات والعقاقير المهدئة .
للمخدرات أضرار كثيرة ومتنوعة منها :
أ- الأضرار الدينية ومنها :
1- الصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة : قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ )) المائدة :90-91 .
فلا سعادة للعبد ولا فلاح بدون ذكر الله والصلاة؛ فلذلك حرّم عليه الاشتغال بكل ما صدّ عن ذلك.
وعن وهب بن منبّه قال: "قال الشيطان: إذا سكر ابن آدم، قدناه على كلّ شهوة كما تقاد العير بأذنها".(1/10)
2- سخط الله عز وجلّ : عَنْ جَابِرٍ ؛أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ ، وَجَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ ، مِنَ الذُّرَةِ ، يُقَالُ لَهُ : الْمِزْرُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَوَ مُسْكِرٌ هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، إِنَّ عَلَى اللهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ : عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ.
- لفظ يَعْقُوب بن مُحَمد : كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَهْدًا لِمَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أخرجه أحمد 3/360(14941) و"مسلم" 6/100(5265) و"النَّسائي" 8/327 ، وفي "الكبرى" 5199 .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا بُخِسَتْ صَلاَتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ قِيلَ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ وَمَنْ سَقَاهُ صَغِيرًا لاَ يَعْرِفُ حَلاَلَهُ مِنْ حَرَامِهِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ. أخرجه أبو داود (3680).(1/11)
3- منع قبول الصلاة والتوبة: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا بُخِسَتْ صَلاَتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ قِيلَ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ وَمَنْ سَقَاهُ صَغِيرًا لاَ يَعْرِفُ حَلاَلَهُ مِنْ حَرَامِهِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ.أخرجه أبو داود (3680). وخرّج النسائي وابن ماجه وابن حبّان في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: (من شرب الخمر وسكر، لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا، فإن مات دخل النار، وإن تاب تاب الله عليه) وعند "النسائي" (لم تقبل له توبة أربعين صباحًا). رواه النسائي في "المجتبى" (5670) وابن ماجه (3420) واللفظ له وابن حبّان (5357) وخرّجه أيضًا الترمذي (1862) وحسنه والدارمي (2091) وأحمد (2/35) والطيالسي (1901) وأبو يعلى في "المسند" (5607) وهو حديث صحيح.
وفي "مسند أبن وهب": (سخط الله عليه أربعين يومًا، وإن سكر الرابعة، لم يرض الله عنه حتى يلقاه).
وفي "الترمذي" عنه مرفوعًا، بعد الرابعة: (وإن تاب، لم يتب الله عليه وسقاه من طينة الخبال ) رواه الترمذي (17862) عن عبد الله بن عمر مرفوعًا، وقال إثره: هذا حديث حسن، وقد روي نحو هذا عن عبد الله بن عمرو وابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه البيهقي في "الشعب" (5580).
وإن صحّ، حُمل على أنه لا تهيّأ له توبة نصوح بعد ذلك، ويكون ذلك من أحاديث الوعيد.(1/12)
وفي رواية "من شرب خمرًا نجس وبخست صلاته أربعين يومًا" خرجه أبو داود من حديث ابن عباس ،رواه أبو داود بلفظ (من شرب مسكرًا بُخست صلاته أربعين صباحًا) برقم (3680) ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (8/288) وفي آخره (ومن سقاه صغيرًا لا يعرف حلاله من حرامه كان حقًا على الله أن يسقيه من طينة الخبال)، وهو صحيح. انظر "الصحيحة" للألباني (2039).
فمنع قبول الصلاة أربعين يومًا بالسّكر، ومتى عدمه "لم تقبل له صلاة جمعة" كذا روي عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا وموقوفًا.
ولو لم يكن للسكران إلا طرده عن مناجاة الرحمن؛ لكفاه بعدًا، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: من الآية43].
4 ـ تذهب الحياء الذي هو شعبة من شعب الإيمان : عنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ شَانَهُ ، وَلاَ كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ زَانَهُ.أخرجه أحمد 3/165(12719) والبُخَارِي ، في (الأدب المفرد) 601 و"ابن ماجة" 4185 والتِّرْمِذِيّ" 1974 .
وعَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا ، وَخُلُقُ الإِسْلاَمِ الْحَيَاءُ.أخرجه ابن ماجة (4181).(1/13)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ ِللهِ ، قَالَ : لَيْسَ ذَاكَ ، وَلكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ : أَنْ تَحْفَظَ الرَّاْسَ وَمَا وَعَى ، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى ، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى ، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا ، فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ ، فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ.أخرجه أحمد 1/387(3671) و (الترمذي)2458 .
روي أن بشار بن بُرْد الشاعر كان عربيدًا سِكِّيرًا، يؤذي الناس، خاصَّتَهم وعامَّتَهم بقبيح أَهَاجِيه، وقد هجا الخليفة المهدي العباسي، وخرج المهدي إلى البصرة يتفقَّد أحوالها، فسمع أذانًا في الضحى؛ فقال: انظروا ما هذا؟ فإذا بشار وهو سكران، فقال له: يا زنديق عجب أن يكون هذا من غيرك، ثم أمر به فضرب حَدَّ الخمر، فأتلفه الضرب فألقي في سفينة، وألقيت جثته في الماء، فحمله فقذف به الماء إلى شاطئ دِجْلَه، فجاء بعض أهله فحملوه، وأخرجت جنازته فما تبعه أحدٌ، وتباشر الناس بموته؛ لما كان يلاحقهم مِن أذاه.
يقول الشاعر :
إذا لم تخش عاقبة الليالي *** ولم تستح فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحاء(1/14)
5ـ تضعف الإيمان وتورث الخزي والندامة : عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ عَبْدًا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ فَإِذَا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ لَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ مَقِيتًا مُمَقَّتًا فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ مَقِيتًا مُمَقَّتًا نُزِعَتْ مِنْهُ الأَمَانَةُ فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الأَمَانَةُ لَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ خَائِنًا مُخَوَّنًا فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ خَائِنًا مُخَوَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ لَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ رَجِيمًا مُلَعَّنًا فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ رَجِيمًا مُلَعَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ رِبْقَةُ الإِسْلاَمِ.أَخْرَجَهُ ابن ماجة (4054).
وعن مالك بن دينار، قال: بينما أنا أطوف بالبيت الحرام إذ أعجبني كثرة الحجاج والمعتمرين، فقلت: ليت شعري من المقبول منهم فأهنئه، ومن المردود منهم فأعزيه.فلما كان الليل رأيت في منامي قائلاً، يقول: مالك بن دينار يسأل عن الحاج والمعتمرين؟ قد غفر الله لهم أجمعين، الصغير والكبير، الذكر والأنثى، الأسود والأحمر، إلا رجلاً واحداً فإن الله تعالى عليه غضبان، وقد رد الله حجه، وضرب به في وجهه.
قال مالك: فنمت بليلة لا يعملها إلا الله عز وجل وخشيت أن أكون ذلك الرجل، فلما كانت الليلة الثانية، رأيت في منامي مثل ذلك، غير أنه قيل لي: ولست أنت ذلك الرجل، بل هو من خراسان من مدينة بلخ، يقال له: محمد بن هارون البلخي.فلما أصبحت أتيت قبائل خراسان، فقلت: أخيكم محمد بن هارون؟ قالوا: بخ بخ، تسأل عن رجل ليس بخراسان أعبد ولا أزهد منه ولا أقرأ منه.
فعجبت من جميل ثناء الناس عليه وما رأيت في منامي. فقلت: أرشدوني إليه. قالوا: أنه منذ أربعين سنة يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يأوي إلا الخراب، ونظنه في خرائب مكة.(1/15)
فجعلت أجول في الخرابات، فإذا هو قائم خلف جدار، وإذا يده اليمنى معلقة في عنقه وقد شدها بقيدين عظيمين إلى قدميه، وهو راكع وساجد. فلما أحس بهمس قدمي، قال: من تكون؟ قلت: مالك بن دينار، قال: يا مالك ما جاء بك إليَّ؟ إن كنت رأيت رؤيا فاقصصها علي. قال: أستحي أن أقولها. قال: بل قل.
فقصصتها عليه، فبكى طويلاً، وقال: كنت رجل أكثر شرب المسكر، فشربت يوماً عند خدن لي حتى ثملت وزال عقلي، فأتيت منزلي فدخلت، فإذا بأمي توقد تنوراً لنا، فلما رأتني أتمايل بسكري، أقبلت تطعمني، وتقول: هذا آخر يوم من شعبان وأول ليلة من رمضان، يصبح الناس صواماً، وتصبح سكران!! أما تستحي من الله؟ فرفعت يدي فلكزتها. فقالت: تعست. فغضبت لقولها وحملتها بسكري ورميت بها في التنور فلما رأتني امرأتي، أدخلتني بيتاً وأغلقت علي.
فلما كان آخر الليل ذهب سكري، دعوت زوجتي لفتح الباب، فأجابتني بجواب فيه جفاء، فقلت: ويحك ما هذا الجفاء؟ قالت: تستأهل ألا أرحمك. قلت: لم؟ قالت: قتلت أمك، رميت بها في التنور فاحترقت.
