(1) إبتسامة حقد..
على ضفاف بداية الدراسة الكل يسعى لترتيب أوراقه وأموره فالتخصصات الطبية معروفة بطول المنهج وصعوبته..
بندر شخص من سماته الكبر والتعالي على الناس متكبر في جماله ومتغطرس بماله..!!
يكره أهل الإستقامة بل يشن عليهم سهام البغض والكراهية..!!
ومن المصادفات في هذا الترم وجود خالد وبدر في قاعته فهما شابان تربيا على خير وصلاح وبذل وتضحية للأمة..
خالد يجيد التحاور مع أمثال بندر ويلجمهم ..!
أما بدر فهو صاحب سمت وصمت قليل الكلام وإن تكلم إختصر..
فلذلك لاسبيل لبندر على خالد بل إنه سلط ثقله على بدر ظن منه أن هذا يزعجه..
ولكن بدر لا يلقي بالاً لمثل هؤلاء..
مضت الأيام ..أنتهى هذا الترم وبقي ترم التطبيق وتعيد الأيام نفسها خالد وبدر مع هذا الشخص اللئيم..!!
ليس له عمل إلا فن إذاء الصالحين والترصد لهم..!
ولكن...ولكن ..بدر اسمه يذكر ولم يرى منذ بداية هذا الترم..!!
رغم تفوقه وحصوله على المراكز الأولى إلا أنه قرر ترك الدراسة..!
ليس لأن بندر ضايقه فهو لا تصرفه هذه التصرفات عن خط سيره..!!
لم تهنى نفسه في الغرق في أوهام المستقبل وهو يلف تلك السماعة على رقبته أو يلبس ذلك المعطف الطبي
كانت نفسه تتمنى أن يحمل على كتفه سلاحه ويلف على صدره ذلك الحزام الناسف ليقطع أوصال الكفر
ويدمر حصونه نصرة للمستضعفين في أرض الأفغان..
لم يمض على هذه الحرب الشرسة إلا سوى بضع أشهر..
كان الخبر كالصاعقة بالنسبة لرفيق دربه خالد..!!
ففضل خالد أن يبقي الأمر في بئر الكتمان فلا حاجة أن يبوح به عندما يسئله أحد طلاب القاعة..!
كلما سأله أحد أين بدر؟
أجابه ظروف أضطرته لترك الدراسة ..!!
نعم لم يقل كذب..!
بندر كان ينتظر قدوم بدر بشوق حتى يستمر في مواصلة ما بدأه..!!
ولكن خبر ترك بدر للدراسة قد وصله..!
كان الخبر مفرح نعم فهذا في نظره إنجاز ..أنه استطاع أن يوقع بشخص وبقي الشخص الثاني..!(1/1)
ولكن هذا الشخص يقصد (خالد) شرس ويستطيع أن يتجادل معه بكل طلاقة..
ففضل أن يعلن الإنسحاب بهدوء..!!
بندر لاحاجة له في الدارسة فدخله الشهري مايقارب 15 ألف ريال..!!!
أبوه أحد كبار التجار المنحلّين..!!
فثقافة البيت مستوردة..!
والإسلام ليس له نصيب من بندر سوى الإسم فقط..!!!
إذن لانستغرب منه صدور مثل هذه التصرفات..!
كان يقول لأصاحبه أنا لي هدف من دخولي هذا التخصص وعندما أحققه سوف أتركه برمته..!!
ياترى وأي هدف يسعى له..!
ووجود أمثال خالد وبدر يجعل هذا الهدف غير ناجح..!
ولكن الآن خالد أصبج الثقل عليه فرفيق دربه قد رحل..!!
وهذا الشيء جعل بندر يعيد النظر في السياسة التي يستخدمها مع خالد..
فأسلوب الضغط النفسي لم يعد يجدي..
ولكن طرت على بندر هذه الخطة الشيطانية..!!!
وهو محاولة إفساد العلاقات بينه وبين طلاب القاعة فهذا الشيء هو إدارة المعركة من بعد..!
وفعلاً بدأ في هذا المشروع الخبيث..!
ولكن مع مرور الأيام أكتشف أن هذه الفكرة لم تحقق أي نجاح بالنسبة له.!
إنتهاء هذا الترم قرب والهدف الذي يسعى له لن يصفو له مادام خالد موجود..!
ياترى مالحيلة..!
ويزداد الأمر صعوبة عندما أصبح خالد مع مجموعة بندر في إعداد بحث التخرج..!
خالد لايعلم بما يحاك له مسكين أنت..!
معنوياتك لم تكن مثل أيام تواجد بدر في قاعتكم..!
أستمر بندر في جمع أفكاره كي يحقق حلمه بسلام..!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(2) محاولات فاشلة..
كانت جميع الخيارات أمام بندر يحطمها الفشل..!!
ولكن هو شخص طموح ولكن على الخط الثاني..
ما إن تخطر في باله فكرة إلا ويسعى لتحقيقها هكذا هو همته قد سخرها في باطل..
وفي احدى جلسات السمر مع أصحابه وقد دارت بينهم كأس الخمر..!
سألوه عن هدفه ماذا حصل له ..
أحمرت أوداجه قائلاً جرحتم مشاعري أظن أني لن أستطيع ذلك..
نظر أصحابه إليه..؟(1/2)
ياترى مالذي جعله يتراجع عن مقولته الشهيرة وذلك التحدي الذي جرى أمامنا..!
لقد كان بندر يخطط لعميلة إنشاء علاقة محرمة مع احدى الطبيبات اللآتي سيتخرجن هذه السنة..!
ثم يأتي بها إلى هذه الإستراحة ليكون مايكون..!!!
كان هدف خسيس تريد يابندر إفساد بنات الناس حسبنا الله ونعم الوكيل..
مجرد تفاخر شباب يدرس في أصعب الدراسات ويتعب ليس لأجل منصب وإنما لأجل هذا الغرض فقط..!
تأثر واضح بثقافة الغرب..!!
وإلا بإمكانه أن يأتي بمايريد دون نهج هذا الطريق ولكن هو لايرد هكذا إنما يريد الإفساد ما أستطاع..
نطق بندر وماذا عسى أن أفعل بذلك المتزمت..!
-ومن هذا الذي تتحدث عنه..؟
خالد أغلق الطرق أمامي وليس لدي حيلة ..
أصبح رفاقه يدلون عليه وابل من الأفكار للتخلص من خالد ويرد عليهم سبق أن جربتها..!
ليس أمامه إلا خيار واحد لا ثاني له..
أن يعلن العداء عليه ..
أصبح لا يراه إلا ويأتيه مسرعاً ليستفزه ويتهكم به..
لأنه يعلم أنه إن علم خالد بما يدبر له بندر أصبح الحلم سراب..
خالد معروف في أوساط تلك الدفعة بشدته على أهل المنكرات حتى لوكان صاحب منصب..!!
فهو لاتأخذه في الله لومة لأئم..
ولكن مع ذلك فهو من بعد رحيل بدر عنه كانت نفسيته متأثرة لذلك كأنه طائر قد فقد أحد جناحيه..!!
تثقله همومه ويأتي بندر (ليزيد الطين بلة)..!
وتأتي المفاجأة عندما أصبحت مجموعة البحث تلك تضم خالد وبندر وشخص آخر..
يالله لاخلاص من هذا الساذج..!!
ومع مرور الوقت قرر الشخص الثالث أن يقدم نقل من هذه المجموعة لكثرة المشاكل بينهم..
وقرر خالد أن يتدارك الوقت في حذف هذا الترم عله أن يتخلص من هذا اللئيم..!
وتأتي المصادفة أن يتقابلا في مكتب الحاسب كلاً منها قد قدم أوراق حذف هذا الترم..!!
وقرر خالد أن يترك الصيفية فترة راحة ليستعيد طاقته حتى ينجز دراسته الترم مابعد الصيفية..!!
وكذلك بندر..!(1/3)
ظن منه أن خالد سيضيف ترم صيفي ويكون بعد ذلك الطريق سالكه أمامه..!
لم يكن بينهم سابق إتفاق..!!
الكل منهم ينتظر الترم القادم حتى ينجز دراسة الترم الأخيرالذي تشوبها المشاكل..!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(3) طرق متفرقة..
أقبلت الإجازة الصيفية..
خالد رتب أموره فضروب الخير واسعة مابين دروس ودورات ومشاريع دعوية..
أما بندر فكما تعود من نعومة أظفاره لا مكان له في الصيف هنا..!!
فبلاد الغرب قد فتحت أبوابها لمن هو على شاكلت بندر..
الصيف أصبح عنده مهدار للأموال مابين فسق وخمور وملهيات..
وعندما توشك على الانتهاء يأتي ليتفاخر كل من أصحابه في ما رأى وفعل..!
هكذا مرت الإجازة على خالد وبندر..
خالد متألم على إنتهاء الاجازة لأنه لم ينجز بعض أهدافه..!
بندر يتحسر لأنه كذلك لم ينجز أهدافه الحقيرة..!!
كل منهما ينتظر بداية الفصل ويحقق آماله بدون مشاكل..!
وفي أول يوم دخل خالد القاعة وقلبه يخفق خوفاً أن تقع عينه على بندر..!
أما بندر فقد أستقر خافقه عندما دخل القاعة ولم يرى خالد..!!
ليدخل بعده خالد يتفحص الطلاب بعينيه علها تتم فرحته ولكن تتكهرب عينه عندما وقعت على بندر..!!
ضاقت أنفاسه وأحمر وجهه..
أرخى رأسه متأثر من قوة الصدمة ولذعة الموقف..!!
جر خطاه مستسلم فلابد من حق المعانقة بينهم تعانقا وتصافحا..!!
دخل الدكتور قاطعاً وصل الحديث بينهم..!!
وبعد إنتهاء المحاظرة خرجا وقد شبكا يداهما مع بعض ليكملا أطراف الحديث..
حاول خالد أن يمتص الكدمات السابقة بينه وبين بندر ويعيشوا حياتهم الدراسية وهما متصافين..!
ولكن يعلم إنه إن تم إختياره مع بندر في مجموعة البحث ستعود المشاكل كما كانت..!!!
مرت الأيام وخالد يحاول أن يتناسى ما مضى من عداوة..
أتى يوم توزيع المجموعات..!!
اسم خالد مقرون في جهاز الجامعة باسم بندر..!!
كان خبرتوزيع المجموعات قد ضاق منه خالد..!!(1/4)
ولكن ليس له إلا أن يرضخ للأمر الواقع..
حاول أن يتصنع الإبتسامة عندما يلتقي ببندر..!
بندر لم تتسنى له الفرصة أن يقتحم جدار المودة الذي نشأ منذ بداية هذا الترم..!
وهذه من حنكة خالد التي وهبها الله له فلا داعي للمشاكل..وما الفائدة منها..؟
بدأت النعرات والمشاكل السابقة تنزحاح شيء فشيء..
حتى أصبحو يعيشون في جو رائع من المودة..!
ولكن الشيء الوحيد الذي يضيّق صدر خالد هو ضياع بندر وغرقه في أوحال المنكرات حتى ضيع قيم دينه..!!
فهو يحاول جاهد أن يرده إلى صوابه..!!
وفي أثناء إعداد البحث كان أحيان بندر يسهر الليل عند خالد..!!
وفي احدى المرات كانت الموانة تدور بينهم..!!
فمن تطفل بندر عندما رأي سيدي بجانب جهاز خالد..!!
أخذه وقلب السيدي مكتوب عليه (فلم خطاب)..!!
ضحك بندر وقال أفا يامطاوعة خربتوا تشوفون أفلام..!!!
أبتسم خالد وقال صدقني تخش جو معه تراه لك..
وضعه بندر في جيبه وروح التطفل تسارع به السير كي يرى أفلام المطاوعة..!!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(4) تحول مسار..
دخل بندر البيت وشعور ما... يخالجه..!
كالعادة كان الوقت متأخر لم يبقى على صلاة الفجر إلا القليل..
وفي غرفته الحمراء التي زخرف جدرانها بصور فنانات وفنانين وعلى طاولة الكمبيوتر تزدحم قوارير الخمر..
وحول الطاولة حيث سيديات أفلام الخلاعة والمجون قد تناثرت..!
أشغل الجهاز فهو في شوق لرؤية (فلم خطاب)..!!
فهو في فترة إنتهائه من رؤية الدفعة الأخيرة من الأفلام التي إستاجرها قبل فترة..!
فتح السيدي وجد ملفات كثيرة منها المقروء ومنها الفلاشات وأخيراً الفلم..
ضغط عليه بسرعة هيأ جلسته كيف يعيش جو الفلم كما تعود..!
بدأ الفلم بعرض سيرة ذلك البطل الهمام ويستعرض شجاعته ومواقفه..!
وكيف كانت بداياته..!
وأعصاب بندر مشدودة..!
وفي أثناء مشاهدة الفلم شاهد بعض اللقطات من أخوة المجاهدين وأنسهم وترابطهم..(1/5)
سقطت عدة دمعات من على خد بندر..!
لتغسل ماترسب على قلبه من أدران الماضي..!!
أرتفع صوت نحيب بندر علم حينها مدى غفلته وضياعه ووقوفه في صف أعداء الملة والدين...!
تذكر ما مضى من إذاء بدر قبل تركه للدراسة شعر أنه قصر في حقوق الكثير من شباب الخير..
بل شعر أنه مقصر في حق الله سبحانه وتعالى..
قاطع هذه المشاعر صوت من بعيد.... يالله إنه داعي الرحمن للصلاة الفجر..
أنتفض بندر فشوقه لرؤية المسجد كبير..
منذ مايقارب 10 سنوات لم يرى المسجد..!!
أراد أن يتطهر ويتوضى ولكن مالحيلة إنه لا يعرف الطريقة..!!
حاول أن يتوضى ولكن لم يتذكر شي أصبح لايدري هل غسل الوجه قبل التمضمض أم ماذا..؟
ولكن خطرت في باله تلك الفكرة وهي أن يذهب لدورات مياه المسجد ويسترق النظر في من يتوضى..!!
وبالفعل ذهب للمسجد وفي طريقه تمر به تلك المواقف التي شاهدها في الفلم..
دخل المسجد في صمت رهيب فذاك ساجد وذاك تالي لكتاب الله وذاك قد سالت عبرته وهو يناجي ربه..
كبر لتحية المسجد قرأ الفاتحه وبصعوبه تذكر آياتها حاول أن يقرأ سورة من القرآن لم يتذكر إلا سورة الإخلاص
أصبح يكررها في الركعتين..
وبعد الإنتهاء من تحية المسجد تناولت يداه كلام رب العالمين فتح المصحف بطريقة عشوائية..
أراد أن يقرأ ولكن غزارة دموعه حجبت عنه الرؤية مسح مايستطيع ولكن لاجدوى..
وفي أثناء هذه المحاولات دخل الإمام وأقيمت الصلاة..(1/6)
تلى الإمام أواخر سورة البقرة..((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ))..
حينها لم يتمالك بندر نفسه أرتفع صوت بكائه..!
وبعد الإنتهاء من الصلاة خرج الناس إلى بيوتهم استعداد لأشغالهم ودراستهم..
إلا بندر لم يخرج ..نعم لقد وجد راحته في مكثه في المسجد..
الساعة تشير إلى الساعة الثامنة نعم لقد بدأت المحاظرة الأولى..!!
بندر لم يستطع الحضور أطرافه لم تزل ترتجف لتنفض عنها غبار المعاصي والبعد عن الله سبحانه..
