كيف تؤمن مستقبل أسرتك ؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالخوف من المستقبل ومحاولة تأمينه قاسم مشترك بين المسلم والكافر والبر والفاجر والمرأة والرجل والكبير والصغير.
ولما كان كل إناء بما فيه ينضح فقد افترق المسلم عن غيره، فللمسلم شأن وللناس شأن. وقد كان للغربة والجهالة التي نعيشها أثرها الكبير في انحراف التصورات والتصرفات تبعاً لذلك حتى صار البعض كالمستجير من الرمضاء بالنار أو كالعير بالبيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول، نداوى الداء بداء آخر ونطلب الأمن من مكمن الخطر وننشد نتائج لم نأخذ بمقدماتها وإليك بعض هذه النماذج والصور.
التأمين على الحياة وتعاملات ربوية تأميناً للمستقبل!!!
انتشرت شركات التأمين هنا وهناك لما آنست من الخلق الخوف على المستقبل وقد ذهب أكثرية علماء مجلس المجمع الفقهي المنعقد بمكة المكرمة إلى أن التأمين حرام بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو العقارات أو على جزء من الإنسان كالحنجرة أو الساقين أو العينين وسواء كان ضد الحريق أو الحوادث.... وذلك لما ينطوي عليه من رباً وقمار وغرر، وهذا هو الذي ورد في فتاوى دار الإفتاء المصرية وأجاز التأمين التعاوني لأنه من عقود التبرع ولخلوه من الربا ولكونه من صور التعاون التي لا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة فيها.
ورغم حرمة التأمين التجاري فقد عمت به البلوى وأصبح من لوازم الحياة عند الكثيرين!!!! وقريب من ذلك ما يفعله الآباء عندما يضعون الأموال في البنوك الربوية على جهة التربح لضمان مستقبل الصغار ولا ندرى كيف يبارك في الحرام، والربا من شأنه أن يستمطر اللعنات والنقم على البلاد والعباد، قال - تعالى - (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (البقرة: 276)
وقال - تعالى - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه..ِ).
وفى الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - " لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ".
حصون المستقبل دمرها الكفر والانحراف
كان قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين والفراعنة و غيرهم من أصحاب الحضارات الزائفة التي أقيمت على أساس العبودية لغير الله، وآثارهم تدل على حرصهم على تأمين المستقبل وكانوا ينحتون الجبال بيوتاً فارهين ويبنون المصانع لعلهم يخلدون أقاموا الأهرامات والمسلات والقصور، فما الذي آل إليه أمرهم؟ يقول الله - تعالى -: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) (القصص: 58)
وما سبب الدمار الذي نزل بساحتهم؟ إنه الكفر والضلال، يقول - تعالى -: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً) (الطلاق: 8)
وإذا كنا نجد على مستوى الأفراد من يرتشي ويسرق ويغش لتأمين مستقبله ومستقبل عياله، فعلى مستوى الدولة نجد استيراد النظم والدساتير والمناهج المخالفة بزعم مواكبة تطور الحياة والأخذ بأسباب التقدم والتحضر!! وإيجاد المستقبل الآمن للأجيال القادمة، وما هي إلا مزاعم؛ فالمعصية سبب كل شر ودمار وما نزل بلاء إلا بذنب، وكيف نأمن على أنفسنا وقد ضيعنا ديننا وهل نستطيع أن نحصن أنفسنا أمام زلزال مدمر؟؟ وما الذي فعلته أمريكا أمام إعصار اندرو وفيضان الميسيسبي؟؟.