فخرجت إلى التنور فإذا هي كالرغيف المحروق. فخرجت وتصدقت بمالي، وأعتقت عبيدي، وأنا مذ أربعين سنة أصوم النهار وأقوم الليل، وأحج كل سنة، ويرى لي كل سنة عابد مثلك هذه الرؤيا.
فنفضت يدي في وجهه، وقلت: يا مشؤوم، كدت تحرق الأرض وما عليها بنارك، وغبت عنه بحيث أسمع حسه ولا أرى شخصه فرفع يديه إلى السماء، وقال: يا فارج الهم وكاشف الغم، يجيب دعوة المضطرين، أعوذ برضاك من سخطك، وبما فاتك من عقوبتك، ولاتقطع رجائي، وتخيب دعائي.(1/16)
فذهبت إلى منزلي ونمت، فرأيت في المنام قائلاً يقول: يا مالك لا تقنط الناس من رحمة الله. إن الله اطلع من الملأ الأعلى إلى محمد بن هارون فاستجاب دعوته، وأقال عثرته، أعذ إليه وقل له: أن الله يجمع الخلائق يوم القيامة، ويقتص للجماء من القرناء، ويجمع بينك وبين والدتك، فيحكم لها عليك، ويذيقك النار، ثم يهبك لأمك. أخرجها ابن أبي الدّنيا في "ذمّ المسكر" (60) وأوردها ابن الجوزي في كتاب "برّ الوالدين" رقم (99).
6 ـ سبب في زوال النعم ونزول العقوبة والنقم : قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمرة حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن)) رواه البخاري ومسلم.
فكثير من الشباب يشرب الخمر على سبيل التجربة وحب الاستطلاع , وينسى أن ذلك ربما يأخذه إلى طريق الغواية والضلال . قال تعالى: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)سورة الحشر.(1/17)
قيل في سبب نزول الآية: أن عابدا كان في بني إسرائيل وكان من أعبد أهل زمانه وكان في زمانه ثلاثة إخوة لهم أخت وكانت بكرا ليس لهم أخت غيرها. فخرج الغزو على ثلاثتهم فلم يدروا عند من يخلفون أختهم ولا عند من يأمنون عليها، ولا عند من يضعونها، قال: فاجتمع رأيهم على أن يخلفوها عند عابد بني إسرائيل وكان ثقة في أنفسهم، فأتوه فسألوه أن يخلفوها عنده فتكون في كنفه وجواره إلى أن يقفلوا من غزاتهم. فأبى ذلك عليهم وتعوذ بالله منهم ومن أختهم. قال فلم يزالوا به حتى أقنعوه فقال الراهب: أنزلوها في بيت حذاء (مقابل أو جوار) صومعتي فأنزلوها في ذلك البيت ثم انطلقوا وتركوها فمكثت في جوار ذلك العابد زمانا ينزل إليها الطعام من صومعته فيضعه عند باب الصومعة، ثم يغلق بابه ويصعد في صومعته ثم يأمرها فتخرج من بيتها فتأخذ ما وضع لها من الطعام. فتلطف له الشيطان فلم يزل يرغبه في الخير ويعظم عليه خروج الجارية من بيتها نهارا، وبخوفه أن يراها أحد فيعلقها.(1/18)
قال فلبث بذلك زمانا، ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير والأجر وقال له: لو كنت تمشي إليها بطعامها حتى تضعه، في بيتها كان أعظم لأجرك، قال: فلم يزل به حتى مشى إليها بطعامها فوضعه في بيتها، قال: فلبث بذلك زمانا ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير وحضه عليه، وقال: لو كنت تكلمها وتحدثها فتأنس بحديثك، فإنها قد استوحشت وحشة شديدة، قال: فلم يزل حتى حدثها زمانا يطلع عليها من فوق صومعته قال: ثم أتاه إبليس بعد ذلك فقال لو كنت تنزل إليها فتقعد على باب صومعتك وتحدثها وتقعد على باب بيتها فتحدثك كان آنس لها فلم يزل به حتى أنزله وأجلسه على باب صومعته يحدثها، وتخرج الجارية من بيتها، فلبثا زمانا يتحدثان ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير وفيما له من حسن الثواب فيما يصنع بها، وقال: لو خرجت من باب صومعتك فجلست قريبا كان آنس لها فلم يزل به حتى فعل، قال: فلبثا زمانا ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير والثواب فيما يصنع بها، وقال له: لو دنوت من باب بيتها فحدثتها ولم تخرج من بيتها ففعل فكان ينزل من صومعته فيقعد على باب بيتها فيحدثها فلبثا بذلك زمانا. ثم جاءه إبليس، فقال: لو دخلت البيت معها تحدثا ولم تتركها تبرز وجهها لأحد كان أحسن بك فلم يزل به حتى دخل البيت! فجعل يحدثها نهاره كله فإذا أمسى صعد صومعته. قال: ثم أتاه إبليس بعد ذلك يزينها له حتى ضرب العابد على فخذها وقبلها فلم يزل به إبليس يحسنها في عينه ويسول له حتى وقع عليها فاحبلها فولدت له غلاما. فجاءه إبليس، فقال له: أرأيت إن جاء إخوة هذه الجارية وقد ولدت منك كيف تصنع لا آمنت عليك إن تفتضح أو يفضحوك! فاعمد إلى ابنها فاذبحه وادفنه فإنها ستكتم عليك مخافة إخوتها إن يطلعوا على ما صنعت بها ففعل.(1/19)
فقال له أتراها تكتم إخوتها ما صنعت بها وقتلت ابنها! خذها فاذبحها وادفنها مع ابنها فلم يزل بها حتى ذبحها وألقاها في الحفرة مع ابنها وأطبق عليها صخرة عظيمة وسوى عليها التراب وصعد في صومعته يتعبد فيها فمكث في ذلك ما شاء الله إن يمكث.
حتى قفل إخوتها من الغزو فجاءوه فسألوه عنها فنعاها لهم وترحم عليها وبكى لهم وقال: كانت خير أمة وهذا قبرها فانظروا إليه فأتى إخوتها القبر فبكوا وترحموا عليها وأقاموا على قبرها أياما ثم انصرفوا إلى أهليهم.
فلما جن الليل عليهم واخذوا مضاجعهم أتاهم الشيطان في صورة رجل مسافر فبدأ بأكبرهم فسأله عن أختهم فأخبره بقول العابد وموتها وترحمه عليها وكيف أراهم موضع قبرها فكذبه الشيطان وقال لم يصدقكم أمر أختكم إنه قد أحبل أختكم وولدت منه غلاما فذبحه وذبحها معه فزعا منكم وألقاها في حفرة احتقرها خلف الباب الذي كانت فيه عن يمين من دخله فانطلقوا فادخلوا البيت الذي كانت فيه عن يمين من دخله فإنكم ستجدونها هنالك جميعا كما أخبرتكم.
قال: وأتى الأوسط في منامه وقال له مثل ذلك ثم أتى أصغرهم فقال له مثل ذلك فلما استيقظ القوم استيقظوا متعجبين لما رأى كل واحد منهم، فاقبل بعضهم على بعض، يقول كل واحد منهم: لقد رأيت البارحة عجبا، فأخبر بعضهم بعضا بما رأى، قال أكبرهم: هذا حلم ليس بشيء، فامضوا بنا ودعوا هذا.(1/20)
قال أصغرهم: لا أمضي حتى أتى ذلك المكان فأنظر فيه. قال فانطلقوا جميعا حتى دخلوا البيت الذي كانت أختهم فيه ففتحوا الباب وبحثوا الموضع الذي وصف لهم في منامهم فوجدوا أختهم وابنها مذبوحين في الحقيرة كما قيل لهم فسألوا العابد فأقر على نفسه فأمر بقتله. قال ابن عباس: فلما صلب قال الشيطان له: أتعرفني؟ قال. لا والله! قال أنا صاحبك الذي علمتك الدعوات أما اتقيت الله، أما استحيت منه وأنت أعبد بني إسرائيل! ثم لم يكفك صنيعك حتى فضحت نفسك، وأقررت عليها وفضحت أشباهك من الناس فإن مت على هذه الحالة لم يفلح أحد من نظرائك بعدك فقال كيف أصنع؟ قال: تطيعني في خصلة واحد وأنجيك منهم وآخذ بأعينهم قال: وما ذاك؟ قال تسجد لي سجدة واحدة! فقال: أنا أفعل فسجد له من دون الله. فقال الشيطان: هذا ما أردت منك كان عاقبتك أن كفرت بربك، إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين. تفسير الطبري 24/295 , تفسير ابن كثير 8/75.