كان جو القاعة غريب فأصحاب بندر لم تجدي إتصالاتهم المتواصلة وبندر يتجاهلهم..
لكثرة الإتصالات قرر إقفال الجوال..!!
دخل البيت وعلى الفور دخل غرفته ..!!
كانت أمه مستغربة وضع بندر.!!
تسمع صوت تكسير وحركة مستمرة من وسط غرفته..!
لقد شمر بندر عن ساعده ليحطم مايجده من بقايا الماضي..
وبعد تحطيم مايذكره بالماضي..
كان جسده منهك خلد إلى النوم ..!!
ولما أستعاد نشاطه قرر الذهاب إلى مسجد لايعرفه أحد فيه..
ذهب وبقي نهاره حتى الليل وهو يتلذذ بمناجاة رب العباد..
وبقراءة كتابه..وتأمل آياته..
أصبح بندر المتغطرس المتكبر شيء آخر.... رجل أسيف متواضع..!!
لقد أستغرب أصحابه من هذا الغياب المفاجئ ...!!
لقد مر يومان ولم يحضر للجامعة وهذا المستوى الأخير فلابد من المحافظة على حضوره..!!
ومع ذلك جواله الذي عمه الصمت الرهيب..!
خالد قد حاره الأمر ياترى ماذا جرى لبندر فمادة البحث موجودة عنده...!!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.(1/7)
(5) قرار صعب..
بيت بندر قد صابته الحيرة ماذا جرى لبندر..؟
عاد بندر من المسجد الذي أصبح يجد راحة فؤاده فيه ..
هذه ثلاثة أيام وأمه تتفرس في الأمر..؟
دخل البيت وجد أمه في المطبخ أقبل إليها أخذ يقبل رأسها ويضم يدها إلى عنقه..
تحركت شفتاه أمي سامحني..!
يمه أنا تركت ماكنت عليه من الخراب والدمار..
يمه أنا وجدت راحتي في طاعة ربي يكفي معاصي يكفي ضياع..
يمه أنا أخشى من أبوي أن يبطش بي..!
أنا أدري إن أبوي ماراح يجلعني أتهنى بحياتي أبوي لو درى إن صرت إلى ماوصلت له الآن
جعل ليلي نهار ونهاري ليل من الهموم..!!
أمه ترقب المنظر المفاجئ ..!!
ثارت شجون أمه تذكرت ماكان في الماضي..
بندر لو تعلم وش صار قبل ماتطلع على هذي الدنيا صارت أمور... تقطع صوتها بالبكاء..
بندر أرتسمت في تفكيره علامة تعجب..!
جعلت أمه تحكي معاناتها السابقة مع أبوه..
كانت أمه من أهل الخير والصلاح قبل زواج أبوه بها..
كانت صاحبة فضل على نساء حارتها السابقة..
كان ابى بندر يعلم بأنها على خير ومع ذلك يريد أن يغويها هو لايرد إلا هي ليس لدينها وإنما لجمالها..
وبالفعل ألح إلا بالزواج منها كانت تريد رجل صالح يعينها على الطاعة..
ولكن أبتليت بهذا الفاجر..
كان يقول هي محجورة في بيتها لم تطلع وترى مافي الخارج..!
وبعد محاولات عديدة أجبرها على السفر للخارج..!
وكان يأمرها بنزع الحجاب لأن هذه في نظره ليس منظر حضاري..!!
سعى ذلك الزوج الظالم لإفساد زوجه..!!
والمرأة مغلوب على أمرها فلاهي تستطيع الفرار منه وقد أنجبت بندر..!
ومنذ ذلك الوقت جعلت تتظاهر بما يرد ولكنها لازالت تستغل خروجه من البيت بعبادة ربها..!!!
أبتسم بندر وبكى..!
فرح لأنه وجد من يعينه على الخير وحزن لحال أبيه اللئيم..!
كان ينتظر عودة أبيه من هذا السفر ليرى ماهي النتيجة..!
فقد عزم أن لايحيد عن هذا الطريق سائلاً ربه الثبات والإعانة..(1/8)
غير مافي البيت من منكرات ظاهرة حصل نزاع بينه وبين أخوته وأخواته..!
ولكن هو صاحب الكلمة في البيت بعد أبوه..
لقد كانت روح الفساد وتعاليمه تجري في أجساد إخوانه فهم لم يرغبوا في طريق بندر..
مع العلم أنه هو سبب إفساد إخوته واليوم يريد أن لايجعل على ظهره وزر..
كانت هذه الليلة هي التي سوف يعود فيها والده ذهب أخوته لإستقبال والدهم..
ولم يكن ذلك براً به ولكن حتى يخبروه بماجرى في البيت..!!
في طريق العودة من المطار إلى البيت علم أبوه بالخبر فاستشاط غضبه وأصبح يزبد ويهذي لايدري مايقول..!!!!
لقد جن جنون أبيه لم يكن يتصور أن بندر يوماً من الأيام يكون متزمتاً في نظره..!
دخل البيت مسرعاً أستقبله بندر ببشاشة وهو على حذر أن ينفجر في وجهه..!
صرخ بصرخة دوت أرجاء البيت..!!
ثم انقض على بندر ذلك الشاب المسكين هو لم يتعود على الضرب أو الشتم..
بندر كفاك أبي أرجوك دعني ولكن هل يرجى من هذا الأب الرحمة وهو يرى أبنه يسير في ركب الصالحين..
لقد كان يحذر من هذا..
وتوالت الشتائم على بندر من بصقة إلى صفعة إلى ركلة لاتسل عما حصل لبندر ظنت أمه أن قد فارق الحياة..!
فهي لاتستطيع أن تتدخل في هذا الشأن حتى لايصيبها ما أصاب بندر ولكن مع ذلك قهي لاتحتمل الموقف..
كانت نظرة إخوة بندر نظرة حسرة على أنهم أخبرو أبيهم بهذا الأمر ولكن ماذا ينفع الندم..
بندر أصبحت ملابسه ملطخة بدمائه..!!
لما تعب أبيه من شدة الضرب خلى سبيله وقال أريدك في الصالة..!!!
بندر كان بحسب ماتوقعه..!!
قام بغسل ما أصابه من الدماء ولاتزال أثر الكدمات بادية على وجهه وعلى بقية جسده..!!!
ذهب إلى حيث أمره أبوه وأعصابه لم تعد قادرة على حمله..
قبل رأس أبيه وطلب منه العذر ودموعه تسبقه لتعبر عن مافي داخله..!!
فتح أبيه تلك الحقيبة ليخرج ذلك الشيء..!!
صد بندر وجهه أبي أرجوك دعني وشاني..!(1/9)
-بندر لا بد أن تكمل سهرتك هذه الليلة على هذه القارورة..!!
إنها قارورة خمر غالية الثمن يهديها لإبنه كي يهيم ليله دون عقل لينسى مايفكر فيه من وساوس على تفكير أبيه...!!
أبي والله ليسئلنك الله عن أبنائك وماذا صنعت بهم..!
ثار بركان غضب أبيه بندر لا مكان لك في هذا البيت أخرج ليتقلى بندر عدة ركلات وصفعات ليكن هذا آخر عهده ببيت أهله..!!
كانت لقطات سريعة تمر في أذهان أم بندر وأخوته..!
وعبرات أستقرت على شاطي جفونهم..!!
أخذ بندر ما يحتاج من ملابسه..!
ودع هذه القصر المشيد الذي احتوى صنوف البلايا..!!
وكما إعتاد في أيامه الثلاث هو في ذلك المسجد الهادئ ...
وكلما تذكر تلك المواقف فاضت دموعه وشجونه..
فلا رجعة للبيت إلا إذا إستجاب لأوامر أبيه..
أنتهت معاناته مع أبيه بتلك الكلمة لامكان لك في البيت..!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:
(6) ترتيب أوراق..
أصبح بندر يتنقل يومه ذلك بين عدة مساجد...!
تذكر الجامعة ودراسته فهو لم يرعي له بالاً منذ مشاهدة ذلك الفلم الرائع..
ولكن أتى الرد من عقله النبيه..!!
لا يمكن أن أستمر في هذه الدراسة التي كانت إلى مهاوي الرذيلة..!
نعم إنه سوف يقدم أوراقه ليسحب ملفه..!!
بات ليلته تلك في احدى الشقق المفروشة..
وفي الصباح ذهب إلى الجامعة بسيارته تلك الفاخرة..!
وعندما أوقف سيارته في المواقف أنتشر الخبر كانتشار النار في الهشيم..
بندر سيحضر اليوم..!
ولكن بندر لم يتوجه إلى قاعته إنما إلى عمادة شؤون الطلاب ليسحب ملفه..
علم خالد بالخبر..!
أسرع إلى مقر العمادة وهناك تأتي المفاجأة..!!
كان بندر قد تلثم بشماغه كي لايرى أحد الكدمات التي خلفتها هاتيك المعركة..!
خالد ينظر في وجوه المارين من عند المبنى وكذلك الخارجين منه..!
لم يرى شخص بندر..!
بندر يخرج من المبنى لتقع عينه على عين خالد..
ولكن خالد لم يعرف ذلك الرجل..(1/10)
شاب ثوبه إلى نصف ساقه متلثم يرى عليه سيماء الخير..
فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون بندر..!!!
صوت سقوط أوراق يشق المسامع..
ليركض ذلك الشاب صوب خالد ..!!
خالد هاله المنظر يا إلهي ما الأمر..!!!
يضم بندر خالد بشوق إلى صدره يقبل رأسه وجبينه..!
خالد لم يعرف من هذا الشخص..!
شاب يضمه وهو يبكي..!
خالد بالفعل الموقف هز كيانه أصبح يبكي لبكاء ذلك الرجل..
- قلي بالله عليك مالأمر..!
ينزع بندر شماغه كان المنظر كالصاعقة على خالد..
أُصيب خالد بدوار شديد من شدة الموقف..!
لم يكن لبرمجة عقل خالد هذا الموقف..!!
لم تعد تقوى رجلاه أن تحمله جلس على الأرض ممسكاً برأسه..
ليعد النظرة مرة أخرى..!
بكى خالد وجلس بجانبه بندر..!
موقف رهيب وأمام من يمر من الناس هناك..!!
مد خالد يده إلى بندر ليوقفه..!
وقف خالد وأخذ بندر يجمع أوراقه المتناثرة..
تشابكت الأيدي مشيا سوياً في ساحة الجامعة..!
المشاعر تتحدث الكل صامت لاينطق بحرف واحد..!
الكل يكفكف دموعه..
نطق خالد : بندر أسأل الله لك الثبات قلي أخي ماهو الخبر..!
حكى بندر ماحصل من بعد ذلك السيدي الذي كان سبباً في توبته بعد الله سبحانه..
وماحصل في البيت من تمحيص..!
قال خالد لا تقلق يا أخي إنما هو إختبار وإبتلاء من الله سبحانه ليرى صدقنا معه..
ولكن أخي بندر أطلب منك طلب..!
-بندر: وما هو؟
-خالد أن تبيت الليلة عندنا..!
بندر أحس بالغربة حنى رأسه قليلاً وقال سأنظر في الأمر وهذا هو رقم جوالي الجديد رجائي ألا تخبره به أحد..
إلا إن كان بدر..!!
فقد أشتقت والله أن أقبل رأسه لأعتذر منه عن ما مضى...!!
تغيرت معالم وجه خالد وكأن الدم سوف يتفجر في وجهه...!!!!
ولكن حاول ألا يبدي شي لبندر وقال لابأس أنتظرك الليلة..
أنتهى هذا اللقاء المثير للمشاعر وكلاً ينتظر صاحبه بشوق..
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(7) هموم متزاحمة..(1/11)
مضى ذلك اليوم وبندر يمكث في ذلك المسجد الهادئ..
الآن الوقت بعد صلاة العشاء وهو لم يمل من تلاوة كتاب الله سبحانه..
صوت رنين جوال ..!
يالله إنه خالد لقد نسى بندر ذلك الموعد..!
أجابه أنه في الطريق إليه..
وفي تلك الغرفة التي أخذ سيدي الفلم..!!
كان خالد في إستقباله إستقبالاً حار..
جعل بندر يفضفض عن مافي قلبه..!
عندما يرى أن الناس يفرحوا بتوبة أبنائهم وأهله عكس ذلك..
يقول كان أبي يقول تمضي ليلتك مع عشيقتك أحب إلى من مجالسة هؤلاء المتزمتين..!!
أبي يريد أن يذكرني بالماضي فأنا لا أحتمل كل هذه الأفكار وأيامها..!
جعل يجهش بالبكاء أنا اليوم طريد من البيت غريب في هذه الحياة..
لقد كانت مشاعر مبكية خالد يمسح دمعاته المتأثرة من المواقف التي يرويها بندر..
يحاول خالد أن يصبر بندر ويقول هذه سنة الله في عباده الصالحين الكل يبتلى بحسب إيمانه..
بندر يقبض كفه بشدة إشارة لتصبير نفسه فلا فائدة للبكاء..!!
سكنت نفسه وهو يجلس بجانب ذلك الشخص الذي كان يوماً من الأيام..!
ينطق خالد بمقولة إستجاب ربي دعواتي..!!
ينظر بندر إلى خالد بنظرة إستغراب..!
ما الأمر؟
يقول خالد كنت أقول عندما رحل بدر اللهم أجرني في مصيبتي وعوضني خيرا..!
والحمدلله ها أنت حليت مكان بدر حتى نتعاون على طاعة الله سبحانه..
علامات إستغراب ترتسم على وجه بندر..؟
غداً سوف نذهب إلى بيت بدر لعزاء أهله..!!
بندر ينظر مدهوشاً من هذه الكلمات...!
أرجوك أين بدر لم أعد أستوعب ماتقول...!
يضع خالد يده على كتف بندر..!
قائلاً بدر كانت همته عالية لم ترضى بالذل والركون إلى زخارف الدنيا..!
لقد شد رحاله إلى ساحات الجهاد في أرض الأفغان...!
أتذكر تلك الأيام التي أفتقده فيها..؟
نعم منذ تلك الأيام وهو هناك وفي البارحة وصل خبر إستشهاده هناك..!
لا تسل عن هذه اللحظات أرتفع صوت نحيب بندر ..!
لماذا لم تخبرني ياخالد..!(1/12)
رحمك يالله بدر فلقد كنت والله تتحلى بالصبر على مالاقيته مني..!
اللهم أغفر لي زلاتي وهفواتي..!
نعم بندر لم تبقى فيه منابع دموع فما أن يتذكر موقف إلا وتفيض دموعه..!
قام خالد بإحضار العشاء..
كيف يتلذذ بندر بالعشاء وقد هاجت به الذكريات تارة أيامه الخوالي وتارة أوضاع أهله وتارة بدر..!
الله يتقبلك يابدر فوالله كم كانت نفسي تشتاق لرؤيتك بعدما كان لك في قلبي مضاضة..!!
أحضر خالد فراش لبندر حتى يأخذ راحته..!
أنصرف خالد وبقي بندر أي نوم يهنئ به ..!
توضى وجعل يقوم ليله مابين دعاء وبكاء ..!
لم يبقى على الفجر إلا القليل خلد بندر إلى فراشه..!
لقد كانت نومة هنية تمر فيه أحلى الذكريات وهو يتمنى أنه كان برفقة بدر في أرض العز هناك..
بعد قهوة الصباح إستأذن بندر خالد ليقضي يومه في ذلك المسجد على موعد أن يصليا صلاة العصر سوياً
ليذهبا إلى بيت أهل بدر..!