إضاعة النساء بزعم تأمين المستقبل لهن
نزعم الشفقة والحب لبناتنا والقيام على مصلحتهن وقد يتقدم الرجل للزواج فيتم السؤال عن عمله وراتبه ومسكنه...إلخ، وقد نقبله زوجاً ونحن لا ندري شيئاً عن عقيدته، وهل يصلي أم لا، وقد يكون مخموراً مقامراً وتثور بعد ذلك المشاكل والخلافات وإذا قيل للولي: لماذا لم تسال عن ديانة زوج ابنتك يقول: خجلت!!وهو لم يخجل عندما سأل عن الماديات!! ومن المعلوم أن من زوج ابنته من فاسق فقد قطع رحمها، وكانت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - تقول: النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يسترق كريمته. فالكفاءة ينظر فيها أول ما ينظر إلى الديانة والصلاح والحرص على طاعة الله وتعظيم حرمات الله، وكيف نأتمن تارك الصلاة على زوجة وأولاد؟.
كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يبعث لولاته ويقول لهم: ألا إن أهم أموركم عندي الصلاة، ألا لا حظ في الإسلام لمن ضيع الصلاة، ويقول: من ضيعها فهو لما سواها أضيع، وسئل الحسن: ممن أزوج ابنتي؟ فقال: زوجها التقي النقي فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يهنها. ومن صور الإضاعة السماح للبنات بالخروج متبرجات يختلطن بالشباب في المدارس والجامعات وأماكن العمل، وقد تستحث الأم ابنتها على إقامة علاقات مع الرجال طلباً للزواج!!! وقد تصل العلاقات المحرمة والتي يسميها البعض صداقة وزمالة إلى حد المعاشرة الزوجية أثناء الخطوبة وقبلها، ويتم ذلك بمباركة أهل المرأة أحياناً، بزعم جريان العرف بذلك!!!! أو حتى تنشأ المعرفة والحب قبل الزواج...
لقد أمر الشرع بالمباعدة بين الرجال والنساء حتى في أماكن العبادة فالمرأة تطوف بالكعبة من خلف صفوف الرجال وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها، وما ترك النبي - صلى الله عليه و سلم - فتنة أضر على الرجال من النساء، والمرأة مأمورة بالصيانة والتحفظ والتحجب والتستر والتباعد عن مواطن التهم والريب والشكوك، قال - تعالى -: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) قيل: كانت المرأة تسير متكشفة وسط الرجال،أو أنها كانت تظهر خصلة من خصلات شعرها، وقال - تعالى -: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن...) الآية وقال - جل وعلا -: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) ومن هنا تدرك خطورة دعوات تحرير المرأة ومحاولات جر المرأة المسلمة للتشبه بالمرأة الغربية، وما تنطوي عليه هذه المحاولات من إشاعة الفسق والفجور والتحلل في جسد هذه الأمة بزعم المحافظة على حقوق المرأة!! والسعي في إيجاد مستقبل مشرق وغدٍ آمن لها!!!.
إن فشل الكثير من حالات الزواج سببه هذه المقدمات الفاسدة؛ فلكل مقدمة نتيجة ومعظم النار من مستصغر الشرر، والخطبة مجرد وعد بالزواج والعلاقة فيها علاقة أجنبي بأجنبية، وطالما رآها وأعجبته، ورأته وأعجبها، عادت الحرمة كما كانت. والمرأة تطلب من وليها ولا يصح أن يتاجر بها وأن تصبح سلعة معروضة، ولا يجوز أن يستخف بعقلها بحيث تصبح فتنة لنفسها وفتنة لغيرها والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
الأمان الحقيقي في العمل بطاعة الله:
كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول لسعد بن وهيب خال النبي - صلى الله عليه و سلم - : يا سعد: ليس بينكم وبين الله نسب أنتم عباده وهو ربكم تنالون ما عنده بطاعته. فما عند الله من خير وبركة وسعة رزق وأمن وأمان لا نناله إلا باستقامتنا على شرع الله، وكان عمر بن عبد العزيز يقول: إن الأمان غداً لمن باع قليلاً بكثير ونافداً بباق، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين وسيخلفها من بعدكم الباقون وكذلك حتى تردوا إلى خير الوارثين.