يا ناظرا يرنوا بعيني راقد *** ومشاهدا للأمر غير مشاهد
منيت نفسك ظلة وأبحتها *** طرق الرجاء وهن غير قواصد
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي *** درج الجنان بها وفوز العابد
ونسيت أن الله أخرج أدما *** منها إلى الدنيا بذنب واحد
قال ابن الجوزي في " اللطائف ص 2: " إياك والذنوب فإنها أذلت أباك بعد عز ( اِسجدوا ) وأخرجته من أقطار ( اسكُن ) مذ سبى الهوى آدم هوى دام حزنه فخرج أولاده العقلاء محزونين وأولاده السبايا أذلة أعظم الظلمة ما تقدمها ضوء وأصعب الهجر ما سبقه وصل واشد عذاب المحب تذكاره وقت القرب كان حين إخراجه لا تمشي قدمه والعجب كيف خطا .
رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانها.(1/21)
وقال ابن عباس رضي الله عنه:'إن للحسنة نوراً في القلب، وضياء في الوجه، وقوة في البدن، وزيادة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنا في البدن، ونقصاً في الرزق وبغضاً في قلوب الخلق' .
قال الشاعر :
تَفْنَى اللَّذَائِذُ مِمَّنْ نَالَ صَفْوَتَهَا*** مِنَ الحَرَامِ وَيَبْقَى الإِثْمُ والعَارُ
تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ فِي مَغَبَّتِهَا *** لَا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِن بَعْدِهَا النَّارُ
قال إبراهيم التيمي: لما حُبِستُ الحبسة المشهورة، أُدخِلتُ في السجن، فأُنزِلتُ على أناس في قيد واحد؛ لا يجد الرجل إلا موضع مجلسه؛ وفيه يأكلون، وفيه يتغوطون، وفيه يصلون. قال: فجيء برجل من أهل البحرين، فأُدخِل علينا، فلم يجد مكانًا؛ فجعلوا يتبرمون به. فقال: اصبروا؛ فإنما هي الليلة. فلما دخل الليل قام يصلي، فقال: يارب! الليلةَ.. الليلةَ؛ لا أُصبِحُ فيه.فما أصبحنا حتى ضُرِبت أبواب السجن؛ أين البحراني؟ أين البحراني؟ فقال كل منا: ما دُعِي الساعة إلا ليُقتَل.فخُلِّيَ سبيله؛ فجاء فقام على باب السجن، فسلم علينا، وقال: أطيعوا الله لا يضيعكم.(1/22)
7 ـ سبب لسوء الخاتمة ومنها في الآخرة: وهي أنواع: حجب شهادة التوحيد عنه عند الموت . عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَضَرَ عِنْدَ تِلْمِيذٍ لَهُ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَجَعَلَ يُلَقِّنُهُ الشَّهَادَةَ وَلِسَانُهُ لَا يَنْطِقُ بِهَا فَكَرَّرَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَا أَقُولُهَا وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ فَخَرَجَ الْفُضَيْلُ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَبْكِي ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فِي مَنَامِهِ وَهُوَ يُسْحَبُ بِهِ فِي النَّارِ فَقَالَ لَهُ يَا مِسْكِينُ بِمَ نُزِعَتْ مِنْك الْمَعْرِفَةُ ؟ فَقَالَ : يَا أُسْتَاذُ كَانَ بِي عِلَّةٌ فَأَتَيْت بَعْضَ الْأَطِبَّاءِ فَقَالَ لِي تَشْرَبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدَحًا مِنْ الْخَمْرِ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ تَبْقَ بِك عِلَّتُكَ فَكُنْتُ أَشْرَبُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ ؛ لِأَجْلِ التَّدَاوِي فَهَذَا حَالُ مَنْ شَرِبَهَا لِلتَّدَاوِي فَكَيْفَ حَالُ مَنْ يَشْرَبُهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ كُلِّ بَلَاءٍ وَمِحْنَةٍ . الذهبي : الكبائر 80 .
ومنها: العطش يوم القيامة: ففي "المسند" عن قيس بن سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شرب الخمر أتى عطشانًا يوم القيامة) رواه أحمد (2/422) وأبو يعلى (1436) بلفظ: (ومن شرب الخمر أتى يوم القيامة عطشًا، وكل مسكر خمر، وإياكم والغبيراء) وقال الهيثمي في "المجمع" (5/73): رواه أحمد وأبو يعلى وفيه راو لم يسم أ.هـ.، وضعفّه الألباني في "ضعيف الجامع" (5642).(1/23)
وعن عبد الله بن عمرو قال: "في التوراة: الخمر مرّ طعمها، أقسم الله بعزته:لمن شربها بعدما حرّمتها لأعطشنّه يوم القيامة " وتمامه كما ورد في "تفسير ابن كثير" (3/178) من طريق ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن عمرو قال: "إن هذه الآية التي في القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} قال: هي في التوراة: "إن الله أنزل الحق ليذهب به الباطل، ويبطل به اللعب، والمزامير، والزّفن، والكبارات، والزمارات – يعني به الدفّ – والطنابير والشعر، والخمر مُرّة لِمَن طعمها، أقسم الله بيمينه وعزّة حَيلِه: من شربها بعدما حرّمتها لأعطشنّه يوم القيامة، ومن تركها بعدما حرّمتها لأسقينه إياها من حظيرة القدس" وقال الحافظ ابن كثير بإثره: وهذا إسناد صحيح أ.هـ. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/317) وزاد نسبته لأبي الشيخ والبيهقي، ومعنى الزّفن أي الرقص والكبارات جمع كبار وهو جمع كبر وهو الطبل، والحيلة: القوة، كما في "النهاية".
ومنها: تشويه الخلق وقبح الهيئة يوم القيامة:روى الآجرّي بإسناده عن عبد الله بن عمرو قال: "لا تسلّموا على شَرَبة الخمر، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم. إن شارب الخمر يأتي يوم القيامة مائل شقّه، مُزرقة عيناه، يندلع لسانه على صدره، يسيل لعابه على بطنه، يتقذّره كل من رآه" أخرج البخاري في "صحيحه/ فتح" (11/40) الجملة الأولى من هذا الأثر تعليقًا، وقال ابن حجر: وهذا الأثر وصله البخاري في "الأدب المفرد": عن عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ (لا تسلموا على شرَاب الخمر) وبه إليه قال: (لا تعودوا شرّاب الخمر إذا مرضوا). أ.هـ. قلت: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنّف" (17074)، وروي نحوه عن عليّ وابن عباس موقوفًا وعن ابن عمر بسند ضعيف مرفوعًا.(1/24)
تركت النبيذّ لأهل النّبيذ * * * وأصبحت أشرب ماء قراحًا
لأن النّبيذ يذلّ العزيز* * * ويكسو الوجوه النضارى القباحا
وَقَالَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ : مَاتَ لِي وَلَدٌ فَلَمَّا دَفَنْتَهُ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فِي الْمَنَامِ وَقَدْ شَابَ رَأْسُهُ فَقُلْتُ يَا وَلَدِي دَفَنْتُكَ صَغِيرًا فَمَا الَّذِي شَيَّبَكَ ؟ فَقَالَ : يَا أَبَتِ لَمَّا دَفَنْتنِي دُفِنَ إلَى جَانِبِي رَجُلٌ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَزَفَرَتْ النَّارُ لِقُدُومِهِ إلَى قَبْرِهِ زَفْرَةً لَمْ يَبْقَ مِنْهَا طِفْلٌ إلَّا شَابَ رَأْسُهُ مِنْ شِدَّةِ زَفْرَتِهَا . الذهبي : الكبائر 80 .(1/25)
وَرَوَى الْأَصْبَهَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ بِمَشْهَدٍ مِنْ الْحُفَّاظِ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ أَنَّ الْعَوَّامَ بْنَ حَوْشَبَ قَالَ : نَزَلْت مَرَّةً حَيًّا وَإِلَى جَانِبِ ذَلِكَ الْحَيِّ مَقْبَرَةٌ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ انْشَقَّ مِنْهَا قَبْرٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ رَأْسُهُ رَأْسُ حِمَارٍ وَجَسَدُهُ جَسَدُ إنْسَانٍ فَنَهَقَ ثَلَاثَ نَهْقَاتٍ ثُمَّ انْطَبَقَ عَلَيْهِ الْقَبْرُ ، فَإِذَا عَجُوزٌ تَغْزِلُ شَعْرًا أَوْ صُوفًا فَقَالَتْ امْرَأَةٌ : تَرِي تِلْكَ الْعَجُوزَ ؟ قُلْت : مَا لَهَا ؟ قَالَتْ تِلْكَ أُمُّ هَذَا ، قُلْت وَمَا كَانَ قَضِيَّتُهُ ؟ قَالَتْ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَإِذَا رَاحَ تَقُولُ لَهُ أُمُّهُ : يَا بُنَيَّ اتَّقِ اللَّهَ إلَى مَتَى تَشْرَبُ هَذَا الْخَمْرَ ؟ فَيَقُولُ لَهَا : إنَّمَا أَنْتِ تَنْهَقِينَ كَمَا يَنْهَقُ الْحِمَارُ ؛ قَالَتْ فَمَاتَ بَعْدَ الْعَصْرِ ، قَالَتْ فَهُوَ يَشُقُّ عَنْهُ الْقَبْرَ بَعْدَ الْعَصْرِ كُلَّ يَوْمٍ فَيَنْهَقُ ثَلَاثَ نَهْقَاتٍ ثُمَّ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ الْقَبْرُ . الزواجر عن اقتراف الكبائر , لابن حجر الهيتمي 2/658 , الترغيب والترهيب للمنذري 3/226. صحيح الترغيب والترهيب للعلامة الألباني 2/665(1/26)
وحُكِيَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَنَّ شَابًّا جَاءَ إلَيْهِ بَاكِيًا حَزِينًا فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي ارْتَكَبْت ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ : وَمَا ذَنْبُك ؟ قَالَ : ذَنْبِي عَظِيمٌ .قَالَ : وَمَا هُوَ فَتُبْ إلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ ، قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كُنْتُ أَنْبُشُ الْقُبُورَ وَكُنْت أَرَى فِيهَا أُمُورًا عَجِيبَةً ، قَالَ : مَا رَأَيْت ؟ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : نَبَشْتُ لَيْلَةً قَبْرًا فَرَأَيْت صَاحِبَهُ قَدْ حُوِّلَ وَجْهُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَخِفْتُ مِنْهُ وَأَرَدْتُ الْخُرُوجَ وَإِذَا بِقَائِلٍ فِي الْقَبْرِ يَقُولُ أَلَا تَسْأَلُ عَنْ الْمَيِّتِ لِمَاذَا حُوِّلَ وَجْهُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ ؟ فَقُلْتُ : لِمَاذَا حُوِّلَ ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَخِفًّا بِالصَّلَاةِ فَهَذَا جَزَاءُ مِثْلِهِ ، ثُمَّ نَبَشْتُ قَبْرًا آخَرَ فَرَأَيْتُ صَاحِبَهُ قَدْ حُوِّلَ خِنْزِيرًا وَقَدْ شُدَّ بِالسَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ فِي عُنُقِهِ فَخِفْتُ مِنْهُ وَأَرَدْت الْخُرُوجَ وَإِذَا بِقَائِلٍ يَقُولُ أَلَا تَسْأَلُ عَنْ عَمَلِهِ وَلِمَاذَا يُعَذَّبُ ؟ فَقُلْتُ : لِمَاذَا ؟ فَقَالَ : كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ، ثُمَّ نَبَشْتُ قَبْرًا آخَرَ فَوَجَدْتُ صَاحِبَهُ قَدْ شُدَّ فِي الْأَرْضِ بِأَوْتَادٍ مِنْ نَارٍ وَأُخْرِجَ لِسَانُهُ مِنْ قَفَاهُ فَخِفْتُ وَرَجَعْتُ وَأَرَدْتُ الْخُرُوجَ فَنُودِيتُ أَلَا تَسْأَلُ عَنْ حَالِهِ لِمَاذَا اُبْتُلِيَ ؟ فَقُلْت : لِمَاذَا ؟ فَقَالَ : كَانَ لَا يَتَحَرَّزُ مِنْ الْبَوْلِ وَكَانَ يَنْقُلُ الْحَدِيثَ بَيْنَ النَّاسِ فَهَذَا جَزَاءُ مِثْلِهِ .(1/27)
ثُمَّ نَبَشْت قَبْرًا آخَرَ فَوَجَدْتُ صَاحِبَهُ قَدْ اشْتَعَلَ بِالنَّارِ فَخِفْتُ وَأَرَدْتُ الْخُرُوجَ فَقِيلَ لِي أَلَا تَسْأَلُ عَنْهُ وَعَنْ حَالِهِ ؟ فَقُلْتُ : وَمَا حَالُهُ ؟ قَالَ : كَانَ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ فَهَذَا جَزَاءُ مِثْلِهِ ، ثُمَّ نَبَشْتُ قَبْرًا فَرَأَيْتُهُ قَدْ وُسِّعَ عَلَى مَدِّ الْبَصَرِ وَفِيهِ نُورٌ سَاطِعٌ وَالْمَيِّتُ نَائِمٌ عَلَى سَرِيرِهِ وَقَدْ أَشْرَقَ نُورُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ حَسَنَةٌ فَأَخَذَتْنِي مِنْهُ هَيْبَةٌ فَأَرَدْت الْخُرُوجَ فَقِيلَ لِي أَلَا تَسْأَلُ عَنْ حَالِهِ لِمَاذَا أُكْرِمَ بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ ؟ فَقَالَ : لِمَاذَا ؟ فَقِيلَ لِي : إنَّهُ كَانَ شَابًّا طَائِعًا نَشَأَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِبَادَتِهِ .فَقَالَ : عَبْدُ الْمَلِكِ عِنْدَ ذَلِكَ إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِلْعَاصِينَ وَبِشَارَةً لِلطَّائِعِينَ ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِمَّنْ أَطَاعَهُ فَرَضِيَ عَنْهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ .الزواجر عن اقتراف الكبائر , لابن حجر الهيتمي 1/28 .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال إذا مات شارب الخمر فادفنوه ثم اصلبوني على خشبة ثم انبشوا عنه قبره فإن لو تروا وجهه مصروفا عن القبلة وإلا فاتركوني مصلوبا .الزواجر عن اقتراف الكبائر , لابن حجر الهيتمي 2/830 .
كان رجل بنصيبين يكنّى أبا عمرو، وكان مدمنًا على شرب الخمر، فشرب ليلة ثم نام، فاستيقظ مرعوبًا نصف الليل، فقال: أتاني آت في منامي فقال لي:
جدّ بك الأمر أبا عمرو * * * وأنت معكوف على الخمر
تشرب صهباء صراحية * * * سال بك السيل ولا تدري!
ثم نام فلما كان وقت الفجر مات فجأة .أخرج هذه القصة ابن أبي الدّنيا في "ذمّ المسكر" (74) والبيهقي في "الشعب" (5610).(1/28)
وسكر أخر فنام عن العشاء الآخرة، وكانت امرأته ابنة عمه، وكانت ديّنة، فجعلت توقظه للصلاة، فلما ألاحت عليه حلف بطلاقها البتّة أن لا يصلي ثلاثًا، فلما أصبح كبر عليه فراق ابنة عمّه، فبقي يومين لم يصلّ لأجل يمينه، فعرضت له علّة فمات. وفي هذا أنشد بعضهم:
أتأمن أيّها السكران جهلاً * * * بأن تفجاك في السكر المنيّة
فتضحي عبرة للناس طرًا * * * وتلقى الله من شرّ البريّة
انظر : ذم الخمر ,لابن رجب الحنبلي 26.
ب- الأضرار الصحية والنفسية ومنها :
1- التأثير على الجهاز التنفسي ، حيث يصاب المتعاطي بالنزلات الشعبية والرئوية ، وكذلك بالدرن الرئوي وانتفاخ الرئة والسرطان الشعبي.
2- تعاطي المخدرات يزيد من سرعة دقات القلب ويتسبب بالأنيميا الحادة وخفض ضغط الدم ، كما تؤثر على كريات الدم البيضاء التي تحمى الجسم من الأمراض .
3- التأثير على الكبد والبنكرياس والكلي : إنّ الحرارة التي تنتجها الكحول تقلل من احتراق الدهنيات. وهي، أي الدهنيات المورد الأساسي لحرارة الجسم. وعدم تصريف الدهنيات يؤدي بدوره إلى الكبد السمين. وهذه حالة خطرة قد تنتهي بضرب الكبد وتعطيله كليا.
4- يعاني متعاطي المخدرات من فقدان الشهية وسوء الهضم ، والشعور بالتخمة ، خاصة إذا كان التعاطي عن طريق الأكل مما ينتج عنه نوبات من الإسهال والإمساك ، كما تحدث القرح المعدية والمعوية ، ويصاب الجسم بأنواع من السرطان لتأثيرها على النسيج الليفي لمختلف أجهزة الهضم .
5- تزداد كمية الحامض في الجسم مع احتساء الخمر مما يؤدي إلى: أ- انخفاض كمية السكر. ويؤدي استمرار انخفاض كمية السكر إلى ضربة قاسية على الدماغ.
ب-ازدياد الحامض البولي. وأقل ما ينتج في هذه الحالة تراكم الحامض البولي في الدم ومن ثم ترسب هذا الحامض في المفاصل والتسبب في داء المفاصل.
6- تدهور في الصحة العامة وذبول للحيوية والنشاط , وتدمير الجهاز المناعي في الجسم .(1/29)
7- تأثير المخدرات على الناحية الجنسية ، فقد أيدت الدراسات والأبحاث أن متعاطي المخدرات من الرجال تضعف عنده القدرة الجنسية ، وتصيب المرأة بالبرود الجنسي .
8- التأثير على المرأة وجنينها ، وهناك أدلة قوية على ذلك . فالأمهات اللاتي يتعاطين المخدرات يتسببن في توافر الظروف لإعاقة الجنين بدنيا أو عقليا .
9- الأمراض النفسية كالقلق والاكتئاب النفسي المزمن وفقدان الذاكرة ، وقد تبدر من المتعاطي صيحات ضاحكة أو بسمات عريضة ، ولكنها في الحقيقة حالة غيبوبة ضبابية .
10- تؤدي المخدرات إلى الخمول الحركي لدي متعاطيها .
