جميع الدروس والمحاضرات التي بثتها قناة المجد الفضائية
متنوعة و شاملة ومتميزة لعدة مشايخ أفاضل
إعداد و تنسيق فاعل خير
ما عليك إلا طباعتها
( الجزء الأول )
فضيلة الشيخ أحمد القطان - الكويت
ضيف الحلقة :
اليوم الأخر ( قصور وخدم أهل الجنة )
موضوع الحلقة :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وأحبكم في الله أجمعين ما جاء في مساكن أهل الجنة وقصورها ودرجاتها عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(1/1)
إن أهل الجنة لا يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهم قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والذي نفسي بيده رجال أمنوا بالله وصدقوا المرسلين رواه البخاري ومسلم وفي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم درجات أهل الجنة وغرف أهل الجنة والمسافات الهائلة فيما بينهم ثم يبين عبادة من عباداتهم وهي أمنوا بالله وصدقوا المرسلين والصحابة عندما سمعوا هذه الصفات العظيمة لتلك الغرف وتلك الدرجات ظنوا أنها للمرسلين فقط فلهذا رددوا أحبتي في الله أمنا بالله صدقنا المرسلين أمنت بالله وآياته أمنت بالله ورسله أمنت بالله وكتبه أمنت بالله ورسوله فالإنسان عندما يعلن هذا وتستقر هذه العقيدة في قلبه وهاتان الصفتان من أركان الإيمان مما يبين أن الناس يتمايزون يوم القيامة بعقائدهم أمنوا بالله صدقوا المرسلين وأركان الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر والقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى وأيضاً أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام أحبتي في الله هذا حديث أبي مالك والعجيب في هذه الأحاديث أنها تجمع بين العمل والجزاء تلاحظ أنه لما وصف الجنة وغرفها ماذا قال في نهاية الحديث أعدها لمن لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام فإطعام الطعام عبادة بل هي من أحب العبادات إلى الله وكان الإمام أبو حنيفة رحمه الله يهتم بهذه العبادة العظيمة ويشرف عليها بنفسه ويشهدها يجمع الفقراء والمساكين والأرامل ويهيئ لهم الطعام وأنا أعلم كثيراً من المحسنين في هذه الأمة قد تعاملوا مع مطاعم يدفعون لها شهرياً لأولئك الجوعى وإفطار الصائم في رمضان في الحرمين الشريفين وفي المساجد في العالم العربي(1/2)
والإسلامي والموائد العظيمة التي تعقد للمساكين إن جزاء ذلك هذه الجنة وهذه الغرف الجميلة لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وإفشاء السلام أن تسلم على من عرفت ومن لم تعرف وصلى بالليل والناس نيام ما ألذ المناجاة عندما تؤخر إلى الجوف الأخير من الليل ساعة نزول الرب إلى السماء الدنيا يقول هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له هل من داعٍ فأستجيب له يقول أنا الملك حتى ينفجر الفجر وهو ينادي عباده أما أهل الذنوب والمعاصي فهم لا يرجون نائمون وأما أهل الطاعات فهم يقومون ويقومون نعم كما أخبر الله عنهم في كتابه الكريم ) كَانُواْ قَلِيلاً مِّن اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون (18) ( الذاريات والقرآن في قيام الليل يرتقي في العباد في القوام الصوام درجات درجات فمرة يقول عن حالهم وعن صفاتهم ) قُمِ الْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلا (2) نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4) ( المزمل ثم يرتقي أكثر من ذلك كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ثم يرتقي درجة ثالثة فيقول عنهم ) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (17) ( السجدة ثم يرتقي درجة رابعة فيصبح مبيتهم هو القيام ذاته ) يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاما ( الفرقان (آية:64) فالمبيت عند الناس له معنى والمبيت عندهم له معنى أخر بعد أن تجافت جنوبهم عن المضاجع ذاقوا مبيتاً أخر غير الفراش الدافئ والنوم الهادئ وإنما هو مبيت يقومون لله رب العالمين نعم يبيتون لربهم سجداً وقياما من يرد عيش الجنان من يرد حور الجنان فليدع عنه التواني وليصل صوماً بصوم إن هذا العيش فاني عندما يجن عليك الليل يا أخي(1/3)
الكريم فتستيقظ فتقول لا آله إلا الله الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور ثم تتوضأ ثم تقول :
اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا آله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ثم تصف قدميك وتكبر بركعتين تقول اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ولقائك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك أمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير تناجي ربك ثم تقرأ الفاتحة ثم تقرأ سورة من كتاب الله ثم تركع وتطيل في الركوع سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة سبحان ربي العظيم وبحمده سبحانك اللهم ربنا وتسأل الله المغفرة ثم ترفع فتحمد الله وتثني عليه سمع الله لمن حمد اللهم ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وكما يحب ربنا أن يحمد وينبغي له عدد ما أحاط به علمك وخط به قلمك وأحصاه كتابك وبلغ فيه لطفك وأدركه بصرك وقهره ملكك ووسعته رحمتك ورضيته نفسك أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله علانيته وسره لك الحمد إنك على كل شيء قدير فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف ساعة كاملة كقيامه وركوعه يثني على ربه ويحمده سبحانه وتعالى ثم تخر ساجداً فتناجي ربك وأنت ساجد في قيام الليل فاسجد واقترب نعم يا أخي المسلم ناجي ربك وأنت ساجد اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك(1/4)
منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك أحبتي في الله لمن هذه الجنة هذه الجنة لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام إن الناس اليوم في زحمة العمل والإداريات والسياسيات والأخبار والفتن والقتل والحروب والكوارث ما الذي يخفف عليهم هذا الهم وتلك القسوة ويعود بهم إلى الروحانية إنه قيام الليل ? وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ الْلَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) ? هود أيها الغرباء أنتم من أهلها من أهل هذه الأرض من أهل القيام بكم الله يحفظ البلاد ويحفظ العباد ? وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ? هود (آية:17) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0
ضيف الحلقة :
الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني - مكة المكرمة
موضوع الحلقة :
أمراض القلوب (أهمية سلامة القلوب)
بسم الله الرحمن الرحيم..الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين...
أما بعد فسلام الله عليكم أيها الأخوة المشاهدون ورحمته وبركاته وأسعد الله جميع أوقاتكم وحياكم الله في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم كلمة مضيئة.(1/5)
وكلمتنا التي سوف نقولها في هذه الحلقة تتعلق بالقلب..القلب تلك الجارحة الخطيرة الهامة والتي تمثل السيطرة على سائر أعضاء الجسد والتي لها القرار في ضبط حركة الإنسان وتصرفات الإنسان في هذه الحياة.
القلب أهم عضو يقوم بتوجيه الإنسان إما سلبا أو إيجابا وعلى ضوء صلاح هذا القلب يتحدد يعني مصير الإنسان أو فساد القلب نسأل الله السلامة والعافية والنبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال ( ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) والقلب هو موضع إصلاح واهتمام جميع الرسالات السماوية التي أنزلت من السماء وجميع الكتب وجميع الأنبياء إنما بعثوا لإصلاح القلوب لم يبعث الله سبحانه وتعالى نبيا واحدا يدعو إلى إصلاح الأجساد طبيبا ولم يبعث الله سبحانه وتعالى نبيا مهندسا يدعو إلى التقنية والتصنيع وتطوير المادة ولم يبعث الله نبيا واحدا مزارعا يدعو يعني إلى تطوير الزراعة...لماذا ؟(1/6)
لأن هذه الأشياء من الأمور التجريبية التي يمكن للإنسان أن يدركها عن طريق الخبرة والتجربة والممارسة ثم إذا حصلت لا يترتب عليها أمر ولا يترتب عليها سعادة للإنسان فإن سعادة الإنسان ليست في صحة جسده ولا في كثرة صناعاته ولا في تنوع مزروعاته وهاهي أوربا الآن والعالم الكافر في أمريكا وفي غيرها من الدول يعني رغم أنهم حققوا منجزات علمية تقنية صناعية مذهلة.سبحوا في الفضاء وغاصوا في الماء وفجروا الذرة وطوروا الكهرباء أي نعم...ووفروا لأنفسهم الكثير من الكماليات والرفاهيات في مراكبهم وفي مآكلهم وفي مشاربهم وفي مساكنهم وفي ملابسهم وفي جميع حياتهم لكن هل حققت لهم هذه الحضارة وهذه المنجزات شيئا من السعادة لا والله..إنهم يعيشون في قمة الشقاء نظرا لفساد قلوبهم فصلاح القلب أو فساده يعني لا ينبني أو يتوقف على الماديات إنما يتوقف على شيء آخر وهو ما جاءت به الرسالات السماوية وما بعث به الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه عليهم والله سبحانه وتعالى قد بين في كتابه الكريم وبين النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة الصحيحة أهمية القلب ومدى علاقة القلب بمصير الإنسان وسعادة الإنسان في الدنيا وفي الآخرة ونحن نرى الآن في حياة الناس أنه تجد واحد من الناس فاسد في جميع تصرفاته عينه خبيثة تنظر إلى الحرام وأذنه خبيثة تسمع الأغاني والحرام والغيبة والنميمة ولسانه سيء بذيء يتكلم بالباطل ويشهد الزور ويحلف الفجور ويغتاب ويسب ويكذب وينم أي نعم ويده خبيثة تمتد إلى الحرام وتسرق الحرام وتسفك الدم الحرام وتمتد على امرأة حرام كذلك رجله خبيثة تمشي في الحرام، فرجه والعياذ بالله سيء يطأ في الحرام، بطنه خبيث يأكل الحرام ثم يحصل له شيء في حياته وهو اليقظة....يقظة القلب سلامة القلب معرفة الحياة، التذكر أنه ما خلق لهذا فيصلح قلبه فإذا صلح قلبه صلح كل شيء في حياته فتغير عينه...عينه العينه تنظر إلى الحرام تصبح إذا رأت منظر(1/7)
امرأة تغض البصر رغم أنها هي التي كانت تبحث عن هذا المنظر ما الذي تغير في حياته؟ هل غير عينه..لا هي عينه الأولى التي كانت تشتغل في الحرام لكن لما تغير قلبه تغيرت عينه...كذلك أذن الإنسان التي كانت تطرب وتشعر بالغبطة والنشوة حينما تسمع شيئا من الغناء لكن بمجرد أن سلم القلب وأصبح يدرك أن هذا محرم تركه وأصبح بدل السرور بسماعه يحصل عنده قلق وكراهية واضطراب ولا يريده وإذا سمع نغمة أو موسيقى تجده قفل قفل ويقوم إذا ما قذر يقفله..ليش ما الذي تغير الأذن تغيرت لا...الأذن هي هي بس الذي تغير الآمر القلب..
كذلك اليد التي كانت تنشل الحرام وتسرقه أي نعم تصبح ما تستطيع...
وبالمناسبة قبل فترة اتصل بي شاب يقول بأن الله سبحانه وتعالى هداه واستقام على الدين والتزم بالإسلام والحمد لله تمسك...يقول وكنت أمد يدي على المال الحرام يقول كنت أدخل الأسواق وكنت أذهب إلى محلات وأسرق منها والآن كيف يعني أصنع بهذه الحقوق التي عندي...
سبحان الله يده الدنيئة الخبيثة الآن أصبحت يد أمينة لا يريد المستقبل فقط ولكن يريد أيضا تصحيح الماضي وهذا من مقتضيات التوبة فإن الله سبحانه وتعالى يعني من شروط التوبة أن يرد الإنسان المظالم إلى الآخرين...(1/8)
شروط التوبة أربعة...الأول الإقلاع، الثاني الندم، الثالث االحرام لكنم العودة، الرابع إذا كانت المعصية لها علاقة بآدمي فإن الله لا يقبل التوبة إلا إذا ارجع هذا الإنسان الحق لهذا الآدمي لأن حقوق الله عز وجل قائمة على المسامحة أما حقوق العباد فهي قائمة على المشاحة وكل واحد يبغى حقه فلا بد أن يعيد الإنسان هذه المظالم فالشاهد أنه يده التي كانت تمتد للحرام لما صلح قلبه أصبحت يد نظيفة تريد أن ترد هذا المال الحرام إلى المكان الذي أخذته منه لسلامة اليد كذلك القدم التي كانت تحمله إلى الباطل ويذهب بها والعياذ بالله أماكن السوء وربما يسافر بها إلى البلدان الأخرى ليمارس الجرائم وليقع والعياذ بالله في الفواحش فيشرب الخمر وربما يقع في الزنا أصبحت رجل ربانية ما عادت تمشي إلا لطاعة الله تقول له هيا نسافر نروح نجي يقول لا لا نروح لمكة نعمل عمرة نروح للمدينة نزور مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، نروح للمشائخ نذهب إلى العلماء، نذهب إلى مجالس الذكر نحضر الدروس نحضر الندوات ما يذهب إلى أي مكان في معصية لله ليش؟ هذه الرجل هي نفسها التي كانت تمشي في الحرام لكن لما صلح القلب أصبحت هذه الرجل تمشي إلى الحلال...
كذلك الفرج الذي كان يطأ به الحرام والعياذ بالله لكن بعد تصحيح توبته وبعد سلامة قلبه يصبح لا يستطيع أن يمشي في هذا بل لو دعي وهيأت له الجريمة أينعم فيقول (إني أخاف الله رب العالمين) وهذا إن شاء الله يظله الله بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله...فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(1/9)
(سبعة يظلهم الله بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله) ذكر منهم رجل دعته امرأة ذات منصب يعني مكانة اجتماعية وجمال أي نعم دعته هي تدعيه إلى الفاحشة ما يسافر لها ولا يطلبها لا تدعيه هي وأيضا ليست من هؤلاء البغايا ولا من هؤلاء الساقطات لا ذات منصب ذات مكانة ذات منزلة وأيضا ذات جمال وحسن وإغراء ومع ذلك يقول لها وهي تدعوه (إني أخاف الله رب العالمين ) وقف الحاجز المانع وهو مخافة الله دون أن يقع في هذه الجريمة بسبب ماذا؟ بسبب سلامة القلب وعلى هذا يقيس الإنسان ما الذي تغير تغير فقط القلب هذه العين كما ذكرت جارحة مهمتها أن تنظر بس لكن ماذا تنظر أتنظر إلى الحلال أم تنظر إلى الحرام ؟
أتنظر إلى السماوات والأرض وإلى المصحف وإلى السنة وإلى المصالح التي يحتاجها الإنسان في حياته نظر تأمل نظر اعتبار نظر تفكير الله سبحانه وتعالى يقول: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب) الإنسان وهو يتأمل بهذه العين هذه الكائنات وهذه المخلوقات يصبح نظره عبادة لكن حين يعطل هذا النظر عن الوظيفة الرئيسية التي الله سبحانه وتعالى منحه إياها ويشغلها في وظيفة سيئة يشغل عينه في الحرام ينظر في الحرام والعياذ بالله يكون ذلك دليلا على مرض قلبه وإلا فإن القلب هو الذي يوجه إذا كان القلب سليم يوجه العين أن تنظر إلى الحلال إذا كان القلب مريض يوجه الأذن أن تنظر إلى الحرام والعياذ بالله...(1/10)
كذلك بالنسبة للأذن الأذن هذه قناة تصب إلى القلب ويتأثر القلب بما تسمع ولهذا الله سبحانه وتعالى أمر الناس بأن يحفظوا أسماعهم كما يحفظوا أبصارهم...لي ؟ لأن (السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسئولا) فالإنسان وهو يسمع هذه الأذن لا تحدد نوع المسموع ليس بإمكانها لأنها هي جندي أو جارحة أو عامل يؤدي غرض لكن من الذي يأمر الأذن أن تسمع الطيب أو تسمع الخبيث إنه القلب فإذا كان القلب منورا بذكر الله مطمئنا بالإيمان منشرحا بالدين فإنه يوجه هذه الأذن أن تسمع القرآن وأن تسمع المواعظ وأن تسمع الحق وأن تسمع علوم الرجاجيل اللي فيها خير فيها عبر وأن تسمع الحق أيا كان مصدره أي نعم ويمنعها من أن تسمع الباطل لا تسمع غيبة ولا تسمع نميمة ولا تسمع كذب ولا تسمع الزور ولا تسمع إشاعات ولا تسمع أغاني ولا تسمع كلام ساقط أو كلام بذيء والعياذ بالله ليه؟ لأن هذا يؤثر على القلب وهكذا...
إذا صلح القلب صلحت العين وصلحت الأذن وأيضا تصلح اليد ما تمتد إلا بالحق وتصلح الرجل ما عاد تمشي إلا إلى الحق ويصلح الجسم كله ويتحقق قوله صلى الله عليه وسلم ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )
ومن هنا يأتي دورك أخي بالله في حماية قلبك...مسؤوليتك ليست في حماية جسدك وللأسف الشديد فإن كثيرا من الناس قد بلوا وعموا وصموا بحرصهم على أجسادهم ولكن يدمرون قلوبهم بما يتيحون لها من وسائل الفساد ومن وسائل الانحراف حتى ضلوا وأضلوا وعاشوا والعياذ بالله بعيدا عن الجادة التي تسلك بهم سبيل السعادة في الدنيا والآخرة مسئوليتك أيها المسلم هو صيانة هذا القلب وسوف نتحدث بإذن الله في المستقبل في الحلقات الأخرى عن هذه الوسائل التي نستطيع أن نحمي بها قلوبنا.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهبنا جميعا قلوبا سليمة وألسنة صادقة وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه إنه ولي ذلك والقادر عليه.(1/11)
وحتى ألقاكم أيها الإخوة المشاهدون في حلقة أخرى أستودعكم الله وفي أمان الله وحسن رعايته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ عبد الوهاب الطريري -الرياض
ضيف الحلقة :
مع الرسول صلى الله عليه وسلم (صبره على الدعوة عليه السلام)
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله أيها الأخوة والأخوات والأبناء والبنات حياكم الله مع لقاء يتجدد نبحر به مع قلوبنا أرواحنا وجداننا نرحل به إلى هناك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم...مع رسول الله في دعوته هذه الدعوة التي كان مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ملحمة في الصبر الدأب وطول الأمل واليقين والثبات هذه المعاني ليست معاني مجردة نذكرها سردا وعدا لكنها حقائق تشرق من حال النبي صلى الله عليه وسلم عندما نتقفى هذه السيرة نفوسنا ظمأى...نفوسنا ظمأى يرويها أن ترد معين السيرة ومعين حال النبي صلى الله عليه وسلم فتتروى من هديه وهداه نحن أحوج ما نكون إلى أن نورد قلوبنا المكدودة معين سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام فتجد هناك مستراحها وأنسها ولذلك استنهضوا نفوسكم أيها الأخوة والأخوات والأبناء والبنات أن نذهب إلى هناك نرحل مع خبر تقصه علينا أمنا عائشة أمنا تستنطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنا تستنطق رسول الله صلى الله عليه وسلم وتستروي خبره فيخبرها رسول اله صلى الله عليه وسلم وهي تستقرؤه وتسترويه مسيرة مع دعوة تستروي رسول الله صلى الله عليه وسلم مالم تحضره من أحواله وقصته مع الدعوة...تفتح وعي أمنا عائشة رضي الله عنها مع الرسول والرسالة على حوادث وافتها لحداثة سنها وصغر عمرها أحداث أخر ولذلك كان أشد ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم مما أدركه وعي عائشة يوم أحد وإذا بها تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ما قبل يوم أحد فتقول له يا رسول الله هل مر عليك يوم هو أشد عليك من يوم أحد؟(1/12)
سؤال من أمنا عائشة وكانت صغيرة السن لكنها عبقرية ذكية ولماحة هي تعلم مالقيه النبي صلى الله عليه وسلم في يوم أحد...في يوم أحد شج جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كسرت رباعيته، غاصت حلقتان من حلق المخصرفي وجنته صلى الله عليه وسلم، صرع أصحابه حوله، وقف على جثمان عمه حمزة أحب الناس إليه وخيرة أهل بيته وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على جثمانه وقد بكر بطنه واستخرجت أحشاؤه ومثل به فوقف صلى الله عليه وسلم كاسفا حزينا على هذا الجثمان الطاهر وهو يقول لن أصاب بعد اليوم بمثل مصيبتي فيك.
كل هذا أصاب النبي صلى الله عليه وسلم في أحد هل أصاب النبي صلى الله عليه وسلم ماهو أشد من ذلك يا رسول الله أصابك ماهو أشد عليك مما أصابك يوم أحد؟
سؤال أمنا عائشة فماذا كان الجواب؟ ماذا كان جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كانت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنما تنكأ جراح غائرة في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد لقيت من قومك أذى شديدا كأنما كان سؤال عائشة يسترجع ذكريات مضى عليها زمن وطمرتها السنين فإذا بعائشة تستثيرها وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يجيب وكأنما عادت هذه المشاهد حية أمام ناظريه صلى الله عليه وسلم....لقد لقيت من قومك أذى كثيرا يعني نعم مر علي ما هو أشد من يوم أحد فما الذي كان أشد من يوم أحد...ما الذي كان أشد من جرح في الجبين وكسر السن وأن تغار حلقتان من حلق المغفر في وجنته وأن يرى أصحابه يصرعون حوله وأن يقف على جثمان عمه حمزة مشوها ممثلا به ما هو أشد من ذلك...أشد من ذلك ما سيرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/13)
وكان أشد ذلك يوم عرضت دعوتي على ابن عبد ياليل ابن عبد كلال ...ماهو خبر هذه الدعوة؟ وخبر هذا العرض...نحتاج أن نذكر ما لم يذكر ونظهر المضمر فنقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أزيد من عشر سنين قبل الهجرة وهو يدعو قريشا ويصبر لها ويصابرها عشر سنين في دعوة وثبات وصبر على الأذى حتى جرأ سفهاء قريش وملأها على أنواع من أذى النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا بعد موت عمه أبي طالب جرؤوا عليه جراءة شديدة فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد طول الصدود وكثرة الجحود إذا به يبحث عن تربة يلقي فيها بذرة دعوته لعله يستنبت هذه الدعوة في أرض أخرى فتنمو فيها وتورق...خرج من مكة إلى الطائف عله أن يجد في الطائف آذانا صاغية تستجيب لدعوته وتتبع رسالته وتحمل هديه وهداه ودينه خرج من مكة ماشيا إلى الطائف يقطع طريقا يزيد الآن على مائة كيلو من الطريق المعروف الآن بطريق السيل وكان يسمى أول وادي نخلة طريق وادي نخلة اللي هو طريق السيل الآن ووادي نخلة هو الذي يسمى الآن الزيمة قطعه النبي صلى الله عليه وسلم ومعه مولاه زيد بن حارثة مشيا على الأقدام في وقت الصيف القائض حتى وصل إلى الطائف وبقي هناك عشرة أيام يعرض فيها دينه، يبلغ رسالته يخشاهم في دواديهم ويخشاهم في مجتمعاتهم يقرأ عليهم القرآن حتى قال بعض أهل الطائف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطائف يقرأ (والسماء والطارق) فحفظتها وأنا مشرك وقرأتها وأنا مسلم......(1/14)
عشرة أيام قضاها النبي صلى الله عليه وسلم لا يواجه إلا بالصدود والإعراض فلما خشي ملأ أهل الطائف من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستميل الناس إليه أغرو به سفهاءهم فردوا عليه أقبح الرد حتى قال له بعضهم أما وجد الله غيرك رسولا فيرسله إلينا فلما أغرو به سفهاءهم فواجهوه بأقبح الرد إذا به صلى الله عليه وسلم وهو يواجه بهذا الصدود وبهذا الإعراض يرجع حزينا مكلوم الفؤاد مغموم النفس....... الذي خرج من مكة بعد أن جحده قومه على الملأ فيها وجرو عليه بالعذاب آملا أن يجد في الطائف مستنبتا لدعوته فيصد بهذا الصدود ويقابل بهذا الجحود فإذا به صلى الله عليه وسلم وهو الحامل لهم رسالته يغتم لذلك أشد الغم ويحزن لذلك أشد الحزن وتتراكب الهموم على القلب الكريم الطيب فلا يتنفس ولا ينفس عن ذلك إلا بدعوات يصدع فيها السماء....
اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي...أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا الآخرة أن ينزل بي غضبك أو يحل بي سخطك....
لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك.(1/15)
دعاء مكروب مغموم يصدع السماء ثم ينقلب النبي صلى الله عليه وسلم بعد عشر ليال طوال قضاها في الدعوة والمصابرة يرجع إلى مكة لكن كيف كان الرجوع ويسير في الطريق ولكن كيف كان المسير كيف قطع الطريق من الطائف عائدا إلى مكة...مكة التي خرج منها وبمرأى ومسمع من أهلها يرونه ويعلمون إلى أين سيذهب وماهي قضيته وما هو هدفه في ذهابه إلى الطائف وسيرجع إليهم وقد سبقته إليهم أخبار أهل الطائف معه فكيف سيدخل إلى بلد وكيف سيلقى قومه وهم الذين كانوا جرءاء عليه فكيف سيكون حاله بعد أن يرجع إليهم ولذلك عاد مكروبا مغموما فإلى أي درجة بلغ غمه وعلى أي حال كان حزنه يصف ذلك فيقول ( فلم أستفق إلا وأنا في قرن الثعالب...قرن الثعالب هو السيل الكبير يبعد عن الطائف 46 كيلو قطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيا ولكنه كان في حال من الاستغراق مع غمه وهمه وحزنه لأجل دعوته بحيث أنه لم يستفق ولم يشعر بما حوله إلا وهو في قرن الثعالب كيف استفاق؟ كيف شعر بما حوله ...مالذي قطع عليه استغراقه...مالذي قطع عليه انكفاءه على همومه...مالذي قطع عليه أحزانه وإقباله على نفسه...مالذي قطع عليه ذلك...كيف استفاق في قرن الثعالب...
المخرج أبو يوسف يقول انتهى الوقت أنا أقول لم ينتهي الحديث فإلى اللقاء إن شاء الله...لنتقصى بقية الحديث أدعكم برعاية الله وسلام الله ورحمته وبركاته عليكم.
الشيخ إبراهيم الدرويش ( الرس - السعودية )
ضيف الحلقة :
تدبر القرآن ( خواتيم سورة البقرة)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
حلقة هذا اليوم هي حول الآيتين الأخيرتين الخامسة والثمانين بعد المائتين والسادسة والثمانين بعد المائتين من سورة البقرة.(1/16)
( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير* لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حماته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعفوا عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )
هاتان الآيتان تضمنتا الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى الله تعالى والثناء على النبي صلى الله عليه وسلم بالاستجابة والطاعة والمحبة ولذلك في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (لله مافي السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) قال اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله ثم بركوا على الركب فقالوا يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال صلى الله عليه وسلم (أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير...فلما قرأها القوم دلت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلا آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) فلما فعلوا ذلك نسخ الله تعالى تلك الآية فأنزل الله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) قال نعم (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) قال نعم (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) قال نعم (واعفوا(1/17)
عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) قال نعم.
إذا هذا هو سبب نزول هاتين الآيتين وفضل هذه الآيات ورد في فضلها نصوص تدل على عظم هذه الآيات منها أنها تنزل من تحت العرش وأنها فتحت لها باب السماء عند نزولهما لم يفتح هذا الباب من قبل لغيرهما أنهما لم يعطهما أحد من الأنبياء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الصحيح عند مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه أي صوتا كصوت الباب إذا فتح قال فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة...لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته.
وعن عبد الله قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى قال (انتهى إليها ما يعرج من الأرض وما ينزل من فوق قال فأعطاه الله عندها ثلاث لم يعطاهن نبيا كان قبله فرضت عليه الصلاة خمسا وأعطي خواتيم سورة البقرة وغفر لأمته المقحمات مالم يشركوا بالله شيئا. والحديث عند مسلم في صحيحه واللفظ للترمذي في سننه أيضا من قرأ هاتين الآيتين في ليلة كفتاه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه وفي قوله كفتاه أقوال كثيرة منها أنه كفتاه جزءه في قيام الليل في تلك الليلة ومنها أنها كفتاه من شر الشيطان ومنها أنها كفتاه من شر شياطين الإنس والجن وقيل أيضا معنى كفتاه أي كفتاه من كل سوء وقيل غير ذلك.(1/18)
قال الحافظ بن حجر الفتح يجوز أن يكون المراد جميع ما تقدم فالله تعالى أعلم هاتان الآيتان تضمنتا حقائق الدين وقواعد الإيمان الخمس وكمال نعم الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أمته ومحبة الله تعالى لهم وتفضيل الله تعالى إياهم على من سواهم فقد بينت الأولى الآية الأولى أصول الدين للإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وهذه الأصول هي التي يقوم عليها الإسلام وأيضا بينت أن إيمان النبي صلى الله عليه وسلم وإيمان المؤمنين شامل لكل أصول الدين لقوله تعالى (كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ) وربما يرد هنا إشكال أو سؤال عند البعض وهو أنه ليس في الآية ذكر الإيمان باليوم الآخر ولا ذكر الإيمان بالقدر خيره وشره وربما يكون الجواب من أحد وجهين أن يقال أن هذا داخل في عموم قوله تعالى بما أنزل إليه من ربه والوجه الثاني أن يقال أن الإيمان بالكتب والرسل متضمن الإيمان باليوم الآخر والقدر وفي الآيتين أيضا فوائد كثيرة يطول حقيقة سرد هذه الفوائد لكن لعلي أعرض لبعضها وبإيجاز شديد من فوائد هاتين الآيتين أن من صفات المؤمنين السمع والطاعة كما قال تعالى ( وقالوا سمعنا وأطعنا ) والناس في هذا الباب.. .باب السمع والطاعة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام القسم الأول من لا يسمع ولا يطيع والعياذ بالله وهذا معرض (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى)
والقسم الثاني من يسمع ولا يطيع بل هو مستكبر اتخذ آيات الله هزوا كما أخبر الله تعالى حيث قال: (وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا يبشره بعذاب أليم ) وكقوله تعالى ( وقالوا سمعنا وعصينا ) وهذا أعظم جرما من الأول القسم الثاني أعظم جرم من القسم الأول.
أما القسم الثالث من يسمع ويطيع وهؤلاء هم المؤمنون الذين قالوا سمعنا وأطعنا وقال الله تعالى فيهم (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)(1/19)
أيضا من الفوائد في هاتين الآيتين أن كل أحد محتاج إلى مغفرة الله تعالى لقوله (غفرانك ) فكل إنسان محتاج إلى مغفرة الله حتى النبي صلى الله عليه وسلم محتاج إلى مغفرة ربه ولهذا لما قال (لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة وفضل )
فائدة ثالثة تواضع المؤمنين حيث قالوا سمعنا وأطعنا ثم سألوا المغفرة خشية التقصير والضعف (خلق الإنسان ضعيفا).
أيضا من الفوائد بيان رحمة الله تعالى بعباده حيث لم يكلفهم جل وعلا إلا بما استطاعوه وقدروا عليه ولو شاء الله أن يكلفهم ما لم يستطيعوا لفعل ولكن الله تعالى رحيم بعباده.
أيضا من الفوائد يسر هذا الدين وعظمته (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وهذه الآية توضح عظمة هذا الدين وسهولته ويسره لو أن الناس تنبهوا لمثل هذا فبعض الناس يشق على نفسه في دين الله عز وجل.
نأخذ من هذه الآية قاعدتين مهمتين متفق عليهما هما:
أولا لا واجب مع العجز وثانيا لا محرم مع الضرورة
لكن إن كان الواجب المعجوز عنه له بدل وجب الانتقال إلى بدله فإن لم يكن له بدل سقط وأيضا إن عجز عن بدله سقط مثال ذلك إذا عجز مثلا عن الطهارة...الطهارة بالماء سقط عنه وجوب التطهر بالماء لكن ينتقل منه إلى التيمم فإن عجز أيضا عنه إن عجز عن التيمم سقط التيمم حتى عنه.
وأيضا مثال آخر شخص مثلا محبوس مسجون لا يستطيع أن يتوضأ ولا يتيمم فإنه يصلي بلا وضوء وبلا تيمم....مريض، مكبل بالأجهزة وغيرها لا يستطيع أن يتوضأ ولا أن يتيمم امتنع عنه ذلك كلية يصلي وإن لم يتوضأ وإن لم يتيمم.
أما مثال سقوط التحريم مع الضرورة رجل مثلا اضطر إلى أكل الميته لم يجد ما يسد رمقه سوى هذه الميتة فإنه هنا يحل له أكلها قدر الضرورة.(1/20)
وما أعظم هذا الدين...أيضا من فوائد هذه الآيات رحمة الله عز وجل حيث رفع المؤاخذة في النسيان والمؤاخذة بالجهل لقوله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) فقال الله تعالى قد فعلت. ولا يلزم من رفع المؤاخذة سقوط الطلب فمن ترك الواجب نسيانا أو جهلا وجب عليه قضاؤه ولا يسقط الطلب به لكن ما الفائدة ما فائدة عدم المؤاخذة هو رفع الإثم عنه.
أيضا فائدة أخرى في الآيات أن المؤمن لا ولي له إلا ربه جل وعلا إلا الله سبحانه وتعالى لقوله (أنت مولانا) وولاية الله تعالى نوعان ولاية خاصة وولاية عامة والولاية الخاصة ولاية الله تعالى للمؤمنين للصادقين كقوله تعالى ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) وقوله تعالى ( والله ولي المؤمنين) وقول الله تعالى ( إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين)
والولاية العامة ولاية لكل أحد من المخلوقين فالله تعالى سبحانه جل وعلا ولي لكل أحد لأنه يتولى جميع أمور الخلق حتى من الكافرين كما في قوله تعالى ( ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق وول عنهم ما كانوا يفترون )
ومن أيضا الفوائد...الفوائد كثيرة ولعلي أختم بهذه الفائدة أنه يجب على الإنسان اللجوء إلى الله عز وجل في النصرة وطلب النصرة على عدوه وعلى القوم الكافرين لقوله تعالى في آخر سورة البقرة (فانصرنا على القوم الكافرين) والنصر على الكافرين يكون بأمرين بالحجة والبيان وكذلك بالسيف والسلاح..(1/21)
أما السيف والسلاح فظاهر وأما الحجة والبيان فكما يكون في المناظرة في المجادلة في الدعوة إلى الله عز وجل والعجيب أيها الأخوة يعني إتيان هذا المقطع وختام هذه السورة بهذا المقطع العجيب (انصرنا على القوم الكافرين) الآية لم يكن فيها أو سورة كاملة لم يكن فيها شيء عن الجهاد ولم يرد فيها ذكر الجهاد في جميع سورة البقرة فجاء هذا الموضع وجاء هذا الختام بهذه الحال وهذا من أسرار القرآن ولعل الانتصار على الكافرين وطلب العون و النصرة من الله عز وجل لا يشترط أن يكون فقط في القضايا العسكرية بل حتى في القضايا الأخرى العلمية والتقنية والاقتصادية والدعوة وغير ذلك والله تعالى أعلم وأحكم ولعلي أكتفي بما ذكرت حول هاتين الآيتين العظيمتين أسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وجزاكم الله تعالى عني خيرا وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
الشيخ محمد بن لطفي الصباغ ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
المرأة والإسلام (لا يفرك مؤمن مؤمنة)
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
أيها الأخوة والأخوات مازلنا نتحدث عن هذا النموذج من حياة السلف الصالح كيف كان هذا الجيل المثالي العظيم قائما على الأخوة في الله وعلى التناصح فيما يرضي الله عز وجل وعلى التعاون على البر والتقوى وقد ذكرنا أن سلمان رضي الله تعالى عنه الذي آخى النبي بينه وبين أبي الدرداء زار أبا الدرداء ورأى أم الدرداء متبذلة فقال لها لماذا أنت هكذا فذكرت له أن أبا الدرداء منصرف إلى العبادة ففي الليل هو قائم يصلي وفي النهار صائم لا يأكل ولا يشرب فعندئذ نصح سلمان أبا الدرداء وكذلك في سؤال سلمان أم الدرداء عن حالها لماذا لا تكون متهيئة لاستقبال الزوج..(1/22)
في الحقيقة ذكرنا أن من الأمور التي يدعو إليها الشرع أن تتزين المرأة لزوجها..يعني حتى ما يتطلع إلى نساء أخريات فعلى المرأة في الحقيقة أن تكون جذابة لزوجها حريصة على أن يكون سعيدا بها.
في هذا الحديث نجد كذلك الذي ذكرناه تقديم الضيافة...فالضيافة هذا شيء والحمد لله موجود في عالم المسلمين مهما كان الإنسان فقير تجد أنه إذا جاءه ضيف يقدم له ضيافة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) فإن إكرام الضيف هذا من سنن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه...ويحسن ألا يتكلف صاحب الدار إذا كان في البيت طعام أما إن لم يكن هناك شيء فلا مانع من أن يتكلف مادام قادرا وأن يكون هذا في حدود طاقته.
يا أيها الإخوان التكلف هو الذي يسبب البخل لأنه لا يستطيع الإنسان أن يذبح لضيوفه في كل يوم ذبيحة وإذا استطاع ماليا زوجته لا تساعده تقول له إيش طالعت روحنا كل يوم كل يوم بدنا نقدم...أما إذا قدم الطعام الذي يأكل منه هو وأسرته هذا ممكن أن يضيف في كل يوم أو في كل أسبوع.
أمة الإسلام ورثت هذا الخلق كابرا عن كابر فكذلك من العادات التي أدركناها والتي رأيناها في حديث أبي الدرداء مع سلمان أن الزائر ينام عند هؤلاء الذين يزورهم وإن كان الزائر والمزور من بلدة واحدة وهذا فيه مبالغة في التحبب والتواد إذا كان هذا لا يؤذي الذي يزوره الإنسان...في زمن قريب كان الناس إذا تزاوروا وتأخرت بهم السهرة ينامون عند المضيفين الذين يضيفونهم.
كذلك يا أخواني الكرام ويا أخواتي الكريمات قضية قيام الليل هذه سنة يقصر بها كثير من الناس وأنا اسأل الله تعالى أن يوفقني وأن يوفقكم إلى إحياء هذه السنة...أفضل النوافل صلاة قيام الليل فينبغي أن نحرص عليها وهذا أبو الدرداء كان يقوم الليل كله فسيدنا سلمان قال له لأ نام الآن في أول الليل وفي آخر الليل أقوم أنا وإياك ونصلي.(1/23)
ثم نجد أن سيدنا سلمان رضي الله عنه بين لأبي الدرداء أن هناك حقوقا لا بد أن نؤديها جميعا لا يجوز أن يقتصر الإنسان على حق واحد ويضيع الحقوق الأخرى فقال له شوف..إن لربك عليك حقا معلش صوم وصلي أيوا ولكن لا ينبغي أن يحملك هذا على تضييع حقوق الآخرين وإن لجسدك عليك حقا ..هذا الجسد ربنا عز وجل أعطانا إياه ينبغي أن لا نرهقه وألا يعني نتعبه وأن نقوم بما نستطيع....وإن لنفسك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا. كذلك الزوجة والأولاد هؤلاء لهم حق ينبغي أن يجلس الإنسان معهم وأن يتحدث إليهم وأن يعطي هؤلاء حقهم فلما ذهبوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أقر الر سول عليه الصلاة والسلام كلام سلمان بأن قال صدق سلمان.
يا أيها الأخوة والأخوات..وهذا لم يكن فقط عند أبي الدرداء بل أنه كان عند نفر من الصحابة يبالغون في العبادة فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يأمرهم بألا يضيعوا بسبب العبادة حقوقا أخرى...المهم أن يستطيع الإنسان أن يقوم بهذه الحقوق بشكل متوازن هناك الجسم، هناك الزوجة، هناك الوالدان، هناك الأولاد، هناك الزائر الذي يزورك كل هؤلاء لهم حقوق فما ينبغي أن يقوم الإنسان بحق واحد ويهمل الحقوق الأخرى.(1/24)
هناك حديث الحقيقة أيضا في الصحيحين في البخاري ومسلم أن سيدنا عبد الله بن عمر بن العاص كان من العباد فسيدنا عمر رضي الله تعالى عنه نصح قال يا بني التفت إلى الأمور الأخرى لكن عبد الله بقي مصرا على ماهو عليه فأراد أن يزوجه لعل الزوجة يعني تغير من منهجه -ونحن نرى في عصرنا الحاضر أن الزوجة تغير كثيرا من عادات الزوج وأحواله- فالرسول عليه الصلاة والسلام قال له يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل قلت بلى يا رسول الله قال فلا تفعل صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينيك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا -الزور يعني الزوار- الذين يزورون مو واحد يجيه ضيف زائر ويقوم هو يصلي ويخلي بالغرفة محبوس لا اجلس معه وآنسه وأكرمه ولا تنصرف عنه ولو كان بعبادة ينبغي أن توازن بين هذه الأمور كلها.
ثم قال عليه الصلاة والسلام لعبد الله إن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإذا ذلك صيام الدهر كله...إذا صام ثلاثة أيام وكل يوم الحسنة بعشرة أمثالها بيطلعوا ثلاثين يوم إذا كان في كل شهر يصوم ثلاثة أيام يكون كأنه قد صام الدهر كله ...يقول عبد الله فشددت على نفسي فشدد علي قلت يا رسول الله إني أجد قوة قال طيب صم صيام نبي الله داوود عليه السلام ولا تزد عليه...قلت وما كان صيام نبي الله داوود ؟ قال نصف الدهر يعني صم يوما وأفطر يوما.
فكان عبد الله يقول بعد ما كبر يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم.(1/25)
سيدنا عبد الله بن عمر يقص علينا في أحاديث آخر فيقول أنكحني أبي امرأة ذات حسب وكان أبي يأتي ويتعاهدها ويسألها فسألها عن بعلها يعني سألها عني فقالت نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه. قال فوقع أبي علي فقال زوجتك امرأة فعضلتها وفعلت وفعلت وفعلت. يقول عبد الله فلم ألتفت إلى ذلك ولما كان لي من القوة على العبادة فذكر أبي ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي عليه الصلاة والسلام ألقني به فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن في بيتنا شيء فعندي وسادة حشوها من ليف فأليقتها إلى النبي عليه الصلاة والسلام فما رضي أن يجلس عليها وإنما جلس على الأرض وجعل الوسادة بينه وبين عبد الله بن عمر ثم بدأ يعني يحدثه أن يقلل من الصيام...فقال له صم من كل شهر ثلاثة أيام قال أستطيع...قال صم يوما وأفطر يومين قال أستطيع أكثر من ذلك...ثم بعد ذلك قال له تصوم صيام داوود كما ذكرنا...قال أنا أستطيع أكثر من ذلك..فقال ليس أفضل من ذلك...أفضل الصيام صيام داوود كان يصوم يوما ويفطر يوما ومن صام الدهر فلا صام كأنه ما صام.
الآن يتزوج الأخوة ينبغي أن نوازن في حياتنا...الآن يتزوج الرجل وتكون عنده قضية الأم لها حقوق والزوجة لها حقوق..فبعض الشباب يعطي حقوق الزوجة وبعضهم يعطي حقوق الأم كل همه..لا ينبغي أن يعطي حق الأم وحق الزوجة وأن يعطي حق الأولاد..ما ينصرف إلى يعني نوع من هذه الحقوق ويهمل الحقوق الأخرى وفي السابق كان الناس يكرمون أمهاتهم على حساب الزوجات فيصيبها شيء من الظلم...الآن يؤسفني أن أقول أن الأمر انعكس فكثير من الناس يعطي الزوجة كل الحقوق ويظلم أمه وهذا يعني ظلم كبير لأن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر.
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى ما يرضيه وإلى لقاء آخر إن شاء الله والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ د.عبد الكريم بكار ( الرياض - السعودية )(1/26)
ضيف الحلقة :
تنمية الشخصية (تحرير الروح)
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أيها الأخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامج كلمة مضيئة.
أيها الأخوة الكرام، أيتها الأخوات الكريمات لأول مرة في تاريخ البشرية يعيش الناس في ظل حضارة واحدة في الماضي كانت هناك حضارات إقليمية لكن اليوم هناك حضارة غالبة تعم العالم كله لذلك ليس هناك اليوم صراع حضاري كما يقال...هناك حضارة واحدة وهناك ثقافات متعددة نعم هناك صراع ثقافي وخصوصيات ثقافية ورؤى ثقافية خاصة..ومن بين تلك الرؤى رؤيتنا نحن أي الثقافة الإسلامية.
هذه الحضارة لا شك أنها هي الحضارة الغربية ولأول مرة في التاريخ أيضا يخيم على العالم نمط حضاري إلحادي لا يؤمن بالله تعالى ولا يقيم وزنا يذكر لتعاليمه وحضارة تتحدث عن حقوق الإنسان ولكنها لا تتحدث بأي شيء عن حقوق الله تبارك وتعالى... هذه الحضارة مشكلاتها كثيرة والمآخذ عليها كثيرة ومنافعها أيضا كثيرة والفرص التي تتيحها كثيرة كن في تصوري أن أكبر نقطة ضعف في هذه الحضارة التي نعيش في ظلالها اليوم هي أنها جعلت كل ما يتعلق بقضية الروح وقضية القلب، قضية الوجدان، قضية المشاعر، جعلتها في المؤخرة بل لم تعطها أي اهتمام ولهذا أكبر نقطة ضعف في هذه الحضارة هي أنها تهمل مسائل الروح إهمالا شبه كامل... لا في المناهج المدرسية، لا في السياسات، لا في خطط التنمية، لا في الإعلام، ولا في أي شيء من الأدوات المؤثرة في توجيه الناس وفي صياغة أفكارهم وصياغة حياتهم ليس في أي شيء من هذه المجالات ومن هذه الأدوات..
هناك أي اهتمام بقضية الروح ولذلك في تصوري أن على المسلمين اليوم أن ينشؤا انتفاضة جديدة يمكن أن أسميها انتفاضة الروح..(1/27)
نحن من غير خفاء نعاني اليوم من مشكلة كبرى هي أننا نتعرض لتيار شهواني جارف...تيار مادي شهواني يعطي كل شيء للدنيا ولا يعطي للآخرة إلا أقل القليل بل لا يعطي للآخرة شيئا بل يهدم ما يمكن أن يؤدي إلى إعمار قلب المسلم وروحه...
هذا التيار الذي نواجهه اليوم تنشره مجلات وتنشره فضائيات وتنشره شبكات الاتصال العالمية وتنشره أفلام وتنشره وتنشره...يأتينا الآن من كل حد وصوب... لا شك أن الناس لم يستسلموا لهذا الوضع وحاولوا قدر الإمكان أن يقاوموا...نشأت لدينا أفكار كثيرة، ألفت لدينا كتب كثيرة، ألقيت محاضرات كثيرة من أجل مواجهة هذا التيار الشهواني الذي يجتاح الآن كل شيء لم يترك مكانا لم يصل إليه بطريقة من الطرق لكن في تصوري أننا لا نستطيع أبدا أن نقاوم هذا التيار عن طريق إنتاج المزيد من الأفكار...الفكر ضروري وأساسي في حياة الناس وهو يرسم لنا خريطة العمل لكنه للأسف لا يستطيع أن يقاوم عنفوان الشهوة وجاذبية الشهوة لا يستطيع أن يقاومهم....إذا كيف سنقاوم هذا التيار الشهواني الذي نتعرض له اليوم ويأتينا من كل حد وصوب ؟(1/28)
في تصوري أن التيار الشهواني لا يقابل إلا بتيار روحي لأن الناس يجدون متعة في الشهوة، والصالحون يجدون متعة حين يرتقون روحيا وهي متعة عالية جدا أعلى من متعة الشهوة لأنها أبقى من متعة الشهوة فإذا أردنا أيها الأخوة أن نخفف من تيار الشهوات الذي يجتاحنا أن نخفف من هجمته علينا...يصعب أن نقضي عليه لكن إذا أردنا أن نخفف من هجمته علينا فالطريق لهذا هو أن ننشأ تيارا روحيا...كيف ننشئ هذا التيار الروحي ليس هناك وسائل كثيرة لإنشاء هذا التيار وليس له طرق متعددة في تصوري الشخصي ليس هناك سوى طريق واحد هذا الطريق هو زيادة التعبد لله تبارك وتعالى... الانتعاش الروحي أيها الإخوان، الارتقاء الروحي، التيار الروحي، الإيمان...كل هذه المعاني تدل في النهاية على شيء متقارب هو أشبه بشجرة هذه الشجرة لا تنتعش لا تعيش لا تنمو لا تكبر إلا إذا سقيناها ماؤها الذي تحتاجه هذا الماء هو التعبد فكلما أكثر المسلم وزاد في عبادته لله تبارك وتعالى وجد أن حياته الروحية بدأت تتألق وبدأت تتوهج وبدأت تنبني شيئا وراء شيء لكن هناك تحذير لا بد منه القضايا الروحية بطبيعتها أنها شديدة الجاذبية وكثيرا ما جذبت أشخاصا من المسلمين ومن المتدينين جذبتهم عن الطريق الشرعي الصحيح وصاروا بظنهم يتعبدون ويتقربون إلى الله تعالى بأشياء لم يشرعها الله تبارك وتعالى ولا أذن بها ولا شرعها نبيه عليه الصلاة والسلام ولا فعلها السلف يعني هي في حقيقة الأمر بدع يعبدون الله تعالى عن طريق بدعيات أنشئوها من عند أنفسهم ظنا منهم أنها تقربهم إلى الله تعالى لكن طريق القرب إلى الله تعالى لا ينبغي أن يكون أبدا إلا طريقا فقهيا مشروعا.(1/29)
التعبد يعني هناك شيء أنا شخصيا أسميه الأناقة الروحية أو إن شئت أن تسميه الرفاهية الروحية....الأناقة الروحية أو الرفاهية الروحية لا يشعر بها المسلم إلا إذا تجاوز مرحلة الواجب حين نؤدي الواجبات الشرعية علينا لا نشعر بالكثير من الرفاهية الروحية أو من الأناقة الروحية...نشعر بالأناقة الروحية أو الرفاهية الروحية إذا زدنا على مقدار الواجب يعني الذي يستيقظ يوميا قبل الفجر بنصف ساعة أو بساعة هو يفعل شيئا فوق الواجب ولذلك هو يشعر برفاهية روحية عالية جدا...الذي يلزم نفسه بقراءة جزء من القرآن في كل يوم، الذي يلزم نفسه بصدقة زائدة عن الزكاة، الذي يلزم نفسه بزيارات لأصدقائه لأرحامه يعني الحمد لله طرق التعبد المشروعة لدينا واضحة ومعروفة...إذا تجاوز المسلم حد الواجب في التعبد تبدأ حياته الروحية بالانتعاش ويبدأ يشعر بالرفاهية الروحية كما أشرت قبل قليل هذا هو الطريق الوحيد الذي نستطيع من خلاله أن ننعش كما قلت أو ننشئ تيارا روحيا جديدا أو كما قلنا انتفاضة روحية لنقاوم بهذه الانتفاضة الإغراء الشهواني الذي يأتينا من كل مكان والذي تقريبا أصاب الجميع إلا يمكن أن تكون هناك استثناءات قليلة لكن معظم الناس أصابهم شيء من هذا التيار الجامح والقوي.
في مفهوم أساسي في هذا الباب وهو أنه لا بد أن نحاول استحضار معنى نبيل وهذا المعنى يقوم على مبدأ هو..نظري إلى نفسي أهم من نظر الناس إلي...يعني ماذا أنا في نظر نفسي يجب أن أهتم بهذا وأحسن موقعي في نظر نفسي وأهتم بتحسين هذا الموقع أكثر من اهتمامي بنظر الناس إلي وهذا يقوم في حقيقة الأمر على الإخلاص ويقوم على نبل الذات واستقامة الذات ويقوم على معان عظيمة في أعماق الشخصية وفي أعماق الذات وينبغي أيضا أن يكون اهتمامي بنظر الله تبارك وتعالى إلي أكبر من اهتمامي بنظرتي لنفسي...
يعني إذا عندنا ثلاث درجات نظر الناس إلي، نظري لنفسي، نظر الله إلي.(1/30)
الشيء الأول هو نظر الله تبارك وتعالى غلي يجب أن يكون أهم أهم من كل شيء...اليوم أيها الإخوان يعني شيء مؤسف أنا في تصوري كل شيء لدينا يلمع بيوتنا تلمع سياراتنا تلمع ززاجها يلمع أشياؤنا تلمع هناك الآن يعني فتح على الناس باب الجراحات التجميلية يريدون الناس أن يظهروا دائما بأنهم شباب وبأنهم يعني...الإسلام لا يعارض في الأساس أن يهتم الإنسان بمظهره لكن حينما يكون الرجل هو عبارة عن مظهر فقط ليس هناك فكر عميق، ليس هناك روح، ليس هناك استقامة، ليس هناك مضمون...فهذا يعني أننا أصبنا بما يشبه الكارثة.
إن أرواحنا تحتاج إلى تحرير وتحريرها يكون بأن نخطو خطوة إلى الوراء وهذه الخطوة إلى الوراء كما قلت وأعيد وأكرر أن ننشئ تيارا روحيا جديدا يقوم على المزيد من التعبد لله تبارك وتعالى.
هذا ما أردت قوله في هذه الحلقة وأسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا رشدنا في الأمر كله وأن يوفقنا لما هو خير وأبقى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ عبد الوهاب الطريري -الرياض
ضيف الحلقة :
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دعوته لأهل الخير )
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحياكم الله أيها الإخوة والأخوات والأبناء والبنات مع هذا اللقاء الجديد ودعونا كلنا نرحل بقلوبنا وأرواحنا مع رسول الله.
مع رسول الله في دعوته دعونا نشرف على موقف له دلالة عظيمة بالغة نحتاج إلى أن نربيها في قلوبنا.(1/31)
كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله في المدينة بعد الهجرة فداء...المدينة احتوت مع أهلها الذين كانوا فيها المهاجرين إلى الله ورسوله والذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاسمون الناس عيشهم المحدود ويصبرون في ذات الله عز وجل جميعا على اللئواء والشدة حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم في صبيحة كل يوم بين كل رجلين مدا من التمر والمد من التمر حفنة ملء كفي الرجل يقسمها بين اثنين تقيم أودهما يومهما ذلك كله وبقي النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحال إلى سنة سبع وفي سنة سبع سار النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين معه لآخر جولات المنازلة التي نازل فيها النبي صلى الله عليه وسلم اليهود إلى خيبر وأتمنى لو كانت الكاميرا تنقلنا الآن إلى أودية خيبر، الذي يشرف على أودية خيبر ويطل عليها أول ما يفجعه إذا أشرف على أودية خيبر غابات مهولة من النخيل ولا تزال خيبر إلى الآن بقي فيها أثارة من هذه الحال غابات النخيل تملأ هذه الأودية جنان من النخيل أشرف النبي صلى الله عليه وسلم عليها وأصحابه وهم الذين كانوا في الحلة والصفنة جوع، وجهد، وشدة فهم وهم يقفون على مشارف هذه الأودية..وهم حسب تعبيرنا الآن سلة الغذاء لكل المنطقة التي تحيط بالمدينة وهم يشرفون على هذا كله على هذا الكنز الغذائي في نفس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هل كانت شهوة التملك؟ هل رأوا هذه الكنوز الغذائية فقالوا هذا نصيبنا وهذه ثروتنا قد وصلت إليها أيدينا وأوشكنا أن نظفر بها، هل نظروا إلى هذه الغابات المبشرة بترف غذائي فقالوا وداعا للجوع وداعا للجهد وآن الأوان لنتمتع بنعيم العيش...لا نستمر في التساؤل لقد نازل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود في عدة منازلات فكانت الراية تعقد فانطلق بها أبو بكر رضوان الله عليه فلم يفتح له وانطلق بها عمر فلم يفتح له ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي فتح عليه في صبيحته(1/32)
قال في تلك الليلة لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله عليه ماهي مؤهلات الرجل الذي سيفتح الله عليه؟ لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله عليه فما هي مؤهلاته...لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه فجعل الصحابة يدكون ليلتهم تلك كلهم يستشرف لهذه الملقبة العظيمة، كلهم يتشوق أن يقال له غدا تعال خذ الراية فينال شرف أن يمشي على الأرض ويعلم وهو الذي يحب الله ورسوله أن الله في عليائه يحبه وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه...(1/33)
يقال ليس الشأن أن تحب ولكن الشأن أن تُحب فمن هو يا ترى هذا الذي نال هذا الشرف العظيم بحيث يعلم أن الله في عليائه يحبه وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه كما أن قلبه عامر بحبهما ، استشرف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الإمارة ولأخذ هذه الراية لأنها مبشرة بهذه المؤهلات حتى قال عمر ما تمنيت الأمارة إلا ليلة إذ مافي يوم من الأيام تمنيت أني أكون أمير إلا تلك الليلة تمنيت الأمارة حتى أظفر بهذه المنقبة...يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لكن هناك رجل لم يتشوف ولا ظن أنه سينالها لا لأنه ليس لذلك أهل ولكن لإعاقة تمنعه أن يكون حاملا للراية فلما أصبح الصباح إذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الناس فينادي ويسمي يسمي صاحب المؤهلات يسمي صاحب البشرى يسمي صاحب الفتح الذي سيفتح على يديه أدعو لي علي بن أبي طالب وهو بها خليق لكنه معاق فقد رمدت عيناه فقالوا يا رسول الله هو رمد لا يبصر قال ائتوني به فأوتي به رضوان الله عليه وسلام الله عليه أتي به يقاد فلما أحضر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بصق النبي صلى الله عليه وسلم في إليتي راحتيه هاهنا ثم دعك بهما عيني علي فقال علي رضوان الله عليه يبصر بعينيه ما كأنه رمد ليلته تلك فدفع النبي صلى الله عليه وسلم الراية وقال انفد على رسلك فحمل الراية منطلقا بها إلى من...إلى يهود فمن يهود؟ يهود هم الذين غدروا بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم بني قينقاع وهم الذين غدروا به وأرادوا اغتياله يوم بني النضير وهم الذين غدروا به في أشد السعة شدة وأكثرها حرجا في الخندق يوم الأحزاب فغدرت به بنو قريضة وهاهو الآن يواجه غدرهم وصدودهم في لحظة معركة وساعة منازلة وخزائن بلادهم بين يديه فما كانت قضية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم دفع الراية إلى علي إنها قضية واضحة أخذ علي الراية وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يهتف به ليجلي الحقيقة التي كانت جلية ناصعة لعلي(1/34)
وأصحابه ولكنه يزيدها صلى الله عليه وسلم جلاء ووضوحا وتألقا فيقول انفد على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم، ثم ادعهم هذه قضيته صلى الله عليه وسلم الدعوة...ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله ليس من حق أحد من الناس ولكن من حق الله وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فـ والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم لمن يقال هذا القول؟ يقال لعلي وهو ينازل اليهود بكل خلفيتهم في العداوة وبكل خلفيتهم في الغدر وبكل خلفيتهم في الكيد وبكل خلفيتهم في الجحود والنكران والتكذيب ومع ذلك ظلت قضية النبي صلى الله عليه وسلم معهم إلى هذه اللحظة الحرص على هدايتهم...لأن يهدي الله بك رجلا...رجلا من أي الرجال..من اليهود الذين سيذهب إليهم لمنازلتهم قضيته الأولى معهم أن يهديهم الله...قضيته معهم أن يهديهم الله...لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
أيها الأخوة والأخوات والأبناء والبنات ما أحوجنا إلى أن نضع هذا المعنى في نفوسنا ونحييه بحيث يكون واضح جلي حي...قضية النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة فهي واضحة ولذلك فلا خزائن خيبر ولا ثروتها الغذائية ولا بساتينها ولا نخيلها هي الإغراء...الإغراء والطمع بأن يهدي الله الناس وهذا أثمن ما يظفر به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخير لهم من أثمن الكنوز، خير لهم من حمر النعم وما كانت العرب تصف شيئا بالنفاسة مثل ما تصف به حمر النعم هذه القضية.
القضية الثانية وهي عجيبة من العجائب أن اليهود برغم ما ذكرت قبلا من خلفيتهم في العداء وخلفيتهم في الجحود لم ييأس النبي صلى الله عليه وسلم من دعوتهم وبقي عمل هدايتهم حتى في لحظة المنازلة أملا يحدو النبي صلى الله عليه وسلم ويحدو من معه حتى والسيوف منتظاة والرايات معقودة والمعركة وميدان المعركة منفتح ومع ذلك يظل هاجس الهداية ملح.(1/35)
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حتى في هذه اللحظة لحظة المنازلة بعد كل هذه الخلفية من العداوة ومن المعارك ومن الجحود ومن النكران ومن الكيد ومن محاولات الاغتيال يظل ملحا على هدايتهم فماذا أقول وماذا يقول كل مسلم وهو يدعو إخوانه المسلمين ألا تعجب عندما ترى أبا يتذمر من أبنائه ويقول تعبت منهم قصرت منهم ما خليت عنهم شي وهم أبناء فطرة ولدوا على الإسلام ومع ذلك ترى لهفة اليائس في شكاته منهم تظهر لهجة اليأس في خطابنا عن بعض عصاة المسلمين أو بعض المنحرفين أو بعض الضالين سواء فكريا أو شهوانيا لماذا توجد لهجة اليأس ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يواجه بكيد أنكى من كيد اليهود ولا بعداوة أشد من عداوتهم ومع ذلك وهو في ساح المعركة وميدان القتال والسيوف منتظاة والرايات معقودة ومع ذلك يظل هاجس الهداية حيا في نفسه ويظل ثوابها وجزاؤها هي ما يلوح به وهي الأجر الذي يعرضه على أصحابه ويشوقهم إليه لأن يهدي الله بك رجلا من يهود من يهود فالحال تبين من المقصود بالرجل...لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم.
أيها الأخ، أيتها الأخت، أيها الابن، أيتها البنت كن داعيا فهذه قضيتك وكن آملا في دعوتك لا يتسرب إليك اليأس فها نبيك بعد كل هذه الفصول المتتابعة من عدوان اليهود ظل مغمور القلب بالأمل بالهداية متشوقا إليها مطمعا بجزائها وثوابها فهل نظل نحدو قلوبنا بهذا الهدي النبوي...افعل ذلك واجعل هذا حداؤك فـ والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ ابراهيم بن عوض أيوب - جدة
ضيف الحلقة :
أسماء الله الحسنى (المؤمن جل جلاله)
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.(1/36)
سبحانك ربي لا إله إلا أنت المتوحد بصفات الكمال والجلال والجمال نحمدك ونشكرك نذكرك ولا نكفرك اللهم لا إله إلا أنت اللهم أنزل علينا الساعة السكينة السكينة اللهم أنزل علينا الساعة العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدينا والآخرة اللهم ارزقنا ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يارب العالمين.
إخواني وأخواتي يتجدد اللقاء بكم مرة أخرى وهذه الساعة نذكر فيها الله سبحانه وتعالى بذكر اسم من أسمائه الحسنى وبتعلم اسم من أسمائه الحسنى ....أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه )
إخواني نريد أن نكون من أحصوا هذه الأسماء نريد أن نكون ممن عاشوا بهذه الأسماء نريد أن نكون ممن تخلقوا بكمالات الله سبحانه وتعالى وهو العلي العظيم إخواني المعرفة مفتاح كل خير المعرفة المفتاح الأول لكل خير أن نعرف الله ثم نسير بعد ذلك في الهداية والعبادة والاستعانة بالله سبحانه وتعالى لقاؤنا اليوم مع اسم محبب إلينا جميعا اسم الله عز وجل المؤمن جل في علاه، المؤمن هذا الاسم حبيب إلى القلب قريب من النفس عندما تعلم أن الله سبحانه وتعالى هو المؤمن سؤال يتبادر إلى ذهنك فورا المؤمن! نحن نعلم أن المؤمن أن يكون الإيمان منا تجاه الله سبحانه وتعالى أن نكون ممن آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله وأركان الإيمان الستة وغير ذلك إذا هذا هو الإيمان الذي نعرفه فكيف يكون الله سبحانه وتعالى هو المؤمن عندما تعرفون الحقائق من خلال هذه الآيات ومن خلال هذه التعريفات ما معنى المؤمن عند ذلك ينجلي الأمر ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
( قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) وما أنت بمؤمن لنا أي وما أنت بمصدق لنا ولما نقول ولو كنا صادقين إذا المعنى الأول من معاني المؤمن بمعنى المصدق.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:(1/37)
( الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) وآمنهم من خوف بمعنى أمنهم من الخوف إذا ندور بين هذين المعنيين.
المعنى الأول هو التصديق والمعنى الثاني هو الأمن والأمان ونبدأ لنعرف كيف يكون الله سبحانه وتعالى هو المؤمن الله عز وجل هو المؤمن لأنه سبحانه وتعالى يصدق أنبياءه ويجعلهم مصدقين يجعلهم مصدقين بالمعجزات وبالتأييد وبالنصرة هذا معنى عظيم من المعاني أي أن الله سبحانه وتعالى عندما أرسل الرسل وأنزل الكتب وأرسل الأنبياء لم يتركهم هكذا إنما أيدهم بشيء من المعجزات والكمالات البشرية والكرامات والمعجزات من أجل أن يصدقوا إذا هو المؤمن سبحانه وتعالى...(1/38)
وكذلك إخواني وأخواتي المؤمن جل في علاه الله سبحانه وتعالى إذا قرأنا كلامه في كتابه جل في علاه وقرأنا هذا الكون المفتوح نجد أن هناك تطابقا واضحا جليا لا لبس فيه إطلاقا بين كلام الله عز وجل وبين هذا الكتاب المقروء وهو هذا الكون الذي نراه ونشاهده ونتأمله هذا بمعنى أن كلام الله صدّق خلقه انتبهوا إلى هذا المعنى الجميل...الله مؤمن سبحانه وتعالى بمعنى أنه سبحانه وتعالى المصدق أي أن كلامه يصدق فعله أي أن كلامه يتطابق مع فعله أي أن كلام الله سبحانه وتعالى هناك تناسق وتطابق محكم بين خلق الله عز وجل وبين كلامه جل في علاه ومن هنا إذا عرفت أن اله سبحانه وتعالى هو المؤمن تظهر عندك بعض المعاني الرائعة الله عز وجل وعدنا بالجنة وعدنا بالكرامة في دار الخلود وعدنا بأن نراه ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) وعدنا جل فيعلاه سبحانه وتعالى أن يقيمنا في دار الكرامة في دار السلام وعدنا جل جلاله سبحانه وتعالى في الدنيا بالنصرة والتأييد وعدنا جل في علاه وعودا عظيمة في الدنيا وفي الآخرة لتعلم أن هذا الكلام مصدره من المؤمن والمؤمن هو الذي يصدق كلامه فعله إذا يجب أن تكون واثقا بأن المؤمن جل في علاه سبحانه وتعالى سيؤمن لك ما وعدك به سواء هنا في الدنيا أو في الآخرة وهنا بدأت المعاني تتجلى وتتضح ما معنى أن يكون الله سبحانه وتعالى هو المؤمن ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:(1/39)
( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ) ركزوا معي جيدا في سياق هذه الآية المباركة في سياق وتناسق هذه هذه الكلمات المباركات نعم كلام الله سبحانه وتعالى أولا هو الله الذي لا إله إلا هو ، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن ، الملك انتبهوا إلى كلمة الملك وبعد ذلك جاءت الصفات بمعنى أنها كل هذه الصفات تصف الملك سبحانه وتعالى إذا ربما يكون هنالك ملك ولكنه ليس بمؤمن أي بمعنى أنه يملك شيئا وتجده في ملك ما لكن فعله لا يصدق كلامه أو أن الكلام الذي يقوله لا يتطابق مع أفعاله ومع فعله الله هو المؤمن الله هو الملك المؤمن سبحانه وتعالى الذي لا يختلف صنعه وإتقانه مع كلامه سبحانه وتعالى في الدنيا خذ أي مخلوق من مخلوقات الله (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) انظروا إلى هذا الانسجام الجميل مابين الآفاق والأنفس عندما تتأملون هذا الأمر تكتشفوا أن هناك تناسقا رائعا وجميلا يعطينا الإشارة البينة والواضحة أنه إله واحد أحد سبحانه وتعالى المؤمن جلفي علاه،(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) إذا انظروا التناسق الجميل مابين آيات الله عز وجل والأنفس والكلام مقروء من كتاب الله إذا عندما تقرأ في كتاب الله سبحانه وتعالى وتتابع الأنفس وتتابع المخلوقات من حولك تجد أن هذا الكلام يصدق الواقع وأن الواقع يصدق الكلام إذا هو المؤمن سبحانه وتعالى.(1/40)
وكذلك من المعاني الرائعة التي ذكرت الآن وفي سياق هذا الكلام أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يصدق الرسل والأنبياء بتأييدهم ونصرتهم وإظهار الكرامات على أيديهم هنا نأتي لسؤال جميل والسؤال لابد منه ويجب أن نقف عنده طويلا لأن القضية عندنا ليست فقط المعنى أو المعرفة أو المعنى الفلسفي أو المعنى الكلامي لا إنما نحن نريد أن نعيش بهذه الأسماء المباركة أن نعيش بهذه الأسماء الحسنى في حياتنا اليومية فكيف نتعامل مع اسم الله المؤمن جل في علاه؟
أولا من النقاط المباركة العظيمة أنني كلما سمعت المؤمن شعرت باطمئنان تام وباطمئنان كامل بأن الله عز وجل سينجز لي ما وعد لأنه المصدق سبحانه وتعالى لأنه سبحانه وتعالى الذي يصدق كلامه فعله فبالتالي وعدني الله بوعود كثيرة إذا اطمئن يا عبد الله كن واثقا من الله اقترب من مصدر الثقة اقترب من الحي القيوم اقترب من الله سبحانه وتعالى الذي إذا وعد أنجز جل في علاه وما أطيب وما أحلى هذا المعنى لأولائك الأبطال لأولائك المجاهدين لأولائك العاملين في الساحات لأولائك الذين يرون المجتمع وهم يصولون يمينا ويسارا ليغيروا ويتفاعلوا ويفعلوا ولكنهم قد يجدوا شيئا من التعب ليدركوا أن وعد الله حق وأن الله قد وعد وأنه سينجز ما وعد سبحانه وتعالى.(1/41)
كذلك إخواني المؤمن هو المصدق سبحانه وتعالى ، المؤمن هو الذي يُؤمن سبحانه وتعالى هو الذي يعطي الأمان سبحانه وتعالى جل في علاه إذا يا أخي الحبيب مطلوب منك في تعاملك في حياتك اليومية أن تكون واثقا من نفسك أن تكون واثقا في تصرفاتك أن تكون واثقا في معرفتك بذاتك في معرفتك بنفسك في معرفتك بقدراتك وأن تدرك أن الله عز وجل عندما سمانا مؤمنين ومن أسمائه المؤمن نحتاج إلى تأمل كيف الله سبحانه وتعالى يسمينا من المؤمنين أننا من المؤمنين ومن أسمائه أنه المؤمن هناك ترابط رائع ترابط جميل نحتاج أن نتأمله ونحتاج أن نفكر فيه كثيرا حتى نكون من الناجين بفضله سبحانه وتعالى ومنه وإحسانه ، إذا وقفنا أمام هذا الاسم المبارك طويلا طويلا سنأخذ أكثر من هذا الوقت المتاح لكن الوقت قد انتهى وأنا أقول ولا أريد أن أفارقكم لكن لنا لقاءات أخرى مع اسم آخر من أسماء الله الحسنى أستودعكم الله وفي رعاية الله ولكم مني الحب والدعاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: د.عبد الكريم بكار- الرياض
ضيف الحلقة :
تنمية الشخصية (الخلق القويم)
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(1/42)
أيها الأخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامج كلمة مضيئة أيها الأخوة والأخوات على مدار التاريخ كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يشيدون بناء أخلاقيا واحدا هذا البناء يقوم على الصدق والإخلاص والوفاء والاستقامة والتعاون والتضحية والعطاء المجاني غير المشروط وإن من يؤمن بهدي محمد صلى الله عليه وسلم يجعل نفسه في السياق العام لذلك التاريخ ولذلك البناء الذي بناه الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه هذا البناء الأخلاقي يشكل بالنسبة لكل الأمم القاعدة المتينة الصلبة التي يتكئون عليها في مواجهة الأزمات وفي مواجهة الكوارث وفي مواجهة الأعراض التي تنتج من اجتماعهم مع بعضهم بعضا لأن اجتماع الناس مع بعضهم في حد ذاته يوجد توترات ويوجد مشكلات هذه القاعدة الأخلاقية التي بناها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يتكئ عليها الناس في مواجهة المشكلات التي تنجم عن الازدحام على موارد محدودة ولذلك ما نشاهده اليوم من تهميش للخلق في كثير من المؤسسات وفي كثير من المناهج وفي كثير من الوضعيات يشكل إساءة كبيرة إن لم أقل جريمة في حق هذه الأمة إن للأخلاق أمهات وفي تصوري أن هناك ثوابت أخلاقية في كل الأزمنة لكن نحتاج في بعض الأحيان أن نركز على بعض الأخلاق من أجل معالجة بعض المشكلات التي نعاني منها أشعر أن كثيرا من المسلمين يعاني اليوم من مشكلة نقص الإحساس بالواجب هم لا يشعرون بالواجب الذي عليهم تجاه بلادهم وتجاه إخوانهم وتجاه أمتهم لا شك أن الشعور بالواجب إنما يأتي نتيجة الشعور بشرف الانتماء إلى الأمة وإلى الوطن وإلى القوم فإذا لم يحصل هذا الشعور بشرف الانتماء لايشعر الناس حينئذ أن عليهم واجبا حتى يشعر الناس بشرف الانتماء لابد أن تدار العلاقات بينهم على أعلى مستوى من الشفافية وعلى أعلى مستوى من العدل والإنصاف والإحسان وإلا فإن الناس لا يشعرون بشرف(1/43)
الانتماء ولا يشعرون نتيجة لذلك بأن عليهم واجبا...كثير من المسلمين اليوم تحولوا إلى رجال حقوق وليس إلى رجال واجبات، لاشك أن للمسلم على مجتمعه حقوقا وعليه لذلك المجتمع واجبات لكن كثير من الناس ماعاد يفكر أبدا في الواجبات التي عليه ولكنه دائما يفكر في الحقوق التي له وهذا عكس ما كانت عليه الأمة أيام انطلاقتها الكبرى وأيام ازدهارها.
ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مخاطبا الأنصار رضوان الله عليهم (إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع ) حينما ينادي المنادي للجهاد يكثر الأنصار لا يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهة إلا وفيها أنصار وحين يأتي وقت توزيع الغنائم توزيع الأوسمة والنياشين والهدايا والدروع والشهادات والمكافآت يبحث عن الأنصار فلا يجدهم إنكم لكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع.(1/44)
من أمهات الأخلاق خلق الصدق إذا انتشر الكذب في أمة في حكامها في قضاتها في معلميها في أسرها في تجارها حين ينتشر الكذب فإن الأمة تفقد شيئا هائلا ماهو هذا الشيء الذي تفقده ماهو هذا الشيء الذي تفقده تفقد كل رصيد الثقة الاجتماعية الذي بنته وبناه أسلافها على مدار الحقب والأجيال والقرون رصيد الثقة هذا الذي يبنيه الصدق إذا بدد فإننا قد لانستطيع استعادته لافي عقد ولا عقدين ولا خمسة عقود ولا قرن لذلك قضية الصدق لا يستقيم شيء يقوم على الكذب لا تستقيم علاقة تقوم على الكذب لا يستقيم تعليم يقوم على الكذب لا يستقيم قضاء يقوم على الكذب لا يستقيم حكم يقوم على الكذب فقضية الصدق قضية جوهرية في حياة كل الأمم وفي حياة كل الشعوب ويجب أن نهتم بهذا اهتماما بالغا ويجب أنا في تصوري أن تسن قوانين صارمة جدا إلى حد الإيذاء لأولائك الذين يمارسون الكذب والخداع ومن خلال الكذب يسيئون إلى أنفسهم ويسيئون إلى الأمة ويبددون كما ذكرت رصيد الثقة والذي هو أعظم رصيد ندير عن طريقه حياتنا وندير علاقاتنا ونسير مصالحنا وأمورنا من الأخلاق الأساسية أيضا التي نحتاجها في هذا الزمان خلق الصبر وخلق المثابرة وخلق الاستمرار والله تبارك وتعالى يقول ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ) إن قليلا من الإنجاز قليلا من العطاء قليلا من الخير إذا استمر يؤتي الثمار ويؤتي النتائج وإن دفقة هائلة من الخير إذا انقطعت ربما انمحت آثارها بعد وقت قليل وكما ورد في الحديث الصحيح وكان أحب الأعمال إليه ماداوم عليه صاحبه لانستطيع اليوم أن ننهض وأن نتقدم لا على الصعيد الشخصي ولا على الصعيد الاجتماعي ولا على صعيد الأمة العام إذا لم نرسخ هذه الفضيلة إذا لم نرسخ هذا الخلق خلق الصبر على الأعمال الشاقة ويجب على المدارس أن تعود طلابها ويجب على الجامعات أن تعود طلابها على بذل الجهد وعلى عمل الأعمال الشاقة لأن هذا يجب أن يكون أسلوب حياة في زمان كثير(1/45)
التعقيد كثير المشكلات يتطلب الجودة في كل شيء لا نستطيع أن ننمو وأن ننهض إلا إذا اعتمدنا هذا الخلق على أنه صفة حياة وعلى أنه أسلوب حياة وعلى أنه معلم واضح جدا في حياتنا وفي أعمالنا وفي إنجازاتنا هنالك إلى جانب يعني الصدق وإلى جانب المثابرة هناك خلق أيضا مهم جدا وهذا الخلق هو خلق الإتقان خلق أن نجود أعمالنا وأن نتقنها بأفضل ما يمكن هذا العصر ليس عصر الكم هو عصر الكيف وكما ورد في حديث القصعة لما قال عليه الصلاة والسلام يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا أنتم يومئذ كثيرون كم هائل ولكنم غثاء كغثاء السيل حتى نحول هذا الكم إلى كيف نحن نحتاج إلى أن نجود أعمالنا نحن نحتاج إلى أن نتقنها إن الإتقان هو عبارة عن حيوية يمكن أن تخترق كل الأشياء كل الأشياء قابلة لأن تؤدى بصورة أفضل وبصورة أتقن وبصورة أجمل وهذا المعنى العميق لقوله عليه الصلاة والسلام ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء) كل شيء قابل للتحسين وقابل للإحسان ، رأى عمر رضي الله تعالى عنه عمر بن الخطاب رأى رجلا يقود شاة إلى المسلخ يقودها من رجلها ويعذبها فقال له كلمة جميلة قال له ويحك قدها إلى الموت قودا رفيقا قدها إلى الموت قودا رفيقا نعم أنت تقودها إلى المسلخ ولكن هذا القود إلى الموت قابل لأن يكون أحسن من الحلة التي تفعلها أنت الآن.(1/46)
هناك جهود كثيرة تبذل ولكن النتائج قليلة ومتواضعة والسبب أن هذه الجهود تفتقر إلى الجودة تفتقر إلى الإتقان الأمم الآن الغنية تتخذ من الجودة ومن الإتقان ومن الإحسان ومن التحسين المستمر تتخذ منهج حياة ليس المهم أن تنتج كثيرا لكن المهم أن تنتج شيئا جيدا وشيئا ممتازا مادامت الأمة الآن تعاني على نحو أساسي ليس من الكم، جامعات كثيرة مدارس كثيرة مؤسسات كثيرة أناس كثيرون لكن النتائج متواضعة وذلك لأننا لم نستطع في معظم مؤسساتنا في معظم أعمالنا أن نرسخ هذا المفهوم وهذا المعنى معنى الإتقان ومعنى الإحسان وأنا أنظر إلى توجيه الإسلام للمسلم بأن يرفق بالحيوان وأن يحافظ على البيئة أنها خطوط متقدمة وخنادق متقدمة يحفرها الناس من أجل الدفاع عن العلاقات الإنسانية في مابينهم إن الحديث الذي ذكر لنا أن امرأة دخلت النار في هرة سجنتها لاهي أطعمتها ولا هي أطلقتها لتأكل من خشاش الأرض والحديث الذي ذكر لنا أن بغية من بغايا بني إسرائيل رأت كلبا يلهث من الظمأ فخلعت خفها وجاءت بالماء لذلك الكلب أن الله جل وعلا شكر صنع هذه المرأة وأدخلها الجنة هذا الخلق هذا البعد الإنساني في حياتنا يجب أن نعمقه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا إننا حين نحمي البيئة وحين نحمي الحيوان وحين نراعي بعضنا بعضا ونراعي مشاعر بعضنا البعض وحين نسعى يعني إلى اللباقة الاجتماعية واللياقة الاجتماعية والكياسة إننا كما ذكرت نحفر خطوط تحول بيننا وبين الاقتتال وبلين الاحتراب وبين التعانف وأنا أشعر في بعض الأحيان أن لدينا نقصا في هذا المعنى معنى البعد الإنساني أن أرحم هذا الإنسان لأنه إنسان وأن ارحم هذا الحيوان لأنه حيوان ليس لمصلحة لقد ثبت أن البناء الحضاري قشرة رقيقة وأن تحت هذه القشرة حيوان يتلمظ ينتظر الفرصة لينقض وليخرب .(1/47)
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا ممن يقول القول فيتبع أحسنه وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ عبد الوهاب الطريري -الرياض
ضيف الحلقة :
مع الرسول صلى الله عليه وسلم (وفد عبد القيس-1)
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله أيها الإخوة والأخوات والأبناء والبنات مع حلقة جديدة من هذا البرنامج المبارك الذي نرحل فيه بأفئدتنا وأرواحنا ونفوسنا إلى هناك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع رسول الله الذي أرسله ربه شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، مع رسول الله الذي أمره ربه فقال ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) فقال ( هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) مع رسول الله داعيا مع الدعوة على بصيرة...
تحدثنا في الحلقات الماضية عن مواقف تبين جوانب من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نستقبل في الحلقات القادمة صور مواقف تبين كيف كان رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وهو يدعو كأنما هو أمام إنجاز مع كل شخص يدعوه فترى حسن التعتي وحسن التلطف وحسن الاحتواء للمدعو ليكون شريكا في القضية التي يدعى إليها فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا بهمه كله على من يدعوه يمهد له الطريق،يسهل له سبيل الولوج إلى هذا الدين والدخول فيه .
دعوني وإياكم أيها الإخوة والأخوات مع هذه الصورة مع هذا المشهد مع هذا الموقف الذي يبين هذا المعنى أجلى بيان لكن قبل لابد من أن نهيأ نفوسنا بصلاة وسلام مباركة على نبينا محمد يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ، اللهم صلي وسلم وبارك أطيب وأزكى صلاة وسلام وبركة على عبدك وحبيبك إمامنا وسيدنا وقدوتنا محمد بن عبد الله وآله وصحبه(1/48)
هذا منقذ بن حيان جاء من هناك من شرق جزيرة العرب من الأحساء من بليدة تسمى جواثة جاء من ديار قومه بني عبد القيس وكأنما كان حسه التجاري يقول له بضاعتك في الأحساء انقلها إلى مكان بعيد لتنفق هناك فكان ينقل بضاعة الأحساء تمرا وثيابا فيبيعها في المدينة في يثرب، دعوني وإياكم نتصور حال إنسان غريب أتى بتجارة يعيش في بلد غربة قيضة تجارته يريد أن ينهيها يصفي بضاعته حتى يرجع إلى بلده وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقبل إليه فيراه وأؤكد أنك لا بد تتصور الجو النفسي لإنسان عايش في الغربة بعيد عن أهله بعيد عن من يعرفه بعيد عن من يعرف شؤونه فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم مقبلا قام إليه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أمنقذ بن حيان كيف جميع هيئتك يعني كيف حالك كيف أمورك كيف أهلك وعشيرتك كيف فلان، كيف فلان، كيف فلان كيف المنذر بن عائض ،كيف فلان من قومك فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسمي له أشراف قومه رجلا رجلا فما ظنك بإنسان غريب في أرض غريبة يبعده عن بلده أزيد من ألف كيلو يفاجئ بمن يسائله عن أحواله ويسائله عن عشيرته ويسائله عن الرجال من قومه بمن فيهم المنذر بن عائض اللي هو أبو زوجته إن من يسألك هذا السؤال ويحتفي بك هذه الحفاوة في أرض الغربة سيكون بالنسبة لك وطنا وسيكون بالنسبة لك أهلا كيف شعور الغريب إذا وجد من يعرفه ويعرف أهله ويعرف قرابته ويعرف عشيرته إنه سيأنس به غاية الأنس ويرتاح إليه أتم الارتياح وتفتح له مصاريع قلبه فلما أنس بالنبي صلى الله عليه وسلم واستراح إليه إذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يبدأ معه مشوار الدعوة ودعاه إليه فإذا به يحل دعوتها في قلب قد فتحت له مصاريعه فتحت له أبوابه تلقى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بكامل التهيؤ فأسلم فعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل معه كتابا إلى قومه يدعوهم فيه إلى الإسلام فقبل بكل سرور وأخذ الكتاب وعاد إلى قومه مسلما لله رب العالمين(1/49)
متبعا لمحمد صلى الله عليه وسلم لكنه عندما أتى إلى قومه بدأ مترددا كيف يفاتحهم بهذا الدين الذي جاء به واتبعه وكيف الطريقة المناسبة ليسلم الكتاب إليهم فبقي وقتا وهو في حال تردد فلاحظت زوجه وهي بنت المنذربن عائض المشهور بأشج عبد القيس لشجة كانت في وجهه وكان سيد قومه لاحظت تصرف غريب بالنسبة لها استغربته لاحظت وضوءه ولاحظت صلاته فاسترابت من هذا الأمر شعرت أن هناك تحول في حياته فذهبت إلى أبيها وقالت إن منقذ قد رابني أمره منذ أن قدم من يثرب ، مالذي رابك فيه يابنيتي ؟ قالت رأيته يغسل أطرافه ثم يستقبل الجهة ثم يحني صلبه ويضع جبينه على الأرض وهذا أمر لم أكن أره يفعله من قبل فما كان من المنذر بن عائض اللي هوأبو زوجته وهو سيد قومه أيضا إلا أن أتى إليه ليعرف منه حقيقة هذا التحول في حياته فكانت هذه الفرصة المناسبة وإذا بمنقذ بن حيان يعرض على أبي زوجته وسيد قومه رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ويدفع إليه الكتاب فلما قرأه المنذر وعرف الدين ممن اتبعه أسلم هو أيضا وعرض الإسلام على قومه فأسلموا ودخل الإسلام في هذه البلدة النائية في شرق جزيرة العرب وأسلم بنو عبد القيس قبل أن يسلم أناس كثيرون من جزيرة العرب فلما كانت الأشهر الحرم تحملوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدون أن يلقوا هذا النبي الذي آمنوا به وهذا الرسول الذي اتبعوه وسارت ركاب بني عبد القيس تمشي في صحراء جزيرة العرب تقطع الفيافي والقفار متحملة هذه العصابة المؤمنة من الأحساء تسير بها الوهاد وتسير بها البطاح تؤم المدينة النبوية المنورة بأنوار محمد صلى الله عليه وسلم قلوبهم مشوقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعيونهم ظمأى لرؤيته فلما دنو من المدينة كان الخبر قد وصل إلى المدينة من قبل وصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن عبد القيس قد أتوا فلما أتوا وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يهيئ أصحابه لاستقبال هؤلاء إذا أقبلوا ويهيئهم(1/50)
لقدومهم إذا قدموا فيقول سيأتيكم وفد عبد القيس ما أسلم قوم حتى وتروا إلا هؤلاء أتوا إلى الإسلام دخلوا في الإسلام طائعين وهذه ميزة لهم على بعد شقتهم وبعد ديارهم دخلوا في الإسلام بلا قتال ودخلوا في الإسلام بمجرد أن عرضت عليهم الدعوة وأتوا من شقة بعيدة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قبائل مشركة وبينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم صحاري شاسعة أتوا مشوقة قلوبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهيأ النبي صلى اله عليه وسلم أصحابه لاستقبالهم الاستقبال الذي يليق بهم ويناسب بوفودهم وقدومهم من هذه المسافة البعيدة، لما بانت لهم منازل المدينة النبوية ودنت ركابهم إليها غلبتهم أشواقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كابدوا سفرا طويلا لرؤيته فإذا بهم يقفزون من ركابهم ويذهبون سراعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلوب مشوقة وعيون ظمأى لرؤية ذاك الوجه المنور المبارك إلا رجل منهم إلا ذاك الرجل المنذر بن عائض سيدهم أشج عبد القيس فإنه لم يفعل كما فعلوا ولم يسارع كما سارعوا ولم ينزل من ركابه مسرعا كما أسرعوا مع أنه لا يقل عنهم شوقا ولم تكن مقلتاه تقل عن مقلهم ظمأً لكن له شأن آخر ، له شأن آخر وله طريق آخر غير الطريقة التي اتبعوها وذلك أنهم لما ذهبوا سراعا وتركوا رواحلهم وذهبوا مسرعين للحاجة التي ساقتهم والحاجة التي أتوا من أجلها إذا به...كأن الوقت انتهى فنكمل إن شاء الله في الحلقة القادمة فأدعكم في رعاية الله وحفظه لأن المخرج يشير لي إيذانا بانتهاء الوقت ولكن الحديث لم ينتهي فنتمه في الحلقة القادمة وسلام الله ورحماته وبركاته عليكم.
الشيخ إبراهيم الدرويش ( الرس - السعودية )
ضيف الحلقة :
تدبر القرآن (إنفاق الصادين عن الله )
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.(1/51)
أما بعد معاشر الأخوة والأخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وكما هي عادتنا في مثل هذا البرنامج المبارك كلمة مضيئة واليوم مع آية من آيات كتاب ربنا جل وعلا هي الآية السادسة والثلاثون من سورة الأنفال، يقول الله تعالى في هذه الآية مبينا أن ما يبذله الكفار من جهد سينقلب عليهم حسرة ووبالا ولا شك يقول تعالى:
( إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ) سبحان الله هذه الآية لها سبب نزول وأرجو أن يتنبه معي الإخوة والأخوات في سبب نزولها.
ابن كثير رحمه الله يقول لما أصيبت قريش يوم بدر ورجعت فلولهم المنهزمة رجع أبو سفيان بعيره مشى عبد الله ابن أبي ربيعة وعكرمة ابن أبي جهل وصفوان ابن أمية في رجال في قريش ، أصيب آباءهم وأبناءهم وإخوانهم في بدر فكلموا أبا سفيان ابن حرب ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا يا معشر قريش إن محمد قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأرا بمن أصيب منا قال ففعلوا ففيهم أنزل الله تعالى هذه الآية...
وقيل أن هذه الآية نزلت في المطعمين يوم بدر وكانوا اثني عشر رجلا منهم أبو جهل وعتبة وشيبة بن ربيعة وكلهم كانوا قرشيون كل واحد منهم يطعم أيام بدر عشرا من الإبل تقريبا وقيل أنها نزلت في أبي سفيان الذي استأجر ألفين من الأحابيس ليقاتل بهم النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه وقيل أن أبا سفيان أنفق على المشركين أربعين أوقية من الذهب لمحاربة الإسلام والصد عن سبيل الله.(1/52)
وعلى كل لا شك أيها الأخوة والأخوات أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما يقول أهل التفسير وأن الآية تشمل كل من أنفق أمواله ليصد عن سبيل الله فلا شك ستنقلب هذه الأموال حسرة عليهم وخزيا وندامة وهذا أمر واقع ومن يتأمل اليوم في هذا الواقع المرير الذي نعيشه اليوم وجد والله مصداقا لهذه الآية كيف أن أعداء الله ينفقون الغالي والنفيس من أجل الصد عن سبيل الله من أجل محاربة الإسلام من أجل إيذاء العاملين لدين الله عز وجل ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولا شك أن جند الله هم الغالبون نعم والله من تأمل في ضخامة الجهود المبذولة اليوم للصد عن الإسلام في كل مكان بل في كل الجوانب وعلى العكس تماما تأمل في تواضع الجهود المبذولة للدعوة للإسلام زاد يقينه بالله ورأى مفهوم هذه الآية واقعا واضحا لنأخذ مثال الهيئات التنصيرية اليوم في كل مكان وبالأخص في بلاد المسلمين رغم ضخامة حجمها ودعمها فرقت بفضل الله تعالى ببركة وثمار المؤسسات الخيرية الإسلامية رغم التضييق على تلك المؤسسات ورغم حال وضعف تلك المؤسسات لقد والله جن جنونهم بذلوا المستحيل بان العداء وانكشف الغطاء خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كما يقولون وذلك باتهام ومطاردة كل ما هو إسلامي فمورس مع هذه المؤسسات وعلى مستوى العالم كله كل أنواع التضييق والتحجيم والتهديد والإغلاق لمكاتبها والترحيل والاعتقال لمنسوبيها وإدراج الكثير من هذه المؤسسات على قائمة المنظمات الإرهابية بل توالت الضغوطات على الحكومات الإسلامية تجاه هذه المؤسسات وتجاه الجمعيات ربما حتى في الداخل لتقطع خيرها عن المسلمين ودعم قضايا الإسلام بأي مكان وفي أي صقع من أصقاع العالم حتى ولو كان لأيتام يتلظون جوعا في دغل إفريقي في الوقت وللأسف الذي تطلق فيه آلاف الجمعيات التنصيرية واليهودية بكل مكان في العالم وبكل التسهيلات خاصة في المناطق المنكوبة وبالأخص في بلاد المسلمين لا أحد يستطيع(1/53)
أن ينكر حجم نشاط الجمعيات الغربية والتنصيرية في أفغانستان وفي العراق خاصة بعد الحرب عليها فمثلا المؤسسات الغير ربحية في أمريكا في أمريكا وحدها يا أخوة تزيد على مليون ونصف المليون مؤسسة غير ربحية كما تشير التقارير والإحصاءات الرسمية بل يقولون ثلثي هذه المؤسسات هي مؤسسات خيرية والعجب أن مجموع إيرادات هذه المنظمات يزيد على مئتين واثنتي عشر مليار دولار كما يشير آخر إحصاء في عام 2001 يقولون أن ثمان وثلاثين بالمئة من هذه المؤسسات أو من هذا الدخل هالمليارات تذهب لمنظمات وأغراض دينية وتنصيرية أما في إسرائيل وحدها تلك الدولة الصغيرة الناشئة فيوجد أكثر من ثلاثين ألف مؤسسة ربحية أو غير ربحية نصف هذه المؤسسات قامت على أساس ديني وأطلق لها الحرية في كل مكان وهي مؤسسات شعبية أهلية لا علاقة للحكومات بها ومجموع مصروفات هذه المؤسسات في إسرائيل كما تقول آخر الإحصاءات إحدى عشر مليار دولار ، إحدى عشر مليار دولار في هذه الدولة الصغيرة الناشئة سبحان الله ثلاثين ألف مؤسسة النصف منها قائم على أساس ديني بلغت تقريبا تكاليف مشروعات الخيرية في عام واحد وهو عام 2001 إحدى عشر مليار دولار بل تؤكد الدراسات كما ذكرت أن أكثر هذه المنظمات الأمريكية والإسرائيلية بل وفي كثير من الدول الغربية معنية بالدين معنية بالتنصير من حقها القانوني العمل في الخارج وفي جميع ساحات النزاع والصراع لها كل التسهيلات لها كل تذليل العقبات وهي كما ذكرت مؤسسات شعبية حرة طليقة لا يمكن أن تتدخل فيها الحكومات بل هي تسمى هناك بالقطاع غير الحكومي أو بالقطاع الخاص لها استقلال حقيقي يحظى بالدعم المادي والمعنوي الكبير من الجماهير ومن الحكومات وكل هذه دلالات على إدراك القوم بأهمية مؤسسات العمل الخيري وتعددها ويقينهم بأنها لا يمكن أن تكسب ثقة الناس وتعاون الناس إلا باستقلالها عن الحكومات وهم يعرفون جيدا ويدركون دورها العظيم في التنمية ، دورها(1/54)
المبارك في تنمية وبناء الحضارات بل العجب وهذا والله يا أخوة يشعر المسلم بالأسى ، العجب انه في أمريكا يتم افتتاح 200 جمعية خيرية يوميا وبشكل مستمر حسب ما أشارت إليه معدلات النمو في بعض الدراسات مقابل هذه الأعداد التي ذكرتها الآن لكم وهذه ضخامة هذه الأعداد تأملوا عدد المنظمات الخيرية في أقطار العالم العربي كله تقدر بنحو تقديرا ثلاثين ألف منظمة أي بحجم مؤسسات دولة إسرائيل وحدها مع الأسف لم أجد إحصاءات تذكر مجموع إيرادات تلك المؤسسات لكن يكفي أن أذكر أن عدد الجمعيات الخيرية المعنية بشؤون الخارج في مجموع دول الخليج كمثال يقدر بثلاث وثلاثين منظمة فقط وقد لا يتجاوز حجم إنفاق هذه المؤسسات الحجم السنوي لها نحو نصف مليار دولار يزيد أو ينقص قليلا فيا سبحان الله يا عجبا أيمكن أن يصدق هذا يا أخوة نصف مليار دولار أمام مئتين واثني عشر مليار دولار في أمريكا وحدها وأمام إحدى عشر مليار دولار في إسرائيل نصف مليار دولار هذا المبلغ الزهيد الذي أحدث هذه الضجة الكبرى في الأروقة السياسية العالمية وقامت ولم تقعد إنه كما أخبر الله تعالى سبحان الله (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة) ، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة أقام العالم كل هذه الضجة الإعلامية والسياسية وكل هذه الضغوطات على الحكومات الإسلامية من أجل إغلاق أو تحجيم المؤسسات الخيرية من أجل هذا المبلغ الزهيد أمام ومقابل هذه المبالغ الضخمة الكبيرة والله إن هذا يزيد المسلم يقينا بخبر القرآن( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ) إنه إعجاز ، إعجاز القرآن أمر غيبي أخبر الله تعالى عنه وبأنه سيكون وأنه سيقع وسيكون منهم هذا الإنفاق ثم سيكون هذا الإنفاق عاقبة وحسرة عليهم تنقلب عليهم تلك الأموال حسرة وآخر الأمر كما أخبر الله سيغلبون هذا وعد من الله تعالى فاطمئنوا وثقوا معاشر الأخوة المهم ما ذا صنعنا ماذا قدمنا أنستجيب لهذه الضغوطات أنستسلم لمثل هذه الحرب لا الله(1/55)
تعالى وعدنا الله سبحانه وتعالى وعدنا مهما كان تهويلهم مهما كانت أمورهم مهما كانت صنائعهم أبدا يأبى الله عز وجل إلا أن يتم نوره هو الذي أظهر دينه وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
مشكلة العالم الإسلامي اليوم أيها الأخوة والأخوات في المنهزمين المتغربين في المنافقين الذين هم من أهل الأهواء والمصالح لنقرأ القرآن بتدبر ولننظر في التاريخ بل وفي الواقع ولنستثمر الأحداث ولا يمكن أن يكون هذا الاستثمار إلا بتماسك الصف المسلم وبالغيرة على دين الله عز وجل وبالثقة نعم بالثقة بالنصر كما ترون وكما تسمعون في هذه الآية الحذر من الهزيمة النفسية مهما أجلب أهل الباطل مهما فعلوا الأفاعيل مهما قالوا ، مهما قالوا مهما حرصوا مهما عملوا ...الله تعالى وعد ولكن كما يقول المؤمن الصادق حسبنا الله ونعم الوكيل والمهم الذي يجب أن يؤكد دائما في مثل هذه الأوضاع أن نحذر وأن يحذر شباب أمتنا ولماذا الشباب بالأخص؟ لأنهم هم الذين تجري في دمائهم الحماس والعاطفة لا بد أن يحذر الشباب من الجنسين من الهزيمة النفسية ومن السقوط في أحضان الشهوات، شعارهم النظري الذي رفعوه منذ سنوات طويلة وبقوة كانوا يقولون كأس وغانية تعملان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع إذا فأغرقوها في حب المادة والشهوات إنهم يرددون دائما يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا هذا شعار نظري الآن هو شعار عملي وعبر القنوات الفضائية وللأسف قد تكون العربية وبأموال إسلامية لقد قالوا وبكل صراحة أشغلوهم عن عقيدة الألوهية بالفن، أشغلوهم عن عقيدة الألوهية بالفن وأنا أسأل أسأل شباب أمتي أسأل بنات الإسلام أسأل إخواني في كل مكان هل نجحوا حقا هل أشغلونا عن عقيدتنا وتوحيدنا وهدفنا الذي خلقنا الله تعالى من أجله بالفن(1/56)
وإن قال البعض نعم فإني على يقين أنهم لم ينجحوا لأنه سرعان يعني يتراجع الكثير من الشباب أمام هدفه وأمام الأحداث والضغوطات التي توجد اليوم على مستوى العالم وسيرجعون إلى دينهم وسيعيدون التوبة كما نسمع ونرى بفضل الله تعالى في كثير من الأصقاع وفي كثير من الأماكن هي بشائر والله هي بشائر فأبشروا لا أريد أن أطيل عليكم لكن تأملوا جيدا أبشروا اتقوا ربكم كونوا على ثقة بيقين ربكم تأملوا مثل هذه الآيات ليشعر المسلم بالفخر والعزة وليكون أكثر يقينا مع العمل والصدق والإخلاص والصواب في عمله أسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن يزيدنا علما وفضلا وأن يبارك لنا ولكم وجزاكم الله تعالى عني خير الجزاء وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
الشيخ إبراهيم الدرويش ( الرس - السعودية )
ضيف الحلقة :
تدبر القرآن (إنفاق الصادين عن الله )
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
أما بعد معاشر الأخوة والأخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وكما هي عادتنا في مثل هذا البرنامج المبارك كلمة مضيئة واليوم مع آية من آيات كتاب ربنا جل وعلا هي الآية السادسة والثلاثون من سورة الأنفال، يقول الله تعالى في هذه الآية مبينا أن ما يبذله الكفار من جهد سينقلب عليهم حسرة ووبالا ولا شك يقول تعالى:
( إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ) سبحان الله هذه الآية لها سبب نزول وأرجو أن يتنبه معي الإخوة والأخوات في سبب نزولها.(1/57)
ابن كثير رحمه الله يقول لما أصيبت قريش يوم بدر ورجعت فلولهم المنهزمة رجع أبو سفيان بعيره مشى عبد الله ابن أبي ربيعة وعكرمة ابن أبي جهل وصفوان ابن أمية في رجال في قريش ، أصيب آباءهم وأبناءهم وإخوانهم في بدر فكلموا أبا سفيان ابن حرب ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا يا معشر قريش إن محمد قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأرا بمن أصيب منا قال ففعلوا ففيهم أنزل الله تعالى هذه الآية...
وقيل أن هذه الآية نزلت في المطعمين يوم بدر وكانوا اثني عشر رجلا منهم أبو جهل وعتبة وشيبة بن ربيعة وكلهم كانوا قرشيون كل واحد منهم يطعم أيام بدر عشرا من الإبل تقريبا وقيل أنها نزلت في أبي سفيان الذي استأجر ألفين من الأحابيس ليقاتل بهم النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه وقيل أن أبا سفيان أنفق على المشركين أربعين أوقية من الذهب لمحاربة الإسلام والصد عن سبيل الله.(1/58)
وعلى كل لا شك أيها الأخوة والأخوات أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما يقول أهل التفسير وأن الآية تشمل كل من أنفق أمواله ليصد عن سبيل الله فلا شك ستنقلب هذه الأموال حسرة عليهم وخزيا وندامة وهذا أمر واقع ومن يتأمل اليوم في هذا الواقع المرير الذي نعيشه اليوم وجد والله مصداقا لهذه الآية كيف أن أعداء الله ينفقون الغالي والنفيس من أجل الصد عن سبيل الله من أجل محاربة الإسلام من أجل إيذاء العاملين لدين الله عز وجل ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولا شك أن جند الله هم الغالبون نعم والله من تأمل في ضخامة الجهود المبذولة اليوم للصد عن الإسلام في كل مكان بل في كل الجوانب وعلى العكس تماما تأمل في تواضع الجهود المبذولة للدعوة للإسلام زاد يقينه بالله ورأى مفهوم هذه الآية واقعا واضحا لنأخذ مثال الهيئات التنصيرية اليوم في كل مكان وبالأخص في بلاد المسلمين رغم ضخامة حجمها ودعمها فرقت بفضل الله تعالى ببركة وثمار المؤسسات الخيرية الإسلامية رغم التضييق على تلك المؤسسات ورغم حال وضعف تلك المؤسسات لقد والله جن جنونهم بذلوا المستحيل بان العداء وانكشف الغطاء خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كما يقولون وذلك باتهام ومطاردة كل ما هو إسلامي فمورس مع هذه المؤسسات وعلى مستوى العالم كله كل أنواع التضييق والتحجيم والتهديد والإغلاق لمكاتبها والترحيل والاعتقال لمنسوبيها وإدراج الكثير من هذه المؤسسات على قائمة المنظمات الإرهابية بل توالت الضغوطات على الحكومات الإسلامية تجاه هذه المؤسسات وتجاه الجمعيات ربما حتى في الداخل لتقطع خيرها عن المسلمين ودعم قضايا الإسلام بأي مكان وفي أي صقع من أصقاع العالم حتى ولو كان لأيتام يتلظون جوعا في دغل إفريقي في الوقت وللأسف الذي تطلق فيه آلاف الجمعيات التنصيرية واليهودية بكل مكان في العالم وبكل التسهيلات خاصة في المناطق المنكوبة وبالأخص في بلاد المسلمين لا أحد يستطيع(1/59)
أن ينكر حجم نشاط الجمعيات الغربية والتنصيرية في أفغانستان وفي العراق خاصة بعد الحرب عليها فمثلا المؤسسات الغير ربحية في أمريكا في أمريكا وحدها يا أخوة تزيد على مليون ونصف المليون مؤسسة غير ربحية كما تشير التقارير والإحصاءات الرسمية بل يقولون ثلثي هذه المؤسسات هي مؤسسات خيرية والعجب أن مجموع إيرادات هذه المنظمات يزيد على مئتين واثنتي عشر مليار دولار كما يشير آخر إحصاء في عام 2001 يقولون أن ثمان وثلاثين بالمئة من هذه المؤسسات أو من هذا الدخل هالمليارات تذهب لمنظمات وأغراض دينية وتنصيرية أما في إسرائيل وحدها تلك الدولة الصغيرة الناشئة فيوجد أكثر من ثلاثين ألف مؤسسة ربحية أو غير ربحية نصف هذه المؤسسات قامت على أساس ديني وأطلق لها الحرية في كل مكان وهي مؤسسات شعبية أهلية لا علاقة للحكومات بها ومجموع مصروفات هذه المؤسسات في إسرائيل كما تقول آخر الإحصاءات إحدى عشر مليار دولار ، إحدى عشر مليار دولار في هذه الدولة الصغيرة الناشئة سبحان الله ثلاثين ألف مؤسسة النصف منها قائم على أساس ديني بلغت تقريبا تكاليف مشروعات الخيرية في عام واحد وهو عام 2001 إحدى عشر مليار دولار بل تؤكد الدراسات كما ذكرت أن أكثر هذه المنظمات الأمريكية والإسرائيلية بل وفي كثير من الدول الغربية معنية بالدين معنية بالتنصير من حقها القانوني العمل في الخارج وفي جميع ساحات النزاع والصراع لها كل التسهيلات لها كل تذليل العقبات وهي كما ذكرت مؤسسات شعبية حرة طليقة لا يمكن أن تتدخل فيها الحكومات بل هي تسمى هناك بالقطاع غير الحكومي أو بالقطاع الخاص لها استقلال حقيقي يحظى بالدعم المادي والمعنوي الكبير من الجماهير ومن الحكومات وكل هذه دلالات على إدراك القوم بأهمية مؤسسات العمل الخيري وتعددها ويقينهم بأنها لا يمكن أن تكسب ثقة الناس وتعاون الناس إلا باستقلالها عن الحكومات وهم يعرفون جيدا ويدركون دورها العظيم في التنمية ، دورها(1/60)
المبارك في تنمية وبناء الحضارات بل العجب وهذا والله يا أخوة يشعر المسلم بالأسى ، العجب انه في أمريكا يتم افتتاح 200 جمعية خيرية يوميا وبشكل مستمر حسب ما أشارت إليه معدلات النمو في بعض الدراسات مقابل هذه الأعداد التي ذكرتها الآن لكم وهذه ضخامة هذه الأعداد تأملوا عدد المنظمات الخيرية في أقطار العالم العربي كله تقدر بنحو تقديرا ثلاثين ألف منظمة أي بحجم مؤسسات دولة إسرائيل وحدها مع الأسف لم أجد إحصاءات تذكر مجموع إيرادات تلك المؤسسات لكن يكفي أن أذكر أن عدد الجمعيات الخيرية المعنية بشؤون الخارج في مجموع دول الخليج كمثال يقدر بثلاث وثلاثين منظمة فقط وقد لا يتجاوز حجم إنفاق هذه المؤسسات الحجم السنوي لها نحو نصف مليار دولار يزيد أو ينقص قليلا فيا سبحان الله يا عجبا أيمكن أن يصدق هذا يا أخوة نصف مليار دولار أمام مئتين واثني عشر مليار دولار في أمريكا وحدها وأمام إحدى عشر مليار دولار في إسرائيل نصف مليار دولار هذا المبلغ الزهيد الذي أحدث هذه الضجة الكبرى في الأروقة السياسية العالمية وقامت ولم تقعد إنه كما أخبر الله تعالى سبحان الله (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة) ، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة أقام العالم كل هذه الضجة الإعلامية والسياسية وكل هذه الضغوطات على الحكومات الإسلامية من أجل إغلاق أو تحجيم المؤسسات الخيرية من أجل هذا المبلغ الزهيد أمام ومقابل هذه المبالغ الضخمة الكبيرة والله إن هذا يزيد المسلم يقينا بخبر القرآن( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ) إنه إعجاز ، إعجاز القرآن أمر غيبي أخبر الله تعالى عنه وبأنه سيكون وأنه سيقع وسيكون منهم هذا الإنفاق ثم سيكون هذا الإنفاق عاقبة وحسرة عليهم تنقلب عليهم تلك الأموال حسرة وآخر الأمر كما أخبر الله سيغلبون هذا وعد من الله تعالى فاطمئنوا وثقوا معاشر الأخوة المهم ما ذا صنعنا ماذا قدمنا أنستجيب لهذه الضغوطات أنستسلم لمثل هذه الحرب لا الله(1/61)
تعالى وعدنا الله سبحانه وتعالى وعدنا مهما كان تهويلهم مهما كانت أمورهم مهما كانت صنائعهم أبدا يأبى الله عز وجل إلا أن يتم نوره هو الذي أظهر دينه وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
مشكلة العالم الإسلامي اليوم أيها الأخوة والأخوات في المنهزمين المتغربين في المنافقين الذين هم من أهل الأهواء والمصالح لنقرأ القرآن بتدبر ولننظر في التاريخ بل وفي الواقع ولنستثمر الأحداث ولا يمكن أن يكون هذا الاستثمار إلا بتماسك الصف المسلم وبالغيرة على دين الله عز وجل وبالثقة نعم بالثقة بالنصر كما ترون وكما تسمعون في هذه الآية الحذر من الهزيمة النفسية مهما أجلب أهل الباطل مهما فعلوا الأفاعيل مهما قالوا ، مهما قالوا مهما حرصوا مهما عملوا ...الله تعالى وعد ولكن كما يقول المؤمن الصادق حسبنا الله ونعم الوكيل والمهم الذي يجب أن يؤكد دائما في مثل هذه الأوضاع أن نحذر وأن يحذر شباب أمتنا ولماذا الشباب بالأخص؟ لأنهم هم الذين تجري في دمائهم الحماس والعاطفة لا بد أن يحذر الشباب من الجنسين من الهزيمة النفسية ومن السقوط في أحضان الشهوات، شعارهم النظري الذي رفعوه منذ سنوات طويلة وبقوة كانوا يقولون كأس وغانية تعملان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع إذا فأغرقوها في حب المادة والشهوات إنهم يرددون دائما يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا هذا شعار نظري الآن هو شعار عملي وعبر القنوات الفضائية وللأسف قد تكون العربية وبأموال إسلامية لقد قالوا وبكل صراحة أشغلوهم عن عقيدة الألوهية بالفن، أشغلوهم عن عقيدة الألوهية بالفن وأنا أسأل أسأل شباب أمتي أسأل بنات الإسلام أسأل إخواني في كل مكان هل نجحوا حقا هل أشغلونا عن عقيدتنا وتوحيدنا وهدفنا الذي خلقنا الله تعالى من أجله بالفن(1/62)
وإن قال البعض نعم فإني على يقين أنهم لم ينجحوا لأنه سرعان يعني يتراجع الكثير من الشباب أمام هدفه وأمام الأحداث والضغوطات التي توجد اليوم على مستوى العالم وسيرجعون إلى دينهم وسيعيدون التوبة كما نسمع ونرى بفضل الله تعالى في كثير من الأصقاع وفي كثير من الأماكن هي بشائر والله هي بشائر فأبشروا لا أريد أن أطيل عليكم لكن تأملوا جيدا أبشروا اتقوا ربكم كونوا على ثقة بيقين ربكم تأملوا مثل هذه الآيات ليشعر المسلم بالفخر والعزة وليكون أكثر يقينا مع العمل والصدق والإخلاص والصواب في عمله أسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن يزيدنا علما وفضلا وأن يبارك لنا ولكم وجزاكم الله تعالى عني خير الجزاء وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
الشيخ ابراهيم بن عوض أيوب - جدة
ضيف الحلقة :
أسماء الله الحسنى (الواحد الأحد جل جلاله)
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
إخواني وأخواتي أحييكم بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته هنيئا لنا أن يتجدد اللقاء مرة أخرى في مجلس من مجالس الذكر نذكر الله سبحانه وتعالى أتدرون إذا ذكرنا الله عز وجل سبحانه وتعالى جل في علاه ما الذي يتغير عندنا ما الذي يتجدد في حياتنا كفاكم أن تعلموا وتدركوا أن الله عز وجل سيذكرنا سبحانه وتعالى في نفسه...تخيل وتأمل وأنت أختي الفاضلة تأملي كيف يذكرنا الله في نفسه سبحانه وتعالى كيف يذكرنا الله في ملأ خير منهم.
إخواني يتجدد اللقاء مرة أخرى في الحديث عن أسماء الله الحسنى، نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول (إن لله تسعة وتسعين اسما مئة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة)(1/63)
من أحصاها دخل الجنة فنحن نحصي الآن في هذه اللحظات المباركات الطيبات اسم من أسماء الله الحسنى أسأله جل في علاه أن يجعل لنا مقاما رفيعا، مقاما حميدا في جنة عرضها السماوات والأرض بتأملنا لهذا الاسم العظيم.
إخواني وأخواتي ( الواحد الأحد ) جل في علاه سبحانه وتعالى الواحد الأحد، لست هنا إخواني من أجل أن أثبت لكم أن الله واحد أحد لست هنا يا إخواني وأخواتي من أجل أن نبرهن على هذا الأمر فنحن من الموحدين فنحن ممن اصطفاهم الله عز وجل لأننا ممن وحدوه سبحانه وتعالى لكنها رسائل سريعة بداية بتلاوة شيء من آيات الله لنتذكر من جديد وندرك من جديد ونعيش من جديد وحدانية الله سبحانه وتعالى.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
( أم من خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون* أم من جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون* أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون* أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون* )(1/64)
آيات تجول بك وبعاطفتك وبمشاعرك وبقلبك وبفكرك في هذا الوجود كل شيء حولك يشهد أن لا إله إلا الله واحد أحد فرد صمد سبحانه وتعالى، آيات تنبئنا وتنبهنا على أن الله عز وجل سبحانه وتعالى هو الواحد الأحد، الواحد جل في علاه الذي لا شريك له، الأحد الذي لا مثيل له سبحانه وتعالى، آيات كثيرة في كتاب الله تدعونا إلى توحيده جل في علاه هذان الاسمان العظيمان من أسماء الله الحسنى (الواحد الأحد) جل في علاه إذا جلسنا نتكلم عن اسم الله عز وجل الواحد أو الأحد أياما بل أكثر من ذلك لنصل إلى سر هذا الاسم وإلى عظم هذا الاسم ما وصلنا إلى ذلك إخواني لأن معرفة الله عز وجل تحتاج إلى التواضع تحتاج إلى الانكسار والافتقار أن نكون منكسرين يوم أن نتكلم عن الله أن نكون مفتقرين أذلاء يوم أن نتكلم عن الله عز وجل.
يا إخواني (الواحد الأحد) ما من أحد من الخلق إلا سينجو يوم القيامة إلا بالواحد الأحد لن تستقيم لك حياة في هذه الدنيا طيبة إلا إذا آمنت أن الله هو الواحد الأحد، لن تكون من المنعمين في الحياة ولا في الآخرة إلا بأن تدرك بأن الله هو الواحد الأحد، لن تكون سعيدا لا في دنياك ولا في أخراك إلا إذا تيقنت بأن الله هو الواحد الأحد، إذا تعبدت الله عز وجل بأنه هو الواحد الأحد.
إخواني كما ذكرت لسنا هنا من باب أن نبرهن على أن الله هو الواحد الأحد فهذا شيء معلوم لدينا جميعا بالضرورة لكن نريد ماذا؟ نريد أن نفتش عن أنفسنا نريد أن نبحث عما في داخلنا هل فعلا نحن نوحد الله أن الله واحد أحد هذا شيء انتهى أمره لكن الآن نبحث في جانبنا دعونا نستعمل أدوات القياس كيف نقيس أننا موحدين كيف نقيس كيف تقيس وتعلم يقينا أنك ممن وحد الله سبحانه وتعالى.
يا أخي الحبيب اسمع هذه الآية العظيمة المباركة لتدرك عظم هذا الأمر...أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:(1/65)
( ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله ) الله أكبر تأمل هذه الآية العجيبة، الله يضرب لنا سبحانه وتعالى مثل يضرب لنا مثلا فيقول رجلا فيه شركاء متشاكسون تخيل أنك عبد لعشرة من الأسياد هذا يأمرك بشيء وهذا ينهاك عن شيء وهذا يدعوك إلى شيء وهذا يصدر لك أمرا بشيء تطيع من هذا يقول لك قوم هذا يقلك اجلس هذا يقلك افعل...في الأخير ستكون مزعزع النفس مشتت الحال فإذا بك في داخلك لا تعرف إلى أي شيء تصل لا تعرف من ترضي وكيف ترضي وكيف تصل إلى نهاية الأمر ، ورجلا سلما لرجل الرجل هذا عبد لسيد واحد هذا السيد إذا قال له افعل فعل وإذا قال له اترك ترك وإذا أمره بشيء نفذ وهكذا يعرف من سيده هذا أنه يحب كذا وأنه يكره كذا أن هذا يرضيه أن هذا يغضبه فإذا به يتعامل بأريحية تامة يتعامل بصفاء يتعامل بنقاء في الأخير حيكون مرتاح نعم يا إخواني التوحيد سر التوحيد سر توحيد الله عز وجل هو أن الله يريدنا أن نكون من الذين عاشوا حياة طيبة سعيدة ولن يكون هذا إذا عبدت مع الله إله آخر ولم تكن لك راحة إذا جعلت مع سيدك الرب سبحانه وتعالى سيدا آخر حتى وإن كان هوى مطاعا حتى وإن كان هوى متبعا (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه )
الهوى يتخذ إله من غير الله الهوى يتخذ إله من غير الله أنك تطيع أهواءك في الأخير ينقلب هذا الأمر إلى إله يعبد كيف هذا الكلام ؟ بمصداق كتاب الله سبحانه وتعالى إذا يا أخي الحبيب التوحيد سر عميق جدا يجعلك دائما في استقامة مع نفسك يجعلك دائما في أريحية مع داخلك يجعلك متماسك يجعلك قوي.
اسمعوا،ن عبد الله بتوحيد صادق بتوحيد خالص فإنه سيكون من أريح الناس وسيكون ممن عاشوا هذه الحياة بصفاء
ونقاء وهذا الذي نريد...اسمعوا ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
( فلا تدعو مع الله إله آخر فتكون من المعذبين )(1/66)
رسالة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده إلى أمته، تأمل هذه الآية اقرأها وكررها على نفسك كثيرا حتى نعرف العذابات الذي نحن فيه وحتى نعرف العذاب الذي نعيشه السبب أننا لم نوحد الله حق التوحيد، السبب أننا لم نصل إلى هذه اللحظة لنقيس درجة التوحيد عندنا الله واحد نعم نعرف هذا الأمر كمعلومة الله واحد أحد نعرفه كمعلومة لكن هل وحدت الله في تصرفاتك في معتقداتك في قراراتك في تفكيرك في كل شيء لا تلجأ إلا إليه لا تستند إلا إليه لا تأخذ إلا منه لا تكون إلا معه إذا كنت بعيدا لا تقترب إلا منه إذا كنت قريبا لا تأنس إلا به إذا كنت ميتا لا تعيش إلا به هكذا...إذا عندها نعرف سر التوحيد وماذا يصنع التوحيد في ابن آدم يجعله دائما صائب مع نفسه وصائب مع غيره يجعله نظيفا في داخله نظيفا في خارجه يجعله دائما متماسك من الداخل هذا التماسك الداخلي يجعله قويا في خارجه يعيش مع الله سبحانه وتعالى مع الخالق العظيم مع المبدع الحكيم.
إخواني وأخواتي الوقت قد انتهى والحديث لم ينتهي، أستودعكم الله عز وجل سبحانه وتعالى وإلى اللقاء في حلقة قادمة مع اسم الله (الواحد الأحد) سبحانه وتعالى .
الشيخ ابراهيم بن عوض أيوب - جدة
ضيف الحلقة :
أسماء الله الحسنى (المتكبر جل جلاله)
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
إخواني وأخواتي يتجدد اللقاء مرة أخرى بكم حتى نذكر الله سبحانه وتعالى، حتى نكون من الذاكرين الشاكرين الذين ذكروا الله سبحانه وتعالى فذكرهم الله عز وجل.(1/67)
يا أخواني ويا أخواتي أذكركم الساعة الساعة كيف تكونوا من الذاكرين يقول الله سبحانه وتعالى ( فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم) فأسأله جل في علاه أن يذكرنا وإياكم الساعة في نفسه سبحانه وتعالى وأن يذكرنا في ملئ خير من الملأ الذي نحن فيه إنه ولي ذلك والقادر عليه فيا أخواني ويا أخواتي استمتعوا بهذه اللحظات مع اسم عظيم من أسماء الله الحسنى ( المتكبر جل في علاه ) سبحانه وتعالى.
المتكبر جل في علاه.....أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:
( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر )
المتكبر سبحانه وتعالى، المتكبر جل في علاه نقف مع هذا الاسم لنكون ممن أحصوا هذا الاسم لأن إحصاء أسماء الله الحسنى تؤدي إلى الجنة يقول نبيكم صلى الله عليه وسلم (إن لله تسعة وتسعين اسما مئة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة) اسأل نفسك الآن ما الشيء الذي جال في خاطرك وفي فكرك وفي بالك عن معنى المتكبر ما المعنى الذي يمكن أن تتصوره عن معنى المتكبر ناقش نفسك من الداخل ولا مانع في ذلك حتى تفرق بين الذي عندك وبين المعلومة التي سوف أطرحها عليك الآن.
إذا لنأخذ جميعا من هذه المعاني.(1/68)
أولا المتكبر في اللغة عادة هو أو هو الامتناع وعدم الانقياد إذا قيل أن هناك أو أن المتكبر أو أن هناك من هو متكبر هو الامتناع وعدم الانقياد أي أنه لا يؤثر عليه أحد كذلك هذا في المعنى اللغوي بشكل عام...لكن لو جئنا نتكلم عن الله عز وجل سبحانه وتعالى جل في علاه هناك معاني تليق بالله ومعاني لا تليق به سبحانه وتعالى فمن المعاني العظيمة ذكر العلماء أن المتكبر الذي تكبر عن السوء سبحانه وتعالى، قالوا كذلك الذي تكبر عن السيئات، قالوا كذلك الذي تكبر عن ظلم عباده...ما ألطف هذا المعنى وما أجمل هذا المعنى رغم أن المعنى الذي في أذهاننا المتكبر قد يأتي بمعنى عكسي تماما وهو المتكبر بمعنى الذي ينال من عباده لكن انتبهوا الله عز وجل سبحانه وتعالى هو المتكبر لكنه لا يظلم أحدا جل في علاه لذلك يقول العلماء المتكبر هو الذي تكبرعن ظلم عباده سبحانه وتعالى لأن الخلق محتاجين إليه جل في علاه هو الحي القيوم حي بذاته سبحانه وتعالى وهو القيوم بمعنى انه قام بذاته ويقوم به غيره جل في علاه والعلاقة التي بيننا وبين ربنا سبحانه وتعالى علاقة الرحمة وهذا يتبين تماما من بدايات التعريف بالله، الله عز وجل عندما عرفنا بنفسه في ثلاث آيات في بداية سورة الفاتحة تعريف دقيق تعريف مفصل وقصير في نفس الوقت ( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ) البداية الحمد لله رب العالمين وفي النهاية مالك ليوم الدين والجامع بين أمري الدنيا والآخرة أنه هو الرحمن الرحيم..
هو رحيم الدنيا ورحيمهما سبحانه وتعالى.
الحمد لله رب العالمين الأصل أن الله سبحانه وتعالى مادام هو رب العالمين أنه يملك كل شيء سبحانه وتعالى هو الخالق هو الآمر هو الناهي...(1/69)
الأصل عند الناس أنك لو سمعت هذا المفهوم وهذا المعنى أنك تتصور عن الله أنه سبحانه وتعالى جل في علاه سبحانه وتعالى عما يصفون علوا عظيما انه يظلم لا فإذا بالله جل في علاه يرفع هذا المفهوم عن أذهاننا لأننا تعودنا في حياتنا أن من يملك شيئا أو أن من صار له ملك وصار له جاه من صارت له مكانة فإنه يتعدى الحد فإنه يفعل ويفعل الله يريد منا أن لا نفهم هذا المعنى فيقول أنه هو الرحمن الرحيم إذا الأصل العلاقة التي بيننا وبين ربنا علاقة الرحمة وهنا عندما نتكلم عن المتكبر ما العلاقة هذا الكلام بهذا الكلام، لأنه مع الأسف الشديد يا إخوان أن كلمة المتكبر عندنا عندما نذكر ونتكلم المتكبر يأتينا شعور معين أن هذه الصفة ماهي جيدة لا شك في ذلك هي صفة نقص في المخلوق لكن صفة كمال بالنسبة للخالق سبحانه وتعالى...
ليش؟ لأنو يا أخواني أنت تتكبر على ماذا، ماذا تملك حتى تتكبر ن ما الشيء الذي بيدك حتى تدعيه أنت تدعي أنك كذا وكذا وتدعي كبرا وأنت لست أهلا لذلك لكن الله عز وجل قال عن نفسه أنه المتكبر لأنه سبحانه وتعالى جل في علاه كل شيء بيده هو الخالق هو المبدع هو العظيم هو الجليل هو الحكيم هو الحليم الأمر أمره والخلق خلقه والملك ملكه أنت على ماذا تتكبر إذا تكبرك هنا صفة نقص ولكن التكبر بالنسبة لله صفة كمال وجلال وجمال سبحانه وتعالى.
كذلك قالوا من معاني المتكبر المتعالي عن صفات خلقه سبحانه وتعالى وكذلك قالوا من هذه المعاني الذي يترفع عن كل نقص جل في علاه سبحانه وتعالى.
( فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئا وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشى لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم )(1/70)
قفوا معي إخواني وأخواتي على هذه الآية المباركة (فلما رأينه أكبرنه) أي نظرن إليه بتعظيم وبإجلال ووجدنا في هذا النبي المبارك يوسف عليه الصلاة والسلام شيئا لم يجدنه في غيره إذا ما معنى هذا الكلام أكبوتعالى. نتكلم عن ماذا؟ نتكلم عن اسم الله المتكبر سبحانه وتعالى جل في علاه فإذا رأينا ونظرنا في صفات الله عز وجل وتكلمنا عن اسم الله المتكبر وجدنا أمور عظيمة أن الله عز وجل بيده الملك بيده الأمر له الخلق له الأمر سبحانه وتعالى ..
أنت يا أخي الحبيب ويا أختي الفاضلة إذا تأملت أن ربك سبحانه وتعالى وتأملت أن الله عز وجل الخالق المبدع المتكبر هو ربنا، هناك عبادة غريبة وعجيبة عند ابن القيم رحمة الله عليه يقول عبادة الفرح بالله أن تفرح أن الله هو ربك أنا عندما أسمع اسم الله المتكبر يعطيني هذا شعور بكمال الله بجلال الله بجمال الله سبحانه وتعالى هذا الشعور يعطيني من الداخل الأمن الطمأنينة يعطيني شعور أن الله عز وجل سبحانه وتعالى كما يقول ابن كثير رحمة الله عليه المتكبر هو جل في علاه الذي يتغاضى عما يفعل الخلق ترفعا سبحانه وتعالى ولا يأخذ الله العباد إلا في حال فساد الكون وفساد الأمور فإنه يترفع عن عقوبتهم يترفع سبحانه وتعالى عن ظلمهم جل في علاه لأنه المتكبر...انتبهوا لهذا المعنى الجميل في اسم الله عز وجل المتكبر سبحانه وتعالى.
يا إخواني عندما نقول أن س من الناس تكبر عن الخلق أو تكبر على الخلق لماذا يأتيه هذا الشعور بالكبر لأنه يشعر أنه يختلف عنهم لأنه عنده شعور داخلي سواء كان صادقا أم كاذبا أنه يختلف عنهم أنه عنده غير الذي عندهم أنه كذا وكذا وكذا رغم أننا ذكرنا يا إخواني وأخواتي أن التكبر بالنسبة للمخلوق نقص لأنه لا يحمل شيئا لأنه لا يملك شيئا، لكن التكبر بالنسبة لله سبحانه وتعالى هو صفة كمال لله جل في علاه إذا لننتبه لهذا المعنى العظيم...(1/71)
يا إخواني السؤال الذي أطرحه عليكم الآن كيف نعيش اسم الله المتكبر في حياتنا اليومية، كيف نتعبد الله بهذا الاسم العظيم بهذا الاسم الجليل.
أولا أن تعلم يقينا أن اسم الله المتكبر يعطيك من الأمان الكثير لأنك عبد من عباده تعرف من أنت وتعرف من هو الله وهذه أداة من أدوات القياس ولا يكون الإنسان كاملا إلا إذا عرف نفسه وعرف الله سبحانه وتعالى ولا يكون الإنسان واثقا من عباداته وتعاملاته إلا إذا عرف من هو ومن هو الله عز وجل هذه أداة قياس، أداة قياس بمعنى أن تعرف من تكون ومن هو الله عز وجل، إذا عرفت انكسرت خضعت افتقرت بين يدي الله سبحانه وتعالى.
في مرة من المرات يا إخواني عارف بالله عز وجل يدعو الله ويرفع يديه يقول ربي دلني كيف أرضيك أو كيف أعبدك فكان هناك عالم يجلس بجانبه فقال له ترضي الله وتعبد الله عز وجل إذا عبدته بما ليس فيه قال وما هو الشيء الذي ليس في الله قال الذل والافتقار...
إذا لنفتقر إلى الله ننكسر إلى الله سبحانه وتعالى وبين يديه عند ذلك نعلم أنه هو المتكبر سبحانه وتعالى جل في علاه.
إخواني وأخواتي وقت الحلقة انتهى والموضوع عن المتكبر لم ينتهي جل في علاه سبحانه وتعالى ونكمل إن شاء الله إذا أحيانا المولى سبحانه وتعالى في حلقة أخرى في نفس الموضوع بإذنه سبحانه وتعالى وأقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ د.عبد الكريم بكار ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
تنمية الشخصية (العقل المتجدد)
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامج كلمة مضيئة.(1/72)
إن العقل البشري أيها الأخوة الكرام هبة كبرى من الله تبارك وتعالى ولكن هذا العقل هو أشبه بالحاسب الآلي فإذا زودناه بطريقة صحيحة عمل بطريقة صحيحة إذا زودناه بمعلومات خاطئة فإنه يعمل بطريقة خاطئة...لو أنك في برنامج طبي وضعته على حاسب آلي وذكرت في هذا البرنامج أن نسبة الحريرات في الماء عالية أو قلت أن السكر يرفع الضغط مثلا وهذه معلومات طبعا خاطئة فإن الحاسب الآلي سيعطيك نتائج خاطئة بناء على هذا الذي تعطيه إياه...
أيضا العقل البشري حينما نزوده بمعارف خاطئة، بخبرات خاطئة أو مشوهة أو ناقصة فإنه في النهاية سوف يعطينا مخرجات مشوهة وسوف نحصل منه على نتائج مشوهة...الآن المعرفة في العالم كله تتقدم وتتسع وتتناسخ متوقع أنه مابين عشر إلى خمسة عشر سنة يتم تجديد أكثر من 30 أو 40 % من المعارف الموجودة الآن يدخل عليها تجديدات وتعديلات هذا العقل البشري لا يستطيع أن يعمل من غير معرفة، المعرفة هي الأداة التي يشتغل عليها ما لدينا من أفكار ما لدينا من مفاهيم ما لدينا من معلومات ما لدينا من صور ذهنية هذه كلها تغذي العقل وبناء عليها يشتغل العقل.(1/73)
دعوني أضرب مثالا صغيرا في هذا مفهوم التدين كثير من المسلمين يفهم التدين فهما محدودا أو فهما جزئيا وكما سمعنا أنا وأنتم ممن يقول الدين المعاملة فإذا كانت معاملتك مع الناس معاملة جيدة فأنت متدين ممتاز، من المسلمين من يقول التدين الحقيقي هو صفاء القلب فإذا كان قلبك صافيا فلا تشغل بالك بأشياء أخرى، من المسلمين من يقول التدين الحقيقي هو الخلق الحسن فإذا كانت أخلاقك حسنة فإذا أنت متدين حقيقي...لا شك أن للتعامل المالي المستقيم والنظيف مع الناس قيمة في الإسلام، ولا شك أن لصفاء القلوب قيمة في الإسلام، ولا شك أيضا أن للخلق الحسن قيمة في الإسلام...لكن هذا ليس هو كل الإسلام هناك صوم هناك صلاة هناك حج هناك زكاة هناك بر للوالدين هناك صدقة هناك حلم هناك أشياء كثيرة وهذه كلها تشكل أجزاءا من التدين (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله ) سقاية الحجاج وعمارة المسجد أو المساجد هذا جزء من التدين لكنه لا يعدل الإيمان ولا يعدل الجهاد في سبيل الله.
خذ مثالا آخر قضية التربية كثير من المسلمين الآن يعتقد أن رسالته الأساسية أن يؤمن لأطفاله ما يحتاجونه من مطعم من ملبس من مسكن أن هذه هي مهمته الأساسية وهو لا يوبخ نفسه أو لا يؤنبه ضميره أو لا يشعر أنه مقصر إذا لم يهتم بتعلم أولاده بكتابتهم لواجباتهم بمطالعتهم بتهذيبهم بهدايتهم هو لا يشعر أنه مقصر في هذا لأن مفهومه عن التربية قاصر ولذلك سلوكه قاصر.
فعقولنا وتفكيرنا حينما نزوده بمعرفة ناقصة بمعرفة مشوهة فإن نظرته للحياة بعد ذلك تصبح نظرة مشوهة وناقصة...نحن في حاجة أيها الإخوان إلى أن نجدد في رؤيتنا للحياة، في رؤيتنا للتدين، في رؤيتنا لعلاقاتنا، في رؤيتنا للمستقبل...هذا التجديد له طرق لا يمكن أن يتم بغير الوسائل التي تؤدي إليه...(1/74)
من الطرق التي تؤدي إلى تجديد العقل المعرفة الجيدة بمعنى أن نقرأ، أن نقرأ قراءة جيدة قراءة مثمرة قراءة مفيدة ونفكر في الشيء الذي نقرأه نقرأ قراءة مركزة في كتاب جيد لكاتب جيد ونحاول أن نستخلص خلاصات مما نقرأه نستخلص مما نقرأه خلاصات ونتأمل في هذه الخلاصات لنرى ما المعارف ما المعلومات التي لدينا والتي سنغيرها بناء على المعرفة الجديدة التي أخذناها من القراءة...
أيضا من طرق تجديد العقول الحوار وللأسف الشديد مرت على الأمة أزمان كثيرة ما كانت تعطي للحوار أي قيمة كان يسود في البيوت نوع من القهر من الكبت، الرجل يسكت المرأة والمرأة تسكت البنات والصبيان يسكتون البنات والأخ الأكبر يسكت الأخ الأصغر...في المدارس أيضا كان هناك نوع من التلقين المستمر دون أن يسمح للطلاب أن يسألوا عن دليل أو أن يستفسروا عن شيء أو يلقوا سؤالا يعني كان هذا الوضع على حين أن هذا لا يقوي العقول هذا يضعفها نعم الحوار هو أن تري محاورك ما لا يرى تقول للمحاور عندك نقطة غامضة أشرحها لك ويقول لك محاورك أنت أيضا عند نقطة غامضة أشرحها لك ليس القصد من الحوار أن أتفوق عليك أو أن تتفوق علي ولكن يكون لديك نقطة معتمة لا تراها أريك إياها وتكون لدي نقطة معتمة لا أراها تريني إياها لكن نحن لا نتحاور لا نؤمن في تغذية عقولنا، في تجديد عقولنا في تجديد معارفنا لأننا نعتقد بأن ما لدينا كاف، ما لدينا من معارف من مفاهيم من خطط ليس كافيا وهو ناقص نحن دائما بني البشر صدر عن رؤية جزئية لا نرى إلا جزءا من الحقيقة لما أتحور معك تريني أشياء أنا لا أراها وأريك أنت أشياء لا تراها الأفكار لا تنضج إلا حينما تلوكها الألسنة في الناظرة وفي الحوار وفي النقاش...أيضا نحن لا نتحاور لأننا لا نعترف لبعضنا بحق التعبير عن الذات من حق الإنسان أن يعبر عن رغباته أن يعبر عن أفكاره عن آرائه عن مقترحاته في إطار الثوابت في إطار المبادئ الكبرى أن يعبر الإنسان عن(1/75)
هذا، هذا جزء من حقوقه جزء من حقوق الإنسان أن يعبر عن رؤيته للحياة ومن حقوقه علينا حتى الطفل الصغير من حقه علينا أن نسمع له ومن حقه أيضا هو أن يسمع أو أن يناقش وأن يعدل في شيء يمس حياته.
أيضا من طرق تجديد العقل التفكير، أن نفكر بطريقة نقدية وللأسف الشديد بعض الناس يظن أن التفكير النقدي هو أن يكتشف ما لدى الناس من عيوب هذا هو النقد في نظرهم هذا ليس هو هذا جزء من النقد...النقد ترى المسالب ترى النواقص كن إلى جانبها أيضا ترى شيئا آخر ترى مساحات الخير في الأشياء ترى مساحات الجمال، مساحات الفضيلة، مساحات التفوق، مساحات الإبداع، كل هذه الأشياء هي من النقد فالنقد هو أن نرى أو نحاول أن نرى الإيجابيات والسلبيات في الأشياء.
فنحن حتى نغذي عقولنا ن حتى ننمي هذه العقول علينا أن نعتمد التفكير النقدي أساسا في الحياة كل خطة تعرض كل معلومة تعرض كل شيء يعرض نقول تعالوا تعالوا لنفكر ما إيجابيات هذا الموضوع هذه القضية هذه الخطة ما إيجابياتها ما سلبياتها ما المشكلات التي تترتب عليها ما الفوائد التي يمكن أن نجنيها منها.
أيضا من طرق تجديد العقل الملاحظة أن نلاحظ للأسف الشديد نحن نقرأ وننظر ونسمع لكن لا نفكر في الأشياء التي ننظر فيها والتي نسمعها والتي نقرأها لا نستطيع أن نربط بين الأشياء يعني لا نستطيع أن نقول لماذا في العالم المتخلف التعليم متخلف مثلا لماذا ما أسبابه نلاحظ هذا هل هو من سوء أداء الأساتذة هل هو من التجهيزات هل هو من الأسرة نلاحظ نربط بين الظواهر نربط بين الظواهر التي نراها نفصل النتائج عن المقدمات ونربط بينها ربطا صحيحا من أجل تنمية عقولنا.
العقل أيها الإخوان لا يزدهر ولا يتألق ولا يتوهج إلا إذا اهتممنا به إلا إذا اعتنينا به إلا إذا أعطيناه حقه أعط للعقل حقه واطلب منه أيضا وستأخذ منه الكثير الكثير.(1/76)
هذا ما أحببت أن أقوله في هذا اليوم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني - مكة المكرمة
ضيف الحلقة :
أمراض القلوب ( عدم محبة الصالحين)
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
أما بعد فسلام الله عليكم أيها الأخوة المشاهدون ورحمته وبركاته وأسعد الله جميع أوقاتكم ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامجكم كلمة مضيئة.(1/77)
إضاءة هذه الليلة ستكون حول علامة خطيرة من علامات مرض القلب ذلك المرض الخطير الذي يدمر حياة الإنسان وآخرته ذلك المرض الذي يؤدي بالإنسان إلى دخول النار إذ لا ينفع الإنسان يوم القيامة إلا إذا جاء سليم القلب يقول عز وجل ( يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) كيف بقلب سليم عن طريق الفحص طيب ما علامات ذلك؟ العلامات كثيرة منها هذه العلامة أن صاحب القلب المريض لا يحب الصالحين المعروف أن الإنسان اجتماعي بطبعه أي نعم ومن خلال تركيبته الله سبحانه وتعالى ركب الإنسان على هذا الوضع جعل به ميل إلى الناس ما يقدر الإنسان يعيش لوحده ولا بد أن يكون له ناس يحتك بهم لكن من الذي يحدد له نوعية الناس الذين يحتك بهم؟ القلب فإذا كان القلب سليم فإنه لا يحاول أن يحتك إلا بالطيبين الذين هم على شاكلته أي نعم وإذا كان القلب مريض فإنه يحب الأقوام الذين هم على شاكلته والذين هم مصابين بنفس المرض والداء وإذا جاء الناس الأصحاء لا يدانيهم أي نعم ولا يحبهم ويكتئب وتضيق أخلاقه وتنحبس نفسيته ويشعر بحرج وضيق ليه لأنه مع الناس الطيبين لكن إذا رأى الذين هم على شاكلته في الأخلاق أو في العقائد أو في العبادات أو أي من هم على شاكلته أي نعم فإنه ينبسط ويستأنس وينفتح ويود أن يطول الوقت ولا يشعر بأي ضيق ليه لأنه الطيور على أشباهها تقع ما رأينا يوم من الأيام قردا يمشي مع الغزلان ما يمشي القرد إلا مع القرود أي نعم ولا رأينا حمامة تمشي مع الغربان ما يمشي مع الغربان إلا الغراب أي نعم ( والمرء على دين خليله) كما قال عليه الصلاة والسلام (فلينظر أحدكم من يخالل) ولذا جاء الشرع بأمرنا بأن نبحث عن الطيبين لأن الطيب له تأثير وكما قيل ( الصاحب ساحب) الصاحب إذا كان طيب سحبك إلى الخير إذا كان بطال يسحبك إلى الشر، من علامات مرض القلب أن(1/78)
صاحب القلب المريض لا يحب أهل الخير ليه لأنه أصلا مريض ما يبغى السلام فيدور على الذين هم من شاكلته والعياذ بالله وإذا ابتلي بهم في مجلس أو ابتلي بهم في قاعة أو عزيمة أو شيء فإنه يضيق قد يعزم الإنسان مثلا في حفل زواج أو في مناسبة ثم يستغلها أحد الدعاة أو أحد المشائخ والعلماء الآن أكثر العزائم الآن أو المناسبات يجلسون الناس كل واحد يكلم اللي جنبه ويضيع الوقت هكذا فبعض الموفقين من أهل الخير يريد أن يستغل هذا المجلس ويحوله من مجلس غفلة أو مجلس هرج وكلام فارغ إلى مجلس ذكر تحفه الملائكة ويعني يحصل فيه الخير أي نعم فيتكلم ويقول يا جماعة أنا عندي فائدة ويعلمهم قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ويبين لهم أمر مما يحبه الله أي نعم فيسعد الناس ، صاحب القلب المريض لأ لا يحب هذه النوعية من هؤلاء الناس وإذا خرج تنفس الصعداء أي نعم وربما يلوم صاحب الزواج أو يلوم صاحب الفرح أو صاحب العزيمة ويقول له يا شيخ ليش دعيتلنا هذا والله من يوم دخلنا وهو يقول قال الله وقال الرسول ، قال الله وقال الرسول ياشيخ ذبحنا هذا والله لو دريت ما أجي ....لا إله إلا الله قال الله وقال الرسول تكتمك هذه تضيق عليك هذه لو أن صاحب الفرح جابلك مغني ولا شاعر ولا مهرج ولا منكت ولا مضحك للناس كان مبسوط هذا تشوفه يمد رجله ويضحك ويخرج بره مبسوط والله مناسبة حلوة والله عزيمة من زمان ما حضرت مثلها ليش قال يا شيخ قعدنا جلسة مثل العسل معانا واحد يا شيخ موتنا من الضحك إيه أما ذاك اللي خلاك تقرب من الله ذاك الذي يخبرك عن الله يذكرك بالقبر ومصيرك إليه يذكرك بالجنة وما ينبغي لها من عمل ويحذرك من النار وما ينبغي أن تكون عليه من حذر هذا ما يصلح لك هذا تبغى تعيش على الغفلة تبغى تعيش على الضحك تضحك والنار أمامك؟ الله يقول ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وأنت تضحك تضحك وأنت تدري أنت بتموت بتدخل القبر ما تدري وش أمامك لا والله(1/79)
يا أخي الضحك ماهو مناسب لك الله ما خلقك لتضحك يا أخي الضحك هذا لمن تجاوز القنطرة ودخل الجنة أما في الدنيا فنحن في...الله سبحانه وتعالى يخبرنا عن أهل الجنة يقول ( إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين) أي نعم ويقول الله ( أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون) الله المستعان هذه والله مصيبة فعلامة مرض القلب أن صاحب القلب المريض لا يحب أهل الخير أكره منظر عنده أن يشوف عالم أو يشوف داعية أو يشوف ملتزم أو متدين أي نعم وإذا شافه من طريق راح من طريق أخرى أي نعم ومن يحب يحب أنداده ويحب أشكاله.
مرة كنت في إحدى المدن في مكة المكرمة أشتري في مكان وخرجت أي نعم وأبغى أتجه سيارتي وإذا فيه سيارة نقل وهي تتبع لها سيارة وينزل من السيارة الأولى شاب غترته على كتفه أي نعم وقبعته فوق رأسه الطاقية يعني والعقال على الطاقية بدون غترة هذه آخر موضة آخر صيحة في عالم الضياع وزراره مفتوحة مافي يعني مو فاضي يزرهم أي نعم ورجله مدخل الإصبع الكبيرة فقط في الحذاء والبقية ساحبها كده ماشي هذاك وراه يوم شافه قال له فين أنت يا الملعون يقوله للوراه يقول فين أنت يا الملعون قال هذاك أنا أدورك الله يلعن أبوك أنا قلت خلاص الرجالين بيتقابلون الحين ويتصافقون ويتضاربون قلت والله أنا لازم أتدخل أفك بينهم وقت الضرب ويوم تقابلوا تقابلوا بالأحضان كل واحد يسلم على الثاني ويضرب على كتفه فينك يا ملعون أدورك الله يلعنك أدورك من الصباح وينك ويضحك....رأيت هذا المنظر وتذكرت حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه ( ثم يظهر في آخر الزمان قوم يقال لهم الصقاعون قال الصحابة من هم يا رسول الله هؤلاء، قال: قوم أو نشئ في آخر الزمان يظهرون تحيتهم اللعنة ) بدال ما يقله السلام عليكم يقول له وين أنت يا الملعون وذاك يقول له وينك الله يلعن أبوك فين أنت هذه تحية هؤلاء الشباب اللي هم الصقاعون أسأل الله السلامة والعافية .(1/80)
مثل هذا يحب هذا لكن يلقى متدين يقدر يضمه لا لا أبدا بل يعضهم يحب الآن وهذه مصيبة يحب اللاعبين أنه معجب بلاعب أي نعم وإن كان هذا ضياع من أصله لكن لا يحب لاعب كافر أي نعم ويتسابقون إلى فانيلة اللاعب الكافر وهي مملوءة بالعرق والوسخ والريح الشين وياخذها ويقبلها ويسلم عليها والعياذ بالله أي نعم وبعضهم يتسابق على اللاعب الكافر أن يلتقط له صورة يقول بالله تعالى أي نعم التقط لي صورة معاك صورة الخزي هل تفخر يوم القيامة يكون جنبك هذا هذا الخنزير والعياذ بالله أي نعم وبعضهم يقول خذ بالله الاوتغراف من فضلك بس توقيع وقعلي بس وقعلي اللاعب الكبير الفلاني أي نعم هذا والله مافعل لكن هل يجي عند العلماء هل يجلس مع المشائخ هل يحب الدعاة؟ ما يدانيهم ولا يحب أسماءهم تجده يحفظ أسماء جميع اللاعبين في العالم لاعبي منتخب البرازيل إخواني كلهم أعرفهم أي نعم ومنتخب الأرجنتين أوه أعرفهم كلهم واحد واحد وأشهر مدافع في نادي ريال مدريد يعرفه وأشهر مدافع في أي نادي برضك يعرفه أي نعم ويعرف كل أسماء اللاعبين يعرف أسماء جميع المطربين والملحنين وواضعي الكلمات ثقافته الموسيقية والرياضية ثقافة كبيرة لكن اسأله عمن القراء تعرف عبد الحليم حافظ قال نعم طيب تعرف عبد الواحد عبد الصمد قال والله ما أعرفه أي نعم لا إله إلا الله تعطيه صوت من طرب من موسيقى تقله إيش هذه يقولك هذه أغنية المطرب الفلاني ولحنها فلاني وواضع الكلمات فلان تجيب له مقطع من آية قرآنية تقول له هذه الآية القرآنية في أي صورة قال إيش وش تقول بالله في أي سورة هذه قال والله ياشيخ والله ما أدري خلنا نشوف واحد مطوع المطوع يعرف بالآيات القرآنية الله المستعان إنما الأغنية تعرفها؟ الله خلقك للأغاني؟ خلقك الله للرياضة؟ الله يقول ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ولا ليلعبون ويغنون ماذا تنفع عنك هذه إذا مت هل سيسألك الله لماذا قضيت هذه الحياة الله المستعان.(1/81)
يا أخي الكريم يجب أن تكون سليم القلب أيها الشاب احرص على تلافي هذا المرض إن مرض القلب معناته حبك لمثل هؤلاء وكراهيتك لأهل الخير وأهل الإيمان اربط علاقة بهم إنهم قادة لك في الحياة وسرج وإضاءة لك في الطريق إلى الله إذا أحببتهم والحمد لله ونحن نشهد في هذا الزمن يعني تعلق بالعلماء والمشايخ أنا كنت قبل ليالي في الحرم وصليت صلاة العشاء وانصرفت وإذا بمجموعة من الشباب جايين في رحلة طلابية إلى الحرم في من إحدى المناطق حوالي أربعين أو خمسين كلهم ما شاء الله في عمر الزهور في ال 15 سنة أظنهم في المرحلة المتوسطة على وجوههم النور وفي وجوههم الخير والبراءة ومسكين المشرف عليهم قالي يا شيخ عندي مجموعة من الشباب طلبوا مني أن يسلموا عليك قلت اتفضل أي نعم وكنت أتوقع بيسلمون علي يعني مصافحة لكنهم رفضوا إلا معانقة كل واحد أي نعم وقالوا ممكن جلسة بسيطة قلت طيب جلست معاهم قليل الشاهد تعلق هؤلاء الشباب الصغار وحبهم للدعاة وللمشائخ وللعلماء وحرصهم عليهم هذا دليل وعلامة من علامات صحة القلب أما بغضهم للعلماء كراهيتهم للعلماء وحبهم للمطربين وحبهم للاعبين وحبهم للمثلين وحبهم للمغنين والرياضيين هذا دليل والعياذ بالله وعلامة واضحة من علامات مرض القلب وكما ذكرت أننا نشهد في الحقيقة بالأمس القريب لما توفي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله تعالى عليه رأينا كيف الأمة تأثرت وكيف بكت حتى والله بعض الشباب اللي كنا نتوقع أنهم عاديين والله صاروا يبكوا وبعض النساء يتصلن بنا أي نعم وهم يعزوننا ويبكون ، أيضا لما توفي سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين كان لذلك أثر كبير في حياة الناس وهذا يدل على أن في الناس خير وأن في المجتمع الحمد لله رجعة إلى الله وعودة إلى الله سبحانه وتعالى مع ما نلاحظه يعني من صور الضياع الذي نلمسه من بعض الشباب الذين نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهديهم وأن يردهم إلى سواء السبيل وأن يعودوا(1/82)
إلى الله سبحانه وتعالى ولكن عن طريق المشائخ وعن طريق العلماء وعن طريق الدعاة اسمع الشريط الإسلامي يا أخي الكريم اسمع إذاعة القرآن اشتر الكتيبات الصغيرة اشتر المطويات الصغيرة اشتر كتاب رياض الصالحين التحق بحلقة من حلقات القرآن إذا سمعت أنه في محاضرة في الحي اللي أنت فيه اجلس اجلس عود نفسك انقل حياتك من حياة إلى حياة تعلق بهؤلاء الناس على أساس يكونون لك إن شاء الله هداة ودعاة وقادة لك في الخير إلى الله أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه وحتى ألقاكم بإذن الله في حلقة أخرى أستودعكم الله وفي أمان الله وحسن رعايته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: د.عبد الكريم بكار- الرياض
ضيف الحلقة :
تنمية الشخصية ( النفس الزكية)
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أيها الأخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/83)
وبعد لو تأمل كل واحد منا في نفسه لوجد أنه قد كون صورة ذهنية عن ذاته هذه الصورة الذهنية في الحقيقة ما كوناها نحن بمحض إرادتنا نحن ساهمنا في تكوينها لكن الذين ساهموا أكثر منا في تكوينها هم الآباء والأمهات والأقرباء والأساتذة والزملاء والأصدقاء وهذه الصورة في تصوري كثيرا ما تكون غير صحيحة أو غير دقيقة أو تكون في بعض الأحيان مشوهة هناك أسر تدلل أطفالها بما يزيد عن المطلوب ولذلك تضع فيه من صفات النبل والتفوق ما ليس فيه وهناك أسر كثيرة تمارس الضغط على الأطفال وتصفهم تلقبهم ببعض الألقاب و تصفهم بما هم يعني بما لديهم أكثر وأفضل ولذلك في تصوري نحن في حاجة إلى نقف وقفة مراجعة لنرى هذه الصورة التي كوناها عن أنفسنا لماذا نراجع هذه الصورة نراجعها لنتأمل في صفات الخير في سلوكنا وفي علاقاتنا وفي صفات السوء الله جل وعلا أقسم بالنفس اللوامة ( لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة ) أي أقسم بالنفس اللوامة هذه لا هنا صلة كما يقول المفسرون والمعربون الله تعالى يقسم بهذه النفس التي تلوم صاحبها حينما يرتكب غلطا من الأغلاط أو خطيئة من الأخطاء نحن في حاجة إلى أن نزكي هذه النفوس لأننا إذا لم نتبع مبدأ التزكية ومبدأ التنقية ومبدأ المجاهدة فقد نبتعد عن الجادة ونبتعد عن الطريق الصحيح كثيرا دون أن نشعر نحن في حاجة ونحن نراجع أنفسنا أو دعونا نقول نراجع الصورة التي كوناها عن أنفسنا نحن في حاجة في حقيقة الأمر إلى الاتزان وهذا الاتزان يعني أن نصحح الرؤية إلى الأشياء كنت قرأت عبارة قالها أبو بكر رضي الله تعالى عنه في إحدى خطبه المشهورة يقول فيها (لا تغبط الأحياء إلا على ما تغبطون عليه الأموات) لا تغبط الأحياء إلا على ما تغبطون عليه الأموات تصور هذا الشخص الذي تغبطه على شيء يملكه أو على صفة فيه أو أشياء كثيرة يمكن أن يغبط الناس عليها تصور هذا الشخص وقد مات بعد أن يموت على أي شيء يغبط إغبطه عليه قبل(1/84)
أن يموت حين يموت إنسان لا احد يقول هنيئا له ترك رصيدا كبيرا لا أحد يقول هنيئا له ترك مائة ولد لا احد يقول هنيئا له كان ذا شهرة واسعة لا احد يقول لكن الناس يقولون رحمه الله كان دائما في الصف الأول كان كريما معطاءا حليما صبورا خيرا تقيا ورعا..
أبو بكر رضي الله عنه لخص في هذه الكلمات القليلة الفلسفة الإسلامية والرؤية الإسلامية في النظرة إلى الحياة والأحياء وفي النظرة إلى الدنيا والآخرة فمن خلال امتلاك هذه النظرة هذه النظرة ليست فقط للآخرين أيضا لأنفسنا بمعنى ونحن نراجع الصورة التي كوناها لا نعد من نقاط القوة إلا تلك النقاط التي يغبطنا الناس عليها بعد أن نموت أما ما نغبط عليه قبل أن نموت فهذا شيء مؤقت ومؤقت وصغير وزائل وإذا استطعنا أن نمتلك هذه الرؤيا المتوازنة في تصوري سنستطيع حينئذ أن نراجع أنفسنا مراجعة جيدة وسنستطيع حينئذ أن نبدأ بتزكية هذه النفوس وبتطهيرها وبتغيير الاتجاه أهم شيء هو أن نغير في الاتجاه لما يكون اتجاهي ماديا أو يكون فيه خطأ فيه شوائب فيه تقصير فيه قصور فيه غلط أحاول أن أغير في هذا الاتجاه وأن أحسن فيه هذا مفهوم أول في حلقة هذه الليلة.(1/85)
هناك مفهوم ثاني في قضية تزكية النفس وهو أن الفضيلة دائما هي شيء وسط بين رذيلتين ، الفضيلة شيء وسط بين رذيلتين الكرم فضيلة فإذا زاد عن حد معين صار إسرافا وتبذيرا وللقاضي حينئذ أن يحجر على هذا الإنسان الذي يبذر أمواله يصير سفيه الإنسان ، الشجاعة إذا زادت عن حد معين تصبح تهورا ، الحلم إذا زاد عن حد معين يصبح ذلا، الحذر إذا زاد عن حد معين يصبح جبنا وهكذا ...فأوقاتنا محدودة أعمارنا محدودة طاقاتنا محدودة فرصنا محدودة علاقاتنا محدودة وبالتالي فلا بد في أخلاقنا في تصرفاتنا أن نلزم دائما الطريق الوسط وذلك لأمر جوهري وهو أن نتمكن من أن نعطي كل ذي حق حقه بالتوسط في الأخلاق ولزوم الجادة والحقيقة كل تعاليم الشريعة وكل الأحكام الفقهية وكل الأدبيات والرمزيات لدينا بل ولدى الأمم الأخرى أيضا كلها تحث على هذه على هذه الوسطية ولذلك هذه نقطة أيضا تحتاج إلى المراجعة هل فلان هو حليم أكثر مما ينبغي ويفسر ذله حلما هل هو حذر أكثر مما ينبغي فهو جبان في حقيقة الأمر ويفسر جبنه على أنه حذر ، فلان منفتح على الناس أكثر مما يجب هل هو يعد هذا الانفتاح فضيلة ولكنه في حقيقة الأمر يستهلك أوقاته ويستهلك طاقته ويستهلك فرصه ويستهلك ويستهلك نحن بناء على هذا المفهوم مفهوم الفضيلة وسط بين رذيلتين نستطيع أيضا أن نشق طريقا جديدا في تصحيح سلوكاتنا وتصحيح مسيرتنا وتصحيح مواقفنا وتصحيح علاقاتنا.(1/86)
أيضا في هذا الباب في باب التزكية تزكية النفس كما ورد في الحديث الشريف توجيه عظيم جدا وهو أننا في أمور الدنيا ننظر إلى من هو دوننا وفي أمور الآخرة ننظر إلى من هو فوقنا معظم الناس للأسف يفعلون الآن العكس هم لا يحدثون أنفسهم لا يقولون في أنفسهم لا يتأملون في أولائك الذين يسبقونهم إلى صلاة الجماعة لا يتأملون في أولائك الذين ينفقون أكثر منهم لا يتأملون في أولائك الذين يملكون من الورع أكثر منهم لا يفكرون في هؤلاء يعني لا ينظرون في أمور الدين إلى من هم فوقهم هم فقط ينظرون إلى من فوقهم في أمور الدنيا مهما ملك يقول أنا ماذا عندي انظر إلى فلان أنا ماذا فعلت انظر إلى ما فعل فلان هذا عكس للتوجيه للتوجيه الإسلامي إذا أردنا أن لا نزدري نعم الله تعالى علينا وإذا أردنا أيضا أن نصحح المسيرة أن نصحح رؤيتنا لأنفسنا علينا أن ننظر بهذا المنظار منظار في أمور الدين ننظر إلى من هم فوقنا إلى من هم سبقونا لنستفيد منهم ونقتدي بهم ونتأسى بهم وفي أمور الدنيا في أمور المادة ننظر إلى من هم دوننا ، مهما كانت حالة الإنسان بائسة وصعبة فإنه إذا نظر إلى أحوال كثير من الناس البائسين فيجد أنه في نعمة وسيشكر الله تبارك وتعالى على تلك النعمة .(1/87)
هناك نقطة مهمة جدا أيضا في هذه المسألة وهي أننا جميعا في حاجة ماسة إلى أن نغرس في أنفسنا في دواخلنا أحاسيس الشعور بالرخاء هناك أشخاص كثيرون أسس الشيطان في عقولهم وفي نفوسهم أسس فيها رذيلة الشعور بالفقر ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ) نحن نريد أن نفعل غير هذا نريد أن نؤسس في نفوسنا فضيلة الرخاء ماهو موجود الآن كاف للجميع وبدل أن نتنافس نتعاون دائما على مدار التاريخ كان التنافس متصلا بشكل من أشكال الانحطاط المدنية حين تجد الناس يتنافسون في الدنيا فاعلم أنهم أصابهم انحطاط ما في أخلاقهم وفي مدنيتهم نحن بدل أن نتنافس نتعاون ونعتقد أن في فضل الله تبارك وتعالى وأن في ما أتاحه من فرص وما أتاحه من إمكانات أنه يسعى للجميع وفي تعاوننا تزداد هذه السعة في التنافس تضعف هذه السعة لكن في التعاون تزداد هذه السعة حينما أعتقد أن في فضل الله تبارك وتعالى ما يسع الجميع لا أطلب من الناس أطلب من الله تبارك وتعالى ولا أحسد الناس وإنما أسأل الله تبارك وتعالى أن يعطيني كما أعطاهم في هذا الإطار في هذه المفاهيم في إطار هذه المفاهيم وفي هذه المعاني نستطيع أن نشق طريقا جديدا في رؤية أنفسنا وفي تزكيتها وفي الارتقاء بها وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يلهمنا رشدنا وأن يجعلنا ممن يقولون القول فيتبعون أحسنه إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ محمد بن لطفي الصباغ ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
المرأة والأسرة ( لنحذر من ظلم الأولاد)
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.(1/88)
أيها السادة لنحذر من ظلم الأولاد نحن في كثير من الأحيان تكون منا تصرفات لا نقصد منها الإساءة ولكن هذه التصرفات تكون في الحقيقة ظلما لهؤلاء الأولاد نحن في مجتمعاتنا الإسلامية يحكمنا الحياء عن التوعية في بعض الأمور مع أنه من الكلمات المأثورة أنه لا حياء في معرفة أمور الدين تقول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تثني على نساء الأنصار تقول (نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يسألن عن الدين وأن يتفقهن فيه) رواه مسلم وأبو داوود وابن ماجة إذا ينبغي نحن هذا الحياء الذي في غير موضعه ينبغي أن نتجاوزه طبعا نتجاوزه يعني في حدود الشريعة وبحدود الآداب العامة ولا نسرف في التحدث عن هذه الأمور التي كنا نستحي منها إسرافا يخرج بنا إلى دائرة الغلط ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أأمروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) إذا لا يجوز بعد أن يبلغ الولد سن العاشرة لا يجوز أبدا أن ينام مع أخيه في فراش واحد لا بد أن يفرق بينهم في المضاجع وهذا التفريق طبعا ولو كانوا أخوة أشقاء هذا التفريق يكون بين الأخ وأخيه وبين الأخت وأختها لدفع الشيطان ولدفع غائلة الشهوة والأفضل أن يفرق بين الذكور و الإناث في غرف النوم فلكل من الفريقين غرفة إن أمكن هذا مع التفريق في المضاجع الذي ذكرناه قبل قليل و والله إن هذا النبوي مهم وخطير ولا يجوز التهاون فيه بأي حال من الأحوال وبأي وضع من الأوضاع لأن الكارثة التي قد تحدث إن خالفنا نحن هذا التوجيه النبوي كارثة كبيرة إذا إن نحن لم نأمر أولادنا بالصلاة لسبع سنين ونضربهم عليها لعشر ضربا غير مبرح والحقيقة مرة ساوينا عملية حسابية يعني إذا الأب عم يقول لابنه من سبع سنين لعشرة كل يوم خمس مرات قوم صلي وما قام صلى بعد مابلغ عشر سنوات يستحق الضرب ولا لأ يستحق لكن ضرب غير مبرح وألا يكون على الوجه مو نجي نضربو نكسر(1/89)
رجله أو إيده لا ضرب غير مبرح وأن نتقي الوجه.
كذلك من مظاهر الظلم التي يتعرض لها بعض الأطفال في بعض البلاد أنهم قد يتعرضون للقسوة بالضرب والكلام والسباب والكلام البذيء هذا ظلم لهؤلاء الأطفال ما ينبغي بعدين الضرب يفقد قيمته إذا كل ما تحرك الطفل ضربناه هو أولا بيتعود على الضرب ولا يعود يكف عن هذا الذنب الذي ضربناه من أجله بينما ينبغي أن تكون هناك يعني أولا محاولة تفهيمه ثم أن تكون هناك أنواع أخرى من العقوبات.
كذلك من الظلم الذي يتعرض له بعض الأطفال في كثير من البلاد أنهم قد يكلفون ببعض الأعمال الشاقة من أجل أن يأتوا بالفلوس وهناك أمر يعني خطير جدا ومسيء جدا وهو أن يكلف هؤلاء الأولاد بالشحادة وسؤال الناس هذا أمر منكر يعود هذا الطفل على السلوك الذي ليس مستقيما.
كذلك من الظلم الذي يتعرض له الأولاد الإهمال من الأب والأم وهذا ظلم مبين ظلم لهؤلاء الأولاد الذين ائتمننا الله عليهم فيتركون في الأزقة أو يتركون إلى التلفاز أو يتركون إلى رفاق السوء.
كذلك من الظلم لهؤلاء الأولاد الدلال الزائد في بعض الأحيان والأب يحب ابنه ربما لأنه ولد وحيد أو لأي اعتبار آخر فهذا الولد أي شيء يطلبه يسعى أبوه في تحقيقه سواء كان هذا الشيء مناسبا أو غير مناسب مثلا يطلب دائما هذه الأكلات الأطعمة الجاهزة التي ثبت ضررها فهو يسارع في تنفيذ أمر هذا الطفل ويطلب مثلا ألعابا إذا كان يعني في سن معينة فيشتري له والله أنا أعرف بعض الناس عندهم من الألعاب ما يمكن أن يعني يفتح الواحد دكان فيه ألعاب كثيرة لماذا؟ الألعاب ضرورية ومهمة للأطفال في سن معينة لكن مو كل يوم كل يوم نشتري له لعبة إذا طلب هذا الدلال مؤذ لهم نفسيا لأن الحياة ليست دائما طوع رغباتنا فالأيام تتقلب بأهلها
الدهر لا يبقى على حالاته لا الشهد دام ولا يدوم الحنظل
هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان(1/90)
وهذه الدار لا تبق على أحد ولا يدوم على حال لها شان
كذلك لما يكبر بعد بشوي نجد أن الأب يأتي له بمدرس وهذا الولد يبقى كسولا لا يعتمد على نفسه يعتمد على المدرس وقد يشتري له سيارة فيذهب بها في الطرقات ويحطم أحيانا سيارات الناس وما إلى ذلك.
في أمر أيضا في غاية الأهمية وهو كم يعطى الولد من الفلوس إنه لا بد أن يكون معه مصروف معقول حتى لا تضطره الحاجة إلى سلوك سبيل شائن للحصول على الفلوس وفي الوقت نفسه ينبغي ألا يكون المال الذي يعطى كثيرا لأن ذلك يجره إلى الفساد ورحم الله أبا العتاهية الذي يقول:
إن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسدة
وهذا بكل تأكيد يقتضي حكمة بالغة من الأبوين ومراقبة دائمة فلا يمنعون عنه الفلوس ولا يغمرونه بها أيضا ولا أرى أنا أن يعطى سيارة حتى يكون يعني رجلا كبيرا أما إعطاء السيارة للأولاد هؤلاء هذا مؤذ لهم.
وكذلك في أمر آخر وهو يعني أن ننتبه إلى الاتصالات الهاتفية التي يقوم بها الأولاد من ذكور وإناث، إن كثيرا من الكوارث تعتمد على الهاتف واأسفاه مع أن الهاتف والله نعمة كبرى من أكبر نعم الله التي يعني أكرمنا الله بها أنت جالس في بيتك تستطيع أن تقضي حاجاتك وتستطيع أن تصرف كثيرا من الأمور وأن تتصل بأهلك إن كانوا بعيدين وأن تعرف أحوال الناس يعني الهاتف نعمة كبيرة لكن ينبغي بالنسبة لهؤلاء الأولاد أن ننتبه إلى استعمالهم لهذا الهاتف.(1/91)
قررنا يا أيها السادة أن هناك صوارف كثيرة عن الخير وهي جذابة هذه الصوارف كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( حفت النار بالشهوات) طريق النار كله مملوء شهوات تميل إليها النفس والعلاج الناجح هو أن نكون صيانة داخلية في نفوس هؤلاء الأولاد وهذا أنا أعترف أنه مطلب ليس باليسير لكن مما يعين عليه الدعاء إلى الله والتوجه إلى الله وملازمة الأولاد وتوجيههم والاستعانة بالأصدقاء والصالحين وأريد أن أقول في الحقيقة دور الأم في هذا الأمر كبير كبير لأنها ألصق بالأولاد غالبا ولتأثر الأولاد بالأم عادة تأثرا كبيرا والطامة الكبرى إذا كانت الأم لا مبالية أو منحرفة والعياذ بالله أو مشغولة بشكل دائم بشواغل متعددة إما شواغل وظيفية وإما شواغل استقبالات ومهاتفات وما إلى ذلك ومما يعين على تكوين هذه المناعة في داخل نفوس هؤلاء الأولاد الحوار معهم وسماع آرائهم ومناقشتهم في هذه الآراء واحترام شخصياتهم الطفل الذي نحترم شخصيته هذا يكون أكثر قبولا للكلام الذي نريد أن نقرره له وأن ندعوه إليه.