وبعد أذان العصر ذهب خالد إلى المسجد الذي يمكث فيه..!
كان دخوله مع الإقامة ولكن صوت الإمام شبيه بصوت بندر..!
وبالفعل لقد كان الذي صلى بالناس هو بندر..!
لم فرغا من قراءة الأوراد..
تصافحا وركب بندر مع خالد في سيارته ومضيا إلى منزل بدر..
وفي الطريق سأل خالد بندر ماشاء الله على البركة الإمامة..!
أبتسم بندر قائلاً عندما أقام المؤذن ألح علي أن أتقدم فأكثر جماعته من كبار السن..
قال خالد أسأل الله أن ييسر لك الإمامة..!
بندر الإمامة لها رجال قد حفظوا كتاب الله أما أنا فقصار السور أجد إني لا أحفظها جيداً..
خالد بندر دع عنك هذه الأوهام وبإذن الله تحفظ القرآن كاملاً عن ظهر قلب في وقت يسير..
ولكن يحتاج منك عزيمة أينك من قوله تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ )..
أنتهى الحديث بوصولهم إلى بيت بدر..!!
يالله كل هذه الأفواج قد أتت لتعزي أهل بدر..(1/13)
لقد صادف حظورهم حضور أحد المشائخ وكانت لحيته قد أنتشر فيها الشيب..!!
ومع ذلك فهمته تفوق كثير من همم الشباب لقد كان يتكلم عن مشروعية الجهاد
وفضل الجهاد ومنازل الشهداء كان جميع الحضور قد لزمهم الإنصات..
وكان يتكلم عن نفس بدر فهو يعرفه يقول بدر من خيرة الشباب قد بذل وقته وماله
لنصرة أخوانه وهاهو اليوم قد ذاد اليوم بنفسه نسأل الله أن يتقبله..
أنتهى حديث الشيخ ودعاء لأهل بدر بالثبات وأوصاهم بالصبر على فقده..
كان ختام حديثه هنيئاً لكم بمثل هذا الشاب..
خرج الشيخ وخرج خلفه بندر وخالد..!
قبلا رأس ذلك الشيخ وطلبا منه لقاء خاص..
قال الشيخ من أنتما قالا نحن أصحاب بدر شد على أيدهما وقال موعدنا الإربعاء القادم في بيتي وأخذا الوصف
وأنصرف الشيخ وهما في شوق لهذا اللقاء..
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(8) أخبار متصادمة..
لقد ذهب كل في سبيله يترقب لقاء الشيخ..
تمضي أيام الأسبوع وبندر تقوى علاقته بذلك المسجد..
كان بندر يفكر في تقديم أوراقه إلى احدى الكليات الشرعية ولكن لا يعلم مايناسبه..
سجل هذه النقطة لعله يستشير الشيخ فيها..
أصبح عقل بندر تعصف به الأفكار والمواقف والذكريات من كل جانب..
من تقديم الاوراق إلى حال أهله إلى ذكريات خطاب إلى مواقف بدر جميع هذه الامور تدور في باله
في وقت واحد..!!
كانت ردة فعل أصحابه قوية بعد وصول خبر إستقامته...!
يريدون لقياه حتى يذكروه بماضيه عله يحن إليه ويترك هذا الطريق..!
ولكن جميع السبل الموصلة إليه قد أُغلقت أمامهم..
من جوال إلى بيت..
هم يريدون أن يتناسوه ولكن بندر له في قلوبهم مكانه..
هو متعة حديثهم وجميعهم ينساق تحت أوامره وسمرة بدونه لاتحلو..!
ولكن اليوم لا وجود له بينهم وهو لا يريد إلا فراقهم..
نعم فهم من أوصلوه إلى طريق الظلام..(1/14)
جاري البحث عن بندر ذهبوا إلى الأماكن التي كان يرتادها إلى أصحابه البعيدين ولكن لاجدوى..
فبندر أصبح ذلك المسجد يملك مساحة كبيرة من قلبه..
تمر الساعات والأيام هاهو عصر يوم الأربعاء وقت اللقاء الذي طال إنتظاره..!
خالد يتصل ببندر أن سوف أصلي في المسجد معك كي نذهب إلى الشيخ..
خالد تعجب من أمر بندر هل هو إمام المسجد..؟
لقد كان الذي صلى بالجماعة ذلك الفرض هو بندر..
بعد الفراغ من الصلاة ركب خالد السيارة وهو ينتظر بندر..
هاهو بندر وهيئيه المتواضعة ييحث خطاه مسرعاً إلى السيارة..
كانت لحظات تأمل بالنسبة لخالد سبحانك يالله يامن بيدك قلوب العباد..
اللهم إني أسألك الثبات لي وله وحقق لنا أمانينا..
ركب بندر السيارة ألقى التحية الكل يبادل الآخر بإبتسامته فالمشاعر متحدة..
سأل خالد بندر ماهو وضع المسجد..؟
أبتسم بندر قائلاً الإمام مريض هذه الأيام وهو وكلني صلاة الظهر والعصر هذا الأسبوع أسأل الله أن يشفيه..
أتضحت الصورة لدى خالد..!
يطير بهم الشوق للجلوس والسماع من ذلك الشيخ..
ومشوا كما وصف لهم الشيخ الطريق..
هاهو الشيخ قد وقف أمام بيته ينتظرهم..
ما أجمل عبارات الترحيب منذلك الفم..
لم يجدوا فرصة لكي يسألوا عن أخباره فهو لم يزل يرحب ويهلي بهم حتى دخلو المجلس..
لقد كانت القهوة في إنتظارهم ..
الموقف محرج الشيخ هو من يصب القهوة..
قام خالد ليأخذ الدلة من الشيخ ولكن الشيخ بادره بكلمة لاوالله لن يصبها إلا أنا..
فأنتم الضيوف وكيف يكون الضيف هو المضيّف..!!
بعد هذا جلس الشيخ إلى جانبهم قائلاً حرصت على اللقاء بكم لأنكم أصحاب ذلك البطل "بدر"..
حدثوني عنه..؟
حنى بندر رأسه فماذا عساه أن ينطق عن ذلك البطل وهو من قد آذاه..!!
تكلم خالد عن ما يعرفه عن بدر من حلم وتواضع وحرص على الخير بشتى صنوفه..
وفي أثناء حديثه عن بدر..(1/15)
لم يتمالك بندر نفسه سالت دموعه مسرعة أصبح صدره يغلي أنفجر بالبكاء ..
ألتفت الشيخ إليه قائلاً قل خير يابندر أدع الله له بالقبول فماذا عساه أن ينفع البكاء..
لم يعلم الشيخ ما أبكى بندر ظن منه أنه قد بكى لفراقه نعم هو يبكي على فراقه ولكن ماقبل الفراق أشد حرقة..
نطق بندر بما كان في قلبه فلا يزال يحتاج إلى مزيد من الفضفضة..
كان الشيخ ينصت إلى ما يتكلم به بندر عن ماسبق وقد تأثر لذلك..
علم الشيخ بأن بندر لم يزل حديث العهد بالإستقامة..
أقترح الشيخ أن يرافقوه إلى أداء العمرة..!
نظر بندر إلى خالد وقد أبتسما أبتسامة الموافقه..
سوف تتجه راحلتهم إلى أراضي مكة المكرمة بعد صلاة العشاء..
خرجا من بيت الشيخ على أمل التواعد بعد صلاة العشاء..
لا تسل عن مشاعرهم رحلة إلى مكة وبمرافقة الشيخ شي رائع..
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(9) اتضاح معالم..
وفي طريق سيرهم قام بندر بضرب طبلون السيارة بقوة..!!
ألتفت خالد إليه ما الامر..؟
قال والله مشاعري لا توصف هل سوف نذهب إلى بيت الله الحرام هل سأرى الكعبة وأقبل الحجر..
قال خالد ولكن لماذا تضرب الطبلون بهذه الطريقة..!
نطق بندر أحمد ربك ما جت على رأسك..!!!
تعالت ضحكاتهما..
قال خالد بندر لا نتأخر على الشيخ خلنا صلاة العشاء وحنا عنده..
-خالد الشيخ يقول بعد العشاء يعني ماهو مباشرة مالها داعي نضايق الشيخ..
-بندر حتى مالها داعي نتأخر على الشيخ..
كان الرأي الناتج هو أن يصلوا العشاء في الحي الذي يسكن الشيخ فيه..
-بندر ودنا نشتري ملا بس الاحرام..!
-خالد خلها في الميقات تأخذ على مقاسك وشهوله مستعجل..!
وبالفعل عندما وصوا إلى بيت الشيخ بعد صلاة العشاء كان يضع أغراضه في السيارة..
قال الشيخ ما شاء الله على الموعد..
ركبوا السيارة وأنطلقت الرحلة وكان الشيخ هو من يقود السيارة..(1/16)
كان الجو لا يزال هناك حواجز بينهم وبين الشيخ وإلا لقال خالد دع القيادة لنا ياشيخ ولكن..
وقفوا عند محطة وقود هنا أنتهز الفرصة خالد وطلب من الشيخ أن يتنازل عن القيادة..
أبدا الشيخ موافقته..
((الله أكبر الله أكبر الله أكبر سبحان الذي سخر لنا هذا....))
نعم هاهم قد فارقوا البنيان قاصدين مكة..
كان الشيخ صاحب حديث لا يمل عندما يذكر من مواقف السلف..
أو عندما يتكلم عن مسئلة بتفصيله الرائع ..
كان يطرح مسابقة علمية بحيث يطرح حديث ثم يستخرجون من أي فائدة كانت ثم يبدأ الشيخ
في طرحه ما يستفاد من الحديث والمسائل المتعلقه به..
وكان من الأحاديث التي طرحها..
يقول الشيخ هذا الحديث كثير ما يتردد على مسامعنا..
الحديث المشهور (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)..
قام الشيخ بتفصيل ما يتعلق بهذا الحديث تحدث عن فضل تلاوة القرآن وعن تدبره وعن الوسائل
المعينة على حفظه كان كلامه جداً مشوق..
ثم تكلم عن خيرية الأمة وماهي الأشياء التي ذُكرت فيه الخيرية..
من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وكذلك التفقه في الدين وتعلم القرآن وتعليمه..
ثم ألتفت إلى خالد وسأله كم تحفظ من القرآن ..؟
كان خالد محرج قال ياشيخ أقولها وفي قلبي حسرة كنت قد ختمته ولكن بسبب هجري له فقد نسيت
الكثير منه ولكن بعدما سمعت كلامك ياشيخ تجددت الهمة لدي وبإذن الله سوف أسعى جاهداً لحفظه..
ثم ألتفت الشيخ إلى بندر الذي قد أعلنت الحروف إنسحابها من ذاكرته..
تلعثم وقال قصار السور ولكن بعد كلامك هذا ياشيخ بإذن الله سوف أتعاهد نفسي حتى أحفظه..
ثم تنقل الحديث إلى أطراف كثيرة..
حتى رسى الكلام عند أخبار المسلمين..
تكلم الشيخ عن الاوضاع في أرض الأفغان وتخاذل كثير من المسلمين عن نصرتهم..
سأل خالد الشيخ عن الذهاب إلى أرض الجهاد ..
قال الشيخ والله إني أستحي ان أقول لشخص لا تذهب إلى الجهاد..(1/17)
ولكن متى ماتيسر لك الطريق فأعزم أمرك وتوكل على الله..
ولكن كثير من الأخوة في هذه الأيام وبعد سيطرة الامريكان وأعوانهم على كثير من المناطق
لم يجدوا طريق يوصلهم إلى المجاهدين..
وأنا أقول لايجلس أحدنا يعتذر بإنتظاره لطريق أو غيره..
الواحد يبذل ما يستطيع من مال ودعاء...
وأنا أقول المجاهدون بحاجة ماسة إلى طلبة العلم فأينهم عن ساحات الوغى..
فيا خالد ويا بندر لاتتخاذلو عن طلب العلم وحفظ المتون وتعلم الفنون..
وأنا مستعد أن أفرغ جزء من وقتي لكم في شرح بعض الكتب..
ولكن شرطي أن يكون بعد إتمامكم لحفظ كتاب الله..
فلا تتثاقلوا الأمر رتبوا أوقاتكم وستجدون الثمرة وبإذن الله سوف نبدأ في الدروس بداية الدراسة السنة القادمة..
تذكر بندر أمر الدراسة وسأل الشيخ عن ما يناسبه من التخصصات الشرعية..
ضحك الشيخ وقال هذا سؤال يصعب الجواب عنه ولكن سوف أطرح لك ماتتميز به التخصصات وأنت لك الخيار..
فصل الشيخ في ما يخص الكليات الشرعية..
أرتاح بندر إلى كلية أصول الدين وعزم الأمر كي يقدم أوراقه إليها..
ثم بعد الحوار عن الدارسة لم يبقى على الطائف سوى 50 كيلو..
جعل الشيخ يتحدث عن العمرة وفضلها وسننها والادعية الواردة في اركانها..
جعل بندر يخرج ورقة ويكتب ما يستطيع أن يصيده من ما يقوله الشيخ..
علم الشيخ بما يرنوا إليه بندر وقال لا تخاف عندما نصل إلى شيء سوف أخبركم بما يلزم فعله فيه..
هاهو الميقات جعل الشيخ يتكلم عن ملابس الاحرام مالها وعليها حتى أفضل طريقه في لبس ملابس الاحرام تكلم عنها..
بعد أن فرغوا من الميقات أنطلقوا إلى مكة ملبين يرفعوا أصواتهم بها..
كان قلب بندر يهفوا إلى رؤية البيت الحرام..
دخلوا المسجد وعين بندر تترصد للكعبة يالله أين هي..
كان الشيخ يرقب تصرفات بندر ويبتسم قال لا تستعجل يابندر سوف تراها بأم عينك إن شاء الله..(1/18)
يالله كان المنظر جداً مؤثر بندر لا يملك عبرته عندما رأى الكعبة سألت دموعه تعبر عن شوقه..
لم يكن مكتض بالزحمة فلذلك تسنى لهم تقبيل الحجر الاسود..
لم يبقى على صلاة الفجر أقل من ساعة أتموا عمرتهم مع صوت أذان الفجر..
بعيد الصلاة جعلو يتلون القرآن حتى أشرقت الشمس قاموا يتنفلون ما شاء الله..
ثم أمر الشيخ الشباب أن يحضروا بعض الطعام ليتناولوا فطورهم..
أحضروا الفطور وبعد الانتهاء كانوا مجهدين جداً..
أخذوا قصد من الراحة حتى أذان الظهر..
بعد الصلاة الشباب لم يزالوا محتاجين للراحة..
اما الشيخ فجلس يقلب صفحات الكتب التي أحضرها معه..
كان بعد العصر جلسوا إلى الشيخ وجعل يحدثهم مما فتح الله عليه تجمع الناس حول الشيخ..!
أختصر الحديث وأنهى الجلسة لأنه لا رغبة لهو في ذلك..
سوف تكون رحلة العودة بعد صلاة الفجر من يوم الجمعة..
كان الشيخ في الليل بعد العشاء قد ذهب إلى احدى السواري بعيداً عن الشباب وجعل يصلي ماشاء الله..
بندر ينظر إلى الشيخ وهو متوسد يده مستغرباً من جلد الشيخ..
أجتمع الشيخ بالشباب بعد صلاة الفجر قال نريد أن يكون آخر عهدنا بالبيت الطواف..