11- إتلاف الجهاز العصبي المركزي والجهاز التنفسي .
12- الاكتئاب والشعور بالقلق .
13 - أنها تفسد العقل والمزاج , وربما تؤدي بصاحبها إلى الانتحار .
ج- الأضرار الاجتماعية ومنها :
1- يؤثر الإدمان على علاقة المدمن الشخصية وخاصة مع أسرته مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الانفصال وتشرد الأولاد وتأثر أوضاعهم النفسية والاجتماعية والمسلكية.
2-ويؤثر الإدمان على علاقات المدمن الاجتماعية في محيط مهنته وأصدقائه.
3- عندما تتجاوز نسبة الكحول في دم الشارب نصف غرام في اللتر الواحد تتأثر مهارة السائق وتضطرب قيادته للسيارة.
4- وهناك علاقة كبيرة إلى حد كبير بين حوادث العنف والقتل وبين تناول الكحول فقد دلت الأبحاث سنة 1976 في الولايات المتحدة الأميركية أن مليونين من أصل ثلاثة ملايين عملية توقيف من قبل الشرطة كانت بسبب السكر الشديد في الأماكن العامة.ودلت الأبحاث سنة 1955 في فرنسا أن 46% من مجموع حوادث القتل بسبب تعاطي الكحول. فما عساها تكون النسب في سنة 1984 وما بعدها.
5- الوقوع في الجريمة بأنواعها المختلفة .
6 مدخل للفقر والشقاء والتعاسة والبطالة والتشرد .
7- الدياثة وزوال الغيرة على الأعراض والمحارم .
8- القدوة السيئة للغير .
9- فقدان الشرف والمكانة والسمعة الطيبة بين الناس .(1/30)
فكم من الناس اقتتلوا وسفكوا دماء بعضهم بسبب السكر الشديد وكم من الناس خسروا ثرواتهم وجني أعمارهم في القمار والمراهنات وهم تحت تأثير الخمر. وكم من الناس اغتصبوا اقرب الناس إليهم وهم تحت وطأة تأثير الخمر.
قال الإمامُ ابن القيم في كتابه "حادي الأرواح"، والذهَبي في "الكبائر" ومن أضرار الخمر:
1- أنَّ الخمر تغتال العقل.
2- تُكثِر اللَّغو على شاربها.
3- تنزف المال، وتُصَدِّع الرأس.
4- هي رِجْس مِن عمَل الشيطان.
5- تُوقِع العداوة والبغضاء بين الناس.
6- تصدُّ عن ذكْر الله وعن الصلاة.
7- تدعو إلى الزنا، وربما دعتْ إلى الوقوع على البنت والأخت وذوات المحارم.
8- تُذْهِب الغَيْرة من قلب شاربها.
9- تُورِث الخِزْيَ والندامة والفضيحة.
10- تُلْحِقُ شاربها بأنقص نَوْعِ الإنسان، وهم المجانين.
11- تسلبه أحسن الأسماء والسِّمات.
12- وتكسوه أقبح الأسماء والصفات.
13- تسبب قتل النفس، وإفشاء السر، الذي في إفشائه مضرَّته وهلاكه.
14- تهتك الأستار، وتظهر الأسرار.
15- تُهَوِّن ارتكاب القبائح والإثم.
16- تُخْرِج من القلب تعظيم المحارم.
17- المُدَاوِمُ على شربها كعابد وَثَن.
18- أنها جِمَاعُ الإثم، ومفتاح الشر.
19- أنَّ مَن شَرِبها في الدنيا لَم يشربْها في الآخرة.
20- أن مُدْمِنَها إذا مات ولَم يَتُبْ لا يدخل الجنة.
21- أنَّ السَّكْران لا يقبل الله منه حسنة.
22- أنَّ مَن شرب الخمر لا يكون مؤمنًا حين يشربها.
23- أن شارب الخمر عليه الحدُّ ثمانون جلدة.
24- لا يُعاد شاربُ الخمر إذا مرض، ولا يسلَّم عليه؛ لأنه فاسقٌ ملعون، قد لَعَنَهُ الله ورسوله، إلا مَن تاب، ومَن تاب تابَ الله عليه. انظر : حادي الأرواح"، ص113، 114، و"كبائر الذهبي"، ص78- 82.(1/31)
وربما يتعلل بعضهم بأنه يشرب الخمر أو المخدرات على سبيل التداوي , وذلك مردود عليه فإن الله عز وجل أنه لم يجعل شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها، وإليك الأدلة التي تنهى عن التداوي بالحرام والنجس:
خرَّج مسلم في صحيحه بسنده إلى وائل الحضرمي أن طارق بن سويد الجُعْفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر؟ فنهاه، أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال: "إنه ليس بدواء، ولكنه داء".
أخرجه أحمد 4/311(18995) و"الدارِمِي" 2095 و"مسلم"6/89(5185) و"أبو داود"3873 و"التِّرمِذي"2046 .
وخرَّج أبو داود بسنده من حديث أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً ، فَتَدَاوَوْا ، وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ.أخرجه أبو داود (3874).
وعن ابن مسعود موقوفا عليه : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم . وإسناده صحيح .
ثالثاً - أدلة تحريم الخمر والمخدرات :
أ- من القرآن الكريم :
1- قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } المائدة آية 90.
2 – قال تعالى : " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) سورة الأعراف.(1/32)
3- قال تعالى : ({وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (29) سورة النساء.
4- قال تعالى : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (195) سورة البقرة .
5- قال تعالى : {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا *إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (27-26) سورة الإسراء.
أ- من السنة النبوية :
1- عَنْ أم سَلَمَةَ ، قَالَتْ:نَهَى رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلًّ مُسْكِرٍ ومُفْتِرٍ. أخرجه أحمد 6/309 و"أبو داود" 3686 , قال الحافظ العراقي: إسناده صحيح، وصححه السيوطي في الجامع الصغير.
2- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ .أخرجه أحمد 1/255(2307) و(ابن ماجة) 2337 , (رواه احمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي) 0
قال الشاطبي رحمه الله في ( الموافقات جـ 3 \ 8 ، 9 ، 10 ) هذا الحديث دليل ظني داخل تحت أصل قطعي ، فإن الضرر والضرار مبثوث منعه في الشريعة كلها في وقائع جزئيات وقواعد كليات . . ومنه النهي عن التعدي على النفوس والأموال والأعراض وعن الغصب والظلم وكل ما هو في المعنى إضرار أو ضرار ، ويدخل تحته الجناية على النفس أو العقل أو النسل أو المال فهو معنى في غاية العموم في الشريعة لا مراء فيه ولا شك . وقد أثبتت التحاليل الطبية والتجارب العلمية أن المخدرات بأنواعها هي مصدر العلل والأمراض العقلية والنفسية والاجتماعية المنتشرة في أنحاء العالم .(1/33)
3- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ:لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً : عَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَشَارِبَهَا ، وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ ، وَسَاقِيَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا ، وَالْمُشْتَرِيَ لَهَا ، وَالْمُشْتَرَاةَ لَهُ.أخرجه ابن ماجة (3381) والتِّرْمِذِيّ" 1295 .
4- عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ وَالدَّيُّوثُ وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى . أَخْرَجَهُ أحمد 2/134(6180) و"النَّسائي" 5/80 ، وفي (الكبرى ) 2354.
5- في المسند عن ابن عباس مرفوعًا: "مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن" خرّجه ابن حبّان في "صحيحه ".رواه أحمد في "المسند" (1/272) وعبد الرزاق في "المصنف" (17070) عن ابن عباس مرفوعًا وابن حبان (5347) والبيهقي في "الشعب" (5596) ونسبه السيوطي في "الدر المنثور" (2/318) لأبي الشيخ وابن مردويه، وأورده الهيثمي في "المجمع" (5/74) وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح، إلا أن ابن المنكدر قال: حدثت عن ابن عباس. قلت: وللحديث شواهد بتقوى بها ولذلك أورده الألباني في "الصحيحة" (677) وقال بعد تخريجه: فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح .(1/34)
6- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ بِيَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسُمٍّ فَسُمُّهُ بِيَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا. أخرجه "أحمد" 2/254(7441) و"الدارِمِي" 2362 و"البُخاري" 5778 و"مسلم" 215 .
7- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:لاَ يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ. قَالُوا : وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ ؟ قَالَ : يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلاَءِ لِمَا لاَ يُطِيقُهُ.أخرجه أحمد 5/405(23837. وابن ماجة (4016) والتِّرْمِذِيّ" 2254 .
ج- من الإجماع :
ولقد أجمعت الأمة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على تحريمها , وبذلك استقرت الحرمة حكما للخمر , وصارت حرمتها معلوماً من الدين بالضرورة , فمن استحلها وأنكر حرمتها يكون خارجاً عن دائرة الإسلام. قال ابن هبيرة في ( الإفصاح : 2/219) : " واتفقوا على أن الخمر قليلها وكثيرها حرام وفيها الحد , وكذا اتفقوا على أنها نجسة , وأجمعوا على أن من استحلها حكم بكفره." وقال العثماني في رحمة الأمة " أجمع الأئمة على تحريم الخمر ونجاستها , وأن شرب كثيرها وقليلها موجب للحد".