إن الخوف على مستقبل ذريتك يدفعك دفعاً لتقوى الله قال - تعالى - (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً)، فتوكل على الله حق توكله؛ فلا سبيل لتحقيق الأمن والأمان هنا وهناك إلا بالعمل بطاعة الله: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) فهيا بنا نعمر الدنيا بطاعة الله ونقيم حضارة على منهاج النبوة ونؤمن المستقبل باستقامة لا عوج فيها.
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/357)
الرجل .. مودة ورحمة
فوزية الخليوي
دأبت وسائل الإعلام الغربية وبعضها من العربية على تصوير الرجل المسلم بصورة قاسية، همجية، جافة، لا تعرف الرحمة طريقها إلى قلبه، يتبعه نسوة من خلفه لا حول لهن ولا قوةّّ!! وهو تصوير ظني به امتداد للصورة الأولى المأخوذة للرجل الجاهلي، الذي لا يتورع عن دفن فلذة كبده وهي حية!!.
أما الزوجة فكانت إذا توفي عنها زوجها: دخلت حفشاً ضيقاً مبني من خوص أو غيره ولبست شر ثيابها ولم تمس طيباً حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة (حمار أو شاة أو طائر) فتمسح به جلدها فيموت ثم تخرج!!.
ويشهد لذلك قول عمر بن الخطاب في البخاري: " كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئاً، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأين لهنَّ بذلك علينا حقاً..".
ثم يأتي المنهج القولي والفعلي لنبي الرحمة مع زوجاته فكانت بحق:
محبةُ صدقٍ لم تكن بنتَ ساعةٍ ولا وُريت حين ارتفاد زنادها
ولكن على مهلٍ سَرت وتولدت بطول امتزاجٍ فاستقرّ عمادها
فها هي عائشة تحدث عن خديجة - رضي الله عنهما - أولى زوجاته فتقول: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة.. ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها..
ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت من قصب وكان يذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها!!
فلم يكفّ - صلوات الله وسلامه عليه - عن ذكرها والثناء عليها الحسن بانتهاء العلاقة الزوجية في الدنيا، بل ها هو يصل حتى صديقاتها معيداً إلى أذهانهن حُسن عشرتها معهنّ، ومردداً لطيب ذكرها على أفواههنّ!!.
ولا أدلّ أيضاً على صدق مودته ورحمته بنسوته من احتماله لزوجاته، وما يحدث بينهن من ارتفاع الصوت وخصومة! علاوة على ما يعانيه من معالجة للوحي وتدبير للأمة، وليس هذا لنقص فيه وحاشاه، ولكن لعلمه بما ركبَّه الله في المرأة من رقة الطبع وجيشان العاطفة!!
ثم يأتي أبو بكر الصديق الذي يتدفق رحمة، فكان بحق كما قالت عنه ابنته عائشة: "رجلٌ أسيف أي (سريع الدمعة)، لا يملك نفسه من البكاء إذا سمع القرآن".
ثم مع كثرة مشاغله لا يغفل أن يوصي الجيوش الإسلامية بعدم التعرض للنساء والأطفال والشيوخ بالقتل والإيذاء!!
ثم ما ظنك برجلين نهلا من معينه المعطاء، فعبد الله بن أبي بكر الصديق يقول في زوجته عاتكة عندما رأى والده أن من الأصلح له طلاقها لانشغاله بها عن الجهاد:
يقولون طلَّقها وخيّم مكانها مقيماً تمنى النفس أحلام نائمِ
وإن فراقي أهل بيت جمعتهم على كرهٍ منى لإحدى العظائمِ
ثم تتجلى الرحمة الأبوية عندما يسمعه قائلاً:
و لم أر مثلي طلق اليوم مثلها ولا مثلها من غير جرم تطلق
فيأذن له والده بإرجاعها!!
أما الخليفة عمر بن الخطاب، فقد خالطت رحمة الإسلام شغاف قلبه، وجعلته يفيض رقة، فعندما يتشفع الحطيئة عنده بهذه الأبيات:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
تفيض عيناه بالدموع!!