إن رعاية الأولاد وإن البعد عن ظلمهم هذا يجعلهم في المستقبل شبابا وفتيات بارين بنا وبارات بنا إن هذا يجعل للوالدين كسبا في الدنيا عندما يجدون من هؤلاء الأولاد الرفق والبر والرحمة والعناية عندما يبلغ أحدهما أو كلاهما الكبر لأن الولد المتقي لله لا يمكن أن يكون عاقا لأبويه أبدا العاق لوالديه هذا يمكن في الغالب أن يكون عاصيا لله فاسقا والولد المتدين يمتثل أمر الله عز وجل ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمها كما ربياني صغيرا) والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني - مكة المكرمة
ضيف الحلقة :
: أمراض القلوب (عدم ذكر الله)
موضوع الحلقة :(1/92)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
أما بعد سلام الله عليكم أيها الأحبة ورحمته وبركاته وأسعد الله جميع أوقاتكم ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامجكم كلمة مضيئة وإضاءتنا لهذه الحلقة ستكون مركزة على علم من العلامات الكبرى على مرض القلب ومرض القبل آفة خطيرة تدمر الإنسان في الدنيا والآخرة ليس مرض القلب كمرض الجسد مرض القلب يؤدي إلى تدمير حياة الإنسان وخلود الإنسان في النار نسأل الله السلامة والعافية ولذا العاقل هو الذي يسعى إلى كشف هذه الأمراض ومعرفتها ثم يسلك السبل الشرعية في علاجها حتى يلقى الله وقلبه سليم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم هذه العلامة الخطيرة من علامات مرض القلب أن صاحب القلب المريض لا يحب ذكر الله يعني يحب كل شيء إلا إذا ذكر الله لا يريد ذلك رغم أن ذكر الله أشهى من كل موجود في الحياة كيف لا تستأنس القلوب الطيبة بذكر الله والله عز وجل يقول( ألا بذكر الله تطمئن القلوب) لكن من هم الذين آمنوا أصحاب القلوب السليمة الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله تسكن قلوبهم تطمئن قلوبهم ترتاح قلوبهم لي؟ ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مئاب أي حسن مصير عند الله سبحانه وتعالى صاحب القلب المريض لا يحب ذكر الله ليه؟ لأنه لا يحب الله ولهذا قال الله تعالى ( إذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة ) تشمئز وتصوروا كيف أن العبارة منفرة تشمئز قلبك من ذكر الله نعم ليه لأنه لا يؤمن بالآخرة لو آمن بالله وآمن بلقاء الله لأحب لقاء الله ولأحب ذكر الله ومثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله كمثل الحي والميت والعلماء يقولون لماذا صاحب المريض لا يحب ذكر الله قالوا السبب واضح هو أنه لا يحب الله سبحانه وتعالى(1/93)
ودائما من أحب شيئا أحب ذكره المحبوب دائما يود الإنسان أن يكون على لسانه باستمرار مثلا اللي يحب الرياضة يريد أنه يسمع أخبار الرياضة إذا اشترى جريدة أول ما يقرأ الصفحة الرياضية أي نعم وإذا شاهد الأخبار يشوف أخبار الرياضة بل
بعضهم القناة عندهم مفتوحة على القناة الرياضية بس ما يطلع غير على أخبار الرياضة سياسة أو لغة ما يبغى يبغى الرياضة يتابع الدوري الايطالي والدوري الإسباني والدوري الألماني والدوري الفرنسي تطور مايبغى دوري عربي أو محلي لا يبغى دوري دولي لي شغلته الرياضة ضيع حياته كلها ، اللي يحب الزراعة تجده دائما يركز نفسه على الزراعة والأصول الزراعية والنباتات والمواسم والآفات الزراعية والرشة كل واحد يغني على ليلاه ، اللي يحب العقار تجده دائما يبحث عن العقار يشتري الجريدة يشوف الإعلانات المبوبة اللي فيها العقارات عمارة معروضة أو أرضية معروضة أو سيارة معروضة أو أي شيء وتجده في الليل بعد المغرب بعد العصر وين في مكاتب العقار برافو عليه، اللي يحب المال والأسهم تجده مرابط في صالات الأسهم في البنوك أو في المحلات اللي فيها بيع وشراء في غرفة تجارية في شركات ، اللي يحب مثلا السيارات تجده في المعارض من بعد العصر إلى منتصف الليل في المعارض ينظر في السيارات ويبيع فيها ويشتري كل واحد يغني على ليلاه ، اللي يحب الله ورسوله تجده دائما يذكر الله ويذكر رسوله صلى الله عليه وسلم ، الذي لا يحب الله لا يحب ذكر الله يقول مجنون وهو قيس ابن الملوه العاملي وقد وقع في آفة الحب المحرم وهو أنه أحب ابنة عمه ليلى قبل أن يتزوجها وهذا حب حرام لأنه أقام علاقة مع امرأة حرام وبالتالي وقع ولذلك نحذر الشباب ونحذر الفتيات من أن إقامة أي علاقة قبل الزواج محرمة لأنها تؤدي بعدين إلى كارثة ليس للحب من دواء إلا الوصل والوصل لايكون إلا عن طريق الزواج وعن طريق الزنا ليس وصلا هذا لا ينفع وقد لا يتم الزواج قد تقف عقبات(1/94)
عقبات طبقية عقبات اجتماعية عقبات مالية عقبات نفسية يمكن أبوها يقلها ما أبغى أعطيك ياها تاخدها غصب عن أبوها أبدا أجل لا تحب ما نقول للشباب ألغوا الحب لا إلغاءه غير وارد لأنه فطرة الله فطر النفس الميل الجنسي للمرأة والميل الجنسي للمرأة إلى الرجل شيء فطري الله سبحانه وتعالى يقول (زين للناس حب الشهوات من النساء ) وجعلها أول شيء لأنك تحب شيء بيدك قيس بن الملوه غلط كما يغلط كثير من الشباب الآن وكثير من الفتيات يقيمون علاقات قبل الزواج فيعيشون عيشة سيئة هذا غلط مسكين وأحب ابنة عمه قبل أن تكون زوجة له ثم لما أحبها وأصبح متيم بها ليس هناك من حل إلا اللقاء أي نعم فتقدم لخطبتها ولما تقدم قال له أبوها اتخطبها وقد أحببتها قبل والله لن تنكحها ثم في اليوم الثاني دعا واحد من الجماعة من الربع وزوجه بلغ الخبر لقيس أن ليلى تزوجت فضربه الجنون في رأسه وخرج يهيم في الصحراء يعيش مع الوحوش حتى مات أي نعم مجنون ماعاد فيه عقل خلاص وهذه بلية من أصعب البليات والعياذ بالله نسأل الله السلامة .
ألف ابن القيم كتابا عظيم (الجواب الكافي) لمن سأل عن الدواء الشافي جواب على سؤال واحد سأله أحد الناس يقول ما تقول سادة العلماء في رجل ابتلي ببلية يعني بلية العشق والحب علم أنه إن استمرت معه أهلكته وقد حاول دفعها بكل وسيلة فما تزداد إلا توقدا واشتعالا أجاب عليه في كتابه الجواب الكافي أي نعم فنقول للشباب لا تحبون ولا تقعون في هذه المصيبة هذا قيس لما وقع صار مجنون وكان يخرج إلى الصحاري ويقول القصائد العظيمة التي بلغ في بعضها حد الكفر يقول في قصيدة له:(1/95)
أراني إذا صليت يممت نحوها..إذا جاء يصلي القبلة وراه يستقبل ليلى ما يستقبل الكعبة أصبحت قبلته والعياذ بالله (بوجهي وإن كان المصلى ورائي ومابي إشراق ولكن حبها وعظم الكوى أي حرارة الشوق أعيت طبيبا مداما من يداويه ويقول أعد الليالي ليلة بعد ليلة وقد عشت دهرا لا أعد الليالي لي أصبح وقته يعني مرهون بها ولي أصبحت حياته لأنه أحبها حراما والعياذ بالله وكان يخرج في الصحراء ويصيح ليلى ليلى ليلى فيدركه أهله ويمسكونه يا مجنون وين ليلى منك من تصيح من تكلم أين ليلى ليلى ماهي موجودة يقول إيش تقولون فيقولون ليلى ماهي بموجودة فيسألهم على شان يرددون اسم ليلى يتلذذ هو بذكر ليلى ويقول في بيت له
أجد المنامة في هواك لذيذة حبا لذكرك فليلمني اللوم
يقول لوموني بس اذكروها لي.(1/96)
ذكر الله أعظم شيء في الوجود عنده يقول الله سبحانه وتعالى ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ) المؤمن يذكر الله في كل وقت وفي كل حين وفي كل زمان ولهذا رب العالمين يقول (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات) علامات براهين لكن لمن لأولي الألباب أصحاب العقول من هم ياربي قال ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) هذه ثلاث حالات مافي للإنسان حالة رابعة إلا قائم أو قاعد ولا راقد إي نعم فهم يذكرون الله في سائر الأحوال قياما وقعودا وعلى جنوبهم (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) وذكر الله للقلب حياة يقول عليه الصلاة والسلام (ألا أدلكم على أفضل الأعمال عند ربكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم قلنا بلى يا رسول الله قال: ذكر الله ) وكان شيخ الإسلام ابن تميم يعظم هذا الحديث وأيضا الذكر يجعلك محبوبا عند الله لأنك تذكره ولهذا يقول الله عز وجل في حديث قدسي يقول ( أنا مع عبدي ما ذكرني أو تحركت بي شفتاه فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة وكنت إليه بكل خير أسرع ) ولذا الذكر أيها الأخوة والأخوات هو علامة من علامات صحة القلب وعدم الذكر بعض الناس تجده جالس تقوله قل لا إله إلا الله سبح الله ما يفعل بينما ذلك الذي يحب الله لا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولهذا رب العالمين لما أمر الناس بالطاعات قيدها كل الطاعات قيدها الله بزمن وبهيئة إلا الذكر لا ماله زمن ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) ويقول ( ولقد كان لكم في رسول(1/97)
الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) وأيضا ( والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ) ذكر الله مطلق والعلماء يقسمون الذكر إلى خمس أقسام القسم الأول ذكر الله عند ورود أمره الثاني ذكر الله عند ورود نهيه الثالث ذكر الله عز وجل في الحالات والأحوال والمناسبات الرابع ذكر الله العددي الذي ورد به عددا في الشعر الخامس ذكر الله المطلق ولما جاء رجل اسمه عبد الله بن بشر الحديث للترمذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله أكثرت علي شرائع الإسلام يقول كثرت علي أوامر الله رجل عادي يقول فأخبرني بعمل أتشبث به يقول دلني على شيء بسيط اتشبث به وأوجز يقول لا تكثر علي يا رسول الله فقال له صلى الله عليه وسلم لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله يقول العلماء إن هذه الإجابة دليل من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم فقد أوجز له الإسلام كاملا في هذه الكلمة لا يزال لسانك رطبا بذكر الله.(1/98)
الذي لسانه رطب بذكر الله هل يزني هل يسرق هل يغفل عن الله لا ، الذي لسانه رطب بذكر الله هو الذي يصلي وهو الذي يصوم وهو الذي يتصدق دائما مع الله لأن كلما ذكرت الله فأنت مع الله وكلما ذكرت الله ذكرك الله سبحانه وتعالى في ملأ خير منهم لأنك ذاكر لله صاحب القلب المريض لا يحب هذا لا يذكر الله طيب والعلاج، العلاج أنك تحاول أن تصحح وضعك مع الله فتحب ذكر الله سبحانه وتعالى عن طريق ما سيأتي إن شاء الله في المستقبل من دروس نعالج فيها هذا الأمر ببيان كيفية علاج هذا القلب الذي إن صح صلح الجسد كله وإن فسد فسد الجسد كله ونحذر من هذه العلة ومن هذه العلامة وهذه الآفة وهي آفة عدم ذكر الله سبحانه وتعالى بل نحافظ على الأذكار التي وردت في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا نلمس أيها الأخوة أنه من أجل سلامة قلوبنا الله شرع لنا الكرم في كل شيء تقول عائشة رضي الله عنها في الصحيح تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله في سائر الأحوال والذي تأمل السنة يجد كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ما من عمل أو حركة إلا وعليها ذكر الله يخرج من البيت بذكر الله يرجع إ'إلى البيت بذكر الله يدخل المسجد بذكر الله يخرج من المسجد بذكر الله يدخل دورة المياه بذكر الله يخرج من دورة المياه بذكر الله يأكل بذكر الله ينام على ذكر الله يستيقظ على ذكر الله حتى يأتي أهله بذكر الله أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى ألقاكم بإذن الله في حلقة أخرى أستودعكم الله وفي أمان الله وحسن رعايته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ ابراهيم بن عوض أيوب - جدة
ضيف الحلقة :
أسماء الله الحسنى (الجبار جل جلاله)
موضوع الحلقة :(1/99)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا أخواني وأخواتي يتجدد اللقاء مرة أخرى والله سبحانه وتعالى أكرمنا بأن جمعنا مرة أخرى في مجلس نذكره ونشكره ونسبحه وننزهه فنحن في هذه اللحظات الطيبات المباركات في مجلس من مجالس الذكر والأنس بالله سبحانه وتعالى وقبل البدء أريد أن أرسل رسالة رسالة صادقة من القلب إليكم أقول لكم فيها أنكم في مجلس ذكر فأنت أخي الحبيب عندما تسمع هذه الكلمات وأنتي كذلك أختي الفاضلة أنوي أنكي تكوني من الذاكرين أو أن تكوني من الذاكرات الساعة الساعة حتى نكتب عند الله عز وجل من الذاكرين والذاكرات النقطة الثانية أن نستغفر الله عز وجل سبحانه وتعالى عن كل ذنباً أو خطيئتاً تحجبنا عن ذكر الله عز وجل وعن الاستفادة من هذه الكلمات التي نذكر الله عز وجل بها الساعة يتجدد اللقاء مرة أخرى مع أسماء الله الحسنة يقول نبيكم صلى الله عليه وسلم إن لله تسعة وتسعين أسما مئة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة نحن في هذه الساعة نحصي أسماً من أسماء الله الحسنة ندرسه نتعلمه نتحاور من خلال هذا الاسم العظيم لله عز وجل سبحانه وتعالى نسأله جل في علاه أن نكون من أهل الجنة الساعة الساعة أخواني وأخواتي الجبار سبحانه وتعالى الجبار جل في علاه الجبار جل في علاه سبحانه وتعالى لا أدري نحن عندما نذكر هذا الاسم أحياناً يظهر على ملامحنا أننا نتكلم بشيء من القوة والقصوى أو غير ذلك وربما لا نبتسم لأننا سمعنا اسم الجبار لكن سيظهر لكم جلياً أن المعنى الذي نحمله عن اسم الجبار يحتاج إلى توقفٍ ويحتاج إلى كثيرٍ ومزيدٍ من البيان في البداية نقول ما معنى الجبار العرب تقول نخلة جبارة إذا كانت طويلةً ولا تنال أبدا بمعنى أنها لا تنال لا يستطيع أحد الصعود إليها أو الأخذ منها أو الإنقاص من ثمرها ويقولون كذلك ناقةٍ جبارة إذا كانت(1/100)
لا تركب ولا يستطيع أحدٌ أن ينيخها ليركبه جل في علاه سبحانه وتعالى هذه معاني في اللغة لكن ما يليق بالله عز وجل الأمر فيه مختلف تماماً نعم ما يليق بالله سبحانه وتعالى جل في علاه سنعرف شيئاً من هذه المعاني من خلال ما سنرد من كلام الآن يقول الله سبحانه وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم / وما أنت عليهم بجبار / يقول الله عز وجل هذا الكلام لمن للنبي صلى الله عليه وسلم أي ما أنت عليهم بمكره أي أنك تكرهم على أن يؤمنوا أو أنك تحملهم على هذا الأمر(1/101)
إذاً الجبار من المعاني الإكراه والجبر على فعل شيئاً ما والله عز وجل سبحانه وتعالى أعطى للخلق مشيئة ولكن لا مشيئة ولا إرادة لخلقه إلا ضمن مشيئته سبحانه وتعالى إلا ضمن إرادته سبحانه وتعالى وما تشاءون إلا أن يشاء الله كما قال الله سبحانه وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم / قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين / ما معنى قوماً جبارين قوم لا نستطيع الوصول إليهم لا نستطيع أن ننال منهم شيئاً إذاً كذلك بدأت المعاني تظهر معنا الجبار هو الذي يجبر الخلق على أن يفعلوا شيئاً معيناً النقطة الثانية والمعنى الجميل والمعنى الراقي والمعنى العظيم وانتبهوا كل هذه المعاني يجب أن نعيش بها ونتعايش معها لأن هذه المعاني الله جل في علاه يريد منا أن نفهم هذه المعاني ونتعامل مع هذه المعاني وليس مع معنى واحد بالتحديد فمن المعاني الجبار هو الذي يصلح الشيء إذا أنكسر الجبر هو الإصلاح خاصةً تقول جبرت عظمه أي إذا أصلحته وضعت له جبيرة مثلاً إذا أصلحت هذا الكسر ما أروع هذا المعنى وما أجمله إذا تأملناه تأملوا يا أخواني ويا أخواتي بأن الله جبار إذاً الله جبار على وجبار لي جبار على الظالمين وجبار للمظلومين إذا الله سبحانه وتعالى يجب أن تدرك هذا المعنى أن الله عز وجل جبار لك أو عليك بمعنى أن الله سبحانه وتعالى يجبر الكسر الذي فيك كم تعثرت فمن الذي يجبرك إذا ما جبرك الله فمن الذي يجبر الخواطر إذا لم يكن الله فمن الذي يجبر العثرات إذا لم يكن الله فمن الذي يلم الشعث ويجبر الكسر إذا لم يكن الجبار سبحانه وتعالى إذا هذا معنى جميل معنى يجب أن نعيش به ونستشعره أن الله يجبر كسرنا يجبر خطأنا يجبر شتات نفوسنا يجبر ما يفعل من أخطاء ومن أمور كثيرة جداً ويجعلنا ممن أصلحهم الله عز وجل إذاً الجبار بمعنى المصلح للأمور إذا تعمقنا في هذا الأمر بشكل أكبر وأوسع نصل إلى نقطة عجيبة أن الله سبحانه وتعالى جبار بمعنى أنه قوياٌ عظيماٌ(1/102)
منتقماٌ ذو انتقام سبحانه وتعالى من أجل ماذا من أجل إصلاح الأمور إذاً الله جبار لأنه مصلح سبحانه وتعالى فإذا أخذ الله الظالم إنما أخذه ليصلح الكون إذا أخذ الله عز وجل المذنب أو المقصر إنما فعل ذلك لأنه جبار ليصلح بأخذه هذا شأن كثير من الناس إذاً انتبه وعش في هذا المعنى الجميل الله يجبرك ويجبر بخاطرك ويجبر عثراتك ويلم شملك وفي لحظة من اللحظات يكون جباراً عليك بمعنى أنه يأخذك لماذا بمعنى أن يؤاخذك بمعنى أنه سبحانه وتعالى جل في علاه لا يتركك تتمادى في مشئتاً أو إرادتاً أو تتعدى الحدود لأن الله سبحانه وتعالى جبار بمعنى أنه يكرهك ويجبرك على أن تفعل شيئاً يدريه الله عز وجل خاصةً إذا انتشر الظلم والبطش والكبرياء وغير ذلك فالله عز وجل لا يسمح بذلك سبحانه وتعالى لأنه هو الجبار إذا يجب أن نعيش بين هذه المعاني فتستشعر مرة أن الله سبحانه وتعالى يجبر بخاطرك وانتبه أن يكون في لحظة من اللحظات تكون أنت من الظالمين الله جبار عليك فيأخذك بذنبك ويأخذك بفعلك سبحانه وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم بعلمه وفهمه ولتقواه لأنه أعرف الخلق بالله يدعوا بهذا الدعاء سبحانه ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة فهذا الدعاء فالنبي صلى الله عليه وسلم ينزه الله سبحانه وتعالى يسبح الله عز وجل ثم ذكر في البداية الجبروت ثم الملكوت ثم الكبرياء والعظمة بمعنى أنه يسرح لنا معنى الجبروت بأنه الملكوت وبأنه صاحب الكبرياء وبأنه صاحب العظمة سبحانه وتعالى عما يصفون علواً عظيما كذلك يا أخواني الجبار بمعنى أنه لا يمكن أن ينال منه سبحانه وتعالى جل في علاه هذه المعاني التي ذكرناها والمعاني التي تكلمنا عنها معاني عظيمة لك أو عليك إذا انظر في داخلك وانظر في نفسك وانظر إلى الناس من حولك وابدأ في هذا السؤال وأطرحه على نفسك وعلى غيرك كيف أتعبد الله اسمه الجبار جل في علاه كيف نعبد الله بهذا الاسم تعبد الله عز وجل بهذا الاسم أولاً(1/103)
أن تعرف أن الجبروت صفة كمال لله عز وجل وأن الجبروت صفة نقصاً للعبد إذا تغشا هذا الاسم أي بمعنى أنه أخذ منه نصيبا أن يكون جباراً بمعنى أن يكون جبار على الخلق لكن لو كان جبارً للخلق فنقول ما أجمل وما أسمى أن تعيش بهذا المعنى أجبر عثرات الناس ليجبرك الله أجبر بخواطر الناس ليجبر الله عز وجل بخاطرك انتبه أن تكون جباراً عتياً لأن الجبار سبحانه وتعالى عليٌ عظيم لا يسمح أن يدخل في حد من حدوده وأن يتجاوز الحد على غير ذلك إلا كان الله جبار بالمعنى الأول وهو الأخذ على يد الظالم من باب ماذا من باب الإصلاح لأن الله عز وجل يقول سبحانه وتعالى ولو لا دفع لله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد يأخذك من أجل أن يصلح أمر الغير قد يؤاخذك بهذا من أجل أن يصلح الأمر في مكان أخر كل يوم هو في شأن يغني هذا يفقر هذا يعز هذا يذل هذا إذا كيف تعيش بهذا الاسم الجميل كن جباراً بالمعنى الأول بمعنى أنك تكون مصلحاً لشؤون الناس بمعنى أن تكون جابراً للخواطر وهذا من أعظم العبادات المتعدية أن تكون جابر لخواطر الناس لكن إياك أن تكون جباراً للمعنى الأول فتدخل ضمن حديث النبي صلى الله عليه وسلم الكبرياء إزاري والعظمة ردائي فمن نازعني فيه ما قسمته اسأله جل في علاه أن يرحم ضعفنا وأن يجبر كسرنا وأن يعافينا أنه ولي ذلك والقادر عليه أخواني وأخواتي أستودع الله استودعكم الله جميعاً ولكم مني الحب والدعاء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
الشيخ عبد الوهاب الطريري -الرياض
ضيف الحلقة :
يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يعنيكم
موضوع الحلقة :(1/104)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله أيها الأخوة و الأخوات الأبناء والبنات أهلا ً بكم مع رحلة أخر نرحل فيها بقلوبنا ونفوسنا وجدائنا إلى مستراح القلوب وروس النفوس إلى هناك إلى باحث الحياة يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يعنيكم إنها دعوة للحياة فهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حياة وسيرته حياة وسنته حياة أخباره حياة تحيى بها النفوس والقلوب كنا في الحلقة الماضية نقص خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كنا مع رسول الله ولكن مع رسول الله داعيا ً كنا مع رسول الله في دعوته يقص خبره الذي استثارته أمنا عائشة رضي الله عنها يوم استثارت فا بنفس النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال مؤثر مؤثر تقول له يا رسول الله هل مر عليك يوم هو أشد من يوم أحد يوم أحد أدركه وعيها وعلمت ما مرت فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جراحات في وجهه وكسر لثنيته غاصت حلقتان من حلقات المفصل في وجنته صرع أصحابه حوله فهل(1/105)
مرة على النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أشد من ذلك استفار هذا السؤال ما في نفس النبي صلى الله عليه وسلم من ألام الصبر و المصابرة في بلاغ الدعوة فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم وكأن تسيخ للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يجيبك أن ما يخرج الجواب بزفرات وهو يقول لقد لقيت من قومك أذا ً كثيرا ً يعني ليس هذا بأشد الأذى فقد لقيت قبل ذلك ما هو أشد منه وأشد ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ما ذكره به يوم أحد وما هانه أحد فذكر النبي صلى الله عليه وسلم خبر خروجه إلى الطائف بعد أن لقي من قومه طول الصدود وشدة الجحود فخرج إلى أهل الطائف يستنبت دعوته في أرض جديدة علها أن تكون أخصب تتلقى دعوته تتقبلها بقبول حسن و لكن استقرأنا الخبر لدى أهل الطائف قد صدوا النبي صلى الله عليه وسلم بغاية الصدود وقابلوا دعوته بأقبح الرد وقالوا له بكلام فظ غليظ أما وجد الله رسول يرسله غيرك وصبر لهم النبي صلى الله عليه وسلم عشرة أيام حتى إذا استيئس من إجابتهم الدعوة وقابلوه بالأغرب السفهاء هذا صلوات الله وسلامه وبركاته عليه عاد بأبي وأمي مهموماً مغموماً حزيناً يعبر صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله فانطلقت هائماً على وجهي فلم أستفق على نفسي إلا وأنا في قرن الثعالب ويا لا قرم الثعالب ستة وأربعين كيلو تبعد عن الطائف قطعها النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حال استغراق مع غمه وحزنه وهمه لأجل دعوته لا يشعر بما حوله مستغرق مع نفسه فلم يستفيق إلا في قرن الثعالب فأفاق من الذي جعله يفيق من الذي جعل استغراقه ينقطع عليه من الذي انقطع عليه انكفائه على نفسه استغراقه مع غمه و همه ومع حزنه ما الذي انقطع عليه أجاب النبي صلى الله عليه وسلم لم استفق إلا وأنا في قرن الثعالب ما الذي قطع على الرسول الاستغراق فإذا سحابة قد أظلتني فنظرت فازا فيها جبريل فناداه جبريل وكأنما كانت هذه إجابة لذلك الدعاء وربط على هذا القلب المغموم الحزين(1/106)
فقرأ عليه السلام وقال له إن ربك قد سمع ما قالت قوم كلك وما رد عليك أما وجد الله رسول غيرك حتى يرسله ألينا وما ردوا عليك
وهذا ملك الجبال فأمره بما جئت جاء ملك الجبال مع جبرائيل ليتقى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ملك الجبال على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له مثلما قال جبرائيل وقال أمرني فيهم بما شئت يعني أنت الآن مغموم حزين على أن أجيب دعوتك في هذا الجواب ورد عليك بهذا الرد أمرني بما شئت فإن شئت فإن شئت أنت حزين أن ترجع إلى قريش حزين أن يلقاك أهل مكة بالشماتة حزين إن يعلم أهل مكة بما قاله لك أهل الطائف فيزداد عليك جراءة على جراءتهم وجحود على جحودهم يحزنك ما سيلقاك به أهل مكة بعد أن لقيت في الطائف ما لقيت إن شئت أطبقت عليهم الاخشبين إن شئت دككت على أهل مكة جبالها فطمروا تحت الجبال وزلزلة عليهم مكة ودكت جبالها عليهم أمرني فيهم بما شئت لا يحول بينك وبين ذلك إلا أن تأمرني فيهم لا ينقذ أهل مكة من الهلاك إلا أن تشفع فيهم أما أنا فإن أمرتني دككت على أهل مكة جبالها وكان أهل مكة سيردمون تحت هذه الجبال ليست بزلزال وليس ببركان ولكن بأمر من ملك الجبال الذي سلط عليها فيدكها عليهم دكا ويدفنهم تحت أحجارها وتحت جبالها إن أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك إن كان ذلك يشفي فؤاده ويزيل غمه ويذهب حزنه إن كان هذا الذي يشفي غمك ويذهب حزنك أن تدك على الكافرين في مكة جبالها فهذا ملك الجبال فأمره بذلك يتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا العرض وهو المغموم الحزين الذي ما أفاق إلا في قرن الثعالب يوم تنزلت عليه الملائكة سحابة تضله فإذا فيها جبرائيل وملك الجبال لحظات تتوقف فيها التاريخ ينتظر بصير الملء من قريش الذي كان مربوطاً بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمر وهو المكموم الفؤاد الغموض النفس الحزين القلب في لحظة لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستجيب لأحزانه لو كان رسول(1/107)
الله صلى الله عليه وسلم ينقاد لغمه لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتشفى من من جحد دعوته وتجرئ عليه وبادئه بالأذى لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستجيب لشهوة الانتقام لقال عليهم فدكها زلزل مكة بجبالها ادفن فيها الملء الكافرين تحت أحجارها لتندك الجبال عليهم لطالما كفروا وطال ما جحدوا وطال ما تجرئوا ارني فيهم ما يشفي قلبي من جحودهم صلى عليك الله صلوات الله وسلامه على هذا القلب الكريم النبيل وهذه النفس الكريمة النبيلة التي لا تستجيب لشهوات التشفي ولا لنوازع الحقد كان له صلى الله عليه وسلم قضية أعظم من الانتقام قضية أسمى من التشفي قضية أكبر من أن يرى الأعداء يصرعون بين يديه قضيته بداية البشرية لكنها هنا قد طال جحودهم و طال صدودهم فهل بقي فيهم أمل هل بقي فيهم أمل جاء الجواب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا لا تدك مكة ولا تزلزل جبالها وليبقى فيها الجاحدون ما شاء الله أن يبقوا فإن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أملا ً ينتظره ولكن أستاني بهم تستأني بهم ماذا يا رسول الله لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيء أيها الأخوة والأخوات أيها الأبناء والبنات يا كل مسلم أيقظ في قلبك استحضار هذا المعنى العظيم أورد على قلبك معنيين عظيمين الأول حجم اهتمام الرسول بدعوته وتفاعله مع مهمته بحيث أنهم يغتم لها وأي غم غماً شديداً يستغرق فيه فيقطع مسافة ستة وأربعين كيلو مشاها وهو مغموم لا يشعر بما حوله مغموم بماذا بقضيته بدعوته كان رسول الله صلى الله عليه وسلم منفعل بدعوته وهو يدعو منفعل بحيث أنه إذا فاتت عليه هذه الهدايا للناس اغتم لذلك وحزن حتى إن ربه الذي بعثه وأرسله يعاتبه على هذا الحزن فيقول لعلك باخع نفسك على أثارهم هل ستهلك نفسك على أثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا هل ستتقطع نفسك حسرات عليهم يعاتبه الذي أرسله وبعثه بهذه الرسالة نعم إن هذا الدين وهذه الرسالة لا تبلغها(1/108)
ولا يدعو إليها إلا كبود محترقة محروقة بأمر هداية الناس فهل فهل في قلوبنا نحن هذه الحرقة وهذا الهم هل نحن نحمل رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحرقة رسول الله وبهمه واهتمامه هذا معنا المعنى الثاني هذا الأمل الفسيح هذا الأمل الفسيح عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن طال صدود هؤلاء الملء من قريش فان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أملا إن لم يكن فيهم فأفي من أصلابهم إن رسول الله منتظر بصبر جميل طويل أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئاً وصدق الله رسوله الرؤية بالحق فخرج من أصلابه من الملء أشداء في الكفر اخرج الله من أصلابهم من قرت بهم عين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا امرأة تأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة من الهجرة مهاجرة من مكة فارة بدينها تلقي بنفسها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنتِ أم كلثوم من أبوك عقبة ابن أبي معيط إذا فتى يبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبته يوم حجة الوداع فيتلقف كلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغها للناس كأنما فمه مكبر صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنت ربيعة من أبوك أمية ابن خلف إذا شاب من شباب قريش يصرع مسخراً بالجراح في معركة اليرموك مات بعد أن باع نفسه لله مات هبراً بالسيوف تنزف دمائه وتتقطع أنفاسه شهادة في سبيل الله وبلاغة لرسالة الله ما اسمك عكرمة من أبوك أبو جهل هؤلاء أبناء الملء من قريش أمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعوا رسالته وصرعوا وهم يحملون دينه بل أستاني بهم لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيء فان الذين أخرجوا من أصلابهم يعبدون الله ولا يشركون به شيئاً ويتبعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يحملون رسالته ويبلغون ما أوسع هذا الأمل ما أعظم هذا اليقين فهل نروي قلوبنا بأمل كهذا الأمل ويقين كهذا اليقين فمهما تكالبت الكروب وتوالت الشدائد يظل الأمل حياً في(1/109)
قلوبنا ويظل عطائنا للدين مشدود بموعود صادق غير مكذوب نعمل له ونرجوه قد تراه عيوننا وقد تراه عيون أخرى ولكن نسعد بأننا قد عملنا ودعونا ويلغنا لا يعمل لهذا الدين إلى من كان عنده أمل كهذا الأمل ووثوق كهذا الوثوق ويقين كهذا اليقين السلام عليكم .
الشيخ إبراهيم الدرويش ( الرس - السعودية )
ضيف الحلقة :
تدبر القرآن ( المرأة وفريضة الإحتساب )
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وأصحابه ومن اهتدى بهداه سلام الله عليكم ورحمته وبركاته آيتنا هذا اليوم يقول الله تعالى في الآية الواحدة والسبعين من صورة التوبة (( والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولائك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم )) لما ذكر الله سبحانه وتعالى صفات المنافقين الذميمة عطف بذكر صفات المؤمنين المحمودة فقال والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض أي يتنصرون ويتعبدون كما جاء في الصحيح عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن المؤمن للمؤمن كا البنيان يشد بعضهم بعضا وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعك كما في البوخاري والله سبحانه وتعالى يقول في وصف المؤمنين إن بعضهم أولياء بعض ويقول في وصف المنافقين بعضهم من بعض لماذا لان المؤمنين بينهم مودة وتعاون وتراحم حتى شبه النبي صلى الله عليه وسلم جماعتهم بالجسد الواحد وبالبنيان يشد بعضهم بعضا وبينهم ولاية النصرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع عن الحق والدفاع عن العدل وعلاء كلمة الله أما المنافقون فيشبه بعضهم بعضا في الشك والتردد والحيرة والجبن والبغض إذا في قول الله تعالى في هذه الآية يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ثم الذي أريد أن أؤكده ما عاش الأخوة والأخوات والمؤمنون والمؤمنات فهنا نداء مع أن المؤمنات يدخلن في المؤمنين كما في كثير من(1/110)
آيات القرآن ولكن هنا تأكيد خاص للمؤمنات ولما كنا في بداية إجازة صيفية وفي مقدمة مناسبات كثيرة كان هناك الكثير من المنكرات والملاحظات التي يقع فيها الكثير من النساء في المجتمعات الخاصة بالنساء والمرأة المسلمة مطالبة كما الرجل مطالب تماماً بالنصيحة وحب الآخرين فالمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه وهذا الدين هو النصيحة كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم تلك النصيحة كادت أن تموت اليوم بين الكثير من الناس وخاصة في المجتمعات النسائية ولذلك لا غرابة ولا عجب مع عشر الأخوات أن نرى كثر في المنكرات في المجتمعات النسائية هذه الآية التي قراناها قبل قليل تؤكد هذا الجانب لدا المؤمنات كما اخبر الله تعالى فقال والتكن منكم امة يدعون إلى الخير هل هذه الأمة فقد من الرجال بل حتى من النساء يدعون إلى الخير وينهون عن المنكر أولائك هم المفلحون والله عز وجل يقول ويقيمون الصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولائك سيرحمهم الله في آيتنا أي من سيسرحم الله من اتصف بهذه الصفات إن الله عزيز حكيم حكيم في قسمته لهذه الصفات للمؤمنين والمؤمنات والمنافقين والمنافقات فقد فضح المنافقين بصفات متقدمة(1/111)
فالمرأة لها دور كبير في الاحتساب في الأمر بالمعروف في النهي عن المنكر وهذا ما جاءت هذه الآية تؤكد عليه هذا الدور المبارك في فريضة عظيمة هي صمام الأمان هي حارس الفضيلة فريضة الأمر بالمعروف فالنهي عن المنكر فالمرأة اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بان تقف وقفة جادة أمام زحف المنكرات لتكون سد منيعاً بإذن الله ولا يمكن لا يمكن لها ذلك لا يمكن أن تقوم بهذا الدور وفي هذه الفريضة العظيمة إلا إذا استشعرت بمدى الواجب الذي عليها على المرأة المسلمة أن تدرك حقيقة الأزمة التي تعيشها الأمة اليوم الأمة أمتكِ تعيش في أزمة أن تفكري اؤخيتي في أحوال هذه الأمة أن تبذلي الجهد في سبيل الإصلاح ما استطاعتي فان لكي دور مباركاً عظيماً لو متأملتي هذه الآية معنى الولاية في الآية الولاية ضد العداوة وتشمل ولاية النصرة وولاية الأخوة والمودة فانا اسأل هنا هل بين النساء حقاً المؤمنات النصرة والتعاون من اجل الإصلاح وان كانوا منكرات الظاهرة في مجتمعات النساء الذي نراها اليوم فإننا اسمع الكثير من مشاكل النساء في قضية كي يتصل العشرات الأخوات في منكرات بين النساء سوء في اللباس سوء في التصرفات في الأفعال لما في لغياب هذا الأمر العظيم هذه الفريضة العظيمة هل تستشعر المرأة اليوم أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في زمن الانفتاح وزمن التقنيات وزمن المتغيرات وزمن الشهوات والشبهات قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معاشر على الأخوات ليست مشكلة أفراد ولا مشكلة هيئات إنما هي مشكلة الجميع نعم معاشر الإخوة مشكلة الجميع فمعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي إصلاح و صلاح المجتمع أو فساده صلاح المجتمع أو فساده فهل نتصور أو نعلم حقيقة ما معنى صلاح المجتمع أو فساده المجوع هل نتصور مجتمعات بدون أن ونهي هل من المعقول أن يصبح المجتمع بدون توجيه المخطئ أو الوقوف في وجه الفاسق والعابث أو القول له انك أخطئت اخيتي إنني أقول(1/112)
أن القضية مهمة جداً والأمر بالغ الخطورة فإننا نرى الكثير من المنكرات وخاصة في زمن الانفتاح بل نرى حتى أعداء الإسلام اخذ كل واحد منهم معولا ًليخرق به هذه السفينة وهي سفينتنا جميعاً فهل نتركهم ونغرق وكل يقول نفسي وينتظر الآخرين ليقوم بدوره أم نأخذ على أيديهم ونصبح يداً واحدة متعاونة ننكر ما أنكره الله عز وجل ونقر الخير في الأمة هل حقاً نعلم أهمية هذا الموضوع المسألة مسالة هلاك المجتمع وفساد إن لم تقوم هذه الفريضة فستكون العقوبة سيهيمن المنكر سيصبح المعروف قريبا كما قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إن الله لا يعزب العامة بذنب الخاصة ولكن إذا عمل المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم فالمسألة إذا مسالة عذاب يحل بالأمة صالحها فأسدها إن سكت الصالحون والصالحات على الإنكار وفي حديث الجريرة الذي رواه أبو داود ما من رجل يقوم في قوم تؤمن فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليه فلا يغيروا إلا أصادهم الله بعزاب من قبل أن يموتوا افا رأيتم الصالحون في الأمة هم صمام الأمان لها كما قال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لتمرون بالمعروف ولتهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يعمكم بعقاب من عنده ثم تدعونه فلا يستجيب لكم سبحان الله من الذي ندعوه ولا يستجيب لنا الرحمن الرحيم جل وعلى لما لان المسلم والمسلمة يرى يعني محارم الله تنتهك فلا يتحرك ولو بكلمة طيبة ولو بتألم من القلب لهذا المنكر الذي وقع أو وقعت فيه تلك أو ذلك المسلم أو المسلمة إذاً فإذا أردنا حقا ً مجتمعا ً صالحا ً فإننا بأمس الحاجة إلى أن ننشر النصيحة والكلمة الطيبة وخاصة مجتمعات النساء وهذا واجب عليك أختي المسلمة في القيام بمثل هذا الدور ما يبقى للناس إذا أثبت دورهم رحمة الله لمن يلجئون إنه موقف ينخلع له القلب هل يمكن أن يحدث هموم النساء الكثير من المسلمات اليوم متوالية بعضهم لا يتجاوز همها الفستان والحذاء أو الأخرى ربما همومها همها المارق(1/113)
متى تجد شيء يتطابق مع لون الفستان مع قضية من القضايا وإن كان الحمد لله بدء هذا يخف كثيراً في صفوف النساء وبدأت الكثير من الأخوات يحرصاً قضية الفكر والعلم والتربية وهذا الذي نوده في صفوف النساء لكن هناك الكثير من عوام النساء هم بأمس الحاجة في كثير من المناسبات الكلمة الطيبة النصيحة التي هي أحسن إذاً لو أردنا ننظر في صفحات التاريخ كيف كانت الهموم كيف كانت تعمر المجالس كيف كانت تستغل الأوقات تستثمر كيف كانت تقضى الأعمار كيف كانت المرأة المسلمة المرأة المسلمة تعمل لوجدنا عجبا ً والله كانت المرأة إذا رأت منكرا ًبينته وأظهرته لصفوف النساء نحن لا نقول للمرأة أنكري على الرجل كما يسأل الكثير من الأخوات ياريتنا ننكر على النساء في صفوف النساء ياريت المرأة يكون لها دور في توجيه المرأة في كثير من الأخطاء التي نراها اليوم في صفوف الكثير من نساءنا وأهم الصفات في المرأة المحتسبة العلم والرفق والصبر العلم قبل الأمر والنهي والرفق معهم قبله ومعه وبعده ومعه والصبر أيضا بعده وإن كان كل من الثلاثة لا بد أن يكون مستصحبا ً في هذه الأحوال جميعها قال بعض السلف لا يأمر بالمعروف إلا رفيق في ما يأمر به رفيق في ما ينهى عنه حليم في ما يأمر به حليم في ما ينهي عنه فقيه في ما يأمر به فقيه في ما ينهى عنه إذا ً المرأة التي تريد أن تحتسب في قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد أن تعلم أن هذه المسألة فعلا ً منكر إن كان في المسائل المختلف فيها يجوز الترك لكن مسألة واضحة أنها منكر والمنكر معلوم مجمع عليه أنه منكر هنا واجب الجميع أن يتنبه وأن ينكر على صاحب المنكر كما أنه وسائل الإنكار ليس شرط أن تكون مجرد يعني أو أن تكون ظاهرة أمام الناس أو أن نشني على صاحب المنكر أمام الناس لا أخيتي الكلمة الطيبة برفق ولين بوحدها الكتاب المطوية الشريط النشرة الجميلة الرائعة التي تعالج هذا الموضوع الكتابة عبر الصحف والمجلات(1/114)
الهدية الهاتف الرسالة الشخصية ربما إذا حدث هذا الأمر لحد المقاطعة والهجر لكن هذا أخر العلاج التعويض لصاحب المنكر كا أن يعوض فلان أمام لهذا المنكر إن كان قد اشترى أو كذا إن كان من يسر الله عز وجل له المال أن يعوض الزيارة لفلانة من الناس أو لفلان الوقوف مع صاحب المنكر في وقت الشدة ثم بيان له المنكر بعد ذلك القدوة وحسن الخلق الاتصال بالجهات المختصة من هيئات وشرط وغيرها الاتصال بالعلماء طلبة العلم إطلاعهم على هذا المنكر بعد الإشارة بعد التثبت والتأكد من هذا المنكر المشاركة بالبرامج الدعاء كل هذه الأمور توضح أن ممكن الإنسان أن يقوم بمثل هذا العمل فلا بد أن يكون لنا دور معاشر الأخوات خاصة ونحن قادمون على مثل هذه المناسبات أن يكون للمرأة دور في التوجيه والنصيحة ولكن كما أسلفت بالرفق والكلمة الطيبة وأنا على يقين والله متى قامت المسلمة بهذا الدور سنجد الصلاح والخير في مجتمعات النساء وأخواتنا بفضل الله تعالى فيهن خير كثير لكن نحتاج للرفق نحتاج لبيان المسألة نحتاج لأخذ الناس بالحكمة والموعظة الحسنة نحتاج إلى الكلمة الطيبة وسنجد والله أثر ذلك على أخواتنا أتمنى أن يكون ذلك في صفوف النساء خاصة في مثل هذه المناسبات القادمة أسأل الله تعالى أن ينفعني وأخواتي وكل مسلم ومسلمة بما قيل وسبحانك الله وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الشيخ إبراهيم الدرويش ( الرس - السعودية )
ضيف الحلقة :
تدبر القرآن ( حقيقة الولاء والبراء )
موضوع الحلقة:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.(1/115)
أهلا بكم معاشر الأخوة والأخوات وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته آيتنا هذه الحلقة هي أول آية من سورة الممتحنة يقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) هذه الآية نص في عدم المودة للشرك والمشركين فالإسلام وإن كان يأمر بعدم مودة الكفار لأجل دينهم لأجل دينهم عقيدة الشرك والكفر لأن الشرك ظلم عظيم فالله جل جلاله هو الذي يخلق ويرزق وينعم ثم بعد هذا كله تصرف العبادة والشكر لغيره أو يشرك بها معه سبحانه وتعالى فهذا هو الظلم بعينه وهو بغيض مخالف لمنهج العدل مخالف لمنهج أهل الفطر السليمة ومع ذلك فإن الإسلام أيضا يحرم الاعتداء عليهم بغير حق ويحترم حقوق المعاهدين والذميين والمستأمنين منهم يحرم دمائهم وأموالهم ويجعل لهم من الحقوق ما للمسلمين وعليهم منها ما على المسلمين يقول الله تعالى ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها ) ويقول تعالى ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) ويقول ( إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين) قال عبد الله بن رواحة لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر لخرس الثمار من أجل الخراج واستحصال الحق الذي عليهم فأراد اليهود أن يرشوه من أجل أن يتساهل معهم فقال لهم يا إخوان القردة والخنازير يا إخوان القردة لأنتم أبغض شيء إلي في هذه الدنيا ولا يحملني بغضي لكم على أن أظلمكم فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض الله أكبر ، ولا يحملني بغضي لكم على أن أظلمكم بهذا قامت السماوات والأرض إذا يتأمل المسلم ياليتهم يعرفون حقيقة الولاء والبراء لو تعلم كثير والله من القوى العالمية الغربية حقيقة باب الولاء والبراء في عقيدة الإسلام لطالبت به بل ولفرضت بالقوة على كل دول العالم إقرار وتدريس هذا الباب في كل مدارسها لماذا؟ هذا الباب هو الحصن(1/116)
الأول لها في حربها على الإرهاب قد يعجب البعض من كلماتي هذه لكن تعالوا لتفصيل هذا الأمر الذي كثر حوله اللجج والذي يخطئ الكثير حتى من المسلمين في فهم حقيقته فيا أيها الأخوة والأخوات أليس جميع علماء النفس يقررون أن الحب والبغض والولاء والبراء غريزة في كل
نفس بل وأظنه أيضا في كل دولة وسياسة ومنهج وطائفة والواقع ومجرياته خير شاهد على ذلك ويدل على مثل هذا الأمر ما نشاهده اليوم من أحداث ومن أهوال وبدل أن تترك النفس أو يترك الأمر للنفس الضعيفة تحب وتكره وتوالي وتعادي هكذا دون أي ضوابط فلا هم لها سوى مصالحها وأهوائها ونوازعها وكوامنها جاء هذا الدين العظيم كعادته في كل أبوابه لينظم هذه الغريزة يوجهها لما فيه مصلحة المجتمع كله ليس لمصلحة فرد أو طائفة أي عاقل مهما كانت عقيدته حين يتدبر هذا الباب العظيم باب الولاء والبراء في عقيدة الإسلام ووضعه الضوابط والأطر في التعامل مع الكافرين مثلا يلحظ كيف تألق في توجيه هذه العلاقة بأدب عظيم ومحافظة على الحقوق بشكل رائع وعجيب فأولا وتأملوا معي الجميع يعلم أن الإسلام يأمر أتباعه بنشر وتبليغ عقيدة التوحيد لأنها مصدر من أعظم مصادر السعادة والطمأنينة في أي نفس بشرية ثانيا من دخل الإسلام فهو أخ لنا له ما لنا وعليه ما علينا بل ونأمر بأن نحب له ما نحب لأنفسنا، ثالثا يتأمل حال الإنسان أن من لم يدخل الإسلام فهو إما أن يكون مسالما أو معتديا محاربا أحد الأمرين إما أن يكون مسالما أو يكون معتديا محاربا فإن كان مسالما إن كان الكافر مسالما فليس على المسلم حرج من معاملته والبيع والشراء والمؤاجرة فقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما لأهله ورهن درعه عنده وكان صلى الله عليه وسلم يأكل من طعام اليهود وكان يجيب دعوتهم وكان صلى الله عليه وسلم يعقد المصالحات مع الكفار كصلح الحديبية مع المشركين والصلح مع اليهود في المدينة والصلح مع نصارى نجران كان صلى الله(1/117)
عليه وسلم يأمر بحسن الجوار والإحسان إلى الأسرى كما قال تعالى ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) كان النبي صلى الله عليه وسلم يفي لهم بعهده معهم وقد أمر الله تعالى الولد بالإحسان إلى والديه الكافرين فقال ( وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ) وعلى المسلم أن يؤدي لهذا الكافر المسالم حقوقه فلا يظلمه أو يؤذيه بل يبذل وسعه لإيصال الحق له وهدايته ودلالته بكل وسيلة مع بغض الشرك فيه هذه قضية مهمة جدا يغفل عنها بعض الناس مع بغض الشرك فيه لأن الشرك ظلم عظيم كما تقدم أما إن كان الكافر معاهدا أو ذميا أو مؤمنا فنصوص الإسلام في هذا متوافرة مشهورة في العيش بين ظهراني المسلمين مع حفظه وحفظ كامل حقوقه بل والتهديد والوعيد ما جاء في النصوص لمن نقض ذلك وأما من كان كافرا محاربا معتديا فلا شك أن الإسلام يأمر بردعه وإيقافه عند حده فلابد من جهاده ولابد من قتاله والعجب أنه أيها الأخوة والأخوات أنه حتى عند قتاله يخير بين ثلاث إما الإسلام أو الجزية أو القتال بل حتى في حالة قتالهم كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بدعوتهم إلى الله قبل قتالهم وينهى عن قتل شيوخهم ورهبانهم وصبيانهم ونسائهم فلا يقتل وليدا ولا امرأة ولا كبيرا في السن ولا بهيمة بل ولا يقطع شجرة وينهى عن التمثيل بقتلاهم إلى غير ذلك من آداب وأحكام غاية في الروعة غاية في تنظيم العلاقات جاءت بها هذه الشريعة الغراء ليس هذا مقام تفصيلها بدقة لكن أسألكم بالله معاشر الأخوة والأخوات أيهما أفضل وأحسن ترك الحبل على الغارب للنفوس على الحب والبغض على الحال الذي نراه اليوم في جميع العالم أم هذا التنظيم الرائع الدقيق الذي تركت الكثير من تفاصيله ودقائقه لضيق الوقت فمن يوصل للعالم هذه المعاني من يوصل لهم روعة الإسلام وعظمته من يجلجل في فضائياتهم وإعلامهم بمثل هذه الدرر والله أني على يقين أن العالم الغربي لو علم هذا العلم وفهم(1/118)
هذا الفهم لباب الولاء والبراء فلا يملك إلا أن يوجه كل الميزانية الضخمة لنشر وتعليم هذا الباب في كل مكان بدل تبذيرها وإسرافها بما يسمى اليوم بمكافحة الإرهاب ولكن يبقى السؤال الأهم والخاص بنا نحن معاشر المسلمين هل المسلمون أنفسهم يفهمون هذا الفهم في حقيقة الولاء والبراء هل نحن فعلا نفهم هذا الفهم وقد شرع هذا الباب قبل الأمر بالجهاد والنبي صلى الله عليه وسلم في مكة فهو إذا واجب في حال السلم وحال الحرب وليس هو شيئا جديدا في الإسلام ولا قولا محدثا ولكن الجديد هو هذا اللبس العجيب في حقيقة الولاء والبراء فأصبح هناك فريقان إفراط وتفريط وللأسف نعم أصبح هناك فريقان إفراط وتفريط في باب الولاء والبراء كما نسمع وكما نشاهد وكما نرى الأحداث وكما نقرأ للبعد عن حقيقة الكتاب والسنة والمراد من نصوص هذه العقيدة الغراء العظيمة التي جاء بها الحبيب صلى الله عليه وسلم غلو وتساهل هذا الأمر بعيد كل البعد عن التأصيل الذي قدمناه وربما تأول أمثال بعض هذه النصوص أو بعض الحوادث في السيرة ولا شك أن فتح باب التأويل ودائما أكرر هذا فتح باب التأويل في الشريعة خطر عظيم شر جسيم لا نهاية له هذا تلاعب بالنصوص بنصوص محكمة تأويله حسب الرغبات فلا بد أن نحذر نحن أيضا من تأويل النصوص المحكمة أو تنزيلها حسب فهمنا ورأينا أيضا هناك فريق آخر من الذين فهموا في قضية أو من الذين يعني تكلموا أو أخذوا باب الولاء والبراء فريق آخر من الناس على عكس أولائك تماما ظنوا أن لا مكان لباب الولاء والبراء في هذا الزمان فجعلوا بغض الكفار والبراء منهم إرهاب وعدوان عليهم بحجة أن دين الإسلام دين المحبة والولاء لكل الناس وقد ظهر هذا أخيرا في كثير من المحادثات والمحاورات والكتابات التي تنشرها وتبثها بعض وسائل الإعلام وقد استغل هؤلاء تصرفات الفريق الأول من المتأولين والغالين بفهم أصل وحقيقة الولاء والبراء بل إن البعض وجدها فرصة لوصم دين(1/119)
الإسلام بالإرهاب والوحشية والدموية والذي أستطيع أن أقوله للفريقين وباختصار شديد في هذه العجالة أن الإسلام دين الرحمة لأتباعه ودين الوفاء والعدل مع أعدائه المعاهدين وهو أيضا حربا على المعتدين هكذا يجب أن نفهم حقيقة الولاء والبراء نعم هكذا يجب أن نفهم حقيقة الولاء والبراء هذا الباب أيها الإخوة الذي كثر حوله اللجج هذا الباب الذي أصبح الآن الكثير من الناس للأسف يعني يجعلونه مدخلا إما في وصف يعني دموية الإسلام أنه دين إرهاب أو وللأسف في أن هذا الإسلام إنما هو فعلا يقتل ويعذب ويؤذي الآخرين لا يمكن أبدا أن يكون ديننا بهذا المعنى لكل مقام مقال لكل خطوة أمر يجب أن نتنبه نأخذ ديننا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبهذا الفهم الجميل الرائع أيها الإخوة والأخوات فمن يعطي ومن يدرس هذه المعاني الجميلة لشبابنا وأبنائنا بل من يبينها للعالم كله نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن يرزقنا الصواب في القول والعمل هو لذلك والقادر عليه وصلوات الله وسلامه على حبيبنا ومصطفانا صلى الله عليه وآله وسلم وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
الشيخ عبد الوهاب الطريري -الرياض
ضيف الحلقة :
مع الرسول صلى الله عليه وسلم (وفد عبد القيس-2)
موضوع الحلقة :(1/120)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، حياكم الله أيها الأخوة والأخوات والأبناء والبنات لنستتم الخبر الذي بدأنا بدأه في الحلقة الماضية وكان يقتص خبر وفد عبد القيس كيف وصلهم الإسلام مع منقذ بن حيان الذي لقيه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة واحتفى به وسأله عن قومه وأشرافهم قبل أن يعرض عليه الدين حتى إذا أنس برسول الله صلى الله عليه وسلم وألفه وفتحت مصاريع قلبه له إذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يعرض الدين على نفس متهيئة لتقبله واستقباله فأسلم منقذ بن حيان رضي الله عنه وحمل رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه وعرضها أول من عرضها عليه على المنذر بن عائض سيد قومه أشج عبد القيس فأسلم وأسلموا ثم جاؤوا تسير بهم بطاح الجزيرة العربية من شرقها إلى غربها من الأحساء إلى المدينة النبوية هذه المسافة الواسعة الشاسعة سالت بهم بطاحها ووهادها لا حاجة لهم ولا أرب إلا أن يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي آمنوا به واتبعوه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم لما علم بنبأ قدومهم وقربهم من المدينة يهيء أصحابه لاستقبالهم إذا أقبلوا وقدومهم إذا قدموا فيقول سيأتيكم وفد عبد القيس غير ناكثين ولا مبدلين ولا مرتابين ما أسلم قوم حتى وتروا إلا هم كأنما يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل أن يهيء أصحابه لاستقبالهم بما يليق بمن قدموا إليهم من هذه المسافة البعيدة والشق الشاسعة ليستقبلوا بما يليق بقدومهم إذا قدموا وإقبالهم إذا أقبلوا ، قدم وفد عبد القيس فما إن استبانت لهم المدينة النبوية التي تكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غلبتهم أشواقهم فاندفعوا من مطيهم وإبلهم يعدون سراعا ليلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولتتروى عيونهم الظمأى من محياه المنور المبارك صلوات الله وسلامه وبركاته عليه إلا أن المنذر بن عائض سيدهم لم يفعل كما فعلوا ولكن كان يزينه الأناة فإذا به يمسك(1/121)
الركاب التي اندفع أصحابها منها فيعقلها ثم يخرج من شملته ثوبين جديدين ثم يغتسل ويتهيأ ثم يلبس ثوبين جديدين فيلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن وصل قومه كلهم إليه في حال من التهيؤ والاستعداد واللباس الحسن وبعد أن عقل إبل قومه وهيأها وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في تصرفه غاية الأناة ، الأناة والروية في ما عمل فقدموا إلى رسول الله وجلسوا إليه وقالوا يا رسول الله إنا نأتيك من شقة بعيدة وبيننا وبينك أحياء من الكفار لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام فأمرنا بأمر فصل نلزمه في أنفسنا وندعو إليه وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يعجب بهذا الفقه في المسألة ، بهذا الفقه في المسألة أمرنا بأمر فصل نلتزم به أنفسنا وندعو به غيرنا فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بجوامع الإسلام وقال لهم آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع وأخبرهم بشرائع الدين وعرض عليهم هذه الشرائع فالتزموها وعرفوها أمرهم بشهادة أن لا إله إلا الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأن يؤدوا الخمس من المغانم ونهاهم عن أنواع من الأواني التي ينتبذ فيها فالناس في ذلك الوقت حديثوا عهد بتحريم الخمر فنهاهم عن الانتباذ في الآنية التي يسارع النبيذ فيها إلى التخمر ثم انتقل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلى أمر(1/122)
آخر فقال تبايعونني على الإسلام أنتم ومن وراءكم قالوا نعم يا رسول الله وإذا بأشج عبد القيس المنذر بن عائض الذي كان عنده الأناة والروية يقول يا رسول الله وكأنما يستدرك على قومه بقولهم نعم نبايعك عنا وعن من وراءنا إذا به يستدرك على قومه فيقول يا رسول الله إنك - تأملوا في عقل هذا الرجل - إنك لن تحاول أمر رجلا عن شيء كما تحاوله عن دينه يعني هذا أمر شاق أن نحاول الناس عن أديانهم ولكن نبايعك عن أنفسنا نحن وسندعو من وراءنا وسندعو من وراءنا فمن اتبعنا فمن آمن بدعوتنا واتبعنا فهو منا ومن أبى قاتلناه فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العقل فأقبل على أشج عبد القيس وسيد عبد القيس المنذر بن عائض قائلا إن فيك لخصلتين يحبهما الله ماهما يا رسول الله الحلم ( العقل) والأناة (الروية) قال يا رسول الله خلقان تخلقت بهما أم الله جبلني عليهما قال بل الله جبلك عليهما قال الحمد لله الذي جبلني على ما يحبه الله ورسوله.(1/123)
أيها الأخوة والأخوات والأبناء والبنات هذه القصة فيها مشاهد كثيرة معبرة ولها دلالة لابد أن نقف عندها لكني أقف مع أمرين مهمين الأمر الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو دعوته ويبلغ رسالته كان يحسن التأتي يحسن فتح أغاليق القلوب لم يكن يلقي الدعوة وكأنما هي عبئ يلقيه وتنتهي مسئوليته له ولكن يتلطف غاية التلطف ويتألف المدعو غاية التألف وكأنما هذا إنجاز يريد أن ينجزه على أتم وجه كأنما هذا المدعو إدخاله في الدين إنجاز فخم لابد أن يحتفي به ويستعد له ويأتيه من جميع السبل المناسبة له ، انظر إليه مع دعوته لمنقذ بن حيان حال التلطف حسن التأتي المنقذ بن حيان فيناديه باسمه ثم كيف جميع هيئتك كيف أحوالك كيف فلان وكيف فلان من أشراف قومه فيسأله عن أهله ويسأله عن عشيرته ويسأله عن أشراف قومه هذا السؤال لإنسان غريب يفعل فعل السحر في إنسان يعيش في غربة فإذا به يجد من يسائله عن أموره وعن حاجاته وعن قضاياه ويقبل عليه ويسأله عن أشراف قومه ويسأله عن قومه وعن عشيرته هذا الاهتمام وهذه الحفاوة فعلت فعلها في نفس منقذ بن حيان فلذلك لما دعي دعي من حفي به دعي ممن اهتم بشؤونه إن الدعوة كانت جزءا من اهتمامه به إن الذي دعاه دعاه وهو مهتم به حفي به ولذلك تلقى الدعوة وتقبلها بقبول حسن هذا الشأن هل نحن منه على ذكر عندما ندعو هل نحن عندما نقدم الدعوة نقدمها بقالب من الاهتمام والحفاوة بالمدعو نشعر المدعو أنه يهمنا كله يهمنا كله ومن اهتمامنا به دعوتنا له لو شعر المدعو أن دعوته غنما هي جزء من اهتمامنا به وأن الدعوة ليست وصاية ليست مظهر سيادة الدعوة عملية استنقاذ هي اهتمام كبير بهذا المدعو هي احتفاء به ينبغي أن يشعر المدعو بهذا الاهتمام وبهذه الحفاوة وأن الدعوة إنما هي أعلى مراتب الاهتمام به والصورة الخالصة من الحفاوة به عند ذلك تعطي النفوس قيادها وتفتح القلوب أغاليقها وهذا الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع(1/124)
منقذ بن حيان إذ قبل أن يدعو فتح القلب وتألف النفس واحتواها هذا الاحتواء فجاءت منقادة متقبلة متشربة لهذه الدعوة يشعر المدعو أن الداعي ماهو بالمستعلي عليه وماهو بالمستتبع له ولكنه المحب المحتفي ، الشيء الثاني سعت معارف النبي صلى الله عليه وسلم إن جواثة هذه البلدة البعيدة بلدة عبد القيس يفصلها عن المدينة النبوية أكثر من ألف كيلو في الأحساء في شرق الجزيرة العربية والمدينة النبوية في غربها ومع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده معرفة بجغرافية الجزيرة العربية ومعرفة برجالاتها على بعد الشقة وبعد المسافات ولذلك كان يعرف رجال هذه البليدة فما بالك برجال غيرها ويعرف أشرافها وهذا شأن الداعية لابد أن تكون معارفه واسعة لابد أن تكون اهتماماته منوعة وهذا المعنى واضح في حياة النبي صلى الله عليه وسلم معرفته برجالات الناس معرفته بقبائلها معرفته بجغرافية البلاد معرفته حتى بما ينبت فيها معرفته بأحوالها بلهجاتها إن هذا التنوع المعرفي عند الداعية هو سلاح له في دعوته وهذا كان واضح والنبي صلى الله عليه وسلم يشبه أو يبين كانت هذه المعارف واضحة في دعوته عندما يقول لأصحابه ويذكر حديث الجهنميين فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ألا ترونها إذا نبتت ماكان منها إلى الشمس أخيضر وما كان منها إلى الظل أصيفر قالوا يا رسول الله كأنك نشأت في البادية يعني هذه الثقافة لا يعرفها إلا من نشأ في البادية لكن النبي صلى الله عليه وسلم يذكر هذا التشبيه حتى يتلقاه أهل البادية فيفقهونه إن الداعية لابد أن يكون ذا ثقافة منوعة وذا خبرة بمن يدعوهم وذا بصيرة في حال المدعو فإذا دعا دعا بمعرفة بحال من يدعوهم معرفة بطبائعهم وسلوكياتهم فتنفذ دعوته إلى المدعوين على بصيرة بحالهم وعلى بصيرة في طريقة التخاطب معهم وبصيرة ثقافتهم وهذا من أمضى الأسلحة عند الداعية وهذا كان واضح في حال النبي صلى الله عليه وسلم عندما لقي رجلا من شرق(1/125)
الجزيرة فإذا به يسائله عن قومه وأشرافهم أما حفاوة النبي بعبد القيس لما جاؤوه أما إقباله على سيدهم وقوله إن لفيك خصلتين يحبهما الله فكلها فنون نبوية كريمة من فنون تأليف القلوب علينا جميعا أن نكون على فقه بها إنها الدعوة على بصيرة إنه منهج النبي صلى الله عليه وسلم داعيا فيا كل مسلم هذه حال نبيك داعيا فلنكن جميعا في تقفينا لنبينا صلى الله عليه وسلم في دعوته نتقفى أسلوبه في الدعوة وفقهه في الدعوة فهو إمامنا صلى الله عليه وسلم داعيا وهذه فنون دعوته فصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبد الله اللهم صلي وسلم وبارك على نبيك محمد أطيب صلاة وسلام وبركة وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه البررة المرضيين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ محمد بن لطفي الصباغ ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
المرأة والأسرة ( لنحذر من ظلم الأولاد)
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.(1/126)
أيها السادة لنحذر من ظلم الأولاد نحن في كثير من الأحيان تكون منا تصرفات لا نقصد منها الإساءة ولكن هذه التصرفات تكون في الحقيقة ظلما لهؤلاء الأولاد نحن في مجتمعاتنا الإسلامية يحكمنا الحياء عن التوعية في بعض الأمور مع أنه من الكلمات المأثورة أنه لا حياء في معرفة أمور الدين تقول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تثني على نساء الأنصار تقول (نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يسألن عن الدين وأن يتفقهن فيه) رواه مسلم وأبو داوود وابن ماجة إذا ينبغي نحن هذا الحياء الذي في غير موضعه ينبغي أن نتجاوزه طبعا نتجاوزه يعني في حدود الشريعة وبحدود الآداب العامة ولا نسرف في التحدث عن هذه الأمور التي كنا نستحي منها إسرافا يخرج بنا إلى دائرة الغلط ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أأمروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) إذا لا يجوز بعد أن يبلغ الولد سن العاشرة لا يجوز أبدا أن ينام مع أخيه في فراش واحد لا بد أن يفرق بينهم في المضاجع وهذا التفريق طبعا ولو كانوا أخوة أشقاء هذا التفريق يكون بين الأخ وأخيه وبين الأخت وأختها لدفع الشيطان ولدفع غائلة الشهوة والأفضل أن يفرق بين الذكور و الإناث في غرف النوم فلكل من الفريقين غرفة إن أمكن هذا مع التفريق في المضاجع الذي ذكرناه قبل قليل و والله إن هذا النبوي مهم وخطير ولا يجوز التهاون فيه بأي حال من الأحوال وبأي وضع من الأوضاع لأن الكارثة التي قد تحدث إن خالفنا نحن هذا التوجيه النبوي كارثة كبيرة إذا إن نحن لم نأمر أولادنا بالصلاة لسبع سنين ونضربهم عليها لعشر ضربا غير مبرح والحقيقة مرة ساوينا عملية حسابية يعني إذا الأب عم يقول لابنه من سبع سنين لعشرة كل يوم خمس مرات قوم صلي وما قام صلى بعد مابلغ عشر سنوات يستحق الضرب ولا لأ يستحق لكن ضرب غير مبرح وألا يكون على الوجه مو نجي نضربو نكسر(1/127)
رجله أو إيده لا ضرب غير مبرح وأن نتقي الوجه.
كذلك من مظاهر الظلم التي يتعرض لها بعض الأطفال في بعض البلاد أنهم قد يتعرضون للقسوة بالضرب والكلام والسباب والكلام البذيء هذا ظلم لهؤلاء الأطفال ما ينبغي بعدين الضرب يفقد قيمته إذا كل ما تحرك الطفل ضربناه هو أولا بيتعود على الضرب ولا يعود يكف عن هذا الذنب الذي ضربناه من أجله بينما ينبغي أن تكون هناك يعني أولا محاولة تفهيمه ثم أن تكون هناك أنواع أخرى من العقوبات.
كذلك من الظلم الذي يتعرض له بعض الأطفال في كثير من البلاد أنهم قد يكلفون ببعض الأعمال الشاقة من أجل أن يأتوا بالفلوس وهناك أمر يعني خطير جدا ومسيء جدا وهو أن يكلف هؤلاء الأولاد بالشحادة وسؤال الناس هذا أمر منكر يعود هذا الطفل على السلوك الذي ليس مستقيما.
كذلك من الظلم الذي يتعرض له الأولاد الإهمال من الأب والأم وهذا ظلم مبين ظلم لهؤلاء الأولاد الذين ائتمننا الله عليهم فيتركون في الأزقة أو يتركون إلى التلفاز أو يتركون إلى رفاق السوء.
كذلك من الظلم لهؤلاء الأولاد الدلال الزائد في بعض الأحيان والأب يحب ابنه ربما لأنه ولد وحيد أو لأي اعتبار آخر فهذا الولد أي شيء يطلبه يسعى أبوه في تحقيقه سواء كان هذا الشيء مناسبا أو غير مناسب مثلا يطلب دائما هذه الأكلات الأطعمة الجاهزة التي ثبت ضررها فهو يسارع في تنفيذ أمر هذا الطفل ويطلب مثلا ألعابا إذا كان يعني في سن معينة فيشتري له والله أنا أعرف بعض الناس عندهم من الألعاب ما يمكن أن يعني يفتح الواحد دكان فيه ألعاب كثيرة لماذا؟ الألعاب ضرورية ومهمة للأطفال في سن معينة لكن مو كل يوم كل يوم نشتري له لعبة إذا طلب هذا الدلال مؤذ لهم نفسيا لأن الحياة ليست دائما طوع رغباتنا فالأيام تتقلب بأهلها
الدهر لا يبقى على حالاته لا الشهد دام ولا يدوم الحنظل
هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان(1/128)
وهذه الدار لا تبق على أحد ولا يدوم على حال لها شان
كذلك لما يكبر بعد بشوي نجد أن الأب يأتي له بمدرس وهذا الولد يبقى كسولا لا يعتمد على نفسه يعتمد على المدرس وقد يشتري له سيارة فيذهب بها في الطرقات ويحطم أحيانا سيارات الناس وما إلى ذلك.
في أمر أيضا في غاية الأهمية وهو كم يعطى الولد من الفلوس إنه لا بد أن يكون معه مصروف معقول حتى لا تضطره الحاجة إلى سلوك سبيل شائن للحصول على الفلوس وفي الوقت نفسه ينبغي ألا يكون المال الذي يعطى كثيرا لأن ذلك يجره إلى الفساد ورحم الله أبا العتاهية الذي يقول:
إن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسدة
وهذا بكل تأكيد يقتضي حكمة بالغة من الأبوين ومراقبة دائمة فلا يمنعون عنه الفلوس ولا يغمرونه بها أيضا ولا أرى أنا أن يعطى سيارة حتى يكون يعني رجلا كبيرا أما إعطاء السيارة للأولاد هؤلاء هذا مؤذ لهم.
وكذلك في أمر آخر وهو يعني أن ننتبه إلى الاتصالات الهاتفية التي يقوم بها الأولاد من ذكور وإناث، إن كثيرا من الكوارث تعتمد على الهاتف واأسفاه مع أن الهاتف والله نعمة كبرى من أكبر نعم الله التي يعني أكرمنا الله بها أنت جالس في بيتك تستطيع أن تقضي حاجاتك وتستطيع أن تصرف كثيرا من الأمور وأن تتصل بأهلك إن كانوا بعيدين وأن تعرف أحوال الناس يعني الهاتف نعمة كبيرة لكن ينبغي بالنسبة لهؤلاء الأولاد أن ننتبه إلى استعمالهم لهذا الهاتف.(1/129)
قررنا يا أيها السادة أن هناك صوارف كثيرة عن الخير وهي جذابة هذه الصوارف كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( حفت النار بالشهوات) طريق النار كله مملوء شهوات تميل إليها النفس والعلاج الناجح هو أن نكون صيانة داخلية في نفوس هؤلاء الأولاد وهذا أنا أعترف أنه مطلب ليس باليسير لكن مما يعين عليه الدعاء إلى الله والتوجه إلى الله وملازمة الأولاد وتوجيههم والاستعانة بالأصدقاء والصالحين وأريد أن أقول في الحقيقة دور الأم في هذا الأمر كبير كبير لأنها ألصق بالأولاد غالبا ولتأثر الأولاد بالأم عادة تأثرا كبيرا والطامة الكبرى إذا كانت الأم لا مبالية أو منحرفة والعياذ بالله أو مشغولة بشكل دائم بشواغل متعددة إما شواغل وظيفية وإما شواغل استقبالات ومهاتفات وما إلى ذلك ومما يعين على تكوين هذه المناعة في داخل نفوس هؤلاء الأولاد الحوار معهم وسماع آرائهم ومناقشتهم في هذه الآراء واحترام شخصياتهم الطفل الذي نحترم شخصيته هذا يكون أكثر قبولا للكلام الذي نريد أن نقرره له وأن ندعوه إليه.
إن رعاية الأولاد وإن البعد عن ظلمهم هذا يجعلهم في المستقبل شبابا وفتيات بارين بنا وبارات بنا إن هذا يجعل للوالدين كسبا في الدنيا عندما يجدون من هؤلاء الأولاد الرفق والبر والرحمة والعناية عندما يبلغ أحدهما أو كلاهما الكبر لأن الولد المتقي لله لا يمكن أن يكون عاقا لأبويه أبدا العاق لوالديه هذا يمكن في الغالب أن يكون عاصيا لله فاسقا والولد المتدين يمتثل أمر الله عز وجل ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمها كما ربياني صغيرا) والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ ابراهيم بن عوض أيوب - جدة
ضيف الحلقة :
أسماء الله الحسنى ( الوارث جل جلاله )
موضوع الحلقة :(1/130)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، اللهم لم الحمد كما تحب وترضى نحمدك الساعة حمدا نبتغي به الرضا ونشكرك الساعة شكرا نبتغي به المزيد.
إخواني وأخواتي يتجدد اللقاء بكم مرة أخرى اللقاء القدسي اللقاء العلوي اللقاء الروحي فنقول بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في رحلة مباركة نستأنس بها ومعها كيف لا والحديث عن ملك الملوك والكلام عن الله جل في علاه عندما نتكلم عن الله فالنفوس تأنس وعندما نتكلم عن الله الأجساد تضطرب وعندما نتكلم عن الله عز وجل القلوب تفرح وعندما نذكر الله بألسنتنا فإننا نؤمل في ربنا جل في علاه أن يذكرنا في الملأ الأعلى سبحانه وتعالى قيا رب الساعة الساعة نريدك أن تذكرنا في نفسك يا الله اللهم الساعة الساعة كفانا أن تذكرنا في نفسك الساعة الساعة وأن تذكرنا في ملئ خير من الملأ الذي نحن فيه فارفع قدرنا جميعا وطيب حياتنا جمعيا وأعظم أجرنا جميعا يا رب العالمين.(1/131)
إخواني وأخواتي الأسماء الحسنى بداية التعرف على الله عز وجل سبحانه وتعالى وبداية المعرفة بالله عز وجل أن نعرف صفات الكمال وصفات الجمال وصفات الجلال فإذا عرفناه فإننا سنحبه جل في علاه وإذا عرفناه حق المعرفة فلاشك بداية الحب وبداية الرجاء وبداية الخوف وبداية الاستعانة وبداية التوكل كل هذه الأمور مرتبطة بالمعرفة لذلك أركز مع نفسي ومعكم أن نستأنس في هذه اللحظات بمعرفة اسم الله (الوارث جل في علاه ) الوارث اسم من أسماء الله الحسنى وأعود مرة أخرى أذكركم بهذا الحديث العظيم الحديث الذي هو مفتاح من مفاتيح الجنة يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم ( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة ) فنحن الآن في مجلس أو في باب من أبواب الجنة أن نحصي هذا الاسم الوارث جل في علاه وحتى تحصي هذا الاسم فلابد من معرفته ولابد من العلم به ثم بعد ذلك الفهم عن الله ورسوله ثم أن تعرف الأسرار والأبعاد والأغوار عن هذا الاسم ثم تبدأ في التطبيق الحقيقي العملي في التعبد بهذا الاسم في أن تستظل تحت ظلال هذا الاسم العظيم الوارث جل في علاه فما معنى الوارث؟(1/132)
الوارث إخواني وأخواتي الباقي الذي يبقى بعد فناء خلقه سبحانه وتعالى ، الوارث في اللغة العربية من تؤول إليه الأشياء من تؤول إليه الممتلكات من تؤول إليه كل شيء ملكه من كان قبله فالميراث بعد أن يموت فلان ويموت الآخر فإن الورثة هم الذين يرثون الأموال يرثون العقارات يرثون هذه الأمور ثم بعد ذلك يأتي الذي بعده والذي بعده والذي بعده وهكذا وفي النهاية كل هذه الأشياء إنما هي ملكية ليست حقيقية إنما هي ملكية مجازية بمعنى أن الله جل في علاه هو المالك الحقيقي هو المتصرف الحقيقي هو المالك خلقا وتصرفا وأمرا ومصيرا كذلك فماذا يعني ذلك أنه الوارث الباقي الذي يرث كل الخلائق وهناك آيات مباركات من خلال تلاوة هذه الآيات تتضح المعالم بأوسع من هذا المفهوم الذي نتكلم عنه فاسمع يا رحمك الله ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون ) الوارث يرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( صراط الله الذي له مافي السماوات ومافي الأرض ألا إلى الله تصير الأمور ) تصير لمن إذا لم يكن الأمر لله سبحانه وتعالى الوارث هو الباقي بعد فناء خلقه فهو الملك المتصرف خلقا وأمرا وتصرفا وتدبيرا وفي النهاية تصير الأمور إليه سبحانه وتعالى .(1/133)
إخواني كثير من سلوكياتنا تتغير وتتبدل عندما ندرك ونفهم هذا المفهوم العظيم أن ندرك يا أخواني ويا أخواتي أننا نعيش في هذه الحياة ونتصرف في هذه الدنيا وكأننا نملك الأمر لكن يوم أن تضح الحقيقة أن البيت ليس بيتك المال ليس مالك هذا الجسد الذي أنت تتنعم به أمانة عندك سيسترجع في يوم من الأيام بيتك مملكتك الصغيرة أرضك الملك الذي أنت فيه كل هذه الأشياء ستؤول إلى الله الواحد الوارث سبحانه وتعالى ، انظروا هذا الأعرابي البسيط الذي يرعى الإبل كيف يعلمنا هذا المبدأ العجيب ومن خلال هذا المبدأ تتغير مفاهيمنا تماما سئل أحد الأعراب الذين يرعون الإبل قيل له لمن الإبل قال لله وهي في يدي أمانة ، الله أكبر قال لله وهي في يدي أمانة قال لله وهي في يدي أمانة انظروا هذا المفهوم لو أن الدنيا تدرك هذا المعنى من هذا الراعي البسيط أن جسدك أمانة هل ستورث الله عز وجل شيئا يأتي يوم القيامة والله عز وجل يجد فيه خللا لا يمكن ذلك هذا اللسان الذي تتكلم به تحب أن يأتي يوم القيامة وهو نظيف من ذكر الله أقصد نظيف وطاهر وطيب بذكر الله عز وجل تحب كذلك أن تأتي العيون والآذان والأيدي والأرجل والأقدام وكل الجسم هذا وقد عبد الله ويأتي إلى الله عز وجل سبحانه وتعالى والله هو الوارث ماذا يرث يرث منك كل شيء صوابا لأنه أعطاك إياه أعطاك إياه صوابا وأمنك إياه فيجب أن يعود كما أراد الله عز وجل يقول أحد السلف نقلا من حديث أو من أثر من أثر يقول فيه ( كن لي كما أريد أكن لك كما تريد ) هذا الأثر نقلا عن أحد السلف عن حديث قدسي عن الله عز وجل سبحانه وتعالى .
اسمعوا كذلك يا أخواني هذه الآية المباركة ( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير ) مما جعلكم مستخلفين فيه فالأمر لا نملكه إنما ماذا نملك نملك أننا سنعود إلى الله وأن الله عز وجل هو الوارث .(1/134)
يا إخواني كلكم يدعو الله عز وجل بهذا الدعاء الذي ندعو به دائما ونسمعه كثيرا ( اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا ) وبعدين ( ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ) واجعله الوارث منا هل أدركنا ماهذا المعنى سنعود إليه بعد قليل لكن اسمعوا هذه الآية ( ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله ) طيب أنا لو فهمت أن الأمر سيعود إلى الله وأنه هو الوارث ما التصرف الطبيعي ( فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون )(1/135)
إخواني سلوكيات كثيرة عندنا سوف تتغير وتتبدل لو علمنا وأدركنا البعد في اسم الله الوارث سبحانه وتعالى ما الذي يجعل أحدنا يتردد في النفقة لأنه في شعوره أن هذا المال سيخرج منه ولا يعود وفي شعوره أن هذا المال لن يعود إليه وفي شعوره كذلك أنه هو الذي جمع المال وهو الذي أتى بالمال وهو المتصرف في المال وأن المال ملكه وأنه حر في التصرف فيه وأنه وأنه لكن يوم أن يدرك ، اسمعوا ماذا يقول الله ( ومالكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض ) اسمع هذه الآية المباركة وتنعم بهذا المعنى الجميل ( إنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون ) ويظهر هذا المعنى بجلاء يوم القيامة اسمعوا ماذا يقول الله ( يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) سبحانه وتعالى فالله عز وجل سبحانه وتعالى هو الوارث سبحانه جل في علاه ، السؤال الذي أطرحه دائما على نفسي وأطرحه على إخواني وأخواتي كيف نعيش باسم الله الوارث في حياتنا اليومية نحن نعلم أن الله هو الوارث لكن كيف نعيش به أولا هذا الاسم مقياس لتصرفاتك الحقيقية مقياس لتصرفاتك الدقيقة في الحياة فإذا عرفت أن الله هو الوارث فلتدرك تماما أنك وجسدك وتصرفاتك وحياتك كل شيء أمانة عندك إذا أتقن هذه الأمانة وأحسن إلى هذا الجسد وأحسن إلى من حولك ليعود كل شيء إلى الوارث الحقيقي وهو الله عز وجل أم أنك تريد أن تلقى الله عز وجل بوجه لا يحبه الله أم أنك تريد أن تورث الله عز وجل شيئا لا يحبه الله عز وجل منك الله يرث الحسنات ، السيئات ، الأعمال ، الممتلكات، كل شيء في الوجود فلتعلم انك عائد إليه إذا ستبدأ التصرفات تتغير عندك ، مثال بسيط أنت أيها المدخن هذا اللسان لو أيقنت - كمثال فقط - أن هذا اللسان إنما وجد ليذكر الله وأنه سيورث أي أنك ستأتي به أمام الله عز وجل هل ستواصل هذا الأمر ما أعتقد ذلك أبدا إذا دائما خذ هذه القاعدة أن الله هو الوارث(1/136)
سبحانه وتعالى.
إخواني ووقت الحلقة الآن على النهاية ولا يسعني إلا أن أذكر نفسي وإخواني بأننا سنعود إلى الله عز وجل فلابد من حساب ولابد من وقفة ولابد من تأمل ولا بد من وقوف مع الذات وأستودعكم الله عز وجل سبحانه وتعالى ولكم مني في هذه الساعة الحب ولكم مني في هذه الساعة الدعاء الخالص بأن يحفظنا الله عز وجل وأن نلقاه يوم القيامة وهو راض عنا والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني ( مكة المكرمة - السعودية )
ضيف الحلقة :
أمراض القلب ( كراهية الطاعات )
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.(1/137)
أما بعد فسلام الله عليكم أيها الأخوة المشاهدون ورحمته وبركاته وأسعد الله جميع أوقاتكم وحياكم الله في حلقة جديدة من برنامجكم كلمة مضيئة ، إضاءتنا هذا اليوم ستكون متعلقة بعلامة من علامات مرض القلب مرض القلب آفة وعلة ومصيبة من آثارها على الإنسان الدمار في الدنيا والآخرة ليس مرض القلب كمرض الجسد مرض الجسد بسيط أولا إذا احتسبه الإنسان ورضي به كقضاء وقدر من الله فإنه يثاب عليه من الله عز وجل ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مرض يضاعف له المرض قال ( إني أوعك كما يوعك رجلين منكم ) وكان المفروض بحقه وهو أحب خلق الله إلى الله أن يوعك بتخفيف أو لا يوعك أصلا لكن لأن الله يحبه يضاعف له من الوعكة في المرض من باب التكفير للخطيئة والرفع للدرجة صلوات الله وسلامه عليه وكما قال عليه الصلاة والسلام ( أشد الناس بلاء الأنبياء فالأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على قدر دينه ) فلا تكره أخي يعني إذا جاءك شيء من المرض فإن الله سبحانه وتعالى عدل ولا يمكن أن يبتليك بالمرض إلا وهو يدخر لك عند الله أجرا عليه إذا احتسبته أما الذي لا يحتسب ويتبرم ويتسخط من القضاء والقدر ومن المرض فهذا يحرمه الله الأجر مع ما يناله من المرض فمرض الدنيا قد يكون فيه خير للإنسان أي نعم لكن مرض القلب لا ليس فيه خير للإنسان في أي حال من الأحوال مرض القلب معناته دمار هلاك ليه لأنك لا تستطيع أن تعيش وقلبك مريض الحياة العيشة الإيمانية الصحيحة طيب كيف أنا أدري أن عندي مرض في قلبي هناك علامات وأعراض يوضحها العلماء نتكلم إن شاء الله عن واحد منها وهو أن صاحب القلب المريض تثقل عليه الطاعات ويكره الطاعات ولا يدانيها ولا يحبها لا لأنها ماهي زينة لا الطاعات زينة ولو نظر الإنسان إليها بعين العقل والمنطق وبتجرد لوجد أنه ما من أمر به إلا وفيه خير للإنسان في الدنيا والآخرة وما من أمر حذر الله منه وحرمه إلا وفيه ضرر على الإنسان في الدنيا وفي(1/138)
الآخرة
لكن لماذا النفس المريضة والقلب المريض لايحب الطاعات ليش لا لأنها ماهي طيبة لا ولكن لأنه هو مريض وضرب العلماء على هذا مثالا قالوا إذا وضعت السفرة المملوءة بشتى أنواع الأطعمة الأرز واللحوم والخضار والفواكه والحلويات والأشياء الجميلة ثم جئت في المريض الذي على سريره وقلت له اتفضل اتفضل بالله هل يأكل لا ما يستطيع كل قال والله ما أستطيع ما أقدر ليش الطعام طيب قال لا بس ما أقدر الطعام طيب لكن الرجل مريض كذلك موائد الدين الصلاة الزكاة الصوم الحج البر الصلة الدعوة كل هذه موائد فيها أعظم أنواع الأطعمة القلبية والروحية لماذا صاحب القلب المريض ما يريدها السبب واضح أيها الأخوة السبب واضح هو لا يريدها لأنها ماهي زينة هي زينة لكن لأنه هو مريض القلب ولذا تجد الطاعة دائما ثقيلة على صاحب القلب المريض وإذا مارسها يمارسها بفتور وبمعض وبكسل كما أخبر الله عز وجل عن المنافقين وهم أصحاب القلوب المريضة يقول الله عز وجل ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ) ما يقومون نشيطين لأ ومن علامات الكسل أنه إذا أذن يطالع في الساعة أذن معنى أذن يقوم لأن المنادي يقولك حي على الصلاة حي ما قال ردد وراي ولذا تقول لما يقول المؤذن الله أكبر تقول الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله تقول أشهد أن لا إله إلا الله لكن حي على الصلاة إيش تقول تقول لا حول ولا قوة إلا بالله ما تقول حي على الصلاة لا الإجابة عملية ليست الإجابة لفظية تقول لا حول ولا قوة إلا بالله وتقوم أي نعم لكن المنافق صاحب القلب المريض إذا أذن قال دوبه أذن ما عنه إشراق ماعنده رغبة ما عنده تطلع ما عنده حب لأن يلبي داعي الله فيجلس إلى أن تقرب الإقامة فإذا أقيمت الصلاة ومعه واحد قاله قم قامت الصلاة قال يا شيخ خلنا الإمام يسرع أي نعم الإمام يسرع وما نصل إلا ويكون سلم والمسجد بعيد أي نعم وأنا لسه ما توضيت خلنا نصلي هنا(1/139)
يا شيخ طيب فوتها طيب نصلي الحين قال يا شيخ سمعت المشايخ والعلماء يقولون إن صلاة العشاء آخر شيء آخر الليل أفضل فإيش رأيك نخليها أفضل سبحان الله يبحث عن الأفضل الآن وهو مريض قلب لايريد أن يصلي فيخليها مثلا إلى الساعة واحدة بالليل ويجي الواحدة من الليل يجي يصلي يقوله الشيطان تصلي لا يا شيخ أي نعم والعياذ بالله ليه لأنه مريض قلب ولو كان صاحب قلب سليم لأصبح يبادر إلى طاعة الله وهذا ماكان عليه السلف رحمة الله تعالى عليهم فإنه يؤثر عنهم أشياء ما نكاد نصدقها هذا سعيد بن المسيب إمام التابعين رحمة الله تعالى عليه يقول والله ماخرجت من بيتي يوما إلى المسجد فلقيني الناس وقد صلوا مستحيل ولا نظرت إلى ظهر مصلي منذ عرفت نفسي يعني ما نظر إلى ظهر مصلي يعني ما يصلي في الصف الثاني أي نعم ولا سمعت الأذان من خارج المسجد منذ أربعين سنة ، أربعين سنة ما سمع الاذان من خارج المسجد يسمعه وهو في المسجد ولهذا كان السلف رضي الله عنهم ما ينتظرون أنه يأذن الأذان عندهم الإعلان بدخول الوقت ماهو الإعلان أنكم تجون هم يجون قبل الأذان قلوبهم معلقة معلقة بالمساجد فيجون قبل الأذان لكن اليوم الله المستعان حتى في صلاة الجمعة وقد كنت قبل فترة أصلي الجمعة في مسجد كبير ودعاني الإمام قال لي تعال يا شيخ سعيد صلي بنا الجمعة فجئت وحضرت موضوعا ودخلت من باب الإمام وسلمت وإذا ليس أمامي في المسجد إلا بعدد أصابع يدي وبعدين هدول القدام نايمين كل واحد ماسك عمود يتكئ عليه.(1/140)
هذه علامة من علامات مرض القلب اسمعها أخي واجري فحصا لقلبك واسأل نفسك كيف أنت عند الطاعات هل تحب الطاعات ، هل تقبل عليها هل تبادر إليها أي نعم هذه علامة من علامات صحة قلبك إن كان عندك كسل في القلب وعندك فتور وعندك ضعف ولا تريد الطاعات فاعلم أن هذا من علامات مرض القلب أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعطيك قلبا سليما وسارع في العلاج بالكتاب والسنة قبل أن يكون العلاج في النار ، أسأل الله عز وجل أن يحفظنا وإياكم وأن يهبنا قلوبا سليمة إنه ولي ذلك والقادر عليه وحتى ألقاكم إن شاء الله في حلقة أخرى أستودعكم الله وفي أمان الله وحسن رعايته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ ابراهيم الدرويش ( الرس - السعودية )
ضيف الحلقة :
القرآن ( نور الإسلام )
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وأما بعد فأهلا وسهلا بكم معاشر الأخوة والأخوات وسلام الله عليكم آيتنا لهذه الحلقة هي الآية ال(1/141)
خامسة والعشرون بعد المائة من سورة الأنعام يقول الله تعالى في هذه الآية ( من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) هذه الآية تؤكد وتقدر أن القلب يتسع وينشرح بقدر ما فيه من حقيقة الإسلام بقدر ، كما أنه أيضا يضيق وينكمش بظلمة الشك والنفاق والمعاصي والإلحاد ويؤكد هذه الحقيقة قول الله عز وجل ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين ) لكن هذا النور يكون في القلب بحقيقة الإسلام وليس مجرد مسمى الإسلام فالإسلام له نور ، له حقيقة وله صورة كما أن الأسد له صورة وله حقيقة وشتان بين حقيقته وصورته هل حقيقة الأسد هي كالصورة أبدا هناك فرق كبير كذلك الإسلام له حقيقة وله صورة فهل أنت أخي الكريم تعيش حقا بحقيقة الإسلام أم بصورة الإسلام لتجد هذا النور الذي أخبر الله عز وجل عنه في هذه الآية إذا ليس مجرد مسمى الإسلام هو الذي يجد فيه العبد حلاوة الإيمان ونور الإسلام فشتان بين الحقيقة والصورة إن حياة القلب أو موت القلب أو شقاوته أو سعادته بقدر ما فيه من معاني هذا الدين العظيم اسمعوا لقول الحق عز وجل يقول ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ) الله أكبر آيات القرآن المنزل من فوق سبع سماوات من لدن العليم الخبير بحال هذه النفس الإنسانية ما يسعدها ما يشقيها شتان بين المسلم الصادق وبين الفاجر ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) إذا فأعظم مفاتيح الراحة والأنس والسعادة يا من تبحثون عن الراحة والأنس والسعادة أن تكون مسلما صادقا بإسلامك هذه النعمة العظيمة هذه السعادة الحقيقية هذه وربي هي اللذة(1/142)
الأبدية فالسعادة والحياة الطيبة مطلب للجميع الكل يبذل كل غال ونفيس من أجل تحصيل هذه الراحة ، يخطئ البعض طريق السعادة المال ، الزوجة الجميلة ، السيارة الفارهة، القصر الجميل، السفر،الخضرة، الجلسات ، الأصحاب، أنواع الشهوات، هذه وغيرها من مظان السعادة في حياة الناس لكنها لا تكفي وحدها أبدا بل لا بد من حقيقة الإسلام الإيمان كنز السعادة جنة الدنيا ولو ضاقت عليك الأرض بما رحبت إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة إي والله ألم تسمعوا برجل الإيمان وهو يقول (إنه لتمر في القلب لحظات أقول إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي نعيم مقيم) إنها السعادة الراحة في حياة أكثر الناس يقول ابن سعدي رحمه الله في كتابه الجميل التوضيح والبيان لشجرة الإيمان يقول بعد ذكره لقول الله تعالى ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم ) إذا يقول رحمه الله ومن أكبر المنن أن يحبب الله الإيمان للعبد ويزينه في قلبه ويذيقه حلاوته وتنقاد جوارحه للعمل بشرائع الإسلام ويبغض إليه أصناف المحرمات إلى آخر كلماته.(1/143)
أيها الأخوة والأخوات نعم الراحة والسعادة في الإسلام بل في حقيقة الإسلام ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ) إذا سعادة المؤمن في هذا القلب هذه النفس عندما يذوق القلب حقيقة حلاوة الإيمان وحقيقة الإسلام ومتى يذوق ذلك لما يستشعر عظمة هذا الدين بشموليته وسماحته وهذا الإيمان بحلاوته ولذته وطعمه هذا المعنى العظيم العجيب نور الإسلام الذي يفقده الكثير وللأسف ربما من المسلمين أنفسهم لأنهم ابتعدوا عن حقيقة الإسلام ولم يصبح لهم من الإسلام إلا اسمه أو رسمه ولذلك قال الله عز وجل ( الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) خمس صفات وصف الله بها المؤمنين الصادقين ومن كان على هذا الوصف لم يبق من الخير مطلبا إلا وكان له ولا من الشر مهربا إلا وانصرف عنه ولهذا قال ( أولئك هم المؤمنون حقا) أي الذين يستحقون هذا الوصف على الحقيقة هم أولئك الذين يتصفون بهذه الصفات ثم ذكر ثوابهم الجزيل المغفرة ورفعة الدرجات عند ربهم والرزق الكريم يعني من الرحيم جل وعلا نعم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر هكذا هي شجرة الإيمان إذا أيها الأخوة ليعلم الجميع أنه لا يمكن أبدا للنفس أن تسعد ولا تطمئن إلا بالإيمان بالله كما قال تعالى ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) الله أكبر نور الإيمان بدون الإيمان لا أمن ولا أمان بدون الإيمان يكون الناس وحوش ضارية بدون الإيمان يأكل القوي الضعيف يأكل الناس بعضهم بعضا يسرقون يكذبون يزنون يعقون ينفرط الحبل ينحل العقد لا رقيب و لا حسيب ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) إذا الأمن النفسي الراحة هي قبل الأمن الاجتماعي ، الشرك ظلم ومن المسلمين من شكى ظلمه(1/144)
يجدها في قلبه يحس بها يتجرع آلامها أي والله ظلمك ظلمة الليل يقول كلما أشغلت نفسي بالمسليات وبالشهوات قويت الظلمة نسي هذا وأمثاله أن للطاعة نورا وللمعصية ظلما فهذه الظلمة ظلمة المعصية يجدها في قلبه حقيقة يحس بها كما يحس بظلمة الليل القلق الانطواء الاكتئاب النفسي هي وربي نتاج الوحشة التي يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله ومن ثم بينه وبين الناس ولا سيما أهل الخير منهم وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم فتقع بينه وبين امرأته وربما ولده وأقاربه بل والله ربما وقعت بينه وبين نفسه فتراه مستوحشا حتى من نفسه ولا عجب ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) إذا هذا الضجر هذا الشكوى هذا الهم هذا الغم الضيق القلق الذي يشكو منه البعض من الناس اليوم عذاب في الدنيا وأما الآخرة فكما قال الحق عز وجل ( ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) إن لم يتب إلى الله ويرجع ليعرف حقيقة الإسلام ليعرف أن الإسلام إنما هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص له من الشرك ، الإسلام معاشر الأخوة كم من مسلم يشهد أن لا إله إلا الله لا لم يذق حلاوة الإسلام ولا حقيقة الإسلام ولا طعم الإسلام ليس له من الإسلام إلا اسم الإسلام فقط وكما يقول ابن القيم رحمه الله فليس الفساق الفجرة والظلمة في لذة في هذه الدار وإنما هم يعذبون فيها وفي البرزخ وفي القيامة ولكن سكرت الشهوة وموت القلب حال بينهم وبين الشعور بالألم فإذا حيل بينهم وبين ما يشتهون أحضرت نفوسهم الألم الشديد إلى آخر كلامه ، إلى آخر كلامه رحمه الله.
تفنى اللذاذة ممن ذاق صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار(1/145)
وقد يقع شبهة هنا قد يقول بعض الناس قد قول قائل إذا كان الإسلام من أعظم أسباب الراحة والسعادة فما بال المسلمين يبتلون بأنواع المحن ويكتوون بنار المصائب والفتن ما بال حال بعض المسلمين نرى أحوالهم كما نرى اليوم أقول الدنيا دار ابتلاء وتكليف سنة الله في عباده أن يبتليهم ليميز الخبيث من الطيب ليرفع الدرجات ليرفع درجات الأولياء ينتقم من الأعداء ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) نعم الحياة الطيبة السرمدية والكاملة من كل الوجوه لا تكون إلا في الجنة جنة الآخرة في جنة رب العالمين كما قال ( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ) ما معنى لهي الحيوان أي الحياة الكاملة فحياة الدنيا لا تخلو من المصائب والأكدار والأمراض والآلام والأحزان ونحو ذلك كما قال الشاعر:
طبعت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقداء والأكدار(1/146)
إلا أن المؤمن يختلف عن غيره فعنده إكسير يجعل المحنة منحة والنقمة نعمة والعذاب عذبا والمصائب ثوابا وذخرا عند الله عز وجل وذلك بصبره برضاه بما قدر الله له فتراه يعيش مطمئن البال مرتاح الضمير مستقيم الحال يتقلب بين واحات الإيمان في جنة الدنيا وإن كانت المصائب تحيط به والأمراض تفتك بجسمه نعم والله المؤمن دائما في خير وإلى خير ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن ) نعم للمؤمن الصابر ضحكت إحدى الصالحات عندما أصابتها مصيبة فقيل لها أتضحكين وأنت في هذه الحال قالت أنستني حلاوة أجرها مرارتها وابن تيمية رحمه الله كان في السجن فكان في خلوة ونعمة كما يعبر عن ذلك في أكثر من موضع ويذكر أن الله تعالى فتح عليه من العلوم والمعارف في تلك الفترة ما لم يفتح في غيرها فكان يتمثل بقول الله تعالى ( باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ) بل كان يردد ما يفعل أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري مهما رحلت فهي معي لا تفارقني أنا حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة ، إذا لا يزيد البلاء المؤمن إلا إيمانا وثباتا ولا تزيد المصائب إلا رسوخا وبهاء وتصديقا وتسليما بل لم يبتلى إلا لقوة إيمانه وعظيم توكله ، سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أشد بلاء فقال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة نسأل الله الكريم من فضله ونسأل الله ألا يبتلينا فنحن ضعفاء لكن هكذا أما الذي يلقى المصائب بجزع وقلق فلا تسألن عما يحدث له من شقاء شقاء في الحياة ومن الأمراض الفكرية والعصبية ومن الخوف وقد يصل به إلى أسوأ الحالات وأفظع المعجزات لأنه لا يرجو ثوابا ولا صبر عنده يسليه ويهون عليه نسأل الله أن(1/147)
يرزقنا الإيمان بل والله حقيقة الإيمان وأن يعفو عنا وعنكم عما سلف وكان وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته وإلى لقاء آخر.
الشيخ محمد بن لطفي الصباغ ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
المرأة والأسرة ( القيام بالحقوق كلها هو المطلوب )
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته على يوم الدين.
أيها الأخوة والأخوات مازلنا نتحدث عن هذا النموذج من حياة السلف الصالح كيف كان هذا الجيل المثالي العظيم قائما على الأخوة في الله وعلى التناصح في ما يرضي الله عز وجل وعلى التعاون على البر والتقوى وقد ذكرنا أن سلمان رضي الله تعالى عنه الذي آخى النبي بينه وبين أبي الدرداء زار أبا الدرداء ورأى أم الدرداء متبذلة فقال لها لماذا أنت هكذا فذكرت له أن أبا الدرداء منصرف إلى العبادة ففي الليل هو قائم يصلي وفي النهار صائم لا يأكل و لا يشرب فعندئذ نصح سلمان أبا الدرداء وكذلك يعني في سؤال سلمان أم الدرداء عن حالها لماذا لا تكون متهيئة لاستقبال الزوج في الحقيقة ذكرنا أن من الأمور التي يدعو إليها الشرع أن تتزين المرأة لزوجها حتى ما يعني يتطلع إلى نساء أخريات فعلى المرأة في الحقيقة أن تكون جذابة لزوجها حريصة على أن يكون سعيدا بها في هذا الحديث نجد كذلك الذي ذكرناه تقديم الضيافة فالضيافة والحمد لله هذا شيء موجود في عالم المسلمين مهما كان الإنسان فقير تجد أنه إذا جاءه ضيف يقدم له ضيافة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) فإكرام الضيف هذا من سنن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ويحسن ألا يتكلف صاحب الدار إذا كان في البيت طعام أما إن لم يكن هناك شيء فلا مانع من أن يتكلف مادام قادرا وأن يكون هذا في حدود طاقته.(1/148)
يا أيها الأخوان التكلف هو الذي يسبب البخل لأنه لا يستطيع الإنسان أن يذبح لضيوفه في كل يوم ذبيحة وإذا استطاع ماليا زوجته لا تساعده تقول له إيش طالعت روحنا كل يوم كل يوم بدنا نقدم أما إذا قدم الطعام الذي يأكل منه هو وأسرته هذا ممكن أن يعني يضيف في كل يوم أو في كل أسبوع، أمة الإسلام ورثت هذا الخلق كابرا عن كابر فكذلك من العادات التي أدركناها والتي رأيناها في حديث أبي الدرداء مع سلمان أن الزائر ينام عند هؤلاء الذين يزورهم ولو كان الزائر والمزور من بلدة واحدة وذا فيه مبالغة في التحبب والتواد إذا كان هذا لا يؤذي الذي يزوره الإنسان يعني في زمن قريب كان الناس إذا تزاوروا وتأخرت بهم السهرة ينامون عند المضيفين الذين يضيفونهم.
كذلك يا أخواني الكرام ويا أخواتي الكريمات قضية قيام الليل هذه سنة يقصر بها كثير من الناس وأنا أسأل الله أن يوفقني وأن يوفقكم على إحياء هذه السنة أفضل النوافل صلاة قيام الليل فينبغي أن نحرص عليها وهذا أبو الدرداء كان يقوم الليل كله فسيدنا سلمان قال له لأ نام الآن في أول الليل وفي آخر الليل أقوم أنا وإياك ونصلي ثم نجد أن سيدنا سلمان رضي الله تعالى عنه بين لأبي الدرداء أن هناك حقوقا لابد أن نؤديها جميعا لا يجوز أن يقتصر الإنسان على حق واحد ويضيع الحقوق الأخرى فقال له شوف إن لربك عليك حقا معلشي صوم وصلي أيوا ولكن لا ينبغي أن يحملك هذا على تضييع حقوق الآخرين وإن لجسدك عليك حقا هذا الجسد ربنا عز وجل أعطانا إياه ينبغي ألا نرهقه وألا يعني نتعبه وأن نقوم يعني بما نستطيع وإن لنفسك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا كذلك الزوجة والأولاد هؤلاء لهم حق ينبغي أن يجلس الإنسان معهم وأن يتحدث إليهم وأن يعطي هؤلاء حقهم فلما ذهبوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أقر الرسول عليه الصلاة والسلام كلام سلمان بأن قال صدق سلمان.(1/149)
يا أيها الأخوة والأخوات وهذا لم يكن فقط عند أبي الدرداء بل يبدو أنه كان عند نفر من الصحابة يبالغون في العبادة فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يأمرهم بألا يضيعوا بسبب العبادة حقوقا أخرى المهم أن يستطيع الإنسان أن يقوم بهذه الحقوق بشكل متوازن هناك الجسم هناك الزوجة هناك الوالدان هناك الأولاد هناك الزائر الذي يزورك كل هؤلاء لهم حقوق فما ينبغي أن يقوم الإنسان بحق واحد ويهمل الحقوق الأخرى ، هناك حديث الحقيقة أيضا في الصحيحين في البخاري ومسلم أن سيدنا عبد الله بن عمر بن العاص كان من العباد فسيدنا عمر رضي الله تعالى عنه يعني نصح قال يا بني يعني التفت أيضا إلى الأمور الأخرى لكن عبد الله بقي يعني مصرا على ما هو عليه فأراد أن يزوجه لعل الزوجة يعني تغير من منهجه ونحن نرى في عصرنا الحاضر أن الزوجة تغير كثيرا من عادات الزوج وأحواله فالرسول عليه الصلاة والسلام قال له يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل قلت بلى يا رسول الله قال فلا تفعل صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينيك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا الزور يعني الزوار الذين يزورون مو واحد يجي ضيف زائر ويقوم هو يصلي ويخلي بالغرفة محبوس لا اجلس معه وآنسه وأكرمه و لاتنصرف عنه ولو كان بعبادة ينبغي أن توازن بين هذه الأمور كلها ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام لعبد الله ( وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها ) فإذا ذلك صيام الدهر كله إذا صام ثلاثة أيام وكل يوم الحسنة بعشرة أمثالها بيطلعوا ثلاثين يوم إذا كان في كل شهر يصوم ثلاثة أيام يكون كأنه صام الدهر كله يقول عبد الله فشددت على نفسي فشدد علي قلت يا رسول الله إني أجد قوة قال طيب صم صيام نبي الله داوود عليه السلام ولا تزد عليه قلت وما كان صيام نبي الله داوود قال نصف الدهر يعني صم يوما وأفطر يوما فكان عبد الله يقول بعدما(1/150)
كبر ياليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم ، سيدنا عبد الله بن عمر يقص علينا في أحاديث أخر فيقول أنكحني أبي امرأة ذات حسب وكان أبي يأتي ويتعاهدها ويسألها فسألها عن بعلها يعني سألها عني فقالت نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه قال فوقع أبي علي فقال زوجتك امرأة فعضلتها وفعلت وفعلت وفعلت يقول عبد الله فلم ألتفت إلى ذلك ولما كان لي من القوة على العبادة فذكر أبي ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي وعليه الصلاة والسلام القني به فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن في بيتنا شيء فعندي وسادة حشوها من ليف فألقيتها إلى النبي عليه الصلاة والسلام فما رضي أن يجلس عليها وإنما جلس على الأرض وجعل الوسادة بينه وبين عبد الله بن عمر ثم بدأ إيش يعني يحدثه أن يعني يقلل من الصيام قال له يعني صم من كل شهر ثلاثة أيام قال أستطيع قال صم يوما وأفطر يومين قال أستطيع أكثر من ذلك ثم بعد هذا قال له يعني تصوم صيام داوود كما ذكرنا قال أنا أستطيع أكثر من ذلك فقال ليس أفضل من ذلك ، أفضل الصيام صيام داوود كان يصوم يوما ويفطر يوما ومن صام الدهر فلا صام فلا صام من صام الدهر كأنه ما صام.(1/151)
إذا يا أيها الأخوة ينبغي أن نوازن في حياتنا الآن يتزوج الرجل وتقوم عنده يعني قضية الأم لها حقوق والزوجة لها حقوق فبعض الشباب يعطي حقوق الزوجة وبعضهم يعطي حقوق الأم كل همه، لا ينبغي أن يعطي حق الأم وأن يعطي حق الزوجة وأن يعطي حق الأولاد ما ينصرف يعني إلى نوع من هذه الأنواع من الحقوق ويهمل الحقوق الأخرى وفي السابق كان الناس يكرمون أمهاتهم على حساب الزوجات فيصيبها شيء من الظلم الآن يؤسفني أن أقول أن الأمر انعكس فأكثر كثير من الناس يعطي الزوجة كل الحقوق ويظلم أمه وهذا يعني ظلم كبير لأن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر نسأل الله أن يوفقنا وإياكم على ما يرضيه وإلى لقاء آخر إن شاء الله والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ ابراهيم بن عوض أيوب ( جدة - السعودية )
ضيف الحلقة :
أسماء الله الحسنى ( الظاهر الباطن جل جلاله )
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، اللهم لك الحمد حمدا كما تحب وترضى اللهم لك الشكر شكرا نبتغي به المزيد اللهم حضرنا في هذه الساعة لنذكرك فاذكرنا اللهم نحن هنا من أجل شكرك فزدنا اللهم نحن هنا من أجل أن نثني عليك يا ربنا فارفع قدرنا اللهم لا إله إلا أنت المتوحد بصفات الكمال والجلال والجمال.(1/152)
إخواني وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يتجدد اللقاء مرة أخرى في حلقة جديدة من هذه الحلقات المباركات وكيف لا تكون كذلك والكلام عن الله والكلام عن ذا الجلال والإكرام الله سبحانه وتعالى ، اليوم يتجدد اللقاء في اسم جديد من أسماء الله الحسنى( الظاهر الباطن ) جل في علاه اسمان مقترنان لا نستطيع الفصل بينهما أبدا (الظاهر الباطن ) سبحانه وتعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ) سبحانه وتعالى إخواني الظاهر الباطن ما الشعور الذي ينتابنا الساعة عندما نتكلم بهذا الاسم ما المشاعر التي جاءت إليك عندما سمعت أن الله هو الظاهر أن الله هو الباطن سبحانه وتعالى دعني أخبرك عما يجول في خاطري الآن الظاهر لعيون الأرواح الظاهر سبحانه وتعالى للأبصار الظاهر سبحانه وتعالى للبصائر وليس للأبصار الظاهر سبحانه وتعالى من خلال مخلوقاته من خلال دلائله من خلال الحجج من خلال البراهين من خلال البينات كل شيء في هذه الحياة ينطق بأن الله واحد بأن الله أحد بأن الله سبحانه وتعالى لا إله إلا هو ظاهر ولكنه غيب عنا ، اسمعوا رحمكم الله جميعا هذه الآية ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال ربي أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) الظاهر الباطن سبحانه وتعالى الظاهر الباطن المعنى يظهر جليا واضحا في هذه الآية المباركة في هذه الآية العظيمة دلائل قدرته وعظمته وجلاله وسلطانه وملكه وجبروته سبحانه وتعالى ظهرت عندما اندك الجبل ولكنه لا يرى سبحانه وتعالى فهو الباطن جل في علاه ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) سبحانه وتعالى محجوب عن عين الرأس ظاهر لعين القلب جل في علاه سبحانه وتعالى .(1/153)
إخواني من معاني الظاهر أنه هو الغالب لذلك يقول الله عز وجل ( فأصبحوا ظاهرين ) بمعنى فأصبحوا غالبين بمعنى أصبحوا منتصرين ظهر الأمر بمعنى أنه غلب سبحانه وتعالى كذلك من معاني الظاهر أنه العالم بما في السرائر وأنه العالم بما يدور في الخفايا لأنه ظهر عن السر وغلب عليه فعلمه سبحانه وتعالى يقولون ظهرت على سره إذا علمته وكشفته فهو الظاهر سبحانه وتعالى بهذا المعنى.
إخواني الاسمان مقترنان لا نستطيع الفصل بينهما فالظاهر إذا قلنا فقط أنه الظاهر هذا لا يليق بالله عز وجل لأن من صفات الكمال سبحانه وتعالى أنه غيب ومن صفات الجمال أننا نشتاق إلى رؤيته في الآخرة ( وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناظرة ) يتجلى لنا سبحانه وتعالى في الآخرة أما في الدنيا فهو غيب عنا فهو باطن أما ما ظهر منه سبحانه وتعالى وليس من ذاته إنما ظهرت الآيات ظهرت الحجج ظهرت البراهين ظهرت الأدلة على أنه هو الواحد على أنه هو الحق على أنه سبحانه وتعالى هو المقتدر على أنه سبحانه وتعالى هو الحكيم كل الأسماء والصفات تظهر جلية واضحة في خلقه فهذا النبات الذي تشاهده وذلك الحيوان الذي تراه وذلك الطائر الذي يطير بجناحيه كلها تدل على ماذا؟ على أنه البديع سبحانه وتعالى فظهر الإبداع في خلقه وظهر الإبداع والحكمة في خلقه لكنه سبحانه وتعالى هو الباطن لأنه غيب عنا جل في علاه.(1/154)
إخواني هذا المعنى الجميل هذا المعنى اللطيف إذا جئنا نطبقه في حياتنا اليومية كيف يكون ذلك كيف نتعبد الله بهذا الله تكون في أجمل صورك وأنت تدعو الله عز وجل يقول الله عز وجل ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) تخيل وتأمل نفسك ترفع يديك لله عز وجل تدعو الله تلح في الدعاء وهو غيب عنك سبحانه وتعالى لكنك في تلك الساعة في قرارة نفسك أقرب ما يكون الله منك سألتك بالله أليس هذا هو الشعور بلى لذلك ماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء ) أنت في تلك اللحظات وأنت ساجد والله عز وجل سبحانه وتعالى مستو على عرشه جل في علاه تدعو الله وتنزه الله وتسبح الله وتعظم الله وتجل الله سبحانه وتعالى في تلك اللحظات الشعور الذي يأتيك أن الله ظاهر عندك في داخلك بمعنى أنك تستشعر قوته وعظمته وقربه منك وجلاله سبحانه وتعالى وأنه قادر وأنه سبحانه وتعالى سميع وأنه بصير وأنه سيجيبك وأنه يسمعك إذا هو ظاهر بالنسبة لك ولكنه باطن لأنه غيب عنا سبحانه وتعالى مستو على عرشه استواء يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وكماله سبحانه وتعالى إذا تأملتم أنت في أجمل صورك وأنت تدعو الله في أكمل صورك وأنت تدعو الله تتعبد الله باسمه الظاهر باسمه الباطن سبحانه وتعالى.(1/155)
كذلك يا إخواني عندما نريد أن تعبد الله بهذا الاسم فالله الظاهر بمعنى أنه الغالب سبحانه وتعالى بأنه الغالب سبحانه وتعالى ظاهر في أمور كثيرة هذه الغلبة واضحة في أمور كثيرة في حياتنا اليومية سواء على مستوى الفرد ، على مستوى الجماعات، على مستوى الأمم اقرأ في كتاب الله عز وجل لتدرك هذه المعاني ولتدرك هذه الأبعاد العظيمة بأنه هو الظاهر الباطن سبحانه وتعالى ، انتقامه ظاهر غلبته ظاهرة لكنه باطن لأننا لا ندرك و لا نفهم كنه ما فعله الله عز وجل سبحانه وتعالى ليكون ظاهرا أي ليكون غالبا نعم الله عز وجل سبحانه وتعالى كما قال جل في علاه (والله خير الماكرين) سبحانه وتعالى جل في علاه وكذلك عندما نريد أن نستشعر هذا المفهوم وهو قضية أن الله ظاهر بمعنى أنه عالم بمعنى أنه عليم بمعنى أنه غالب على أمره سبحانه وتعالى ، تأمل قصة يوسف من بدايتها إلى نهايتها قصة من أولها إلى آخرها الله سبحانه وتعالى لطيف جل في علاه لطيف منذ اللحظة الأولى إلى آخر لحظة بشيء من الخفاء التام ومن السر التام والخلق لا يدركون ما يفعله الله سبحانه وتعالى تتحول الإحن والمحن على منح وكرامات ورحمات وبركات أنت في حياتك اليومية نماذج كثيرة من هذا النوع لكن ربما لا تقف على هذه المعاني إذا الله جل في علاه ظاهر باطن سبحانه وتعالى.(1/156)
إذا أردت أخي الحبيب أن تتعبد الله وتحصي هذا الاسم فعلم أبناءك بأن الله عز وجل سبحانه وتعالى باطن بمعنى أن نصل إلى الحقيقة في ذات الله هذا لا يمكن أن يكون لأحد من البشر لأنه باطن سبحانه وتعالى غيب عنا سبحانه وتعالى (تفكروا في مخلوقات الله ولا تتفكروا في ذات الله) حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا نستطيع التفكر في ذات الله لنصل إلى أن هذه العقول لأن هذه العقول مصممة لا تعرف إلا أمور محددة أمور مقيدة أمور معينة لكن الله عز وجل سبحانه وتعالى أمره أعظم وأمره أجل لذلك يا إخواني النبي صلى الله عليه وسلم عندما تعبد الله بكل هذه الأسماء وبكل تلك الصفات وصل به الأمر أنه ارتقى وتجلى في كثير من هذه الأسماء ما بين الكمال والجمال والجلال وصل به الأمر انه يقول في النهاية ( لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ونحن نقول كذلك سبحانك ربنا أنت الظاهر أنت الباطن لا أنت الباطن سبحانك يا رب سبحانك يا رب الظاهر الباطن لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، إخواني وقت الحلقة على وشك الانتهاء فأقول وأنا أتألم لفراقكم لكن سنلتقي في لقاء آخر بإذن الله عز وجل أقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولكم مني الحب والدعاء وصلى الله وسلم على نبينا محمد وبارك الله فيكم جميعا.
الشيخ عبد الوهاب الطريري ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ( سماحته في الدعوة عليه السلام )
موضوع الحلقة :(1/157)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله أيها الأخوة والأخوات والأبناء والبنات مع لقاء يتجدد ، يتجدد فنخرق فيه حقب الزمن وحقب التاريخ ونرحل بأرواحنا إلى هناك لنكون مع رسول الله مع أنفاس النبوة وأنوار الرسالة نحضر قلوبنا ونعطر أسماعنا ونحيي أرواحنا مع رسول الله داعيا ولكن قبلا (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صلي وسلم وبارك أطيب وأزكى صلاة وسلام وبركة على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، مع الرسول داعيا فإلى هناك إلى حلقة ومجلس نبوي يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيف به أصحابه كما تحيط الهالة بالقمر أصحابه حوله يقبسون من نوره ويهتدون بهداه وإذا بأعرابي يدخل المسجد أعرابي آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الإيمان في قلبه أما علمه فقليل وفقهه قليل لكن القلب عامر بالإيمان وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فلما فرغ من صلاته وأقبل يدعو وإذا حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاضر في دعائه ولكن مع فقه قليل فدعا الله وقال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فأشرق الوجه الكريم بابتسامة التعجب وقال لهذا الأعرابي لقد تحجرت واسعا فرحمة الله وسعت كل شيء فلا يتحجرها على الأعرابي حتى ظن أنها لا تتسع إلا له ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن غلبه حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم اخطأ في دعائه فعلمه خير معلم للناس الخير يوم قال له لقد تحجرت واسعا لأن رحمة الله وسعت كل شيء وكما أخطأ هذا الأعرابي في دعائه أخطأ أيضا خطأ سلوكي ثاني فإنه لما وجد حاجة إلى قضاء حاجة الإنسان إلى البول فعل كما يفعل الأعراب في نواديهم قام فمشى غير بعيد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس يقضي بوله وعجب الصحابة وهم يرون هذا الأعرابي يريق بوله في المكان المطهر حيث الصلاة والذكر وقراءة القرآن إنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه يصلون وعلى أرضه يسجدون فجعلوا يبادرون(1/158)
الأعرابي ويقولون مه مه وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يقطع على الأعرابي بوله ولكن يقطع عليهم إنكارهم على الأعرابي ونهيهم له فيخاطبهم قائلا لا تزرموه دعوه ثم يعقب بكلمة عظيمة بليغة جميلة معبرة ماهي ماهي ( إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين دعوه فلما فرغ الأعرابي من بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدلو ماء فأريق على مكان بوله ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا البول و القذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن فقال هذا الأعرابي بعد أن فقه وعلم وتعلم قال وقد أخذ بقلبه هذا المشهد المؤثر بأبي هو وأمي رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ والله ما نهرني ولا كهرني فصلوا وسلموا على خير معلم للناس الخير ، اللهم صلي على محمد وعلى آله.(1/159)
أيها الأحباب دعوني أسترجع وإياكم هذه الكلمات الجميلة العظيمة والنبي يعلم أصحابه وفي أثناء تعليمه يلقي في روعهم معنى بليغ فيقول لهم ( إنما بعثتم) إنما بعثتم فهل يا ترى كان جبرائيل يتنزل على أبي بكر أو يتنزل على عمر أو يتنزل على أبي هريرة أو على جابر بن عبد الله هل كان جبرائيل يتنزل عليهم بالوحي حتى يقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثتم ) ما بال النبي صلى الله عليه وسلم يسند البعث إليهم ويقول ( إنما بعثتم ) مع أنه صلوات الله وسلامه عليه هو المبعوث أي معنى يرومه صلى الله عليه وسلم حينما يخاطبهم وكأنما هم المبعوثون فيقول ( إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) لم يقل لهم إنما بعثت ولكن قال إنما بعثتم أي معنى يبتغيه وأي معنى يربيهم عليه وهو يصوغ العبارة هذه الصياغة ويسبك الجملة هذا السبك تعليم نبوي بليغ إشارة لطيفة لكن نفوس الصحابة كانت فقيهة تتفقه في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وتتبع معانيه وتحرس حروفه بل كلماته الرسول يقول لهم ( إنما بعثتم ) إذا فكل منهم وعى وفقه أنه مبعوث بما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رسالته فيتحمل مسئولية بلاغها والدعوة إليها حتى لكأنما هو مبعوث بها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقه الصحابة هذا المعنى علموه تسربت به نفوسهم دعونا نرى ، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لحق بالرفيق الأعلى وزحفت زحوف الصحابة في معارك الفتوح تفتح البلاد وتفتح القلوب وواجه الصحابة جيوش كسرى ودعا قائد الفرس رجلا من المسلمين ينظر ماهي قضية هذا الجيش الذي وصلهم في فارس ليقاتلهم إن لم يفتحوا له البلاد ليبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل سعد بن أبي وقاص وكان قائد الجيوش رجلا اسمه ربعي بن عامر بصفة الأعراب وهيئة الأعراب ذهب ربعي بن عامر ليقابل قائد الفرس بهيأته كما هي لم يتذوق ولم يتصنع ولم يسرح شعره ويصلح هيئته(1/160)
ذهب وقد شد شعره كان شعره كثيفا فشده فقامت شطون شعره كأنها رؤوس الأوعال وجاء يقابل قائد الفرس فسأله قائد الفرس سؤالا محددا ما جاء بكم ، ما جاء بكم جيش زاحف من عمق الجزيرة إلى تخوم فارس ماهي قضيته هل هو يريد أن يصيب مالا يعطيه مالا هل هو يريد أرضا يفاوض على الأرض ماهي قضيته ما جاء بكم فلنستمع إلى قضية هذا الجيش الذي قادته الصحابة وجيشه أهل الإسلام اسمع ودقق في الحروف التي نطقها ربعي بن عامر قال وهو بين يدي قائد الفرس يطرح قضيته ومهمته فيقول (إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام) إن الله ابتعثنا لنخرج العباد إن الله ابتعثنا رسول الله يقول ( إنما بعثتم ) ربعي يقول ( إن الله ابتعثنا ) الرسول يقول (لم تبعثوا معسرين ) ربعي يقول ( إن الله ابتعثنا ) كيف فقه الصحابة هذا الفقه إنها نفوس في غاية الشفافية كأنما انطبعت كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبهم ففقتها نفوسهم ووعتها ولذلك عبر ربعي بذات التعبير ( إن الله ابتعثنا ) هكذا كانوا كل منهم يستشعر أنه تحمل مسئولية رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كأنما هو قد بعث بها ولذلك ما إن لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى ونفض الصحابة أيديهم من تراب قبره الكريم حتى انداحت جموعهم في جزيرة العرب لتتفرق على القارات الثلاث وإذا الصحابة الذين كان يجمعهم مسجد واحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بهم تتناثر قبورهم بين قارات العالم القديم فمنهم من دفن في أوربا ومنهم من دفن في إفريقيا ومنهم من دفن في آسيا عصابة كانت خير عصابة على وجه الأرض يجمعهم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تناثرت قبورهم بين قارات العالم الثلاث وما ذاك إلا لأنهم تحملوا بلاغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاموا بمسئولية الدعوة إلى دينه فكان كل منهم(1/161)
يستشعر هذا المعنى بوضوح وجلاء لا لبس فيه أنه مبعوث بما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم فيا كل مسلم يا كل أخ يا كل أخيه يا كل ابن يا كل بنت هل نعي نحن أيضا أننا مبعوثون بما بعث به نبينا صلى الله عليه وسلم وأننا نتحمل مسئولية بلاغ دينه والدعوة إلى رسالته فنجعل من أنفسنا يجعل كل منا نفسه رسولا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوثا بما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتحمل يتحمل كل جيل من المسلمين مسئوليته أمام أجيال البشرية ببلاغ رسالة الله والدعوة إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبدأ من دوائرنا الصغيرة من بيوتنا من مجتمعاتنا من مدنا من دولنا دوائر تنزاح لتشمل العالم كله مبلغة رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم مبشرة بدينه مبعوثة بالبشرى فإنما بعثنا مبشرين ميسرين مبعوثة باليسر فإنما بعثنا ميسرين محررة للعالم من العسر فإنا لم نبعث معسرين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ محمد بن لطفي الصباغ ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
المرأة والأسرة ( مواجهة الانحراف في البيت واجب الأبوين )
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.(1/162)
أيها الأخوة والأخوات إن كل مسلم ومسلمة مطالبان بأن يواجهوا الانحراف وينكروه ويعملوا على إصلاحه الانحراف أينما يواجهه المسلم يجب عليه أن يقول كلمة الحق والرسول العظيم صلوات الله وسلامه عليه يقول ( بلغوا عني ولو آية ) أنت لا تعرف إلا آية واحدة بلغها لمن تقابله من الناس لأن أمة الإسلام يا أيها السادة أمة رسالة هي تحمل رسالة إلى الناس أن يوحدوا الله وأن يعبدوه وحده لا يعبدون معه سواه وأن يتخلقوا بالأخلاق الكريمة التي جاء بها هذا الدين العظيم ، الحقيقة بواعث الانحراف كثيرة لكن أهمها الشيطان ، الشيطان الذي حذرنا الله تبارك وتعالى منه ونهانا عن أن نتبع خطواته وبين لنا أنه قد يعدنا الفقر ويأمرنا بالفحشاء ويزين لنا المعاصي فينبغي أن نكون على حذر منه ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) ومع الأسف الآن الشيطان يعني آخذ راحته يركب كثيرا من الناس ويقودهم إلى ما يريد من الضلال والانحراف والشياطين ليسوا فقط من الجن بل هناك شياطين من الإنس و والله في كثير من الأحيان هؤلاء شياطين الإنس ألعن وأسوأ بكثير من شياطين الجن وقد نبهنا الله تبارك وتعالى وأمرنا أن نستعيذ به من هؤلاء من الجن ومن الناس ( قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ) شياطين جن وشياطين من الناس ويقول وعز من قائل ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) هؤلاء شياطين الإنس وشياطين الجن يخترعون وسائل ويجددون في أساليب الإغواء ( يابني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) حذرنا ربنا وهؤلاء الشياطين الذين يتعاونون شياطين الإنس وشياطين الجن يخترعون وسائل من أفظع الوسائل التي اخترعوها في الأزمنة الأخيرة هذه المحطات الفضائية وهذا التلفاز وهذه(1/163)
الأفلام الإباحية والعياذ بالله وسائل فتاكة في خلق الأمة وفي دينها وفي قيمها ، البيت المسلم نحن نتحدث عن الأسرة المسلمة بشكل خاص البيت المسلم والأسرة المسلمة معرضة إلى الهدم وإلى الإفساد عن طريق هؤلاء الشياطين من الإنس والجن.
البواعث الأخرى الشهوات المحرمة الرسول عليه الصلاة والسلام يعرض لنا صورة صورة معبرة جدا يقول ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) النار الطريق إليها طريق مملوء بالشهوات التي تميل إليها النفس ولكن هذه الشهوة وإن كانت تجلب لصاحبها اللذة ولكنها تنتهي به إلى الشقاء الأبدي ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) ويقول الله عز وجل ( ومن أضل ممن اتبع هداه بغير هدى من الله ) الهوى الذي يسيطر على الإنسان ليكون متبعا لشهواته هذا ينتهي به إلى النار كذلك من بواعث الانحراف النفس الأمارة بالسوء إن النفس لأمارة بالسوء إلا مارحم ربي ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) إذا النفس أيضا هذه النفس التي يعني تدعو صاحبها إلى أن يحقق كل ما تريد من الشهوات والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني هذا العاجز هو عجز لأن إرادته انهزمت أمام هواه فهو كلما تهوى نفسه شيئا يقول لها يا الله اتبعي هذا الشيء حتى تصلي إليه وبعد ذلك يتمنى على الله لو يقول والله بدي أدخل الجنة ولك منين بدك تدخل الجنة وأنت قد قطعت كل الأسباب التي توصلك بالله والتي تنتهي بك إلى الجنة.(1/164)
الأمر الباعث الأخير الذي أريد أن أذكره هناك بواعث أخرى قرناء السوء يا أيها الأب ويا أيتها الأم انتبهوا إلى أصدقاء أولادكم قرناء السوء هؤلاء هم الذين يقودون من يصاحبهم إلى النار ( ويوم يعض الظالم على يديه يقول يل ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتاه ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا ) هذا الذي كان في الدنيا يتخذ الرجل المنحرف خليلا يولول يوم القيامة يا ويلتاه لكن ماذا يفيده هذا إنه في العذاب المقيم والعياذ بالله ( وكان الشيطان للإنسان خذولا ) هذا الحقيقة قرناء السوء هذا الأمر يحتاج من الأب والأم أن يراقبوا أبناءهم وبناتهم وأن يتعرفوا إلى أصدقاء هؤلاء وأصدقاء أولئك في بعض البلاد يقولون مثل صحيح يقولون ( الصاحب ساحب ) إما أن يسحبه إلى النار وإما أن يسحبه إلى الجنة بل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) لا بد أن يتأثر الإنسان السوي لا بد أن يتأثر هذا الصديق يعني مثلا والعياذ بالله يمارس المخدرات يتعاطى المخدرات في أول الأمر صديقه يتوقف عن مشاركته في هذا المنكر ولكن هذا في الأول ثم إذا استمر على معاشرته يهون الأمر عليه ثم يقدم عليه إذا ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) نحن مسئولون في نطاق الأسرة عن هؤلاء الأولاد الذين أكرمنا الله بهم ويقول عليه الصلاة والسلام ( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) لا تصاحب إلا مؤمنا واضحة و لا يأكل طعامك إلا تقي يعني لماذا الناس يدعو بعضهم بعضا على الطعام ليوثق عرى المودة ولتكون هذه الصداقة صداقة متينة وإلا الناس يأكلون في بيوتهم وربما كان طعام الإنسان في بيته أطيب من طعام الذي يدعوك لكن عندما يدعى يشعر بعاطفة نحو هذا الذي دعاه فإذا كان هذا الذي تدعوه أنت إلى طعامك إنسانا منحرفا تكون قد وثقت صلتك بهذا الإنسان المنحرف.(1/165)
الانحراف يكون في البيت كما يكون في المدرسة وفي السوق وفي المجتمع و أحيانا يكون في المسجد إذا الانحراف موجود يكون في البيت والرجل والمرأة مسئولان عن تقويم هذا الانحراف ودور الأبوين دور كبير جدا في التربية و لا بد من أن يتعاون الأبوان على معالجة هذا الانحراف ا ينبغي أن يكون واحد يبني والآخر يهدم عندئذ لا يكون هناك فائدة لا بد من أن يتعاون الأبوان على معالجة الانحراف هناك أمثلة عديدة على الانحراف الذي يكون في الأسرة في البيت عند الأولاد مثلا التدخين التدخين حرام ، حرام لأنه ثبت ضرره 100 % مو قضية احتمالية لا ولسنا نحن المسلمين الذين نقول هذا الكلام كل الدنيا الآن تقول إن التدخين ضار ومؤذي وسبب للسرطان والعياذ بالله تعالى وسبب لأمراض أخرى كذلك المخدرات وأهم من هذا وهذا الانحراف في العقيدة والعياذ بالله فليتنبه الأبوان المسئولان عن هذه الأسرة فهما مسئولان بين يدي الله عز وجل عن هؤلاء الأولاد نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم إلى ما يرضيه وإلى لقاء آخر إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ إبراهيم بن عوض أيوب ( جدة - السعودية )
ضيف الحلقة :
أسماء الله الحسنى ( اسم العلي جل جلاله )
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.(1/166)
إخواني وأخواتي أحييكم بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسأله جل في علاه في هذه الساعة الطيبة المباركة وفي هذه الدقائق الطيبات أن نذكره وأن نشكره وأن نعبده وأن نحسن الثناء عليه سبحانه وتعالى حيث أننا في معرض الحديث عن أسماء الله الحسنى نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول ( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة ) أسأل الله العلي العظيم الكريم الجواد الحليم الودود الرؤوف أن يجعلنا وإياكم الساعة الساعة من أهل الجنة أن يجعلنا وإياكم الساعة الساعة من أهل الجنة وأن ينظر إلينا الساعة بعين الرضا وأن يجعل ضيافتنا عنده الساعة هداية لا نضل بعدها أبدا آمين.(1/167)
إخواني وأخواتي نقف اليوم مع اسم الله سبحانه وتعالى ( العلي جل في علاه ) العلي جل في علاه لا إله إلا هو عندما أذكر هذا الاسم فإنني أستشعر العظمة والجلال والكمال والسمو والعلو تشعر أن كل شيء صغير أن كل شيء ليس له معنى إلا ذلك الجلال وذلك الكمال سبحانه وتعالى إخواني الإنسان قد خلق وفطر على أنه يحب الكمال ويحب العلو ويحب الجمال وهذه النفس لا يمكن أن تشبع و لايمكن أن يلم الشعث الذي في نفس الإنسان إلا إذا ركن إلى ركن شديد إلا إذا تعلق بالعلي بالعظيم بالكبير المتعال سبحانه وتعالى ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( سبح اسم ربك الأعلى ) هذه الآية كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها كثيرا لأنه يستشعر فيها عظمة الله سبحانه وتعالى 0 سبح اسم ربك الأعلى ) وأنت في السجود وأنت في لحظات الانكسار والافتقار والإخبات بين يدي الله عز وجل تذكره بأعظم الصفات بصفة العلو ( سبح اسم ربك الأعلى ) الذي سبحانه وتعالى استوى استواء يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه استواء يليق به استوى على عرشه سبحانه وتعالى ( الرحمن على العرش استوى ) ،أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة و لا نوم له مافي السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم و لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض و لا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم ) تدبروا هذه الآية تأملوها جيدا فالله قد وصف نفسه بالحياة أولا وبأنه هو القيوم سبحانه وتعالى وبعد ذلك استعرض الله سبحانه وتعالى في هذه الآية المباركة السماوات الأراضي الملائكة الشفاعة لا أحد يتدخل في حكمه و لا في ملكه سبحانه وتعالى إلا بإذنه وفي خضم هذه الآية ندرك علم الله عز وجل سبحانه وتعالى ثم بعد ذلك السماوات العرش الكرسي عظمة فيها من الجلال والكمال ما الله به عليم ثم تختم الآية (وهو العلي العظيم) وهو العلي(1/168)
العظيم سبحانه وتعالى.
إخواني وأخواتي إذا أردنا أن نعيش حياة فيها السكينة فيها الكمال فيها الجمال فو الله لا حياة لنا إلا أن نتعلق بالعلي والعلو بالنسبة لله عز وجل علو في المكان استوى على عرشه علو في الزمان هو الأول ليس قبله شيء وهو الآخر ليس بعده شيء سبحانه وتعالى وعلو في الذات في الكمال في الصفات فسبحانه وتعالى إن تكلمت عن الحياة فهو العلي في حياته فهو الحي سبحانه وتعالى ليس حياته كحياة المخلوقين هو القيوم سبحانه وتعالى هو المجيد سبحانه وتعالى إذا لك أن تتأمل هذه المعاني العظيمة في علو الله سبحانه وتعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ذلك بأن الله هو الحق وأنما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ) ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير ) ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ) ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا عن الله كان عليا كبيرا ) وهنا يظهر المعنى الجميل كيف نتعبد الله عز وجل باسمه العلي ويعطينا بعدا اجتماعيا بعدا رائعا فالأمر ليس بأن نعرف وأن نعلم بأن الله علي سبحانه وتعالى ولكن انظروا كيف يقع الظلم بين الخلق انظروا كيف يقع كثير من أنواع الظلم بين الناس وخاصة من الرجل لزوجته أو العكس (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) هذه المرأة ربما تكون تحت رجل ظالم رجل مستبد هنا نذكره بعلو الله بأنه سبحانه وتعالى ( إن الله كان عليا كبيرا ) ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ) هذا من علو الله سبحانه وتعالى من سيطرته سبحانه وتعالى من هيمنته جل في علاه أنه العلي أنه الحكيم يوم أن يرسل الرسل يوم أن يوحي إلى الرسل سبحانه(1/169)
وتعالى وفي كل وقت وفي كل زمان هو العلي الحكيم.
قصة معلومة لديكم في غزوة من غزوات نبيكم صلى الله عليه وسلم وكان معه أبو بكر وعمر رضي الله عنهم رضي الله عنهما ورضي الله عنهم جميعا فإذا بأحد الكفار يأتي ويقف وينادي ويقول أفيكم أبو بكر فيأمرهم النبي صلى اله عليه وسلم ألا يجيبوا أفيكم عمر كذلك ألا يجيبوا وان لا يتكلموا وعندما تبجح هذا الكافر وزاد فقال اعلوا هبل اعلوا هبل هنا صلى الله عليه وسلم يأمر الصحابة أن يردوا الله أعلى وأجل ، الله أعلى وأجل ، الله أعلى وأجل لأن في هذا الموقف لا بد من إشعار الصحابة رضوان الله عليهم بعلوه سبحانه وتعالى وهو العلي جل في علاه ما أحوجنا أن نتعلم هذا المعنى العظيم أن نعلم أولادنا وأن نعلم أزواجنا وأن نعلم مجتمعنا وأن نربي أنفسنا أن الله هو العلي مهما حدث أن الله هو العلي سبحانه وتعالى الذي استوى على عرشه يرى ويسمع سبحانه وتعالى يبصر ويسمع سبحانه وتعالى يعلم جل في علاه إذا هو العلي في ذاته العلي في عظمته العلي في جبروته العلي في كبريائه العلي في حكمه العلي في كل صفة من صفاته وفي كل اسم من أسمائه سبحانه وتعالى ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ) تأملوا كيف استشعر الملائكة علو الله ومتى قالوا ونطقوا بهذا الاسم استشعروا هذا المعنى لتدركوا معنى العلو في بعد جديد ( و لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ) تأملوا كيف فهم الملائكة وأدركوا معنى العلو في هذه الآية العظيمة.(1/170)
إخواني وأخواتي أدركنا وعلمنا أن الله هو العلي فانتبهوا لظلم العباد وانتبهوا أن تتعاملوا مع الخلق بجبروت وعلو وسطوة فإنه هو العلي سبحانه وتعالى كيف نشعر بهذا الاسم في حياتنا اليومية المقولة المشهورة تقول ( تخلقوا بكمالات الله ) فمن كمال الله العلو فالله عز وجل يحب معالي الأمور و لا يحب سفاسف الأمور و لا يحب الدناءة في الأمور يحب إذا كنت ذو همة أن تكن ذو همة عالية لأنه هو العلي سبحانه وتعالى يحب إذا صنعت أمرا أو فعلت شيئا أن تكون عاليا في هذا الأمر أن تكون سباقا فيه أن تكن لك صفات واضحة جلية علية يشار إليك فيها هكذا يتخلق المؤمن بكمالات الله سبحانه وتعالى و لا شك فرق بين كمال الله وفرق بين كمال الخلق و لا كمال للخلق إلا أن يكملهم الله و لا جمال لهم إلا أن يجملهم الله و لا علو لهم إلا أن يعلي الله عز وجل قدرهم فمن كان يريد علوا فليتعلق بالعلي ومن كان يريد كمالا فليتعلق بالكامل ومن كان يريد حياة فليكن مع الحي سبحانه وتعالى.
إخواني وأخواتي الكلام عن العلي جل في علاه كلام لا ينتهي وليس له حدود لأنه العلي سبحانه وتعالى ولكنني أتوقف عند هذا الحد وأستودعكم الله ولكم مني الحب والدعاء وأصلي وأس
الشيخ إبراهيم الدويش ( الرس - السعودية )
ضيف الحلقة :
تدبر القرآن ( زوال الدنيا )
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه سلام الله عليكم ورحمته وبركاته(1/171)
.نقف اليوم مع الآية الرابعة والعشرين من سورة يونس يقول الله تعالى ( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ) الله عز وجل ضرب مثلا لزهرة الحياة الدنيا هذه الحياة التي نحن نعيشها زينة الحياة سرعة انقضائها وزوالها بالنبات الذي أخرجه من الأرض بما أنزل من السماء ، المطر ينزل على الأرض فيخرج فتأكل الأنعام منه ويأكل الناس من زروع الثمار على اختلاف أنواعها وأصنافها حتى إذا أخذت الأرض زخرفها أي زينتها زينتها لكنها زينة فانية خرج الأرض الربيع ما أجمله الأزهار حسنت بما خرج منها من زهور مختلفة الأشكال والألوان وظن أهلها الذين زرعوها وغرسوها أنهم قادرون عليها أي على حصادها فبينما هم كذلك إذ جاءتها صاعقة فجأة أو ريح باردة فأيبست أوراقها أتلفت ثمارها ولهذا قال تعالى :(1/172)
( أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا ) أي يبسا بعد الخضرة بعد النضارة ثم قال ( كأن لم تغن بالأمس ) أي كأنها ما كانت حسناء ما كأنها كانت بهذا الجمال أين الأزهار أين الخضرة (كأن لم تغن بالأمس ) أي كأن لم تعش كأن لم تنعم ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ) الزخرف قالوا الذهب وقالوا أنه يشبه يشبه به كل ماهو جميل أو مزور أو مموه ومعنى أن الأرض أخذت لون حسن يشابه هذا اللون مثل الذهب أو ربما يشابه بعض الأحيان الياقوت بحسب أنواع مافي هذه الأرض من سنابل من غيرها أي نعم إنما مثل هذا الأمر التفاخر تفاخر بالحياة الدنيا بزينتها بالمال بالبنين يصير ذلك فجأة للفناء ، فلان عنده مجموعة أو عنده أموال كثيرة وفجأة زال هذا المال فلان يملك العقار ويملك المصانع ويملك الدنيا ما شاء الله فتح الله عليه فتحا عظيما وإذا ربما به فجأة يصبح من المفلسين لا شيء عنده ربما فلان عنده من الولد وعنده من البنات سبحان الله حادث وإذا بالأولاد والبنات يذهبون فيرجع لوحده كما كان إذا هذه حقارة الدنيا هكذا الدنيا بهذا المثال البسيط مثل هذا الزرع الذي ينتظره زراعه ليحصدوه وفجأة تأتي عاصفة وتنهي هذا الأمر ونحن نرى من الأمثال والوقائع والشواهد كل يوم ما نراه بأعيننا ونحسه ونعيشه إذا الكثير من الناس في مثل هذا الحال إذا أين الناس لماذا ضرب الله عز وجل هذا المثل لأن الناس تعلقوا بهذه الحياة الدنيا أفرطوا في حبها أغرق الكثير في زينتها في التمتع فيها و لا بأس ( و لا تنسى نصيبك من الدنيا ) لكن يكون لحد الإغراق والإفراط يظن الإنسان أنه لا يموت لا(1/173)
أيضا ضرب الله عز وجل هذا المثل لينصرف العاقل عن الغرور بهذه الدنيا ليرشده الاعتدال في طلبها ليس من أجل الدنيا يظن الإنسان أنه لا يموت أيضا الحذر من الظلم والبغي والفساد في الأرض فبعض الناس سبحان الله يتسلط على الآخرين بأشياء لأنه صاحب مال وصاحب جاه ويظن أنه لا يمكن أن يزول هذا المال وهذا الجاه عنه وربما يزول بلحظة كما ضرب الله عز وجل هذا المثال أيضا فالله عز وجل يضرب لنا هذا المثال لتقريب الصورة للذهن فشبه الخالق جل وعلا حال الدنيا وقد أقبلت بنعيمها وزينتها انظروا للناس اليوم سبحان الله في الناس اليوم افتتنوا بالدنيا بشكل عجيب حتى كما أسلفت يظن الإنسان أنه يخلد فيها أنه لا يموت ويتركها تمكنوا منها وفجأة يذهب هذا النعيم ينقضي يزول ينمحي ضرب هذا المثال بهذا النبات الذي يسر الناظرين وساق الله تعالى المطر ليخرج هذا الربيع ففجأة يتلف و لا يبقى للناظرين شيء يأنسون به و يفرحون به هكذا هي حال الدنيا هكذا هو حال الإنسان ( كذلك نفصل الآيات ) نبين الحجج الأدلة البراهين ( لقوم يتفكرون ) لمن يعتبر لمن يأخذون بمثل هذه الأمثال التي يضربها الله عز وجل في زوال الدنيا عن أهلها سريعة مع اغترارهم وتمسكهم بها ومثل هذا المثل أيضا ضرب الله عز وجل المثل الآخر في عدد من الآيات منها ما أخبر الله عز وجل في سورة الكهف في الآية الخامسة والأربعين ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا ) أيضا أخبر الله عز وجل في سورة الزمر في الآية الحادية والعشرين ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب ) سبحان الله هذه الآيات أتمنى أن نقف معها وقفات أتمنى أن يقرأها المسلم فعلا بقلبه وعقله يقول الله عز وجل في سورة الحديد(1/174)
في الآية العشرين ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) ولهذا جاء في الحديث عن أنس بن مالك رضي اله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
( يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يارب ما مر بي بؤس قط و لا رأيت شدة قط ) كما في الحديث عند مسلم إذا التحذير من الاغترار بالدنيا جاء بأمثلة ضرب الله عز وجل أمثلة كثيرة في القرآن جاء بأمثلة في السنة النبوية إذ هي معرضة للتلف وأن يصيبها ما أصاب هذه الأرض المذكورة بموت أو غيره مر رزايا الدنيا كما نرى وخص الله عز وجل المتفكرين بالذكر تشريفا لمنزلة العقل والتفكر ليقع لهم التسابق إلى هذه المرتبة العظيمة قضية التفكر والفكر والتأمل في حال الناس إذا نحن بأمس الحاجة إلى أن نعلم حقارة الدنيا بأمس الحاجة إلى أن نعلم أن هذه الدنيا فانية بل إن النبي صلى الله عليه وسلم صور لنا حال هذه الدنيا حالنا في الدنيا قال ( ما أنا والدنيا إلا كمسافر قال تحت شجرة - وفي رواية استظل تحت شجرة - ثم قام فتركها )(1/175)
سبحان الله هذه الدنيا التي يظن الإنسان أنه معمر فيها كرجل كمسافر نام تحت شجرة ثم قام وترك هذه الشجرة أين الناس اليوم عن مثل هذه الحقيقة لزوال الدنيا يتصور البعض من الناس انه لا يمكن أن يموت إن لم يقل هذا بلسان المقال فإنه يقوله بلسان الحال والدنيا لا تساوي عند الله معاشر الأخوة والأخوات جناح بعوضة لا تساوي عند الله جناح بعوضة ولو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافر شربة ماء كما في الحديث إذا لما يتأمل الإنسان حقيقة هذه الأمثلة المضروبة في القرآن وهذه الأمثلة المذكورة في السنة النبوية لا يملك والله إلا أن فعلا يأخذ من الدنيا النصيب الذي يرضي الله عز وجل ونحن نقول هذا القول لا يعني أن نترك الدنيا وأن نأمر الناس بالزهد نتمنى والله لكن الله المستعان أين للناس وأنى للناس هذا اليوم ولكن قل ( ولا تنسى نصيبك من الدنيا ) خذ النصيب من الدنيا لكن أعط الآخرة حقها الآخرة هي الحياة الإنسان ما بينه وبين الآخرة إلا هذا النفس المعدود فإذا قارب هذا النفس النهاية انتهى حال هذا الإنسان ثم انتقل سبحان الله إلى حياة أخرى تأمل أخي وأنت تسير في أي شارع من شوارع أي مدينة وأنت تمر من هذا الشارع وإذا بك في المقبرة ما بينك وبين الحياة الآخرة إلا هذا الجدار ما يفصل الدنيا وزينتها وبهرجها وزخارفها عن الناس إلا هذا الجدار عن الآخرة ودار البرزخ إلا هذا الجدار فقط ما إن يدلف الإنسان إلا ويرى هذه القبور ويرى الحياة الأخرى التي سيمر بها الإنسان.(1/176)
فالإنسان يمر بثلاث دور دار الدنيا ودار البرزخ والدار الآخرة وبحسب حاله في الدنيا يكون في دار البرزخ والدار الآخرة فما هو حالك أخي الحبيب ما هو حالك أيتها المسلمة في هذه الدنيا هل الإنسان قريب من الله هل الإنسان يراقب الله عز وجل في عمله هل الإنسان يحرص على رضا الله أم أنه يتكالب على الدنيا والأهم عنده هو الحصول على الدنيا مهما كانت بالمال بأي حال من الأحوال بأي صورة من الصور المهم أن يعيش حياة الشهوات في هذه الدنيا أبدا إخوة الإيمان والله ما الدنيا إلا بمثل هذا المثل الذي ضربه الله عز وجل في هذه الآية فعندما نقرأ القرآن فليتأمل الإنسان هذا المثل وليعش حقيقة المثل حتى يعرف حقارة الدنيا وزوال الدنيا وأخي الكريم خذ من الدنيا ما شئت لكن اجعلها في طاعة الله عز وجل خذ من الدنيا ما شئت و لاشك أن الغنى في يد صاحبه خير له من الفقر ولكن خذها بما يرضي الله عز وجل واجعلها في يدك لا في قلبك نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياكم على طاعته وأن يعيننا على مرضاته هو ولي ذلك والقادر عليه سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ محمد بن لطفي الصباغ ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
الرفق بالدعوة
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.(1/177)
لا بد في أمور الدعوة من أن يكون الرفق هو الذي يسود تصرفات الداعية تصوروا يا أيها الأخوة والأخوات أن الله عز وجل يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد بالعصمة ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) إذا ينبغي أن يكون الداعية إلى الله عز وجل في بيته وفي المحيط الذي يريد أن ينشر دعوته فيه ينبغي أن يكون متصفا باللطف وبحسن التصرف ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) إن الرأفة و الرحمة والحرص على أن يستجيب الناس لنا هذه ينبغي أن تكون يعني في مدى الرفق والسلوك الحسن الطيب والكلمة الطيبة كذلك تحقيق رغبات الذين نريد أن ندعوهم واحد له مشكلة أنت إذا حللتها له ثم بعد ذلك دعوته إلى الخير يكون أسرع استجابة من لو أنك أعرضت عن مشكلته إي نعم ، الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يقول ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه و لا ينزع من شيء إلا شانه ).(1/178)
وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف إذا العنف ينبغي أن نستبعده من مخاطبة الناس عندما ندعوهم إلى الله وكذلك بالنسبة لأولادنا بنين وبنات ينبغي أن نترفق بهم الولد له شخصية هذه الشخصية ينبغي أن نحترمها لا يجوز أن نسخر منه وأن نتهكم عليه ولو كان طفلا فهو ذو شخصية يعني يؤذيه أن نخاطبه بعد ذلك ما بيعود بيستجيب لنا لما نريد أن ندعوه إلى الخير تصوروا أنه مرة جاء أعرابي إلى المسجد يظهر كان محتاج أن يتبول فبال في المسجد لما رآه الصحابة فزوا عليه وصاحوا فيه النبي اللهم صلي عليه قال لهم لا تزرموه يعني لا تقطعوا بوله خلي يكمل فبعد ما انتهى جابه وقال له يا هذا هذا لا يصلح في المسجد العمل الذي عملته لا ينبغي أن يكون في المسجد ، المسجد إنما جعل للصلاة ولقراءة القرآن وليعني تدارس العلم بعدين أمر أن يؤتى بالماء وأن يصب فوق بوله فهو يعني تضايق من الذين يعني صاحوا به وأنكروا عليه قال اللهم ارحمني ومحمدا و لا ترحم معنا أحدا النبي قال ( له لقد ضيقت واسعا ) رحمت الله واسعة إذا لما النبي اللهم صلي عليه يتصرف معه هذا التصرف هذا تصرف الحلم والرفق كذلك هناك حديث جميل جدا حديث معاوية بن الحكم أخرجه مسلم وأبو داوود والنسائي وغيرهم يقول معاوية بن الحكم صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رجلا من القوم هو بيعرف أنه إذا واحد عطس ينبغي أن يقول له الذي جالس معه يقول له يرحمك الله فقلت يرحمك الله(1/179)
وهو عم يصلي فرماني القوم بأبصارهم كلهم صاروا ينظرون إلي نظرة غريبة فقلت يا ثكل أمي ما شانكم تنظرون إلي كمان ما قاله بس يرحمك الله أيضا خاطب هؤلاء قال لهم ليش عم تنظروا لي هذه النظرة جعلوا يضربون على أفخاذهم فعرفت أنهم يصمتونني يعني يقولون لي اسكت فلما رأيتهم يسكتونني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي وأمي هو ما رأيت معلما قط قبله و لا بعده أحسن تعليما منه فو الله ما كهرني و لا ضربني و لا شتمني بل قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن هذا الأسلوب يعني سيجعل هذا الإنسان منقادا إلى هذا الذي يعني قابله بهذا الشكل يقول هو قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالا يأتون الكهان قال لا تأتهم، يعني الكهان هؤلاء دجالين وكذابين لا يعلمون الغيب و لا شيء قلت ومنا رجال يتطيرون قال ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم .(1/180)
التطير في الحقيقة موجود عن الناس حتى الآن هذا ما ينبغي أن يكون و لا ينبغي أن يصد الناس التطير عما هم فيه من الأمر والحياة قلت ، معاوية قال كانت جارية لي ترعى غنيمات لي قبل أحد والجوانية مكان قريب من المدينة المنورة إذ اطلعت عليها ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة منها أنا كلفتها أن ترعى هذه الغنيمات يظهر أنها أهملت رعاية هذه الغنيمات فجاء الذئب وأكل شاة منها قال يا رسول الله وأنا من بني آدم آسف كما يأسفون لكنني صككتها صكة فعظم ذلك على رسول الله وعظم ذلك عليه يعني قال له كيف تفعل هذا كيف قلت أفلا أعتقها أيضا سيدنا هذا سيدنا معاوية الصحابي قال له طيب أنا أعتقها لأكفر عن هذا الذي فعلته قال ائتني بها فجئت بها فقال أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة ، الحقيقة هذا الحديث فيه جوانب عديدة يمكن يعني أن يعلق عليها وأن تدرس لكننا نحن أوردنا يعني لنبين أن الرفق في الدعوة هذا هو المطلوب منا عندما ندعو الناس إلى الخير وندعوهم إلى سلوك الطريق المستقيم.(1/181)
يا أيها الإخوة والأخوات الشعار الذي ينبغي أن يتحول إلى واقع في بيوتنا وفي وسط من ندعوه هو قوله عليه الصلاة والسلام ( ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) يعني ولد يقول لك والله أنا ما بحسن إلا أدخن لا التدخين ما يجوز المخدرات ما تجوز المسكرات لا تجوز ما بصير ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) لأن هذا ما بيحتاج إلى جهد الأمر سلبي تمتنع عن المسكر تمتنع عن المخدر تمتنع عن الدخان تمتنع عن المعاصي هذا أمر بإمكانك أما الأمور التي فيها أمر هذا بحسب قدرتك مثلا الصلاة ، الصلاة يجب فيها صلاة الفريضة يجب فيها القيام والله ما يستطيع يقوم نقول له معلش ائت منها ما استطعت ( اتقوا الله ما استطعتم ) تجلس نعم والتذكير يا أيها الإخوان عندما يكون بالرفق هذا أمر لابد منه في أي مجتمع ليش لأن الإنسان ضعيف يقول الله عز وجل :(1/182)
( وخلق الإنسان ضعيفا ) ضعيف أمام المصلحة ضعيف أمام الشهوة والشيطان موجود والشيطان في كثير من الأحيان نجد أنه يركب كثيرا من الناس ويقودهم حيث شاء وربنا عز وجل ذكر لنا أن الشيطان قال لله عز وجل ( فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم و لا تجد أكثرهم شاكرين ) والشيطان أيضا يحاول أن يصد عن سبيل الله بطريقة الخطوات الطريقة المرحلية فإن لم يقم الأخيار بالتذكير بالحق والشهوات موجودة في الإنسان فإن لم يقم الأخيار بالتذكير بالحق والوقوف في وجه الانحراف أدى إلى الوقوع في الضلال والمعصية هناك تشبيه يذكره العلماء هلق في البلاد التي فيها أنهار عندما يريد المزارع أن يحول الماء من مزرعة إلى مزرعة يضع أمام الماء سدا من التراب يرصه فيجعل الماء يذهب إلى المزرعة التي يريد أن يسقيها هذا السد بحكم أن الماء يدفعه معرض إلى إن لم يتعهده المزارع إلى الزوال فهو ينبغي أن يتعهده وكذلك الدعاة إلى الله ينبغي أن يتعهدوا من يدعونهم بالتذكير مرة بعد مرة ولكن بالأسلوب الحسن وبالأسلوب الرفيق ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) هذا هو أسلوب أما هؤلاء الذين يدعون إلى الله بغلظة وفظاظة وشتيمة هؤلاء مخطئون و لا يصلون إلى ما يريدون الناس يهربون منهم وربما يقاتلونهم ويعني يصطدمون بهم إننا مدعوون إلى أن نكون في دعوتنا متصفين بأمر الله عز وجل وهو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم إلى ما يرضيه وإلى لقاء آخر إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
االشيخ عبد الكريم بكار ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
تنمية الشخصية ( تدبير الشأن الخاص 3 )
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.(1/183)
أيها الأخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامجكم كلمة مضيئة في هذه الحلقة سأعرض بعض المفاهيم التي تتصل بحياتنا الاجتماعية أو لنقل بالجانب الاجتماعي من شخصياتنا وأود قبل كل شيء أن أقول أن هذا الجانب لا يتقبل أو لا يتلقى الحديث عنه بالترحاب غالبا معظم الناس لا يرحبون بهذا لأننا نحن ننظر إلى حياتنا الاجتماعية نظرة أنانية نحن يهمنا دائما ما يتصل بالجانب الفردي لدينا و لا نهتم بالقضية الاجتماعية مع أن معظم أو دعني أقول الجانب الاجتماعي أو الحياة الاجتماعية تشكل أهم مورد لسعادة الإنسان ولأمنه ولاستقراره ولنموه نحن حين نولد لا نعرف شيئا يعني المشاعر واللغة ومعايير الخطأ والصواب ومعايير الخير والشر كل هذا يكتسب من المجتمع لكن للأسف هذا الجانب دائما يلقى الإهمال حتى الكتب التي تكتب في هذا لا تتقبل بالترحيب مثل الكتب التي تدور حول المسائل الشخصية وهذا سوء فهم للقضية المفهوم الأول في حلقة هذا اليوم هو أن يسعى الإنسان أن يؤهل نفسه للعمل ضمن فريق من المهم أيها الإخوة أن ندرك أن اجتماع الناس بعضهم مع بعض دائما يولد توترات دائما يولد مشكلات أهواؤنا مختلفة أمزجتنا مختلفة أفهامنا مختلفة رؤانا مختلفة تربيتنا مختلفة مصالحنا مختلفة.(1/184)
ولذلك حين نلتقي فإن هذا اللقاء هو معقد للابتلاء الاجتماعي الله جل وعلا جعل لقاء الناس بعضهم مع بعض نقطة ابتلاء يبلو بعضنا ببعض ويختبر بعضنا من خلال البعض الآخر لذلك الناس الذين يشتغلون ضمن مجموعات دائما بينهم توتر بينهم مشكلات بينهم سوء فهم متبادل وبالتالي فالمطلوب من كل واحد منا و لا بد أن يعمل ضمن فريق شاء أم أبى لأن هكذا طبيعة الحياة اليوم لابد أن يؤهل نفسه للعمل ضمن فريق تأهيل النفس للعمل ضمن فريق يحتاج إلى أشياء كثيرة يحتاج إلى الصبر يحتاج إلى الحلم يحتاج إلى الصفح يحتاج إلى التسامح يحتاج إلى أن نحافظ على أسرار عمل الفريق يحتاج إلى أن نتقبل النقد يحتاج إلى أن نكتم الغضب أو دعني أقول ندير الغضب نعبر عن مشاعرنا بطريقة صحيحة ونقابل الغلط بشيء من التحمل فأشياء كثيرة أخلاقيات كثيرة مطلوبة حتى نستطيع أن نؤهل أنفسنا للعمل ضمن فريق أن نفهم طبيعة العمل العمل الذي نحن نشترك به نكون فهما جيدا عنه أفهم دوري أنا تماما في هذا العمل وما الذي يساعدني على القيام بهذا الدور بشكل جيد إذا نحن فعلنا هذا ونشرنا هذه الثقافة فدائما سيتحسن الأداء أداء المجموعات أداء الفرقاء أداء الجماعات أداء الأحزاب أداء المؤسسات كله سيتحسن حين كل واحد يحاول أن يشذب الزوائد في شخصيته ويحاول أن يحسن من أخلاقه الاجتماعية من تقبله للآخرين ومن تقبل الآخرين له في نقطة ثانية أيضا في الجانب الاجتماعي وهو يعني مقولة جميلة تقول هذه المقولة أعقل الناس أعذرهم للناس،(1/185)
أعقل الناس أعذرهم للناس نحن أيها الإخوة لم ننشأ في ظروف واحدة لم ننشأ في أسر واحدة رؤيتنا للحياة متفاوتة الظروف التي نعيش فيها متفاوتة تقديرنا للأشياء متفاوت كثير من الناس الذين يمكن أن نقول هم أشخاص سيئون المجرمون مثلا الذين نزلوا يعني دخلوا السجون الناس المنحرفون المدمنون كثير من هؤلاء سبب ما هم فيه ظروف مروا بها وهذه الظروف ما اختاروها هم هم لا اختار أباه المدمن و لا اختار أمه المنحرفة ولا اختار الأسرة الشقية التي نشأ فيها هو ما اختار هذا فإذا هو في جناية من آخر عليه فهذا الإنسان يستحق منا الشفقة يستحق الرحمة يستحق التعاطف ونقول لو كنا ونشأنا في الظرف الذي نشأ فيه ربما نكون مثله لنحاول بدل أن نكون نقادا للناس بدل أن نكشف دائما أن نمتهن كشف عورات الناس كشف عيوب الناس التدقيق في أحوال الناس متابعة الناس مراقبة الناس لنفعل شيئا أجمل من هذا وهو أن نظهر يعني أن نتسامح مع الناس ونقول لعل له عذرا وأنت تلومه والشيء الآخر بدل أن أكون ناقدا لأكن قدوة الإنسان المتفوق الإنسان الطيب الإنسان الخلوق الإنسان الرحيم هو إنسان يجذب الآخرين إليه دائما القيم والمثل لا تفرض لا تستطيع أنت أن تفرض قيمة على أحد لا تستطيع أن تفرض مبدأ على آخر القيم تجذب تجذب الآخرين حين نرى قيمة أو مثالا أو مبدأ مجسدا في حياة إنسان فهو هذا الإنسان يجذبنا وهذا المبدأ يجذبنا ونتأسى به ونقتدي به ونستفيد منه بدل أن أكون ناقدا أحاول أن أكون قدوة وبدل أن أعتب على فلان وفلان أحاول أن ألتمس له العذر يمكن هذا لا يتنافى مع النصيحة انصحه وأبين له وجه الصواب ولكن علي أن أقول:(1/186)
إن هذا الإنسان ربما يكون سبب ما هو فيه ظروف سيئة نشأ فيها وهو كما قلت لم يختر تلك الظروف ولو نشأنا في مثلها فربما نكون أسوأ منه، مفهوم ثالث أيضا في حياتنا الاجتماعية اكتساب ثقة الناس يكون عن طريق الأعمال وليس عن طريق الأقوال إذا أراد الإنسان أن يكون موثوقا فهو لا يستطيع أن يكتسب ثقة الناس لا يستطيع أن يكون موثوقا لا يستطيع أن يكون محل احترام لا يستطيع أن يكون محل تقدير محل تعاطف عن طريق الأقوال يعني لا يستطيع أن يقول أنا موثوق لذلك ثقوا بي أنا محترم احترموني أنا يعني كذا... لا يستطيع هو عن طريق الأقوال إذا أراد الإنسان أن يكون موثوقا فليتصرف بتصرفات الإنسان الموثوق أهم صفتين في الإنسان الموثوق هي الصدق والأمانة الإنسان الموثوق ذو المصداقية الذي يعني تستطيع أن تعامله على أنه موثوق هو إنسان صادق لا يكذب حتى لو كان الكذب سيأتي إليه ببعض الأضرار هو يتحمل الضرر في سبيل أن يكون صادقا وهو إلى جانب هذا هو إنسان مؤتمن حين يؤتمن على شيء يؤتمن على سر يؤتمن على قول يؤتمن على وضعية هو إنسان مؤتمن .(1/187)
ولذلك فإن الناس يثقون به وإذا أنت تأملت في حياة الأشخاص الموثوقين لوجدت أن أهم صفتين لديهم هما الصدق والأمانة ، نقطة رابعة في حياتنا الاجتماعية أو إن شئنا أن نقول في الجانب الاجتماعي من شخصياتنا هو أن نعامل الناس على أساس مجموعة من القيم الموحدة وهذه أنا أعتبرها نقطة اختبار لنا نقطة ابتلاء لنا في هذه الحياة لا يصح أبدا أن أتواضع أمام فلان لأنه قوي لأنه وجيه لأنه ثري وأتكبر على فلان لأنه ضعيف أو لأنه فقير أو لأنه جاهل لا يصح لا يصح أن أتعامل مع فلان بالصدق والأمانة لأن لي عنده مصلحة أو له عندي مصلحة أو بيننا قرابة أو شيء وأتعامل مع فلان بالكذب لأنه ليس بيننا علاقة هذا ينافي النبل ينافي أولا التدين العميق التدين العميق يولد لدى الإنسان قاعدة للتعامل يولد لديه حساسية ضد الدناءة فلذلك حتى يكون الإنسان ملتزما حتى يكون نبيلا بأعمق ما تحمله هذه الكلمة من معنى عليه أن يعامل الناس على أساس قيم واحدة هو يرفع صوته إذا رفعه بشكل أمام الجميع ويخفضه أمام الجميع ويكون جريئا أمام الجميع ويكون متحفظا أمام الجميع لا يعامل كل واحدة على قيمة بحسب لا شك نحن لا ننكر أن هناك خصوصيات وهناك مواقف تستدعي أحيانا نمطا معينا من السلوك هذا شيء يعني طبيعي.(1/188)
لكن في قضايا القيم وفي قضايا المثل وفي قضايا المبادئ يجب أن نعامل الناس جميعا على أساس قيم واحدة وعلى أساس مبادئ واحدة، في نقطة أخيرة هي أن مصالحنا لن تتطابق دائما مع مصالح الآخرين حتى الزوجان مصلحتهما ليست متطابقة بشكل كامل الأب والابن مصالحهما ليست متطابقة بشكل كامل الشركاء الأصدقاء هناك دائما مراتبية أو في هناك نوع من التراتبية في المصلحة لهذا لن تستقم أيها الأحبة وأيها الأخوة الكرام لن تستقيم حياتنا الاجتماعية إلا بالتضحية حتى تستقيم هذه الحياة علينا أن نضحي ولذلك شيء أساسي في التربية الأسرية شيء أساسي في التربية المدرسية شيء أساسي في التربية المسجدية أن نعلم الإنسان كيف يضحي كيف يتنازل عن بعض ما هو له من أجل غيره ومن أجل إسعاد غيره وهذه التضحية عليها ثواب كبير من الله تبارك وتعالى وهذه الحقيقة قضية التضحية هي يعني المعنى العميق للإنسان الكريم الكرم الذاتي الكرم الشخصي هو دائما يعني عطاءا مجانيا هو دائما يعني تضحية التنازل عن مصلحة في سبيل تحقيق مصلحة لآخرين وكثير الآن من التوترات التي تحدث في حياتنا حدثت بسبب أن جانب الأنانية أو الحرص على المصلحة الشخصية زاد عن الحدود الطبيعية ولذلك قل جانب التضحية وجانب العطاء المجاني هذا ما أحببت قوله وإلى لقاء قريب أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ محمد بن لطفي الصباغ ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
قو انفسكم وأهليكم نارا
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته على يوم الدين.(1/189)
أيها الإخوة والأخوات وأيها الأبناء والبنات حتى ما نكبر الأخوات أيها الأبناء والبنات أحق الناس بأن ندعوهم إلى هذا الدين العظيم وإلى التخلق بأخلاق هذا الدين وإلى تنفيذ أحكام هذا الدين هم أهلونا وأولادنا أبناءنا وبناتنا لأن الإنسان يريد الخير لأهله أولا لأسرته أولاً ثم يريده لما حوله بعد ذلك ربنا تبارك وتعالى يخاطب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فيقول وأنذر عشيرتك الأقربين ويقول تبارك وتعالى يا أيها الذين أمنوا قو أنفسكم وأهليكم نار وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ربنا يقول قو أنفسكم وأهليكم نار حاولوا أن تقوا أنفسكم وأهليكم تلك النار نسأل الله تعالى أن يعافينا ويعافيكم منها ومن كل بلاء.