وأما حد شارب الخمر فالفقهاء متفقون على وجوب حد شارب الخمر، وعلى أن حده الجَلْدُ، ولكنهم مختلفون في مقداره؛ فذهب الأحناف، ومالك إلى أنه ثمانون جَلْدَة. وذهب الشافعي إلي، أنه أربعون.
وعن الإمام أحمد روايتان، قال في لالمغني": وفيه روايتان؛ إحداهما، أنه ثمانون.(1/35)
وبهذا قال مالك، والثوري، وأبو حنيفة، ومن تبعهم؛ لإجماع الصحابة، فإنه روي أن عمر استشار الناس في حد الخمر ؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعله كأخف الحدود، ثمانين. فضرب عمر ثمانين، وكتب به إلى خالد، وأبي عبيدة بالشام. صححه الألباني، في "إرواء الغليل" 8 / 45.
وروي أن علياً - رضي اللّه عنه - قال في المشورة: إذا سَكِر هَذَى، وإذا هَذَى، افْترىٍ، فحدوه حد المفتري. روى ذلك الجوزجاني، والدار قطني، وغيرهم.
والرواية الثانية، أن الحد أربعون. ، ومذهب الشافعي؛ لأن عليّاً جلد الوليد بن عقبة أربعين، ثم قال: جلد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سُنَّة، وهذا أَحبُّ إليّ. مسلم: كتاب الحدود , باب حد الخمر 11 / 216.
وعن أنَس، قال: أُتي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر، فضربه بالنعال، نحواً من أربعين، ثم أُتِي به أبو بكر، فصنع مثل ذلك، ثم أتِي به عمر، فاستشار الناس في الحدود، فقال ابن عوف: أقل الحدود ثمانون فضربه عمر. البخاري: كتاب الحدود , باب ما جاء في ضرب شارب الخمر (8 / 418)، ومسلم: كتاب الحدود , باب حد الخمر 11 / 215.
وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم حجة، لا يجوز تركه بفعل غيره، ولا ينعقد الإجماع على ما خالف فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعلي، فتحمل الزيادة من عمرعلى أنها تعزير، يجوز فعله، إذا رآه الإمام
ويرجح هذا، أن عمر كان يجلد الرجل القوي المنهمك في الشراب ثمانين، ويجلد الرجل الضعيف الذي وقعت منه الزلة أربعين.(1/36)
وأما الأمر بقتل الشارب إذا تكرر ذلك منه، فهو منسوخ؛ فعن قبيصة بن ذؤيب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لمن شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلده، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه في الثالثة، أو الرابعة". فأتِي برجل قد شرب، فجلده، ثم أتِي به، فجلده، ثم أتِي به، فجلده، ورفع القتل، وكانت رخصة. أبو داود برقم (4485)، والترمذي، برقم (1468)، وابن ماجه برقم 2572.
رابعاً – طرق العلاج من إدمان الخمور والمخدرات :
1- كيفية التعرف على متعاطي المخدرات
إن التعرف على أي من الظواهر التي تكشف تعاطي الفرد للمخدرات وإدمانه أياً كان نوع المخدرات التي يتناولها هذا الفرد، تعتبر خطوة هامة في سبيل علاج هذا الانحراف الخطير، ولذلك يجب أولاً حينما نواجه ظاهرة الإدمان أن يكون هناك معرفة علمية وصحيحة بكل جوانب المشكلة نفسياً وصحياً واجتماعياً، ظواهرها التي يتم ملاحظتها على المتعاطي.
وكيفية اكتشاف الإدمان مبكراً أمر هام وضروري في سبيل علاج المدمن في المراكز المتخصصة بالطرق العلمية السليمة، رغم أن اكتشاف سقوط المدمنين في البداية أمر غاية في الصعوبة، خاصة للآباء على أبنائهم حتى ولو أوتوا نصيباً من العلم والثقافة، ذلك أنهم قد لا يكونوا على علم بسمات وسلوك المدمن الذي يعتمد تناول العقاقير المخدرة وزال كيماويات، أو أنهم يقللون من خطورة الموقف، والذي يزيد الأمر صعوبة هو استخدام الأبناء ذكائهم لتضليل آبائهم وإبعاد انتباههم عن تلك العلامات والظواهر التي تظهر على الشخص وتبين أنه يدمن أي نوع من أنواع المخدرات.
تشير بعض الدراسات إلى أن هناك أعراضاً للإدمان يمكن بالتدقيق الشديد ملاحظتها والتنبه لها، وهي قسمان: أعراض جسمية وأعراض حسية.
والأعراض الجسمية من أهمها:(1/37)
1- ظهور أعراض على الشخص مثل أعراض الأنفلونزا من كثرة الرشح من الأنف وارتعاش وسعال وحرارة وهمدان في الجسم وغيرها، وقد يفلح المدمن المخضرم في إقناع والديه والمحيطين به أن لديه نزلة برد.
2- ظهور أعراض مثل أعراض الإجهاد والعمل الزائد، أو وجود مشكلات صحية أهمها احمرار العينين بشدة وشحوب لونهما وتساقط الدموع منها بكثرة وظهور النعاس فيها.
3- ظهور علامات تعاطي الحقن في الذراعين وانخفاض في الوزن، وظهور علامات سوء التغذية.
4- حدوث تغيرات في سلوك الشخص وخاصة السلوك العاطفي الحسي الزائد نحو أفراد أسرته وتغيير العديد من القيم التي كان يؤمن بها الشخص قبل الإدمان,كثيراً ما يشاهد على الشخص المدمن كثرة الاحتجاج على القواعد والأسس التي يقوم عليها نظام الأسرة أو المدرسة أو المؤسسة الاجتماعية التي يتواجد بها وينتمي إليها، مع ازدياد الجدال والنقاش مع أفراد هذه المؤسسات.
5- يلاحظ على الشخص المدمن فقدان الوعي والدخول في عالم الأوهام، مما يجعله مائلاً إلى الانطوائية والانعزال عن نشاط الأسرة أو الأقران والزملاء.
6- يكون لدى المدمن الرغبة الدائمة في الابتعاد عن المنزل وتغيير مفردات الحديث وألفاظه من حيث الإسراع بالكلام أو الإبطاء به، وأيضاً تعود النسيان والاندفاع إلى الكذب لتبرير كثير من المواقف والسلوكيات.
ويجمل الدكتور أحمد عكاشة. العلامات التي يمكن عن طريقها كشف المدمن والتعرف عليه في الآتي:
الانطوائية والانعزال عن الآخرين بصورة غير عادية.
الإهمال وعدم الاهتمام بالمظهر والعناية به.
الكسل الدائم والتثاؤب المستمر.
شحوب في الوجه وعرق ورعشة في الأطراف.
فقدان الشهية والهزال وال‘مساك.
الهياج الشديد لأقل سبب مما يخالف لطبيعة الشخص المعتادة.
الإهمال الواضح في الأمور الذاتية وعدم الانتظام في الدراسة والعمل.
إهمال الهوايات الرياضية أو الثقافية.
اللجوء إلى الكذب والحيل الخادعة للحصول على مزيد من المال.(1/38)
اختفاء أو سرقة الأشياء الثمينة من المنزل دون اكتشاف السارق.
ب- علاج المدمن للخمر والمخدرات
لا بد بداية أن نفرق بين المدمن ومن ابتلي بشرب المخدرات , وبين الجشع الذي يتاجر فيها , ولا يهمه إلا المكسب والربح الحرام .
فالمدمن شخص مبتلى يعامل بالشفقة والرحمة , حتى نفتح له بابا للأمل في التوبة والمعافاة , مالك بن أنس -رحمه الله- بلغه أن عيسى بنَ مريم كان يقول : «لا تُكْثِرُوا الكلام بغيرِ ذِكْرِ الله ، فَتَقْسوَ قلوبُكم ، فإن القَلْبَ القاسيَ بعيد من الله ، ولكن لا تعلمون ، ولا تنظروا في ذُنُوب الناس كأنَّكم أرباب ، وانظروا في ذُنُوبكم كأنكم عبيد ، فإنما الناسُ مُبْتَلى ومعافى، فارحمُوا أهلَ البلاءِ ، واحْمَدوا الله على العافِيةِ»الموطأ 2/986.