ثم بعدها رجعوا إلى الرياض متهللت وجوههم..
حينما وصلو الرياض حدد الشيخ موعد لهم أسبوعياً يلتقون في بيت الشيخ يستفيد منهم ويستفيدون منه..
بندر بعد هذه الرحلة أصبحت همته لا يحدها شيء جعل يحسب حساباته ينتظر ذلك اليوم
الذي في تصوره لا تسعه الارض من الفرحه يوم أن يكون من حفظة كتاب الله..
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(10) بشائر عاجلة:
كان بندر يشغل تفكيره متى أحفظ كتاب الله..
وبالفعل جعل يرتب أموره حتى يحقق هذا الهدف..
في احدى زوايا ذلك المسجد جعل يقلب صفحات المصحف راسماً لنفسه منهج المسير..
يحفظ ما كتب الله له ثم بعد الفجر يذهب إلى مسجد احد القراء ليسمع عليه..(1/19)
نعم لم يبقى على الاجازة الصيفية سوى شهر ونصف ومع ذلك في هذا الوقت اليسير استطاع حفظ سبعة أجزاء..
كان المقري يحب تلاوة بندر ويتعجب من همته..!
مرت الايام سريعاً ..
وكما تعود بندر هو يفضل الحفظ في تلك الزاوية الخلفية..
وفي أثناء حفظه لتلك الصفحة رأى بطرف عينه ظل شخص قادم إليه..!!
إنه إمام المسجد سلم عليه وجلس بجانبه يود مصارحته بأمر ما..؟
بندر بحنكته فتح المجال للأخذ والرد معه..
حتى قال إمام المسجد: بندر حصلت لي ظروف فلم أستطع أن أوفق بينها وبين الإمامة وحببت أن تنالها بعدي..
بندر كان الامر بالنسبه له محير جداً.
قال الامام أريد أن ترد لي خبر الجمعة القادمة فهي ربما آخر يوم لي في الامامه..
جعل بندر يفكر في هذا العرض الرائع..
فهي كما قال الامام احدى وسائل تثبيت الحفظ..
ذهب يستشير الشيخ قال الشيخ ولما تتردد في ذلك ..
وبالفعل صدرت الموافقة بتعين بندر إمام..
كانت أول صلاة يجهر بها هي صلاة العشاء..
حضر الشيخ كي يشجع بندر..
بندر تظهر عليه علامات الإرتباك..
بعدها خرج الامام السابق يتكلم عن إنشغاله وظروفه وأن بندر سوف يكون من اليوم وصاعداً هو إمام المسجد..
بعد أن حُمل بندر أمانة الامامة ومسؤليتها..
جلس مع الشيخ وخالد في غرفته..
خالد يضحك ويذكر بندر بمقولته السابقة (على البركة الامامة..!!)..
تلكم الشيخ عن هذه المسؤلية وأنت يابندر أصبحت في منبر لتوجيه الناس وإرشادهم فأحرص عليه..
مضت الايام وبندر قد واصل مسيره في همومه..
بدأت الإجازة وبندر يحاول ضغط وقته كي ينجز مهماته..
فالدورات التأصيلية كثيرة وحفظ القرآن لم يبقى عليه شيء..
بالفعل كان إنجاز في شهر واحد أكمل مابقي من أجزاء القرآن الكريم..
كانت مجموعة كبيرة قد تحلقت حول المقري ذلك اليوم..!
كلن ينتظر متى يحين دوره..
وفي هذه الاثناء خر بندر ساجداً لا يسمع إلا صوت بكائه..!(1/20)
ثم ألتفت إلى الشيخ يعانقه أصبحت دموع الفرح تغمر وجهه الوضاح فلا يلتفت إلى احد طلاب الشيخ إلا ويعانقه
وأي تعبير يملكه حتى يعبر عن مشاعره بل المشاعر تعبر عن نفسها..
اتصل على الشيخ فوراً بعد خروجه من مسجد المقري ..
لم يستطع أن يكمل كلمة واحدة كانت دموعه تنساب بسرعة وحبال صوته بحت من البكاء..
علم الشيخ أنها مكالمة خير فهو لا يسمع إلا (الحمدلله,الحمدلله..)..
أغلق الشيخ الهاتف وقال سوف أصلي معك العشاء..!
أراد بندر أن يبشر رفيق دربه خالد..
ولكن أنى لهو ذلك ومشاعره قد تأججت..
أكتفى بإرسال رسالة ما نصها( أبشرك ختمت القرآن ..)
وكذلك كان رد خالد أنه سوف يصلي عنده العشاء..
حضر الشيخ وخالد إلى المسجد مع أذآن العشاء..
حان وقت الإقامة وبندر لم يحضر..!!
نعم بندر يحاول ان يتمالك مشاعره ولكن لا يستطيع..
دخل المسجد من الامام وهو قابض على يديه حتى يتمالك نفسه..!
لم يستطع أن يقول أستووا وأعتدلو..!
كبر وبدأ في قراءة الفاتحة كانت نبرة صوته حزينة..
بعد قرأ (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ....الأية)..
نعم لم يستطع أن يكملها بكى وبكى الناس من خلفه..
وكذا كان في بقية الصلاة..!
بعد الصلاة كان حاني رأسه تهتز جوانبه من البكاء..
بعد أن دخل غرفته ضمه الشيخ إلى صدره يهنئه بذلك ويدعوا له..
ثم ضمه خالد يهنئه ويتذكر ماكان عليه بندر سابقاً والآن هو بفضل الله من حفظة كتاب الله..
نعم استطاع بندرأن يحقق هدفه في نصف الاجازة الصيفية..
فهو الآن متشوق لدروس الشيخ ولحفظ المتون التي يسمع بها..!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(11) نبض أمل..
جلس بندر وهو لاتسعه الدنيا من الفرحة..
يقلب أوراق أفكاره منذ أسبوع لم أزور أهلي..!
سوف أذهب إليهم الآن..
وكما تعود في المرات السابقة لا يصفو له الجو..!
بسبب والده اللئيم..!
تنتهي الزيارة في السابق بعدة بصقات وصرخات تتعالى..(1/21)
أما اليوم فالوضع قد تغير تماماً..!!!
دخل البيت الجو ساكن لا يسمع إلا أصوات خافتة..!
كان جميع أهله قد تجمعوا في غرفة أبيه..!
أبوه مسجى على السرير..!
كانت أمه تقول لأبيه هذا هو بندر قد أتى هيا أذهب للمستشفى ومع ذلك فهو رافض..
دخل بندر قبل يد أبوه ورأسه ثم ألح عليه للذهاب للمستشفى..
كان أبوه قد ضاق نفسه وخارت قواه نعم فهو قد تصلبت احدى شرايين القلب عنده..!
قام أخوة بندر بحمل أبيهم إلى سيارة بندر ثم أمرهم بالانصراف ليتولى المهمة..
كان في طريقهم للمستشفى يذكر أبوه بالله ويصبره في مصيبته..!
بندر علم بأن أبوه مصاب في الشرايين لخلفيته الطبية السابقة..!
أُدخل أبوه في العناية المركزة..!!
كان الوضع يحتاج إلى إجراء العملية فوراً..!!
قبل ما يعطوا أبيه المخدر..!
أوقفهم بندر ودني من أبيه قائلاً أبتاه صل لك ركعتين فما تدري هل ستصحوا من هذه المخدر أم لا..!!!
كان أبوه تدفق عينه الدمع فما ذا عساه أن يفعل وهو لا يعلم هل سيكتب الله له حياة أم لا..!!
وبالفعل أحضر لأبيه وضوء وتوضى وصلى ركعتين يودع بها هذه اللحظات..
أعطوا أبيه المخدر وبدأ يسكن جسده حتى أغمض عينه..!
كان بندر يدنو من أبيه ويقرأ ما فتح الله عليه من الايات والاذكار..
ثم بعدها بدقائق نقلو أبيه إلى غرفة العمليات..!
كان يسأل الاطباء عن مدى نسبة نجاح العملية..!!
كانوا يقولون النسبة من النصف ودون ذلك..!
ومع ذلك فهو لا يجعل كلامهم جل أهتمامه..!
ذهب إلى المصلى وبدأ يصلي ما كتب الله ويلح على الله في الدعاء بأن يشفي والده..
فأمارات الخير تلوح على وجهه أبيه...!
وفي تمام الساعة 12 ليلاً خرج أبيه من غرفة العمليات ولا يزال أثر المخدر باقي..!
أستفسر عن العملية كان الجواب أنها ناجحة ولكن..!
ولكن ماذا..؟
ولكن ربما يعود هذا التصلب خلال هذه الايام...!!
فهي نسبة ضعيفة في عودته..!(1/22)
دخل إلى غرفة أبيه وجعل يصلي ويدعو الله أن يكشف البلاء عن أبيه..
وفي هذه الأثناء فاق أبوه من الاغماء..!
ونظر إلى جانبه إنه بندر يبكي وهو رافع يده..
كان المنظر قد هز مشاعر أبيه..
تحرك أبيه قليلاً..!
فطن بندر لذلك إلى ذلك ألتفت إلى أبيه قام مسرعاً يقبل رأس أبيه ويحمد الله على سلامته..
سالت دمعة على خد أبيه ليعود بعدها إلى الاغماء..
جعل بندر يقرأ على جسد أبيه وينفث ماشاء الله من الادعية والاذكار..
بعدها بدقائق فتح عينه وهو ينظر إلى بندر ينفث عليه..!
أبتسم أبوه وقال يابندر أقرب كي أضمك إلى صدري ..
ثم نظر أبوه إليه وأطال النظر ثم نطق بندر سامحني على مابدر مني..
-بندر أنا من يطلب الصفح منك وليس أنت..!!
جعل أبوه يبكي عندما يتذكر تلك اللقطات الهمجية..
وبندر يحاول أن يسكن من مشاعر أبيه فهو لايحتمل مثل هذا..
دخل الفريق الطبي الذي أجرى العملية إلى الغرفة بعد أن أرتفعت أصوات البكاء..
بندر يبكي لبكاء أبيه فهو لم يره يوماً باكياً...!!
كان الوضع مدهش جداً..
الاطباء لا يدرون ما يبكيهم..!!
حاولوا أن يتدخلو في الوضع ولكن بندر أراد أن منهم أن يخرجوا من الغرفة..
جعل بندر يصبر أبيه ويبشره بالخير كان أبوه متشغف لما يقوله بندر.
لما يبقى إلا قرابة ساعتين ونصف على صلاة الفجر..
هيأ بندر وضع أبيه كي يأخذ قصد للراحة..
في الصباح دخل الدكتور المشرف على العملية يسأل عن صحة أبى بندر..
وأستغرب تحسن وضعه..!!
قال الدكتور لبندر إن استمرت حالته على هكذا إلى الظهر فسوف نكتب له خروج..!!
والحمدلله فقد كانت إلى أفضل حتى الظهر وكُتب له ورقة خروج..
كانت أم بندر قلقة على أبوه ولا يمكن له زيارته إلا العصر وأتى الخبر أنه في طريقه للبيت..
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(12) أوامر سريعة..
أم بندر تتلقف الأخبار لا تفتر عن الإتصالات المتوالية على بندر وهاهو خبر الخروج قد وصل..!(1/23)
كانت أمه تشعر بشي يحاك خلف هذا الخبر لم تستوعب ما سمعته..!
كررت الإتصال مرة أخرى ضحك بندر وقام بإعطاء أبيه الجوال حتى تتيقن أمه من الخبر..!
هاهو بندر يقف أمام بيته قبيل أذآن المغرب..!
أخوته في إستقبال أبيهم..
أمه تسترق النظر من خلف الباب..
دخل أبوهم يتسند إلى عصا فأثآر العملية لاتزال تؤلمه..!
ما إن جلس حتى سمع داعي الرحمن إلى صلاة المغرب..
صاح فيهم على غير عادته هيّا يا أبنائي للصلاة..
سبحان مبدل الأحوال هاهو بين أبنائه في روضة المسجد..
لقد أصبح والد بندر بعدما كان حرب على الخير وأهله أصبح هو من أهله..
لسانه الذي صلطه على أهل الخير أصبح يلهج بذكر الله..
كان عندما رجع إلى البيت بعد الصلاة ليصدر أول أوامره بتحطيم ذلك الصحن الفضائي..
وتكسير قوارير الخمور التي زخرف بها مجلسه..!!
أمر بندر بتولي أمور أمواله الربوية وتصفيتها من حساباته..
الله أكبر هاهو أبيه يمزق تذاكر السفر التي كانت وجهتها إلى بلاد الكفر والفسوق..
تأثر أهل البيت بتوبة أبيهم..
بالأمس كانت المعازف تضج في البيت واليوم لا تسمع إلا كلام الرحمن في حنايا البيت..
أصبح البيت في رياض الخير يتنقل مابين قيام ليل وصيام نوافل وصدقات وصلة للأرحام بعد سنين من قطعها..!
والد بندر يحب صوته أبنه جعل لا يفارق مسجد أبنه..
وتمضي الأيام حتى أتى بندر إلى البيت مسرعاً...
أبتاه إن مؤذن مسجدي سوف يترك المئذنة لظروف سفره..
وأحببت أبي أن تكون لك فماتقول..؟
قال أبوه خيراً أتاني فلن أرده..
وبالفعل نالها أبيه وهو يتذكر دائماً عندما يمسك بمكبر الصوت أن المؤذنين أطول أعناق يوم القيامة..
الله أكبر ياله من شرف حظي به..
كانت هذه الأحداث في أواخر الإجازة الصيفية..
وبندر ينتظر بداية الدراسة فقد قدم أوراقه وتم قبوله في كلية أصول الدين..
وقد أنجز بعض من المتون حفظاً وشرحاً هو ورفيق دربه خالد..
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.(1/24)
(13) أين الطريق..
عند بوابة الجامعة يبحث بندر عن كليته لا يجد أحد إلا ويسأله عنها..
فهو طالب مستجد في هذه الجامعة..
وبعد طول عناء وجدها..!!
وبقي الآن البحث عن رقم قاعته..!
لم يمكث طويلاً هذه هي قام بتهيئة مظهره بعد طول المشي والدوران يمنة ويسرة..!
يوجد أحد المشائخ في القاعة..!
طرق الباب على إستحياء فقد تأخر بعض الوقت..
كان الشيخ يتكلم عن المقرر في منهج العقيدة قام بندر بإخراج ورقة وكتب فيها مايطلبه الدكتور..
وهكذا في المحاظرات التي بعدها..
نعم بندر مشغوف بالقراءة وحب الإستطلاع..
بعد شراء الكتب لم يتوانا في الإطلاع عليها..
مضت أيام الدراسة وبندر لايزال في الصدارة نعم إن شئت فقل لم تنقصه درجة واحدة..!
في احدى المحاظرات كان أحد المشائخ في العقيدة طرح سؤال بمعنى تحدي..!
وقال من يأتي بالجواب الأسبوع القادم ويبحث عنه هو بنفسه لايستعين بغيره فعيتبر نفسه قد تجاوز الأختبار
بدرجة كاملة..!!
بندر لقوة إطلاعه وشغفه بالعلم كانت هذه المسئلة قد أشكلت عليه سابقاً وبحثها بمساعدة من شيخه...!
فلم يتردد بأن رفع يده أن يريد الجواب ضحك الشيخ وقال لكم أسبوعين...!
قال ياشيخ عندي جواب...!
حاول الشيخ أن يتمالك نفسه من الضحك لأن المسئلة فيها نوع الإشكال ولم يتوقع يوماً ما طالب في المستويات الأولى أن يجيب عليها..!!