ويصف هذه النار وصفاً تنخلع له القلوب وقود هذه النار الناس والحجارة وقود نار الدنيا الحطب هناك الناس هؤلاء الكفار والحجارة أيضا الحجارة يعني تكون وقوداً في تلك النار الرهيبة المخيفة وعليها ملائكة غلاظ شداد يعاملون هؤلاء الذين يدخلون هذه النار بالشدة والغلظة وهم ملتزمون لأمر الله عز وجل يا إخواني ويا أخواتي إذا كانت دعوة الأهل والأولاد في السابق أمراً واجباً فهي الآن أشد وجوبا والله يمكن بألف مرة أو أكثر من ذلك الشباب الآن و الشابات والله مساكين معرضون إلى غزو فكري وأخلاقي هذه المحطات الفضائية التي تعرض أموراً مثيرة تحرك الحجر هذه المجلات والصحف التي فيها الصور الفظيعة والتي فيها القصص الفظيعة التي تدعوا إلى الجريمة التي تدعوا إلى الفاحشة هذه الدعوات المنحرفة التي تداهم أبناءنا وبناتنا من خلال الروايات ومن خلال القصص ومن خلال الأفلام والمسلسلات هذا الوضع الاقتصادي المتردي في كثير من البلاد الإسلامية في كثير من البلاد الإسلامية.(1/190)
يا إخوان لم يبقى هناك طبقة متوسطة بقي عدد قليل من الناس يملكون الثروات الطائلة وبقية الناس من الفقراء والفقر يكاد أن يكون كفر الفقر قد يكون إلى ارتكاب الأمور المنكرة والفواحش الآثمة إن هذه المحطات الفضائية وهذه المجلات وهذه الدعوات دخلت معظم البيوت و أسفاه بل إنني لا أقول إن أكثر من تسعين بالمائة من المتدينين دخلت هذه المحطات إلى بيوتهم
ومراقبة البرامج بالنسبة إلى البيت والأسرة أمر في غاية الصعوبة ليش لأن الرجل ليس موجوداً دائماً في البيت وهذه البرامج فيها ما يشد الفتى والفتاة بل فيها ما يشد الرجل الكبير أشياء طريفة وأشياء يعني قصص يريد أن يقف الإنسان على حل عقدتها وما إلى ذلك ولو أننا فرضنا أن الإنسان استطاع يعني أن لا يدخل هذه المحطات إلى بيته فإن أولاده يرون هذه البرامج في السوق وعند الحلاق وعند أصدقائهم وإن لم يروها ممكن أصدقائهم يحكون لهم ما رأوا من هذه الأمور المنكرة إذاً معالجة هذا أمر واجب إننا بحاجة ماسة إلى أن نعمل على إيجاد المناعة ضد هذه الانحرافات خلي الولد خلي الابن والبنت عند كل واحد منهما مناعة ممن هذه الانحرافات عن طريق الإقناع وعن طريق الترغيب والترهيب وعن طريق ذكر الرقاط التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها السادة إن هذا أمر يفرض نفسه على العلماء والدعاة وعلى الآباء والأمهات وعلى المصلحين والمصلحات الآن المرأة لها دور كبير في أن تدعوا إلى الله وفي أن تبين لأبنائها ولبناتها خطر هذه الأمور التي ذكرناها الأمر يا أيها السادة والسيدات خطير جد خطير والمسؤولية بين يدي الله كبيرة جداً.(1/191)
كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته إن المراقب لأوضاع أسرنا يشكوا من تقصير الآباء والأمهات في أداء هذا الواجب واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب التوعية واجب إيجاد المناعة ضد هذه الأخطار التي تواجهنا ليش لأن هناك انشغال طويل عن الأولاد وعن متابعة أمورهم وعن متابعة أفكارهم وأحوالهم وعن معرفة رفاقهم لأن الرفيق له تأثير كبير على الفتى وعلى الفتاة فترى بعض الآباء منشغلين بالكسب عنده وظيفة أو عنده محل تجاري أو عنده مكتب لمشروعات فهو يقضي سحابة النهار بعيداً عن البيت ويقضي ذلف من الليل في عمله بعيداً عن البيت وترى بعضهم منشغلاً بالأصدقاء مرة حكا لي صديق قال لما تزوجت أنا في عادة أن أصدقائي يزورونني وأنا أزورهم فقالت له زوجته العروس ما هذا الوضع الذي نحن فيه فأنت إما أن تكون مع أصدقائك وإما أن يأتي أصدقائك وهذه أيضاً مشكلة ثانية لأنني سأكلف بتقديم الضيافة وأنا معزولة قاعدة وحدي في البيت إذاً لا يحوز أن ينشغل الإنسان بأصدقائه كل الوقت.(1/192)
لا ياأخي ما بصير كل الوقت مع الأصدقاء طيب وين الأولاد وين الزوجة وين الأقارب هذا لا ينبغي أن يكون وترى بعضهم من الناس منشغلاً بالتلفاز تلاقيه قاعد على التلفاز ويقلب من محطة إلى محطة إلى منتصف الليل و أو الكمبيوتر وبالانترنت كل هذه المشاغل تصرفه عن أولاده وعن أهله فلا يكون بينه وبينهم لقاء فكري ولا توجيه ولا إيجاد للمناعة التي تحدثنا عنها وهناك انشغال غريب جداً تراه عند بعض الشباب الذين يدعون إلى الله المطلوب أن يوازن الداعي بين الواجبات فلا يفرط في جانب لانشغاله في جانب أخر لا يجوز أن يكون شغله في الدعوة على حساب بيته وأولاده وإهمال هذا الأمر يا أيها الإخوان أوجد مشكلة مؤلمة عند عدد من الأفاضل وذلك أن بعض الدعاة نكبو بأولادهم فكان هذا مشكلاً كارثة عليهم لا تعدلها كارثة والعياذ بالله تعالى يعني إذا أصيب الولد بمرض بطير عقل الأب و الأم ما بالنا إذا أصيب في دينه أصيب في خلقه هذا سيكون إذا أصيب في دينه هذا يكون مصيره إلى النار أنت تخاف على ولدك أن يصيبه مرض فكيف إذا أصابه والعياذ بالله انحراف كبير عن الجادة السوية.(1/193)
لابد يا أيها الإخوة والأخوات من أن نعد برامج بالتعاون بين الأب والأم تملاً أوقات الأولاد بالنافع الجذاب المفيد ولابد من التعاون بين الأبوين لابد لا يجوز أن نحمل الأم المسؤولية وحدها ولا يجوز أن نحمل المسؤولية للأب وحده لابد من أن يتعاون الطرفان على مواجهة هذا الخطأ بعدين يا أيها الإخوة والأخوات لكل ولد عندما يكون متديناً يكون باراً بكما أما إذا كان فاسقاً عاصياً فسيهمل موضوع الأبوين ولا يلتفت إلى موضوع البر أما المتدين الذي يقرأ قول الله عز وجل وقضى ربك ألا تعبدوا غلا إياه وبالوالدين إحسانا هذا سيكون لكما في كبركم خير معيد إذاً وبعد ذلك تكون يعني لأنه يقول الرسول عليه الصلاة والسلام إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به أو صدقة جارية أو ولد صالح يدعوا له هذا الولد الصالح كسب لك و لك ِ يا أيها الأخ ويا أيتها الأخت بعد أن تفاقا هذه الحياة التنظيم نعم على الداعية أن يبدأ بعملية الإصلاح في بيته ويمكن بشيء من التنظيم أن يجمع بين أمور متعددة كلها من الأمور الطيبة الفاضلة التنظيم مع الزوجة والأولاد والتعاون بينهم جميعاً على مواجهة هذا الخطر الذي يداهم فكرنا ويداهم أخلاقنا وهو خطر محقق إن لم نواجهه بالعمل المنظم الدائم وكما قلنا قبل قليل يعني ينبغي أن يكون عملنا يعني متصفاً بالرفق فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلى شانه وإلى لقاء أخر إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فضيلة الشيخ الدكتور / محمد بن لطفي الصباغ
ضيف الحلقة :
الحديث القدسي
موضوع الحلقة :(1/194)
السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين أيها الأخوة والأخوات ما زلت أحدثكم عن الحديث القدسي وقد سبق أن ذكرت لكم تعريفه والفرق بينه وبين القرآن مع أن كلاً منهما من كلام الله عز وجل وكذلك ذكرت لكم الفرق بينه وبين الحديث النبوي وأوردت لكم نماذج من الأحاديث القدسية منها هذا الحديث القدسي العظيم الصحيح حديث أبي ذر الذين مطلعه أن الله عز وجل يقول يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا وقد مضينا في شرح هذه الفقرة في حلقات عدة ونحن ماضون الآن في شرحها إن شاء الله أيها الإخوة والأخوات كلما ابتعدت البشرية عن دين الله وعن شريعته تفاقم بين جنباتها الظلم وتظالم أبنائها والنفس البشرية عندما تتجرد من الدين والإيمان تستيقظ فيها نوازع الشر وما أصدق قول القائل والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلموا نعم لولا أن شريعة الله هذبت طباع الناس الذين أمنوا بها وعملوا وفق أحكامها فكفكفت من سيطرة الشح عليهم وكبحت من جماح العداوة التي لازمتهم منذ أن نزلوا إلى الأرض كما يدل على ذلك قول الله عز وجل ) وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُو ( البقرة (آية:36) نعم كل واحد من الخلق عدو للآخرين من الخلق إن لم يلتزم بالدين وإن لم يؤمن بالله عز وجل ويحكم شريعته لولا أن شريعة الله فعلت ذلك لساد الظلم أرجاء الكون كما هو واقع الآن وإنا لله وإنا إليه لراجعون هذا الظلم الذي نسمع أنبائه اليوم من ظلم القوي للضعيف ومن ظلم الغني للفقير ومن ظلم الكبير للصغير وأنتم تسمعون وتنظرون ما يفعله الطغاة في العراق وفلسطين والشيشان وأفغانستان.(1/195)
أيها الإخوة والأخوات كان من نتائج هذا الظلم سيادة الحقد بين الناس فلا رحمة ولا تعاطف ولا إنصاف ولا إحسان بل القسوة والعدوان والاضطهاد والطغيان فلقد حول هذا الواقع الأليم الحياة إلى جحيم إلى جحيم لا يطاق ونشط الإجرام وزادت نسبة الانتحار ومن أنواع الظلم التي يقع فيها بعض الناس ولا ينتبه إليها كثير من الناس إهمال تربية الناس أولادهم وعدم تعهدهم بالتوجيه وعدم تنشئتهم على القيم الإسلامية ومن ذلك يا أيها السادة إدخال بعض جهلة المسلمين أولادهم في المدارس التبشيرية يزعمون أنهم يريدون أن يتعلموا اللغة الأجنبية وقد يشاركون أولاد النصارى في عباداتهم وهذا أمر في غاية الخطورة ....(1/196)
والأب مسؤول بين يدي الله عن تدمير عقيدة ولده إن الله سائل كل والد عن ما قدم لولده ذلكم لأن كل مولود كما أخبر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو ينجسانه ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته الرجل راعٍ في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته والزوجة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه حفظ أم ضيع إن أعدائنا حاربونا بالسلاح ولا يزالون يحاربوننا كما أخبر ربنا ) وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ ( البقرة (آية:217) ولكنهم وجدوا أن هذه الطريقة لا تحقق لهم مقصودهم على الوجه الأمثل فأضافوا إلى طريقة القمع والتدمير بالسلاح أضافوا إليها طريقة تسميم الأفكار فأنشئوا في بلادنا مدارس لهم يا سادة لو كان الولد متقناً للغات الأجنبية وللعلوم التجريبية وفقد دينه وخلقه ألا يكون خاسراً الخسارة العظمى لأن من فقد دينه كان في النار إنك يا أيها الأب المؤمن تخشى على ابنك أن يمسه الأذى أو يصيبه المرض أو يبرد في الليل فما بالك في أن يكون جسمه والعياذ بالله كله طعمة للنار لقد قال أحد الكتاب دهمنا الاستعمار العسكري أمس على يد الآباء ويدهمنا الاستعمار الفكري اليوم على يد الأبناء وشتان بين استعباد كان عن اضطرار وجهل واستعباد يكون عن اختيار وعلم والعبودية العقلية أشد خطراً وأسوأ أثراً من العبودية الجسمية لأن هذه لا تتعدى الأجسام والحطام العرض ومثلها مثل الجسم يرجى شفاؤه إذا عرف داؤه أما تلك فحكمها حكم العقل إذا ذهب والروح إذا زهق وهيهات أن ينتظر لمقتول رجعة أو يرجى لمقبول شفاء لقد قال مفتي مصر في مقال نشره في جريدة الوقائع بتاريخ /24/ آب سنة /1881/ تصوروا هذا التاريخ يا أيها السادة أي قبل قرن وربع قرن قال إننا(1/197)
نعيد إنذار الأدباء هداهم الله بأن لا يسلكوا بأولادهم في التربية مسالك توجب لهم قلق الفكر وتشويش البال وأن لا يبعثوا بأبنائهم إلى المدارس الأجنبية التي تغير مشاربهم ومذهبهم وأن ما سبق منا نشره في الأعداد الماضية يبين أن المعاشرة نفسها تؤثر في العقيدة فلا يؤمن على الأطفال من تغيير دينهم وقال رحمه الله إن بعض المسلمين يرسلون أولادهم إلى تلك المدارس طمعاً في تعليمهم بعض العلوم المظنون نفعها في معيشتهم أو تحصيلهم بعض اللغات الأوروبية التي يحسبونها ضرورية لسعادتهم في مستقبل حياتهم وقال ولم يختص هذا التساهل المحزن بالعامة والجهال بل تعدى لبعض المعروفين بالتعصب في دينهم أولئك الضعفاء أولاد المسلمين الذين يدخلون إلى تلك المدارس الأجنبية في سن السذاجة وغرارة الصبا ولا يسمعون في هذه المدارس إلا ما يخالف أحكام الشرع المحمدي بل لا يطرق أسماعهم إلا ما يزري على دينهم وعقائد آبائهم فلا تنقضي سنوات تعليمهم إلا وقد خوت قلوبهم من كل عقد إسلامي وأصبحوا كفاراً تحت حجاب الإسلام إن هذا يا أيها السادة ظلم كبير لأولادنا ولأبنائنا فلنتق الله في هؤلاء الأولاد ولنعلم أننا مسؤولون بين يدي الله عنهم نسأل الله عزّ وجل أن يوفقنا وإياكم إلى ما يرضيه وإلى لقاء أخر إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0
فضيلة الشيخ /خالد بن عبد الرحمن الخليوي
ضيف الحلقة :
أسماء الله الحسنة / اسم الله تعالى ( الودود ) الخاطرة الأولى
موضوع الحلقة :(1/198)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين أما بعد فأسأل الله سبحانه وتعالى لي ولكم السعادة والتوفيق والرزق والبركة فيه في الدنيا وفي الآخرة أيها الأحباب كنا قد بدأنا بذكر بعض أسماء الله سبحانه وتعالى وتحدثنا عن أهمية هذا العلم وأنه أشرف علم على الإطلاق وشرف العلم من شرف المعلوم وأشرف معلوم هو الله تعالى ونحن نلوم أنفسنا كثيراً أننا لا نعرف معاني كثير من المصطلحات في اللغة الانكليزية أو مصطلحات الكومبيوتر و الانترنت نلوم أنفسنا وحقيقة أن نلوم أنفسنا بذلك لكن حقيقي أكثر أن نلوم أنفسنا بأنا نعرف معاني مصطلحات كثيرة في حياتنا الرياضية وفي الحياة الفنية وفي حياة الكومبيوتر ونجهل أصول معاني أسماء الله سبحانه وتعالى يا ويلنا إن خرجنا من هذه الدنيا ونحن قد قرأنا وفهمنا أشياء كثيرة في الفن والطرب والجوالات والسيارات وأنواع من مجالات هذه الحياة الدنيا ولم نعرف معاني أسماء ربنا سبحانه وتعالى من أعظم الأسماء وأسماء الله سبحانه وتعالى كلها حسنة اسم ذكره الله سبحانه وتعالى في سورة البروج حيث يقول الله عزّ وجل في نهاية سورة البروج ) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ( البروج ختم الله عزّ وجل هذه الآية باسمين جميلين عظيمين من أسمائه وأنا لم أتحدث عن الاسم الأول منهما وهو الغفور إنما سأخذكم في رحلة لنعيش ولو بعض اللحظات تحت ظلال اسم الله عزّ وجل الودود أيها الأحباب كرروا هذا الاسم اذكروا هذا الاسم الآن وأنا أتحدث معكم وأمامكم دعوا لسانكم ينطق به الودود ما أجمله انه اسم لذيذ اسم رائع ونحن نتلفظ به وما بالكم إذا فهمنا ما المعاني التي يتضمنها هذا الاسم وتعبدنا لله عزّ وجل من خلال هذا الاسم وسألنا الله الذي(1/199)
يقول لنا ولله الأسماء الحسنة فادعوه بها فتعالوا نتعلم كيف يمكن أن نستفيد من هذا الاسم أن نستثمر هذا الاسم من أسماء الله سبحانه وتعالى لكن أول سؤال أسأله لنفسي ولكم ما معنى هذا الاسم الودود دائماً نتحدث أن فلان يود فلان أن بينهما مودة ومحبة ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه في صحيح البخاري يشرح لنا باختصار معنى هذا الاسم فيقول الودود هو الحبيب وصيغة لفظ الحبيب تأتي على اسم الفاعل واسم المفعول ما المقصود بهذا الكلام حتى لا أطيل عليكم أقصد أن الله سبحانه وتعالى يحب ويحب الله عزّ وجل يحب أوليائه يحب الصالحين يحب لمؤمنين يحب فعل الخير من قبل العبد يحب من عبده أن يدعوه إذاً الله سبحانه وتعالى يحب ومحبة الله عزّ وجل للعبد ليست كمحبة العبد لعبد أخر وليست كمحبة العبد لربه سبحانه وتعالى إذاً الله عز وجل يحب نعم إذاً هذه تدعونا جميعاً إلى أن نتعرض للأسباب التي إذا بدلناها أحبنا الله عز وجل ونحن كذلك نحب الله سبحانه وتعالى تذكرون يا أحبابي في سورة المائدة تأملوا معي ) يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ( المائدة (آية:54) إذاً في هذه الآية إثبات إلى أن الله سبحانه وتعالى يحب وأنه يٌحب عز وجل وفرق بين محبة الخالق للمخلوق بين محبة الرازق للمرزوق بين محبة الراحم الرحمن الرحيم للمرحوم بين محبة الباقي للفاني بين محبة الجليل للعبد المسكين وبين محبة هذا العبد لربه سبحانه وتعالى إن لمحبة الله سبحانه وتعالى طعم يختلف عن كل الطعوم والمذاقات وقد حرم ذاك الإنسان الذي ذاق محبة أشياء كثيرة من هذه الدنيا وخرج منها وهو لم يذق محبة الله سبحانه وتعالى محبة الله عز وجل لون أخر وشيء أخر وشكل أخر عندما تنفد محبة الله عز وجل لك ومحبتك لله سبحانه وتعالى إلى قلبك ستشعر بسعادة لا تكتسب هذه السعادة لا بالمال ولا بالجاه ولا(1/200)
بالسلطان ولا بكنوز الدنيا كلها ستشعر بسعادة وبراحة واستقرار ستشعر أن روحك في فرح ستشعر انك في تجرد ستشعر أنك في حرية فعلاً حينما تكون قريباً من الله سبحانه وتعالى ) الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ( الرعد (آية:28) أيها الأحباب فلماذا نحب الله سبحانه وتعالى سؤال أعيده مرة ثانية لماذا نحب الله عز وجل وحتى أجيب على هذا السؤال نحتاج إلى سؤال أخر سيجرنا إلى الإجابة للسؤال الأخر لما يحب أحد من الناس أحد أخر أنت لما تحب إنسانا أخر أو أنت لما تحبين أحداً أخر من بنات جنسك لماذا تحبينها لماذا الولد يحب أباه والأب يحب ولده والصديق يحب صديقه والصديقة تحب صديقتها لماذا لأسباب متفق عليها أسباب فطرية أسباب منطقية من هذه الأسباب أن هذا الذي أحبه فيه جمال والإنسان مطبوع على محبة الجمال ها هو الإنسان يأخذ بلبه ذاك المنظر(1/201)
والحشيش الأخضر أو ذاك الماء الذي ينسكب من أعالي الجبال الإنسان يلفت نظره ذاك الوجه الجميل ونحن نتذكر ومازلنا عندما خرج يوسف عليه السلام الذي أوتي شطر الحسن ونصف الجمال عليه أفضل السلام وأتم التسليم عندما خرج على مجموعة من النساء قطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشر ما هذا إلا ملاك كريم ما استطاعت إن تتحمل أمام هذا البشر البشري أمام هذا الجمال البشري ليوسف عليه إسلام فما بالكم بجمال الله سبحانه وتعالى الذي هو الجمال المطلق والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح إن الله جميل يحب الجمال وسنأتي فيما بعد إن شاء الله عز وجل لنتحدث عن اسم الله الجميل لكن نعود مرة ثانية ونقول أنا أحب أحد من الناس لأن وجهه جميل هذا أمر والأمر الثاني أنا أحب أحد من الناس لأن فيه كمالات بشرية كلما عرفت أن هذا الإنسان فيه قوة فيه سلطة فيه قدرة كلما عرفت أن هذا الإنسان عنده جاه عنده مال كلما زاد قرب قلبي منه هذا طبع البشري الآن لما أتحدث معك ربما احبك شيئاً يسيراً ولكن عندما أعرف معلومة جديدة عنك انك دكتور انك تاجر انك ولد الوزير أو ولد الملك أو ولد الأمير بطبيعة الحال سأتوجه بقلبي إليك بغض النظر عن صحة هذه العلاقة وصحة هذا التوجه لكني أتحدث الآن لماذا أحد لناس يحب أحداً أخر أحب أحد من الناس لأنه أحسن إلي والإنسان مطبوع على محبة من أحسن إليه أي والله حياناً الإنسان يصاب بقضايا ومشاكل وإحراجات تتلهم عليه الخطوب وتشتد عليه الكروب وإذا وجد من يساعده سبحان الله يعطيه ما في قلبه على المحبة ولذلك يعلن أحياناً الإنسان اعتراف بفضل أحد من الناس عليه انه ساعده أو شاركه أو أعطاه شيئاً من المال أو فك عنه أذمة ممن الآذمات يعلن اعترافه بفضل هذا عليه فيقول أنا لا أنسى فضلك علي ما حييت أبداً طيب تعالوا نأخذ هذه الأسباب لنطبقها ونحن ندرس اسم من أسماء الله عز وجل وهو الودود الله سبحانه وتعالى له الجمال المطلق(1/202)
أنت تحب بعض الناس لأنه جميل لكن ما تعرض ولا تدبرت في جمال الله سبحانه وتعالى أنت لا تنظر الآن إلى جمال الله وإنما تنظر إلى جمال الله من خلال النظر إلى جمال صنعه وروعة إبداعه وخلقه ونحن موعودون في جنات النعيم إن ننظر إلى وجه الرب سبحانه وتعالى حقيقة وفي الآية في سورة القيامة يقول الله عز وجل ? وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ? القيامة(آية:22) فيها من النظرة والبهاء والجمال ما هو كائن لهم يوم القيامة ? إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة ? القيامة (آية:23) ناضرة هذه أخت الصاد وناظرة هذه الطاء إذاً تنظر إلى الله سبحانه وتعالى ويقول الله عز وجل ? لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ? يونس (آية:26) وهذه الزيادة هي النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقاءك لذة النظر إلى وجهك ولذلك الكفار سيحرمون من النظر إلى الله سبحانه وتعالى إذاً أنت ستنظر إلى جمال الله سبحانه وتعالى فالله أجمل من هذا البشر جمال البشر محدود أما جمال الله عز وجل مطلق تنظر على إنسان جماله محدود في زمن معين فإذا كبر في السن أو ما زال طفل صغير ليس بجميل إذاً هو جمال لم يكن وسينتهي في يوم من الأيام أم جمال الله سبحانه وتعالى فباقي كما هو خير وما عنده ما عندكم ينفد وما عند الله باقي بقية أسباب محبتنا لله سبحانه وتعالى نذكرها إن شاء الله عز وجل في خاطرة أخرى استودعكم الله أسأل الله سبحانه وتعالى لي ولكم ولإخواني المسلمين في كل مكان الشفاء والعافية والتوفيق والنصرة والتمكين والأنس برنا سبحانه وتعالى ولذة مناجاته وقراءة كتابه أسال الله لي ولكم التوفيق والسداد أعتذر منكم وأسأل الله عزّ وجل البركة والهدايا لي ولكم والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ محمود المصري / أبو عمار
ضيف الحلقة :(1/203)
أوسط أبواب الجنة
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد ،
فمرحباً بكم مرة أخرى في رسائل إلى الشباب ورسالة الليلة في غاية الأهمية يعني اسم الرسالة أوسط أبواب الجنة الحقيقة في ليلة من الليالي أغمضت عيناي وتخيلت أن هذا الأمر مجرد أنني أتخيل هذا الشيء تخيلت أنني رجعت إلى الوراء أكثر من أربعة عشر قرناً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبينما أنا أسير في بعض طرقات المدينة وإذا بي أجد نفسي أمام مسجد في منتهى التواضع فدخلت فإذا بي أرى رجلاً وجهه كأنه فلقة قمر فقلت من هذا :
فقالوا إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت حوله كوكبة مضيئة فقلت من هؤلاء فقالوا إنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبينما أنا جالس بينهم وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يصعد على المنبر درجة فيقول أمين يصعد الثانية فيقول أمين يصعد الثالثة فيقول أمين فتعجبت مثلما تعجب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقام واحد من الصحابة وقال يا رسول الله ما الذي حملك على قولك أمين أمين أمين فقال النبي :(1/204)
أما إنه قد أتاني جبريل فقال يا رسول الله رغم أنف امرأ ذكرت عنده فلم يصلي عليك قل أمين فقال فقلت أمين في الدرجة الثانية قال له يا رسول الله رغم أنف امرأ أدرك رمضان ثم انسلخ من الشهر ولم يغفر له قل أمين قال قلت أمين في الدرجة الثالثة قال له يا رسول الله رغم أنف امرأ أدرك والديه عنده الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة قل أمين قال قلت أمين هنا فتحت عيني مرة أخرى لتنتهي تلك اللحظات السعيدة التي عشت فيها بخيالي وروحي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيا أيها الأخ الحبيب جبريل عليه السلام يدعو والنبي يؤمن رغم أنف امرأ أدرك والديه عندهم الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة قل أمين والنبي يقول أمين فالمسألة مهمة جداً مسألة بر الوالدين لذلك أنا عايز أبدأ الدرس النهار دا بسؤال في غاية الأهمية بالله عليك فاكر أخر مرة قبلت فيها يد أبيك أو أمك البعض سيقول أنا عمري ما عملتها أقول لك :(1/205)
تبقى محروم والله ثم والله ولا أذكر ذلك على سبيل تزكية النفس وإنما من باب التحدث بنعم الله سبحانه وتعالى كنت دائماً أحب أن أقبل يد أمي وأسأل الله عز وجل أن يرحمها رحمة واسعة قولوا أمين فيعني سبحان الله لما تزوجت وأنجبت بعد ذلك بفضل الله سبحانه وتعالى وجدت أولادي هم يقبلون يدي من دون أن أطلب منهم والجزاء من جنس العمل اللي عايز تشوفوا أولادك اعملوا مع الأم والأب بفضل الله سبحانه وتعالى لذلك كثير من الشباب نفسه يخش الجنة أكيد كلنا نريد أن نخش الجنة مع بر الوالدين حتخش من أحسن أبواب الجنة النبي قال كدا كما عند أحمد والترمذي بسند صحيح قال صلى الله عليه وسلم الوالد أوسط أبواب الجنة أوسط أبواب الجنة يعني إيه يعني أحسن أبواب الجنة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك ورد الأمر في بر الوالدين في القرآن يعني مباشرة بعد الأمر بتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى ) واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا إن اشكر لي ولوالديك ( .(1/206)
وبعدين سبحان الله يعني أنا نفسي أسألك سؤال ثاني إيه رأيك لو أنا قعدت شهر كامل في بيتك بخدمك كل يوم بحضر لك الأكل بنظف لك البيت بطبخلك بغسلك لبسك بكوي لك ملابسك بظبط لك كل حاجة لمدة شهر كامل بالله عليك تعمل معاي إيه أكيد حتقول لي دنا مش حنسى لك الجميل دا العمر كله ومن له رصيد جميل أمك وأبوك سبحان الله هل جزاء الإحسان إلا الإحسان أمك اللي تعبت وسهرت وحرمت نفسها عشانك وعملت كل حاجة وضحت بعمرها كله عشانك نسيت يعني نسيت فضلها أبوك اللي كان بيخرج في عز الليالي الممطرة في عز الشمس عشان يشتغل ويجب الطعام والغذاء لك يعني سبحان الله نسيت فضله فهلا جزاء الإحسان إلا الإحسان والله العظيم يا أخي العزيز لو كنت تملك الدنيا وما فيها وقدمتها لأبيك وأمك ما كانت كافية اسمع الحديث دا حديث عند ابن ماجه بسند صحيح عن أبي الدرداء قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسع كان من بينها وأطع والديك كان من بين الوصايا دي وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من دنياك فافعل يعني لو طلبوا منك كل ما تملك إديهم ما فيش مشكلة خالص ولذلك سبحان الله يقول صلى الله عليه وسلم أيضاً كما عند ابن ماجه بسند صحيح أنت ومالك لأبيك ولذلك سيدنا ابن عباس حاضن الأمة وترجمان القرآن فهم شوف قول الله عز وجل ) تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب ((1/207)
قال ابن عباس أي ما أغنى عنه ماله وما ولد فالولد ومن كسب أبيه شوف بقى فهم سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما سبحان الله أيها الأخ الحبيب لو عايز ربنا يوسع عليك رزقك فعليك ببر الوالدين شوف النبي عليه الصلاة والسلام قال إيه كما في الصحيحين من سره أن يعظم الله له رزقه وأن يمد له في أجله فليصل رحمه في رواية البهنقي فليبر والديه وليسند رحمه لو عايز ربنا يفرج كل همومك عليك ببر الوالدين والحديث في الصحيحين الثلاثة اللي دخلوا الغار كل واحد منهم قال خلاص نتوجه إلى الله عز وجل بعمل صالح نكون عملناه ربنا يفرج عنا هذا الهم فكان من بينهم هذا الرجل الذي تقرب إلى الله عز وجل ببر الوالدين ففرج الله عنهم الصخرة فخرج من الغار بفضل الله عز وجل لو عايز أولادك يبروك لو عايز أولادك يحسنوا إليك فعليك ببر الوالدين وكما تدين تدان أذكر قصة جميلة جداً في بني إسرائيل إن رجل كان عايش عند ابنه رجل كبير في السن بعد ما ربى أولاده وأولاده ماتوا وبقي له ولد واحد فعاش عنده ابنه مل منه زهق فخدوا وخرج معاه وركبوا حصانوا وخدوا للصحراء فجاء للصحراء فقال له يا أبي أنزل قلوا أنزل فين يعني دي الصحراء أعمل فيها إيه قالوا انزل فنزل فلما نزل فأخرج سكيناً وقال أريد أن أذبحك قال له :(1/208)
يا بني هل جزاء الإحسان إلا الإحسان دنا يا ما عملت وحرمت نفسي عشانك قال له لا بد من ذبحك فقد أسئمتني وأمللتني خلاص إيه مليت منك فقال له الرجل يا بني إن كنت مصراً على ذبحي فاذبحني عند تلك الصخرة الثانية ولا تذبحني عند تلك الصخرة فقال سبحان الله وما الذي يضرك في أن أذبحك هنا أو هناك قال يا بني إن كان الجزاء من جنس العمل فذبحني عند الصخرة الثانية فلقد ذبحت أبي هناك ولك يا بني مثلها والجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان لو عايز تفوز بالجنة فعليك ببر الوالدين الوالد أوسط أبواب الجنة لو عايز تفوز برضوان الله سبحانه وتعالى فعليك ببر الوالدين النبي قال إيه كما عند الطبراني في الكبير بسند صحيح رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما سبحانه وتعالى يا شباب دا ربنا أمرنا ببر الوالدين حتى لو كانوا على الشرك لو كانوا كافرين ومش كدا وبس ويدعوك إلى الكفر فما عليك إلا أن تحسن إليهما في أمر الدنيا حديث رواه مسلم سيدنا سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه لما أسلم فأبت أمه فقالت :
يا سعد أتزعم أن دينك يأمرك ببر الوالدين قال أجل قالت إذاً فأنا أمك وأنا أمرك أن تترك دين محمد صلى الله عليه وسلم فقال لها سعد ابن أبي وقاص يا أماه إني على شديد حبي لك لأشد حباً لله فو الله لو كانت لك مئة نفس فخرجت نفساً بعد نفس ما ارتددت عن دين محمد صلى الله عليه وسلم فكلي أو دعي هي هددته إن هي حتمتنع عن الطعام والشراب حتى تموت فيعيره العرب بأنه قد قتل أمه وكان من أبر الناس بأمه فالمهم امتنعت بالفعل عن الطعام يومين حتى أخشي عليها فقام ابن لها اسمه عمارة فقام يسقيها فقامت تدعو على سعد ابن أبي وقاص فأنزل الله عز وجل قوله ) وإن جاهداك على أن تشرك به ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ((1/209)
سبحان الله وخود بالك بقى يعني أي ذنب في الدنيا عقوبته ممكن تكون في الدنيا أو في الآخرة إلا عقوق الوالدين الذنب دنيا وآخرة اسمع لقول الحبيب صلى الله عليه وسلم كما عند أحمد والترمذي بسند صحيح ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له يوم القيامة من البغي وقطيعة الرحم وفي رواية الحاكم بسند صحيح بابان معجلان عقوبتهما البغي والعقوق أي عقوق الوالدين تلاقي العقوبة في الدنيا وتلاقي العقوبة في الآخرة تعالوا نختم بنماذج مشرقة من سلفنا الصالح وبرهم بالوالدين النبي صلى الله عليه وسلم والحديث رواه أحمد بسند صحيح قال دخلت الجنة فسمعت صوت قارئ للقرآن فقلت من هذا فقالوا هذا حارثة ابن النعمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
كذلك هو البر تقول أمنا عائشة وكان من أبر الناس بأمه قال رجل لعمر ابن الخطاب يا أمير المؤمنين والله إني بلغت من بر والدي أن أمي لا تستطيع أن تقضي حاجتها إلا وقد جعلت ظهري مطية لها يعني وهي رايحة تقضي الحاجة أنا بشلها ووصلها لحد المكان فأتراني قدمت لها البر قال لا بالله ما فعلت ذلك إلا وأنت كاره لذلك الأمر وتتمنى الخلاص منها وهي كانت تفعل بك كغيرك وأنت طفل صغير وتتمنى بقائك وحياتك سبحان الله ابن عمر ابن الخطاب في يوم من الأيام واقف عند الكعبة فوجد رجلاً حمل أمه على كتفيه وبدأ يطوف بها حول الكعبة فقال لابن عمر يا ابن عمر :(1/210)
أتراني قد وفيتها حقها قال لا والله ولا بزفرة واحدة ولا بآهة واحدة من أهات الولادة ولكنك أحسنت والله يثيبك على القليل كثيراً بفضل الله عز وجل سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه كان من بره بأمه يعني كانت أمه مشركة والحديث رواه مسلم فكان يتمنى أن ربنا يهديها للإسلام في يوم من الأيام دعاها إلى الله عز وجل فأسمعته في النبي ما يكره فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له يا رسول الله إن أمي قد أسمعتني فيك ما أكره وأنت مبارك يا رسول الله ألا تدعو الله لأمي أن يهديها للإسلام فدعا لها النبي صلى الله عليه وسلم فذهب أبو هريرة مستبشراً بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فلما ذهب إلى هناك وجد الباب مغلقاً ثم قالت له أمه بعد أن فتحت الباب يا أبو هريرة أشهد أن لا آله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان سيدنا أبو هريرة كان يعني في غاية البر بأمه لدرجة إنه أجل الحج لسنوات عديدة حتى ماتت أمه حتى لا يفارق أمه من شدة بره بأمه سيدنا محمد ابن المنكدر رحمه الله رحمة واسعة في يوم من الأيام بيقول إيه بيقول :(1/211)
بت ليلة أغمز أطراف أمي أمه كان عندها السكر والدم لا يصل إلى الأطراف فكان يغمز أطراف أمي قال وبات أخي قائماً بين يدي الله يبكي و والله ما أرضى ليلتي بليلته سبحان الله يقول ليلتي أنا أفضل عند الله لأنه من أفضل الأعمال أم تعدى به نفع العبد لغيره خيركم من تعلم القرآن وعلمه طالما الإنسان ينفع غيره فهذا أفضل عند الله سبحانه وتعالى طيب واحد يسأل يقول ودا نختم به الدرس الزاي أنا أبر لأمي وأبوي بعد موتهم هما ماتوا وخلاص أعمل إيه أبرهم الزاي سبحان الله يقول صلى الله عليه وسلم والحديث عند مسلم إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث من بينها ولد صالح يدعو له واشترط النبي صلاح الولد مش أي ولد بيدعو لازم يكون ولد صالح ولذلك الإنسان لما يربي ابنه يربي ابنه أولاً لله ثم لنفسه يربي هذا الولد عشان يكون عبد صالح لله سبحانه وتعالى وهذا العبد الصالح لما الأب بيموت ابنه بيدعي له فابنه لو دعا له حيستفيد بإيه حيستفيد كثير جداً دا النبي صلى الله عليه وسلم يقول وكما عند أحمد والنسائي بسند صحيح يقول :(1/212)
إن الرجل لترفع درجته في الجنة يعني هو يصل لدرجة معينة يوصل لدرجة أعلى منها كمان إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول من أين هذا فيقال باستغفار ولدك لك طيب وأخر حاجة كما عند أبي داوود وإن كان السند ضعيف ودي للأمانة العلمية حديث رواه أبو داوود بسند ضعيف أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله هل بقي عليّ من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما قال أجل خصال أربع الصلاة عليهما يعني الدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما فهذا الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما الأربع حاجات دول أول حاجة الصلاة عليهما بمعنى الدعاء إن أنت تدعو لأبيك وأمك ثاني حاجة والاستغفار لهما ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يكون الحساب ثالث حاجة وإنفاذ عهدهما طلبوا منك حاجة تنفذها فيها طاعة لله لأن عندنا أصلاً لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى طيب طلبوا أمر معين وصوا بوصية أو الأم وصت بوصية لازم ننفذها طالما فيها طاعة لله سبحانه وتعالى رابع حاجة وإكرام صديقهما أنا مثلاً بصلي في مسجد أبوي كان بيصلي معاي في نفس المسجد كان له صديق رجل صالح أبوي مات فأنا لما أروح أزور صديقه دا كأنني بررت أبي بفضل الله عز وجل وورد في ذلك حديث رواه مسلم عن عبد الله ابن عمر أنه كان يمشي في بعض طرقات مكة مع عبد الله ابن دينار فعبد الله ابن عمر وجد رجل أعرابي جي فراح منزله من على الدابة وراح مركبة إن خلع العمامة ولبسها له وقعد يكرمه يعني فبعد ما مشي الأعرابي قال عبد الله ابن دينار لعبد الله ابن عمر يرحمك الله يا ابن عمر يعني هذا إنه من الأعراب إنهم يرضون باليسير يعني اللي إنت عملته معاه دا كثير جداً فكان لو إديته درهم ولا حاجة كان حيدعوا وانبسط فقال يا هذا إن أبا هذا الرجل يعني أبو الأعرابي دا كان وداً لأبي لعمر ابن الخطاب وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :(1/213)
إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي إذاً فبر الوالدين يا شباب والجزاء من جنس العمل اللي إنت عايز تشوفه من أولادك اعمله مع الأم والأب عايز ابنك يقبل إيديك قبل إيد أمك وأبيك سبحان الله أحسن إليهما على قد ما تقدر والله ثم والله يعني أنا بقولها دي حاجة ولو كانت أمر خاص بيّ ورب الكعبة أنا يعني كنت أذكر دائماً الله يرحمها رحمة واسعة كانت تقوم تصلي قيام الليل قبل الفجر بحوالي ساعة وكانت بتصلي لأنها هي كانت ست كبيرة في السن يعني الله يرحمها فكانت تدعو بدعوة بسيطة جداً كانت تقول :
يا رب يا بني يحبب فيك خلقه ويجعلها في إيدك فكه وما يحجوكش لحد يعني كلمة بسيطة جداً فسبحان الله فرزقني الله عز وجل محبة الناس لأني أحبهم جميعاً في الله فكانت نتيجة يعني دعوة أمي أن بارك الله في دعوتي وأسأل الله عز وجل أن يبارك للجميع الدعاء لكن أنا أقصد تلك الثمرة الطيبة جداً لدعوة الأم إن الإنسان يحرص دائماً على دعوة الأم وعلى دعوة الأب أسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم بر الوالدين وأن يجمعنا وإياكم مع النبي في الجنة سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا آله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
محمد بن لطفي الصباغ
ضيف الحلقة :
في رحاب السنة ( القرآن يردّ على السنة )
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين أيها السادة والسيدات ،(1/214)
هناك فئة ضالة يقولون نحن نريد أن نقتصر على القرآن ولا نريد هذه السنة بحال من الأحوال هؤلاء القوم سنتحدث عنهم في حلقة مقبلة إن شاء الله ونبين انحرافهم ونبين فتاوى العلماء فيهم وهي حركة بالمناسبة قديمة ليست حركة جديدة ولكنها ماتت إما بعثت من جديد كما سنبين لكم إن شاء الله فيما نستقبل من الحلقات نقول للمخدوع منهم أنت تريد القرآن اسمع ما يقول القرآن يقول الله عز وجل (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما )) إذا كنت تريد القرآن فإن القرآن يقسم فلا وربك لا يؤمنون حتى ينقادوا إليك ويطيعوا قولك ولا يكون في نفوسهم حرج مما قضيت ويسلموا لك تسليماً تاماً هذا القرآن فإذا كنت تريد القرآن فالقرآن يردك إلى السنة ويقول عز من قائل:
من يطع الرسول فقد أطاع الله إذا كنت تريد طاعة الله بتنفيذ أحكامه الواردة في القرآن فالقرآن يقول لك من يطع الرسول فقد أطاع الله ويقول تعالى (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) ولا أستطيع يا أيها الأخوة والأخوات أن أورد لكم كل الآيات الواردة في القرآن التي ترد إلى السنة التي ترد المسلمين إلى السنة من هذه الآيات قوله تعالى (( قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين )) والله في هذه الآية شيء مخيف إن كان في قلوبهم خشية لله أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين .
إن الذي يتولى عن طاعة الله وعن طاعة الرسول كافر والله تبارك وتعالى لا يحبه طيب يقول الله أطيعوا الله والرسول كيف طاعة الرسول هل تكون إلا بتنفيذ أوامره التي وردت إلينا بطريق صحيح هذه الطاعات فليست طاعته صلى الله عليه وسلم إلا بتنفيذ أوامره وآية أخرى الله عز وجل فيها إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا واطعنا وأولئك هم المفلحون هذا هو قول المؤمنين قول المؤمنين :(1/215)
إذا دعوا إلى الله والى الرسول أن يقولوا سمعنا واطعنا إذاً إذا كنتم أنتم أيها المغرورون المخدوعون القائلون بأنكم تريدون أن تكتفوا بالقرآن إذا كنتم تريدون اتباع القرآن فها هو ذا يقول لكم ينبغي إذا سمعتم عن رسول الله حديثاً أن تقولوا سمعنا واطعنا حتى تكونوا من المفلحين وإلا كما وردت في الآية السابقة ففيها تهديد من الكافرين الذين يتولون عن طاعة الله ورسوله هؤلاء كافرون ويقول تبارك وتعالى وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فا انتهوه.
تريدون نصاً أوضح من هذا وجوب اعتبار السنة مرجعاً يرجع إليه المسلم في شؤون حياته كما قلت لكم من الصعب أن أورد كل الآيات التي وردت ترد المسلم إلى السنة من ذلك قوله تعالى (( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) أولاً أمرت بطاعة الله وطاعة الرسول ثم ذكرت الآية إن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول وعلقت هذا بأنه دليل على الإيمان إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا إن آيات القرآن الكثيرة الكثيرة توجب طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام وطاعته إنما هي بتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه التي وصلت إلينا عن طريق السنة والرسول الكريم نفسه صلى الله عليه وسلم يبين أن السنة واجبة الإتباع ومن الذي لا يتبعها لا يدخل الجنة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري وغيره كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى استغرب الصحابة طيب واحد يقال له أدخل الجنة وإذا لم يدخل الجنة وين يروح يروح على النار قالوا ومن يأبى يا رسول الله في واحد يدعى إلى دخول الجنة ويأبى قال :(1/216)
من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى من أطاع رسول الله دخل الجنة ومن عصاه أبى دخول الجنة وماذا يوجد في الآخرة إلا الجنة والنار ماشي معنى ذلك الذي لا يطيع رسول الله هذا ليكون من أهل النار وفي موعظة جميلة رائعة وعظ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة وذكر فيها وجوب طاعة الرسول هذا الحديث حديث صحيح رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجة والداريمي عن العرباد ابن سارية رضي الله عنه قال وعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة الرسول عليه الصلاة والسلام هو أبلغ البلغاء وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون هكذا المواعظ التي ينبغي أن تكون مؤثرة القلوب خافت والعيون دمعت لما سمعت موعظة الرسول فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصل قال صلى الله عليه وسلم أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي نص واضح الزموا سنتي التي هي مع الكتاب دعامة الشريعة الرئيسيتين فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضو عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة قال السنة استمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ النواجذ هي الأسنان الأضراس الداخلية يعني ما تعضوا عليها بأسنانكم الأولى لا وإنما من جوى هذا دليل على شدة الاستمساك بالسنة وأخبرنا صلوات الله وسلامه عليه وهذا من دلائل النبوة لأنه عليه الصلاة والسلام أخبر عن أمور وقعت وهذا أيضاً الحديث الذي سأقرئه عليكم من دلائل نبوته عن أبي رافع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(1/217)
لا أعرفن الرجل يأتيه الأمر من من أمري إما أمرت به أو نهيت عنه فيقول ما ندري ما هذا عندنا كتاب الله ليس هذا فيه يقول الرسول لا أعرف هذا الرجل الذي يعرض عن سنتي ويقول أنا هذا الأمر أو هذا النهي لم أجده في القرآن وعن المقدام بن معد الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أوتيت الكتاب وما يعدله وما يساويه يوشك شبعان على أريكته أن يقول بيني وبينكم كتاب الله فما كان فيها من حلال أحللناه وما وكان فيها من حرام حرمناه ألا وإنه ليس كذلك صلى الله عليه وآله وسلم واحد شبعان جالس على أريكته ويقول نحن إيش بيني وبينكم كتاب الله فما كان فيه من حلال أحللناه وما كان فيه من حرام حرمناه ألا وإنه ليس كذلك ليش لأنني أوتيت الكتاب وما يعدله إن هذا يا أيها السادة ليدلنا على مكانة السنة في الشريعة وعلى قوتها التشريعية وأنها ملزمة للمسلمين عندما تبلوهم بالطريق الصحيح نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم إلى ما يرضيه والى لقاء أخر إن شاء الله والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ محمد المصري.
ضيف الحلقة :
( الشباب ) يا شباب هل تحبون الله ؟
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد ،(1/218)
فمرحبا بكم مرة أخرى مع رسائل إلى الشباب الحقيقة النهار دا عايز أبدأ معكم هذا اللقاء يعني سؤال قد يبدو عجيباً في بداية الأمر وهو يا شباب هل تحبون الله طبعاً كل شاب حيقول طبعاً بحب ربنا الزاي ما منحبش ربنا أقولك الله سبحانه وتعالى جعل لك اختباراً يوضح محبتك لله عز وجل قال جل وعلا (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) لو كنت بتحب ربنا لازم تتبع النبي صلى الله عليه وسلم الحقيقة بردوا عايز ابدأ بمشهد جميل جداً حدث هذا المشهد قبل غزوة خيبر مباشرة النبي واقف وسط الصحابة فبيقول لهم هذا الكلام يقول لأعطين الراية غداً رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه كل الصحابة تطلعوا يا رب كون أنا يا رب كون أنا حتى سيدنا عمر بن الخطاب اللي كان بيهرب أصلاً من الإمارة قال :
والله ما تطلعت نفسي إلى الإمارة إلا في تلك الليلة حتى أخذ تلك الراية لأعلم أن الله يحبني لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبني سبحان الله فكان هذا الرجل الذي أعطاه النبي الراية هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه تخيل كده لو كنت أنت مع النبي النبي بيقول لأعطين الراية غداً لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله تخيل لو كنت أنت اللي واخذ الراية دي يا ترى تستحق هذه الراية يا ترى لو كنت إنت ما خدتش الراية حتندم حتزعل سبحان الله هي دي مسألة محبتك لله سبحانه وتعالى إني إنت نفسك دائما تطمئن إلى الله سبحانه وتعالى إن ربك بحبك وانت دائما قلبك مليان حب لله سبحانه وتعالى يقول جل وعلا :(1/219)
ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله لكن الذين أمنوا لهم وضع ثاني لا والذين آمنوا أشد حباً لله لو أهل الدين يعتزوا بدنيتهم فاعتز أنت بربك لو أهل الدنيا تمسكوا بحطام الدنيا فتمسك أنت بمحبتك لله سبحانه وتعالى يقول جل وعلا قل إن كان أبائكم وأبنائكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها والعجيب في الأمر إن الثمانية دول حلال لكن لو كان أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين وفي وقفة هنا لطيفة جداً حديث لبخاري ومسلم النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤمن لأحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ومن الناس أجمعين ومن المعلوم إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم تابعة لمحبتك لله يعني إنت بتحب النبي ليه على شان الأصل إن ربنا أمرنا أحبه وعشان أصلاً النبي بتحب لكن الأصل في المسألة إن ربنا أمرنا بحب النبي فأنا بحب النبي عبودية لله سبحانه وتعالى كلما بيزداد حبي للنبي كلما بيزداد قربي من ربي العلي سبحانه وتعالى فإن كانت دي محبتك للنبي صلى الله عليه وسلم فما ظنك بمحبتك للرب العلي سبحانه وتعالى عايز تذوق حلاوة الإيمان عايز تحس بلذة الإيمان لازم تكون محب لله سبحانه وتعالى ثلاث من كنا فيه حديث بخاري ومسلم ثلاثة من كنا فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أول حاجة يا شباب أن يكون الله ورسوله أحب إلينا مما سواهما سبحان الله ولذلك في بعض الصفات وضحها الله عز وجل في آية واحدة لبعض الناس اللي ربنا بيحبهم إي صفاتهم قال جل وعلا :(1/220)
(( يا أيها الذين أمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه )) إيه مواصفتهم (( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم )) إذاً هناك صفات لمن يحبهم الله ومن يحبهم الله سبحانه وتعالى ولذلك تعالى نشوف بعض سير المحبين لله طبعاً أعظم محب لله هو النبي صلى الله عليه وسلم النبي كان يدعي دعاء جميل جداً كان يقول كان عند أحمد الترمذي بسند صحيح اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب كل عمل يقربني إلى قربك وفي البخاري إن النبي كان يقول يصلي قيام الليل لحد ما تتورم أقدامه فتقول أمنا عائشة يا رسول الله أنت تفعل بنفسك هكذا وقد غفر ما تقدم لك من ذنبك وما تأخر هو النبي عمل إيه صلى الله عليه وسلم دا المعصوم صلى الله عليه وسلم ورغم ذلك قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم:
يا عائشة أفلا أكون عبداً شكورا سبحان الله وفي يوم الطائف انتم عارفين طبعاً اللي حصل للنبي يوم الطائف لما ضربوه بالحجارة وسالت دمائه الشريفة صلى الله عليه وسلم ورغم ذلك لما دخل حائطاً أو بستاناً قال دعائه المعروف وإن كان يعرفه بعض أهل العلم فكان من بين جمل الدعاء التي قالها(1/221)
النبي إن لم يكن لك بي علي غضب فلا أبالي يعني أنا ربي بحبك مستعد أن أتحمل لأجلك أي حاجة بس لو كان دا غضب أنا ما استحملوش أما لو كنت راضي عني فاللي يحصل يحصل مش مشكلة إن لم يكن لك علي غضب فلا أبالي ويقول النبي أيضاً كان عند ابن سائد بسند صحيح وأسألك سبحان الله وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة سبحان الله وعند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يخير النبي بين الخلد في الدنيا وبين لقاء الله فيختار لقاء الله سبحانه وتعالى تدخل عليه فاطمة كان عند البخاري تدخل عليه فاطمة عليها السلام فتقول وا كربة أبتاه فيقول ليس على أبيكي كرب بعد اليوم دنا ذاهب للقاء ربي سبحانه وتعالى فليس على أبيكي كرب بعد اليوم سبحان الله نجيب بقى أحوال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم يقول بكر المزني يقول ما سبقنا أبو بكر بكثير صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في صدري قال أهل العلم :(1/222)
هو محبتهم لله سبحانه وتعالى وسيدنا بلال رضي الله عنه وأرضاه عند سكرات الموت كانت امرأته تقول وا حزناه فيقول لها بل وا فرحا غداً ألقى الأحبى محمداً وحزبه صلى الله عليه وآله وسلم معاذ بن جبل يدخل عليه ملك الموت فيقول معاذ بن جبل عند الموت يقول مرحبا بالموت مرحبا يا ترى عند الموت حنقول مرحبا بالموت مرحبا يا ترى إحنا بنشتاق للقاء الله النبي قال كدا كان عند البخاري النبي قال من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقائه سيدنا معاذ ملك الموت يدخل عليه يقول مرحبا بالموت مرحبا زائر مغب إن كنت فين من زمان زائر مغب وحبيب جاء على فاقة ما أفلح من ندم حكيم بن حزام رضي الله عنه وأرضاه بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام يذهب في عام فيحج ويأخذ معاه ألف شاه ويذبحها ويطعم فقراء الحرم في السنة اللي بعدها يأخذ معه مئة ناقة ويذبحها أيضاً ويطعم بها فقراء الحرام في السنة الثالثة والأخيرة اللي مات فيها حكيم بن حزام رضي الله عنه وأرضاه يأخذ معاه مئة عبد يحط في رقابهم يعني خواتيم مكتوب عليها عتقاء للرحمن فيعتقهم في يوم عرفة ويقول :(1/223)
يا رب قد أعتقت رقابهم وأنت أولى بالعتق فاعتق رقبتي من نار جهنم وعند الموت يبكي حكيم بن حزام ويقول أخشاك ربي وأحبك أخشاك ربي وأحبك أخشاك ربي وأحبك ويموت عند هذه الكلمة رضي الله عنه وأرضاه خليد بن علي لما أصابه المشركون في أرض التنين وأرادوا أن يقتلوه سبحان الله ماذا قال خليد بن علي قال كلمته المعروفة ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الآله وإن يشأ يبارك على أوصال شل ممزع سبحان الله كل الحاجات دي تهون أنا لو جسمي أتقطع حتت في سبيل الله أنا مش مشكلة عندي كل دا يهون في سبيل الله سبحانه وتعالى بل هناك عبد الله بن حزافة رضي الله عنه و أرضاه لما أسره ملك الروم وعرض عليه إنه يتنصر ويترك دين الله عز وجل قال له حديك نصف ملكي على أن تترك دين محمد صلى الله عليه وسلم قالوا هيهات هيهات مش حيصل قالوا طب خلاص أعطيك نصف ملكي وأزوجك ابنتي يعني أعطيك الملك كله فأبى المهم عمل معاه أشياء غريبة جداً جاب قدر فيه زيت مغلي وحط اثنين مسلمين في هذا القدر وانفصلت اللحوم عن اللحظة دي بعدين أمرهم أن يبقوهم في القدر فلما أخذوه بكى فقال له علما البكاء أتريد أن تتنصر قال لا ولكني أبكي هو دا الشاهد قال لا ولكني أبكي لأني لا أملك إلا نفساً واحدة تعذب في سبيل الله وكنت أود أن أمتلك أنفساً بعدد الشعر على رأسي تعذب في سبيل الله جل وعلا وأختم بالمشهد الجميل دا لسيدنا عبد الله بن جحش وسيدنا سعد بن أبي وقاص كان المشهد دا قبل غزوة أحد مباشرة سعد بن أبي وقاص بيقول لعبد الله بن جحش بيقول له:(1/224)
يا عبد الله أنت تعلم ما حضر من المشاهد يعني خلاص نحن بيننا وبين الموت شعرة خش لعل وعسى ربنا يقبل الشهادة ألا نتمنى على الله تعال ندعو كل واحد منا يدعو دعوة لعل الله يستجيب لنا فسعد بن أبي وقاص فقال أما أنا فا اللهم إني أسأله أن تلقني اليوم رجلا شديداً حرده شديداً بأسه أقاتله فيك فأقتله ثم أخذ سلبه ثم تلقني رجلاً ثانياً وثالثاً ثم تلقني رجلاً رابعاً شديداً حرده شديداً بأسه أقاتله فيك فيقتلني ثم نظر سعد بن أبي وقاص لعبد الله بن جحش وقال تمنى على الله يا عبد الله فقال عبد الله بن جحش واستمع إلى هذه الكلمات الجميلة قال أما أنا فالله إني أسألك أن تلقني اليوم رجلاً شديداً حرده شديداً بأسه أقاتله فيك مش حاقدر أصبر أنا مشتاق للقائك قوي نفسي أقابلك نفسي ألقى الله عز وجل الآن سبحان الله قال أقاتله فيك فيقتلني ثم لا يكتفي بذلك بل يقطع أنفي ويجدع أذني ويبقر بطني فإذا لقيتك يوم القيامة سألتني كنت فيما كان ذلك يا عبد الله أقول من أجلك فتقول صدقت سعد بن أبي وقاص يقول لما انتهت غزوة أحد بحثت عن عبد الله بن جحش فوجدته على نفس الهيئة التي تمناها وجدته قد قتل وقد بقر بطنه وجدع أنفه وقطعت أذنه فقلت صدق الله فصدقه الله والله لو ربنا يحبك أيها الأخ الحبيب حيكرمك في الدنيا والآخرة اسمع ماذا يقول جل وعلا يقول كان في الحديث القدسي الذي رواه البخاري قال فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولأن سألني لأعطينه ولأن استعاذ ني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبد مؤمن ليه يا رب قال يكره الموت وأنا أكره مساءته سبحان الله ويقول صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم إن الله إذا أحب عبداً نادى يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في ملائكة السموات السبع إن الله يحب فلان فأحبوه فتحبك ملائكة السموات السبع ثم يوضع لك(1/225)
القبول في الأرض سبحان الله ويقول صلى الله عليه وسلم:
كما عند الترمذي بسند صحيح إن الله إذا أحب عبداً استعمله قلنا كيف يستعمله يا رسول الله قال ييسر له عملاً صالحاً ثم يقبضه على هذا العمل بل وينجيك الله عز وجل من النار ويدخلك الجنة إذا أحبك جاء عند الحاكم بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم بالله وقال والله لا يلقي الله حبيبه في النار أبداً شوف لما ربنا أحب سيدنا إبراهيم نجاه الله عز وجل من النار وجعل له النار برداً وسلاما على إبراهيم شوف لما ربنا أحب سيدنا موسى ووصل موسى وهو طفل رضيع إلى قصر الفرعون يلتقطه آل فرعون وتنظر إليه أمرآة الفرعون وتقول قرة عين لي ولك لا تقتلوه سبحان الله فيلقي الله عز وجل محبته في قلب امرأة فرعون بستار شفاف رقيق ألا وهو وألقيت عليك محبة مني ولتسنى على عيني شوف لما ربنا أحب السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها عند الموت أو قبل الموت يرسل إليها السلام خصيصاً من عنده سبحانه وتعالى ويبشرها ببيت في الجنة من القصب يعني من لؤلؤ مجوف يأتي جبريل كما في الصحيحين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له:(1/226)
يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه طعام أو شراب فإذا هي أتتك فأقرئها السلام من ربها عز وجل ومني يعني ومن جبريل وبشرها ببيت في الجنة من قصب يعني من لؤلؤ مجوف لا صخب فيه ولا نصب شوف لما ربنا أحب سيدنا سعد بن معاذ اهتز عرش الرحمن فرحا بقدوم روح سعد رضي الله عنه وأرضاه شوف لما ربنا حب سيدنا بلال وسيدنا عمار وسيدنا سلمان وسيدنا علي بن أبي طالب جعل الجنة تشتاق إليهم كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي بسند صحيح إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة علي وعمار وبلال وفي رواية علي وعمار وسلمان شوف لما ربنا أحب سيدنا أبي بن كعب أمر نبيه صلى الله عليه وسلم من خلال الوحي كما عند مسلم أن يذهب إلى أبي خصيصاً وأن يقرأ عليه سورة البينة فقال له أبي يا رسول الله الله سماني لك يعني قال لك اقرأ السورة دي على أبي ولا قال لك أي صحابي فأنت اخترتني قال الله سماك لي وفي رواية عند أحمد بسند صحيح قال وقد ذكرت هناك أنا اسمي إتنطق فوق سبع سموات فقال صلى الله عليه وسلم لقد ذكرت هناك يا أبي فبكى أبي فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :
يا أبي وهل فرحت بذلك قال وما الذي يمنعني أن أفرح وقد قال جل وعلا قل بفضل الله ورحمته وبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وأخيراً لما أحب الحق جل وعلا عبد الله ابن عمر ابن حرام رواه جابر بن عبد الله أنه الله عز وجل سبحانه وتعالى كلمه كفاحا بغير حجاب كما عند الترمذي بسند صحيح النبي صلى الله عليه وسلم لما قتل عبد الله ابن عمر ابن حرام قال لجابر يريد أن يواسيه فقال يا جابر هل تعلم ما صنع الله جل وعلا بأبيك هل تعلم ما صنع الله بأبيك قال قلت الله ورسوله أعلم فقال له صلى الله عليه وسلم :(1/227)
يا جابر إن الله لم يكلم أحداً إلا من وراء حجاب إلا أباك فإن الله قد كلمه كفاحاً أي بغير حجاب والكلام دا يكون بعد الموت قبل الموت ما حصلش فقال فيه إن الله كلمه كفاحاً وقال عبدي تمنى علي فقال يا ربي أتمنى أن أرد مرة أخرى إلى الدنيا فأقتل فيك ثانياً أنا نفسي أرجع مرة ثانية واتقتل من أجلك يا رب فقال جل وعلا إنه قد سبق القول مني أنهم إليها لا يرجعون فقال والد جابر يا ربي فأخبر من ورائي حتى لا ينكلوا عن الجهاد في سبيل الله فنزل قول الله عز وجل ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون دي كانت نماذج بسيطة من المحبين لله جل وعلا لو كنت محباً لله فلا بد أن تتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ محمد بن لطفي الصباغ ( الرياض - السعودية)
ضيف الحلقة :
واجب الدعوة
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين(1/228)
أيها الإخوة أيتها الأخوات كلمتي موجه إليكم وإليكن إلى الإخوة وإلى الأخوات نحن يا أيها الإخوة والأخوات مطالبون نحن المسلمين عامتاً مطالبون بأن ندعي الناس إلى هذا الدين العظيم هذا الدين الذي ينقذهم من المظالم التي يتعرضون لها في الدنيا وينقذهم من نار الله يوم القيامة فو الله دعوة هؤلاء هي دعوة إلى ما يسعدهم في الدنيا وإلى ما يسعدهم في الآخرة أيها الإخوة والأخوات هذه المطالبة موجهة إلى كل فرد يملك القدرة على الدعوة وعرف أمر من أمور هذا الدين كلٌ بحسب طاقته لأن عندنا نحن في شريعة الإسلام مبدأ يشمل كل الأحكام وهو لا يكلف الله نفساً فوق وسعها لا يكلف الإنسان إلا بما يطيق إلا بما يقدر عليه فهو مكلف بالدعوة بحسب طاقته التي أتاه الله إياها وكذلك عملا ً بقول الرسول عليه الصلاة والسلام الذي رواه البخاري يقول عليه الصلاة والسلام:
بلغوا عني ولو أية أنت يا أيها الأخ الكريم وأنت يا أيتها الأخت الكريمة إذا كنت لا تعرفين إلا أية عليك ِ أن تبلغي هذه الآية للناس لأن لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم يعني مجرد أن يكتب الله لك أن تهدي رجل واحد هذا شيء عظيم جداً بعدين قضية الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه صفة تلازم المؤمنين يقول ربنا عز وجل كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله هذه الخيرية التي يقررها ربنا تبارك وتعالى مرتبطة بهذه الأمور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله عز وجل كذلك نجد أن الله تبارك وتعالى ذكر من صفات المؤمنين ومن صفات المؤمنات هذه الدعوة وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقول الله عز وجل في سورة التوبة :(1/229)
والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولائك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم .
نجد أن هاتين الآيتين ذكرت خمس صفات ينبغي المفروض أنها موجودة في المؤمنين والمؤمنات
الصفة الأولى :
التناصر والتعاضد بين المؤمنين وهذا ما يؤيده الحديث الصحيح الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه صلوات الله وسلامه عليه الجدار عندما نتركه في الصحراء هذا معرض على مدى الأيام أن يتضعضع لكن إذا كان هذا الجدار متصلاً بجدار أخر متصلاً بجدار أخر هذا يشد بعضه بعضاً وكذلك المؤمنون يتعاضدون ويتناصرون ويتعاونون على البر والتقوى وأيضاً الحديث الأخر الذي يصور به الرسول عليه الصلاة والسلام أن المسلمين كأنهم جسد واحد مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى يعني واحد جرحت رجله نجد ترتفع درجة حرارته ويريد أن ينام لا يستطيع أن ينام لكن إيه علاقة الرجل بالرأس علاقة تضامن وترابط وتعاون هذا هو قوله تعالى والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض .
الصفة الثانية(1/230)
أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر المؤمن إذا رأى منكراً ينبغي أن ينهى عنه ولكن ينهى عنه بالأسلوب الحسن لأن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه يعني واحد رأى منك يقوم به واحد ما أنه يأتي إليه يقول له يا عدو الله يخرب بيتك وأبوك عل لا هذا ينثره عند إذن من الاستجابة لا وإنما يعرض له يعني بالأسلوب الحسن وهناك أحاديث كثيرة أخرى تدلنا على الرفق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهناك درجات يعني واحد في بيته منكر هذا يجب أن يزيله مو يأمر بإزالته ويسكت أو يقول :
للهم إن هذا منكر لا أرضى به مو أنت صاحب البيت إذا كنت في بيتك لا تستطيع أن تزيل المنكر معنى ذلك إنك أنت إنسان خربان وتعبان ولا شأن لك ولا قوة أما إذا زار صديق له ورأى منكر هذا ممكن أن ينكره بلسانه ولكن بالأسلوب اللطيف الحسن والله في منكر لا يستطيع أن ينكره ولا هو في بيته ويخاف من أن هذا يجب أن ينكره في قلبه هنا والإنكار في القلب يعني ينبغي أن تظهر علاماته على الوجه يعني يظهر انطعاد من هذا المنكر ويقول اللهم إن هذا منكر لا أرضى به ولا أقوى على إزالته .
الأمر الثالث(1/231)
التي ذكرته هاتان الآيتان إقامة الصلاة ما في أعظم من الصلاة بعد الشهادتين أبداً الصلاة يعني هي عماد الدين والذي يتركها لا يكون له حظ من الإسلام أبداً ولذلك الصلاة هذه لا يعفى منها إنسان مادام عنده وعي والله مانك حاسن تصلي على الواقف صلي وأنت قاعد مانك مستطيع أن تصلي وأنت قاعد وأنت مضجع لا تسقط الصلاة عن إنسان واعي أما لما بيروح الوعي وما يعود عنده وعي هذا يعني سقط عنه التكليف كذلك إيتاء الزكاة هذه من صفات المؤمنين وبعدين طاعة الله ورسوله ينبغي أن لا يقدم على طاعة الله ورسوله شيء إذا توافرت هذه الصفات وينبغي أن تتوافر في المؤمنين والمؤمنات كما ذكر ربنا والمؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولائك سيرحمهم الله ما أعظمها من مكافئة إن الله عزيز حكيم ثم ذكر تبارك وتعالى أنه وعد المؤمنين والمؤمنات الجنة وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر هناك حديث جميل يذكر فيه الرسول عليه الصلاة والسلام حواراً يجري بين الله عز وجل وبين أهل الجنة وهذا الحديث أخرجه بخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(1/232)
إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك وسعديك والخير في يديك فيقول الله هل رضيتم بعد إن دخلتم الجنة ورأيتم هذا النعيم المقيم فيقولون ولماذا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعطي أحد من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك قالوا ( إيش في أفضل من ذلك) فيقولون يا رب أي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط أبدا ورضوان الله اكبر من هذا النعيم الذي كانوا يتقلبون فيه نسأل الله عز وجل أن يكتب لنا ولكم هذا النعيم المقيم وهذا الرضوان الكبير من الله عز وجل ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم إلى ما يرضيه وإلى لقاء أخر إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ سعد بن مسفر القحطاني ( مكة المكرمة - السعودية)
ضيف الحلقة :
أمراض القلوب ( فضل الأكل والنوم )
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله على أله وصحبه وسلم أجمعين ،(1/233)
أما بعد سلام الله عليكم أيها الإخوة المشاهدون ورحمته وبركاته واسعد الله جميع أوقاتكم ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامجكم كلمة مضيئة موضوع هذه الحلقة سوف تكون حول سبب من أسباب مرض القلب ومرض القلب آفة تؤدي إلى الدمار في الدنيا والآخرة ولابد للمؤمن أن يحرص على سلامة قلبه وذلك باجتناب هذه الأسباب ومن هذه الأسباب في دور الأكل وقد يقول الإنسان ما علاقة هذه الأسباب في الأكل نقول نعم هو له علاقة فإن القلب متعلق بالروح المتعلقة بالآخرة وأشرق عزف عن شهوات الدنيا ورغب في رحمة الله ولكن ركز اهتمامه كله على شهوات الدنيا أصبح يعني اهتمامه محصور في شهوات بطنه وشهوات الفرج والعياذ بالله وأصبح كالبهيمة والله سبحانه تعالى يقول للكفار الذين كفروا يأكلون كما يأكل النعام وإنه مسواً لهم وقد يعلموا قوله صلى الله عليه وسلم عندما فجعل يتدشى أمام الرسول صلى الله عليه فقال:(1/234)
أقلل علينا يا هذا من دشائك أي نعم فإن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أكثركم جوعاً يوم القيامة وكان صلى الله عليه وسلم يكثر الوضوء بالصيام ويكثر بعدم التوسع في المأكل كما تقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها كان يصوم الهلال وهلال الهلال ستين يوم شهرين بثلاث أهلة لا يوقد جروح آل محمد امرأة اللهم صلي على عبدك ورسولك محمد الله أكبر هذا شهرين قال ما في نصف دار محمد نار فستغرب عبد الله ابن الزبير قال وما طعامكم يا أماه قالت الأسودين الماء الأسود والتمر الأسود ليس التمر الأحمر الذي ذي الوانيات لا فرضيتم قال نعم كيف كنتم اليوم لو خاب من المال لحظات الآن ليس في بيوتنا نار نيران الآن الموقف الذي فيه جمعة عشر عيون وكل عين شغالة وعليها ندر هذا يقلي هذا يشوي هذا ينهض و تجي تمر من فوق ليش أكل ما شغله الناس إلا الأكل العياذ بالله هؤلاء ابتلوا بالأسقام والأمراض الآن لو انتهى الغاز من بيتك ولم تستطيع أن تأتي به بالوقت ودخلت للبيت ووجدت البيت ما في نار كيف تعيش مع أن في بدائل العيش موجود الخضار موجود المعلبات موجودة الأجبان موجودة تقدر تأكل موضروري طبيخ لا كن خلاص ما يهم مصيبة لازم بامة ولازم رز ولازم جاج ولازم لازم ما في نار أقول ما في بيتك يوم واحد كيف أكرم بيت وأشرف بيت بيت النبوة بيت محمد أحبه الله ستين يوم ما في نار ولا يأكل إلا الأسودين وتقول عائشة رضي الله عنه:(1/235)
ا ما شبع أل محمد من طعام البر حتى ماتوا ماذا كانوا يأكلون كان الشعير طعامهم مات الرسول صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهون عند يهودي ثلاثين صاعاً من الشعير هذا الطعام ما نأكله الآن هذا طعام النبي صلى الله عليه وسلم ما نأكله الآن هو أكرم خلق الله وهذا سبب من أسباب حرق قلوب الصحابة رضي الله عليهم والسلام الواقع أهم لا يهتمون بالأكل وما معنى هذا أنهم لا يأكلون لكن يأكلون بالمقدار الشرعي أولاً يأكلون من الطيبات لا يأكلون القبائح ثانياً يأكلون بالسنة شو السنة أولاً يسمون الله حديث عنهما بدأ يأكل جعل يده تبدأ الطعام(1/236)
قال يا غلام سمي الله أولا قال ليش أسمي فإذا أكل بغير اسم الله أكل معه الشيطان وكل بيمينك في عالم تأكل بيمنه وعالم تأكل بيمينها وشماله وعالم تأكل بشماله وهذا غلط لأن الشيطان يأكل ويشرب بشماله وكل مما يليك هذا أدب لا تكن طماع إذا قعد على سفرة لا تطالع في طعام الناس هداك عنده لحمة زينة وهداك عنده أكلة ممتازة و ليش ما عندي وهداك لا ما يجوز هذا يدل على طمعك وعلى جشعك وعلى قلة زوقك كل من نصيبك الذي ربي حطه أمامك بعد ذلك الطعام واحد كله صنف واحد هذا الأدب الشرعي وإذا أكلت ففي معايير في الأكل البطن ليس ثلاجة أو خزان تبعي ولا كيس تدحشه لا البطن وعاء النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما غدا آدمي وعاء شر من بطنه الشر وعاء تعرف أثم بطنك والعياذ بالله كيف قال بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه يعني يأتي بحسب ما يكفيك أيش لقيمات لقيمات يعني تصغير لقمة يقمن صلبه فكيف ينفع إنسان كيف تمنع إنسان يقصم صلبه ويجيك أي نعم فغنت قلت لابد أكلاً لا والله أحتاج أن أكل فقسم البطن ثلاث أقسام ثلث للطعام وثلث للشراب وثلث خليه فراغ قلنا بس طب كيف اعرف أن الثلث هذا للطعام قبل الشباع قبل أن تشبع هذا ليس ثلث إذا وصلت للشبع يكون هيك الثلث للطعام فحل الشراب إن بعض الناس بعد أن يشبع يأكل ليه لأن ما في نوع من الطعام ما يمر عليه هو شبع من الرز واللحمة الريقان وبقي الفاكهة أو بقي الحلو يأكل من غير حاجة هذا يعبي الثلث الأخير الخاص بالهواء فإذا اكتمل مرة واحدة ما يعود يقدر حتى يتنفس بعضهم خلاص مدري كم كيلوا عبيته كل شوي يع يع هذا تطلع معد في شيء معد في مكان فيصاب بالتخمة ويصاب بالمرض والعياذ بالله ويصاب بالعلة ويروح للأطباء كل المستشفيات ما فيها إلا طبيب عيون واحد وأذن واحد وأسنان واحد لكن باطنية عشرات الأطباء كل واحد لديه مريضه من أسبابه الأكل و الدحش والعياذ بالله حتى إذا مررت في الأسواق وفي الشوارع تشوف الناس الكل يأكلون(1/237)
في أسواق معينة وشوارع كلها كاملة من أولها إلى أخرها مطاعم ومطاعم على أنواع أي نعم الحنين والمنبي والكبسة بروستد الهمبرغر أكلات ما سمعنا بها أي نعم البيوت تطبخ والمطاعم تطبخ والناس يدحشون يفطرون لحم ويتغدون لحم ويتعشون لحم ويأكل وهو شبعان بس موجود الطعام لازم يدحش وأصيب الناس بعد هذا بالعلل والأمراض والعياذ بالله لأنهم يأكلون أكثر من طاقتهم ويصابون بالأمراض أمراض السكر أمراض الثمنه أمراض الذبحة ارتفاع الدهون ارتفاع الكولسترول يؤدي إلى الجلطات التي يصاب بها أكثر الناس الآن بينما نشوف الفقراء ما عندهم كولسترول ولا عندهم دهنيات ولا عندهم أمراض ولا سكر ليه يأكلون قليل ويشتغلون إنما الناس يأكلون الكثير وينامون فيصابون بهذه العلل والأمراض وهذا يؤدي إلى قسوة القلب يقول لا تجعل قلب بطنك مقبرة للبهائم والحيوانات ما غير بس تكبس من هذه العجول ومن هذه الجمال ومن هذه الخرفان ومن هذه التيوس ومن الدجاج ومن الطيور ومن الأسماك ما خليت نوع من اللحوم إلا أكلته بعضهم يفطر في الصباح كبة ويتغدا بالظهر كبسة ويتعشى في الليل سمك(1/238)
ويا لله هذه شغله أكثر الناس والعياذ بالله حتى قست قلوبهم طيب والمنطق المنطق انك تأكل قليلاً وهذا ما يوصي به الأطباء وهو الذي يحفظ عليك صحتك فغن الجسم يحتاج إلى قدر معين من الطعام فإذا تجاوز هذا القدر رجع هذا القدر الزائد أنما وعبئاً وثقلاً على المعدة وعلى الأمعاء وعلى الأجهزة الهضمية فيرتب لهذا مشاكل وأمراض كثيرة منها الفشل الكلوي الفشل الكلوي مرض يصيب الإنسان بأسباب كثرة اللحوم أكلها وهذا ما في داعي إنك تكفي يا أخي الكريم حتى لا يقسوا قلبك وحتى لا يمرض قلبك يفسد عليك وإذا عنك مال وظف هذا المال فيما ينفعك ويحي قلبك يا أخي في فقراء يموتون جوع الآن ما تسمعون بمجاعات ببعض دول العالم في بنفس البلد التي أنت تعيش فيه ابحث في أسر فقيرة في أيتام في أرامل في محرومين في ناس ما عندهم أي دخل وظف هذه الأموال التي تحطها في بطنك تحطها بعدين في الزبالة وترميها حطها في مثل هذه الأمور حتى يقف ويلين قلبك وحتى يسلم قلبك بإذن الله سبحانه وتعالى فكثرة الأكل أيها الإخوة المشاهدون سبب خطير من أسباب يعني الإصابة بمرض القلب يترتب على كثرة الأكل أيضا الكسل وفتور وضعف بالعبادة خلص لأنه عبئ التنكة إلى الحنايا خلاص انتهى ودائماً السيارة لما تعبئ ما عاد تقدر تمشي وكذلك الإنسان إذا عبئ بطنه ما عاد يقدر يقوم بالطاعة ولا يقدر يقوم يصلي والبعض يقول أريد أصلي جيب السجادة لهنا ليش مليان لو أنه خفيف وأكل قليل لذهب إلى المسجد وصلى في المسجد وبعضهم ما يقدر يقوم الليل لماذا يقوم الليل إذا كان خفيف لكن إن امتلئ خاصة في هذه الأيام تجد أكثر الناس لا يتعشى إلا في ساعة متأخرة ويش العشاء العشاء جامد كبسة يكبس بطنه حتى ينفجر ثم يروح ينام ما يصلي لا قيام ليل ولا يصلي فجر بعضهم ما يصلي للظهر والعياذ بالله وهذا خطير جداً أنك تكون كسلان في عبادة الله لأن الذي يكسل في عبادة الله يدل على أنه مريض قلب المنافقون وهم أصحاب(1/239)
القلوب المريضة يقول الله فيهم أن المنافقين مخادعين الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالا يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ليش يقومون إلى الصلاة وهم كسالا لأنه قلوبهم مريضة و ليش قلوبهم مريضة ربما بأسباب من أسبابها كثرة فضول الأكل فعليك أن تقتصر أيها الأخ المسلم على ما يحتاج إليه جسمك
وإذا عندك رزق ومن الله عليك بشيء فاصرفه بالمجالات الأخرى أيضاً يؤدي فضول الأكل إلى شيء أخر وهو النوم الكثير والنوم الكثير هذا خطير على الإنسان ليش لأن حياتك أيها الإنسان هي ساعات ولحظات وأيام وليالي ويعني سنوات لا تمضيها في النوم أي نعم وإنما نم بقدر ما تحتاج ونم في الليل وبرمج نفسك في النوم على مواعيد العبادة الله سبحانه وتعالى جعل صلاة العشاء ومن صلاة العشاء إلى الفجر أطول فترة يعني مثلاً نصلي العشاء الساعة ثمانية ونصف الفجر يكون أربعة ونصف يعني كم فيه حوالي الثمان ساعات ونصف هذه الساعات الطويلة نخليها للنوم عشان نقوم نصلي الفجر الآن جعلوا هذه الساعات للسهر وللعب وللأفلام وللمسلسلات فضيعوا صلاة الفجر ثم جاؤوا لينامون قبل الفجر بعض الناس يسهر للساعة ثلاثة إلى الساعة أربعة ثم يجيه وخلاص منتهي ما يستطيع التماسك فينام فإذا نام عن الفريضة وصلاة الفجر والعياذ بالله قال الشيطان في أذنيه وقال له نم عليك ليل طويل فيصبح خبيث النفس كسلاناً برمج نومك على أساس صلاتك بحيث لا يتعارض موعد نومك مع موعد الصلاة موعد الصلاة كون فيها يقظان أي نعم وهذا ما يكون في نوم الليل لأن نوم الليل هو أريح للجسم الله جعل الليل لباس وجعل الليل سكن أي نعم ولم يجعله للسهر فإذا قلب الناس الموازين لهذا يقول الأطباء أن في خلايا في المخ لا تتوقف إلا في النوم في الليل الذي ينام في النهار ينام لكن الخلايا هذه شغالة فيستيقظ الإنسان من نوم النهار وكأنه لم ينم يستيقظ تعبان ومنزعج وجسمه لا يزال متهالك ويريد النوم ليه(1/240)
لأن الخلايا شغالة لكن هذه تسكن متى تسكن في الليل فنوم الليل يحفظ لك صحتك ويحفظ لك أيضاً عبادتك ويقويك على أداء هذه العبادة ويحفظ لك صحتك القلبية قلبك فلتنام الليل ولكن كم بالمقدار الذي يحتاج له جسمك ما الذي يحتاجه الجسم إنك ما تطلب النوم إذا طلبت النوم وقعد بعضهم يقول:
لا قفل الكهرباء سك الأجراس قفلوا سك البيبان اقعد ليش قال أنتظر النوم يجي لا يا أخي الكريم ما جاك النوم قوم تعبد خذ كتاب الله واقرأ القرآن خذ كتاب السنة واقرأ أي نعم خذ أي كتاب قوم صلي لله ركعتين أربع ست ما دام ما جاء النوم لا تنام إلا إذا جاء النوم وإذا نمت واستيقظت خلاص ما تقعد تتقلب بعضهم يقعد يتقلب في الفراش ساعة ساعتين يدور على النوم لا راح النوم مع السلامة أشوف شغلتي أي نعم فنوم الليل أهم شيء أيضاً نوم القيلولة والقيلولة هي فترة ينامها الإنسان بعد قبل صلاة الظهر أو بعده الآن في ظل الدوام ما عد في قبل الظهر لكن قدام كانوا ينامون الناس ما كان في دوام ولا دوائر حكومية ولا شيء إنما أعمال مهنية أو أعمال جراعية وأعمال صناعية والواحد يشتغل إلى أن تحتر الأرض والشمس ويروح لبيته يقيل شوي ثم يقوم يصلي الظهر القيلولة تعين على قيام الليل وفيها راحة للنفس الإنسانية أسوء الأوقات إلى النوم النوم بعد العصر أن هذا ما هو طيب لكن من اطر عليه فلا بأس لأن بعض الناس يداوم للساعة ثلاثة أو من الاثنين ونصف ثم يذهب على البيت الساعة ثلاثة وبعد الساعة ثلاثة يأذن العصر فيصلي العصر يجد نفسه تعبان لا مانع أن ينام قليلاً بعد صلاة العصر من أسوء الأوقات النوم بعد صلاة الفجر ويسمونها الفيلولة وهي التي تفل القوى ينام الواحد وهو نشيط ويقوم وهو تعبان هو أصلاً الواحد ينام عشان أيش عشان ينشط لكن أما ينام في هذا الوقت يقوم من النوم وهو في غاية التعب والكسل فلا ينام وبعد ذلك عليه أن يرتب أوقات نومه على أوقات عبادته وبالتالي يسلم ويصح قلبه وتستقر(1/241)
حياته ويعيش حياة هنية سوية ويبعد نفسه عن المشاكل الصحية المشاكل القلبية حتى ألقاكم أيها الإخوة في حلقة أخرى أستودعكم الله وفي أمان الله وحسن رعايته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ مصطفى العدوي ( مصر)
ضيف الحلقة :
فقه الأخلاق ( المواساة )
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فنحن مع باب عظيم من أبواب جلب المودة والمحبة وتوطيد العلاقات بين المؤمنين ألا وهو باب المواساة فالمواساة لها أثر عظيم فيما ذكر وأصلها العلاج والمداواة والإصلاح فكأن المواسي يعالج المواسى ويداويه ويصلحه المواساة أحياناً تكون بالمال شخص يواسي شخصاً فقيراً بماله أو يواسي شخصاً أصيب بخسارة فيعطيه من المال ما به تخفف عنه هذه الخسارة أحياناً تكون المواساة بالجاه أحياناً تكون المواساة بكلمة طيبة أحياناً تكون المواساة بزيارة في الله فللمواساة صور متعددة ومختلفة فمن المواساة بالمال ما صنعه الأنصار مع المهاجرين رضي الله عنهم أجمعين قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم:
والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم هم الأنصار يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويسيرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاص ومن يوقى حش نفسه فأولئك هم المفلحون ضرب الأنصار أروع الأمثلة في المواساة والإيثار مواساة إخوانهم المهاجرين بل وإيثارهم على أنفسهم هذا ومن صور المواساة بالمال قول النبي صلى الله عليه وسلم من كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له فقول النبي صلى الله عليه وسلم :(1/242)
من كانت له أرض فليزرعها أو فليمنحها أخاه ومن صور ذلك أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وقوله صلى الله عليه وسلم وقد أتاه أضياف من كان عنده طعام اثنين فليأخذ ثالثاً فل يأخذ شخصاً ثالثاً مع الطعام الذي يكفي الاثنين فيكون عدد الأكلة ثلاثة فطعام الاثنين يكفي الثلاثة كما قد جاء عن رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام ومن صور المواساة بالمال التي يقام بها الأنصار مع إخوانهم المهاجرين قول سعد بن الربيع لعبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنهما وقد أخا النبي صلى الله عليه وسلم بين سعد وبين عبد الرحمن قال له إني أكثر أنصاري بالمدينة مالاً فهلم إلي أشاطرك مالي أي أقسم مالي بيني وبينك نصفين بل وقال له أعظم من ذلك قال له ولي زوجتان فانظر إلى آيتهما أعجب إليك أنزل لك عنها وتتزوجها قال عبد الرحمن بارك الله في أهلك ومالك ولكن دلوني على السوق الحديث هذا من المواساة والإيثار ما صنعه أبو الدحداح رضي الله تعالى عنه
إذ قد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لفلان من الناس نخلة فدعه يعطيها لي يا رسول الله أقيم بها حائطي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب النخلة أعطه إياها و لك بها نخلة في الجنة فأبى هذا الرجل فذهب أبو الدحداح بعد أن تفرق المجلس إلى هذا الرجل إلى صاحب النخلة وقال له أعطيك بستاني وتعطيني نخلتك بعني نخلتك ببستاني قال قد فعلت فأخذ أبو الدحداح النخلة وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(1/243)
يا رسول الله النخلة التي سألت الرجل ها هي يا رسول الله خذها ضعها حيث أراد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم كم من رزق في الجنة رواه لأبي الدحداح فذهب أبو الدحداح إلى امرأته وهي في البستان فقال يا أم الدحداح اخرجي يا أم الدحداح فقد بعت بستاني بنخلة في الجنة قالت له زوجته ربح البيع ربح البيع فرضي الله تعالى عنهم أجمعين هذه بعض صور المواساة بالمال قال النبي صلى الله عليه وسلم في باب المواساة بالطعام كذلك إن الأشعريين إذا أرملوا بالغزو فنفذت أزوادهم أو قل طعامهم أمروا بكل طعام أو بالأطعمة التي مع كل واحد منهم فأتى بها فجعلوها في مكان واحد واقتسموها فيما بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم بنحو هذا قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكذلك واسى المهاجرون رسول الله صلى الله عليه وسلم بأموالهم فأتى أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله هذا مالي قال يعني يتصدق به أو يتطوع به للنبي عليه الصلاة والسلام يصرفه كيف يشاء في مصالح المسلمين قال عليه الصلاة والسلام ما أبقيت لأهلك يا أبا بكر قال:(1/244)
أبقيت لهم مثله يا رسول الله عفوا ًقال ما أبقيت لهم يا أبا بكر قال أبقيت لهم الله ورسوله أما عمر رضي الله تعالى عنه فأتى بنصف ماله فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لهم يا عمر قال أبقيت لهم مثله يا رسول الله هذا وسمى أنواع أخر وصور أخر من المواساة فمن ذلك على سبيل المثال التذكير بمصائب الآخرين فبها يخفف البلاء عن أل الابتلاء قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل وقال الله له ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ومن صور المواساة بالكلمات قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه من كان يعبد محمد فإن محمد صلى الله عليه وسلم وقد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ومن صور المواساة أيضاً التذكير بالأجر الأخروي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم حارثة رضي الله عنهما يا رسول الله أخبرني عن حارثة وكان قد قتل في بدر رضي الله تعالى عنه أفي الجنة فإن كان في الجنة صبرت واحتسبت وإن كان غير ذلك لا يرون الله ما أصنع قال النبي صلى الله عليه وسلم أوهبلتي يا أم حارثة إنها جنان وإن ابنك قد أصاب الفردوس منها فمثل هذه الكلمات تهون الخطوب على آل الابتلاءات والمصائب ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما من مسلمين يقدما أو ما من امرأة تقدم ثلاثة من الولد أو يموت لها ثلاث من الولد إلا لم تمسها النار إلا تهلت القسم قالت امرأة واثنان يا رسول الله قال واثنان فمثل هذه البشارات لأهل الابتلاءات تخفف عنهم ما هم فيه ومن ذلك أيضاً من صور المواساة قول النبي صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر طعاما ً هذا حديث قد حسن من بعض العلماء وإن كان فيه كلام يسير ومن صور المواساة كذلك قول المهاجرين أو قول الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم :(1/245)
يا رسول الله اقسم بيننا وبين إخواننا اقسم بيننا وبين إخواننا يعنون النخيل فأبا النبي عليهم ذلك قالوا يا رسول الله إذاً يكفونا ألمؤنه والعمل ويشاركوننا في الثمرة فرضي بذلك منهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالمواساة لها أثر طيب في تطييب الخواطر والنفوس ومن المواساة أيضاً عيادة المريض ولذا قد شرعت ودلت عليها جملة من النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم عودوا المريض قال عليه الصلاة والسلام عودوا المريض وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى أنه يقول يوم القيامة عبدي مرضت فلم تعدني فيقول العبد كيف أعودك وأنت رب العالمين فيقول الله له أما علمت أن عبدي فلان قد مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده وقد قال البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيادة المريض فعيادة المريض فيها نوع من أنواع المواساة وخاصة إذا ذكرت المريض بالأجر الذي ادخر له إذا ذكرته نحو الوارد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يصيب المسلم من هم ولا حزن ولا نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا حط الله بذلك من خطاياه كما تحط الشجرة ورقها فمثل هذا الكلام يثني عن المريض وكما قال النبي صلوات الله وسلامه عليه .(1/246)
وقد ذهب إلى أعرابي يزوره قال له عليه الصلاة والسلام لا بأس طهورٌ إن شاء الله فإذا ذكرت المريض بالأجر الأخروي الذي أعد له فإنك بهذا تخفف عنه بعض الذي هو فيه إذ الاحتساب يحمل الشخص على الصبر بإذن الله ويهون عليه الخطب والمصاب فمن صور المواساة عيادة المرضى ومن صور المواساة كذلك إتباع الجنائز ولذا فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر فضل عظيم في إتباع الجنائز فإذا اتبعت الجنازة من بيتها إلى أن يصلى عليها شئت الصلاة عليها فلك قيراط فإن اتبعتها من بعد الصلاة عليها إلى أن تدفن فلك قيراط أخر والمحروم من حرم الأجر والثواب هذا والتعزية مشروعة أعني تعزية أهل البلايا ومن مات لهم ميت فتعزيتهم تسري كثيراً عنهم ومن ثم كان النبي صلوات الله عليه وسلامه عليه يعزي أهل الابتلاءات ويعزي عليه الصلاة والسلام من مات له ميت فرسولنا صلوات الله وسلامه عليه لما قتل جعفر رضي الله تعالى عنه وجعفر صحابي جليل بطل مغوار رضي الله تعالى عنه لما قتل في مؤتى أمهل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ثم ذهب إلى أل جعفر يزورهم عليه الصلاة والسلام فأتت له أسماء بنت ميس بأولاد جعفر فمسح النبي صلى الله عليه وسلم رؤوسهم ودعا لهم بالبركة وأتى بالحلاق فحلق لهم رؤوسهم وطمأن أسماء بنت ميس رضي الله تعالى عنها طمأنها رضي الله عنها وقد قال أبو بكر أيضاً لعمر بعد أن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق بنا يا عمر إلى أم أيمن نزورها(1/247)
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها فهذه أيضاً من المواساة ومن ذلك أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم إن من أضر البر أن يصل الرجل أل ود أبيه بعد موته فإذا كان أبوك يحنوا على أقوام فمات أبوك فقم بذلك الحنو مواصلة لصنائع المعروف التي كان أبوك يعملها تؤجر ويؤجر أبوك كذلك فقد سن لك سنة حسنة تتبع جعلنا الله وإياكم من المؤثرين على أنفسهم من المواسين لعباده المؤمنين وجمعنا الله وإياكم في الفردوس وصلي أللهم على نبينا محمد وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فضيلة الشيخ / إبراهيم بن عوض أيوب
ضيف الحلقة :
أسماء الله الحسنى (اسم الرقيب جل جلاله)
موضوع الحلقة :(1/248)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إخواني وأخواتي أحييكم مرة أخرى بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في هذه الدقائق لطيبة المباركة نكون مع اسم من أسماء الله الحسنى الرقيب جلّ في علاه الرقيب سبحانه وتعالى الرقيب العلي العظيم سبحانه وتعالى عندما نقول ونتكلم بهذا الاسم الجميل العظيم الرقيب هناك شعور ينتابني وأنا أقول اسم الله الرقيب الشعور الأول بل أقول أشعر بجانبين الجانب الأول أقول بأنني أشعر بتعظيم الله عزّ وجل وإجلاله والخوف منه سبحانه وتعالى ومراقبته في كل شيء الجانب الثاني الاستمتاع بأن الله يراقبني قد تستعجبون من هذا المفهوم ومن هذا المعنى يستمتع هل يستمتع عبد من عباد الله بأن الله يراقبه نعم إذا علم أن الله عزّ وجل إذا راقب عبداً فإن هذه المراقبة ليست للعذاب هذه المراقبة ليست فقط للإحصاء إنما هذه المراقبة لتشكر لتحمد الله يراقب ولكن بلطف الله يراقب برحمة الله يراقب سبحانه وتعالى بحلم الله عزّ وجل رقيب علينا سبحانه وتعالى من خلال الآيات في كتابه سبحانه وتعالى أن نتعرف على هذا الاسم عن قرب وعن كسب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ( النساء (آية:1) إن الله كمان عليكم رقيباً شعار لو حمل في حياة الإنسان لتغيرت أمور كثيرة في حياتنا راعي في صحراء بعيدة في مكان بعيد لا يراه فيه أحد يراقب الله سبحانه وتعالى في تصرفاته وحركاته يطلب منه شيء من قطيعه الذي يرعاه فإذا به يقول لذلك الطالب بعد أن قال له إن سيدك لا يرانا يقول(1/249)
أين الله إخواني قد يقول البعض إن هذا راعي ويستقل به ولكنه لا يدري أننا كلنا كل واحد فينا راعي لكننا لا نرعى الغنم بل نرعى أمور كثيرة في حياتنا ولو أدركنا هذا المعنى الجميل كلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته واستشعرنا قول الله عزّ وجل ) إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ( النساء (آية:1) لتغيرت أمور كثيرة نعم من أكبر مسؤول على أصغر فرد في حياتنا اليومية كل واحد منا عنده مملكة كل واحد فينا عنده دولة كل واحد فينا عنده شعب كامل قل أو كثر تجد أنك تعيش في بيتك ثلاثة أنفار أربعة أنفار هذه مملكتك الخاصة مسؤول عنهم ) إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ( النساء (آية:1) تجده دقيق في تصرفاته تعاملاته في كلماته في سكناته في حركاته كل همه كيف ينجو عن الله سبحانه وتعالى هارون الرشيد رضي الله عنه يسعى في المسعى وكان معه واعظ فإذا به يعظه بهذه الملومة العجيبة يقول يا أمير المؤمنين أترى هذه الرؤوس أمامك قال نعم قال كل منهم يحاسب عن نفسه إلا أنت فإنك ستحاسب عنهم جميعاً فخر صريعاً في أرض المسعى إخواني ) إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ( النساء (آية:1) لو راقب التاجر الله سبحانه وتعالى في تجارته ما كان هناك غش في حياتنا لو راقب المدرس في تعليمه لأولادنا ما كان هذا الجيل أو ما كانت هذه الأجيال التي نراها لا أتكلم من باب الاتهام إنما أقول واقع نعيشه فإنني أحب أن يكون الأمر أكمل وأجمل في عالمنا الإسلامي بأسره إخواني لو كان هناك معلمين يراقبون الله في سلوكيات أولادنا وفي تعليمهم وفي إعطائهم الحق الكامل لوجدنا نسخ أخرى في هذه الحياة من طلاب العلم كذلك لو راقب الطبيب عمله لو راقب وإلى أخره ولك أن تتكلم بهذه الأمثلة إلى ما شاء الله إذاً ) إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ( النساء (آية:1) إخواني وأخواتي ما معنى الرقيب الرقيب بمعنى الانتظار والرقيب هو الذي ينتظر والرقيب هو الحارس(1/250)
والرقيب هو الحافظ والرقيب هو العليم والرقيب هو الذي يرقب ويراقب والرقيب هو الذي يحصي سبحانه وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيب ( هود (آية:93) أي انتظروا إني معكم من المنتظرين أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( ق (آية:18) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( ق (آية:16) الرقيب جلّ في علاه تريد أن تستمتع في هذا الاسم أن تستمتع بهذا المعنى عليك أن تراقب الله عزّ وجل لتتلذذ بهذا الاسم وتستشعر أنه سبحانه وتعالى يراك ويراقبك من أجل أن يحاسبك ومن أجل أن يشكرك ومن أجل أن يحمدك لأننا نعلم أن الله شكور نعلم أن الله سبحانه وتعالى حميد نعلم أن الله عزّ وجل لطيف كذلك رقابة الله سبحانه وتعالى علينا بلطف وحلم وعلم سبحانه وتعالى(1/251)
إخواني اسمعوا هذه الآية المباركة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ? مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ? المائدة(آية:117) تأمل يا عبد الله هذه القصة المباركة أب يربي ابنه على المراقبة ويا ليتنا ندرك هذا المفهوم البعيد البعيد في التربية هذا أب يربي ابناً له بكلمات صغيرة فيقول له يا بني إذا صليت قل هذه الكلمات الله ناظر إلي الله مطلع علي فيردد الولد هذه الكلمات البسيطة في يوم من الأيام قال له زد في عدد هذه الكلمات وبعد فترة قال له قبل أن تنام قل هذه الكلمات الله ناظر إلي الله مطلع علي في يوم من الأيام شب هذا الغلام الصغير فأصبح بالغاً فإذا بهذا الأب المبارك يأتي في المسجد وينظر إلى هذا الشاب اليافع اهده يبكي فيقول ما يبكيك يا بني قال ويح الناس كيف يذنبون كيف يبتعدون عن الله كيف يعصون الله والله ناظر إليهم والله مطلع عليهم تأمل هذه التربية إذاً كيف نتعبد الله عزّ وجل باسمه الرقيب أول نقطة نبدأ بها أن نحاول أن نمارس في تربيتنا كيف نربي أولادنا على مراقبة الله عزّ وجل وأن الله يراهم وأن الله يحاسبهم وأن الله سبحانه وتعالى يرفع قدرهم وأن الله يخفض منزلتهم وأن الله يأخذ بالمعصية وأن الله سبحانه وتعالى يكرم على الطاعة وهكذا إذاً الرقابة هنا بهذا المفهوم بهذا المعنى أحصاه الله ونسوه فالله سبحانه وتعالى يحصي علينا أشياء كثيرة وبنفس الوقت يحصي لنا الحسنات المباركات الطيبات وازن بين هذا المفهوم لتستمتع باسم الله الرقيب وأنت ساجد تأمل أن الله يراقب وأنت تسير تأمل أن الله يراقب وأنت تكون في خلوتك تأمل أن الله يراقب سبحانه وتعالى يحب أن يراك في أبهى الصور وأجمل الصور وأكمل الصور أن تكون دائماً قريباً(1/252)
منه سبحانه وتعالى منيباً إليه سبحانه وتعالى إخواني وأخواتي تأملوا أننا ربينا أولادنا على هذه المراقبة أننا سنقطع شوطاً كبيراً كبيراً في حياتنا اليومية وأننا إخواني وأخواتي سنوفر أموالاً طائلة تبذل في تربية هؤلاء الأولاد وجهود كبيرة تبذل من أجلهم لو أننا ربيناهم على المراقبة على اسم الله الرقيب سبحانه وتعالى إخواني وأخواتي كيف نتعبد الله سبحانه وتعالى بهذا الاسم إذا شعرت باسم الله الرقيب فالتعلم بأن نواياك ستغير تماماً ردد هذا الاسم كرر هذا الاسم على نفسك تكتشف تماماً وتدرك تماماً أن النية التي عندك تتغير فإذا بك تبدأ بمراقبة نفسك تحاسب نفسك من فترة لأخرى تراقب النوايا التي عندك تراقب كلماتك تراقب كل شيء فيك تراقب أنفاسك إذاً ستبدأ المراقبة من نفسك عليك عندما تدرك أن الله هو الرقيب سبحانه وتعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم ولكن ينظر إلى قلوبكم عند ذلك تبدأ أنت في علاج هذا القلب الذي فيه كل شيء إلا من أتى الله بقلب سليم كيف تأتي الله بقلب سليم إلا أن تبدأ رحلة المراقبة أن تعلم بأن الله الرقيب سبحانه وتعالى كلكم يعلم في مجال التربية بالتحديد أريد أن أركز عليه هذا أستاذ ماهر مربي عظيم يربي تلاميذه بهذه الطريقة الرائعة فيقول لهم اختار أربعة من النجباء الطلاب المباركين وكان هناك بينهم طفل أو طالب ذكي واعي يدرك أن الله يراقبه سبحانه وتعالى فإذا بهذا الأستاذ المبارك يعطي هؤلاء النجباء طيراً فيقول لهم اذهبوا وكل منكم يذبح هذا الطير في مكان لا يراه فيه أحد فذهب الأول وفعل والثاني وذبح والثالث وهكذا جاء الرابع قال ما استطعت أن أفعل هذا لماذا قال لماذا قال لأنني لم أجد مكاناً لا يراني فيه الله سبحانه وتعالى ليتنا نربي أولادنا على مراقبة الله سبحانه وتعالى عند ذلك نرتاح راحة عظيمة ذكروهم بأن الله رقيب ذكروهم بأن الله عليم ذكروهم بأن الله(1/253)
لطيف ذكروهم بأن الله يسمع بأن الله يرى كل هذه الأمور توسع مدارك المشاعر عند الأطفال والطفل عجينة رطبه تستطيع أن تشكل هذا الطفل كما تحب وتستطيع أن تشكل هذا لطفل كما تريد وتستطيع أن تفعل به ما تشاء لكن بعد أن تمر الأيام وتمر السنوات تريد أن تغير هذا أمر ما أقول مستحيل لكنه صعب , صعب المنال فلماذا ننتظر إخواني اثبت العلم وأثبتت التجارب أن الإنسان لا يسير في حياته من دون رقابة سواءً كانت رقابة داخلية أو خارجية الرقابة الداخلية أن نراقب الله الرقابة الخارجية رقابة النظام والقانون وهذه الأمور وعلم الناس جميعاً أن القانون وأن النظام وأن اللوائح وكل هذه الأمور وكما نعرف في مشائخ أو ضمن غالبها في النهاية لا تجعل من الإنسان إنسان سوياً بشراً مكتملا إلا أن يراقب الإنسان الله سبحانه وتعالى الرقيب إذاً إخواني وأخواتي في هذه اللحظة الطيبة المباركة أقول فادعوا الله عزّ وجل وأقول اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا وعافنا وعفوا عنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم سبحانك اغفر لنا سبحانك لا إله إلا أنت ما جهلنا واغفر لنا سبحانك لا إله إلا أنت ما لم نعلم وما علمنا سبحانك أنت علام الغيوب إخواني وأخواتي أستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتم أعمالكم إخواني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فضيلة الشيخ / نبيل العوضي
ضيف الحلقة :
القرآن الكريم
موضوع الحلقة :(1/254)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد أيها الأخوة والأخوات الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موضوع حديثنا في هذه الحلقة إن شاء الله سيكون عن أعظم كتاب وعن أفضل كلام وعن خيره هو كلام الله جل وعلا عن القرآن نقف معه وقفة فالقرآن الكريم ليس كتاباً ككتب البشر وليس مادة نقرؤها ثم نضعها لا القرآن الكريم حياة نعيش به ونعيش معه وربما نموت من أجله كلام الله جل وعلا كم من البشر من دخل في الإسلام وهذا الدين بسبب القرآن كم من الناس من فسدت حياته فلما قرأ القرآن صلحت كم من المرضى من قرأ القرآن فشفي كم من المشاكل حلت بالقرآن كم من الناس التائهين في الأرض الحائرين في الأرض هداهم الله عز وجل بالقرآن اسمعوا إلى قصة رجل هذا الرجل في إحدى الدول الأفريقية يقولون عنه أسست في تلك الدولة إذاعة إسلامية وهذه الإذاعة الإسلامية هدفها نشر الدعوة إلى الله جل وعلا ولكن ما كان عندهم مادة صوتية كافية ففتحوا الإذاعة فقط في القرآن الكريم أربعة وعشرين ساعة قرآن كريم قراء مختلفون وهذه البلدة كان أهلها لا يعرفون اللغة العربية اللغة العربية صفر ما في وكان يعرفون لغة البلد نفسه اللغة الشعبية وبالإضافة إلى اللغة الفرنسية أما اللغة العربية ما أحد يعرف فيها شيء يقول هذا الداعية قد كنت جالساً في مركز الإذاعة في يوم من الأيام إذ دخل علينا رجل يسأل فلما دخل قال ماذا تريد قال هل أنتم أصحاب الإذاعة هذه قالوا نعم قال أطلب منكم طلباً قالوا وما طلبك قال أريد نسخة من الأغاني التي تبثونها الرجل ما يعلم أنها ليست أغاني إنه كلام رب البشر جل وعلا الرجل قال ما أفهم ماذا تقولون قالوا هذه ليست أغاني هذا كلام الله الذي خلقنا وخلقك قال أريد نسخة ما يهمني فأعطوه نسخة من الأشرطة من القرآن ومصحف مترجم باللغة(1/255)
الفرنسية قبل أن يعطوه قالوا ليش تطلب هذا الشريط قال أنا ما أدري أنا ما أفهم شيء من هذه الكلمات ولكنني كلما فتحت إذاعتكم أحسست براحة نفسية ليش ما أدري لما لا أعرف يطمئن قلبي ترتاح نفسي تسكن أول ما أسمع هذه الإذاعة وهو لا يفهم في القرآن حرفاً واحداً يقولون أعطيناه المصحف وذهب الرجل بعد أيام رجع إلينا معه ستة من أهل بيته كلهم يشهرون إسلامهم دخلوا في دين الله ولم يفقهوا في القرآن كلمة ولهذا الرب عز وجل يقو في الدعوة إلى الله اقرأ القرآن على المشركين اقرأ عليهم فقط ربما هؤلاء المشركون يسمعوا القرآن فيهتدون سماعاً فقط اسمع ماذا يقول الرب عز وجل ) وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ( التوبة (آية:6) دعه يسمع هذا كتاب عظيم ليس فقط على المشركين أو على الأجانب أو على الأعاجم لا بل والله لو نزل هذا القرآن على جبل لتصدع الجبل لتكسر الجبل لتشقق الجبل خشوعاً من هذا القرآن ) لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ( الحشر (آية:21) أي كتاب نقصد ليس كتاباً عادياً كل حرف من الله جل وعلا كلام الله المتعبد بتلاوته انظر ما الذي يحدث تقرأه في بيت تطرد الشياطين تقرأه على مريض يشفى بإذن الله تقرأه على كافر فيؤمن تقرأه على ضال فيهتدي تقرأ في الناس فيه أحكام العالمين دستور كامل مكمل اليوم دساتير البشر يجتمع عليها الملايين ليضعوا دستوراً وكل فترة يغيرون ما يصلح كل فترة يبدلون ما يصلح وانظر إلى ما في هذه الدساتير من الظلم ومن الإجحاف ومن النقص ومن الثغرات ما الله بها عليم لأنها أحكام جاهلية أما القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنه كلام رب البشر قرأه النبي عليه الصلاة والسلام مرة وكان خلفه المشركون أبو جهل وصناديد الكفر فقرأ عليهم سورة النجم ) وَالنَّجْمِ إِذَا(1/256)
هَوَى ( النجم (آية:1) انظر ما الذي حدث أبو جهل والمشركون تأثروا سورة النجم نعم تأثروا حتى وصل إلى قوله أفرأيتم اللات والعزة ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى يعني أنتم إذا جاءتكم بنت دفنتوها قتلتوها وتزعمون أن الملائكة ملائكة الرحمن سبحان ربي تلك إذاً قسمة ضيزا وبدأ يناقشهم ويناقشهم حتى وصل يعني الله عز وجل يقول ) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) ( النجم يعني شوف الأمم ماذا فعل الله بها أخر شيء طبعاً أبو جهل يستمع للقرآن ومن معه من المشركين يستمعون وهم كفار قال في النهاية انظر إلى الآية التي ختمت بها السورة ) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُون (59) وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ (60) وَأَنتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُواْ لِلَّهِ وَاعْبُدُواْ (62) ( النجم(1/257)
أول ما سجد النبي عليه الصلاة والسلام وقام والتفت إليهم وجد أبا جهل ساجداً ومن معه سجداً فرح النبي صلى الله عليه وسلم لما رفعوا رؤوسهم قال أمنتم بالله سجدتم لله قال أبو جهل لا شوف الوقاحة قال أبو جهل لا تذكرنا آلهتنا فسجدنا لها انظر الكبر انظر إلى العناد شاهدي من القصة أن القرآن يؤثر أحياناً كم من خطبة بليغة وكم من كلام منمق وكم من يعني كتاب رائع يقرأه الإنسان ما يتأثر يسمعه الخطيب ما يتأثر تسمع المحاضرة ما تتأثر ليش ينقصها أعظم كلام كلام الرب عز وجل القرآن ? أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ ? محمد (آية:24) الله جل وعلا أنزل هذا الكتاب موعظة وحكمة فيه الأخبار فيه القصص فيه الأحكام فيه المواعظ فيه مصير الإنسان بعد موته فيه حياته في هذه الدنيا وحياته بعد هذه الدنيا بل في القرآن حياة للإنسان قبل أن يولد وكيف كان ومن أي شيء خلق ما فرطنا في الكتاب من شيء أي وربي ما فرط الله في القرآن من شيء جبير ابن مطعم رضي الله عنه حدثت له حادثة فاسمع لها جبير ابن مطعم جاء إلى المدينة وهو يكره النبي عليه الصلاة والسلام ما يحب النبي صلى الله عليه وسلم جاء ينظر يقول فوجدت الناس يصلون في صلاة المغرب يقول فدخلت والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيهم صلاة المغرب ويقرأ سورة الطور فوصل النبي عليه الصلاة والسلام إلى قول الله عز وجل ? أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ? الطور (آية:35) وجبير يتفكر أي والله يا جبير هل أنت خلقت من غير شيء طبعاً لا ما جئت من عدم إذاً هناك خالق من خلقك يا جبير ? أَمْ هُمُ الْخَالِقُون ? الطور (آية:35) طبعاً لا لم أخلق من عدم ولست أنا الخالق إذاً لا بد هناك من خالق طيب يا جبير أما تعلم أن هناك خلقاً أعظم من خلقك ما تشوف السماء والأرض والكون ? أَمْ خَلَقُواْ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ ? الطور (آية:36) يقول جبير فوقر الإيمان في(1/258)
قلبي ترى مو خطبة وليست مناظرة وليست مناقشة فقط آيات سمعها فشرح الله صدره ونور قلبه وفتح قلبه للإيمان كيف قرآن يا إخوة قرآن أيتها الأخوات لنصدع بالقرآن لنرفع أصواتنا بالقرآن لتستمع البشرية إلى كتاب الله جل وعلا ليستمع البشر إلى كلام الله جل وعلا يكفيهم خير أي والله تنزل عليهم الرحمة تخشاهم السكينة تخشاهم الرحمة وتنزل السكينة بل كم من مريض في قلبه أو في جسده شفي بكتاب الله جل وعلا ? وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً ? الإسراء (آية:82) ولا يزيد الظالمين إلا خسارة هذا القرآن الظالم اللي ما يتدبر ما يستفيد لكن من ينصت من يخشع من يتدبر من يفقه من يتفكر كتاب الله يسمي هذا الكتاب ? كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ? الأنعام (آية:155) بركة في القرآن ليش يا رب نقرأ مثل الشعر ولا بسرعة نقلب الصفحات لأجل أن فقط ننتهي وخلاص لا والله ? مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُواْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الأَلْبَابِ ? ص (آية:29) أيها الإخوة والأخوات هذا هو كتاب ربنا هذا هو قرآننا ودستورنا هذا هو منهج حياتنا إن شئت فعش معه وإن شئت فاهجره وتذكر قول النبي وقال الرسول يا ربي إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا فلنعش حياتنا مع كتاب الله جل وعلا فإن فيه الخير والرحمة والبركة أسأل الله جل وعلا أن ينفعنا بالقرآن وأن يجعله ربيع قلوبنا حتى نلقاكم إن شاء الله في حلقة مقبلة استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0
فضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
ضيف الحلقة :
نساء في بيت النبي( صلى الله عليه وسلم ) / زواج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة
موضوع الحلقة :(1/259)
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين ومن سلك سبيلهم وترسم خطاهم ونهج مناهجهم إلى يوم الدين أما بعد خديجة بنت خويلد رضي الله عنها تلتقي في عامود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قصي لأنها خديجة بنت خويلد ابن أسد ابن عبد العزة ابن قصي وحبيب الله ورسوله وسيد خلقه محمد صلى الله عليه وسلم محمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب ابن هاشم ابن عبد مناف ابن قصي فهي من أقرب نساء النبي صلى الله عليه وسلم له نسباً مع أم حبيبة بنت أبي سفيان لأن أم حبيبة هي بنت أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية ابن عبد شمس ابن عبد مناف ابن قصي وعاشرت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم كأكمل ما تكون امرأة مع أكمل رجل يعني كأن الله سبحانه ساق لأكمل خلقه أكمل النساء لتكون زوجة لحبيب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد تميزت عن نساء العالمين بمزايا حسن الخلق الطهارة إتقان الرأي وإحسان الرأي جزالة الفكر حسن التدبير وسنعرض بعض صور هذه المميزات في خديجة أثناء الحديث عنها رضي الله عنها عاشرت خديجة النبي صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم طبعاً هو سنه خمس وثلاثون سنة هدمت قريش الكعبة بسبب سلجائها وبنتها من جديد وعندما أرادوا إعادة الحجر الأسود إلى مكانه اختلفت القبائل قبائل قريش كل قبيلة تقول أنا أحق بوضع الحجر في مكانه وكادوا يتقاتلون بعد بناء الكعبة وقبل وضع الحجر الأسود في مكانه ثم اتفقوا على أن يحكموا أول داخل من هذا الباب ليكون الحكم بينهم ليقضي على هذه الفتنة وكان أول داخل هو حبيب الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ففرحت كل قبائل قريش فرحاً عظيماً عندما رأوا النبي هو الذي سيحكم بينهم وقالوا هذا الصادق الأمين يعني صار هذا لقب يدور على كل ألسنة قبائل قريش في مكة ومن حولها أنه الصادق الأمين وجاء(1/260)
النبي عليه السلام ووضع ثوباً ووضع عليه الحجر ثم أمر كل قبيلة أن تأخذ بطرف من الثوب وأن تعيد الحجر إلى مكانه فتشترك كل القبائل في وضع الحجر في مكانه وينته النزاع بينهم من أول ما صار هذا الأمر يعني متداولاً في قريش ببركة هذا الرجل العظيم حبيب الله كلهم كانوا يحبونه ولما بعث كانوا كلهم يعتقدون أنه صادق وأول ولذلك ما أنزل عليه وأنذر عشرتك الأقربين خرج على جبل الصفا ونادى بأعلى صوته يا معشر قريش يا بني عبد شمس يا بني عبد مناف يا بني هاشم يا بني كذا يا بني كذا يدعو القبائل وكل قبيلة تقول هذا الصوت ما سمعناه يعني بهذا الحال من قبل هذا لا بد أن يكون أصاب مكة أمر عظيم فاجتمعت عليه القبائل وجعل الرجل إذا لم يستطع أن يذهب بنفسه أرسل رسولاً ليشهد الخبر فلما اجتمعوا قال لهم أرأيتكم لو أخبرتكم أنه وراء مكة جيشاً يريد أن يغير عليكم أكنتم مصدقي قالوا :(1/261)
ما جربنا عليك كذباً قط أنت الصادق الأمين إلا أبا لهب قال لما قال لهم إني رسول الله لكم بين يدي عذاب شديد قالت كل قريش صدق في قلبها لا بألسنتها إلا أبا لهب أظهر العداوة عمه أخو أبيه وهو عمه أخو أبيه هو الذي أظهر عداوة للرسول صلى الله عليه وسلم كانت خديجة قبل ذلك رأت أن رسول الله أنجبت من حبيب الله ورسوله أولاً سمته القاسم سماه النبي القاسم وأكبر أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يكنى به يقال أبو القاسم وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة يعني أكثر أهل العلم منسبين على أن فاطمة هي أصغر بنات النبي محمد فاطمة الزهراء البتول وهي الوحيدة التي بقي للرسول نسل منها يعني لم يبقى لرسول الله نسل يقال من أبناء النبي إلا أبناء فاطمة لم يبقى لرسول الله نسل فقد مات القاسم قبل البعثة وماتت زينب بعد البعثة بسنتين يوم غزوة بدر وانتصار المسلمين فيها وماتت رقية وتزوج عثمان بن عفان بعد زينب رقية وماتت بعد يعني جلست مع النبي من السنة الثالثة من الهجرة يعني بعد أختها بسنة جلست مع النبي إلى السنة الثامنة إلى فتح مكة وتوفيت رضي الله عنها ولما في أخر الوقت حبب إلى رسول الله أن يختلي عن الناس ولا تنكر عليه خديجة ذلك بل تؤيده في كل ما يحب وفي كل ما تراه يفعله فكان يذهب إلى غار حراء ويجلس في الغار في غار حراء يتعبد الليالي ذوات العدد يتحنث يتعبد على ما جاءه من نبوة إبراهيم عليه السلام حتى فإذا انتهى الزاد رجع إلى خديجة وزودته بمثلها إلى يوم كان النبي جالساً في الغار فجاءه الملك وهو بغار حراء قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني ثانية حتى بلغ مني الجهد يعني كدت أموت من شدة الضمة اللي ضمها الملك للنبي عليه(1/262)
الصلاة والسلام قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ يعني أنا ما درست ولا تعلمت الكتابة ولا ذهبت إلى مدرس معلم قال فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة يرجف فؤاده وقال:
زملوني زملوني دثروني دثروني فغطته وهذه إعادة طبعاً في أن الإنسان إذا أصيب بشيء من الرعب والخوف فإذا غطي واستراح ذهب عنه المرض فلما ذهب عنه الرعب وأخبرها الخبر قال يا خديجة لقد خشيت على نفسي ماذا قالت هذه المرأة العظيمة الصديقة وزيرة الصيت حبيبة الله الذي بشرها الله أرسل إليها جبريل بالسلام عليها من ربها وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا نصب فيه ولا صخب كما جاء في البخاري في أكثر من رواية في البخاري وغيره في أكثر من رواية فلما سمعت خديجة ما أخبرها به رسول الله وقال لقد خشيت على نفسي قالت كلا والله في رواية أبي ذر الهروي كلا والله لا يحزنك الله أبداً وفي رواية غير أبي ذر كلا والله لا يخزيك الله أبداً ثم عللت بعلل تدل على ارتفاع قدرها وثبات عقلها وأنها تعتبر يعني عن مئات الرجال العقلاء يعني أكمل من كثير من كثير من أعقل الرجال الذين عرفتهم الإنسانية قالت كلا والله لا يحزنك الله أبداً هذه رواية أبي ذر ورواية غير أبي ذر الهروي كلا والله لا يخزيك الله إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحياة يعني طبعاً هذا إذا سرى في خلق رجل ماذا يكون الرجال عنده إذا اجتمعت هذه الأخلاق العالية والشمم الكريمة والمزايا الطيبة في شخص هذا ماذا يوصف بأنه أكمل الرجال على الإطلاق ثم ذهبت به إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل وورقة ابن نوفل ابن أسد ابن عبد العزة ابن قصي يعني نوفل والد ورقة هو عم خديجة ذهبت به إلى ورقة ابن(1/263)
نوفل ابن أسد ابن عبد العزة ابن قصي وكان ورقة قد تنصر في الجاهلية ذهب إلى الشام وتنصر فيها وتعلم اللغة العبرانية وكان يكتب من الإنجيل بالعبرانية أو الآرامية ما شاء أن يكتب فذهبت به إلى ورقة وقالت يا ابن عم اسمع من ابن أخيك هو ابن عمها اسمع من ابن أخيك لأنه في منزلة ابن الأخ للنبي محمد عليه الصلاة والسلام عن منزلة الأب في منزلة عبد الله بينه وبين قصي هذا هو العامود عامود النسب يا ابن عم اسمع من ابن أخيك قال يا ابن أخي:(1/264)
ماذا تسمع قال كذا وكذا قال هذا الناموس يعني هذا الوحي هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى ما قال على عيسى لأنه طبعاً الذي نزل على موسى والصلاة على عيسى واليهود ينكرون ذلك هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى ليتني فيها جزعاً إذ يخرجك قومك يعني ليتني شاباً قوياً نشيطاً عندما يعاديك أهلك وقومك وعشيرتك عندما تدعوهم إلى الله عز وجل ليتني فيها جزعاً لكن لم ينشب ورقة أن توفي لم ينشب ورقة لم يلبس أن توفي ورجع النبي عليه الصلاة والسلام وهو يحمل هذا وبدأ يدعو إلى الله عز وجل سراً واستمر يدعو سراً ثلاث سنوات وكانت خديجة كما قلت وزيرة الصيت الصديقة لا يسمع النبي كلمة وطبعاً كانوا في الأول يهابون النبي محمد قريش عندما بدا يتسرب خبر الدعوة سراً وقد استمرت ثلاث سنوات وكانت خديجة أول من آمن من هذه الأمة بحبيب الله ورسوله صدقت وآوت ونصرت وأزرت واتبعت النور الذي أنزل معه وكان كذلك أبو بكر أول رجل اسلم من الرجال وعلي ابن أبي طالب كان في حجر النبي محمد لأن أعيال أبو طالب محتاج من كثرة العيال إلى أن يساعد فأخذ العباس عقيل ابن أبي طالب وأخذ النبي محمد علي بن أبي طالب ورباه في بيته فكان سنه حوالي ثمن سنوات فأسلم فعلي أول من أسلم من الشباب أو الصبيان وخديجة أول من آمن من النساء وأبو بكر أول من آمن من الرجال وزيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من آمن من الموالي والعبيد والى حلقة قادمة إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ :د/ عبد العزيز السدحان
ضيف الحلقة :
مسؤولية الأسرة تجاه الخاطب
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله أما بعد،(1/265)
سأتلكم في هذا المجلس إن شاء الله تعالى عن شيء يسير عن مسؤولية الأسرة اتجاه الخاطب فأقول وبالله تعالى التوفيق إن أمر المسؤولية عظيم وإن شأنها كبير ذلك لأن الذمة لا تبرأ حتى يقوم المسؤول بمسؤولته قدر استطاعه فإذا أقام بها قدر استطاعته وأدى ما أوجب الله عليه قدر استطاعته فقد برئت ذمته وطهرت ساحته ولما كان الزواج من الأمور العظيمة في الإسلام وقد جعل الإسلام للزواج أمور وشروطاَ وجعل لأمر الزواج شأناَ عظيماَ وكانت الأسرة تقوم وتبنى إذا كان الزواج سليماَ وقد تحرى فيه المسؤول عنه أمر الله جلا وعلا فلا شك ولا ريب أن بناء الأسرة يكون سليما وطيبا وإن كانت الأخرى فلا يجني جان إلا على نفسه وإن أمر المسؤولية كما سلف آنفاَ من الخطورة بما كان لكنه يسير على من يسره الله تعالى عليه ولما كان أيضاَ أمر تزويج البنت أو أمر تزويج الابن من الأمور المهمة في المسؤولية كان لازماَ على أهل البيوت أن يعنوا عناية تامة بهذا الأمر ومما أخطأ فيه كثير من الناس في فهم المسؤولية أنهم قصروا مفهوم المسؤولية على توفير المأكل والمشرب والملبس والمركب لأهل البيت وظن بعضهم أيضاَ أن المسؤولية تتم إذا قام بهذا وزاد على ذلك العناية بأمر دراسة الطلاب والعناية بمراقبة صحتهم عند سقمهم ولا شك ولا ريب أن هذا جزء من المسؤولية إلا أن دائرة المسؤولية أعظم وإذا كان ذلك كذلك فإن أمر الزواج من الأمور المهمة الملاقاة على عاتق صاحب المسؤولية ولهذا أذكر أثرا لطيفاَ أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال عن سعيد ابن العاص أنه قال إذا زوجت ولدي وحججه وحفظته القرآن فقد قضيت حقه علي وبقي حقي عليه بكل حال أذكر حتى لا أطيل بعض الأمور التي ينبغي أن تراعى في جانب أمر مسؤولية الأسرة اتجاه الخاطب يقال أولاَ إن مما يؤخذ أولا على بعض الأسر بحكم العادات الإقليمية أو القبلية أنها أو أن بعضهم يزوج ابنته دون أن يستشيرها بل ويخبر الخاطب أو يخبر المتقدم(1/266)
أن الأمر قد تم ثم يحدد موعد الزواج والبنت المسكينة لا تدري عن شيء من ذلك الأمر الذي بيت لها ولا شك أن هذا من الجناية ومن الظلم إذ أن الإسلام قد جعل للمرأة حق الاختيار إذا كانت في اختيارها موقفة أما أن ولي أمرها من والد أو عم أو أخ أو مما وكل إليه الأمر أن يزوجها بعدم اختيارها أو بعدم إخبارها فلا شك أن هذا من الظلم المحرم وقد ورد في الحديث وإن كان فيه كلام أن خنساء أبنت خزام وخزام زوجها وليها من غير مرضاتها أو من غير مشورتها فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحها إذاَ فيجب على من ولاه الله أمر تزويج الفتاة أن يستشيرها وأن يخبرها وأن يخيرها إذا كان المتقدم لها مما يرضى في خلقه وأمانته ودينه(1/267)
هذا أمر الأمر الثاني أيضاَ مما يلحظ على بعض العادات الإقليمية أو القبلية أن بعضهم يرفض أن يزوج الصغيرة قبل الكبيرة ويرى أن ذلك من العاري والشنار نعم قد تتأثر البنت الكبرى أو البنات التي يكبرن اللاتي يكبرن أختهن إذا تزوجت الصغيرة قبلهن لكن هذا رزق ساقه الله عز وجل فينبغي أن نوطن أنفسنا وأن نوطن النساء البنات على أن الله إذا ساق للصغيرة رزقاً أن لا تؤخر حتى تذهب الكبيرة وهذا أمر يعود إلى تقدير المسؤولية من ولي الأمر ومن البنات جميعاَ أيضاَ مما يتعلق بذلك أو بالمسؤولية الأسرة اتجاه الخاطب أن بعض أولياء الأمور يرفض أن يرى الخاطب مخطوبته ويرى أن ذلك مما يخالف العادات ومما يعاب به عند قبليته أو عند عشيرته أو عند معارفه ولا شك ولا ريب أنه يجب على المسلم أن يجعل نصب عينيه مرضاة الله جلا وعلا ومرضاة نبينه صلى الله عليه وسلم والرؤية أي رؤية الخاطب لمخطوبته فيها خير كثير وفيها نتيجة طيبة إذ أن الخاطب قد يوافق على الزواج وقد يرفض كما أن المخطوبة نفسها قد ترفض أن تقبل الزوج لمواصفات خلقية رأتها فيه أو ما يتبع ذلك من حيث القبول النفسي والنبي صلى الله عليه وسلم حث على ذلك فقال أو أمر بأن يرى الخاطب مخطبته قال أنه أحرى أن يؤدم بينهما إذاَ فعليك أيها الولي أن تحرص على هذا الأمر لأن كون الزواج أو كون الأمر ينفسخ أو ينتهي قبل أن يتم لا شك ولا ريب أنه أفضل وأولى من أن يتم الزواج ثم يفاجئ الزوج بصورة لم يتوقعها من قبل أو قد رسم له في مخيلته صورة مخالفة فيرفض الزوجة فيؤثر على نفسيتها وعلى نفسيته وقبل ذلك على أهل بيتها فحرياَ بك أن تجعل نصب عينك أن يرى الخاطب مخطوبته وأن هذا من السنة النبوية وأن الصحابة أتقى خلق الله لله بعد الأنبياء والرسل وكان هذا الأمر ليس فقط معروف من العادات بل من التقرب والتدين إلى الله عز وجل أخيراَ السؤال عن الخاطب أن تسأل عن عدالته الظاهرة وعن سمعته الطيبة من تستطيع ولا(1/268)
تتلطع في السؤال وتكثر التنقيب بتشدد فإن هذا بهذه الطريقة لن يصفوا لك أحد ولكن سل عن سمعته الظاهرة وعن أخلاقه وعن عدالته الظاهرة فيمن تثق سل من في دينه وعقله فإن رأيت الجواب طيباَ فالحمد الله فاستعن بالله وأقبل وإن كان الأخرى ففي الناس غيره كثير أسأل الله جلا وعلا أن يوفق نساء المسلمين وشباب المسلمين إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم إنه سميع مجيب شكر الله لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ / نبيل العوضي
ضيف الحلقة :
الضحك
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد ،(1/269)
أيها الأخوة والأخوات الكرام في مرة من المرات جلست مع أحد الشباب في المسجد فذكر حادثة فضحكت منها فقال لي شيخ حتى أنت تضحك فاستوقفني هذه العبارة قلت ماذا قال تضحك قلت له ليش قال ظننتكم لا تضحكون هذا موضوع حديثي في هذه الحلقة هل حقاً نحن نضحك أم أننا خلق أخر أم أن من التزم أو استقام حرم الله عليه الضحك هل هذه حقيقة وهل هذا هو انطباع الناس عنا هل هذا صحيح أننا لا نضحك بل حتى ما نبتسم يمكن بل قالت لي أحدى الأخوات في اتصال هاتفي قالت تعجبت منك في تلك الحلقة يا شيخ أنك ابتسمت يعني أنا ذهلت من هذه الكلمة قلت لها ليش قال أول مرة بحياتي أشوفك تبتسم قلت لا والله أضحك ولكن أحياناً الحديث موضوعه لا يناسب الضحك لما أتكلم مثلاً عن مرض من أمراض الناس أو عن ضعف الإيمان أو عن الموت أو عن القيامة لا يناسب الضحك قالت لي لا نحن أخذين عنكم انطباع أنكم لا تضحكون ولا تبتسمون قلت سبحان الله فطرأ علي طارئ هل كثير من الناس يظن هذا الظن أن هؤلاء الدعاة أو خطباء المساجد أو الأئمة أو غيرهم محرم عليهم الضحك قد يكون نعم لأن الانطباع السائد كل محاضراتهم وخطبهم وحماسهم وكلامهم لا يضحكون فيه فظن الناس هكذا وأنا أبشر هؤلاء الذين يسألوننا هذا السؤال أقول لهم أن بعض هؤلاء الخطباء والدعاة والأئمة والمصلحين ربما يضحك أكثر من المستمعين أو الحاضرين أو المصلين لكن لكل مقام مقال ولكل زمن ما يناسبه يعني مو صحيح وقت الموت أضحك ومو صحيح في المقبرة أضحك لكن أيضاً مو صحيح في وقت الفرح أبكي وفي وقت العرس أحزن هذا هو المعقد الذي يفعل هذا وكان النبي عليه الصلاة والسلام قدوتنا يضحك وأحياناً يضحك حتى تبدو نواجده كما ذكر ذلك بعض الصحابة من أصحابه رضي الله عنهم بل كان كثيراً ما يبتسم وكان يوصي الصحابة بالابتسامة خليك بسام ابتسم شيخ أنت قاعد تتكلم هذا الكلام وما تضحك الكلام قد يكون في الاستديو والإرهاق وأحياناً يجعل الواحد ما(1/270)
يبتسم ولكن من عاش معي حياتي الخاصة يعلم قدر ضحكي وابتسامتي بل أنا أحب المزح كثيراً لكن في الحق وبغير كذب وبغير مكر الإنسان يحب المزح بل أحياناً الضحك ينفس عنك كثيراً من الهموم وأحياناً كان النبي عليه الصلاة والسلام يمازح أصحابه ويجلسون عنده ويتبادحون بالبطيخ يعني بقشر الرق والبطيخ يترامون والنبي جالس لكن وقت الجد هم الرجال وقت الصلاة صلاة وقت الجهاد جهاد وقت القرآن قرآن ? وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ? الأعراف (آية:204) يبكون وتدمع أعينهم لكن وقت الفراغ وقت اللهو وقت اللعب يوم من الأيام جاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة ومسكه من وراءه وضمه وكان الرجل يعني فقير مسكين قال من يشتري هذا العبد يضحك النبي معه فعلم الرجل أن رسول الله يمازحه فقال الرجل إذاً تجدني كاسداً يا رسول الله أطيح بكبدك لا أحد يشتريني فضحك النبي عليه الصلاة والسلام قال لكنك عند الله لست بكاسد أنت عند الله عزّ وجل إنسان غالي هذا مزح من مزح النبي عليه الصلاة والسلام أنا أتعجب من بعض الأخوة لما يلتزم يكتم ليش الدين يجعلك تكتم نعم عندنا مصائب وآلام في الأمة لكن مو صحيح الواحد يعيش يومه وليلته لا يضحك ولا يبتسم هذا بعد يومين ثلاثة أسبوع شهر ينفجر لا يتحمل ربما يكره من حوله به زوجته تكرهه أولاده يكرهونه طيب ما تبي تدعوا الناس يقول أحد الصحابة شوف الداعية الحكيم يقول ما رآني رسول الله إلا مبتسماً شلون يعني يصير هذا ؟ يصير يقول طول حياتي ما شافني إلا ابتسم أحياناً الابتسامة تسحر القلوب أحياناً الابتسامة تجعل الذي أمامك إذا كان بينك وبينه حاجز بينك وبينه أي شيء والله يذوب هذا الشحناء تذوب البغضاء تذهب الحاجز ينكسر بابتسامة واحدة وبعض الناس يبي يصير داعية لله عزّ وجل و مكتم ومقطب جبينه ودائماً معصب يمكن بعض الناس قاعد يسمعني الآن يقول شيخ أنا عمري ما شفتك(1/271)
في الخطبة تضحك خطبة الجمعة غير يا أخي الكريم الدروس موضوع أخر لكن تعال معي في جلساتي الخاصة وفي الجلسات المفتوحة أو بعض الأسئلة والأجوبة أحياناً تضطر تأتيني بعض الأسئلة أحياناً تضحك فأضطر أن أقرأها لأضحك الناس أحياناً بعض اللوم الذي يأتيني من بعض الناس والله يضحكني من باب يعني ليش ما أحسنت الظن يعني أحياناً إذا وصلت الأمور في المشادة والكلام الشديد إلى درجة القسوة والشدة
أحياناً الضحك والابتسامة تخفف النفوس وتجعلها تترطب أخي الكريم أختي الفاضلة ديننا دين فيه الرحمة فيه الإحسان فيه حسن الخلق فيه البشاشة المؤمن أنفاً مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف الإنسان الذي لا أحد يألفه الإنسان الذي الواحد ينفر منه الإنسان الذي دائماً مقطب جبينه دائماً عبوس دائماً ترى لا أحد يتحمله وما أحد يحب يجلس معه لا تقل لي حافظ القرآن والكتب الستة نعم لكن الناس مو مستعدة تجلس مع إنسان ولو كان عنده من العلم ما عنده لكن شديد غليظ عبوس لا أحد مستعد يجلس معه ماذا تريد منا الناس الناس عندها الآن سيديات فيها عشرين ألف مجلد بسيدي واحد عشرين ألف مجلد حافظ عشرين ألف مجلد أنت لست حافظ الناس تجلس مع السيدي بالبحث يعني بلمسة زر تأتي بالأحاديث التي تريدها وبالأحكام التي تريدها ماذا تريد منا الناس الناس تريد منك حسن الخلق علماً وخلق بغير خلق الناس لا تتحملنا الضحك الابتسامة ترى هذا كان موجود في ديننا ومازال في ديننا الله يقول عن نفسه وأنه هو أضحك وأبكى تأتيه امرأة تقول عجوز يا رسول الله ادعوا الله أن أدخل الجنة قال أنت عجوز قالت ويعني قال الجنة ما يدخلها العجائز والنبي يمزح عليه الصلاة والسلام فحزنت المرأة قال ما بك قالت تقول يعني الجنة ما تدخلها العجائز أكيد أحزن أكيد أبكي بعد قال لها عن أهل الجنة يدخلونها أبناء ثلاثين وثلاثة وثلاثين سنة شوف الأسلوب يعني النبي صلى الله عليه وسلم يضحك ويمزح مثل ما نقول(1/272)
يتغشمر لكن لا يقول إلا حق ولكن بعض الأحيان يجلس مع الصحابة يضحكون وهو يبتسم عليه الصلاة والسلام هكذا كان حاله معهم ابتسامة وضحك ومزاح وترفيه ويسابق عائشة وتسابقه عائشة وأهل الحبشة يلعبون وهؤلاء يترامون ويمازح هذا هكذا الدين لا يظن الواحد أول ما التزم خلاص بعد اليوم لا أضحك كان في بعض الصحابة معروف أن فلان الصحابة كلهم يعرفونه فلان مزاح يعني هذا ما الغشمرة هذا ما الضحك هذا ما المزاح لكنه على الدين طبعاً وعلى الاستقامة لكن يخفف عن الناس أحياناً بعض الناس الذي يشعلون في قلوبنا الضحك والابتسامات هؤلاء والله نحتاج إليهم خاصة في هذا الزمن الذي تكاثرت فيه الهموم وازدادت فيه المصائب على أمة الإسلام أنا ما أقول والله تضحك على شان تنسى هموم الأمة لا والله لكن أحياناً القلب لا يتحمل يحتاج إلى تنفيس كيف يكون التنفيس الابتسامة الضحكة ربما تزيل كل ما في قلبك إذا كثر الضحك مات القلب مو معناه هذا أن لا نضحك كثرة الضحك إذا صار الضحك يغلب على وقتك كله الدرس ضحك والصلاة ضحك والعبادة ضحك والجد ضحك هذا يقسوا قلبه ويموت لكن أن الإنسان لا يضحك أبداً تقول وحدة زوجة رجل تقول شيخ والله كان الرجل ما شاء الله عليه ما في أحسن منه أول ما التزم صار رجل قاسي لا نتحمله حتى الضحك ما يضحك أولاده يخافون منه عمره ما ابتسم معهم وما ضحك معهم ليش يا أخي الكريم ديننا فيه ضحك ديننا فيه ابتسامة ديننا فيه مزحة ديننا فيه تسلية ديننا فيه ترفيه ? قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّه ? الأعراف (آية:32) هذه من زينة الدنيا ? قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ? الأعراف (آية:32) وأنا أعرف عن كثير من أهل العلم ممن توفوا كان الشيخ ابن عثيمين وغيره من أهل العلم الألباني رحمه الله وابن عثيمين رحمه الله كانوا في أوقاتهم الخاصة ومع تلاميذهم الخاصين ومع أهليهم كان عندهم مزح(1/273)
وكانوا يضحكون وفي بعض أشرطة الشيخ الألباني رحمه الله فيها مزحة وفيها ضحك كل التلاميذ يضحون من كلمة يقولها رحمه الله بل كان الشيخ ابن عثيمين يذكرون عنه تلاميذه الخاصون يذكرون عنه وعن مزاحه ودماثته رحمه الله نعم هو العالم هو الشيخ هو المربي هو صاحب الإيمان والتقوى ولكن لا يمنع هذا أن عنده أوقات مزاح وضحك وترفيه ولعب حتى مع تلاميذه وأنا أعرف بعض المشايخ عندنا في الكويت من العلماء الكبار يذهب إلى الرحلات ويلعب الطائرة ويتنزه مع أصحابه وبمزح معهم ويسهر معهم أحياناً وهكذا كان الصالحون قديماً وحديثاً لا تغرنك حماسته في الخطبة وبكائه في الدرس وصلاته الشديدة الطويلة لا يغرنك هذا فإن عنده أوقات يمزح فيها ويضحك فيها ويلهوا فيها ويبتسم فيها بل إن الصدقة من الصدقات أن يكثر الإنسان ابتسامته لإخوانه لمن حوله ابتسامة يا أخي الكريم حتى الابتسامة عند بعض الناس حرام ليش ابتسم كن بساماً اضحك أحيانا لا بأس هذه ليست ضعف شخصية بعض الناس يقول أنا لو ضحكت مع تلاميذي وضعفت الشخصية مين قال لك هذا يعني ضعفت شخصية رسول الله مع تلاميذه فبما رحمة من الله منت لهم يأتي أعرابي يقول في المسجد للتو أسلم يقول اللهم ارحمني ومحمد ولا ترحم معنا أحد يضحك النبي يأتي رجل يقص النبي قصة رجل يبي يدخل الجنة كل شوي يعاهد ربه أن ما يسأله إلا هذا السؤال ومنين أخر شيء دخله الله الجنة فيقول العبد لربه أتسخر بي يا رب فيضحك النبي عليه الصلاة والسلام يضحك لأن في بعض المواقف تضحك الإنسان ليش تبسط نفسك يا أخي إذا الأمر يستدعي الضحك اضحك مو حرام لكن بقدر وفي وقتها وفي مكانها تمام الحكمة أن يبكي الإنسان ويضحك الإنسان ويبتسم الإنسان ويعتدل الإنسان في تصرفاته إخواني أخواتي كثيرة هي الشبهات حول التزامه ومفهومه وهل هذا الذي يفعله فلان صح أو غلط وهل هذا الالتزام هو الالتزام الحقيقي أم لا القضية ليست فعل البشر ولا فلان وعلان القضية دين(1/274)
كتاب وسنة تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك من يعيش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بالسنة وسنة الخلفاء الراشدين المهديين أسأل الله جلّ وعلا أن ينفعنا وإياكم بهذه الكلمات وحتى نلقاكم إن شاء الله في حلقة مقبلة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ : عبد القادر شيبة الحمد
ضيف الحلقة :
نساء في بيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ( 2 )
موضوع الحلقة :
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين ومن سلك سبيلهم وترسم خطاهم ونهج مناهجهم إلى يوم الدين أما بعد ،(1/275)
ونرجع إلى قصة امتحان الصديقة بنت الصديق عائشة أم المؤمنين حبيبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وعن أبيها وعن أهل بيتها أجمعين لما كانوا في غزوة المريسيع من بني المصطلك من خزاعة في السنة الرابعة أو الخامسة من الهجرة اختصم غلامان على الماء غلام لعمر ابن الخطاب وغلام لعبد الله ابن أبي رأس المنافقين فقال غلام الأنصاري غلام عبد الله ابن أبي يا للأنصار وقال غلام عمر يا للمهاجرين وكادت تنشب الفتنة بينهم بين المهاجرين والأنصار حتى سكنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما انتهت الغزوة وقفلوا راجعين عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن طبعاً عبد الله ابن أبي عندما سمع بخبر التقاتل عند البئر قال هكذا محمد وأصحابه كالمثل الذي يقول سمن كلبك يأكلك والله لئن منعنا عنهم الطعام والشراب لتفرقوا عن المدينة والله لئن رجعنا إلى المدينة يقول على نفسه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأزل ويقصد بالأعز نفسه الذليلة الخبيثة الضعيفة ويعني بالأزل أعز خلق الله جميعاً محمد صلى الله عليه وسلم وسمع النبي بذلك أخبره زيد ابن أرقم كما قال عبد الله ابن أبي وجاء جماعة عبد الله ابن أبي الذين يعاونونه ولا يدرون عن نفاقه يحلفون بالله أنه ما قال هذا الكلام حتى أنزل الله عز وجل تثبيت ما قاله زيد ابن أرقم وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل أن يشتغل المسلمون عن هذه الفتنة فساروا في الليل ليلاً طويلاً وهم راجعون إلى المدينة ولما جاء وقت النزول بالليل أن رسوا في مكان ونزل المسلمون عن رواحلهم وأنزلت عائشة من الهودج كان في رجال مسؤولون كان هؤلاء الرجال مسؤولين عن إركاب عائشة يعني يحملون الهودج وهي في داخله ويضعونه على بعيرها أو ينزلونه عند الاستراحة فأنزلوها في هودجها وابتعدوا عنها في ليلة مظلمة وأرادت أن تقضي حاجتها فلما ذهبت لقضاء حاجتها كانت تعبث وهي جالسة في عنقها فسقط عقد منها وهي تعث به(1/276)
فبدأت تلتمسه وحتى طال بها المدى ورجعت فلما رجعت وجد الجيش قد رحلوا وأن الذين حملوا الهودج يحسبونها فيه لأنها يومها كانت بنت ثلاثة عشر سنة سنها في ذاك الوقت يعني متزوجة لها أربع سنوات كان سنها ثلاثة عشر سنة وكانت خفيفة اللحم فلم يحس الرجال الأربعة الذين يحملون الهودج أو الأكثر أو الأقل عن أن فيه امرأة أو ليست فيه وساقوا بعيرها بهودجها ورجعوا قافلين إلى المدينة وعندما كاد النهار يطلع ألقى الله النوم بمجرد ما عائشة لم تجد الجيش وطبعاً هذا مقام يكاد يفقد كبار الرجال عقولهم فيه إذا ترك الواحد منهم في ليلة مظلمة في مكان نائي بعيد فضرب الله على أذنها ونامت فلم تستيقظ إلا بعد طلوع النهار وإذا صوت قريب ما هو يعني قريب بالحيل منها وهو يقول سبحان الله زوجة النبي محمد كان يراها قبل الحجاب فأناخ لها بعيره وركبت وما كلمته ولا كلمها وأنا أشهد على ذلك بشهادة الله عز وجل ثم بدأ يقود بها بعيرها حتى أدرك رسول الله وهو نازل في الضحى المرتفع نازل قبل وصولهم إلى المدينة لو كان الرجل مريباً ما أخذ بحبل جملها يقودها أمام الرسول كان يهرب منها ولا يأتي بها علانية فلما جاء بها صفوان ابن المعطل السلمي الزكواني رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ عبد الله ابن أبي يفتل ويخيط فتنة كبرى ضد الصديقة بنت الصديق حبيبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام البريئة الطاهرة رضي الله عنها وقال لأصحابه من المنافقين ولأنصاره من اليهود هذه زوجة محمد باتت مع رجل يفجر بها ولم ينزل الوحي على رسول الله وقتها وبدأ يذيع ويشيع عبد الله هذا الخبر ولا تدري به عائشة وعلم النبي بذلك عليه الصلاة والسلام وبدأ يسأل هو طبعاً ما يحكم على الأمور بنفسه إنما يحكم بما علمه الله عز وجل بما أراه الله تبارك وتعالى ولا يعلم الغيب لا يعلم الجاهليون من الصوفية والخرافية وغيرهم أنه لا يعلم الغيب إلا الله لا يعلمه نبي مرسل ولا ملك(1/277)
مقرب ولا أحد في السماوات إلا بعلم من الله عز وجل عالم الغيب فلا يقدر على غيبه أحداً إلا من انتظم الرسول فإنه يسلكها من بين يديه ومن خلفها رصداً يعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصوا كل شيء عددا وسأل رسول الله بعض الصحابة وبدأ بنسائه وصان تقول عائشة وصان الله عز وجل نساء النبي أن يقعن فيه فكل ما سأل النبي امرأة قالت :
والله لا أعلم عنها إلا خيراً ولا أعرف فيها إلا الخير زينب بنت جحش يقول وكانت تساميني بين رسول الله أثنت علي ثناءً وكل نساء النبي الذين كانوا في ذاك التاريخ كلهم أثنوا عليها وسأل علي قال إنك يعني لا تشغلك هذه النساء كثير واسأل الجارية بريرة تصدق فسأل النبي بريرة مولاة عائشة رضي الله عنها ما تقولين في عائشة قالت يا رسول الله إني أعلم أنها جارية حديثة السن تنام عن العجين فتأتي الداجن فتأكله والله لا أعلم عنها إلا خيراً واثنت عليها خيراً كثير وسكت النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر ما يوحي الله عز وجل له به وبعد مدة عائشة لا تدري ولا تعلم حتى خرجت ذات ليلة إلى المناصع عند البقيع لتقضي حاجتها كما تقول لم تكن الكنف قريباً من ديارنا هي رجعت إلى البيت عند بيت النبي ولم يحدثها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أحد من نساءه بهذا الخبر كلهم كفوا عنها لكن قدر لها أن يصيبها مرض وتقول وكنت أعجب أن رسول الله صار يعاملني معاملة ما كان يعاملني بها إذا مرضت قبل ذلك كان يقف على الباب ويقول كيف تيكم يعني كيف حال البنت ويرجع وأنا استنكر ذلك لكن ما أسأل ما أعرف حتى خرجت ذات ليلة إلى المصاع لقضاء حاجتي قبل أن تتخذ الكنف قريباً من دارنا كنا على عادة العرب الأول نستنكر أن يكون في البيت مرحاض أو كنيف معنى كلامها وخرجت معي أم مصلح ابن أثاثة أم مصلح وهي بنت خالة أبي بكر خرجت مع عائشة رضي الله عنها إلى المناصع فلما كانت في بعض الطريق عثرت أم مصلح في ملايتها فسقطت على الأرض ولعنت(1/278)
مصلحاً قالت تعس مصلح فغضبت عائشة غضباً شديداً على أن تقول هذا الكلام وقالت أتسبين رجلاً شهد بدراً يعني من أهل بدر وهم أعلى أصحاب محمد درجة أعلاهم كيف تسبينه طبعاً عائشة تعلم أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما تقولون في أهل بدر قال هم خيرنا قال وكذلك نحن نقول عمن حضر بدراً من الملائكة يعني الذين حضروا بدر من الملائكة صاروا هم والشاعر يقول يا بدر أهلك جاروا وعلموك التجلي وقبحوا لك وصلي وحسنوا لك هجري فليفعلوا ما شاؤوا فإنهم مهما أرادوا فإنهم أهل بدر فأهل بدر لهم منزلة كبيرة في عين جميع أصحاب محمد ومصلح ابن أثاثة كان من أهل بدر وقد كان الناس في ذاك الوقت أربعة أقسام كان الناس في فتنة عائشة أربعة أقسام قسم وهو رجل وامرأة قسم لا يتكون إلا من رجل وامرأة المرأة أم أيوب الأنصارية والرجل أبو أيوب الأنصاري اللذين نزل النبي في بيتهما أول ما نزل المدينة دخل أبو أيوب على أم أيوب وقال يا أم أيوب ما تقولين فيما قال الناس في عائشة قالت وأنت يا أبا أيوب ما تقول فيما قال الناس في عائشة قال قولي أنت قالت له بل قل أنت فقالت له لو كنت أنا مكان عائشة أخون النبي محمداً قال لها ولو كنت أنا مكان صفاء المعطل أخون النبي محمداً طبعاً هذا كان أفضل المواقف من الرجل والمرأة وطلب الله من جميع المسلمين أن يتأسوا بأبي أيوب وأم أيوب عندما يقول ) لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ ( النور (آية:12) هكذا لأبي أيوب وأم أيوب عندما سمعت عائشة أم مصلح وهي تقول تعس مصلح قالت أتسبين رجلاً شهد بدراً قالت يعني يا هبله أو يا قليلة الفكر أنت ما تدرين ماذا قال قالت ماذا قال تقول قال مع الناس قصة الإثك كذا وكذا قالت سبحانك هذا بهتان عظيم قالت فزدت مرضاً على مرضي ورجعت إلى بيتي واستأذنت رسول الله في الخروج إلى أبي وأمي فأذن لي(1/279)
فدخلت إلى أمي وقلت يا أماه ما سمعت ما قال الناس قالت سمعت ما قال الناس قالت ما تقولين قالت يا ابنتي أصبري فإنه لم تكن امرأة وطيئة يعني جميلة حسنة عند زوج يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها الكلام مع أن الله عصم نساء النبي أن لا يتكلم أحد فيمن رضي الله عنهم وسألت أبا بكر ما تقول قال يا ابنتي ما أقول شيء مالي كلام ودخل رسول الله على عائشة عند أبيها وأمها وقال يا عائشة إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه وإن كنت بريئة فسيبرئك الله وكانت تقول أنا ما كنت حفظت القرآن الكثير منه ما كنت جارية حديثة السن لأحفظ كثير منه معناه كانت فقيهة رضي الله عنها وحافظة لما حفظت من القرآن قالت التفت إليه لأمي أجيبي عني رسول الله قالت والله ما أستطيع أن أجيب رسول الله قالت قلت لأبي قال ما عندي ما أجيب به رسول الله قالت أنا والله لو قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة ما صدقتموني ولو قلت أني كذا والله يعلم أني لست كذلك لصدقتموني والله ما لي ولكم مثل إلا أبا يعقوب إذ قال فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ثم التفت إلى الجدار وبدأت أبكي حتى تكاد تقطع كبدي من البكاء ومعي جاريتي نصار والنبي قاعد فأنزل الله عز وجل الوحي ببراءتي هذا دليل ساطع قاطع على براءة الصديقة بنت الصديق حبيبة الله ورسوله وربنا يقول ) لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ( النور (آية:11) وإلى حلقة قادمة إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ الدكتور محمد موسى الشريف
ضيف الحلقة :
أثر المرء في دنياه شخصيات تركت أثراً (4)
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلام على سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين إخواني وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد ،(1/280)
ما زلت أواصل سرد سير العظماء من بلاد الإسلام تركوا أثاراً جليلة رائعة في الأرض وأتمنى من إخواني وأخواتي عندما يسمعون مني هذا أن ينووا النية فقط النية أريد النية الآن أن ينووا أن يتأسوا بأولئك العظماء أن يسلكوا طريقهم وأن يتبعوا طريقتهم وأن يقتفوا أثارهم وينووا أن يعملوا مثل عملهم وعظيمنا اليوم إنما قلت هذا حتى نستفيد حتى لا تكون مجرد قصص تتلى على الأذان والأسماع ثم لا يكون شيء بعد ذلك ليس هذا من منهاج هذه الحلقات إنما أتيت هنا وسردت هذه الحلقات لأجل أن تكون منهاج حياة للمسلم إن شاء الله تعالى عظيمنا اليوم الذي ترك أثراً واضحاً هو الجنيد ابن محمد النهاوندي القواريري الخزاز البغدادي رحمه الله تعالى ورضي عنه الجنيد ترك أثراً جميلاً جداً وجيداً جداً وهو أحد أعلام الصوفية المشهورين وأثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ثناءً عطراً جداً قال كان الجنيد رضي الله تعالى عنه هكذا نص كلامع كان الجنيد رضي الله تعالى عنه سيد الطائفة إمام هدى اسمعوا ثناء شيخ الإسلام ابن تيمية عليه كان الجنيد رضي الله تعالى عنه سيد الطائفة أي الصوفية وإمام هدى وغير ذلك من الكلمات وأثنى عليه شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تعالى ثناءً عطراً في المدارج وغيرها وأثنى عليه تاج الدين السبكي والحافظ الذهبي ثناءً ليس بعده ثناء إذاً لماذا هذا الثناء كله لأن هذا الرجل العظيم ترك أثراً عظيماً في دنيا الناس ما هو هذا الأثر الجنيد أحد الصوفية الأوائل والصوفية الأوائل تقل فيهم البدع جداً ويكثر فيهم الإتباع يعني الصوفية تمر بمراحل ثلاث سريعاً أذكرها للإفادة المرحلة الأولى هي مرحلة الإتباع والتزكية والتصفية والأنوار والذكر والروحانيات والبعد عن الشطح والشطط والصفاء وهذه المراحل لم أضعها أنا من عندي إنما فهمتها من كلام العلماء الكبار العظماء أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والحافظ الذهبي والسخاوي والحافظ(1/281)
السخاوي والحافظ ابن حجر هؤلاء تكلموا عن هذه المراحل كلها ثم المرحلة الثانية بدأت البدعة تختلط بطريقتهم وتسمى المرحلة الوسطى ثم المرحلة الأخيرة للأسف يوم دخلت عقائد سيئة وخطيرة مثل الاتحاد والحلول وأمور خطيرة دخلت فيها والتواكل والرضا بالاستخراب العالمي عند كثير من طوائف الصوفية قضايا كثيرة جداً وغلب عليهم البدع إلى أخره أما الإمام الجنيد فهو من أوائل الطائفة وعظيمها وسيدها والمقدم فيها لماذا ما هو الأثر الذي تركه هذا الرجل ماذا عمل حتى نفهم يعني هذا الرجل أيها الإخوة والأخوات وضع قواعد للصوفية وليس فقط للصوفية بل لكل زاهد ولكل محب للتصفية الروحية وهذا من أهم المهمات التي تركها الجنيد رحمه الله ذاك أن الإنسان الذي يريد أن يسلك طريق الآخرة وأن يصفي روحه من أدرانها وأن يعتاد ذكر الله تبارك وتعالى وأن يقترب منه وأن يرزق الإخلاص واليقين وأن يرزق التوكل الحسن إلى أخر الصفات الرائعة أن يرزق مرتبة الإحسان باختصار هذا الإنسان يعرض له الشيطان في طريقه يستدرجه يسحبه يضره يحاول معه حتى يبتعد عن الطريق السوية ويسلك طريق الضلال والبدع والخرافات في أثناء الطريق يوسوس له الشيطان يضيعه قد يضيعه الشيطان والعياذ بالله الجنيد كان الأثر العظيم الذي تركه بأن ترك لأتباعه بل للمسلمين جميعاً ترك لهم القواعد المنضبطة الشرعية في هذه القضية مثلاً ماذا يقول يقول علمنا هذا مضبوط بالكتاب والسنة من لم يحفظ القرآن ولم يقرأ الحديث لا يقتدى به عندنا الله أكبر هذه من القواعد المهمة(1/282)
من لم يحفظ القرآن ولم يقرأ الحديث لا يقتدى به عندنا يعني لا يحفظ القرآن يقرأ حديث فقط هكذا إنما يحفظ القرآن حفظ فاهم ويقرأ الحديث قراءة متيقن فاهم ضابط للقواعد الشرعية هنالك يقتدى به ويتبع نعم هذا هو الأمر المطلوب ويقول مراراً كان مراراً يقول من لم يقرأ القرآن ولم يقرأ الحديث فليس له أن يسلك طريقنا وليس هو منا كرر هذا في مواضع رحمه الله تعالى وينقل ابن القيم شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عنه في المدارج وهو الكتاب الرائع مدارج السالكين شرح منازل السائرين بين إياك نعبد وإياك نستعين وهو شرح رائع جليل لشيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تعالى ينقل عن الجنيد الإمام الكبير رحمه الله تعالى قوله ربما ترد النكتة علي اسمعوا أيها الإخوة والأخوات والنكتة يعني الخاطر الإلهام الفكرة سمها ما شئت ربما ترد يعني أن يكون الخاطر والإلهام والفكرة يكون دقيقاً هنا يسمى نكتة والنكتة الشيء الدقيق ربما ترد النكتة علي فلا أقبلها إلا بشاهدي عدل من الكتاب والسنة الله أكبر لا أقبل النكتة إلا بشاهدي عدل من الكتاب والسنة لا يقبل الفكرة ولا الخاطرة ولا الشيء الذي ألهمه إلا أن يشهد عليه شاهدا عدل الكتاب والسنة هذه قواعد مهمة للغاية لأن بها صان الطريق من أن يتسرب إليه الأوهام أو أن يأتيه الشيطان بعد ذلك كل صوفي بل كل سالك يحاسب إلى هذه الطريق يحاسب إلى كلام الجنيد يحاسب بكلام الجنيد فمن اقتدى بالكتاب والسنة يرفع ويعظم ومن خالف الكتاب والسنة يوضع من قدره ويغض من شأنه مهما كان هذه قواعد عندنا ما نملك لأننا إذا خالفنا هذه القواعد هلكنا وضيعنا وأضاعنا الشيطان والعياذ بالله لذلك يقول أحد الصوفية لا تغتر بمن يطير في الهواء ولا يمشي على الماء حتى ترى حاله من الأوامر والنواهي أي الشرعية إذا كانوا متبعين الأوامر الشرعية مجتنباً المناهي الشرعية هنا يؤخذ بكلامه وهنا يقتدى به ويتبع ويتأسى أما إن كان مضيعاً الكتاب والسنة إن(1/283)
كان جعل الكتاب والسنة خلف ظهره ودبر أذنه ثم بعد ذلك يقتدى ويتبع لا ولا كرامة ما يقبل هذا الإنسان أبداً لذلك من عمل الجنيد الرائع أنه كان قدوة للصوفية وإماماً لهم وسيداً عندهم وسيداً للزهاد وليس فقط عند الصوفية فقط وفي الوقت نفسه كان عمله منضبطاً هذا الانضباط وهذه القواعد التي وضعها أثرت في الأجيال بعده كل التأثير وأعادت كل صوفي منحرف إلى جادة الشريعة لأن كل صوفي لا يملك إلا أن يقول الجنيد سيد الطائفة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان رضي الله عنه سيد الطائفة إمام هدى لا يملك إلا أن يسلم للجنيد حاله والجنيد نص على هذه الضوابط فمن خرج عن هذه الضوابط فليس بصوفي وليس بزاهد وليس يقتدى به والصوفية بالمناسبة طائفة من طوائف المسلمين كما أخبر شيخ الإسلام ابن تيمية مراراً وشيخ الإسلام ابن القيم مراراً طائفة من طوائف المسلمين فيها خير وفيها شر يؤخذ ما فيها من خير يترك ما عندها من شر هذه هي القاعدة الذهبية في جميع طوائف المسلمين جميع طوائف المسلمين ليست معصومة فيها خير وفيها شر نأخذ ما عندها من خير ونترك ما عندها من شر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ربما نظر الفقيه إلى الصوفية فلا يعدهم شيئاً ويعد عملهم ضلالاً وربما نظر الصوفي إلى الفقهاء لا يعدهم شيئاً ويعد عملهم زيادة أو زائداً أو فضولاً والصحيح أن هؤلاء من طوائف المسلمين فيهم خير وفيهم شر أو كما قال شيخ الإسلام رحمه الله وهذه قاعدة ذهبية في الصوفية يعمل معهم بموجب هذه القاعدة في كل زمان ومكان والجنيد من أعماله الجليلة وله أعمال جليلة في الإخلاص واليقين والكلمات الرائعة الجميلة لكن أجل أعماله على الإطلاق وضع الضوابط لجماعته بل وضع الضوابط لجميع الزهاد من زمانه إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها وما أتى بهذه الضوابط هو من بنات أفكاره إنما أتى بها من الكتاب والسنة لماذا لأنه كان عالماً بالكتاب عالماً بالسنة درس(1/284)
الحديث على المشايخ وأخذ الحديث ودرس الفقه على المشايخ وكان له مشايخ معتبرون وكان له تلاميذ معتبرون بهذا سود رحمه الله تعالى وبهذا ترك الأثر العظيم أسأل الله تعالى أن يغفر لجنيد وأن يرحمه وأن يرفع درجته في العلين وأن يجعلنا جميعاً سالكي طريقه متبعي أثاره إنه ولي ذلك والقادر عليه هذا والله تعالى أعلم وأحكم وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وإلى اللقاء إن شاء الله تعالى مع تارك أثر أخر والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
فضيلة الشيخ نبيل العوضي
ضيف الحلقة :
نهاية العالم
موضوع الحلقة :(1/285)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته العالم سينتهي كوارث زلازل البرد والحر حروب طاحنة صراع دولي فوضى ستسود ماالذي سيحصل ما السيناريو المقبل العلم فيه عند الله جلّ وعلا ولكن العالم سينتهي لن نختلف في التفاصيل ولكن الحقيقة التي يجمع عليها كل الناس عاقلهم وغير عاقلهم بل مؤمنهم وكافرهم يجمعون على هذه الحقيقة أن العالم سينتهي طال الزمان أم قصر بل كل العلامات التي حولها اليوم تدل على أن الأمر قد أقترب وأصبح وشيكاً وأن علامات الساعة الصغرى تقريبا كلها ظهرت ولم يبقى معها إلا الشيء الذي لا يذكر وهذا القليل الذي لا يذكر ربما لا يكون إلا مع الكبرى بل نجزم أن بعضها لن يكون إلا مع الكبرى إذا ماذا ننتظر إذاً ماذا سنفعل أينتظر الواحد منا الدجال حتى يخرج ثم يؤمن ثم يصلي ثم يصوم ثم يقرأ القرآن ماذا ينتظر الواحد منا هل ينتظر الواحد منا أن يرى الشمس تطلع من مغربها حتى يتوب ماذا ينتظر الواحد منا أن تظلا بعض آيات الله فتخرج الدابة فتختم آل الناس على منخارهم وعلى وجوههم أنت في الجنة وأنت في النار هل ينتظر الواحد منا كل هذا أم أن الواحد منا من الآن يجب أن يستعد إن كثرة الزلازل في الأرض تنذر بالزلزال الأكبر كالمقدمات وفي آخر الساعة تكثر الزلازل زلزال في الآخر إن تقارب الزمان اليوم صار الشهر كأسبوع والأسبوع كيوم واليوم ما إن تستيقظ في الصباح إلا وانتهى اليوم كله من علامات الساعة إن فشو التجارة حتى صار الرجال والنساء بل حتى الأطفال يعبثون بالتجارة ويعملون بها بل عن قرب الأسواق اليوم الواحد منا جالس في بيته يتعامل ويشتري في أسواق اليابان وأمريكا وأسيا وفي كل بلاد العالم صار السوق كله في جهاز يحمله الإنسان في جيبه هذه من علامات(1/286)
الساعة إن ما يحدث للناس اليوم من تبرج للنساء وخرجوهم عاريات وكثرة الغناء والطرب و شرب الخمور وانتشار الربا في كل شارع وبيت هو منذر بقرب قيام الساعة بل هي علامة من علاماتها والله جلّّ وعلا يخبر قبل ألف وأربعمائة عام بقرب قيام الساعة ) اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ( الأنبياء (آية:1) يعني مصيبة يتوبون فيها ويرجعون إلى الله يستغفرونه بعد أيام خلص نسوا رجعوا إلى حالهم خلص غفلة ) اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ ( الأنبياء (آية:1) كلما تأتي آية تنسيهم التي قبلها ويتوبون قليلاً ثم يرجعون إلى ذنوبهم ومعاصيهم هذه هي الغفلة ) اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَر ( القمر (آية:1) الله جل وعلا قبل ألف وأربعمائة سنة وأكثر يقول أن الساعة اقتربت ماذا ينتظر الناس هل ينظرون إلى الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء شراطها يعني هذه الآية نزلت للصحابة الله يقول لهم ولغيرهم ممن لم يؤمن بهذا الدين يقول ماذا ينتظرون الناس ينتظرون الواحد يسمع الصيحة أو يشوف البحر يتحول إلى جحيم ويرى البحار سجرت احترقت أو ينتظر الواحد الأرض تتزلزل ترى الناس سكارى وما هم بسكارى أو الواحد ينتظر يشوف السماء تنشق وتنفطر فيا هول انشقاقها وما الصوت الذي سيخرج منها إذا انشقت أو ينتظر الواحد منا يرى الطفل الصغير يشيب شعره من شدة الخوف والأم ترمي جنينها وتلقيه وتولي عنه ولا تبالي هل ينتظر الواحد منا هذا اليوم أم يستعد من الآن ) فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا ( محمد (آية:18) سوف يأتي يوم شفتم أرض العرب سوف تعود انهاراً ومروجاً حدائق ويأتي يوم ترون نهر الفرات يذهب وينحسر ربما بسبب كوارث طبيعية أو عوامل طبيعية أو بسبب حروب العلم عند الله لا نعرف ما الذي سيحصل ولكنها تجف ذلك النهر ويخرج من تحته جبل من ذهب يتقاتل الناس(1/287)
عليه سوف يأتي يوم يكثر القتل وربما أتى يكثر القتل ما تقرأ الجريدة ما تسمع أخبار كل لحظة تسمع أخبار قتل في العالم لا يدري القاتل لما قتل تسأله ليش قتلت لا يدري ما في مبررات يقتل فقط ولا يعرف المقتول لما قتل رايح مدرسته ولا طالعة رايحة تشتري أغراض للبيت قتلت ليش قتلت ما تدري في أين المؤودة سألت بأي ذنب قتلت سوف يأتي هذا الزمان ورما والعلم عند الله قد أتى أتى ذلك الزمان الذي انتشر فيه القتل ) فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا ( محمد (آية:18) لا يعني هذا الأمر أن الإنسان يضع كفاً على كف ويضع رجلاً على رجل وينتظر الساعة ولا يعمل لا بل اعمل حتى لو سمعت أن الصيحة(1/288)
قد وقعت وبيد أحدكم فسيلة يعني مو قضية صلاة وبس لا عمل دنيوي يريد به وجه الله عمل دنيوي الزراعة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسها يعني لا يقول الواحد منا أن الساعة قد اقتربت خلاص مش حقنا ندرس ولما نعمل ولما نكدح ولما نتزوج وننجب لو قال لك لا تعمل اعمل فكل ميسر لكل خلق له وقد تكون نعم الساعة قريبة وقد يكون قربها ألف سنة ومئات السنين العلم عند الله قد يكون ألاف السنين مئات السنين عشرات السنين سنوات شهور هذا لا يعلم بها إلا الله جلّ وعلا وإنما علمها عند الله وقت قيام الساعة لا يعلم به أحد من البشر لكن يا أخي الحبيب هذه العلامات فقط نذير تنذرك بقرب قيامها تجعلك تعمل تجعلك تقوم بصلاة الفجر تجعلك ترضي والديك وتطلب منهم الصفح والعفو تجعلك يا عبد الله تربي أولادك على الصلاة وعلى الدين وعلى العبادة وعلى قراء القرآن تجعلك إن كان عندك من ناس أمانات أن ترجعها للناس إن كنت قد ظلمت أن تتحلل بمن ظلمتهم أن تذهب إليهم وتطلب منهم الصفح والعفو أخي الحبيب الساعة قريبة الساعة اقرب مما تتصور والجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شراء نعله يقول عليه الصلاة والسلام ويقول يوم من الأيام يقول إن يخرج الدجال يعني النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إلا وحي يوحى وهو اعلم هذه الأمة بهذا الدين وأعلم الناس بربه جلّ وعلا يقول إن يخرج الدجال وأنا فيكم وأنا حي في عهدي إذا خرج الدجال يعني قال فأنا حجيجكم دونكم أنا أتكفل فيه وإن يخرج وأنا لست فيكم إذا خرج الدجال بعد موتي فكل حجيج نفسه فامرؤ حجيج نفسه يعني كل واحد حجيج نفسه إما أن تهرب وتستعيد بالله منه أو تقرأ عليه فواتح سورة الكهف أو انجوا بنفسك منه وإن رأيت جنته وناره فادخل ناره فإن ناره جنة وجنته نار لكن كل واحد يتكفل بنفسه تعرف إيش معنى هذا الحديث يعني كان النبي صلى الله عليه وسلم يظن أن الدجال سيخرج في حياته طيب اليوم بعد 1400 سنة من وفاته عليه الصلاة(1/289)
والسلام وأكثر من 1400 سنة أخي الحبيب فكر ألسنا قريبين أليس الأمر يحتاج منا إلى وقفة طيب لو طلع الدجال وأنا موجود ماذا أسوي علمت أولادي حفظتهم سورة الكهف علمت زوجتي علمتهم صفاته حتى لا ينغشون فيه ولا ينخدعون فيه علمت أهلي وأحبابي وجيراني لأن لم يخرج الدجال إلا في وقت يتغافل الناس عنه في وقت لا يذكر في المنابر لا احد يخطب على الدجال لا أحد يذكر الناس صفات الدجال إذا قيل الدجال قال أنت وين عايش الناس وين وأنت وين الناس الآن الالكترونيات الناس اليوم القمر الناس اليوم الأسلحة الناس اليوم التكنولوجيا الانترنت وأنت للحين تقول الدجال يتغافل الناس لذكره في هذا الزمن يخرج هذا المخلوق يخرج فيقتل الناس العلم عند الله ما الذي سيحصل هناك تخرصات هناك تكهنات منهم من يقول ستكون حرب على المياه وتدمر الأرض ومنهم من يقول حرب نووية تنسف التكنولوجيا التي في الأرض منهم من يقول كوارث طبيعية تنسف كل ما بناه الإنسان من حضارة ويعود الإنسان إلى العصور الماضية ويبدأ الحرب مرة أخرى بالسيوف والقتال على الحروب وغيرها وغيرها كل هذه تكهنات ربما تدل عليها دلالات علمية وربما ليست عليها دلالات لكن الحق انه لا يعلم الغيب من في السموات ومن في الأرض إلا الله ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ (44) إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) ? النازعات كأن الستين سبعين سنة التي عاشها عشية أو ضحاها كما ساعة من نهار كأنها لحظات حياتهم كلها ويقول للمجرم يوم القيامة يا ليتني قدمت لحياتي يا ليتني قدمت لهذا اليوم يا ليتني استعديت له يا ليتني لبست الحجاب يا ليتني عففت فرجي وبصري يا ليتني ما فعلت كذا ولا كذا يقول يا ليتني بدل أشرطة والأغاني والطرب والفجور(1/290)
والفسق يا ليتها كانت القرآن والذكر والعبادة الواعظ يا ليتها بدل الفضائيات الناجمة الخليعة التي ليس عندها إلا الاتجار بالشهوات والجنس يا ليتها كانت محطات القرآن فضائيات الخير التي فيها المواعظ والمواعظ والذكر والدروس والنعيم الدنيوي والأخروي يا ليتها يا ليتني قد فعلت بدل ما كنت أضيع وقتي بالحشيش والدخان أو المخدرات كنت أقضي وقتي في القرآن ومجالس الذكر والصحبة والطيبة الصالحة ومدارس الخير أتي فيوم إذٍ إذا أعجبه أحد ولا يوثق ميثاقه أحد نعم تنذر باقترابها وبدأت العلامات الكونية التي تنظر وهناك نوع يقولون هناك نوع من الخطر والنواقيس تدق وهناك خلل يحصل في الغلاف الجوي وهناك خلل في تركيب الأرض وهناك خلل حتى في جينات الإنسان وهنا تلاعب بها وهناك إنذارات وتحذيرات لحروب طاحلة أعظم بكثير من الحرب العالمية الثانية والأولى توشك بإطلاق صواريخ نووية ربما تدمر كل شيء بإذن ربها إذاً فلنكن مستعدين أي شيء سيحصل أن كان المؤمن على إيمانه والمسلم على إسلامه فإنه لا يبالي بما سيحصل يا أيها الذين امنوا اتقوا الله ولا تموتن إلا وأنت مسلمين حتى نلقاكم أيها الأحبة في حلقة مقبلة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ إبراهيم الدرويش ( الرس - السعودية )
ضيف الحلقة :
تدبر القرآن (إن الحسنات يذهبن السيئات)
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه.أهلا وسهلا بكم معاشر الإخوة والأخوات في حلقة جديدة من هذا البرنامج المبارك...آيتنا لهذه اللحظات يقول الله تعالى في الآية الرابعة عشرة بعد المئة من سورة هود آمرا عباده بإقامة الصلوات بأن الحسنات يذهبن السيئات ومن أعظم الحسنات إقامة الصلوات ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين )(1/291)
ورد في الصحيحين في سبب نزول هذه الآية عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله عز وجل هذه الآية...فقال الرجل يا رسول الله ألي هذا؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: لجميع أمتي كلهم...إذا أبشروا لجميع أمتي كلهم...