عَنْ أَسْلَمَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ؛أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللهِ ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا ، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا ، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : اللَّهُمَّ الْعَنْهُ ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : لاَ تَلْعَنُوهُ ، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ. أخرجه البُخَاري 8/197(6780) .(1/39)
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، أَنَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ، قَالُوا : لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : ِللهِ ، وَلِكِتَابِهِ ، وَلِنَبِيِّهِ ، وَلأَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ وَعَامَّتِهِمْ.- وفي رواية : إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، قَالُوا : لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : ِللهِ ، وَلِكِتَابِهِ ، وَلِرَسُولِهِ ، وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ. أخرجه "أحمد" 4/102(17064) و"مسلم" 1/53(107) و"أبو داود" 4944 و"النَّسائي" "الكبرى" 7773 .(1/40)
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا مع عمر في مسير فأبصرنا رجلا يسرع في سيره، فقال: إن هذا الرجل يريدنا فأناخ ثم ذهب لحاجته، فجاء الرجل فقال عمر: ما شأنك؟ قال: يا أمير المؤمنين، إني شربت الخمر فضربني أبو موسى وسود وجهي، وطاف بي، ونهى الناس أن يجالسوني، فهممت أن آخذ سيفي فأضرب به أبا موسى، أو آتيك فتحولني إلى بلد لا أعرف فيه، أو ألحق بأرض الشرك، فبكى عمر رضوان الله عليه وقال: ما يسرني أنك لحقت بأرض الشرك، وقال: إن كنتُ لمن شرب الخمر، فلقد شرب الناس الخمر في الجاهلية، ثم كتب إلى أبي موسى: إن فلانا أتاني، فذكر كيت وكيت، فإذا أتاك كتابي هذا فمر الناس أن يجالسوه، وأن يخالطوه، وإن تاب فاقبل شهادته، وكساه وأمر له بمئتي درهم ... وعن يزيد بن الأصم أن رجلا كان ذا لباس، وكان يوفد إلى عمر لباسه، وكان من أهل الشام، وأن عمر فقده، فسأل عنه فقيل: يتابع في هذا الشراب، فدعا كاتبه، فقال: اكتب: من عمر بن الخطاب إلى فلان بن فلان، سلام عليكم فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}، ثم دعا وأمّن وأمّن من عنده، ودعوا له أن الله يقبله عز وجل، وأن يتوب عليه، فلما أتت الصحيفة الرجل جعل يقرأها ويقول: {غَافِرِ الذَّنبِ}، قد وعدني ربي عز وجل أن يغفر لي، {وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ}، قد حذرني الله من عقابه، {ذِي الطَّوْلِ}، والطول الخير الكثير، {إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}، فلم يزل يرددها على نفسه، ثم بكى، ثم نزع، فأحسن النزع، فلما بلغ عمر رضوان الله عليه خبره قال: هكذا فاصنعوا، إذا رأيتم أخا لكم زل زلة، فسددوه، ووفقوه وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا عونا للشيطان عليه. [39] - مناقب ابن عمر لابن الجوزي، الباب الرابع والثلاثون: في ذكر مكاتبته، ص131.(1/41)
خرج الأمام الحسن البصري إلى صلاة الفجر وأثناء سيره وجد رجل يخرج من خمارة ( مكان لشرب الخمر ) وعلى فمه رغاوي وماء الخمر تفوح منه وكان هذا الرجل وهو يسير يقول الله الله الله وهكذا وكانت تخرج غير موزونة فمن اجل كلمة الله تعالى خشي الإمام الحسن أن تخرج من فم كريه أو نجس مثل هذا الفم فاخرج منديله ومسح فم الرجل فأصبح الفم نظيف والكلمة أصبحت تخرج معتدلة وما إلى ذلك.. وذهب الإمام إلى الصلاة وفي اليوم الثاني ... خرج الإمام الحسن إلى صلاة الفجر فلم يجد الرجل يخرج من الخمارة ...!!! فدخل المسجد ووجد رجل يدعو ويتضرع ويبكي فنظر إليه فإذا هو الرجل فصلي الإمام بالناس وبعد الصلاة نام ( إما في المسجد أو في بيته ) فرأى المنادي يقول له في المنام طهرت فمه من اجلنا فطهرنا قلبه من أجلك.
وكان لأبي حنيفة جار بالكوفة يغنى في غرفته ، ويسمعُ أبو حنيفة غناءه فيعجبه ، وكان كثيراً ما يغني :-
أضاعوني وأي فتىً أضاعوا * ليوم كريهةٍ وسدادِ ثغرِ
فلقيه العسسُ ليلةً فأخذوه وحُبِس . ففقد أبو حنيفة صوته تلك الليلة ، فسأل عنه من غدٍ فأُخبِرَ ، فدعا بالقلنسوة السوداء فلبسها ، وركب إلى عيسى بن موسى ، فقال له : إن لي جاراً أخذه عسسُك البارحة فحُبِس ، وما علمت منه إلا خيراً . فقال عيسى: سلّموا إلى أبي حنيفة كلّ من أخذه العسس البارحة ، فأُطلِقوا جميعا ، فلما خرج الفتى دعا به أبو حنيفة وقال له سرّاً : ألست كنت تغني يا فتى كل ليلة :- أضاعوني وأي فتى أضاعوا فهل أضعناك ؟ قال : لا والله ، ولكن أحسنت وتكرمت ، أحسن الله جزاءك .
ولا بد من تكاتف الجميع لعلاج المدمن .
دور المدرسة في علاج ظاهرة تعاطي المخدرات:
ويمكن للإذاعة المدرسية والصحافة المدرسية عمل لوحات فنية تعبر عن مساوئ المخدرات وآثارها، وكذلك عمل مجلات ونشرات دورية وغير دورية تحث على محاربة هذه المخدرات وتساهم في علاج هذه الظاهرة.(1/42)
دور المسجد في علاج ظاهرة تعاطي المخدرات:
هذا ويجب أن تتم محاربة ظاهرة تعاطي المخدرات من خلال الخطب والمحاضرات التي تلقى في المساجد والندوات التي تعقد به لمناقشة آثارها المختلفة على الفرد والمجتمع عامة.
دور وسائل الإعلام في علاج ظاهرة تعاطي المخدرات:
ولكي يترك المدمن المخدرات فإن عليه :
1-ترك رفقاء السوء: أكبر مشكلة يعاني منها المدمن وتسبب الانتكاسة تلو الأخرى، أصدقاء السوء الذين يترقبون خروجه من السجن وانتهاء فترة معالجته في المستشفى؛ ليعود إلى انتكاسة مرة أخرى، فكان أهم خطوة هي هجرانه لهؤلاء، وقطع الصلة بهم وتغيير أرقام هواتفه ومكان إقامته.
2-مصاحبة الأخيار: من الأهمية أن يستبدل المدمن أصدقاء جددًا صالحين بأصدقائه القدامى حتى يتأثر بخصالهم الخيرة، ويقتدي بسلوكهم السوي.
3-الابتعاد عن بيئة الإدمان: لا يكفي أن يبدل المدمن أصدقاء صالحين بأصحابه السيئين، ولكن لا بد أن يعتزل كل مكان يذكره بالماضي؛ حتى لا يسبب له تحديث نفسه بالعودة.
4-القيام بالفرائض الدينية: لا يمكن أن تقوى هذه النفس على ترك المخدر، وتقوى الإرادة إلا بالاستعانة بما هو أقوى منه، وهو الله، وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال القيام بما أمرنا به من الفرائض والابتعاد عما نهانا عنه من الذنوب، يقول الله تعالى: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي" وهذا لا يخص الصلاة فحسب، بل باقي الفرائض أيضا كالقيام والزكاة والحج وبر الوالدين وغيرها.
5-تقوية الجوانب الإيمانية: لا بد من تقوية النفس بالنوافل والقربات، كقراءة القرآن وحفظه وقيام الليل وصلاة الضحى والصدقات وحضور دروس العلم والمداومة على أذكار الصباح والمساء والعمرة وغيرها من الطاعات.(1/43)
6-شغل وقت الفراغ: الفراغ هو أحد أكبر الأعداء للمدمن أي الحرص على ربط المدمن بالرياضة والرحلات البرية والبحرية، وتدريس الأطفال واللعب معهم وزيارة الأرحام والقراءة والاشتراك في دور القرآن الكريم والنوادي الصحية وحضور مجالس العلم وغيرها.
7-مراجعة الطبيب: لا بد للمدمن من مراجعة الطبيب بين فترة وأخرى، ليس لهدف الحصول على المزيد من الجرعات والحبوب المجانية بل لمتابعة الحالة الصحية، وتطورها وأخذ المزيد من التوجيهات والنصائح الطبية والنفسية، وللحصول على إجابة بعض التساؤلات مما يجده المريض من تبدلات صحية ونفسية تطرأ عليه بين الفينة والأخرى.
8-التفكر: التفكر أسلوب فعال في معالجة النفس والارتقاء بها إلى الأفضل، كما أنه يقوي جانب الإصرار والثبات على التوبة، والتفكر الإيجابي ينحصر فيما يلي:
- يجب أن يتفكر فيما تكبده من خسائر منذ بداية الإدمان وحتى هذه الساعة.
- لا بد أن يتفكر في الموت وهو نهاية كل حي، وماذا سيقول لله تعالى بعد موته.
- عليه أن يسأل نفسه: هل هو سعيد أم تعيس؟ وما أسباب التعاسة؟
وهناك ثلاث مراحل حددتها منظمة الصحة العالمية :
أ - المرحلة الأولى " المبكرة ":ويتطلب ذلك الرغبة الصادقة من جانب المدمن .