وعثمان بن عفان (ذي النورين) وهو جدير بهما، فحيي به رجلاً بلغ الحياء عنده مبلغاً عظيماً حتى استحت منه الملائكة!
فيحكي عن نفسه عند سماعه لخط رقية البضعة النبوية، لعتبة بن أبي لهب فيقول: دخلتني حسرة ألا أكون سُبقت إليها، ثم يشاء الله أن يتزوج بها بعد ذلك، فيضرب مثلاً رائعاً لجميع الأزواج بتقديره وحنوه عليها حتى في اللحظات الأخيرة من حياتها، فيمكث لتمريضها والقيام عليها، فيتخلف عن غزوة بدر! فيُكبر فيه النبي - صلى الله عليه و سلم - هذا الموقف الرائع ويضرب له سهماً!!
أما الخليفة الرابع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وهو من تقلب في كنف النبي - صلى الله عليه و سلم - شاباً يافعاً، نراه يزفر الحسرات زائغ النظرات، عندما يوسد البضعة النبوية وسيدة نساء العالمين فاطمة الهاشمية في قبرها قائلاً:
لكل اجتماع من خليلين فرقة وكل الذي دون الممات قليل
وإن افتقادي واحداً بعد واحد دليل على أن لا يدوم خليل
وما ظنك برجل عليّ أبيه وفاطمة أمه، والنبي صلوات الله عليه وسلامه جدّه! هو الشهيد الحسين بن علي حيث يصدح بها عالية حاكياً ما يعتمل في صدره من مودة لزوجته الرباب وابنتها:
لعمرك إنني لأحب دارًا تحل بها سكينة والربابُ
أحبهما وأبذل جلّ مالي وليس للائمي فيها عتابُ
ولست لهم وإن عتبوا مطيعاً حياتي أو يعلوني الترابُ
أما الراكب المهاجر أبو سلمة وقد استلقى على فراشه يعالج سكرات الموت وألم الفراق، وبجانبه زوجته أم سلمة تغالب الغصات وفاء بحقه حتى الممات، قائلة له: بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة، ثم لم تتزوج بعده إلا جمع الله بينهما في الجنة.
قال: أتطيعينني؟
قالت: ما استأذنتك إلا وأنا أريد أن أطيعك!
قال: فإذا مت فتزوجي، ثم قال: "اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلاً خيراً مني لا يؤذيها ولا يخزيها".
فلله درها من كلمات بلغ بها قمة الإيثار في لحظاته الأخيرة، عندما يطلب منها الزواج بغيره ثم يتبعها بالابتهال إلى الله أن يرزقها زوجاً لا يؤذيها، يريد الإيذاء الجسدي، ولا يخزيها يريد الإيذاء النفسي.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/358)
الحساسية الاجتماعية
الدكتورة رقية المحارب
هناك من يقول:إن الحساسية الاجتماعية من بعض الأمور هي السبب وراء تأخرنا وهي الشيء الذي يعوق تقدمنا الحضاري. وعند التعمق في المقصود بهذه الحساسية الاجتماعية وما هي هذه الأمور لا نجد تصريحاً بها، وكأن هناك تخوفاً من المجاهرة بها؛ لأنها – فعلاً - تتنافى ليس مع حساسية اجتماعية ساذجة، وإنما مع مسائل شرعية واضحة. وتبرز مسألة المرأة ثرية بالأمثلة في هذا الموضوع خاصة، فرفض الاختلاط، وانتقاد التبرج، والتأكيد على البعد عن الفتنة وعدم التبسط في الكلام مع الأجانب، ومصافحة الرجال للنساء كل هذا يعد - عند بعض الناس - حساسية اجتماعية مبالغ فيها!!