عن أبي اليسر قال أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت إن في البيت تمرا أطيب منه فدخلت معي في البيت فأغويت إليها فتقبلتها أو قبلتها فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له...إذا حصل الندم..الخطأ وقع من أبي اليسر ولكن رجع حصل الندم فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له قال استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا...قال فلم أصبر..التائبين والنادمين سبحان الله قال فأتيت عمرا أتيت عمر فذكرت ذلك له فقال استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا..قال فلم أصبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا؟...شوف اللوم الآن حتى تمنى انه لم يكن قد أسلم إلا تلك الساعة حتى ظن أنه من أهل النار قال وأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا حتى أوحى الله تعالى إليه (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) قال أبو اليسر فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقرأها علي فقال أصحابه يا رسول الله أهذا خاصة أم للناس عامة قال بل للناس عامة..الله أكبر ما أعظم الإسلام رحمة الله التي وسعت كل شيء...الحديث رواه الترمذي وقال عنه حديث حسن صحيح غريب وحسنه الألباني كما في صحيح الترمذي.(1/292)
إذا الآية ترشد لأمر عظيم أن باب التوبة مفتوح، أن الله تعالى رحيم بعباده، أن العبد متى أخطأ وقصر فالحمد لله عليه أن يرجع إلى الله عز وجل كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون..أن على العبد أن يحسن تعامله مع ربه، أن على العبد أن يخشى الله ويخاف من الله عز وجل ويراقب الله فإذا وقع بضعف نفسه بوسوسة شيطانه، بغلبة الشهوة عليه رجع إلى الله، تاب، ندم، حاول أن يحقق شروط التوبة كل مرة ولو رجع ألف مرة لتاب آلاف المرات...لو علم الشيطان بهذا، علم الشيطان أن العبد متى وسوس له الشيطان بالمعصية رجع إلى الله وتاب فسيشعر ربما الشيطان سيخنس لا يمكن أن يوسوس لهذا الإنسان لان هذا الإنسان كلما وسوست له كما هو حال لسان الشيطان كلما وسوست له جاء بأعظم من هذا الأمل بخيرات حسان ( إن الحسنات يذهبن السيئات)
إذا الإقلاع عن الذنب...الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل فأين التائبون حتى تطلع الشمس من مغربها ولذا ناداهم الله عز وجل بصفة العبودية وبأرجئ آية (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) وفي الآية فضل الصلوات وأنها حسنات يذهبن السيئات اسمعوا أخوة الإيمان اسمعن معاشر الأخوات والفتيات هذه الصلاة العظيمة هذه الصلوات التي يقصر فيها الكثير من شبابنا وفتياتنا الذي يوسوس الشيطان لهم بثقلها وتركها هي فضل من الله تعالى لكم هي حسنات تمحو السيئات...(1/293)
توضأ عثمان يوما ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا ثم قال ومن توضأ وضوئي ثم قام فصلى صلاة الظهر غفر له ماكان بينها وبين الصبح ثم صلى العصر غفر له ما بينها وبين صلاة الظهر ثم صلى المغرب غفر له ما بينها وبين صلاة العصر ثم صلى العشاء غفر له ما بينها وبين صلاة المغرب ثم لعله أن يبيت يتمرغ ليلته ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء وهن الحسنات يذهبن السيئات....الله أكبر والحديث رواه أحمد.
إذا فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء أين نحن عن فضل هذه الصلوات العظيمة سبحان الله نشعر أن هذه الصلاة تكليف وهي والله كما سمعتم الآن تشريف، تشريف من الله تعالى يوم أن يلتقي العبد بربه خمس صلوات خمس مرات باليوم والليلة ثم يغفر له بين كل صلاة وصلاة كأن العبد يقول يا رب يا رب لما صلى الفجر إلى صلاة الظهر وإذا به ربما وقع منه ولا بد أن يقع فلما رجع الظهر للصلاة يا ربي لضعفي لجرأتي لوسوسة الشيطان لشهوتي بخطأي وقعت بذلك الأمر فإذا بالله عز وجل يغفر له ما كان بينه وبين هذه الصلاة...كما قال صلى الله عليه وسلم نهر حسنات جاري هذه الصلوات المفروضة نعمة من الله عز وجل قال ( أرأيتم لو أن نهر بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا ما تقولون في ذلك هل يبقى من درنه شيء قالوا لا يبقى من درنه شيئا قال ذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ) والحديث متفق عليه.(1/294)
إنها حياة النقاء إنها حياة الصفاء حتى وإن كنت ممن قصر وأخطأ حتى مهما بلغت الذنوب إنه الفلاح أرأيت أخي معنى الفلاح يوم تدعى بحيي على الفلاح فقم..قم أخي قم وانفض عنك الغطاء وتوكل على الله كم من محروم من هذا الفلاح، كم من محروم من هذا الخير، كم من محروم من هذه المغفرة ثم ها أنت تخطو إلى المسجد خطى ثمينة لها عند رب العالمين قدر وقيمة فبالحديث ( إن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لم يخطو خطوة إلا رفعه الله عز وجل بها درجة وحط بها عنه خطيئة حتى يدخل المسجد ) كما عند أبي داوود وابن ماجة.
وفي حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) كما في مسلم.
وفي أيضا هذه الآية آيتنا سعت رحمة الله بتكفير السيئات كما في حديث الترمذي اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن...تقضي عليها إذا أخي الكريم أختي المؤمنة لديك ممحاة، لديك ممحاة تمحو بها الذنوب نحن ضعفاء نحن مذنبون نحن خطاءون لكن إذا أخطأت فالله تعالى بفضله ومنه وكرمه أعطاك ممحاة تمحو بها الذنب سارع تب استغفر صلي ركعتين تصدق احرص على بر الوالدين إذا فهذه رحمة الله تعالى أتبع السيئة الحسنة تمحها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة قد خنقته ثم عمل حسنة فانفكت حلقة -خفت قليلا- ثم عمل حسنة فانفكت حلقة أخرى حتى يخرج إلى الأرض) تماما والحديث رواه أحمد.
إذا هذا فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء فأين نحن أخوة الإيمان رحمة الله التي وسعت كل شيء.
يا ملاذا يا لواذا يا سنا ذرة من ومضه تجلو الحلك...
أمل الأكوان بالخير فما خاب في الأكوان عبد أملك....
وأنا يا ربي عزي أني كلما ذلت معاني الذات لك زاد شأني وارتقى
شأوي علا مشرئبا فلكا إثرا لك(1/295)
ما أحسن أن يلجأ المذنب إلى ربه، ما أجمل أ يطرق بابه، ما أجمل أن يشكو سوء حاله، ما أجمل أن يطلب غفران ذنبه، ما أجمل الاعتراف بالتقصير والغفلة...أي والله أخوة الإيمان الله تعالى يحب هذا من عبده الله تعالى عند المنكسرة قلوبهم إياك والتكبر فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر إذا أذنبت فارجع إلى الله وإن قصرت بنا الهمم وإن ضعفنا وإن أخطأنا أو غفلنا فلنعلم أن رحمة ربنا أوسع وأن باب جوده أعظم وأكبر من تقصيرنا وذنوبنا لكن الشيء الذي لا نستطيعه ولا نطيقه هو أن نبتعد عن باب ربنا فمن لنا والله إن ابتعدنا من لنا إن ابتعدنا عن ربنا من لنا إن طردنا من رحمته.
فلما قسى قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي دون عفوك سلما... تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرما.
نسأل الله الكريم من فضله فيا أخي، يا اخيتي إنه الفقه في التعامل مع الذنوب إنها قاعدة التعامل مع النفس وأتبع السيئة الحسنة تمحها...تعالوا نتواصى بمثل هذا تعالوا ننشر مثل هذا الخير العظيم رحمة الله تعالى بيننا وأتبع السيئة الحسنة تمحها تقضي عليها ( إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) فهل نحن نسارع عند الغفلة أو الذنب أو التقصير بفعل الحسنات لتمحو السيئات عفوك اللهم عنا نعم والله يا أخوة ما أكثر ذنوبنا كم تجرأنا على الله تعالى بخلواتنا، كم استجبنا لرغباتنا وشهواتنا، كم أفرطنا، كم قصرنا فآه لغفلتنا آه لقسوة قلوبنا آه من صفحات سيئاتنا...يا إلاهي فارحم رهافة حسي واحبو نفسي قلبا وطرفا غضيضا ببناني أخط سفر جناني وفؤادي الصادي على الذنب ريضا...صفحاتي تضج من سيئاتي ودعائي يؤج بي مستفيضا يا إلاهي الرحيم فامنن لتغدو بالتجلي سود الصحائف بيضا(1/296)
نسأل الله أن يغفر لنا ولكم...اللهم اغفر لنا أجمعين، اللهم تجاوز عنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم...سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فضيلة الشيخ : محمد بن لطفي الصباغ
ضيف الحلقة :
الدعاء ( 1 )
موضوع الحلقة :
السلام عليكم ورحمة الله الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين ،(1/297)
أيها السادة موضوعنا الذي أريد أن أتحدث إليكم عنه موضوع الدعاء ما أشد حاجاتنا في هذه الأيام وفي كل حين إلى الدعاء الدعاء شيء عظيم في حياة المسلم ندب الله إليه عبده في ضروراته كالطعام والشراب والملبس والمأوى وفي أمانيه وفي تطلعاته وفي حصوله على المغفرة من الذنوب وقد وعد تبارك وتعالى بالإجابة على الدعاء قال الله عز وجل ) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ( البقرة (آية:186) وهنا يا أيها الأخوة والأخوات ملاحظة مهمة في آيات القرآن عندما يأتي سؤال للنبي عليه الصلاة والسلام يسألونك عن الأهلة يسألونك عن الشهر الحرام يسألونك عن المحيض يوسط الرب تبارك وتعالى عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليبلغهم الجواب أما في هذه الآية فلم يقل قل وإنما قال الرب تبارك وتعالى مباشرة فإن قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان لنفهم منها أن الوساطة بين الله وعباده غير موجودة وإنما نتوجه إلى الله تبارك وتعالى مباشرة في الدعاء وقال ربكم أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء هو العبادة أيها السادة الصلاة ما هي هي دعاء والصلاة أعظم شيء في الإسلام بعد الشهادتين ويقول عليه الصلاة والسلام الدعاء مخ العبادة ويقول أيضاَ من سر أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء قال أيضاًَ قال الله عز وجل يا ابن أدم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي هذه رحمة من الله هذا كرم من الله مهما كنت أيها الإنسان قد أذنبت في حقك وفي حق الله عزّ وجل فإذا استغفرته ودعوته غفر لك ما كان منك وعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله تعالى(1/298)
إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم لما سمع هذا الكلام رجل من القوم قال إذاَ نكثر قال صلى الله عليه وسلم الله أكثر أي الله أكثر إجابة مهما سألت فأسأل فإن الله تبارك وتعالى سيجيبك
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم ينصب وجهه لله عز وجل في مسألة إلا أعطائها الله إياه إما أن يعجلها له وأما أن يدخرها له في الآخرة وقال أيضاَ من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله عز وجل فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل لماذا يطلب الناس بعضهم من بعض لماذا يسأل الناس غير الله هذا الذي تسأله هو يسأل الله فإذاَ كما قال الشاعر فاطلب إلى ملك الملوك ولا تكن بادي الضراعة طالباَ من طالب أيها السادة الدعاء هو إظهار غاية التذلل لله عز وجل والافتقار إليه والاستكانة له وما شرعت العبادات إلا للخضوع للباري وإظهار الافتقار إليه وقد قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإجابة محققة فتارة تقع بعين ما دعا وتارة بعوضه وتارة يدخرها الله له في الآخرة الدعاء مستجاب ولكن هناك شروط للإجابة الشرط الأول أن يخلص في دعائه فلا يدعو مع الله أحد فأدعوه مخلصين له الدين الشرط الثاني أن لا يكون في دعائه أثم ولا قطيعة رحم الثالث أن يكون طيب المطعم والملبس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأن يستجاب له رواه مسلم وغيره كذلك من شروط الإجابة أن لا يستعجل لقوله صلى الله عليه وسلم يستجاب لأحدكم ما لم يقل دعوت فلم يستجيب لي واحد يدعو يقول يا رب كم مرة أريد أن أدعوك دعوتك كثيراَ فلم تستجب لي هذا إذا قاله يكون قدم هدم شرطاَ من شروط إجابة الدعاء كذلك التوبة من الذنوب هذا شرط من شروط الإجابة يقول الله عز(1/299)
وجل ) وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ( هود (آية:3) كذلك الاستغفار الاستغفار شيء مهم ليحصل الإنسان على إجابة الدعاء يقول سيدنا نوح عليه السلام فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفار يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا الدعاء يا أيها السادة يجعل العبد متعلقاَ بالله ذاكراً عبوديته له وافتقاره إليه إن علينا أن نعيد هذه النعم التي غمرنا الله بنا أن نعيدها إلى المنعم وأن نعترف لله عز وجل بفضله علينا وهذا يقود إلى التوكل على الله وحكم الدعاء كثيرة من حكم الدعاء أولاَ إحكام الصلة بين العبد وربه إن الدعاء يذكر المسلم بعبوديته لله ويذكره بآلهة الرب وربوبيته ويذكره بضعف نفسه وافتقاره إليه الأبرار الصالحون يكثرون الدعاء الله يكره إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب لا تسألن بني آدم حاجة وأسال الذي أبوابه لا تحجب الاغترار بالدنيا ونسيان دعاء الله وذكره قد يصيب صاحبه بالخسران في الدنيا وعذاب الآخرة أشد وأبقى نسأل الله عز وجل أن يوقفنا وإياكم إلى ما يرضيه وإلى لقاء أخر إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ إبراهيم الدويش ( الرس - السعودية )
ضيف الحلقة :
تدبر القرآن ( دعاء الركوب )
موضوع الحلقة :
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على إمام المرسلين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم(1/300)
أما بعد معاشر الإخوة والأخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وكعادتنا مع كتاب ربنا جل ّ وعلا آية نقف معها وقفات آيتنا أو آياتنا لهذه الحلقة هي الآية الثانية عشر والثالثة عشر والرابعة عشر من سورة الزخرف يقول الله تعالى والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام مما تركبون لتستو على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون هذه الآيات الله عز وجل يذكرنا بشكر نعمته جلّ وعلا في هذه المراكب التي نركبها وكم يشعر الإنسان بنعمة الله عز وجل وهو يركب هذه المراكب التي اختلفت اليوم باختلاف تقنيات العصر الحديث كان الناس يركبون الحمير والبغال والجمال ويركبون السفن واليوم تطورت الأمور وتغيرت الأحوال وأصبح الإنسان يركب السيارة والطائرة والقطار والسفينة وغير ذلك والحق أن الإنسان عندما يقف مع مثل هذه الآيات المباركات يتذكر دعاء الركوب الذي كان صلى الله عليه وسلم يردده عندما يركب الدابة كنت قبل قليل قبل لحظات وأنا أركب الطائرة لتسجيل هذه الحلقات وإذا بالصوت يردد لنا أو يذكرنا بدعاء الركوب(1/301)
لا أخفيكم والله معاشر الإخوة والأخوات كم يشعر الإنسان بالاغتباط والراحة والأنس والطمأنينة وهو يسمع هذه الأدعية وهذه الأذكار المباركة يرددها مكبر الصوت في الطائرة فيشعر هذا الإنسان بالطمأنينة وهو يركب هذا المركوب بين الأرض والسماء بهذه الأذكار الرائعة الجميلة تشعره بالطمأنينة الله أكبر الله أكبر الله أكبر سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنّا إلى ربنا لمنقلبون التكبير يشعر المسافر بأن الله عز وجل معه الذي هو أكبر من كل شيء ثم يأتي دعاء السفر بكلمات رائعة وجميلة اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في المال والأهل اللهم إنّا نعوذ بك من أعباء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل وكما سيأتي كيف كان صلى الله عليه وسلم يردد هذا الدعاء نقف وقفات معاشر الإخوة والأخوات مع
هذه الكلمات الرائعة الجميلة في السفر هذه الآية وجعل لكم من الفلك والفلك التي هي السفن والأنعام ما تركبون أي ذللها لنا جلّ وعلا لتستو على ظهوره أي لتستو متمكنين مرتفعين على ظهور هذه المركوبات كما قال تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون ثم قال ثم تذكروا نعمة ربكم فيما سخر لكم وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين(1/302)
ما معنى مقرنين كما قال أهل التفسير أي مطيقين وما كنا مطيقين ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى لنا لولا تسخير الله تعالى إياه لنا كيف كنا سنركب الطائرة لو لا نعمة الله عز وجل باختراع هذه الطائرة كيف كنا سنستوي على ظهر السيارة أو حتى أبائنا على ظهر الحمار أو ظهر البعير أو غيرها من المركوبات لولا تسخير الله تعالى جلً وعلا هذه المركوبات فإذا ركب الإنسان هذه الدواب فإنه يردد مثل هذه الأذكار كان صلى الله عليه الصلاة والسلام إذا استوى بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين إلى أخر الحديث في هذا الحديث استحباب هذا الذكر عند ابتداء السفر أي سفر كان وقد جاءت أحاديث السفر جاء في السفر أذكار كثيرة جمعتها كتب الأذكار اللهم إني أعوز بك من وَعساء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل الله أكبر تأملوا هذه الكلمات الرائعة الوَعساء بفتح الواو والعين هي المشقة والشدة والمسافر لا شك يتعرض للمشقة والشدة الكآبة هي تغير النفس ما يصيب الإنسان من حزن من ضيق وسوء المنقلب أي المرجع فيرجع كما كان أو خيراً مما كان وكما أسلفت الأحاديث كثيرة في هذه المعاني.(1/303)
اخرج مسلم وأبو داوود والترمذي والنسائم من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سفر ركب راحلته ثم كبر ثلاثاً ثم قال دعاء السفر أخرج أيضاً مسلم بسنده في صحيح في كتاب مناسك أن ابن عمر علمهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كا إذا استوى بعيره خارجاً إلى سفره كبر ثلاثاً ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ثم ردد دعاء السفر المعروف والمعهود من تأمل معاشر الإخوة والأخوات في هذا الدعاء وجد عجباً حقيقة هذا المسافر يريد أن يسافر خرج من أهله ودع أهله هو بحاجة إلى الصاحب له بحاجة إلى صاحب بحاجة إلى من يعينه في سفره وإذا بالمسافر وهو يردد هذا الدعاء من مظانين الدعاء أنت الصاحب في السفر من الله جلّ جلاله السفر أخي الكريم قطعة من نار قطعة من عذاب مهما كانت وسائل النقل مهما كانت سبل الراحة فتبقى حقيقة الغربة والوَعساء والقلق والكآبة والخوف على الأهل والولد والخوف على المال الإنسان في السفر غريب ضعيف مهما بلغ وبأمس الحاجة إلى من يعينه بأمس الحاجة إلى الدليل على الحارس إلى الحافظ هو بأمس الحاجة إلى من يخلفه في أهله في ماله ومن توكل على الله كفاه ومن يتقي الله يجعل له مخرجاً والعبد عندما يتذكر أن الصاحب في السفر قد عاهد نفسه ووعد نفسه أن صاحبه في السفر إنما هو ربه جلّ جلاله الواحد الأحد سبحانه وتعالى فيستشعر عظمة صاحبه في السفر يستشعر أن الله تعالى معه ومن يعشو عن ذكر الرحمن يقيد له شيطان فهو له قرين إن لم يكن ذكرك بالله عز وجل والله عز وجل هو صاحبك فمن كما اخبر الله ،الشيطان فهو له قرين اللذين أمنوا وتطمأن قلوبهم بذكر الله إلا بذكر الله تطمأن القلوب إذاً يكفيك أخي فخراً وطمأنينة وحفظاً أن صاحبك في السفر هو الله الحي القيوم العلي العظيم .(1/304)
ما أحوجنا جميعاً إخوة الإيمان ما أحوجك أيها المسافر لله في كل لحظة في كل خطوة إنه الله مالك الملك سبحان الله من أنت يا عبد الله حتى يكون صاحبك في السفر مالك الملك جلّ وعلا إنك خلق من خلقه عبد من عبيده ناصيتك بيده مفتقراً غاية الافتقار إليه مضطر أشد الاضطرار إليه الله الواحد القهار يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد سبحان الله اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك ونحن ضعفاء محتاجون إليك خلقتنا من ماء مهين ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقتاً فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشاناه خلقاً أخر فتبارك الله أحسن الخالقين سبحان الله أيها المسافرون من ما الذي يجلب لكم الخير ما لذي يدفع عنكم الشر إنه الله لن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وأن يمسسك بخير فهوعلى كل شيء قدير إنه الله العظيم فلك الحمد يا ربنا خلقتنا ورزقتنا ومن كل شيء أعطيتنا إلهنا كل الخلائق مفتقر إليك لا غنى لأحد منهم عن بابك طرفة عين فإلا من تكلنا يا ربنا من لنا في سفرنا إلا أنت نعم من لنا وقد ضعف السند إلا أنت من لنا سواك يا ربنا إذا ضاقت الطرق وأظلمت الأفق من لنا إذا تبدلت النعم وحلت النقم من لنا إذا قست القلوب وكثرت الذنوب من لنا سواك يا ربي لا إله إلا أنت ولا معبود بحق سواك فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا إلى ضعفنا ولا إلا عجزنا إلهنا أنت صاحبنا في السفر وأنت خليفتنا في المال والأهل إلى هنا سفرنا إما في صحراء وإما في فضاء وإما في بحر وماء فأنت الحافظ لنا وأنت من يقلأنا أنت من يردنا سالمين غانمين إلهنا خضعت لعظمتك العظماء وذل لجبروتك الكبراء العظمة إذارك والكبرياء رداءك أنت أهل الثناء والمجد فمنن بجميل من الثناء المواتي ما ثناء عليك إلا امتنان ومثال للأنعم الفائضات يا محب الثناء يا محب الثناء والمدح إني من حياء(1/305)
خواطري في شتات لعبة النفس هيبة واحترام وتأبت عن بلع ريقي لهاتي حبنا وامتداحنا ليس إلا ومضة منك يا عظيم الهبات لو نظمنا قلائداً من جمانٍ ومعانٍ خلابة بالمئات لو برينا الأشجار أقلام شكرٍ بمداد من دجلة والفرات لو نقشنا ثناءً من دمانا أو بذلنا أرواحاً من الغاليات ما أبدنا عن همسة من معانٍ في حنايا نفوسنا مكنات أو أتينا لذرة من جلال أو شكرنا ألائك الغامرات أي شيء يقوله الشعر لما يتغنى بخالق الكائنات
إذا أيها المسافرون وأنتم ترددون دعاء السفر لما لا تملؤن القلوب بمحبته والنفوس بعظمته والأرواح بهيبته ما لكم لا ترجون لله وقار إن الله عظيم فعظموه في نفوسكم حق التعظيم وتعظيمه لا يمكن أن يكون إلا بطاعته باجتناب معصيته أن يكون المسافر حريصاً على رضا الله عز وجل أن يكون السفر إنما هو في طاعة الله عز وجل عجب لمسافر يردد هذا الدعاء ويشعر أن صاحبه في السفر هو الله جلّ جلاله ثم يتجرأ على الله عز وجل أو يكون قد قصد في نيته أن يسافر من أجل معصية الله عجباً لك يا عبد الله نعم أخي الكريم كيف تردد دعاء السفر ثم وإذا بك قد قصدت السفر في معصية الله انتبه يا عبد الله إن صاحبك في السفر معك أينما كنت إنه يراك في كل مكان لا يمكن أن تختفي عنه طرفة عين يعلم ما بين أيدينا وما خلفنا يعلم جلّ وعلا حاضرنا وماضينا يعرف لماذا أنت سافرت وما قصدك من السفر وماذا تريد من هذا السفر فاتقي الله يا عبد الله وراجع نفسك لا تخفى عليه خافية يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور يعلم حاضرنا وماضينا فتنبه يا عبد الله أسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم بسفرنا وحلنا وترحالنا وأن يردنا سالمين غانمين في كل حال هو ولي ذلك والقادر وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
الشيخ د.عبد الكريم بكار ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
تنمية الشخصية ( معرفة الذات )
موضوع الحلقة :(1/306)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أيها الأخوة المشاهدون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا بكم في حلقة جديدة من الحلقات التي نتحدث فيها عن تنمية الشخصية إننا في كل أسبوع سنتناول بحول الله وطوله جانبا من جوانب الشخصية الإسلامية وفي كل جانب سنحاول أن نقدم بعض الأفكار والمفاهيم التي تغطي ذلك الجانب والتي تقدم رؤية ومعونة للنهوض بها وحديثنا اليوم عن الوعي الذاتي أو عن معرفة الإنسان بنفسه أيها الأخوة الكرام على مدار التاريخ كانت المشكلة الحقيقية التي تواجه الإنسان هي مشكلة الجهل الإنسان بسبب الجهل كفر بالله تعالى وعبد الأصنام وعبد الحجر والشجر وعبد الأشياء وعبد الحيوان بسبب الجهل كذب الرسل عليهم الصلاة والسلام وقتلهم وحاربهم وبسبب الجهل اقتتل بنو الإنسان وبسبب الجهل تلوث البيئة اليوم ويعتدي القوي على الضعيف عن قائمة أضرار الجهل تبدأ لكنها لا تنتهي ومن هنا ندرك أن المعنى الجوهري الذي يكمن خلف نزول أول آية في كتاب الله تبارك وتعالى وهي قوله تعالى ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) إنها مرحلة جديدة ينتقل فيها مركز السيطرة من المال ومن القوة البدنية ومن الشرف والجاه والحسب والنسب ينتقل ليكمن في العلم ويكمن في المعرفة ويكمن في الخبرة وفي الاطلاع إنها فاتحة لعهد جديد والنبي عليه الصلاة والسلام بعد غزوة بدر صار يقبل من الأسرى الذين يعرفون القراءة والكتابة أن يعلم كل واحد منهم عشرة من صبيان المسلمين كيف يقرأ وكيف يكتب ويكون ذلك فداء له.(1/307)
أيها الأخوة الكرام الجهل فنون ولكن أخطر أنواع الجهل هو جهل الإنسان بنفسه حين لا يعرف الإنسان هل هو على خطأ أو على صواب حين لا يعرف هل هو من السابقين أم من المقصرين حين لا يعرف نقاط القوة لديه و لايعرف نقاط الضعف لديه حين يكون في مثل هذه الحالة فإن علاقته بالله تبارك وتعالى فإن علاقته بالله تعالى تتعرض للتشوه وكذلك علاقته بالناس تتشوه إمكاناته لا تستغل و لا يستفاد منها و لا يعرف كيف يواجه التحديات التي تعترض سبيله كل واحد منا لديه نقطة قوة ولو أنه اكتشف تلك النقطة في وقت مبكر وجعلها محورا لأنشطته لتثقفه لتدربه لتعلمه لممارساته فإنه يستطيع من خلف تلك من وراء تلك النقطة أن ينجز الكثير لنفسه وللأمة وللناس من حوله ،(1/308)
حدثني أحد الأصدقاء وهو ممن يقدم تدريبا في الهندسة النفسية وفي البرمجة العصبية قال لي كنت في دورة وكنت أنبه الشباب إلى أن كل واحد منهم عنده نقطة إبداع أو نقطة قوة فقام أحد المتدربين وقال أنا لا أدري سوى أنني إنسان عادي في كل شيء فهل تستطيع أنت أنتقول لي ما نقطة القوة التي لدي مادامت القضية يعني بهذا التعميم قال الصديق والله أنت عندك نقطة قوة قلت له ما تلك قال له ما تلك النقطة قال لديك ابتسامة جميلة قال طيب والابتسامة الجميلة تطعم الإنسان الخبز أنت تظن قال له نعم بإمكانك أنت أن تصبح موظفا في استقبال في العلاقات العامة وان تدرس وتنمي خبراتك حول هذه القضية كيف تخدم الناس كيف ترحب بهم كيف تساعدهم كيف تمثل الشركة التي تعمل فيها على شكل حسن ، الرجل يعني سمع هذا الكلام وهو بين الظن والشك و اليقين عاد إلى البيت وسأل زوجته قال فلان المدرب قال إن لدي نقطة قوة ويقول أن نقطة القوة التي لدي هي أن ابتسامتي جميلة فماذا ترين أنت ؟ قالت له أكيد وإلا إيش اللي مصبرني عليك فمضت سنوات يقول صديقي وإذا بجرس الهاتف يرن في الساعة الواحدة ليلا وإذا بهذا الشاب يقول له يا فلان أبشر فقد صدر الليلة قرار بتعيني مديرا للعلاقات العامة في الشركة الفلانية وهذا الشيء الذي أنت نبهتني إليه منذ البداية اتصل ليشكره وفي وقت مزعج إذا لدى كل واحد نقطة قوة قد تكون ذاكرة قوية قد تكون خطا جميلا قد تكون خيالا خصبا قد تكون قدرة على المثابرة قد تكون صبرا قد تكون قوة على التسامح أشياء كثيرة في ذواتنا هي نقاط قوة إذا رعيناها فإننا نأخذ منها الكثير في المقابل لدى كل واحد منا أيضا نقاط ضعف ومن الضروري أن يتعرف على هذه النقاط لأنني أعتقد أن فكرة واحدة يمكن أن تشل إنسانا إذا كان الإنسان يعتقد انه لا يصلح لشيء ليس عنده أي شيء ينميه ليس عنده أي شيء يقدمه هو محتقر من الناس أو محارب أو أو سيء الحظ إن مثل هذه الأفكار كافية لأن تشل(1/309)
أي إنسان مهما كانت قدراته ومهما كانت أحواله وأوضاعه ، من المفاهيم التي أريد أن أقدمها اليوم في هذه الحلقة حول قضية معرفة الذات أن علينا أن نوقن أيها الأخوة الكرام جميعا أن العوائق المادية لا تشكل أبدا عائقا أمامنا نعرف أشخاصا كثيرين ولدوا في ظروف سيئة جدا لكن من خلال العمل الجاد من خلال التعلم الجيد من خلال المثابرة من خلال الاستقامة من خلال الأمانة تفوقوا وتقدموا خطوات واسعة جدا على أشخاص ولدوا كما يقولون وفي أفواههم ملاعق من ذهب إذا العوائق المادية لا تشكل أبدا عائقا وكان ابن خلدون يقول إذا جمع الإنسان بين الأمانة والمهارة فهذا لا يحتاج أن يعمل عند أحد هذا الناس يحتاجونه الناس يقصدونه الناس يشغلون أموالهم معه الناس يصبحون أجراء لديه والمهارة تكتسب بدون مال والأمانة أيضا تكتسب بدون مال ، من المفاهيم التي أود أن أقدمها أيضا في هذا اليوم هي أن المعركة الحقيقية التي على الواحد منا أن يخوضها هي معركة مع أهوائه وشهواته أهواؤنا وشهواتنا هي العدو الأكبر الذي علينا أن نحاربه وعلينا أن نكون على حذر منه أشخاص كثيرون يملكون الكثير من الخير والكثير من الاستعداد والكثير من الإمكانية لكنهم ضعفاء أمام ميولهم ضعفاء أمام غرائزهم فادى ذلك بهم إلى أن يصبحوا في مؤخرة الركب وإلى أن يسلكوا سبل الضلالة وأن يقدموا للأمة وللمجتمع نماذج في منتهى السوء والحقيقة من خلال التجربة ومن خلال ما نراه هناك تجد قائدا عسكريا يستطيع ويملك من الهمة ومن العزيمة أن يواجه جيشا جرارا ولو كان عدده مائة ألف لكن هذا الرجل الشجاع المقدام تجده ضعيفا وضعيفا جدا أمام عادة صغيرة من عاداته عادة سيئة تجده ضعيفا ومهزوما أمامها المعركة الحقيقية التي سنخوضها هي معركة مع أهوائنا ومع شهواتنا هي معركة في دواخلنا معارك صامتة في توجيه نزعاتنا في السيطرة على أهوائنا في تنمية الجوانب الإيجابية في شخصياتنا ، المفهوم الآخر الثالث الذي(1/310)
أود أن أقدمه هو أنني إذا لم أساعد نفسي فلن يساعدني أحد نحن خلال التربية التي نقدمها والتي أيضا نحن بدورنا تلقيناها من أسلافنا نربي دائما الإنسان المتواكل الإنسان الذي ينتظر المساعدة من غيره الذي ينتظر المعونة ولكنه لا يبحث أبدا عن دوره الشخصي أنا أقول من حق كل إنسان أن يبحث عن المساعدة وعلينا أن نقدم له المساعدة لكن الجهد الأساسي الذي يجب أن يبذل هو من قبله وليس من قبل أي شخص آخر أناس كثيرون يملكون فعل أشياء كثيرة لكنهم اتكاليون أبي ما ساعدني أخي ما ساعدني فلان ما ساعدني مع أنهم يتلقون المساعدة لكن هم ما ساعدوا أنفسهم وعليهم أن يدركوا أن المساعدة الحقيقية ستأتي من أنفسهم لأنفسهم هذا ما أحببت أن أقوله في هذا اليوم وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا ممن يقولون القول فيتبعون أحسنه إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ ابراهيم الدرويش ( الرس - السعودية )
ضيف الحلقة :
تدبر القرآن ( العجلة )
موضوع الحلقة :(1/311)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ، أهلا وسهلا بكم معاشر الأخوة والأخوات وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته يقول الله تعالى في الآية السابعة والثلاثين من سورة الأنبياء موضحا ما جبل عليه الإنسان من عجلة في أموره ( خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون ) إذا العجلة آفة أهلكت الكثير وأفسدت الكثير وحصل و يحصل بسببها الكثير والعجلة هي فعل الشيء قبل وقته اللائق به كما يعرفها بعض أهل اللغة يقول الراغب العجلة طلب الشيء وتحريه قبل أوانه والعجلة مذمومة في عامة القرآن حتى قيل العجلة من الشيطان ويقول الله تعالى ( ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا ) وقال الله تعالى أيضا ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هم ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ) ويقول تعالى ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ) روى الترمذي بسنده أن الأناة من الله وأن العجلة من الشيطان وفي إسناده أو مقال قال عنه الترمذي هذا حديث غريب وقد تكلم بعض أهل الحديث في أحد رواته واسمه عد المهيمن ابن عباس ابن سهل وضعفه بعض أهل العلم وهناك حديث موقوف على أنس قال التأني من الله والعجلة من الشيطان ذكره المنذري في كتاب الترغيب والترهيب وعن سهل بن سعد الساعدي قال نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل يقاتل المشركين وكان من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين عن الناس فقال من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا قال فتبعه رجل فلم يزل على ذلك حتى جرح فاستعجل الموت فقال بذبابة سيفه فوضعه بين ثدييه فتحامل عليه حتى جرح أو خرج من بين كتفيه فقال (إن العبد ليعمل فيما يرى الناس عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار ويعمل فيما يرى الناس عمل أهل النار وهو من أهل الجنة وإنما الأعمال بخواتيمها ) نسأل الله تعالى أن يصلح لنا ولكم الخواتيم فالأعمال بالخواتيم هذا حال(1/312)
بعض الناس إذا ضاقت عليه الدنيا واشتدت عليه المصائب يستعجل حتفه فيقدم ربما على الانتحار ونسب الانتحار وللأسف اليوم نراها تزيد خاصة في فئة الشباب من الجنسين ولم لم تزيد لا شك أن هذا من ضعف الإيمان بالقضاء والقدر من عدم الرضا بالقضاء من عدم فهم حقيقة الدنيا وأنها دار أهوال ودار مصائب وإلا لما يضطر الإنسان أن يتعجل موته لم يضطر الإنسان أن ينهي حياته يظن هذا المسكين أن نهاية حياته بيده أنه سيرتاح كما يقول البعض في قضايا الانتحار غفل أو نسي ذلك المسكين أنه سيقدم على حياة أخرى بدءا بعذاب القبر وظلمة القبر غير ما عند الله عز وجل إذا سيقدم على شيء أشد مما هو فيه فما أحلى وما أجمل الصبر على أقدار الله المؤلمة فإن العبد يستشعر بصبرها رغم أنها مرة إلا أنه يستشعر حلاوتها لأنها من الله ويعلم حقيقة ما وعده الله عز وجل ما من هم ولا غم ولا وصب ولا نصب حتى الشوكة يشاكها المسلم إلا كفر الله بها من خطاياه(1/313)
هذا فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء أيمكن أن يكون المسلم أن ينتحر أو يفكر بتعجل الموت لمجرد مصائب تجمعت عليه إن هذا من العجلة والعجلة من الشيطان والشيطان يريد أن يفوز الإنسان ليس فقط بالمعصية بل بالكفر بالله تعالى وهكذا ما يزال يجري من ابن آدم مجرى الدم ويوسوس لضعاف الإيمان حتى يهلكهم والله المستعان فيهلك ويهلك دنياه وآخرته نسي أن الدنيا دار امتحان وابتلاء عن أنس أن الرسول صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد يعني خفت عليه فصار يعني أصابه ما أصابه فصار مثل الفرخ من شدة ذلك المرض فقال الرسول صلى الله عليه وسلم هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه قال نعم كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا سبحان الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله لا نطيقه أو لا تستطيعه أو لا تطيقه أما قلت اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قال فدعا الله بذلك فدع ا الله له فشفاه والحديث رواه مسلم في كتاب الذكر أو في صحيح كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا وفي حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ) يقول دعوت فلم يستجب لي وهذا عند بعض الناس دعوت فلم يستجب أدعو الله وألح في الدعاء وأتحرى أوقات الاستجابة وقد دعوت فترات طويلة ولم يستجب الله تعالى لي لا تتعجل أخي وراجع نفسك وربما يكون عدم أو سبب عدم استجابة دعاءك المعصية الذنب حالك فلا بد للإنسان أن يعي ويحاول أن يرجع إلى نفسه إن العجلة من شيم الأحمق وإنه ليتكلم في الساعة بكلام يعجز عنه غيره وهذا نلاحظه عند بعض الناس سبحان الله في كثرة كلامه وعجلته وتصرفاته المسلم بين العجلة والتأني يحتاج إلى أن يكون له ميزان واضح التأني عكس العجلة والتأني مصدر تأنى أي ترفق وانتظر إذا فلابد أن الإنسان يتأمل حاله في التأني والعجلة التأني(1/314)
عدم العجلة في طلب شيء من الأشياء والتمهل في تحصيله والترفق فيه ولا يقصد بالعجلة المسارعة والمبادرة إلى الطاعات فهذا أمر محمود وكما قيل التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة مادام الأمر عمل آخرة وفيه خير فتوكل على الله فالعجلة مذمومة ماكان في غير طاعة الله عز وجل ومع عدم التثبت وعدم خوف الفوات ولهذا قيل لأبي العيناء لا تعجل فالعجلة من الشيطان فقال لو كان ذلك لما قال موسى ( وعجلت إليك ربي لترضى ) ورابط ذلك الحكمة وكما قال بعضهم لا تعجل عجلة الأخرق و لا تحجم إحجام الواني القلق الخائف دائما من استطاع أن يمنع نفسه أربعة أشياء فهو خليق أن لا ينزل به كبير مكروه العجلة واللجاجة والعجب والتواني فثمرة العجلة الندامة وثمرة اللجاجة الحيرة وثمرة العجب البغضاء من الناس وثمرة التواني والكسل الذل والتراجع إذا لا تعجلن انتبه أخي احذر ليس الرزق بالعجلة الرزق مكتوب مع الأجل الرزق كتبه الله عز وجل لكن خلق الإنسان من عجل ومن مضار العجلة أولا أنه دليل السفه قلة الحلم وضعف العقل عند بعض الناس لما تلاحظ الإنسان العجلة يقولون فلان متعجل فيحذره الناس ثانيا التسرع وكثرة الزلل والوقوع في الأخطاء وخاصة إذا كانت العجلة في قضايا ومصالح عامة فالضرر عام ولا يجب الإنسان أن يتعجل في قضايا حتى وإن كان يراها من باب الشرع من باب الآخرة في قضايا العامة يجب أن يتأنى يجب أن ينظر يجب أن يتمثل الحكمة دائما أمام عينيه يجب أن يستشير الآخرين لا يتعجل فيها أيضا من مضار العجلة الندم على ما وقع وفي العجلة غالبا ما ينفع الندم ثم ماذا وكم تعجلنا على أناس فندمنا ولكن ماذا ينفع الندم رابعا من أضرار العجلة العجول محروم من السيادة ومواقع القيادة والريادة دائما لا يحبه الناس بل يحذروا أن يقع من كثرة عجلته في طوام وهوام يوقع معه الآخرين فيها خامسا من أضرار العجلة العجلة سبب رئيسي في سوء الظن واتهام الناس نعم يتعجل على الناس مجرد أن(1/315)
يرى أو يسمع أو يرى فلان ربما مر بجواره وربما كان فلان يصرح في قضية من القضايا أو غيرها ما سلم عليه غفل عنه ظن به سوءا ظن به الكبر ظن به العجب وربما نقل هذه الصفة للآخرين لمجرد هذا الموقف من أضرار العجلة أيضا صاحب العجلة محروم من خير كثير ومن محبة الناس يجلب لنفسه ضررا عظيما لا يحبه الناس يتجنبه الناس من أضرار العجلة زوال الدنيا فكثير من الناس يعني يستعجل نفسه وما يزال فيكثر على نفسه في قضاء هذه حتى يغفل الكثير من دنياه ربما يخسر كثير من الرزق والربح الذي يأتيه بسبب تعجله بل ربما يخسر الكثير من الأرزاق ومن الخير وكم من تاجر تعجل ولم يحسب وكم من شاب تعجل في قضية البيع والشراء ولم يحسب لها حسابا ولم يزنها فوقع في طوام وهوام وخسر خسرانا كثيرا ومبينا كما نراه حال بعض الناس إذا العجلة مذمومة إخوة الإيمان إلا في أمور الخير فإن الإنسان يتعجل فيها لكن بإخلاص النية لله بالصواب الذي هو على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه وأن يزيد من العلم النافع والعمل الصالح وأن يثبتنا وإياكم على الحق هو ولي ذلك والقادر عليه وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
الشيخ عبد الوهاب الطريري ( الرياض - السعودية )
ضيف الحلقة :
مع الرسول صلى الله عليه وسلم ( الرسول داعيا - 1 )
موضوع الحلقة :(1/316)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحياكم الله أيها الأخوة والأخوات والأبناء والبنات حياكم الله مع لقاء يتجدد ، يتجدد مع أنفاس النبوة وأنوار الرسالة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلتقي هذا اللقاء مع من أرسله ربه شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا مع من أنزل الله عليه ( ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) مع من قال ( هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة ) مع الرسول في دعوته ولكن قبل ذلك إجابة قول الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه مع الرسول في دعوته من أين نبدأ من هناك حيث جبل شامخ في أرض قفر النبات ومحمد في فؤاد الغار فيتنزل عليه الوحي ويفجأه روح القدس في لحظة مهولة ينتقل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كونه بشرا يمشي مع البشر كغيره من الناس إلى بشر يستقبل تحمل أعباء مهمة هي أعظم مهمة تحملها بشر إنها أعباء الرسالة وتكاليف النبوة ومسئولية إنقاذ البشرية كلها من النار تنزل الروح القدس على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء وكانت لحظة مهولة فاجأه فيها الوحي فلما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد إلى بيته وهو مكروب خائف من هذه اللحظة المهولة التي تلقى فيها أعباء الرسالة ومسئولية إنقاذ البشرية فعاد إلى بيته ترجف بوادره ترعد فرائصه هذه اللحمة التي بين المنكب والعنق ترعد من شدة الخوف لمواجهة هذه المسئولية عاد صلى الله عليه وسلم إلى أهله إلى المرأة الفقيهة العالمة والزوجة الرؤوم الحنون خير مأوى لرسول الله صلى الله عليه وسلم عاد إليها ليقول لقد خشيت على نفسي فإذا بهذه المرأة الفقيهة خديجة عليها مرضاة ربي وسلامه إذا بها تقول له باستقراء تاريخي ، باستقراء تاريخي لسنن الله عز وجل مع البشر( والله لا يخزيك الله أبدا ) والله لا يخزيك الله أبدا يمين تقولها بغاية الوثوق(1/317)
والله لا يخزيك الله أبدا فما هي المؤهلات لهذه العصمة من الخزي ماهي المؤهلات التي استقرأتها خديجة عليها مرضاة ربي وسلامه يوم قالت بيقين ووثوق ويمين بارة والله لا يخزيك الله أبدا لنستمع إلى المؤهلات إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق خمس خصال جميلة كريمة وافية اجتمعت فيك ومن كان هذا حاله فإنه لا يخزى لا يتخلى الله عنه ولا يسلمه ولا يخزيه خمس خصال لذا تأملها :
إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكل الأمر الشاق الذي يشق بالناس تحمله عنهم الإنسان الذي لا حيلة له فهو كل تحمله وتعينه وتكسب المعدوم فيوجد عندك ما هو معدوم عند غيرك يكسبه الناس منك وتعين على نوائب الحق وهي كلمة جامعة لهذه الخصال الكريمة الجميلة فكل ينوب الحق أنت تعين عليه إن هذه الخصال الكريمة الوافية تعدها خديجة صفات ومؤهلات في رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت راسخة فيه قبل أن يتنزل عليه الوحي وقبل أن تلقى إليه أعباء الرسالة كانت هذه الخصال الشريفة المنيفة متمثلة فيه وهنا نتلمس معنى جليا براقا مشرقا لمحته خديجة بفقهها وعبقريتها وهو أن الرسالة تنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه مؤهلات لتلقي الرسالة ومن أوضحهها خصال المروءة فكانت في رسول الله صلى الله عليه وسلم خصال المروءة التي عددتها خديجة تبني حال الناس تبني قضاياهم نفس شريفة كريمة لا ترى خلة إلا سدتها ولا حاجة إلا أعانت عليها ولا فاقة إلا سترتها ولا لهفة إلا أغاثتها خصال فيها التفاؤل مع الناس قضاء حوائجهم نفعهم برهم كانت هذه الخصال في النفس الكريمة نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تتنزل رسالة الله عليه ولذلك رأت فيها خديجة عليها مرضاة ربي وسلامه مؤهلات لا يخزى من كانت فيه وهذا المعنى مما نحسب أنه موجود في رسل الله الذين يبلغون دعوته وإذا كان هذا واضحا في سمة محمد صلى الله عليه وسلم قبل نبوته فهو أيضا واضح وجلي(1/318)
في سيرة أنبياء الله وانظر هذا المشهد يقصه الله عز وجل عن نبيه موسى عليه السلام ( ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونه امرأتين تذودان) مشهد رجال أقوياء يزدحمون على الماء وامرأتان قد انتبذتا وابتعدتا عن الناس فلا طاقة لهما بزحام الرجال فسألهما ما خطبكما فأجابت المرأتان جوابا حييا يبين الحال ويعتذر عن حضورهما مع الرجال نحن لا نسقي حتى يصدر الرعاع وما جاء بكما وأبونا شيخ كبير كأنهما تقولان لو كان قويا لجاء ولم نأتي ونحن امرأتان ضعيفتان ولكن ضعف أبينا وشيخوخته وكبره جاء بنا إلى هنا وضعفنا أقصانا عن المورد فلا نسقي منه حتى يصدر الرعاع وتتساءل وتتعجب ولا ينقضي العجب كل هؤلاء الذين وردوا على المورد لم يساءلوا هاتين المرأتين لم يغيثوا لهفتهما لم يقضوا حاجتهما إنما تركوا هاتين المرأتين منتبذتان مكانا قصيا أما موسى عليه السلام الذي جاء طريدا خائفا جاء مجهدا مكدودا جاء من مسافة بعيدة ومع ذلك أبت عليه شهامته مروءته وأريحيته ونفسه الكريمة أن يرى هذا المشهد ثم لا يتساءل ولا يتعجب ولم ينقضي دوره أن تساءل ولكن جاءت الآية بتعبير جميل ( فسقى لهما ) الفاء تقتضي التعقيب والترتيب بمجرد أن سألهما سقى لهما سقى لهما وفرج لهفتهما ورحم ضعفهما ولم تحتمل نفسه رؤية ضعف المرأتين أمام قوة الرجال فسقى لهما وهو المجهود المكدود الخائف الجائع الفقير إلى كل خير يأتيه من ربه وهذا يبين ويكشف هذه النفس العظيمة الكريمة التي صنعت على عين الله ولتصنع على عيني .(1/319)
أيها الأخوة والأخوات والأبناء والبنات يا كل محب لرسول الله متبع لدينه إن هذين المشهدين يكشفان أن أصحاب الدعوات هم أصحاب النفوس الكريمة والقلوب النبيلة وأن الذي يتحمل دعوات الرسل ينبغي أن يحمل أيضا خصالهم يتبنى حاجات الناس يتبنى قضايا الناس يغيث اللهفة يقضي الحاجة يبسط نفسه للناس وهكذا كان أصحاب التأثير من علماء الأمة الربانيين الذين كان لهم حضور في حياة الأمة وكانوا دعاة حق وكان لدعوتهم أثر في حياة الناس ، شعبة بن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث ومن العلماء الدعاة والدعاة العلماء يصف الناس حاله أنه كان سخيا بعلمه سخيا بحاله بما يجد على قلة ما يجد حتى أنه جاءه يوما مسكين يسأله فدخل بيته فلم يجد إلا عجينا قد عجن ليخبز فأخذه فأخرجه فدفعه إليه ولو كان يجد غيره لتصدق به ، شيخ الإسلام ابن تيمية وتبنيه لقضايا الناس كان عجبا من العجب يسجن فيذهب فيغيث لهفته ويخرجه من سجنه يهجم التتار فيتبنى قضايا الناس ويذهب يستنجد السلاطين لنصرة أهل الشام وقصصه في البذل والكرم شهيرة معروفة ثم شاء الله أن ترى أعيننا مشهدا من مشاهد العلماء الربانيين الذين عاشوا هذا المعنى بوضوح وجلاء وكان سماحة شيخنا العلامة الداعية الإمام الشيخ عبد العزيز بن باز فما رأت أعيننا على كثف من رأت أكثر منه بسطا للنفس لحاجة الناس ولهفة إلى قضاء لهفات الناس وإغاثة لهفات الناس فكان داعية ولكنه مع دعوته تبنى قضايا الناس يغيث الملهوف يقضي الحاجة يقري الضيف فانحطم الناس إليه فوسعهم بره ووسعتهم مروءته ووسعهم كرمه فكان الداعية المؤثر الذي قبس من أخلاق النبوة الدعوة وأخلاق الداعية فيا كل داعية إلى دعوة محمد صلى الله عليه وسلم إن من مؤهلات الدعوة ما رأيت خبره تبني قضايا الناس إغاثة لهفاتهم بسط النفس لهم الاندماج معهم الانجذاب إليهم لينجذبوا إليك قضاء حوائجهم وتبني همومهم وإغاثة لهفاتهم وإن الناس تنجفل قلوبهم إلى من انجفل إليهم هذا(1/320)
المعنى الجلي يشرق علينا من سيرة محمد صلى الله عليه وسلم قبل نبوته وبعد نبوته (فيا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ / نبيل العوضي
ضيف الحلقة :
الجود والكرم
موضوع الحلقة :
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد،
أيها الأخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحياكم الله في هذه الحلقة الجديدة سوف يكون بإذن الله عزّ وجل موضوع حديثنا في هذه الحلقة أم صفة من صفات أهل الإيمان كان النبي عليه الصلاة والسلام أكثر الناس اتصافاً بها وأحسنهم فكما وصفه الصحابة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس فكان جواداً كريماً بأبيه وأمه عليه الصلاة والسلام كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر وكان ينفق حتى انه يوم من الأيام طلب منه عليه الصلاة والسلام ثوبه الجديد الذي لبسه أول مرة يلبس توب جديد تخيلوا النبي صلى الله عليه وسلم الواحد يفرح ثوب جديد لبس الثوب وطلع فيه أول ما خرج شاف واحد من الصحابة فقال يا رسول الله أعطني هذا الثوب وما رد أحداً أبداً عليه الصلاة والسلام لو طلب روحه لأعطاله إياه ودخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيت ونزع الثوب الجديد وأعطاه لهذا الرجل هدية له انظروا لكرمه عليه الصلاة والسلام قالوا للصحابي ما صنعت ماذا فعلت يعني النبي صلى الله عليه وسلم يشتري ثياب أو يعطى ثياب جديدة يلبسها وتأخذها منه قال:(1/321)
أحببت إذا مت أن يكون هذا الثوب كفني أريد أن أتكفن به في موتي شوف حبه للنبي عليه الصلاة والسلام ليس فقط هذا كان النبي عليه الصلاة والسلام في بيته تمرة ودخلت فقيرة تريد طعاماً طرقت الباب وما كان في البيت إلا عائشة رضي الله عنها فتحت الباب وجدت فقيرة مع طفلتيها قالت أعطني طعاماً فدخلت فبحثت في البيت فما وجدت إلا تمرة بيت الرسول رئيس الدولة ما في إلا تمرة فأخذت التمرة وأعطتها للمرأة فشقتها نصفين وأعطت صغيرتيها شوف الكرم كرم إنسان لا يوجد عنده إلا تمرة ويعطيها للفقير نعم لو سردنا قصص الصحابة في كرمهم وجودهم وسخائهم لا انتهينا لكن في المقابل هناك أناس أيضاً من بخلهم ومن قبضهم لأياديهم انظر ماذا يصنعون هذا رجل بخيل تقص قصته وتكفى الرواية فيه هذا رجل بخيل كان متزوجاً من المرأة وفي يوم من الأيام كان جالساً مع زوجته على مائدة فيها أصناف الطعام ما لذ وطاب وكان يأكل مع زوجته إذ طرق الباب طارق فقال لزوجته:
انظري من في الباب من قال مسكين فقير جائع أعطوني مما أعطاكم الله طعام أسد به جوعي شراب أسد به رمقي فقالت لزوجها فقال اطرديه قولي ما عندنا طعام والبيت مليء بالطعام قبح الله البخل فجلست المرأة وطردت الرجل مرت الأيام والشهور ومضت أصيب هذا الرجل بمصيبة ونازلة فقد كل ماله أفلس الغني سلب ماله صارت بينه وبين زوجته مشاكل وتطورت الخلافات طلق زوجته عاش لوحده فقيراً مرت الأيام الزوجة بعد شهور تزوجت رجلاً أخر والثاني أيضاً غني ولكنه صالح وكريم رجل يخاف الله يوم من الايامك أيضاً جالسة مع زوجها الثاني على الطعام إذ طرق الباب رجل نفس الحادثة قال لها انظري من في الباب قالت من قال رجل فقير جائع مسكين أريد طعام أسد به جوعي فقالت لزوجها فقال :(1/322)
أعطيه ما يشاء من طعام أي شيء يأخذه فأعطته الطعام ورجعت حزينة جالسة حزينة لما حزينة انظر لما حزينة قال ليش ما الذي حصل ما الذي جرى قالت لا شيء قال أحزنتي لأننا أعطيناه طعامنا قالت لا قال إذاً أخبريني ما الذي جرى قال أتعرف من الذي طرق الباب قال لا قالت إنه زوجي الأول سبحان الله دارت أيام ودارت في النفس فقال لها أتعرفين من أنا الثاني يقول أتعرفين من أنا قالت من أنت قال أنا السائل الأول أنا الفقير انظروا كيف دارت الأمور ودارت الأيام وداولها الله عزّ وجل كما قال الرب تبارك وتعالى :
) قل اللهم مالك الملك تؤتني ملك من تشاء وتنزل الملك ممن تشاء وتنزل من تشاء وتزل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ( نعم بيد الله عزّ وجل الخير وهو مالك الملك جلّ وعلا الفقير يصبح غني والغني يصبح فقير ولكن أين المتصدقون والله ما نقص مال من صدقة بل المتصدق يبارك الله عزّ وجل في ماله ثم كم سمعتم من حسن بن علي رضي الله عنه وعن أبيه الحسن بن علي شجرة النبوة من آل البيت الكرام الحسن بن علي عند وفاته ويغسلونه وجدوا في ظهره خطوط سوداء سألوا ما عرفوا مضروب أحد جلده أحد ضربه في شيء حتى جاؤوا على أخص أصحابه فأخبرهم تعرفون ممن جاءت الخطوط يقول صاحبه كان كل ليلة إذا نام الناس وهدأت الأصوات وكل واحد دخل بيته في الليل يخرج من البيت لإخلاصه ويحمل على ظهره كيس من دقيق كيس كبير من طعام ودقيق ويوزعه على فقراء المسلمين وأيتامهم وذلك كل ليلة وكأن الله عزّ وجل يخبرنا عن حالهم ) ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم وجه الله ( نفعل هذا الفعل ، قال لله عزّ وجل :
? لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً ? طيب لما ? إنا نخاف من ربنا يوماً يوم ناقوساً قريراً فوقاهم الله شر ذلك اليوم ونقاهم نظرة وسروراً ? .(1/323)
أيها الأخوة أيتها الأخوات أنا أعلم الواحد مكنا أحياناً يحتاج إلى مصروف البيت والأولاد ولكن إذا أردتم الرزق تصدقوا شيخ أنا عندي ما يكفيني تصدق بعشرة بخمسة الله عز ّوجل يبارك في مالك البقية بل ربما يرزقك من حيث لا تحتسب يقول لي أحدهم بنفسه قص علي يقول أنا كنت يا شيخ في يوم من الأيام ما عندي أموالي قليلة ومعاشي لا يكفيني ويوم من الأيام ذهبت على العمل فقال لي أحد الفراشين في العمل فقير مسكين يريد يسافر ديرته عنده إجازة وما عنده فلوس يقول لي قال أقرضني قرض حسن بودي أشتري أغراض لأولادي على الأقل اخذ معي فلوس لأهلي قال أنا قرض ما أقرضك أنا أعطيك كذا خذها صدقة يقول فأعطيته خمسين دينار وذهبت معه إلى السوق لنشتري أغراض حتى فرحته واستأنس خمسين دينار بالنسبة له شيء كبير يقول والله ما رجعت إلى العمل في نفس اليوم يقول:
إلا واتصلوا علي جاءني كتاب من المدير أنك يوم من الأيام تذكر لما عملت عمل إضافي أنا نسيت موضوعه يقول الآن نزلت المكافئة خمسمائة دينار يقول دفعت خمسين وفي نفس اليوم رزقني الله عزّ وجل خمسمائة دينار لم تنتهي القصة يقول ذهب هذا الفقير ورجع من بلده بعد شهور يقول لي:
ترى أنا ما معي فلوس وأنا مسكين وأنا فقير ومعاشي ما رح ينزل لبعد شهر ما عندي أكل يقول فذهبت معه وما عندي شيء إلا القليل من أموالي يقول ذهب معه إلى السوق واشتريت له طعاماً وشراباً بقيمة عشرين دينار يقول ما رجعت من السوق إلا ونزلت لي مكافئة بفضل الله مأتي دينار أليس هذا مصداقاً لقول الله عز وجل :(1/324)
? وما أنفقتم من شيء الله يخلفه ? الله عز ّوجل يعوض نعم والله ما نقص مال من صدقة ? من ظل بي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم ? أنت كأنك تقرض الله عزّ وجل والله عزّ وجل يرد لك الدينار بعشرة هذا الحسبة الأولى ثم إلى سبع مائة ضعف ثم إلى أضعاف كثيرة يقبل الله الصدقة بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي فلوه فتصبح جبالاً من الحسنات أيها الأخوة والأخوات نحن محتاجون ولكن محتاجون إلى ماذا إلى الحسنات إلى الرحمات محتاجون إلى رحمة الله عزّ وجل لنا إلى كرم الله عزّ وجل الراحمون يرحمهم الرحمن امرأة سقت كلباً فغفر الله ذنبها وأخرى حبست قطة فدخلت النار رأيتم نحن محتاجون إلى الإحسان وإلى الخلق حتى الحيوانات فيها أجر فكيف البشر كيف ليتيم ليس له أب أو مسكينة ليس لها من يعونها أو فقير يبيت جائعاً يبيت طاوياً أو الجوع يقتله من أولئك الناس من هؤلاء البشر:
? أريت الذي يكذب في الدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين ? كان الله عزّ وجل يقول لهؤلاء فعلهم قد يؤدي بهم إلى من يكذب بدين الله عز وجل فلنحرص على أن نتصدق وأن نبذل ما عندنا لله عزّ وجل أيها الأخوة والأخوات هذا باب للخير فتح والله عزّ وجل يقبل الحسنة ويضاعفها عشر إلى سبع مائة إلى أضعاف كثيرة وكم نحن يوم القيامة محتاجون إلى الحسنة الواحد فلنبذل ما عندنا ولنتصدق فو الله ما نقص مال من صدقة ولنبذل الخير فإن الجود والكرم صفة محمد عليه الصلاة والسلام فلنتأسى به ولنكن كما قال الله عزّ وجل الذين ينفقون في السراء والضراء فهم أهل التقوى وأهل المغفرة أهل التقوى أي أصحاب التقوى والذين يستحقون المغفرة من الله جلّ وعلا حتى نلقاكم إن شاء الله في حلقات مقبلة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ : عبد القادر شيبة الحمد
ضيف الحلقة :
فاطمة الزهراء رضي الله عنها ( 2 )
موضوع الحلقة :(1/325)
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين ومن سلك سبيلهم وترسم خطاهم ونهج مناهجهم إلى يوم الدين أما بعد،
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم نسائه وغيرهن أن من أغضب فاطمة يغضب أن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاء فاطمة وطبعاً دائماَ وأبداَ كانت فاطمة تعيش في فلك الحب لربها وأبيها لربها أولاً ثم لأبيها صلوات الله وسلامه عليه واستمرت في رعاية أهلها وصلة أرحامها حتى مرض النبي صلى الله عليه وسلم مرضه الذي توفي فيه صلوات الله وسلامه عليه وقد أقبلت مرة على رسول الله فتروي عنها عائشة عائشة تروي عن فاطمة أنها لما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه سرّ لها بكلمات فبكت ثم أسر لها بكلمات فضحكت فقالت لها الصديقة ابنة الصديق حبيبة رسول الله عائشة رضي الله عنها ماذا قال لك رسول الله فقالت فاطمة ما كنت لأفشي سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقاله إلى الرفيق الأعلى سألت عائشة فاطمة ماذا أسرّ إليك رسول الله قالت أسرّ إليّ أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة في رمضان مرة وأنه عارضه في رمضان الأخير وفي السنة العاشرة مرتين قال وانه أرى أن ذلك أواني يعني انتهى أجلي أو قرب انتهاء أجلي فبكت فلما بكت أخبرها رسول الله أنها أول أهله لحاقاَ به وأنها سيدة نساء أهل الجنة فضحكت ضحكت لأنها ستكون أول أهل بيت رسول الله لحاقاَ برسول الله وأنها سيدة أهل الجنة وطبعاَ هذا لا ينافي أن أمها خديجة كما ذكرت في حديث البخاري غيره أن النبي قال خديجة خير نساءها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد وقال ذلك آسيا أبنت ذكر النبي يعني فضليات نساء العالمين ذكر منهن آسية امرأة فرعون وخديجة ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وذكر فاطمة رضي الله عنها وطبعاَ أهل العلم أن(1/326)
فاطمة سيدة يعني حازت السيادة درجة لما يسبقها إليها أحد من النساء السابقات فهي سيدة نساء أهل الجنة وقد جاء الله لها من علي بولدين وهما الحسن والحسين ووصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما سيدا شباب أهل الجنة وطبعاَ بعد موت فاطمة وقد ماتت بعد النبي بستة أشهر فاطمة ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ولم يبقى لرسول الله نسل إلا من فاطمة يعني لم يبقى له نسل من القاسم مات صغير في الجاهلي ولم يتزوج وزينب جاءت بأمامه عبد الله وبأمامة بنت زينب وأمامة عاشت حتى ماتت فاطمة جدتها ولما ماتت فاطمة كانت أشارت على علي وقالت له إذا مت فتزوج إمامة بنت زينب يعني ابنة أختي فتزوجها علي رضي الله عنها بعد موت فاطمة جاء في بعض الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مرة فوجد بعض يعني المكالمة بين فاطمة وعائشة فقال لعائشة ألا تتركين لي فاطمة وأنا لك خير من أبي زرع لأم زرع يعني كان سبب المحاورة هذه سبباَ لأن يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحوال إحدى عشر امرأة قبل الإسلام بأخلاق وأوصاف تكون أنموذج للرجال الطيبين ولكرام الأزواج في المعاملة لزوجاتهن ولأزواجهن قال ألا تتركين لي فاطمة وأنا لك كأبي زرع لأم زرع أنا لك كأبي زرع لأم زرع قالت بأبي أنت وأمي يا رسول الله عائشة تقول ما أبو زرع وما أم زرع قال جلس إحدى عشر امرأة جلس إحدى عشر امرأة فتعاهدن وتعاقدنا أن لا يكتما من أخبار أزواجهن شيئا يعني النساء الإحدى عشر اتفقت وتعاهدت وتعاقدت وتقاسمت أنها لن تخفي أسرار زوجها كل واحدة منهن تبدي ما عند زوجها لها فقالت الأولى زوجي لحم جمل غث يعني رديء على رأسه جبل وعر لا سمين فينتقى ولا سهل فينتقل أو فيرتقى الرواية المشهورة لا سمين فينتقى ولا سهل فيرتقى قالت الثانية زوجي زوجي الأولى قالت زوجي لحم جمل غث على ظهر جبل وعر لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى أو فينتقل إليه قالت الثانية زوجي عياياء أو غياياء(1/327)
كل داء له داء شجك أو فلك أو جمع كل لكِ قالت الثالثة زوجي العشنق إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق قالت الأخرى زوجي كليل تهامة لا حرّ ولا قرّ ولا ملالة ولا سئامى
قالت الأخرى زوجي زوجي احدهما تقول زوجي المس مس أرنب يعني ناعم والريح ريح زرنب نبات من أطيب النبات زوجي المس مس أرنب والريح ريح زرنب قالت الأخرى زوجي زوجي له إبل زوجي مالك وما مالك له إبل كثيرات المبارك قليلات المسارح إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك والأخيرة تقول زوجي واحدة منهن تقول زوجي إن دخل فهد إن دخل فهد يعني صار مثل الفهد زوجي إن دخل فهد وإن خرج أسد يعني إن خرج صار بين الرجال كالأسد ولا يسأل عن ما عهد وقالت واحدة منهن زوجي إذا أكل شف إذا أكل لف إذا أكل لف وإذا شرب اجتف وإذا اضطجع التف ولا يريد الكف ليعلم البث طبعاَ تكاد كل هذه الألفاظ تحتاج إلى شرح لعل أشرحها في حلقة قادمة إن شاء الله قالت العاشرة زوجي مالك الحادية عشر زوجي أبو زرع وما أبو زرع أناس من ذا أذنين وملأ من شحم عضديه وملأ من شحم عضديه ونقلني إلى أهل صهيل ووجدني بغنيمة بشق وجدت في غنيم يعني أرعى غنم قطعة صغيرة من الغنم قطعة صغيرة من الغنم في ناحية صغيرة من ناحية الجبال وجدني في غنيمة بشق فنقلني إلى أهل صهيل يعني خيل وأطيط يعني إبل ودائس يعني بقر ومناق يعني غرابيل تنخر الطعام لا نأكله بسفاه وقشره ومنق فعنده أقول فلا أقبح عنده أقول فلا أقبح هي قالت التي قبلها وبجحني فبجحت إليّ نفسي وبجحني يعني وسع علي حتى اتسعت عليا نفسي صرت أحس بالسعة والانشراح في جواره نقلني إلى أهل صهيل وأطيط ودائس ومنق فعنده أقول فلا أقبح وأشرب فأتقنح وفي رواية أشرب فأتقمح يعني على الرواية الأولى أشرب فأتقنح يعني أمتلئ بالشرب أشرب اللبن حتى يكاد يخرج من عروقي وفي رواية أتقمح يعني أشرب مثل البعير العاطش أي العطشان إذا شرب فإنه عندما يدلي رأسه في الحوض ويبدأ يسحب من الماء بفمه بعدين(1/328)
يرفع رأسه إلى أعلى فلا يستطيع إعادتها في الحال تتجمد رأسه وشبه الله هذا الحال بالمشركين المعرضين عن رسول الله عندما قال ? يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (4) تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) ? يس فيبين أنهم مقمحون يعني مثل الإبل التي إذا ملئت جوفها من الشراب وقد وضعت فمها على الماء إذا رفعت لا تكاد ترجعه فأشرب فأتقنح أو أتقمح ثم تحدثت عن أمه قالت والدة أبي زرع عكومها رداح العقوم يعني الغرائر االتي تجمع فيها ثيابها ما كان عندهم معالق ولا شيء تعلق بها الثياب عكومها رداح يعني واسعة وبيتها فساح ثم ذكرت ابن أبي زرع فقالت ابن أبي زرع مضجعه كمسل شطبة تشبعه أو يشبعه ذراع الجفرة يعني إذا أكل يقول هذه عادة أبناء الكرام عادة أبناء الكرام تشبعه ذراع الجفرة ثم قالت ابنة أبي ذرع ملأ كسائها وغيث جارتها طوع أبيها وطوع أمها ملأ كسائها غيظ جارتها ثم قالت جارية أبي زرع والمقصود طبعاً إذا بدأت المرأة تمدح أم زوجها وتمدح ابنها وتمدح ابنتها وتمدح جاريتها معناها أنها في بيت كريم مرتفع عالي في المنازل والبيوت وطبعاَ إذا كان هذا كل في هذا البيت يكون مدحاَ لأبي زرع مدحاَ لأبي زرع ثم قالت خرج أبو زرع خرج أبو زرع والأوطاب تمخط خرج أبو زرع في يوم خرج والأوطاب يعني في وقت الربيع أخذ ركب خطياً ركب عليه أبي زرع خرج والأوطاب فوجد جارية لها غلامان يلعبان تحت خصرها برمانتين خرج أبو زرع والأوطاب يعني المواعين اللبن الأوطاب تمخض يعني يشربون منها حتى يشبعوا ويبقى الكثير حتى يخرجوا منه الزبدة فوجد جارية معها غلامان يلعبان تحت خصرها برمانتين فطلقني ونكحها فتزوجت بعده رجلا تزوجت بعده رجلاَ ركب رجلاَ ثرياَ ركب يعني مهراَ فرساَ جيداَ وأخذ رمحاَ خطياً وجاء من كل فاكهة بنوعين وقال كلي أم(1/329)
زرع وأهلك قالت فلو جمعت كل شيء أعطني ما بلغ أصغر أنية أبي زرع قال حبيب الله ورسول لعائشة كنت لك كأبي زرع لأم زرع إلا أنه طلقها وأنا لا أطلقك إلا أنه طلقها وأنا لا أطلقك فضرب به المثل ضرب بذلك المثل بأم زرع وما احتواه حديثها من قواعد تبين أخلاق الرجال واختلاف الرجال وأن أحسهن أكرمهن لنسائهن وأن أحسن الرجال خلقاً كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال خيركم خيركم لأهل وأنا خيركم لأهلي وإلى حلقة قادمة إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ محمد بن عبدالله الفهيد
ضيف الحلقة :
أولادنا والتحديات المعاصرة
موضوع المحاضرة
إن الأبناء أيها الأخوة الكرام هم فلذات الأكباد ..هم فلذات أكبادنا ..وهم قرة أعين والديهم عند صلاحهم وكذلك قرة عين الوطن المجتمع الذي يعيشون فيه المجتمع المسلم ، وهم كذلك زينة الحياة الدنيا إنهم مع المال كما قال الله عزوجل :" الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" (الكهف 46).
وحديثنا اليوم وإن كان بعنوان الأبناء فأني في ذهني أو ظني لم يغب عن ذهن من وضع هذا العنوان إلا أن يقصد البنين والبنات، فلعل التعبير الأدق لو قال الأولاد والتحديات المعاصرة حتى يشمل الذكر والأنثى ..الأبناء والبنين والبنات ولكن حيث أن هذا في ذهنه الذي وضع هذا العنوان فإن الحديث حينئذ وإن كان بلفظ الأبناء فنحمله على ما هو معلوم في لغة العرب على باب التغليب وإلا فالحديث للبنين والبنات جميعا.(1/330)
أيها الأخوة الكرام إن الناس في هذا العصر قد جدت فيه الأمور لم تكن على أيام زمان وجدت مستجدات كثيرة سواء في التقنيات وسواء في طريقة التعامل ومظاهر الحياة وسواء حتى في المعلومات الثقافية لدي الناس فإن المعلومات قديما كانت تدور حول البيئة الصغيرة المحيطة بالشخص ومن يتحدث إليهم أما اليوم فأن البيئة صارت أعم وأشمل وأصبح الناس كأنهم يعيشون في قرية واحدة يتصل شرق الأرض بغربها وشمالها بجنوبها وهكذا فالناس أصبحت بيئتهم تجدها تعايش كثيرا من الأفكار والتوجهات حتى إن المجتمع الذي أيضا تعيش فيه تجد في هذا تجد فيه مجموعة من بلدك ومجموعة أخرى من شرق الأرض ومجموعة أخرى من غرب الأرض وهكذا وكل يأتي بمؤثراته وعاداته وبما لديه من مخزون سواء مخزون في أداء العبادات مخزون في أداء الأفكار والتعامل والثقافة كل هذه كما يقال: "الإناء بما فيه ينضح" فأنت تؤثر وفي نفس الوقت تتأثر وبحسب قوتك على التأثير وبحسب قدرتك على قبول التأثر وهذه التحديات المعاصرة التي أتحدث أيضا عنها هي بعنوان المعاصرة ولاشك التحديات المعاصرة لكن منها ما هو جديد فعلا ومعاصر ومنها ما هو معلوم من قبل لكن لم يظهر بالصورة التي ظهر عليها في هذا العصر فمن هنا لا يفهم فاهم أن الحديث كله عن تحديات معاصرة جديدة قد تكون هذا في أغلبها ولكن سيكون منها كما سترون وتسمعون أن منها أشياء موجودة من قبل ولكن واقع العصر أخرجها عن الحال الأول.(1/331)
لو أخذنا من هذه التحديات نبدأ بالبيت .. البيت فيه تحديات معاصرة شيء قديم نسبيا وشيء استجد، مما نبدأ به من التحديات المعاصرة ما يكون عند اختيار الزوجة وهذا شيء خطر الآن ولم أسجله هنا عند اختيار الزوجة التحدي المعاصر الذي صار عندنا اليوم نسير عليه أو يبحث كثير من الناس في مواصفات الزوجة ما أصبح يتركز إلا على الجمال الظاهر ما مواصفاتها أو إذا أشارت الأم أو الأخت أو الأب أو كذا ببنت فلان أو ببنت آل فلان ما مواصفات جمالها، والبعض أيضا قد يجلس مع نفسه جلسة خاصة ثم يضع رؤوس أقلام للخطوط العريضة التي يريدها في زوجته فيحدد الطول بالسنتيمتر والوزن بالكيلوجرام كذا واللون للبشرة كذا، طيب والله وجدنها كل الذي تريده ولكن في خمسة سنتي نازلة شوي أو كيلوين زائدين شوي فما رأيك قال لا .. لا تصلح دور على غيرها لكن ما هناك سؤال على المحتد عن الدين عن الأخلاق عن تعامل الأسرة هذه الأمور مغيبة عندنا في العصر هذا فلاشك أن هذا من التحدي الذي أصبح يطل برأسه على من يريد تكوين بيت لأسرته أول ما يبدأ به هو بهذه الأسئلة أو بهذه المواصفات التي يحددها في زوجته التي يريد أن يقترن بها في ذات الوقت في المقابل أيضا الطرف الآخر وهي المرأة أو الفتاة وهي كذلك تقول لأهلها الزوج الذي أريده لا تسألوني عنه إلا إذا كان فيه من المواصفات أولا ثانيا ثالثا ومن دون أن يكون هناك ولا أقل هذا في الجميع ولكن في الغالب وفي كثير من الناس دون أن يكون من ضمن المطلوب فيه السؤال عن دينه أو خلقه فهذه في الحقيقة أمور جدت علينا ولها تبعاتها لأن هذه الأسرة ما قامت إلا على أساس مادي والأساس المادي وحده هش فمن هنا يتقوض البناء سريعا فتجد أو كما ترى وتسمع الآن حالات الطلاق التي تقع المدة بينها وبين الزواج ثلاثة أيام شهران ثلاثة أشهر ومن القليل أن تجد في الكثير أصبحت المدة هي هذه المسافة، أما السنون التي كانت تمضى في السابق فأصبحت لا يصل(1/332)
إليها الإنسان إلا والعياذ بالله إلا بعد أن يمر بحالة طلاق أو حالتين وكذلك البنت تمر بحالة طلاق أو حالتين ثم تستقر فهذا من أين جاء الخلل جاء هنا لأن البناء الذي أقمنا عليه تكوين هذه الأسرة الجانب الشرعي فيه مغيب والجانب الشرعي يقول:" إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" هذا في حق أهل البنت وأنت أيها الرجل جاءك أيضا توجيه "تنكح المرأة لجمالها ودينها ولحسبها ولمالها فاظفر بذات الدين تربت يداك" أو كما قال عليه الصلاة والسلام والحديث في الصحيح هذا ما عندنا لا في الزوج في ذهن الزوج ولا في ذهن الزوجة النظرة إليه إن كانت أو بعض الأحيان تكون في الأخير فمن هنا هذا الجانب ينبغي أن تقف له وقفة وأن نقيم البناء على أساس قوي ومتين وليس على جرف هار فينهار فهذه الأمور أو فهذا الأمر ينبغي الانتباه إليه.
لا زلنا كما قلنا داخل البيت.(1/333)
الخلافات الزوجية لا تقل لي هي ليست معاصرة هي نعم كما قلت قبل قليل أننا سنتحدث عن أمور بعضها قد يكون معروفا ولكن صورته المعاصرة غير صورته السابقة فالخلافات الزوجية سابقا كانت تدور حول أمور قليلة وتنحل وأحيانا إذا وصل الأمر إلى والد الزوج أو والد الزوجة انتهى الأمر وحسم هذا إذا تعدى إذا وصل إلى مرحلة ومن القليل أن يتعدى هذا، لكن أما نحن اليوم فالخلافات الزوجية صارت كبيرة وبعض الأسر كما التقى ببعض الأخوة وبخاصة مثل الذين يتصلون بي أو يقابلونني يقول اليوم حصل كذا أو الأمس حصل كذا وقبل أمس حصل كذا فإذا هو يعدد أمورا كثيرة وفي كثير منها الأمر ما يسوى هذا كله فهذا الأمر الذي يوصل إلى أننا نسعى لتقويض هذا البناء لهذه الأسرة التي قامت بأمور ما تسوى إن أمره لخطير جدا مثلا رجلا جاء والمرأة قد تكون متعبة ما عملت الأمر الذي يريده مثلا من طهي الطعام أو غيره فهل الأمور لا تجد حلا غير السب والشتم وربما بالمفارقة إذا كانت لا تقبل صاحبتك والله عز وجل سماها صاحبة إذا كنت لا تقبل عذرها وبخاصة إذا لم يسبق منها أنها أرتك عدم الاهتمام أو عدم المبالاة أو كذا فلماذا حمل هذا دائما على أنه تقصير و أنه لإرادة التحدي ولإرادة الوضع من مكانه لماذا؟ .. واحدهم يشن حملة لأن الطعام صار مالحا، وأنا لا أقول من فراغ هذه أمور وقفت عليها فهل زيادة ملح في هذا الطعام أوجبت أن .. أولا بالامكان السعي في قضية .. السعي في تقليل قدر الملح من الطعام الموجود إذا أمكن وإذا ما أمكن فبالامكان الوصول إلى طرق أخرى تؤدى الغرض ونحمد الله يعني الأمور متيسرة بجنب البيت وبخارج البيت بالامكان وطالما أن هذه الأمر حصل لهذه المرأة ها المرة يمكن أيضا أن يقبل العذر، كذلك مثلا الزوج الذي يأتي وقد تكون المرأة قالت أتي بكذا وكذا ثم قدر الله وشاء أن ينسى فجاء إلى البيت ناسيا ثم ذكر عذره فلماذا لا يقبل أيضا من الصاحبة وتقول والله إذن جزاك(1/334)
الله خيرا .. النسيان لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لكن الله جزاك بالخير ترى ربما مثلا هذه ليست أول مرة وأنا دائما في بالك .. عبارات لطيفة ويسيرة وفيها تذكير .. لكن الملاحظ في كثير من القضايا أنها بمثل هذه البداية ينهدم ذلك الأساس وتتفوض دعائم الأسرة وهى خلافات كلها في مثل هذه .. الحقيقة إن هذا أمر ينبغي أن ينظر إليه نظرة اعتبار أولا أن خلل الأسرة في المجتمع خلل .. سعي فيه خلل لأن ورائها أطفالا ووراءنا أمور أخرى وإلى من يذهبون هؤلاء الأطفال وفي أعناق وإذا ذهبت وتزوجت وذهب وأيضا وتزوج انقض شأنهما لكن أين هؤلاء التركة فيما بعدهم عند من؟ أمع أمهم عند غير أبيهم أو مع أبيهم عند غير أمهم هذه أمور أيضا ينبغي ولاسيما أن الأمر الآن ليس في أمور كالحال السابق الحال اليوم والرعاية والتنشئة تحتاج إلى أمور ليست كالسابق من هنا صار هذا الامر وهذا التحدى مطلوبا أن ينظر إليه نظرة اعتبار وتامل فيه ونظر فى العواقب فلا تضخم الامور وتجد لصاحبك ولأخيك المحمل الحسن تحمله عليه ثم هناك العفو والتسامح اذن كيف يحق لك ان تعفو وتسامح وليست ثم خطا، هو لا عفو ولا تسامح إلا بوقوع خطا فاذا حصل منك الخطا وحصل من مقابلك السماح والعفو وحصل منه الخطأ وحصل منك السماح والعفو هنا حصل دور التؤام والتحاب والتواد والتراحم وظهور صفات مكارم الأخلاق من عفو وستر وكرم فهذه امور ينبغى ان ينظر اليها.(1/335)
أمر أخر وتحدى أيضا من التحديات المعاصرة عدم إعطاء الأولاد بنين وبنات الحق الذي لهم بمعنى حصول التقصير في حقوق الأولاد يظن كثير من الناس أن حقوق الأولاد تقتصر على قضية أن يؤمّن له بعض المصروف وأن يكسوه إذا احتاج إلى كسوة وأن يؤمّن له الذهاب إلى المدرسة والطعام ، أما بقية الأمور ففيها تقصير فتجد ترتيب برنامجه اليومي مع العمل لوقت كذا تم تناول طعام الغداء مثلا ثم حصول نومة أو غفوة ثم بعد ذلك أما ذاهب إلى عمل مسائي أو ذاهب مثلا إلى رفاق وأصحاب ومعهم إلى هزيع من الليل يطول أو يقصر ثم العودة والنوم والأولاد من بنين وبنات فيه لا يعرف عنهم كثيرا ثم كذلك يحدث من بعض الزوجات الأمهات مثل هذا ففي الصباح وجهتهم إلى المدرسة ثم أخذت النوم منها ما شاء الله ثم أشرفت إشرافا عاما أو بحسب حالها على بيتها ثم كانت هناك اتجاه في المسألة ببعض الالتزامات أو الخروج إلى السوق أو مثلا الذهاب للمستشفي ببعض الصغار لكن تجد الإشراف الكامل على هؤلاء البنين والبنات والرعاية لهم من الأم ولا من الأب وبخاصة هنا بجانب الرجل والتقصير أظهر في جانب الرجل هنا لأن الأم المرأة محكومة بأمور من ضمنها إنها أكثر بقاء في البيت، التقصير هنا ظاهر من الاثنين على هذا المثال الذي ذكرناه أو على الحال الذي ذكرنا لكنها عند الرجال أظهر لكن لو نظرنا إلى حقوق الأولاد وجدنا أنها ليست هذه الأمور وحدها إنما معها أمور أخرى وتبعات وقضايا تحتاج إلى من يقوم بها حق القيام خذ منها مثلا معرفتك بأفكار هؤلاء الأبناء فيما يفكر إذا كنت بهذه الشاكلة عملك في أول النهار وغذائك ونومك في وسط النهار ثم خروجك في آخر المساء .. معرفة أفكار الأولاد كيف تصل إليك فمعرفة أفكار الأولاد ومناقشتها والبحث عنها ومعرفة قدراتهم الذهنية ومعرفة قدراتهم البدنية هذا ما عندك فيه خلفية في حين الأمر يقتضى أن تكون على دراية بهذا ..إن الهم الذي يعيشونه ويفكرون فيه إلى من(1/336)
يستفتون فيه إلى من يستنيرون فيه لابد أن يكون لهم سند بعد الله وهو هذا الأب في المقدمة والأم بعده فيطرحون الأفكار ويتناقشون حولها ويتبين منها الثواب من الخطأ، ويستفيدون من خبرتك أنت قبلهم بسنين من العمر فأين خبرتك لابد أن تعطيهم منها فيستفيدون منها الأفكار الطيبة والهادفة ويتجنبون الأفكار التي هي ذات عوج هذا جانب .
كذلك أيضا إذا ما كان عندك الجلوس معهم فكيف تعرف قدراتهم الذهنية وهي تختلف من واحد إلى آخر، من الصعوبة يا أخوان أن نعامل الأبناء معاملة واحدة ذهنيا فنقول كما حفظ أخوك أحفظ وكما حل المسألة هذه فحلها .. لا أبدا هذا خطأ تربوي وخطأ أيضا في الفهم ليس بسليم إن هذا الابن قد منح مستوى ذهني عالي يستطيع أن يفهم بالإشارة وببعض العبارات التوضيحية ويستطيع أن يحفظ المقطوعة إذا أعطيته من أنشودة أو آيات قرآنية أو أحاديث نبوية والثاني لا يستطيع تعيد وتكرر له وكذا فمن الصعوبة أن تبقي تضرب في هذا الذي لم يستوعب لكي يستوعب مثل الأول إذا عاملتهم معاملة واحدة وقدراتهم الذهنية متباينة فأنت كلت لهم بميزان واحد مع اقتضاء الأمر أن تكيل لهم بميزانين لأنهم ليسوا سواء فلابد أن تعامل ذاك بحسب حاله وذهنه ولا تعامله بحسب حاله وذهنه ولا تبقي مثلا لو قدر لك إن كلفتهم أو أدخلتهم في حلقة تحفيظ فلا تقل في هذا اليوم لابد كل منكم أن يحفظ هذه السورة هذا من الصعوبة بمكان هذا سيسهل عليه حفظها في هذا اليوم والثاني يحفظها في ثلاثة أيام أو أربعة فإذا عرفت قدراتهم فتعامل معهم على ضوئها ولكن من الصعوبة أن تساوى بينهم أو تبقي تعطى هذا في الجوائز لأنه .. قصر وتقصيره كان بسبب نقص في قدراته ونقص في استيعابه يا أخي قال الله .. الله لا يكلف نفسا إلا وسعها حتى في العبادات والتكاليف وأنت تكلف هذا ما لا وسع له ولا طاقة له به أنت هنا تجور فلابد يا أخي معرفة قدرات الأبناء ومعرفة أفكارهم حتى تعامل كل بما يناسب حاله.(1/337)
كذلك أيضا معرفة احتياجاتهم إذا ما جلست معهم وغبت عنهم ... احتياجاتهم من يدرى عنها هذا يحتاج ماذا أو ذاك يحتاج ماذا وهذا في مرحلة متوسطة وهذا في مرحلة ابتدائية وذاك في الثانوي وكل منهم له احتياجه فإذا ما عرفت احتياجاتهم من الصعوبة أن تلبيها أو أن تقوم بتلبيتها على الوجه المشروع ثم إن هذه الاحتياجات منها ما يكون مبررا ومشروعا ومأذونا فيه ومنها أما لا تستطيعه وأما لا يأذن به الشارع أما فيه مضرة أو نحو ذلك مثلا لو فرضنا قيادة سيارة أنت تقول في هذا هذه تضرك وأنت في هذا لا تدرك في هذه السن في هذه المرحلة فيبقي هنا لما عرفت احتياجاتهم لبيت لهم ما يمكن ما هو مأذون فيه كذلك أمر كذلك أيضا إذا لم تعايش أبنائك سيحصل التقصير في غرس الفضائل الشرعية وتعاليم الدين في نفوسهم إذن من يغرسها إذا كان بيته ليس من يرعى هذه الغراس وينميها ويرعاها ويحرص عليها ويحنو ودفع المفاسد هذه من الرعاية وتعليم علوم الدين وتحبيب شرع الله إليهم والحث على تقوى الله وتفسير قصار السور الذين يحفظونها حتى يتجمع لهم إدراك النص حفظا واستيعاب المعني بحسب إدراكهم أيضا ومراحل نمو أذهانهم فكأنك في هذه المرحلة أيضا تجمع بين العلم والعمل فهذا إذا كان وقتك ليس لأبنائك فهذا من التحديات التي تواجه الأبناء يكبر نشأهم على غير غراس الدين على غير الغراس المفروضة دينيا وشرعا هذه أيضا الأمور التي يحدث فيها التقصير وبخاصة في هذه العصور كذلك أيضا إذا ما الجلوس عندهم من يباسطهم من يمازحهم هذه أمور يحتاجونها وهي تنميهم وهي تساعدهم وتجعل الفجوة بين الكبير والصغير ضيقة بخاصة الوالد إذا راوه يلاعبهم ويمازحهم ويباسطهم النبي عليه الصلاة والسلام ارتحله ابنه وسار به على أربع فما هذا ما هو إلا التحبب إليهم وملأ مشاعرهم، والله قد قال لي أحد الجيران أن السيارة أمس خلفت بالأرض أن بنيتي في الرابعة تقول ما أن ركبنا السيارة حتى قالت يا حظنا أبوي(1/338)
راكب معنا يقول والله أنا تحطمت من الداخل يقول كل فينة وأخرى تصيح وتقول يا حظنا اليوم أبوي راكب معانا، يا أخي إن هذا الأمر لا يضرك هذا معناه إن الفجوة واسعة ومعناه إن هذه البنت اليوم لا يتجاوز عمرها الرابعة ما تعهدت من أبيها أن يقف معها أو يسير بها بالسيارة فهذه القضية يا أخواني من التبرير أن هذه ليست لهم أو أنهم لا يفكروا في مثل هذه الأمور تأمل يا أخي فرحت هذه الصغيرة ما فرحت بقطعة حلوى أ, لباس جديدا إنما فرحتها بشيء معنوي شيء معنوي فلماذا نتجاهل مثل هذه الأفكار عندهم ونهضم حقوقهم ونحن أمانة مسؤولون عن هذا وشرعا مكلفون بهذا.
الأمر الأخر أيضا معرفة جلساء هؤلاء البنين والبنات ما هو مستوى هؤلاء الجلساء من الخير هل هم على هذا الجانب أو غير ذاك ما تأثيرهم فهذه الأمور لابد أن لا نغفل عنها فالجليس الصالح أثره معروف والجليس السيئ أثره معروف وعن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقرن.
فلابد ولكن في خضم الموضوع الانعتاق عن الاتصال بالأهل والأولاد من يعلمهم هذا من يعلمهم ويعرفهم بالرفاق الصالحين هذه المسألة محتاج إلى أمر ومتابعة هذه الجوانب ينبغي أن لا نغفل عنها وأنا ما ذكرت إلا أمور ..رؤوس أقلام وما تركت إلا أشياء عجزت عن الفهم وربما أن غيرها أهم منها.(1/339)
من التحديات المعاصرة إن التعليم في غالبه يتوجه نحو المعرفة فقط يعني المعارف تزويد المرء بمعارف لكن الجانب التربوي التقصير فيه ملحوظ ولهذا نجد كثير من الدول تسمى الوزارات المعنية بالتعليم وزارة المعارف وأحيانا ترى أن عليها أن توصل المعارف للناس كأن ترى التزامها بالتربية أمر خارج قدراتها أو أنها مثلا لا يتيسر لها أو شيء من هذا كون التعليم ينحو منحى المعرفة فقط هذا يأتي بنقص في التربية والمعارف إذا ما جاءت مع التطبيق أصبحت كأنها نظريات أصبحت بقائها في الذهن كأنها مقنن في الغالب بوقت الاختبار فمثلا في وقت الاختبار وجدت الطالب بكل بساطة يرمي المذكرة أو الكتاب زاهدا فيه لأن المعلومات أو المعرفة التي أخذها لهذا الغرض وانتهي لكن لو كان هناك بنفس المقدار معه تربية لكان عنده حال آخر فكان عنده تربية على قيمة الكتاب وقيمة العلم وقيمة التطبيق والمعارف التي حصل عليها وهذا الجانب مراعاته تعين الناس كثيرا على الالتزام بما عرفوه لأنهم جمعوا حينئذ بين النظريات وبين تطبيقها وتكون أمكن للفهم وأبقي لأن الإنسان لو أخذ مثلا تحية المسجد لو أخذها معرفة وما وجد من يتابعها ضرورية وجدت الأب عند الدخول للمسجد إذا كنت درستهم إن السنة عند دخول المسجد بالرجل اليمين وعند الخروج باليسري، عند الدخول هناك دعاء وعند الخروج هناك دعاء والحمام، لبس الثوب كذا كذا فجاءت التربية موافقة للمعرفة لكن نحن الآن نعيش على الجانب المعرفي لعل ما حصل في بلادنا في تعديل ما يسمي وزارة المعارف إلى اسم وزارة التربية والتعليم إنه إن شاء الله إلى النظر لهذا الموضوع والاستشعار بحق هذا الجانب والسعي إلى تلافي ما حدث في هذا الموضوع من تقصير ونقص.(1/340)
ومن التحديات المعاصرة أيضا الانفتاح الفضائي الانفتاح الفضائي الغير محدود أنت تعلمون أنه إلى وقت قريب إنه ما كان هناك التلفاز ثم لما جاء التلفاز صار محصورا في دوائر ضيقة ثم يكون فيه إذا كان فيه في أي بيت يكون جهازا واحدا ثم يجتمعون عنده جميعا فيكون نوعا من التلقي والمتابعة، في هذا الوقت أصبح البث لا يأتيك من دوائر ضيقة إنما يأتيك عبر الأثير والآفاق من مسافات بعيدة، ومن قنوات شيء يهتم منها بالجانب الشرعي وشيء لا يهتم بهذا الجانب شيء بعد نفسه عن هذا الجانب خاصة من القنوات الجهات المعادية للإسلام، تحارب الإسلام دينيا وأخلاقيا، ثم أيضا مع هذا تجد حصل التشبع فتجد أكثر من جهاز في البيت ثم حصل مع هذا ما كنا أشرنا إليه قبل قليل من انشغال رب الأسرة خارج بيته لوقت كثير فأصبحت النتيجة، ما هي أصبح بالامكان أن يجلس هذا الفتي عند هذه القناة وتجلس تلك الفتاة عند هذه القناة وربما أيضا في مكان مستقل وحدث ولاحرج عن إدارة المؤشر على القنوات التي يمكن الوصول إليها والانفتاح هنا من جميع المنافذ يدخل فهذا ولاشك من أهم التحديات المعاصرة التي يواجهها أبناء المسلمين لاشك أيضا الانفتاح في الجوانب الخيرة استخدام الانفتاح اتصالا طيبا أو اتصالا معرفة مفيدة أو كذا كذا لا حرج فيه وهذه جوانب حسنة فيه لكن المشكلة كيف ننتفع بهذه الجوانب الحسنة مع عدم تأثرنا بالجانب السيئ أو مع حمايتنا من الجانب السيئ هذا لا يكوون إلا بغرس قواعد الدين ومبادئ أسست للنفس نفس نشئت عليها وتعودهم عليها وقرن التطبيق عمليا بما تم معرفته ذهنيا مع ذلك بالقدوة الحسنة من الأب والأم كذلك أيضا بالقيام بحق المتابعة فتحصر الأجهزة في مكان واحد وتحصر المكان في صالة الجلوس العامة وتوكل بحسب الأب والأم والأخ الأكبر والأخت بتولي مسؤوليات المتابعة والتوجيه فإننا في هذا يمكن أن نأخذ الجانب المفيد ونسعي لتقليل وتلافي وأقول نسعي يمكن من الصعوبة(1/341)
نسعى مستقبلا الشرور ونعلم أيضا أننا أمانة مكلفون، كلكم راع وكلكم مسؤولون عن رعيته فلابد أن نعطى هذا الجانب حق الحماية لكن في وضعنا وترك الأمور على هذه الحالة وفي أمور هذا البحث المعادي والبحث الذي لا يحرص إلا على دفع الدرهم على الدرهم والريال على الريال والدولار على الدولار دون نظرا للمبادئ والأخلاق والدين فإننا حينئذ نخسر الكثير وسنحاسب على هذا أيضا هذا جانب، ينبغي أن نوليه الحق بالعناية والرعاية والأمر الأخر أبضا من التحديات التي نعيشها في هذا العصر ما هو معروف أيضا لدينا الآن بالانترنت ومشكلة الانترنت أيضا بأنها ليست فقط بأنك تأخذ وينحصر الأمر وأنه إذا كان فيه شر إلا أن يكون أرحم من ما سأذكر الذي صار فيه إنه بالامكان أن تتفاعل مع هذا أن تتفاعل مع هذا الأثر وتستجيب، فبامكانك أيضا أن تدخل فيها كما يدخلون وأصبحت غرف الدردشة وما إليها وأصبح الخروج والدخول من هنا واستقبال الصور و.. و إلى أخره ..هذه الأمور جدت ولاشك وهي من اهم الأمور التحديات ايضا وعلينا أيضا أن نراعى الحق الواجب علينا شرعا ومثل ما ذكرنا قبل قليل في التعامل مع القنوات ينبغي كذلك التعامل مع الانترنت ونعرف بما فيه من جانب مضئ ونحمد الله أن فيه جوانب مفيدة مضيئة كثيرة وإذا شب النشء على مثل هذا الأمر وغرس فيه من موقع البث الإسلامي إلى موقع كذا إن هذه تكون قد أفادت وأدت ثمرة طيبة لكن ترك الأمر دون رعاية وأمانة عندنا أيضا مما نعاني منه من تحديات معاصرة الحياة سواء في صعوبتها في بعض الأحيان أو تكاسلنا في أحيان كثيرة استمرنا.(1/342)
قضية استجلاب الخدم لحاجات لديهم وهؤلاء الخدم لحاجات لديهم المفترض أنها لديك فإذا جاءك مفروض منك أن تكون موجها مرشدا إلى الخير فيكون قد استفادوا من مجيئهم إليك والخدمة عندك لتزويدهم بالجوانب الشرعية التي يجهلونها والاستفادة من هذا وأنت في ذات الوقت تبتغي حق أبناءك عليك لكن الملاحظ عندنا أن نكل للخدم والسائقين، فمسؤولية البيت من تحضير وإعداد الطعام والملابس ومن أخره ومن تهيئة الشراب هذه مسؤولية الخادمة، الأم ترى نفسها في حل منها كذلك وقضاء لوازمهم والذهاب بهم إلى المستشفي والمدارس من مهمة السائقين أصبح النشء عاش يفتقد حنان الأب وحنان الأم وكل إناء بما فيه ينضح هؤلاء الذين جاءوا جاءوا بثقافات معينة وأخلاق معينة فكل إناء بما فيه ينضح بدلا من أن تؤثر فيهم تأثيرا طيبا جاءوا معهم بما قد يكون غير محمود وبما كان ينبغي أن يؤثروا فيه أثروا على أبنائنا حتى أصبحنا نسمع تكسير الأبناء للغة أنت تبين وأنت تبين ما في فرق بين أنت تبين وأنت تبين أهم شيء أنتَ وأنتِ تفسير سيف كما قالوا ماضي وفرق بين الذكر والأنثى هذا أنت فيه يروح وهذا أنت تجي هذه المسألة ينبغي نعطيها حقها وأن نعلن إن هؤلاء الذين جاءوا للعمل إن لهم حقوقا أيضا غير قضية أن نعطيهم حقوقهم المالية بل علينا أن ننضح لهم بما في إنائنا من كوننا أرباب البلد الذي نول فيه التشريع ووجد فيه الرسالة المحافظون على شعائر الدين بل نعطيهم من لغتنا العربية حتى يعودوا أيضا عارفين لغتنا أو شيء منها لغة الإسلام لكن الحاصل هو العكس فهذه أصبحت اليوم التحديات المعاصرة التي نعايشها ونواجهها حتى لدرجة كما سمعنا أن البنت التي في السنة الرابعة تغبط نفسها أنها وصلها أبوها ذلك اليوم معه في السيارة هذه القضية ينبغي أن ننتبه إليها.(1/343)
كما أيضا من التحديات المعاصرة سهولة السفر للخارج من غير حاجة مشروعة فالسفر للخارج مفتوح لكثير من الناس يسافرون يذهبون كيف ما يشاءون دون أن يكون هناك رعاية أو متابعة أو معالجة من الأهل لهذا الأمر ولاشك إذا ذهبوا بغير حاجة مشروعة إذن لماذا أو لاشيء إذن يذهبون قد تكون هناك أمور غير محمودة شرعا تعود بآثار سيئة، فتجد الواحد فيهم يأتي وقد تأثر بأمور غير مشروعة وعادات سيئة وأخلاق رزيلة وغير ذلك فهذه أصبحت اليوم من التحديات التي هي المعاصرة التي يجب أن تراعي وتؤخذ من جانب الأهل بالرعاية والتعامل ما بين أيضا دور التربية والتعليم كذلك المؤسسات التعليمية والتربوية كذلك المساجد، كذلك أيضا الأسرة ينبغي أن ينتبه لهذا الأمر الأخر من التحديات المعاصرة هي المخدرات فشرب المخدرات في كثير من مجتمعات المسلمين أصبحت سوسة تنخر في كيان المجتمع وتهدمه، فلابد أن ينتبه المجتمع لهذا المر علماء متعلمين ومستمعين متلقين ومسؤولين أيضا ومحكومين .. على الجميع أن يتكاتفوا حول الوباء لدرء الخطر والضرب بيد من حديد لتجفيف منافذ دخول هذا الوباء فإن ما حصل التعاون بين الجميع حكومة وشعبا، فان اليد الواحدة لا تصفق فلابد من التواصي والتعاون من الجميع لأنه إذا ابتلى شخص بهذا فقل جهده هذا ما نقول من خلال ما علمنا وما عرفنا وإن كان لا أقول له أو أؤويسه وحالات موجودة ولكن أقول بادر بالوقاية من هذا الأمر ولكن إن وقع أن تسعي للعلاج وأن يُسعى له بالعلاج وأن ننتبه من هذا الأمر وأن نحسن من التعامل مع الأبناء أين ذهبوا وأين جلسوا وأين مضوا ولا باس التفتيش على الحقيبة وعلى الملابس لا نقول من أجل الفرعنة والعنترية ولكن من أجل القيام بحق الأمانة وحسن الشرط أولا في البداية والمراقبة بعين واعية المخدرات بلاؤها عظيم.
الشيخ: سلطان بن حمد العويد
ضيف الحلقة :
المرأة بين الحلال والحرام
موضوع المحاضرة :(1/344)
أيها الاخوة والأخوات هناك قضايا خطيرة تطرح اليوم من قبل المفسدين صراحة من أعداء الله جل وعلا الكاشحين والواضحين ومن المنافقين ومن الجهلة ومن المغرر بهم وممن يظنون انهم لا بد أن يتكلموا و يكتبوا في كل شئ ومن أصحاب الشهوات الذين يريدون أن يميلوا بالناس ميلا عظيما ومن بعض أصحاب النوايا الطيبة الذين يقتحمون أشياء لا يحسنونها والحافظ بن حجر رحمه الله يقول إذا تكلم الرجل في غير فنه أتى بالعجائب هذه القضايا الخطيرة التي تطرح اليوم حول قضية المرأة الحجاب الاختلاط خروج المرأة وظيفة المرأة عمل المرأة حتى صوت المرأة الآن يطرح بشكل عجيب إلى إنها الأصل إنها كالرجل الأصل إنها كالرجل هكذا وهذه المسائل تزداد ويتوسع الناس في طرحها وفى الجرأة في التحليل والتحريم ، الحديث الآن عن الرياضة وأهميتها للمرأة لباس المرأة حددوه ضوابطه هل له حدود أو أن هذه الحدود أتى بها المتشددون ليضيقوا صدور النساء كما يطرح بعض أصحاب الفكر المارق .
بطاقة المرأة كثير من الناس لا يعرف ما معنى بطاقة المرأة أن يكون لها بطاقة مستقلة فيها صورتها يظنون أن القضية والخلاف في الصورة والتصوير فقط ويغفلون عن الهدف الأبعد وهو أن تستقل المرأة تماما ولها أن تفعل ما تشاء وتكون في انفصال تام عن الرجل الذي كلفه الله تبارك وتعالى للقيام عليها حفظا لها وكرامة وصيانة لها ، قيادة المرأة للسيارة أحكام والذي يتابع ما يكتب وما ينشر يتعجب من كثرة ما ينشر والجرأة التي يتمتع بها هؤلاء الذين يطرحون .(1/345)
المرأة المسلمة ما موقفها من هذه الأشياء هي امرأة مؤمنة مسلمة تخاف الله تبارك وتعالى وحديثنا سيتركز عن المرأة المسلمة التي تعرف معنى إسلامها أما النساء اللاتي يعبدن الغرب ويرين في الشريعة أنها تقيدهم وأنها ترجع بهم إلى عصور الظلام فهؤلاء النسوة ليس الحديث معهن هذا اليوم ، نحن نتحدث مع امرأة مؤمنه ولو خالفت ولو ارتكبت بعض المحظورات هي مؤمنه بالله جل وعلى لا بد لها أمام هذه التحديات أن تتسلح بأشياء العلم والاطلاع ومعرفة الحلال والحرام .
أيها الاخوة والأخوات سنمر سريعا على قواعد مهمة في الحل والحرمة وهى مهمة جدا ولاسيما في هذا الزمان الذي صار يطرح فيه من يطرح كل القضايا تطرح ليس هناك سياج على قضية شرعية الآن يطرح في الصحف وفى الإعلام كل شئ يطرح وكل الناس صاروا متخصصين فلهم يطرحوا ما يريدون ولذلك لا بد من التنبيه على بعض القواعد الشرعية التي دل عليها الكتاب والسنة .
القاعدة الأولى هي أن الأصل في الأشياء الإباحة الأشياء الإباحة بمعنى التي ليست عبادات الأصل في الأشياء الإباحة بمعنى أن الأصل في العادات الأمور العادية ما نحرمها " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا " الله تبارك وتعالى بين الحلال والحرام وقد فصّل لكم ما حرم عليكم الأصل في الأشياء في العادات أما الأصل في العبادات لا الأصل المنع وقد نبه في ذلك شيخ الإسلام رحمه الله تعالى حين قال الأصل في العبادات المنع إلا لنص والأصل في العادات الإباحة إلا لنص وهذه قاعدة عظيمة جدا من حفظها وفقه ما تشتمل عليه يستطيع أن يميز الأشياء وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما احل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو .(1/346)
القاعدة الثانية أن التحريم والتحليل حق لله وحده ليس لأحد من البشر لا عالم ولا غير عالم التحليل والتحريم حق الله وحده الله تبارك وتعالى يقول " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " وفى آيه التوبة وهى صريحة قال تعالى " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " ومعلوم سؤال عدي بن حاتم رضى الله عنه لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية وان الأحبار والرهبان لم يتخذوا من أنفسهم آلهة تعبد لكن يحرمون ويحللون فقال صلى الله عليه وسلم فتلك عبادتهم .
القاعدة الرابعة أن تحريم الحلال وتحليل الحرام قرين الشرك والأمر خطير يقول الله تبارك وتعالى " قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن و الإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون " حتى بعض أهل العلم قالوا أن اصل الفساد في الدين هو القول على الله بغير علم والآية بدأت بالأدنى انتقلت إلي الأعلى قل إنما حرم ربي الفواحش ، الفواحش معلوم إنها أدنى من الشرك ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي منها بغير الحق وأن تشركوا بالله ثم قال وان تقولوا على الله ما لاتعلمون فالقول على الله بغير علم خطير وهو قرين الشرك وفى صحيح مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي أن الله جل وعلا قال أنى خلقت عبادي حنفاء وانهم أتتهم الشياطين فاجتلتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم انزل به سلطانا .(1/347)
القاعدة الرابعة أن الحلال فيه ما يغنى عن الحرام ولذلك من حكمة الله جل وعلا وينبغي على النساء أن ينتبهن إلي هذه القضية الآن اكثر الأسئلة من النساء في الحل والحرم عن حكام الزينة و أحكام الموضة وأحكام كبيرة جدا ينبغي على المرأة المسلمة أن تعلم أن الله جل وعلا لم يحرم عليها شيئا تتعلق به حاجتها ، الله تبارك هو العليم الحكيم المحرمات الناس لا يحتاجون إليها ولذلك حرمها الله وقد ذكر هذه الفائدة بعض شراح الحديث في شرح حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصحيح حين قال ما أمرتكم إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم قال وما نهيتكم عنه ما قال فاجتنبوه ما استطعتم لماذا قال فاجتنبوه ولم يعلق الأمر بالاستطاعة لأن الأمور المحرمة علينا نحن أصلا لا نحتاجها الخمر أصل الإنسان لا يحتاجه الربا اصل الإنسان لا يحتاجه وما يظنه بعض الجهلة أن هناك أمورا صارت ضرورة ملحة في هذا الزمان المعاصر فيحللوا ما حرم الله هذه قضية خطيرة جدا ولذلك ينبغي على المسلمين أن يعرفوا أن الحلال يغنى عن الحرام .
القاعدة الخامسة التحريم سببها أن هذه المحرمات تضر أو إنها خبيثة وهذه قاعدة عامة أي شئ يضر الأصل انه محرم وأي شئ خبيث الأصل انه محرم والله تبارك وتعالى قال " يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " ولذلك المدخنون يجمعون كلهم أن التدخين خبيث ما يقولوا انه طيب تسأله التدخين خبيث أم طيب يقول لك هذه الرائحة خبيثة أو الله يقول " ويحرم عليهم الخبائث " نص القرآن والضرر يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار والحديث صحيح .(1/348)
القاعدة السادسة أن التحايل على الحرام حرام الإنسان بدل أن يرتكب الحرام صراحة يلتوي ويذهب إلي طريق أخر يوصل به إلى الحرام هذه طريقة اليهود بل أن بعض أهل العلم قالوا أن الذي يتحايل على الحرام يأثم من جهتين من جهة وقوعه في الحرام ومن جهة أيضا احتياله على الله جل وعلا وهذا لاشك انه استخفاف برب العالمين ومعروف ومعلوم لديكم قصة اليهود حين منعوا من صيد الحيتان صيد السمك في البحر يوم السبت فوضعوا الشباك يوم الجمعة وأتوا يوم الأحد يأخذوا ما اصطاده الشباك ولذلك الله تبارك وتعالى فضحهم في القرآن في سورة الأعراف .
والمشكلة في الأزمنة المعاصرة الآن يعنى أريد أن أتحدث عن الأشياء التي تتعلق بالمرأة أكثر والأمثلة كثيرة جدا على سبيل المثال بيع العينة الآن المنتشر تباع السلعة في اليوم عشرين مرة ويزيد ثمنها بالأجل وهذا يشترى وهذا يبيع والسلعة في مكانها وهذا يخرج بنقود وهذا يسجل عليك اكثر مما اخذ هذه عينة العينة محرمة حيلة نسأل الله العافية .
التهرب من الزكاة ناس عندهم طرق في التهرب من الزكاة قبل تمام الحول ينقل صك الأرض إلي شخص أخر ثم بعد أيام يرجعها كأنه يخادع رب العالمين.
بالنسبة للمرأة الآن العباءة اسمها عباءة وهى للستر فهي إذا وضعتها هذه العباءة السوداء على جسمها ظنت أنها متسترة وتجهل أو يجهل بعض الأخوات أننسال الله الهداية للجميع أن بعض العباءات لو ما لبستها أصلا لكان الأمر أخف و أقول هذا بصراحة بعض العباءات في تركها جملة وتفصيلا في تركها تكون الفتنة اقل هذه حيله الشيطان يزين للمرأة أن هذه عباءة والعباءة في الشريعة لم يرد بها إنها لابد أن تكون على الرأس وإنها وأنها عباءة وتباع في الأسواق واشترى مثل ما اشترى غيري التحايل على الحرام حرام بل هو أشد .(1/349)
القاعدة السابعة كل ما أدى إلي الحرام فهو حرام ومنه جاءت قاعدة سد الذريعة التي لا يحبها كثير من العصرانيين الآن يقولون من جئتونا بقضية سد الذريعة حرام بسبب سد الذريعة هذا حرام بسبب سد الذريعة من الذي يقول أصلا بسبب سد الذريعة ، النصوص الشرعية هي التي جاءت لو تأمل هؤلاء الذين يجترؤن على دين الله جل وعلا في مسألة سد الذرائع نحن نعم نقول إن الذي يبالغ ويقول ويحرم على الناس ما احل الله لهم حجة سد الذريعة كلام مرفوض فالو قال أصلا أحد أن المرأة لا يجوز لها أبدا أن تخرج من البيت لأن الآن هذا الزمان زمان فتنة ولا يجوز لها مطلقا أن تخرج من البيت نقول هذا كلام مرفوض المرأة عليها أن تخرج وخرجت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلي المسجد ولها أن تخرج في زيارة أقاربها إلى آخره ، فسد الذرائع له محدود من الشريعة لكن الذي ينكر أن سد الذرائع جاءت به الشريعة هذا يفتح باب خطيرا هناك محرمات أصلا ما حرمت إلا بسد الذرائع النظر لماذا حرم الله النظر إلى النساء وقال للمؤمنين قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم لماذا هل النظر في حد ذاته مفسده هو يؤدى إلي مفاسد ولذلك حرم من باب التحريم الوسيلة ولقد ذكره الأمام ابن القيم بشيء من التفصيل .
الخلوة : الخلوة في حد ذاتها قد لاتكون مفسدة لكنها تفضي إلي حرام فحرمها الله نصوص الاختلاط أشياء كثيرة إنما سبب تحريمها هو سد الذريعة ولذلك ما أدى إلي حرام فهو حرام .(1/350)
قاعدة ثامنة أن النية الحسنة لا تحلل الحرام وينتج عن هذا أن الغاية لا تبرر الوسيلة في وسائل الإعلام يأتي أحد ويقول أن المرأة يجوز أن تخرج سافرة في وسائل الإعلام من إجلال دعوة ودعوة بني جنسها لماذا يا آخي تفتى بهذا ما الذي حملك على أن تفتى بهذه القضية أينقصنا فتن حتى تأتي بهذه الفتوة قال نعم الحاجة تبرر الحاجة إلي وجود الداعية في التلفاز تخرج امرأة سافرة ينظر إليها العالم ما ينظر إليها عدد معين في مسجد الملايين ينظرون إليها لماذا اهذة غاية تبرر وسيلة محرمة في الأصل أين الفقه .
والقاعدة التاسعة قاعدة اتقاء الشبهات خشية الوقوع في الحرام وهى قاعدة مهمة سأتطرق إليها أن شاء الله .
القاعدة العاشرة أن الحرام يحرم على الجميع ما يستثنى أحد عندنا في دين الله الشريعة تطبق على الجميع ومعروف حديث النبي صلى الله عليه وسلم والله أو قال والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم سرقت لقطعت يدها إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه ، الشريعة هنا تطبق على الجميع وليس عندنا تمييز في أحكام الشريعة .
القاعدة الحادية عشر الضرورات تبيح المحظورات وهذه قاعدة تحتاج إلي تفصيل لكن أشير إليها إشارة لأن بعض المحرمات يحتاج المسلم أحيانا إلى الوقوع فيها مضرا فالله تبارك وتعالى يرفع الحرج عنه لأن الشريعة جاءت لرفع الحرج والله تبارك وتعالى يقول " إلا ما اضطررتم إليه "
فاصل
ثم بعد ذلك نتحدث عن موقف المسلمين عامة بل موقف الناس لأن من المسلمين ألان من يعتنق الإسلام وهو في الحقيقة منافق نسأل الله العفو والعافية كما حصل في مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم ما موقف الناس من أحكام الله جل وعلا حلا وحرما؟؟ .(1/351)
هناك حالتان الحالة الأولى صورة المُسلم المسَلّم لربه يقول سمعنا واطعنا " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلي الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا و اؤلئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقى فاؤلئك هم الفائزون " أية صريحة هذا هو حال المؤمنين .
الحالة الثانية حال المنافق نسأل الله العفو والعافية والمتصف بصفات المنافق لكنه لم يكن منافق خالص لأن بعض المسلمين عندهم من صفات المنافقين ولكنهم ليسوا منافقين لكنهم يتبعون أهوائهم وشهواتهم رجالا ونساء إذا جاء الشرع يوافق الهوى رحبوا به أخذوه ليس لأنه شرع الله لا لأنه موافق للهوى والمصلحة وذا جاء مخالفا لأهوائهم وشهواتهم ورغباتهم أعرضوا وجاءوا بالأعذار وكل على حسب حاله المنافقون الخلص يقولون وما دخل الدين في هذه القضايا تقول قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم الدين ليس له علاقة في هذه القضايا تعطيل للآيات صريح نسأل الله السلامة والعافية ومنهم من يقول هذه المسألة هناك قراءة جديدة للنص فيها أنا لا أدرى من أين أوتينا من هذه القضايا للأسف هناك بعض طلبة العلم وبعض المحسوبون على العلم الشرعي يقولون نحن بحاجة إلي أن نقرأ النصوص قراءة جديدة هذا النص أخذوه من الصحف أنا لا أدرى كيف ينساق أهل العلم الشرعي خلف هذه المصطلحات وكيف يكونون صيد ثمينا للمتلاعبين بألفاظ من أصحاب الأقلام أو من الإعلاميين .
والله بعض أهل وطلبة العلم ألان اصبحوا صيدا سهلا لهؤلاء المراوغين الذي يحسنون مع الأسف صيد بعض المشايخ وصال بعض أهل العلم يجارونهم في ذلك القراءة الجديدة للنص ونريد أن نراجع الثوابت المتفق عليها يقولوا لا لابد من المراجعة مناهجنا أصلا الآن هي التي تفرغ الإرهاب وهى التي وبعض أهل العلم ينسون أن هذه هجمة شرسة ولا بد أن يقفون بقوة أمامها .(1/352)
إذا حذر العالم من البدع قالوا هذا جذب للذات وإذا ذكر النصوص والآثار قالوا نريد قراءة جديدة للنصوص تتفق مع العصر وإذا هناك شئ سد للذريعة قالوا لا نحن نريد فتح الذرائع ما نريد سدها فتح الذرائع لا بأس به هذا المصطلح ذكره أهل العلم لكن بهذا الظمآن ألان والفتنة عمت وطمت في الدين والتلاعب وصار يتكلم في الدين من شاء ناسيا يقول نحن بحاجة إلي فتح الذرائع اكثر من سد الذرائع أين الفقه وأين الغيرة على الأعراف وأين الغضب على المحرمات النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله صلى الله عليه وسلم .
ومنهم من طرحت المسالة قال أن المسألة أصلها فيها خلاف مجرد أن يذكر أن المسالة فيها خلاف هذا يكفى للتنصل من كل الأحكام ومنهم من يقول إذا قيل هذه المسألة دلت دليل على أنها حرام هذا التحريم يحسنة هؤلاء المشايخ المتشددون كل شئ عندهم حرام وتنطبق هذه القضية على كثير من الناس وعلى بعض النساء وسأتحدث عن مصطلح كلمة حرام مدلولها بعد قليل
وبعضهم يقول الفتوى تتغير بتغير الزمان ماشى إحنا لا ننكر هذا أن بعض الفتوات تتغير بتغير الزمان لكن من الذي يغيرها صحفي أو مقدم برنامج في إذاعة أو قناة فضائية من الذي يقول أن الفتوى تحتاج أن تتغير هم أهل العلم الله تبارك وتعالى يقول فسألوا أهل الذكر .
واحسنهم حالا من يقول غصب الواقع يا أخي يا أختي في الله هذا حرام والله الواقع ضاغط علينا وهؤلاء يرجى لهم التوبة وهم تحت رحمه الله تبارك وتعالى ونسأل الله أن يهدينا جميعا لما يحبه ويرضى .(1/353)
طبعا هؤلاء الذين لا يقبلون الأحكام وعلى رأسهم العلمانيون والمنافقون الله تبارك وتعالى ذكرهم في القرآن في قوله وإذا دعوا إلي الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وان يكن لهم الحق يأتوا إليهم مذعنين " سبحان الله إذا كان الحق لهم تكلموا بالآيات والأحاديث لأن الحق لهم قال جل وعلا " أفي قلوبهم مرض أم اغتابوا أم يخافون أن يحيد الله عليهم ورسوله بل اؤلئك هم الظالمون " وقال تعالى " ومن الناس من يعبد الله على حرث فإذا أصابه خيرا أطمئن به وان أصابته فتنه انقلب على وجه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين " .
أضرب مثالا معاصرا يحفظه كثير من أهل الإرجاع فيما يتعلق بقضية المرأة يحسبون أن المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم تضمد الجراح وتصلى في المسجد وتطوف مع الرجال وترعى الغنم هذه الأمثلة التي يعرفوها الدين هو هذا ويعرضون عن الأحاديث الصريحة التي خرجت مخرج التوجيه للامة صريحة جدا وهناك ايات صريحة مثل آيه القرار في البيت ماذا يقولون تجاهها الله تبارك وتعالى يقول وقرن في بيوتكن كيف يفهمون هذه الايه عند القراءة الجديدة للنص مخرج طوارئ عندهم تأتى بالنص يقولوا عندنا قراءة جديدة فسد الذريعة يا أخوان يقولون عندنا فتح الذريعة ماذا بقى للعلماء ماذا بقى لكبار أهل العلم الذي يرجع إليهم في مثل هذه المسائل .(1/354)
المقصود أن المرأة المسلمة التي تريد النجاة بنفسها في الدنيا والاخرة ليس لها إلا الإذعان والتسليم والرضى بأحكام الله جل وعلا ليس شرط للانقياد إلي الحكم أمرا كان أو نهيا أن تعرفي يا أختي المسلمة السبب والحكمة أو الفائدة أو المفسدة كثير من الناس إذا طرحت المسائل الشرعية قد تحفى الحكمة على بعض الناس يقول ما الحكمة أنا ما اقتنعت بالحكمة الله يقول كده وأنت تقول ما اقتنعت سبحان الله أأنتم اعلم أم الله ولذلك يختم الله جل وعلا بعض الايات بقوله والله يعلم وأنت لا تعلمون " كتب عليكم القتال وهو كره لكم " القتال كره لأن فيه اذهاق للروح في جراحات فيه مواجهة في قتل "كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شئ وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شئ وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون " تسليم لله جل وعلا في حكمة من مقتضيات التوحيد ويجب على المرأة المسلمة أن تربى نفسها على قوله تعالى "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " هذه الآية من أعجب الايات في وصف حال المؤمن مع أحكام الله فلا وربك قسم لا يؤمنون حتى يحكموك يا محمد فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا حتى الحرج في النفس لا تجده لأن هذا حكم الله ورسوله وأن يسلموا تسليما تسليم مطلق لله عز وجل في أحكامه وابن القيم رحمه الله له كلام طيب حول هذه الايه .(1/355)
ثم ننتقل بعد ذلك إلي وقفه مع كلمة حرام ماذا تعنى كلمة حرام ؟ كلمة حرام عند النساء بالذات التحريم الشرعي رحمه من الله عز وجل بعبادة لكن اكثر الناس لا يعلمون الشريعة أصلا قائمة على رفع الحرج وعلى التخفيف الله جل وعلا يقول " يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا " ويقول الله " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج " بعض المحرمات يظهر للجميع سبب تحريمها مثل القتل والزنا والظلم واكل أموال الناس بالباطل والسرقة إلي أخره بعض المحرمات لا يظهر لبعض الناس الحكمة منها وقد يخفى على بعض الناس بالفعل لماذا هي محرمة لأن الأمر يحتاج إلي بصيرة والى علم ، بناء على هذا ما موقف الناس وما موقف كثير من النساء اليوم من مسالة التحريم ومن كلمة حرام؟ مع الأسف الشديد كثير من النساء المسلمات صرن يعرضن عن تعلم الأحكام الشرعية ما تسأل ولا تريد أن تحضر حلقة فقهية ولا شئ لماذا لأنها تشعر بصدام كبير بين الواقع والأحكام مثلا تذهب إلي حكم اللباس العاري تذهب إلي حفلة الزفاف تجد اكثر النساء يلبسن لباس عاري تسمع أن العباءة المطرزة اللافتة للنظر الضيقة المخصرة لا تجوز فتلتفت إلي بنات جنسها تجد أن كثيرات منهن يلبسن هذه العباءة يحصل عندها صدمه وتعرض تقول أنا لا أريد أن أسأل لماذا اسأل الكلام في وادي والتطبيق في وادي هذا بحد ذاته هذا الأعراض انتصار للشيطان نعم انتصار للشيطان في هذه المسالة على هذه المرأة كثير من النساء ربما استغربت بعض المساءل لأنها محرمة وتقول هذا تشدد والسبب ما هو بعدها عن العلم وعن الخير بل ربما يكون المسالة مجمع عليها بالإجماع ما فيها خلاف ما السبب في الجهل السبب في الحقيقة هو الإعراض عن التعلم عن مجالس الخير عن الفتاوى عن صحبة أهل الخير لهو في هذه الحياة الدنيا واستمتاع بالشهوات وبعد عن متناهي كل خير فأين تسمع الحق وأين تسمع الله مثل بعض كبار السن أحيانا من الرجال أو النساء إذا ما رأى سنة من(1/356)
سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام قال طول عمرنا ما رأينا هذه السنة وأنت طول عمرك تجلس مع العلماء وتثنى ركبك معهم كيف لا وأنت في بيعك وشراءك وسوقك كيف أن تعرف هذه الأشياء إذا لم تطلب العلم وكذلك المرأة .
استقام في أذهان كثير من المسلمين والمسلمات أن كلمة حرام تعنى تشدد فساروا ينفرون من كلمة حرام كلمة حرام هذه منفرة فيجب أن يعلم أن تحريم الحلال من أعظم الذنوب مثل ما أن تحليل الحرام أيضا من أعظم الذنوب فالأمران كلاهما محرم فلا يجوز أن نحرم ما أحل الله ولا يجوز أن نحلل ما حرم الله فالأمر سواء .
وهنا تنبيه مهم جدا الأعراض عن التعلم والاستفادة والاستفتاء بحجة عدم التطبيق هذا انهزام أما الشيطان قبل ابتداء المعركة وقد نبهت عليه قبل قليل هذا انهزام أنت تنهزم وأنت تنهزمين لان التفكير أصلا مجرد التفكير في الاستقامة هذا في حد ذاته أمر يزعج الشيطان ولماذا لما سئل بعضهم لماذا الوسواس والوسوسة اكثر في المسلمين دون الكفار فقال المجيب وكان من أهل العلم قال وما يصنع الشيطان في البيت الخرب الكفار قلوبهم خربه قال ماذا يصنع الشيطان فيها لكن المسلم يريد أن يبعده عن الطاعة أن يصده عن سبيل الله .(1/357)
هناك ممارسات أيضا قد تسبب في التفكير والابتعاد عن شرع الله ومنها المحرمات وأحيانا بعض الممارسات من بعض أهل الخير تسبب هذا الأمر طبعا النية طيبة ولكن الأسلوب والوسيلة تحتاج إلي مراجعة أضرب مثال على هذا كتيب مكتوب عليه أسئلة مهمة تهم المسلم الإنسان عامية أو عامي تمسك هذا الكتيب هي تريد أن تتفقه العنوان لا يدل إلا على أن هناك أسئلة شرعية وإجابات من السؤال رقم1 : 50 أو 60 أو 110 كله حرام السبب ما ذنبه العالم أجاب العالم إذا سئل عن أمر محرم لابد أن يجيب يسأل سؤال ثاني يقول حرام ممكن أن يأتي سؤال ثالث ممكن أن يقول مباح ولكن الذي جمع هذا الكتيب أخرجه في هذا الشكل وهذا النسق أخرجه في صورة كل شئ حرام فتجد أن القارئ وخاصة إذا كان عنده أو عندها تفريط ما الذي يحصل يقول السؤال الأول حرام أنا عندي القضية هذه أنا ارتكبها السؤال الثاني حرام من الكبائر لا والله مشكلة السؤال الثالث حرام الرابع حرام الكتيب حرام حرام قال بس خلينا صدين ولا نعرف احسن هذا الذي يحصل بالفعل مثل هذه الكتيبات تحتاج إلي مراجعة الذي يعذر أن ينشر كتاب بالفعل أو يكون العنوان دال على ما فيه يكون العنوان مثلا التحذير من سخط الله أو أو التحذير من بعض المحرمات الذي يمسك بالكتاب يشعر أن هذا الكتاب يحذر من محرمات معينة أما أن يمسك الإنسان يعنى رجل كان أو امراءة بالكتاب ثم يفاجئ أن كل الكتابات حرام مع الأسف بعض الجهلة يقول هذا الشيخ هذا المفتى ما عنده إلا حرام طبعا جاهل والناس يتساهلون في اعرض العلماء هذا يفهم هذا ما يفهم والشيخ الفلانى حبيب والشيخ الفلانى خفيف دم تماما مث ما يتكلمون عن الفنانين هذه قضية خطيرة هذا علم قال الله قال الرسول صلى الله عليه وسلم والذي لا يعرف قيمة هذه الكلمة يجب أن يمسك عنها .ونقف وقفة يسيرة مع النوازل : النوازل هي المسائل التي تستجد وتقع ولم يكن لها سابق يعنى لاتجد السابقين من العلماء أقوال فيها(1/358)
مثل طفل الأنابيب على سبيل المثال وهى بالنسبة للمرأة المسلمة مسألة مهمة وخطيرة جدا رموش اصطناعية لا تبحث في كتب الفقه القديمة نعم قد تجد وصل الشعر لكن الرموش الاصطناعية جديدة العدسات الملونة قصات الشعر الجديدة الموضة يعنى أمور كثيرة جدا مستجدة تحتاج إلي فتوى وفى الحقيقة أحبذ أن تكون النوازل الذي يفتى فيها مجامع وهيئات ولا يتفرد بالفتوى فيها شخص ولو كان أهل للفتوى ولو كان عالم ولكن لا مانع أن يفتى المتمكنون من أهل العلم لابد أن يفتوا الناس لكن الأحسن في النوازل حتى يقطع دابر الخلاف قدر الإمكان وبالنسبة للمرأة يعنى هي قد تقول الفتوى الآن كيف أنا اعرف الفتوى في النوازل يعنى كتب الفقه لاتجد فيها كثيرا من هذا تسمع لمن طبعا لابد أن يراعى أن المفتى الذي يفتى في النوازل خاصة ليس في أحكام قررت وروجعت ونوقشت لا كلها أحكام سابقة الملاحظ الأول أن يكون عنده رؤية وتصور جيد للمسألة لابد أن الشيخ أو المفتى متصور للمسألة على وضعها كما هي مثلا أعطيكم مثال واضح للأخوات قد يقال للشيخ أو العالم ما حكم صبغ الحواجب هكذا السؤال ما حكم صبغ الحواجب فقد يقول الشيخ الصبغ أن في الأصل الإباحة ويقول الصبغ الأصل فيه الإباحة فلا مانع لكن لو فهم السؤال كما هو قد يتغير جوابك كيف كثير من البنات والأخوات الاتي يمارسن صبغ الحواجب يصبغنها على هيئة تجعلها هي والمتنمسة على حد سواء تصبغ أطرافه وتحدده بشكل الذي ينظر اليها لا يعرف أهي متنمصة أو هي صابغة طيب المفتى لا يعرف هذه القضية فلابد من تصور القضية كما هي مثله أيضا لا أريد الإطالة هذا يكفى لكن من الأمثلة المهمة مثلا وهى تقع مع الأسف حتى من بعض المشايخ قد يسال ما حكم إخراج الظهر بالنسبة للمرأة أمام النساء فيقول لل بأس لأنه ليس من العورة أمام النساء تصور السؤال والجواب هو ما فهم السؤال لباس يخرج الظهر هذا لباس تعرى حتى ولو كان أمام النساء طبعا لا يجوز وقد اخطأ مع(1/359)
الأسف بعض أهل العلم في هذه المسالة حينما قالوا أن المرأة أما النساء تلبس ما شاءت لأن العورة ما بين السرة والركبة ما هذا الجواب أين الفقه وسأعرج على هذه القضية بعض قليل .الملاحظ الثاني وقبل الملاحظ الثاني الذين يعرفون الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله وهو من هو الشيخ من كبار علماء هذه البلاد وتوفى رحمه الله عام 1402 من الهجرة الشيخ عبد الله بن حميد وهو والد فضيلة الشيخ صالح بن حميد أمام الحرم ورئيس مجلس الشورى الشيخ عبد الله بن حميد كان يشتهر عنه أمر في السؤال إذا سئل يعيد السؤال كما هو بعض الجهلة يظنون الشيخ يستعرض حفظه لدى الناس لا الشيخ يريد أن يتأكد وان يؤكد للسائلين أنى أنا فهمت السؤال على هذه الهيئة ولذلك حتى يقول للسائل يا أخ فلان ابن فلان من مدينة كذا تسأل وتقول أن لك أما فيها كذا فبعض الناس يقول يطول علينا الشيخ لا الشيخ له ملحظ يريد أن يوصل الإجابة تماما على قدر السؤال وهذا مهم جدا وهذا من فقه الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى .
الملاحظ الثاني أن اشتهار المفتى بالعلم والورع والتقوى وعدم التسرع مما يجعله يقصد في هذه النوازل التي تستجد فالمرأة إذا أرادت أن تسأل العالم المتمكن في العلم الشرعي المعروف في الانضباط لا عنده تسيب ولا عنده تشدد ولا عنده تسرع أيضا ولا عجلة في الفتوى ويكون عنده ورع وتقوى وان شاء الله نكمل بعد الأذان وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .(1/360)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أله وصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد فنواصل الحديث عن الموقف من الخلاف ومعنى يترك به الآن إذا اختلف العلماء في مسالة من المسائل ما موقف المسلم ما موقف المرأة المسلمين من هذه المسائل وتأخذ بفتوى من وهناك مسائل فيها خلاف والان المسائل تختلف مثلا البنطلون الواسع قد يجيزه بعض أهل العلم ويحرمه بعضهم صبغ الحواجب وقد مر قبل قليل ويكثر السؤال عنه كثير من أحكام الزينة أنا لست بصدد الإفتاء الآن ولن أجيب على هذه المسائل الفرعية لأن المحاضرة هي تأصيل الجواب من خلال عدة تنبيهات .(1/361)
التنبيه الأول هو مفهوم التيسير الشرعي من مداعى هذه الشريعة التيسير والسماحة وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذ وأبو موسى الاشعرى عليهم رضوان الله حين بعثهما إلى اليمن قال يسرا ولاتعسرا وبشرا ولا تنفرا والحديث روى في الصحيحين والله تبارك قال "ما يرد الله أن يجعل عليكم من حرج" المشكلة أن مسالة التشدد أو التيسير مسألة نسبية قد يرى فلان أن فلان متشدد من وجهة نظره لا يقيس بالمقاييس الشرعية وأفهام العلماء تختلف ومن الناس من يصل به التيسير بزعمه إلى التساهل وربما التلاعب بدين الله عز وجل فيتسرع بالفتوى فقد يذهب إلي تحليل ما حرم الله بغير دليل ومنهم من يغلب عليه التشدد والمنع فيميل دائما إلي المنع والحذر ويضيق على الناس ما وسعه الله وكل ذلك يرى انه من الورع والاحتياط والزهد إلى أخره الإنسان يضطرب بالفعل يحتار يطيع من ويعصى من لاشك أن المطلوب هو التيسير و النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما لكن بشرط كثير من الناس يحفظون الحديث ولا يكملونه ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ، في حد المحرم لا إذا فيه تساهل الحمد لله دين الله فيه تساهل المطلوب هو التيسير لكن الموافق للشرع المعتمد على الأدلة أي الاعتدال لا إفراط ولا تفريط أحكام الله كلها يسر واعتدال بشرط أن تكون هي الأحكام التي أرادها الله لان شرع الله تبارك وتعالى كله يسر وكله حكمة وكله اعتدال يقول عمر ابن إسحاق لما أدركت من أصبحت رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر ممن سبقني منهم يعنى أدرك الكثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول فما رأيت قوما ايسر سيرة ولا اقل تشديدا منهم الصحابة اخذون باليسر ما يشددون على الناس لكن بشرط ما لم يكن إثما بعض الناس الآن يبحث في المسألة فيجد أن اكثر الصحابة على هذا القول ولكنه لا يوافق هواه فيأخذ بالقول الثاني ولم يقل به لا صحابة(1/362)
ولا التابعون يأخذ به لأنه الأيسر على الناس يبقى أين ذهب فقه الصحابة ويسر الدين بالنسبة لهم أأنت ارحم بهم بالناس بل أأنت ارحم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليكم ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم .
وبناء على هذا فكلما زاد علم المفتي بالأدلة والآثار مع حسن الفهم ووجود الملكة الورع فهو أولى وهذه قاعدة عامة .
الشيخ: د.ناصر بن عبد الكريم العقل
ضيف الحلقة :
حقيقة التدين
موضوع المحاضرة
التدين مأخوذ من الدين والدين هو التسليم والطاعة والتذلل والخضوع والعبودية وعلى هذا فإن التدين بمعناه الاصطلاحي تدين المسلم يتمثل:
أولا: بالتسليم لله عز وجل والتذلل له سبحانه والخضوع والطاعة والامتثال وإجماع ذلك كله للعبودية لله سبحانه وتعالى ولذلك سمى الإسلام من هذا المعنى الإسلام معناه التسليم وهو الاستسلام لله عز وجل للعبودية والطاعة الاستسلام المطلق.(1/363)
والاستسلام أي استسلام التدين لا بد أن يشمل استسلام القلب واستسلام الجوارح خضوع القلب وخضوع الجوارح ولو تأملنا حال المسلمين اليوم ثم قارناه بحال المسلمين في القرون الثلاثة الفاضلة لانكشفت لنا الكثير من الحقائق المتعلقة بدعوى التدين أثر عن الحسن البصري رحمه الله حكمة صائبة قال فيها ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال وعلى هذا فلا بد في استجلاء حقيقة التدين من إظهار أو من ظهور علامات التدين على القلب أولا أي العلامات القلبية التي سيأتي الإشارة إلي شيء منها ثم على الجوارح التي هي الأعمال الظاهرة والتي تتمثل بأعمال المسلم الظاهرة أولا تجاه أركان الدين وواجباته والأخلاق ونحو ذلك ثم ما يستلزم ذلك أيضا منهج التعامل، التعامل تعامل الإنسان أولا مع ربه عز وجل تعامله مع الحقائق الشرعية تعامله مع أصول الإسلام مدى امتثاله إلي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم تحقيقه لمعنى الإسلام ومدى تعلقه بالإسلام في هذا الدين.(1/364)
أوجز النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة التدين في صدد وصيته إلي أحد الصحابة لما سأله قال قل أمنت بالله ثم أستقم كلمات جامعات جمعت الدين كله في كلمتين قل أمنت بالله يعنى حقق الإيمان في قلبك ثم استقم في أعمالك في عبادتك في أخلاقك في تعاملك مع الحياة مع الناس والإيمان بالله لا يكون إلا بمقتضى العقيدة الصحيحة و لا شك وإلا كل يدعى الإيمان بالله والاستقامة على دين الله لا تكون إلا بمقتضى العمل بشرع الله وبما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لان حتى الإيمان بالله والاستقامة هي دعوة ولها شروط وضوابط وحقيقة وعلى هذا فإن التدين أمر لا بد أن يحكم حياة المسلم كلها في قلبه وروحه ونفسه وعواطفه ومشاعره وأعماله ومواقفه كل هذه الأمور لا بد أن يتحقق فيها معنى التدين وأول حقائق التدين في بلوغ المراد الشرعي للتدين أول حقيقة في ذلك هي صلاح القلب وصلاح القلب يكون أولا بتعظيم الله عز وجل بأسمائه وصفاته وأفعاله فإذا أراد المسلم أن يختبر نفسه أو يستجلي حقيقة تعلق قلبه بالله عز وجل فلينظر في حاله إذا قرا آيات الله إذا قرا القرآن أو سمعه ثم مرت عليه أسماء الله عز وجل هل يجد في نفسه تأثر في معاني أسماء الله هل يجد في استعراضه إلي أسماء الله عز وجل والتفكر فيها والتمعن في معانيها هل يجد فيها لها اثر في قلبه بزيادة تعظيم الله ومحبته ورجائه وخوفه وتقواه وكل أسماء الله عز وجل لا بد أن تغرز هذه المعاني فان وجد اثر طيبا في ذلك فليحمد الله وليعرف انه بدأ طريق الاستقامة وان أحس بالغفلة وعدم التأثر بمعاني أسماء الله عز وجل فليفتش عن حاله ثم أيضا ليستعرض المسلم يختبر قلبه مدى تحقق أركان العبادة في قلبه العبادة في القلب لا بد أن تقوم على ثلاثة أركان.
الركن الأول محبة الله عز وجل محبة التعظيم محبة الله عز وجل بان يمتلئ قلب المسلم بمحبة الله.
ثم ثانيا الخشية خشية الله وخوفه(1/365)
ثم ثالثا الرجاء تعلق القلب برجاء رحمة الله وعفوه في الدنيا والآخرة إذا امتلئ القلب بهذه المعاني أو شعر بها فلا بد أن تثمر أمورا كثيرة من تقوى الله ورقابه الله والإنابة إليه والتوكل عليه والتعلق به سبحانه في كل الأمور بحيث يحب المسلم إذا امتلأ قلبه بهذه المعاني يحب المسلم ما يحبه الله ويحب من يحبهم الله ويبغض ما يبغضه الله ويبغض من يبغضهم الله ثم لا بد أن يتحقق معنى التدين في صلاح القلب بالتذلل لله سبحانه وتعالى تذلل للقدر والشرع بأن يخضع إلي قدر الله عز وجل ويؤمن بقدر الله ويصبر على قضاء الله وكذلك التذلل بالاستعداد والتسليم للعمل بما أمر الله به والانتهاء عما نهى الله عنه وكذلك لا بد أن يشعر المسلم إذا حقق التدين في قلبه بالإذعان بشرع الله ثم يستلزم ذلك ما أمر الله به كما قال الله عز وجل " قل إن كنتم تحبون الله اتبعوني يحببكم الله " يستلزم صلاح القلب ما أمر الله به من اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والاتباع يبدأ بالمحبة بأن يحب المسلم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يكون احب إليه من نفسه وماله وولده ومن الناس أجمعين وان تثمر هذه المحبة عن الاستعداد لقبول ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير فيستعد المسلم أولا لتوقير النبي صلى الله عليه وسلم في كل أحواله ثم اتباع سنته والاهتداء بهديه احب ما يحبه الرسول صلى الله عليه وسلم احب من يحبهم وبغض من يبغضه الرسول صلى الله عليه وسلم وبغض من يبغضهم كذلك تتجلى حقيقة التدين من حيث صلاح القلب تتجلى في الرقابة لله عز وجل والتي ينتج عنها تقوى الله من راقب الله اتقاه وهذا هو من معاني الإحسان التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل حينما سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه تصوروا هذا المعنى العظيم تعبد الله كأنك تراه ثم قال فإن لم تكن تراه فإنه يراك بهذا الاستشعار تتحقق(1/366)
الرقابة في قلب المؤمن وعقله ومشاعره وروحه وعواطفه الرقابة لله عز وجل فإذا تحققت الرقابة لله عز وجل فإن المسلم لا بد أن يتقى الله وهذه نتيجة طبيعية بل نتيجة حتمية كل من راقب الله واتقاه فلا بد أن يقوم بما أوجب الله عليه وان ينتهي بما أنهى الله عنه.
المسلم إذا استشعر بأن الله يراه ويراقبه على معنى حقيقي وصحيح على المعنى السليم إذا استخشع رقابه الله فانه لا يمكن أن يقع فيما يخل حقيقة التدين ولله المثل الأعلى الإنسان إذا شعر برقابة غيره له من البشر ماذا تتصورون مما يفعله من التصنع والتكلف والمجاملة والمدارة إلى آخرة وهو يشعر برقابة بشر برقابة إنسان لا يملك نفعه ولا ضره إلا بإذن الله ولله المثل العلي فكيف إذا استشعر مراقبة الله ولله المثل الأعلى ولذلك فإن حقيقة صلاح القلب إنما تتمثل في هذا المعنى في الرقابة لله عز وجل لأنه إذا امتلأ قلب المسلم برقابة الله ورجائه ورحمته والإنابة إليه إذا استشعر معاني صفات الله وأسمائه وأفعاله إذا رأى ما يجب لله عز وجل من التعظيم فإنه لا بد أن يجد ذلك اثر ذلك في قلبه وسلوكه وتتحقق التقوى لكن ابرز معانيها أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية اتباع ما أمر الله به واجتناب ما نه الله عنه.
كما تتجلى حقيقة التدين بعد إقامة الفرائض وأداء الواجبات بعمل السنن والنوافل.(1/367)
الأعمال الصالحة يجر بعضها إلي بعض الحسنة تتبع الحسنة ولا بد بإذن الله إذا وفق الإنسان وقبلت منه الحسنة فلابد بإذن الله أن يهتدي بها إلي الحسنة الأخرى فمن أقام الفرائض على وجهها وأدى الواجبات على وجهها فلابد في أن يثمر ذلك في ظهور مظهر أخر من التدين لا يتذوقه إلا من كان على هذا الطريق ويتقرب اللي الله عز وجل بالنوافل كما جاء في الحديث القدسي( ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى احبه فإذا أحببته كنت بصره الذي يبصر به وسمعه الذي يسمع به ويده الذي يبطش بها ورجله الذي يمشى بها ولئن سألني لأعطينه ولأن أعاذني لأعيذنه) تصوروا هذه المعاني العظيمة متى تتحقق إذا تدين المسلم لله عز وجل بالنوافل ثم هل يعقل أن يتدين بالنوافل ويقبل منه ذلك إلا وقد قام بالفرائض والواجبات وهذا من جوامع الكلم للنبي صلى الله عليه وسلم أختصر الأمر بدل ما يقول تقرب بالواجبات والفرائض قال بالنوافل لأنه لا يعقل أن الإنسان يتقرب بالنوافل على وجه شرعي صحيح يعنى على وجه شرعي صحيح مقبول عند الله إلا وقد وفى بالأركان والواجبات ولو عمل بالنوافل دون الفرائض ما نفعه ذلك إذا تتجلى حقيقة التدين كذلك بالتعبد لله عز وجل والتعبد لا بد أن يكون على ما شرع الله كثير من عباد الأمم بل كثير من أصحاب الديانات قديما وحديثا الديانات الباطلة يتعبون وينصبون في التعبد لكنهم على غير شرع صحيح هؤلاء من الاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا نسأل الله العافية تعبدوا لله على غير ما شرع إذا لا بد من توفر عنصرين التعبد خضوع القلب والجوارح سلوك طريق العبادة الله عز وجل الظاهرة والباطنة ثم أن يكون ذلك على ما شرع الله وسن رسوله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم وبذلك تتمثل وبذلك تتمثل علامات التعبد اللي هي من علامات التدين الحقيقي.(1/368)
من حقيقة التدين أن يظهر اثر التدين على أعمال الإنسان الظاهرة كما يظهر على أعماله القلبية، أعماله القلبية قد لا يتجلى حقيقتها بأنها أمور غيبية لا يعلمها إلا الله عز وجل فأمور القلب وما فيه أمور بين العبد وبين ربه عز وجل لا يعلمها إلا هو ولكن ثمارها في أعمال الإنسان اللسانية والقولية والفعلية في عباداته ومعاملاته وتعامله مع الأخريين هي المحك والاختبار وأول كما قلت أول مظاهر التدين في الحقيقة الخشوع وما معنى الخشوع هو استكانة القلب والجوارح لله عز وجل استكانة تظهر أثارها على حركات الإنسان وتصرفاته وأفعاله ويتجلى هذا بأمور ظاهرة أولها بالقرآن الكريم إذا أردت أن تختبر قلبك ومدى خشوعك فانظر مدى تأثر قلبك بآيات الله المقروءة هذا القرآن كلام الله الذي لو أنزل على جبل لتصدع من خشية الله هذا القرآن كلام الله الذي فيه الأوامر والنواهي و الوعظ والعبر والقصص فيه الوعد والوعيد فإذا شعر المسلم عندما يسمع آيات القرآن بالخشوع والتأثر فليبشر بالخير وليعلم انه تحقق فيه معنى من معاني التدين ثم الخشوع في الصلاة وهو اختبار حقيقي جلي من ابرز أثار الأعمال القلبية الخشوع ومن ابرز مظاهر الخشوع بعد التأثر بكلام الله الخشوع في الصلاة ولذلك نجد في النصوص في القرآن والسنة انه وصف عمل الصلاة بالإقامة وان تقيم الصلاة والذين يقيمون الصلاة لا إلى الأداء لأن الأداء يستوي فيه المؤمن والمنافق كل يؤدى الصلاة لكن لا يقيم الصلاة إلا من تدين حقا تحقق فيه معنى التدين وأول مظاهر إقامة الصلاة الخشوع فيها والصلاة الخاشعة أيضا لا بد أن تثمر لأنها لابد أن تنهى عن الفحشاء والمنكر ونجد معاني هذا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيمه لقدر الصلاة وفى اثر الصلاة في نفسه وروحه وقلبه ومشاعره وعواطفه فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة قرة عينه ما معنى قرة العين كما جاء في الحديث الصحيح (حبب إلينا من دنياكم الطيب(1/369)
والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة) قرة العين هي منتهى السعادة الأم إذا أرادت أن تصف حبها إلي ابنها لا تجد كلمة افضل من كلمة يا قرة عيني لأنها بمنى السعادة والحبور والمحبة في هذا الأمر كذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما استشعر معنى الصلاة وخشع في الصلاة قرت عينه شعر بأمن القلب وسعادة النفس وطمأنينة الروح وهدوء الجوارح وزوال التعب الجسدي والقلبي ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول أرحنا بالصلاة يابلال محطة راحة لا كما يقول من كثير من حالنا نسأل الله أن يعفو عنا وكثير من حال الذين يقصرون في الصلاة تجدهم يتململ ويتذمر من أداء الصلاة حتى يعطيها أقصى وقت ممكن يتحرى وقت الإقامة ثم يأتي ساعيا إلي المسجد فإذا سلم عن يمينه ربما يسبح أو لا يسبح ثم يمشى هذا لو شعر ببعض قرة العين في الصلاة في بعض السعادة والأمن والطمأنينة التي تكون للمصلى حينما يقيم الصلاة على وجهها لبكر وربما جاء إلي المسجد قبل الآذان إذا من علامات التدين ومظاهرها وعلامتها هو الخشوع في الصلاة ومعنى الخشوع أن المسلم أولا يقدم مقدمات للخشوع وذلك بالاستعداد للصلاة استعداد يحتسبه عند الله عز وجل ويأتي بنية جازمة صادقة إلي المسجد مبكرا على الأقل إذا سمع الآذان سمع حي على الصلاة حي على الفلاح انشرحت نفسه واستعد للإقبال على بيت الله أو على المسجد أو على الصلاة ثم سعى وتوضئ الوضوء الذي يكون على السنة ومشى للمسجد محتسبا خطواته ثم دخل المسجد وسلم ثم كبر وأستشعر أثناء تكبيرة الإحرام بأنه رفع الحجاب بينه وبين ربه ثم حقق المعنى الذي أشار النبي صلى الله عليه وسلم في الإحسان بأن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله يراه إذا استشعر هذا المعنى في صلاته ارتفع الحجاب بينه وبين ربه فأستشعر انه يرى ربه ثم بدأ في صلاته على هذا النحو إذا قال الله أكبر استشعر عظمة الله عز وجل وان الله أكبر من كل شيء وانه جاء ليقدم عبادة إلي الله(1/370)
يحتسبها أمام الله عز وجل ثم شرع بالتسمية وشعر بقراءة الفاتحة ثم استشعر معانيها استشعر معنى الحمد لله ومعنى رب العالمين استشعر معنى الاستعانة بالله ومعنى عبادة الله استشعر الدعاء الذي يدعوه في الفاتحة وما بعد الفاتحة إذا استشعر هذه المعاني في الصلاة خشعت جوارحه ولذلك لا يتصور الإنسان وهو على هذا الوضع في الصلاة أن يأتي بحركات أخرى لا بد أن تسكن جوارحه كما قال أحد الصحابة عندما شاهد إنسان يعبث بيده وبثيابه قال لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه إذا بهذا المعنى وبهذه الصورة تتجلى حقيقة من حقائق التدين الخشوع.(1/371)
كذلك من مظاهر التدين الورع والورع ثمرة طبيعة لتحقيق العبودية لله عز وجل لتحقيق صلاح القلب والتعبد لله والخشوع فالمسلم إذا عبد الله على ما شرع الله إذا عظم الله عز وجل في قلبه وفى جوارحه إذا تعبد لله إذا ظهر أثار ذلك في خشوعه لا بد أن ينتج عن ذلك الورع.. الورع معنى عظيم يجهله كثير من الناس أول التورع التورع عما حرم الله ليس أما الخلق فقط بل أولا أمام الخالق عز وجل أن يتورع المسلم من أن يقع في ما ينهى الله عنه أن يجد في قلبه واعظ ورادع يردعه عن ما يغضب الله ثم لا بد لهذا الورع أن ينتج عنه ورع أخر وهو الورع في حقوق الخلق الورع في سائر ما يتناول المسلم في حياته يتورع في مأكله في مشربه يتورع في دخله يتورع في حقوق الخلق يتورع في أعراض الناس يتورع عن الدماء والأموال والأعراض وسائر الحقوق وكثير من الناس يفقد حقيقة الورع وان تدين ظاهرا لان الفارق بين التدين الحقيقي والتدين العاطفي أو ربما أقول من أكبر الفوارق بين التدين العاطفي الذي لا يوزن بميزان الشرع وبين التدين الحقيقي هو الورع ولهذا أمثلة من مسالك الذين سلكوا التدين بغير ورع فيه العبرة ولنأخذ ابرز مثال تدين الخوارج الذين اخبر بهم النبي صلى الله عليه وسلم وانهم يخرجون في اكثر من زمان اخبر عن الخوارج الأولين وأخبر عن خوارج يخرجون في أخر الزمان كما جاء في حديث البخاري انه سيخرج في أخر الزمان أناس حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يعنى ظاهرهم قول الدين والغيرة على الدين يقولون من خير قول البرية الخوارج لا يتورعون عن ما حرم الله بل لا يتورعون عن اعظم المحرمات في حقوق الخلق وهى الدماء ومع ذلك هم متدينون بل وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وصيامكم عند صيامهم وقد وصفهم بعض الصحابة الذين جاءوهم في معسكراتهم بان لهم دوى كدوي النحل مصفرة وجوههم ناحلة أجسامهم من السهر بالليل يقومون الليل(1/372)
أسود في القتال لكن تدينهم غير حقيقي يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لماذا لأن تدينهم عواطف جياشة تفجر الطاقات الواحد منهم لو لم يؤدى هذه العاطفة في مقايضة الخصوم لربما فجر نفسه كما حدث من بعض المتأخرين عواطف جياشة ولكنها على غير هدى ليست هي التدين الذي أمر الله به ومن هنا احب أن أنوه على ظاهرة ظهرت في الآونة الأخيرة عند بعض الشباب وان كان قليل والحمد لله وان كان معظم النار من مستصغر الشرر وهي تتعلق بحقيقة التدين وهى أنهم تدينوا تدين عاطفي غير منضبط بالضوابط الشرعية ولا بمنهج الرشد و أهل الرشد غير منضبط بمناهج العلماء الذين هم ورثة الأنبياء غير منضبط بمناهج العقلاء فأدى بهم هذا التدين الغير منضبط إلى سلوك مسالك الغلو فوقعوا في مصادمة المخالفين ثم اتهام المخالفين من العلماء ومن أهل الخير والفلاح والاستقامة فضلا عن غيرهم اتهامهم بتهم تصل إلي حد التكفير ثم أدى ذلك نتيجة التدين العاطفي غير الراشد أدى ذلك إلي سلوك مسالك استحلت فيها الدماء والفساد في الأرض بدعوة الغيرة على الدين وبدعوة الجهاد وهذا يتنافى مع الورع الدين جاء لحفظ الضروريات الخمس.
أولا حفظ الدين وهذا حقيقة التدين أن يحرص المسلم في حفظ الدين في أمته وفى نفسه وفى مجتمعة وفى البشرية جميعا.(1/373)
ثم حفظ النفس حفظ الأنفس احفظ نفسك ونفس غيرك وحفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال الأعراض والأموال هذه ضرورات تسمى ضرورات عند جميع العقلاء وهي أي حفظها هو حقيقة التدين حقيقة التدين تتجلى في هذا الأمر ولا مانع أن نطيل في هذه الظاهرة لأنها ظاهرة مع الأسف ظهرت آثارها فينا وسببت شق الصفوف وسببت التغرير ببعض شبابنا المتدين وظهرت لها أثار في أمننا وفى جميع أمورنا فلا بد من الوقوف عندها قليلا.فأقول أن حقيقة التدين تتجلى أولا بالاستقامة على العقيدة ثم ثانيا في سلوك سبيل المؤمنين الذي توعد الله من خالفه كما قال عز وجل " من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا "(1/374)
سبيل المؤمنين هو سبيل السلف الصالح ومن سار على نهجهم إلي قيام الساعة وسبيل المؤمنين إنما يمثله العلماء أهل الحل والعقد في الأمة وإذا لم نقل بهذه الحقيقة ضاعت الأمور وإلا لماذا أرشده الله عز وجل إلي أهل الذكر ولماذا أوصانا الني صلى الله عليه وسلم في الأخذ بالعلماء وقال العلماء هم ورثة الأنبياء إذا فحقيقة التدين تتمثل في سلوك سبيل المؤمنين والذي يمثله العلماء العلماء قد يشك فيهم بعض من عنده شبهات لكن مع ذلك يبقى من الثوابت الشرعية والعقلية أن العلماء هم راس الأمة دائما وهم حال الحق فيها وهم الذين حفظ الله بهم الدين وهم راس الطائفة المنصورة وهم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من عاداهم )إذا لم يكونوا ظاهرين إذا بالعلماء فهل يعقل أن يكون ظهورهم بأن يقودهم سفهائهم وقليلوا العلم هذا لا يمكن هذا لا يستقيم مع حفظ الدين والتكفل مع بقاءه إلي قيام الساعة العلماء هم قادة الأمة هم مرشدوها إذا من حقيقة التدين سلوك سبيل المؤمنين ومن حقيقة التدين الحفاظ على مصالح الأمة ودرء المفاسد عنها فالبلد الذي يعيش أمن لا يجوز الإخلال بأمنه بدعوى التغيير وبدعوى التدين هذه عواطف لا تستقيم بموازين الشرع أيضا البلد مثل هذه البلد التي بحمد الله لا تزال من افضل بلاد المسلمين في استقامتها على السنة وفى ظهور العلم وفى ظهور شعائر الإسلام وبلد يقوم مجتمعه ودولته على الإسلام في الجملة وان كان عندنا كثير من التقصير والتجاوزات نسأل الله أن يعفوا عنا هذا أمر لا شك أمر يقلق ولكن مع ذلك لابد أن نتحدث بنعمة الله فمثل هذا البلد فيه مسلمات قد لا توجد في بلاد المسلمين الأخرى من هذه المسلمات وجود سلطة حفظ بها أمن الوطن وجود علماء هم مرجع الأمة وجود بيعة وعهد يجب أن يراعاه كل مسلم وجود ثوابت يجب أن نحافظ عليها رغم ضعفها ورغم تقصيرنا(1/375)
فيها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وجود الحكم بالقضاء الحدود نشر العلم الشرعي الدعوة إلي الله ظهور شعائر الإسلام الأمر بالصلاة ثوابت من حقيقة التدين الحفاظ على هذه الثوابت مع بقاء النصح وعلاج المشاكل والأمراض ومع بقاء التكاتف بين الأمة التفافها على علمائها وولاتها مع ضرورة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والوصول إلي الحق ودفع الباطل بالطرق المشروعة أما أن ينصب التدين إلي أعمال هي من الفساد ثم يسمى هذا جهاد وتغير فهذا من قلب الحقائق ومن قلب المفاهيم ومن استعمال النصوص على غير وجهها لأنهم الذين يعملون هذه الأعمال قد يستدلون بنصوص لكن أهل العلم الرسوخ يعلمون انهم تخدموهما على غير منهج صحيح للاستدلال.(1/376)
إذا من حقيقة التدين التورع الورع في تعامل المسلم أولا فيما بينه وبين ربه في تعامله مع الأشياء والورع في داخله من الأمور المحزنة أن كثيرين من المسلمين اليوم بل والكثيرين من المتدينين من المسلمين يضعف عندهم جانب الورع في المأكل والمشرب وفيما يتناولونه من الأشياء والأدوات والوسائل وقل أن تجد المسلم يفكر في حل الشيء وحرمته قبل الأقدام عليه وكثير من الأسئلة التي ترد على العلماء الآن كثير منها يتعلق بأشياء وقعت لأفراد من المسلمين أو ما يتعلق بالمسلمين أو مجتمعاتهم أو مؤسساتهم بالحرام أو المشتبهات لأنهم فرطوا في السؤال عنها قبل الوقوع واحد تعامل مع بنك ثم بعد شهر شهرين سنة سنتين اكتشف أن معاملته ربوية راح يسال كيف يتخلص من هذا التعامل يقال له يا آخي لماذا ما تثبت من معاملتك هذه شرعية المعاملة قبل أن تقدم عليها والمسألة سهلة لاسيما وان اكثر البنوك لأن سارت تراعى هذا الجانب فتضع لجان شرعية و تستفتى علماء في كثير من معاملتها ثم تقدمها إلي الزبائن هذا أنموذج وإلا إذا نظرنا فيما نأكله وما نلبسه وما نشربه من مشتريات والمشتهيات وجدنا أشياء كثيرة نقع فيها من المحرمات والمشتبهات في التفريط والتساهل هذا ضعف في التدين نتج عنه ضعف الورع الورع كما أشرت أيضا عن حقوق الناس خاصة عن الأعراض التورع عن النميمة والغيبة والبهتان وما أكثر الذين يقعون الآن في النميمة والغيبة أحيانا بدعوى الإصلاح أو بدعوى النصح أو بدعاوى كثيرة و اغلب هذه الصور هي النميمة الخالصة والبهتان وهذه الظاهرة اشتهرت وانتشرت حتى تكاد تفسد ذات البين بيننا في كثير من المواقف والمناطق استحلال الكلام في الآخرين حتى أن اكثر المجالس لا تلذ وتطيب إلي أهلها إلا عندما يشهروا سكاكينهم في أعراض الخلق في أجساد الخلق في الكلام في الناس بل الأمر تعدى هو فتنه وهو الكلام في العلماء و أهل الخير كثير من الناس اليوم يستبيحون الكلام في العلماء في(1/377)
أعراض العلماء يحاكمونهم غيابيا وقلما أن تجد مجلس يتعرض في إلي العلماء إلا وتجد الأغلب يحبهم ويمدح فيهم أترون هذا من علامات الرشد لا والله هل هذا فيه شيء من الورع لا والله هذا ضد الورع ثم بقية الصالحين و أهل الحسبة والآمرين بالمعروف والناهيين عن المنكر لأن صار عرضهم مباح من اكثر الناس وهم خلاصة من خلاصة المجتمع الذين يدافعون عن أعراض المسلمين وعن دينهم وعن أخلاقهم الذين والله اعلم يعنى يرى كثير من أهل الخير والاستقامة أن عملهم سبب من أسباب دفع النقمة عنا في تفريطنا وتقصيرنا من اعظم أسباب دفع النقمة والعقوبة إلي اليوم هو وجود الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ظاهر وظهور شعائر الإسلام وتطبيق شعائر الدين ومازلت تجد اغلب الناس جراءة على أهل الحسيبة وعلى الدعاة وعلى الصالحين فضلا عن بقية المسلمين كل المسلمين أعراضهم محرمة حتى المقصر حتى العاصي حتى الفاسق لا يجوز نميمته لا يجوز غيبته و بهتانه حرام.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الغيبة قال (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته )
الشيخ د.عبد الرحمن بن عايد العايد
ضيف الحلقة :
الغزو الفكري: أهدافه - وسائله - طرق الوقاية منه
موضوع المحاضرة :(1/378)
أما تعريف الغزو الفكري أيها الاخوة فهو الوسائل غير العسكرية التي اتخذها الغرب ومن في شاكلتهم لإزالة مظاهر الحياة الإسلامية وصرف المسلمين عن التمسك بالإسلام مما يتعلق بالعقيدة أو يتعلق بالأخلاق والأفكار والتقاليد وأنماط السلوك الغزو الفكري إذا هو مجموعة من الأفكار أو غيره من المعتقدات التي تدخل على الفكر الإسلامي هدفها السيطرة على هذا الفكر أو على الأقل نقول هدفها إن لم ينجحوا في ذلك فلا اقل من أن يحرفوه عن وجهته التي هو عليها الوجهة الصحيحة أما نشأة الغزو الفكري فبعد فشل الحروب الصليبية وعدم استطاعة الصلبين السيطرة على المسلمين بالوسائل العسكرية تنادى مفكروهم و قوادهم إلي ضرورة استحداث أسلوب أخر يكفل لهم تحقيق أهدافهم فكان هذا الأسلوب المطلوب هو ما نسميه الغزو الفكري يقول لويس التاسع ملك فرنسا بعد أن وقع في الأسر وبقي سجينا في المنصورة يقول إذا أردتم أن تهزموا المسلمين فلا تقاتلوهم بالسلاح وحده فقد هزمتم منهم في السلاح ولكن حاربوهم في عقيدتهم فهي مكمن القوة لديهم وبالفعل بدأت الحملات الصليبية ولكن هذه لمرة عن طريق الفكر وبالفكر و استخدمت الوسائل المتعددة والأساليب الكثيرة للقضاء على ما يردون سواء أن كان ذلك عن طريق الوسائل التعليمية أو عن طريق الوسائل الاقتصادية أو عن أو عن طريق الوسائل السياسية مما سيأتي الكلام عنه مفصلا عند الكلام على وسائل الغزو الفكري أما أهداف الغزو الفكري أيها الاخوة والأخوات فأول هدف لهم السيطرة السياسية على بلاد المسلمين ذكرت أن نشأت الغزو الفكري كان بعد فشل السيطرة العسكرية فحتى يتم لهم ما يريدون من الاستيلاء على البلاد الإسلامية بدأ بالغزو الفكري السيطرة السياسية يمكن أن تنقسم قسمين أو يمكن أن تأتى على وجهتين.(1/379)
الوجهة الأولى الاحتلال المباشر إلي بلاد المسلمين بأن يدخل هذا العدو الكافر إلي البلد الإسلامي ويبسط نفوذه عليه كما حصل قديما بما يسمى بالاستعمار الغربي لبلاد المسلمين وكما حصل الآن في هذه الأوقات في احتلال العراق مثلا أو احتلال أجزاء من العالم الإسلامي من قبل الكفار تدخل الجيوش الغازية إلي البلد المسلم وتبسط نفوذها عليه كما حصل في الاستعمار البرتغالي في منطقة الخليج ثم انحصر وتلاه الاستعمار الهولندي ثم الاستعمار البريطاني كان هذا الاستعمار يهدف فيما يهدف إليه إعطاء الغطاء السياسي لما يسمى بحملات الغزو الفكري لهذه البلدان.(1/380)
أما الوجهة الثانية للاحتلال فهو الاحتلال غير المباشر إلي بلاد المسلمين بأن يجعلوا من حكامها موالين لهم لا ينفذون إلا ما يرغبون وقد حدث هذا بعد خروج المحتل لكنه أبقى نفوذه ووصايته هذا هو الهدف الأول من أهداف الغزو الفكري أما الهدف الثاني فهو الاستغلال الاقتصادي انتم أتعرفون أيها الاخوة والأخوات أن بلادنا تقوم على اقتصاد قوى والاقتصاد القوى يحتاج إلي موارد اقتصادية بلدان العالم الإسلامي في الغالب بها الموارد الاقتصادية سال لها لعاب الدول الغربية مما جعلها تحاول استغلالها جاهدة استغلال الموارد الاقتصادية كان في بداية الأمر أن فرضت الدول المستعمرة شروطا واتفاقيات تبيح لا التصرف في ثروات الشعوب الإسلامية سواء كانت هذه الاتفاقيات تفرض بالقوة أو أنها كانت تفرض بقوة غير مباشرة كمعاهدات الحماية بأن تتعهد الدولة القوية أو الدول القوية تتعهد بحماية الدولة المسلمة الضعيفة مقابل ابتزازها اقتصادية ولان القوة ربما تولد القوة والهجوم ربما يولد الدفاع لذا رأت هذه الدول الغربية القوية أن منطق القوة قد لا يستمر لها ولذا فكرت بان تكتشف أسلوب أخر يضمن لها مزيدا من السيطرة رأت أن هذه الدول المسلمة ربما أفاقت من نومها وقاومت ولذلك لجأت هذه القوة إلي الغزو الفكري الذي يحقق لهم ما يريدون دون إثارة حفيظة هذه البلدان المسلمة.(1/381)
الأمر الثالث أو الهدف الثالث من أهداف الغزو الفكري فهو إبعاد المسلمين عن مصدر قوتهم وعزتهم الغزاة أدركوا أن المسلمين وان كانوا في ضعف وهوان وتشرد وتشتت وانقسام إلا انهم يملكون سلاحا قويا يستطيعون به الانتصار على عدوهم متى استخدموه ولذا حرصوا اشد الحرص على إبعاد المسلمين عن هذا السلاح وعن مصدر قوتهم فبدءوا بمحاربة العقيدة الإسلامية ومحاولة إبعادها عن بلاد المسلمين لا عن طريق ذمها في بداية الأمر لا لأن هذا يثير حنق المسلمين ويرجع المسلمين إلي عقيدتهم ولكن عن طريق دس السم في العسل كما يقولون وبطرق ملتوية غير مباشرة حاولوا التشكيك في العقيدة وفى جوانب منها فإن لم ينجحوا في ذلك فهم على الأقل عملوا على زعزعة ثقة المسلمين في هذه العقيدة لجئوا بذلك إلي أساليب كثيرة أحيانا تحت مسمى التدرج وعدم التعصب أحيانا تحت مسمى البحث العلمي أحيانا تحت مسمى التقارب بين الأديان إلي أخره من المسميات سيأتي أن شاء الله الكلام عن الأساليب التي اتخذوها.