نطق بندر بالجواب الصحيح لم ينقصه حرف واحد حينها...!!!!
لم يستوعب الشيخ ماسمعه...!
حاول التحقق من الأمر وبادره بندر بأسم المرجع ومن صاحبه..!
حينها أصبح الشيخ مرهون بما قال وأخرج الكشف ووضع الدرجة الكاملة لبندر..!
كان طلاب القاعة مندهشين من بندر وعلميته القوية..!
أما الشيخ فقد أختلفت النظرة عن هذه القاعة بأكملها لوجود بندر معهم..!
بندر يحاول الهروب من هذا المزلق الخطير نعم إنها الشهرة...!
أصبح لا يدخل دكتور إلا ويسأل عن بندر فقد ذاع خبره في كلية أصول الدين..(1/25)
بندر لا ينام دائماً في بيت أهله وإنما في غرفة مسجده الصغيرة التي أصبحت تزدحم بكتب أهل العلم..
يقلب صفحات كتاب جديد يقرأه حتى يأتيه النوم رغم عنه..!
أصبح الشباب يتوافدون إلى مسجده للصلاة معه لحسن صوته وكذلك بعد إنتشار الخبر عنه بأنه طالب علم قوي..
بل بعضهم يلح على بندر بأن يجعل لهم درس خاص..!!!
بندر تزعجه مثل هذه الأمور يعتذر عنهم بكل مايستطيع...!
الدكتور الذي طرح السؤال أصبح هاجسه بندر لايدخل قاعة حتى في الكليات الأخرى إلا ويخبرهم بما حصل له
مع وبندر...!
وتمضي الأحداث مسرعة...!!
نعم هاهي نار الحرب تتوقد في أفغانستان ولم يتسنى له الإنظمام لذلك الركب..!
والآن هاهو فتيل الحرب يشتعل في بلاد الرافدين...!
كان شغل بندر هو أين درب المسير لبلاد الرافدين..!
بندر لايلتقي بشخص يثق فيه إلا ويسأله هل تعرف طريق للعراق..!
الكل يتهرب منه..!!
كان يسأل شيخه هل وجدت طريق..؟
ولكن الشيخ تعب وهو يبحث عن الطريق لنفسه فضلاً عن غيره..!!!!
أصبح بندر ملم بجميع أخبار المجاهدين في مغارب الأرض ومشارقها..!
يتألم لمصابهم ويفرح بإنتصارهم..!
وفي المستوى الأخير من الجامعة أصبح كثير الهواجيس يسرح في تفكير عميق..!
نعم فهو يبحث عن درب المسير..
صادفت وجود مادة يدرسها ذلك الشيخ الذي طرح السؤال...!
فرح الشيخ ببندر وأراده لأمر حان موعده..!!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(14) خيارات متعددة..
بعد الإنتهاء من المحاظرة خرج الشيخ وطلب بندر..
مشيا سوياً في أسياب الكلية..
يسأل الشيخ بندر عن أخباره وماهي طموحاته المستقبلية..!!
بندر ليس له إلا أن يقال" الأمور ماشية"..!!!
بعد الإنتهاء من هذا الحوار الخاطف طلب الشيخ من بندر زيارته في بيته اليوم...!
إستغرب بندر من هذا الطلب..!
حاول أن يعتذر ولكن الشيخ ألح عليه..
رضخ بندر للأمر الواقع..!(1/26)
وبعد أن صلى بالناس صلاة المغرب أتجه إلى بيت الدكتور..
وهناك حيث الترحيب وبشاشة الوجه..
دخل بندر بيت الشيخ...
وكان الشيخ وجهه متهللاً ومتبسماً..
بعد الإنتهاء من تناول القهوة..
سكت الشيخ قليلاً...!!!
ثم قال بندر كنت أبحث عن رجل نعم الرجال كي يتزوج أبنتي"سارة"...!!!
ولا أخفيك أني أُعجبت بك أيما إعجاب حتى حكيت ماتصف به لسارة..
وهي لاتريد سواك...!!
نعم المرأة الصالحة هي صوامة قوامة حافظة لكتاب الله ذات جمال..!
بندر صدم مما سمعه من الشيخ..!
حنى رأسه قليلاً..!
فهو يبحث عن "درب المسير"...!!
وهذه أول العقبات تعترض له...!
هو يعلم في قرارة نفسه إن هو قبل العرض هذا فسوف يفوته ذلك العرض..
تفكر في الأمر....!
تمر في مخيلته صور أولئك الأبطال الكل ترك مصالحه الدنيوية الكل أهله خلفه يبكون..!
ومع ذلك لم تخور عزائمهم..!
كانت نفسه تحاول أن تسحبه عن هذه التفاكير ويفكر في "سارة"...!
تحدثه نفسه كم من شخص يبحث عن مثل هذه الصفات..!
سقطت دموعه...!
فرح الشيخ ظن منه أن هذا هو الخيار الذي يبحث عنه ويفكر فيه في القاعة...!
نطق بندر ياشيخ إسمح لي أنا مشغول وعندي إرتباطات كثيرة..
ولا أستطيع أن أعطيك خبر مؤكد ولكن لعلها في آخر الترم أخبرك..!
قال الشيخ هذا طويل ربما يأتي غيرك يطلب يدها...!!
أبتسم بندر وقال الله يهنيه ويرزقه..!
تغيرت معالم وجه الشيخ..!
وقال يابندر لك أن تراها فإن أعجبتك فهي لك وإن...
قال بندر لا ياشيخ لعلها مرة أخرى وسأنظر في شأني..!
قال الشيخ لك هذا ولكن لاتخيّب ظني فيك..!
خرج بندر إلى مسجده فلم يبقى سوى القليل على الإقامة..
بندر حاول يتجاهل هذا الموقف ويمحاه من ذاكرته...!
مضى الأسد وهو متفائل في وجود الطريق..
كان على موعد مع شيخه السابق"أبو عبدالله"..
بعد أن وصلته رسالة منه ما نصها "لك عندي بشرى أرجو أن أراك اليوم"...!(1/27)
لقد كان الثلاثة بندر والشيخ أبو عبدالله وخالد الكل منهم يبحث عن "درب المسير"
طال بحثهم ولم يجدوا شيئاً ولكن اليوم الشيخ قد أرسل لهم يبشرهم بشيء ما..!
ظن منهم أن الشيخ وجد طريق...!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(15) لحظات حزينة..
ذهب بندر وخالد إلى بيت الشيخ"أبو عبدالله" والفرحة تغمرهم..!
هاهو الشيخ واقف ببابه..
رحب بهم ودخلو البيت..
كان الشيخ بين الفينة والأخرى يقول"يامرحبا بأسود التوحيد"..!
وهم يبتسمون ينتظرون البشارة..!
حينها استفتح الشيخ بالحمد والثناء على الله سبحانه والصلاة على نبيه..
ثم بدأ يتحدث عن معاني الجهاد ولماذا سمي بهذا الأسم..!
قال الجهاد هو غاية مايصل إليه الإنسان من الجهد والخوف والصبر في سبيل الله..
نعم ياشباب في الجهاد ربما تقطع يدك وتبتر قدمك ويكسر سنك بل ربما تصبح أسير في يد الكفار..
كل هذا يحتمل...!
فنريد عزيمة صادقة ومجاهدة النفس على الإخلاص فالأمر عظيم..
فماذا عسانا نستفيد من مديح البشر إذا كنا سنصلى سقر..!
راجعوا نياتكم يا شباب الإسلام...!
كل هذا الحديث يدور في مسامعهم وإلى الآن لم يصلو إلى مغزى الشيخ..!
ثم بعدها تكلم الشيخ عن غزوات المسلمين والجهد الذي ألم بهم والنصب والتعب الذي وصلوا إليه..
قطعوا الفيافي والقفار نصرة لدين الله ومع ذلك قلة في الزاد والمتاع..!
فياشباب قالها الشيخ وقد بح صوته وسالت دموعه على خده...
بلاد الرافدين لاتبعد عنا إلا عدة ساعات بالسيارة فضلاً عن الطائرة...!
وأقول هذا الكلام وقد عزمت أمري بحثنا عن شخص يوصلنا إلى اخواننا هناك فلم أجد..
واليوم تعرفت على شخص من بلاد اليمن له سابق تجربة في الجهاد الأفغاني ويملك خبرة عسكرية عالية..
وتحدثت معه وقال نكون جبهة هناك حتى يفتح الله علينا ونلتحق بصفوف المجاهدين..
فقلت مالحل؟
فقال ندخل الحدود العراقية ونتمركز في مناطق أهل السنة هناك..(1/28)
وهناك سوف سيصل إلينا المدد من جميع البلاد فمن أعرفهم من اليمن قرابة30 شخص بعدتهم وعتادهم..
فياشباب هذا هو آخر حل توصلت إليه وقد تواعدنا الأسبوع القادم نبدأ في الأمر..
الله أكبر قالها بندر الحمدلله الحمدلله وأخذ رأس الشيخ يقبله..
بالفعل كانت بشرى لهم..
قال الشيخ سوف يرافقنا ثلاثة غيرنا من خيرة الشباب هم ناصر و نايف والأخ بلال اليمني..
ولكن أريد أن نطوف بالبيت فربما هذه آخر مرة نراه فيها..
كانت الفكرة رائعة بالنسبة لخالد وبندر..
موعدهم يوم الأثنين القادم ينطلقوا إلى رحاب البيت العتيق..
أخبر بندر أهله بأنه سوف يذهب إلى مكة لأداء العمرة...
أستغرب أهله الأمر... عمرة في أيام الدراسة وفي وسط الأسبوع..!!!
هاهو يوم الأثنين بندر يرتب أغراضه إستعداداً للسفر الأول..!!!
وفي عصر الأثنين ركب سيارته متجهاً إلى بيت خالد...
ركبا سوياً ذاهبين إلى حيث بيت الشيخ..
وهناك كان الأخوة قد تجمعوا ناصر وبلال ونايف..
سلموا على بعض فهم رفاق المسير..
كان أحاديث تلك السفر من أروع الأحاديث فهاهو بلال يحدث الشباب عن تجربته الجهادية..
والشيخ يحدثهم عن بعض أخبار المجاهدين وقصصهم..
والشيخ كان عدداً من طلابه قد ألتحقوا بالجهاد بعد ضربة الأبراج..
وله إتصال بهم إلى وقت قريب بهم وبعدها إنقطعت الأخبار للظروف التي تمر بها المنطقة..
مرت الساعة تلو الساعة ولم يشعروا بالملل من طول الطريق..!
وحين وصولهم للميقات إنتشروا ليلبسوا ملابس الإحرام..!
شعور يخالج بندر لم يستطع أن يتمالك عبراته عندما لبس إحرامه وهو يغلب ظنه إنه لن يلبسه مرة أخرى..!
حاول أن يتمالك نفسه وخرج إلى السيارة..
كان هذا الشعور يخالج الجميع فضلاً عن بندر..!
عندما تجمعوا لم يستطع أحدهم أن ينطق بكلمة...!
ركبوا السيارة وأنطلقوا صوب الحرم..!
قال الشيخ "لبيك اللهم لبيك" ثم أنفجر بالبكاء..
الكل يحاول أن يتمالك نفسه ولكن...(1/29)
كانت أصوات التلبية يصحبها البكاء والنشيج..!!
كيف وهم لم يروا البيت إلى الآن...!!!
نعم عندما وقفوا عند احدى أبواب الحرم قال الشيخ تفرقوا وموعدنا بعد الإشراق هنا..!!
هم تفرقوا ولكن سرعان ما تجمعوا...!!
كان أحدهم لم يقبل الحجر الأسود في حياته وعزم اليوم على أن يقبله..!
كان نفس الشعور عند كل واحد منهم..
وهناك عند الحجر الأسود تزاحموا وعندما نظر أحدهم إلى من هو بجانبه إذا هو صاحبه..
الله أكبر مرت تلك اللحظات الأسيفة سريعاً..
بعد الإشراق حيث تواعدوا على أن يحضروا إلى هنا..!!
ولكن لم يحضر أحد..!!!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:
(16) أوراق متساقطة..
مرت نصف ساعة ولم يحضر أحد..!
نعم لقد كانت تتثاقل أرجلهم عن الإنصراف عن الحرم..
كل منهم يريد أن يروي عطش عينه برؤية الكعبة برؤية الناس من حولها يطوفون..
تلك المشاعر الفياضة هي السبب في تأخرهم جميعاً..
نظر بندر إلى ساعته..!!
يالله طال إنتظار الأخوة لي...!
ولكن لا يمانع من أن أصلي ركعتين الضحى..
إنصرف بندر يحث الخطى مسرعاً ويكفف دموعه...
وبالفعل عندما وصل إلى حيث تواعدوا وجد أنه هو آخر واحد من المجموعة..
وكذلك المجموعة لم تجتمع إلا قبله بقليل..!
ألح بندر على المجموعة أن لن يسوق السيارة إلا هو..
وفي الطريق كان الأخوة متعبين فلم يطول الحديث إذ بهم يغطون في سبات عميق..
وصفى الجو لبندر كي يجالس أنيسه..
نعم إنه كتاب الله جعل بندر يتلو أياته طوال الطريق..
وفي منتصف العصر وصلو إلى الرياض..
وتواعدوا على أمل شد الرحال إلى بلاد الرافدين مساء الإربعاء..
وقال الشيخ ياشباب أجعلو تصرفاتكم عادية مارسوا حياتكم اليومية كما كانت..!!
نعم فهاهو بندر يمارس حياته اليومية كما كانت..
دخل قبل يد أبوه وأمه جلس يحدثهم ويسأل عن أخبارهم ويلاطفهم بالكلام كما هي عادته..
ولكن أبواه مستغربين تصرفاته...!!(1/30)
وفي صباح يوم الثلاثاء ذهب إلى الجامعة..
وكأن شي لم يحدث سوى أنه يسرح في تفكير عميق..
شيء يلاحظ عليه..!
وفي احدى المحاظرات كان الدكتور يتكلم عن الفتن...
ودار الحديث حتى وصل إلى الأوضاع في العراق..
وبدأ يسب ويشتم ويخطئ المجاهدين ويقول إن ما يحص في العراق فتنة عمياء..
وهكذا كان يتكلم...!!
بندر حاول أن يتمالك أعصابه..
ولكن...!!!
تفجرت براكين غضبه...
رفع يده أن يريد المداخله وقد أحمرت عيناه وأنتفخت أوداجه...
قال الدكتور تفضل..
قال مهلاً أيه يا متقاعس...!
سبحان الله لم تنصرهم بنفسك ولا بمالك وفوق هذا تطعن فيهم...!
أتق الله في نفسك وأنت المدعي فأين الدليل..
الدكتور يترنح بين كلمات بسيطة يفصل بينها بكلمة فتنة وأما الدليل فلم يتطرق له..
قال الدكتور: ولكن أين الراية التي يقاتلون تحتها؟
قال بندر ثم ماذا بعد قال الدكتور ثانياً ألا تعلم أن أهل العراق أهل شقاق ونفاق..
قال الدكتور يكفي هذه المحاور ببطلان الجهاد هناك....!
ثم أعلم أن حكم صدام حكم غاشم فمن المصلحة أن يزول حكمه فالظلم لا يمكن أن يستمر...!!
تبسم بندر وقال جميع ما أوردت حجج وهاية قد تكلم فيها أهل العلم فإن كنت من أصحابه فأرجع إلى مسائلهم..