ب - المرحلة الثانية " المتوسطة " :بعد تخليص المدمن من التسمم الناجم عن التعاطي وبعد أن يشعر أنه في حالة طبية بعدها تظهر مشكلات المرحلة المتوسطة من نوم لفترات طويلة وفقدان للوزن وارتفاع في ضغط الدم وزيادة في دقات القلب تستمر هذه الأعراض عادة بين ستة أشهر إلى سنة على الأقل لتعود أجهزة الجسم إلى مستوياتها العادية .
ج - المرحلة الثالثة " الاستقرار ":وهنا يصبح الشخص المعالج في غير حاجة إلى الخدمات أو المساعدة بل يجب مساعدته هنا في تأهيل نفسه .(1/44)
وأما تجار السموم الذين لا يرقبون في شبابنا إلا ولا ذمة , فهؤلاء لا بد من وقفة صارمة وحاسمة معهم , فقد تساهل الناس في علاقاتهم مع هؤلاء , فصار بعض الناس يصادقهم ويتودد إليهم , مع بعده عن مسلكهم , وهو بذلك يحوم حول الحمي , ويشجع هؤلاء دونما قصد , وقد قال لنا الرسول صلى الله عليه وسلم : " لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا ، وَلاَ يَأْكُلُ طَعَامَكَ إِلاً تَقِي.
أخرجه أحمد 3/38(11357) و"الدارِمِي" 2057 و"أبو داود" 4832 عن أبي سعيد الخدري .
روى الآجرّي بإسناده عن عبد الله بن عمرو قال: "لا تسلّموا على شَرَبة الخمر، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم. إن شارب الخمر يأتي يوم القيامة مائل شقّه، مُزرقة عيناه، يندلع لسانه على صدره، يسيل لعابه على بطنه، يتقذّره كل من رآه" أخرج البخاري في "صحيحه/ فتح" (11/40) الجملة الأولى من هذا الأثر تعليقًا، وقال ابن حجر: وهذا الأثر وصله البخاري في "الأدب المفرد": عن عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ (لا تسلموا على شرَاب الخمر) وبه إليه قال: (لا تعودوا شرّاب الخمر إذا مرضوا). أ.هـ. قلت: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنّف" (17074)، وروي نحوه عن عليّ وابن عباس موقوفًا وعن ابن عمر بسند ضعيف مرفوعًا.
وعن أحمد رواية: أنه لا يصلّي الإمام علي من مات مدمن خمر.الزواجر 3/131.
وعَنْ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخدري ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ ، فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ. خرجه أحمد 3/10(11089) و"مسلم" 1/50(86) والتِّرْمِذِيّ" 2172 و"النَّسائي" 8/111.(1/45)
فلو أن هؤلاء أحسوا بمقاطعة الناس وهجرانهم لهم , وأن الناس لا تسلم عليهم ولا تشاربهم ولا تؤالكلهم , ولا تشتري منهم ولا تبع لهم , ولا تزوجهم ولا تتزوج منهم , ولا عيادتهم إذا مرضوا ولا متابعة جنائزهم ؛ لو فعل الناس ذلك لراجعوا أنفسهم ولأقلعوا عما فيه من فجور وعصيان .
قال ابن رجب الحنبلي " يا هذا! إعرف قدر لطفنا بك، وحفظنا لك، إنما نهيناك عن المعاصي، صيانة لك، وغيرة عليك، لا لحاجتنا إلى امتناعك ولا بخلاً بها عليك.
لما عرفتنا بالعقل حرّمنا عليك الخمر لأنها تستره، شيء به عرفتنا - يحسن بك أن تزيله أو تغطيه.
لا كان كلما يقطع المعرفة بيننا وبينك، لا كان كلما يحجب بيننا وبينك.
يا شارب الخمر لا تغفل، يكفيك سكرًا جهلك!؟ لا تجمع بين خطيئتين.
يا من باشر بعض القاذورات، اغتسل منها بالإنابة وقد زال الدّرن.
طهّروا درن القلوب بدمع العيون فما ينفعها غيرها.
يا من قد درن قلبه بوسخ الذنوب، لو اغتسلت بماء الإنابة لطهرت!
لو شربت من شراب التوبة لوجدته شرابًا طهورًا.
يا أوساخ الذنوب، يا أدران العيون، { هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [صّ: من الآية42].
مجالس الذكر للمذنبين، شراب المواعظ: شراب المحبّين وترياق المذنبين، { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ } [البقرة: من الآية60].
قد أدرنا عليكم اليوم شراب التشويق ممزوجًا بماء التخويف، فبالله لا يقم أحد منكم من هذا المجلس إلا وقد أناب إلى الكريم الوهاب.
أليس من أهل الشراب من يبكي، ومنهم من يضحك، ومنهم من يطرب، ومنهم من يتملّق النّاس ويتعلق بهم، ومنهم من تثور نفسه فلا يرضى إلا بأن يطلق أو يضرب بالسيف، ومنهم من ينام.(1/46)
فهكذا شراب المواعظ يعمل في السامعين: فمنهم من يبكي على ذنوبه، ومنهم من يضحك لنيل مطلوبه، ومنهم من يضحك فرحًا بمحبوبه، ومنهم من يتشبث بأذيال الواصلين لعله يعلّق خطام راحلته على قطارهم، ومنهم من لا يرضى حتى يبتّ طلاق الدّنْيا ثلاثًا، أو يقتل هوى نفسه بسيف العزم كالمعربد، ومنهم من لا يدري كالنائم.
ابن رجب الحنبلي : ذم الخمر ص 28 , 29 .
وقال أحمد محرم :
ليس في الخمرِ شِفاءٌ لامرئٍ * * * من سقامٍ أو وقاءٌ من ضَرَرْ
احذروها إنَّها المكرُ الذي* * * مَكَرَ الشيطانُ في ماضِيِ العُصُرْ
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْألُكَ بِأَنَّكَ أنْتَ المَنَّانُ بَدِيْعَ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ، ياذَا الجلالِ والإِكْرَامِ، ونَسْألُك اللَّهُمَّ بِأنَّك أنْتَ اللهُ الَّذِي لا إلَهَ إلاَّ أنْتَ الوَاحِدُ الأحَدُ، عَلِيٌّ على العُلا، فَوْقَ العُلا، رَبٌّ صَمَدٌ، مُنَزَّهٌ في مُلْكِهِ، لا شَرِيْك لك ولا ولَد، ونَسْألُك اللَّهُمَّ بِأنَّك أنْتَ اللهُ الَّذِي لا إلَهَ إلاَّ أنْتَ الحيُّ القَيُّوْمُ، الرَّحْمَنِ الرَّحيْم،المَلِكِ، الحقِّ المُبِيْنِ، يا ذا الجَلالِ والإِكْرَامِ، ونَسْألُك اللَّهُمَّ وأنْتَ فَاطِرُ السَّمَواتِ والأَرْضِ عَالِمُ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ، أنْتَ تَحْكُمُ بَينَ عِبَادِك فِيْمَا كانُوا فِيْهِ يَخْتَلِفُون.(1/47)
إِلَهِي يَا حَسَنْ التَجَاوز يَا مَنْ أَظْهَرَ الجَمِيل وَسَتَرَ القَبِيحْ يَا مَنْ لاَ يَأْخُذُ بِالجَرِيرَة وَلاَ يَهْتِكُ السِتْر يَا وَاسِعُ المَغْفِرَة يَا بَاسِطَ اليَدينِ بِالرَحمَة، يَا صَاحِبَ كُلِ نَجْوَى وَيَا مُنْتَهَى كُلِ شَكْوَى يَا كَرِيمَ الصَفْح يَا عَظِيمَ المَن يَا مُبْتَدئاً بِالنِّعَم قَبْل اسْتِحْقَاقَها، يَا رَبنَا وَسَيدَنا وَمَولاَنَا وَيَا غَايةَ رَغْبَتِنَا، أَسْألُكَ يَا الله أَنْ تُحَرِمَ وَجْهِي عَلَى النَار، وَأنتَ الرَءوفُ الرَحِيم اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي خَيرَ مَا عِندَكَ بِسُوءِ مَا عِندِي.
اللَّهُمَّ يَا عَظِيمَ الْعَفْو ، يَا وَاسِعَ المَغْفِرَةِ يَا قَرٍيبُ الرَّحْمَةِ ، يَا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هَبْ لَنَا العَافِيةَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ . اللَّهُمَّ يَا حَيُّ وَيَا قَيُّوم فَرِّغْنَا لِمَا خَلَقْتَنَا لَهُ ، وَلاَ تُشْغِلْنَا بِمَا تكَفَّلْتَ لَنَا بِهِ ، واجعلنا مِمَّن يُؤمِنُ بِلقَائِكِ ، ويَرْضَى بِقَضَائِكَ ، وَيَقْنَعُ بِعَطَائِكْ ، وَيَخْشَاكَ حَقَّ خَشْيَتِكْ .
الفهرس
الموضوع ... الصفحة
مقدمة ... 2
أولاً - أسباب إدمان الخمور و المخدرات : ... 6
ثانياً - أضرار الخمور والمخدرات : ... 12
ثالثاً - أدلة تحريم الخمر والمخدرات : ... 34
رابعاً – طرق العلاج من إدمان الخمور والمخدرات : ... 39
الفهرس ... 52(1/48)