وسائل الغزو الفكري.
من اخطر وسائل الغزو الفكري أيها الأحبة التدخل في مناهج التعليم لأنه على مناهج التعليم يتربى الجيل المسلم مناهج التعليم أيها الاخوة في البلدان الإسلامية يمكن تقسيمها قسمين:(1/382)
القسم الأول قسم تتولى الدولة رسمه أو بمعنى أخر يضعه هنا ولكن تحت أشراف الدولة وهذا في الغالب المراحل الأولية من التعليم والمراحل المتوسطة والإعدادية أو الثانوية أي ما قبل مرحلة الجامعة يتم الغزو الفكري في هذا القسم بما يبذله العلمانيين من جهد في تغير المناهج ولهم في ذلك أساليب متنوعة ولهم وسائل يخادعون فيها أمتهم ومجتمعهم وحكامهم ودولهم حتى يتم لهم ما يريدون لا مانع عندهم أن يقدموا التقارير وان يقدموا نتائج الندوات والمؤتمرات المبرمجة سلفا لبرنامج معين وكلها في حد زعمهم تنصب في ضرورة التغير وانه لا بد من التغير وان المناهج الحالية لا تلبى حاجة المجتمع أو لا تلبى حاجة السوق كما يقال وأحينا تتهم بأنها سبب في توليد الإرهاب أحيانا تتهم بأنها تنمى الكراهية في نفوس الطلاب ضد الكفار والذين اصبحوا أصدقاء لنا وأعوان وهكذا يفعلون ما يفعلون ولا بأس عندهم إذا أرادوا شيئا معينا أن يتعاونوا مع بعض الصحفيين الذين باعوا ذممهم إلي الشيطان ليكتبوا في الصحف عن ضرورة التغير وعن حاجة المجتمع إلي التغير وعن عدم قدرة المناهج الموجودة على مواكبة العصر.
أحيانا يمكن أن يكون الغزو في هذا القسم تحت ضغوط مباشرة من الدول القوية الغزاة الحقيقيين ويستخدمون لهذه الضغوط وسائل متعددة ليست الوسائل ليس المجال مجال ذكرها أحيانا قد يكون هذا الغزو ليس تحت ضغوط قوية مباشرة ولكن تحت ظروف معينة يستغلها العلمانيون ليقولوا ما يريدون تحت ما يسمى هذا الضغط الخارجي الرهيب وربما أكبر هذا الضغط وكبروه في أعين الناس وضخموه لدرجة غير حقيقية وذلك لكي تتقبل الناس وتتقبل الدولة ويتقبل هؤلاء المسلمون لكي يتقبلوا ما يريدون منهم أولئك العلمانيون هذا القسم الأول من أقسام التعليم في الدول الإسلامية.(1/383)
القسم الثاني من أقسام التعليم قسم لا تتولى الدولة وضعه وإشرافها عليه غير مباشر وهذا يتمثل في الجامعات أو بعض المدارس الخاصة أو المدارس الأجنبية يتم الغزو الفكري في هذه الأقسام أو في هذه المدارس باختيار مناهج تضعف فيها المواد الدينية ويركز على غيرها ثم هذه المواد تدرس بعيدا عن الدين وربما كان فيها من الانحراف الفكري ما يشوش على ذهن الطالب ربما درست نظريات وأفكار لعلماء غربيين مليئة بالانحراف دع عنك النظريات العلمية في مواد العلوم الطبيعية كما يقال لكن نقصد العلوم الاجتماعية علم الاجتماع علم النفس وغيرهما ربما درست للطالب أشياء مخالفة للدين فيدرس للطلاب الربا على انه فوائد ويدرس للطلاب المسلمون كيف يستطيعون حساب الفائدة حتى انه ليلقى في روع الطالب المسلم أن الاقتصاد لا يمكن أن يقوم إلا على الربا وربما يوكل إلي الأستاذ الجامعي وضع المنهج وربما يكون ليس على مستوى المسئولية هذا ما يتعلق بالجامعات.
المدارس الخاصة والأجنبية هذه حدث ولا حرج فيها من ناحية الغزو الفكري الجامعات الغربية التي تؤسس وتبنى أو الكليات الغربية التي تقام في بلاد المسلمين وذلك أن هذه الكليات أو هذه الجامعات لا تخضع في مناهجها ومدرسيها للدولة بشكل مباشر وبالتالي تكون مجال خصبا لبث ما يريدون كما أن هذه المدارس لا مانع عندهم أن تتعدد الديانات ولا سيما المدارس الأجنبية مما يخفي عند الطالب المسلم عقيدة الولاء والبراء أو قل يضعفها على الأقل لأنه يرى أستاذه نصرانيا وزميله كذلك وانه يعاشرهم ويعيش معهم مما يضعف البراء من هؤلاء الكفار.
كما أن هذه المدارس ربما تمارس أنشطة غير منهجية فيها مخالفات للدين كثيرة.(1/384)
من اخطر آثار هذه المدارس أيها الأحبة أنها تجذب الأنظار إليها بما تملكه من وسائل تعليمية عالية وبما تتمتع به من تنظيم فائق كما أنها تهتم باللغات الأخرى مما يجعلها محط أنظار لفئات خاصة من هذا المجتمع هذه الفئة تتخرج من هذه المدارس لتتولى المناصب في مجتمعاتهم مما يجعلهم سندا بعد ذلك لقادة الغزو الفكري الأقوياء الحقيقيين.
الوسيلة الثالثة من وسائل الغزو الفكري تقليل الاهتمام بمواد الدين ويتم ذلك بأشياء كثيرة ووسائل مختلفة من هذه الوسائل على سبيل المثال تقليصها في الجدول الدراسي فبدلا من أن يكون هناك اكثر من مادة واكثر من وقت لتدريس هذه المواد الدينية وتحتل في الجدول الدراسي عشر حصص أو اكثر فإنها تقلص هذه الحصص إلي أقصى درجة فالقرآن لا يدرس إلا مرة أو مرتين في الأسبوع وكذلك التفسير أو الفقه أو غيرها من مواد الدين أو ما يسمى من المواد الشرعية التي تسمى مواد الدين.
أيضا من الوسائل في ذلك دعوى صعوبتها وصعوبة فهمها وان هذه المواد صعبة وأنها كتبت بأسلوب غير معاصر وأنها لا يستطيع الطلاب فهمها وأنها معقدة وأنها لا يحتاجها الطلاب الصغار ولذا لأنها معقدة لأنها صعبة الفهم لأنه قد لا يحتاج إليها لذا نرى أنها تبعد عن المرحلة الابتدائية مثلا أو على الأقل في بداية الأمر لا مانع أن تبعد عن المراحل الثلاثة الأولية لتنقل إلي المراحل الآخرة في المرحلة الابتدائية أو المرحلة المتوسطة.(1/385)
من أيضا الأشياء جعلها في آخر الجدول الدراسي اليومي مما يجعلها في وقت تعب وملل يأتي الطالب في المحاضرة الأخيرة وفى الحصة الأخيرة متعب قد ملئ ذهنه بشرح مواد علمية وبشرح مواد من هذه المواد ثم يأتي وقد تعب وانه اصبح مجال خصبا للنوم والتعب والإرهاق ثم يستقبل بعد ذلك مدرس الدين ليشرح له مادة في الدين قد تكون هذه المادة من الأشياء التي يحتاجها الطالب في حياته قد تكون من الأشياء التي تحتاج إلي تبسيط وتفهيم ومع ذلك يأتي الطالب منهك ولأنه منهك ومرهق يرتسم في ذهنه دائما صورة هذا المدرس مع الإرهاق إذا الدين مرهق إذا لا يصلح هذا الدين أو هذه المواد لا تصلح وإذا انتم مصرون عليها فلنجعلها في أخر الجدول الدراسي من يستفيد يستفيد ومن لا يستفيد لا يهم ذلك.(1/386)
ومن أيضا هذه الوسائل التقليل من شأن مدرسيها وان مدرس مادة الدين هو ذلك الدرويش الكبير السن الذي لا يعرف شيئا في الحياة ولا يعرف كيف تسير إنما همه إنما يدخل ويتكلم بكلام ربما يكون من عهد الدولة العثمانية وربما يكون بأشياء ليست معاصرة بل أحيانا يتعمدون في أفلامهم ومسلسلاتهم أن إلي بث ما يمكن أن يلقى في روع المشاهدين أن هذا الأستاذ متخلف وانه بعيد عن ركب الحضارة وربما يجعلون بعض الطلاب يسخر به ويجعلون هذا المدرس محب للنوم محب للأكل محب لكل شيء غير تدريس المادة وربما صنعوا منه مسخرة وملعبة للطلاب وربما جعلوه متناقض في حياته هو يتكلم بالصدق وعن الوفاء ويتكلم عن المعاني الإسلامية القيمة بينما هو يخالفها في حياته هكذا ترسم صورة هذا المدرس مدرس مادة الدين في كثير من البلدان الإسلامية وربما صور في بعض من المجتمعات على أنه اكثر من هذا أو اقل على أساس وحسب التزام أو تمسك هذا المجتمع بدينة ومحبته إلي ألولائك الصالحين أو بغضهم لهم من الأسلوب أي دعوة أنها لا تلبى حاجة المجتمع فما فائدة من أن يدرس مادة التفسير أو ما لفائدة من مادة التفسير في عهد الناس يخترعون فيه الأقمار الصناعية ويخترعون فيه الحاسبات الآلية ويخترعون فيه الصواريخ والطائرات ماذا نخترع بالتفسير أو بالفقه أو بالتوحيد أو بكذا هذه مواد وأشياء نقدرها ونحترمها وهي مواد دينية ولكنها لا تلبى حاجات المجتمع يحتاج إلي مهندسين ويحتاج إلي أطباء ويحتاج إلي صيادلة ويحتاج إلي كمائيين حتى انه يحتاج إلي كل الناس إلا مدرس الدين ومواد الدين فان المجتمع ليس بحاجة لها ولا يقولون هذا صراحة إنما يلبسون على الناس بأساليب مختلفة وبطرق ملتوية فإنهم أحيانا يستطيعون أن يقولوا مثلا بان المجتمع تكدس وعنده فائض من مدرسي مواد الدين والأجدر بنا أن نمنع استقدام المدرسين الذين يدرسون المواد الأخرى نحن لا نمانع من تدريس الدين ونحترم الدين وأيضا نريد أن نتقدم(1/387)
فلذا فإننا نبعد الدين قليلا وننتبه إلي حاجة المجتمع وننتبه إلي الأشياء الأخرى.
وهذا قمة الخطأ ليس لان الدين هو الأسلوب الركيزة التي يركز عليها كل مجتمع مسلم ليس هذا فحسب بل لأننا لن نستفيد من أي تخصص أخر أن لم يكن الدين معه الطبيب مثلا أن لم يكن طبيبا متدينا يعرف بان الغش حرام وان المريض الذي بين يديه امانه في عنقه لن يبتزه ماليا سعى إلي علاجه ويحتسب الأجر في علاجه ولو كان خارج دوامه يسعى لان الدين يملي له بذلك وكذلك المهندس الذي لا يعرف الدين ليس عنده مانع أن يغش وربما سقطت أدوار في عمارات في بعض البلدان الإسلامية لأنها مبنية على الغش وعلى الرشاوى أو على غير ذلك لكن المهندس التقى المسلم النقى يرفض كل ذلك فينتج لنا المجتمع مهندس يستطيع أن يفيد أمته ويكون صريحا وصحيحا في تعاملاته.
أي من الوسائل جعلها مادة لا يترتب عليها نجاح الطالب والإعدادية هي للفائدة فقط جعلها مجرد تقويم لا يترتب عليه نجاح للطالب أو رسوب ولذا فان الطالب عندما يشعر بان هذا للفائدة أو يشعر بان هذه المادة ليس فيها نجاح أو رسوب فأنه لن يلتفت لها ولن يهتم لها ولن يحترم مدرسها ويجعلها ملقاة على الجانب.(1/388)
من هذه الوسائل أي جمع المواد الدينية كلها تحت مسمى واحد كأن تسمى مادة الثقافة الإسلامية أو مادة التربية الإسلامية أو مادة إسلامية أو دين أو نحو ذلك من الأسماء التي موجودة في العالم الإسلامي بأغلبه إلا في بلادنا جمع هذه المسميات وجمع هذه التخصصات في كتاب واحد لا شك انه مطلب كبير إلي هؤلاء لا يستطيعون أن يقولوا في بداية الأمر إننا نريد إراحة الطالب بل يمكن أن يقولوا هذا التخصص لم يعرفه الشرع وهذه التقسيمات لم يعرفها العلماء لا بد أن نأخذ العلم بشموله الواسع وان ندرس هذه المقررات بشكل عام وبشكل أوسع أما هكذا التقسيمات فهذه لم ترد على الشرع ولم ترد عن السلف وهذا كلام فيه حق أريد به كثير من الباطل والصحيح انهم يريدون إضعاف هذه المواد لأنه وان جمعت في كتاب واحد ولم يخرم منها مادة واحدة فأنها يقصد من الخرم فيما بعد يمكن أن تسمى مادة واحدة في كتاب واحد معناها سميت مادة واحدة يمكن أن تقلص في الجدول ويمكن أن تقلص فيما بعد ويمكن أن ترحل إلي سنوات أخرى بدعوى أن الطالب لا يستفيد منها في هذه الأوقات.
من وسائل الغزو الفكري أيها الأخوة الاختلاط وهذا يكون في التعليم وفى غيره فأما في التعليم فتارة يتم في البداية في الروضة وما قبل المرحلة الابتدائية وتارة يكون في المراحل المتقدمة في الجامعات بالأخص في الجامعات ثم يتطور إلي ما هو اكثر من ذلك في بعض البلدان هذا في المدارس الحكومية أما في المدارس الأجنبية فالأمر مختلف سواء بين الطلاب والطالبات أو بين المدرسين والمدرسات أو بين الطلاب والمدرسات أو بين المدرسين والطالبات أو غير ذلك.(1/389)
هذا في سلك التعليم أما في غير التعليم فالاختلاط يكون ظاهرا في المستشفيات في الحدائق في المطاعم التي تسمى مطاعم العوائل في الأسواق في المنتزهات في غيرها هذا في البلدان المحافظة أما في البلدان غير المحافظة فالاختلاط في كل مكان في وسائل النقل في الشارع في كل مكان تذهب إليه.
الوسيلة الحادية عشر الابتعاد ويعنى إرسال أولاد المسلمين إلي البلاد الكافرة إلي التعلم هناك وقد تضطر البلاد الإسلامية إلي إرسال أولادها إلي هذه البلاد بدعوى تعلم العلوم التي سبقتنا فيها الدول الكافرة لكن الأشكال أيها الأحبة حين يفتح الابتعاد على مصرعية بكل شيء وبدون ضوابط ولا عوامل حماية للمبتعثين فيذهب المبتعد ويرجع بفكر غير الذي ذهب به.
الثاني عشر من الوسائل الدعوة إلي تعلم اللغة الأجنبية خلال الصيف في مدارسهم وفى معاهدهم أو حتى في بلادهم الكافرة فيذهب الشاب إلي هناك وربما سكن مع عائلة كافرة مما يجعل فرصة تأثره بأفكارهم ومعتقداتهم سانحة وربما احتقر بلاده وتعاليم دينه إذا رجع إليهم.
من الوسائل نشر الأفكار الهدامة التي تدعوا إليها بعض المؤتمرات أو الجمعيات العالمية.
من الوسائل أي الحديث عن أعيادهم ونشر ما يحدث فيها كعيد الميلاد وعيد الحب وغيرها من الأعياد التي تتكفل بعض القنوات العربية الفضائية بنشرها على بلاد المسلمين وعلى بلاد العرب.
من أيضا الوسائل الدعوات إلي الفرق والى الأديان الباطلة وهذا يحدث في بعض البلدان الإسلامية بان توزع أشرطة أو أشرطة فيديو أو توزع بعض الكتيبات أو غير ذلك من الدعوات الداعية لهذه الفرق والأديان الباطلة.(1/390)
ومن أيضا هذه الوسائل زعم التقريب بين الأديان والدعوة إلي المحاضرات واللقاءات والندوات لمناقشة هذه القضية التقريب بين ماذا وماذا بين النصرانية والإسلام بين اليهودية والإسلام بين الإسلام وغيره على ماذا يكون التقريب أن نتنازل عن أشياء عقائدية في عقيدتنا أو أن نلتقى معهم في منتصف الطريق إسلامنا واضح له معتقدات ثابتة راسخة لا يمكن أبدا أن يتصرف فيها أحد أو أن يتنازل عنها أحد هؤلاء يريدون التقريب بيننا لو كان بيننا وبينهم اختلافات في أشياء يسيرة فنعم لا باس في ذلك يريدون التقريب بيننا بأن نقربهم إلينا أن نفهمهم إسلامنا فهما صحيحا أي هذا لا باس به لكن أن يتنازلوا عن أشياء ونتنازل عن أشياء في ديننا لنلتقي في وسط الطريق هذا ليس تقريبا هذا تخريب لدين الإسلام لان الدين كتلة واحدة يأخذ بجميعه لا يمكن أن يتنازل عن معتقداته ومبادئه الراسخة.
ومن أيضا الوسائل محاولة نشر الكتب أو الكتيبات التي تدعو إلي أديان باطلة أو تشكك في الدين الإسلامي ومن الوسائل أيضا الدخول من باب الأدب لحرف الفكر الإسلامي تارة عن طريق الحداثة تارة عن طريق القصص الغرامية تارة عن طريق فكر مخالف للدين بدعوة الحرية الفكرية.
الوسيلة الحادية والعشرون استغلال الإذاعة أو التلفزيون أو القناة الفضائية لبث الأفكار التي يريدون وهذه الآن اصبح من يتكلم عن الغزو الفكري يتبادر إلي أذهان الناس هذه الوسيلة هذه الوسيلة لوحدها كافية إلي إلقاء محاضرات فيها والذي يحدث الآن وليس قبلا أن الذي يحدث الآن من هذه الأشياء شيئا كبيرا جدا يراد منه تخريب وإبعاد المسلمين عن دينهم وانتم كما تعرفون وتسمعون ولا أقول أن تشاهدون حشاكم من ذلك بل تسمعون ما ينقل لكم في برنامج أو برامج تنقل في القنوات الفضائية تدعو إلي الرذيلة وتسهيل التواصل بين الفتى والفتاة وتدعو إلي أشياء كثيرة بعيدة عن الدين.(1/391)
تصوير الرجل الصالح الملتحي بأنه رجل متخلف على انه يحضر إلي المناسبات ليأكل على انه يحضر إلي المناسبات لينام على انه إنسان متخلف لا يعرف ابسط مبادئ الحضارة هذا مما يوجد في القنوات الفضائية بل حتى في بعض القنوات التليفزيوني الحكومية.
ما الذي يراد من هذا أنت تضحك والضحك اخطر طريقة يستخدمها أولائك لأن الذي يضحك لا ينتبه إلى المغزى من هذا الكلام أو من هذا الفكر الذي يراد صبه إلي أولادك واليك ثم الأمر الأخر في خطورته انهم عندما يقال لهم شيء في ذلك يقول أنا كنا نخوض ونلعب هذه مجرد سخرية مجرد ضحك لإضحاك الناس نحن هدفنا الكسب المادي وهذا غير صحيح بل الهدف بث أفكار أخرى يريدون منها هذه هذا المجتمع والمجتمعات الإسلامية أنت تقول أنا اعرف هذه الأسلوب ولا استخدمها أصلا ولا يمكن أن تؤثر على أقول لك ومن قال أنت المراد أنت لست المراد أن أصبت فهذا مكسب ولكن الذي يراد من بعدك يراد الجيل الذي يليك يراد أبنائك عندما يشاهد هذا الابن أو هذه البنت بأن هذا الإنسان الملتحي قصير الثوب أحيانا يلبس عباءة أو يلبس لبس عمامة ويجلس بين الناس على انه النصاب المحتال الذي يظهر للناس في مظهره ولكن باطنه غير ذلك يرسخ هذا في ذهن الولد الصغير كذاك يرسخ في ذهنه أن هذا إنسان لا يريد إلا الأكل ليس له هم ما يدور في الدنيا لا يفهم ما هي القناة الفضائية ولا يفهم ما هو الطبق الفضائي ولا يفهم الأخبار وإلا من هذه الأسلوب التي توصف إلي هؤلاء لكي تتسرب الأفكار إلي نفوس الصغار فيتشربها بل في بعض القنوات وبعض الأفلام التي يبثون يجعلون السجين يخرج من السجن وهو ملتح أو صاحب المخدرات يجعلون له لحية خفيفة لكي تربط هذا بهذا فإذا استقام واصبح في نظرهم واصبح رجلا محمودا أو رجلا عاقلا أو هم يريدون أن يظهروا رجل أخر هو إنسان مثقف إنسان حضاري إنسان بعيد كل البعد عن أي مظهر يل على الدين أسال الله عز وجل في الختام أن يحفظنا كيد الفجار(1/392)
واشكر القائمين على هذه المحاضرة وهذه القناة أن يجعلها في ميزان حسناتنا وحسناتهم وان يحقق منها الأهداف المرجوة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ الدكتور عائض بن عبد الله القرني
ضيف الحلقة :
عفا الله عما سلف
موضوع المحاضرة
جئتكم اليوم ببشرى من ملك الملوك وبهدية من الواحد الأحد وهي عفا الله عما سلف هو الذي قال وهو ملك الملوك الذي يحكم لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه جل في علاه و تقدس اسمه قال لمن أخطأ وذل عفا الله عما سلف قال لمن سفك الدم ثم تاب عفا الله عما سلف قال لمن ارتكب الفواحش والجرائم والكبائر ثم أناب وبكى عفا الله عما سلف فلا يغفر الذنوب إلا هو ولا يصدر العفو العام عن الخليقة إلا هو حتى يقول ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ) ثم وقف القرءان وقفةً أستحسنها أهل العلم قالوا هي كالتاج على رأس الملك قال ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ) يقول أروني جهة أو قوة في الأرض أو دولة أو كيان تغفر ذنب العباد إلا رب العباد جل في علاه فنسأله ونتوسل إليه بأحب الأسماء إليه وبصفاته الجليلة بإعلائه علينا أن يغفر لنا ذنوبنا وخطايانا و أن يعفو عنا نعم هذه المحاضرة أتت لنقول لأنفسنا ولإخواننا ولمن أخطأ ولمن زل ولمن أساء تعالوا إلى عفو الباري سبحانه وتعالى عفا الله عما سلف وسوف أتلوا عليكم من الآيات المحكمة والأحاديث المطهرة والقصص البليلة الصحيحة إن شاء الله ما فيه العبرة وأنتم تعرفون ذلك لكننا نتذاكر في مكان مبارك وفي زمان مبارك وفي مسجد مبارك وفي بلد مبارك بأذن الله ليتم النور على النور نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء أخوتي في الله يقول سبحانه وتعالى ويقص علينا أخوة يوسف حينما ارتكبوا خطأً فاحشاً من عقوق الوالد ومن السعاية بدم أخيهم ومن النكاية بقلب أبيهم ومن تشتيت شمل الأسرة ومن الخروج عن الطاعة ومع ذلك ألقوه في الجب وحيداً وعرضوه(1/393)
للهلاك وأبقوا أباه غفر الله لهم وفي آخر المطاف أتوا إليه وقالوا له والله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين فكان الجواب المحكم السريع من يوسف عليه السلام بعد النكايات وبعد الإساءات وبعد الغربة وبعد العزلة وبعد الدموع وبعد الحبس وبعد التشريد وبعد الطرد وبعد القيح لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين يقول أهل العلم من المفسرين ما سمعنا بألطف من كلام يوسف لإخوانه وهو يتلوا قصة حياته ومذكرات حياته معهم يقول وقد يقول سبحانه فاطر السموات والأرض وقد أحسن بي يعني ربي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ولم يذكر الجب ولا الذيب ولا الصحراء ولا الطرد ولا التشريد انظر أراد أن يعلقها بالشيطان يقول تراكم ما أنتم مسئولين غفر الله لكم أنتم براء من بعد أن نزل الشيطان بيني وبين أخوتي يقول أنا وإياكم اشتركنا في هذا ما أدري هل أنا المصيب ولا أنتم أو المخطأ أنا ولا أنتم يا للكرم ويا للعفو ويا جلال العبارة ويا إشراك الحديث من بعد ما نزل الشيطان بيني وبين أخوتي قال فسلم الأمر وأحال على الشيطان ليبقى الملف ملف تصحيح وملف التوبة وملف الصفاء والمسامحة ملف لا لبس فيه ولقد فعل ذلك عليه الصلاة والسلام فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام من أحاديث رواها أحمد وغيره أن أبا سفيان ابن حرث أبن عمه قريبه حيث يكون القريب عاق أحياناً حيث أوصي القريب القرابه و الرحيم الرحم شق الطاعة على محمد صلى الله عليه وسلم على من تشق الطاعة على ملك بل خير الناس عليه الصلاة والسلام على إنسان بل إمام الإنسانية على بشر بل رسول البشر صلى الله عليه وسلم فجاء أبن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاربه وسل السيف في وجه وطعنه بالرماح في المعارك وفي الأخير لما انتصر عليه الصلاة والسلام نصره الله الواحد الأحد سبحان من أيده سبحان من أعزه سبحان من قدره مثال للبشر فأتى وهو المنتصر ليفتح مكة بجيش عرمرم ونقدم وثيقة للتاريخ(1/394)
ويقول أنا النبي المعصوم المختار مغتان البشرية بأذن الله وهذا بيت الله وهذه قدرته فأبو سفيان ماذا يفعل الدولة بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم والجيش معه والسيوف المسلطة تنتظر كلمة فقط كلمة لتتطاير الرؤوس مباشرة مع كلمته صلى الله عليه وسلم فأخذ أطفاله وذهب إلى الصحراء ولقي ابن عمه الأخر علي لكن القريب البار علي لكن القريب البطل علي لكن لوصوله لكن صاحب العلو قال لا يا أبا سفيان قال إلى الصحراء دعني أذهب إلى الصحراء والله إن ظفر بي محمد ليقطعني إرباً إرباً(1/395)
قال أخطت أنت لا تعرف محمد صلى الله عليه وسلم محمد صلى الله عليه وسلم أبر الناس وأرحم الناس وأوصل الناس بالله عليكم وين يكون في بر أذا ما كان كلمة محمد صلى الله عليه وسلم وين تكون الرحمة أجل أيه تبحث عن الحلم محمد صلى الله عليه وسلم قال لكن من فقه علي قال أهل العلم كان علي فقيهاً من شبابه ومن فهمه للكتاب والسنة قال تعود إلى محمد صلى الله عليه وسلم وسلم عليه بالنبوة يعرف مداخل قلب الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف لأنه عايشه ونام معه وسار معه وصاحبه وقاتل معه وهو عارف مداخل تلك النفس الكبيرة والقلب الحاني الكبير قال عد إليه وسلم عليه بالنبوة وقلت والله لقد آثرك الله علينا وأن كنا لخاطئين لأنه يعلم علي أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يأتي بالجملة الثاني المباشرة فأتى أبو سفيان وقف على رسول صلى الله عليه وسلم نظر رسول صلى الله عليه وسلم هكذا متواضعاً في انتصار في فتح مكة الانتصار الذي شهد له التاريخ وبصم عليه الدهر ووقف عليه البشر ولا يعلم في التاريخ أن صار متله عاصمة الدنيا فتحها ورسول صلى الله عليه وسلم يقول خفض رأسه فناد الى لربه بي بعض الناس بالسر قال رأينا دمعة عينه صلى الله عليه وسلم يعني من رحمة الله سبحان الله هذا الطريد الشريد وحده في الصحراء يواكب جيش ويسقط الدولة ويسقط الأصنام ويقول لأهل الأرض هنا عاصمة الدنيا من بلادي مطلب العلم ولا يطلب العلم من الغرب الغبي و بها مهدة وحي الله بل أرسل الله بها خير نبي قل هو الرحمن آمنا به واتبعنا هذا من نية نبي فأتى أبو سفيان قال السلام عليك ورحمة الله يا رسول الله قال عليكم السلام ورحمة الله وبركاته قال والله لقد آثرك الله علينا و إن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين فبكى أبو سفيان يعني تلك المسيرة والإساءات والحرب والقتل والعقوق قال الله ما أبرك الله ما أوصلك الله ما أ رحمك الله ما أحلمك فهو(1/396)
الإمام المعتبر عليه الصلاة والسلام يمدح الله أولياؤه يقول (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) قال أهل العلم هي ثلاث مراتب فمن كتم غيظه مأجور عند الله عز وجل أنت تكظم لكن لا تؤذي أن من في قلبه غيظ وحقد ما تستطيع أن تزيله لأن بعض القلوب ترى مهما أوعظتهم ومهما حاولت معهم لا يمكن أن يذهب الحقد من قلوبهم هي فطرة من الواحد الأحد أو تفسير يعني أخلاق فغير هذا الحقد مرتبة الأولى الكاظم والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ومن يصدرون عفوا ًعاما ًعن كل من أساء إليهم قال بعض الأولياء يكن لك جلسة قبل النوم اعفي عن من ظلمك وبعض يقول اغسل قلبك سبع مرات قبل النوم بالعفو وعفره الثامنة بالغفران فالعافي عن النفس كما عفا الله عمن ظلمنا وعمن شتمنا وعفا الله عمن سبنا عفا الله عمن أساء إلينا هذا هو العفو الذي نقله العلم وقد ذكر عبد الرزاق في سنده الجيد في مصنف وقد نقله ابن الخليل في مداده للسالكين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على المنبر قال أيكم يتصدق بعرضه كما تصدق أبو ظمظم قالوا كيف تصدق يا رسول الله أبو ظمظم وهو فقير من الصحابة فسألو أبا ظمظم قال ما وجدت شيء أنفقه في غزوة تبوك فليس عندي دراهم ولا دنانير ولا برد ولا تمر فقمت صليت ركعتين في الليل وقلت يا ربي والله ما أجد من المال ما ابذله في سبيلك ولكن اللهم من شتمني فاعفوا عنه ومن سبني فاعفو عنه ومن اخذ من حقي شيءً فاعفو عنه قد تصدقت بعرضي لوجهك الكريم هذا من العافين عن الناس قال السائب بن يزيد يدعى الناس يوم القيامة فيقول أين العافين عن الناس فيقولون يتخطون الصفوف تحت العرش فيقول الله قد عفوت عنكم هذه مرتبة ثانية قال سبحانه وتعالى والله يحب المحسنين هذا امتياز وهم الذين يحسنون لمن أساء إليهم يكرمون فلا يحقدون ويعفون فلا يسيئون ثم يحسنون إلى من أساء إليهم يعني أساء إليك فعفوا عنك وعفوت عنه فأهديت له هدية كما فعل الحسن بن(1/397)
سيرين كانوا إذا سمعوا بمحتاج أو ثائر ارسلو له بكساء أو بتمر أرسل الحسن بطبق تمر لرجلاً اختاره فقال له أنت الحسنات ونهدي لك التمرات فأنت تحسن كما يقول أبو تمام المبدع إذا مرضنا أتيناكم نعودكم و تذنبون فنأتيكم فنعتذر ويقول ابن تيما على هذا الأثر فالمؤمن لا يطالب ولا يحاسب ولا يعاتب ولا يضارب مالك حق على الناس الحق لله سبحانه وتعالى للجميع لكن تعفوا عن من ظلمك كما ورد في أثر يحسبه بعض العلماء إن الله أمرني أن أصل من قطعني وأعفو عن من ظلمني وأعطي من حرمني والله جعل كل أجر محدد إلا أجر الصابر وأجر العافي فقال في العافي (فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) يقول اتركوا الأجر لنا تحديد النسبة وعدد الحسنات إلى الواحد الأحد إذا كان الله هو المتفضل سبحانه وإذا كان هو صاحب العفو فأي عفو يكون وأية كفرة تكون وأي بركة تكون وأمر سبحانه وتعالى رسوله عليه الصلاة والسلام بتعاليم قرآنية مع الناس قال خد العفو واعمل بالعرف وأعرض عن الجاهلين قال بن سعدي في تفسيره هذه الآية هي أصل الأخلاق في جميع مراحل العبد حتى يلقى ربه فعليها أركانها الثلاثة تكون الأخلاق خذوا العفو قال ماعفا من أخلاق الناس لا تكلفهم أكثر من البسمة وأكثر من اللطف وأكثر من يأتيهم ذات لا تبحث تقول قصرتم في حقنا أو ما وفيتم مقامنا أو ما أعطيتمونا أو مل بذلتم العفو وأمر بالعرف قال الأمر من الأقوال والأحكام الشرعية الموافقة للكتاب والسنة وأعرض عن الجاهلين وهم من أساءوا بالمناسبة عند هذه الآية صح في الصحيح أن الحر بن قيس كان من أهل القرآن وكان أهل القرآن قرابة يقربهم عمر رضي الله عنه يدنيهم منه ويجعلهم مستشاريه وأهل أسراره وأخباره فجاء عمه عيرت بن حسني الفيزا ري الذي أرتد ثم رجع فوفد وطرق الباب يظن أن منزلته هي على منزلة الجاهلية يعني قبيلا وأنه شيخ عشيرة وأنه لا بد لينزل وعمر له مقاييس خاصة مقايس القرآن السنة الجهاد الهجرة الزهد فانتظر(1/398)
بأذن ثم أدخل عمر بعد قال عمر من قال أنا الكريم أبن الكريم قال كذبت الكريم ابن الكريم ابن الكريم الكريم يوسف ابن يعقوب ابن إسحاق ابن إبراهيم هذه الصراحة والصرامة فدخل قال هيه يا ابن الخطاب يكلم عمر ابن الخطاب لأمير المؤمنين الفاروق اسمع الكلام كلام الأعراب هيه يا ابن الخطاب ما تأمر فينا بالعدل ولا تعطينا الجزم يعني لا تحكم بالسوية ولا تنفق من يعدل إذا لم يعدل عمر بعد أبا بكر والرسول صلى الله عليه وسلم من في أي دستور يكون العدل أذا لم يكون في هذا فهما عمر بالعصا التي يؤدب العصاة ليبطحه ليريه الصباح قبل المساء فقام الحر ابن القيس ويعرف عمر أذا همهم الملوك أمامه ترتعب عند عمر ضري الله عنه فقال يا أمير المؤمنين إنا الله يقول خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وهذا جاهل فوضع العصا وقال والله ما تجاوزها وكان وقاف عند كتاب الله هذا عمر رضي الله عنه إذا ذكرته بالقول وقف وأنتها الأمر فهو أمر من عند الباري سبحانه وتعالى تعلمون قضية عائشة رضي الله عنها وأرضاها وما قاله أهل الإفك والزور وقد طهرها الله وبراها من فوق سبع سماوات فهي الصديقة بنت الصديق الطاهرة بنت الطاهر زوجت نبي الأمة عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة وهي أمنا رضي الله عنها وأرضاها جاء مصلح وكان ينفق عليه أبو بكر فقير عنده وأحياناً تأتيك الإساءة ممن تحسن إليه فأخذ يتكلم عن من تكلم فسمع عمر قال حتى مصلح يتكلم والله لا أنفق عليه فأنزل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم فنزلت دموع أبو بكر أبي بكر قال بلى أحب أن يغفر الله لي أعيدوا النفقة إليه هذه هي جمل ونصوص تقدم لمن غفى وأصلح أما رسول الهدى عليه الصلاة والسلام فأنه أعظم من أصدر عفواً بشرياً عما أساء أليه ومن قاتله ومن حاربه فقد أخذ بحيلة باب الكعبة بأبيه وأمه صلى الله عليه وسلم وتكلم للناس وللدهر وكفار قريش الذين قاتلوا أمامه الذين حاربوه وأخرجوه من(1/399)
داره وآذوه وسبوه وشتموه قال ما ترون إني فاعل بكم هذا السؤال يسمى التوطئة في الخطاب قال ما تروني فاعل بكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن انتهى سمع الإجابة لأن السيوف مسلطة والرماح مصرعه والجماجم ممكن تندر في لحظة ممكن أن يقول صلى الله عليه وسلم نزلوا هذه الجماجم فتنزل في الحال ومن ينزل الجماجم عمر وعلي وخالد والزبير وأبطال الأمة والحضور وهناك جردوا السلاح لما دخلوا الكعبة قالوا وهم يبكون قريش يقول عبد الله اختلط صوت الرجال بالنساء بالأطفال قالوا أخ كريم وابن أخ كريم ما شاء الله لهذا الفتح الآن أخ كريم وابن أخ كريم الآن لا يعلم أمة آذت يعني قبيلة آذت أبنها البار أبنها العظيم مثل هذه القبيلة قال صلى الله عليه وسلم اذهبوا فأنتم الطلقاء عفا الله عنكم فوقع هذا الكلام في ضمير كل مسلم يخاف الله فكلما أسيئ إليه قل لصاحبك أذهب فأنت الطليق فعفا الله عنك هذا منهجه عليه الصلاة والسلام وقد حفظ لنا التاريخ نماذج كثيرة من عفوه صلى الله عليه وسلم وبالمناسبة في أحاديث من يرحم ُيرحم ومن يغفر يغفر له هذا صححه الألباني وفي بعض الآثار ومن يعفو يعفى عنه فبقدر المجازاة والعمل تجازى عند الباري سبحانه وتعالى وفي الصحيحين أن رجل من بني إسرائيل كان يعامل الناس فكان إذا أتى فقير محتاج قال تجاوزوا عنه وقال إذا أتى مديون قال تجاوزوا عنه فحاسبه ربه سبحانه وتعالى فلما حاسبه فإذا ما عنده صلاح كثير وعنده إساءات وفجور قال خذوه إلى النار ثم قال سبحانه وتعالى والله يريد أن يرحمه ولكنه سبحانه يسأل العبد هل لك من عمل قال ليس لي من عمل إلا كنت يا ربي أداني الناس وأبايعهم وشاريهم وكان أذا أتى مسلم قلت تجاوزوا عنه قال الله نحن أولى بالكرم منك تجاوزوا عنه فتجاوز الله عنه فأدخله الجنة كعب بن الزبير في السير بأساليب بعضها الذي حسنها هجا محمد صلى الله عليه وسلم هجا وسب وهذا فيه الإعدام وأعدم غيابيا ًمن وجده(1/400)
فليقتله وأخذ يتخفى ويندس من قبائل العرب تأتي عند الخيمة لأن من الذي ألقى التهديد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم من الذي قال كلمة هذه الكلمة الصادقة إن من وجده فليقتله محمد صلى الله عليه وسلم كل إنسان يتقرب بطاعة هذا النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم يقتر من الخيمة فيقول له الرجل أنا ضيفك هذه الليلة إن كنت كعب لا تقربنا قال قد أهدر دمك محمد صلى الله عليه وسلم فضاقت به الدنيا بما رحبت فأتى محمد صلى الله عليه وسلم وحضر صلاة الفجر وبعد ما صلى الله عليه وسلم بالناس في غسق وإذا بالرجل أمامه يجلس قال من أنت قال لا تعجل علي يا رسول الله اسمع مني أبيات قال قل قال بانت سعاد هذا لابد العرب حتى في المسجد داخل الكعبة يتغزل بسعاد وسلمى وليلى التي أشغلتنا وضيعتنا من الدراسة ومن أصول الدين والشريعة وما حفظتنا القرآن حتى ذاك الوقت الى الآن قال بانت سعاد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سعاد قال زوجتي فتبسم صلى الله عليه وسلم قال لم تبن إذا يقول ما بانت عجل هي معك الحمد لله على السلامة لكن اسمع القصيدة الرائعة المشجية المؤثرة قال
لبيت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول
مهلا هداك الذي أعطاك نافذة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم أذنب ولو كثرت فيّ الأقاويل(1/401)
ثم وصف حاله قال صلى الله عليه وسلم عفوت عنك وخلع له البرد برده صلى الله عليه وسلم الذي كان يلبسه في صلاة الفجر ولبسه إياه فتناقل البرد هذا إلى أن أخذه معاوية بأربعين ألف درهم ثم وصل الى دولة الدولة العثمانية وتزاحم الملوك والزعماء أن يلقوا نظرة عليه من خارج الزجاج لينظروا نظرة واحدة في ما بقي من هذا البرد فصلى الله وسلم على نبي الأمة عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عنه الغافلون فهذا من أثره صلى الله عليه وسلم و من كرمه ومن أريحية التي قدمها للعالمين صلى الله عليه وسلم يقول بعض أهل العلم إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان ظاهر البشاشة باطنه السماحة وذكر صاحب دلائل النبوة أنه يقول صلى الله عليه وسلم لأصحابه لا تخبروني بما قال الناس في إني أريد أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر يقول لا تخبروني الرجاء أن لا ينقل لي الخبر حتى أبن مسعود لما كان في الساحة ذكر الناس كذا كذا كذا تغير وجه صلى الله عليه وسلم قال رحم الله موسى وهو الذي أكثر من ذلك فصبر فكان صلى الله عليه وسلم يصبر وكان يغفر وكان يسامح وكان يعفو عليه الصلاة والسلام حتى في أمور اجتماعية وهم عن الناس وهو يمسك بيده بين الناس صلى الله عليه وسلم وبين الجماهير وفي الصحيح أن رجلاً أتاه من الأعراب وعلى صلى الله عليه وسلم برد غليظ الحاشية ليس رقيق الحاشية لم يعرف صلى الله عليه وسلم الديباج ولا الحرير لأن هذا محرم في السنة ولم يعرف أحسن اللباس ولبس أخشن شيء وأكل أخشن شيء ولبس في أخشن البيوت ليجعله الله في المقام الأعلى والأرفق في المقام الوحيد في الجنة الذي لا ينبغي لعبد إلا هو صلى الله عليه وسلم فسحب الأعرابي بالجبة من ورائه حتى أثرت في عنقه الشريف واحمر عنقه أمام العالم فالتفت إليه قال الأعرابي أعطني من مال الله لا من مال أبيك ولا من مال أمك فضحك صلى الله عليه وسلم هذا خلق لا يمكن أن يخطر ببال ولا يمكن أن يمتثله عالم ولا يمكن أن يأتي به(1/402)
مصلح ولا إنسان إلا محمد صلى الله عليه وسلم فأمر له بعطاء وعفا عنه فذهب إلى قومه فأسلموا عن بكرة أبيهم هذا خلقه صلى الله عليه وسلم والتي زكاها الله ولم يحسد والحمد لله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى استحى بعض العلماء لما كتبوا رسالته قالوا نستحي أن نمدحه لأن الله مدحه ونستحي أن نقول فيه شعراُ لان الله سبحانه وتعالى زكاه حتى أمير الشعراء أحمد شوقي يقول أبا الزهراء قد جاوزت حدي وسامحني إذا أثنيت عليك لأنني تطفلت وأسأت الأدب من يمدحك والله مدحك من يثني عليك وقد اثني الله عليك من يزكيك والله زكاك الله من فوق العرش يقول وإنك لعلى خلق عظيم فبما رحمة من الله نلت لهم فهو المزكى من عند الواحد الأحد الذي تزكيته ما بعدها تزكية والذي مدحه الزيين وشيمه هو الشيم إذا شام عض وإذا ذم عض كما في السنن ومسند أحمد أن وفد بني ثمين طرقوا حجريات على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في القيلولة قال اخرج إلينا يا محمد فإن مدحنا زين وذمنا شين وإذا مدحنا مدحنا وإذا ذممنا ذممنى وتجمل فينا نمدحك واحتار رسول الله في الناس ولا بشر ولا قبائل من انتم أصلاً هو تاريخنا صلى الله عليه وسلم وهو مجدنا هو فخرنا قال صلى الله عليه وسلم ذلك هو الله الذي مدحه يزين وذمه يشين عند أهل العلم إما انتم أمدحكم أو أترككم حتى صلى الله عليه وسلم ما كان يعني يلقي باله للقصائد التي تلقى عليه وحتى إن جاء عامر بن صعصعة و الحقيقة إنها قبيلة شجاعة وإنها متفردة ولكن عند محمد صلى الله عليه وسلم تنتهي الشجاعات وتنتهي السامحات وتنتهي المكارم وتنتهي المناطر عند محمد صلى الله عليه وسلم ولا هم قبيلة بني ربيعة الذين حجبهم النعمان بن المنذر فدخل لبيد قال إن بعيد الإغريق يأتيك السعد ونمني من فزع مفزعة نحن بني أم البنون الأربعة وخير رجال عامر بن صعصعة المطعمون الجفنة المدعدعة شوف الشعر القوي الرهيب يقول والله نحن نطعم الجفنة الكبيرة المدعدعة(1/403)
لنمرح بالحم والسنج وصدق المطعمون الجفنة المدعدعة والضاربون الهام تحت الخومعة فأذن له الملك ورحب بوفدهم فوفدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدون يخطبون تلك الخطبة فقال خطيبهم أنت أكثرنا فضل ما شاء الله بيزكيه وسيدنا وأملنا وأكثرنا طولاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستجدينكم الشيطان إن معنا عبد الله ورسوله فقولوا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فسبحان من رفعه وسبحان من جعل العبودية في أعلى مراتبها له وشرفه بالرسالة صلى الله عليه وسلم وجعله قدوة للعالمين عفو الوالي على الرعية ومن أعظم ما حصد لنا التاريخ عفو الوالي على الرعية وقبل أن نذكر نماذج أوجه رسالة لمن حاد عن المنهج لمن خرج عن الجماعة تعالوا إلى الوالي إلى الأب الرحيم إلى صاحب القلب الكريم الكبير فقد عفى عنكم وأعطاكم مهلة وقال تعالوا إلينا ونتصافح ونتصافى وكأنه ما حصل شيء هل بعد هذا هل يرد هذا هذا وفاء قابل الوفاء بوفاء قابل الكرم بكرم قابل التجاوز بالتجاوز لا تكون إنسان لئيم كون أبو الطيب وما قتل الأحرار كالعفو عنهم يقول لا يقتل الكريم إلا أن تعفو عنه وملك الحر الذي تحفظوا اليد إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وأن أنت أكرمت اللئيم تمردا فالعفو عفو من قدرة وهو يدل على قوة الكيان والدولة إن شاء الله وفي من سدادة الرأي وأبشر من عفا وأصلح سواء ً الوالي أو المسئول أو الأب بالعزة في الدنيا والآخرة يقول صلى الله عليه وسلم والذي نفسه بيده ما زاد الله عبد بعفوً إلا عزة فيعزه سبحانه وتعالى في الدنيا ويعزه في الآخرة وهذه فرصة سانحة لأن العبد يمر به من الشبهات ويمر به من التغرير مع قلة أو يعني صغر السن والحداثة والشباب ما كمن أن نخطي فيه فإذا وجد هناك من يقدر هذا الظرف ويقدر هذا الخطر ويترك مساحة للمواجهة وخط رجعة لمن أراد أن يحاسب نفسه فأرى أن تفتح الأبواب وأرى أن يستمر الحوار(1/404)
وأرى لمن حاد عن الطريق واعوج عن الصراط المستقيم وأرى أنه ترك الجمعة والجماعة ترك جماعة المسلمين وأن ترك أسرته وقرابته وقبيلته وأمته وشعبه أن يأتي إلى الجماعة يد الله مع الجماعة فالعفو مع القدرة يقول أحد الحكماء أما العقوبة فكل يحسنها وأما العفو فلا يستطيعه إلا العظماء وأتوا بوزير شق الطاعة في عهد المأمون يريد أن يقتله قال ما رأيكم أريد أن أقتله اليوم قاتل له أحد العلماء إن قتلته فلك أمثال في التاريخ وإن عفوت عنه فأنت فرد التاريخ قال عفوت عنه فهذا هو العفو الذي يميز الثاني العفو كما قلت لكم يقتل الأعداء وينهي الحجج يعني يتذرع بها بعض الناس فيقول ما ترك لنا فرصة وما رأينا أحد يرحب بنا وما رأينا صدر يرحمنا وما رأينا واحد يتصل بنا وما حرم علينا أحد وما سامحنا أحد فالآن أعلن من أكبر منصب في الدولة أننا سامحنا وعفونا فتعالوا وأقبلوا ومن عفى فليأتي إلينا فأنتم أبناؤنا وادخلوا في الجماعة وكأنه ما حصل شيء وعفا الله عما سلف هذا هو الملخص وماذا يعني العفو يعني عند أهل العلم العظمة والرحمة والحكمة وأما العظمة فقال العلماء كما قلت لكم لا يعفو إلا عظيم لأن كبير القلب يحب العفو وصغير القلب يحب الانتقام دائماً ولذلك الأشرار يحبون الانتقام ويقول والله ما أتركها له ولا نجوت النجا والله أني وراه وراه حتى يموت هذا شوف صغر لما يكونوا في البادية رجل من هذه البادية صارت على جاره قتل جمل الذي ركب على الجمل فمات هذا الذي اخذ الجمل ماطلعه ما سند الله يغفر سبحانه وتعالى فحضر جاره وهم يصلون على الجنازة قال اللهم لا تغفر له فإنه قتل جملي اللهم اقتص منه يوم القيامة فصغر النفس وضيق النفس وجهل النفس يجعل الإنسان يطلب الانتقام ويطلب الاقتصاص ويطلب الحقوق والكريم لا يأخذ حقه بل الكريم دائماً ينزل من حقوقه ويعفو عن الناس وحتى أني أعرف الفضلاء بعض في الرياض من الأجواد الأخيار الصلحاء أني أراه ويقول سامحوا(1/405)
والله يغفر لنا ولكم أننا مقصرين معكم وهو الذي يقدم الخدمات للناس وهو الذي يحسن إليهم ومن أحسن ما رأيت وهي مدرسة الأمام المجدد الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله منباز رحمه الله فرأيت فيه من الصفح ومن العفو ومن الحن وجلسنا في مجلس ورأينا من يؤذيه من العامة ومن يتطاول عليه من بعض أهل العلم يقول غفر الله لنا ولكم غفرا الله لنا ولكم سامحك الله سامحك الله ما ينبغي هذا سامحك الله وهو إمام وإمام أهل السنة في وقته ومن اعتبر كلامه وفتاويه وسارت بأخباره الركبان وشد له بالقابون و عليه من طنجا إلى جاكرتا ومع ذلك يعفو عن الناس لا يحملون علماً ولا تحصيلا ولا فقهاً فهذا هو واجب العبد الصالح أن يكون عظيماً أي يعني يسموا عن الأخطاء ويتجاوز وبعرف طبيعة البشر ويلتمس الأعذار لإخوانه ويقول ربما هذا جهل كلامي ربما أساء ربما طيش الشباب حمله على ذلك جلساء السوء ربما غرر به فهو يفتح المعاذير للناس عل الله أن يفتح له المعاذير يوم القيامة فالجزاء من جنس العمل ويعني ذلك الرحمة فإن القاسي لا يمكن أن يكون قريب من الناس والجبار بعيد عن الله سبحانه وتعالى فالرحمة هي القرب من الناس والعفو عنهم والصفح وهذه الرحمة لا ينزعها الله إلا من قلب شقي والراحمون يرحمهم الرحمن وهذا الحديث المسلسل قيل المسلسل بالعبادنة وقيل مسلسل بالاتصال بالمصافحة والراحمون يرحهم الرحمن ولذلك فتح الله كتابه باسمين عظيمين جليلين الرحمن الرحيم في صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان جالساً يأخذ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة كل من دخل شاب من شباب الأمة فسيداه الحسن والحسين فيقبل هذا يا لهذا القلب الكبير ويا لهذه الرحمة يقبل هذا يوم ألتفت إلى الصحابة وقال هما ريحانتين من الدنيا قاتل الله عبيد بن زياد لما قطع رأس الحسين أخذ يدخل العصا في أنفه وفي طصك صحن رأس الحسين وبكى الصحابة وبكى الناس فأخذ يدخل العصا في هذا المكان مكان الحسين(1/406)
حيث الجمال وحيث السمو وحيث الطهر ابن فاطمة فيدخل العصا ورأسه مقطوم جمجمة من أعظم جماجم التاريخ الحسين لما قتلوه كبروا جهل أهل العراق يقول أحد الشعراء جاءوا برأسك يا أبن بنت محمد متزملاً بدمائه تزميلاً ويكبرون بأنك قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليل يقول قتلوا التكبير والتهليل والرحم والرسالة الذي من بيتك أنت والمسكن الذي كنت فيه انبعث النار العالم فأخذ عبيد بن زياد بالعصا يقول هذا خرج علينا خرج عليك لا ردك الله قال خرج علينا وهذا عصا الطائي وهذا فعل فقام أبو برزت أصل هو صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى قال عبيد ارفع عصاك والله الذي لا آله إلا هو وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل هذا الموتى ويقول هما ريحانتين من الدنيا تولي بعصاك وتشير إلى الناس وتشمت به وبفمه الطاهر وبأنفه وبهذا الوجه الجميل الذي أجمل من البدر ما قلنا قط إلا في تشهده لولا التشهد كان له النعموا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ الطفلين الحبيبين الذكيين القريبين فيقبل هذا ويقبل هذا أبناء فاطمة ويقال هما ريحانتين من الدنيا ماله وفي الدنيا ريحانات ولا أشياء ولا باقات هذه باقاته صلى الله عليه وسلم فأقربنا في الحابس من أحد قبائل العرب من رؤسائهم ومشايخهم جالس قال تقبلون الأطفال عندكم كأنه يسأل أحد المواطنين يسأل محمد صلى الله عليه وسلم شوف الجفاة شوف الجهل قال تقبلون الأطفال عندكم يا أقرع الذي أمامك هو الذي ينزل عليه جبريل صباح مساء يا أقرع الذي عندك هذا الذي أتى عليه القرءان من اللوح المحفوظ يا أقرع هذا الإنسان الذي أمامك هو صاحب الشفاعة الكبرى يا أقرع هذا الإنسان الذي تكلمه هو الذي يتكلم يوم القيامة يوم لا يتكلم لا ملك مقرب ولا نبي مرسل وهو يرفع رأسه فيقول الله ارفع رأسك واشفع تشفع فيتكلم وحده قال تقبلون الأطفال عندكم أسمع زيادة النشرة والله عندي عشرة من أطفال ما قبلت واحد منهم هذا رواية(1/407)
مسلم قال صلى الله عليه وسلم وهل أملك أن ينزع الله الرحمة من قلبك أنا أملك أن أورثك الرحمة أن أنزل الرحمة أن أشكوى الرحمة في قلبك في ضميرك لا فهذه رحمته عليه الصلاة والسلام قال أهل العلم فـ العفو يدل على الرحمة فرحمة القلب تجعل الإنسان يعفو ولا يظل بالعقل انه ضعيف لا والله بل يصدر عن قوة وسداد الرأي الإنسان يعفو يستطيع أن ينتقم ومن يستطيع أن يتجاوز يستطيع أن يأخذ أما الجبان الرعديد فلا يستطيع أن يتجاوز عن سيئاتهم ويدل على الحكمة فان من الناس من يحتاج إلى العفو والناس طرائق قددا ومذاهب شتى في فهمهم للنصوص وفي العلوم وارتكابهم للأعمال خاصة في مثل الشعوب ففيهم من الطرائق والشرائح والمذاهب ما يمكن أن يكون هناك حكمة في معالجة هذا الرأي والحقيقة وقعت الحكمة والحمد لله ونودي بها وأعلنت والله كلما رجع راجعٍ أنا نفرح ونسجد شكراً والحمد لله وانتم رأيتم من تكلم البارحة وأخبر عن حاله وقال والله إني كنت حرمت صلاة الجمعة والجماعة لماذا جماعات المسلمين يصلون الحمد لله يحجون يعتمرون ويقرءون في القرآن يتصدقون وأمر بالمعروف وانهي عن المنكر فإذا لم تستطع شيء فدعه من رأى منكم المنكر فليغيره بيده فأن لم يستطع بلسانه فمن لم يستطع ف بقلبه و ذلك أضعف الإيمان عبرة الله عز وجل وعبرة محمد صلى الله عليه وسلم يعني لا بد أنت تقوم بسلاح أنت والأربيجي وأنت فرد لتصادم الأمة والدولة والشعب والعلماء والمفكرين والصالحين والأخيار والناس الذي عذركم الله عز وجل أدي عليك فقصدي لماذا يتحمل لماذا هذا المسار المظلم لماذا هذا النفق المظلم طيب ليش أخطأت ومر سنة وسنتان وثلاث لكن أتى البيان الآن من العلماء أتى من الدعاة أتى العفو من قرار من القائد ومن ولي الأمر فما هي الحجة فماذا بقي فالقرار الحكيم من الوالي له ثمرات أربع الأولى الرجوع عن الخطأ فهو والحمد لله فرصة لمن أراد أن يراجع الخطأ ويقول بعض العلماء من العلماء(1/408)
المعاصرين هذا العفو يجعل الإنسان يعيد حساباته في ذهنه يقول مادام أني قوبلت بالعفو دليل على أنه لا هناك حب الانتقام ولا هناك إصرار على الظلم والجبروت كما يدعي بعضهم مادام أنه قدم لك وقيل لك هذا عفو فالواجب أنك تراجع..إنسان يقول عفا الله عنك ماذا تقول؟ قل وعفا الله عنك ويقول لك السلام عليكم...وعليكم السلام وسامحك الله قل وسامحكم الله فإذا حييتم بتحية فحييوا بأحسن منها أو ردوها فإذا قيل له عفونا عنكم وتجاوزنا عنكم فليقل ونحن نقبل هذا العفو ونحن نسلم ونحن نأتي إلى أبينا ونحن نقول له والله تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ليقول لنا لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، الثاني سل الحقد وحب الانتقام إن هذا فيه من الحكمة أن كل شاب موتور لعقائد في ذهنه أو فهم يحمله ذلك على أن يسحب هذه الضغينة من القلب فـ والله ما عفى عاف إلا حبته القلوب كما قال سبحانه وتعالى (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفوا عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) الثالث إقامة الحجة الآن الحمد لله انتهى إقامة الحجة العلمية والعملية العلمية المتمثلة في العلماء الدعاة والعملي متمثل في القرار السياسي الحكيم فقد انتهى الأمر وأصبح هناك حجة كأن يعتذر بعضهم يقول أنا لو سلمت نفسي عذبوني وأهانوني وحبسوني فيقال الآن انتهى يقول تعال الآن ويعفى عنك ولا تعذب ولا تحاسب وتدخل في دارك من دخل داره فهو آمن ومن دخل دار أبو سفيان فهو آمن وكأنه ما حصل شيء وعفا الله عما سلف والآن العلماء يقولون لو كان شاك من هؤلاء الشباب في هذا فليأتي إلينا ونذهب به نحن إلى والي الأمر ونشهد معه عند والي الأمر أنه في ذممنا وأنه يريد كتابكم أو يريد شهادة وسوف يجد من والي الأمر من الكرم أن يجعلك ابنه ويقول انتهى الموضوع وهذا الذي تم والحمد لله والبوادر أبشركم أن هناك سوف تسمعونها قريبا وهي تجعل(1/409)
الشمل يجتمع أكثر والأمن يستتب أكثر ولن أستعجل الأحداث حتى تعلن في حينها لكن استبشروا خيرا ونفرح والله كلما رجع وأن لا يكون شريدا طريدا تبكي عليه أمه وأبوه وأبناؤه ويدعى عليه في مساجد المسلمين ويشق الطاعة على غير مشروع موفق ولا خطة سليمة ولا رأي سديد ولا عقيدة محمودة الرابع من آثار هذا العفو جمع الشمل وتوحيد الكلمة فإن العافي في حكمة يعلم أنه إذا عفى وأصلح تأتي القلوب وتجتمع عليه الأرواح وتحبه الأنفس كما قال سبحانه وتعالى (وألف بين قلوبهم لو أنفقت مافي الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه....) فتأليف القلوب واجب الراعي وهو ما فعله وواجب على والي الأمر أيضا الرفق كما قال عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه) وقال عليه الصلاة والسلام في الصحيح (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) الذي فعل هذا موافق لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام في الرفق يعني مطلوب من صاحب القوة الذي آتاه الله سبحانه وتعالى الدولة والقوة أن يعلم أن عباد الله فيهم من يخطئ ومنهم من يجهل ومنهم يفهم خطأ ومنهم من يغرر به ومنهم من تمثل له الشبهة ومنهم من تغلبه الشهوة فإذا عاد فليقبل منه فهذا فيه جمع الشمل... ولا يفوتني أن اشكر فضيلة الشيخ سامر الشيخ إمام هذا الجامع وأشكر لمن نسق لهذه المحاضرة الشيخ خالد العساف وكل من قام وشارك في هذا الاجتماع المبارك فأهل الفضل يشكرون ويثنى عليهم ويدعى لهم فنسأل الله أن يثيب كل من ساهم في الخير أو قال كلمة خير أو دعا إلى خير أو جمع شمل ونسأل الله باسمه الأعظم أن يصلح والي الأمر وأن يوفقه ببطانةً صالحة ناصحة راشدة تدله على الخير وتحذره من الشر ونسأل الله أن يجمع كلمتنا كلمة الراعي والرعية على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يجعل بلدنا أمنناً مطمأنا رخاءً سخاءً(1/410)
وسائر بلاد المسلمين سبحانك بلاد المسلمين سبحانك ربي رب العزة عما يأسفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي المصطفى وعلى اله وصحبه ومن والاه.
فضيلة الشيخ : خالد الراشد
ضيف الحلقة :
توبة صادقة
موضوع المحاضرة :
جعلت الحديث موجهاً للجميع ذكراناً وإناثاً نساءً ورجالاً فالتوبة وظيفة الجميع فها نركب قطار المستغفرين إلى ديار التائبين وننضم إلى قوافل العائدات والعائدين ونبدل الحال من حال إلى حال قبل نزوع مفرق الجماعات وهادم اللذات فلا ندري أين غداً تكون الدار إلى روضة من رياض الجنة أم إلى حفرة من حفر النار ومن أشرقت بدايته أشرقت نهايته ومن كان مع الله كان الله معه إلى من صدق مع الله في توبته إلى من صدق مع الله في توبته أقول أبشر بمحبة الله أبشر بمحبة الله جل جل في علاه كيف التائبين والتائبات شرفاً أن الله يحبهم إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين إن النجاة أحبتي لا تكون إلا باستغفار لا باستهتار وأنه من بذل الأسباب وصل إلى البواب عناصر اللقاء العنصر الأول للإيمان روائح ٌ ولوائح ثم باختصارً مع الثلاثة الذين خلفوا ثم من ترك شيئاً لله ثم لست فاتنة بل ظالمة ثم أخيراً اعتبروا يا أولي الأبصار العنصر الأول للإيمان لوائح وروائحٌ ديننا دين عزة والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين والعزة لا تنال بغير الإيمان ولا عزة حيث لا يكون إيمان والعزة لا توزع ولا تهب كيف ما هب ودب ما كان للهامات أن تنحني لو كان فينا عزة المسلمين قال الحافظ بن كثير في البداية والنهاي قال الحافظ بت كثير في البداية والنهاية مؤرخاً أحداث سنة سبعة وثمانين ومائة قال وفيها نقضت الروم الصلح الذي كان بينهم وبين المسلمين الذي كان عقده هارون الرشيد بينه وبين ملكة الروم الملقبة أغسطه وذلك أن الروم عزلوها وملكوا عليهم من يدعا بنغفور كان شجاعاً فكتب نقفور إلى هارون الرشيد خطاباً يقول فيه من نقفور ملك الروم إلى(1/411)
هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ يعني الطائر الكبير وأقامت نفسها مقام البيذق طائر صغير لا يطير يمشي على قدميه فحملت أليك من أموالها ما كنت حقيقاً لحمل أمثاله إليها وذلك من ضعف النساء وقلة حيلتهن فإذا قرأت كتابي هذا فردد أليا ما حملته إليك من أموال وأفتدي نفسك به وإلا فالسيف بيني وبينك يهدد هارون الرشيد يقول له إذا قرأت كتابي فردد ما حملته من أموال أليك وإلا فالسيف بيني وبينك فلما قرأ هارون الرشيد كتابه أخذه الغضب الشديد حتى لم يتمكن أحدٌ أن النظر أليه ولا يستطيع مخاطبته وأشفق عليه جلسائه خوفاً منه ثم أمر بحبر وقلم وكتب على ظهر الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم لقد قرأت كتابك لقد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه دون ما تسمعه ثم قام من فوره وأعد الجيوش وسار بها بنفسه حتى نزل بباب هرقلا ففتحها وسبا أبنت ملكها وغنم من الأموال شيئاً كثيراً وخرب وأحرق فخاف كلب الروم نقفور خاف كلب الروم نقفور وطلب من هارون المصالحة والموادعة على خراج يؤديه أليه في كل سنة فوافق هارون ورجع من غزوته الخبر ما ترى لا ما تسمع السؤال الذي أسأل نفسي وأسألكم إياه أين ذهبت العزة أين ذهبت العزة التي كنا يوماً نتفاخر بها فنسموا على أمم الأرض هذا أصاب أمتنا حتى تستكين وماذا وراء هزيمتنا أمام المغضوب عليهم والضالين أما كانت لنا الصافنات الجياد نصول على الظالم المجرم وكانت لنا عزة المؤمنين نباهي بها هامة الأنجمي فماذا دهانا فماذا دهانا لنرضى الهوان أناخ على القدس في مأتمي يلوث بالرجس ساحتها ويختال في ليلها الظلم لعلكم مثلي تتسألون لعلكم مثلي تتسألون وأليكم رد وجواباً على هذا السؤال رسول الهدى لو تبعنا خطاك وكنا من الله لم ننهزمي رسول الهدى لو تبعنا خطاك وكنا مع الله لم ننهزمي نعم وبأعلى الصوت نعم بأعلى الصوت هجرنا خطى سيد المرسلين(1/412)
ووضعنا أيدينا مع المغضوب عليهم والضالين وحاربنا الله جهاراً فأذلنا بعد أن كنا سادة الأرض
أليست هذه بيوت المسلمين التي تبيت على الموسيقى والألحان وجراحات المسلمين في كل مكان أما صنعت الشاشات والقنوات في بيوت المسلمين عجب العجب أما دنس أحفاد القردة والصليبيون والوثنيون أعراضنا أما قتلوا شبابنا وأهانوا شيبنا أما يتموا أطفالنا ورملوا نسائنا أما هدموا مقدساتنا ومساجدنا ومع كل هذه المئاسي لا لزالت أمتنا في ضياع وعم كل هذه المئاسي لزالت أمتنا في ضياع ما بين مقاهي خمر الليلية ونوادي للقمار وفي أحضان بنات الهوى والفجار وتاهت أمتنا ما بين أراء مطروحة وحلول مفضوحة تاهت أمتنا ما بين فناً وإعلاماً واستسلام بعد أن كان شعارنا الأخاذ الله أكبر استبدلنا الذي هو أجنى بالذي خير اسمع بارك الله فيك اسمع رعاك الله استطاع هارون رحمه الله أن يسير الجيوش ويقهر الرومان لأن خلفه الآف من الشباب الذين يغارون على دينهم ويدافعون عن أعراضهم وما كان لهارون أن يفعل ذلك بمفرده وما كان لهارون أن يفعل ذلك بمفرده فأين الشباب اليوم أين الصادقون أين الذين يتوبون ثم يستقيمون ويصدقون إن الأمة اليوم في أمس الحاجة لشبابها وفتياتها الذين يعتزون بدينهم ويتمسكون بعقيدتهم ويفخرون بماضيهم التليد والله والله الذي لا آله إلا هو لا زال في أمتنا خير وفي شبابنا خير وفي فتياتنا خير أهمس لكي همسة مع البداية أهمس لكي أيتها الغالية همسة مع البداية كان هناك فتاة عابدة صوامة قوامة في عمر الورود والأزهار من بنات هذا الجيل تقدم لها شابٌُ فترددت فقيل لها لماذا التردد لماذا لا توافقين قالت أحب الصيام والقيام قالت أحب الصيام والقيام فقيل لها إن خدمة الزوج عبادة وقربة إلى الله فأنت في خير وعبادة فاستخارت ثم قطعت التردد بالموافقة وقالت لكن بشرط وشرط واحدٌ ليس لي شرط سواه وقالوا ما هو قالت وأسمعي بارك الله فيكي قال أن يأذن لي بصيامة ثلاثة(1/413)
أيام من كل أسبوع فهي تعلم أن صيام النافلة لا بد أن يكون بأذن زوجها فاخبروه ففرح بالشرط ووافق وفرحت هي بموافقته وزفت أليه عروسا وبني بيتٌ على تقوى من الله ورضوانه الله أكبر نريد بيوتاًُ تبينا على مثل هذا على تقوى من الله ورضوانه ليتخرج منها الرجال والأبطال وأليك أنت أيضاً وأليك أنت أيضاً همسةُ مع البداية أعلم رعاك الله أن كل الأبطال تخرجوا من مدرسة الليل ففي الظلام تعلموا الإخلاص والأقدام أعلم بارك الله فيك أنك لن تكون فارساً مغواراً بالنهار حتى تتعلم الفروسية والرهبانية بالليل أخبرت عن شاب نحيل الجسم أخبرت عن شابً نحيل الجسم كثير الحياء قليل الكلام همه الإسلام والعمل للدين لم يتجاوز السبعة والعشرين من عمره لنكه ذو رأياٍ وقولٍ سديد والرجولة لا تعد بالسنين ولا بالأعمار يقول أحد الشباب رافقته مراراً في رحلات دعوية كم أصابنا فيها من تعب والإرهاق والمشقة والعناء ومع هذا رأيت منه عجب العجب كان صاحب قيام الليل وليس بأي قيام بل قيام طويل تتعب منه الأقدام أحبتي كثير هم الذين يقومون ولكن أين قيامهم من قيامه يقول الشاب عن ذلك صاحب الجسم النحيل كان يقوم في الليلة الواحدة بخمسة أجزاء من القرآن وما تخلف عن ذلك لليلة واحدة مهما كانت الظروف والأحوال قلت أنا هكذا هم الصادقون قلت أنا هكذا هم الصادقون كما قال الله عنهم كانوا قليل من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون هكذا هم الصادقون كما أخبر تبارك وتعالى عنهم تتجافى جفونهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمع ومما رزقناهم يتفقون فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لها من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون إن أمةً تمتلك أمثال هؤلاء الفتيات والفتيان أمة لا تقهر بأذن الله أمة لا تقهر ولا تغلب بأذن الله ولكنها وضع تحت لكن خطوط ولكنها تمتحن وتبتلى حتى يأتي أمر الله وحينها يفرح المؤمنون وحينها سيعلم الذين ظلموا ألا منقلب ينقلبون العنصر الثاني باختصار مع الثلاثة(1/414)
الذين خلفوا أنه خبر توبة زكاه الله في القرآن ثم أمرنا الله أن نكون منهم ومعهم قال سبحانه وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجئ من الله إلا أليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ثم أسمع النداء يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين جاء خبرهم عند البخاري مفصلا وأنا أسوقه لكم باختصار أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ليتأهبوا للغزو وكان ذلك في غزوة تبوك كان الحر شديدً والسفر بعيداً والعدو كثير والعدو كثيراً وعنيدا يقول كعب بن مالك راوي الحديث وأحد الثلاثة الذين خلفوا والله ما كنت قطا أقوى ولا أيسر حين تخلفت في تلك الغزوة ولما أنطلق النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه قلت غداً ألحقهم غداً ألحقهم ولم يزل بي ولم يقدر لي ذلك ولقد هممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت ولكن لم يقدر لي ذلك سأل النبي صلى الله عليه وسلم عني وهو في القوم بتبوك فقال رجلٍ يا رسول الله حبسه برداه ونظره في عطفه فقال معاد ابن جبل مدافع عن عرض أخيه قال معاد ابن الجبل بأس ما قلت والله يا رسول الله ما علما عليه إلا خيرا يقول كعب فلما بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم توجه قافلاً أي راجعاً حضرني همي وطفقت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخطه غداً فلما قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حل بالمدينة قادماً زاح عني الباطل وعلمت أني لن أخرج منه أبدا بشيئاً فيه كذب فأجمعت صدقه علا الله ينقذني بصدقي جاء المخلفون وكانوا بضعة وثمانين فوقفوا يعتذرون ويحلفون قبلا منهم النبي صلى الله عليه وسلم قبل منهم على نيتهم ووكل سرأيهم إلى الله فلما جئته تبسم تبسم المغضب فلما جلست بين يديه قال ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك قلت بلا والله لقد علمت لأن حدثتك بحديث كذبٍ ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك عليا ولأن حدثتك حديث صدقٍ تجد عليا فيه إني لأرجوا فيه عفو(1/415)
الله والله ما كان لي من عذر والله ما كان لي من عذر ووالله ما كنت قط أقوى ولا أيسر ووالله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك فقال صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك يقول كعب فقمت فلامني من لامني وقالوا لي يسعك ما وسع غيرك ويكفيك استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لك فقلت هل قال مثل قولي أحد فذكروا لي رجلين هم مرارة ابن الربيع وهلال ابن أمية فمضيت حينما ذكروهما لي ونهى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا نحن الثلاثة فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي الأرض التي أعرف فلما هي الأرض التي أعرف فلبثنا على ذلك خمسين لليلةً أما صاحباي فقعدا في بيوتهما يبكيان أما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج لشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف بالأسواق ولا يكلمني أحد تأمل الابتلاء في صدق التوبة والبلاء وكنت أتي الرسول صلى الله عليه وسلم أتيه في مجلسه فاسلم عليه بعد صلاته وأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام وأم لا ثم أصلي قريب منه أسارقه النظر فلما طال الأمر وأشتد ذلك عليا تصورت جدار حائط أبي قفادة وهو ابن عمي وأحب الناس أليا وأحب الناس أليا سلمت عليه فما رد السلام قلت أنشدك بالله أنشدك بالله يا أبي قفادة هل تعلمني أحب الله ورسوله فسكت فناشته فسكت فناشته فقال الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي وأخرجت أمشي في سوق المدينة باكياًَ فإذا بنبطي من أهل الشام يقول من يدل على كعب بن مالك فأشاروا الناس أليا فجاءني فدفع لي كتاباً من ملك غسان يقول فيه لقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك يعني النبي صلى الله عليه وسلم لقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار مضيعةٍ أو هوان فلحق بنا نواسك قلت هذا والله من زيادة البلاء فتيممت به التنور ورميه فيه فلما مضت أربعون لليلة من الخمسين جاءنا رسول الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نعتزل نسائنا قلت أطلقها أم ماذا قال بل(1/416)
اعتزلها فقلت لزوجتي الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر ولقد قيل لصاحبي مثل هذا إما امرأة هلال ابن أمية فجاءت إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقالت يا رسول الله أن هلال ابن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن اخدمه فقال لا ولكن لا يقربنك فقالت والله ما به حركة إلى شيء ولا زال يبكي من ذلك اليوم إلى يومه هذا يقول كعب رضي الله عنه فلبثت بعد ذلك عشرة ليالي حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا فما صليت الصبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا وأنا على تلك الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت إذا بصارخ يصرخ إذا بصارخ يصرخ على جبل سلع بأعلى صوته يا كعب ابن مالك يا كعب ابن مالك ابشر فخررت ساجدا وعرفت انه قد جاء الفرج وان النبي صلى الله عليه وسلم قد إذن بتوبة الله علينا فذهب الناس يبشرونني ويبشرون صاحبي فلما جاءني من يبشرني نزعت ثوبي فكسوته إياهما ببشرى و والله ما املك غيرهما ثم استعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوج بعد فوج يهنئونني بالتوبة يقولون لتهنيك توبة الله عليك فلما دخلت المسجد قام إلي طلحة ابن عبيد الله مهرولا فصافحني وهنئني و والله ما أنساها لطلحة يقول كعب فلما سلمت على النبي صلى الله عليه واله وسلم قال لي ووجهه يبرق من السرور وكان إذا سر أنار وجهه كأنه قطعة قمر قال يا كعب يا كعب ابشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ابشر يا كعب ابشر بيوم خير مر عليك منذ ولدتك أمك فقلت امن عندك يا رسول الله أم من عند الله قال بل من عند الله قلت امن عندك يا رسول الله أم من عند الله قال بل من عند الله فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله إنما نجاني الله بأصدق إنما نجاني الله بالصدق وان من صدق توبتي أن لا احدث إلا صدق ما بقيت والله ما اعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما(1/417)
أبلاني وانزل الله على رسوله وانزل الله على رسوله آيات تزكي هؤلاء التائبين لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه غفور رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم تأمل أيها التائب وتأملي أيتها التائبة في قول النبي صلى الله عليه واله وسلم لكعب ابشر بيوم خير مر عليك منذ ولدتك أمك يا الله ما أجمل التوبة وما أجمل الرجوع إلى الله التوبة ابتلاء وامتحان ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينات أحبتي صدق أقوام في توبتهم فصدق الله معهم فعفا عنهم وزكاهم واسمع واسمعي بعض من آثار توبة الصادقين والصادقات فمنهم من يحزنوا على اقتراف المعصية حزنا لا يفارقه حتى الموت ومنهم من يهجروا الناس ويعتزلهم ويضج في بيته بكاء ومنهم من يتمنى أن يكون تراب حتى لا يحاسبه الله على ذنبه ومعاصيه ومنهمك من يمرغ خديه بالتراب حتى يذوق طعم الذلة عسى الله أن يرحمه ومنهم من يتعلق بأسلاب الكعبة باكيا مطرقا خاشعا يطلب العفو من الله ومنهم من يجوب الصحراء هائما على وجهه يعاهد الله عز وجل أن لا يرجع إلى بيته إلا وقد تاب وتاب عليه الله ومنهم من يعتكف في بيت من بيوت الله يذكر الله ويتلوا القران ويركع ويسجد والدموع تتزاحم في عينيه ندما على ما فرض في جنب الله ومنهم من يحس بالآلام ورعشة ويبكي ويضطرب كالحية ويخر مغشيا عليه حياء من الله ومنهم من يشرق شرقه يموت بعدها خوف من الله ومنهم من بلغ من عبادة ربه انه يوم مات كأنه جزع محترق من عبادة الله أخي أخيه لا غرابة فيما ذكرت لا غرابة فيما ذكرت وقلت فالخوف من الله ارجف قلوب العفات وكاد يخلعها من مكانها فكم رعدت يروق الخوف في القلوب القاسية فذهبت عنها سحب الغفلة وأمطرت دموع الخشية(1/418)
فصفى سماء القلب واستنار وطلعت عليه شمس النهار وسبحان الذي قال عن التائبين يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار وسبحان الذي قال عن التائبين يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار بذكرك يا مولى الورى نتنعم وقد خاب قوم عن سبيلك قد عموا الهي تحملنا ذنوبا عظيمة أسأنا وقصرنا وجودك أعظم الست الذي قربت قوما فوفقوا و وفقتهم حتى أنابوا واسلموا لك الحمد لك الحمد عاملنا بما أنت أهله سامح وسلمنا فأنت المسلم ابشر أيها التائب باستغفار الملائكة ودعائهم لك قال الله الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين امنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم وما صلح من آبائهم وأزواجهم وذريتهم انك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تقهم السيئات يومئذٍ فقد رحمته وذلك هو الفوز المبين اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون اعلم واعلمي أن الذنوب الصغيرة تكبر وتعظم بأسباب منها الإصرار والمواظبة لذلك قيل لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار قال ابن ألسيري محمد والله لا ابكي على ذنب أذنبته ولكني ابكي على ذنب كنت احسبه هينا وهو عند الله عظيم وتعظم الذنوب أيضا باستصغارها فان الذنب كلما استعظمه المسلم في نفسه صغر عند الله تعالى وكلما استصغره كبر عند الله تعالى جاء في الخبر أن المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف أن يقع عليه وان المنافق يرى ذنبه كذباب مر على انفه فإطاره أوحى الله إلى بعض أنبيائه لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى كبرياء وعظمة من عصيت وتعظم الذنوب إذا فرح بها أصحابها وتبجحوا بها وبذكرها يظنون أن التمكن من الذنب نعمة ما دروا أنها غفلة وشقاوة يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شاننا كله ولا تكنا إلى أنفسنا طرق طرفة عين تعظم الذنوب إذا(1/419)
تعاظم أصحابها بستر الله إذا تهاون أصحابها بستر الله عليهم وحلمه عنهم وإمهاله إياهم ما درى أولائك أن الله يمهل ولا يهمل وإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون تعظم الذنوب إذا جاهر بها أصحابها فإن في ذلك كشف لستر الله الذي أسدله وتحريك لرغبة الشر في الآخرين ثم والإثم الذي أعظم من ذلك قلة الحياء مع الله قال صلى الله عليه وسلم كل أمتي معافاة إلا المجاهرين يبيت احدهم على ذنب قد ستره الله عليه فيصبح فيكشف ستر الله ويتحدث بذنبه ومن ستر على نفسه ستر الله عليه قال بعضهم لا تذنب فان فعلت فلا ترغب غيرك في الذنب فتكون كالمنافقين الذين قال الله عنهم المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف الحمد لله أن عافانا مما ابتلاكم به وفضلنا على كثير وفضلنا على كثير مما خلق تفضيلا العنصر الرابع أنا لست فاتنة بل ظالمة اسمها فاتنة وهي كاسمها جريئة ومتحررة مثقفة في كل شيء إلا في الدين عندها أن تكون ذات قلب طيب ولا عليها بعد ذلك تخالط من تشاء تلبس ما تشاء وتفعل ما تشاء جمعت ليلة صويحباتها للاحتفال بعيد ميلادها عيد ما انزل الله به من سلطان ورثناه عن الكفار تشبهاً وتقليداً ومن تشبه بقوم حشر معهم والعياذ بالله كانت في أجمل هيئة وأحسن مظهر بدأت تدور بين صديقاتها وتطلق الضحكات هنا وهناك وتسألهن أتدرين يا بنات ماذا ينقص حفلتنا هذه فأجبنها إجابات وهي تقول لا ثم لا وهي مصرة على كسؤالها ثم قالت ثم قالت وهي تجيب على سؤالها بنفسها وتضحك تنقصنا الشيخة علياء تنقصنا الشيخة علياء فانطلقت موجات الضحك من كل مكان فانطلقت موجات الضحك من كل مكان والاستهزاء من كل مكان ثم قالت أحداهن مدافعة لماذا كل هذا الضحك لماذا كل هذا الضحك والاستهزاء على علياء أليست زميلتنا أليست زميلتنا في الصف أليست صديقتنا الم تكن إلى عهد قريب رفيقتنا في سهراتنا وحفلاتنا وغفلتنا وهي ألان في محرابها مع صلواتها وقرانها(1/420)
أنها تبحث عن الآخرة ونحن عن ماذا نبحث فتجاهلنا سؤالها قالت أخرى لقد ذهبنا إليها أي إلى علياء لندعوها إلى عيد الميلاد ولكنها اعتذرت وأعطتنا محاضرة طويلة أعطتنا محاضرة طويلة عريضة في الأخلاق والدين والعادات والتقاليد و التقاليد الاجتماعية قالت فاتنة مسكينة علياء لقد كانت عاقلة متحررة قبل أن يصيبها هذا الهوس الديني الذي اختطفها من بيننا قلت أنا سبحان الله أصبح الدين هوسا وجنونا ثم تابعت فاتنة حديثها وهي تقول فعلا مسكينة علياء لقد انقلبت بسرعة وتسممت أفكارها وتغيرت هيئتها لقد أطالت ثيابها فأصبح منظرها ككبيرات السن والفلاحات لم تعد تؤمن بان خير اللباس ما قل ودل لم تعد تؤمن أن خير اللباس ما قل ودل والأدهى من ذلك شعرها أصبح بضاعة محرمة مغطاة تحت ذلك السواد مسكينة علياء نسيت أن الله يهمه منا القلب وكل ما عدا ذلك شكليات الله اكبر أصبح الحجاب والتمسك بالدين شكليات قاتل الله الشاشات و القنوات ثم تابعت فاتنة حديثها عن علياء أنها تخوفنا من النار وان الله سيحرق به أجسادنا المكشوفة أنها تنذرنا من شيء اسمه الموت ومن شيء آخر تسميه الحساب والحشر بل اسمعوا يا بنات أنها تحملنا مسؤولية إغواء الشباب و إغراء الرجال فقالت أحداهن لقد قتلتها الهواجس والوساوس قتلتها الهواجس والوساوس ونسيت إن الرجال للنساء خلقنا ولهن خلقنا الرجال مسكينة علياء أين ستجد فتى أحلامها أين ستجد السعادة والأنس لقد قتلت نفسها وهي في ريعان الشباب ولا بد أن نصنع شيء لإنقاذها فارتفعت الأصوات لا بد من إنقاذها لا بد من إنقاذها قبل إن تقتل نفسها بطول العبادة ولزوم البيت فلا أسواق ولا حفلات ما هذا الفهم الخاطئ للدين إن الحياة متعة وحرية أما الموت فمالنا وماله الآن نعم سنموت عندما نشيخ ونهرم انه الأمد الطويل ومن أطال الأمد أساء العمل أنتها الاحتفال ودارت سنوات وتخرجت البنات تخرجت فاتنة وتخرجت علياء وثبتت على طريق الاستقامة والالتزام(1/421)
ماذا حصل لفاتنة وماذا حدث لعلياء والأخريات تعالوا أعطوني مسامعكم نتابع القصة من مكان أخر في إحدى المستشفيات في الدور الرابع في غرفة من الغرف صوت أنين مريضة يملئ الغرفة أنها في تلك الغرفة منذ عدة أشهر ولقد إياس الأطباء من حالتها ولقد إياس الأطباء من حالتها وأصبح صوت أنينها معتاد في المستشفى ولا احد يستطيع أن يفعل لها شيء لقد تعودت الممرضات على سماع أنينها وشكواها إما الطبيبة المناوبة الجديدة في المستشفى فلم تستطع أن تتجاهل ذلك الصوت وذلك الأنين فأخذت بعض العقاقير والمهدئات وولجت إلى تلك الغرفة فتحت الباب فإذا بامرأة على السرير في سبه غيبوبة جست نبضها فإذا هو نبض ضعيف على وشك التوقف أصغت إلى تنفسها فكان التنفس مضطربا خافتا فجلست في جانبها وأعطتها بعض المنعشات فأفاقت بعد قليل واستوت على سريرها أدارت المريضة عينيها أدارت عينيها فيما حولها ثم ثبتت نظرها على وجه الطبيبة ثم أخذت تفرك عينيها بيديها الضعيفتين ثم زاد اضطرابها ثم قالت للطبيبة بربك قولي لي بربك قولي لي من أنت قولي لي بالله العظيم من أنت فقالت الطبيبة أنا أنا الطبيبة يا أماه قالت أنا الطبيبة يا أماه فقالت المريضة أنا لا أسألك عن مهنتك أنا أسألك عن أسمك أسألك بالله العظيم ألست أنت علياء أسألك بالله العظيم ألست أنت علياء الطبيبة باستغراب بلا أنا علياء وفي لحظات إذا بالمريضة تطوقها بذراعيها وتضمه إلى صدرها وتقبله وتجهش بالبكاء وزاد استغراب علياء وصعقت من عساها تكون هذه المريضة وهل بها مس من الجنون كيف عرفتني وأنا لم أقابلها من قبل ولم يسبق لي علاجها بل هذه أول ليلة لي في المستشفى كطبيبة مناوبة فرجعت علياء برأسها إلى الوراء وأخذت تنظر إلى المريضة مشدوهة مصعوقة لا تدري ماذا تفعل ثم قالت للمريضة من أنت يا خالة من أنت يا خالة وكيف عرفتي أسمي وهل التقينا من قبل فردت المريضة بصوت تخنقه العبرات نعم يا علياء لقد التقينا مرات(1/422)
ومرات إن أسمك وصورتك لم يفارقا خاطري خاصة عندما أصابني المرض قبل ثلاث سنين آه يا علياء أنا التي أكلت لحمك واستهزأت بك أنا فاتنة أنا فاتنة يا علياء ثم انفجرت بالبكاء والنحيب صدمت علياء ولم تستطع الكلام ثم قالت وهي لا تصدق ما سمعت أقسمت عليك بالله أأنت فاتنة مستحيل فاتنة كانت كاسمها أصغر وأنضر فقالت فاتنة بصوت خافت متقطع نعم أنا التي كان يقال لها ذات يوم فاتنة فأكبت عليها علياء تضمها إلى صدرها وتجهش بالبكاء المر الأليم فلما هدأ البكاء أخذت فاتنة تروي قصة سبع سنين منذ أن افترقت قالت تخرجت من البكلوريا وحاولت إكمال الدراسة فلم استطع كنت لاهية متمردة على كل شيء لم أكن اشك بالله لم أكن اشك بالله لكن كنت اعتقد انه كل ما لله عندي أن أكون طيبة القلب وكفى تعرفت على كثير من شبان وفتيات تعرفت على كثير من شبان وفتيات ثم ارتبط برجل تعرفت عليه في الوظيفة أحبني وأحببته لكننا كنا نعيش حياة غافلة بعيدة عن الله ثم بعد زواجنا بسنوات رزقنا الله بطفلة صغيرة جميلة رائعة سميتها سوسن على أسم صاحبتي التي تعرفينها ثم بدأت أشكو من آلام في بطني فقال الأطباء إنها قرحة فأخذت أتعالج من دون فائدة وأخذت آلامي تزيد وهمومي تزيد وأنا أهرب منها بمزيد من الغفلة والضياع ثم تدهورت صحتي وجاء التشخيص الجديد ليقول بداية تورم خبيث في المعدة وهكذا استحالت القرحة إلى سرطان ثم اخذ السرطان يستفحل ويزيد إلى أن أقعدني هنا أصارع الألم وانتظر الموت في أي لحظة لم أرى أبنتي منذ أربعة أشهر عمرها الآن أربعة سنوات وزوجي لم يأتي لزيارتي منذ أسبوعين لقد تعب من التردد علي لقد تعب من التردد علي كل يوم لعله ملني أو كرهني فلما سمعت علياء قصتها لم تتمالك نفسها وانخرطت في بكاء شديد ثم تمالكت نفسها وقامت إلى فاتنة تضمها إلى صدرها وتواسيها وتخفف عنها لا تجزعي يا فاتنة لا تجزعي يا فاتنة فقد عرفتك شجاعة قوية لا تقنطي من رحمة الله لا تستسلمي(1/423)
لليأس فقد يكتب الله لك الشفاء وقد يكون هذا ابتلاء فاستسلمي إلى قضاء الله وقدره واصبري فالصبر جميل والله مع الصابرين هدأت فاتنا و أخذت تقول عفوك يا رب عفوك يارب لم يبقى لي سواك فهل تقبلني رحماك يا الله ليته الابتلاء ليته لا انه الانتقام انه الانتقام لأولئك الضحايا التي فتنتهم وأغويتهم انه الانتقام لأولئك الضحايا الذين فتنتهم وأغويتهم لكم تجاهلت كلام أمي الحنون كم تجاهلت كلام الناصحين المحبين يا الله كم أغويت من شاب وأفسدت من فتاة ثم أخذت تردد وتقول اقترب مني يا موت اقترب مني يا موت فلطالما خدعتني أوهامي لقد ظننت انك لا تأخذ إلا الكبار والشيوخ وتترك الشباب لقد خدعتني نفسي وغرني طول أملي ثم أخذت تسال علياء أصحيح يا علياء أن القبر مظلم أصحيح يا علياء أن القبر ضيق فتجيب نفسها نعم صحيح وعما قليل سأحمل إليه جسدا باردا هامدا هناك لن يموت معي أهل ولا أحباب ولن يكون معي مال ولا ثياب لن يكون هناك زوج ولا أصحاب يا الله كيف سأفارق صغيرتي سوسن أنا لا زلت صغيرة ولم اشبع من الحياة ثم أمسكت بخصلة من شعر هال ثم قالت أصحيح انك ستتساقط في القبر شعرة شعرة ثم تلمست عينيها وقالت بكما أرى النور كم أسقطت بنظراتي من شاب أحقا سيأكلكما الدود وينهشكما التراب أخذتها علياء بين ذراعيها وضمتها إلى صدرها وأخذت تقرا عليها القران وتدعوا لها بالشفاء وأخذت تقول لها كفى يا فاتنة كفى يا فاتنة لا تقنطي من رحمة الله لا تقنطي من رحمة الله ولا تيأسي من شفاء الله فقالت فاتنة أسألك بالله يا علياء أيغفر الله لي وقد فعلت ما فعلت فقالت علياء بصوت واثق وكيف لا يا فاتنة أليس الله واسع المغفرة أليس الله تواب رحيم الم تسمعي قول الله قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم فقالت فاتنة بربك يا علياء لا تناديني بعد الآن فاتنة ناديني ظالمة ناديني ظالمة نعم ظالمة(1/424)
لقد ظلمت نفسي ظلما كثيرا ثم وبقدرة عجيبة استوت فاتنة على سريرها ورفعت يديها إلى السماء وهي ترتجف وهي ترتجف ضالعة وأخذت تدعوا الله برقة وخشوع اللهم اشهد اللهم اشهد باني قد رجعت إليك وانبت إليك فهذه أنا طريحة على بابك اللهم إن كنت قد كتبت لي الشفاء وهذا ليس صعبا عليك وقد اخفق الأطباء وعجز الحكماء فاشهد يا حكيم اشهد يا حكيم بأنني لن أعصيك أبدا اللهم وان كنت قد قدرت علي الموت عاجلاً فاشهد باني لم ايئس من رحمتك ولن اقنط من مغفرتك طالما بقي في صدري نفس يتردد يا رحمن يا رحمن الدنيا والآخرة يا الله ظلمت نفسي ظلما كبيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت انك أنت الغفور الرحيم
فضيلة الشيخ : أ.د فالح الصغير
ضيف الحلقة :
هو مسؤولية المرأة في هذه الحياة
موضوع المحاضرة(1/425)
وفي هذه الليلة نناقش مسألة من هذه المسائل من منظورنا الشرعي ومن منظورنا الواقعي ذالكم هو مسؤولية المرأة في هذه الحياة بالإضافة إلى أن المرأة غير ما لاقت من تلك الهجومات الشرسة والتبني لقضيتها بأسماء ومسميات متعددة إلا أن الله سبحانه وتعالى خلقها على طبيعة خاصة تختلف عن الرجل في أصل الخلقة فالرجل خلق بطبيعة معينة والمرأة خلقت بطبيعة أخرى فالمرأة تتعرض للحيض والنفاس والرضاعة ومشاعرها وعواطفه ووزنها للأمور يختلف عن الرجل ولذلك من رحمة الله سبحانه وتعالى عليها ورحمة الإسلام لها أن جعل لها أحكام تخصها ثم إن من الملاحظ في الأزمنة المتأخرة تساهل كثير من النسوة في أداء واجبهن وأداء مسؤوليتهن الخاصة بهن والعامة لهن ولغيرهن ولذلك كان لزام أيضاً أن يتحدث عن هذا الموضوع المهم المرأة أيها الأخوة والأخوات مسئولية مسئولة ومكلفة كالرجل كلفها الله سبحانه وتعالى في هذه الحياة فهي تدخل في أصل التكليف العام إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبينا أن يحملنها ويشققن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً وهنا تدخل في حمل هذه الأمانة ثم نجد النص أو النصوص الأخرى في القرآن على الذكر والأنثى كما في قوله سبحانه وتعالى من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلا نحينه حياة طيبة وفي الآية الأخرى فأولئك يدخلون الجنة وفي أية ثالثة فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى وفي الآيات التي بينت الصفات ذكر الله جل وعلا الرجل والمرأة كما في قوله جل وعلا إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات إلى أخر هذه الآية فجعل النساء مع الرجال كل هذه الآيات تدل على أن المرأة مكلفة وعليها مسئولية يجب أن تقوم بها في هذه الحياة والرسول عليه الصلاة والسلام نص في أحاديث كثيرة على هذه المسئولية أو على أجزاء من هذه المسؤولية من ذالكم قوله عليه الصلاة(1/426)
والسلام في ما رواه الترمذي وغيره إذا صلت المرأة فرضها وصامت شهرها وأطاعت زوجها وحفظت فرجها قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت فهذا دليل على أن المرأة مكلفة وذات مسئولية ذكر في هذا الحديث أجزاء من هذه المسئولية وفي الحديث المشهور الأخر كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته إلى ان قال عليه الصلاة والسلام والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها فالمرأة عليها مسئولية هذه حقيقة يجب ان تستقر في النفوس في نفوس المسلمين والمسلمات فالمرأة عليها تكليف من الله سبحانه وتعالى وهذا التكليف وتلك المسئولية يمكن أن نضعها في الدوائر الآتية الدائرة الأولى مسئوليتها عن نفسها فالمرأة مسئولة عن نفسها والله جل وعلا سيحاسبها كما يحاسب الرجل فيما عملت في هذه الحياة ويمكن أن نفقط هذه المسئولية التي عن نفسها في النقاط الآتية فهي مسئولة عن نفسها بإيمانها بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره مسئولة عن هذا الإيمان مسئولة عن هذه العقيدة بأن تستقر في نفسها وأن تظهر على لسانها وعلى جوارحها في الأعمال يجب أن تقوم بهذه المسئولية وهذه أعظم مسؤولية وتنطلق منها سائر المسئوليات ومما يتابع هذا الإيمان الحذر مما يناقضه ويخالف أصله أو يخالف كماله مثل الشرك والنفاق والسخرية بالله وبدينه وبرسوله وبشرعه وبأحكامه أو بصرف عبادة من العبادات لغير الله جل وعلا أو استعمال السحر وتوابعه كل هذا مما يناقض أصل هذا الإيمان أو يناقض كمال الإيمان فالمسئولية مسئولية فهي مسئولة أيضاً عن اقتراف مثل هذه الأمور التي تخل بهذه المسئولية الكبيرة(1/427)
ومن مسئوليتها عن نفسها العلم والمقصود بالعلم العلم بالله وبرسوله والعلم بشرع الله والعلم بما يجب عليها أتقوم به من أحكام دينها من صلاتها وصيامها وزكاتها وحجها وعمرتها وما يجب أن تقوم به في طهارتها وفي وظيفتها في بيتها وفي غير ذلك والعلم كما هو فاضل بالنسبة للرجال فهو فاضل بالنسبة للنساء وخير القدوات بمثل هذا الباب عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين التي كانت مرجعاً كبيراً من المراجع العلمية في عهد الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كانت من المكثرين لرواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تصحح للصحابة بعض ما يقعون فيه وإذا أشكل عليهم أمر وبخاصة من الأمور المنزلية يرجعون إليها عما كان يعمل عليه الصلاة والسلام فالمسئولية الأخرى عن نفسها مسئولية العلم والمقصود بهذا العلم العلم الشرعي الذي يقوم به دينها وتقوم بمسئوليتها من خلاله وتعرف الواجبات عليها وأيضاً العلم بواقعها الاجتماعي في علاقتها مع الرجل زوجة وأماً وبنتاً وأختاً وغير ذلك والعلم بما يكاد لها في هذا الوقت وهذا سيأتي له كلام خاص كذلكم مما يجب أن تعمله الزيادة عن العلم الواجب وهو سائد العلوم الشرعية بما أن تبلغ هذا العلم ومما يخصها ويحب عليها العلم الذي يخصها فهناك من الأشياء كما أشير إليه قبل قليل يخص المرأة كالعلم بالطهارة مثلاً بحيضها بنفاسها والطهارة من ذلك برضاعتها لأبنائها ولغير أبنائها بالواجب عليها من أحكام الصلوات وأحكام الحج والعمرة فقد خفف عنها الكثير نمن الأحكام لمراعاة طبيعتها كما هو معلوم ثم العلم بما يدور حولها لأن تكون على استعداد وعلى حذر في الوقت نفسه مما يكاد لها والأمر الثالث من مسئوليتها عن نفسها قيامها بالعمل الصالح والعمل الصالح كما هو معلوم ما دل عليه الدليل من الكتاب والسنة فما دل عليها لدليل كان عملاً صالحاً وما خالف الدليل كان عملاً غير صالح ولذلك جاء في الحديث صراحة من(1/428)
احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد فالعمل الصالح ما كان على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقسم من حيث حكمه إلى واجبات ومستحبات أعمال واجبة وأعمال مستحبة فالمرأة عليها أن تعلم الواجب لأن تقوم به وأن تعلم المستحب لكي تأخذ منه نصيباً تجده عند الله سبحانه وتعالى ولذلك جاء في الآيات السابقة من عمل صالحاً من ذكر ٍ أو أنثى وهو مؤمن فكما نص على الإيمان نص على العمل الصالح فمن مسؤوليتها أن تقوم بالعمل الصالح والعمل الصالح قد يقصر نفعه عليها ذاتها هي من الصلاة مثلاً ومن قراءة القرآن ومن الصيام فهذا كما أن منه واجب ومنه مستحب فمنه ما نفعه قاصر عليه ومنه ما نفعه متعدد للآخرين مثل الزكاة والصدقات والتبرعات وتعليم العلم والدعوة إلى الله عز وجل وتربية أبنائها وبناتها ومساعدة غيرها على الخير إلى غير ذلك من الأعمال ومما يخص بالنسبة للمرأة القيام بحقوق منزلها وبالذات في ما يجب عليها اتجاه زوجها وأبنائها وبناتها فهذا من الأعمال الصالحة التي يجب أن تتعلمها المرأة وأن تعمل به كذلك مما يجب عليها بخاصة ما يتعلق بسترها وحجابها وأحكامها الخاصة يجب أن تتعلم ذلك وأن تعمل به وكل ذلك داخل العمل الصالح وغيرها من الأعمال الصالحة التي لا حصر لها هذه الأمور الثلاثة وختامها الأمر الرابع في مسئوليتها عن نفسها حماية نفسها من المعاصي والمهلكات الرسول صلى الله عليه وسلم نص على هذه المسئولية كما في خطبته يوم العيد عندما وعظ النساء وقال رأيتكن أكثر أهل النار فدل هذا النص من النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة يجب إن تحذر مما يوقعها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد هذا الكلام بكلام خاص ولم يجعله ضمن غيره فقالت قامت امرأة وقالت لما يا رسول الله قال لأنكم تكثرتن الشكاة وتكفرن العجيب فكثيرات الشكوة وكثيرات منهن من يكفرنا العجيب إذا أحسن إليها الدار كله ثم إذا أخطأ خطأ واحد قالت لم أرى منك خيراً قط فإذاً الرسول(1/429)
عليه الصلاة والسلام نبه هنا إلى أمر في غاية الأهمية وهي أن المرأة بحكم عاطفتها الجياشة يمينا أ و شمالاً قد تقع وتزل من حيث لا تشعر فعلها مسئولية تجاه حماية نفسها من الوقوع في المعاصي والمهلكات الدائرة الثانية مسئوليتها عن بيتها فمن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى شرع للناس الزواج ويقترن الزوج بالزوجة ويكونان من خلال هذا الاقتران البيت يبدأ بيتاً مصغراً بهما ثم ما يتفرع عنهما من أبناء وبنات وإخوة وأخوات وهكذا هذا البيت جعل الرجل قواما عليه بمعنى مشرفاً عليه وجعلت المرأة مسئولية مسئولة عن هذا البيت بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها فهذا نص كلام رسول صلى الله عليه وسلم هذه المسئولية من أعظم المسؤوليات بالنسبة للمرأة وهي المسؤولية الأساس لما تنتقل من مسؤوليتها عن نفسها إلى مسؤوليتها عن الآخرين فهي مسئولة عن بيتها بالدرجة الأولى ولذلك أن نلحظ المعنى الكبير عندما وجه الله سبحانه وتعالى النساء وقال وقرن في بيوتكن فهذا التوجيه لم يأتي عبثاً وإنما أعطى إشارة قوية إلى أن الميدان الأول والاهم والأعظم في قيام المرأة بمسؤوليتها في هذه الدائرة ابتدأ من اقترانها بزوجها وجاء في أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في عظم حق الزوج على زوجته وفي وجوب تربية الأبناء والبنات وفي رعاية المشكلات الواقعة في هذا البيت في حماية البيت من المؤثرات الداخلية ومن المؤثرات الخارجية حماية هذا البيت من شياطين الإنس ومن شياطين الجن حماية هذا البيت من المؤثرات الخارجية كمبتلي به كثير من الناس باستعمال أشياء كثيرة خاطئة كاستعمال الفضائيات التي تجلب أمور كثيرة خاطئة قد تزلزل كيان هذا البيت ولذلك المرأة هنا يجب أولا في قيامها بمسؤوليتها أن تستشعر عظم الأمانة الكبيرة الملقاة على عاتقها في هذه الدائرة المصغرة دائرة البيت ولذلك من خلال توجيه الرسول عليه(1/430)
الصلاة والسلام والمرأة راعية في بيت زوجها وعندما بين الله سبحانه وتعالى إن الرجال قوامون على النساء لا يعني هذا إن الرجل هو المسئول فقط الرجل هو المشرف العام على تسير البرامج العامة في البيت أما التفصيلات الداخلية فالمديرة هي هذه الزوجة هذه الأم هي المديرة والمسئولة عن تنفيذ البرامج المتفق عليها بينها وبين زوجها لهما ولأبنائهما ولبناتهما وعندما تحصر المرأة مهمتها في بيتها بجزئية من الجزئيات كان تجتهد في الطبخ مثلا أو تجتهد في الكنس والغسيل دون الاهتمام بالشيء الأساس هو تربية هؤلاء الرجال وتلك الأمهات رجال المستقبل وأمهات المستقبل حين إذا هذا خلل في قيامها بمسؤوليتها في دائرتها المهمة لذلك يجب على المرأة أن تستشعر عظم هذه الأمانة وان مخالفة هذه الأمانة خيانة كما ذكر الله سبحانه وتعالى يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم لان ما في داخل هذا البيت هو جزء من الأمانة على هذه المرأة وإذا أردنا أن نعطي بعض التفقيط لهذه المسؤولية فالمرأة عليها مسؤولية بصفتها زوجة وعليها القيام بحقوق هذا الزوج من طاعته مثلا في غير معصية الله كما جاء في الحديث السابق إذا صلت المرأة فرضها وصامت شهرها وأطاعت زوجها فعليها هذه الطاعة وليس هناك طاعة عظيمة في طاعات البشر من الأهمية مثل طاعة المرأة لزوجها فقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه لو كان لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولكن السجود منع في هذه الشريعة المباركة مما يدل على على عظم حق الزوج ولا يعني لما يؤكد على هذا المعنى كثيرا إنما تفهم بعض النساء إن الزوج ليس عليه مسؤولية اتجاهها لا عليه مسؤولية ومسؤولية عظيمة لكن ليس هذا المقام مقام ذكر هذه المسؤولية وإنما المقام ذكر مسؤولية المرأة اتجاه زوجها فمن ذلك مثلا التودد إليه التحبب له كما اخبر الله سبحانه وتعالى عن نساء للجنة عربا اترابة والعرب المتودد المتوددة(1/431)
لزوجها من ذلك أن لا تعمل عملاً يخالف ما يريد ولو كان طاعة لله عز وجل وهذه الطاعة نافذة كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقول لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه مما يدل على عظم القيام بحقوق هذا الزوج من ذلكم أيضا أن تقوم بمسؤوليتها في بيتها لزوجها وأبنائها في الطبخ والغسيل والكنس وإذا اتسع هذا الأمر لا مانع من أن يؤتى بمن يعاونها لكن هذه من مسؤوليتها لا كما يفهم بعض الناس أن مسؤولية المرأة فقط في التودد والتحبب وفي الفراش ونحو ذلك لا ما دام داخل دائرة هذا البيت فقمن مسؤوليتها سيدة نساء أهل الجنة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت تشتكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من تشقق يديها من الرحى تريد من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي لها بخادم يعينها على ذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يعترض وقال ليس هذا من شؤونك وإنما أرشدها وارشد زوجها إلى أن يقومان ببعض الأذكار ومن ثم يعينهم الله سبحانه وتعالى على القيام بهذه المهمة العظيمة مهمة هذا البيت وهو قبل أن يرقد أن يقول سبحان الله ثلاثاً وثلاثين والحمد لله ثلاثاً وثلاثين والله اكبر أربعا وثلاثين فقد أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك وقد لازم هذا الذكر علي ابن أبي طالب رضي الله عنه فقال له رجل لم تتركه ولا ليلة صفين قال ولا ليلة صفين لأنها ليلة معركة لم ينسى هذا الذكر مما يدل على عظم هذا الذكر بمعونة الرجل والمرأة على القيام بمسؤوليتهما كذلك من مسؤوليتها الاعتراف بفضله وعدم كفران النعمة كما ارشد إلى ذلك النبي عليه الصلاة والسلام فجعل كفران العشير من عوامل دخول النار والعياذ بالله فقال أنا كنا تكثرن الشكوى يعني كثيرات الشكوى وتكفرن العشير يعني الزوج بالدرجة الأولى هذه لمحات من مسؤوليتها اتجاه زوجها ثم مسؤوليتها بصفتها أم والأم كما أن لها حقوق عظيمة جعل الله سبحانه وتعالى حقها بعد حق الله سبحانه وتعالى في(1/432)
نص القرآن وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا وجميع ما ذكر في القرآن من حقوق الوالدين ذكر بلفظ الإحسان لماذا لأن الإحسان أرقى أنواع التعامل بين العبد وبين ربه وبين العبد وبين الآخرين فالإحسان بين العبد وربه هو أعلى مقامات العبودية أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك والإحسان بين الخلق أعلى مقامات التعامل لذلك جاء النص بالإحسان في مجالات عدة منها العلاقة مع الوالدين وبالوالدين إحسانا وكما أن للوالدين حقوقاً فعليهما واجبات والأم بصفتها موضوع حديثنا عليها مسؤولية من حين توافق أو لا توافق على الزوج تبدأ مسؤوليتها اتجاه أبنائها وبناتها لماذا فإذا وافقت على الزوج الكفء الصالح فهذا أول باب يفتح للتعاون بين الزوجين لصلاح ابناهما وبناتهما ولكن إذا وافقت على غير الكفء بان كان هناك خلل في دينه وفي أمانته أو في خلقه أو في عقله فابتدءاً نقص تربيتها لأبنائها وبناتها فتبدأ مسؤوليتها عن أبنائها وبناتها من حين إعطاء الموافقة على المتقدم للزواج منها فعليها أن لا تقبل وإلا يقبل وليها إلا الكفء والكفء وإذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه في رواية وفي أمانة وأمانته ويدخل ضمن الخلق والأمانة العقل بان يكون العقل وسيلة التصرف ثم في مسؤوليتها من حين يبدأ لقاء الزوج بزوجته وذلك بالدعاء الوارد عند لقائهما في جماعهما اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ثم حين يوضع في بطنها ويكتبه الله عز وجل بمراعاته ثم في بعد خروجه وهكذا تبدأ مسؤوليتها لهؤلاء الأبناء والبنات فتبدأ تربيهم على قوة العلاقة بالله عز وجل فحين ينطق تعلمه الأذكار تعلمه الكلام الطيب حينما تسنح فرصة للمحادثة تربي فيه محبة الله عز وجل تربي فيه عظمة الله سبحانه وتعالى تربي فيه مراقبة الله سبحانه وتعالى عندما يكسر الكأس عندما يعبث بشيء تربط هذا الأمر بالله سبحانه وتعالى حتى يتعمق في نفسه حب الله سبحانه وتعالى وعظمة(1/433)
الله جل وعلا وخشيته سبحانه وتعالى وإذا بدأ يستوعب تبدأ بتحفيظه شيء من القرآن وهكذا شيئاً فشيئاً فإذا ما أتم السابعة من أبناء أو بنات أأمروا بالصلاة وحتى العاشرة وفي السابعة أعطانا النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعلم إذا بلغ الصبي سبع سنين أؤمر بالصلاة هذا معلم من المعالم التي أعطانا إياها النبي صلى الله عليه وسلم أأمروا أبنائكم بالصلاة بسبع فمعناه انه أأمروا بالعبادة إذا كان يطيقها وإذا لم يطقها ينتظر قليلاً حتى يبلغ العاشرة فيؤمر بجد ولا مانع من العقاب عند كثرة المخالفة بما يناسبه بما يناسب حاله ثم في هذه السن تبدأ طموحات الابن تختلف عن طموحات البنت ويفرق بينهم في المضاجع فتتولى الأم البنت بالدرجة الأولى فإذا خرج الابن إلى الشارع تولاه الأب بالدرجة الأولى وهكذا تبدأ مسؤولية الأم في داخل بيتها وتتعاون مع زوجها في ذلك أما الدائرة الثالثة وهي أوسع مسؤوليتها نحو مجتمعها وأمتها لا شك أن الأصل في مسؤولية المرأة عن نفسها ثم عن بيتها ولكن جعل الله سبحانه وتعالى بعض النساء قدرات أو قد تكون مسؤوليتها في بيتها محدودة ونحن في هذا الزمن خرجت المرأة معلمة وطبيبة وتعمل في الشؤون الاجتماعية أيضا المرأة لها قريبات صارت تجتمع معهن ولها جارات كذلك فإذا المرأة لها علاقة في المجتمع علاقة من خلال قريباتها من خلال جاراتها من خلال صديقاتها من خلال عملها من خلال ما يفرض عليها في مجمعاتها تذهب للطبيبة وتنتظر ساعة ساعتين مع مجموعة من النساء إذا المرأة لها علاقة في المجتمع فعليها إذا مسؤولية كبيرة اتجاه هذا المجتمع ويمكن أن تقوم بهذه المسؤولية نفقط بعضها من خلال اجتماعاتها مع أقاربها أو مع جيرانها أو في المجمعات النسائية المعتادة أو فيما فتح علينا به من الدور النسائية لتحفيظ القرآن ونحو ذلك فهنا يجب أن تقوم بمسؤوليتها ومسؤوليتها هنا بحسب قدراتها وبحسب ما أعطاها الله سبحانه وتعالى من العلم وبحسب ما(1/434)
أعطاها من التأثير فمعلمة القرآن مثلا أن تقوم بهذه المسؤولية فتعلم البنات والأمهات فأصبحت ترث ميراث عائشة وميراث النبي صلى الله عليه وسلم المعلمة في المدارس ليست معلمة لتتقاضى شيء من الراتب ويذهب بالأزياء والموديلات والمفاخرة والمجوهرات ونحوها المسؤولية الكبر عليها في رعاية من تعلمهن سواء كانت تعلمهن علوم شرعية أو علوم غير شرعية فمثلا معلمة العلوم الشرعية توضح هذه الأمور وتربطها بالله سبحانه و تعالى فتشرح الآية وتبين الحكم الفقهي وتوضح فوائد الحديث وتضرب أمثلة على واقع البنات ونحو ذلك ومعلمة العلوم غير الشرعية كمعلمة العلوم عندما تشرح عن حيوان من الحيوانات أو عن طير من الطيور تربط هذا المخلوق بالله عز وجل كيف خلقه كيف سواه كيف عمل فيه كيف فضلنا الله سبحانه وتعالى عليه معلمة الرياضيات عندما تقول واحد زائد اثنين عندما تقول ذهب عشرة يصلون في المسجد لا تقل ذهب عشرة مثلا يلعبون كذا لبست المرأة عباءتها ولقيت كذا في عمليات الجمع والطرح وغير ذلك فتربط الأمور بهذا الدين وهذا إما أن يكون بشكل مباشر وإما أن يكون بشكل غير مباشر المرأة في المجمعات النسائية العادية تنتظر عند الطبيبة ذهبت إلى جيرانها اجتمعت مع قريباتها تستغل الوقت ليس بالقيل والقال وإنما تقول سمعت الحديث الفلاني سمعت الآية الفلانية تأتي معها بكتيب حصلت عليه نقرأ منه الصفحة معها مسابقة تذكرها بينهم وإذا كان عندها شيء من المادة توزع عليهم بعض الهدايا من خلال إجابات هذه المسابقة تحصر فوائد لتلقيها إليهم حكم وهكذا تحذير من آفة من الآفات من معصية من المعاصي المنتشرة وهكذا فإذا المرأة من خلال عليها مسؤولية اتجاه مجتمعها وأمتها من خلال هذه المجمعات فضلاً عمن لديها استطاعة بان تشارك المرأة في الميادين التي تكون خاصة بهن كالمؤتمرات الخاصة بهن الندوات الخاصة بهن التي من خلالها تفيد بنات جنسها كالندوات التي تعملها بعض المدارس بعض(1/435)
الجامعات بعض الدور ونحو ذلك أما الدائرة الرابعة والأخيرة فهي مسؤولية المرأة اتجاه ما يكاد لها من أعدائها وكما هو معلوم أن الحق والباطل صراع منذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى يوم القيامة وقائد الباطل إبليس أعاذنا الله جميعا منه لا يعلوا جهدا وقد اقسم بذلك ودعي الله فأجابه الله سبحانه وتعالى بشيء من طلبه بإغواء بني آدم وأهل الباطل لا يزالون بمختلف أصنافهم سواء كانوا أعداء واضحين كاليهود والنصارى وغيرهم من أصحاب الملل والديانات والمذاهب أو غير واضحين كالمنافقين والمندسين بين المسلمين هؤلاء و وهؤلاءك يكيدون للإسلام والمسلمين ولكن مما ركزوا ويركزون عليه إفساد هذه المرأة تركيز كبير وعظيماًُ من طرق متعددة ومحاور كثيرة في الثبات عليها وعلى حقوقها تارة وفي طلب مشاركتها في مسار التنمية تارة أخرى وغير ذلك لكن وهؤلاء الأعداء لبسوا على كثير من أبناء وبنات المسلمين فتأثروا بهم لذلك كان على المرأة مسؤولية عظيمة للتنبه لهذا الكيد الكبار وهذا الهجوم الشرس الذي يزداد في وقت دون وقت وهو في هذه الأيام كثيف ودخل أعداء الإسلام من محاور كثيرة من ذلك على سبيل المثال أنهم جعلوا المرأة قضية في دين الله عز وجل وهي ليست كذلك فالأحكام التي تخص المرأة واضحة وموقف الشريعة الإسلامية من ما يتعلق في هذه المرأة واضح تبرز هذه المرأة قضية وحين إذا تخدش بعض الأحكام الشرعية من خلال ممارسات بعض المجتمعات الخاطئة ويحمل شرع الله ممارسات الناس فلذلك تأتي صيحات من هؤلاء الأعداء لمثلا المطالبة بحرية المرأة والسؤال حرية المرأة بماذا تتحرر من ماذا لا شك أن قصدهم أن تتحرر من جلبابهم من عباءتها لكي يسهل عليهم الوصول إليها وبمعنى آخر تتحرر من عبودية الله إلى أن تكون عبده للشهوات والأطماع والرغبات والأهواء كذلك المطالبة بالمساواة مع الرجل في كل شيء الله سبحانه وتعالى يقول وليس الذكر كالأنثى وها هنا يريدون أن يظلموا المرأة(1/436)
ظلما عظيماً عندما يساوونها بالرجل وللأسف كان الأمر كذلك يريدون تدخل المصنع عاملة يريدونها تكون شرطية مثلا في الشارع تحرقها الشمس وتخرب نضارة وجهها وجسمها يريدون أن تكون عاملة شوارع أن تكون أمام الزبائن بائعة هذا المساواة مع الرجل في كل شيء الله سبحانه وتعالى ويقول وليس الذكر كالأنثى وليس الذكر كالأنثى في الخلقة فكذلك في التكليف هؤلاء يقولون لا يا ربنا ليس الأمر كذلك نحن نريدها تكون مثلنا بان تحمل أكثر من طاقتها وإذا كبرت وتعبت رميت فأصبحت تبحث عن كلب أو قطة ترعاها والنهاية ترمى في دور العجزة والمسنين فنزعت من القلوب العواطف والأحاسيس اتجاه كونها أم ترفع على الرأس ويتقرب إلى الله بتقبيل رجليها فالرسول صلى الله عليه وسلم قال للمجاهد الذي أراد إن يذهب إلى الجهاد في سبيل الله ألك أم قال نعم فألزمها فالجنة عند رجليها وهؤلاء يقولون لا نبني دور للعجزة لان المرأة انتهي منها كذلك بدل أن تخدم زوجها وبيتها لا تخدم الآخرين من الرجال وتتلطخ بالمكاييج لتقول أيها الرجال أيها الزبائن تعالوا هنا وهكذا في صفحات المجلات وغيرها فيريدونها أن تكون بهذه أن يطالبوا بهذه المساواة التي يقصدونها من ذلك مثلاً تصوير مهمة المرأة في البيت بأنها مهمة هذا شيء وليست ذات بال وعندما تجلس المرأة تربي أبنائها وبناتها في بيتها لا أصبح المجتمع عاطل من نص المجتمع سبحان الله أنت من أخرجك إلا أمك من رباك إلا أمك عندما كانت في بيتها لكن لو ربتك خادمة أو رميت من هنا وهناك لما خرجت بهذه العقلية فيصور على إن عمل المرأة في البيت عملا هامشياً لا كيان له فيكبر هذا في النفوس فالمرأة تتشوق إلى أن تعمل خارج بيتها ومن ثم الذي يعمل في بيتها الخادمة من جنسية أو من أخرى .
فضيلة الشيخ الدكتور حسين بن عبد العزيز أل الشيخ
ضيف الحلقة :
مقاصد الشريعة وضرورة المحافظة عليها
موضوع المحاضرة :(1/437)
أيها الإخوة المحاضرة موضوعها مهم جداً والعناية به أمر مطلوب من كل أحد خاصة من طلبة العلم خاصة في مثل هذا العصر الذي اختلطت فيه الأوراق وأصبح كل يريد إلى هذه الشريعة حسب ما يرتوي وحسب هواه وحسب ما يصل إليه من معلومات جزئية دون النظر إلى مقاصد الشريعة ووصولها هذا الموضوع قد اعتنى به علماء الشريعة خاصة في الأزمان المتأخرة مع تطور الحضارات وتداخلها وقد اهتم بهذا الموضوع علماء محققون كشيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن قيم والإمام ألشاطبي والإمام القرابي وغيرهم وقد أهمل كثيراً من طلبة العلم النظر إلى مثل هذا الموضوع بل إلى مثل هذا العلم الدقيق الذي حريٌ بكل أحد الاهتمام به والاطلاع على مكنوناته وما تطرق إليه العلم العلماء في موضوعاته ودقائقه هذا الموضوع يتكلم عن المقاصد التي جاء الإسلام لتحقيقها لا شك أن الإسلام جاءه بالدين الصالح لكل مكان وهو الشامل لجوانب هذه الحياة وهو الدين الذي جاء لإصلاح البشرية لاشك أنه جاء وهو يحمل أهداف سامية ومقاصد عالية وهي ما يتكلم عن هذا الموضوع بمحاوره المتعددة ولهذا نجد أن العلماء رحمهم الله قد جعلوا هذا الموضوع علماً مستقلاً ولهذا قال العلامة ابن قيم إن علم المقاصد وفقهها هو الفقه الحي الذي يدخل على القلوب بلا استئذان ذلك إن الإحاطة به والتبصر بجوانبه طريق يقود المكلف ويقود المحتسب ويقود العالم إلى أن يكون في عمله وسلوكه وقوله وفعله على المنهج الحق إن هذا الموضوع يعني التعرف على غايات الشريعة من الأحكام التي أناطها بالمكلف لتحقيق مصلحته بالدنيا والآخرة ولهذا يقول بعض العلماء إن مقاصد الدين تعني الحكم معرفة الحكم والمعاني الملحوظة في أحكام كلام الله جل وعلا وأحكام رسوله صلى الله عليه وسلم والعلماء يقسمون مقاصد الدين إلى قسمين مقاصد عامة وهي الكليات الشريعة الكليات العامة التي جاءت بالشريعة لتحقيقها في هذه الحياة الأصول القطعية التي حاء بها القرآن(1/438)
وجاءت بها السنة ومقاصد خاصة وهي التي يعتني بها الفقهاء عند ذكر الحكمة في كل باب من أبواب الفقه كقولهم مقاصد القضاء نصرة المظلوم وردع الظالم وإعادة الحقوق إلى أهلها مقاصد البيع دفع حاجات الناس بالمداولة وهكذا ومحاضرتنا هذه تعني القسم الأول المقاصد العامة التي يجب أن يسير الناس على وفقها وأن يكون سلوكهم وأقوالهم وأفعالهم وتحركاتهم مسايرة لهذه المقاصد ومعرفة هذه المقاصد من الأهمية لمكان حتى لا يقع أحد من المكلفين في تعبد أو تحرك أو سلوك ويظن أنه يخدم الشريعة وهو يناقض مقاصدها هي مهمة لطالب العلم هي مهمة للعالم هي مهمة للمفتي هي مهمة للمحتسب هي مهمة للقاضي لماذا لأن حتى لا يقع في حكم جزئي يخدم مقصد من المقاصد القطعية فيذل عن طريق الشريعة ولهذا يقول ألشاطبي رحمه الله ناعياً على كل عالم وعلى كل مفتيٍ وعلى كل قاضٍ وعلى كل مكلف يسير وهو لا يراعي تلك المقاصد قال فتجد أحدهم أخذاً بجزئياتها أي الشريعة وهو يهدم ويخرب مقاصدها وذلك مردود من الشريعة كلياتها ومواردها ومصادرها أو كما قال وهذه المقاصد حينما تطلق يفهم منها كثير من الناس بل كثير من طلبة العلم أنها تعني الضرورات الخمس أو ما يسمى بالكليات الخمس حفظ الأديان والنفوس وحفظ النسل وحفظ العقول والأموال ولاشك أن هذا الإطلاق هو الموجود عند كثير ممن كتب في مقاصد الشريعة ولكن هذا محل ولكن هذا محل قصور عند أهل العلم محققين(1/439)
ولهذا نجد أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد عقب على كثير من العلماء خاصة من الأصوليين حينما قصروا مقاصد الشريعة على تلك الخمس ولهذا سنتناول هذا الموضوع على منوال ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية فنأخذ المقاصد العامة القطعية ثم نتناول المقاصد الخمس التي يتناولها كثير من العلماء أول هذه المقاصد التي جاء القرآن وجاءت السنة بتحقيقها بل هو الركن الأكيد لمقاصد الدين هو تحقيق العبودية لله جل وعلا تحقيق التوحيد لله عز وجل بمفهومه الواسع ظاهراً وباطناً قولاً وعملاً حتى يكون المرء في هذه الحياة تصويراً لقوله جل وعلا قل إن صلاتي ونسكي ومحيايا ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين هذا هو المقصد الحقيقي من الدين وما نذكره من مقاصد أخرى هي مقاصد تبعية لهذا المقصد ولهذا بين الله جل وعلا هذا بقوله وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وبينه النبي صلى الله عليه وسلم حينما بيّن أن الحق الأكيد في هذه الدنيا هو حق الله جل وعلا على العبيد أتدري ماحق الله على العبيد وما حق العبيد على الله قال معاذ قلت الله ورسوله اعلم قال حق الله على العبيد حق العبيد على الله حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يفتكوا به شيئاً وحق العبيد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً لهذا قال أهل العلم إن حق الله حق أكيد وحق العباد على الله حق تفضل ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سأل لديه غايره إن عذبوا فبعدله أو نعموا فبفضله وهو الكريم الواسع ولهذا أول أمر أصادفك في المصحف يا أيها الناس اعبدوا ربكم وأول نهي يصادفك في المصحف ولا تجعلوا لله أنداداً فلا تجعلوا لله أندادا إذاً الشريعة بكلياتها وجزئياتها ومصادرها ومواردها جاءت لتحقيقها هذا المقصد العظيم ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في حضره وسفره في أول مبعثه وبعد قيام الدولة الإسلامية وفي أخر رمق من أنفاسه عليه الصلاة والسلام يقرر هذا المقصد يقرر هذا الهدف الذي(1/440)
هو يعني غاية التعظيم والتبجيل والخضوع لله جل وعلا كما يصور ذلك ابن القيم حينما يقول وعبادة الرحمن غاية حبه مع ظل عابده هما قطبان وعليهما فلك العبادة دايرٌ ما دار حتى قامت القطبان ومداره بالأمر أن رسوله لا بالهوى والنفس والشيطان حينئذٍ حينما يفهم الناس هذا الأمر فالإسلام جاء لتمهيد الطرق التي يتحقق من خلالها هذا الهدف الذي تسعد البشرية في حياتها وتصلح وتسعد وتفوز في أخراها بتحقيق هذا المقصد وهذا الهدف ولهذا جاءت الشريعة بالطرق التي هي المقاصد التبعية لتحقيق هذا الهدف الأسمى والركن الأكيد ولهذا يتبع هذا المقصد أن الشريعة جاءت لتحقيق الحياة الطيبة تحقيق الحياة الهنية السعيدة البعيدة عن كل قلق وتضجر واكتئاب يؤثر على غاية التعظيم لله جل وعلا غاية الانقطاع عن التعلق به كلاً ولهذا قال الله جل وعلا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن من عمل صالحاً من ذكر وأنثى وهو مؤمن فل نحيينه حياة طيبة جاءت الشريعة لتسعد بني آدم ولهذا جاءت العبادات الفرعية لتخدم الهدف الأسمى والركن الأكيد وهو ما يسمى عند العلماء بالفروع وهو الأوامر المتعلقة بالعمليات والله جل وعلا يقول حينئذٍ إن الأضرار لفي وعيد أعطت الشريعة السبل التي تسعد بها الحياة الذي هو مقصد من مقاصدها وحين إذا يتحقق الهدف الذي أرادت وهو أن يعيش الناس في نعيم في مراحله في مراحل حياته يقول ابن القيم في قوله تعالى إن الأضرار لفي نعيم قال من قصرها على نعيم الآخرة فهو مخطئ بل هو نعيم في هذه الدنيا بتحقيق التوحيد بتحقيق الأمر لله جل وعلا بتحقيق العبودية لله عز وجل بتحقيق الطاعة المحضة لرسول صلى الله عليه وسلم إن الشريعة جاءت وفي مقاصدها تحقيق الأخوة بين المؤمنين إيجاد المحبة الحقيقة بين عباد الله جل وعلا في أرضه والله جل وعلا يقول إنما المؤمنون أخوة ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول عباد الله وكونوا عباد الله أخوانا المسلم أخو المسلم(1/441)
ولهذا هذه الأخوة جاءت الشريعة بأحكامها وهي تريد أن تحقق هذا الهدف لأنه يخدم الهدف الأسمى وهو تحقيق العبودية لله جل وعلا ليكون الناس متعاونين في طاعة الله متآخين في محبة الله عز وجل ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ويصور المجتمع الإسلامي بقوله مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى إن من مقاصد الشريعة أن تنظر إلى أخوانك المؤمنين على إنهم أخوة أن تحب لهم كما تحب لنفسك في الحديث الصحيح لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ولهذا جاءت الشريعة ومن مقاصدها العليا أن يجتمع الناس وتأتلف قلوبهم على المنهج الحق كما جمع الله جل وعلا على يدي رسوله صلى الله عليه وسلم بين الأنصار والمهاجرين بين الأوس والخزرج ولهذا تأتي التوجيهات للمجتمعات الإسلامية على أن من مقاصد هذا الدين أن تجتمع القلوب والأعمال والأقوال على المنهج الحق الاعتصام بالوحدة الإسلامية واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ولهذا كان كل سبيلٍ وطريق إلى التفرق فهو مضاد لمقاصد دين محمد صلى الله عليه وسلم إن نظرت إلى الصلاة ومشروعيتها إن نظرت إلى الحج و أهدافه إن نظرت إلى رمضان ودخوله وكيفية صيام الناس في وقت واحد إن نظرت إلى كثير من جزئيات الشريعة وجدتها تريد أن تحقق هذا المقصد وهو الاجتماع والائتلاف والاعتصام بوحدة هذا الدين ولهذا فهم الصحابة مقاصد هذا الدين فلم يرد بينهم اختلاف بل وهم في مقام المناقشة والمحاورة يعود بعضهم إلى أقوال بعض عند الاختلاف وعند التنازع وكثيرٌ هي الصور والوقائع التي تدل على هذا ويكفينا في هذا قول ابن مسعود الخلاف شر الخلاف شر الخلاف شر جاءت الشريعة ومن مقاصدها الرحمة ببني البشر جميعاً هذا الدين جاء رحمة للمخلوقين ويجب أن يفهم العالم كله هذا الأمر فالله جل وعلا قصر رسالة محمد صلى الله(1/442)
عليه وسلم في الأسلوب اللغوي عند اللغويين بقوله وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين فهي رحمة في أحكامها رحمة في توجيهاتها رحمة في نظراتها ولهذا يجب على المسلمين جميعاً أن يفعلوا في كل أمر وفي كل مكان هذه المقاصد حتى يدخل الناس في دين الله أفواجا أن يعلموا أن دين الإسلام دين جاء ومن أهدافه الكبرى الرحمة للمخلوقين سواء كانوا من بني البشر أو مما خلق الله جل وعلا في هذه الأرض رحمة بالإنسان رحمة بالجان رحمة بالجمادات رحمة بالحيوانات والوقت لا يسعنا أن نفصل في هذا وأن نذكر الأدلة الواردة في جزئيات هذا الموضوع ويكفينا أن نذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم بل وصفه عليه الصلاة والسلام أنه رحيمٌ وإن من توجيهاته القطعية الراحمون يرحمه الرحمن أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ولهذا مر وهو في مقام الغزو مع الأعداء فرأى امرأة مقتولة فغضب عليه الصلاة والسلام قال ما كانت هذه لتقتل ولهذا كانت توجيهاته تأتي جازمة لقواد الجيش أن لا يقتلوا امرأة وأن لا يقتلوا صبياً وأن لا يقتلوا شيخاً فانياً ولهذا كان من توجيهات أبي بكر التي أخذها من مشكاة النبوة حينما وجه قائد الجيش اغزوا بسم الله وفي سبيل الله لا تقتلوا وليداً ولا تقتلوا امرأةً ثم أنكم تأتون قوماً قد فرغوا أنفسهم للعبادة فتركوهم ولا تحرقوا شجراً ولا تحرقوا نخلاً ولا تعقروه ولا تقتلوا إلى أن قال ولا تعقروا أبلاً ولا غنماً إلا لمأكله ولا تغلوا إلى أخر ما جاء في هذه التوجيهات التي مصدرها الرحمة التي جاء النبي صلى الله عليه وسلم بها وجاء لينقذ البشرية مما هي فيه من الشقاء إلى رحمة الله جل وعلا إلى رحمة هذا الدين من مقاصد دين محمد صلى الله عليه وسلم تحقيق الإحسان في الخلق سواء كان الإحسان بالأفعال أو الإحسان بالأقوال الإحسان في السلوك الإحسان في التحركات الإحسان مع الصديق والإحسان مع العدو الإحسان مع القريب والإحسان مع البعيد ولهذا من أجمع آية في(1/443)
كتاب الله جل وعلا إن الله يأمر بالعدل والإحسان ولهذا تبين كثيرٌ من الآيات بقوله تعالى والله يحب المسلمين إن الله يحب المحسنين ولهذا حتى في المقالات التي تناسبها القسوة والرحمة بالمخلوقين أن تكون في القسوة يجب أن يكون الإحسان مسايراً هذه القسوة إن الله كتب قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله كتب الإحسان على كل شيئاً فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم مضرب المثل في الإحسان وصحابته رضي الله عنهم وهم الذين تربوا على هذه المدرسة الإحسانيه وردوا أروع الأمثلة في الإحسان وقد دخل كثيرٌ من الناس هذا الدين بما وجدوا فيه من الإحسان في الأقوال والأفعال ومن مقاصد هذا الدين أنه جاء ليحقق السلام الأصل فيه هو السلام ولهذا ذكر المسلمين بالسلام بكل لحظة التحية الواجبة أو المستحبة في مواضعها السلام عليكم تختم الصلاة بتذكير بالسلام دار الجز هي دار السلام من أسماء الله جل وعلا السلام ومن أوصاف هذا الدين واسمه أنه دين الإسلام ولا يناقض هذا ولا يعارضه أنه جاء بمشروعية الجهاد في سبيل الله جل وعلا لأن هذا من باب تحقيق السلام الحقيقي حينما تعلو العصلات لردع دين الله جل وعلا دين الحق دين الرحمة دين الهدى ولهذا كان الجهاد مضبوط بضوابط وله أهداف ومقاصد ولهذا من أسس مشروعية الجهاد أن جاء لإعلاء كلمة الله حينما يقف المخلوقون في وجه هذه الكلمة التي تنفتح بها القلوب وتسعد بها البشرية وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله حينما يعتدا على المسلمين فمن اعتدا عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدا عليكم فإذا الدين الإسلامي من مقاصده تحقيق السلام خاصة فيما يتعلق بمقدرات المخلوقين التي لا يمكن أن يقوم عليها الهدف الأسمى الذي ذكرناه في مطلع كلامنا إلا في تحقيق السلام في هذه الأرض من مقاصد هذا الدين أنه جاء لإصلاح هذه الحياة ولهذا من قواعده العظمة ومن أصوله(1/444)
الكبرى ما يسمى عند أهل العلم بجلب المصالح ودرء المفاسد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامٍ معناه إن الشريعة في أحكامها ومصادرها ومواردها أقوال الله جل وعلا وأقوال رسوله صلى الله عليه وسلم جاءت لجلب المصالح و تكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها ولهذا ألف العز بنو عبد السلام كتاباً قيماً سماه قواعد الأحكام في مصالح الأنام وبناه على أن الشريعة جاءت لتحقيق قاعدةً عظمة تنبثق منها جزئياتها وأحكامها الانفرادية وهي قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد ولهذا كل مصلحةٍ للخلق وكل فعل أو سلوك أو كل ما يطرأ في هذه الدنيا ويحقق المصالح للبشر فالإسلام يؤيده وكل مستجد ونازلة يتحقق منها الفساد في الأرض فالشريعة تنابذه ولهذا نزل في عصر الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نزل من نوازل ومستجدات فعالجوها بهذه القاعدة قاعدة المصالح ودرأ المفاسد والله جل وعلا يقول على لسان أنبيائه لا نريد إلا الإصلاح يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير والنبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالإصلاح قولاً وفعلاً وسلوكاً ورب الصحابة على هذا فتربى الصحابة على هذا الأمر فأدركوا أن من مدارك الشريعة وان من مقاصدها وأن من أهدافها جلب المصالح للمخلوقين ودرأ المفاسد عنهم ولهذا كان من مدارك الأحكام التي تؤخذ منها أحكام النوازل والمستجدات في الحياة بتطوراتها ومختلف صورها وشتى جوانبها قاعدة المصالح المرسلة لكن لا بد أن تكون هذه المصالح لا تعارض أصلا شرعياً ولا يبنى على الهوى المجرد لا نأتي ونقول إن من مقاصد الشريعة المصالح وأن من مصالح الاقتصادية الضرورة أو ما يسمى بضرورة الربا في الاقتصاد كما يقوله بعض المتحذلقين أو يأتي آخر ويقول إن من المصالح أن يربى الأبناء ذكور و إناث في أولويات حياتهم بالاختلاط في المدارس حتى يتعايشوا ويعرفوا بعضهم ما أصاب الآخر إلى آخر ما يقولون فكل هذه ليست من المصالح التي نعنيها وإنما نعني بالمصالح(1/445)
الحقيقية لا الدعائية الشريعة جاءت وفي مقاصدها التيسير على المخلوقين ولهذا من أوصى بها العامة أن دين الإسلام دين سماحة دين يسر ولهذا من قواعدها العامة المشقة تجد والتيسير ولهذا من أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم إن هذا الدين رفيق فأوغلوا متين فأوغلوا فيه برفق من الجوامع في هذه الشريعة رفع الحرج يريد الله بكم اليسر ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا الدين يسر يسروا ولا تعسروا ولهذا مناطات التيسير في الفقه الإسلامي كثيرة لا تحصى لأنها تنبثق من الأصل الذي جاءت الشريعة وهي في أحكامها تراعي هذا المقصد التيسير كل تصرف يتحقق من إعنات المخلوقين والمشقة بهم فان التيسير وارد من واردات الشريعة ولكن حينما نذكر هذا لا بد من انضباط في المصطلحات فالشريعة شريعة ضبط للمصطلحات والمبادئ فلا يعني هذا المقصد أن يكون المخلوق منساباً ينظر إلى التيسير وفق هواه ونوازعه البشرية ولهذا نجد أن العلماء يقسمون المشقة إلى ثلاثة أقسام مشقة فادحة تضر بالمخلوقين وتؤثر على نفوسهم أو على جوارحهم بالفوات حينئذ هذه مناط هذا القسم مناط من مناطات التيسير بل على سبيل الوجوب كما يراه بعض المحققين وقسم يكون من المشاق المحتملة التي تصادف الإنسان في ممارساته الحياتية وهذه كالأوجاع اليسيرة التي لا تؤثر على الإنسان وهو يمارس عباداته ويمارس أوامر تنفيذ أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم فهذه لا تكون مناط من مناطات التيسير وقسم ثالث هو وسط فالعلماء يقولون ما قرب من القسم الأول يأخذ حكمة وما قرب من القسم الثاني يأخذ حكمة من مقاصد هذا الدين أنه جاء ليوفر الأمن للمخلوقين ليوفر الأمن للمسلمين في مجتمعاتهم ليوفر الأمن لغير المسلمين أيضا في مجتمعات المسلمين ولهذا لا يمكن أن يتحقق الهدف الأسمى وهو تحقيق العبودية لله جل وعلا إلا بالأمن كان الأمن(1/446)
مقصداً من مقاصد الشريعة ولهذا كانت توجيهات الله جل وعلا حينما يذكر قريش بالدخول في هذا الدين فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ولهذا الأمن مطلب من مطالب الشريعة هدف من أهدافها ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا من أصبح آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه وليلته كأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها لم تكتفي الشريعة بالتذكير بمقام الأمن وانه هدف من أهدافها بل جاءت بالأوامر الإلزامية التي تضمن بالمحافظة على هذا الهدف ولهذا في أحكام الجوار أحكام جزئية كثيرة تدلنا على أن الأمن مطلب ضروري للإسلام في هذه الحياة ولهذا الإيذاء حينما يحصل قولاً أو فعلاً فهو مهدد للأمن والله جل وعلا حذر عباده والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وأثم مبيناً من عادى المسلمين في طرقاتهم وجبت عليه لعنته لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح من أشار إلى أخيه بالسلاح لعنته الملائكة حتى ينزع إذا مر أحدكم في السوق من مر في أسواقنا أو في مساجدنا ومعه نبل فليمسك بنصلها أن يصيب أحدا من المسلمين و الوقايع والأحكام الجزئية التي تدلنا على أن الأمن مقصد من مقاصد الدين الإسلامي أمر لا يمكن أن يتكلم عنه الإنسان في مثل هذا الموطن الذي هو محصور في وقت يسير ولهذا أن جاء حد الحرابة لتحقيق الأمن ولهذا الحربة عند الفقهاء هم الذين يعرضون قطاع الطرق الذين يعرضون للناس بالسلاح جهراً فيغصبونهم الأموال أو الأعراض على الصحيح من قول أهل العلم وهذا هو المراد بحد الحرابة المذكور في آية المائدة إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا وأن يصلبوا إلى آخر الآية من مقاصد هذا الدين التربية تربية المسلمين والمؤمنين على حفظ النظام على الدقة في هذه الحياة على أن يسيروا وفق طريق ووفق ضوابط ولهذا علماء الاجتماع حينما يتكلمون عن أصول التنظيم فهم إنما يريدون من موارد(1/447)
الشريعة ويصدرون من مصادرها إن نظرت إلى الصلاة وجدتها مشتملة على التنظيم بدقة إن نظرت إلى الحج إن نظرت إلى الصوم في كيفية دخوله في كيفية الإفطار في كيفية الإمساك في كيفية خروج الشهر إن نظرت إلى أحكام المعاملات التجارية و الشروط الواجبة فيها والضوابط التي جاءت الشريعة بتوفرها في المعاملة حتى تكون جائزة صحيحة أن نظرن إلى أحكام الأسرة أن نظرت إلى الشريعة ككاملة وجدت أنها مبنية على التنظيم وعلى أن يسير الإنسان في حياته وفق نظام خاص ولهذا فكل نظام يكون في دولة الإسلام فالإسلام لا يعارضه بشرط أن لا يخالف دليلاً من كتاب الله جل وعلا ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا العلماء سبقوا القرون المتأخرة بكثير في حينما تكلموا عن نظام الدولة في كتب الأحكام السلطانية ككتاب الأحكام السلطانية للما وردي وللقاضي أبي يأل وغيره من العلماء من مقاصد الإسلام التي اشرنا إليها في مطلع كلامنا المقاصد الخمس الضرورات الخمس التي لا تكون حياة كاملة حياة مستقرة حياة مطمأنة إلا بتحقيقها والحفاظ عليها وهي ما يسمى وما تسمعونه دائما بالضرورات الخمس المقاصد الخمس وهي حفظ الأديان وهذا في الحقيقة تكلمنا عنه سابقاً وحفظ النفوس وحفظ النسل وحفظ العقول والعرى وهذه يتكلم عنها علماء الوصول كثيراً ويسمونها بالضرورات الخمس التي لم تخلوا ملة من الملل إلا وقد ذكرتها وذكرت الحفاظ عليها لكن الشريعة جاءت بما هو أكمل و أعلى جاءت الشريعة بالحفاظ على الأديان ولهذا شرع الجهاد شرع عقاب المرتد من بدل دينه فاقتلوه للحفاظ على الأديان جاءت الشريعة بدرء و ردع والدفاع كل محدث في هذا الدين من احدث في ديننا هذا في أمرنا هذا فليس منه فهو رد من عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين كل هذا لماذا لأجل الحفاظ على الدين الذي به تتحقق الحياة...