أرتفعت الأصوات قليلاً..
قام بندر ليخرج من القاعة وعند الباب إلتفت على أصحابه في القاعة وقال على الجامعة السلام..
إن كنا سنصمت وأعراض أهل الجهاد ينال منها..
مشهد عجيب جميع طلاب القاعة لم يتوقعوا هذا الكلام من بندر..!
كيف وهو في المستوى الثامن في فترة تحسين علاقته مع الدكاترة حتى يحضى بدرجات عالية..
بل حتى الدكتور لم يستطع إكمال المحاظرة لحرارة الموقف...
خرج بندر من الجامعة ولم يخطر بباله أن يقف على بابها مرة أخرى..
ذهب يرتب أمور سفره..
فلم يبقى إلا ساعات معدودة على سلوك درب المسير..
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(17) لحظات عابرة..(1/31)
ما أسرع مرور اللحظات...!!
هاهو صباح يوم الوداع يوم الإربعاء...!
كيف يهنا لبندر النوم وهو سوف يفارق أعز الناس إليه...
أبوه أمه أخوته أقاربه أصحابه..
بندر في غرفته يتقلب على سريره تدخل عليه أمه كي توقضه ليذهب للجامعة..
زادت خفقات قلبه نعم اليوم ستوقضني ولكن غداً لن تجدني..!!!
تظاهر بالنوم...!
أجاب والدته بأن اليوم لا يوجد شي في الجامعة..
خرجت أمه من الغرفة..
يالله لم يستطع أن يصبر ثانية واحدة لحق بها قبل رأسها ممسكاً بأنهار دموعه لا تنهار..!!
جعل يلاطفها ويمزاحها يدخل السرور على صدرها يرسم الإبتسامة على شفاها..
إستغربت أمه نشاطه فالحيوية التي يعيشها لم ولن تكن يسبقها نوم...!
جلست أمه في الصالة وجلس بجانبها..
وأمامها مائدة الإفطار..
أخذ لقمة ووضعها في فم أمه..
ضحكت أمه وقالت الله المستعان كنا نلقمك والحين تلقمنا..
كانت هذه الكلمة كالماء الحار سكب على صدره لتتحرك مشاعره الساكنة...!
سقطت دمعة على خديه..!
وأمه ترقب المشهد حاول أن يمتص الموقف بكلمة هذه الدنيا يا أماه..
دارت دائرة الكلام حتى جاءت الفرصة لأمه لتبدي ما في خاطرها تجاه بندر..
تقول أمه: بندر تصرفاتك غريبة لك شهرين ولكن هذا الأسبوع كانت بقوة..!
أنا عرفت مايدور في خاطرك وأعتبر الموضوع منتهي...!!!!
كلمت أبوك في الموضوع وشفنا إن إلي يناسبك بنت خالك نورة.....!!!
بندر إزدحمت الكلمات في حلقه لم يستطع الكلام...!
حاول أن يتكلم ولكن...!!
سكت بندر يحاول أن يلف الموضوع يمنة يسره ولكن ماذا عساه أن يفعل..!!!
وهو يعلم إن تكلم في هذا الموضوع على غير ما ترغب أمه فسوف ينكسر خاطرها..
بندر وقع في ورطة أخرى بالأمس القريب مع أحد المشائخ واليوم مع أمه..!
حاول أن يقنع أمه أنه ليس مستعجل لهذا الأمر..!
ضاق صدر أمه عندما علمت أنه لم يكن يفكر بالزواج...........إذاً ماذا يفكر فيه...!!!!(1/32)
وبعد أن إنتهاء هذا الموقف بسلام..!!
حاول أن يجعل الأمور تسير من صالحه فهو يحتاج أمور كثيرة لسفره من أهمها المال...!
قال لأمه أن الذي جعله يفكر طويلاً مشروع خيري يريد أن ينشئه ولكن ينقصهم المال...
فالمشروع ضخم ويحتاج إلى الكثير من المال..!
فرحت أمه بهذه المشاركة الطيبة وعلمت ما يفكر فيه بندر فلم تترد بإعطاءه مبلغ ضخم
من مالها الخاص...!!
وقالت لما لاتلكم أبوك في الأمر...!
قال سوف أكلمه..
خرج بندر عازماً أن يبيع سيارته الفاخرة...!!
وبالفعل باع جميع ما يملك من متاع...!
لله درك يابندر تريد أن تخرج بجميع مالك كي تجهز هؤلاء الأبطال..
وفي الظهر كان جسمه مرهق من الهم الذي يعيشه..
ينام لحظة ويصحو على حرارة دموعه المتساقطة..!!
ومع أذآن العصر أيقضته أمه كي يذهب للمسجده...
دخل بندر مسجده هاهو أبوه يقرأ في مصحفه بعد أن فرغ من الأذآن فهو للتو قد أتى من أعماله...
قبل يد أبوه ورأسه..!
أقام أبوه الصلاة...
بعد الصلاة أخذ كتاب رياض الصالحين الذي قد أنتصف فيه..
كان قد أنهى كتاب الحج ليقلب الصفحة...!!!
كتاب الجهاد توقف قليلاً..!!!
باب وجوب الجهاد وفضل الغدوة والروحة....
سم بالله وأستفتح بالحمد وجعل يقرأ تلك الأسطر مابين آية وحديث..
أي فضل وأي ثواب يناله المجاهد في سبيل الله..
طار به الشوق إلى تلك اللحظات كأنه وهو يحمل سلاحه على ظهره يبحث عن العدو مضانه..
وأحتمت نار المعركة وسقط ممدداً على الأرض وقد سالت دمائه راسمه معاني العزة والتضحية..
كان هذا الخيال يمر به وهو يتنقل من حديث إلى حديث..
كان جماعة المسجد طال إنتظارهم فلم تكن على عادة بندر يقرأ حديث حديثين أما هذه المرة فقد قرأ عدة صفحات..
فطن بندر للأمر ختم الحديث بقوله اللهم أجعل ماسمعناه حجة لنا لا علينا..
خرج جماعة المسجد وخرج أبوه وبندر لم يزل يقلب صفحات الكتاب حتى أنهى كتاب الجهاد...(1/33)
دخل أبوه البيت بعد عناء يومه ذاك..
ليجد أم بندر تستقبله بالشاي والقهوة..
تجاذبا أطراف الحديث حتى عرضت له مشروع بندر..
أخرج دفتر الشيكات وقال أنا سوف آخذ قسط من الراحة وإذا أتى بندر فليكتب ما شاء..
وفي منتصف العصر دخل بندر وبشرته أمه بالأمر..
أخذ الشيك وكتب ما يحتاجه من المال..
وخرج ليصرف الشيك...!!!
وفي المغرب كان الشباب قد أجتمعوا في بيت الشيخ ليتناقشوا في أمور السفر..
دخل بندر عليهم وعلامات وجهه تبتهج تدل على وجود بشرى يحملها في صدره..
رحب به الشيخ وقال أدلي ماعندك يابندر..!!
قال أبشركم بأن أمور المال بإذن الله تيسرت فأنا معي هذا المبلغ الضخم..!!!
بالفعل كانت بشرى عظيمة للشباب..
أتفقوا أن تكون الإنطلاقة الساعة 12 ليلاً من الرياض إلى الحدود الشمالية..
تكلم الشيخ عن الصبر وفقد الأحبة وما أقدمنا على هذا العمل إلا طلباً لرضى الله وإستاجة لأمره..
فأصبروا ياشباب فالواحد منا يفقد أبواه و أولاده وأصاحبه ولكن كل هذا يهون إذا إستشعرنا أنه في سبيل الله..
ذهب بندر ليروى ظمأ عينه برؤية أهله فهذه هي نظرات الوداع...
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(18) عبرات تسيل..
في الطريق إلى البيت خفقات قلب بندر في إزدياد...!
وجد أهله وخواته وأبنائهم في الصالة..
نعم فهم كما تعودوا أن يجتمعوا الإربعاء من كل اسبوع...
تردد في الدخول عليهم خشية أن يبدوا منه شي يشعرهم بالوضع..!
حاول أن يجعل تصرفاته كما كانت..!!
ما إن دخل حتى إلتف حوله الصغار"خالو بندر جاء"...!
بندر محبوب عند الجميع حتى عند الصغار..!
سلم على أبواه وعلى بقية أهله..
كانت الهواجيس تحاصر بندر كلما أبتسم تذكر تلك اللحظة فتتغير معالم وجهه..!
لقطات أثارت مشاعر بندر..
فهؤلاء أبناء أخواته يداعبهم أبوه..
وكذلك أمه تداعب بناتهم..
فرحتهم عند ذلك الطفل الصغير ينطق عدة كلمات بسيط"دده ممه..."...!(1/34)
لقد أثر الموقف على بندر حاول أن يتمالك عبرته..!
حاول أن يدخل نفسه ليتولى أمر العشاء..
ولكن الوقت مبكر بقي على أذآن العشاء الشيء الكثير..
ركب سيارة أحد اخوته هائماً لا يدري أن يذهب يريد أن يفضض ما في قلبه من عبرات...!
كان رجوعه يصادف أذان العشاء وكانت فرصة لايدخل البيت حتى لا يروا عليه أثار البكاء..
ذهب إلى مسجده...!
نعم فهذه آخر صلاة يصليها بندر في هذا المسجد..
دخل المسجد صلى تحية المسجد جعل يقلب صفحات مصحفه حينها أقام أبوه الصلاة..
ساوى الصفوف ثم كبر, نفسه لم تسكن بعد حاول أن يكمل الفاتحه دون أن تتقطع..
ثم تلى بعدها في الركعة الأولى قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)
وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ
مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ
عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) صوت من أندى الأصوات تخالطه نبره حزينة قد أمتزجت بالدموع..
كان يكرر الأية مرة مرتين وكذلك في الركعة الثانية تلى قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ(1/35)
مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ
اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)..
هنا إرتفع صوت النحيب الصف من خلفه فقد إرتفعت أصوات بكائهم
..
بعد الإنتهاء من الصلاة كأن شي لم يكن...!!
الناس إنصرفوا إلى مشاغلهم..
كان أبو بندر حس بشيء ما حول وضع بندر كلامه وحديثه والأيات التي يتلوها تخص الجهاد..!
بعد أن إنصرف الناس دنى بندر من أبوه يشاوره في أمر العشاء..!
قال الأمر لك..!
إنصرف بندر ليأتي بالعشاء...!
سكنت نفسه وهدأت...
وعند العشاء أجتمع أهله حول المائدة..!
وفي الأثناء بندر لم تقبل نفسه العشاء...
نظر إلى هذه الإجتماع المبارك..
يحاول أن يروي عيناه من رؤية أهله ينظر يمنة ويسره..
لم يشعر بنفسه إلا والدموع تنهار من عينه..!!
حاول أن يتمالك نفسه ولكن أنى له ذلك وهي نظرات وداع..!
نظر إليه أبوه قائلاً مابالك يابندر؟
هنا وقع بندر في مأزق فماذا سيقول..؟
كذلك بقية أهله تركوا الأكل وأجتمعوا حوله قد إنتابهم المشهد..!
حاول أن يستخدم التورية في هذا الموقف....!
قال لهم إن أحد أصحابه توفى...؟
قال أبوه خالد أما من؟
قال لايقال له بدر.. صاحب قديم لي..!
وذهب بندر إلى غرفته بعد إنتهاء الموقف بسلام...!(1/36)
وفي تمام 10.30 ذهب أخواته إلى بيوتهم...!
وسكن الجو في البيت من أصوات الأطفال...!
بعدها نام جميع أهله...!
واستغل الفرصة في ترتيب أغراضه..!
وكان المطلوب شنطة رياضية وكذلك تكون صغيره...!
بعد أن رتب أموره..!
أخرج تلك الورقة وبدأ يكتب وصيته...!
تكلم فيها عن الصبر وعن أجر الجهاد وفضله وأنه لم يسلك هذا الطريق إلانصرة لدين الله ولإعلاء لوائه..
ورغبة في ما عند الله..
في هذه الأثناء هاهو صوت رنين الجوال...
توضى وخرج مسرعا تاركاً وصيته على سريره وأهله نيام على أسرتهم...!!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(19) على الأطلال...
خرج بندر ليغلق الباب بهدوء وبنظرات مودع..!
فكم تربى في أكناف هذا القصر..
وكم تشهده المواقف الحزينة وبشائر الفرح في أكنافه..!
نعم كان هذا القصر قبل مدة من الزمن تعج فيه المنكرات بأنواعها...!!!
واليوم لاترى فيه إلا مشعل الأيمان يشع منه..
هكذا كانت مشاعر بندر تجاه بيته يحاول أن لاينسى شكله..
يريد أن يتذكر كل شيء فيه حتى يسلي نفسه بهذه الذكريات..
ركب بندر مع رفاقه يحدوهم الشوق إلى ميادين العز والبطولة..
سوف يحطون رحالهم بالقرب من الحدود الشمالية مدة أسبوع كامل...؟!!
ليتعلموا بعض فنون القتال وبعض المعلومات المهمة قبل أن يعبروا الحدود..
في البيت كانت الأوضاع هادئة...!!!
وقبيل صلاة الفجر قام أبوه يصلي ماكتب الله له...
وبعدها ذهب إلى مسجده وأمر أمه أن توقض بندر للصلاة..
هنا كانت المفاجأة....!!!
دخلت أمه الغرفه منادية لبندر وكانت الغرفة مظلمة...!!
وخرجت بعدها ثم عادت مرة أخرى وفتحت النور...!!
يالله أين ذهب بندر...!!
كان سطوع تلك الورقة التي على سريره قد جذبت أمه لها...!!
لتقرأ ماهو مكتوب عليها مانصه:
("إليكم جميعاً إلى أبي إلى أمي إلى جميع اخوتي لم أكن والله كارهاً لقياكم ولكن..!!(1/37)
كيف يهنأ لنا القعود والعدو بجانب أراضينا يهتك أعراض أخواتنا ويستبيح أراضيهم...!
فالتاريخ سوف والله يسجل ذل صمتنا ....نعم فقد كان الوداع وإني أكتب هذه الكلمات
بحبر الدموع ولكن الملتقى الجنة بإذن الله.....
وبدأ يتكلم عن فضل الجهاد وعن الصبر إلى آخر كلمة"فهذا هو درب المسير ونحن رجاله..!!")
أمه قد أظلمت الدنيا في وجهها وبح صوتها...
بندر رحلت ولم تخبرنا وجعلت تبكي وتشم ماتجده يخصه...
تأخذ ملابسه تتنفس عبيرها تهيم في غرفته كلما رأت شيئاً أثار مشاعرها..
هناك حيث طال إنتظار أبوه لبندر كي يقيم الصلاة..
لقد تأخر كثير جداً حينها أقام أبوه الصلاة وتقدم الناس..
نعم يا أبى بندر فهذا هو مكانك سوف تؤم الناس من هذه اللحظة وصاعداً...!!!
وبعد الصلاة خرج أبوه مسرعاً إلى البيت لايدري ما الأمر فجوال بندر مقفل وجوال أمه لاترد عليه...!!!!
دخل أبوه مسرعاً تباطئت خطاه نعم فهو يسمع صوت نحيب...
يمشي ببطئ متجهاً إلى غرفته...!!
يا إلهي ما الأمر يا أم بندر؟
أين بندر؟
لم تستطع أمه أن تنطق بكلمة واحدة حينها ناولته الورقة ويداها تنتفض...!!!
أخذ الورقة بشدة وجعل يتأمل كلماتها...!!
نعم لقد سالت دمعاته على خده يبرق لمعانها كلما جهش بالبكاء...
لم يرفع نظره حتى أنهى القراءة..
رفع رأسه قائلاً سامحك الله يابندر...!!
لماذا لم تخبرني كي أكون رفيقكم في هذا الدرب فوالله لم أعد أطق البقاء دونكم ياولدي...
صرخت أمه في وجهه ولمن تتركنا ياهذا...!!!
قال أبو بندر لا إنما كانت مجرد خاطرة وإلا فالرجال قد ساروا إلى هدفهم ونحن قعدنا..!!
وليكن في حسبانك هو ليس بحاجة إلى بكائنا ولكن الصبر الصبر والدعاء الدعاء..
هناك بالقرب من الحدود...
قد تميز بندر على رفاقه في أدائه للتطبيقات ولثقافته العسكرية..!
بندر لم يعد أسمه يذكر هناك فصار ينادي "بأبو تميم النجدي"..(1/38)
وكذلك بقية الصحاب الكل إختار مايناسبه من الألقاب إستجابة لأوامر قائد المجموعة "بلال اليمني"..
فهذه أولى الخطوات الأمنية..
وبعد إتمام المدة..
كانت الخطة على النحو التالي:
سوف يكون العبور عبر ثلاث فترات في كل فترة يدخل إثنان..
ويكون الإجتماع في وادي يبعد عن الحدود قرابة30 كيلو ويستلزم الوصول إليه يوم كامل..!!
وقع الإختيار على أبوتميم وناصر ليكونا أول من يعبر الحدود..
وبعد تلك السمرة الرائعة على ضوء الحطب الدافئ..
حانت ساعة العبور...
تم تجهيزهم بما يحتاجونه من أدوات (كشاف,منظار,جهاز نداء....إلخ)
وبعدها إرتادوا تلك الملابس السوداء وقد حملو متاعهم وودعوا أحبتهم على أمل اللقاء هناك...!!!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(20) رياح المسير..
قام أبو تميم وصاحبه ناصر ليواصلوا المسير متجاوزين الحدود..!
ودعا رفاقهم وقام الشيخ أبو عبدالله يريد أن يوصيهم ببعض الكلمات..
تكلم معهم عن الصبر وكذلك الدعاء فأنتم في الثلث الأخير من الليل..!!
وجاهدوا أنفسكم ونياتكم فالأمر يحتاج وقفة صادقة مع النفس وشد على أيديهم..
بعدها سار بندر وصاحبه بندر يشقون ظلام الليل في سرعان المشتاق..
كانت التعليمات أن يفتحوا جهاز النداء كل 3ساعات وعند تأزم الموقف..!!
وقبيل الظهر وصلو إلى المكان الذي تواعدوا وضعو ركابهم بعد تعب شديد..
قاموا بتشغيل جهاز النداء ليخبروا الأخوة بوصولهم..
وهكذا في مساء اليوم الثاني إنطلقت المجموعة الثانية وقد وقع الاختيار على..
نايف وبلال صادف خروجهم بعض دوريات المراقبة وكانت تنتشر بكثافة..
مما أشكل عليهم ولم يستطيعوا أن يشغلوا الاجهزة على الموعد..
وبعد طول عناء ومشقة وصلو إلى المكان قبيل غروب الشمس...!
بقي الشيخ وخالد حملو متاعهم وشدوا في السير...!
هنا كانت الاوضاع متأزمة...!!
مراقبة جوية وإنتشار واسع بالقرب من الحدود..!!(1/39)
لقد إستطاع الامريكان من تحديد موجات أجهزة الاخوة ولذلك كانت هذه المراقبة
المشددة...!
إستطاع الشيخ أن يتجاوز مايقارب 10كيلو في هذه الظروف..
ولكن مع ظهور شعاع شمس الصباح.
.
أصبح الفريقان وجهاً لوجه..
بدأ تبادل إطلاق النار حينها أشغل الشيخ جهازه مخبراً الاخوة بأن يواصلو المسير..
كان بندر في إستقبال النداء..
كرر الشيخ بأمره للشباب أن لا ينتظروهم كانت أصوات طلاقات الرصاص تشوش الكلام..
أعاد النداء بندر بأن الشباب متوجهين إليهم...
لم يرد الشيخ على النداء.
كان الوضع مخيف فماذا عليهم أن يفعلوا..
بعد فترة رد الشيخ بمقولة" أستحلفكم بالله لا ترجعوا واصلو المسير.."
بعدها سمعوا صوت سقوط جهاز النداء ولم يسمعوا إلا تكبيرات الاخوة وأزيز الرصاص..
إنقطع الصوت نظر أبوتميم إلى الاخوة وقد إنتفض جسده..
الاخوة قد إحتاروا في أنفسهم..
أمر بندر الاخوة بأن يتوجهوا إلى الله بتضرع بأن يفرج همومهم..
نعم لقد كانت تلك الكلمات الاخيرة من الشيخ وصاحبه خالد لايدري ماذا حصل لهم بعدها..
واصل الاخوة مسيرهم يقودهم بلال اليمني يصبرهم ويسليهم..
يقول بندر الان أدركت أحد معاني كلمة "جهاد"..
سارت ركائبهم فهاهي المنطقة التي قد خططو للوصل إليها...
بحثوا عن مسكن لهم في المنطقة..
تيسر لهم مزرعة من أكبر المزاع في المنطقة قد عرضها صاحبها للبيع..
بعد أن هاجر من أرض العراق..
قام الاخوة بتهيئة المزرعة وكانت تبعد بعض الشي خارج المنطقة..
كانت هذه الفترة لمدة مايقارب شهر فترة جمع معلومات عن المنطقة..
كان بندر تتطلع نفسه لبدء المواجهات مع الامريكان وحلفائهم..
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:
(21) حان اللقاء...
مرت الأيام مسرعة وأبو تميم في شوق لوقت اللقاء..
تم الترتيب لأول غزوة وستكون مواجهه إطلاق نار على قافلة إمداد إمريكية في الغد..(1/40)
وبعد صلاة الفجر أخذ الأخوة يحتسون بعض القهوة على ضوء النار فقد كان الجو يميل
للبرودة ويتلقون بعض التوجيهات المهة..
وبعد نصف ساعة أمر القائد بلال الأخوة للتوجه للمنطقة وكانت تبعد عشرين كيلو..
ذهب بندر مسرعاً توضى وصلى ركعتين يسأل الله فيها الاثخان في العدو ونيل
الشهادة..
بعدها أخذ يقبل سلاحه فقد زاد شوقه لأرض المعركة..
هناك توزع الأخوة في أماكنهم..
كانت جميع أسلحتهم خفيفة لم يكن أكبرهم إلا سلاح البيكا وقد كان من نصيب نايف..
كان قد ألح على الاخ بلال أن تكون من نصيبه..
كان جميع الاخوة على يمين الطريق وبينهم مسافات متفاوته..
وقيبل صلاة الظهر هاهي القافلة من بعيد جميع الاخوة يلهجون بالدعاء والبعض يستعيد
أنفاسه فهذه أول مرة يطلق النار على هدف حقيقي..
وعندما إنتصفت القافلة بين الأخوة أشار إليهم بلال أن يبدأو الطلق وبالفعل أصوات
الرصاص تعم المنطقة ومع ذلك كانت القافلة تسير إزداد غضب نايف وكان هو آخر الأخوة
والقافلة سوف تبتعد عنه..
خرج حاملاً سلاح البيكا صادع بالتكبير وخرج إليهم وجهاً لوجه..
ثارت نيران سلاحه صوب القافلة..
سقط نايف ممداً على الأرض..!
بعد أن هاله صوت إنفجار وسط القافلة نعم فشاحنة الذخيرة قد إنفجرت..
رفع رأسه نايف يا إلهي...الله أكبر الله أكبر..
لقد أصبحت تلك القافلة الضخمة ركام من قطع الحديد الحامي..!!!
ينظر بندر لايصدق مايراه يمسح الغبار عن وجهه..
الله أكبر خر ساجد وطال سجوده..
الأخوة يضم بعضهم بعضاً تهنيئة بهذا النصر..
تسيل دموعهم من الفرح على خدودهم..
خر الأخوة ساجدين تنشق أنفوفهم غبار المعركة..
أمر بلال الأخوة بسرعة التحرك...
بقي نايف ساجداً صاح إليه الأخوة نايف نايف..
أسرع بندر إليه لمس ظهره سقط على الفور على جنبه..
صاح بندر إلى الاخوة أن تعالوا..
تفحص بندر نبضه إذا به على قيد الحياة ولكن يبدوا إنه متعب جداً..(1/41)
هناك بعد ثلاث ليالي مالت صحة نايف إلى الشفاء والحمدلله..
كان الأخوة فرحين بهذا النصر فالكل منهم يدلي بتجربته وما حصل له..
خرج بندر مسرعاً إلى فناء المزرعة وقد أخذ جهاز الجوال..
تنحا بعيداً عن الأخوة وتردد كثيراً..
أتصل برقم بيته..
رفع السماعة أخيه الصغير سامي..
يتسمع ذلك الطفل هذا الصوت فهو ليس بغريب عنه يلاطف أخيه يداعبه بالكلام..
كانت أمه بالقرب من الهاتف ولا تدري من هذا الذي يتحدث مع سامي..
إلتفت سامي إلى أمه وقال يمه واحد يقلد صوت بندر...!!
حينها إهتزت مشاعر أمه أخذت السماعة على الفور ألو ألو..
لقد إنقطع الخط...!!
كانت توجيهات الأخوة أن تكون المكالمات بعيدة عن المنطقة التي هم فيها..
ولذلك كانت احدى الطائرات تحلق فوق سماء مكان الأخوة لذا إضطر أبوتميم أن يغلق
الهاتف على الفور..
ولم يستطع بندر أن يسمع صوت أمه الحنون..
كان الأخ بلال قد نابه الغضب على تصرف بندر بهذه الطريقة..!
مرت الأيام والأخوة في نشاط وهمه فجميع برامجهم العلمية والميدانية تسير على ما
أتفقوا عليه..
اليوم سوف تصل مجموعة جديدة لتنظم إلى صفوف الأخوة وكان عددهم 15 شاب من بلاد
شتى من اليمن من السودان من السعودية من الإمارات..
وكُلّف بندر بتولي أمور تدرباتهم وتوضويح بعض الأمور لهم..
في هذه الفترة وزع الأخوة إلى مجموعات مراقبة وإستطلاع كل مجموعة لها قائد..
يجمعوا معلومات عن أماكن العدو وعن تحركاتهم..
كان نايف في مجموعة بندر..!
وفي احدى فترات الإستطلاع كانت قاعدة كبيرة تبعد عنهم ما يقارب 50 كيلو..
وصلت مجموعة بندر بالقرب منها..
عندها قام جنود المراقبة بإطلاق النار على سيارة الأخوة..
كان الأخوة يكبرون وليس لهم خيار إلا الإنسحاب كان نايف يداعبهم يقول دعوني
أنفضهم بمحبوبتي البيكا ولكن الأوضاع لاتسمح للأخوة بالمواجهة..
كانت عدة طلقات قد إخترقت أبواب وسقف السيارة ولكن كانت في أماكن عادية..(1/42)
وعندما وصل الأخوة إلى مقرهم بعد عناء الطريق..
حمدوا الله على سلامة الوصول فلم يصبهم مكروه ولله الحمد والمنة..
نزل جميع الأخوة وبقي نايف متمدداً على مرتبة السيارة يغط في سبات عميق..
أتى إليه بندر مداعباً وأخذ كأس ماء بارد ورشه على وجه نايف...!!
لكن لم يحرك ساكناً...!!!!
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
(22) شعاع المسير....(الفصل الأخير)
أقترب بندر من نايف..!
هزه بيده منادياً نايف نايف نايف....!!!
سقط نايف على جنبه والدم ينضح من ظهره....!
لقد أصابته احدى الطلقات عند الإنسحاب....!
راجع بندر ذاكرته سريعاً...!!!
تذكر تلك الكلمة التي قالها نايف..!
"دعوني أنفضهم بمحبوتي البيكا" وبعدها شهق نايف واكتفى أن يودع الدنيا
ببتسامة وأغمض عينه بعدها...!!
نعم لقد سار نايف في ركب الشهداء..
كان الموقف رهيب جثى بندر على ركبتيه ودموعه تتساقط على فخذيه..!
الأخوة يرقبون المشهد من بعد..!
أقترب الأخوة من حدود المشهد...
كان المشهد لايحتاج تعليق...!!
أخذ الأخوة يصابروا أنفسهم فقد رحل ذلك الشاب المحبوب من الجميع..
نايف شاب صاحب طرفه وصاحب عبادة..
كان يقول نايف ودعت أمي وهي تقول الله يحفظك ياولدي ما للصدر ونيس بعدك..
كفف بندر دموعه ونظر خلفه إذ بمجموعة بلال قد أتت..
ولكن يحملون الخبر معهم فقد أشتاق بلال لقافلة الشهداء وسقط في مواجهة عظيمة..
كبدت الأمريكان خسائر كبيرة فقد قتل فيها أحد كبار قادة الامريكان...
موقف من أقسى المواقف التي مرت على الأخوة بعد فقد الشيخ وخالد..
لم يستطع بندر أن يتمالك قواه ذهب مسرعاً توضى وصلى ماشاء الله يسأل الله فيه الصبر والاعانة..
حينها أنشرح صدره وزال همه..
خرج إلى الأخوة يصبرهم ويتلو عليهم آيات الجهاد ويذكرهم بما فيه من محن وتمحيص..
هاهو الأخ بلال وبجانبه نايف تلعو وجههم علامات الرضى...
أمر بندر الأخوة أن يعجلو في دفنهم...(1/43)
هناك في طرف المزرعة كانت قبورهم..
إجتمع بندر بالأخوة وأخذ يصبرهم ويقول الأمة فجعت بفقد الحبيب صلوات الله عليه وبعده فجعت بفقد
الصحابة خير القرون وهكذا واليوم نحن نعلم علم يقين أن هذه هي أُمنيات الأخوة نسأل الله لهم القبول..
ونحن بحاجة إلى أن نعين أمير منا يتولى شؤون الأخوة وترتيباتهم وكلنا له مطيع..
لم ينهي كلامه إذ بالأصابع تُشير إليه..
قال يا أحبتي لا أريد الامارة عينوا احد غيري..
قالوا لانبياع سواك..
وبالفعل حمل أبوتميم الامانة على عاتقه وقام بها أيما قيام..
مرت الأيام سريعاً فقد مر على وجود الأخوة في بلاد الرافدين مايقارب السنة والنصف..
كانت مكالمات بندر لأهله في أوقات ضيقة فأحيان تصادف عدم وجود أبوه ومرة أمه وهكذا..
وصل عدد الأخوة مايقارب الستين شاب من أهل العراق وغيرها..
وبهذا كان هناك تواجد لبعض الكوادر المفكره فقد تم تصنيع مادة شديدة الأنفجار..
تمتاز عن غيرها من المواد ومع ذلك كمية قليلة كافيه لنسف مباني بأكملها..
هناك على الشبكة العنكبوتية تنتشر بيانات الأخوة في " جيش المرابطين" الاسم الذي أختاره الأخوة لمجموعتهم..
كانت هذه الفترة كثير من كتائب المجاهدين قد إنظمت لمجلس شورى المجاهدين..
وهاهو بندر اليوم يخطط لعملية فريدة من نوعها..!