الشيخ عبد الحميد بن محمد الهليل
ضيف الحلقة :(1/448)
الابتلاء : حقيقته - صوره - كيفية التعامل معه
موضوع المحاضرة
يقول الله سبحانه وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ألم أحسب الناس أن يتركون أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا ولا يعلمن الكاذبين نعم هذه الدنيا يواجه الإنسان فيها المصائب والمحن والفتن والرزايا هذه الدنيا طبعت على كدر وأن تريدها صفواً من الأكدار والأقذار ثم لا تكره لا تكره المكروه لا تكره المكروه عند حلوله إن العواقب لم تزل متباينة كم نعمة لا تستقل بشكرها لله في طي الكاره كامنة ولكن يا إخواني في الله خير لنا إذا تكلمنا عن أي موضوع أن نرجع إلى القدوة والأسوة لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الأخر وذكر الله كثيراً ننظر هل ابتلي الرسول صلى الله عليه وسلم بأبيه وأمه ونفسه خير من وطأ الثرى بأبي وأمي ونفسي أفضل إنسان على وجه الأرض وطأ على هذه الأرض مشى على هذه الأرض هل ابتلي خير مني ومنك هل ابتلي نرجع إلى الوراء قليلاً لنعلم هل ابتلي الرسول صلى الله عليه وسلم أو لا الرسول صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر رضي الله عنه والرسول صلى الله عليه وسلم ممدد على فراش من حصير هذا الفراش قد صنع من أعواد الحصير وقد أثرت هذه الأعواد على جنبه الشريف ونحن ننام على الفرش الوفيرة وهذا حلال ونسأل الله سبحانه تعالى أن يديم هذه النعمة على طاعة الله هذا الرسول النبي خير من وطأ الثرى ينام على فراش من حصير وقد طبع أو أثر هذا الحصير على جنبه الشريف فيأتي عمر رضي الله عنه بحرقة وألم وغيرة على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى دين الله يقول يا رسول الله كسرى وقيصر ينامون على الديباج والحرير وأنت رسول الهدى تنام على الحصير فيأتيه الرد سريعاً ليثلج صدر عمر وصدر من يأتي بعد عمر بل يثلج صدري وصدرك وصدر من يقاتل في سبيل الله من إخواننا المسلمين الذين يواجهون(1/449)
حرباً شعواء من كفار لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة اسمع ما قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا عمر ياعمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة رحل الرسول صلى الله عليه وسلم ورحل أبو لهب ورحل فرعون لو نسأل طفل صغير في المسجد لم يدخل المدرسة قلنا أين أبو لهب يأتيلك بالدليل تبت يدا أبي لهب وتب ثم يكمل السورة فرعون النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا أل فرعون أشد العذاب قلنا له وأين الرسول صلى الله عليه وسلم قال هو في الجنة في جنة ونهر في مقعد صدق ٍ عند ملك مقتدر إذاً تحمل هذا الابتلاء الرسول صلى الله عليه وسلم صبر ثم خرج من هذه الدنيا وهو الآن أين هو هو في جنة ونهر في مقعد صدق عند ملك مقتدر الرسول صلى الله عليه وسلم واجه الابتلاء فاسمع هذا الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إنك توعك وعكاً شديداً قال أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم قلت ذاك أن لك أجر أجرين قال أجل ذلك كذلك ما من مسلم واسمع أخي المبتلى اسمعي أختي ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيأتيه وحطت عنه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها الله أكبر متفق عليه فرق يا أخي بالله بين المسلم والكافر في مواجهة هذه الابتلاءات وهذه المصائب والفتن والمحن والرزاية يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث يقول عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ولا يكون ذلك إلا للمؤمن لا يكون ذلك إلا للمؤمن لنعلم أن المؤمن عندما يصبر ويحتسب فإن الله سبحانه وتعالى فسوف يجزيه خير الجزاء إما يرفع له الدرجة أو يحط له من الخطايا الشيء الكبير حتى يمشي على الأرض ربما يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة واحدة نعم يا إخواني في الله والابتلاءات كثيرة أمراض(1/450)
أسقام عقم تسلط أعداء ظلم من الغير وغير ذلك من الابتلاءات الكثيرة ونبلوكم بالشر والخير فتنة ولكن يا إخواني في الله وهذا ما يهمنا وإن شاء الله سوف يأتي الحديث على تفريج الكربة وأن الله سبحانه وتعالى يفرج هذه الكرب وسوف نأتي إن شاء الله بقصص وقفت عليها بنفسي إخواني في الله حتى لعلي أدخل السرور على هذه الوجوه النيرة من ابتلوا في دين الله سبحانه وتعالى من ابتلوا بأمراض وأسقام وغير ذلك إخواني في الله أخواتي في الله يختلف الناس في مواجهة الفتن(1/451)
والمحن والرزايا منهم من يرضى ويعلم أن الله سبحانه وتعالى كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم إذا حب الله قوماً ابتلاه فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط عياذاً بالله من ذلك لذلك الآن تزور أحد الإخوة في المستشفيات أو تزور قريب أو قريبة كبار سن تجد الواحد منهم أبعد الله عنا وعنكم وعن المسلمين كل مرض أصيب بسرطان انتشر في جسمه وهو يعلم أصيب بتليف كبد وهو يعلم ولكن تقول كيف حالك يا عم يقول بخير ولله الحمد ثم يبتسم الحمد يقول نحن أحسن من غيرنا سبحان الله وهو يعلم عن هذه المصائب التي أصيب بها ولكن يعلم أن هذه الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة ولو كانت تزن عند الله جناح بعوضة ما سقا كافراً منها شربة ماء ويعلم أن الجنة هي المستقر وهي المراد عنده يقول الحمد لله نحن أحسن من غيرنا وتذهب إلى إحدى الإخوان أو إحدى الأخوات من أصيب بأقل فتنة ثم لا يصبر ولا يحتسب تقول له اصبر واحتسب يقول يا أخي والله الناس أحسن مني في كثير من الأشياء وأنا أصبت بكذا وكذا وكذلك هذا من السخط الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم الرسول صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي قال وهو يزوره ويعود ويدخل الطمأنينة في قلبه قال له لا بأس الطهور إن شاء الله لا باس طهور قال ذلك المبتلى حمى تفور على شيخ كبير لتريده القبور قال فهي إذاً هي إذاً كذلك نعم يا إخواني في الله فهذا الرجل قد تسخط الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوا له بأن الله سبحانه وتعالى يجعل من هذا المرض له الذنوب والسيئات وهو يريد غير ذلك فله ذلك نسأل الله العافية والسلامة لكن يا إخواني في الله الرسول صلى الله عليه وسلم وضع قاعدة كثير من الناس الآن إذا نظرت إليهم إذا أصيب بمصيبة لا يتحمل ثم يجلس يسخط ويشق الجيوب ويصرخ ويلطم الخدود ويدعوا بدعوة الجاهلية يقول يا رب حتى يتعدى الإنسان على حكمة الله وقدرة الله لا يرضى بالقضاء والقدر يقول يا رب لماذا تبتليني بكذا وكذا(1/452)
سبحان الله الرسول صلى الله عليه وسلم ثم هذا الشخص إذا جلس خمس أيام ستة أيام تأتي له وإذا به قد تعود على هذا البلاء فصبر لماذا لا يكون الصبر عند الصدمة الأولى كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم الرسول صلى الله عليه وسلم مرّ عند امرأة تبكي عند قبر لها أو تبكي في رواح صبي لها فقال الرسول صلى الله عليه وسلم اصبري واحتسبي اصبري واحتسبي الرحيم بأمتي يقول للمرأة اصبري واحتسبي قالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي نهرت الرسول صلى الله عليه وسلم إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي هل نهرها الرسول صلى الله عليه وسلم أو سبها أو شتمها لا بل ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أتوا إلى هذه المرأة فقالوا هذا الرسول صلى الله عليه وسلم يعني كيف قلتي له هذا كيف رفعت صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لم أعلم ثم ذهبت إليه تعتذر فلم تجد عند بابه بوابين قالت يا رسول الله لم أعرف أنك الرسول صلى الله عليه وسلم قال إنما الصبر عند الصدمة الأولى فهذه قاعدة إذا أصبت لا قدر الله بمصيبة أو بفتنة أو بشيء أخر بفقد حبيب أو بفقر أو بعقم أو غير ذلك فاحمد الله سبحانه وتعالى واعلم أن الله سبحانه وتعالى أراد بك خيراً وتذكر إنما الصبر عند الصدمة الأولى ولكن يا إخواني في الله هل دمع إخواني في الله أخواتي في الله هل دمع العين وحزن القلب الله سبحانه وتعالى يؤاخذ بهما لا لأن هذا إذا لم ينافي التوكل يتعدى ذلك إلى الصراخ وشق الجيوب ولطم الخدود والدعوة بدعوة الجاهلية الرسول صلى الله عليه وسلم قد دمعت عينه وحزن قلبه وحزن قلبه ولكنه وافق الفطرة فلو أتيت بإنسانة الآن مات ابن له ولم تدمع عينه ولم يحزن قلبه فهذا قد تعدى الفطرة ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم وافق الفطرة فدمعت عيناه وحزن قلبه فيا إخواني في الله أخواتي في الله إذا أصبت لا قدر الله بمصيبة فاعلم أن دمع العين وحزن القلب لا يؤاخذ الله سبحانه وتعالى بهما ولكن اعلم اعلم(1/453)
عندما هذا لا ينافي في التوكل وتعلم أخي في الله أختي في الله تعلمون جميعاً ونعلم جميعاً أن هذه المصائب تكفر الذنوب وترفع الدرجات فلا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يصيبنا بالمصائب والفتن والمحن حتى يكفر الله عنا الذنوب الإنسان يسأل الله العافية وإذا جاءت المصيبة فليصبر وليحتسب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول سلوا الله العفو والعافية فإن أحداً لن يعطى بعد اليقين خير من العافية وقال مطرف رحمه الله تعالى لان أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر فأنت إذا ابتليت فصبر واحتسب فإن الله سبحانه وتعالى عنده لك أجر عظيم ثم لنعم أخواني وأخواتي في الله سبب هذه الذنوب سبب هذه الفتن والمحن والرزايا نرجع إلى القرآن ونرجع إلى كلام الله سبحانه وتعالى يقول الله سبحانه وتعالى بعد أعوز بالله من الشيطان الرجيم وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عنا الكثير ثم يقول أولما أصابتكم مصيبة وقد أصبتم مثليها قلتم أن هذا هو من عند أنفسكم قلتم أن هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير إذاً يا إخواني في الله أخواتي في الله لنعلم أن سبب الذنوب والمعاصي أن سبب هذه الفتن وهذه الابتلاءات سببها الذنوب والمعاصي ولكن يتساءل الإنسان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم هل كان يذنب حتى إن الله سبحانه وتعالى يبتليه لا الرسول صلى الله عليه وسلم يبتليه الله سبحانه وتعالى لكي يرفع درجته(1/454)
نعم أخواني في الله ثم نقف عند هذا الحديث قليلاً يا أخواني في الله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث متفق عليه وهذا لفظ مسلم قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أي أحق فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم متفق عليه وعند البخاري إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ولكن المصيبة يا أخواني في الله الآن الناس الكثير من الناس ونحن لا نزكي أنفسنا وعندنا من الذنوب الشيء الكثير ولكن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعافينا وكل مقصر يا أخواني في الله تأتي إلى أحد الأخوان تقول له يا أخي أصبر واحتسب بالمرض كما قلنا قبل قليل يقول يا أخي أنا أصبت بكذا وكذا وكذا فتقول أصبر واحتسب ثم يسخط ويقول أنا غيري أحسن مني أنظر إلى ذاك المعافى في بدنه أنظر إلى ذاك الذي يملك سيارة فاخرة أنظر إلى ذاك الذي يملك بيتاً ملكه وغير ذلك أنظر إلى أرصدت فلان أنظر ما عند ذلك من الأولاد والأبناء والبنات ثم تجد تأتي إليه وتقول له يا أخي لماذا لا تأتي إلى المسجد قبل قليل يقول فلان وفلان أفضل مني ثم تأتيه من ناحية أخرى تقول له لماذا لا تبكر إلى بيوت إذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيه بالغدو الآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا يبعن عن ذكر الله يا أخي لماذا لا تبكر لماذا لا تأتي إلى بيوت إذن الله أن ترفع لماذا لا تأتي إلى روضات المساجد لماذا لا تأتي إلى صلاة الفجر لماذا لا تتصدق يقول يا أخي أنا أحسن من غيري قبل قليل يقول الناس أحسن مني وإذا أتينا إلى مسألة الطاعة يقول أنا أحسن من غيري يا أخي أنا ألف وأربعة مئة وثلاثة وعشرين اعتمرت ألف وأربعة مئة وخمسة وعشرين تصدقت على فقير أنا كذا وكذا كذا ثم يذهب ويزكي نفسه ولم يعلم هذا المسكين أنه والله لو طبق هذا الحديث حديث الرسول صلى الله عليه وسلم(1/455)
أنظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم أذهب إلى المستشفيات والله يا أخواني في الله ويا أخواتي في الله لو يذهب الواحد منا إلى دار النقاهة في قرية الخرج وهو ما يسمونه العامة بمستشفى العزل وتنظر وجزاه الخير القائمين على تلك المستشفى والله يا أخواني في الله تنظر إلى الشباب في عمر الزهور عمر ثمانية عشر سنة وعشرين وخمسة وعشرين أحدهم قد أصيب بالشلل الرباعي لا يستطيع حراك إلا رأسه والله يا أخواني في الله بعضهم إذا أراد أكرمكم الله أن يتغوض فإنه يأتيه المصائب كأنها ولادة ويعطى أكرمكم الله التحاميل أحد المشايخ الفضلاء دخل إلى إحدى الغرف وإذا بذلك الشاب ممدد على السرير وقد بدت عورته هذا الشاب قبل أيام يستطيع حراك يديه ورجليه يستطيع حراك يداه ورجلاه ولكن هذه المرة لا يستطيع لأنه أصيب بشلل رباعي وقد بدت عورته الشيخ ينظر إلى هذا الشاب يريد زيارته والشاب ينظر إلى الشيخ ويستحي من أن عورته قد خرجت يريد أن يغطيه ولكنه لم يستطع وتقدم الشيخ وأطرق رأسه ثم غض بصره ثم غطى هذه العورة وقبل جبين ذلك الشاب فبكى الشيخ وبكى الشاب نعم يا خواني في الله والله يا أخواني في الله زرت أحد المستشفيات زيارة قريب لي فلما دخلت إلى قسم الرجال فإذا برجل يصرخ يصرخ فاستأذنت من صاحب الغرفة أرافق فإذا بي أدخل على شاب والله لو نظرتم إلى شكله وحالته سبحان الله وإذا بالرائحة تملئ المكان أكرمكم الله وأكرم الملائكة فسألت عن ذلك الشاب قيل لي أن هذا الشاب قد تخرج من كلية الطب ثم قدر الله عليه بحادث مروري فانقلبت السيارة فهو كما ترى والله لا يعلم الصباح من المساء ولا يعلم الشتاء من الصيف وهو تخرج منه الأذى من تحته نعم يا أخواني في الله وأخواتي فلنحمد الله سبحانه وتعالى على هذه النعم التي نرفل بها صباح مساء ولكن الإنسان لا يعلم بهذه النعم إلا إذا فقدها نسأل الله سبحانه(1/456)
وتعالى أن لا نفقد هذه النعم ويجعلها على طاعة الله نعم يا أخواني في الله ثم ننظر حتى لا نطيل بهذه القصص التي والله إنها تقطع الأكباد ننتقل إلى من أبتلي ابتلوا في دين الله وتسلط عليهم الأعداء يا أخواني في الله أخواتي في الله أنتم أتيتم إلى هذا الجامع المبارك في هذه البلاد المباركة التي ننعم فيها بالأمن والأمان فلنحمد الله احمد الله سبحانه وتعالى والله يا أخواني في الله هناك أخواناً لنا الآن في هذه الساعة ونحن نتكلم الآن لا يأمن الواحد منهم على عرضه أن ينتهك أنت تخرج من بيتك وتأتي مساجد مكيفة تأتي إلى مساجد وتصلي وتبتسم لإخوانك وتخرج من باب المسجد وأنت مرتاح تدخل إلى بيتك قد هيئ لك كل أسباب الراحة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يديمها عليك ويديمها عليك ولكن أخوتاً لنا في مشارق الأرض ومغاربها الواحد منهم لا يأمن على عرضه ولا يأمن على نفسه وهم ابتلوا في دين الله ولكن لهم بشارات إن شاء الله سوف نزفها نزفها لهم وأنت يا أخي في الله لنقف قليلاً أخي في الله أختي في الله عند هذه الابتلاءات التي يصاب الأمة الإسلامية بها هذه الأيام فتن كثيرة والرسول صلى الله عليه وسلم قد حذر من الفتن فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولله لا تقم الساعة حتى يأتي يوم على الناس لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل ويكثر الهرج القتل قالوا ما هو قال القتل الهرج يعني القتل يكثر القتل فنحن الآن نظر إلى هذه الفتن التي تموج في كل مكان قتل فعلينا يا أخواني في الله لأن هذه من الابتلاءات علينا أن ندعو الله صباح مساء أن يكشف عنا هذا البلاء وأن يعافينا من كل بلاء وفتنة وندعو الله سبحانه وتعالى صباح مساء أن يكشف ضر أخواننا المسلمين يا أخي في الله أنت الآن في هذا الجامع المبارك جامع الأمير محمد بن عبد العزيز ربما وأنت جالس بين الأغاني والإقامة أو بعد الصلاة بعد صلاة النافلة أو أنت جالس هنا اعتكفت في هذا الجامع(1/457)
المبارك أو جلست ساعة وأنت ترفع يديك إلى السماء وتدعوا الله سبحانه وتعالى لإخوانك المسلمين والله ما تعلم أن هؤلاء المبتلين في دين الله أن الله سبحانه وتعالى يكشف كربة بسبب دعوة منك وأنت لا تشعر يبطل مؤامرة يبطل انفجار قنبلة وأنت لا تشعر وأنت في هذا الجامع المبارك وأنت في بيتك تدعو الله سبحانه وتعالى وأنت في السجود في الثلث الأخير من الليل تدعو الله سبحانه وتعالى ثم يكشف الله سبحانه وتعالى الشيء الكثير أو البلاء الكثير بسبب دعوة منك لإخوانك المسلمين وهؤلاء المسلمين الذين ابتلوا في دين الله والله يا أخواني في الله تنظر إليهم الآن وتنظر إلى طائرات الأباتشي تأتي ثم تقصف سيارة فيها أحد المجاهدين مثل الشيخ أحمد ياسين رحمه الله تعالى الشيخ عبد العزيز الرنتيسي رحمه الله تعالى يمشون في سيارتهم ثم تأتي طيارة ثم تضربهم وتقصفهم بالصواريخ وكأنها تقصف دول ليس أفراد ثم تنظر إلى هذه السيارة وكثير من الناس ينظر إلى القنوات الفضائية وينظر إلى هذه الأخبار ثم تنظر إلى هذا الابتلاء العظيم تنظر إلى هذا الابتلاء الذي يزلزل تنظر إلى الأشلاء وقد جمعت في أكياس تنظر إلى هذا الدم واللحم والعظم قد اختلط بالحديد ثم يأتي أتي أنا وأنت ننظر ثم نقول مسكين مسكين هذا المسلم الذي اختلط لحمه ودمه وعظمه لا والله ليس مسكين إذا احتسبه الله من الشهداء فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول يتمنى أن يعود الشهيد يتمنى أن يعود ثم يقتل ثم يعود إلى الدنيا فيقتل فيعود فيقتل يتمنى أن يعود عشرات المرات لكي يقتل في سبيل الله لما يرى مما أعده الله سبحانه وتعالى للشهداء أو ما أعده الله سبحانه وتعالى من مكانة للشهداء فهؤلاء ليسوا مساكين من احتسبهم الله سبحانه وتعالى في الشهداء ونحسبهم والله حسيبهم أن الله سبحانه وتعالى قد أماتهم على طاعة الله كيف وهم يمشون بسيارة ثم يقصفهم العدو والرسول صلى الله عليه وسلم قال الشهداء قال ما تعدون(1/458)
الشهداء من أمتي فقال الرسول صلى الله عليه وسلم فقال الصحابة ضرا الله عليهم الذي مات في الحرب في القتال قال إذاً شهداء أمتي قليل ثم ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم عن المبطون وعن صاحب الهدم وغير ذلك أنهم شهداء ولعل الذي يموتن في حادث سيارة وتراه قد بر والديه ذهب إلى منطقة لكي يزور والداه فإذا بهذه السيارة انقلبت ومات هذا الشخص وتقطعت أشلاء وتقول مسكين ربما أنه ينغمس الآن في أنهار الجنة وأنت تقول مسكين لماذا لأنه مات على طاعة الله نعم يا أخواني في الله فهذه الدنيا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم دخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السوق والصحابة على كنافتيه أي على جانبيه فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم جدي أسك تيس ملقى على الأرض ميت ميت وفيه عيب أخر وهو صغير الأذن أسك فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة من يشتري هذا بدرهم أو بدرهمين قاولا الصحابة والله يا رسول الله لو كان حياً لكان عيباً فكيف به وهو ميت قال الرسول صلى الله عليه وسلم والله إن الدنيا أهون عند الله من هذا عليكم والرسول صلى الله عليه وسلم يقول الدنيا عند الآخرة إلا كما يدخل أحدكم أصبه في اليم فلينظر بما يخرج يخرج بنقطة صغيرة هذه هي الدنيا التي نتصارع عليها صباح مساء والبحر المتلاطم بالأمواج المليء بالكنوز هذه هي الآخرة نعم يا أخواني في الله ثم نرجع ونبشر أخواننا المسلمين ونبشركم أنتم عندما تنظروا إلى تسلط الأعداء القوة النووية والبارجات والطائرات وتنظر إلى الجندي المدجج بالسلاح تصور يا أخي في الله والأخوان والأخوات في فلسطين وفي العراق وفي كل مكان في وسط هذه المعمعة وهذه الابتلاءات العظيمة تصور أن إنسان يخرج فيقرأ آيات الله سبحانه وتعالى ماذا يقول في وسط هذه الابتلاءات وهذه التسلطات عند أقوام الله يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة يقول الله سبحانه وتعالى تصور أن هذا الصوت ينطلق عندما تهد البيوت عندما تسحق جنين عندما(1/459)
تدك الفلوجا عندما تدك غزا وغيرها من المدن والمساجد تنهدم على رؤوس المصلين تصور أنك تسمع آيات الله سبحانه وتعالى وهي تقول يقول الله سبحانه وتعالى لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل متاع قليل متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبأس المياد نعم إذن هذا الجندي الكافر الذي تنظره وهو مدجج بالسلاح وهذه البارجات والطائرات والله هذا الجندي إذا مات على كفره فإن له نار تلظى حرها شديد وقعرها بعيد ثم تبشر أخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ممن ابتلوا تقول لهم يقول الله سبحانه وتعالى أم حسبتم أن تدخلوا الجنة أم حسبتم أن تدخلوا الجنة لما يأتيكم مثل الذين خلوا مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول حتى يقول الرسول حتى يقول الرسول والذين أمنوا معه متى نصر الله متى نصر الله متى نصر الله متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله بعبده خيراً عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أردا الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة نعم يا أخواني في الله حديث أبي هريرة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى ما عليه خطيئة
الشيخ الدكتور عائض بن عبد الله القرني
ضيف الحلقة :
صناعة الحب
موضوع المحاضرة :(1/460)
نعم عنوان المحاضرة صناعة الحب وهو أجمل كلمة في العالم الحب وأجمل حرفان أو أجمل حرفين الحاء والباء حتى قال بعض العلماء لو جمعت ما في القاموس من كلمات لتعبر لك عن أفضل جملة يمكن أن يتعايش بها الناس مع رب الناس أو الإنسان مع زوجته أو الأخ مع أخيه أو الصديق مع صديقه لا تجد إلا كلمة الحب قيل لعالم عرف لنا الحب قال هو الحب وقيل لأديب ما هو الحب قال حاء وباء ولا تذد على ذلك والواحد الأحد لما ذكر أولياء جعلنا الله وإياكم منهم قال لهم في بطاقة شرعية ربانية إلهية يتشرفون بها إلى قيام الساعة يوم يقوم الناس إلى رب العالمين لم يكن يصلون فقط أو يزكون قال يحبهم ويحبونه وعلي بن أبي طالب يوم يجمع الله الأولين الآخرين لا يأتي على انه هاشمي أو قرشي أو أنه أمير المؤمنين أو أنه الشاعر الفصيح أو أنه المقدام البطل أو الذي تولى الخلافة أو أنه الذي قدم صدره للرماح وللسيوف لا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله فإذا أردت أن تكون من أحبابه فاسمع إلى الخطاب وكلمة الحب هي التي تنقصنا لندرسها دراسة شرعية إيمانية لا كما يريدها منا اللاهون اللاغون الذين يريدون يصرفون عقولنا واهتماماتنا ومشاعرنا وعاطفتنا إلى حب أخر فسوف أذكر لكم الحبين والمشربين والمنهجين والطريقين لتكون أنت من الحب الصحيح الذي يوصلك إلى الفردوس الأعلى أما أهل الفن والطرب والوله والهيام والقدود والخدود والعيون السود فلنا معهم كلام على أن لا نعطل هذا إذا كان في الحلال المباح بل نوصيكم أنتم ومن حضر من زوجاتكم أن تتحابون حبا ً كثيراً في الله وأن تزيدوا من هذا الحب وأن تصلوه برضوان الله فكان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يحب عائشة ويقول بشرت أنك زوجتي في الجنة وجاءه جبريل وبشره السلام إلى خديجة وقال بشرها بقصر في الجنة أو ببيت بالجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب المحبون هل تعلمون أحب عند الإنسان من ابنه الذي رباه وحرص عليه وكان شمه أحب إليه من(1/461)
الورد والزهر يضع الرجل ابنه على فمه فيقبله فيحس بالسعادة التي ما بعدها سعادة ولذلك أراد الله عز وجل من أولياءه أن يحبوه أكثر من حبهم لأبنائهم وفلذات أكبادهم من هو خليله من الناس إبراهيم ولذلك لما أنكر ابن الجعض هذا الحب وقال ليس بصحيح أنه خليله ضحى به خال بن عيد الله القسري ونزل عن المنبر وذبحه وسلم رأسه عند المنبر فشكره أهل السنة وقال ابن القيم ولذاك ضحى خالد بالجعض يوم ذبائح القربان إذ قال إبراهيم ليس خليله كلا ولا موسى الكريم الدايم يقول شكراً يا خالد تقبل الله منك هذا الكبش الثمين وشكراً لك على هذه الأضحية التي ما سمعنا قال شكر الضحية كل صاحب سنة لله درك من أخي قربان قلي ضحي بضحي مثلك و فالمقصود أن إبراهيم لما أتى قلبه إلى ابنه إسماعيل أتاه على كبر فأحبه وبلغ معه السعي وانظر إلى هذا الطفل الصبي الذي بلغ معك السعي وهو أحسن شيء تحبه لأن الصغير الصغير ما نشف حبه وما تمسك بالقلب والكبير الكبير يسلوا عنه الخاطر لكن ابن واحد على كبر السن وبلغ السعي ثم هو مطواع وذكي وفطن وأريب ووسيم وفيه كل خصلة طيبة فأحبه إبراهيم كل الحب فأخذ يقبله ويضعه في والله يغار سبحانه وتعالى أراد أن يكون قلب الخليل له وحده لا أبناء لا زوجات الواحد الأحد فقط سبحان الذي خلق الذي يستاهل الحب جل في علاه فأتته الرؤية في المنام التي هي المعروفة وأمره ربه أن يذبح ابنه فقام وأتى إلى الابن وأتى إلى الابن اسمع المقابلة الحارة الساخنة كما في القرآن بجلال القرآن وروعته وهو ينبه ابنه ليخبره بأعظم وأفجع وأكبر وأدهش وأذهل خبر في التاريخ أيقظه وجلس بجانبه ابنه قال إني أرى في المنام أني أذبحك لم يقوم ليقبله يقول هيا بنا لنصلي قال الآن رأيت رؤية الآن أنني أذبحك لكن من أنا ولذلك إذا ذبح الإنسان بنفسه الشيء أفظع عنده لم يوكل به إنسان أو خادماً أو أجنبياً أو غريباً ليتولى هذه المهمة الصعبة التي ما سمع الناس بمثلها يقول(1/462)
بعض المفسرين كل بلاء يهون إلا بلاء إبراهيم في ابنه بالله عليك لو طلب منك أن تأخذ السكين وتذبح ابنك أمام عينيك وهو الوحيد الذي تحبه وتعشق سيرته وأخلاقه وأخباره قال إني أرى في المنام إني أذبحك فانظر ماذا ترى يقول فكر ترانا ذبح ذبح ما في لا تشاور ولا تعطينا خبر ثاني أنا إبراهيم الخليل وإبراهيم إذا ما يصمم هو مكسر الأوثان يقول ابن الكثير في التفسير قال هو عابد الرحمن ومكسر الأوثان ومكرم الضيفان له روغتان روغة كرم و روغة شجاعة هذا من أشجع الناس ومن أكرم الناس يجود بالنفس إن ظن البخيل بها والجود بالنفس أغلى غاية الجود أما روغة الشجاعة فأخذ فأس من هذه الذي ضربت بها خلاص فأتى على الأصنام المزخرفة بالذهب والفضة وخلاهم من ذهب من صلاة العيد فجعل عاليها سافلها لله درك قال(1/463)
فاسألهم هذا كبيرهم الذي قال قصة وأما روغة الكرم فأنتم تعرفونها تجلس الملائكة في المجلس وما قال مثل البخيل يستخيل أو يصلي ركعتين أو يدخل ويهلل ويكبر أو يعتذر ذهب وما جاب دجاج دجاجة وطنية جاب عجل هم مجموعة أربعة ولا خمسة تدرون تعرفون العجل يعني ثور والله هذا الكرم وما جاء يطبخ بس في قدور حانده وشواه شوياً أجمل طبخ في التاريخ قال فإذا كان حنيفاً على شجر من الحلفاء ومن على الجمر وعلى الملا الذي هو الصخور الذي يفعله إبراهيم هذا هو في التفسير كذا جاء بحنيد لماذا جاء حنيد يهود وقال سمين في الزاريات لأنه سمين حنيد وأما لما كان هود أخر السورة ذال و حنيد ومجيد جاب حنيذ ولما كانت فاصلة السورة في الزاريات متين وآمين جاب سمين هذا من بلاغة القرآن فهو سمين حنيد تركهم ورجع وأتى ذبح العجل وجعله في الفرن وجلس معهم حياكم الله يا مرحباً أحادث ضيفي قبل إنزال رحله ويخصب عندي والمكان جدب وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى لكن وجه الكريم خصيب ثم قربهم إليه في الضيافة ذكر ابن القيم عشر خصال من ضيافة إبراهيم بس في العجل هذا ما قربه قربهم هم يدخلهم في سرداب ثم في سيب فم على يسارك ثم على يمينك حتى يدوخ الإنسان جاء هو بالعجل لهم وقال أما تأكلون وعرضها برفق وبمحبة وبكرم أنا لا أكف عند هذه هذا الرجل العظيم عليه الصلاة والسلام وعلى سائر الأنبياء الصلاة والسلام هذا الرجل مدحه الله مدحاً في القرآن ما مدح أحداً مثله مع العلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل منه وأعظم سيدنا عليه الصلاة والسلام لكن أمة و قانتاً ولم يكن مشركين وحنيفاً وحليم وأواح ومنيب ومجاهد وكريم ومقدام هذا إبراهيم عليه السلام ابتلاه الله في هذا الابن يا الله وقال أنت تباشر القتل في نفسك امتحان أنت الذي يذبح ابنك أنت الذي يقطع رأسه بالسكين قال إني أرى في المنام أنني أذبحك يقول فكر أصلاً ولو قال لا لا ما عندي أنا فكرت فيه ما ني موافق والله يسلم(1/464)
راسك في سبيل الله قال إني أرى في المنام إني أذبحك فانظر ماذا ترى يقول أعظم جواب من ابن لأبيه عبر التاريخ هو جواب إسماعيل لإبراهيم قال يا أبتي افعل ما تأمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين لا إله إلا الله يا إخواني ما نقرأ القرآن ماتت قلوبنا العبارة هذه ألي يقف عندها لا يملك دموعه يا أبتي افعل ما تأمر يقول يا أبتي أنت مأمور من الله أنت رسول أصلاً الله سبحانه وتعالى استأمنك على الرسالة الربانية الإلهية للبشر الله أنزل عليك وحي الله رضيك الشيطان ما يتلاعب عليك أنت ما رأيت حلماً أنت رأيت رؤية فافعل ما تأمر أما أنا فستجدني إن شاء الله من الصابرين يقول والله لا أعترض ولا أتسخط ولا أجزع وهو طفل لكن مربى في بيت إبراهيم في بيت الرسالة في بيت النبوة فذهب ويقول أهل السير وأهل التفسير دعونا قليلاً نقف عند هذا المشهد المؤثر سبق إبراهيم إلى المنة وأخذ السكين معه وقال لزوجته هاجر لبسيه غسليه وطيبيه ولبسيه حتى يقربه قرباناً إلى الله سبحانه وتعالى وأتى الطفل وحده قال أرسليه لي أخبريه أني عند الشجرة عند الصخرة يأتي يسلم علينا وهناك يذبحه فأتى الطفل تلبس وتتطيب ومشى لأبيه ويعرف أنه يمشي إلى الموت إلى لقاء الواحد الأحد لينفذ أمر الله في أعظم امتحان في تاريخ الإنسان الذي ما سمع بمثله الناس يقول أن عرض له الشيطان عند الجمرات فرماه بسبع فعرضه بالثانية فرماه بسبع فعرضه بالثالثة فرماه بسبع فلما أوصل عند أبيه سلم على أبيه قال سبحانه فلما أسلمى يقول أسلمى تدرون ايش أسلمى قال أسلمى الوالد لأمر الله وأسلم الولد لمقدور الله على يد أبيه كدا شوف عبارة القرآن كدا هو يطوي الأحداث الزمان والمكان في عبارة واحدة فلما أسلمى يقول استسلم هذا لأمر الله واستسلم هذا لقضاء الله استسلم هذا ليذبح واستسلم هذا ليذبح بيد أبيه فالأب في ولاية الله وفي حب الله وفي خلة الله والابن في طاعة الله وفي رجاء الله وفي الصبر من الله(1/465)
قال فلما أسلم الآن انظر الآن واقف قال وتله الجبين يقول أخذه ولفه على شان لا تنظر العين في العين لأنه يخشى أن تدمع عينه أو يدمع عين ذاك أو يرحمه أو يستحي منه أو تقع النظرة على النظرة والوجه على الوجه قال ما أستطيع يا بني أن أراك لف رأسك لف وجهك فلفه ثم وضع الجبين فأتى بالسكين ووضعها على العنق ومررها فما مشت انقلبت فأخذها مرة ثانية فانقلبت وثالثة فانقلبت فوقف قال يا إبراهيم وإذا بالصوت هتاف ٌ وحيٌ من عند الباري يملأ الوادي بما فيه يا إبراهيم قد صدقت الرؤية شكراً يا إبراهيم عليك السلام وعلى ابنك إلى يوم القيامة يصل عليك ويسلم عليك ويدعى لك لك الثناء الخالد ولك جوار الرضوان فقام الابن وقام الوالد فاعتنقا يبكيان فلما قام في هذا المشهد وضع السكين واعتنقا وذهب به إلى البيت وانظر إلى الأم وهي تدري بالخبر وأنه سوف يقتل وإذا بإبراهيم بابنه وإذا الواحد الأحد سبحانه وتعالى يسجل له شهادة إلى يوم الدين أنه صادق وأنه أمين وأنه يحب الله وأنه لا يقدم محبوب على محبوبات الله أحد بالله قلي هذا الحب نفس هذا الحب أيه أي إذا قارنت بينه وبين حب من يسمع الأذان في الفجر ولا يقوم ولا يتحرك فقط ما يؤثر النوم مجرد النوم مجرد اللهو مجرد اللعب نراهم على الأرصفة وفي الشواطئ يؤذن ثم لا يأت أ حدهم أين الحب هذا يذبح ابنه أمام العالم ويسن السكين على ابنه وإنسان ما يتحرك من حب الباري سبحانه وتعالى هذه هي المحبة الحقيقية اسمحوا لي أن أستطل بوقفات لأعود إلى الحب الذي شغل الكثير من الناس في واقعنا حب اللهو حب صرف طاقة الأمة وشباب الأمة وفتيان الأمة إلى ما يسمى الحب العابث الحب اللاهي المحرم هذا فوجئت به الكثير من المجلات والمسارح والدوريات والقنوات وأصبحت تعرض على الناس إلهاء الأمة أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أنا أقف مع هؤلاء الأبطال الذين أحبوا الباري سبحانه وتعالى بالله عليكم أتوني من شبابنا من يأتي مثل(1/466)
حرام بن حال ويطعنه الطاعن بالرمح من ظهره فيخرج الرمح من مصدره فيأخذ الدم ويرش القاتل ويقول وفزت ورب الكعبة الحديث في الصحيح ترى والله يخرج الرمح من صدره ويتبسم ويأخذ الدم هو بنفسه ويرش القاتل يقول فزت ورب الكعبة إذا جاورت الباري تريد جوار الأخر آسيا امرأة فرعون تقول شوف هي معذبة يقول أهل العلم في التفسير يقول ضربها بالمسامير العدو اللعين في التاريخ ضربها بالمسامير وأخرجها في الشمس فظللتها الملائكة وما رجعت تقول ما بيني وبينك زواج أنا لا أرضى سيرتك ربي أبني عندك بيتك في الجنة لا هي في القصور أصلاً والخدم معها والحشم والذهب والفضة والجيش تقول لا أريد قصراً بيتاً عندك في الجنة مواصفته أنه بيت وبيت عند الباري عندك يعني بجوارك في الجنة هذا فهذا الرجل يقول فزت ورب الكعبة ابن رواحه لما خرج إلى مؤتة ما ترجع يقول الصحابة ترجع بإذن الله قال لا ما أرجع قالوا سلمكم الله يقول الصحابة له وعدكم الله غانمين هو ما يبغى أصلاً يعود غانم ولا يعود سالم ولا يعود إلى المدينة يعود إلى النخل يعود يرعى الإبل قال لكنني اسأل الرحمن مغفرةً وطعنة ذات فرعاً تقذف الزبدا يقول يا ربي أسألك طعنة هذا اليوم يا ربي أسألك رجل من الكفار يذبحني فيك يقول سعد بن أبي وقاص وهو يبكي ذكر له عبد الله بن جحش زميله صديقه صداقة الإيمان في المدينة قيل عبد الله بن جحش حدثنا عن عبد الله بن جحش يا سعد لأنه كان معه جواره في المدينة ويسكنان سوا ويذهبان بكى سعد بن أبي وقاص أحد العشرة الذين توفي صلى الله عليه وسلم وهو عنه راض قال هو خيرٌ مني أسمع التواضع أسمع اللين والرفق فيما بينهم هو خيرٌ مني والله أني برزت وإياه يوم أحُد هذا يروي من المذكرات مذكرات عبد الله بن جحش وهو قتل في أحُد لكن يخبر الناس لماذا هو خيرٌ منه يقول والله أنه خيرٌ مني برزت أنا وإياه يوم أحُد والكفار أمامنا قال يا سعد تريد ندعو يقول عبد الله بن جحش ندعو اليوم(1/467)
قبل المعركة قال أدعو قال أدعو أنت فدعا سعد وهو مجاب الدعوة يقول صلى الله عليه وسلم اللهم سدد رميته وأجب دعوته كان إذا رمى سعد ما يخطئ أبد يريد العين العين الأنف الأنف الثنية الثنية يقول سعد والله كان يعطيني صلى الله عليه وسلم ينثر لي السهام من فلول السهام يوم أحُد فكنت أرمي فكان يعني يتظاهر صلى الله عليه وسلم ويصعد ويتماط عليه الصلاة والسلام فإذا رأى الرمية ضحك صلى الله عليه وسلم يقول أرمي سعد فداك أبي وأمي أرمي سعد فداك أبي وأمي لم يفدي محمد صلى الله عليه وسلم في التاريخ أحد إلا سعد بن أبي وقاص إذا خرج للناس سعد قال هذا خالي يقول صلى الله عليه وسلم فليرني كلٌ خاله يقول وروني خولتكم أنتم معكم خال زي هذا بالله عليكم طالعوا لنا زي هذا بالله عليكم زيي هذا البطل الإمام الذي دك دولة فارس هو الذي أسقطها ترى العدل الأمين طيب القلب والسريرة رضي الله عنه وأرضاه قال أدعي يا سعد فدعا سعد بالنصر والثبات والتمكين والرفعة قال أسمع يا سعد قال خلي دعاءك أنت لك وأحسنت أما أنا يا ربي فتعلم أني أحبك هذا هو الحب يعني إن كنت في من يحبك فاجب دعوتي فعلم الله حبه فأجاب دعوته أسمع مواصفات الأمنية التي يريدها أسمع يا من يتمنى منصباً فحسب وسيارة فحسب وفله فحسب وشهرة فحسب ومكانة فحسب وجاه فحسب يقول اللهم تعلم أني أحبك اللهم إن كنت تعلم ذلك مني فلاقي بيني وبين عدوٍ لك شديد حرده يقول يكون عدو ما سهل عدو أشد الأعداء والكفار قوي بأسه فيبقر بطني ويجذع أنفي ويفقع عينيا ويقطع أذني هذا نهاية الحب فإذا لاقيتك يا ربي هذه الصورة تقول لي يقول سعد هكذا تقول وفي الدعاء قبل المعركة ويحفظ الكلام ويقول هذا وهو مقدم على الموت والسيوف مسلولة والرامح مشرعة والموت دنا قال فإذا جئتك يوم القيامة وأنا مقتول مبقور البطن مجذوع الأنف مقطوع الأذنين تقول يا عبدي بلما فعل بك هذا فأقول فيك يا رب قال سعد والله ما درت المعركة إلا(1/468)
وأتينا للشهداء وإذا عبد الله بن جحش مقتول قد بقر بطنه وجذع أنفه وفقعت عيناه وقطعت أذناه فبكى سعد وبكى صلى الله عليه وسلم قال نسأل الله أن يلبي له ما سأل يقول أهل العلم وسوف يلاقه عند ربه لأنه صدقوه فهذا ابن رواحه برز قال يا حبذا الجنة جعفر بن أبي طالب يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها قال أهل العلم وممن سار على منوال الحب وصدق مع الله في حبه طلحت بن عبيد الله رضي الله عنه وأرضاه فإنه ذهب بيوم أحُد يقول أبو بكر أما يوم أحُد فأخذه كله طلحة أخذ يوم أحُد كله طلحة حتى أنه ضارب بيمينه حتى شلت يمينه وضرب بشماله حتى سقط وضرب في رأسه وضرب في جسمه وضرب في ظهره وأغمي عليه وصمب الدم على وجهه وجاء الناس يعالجونه ويداوونه رضي الله عنه وأرضاه تدرون ماذا يقول دمه ينزف والمعالجون يعالجونه دمه من جسمه يعني يقول اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى أي أمة كان صحابة صلى الله عليه وسلم أمة كيف قدموا أروع صور الحب لله الباري نخجل على أنفسنا يا أخوة ما نستطيع الآن نجد وقتاً نتدبر فيه شيء من القرآن مع كثرة النعم وتوفر الوسائل وراحت البال والأمن والحبور والسرور لكن ماتت الهمم سقطت العزائم نعوذ بالله من هذا الموت نسأل الله أن يوقظ فينا الإيمان إيمان الحب والله لو أحببنا الله والله لقمنا قبل الفجر زامنني رجل أنا لا يسمعني الآن حتى أتزلف إليه أسمه عبد الرشيد الألوكي من نيجيريا في أصول الدين ما رأيت أعبد منه في حياتي إلى الآن يقوم في الثلث الأخير حتى في أيام الامتحان قال تدري من علمني قيا الليل في التدريب يعني في المران جدتي في نيجيريا امرأة عجوز في نيجيريا تقول نحن ما نرضى نحن نزرع الفول في مزرعتنا فتوقظني قبل الفجر في الثلث الأخير فأقوم فترشني بالماء البارد إلى وجهي تقول يا بني الراحة في الجنة دايم كل الليل الراحة في الجنة تدري إن الكلمة هذه إمام وآل السنة(1/469)
وجماعة بن حنبل قال له ابنه عبد الله يا أبتاه متى الراحة قال إذا وضعت رجلك اليمنى في الجنة فقد ارتحت أما قبلها لا راحة تقول تأهلنا حصلنا على بيت ارتحنا أتانا أطفال لا راحة دار متى ما أضحكت في يومها أبكت غداً قبحلها من داري طبعت على كدراً وأنت تريدها صفواً من الأقدار والأكدار ومكلف الأيام غير طباعها متطلب في الماء جدوه ثنائي هذه هي الدار دار المصايب والأحزان هنا يقول شاب وقف أمام الرسول عليه الصلاة والسلام وهو صلى الله عليه وسلم يهيأ للقتال في يوم أحُد أهل الحب الصادق أهل قيام الليل والله ما بلغ الصحابة بذلك إلا بتباعهم لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم وصدقهم مع الله وعبوديتهم للواحد الأحد فوقف شاب في أخر المسجد يقول صلى الله عليه وسلم للصحابة ما رأيكم هل نقاتل أبا سفيان والمشركين داخل المدينة أو نخرج لهم في أحُد الرسول صلى الله عليه وسلم رأيه أن يقاتلهم داخل المدينة وهذا هو الرأي الصحيح العسكري حتى اللواء المسلم الداعية اللواء الركن محمود شيط خطاب في العسكرية الإسلامية يقول هذا أعظم رأي في التاريخ العسكرية يقول صلى الله عليه وسلم نقاتلهم في المدينة فنسد عليهم السكك والرماية على الأسطح ونطوق إذا دخلوا المدينة ونقتلهم قتلاً ذريعاً حرب المدن لكن رفض الشباب فيقول شاب من يا رسول الله ننتظر حتى يدخل الحماس يعني ننتظر حتى يدخل علينا أبو سفيان المدينة رسول الله فيقوم حمزة معه ثمانية من هناك على حمزة هذا ريشة نصر معنا خطر ممنوع الاقتراب أسد الله في أرضه جمعوا رشيه يقول يريد يخرج أحُد وقام شاب من أخر المسجد من بني سالم قال ابن اسحق ابن هشام يا رسول الله والرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر عليه الصلاة والسلام يجهز الجيش ويعلن الحرب على أبي سفيان ويخبر كم قتل من نواحي المدينة وماذا فعل ويدعوهم إلى القتال والجهاد في سبيل الله قال الشاب فسكت صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لا تمنعني دخول(1/470)
الجنة فوالله الذي لا آله إلا هو لأدخلن الجنة شاب صغير يعني طبعاً قال صلى الله عليه وسلم بما تدخل الجنة قال بأني أحب الله ورسوله ولا أفر يوم الزحف فدمعت عينه صلى الله عليه وسلم بالله هذا الكلام تسمعون مثله في التاريخ أعطوني من شبابنا أعطونا نماذج ولو كلام قال والله إني أحب الله ورسوله ولا أفر يوم الزحف قال صلى الله عليه وسلم إن تصدق الله يصدقك قال صلى الله عليه وسلم هيا بنا أخرجوا فنزل صلى الله عليه وسلم قليلاً وسكت الناس في أماكنهم والكتائب في أخر المسجد وحمزة متجهز والأبطال مشرعين ولبس صلى الله عليه وسلم لامته وخرج بالسيف وسله صلى الله عليه وسلم قال نخرج قال الأنصار لعلنا أكرهناك يا رسول الله قال ما كان نبيناً إذا لبس لامته أن يخلها حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً يعني نلبس وتخلع على كيفكم خلاص لبس الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله شاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله انتهت المشاورة أخذ الرأي القرار الصائب خرج عليه الصلاة والسلام أتى هذا الأنصاري الشاب الصغير هذا يقفز في المعركة فقتل فأتاه صلى الله عليه وسلم وهو في حفرة وإذا رأسه في الحفرة ودمه وروحه صعدت إلى الباري فسلم عليه صلى الله عليه وسلم قال صدقت الله فصدق الله هذا الصبي يقول سبحانه والذين جاهدوا فينا لأن نهديهم سبلنا إن تصدق الله يصدقك فالصدق معه سبحانه ما الحب يوصلك إلى رضوانه جل في علاه فهنا يقول لا تمنعني دخول الجنة من منكم يذكر ذاك الموقف العظيم الذي ما وقف إنسان مثله في العالم وهو على خشبة الموت خبيب ابن عادل رضي الله عنه وأرضاه وهو يطوق ثم يسلسل ويربط بالحبال ويؤتى بالسيف قال انظروني أصلي ركعتين طلبي من الدنيا لم يقل يوصي وش يوصي عندهم أموال أصلاً خرجوا من مكة ما عندهم أموال ولا مزارع ولا قصور ولا دور أبداً باعوا أنفسهم من الباري سبحانه قال أصلي ركعتين فصلى ركعتين وألتفت قال والله لولا أن تقولوا أنه خوف من(1/471)
الموت أو جبن لطولت الصلاة لكن بعدين تقولون أنه حتى زيد في المعركة ما يريد يعيرونه حتى ما يريد يعطيهم فرصة بس يقولون أنك خايف فاصعدوه على الخشبة فلما صعد الخشبة يسكت بينتفض كالطائر بيوجل تبسم تبسم الواثق بالواحد الأحد وأصبح على الخشبة موت ترى رفعوا له فلك يعني على خشبة مرتفعة على شان يخرقونه من فوق فلما اجتمعوا به قال اللهم أحصيهم عددا وأقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا اللهم أخبر رسولك ماذا يفعل بنا هذه الغدارة يقول بلغه هذا ثم قال اسمعوا من يحفظ القصائد ذلك الوقت واحد نسي اسمه في عهد معاوية قالوا واسمك نسيته قال لا أرى أنا أرى سيفاً مشهوراً وكفناً منشوراً وقبراً محفوراً وأتذكر يقول ابن القيم سرقوا ابن عساكر ابن كثير سرقه أحد اللصوص كان تاجر على حمار عنده قماش فأعترضه لص وحط السيف على رأسه وقال صلي ركعتين واستعجل قال والله نسيت كل آية في القرآن ما تذكرت إلا قول الباري أما يجيب مضطر إذا دعا فأنقذه الله عز وجل طبعاً هذا موت ما هو بلعب سيف وهذا شاب من شباب محمد صلى الله عليه وسلم لكن محب لله الواحد الأحد محب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعدين ينشد ما شاء الله قال ولست أبالي حينما أقتل مسلماً على أي جنباً كان في الله كان مصرعي وذلك في ذات الله وإن يشأ يبارك على أشلال ممزع قصيدة طويلة ترى يعني هي أنثي عشر أو ثلاثة عشر بيت فقتل في سبيل الله وقبله الله عنده سبحانه وتعالى أحد زملائنا من المشايخ والدعاة مشهور لكنه طبعاً أحتفظ اسمه هذا في عمل الخير في الرياض قبل أسبوعين كلمني بعد الفجر قال جلست مع أمي البارحة نتحدث وصليت أنا وإياها الفجر ثم مالت فماتت أردت أن أعزيه يعني زميل وأخ وصديق وهو معروف لدا الجميع منكم فكتبت له رسالة بعد ما عزيته في الكلام قلت إن كنت تظن أنك أرحم بأمك من الواحد الأحد فقد وهمت فدر قال يكفيني هذا الكلام إذا كان إنسان أنه سوف يرحم أمه أكثر من الواحد الأحد أو(1/472)
يرحم ابنه أكثر من الواحد الأحد فنسأل الذي وسعت رحمه كل شيء أن يرحمنا كان عمر بن عبد العزيز يقول يا ربي أنا شيء ورحمتك وسعت كل شيء فأسألك أن ترحمني برحمتك التي وسعت كل شيء نحن نطمع في فضله في فضله أتيناك بالأجود يا ذا الغنى وأنت الذي لم تزل المحسنا وعوتنا كل حبٌ عسى يدم الذي منك عوتنا فما في الغنى أحد مثلكم وفي الفقر لا أحد مثلنا هنا اسمع إلى وقفات الحب ألاهي الساهي المنحرف عن منهج الله هنا أسمع إلى وقفات من الحب اللاهي الساهي المنحرف عن منهج الله يقول مجنون ليلى أتى يطوف أيضا في البيت فرأى ليلى قال قف بالطواف ترى الغزال المحرم حج الحجيج وعاد يقصد زمزم لو أن بيت الله كلم عاشقاً من قبل هذا كاد أن يتكلم لامه أهل العلم طبعاً وردوا عليه نظمت قصيدة في هذا البيت قل قف في الحياة ترى الجمال تبسم و الطل من ثغر الخمائل قد هما والمسلم اطلع الوجود مسلماً أهلا بمن حاز الكمال وسلم بل الواجب على المسلم أن يحول حبه وولايته ومدحه لمنهج الله في الأرض ولا تستهوي امرأة أو شهرة أو منصب أو مال أو طريق آخر غير طريق هذا الحب لأن المؤمنين أشد حباً لله وقد عقد للشيخ المجدد الإمام محمد هبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد باب والذين آمنوا أشد حباً لله يعني أشد من غيرهم أي أشدهم أشد من حبهم لله أشد من حب الكفار لأوثانهم وعلى اختلاف الحب يكون التباين فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق في الخيرات فمنا من يحب الباري سبحانه وتعالى حتى يقدمه ولو طلب منه يقتل أبنائه وفي سبيل الله قتلهم بيده كما فعل إبراهيم عليه السلام هنا أقف أيها الإخوة مع بعض مع الذين ذموا الحب اللاهي ألبدعي الأرضي الطيني مثل ابن الجوزي في ذم الهوى ألف كتاباً وابن القيم في روضة المحبين وابن حزم في طوق الحمامة فروى الشيخ أبو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري في كتاب كيف يموت العشاق وابن الجوزي رواه في كتاب ذم الهوى أن ابن عباس أخذ يوم عرفة(1/473)
يقول أعوذ بالله من العشق أعوذ بالله من العشق أعوذ بالله من العشق ترى هذا العشق بلوى يا إخوان مرض رهيب وقع به شبابنا كثيراً ترى انحرف عن الجادة في قلوب خلت من الإيمان والذكر وقراءة القرآن أن عروة ابن عزام سطر قصيدة من أروع القصائد في التاريخ آتاه العشق هذا حتى برى جسمه وأصبح جلداً على عظم وذهب إلى طبيب في اليمامة وطبيب في نجد وشكا إليهم الحال قالوا شفاك الله ما عندنا طب في هذا قال جعلت لعراف اليمامة حكمه وعراف نجد إن هما شفياني يعني يقول احتكموا في المال خذوا ما أردتم من الإبل بس اشفوني من هذا الداء جعلت لعراف اليمامة حكمه وعراف نجد إن هما شفياني فو الله ما من رقية يعملانها ولا شربة إلا بها سقيانة فقال شفاك الله والله ما لنا بمكنون ما تحوي الضلوع يدان حتى عجزنا في الطب حتى بو الطيب المتنبي الشاعر المشهور هذا كان يلوم صديقاً له أفي العشق ولم تذهب ما عندك همة ما عندك طموح ما عندك علو تعشق امرأة وتذوب هذا الذوبان فابتلاه الله هو بالعشق لأنه كان المتنبي قليل الصلاة قليل ذكر قليل تسبيح فيقول في القصيدة وعذلت أهل العشق حتى ذقته فعجبت كيف يموت من لا يعشق وعذرتهم وعرفت ذنبي أنني عيرتهم فلقيت منه ما لقوا هذا هم فذكر ابن الجوزي وذكر كيف يموت العشاق أن ابن عباس تعوذ بالله من العشق فقال له أصحابه وعكرمة يا ابن عباس نسمعك تتعوذ من العشق قال مررت بشاب تحت هذه الخيمة فسمعته يقول والله لو قطعوا رأسي لأذكرها لسار نحو هواها في الهوى رأسي يقول والله لو قطعوا رأسي على شان أنساها لتدحرج رأسي حتى يطب عندها فجعل ابن عباس يده على صدر الشاب وأخذ يتلو عليه شيء من القرآن وقال شافاك الله من العشق ثم قام ابن عباس يقول أعوذ بالله من العشق أعوذ بالله من العشق أعوذ بالله من العشق ما هي العصمة الآن في رسائل في الندوات والدروس يقول الشباب أبتلينا بهذا الداء وقد أجاب ابن القيم عن هذا السؤال بكتاب كامل اسمه(1/474)
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي فأسمع الإجابة أولاً أن تستجيب لله الواحد الأحد وأسأل الله عز وجل أن يجعل استجابتنا بداية لتوبتنا وعودتنا إلى ربنا وهذه الاستجابة تبدأ قالوا بالصلاة تؤديها في وقتها بخشوعها ويرى ابن تيمية وابن القيم أن من أعظم العلاجات أنها الصلاة بخشوع وخضوع الثاني أن تتبتل إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء دائماً وأبداً وبالاستغفار والجأ إليه وبالتوكل عليه وتكرار حسبنا اله ونعم الوكيل حتى يخلصك الباري جل في علاه الثالث أن تتزوج الزواج الشرعي الذي سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتى به محمد عليه الصلاة والسلام وعلمه أمته عليه الصلاة والسلام فإنه عبادة للواحد الأحد وكان الإمام أحمد يدعو لذلك حتى جاء أحد المتصوفة فقال يا أحمد الزواج أفضل ولا تركه يفتي أحمد إمام هذه السنة والجماعة جالس قال الزواج قال لا ترك الزواج أفضل قال الإمام أحمد ولما ما قال إبراهيم الأدهم ما تزوج قال الإمام أحمد أوه وقعنا في بنيات الطريق والله يقول ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواج و وذريات فانظر إلى الجواب السديد فهنا يقو الاستجابة قال أن تستجيب لله سبحانه وتعالى قال الاستجابة أن تبلغ أن تغلب مراد الله سبحانه وتعالى على مرادك أنا أتفق لأن سعد ابن وقاص الذي ذكر معنا قبل قليل لأحد العشرة بالمناسبة فالفائدة العلمية هو صاحب قصة الحديث الذي بان معه أحد الصحابة لما قال صلى الله عليه وسلم يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة وهو سعد ترى ذكره الحفاظ والقراء وبات معه أحد الصحابة ثلاث ليالي فرأى صلاته كصلاة الصحابة ما قام الليل ولا صام في النهار يأكل الطعام في النهار ويأكل الطعام في النهار وينام في الليل فقال الصحابي بت معك ثلاث أيام وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه سلم ثلاث مرات أنك من أهل الجنة فرأيت صلاتك صلاتنا وصيامك صيامنا فماذا كنت تفعل قال هو ما رأيت ولكني والله ما بت(1/475)
ليلة في الليالي وفي قلبي حقد لأحد أو حسد على أحد أو غش لأحد أخبرني الشيخ عبد العزيز السبحان أنه سأل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز العالم المجتهد الكبير رحمه الله وجمعنا به في الفردوس الأعلى قال يا شيخ أطبقت الأمة على حبك أسألك بالله ماذا ترى أنت قال أعفني يا عبد العزيز فألح عليه قال ما بت ليلة وأنا غاش لأحد وحاقد على أحد أو حاسد لأحد هذا هو طريق العبودية فسعد هذا على قوته في الإسلام لأنه مجاهد وقوي وشجاع أسمعوا ماذا فعل مع أمه رضي الله عنه ومن أبر الناس أتت أمه كانت مشركة قالت أسلمت يا سعد قال أسلمت قالت أتبعت الصابي يعني محمد صلى الله عليه وسلم يسمونه الصابي الذي ترك دينه يعيرونه قال أتبعتهم قالت أجل فأقسمت باللات والعزة ومنأى ثالثة أخرى لا تأكل طعام حتى يرجع عن دينه يرجع عن الإسلام يعني هي هواية هي تسلية هي هذا مبدأ هذا حق جنة أو نار قال يا أماه أكلي قرب الطعام قالت أقسمت جاء الغذاء قال يا أماه كلي قالت أقسمت جاء العشاء قدمه قال يا أماه كلي قالت أقسمت فجلس أمامها قال يا أماه أنت تعلمين أنك أحب إلي من نفسي التي بين جنبي ومن عيني والله الذي لا إله إلا هو لو أن عندك ألف نفس تخرج نفس بعد نفس ونفس بعد نفس ونفس بعد نفس ما تركت ديني فكلي أو أتركي قالت بسم الله نأكل نتعشى هذا هو فرضي الله عنهم وأرضاهم وقال أهل السير ابن جرير وابن الكثير رحمهم الله لما التقى الصحابة مع الكفار في بدر ترى هذا اللقاء تاريخي حتى علي ابن أبي طالب يقرأ فيه القرآن قال هذان خصمان اختصما في ربهما علي أبو الحسن قال أنا أول من يجثو على ركبي يوم القيامة للخصومة يجثم مع من مع الذين بارزهم مع حمزة طبعاً هو وحمزة وعبيد ابن الحارث بارزوا ثلاثة فقتلوا الثلاثة فالله سبحانه وتعالى إذا جمع الناس سوف يعقد مناظرة ومنازلة بين هؤلاء وهؤلاء الثلاثة والثلاثة قال علي أنا أجثو فسره العلم هذان خصمان تفسري مفرد مع العموم(1/476)
وتفسير عام قال أنا سوف أخاصم الثلاثة الذين قتلناهم على مبدأ الحكم عنه رضي الله عنه وأرضاه فأبو عبيدة مر به أبوه عليه يوم بدر طبعاً أبوه مشرك فأشاح أبو عبيدة لا يريد أن يواجهه فجاءه مرة ثانية فأشاح وثالث مرة أتى أبوه ليقتله فأتى أبو عبيدة وقال إلا أنت فضحى به فشكر الله سعيه وحياه وقال أهل العلم الكثير من المفسرين أنه المقصود بقوله لا تجد قوم يؤمنون بالله وباليوم الآخر يودون من حاد الله ورسوله ولو كانوا أبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم وعشيرتهم فهذا منهم وهو الذي قدم حب الواحد الأحد سبحانه وتعالى على مراضيه وعلى شهواته وعلى ما يطرح إلى ذلك قدم محمد صلى الله عليه وسلم كما قال خالد محمد الخالد أعظم شباب في حياة الناس وفي تاريخ البشر لم يسمع بسير ة أناس أحب الرسول صلى الله عليه وسلم مثل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لماذا أحبوه قتلوا في سبيل الله قطعت رؤوسهم جرحوا ومع ذلك حبوه طردوا من الأوطان والإخوان والخلان والجيران ومع ذلك حبوه سبوا وقدح فيهم وشتموا وعرضوا للمخاطر ومع ذلك أحبوه تزاحمت عليهم المصائب ومنهم من فقد عينه ومنهم من فقد سمعه ومنهم من فقد يده ومنهم من قطع ومنهم من ذهب إلى العدو ولم يعد ومنهم من حبس ومع ذلك أحبوه لماذا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أتى بأصل المحبة من عند الباري جل في علاه ودلهم على أعظم محبوب وهو الله سبحانه وتعالى في ذلك إخوتي في الله أتينا إلى قرة عين محمد عليه الصلاة والسلام وهي التي كان يحبها في الحياة ولا يقدم عليها شيء وأنا أوصيكم بها وهي الصلاة مسكين الذي لا يصلي قرأت في إحدى الكتب مترجمة مذكرات موجودة في الأسواق أن شاب من بلادنا سافر إلى بريطانية يدرس فكان إذا حان الفجر يقوم فيصلي كان صاحب مبدأ وصاحب عقيدة صاحب إيمان فتقول أنا ساكن مع عجوز إنكليزية عائلة على شان يتعلم اللغة قالت لو نمت حتى يصبح عيني وتطلع الشمس أنه برد قال لا ديني لا يرضى إلا(1/477)
أن أصلي قالت إذا تأخرت لا يقبل مني قالت هذه إرادة متكسر الحديد مسكين الذي لا يصلي مسكين ليس له عون من الله ولا تسديد ولا هداية مسكين لا يجد مدد لأن تنتهي كل صبر عند كل طاقة بشرية تنتهي فيقول أحد ما كتب المعاصرين قال واستعينوا بالصبر والصلاة قال قدم الصبر سوف ينتهي تبقى الصلاة قال تصاور الحياة والحوادث والمشكلات فينتهي الصبر فتأتي المشكلات تفقد ابنك فتبكي فتأتي الصلاة واستعينوا بالصبر والصلاة أتى صلى الله عليه وسلم كان أنه إذا حزبه أمر أرحنا بالصلاة يا بلال تأتيه صلى الله عليه وسلم أزمة فيقول أرحنا بالصلاة يا بلال قال وقل لبلال العزم من قلب صادق أرحنا بها حقاً مصلي توضئ بماء التوبة اليوم مخلصاً بطرق أبواب الجنان الثمانية أنا أنقل لكم مشهد أرجوكم لا تنسونه في أحد الرسول صلى الله عليه وسلم قتل من أصحابه سبعون بالله يقول ما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم موقف أغيظ في حياتي من دقيقة واحدة احذروا ما هي يعني اتهم في زوجته صلى الله عليه وسلم نعم تأسف وحزن واهتم عليه الصلاة أو السلام لكن الدقيقة هذه أهم عنده عليه الصلاة والسلام طرد من بل ده كذب عليه الصلاة والسلام حورب اتهم سب شتم تعرفون ما هو لأغيظ وقال صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده ل أقف موقفاً أغيظ لي من هذا الموقف تدرون ما هو أصبح وجهه صلى الله عليه وسلم كالصفرة وأصبحت تدمع عيناه بلا شعور وهو يرى حمزة مجدف عمه أسد الله في أرضه مذبوح ومبقور البطن ومقطوع من الكبد عسى الله أن يتقبل عنده تريد جزاء حمزة هو سيد الشهداء عند الله كل شهيد يدخل في هذه السيادة وراء حمزة قال صلى الله عليه وسلم والله لا أقف موقف أغيظ لي من هذا الموقف ثم الرسول صلى الله عليه وسلم شج في رأسه وكسرت سنيته صلى الله عليه وسلم تدرون ماذا قال صلى الله عليه وسلم يوم أحد قال صفوا ورائي لأثني على ربي فصلى صلى الله عليه وسلم وأثنى على الله فكان الروح والريحان(1/478)
الصلاة وأوصيكم يا شباب الإسلام أمام موجات الغزو الفكري والتغريب في المبدأ وفي الخلق وفي السلوك أمام الدعوات المنحرفة أمام الشهوات أمام المغريات إذا حانت الصلاة فقوموا أبداً وقصدي من هذا الكلام أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة هي عمود الدين كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وهي الحل لهذا الحب الذي يشكو منه الناس الحب التقليدي الحب ألبدعي الحب الأرضي الحب الطيني الحب المنحرف الذي يشغلك عن طاعة الله وعن المسجد وعن القرآن فويل لمن أهلكه هذا الحب
الشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان
ضيف الحلقة :
الفتن
موضوع المحاضرة(1/479)
هذا الوقت وقت فتن والفتن تتابع وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه كما أخرجه البخاري في الصحيح عن أنس ابن مالك رضي الله تعالى عنه وإننا جميعاً نلحظ هذه الفتن نراها ونقرأها ونسمعها لا في مجتمعنا فحسب بل في الدنيا كلها وهذا مصداق النبوة أو هذا واحد من أدلة مصداق نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم لأن علماء المعتقد يقولون إن تحقق ما أخبر أبو مصطفى صلى الله عليه وسلم دليل واحد من أدلة نبوته صلى الله عليه وسلم والفتن على قسمين فتن شهوات وفتن شبهات وفتن الشهوات هي ما يقترفه العبد من الآثام بجارحة اليد أو بجارحة العين أو بجارحة الأذن وما شاكلة ذلك أما الفتنة العظيمة فهي فتنة الشبهات وهي مرض القلب وداء القلب وقد أكثر الله جلّ وعلا في القرآن الكريم وأكثر نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته المكرمة عن التحذير والترهيب من الوقوع في هذه الفتن وبالمقابل بين الله وبين رسوله صلى الله عليه وسلم المخرج لمن واقعها أو كاد أن يواقعها وقبل ذلك كله لابد أن نعرف أمراً هو من المسلمات القطعية التي لا يتنازع فيها اثنان من أهل الديانة ذلك الأمر أن الشريعة كاملة شمولية صالحة لكل زمان ومكان مهما تغيرت أحوال الناس وتباعدت أقطارهم وأمصارهم واختلفت ألسنتهم وألوانهم وهذا من عظمة هذه الشريعة القوانين الوضعية نسمع ونقرأ تقديم مادة وتعديل مادة وزيادة مادة وحذف مادة وهكذا لأن عقول البشر قاصرة تتحسن أمراً اليوم وتستقبحه غداً أما الشريعة فحاشا وكلا ولا لعل لأنها تنزيل من حكيم حميد كتاب أنزله الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولهذا قال ربنا ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً لأن طبيعة البشر مهما بلغوا في الذكاء والفطنة إلا أن النقص يعتريهم أما النصوص الشرعية فهي صالحة منذ أن بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى الساعة بل إلى قيام الساعة إذا علم هذا فإن من(1/480)
بحث عن مخرج لأي فتنة دقت أو عظمت بحث عن مخرج لها من غير نصوص الشريعة فلا شك أنه يجني على نفسه بل هو واقع في فتنة أكبر مما يبحث عنه ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في كتابه القيم اقتضاء الصراط المستقيم أو عفواً في كتاب النبوات يقول ما معناه ومن فر من حكم الله ورسوله خشية محذور يصيبه في نفسه كان ما يصيبه من المحذور في فراره أكثر مما فر منه مثال ذلك رجل سمع حكماً شرعياً وقد تلبس بمعصية ولكن ثقلت أو أثقل الشيطان عليه ذلك الحكم الشرعي الذي يخالف شهوته أو شبهته ففر من ذلك الحكم من ذلك الدليل والتمس مخرجاً أخر لما وقع فيه فلا شك ولا ريب أن ابتعاده عن الدليل وأن فراره عن النص الشرعي يقوده إلى مفتنة أعظم مما كان واقع فيها إذا علم هذا فلنعلم أن التسليم لأمر الله جلّ وعلا و لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخرج الوحيد من كل فتنة والعبادات أو العبادة يعظم فضلها وتظهر ثمرتها واضحة جلية في أوقات الفتن ولكن نحتاج جميعاً إلى أن نعرف معنى العبادة العبادة عرفها أهل العلم بتعاريف تختلف في اللفظ لكنها تتفق في المعنى ولعل أجمعها وأوفاها وأشملها ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من أن العبادة أسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة وإذا كان ذلك كذلك فيدخل تحت هذا التعريف كل عبادة يتعبد بها العبد ربه قوليه كانت أو فعلية من ذكر أو صلاة أو صيام أو زكاة أو حج أو توكل أو صبر أو خشية إلى أخر أنواع العبادة المقررة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية هذا أمر الأمر الثاني مما قرره أهل العلم أن المحافظة واستشعار العبادة والاهتمام بشأنها في أوقات الفتن يعظم أجر صاحبها ويكون نفعها متعدياً إلى غيره وبالمثال يتضح المقال يقول أهل العلم إن العمل الصالح قد يتضاعف أجره قد يعمل العمل أربع(1/481)
أشخاص عمل واحد لكن هذا العمل يزيد أجره بحسب القرائن المحتفة به وفي المقابل العمل السيئ قد يعمل أربعة أشخاص عملاً واحداً ولكن يكون في حق بعضهم أكثر إثماً من غيره أو من الآخرين أمثل ذلك أو على ذلك رجل أفطر في رمضان في جوف بيته يأثم لأنه عصا ربه وارتكب أمراً محظوراً وهتك حرمة الصيام الرجل الأخر أفطر في رمضان لكن أمام الناس إذاً جمع بين إثمين الفطر وماذا والمجاهرة رجل ثالث أفطر في رمضان أمام الناس وقت الصلاة والناس في صلاتهم فهذا جمع بين خطايا ثلاث الفطر والمجاهرة وترك الصلاة الرابع أفطر في نهار رمضان أمام الناس وقت الصلاة وعلى شراب مغصوب مسروق إذاً اجتمع أربعة أمور الفطر والمجاهرة وترك الصلاة والسرقة.(1/482)
في المقابل رجل حفر بئراً وهذه البئر بجانب النهر يقال هذا عمل خير لكن نفعها قليل وعليه فيكون الأجر قليلاً لكن رجل أخر حفر بئراً في وسط الصحراء في المفاوز والمهالك فلا شك ولا ريب أن حفره للبئر في وسط الصحراء أعظم نفعاً وأكثر أجراً من صاحبه الأول وقد يكون من حفر البئر عند النهر قد أنفق أضعاف أضعاف ما أنفقه الذي حفرها في الصحراء ولكن نفع المتعدي في تلك البئر التي في الصحراء أعظم من هذه البئر المحفورة بجانب النهر عوداً على بدء يقول أهل العلم وقرروا أن العبادة وقت الفتن أعظم أجراً قال لماذا قالوا لأن وقت الفتن تذهل النفس ستفزع القلوب ينتاب الناس أو وينتاب كثيراً من الناس هول وفزع يكثر القيل والقال تكثر الاتهامات والظنون تروج الشائعات في كثير من الأمور ولهذا مثلوا على تقدير هذه القاعدة أي عظم العبادة في وقت الفتن بقول النبي صلى الله عليه وسلم العبادة في الهرج كهجرة إلي وتعلم رعاك الله ماعظم أو ما فضل أجر الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قل مثل هذا في الحديث الأخر من يوقظ صواحب الحجرات يصلينا هذا الكلام قاله النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج قدر هاتين وفي لفظ أخر مقارب ماذا أنزل الله من الفتن ثم أمر بإيقاظ زوجاته رضي الله تعالى عنهن يقول ابن حجر أو غيره من الشراح البخاري وفيه عظيم فعل العبادة في وقت الفتن لأنها تعصم العبد بإذن الله وتحفظ عليه دينه أيضاً مثله بحديث السوق حديث السوق حسنه بعض أهل العلم وكلكم يعرفه وخلاصته أن من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلى أخره كتب الله ألف ألف حسنة ووضع عنه ألف ألف خطيئة يقول بعض الشراح لماذا ضاعف الأجر عظيماً في هذا الذكر مع أن هذا الذكر أو قريب منه قد يقال ولكن الأجر المترتب عليه أقل قالوا لأن السوق مظنة الأيمان الكاذبة ومظنة الغش ومظنة الخداع وخصب الناس في هذه(1/483)
المجتمعات يقل الذاكرين لله تعالى يقل من يتفطن إلى مثل هذه الأذكار فإذا كان قلب العبد معلقاً بربه استشعر هذا هذا الذكر في هذا المكان فدل على أن من استشعر هذا الذكر في هذا المكان على أن القلب أو على أن قلبه معلق بقلبه عز وجل قل مثل هذا في الحرب يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً خص الذكر والذكر نوع من العبادة ثم جاءت النتيجة الذكر مقدمة والنتيجة لعلكم تفلحون إذاً العبادة في أوقات الفتن من أسباب الفلاح والنصوص في هذا الباب كثيرة إذاً أول ثمرة من ثمار العبادة في أوقات الفتن أنها تصلح هذا العبد العبادة أدامة أوجبها الله عليك والتكثر من النوافل وبعض الناس يزد في نوافل العبادة ويقول إذا أديت ما أوجب الله علي برئت ذمتي وطهرت ساحتي صحيح لكن لتعلم رعاك الله أن الفرائض التي تؤديها قد يعتريها شوائب من خلل أو رياء أو نقص في أركانها أو واجباتها ولهذا قال أهل العلم المحافظة على النوافل فيها ثلاثة فوائد أول فائدة أنها تزيد العبد محبتاً لله جلّ وعلا قال عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى ما تقرب أليا عبدي بشيئاً أحبا عليا مما أفترضه عليه تقربه إليّ بالنوافل ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ومن ثمار النوافل أنها ترقع ما نقص من الفرائض قال صلى الله عليه وسلم أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فإن كملت وإلا قيل انظروا هل لعبدي من تطوع وكذلك في الصيام والحج والزكاة أو كما قال صلى الله عليه وسلم وثلاثاً ترفع العبد إلى درجة السباقين إلى الخيرات إنهم كانوا يسارعون في الخيرات فكلما كان العبد متكثراً في النوافل محافظاً على الفرائض كان من المسارعين إلى الخيرات إذاً أول ثمرة أنها تزيد حال العبد حسراً وتزيد حال العبد ثباتاً الأمر الثاني أو الثمرة الثانية من ثمار العبادة في أوقات الفتن أن تحفظ جوارحه أن تحفظ جوارحه من التلوث بالخطايا والآثام هذه الفتن التي نعيشها الآن(1/484)
فتن متنوعة فتن شهوات وفتن شبهات يصبح العبد ويمسي يراها ماثلة أمام عينيه يسمعها يقرأها ولكن مع هذا كله مع كل ما يحصل من أعتصم بالله عصمه الله إصلاح الجوارح وحفظ الجوارح من الوقوع في المهالك والمعاصي لأن العبادة تهذب جوارح صاحبها خذ مثلاً المصلي يتورع من أن يقول بلا علم أو أن يتهم أحداً أو أن يصدق إشاعةً سارت بين الناس أو أن يزكي أحداً دون بينة أو أن يقدح أحداً من دون بينة لأن عبادته أثرت عليه أما من أهمل شأن العبادة فهو لما سواها أهمل واضحة وحتى لا أطيل أبين المعاطب أو أبين المخارج التي إذا تمسك بها العبد صلح أمره كله يجمع تلك المخارج مخرج العلم الشرعي العلم الشرعي في الفتن كثيرٌ بإذن الله بإخراج العبد من الفتن وأن يسل نفسه كما تسل شعرة من العجين العلم الشرعي هو البصيرة فيما يرضي الله جل وعلا وفيما يرضي نبيه صلى الله عليه وسلم أما قرأتم خاتمة صورة القصص ورأيتم كيف أن الفتن لما حلت وتعلق بها قوم نجا الله أهل العلم لما خرج قارون في زينته أفترق فيهم اختلف الناس على قسمين فريق قال يا ليتا لنا مثل أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم وفريق قال ويلكم ثواب الله خير انظر التناقض والتباين فريق يتمنى ويود أن يحظى أو أن ينال كما نال قارون وفريق أخر يرهب ويحذر من أن قارون ومن كان على شاكلته يسير في طريق الهلاك وأن عاقبة أمره الخصران وهذا ما حصل فلما خسف الله به الأرض ماذا قال الذين تمنوا مكانه قاولوا ويك أن الله وأصبح الذين تبنوا مكانك بالأمس الذين كانوا يتمنون أن يحظوا بما حظي ويك أن الله يبسط الرزق لمن شاء من عباده أما الفريق الأول أهل العلم ما تراجعوا عن مبدأهم لأنهم كانوا على بصيرة قلبية على دراية شرعية بأن قارون يسير إلى مهلكته ولهذا يقول المفسرون أدرى الناس بالفتن بالمخارج أصحاب العلم وقال الذين أوتوا العلم إن الخزية اليوم والسوء على الكافرين من يعرف مواطن الخزي من يعرف أهل السوء من يعرف(1/485)
خداعهم أهل العلم إذاً أعظم أو من أعظم أنواع العبادة التعبد لله في الفتن بطلب العلم الشرعي سماعاً أو سؤالاً أو قراءةً العلم الشرعي في الفتن من أعظم أنواع العبادة بالعلم الشرعي تتقي أن تقول على الله بلا علم ولهذا تلحظ في بعض الناس الجرأة على إصدار الأحكام الشرعية فلان كافر فلان مفتري هذا حق هذا باطل وهذا مداهن وهذا موالي فإذا رأيت أحكامه الشرعية أو رأيت بضاعته في العلم رأيت أن بضاعته أحلى وأنه أبعد من أبعد الناس عن التعبد لله بطلب العلم فلم يستفد من ثمرة العبادة العلمية في أوقات الفتن ولهذا عض أصابع الندم أقوام لم ينتفعوا بالعبادة العلمية فاتهموا أبراء وبرئوا متهمين وقالوا على الله جلّ وعلا بلا علم أيها الأكارم هذا من أخطر الأمور والله ما تناثرت القلوب ولا تباعدت الأبدان ولا زاد تسلط الأعداء إلا بالبعد عن النصوص الشرعية عن العلم الشرعي وبالخوض فيما لا نعلم بأن تدفع بعض الناس عواطفهم أو أرائهم أو قناعتهم الذاتية المجردة عن العلم الشرعي وإلا فبأي حق في أوقات الفتن بعض الناس يتصدر لإصدار الأحكام الشرعية ويتشوق بأن يكون المفتي لجماعته أو لمن يجتمع بهم يتشوف أن يصدر الأحكام الشرعية فإذا سألت عنها أو ناقشته أو رأيت سيرته العلمية رأيت أنه من أفقر الناس علماً وهذا بحد ذاته فتنة تحتاج إلى معالجة لكن ترى أصحاب العلم من أرسخ الناس قدماً عند الفتن ومن أحسنهم منطقاً عند الفتن ومن أقواهم قلباً عند الفتن لما لأن عبادة العلم هذبت جوارحه هذبت قلوبهم هذبت الجوارح الألسنة والأسماع والأبصار وسأضرب مثالاً حتى تعلم أو حتى يقرب أو يقرب الكلام في أوقات الفتن يستحسن بعض الناس أمراً فيدافع عنه بل ويتهم من خالفه بأنه ضعيف الديانة وبأنه من أهل المداهنة ومن أهل أعطاء الدنية في الدين فإذا سألت هذا يا هذا هداك الله لماذا تتهم لماذا تتهم من خالفك أأنت معصوم من الخلل بل أنت لا تعد من صغار طلبة العلم فضل عن(1/486)
كباره فكيف ترفع نفسك وتمدح شخصك وتقدح في غيره وهذا والله من أعظم الآثار السلبية ومن أعظمك ظهور الخلل في من لم ينتفع بالتعبد لله جل وعلا في العلم مجتمعنا مجتمع المسلمين حصون مهددة من داخلها ومن خارجها ومن أعظم أسباب قوة أعداء الله علينا ليس بالسلاح بل والله ببعدنا عن منهج الله جل وعلا ومن أعظم ذلك عدم التسلح بالعلم الشرعي ولو تشعبت قليلاً انظر في بلاد المسلمين وانظر كيف لما تركوا التعبد الله بالعلم وإصلاح أحوالهم على ضوء الأدلة الشرعية كيف ضاعت أوقاتهم وضاعت ثرواتهم وضاعت جهودهم مع كثرة عددهم في كثير من بلاد المسلمين مع الفتن الداخلية والخارجية ترى أنهم ما زالوا أو زال كثير منهم من أبعد الناس عن التعبد لله بالعلم الحق ألا يخجل الإنسان ويبكي الدم بدل الدمع إذا رأى المساجد المحتضنة للأضرحة والقبور في كثير من بلاد المسلمين حتى أن المسافر بعض دول الإسلام يصلي في الحدائق أو في الفنادق من كثرة البدع العقدية التمسح بالأضرحة والطواف حولها والذهاب إلى أبواب السحرة والمشعوذين رايات السحرة مرفوعة وأبوابهم مفتوحة مطروقة والناس عليها في الصباح والمساء انظر لما ابتعدوا عن التعبد الله بطلب العلم الشرعي والسؤال عن المنهج العلمي الحق ضاعت أمورهم ولهذا يقول بعض من كتب يقول أن وزيراًَ يهودياً دخل في أحد الأحياء في فلسطين وكنا هناك صبيان يلعبون الكرة صغار فصافحهم واحداً واحدا إلا أحد الأولاد جدب يده فقال له يا بني لما لم تصافح قال لست والداً لي ولست ولداً لك أنتم يهود مغتصبون لأرضنا سارقون لثرواتنا وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن النصر لنا عليكم ذلك الوزير عنده خلفية بكتب ديانتهم فقال أنا أعلم بما تقول قبل أن تخلق ولكن نعرف من أخبارنا أنكم لن تنتصروا أن النصر لن يكون لكم علينا سيهزمنا قوم لا يكذبون ولا يرأبون ويدهم أو قام على كلامه وكلمتهم واحدة فإذا جاء هؤلاء القوم خرجنا قبل أن نخرج(1/487)
صدق وهو الكذوب من الآثار الضارة المهلكة تناحر المسلمين فيما بينهم لما لأن التعبد لله في أوقات الفتن يضعف عند كثير منهم ومن أعظم أنواع العبادة كما قررت وقلت الجانب العلمي تجد في المجلس الواحد يكثر الخلاف والشقاق وإطلاق التهم جزافاً ولو سألت هؤلاء أنتم في أوقات فتنة وأمة الإسلام محاربة هذا الشقاق وهذا النزاع ما سببه سببه البعد عن العلم الشرعي وعدم توطين النفس على قبول الحكم الشرعي ولو كان مخالفاً وسأختم الكلمة أو هذه الكلمة المختصرة بواقعة وقعت في وقت النبي بعد وقت النبي صلى الله عليه وسلم هذه الواقعة من أعظم الفتن التي وقعت في مجتمع المسلمين ولكن أنظر كيف أن العبادة أثرت على أطهر جيل بعد الأنبياء وهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم فتجاوزوا تلك الفتن تجاوزوها بل وحققت لهم أو حقق لهم ذلك المنهج النصر على أعدائهم في الوقت نفسه لما مات النبي صلى الله عليه وسلم يقول عليه الصلاة والسلام من أصابته مصيبة فليتذكر مصيبته فيا فإنها من أعظم المصائب وفاة النبي عليه الصلاة والسلام مفترق طرق تغير التاريخ اختلف الصحابة على أقسام ثلاثة منهم من قال بأنه مات ومنهم من قال بأنه لم يمت ومنهم من توقف وتردد لا بد أن يحسب الأمر الأمر فتنة المرتدون على أطراف المدينة والصحابة على أقسام ثلاثة وهذه من أعظم الفتن التي مرت بأمة الإسلام ما المخرج العبادة العلم المسلك العلمي جاء عمر وقرر بقوة أن النبي عليه الصلاة والسلام يموت وسرت هذه الشائعة فلما بلغ الخبر الصديق وكان في السمحة والسمح في من عويائل المدينة لما طرق الخبر مسامع أذنيه أقبل وانظر كيف شهد التاريخ بعظمة الصديق رضي الله تعالى عنه في هذه المواقف يقول شيخ الإسلام وما اختلف الصحابة في أمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا طار الصديق بزمام المسألة وخطابها جاء الصديق فرأى الناس يبكون ورأى عمر يخطب في الناس فلم يكلم أحد هنا منهج علمي أثر العلم في الفتن إذا(1/488)
بلغتك إشاعة فلا تبني عليها حكم فتتهم بريئاً أو تبرأ متهم وأنت قادر على التحقق من صحتها أو عدمها وكان في ذلك مصلحة لك كم سمعنا من إشاعة كم جرت ألسنتنا أو كم فاهت ألسنتنا بإشاعات ندمنا عليها بل بعضهم عض أصابع الندم وتلوث بخطايا وآثام وقت فتن لا تتكلم إلا بعلم أو الصمت بحلم أين أثر صلاتك عليك أين أثر الذكر عليك أين أثر الصيام عليك الشاهد لما جاء الصديق رضي الله تعالى عنه دخل إلى بيت عائشة لم يكلم أحد إشاعة والصديق له مقام بل هو في المقام الأول بعد النبي عليه الصلاة و السلام دخل إلى حجرها فكشف عن وجه النبي عليه الصلاة والسلام وقبله وقال طبت حياً وميتاً تحقق الخبر أنظر كيف تعالج الأمور بالعلم الشرعي ليس بالعواطف أنظر كيف التعبد لله بعدم الخوض بغير بصيرة خرج إلى المسجد فقال اجلس يا عمر يعالج بعلم تأكد أن عمر على خطأ اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس هنا أيها الأكارم وبخاصة لشباب الإسلام وقفة دعوية تربوية منهجية أنت تحب شخص وقعت فتنة وعلمتا أنه على خطأ من أثر التعبد عليك وأثر العلم عليك أن لا توافقه على خطأه وأن تبين خطأه وهذا من تمام محبتك له ومن تمام النصح له أجلس يا عمر أبى عمر أن يجلس قام الصديق فتكلم بالعلم وذكر الآية وذكر الكلمة المشهورة التي سجلها التاريخ من كان يعبد محمد فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم ذكر الآية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل لما سمع الناس هذه الآية قالت عائشة انصرفوا في الطرقات يتلونها كأنها لتوها نزلت قضي الأمر بالعلم الشرعي التعبد لله أن لا تقول على الله إلا بعلم انظر موقف الشريف للفاروق رضي الله عنه لما جاءه العلم وعلم أن رأيه على خطأ ما تردد ولا تلكأ ولا أبت نفسه ولا عظم عليه الأمر ولا غلبه هواه بل أطر نفسه وقال فلما سمعت الصديق يتلوها عقرتني قدماي فجلست فعلمت أنه الحق وهكذا طالب العلم وبخاصة(1/489)
الشاب في أوقات الفتن هذا من أثر التعبد هذا من أثر العبادة في نفس عمر رضي الله عنه الموقف الثاني لما فرغ من أمر الوفاة النبوية بقي مكان الدفن أين يدفن صلى الله عليه وسلم فتنة لا تقول أن حرب المسلمين أعظم هذا الموقف قد يكون من أعظم المواقف التي مرت على أمة الإسلام بل قد يكون أعظم من غزو الفارس والروم لها لو اختلفوا في هذه الأمور لتفرقوا فيما بينهم فأصبحوا أعداء لأنفسهم زيادة على عداء غيرهم لهم في الدفن النبوي قالت المهاجرة قال بعض المهاجرين يدفن في مكة موطن آبائه وأجداده وقال بعض الأنصار يدفن في المدينة آويناه ونصرناه جاء الصديق رضي الله عنه فقال سمعته يقول يدفن النبي حيث قبض أنظر كيف أثر العلم وقت الفتن لما سمع الصحابة ذلك بادروا بالتسليم دون تردد ولهذا ذكروا في مبحث النبوات أن من خصائص الأنبياء عليه السلام أنهم يدفنون في الأماكن التي ماتوا فيها فأزاحوا فراشه الشريف عليه الصلاة والسلام الذي مات عليه ودفنوه وحفروا له في البقعة التي خرجت روحه فيها صلى الله عليه وسلم موقف ثالث ذكره البخاري في الصحيح في كتاب الحدود في باب رجل الحبلة بعد الزنا في نفس الأيام أيام النبوية من يلي أمر الأمة بعد نبيها هذه هي الفتن العظيمة قال بعض الأنصار منا أمير ومنكم أمير أو قال بعضهم أنتم الأمراء ونحن الوزراء الحديث طويل لكن الخلاصة أن عمر قال زورت في نفسي مقاله التزوير في لغة العرب التهيئة يقول زورت في نفسي مقاله حتى أطرحها بين يدي أبي بكر في سقيفة بني ساعده الصديق وعمر ومعهم بعض المهاجرين أمامهم بعض الأنصار وجهاً لوجه وسيصدر من تحت سقف هذه السقيفة أعظم قرار تاريخي بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام من يلي أمر أمة الإسلام لما اختلف الصحابة فيما بينهم قام الصديق فمدح الأنصار وذكر مئاثرهم وذكر ما لهم في الإسلام ما سبق والفضل والنصرة ثم قال إن هذا الأمر في قريش يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا(1/490)
مع الصادقين ثم أخذ بيد عمر وبيد أبي عبيدة وقال لقد رضي لكم أحد هاذين الرجلين ما طلبها لنفسه مع أنه الأحق بها فقال عمر والله ما قال كلمة في مقالته أبغض إليّ من هذه والله لن وقدم لتضرب عنقي أحب إليّ من أن أتقدم على قوم فيهم أبو بكر الصديق ثم قال عمر يا أبا بكر أبسط يدك فبايعه عمر وبايعه المهاجرون والأنصار ثم انتهت الفتنة وطوا الله بساطه بفضله جل وعلا ثم بالمنهج العلمي الذي سلكه الصديق رضي الله تعالى عنه إذا أيها الأكارم وبالأخص من تؤمل الأمة عليهم شباب الإسلام أنتم قدوا في مساجدكم وقدوا في بيوتكم وقدوا في مجتمعاتكم وأنتم من أولى الناس بسلوك المنهج العلمي في أوقات الفتن بالتعبد لله بأن لا تقولوا على الله إلا بعلم وأن نتقبل الحق ولو كان علينا وأن نفرح به وأن نتعبد الله بفرح بالحق إذا بلغنا سواء كان لنا أو كان علينا فيا شباب الإسلام بخاصة ويا معشر المسلمين بعامة الفتن مواطن تمحيص محك للشخص والعبادة بعد فضل الله من أعظم الأمور نجاة لو في نجاة العبد شريطة أن يتعبد الله تعالى على بصيرة مخلصاً لله جل وعلا في عبادته الله ربي وربكم اسأل أن يجعلنا وإياكم من العالمين بعلم والعاملين بصدق وإخلاص ثم أيها الأكارم أختم الكلام في هذه الأزمنة تكاتف أهل الشر أهل الكفر أهل البدع تكاتفوا على المسلمين وهنا ينبغي أن يستشعر العبد أمره وأن يحذر أن يكون عوناً لهم من حيث لا يشعر فتهديد الحصون من داخلها أعظم من تهديدها من داخلها ولذا كان المنافقين في مجتمع المسلمين أكثر ضرراً من الكفار الكفار أمرهم ظاهر لكن المنافق يلبس ثوب الإسلام ويبطن ثوب الكفر فالحذر كل الحذر لا نتسرع بإصدار أحكام شرعية دون بصيرة لا نتسرع بتخطية أقوام دون بصيرة لا نتسرع بإنكار منكر دون بصيرة دون النظرة للمصالح والمفاسد والكلام في هذا يطول ولكن ما ذكر إنما هو من بضاعة علمية يسيرة الله اسأل أن ينفع صاحبها وسامعها أنه سميع مجيب شكر(1/491)
الله لكم حسن أدبكم وإنصاتكم وسماعكم وشكر الله للقائمين على هذا المنشط وشكر الله لقناة المجد حرصها على نشر الخير وفق الله الجميع وصلى الله وسلم على رسوله كذلك إذاعة القرآن الإذاعة الحبيبة في حرصها على تسجيل المحاضرات والندوات وهذا لا شك من باب المشاركة كما ورد في الحديث في السهم الواحد راميه وصانعه ومحتسبه وقف الله الجميع والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله وسلم على رسول الله .
الشيخ عبد الله بن صالح القصير
ضيف الحلقة :
الإيمان بالقدر حقيقته ثمرته
موضوع المحاضرة :(1/492)
أما بعد فإن الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان الستة المجمع عليها عند أهل السنة والجماعة بل عند جميع الأمة المسلمة فشأنه عظيم وأمره كبير وأثره خطير ذالكم لأن الإيمان بالقدر إيمان بقدرة الله جلّ وعلا وإيمان بسر الله تعالى في خلقه وإيمان بنظام الكون الذي نظمه الله تعالى به وهو سياج للإيمان بالشرع وسبيل للسعادة العاجلة والآجلة ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه في أية محكمة في مواضع مختلفة من القرآن العظيم وبينه النبي صلى الله عليه وسلم في ما صح عنه من سنته وفهمه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم على الوجه الذي شرعه الله تعالى وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى إن كل شيء خلقناه وبقدر وقال تعالى وكل شيء فعلوه في الزبر وكل صغير وكبير مستطر والمعنى أن كل شيء خلقه الله تعالى فهو بقدر سابق وهو مكتوب بالكتاب السابق وهو مسطور فيه مثبت فيه لا يتغير منه شيء وجاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال جواب لجبرائيل عليه السلام حين سأله عن الإيمان أن تؤمن بالله الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر باليوم الأخر وتؤمن بالقدر خيره وشره وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى كان ولم يكن شيء قبله وفي رواية ولم يكن شيء معه وكتب في الذكر كل شيء وأخبر عليه الصلاة والسلام أن أول ما خلق الله القلم ينعني من هذا العالم المشهود فقال له اكتب قال ما أكتب قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فجرى بذلك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة والنصوص في هذا الشأن معلومة عند أهل العلم والإيمان وعند عامة المسلمين في الجملة فالقدر هو لغة مصدر قدرت الشيء اقدره قدراً أي أحطت بمقداره أي فهو لغة الإحاطة بمقادير الأمور والله تعالى أحاط بمقادير الأمور قبل أن يخلقها سبحانه وتعالى فلا يخرج شيء عن علمه ولا عن إرادته ولا عن مشيئته ولا عن ملكه وكل شيء كتبه سبحانه وتعالى في الذكر وأما تعريف القدر في(1/493)
الشرع فهو سبق علم الله بالأشياء على ما هي عليه قبل كونها وكتابة الله تعالى لذلك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة فعلم الله سبحانه وتعالى ما كان وما يكون وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون فعلم سبحانه تعالى ذلك بعلمه الأزلي القديم وكتب ذلك في اللوح المحفوظ ومشيئته سبحانه وتعالى لما شاء وجوده أن يوجد على الوجه الذي سبق به علمه سبحانه وجرى به قلمه وما لم يوجد ألا يوجد على نحو ما سبق به علمه وقلمه ولا يوجد شيء في ملك الله تعالى إلا بمشيئته وخلقه فما شاء الله تعالى كان وما لم يشأ لم يكن ولا يكون شيء إلا والله تعالى خالقه وموجده فدرجات القدر أربع الأولى العلم والثانية الكتابة والثالثة المشيئة والرابعة الخلق والإيمان بالقدر أن تؤمن بهذه الدرجات الأربع على النحو الذي جاء به الشرع فتؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم كما قال تعالى إن الله بكل شيء عليم قال سبحانه لتعلموا أن الله على كل شيء قدير و أن الله قد أحاط بكل شيء علما لتؤمن بعلم الله السابق بالأشياء قبل كونها على ما هي عليه يعني سبق علم الله تعالى من الأشياء كلها قبل كونها على ما هي عليه وتؤمن بكتابة الله تعالى لهذا العلم في اللوح المحفوظ في الذكر في الزبور الكتاب السابق قال تعالى ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء و الأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير قال سبحانه ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها يعني قبل أن نحدثها و نوجدها إن ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم و الله لا يحب كل مختال فخور و قال سبحانه و هو على جمعهم إذا يشاء قدير و قال تعالى و لو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات و لكن اختلفوا فمنهم من آمن و منهم من كفر و لو شاء الله ما اقتتلوا و لكن الله يفعل ما يريد و قال سبحانه لمن شاء منكم أن يستقيم و ما تشاؤون إلا أن(1/494)
يشاء الله رب العالمين قال تعالى و لو شئنا لآتينا كل نفس هداها و لكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة و الناس أجمعين و قال سبحانه الله خالق كل شيء و هو على كل شيء وكيل قال تعالى خلق كل شيء فقدره تقديراً قال سبحانه هل من خالق غير الله قال تعالى هذا خلق الله فأروني ماذا خلق
الذين من دونه و النصوص الدالة على هذه الدرجات الأربع كثيرة و قال صلى الله عليه و سلم اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت و أنت رب العرش العظيم ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن أعلم أن الله على كل شيء قدير و أن الله قد أحاط بكل شيء علما اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي و من شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم فالإيمان بالقدر هو الإيمان بهذه الدرجات الأربع و الإيمان أصله في اللغة التصديق و في الشرع الإقرار بالشيء عن تصديق به لقيام الأدلة عليه و عن التزام بالعمل بمقتضاه فإيمانك بالقدر تصديقك أو اعترافك به لما جاءك عن الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم من الخبر عنه و لما ترى أمامك من الأدلة في الأنفس والآفاق الدالة عليه و من ذلك أن الله تعالى أتقن ما صنع و أحكم ما شرع فما في الخلق من الإتقان في الصنعة و ما فيه من الإبداع في الصورة و تهيئة كل شيء لما خلق له أدلة كثيرة لا تحصى و لا تحصر على وجوب الإيمان بالقدر القدر والقضاء القدر والقضاء مثل الإيمان والإسلام مثل التقوى والإيمان عند الاجتماع في نص واحد يكون لكل واحد منهما معنى و عند ذكر أحدهما في النص دون الآخر فإنه يدل على معناه وعلى معنى الآخر فمثلاً إذا ذكر الإسلام وحده في آية أو في حديث فيراد به الانقياد والاستسلام لله تعالى ظاهر وباطناً بالأقوال والأعمال والنيات عن حب له جل وعلى وتعظيم له وخوف منه ورجاء له وإذا ذكرا جميعا الإسلام والإيمان في نص واحد انصرف الإسلام إلى الانقياد لله تعالى بالأقوال والأعمال الظاهرة وانصرف الإيمان إلى(1/495)
الانقياد لله تعالى بالنيات والأعمال القلبية الخفية هكذا الإيمان والتقوى إذا ذكر أحدهما يذكر الإيمان وحده أو التقوى وحدها فالمراد به طاعة الله تعالى لامتثال أوامره واجتناب نواهيه رغباًَ ورهبة وإذا ذكرا جميعاً في النص انصرف الإيمان إلى فعل الطاعات وانصرفت التقوى إلى ترك السيئات كقوله تعالى إلا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون وهكذا القدر والقضاء إذا ذكر القدر فإنه يدل على معناه وعلى معنى القضاء وإذا ذكر القضاء وحده دل على معناه وعلى معنى القدر وإذا ذكر أحدهما بمفرده وإذا ذكرا جميعاً في النص الواحد دل القدر على معنى ودل القضاء على معنى آخر فإذا ذكر القدر والقضاء جميعاً يفسر القدر بأنه إحاطة الله تعالى بمقادير الأمور أي سبق علمه سبحانه وجريان قلمه بما كان وما يكون وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون فيفسر القدر بالعلم الثابت والكتابة لذلك العلم ويفسر القضاء بأنه الفراغ من الشيء وإتمامه الفراغ من الشيء وإتمامه فقضاء الله تعالى هو تنفيذه لما سبق به علمه وجرى به قلمه أي أنه تعالى شاء وجود ما سبق به العلم و جرى به القلم وخلقه على الكيفية التي سبق بها العلم وجرى بها القلم فيفسر القضاء بالفراغ من الأمر أو التدبير وإتمامه كما قال تعالى فقضائهن سبع سموات في يومين فهذه العلاقة بين القدر والقضاء وإذا أردنا أن نبسط ذلك بالمثال المحسوس في حياة الناس فنقول يذهب أحدهم إلى محل خياطة الملابس لأجل أن يشتري أو يفصل ملابس له فالخياط يأخذ مقاسات الجسم ويحدد نوع القماش بالاتفاق مع هذا الرجل الذي يريد الملابس ثم بعد ذلك يخيط الثوب على ما قدره وقاسه من النوع الذي اختاره صاحبه القدر والتوحيد ما العلاقة بين القدر والتوحيد القدر نظام الملكي والقدر قدرة الله تعالى أي هو الدليل على قدرة الله تعالى أو دليل على قدرة الله وأثر عنها فالله تعالى نظم الملك كله علويهه وسفلييه(1/496)
وما بين ذلك هذا النظام هو القدر إن الله تعالى خلق الخلق وهدى كل مخلوق لما خلقه له فهذا الإيمان بالقدر على هذا الوجه من الإيمان بتوحيد الربوبية لأن القدر تدبير الله تعالى للملك والخلق فالإيمان به من الإيمان بربوبية الله جل وعلا كذلك فإن هذا التدبير هو أثر عن أسماء الله تعالى وصفاته فإن الله تعالى بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وحكيم يضع الأمور مواضيعها اللائقة بها وجميل يحب الجمال فما في هذا الملكوت وما في الشرع من النظام والالتصاق والإتقان كل ذلك من آثار أسماء الله الحسنة وصفاته العلا فإن أفعاله تعالى من آثار أسمائه وصفاته فالإيمان بالقدر على هذا الوجه من الإيمان بأسماء الله وصفاته كذلك فإن الإيمان بالقدر هو تسليم لله جل وعلا في قدره وإيمان بخبره وثناء عليه سبحانه وتعالى بحسن تدبيره وحكمته ووضعه الأمور مواضيعها اللائقة بها وإحسانه سبحانه وتعالى في ذلك وهذا من الإيمان بإلهية الله تعالى ومن عبادة الله تعالى نية وعمل وقولا ولهذا المؤمن عند المصيبة يقول إن لله وإنا إليه راجعون اللهم أجبرني في مصيبتي واخلفني خير منها لأنه يؤمن بأن تدبير الله تعالى كله حق وأنه لحكم وغايات أرادها الله جل وعلا وأن هذا التدبير بلغ من الحسن غاية حيث أنه لا يصلح سواه مكانه فلهذا المؤمن يرضى ويسلم بقضاء الله وقدره بقضاء الله وقدره بقدر الله وقضائه بعلم الله تعالى وكتابته وبفعله جل وعلا وخلقه فإذاً الإيمان بالقدر والقضاء من التوحيد من توحيد الله جل وعلا في أفعاله في أسمائه وفي كمال صفاته ونعوت عظمته وجلاله وتنزهه عن السمي والمثل والشريك والند والكفء وعن مماثلة خلقه فيما هو من خصائصهم وتنزه عن النقائص والعيوب ومن الإيمان بإلهية الله تعالى وأنه سبحانه هو الإله الحق المعبود بالحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له ولا يستحقها أحد سواه وهو من إخلاص الدين والعبادة لله جل وعلا القدر والشرع القدر نظام الملك وسر الله(1/497)
في الخلق وتدبير الله الحكيم لملكه وخلقه وعباده فالقدر نظام عام نظام عام لجميع المخلوقات لجميع المخلوقات العاقلة وغير العاقلة المكلفة من العقلاء وغير المكلفة فالقدر نظام عام لجميع المخلوقات هو سر الله في الخلق يظهر الله تعالى منه ما شاء ويخفي منه ما شاء الشرع نظام الله تعالى للمكلفين نظام الله تعالى الذي خاطب به المكلفين وتعبدهم به أن يقبلوا ويرضوا به ويلتزموا به فيؤدوا مما أوجب عليهم ما استطاعوا وينتهوا عن ما نهاهم الله تعالى عنه والشرع جزء من القدر فالشرع جزء من القدر لأن الله تعالى سبق في علمه ما يشرع لبعاده ما سيشرع لعباده من كل أمة ومن سيقبل هذا الشرع ويؤده على أكمل وجه يستطيعه ومن يقبل هذا الشرع ويقصر فيه ومن لا يقبله ويعرض عنه وجزاء كل صنف من هؤلاء وهذا وجه كون الله تعالى خالقاًَ لفعال العباد خيرها وشرها فإنه تعالى لما خلق الإنسان وكرمه كان من تكريم الله له أن خلق فيه الإرادة والقدرة اللتين تقع بهما أعماله فإن شاء استعمل إرادته وقدرته فيما شرع الله تعالى له وأحب منه فعله وإن شاء استعملهما فيما نهاه الله نهاه الله تعالى وكره فعله من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إن أعتدنا للظالمين نار أحاط بهم سرادقها الآية إن هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا أفمن كان مؤمن كمن كان فاسقا لا يستوون أما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون فلا تجوز المعارضة بين الشرع والقدر بين الواجب الإيمان بالقدر والاستقامة على الشرع ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدي قبله والله على بكل شيء عليم فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون خبير استقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم(1/498)
الملائكة ألا تخافوا وتحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفي الأخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تتدعون نزلاً من غفور رحيم ولا يجوز الاحتجاج بالقدر على المعاصي لأن الله تعالى سبق علمه بالأشياء قبل كونها وكتب ذلك في اللوح المحفوظ وشاء ما اقتضت حكته وجوده بجود سببه فرتب المسببات على أسبابها وخلق ما أذن الله تعالى بوجوده بسببه وجعل القدر المتعلق بفعل العبد مستقبلاً غبياً خفياً فكيف يحتج العبد بأمر خفي عليه حين الفعل أو غبي عليه حين الفعل لا تتم له الحجة به بل حجته لحظة لأنه إن قال قبل الفعل إن الله قدر عليا كذا فهذا كذب لأنه لا يعلم القدر مغبن عنك وإذا كان لا يعلم فكيف يقدم على ما نهاه الله تعالى وهو يعلم أيليق بالعاقل أن يستعمل نعمة الله التي أتاه إياها وهي الإرادة والقدرة والهدى في معصية الله تعالى هذا كفرانٌ بالمنعم وسوء استعمال للنعمة بل الواجب على العبد أن يستعمل إرادته وقدرته وهدى الله الشرعية له في طاعة الله تعالى وأن يحذر من استعمال هذه الأمور في المعصية وإذا غلب على نفسه فعصا فليبادر إلى التوبة إلى الله جل وعلا إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فولائك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيما وإني لغفار لمن تاب وأمن وعمل صالحاً ثم اهتدى فمن تاب بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم من يعمل سوءً ويظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفور رحيم فالله تعالى قد أحسن إلى العبد بثلاثة وجوه من الإحسان فيما يتعلق بالتكاليف الشرعية والواجبات الدينية الأول أن الله تعالى قد أوضح الشرع فبين الأحكام وفصّل الحلال والحرام الثاني أن الله تعالى قد أعطى العبد قدرة أعطى العبد إرادة يختار بها ما شاء فإذا أراد الطاعة فبإمكانه وإذا أراد المعصية فبإمكانه وهذا من تكميل الله لخلقه حتى يمتحنه الله تعالى كيف(1/499)
يستعمل أرادته ثم جعل له قدرة على الفعل على فعل الخير وعلى فعل الشر حتى يظهر اختياره وتنفيذه فبإرادة يتبين الاختيار وبالفعل أو بالتنفيذ تبين الفعل فيكون العامل أهل للثواب إذا اختار الهدى ومحل للعقاب إذا اختار الضلالة والرداء وفلا تكونوا نعم الله تعالى سبباً لمعصيته ما ينبغي ولا يجوز لا عاقلاًُ ولا شرعا ولا فطرة أن تتخذ نعم الله تعالى وإحسانه إلى عباده سلم وذريعة لمعصيته بل الواجب على المكلف أن يبادر إلى الاستقامة على الشرع وأن يؤمن بالقدر فإذا حصلت فإذا حصلت المبادرة وتحقق الفعل فالمفعول المفعول مقدوره لا يمكن أن يقع من الإنسان شيء بغير قدر فإذا توضئ ومشى إلى المسجد وصلى فصلاته مقدوره علم الله بعلم سابق وكتب أن فلاناً يصلي وذلك من فضل الله عليه لأن الله هو الذي هداه بل هو الذي خلقه بل هو الذي خلقه وأنعم عليه وهداه وأعانه وأوجد فيه الإرادة والقدرة اللتين تقع به إرادته فلولا ذلك ما صبر وإذا أراد الصلاة و لكن عجز عنها وعن بعض أمورها أو عجز عن الطهارة لمانع منعه شرعاً أو عجز عن القيام أو عجز عن التوجه المسجد لذلك فإن الله يعذره فيما عجز عنه لقوله تعالى فاتركوا الله ما استطعتم أما إذا أن نتساهل سمع الأذان و واصل الحديث و لها حتى فاتته الصلاة ففوات الصلاة مقدور و هو السبب في ذلك لأنه لم يبادر إلى طاعة الله تعالى هو الذي تكاسل فإدراك الصلاة و أداؤها مقدور يحمد عليه العبد و يثاب عليه دنياً و آخرة و يمن الله عليه عز و جل فإن ذلك من فضله و فوات الصلاة عن تفريط و تقصير مقدور و هو سيئة يجب على العبد أن يتوب إلى الله منها و أن لا يرضى بها فصار عندنا فرق بيت القدر و المقدور فالقدر هو أمر يتعلق بالله جل و علا و كل فعله سبحانه و تعالى حق و حكمة يحمد الله تعالى عنه و أما المقدور ففيه تفصيل فإن كان المقدور طاعة كإدراك الصلاة مع الجماعة و أداء الحج و فعل الصوم و وصدقتي وبر الوالدين و الإحسان(1/500)
و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و طلب العلم و نحو ذلك فهذا مقدور يرتبط به العبد و يشكر الله تعالى عليه لأن الفضل لله تعالى عليه فلولا فضل الله و رحمته ما كان ذلك له لأن الله تعالى هو الذي خلقه و جعله عاقلاً سميعاً بصيراً و جعله صحيحاً آمناً و هداه للصلاة و أعانه عليها و شرح صدره لها حتى أداها فالفضل لله تعالى عليه أما فوات الصلاة عن تفريط أو فعل شيء من الفواحش و المبيقات أو التعدي على الناس بالظلم و نحو ذلك فهذا مقدور مذموم شرعاً يجب على العبد أن يتوب إلى الله منه لأنه ما وقع له إلا بتفريط منه لأنه لم يبادر إلى طاعة الله تعالى و لم يستقم كما أمر الله جل وعلا بل اتبع هواه و شيطانه و غره أمله و غرته نفسه فيتوب إلى الله تعالى فإن ذلك أعني فوات الصلاة أو فعل شيء من المبيقات أو التعدي على الناس بالمظالم يتوب إليه لأن إلى الله ذلك فإنه خطيئة جناها هو على نفسه استعمل علمه و إرادته و قدرته فيما نهاه الله عنه فبهذا صار محلاً لعقاب الله تعالى فمن أطاع الله فبفضل الله عليه و من عصى الله تعالى فبعدل الله أما إذا كان المقدور أمراً فوق طاقة الإنسان و لا تسبب له فيه من مرض أصابه أو موت قريب أو فوات حبيب أو نحو ذلك فهذا من الله تعالى و له الحكمة و الواجب على العبد أن يرضى بذلك و يسلم و أن لا يقول إلا خيرا ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله و من يؤمن بالله يعني يرضى ويسلم يهدي قلبه و الله بكل شيء عليم فصار المقدور ثلاثة أنواع الأول مقدور موافق للشرع فالإنسان يحمد الله تعالى عليه و يغتبط به لأنه لولا فضل الله عليه ما صار ذلك الثاني مقدور مخالف للشرع فالواجب على العبد أن يتوب إلى الله تعالى منه و أن يحذر العودة إلى مثله و أن يندم على فعله و من تاب تاب الله عنه فالواجب عند الأول الشكر و الواجب عند هذا الثاني التوبة و مقدور آخر من قبيل المصائب المحضة التي لا سبب للإنسان فيها فهذا من تدبير الله(2/1)
تعالى و له الحكمة فقد يكون من حكمة الله تعالى أن يرفع درجة العبد عنده إلى منزلة لا ينالها بعمل غير الصبر على ذلك .
الشيخ الدكتور عصام الحميدان
ضيف الحلقة :
أخلاقيات المهنة من منظور إسلامي
موضوع المحاضرة :
أقول أيها الأخوة أن العلاقة وثيقة جداً بين أخلاقيات المهنة والشريعة الإسلامية لأن الإسلام هو دين شامل لحياة المسلم والرسول صلى الله عليه وسلم وهو المشرع قد زاول العمل والمهنة وزاول أخلاقيات وأمر بها أيضاً على التحديد ومارس كثيراً من الأنظمة الإدارية لذلك كتبت عدة كتب في هذا الموضوع من ضمنها ما كتبه الدكتور محمد البرعي الإدارة في التراث الإسلامي وكتاب أخر في نفس الموضوع.(2/2)
فالقرآن الكريم ذكر عدة وظائف مارسها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والسنة النبوية حافلة بكثير من الأمثلة في العمل وأخلاقيات العمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منهم من كان يعمل لحسابه ومنهم من كان يعمل موظفاً يمارس مع أم الوظيفة ويأخذ على ذلك مكافئة أو راتب فمن الأنبياء مثلاً الذين كانوا يعملون لحسابهم داود عليه السلام كان يعمل الدروع التي كانت تقي الناس في الحروب وكما قال الله سبحانه وتعالى وعلمناه صنعة لأبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون وذكر أن نوح عليه السلام كان يعمل في النجارة وإن كان ذلك لم يذكر في القرآن الكريم ولكن صناعته للسفينة بشكل متقن وسفينة عظيمة تصمد أمام الأمواج العاتية دليل على خبرته في صناعة السفن والنجارة وكذلك يعني عدة أنبياء ذكرت مهن لهم في القرآن الكريم ومنهم من كان يعمل موظفاً كما كان يعمل يوسف عليه السلام موظفاً أو عاملاً في حكومة كمسئول كما قال الله سبحانه وتعالى قال أجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم فكان على خزائن الأرض مدة من الزمن وخزائن الأرض يعني مسئول مالية أو وزير مالية أو مسئول خزانة وبعد ذلك ترقى في الوظيفة حتى أصبح رئيساً للوزراء وهو ما يسمى في ذلك العصر بالعزيز بدليل أن أخوت يوسف لما أتوا ودخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأصبح عزيزاً والعزيز معناه رئيس وزراء في حكومة أو في حكم ملك كفار وليس مسلم ولكن كان بيده الحل والعقد يعني يوسف عليه السلام(2/3)
ولذلك قال القرطبي رحمه الله معلقاً على هذه الآية الكريمة قال القرطبي رحمه الله في تفسيره يوسف عليه السلام إنما طلب الولاة لأنه علم أنه لا أحد يقوم مقامه في العدل والإصلاح وتوصيل الفقراء إلى حقوقهم فأرى أن ذلك فرضاً متعين عليه فأنه لم يكن هناك غيره وهكذا الحكم اليوم هذا كلام القرطبي وهكذا الحكم اليوم لو علم إنسان من نفسه أنه يقوم بالحق في القضاء أو الحسبة ولم يكن هناك من يصلح ولا يقوم مقامه لتعين ذلك عليه تعين يعني أصبح فرض عين عليه ووجب أن يتولاها ولا يسأل ذلك لا يقول أنا لا يعني أطلب الولاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول إن لنعطي هذا الأمر من طلبه ولا ينبغي ولا يجوز للإنسان أن يتقدم لطلب المناصب الدنيوية وأبو زر ضري الله عنه عندما جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وطلب الإمارة ضرب على كتفه صلى الله عليه وسلم وقال يا أبا زر أنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة وفي حديث أخر سأل رجل لولايته فقال له صلى الله عليه وسلم إن لا نولي هذا الأمر من سأله لكن هذا يحمل على حال معينة يحمل على سيرة الشخص والوضع الذي فيه البلد فلو علم أنه كما قال القرطبي وغيره من العلماء لو علم أنه لن يقوم أحد بهذا بسد هذه الثغرة وجب أن يتولاها ويسأل ذلك ويخبر بصفاته التي يستحقها من العلم والكفاية وغير ذلك آيات قرآنية كثيرة لا أستطيع أن يعني أذكر كلام المفسرين فيها كلها ومن هذه الآيات قوله سبحانه وتعالى:(2/4)
إن الله يأمرون أن تأودا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمة يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيرا لا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأملي الأمر منكم هذه الآية تنزلت في قصة مفتاح الكعبة سبب نزول الآية يعني حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة فاتحاً وجد الأصنام طبعاً حول الكعبة وأخذ يهدمها ودخل الكعبة فوجد فيها أصنام ورسومات على الكعبة لأن الذي بنا الكعبة كان أحد المشاركين في البنيان نجار نصراني فرسم صليب ورسم عيسى ورسم مريم ورسم أشياء ورسم إبراهيم يستقسم بالأزلام والعياذ بالله فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يمسح الرسومات ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ثم ثقال لما صلى ركعتين وخرج الناس قال أتوني بالمفتاح مفتاح الكعبة ليسلمه لأحد القريشين فقام العباس فقال يا رسول الله أعطنا المفتاح إضافة إلى الرفادة والسقاية أعطنا السدانة فقال صلى الله عليه وسلم اليوم يوم فاء وبر أين عثمان ابن طلحة الذي كان عند المفتاح أساساً فقام العثمان فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم المفتاح وقال خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها عنكم إلا ظالم ولم يزل مفتاح الكعبة عندهم حتى يومنا هذا إن الله يأمركم فنزلت الآية إن الله يأمركم أن تأدوا الأمانات إلى أهلها وهو دليل على وجوب توليت الولايات لأهلها قال صلى الله عليه وسلم إذا وسد إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قيل يا رسول الله وكيف إضاعتها قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة وهذا دليل على وجوب توليت الولايات لأصحابها طبعاً هناك دراسات كثيرة ومعاهد كثيرة تتكلم عن أخلاقيات المهنة في العالم الغربي أمريكا وأوربا .(2/5)
هناك أكثر من خمسة مئة مقرر تدرسي في أمريكا وخمسة وعشرين كتاب وثلاث مجلات وستة عشر مركز بحث كلها تتكلم عن أخلاقيات المهنة من وجهة نظرهم الإدارية ونحن عندنا في الشريعة الإسلامية تأصيل لذلك وضبطت للممارسات الإدارية والأخلاقية في المهنة حتى نمنع الحزازات بين الموظفين نمنع المصلحية بين الإدارات وبين المدير والموظفين نمنع الرشوة نمنع السرقة والخيانة وغير ذلك من الصفات ولذلك أهتم العلماء رحمهم الله علماء السلف بمثل هذا الموضوع تبعاً لاهتمام أولياء أمر المسلمين منذ عهد الخلفاء الراشدين بل منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم حيث أن الرسول عليه الصلاة والسلام اشتغل في التجارة واشتغل في الرعي فقال صلى الله عليه وسلم ما من نبي إلا رعى الغنم قيل وأنت يا رسول الله قال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة فكان يعمل الرعي ويأخذ أجراً واشتغل في التجارة وقال اشتغلت في مال خديجة بسفرتين على قلوس يعني على الشابة من الإبل أعطته ناقة متوسطة السن نتيجة اشتغاله يعني برحلتين في التجارة واشتغل في التجارة مع السائب ابن السائب رضي الله عنه فقال له كنت نعم الشريك لا تداري ولا تماري يعني النبي عليه الصلاة والسلام كان مشترك مع السائب في بعض الأعمال التجارية ولكن لم يكن يداري ولا يماري في الأجرة وهناك في القرآن الكريم أكثر من مئة وخمسة آية تتحدث عن العمل والوظيفة والمهنة وهذا دليل على أن الإسلام يشمل كل مجالات حياة المسلم وهناك حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام يعني يمدح فيه من يعمل بل القرآن الكريم انظروا قول الله سبحانه وتعالى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فانظروا كيف قدم من يضرب في الأرض مبتغاً فضلاً على من يقاتل في سبيل الله وعلق على هذا القرطبي رحمه الله فقال إن الله سبحانه وتعالى جعل المجاهدين والمشتغلين بالتجارة بالحلال في منزلة واحدة والرسول عليه الصلاة والسالم(2/6)
كان جالساً مع أصحابه يوماً فمر رجل يمشي بنشاط فقال الصحابة رضي الله تعالى عنهم لو كان هذا النشاط في سبيل الله يعني في الجهاد فلم يترك النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وإنما علق عليه مباشراً فقال إن كان خرج يسعى يعني هذا الرجل على ولده صغاراً فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى عن أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان ورآه الطبراني بسند صحيح عن كعب ابن حجر رضي الله تعالى عنه يعني الخارج من أجل أعفاف نفسه أو من أجل أبناءه وأسرته هو أيضاً في سبيل الله إذا نوى هذه النية الصالحة وهذا دليل على أن العمل يمكن أن يكون عبادة لله سبحانه وتعالى والنبي عليه الصلاة والسلام كما قلنا عمل في التجارة وقال :(2/7)
ما أكل أحد طعام قط خيراً من أن يأكل من عمل يده لذلك كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يعملون في مهن مختلفة منهم من كان يعمل لنفسه كتاجر ومنهم من كان يعمل موظفاً ومن الذين اشتغلوا في وظائف على عهد النبي عليه الصلاة والسلام مصعب ابن عمير ومعاذ ابن جبل عملوا في التعليم بتكليف من النبي عليه الصلاة والسلام ليس تطوعاً تكليف بلال مثلاً بلال لم يكن مؤذناً متطوعاً وإنما كان مكلفاً بأذان من النبي صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة كان مكلفاً بأخذ الجزية القضاء علي ابن أبي طالب ومعاذ ابن جبل كانوا مكلفين بالقضاء لا يستطيعون الاعتذار ومن الصحابة من كان يعمل لنفسه مثل أبو بكر كان تاجراً وعبد الرحمن ابن عوف كان تاجراً وعثمان رضي الله عنه كان يتاجر بالثياب وطلحة ابن عبد الله كان يعمل في الثياب وعثمان ابن طلحة كان عمل في الخياطة وعلي ابن حاتم كان يعمل في الصيد هذه مهن مختلفة وليست مهنة من هذه المهن أفضل من الأخرى إنما هي تنوع في المجتمع الإسلامي ولذلك المجتمع المسلم يجب أن يكون فيه تنوع في الوظائف من الناس من يعمل في التعليم من الناس من يعمل في التجارة من الناس من يعمل في الزراعة وإن كان العلماء السابقون من السلف الصالح رحمهم الله اختلفوا أي المهن أفضل الزراعة أم التجارة من العلماء من فضل التجارة قالوا لأن الرسول اشتغل في التجارة ولم يشتغل في الزراعة ومن العلماء من فضل الزراعة لأن التجارة فيها شبها لدخول المال الحرام ومخاطرة وأيضاً فإن الزراعة فيها توكل على الله سبحانه وتعالى أكثر من التجارة حيث أن الإنسان يبذل البزر وينتظر الثمرة من الله سبحانه وتعالى وقد تثمر وقد لا تثمر ففيها توكل أكثر ولكن الصحيح أنه لا بد من وجود الزراعة في المجتمع الإسلامي ولا بد من وجود التجارة والمهم هو النية الصالحة أن ينوي الإنسان أعفاف نفسه ونفع المسلمين وبذلك تكون يكون عمله عبادة بل حتى الموظف في الشركة والذي(2/8)
يتوجه إلى المؤسسة متى ما كانت نيته أو يتوجه إلى دائرة حكومية متى ما كانت نيته نفع المسلمين والتزم بالأخلاق الإسلامية فإن شاء الله فأنه يكون قائم على أمر عبادة الفقرة الأخرى هي مبادئ الإسلام الخاصة بالعمل قبل أخلاق المهنة مبادئ الإسلام الخاصة بالعمل قبل أن أذكر مبادئ الإسلام هناك معلومة مهمة ومفيدة في موضوع أخلاق المهنة أولاً الموظف الوظيفة أين نجدها في كتب الفقه في أي باب في أي باب من أبواب الفقه نجد الوظيفة في المعاملات طيب في التجارة يعني في المعاملات طيب في أي فرع من فروع المعاملات تفضل الإيجارة أحسنت في الإيجارة كل الموظفين في القطاع العام الحكومي أو في القطاع الخاص هم أجراء لأنهم يعملون عملاً بأجر والأجير نوعان في الفقه الإسلامي أجير خاص وأجير مشترك الأجير الخاص :
هو الشخص الذي يعمل لجهة معينة سواء كانت دولة أو مؤسسة أو شركة فكل الموظفين الذين يعملون في الدولة هم أجراء خاصين والذين يعملون في الشركات والمؤسسات هم أجراء خاصين إذاً من هو الأجير المشترك الأجير المشترك :(2/9)
هو الذي يعمل لكل الناس يعني عنده حرفة أو مهنة أو دكان ويعمل لكل الناس بأجرة كالخياط والخباز والحداد وأحكام الأجير المشترك تختلف عن أحكام الأجير الخاص في الفقه الإسلامي إذاً التكيف الفقهي للوظيفة هو إيجارة التكيف الفقهي للوظيفة يساوي إيجارة ما هي المبادئ التي يحتاجها هذا الأجير أو الموظف في الإسلام أولاً يجب أن يكون العمل مباحاً فلا يجوز العمل في وظيفة شرعاًُ لا يجوز العمل في وظيفة محرمة وهذه فائدة التأصيل الإسلامي لأخلاقيات المهنة لأن الغرب والشرق لا يراعون هذا الجانب أهم شيء الربح المادي بغض النظر عن الحلال والحرام فلا يجوز العمل إذاً في وظيفة تقوم على الحرام أو نشاط يقوم على الحرام فلا يجوز العمل في مصانع الخمور أو التدخين أو الصور النسائية الفاضحة المتبرجة والربا ويعني صناعة الأصنام والتماثيل كل ذلك محرم أي شيء محرم شرعاً لا يجوز أن يكون قائم العمل عليه لأنه يخالف الشريعة الإسلامية ويتحمل طبعاً صاحب العمل والموظف الإثم بمثل هذا العمل فالإنسان لذلك يتحرى الحلال في الوظيفة الضابط الثاني أو المبدأ الثاني أن يكون العمل نافعاً غير ضار لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا ضرر ولا ضرار فلا يجوز العمل في يعني في عمل أو في شركة أو في هيئة تنتج أشياء ضارة بالناس مثلاً سواء كان الضرر حسي أو معنوي كالضرر الفكري والإلحاد والتشويش الفكري في العقيدة الإسلامية أو المخدرات مثلاً الأمر الثالث تولي الأكفاء هذا مبدأ مهم من مبادئ الوظيفة في الإسلام تولية الأكفاء وهذا كما قلت في القرآن الكريم إن الله يأمركم أنة تودوا الأمانة إلى أهلها وقال اجعلني على خزائن الأرض إن حفيظ عليم والكفاءة هي أيضاً يعني منصوص عليها في نظام الخدمة المدنية في المملكة العربية السعودية المادة الأولى من النظام الخدمة المدنية تقول الجدارة هي الأساس في اختيار الموظفين لشغل الوظيفة العامة الجدارة هي الأساس في اختيار(2/10)
الموظفين لشغل الوظيفة العامة والجدارة تمثل مجموع عناصر وصفات ذاتية في الشخص تتصل بالكفاءة الفنية والكفاءة الإدارية والمواظبة وحسن السلوك وغير ذلك من الملائمات التي المتروكة لتقدير الإدارة فإذاً الجدارة لا بد منها وهي الكفاءة إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة لذلك أصحاب الأعمال العامة والخاصة طبعاً العامة قد يختلف الوضع عفواً الخاصة يعني أصحاب الشركات والمؤسسات يعني واحد صاحب مؤسسة واحد صاحب شركة أراد أن يوظف في مؤسسته أحد أقاربه وهو يعلم أنه غير يعني كفء لهذا العمل ولكن من باب المساعدة وكذا هل يلام على ذلك لا يلام لأنه حر في أمواله وهو حريص على مصلحة نفسه إلا في حالات في حالات تتدخل الدولة في تصرف أصحاب الشركات وهي حالة أيش نعم من الخدمة أي نعم بعد من المساهمة نعم في حالة الحجر تتدخل الدولة بأن تحجر على الشركة والمؤسسة وقد تضطر لإغلاقها متى ما كان صاحب الشركة مديناً بأموال كثيرة وهو يبعثر الأموال ولا يسدد ديونه والرسول صلى الله عليه وسلم يقول مطلع غني ظل وقال لي الواجد يحل عرضه وعقوبته فإذا هناك أصحاب الديون سيشتكون على هذا كيف هذا قاعد يفتح مشاريع وعاقد يعمل أشياء غير مهمة ونحن ننتظر ديون الحالة عليه فتتدخل الدولة في هذه الحالة ولكن إذا كان ليس عليه حجر فهو سيوظف من يشاء ولو كان غير كفء ولكن في الوظيفة العامة لا بد من الجدارة ولا بد من الاختبار لأنه هذه مصلحة المسلمين ولذلك كان عمر رضي الله تعالى عنه يقول للناس انتظروا إلى هذا الكلام الحقيقة نستفيد منه بليغ وأنا أتمنى أتمنى أن يقوم أحد الباحثين بتجميع نظام عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في الإدارة نظام عمر عمر قام بعدة إبداعات و أوليات في الإدارة بدأ بها هو أنشأ ديواناً للناس أنشأ داراً للسجن أنشأ نظاماً خاصاً بأرض السواد أنشأ نظاماً خاصاً بالجيش و مقدار ذهابه إلى هذا لما عس في المدينة كان يفتش أحوال الناس و يتفقدهم(2/11)
فمر و سمع امرأة تتكلم في البيت و تقول تطاول هذا الليل و أسود جانبه و أرقني ألا خليلاً ألاعبه
فوالله لولا الله تخشى عواقبه لحرك من هذا السرير جوانبه فسأل من هذه المرأة و لماذا تقول هذا الكلام قالوا إن زوجها خرج في الجهاد من الذي أرسله للجهاد عمر إذاً عمر تسبب في فتنة للنساء و الآن يحاسب نفسه أنا سببت مشكلة فسأل النساء كم تصبر المرأة عن زوجها فسأل النساء يعني سأل فقالوا تصبر يعني أربعة أشهر ثلاثة أشهر فقرر مدة معينة و سن ذلك النظام و عدة أمور إدارية كان من ضمن الأمور الإدارية مثلاً مبدأ من أين لك هذا كان عمر يحاسب الولاة و العمال الذين يرسلهم من أين و هذا المبدأ يسمى اليوم في بعض الدول مبدأ كشف الثروة الشخصية للمسئولين فالمسئول لا بد أن يقدم كشفاً بحسابه بثروته الشخصية قبل توليته المنصب و بعد ما يشتغل في المنصب سنة سنتين ثلاث أربع يقدم كشفاً بثروته الشخصية فيقارن بين الكشف الأول و الكشف الثاني إذا صار الكشف الثاني زائد يسأل ما سبب هذه الزيادة هل سببها هو أمور خاصة يعني شركات خاصة أصلاً موجودة أو عنده زراعة أو تجارة أو إلى آخره أو سببها المنصب عمر رضي الله عنه عندما أرسل أبو هريرة إلى البحرين يعني المنطقة الشرقية كان أبو هريرة أمير المنطقة الشرقية فقدم إلى المدينة و معه عشرة آلاف دينار و سلم على أمير المؤمنين فقال له من أين لك هذا يا عدو الله و عدو كتابه قال لست بعدو الله ولا بعدو كتابه و لكني عدو من عاداهما قال فمن أين لك هذا قال خيل نتجت عنده خيل و تكاثرت و غلة رقيق لي عنده عبيد يشتغلون و يجيبون له أموال و طبعاً العبيد هم و ما يملكونه و ما يعطون به له و أعطية تتابعت من أمير المؤمنين فسأل عمر و تحقق فوجدوه كما قال أبو هريرة فسكت عنه ثم بعد عدة أشهر دعاه ليوليه على البحرين فاعتذر أبو هريرة قال لما اعتذرت أو لما تعتذر عن الإمارة و قد تولاها يوسف عليه السلام فقال يوسف نبي ابن(2/12)
نبي ابن نبي و أما أنا أبو هريرة ابن أميمة يعني أنا لست بمنزلة يوسف عليه السلام و إني أخاف خمساً قال ما تخاف قال أخاف أن يشتم عرضي و يضرب ظهري و يؤخذ مالي و ألا أؤدي الحقوق أو كما ورد عندنا شاهد أن المحاسبة مبدأ إسلامي و هذا جزء من تولية الأكفاء قال عمر أرأيتم لو وليت عليكم خير من أعلم ثم أمرتهم بالعدل فيكم أكون قد قضيت ما علي يعني اخترت واحد من أفضل الناس ووليته على أمر و أمرته و وصيته بالعدل هل هذا يكفي في رأيكم قالوا نعم قال لا حتى أنظر في عمله أعمل بما أمرته أم لا رضي الله عنه و من تولية الأكفاء أن عمر لما تولى إمارة المؤمنين كان أمير الجيش من كان أمير الجيش خالد بن الوليد فعزله معروفة قصة عزل خالد عزله و ولى أبا عبيدة رضي الله تعالى عنه طبعاً في عدة أسباب يعني من أهم الأسباب لعزل خالد الذي ورد عن عمر أنه حتى لا يتعلق الناس بشخصية خالد و يعتقدون أن الانتصارات التي تحصل للجيش الإسلامي سببها خالد ابن الوليد و لكن هناك سبب آخر ذكره شيخ الإسلام ابن تيمي رحمه الله و هو أن يقول ابن تيمي رحمه الله في السياسة الشرعية إن خالداً كان شديداً كعمر بن الخطاب و أبا عبيدة كان ليناً كأبي بكر و كان الأصلح لكل منهما أن يولي من ولاه ليكون أمره معتدلاً واضح يعني حكمة أن يولي كل واحد من يناسبه حتى لا يشقوا على الناس لأنه لو كان أمير الجيش خالد و أمير المؤمنين عمر سيحصل مشقة على الجيش لأنهم دائماً يأخذون بالعزم أبو بكر كان لين و أبو عبيدة لين فكان الأنسب أن يكون لكل واحد من ولاه أما بالنسبة لأخلاقيات المهنة التي سنبدأ بها الآن هذه كلها مقدمات فهي ننطلق من الآية القرآنية إن خير من استأجرت القوي الأمين الحقيقة أنا نظرت في القرآن الكريم فوجدت أن هاتين الصفتين تقترنان دائماً قال الله سبحانه و تعالى ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين قوي وأمين وقال سبحانه و تعالى إنك اليوم لدينا مكين أمين قوي(2/13)
أمين وقال سبحانه وتعالى أما من ظلم في حق ذي القرنين الملك الصالح أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاب النكرة و هذه القوة و قال بعد ذلك ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة هذه هي الأمانة تعفف عن أموال الناس فكان قوياً أميناً ذو القرنين و كذلك سليمان كان ملكاً نبياً قوياً أميناً و من قوته قوله ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذاباً شديداً هذه قوة و الأمانة في قوله أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون أمين رشوة هذه التي قدمتها بلقيس رشوة و هي كانت تريد أن تختبر سليمان هل يقبل الهدية فيكون ملك يعني الرشوة أو لا يقبلها فيكون نبي فلما جاء سليمان قال أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلتأتينهم بجنون لا قبل لهم من فلما سار بالجنود و أظهر ملكه لها أسلمت لله رب العالمين فكان متعففاً لا يقبل الرشوة طيب إذا تعذر أن يكون الرجل طبعاً عمر كان يستعيذ بالله من جلد الفاجر و عجز الثقة لاحظ هنا القوة والأمانة أبو ذر كان أمين لكن كان ضعيف أبو ذر رضي الله عنه كان أميناً و لكنه كان ضعيفاً لا يصلح للولاية و من الناس من يكون قوياً و لكنه لا يكون أميناً و لذلك كان يستعيذ عمر بالله من جلد الفاجر يعني قوة الفاجر و عجز الثقة ضعف الثقة(2/14)
فإذا لم يوجد إنسان يجمع بين الصفتين فيستعمل الأصلح منهما في وظيفته الأصلح في وظيفته يعني مثلاً لو قلنا وجدنا قوي فاجر و أمين ضعيف و نريد أن نولي أحدهما على الجيش من الذي يصلح القوي سئل الإمام أحمد هذا السؤال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله سئل هذا السؤال قيل له الرجلان يكونان أميران في الغزو أحدهما قوي فاجر و الآخر صالح ضعيف مع أيهما يغزا قال أما الفاجر فقوته للمسلمين و فجوره على نفسه و أما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه و ضعفه على المسلمين فيغزا مع القوي الفاجر هذا من فقه الإمام أحمد الصفة الأولى القوة والقوة أنواع قوة فكرية وقوة جسدية وقوة في الرأي مواجه الجمهور وكل ما يحتاجه الموظف الشريف الموظف يحتاج إلى القوة الجسدية ليقوم بمهام العمل التي تتطلب الحضور والانصراف وكتابة ونشاط ما يكون يعني مريض فلا يستطيع أن يقوم بالعمل و لا يكون أيضاً ضعيفاً في الرأي فلا يبدع و لا يعني يقدم اقتراحات و لا يطور العمل و لا يكون ضعيفاً أيضاً في شخصيته فلا يستطيع مواجهة الجمهور فلذلك يقول ابن تيمي رحمه الله القوة في كل ولاية بحسبها فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب و الخبرة في الحروب و المخادعة فيها و القوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل و القدرة على تنفيذ الأحكام و القوة مثلاً في العلم تتضمن فقه الأحاديث و فقه القرآن الكريم كل يعني جانب له قوة القوة في التدريس القوة في التدريس تعتمد على قوة الشخصية و إتقان المادة و كذا فكل قوة في وظيفة تحددها و النبي صلى الله عليه و سلم يقول إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه و قال إن الله كتب الإحسان على كل شيء و قال المتنبي الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول و هي المحل الثاني يعني الرأي أول و الشجاعة المحل الثاني و إذا هما اجتمعا لنفس حرة يعني الشجاعة و الرأي و إذا هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكان أما الصفة الثانية و الواسعة في(2/15)
معناها فهي الأمانة و الأمانة ناءت بها السموات و الأرض و اعتذرت منها و حملها الإنسان أنه كان ظلوماً جهولا و من ظلمه و جهله حمل الأمانة لأنه لم يكن يعلم عظم الأمانة لذلك لم يستطع حمل الأمانة بشكل كامل إلا من وفقه الله سبحانه و تعالى و مع ذلك يكون في حمله ضعف فالأمانة من لم يؤد الأمانة كان خائناً قال النبي صلى الله عليه و سلم لا إيمان لمن لا أمانة له المجال الأول من مجالات الأمانة الأمانة في المال و هذا مجال واسع زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل و الأنعام بالحرف و قال سبحانه و إنه لحب الخيل لشديد و قال سبحانه و إنه و تحبون المال حباً جماً لذلك الإنسان قد يفتن بالمال إذا كان مسئولا عن أموال للدولة أو قد يتساهل في التصرف في الأموال و الرشوة من المجالات التي يخطئ فيها الناس في الوظائف فيتساهل يأخذ الرشوة و يسميها إكرامية يسميها يعني خدمة أو كذا يعني قد لا مثل ما قالت بلقيس إني مرسلة إليهم بإيش بهدية قد يتلمس لها اسماً آخر لكي يلتمس لنفسه العذر مع أنها رشوة فلا يجوز تلقي الرشاوى في الوظائف العامة و الوظائف الخاصة على العمل الذي يؤديه الإنسان و الذي هو مكلف به أساساً يعني هذا هو عمله ووظيفته فلماذا يأخذ على ذلك أموالاً مقابل أن يؤدي العمل يقول لا أؤدي العمل إلا بأن تدفع هذا لا يجوز و هذا سحت و النبي صلى الله عليه و سلم يقول كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ثم هذه الأموال أيها الأخوة أموال للدولة لبيت مال المسلمين فالذي يأكل يأكل من مال الفقراء يأكل من مال المحتاجين مال أيتام قال الله سبحانه و تعالى في حق اليهود سماعون للكذب أكالون للسحت وقال صلى الله عليه و سلم لعن الله الراشي و المرتشي الرسول عليه الصلاة و السلام كان عنده عمال و واحد منهم يقال له ابن اللتبية و الحديث في البخاري أرسله النبي صلى الله عليه و سلم لجمع الصدقات و(2/16)
الزكاة فجمعها و جاء و أداها بأمانة و لكن قال :
هذا الزكاة التي طلبتها مني يا رسول الله بأمانة و كان عنده حقيبة أو شيء و قال و هذا هدية أهديت إلي أثناء ما كنت أجمع واحد أعطاه هدية فغضب النبي صلى الله عليه و سلم و قال ضع الهدية مع الزكاة و انتظرني في المسجد فأذن رجل في الناس اجتمعوا الرسول عنده بيان يريد أن يخطب خطبة عامة فاجتمع الناس في المسجد و منهم هذا الرجل فقال صلى الله عليه و سلم ما بال الرجل استعمله على العمل فيذهب و يأتي و يقول هذا لكم و هذا أهدي إلي و لم يذكر اسمه طبعاً أفلا يجلس في بيت أبيه و أمه فينظر أيهدى إليه أم لا الذي أعطاه هدية ماذا يريد نعم يريد مصلحة يريد في المرة الثانية أن يراعيه أو يكون في بينهم علاقة شخصية لا ألفياً أحداً منكم يوم القيامة بأتي يحمل بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيّعر أي إنسان يتلقى رشوة في الدنيا على عمل من أعمال وظيفته فيأتي يحملها على ظهره يوم القيامة عمارة أو مزرعة أو مال أو ذهب أو حيوانات أو غير ذلك و قد يتوصل الإنسان إلى الرشوة عن طريق أهله و زوجته أو أبنائه ذلك واحد من عمال عمر أهدى إلى عمر أهدى إلى امرأة عمر نمرقتين سجادة فدخل عمر و وجد في البيت سجادة فقال من أين هذه السجادة اشتريتها قالت بعث بها إلي فلان قال قاتله الله لما أراد لما أراد حاجة فلم يستطعها من قبلي أتاني من قبل أهلي فجذبها جبذاً شديداً من تحت من كان جالساً عليها و أخرجها من بيته و فرقها بين امرأتين فقيرتين من الأنصار هذه آفة أن تتحول المصالح في القطاعات و في المؤسسات و في الوظائف لخدمة شخص أو مسئول و ليبس لخدمة عامة الناس هذه آفة يجب أن تحارب لذلك يقول الشاعر الذي يمثل هذا المسئول الذي يخدم و يحول الإدارة إلى محل لخدمته هو يقول خلقت مديراً و الإدارة في دمي أمثلها بالقلب و الروح و الفم و سر نجاحي في الإدارة أنني أسير على نهج صريح و مبهم أحكم في كل الأمور و(2/17)
أرتضي مزاجي و ما أحلاه من متحكم أنا مركزي لا أطيق تصرفاً لغيري و لم يعرض علي و يعلم و من كان آلياً فذاك مقدم لدي و ذو الإبداع غير مقدم و كل اقتراح لم أكن مصدراً له يؤول إلى ركن من الدرج مظلم و من يكن بصاماً يبصم على كلامي يعني و من يكن بصاماً يناسب شرعتي و من يرم الترفيع في الحال يبصم و كل خدوم للرئيس أعزه و من قدم الخدمات للبيت يخدم و كل شريك في المزاج يروقني و كل شريك في المصالح ملهم و يعجبني المداح يمثل دائماً أمامي بغير المدح لم يتكلم و أنزع للثرثار عن كل غافل يبوح بتقدير إلي منظم قياس أداء المرء عندي ولاؤه و تأييد فعلي أو قبول تحكمي فتلك مقاييس برأيي جميلة مبادئ نهج في الإدارة محكم على ضوئها يلقى الموظف حظه على شكل تقرير لديه ململم فيجزى بترفيع و منح علاوة و يحظى بتمجيد العزيز المكرم إلى كل أقراني أسوق مبادئي بفضل مزاجي صرت خير معلم هذا المدير الفاشل الذي يعمل لنفسه لا لمصالح المسلمين من الخيانة في الأموال الاختلاس الاختلاس من الأدوات العهد و الأموال السائلة لا يجوز للموظف و لا المسئول أن يستعمل الأغراض العمل في أشيائه الشخصية لأنها وضعت لمصلحة العمل لا لمصلحة الشخص فالأجهزة و السيارات والأوراق و الأقلام و غير ذلك من أشياء العمل يجب استخدامها في العمل و التورع عن استخدام شيء منها في المصالح الشخصية .
الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
ضيف الحلقة :
مسؤوليتنا تجاه ديننا
موضوع المحاضرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه على يوم الدين أما بعد،(2/18)
فسيرني أن أشكر الأخوة القائمين على هذا العمل الموفق وهذا النشاط النافع وأسال الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً بما يحب ويرضاه الموضوع الذي اختير الحديث فيه في هذه الأمسية يرتبط مع الموضوع الأساس أو الكبير الذي جعل عنواناً لهذه السلسلة من المحاضرات ارتباط العام ببعض أفراده أو ارتباط الكل ببض أجزاءه ذلك أن المسئولية مسئولية كبيرة ومتعددة الجوانب ولعل أعظم أنواع المسئولية ما يتعلق بمسئولية المسلم أو مسئولية المسلمين اتجاه دينهم لعل هذا هو أعظم المسئوليات لأن الشريعة في أساسها وفي كلياتها جاءت بالمحافظة على الدين وبحفظ الدين تستقيم أحوال الناس في الدنيا وفي الأخرة وإذا اختل هذا الجانب ما يتعلق بالدين وضعف تحمل المسلمين لمسئوليتهم اتجاه دينهم اختلت كثيراً من أوجه حياتهم لأن الدين ليس خاص بجانب من جوانب الحياة الدين معناه الطاعة والاستقامة وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى وأن يكون الإنسان عبداً خاصاً لربه والعبد هو المطيع هو الذي استسلم لله سبحانه وتعالى استسلام كاملاً ومن هنا فمسئوليتنا اتجاه ديننا هي أعظم أنواع المسئوليات لأن المسئوليات متعددة ومتشعبة وكما في هذه السلسلة التي جرت في هذا المسجد المبارك تعددت الجوانب أو تعرضت لجوانب عددية ومسئولتنا نحن المسلمين اتجاه ديننا هي مرتبطة أو عنوان لمجدنا لشرفنا وعزتنا بمعنى أن عزنا وشرفنا ومجدنا مرتبط بأداء هذه المسئولية ولا أدل من ذلك وأضح مما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى موجهاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قدوتنا الصالحة وموجه لنا فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون الآية الكريمة الصريحة بأمر رسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يستمسك بهذا الوحي والوحي سواء أكان في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ذلك أن هذا الوحي هو الصراط المستقيم إنك بهذا الاستمساك على صراط مستقيم(2/19)
وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون والعلماء رحمهم الله فسروا قوله تعالى وإنه لذكر لك ولقومك بأنه شرف لك ولقومك وهنا ترتبط المسئولية بالعزة وبالمجد والسعادة ابن كثير رحمه الله يقول إنه شرف لهم أي للعرب من حيث أنه نزل بلغتهم فهو أفهم الناس له فينبغي أنت يكونوا أقوم الناس به وأعملهم بمقتضاه بمعنى أنهم أولى بغيرهم وأكثر مسئولية في تحمل هذه الرسالة وهذا الدين على أساس أو باعتبار أن الإسلام نزل بلغتهم وفي بلادهم واختير محمد صلى الله عليه وسلم من العرب من أشرف العرب وبالتالي هذا شرف وهذا ذكر ويرتبط بها المسئولية وفي قول الله سبحانه وتعالى :(2/20)
وسوف تسألون أي سوف تسألون عن هذا القرآن الذي يتضمن كلية هذا الدين وأجمال هذا الدين لأن السنة النبوية بيانٌ لكتاب الله ووحي من الله سبحانه وتعالى فسوف تسألون ماذا عملتم في هذا القرآن كيف كنتم بالعمل به والاستجابة له وباختصار أشير إلى قضايا معروفة تتعلق بالمسئولية في الإسلام وتميز المسئولية في ديننا عن المسئولية في الأنظمة الوضعية أو القوانين الوضعية أو الحياة البشرية المسئولية في الإسلام تتجلى حقيقتها الكبرى ليس في هذه الدنيا ولكن في الأخرة يتحمل الإنسان المسئولية في هذه الدنيا ومتى يكون الحساب متى يكون الجزاء لتظهر وتتجلى الحقيقة الكبرى بعد الموتنا ويقف الإنسان بين يدي الله سبحانه وتعالى ويتعرض للمسائلة وللحساب هناك تبولوا كل نفسٍ ما أسلفت كل نفس بما كسبت رهينة كلكم راعي وكلكم مسئول عن رعيته متى يسأل هناك أسئلة في الدنيا لكن السؤال الكبير في الأخرة بعد الموت أما في الدنيا فما يأتي من المسئولية ومن المحاسبة هو قليل بالنسبة للمحاسبة في الدار الأخرة قد تكون هناك محاسبة بشرية في الدنيا من ولي الأمر من المسئول عن الشخص من أي إنسان إذا قصر في عمله يساءل ويحاسب لكن هل يكتفا بهذه المحاسبة أبداً محاسبة الكبيرة العظمة تتجلى في الدار الأخرة قد أيضا وهو شيء رباني قد ينعم الله سبحانه وتعالى وهذا من استقام منهج الله وهذا جزاه في الدنيا لكن يكتفا بهذا الجزاء العظيم والحقيقة الكبرى في الدار الأخرة قد يعاقب الله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا من عصاه ومن خرج عن الجادة لكن هل يكتفا بهذا الجزاء في الحياة الدنيا وهناك جزاء عظيم وحقيقة كبرى تتجلى في الدار الأخرة ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى :(2/21)
ولو يؤاخذ الله الناس من ظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ولذلك آيات أخرى وردت في هذا الأمر ومما يميز المسئولية في الإسلام عن المسئولية في الحياة البشرية أنها تتركز أيضا على ما يكنه الإنسان في قلبه لا يتعامل فقط تكون المعاملة في الظاهر قد يكون الإنسان ظاهر سليم ويدي العمل السليم ولكن الباطن السيئ والعياذ بالله ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات لا ينظر للشكل الظاهري الشكل الخارجي قد يكون وفق الشريعة ولذلك حتى العلماء والفقهاء يفرقون بين الأحكام قال هذا يطبق قضاءً أو حكم قضائي ولكن الديانة بين الإنسان وبين ربه وفي قول الله سبحانه وتعالى قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا فسرها الحسن وقتادة رحمهم الله بقوله على نيته كل يعمل على نيته فهذا ما يميز في المسئولية ويجعل المسلم يستشعر رقابة الله سبحانه وتعالى عليه إذا كان يخشى البشر فقط سيرتب أموره أمام الناس وقد يتحايل لكن ينبغي أن ستشرق رقابة الله عليه ويدرك بأن الله مطلع على حقيقة الأمر وأنه لا تخفى عليه خافية وأن أمامه الدار الأخرة في أداء هذه المسئولية عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال سواء منكم من أسر القول وجهر به ومن هو مستغفر بالليل وسائل بالنهار طبعاً المسئولية التي تتجه للإنسان نوعان مسئولية فردية ومسئولية جماعية المسئولية الشخصية فيما يتعلق بذمة الإنسان بمسئوليته اتجاه تحمل هذا الدين الدعوة له الدفاع عنه إذا كان قادراً على ذلك مسئولية اتجاه أولاده مسئولية اتجاه أخوانه هذه مسئولية فردية وهناك مسئولية تتحملها الأمة مشتركة وهي ما تسمى بفروض الكفايات تتحملها الأمة الإسلامية جميعاً ولعل مسئوليتنا اتجاه ديننا تندرج في نوعين هناك مسئولية فردية شخصية على كل مسلم فيما(2/22)
يتعلق بنفسه وما يتعلق بإخوانه وما يتعلق بهذا الدين حسب قدرته واستطاعته وهناك مسئولية على الأمة المسلمة أجمع ولاة الأمر العلماء الأثرياء كل إنسان له طاقة وقدرة تشترك المسئولية فإذا لم يحقق هذا الأمر تأتم الأمة نسأل الله العافية جميعاً وإذا تحقق هذا الأمر من قبل فئة من الناس تسقط المسئولية باعتبار أن هذا فرض كفاية على الآخرين هناك نقطة لا بد أن نتعرض لها ونحن نتحدث عن مسئوليتنا اتجاه ديننا هذه النقطة ما يتعلق بحفظ هذا الدين وأن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظه وتكفل أيضا بإظهاره في العالمين إن نحن نزلنا الذكر وإن له لحافظون وعلماء البلاغة يقولون أن إطلاق الحفظ في هذه الآية عن متعلقه يفيد العموم بمعنى أنه ليس حفظاً في جانب معين بل لكن حفظاً في كل الجوانب عن التبديل عن التحريف عن الشبه عن أشياء كثيرة إن نحن نزلنا الذكر وإن له لحافظون وفي آيات كثيرة ومنه قول الله سبحانه وتعالى هو الذي أرسل رسوله للهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وعد الله الذين أمنوا ومنكم من عمل الصالحات لاستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ولا يمكن لهم دينهم الذي أرتضى لهم ولا يبدلنهم من بعد خوفهم أما يعبدون آله يشركون بي شيء كل هذه آيات قطعية واضحة في أن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ هذا الدين وتكفل ووعد بإظهاره في العالمين رسولنا صلى الله عليه وسلم قال لخباب ابن الأرت وأصحابه والله ليتم الله هذا الأمر حتى يسير الراكب بين صنعاء وحضر موت لا يخاف إلا الله ولا يخشى إلا الله والذئب على غنمه وقال أيضا في الحديث الأخر لعدي ابن حاتم:(2/23)
هل رأيت الحيرة قال ما رأيتها ولكني نبأت أو أنبأت عنها قال إن طالت بك حياة فسترى الضعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله سبحانه وتعالى وقول عدي ابن حاتم أني رأيت الضعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالكعبة تخشى أو لا تخاف إلا الله هذا أيضا تحقيق واقعي لانتشار هذا الدين ولظهوره إن الله زوا لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغوا ملكها ما زوي لي منها وفي حديث تميم الداري ليبلغنا وهذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدراً ولا وبراً إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيزاً أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر كل هذه آيات وأحاديث واضحة صريحة وحي من الله لإظهار هذا الدين وانتشاره إذاً هذا الدين كرسالة خاتمة لكل الرسائل محفوظ وباقي إلى أن تقوم الساعة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وربنا سبحانه وتعالى ذكر في وصفه للصحابة رضوان الله عليهم بأنه وإن ضعف الدين فدين الله محفوظ وإن ضعفت الأمة فدين الله محفوظ واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس آواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون هذا في وصف المسلمين حين كان في مكة في حالة ضعف وخوف وقلة ويخافون من كل شيء ونصرهم الله حينما انتقلوا إلى دار الهجرة إلى المدينة المنورة ورزقهم من الطيبات وأصبحوا أعزاء بعد أن كانوا في حالة ضعف وفي حالة تأخر الفتوحات الإسلامية التي انتشرت في شرق الدنيا وغربها هذا تحقيق واقعي لهذه النصوص المسلمون تعرضوا في فترات عديدة في تاريخهم لمحن ولأزمات الحملات الصليبية التتار من جهة المشرق كل هذه الحملات خرج الإسلام وخرج المسلمون منها بعد ذلك بانتصار حتى أن ملك التتار نفسه بعد تدمير بغداد ودخول بغداد بحوالي أربعين سنة ستة مئة وخمسة وتسعين للهجرة دخل الإسلام ولما دخل المسلم استبشر الناس ودخل جيشه وأتباعه وانتشر الإسلام في شرق أسيا(2/24)
انتشار كبير فالتجاري في التاريخ الإسلامي تدل على أن الإسلام لا يتعرض لمحنة إلا خرج منها قوي وهذا يذكرنا بالأحداث أو الهجمة على الإسلام اليوم هجمة عنيفة من دول ومن مجتمعات ومن منظمات لا تريد لهذا الإسلام أن ينتشر لا تريد لهذا الإسلام أن يتقدم طبعاً هذه المحنة تذكرنا بما ينبغي أن نقوم به اتجاه ديننا وإن كان الله سبحانه وتعالى حافظاً لدينه ووعد بذلك والتاريخ يدل على هذا لكن ينبغي أن نصبر وأن نثبت وأن ندافع عن ديننا وفي قول الله سبحانه وتعالى لنا عبرة وعظة لتبلغن في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذنً كثيرة وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور إذاً يحتاج الأمر إلى صبر وإلى صدق وإلى تقوى من الله سبحانه وتعالى ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية له كلمات رائعة يقول :(2/25)
فكل من قام بحق أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر فلا بد يؤذى فما له دواء إلا الصبر في الله والاستعانة بالله والرجوع إلى الله حينما تحصل هذه الأمور يصبر الإنسان في الله ويستعين بالله ويرجع إلى الله فإن النصر سيكون معه إن تنصروا الله ينصركم ولا شك أن الإنسان يتساءل ما دام أن الله سبحانه وتعالى حافظ لهذا الدين فما موقع مسئوليتنا نحن من نصر الله له يعني هذا التساؤل يثار أحياناً ما مهمة المسلمين وما مسئولية المسلمين اتجاه هذا الدين ما دام أن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظه ووعد بنصره لا يخفى علينا أن الله سبحانه وتعالى جعل نظام هذه الحياة محكوم بقوانين قوانين تسمى قوانين الأسباب والمسببات سواء ما يتصل بالدين أو بغيره يعني في حياة الصحابة رضوان الله عليهم ربنا لا يعجزه أن ينصر المسلمين على الكافرين في بدر دون أن ينزل الملائكة يقاتلون معهم في الأحزاب قادر على أن يهزم الأحزاب دون أن يوصل ريحاً تهلكهم أو يهزمهم لكن لا بد أن ترتبط من حكمة سبحانه وتعالى أن يكون هناك أخذ بالأسباب بمعنى أن يستنفد المسلمون طاقتهم ويأخذوا بالأسباب التي أمرهم الله سبحانه وتعالى بها وفي مقدمتها المحافظة على هذا الدين والتمسك به والثبات عليه حينما يكون هذا يكون المسلمون أخذوا بأقوى سبب لنصر الله سبحانه وتعالى و المسلمون ينبغي أن يخشوا و أن يتذكروا دائماً قول اله سبحانه و تعالى و إن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكون أمثالكم أيما قوم أعرضوا عن نصرة هذا الدين و إقامة شريعته فإن الله سبحانه و تعالى لا يعجزه أن يستخلف بدلاً منهم آخرين و نحمد الله سبحانه و تعالى أن أمة الإسلام منذ عهد الرسالة لم يحصل فيها ارتداد بالجملة و لكن تحصل حالات بسيطة كما حصل بعد وفاة الرسول ثم يرجع الناس إلى دين الله و هذا أيضاَ مصداق لقول الرسول صلى الله عليه و سلم لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم إلى(2/26)
يوم القيامة و إذا أردا الإنسان أن يلخص أهم و أعظم أنواع المسئولية تجاه الدين نجد أنها في قول الله سبحانه و تعالى ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون هذه الآية الكريمة جمعت رسالة الأمة تجاه دينها سواء أكان هذا في داخل المجتمع المسلم أو في خارج المجتمع المسلم طبعاً الدعوة إلى الله الأمر بالمعروف النهي عن المنكر هذه أعظم مسئولية على الأمة الإسلامية على المسلمين حينما تظهر في المجتمع المسلم الدعوة إلى المسلمين إذا كانوا مقصرين تعليم المسلمين إذا كانوا جاهلين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لمواجهة المعاصي و التقصير و التهاون في أداء الواجبات الدعوة للأمم الأخرى خارج المجتمع المسلم فالآية الكريمة لخصت مسئولية المسلمين تجاه دينهم تتمثل في تعلم الدين تتمثل في إزالة الجهل الأمية الدينية عن المسلمين تتمثل في وجود طائفة من العلماء يدفعون الشبه و يدافعون عن هذا الدين و يدعون الناس إلى الخير و كما قال صلى الله عليه و سلم العلماء ورثة الأنبياء و بالتالي ينتشر الخير و يحافظ الناس على دينهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مما يستدعي وجود جماعة سلطة ولي أمر يأمر و ينهى يقيم الحدود كل هذه داخلة في مسئولية الأمة تجاه دينها قد يحصل تقصير من بعض الناس في المجتمع المسلم هذا ليس بغريب لكن الخطورة أن تجمع الأمة نسأل الله العافية أو يكثر في الأمة التهاون و التقصير و الضعف و هنا يحصل ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه و سلم و لكنكم أذاك أذاء السيل الأمة الإسلامية الآن أو المسلمون يصل عددهم إلى مليار و ثلاث مئة ألف و قد يصل إلى مليار و نصف عدد هائل إذا قيس من حيث العدد في مساحة من الأرض واسعة لديهم فضوات كثيرة لكن هل تمكن الإسلام في نفوس المسلمين هل العلم بالإسلام و أحكامه متوفر هل تطبيق الشريعة موجود هل شعور المسلمين بأنهم يحملون هم هذا الدين و(2/27)
أنه رسالة الله إلى الناس أجمع هل هو موجود في المسلمين هذا ما ينبغي بالفعل أن تتتابع عليه الدعوات و النصائح و أن يقوم العلماء بواجبهم و أن يكون هناك تعاون بين العلماء و بين ولاة الأمر في هذه القضايا و أن يكشف للعالم أجمع مزايا هذا الدين و أنه دين رحمة و دين خير للإنسانية أما التقصير وعدم التقصير في المجتمعات المسلمة فهذا من طبيعة البشر مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم ومجتمع الصحابة رضوان الله عليهم و هو أفضل المجتمعات و هم خير القرون هناك المقصر هناك المقتصد هناك المتقرب السابق للخيرات و طبيعة الحياة البشرية و طبيعة الإنسان يذنب لكن عليه أن يتوب عليه أن يرجع إلى الله سبحانه و تعالى ربنا سبحانه و تعالى يقول ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق للخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير فمن أهم القضايا التي ينبغي أن ننتبه إليها في مسئوليتنا تجاه ديننا ما يتعلق بالعلم العلم الشرعي لأن فيه حياة المسلمين إذا كثر الجهل فهذا من علامات الساعة نسأل الله العافية إذا كثر الجهل كثرت المعاصي كثر التهاون كثر القصد ضعف الناس في عبادتهم لله سبحانه و تعالى و ذلك من أهم المسئوليات ما يتعلق بالعلم تحمل العلم وأداء أمانة العلم و انتشاره في الناس ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال:(2/28)
إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم و يثبت الجهل و يشرب الخمر و يظهر الزنا إذا وجدت هذه الأمور و العياذ بالله فهي من أشراط الساعة هذا حديث ثابت و صحيح في الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد في المسند إن من ورائكم أياماً ينزل فيها الجهل و يرفع فيها العلم و يكثر فيها الهرج قالوا يا رسول الله و ما الهرج قال القتل لا بد و نحن نتحدث عن مسئوليتنا تجاه ديننا هل هي مقتصرة فقط على أننا محاسبون إذا قصرنا و أننا نخشى من العواقب السيئة إذا أهملنا أم أن هناك دواعي و هذا مرتبط ببدء الحديث هذه الليلة كما قلنا إن المسئولية مرتبطة بالشرف ومرتبطة بالعز و مرتبطة بالمجد ليس الأمر قاصراً على هذا بل هناك بواعث و دواعي على تحمل المسئولية تجاه الدين من أهم هذه البواعث أن الإسلام أو كون الإسلام هو النعمة العظمى التي أنعم الله سبحانه و تعالى بها على الناس و على المسلمين في الدرجة الأولى اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمني و رضيت لكم الإسلام دينا فلا نعمة أفضل من الإسلام في الدنيا و في الآخرة كون هذا الدين ليس خاصاً بالعرب فقط جاء للناس جميعاً بإخراج الناس من الظلمات إلى النور لكن يحتاج الأمر إلى تحمل هذه المسئولية و بيان ما في هذا الدين من خير للناس كلها ألف الم راء كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد في قول الله سبحانه و تعالى و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين هذا كما يتحدث علماء البلاغة في حصر كأنهم حصروا رسالة الرسول صلى الله عليه و سلم في الرحمة فعنوان هذا الدين هو الرحمة رحمة في تشريعاته رحمة في آدابه رحمة في عبادته في كل المجالات و العالمين جمع عامل والعالم هو كل من سوى الله سبحانه و تعالى ليس خاصاً للإنس بل حتى للجن و من العلماء من قال لعوالم أخرى لا نعرفها و لا ندركها فهو رسالة للعالم أجمع و لعلنا نتذكر تلخيص ربعي بن عامر بن رستم حينما لخص(2/29)
مزايا الإسلام و قال في كلمته المشهورة التي ينقلها أصحاب السير و أصحاب التاريخ و الذين يتحدثون عن مزايا الإسلام قال الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله و من ضيق الدنيا إلى سعتها هذه الدنيا الضيقة التي يفكر الإنسان في نفسه و في ما يأكل و في ما يشرب و لا فرق بينه و بين البهيمة لا من ضيق الدنيا إلى سعتها بحيث أن الإنسان ينظر للدنيا جميعاً و يعتبر أنها كلها ميدان مثله ولأنه مسئول عنها يفكر في الآخرين يفكر في جاره يفكر في قريبه يفكر في المؤمن يفكر في الإنسان كإنسان و من جو الأديان إلى عدل الإسلام لا شك أن هذه المزايا من أعظم الدواعي و البواعث على أن نحافظ على مسئوليتنا تجاه ديننا و من أهم هذه البواعث أن السعادة التامة في الدنيا و في الآخرة مرهونة بالتمسك بالدين يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم بما يحييكم من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن مما كانوا يعملون أيضاً ابن كثير رحمه الله يفسر هذه الآية يقول:(2/30)
و الحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت وروي عن ابن عباس أنها هي السعادة غير المسلمين الآن في ضيق نحن نراهم في أوربا و في أمريكا و في مناطق عديدة من العلم أوضاعهم الاجتماعية سيئة نسب الطلاق عالية كثرة الأمراض النفسية الشكوك الانحراف الإجرام حتى أن السويد و هي من أعظم الدول التي تحرص على تطبيق النظام الضمان الاجتماعي و إتاحة الفرص و تهيئة الإمكانات لمواطنيها أدركت و أدر الباحثون فيها حاجتهم إلى الدين حتى تكون النفس هادئة و مطمئنة و أن المسألة ليست مرتبطة فقط بوسائل الحياة الدنيوية إذاً مسألة ارتباط السعادة بالدين هذا من أهم البواعث التي ترتبط بأداء المسئولية تجاه الدين فالمسلم فرداً أو جماعة أو أمة يتحملون هذه المسئولية أداءً للواجب و استشعاراً لما يعود عليهم بالنفع و على البشرية بالنفع الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان يتحدثون عن الأمن عن السلام عن التفاهم بين الشعوب كل هذه موجودة في ديننا و في شريعتنا ما فرضنا في الكتاب من شيء نعم قد يكون هذا واقع لدينا تقصير في فهم هذا الدين و في نقله إلى الآخرين و في تطبيقه في أنفسنا لكن الطريق الصحيح ليس أن نبتعد عنه و لا نتحمل هذه المسئولية بل الطريق الصحيح أن نشد عليه بالنواجذ و أن نراجع حياتنا و أن ننقله للآخرين أختم هذا الحديث بكلمة عن المملكة العربية السعودية و نظرة المسلمين لها ومسئوليته تجاه الدين لا شك أن اختيار الله سبحانه و تعالى أن تنزل هذه الرسالة في مكة المكرمة و في المدينة المنورة و في هذه الجزيرة الحكمة اختار الله هذه البلاد و اختار رسوله صلى الله عليه و سلم من أبناء هذه البلاد الناس في تشريعات الإسلام المسلمين لا بد أن يرتبطوا بمكة المكرمة و بالمدينة المنورة سواء أكان هذا الأمر في الاتجاه للصلاة أو في الحج أو في الرغبة في أداء المزيد من العبادة و كسب الفضل و الأجر العظيم في المدينة المنورة إذاً من مستلزمات هذا الأمر(2/31)
أنهم أمناء على هذه الرسالة الصدر الأول تحمل هذه الرسالة خرج من مكة ترك المال و ترك الأهل خرجوا من الجزيرة و انتشروا يريدون وجه الله و نشر هذا الدين حتى كادت المدينة أن تخلوا من الصحابة و أصبحوا هناك مراجعة ليبقى كبار الصحابة في المدينة لأنها هي المنطلق الدولة الإسلامية إذاً أبناء المملكة أصحاب رسالة و لنا مسئولية متميزة تجاه ديننا و نحمد الله سبحانه و تعالى أن المملكة منذ قيامها الأول قامت على أساس ديني حينما التقى الإمام محمد بن سعود رحمه الله مع الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله و تعاهدا على التمسك بهذه الشريعة و تطويقها و نشرها ثم قامت هذه الدولة في مختلف فتراتها على أساس تطبيق الشرع على جمع كلمة المسلمين و تبع ذلك نشر الإسلام الاهتمام بالتضامن الإسلامي الاهتمام بقضايا المسلمين ما قدمته المملكة من خير عظيم للمسلمين سواء في ديارهم أو في خارجها كل هذا من أداء المسئولية وجهد تشكر عليه لكن ينبغي أن يتنبه أبناء المملكة للأخطار التي تحاك ضدهم و هي ليست موجهة لهم كأشخاص أو لأنهم سعوديون لا لأنهم يحملون هذه الرسالة لأن الدين في هذه البلاد أقوى منه في أي مكان و إن كان دين الله يعم البشرية و أينما وجد فيه خير لكن هنا العمود الفقري للأمة الإسلامية و للمسلمين هنا منطلق رسالة الإسلام.(2/32)
و لذلك لا بد أن يدرك أبناء المملكة الأخطار التي تحدق بهم لا بد أن يكون هناك حرص على التمسك بهذا الدين لا بد أن يكون هناك تعاون بين عامة الناس و علمائهم و ولاة أمرهم لا بد أن نسمع و نطيع لولاة أمرنا باعتبار أن هذا واجب شرعي و فيه مصلحة أساسية لنا لا بد أن نتنبه إلى كل من يريد نكون حذرين و يقظين لكل من يريد أن يسيء إلى أمننا إلى مجتمعنا إلى ديننا الذين يتكلمون في ولاة الأمر أو يتكلمون في طالب العلم و أهل العلم أو يتحدثون في الطرق التي نسير عليها و الأنظمة التي نسير عليها ينبغي أن نتنبه لخطورة هذا الأمر و أن نحرص على وحدة الكلمة و على جمع الصف و على التعاون في الخير لأن هذا له ارتباط مباشر بانتشار هذا الدين و قوة هذا الدين و المسلمون مخلصون في مختلف أنحاء العالم يقولون إن هذه البلاد هي العمود الفقري للإسلام و للمسلمين و أن أي أمر يؤثر على المملكة و ما فيها من خير ينعكس أثره على المسلمين أينما كل مكان و يتألمون حينما يحصل هناك أخطاء أو إشكالات أو انحرافات تقع سواء ً أكان من سعوديين أو سعوديين أيضاً في خارج البلاد بل يتألمون من الحملة الإعلامية التي توجه ضد المملكة و ما تسير عليه من طريق ينبغي أن نحرص نحن على بنائنا الداخلي و على تعاوننا لأنه كما هو واضح تعاون يرتبط بهذا الدين هذه الدولة منذ تأسيسها و إلى الآن و ستستمر بإذن الله نسأل الله لولاة أمرنا بالتوفيق و العون و النصر إنما قامت على هذا الدين أي دولة في الدنيا تطبق شريعة الله تحرص على الإسلام و المسلمين كما هو موجود في بلادنا طبعاً هناك تقصير و هناك نقص و نسأل الله العافية و نستغفر الله من أي تقصير و نحاول أن نصلح أخطاءنا لكن جمع الكلمة و الاعتصام بحبل الله و التعاون على الخير من أهم المسئوليات و هي تدخل ضمن مسئوليتنا تجاه ديننا العرب قبل رسالة الإسلام لا قيمة لهم و جعفر ابن أبي طالب حينما تحدث إلى النجاشي وصف العرب قال(2/33)
إننا أمة نرتكب كذا و نعمل كذا في الفواحش في الحروب في الفتن التفرق و جمع الكلمة و جاء هذا الدين لإصلاح وضعنا و نقلنا من حالة إلى حالة أخرى إذاً نحن لا نتعصب لأننا سعوديون أو أننا عرب أو لأننا من أبناء الجزيرة لا نتعصب أن الإسلام غير واقعنا و تحملنا المسئولية تجاه ديننا و ينبغي أن نحافظ على المكتسبات الموجودة بأيدينا و الحمد لله كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم فيهما العصمة و فيهما النجاة و من اعتصم بهما نجا لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله و سنته حينما نشد و نعتصم و نحرص كل الحرص على التمسك بهذا الدين مفهماً و عملاً و دعوةً نكون تحملنا مسئوليتنا تجاه ديننا و ستنفتح أمامنا أبواب الخير و هذا الاستقرار و الرفاه في الحياة و المعيشة في المملكة العربية السعودية نحن على يقين بأنه توفيق من الله سبحنه و تعالى بسبب تمسك أبناء هذه البلاد و هذه الدولة و قيامها تحت الرئيس رحمه الله و من خلفه من الحكام بتطبيق الشريعة و الحرص على الجانب الديني لا شك أن هذا يعني هو الذي جعل هذا المجتمع يتميز عن غيره من المجتمعات نسأل الله سبحانه و تعالى أن يوفقنا و أن يوفق ولاة أمورنا و أن يكفينا كل شر و كل فتنة و كل بلاء و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم
الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
ضيف الحلقة :
بعض الآثار السيئة لإتباع الشهوات
موضوع المحاضرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه على يوم الدين أما بعد،(2/34)
أما الحديث في هذه الليلة فبعد استخارة لله تعالى واستشارة واستبانه بل استبانات وأسئلة كثيرة جمعت أفكار البكائين والنادمين والراجعين أولائك الذين يتأملون على أيام سالفات ولحظات خاسرات مرت في حياتهم أحببت أن أضع عبرة وعظة زجراً وتنبيها إن الحديث عن مكامن النفوس حديث فيه أنس ويجلوا بالفكر إلى الأنس ولكن ثم جمر يتقد رماده ثاره لأن معه العار والشنار والبوار معه فوازع الإيمان فقل الخوف من الرحمن إذاً لماذا الحديث هذا قل لنا يا محدثنا حديثنا عن نيران الشهوات المحرقات المهلكات المدمرات لماذا سميتها بأنها نيران أبدأ مستعين بالله طالب منه التوفيق إنها أخي ويا أختاه قصص تحمل العار واتصالات تكشف الحال ورسائل توضح مكمن الخطر وعلامة الشرر يا الله يا الله كم أعراض انتهكت بسبب الشهوات بل كم من دين ضعف أو تلاشى وزال بسبب الشهوات كم من قضية كم من فضيلة حوربت وقبيحة أعلنت بسبب الشهوات بيوت ووظائف وأولاد وأموال كلها أصحبت ضحية الشهوات بل الموفق والمصان هو من ألهمه المولى سبحانه وتعالى حفظ شهوته
فعن سهل ابن سعد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة نعم من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ورواه البخاري واللفظ له والترمذي كذلك ولذلك إن الشهوات تغر وتعر فكم أهلك الزنة أقوام وكم أهلك اللواط أقوام وكم جرت رذائل الفواحش لأناس كما سوف تسمع بعد قليل أخبارهم وقصصهم قال الله تعالى / ولوط إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا إلا أن قالوا أتينا بعذاب الله إذا كنت من الصادقين / إنها دعوة للصيانة والكرامة والعفة والنزاهة يا لها من مفخرة ما أعظمها من مفخرة قال صلى الله عليه وسلم :(2/35)
من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة رواه الترمذي وقال حديث حسن إنه وسام دعوة لهذا الوسام اسمعه رعاك الله واسمعيه حفظك الله لنسمعه جميعاً لعلنا نفتخر بذلك الوسام عندما نقف جميعاً أمام الرحيم الرحمن فيقف الخلائق كلهم فيتميز أولائك أقوام بأنهم منِ من طبقوا هذا الوسام وحافظوا عليه في الليالي وبين الليالي والأيام قال الله / والحافظين فروجهم والحافظين فروجهم والحافظات / كم ذهب أقوام في تيار الشهوات بكوا الدموع بل الدماء إنهم تجرجروا في رذائلها وعاشوا في صحائف طياتها هذا مالك ابن دينار رحمه الله يقول من غلب شهوات الدنيا فذلك الذي يفرق الشيطان من ظله ويقول أبو سليمان الداراني عليه رحمة الله في قوله تعالى وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا قال إنهم صبروا عن الشهوات ويقول يحيى ابن معاذ رحمه الله من أرضى الجوارح في اللذات من أرضى الجوارح في اللذات فقد غرس لنفسه شجر الندامات ويقول بشر الحارث رحمه الله لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين عذاب الله وبينك وبين الشهوات حائط من حديد سأل رجل وهب ابن منبه عليه رحمة الله تعالى فقال يا وهب أويجد لذة العبادة رجل عصى الله قال لا بل حتى من فكر في معصية الله فإن الله تعالى ينزع منه لذة العبادة تلك اللذة التي فقدناها في صلواتنا وفقدناها في عباداتنا وقيامنا تلك العبادات قال أبو علي الدقاق رحمه الله تعالى من ملك شهوته في حال شبيبته سيره الله ملك في كهولته كيوسف عليه السلام إنه من يتقي ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين وصدق الذي قد قال:(2/36)
وعجيب الإغداق في السفرات المحرمة يا لها من مصيبة وكارثة طامة طلاب الكليات يقول لي جمع منهم يقولون ننتظر المكافئات قلت لماذا قالوا لكي نسافر نعم لكي نسافر وأثناء سفري لبعض الدول تفاجئت من رؤية شباب في أعمار الزهور لم يخط الشارب منهم بعد وإذا بهم يرتدون زي خليع بذيء ممتن جداً عندما رآني بعضهم استحى وانخنس وقلت ما الذي جاء بك إلى هذه الأرض قال هذا سيارة وقال ذاك أتمشى وقال ذاك وذاك وأما غيرهم فسكت وطأطأ رأسه تزايد قصص الاختطاف الفتيات وحتى الفتيان وأحب أن أشير لفائدة إنني لم أجمع هذا الموضوع على مثل هذه الأرض بل من خلال سفرات عديدة جمعت هذا الموضوع لكي يكون على منظار عام ومتسع في كل ميدان عندما سافرت لبعض البلاد التي تعيش فيها الإباحية سألت والتقيت ببعض الضباط وإذا بهم يقولون الغريب أن الزنة مفتوح على مصراعيه والفواحش كذلك ولكن نسب الاختطاف متزايدة بشكل غريب عياذاً بالله تعالى الافتخار بالخلان والخليلات فالفتى يفتخر بأن عنده خلاً أو ولدا والفتاة تعيب على الفتاة أنه ليس عندها صديقة أو ليس عندها صديق تقول إحدى الفتيات زميلاتي في المدرسة يلقون علي الأرقام ويقولون هل عندك صديق يخفف المعاناة ويسليك وإذا بي أتفاجئ أن قضية الخلان والخليلات تهجم على بعض من بهم دين إنما هو من باب الدعوة إلى الله تعالى ومن باب النصيحة وإذا وقعت الطوام المهلكات جئنا لكي نقيم الإسعاف ونقل جثث المعاصي منظر أرجوك أن تغض بصرك وتفهم مقصدي في ذلك إركاب صغار السن الفراغ في المراكب الأمامية وأما الكبار ففي المقاعد الخلفية أيها الفضلاء وأيها الكرماء إذاَ ما هي الأسباب المثيرة لهذه الشهوات وما الذي يجعل الإنسان منا يصبح إنساناً ضعيف أمام الشهوة يصبح ضعيفاً أمامها بكل ما تعنيه كلمة الضعف وكلمة الخوري وقلة الشجاعة أولاً ضعف الإيمان في القلب ضعف الإيمان في القلب وإطلاق البصر على عنانه دون أي محاسبة ودون أي ثقل كذلك(2/37)
الأغاني واستماعها ولهوها وحتى إن بعض الأناشيد التي تقوم على العواطف وتحريك المشاعر لتثير ذلك أيضا الأسواق ما تحمله فيها يقول جمع من الشبيبة إن الدمى التي يعلقها أصحاب المحلات في ظواهر محلاتهم تحرك عندي الشهوة لا أستطيع ويقول بعضهم لا أستطيع دخول السوق لأن الشهوة عندي تتحرك بسبب ما أراه من الملابس النسائية الخاصة التي تعلق يا لها من طامة يا لها من كارثة تلك الملابس الخاصة بالنساء أصحبت تباع في الأسواق الشعبية بل يبيعها رجال أيام كانت تباع عند خاصة النساء في منازلهن أصحبت الآن يبيعها رجل على نسائنا فأين الغيرة وأين التوجيه يا تجار المسلمين الحركات المثيرة في الأسواق عندما التقيت ببعض المعاكسين وجالستهم وإذا بهم يثبتون أن الحركات النسائية التي تفعلها الفتيات هي التي تحرك مكمن الخطر الاختلاط بجميع صوره في المستشفيات في المطارات في الطائرات في الأعمال في الفنادق قل أن يسلم من تحريش ومن نظر ومن كلام فمن الذي يضمن دينه ومن الذي يضمن كرامته المجلات الخليعة التي تعرض في كل بقاله فضلاً عن مكان كبير للتمويل فأين المجلات الإسلامية القنوات الفضائية قبل شهرين تقريباً عرضت قناة فضائية جديدة عرض مغري حتى لم يبقى فيها اشتراك واحد ويبقى الآن حرب ضد بعض الناس حرب ضد قناة المجد في اشتراكها وأمورها وما علم أولائك الناس الأيتام أن أيتام الطاعة يعيشون تيهاً فمن يوقظهم من ثباتهم إنها مهلكات القنوات الفضائية التي أهلكت كل شيء اتصل علي يعاتب ويقول أنت وغيرك تتحملون الإثم قلت أي إثم أو نحو كلام قال كتبت عندما زرت منطقتنا أرسلت لك بسؤالي لأنني إنسان بي من الصلاح والدين وضعت الدش في مجلس البيت لا تعلم زوجتي ولا أهلي بذلك بدأت هذا الطريق كتبت لك أن تنصحني فلم يقدم السؤال لك ولم تلقيه عليا ولم أسمعه أنا الآن قادم من دولة أعيش طريق الحرام طريق الحرام وبدأ يحكي المآسي والأحزان كذلك من الأسباب حب السفر إلى(2/38)
بلاد الرذيلة والعار يا لها من طوام من يسافرون بأهاليهم نساء تبكي وتقول أزواجنا يضعوننا في الفنادق ثم يخرجون ولا يأتون إلى بعد صلاة الفجر وتقول أخرى ما أفعل بزوجي السكران في كل حين هذا هو حاله الجوال برسائله وصوره كم جر من رذيلة وكم ورث من فضيحة وكم علم على شنار لقد سهل أمورا كنت أذكر أنني ذكرت بالحب الزائف أن الشباب كانوا يشترون الصور يشترونها اشترائا وأما الآن فأصبحوا يحصلون عليه برسائل سهلة ميسورة العشق وتوابعه جر إلى الشهوات وحرك مكامن الخطر تأخر الزواج مع القدرة يا لها من مصيبة عندما يهتم الشباب وغيرهم بزي سيارة ولباس وغير ذلك وإذا بالزواج ترصد أمامه الأبواب ويغلق أمامه الستار فيا لها من طامة ومن الأسباب المثيرة الألبسة الضيقة التي معها الحركات المثيرة عندما نلتقي بالشباب في السجون وغير ذلك يثبتون الذي أوقعهم في فاحشة اللواط ونحوها هم الشباب أنفسهم فيقولون لقد حركنا بلباس الجينز الضيق الذي يرتديه ذلك الإنسان الفاتن وفي إحدى المناطق وعند مرورنا بإحدى الإشارات يرتدي زياً جميلاً بجواره فتاة يستحي الرجل الفاضل أن تقف بجواره قلت لا أصدق أن تكون هذه أخته أو أمه أو قريبته فأخذنا الفة قليلاًً نريد نصيحة هذا الرجل وإذا به يركبها في سيارة الأجرة قلت الأمر قد صعب الآن وإذا به يريد أن يركب سيارته وكانت سيارته فارهة جداً قلت للأخوة قفوا بي عنده حولت وسلمت عليه فحول على خجل واستحياء قلت لقد رأيت المسلسل الذي وقع بأطرافه الأخيرة خرجت من هذا المطعم لا شك قال نعم قلت عندي جلسة أريد أن أجلسها معك قال وأنا كذلك وركبت معه السيارة وقلت تعرف الفندق الفلاني خذ بنا إليه وتبدأ أتحدث معهم وكيف تعرف عليها وكيف بدأ طريقه وكيف بدأ بابه وكيف بدأ أموره فقلت له كلمة لا تلف معي ولا تدور أن الآن قادم من محاضرة بعنوان نيران الشهوات وأرى المنظر أمامي عياناً والله لقد قالها صراحة كيف بدأ معها وبدأ الطريق(2/39)
وأنه لا يرضى لأخته ولا زوجته وأمه أن تكون كذلك إذاً كذلك من الأسباب الصحبة التي جرت إلى الرذائل عدم ستر العورات خصوصاً من الصغار والصغيرات ماذا أنت راعي لو حملت أولادك إلى مكان ألعاب أو مكان نزهة أو غير ذلك إنك ترى فتيات صغار ربما بعضهم خرجوا مع السائقين ومع الخدم لا يرتدون لباساً يسترهم عياذاً بالله تعالى برك السباحة غير المنضبطة باللباس الساتر أليس هذا مثير من المثيرات العظيمة ويا لها من طامة عندما يسبح أبناء الأسرة الواحدة الإخوان والأخوات وأبناء العم وأبناء الخال في بركة واحدة الفتيات مع الفتيان ماذا نحو جميعاً ننتظر من كل هذا ومن الأسباب فراغ القلب إن القلب إذا كان فارغا حل فيه كل شيء أرأيتم هذا الإناء لو كان فارغا إنه يمتلئ بالهواء كذلك القلب إذا كان فارغا إن أيضا كثرة الخواطر التي تجر وتعر بشبابنا ورجالنا والله إن بعضهم لمتزوج(2/40)
وتفاجئ أن الشهوة عنده تتفاقم وعقد ابن القيم رحمه الله تعالى فصلاً في كتابه القيم زاد المعاد بعنوان حراسة الخواطر كذلك عدم إشباع الحب في الأسرة وغيرها إن الأسرة والأطفال والأولاد عندما يتربون على إشباع الحب بجميع صفاته وصوره سوف نحبيهم من هذا التيار أن يتجه أولادنا إلى الزنة أو يتجهون إلى اللواط أو يتجهون إلى استمناع أو يتجهون إلى غيره كذلك التحدي بين الجنسين القيت محاضرة في إحدى الدول الخليجية وتفاجئ باتصال وإذا بها تقول لقد ذكرت في محاضرتك أن الله تعالى يغفر للعاصي ويغفر للمذنب كيف يغفر الله تعالى لمن ظلمني قلت يا أختاه إن الله يقول ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول أنتقول عليهم بثمل قولك قلت حدثيني بقصتك وإذا بالقصة تحكي لنا شعار التحدي قالت هذه المرأة زميلتي أغرتني وألهتني وقالت مشاكلك مع زوجي يخففها إنسان تتعلقين به بدأت المشوار ولكن لم استقبل هذا وإذا به يتصل علي ويناديني باسمي أغلقت الهاتف دعتني صديقتي إلى مطعم من المطاعم ذهبنا أنا أعترف لم أكن في ذلك الوقت متدينة ولا مستقيمة والحجاب في منطقتنا وبلدنا كذا وكذا وصفه جلست في المطعم مع صديقتي فجأة دخل علينا المطعم تفاجئت رجل يدخل علينا مباشرة حتى في بلادنا بلاد التفسخ لا يعرف هذا وإذا به يناديني باسمي يقول فلانة فلانة لا تستحين فلانة لا تخافين تفاجئت أنه يعرف اسمي أيضا جلس معنا بدأت العلاقة وبدأ التحدي الذي هو مكمن الخطر الذي لا أعرفه قال لي أطلبي الطلاق من هذا الإنسان الذي لا يعرف الحنان ولا العطف بدأت أخلق المشاكل بيني وبين زوجي حتى بعد مدة تم الطلاق فاتصلت عليه أخبره الخبر الذي يسر الشيطان ولا يسر الرحمن عندها بدأ الأمر الذي ما كنت أتصوره هو تمويج بالألفاظ وتمزيق للمواعيد والأخبار وإذا به يخبرني بكل صراحة أنه لا يريد الزواج ما أخفيك سراً تقول دعوت عليه في الأسحار ألهجت بالدعاء للرحمن أن الله تعالى يعاقب هذا الظالم الذي(2/41)
ظلمني وفعل بي ما فعل وإذا به يتصل علي بعد مدة أنه قد وقع له حادث وتكسرت جمع من أضلاعه وأموره فقلت سوف استمر بالدعاء عليك السؤال الذي يطرح نفسه قالت هذه المرأة قالت اكتشفت بعد مدة إلى أن هذا الرجل بينه وبين زوجي خلاف ووصل الأمر إلى تحدي عجيب أنه يفسد بيت زوجي ولقد تم له ما يريد عياذاً بالله تعالى ومن الأسباب أيضا التميع الزائد والتجمل المفرط إنما يعيشه بعض شبابنا ورجالنا وبعض المعلمات وبعض المعلمين من ارتداء زي مائع أما ندرك أن هذا مثير للشهوات ومحرك لكثير من الأمور قال الرافعي ومن أناقته وهو يتكلم عن الشاب المائع لم يبقى إلا أن تلحقه تاء التأنيث ويقول صاحب الإحياء في آداب العشرة ولا تتصنع تصنع المرأة في التزين إن الفحولة من علامة الرجال وإن من الأمور أتن ندرك أن الأمر العظيم وتأمل هذا الكلام الجميل عن عبداه ابن نسين قال رأى أبا موسى قوماً يقفون في الماء بغير أزر فقال لأن أموت ثم أنشر ثم أموت ثم أنشر ثم أموت ثم أنشر أحب إلي من أن أفعل مثل هذا(2/42)
أيها الكرماء أيها الفضلاء لو تساءلنا جميعاً عن هذه المثيرات التي قد ذكرتها لماذا لا نأخذ طرفاً منها لكي ندرك خطورتها بقمتها وأن لا نأمن على أنفسنا مهما كانت استقامتنا ومهما كان ديننا ومهما كان أمرنا النظر النظر مكمن الخطر في تحريك الشهوات قال سبحانه وتعالى / قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن /الله أكبر ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون قال صلى الله عليه وسلم العينان تزنيان وزناهما النظر أخرجه البخاري ومسلم وعن يحيى بن سعيد قال كان عيسى بن مريم يقول النظر يزرع في القلب الشهوة وكفا بها خطيئة وفي رواية عن سفيان قال إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب الشهوة وكفا بها لصاحبها فتنة ماذا فعل النظر بامرأة العزيز أذلها وقالت هيت لك وماذا فعل النظر بالنسوة قالوا فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشراً النظر صنارة الصياد صنارة الصيد للزناة واللوطية بل قال لي بعضهم ما نظرت ولا تأملت للذي أمامي إلا وكأنه عارٍ عياذاً بالله تعالى قال ذو النون اللحظات تولد الحسرات أولها أسف وآخرها تلف فمن طاوع طرفه تابع حتفه قال الإمام المبجل أحمد بن حنبل عليه رحمة الله تعالى كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلبل ماذا يقول من تابع العرايا والفاتنات في المسلسلات الهابطات والمواقع الإباحية وعبر صفحات المجلات في المحلات حتى علب المواد الصحية لن تسلم من تلك الصور هذا شاب يقول تأثرت دراستي وقلت معرفتي أصبحت أتيه وأنا لا أشعر أنا الآن في ثاني ثانوي أغيب عن المدرسة وأذهب إلى أحد المقاهي أقلب المواقع إلى الظهر بل لم أسلم من السيديات المليئة بالخليعة أنا الآن أكلمك بعد ما وجدت تأثيرها حتى على صلاتي فبدأت أتكاسل عنها أنا الآن لي شهرين لم أشهد صلاة الفجر مع الجماعة منذ بدأت هذا الطريق حتى أثارتني تلك الصور التي(2/43)
أحتفظ بها في قلبي قبل أي شيء نعم أثارت عندي الفاحشة ثم أنت أعلم بما سوف يقع وهذه أخرى أرسلت برسالتها تقول كثر نظري لابن عمتي أحببته غلب علي عقلي وتفكيري حتى في صلاتي وأما دروسي فلا أستطيع التركيز فيها وحتى كنت أتوهم أنها أيضاً تشاركني وكنت أتوهم أنه أيضاً يشاركني ذلك فجأةً جاءني الخبر أنه يريد أن يتزوج بأخرى أنا الآن أريد أن أتوب من تلك النظرات التي ورثت في حياتي الحسرات ليس الشجاع الذي يحمي مطيته يوم النزال ونار الحرب تشتعل لكن فتى غض طرفاً أو ثنى بصراً عن الحرام فذاك الفارس البطل أيها الفضلاء وإن من المثيرات الأغاني الماجنات مزمار الشيطان يقول ابن القيم عليه رحمة الله تعالى في إغاثة اللهفان عن الأغاني يقول فهو قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن هو رقية اللواط والزنا به ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى كاد به الشيطان النفوس المبطلة وحس منه مكراً وغروراً و يقول في موطن آخر فلعمر الله كم من حرة أصبحت بالغناء من البغايا وكمك من حر أصبح عبداً للصبيان الصبايا وكم من غيور تبدل به اسماً قبيحاً بين البغايا وكم من دين غنا وثروة أصبح به على الأرض بعد المطارف والحشايا كم من معافى أمسى وقد حلت به أنواع البلايا وكم جرع من غصة وأزال من نعمة وجلب من نقمة وذلك منه من إحدى العطايا كم خبأ لأهله من آلام منتظرة وعقوم متوقعة وهموم مستقبلة إنها الأغاني إنها الأغاني سألت جمعاً من الشباب الذين ابتلوا بالغناء والذين من الله تعالى على بعضهم بعودة وتوبة ورجوع لقد أجمعوا قاطبة أن الأغاني تقوم على وصف الحبيب مع حبيبه والصديق مع صديقه حتى قال لي بعضهم أنها تقوم على وصف النهاد والخدود ووصف الأمور والأمور حتى قال آخر بل إنها عياذاً بالله تعالى لتصف الفاحشة وصفاً قال الله ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ها هو ابن مسعود رضي الله عنه العالم بالقرآن يقسم فيقول والذي لا إله(2/44)
غيره هو الغناء هو الغناء هو الغناء يرددها ثلاث مرات وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال إنه الغناء فأسألك يا مسلم وأسألكِ بالله تعالى كيف طبع عندنا الأمر حتى أصبحت تدخل عندنا الموسيقى في جولاتنا بل أصبحت في مساجدنا ولقد أعلنا أحد الكفار قبل سنوات إذ قال سوف نعزوهم في المساجد سوف نغزوهم في المساجد فيا لله يا لها من مصيبة عظيمة
فعن أبي أمامه كما عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا القنات ولا تشتروهن ولا تُعلموهن ولا تَعلموهن فلا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام قال الألباني رحمه الله إسناده حسن وإن من المثيرات أيضاً لهذه الشهوات تلك الخلوات المحرمات سواء عبر الشات والإنترنت وعبر كل فاتن مفتون فخلوة الطالب مع زميله والفتاة مع زميلتها والصديق مع صديقه وخلوة الرجال وما مطاعم العائلات التي فتحت أبوابها في المحلات إلا مكمن خطر ينبغي لنا أن نحذره أشد الحذر ماذا ننتظر من أثر إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الحم الموت الحم الموت فماذا ندرك إذا كان هذا هو أخو الزوج يحذرنا منه صلى الله عليه وسلم فكيف بغيره فكيف بمن خلا مع الخادمات والسائقين وغيرهم كثير ماذا ينتظر يقول أحد مرشدي الطلاب غاب الطالب عن المدرسة ولما جاء في اليوم الآخر بدأت أتناقش معه لماذا سبب غيابك تفاجأت أنه تحول من الغياب إلى البكاء والتألم وقال أنا غبت لظرف كذا ولكن نزلت الساعة التاسعة والنصف أنا أعلم أنه لا يوجد في بيتنا أحد إلا الخادمة وهي تجلس في غرفتها تغلقها عليها يقول وإذا بي أسمع صوتاً وحسساً في إحدى الغرف دخلت فيها ويا لها من طامة يا ليتني ما رأيتها رأيت والدي مع الخادمة عياذاً بالله تعالى واتصل يقول خرجت بها من المنطقة الفلانية لأنهم لا يريدون أن يزوجوني إياها ذهبت بها أنا في المنطقة الأخرى بين هذه المناطق التي يحكيها لي ما يزيد على سبع مئة كيلو لا إله إلا الله أي مصيبة هذه والنبي صلى(2/45)
الله عليه وسلم يقول إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار أفرأيت الحمُ يا رسول الله أي أخو الزوج قال الحم الموت متفق عليه ويقول ابن عباس رضي الله تعال عنهما قال صلى الله عليه وسلم لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم متفق عليه كم يقع في الخلوات م نظرات ومصافحات وكلمات محرمات كم جرت إلى رذيلة وكم حركت من فاحشة شباب كثير أحدهم يقول هجمت علي الخادمة في غرفتي لولا أنني خرجت لكان ما كان عياذاً بالله تعالى تلك الخلوات التي جرت إلى الرذيلة والعار هذه أميمة بنت رفيقة قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه فقال إني لا أصافح النساء النبي صلى الله عليه وسلم بأبيه وأمه لا يصافح النساء فماذا جواب من يصافح النساء ما هو جوابك يا عبد الله وما جوابك أنت يا أمة الله لأن يضرب أحدكم بمخيط في رأسه خير له من أن تمس يده يد امرأة لا تحل عليه لا تحل له فالمرأة ذاتها مثير للشهوة فكيف إذا خضعت أيضاً بالقول وكشف الحجاب وبان المغطى وظهر المستور وصدق الذي قد قال وخلق الإنسان ضعيفا قال بعض المفسرين كما في المختصر لابن الجوزي إنه الرجل إذا نظر إلى النساء لم يستطع الصبر وهذا سعيد بن جبير يقول لأن أؤتمن على بيت من الدر أحب إلي من أن أؤتمن على امرأة حسناء فكيف بمن جلس مع المرأة الحسناء على طاولة واحدة في الطب وفي غيره هل هذا من المعصومين وهل هي من المعصومات ما هو جواب هؤلاء(2/46)
وكذلك الخلوات والملاعبات حتى في البرك مع الأولاد والصبيان وذوي الوسامة والجمال لماذا لماذا لأنها مثيرة اتصل يقول ويردد ويقول أنا الآن متوجه إلى الله من مدة وجيزة ولكن لا تزال حرارة العصيان في قلبي تؤرق ضميري وتشغل تفكيري قلت له عذراً أخي عذراً أخي أنت تتكلم عن خيال أم عن ماذا يا ترى ما الذي يؤرقك وما الذي تحكيه ردد علي قائلها أخشى أن تغلق السماعة ولا تتحمل ما أقول قلت تفضل فما رددت عليك إلا لكي أسمع حديثك ومقالك فردد في عبارته وارتبكت ألفاظه سالت منه العبرة قبل سيلان العبارة قلت له تفضل رد عليا قائلاً بعد إلحاح مستمر ونقاش مني عشت مع اللواط خمسة عشر عاماً قلت ماذا قال نعم خمسة عشر عاماً حتى صباح اليوم أتاني آت لفعل الفاحشة فقال عشت الذل عذاباً نفسياً سقط جاهي أريد حقيقة الهداية أنا الآن عرفت طريقها وشعرت بنورها أدركت أن الاستقامة هي التي بإذن الله سوف تحميني من ذلك قلت له إذاً لماذا لا تترك لماذا لا تترك ولماذا لا تصدق مع الله وتعود قال الصحبة يا شيخ الصحبة الصحبة لم تتركني تهددني قلت كم عمرك الآن قال خمسة وعشرين عاماً قلت له سريعاً من أين تحصل على المال قال من الفاحشة قال من الفاحشة بدأت أردد عليه قول الله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون وأما الذي آلمني أيضاً عندما ألقيت هذه المحاضرة في إحدى المناطق في الإجازة الماضية فجاءني شاب عليه سمت وصلاح قال أنا علمت منذ شهر بقدومك هذه المنطقة ولكني تفاجأت أنك حدثتنا بمحاضرة هي التي سوف أتلكم لك عنها قلت صلي معي في المسجد المجاور للسكن في المكان الفلاني صلى معي صلاة الفجر جلست معه بعد الصلاة قال إن ما ذكرته في محاضرة نيران الشهوات كل تلك الأمور فيني أنا وكأنك تتكلم عني قلت أخي أنا لا أعرفك ولأول مرة أراك ما حديثك قال ماذا أحدثك وأنا(2/47)
قد وجدت الآثار التي ذكرتها والله أنا الآن أتعالج عند طبيب نفسي طالب في الجامعة أسرتي وأهلي بل حتى الطبيب لم يكتشف السبب أنا أحكي لك السبب عشت مع الشهوات أيام الثانوية أغلقت في المحرم تعلقت بشاب ذهبت معه أصدقك القول لأنني أريد الخلاص أنا استقمت منذ ثلاث سنوات ولكن نيران المعصية لا تزال في قلبي أريد النهاية أريد استئصالها من جذورها قلت وما الأمر قال الأمر أننا بدأنا نتعاشر أعظم من معاشرة الرجل مع زوجته أعظم من ذلك كله بل إذا ذكر اسمه في مجلس أو رأيته في البلدة أصبت بحالة من الغثيان يظن الناس أن معي هبوط في السكر ويظنون أن معي المرض الفلاني والله ما معي ذلك كله إنما هي المعصية أيها الأحبة في الله ونأتي معكم إلى تلك الآثار لهذه النيران إن الله يغضب إذا انتهكت محارم الله وعصي في الأرض بل جاء في الصحيح أن الماء يغار ويريد أن يهجم على ابن آدم من جراء ما يفعلونه من معاصي فساد وإفساد في الأرض أيها فساد أعظم من أن تفسد الفتاة أو يفسد الشاب قلب للفطر(2/48)
نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم جناية على الأسر البريئة المسكينة عندما يخطف ولدها وتسبى بنتها أمراض وأوجاع كتب لي يقول في إحدى المحاضرات أتمنى أن تدعو الله لي أنت والحاضرين يؤمنون قلت على ماذا وإذا به قد كتب والله لأول مرة أسافر وأفعل الحرام أنا الآن مصاب بالإيدز أريد الخلاص والفكاك نشر للرذيلة في المجتمعات أما ما يخص الزاني أو الزانية أو اللوطي أو الملاط به فإنه تذكر دائك لما قام به من الفحش في حج العام الماضي بعد ما ألقيت إحدى المحاضرات في إحدى المخيمات مسك بيدي رجل وقال لي كلمات غريبة وعجيبة قال الناس في يوم عرفة كل توجه بعد صلاة العصر يدعو الله تعالى هذا يستغيث وهذا يتوسل توجهت إلى القبلة أدعو الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى وإذا بي أتفاجأ أن أمام عيني يظهر أمر ما كنت أتوقع أن يظهر في هذا المكان وبدا لهم سيئات ما عملوا قال كل ما كنت أشاهده أيام الغفلة واللهو من مجلات خليعة ومناظر ومفاتن كلها قد ظهرت أمام عيني في يوم عرفة يظن الناس أنني أبكي اسمع على ماذا يبكون يظن الناس من حولي أنني أبكي خوفاً من الرحمن وأنا أبكي من هذه الذنوب بل والله ثم والله ما يعيشه بعض الناس من أرق يحدثني بعضهم فيقول سواء من رجال أو نساء يظل بعضهم باليومين والثلاثة فلا ينام لماذا من جراء الفاحشة بل أرق يقد المضجع تفكير وإن ترك فلا يزال وابن القيم رحمه الله يشير في الجواب الكافي إلى أن من أعظم آثار المعصية أنها تبقى سوادها في القلب إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فمن صدق مع الله جل الله تعالى عنه تلك المناظر وتلك الفواحش وتلك المحرمات وتلك الأنتان أما من لا يزال الدخن في قلبه فلا تزال صور المعاصي كأنها مناظر تؤذه أزاً فإذا ذكر من فعل معه أو ذكر اسمه فقط بل لو ذكر الاسم الأول لتذكر الفاحشة كما حدثني جمع ممن وقعوا في ذلك إهدار الأموال والله قالها لي بكل صراحة عندما ألقيت محاضرة في كلية المعلمين(2/49)
بالمحافظة في رمضان وإذا به يتصل علي ويطلب المقابلة والقصة طويلة وإذا به يقول وهو ابن رفاهية وعلو فلما جلس معي في بيتي قال لي والله لقد أنفقت في هذه العلاقات ما يزيد على مائتين وخمسين ألف عياذاً بالله كل ذلك في الفواحش أنا الآن مصاب بمرض لا يوجد في أسرتي كلها هم يقولون الأطباء أنه وراثي والحقيقة أن أسرتي لا تعرف بحمد الله هذا المرض إنني أعلم يقيناً أن هذا عقوبة من الله تعالى إن من أعظم ما يبتلى به الزاني واللوطية عدم لذة الحياة الزوجية نعم عدم لذة الحياة الزوجية بل يفقدون جمالها ورونقها وأثرها بل من الآثار ودت الزانية أن النساء كلهم زنوا وود اللوطي كذلك لذلك يصاب من أصيب بهذا الشذوذ إلى أنه إن كان في ريعان شبابه في سن المراهقة الأولى أنه يصاب بحالة من الشذوذ إذا بلغ ثمانية عشر وعشرين سنة بل يصبح في حالة من الانتقام شديدة جداً روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال عشر خصال من أعمال قوم لوط تصفيف الشعر وحل الإزار ورمي البندق والخلف بالحصى والعي بالحمام الطيارة والصفير بالأصابع وفرقعة الأكعب وإسبال الإزار وحل أزر الأقبية وإدمان شرب الخمر وإتيان الذكور وستزيد عليها هذه الأمة مساحقة النساء في أدبارهن رواه أبو يعلا بإسناد جيد وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أخوف ما أخاف على أمتي من عمل قوم لوط رواه ابن ماجد والترمذي وقال حسن الغريب والحاكم وقال صحيح الإسناد إنها تلك المآسي التي يعيشها من جرتهم هذه الفواحش إن الزنا واللواط من أعظم الذنوب تغضب رب العباد إنها الفواحش يضيق بها الفضاء وتعج لها السماء ويحل بها البلاء فكشف حال وسوء مآل وداء عضال وقبح أفعال وعيب دونه سائر العيوب عيب تموت به الفضيلة وتحيى به الرذيلة وتتفتت على أهلها الأكباد وتذوب من أجلها حياة القلوب فعمل مسبوب ووضع مقلوب وفاعل ملعون ومفعول به عليه مغضوب خلق فاسد وشرف مسلوب وعرض ممزق وكرامة(2/50)
معدومة .
معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان.
ضيف الحلقة :
أسباب نجاة الأمة
موضوع المحاضرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد،
فإن الله سبحانه وتعالى حكمته أجرى الامتحان والابتلاء على بني آدم من أول الخلق إلى أخره أولهم أبوهم أدم عليه السلام وما جرى له من المحنة والابتلاء مع عدوه إبليس الذي حسده وتكبر عليه ماذا حصل لآدم عليه السلام وزوجه حواء عليها السلام ثم إن الله سبحانه وتعالى وفق الأبوين للتوبة والرجوع على الله عزّ وجل فال ربنا ظلمنا نفسنا وإن لم تغفر لنا فارحمنا لنكونن من الخاسرين تاب الله عليهما تلقى آدم من ربه كلمات وتاب عليه إنه هو التواب الرحيم لكن بعد الابتلاء والامتحان وكذلك توالت المحن على بني آدم عبر القرون بين الرسل وأتباعهم وبين أعدائهم من الكفار والمنافقين شياطين الإنس والجن وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفا بربك هادياً ونصيراً ولكن الرسل وأتباعهم من المؤمنين ثبتوا على الحق فأنجاهم الله سبحانه وتعالى ثم ننجي رسلنا والذين امنوا كذلك حق علينا ننجي المؤمنين ننجي رسلنا والذين امنوا غير الرسل لا ينجوا إلا بالإيمان ثم أكد ذلك بقوله تعالى وكذلك ننجي المؤمنين قال تعالى :(2/51)
وكان حقاً علينا نصر المؤمنين بهذا الوصف وصف الإيمان فإذا تمسك المؤمنون بإيمانهم وثبتوا على دينهم نجاهم الله سبحانه وتعالى من الفتن وجعل العاقبة لهم على مدار الأزمان إلى أن تقوم الساعة والدنيا دول والحق منصور وممتحن فلا تعجب فهذه سنة الرحمن وهذه حكمة الله جلّ وعلا من أجل أن يتميز أهل الإيمان من أهل النفاق وحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم وليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم يا أيها الذين امنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم فلا نعجب في هذه الأيام من تطاول الكفار والمنافقين على أهل الإيمان وعلى أهل الإسلام لا نعجب هذه سنة الله جلّ وعلا في خلقه ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون لا نعجب إذا حصل للمسلمين في هذا الزمان من أعداء الله من الكفار اختلال في توجهاتهم ومحنهم ومن المنافقين والذين في قلوبهم مرض من الذين يدعون الإسلام أن حصل على المسلمين ما ترونه وتسمعونه من الابتلاء والامتحان ولكن لابد من الصبر ولابد من الاحتساب والعاقبة للمتقين لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذاً كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور وفي آية أخرى وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيء إن الله بما يعملون محيط بهذا الشرط صبر والثبات وعدم التنازل عن شيء من الدين لأجل إرضاء الكفار والمنافقين مهما كلف الأمر ومهما بلغ الثمن لابد من الثبات ولابد من الصبر كما قال جلّ وعلا وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون.(2/52)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عند هذه الآية بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين بالصبر واليقين لما صبروا وكانوا بآياتنا يقيمون بالصبر واليقين تنال الإمامة والدين أما بدون صبر بدون يقين فإن الإمامة صعب منالها ونبينا صلى الله عليه وسلم في أخر حياته وعظ الناس كما في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وزرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإن من يعش منكم فسيرى اختلاف كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم بمحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الوصية أوصانا بتقوى الله وهي كلمة جامعة تجمع خصال الخير كلها والتقوى معناها أن تجعل بينك وبين من تخاف وقاية تقيك منه وقاية تقيك من المحذور فاجعلوا بينك وبين الرمضا وقاية تقي رجلك وبينها و بين الشوك وقاية تجعل بينك وبين السلاح وقاية تقيك منه تجعل بينك وبين الحر والبرد وقاية تقيك منه هذا في الأمور المحسوسة وكذلك تجعل بينك وبين غضب الله وعقابه وبين النار وقاية لتقوى الله جلّ وعلا بفعل أوامره وترك نواهيه لا يقيك من عذاب الله ومن غضب الله ومن النار لا تقيك الدروع والحصون والجنود والثياب وإنما يقيك تقوى الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره وترك نواهيه ثم قال و السمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد من أسباب النجاة أن الأمة تطيع وتسمع لولي أمرها حتى يكون لها جماعة يكون لها دولة يكون لها قوة يكون لها جنة تتقي بها الأعداء الجماعة والاجتماع بين المسلمين واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ولا تتم الجماعة إلا بقيادة إلا بإمامة ولا تتم الإمامة والقيادة إلا بسمع وطاعة لولي الأمر ما لم يأمر بمعصية الله وإن تأمر(2/53)
عليكم عبد مهما كان هذا الأمير حتى ولو كان ليس له نسب عربي ونسب قبلي ولو كان عبداً مملوكاً أو معتقاً أو ليس له نسب عربي العبرة ليست هي بالنسب العبرة بالمنصب فولي الأمر يطاع ولي أمر المسلمين يطاع مهما كان لأن هذا من مصلحة المسلمين من جمع الكلمة السمع والطاعة السمع لولي الأمر والطاعة لولي الأمر إلا ما استثناه الرسول صلى الله عليه وسلم من قوله صلى الله عليه وسلم :
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فهو لا يطاع في المعصية وإنما يطاع في ما عدى المعصية ليس معنى أنه إذا أمر بمعصية إننا نخرج عليه ونشق العصا لا لا نطيعه في تلك المعصية ولكن نطيعه في الأمور الأخرى التي ليس فيها معصية ثم بينت صلى الله عليه وسلم بين صلى الله عليه وسلم ما يكون في المستقبل وأن الأمة بحاجة إلى هذه الوصية وهي السمع والطاعة لولي الأمر فقال فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين هذا سبب أخر من أسباب النجاة السبب الأول السمع والطاعة لولي الأمر ولأمر المسلمين السبب الثاني التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم تمسك في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وقال اختلافاً كثيراً وليس اختلافاً يسيراً وإنما كثير وكثير ولا ينجي الأمة من هذا الخلاف إلا التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه خلفائه الراشدون بل وما كان عليه المهاجرون والأنصار والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار هذا هو السبب الثاني التمسك لما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولما أخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيحصل اختلاف وافتراق قال افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة افترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستختلف هذه الأمة على ثلاثاً وسبعين(2/54)
فرقة أكثر من الأمم السابقة ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قلنا من هي يا رسول الله قال:
من كان على ما أنا عليه وأصحابي ما أنا عليه وأصحابي فلا ينجي من فتنة الاختلاف في كل وقت ولا سيما في أخر الزمان لا ينجي إلا التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وما كان عليه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه هذا هو الذي ينجي من النار ولذلك سمت فرقة أهل السنة والجماعة سميت الفرقة الناجية من أي شيء من الفتن والناجية من النار يوم القيامة هي الناجية وما عداها فإنه لا ينجوا كلها في النار إلا واحدة كلها في النار لمخالفتها وافتراقها إلا من ثبت إلا من ثبت على الحق ولا يحصل الثبات على الحق وعلى سنة الرسول الصحابة إلا بالعلم النافع كيف تثبت على شيء وأنت تجهله لا بد نتعلم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه هو وأصحابه حتى نثبت عليه ونتمسك به وقال حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني شوف كنت أسأله عن الشر مخالفة أن يدركني يطلب من الرسول أن يبين له ما يحصل من الشر في المستقبل حتى يكون على علم منه وحتى يسلم منه وهذا لا يحصل عفواً يحصل إلا بالعلم أسأله تعلم هذا أسأله عن الشر مخالفة أن يدركني فلما بين له صلى الله عليه وسلم ما يحصل بعده من الاختلافات المتكررة قال له حذيفة ما تأمرني يا رسول الله إن أدركني ذلك قال أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ولا تذهب مع الفرق تطير مع الفرق الطائشة بل عليك بالثبات عليك بالتأني عليك بالفقه في دين الله عليك بالنظر إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فتأخذ به عليك بالسمع والطاعة لولي أمر المسلمين وتكون مع جماعة المسلمين قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت يا رسول(2/55)
الله فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها اعتزل كل الفرق كلها ما دام ليس لهم جماعة ولا إمام ثابتون على كتاب الله وسنة رسوله فاعتزلها كلها لأن كلها على ضلال ولا تكن معها ولو أن تغض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت حتى يأتيك الموت أما ما دام يوجد للمسلمين جماعة وإمام فلا تنفرد كن مع المسلمين مع جماعة المسلمين حتى تنجوا وتسلم كذلك من أسباب النجاة التمسك بعقيدة التوحيد وإفراد الله جل وعلا بالعبادة وتجنب الشرك تجنب الشرك الأكبر والأصغر هذا هو أصل العقيدة وهذا هو أصل النجاة من النار لن تمسك به قال تعالى :(2/56)
الذين أمنوا ولم يلمسوا إيمانهم بظلم أولائك لهم الأمن وهم مهتدون أمنوا الإيمان هو التوحيد لعبادة الله وترك عبادة ما سواه ولم يلبسوا إيمانهم أي توحيدهم بظلم أي بشرك لأن الشرك إذا خالط التوحيد أفسده لا يستقيم التوحيد مع وجود الشرك أبداً ضدان لا يجتمعان لا يجتمع توحيد وشرك أكبر أما شرك أصغر يمكن لكن توحيد وشرك أكبر لا يمكن أن يجتمع أبداً ولم يخلطوا إيمانهم توحيدهم بشيء بظلم بشرك كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم لما أشكلت هذه الآية على الصحابة وقالوا يا رسول الله أينا لم يظلم نفسه قال إنه ليس بالذي تعنون إنه الشرك أما سمعتم قول العبد الصالح إن الشرك لظلم عظيم يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم فالمراد في الظلم في هذه الآية الشرك فمن سلم من الشرك حصل له الأمان في الآخرة والدينا وحصلت له الهدايا بأن يكون على الحق قال سبحانه وتعالى وعد الله الذين أمنوا منكم وعلموا الصالحات أمنوا شوف أمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ولا يمكن لهم يدنهم الذي أرتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا بهذا الشرط لا تحصل هذه المطالب العظيمة إلا بهذا الشرط يعبدونني ولا يشركون بي شيئا فإذا حصل هذا الشرط وهو عبادة الله وترك عبادة ما سواه حصلوا على هذه الوعود الكريمة من الله سبحانه وتعالى يستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم يبدلنهم من بعد خوفهم أمنا مقاصد عظيمة التحصل إلا بالتوحيد وهو عبادة الله جل وعلا وترك عبادة ما سوا هذا هو التوحيد إفراد الله جل وعلا بالعبادة وكذلك تجنب البدع لأن البدع بريد التوحيد بريد الشرك البدع بريد الشرك توصي إلى الشرك ولهذا قال صلى الله عليه وسلم وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وفي رواية وكل بدعة وكل ضلالة في النار فكما نتجنب الشرك نتجنب البدع وتجنب الشرك(2/57)
هو معنى لا آله إلا الله لا آله إلا الله معناها إفراد الله جل وعلا بالعبادة وترك عبادة ما سوا هذا هو معنى لا آله إلا الله ومعنى محمد رسول الله ترك البدع لأن الرسول هو الذي جاءنا ببيان الحق والدين فنحن نعبد الله على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ما ترك لنا شيء فيه خير إلا بينه لنا ما ترك شيئاً فيه شر إلا بينه لنا عليه الصلاة والسلام .
فهذا من أعظم أسباب نجاة الأمة تمسكها بالعقيدة تمسكها بالتوحيد تجنبها للشرك تجنبها للبدع والمحدثات هذه أسباب بل هو الأصل أصل الأسباب هو التوحيد وتجنب الشرك وتجنب البدع والمحدثات في الدين وكذلك من أسباب النجاة نجاة الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأمر المعروف والنهي عن المنكر هو أعظم أسباب نجاة الأمة فمادام الأمر بالمعروف لا يعني المنكر موجودين فإن الأمة تنجوا وإذا تركت الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هلكت كما ذكر الله لنا في قصة بني إسرائيل لما اعتدوا في السبت لما اعتدوا في السبت ونهاهم الصلحاء عن عدوانهم فلم يمتثلوا وسكت من جماعة من الصلحاء لم ينهوهم بل قالوا لما تعظون قوم الله مهلكهم أو معذبهم عذاباًَ شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون قال الله جل وعلا قال الله سبحانه وتعالى فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين قال سبحانه وتعالى وأسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذا يعدون في السبت اعتدوا في أي شيء في السبت يوم السبت على صيد الحيتان فقد نهاهم الله تعالى عنه لكن احتالوا عليه بوضع الشباك التي تمسكه لهم إلى يوم الأحد ثم يأخذونه يوم الأحد ويظنون أنهم ما اعتدوا عملوا حيلة على حرمات الله فقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين وأسألهم عن القرية التي كانت حاصرة في البحر إذا يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرع هذا من الابتلاء يوم السبت تكثر الحيتان يشوفنه فتغريهم في الصيد إبلاء(2/58)
وامتحان ويوم لا يثبتون لا تأتيهم إبلاء وامتحان كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون وإذ قالت أمة منهم لما تعظون قوماًُ الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون فلما نسوا ما ذكروا به ما قبلوا النصيحة نسوا ما ذكروا به لما يقبلوا النصيحة فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون فلم ينج إلا الذين أنكروا المنكر فلا نجاة لهذه الأمة إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكما مثل النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر والذين لا يأمرون ولا ينهون شبههم صلى الله عليه وسلم بقوم استهموا على سفينة استهموا يعني اقترعوا عملوا القرعة أيهم يكون في أعلى السفينة وأيهم يكون في أسفلها استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها فقال الذين في أسفل السفينة لو خرقنا في نصيبنا خرقاً نأخذ منه الماء ولا نؤذي من فوقنا سفاها يعني يخرقون السفينة وهي في عباب البحر لو خرقنا في جانبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا ما هم راجعين لأهل العلم وأهل الفضل وأهل التقى بل يبون يمسون على رأيهم وهذا مثل من وقع في المنكر قال صلى الله عليه وسلم مثل القائم على حدود الله وهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر مثل القائم على حدود الله والواقع فيها وهم الذين يعملون المنكرات كمثل قوم استهموا أي اقترعوا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها هذا هو الطيب هو الزين وأصاب بعضهم أسفلها وكان الذين في الأسفل إذا أرادوا الماء يصعدون ويأخذون الماء من فوق فقالوا ما هو لازم نرجع ونؤذي من فوقنا نخرق في نصيبنا حرقاً ونأخذ الماء من عندهم فلما خرقوه يعني لو خرقوه لخرقت السفينة بالجميع فإذا أخذ الذين في أعلى السفينة على يد الذين في أسفلها ومنعوهم من الخرق نجوا جميعاً ولو تركوهم يخرقون لهلكوا جميعاً كذلك هذا مثال(2/59)
واضح أن أهل المعاصي وأهل الفجور وأهل الشهوات لو تركوا لأهلكوا الأمة فلا بد أن أهل الحلم وأهل الرأي وأهل الدين لا بد أن يأخذوا على أيديهم حتى ينجوا المجتمع كله من عذاب الله فإن تركوهم في المعاصي والمخالفات والشهوات هلك الجميع الصالح والطالح واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وأعلموا أن الله شديد العقاب العقوبة إذا نزلت على العصاة فإنها تأخذ الصالح والطالح إلا من أنكر فإنه ينجوا وأما لم ينكر فإنه يهلك ولو كان صالحاً يهلك مع الهالكين كما سمعتم في قصة أصحاب السبت الذين سكتوا ما ذكر الله عنهم شيء إنما ذكر الذين ينهون عن السوء أنجينا الذين ينهون عن السوء أما الفريق الثاني الذي قالوا لماذا تنصحون أتركوهم الله جل وعلا سكت عنهم فلا يدرى هل هم من الناجين ولى مع الهالكين والظاهر أنهم مع الهالكين ولما قرأ رسول الله صلى الله علبيه وسلم قوله تعالى :(2/60)
لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون سبب اللعنة أنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه فلعنهم الله جميعاً قال صلى الله عليه وسلم كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنهم كثير من الناس يلقون بالمسؤولية على غيرهم الأمر بالمعروف يقولون الشرع على فلان فلان هو اللي الهيئة فلان نعم الهيئة عليها هيئة الأمر بالمعروف والنهي على المنكر عليها واجب عظيم وهذا عملها لكن أيضاً أنت عليك مسؤولية كل مسلم عليه مسؤولية من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقله وذلك أضعف الإيمان أما أن تقول أن هذا ما هو بعلي هذا على الهيئة فقط وتدلس تكون مع الناس ولا تنكر ولا تنهى ولا تنصح ولا تدعو إلى الله ولا تعظ ولا تذكر هذا هلاك من لم يستطع فبلسانه من لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ثم أنت عليك واجب أيضاً عليك أهل بيتك يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة الهيئة ما تدري عن الذي في بيتك ولي الأمر ما يدري عن الذي في بيتك أنت المسؤول عن الذين في بيتك من النساء والضيوف أنت المسؤول لأن الناس ما يدرون عن الذين في بيتك فأنت المسؤول قد قال صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الأمير راع ومسؤول عن رعيته وصاحب البيت راع ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشترك لا يعفى عنه مسلم لكنه بحسب الاستطاعة من رأى منكم منكراً فليغيره بيده صاحب البيت يغير باليد له اليد على أهل بيته له اليد على أهل بيته الله(2/61)
أعطاك اليد على أهل بيتك تغير بيدك تخرج المنكر من بيتك تضرب تؤدب في بيتك ولا أحد يعترض عليك لأنك راع على أهل بيتك تقول لا هذا على الهيئات تخلي بيتك يخرب وتقول هذا على الهيئات هذا غلط عظيم فعلى المسلمين أن يقوم كل منهم بما ولاه الله فراعي البيت مسؤول عن أهل بيته مدير المدرسة مسؤول عن مدرسته وما فيها من أسرة التدريس والطلاب مسؤول عنهم مدير الإدارة مسؤول عن الموظفين الذين يتبعون كل واحد عليه مسؤولية يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة أما أنه كل يسكت ويدلس ويقول الشرع على فلان لا يا أخي فلان نعم عليه مسؤولية لكن أنت عليك مسؤولية فلا بد من هذا الأمر هذا هو سبيل النجاة للأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يقوم كل واحد من المسلمين بما يستطيع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتركه وهو يستطيع أبداً حتى ولو في قلبه ما أحد يعجز أن ينكر المنكر بقلبه أبداً يعني يكره المنكر ويبتعد عنه ويبتعد عن أهله ما أحد يعجز هذا نعم يعجز عن اليد يعجز عن اللسان لكن القلب ما أحد يعجز عن إنكار المنكر بقلبه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل فالذي لا ينكر المنكر بقلبه ليس بمؤمن ليس في قلبه ولا حبة خردل من الإيمان إذا رضي بالمنكر ولم ينه عنه ولكم يكرهه في قلبه فليس فيه إيمان ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل فهذه أسباب مجملة أسباب النجاة نجاة الأمة أولاً السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف ثانياً التمسك بالكتاب والسنة واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتغرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ثالثاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل بحسب استطاعته ومقدرته وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان كذلك من أسباب نجاة الأمة أيضاً التآخي والمحبة بين المسلمين المسلم للمسلم(2/62)
كالجسد الواحد المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى تناصح بين المسلمين الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال :
لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم المحبة بين المسلمين قال صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم الإصلاح بين المسلمين لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون وكذلك من أسباب نجاة الأمة زوال البغضاء بينها وزوال السخرية بعضهم من بعض يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم هذه أسباب النجاة أن يكون المجتمع نزيهاً متحاباً في ما بينه لا يغش المسلم لا يغش أخاه في المعاملة ولا يخدعه في البيع ولا يخطب على خطبته ولا يبع على بيعه ولا يشتري على شرائه يحترم أخاه المسلم أخو المسلم لا يحقره ولا يخذله بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه هكذا هذه أسباب النجاة .(2/63)
معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد
ضيف الحلقة :
من وسائل بناء الأجيال
موضوع المحاضرة :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد،
فلاشك أن البناء الفكري هو من أولى وأول ما يتوجه إليه سواء في البناء العقدي والبناء السلوكي والدورات العلمية وما شابه ذلك لكن أيضاً التنويع وخاصة فيما يتعلق وخاصة البناء المهني مهم جداً أن تتوجه المراكز أيضاً لاستقطاب الشباب والجيل الصاعد لتغرس فيهم روح العمل ولا شك أننا نعاني ويجب أن نعلن مشاكلنا ونصلح بها نعاني لا نقول بطالة بقدر ما هو نوع ولا أقول أحجام عن العمل بقدر ما هو قلة أدراك لأهمه العمل من الصغار والشباب نعم هم إذا تقدموا في السن وكبروا قد يكونا تجاوزوا إلى مرحلة يعني يفيد فهم شيء من التوجيه لكن في هذه الحالة الآن نعم نحن نعيش سلبيات الطفرة ويجب أن نكون صريحين مع أنفسنا نعيش سلبية الطفرة واسمحوا لي أطلت في هذه المقدمة ولكن هناك شيء كنت أود أن أقوله لكن لا مناع أن هذا مفيد وأمامي شباب ورواد للشباب نعاني من سلبية الطفرة أباء وأمهات نعم يتحرقون على مستقبل أولادهم لكنهم ليسوا متفهمين للمتغيرات مع الأسف أن توجهنا كآباء وأمهات وأولياء أمور لهؤلاء الناشئة توجهنا كله للتعليم إن صح التعبير الأكاديمي البحت ،(2/64)
بمعنى ليس عندنا مقياس لنجاح ابننا ولذكائه ولبنتنا كذلك إلا أن يكون متفوق علمياً ودراسياً فحسب ولابد أن نضغط ضغطاً حتى يتجاوزوا المرحلة المتوسطة ثم الثانوية ثم الجامعة إن لم يفعل ذلك فهو فاشل غير صحيح بل لا يجوز أن يكون هذا السائد فينا أبداً كما أنه ليس من مصلحة المجتمع أن يكونوا كلهم جامعيين هذا غير صحيح كمان لا يمكن أن يكون العسكر كلهم ضباط ما يمكن فنحتاج إلى المجتمع يجب أن يتقسم إلى حاجة المجتمع والتقسيم بطريقة صحيحة النية تربوية التعرف علة مواهب الشباب وملكاتهم فلا يجوز أبداً ويجب أن نمحو قضية أن الفاشل دراسياً فاشل اجتماعياً هذا غير صحيح البتة لأن الله عز وجل وزعنا ووزع مواهبنا وأنتم تعرفون ونحن الآن في الصفوف الأولى الأغلب أنهم تجاوزوا المرحلة الجامعية كل من تخرج من الجامعة هذا تخصصه مثلاً دراسات نظرية وهذا علمية وهذا قد تكون عربية وهذا تاريخ وهذا يكون كيمياء بعد ما تخرجوا القليل منهم الذي يذهب للتخصصية كم نسبة الذي يذهب للتخصصية ما عدى الذي يذهب للتدريس الذي يذهب إلى التدريس إلى حد ما هو الذي يتخصص كيمياء ويدرس كيمياء وأيضاً علوم ويدرس فيزياء ويدرس رياضيات ويدرس بعض العلوم المقاربة لتخصصه واللغة العربية .(2/65)
إذا ما صار له يدرس عربية وين يروح يفتح عقار انتهينا فالقضية فعلاً ترى غير صحيح أننا كلنا نحتاج أن نكون بكالوريوس لغة عربية وتاريخ وكيمياء وأحياء ومدري أيش هذا غير صحيح يجب أن نمسح مسح هذا التصور ولا يجوز أبداً أن يكون مقياس هذا الفشل الدراسي غير صحيح بل أنتم تعرفون ونتحدث عن الجيل الذي تجاوز الجامعة نحن زملائنا وزملائكم كلنا كنا في صف واحد عن كان المرحلة المتوسطة أو الثانوية او الجامعية بعد الحياة والعملية تغيرنا كثيراً زميل تقديره مقبول أو جيد في الدراسة بينما في الحياة العملية درجة ممتاز حقيقة لا في الكسب المالي ولا في حسن الإدارة وهذا لا يكاد يختلف عليه اثنين هو علمياً جيد ولا مقبول وجيد جداً عملياً فاق الممتاز جاسم جزاه الله خير في علمه جيد لكن من حيث العملية يمكن ما يقدر له اثنين لا يستطيع حتى في الأعمال التجارية أبداً فارجوا يا إخواني المراكز الصيفية أن تركزوا بخاصة على أولياء الأمور أن يمحوا فكرة أن الفشل الدراسي يعني فشل الحياة مع الأسف أننا فعلاً هذا الذي يعني نعيشه وهذا غير صحيح البتا المراكز الصيفية يجب أن تتوجه بلا شك إلى إضافة التربية الفكرية إن صح التعبير أيضاً إلى التربية العملية تربية النظر في السوق وفي متطلبات السوق إن صح التعبير وكثير المناشط وكثير لن ندخل في الموضوع لكن كل ذلك إعجاب مني بما عنون بهذا المركز وهو بناء الأجيال فعلاً ينبغي أن نركز على ياريت مثلاً مستوى وزارة التربية والتعليم أو وزارة الأعلام أو وزارة العمل أو أحد وزارة الشؤون الإسلامية .(2/66)
أن نقل ماذا نريد بعد عشر سنوات فماذا نريد لا يكاد عندنا صورة واضحة بأن المراكز الصيفية ماذا نريد لهؤلاء ياليت يكون فعلاً في خطط لكي نعرف نريد أن نبني لتوجه معين أو تخصص مهني معين أو على الأقل نركز أن نمسح فكرة الاعتماد العمل الحكومي أو الاعتماد على الشهادات أو الاعتماد على أن الفصل الدراسي هو يعني فشل في الحياة لو ركزنا على هذا واستطعنا أن نغير هذا خاصة من رؤوس الآباء والأمهات لتغير الحال تماماً والمشكلة مقاييس عندك المجتمع أنه إذا لم يلتحق الطالب بالجامعة معناه أنه فاشل يعتبر معقد وأمه وأبوه يرون أنه إنسان فاشل وأيضاً أمام المجتمع يرونه فاشل هذا غير صحيح ولا يجوز أبداً لأن معقول بأربعة ملايين في الطلاب كلهم يروحون جامعيين لا يمكن سنة الله تأبى هذا عن الله جعل لنا مواهب وملكات وجعلنا بعضنا لبعض سخرية فيا ليت يكون عندنا تركيز على هذه الأمور أما من حيث الحمد لله مراكزنا مأمونة أؤكد أنها كلها أمان وكلها خير والقائمون عليها مؤتمنون والقائمون عليها صلحاء نحسبهم كذلك قدوات وأكرم بهم من قدوات ويعملون بالأجواء المفتوحة واس إنسان عنده تشكيك ليحضر وليسأل ومن حقه أن يعمل حتى إحصائيات وأتحدى اعملوا إحصائيات لا في الطلاب ولا في القائمين عليها نعم الشذوذ موجود في كل مرفق كمرفق حكومي كمرفق قطاع خاص مركز صيفي مدرسة جامعة مصنع الشذوذ موجود ولا يجود أبداً أن يكون الشذوذ هو قاعدة مستحيل موجود الخطأ موجود النقص موجود ولكن لا يمكن أن يعمم ولا يمكن أن يجعل هو القاعدة أو أن يؤخذ العموم بجديرة أفراد أو شاذين فحاول أن نشير إلى بعض وسائل البناء الحقيقة في طبعاً البناء العقدي وهذا قد نقف عنده طويلاً سواءً قوة الإيمان بالله هزّ وجل أو القراءة لكتاب الله عز وجل وتدبره لكن أشير فقط لقضية الإيمان لقضيتين طبعاً الإيمان لا شك أنه رسوخ العقيدة وسبات اليقين سواءً أحد أركان الإيمان بكمالها الإيمان بالله(2/67)
ورسله واليوم الأخر وقضاء خيره وشره وملائكته والكتاب إلى أخره والكتب لكن أركز على قضيتين في الإيمان وهي تتعلق بالبناء أكثر خاصة البناء في الحياة القضية الأولى قضية توكل لا شك أن كل المسلمين يعرفون التوكل وكلهم يعني يؤمنون به ويتوكلون على الله عزّ وجل لكن نحن جديرون بأن نستصحب هذا الإيمان ونستشعر يعني ماذا يعني التوكل عندنا قضيتان:
قضية التوكل وقضية الأسباب هاتان القضيتان يعني أساسي جداً أن يستصحبهما المسلم بعامة والشاب بخاصة لأن الشباب ولابد أنكم سمعتم كثيراً أن الشباب طموح وشباب قوة وشباب ثورة يعني فعلاً متطلب بشكل عنده اندفاع وهذه يعني وضعها الله عز وجل في كل شاب فيحتاج إلى قضيتين قضية التوكل أن يستصحبها في كل حركة وسكون أن يتوكل على الله عزّ وجل ومعنى التوكل بمعنى أن تعمل وتترك النتيجة لله عز وجل هذا هو التوكل وهذا لا يوجد إلا للمؤمن لا يكون إلا لمن حقق الإيمان ونقول هذا لماذا لأننا كما قلت شبابنا خاصة في السعودية يعيشون شوي من الاضطراب بما يتعلق إما عدم رفض عمل أو عدم فرص دراسة هذا موجود وغن كان الحق لا شك على المسؤولين وأصحاب القرار أن يسعوا في حل هذه المشكلات ما في شك أن هذه مسؤوليتهم إيجاد فرص عمل وإيجاد أيضاً فرص تعليم على قدر لا شك بما يتمشى مع المواهب والملكات والقدرات لكن أيضاً الشاب عليه كذلك مسؤولية وهي مسؤولية حسن التوكل على الله عزّ وجل فالشاب أحق الناس أن يخاطب بهذا لماذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب هذا ابن عمه عبد الله بن عباس وكان غلاماً لماذا خصه بهذا الخطاب لأنها قضية مهمة أن يكون السلاح عنده إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجد جاهك إذا سألت فاسأل الله هذه كلها تجدها منصبة على الاعتماد على الله وحتى التي بعدها واعلم أن الأمة لو اجتمعوا لن ينفعوك بشيء كل العناصر الأربعة معتمدة على توفيق الله عز وجل والإيمان به والركون إليه أن تحفظه يحفظك(2/68)
وإذا سألت وتطلعت فلا تتطلع إلا إلى الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم إن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لينفعوك بشيء قد كتبه الله لك هذه الأمور الأربعة تعني تحقيق التوكل لكنها لا تعني إلغاء الأسباب فحينما قال إذا استعنت فاستعن بالله لا يعني أن لا تستعن بالمخلوق ولا يعني أيضاً أن لا تسأل المخلوق ؟
فسؤال المخلوق فيما يقدر عليه بل في ما تحتاج إليه لماذا لأن الله جعل بعضنا لبعض سخرية لا يمكن أن أستغني بنفسي عنك ولا تستغني عني فإذاً عندنا قضيتين قضية التوكل والاعتماد على الله صح وعندي قضية أني فعلاً احتاج إلى أخي وهي في الأسباب ولله عزّ وجل مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لم يدخل أحد الجنة بعمله قال الله عزّ وجل ادخل الجنة بما كنتم تعملون هنا تعارض ما تعارض بأن لا ندخل بعملنا وبين ندخل بعملنا لماذا لأن في جانب لله عزّ وجل غائب غائب عنا وجانب ظاهر وهو الأسباب أيضاً نعمل بها ولهذا قال عليه الصلاة والسلام اعملوا فكل ميسر لما خلق له هذا الذي ألمسه لأن الكلام طويل الحقيقة في جانب الإيمان ونحن نتكلم عن بناء الأجيال يجب أن يكون عندنا توازن بين التوكل وبين فعل الأسباب ولا تعارضوا بينها فأنا أتوكل على الله عز وجل بمعنى :(2/69)
أنني أفعل السبب فحينما أفعل السبب ليس أمامي إلا أن أفعل السبب أما النتيجة فإلى الله وهذا هو حق التوكل ولهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول عجباً لأمر مؤمن وعمله كله خير إن أصابته سر شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ولا يكون ذلك إلا لمؤمن إذاً هذه قضية يجب أن تترسخ وأن يكثر من تردادها نأتي إلى قضية في البناء وهي كما قلت يعني قضايا أحب أن أشير إليها وهي رعاية الشباب وحين نقول رعاية الشباب يعني لا شك طبعاً عندنا رئاسة خاصة بشباب هذا الجيل له اهتماماته على كل حال لكن أنا أخاطب كل إنسان بأن يرعى الشباب ترعاه يرعاه أهله وترعاه الدولة وترعاه وزارة التربية والتعليم وترعاه الشؤون الاجتماعية ويرعاه وزارة العمل ويرعاه الكل فيجب فعلاً أن يكن لنا تخطيط لرعاية الشباب فحينما نقول رعاية بمعنى أن نقدرهم وأن يحظى بكل تقدير من كل قطاعات المجتمع الرسمية والخاصة العسكر المدنيون فيجب بمهنة أن نبث الوعي نبث وعي حقيقي في راعية ناشئة يحظوا منا بكل تقدير يحظوا منا بكل عناية و اهتمام كل على حسب موقعه نعم هناك قلنا إدارات خاصة للشباب وأيضاً وزارة التربية والتعليم لها يعني نشاطها ودورها لكن أيضاً يجب أن نضع خطط خاصة لرعاية الشباب ناهيك طبعاً أن نرعى المواهب وهذه خاصة وحين نقول نرعى المواهب يا إخواننا لا تظنوا المواهب بمعنى النوابغ فقط هو أحيان يظن الناس رعاية النوابغ النوابغ طيب لكن يجب أن نرعى المواهب ما هي المواهب المواهب لا تعني فقط هي المواهب الخاصة كل موهبة عندنا في هذا قصور كبير جداً أي موهبة وكل شاب وكل أدمي له موهبة حين نقول مواهب يعني نرعى الجميع أنت ما هي موهبتك فننظر فيها فيجب أن تراعى وهذا لو عندنا يعني فعلاً وعي كبير سواء في المدرسة إدارة المدرسة أستاذ المدرسة الأب الأم حتى إمام المسجد أي إنسان له موقع توجيه أو موقع ملاحظة أو موقع يعني بحيث يثبر من حوله فإذا وجدت(2/70)
موهبة يجب أن ترعى والموهبة كما قلت وزعها الله عزّ وجل على جميع الناس وليس المواهب التي تفهم منها المواهب الخاصة أو النوابغ النوابغ نعم لاشك رعايتهم جيدة ومطلوبة أيضاً لأننا نحتاج المواهب الخاصة نحتاجها ما في شك والله عز وجل وزع المواهب كما وزع النوابغ ما في شك كما أنه يوجد متخلفون عقلياً وهؤلاء لهم رعاية خاصة يجب أن نتكلم عن الناس كلهم فإذاً يجب أن المواهب كانت عسكرية مواهب مدنية مواهب قوات وطاقات مواهب العلمية ومواهب فنية مواهب الفن تبع التخصص أيضا من وسائل البناء وهذه القضية مهمة ولو كان في نوع من لكن مهم نلفت النظر له وهي توفير المربين والقدوات نعم دائماً نتكلم عن القدوة دائماً نتكلم عن المربين لكن يجب أن يكون توجهنا إلى أن نوفرهم أنا أحاول أن أتكلم عن شيء عملي وأحاول أن أنبه على أشياء بناء هي قد موجودة وكما قلت لكم أنا أشير لأشياء موجودة ولكن نبرزها نحاول نراجع ثقافتنا فيها نتكلم عن المربي لكن كيف نوفرهم إذا كنا نتكلم عن البناء يجب أن نتوجه إلى توفير المربي وتوفير القدوة وهؤلاء المربون حين نقول مربون حين نقول قدوات :(2/71)
بمعنى هم الذين يعني من خلالهم نستطيع فعلاً أن نطمأن على شبابنا ونطمأن على بناء شبابنا فهؤلاء المربون وهؤلاء القدوات هم الذين يتسمون ببعد النظرة وسعة الأفق وحسن الخلق يتحولون بالعلم والصبر والشجاعة أن لا أتكلم عن النظري لا أتكلم نظرياً هذا موجود نظرياً كثير أنا أتكلم عن التوجه العملي أنا بودي أن تتوجه وزارة الشؤون الإسلامية تتوجه وزارة الإعلام تتوجه وزارة التربية يتوجه القطاع الخاص تتوجه مثلاً مدينة الملك عبد العزيز للعلوم التقني مثلاً أي مرفق يتوجه فعلاً لبناء قدوات كل قدوة لان يعني قد تكون وزارة الشؤون الإسلامية تعلم القدوة الدينية مثلاً الإعلام القدوة الإعلامية فالنتوجه فائدة القدوات وطبعاً القدوات لها ضوابط بس أن توجه إلى فعلاً إبراز وغلى توفير القدوات من معلمين ومربين إلى أخره فأثر هؤلاء في بناء الأجيال كبير جداً ودورهم الذي يقوم بهم هو الدور الأمثل فالواحد من هؤلاء الأفذاذ مما يجتمع فيهم خصال الخير ومن معالي السمو لابد أن يتأثر به طلابه ومن تحت يده لا أحب أن أطيل أيضاً من على سبيل المثال باب التعليم يعني مربي قدوة في باب التعليم طبعاًَ حينما يا إخوان نتكلم عن مربي وقدوة لا أقصد فقط ميدان التعليم أقصد قدوة في كل المجالات لكن الذي أمامي نص يتعلق القدوة في التعليم يقص علينا التاريخ أن في أساتذة من يحرص على أن يرتقي تلاميذه في العلم إلى الذروة ولا يجد في نفسه حرجاً من أن يظهر عليه أحد تلاميذه في بحث أو محاضرة بمعنى يفوقه ويتفوق عليه يذكر علامة أبي عبد الله شريف التلمساني كان يحمل كلام الطلبة طلابه كلام طلابه على أحسن وجوهه ويبرزه في حصصه وهذا يوجد أحياناًَ لعل مر عليكم من المدرسين إذا تلكم الطالب وإن كان في كلامه يعني في شيء أيوا صح شاطر أحسنت بينما الولد ما أتى بالكلام الجواب الصحيح مئة في المائة لكن فعلاًَ يرفع منه يرفع منه بالفعل فهو يشجعه يقول صح صح أسمعوا يا شباب وش(2/72)
تقول أرفع صح ويصحح ويضيف الكلمة الصحيحة هذا نقول نوفر هؤلاء ونتعرف عليهم ونبرزهم فهذا أبو عبد الله التلمساني كان يحمل كلام الطلبة على أحسن وجوهه ويبرزوه في أحسن صوره ويروى أن أبا عبد الله هذا كان قد تجاذب مع أستاذه أبي زيد ابن الإمام الكلام في مسألة وطال البحث بينهما اعتراضاً وجواباً حتى ظهر أبو عبد الله الذي هو التلميذ ظهر على شيخه ظهر أبو عبد الله على أستاذه أبي زيد فأعرف له الأستاذ الإصابة قال أصبت ثم أنشد مداعباً أعلمه الرماة كل يوم فلما أشد ساعده فرماني ممازحة طبعاً يعني لم يقول غلبتني يعني ففعلاً نريد مثل هذا نريد المربين القدوات والأفذاذ بحيث يشجع هذا لا التحطيم و التعقيل ومع الأسف أنا أتلكم فقط عن الوسط التعليمي والتربوي بينما أنا أتكلم عن كل القدوات قدوات مهنية سواء في معهد المهنية أو التدريب المهني والتعليم الفني وكل الميادين فنريد واحد فعلاًَ يزرع الثقة ويشجع وإذا تعرف عليه وما أبرزناهم صار نماذج واحتدا بهم غيرهم كذلك أيضاً من وسائل البناء التشجيع وهذه قضية نعم أقول:(2/73)
يا إخوان تلكم عنها نظرياًُ الكثير لكن الواقع يا إخواني ثم الواقع ثم الواقع أن ممارستنا لها محدودة جداً لهذا أحياناً قلت لكن قبل قليل أن الأستاذ الذي يقول للطلاب أحسنت أصبت يكاد قلة مع الأسف قلة أحياناً لما يحس الطالب ضعف شوي ولى متردد ولى هياب بينما ترى الأستاذ ما يسأل إلا المتميزين بينما الآخرون في خمول كثير ليس لأنهم خاملون وإنما ما وجدوا من يرفعهم ما وجدوا حقيقتةً ما يرفعهم فأتلكم عن التشجيع كتطبيق ما أتلكم عن كلام نظري فمن وسائل البناء التشجيع ومع الأسف أنا أقولها حقيقتةً يعني وخاصة في الوسط السعودية عندنا الوسط السعودية عندنا التشجيع قليل قليل جداً لا في البيوت ولا في المدارس وناهيك أيضاً في السوق وفي أي مكان حقيقتةً عندنا تحطيم كبير كبير جداًَ والذي يبرز غالباً يبرز بجهد الذاتي والكفاح وبعد الصراع يعني ما عندنا ثقافة التشجيع وقد يكون تربينا يعني فيها نقص تربينا كآباء وأمهات فيها نقص في نهاية الأسبوع الماضي كنت في جامعة أم القرى في مثل هذا اللقاء الكريم وكنت أتحدث مع بعض الشباب من محاضرة حقيقة أو كلمة كنت مما قلته :(2/74)
في الماضي كان المجتمع محدود وكان ما في تناقض الحقيقة لأن المجتمع بسيط وليس هناك مؤثرات خارجية ولهذا ليس هناك يعني اضطراب نفسي ما في عقد نفسية في القديم وما في فلان معقد ولا في يعني كان المجتمع بسيط وكان يعني المجتمع غالباًَ ماشي على رتابة معينة على الرغم أن الأب مثلاً يكبت ولى يضرب ولى الأم للبنت تضرب لكن ما كان في تعقيد لأن المجتمع متناسق جداً ما في ثقافات واردة ولا في صرعات وافدة بحيث تجعل عندنا نوع من الاضطراب النفسي كان المجتمع محدود الولد ينشأ إذا بلغ مبلغ الرجال يبدأ يراهق غالباً تتوجه الأنظار على أنه أصبح رجلاَ وفعلاً هذا عيب يعني عيب عند كل الناس عيب ما عندنا إذاعات ولا عندنا تلفزيونات ولا عندنا يعني عيب عند المجتمع كله عيب هذا صح يعني صح فأيضاً صنعة أبيه يعني صنعة أبيه أو قد يذهب فماشين برتابة ما عندنا أي صراع ولا عندنا مشاكل نفسية ولا عندنا محدودين نعم قد يكون في ضرب وقد يكون في يعني لكن المجتمع قابل هذا ولهذا ما يحس الشاب أو الناشئ سواء كان ابن ولى بنت بأنه عنده صراع لأن هذه أمه أخته خالته عمته واحد وهذا عمه وخاله والجيران واحد يعني واحد فمن هنا ما في إشكال الآن لا تغير يسمع من أبيه وأمه ومن السوق ومن المدرسة ومن الإذاعة ومن التلفزيون ومن القناة ومن شبكة المعلومات هات أشكال ما يدري أولادنا يعيشون صراعاً شنيعاً يجب ونحن نبني أن نستشعر هذه الظروف إذاً يأتي تشجيع يمكن تربينا القديمة التي قلتها قبل قليل هي التي خلتنا ما نشجع ما نعرف التشجيع نعرف أننا في بيئة واحدة قوية أو محدودة وماشين برتابة يكاد يكون ألف سنة ما تغير الجيل ما تغير إلا قبل أربعين سنة لما جاء التعليم وكذا وجاءت وسائل الاتصال والتواصل والعالم أصبح كما يقال قرية واحدة أو غرفة واحدة إن شئتم حين إذاً فعلاً جاءت الثقافات طبعاً شيء لا نملكه ولكن يجب أن نتعامل معه فتغير الحال كثيراً جداً ويجب أن نتغير فلا(2/75)
نكون بسياسة قديمة الذي هو نوع فعلاً لا شك احترام الأب والأم مطلوب لكن ما هو كبت لماذا لأن الأول لو كبت من الأول إذا كبت الأب يروح لعمه يقول أبوك صح يروح للسوق نعم:
أقف مع أبوك كلهم الوسط واحد الآن إذا قال الأب لا يذهب ليفتح الإذاعة يجد كلام يروح للمدرسة يجدد كلام يروح للسوق يجد كلام يفتح شبكة المعلومات فوين الصح فتجد فعلاَ صراع فنحتاج فعلاًَ أن يعني تتعامل الجديد مع حفظ ثوابتنا وقيمنا كما قلت قبل قليل يأتي التشجيع التشجيع مهم مهم جداً نحن فعلاً أنا أظن إلى حد ما أن يمكن الأقطار الأخرى هي يعني سيادة التشجيع فيها أكثر من عندنا حقيقة عندنا لا عندنا نوع من الاكفهرار نوع من وإن كان يعني في تدليع لكن التدليع غير التشجيع نعم مع الأسف الطفرة أفسدت بعض الآباء والأمهات التدليع غير أن توفر له مثلاً غرفة نوم وتوفر له سيارة هذا ما هو تشجيع بالعكس هذا يمكن أفسد شوي ما هذا التشجيع أنك تكون أعطاك الله بسطة من المال وأعطيته بينما لا تسأل عنه تقول أنا ما خليت له شيء جبت أستاذ خاص هذا ما يكفي هذا لا يكفي أبداً إنما تتابعه وتشجعه و أيضاً الأب يشجع الأم تشجع المعلم مع الأسف التشجيع المدارس والإدارة قليل والتشجيع مثلاً من الجهات الأخرى قليل كل ما تروح إدارة حكومية ولى يمكن ما أحد يطلع فيك ولى مكفهرين إن كان عسكري مكفهر إدارة مكفهر إن كان موظف شركة مكفهر حقيقة مع الأسف هذا الذي يحصل ما عندنا يعني السلاسة وحسن الترحاب وحسن التقديم أبداًَ كل واحد يعني يشكوا مع الأسف فأنا لا أتكلم نظري أتكلم فعلاًَ أنه ولا أخطاب الشباب أخطاب المربين الحقيقة يجب أن نعيد طريقتنا في التعامل ونوظف التشجيع ولهذا أقول التشجيع يعني يجب أن يسود على جميع الجيل ليس النوابغ فقط ما نشجع أصحاب المواهب وحدهم ولى النوابغ وحدهم بل نشجع كل شاب وشابة بل كل طالب وطالبة وكل تلميذ وتلميذة حتى في الروضة في الابتدائية نشجعهم لأن التشجيع(2/76)
يعطي الثقة ثقة كبيرة فهو كما ليس كما قلت مسؤولية المربين والمعلمين بل على كل أحد يستطيع ذلك سواء معلمين مربين والدين رؤساء مسؤولين أو غيرهم فعليهم أن يحرضوا على الخير ويعينوا على البر فيعني فالتشجيع له أثر بالغ يعني كبير جداً في رفع الهمم وفقي تنمية المهارات وفي الشعور بالثقة فالناس مجبولون على محبة التشجيع خطاب لقمة يا شباب على شان تعرفون التربية التي نحن فيها بالله عليكم ماذا تفعلون بالأجنبي كم تحتقرون الأجنبي كم تحتقرون سواق ولا رفيق ولا طيب هذا لا يجوز أبداً هذا ما يجوز بينما هذا يا أخي والله ما يوجد في أي بلد والله ما يوجد في أي بلد إلا في بلدنا احتقار الأجنبي ما يوجد إلا عندنا وفتشوا شوفوا هذه تربية سيئة بل والله وصل الحال في بعض الشباب خاصة بعض مع الأسف السيئين شوي واللي في الحطون أنهم ينزلون سائق التاكسي ويضربونه على غير ذنب بأي حق تربية سيئة جداً هذا نموذج يا أخواني نموذج فأنتم فكروا شوفوا كيف يعني جميل جداً أن تفحصوا أنفسكم يعني مواقفنا من الأجنبي ناهيك نسأل الله السلامة طبعاً اللي عنده أجنبي ما يعطيه راتبه ولا يأكل حقه ولا يآذيه ولا يكلفه ما لا يطيق هذا كله تربية سيئة ولا يجوز هي نموذج يا أخواني للذي نحن عليه هذا غلط فيا ريت يعني نرجع إلى أنفسنا بالمحاسبة بعض أيضاً من وسائل البناء .(2/77)
يا أخواني التوجيه السليم ومراعاة الميول التوجيه السليم يعني فالنفوس طبعاً تختلف في طبائعها وفي ميولها وفي مشاربها فكل نفس إلى ما يوافق طبعها وقد علم كل ناس مشربهم وكلهم ميسر لما خلق له فهناك من الناس من همته عالية وإرادته قوية ولكنه ينزع بها إلى الشر والفساد كحال بعض المجرمين الذين إذا عزموا على نوع من الإجرام لا يثني عزمهم شيء يعني فعلاً حتى بعض الفاسدين عنده يعني قوة ولهذا النبي صلى الله عليه قال اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين إليك لأنه كان قوي قوي في الجاهلية وقوي في الإسلام وقال خيارك في الجاهلية خيارك في الإسلام قد يكون يعني هذا قوي حتى في الإجرام نعم هذا ممكن أن يوجه ويستصلح لا يأس أبداً لا ييأس مسلم فإذا ما وجهت هذه القوة لدى هذا الفاسد للخير وحوط لتكون قوية في الخير كما هي قوية في الشر كما قلت خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام فكذلك الحال في كثير من الناس قد يتوجه لمجال لا يلائم ميوله ولا يناسب مواهبه مع الأسف هذا هو الذي أرشت إليه قبل قليل في مدخل هذه الكلمة وهو يعني أن مراعاة الميول وهو أنه مع الأسف كل الآباء والأمهات يضغطون على أولادهم من المتوسطة إلى الثانوية إلى الجامعة بينما هو غير ناجح ولا هو مفيد ولو فرضنا أنه لو تخرج لن يستفيد من شهادته فهذا يجب أن نتغير ويجب أن نعيد النظر في أحوالنا ويجب أن يكون عندنا شجاعة وثقة ولا يكون كما قلت قبل قليل لا يكون الفشل في الدراسة فشل في الحياة أبداً البتة لأن الدراسة لها أشخاص معينين أنا لا أبالغ إذا قلت أنه ما تمثل ثلاثين في المئة من المجتمع يصلحون للدراسة بمعنى تخصص وحينما أقول تخصص لا أقصد تخصص شرعي فقط تخصص شرعي تخصص علمي تخصص نظري تخصص في اللغة إلى آخره ما يمثل ثلاثين في المئة والبقية لا يتوجهون أبداً يذهبون إلى أعمال أخرى وإلى تخصصات أخرى وإلى يعني مجالات أخرى فحال كثير من الناس يتوجه إلى مجال لا يلائم ميوله ولا(2/78)
يناسب مواهبه ومن هنا لا تجد له إبداعاً ولا تفوقاً وهذا صحيح لماذا لم يبدع لأنه ما توجه إلى ميوله وأكثر يعني وضعنا الآن الجيل الذي نحن فيه يعني هو فعلاً الخطأ هو أن السواد الأعظم من العاملين لا يبدعون لأنهم في مواهبهم نعم يأخذ مرتب وجالس ويأخذ يعني مكتفي بالشيء الذي يقيم أواده أو حتى يكفيه معيشة على حد مقبول أو كفاف لكن لو كان في موهبته لتغير الحال كثيراً جداً فيتوجه لمجال لا يلائم ميوله ولا يناسب مواهبه ومن هنا فلا تجد له إبداعاً ولا تفوقاً فإذا حول إلى ما يناسبه ووجه إلى ما يلائمه أبدع أيما إبداع على كل حال أسرد لكم بعض وسائل البناء من غير أن أتحدث عنها لأنه يبدو أن الوقت يعني عاجلنا الساعة العاشرة والربع الآن مثلاً الإعلام الإعلام له دور خطير جداً في بناء الأجيال ويجب فعلاً وحينما أقول هذا أتلكم عن وحي العملية وكلنا سمعنا كثير عن الإعلام وأثره لكن نحاول من جانب العمل كذلك أيضاً قلت لكم :(2/79)
الإيمان وقراءة القرآن قضية مهمة جداً و بالفعل أنا مضطر أن أتكلم عنها هي والتي بعدها والبقية وهي من وسائل البناء وهذا خطاب خاص للشباب ولآبائهم وأمهاتهم نعم نحن نعيش خير ولله الحمد ونعمة في أشياء كثيرة وإن كان بعضنا يتكلف مع الأسف لأنه وهي التجافي عن وسائل الترف والنعيم هذه من أهم وسائل البناء فالتقلب في الترف والانحراف في النعيم يعد من أعظم الشواغل والقواطع بل من أعظم المهلكات بل حتى إذا سألت الأمة أهلكها كما قال الله عز وجل وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فلولا كان من القرون من قبلكم لو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين فالترف والنعيم هذا مفسد مهلك عل الأفراد وعلى الأمم فيا ليت طبعاً الترف غير أن الإنسان الحمد لله يأكل طيباً وإذا أوسع الله عليكم فأوسعوا هذا شيء لكن الشيء الزائد مع الأسف يعني على سبيل المثال مع الأسف لا يكاد شاب يذهب من البيت إلى المسجد إلا على سيارة ولا من بيته إلى الدكان إلا على سيارة ولا شيء هذا مهلك مع أنه أحياناً بعضهم غير قادر لكن يستلف ولا يستدين يجب أن نغير هذه الحياة يجب أن نغير هذا التوجه حتى ننظر بجدية إلى بناء مجتمعنا بناء صحيحاً فإذا تجافى المرء عن الإغراق في الترف والمبالغة في النعيم دل على كبر نفسه وأخذه الأمر بجد وحزم أبداً لا يستوي همة وبناء مع ترف وهناك بيت طبعاً مشهور أظن في منظومة عبد القوي رحمه الله احفظوه أيها الشباب ومن هجر اللذات نال المنى ومن أكب على الذات عض على اليد احفظوه ومن هجر اللذات نال المنى ومن أكب على الذات عض على اليد فمن المعروف أن من ينغمس في النعيم ويغرق في الترف يكون أشد الناس كراهة للقضايا الجادة وبالفعل أكثر شبابنا لا يكاد يعني روح يا ولدي والله شمس راق المعاملة والله شمس فإذاً ما أخذ كذا ولا نايم حتى الظهر ولا هذا ما يجب أن نغير(2/80)
هذه الحياة يا أخواني وبعضهم حينما أقول ترف لا أقول أن المجتمع كله غني عندنا فقر لكن مع الأسف هذه أصبحت هي السائق يعني على أساس أنه فعلاً الصغار يقلدون الكبار والفقراء يقلدون الأغنياء مع الأسف يعني فيجب أن نتغير على الجميع وليس فقط على الأغنياء أو على الجميع فمن ينغمس في النعيم ويغرق في اللذات ويعيش الترف يكون أشد الناس للقضايا الجادة وأبعدهم عن معاناة المشاق وتحمل المصاعب قضية أخيرة وأختم بها وهي قضية أيضاً دقيقة جداً ويخاطب بها الشباب ويخاطب جل عامتنا لأنه مع الأسف نعيشها يا أخوان نعيشها جداً وهي قبول النقد البناء والنصيحة الهادف هذه نحتاج أن يعني نراجع أنفسنا فيها قبول النقد طبعاً نحن نقبله نظرياً ونتكلم عنه كثير والنقد والنقد والنقد لكن الواقع لو كل واحد رجع منا فتش في نفسه وجد أنه ما يقبل النقد ما يقبل النصيحة إلا من رحم الله يعني فالنقد إذا صدر من ناصح وأراد بنقده البناء ورمى بنصحه الخير كان جديراً بأن توجه إليه ذلك أن يأخذ به بل عليك أن تحسن الظن بمن ينصحك وتحسن الظن بمن يعني يوجه إليك نقداً ولو يا أخواني أننا تربينا على أن نقبل النقد حتى ولو كان غلط أحياناً قد يقول في شيء ما هو في لو تعودت أني أملك نفسي وأني ما أثور عليه ناهيك إذا قال في شيء في أنا فيعني نحن نعيش يعني ما أدري أحب أن أقول أشياء وما أدري أحياناً في النفس حاجات وفي الفم ماء في فمي ماء حينما يعني من السهولة الحقيقة يا أخواني أن نحن لا شك يعني مع الأسف نعيش بعض الفتن والمشكلات وخاصة في أوساطنا الأمنية وأوساطنا الشبابية وأوساطنا العلمية يأتي بعض الناس ما في شك يوجه نصيحة أو نقد لعالم وهذا جيد وعلى العلماء أن يسمعوا وهذا واجب يعني أن العالم يسمع وأن يعني يوجه له من رؤي أنه مثلاً صاحب قرار أو صاحب مسؤولية أو صاحب موقع أنه هذا حق ويجب أن تكون الأبواب مفتوحة والقلوب مفتوحة والصدور مفتوحة هذا ما في إشكال لكن(2/81)
لو يعني لو أنك تلاحظ يعني معنا طبعاً الشيخ عبد الله يحفظه والمشايخ يأتونهم الشباب ويتكلمون معهم لكن لو أن الشيخ راد الشاب الشاب يكفهر بشكل فظيع يعني نحن في الوسط يعني لا يريد أنك تأخذ معه وتعطي أحياناً لو أن أنا أتلكم يعني عن وسط طلبة العلم لو أن طالب العلم يأخذ ويعطي مع الشاب الشاب يكفهر ليش لأنه يتصور أن الشيخ أولاً ما سمع كلامه ويتصور أن الشيخ رفضه وأن الشيخ رده من قال لكم هذا الكلام تقول صحيح:(2/82)
أنت يا أخي هذه حقيقة يا أخوان يعني جايين جزاهم الله خير لا شك ناصحين ومقبول ومفتوحة الصدور لهم لكن ما يقبل أن يراجع لأنه يتصور أن الشيخ ما يدري الحقيقة يا شيخ يتصورون المشايخ جالسين ما هم عارفين شيء رأيك يغيرهم طبعاً يا أخواني كما يسمع منك يسمع من غيركم وكما ما يسمع منك كوسط يعني شباب ملتزم يسمع من آخرين غير ملتزمين يعني هو تصور الناس مع الأسف أن طالب العلم جالس ما هو داري عن شيء وأنه ما يفهم الواقع ولا يفهم ولا ولا فاهمين وعارفين وكما سمع منه سمع من غيره وأيضاً يتصل بولاة الأمور فتصور الشاب لما يأتي يتصور حينما يقول كلام يتصور أنه هو الذي على حق وأن الشيخ ما هو داري عن شيء وأنه والله بلغ وحينما يراجعه يتحسس بانقباض قد يتأذى بعضهم ينقبض هذا الذي يخلينا ما نقبل النقد ولا الحوار هذه ما يعني ما تربينا إلى الآن يجب أن نأخذ ونعطي ناهيك إذا كان هذا شيخ وهذا شاب يعني المفروض أنه لا تكون هذه الحالة لكن مع الأسف هي موجودة الآن المفروض العكس المفروض أن الكبير هو الذي يوجه هو الذي الآن الحال لا لأن القضية نتيجة إيش نتيجة كما قلنا المؤثرات الخارجية وقنوات وما قنوات وشبكات معلومات واستفزازات ورسائل جوالية وهات وشيل وحط وما تجري أنت بيد من فتعودوا قبول النقد يا أخواني قبول النصح وأيضاً افترض أنك على خطأ لا يتصور أبداً يتصور أنني أنا قلت الذي عندي وبرأت ذمتي جزاك الله خير طيب بس اسمع كل الكلام ومن قال لك أنك تعرف كل الحقيقة يمكن أنك تعرف جزء من الحقيقة غيرك يعرف الحقيقة كلها أو يعرف الجزء الثاني يعمني ما عندنا يعني فعلاً التصور أو حتى يعني طريقة التعامل أو طريقة الحوار أو طريقة النقاش أو طريقة خطاب الآخرين افترض أني جاي أنني أنا الذي على الحق وأنني أمتلك الحقيقة وحدها بس تسمع مني وخلاص وتفترض الآخر كأنه أول مرة يسمع هذا وكأن الذي قلت هو الحق مئة في المئة هو يعرف وداري وعنده خبر وعنده كذا(2/83)
وعنده كذا وكذا أو أنه ما عنده خبر أيضاً لكن يراجعك مثلاًُ و يسألك وهذا صار ولا ما صار فالقضية أيضاً يا أخواني مهم أن قضية قبول النقد والنصيحة من الأطراف كلها من أوساط الناس كلهم من جميع الأطراف ومن جميع التوجهات سواء شرعية غير شرعية سواء من جميع الجهات يجب أن وحينما أقول هذا يجب أن نبنيها ويجب أن ننشرها كشيء تطبيقي ما هو شيء نظري .
الشيخ عبد العزيز ابن محمد السدحان
ضيف الحلقة :
مواقف منهجية من حياة السلف
موضوع المحاضرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد،
أيها الإخوة الأكارم رأيت أن أصدر هذه المحاضرة ببعض المقدمات علها أن تكون افتتاحاً لما بعدها ،
المقدمة الأولى أن ما يصيب أمة الإسلام من المصائب الحسية والمعنوية القاصرة والمتعدية أمر قد فرغ منه وقد سبق به علم الله عزّ وجل وما أصابكم من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير فجميع ما يسيئه الأفراد ناهيك عن المجتمعات أمر قد قدر وقد نفد به الكتاب وقد يبق في علم الله عزّ وجل لكي لا تأسوا على ما فإنكم ولا تفضحوا بما أتيكم.
المقدمة الثانية أن أمة الإسلام مهما أصابها من البلاء والمحن والرزايا فإنها منصورة طال الزمن أو قصر ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وقد أصاب المجتمعات الإسلامية من لا تلزم بالنبوة والقرون المفضلة وما بعد من القرون المفضلة إلى وقتنا هذا لا تزال المحن والرزايا تترا تتوالى كلما خمدت فتنة قامت أختها في أثرها وصفحات التاريخ تشهد بهذا الأمر .(2/84)
المقدمة الثالثة أنه رغم ما أصابه و ما يصيب أمة الإسلام من المصائب والمحن أن مما ينبغي أن يحزر المسلم منه وأن يحاذر ويحذر غيره أن يدخل يأس إلى قلبه أو أن يتذكر قنوط من نفسه فهذا الأمر محرم لا يجوز فالأمل موجود والنصر آت وإن غداً لناظره لقريب إلا أن المحظور الشرعي أن يلبس قوم ثياب اليأس والقنوط ويركبن الإدعاء و ويتركون الحبل على غالبه فهذا لا يليق من عامة الناس فكيف بدعاة الناس إلى الخير .
المقدمة الرابعة أن هذه المصائب التي تحل على الإنسان على اختلاف أنواعها وتباعد أزمنتها وأقطارها وعظم أثرها وآثارها ينبغي أن تجعل حلولها من خلال دلالة النصوص الشرعية وأن يحضر المصلح وأن يحضر دعاة الإصلاح من تحكيم العواطف الجياشة التي لم تزمم بزمام العلم فتلك العواطف تنقلب عواصف وتزيد الشقة والمشقة والبلية.
المقدمة الخامسة أو السادسة علاج القضايا والفتن لا يكفي فقط أن يكون بنفسه أن يقول الإنسان يقول الله جلّ وعلا كذا ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كذا لما لأن عندنا أمرين اثنين أساسيين راسخين كالجبال المنهج في التلقي والمنهج في الاستدلال المنهج في التلقي من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة وإجماع سلف الأمة وما يتبع ذلك مما قرره أهل العلم وهذا الأمر أعني مصادر التلقي كل يدعيها ولهذا يقول الشاطبي في الاعتصام :(2/85)
كل صاحب هوا وصاحب بدعة يحتج بأية على بدعته أو يحتج بسنة على بدعته لكن الفيصل في هذا الأمر الثاني وهو المنهج في الاستدلال فهناك نصوص وهناك إعمال للنصوص في أوقات الفتن والنوازل وفهم هذه النصوص رواية ودراية وكيفية التعامل معها حسب منهج سلف الأمة مقدمة أخرى من الخلل التي عند بعض المصلحين التعجل في طلب النتائج وفي قطف الثمر تجد أن بعضهم يسابق الريح طلباً للنتيجة وطلباً لثمرة عمله أو دعوته وهذا خلل عظيم ذلك لأن نتائج دعوة الإصلاح لست مكلفاً بها ولست موكولاً بها قد أمرت أن تبلغ دعوة الخير أما أن يهتدي من دعيت أو لم يهتدي فذلك ليس لك وأما يؤمرنك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ ولهذا كان من الآفات بل من وسائل الإحباط والتقهقر عند بعض من أراد الإصلاح أنه بعد أن يمضي فترة في دعوة الناس ثم لا يرى نتيجة لدعوته يداخله الشيطان بأنواع كثيرة من التلبيس تدعوا الناس من سنة أو من سنتين أو من عشرة ومع هذا أين النتيجة أين الثمرة المحصلة هذا ليس لك بل هذا من قلة الفقه ومن ضعف البصيرة مقدمة أخرى متعلقة بالتي قبلها كثرة الثمار أو قلتها ينبغي أن لا تعيق الداعي عن دعوته قد تدعوا الناس دهراً ولا يستجيب إلا آحاد من الناس ومع هذا ينبغي الإصرار والاستمرار و شحد الهمة والعزيمة في عدم التقاعس أو اليأس ولعلكم تذكرون ما الحديث النبوي الشريف يأتي قال النبي صلى الله عليه وسلم في رغم ما قال ويأتي النبي ومعه الرهط في لسان العرب الرهط الجماعة الكثيرة ويأتي النبي ومعه الرهيط إلى أن قال ويأتي النبي ومعه الرجلان ويأتي النبي ومعه الرجل ويأتي النبي وليس معه أحد نبي مؤيد بالوحي ومع هذا كله لم يستجب لدعوته أحد ومع هذا فقد بلغ الأمانة وأدى الرسالة ونصح أمته عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه .(2/86)
بعد هذا يقال السلف ما المراد بالسلف نقرأ كثيراً في كتب العقائد من مختصر أو مطول الإشارة إلى سلف الأمة ذكر أهل اللغة أهل العلم تعريفاً لغوية وشرعية للمراد بهذا المصطلح السلف وجامع له من خلال التعارف الكثيرة أنهم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن سار على نهجهم في سيرتهم رضي الله تعالى عنهم فالصحابة رضي الله تعالى عنهم هم صدارة السلف فهم العصر الذهبي للسلف إذ أنهم أقرب الناس لمواقع التنزيل وصلوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم سألوه وأجابهم نظروا إليه فاقتدوا به أمرهم فأتمروا ونهاهم فانتهوا هجر بعضهم وطنه وترك بعضهم ماله وترك بعضهم ولده يؤثرون ولا يستأثرون يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم قصاصاً مرت بهم نوازل كالجبال تعاونوا معها أحسنوا التصرف فيها وفق تربية النبي صلى الله عليه وسلم لهم فخرجوا منها سالمين مسلمين رضي الله تعالى عنهم ورضوا عنه المواقف في حياة السلف كثيرة ولا يحصيها كاتب ولكن التمثيل بالأكبر يدخل فيه الأصغر عقلاً وبدهاً فالفتن التي نعيشها في هذا العصر قد مرت به الإسلام محن أكبر منها ومع هذا فقد قام لها رجال على علم وعلى بصيرة فقادوا سفينة الأمة إلى بر الأمان وأذكر في هذا المقام الشريف واقعة لها فروع وهي من أعظم الوقائع وقعت في صدر الإسلام الأول وحضرها السنة المقدمة في الفضل والديانة والعلم والعمل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ناهيك عن من دونه في الفضل والعلم موت النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم المصائب التي حلت بأمة الإسلام وفي الحديث الذي رواه ابن ماجد بما أتذكر إن لم تخوني الذاكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أصابته مصيبة فليتعزى بمصيبته فيا فإنها أعظم المصائب أو كما قال صلى الله عليه وسلم وقبل ذكري سرد مختصر لأحداث هذه الواقعة الكائنة العظيمة والفاجعة الأليمة هناك أمر لازم أن يقال :(2/87)
وهو أن قراءة التاريخ وقراءة انتصارات المسلمين لا تقرأ من باب التواكل والدعا والركون وإنما تقرأ من باب الاعتبار وشحد الهمم ولهذا مما يحسن ذكره في هذا الوقار ما ذكره السخاوي في كتاب الإعلان للتوبيخ على مزم التاريخ عندما عرج على ذكر القصص في القرآن الكريم قال ومن ظن أن الله إنما ذكر القصص في القرآن الكريم من باب قطع الساعات والليالي والأيام في أخذها كأخبار للسمر فقد جهل أو افترا أو كلام في هذا المعنى لأن القصص في القرآن الكريم لها حكم فقد ذكر أصحاب علوم القرآن الكريم أن للقصص فوائد كثيرة وكلاً نقص عليم من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك لقد كان في قصصهم عبرة شاهد القول وعوداً على ما سبق أن قراءتنا جميعاً لما وقع من الفتن في زمن السلف الصالح في العصور الذهبية وبعدها إنما نقرأ حتى نعتبر وحتى نستفيد وحتى نتعامل مع الفتن كما تعاملوا فننجو كما نجو بفضل الله بادئاً ببدء ثم بفضل الاقتداء يهديهم والسير في ربكهم وركابهم وقع خلاف بين الصحابة في حقيقة موت النبي صلى الله عليه وسلم في أول انتشار الخبر فأنقسم الصحابة رضي الله تعالى عنهم إلى أقسام ثلاثة وهذه قسمة عقلية لا بد منها منهم من كذب الخبر ومنهم من صدق الخبر ومنهم شاك ومتردد فأصاب أهل الإسلام في ذلك الوقت أصابهم أمر جلل فمجرد تسرب وفاة النبوية أدخل عليهم من الهم والغم والاضطراب الأمر ما الله تعالى به عليم فنقرأ جميعاً قراءة بعين البصيرة وليس بعين البصر المجرد لأن القراءة بعين البصر والتأمل بعين البصر يشترك فيها أهل الإسلام وغيرهم حتى ذكر ابن القيم حتى البهائم أما القراءة بعين البصيرة فهذه لأهل الإسلام ويتفاوتون في قوة بصرهم بحسب قوة إيمانهم وعلمهم عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان يقول :بعدم حقيقة وفاة النبوية وكان رضي الله عنه وأرضاه كما صح في وصفه النبوي أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر كان رضي الله عنه بطبعه شديداً(2/88)
فأغرض القول :
لمن قال أن النبي عليه الصلاة والسلام قد مات فهذا هو كثير من الصحابة بل قد وافقه بعضهم خلال سرد الروايات وبعضهم وأهم أقرب الناس من آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام يعلمون أنه قد مات ولكن لعظم الخطب وشدة الهول ما وضح الأمر وأكثر الصحابة في المسجد ما بين شاك ومتردد بعضهم يبكي وبعضهم حزين وبعضهم مهموم والسؤال الذي يطرح نفسه أين سيد الصحابة أين إمامهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم ماذا كان موقفه ذكر التاريخ أن الأنباء ترامي إلى مسامع الصديق رضي الله تعالى عنه بخبر وفاة النبوية وكان في وعائل المدينة في السنح فلما ترامت الأنباء إلى مسامعه ركب دابته ثم عاد أدراجه إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهنا وقفة منهجية تربوية تعوية وهي أن على الداعية على المصلح إذا كان لكلامه تأثير وكان له القبول وكان يعرف من نفسه أن كلامه يستفسد القضية أن لا يتسرع في قبول أي إشاعة ولا بقبول أي خبر حتى يتأكد من صحة الخبر كتحققه من الشمس في كبد السماء ليس دونها سحاب ولهذا لما بلغ الخبر الصديق رضي الله عنه عاد ودخل ووصل إلى المسجد النبوية ثم دنى فإذا ببيت عائشة ويرى الصحابة أمامه رضي الله تعالى عنه وعنهم ولم يكلم أحد وهنا وقفة ثانية وهي أن الخبر إذا أمكن الوقوف على عين حقيقته فلا شك أن هذا كمن أعلى درجات التثبت واليقين فالخبر الذي تسمعه يزداد تحققاً كما إذا رأيته وعليه ضوابط وقرائن والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ليس الخبر كالمعاينة فإن الله لما أخبر موسى أن قومه بعدوا العجل لم يلقي الألواح ألواح التوراة فلما رآهم ألقاها فتكسرت مع أن الذي أخبره أصدق القائلين ومن أصدق من الله قيل ومن أصدق من الله حديثا والشاعر يقول يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما حدثوك فما رأيك من سمعه وسيقول الأخر ولكن للعيان لطيف معنى من أجله سأل المعاينة الكريم شاهد القول أن الصديق رضي الله تعالى عنه دخل إلى بيت عائشة ووجد(2/89)
النبي صلى الله عليه وسلم مسجى فكشف عن وجهه الشريف ثم قبله وقال :
طبت حياً وميتاً والله لا يميتك الله موتتين إلى أخر ما جاء في الرواية إذاً تأكد الصديق رضي الله عنه من خبر وفاة النبوية تأكد لا يعدله شيء ولا يمكن أن يتطرق إليه شك أو أن يشككه أحد قام الصديق رضي الله تعالى عنه وهنا وقفة ثالثة وهي أن الإنسان إذا تبين له الحق وكشف له من التبس على الناس أمره أن لا يتسرع وأن يتعد في علاج الأمر تؤدة لا تؤخر البيان عن وقت الحاجة قام الصديق رضي الله تعالى عنه ودخل المسجد والمسجد فيه الصحابة أو فيه جمع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وعمر يتكلم فيهم فتوجه الصديق بخطابه إلى عمر وهنا وقفة رابعة وهي أنه إذا كان المخالف له شأن في العلم والدين والعقل أن يحترم وأن يترفق في بيان وجه الصواب له وأن يعرف له مكانه من الفضل والديانة فلكم الصديق عمر قائلاً أجلس يا عمر لعلمه رضي الله تعالى عنه أن عمر مخطئ في قوله فقال أجلس يا عمر مرة ثانية ولكن لعظم الخطب وهول الأمر لم يجلس عمر فترك الصديق خطاب عمر ثم توجه إلى الناس وهنا وقفة خامسة إذا كان ممن له فضل وتحبه وتجل أمره ورأيه قد خالف الصواب وقد خالفه من هو أعلم منه بعد أن تحقق بالخبر أو من صحة الخبر ترك الصديق عمر لأن المصلحة اكبر فتوجه إلى الناس ثم قال أيها الناس من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمد فإن محمد قد مات ثم تلى الآية وما محمد إلا رسول وهنا وقفة سادسة وهي ربط الناس بالتوحيد ربط الناس بأمر المعتقد في كل شيء لأن الناس إذا عظموا ربهم انقادوا لأمره واستسلموا لأمره وأعلنوا طوعاً وانقيادا وحباً فلما ذكر الصديق الربط العقدي من كان يعبد محمد فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلى الآية ووقفة أيضاًَ سابعة إيراد النصوص الشرعية من الكتاب ومن السنة الصحيحة الصريحة في مواقف إقناع الناس أو في مواقف الفتن من أعظم(2/90)
الأساليب لإقناع الناس ولهذا يحرم أهل الخير من هذا النهج نهج السلف الصالح في إيراد النصوص في مقامها الصحيح من حيث الاستدلال فإذا جاء النص الشرعي كان له وقعاً ولهذا ذكر ابن القيم أو غيره أن المفتي إذا ضمن فتواه دليلاً شرعياً كان ذلك أوقع في قلب السائل عوداً إلى الحدث تقول عائشة رضي الله تعالى عنها فلما سمع الناس الآية انصرفوا في الطرقات يتلونها كأنها لتوها نزلت وهنا وقفة ثامنة أن المسلم في وقت الفتن إذا جاءه الدليل الشرعي في موضع استدلاله الصحيح أن ينقاد له وأن يترك من خالفه كائن من كان فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينتهم ثم لا يجددوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت تسليما فقل لي بربك هذه الفتنة العظيمة وهذا الأمر الجلل الذي قيد الله له هذه الثلة المقدمة كيف يكون الحال لو تولى علاجه غيره ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في تعداده لمناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه وعن جميع الصحابة :(2/91)
ولن يختلف الصحابة في أمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم أو مسألة إلا طار الصديق بزمامه وخطابه بعد هذا أو بعدما طويت صحفت هذا الحدث الجلل بأمن وأمان وسلامة وعافية جاء موقف أخر وهو دفن النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته مات النبي صلى الله عليه وسلم وغسل وكفن وبقي موضع الدفن ارتقى بعض المهاجرين رضي الله تعالى عنهم أن يدفن في مكة موطن أبائه وأجداده واتقى بعض الأنصار رضي الله تعالى عنهم أن يدفن في المدينة في مكان استقراره وبقائه فيها إلى موته ولكل وجهة هو موليها فما العمل جاء الصديق رضي الله عنه فقال سمعته صلى الله عليه وسلم يقول يدفن النبي حيث قبض هذا الحديث حسنه بعضهم وتكلمه بعضهم في إسناده فكل حال لما جاء الحديث أنعروا لأمر أبي لأقول الصديق رضي الله تعالى عنه ودفن النبي صلى الله عليه وسلم في مكان قبض روحه الشريف عليه أفضل الصلاة والتسليم وجزاه الله عنا خيراً عنا خير ما جزا الله النبي عن أمته صفحة أخرى فيها مواقف عظيمة بعد دفن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب بعض الأنصار واجتمعوا في سقيفة بني ساعده فبلغ خبرهم بعض المهاجرين وعلى رأسهم أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهم فأشار من أشار من الأنصار على أبي بكر وعمر أن يذهب إلى السقيفة فذهب أبي بكر وعمر ومعهم بعض المهاجرين رضي الله تعالى عن الجميع ودخلوا السقيفة فإذا ببعض الأنصار ببعض أكابر الأنصار في السقيفة وكان الأمر في شأن من يتولى الأمة بعد بينها صلى الله عليه وسلم أخرج البخاري في الصحيح هذه القصة كاملة ومن باب الفائدة من أرادها فهي في كتاب الحدود أظنه في باب رجم الحبلة بعد الزنة الشاهد أن خطيب الأنصار الراوي عمر راوي الخبر عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه قام خطيب الأنصار رضي الله عنهم جميعاً فخطب وذكر ما للأنصار من الفضل والدعم للإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قال عمر فزورت في نفسي مقالة يقول في القاموس أن التزوير بمعنى التهيئة(2/92)
يعني هيئت في نفسي مقالة يقول عمر أريد أن أقدمها أو أن أقولها بين يدي أبي بكر فلما فرغ خطيب الأنصار قلت :
فأشار إلي الصديق أو فلحظني الصديق بعينه فجلست وكنت أهابه وأداري منه بعض الحد وأستميحكم عذراً هنا في بيان أمر في التاريخ وهو أن كثيراً من المؤرخين يورد الصديق بمظهر الضعيف اللين الشفيق الرحيم نعم هو كذلك ولكن في المواطن التي يناسبها اللين والرفق والشفقة أما في مواطن القوة والحسم والفصل فلا يصل إليه أحد ولهذا انظر إلى فقه عمر وانظر إلى تصرف عمر مع قوة عمر وشدته رضي الله تعالى عنه قال:(2/93)
فلحظني الصديق بعينه الذي أفهم من هذا اللفظ أن الصديق نظر إلى عمر نظرة مفادها أن اجلس أو تريث قال عمر فهمته فجلست فقام الصديق أبو بكر فتكلم بكلام والله ما ترك في نفسي كلمة إلا قالها وأحسن منها وهنا وقفة لا ينبغي للإنسان أن يتقدم في مجلس أو في مقام فتنة أو خلاف أن يتقدم بين يدي من هو أعلى منه وأن يلزم الأدب كما لزمه عمر فانظر إلى بسرات عمر بالجلوس وعدم الترجل فرق بين رجل أشير إليه أن يصمت ويجلس فيجلس متضجراً متحرقاً كارهاً أو أن يجلس راضياً قانعاً مذعناً وهذه مقامات قلبية شاهد المقال أن الصديق رضي الله عنه قال وأجزل في المقولة وعدل في القضية فكان من ضمن ما قال أن أيد الأنصار على ما لهم من الفضل بل وذكر زيادة على ما ذكر وهنا وقفة إذا كان المخالف له فضل في يعني فضل حازه بحق فهذا الفضل يعرف له ولا يقر على خطئه يعرف له فلما ذكر فضلهم مع أنه له رأي مخالف أقروا على ما له فقال الصديق ما قلتم فأنتم له أهل ثم ذكر بعض فضائلهم وهنا الصديق رضي الله عنه وأرضاه استسحب دليل أو حدث سابق مع النبي عليه السلام مع الأنصار فلعلنا نرجع بذاكرتنا لما أخرجه الشيخان لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمةً فأعطى المهاجرين وترك الأنصار فقال بعض وهنا ينبغي أن نفرق في سند ذكر الخبر يقول بعضهم فقال الأنصار كلهم حاشى وكلا فقال بعض الأنصار يعني كأنهم قالوا رضي الله عنهم كأن بعضهم قال :(2/94)
أعطى المهاجرين وتركنا وانتهت القضية ولكن لما بلغ الخبر النبي صلى الله عليه وسلم جمع الأنصار فانظر ماذا قال لهم وانظر إلى خطاب النبوة وانظر إلى مشكاة النبوة كيف يكون يختار أطيب الكلمة وإنك لعلى خلق عظيم قال يا معشر الأنصار ما مقاله بلغتني عنكم هم قد قالوا وقد قال بعضهم ولكن من باب تلطف العتب لهم ما مقالة قد بلغتني عنهم فسكتوا لأنه قد قال بعضهم فأراد أن يبين لهم أنهم أهل بالفضل وأن فيهم من الفضل ما لم يذكر فقال أما لو شئتم لقلت أتيتنا ونصرناك ثم ذكر بعض فضائلهم غير التي ذكر ثم جاء الفصل فقال الناس شعار والأنصار دثار أو الناس شعار والأنصار دثار الناس دثار والأنصار شعار والفرق أين الدثار والشعار وأن أحدهم يلي الجلد مباشرة يعني يعلم خاصة أمرهم والثاني الدثار فوق الثوب الشاهد أما لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار أما ترضون أن يذهب الناس بكذا وكذا أن يذهب الناس بالشاة والبعير إلى رحالهم وتذهبون أنتم بالرسول صلى الله عليه وسلم في لحاكم فبكموا حتى اخضلت لحاؤهم رضي الله تعالى عنهم جميعاً فالصديق رضي الله عنه ذكر هذه الفضائل للأنصار لكن مع هذا كله كون الرجل له فضل وله سابقة فإذا كان رأيه مخالفاُ فلا يقر على خلافه فلما بين الصديق ما لهم قال إن الله يقول يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وقد سمانا الله الصادقين وإن هذا الأمر يعني الخلافة في قريش ثم قال وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين قال عمر فأخذ بيدي وأخذ بيد أبي عبيدة وانظر إلى إنصاف عمر وإلى معرفة عمر لقدر نفسه عند من هو أعظم منه قدراً قال ووالله ما قال كلمة في مقولته أبغض إلي من هذه ووالله لئن أتقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر الشاهد قال عمر فقلت ابسط يدك فبايعه عمر ثم بايعه المهاجرون والأنصار وهنا وقفات كثيرة منها الإنصاف في القول وإذا قلتم فاعدلوا وقولوا للناس حسنى ولا يجبلنكم شنآن قوم على أن(2/95)
لا تعدلوا اعدلوا إذا كان هذا مع الأعداء فكيف مع خاصة الأصحاب فلا شك أن الأمر من باب أولى وأحرى وأجدر فماذا يقال في من إذا لم يوافقه أحد على مسألة أو على رأي من آرائه جعله نظر إليه شذراً وجعل قوله ورأيه شططاً ولم يذكر له حسنة بل يتفرح بذكر سيئاته هذا خلاف يهدم مبنى السلف الصالح ولذا قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى ومن الناس من إذا أحب شخصاً تغاضى عن جم يع سيئاته ومنهم من إذا أبغض شخصاً تغاضى عن جميع حسناته ثم قال وهذا من أعمال أهل البدع من الخوارج والجعمية وغيرهم فالحذر الحذر من هذا الصنيع المشين وما شاكله وشابهه وقفة أخرى أيضاً أن الصديق رضي الله عنه وأرضاه هو أفضل الحاضرين وهذا أمر مقرر عند الصحابة جميعاً ومع هذا كان أبعد الناس عن حب التصدر أو حب الشهرة ولم قال قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين بالخلافة وأنت تعلم أن النفوس مجبولة في الغالب على حب الظهور وحب التصدر إلا من رحم الله أما هذا الصديق سحب بساطه وولى الأمر إلى غيره ولكن عمر وهذه وقفة أخرى رد الحق إلى نصابه وأرجع الأمور إلى مجراها الطبيعي ولم يشاور أو يستشهد نفسه أو غيره لعلمه بأن هذا الأمر لا خلاف أن الصديق رضي الله عنه أفضل الناس وأولى الناس بأمر الخلافة فلم يتردد بالقول فحسب بل بالفعل فقال ابسط يدك فبسط يده فبايعه عمر ثم بايعه بقية من في السقيفة رضي الله تعالى عنهم أجمين فهذه المواقف تجعل ميزان وتجعل من باب المنهجية الدعوية مر على الإسلام فتن وعلى الإسلام فتن فالتعامل مع تلك الفتن بالنص الشرعي يقود إلى بر الأمان أما التعامل معها بالعقليات المجردة من العلم الشرعي وبالعواطف الجياشة فهذا يزيد النار اشتعالاً والدخان عجاجاً هذا معروف في من قرأ وسمع وشاهد أو عاصر موقف أو صفحة أخرى فيها عبر واعتبار ومواقف صلح الحديبية هذا الصلح كما يقول غير واحد من الشراح لو أن العقول المجردة حكمت لأبطلته وطعنته ولكن الأمر فيه وحي والأمر(2/96)
فيه شرع صحيح صريح إذا كان المسلمون في حالة ضعف وأعداؤهم أقوى منهم فلا يتمنى أحد أن يموت حيوان لأحد من المسلمين فضلاً عن أن يموت مسلم موحد لا يرضى بهذا أحد بل يحاول جاهداً أن يحقق مقاصد الشريعة في عدم القول إلا بعلم مراعاة لجانب المصالح ودرئ المفاسد كان المسلمون في حال ضعف يقول شيخ الإسلام رحمه الله :
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة لم يكن مأموراً بقتال الكفار لعلمه جل وعلا السابق بضعفهم بل كان مأموراً لاحظ العبارة بل كان مأموراً بالعمل بآية الصفح فاصفح عنهم وقل سلام فاصبر صبراً جميلاً فاصبر إن وعد الله حق فاصبر وما صبرك إلا بالله وهنا لا يظن أحد أو يظن بعض الناس أن الصبر على هؤلاء أعداء الإسلام نصر الله الإسلام عليهم وأخزاهم وأذلهم لا يظن أحد أن هذا من الخور في عدم المواجهة لأن العمل إذا لم يكن بعلم شرعي وفق منهج السلف الصالح تلك الساعة إذا تقلبت الموازين واختلت الأمور حصل الهدم وزال البناء وحصل الإفساد وزال الإصلاح فأرادوا من النبي صلى الله عليه وسلم ننتقل إلى الحديبية انتهيت من ذكر في قضية مكة في الحديبية جاء الوحي بالصلح مع هؤلاء صلح وقتي لأن المراد حقن وحفظ المصلحة العامة الكبرى فقال الكفار في ضمن الصلح إن جاءك رجل منا مسلم ترده وإن جاءنا منكم رجل كافر لا نرد العقل يقول لا أما إذا كان العقل منقاداً مع الشرع يقول ماذا قال الشرع إن قال الشرع نعم سمعنا وأطعنا إن قال الشرع لا قلنا سمعنا وعصينا يعني سمعنا وعصينا لمن خالف الشرع فوافق النبي عليه الصلاة والسلام فجاء أبو جندل يصف في قيوده فقال سهل أو الذي جاء للصلح مع النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا لا أكتب حتى تعطيني هذا فقال :(2/97)
ردوه والله يا إخواني أن العقول المجردة إذا سمعت هذا الكلام تطيش وهي تقول أيعقل أن يرد هذا الرجل نعم وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى والقصة كلكم يعرفها في آخرها أن من جاء من الكفار مسلماً لم يذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام لعلمهم أنه سيقوم بردهم كفار ففتحوا جبهة ثالثة أو جبهة ثانية فضاقت على المشركين السبل فأتوا ونقضوا ذلك الشرط وانظر في عاقبة الأمر في أول الأمر كان يظن الإنسان أن عاقبة الأمر خسرى لكن لما إذا نظر الإنسان بعين البصيرة وتأمل وجد أن عاقبة الأمر خيراً أو أن عاقبة الأمر خير كثير فهذا موقف ينبغي أن يكون في سويداء القلب لأن العواطف إذا تدخلت دون النصوص كما تقدم آنفاً انقلبت عواصف .
فضيلة الشيخ خالد الراشد
ضيف الحلقة :
نعمة الأمن
موضوع المحاضرة
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون يا أيها الناس اتقوا ربكم الذين خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار معاشر الأحبة حاضرين ومستمعين ومشاهدين حب الأمان مطلب فطري لكل الناس وهذا الأمن والأمان من الخير الذي فطر الله الإنسان على حبه لقوله تبارك وتعالى عن الإنسان وإنه لحب الخير لشديد .(2/98)
وفي ظل الأمن والأمان تحلو العبادة ويصير النوم ثباتاً والطعام هنيئاً والشراب مريئاً وهو مطلب الشعوب كافة والأمن هبة من الله لعباده ونعمة يغبط عليها كل من وهبها ولا عجب في ذلك فقد قال الله (( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )) و قال صلى الله عليه وسلم :
(( من أصبح آمناً في سربه معافاً في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيذت له الدنيا بما فيها )) اسمع واسمعي أعيد قال صلى الله عليه وسلم (( من أصبح آمناً في سربه معافاً في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيذت له الدنيا بما فيها )) قلت اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا ومن أجل استتباب الأمن في المجتمعات جاءت الشريعة الغراء بالعقوبات الصارمة والحدود القاطعة حفظاً للأمن والأمان فحفظاً للأمن والأمان غضب النبي صلى الله عليه وسلم على من شفع في حد من حدود الله وأكد على ذلك بقوله وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وما ذلك إلا من أجل سد باب الذريعة المفضية إلى التهاون بالحدود والتعذيرات أو التقليل من شأنها ولا عجب ولا غر في ذلك فإن في قتل مجرم واحد حياة هنيئة لأمة بأكملها قال سبحانه (( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون )) وقال صلى الله عليه وسلم (( لحد يقام في الأرض أحب إليكم من أن تمطروا أربعين يوماً )) لأن في إقامة الحدود ردع لأولئك الذين في قلوبهم مرض وقديماً قيل القتل أنفى للقتل حديثي معكم هذه الليلة عن الأمن عن نعمة الأمن في الأوطان خاصة وسيتكون اللقاء من النقاط والعناصر التالية :
مقدمة عن الأمن ستشمل التعريف والفضل وأخبار وعناية الإسلام بالأمن ثم مقومات الأمن في الأوطان وسيتكون من نقاط سبع أولها تحكيم شرع الله، إصلاح العقيدة ، شكر النعم ، الاستقرار السياسي ، استقرار الاقتصاد ، جهاز الأمن القوي ، ثم التزام الإعلام بالمنهج الإسلامي ثم الختام وآخر الكلام...(2/99)
إن نعمة الأمن والاستقرار لمن أعظم النعم التي يظفر بها الإنسان فيكون آمناً على دينه أولاً ثم على نفسه وعلى ماله وولده وعرضه بل وعلى كل ما يحيط به ولا يكون ذلك إلا بالإيمان والابتعاد عن العصيان لأن الأمن مشتق من الإيمان والأمانة وهما مترابطتان قال الله جل في علاه الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون والمقصود بالظلم كما بينه الله في آيات أخرى في وصية لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في مواضع عدة والأمن لغة عباد الله طمأنينة النفس وزوال الخوف وإلى هذا أشار الله بقوله في سورة التوبة:
(( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون )) قال الراغب الأصفهاني أي أبلغه المكان الذي فيه أمنه وطمأنينة نفسه وزوال خوفه والأمن اصطلاحا هو الحالة التي تتوافر حين لا يقع في البلاد إخلال بالقانون سواء كان هذا الإخلال جريمة يعاقب عليها القانون أو نشاطاً خطيراً يدعو إلى اتخاذ تدابير الوقاية والأمن لمنع مثل هذا النشاط والأمن كذلك هو السلامة والاطمئنان للنفس وانتفاء الخوف على حياة الإنسان أو على ما تقوم به حياة الإنسان من مصالح وأهداف وأسباب ووسائل مما يشمل أمن الفرد وأمن المجتمع والأمن بارك الله في الجميع هو الأساس في ازدهار الحضارة وتقدم الأمم ورقي المجتمعات وإذا ضاع الأمن اختلت الحياة وتوقف موكب التقدم وأصبح هم كل فرد هو الحفاظ على أمنه وأمن من معه دون النظر إلى أي شيء مهما كان ولقد اهتم الإسلام بالأمن(2/100)
غاية الاهتمام واعتبره هدفاً لذاته فلقد دعا القرآن الكريم بشكل صريح وفي آيات كثيرة إلى المحافظة على الأمن بكافة جوانبه الأمن للدين الأمن للنفس الأمن للمال الأمن للعرض والنسل وهذه هي الضروريات الخمس التي جاء الشرع لحفظها وجاءت لحفظها جميع الشرائع والأديان تأمل في قول أبي الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام وإذا قال إبراهيم ربي اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ولقد استجاب الله إلى دعاء إبراهيم فانتشر الأمن والطمأنينة في البلد الحرام واستمر هذا الأمن حتى في الجاهلية لدرجة أن الرجل منهم كان يلقى قاتل أبيه في مكة في طرقات مكة فلا يتعرض له بسوء بينما فقد هذا الأمن وشاع الخوف والاضطراب خارج مكة المكرمة وغيرها من أنحاء جزيرة العرب وإلى هذا أشار الله إلى أهل مكة ممتناً عليهم بتلك النعمة (( أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم أفا بالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون )) والإسلام يعتبر الأمن من أعظم نعم الله على الإنسان لهذا اهتم بالمحافظة عليه غاية الاهتمام فنهى عن كل ما يخل بالأمن مهما كان أمرا صغيرا فقد نهى صلى الله عليه وسلم المسلم أن يروع أخاه المسلم فقال بأبي هو أمي لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً وقال لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً ومن مظاهر اهتمام الإسلام بالأمن مراعاته لأحوال الناس في حالة فقدان الأمن أو في حالة اختلاله وخوف الإنسان والناس مما قد يحدث لهم ومن ذلك إسقاط أو تخفيف بعض التكاليف الشرعية عنه فرغم أن الصلاة هي عمود الإسلام ولا يعذر المسلم بتركها أو بتأخيرها عن وقتها من دون عذر إلا أنه عندما يختل الأمن ويشعر الإنسان بالخوف من عدو أو وحش يطارده أو حريق أو نحو ذلك فإنه تشرع له صلاة الخوف فيصلي على حسب حاله حتى أنه يجوز له الصلاة إلى غير القبلة(2/101)
وترك الركوع والسجود والاستعاضة عنهما بالإيماء إذا اضطر إلى ذلك وارجع إلى كتب الفقه لمزيد من الأخبار عن ذلك والإسلام في سموه وعظمته يأمر بحفظ الأمن حتى لغير المسلمين كأهل الذمة والمستأمنين ما داموا ملتزمين بالعهد مؤدين ما اشترطه الإسلام عليهم وقد بلغ ذلك مبلغاً عظيماً في الإسلام يدل على ذلك ما جاء في الخبر أن زيد بن سعنه وكان من أحبار اليهود جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطالبه بدين له لم يحل أجله ما حل أجل الدين وجاء اليهودي يطالب النبي صلى الله عليه وسلم بأداء الدين ومع ذلك تعامل مع النبي صلى الله عليه وسلم بقسوة وجلا فه فجذب النبي من ثوبه وأغلظ له في القول فنهره عمر نهر عمر اليهودي رضي الله عنه وأرضاه وهدده بالقتل ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتبسم ويقول لعمر:(2/102)
أنا وهو كنا أحوج لغير هذا يا عمر كنا أحوج أن تأمرني بحسن القضاء وتأمره بحسن التقاضي مع أن الدين لم يحل أجله بعد بأبي أنت وأمي سئلت عائشة عن خلقه فقالت كان خلقه القرآن وإن شئتم فاقرؤوا قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر لقد بقي من أجله ثلاث لقد بقي من أجل الدين ثلاث وأمر عمر أن يقضيه حقه ويزيده عشرين صاعاً من تمر مقابل التهديد الذي هدده فكان ذلك سبباً في إسلامه أرأيت كيف نستطيع أن نؤثر على الآخرين ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وأساس حفظ الأمن لغير المسلمين ما جاء في قوله تبارك وتعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين وفي هذه الآية الكريمة من البر بالمخالف في الدين والإحسان في الدين إليه ما لم تصل إليه القوانين في الحضارة المعاصرة التي تدعي وتتغنى بحفظ حقوق الإنسان قلت أي إنسان يعنون ويقصدون بل إن الإسلام لشدة اهتمامه بتوفير الأمن والطمأنينة للناس لا يمانع من عقد اتفاقيات أو معاهدات دولية إلى أجل مسمى حتى مع غير المسلمين طالما أن الهدف من هذه العهود والمواثيق والاتفاقيات هو إقامة الحق والعدالة ورفع الظلم عن المظلومين وحفظ حقوق الإنسان التي يدعون أنهم يحفظونها ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حضر حلف الفضول الذي تعاقدت قريش عليه في الجاهلية وأثنى عليه لأنه يهدف إلى نصرة المظلومين وردع الظلمة فقال صلى الله عليه وسلم :(2/103)
لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم ولو دعيت لمثله في الإسلام لأجبت لأن فيه نصرة للمظلومين وفيه ردع للظلمة والطغاة والمتكبرين ، حتى ننعم بالأمن والآمان في الأوطان لابد من مقومات وضوابط أولها تحكيم شرع الله بين الناس لأنه الضامن الوحيد للعدل والمساواة بين الناس فلا ضامن للعدل بين الناس إلا منهج لا إله إلا الله لذلك كان اتباع الأنبياء هم الضعفاء لأن منهج لا إله إلا الله يضمن لهم العدل والمساواة مع الآخرين ومن سور عدل الإسلام التي لا يمكن أن تتكرر في أي شريعة أخرى لكم هذا الخبر اختصم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وأرضاه مع يهودي في درع له لعلي هذا الدرع فذهب إلى القاضي شريح ولما لم تكن عند علي رضي الله عنه بينه إلا شهادة ابنه الحسن ومولاه قنبر وهي شهادة لا تقبل شرعاً فقد حكم القاضي بالدرع لليهودي رغم أنه يعلم أن الدرع لعلي رضي الله عنه وأرضاه فمن مثل علي لا يكذب ولا يدعي ما ليس له به حق ورغم أن اليهود أشد الناس عداوة للمسلمين ولكن القاضي طبق مبدأ العدل في القضاء حتى مع الأعداء فذهل اليهودي من ذلك الحكم وقال بل الدرع لأمير المؤمنين فاعترف وقال بل الدرع لأمير المؤمنين وقال هذا والله هو الدين الحق وكان ذلك سبباً في إسلامه فأكرمه علي رضي الله عنه ووهبه الدرع ووهبه فرساً معها قلت هذا هو ديننا وهذه هي أخلاقنا .
من مقومات الأمن أيضاً إصلاح العقيدة بإخلاص العبادة لله تبارك وتعالى قال الله جل في علاه وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من خوفهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً لا بد من إخلاص العبودية لله ولا بد من تصحيح العقيدة حتى ننعم بالأمن والأمان والمعنى واضح ولا يحتاج إلى مزيد بيان(2/104)
من مقومات الأمن أيضاً في الأوطان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا هو سبب خيرية هذه الأمة به تنتشر الفضيلة وبه تنقمع الرذيلة وهو وظيفة كل فرد في المجتمع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفة كل فرد في المجتمع وبتركه تحل العقوبات ويختل الأمن ليس المطلب أنكم صالحين لكن لابد أن نكون مصلحين دخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب بنت جحش رضي الله عنها وهو يقول ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج قلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث ولا خير في مجتمع لا يحارب الرذيلة ويدعو إلى الفضيلة قال صلى الله عليه وسلم :
لا تأمرن بالمعروف ولا تنهن عن المنكر أو ليوشكن الله أن يسلط عليكم عذاباً فتدعونه فلا يستجيب لكم اسمع مزيد من خطورة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقول عائشة دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليّ يوماً وقد حز به أمر عرفته في وجهه تقول :
دخل ولم يكلمنا ثم توضئ ثم خرج إلى منبره بين الناس تقول فالتصقت بباب البيت استمع إلى كلامه حمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن ربكم تبارك وتعالى يأمركم أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر وإلا وضعوا تحت إلا خطوط إن الله تبارك وتعالى يأمركم أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر وإلا تدعوني فلا أستجيب لكم تسألوني فلا أعطيكم تستنصروني فلا أنصركم فإذا سألت الأمة ربها فلم يعطيها وإذا استنصرته فلم ينصرها وإذا دعته فلم يجبها فأي باب يطرقون إذا تركت الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان مثل هذا الأمر الخطير.(2/105)
من مقومات الأمن في الأوطان أيضا شكر النعم بالقلب والجوارح والأركان وذلك بالإقرار للمنعم وذلك بحبه والثناء عليه وذلك باستعمال تلك النعم في طاعة الله أما ترون أحبتي أن الله لا يحارب إلا بنعمه النعم لا تدوم إلا بحقها وإذ تأذن ربكم وإن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد انظر ماذا يصنع كفران النعم بالأمم والشعوب قال الله وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله يعني لم تقدر تلك النعم حق قدرها ولم تقم بشكرها وأداء الفضل الذي لله فيه عليها فحول ذلك الأمن إلى خوف وجوع وألبسهم الله لباس الجوع واللبن بما كانوا يصنعون .
من مقومات الأمن في الأوطان أيضاً الاستقرار السياسي للبلاد فهو من أهم عناصر استتباب الأمن وانظر لتعرف هذا الأمر الخطير انظر إلى تلك الدول وإلى تلك الديار التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي فتكثر فيها الانقلابات فهناك لا يأمن الناس على حياتهم ولا على أموالهم ولا على أعراضهم فكيف يهنئون بطعام وشراب في ظل فقد الأمن والأمان ولقد اهتم الإسلام بتأمين استقرار البلاد فأمر بطاعة ولاة الأمر في غير معصية لله وجعل طاعتهم متممة لطاعته وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال تعالى يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا وحذر الإسلام من الخروج على الحكام فقال صلى الله عليه وسلم من أتاكم وأمركم جميعاً على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم فاقتلوه بل وشدد في الالتزام بطاعة ولي الأمر مهما كان أصله ونسبه لحديث أبي ذر قال :(2/106)
إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف لأهمية الأمر وخطورته لم يجعل الإسلام ارتكاب الحاكم لبعض المعاصي والمخالفات مبرراً للخروج عليه ما لم يصل ذلك إلى إعلان الكفر الباح الذي يكون عليه دليل قاطع من الله لحديث عبادة قال دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعنا فقال فيما أخذ علينا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله وقال إلا أن تروا عندكم من الله فيه برهان اتقوا عباد الله ولكني أوصي ولاة أمور المسلمين بتقوى الله والرفق بالرعية وأقول لهم إن الشعوب عندهم أمانة ومسؤولية والأمانة خزي وعار وندامة يوم القيامة إلا من أخذها بحقها قال أبو ذر يا رسول الله استعملني قال يا أبا ذر أنت ضعيف وهذه أمانة وهي خزي وعار وندامة يوم القيامة إلا من أخذها بحقها قال صلى الله عليه وسلم اللهم من تولى أمراً من أمور أمتي فرفق بها فرفق به ومن شق عليها فاشقق عليه فليتق الله الجميع راع ورعية .
من مقومات الأمن أيضاً الاستقرار الاقتصادي للبلاد نعم فتأمين الحياة الطيبة للجميع بتوفير حاجاتهم وسد مطالبهم يوفر الأمن للبلاد والعباد فشرع الإسلام الزكاة وحث على الصدقات وأمر بالعدل بتوزيع الأعطيات بسد حاجات الناس وتلبية رغباتهم قال الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي لعلكم تذكرون ،(2/107)
ومن مقومات الأمن في الأوطان وجود جهاز أمن قوي أجل فما فائدة الأنظمة وما فائدة القوانين إن لم يوجد سلطة تنفيذية قوية تقوم بتنفيذ الأوامر وبتطبيق الأنظمة والقوانين وتحاسب من يخالفها ولا بد أن يكون هذا الجهاز الأمني قوي بكل ما تعنيه القوة قوي بأفراده قوي بسلاحه قوي بخبرته والأهم من هذا أمانة ونزاهة فلقد حث القرآن الكريم أن يكون الموظف والعامل متصفاً بالقوة قال تعالى قالت إحداهما يا أبتي استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ولا بد من توافر هذه الصفات في رجال الأمن لأنه مؤتمن على نفوس الناس وعلى أعراضهم وعلى أموالهم وحتى يكون جهاز الأمن قوياً نزيهاً لا بد له من ضوابط وأمور أولها تقوى الله تبارك وتعالى وهي جماع الخير كله ورجل الأمن التقي هو الذي يراقب الله في كل أحواله فيقوم بعمله خير قيام سمعت وسمعتي عن رويع الغنم في الصحراء يؤدي وظيفته على أتم وجه دون حسيب ورقيب من البشر إلا لأنه يستشعر أن الذي يراقبه هو الله مر ابن عمر على رويع غنم يرتاد بأغنامه أحسن المراعي وأحسن الأماكن فأراد أن يمتحنه في تلك الخلوة فقال له امتحانا:(2/108)
بعنا من هذه الشياه فقال رويع الغنم إني مؤتمن ولا أستطيع أن أتصرف في أي شيء من هذا فقال له ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه قل للراعي أكلها الذئب ابتعد عن الأغنام عادت الذئاب على يوسف كما جاء على لسان إخوة يوسف إن ذهبنا نرتع ونلعب وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب ثم شهدوا على كذبهم بقولهم ولست بمؤمن لنا ولو كان صادقين لكن عجباً للذئب يأكل يوسف ولا يقطع ثيابه قلت قال ابن عمر لرويع الغنم بعنا من هذه الشياه قال أنا مؤتمن ولا أستطيع أن أتصرف في شيء من هذا قال قل للراعي أكلها الذئب فقال رويع الغنم بكل بساطة وماذا أقول للمالك إن كنت سأقول للمالك إن كنت سأقول للسيد أكلها الذئب فماذا سأقول لله مالك الجوارح والأركان يوم القيامة اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون يوم إذ يوفهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله 00 فبكى ابن عمر وأرسل إليه من يعتقه قال كلمة اعتقتك في الدنيا أسأل الله أن تعتقك يوم هي كلمة بسيطة لكن معناها عظيم فلا بد من كل عامل ورجل الأمن خاصة أن يتصف بهذه الصفة تقوى الله تبارك وتعالى وأن يراقب الله فيما استأمنه ويقوم على حفظ الأمن والأمان ثانيها من الأمور التي لابد أن يتصف بها رجل الأمن العلم والتدريب فا بالعلم يرتقي رجل الأمن وبالتدريب يتطور مستواه ولله الحمد دولتنا وبلاد المسلمين تنفق من أجل هذا الشيء الكثير.(2/109)
من مقومات الأمن في الأوطان ومن أهمها اليوم التزام الإعلام بالمنهج الإسلامي فالإعلام سلاح ذو حدين وولله كم أفسد الإعلام بسلاحه الآخر في بيوت المسلمين وأحدث فيها خللاً لا يعلمه إلا الله كم أفسدت الشاشات والقنوات التي لم تراقب الله فيما تعرضه على مسامع ومشاهد المسلمين في دراسة أجريت على خمسمائة فيلم تعرض في كثير من القنوات الفضائية تبين بارك الله فيكم أن سبعين بالمئة مما يعرض في تلك الشاشات والقنوات ودعوة إلى الجريمة وإلى الرذيلة والبعد عن العافية ،انظر إلى مدى تأثير الشاشات والقنوات على أبنائنا وبناتنا لا بد أن نستشعر الخطر طالب المرحلة الثانوية إن كان من المنتظمين هو أو هي من المنتظمين في حضورهم ومواظبتهم على الحضور دون غياب الطالب يقضي في الفصول الدراسية في سنوات الدراسة عشرة آلاف ساعة في الفصول الدراسية في المقابل هذا الطالب يمضون ويقضون أمام الشاشات على مدى هذه الفترة نفسها أكثر من خمسة عشر ألف ساعة أمام الشاشات والقنوات فقل لي بالله العظيم كيف يظهر أثر التعليم والشاشات والقنوات تبث سمومها بالليل والنهار وما خبر أكاديمي ستار عنا ببعيد فأجهزة الإعلام ومن أبرزها التلفاز والسينما والراديو والصحف والمجلات والكتب قد أصبحت من أشد الأجهزة تأثيراً على الناس بمختلف مستوياتهم فهذه الوسائل الإعلامية إما تهدم وهذا هو الغالب اليوم وإما تبني وقليل ما هم أكثر القنوات تهدم ولا تبني في بيوت المسلمين العجيب يا أخوان أن المفسدة واقعة في بيوت المسلمين من أثر الشاشات والقنوات ولا عندنا الشجاعة والقدرة أننا نغير المنكرات وولله لولا أن أطيل عليكم لأسمعتكم من مآسي المسلمين التي أحدثتها الشاشات والقنوات الشيء الكثير وحسبنا ما يقوله أئمة المساجد والخطباء تحذيراً وإنذاراً للناس من أثر تلك الشاشات والقنوات ألا فليتقي الله أصحاب القنوات وأصحاب الجرائد والمجلات فليست القضية كسب مادي بل القضية إما جنة(2/110)
وإما نار ومن دعا إلى حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة فماذا صنعت الشاشات والقنوات بأبناء المسلمين بل وحتى برجالهم نساءهم وأطفالهم ألا فليتقي الله كذلك أولئك الذين يسطرون في الجرائد والمجلات وليعلموا أن كل كلمة ستكتب عليهم قال صلى الله عليه وسلم :
إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل بها رضوانه إلى يوم يلقاه بالكلمة الواحدة ينال رضوان الله تبارك وتعالى إلى أن يلقى الله جل بعلاه وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل عليه بها من سخطه إلى يوم أن يلقاه بالكلمة يستطيع الرجل أن يرقى في الجنان وبالكلمة يهوي في الدركات والنيران نسأل الله العفو والعافية حتى يعلم كل منا مدى خطورة الكلمة قال الله (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) هذه مقومات الأمن لجميع الأوطان على قدر حرصهم يكون لهم الأمن من الله والأمان وعلى قدر تفريطهم يحل عليهم العذاب والهوان أعيد هذه المقومات عداً تحكيم شرع الله إصلاح العقيدة شكر النعم الاستقرار السياسي استقرار الاقتصاد جهاز أمن قوي ثم التزام الإعلام بكل أنواعه بالمنهج الإسلامي فليتقي الله الجميع آخر الكلام إن الذنوب والمعاصي هي أعظم سبب لزوال الأمن واختلال الأمان في الأوطان وما يحصل اليوم من فتن وبلايا وجرائم مخلة بالأمن هي بسبب كسب الأيدي وجزاء الأعمال التي تصدر من العباد قال الله ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا يا الله قال :(2/111)
ليذيقهم بعض الذي عملوا فكيف لو عاملنا الله بعدله تأمل وتأملي في قوله تبارك وتعالى ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين يا الله قال سبحانه بشيء من الخوف فكيف لو ابتلانا بالخوف كله فكيف لو ابتلانا الله بالخوف كله قال سبحانه وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا وقال سبحانه وإذا أردنا أن نهلك قرية أمر متر فيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا والله لا يحابي أحد ولا يجامل ولكنه أرحم الراحمين وهو الذي قال :(2/112)
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا أجل عباد الله إنها الذنوب والمعاصي عن عبد الله بن عمر قال أقبل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن اسمعوا بارك الله فيكم وانظروا إلى واقعنا في هذا الزمن قال بأبي هو أمي لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها تصبح جهارا على شاشاتهم وقنواتهم ووسائل إعلامهم إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها يجاهروا بها نسأل الله العفو والعافية إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقص المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم اسمع مزيد ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم أليست هذه خيرات المسلمين تذهب إليهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم فليتق الله الجميع وليعلم القاصي والداني أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة قال الله فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون بالتوبة والاستغفار تحل البركة على البلاد والعباد ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض من أجمل القصص ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم لنا حين قال :(2/113)
قحطت بني إسرائيل أصابهم قحط شديد فخرج موسى عليه الصلاة والسلام بسبعين ألف من قومه فيهم الشيوخ الركع والأطفال الرضع والبهائم الرتع دعا الله وتضرع فما زادت السماء إلا تقشعاً وصفاءً ما زادت السماء إلا تقشعاً وصفاءً دعا وتضرع فما زادت السماء إلا تقشعاً وصفاءً فأوحى الله إلى موسى أن بينكم عبد يحاربني بالمعاصي منذ أربعين سنة لا أسقيكم حتى يخرج من بينكم انظر وانظري إلى شؤم المعصية بمعصية واحد نسأل الله العفو والعافية منعوا قطر السماء حتى تعلم أن الذنوب تتعدى بآثارها على الآخرين لذلك كل عاص هو سبب من أسباب ضعف هذه الأمة كل عاصي مخالف هو مفسد في الأرض على قدر إفساده فلا تصلح السموات ولا تصلح الأرض إلا بطاعة الله وفي معصية الله فساد للسموات والأرض ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس قال فدعا موسى وتضرع فلم تزد السماء إلا تقشعاً وصفاءً فأوحى الله إلى موسى إن من بينكم عبد يحاربني بالمعاصي منذ أربعين سنة لا أسقيكم حتى يخرج من بينكم فقال موسى كيف أعرفه قال يا موسى نادي وعلينا البلاغ فنادى موسى في قومه إن من بيننا عبد يعصي الله ويحارب الله بالمعاصي منذ أربعين سنة ولن نسقى ولن يسقينا الله حتى يخرج هذا العاصي من بيننا فوصل البلاغ وسمع قوم موسى ما قال لهم موسى :(2/114)
هذا الذي يعصي الله عرف نفسه فكل نفس بما كسبت رهينة وكل عاص أدرى بنفسه هذا عرف نفسه تلفت يمنة ويسرى يريد أن يخرج أحد غيره ما خرج إن خرج فضيحة أمام الملأ أجمعهم فماذا صنع غطى رأسه بثوبه ودعا ربه وتضرع قال يا رب سترتني أربعين سنة فلا تفضحني اليوم بين العباد أنا أستغفرك وأتوب إليك أعلنها في لحظات توبة ورجعة وإنابة وعودة إلى الله وهذا هو المطلوب من كل واحد منا أننا نرجع إلى الله تبارك وتعالى إن لم نرجع في مثل هذه الظروف الراهنة متى نرجع ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم أما يتضرعون إن لم نرجع في مثل هذه الظروف الراهنة والأخطار تحيط ببلاد المسلمين من كل حدب وصوب فمتى نرجع فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون غطى رأسه بثوبه ناجى ربه الذي يسمع النداء قال يا ربي سترتني أربعين سنة فلا تفضحني اليوم بين العباد أنا أستغفرك وأتوب إليك والتوبة سر بين العبد وبين ربه إذا صدق صدق الله معه لذلك قال الله في سياق آياته :(2/115)
الثلاثة الذين خلفوا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين يعني اصدقوا في توبتكم مع الله توبة أكثر الناس توبة كاذبة نسأل الله العفو والعافية يدعون أنهم يتوبون لكنهم لا يقلعوا عن الذنوب والمعاصي أي توبة هذه أعلنها توبة أستغفرك ربي وأتوب إليك لا تفضحني اليوم بين العباد فما هي إلا لحظات حتى تلبدت الغيوم في السماء وأمطرت عليهم مطراً غزيراً فاضت منه الأرض وامتلأت منه الطرقات وسالت منه الأودية قال موسى متعجباً يا ربي ما خرج منا أحد ما خرج من بيننا أحد فقال الله تبارك وتعالى وحياً إلى عبده موسى به منعتكم القطر وبه سقيتكم يوم أن كان عاصياً منعتم القطرة بسببه فلما تاب وأناب سقيتكم بسببه وتنزلت عليكم بركات السماء رأيت كيف تصنع التوبة بتوبة واحد تنزلت الخيرات والبركات فكيف لو تاب الناس كلهم كيف لو رجع العباد من أولهم إلى آخرهم إلى رب الأرض والسماء قال موسى ربي فمن هو هذا العبد الذي منعتنا بسببه وسقيتنا بسببه فقال الله يا موسى سترته عاصياً فكيف أفضحه بعد أن تاب سترته عاصياً فكيف أفضحه بعد أن تاب أما يكفينا أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين من واجب الناس أن يتوبوا ولكن ترك الذنوب أوجب والدهر في صرفه عجيب ولكن غفلة الناس عنه أعجب وكلما ترتجي قريب والموت من دون ذلك أقرب فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة لا بد أن نعلم أن مسؤولية الأمن مسؤولية الجميع ليست مسؤولية رجال الأمن فقط بل هي مسؤولية الجميع أننا نحفظ أمن وأمان هذه البلاد وبلاد المسلمين عامة .(2/116)
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا ولاة أمورنا اجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وسنة نبيك يا رب العالمين اللهم اجعلهم سلماً لأوليائك حرباً على أعدائك يا حي يا قيوم اللهم قيظ لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الخير إذا فعلوه وتذكرهم به إذا نسوه اللهم من أرادنا وبلادنا وبلاد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره يا رب العالمين اللهم أصلح الراعي والرعية واجمع كلمة الجميع على الحق يا رب العالمين اللهم ولي علينا خيارنا واكفنا شرارنا يا مالك الملك يا حي يا قيوم اللهم ادفع عنا الغلا والربا والزنا والفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين اللهم لا تأخذنا بالتقصير وأعفوا عنا الكثير وتقبل منا اليسير إنك يا مولانا نعم المولى ونعم النصير اللهم اجعلنا ممن إذا أنعمت عليه شكر وإذا ابتليته صبر وإذا أذنب استغفر يا رب العالمين اجمع كلمة المسلمين على الحق يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام استغفر الله العظيم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
فضيلة الشيخ إبراهيم بوبشيت
ضيف الحلقة :
شجاعة تائب
موضوع المحاضرة :
ففي مستهل هذا اللقاء من اليوم الثاني عشر من شهر محرم لعام 1425من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وفي مسجد أبي ذر الغفاري بحي اشبيليا بمدينة الرياض نعايش معكم محاضرة بعنوان شجاعة تائب ،(2/117)
أيها الأحبة إذا تحركت الصفوف فالشجاع هو مقدامها وإذا اعتلت الأصوات فصوت شجاعها هو خادمها فهو خامدها لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف فارس إذا حلت الأزمات وضاقت المزدحمات وتحشرجت الفتن في الصدور فالشجعان هم أهل عراكها ما أجمل الحديث عن الشجاعة في زمن قل فيه الشجعان وكثر فيه الجبناء وا حاجتنا فيه لحياة قلوبنا وراحة ضمائرنا ولكن الحديث اليوم عن شجاعة فريدة لماذا لأنها شجاعة تائب وعائد وراجع تائب حطم الحواجز واختلع الأسوار واقتلع الأسوار فحرق الشهوات وحرم المحرمات وأعلنها طاعة لرب الأرض والسماوات فكم يعلمها أقوم رجال كانوا أو نساء ضيقاً في الصدور هموم وغموم واعكاد تعسر في الحياة وانحطاط في الأخلاق عدم بركة في الأرزاق وعدم صلاح في الأولاد وعدم حب وتألف بالفرقة وخلاف بل يعلنها بعض بكل صراحة فيقول :أريد الانتحار أريد الانتحار لا أجد لذة لطاعة بل لا أجد لذة لحياة إنها زهور التوبة المباركة عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن العبد إذا أخطأ نكتت في قلبه نكتة سوداء فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه وإن عاد زيد فيه حتى تعلوا قلبه وهو الران الذي ذكره الله كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح واللفظ له التوبة قرارها محمود العواقب وأثارها عظيمة النتائج يقول ابن القيم عليه رحمة الله تعالى :(2/118)
في مدارج التوبة هي من أفضل مقامات السالكين لأنها أول المنازل وأوسطها وأخرها فلا يفارقه العبد أبداً ولا يزال فيها إلى الممات قال محمد الوراق قدم لنفسك توبة مرجوة قبل الممات وقبل حبس الألسن بادر بها غلق النفوس فإنها ذخر للمنيب المحسن نعم أيها الأخ المبارك وأنت يا أختاه حماك الله تعالى أخي كن شجاعاً واقتدي بمن قبلك وأعلنها كلمات وقل ربي تبت إليك وها أنا ذا بين يديك هذا أدم عليه السلام يعلن كلمات العودة والتوبة والندم بين يدي الله تعالى في زمن قل فيه من يتوب أمام الله ومن يختلي بالله ويعلن أنه من التائبين والعائدين الراجعين والنادمين قال الله سبحانه وتعالى :
وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكم الشجرة وأقول لكما إن الشيطان لكما عدو مبين قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين من تاب إلى الله قبله الله ومن عاد إلى الله قبله على الله قال الله عن أدم ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدا هذا إبراهيم عليه السلام يعلنها كلمات الانكسار لله تبارك وتعالى بكى ذنبه ودعا ربه وقال سبحانه وتعالى حاكياً خبره والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين هذا سليمان عليه السلام يخبر الله عنه فيقول ولقد فتن سليمان وألقينا على كرسيه جسد ثم أناب قال ربي اغفر لي وهب لي ملك لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب فجاء الجواب فغفرنا له وغفر الله عزّ وجل من قبل ذلك لأبه داوود عليه السلام فقد قال الله عز وجل :
عن داوود استغفر ربه وخرّ راكعاً وأناب وهذا موسى عليه السلام يتهم نفسه ويطلب المغفرة ويناجي ربه فيقول إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول الله سبحانه وتعالى مخبراً إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وقد غفر الله للمهاجرين والأنصار حينما تلبسوا بالطاعة فقال الله سبحانه وتعالى :(2/119)
لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسر من بعد ما كان يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم أخي الحبيب كن شجاعاً محاسباً لنفسك واعلم أن الذنوب سموم مهلكة وأما التوبة فهي نار في القلب تلتهب قال سهل بن عبد الله الدستوري التوبة تبديل الحركات المذمومة بالحركات المحمودة أخي كن شجاعاً حطم الأسوار حطم حصون المعاصي وانتصر عليها فالتائب هو أشجع الناس عاقبة الشجاعة انشراح في الصدر يقول ابن القين رحمه الله تعالى :
فإن الشجاع منشرح الصدر واسع البطان متسع القلب والجبان أضيق الناس صبرا وأحصنهم قلباً لا فرحة له ولا سرور ولا لذة له ولا نعيم وأما سرور الروح ونعيمها وابتهاجها فمحرم فمحرم فمحرم على كل جبان كما هو محرم على كل بخيل إن العبد أي الإنسان يولد مرتين ولادة يلدها أو يولد لها كل الناس فأما الأولى فالولادة التي يشارك فيها الحيوان الإنسان وهي حال خروجه من بطن أمه أما الولادة الأخرى فهي تلك الولادة التي من أول يوم يعلن فيها توبته وعودته إلى الله ورجوعه وانكساره إلى الله حياة القلب بالإيمان هي الولادة الأخرى كما قال شيخ الإسلام :
في الحج وبعد الطواف والسعي جئنا إلى السكن إنها ولادة رجل عمره خمسة وخمسون عام جاء إلي وهو معنا في الحملة فقال والله إني لأحدثك بأمر وهو من أسرة راقية رفاهية تعيش أعظم ثراء وتعيش أعظم الصور قال أنا وأعرف أنه في مرتبة عالية في الدولة فقال أنا والله عشت الثراء كله منذ ما كنت صغيراً وأنا دراستي خارج البلاد حتى قال كأس الماء لا أخدم نفسي به بل إنه يأتيني بل إن أماكن الخضرة في العالم زرتها وطأتها رجلاي عمره خمسة وخمسون عاماً يقول :(2/120)
قد منعني الأطباء أنني أمشي مقدار كذا من الأمتار لأن بي من العمليات في ظهري ما الله به عليم يقول لما انتهيت من الطواف ووقفت على الصفا ومن على الصفا صفا لما وقفت على الصفا قلت فلان كيف سوف تسعى هذا المشوار الطويل وجاءني الشيطان وقال فلان أنت بمالك وثرائكم ونعيمك تستطيع أن تخدم نفسك وتستطيع أن تعمل وتعمل لو سقطت بين هؤلاء الحجاج فمن يقوم بك ومن يقوم بشأنك فجاءني الشيطان وأنا أخاطب نفسي وأقول :
يا فلان طالما وقفت في المراقص ساعات طالما رقصت في المراقص ساعات الآن لما جاءت طاعة الله تستأجر لك عربة فلان طالما سافرت الساعات الطويلة البلد الفلاني والبلد الفلاني يقول لي باختصار والله لما انتهيت من السعي والله وجدت زور في قلبي وراحة خمسة وخمسين عام ما وجدت ذالك النوم ولا وجدت تلك السعادة ولا وجدت تلك الراحة والله بت الله في قلبي راحة وطمأنينة ما وجدتها طوال حياتي تلك الحياة المريرة يحدثني وهو يعيش أشد الألم وقد أثر فيني والله بقصته حتى اثر في بعض الحجاج في أيام الحج والعجب أنه بكبر سنه وتواضعه يتصل علي فأقول يا أبو فلان :(2/121)
كيف وجدت الإيمان الآن قال والله والله وجدت السعادة الآن لما وضعت مفتاح المسجد في جيبي لما وضعت مفتاح المسجد في جيبي وأنا الآن أنافس المؤذن في فتح المسجد في صلاة الفجر روي أنه كان في بني إسرائيل شاب عبد الله تعالى عشرين سنة ثم عصا عشرين سنة ثم نظر في المرأة ليسمع أصحاب الخمسين والستين والسبعين ليسمع كل متقاعد جلس على الفضائيات والمحرمات فرأى الشيب في لحيته فساءه ذلك فقال إلهي أطعتك عشرين سنة ثم عصيتك عشرين سنة فإن رجعت إليك أتقبلني فسمع قائلاً يقول أحببتنا فأحببناك وتركتنا فتركناك وعصيتنا فأمهلناك وإن رجعت إلينا قبلناك اتصل ليؤكد ويقول أتمنى أن تروي قصتي التي لا أزال أتجرع مرارتها إنها شجاعة تائب نعم والله إنه لشجاع يقول كنت صديقاً للباطل عدو للحق اعشق المخدرات والمسكرات ضحيت بكل شيء من أجل الحرام إنما الهدف الحصول على اللذة الحرام قصته باختصار يقول سرقت ذهب أمي ويا ليت الأمر كان في السرقة سرقت ذهب أمي كله حتى بعته وجعلت أيامه أيام مخدرات ومسكرات ومحرمات ما الذي حدث حدث أن الخادمة اتهمت بأنها هي السارقة ضربت أهينت بل شاركتهم في ذلك وهي تنادي وتقول أعطوني كتاب الله أقسم عليه أني ما سرقت الذهب ونحن نقول لها:
أنت التي سرقتي سجنت جلدت عذبت في النهاية وأنا أنظر إليها مع ذلك كله وأقول أنا السارق وأقول أنا السارق تمسك بكتاب الله أمامي وتقسم أنها ما سرقت الذهب بعد السجن بمدة سّفرت إلى بلادها لم تحمل معها شيء غير التعذيب والتنكيد بها حتى ملابسها التي قدمت بها معها لم تعطى إياها نعم أنا الظالم أنا السبب أنا السارق الذهب بعدته من أجل المخدرات أنا والله حرارة المعصية الآن في قلبي أعرف أنها من البلاد الفلانية لكن أتمنى أن أعرف في أي أرض لكي أذهب بالمال كله إليها ليس إلى أمي أريد أن قلبي يبرد من تلك المعصية التي أعلم أني عصيت الله تعالى بها .(2/122)
وهذه قصة أخرى لو أنا صاحبها جاءني إلى بيتي ما كنت أتصور أن شاب من شبابنا يصل به الأمر إلى هذا ألقيت محاضرة وليس هذا تعريفاَ بالحال ولكن هكذا القصة تروى بحالها في كلية المعلمين عندنا بالمحافظة في محافظة الإحساء وفي المغرب في رمضان قبل الماضي يأتني الاتصال والآن قلت نعم قال أنت من هنا قلت نعم قال وقصته طويلة قال أنت ما الذي أدراك بحالي قلت ما أعرفك يا أخي ولا رأيت ولأول مرة أسمع هذا الصوت بدأ الحديث قال كنت خارجاَ من الكلية وقد جاء بعض الأخوة والأحبة وطلبوا بعض الأشرطة وكانت من ضمنها الحب الزائف فوضعوه على سيارة هذا الشاب كان يريد القدوم من الإحساء إلى الرياض لكي يلتقي بفتاة لكي يلتقي فقط بفتاة أنظر أهل المعاصي لأي شيء يسافرون ونحن لأي شيء نرتحل يقول :
وفي أثناء الطريق وقفت في المحطة أدخلت يدي في الدرج لأخذ المال يقول فرأيت الشريط ففتحته والله لقد وصلت إلى بيتها في الرياض ما استطعت أن أدخل خوفاَ من الله تعالى ليس الأمر هذا بل الأمر أعظم يقول أنت ذكرت أن أحدهم انفق في الحب والعلاقات خمسة وسبعين ألف أنا أنفق في الحب والعلاقات مئتين وخمسين ألف ريال مئتين وخمسين أنفقها في العاشقين والعاشقات في حب فلانة وحب فلان الله يحاسبني في يوم القيامة اشتريت عشرة جوالات بأرقامها وأعطيتها فتيات أسهر على الحرام أريد الحل والله لو أنه جلس في بين يدي في البيت ما كنت أصدقه ما كنت أصدقه ما كنت أصدقه قال :(2/123)
أصابني الله بمرض وأنا أعلم أن هذا موعظة لي من الله الذي مرض وراثي ليس في أسرتي ذلك المرض لا إله إلا الله / والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون / يا الله ما أجمل دمعات التائبين وهي تتحرك في موق عيونهم تنتظر صرخة واعظ وهمسة ناصح ما أحلاها وأنقاها وأوفاها وهي تتحرك على وجناتهم تغسل وجههم بمياه الندم قبل ذلك غسلت قلوبهم لسان حال التائب يقول :
هذا كتابي فيه معذرتي ينبئكم اليوم عن سقمي وعن أنمي أجللت ذكركم عن أن يدنسه لو المداد فقد سطرته بدمي / الله الله الله يحب التوابين فلماذا لا نتوب الله يحب النادمين فلماذا لا نندم قال أرحم الرحمين عن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين الله يحبك الله يبحك يا من تبتي وعدي إلى الله هنيئاً لك أيها التائب وأنت أيتها التائبة فإذا أحبكم الله نادى جبريل في أهل السماء أن الله يحب فلان فأحبوه أن الله يحب فلان فأحبوه شجاعة تائب عائد وراجع إن الله يحب التوابين قال ابن كثير :(2/124)
أي من الذنب وإن تكرر غشيانه هنيئاَ لك أيها التائب هنيئا لك أيتها التائبة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يديه بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ورواه مسلم أيها الأخوة والأحبة أين الإيمان وكماله من عصى الله وحارب الله جل في علا كيف يرضى المؤمن الغيور على دينه أن يسلب منه الإيمان من أجل أغنية من أجل غيبة من أجل حرام من اجل خمر من أجل قتل من أجل ضغينة من أجل بغضاء من اجل قطيعة روا البخاري من حديث عكرمة ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربه وهو مؤمن ولا يقتل وهو مؤمن قال عكرمة قلت لابن عباس :(2/125)
كيف ينزع منه الإيمان فأدخل يديه في الأخرى ثم أخرجهم هكذا فقال ينزع منه الإيمان نزعا قال وكيف يعود إليه الإيمان قال ثم أرجعوهم قال يرجع إليهم الإيمان هكذا لا إله إلا الله عندما يفقد العبد الإيمان يصبح جبان كن شجاعاَ أطفئ الأغاني أطفئ في بيتك الحرام وأيقظ الإيمان البيت والإنسان إذا غشيته الإيمان فكأنه نائم استيقظ من سبات عميق هذا هو حال الشجعان رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه سجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه لله در رجال واصلوا السهر واستعذبوا الوجد والتبريح والفكر فهم نجوم الهدى والليل يعرفهم إذا نظرتموهم هم سادة بررا كل غدا وقته بالذكر مشتغلا عما سواه واللذات قد هجر يمسي ويصبح في وجد في وجد وفي قلق مما جناه من العصيان منذعرا يقول يا مولاي قد جئتك معترفا بالذنب فاغفر لي يا خير من غفر حملت ذنوباَ عظيماَ حملت ذنباَ عظيماَ لا أطيق له ولم أطع مولاي في كل ما أمر عصيته وهو يرخي ستره كرما يا طالما قد عفا عني وقد ستر وطالما ما كان لي في كل نائبة إذا استغثت به من كربة نصرا وإنني تائب مما جنيت وقد وافي بابك يا مولاي معتذرا لعل تقبل عذري ثم تجبرني يوم الحساب إذا قدمت منكسرا وقد أتيت بذل راجي كرمة أليا يا سيدي قد جئت مفتقرا كل الفضيل ميت بالذنوب وابن أدهم مقتول بالكبر والسبت هالك بالملك والجنيد من جيد الجند فسمع الفضيل آية فذلت نفسه لها واستكانت وزجر ابن أدهم بكلمة كلمة قلبه فانقلب هاتف عاتبه غلام أخرجهم من بلخ إلى الشام فيا مقبل على المعاصي وهي تدبر والله يقبل عليك وأن تدبر يحبك بكلمة ويغفر لك بدعوة وأنت تعصيه بكلمات ولا ترفع إليه الشكوى في الدعوات بعد إحدى المخيمات قال لي ا:لأحبة والأخوة الفضلاء :(2/126)
هناك شخص يريد مقابلتك فيسير الله أن نتقابل مع ذلك الإنسان فلما قابلته رأيت عليه رأيت عليه علامات التوبة والنوبة والرجوع فبادرته قالاَ أسأل الله أن يتقبلنا وأن يتوب علينا وأن يغفر لنا وأن يسامحنا وأن يعفوا عنا ثم ذكرته بحديث قاتل المائة قلت هذا رجل قتل مئة نفس ثم تاب إلى الله وقبله الله تدرون ماذا رد علي قال هذا قتل مئة نفس فتاب الله عليه أما أنا فقد قتلت مئات أنا الله ما يتوب علي قلت أخي أنت في شك من رحمة الله قال لا أنا لست في شك من رحمة الله ولكن هذا قتل مئة نفس فتاب الله عليه قلت سفك دمائها ويتم أطفالها ورما نسائها فتاب الله عليه تدرون ماذا قال قال :
أنا قتلت مئات يتمت أطفال رملت نساء الآن أناس في السجن ينتظرون القصاص بسببي بيوت هدمت بسببي ثم قال كلمة عظيمة قال باختصار أنا تاجر مخدرات من عشرين سنة أنا تاجر مخدرات من عشرين سنة على ما يقنط أولئك الأقوام جاءني أحدهم من الشمال وصلى معي في المسجد وقبل إقامة صلاة العصر قال فلان قلت نعم قال أريدك بعد الصلاة ثم جلست معه قال لي قال توبتي كانت بعد وفاة أمي ولكن أنا اقترفت مبيقات ومهلكات الله يتوب علي قلت نعم الله يتوب الله رحيم الله تواب قال قرأت كتاب الكبائر للذهبي فكلما قرأت كبيرة قلت قد فعلتها واقترفتها ما بقي بيني وبين الكفر إلا عتبات ودرجات قلت الله يتوب عليك الله يتوب عليك وقد أتيتكم ببعض الأوراق ملخصة بأيديهم كتبوا هذه الرسائل هذه والله قد ألم قلبي ولا أتمنى والله أن أقرأ أمثال هذه الرسائل ولكن شجاعة تائب شجاعة تائب أقول شجاعة تائب يعلنها توبة يقول هذا الكاتب في هذه الرسالة :(2/127)
والله هذه الورقة وهذه الرسالة ما لها الآن إلا أسبوع كانت في الأربعاء الماضي كنت في إحدى مناطق المملكة وجاءت لي هذه الرسالة يقول الذي حضر معنا يقول أنا كافر لا بل منافق والله البارحة فعلت لواط والله إني لم أركع وأسجد اليوم لله أبداً وأنا والله أُدعى للاستقامة وآبى بل منافق بل منافق النار لي أنا في الدرك الأسفل أنا ملعون كيف أتوب والله لن يقبل وهذا يقول حاولت الانتحار أكثر من مرة تذكرت عقوبة المنتحر شعرت بالعقوبة المؤلمة الأذية والله ما يزيد على عشر رسائل كلها مؤلمة ما أستطيع قراءتها إلى هؤلاء جميعاً نقول لهم اسمعوا هذا الحديث العظيم روى الترمذي عن أنس رضي الله عنه وهو حديث حسن أن الله عز وجل يقول يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك إنها رحمة الله يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يدني الله العبد يوم القيامة فيضع عليه كنفه فيستره من الخلائق كلها ويدفع عليه كتابه في ذلك الستر فيقول :(2/128)
اقرأ يا ابن آدم كتابك فيقرأ فيمر بالحسنة فيبيض لها وجهه ويسر بها قلبه فيقول الله أتعرف يا عبدي فيقول نعم فيقول إني قبلتنها منك إني قبلتها منك فيسجد فيقول ارفع رأسك وعد في كتابك فيمر بالسيئة فيسود لها وجهه ويوجل منها قلبه وترتعد منها فرائصه ويأخذه الحياء من ربه ما لا يعلمه فيقول أتعرف يا عبدي فيقول نعم يا رب يقرر بأخطائه فيقول رب العزة والجلال إني قد غفرت لك فيسجد فلا يرى من الخلائق إلا السجود حتى ينادي بعضهم بعضاً طوبى لهذا العبد طوبى لهذا العبد لم يعص الله قط ولم يدرون ما قد لقيه ما بينه وبين ربه مما قد وقفه عليه رواه البخاري وعقد الإمام المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باباً في فضل التوحيد في كتابه كتاب التوحيد وذكر فيه هذا الحديث العظيم حديث الترمذي عن أنس الذي ذكرناه قبل قليل قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله وفي هذا الحديث كثرة ثواب التوحيد وسعة وكرم الله وجوده ورحمته والرد على أولئك الخوارج الذين يكفرون المسلم بالذنوب وعلى المعتزلة الذين يقولون بالمنزلة بين المنزلتين وهي الفسوق ويقولون ليس بمؤمن ولا كافر ويخلد في النار والصواب قول أهل السنة لأنه لا يسلب عنه اسم الإيمان ولا يعطاه على الإطلاق بل يقال هو مؤمن عاص أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته وعلى هذا يدل الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة انتهى كلامه كما في فتح المجيد إنه الله الرحيم الرحمن التواب الذي قد قال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله لفغر لكم أخرجه الإمام احمد رحمه الله تبارك وتعالى فالمشرك والقاتل والزاني إذا أعلنوا القرار أعلنوا الشجاعة أعلنوا التوبة لله قبلهم الله قال الله عز وجل:(2/129)
والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلاّ من تاب إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاب المراضي إذا أعلن التوبة إلى الله قبل الله توبته فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون هذه إحدى التائبات صاحبات الشجاعة إنها شجاعة تائبة نعم شجاعة تائبة كتبتها أتصور بدم قلبها لا بقلم بنانها أتيت بالورقة الأصلية ووضعتها في هذه الورقة لعل أن يكون وقعها أقوى اسمعوها يا رجال ولتسمعيها يا أمة الله من هذه المرأة التي في رمضان ليلة السابع والعشرين عندما فتح صندوق التبرع في الجامع عندي وجد فيه مال ووجد من ضمن المال أسورة من الذهب وحلق من الذهب أيضاًُ ومعهم هذه الورقة موضوعة في ذلك الطرف ماذا تقول هذه التائبة تقول :(2/130)
هذا آخر ما أملك من العقد والأسوار أتصدق بها لتكون لي في الآخرة حلي من الجنة وآسف وآسف على وجودي بينكم أخاف أن يرد الله دعواتكم بسبب كثرة ذنوبي ومعاصي مع أنني تبت منذ ثلاث سنوات لكني راجية أن يعم الله عباده برحمته فيشملني معكم فادعوا الله لي بالثبات وأن يتقبل الله توبتي وحسن خاتمتي ويقيني من عذاب القبر والنار ويدخلني الجنة مع الصالحين وإياكم سبحان الله ما أجمل قرار الشجاعة نعم إنها شجاعة تائب ما أحلاه عندما يعلنه ذلك التائب الذي تجرع حلاوة الإيمان بعد مرارة العصيان إنها قصة عادل نعم عادل بعد صباح ذلك اليوم الخميس وعودته من الرياض نعم من بلدتكم بعد إحدى المحاضرات وفي الساعة السابعة والنصف يأتي الاتصال من يتصل في هذا الوقت إلا صديق أو حبيب فمن هذا وإذا به يقول أنا عادل عادل ما قصتك يا عادل يذرف دمعات تتحرك في قلبه قبل لسانه يقول عادل أنا مغن عشت مع الطرب ماضياً وللأغاني مسافراً أغراني أبناء أهل الثراء وقالوا لي :
عادل سافر معنا ليسمع المغنون والمطربون نعم ليسمعوا قال سافر معنا مطعوم مكفول سحروني ببريق ثرائهم وخدعوني بسحر ألفاظهم فذهبت في تلك السفرات وسهرت في البارات وعاقرت المحرمات فارحمني يا رب الأرض والسموات ثم قال وهو يتحسر على أيام قد مضت وساعات انقضت عادل حدثنا يقول عادل حدث لنا انقلاب في تلك الحافلة في إحدى الدول العربية يقول التي سافرنا إليها لكي نعصي الله لا لكي نطيع الله فالحمد لله الذي سلمنا الرحمن من نكبة الموت والخسران يقول عادل خصوصاً أني بدأت أرى هذا ميتاً من الحافلة وهذا تسيل دماؤه هذا يصرخ وذاك الطفل يطغم وتلك عاهرة سافرة ثم يقول عادل :(2/131)
الحمد لله هاأنذا أعلنها توبة وعودة إلى رحاب الإيمان بعد ما عصيت الله سنوات فأسأل الله أن يتقبلني بدأ عادل يعيش التضييق وهو لا يزال بحمد الله على استقامته وتوبته أسأل الله أن يثبته يقول من علامة توبتي أني ذهبت إلى وزارة الإعلام وسحبت جميع إصداراتي وأشرطتي في المنطقة وغيرها يقول لقد ضيق علىّ أبناء الدنيا وأهل الثراء بدؤوا يعرضون عليا المال بكثرة حتى يأتون إلي ويقولون أحي معنا سهرة واحدة ونعطيك كذا من المال ونعطيك كذا من المال لكن عادل عادل شجاع عادل شجاع لم تكن حاله كحال أولائك الخذالى الذين يتوب أحدهم يوماَ ويرجع أيام وسنوات أخوتي وأحبتي أي شجاعة منتكسة يظنها أولائك الأقوام الذين بذلوا كل شيء في المعاكسات والمهاترات ليس عند أحدهم شجاعة أن يغلق الجوال في المقبرة أو للصلاة ليس عند احدهم شجاعة أن يقطع المكالمة مع تلك الفتاة ليس عند بعضهم شجاعة أن يقطع فلان الذي تعلق به وذلك الذي أحبه بل والله ليعلنوا بعضهم ذلاَ في حياته أنه لا يستطيع ترك العادة السرية وبعضهم يقول :
والله كل خصال الخير موجودة إلا النظر لا أزال لا أستطيع تركه بل لا يزال البصر يتخاطفني من هنا وهناك سبحان الله أي شجاعة للتائب يريد أن يعلنها وأي شجاعة لتلك التائبة التي بدأت تعيش ذلا في حياتها لا تستطيع أنت تترك زواج فلانة ومناسبة فلانة لأن فيها منكر إنها الشجاعة شجاعة تائب وشجاعة تائبة .
فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن محمد أبو عباة
ضيف الحلقة :
الطريق إلى القلوب
موضوع المحاضرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وأصلي وأسلم على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله طبيب القلوب والخبير في الطريق إلى القلوب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ،(2/132)
أيها الأخوة أيها الأخوات السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته وفرصة طيبة أن نلتقي في هذا المساء المبارك مع هذه الوجوه الطيبة رجالاً ونساءً مع هذه النخبة من منسوبي هذه المدينة الطبية وهذا الصرح الشامخ وفي البداية بعد شكر الله عز وجل أتوجه بالشكر لإدارة هذه المدينة على توجيه هذه الدعوة لي لألتقي بكم في هذا المساء المبارك ،
وحديثنا سيكون عن الطريق إلى القلوب القلوب هذه المضغة المعقدة هذا الجهاز المعرفي الإدراكي العجيب الطريق إلى هذا القلب سهل جداً ويسير على من يسر الله إليه ذلك وعسير جداً على من لم يوفق إلى معرفة الطريق إلى القلوب الطريق إلى القلوب ممهد ميسر سمح لمن أعانه الله عز وجل وعرف كيفية الوصول إلى هذه القلوب وردت كلمة قلب وقلوب في القرآن الكريم أكثر من مئة وثلاثين مرة في مختلف استخداماتها مفردة ومثناه ومجموعة والطريق إلى القلوب أيها الأخوة كما قلت أمره يسير على من وفقه الله عز وجل إليه أنظروا إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى خبير القلوب إلى طبيب القلوب عندما ذهب إلى الطائف يعرض دعوته على ثقيف فاستقبله أهلها بما استقبلوه به فجاءه عداس فجاءه بطبق فيه عنب ولما وضع الطبق أمامه صلى الله عليه وسلم قال ما اسمك قال عداس قبل هذا قال :(2/133)
بسم الله الرحمن الرحيم وتناول شيئاً من العنب ثم لفت هذا الموقف نظر عداس وتعجب من هذا التصرف ثم جاء هذا الحوار بينه وبين المصطفى صلى الله عليه وسلم فلما قال له ما اسمك وأخبره قال من أين قال من نينوى فأخذ يقبل يديه ورجليه والذي أرسله ينظر إلى هذا الموقف كيف استطاع صلى الله عليه وسلم أن يتسلل إلى قلبه بهذه السهولة ثم انظروا إليه صلى الله عليه وسلم عندما جاءه ذلك الشاب وقال له أتأذن لي بالزنا فلم يعنّفه ولم يضربه ولم يشدد عليه الإنكار بل حاوره محاورة الطبيب القريب الذي يريد أيضاً أن يصل إلى قلبه فقال أترضاه لأمك قال لا والذي بعثك بالحق أترضاه لأختك أترضاه لزوجك أترضاه وفي كل مرة يقول:
لا قال والناس لا يرضونه لبناتهم ولا لأخواتهم ولا لزوجاتهم فخرج وقد اقتنع بأن ما أقدم عليه منكر بكل المقاييس فمسح الرسول صلى الله عليه وسلم على صدره ودعا له فخرج والزنا أكره وأبغض ما يكون إلى قلبه هذه نماذج مدخل إلى هذا الموضوع لأقول بأن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم مرجع كبير وفيها حشد كبير جداً من الوسائل والآليات والأساليب في الوصول إلى قلوب الناس بمختلف مستوياتهم ثم أقول في مقدمة أيضاً هذا الحديث بأن الذي يجب أن نعلمه وأن نستشعره بأن كل عمل نقوم به نحن معشر المسلمين هو إذا ابتغينا به وجه الله عز وجل فهو عبادة وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون قل :(2/134)
إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين إذاً نحن كل واحد منا رجلاً كان أو امرأة وهو يمارس هذه الأعمال الطيبة التي يصل بها إلى قلوب الناس والتي يؤديها وهي في ظاهرها دنيوية بحتة إذا ما أحسن النية وأحسن القصد فإنه بذلك يتحول هذا العمل من ممارسة عادية ومن عادة إلى عبادة يبتغي بها وجه الله عز وجل وتتحول إلى عبادة يلقى عليها أجراً عندما يقف بين يدي ربه إذاً هو يكسب أجر الدنيا الراتب الذي يأخذه ويكسب مع هذا أجراً أخر وهو الأجر العظيم الذي سيبقى ويبقى بعد أن ينتقل الإنسان إلى الدار الآخرة إذا مات ابن آدم قضى عمله إلا من ثلاث وتعلمون أيضاً هذا إذاً أيها الأخوة العمل والممارسات حتى نحولها إلى عبادات ينبغي أن نبتغي بها وجه الله عز وجل وان تكون النية طيبة انظروا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقول عندما يهاجر اثنان فيكون شخص هجرته لغرض والأخر هجرته أيضاً لغرض أخر فذاك سافر لدنيا أو امرأة فهجرته إلى ما هاجر إليه وذاك هاجر إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله هي هجرة وحركة وسفر ولكن الفرق أن هذا هاجر ابتغاء ما عند الله عز وجل ليرضي الله عز وجل لابتغاء مرضاة الله عز وجل وهذا سافر من أجل دنيا مجردة أو من أجل امرأة مجردة فكل أخذ نصيبه حسب نيته ولهذا من الأمور ومن الأحاديث التي نحفظها ونحن صغار الحديث الذي رواه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى أنا لن أطيل عليكم كثيراً لعلي أستطيع أن أصل إلى قلوبكم أقول بأن هناك آليات ووسائل وهذه التي تهمنا جميعاً نستطيع بها أن نصل إلى قلوب الناس سآتي بإذن الله عز وجل على بعضها وما يسمح به الوقت الذي سمح به الأخ أحمد فأقول:(2/135)
بأن من الأمور التي نستطيع أن ننفذ بها إلى قلوب الناس إفشاء السلام وهذه من الأمور أيها الأخوة التي للأسف الشديد تكاد لا أقول تنعدم بل ضعفت كثيراً في مجتمعات المسلمين تمشي في طريق من الطرق أو في سيب من أسياب المستشفى أو في مكان فيمر عليك اثنين وثلاثة وخمسة وعشرة وربما لا تسمع من يقول السلام عليكم بينما أفضل مفتاح وأسهل مفتاح إلى قلوب الناس إفشاء السلام قال صلى الله عليه وسلم :
أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ما هو السلام السلام هو اسم من أسماء الله عز وجل فإذا طرحت هذا السلام أو قرأت هذا السلام فإنك تطمئن هذا الذي طرح عليه السلام فيشعر بالطمأنينة والأمن والراحة لأنك تلقي عليه هذا الاسم العظيم فيشعر بهذه الطمأنينة والأمن أيضاً ورد في حديث أخر أن تسلم على من عرفت ومن لم تعرف وهذه أيضاً مهمة المشكلة أيضاً أننا وللأسف الشديد أصبحنا لا نسلم إلا على من نعرف هنا نعرف أقول :
السلام عليكم لكن يمرني أخ من الأخوة لا أعرفه سعودياً أو عربياً أو غير عربي ولكنه مسلم فأبخل حتى بطرح السلام عليه لأنني لا أعرفه ولهذا ورد أن تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف الحديث متفق عليه الأمر الأخر أيضاً ورد في الحديث الأخر أنه نقول ثلاث يصفين لك أو يدنين لك ود أخيك الأول أن تبدأه بالسلام أو أن تلقاه بالسلام وهذه أيضاً هذه الأمور تؤكد أن هذا المفتاح السهل الذي نصل به إلى قلوب أو وسيلة من وسائل الوصول إلى القلوب فرطنا فيه كثيراً ثم أيضاً وللأسف وأنا أرقب بعض المجتمعات استبدل هذا السلام بكلمات كثيرة جداً صباح الخير مساء الخير كيف الحال كيدمورنينغ ما بي كلمات عربية أو غير عربية .(2/136)
فالأسف الشديد فرطنا بهذه الكلمة التي هي دين وهي مفتاح واستبدلناها للأسف الشديد بكلمات إما كلمات عربية ولكن لا تؤدي الغرض ولا يؤجر من يقولها أو كلمات أيضاً أعجمية وللأسف الشديد وهي لا تقوم أبداً مقام السلام عليكم الوسيلة الأخرى من الوسائل التي نصل بها إلى القلوب وهي مفاتيح القلوب المصافحة والمصافحة أيضاً هي من الأمور التي نصل بها إلى قلوب الناس وعندما تضع هذه اليد الحانية الطيبة المتوضئة الطاهرة في يد أخيك المسلم فإنك أيضاً بذلك تشعره بشيء من الأمان والارتياح والطمأنينة وهذه أيضاً من الأمور التي يجب أيضاً أن نستخدمها لكي نصل إلى قلوب الآخرين ثم من الأمور التي أو الوسائل التي نصل بها إلى قلوب الناس الابتسامة والبشاشة هذه البسمة التي لا تكلف شيئاً البسمة التي حتى الطب الحديث الآن وحتى علماء النفس الآن وعلماء الاجتماع وعلماء التربية يقولون :(2/137)
بأن هذه الابتسامة لها أثر كبير جداً جداً على الآخرين تفتح مغاليق القلوب ولكن أي ابتسامة ولكن أي ابتسامة هي تلك الابتسامة الصادقة الصافية الرائقة الرائعة التي تخرج من القلب لأن هذا القلب هو الطريق إلى القلب الأخر الطريق إلى القلب يأتي ينبع أولاَ من القلب فهذا ينبغي أن يكون قلباَ سليماَ يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم هذا القلب السليم قلب الأواب القلب الطاهر الطيب هو ينبغي أيضاَ أن تخرج منه هذه الابتسامة من أعماق القلب ولا تكون ابتسامة كما يسمونها ابتسامة صفراء باهتة لا أثر لها في النفس ربما تجد من يبتسم ولكن لا تجد الابتسامة فيه أثر لماذا لأن لم تخرج من أعماق القلب وأنظر إلى وردتين وردة حقيقية ووردة صناعية فرق كبير بين الوردة ربما تجد في الوردة الصناعية منظراَ جميلاَ وربما تجد فيها ألوان زاهية ولكن لم تجد فيها ذلك الندى وتلك الرائحة وذلك الجمال الطبيعي الفطري هذا هو شأن البسمة أو الابتسامة الصادقة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم تبسمك في وجه أخيك صدقة مفتاح من مفاتيح القلوب البسمة الطيبة الصادقة هذه أيضا من الأمور المهمة جداَ التي ينبغي أن نحص عليها وأن نحافظ عليها ولكن أيضا أن تكون خارجة ونابعة من أعماق القلب لكي تصل إلى القلب وأن تكون أيضاَ ليست الابتسامة أو من أجل لا سمح الله مصلحة أو من أجل عرض دنيوي أو من أجل حاجة سريعة وإنما تكون حاجة المسلم التي تنبع من القلب يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم بل يقول جابر رضي الله عنه :(2/138)
ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا وتبسم في وجهي أنظر طبيب القلوب الذي يملك المفاتيح مفتاح القلوب ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم القائد العظيم الإمام الذي يحمل هم الأمة كلها ما رأى جابر إلا تبسم في وجه ويبتسم من أجل ماذا من أجل أن يدخل السرور على قلب هذا المسلم من أجل أن يشعر بالطمأنينة من أجل أن يكسب الأجر وكما قلت إذاَ نحن عندما نقول هذه الأشياء نربطها جميعاَ بهذا الدين فالسلام الذي أشرنا إليه هو دين ثم أيضاَ المصافحة دين والابتسامة أيضاَ هي دين من الأمور الأخرى التي أيضاَ هي مفتاح من مفاتيح القلوب ومن التي تؤصل إلى طريق القلوب هي البشاشة وهي تدخل مع الابتسامة لكن البشاشة أيضاً أن يكون الإنسان هاشاَ باشاَ لأخيه المسلم يستقبله بلطف وبارتياح وباحترام بخلق رفيع وتعامل حسن الخلق الحسن والبشاشة هي أيضاَ من مفاتيح القلوب وهي طريق أيضا من الطرق الموصلة للجنة أقربكم مني منازل يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون يألفون ويؤلفون أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا أكمل المؤمنين إيمان أحسنهم خلقا إن الرجل ليدرك بحسن خلقه منزلة الصائم القائم الخلق الحسن التعامل الطيب مع الناس هذه من الأمور أيضا التي تصل بك بقلوب الناس بأسهل وسيلة ولله الحمد بأجر من الله عز وجل من الأمور وهي كثيرة جداَ أيضاَ الإحسان إلى الناس يقول الشاعر أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسانا الإحسان إلى الناس الإحسان إلى الناس بالكلمة الإحسان إلى الناس ببذل المعروف الإحسان إلى الناس بالإحسان إلى الجار بالإحسان بالإحسان إلى صاحب الذي عليه حق أو كذا تأجير المعسر الإحسان إلى الصغير الإحسان إلى الكبير كل هذه الإحسان أيضاَ من المفاتيح والطرق التي توصل أيضاَ إلى القلوب ولهذا عندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم وقيل له:(2/139)
أي الأعمال أحب إلى الله وأي الناس أحب إلى الله قال أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على قلب مسلم تطرد عنه جوعاًَ أو تقضي عنه ديناَ أو تفرج عنه هماَ ثم قال ولأن أن أمشي في حاجة أخي لي في الله حتى أقضيه له أو قال حتى أثبتها له فكأنما اعتكفت في هذا المسجد شهرا أنظروا إلى هذا الدين العظيم في قضية الإحسان إلى الناس وتفريج الكربات وتفريج الهموم والمساعدة والشفاعات الحسنة كل هذه من الطرق الموصلة إلى قلوب العباد الأمور والنقاط كثيرة أنا ما أريد أن أخذ أكثر من هذا أقف عند هذا القدر إن كان عند الأخ أحمد بعض الأسئلة حتى أيضاَ لا تملوا أو تشعروا بشيء من الملل .