فقد كانت فرقة الرصد والمراقبة قد أتت بمعلومات رهيبة عن تفاصيل سيارة همر لجنود المشاة وماهي أوقات خروجهم وأماكن توقفهم وهكذا..
هذه السيارة "الهمر" تقف بجانب نهر الفرات وتعبر إلى الجهة الأخرى تراقب المنطقة وترصد المعلومات..
حينها قام الاخوة بوضع المادة المتفجرة عند غيابهم وتشريكها في جهاز جوال..
إنتشر الأخوة من أماكن شتى يقومون بتصوير هذه العملية الفريدة وسألون الله التوفيق فيها وأن يسدد رميهم..
وعند عودة هذه الجيب إلى القاعدة الضخمة وكالعادة تكون مجريات التفتيش..!!!!
ولكن أجهزتهم لم تكن مبرمجة على هذه المادة..(1/44)
الحمدلله دخلت هذه السيارة المفخخة في إختراق لظوابط أمنهم وماهي إلا دقائق..!!
والمجاهدين يصورون اللحظات بثوانيها...!!!
الله أكبر هاهو أزيز الإنفجار يرعد في الأفاق....!
فقد ذهب هؤلاء الجنود إلى مقر القيادة لتسليم ما إستجد من معلومات..
وهناك كانت هذه العملية التي ضج بها الإعلام في تحليها ومحاولة تبرير الموقف بأنه خلل فني...!!
لم يدع القائد أبو تميم للإعلام أن يسوق هذه الأكذوبة..
خرج ذلك البيان يتكلم فيه ذلك الشاب مفتول العضلات الملثم الذي نسف أباطيل الأعلام وأعطاهم صفعة لن ينسوها في حياتهم..
وقد إستعرض الفلم تجهيز الأخوة لهذه العملية المباركة وعرض لبعض المعلومات وكذلك تصوير أول لحظات الإنفجار فأي يخلل فني يكون لهيب ناره كهذا...!!!!
حينها خرج كلب الروم بوش يتكلم عن هذه العملية الارهابية كما وصفها فقد هزت صف جنوده مما إضطر للإعتراف بأنها عملية إختراق لأمنهم المزعوم وتحصيناتهم المنيعة...!!
أصبح المجاهدين في مجلس شورى المجاهدين يتطلعون إلى بيانات "جيش المرابطين"
ولكن ليس لديهم معلومات أكثر عنه سوى بياناتهم اليومية...!!
كان القائد أبوتميم يلح على الله في الدعاء بأن تلتحق مجموعته بهذا الجمع المبارك مجلس شورى المجاهدين...
وبعدها أتت العملية الأخرى التي أظهرت بندر في تسجيل فديو دون أن يكون متلثم..!!!!
فقد جمعت فرقة الرصد والمراقبة أروع التفاصيل عن احدى شاحنة التمويل الغذائي لأكبر قاعدة امريكية في بلاد الرافدين..
وعندما ذهبت هذه الشاحنة لتزويد القاعدة بالغذاء قام الأخوة بمحاصرتها..
وقام الأخوة بنقل الأسلحة في داخلها وقام القائد أبو تميم بتوزيع مهام المعركة فقد كانت فرقة الهجوم وتضم 15 شخص وبندر معهم ..
وهم سوف يكونون في داخل الشاحنة وفرقة الإنسحاب وهي تقوم بتهيئة الوضع للإنسحاب ونقل الاخوة والانسحاب بهم..(1/45)
وفرقة الإمداد التي تقوم بفك أطواق المحاصرة عن الاخوة وهكذا كانت المهام مدروسة بعناية ودقة..
وقبيل القاعدة توجهت الشاحنة بضغط من الاخوة على السائق...!
وكانت بوابة التمويل أقل حراسة من غيرها وهي تبعد عن الثكنات العسكرية ما يقارب3 كيلو وهو عبارة عن مستودعات يتم من خلالها إمداد المنشئات..
ولله الحمد فقد كان حارس البوابة قد حفظ شكل صاحب الشاحنة فلم يرعه إهتمام بل فتح البوابة على الفور...
الاخوة بين كراتين التمويل يدعون الله بتضرع أن ينصرهم وأن يمكن لهم..
فهاهو القائد الفذ يوزع الاخوة في اماكنهم فهم يرون الثكنات العسكرية أمامهم..
المخطط للعملية أن تستغرق ثلث ساعة وبعدها يبدأ الاخوة بالإنسحاب..
وبالفعل تم البدء في ضرب حصون الصليبين..
نيران الحرب تشتعل في مبانيهم صافرات الإنذار تصم الاذان...!!
أمر بندر الاخوة بالانسحاب في هذه الاثناء تم قصف منطقة المستودعات بما فيها من قبل الامريكان..
كان الاخ صاحب التصوير قد سقطت احدى الكميرات منه...!!!
وفيها صور من اعداد الاخوة للمعركة وبعض الصور من العملية وفيها يظهر القائد أبو تميم..
الحمد لله إنسحب الأخوة بسلام إستشهد في هذه المعركة خمسة من الاخوة نسأل الله أن يتقبلهم..
يافرحة الامريكان بهذا الشريط الذي حصلو عليه فهو إنتصار بالنسبة لهم...!!
كانت أجهزة الاعلام تعرض بعض الصور للقائد أبوتميم بين الفينة والاخرى فرحة بهذا الأنجاز للقوات الامريكية...!!
لم يتأخر القائد بندر أن ينزل بيان مصور يظهر فيه دون تلثم كما ظهر في هذا الفلم ويتكلم عن إنجازات المعركة ويبشر الامة بالنصر...
وهكذا تمضي الايام فعندما ينزل بيان يحوي "جيش المرابطين" إلا وينتشر خبره..
كان احد جنود مجلس شورى المجاهدين يعرف بندر عرف التمام...!!
قام بالإتصال بمن يعرفهم من أصحاب بندر حتى حصل على الرقم الذي أتصل بندر به عليهم(1/46)
إتصل عليه إذ به مقفل وأصبح لاتمر ساعة إلا ويكرر الاتصال لمدة إسبوعين..!!
إذا به هذه المرة يتصل ولكن لا أحد يرد وبعدها كرر الاتصال إذا به مقفل..!!!
مرة الايام وقد يئس هذا الشاب من الاتصال على هذا الرقم..
وفي صبيحة ذلك اليوم خرج بندر بعيداً ليكلم أهله إذ به يرى إتصال هذا الرقم في شاشة جواله...!
لم يتردد في الاتصال عليه..!!
عندما رن عدة مرات إذا به يفتح السماعة بمقولة هلا هلا هلا...!!!
إستغرب بندر هذا الكلام ولكن الصوت ليس بغريب...!!!
بندر عرفتني؟
من معي؟
أنا إمام المسجد الذي وكلتك به...!!
يا إلهي الصوت صوتك...!
قال أنا عندكم؟
وين؟
في المكان الذي أنت فيه..!
فهم بندر مقصده واستبشر خير..!
قال من مديركم؟
قال مديرنا مدير المجلس ما عرفته..!
يقصد بذلك الشيخ أبو مصعب أمير مجلس شورى المجاهدين..
طال الحديث بهذه الرموز الامنية..!
تواعدا أن يصلون في الجامع الكبير...!
وهو جامع كبير في وسط بغداد..!!
خرج بندر إلى مكان الوعد وذكر الحمد على لسانه بأنه سوف تنضم مجموعته إلى مجلس شورى المجاهدين...!!
هناك لا تسئل عن حرارة اللقاء فقد تفرقا ولا أحد يظن بأنه سوف يلتقي بالآخر...!!!
أخذ بندر صاحبه إلى مكان المزرعة خارج نطاق مدينة بغداد..
وقال بندر الحمدلله فقد إستجيبت دعواتي..
إجتمع بندر بالاخوة يبشرهم بهذا البشرى التي طال إنتظارها...!!!
وقال أنا سوف أذهب اليوم لأجتمع بالشيخ أبو مصعب وسوف يأتيكم خبر المبايعة..
وأنا من الآن لست لكم بأمير وسوف يأتيكم اليوم من يوصلكم بالمجاهدين في مجلس شورى المجاهدين..
خرج بندر والشوق يحدوه للقاء الشيخ أبو مصعب..
في ذلك البيت البسيط المتواضع كان الاخوة في إستقباله..!!
دخل إذا بالشيخ وعلامات الاسارير على وجهه..
تعانقا طويل يقول الشيخ جزاكم الله عنا كل خير فقد توالت صفعاتكم لعبّاد الصليب..
نسأل الله أن الله يكتب أجركم..(1/47)
بندر تلعثمت الكلمات على لسانه عبر عن ما في وجدانه بعبرات سالت على خديه..
قدم الاخوة العشاء إكراماً لهذا الضيف..
بعد العشاء قام الاخوة بتصوير المباعية وها هوو بندر جندي من جنود كتائب الاسلام..
وبعدها أراد بندر أن يخلو بالشيخ لأمر يرده..
خرج الاخوة بقي الشيخ وبندر..
قبل بندر رأس الشيخ وقال لي طلب ياشيخي رجائي أن يكون الآن...!!!
يقول بندر ياشيحنا قد إمتازت كتائبكم عن غيركم بهذه العمليات البطولية...!
ياشيخ طلبي عملية إستشهادية...!!
إحتار الشيخ وقال يابندر نريدك أحد قادة المجاهدين...
ألح بندر بأن يسئل المسؤول عنها له...
إتصل الشيخ بقائد كتيبة البراء الإستشهادية وأمره بالحضور..
عرض الشيخ عليه الأمر...
قال ياشيخنا غداً توجد عملية وقد تم التجهيز لها ولا يمكننا أن نسحب المكلف بها..
ألح الشيخ على القائد بأن يبحث في الامر..
وتأتي البشرى بحصول ظرف للمكلف بها مما جعله يتنازل عنها..!!!
كان بندر نائماً في بيت الشيخ وكيف يهنأ له النوم...!
دخل الشيخ ليبشر بندر طرق الباب أجابه بندر بتفضل أشغل النور وجلس بجانبه وهو مبتسم...!
إستغرب بندر دخول الشيخ في هذا الوقت يبدو إن الامر مهم..
قال الشيخ أتيتك يابندر ببشارتين...!
البشارة الاولى فقد تمكن الاخوة من فك أسر ما يقارب 20 مجاهد من سجن أبو غريب..
والبشارة الثانية والاهم بالنسبة لك فقد كانت عملية الغد من نصيبك...!!!
لم يكمل الشيخ حديثه إذا بندر يخر ساجداً وبعدها وقبل رأس الشيخ وقال ماهو الترتيب لها؟ قال الشيخ الآن سوف يأتي الاخوة ليشرحوا لك المهمة..
في هذه الاثناء كان الاخوة متواجدين في الخارج ودع الشيخ أبو مصعب الضرغام بندر...
ذهب بندر مع الاخوة ليشرحوا له طريقة العملية فالوقت متأخر جداً...!!!
كانت العملية جيب همر إمريكي قد غنمه الاخوة في احد المعارك قام الاخوة بحشوه بكميات كبيرة من المتفجرات...(1/48)
وتستهدف العملية موكب لعشرة من قادة إستخبارات الجيش الامريكي...
وبعد صلاة الفجر إتصل بندر بأهله وكانوا في احدى الاستراحات سلم يسأل عن أخبارهم وقد كان جميع أقاربه متواجدين مما أطال المكالمة ..
وبعدها أراد أن يكلم أبيه بعيداً عن الناس أبتاه أدع الله لي بالشهادة والإثخان فأنا متوجه بعد قليل لتنفيذ عملية إستشهادية..
أبوه كتم عبراته وقال نسأل الله أن يسددك ويتقبلك في من عنده و أن تكون شيفعاً لنا يوم الميعاد وأن يجمعنا بك في جنات النعيم...
هنا إنتهت المكالمة ولم يستطع أن يكون له نفس الحديث مع أمه إكتفى بكلمة بلغ أحر سلامي لأمي وجميع أخوتي..
إنتقل بندر إلى المكان الذي تم تجهيز الهمر فيه...
مزرعة صغيرة ذكرته بأصاحبه ورفاق دربه فهم اليوم قد إنضموا إلى المجاهدين وقويت شوكتهم..
نظر إلى السيارة وأبتسم فهذه منيته قد تحققت...
وهو في شوق ليمتطي ظهرها كاراً بها إلى الاعداء..
في هذه الاثناء دخل مجموعة من المجاهدين العائدين من غزوة البارحة فك الاسرى..
كان من بين الاسرى الذين تم فك أسرهم خالد سلم الاخوة على بعض وإلى الآن لم يبدد الصبح ظلام الليل...!
فالوجوه ليست واضحة سلم بندر على خالد ولم يعرفا بعض...!!!
ولكن الشيخ لم يكن معهم فالشيخ قد إستشهد في المواجهة التي على الحدود وأسروا خالد وهاهو اليوم يعود إلى أرض العزة بعد أن أخذ قسط من الراحة...!
ركب بندر السيارة ورفع صوته مودعاً المجاهدين وأوصاهم بسلوك هذا الدرب..
سار بندر وشعاع الشمس يداعب عيونه..
لقد كان هذا الصوت معروف عند خالد الصوت ليس بغريب وما علم بأنه صاحبه..!!!!
وفي مكان الترصد هاجت الذكريات بأبو تميم..
لا زال يذكر تلك الايام التي يضايق فيها بدر وخالد يتذكر بندر ذلك الفلم الذي كان له الاثر في تغير مساره...!!
لا يزال يعيش تلك اللحظات وهو يختم كتاب الله يذكر كيف كانت حياته سابقاً واليوم يتذكر الجامعة ومواقفها...(1/49)
بندر قد غاص في بحر الذكريات وأصبح يغط في سبات عميق لم يصحو إلا على نداء الاخوة له في الجهاز بأن أقدم يا أبى تميم...
هب ذلك البطل مسرعاً في صباح ذلك اليوم
هاهو ذلك الموكب الذي يضم مايقارب 15 سيارة توغل ذلك الاسد في وسط جموعهم حاولوا أن يتصدوا ولكن قد سبقهم البطل هز صوت الانفجار أرجاء بغداد..
تطايرت أشلاء عبّاد الصليب لم يسلم منهم أحد..
حطام مراكبهم قد تناثر في أنحاء الطريق..
سحاب دخان الإنفجار قد غيم على سماء بغداد راسماً أجمل معاني العزة..
نعم لقد وصل بندر إلى ذلك الهدف الذي طال إنتظاره فقد رحل أكثر أصحابه وعلى رأسهم شيخه
الشيخ أبو عبدالله وبدر وبلال وبقية أصحابه في "جيش المرابطين"..
واجه المخاطر وتجرع الأسى في سلوك درب المسير من أجل نصرة الدين والدفاع عن حرمات المسلمين..
واليوم ختم حياته بعدة تكبيرات إهتزت بعدها بغداد لهذه العملية البطولية...
رحل بندر مودعاً كل الصحاب مجموعته التي ظلت تترقب عودة قائدها ولكن لم يتأخر البطل عن منيته ..
رحل بندر بعد أن عانق خالد مودعاً وما علم أنه صاحبه ..
لسان حاله الملتقى الجنة....تمّت.
.:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:. .:.
تمّت في تاريخ1428/6/17هـ
أخوكم/همس الريشة أبو ياسر..
منتدى المعالي/العاصمة..
نسعد بتواصلكم على البريد التالي:
Fars1010@gmail.com(1/50)