جزاك الله خير فضيلة الدكتور ونقاط قيمة وجميلة حقيقة لعلي انطلق من النقطة الأخيرة التي تحدثت عنها قضية الحقيقة تقديم الخدمات وهذه أعتقد من الأشياء التي تهمنا نحن كعاملين في القطاع الصحي لأنه نحن نتعامل مع المريض والمحتاج وعندما الأب بطفله مريض أو تأتي الأم بطفلها المريض فلا شك أن هذا له أثر عندما تقدم لهم الخدمة هل هناك أشياء ترى فضيلة الدكتور أنها تخص العاملين في القطاع الصحي ونركز عليها كوسيلة للوصول إلى قلوب هؤلاء الناس الذين يحتاجون إلينا باستمرار(2/140)
نعم هو الطبيب هو فرد من أفراد هذه الأمة هو الطبيب والطبيبة والعامل في المجال الفني بشكل عام في كل الأمور هو فرد من أفراد هذه الأمة هو الذي أؤكد عليه ينبغي بعمله وجه الله عز وجل وهذه أمر في غاية الأهمية أن يبتغي بعمله وجه الله عز وجل فيمارس العمل يريد به وجه الله عز وجل الأمر الثاني أن يمارس الكلمة الطبية يا أخوان مريض وهذا الذي جاء إلى مستشفى من أحوج الناس إلى الكلمة الطبية إلى الكلمة الحانية إلى الرفق كلمة واحدة تؤثر تأثير في نفس هذا المريض واحدة كلمة تصرف لمسة حانية على رأس صغر على رأس طفل صغير النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان يتعامل مع الصغار وهو المربي يا أبا عمير ما فعله النغير كيف كان يعمل مع الحسن والحسين يأتينا يتبخران بحلى حمراء فينزل على المنبر ويخطب ويحظن الطفلين كيف كان يتعامل مع الطفولة ويعرف لها حقوقها أقول:
بأن الطبيب وهو يأتي إليه هذا الطفل عندما يتعامل مع الطفل تعامل طبياَ هيناَ لطيفاَ رائعاَ أيضاَ عندما يتعامل مع رجل كبير السن الذي يأتي إليه فيتعامل معك كوالده كأب في الاحترام ولتقدير والكلمة الطبية والنزول إلى اللغة ولهجة التي يفهمها هذا الكبير بدل من أن أتعامل معه كطبيب أو فني أو طبيبة أو فنينة أو في أي مجال من المجالات بأسلوب فغيه جفاء وفيه غلظة ولهذا ربنا قال النبي صلى الله عليه وسلم ولو كنت فظاَ غليظ القلب لنفضوا من حولك وقال ما أرسلناك إلى رحمة إلا رحمة للعالمين رحمة للأمة أيها الطبيب أيها الطبيبة أيها المريض أيها الإنسان أنت أيضا رحمة كما كان صلى الله عليه وسلم رحمة أنت ينبغي أن تكون رحمة للأمة فأنا أقول :(2/141)
الكلمة الطبية والتعامل الحسن مع المريض مع الكبير مع الصغير مع المرأة ولكن أيضاَ وأقول أيضا أنا التعامل الرجل مع المرأة والمرأة مع الرجل له حدود أيضاَ شرعية لا ينبغي التجاوز فيها تجاوز الحدود في كل ما قلنا ينبغي أن يكون خاصة مع غير المحارم له حدود طبعاَ شرعية لا ينبغي للإنسان أو المرأة أن تلين بالقول مع الرجل الأجنبي ولا ينبغي للرجل أن يتجاوز في تعامله وفي أحاديثه مع المرأة وينبغي أن يكون التعامل تعامل في إطار الشرع أؤكد أنا أضرب مثل أقول ولله الحمد أن لدينا عدد من الأطباء على درجة عالية من الخلق والتعامل الحسن الطيب الرائع ولكن فقط أضرب مثل بالأسف الشديد طبيب غربي قبل شهر كان أحد المرضى يراجع في إحدى المستشفيات في أمريكا وانتهت فترة العلاج وقال له :
لا بد أن تراجع في المستشفى الفلاني في الرياض يعد وصولك فهذا الطبيب لم يكتفي بهذا الأمر طبعاَ أعطاهم تقرير وأعطاهم تحويل وهو اضطرا أن يكلم من منطلق مهنته ورسالته ووظيفته أن يلكم الطبيب وأن ستأتيك المريضة الفلانية أو المريض الفلاني ووضعها كذا وأعطاه صورة كاملة عن حالة المريض وأيضاَ تفاهم معه حول الحالة كأن هذا المريض أو المريضة هو بنته أو ولده بهذه الروح فعلا عندما ذهب أهل هذا المريض إلى المستشفى لأخذ الموعد عند الطبيب الذي أوصاهم بمراجعة المستشفى قال يا أخي الطبيب فلان كلمني من أمريكا وأعطاني خبر أين هؤلاء لأسف هذا ما أقول :(2/142)
يزعجنا ولكن نتمنى أن يكون أيضاَ طبيب المسلم هو الذي عنده هذه المبادرات وهذه الأخلاقيات التي نتمناها أعرف رجلاَ لديه أم والدته كبيرة في السن تقول أن لا أريد إلا فلان وهو طبيب أسرة متخصص في طب الأسرة وإذا ذهبوا ولم يجدوا فلان رجع بوالدته تقول أن لا أعلاج عند غيره هذا الطبيب ليس أفضل الناس ولا أميز الناس ولا أعلم الناس ولكنه عنده قدرة أن يصل إلى قلوب تعامله راقي أخلاقه عالية جداَ يتعامل مع هذه الأم كوالدته بالضبط يسأل عنها يعرف لغتها يعرف لهجتها يتعامل بالطريقة المناسبة يدعو لها ويسهل الأمور عليها لا يا أمي طبية اليوم ما شاء الله الأمور طبية والتحاليل ممتازة بهذه الطريقة يا إخواني يستطيع الطبيب أن يصل إلى قلوب الناس وتستطيع الطبيبة أن تصل قلوب المشكلة نعرف ونرى أطباء يمارس أحياناَ غلظة والشدة والجفاء وهو لا يؤجر إطلاقاَ على هذا بل أحياناَ يأثم كما قلت في ديننا الكلمة الطبية صدقة الكلمة الطبية صدقة التعامل الحسن كيف يؤجر عليه الإنسان فإذا تعامل الإنسان بجفاء وفظة مع هذا المريض المحتاج بهذه مشكلة كبيرة يا إخواني وأثرها كبير جداَ السلبي على نفسية المريض ربما وأنتم أدرى الناس والأطباء أدرى الناس ربما تنتكس حالة المريض وهناك العلاقة بين الأمور النفسية والأمور العضوية لا أظنها تخفى على الأخوة جميعاَ فلا سمح الله يعني أن تتأثر نفسية هذا المريض ربما يكون أيضاَ هناك تمكن للمرض العضوي من هذا المريض
السؤال :(2/143)
الآن ما تحدث عنها الدكتور من أساليب للوصول إلى القلوب قضية المصافحة والسلام وما شابها وأخرى تقديم الخدمات هل هذه الوسائل التي تحدثتم عنها هي صالحة للتعامل مع جميع الناس يمكن الدكتور أشار إلى قضية التعامل بين مثلاَ المرأة والرجل خصوصاَ نحن في مجتمع مفتوح والحمد الله الناس يتعاملون بأسلوب راقي لكن كيف يمكن تضبط الكبير الصغير كذا هذه الأساليب كيف ممكن تضبط الكبير الصغير كذا يعني هذه الأساليب كيف تقنن ؟
الجواب :(2/144)
نعم هو كما قلت الحقيقة هي تختلف يعني لكل فرد من الأفراد تعامل يعني الزوج مع زوجته كيف يصل الزوج إلى طريق زوجته كيف يصل الابن إلى طريق والده ووالدته كيف يصل الإنسان إلى قلب جاره كيف يصل الطبيب إلى قلب المريض كيف يصل الرئيس إلى المرؤوس كيف يصل المرؤوس إلى الرئيس طبعاً كل حال يا إخواني لها طريقتها ولها أسلوبها ولكن يجمع هذه الأمور أمور عامة يجمع هذه الشرائح وهذه الفئات أمور عامة لاشك الكلمة الطيبة تؤثر في الجميع الابتسامة الطيبة تؤثر في الجميع الهدية تؤثر في الجميع وهذه قضايا لكن لاشك أن التعامل مع الطفل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يتعامل مع الطفل ويداعبه هذه الدعابة البسيطة اللطيفة تؤثر فيه تأثير كبير عندما يقول أنس اشتغلت مع الرسول صلى الله عليه وسلم وآمنت مع الرسول صلى الله عليه وسلم وخدمت الرسول صلى الله عليه وسلم عشر سنين لم يقل لشيء لم فعلته أو شيء لم لم تفعله تصوروا هذا هو يذكر هذا الأمر ما نسى وعندما يأتي أيضاً مع الغلام مع عمر بن عبد الأسد بن عبد العزة ويقول كانت يدي تطيش في الصحفة ثم يقول يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك هذه الكلمات الحانية كلمات المربي المعلم سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك فقل ما زالت تلك طعمتي ما عاد كرر ذلك الخطأ وكانت يده تطيش في الصحفة لكن لو كان أيضاً شخص آخر يعني كبير أو كذا له فكل إنسان له أسلوبه وله طريقته في الوصول إلى قلبه الرئيس له أسلوب والمرؤوس له أسلوب ولهذا قال عاملوا الناس على قدر عقولهم معاملة الناس على قدر عقولهم الجاهل لا تعامله كما تعامل العالم ولهذا قلنا قبل قليل عندما جاء الرجل وقال إإذن لي في الزنا أو عندما جاء الرجل الآخر وبال أكرمكم الله في ناحية المسجد فما نهر صلى الله عليه وسلم عندما الصحابة غضبوا قال لادعوه اتركوه فعندما انتهى تعال وقال يا أخا العرب هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا إنما جعلت لكذا وكذا ونصحه(2/145)
ودعا بدلو من ماء وأريق على هذا المكان ونظف وانتهى الأمر فقال اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً الذي غضب عليه وأزعله وهكذا يعني الرسول صلى الله عليه وسلم في تاريخه مع الجاهل له أسلوب مع الكبير له أسلوب مع الصغير له أسلوب مع المرأة مع الرجل مع الزوجة مع الأب طبعاً لا يمكن أنا أن أتعامل مع والدي كما أتعامل مع الشخص الآخر الأب له حقوق أعلى له طرائق أعلى وله أسلوب أعلى لتصل إلى قلب الأب ولتصل إلى قلب الأم فهي أيضاً تختلف من شخص إلى شخص وتختلف من فئة إلى فئة بل وتختلف من حالة إلى حالة
السؤال :
أنا الحقيقة أيضاً أحاول أن أختصر ولكن يعني الشيخ يختصر في الإجابة يعني عندي محور أو محورين حتى نعطي فرصة أيضاً للأخوة إذا كان عندهم أي محاورات أو أسئلة الحقيقة في محور مهم أنا إذا سمحوا لي الزملاء آخذ من وقتهم اللي هو قضية أيضاً التعامل في المستشفيات نحن نتعامل مع يعني ما بين فئات مختلفة فيهم المسلم وفيهم غير المسلم ولاشك أنه جزء من رسالتانا في هذه البلد أن نقدم الحقيقة هذا الدين لغير المسلمين فما هي ضوابط التعامل نع هؤلاء الغير مسلمين الوصول إلى قلوبهم التأثير فيهم دلالتهم لعل هذا من الأمور المهمة
الجواب :(2/146)
أخي الحبيب هذه رسالة أريد أن أوصلها إلى الناس إلى الأمة إلى العالم ولهذا أيضاً الآية الكريمة وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين الرسول لم يرسل فقط لمسلمين وإنما أرسل للعالمين المسلم ينبغي أن يتعامل بالكلمة الطيبة وبالتعامل الحسن مع الجميع المسلم وغير المسلم وهذا أمر يعني أنت مع المسلم تتعامل لأنه من حقوق المسلم وتؤجر على هذا الأمر وتتقرب إلى الله عز وجل بهذه المعاملة أيضاً مع غير المسلم أنت تقدم له صورة المسلم وصورة الإسلام الحقيقية بالتعامل الحسن بالابتسامة الطيبة أيضاً بالتحية المناسبة له أيضاً لا يمنع حتى بالهدية المناسبة هذه قضية التعامل مع غير المسلمين أيضاً ينبغي أن نتعامل معهم تعاملاً حسناً ولهذا تأثر كثير من غير المسلمين ببعض الممارسات الطيبة من المسلمين وكلكم تعرفون قصة المشرك الذي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وجبده مع ردائه جبدة قوية وقال إنكم يا بني عبد المطلب قوم مطل يعني تماطلون في دفع الديون تصوّروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم وعمر يقول أأمرني أضرب بالسيف عنقه هذا الكافر فقال لا فقال يا أخا العرب القصة كذا وكذا الدين لم يحل بعد وبقي عليه كذا وكذا ففعلاً لما راجع حساباته هذا الرجل وجد الحقيقة تجاوز وأخطأ فلما رأى هذا التعامل العظيم الراضع العظيم من الرسول صلى الله عليه وسلم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله وتعرفون قصة اليهودي الذي كان أيضاً يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم ويضع الشوك في طريقه ونعرف قصص كثيرة جداً في الواقع المعاصر فالحقيقة نحن مطالبين أن نحسن إلى الناس ملسمين وغير مسلمين في كل كبد رطبة أجر أما الذي يتوقع أنه لا والله نحن الغير مسلم نؤذيه ونقصر معه ونكشر في وجهه هو بهذا لكن كما قلت يا أخواني القضية هي كما قلت الهدف والنية هل الهدف نوع والله من الابتسامة من أجل الرضا ومن أجل ليس وراءه هدف أو هي رسالة أوصلها أنا أبتسم لأقول(2/147)
هذا هو ديني هذا هو الإسلام أما العدل أما إعطاء الحقوق فهذا حق يجب أن يعطى إياه المسلم وغير المسلم وغير المسلم من مختلف الفئات لا يعني غير مسلم أن نأخذ حقه أن نؤذيه أن نظلمه أن نكلفه فيما لا يستطيع هذا أبداً غير صحيح ولكن أيضاً مطالبين أن نصل إلى قلوب هؤلاء الناس بالتعامل الحسن والأسلوب الطيب والكلمة الطيبة وكل الأساليب التي توصل إلى قلوب هؤلاء الناس ولهذا ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قتل معاهداً لم يرحم رائحة الجنة وإن ريحها لوجد مسيرة أربعين كما وجد في البخاري لم يرح رائحة الجنة القضية ليست فضية والله الدماء أمرها سهل كما ورد ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم في القرآن الكريم ورد ومن يقتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة مما يؤكد مكانة الحقيقة المعاهدة ومكانة الذمة ومكانة المستأمن ومكانة غير المسلم بشكل عام في ميزاننا الإسلامي الذي يقوم على العدل
السؤال :
جميل والحقيقة ولله الحمد يعني أنا أبشر الدكتور الحقيقة وأبشر الإخوان في نسبة كبيرة من العاملين في هذه المدينة أسلموا يعني في الفترة الأخيرة الحمد لله هؤلاء الذين أسلموا في الفترة الأخيرة والحمد لله يعني بشائر خير
الجواب :
هذا لا يمكن أن يسلم لو رأى نموذجاً سيئاً مستحيل أن يسلم الإنسان إلا إذا رأى نموذجاً حسناً مشرفاً يعطيه الصورة الجميلة عن هذا الدين(2/148)
شكر الله لك الحقيقة أنا معي أوراق يعني تصل إلى خمسة عشر ورقة لم أقرأ منها حرفاً واحد أيضاً ظناً مني لوقتكم وحرصت على أن يكون الأمر دردشة حول بعض الأمور العامة أنا تكلمت عن السلام ونعم قلت الحقيقة إفشاء السلام لأنه ورد في الحقيقة إفشاء السلام بالنص أفشوا السلام بينكم وأشعر بأن يعني بعد السلام لأني لاحظت الحقيقة في مجتمعنا إهمال للسلام عليكم أنا أجلس في مجلس في محيطي في عملي فيدخل رجل يقول صباح الخير بالخير الحقيقة نحن نريد هذه الكلمة هذه التحية تحية الإسلام أن تحيا في النفوس لأنه هي المفتاح صباح الخير مساء الخير كلمات ميتة نعم ثم إن قلت السلام عليكم فقل ما شئت من المباح نحن لا نقول أنه والله يعني إذا قلت السلام عليكم وعليكم السلام صبحكم الله بالخير كيف الحال صباح الورد صباح الفل صباح المسرات قل ما شئت نحن يعني لا نعارض أن يقول الإنسان من العبارات ما يراه من يعني عبارات المجاملات وعبارات التحايا لكن فقط أنا أكدت على قضية السلام لأهمية السلام أنا أكدت على أيضاً على مسألة الحقيقة الكلام يكون له حدود وقلت الكلام بين الرجل والمرأة أيضاً له ضوابط شرعية ينبغي أن يبتعد يبقى في حدود السمت والإطار الشرعي وأن لا يتجاوز بأن يقول والله الطريق إلى القلوب حتى القرآن قال ولا تخضعن في القلوب خضوع بالقول في حد ذاته خطأ من ناحية المرأة وأمرني أن لا أنظر إلى المرأة وأن لا تنظر المرأة للرجل وأن تقول عبارات محددة فالعلاقة بين الرجل والمرأة غير المحرم محددة فلا يفهم وقلت هذا الكلام لم أفصل فيه تفصيلاً طويلاً ولكنني أشرت إلى شيء من هذا .(2/149)
في الختام نشكر الله عز وجل على أن يسر لنا هذا هذه المحاضرة وهذا الملتقى نشكر سعادة وفضيلة الدكتور إبراهيم على استجابته الطيبة والسريعة وحضوره جزاه الله خير وتشريفنا في المدينة اليوم الشكر موصول لكم أيها الأحبة يا من أجبتم هذه الحقيقة الدعوة ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يأجرنا ويأجركم ويكتبها في ميزان حسناتنا وحسناتكم هذا والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
معالي الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد المطلق
ضيف الحلقة :
الرياضة في خدمة الدين
موضوع المحاضرة :
أتحدث إليكم في هذه الليلة المباركة عن الرياضة في خدمة الدين ،
الرياضة التي هي من ضرورات النفس البشرية لا تستغني عنها بأقسامها المتعددة عندما نتحدث عن الرياضة أبدأ باشتقاق معناه الرياضة من راض الشيء إذا مرنه ومنها رياضة الحصان عندما يمرنه سائسه على ما يريد من وهي بالمعنى العام تشمل رياضة الأبدان التي يعشقها الناس ليحتفظوا بقوة أجسامهم ونظارة وحيوية نشاطهم وتشمل رياضة النفوس التي يتعلم بها من يهتم بهذا النوع من الرياضة الصبر والتحمل والنظر عن العوافي عواقب الأمور ومنها رياضة الأذهان التي يتمرن فيها الذهن على البحث الدقيق والاستنتاج الذكي والتي تثقل الذهن وتجعله قوياً في معالجته المستجدات والأمور التي ينظر فيها عندما ننظر في هذه الرياضة بمعناها العام ونريد أن نكيفها على الشرع على الأحكام الشرعية هل هي مباحة أو واجبة أو مستحبة نجد أن الرياضة النافعة يدور حكمها بين الوجوب والاستحباب والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :(2/150)
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي الكل خير احرص على ما ينفعك والله تعالى أمر الأمة أمراً عاماً بما يتضمن الرياضة حيث قال وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة والرياضة البدنية والرياضة الذهنية والرياضة الخلقية كلها من أنواع الاستعداد ولذلك الشاب الذي متعه الله بقوة البدن ولكنه ضعيف النفس غير صبور يعني هو ناجح في رياضة الأبدان وفاشل في رياضة النفوس هذا سيظهر اثر هذا الفشل عليه في سلوكه وفي نجاحاته في الأمور التي يسلكها وكذلك أخوتي في الله الرياضة الذهنية إذا لم يكن الإنسان قد أخذ بنصيب منها فإن ذلك يؤثر على مساره في هذه الحياة ترتيب أموره ووضع حساباته والنظر إلى عواقب الأمور فالرياضة تدور مابين الوجوب والاستحباب ولذلك كتب الآن كثير من العلماء عن ضرورة الرياضة للمسلم بعضهم كتب عن الرياضة الخلقية وأن الإنسان لابد أن يروض نفسه على الأخلاق الفاضلة ويستدلون على ذلك بما ورد في الحديث إنما الحلم بالتحلم والصبر بالتصبر وبعضهم يرى الرياضة البدنية ويرى أنها مهمة للوقاية من الأمراض والسلامة من الآفات والاستمتاع بوقت أفضل بالنشاط والحيوية إخوتي في الله عندما ننظر إلى ميراثنا من المصطفى صلى الله عليه وسلم نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد زاول أنواع من الرياضة البدنية علاوة على تمتعه التام بالرياضة الخلقية فمن الأعمال الرياضية التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم رياضة الجري قالت عائشة رضي الله عنها :(2/151)
سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني فقال هذه بتلك وعن سلمى بن أكوع أنهم كانوا في غزوة وأن أحد الصحابة طلب المسابقة فانبرى له سلمى وسابقه فسبقه إلى المدينة وأخذ الجعل الذي وضعه ذلك الرجل على هذه المسابقة وكما وجدت المسابقة في الجري وجدت أيضاً على آلات الحرب فقد سابق النبي صلى الله عليه وسلم بين الخيل المضمرة وسابق بين الخيل التي لم تضمر فأرسلت الخيل التي أضمرت وجعل عمدها من الحفياء إلى ثنية الوداع والتي لم تضمر جعل أمدها أقصر من ذلك فكان من ثنية الوداع على مسجد بني زريق وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة لا تسبق فجاء إعرابي على قعود فسبقها فكان السباق موجود ومن الرياضة رياضة الرمي والتنابل وهذا يستدعي وضع هدف والجري بين الأهداف ومناولة السهام وكان عقبة بن عامر يختلف بلين الغرضين وهو شيخ كبير عقبة بن عامر أحد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وأحد قواد المسلمين في أفريقيا فقيل له تفعل هذا وأنت شيخ كبير يشق عليك قال لولا كلام سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم لم أعانه سمعته صلى الله عليه وسلم يقول :
من تعلم الرمي ثم تركه فقد عصا رواه مسلم ومن الرياضات التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رياضة حمل الأثقال فقد روي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وري موقوفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يرفعون حجر ليعرفوا الأشد من هو الأقوى في الرفع فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وكتب عمر إلى أجناد المسلمين في أذربيجان أن يزاولوا الرياضة وألا يركنوا إلى الترف وأن يروضوا أنفسهم على تحمل الشدائد ويعرضوها لحر الشمس ويقطعوا الركب والمقصود الجري والمشي وأن ينزوا على الخيل نزواً هم يركبون برفق لا يركب بقوة يقول ابن القيم :(2/152)
هذا تعليم من أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه للمسلمين الفروسية وتمرين لأبدانهم على التبذل وعدم الرفاهية والتنعم ومن الرياضات التي زولت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رياضة المصارعة وقد روى أبو داوود عن محمد بن علي بن ركانة أن ركانه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصارعه فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه وقد روى الزبير هذه القصة بن بكار وقال قال ركانة يا محمد إن صرعتني أمنت بك فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم فلما صرعه قال :
هذا سحر ولن يسلم وتأخر إسلامه إلى أن فتح المسلمون مكة فأسلم مع الطلقاء ومن الرياضات في الإسلام رياضة السباحة روى بكر بن عبد الله الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علموا أولادكم السباحة والرماية وهذا حديث فيه ضعف يقول ابن حجر إسماعيل الراوي يضعف في غير أهل بلده وهذا منه وشيخه غير معروف وعن عطاء ابن أبي رباح قال :
رأيت جابر بن عبد الله الصحابي وجابر بن عبيد الله الأنصاري وهما يسبحان ويتغاطسان في الماء ويمد كل واحد مهما نفسه يعني يقول أنا أجلس أطول منك في الماء إخوتي في الله هذه بعض الآثار التي رويت في الرياضة أو في أصناف من الرياضة في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ونحن في هذا العصر ندرك قيمة الرياضة ونعرف أهميتها خصوصاً في بناء الأجساد وفي السلامة من الأمراض وفي تقوية المناعة وعندما نتحدث عن الرياضة ونعرف حكمها بالشرع يحسن بنا أن نعرج على بعض الضوابط المشروعة التي تجعل الاستمتاع بهذا العمل عبادة يتقرب به العبد إلى الله تعالى لأن المسلم في هذه الحياة يستطيع أن يجعل حياته كلها لله ولأن صلاتي ونسكي ومحيايا يعني حياتي كلها ومماتي لله رب العالمين .(2/153)
من أهم ضوابط الرياضة المشروعة الاعتدال في الرياضة فلا إفراط ولا تفريط لا يضر الإنسان نفسه بأن يتجاوز بالرياضة الحد المشروع نحن الآن إخوتي في الله نرى بعض أبناءنا يلعبون رياضة كرة مثلاً منذ أن يخرج الإنسان من المدرسة إلى أن ينام يجعل الوقت كله أو غالبه لهذه الرياضة هذا من الإفراط الرياضة ينبغي أن يكون للمؤمن وقت كافي يستفيد منه في بدنه وفي عقله وفي صحته النفسية وأن لا يتجاوز ذلك الحدود التي لا تؤثر على مساره الدراسي والنفسي والاقتصادي ونرى أيضاَ هناك أناس يبتعدون عن الرياضة وليس في ساعاتهم شيئاَ لهذا العمل الذي هم في أمس الحاجة إليها وإذا سألتهم قالوا لا نجد وقتاَ نأخذ فيه أو نجعله من الرياضة هذا من الغلط هذا أنا سمعت شيخ في إذاعة القرآن الكريم قبل مدة يعالج هذه المشكلة ويقول :(2/154)
إنني استغرب أن يوجد أناس يدعون أنه لا يوجد في برنامجهم وقت للرياضة أنا أرى الرئيس الأمريكي الذي يدير أكبر دولة في العالم قد وع لهم برنامج رياضي يومي وأسبوعي لا يفرط فيه وهذا الذي لا يدير أحد يدعي أن لا يفرض لا يجد في برنامجه فراغاَ يعطي جسده فيه حقه البدني حق النفسي من ضوابط الرياضة المشروعة العدل والبعد عن الظلم الإنسان بطبيعته ظلوم جهول وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا لا يبعده عن الظلم إلا الدين ولا يلزمه إلا بالعدل إلا خوف العقوبة والآخرة ولهذا إذا دخل في هذا العمل على طبيعته المعهودة بالظلم انقلبت الرياضة إلى مفسدة وفقدت جوهرها وزينتها التي تستمر به وبدل أن يجتمع الناس على صفاء القلوب اجتمعوا على الحزازات والانتقام لأن المظلوم مهما بلغ ضعفه فإنه سيفكر في الانتقام مهما بلغ فإذا ابتعدت الرياضة عن العدل والإنصاف وسقطت في الظلم والجور فقدت جوهرها ونقائها وأصبحت أداة فساد بعد أن كانت أداة إصلاح وصلاح الضابط الثالث الاكتفاء بالوسائل المشروعة الناس عندما يعملون رياضة في أي فن فرع من فروعها ويعملون مسابقة تجد أن أكثرهم يلجئون إلى الوسائل المشروعة التمرين التقيد بالخطة قبول نصائح المدرب التعاون مع الآخرين لكن بعض الناس لا يكتفي بهذه لا بد أن يأخذ شيئاَ من دكان إبليس وإبليس يقول :(2/155)
إذا أردت أن تنتصر تستعين بالساحر تذهب إلى المنجم تعمل كذا فيترك الوسائل المشروعة المقولة التي يؤمن بها جميع العقلاء ويذهب يبحث عن النصر بواسطة الشعوذة ووسائل الإفلاس التي يبثها الشيطان من ضوابط الرياضة المشروعة أن تتخذ وسيلة لجمع الشباب وصفاء قلوبهم وسلامة معتقداتهم وان تكون الأندية معاقل أمن وأمان تحارب فيها الأفكار الفاسدة وتنبذ فيها الأحقاد ويكون القائمون فيها على حذر شديد من تسرب ما يورث الفرقة ويغرس الضغائن هذه المعاقل الأندية إذا قام التنافس فيها على أسس سليمة وشريفة وبذل القائمون فيها جميع الوسائل لتحسين الشباب وسلامته فهي من أعظم معاقل الأمة التي يسلم بها أبنائها من كيد الأعداء ومن تسلل الأفكار الفاسدة .(2/156)
لهذا إخوتي في الله فإن الرياضة الحقيقة التي يدعو إليها الإسلام ويشجع عليها هي من أعظم ما يخدم الدين ومن أعظم ما يجمع الكلمة ومن أعظم ما يصفي القلوب ولكم ولكم أخوتي في الله أن تقارنوا بين ملعبين معلبين يزاول في كل منهما رياضة كرة القدم أحداهما لا تسمع من اللاعبين فيه إلا كلمة الخير عد الله يغفر لك ناولني الله يجزاك الجنة قول الله يحفظك والمعلب الثاني تسمعون فيه الألفاظ التي نعرفها من بعض الناس والتي هي بعيدة كل البعد عن أخلاق الدين ومروءة العقلاء العارفين ثم أيضا أخوتي في الله نتائج النصر الملعب الملتزم يعلم أن الدنيا كلها تجارة وهي ربح وخسارة فإذا خرج مغلوباَ يوماَ من الأيام رضي بالقضاء والقدر وفرح بما وصل إليه وعد الله تعالى أن يحسن حاله في الأمور المستقبلية أما هؤلاء الذين ضعف تمسكهم بمنهج الله في الرياضة فإن خرجوا منتصرين أذوا البلاد والعباد وعملوا ربكة للمرور وزادت نسبة الجرائم في تلك الليلة وإن خرجوا منكسرين فرح الناس بانكسارهم تجد كثيراَ يقول الحمد الله ما احد انتصر الليلة خلينا نروح ونجي مرتاحين هل هذا هو أخوتي في الله المنهج الذي يريده الإسلام لا أبداَ هذا نتيجة بعد الناس عن المنهج الشرعي للرياضة في الإسلام الرياضة أخوتي في الله من وسائل الدعوة إلى الله ومن أعظم ما يظهر صورة الإسلام نقية مشرقة نريد من أبنائنا إذا سافروا خارج المملكة أن يراهم الناس فيقعدون أنهم أبناء صحابة النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم يرون فيهم الأخلاق ،الناس يقدرون هذا البلد لأي شيء يقدرونه لأنه بلد الحرمين بلد تطبيق الشرعية البلد الذي يعتز أهله بالإسلام ويتمسكون به عقيدة وشريعة فإذا ظهر ذلك في وظيفة الشباب الرئيسية التي تصلهم بالعالم الخارجي وتتيح لهم إظهار سماحة هذا الدين وكمال أخلاقه وسموا آدابه للناس.(2/157)
كان ذلك من أعظم وسائل الدعوة إلى الله ولهذا إخوتي في الله فالرياضيون رسل محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالم الخارجي يتصلون بهم في الأندية تفتح لهم مجالات الإعلام يتصلون بقادة الأمم فهم حملوا هذا المنهج العظيم الذي هو حقيقة الحياة في هذه الدنيا أثروا في العالم ونحن لا نزال نسمع أن بعض الرياضيين في العالم اهتدى إلى الإسلام بسبب سلوك لاعب اتصل به وعرف منه حقيقة الدين ورأى فيه ميراث محمد صلى الله عليه وسلم حياَ متحرك فدعا ذلك على أن يدخل هذا اللاعب في الدين الإسلامي ويعلن أضوائه تحت لواءه وعمله داعية بعد ذلك بسبب تأثير هذا اللاعب المبارك ولهذا أخوتي في الله فمجال الرياضة في الدعوة إلى الله مجال عظيم وهي وسيلة إصلاح الشباب في الداخل وفي الخارج وهذه الأندية المعاقل العظيمة لتربية الشباب وإصلاحهم واتصال بعضهم ببعض وتحسس الأمراض الغربية حال حدوثها آو قبل حدوثها يعني هذه الأندية إذا اشتغلت فيها وسائل الرقابة والمكافحة وأما جميع الناس لأنها استقبلت جميع الناس تستطيع هذه الأندية أن تقدم خدمة عظيمة في وقاية الأمة من الأمراض الفكرية أما إذا كانت هذه الأندية إما تستقطب فئة من الشباب ويهرب عنها فئات أخرى لأنهم لا يرون فيها ما يروا ضوأهم ولا يحرك مشاعرهم فإنها ستظل بعد ذلك محدودة التأثير محدودة التأثير بسبب محدودية الرواد ولهذا فإن هذه الأندية يعلق عليها آمال كبيرة وخصوصاً أن القائمين عليها بحمد الله الآن يعني أناس يعرفون مثل هذه الأمور ويقدرون حاجة الأمة إلى احتضان شبابها وحاجة الأمة إلى دراسة أوضاع شبابها حاجة الأمة إلى مكافحة الأفكار الغريبة الواردة التي تتسلل إلى معاقل الأمة فتورث الفساد ،(2/158)
والإفساد أخوتي في الله إن الرياضة في الإسلام مشروعة مأجور من يزاولها ولهذا فإن أعمال هذه الأندية إذا دخلت على المنهج المشروع هي من العبادات التي يُتقرب بها إلى الله وأضرب لكم على ذلكم مثلاً لو أن شاباً يأتي إلى النادي بنية تقوية بدنه وإصلاح إخوانه والاتصال بأقرانه وتنفيذ خطط النادي النافعة يأتي إلى النادي من بعد المغرب إلى الساعة عشر وهناك شاب آخر يذهب إلى حرم مكة ويمسك القرآن ويقرأ من بعد العصر إلى الساعة عشر أيهما أكثر أجر آه هذا الذي يأتي إلى النادي أكثر أجر من الذي يروح إلى الحرم ليه لأن العبادات التي يتعدى نفعها والتي تصلح بها الأمة أكبر بكثير من تلك العبادات القاصرة التي نفعها يدور على صاحبها فهذه النوادي هذه المعاقل إذا دخل إليها الشاب بنيّة الصلاح والإصلاح بنية حفظ أمن الأمة والمساهمة في إصلاح شبابها ونشر الوعي بينهم ومحاربة كلّ ما يفسد القلوب ويفرق الأمة ويجلب الضغينة هذا من أفضل الأعمال ومن أحسن القربات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه جل وعلا إخوتي في الله هنيئاً للقائمين على هذه الأندية إذا صلحت النية وهنيئاً لهم إذا جعلوا نصب أعينهم حمل ميراث محمد صلى الله عليه وسلم وإحياء القلوب فإن الله بعثه بحياة القلوب كما قال جل وعلا يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم هنيئاً لمن يحمل ذلك ويتفرغ له ويجعل هذا نصب عينيه لأنه بهذا من الذين يصلحون ما أفسد الناس الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بالغرباء قال :(2/159)
فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس ولهذا أنا أوصيكم بأن يكون همّ المسلم أن يكون عضواً فاعلاً في هذا المجتمع الذي ينتمي إليه وفي هذه الدولة التي ينتمي إليها وفي المجتمع الإسلامي كلّه الذي ينتمي إليه باذلاً خيره كافاً شره منتمياً إلى أولياء الرحمن الذين ينشرون الفضائل ويكافحون الرذائل أسأل الله تعالى أن يحيي قلوبنا بطاعته وأن يحبب إلينا عبادته وأن يجعلنا هداة مهتدين وأن يجعل هذه الأندية معاقل صلاح وإصلاح وخير وهداية وعزة في الدنيا والآخرة صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .
السؤال :
معالي الشيخ هل نستطيع أن نجعل من الرياضة وسيلة للعبادة جزاكم الله خيراً
الجواب :
الرياضة يا أخواني بنية تقوية البدن وتقوية لبنة من لبنات الأمة وإعداد القوة الذي قال الله بها وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة وإدراكاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير أسألكم هذه عبادة أم لا عندما يريد الإنسان أن يساهم في إعداد القوة التي أمر الله بها وفي إدراك القوة التي مدحها الرسول صلى الله عليه وسلم هذه عبادة أم لا هو عبادة بلا شك لكن مثل ما تعلمون هذه الأمور تحتاج إلى نيّة إذا جعل الإنسان نفسه لبنة أنا الآن لبنة من جدار طويل اسمه المجتمع السعودي والمجتمع السعودي جدار من جدار طويل اسمه المجتمع الإسلامي فأنا إذا أتقنت هذه اللبنة وأجدتها معناها أن حيزاً من الجدار أنا ساهمت في قوته وساهمت في تماسكه فأنا في عبادة نعم .
السؤال :
ما رأيكم في تأخير صلاة العشاء إلى بعد التمارين الرياضية إلى حوالي الساعة العاشرة مساءً
الجواب :(2/160)
صلاة العشاء إلى نصف الليل كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم ونصف الليل يختلف من وقت إلى وقت فقد يأتي وقت تكون الساعة العاشرة بعد نصف الليل ويأتي وقت تكون الساعة العاشرة قبل نصف الليل والناس إذا لم يكونوا عند مسجد يؤذن وتقام فيه الصلاة فهم متى شاؤوا صلّوا فهم إما أن يصلوا في أول الوقت أو في وسطه أو في آخره والنبي صلى الله عليه وسلم أحب تأخير العشاء لولا أن يشق على أمته نعم .
السؤال :
ما حكم إذا كان المباراة في خارج هذه البلاد في رمضان فيضطرون إلى اللعب بعد العصر هل هناك فترة تجيز الإفطار في نهار رمضان بسبب هذه المباراة يعني
الجواب :
هو إذا كانوا خارج البلد فهم مسافرون والمسافر يجوز له أن يفطر لكن مع هذا نقترح على الدكتور منصور وزملائه أن تبقى سمعة المملكة العربية السعودية في العالم الإسلامي كما يريد لها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهدها الأمين ويريد لها أيضاً الناس الحريصين على بقائها أغلب العالم الإسلامي جهلة عندما يرون اللاعب السعودي مفطر ماذا يتصورون هل يعرفون أحكام السفر ما يعرفون أحكام السفر وربما يتحدثون بما نحن في غنى عنه ولذلك ينبغي ترتيب هذا المباريات في غير رمضان لأنكم مثل ما تعرفون حتى لو جعلت في رمضان بعد التراويح سيكون الإنسان تعبان من التخمة مالي بطنه وهو قبل الإفطار تعبان من الجوع وبعد الإفطار تعيان من ملئ البطن ولهذا لو أن هذه المباريات أجلت في غير هذا الشهر جميع دول العالم تحترم العبادات عندهم الحرية الدينية واحترام المشاعر الدينية ونحن ما نريد لأننا نعلم أنا حتى الآن أعلم أن الفريق بعضهم لو قيل له أفطر ما هو مفطر ولا هو مقتنع لو حتى جاء الشيخ عبد العزيز بن باز الله يرحمه وقال له أفطِر ما أفطَر فلماذا نحدث خلاف بيننا وبين أبنائنا الذين يمثلوننا مع أن بإمكاننا أن نختار الوقت المناسب الذي نراهم فيه على شكل يرضينا
السؤال :(2/161)
أرجو يا فضيلة الشيخ أن توجهوا الكلمة لوسائل الإعلام خاصة الصحافة الرياضية للتركيز على هذا الدين العظيم الذي أشرتم إليه قبل قليل
الجواب :
الإعلاميون هم الجانب الظاهر والخفي الذي يدعم الرياضة قبل وبعد ولهذا فهؤلاء إذا صدقوا وركزوا على النفع وابتعدوا عن التحيز والظلم يؤدون دوراً مهماً لكن الذي نعرفه في كثير منهم أنهم أصبحوا مثل شعراء الزمان كل يوم يحكي بلسان غير لسانه أمس يعني بعضهم لو يقارن بين كتاباته في شهر وجد أنه متناقض عدة مرات ليه لأنه مثل المتنبي اليوم مدح كافور الإخشيدي وباجر بصحبه البلاط فهذه مشكلة يعني أن نرى الآن في أولادنا الذين يشتمون في الصحافة الرياضية أنهم أصبحوا بهذا الشكل يعني ليست عندهم منطلقات ثابتة ولا ركائز قوية تحكم عملهم يعني تستغرب أن هؤلاء أحياناً يعالجون بعض الأخطاء بما يكون خطأً ويريد أن يعالج فيخطئ .
فضيلة الشيخ الدكتور عصام بن صالح العويد
ضيف الحلقة :
مفتاح حياة القلب
موضوع المحاضرة
أ
خي المبارك ،
عندما نتكلم عن حياة القلب وعندما نريد أن نتعرض لهذا القلب يجب أن نعلم أن هذا القلب سر من أسرار الله في الأرض هذا القلب كما قال القائل للقلب سر ليس يعرف قدره إلا الذي أتاه للإنسان وكما قال ابن القيم قطع المسافة بالقلوب إليه أي إلى الله جلّ وعلا قطع المسافة بالقلوب إليه لا بالسيف فوق مقاعد الركبان يا أخي المبارك كنا بالأمس القريب في مجلس مبارك كمجلسنا هذا إذا يكون الحديث عن الجنة والنار عن اليوم الآخر عن الأهوال عن تفسير كلام الله جلّ وعلا في سورة الحج في أولها يقول :
? يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تزهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن ماذا يا رب ولكن عذاب الله شديد? .(2/162)
نعم أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم واستمعوا لي واستمعوا معي لآيات ربكم جلّ وعلا يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم إذا بفرد من أفراد المجلس التفت إليه فإذا عينه تزرف وإذا القلب واجف خائف إذا هو يوجل من هذه الآيات تذكر ما فيها من الوعد والوعيد تذكير ما فيها من التهديد تذكر ذلك اليوم الأخر ثم لما تليت بقيت الآيات وفسرت إذا الشاب وكان قد عاش والله نعيماً لم يعشه إلا أقل القليل من الناس من آدم عليه السلام إلى زمننا هذا ولكن هذه الآيات دخلت إلى أين دخلت إلى قلب كان حياً بذكر الله عزّ وجل وهذا هو السر الأعظم في تأثير القرآن على الخلق وفي عدم استجابة خلق لكتاب الله جل ّوعلا .(2/163)
نعم إن القلب إذا كان حياً وإذا فتح بمفتاح الحق جلّ وعلا فإنه يكون يتذكر من أدنى شيء فكيف بمثل هذه الآيات التي تهتز لها الجبال الصماء بل وتسقط والله لها لوعة الناطحات السماء يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ماذا يا رب يوم ترونها تزهل كل مرضعة عن ما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها ليس حمل الإنسان من المرأة عندما تحمل فقط وإنما هذا من كل أنثى سواء كانت عاقلة أو غير عاقلة كل أنثى تسقط ما في بطنها وترمي ما في يديها وهي ترضع ذاك الطفل الذي طالما ضمته وطالما حنت عليه وطالما أرضعته وطالما أعطته من كل شيء تستطيعه إذا هي فيذلك الموقف العظيم ترمي الطفل وتضع الحمل لما ما الذي حدث ما الذي جرى لهذه المرأة وما الذي جرى لهذه الحامل بل ما الذي جرى للكون أجمع يوم ترونها تزهل كل مرضعة عن ما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى نعم ترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذابا الله شديد وترى الناس سكارى وما هم بسكارى نعم سترى أبا بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وعلي ابن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم سترى شيخنا سماحة الوالد عبد العزيز ابن باز سترى الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة سترى عقلاء القوم ترى أناس كانت عقولهم في الدنيا توزن بأهل بلد كامل إذا أنتم تراهم وأنت تعرفهم في اليوم الأخر إذا هم كالسكارى بل هم سكارى ولكن ليس من شرب بل من هول رأوه بأم أعينهم وترى الناس كل الناس وترى الناس بسكارى وما هم بسكارى ولكن ماذا ولكن عذاب الله شديد.(2/164)
ولذا من حيا قلبه واستمع إلى مثل هذه الآيات كيف لا تدمع عينه كيف لا يوجل قلبه بل والله يوجل و والله تدمع العين بل والله يتذكر وتتوب الجوارح وتعود وتأوب إلى ربها جلّ في علاه نعم لكن متى إذا كان القلب حيا وفقط شاب كان يقرأ القرآن في مسجد الله الحرام في مكة المكرمة في أواخر رمضان في العشر الأخيرة من رمضان والناس ما بين صلاة التراويح والقيام إذا هو يقرأ بصورة الحق وأنا أسمعه يقرأ بسورة الحق فأخذ يقرأ ويقرأ حتى مر بقول الله جل وعلا خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فسلكوه لما يا رب كل هذا خذوه فغلوه ما معنى خذوه فغلوه هذا أمر ممن من ملك من رسول من ملك من ملوك الأرض من جبار من جبابرة الدنيا لا والله وكلا بالله من يجرؤ على ذلك وقد قامت قيامة الله جل وعلا على عباده كل خانع كل خاضع كل خاشع كل ذليل للواحد الأحد جل في علاه لا واحد إلا هو سبحانه وتعالى في ذلك اليوم العظيم يقول :
أين الملوك فلا يجيب أحد أين الجبابرة فلا يجيب أحد أين أصحاب الأموال أين أصحاب الجاه أين الذين طغوا وبغوا وقتلوا وافسدوا في الأرض أين هؤلاء أين الذين أمرهم الله بأمر فتركوه وأين الذين نهاهم عن نهي فأتوه وأصروا إلا على فعله أين هم أين هم والله جل وعلا ماذا يقول والله جل وعلا ماذا يقول في ذلك الموقف العظيم خذوه فغلوه أخي المبارك إذا كان القلب حياً ألا يخشى أن يعود هذا الضمير إليه ألا يخشى أن يقول الله جل وعلا في ذلك الموقف العظيم :
خذوا فلان ابن فلان فغلوه خذوه فغلوه ضع اسمك محل هذا الضمير أيها المبارك دامك الآن في دار الإمكان قبل أن تستمع إلى قول والله شديد وقول والله عظيم خذوه فغلوه من الذي يأخذ ملائكة الله ومن الذين يغلون ملائكة الله خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم ماذا يا رب في لسلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه قال ابن عباس :(2/165)
وجماعة من السلف ذرعها سبعون ذراعاً بذراع الملك وليس بذراع البشر في هذه الحياة الدنيا والملك الواحد من ملائكة الله عز وجل لا يعلم قدر خلقه إلا هو سبحانه وتعالى فهذه السلسلة لوحدها أعظم من الدنيا وما فيها قال جل وعلا فاسلكوه قال ابن عباس أي ينظمون نظماً في هذه السلسلة كما يدخل الطير في السلك الشواء ثم يدار بهم على النار دوراناً كما يدار باللحم على الشواء هكذا يدخلون بهذه السلسلة ينظمون بها نظماً ثم تدور بهم ملائكة الله عز وجل على جهنم وبأس المصير فاسلكوه إذا تصور الأمر وتصور الإنسان هذه الحال الشديدة على نفسه فضلاً عن غيره كيف يكون حاله ثم إذا تصورها بعد ذلك مباشرة وإذا هذا الضمير قد يعود يوماً من الأيام أخي المبارك قد يعود يوماً من الأيام على والدتك التي ربتك وحضنتك وأشفقت عليك وأحسنت إليك أعادها الله من ذلك أو قد يعود إلى والدك أو إلى أخيك أو إلى زوجتك أو إلى ابنك أو إلى ابنتك أو إلى قريبك أو إلى جارك إلى واحد من هؤلاء جميعاً لو عاد الضمير إليهم لا حول ولا قوة إلا بالله في ذلك الموقف العظيم ماذا ستفعل وكيف سيكون حالك أتسر بذلك أترضى بذلك لا والله من الذي يرضى لأخ أو أخت فضلاً عن أم وأب فضلاً عن أبناء وبنات وكذلك من جيران وأقارب وأحباب رأوهم يوماً من الدهر أيرضى لهم أن يقال لهم خذوه فغلوه ثم الجحيم(2/166)
صلوه أيرضى بذلك لا والله لا يرضى أبداً ولكن ليس بيده حيلة في ذلك الموقف العظيم ولكنه الآن نعم بيده شيء بيده أن يأخذ بيد أمه بيد أنبيه بيد أخته بيد أخيه بيد جاره بيد صاحبه بيد خليله بيد زميله بيد صديقه بيد ابنه أو بنته بيد قريبه بيد الناس أجمعين فيأخذهم وينجيهم من مثل هذا الخطاب والعياذ بالله ولكن متى أخي المبارك متى يكون هذا يكون هذا إذا فتح القلب لكلمات الرب جل وعلا عندئذ يحيى القلب ويزهر ويكون عاملاً في إنقاذ العباد بل قبل ذلك في إنقاذ نفسه من مثل هذا الموقف العظيم ولذا في الذي ذكرت لكم لما تلا قول الله جل وعلا خذوه فغلوه لم يستطع أن يكمل وهو يتصور هذا الضمير ويتذكر كيف لا يكون الحال لو عاد الضمير إليه أو إلى أحد من أحبابه فما استطاع أن يمضي جلس فيها والله أكثر من ساعة ما استطاع أن يجاوزها كيف يجاوزها وهو يعلم أن في نفسه تقصير وأن في أحبابه تقصير وأن في أقرب الناس إليه تقصير ألا تحثه هذه الآيات أن يعمل جاهداً لإنقاذ نفسه ألا تحثه هذه الآيات أن يعمل جاهداً لإنقاذ أقرب وأحب الناس إليه بلا والله لكن متى إذا كان القلب حياً نعم إذا كان القلب حياً أما إذا كان القلب ميتاً فماذا سيعمل ؟(2/167)
لن يعمل شيئاً ولن يتحرك لشيء ولن يفطن لشيء ولن يصحوا لشيء في هذه الحياة الدنيا ولكنه متى سيصحو ومتى سيفيق ومتى يعلم أنه قد قصر أشد التقصير في حق نفسه وفي حق أهله وأحبائه في اليوم الآخر في اليوم الذي يقول الله عز وجل في بعض أوصافه عن النار وعن أهل الإجرام إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها وأنظر إلى ماذا يسمعون سمعوا لها تغيضا أي في داخل القلب في داخل النار في جوف النار غيض وحنق وغضب وحقد على هؤلاء الذين تعدوا حدود الله عز وجل سمعوا لها تغيضاً ثم ماذا يا رب قال وزفيرا كيف وزفيرا يخرج من النار هواء حار بقدر حرارة جوفها فيصل إلى أهل الإجرام قبل أن يصلوا إليها تصل هي بهذا الزفير إليهم ليش ولماذا لأنها إنما خلقت لشيء واحد لتعذيب من عصا الله عز وجل لتعذيب من تجبر على الله جلّ وعلا ثم قال في أخر الآيات وهو يحكي عن هذا الأمر وهذا الموقف سمعوا لها تغيضاً وزفيرا وإذا القوا فيها مكاناً ضيقا أتدري ما معنى المكان الضيق قال أهل التفسير :(2/168)
المكان الضيق في نار جهنم أن يؤخذ بالمجرم فيضرب في جدار النار كما يضرب بالمسمار في الجدار هذا هو المكان الضيق في نار جهنم وإذا القوا فيها مكاناً ضيقا ضيقاً ماذا ضيقاً مقرنين ما معنى مقرنين مقرنين أن يربط بعضهم ببعض هؤلاء الذين تعاونوا على معصية الله عزّ وجل في هذه الحياة الدنيا اجتمعوا على فساد وإفساد في الليل ثم إذا أقبل الفجر إذا الواحد منهم ينام كما ينام البعير ثم لا يستيقظ إلا في أخر الضحى ثم إن صلى صلاها صلاة ينقرها كما ينقر الغراب هؤلاء إذا التموا على ذلك في الحياة الدنيا أيترك كل واحد منهم يعذب لوحده في الآخرة لا ليس كذلك لا بد كما أعان بعضهم بعضاً على معصية الله في هذه الحياة الدنيا لا بد أن يسمع بعضهم بعضاً أنينهم وصراخهم وعذابهم وان يرى بعينه صاحبه الذي تعاون هو وإياه على ما يغضب الله إذا هو يراه هذا يصيح تارة فإذا سكت إذا الأخر يصيح فإذا سكت فإذا الثالث يصيح فإذا سكت الثالث إذا الأخر يشهق وإذا الرابع يزفر زفرة يتذكر فيها تلك الأيام الخوالي وما فعل بها مكرمين بعد ذلك ماذا يفعلون دعوا هنالك ثبرا لا تدعو اليوم ثبورا واحدة أدعو ثبورا كثيرة قد أمكنكم في هذه الحياة الدنيا أخي المبارك أخي المبارك هذه الآيات وأمثالها هي دليلك إلى حياة قلبك وما حيت قلوب أفئدة من الناس كثر وما حيا قلب أبي بكر وعمر ولا عثمان وعلي ولا بقية العشرة ولا بقية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا باقي التابعين من أئمة الدين ولا كذلك من بعدهم من الصالحين ما حيت والله قلوبهم إلا بشيء واحد لا ثاني له إلا بشيء واحد لا ثاني له مطلقا هو بكتاب الله عز وجل نعم بكتاب الله ولكن عندما تحمل أنت كتاب الله كما ينبغي لكتاب مثل كتاب الله عز وجل عندما تعرف قدر هذا الكتاب عندما تعي معنى أن الله جل وعلا أنزل القرآن العظيم علينا جميعاَ ليحي قلوبنا ولنور بصائرنا وليخرجنا من الظلمات إلى النور نعم بهذا القرآن اهتدى(2/169)
من اهتدى وبهذا القرآن أبصر ما أبصر وبهذا القرآن وفق من وفق أخي المبارك قال الله عز وجل في آية ذكر فيها القلب والقرآن وتأمل معي قليلاً هذه الآية لتعلم أنه لا حياة لهذا القلب إلا بالقرآن لا حياة أبدا لهذا القلب إلا بالقرآن ولا نور لهذا القلب إلا بهذا القرآن يقول الله عز وجل أفلا أفلا ماذا يا ربي (أفلا يتدبرون القرآن ).
فإن لم نفعل ذلك يا ربنا ما حكمك فينا ما حكمك فينا ما قول الله عز وجل في الذين لا يتدبرون القرآن (أم على قلوبهم أقفالها أم على قلوب أقفالها) فهما طريقان ما للمرء غيرهما فانظر لنفسك ماذا أنت تختار نعم هما طريقان ما للمرء غيرهما والله لا طريق ثالث مطلقا إما يا أخي المبارك يا أخي الفاضل أيها المؤمن إما أن تقبل على كتاب ربك على تدبره على تأمله على الخشوع معه على التفكير فيه على تكراره على التلذذ بآياته وإما أن تعلم بحكم الله عز وجل أن على قلبك أقفال وليس قفل واحد أي والله أفلا يتدبرون القرآن أفلا يتدبرون القرآن أفلا يدبرون القرآن فإن لم نفعل إما على قلوبهم أقفالها هل مثل هذه الآية بحاجة إلى تفسير بحاجة إلى بيان بحاجة إلى كشف بحاجة إلى أحد يوضحها ويبينها لا والله هي أوضح من أن توضح وأبين من أن تبين ولكن أين القلوب الحية التي تعلم ذلك والتي تريد النجاة في يوم عظيم أينها أين هؤلاء الذين عظمة ما هم مقبلون عليه فيجتهد اجتهاد كاملاَ تاماَ في إحياء قلبه وهذا الأمر وهذا الأمر بقدر ما هو عظيم إلا والله أنه أيضاَ يسير وبقدر ما هو مهم إلا أنه والله فيه من اللذة وفيه من السعادة وفيه من الحبور وفيه من السرور والله شيء ما كان يوصف والله يا أخي المبارك بربي أقسم لك بذا الإجلال والإكرام أن من قرأ القرآن متدبر له متفكر فيه متأمل في عبره وعظاته والله أنه ليجد لذة إنه ليجد لذة لا يجدها كل من اجتمعت له أنواع اللذات في الحياة الدنيا والله لا يجدها أحد مطلقاًََ يا أخي تعيش مع كلام الله(2/170)
كيف لا تكون لذتك كاملة كيف لا تكون لذتك تامة ولكن البلاء كل البلاء في الذي يعرض عن تدبر كلام الله جل في علاه في الذي عن القرآن ليس عن قراءته لا فإنه القراءة حق لهذا الكتاب ولكن الأعظم من القراءة هي التدبر ولذا قال الله جل وعلا وهو يريد أن يغذي قلبك أن يملأ هذا الفؤاد قناعة بهذا الأمر قال الله جل وعلا كتاب ما هو هذا الكتاب التوراة الإنجيل الزبور سنة محمد صلى الله عليه وسلم لا لا إنما هو إنما هو إنما هو القرآن كتاب ماذا فيه يا ربي ما صفة هذا الكتاب قال كتاب أنزلناه إليك لما يا ربي مبارك كتاب أنزلناه إليك مبارك مبارك لمن مبارك لمن كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته هذه الأم ليتدبروا تسمى عند أهل المعاني بلام العلة بلام الحكمة أي من أراد أن يكون هذا الكتاب مبارك من أراد أن يكون هذا الكتاب مبارك له ومبارك عليه في جميع أموره في جوارحه وفي أفعاله وفي أيضاَ ذريته وفي أهل بيته وفي الناس من حوله من أراد أن يكون ذلك القرآن كذلك له فما الطريق وما الوصلة ليتدبروا آياته ليتدبروا آياته وليتذكر من أولوا الألباب أهل العقول الذكي هو الذي يفعل هذا الذي عنده لب عنده عقل أما الغبي الكامل الغباء فهو الذي يبعد ويعرض عن تدبر آيات ربه أخي المبارك لا تظن أنك بحاجة الآن أن تطلع على كتب التفسير فيأتي في بالك تفسير ابن جرير رحمه الله أو تفسير ابن كثير أو تفسير فلان وفلان من المطولات في كتب التفسير ليس هذا هو المقصود أبداَ هذه لا بد منها وسيأتي الكلام عنها ولكن ليس هذا هو المقصود هناك عدد كبير من آيات الكتاب واضحة وبينة جلية جلية ظاهرة جداَ ولكن أين من يقبل عليها أين من يتدبر فيها أين من يتكررها من يتأملها أين مثلاَ أنظر إلى قول ربك سبحانه وتعالى في آيات قصيرة وسأختار لك من قصار الصور التي يحفظها أغلب الناس حتى لا يذهب الذهن إلى آيات في أواخر صورة إبراهيم أو في أوساط صورة الأنبياء أو في كذا وكذا لا(2/171)
دعني أنا وإياك في قصار السور يا أخي المبارك دعني أنا وإياك عما وتبارك أنت تقرأ قول الله سبحانه وتعالى:
(ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ) ثم ماذا (وجعلنا رجوم للشياطين واعتدنا للشياطين وأشباه الشياطين له عذاب السعير) هذه بحاجة إلى تفسير حتى تفهم الآية كلماتها غامضة ليست ببينة غير واضحة تحتاج إلى قاموس لا والله لا تحتاج على ذلك ثم قال:
(وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقاًَ في داخلها )(2/172)
الزفير في الآية الأولى إذا كان خارجا منها والشهيق كما هو معلوم في لغة العرب إذا كان داخل الهواء إذا دخل فهناك زفير وهنا شهيق لأنهم هنا وصلوا إلى قعرها إلى داخلها فليس هناك حاجة إلى زفير يصل إليهم وإنما الحاجة الآن إلى شهيق يعذبهم ويفور ويدور فيهم في نار جهنم إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقاَ وهي تفور تتقلب هذه بحاجة إلى تفسير تكاد تميز من الغيظ تتميز يعني تكاد تتقطع تكاد تتميز أي تكاد تتقطع لأن النار عبارة عن زيت أسود وأحجار سود ودخان أسود كله أسود في أسود كله أسود في أسود ليس في النار شيء إلا السواد المطلق فهذا السواد يتميز من الغيظ كلما ألقي فيها فرج سألهما خزلتها ألم يأتيكم نذير ألما يأتينا نذير أنا أسألكم الآن جاءنا نذير أو لم يأتنا نذير أليس بلاء فعلاَ كلنا نؤمن أن النذير جاءنا كلنا نؤمن أن محمد صلى الله عليه وسلم هو النذير وأنه بين أشد البيان وأتم هو أكمله قد جاءنا نذير ولكن أين من يفقه ويعقل عن هذا النذير فكذبنا وقلنا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير لو كنا نسمع أما نسمع نحن الآن أما غيرنا يسمع ولكنه السمع الذي هو مفتاح للقلب السمع الذي فيه حياة لفؤاد الإنسان ليس السمع الذي هو أن تفقه وأن تصل إليك ذبذبات الكلام وإنما السمع النافع لو كنا نسمع أو نعقل وعقولنا الآن معنا قوية ظاهرة نميز فيها بين كل الأشياء ولله الحمد والمنة ولكن أين من يستخدم هذا العقل من يستخدم هذا العقل في التفكر في آيات كتاب ربه ليحيا قلبه ثم ينجوا في الدنيا والآخرة هذه الآيات يا أخي المبارك وغيرها كثير هل هي بحاجة هل هي بحاجة أن ترجع إلى كتب التفسير لا هذه سهلة ميسورة واضحة بينة بحاجة إلى ماذا بحاجة إلى بحاجة إلى قلب يقف معها يكررها يرددها أعرف أخاَ كان واقعاَ في كثير من الفواحش بل أنه وقع في الفاحشة الكبرى أعاني الله وإياكم من ذلك إذا هو يوم إذا هو في يوم من الأيام يسير وقد شغل مسجل السيارة(2/173)
فالقارئ للقرآن يقرأ فمر قول الله عز وجل واسمع إلى قول الله سبحانه وتعالى وأظن هذه الآية قد مرت على كثير منا مرات عديدة وكرات كثيرة ولكن متى يحيا القلب كما يحيا قلب هذا الإنسان كما حيا قلب هذا الإنسان فتاب بسبب آية من كتاب الله جل وعلا آية واحدة وانفتح قلبه لنور القرآن وأصبح الآن من الدعاة إلى الله عز وجل ليهدي الناس على بصيرة ويعلمهم الكتاب والحكمة بسبب آية من كتاب الله جل وعلا استمع إلى قوله سبحانه وتعالى ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) الآية في سورة يوسف والله عز وجل يتلكم عن نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام فيقول جل وعلا عن يوسف عليه السلام ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ) لما يا ربي ما الحكمة ما السبب قال ( إنه من عبادنا المخلصين ) صرف الله عز وجل السوء والفحشاء عن هذا النبي الكريم لأنه من عباد الله المخلصين فعجباَ والله ذا الذي وقع في الفاحشة وقع في الزنا ووقع في اللواط ووقع في غير ذلك من الفواحش لو كان من عباد الله المخلصين أما يصرف الله عنه السوء والفحشاء بلا والله لو كان من عباد الله المخلصين لصرف الله عنه السوء والفحشاء الآية ظاهرة واضحة (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ) لما يا ربي إنه من عبادنا المخلصين لأنه من عباد الله المخلصين لم يقع في السوء والفحشاء وهذا معلوم عند المفسرين هذا الأخ لما استمع الآية وكأنه لأول مرة يستمع إليها من كتاب الله عز وجل أعادها مرة إذا هو يسمعها مرة ثانية أعاده ثالثة رابعة خمسة سادسة سابعة عشرة ما استطاع يكمل القيادة أوقف السيارة على جنب وأخذ يعيد الآية كذلك فيفكر فيها إذاَ أنا لما وقعت في الفحشاء فأنا لست من عباد الله المخلصين وأخذ يكررها ويرده أكثر من ساعة ساعة كاملة وهو يكرر الآية ويبكي ويبكي ويبكي ويبكي فما والله تحرك من مكانه حتى أقلع عن كثير من الذنوب صغيرها وكبيرها أقلع عن هذه الفاحشة بل عما دونها بكثير لأن الإنسان ما يريد من(2/174)
هذه الحياة الدنيا إلا أن يكون من عباد الله المخلصين فإذا كانت هذه الفحشاء أمارة وعلامة وسمة أنه ليس من عباد الله المخلصين فلماذا يقع فيها وما الذي يريد منها فالذي يقع في السوء والفحشاء يقع بالسوء والفحشاء تارة بلسانه لا يلزم أن يكون السوء والفحشاء بالفرج لا قد يكون باللسان أعظم من الفرج مرات كثيرة بل الذي يقع في السوء والفحشاء بعينه بسمعه بيده يبطش بها يظلم بها يصل بها إلى محرم يشتري بها أموراً محرمة يكسب مالاً حراماً برجليه ذا الذي يقع في السوء والفحشاء لو تأمل هذه الآية أما يقلع عن ذلك أما يقلع عن مثل هذا بلى والله يقلع وتكون هذه الآية مفتاح خير لقلبه يعيش بهذه الآية إلى نهاية عمره بل تنير له الطريق وهي كافية في الآخرة وتدخله الجنة بإذن الله عزّ وجل لم لأنه أخذ آية واحدة تدبر فيها وتأمل فالذي يريد صلاح قلبه والذي يريد النجاة في الدنيا والآخرة والذي يريد الفوز في هذه الدار وفي تلك الدار لابد أن يعلم أنه لا نجاة ولا فوز ولا حياة للقلب إلا بكتاب الله عزّ وجل يا أخي المبارك هذا القرآن عندما تقبل عليه يفعل بك أمراً عجباً أنت تعلم أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم وهل هناك أكرم من محمد صلى الله عليه وسلم هل هناك أشرف من محمد صلى الله عليه وسلم هل هناك أعظم من محمد صلى الله عليه وسلم هل هناك أحب إلى الله من محمد صلى الله عليه وسلم لا صلوات ربي وسلامه عليه هذا النبي الكريم الرؤوف الرحيم الذي رفع الله قدره وأعلى منزلته وأعلى من شأنه كيف قال الله عز وجل عنه وهو يتكلم عنه صلى الله عليه وسلم قبل قبل البعثة قبل أن ينزل عليه القرآن أريدك أن تتبين من هذا يا أخي المبارك لتعلم كيف حالك وكيف حال قلبك قبل أن تقبل على تدبر القرآن من لم يكن أقبل على تدبر القرآن فلينظر إلى وصف القرآن لمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه القرآن ألم يقل الله عز وجل وأيضا أختار لك من السور القصار لتقف معها(2/175)
وتعلم وتدرك معناها وتظل معك الآن وبعد الآن ألم يقل الله عز ّوجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سورة الضحى :
ووجدك ضال فماذا فهدى أليس كذالك كان محمد صلى الله عليه وسلم ضال عن ماذا كان ضال عن ماذا عن القرآن يا أخي الكريم عن كتاب الله عز وجل عن كتاب النور كان ضال عنه قال الله عز وجل فهدى أي كان ضال عن القرآن غائب عنه القرآن فنزلت عليه الهداية بالقرآن ولما نزل هذا القرآن نزلت الهداية الكاملة على محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان هذا حال الحبيب صلى الله عليه وسلم فكيف بحال الإنسان قبل أن يتدبر القرآن كيف بحاله قبل أن يقبل على كتاب الله عز وجل كيف حاله من أسوء ما يكون نعم من أسوء ما يكون أذكر فتاة عاشت دهرا من عمرها والله يا أخي مضار إنها عاشت حياة من أعجب ما يكون في المعاصي و البعد عن الله و ارتكاب النواهي وترك الأوامر لأنها كانت تعيش في حياة رغيدة إلى الغاية لا يفكر فيها و لا يتصورها كثير من الناس فضلا أن يعيشوها فضلا أن يعيشوها استمعت إلى القرآن مرات عديدة حتى جاء يوم من الأيام فإذا هي تسمع من بعض المشايخ تلاوة لكتاب الله عز و جل مع بعض التفسير لأي آيات لآية كلنا سمعناها مرات عديدة لقول الله عز وجل كلا كلا ماذا ياربي كلا ماذا يا جبار السماوات و الأرض قال لك ولي و لجميع الناس كلا إذا دكت الأرض دكاً دكا هذه في أي سورة في سورة الفجر ومن منا لا يقرأ سورة الفجر بل من منا لا يقرأ و يحفظ سورة الفجر كلا إذا دكت الأرض دكاً دكا وجاء ربك والملك صفاً صفا تصور الحالة ملائكة الله عز وجل لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى ملائكة الله الذين يمسكون بجهنم فقط عددهم أربعت ألاف مليون وتسعمائة مليون ملك تصور هذا يا أخي المبارك تصور هذا يا أخي المبارك ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوع أنه قال يجاء بجهنم يوم القيامة سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك اضرب سبعين ألف في(2/176)
سبعين ألف كم يخرج لك من عدد الملائكة أربعة آلاف مليون ملك وتسع مئة مليون ملك هؤلاء فقط الذين يجرون جهنم يوم القيامة وجاء ربك والملك صفاً صفاً وجيئ يومئذ بجهنم يومئذ إيش يتذكر الإنسان لكن إيش يهم بالذكر الآن ذكراك الآن تنفعك لكن ذكراك بعد الموت بعد قيام الساعة بعد قدوم جهنم تنفعك ولا شيء ولا تنفعك إلا الحسرة والندامة والخزي والذل والعار والشنار يوم القيامة فقط أن تتذكر تلك المعاصي في الأيام الخوالي وجيئ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأن له الذكرى يقول:(2/177)
ماذا يا ليتني قدمت لحياتي لا إله إلا الله أما نؤمن بكتاب الله أما نؤمن بهذا القرآن المنزل أنه من عند الله أما نؤمن أنه وصل إلينا متواتراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم وإلى أن يرفع في آخر الزمنان بلى والله كلنا نؤمن بذلك كلنا نؤمن بذلك فالله عز وجل هو الذي يقول لنا يومئذ يتذكر الإنسان إن له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي قدمت إيش تركت المعاصي ليس هو هذا فقط ليس أنك قدمت المعاصي لا قدمت لحياتي أني لم أستغل ساعة فراغ لأركع لله عز وجل لم أستغل ساعة فراغ لأسبح لربي سبحانه وتعالى لم أستغل قوة ووجداناً في المال فأتصدق على فقير أو مسكين لم أستغل صحتي وعافيتي لأعين بها يتيماً وضعيفاً وامرأة ذا حاجة لم أستغل ثانية مرت في حياتي بطاعة إلى الله عز وجل يا ليتني إيش قدمت لحياتي طيب نحن الآن في هذه الحياة الدنيا يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد هذه الآية مرت على تلك الفتاة التي أذكر لك حالها مرت عليها والله يا أخي المبارك الآن لهذا الأمر أكثر من سنة لهذه الحادثة أكثر من سنة سنة ونصف تقريباً إلى الآن وهذه الفتاة التي كانت لا تعرف الحجاب مطلقاً بل لا تعرف الستر فضلاً عن الحجاب لا تعرف الستر أمام الرجال الأجانب وعلى الشواطئ في البلاد وفي خارج البلاد إذا هي الآن فتاة متحجبة مصلية لليل صائمة للنوافل قارئة للقرآن باكية خاشعة خاضعة ذليلة لله عز وجل تسأل عن كل أمورها صغيرها وكبيرها تحرص على الخير أكثر مما يحرص عليه ألان كثير من الناس ولماذا من أجل أربع آيات من كتاب الله عز وجل من سورة قصيرة نعرفها جميعاً لكن ما الذي جرى وما الذي تغير الذي تغير المحل أما الكلام فهو هو لم يتغير الذي تغير هذا القلب لما اقبل على كتاب الرب سبحانه وتعالى ولذا يقول الله عز وجل تأمل معي هذه الآيات في الكلام عن القرآن مع محمد صلى الله عليه وسلم وكذلك أوحينا إليك روحاً من(2/178)
أمرنا ما هو الروح هو إيش القرآن سمي وكذلك أوحينا إليك روحاً سمي روحاً لأنه فيه الحياة فيه حياة القلوب كما أن ترى البدن أنت ترى البدن الآن البدن هذا بدون هذه الروح له قيمة له وزن ليس له شيء أخي المبارك تعال إلى هذا البدن بدون روح بعد شهر واحد من وضعه على الأرض إن كان كذلك تعال انظر إلى هذا البدن من دون هذه الروح كيف هو حاله قد أنتن وأصبح جيفة الكل يهرب منها والكل يتأذى منها والكل يقول ادفنوا عنا هذه الجيفة آذتنا بريحها وآذتنا بهيئتها وشكلها هذا هو البدن إيش البدن البدن بدون هذه الروح لا شيء القلب بدون الكتاب وبدون هذا الكتاب لا شيء كالجيفة والله ولكن جيفته معنوية لا تشم الآن وإنما تشم في الآخرة ولا ترى الآمن وإنما ترى في الآخرة في ذلك الموقف العظيم وليت ذلك يتبين الآن ولكن حكمة الله عظيمة حتى يتوب من كان كذلك وحتى نقلع نحن عما فينا من التقصير ولكن الأمر دفن وأخفي إلى يوم عظيم أخفي لذلك اليوم العظيم ولذا قال الله عز وجل وكذلك أو حينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تردي ما الكتاب ولا الإيمان من الذي لا يدري من ؟(2/179)
من هو أنا أسألكم ما كنت تدري ما الكتاب والإيمان من هو المقصود بدءاً محمد صلى الله على نبينا محمد هو محمد بن عبد الله ما كان يدري ما الكتاب وما الإيمان قبل إيش قبل القرآن وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن ماذا يا رب ولكن جعلناه نوراًَ لمن نهدي به من نشاء من عبادنا نهدي به من نشاء من عبادنا أسأل الله عز وجل أن يجعلني ووالدينا وذرياتنا منهم يا ذا الجلال والإكرام نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك يا محمد تهدي بهذا القرآن العظيم إلى صراط مستقيم وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم هذا هو الربط بين حياة القلب وبين هذا الكتاب العظيم بين أن يكون الإنسان ميت وبين أن يكون حي أخي المبارك قف وقفة صغيرة ويسيرة بين إنسان تراه في حياته وفي كامل عافيته وقوته وبين إنسان قد خرجت الروح منه فهو جسد ملقى على الأرض أنت تنظر إلى هذا وتنظر إلى هذا تنظر إلى هذا الحي وتنظر إلى هذا الميت هذا الحي يا أخي المبارك لما تنظر إلى حركته ثم تنظر إلى حركة الميت هل بينهما تشابه بين حركة هذا الحي وحركة هذا الميت هل في نوع من المقاربة بين الميت والحي في الحركة لا هل هناك تقارب بين نظر هذا الحي ونظر ذلك الميت لا هل هناك تقارب بين كلام هذا الحي وبين كلام هذا الميت لا هل هناك تقارب بين حركة يد هذا الميت وحركة يدي هذا الحي لا هذا ساكن لا يحرك شيئاً جوارحه كلها ساكنة العين ساكنة واللسان ساكن واليد ساكنة وكل شيء ساكن فيه لا حراك مطلقاً وذاك حي ينظر يسمع يتكلمن يذهب يجيء يلتفت يروح ينفع يقدم يؤخر يحمل يضع أما هذا فلا يفعل شيئاً أبداً الفرق.(2/180)
يا أخي المبارك بين القلب بين القلب إذا دخلت فيه آيات الكتاب وبين القلب قبل أن تدخل فيه آيات الكتاب كالفرق والله وأعظم آلاف المرات بين هذا الحي وبين ذاك الميت خذ قلبك قلبك هذا خذه أخرجه كدة تصور معي ثم اجعله في كفك حياً واجعل في اليد الأخرى قلباً ميتاً وتأمل حياة هذا وموت هذا واختر لنفسك هل تريد أن يكون قلبك حياً أو تريد أن يكون قلبك ميتاً وإذا أردت الحياة لقلبك فعليك بقصار السور من كتاب الله عز وجل في جزء عمّ وتبارك فقط بدءاً يا أخي المبارك هذه الآيات تهز الإنسان هزاً وهذه الآيات تكسر الران بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون من يكسر هذا الران ومن يزيله هي آيات الكتاب هي آيات إذا تلوتنها وتدبرت فيها يا أخي المبارك إذا أردت أن يصفو هذا القلب فلتقرأ سورة المطففين فتبكي معها ولابد أن تبكي معها وإلا فانظر إلى قلبك إذا قرأت سورة كورت فبكيت معها فافرح وإلا فابك ابك على نفسك لابد من هذا يا أخي المبارك لابد وهذا يسير لكن لا تستعجل على كلام ربك شيئاً فشيئاً شيئاً فشيئاً كان رسولك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم كان يكرر آية إلى الصباح ثبت في مسند الإمام أحمد وفي غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا آية واحدة من كتاب الله عز وجل في سورة الأنعام إن تعذبهم فإنهم عبادك يعني نحن إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم كان الرؤوف الرحيم صلوات ربي وسلامه عليه الشفيق علينا وعلى أمته وله الحمد جل وعلا أن جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
معالي الشيخ صالح بن محمد اللحيدان
ضيف الحلقة :
توجيهات مهمة لشباب الأمة
موضوع المحاضرة(2/181)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده وخليله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديهم وتمسك سنتهم إلى يوم الدين وبعد ،
فإن أهم ما يتواصى به الناس وأولى ما يحرصون عليه تقوى الله جل وعلا في السر والعلن والاهتمام بهذا الدين الذي رضي الله جل وعلا لعباده وأكرمهم به ولا يقبل من أحد ديناً سواه رضي لنا سبحانه الإسلام دينا وجعل أمة محمد خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر تقيم العدل وتدعو إلى الله وتنشر دعوة الإسلام لإخراج الناس من الظلمات إلى النور وإن أولى ما ينبغي أن يهتم به كل مسلم أن يراقب الله جل وعلا إذا خلى في بيته في برية في مسجد من المساجد كيف تعامله فيما بينه وبين خالفه جل وعلا هل يستوي منه العلانية والإصرار هل هو مهتم بأمر المسلمين هل يحس من نفسه رغبة تامة في هداية الخلق هل يتعلم لما يحدث في الأمة الإسلامية ليتحقق فيه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم :(2/182)
المسلمون في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد في السهر والحمى أو بالحمى والسهر هل يراقب وينظر لأحوال شباب الأمة وما يعصف بالمجتمعات من تيارات متقابلة وعواصف فتن عاتية هل يفعل ما يستطيع أن يفعله ولو بالدعاء بأن يسأل الله جل وعلا أن يصلح حال الأمة وينشأ شبابها على تعظيم شرع الله لا شك أن شباب الأمة إذا الله جل وعلا أصلحهم وهداهم ووفقهم هم رجالها وحملة رايتها وحامل لواء الدعوة إلى دين الله إلى الحق كيف السبيل إلى تحقيق ذلك إنه مطلب هام عظيم يحتاج إلى أن تتضافر الجهود ويتعاون الناس على تحقيق ذلك يحتاج إلى أن تهتم البيوت بمن فيها من الناشئة اهتماماً يحقق تربية إسلامية تعظيماً لشعائر الدين اهتماماً بالمساجد الذي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه تعظيماً لهذه العبادة العظيمة التي يقف العباد فيها عباد الله المسلمون يناجون ربهم ويخاطبونه في خمسة مواقف حتم عليهم ذلك ثم يقفون مواقف لا حصر لها تقرباً إلى الله جل وعلا رجاءً مثوبا أملاً في أن يدفع الله عن الناس ويدافع عنهم وإذا الله دافع عن أمة أو بلد فلا غالب لها وإنما يدافع الله عن أهل الإيمان إن الله يدافع عن الذين أمنوا إن تربية الشباب وتعويدهم الخوف من الله جل وعلا والنظر في العواقب واختيار المسالك وسبر أحوال من يصحبهم ليتم اختيار الجليس الصالح لأن باختيار الجلساء الصالحين تؤمن العوائل ويحتاط لدفع البلاء والشر إن الشاب الناشئ في طاعة الله الذين يمن الله عليه جل وعلا بأن يفقهه في دينه وليس المقصود بالفقه في الدين فقط معرفة كلام الفقهاء وإنما يكون مع ذلك عنده الاهتمام بهذا الدين وقد وجاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم وغيره سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ذكر منهم شاب نشأ في عبادة الله فهنيئاً للشباب الناشئين على العبادة المخلصين لله العمل المهتمين بمستقبلهم في الدنيا والآخرة وهنيئاً لذويهم(2/183)
ووالديهم وأسرهم لأن والديهم لا ينقطع منهم العمل إذا كان وراءهم أولاد صالحين للحديث الصحيح :
إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة وذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم الولد الصالح فنحتاج وتحتاج الأمة للاهتمام بالناشئة لتعويدهم من الصغر الشعور بمخافة الله والتفكير في أداء العبادات من فرائض ونوافل وفي الحديث الصحيح القدسي يقول المولى جل وعلا وما تقرب إليّ عبدي من شيء أحب إليّ مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمعه به إلى أخر الحديث فالإنسان لتحفظ عليه جوارحه وليصل إلى ركود الطريق الأمن يحتاج إلى أن يحسن أداء الفرائض وليتقرب إلى الله جل وعلا مع ذلك بأداء النوافل من مختلف العبادات .(2/184)
لا شك أن أعظم العبادات العملية الصلوات الخمس التي من حفظها وحافظ عليها كانت له نوراً ونجاةً وبرهاناً وكانت له عند الله عهداً يدخله الجنة إن الشباب إذا نشئوا على الاهتمام بالمساجد والحرص على أداء الفرائض فيها وعند الفراغ تقصد المساجد للتقرب إلى الله جل وعلا بتلاوة القرآن نصيحتي لأولياء أمورهم أن يكونوا شديدي الحرص عليهم والتفقد لسيرهم والتعرف على من يصحبهم ومن يصاحبون لئن لا يصحب الشاب الناشئ أصحاباً مضلين فيمتلأ قلبه من حب ما هم فيه من ضلال ثم بالتالي يصعب اقتلاع الضلال من القلوب لأن القلب إن امتلأ خيراً دفع الشر بإذن الله وإن امتلأ شراً صعب أن يجد الخير له مسلكاً فيه والعبء كبير على الوالدين وقد قال سيد البشر صلى الله عليه وسلم ما من مولود ولد إلا ويلدع فطرة فأبواه يهودان أو ينصرانه أو يمجسانه فإذا لم يعتن الآباء بالذرية ونحن في عصر تلاطمت فيه أمواج الفتن وتنوعت الدعايات الضالة واختلطت المفاهيم وانتشرت دعايات الرذيلة والضلال فصار بذلك العبء على الآباء عبئاً كبيراً وثقيلا ولكن لمن تترك الذرية أتترك لتجتابها الشياطين من شياطين الجن والإنس إنهم أمانة في أعناق أولياء أمورهم من أباء وأمهات ومن أخوة وقرابات ومن أهل المسؤولية الكبرى فقد قال سيد البشر صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :(2/185)
كلكم راعِ وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راعِ ولي الأمر إذا علا الدولة راعِ ومسؤول عن رعيته والرجل راعِ في بيته ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيته ثم ذكر الخادم أنه راعِ في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راعِ وكلكم مسؤول عن رعيته فليفكر كل راعِ في موقف المسائلة وقد جاء في الحديث الصحيح لا تزور قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه فتذكر ماذا يكون جوابك إذا سألت عن عمرك وقد يكون مديداً وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه وعن علمه كيف عمل به .(2/186)
هذه المسائل الأربع بحسن الإجابة عليها يجتاز ذلك الامتحان وبالخلط والتخليط فيها يقع ما لا تحمد عاقبته ونسأل الله السلامة للجميع ثم إنني أوصي الشباب من أول نشأتهم وتمييزهم ومن بلوغهم سن الاحتلام وفي ميادين دراستهم وأعمالهم لدينهم ودنياهم أن يحرصوا على مراقبة الله جل وعلا وأنه لا نجاة لهم من هموم الدنيا ومشاكلها وبلاياها وفتنها إلا بالاعتصام بالله وحسن التوكل عليها والإيقان والإيمان أنه جل وعلا يرى منا كل عمل ولا يغيبه عنه سبحانه وتعالى أي شيء منا وأنه سواء لديه من استخفى منها ومن أعلن أحاط عمله بكل شيء على الشباب إذا ما خلف في موضع يفكر في عمل يعلمه أو في الإعراض على شيء أن يتذكر أن الله يراه ويطلع عليه يرون أحد العلماء النحو ثعلب أنه حرص أن يدخل على الإيمان أحمد ابن حنبل لأن ثعلب شيبان شيباني والإمام أحمد شيباني دخل عليه فقال له فيما تنظر أن ما هي دراستك قال العربية أو قال النحو فأنشده أحمد قول الشاعر إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل لخلوت ولكن قل عليا رقيب ولا تحسب أن الله يغفل ساعة ولا أنما تأتي عليه يغيب فينبغي للشاب إذا خلا بنفسه أن يفكر في مستقبله في الدنيا وفي الآخرة ويفكر في علاقته بأهله وذويه يفكر في من يتعلم معهم أو يتعلم على يديهم أو من يعلمهم ثم يحرص على أن يصطحب معه في التعامل كلها التقوى ) فإنه من يتقي الله يجعل له من كل هم مفرجا (
على الشاب أن يهتم بأن يكون من ما يعجب الله منهم ففي الأثر يعجب الله من الشاب ليست له صبغة أي ليس له ميل إلى المحرمات والمكروهات ولأن زمننا زمن خطر والأفكار تبث على الناس باستئذان وبدون استئذان وتدخل عليهم في بيوتهم وفي طريقاتهم وفي كثير من تجمعات يحتاج كل واحد إلى أن يتحصن بماذا بالإيمان بالله جل وعلا ثم بما دل عليه القرآن الكريم والسنة النبوية الكريمة فإن في الكتاب والسنة نجاة لمن حرص على الاعتصام بهما فأنصح الشباب أن:(2/187)
يكثروا مطالعة تفسير كتاب الله جل وعلا وسنة محمد صلى الله عليه وسلم وما قاله أهل العلم في إيضاح ما قد يشكل في الكتاب والسنة كما أنصح الشاب إذا أدرك قسط من العلم أن لا يظن أنه أصبح رجل الدنيا وواحدها بل يحرص على التزود وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم من هما لا يشبعان فذكر طالب الدنيا وطالب العلم ينبغي أن يحرص الإنسان على أن يأخذ دينه عم ما يتصفون بالتقوى والورع والتثبت ويعرفون ببعد النظر وحسن تقدير الأمور وعلى أوليائهم أن يكثروا من مسائلتهم من أصحابكم وإذا كثرت الاتصالات عبر الهواتف فيسأل الأب أو الأم من هذا الذي يخاطبك ويحرص الشاب أن لا يتأفف من أمثال ذلك وأن يتصور بعد فترة وقد يكون الآن أب الشباب ما الذي يحس بهم نحوهم لا شك أن كل أب وكل أم عند كل واحد منهما رغبة التامة أن يكون الولد من ذكر وأنثى على أحسن ما يكون من الأخلاق والتثبت وصدق القول وحسن العمل فيحرص الشاب من ولي أمره على إصلاح الحال وينبغي للشاب إذا ظن أنه صار أهلاَ لأن يقول :أهلاََ لأن يناقش أن يعرض أفكاره على أهل العلم وأن يستشيرهم هل أصبح قادرا على أن يقول يناقش .(2/188)
فقد كان علماء السلف لا يتأهب الواحد منهم للقول وإصدار الأحكام إلا بعد أن يشهد له عدد من العلماء أنه صار أهلا لذلك مع أن عوارض الفتن في وقتهم ليست بالكثرة التي نعيشها ولا بالتلون الذي يخالط هذا الزمن ولم تكن الوسائل كالوسائل التي يراها الناس ويسمعونها ويقرؤونها نصيحتي للشباب أن يعتنوا بمن يختارونه رفيقاَ ثم يصطحب كل واحد منهم الغيرة في نفسه على دين الله والاهتمام على التمسك بالأخلاق والحرص على اصطحاب الحياء من الله جل وعلا ثم من خلقه وفي الحديث الصحيح إنما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فأصنع ما شئت والنبي أخبر صلى الله عليه وسلم أن الحياء لا يأتي إلا بخير بحديث خير كله وفي الحديث الأخر والحياء شعبة من الإيمان فإذا أحس الشاب أنه ينتقد في أمر ما من فعل أو قول فيفكر في هذا الأمر وكل ما أمكنه أن يتلافاه أحاديث الناس عنه والخوض في عرضه فيفعل فإنه في الحديث الصحيح من اتقى الشبهات فقد استبرئ لدينه وعرضه أي أن كل واحد من الشباب وغيرهم مطالب بأن يستبرأ لدينه ولعرضه يصون دينه لأن لا يدنسه ويصوغ عرضه لأن لا يلوكه الآخرون نصيحتي في هذا الوقت التي أصبحت دعايات الباطل ودعايات الإغراء بأنواع الضلالات تخشى الناس في كل مكان أن يحرص الواحد من الشباب ومن ولي أمرهم على العزيمة والصدق في مراقبة الله والحياء أن يرى الله عبده وقد أصح بدنه ويسر له الرزق وهيئ له من يقوم بأمره إذا كان لديه من يقوم بأمره أن يبادر الشكر لما يضاده لأن من شكر النعم أن يحمد الله جل وعلا على ما أولى يشكر على ما دفع مما يضادها وقد قال الله جل وعلا ? وإذ استأذن ربكم لأن شكرتم لأزيدنكم ولأن لكفرتم إن عذابي لشديد ? .(2/189)
وفي هذا الوقت الذي كثر فيه النقد والانتقاد والضلال والتضليل والكفر والتكفير ينبغي للشاب أن يكون شديد الحذر لأن تذل به القدم وأن يهتم بحفظ لسانه فإن اللسان إما أن يكون سبب فلاح الدنيا والآخرة وإنما أن يكون سبب الشقاء في الدنيا والآخرة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أرشد معاذ رضي الله عنه لما أرشده إليه من أمر الإسلام :
وأن رأس الأمر إسلام وعاموده الصلاة وأن ذروة السلام هي الجهاد في سبيل الله ثم قال في أخر كلامه ألا أدلك على ملاك ذلك كله قال بلا فأمسك صلى الله عليه وسلم بطرف لسانه لسان نفسه وقال أمسك عليك هذا قال إن لمؤاخذون بما نتكلم به بألسنتنا قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على مناخرهم أو قال على وجوهم إلا حصائد ألسنتهم وفي الحديث إن الرجل في الحديث الصحيح يتكلم بالكلمة ما يظن أن تبلغ من سخط الله ما بلغت ليكتب الله شقائه إلى يوم يلقاه وفي المقابل يظن أن تبلغ من رضا الله ما بلغت يكتب الله له بها راضه إلى يوم يلقاه إن الإنسان ولا سيما الشباب ولا سيما من يعشقون سرعة المبادرة في القول ومبادرة المفاكهة في المزاح ينبغي من كل أهل مجلس أن يعتنوا بذكر الله إذا جلسوا وبالاستغفار إن فض مجلسهم وقد أخبر سيد البشر أن الاستغفار الذي يختم به المجالس عن كانت مجالس خير كان الطابع عليها والختم يحفظها من الضياع ،وإن كانت مجالس تخليط كان الاستغفار كفارة لها فعلى كل أحد وعلى الشباب بالخصوص لكثرة ما يحدث من مجالس الشباب من مزاح وربما جر مزاح إلى خصام وكم خصام جره المزاح وفي ما يتعلق بالدعايات والحزبيات والتجمعات فإن الأصل في الإسلام أن الإسلام أن المسلمين حزب واحد وأن التفرق بالشيع والحزبيات فيه نوع من الجاهلية وإنما الإسلام يجمع المسلمين وكما يقول أحد الصحابة أبي الإسلام :(2/190)
لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم والله جلّ وعلا إنما ذكر أخوة الإسلام والإيمان وبين أن أكرم الناس عند الله أتقاهم فليحرص الشباب على هذا الأمر ثم ليتجنبوا الخوض في الانتقادات التي لا تترتب عليها مصالح في الدين والدنيا فإن أول الفتن في الأمة الإسلامية بدأت في الانتقادات بدأت في بداية الأمر في قول المنافقين ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أجبن عند اللقاء وكانت هذه أوائل الانتقادات والنقد الظالم وأنزل الله في أولئك ما أنزل وأول انتقادات وجدت بعد استقرار الأمر وقيام الدولة العزيزة المنيعة ما وجه من الانتقادات إلى الخليفة الراشد الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم بعد عمله في أحد أعماله الجليلة وكل أعماله جليلة أن قال :
ما على عثمان ما عمل بعد اليوم فتسلط أناس عماتهم ليسوا ضلالاً ولا فساقاًَ ولكنهم انخدعوا فصارت انتقادات وكان ذلك العمل منهم أول شرارة تتخذ لإشعال نار الفتن في المجتمع الإسلامي ثم لم تنطفئ نيران الفتن لكن تارة تخبو وتارة يرتفع نارها وسعيرها وأكثر ما تكون راياتها بأيدي الشباب وأكثر ما يحمل هذه الفتن الشباب لا حباً منهم في الشر ولكن لأن تجاربهم محدودة وعندهم جموح وطموح ولم تكن عندهم الروية كاملة ولا التجارب طويلة فيستغلون ولذلك كان عامة من سلك طريق الخوارج شباب كما يقول أبو حمزة الخارجي في خطبة ألقاها في مكة عندما قال:(2/191)
تعيرونني بأن أصحابي شباب ثم أراد أن يحسن وضعه وهل كان أصحاب محمد إلا شباب شباب كانوا مكتهلين في شبابهم صدق قوله عن أصحاب محمد وكذب في قوله عن أصحابه فقد قتلوا من قتلوا في مكة وكذلك من قاموا ضد عثمان رضي الله عنه ثم من قاموا بعد ذك فنصيحتي للشباب كلما لاحت لهم فكرة ينبغي أن يعرضوها على أهل العلم وإن كانوا حصلوا قسطاً من العلم يعرضونها على ما يعرفون فإن رؤوا فيها جنوحاً وجموحاً وشاوروا أهل العلم وكرروا ذلك فإن الإنسان في علاج بدنه يعرض نفسه على عدد من الأطباء ويقول لعل هذا أفضل من هذا نصيحتي للشباب أن يجتهدوا في ذلك ثم إني أنصح الشباب أن يقلوا من الرحلات المتكررة إلا ما كان في دراسة علم أما رحلات محدودة فيها ترويح عن النفس وأن تكون مفصولة عن القيل والقال والوقوع في أعراض عباد الله ولا سيما فيما يتعلق بولاة الأمر الذين قال السلف عنهم كالإمام أحمد ابن حنبل وأصحابه رضي الله عنهم لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لدعوت بها لولي الأمر حتى لو رأى الإنسان شيئاً يكرهه ينبغي أن لا يشيع بل يدعو بصلاحهم وهدايتهم وأن وفقهم الله لإعزاز الدين ومن قدر على المناصحة فعلها ومن لم يستطع ذلك فعنده الدعاة الذي لا مراقبة عليه فيه والله جلّ وعلا يقول ? وقال ربكم ادعونٍ أستجيب لكم ?(2/192)
وإذا كان السلف يقول أحدهم لو أعلم أن لي دعوة مستجابة ما قال دعوت بها لنفسي وإنما يدعو بها لمن يظن أن أثرهم إذا صلحوا أثر كبير في صلاح الأمة نصيحتي للشباب أن يحرصوا على أن لا تكون لهم انتماءات لأنواع من الحزبيات والجماعات فإن أفضل هذه الأمة الصحابة رضي الله عنهم ثم التابعون ثم أتباع التابعين ولقد شهد لهؤلاء المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمران بن الحصين رضي الله عنهما وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه ففي حديث عمران : خير الناس القرن الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم يقول عمران لا أدري أعدّ بعد قرنه قرنين أو ثلاثة قال ثم يأتي قوم يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يُستشهدون تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته إلى آخر الحديث أما حديث عبد الله بن مسعود فلم يزد على أن قال :(2/193)
قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم أي أن أهل تلك القرون كان الخير فيهم أكثر وكان الشر فيهم أقل وكان الرجوع على الله جلّ وعلا هو الظاهر وكان العلماء فيهم أكثر تحرياً وأشد حرصاً على السنة أعظم إجلالاً لها وأشد زجراً على الفتن المتعلقة بالعلاقات العامة والخاصة والعقائد أنصح الشباب أن يكثر من قراءة كتب السلف كالإمام أحمد بن حنبل وأقرانه ومالك والشافعي وذكري أحمد لأن وقته صارت الفتن قائمة ونشطة والاستنكار على الوالي ظهر بقوة والوالي قام بنصرة البدعة بصلف وقوة ومع ذلك كان رضي الله عنه رحمة ينصح بالتثبت وأن لا يحدث فتق في الإسلام فليحرص كل شاب على الاهتداء بهدي السلف ومراجعة كلامهم واستشارة أهل العلم في مراجعة ما تكون مراجعته أسلم عاقبة ثم إني أنصح كل شاب وكل من فوقه أن يختزل جزءاً من ليله في بيته بيت أهله أو بيته يناجي فيه ربه جلّ وعلا يصلي ما تيسر وليحرص على المداومة على القليل فإن في الحديث الصحيح أحب العمل إلى الله أدومه وكان عمل النبي صلى الله عليه وسلم ديناً فنصيحتي للشاب لكل شاب أن يختزل جزءاً من الليل يصلي فيه ثلاث ركعات خمس ركعات سبع ركعات تسع ركعات أحد عشرة ثلاث عشرة إن كان يحفظ شيئاً من القرآن أو يحفظه يقرأ من حفظه وإن لم يكن كذلك يقرأ في صلاته من المصحف في فعله ذلك إضاءة للبيت وإنارة له والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن كالبيت الخرب يدعو لنفسه ولأهل بيته يهتم بالدعاء لوالديه ليصدق فيها ما مر ذكره في الحديث الصحيح ولد صالح يدعو له ولتتطلع نفسه لأن يكون من الشباب الذين نشؤوا في طاعة الله يفوز بالاستغلال في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله وليحرص على محبة عباد الله فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :(2/194)
لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ثم قال : ألا أدلكم على ما إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ليحرص كل واحد منا جميعاً ومن الشباب فيما هم مقدمون عليه على هذه الأمور أسأل الله جلّ وعلا بأسمائه وصفاته أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها أن يصلحنا ويصلح ذرياتنا وأزواجنا وقراباتنا وشباب المسلمين وخيولهم وكل مسلم وان يحفظ علينا ديننا وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد وأن يحفظ لهذه المملكة أمنها ويزيدها ثباتاً على الحق واجتهاداً في نصرة هذا الدين وان يصلح ولاة أمرها وأن يوفقهم لما يحبه ويرضاه وأن يعيذنا وإياهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يبارك لنا ولهم في أوقاتنا وأن يحبب إلينا الإيمان ويزين في قلوبنا ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان وأن يجعلنا وإياهم من الراشدين وأن يعظم في نفوسهم خوف الله والاهتمام في ديننا والقيام بنصرة الحق وأهله وأن يكون ذلك منهم ابتغاء مرضاة الله كما نسأ له أن يثيبهم على ذلك بالتوفيق لأمثاله وصلاحنا وإياهم وذرياتنا وذرياتهم وأن يتم على هذه البلاد أمنها نعمة أمرها على دينها ودنياها وأن يجيرها من كيد الأعداء وضلالات المضلين وأن ينصر الحق وأهله ويخذل الباطل وأهله في كل مكان وأن يري لنا عجائب قدرته في عباده الظالمين المجرمين المعتدين على بلاد الإسلام المنتهكين لحرماتها المكثرين من سفك الدماء فيها أن يرينا آثار ظلمهم عليهم في ما هم فيه وفي بلادهم وأن يكون ذلك في صالح الإسلام وعز المسلمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
فضيلة الشيخ إبراهيم بن مبارك بوبشيت
ضيف الحلقة :
لماذا انتكس فلان
موضوع المحاضرة(2/195)
يا سامع الحديث قد تسأل ما سر اختيار هذا الموضوع وما هو سر اختيار هذا العنوان لماذا انتكس فلان علم الله أن الإنسان إذا أراد الحديث في مثل هذه المواضيع تتأثر قلمه وتدمع عينه ويضطرب فؤاده وتتحرك جروح غائرة فماذا نكتب وماذا نقول هل نقول كلمات مسطرة بالدماء ونكتب سطوراً مشوهة بالجراح حق لنا أن نبكي أو نتباكى إذ من هو المعزى وأهل العزاء في انتكاسة فلان وانحدار فلان ووقف علان وما سر تغيرها وتبدلها فلانة كانت وكانت يا الله ماذا يفعل الفعل الماضي كيف يؤثر أتدرون من العزاء أتدرون لمن يكون العزاء إن العزاء للإسلام وأهل الإسلام أحبتي علم الرحيم الرحمن أني لست بمتصيد لعثرات ولا ناشراً لسوءات ولا مذيعاً لعورات شعارنا أقلوا عليهم لا أباً لأبيكم أو سدوا المكان الذي سدوا إنما هدفنا طلب كمال منشود وسد خلل قد يحصل لي ولك ولكي إنه خلل قد يحصل بفتور وضعف قد يطرأ ذلك الخلل ما سر ذاك الطرء وما سر ذاك الأمر تساؤلات أتسائلها كما أنكم تتساءلون أما كان قلب فلان يحب الله ورسوله كيف هو الآن أما كان فلان حريصاً على الطاعات والسنن كيف هو الآن أما كان فلان غيوراً على نفسه بل غيره بل حتى أهله أين هو الآن أما كان فلان يتألم لألام المسلمين ويبكي لجراحهم كم شريطاً وزع وكتيباً نشر وكتاباً اشتراه ومسابقة أسرية نظمها كم منكر غيره ومعروف أقامه عجباً والله أين تلك الركعات والسجدات والدعوات والابتهالات يا الله وقار وهيبة اتزان معه التزام أين ذهب ذلك كله عجباً كان السؤال في الماضي عن السنن والمستحبات وصار السؤال الآن عن الرخص والتسهيلات التي تحمل السهلات أيها الغالي أرعني سمعك وملكني قلبك لماذا انتكس فلان سؤال محير سهرت له مقل العيون من المربين والمربيات والدعاة والصالحون زاده خفقان القلوب حتى سالت دموع الألم عندما جاء الخبر لقد ضعف إيمان فلان لقد تغير أمره فلان ضعف إيمانه فلان انتكس فوقع التساؤل أبعد ما ظهر ذاك(2/196)
النور على وجهه وعلى الضياء بنور الهداية غراس الإيمان أصبح ينعه قريبا بل أصبح النبت طيب أصبح كالنخل باسقات فبانت ثمار استقامته حتى اجتثت من قلبه أنوار الهدايا ما لها من قرار عجباً والله كيف يذوق لذة الثبات من لم يكن صادقاً في المتاب ففي الخلوات عصيان أو كسلان وفي الجلوات غرور أو ملان لا يعمل ولا يدع غيره يعمل كيف يذوق لذة الثبات من لم يستشعر خبر السماء الذي ينقل البشائر ويحرك المشاعر إن الذين قالوا اسمعها يا من قلتها اسمعيها يا من ناديتي بها في كل مكان وأعلنتيها في كل ميدان إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة هذا مشهد خيالي غريب في هيئته وفي صفاته وفي منظره وفي طريقته وفي أسلوبه وفي حكايته تتنزل عليهم الملائكة لاحظ معي بدأت البواطن قبل الظواهر إذاً الاستقامة استقامة بواطن تتنزل عليهم الملائكة إلا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون بدأ النصر من الله نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون هذا الكلام كله نزلاً من غفور رحيم إذاً ما سر تلك الانتكاسة قبل ذلك كله وقبل تلك الأسرار وتلك الأسباب ما أنواع المنتكسين سؤال والله محير أولاً منهم من إذا انتكس وضعف إيمانه واستقامته انطوى على نفسه في بيته فلا يخالط ولا يجالس ولا يسامر بل التجأ لأمور سوف تذكر بعد قليل النوع الثاني أن منهم من إذا انتكس أصبح يجاهر بالفسق والعار بل يخرج في الشوارع والطرقات ويعلن بالفجور أمام الناس بل حتى في مناسباته بل حتى في شكله وهيئته وطريقته بل حتى في عمله عياذاً بالله تعالى ومنهم من إذا انتكس أصبح يحارب أهل الطاعة وصار كأنه سيف شيطان تسلط على أولئك الذين تربى معهم بل ربما عاش معهم بل ربما أخرجوه من بوتقة المعاصي إلى نور الهدايا ونور الاستقامة ولما أظلم ذاك البنيان أصبح يتنقص من فلان ويتنقص من علان ويذكر فلان بالسلب والنهب(2/197)
والتنغص والعيب ومنهم من إذا انتكس يرفض النصح ولا يقبل الكلام بل إنه يسطرها عبارة ويقول أنا حر ومنهم من إذا انتكس يعترف أنه مقصر ويقول دائماً غفر الله لنا عفا الله عنا نحن أهل التقصير نحن أهل الخلل فهذا نوع من الأنواع إذاً لماذا انتكس فلان نريد أن نبحث عن الأسباب التي سببت ذاك الانهيار ذاك الجبل الذي كان أشم في كل مكان أمام الناس بل في بيته في مجتمعه بل إن أمره قد ذكر في السماء يا الله فجاء الخبر أنه لا بد أن يحذف من ذاك البيان الالاهي الكريم نريد أن نبحث عن الأسباب متقصين لحقائقها وأمورها أرعني سمعك لم أرد سلباً اللهم إني أسألك يا رب الأرباب ويا مسبب الأسباب أن تجعل الحاضرين والحاضرات يفهمون ما أريد ويعلمون ما أقصد إنك على ذلك لقدير اللهم لا تجعل بيني وبين الحاضرين صاحب سوء ظن وصاحب نقل كلام اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والكمال والإعظام أسألك يا رب يا رحمن يا رحيم أن تجعل ما نقول من كلام شاهداً لنا ومثبتاً لنا على طاعتك اللهم إني أسألك أن تجعل ما نقول من كلام ونقوله من عبارات وقصص ومواقف لا من باب السخرية والاستهزاء إنما من باب فاعتبروا يا أولي الأبصار إن من الأسباب ذنوب الخلوات التي ظهر أثرها في الجلوات عجباً والله نسي ذاك الإنسان أو تناسى أنه مهما اختلى ومهما انجلى فهناك رب يطلع لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء فعن ثوباه رضي الله عنه قال قال يا رسول الله في حديث النفر الذين قال عنهم صلى الله عليه وسلم لا يعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً فيجعلها الله بهاء منثورا قال ثوباه يا رسول الله انظروا الصحابة كيف يخافون على أنفسهم لقد غلب علينا الأمن غلب على من استقام وتوجه واعتنى جانب الخوف من الله فثوباه يقول لا ( كاحى ) عن بعضنا لا تحدثونا عن هؤلاء الناس ثوباه يقول حدثهم لنا فهل سنكون أفضل من ثوباه إذ يقول يا رسول الله صفهم لنا(2/198)
صف لنا هؤلاء الناس جلهم لنا وضحهم هؤلاء الناس الذين لهم أعمال في الظواهر ولكنهم في البواطن غير ذلك يا رسول الله صفهم لنا لماذا يا ثوباه هل تريد أن تشمت هل تريد أن تعيرهم هل تريد أن تنقل كلام عن هؤلاء المنتكسين إنه لم يظهر خبر الانتكاسة إلا يوم العرض الأكبر على الله يا لها من فضيحة جلهم لنا يا رسول الله أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال صلى الله عليه وسلم أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم يجلسون معكم ويذهبون معكم يحضرون أماكن المحاضرات والخطب بل إنهم يأخذون من الليل كما تأخذون اللهم لا تفضحنا اللهم لا تفضحنا اللهم لا تفضحنا اللهم لا تفضحنا اللهم لا تفضحنا اللهم كما سترتنا رد بنا استرنا يوم العرض الأكبر أما إنهم إخوانكم أو من جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها أخرجه ابن ماجة والصحابة إنه غرور الطاعات انه غرور الطاعات ورؤية الذوات ونسيان مراقبة رب الأرض والسماوات العليم الخبير أيها المستقيم يا من توجهت إلى الله وتقربت إلى الرحيم الرحمن لا تكن كالمنخل يخرج للناس الطحين الطيب ويمسك لنفسه النخالة والأذى والقدر ومن الأسباب عدمن محاسبة النفس على الدوام فيظن نفسه انه استقام من سنتين أو أربع أو من عشر سنوات أو أكثر بل يفتخر ويقول والله منذ الصغر وأنا متربي في المساجد منذ الصغر وأنا بين القران وأهله منذ الصغر ونسي المسكين قول رياح القيسي عندما قال كلمات رائعات يقول أذنبت نحو ارعين ذنبا أحصيت ما قصرت فيه في حق الله تأمل ما قصر فيه في حق الله مرة رفع صوته على أمه والثاني تأخر عن تكبيرة الإحرام والأخر فترة صلاة الفجر والأخر بعض السنن والرواتب والأخر الأذكار والأخر والخامس والسادس مع منكر فلا أنكره والأخر معروف فما أمر والأخر فيه حقد والأخر فيه حسد والأخر به ضغينة والأخر به وبه سبحان الله ماذا يقول رياح القيسي يقول أذنبت نحو أربعين ذنبا فماذا فعل في(2/199)
ذنوبه رماها خلف ظهره وقال الحمد نزل الشماخ والآن خلاص أنا ما يناديني احد إلا يا شيخ نسي كل شيء وذهب كل شيء لا الأمر غير ذلك بل قال بدأت استغفر الله تعالى من كل ذنب مئة ألف مرة أليس الله تبارك وتعالى يقول )ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ( ومن الأسباب عدم متابعة الآخرين للإنسان وقد يكون الإنسان منا على مستوى علمي وغير ذلك لكن يفتقد أن يجد المعين معه والذي يثبته والذي يقويه حديث كلنا نحفظه ولكن انظر إلى وجه الدلالة من الحديث النبي صلى الله عليه وسلم يتابع الصحابة رضوان الله عليهم يتفقد إيمانهم يتفقد استقامتهم يفقد هدايتهم يتفقد ماذا وصلوا إليه من التدين ماذا وصلوا إليه منقوه الثبات ماذا وصلوا إليه من قوة الاستقامة والإقبال والعناية بأمر الطاعات وإذا به بعد صلاة الصبح تلك الصلة التي غفلنها التي غفلنا فيها وتناسينا فيها وإذا به أمام الصحابة يقول من أصبح منكم اليوم صائما فيكون الجواب أمام الناس هل أبو بكر مراعي لا هل أبو بكر مراعي لا فيقول من وإذا بابي بكر رضي الله عنه يقول أنا يا رسول الله لا اله إلا الله وإذا به يقول من منكم اليوم اطعم مسكينا وإذا أبو بكر رضي الله عنه يرفع الأمر ويقول أنا يا رسول الله وإذا به يقول من عاد منكم اليوم مريضا فيقول أبو بكر أنا يا رسول الله وإذا به يقول من صلى منكم اليوم على جنازة فيقول أبو بكر أنا يل رسول الله فيأتي الجواب من المربي عبيه الصلاة والسلام فيقول ما اجتمعنا بامرئ إلا دخل الجنة رواه مسلم يستفاد من هذا الحديث الحاجة إلى المتابعة أنا قد اقصر وأنت قد تقصر وأنت قد تقصرين فهل لنا من يتابعنا هل لنا من ينصحنا هل لنا من يذكرنا من أنا وأنت ومن الأسباب الأسرة بل الأبوان كم يعلنها كثير فيقولون والدي لا يعينني على طاعة الله بل أسألكم انتم هل وجدتم من أبائكم وأمهاتكم من أعانكم على حقيقة الاستقامة والتدين وفروا لكم كل شيء وسدوكم في كل شيء(2/200)
ومن الأسباب الإقبال على الدنيا بل التعلق بها أليس الله تعالى يقول )ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ( يا أيها الناس أن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور بدا مع العقارات فعقر دينه ولا مانع من تجارة تكفك لا شك لقد أبو حنيفة تاجرا وابن المبارك كذلك كم من السلف يقول سفيان لولا المال لتمندلوا بي ولكن كيف كان المال لهم في حياتهم وكيف المال لنا في حياتنا قال صلى الله عليه وسلم ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبس الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم متفق عليه ومن الأسباب غرور الطاعات يبدأ الإنسان في بداية الأمر متأثرا باكيا متحسرا نادمة على ليال قضاها في غير طاعة وعلى أيام ذهبت منه في حياته في غير قروبات وفي سبع ساعات أمضاها على الشاشات والقنوات ولعب في المحرمات ومسامرة وسفرات وإذا يتلك الحسرات لا تظل إلا أوقات يسيرات وبعد مدة تنقلب الحياة انقلابا غريبا نسي ساعات الغفلات فيرى انه أصلح الصالحين وأفضل الدعاة أجمعين انه العامل وغيره الخامل وانه القدوة وغيره عالة بضاعته طاعة أمام الناس لا يجيد ولا يستجير حتى في دعوته وكلماته أخشى أن ينطق فينا جميعا وخصوصا من سلك طريق التعليم والتدريس والخطابة والدعوة ما قال حمدون ابن احمد قيل له ما بال كلام السلف انفع من كلامنا فقال لأنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس يا الله ورضى الرحمن ونحن نتكلم لعز الأنفس وطلب الدنيا ورضي الخلق أنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس ورضي الرحمن ونحن نتكلم لعز الأنفس وطلب الدنيا ورضى الخلق ومن الأسباب المربي الجائر ذاك المربي الذي قرب من شاء وابعد من شاء لعله نسي أو تناسه أن الله يحب المقسطين ومن الأسباب الاختلاف داخل مجمعات واللقاءات والأماكن في كل مكان ذاك الاختلاف الذي سواء بين المربين أنفسهم أو بين من يربونهم بين المجالس الإيمانية(2/201)
والتربوية تلك المجالس التي قال الله لأهلها (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)
يا سامع الحديث قد تسأل ما سر اختيار هذا الموضوع وما هو سر اختيار هذا العنوان لماذا انتكس فلان علم الله أن الإنسان إذا أراد الحديث في مثل هذه المواضيع تتأثر قلمه وتدمع عينه ويضطرب فؤاده وتتحرك جروح غائرة فماذا نكتب وماذا نقول هل نقول كلمات مسطرة بالدماء ونكتب سطوراً مشوهة بالجراح حق لنا أن نبكي أو نتباكى إذ من هو المعزى وأهل العزاء في انتكاسة فلان وانحدار فلان ووقف علان وما سر تغيرها وتبدلها فلانة كانت وكانت يا الله ماذا يفعل الفعل الماضي كيف يؤثر أتدرون من العزاء أتدرون لمن يكون العزاء إن العزاء للإسلام وأهل الإسلام أحبتي علم الرحيم الرحمن أني لست بمتصيد لعثرات ولا ناشراً لسوءات ولا مذيعاً لعورات شعارنا أقلوا عليهم لا أباً لأبيكم أو سدوا المكان الذي سدوا إنما هدفنا طلب كمال منشود وسد خلل قد يحصل لي ولك ولكي إنه خلل قد يحصل بفتور وضعف قد يطرأ ذلك الخلل ما سر ذاك الطرء وما سر ذاك الأمر تساؤلات أتسائلها كما أنكم تتساءلون أما كان قلب فلان يحب الله ورسوله كيف هو الآن أما كان فلان حريصاً على الطاعات والسنن كيف هو الآن أما كان فلان غيوراً على نفسه بل غيره بل حتى أهله أين هو الآن أما كان فلان يتألم لألام المسلمين ويبكي لجراحهم كم شريطاً وزع وكتيباً نشر وكتاباً اشتراه ومسابقة أسرية نظمها كم منكر غيره ومعروف أقامه عجباً والله أين تلك الركعات والسجدات والدعوات والابتهالات يا الله وقار وهيبة اتزان معه التزام أين ذهب ذلك كله عجباً كان السؤال في الماضي عن السنن والمستحبات وصار السؤال الآن عن الرخص والتسهيلات التي تحمل السهلات أيها الغالي أرعني سمعك وملكني قلبك لماذا انتكس فلان سؤال محير سهرت له مقل العيون من المربين والمربيات والدعاة والصالحون زاده خفقان القلوب حتى سالت دموع الألم عندما جاء الخبر لقد ضعف إيمان(2/202)
فلان لقد تغير أمره فلان ضعف إيمانه فلان انتكس فوقع التساؤل أبعد ما ظهر ذاك النور على وجهه وعلى الضياء بنور الهداية غراس الإيمان أصبح ينعه قريبا بل أصبح النبت طيب أصبح كالنخل باسقات فبانت ثمار استقامته حتى اجتثت من قلبه أنوار الهدايا ما لها من قرار عجباً والله كيف يذوق لذة الثبات من لم يكن صادقاً في المتاب ففي الخلوات عصيان أو كسلان وفي الجلوات غرور أو ملان لا يعمل ولا يدع غيره يعمل كيف يذوق لذة الثبات من لم يستشعر خبر السماء الذي ينقل البشائر ويحرك المشاعر إن الذين قالوا اسمعها يا من قلتها اسمعيها يا من ناديتي بها في كل مكان وأعلنتيها في كل ميدان إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة هذا مشهد خيالي غريب في هيئته وفي صفاته وفي منظره وفي طريقته وفي أسلوبه وفي حكايته تتنزل عليهم الملائكة لاحظ معي بدأت البواطن قبل الظواهر إذاً الاستقامة استقامة بواطن تتنزل عليهم الملائكة إلا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون بدأ النصر من الله نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون هذا الكلام كله نزلاً من غفور رحيم إذاً ما سر تلك الانتكاسة قبل ذلك كله وقبل تلك الأسرار وتلك الأسباب ما أنواع المنتكسين سؤال والله محير أولاً منهم من إذا انتكس وضعف إيمانه واستقامته انطوى على نفسه في بيته فلا يخالط ولا يجالس ولا يسامر بل التجأ لأمور سوف تذكر بعد قليل النوع الثاني أن منهم من إذا انتكس أصبح يجاهر بالفسق والعار بل يخرج في الشوارع والطرقات ويعلن بالفجور أمام الناس بل حتى في مناسباته بل حتى في شكله وهيئته وطريقته بل حتى في عمله عياذاً بالله تعالى ومنهم من إذا انتكس أصبح يحارب أهل الطاعة وصار كأنه سيف شيطان تسلط على أولئك الذين تربى معهم بل ربما عاش معهم بل ربما أخرجوه من بوتقة المعاصي إلى نور الهدايا ونور الاستقامة ولما(2/203)
أظلم ذاك البنيان أصبح يتنقص من فلان ويتنقص من علان ويذكر فلان بالسلب والنهب والتنغص والعيب ومنهم من إذا انتكس يرفض النصح ولا يقبل الكلام بل إنه يسطرها عبارة ويقول أنا حر ومنهم من إذا انتكس يعترف أنه مقصر ويقول دائماً غفر الله لنا عفا الله عنا نحن أهل التقصير نحن أهل الخلل فهذا نوع من الأنواع إذاً لماذا انتكس فلان نريد أن نبحث عن الأسباب التي سببت ذاك الانهيار ذاك الجبل الذي كان أشم في كل مكان أمام الناس بل في بيته في مجتمعه بل إن أمره قد ذكر في السماء يا الله فجاء الخبر أنه لا بد أن يحذف من ذاك البيان الالاهي الكريم نريد أن نبحث عن الأسباب متقصين لحقائقها وأمورها أرعني سمعك لم أرد سلباً اللهم إني أسألك يا رب الأرباب ويا مسبب الأسباب أن تجعل الحاضرين والحاضرات يفهمون ما أريد ويعلمون ما أقصد إنك على ذلك لقدير اللهم لا تجعل بيني وبين الحاضرين صاحب سوء ظن وصاحب نقل كلام اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والكمال والإعظام أسألك يا رب يا رحمن يا رحيم أن تجعل ما نقول من كلام شاهداً لنا ومثبتاً لنا على طاعتك اللهم إني أسألك أن تجعل ما نقول من كلام ونقوله من عبارات وقصص ومواقف لا من باب السخرية والاستهزاء إنما من باب فاعتبروا يا أولي الأبصار إن من الأسباب ذنوب الخلوات التي ظهر أثرها في الجلوات عجباً والله نسي ذاك الإنسان أو تناسى أنه مهما اختلى ومهما انجلى فهناك رب يطلع لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء فعن ثوباه رضي الله عنه قال قال يا رسول الله في حديث النفر الذين قال عنهم صلى الله عليه وسلم لا يعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً فيجعلها الله بهاء منثورا قال ثوباه يا رسول الله انظروا الصحابة كيف يخافون على أنفسهم لقد غلب علينا الأمن غلب على من استقام وتوجه واعتنى جانب الخوف من الله فثوباه يقول لا ( كاحى ) عن بعضنا لا تحدثونا عن هؤلاء الناس(2/204)
ثوباه يقول حدثهم لنا فهل سنكون أفضل من ثوباه إذ يقول يا رسول الله صفهم لنا صف لنا هؤلاء الناس جلهم لنا وضحهم هؤلاء الناس الذين لهم أعمال في الظواهر ولكنهم في البواطن غير ذلك يا رسول الله صفهم لنا لماذا يا ثوباه هل تريد أن تشمت هل تريد أن تعيرهم هل تريد أن تنقل كلام عن هؤلاء المنتكسين إنه لم يظهر خبر الانتكاسة إلا يوم العرض الأكبر على الله يا لها من فضيحة جلهم لنا يا رسول الله أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال صلى الله عليه وسلم أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم يجلسون معكم ويذهبون معكم يحضرون أماكن المحاضرات والخطب بل إنهم يأخذون من الليل كما تأخذون اللهم لا تفضحنا اللهم لا تفضحنا اللهم لا تفضحنا اللهم لا تفضحنا اللهم لا تفضحنا اللهم كما سترتنا رد بنا استرنا يوم العرض الأكبر أما إنهم إخوانكم أو من جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها أخرجه ابن ماجة والصحابة إنه غرور الطاعات انه غرور الطاعات ورؤية الذوات ونسيان مراقبة رب الأرض والسماوات العليم الخبير أيها المستقيم يا من توجهت إلى الله وتقربت إلى الرحيم الرحمن لا تكن كالمنخل يخرج للناس الطحين الطيب ويمسك لنفسه النخالة والأذى والقدر ومن الأسباب عدمن محاسبة النفس على الدوام فيظن نفسه انه استقام من سنتين أو أربع أو من عشر سنوات أو أكثر بل يفتخر ويقول والله منذ الصغر وأنا متربي في المساجد منذ الصغر وأنا بين القران وأهله منذ الصغر ونسي المسكين قول رياح القيسي عندما قال كلمات رائعات يقول أذنبت نحو ارعين ذنبا أحصيت ما قصرت فيه في حق الله تأمل ما قصر فيه في حق الله مرة رفع صوته على أمه والثاني تأخر عن تكبيرة الإحرام والأخر فترة صلاة الفجر والأخر بعض السنن والرواتب والأخر الأذكار والأخر والخامس والسادس مع منكر فلا أنكره والأخر معروف فما أمر والأخر فيه حقد والأخر فيه حسد والأخر به ضغينة والأخر به وبه(2/205)
سبحان الله ماذا يقول رياح القيسي يقول أذنبت نحو أربعين ذنبا فماذا فعل في ذنوبه رماها خلف ظهره وقال الحمد نزل الشماخ والآن خلاص أنا ما يناديني احد إلا يا شيخ نسي كل شيء وذهب كل شيء لا الأمر غير ذلك بل قال بدأت استغفر الله تعالى من كل ذنب مئة ألف مرة أليس الله تبارك وتعالى يقول )ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ( ومن الأسباب عدم متابعة الآخرين للإنسان وقد يكون الإنسان منا على مستوى علمي وغير ذلك لكن يفتقد أن يجد المعين معه والذي يثبته والذي يقويه حديث كلنا نحفظه ولكن انظر إلى وجه الدلالة من الحديث النبي صلى الله عليه وسلم يتابع الصحابة رضوان الله عليهم يتفقد إيمانهم يتفقد استقامتهم يفقد هدايتهم يتفقد ماذا وصلوا إليه من التدين ماذا وصلوا إليه منقوه الثبات ماذا وصلوا إليه من قوة الاستقامة والإقبال والعناية بأمر الطاعات وإذا به بعد صلاة الصبح تلك الصلة التي غفلنها التي غفلنا فيها وتناسينا فيها وإذا به أمام الصحابة يقول من أصبح منكم اليوم صائما فيكون الجواب أمام الناس هل أبو بكر مراعي لا هل أبو بكر مراعي لا فيقول من وإذا بابي بكر رضي الله عنه يقول أنا يا رسول الله لا اله إلا الله وإذا به يقول من منكم اليوم اطعم مسكينا وإذا أبو بكر رضي الله عنه يرفع الأمر ويقول أنا يا رسول الله وإذا به يقول من عاد منكم اليوم مريضا فيقول أبو بكر أنا يا رسول الله وإذا به يقول من صلى منكم اليوم على جنازة فيقول أبو بكر أنا يل رسول الله فيأتي الجواب من المربي عبيه الصلاة والسلام فيقول ما اجتمعنا بامرئ إلا دخل الجنة رواه مسلم يستفاد من هذا الحديث الحاجة إلى المتابعة أنا قد اقصر وأنت قد تقصر وأنت قد تقصرين فهل لنا من يتابعنا هل لنا من ينصحنا هل لنا من يذكرنا من أنا وأنت ومن الأسباب الأسرة بل الأبوان كم يعلنها كثير فيقولون والدي لا يعينني على طاعة الله بل أسألكم انتم هل وجدتم من أبائكم وأمهاتكم(2/206)
من أعانكم على حقيقة الاستقامة والتدين وفروا لكم كل شيء وسدوكم في كل شيء ومن الأسباب الإقبال على الدنيا بل التعلق بها أليس الله تعالى يقول )ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ( يا أيها الناس أن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور بدا مع العقارات فعقر دينه ولا مانع من تجارة تكفك لا شك لقد أبو حنيفة تاجرا وابن المبارك كذلك كم من السلف يقول سفيان لولا المال لتمندلوا بي ولكن كيف كان المال لهم في حياتهم وكيف المال لنا في حياتنا قال صلى الله عليه وسلم ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبس الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم متفق عليه ومن الأسباب غرور الطاعات يبدأ الإنسان في بداية الأمر متأثرا باكيا متحسرا نادمة على ليال قضاها في غير طاعة وعلى أيام ذهبت منه في حياته في غير قروبات وفي سبع ساعات أمضاها على الشاشات والقنوات ولعب في المحرمات ومسامرة وسفرات وإذا يتلك الحسرات لا تظل إلا أوقات يسيرات وبعد مدة تنقلب الحياة انقلابا غريبا نسي ساعات الغفلات فيرى انه أصلح الصالحين وأفضل الدعاة أجمعين انه العامل وغيره الخامل وانه القدوة وغيره عالة بضاعته طاعة أمام الناس لا يجيد ولا يستجير حتى في دعوته وكلماته أخشى أن ينطق فينا جميعا وخصوصا من سلك طريق التعليم والتدريس والخطابة والدعوة ما قال حمدون ابن احمد قيل له ما بال كلام السلف انفع من كلامنا فقال لأنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس يا الله ورضى الرحمن ونحن نتكلم لعز الأنفس وطلب الدنيا ورضي الخلق أنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس ورضي الرحمن ونحن نتكلم لعز الأنفس وطلب الدنيا ورضى الخلق ومن الأسباب المربي الجائر ذاك المربي الذي قرب من شاء وابعد من شاء لعله نسي أو تناسه أن الله يحب المقسطين ومن الأسباب الاختلاف داخل مجمعات واللقاءات والأماكن في كل مكان ذاك(2/207)
الاختلاف الذي سواء بين المربين أنفسهم أو بين من يربونهم بين المجالس الإيمانية والتربوية تلك المجالس التي قال الله لأهلها (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)
فضيلة الشيخ عبد الله بن الشيخ بن بيه
ضيف الحلقة :
ثقافة التسامح في عصر العولمة
موضوع المحاضرة
ما هو التسامح؟
التسامح هذا المصطلح مصطلح قديم في ديننا مثل السماحة والسمحة استعمل في صور متعددة وفي سياقات متعددة لكن بصفة عامة التسامح هو مصدر لتسامح وهو مصدر مقيس لتفعل وهو يدل على أن ما جاء التوصيف بالتسامح فإنه يتصف بخلق كريم يتصف بالسماحة ويجود بمعنى أنه يبذل المعروف للآخرين بمعنى أنه يتجاوز نفسه يتنازل عن حقه فالتسامح من قبيل الإحسان ولهذا جاء في وصف بالشريعة وإيتوا بالحنيفية السمحاء وهو حديث رواه عدد كبير من العلماء طبعاً ليس في الصحيحين لكنه مروي بروايات عدة وإن كان البخاري ذكره كعنوان لكنه خرجه بالأدب مرات وفسروا الشريعة السمحاء بأنها الشريعة السهلة الميسرة كما فسر أيضاً في مصنف عبد الرزاق بأنها الإسلام الواسع وهو تفسير مرغوب هذه السماحة في الشريعة وهي السهولة واليسر والاتساع هي التي سنتحدث عنها من خلال مقارنة مع السماحة عند الغرب التسامح في ديننا له معاني عدة فهو إحسان فوق العدل لأن العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه أما التسامح فهو الجود بمعنى أن تبذل شيئاً بغير مقابل التسامح إذاً هو مبدأ إيجابي هو تحرك نحو الأخر هو تجاوز عن الحقوق عن حقوقك في مقابل الأخر التسامح هو التسامي عن السفاسف التسامح هو أيضاً مسامحة الناس هو العفو عن الهفوات والتجافي عن الزلات التسامح هو فعل التي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم التسامح هو ظن الخير بالناس هو حمل الناس على أفضال المحامل ففي الحديث حديث الأتباع لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة في بيته وذهب إليه رجال فقال بعضهم أين مالك ابن الدخيشي فقال النبي صلى الله عليه وسلم(2/208)
أيشهد أن لا آله إلا الله وأني رسول الله قالوا بلا ولا شهادة له قال أيصلي قالوا بلا ولا صلاة له إننا نرى وجهه للمنافقين قال النبي صلى الله عليه وسلم أولئك الذين نهاني الله عنهم نهاني الله عن أعراضهم وعن دمائهم وعن أموالهم هذا مظهر من مظاهر التسامح التسامح أن نتجاوز عن الضعف الإنساني الرجل الذي يقام عليه الحد في الخمر والنبي صلى الله عليه وسلم لما سبه أحد الصحابة ينهاه عنه ويقول إنه يحب الله ورسوله مظهر من مظاهر التسامح التسامح هو كل خلق كريم وكل فضل عظيم ثمرة من جانب هذا التسامح الموقف الغربي الغربيون عندهم التسامح ويسمونه تولرنس والتولرنس هذا طبعاً بالإنكليزي يومال يكون بالإمالة والتحقيق تولرنس ومن يعرف قراءة ورش والقراءات الأخرى يفرق بين الإمالة وبين التفصيل والتحقيق يعني هي كلمة لاتينية معناها عندهم احترام حرية الأخر احترام أرائه وهو مبدأ سلبي بمعنى اللامبالاة يعني عدم أن لا تهتم به أن لا تكترث له بينما التسامح عندنا هو مبدأ إيجابي هو تحرك نحو الأخر هو ستر عليهم من ستر مسلماً ستره الله وفي الحديث لو سترته بثوبك كان خيراً لك هو بيت المال لأن السماح يجود ولهذا يقول ابن مقبل إذا أنت تعطي حين تسأل سامحت لك النفس واحلوا لك كل خليل نجد التسامح مرة أو السماحة تكون في حالة عدم الاكتراث ولكن هذا نادر فمنه ما أنشده ابن القيم بقوله فقل للعيون الرمد لشمسها أعين سواك تراها في مغيب ومطلع وسامح نفوساً بالقشور قد اكتفت وليس لها في اللب متطلع فهنا نرى المسامحة هي عنوان لعدم الاكتراث أما أكثر استعمال التسامح ومادة السماحة فإنها تعني دائماً عملاً إيجابياً عملاً يتحرك نحو الأخر ليجتذبه من موحد هو فيه أو ليساعده في ضيق وقع فيه أو ليدعوه دعوة حسنة إلى الله سبحانه وتعالى الغربيون نسجوا كثيراً حول التسامح وصدر إعلان منظمة الإنسكو المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة في دورتها الثانية(2/209)
والعشرين في مؤتمرها الآن المنعقد في باريس في /25/ أكتوبر إلى /6/ نوفمبر /1995/ وهذا الإعلان صدر في ذلك الوقت وأمضته جميع الدول التابعة للأمم المتحدة لكن كأنه لم يصل إلى مراكز دراسات في العالم العربي ولهذا لم أجده معرباً بل عربت منه شجرات لأقدمه في هذا البحث هذا الإعلان كان عبارة عن إنذار بمعنى أن الغربيين جزعوا من تصاعد العنف ومن تصاعد كراهية الأغيار يعني كلمة أنا أترجمها بكراهية الأغيار كراهية الأجانب يعني هناك أناس حليقوا الرؤوس في ألمانيا عندما يرون أجنبياً فإنهم مباشرة ينقضون عليه هم الذي أجزعهم أكثر والذي يحركهم دائماً ما يسمونه باللاسامية أي معاداة السامية أو معاداة اليهود على سبيل التحديد حرك هذا كل الدوائر فاجتمعت الدول في مؤتمر عام في سنة /1995/ وأصدروا بياناً من مقدمة وستة فصول المقدمة تحدثوا فيها عن أسباب هذا الاجتماع وعن الأوضاع التي يعيشها العالم وأن هذه الأوضاع تستدعي أن يتحرك الجميع على كل المستويات المستوى التعبوي المستويات الإعلامية لبث روح جديدة من التسامح لأنه بدون ذلك سيصبح الناس فريسة للتعصب وللاسامية وللكراهية الأغيار وهي مصطلحات معروفة في الغرب في الفصول الأخرى قدموا ما يعتقد أو يعتقدون أنه وصفات لمعالجة هذا الداء فمن ذلك أن الحكومات عليها أن تتسم بالعدل وأن تتسم بالنزاهة سواء فيما يتعلق بالقرارات التي تصدرها أو لتطبيق هذه القرارات من طرف الشرطة القضائية أو من طرف الشرطة الإدارية كذلك قدموا مفهوماً للتسامح بأنه احترام وقبول وتقدير لثروة وتنوع ثقافة عالمي كذلك وبالفصل السادس وهذا الفصل مهم جداً لأنه يتعلق بموضوعنا اليوم وسموه بالأبعاد الاجتماعية قالوا أن التسامح ضروري للعالم المعاصر حيث نعيش في عصر تميز بعولمة في الاقتصاد وبسرعة في الحركة والاتصالات وبالاندماج وبالاعتماد المتبادل وبالنجوح والتنقل للمجموعات على نطاق واسع والتبدل والتغير في أشكال النمو(2/210)
الاجتماعية فلن يبقى جزء من العالم غير متأثر بالتنوع فتصاعد التعصب والمواجهة يشكل تهديداً محتملاً لكل منطقة أي إذا وقع أي حدث لمكان ما سيهدد كل مناطق العالم وهذه وصفة حقيقية طالبوا بتنمية التسامح وبالتدرب والتمرن على الانفتاح به هذه جملة من ما قدموا قدموا ستة فصول أشرت هنا إلى شجرات منها من هذا الإعلان وأعربت من خلاله أن ننبه إلى الإلحاح الذي اتسم به هذا الإعلان الذي صدر منذ عشر سنوات أي قبل الحادي عشر سبتمبر ألفين وواحد هناك مباني فلسفية أعفيكم منها المهم أن نقول أن ثقافة التسامح تعني وجود قيم وتصورات تبرز ضوابط سلوكية من شأنها أن تشع الأمن في النفوس وتجافي الجنوح للعنف لماذا في هذا الوقت لماذا نتحدث نتحدث لأن العالم يسوده جو من القلق وعدم الطمأنينة والترقب وهواجس الخوف والبحث عن المجهول والرغبة الجامحة في التوتير الباحث عن التغيير وأصبحت نظرية السوء وتكهنات نظريات السوء وتكهنات نظيرات السوء تحاول تحقيق لا بل لا تحاول تحقق نفسها بنفسها من خلال إيجاد الحرب الصدام الفعلي بعد أن كان صداماَ نظريا العولمة هذه أيضاَ كلمة نسمعها كثيراَ لكنها دخلت بيوتنا ولهذا من الصعب علينا أن نراها لأن الإنسان قد لا يرى الروح التي في جسده كل ما اقترب منك شيء ومن شدة الظهور الخفاء كلما اقترب شيء منك فإنك لا تراها إذاً هذه العولمة التي دخلت بها كل مكان عرفها البعض بالسيطرات أو الهيمنات الثلاث هيمنة أو العلاقات ذات السيطرات الثلاث سيطرة التقنية في حقل العلم سيطرة الشبكة بحق الاتصالات سيطرة الاقتصاد في حقل التنمية عرفها بعض الأخر بأنها ذات مضامين ثلاثة للانتقال والتحول والتجاوز طبعاَ مفاهيم فلسفية بمعنى أن الانتقال عملية تغير تنبع عند مستوى الوحدة مع الأخذ بعين الاعتبار أي اعتبر أن الدول والكيانات هي عبارة عن واحدت هذه الوحدات وقع بينها تبادل وتدفق كانت تسمى بالانتقال لكن التحول سيكون تحولاَ في نظام(2/211)
هذه الوحدات فإما التجاوز فسيكون التجاوز لكل المنظومة لوضع العالم في نظام جديد غير تجاري بمعنى أن هذه العولمة تفرض نفسها وتخرج الناس عن سياق زمان والمكان ما هي إذاَ علاقة التسامح بالعولمة لقد أشرنا في الفصل الثالث إلى هذه العلاقة وأن تداخل المصالح لا حد الاندماج وإن الاعتماد المتبادل لن تترك أي رقعة من العالم بمنأى عما يجري في منطقة أخرى فأي تصعد للتعصب يمكن أن يكون بقعة زيت ينتشر حريقها إلى كل مكان فأثرت تلك في الأحشاء فاشتعلت ومعظم النار من مستصغر الشرر أضف إلى ذلك أن العولمة السياسية والأمم المتحدة بأركتها الطويلة وبقراراتها الجائرة أصبحت تتدخل في كل مكان فإذا لم يسد التسامح في الداخل فإنها تتدخل دارفور مثال وإذا طاول التعصب مصالح دول كبرى أو حدودها فإن كما نقول فإن يسطيف الصاع وستشتعل نار الحرب على كل عراق الكويت مثالا هذه أمثلة نعيشها إذاَ معنى ذلك لا بد من وجود سبل أخرى لأن البيت الآن أصبح ينظر إليه باهتمام كبير بيوتنا بيتنا الإسلامي أصبح ينظر إليه باهتمام فعلينا أن نكون حذرين وأن ننظر إلى مآلات الأفعال التي نقوم بها السماحة بين المسلمين أمر لا يحتاج الدليل فكل علاقة مسلم بأخيه هي علاقة سماحة الإسلام نهى عن المراء والردال يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيراَ من الظن والنميمة ولا تتجسسوا أمر بالمصافحة أمر ، قال :(2/212)
إصلاح ذات البين نهى عن ترويع الناس لأن ترفع عليهم سلاحاَ أمر بالتراحم يعني لا يمكن أن نحصي النصوص التي نهى عن عكس التسامح وهو التعصب لأن بضدها تعرف الأشياء التعصب الذي جاء به أرفاض الردة هناك كلمة التشدد يعني لا تشددوا على أنفسكم هناك كلمة تنطع التي نعلم النبي صلى الله عليه وسلم قال هلك المتنطعون هلك المتنطعون وفي رواية أبي داود ألا هلك المتنطعون قالها ثلاث وأيضاَ الغلو كل هذه الألفاظ تغطي مفهوم التطرف أو مفهوم لأن التطرف الخروج إلى طلب بمعنى أن المجتمع يسير في اتجاه في الغالب هو اتجاه سلام لكن هناك من يتطرف من التطرف هذا يبدأ فكرة يبدأ فكرة ثم إن هذه الفكرة إما أن ينزوي صاحبها ويتقوقع على نفسه وإما أن يبدأ بالمجموعة بمعنى يتحرك مع مجموعة معينة وحين إذاَ يبدأ في أفكار تنفيذ الأفكار المنحرفة أو الأفكار المتطرفة لكن التعصب مفهوم أخر التعصب هو إعجاب قد يكون بالمذهب قد يكون بالقبيلة قد يكون بالقومية كما أوقع عليه هتلر يعني نحن نعرف أن العرب في الجاهلية كانوا يتعصبون تعصباَ شديداَ للقبائل أن تحب قبيلتك هذا لا بأس به لكن أن تعصبها بحيث ترغي الحق وتعتبر أن الحق والجمال هو ما تقوله القبيلة فلما أعصوني كنت منهم وقد أرى غوايتهم وإنني غير مهتدي وما أنا من غازية إن غوت غويت وإن تسد غزية أرشد يعني لماذا ما قال إن غازيت رجعت لماذا لا يشاركهم في الرشاد ولا أشاركهم في(2/213)
الغواد لا هذا منطق التعصب منطق القبيلة لكن التعصب قد يكون بالمذهب وسماها الذهبي رحمه الله تعالى حزبية وهو يترجم لأحد الأعلام الحنابلة قال كانت في حزبيته وتحرق على يعني على إحدى الطوائف الإسلامية فرمهاهم بالكفر فرموه بالتحزيب فهذه الحزبية والتعصب والتحرر هي أيضاَ مرض من هذه الأمراض التي ينافي التسامح لكن القاعدة الكبرى التي أريد أن أقدمها بالتسامح الإسلامي هي قاعدة الاقتداء أعتقد أن سبب التعصب بخاصة في المجالات هي عدم التسامح مع الخلاف ولا بد أن نؤصل فقه الاختلاف حتى يعيش الناس في تسامح وهذا الفقه مؤصل إذا رجعنا إلى اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأينا آداب الاختلاف ورأينا أن عمر رضي الله عنه أصل لقاعدة الاجتهاد لا يقاض بالاجتهاد لأن الرجل الذي جاءه قال ما الذي حكم به القاضي قال كذا قال كنت مكانه لفعلت كذا قال ما منعك أنت قال هو رأيه وهو مشترك إذاَ تأصل الاختلاف مسألة في غاية الأهمية هذا التأصيل بمرحلتين المرحلة الأولى أن نعرف أن الاختلاف ليس كله ممقوتاَ وليس كمله باطناَ فهناك اختلافات هي رحمة الشيء الأخر مرحلة الثانية هي أن نعرف أسباب الاختلاف العلماء كل منهم وضع أسباب ستة أسباب ثمانية أسباب ونقل الشاطبي الأسباب التي تجعل إلى دلالة الألفاظ الأسباب التي ترجع إلى معقول النص وهي أسباب كلها وجيهة وأسباب لا تذر إشكالاَ بين العلماء المرحلة الأخيرة هو أن نعرف أن طبعاَ ذكرنا اختلاف الرواية وذكرنا أسباب كثيرة ذكرها ثمانية أسباب مختلفة في الروية لكن نصل إلى القول إن المختلف فيه لا يجوز إنكاره هذه القاعدة يجب أن ندندن حولها حتى نثبتها وهنا أسمح لنفسي أن أذكر نصوصاَ يقول الحافظ ابن حجر ابن رجب هنا والمنكر الذي يجب إنكاره ما كان مجمعاَ عليه وأما المختلف فيه فمن أصحابنا من قال لا يجب إنكاره على من فعله مجتهداَ أو مقدداَ لمجتهد تقيداَ سابقاً واستثنى القاضي ما ضعف فيه الاختلاف(2/214)
وكان ذريعة إلى محظور متفق عليه مثل له بربا النقد أي ربا الفاضل وبنكاح المتعة وقال عن ابن بطة لا ينفسخ نكاح حكم به القاضي إذا كان قد تأول فيه تأويلا الإمام أحمد يقول يحد شارب النبيل لكن لا يفسق فهو عدوا أي لا يخرج فاعله المتأول على الأدانة مع أنه يرى أنه ارتكب ما يجب حداَ لكن مع ذلك بناء على الخلاف قال :
هو عدل لا فسق بذلك ابن القيم إذا لم يكن بالمسألة سنة ولا إجماع ولا اجتهاد والاجتهاد فيها مسار لن تنكر على من عمل بها مجتهداَ العز ابن عبد السلام من أتى بشيء مختلف في تعقيده اعتقاده تعليله لن يجوز الإنكار عليه إلا أن يكون مأخذاَ محداَ لطائف ابن رشد ما اختلف العلماء في تحليله وتحريمه فهو مكروه ومن تركه يؤجر الإمام أحمد لم يعبر الجسر إلى خرسان مثل إسحق وإن كان يخالف هنا فما ذاك الناس يختلفون تحصل من هذا أن الاختلاف بين أهل الحق صائغ وواقع وما دام في حدود آداب الشريعة وضوابطها فإنه لا يكون مذموما بل يكون ممدوحاَ ومصدر من مصادر إثار الفكر وسيلة للوصول إلى القرار الصائب والاختلاف ومبدأ الشورى الذي أقره الإسلام إلا تشريعاَ لهذا الاختلاف الحميد هذه قاعدة في غاية الأهمية وهي قاعدة الاختلاف لتكون أساساَ للتسامح وأنا أرجو حقيقة أن نعمق هذه القاعدة وأن نعممها الفصل الثاني تسامح الإسلام وتسامح الإسلام وحضارته مع الآخرين في هذا الفصل ذكرنا شهادات وشهد شاهد من أهلها على إنصاف الإسلام والمسلمين وذكرنا نصوصاً من الشرعية قد تعرفونها لكنها قد تغيب عنكم في بعض الأحيان أو تعزب عن أفكاركم الشهادات التاريخية منها قول توماس آلان لو اختار المسلمون تنفيذ إحدى الخطتين الإغراء أو الاستئصال يكتسح المسيحية بتلك السهولة التي أقصى بها فرناندو إيزابيلا الإسلام من جزيرة إيبريا من الأندلس أو التي جعل فيها لويس الرابع عشر المذهب البروتستاني مذهباً يعاقب متبعوه أو بتلك السهولة التي ظلّ بها اليهود مبعدين من(2/215)
إنكلترة طيلة ثلاث مئة وخمسين سنة من طرف البريطانيين لا يدخل الجزر البريطانية لا يدخلها يهودي لا يجوز أن يدخلها ثلاث مئة وخمسين سنة يقول هو يثني على الإسلام يقول لو أراد الإسلام أن ينهي المسيحية لفعل ذلك بسهولة فلوا أراد الخلفاء أو يفعلوا أن يفعلوا بسهولة كما فعل إيزابيلا والأخ يقول أحد الغربيين يمكن أن يفخر المسلمين بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة لم يؤذ أحداً بل أنا أهلها على ما كانوا عليه من العداوات والحروب ضده بل قال كلمات مضيئة اليوم يوم المرحمة اليوم أعزّ الله فيه قريشاً التسامح الديني للحكومات الإسلامية نصوص كثيرة من هذا لكني أقفز إلى رسالتي إلى عهد عمر وتعرفونه بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبد الله أمير المؤمنين عمر من الأمان أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وسقيها وبريئها وسائر ملتها إنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحدهم الإسراف على ضعاف النصارى ومرضاهم من بيت المال أوصى على ذمته وذمة الله ورسوله فهم بعدهم وهو على فراش الموت رضي الله عنه أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه لما فتحوا مدن الشام وأخذوا الجزية طبعاً الجزية مقابل الحماية وهذا يدل عليه سمع بجيوش كبيرة يهيؤها هرقل فرد أرسل رسولاً يرد إلى أهل الشام جزيتهم ويقول سمعنا أن جيوشاً تتوجه إلينا وقد لا نقدر على حمايتكم هذه أموالكم رددناها عليكم فإذا رددنا هذه الجيوش فنحن على العهد معكم فبدأ النصارى يدعون ويقولن أردكم الله إلينا فأنتم والله خير من هؤلاء الذين هم على ديننا كثير في التاريخ لكن دعونا نرى كيف كان عليه الصلاة والسلام يتصرف يذكر محمد بن الحسن في السير الكبير أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى أهل مكة مالاً لما قحطوا يوزع على فقرائهم وهذا الرغم مما قاسه من الحنث والأذى وهم حينئذ على(2/216)
شركهم ويذكر ابن إسحق في سيرته أن وفد نجران وهم من النصارى لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة دخلوا عليه مسجده بعد العصر فكانت صلاته أي حان وقت صلاته فقاموا يصلون في مسجده فأراد الناس منعهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهم فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم ابن القيم رحمه الله تعالى علّق على هذه القصة في زاد المعاد وقال فيها من الفقه جواز دخول أهل الكتاب مساجد المسلمين وتمكين أهل الكتاب من صلاتهم بحضرة المسلمين وفي مساجدهم إذا كان ذلك عارضاً ولا يمكنون من اعتياد ذلك لا يكون شيء معتاداً دائماًَ النبي تعرفون جميعاً من ظلم معاهداً أو انتقصه حقاً أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً فوق طيب نفسه كان حجيجه يوم القيامة دماؤهم وأنفسهم معصومة باتفاق المسلمين من قتل معاهداً لم يَرُح أو يَرِح رائحة الجنة وإن ريحا ليوجد بمسيرة أربعين عاماً كل هذه النصوص تجل على سماحة الإسلام وكذلك أعطوهم الضمان الاجتماعي خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو من قادة أبي بكر الصديق كتب للنصارى بالحرى وجعلت لهم أيما شيء يضعون عليه العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته وعيل من بيت كمال المسلمين هو وعياله مكان هذا في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه نصل الآن إلى تجلية بعض المفاهيم إن أهم عقدة يعاني منها الغربيون مسألتان أو عقدتان هما الشريعة الإسلامية من واقع تجاربي في الحوار معهم شريعة الإسلام يخافون مناه شيء لا يتصورونه كل من يدعو إلى تطبيق الشريعة خلاص مباشرة هذا محارب هذا إرهابي والشيء الثاني هو كلمة الجهاد جهاد هذه الكلمة تفزعهم نحن نشرح لهم أن الشريعة لا يمكن التنازل عنها لسببين لا يمكن أن تقرأ قراءة جديدة لسببين السبب الأول أن الشريعة هي نظام محكم قواعد مترابطة تتصل بكل حياة الإنسان وهي تشمل كل مناحي الحياة وبالتالي لو ترك منها شيء(2/217)
لأحدث ذلك عدم توازن أو لأحدث انحرافاً واضحاً لأنّها متكاملة ليست متجزّئة الشريعة كلّ متكامل فهي قواعد أخلاق وسلوك ومعاملات وكل هذه القواعد توجد مترابطة فكل الأعمال التي نقوم بها هي عبادة لله سبحانه وتعالى هذا السبب الأول السبب الثاني أنّ الشريعة وصلت إلينا غضة كما أنزلت كتبكم حرمتموها لأنها لم تصل إليكم الأناجيل الأربعة بعضها كتب بزمن طويل بعد عيسى هل هي وحي أو هل هي قصة سيرة أو إلى غير ذلك وكل إنجيل لا علاقة له بالإنجيل الآخر نحن الشريعة وصلت إلينا لا يمكن أن نحرفها لأنه إذا حرمناها سوف يكون هذا واضحاً جداً يعني إذا قلنا لأنها وصلت إلى هذه الأمة وصل إليها الوحي واضحاً لكن هناك التأويل المقارب هناك آراء العلماء وهناك المقاصد والوسائل هناك طرق كبيرة للتعايش إذا كان التعايش عادلاً فالشريعة لا تقف حجر عثرة أمام التعايش بين البشر بل إن الشريعة تدعو إلى التعايش وتدعو إلى السلم وإلى السلام وليست داعية حرب هذه العقبة الأولى العقبة الثانية تتعلق بالجهاد الجهاد هذه الكلمة الجميلة بالنسبة لنا على الأقل وقع فيها إفراط وتفريط هناك بعض الحروب التي شنّها أناس أو تسببوا فيها على الأقل بدون تفويض من الأمة وبالتالي خرقوا قواعد الجهاد وهناك طبعاً من فرط في الجهاد وتركه فضاعت الأمة والجهاد في حقيقته إنما هو دعوة إلى الإسلام ولهذا اسمحوا لي أن أقرأ لكم تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية للجهاد يقول الجهاد شامل لأنواع العبادات الظاهرة والباطنة ومنها محبة الله والإخلاص له والتوكل عليه وتسليم النّفس والمال له والصبر والزهد وذكر الله تعالى ومنه ما هو باليد ومنه ما هو بالقرب ومنه ما هو بالدعوة والحجة واللسان والرأي والتدبير والصناعة والمال هذا الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية يعطي للجهاد مفهوماً واسعاً وهو يصدّق بالأصول وجاهدوا بهم جهاداً كبيراًٍ هو باللسان وكذلك نجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله وحديث الحسن(2/218)
هذا الكلام مذكور في الاختيارات بعضه في الاختيارات لأبي الحسين البعلي وأرجو يعني في نطاق سياسة التسامح أن تقرأ كتب ابن تيمية أن تقرأ كل هذه الكتب تراث ابن تيمية أن يقرأ أن لا يقرأ كتاب واحد أو اتجاه واحد في هذا التراث الحقيقة لنتعامل مع التسامح علينا أن نراجع كتب هذا الرجل العظيم أن نرجع كل مقولاته وأن لا نرجع فقط لهذه المقولات مبتورة من سياقها ومبتورة أيضاً من مقولات أخرى قالها في أوقات أخرى وفي ظروف أخرى .
فضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
ضيف الحلقة :
الاستعداد لليوم الأخر
موضوع المحاضرة(2/219)
الواقع أن الله تبارك وتعالى كما تعلمون إنما خلق الخلق والإنس والجن لتقرير وتحقيق ربوبيته وإلوهيته وأسمائه الحسنى وصفاته العلا وقال عز وجل ) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ( الذاريات وخلق الله الإنس والجن على طبائع مختلفة وجعل الإنسان لا غنى له البتة عن التعامل مع الناس في طعامه شرابه ولباسه وكسائه ومركبه في كل شيء لأنه لا يستطيع هو بنفسه أن يقوم بكل الحاجات والإنسان بطبيعته قد لا يقف عند حد ركبت فيه الشهوة وتسلط عليه الشيطان بالشهوة ولا سبيل لبناء الإنسان السعيد والبيت السعيد والمجتمع السعيد إلا بمنهج يعطي كل ذي حق حقه وأول هذه الحقوق حق فاطر السماوات والأرض وأنزل الكتب وأرسل الرسل لتقرير هذه الحقيقة ولو أن أهل بيت اجتمعوا ليضعوا لأنفسهم نظاماً يعيشون عليه لاختلفوا وتناقبوا وإذا كان هذا في بيت واحد فما بالك بأهل قرية أو أهل مدينة أو أمة بكاملها ولا يضع المنهج السعيد الرشيد الكافي الشافي الوافي الذي يقضي لكل إنسان بما له وما عليه ويعرف كل ذي حق بحقه وأول هذه حقوق الله حقوق الأنبياء والمرسلين ) وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ(2/220)
صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ( الإسراء إلى أدق ما يقيم الإنسان على الطريق المستقيم الرشيد الذي ينتهي به إلى جنات النعيم والفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وكان أول رسول بعد آدم وهو نوح عليه السلام يذكر الله في قصته في سورة هود أول ما يبدأ ) ِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ( هود ( آية:25) فيقرر هاتين الحقيقتين حقيقة إخلاص العبادة لله وحده وأنه لا يجوز أن تنصرف ذرة من ذرات العبادة لغير الله مهما كانت حقيرة مهما كانت لا قيمة لها لأن رجلاً دخل النار في ذبابة لما قدمها ذبابة فدخل النار ومات كافراً في ذبابة لكن لاحظنا أن نوح يقول ) ِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ( هود ( آية:25) فيقرر هاتين الحقيقتين والواقع الذي لاحظته أننا عندنا ثلاث حقائق إذ تدور كل السور المكية في فلكها كل السور المكية التي نزلت في ثلاثة عشرة عاماً على حبيب الله ورسوله وسيد خلقه محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر سنة وهي تنزل لتقرير هذه الحقائق الثلاث الحقيقة الأولى اعلم أنه لا آله إلا الله والحقيقة الثانية اعلم أن محمداً رسول الله هذا بالنسبة لمحمد عليه الصلاة والسلام والحقيقة الثالثة آمن بالبعث بعد الموت لا يمكن أبداً أن تسعد أمة أو تفلح جماعة من غير هذه الحقائق إذا فرطوا في جنب الله ولم يؤدوا المنهج ويقوموا على المنهج السعيد الرشيد الذي فرضه الله عليهم ليسعدوا في الدنيا والآخرة ولم يؤدوا حق(2/221)
المرسلين ولا معرفة يوم القيامة افتتحت الصور بها بالقيامة سور سور القيامة ويحط فيها حقائق ولا أقسم طبعاً لا أقسم هذا ما معناها يعني أنه ينفي القسم اللغة العربية قد تأتي بحرف لا تريده لكن يعلم من السياق وقد تحذف حرفاً وهي تريده لكن يفهم من السياق لاحظنا أنه فيه كلمات عربيه في الصيام وعلى الذين يطيقونه فدية أو إطعام مسكين أكثر أهل العلم على أن الوارد لا يطيقونه وأن لا مراده طعام مسكين لاحظنا مثل يقولون لألا يعلم أهل الكتاب واد فيها الحرف الذي فيه لا لألا يعلم أهل الكتاب أن لا يكثرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء هذه اللا ما هي أنه لا يعلم بل ليعلم المقصود ليعلم الكتاب أن يكثرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله وعندي تأتي كلمات في القرآن في الأصل في العربية تأتي قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف يعني لا تفتأ ولا يأتي أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين هي أصلها أن لا يؤتوا لأنه ما بحث على أنه يعطي يحث على أنه لا يعطي ولا يأتلي يعني ولا يحلف أولوا الفضل منكم والسعة يعني أبو بكر رضي الله عنه أن يؤتوا أولوا القربى والمساكين يعني مصعب ابن حذافة لما أشيع أنه قد يذكر شيئاً عن عائشة وطبعاً باقي الحديث ليس مصدقاً له ولا مؤمناً به وناكحات البغي ليس بكافر المهم أن العرب يعرفون أنه قد يوجد الحرف وهو غير بيان لكن سياقه يبينه فإذا قال مثلاً فلا أقسم بمواقع النجوم يقولون أنه قسم لو تعلمون عظيم وإنه لقسم يقول لا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم المهم أن القيامة أمرها في غاية الخطورة لأنها الواقع العنوان الأكبر للدلالة على أن خلق السماوات والأرض ليس باطلاً ولا عبثا يعني أظهر عنوان وأكبر عنوان على حقية القيامة أكبر عنوان على الحقية هو الإيمان بها لأنه لو لم يكن بعث ولا حساب ولا موازين قسط لا إنسان صالح وطالح كي يستوي الزاني والطاهر العفيف(2/222)
ويستوي السارق الذي يأخذ أموال الناس وينهبها وليحسن للناس وينفق عليهم من أمواله يعني كان يستوي كما قال عز وجل ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ( ص (آية: 27) هذا شيء يثبت أن القيامة كائنة لا محال ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ( ص (آية: 27) أنجعل الذين أمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أنجعل المتقين كالفجار) كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ( ص ( آية:28) مئات المرات ذكرت القيامة في كتاب الله وعندما تبدأ الفاتحة اللي تقرأها في اليوم سبعة عشر مرة على سبيل الفرضية ) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ( الفاتحة سواء قرأنا ملك يوم الدين أو قرأنا مالك يوم الدين المالك الذي يملك الرقبة والملك هو الحاكم السلطان الذي بيده ملكوت كل شيء ويؤجر عليه ( وهو يسأل عن ما بين ) السماوات والأرض فتقرأ أول ما تقرأ أول صلواتك في السبعة عشر ركعة التي تصليها على سبيل الفريضة أو النافلة سبعة عشر ركعة على سبيل الفريضة مالك يوم الدين يعني يوم القيامة ويكثر رسول الله فيقول عليه الصلاة والسلام فيقول من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليصل رحمه من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيراً أو ليصمت يعني يربط الإيمان بالله مع اليوم الأخر لأن الكل لا يمكن أن يكون سعيداً حميداً إلا إذا كان يؤمن بالله واليوم الأخر فإذا كفر بالله معناه جهد كل نعمة أنعم الله بها عليه وأنت قد أودعك الله من الأسرار والآيات والبراهين والحجج الشاهدة بأن الله وحده لا شريك له هو رب كل شيء وسيده ملكه لا إله هو ربي سواء الواقع أن هذه(2/223)
الحقائق الثالث أعلم أنه لا إله إلا الله الحقيقة الثانية أن محمداَ رسول الله بالنسبة لنا بالنسبة للمؤمنين أهل الحظ السعيد المؤمنين أتباع محمد هم أسعد الأمم حظاَ فقد تفضل الله عليهم بالمنهج الكامل الشامل هو أدق الأنظمة وأحقها وأعلاها وأجلها وأنصفها وأنصفها يأتي كل ذي حق حقه ولا يظلم ربك أحد ولا يعلم ذلك إلا الله يعني أقول البلاد التي لا تتحكم بشريعة محمد تخبط ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بما فيه من الحياة لا ينبغي لعاقل أن يغتر يقول سبقونا الآن في الطيران سبقونا في الصواريخ سبقونا في الوصول إلى قمر خليهم يوصلوا إلى ما هم لأن ربنا بين لنا هو إذا بي موت خلاص أرحام تدفع وأرض تبلع ثم ما في بعث ولا نشور انتهى الحال لكن ما هو كذا هذا ظلم ما يصير عاد هل معقول إذا واحد كسر باب واحد وسرق أمواله وأخذ وخذ يقتل بعض أولاده وهرب ما شاف واحد هل عيون الحاكم مهما كان الحاكم شديداَ ومهما كان الحاكم رشيداَ ومهما كان الحاكم مسلطا ومهما كان الحاكم معه قوة من رجاله يعني تكاد تسيطر على أكثر الأشياء لكن قد يفعل الفعل ويهرب من الناس لكن إذا هرب من الحاكم الدنيوي ما يهرب من حاكم الدنيا والآخرة يا بني يقول لقمان يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم يا بني في أخر الكلام أنها أن تثقل مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأتي بها الله إن الله لطيف خبير أعمل ما شئت من الخير أنت واجده وأنطلق ما شئت في الشر أنت واجده من يزرع خيراَ يحصد خيراَ ومن يزرع شراَ يحصد شراَ ) إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2 (قَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا (6) (الزلزلة(2/224)
أشتات يعني مثل إذا على طول نفخ في الصور نفخة واحدة في نفخة للصاعق ونفخة للقيامة ويقول ربنا ? وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) ? الزمر حتى إذا جاءوها سجن ما في هواء حتى إذا جاءها فتحت أبوابها وقال أم يأتيكم رسل منكم هذا المهم المهم أن منهج ليس على دين الرسل منهج فاسد كاسد عاطل باطل مهما كان ولا يغتر أحد يعني لا يغتر الناس بكثرة المال عندهم أو بكثرة القوة التي بأيديهم لا يتغرون يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ما في واحد يدافع عن الثاني ما في واحد يجادل عن الأخر يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وكسبت كل نفس وهم يظلمون وضرب الله مثلاَ قرية أحفظوها في أنفسكم لأنفسكم أحفظ في نفسك إذا رأيت نفسك صحيحاَ معافى أحفظ النعمة وأشكر ربك عليها على شان يزيدك وإن شكرتم لأزيدنكم إذا كنت في حالة صحيحة أشكر ربك على شان يمتعك بها وكان حبيب الله ورسوله في دعاءه(2/225)
اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبداَ ما أحييتنا وأجعل الوارث منا وأجعل ثأرنا على من ظلمنا متعنا بأسماعنا وأبصارنا وسائر قوتنا هو إذا مات تعني بها لا يمكن نستفيد منها ? وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ? النحل (آية: 112) أسمع لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون شيء مجرب مشاهد عصر مر في أزمنة طويلة وأنا أقول أكرر لو كأن ذهبت إلى رأس جبل وسرت وحدك وحرصت على أن تطيع ربك وأن تطيع حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم فيك أنك ستعيش عزيزاَ وتموت عزيزاَ حتى لو قتلت حتى لو قتلت أنا أعرف أنه قد يسلط الله عليك منافق يخرج إلى رأس الجبل ليؤذيك امتحان لك واختبار امتحان واختبار يبتلي بك ويبتليك يبتليك ويبتلي بك ? وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ? النحل (آية:112) المهم هذه كان مقدمة على يوم القيامة إنما الموضوع الذي أنا جئت لأتحدث فيه الواقعة كلها لا بد منها للحديث روا البخاري في صحيح روا البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه روا البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما الساعة أو متى الساعة السائل يسأل عن وقت مجيء الساعة متى يقول له متى الساعة فيكون الجواب من سيد المرسلين وشيخ النبيين وأفضل خلق الله أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم ما أعددت لها قال ما أعددت لها من كبير صلاة أحفظ هذه أحفظ هذه ليش اختار هذه الألفاظ ما أعددت لها من كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله الذي أنا أعددته أنا وماني مكثر في(2/226)
العبادة يعني لا أصلي مثل الرسول ولا مثل أبي بكر ولا مثل عمر ولا مثل عثمان ولا مثل علي ولا الصحابة أنا أمشي الحال وليس نشاطي كنشاط هؤلاء الأحباب لكني أحبهم لكني أحب الله ورسوله فيكون الجواب الشافي الكافي أنت في بعض الروايات في بخاري ومسلم المرء مع من أحب وفي بعض الروايات في صحيح البخاري ومسلم أنت مع من أحببت ولفظ المرء مع يقول أنس يقول أنس فما فرحنا بعد إسلامنا فما فرحنا بعد إسلامنا بشيء كفر بحين قول رسوله الله صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحاب فيقول أنا أحب الله يقول أنس فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر هذا في البخاري ومسلم وأرجو أن أكون بحبي لهم معهم أرجو بحبي له معهم أنا أحبهم وجاء في لفظ ما في بس سؤال عن الساعة في البخاري ومسلم عن ابن مسعود أنه قال المرء مع من أحب وفي رواية أتى أعرابي ونادى يا محمد يا رسول الله المرء يحب القوم ولم يلحق بهم وفي رواية المرء يحب القوم ولما يلحق بهم يعني ما وصل درجتهم ما وصل نشاط الذين يبذلونه مقصر شوي بس الأساس الحب في قلبي فيقول المرء مع من أحب طبعا هذا بهذه المثابة المرء مع من أحب الواقع أنها تشمل جميع الاستعدادات ليوم القيامة ما هو عنوان محاضراتنا الاستعداد ليوم الآخرة الدار الآخرة لن يكون الحب الصحيح الحب الصادق حدده الله عز وجل ? قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ? آل عمران (آية:31) إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحبكم الله إذاَ لو أنك عبدت الله أربعين سنة أو خمسين سنة على غير منهج النبي محمد ما فعلت شيئاَ واشترط الله عز وجل في قبول العمل شرطين أساسيين لا يرفع العمل إلى السماء إلا بهما مهما عملت في السر والجهر في البذل والعطاء في العمل الصالح في جميع أنواع القربات يشترط لقبولها عند الله وجزاك خير عليها شرطين ما ترفع إلى السماء إلا بشرطين أن تكون خالصة لوجه الله وأن تكون على منهج النبي محمد فإذا(2/227)
فقدت أحد الشرطين ضرب بها وجه صاحبها كما جاء في الحديث الصحيح من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه ويأتي في النبي محمد في يوم الحج ويخطب صلوات الله وهو يعلم الإنسانية أسعد طرق الحياة ويرسم لها أنهج أتم وأقوم طرق العدالة بعدما يتكلم عن حقوق المرأة في هذا المجتمع العظيم ويعطيها ما لم يخطر على بالها في أيّ بلد في العالم ولا في أيّ دين في العالم يعني أوربة بعد ميلاد النبي وقبل بعثته وأوربة فرنسة بعد ميلاد النبي وقبل بعثته يعني قبل سنة ست مئة من الميلاد بقليل النبي ولد سنة خمس مئة وواحد وسبعين وبعث سنة ست مئة وعشرة في المسافة التي بين ميلاد النبي وبعثته انعقد المؤتمر البرلمان الفرنسي كانوا يسمونه برلمان الفرنجة انعقد المؤتمر ويبحث هل المرأة إنسان ولا حيوان مطلق وهل لها أن تتكلم ولا لا تتكلم وقرّروا أنّه يجب في الكتاب يجب كمّ فيْها حتى لا يتأتى منها الضحك ولا يتأسى منها الكلام ولا يحلّ لها أن تلمس الكتاب المقدس هذا موجود عندهم وإلى عصر قريب من حوالي يوم الشيخ محمد بن عبد الوهاب جدد الله به الشرعة في العباد والبلاد يوم قال كان هذا كبارة اللوثر في أوربة في ذلك الوقت واحتجّ على البابا لما كان يبيع صكوك الغفران اللي يزني يسرق يقتل يرح للبابا كم دولار كذا على شان يشتري له دار في الجنة واحتجّ قال هذا يزيد البلوى وقام امرأة اللوثر وقام حاجب الباب في ذلك الوقت وسموا جماعته البروتستانت يعني المحتجين في ذلك الوقت كان أي بنت تتزوّج في أوربة ما أقول في بلد وحده في أوربة لا يمكن أن يدخل عليها زوجها إلا بعد أن تبيت عند أمير القرية ليلة كاملة يعني يتولى إزالة بكارتها الأمير أو المسؤول الأكبر في القرية كان موجود في أوربة يعني من مئتين سنة وأنوار الشريعة تتلألأ من يوم بعث النبي وقبلها شريعة آدم شريعة نوح وهود وصالح يعني لم يخلو الكون وإن من أمة إلا خلا فيها نذير لكن المترفين الذين وسّع الله عليهم في(2/228)
الدنيا لم يستغلّوا هذه النعمة بشكرك منعهما ومجزيها استغلوها في الكفران بآيات الله وكتبه ورسله ولذلك وما صال في قرية من دبيب إلا قال مترفوها وكذلك يقول إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها قوله دمرناها تدميراً إذاً الذي يريد ربيعة بن كعب الأسلمي خادم النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله النبي قال له اسألني يا ربيعة اسألني شيء أعطيه لك هو يخدم النبي محمّد قال أسألك مرافقتك في الجنّة أسألك أن أكون رفيقاً لك في الجنة قال أوغير هذا قال هو هذا أنا ما أريد منك إلا أن تدعو ربك أن يجعلني مرافقاً لك في الجنة قال أعنّي على نفسك بكثرة السجود إذاً هذه الأدوات أدوات الاستعداد للدّار الآخرة لأنّها فريقين الناس فريقين فريق في الجنّة وفريق في السّعير فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيما ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إنّ ربك فعّال بما يريد ويقول ربنا ? كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ ? النساء (آية:56) فاللي يريد أن ينجو أن ينجح يلتزم بطاعة اله وطاعة رسوله محمد ويستمسك بهذا المنجى من النورين العظيمين الذي يقول النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوادع تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله في رواية في غير البخاري ومسلم وهي صحيحة كتاب الله وسنتي وطبعاً عاش السعداء من أصحاب محمد وأتباعهم وأتباع التابعين في القرون الثلاثة المفصلة التي قال رسول الله فيها خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي بعد ذلك ناس تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينهم شهادته وتكريم أصحاب محمّد هو من أعظم الأسباب لتكون مع النبيّ محمد في جنات النعيم النبي يقول المرء مع من أحب أنت مع من أحببت وطبعاً هو مع من أحب وإن لم يكن عمل بعملهم ولم يصل إلى مستواهم لكن الجنة وسيعة فيها أصحاب اليمين(2/229)
فيها السابقون السابقون من نبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ولكن حتى أصحاب اليمين في جنات وعيون في نعيم لا ينفد وقرة عين لا تزول في نعيم الذي يريد السعادة لنفسه بعض على دين النبي محمد بالنّواجد ويحرص على أن يكون داعية للإسلام ويعلم لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً يقول النبي عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه عندما أعطاه الراية يوم خيبر لما قال له لأعطينّ الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله فأصبح الناس كل يتمنى أن يعطاه ونادى علي وقال له علي مرمد يعني عينه تؤلمه فيناديه ويدخل فيه فيعود كأحسن ما كان ثم يعطيه الراية ويقول له اضرب على رسلك وادعهم على كذا ووالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحد خير لك من حمر النعم يعني حمر النعم يعني الإبل الحمر والنوق الحمر الجميلة الكثيرة إذا تصدقت بها لله وبعدين وضع الله لنا من أسباب السعادة ما يسّره لنا كما قال عزّ وجل يسّر لنا أنت إذا قلت لا غله إلا الله ومتّ على ذلك يقول النبي من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة أنت لو قلت لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرّات كمن أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل يعني تساوي حوالي أربع مئة ألف ريال أو أكثر الآن كأنك تتصدّق بها كل يوم إذا قلت لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير هذا واحد لو قلت سبحان الله وبحمده مئة مرة كُفّرت عنك خطاياك ولو كانت مثل زبد البحر لو قلت لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلا شيء قدير مئة مرة كمن أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل وحطت عنه مئة سيّئة وحُطت له مئة درجة وكانت حرزاً له من الشيطان ولم يأت أحد بأفضل منه إلا من عمل مثله أو أكثر منه هذه نعم لا حد لها ولا حصر وبعدين إذا جئت في صيغة سيّد الاستغفار اللّهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك(2/230)