ليس عيباً أن يكون ثمة حساسية اجتماعية ضد المخالفات الشرعية، بل إن المشكلة أن تزول النفرة مما يخالف المقاصد الشرعية. وليس تقدماً في المجتمعات أن يداس على المبادئ والقيم والأخلاق الرفيعة، كما أنه ليس تأخراً حماية الهوية، وتأكيد الخصوصية في جانبها الشرعي الصحيح. هناك من يدعو إلى ترك الكلام عن الخصوصية - خصوصية البلد وخصوصية المجتمع - بحجة أن هذا لا يناسب عصرنا الذي انفتحت فيه الثقافات على بعضها، وحان وقت التعايش الذي يضع المجتمع نفسه على قدر المساواة مع الآخرين. وهنا خلط واضح؛ فإذا كان المقصود مجرد ذكريات أدبية، أو تغنّ بتراب، أو حماية لعادات وتقاليد لا تتفق مع مراد الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بل ربما تتعارض معها، فقد يقبل أن توضع على قدم المساواة. وإن كان الهدف هو التخلي عن قيم شرعية ومبادئ إيمانية، ووضعها بالتساوي مع تيارات منحرفة فهذا لا يقول به إلا فئة معروف انتماؤها ومكشوفة راياتها.
هناك - فعلاً - طائفة تخجل من انتمائها أمام الآخرين، وتود لو أنها ولدت بعينين زرقاوين وشعر أشقر لكن هذه مشكلتها هي وليست مشكلة المجتمع، وكان أن قامت بصبغ أفكارها باللون الأشقر؛ امتثالاً لقول القائل: فليسعد القول إن لم يسعد الحال!
إن تربية روح الاعتزاز بالدين أمر ينبغي أن نتبنّاه جميعاً في أحاديثنا مع أولادنا من حين لآخر، وبدلاً من سرد حكايات قبل النوم للأطفال لا تخدم أهدافاً تربوية فإن زرع هذه المفاهيم التي من أبرزها: التعريف بالانتماء الحقيقي، والاعتزاز بالهوية واللغة أمر مهم، ولا نمل من تكرار هذه المفاهيم وغيرها بمختلف الوسائل واغتنام الفرص المتاحة.
http://www. islamtoday. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/359)
الحياة الزوجية الناجحة فن يحتاج إلى تدريب
حوار مرتضى عبد الله
سؤال1: الأستاذ / محمد رشيد العويد بصفتكم من المتخصصين في العلاقات الأسرية؛ كيف ترون ملامح التغير الذي شهدته الأسرة المسلمة خلال السنين الأخيرة، وهل يقلقكم هذا التغيّر كما يقلق آخرين؟
جواب1: التغيّر السلبي الذي شهدته الأسرة المسلمة في العقدين الأخيرين محزن ومقلق لي دون شك كما يقلق كثيرين. وإذا لم يحمل المسؤولون هم هذا التغيّر، ويعملوا على إصلاحه، فإن النتائج الخطيرة ستزداد عدداً وخطراً.
ولقد استبشرت خيراً حين بادر المسؤولون في دولة قطر إلى إقامة مجلس أعلى للأسرة، يهتم بشؤونها ويعمل على إصلاحها، ويبذل من أجل استقرارها وعافيتها. وتبعتها البحرين التي أنشأت أيضاً مجلساً أعلى للأسرة.
هذه المجالس العليا للأسرة ينبغي أن تقام في كل بلد، ويهتم بها المسؤولون على أعلى مستوى، وتوفر لها الإمكانات المادية وغير المادية، وإلا فإن الخسارة جسيمة وعظيمة، خسارة اجتماعية واقتصادية وتربوية.
وأرى أن يكون من مهام هذه المجالس العليا للأسرة ما يلي:
- إضافة مقرر دراسي إلى مقررات المرحلة الثانوية يكون فيه ما نعد به الشباب والبنات للزواج، ومقرر آخر في جميع الكليات الجامعية التي ترعى النشء، فتقيم لهم النشاطات وتنظم لهم البرامج، وتصطحبهم في الرحلات، وتقوم خلال ذلك كله بتوجيههم وتعليمهم وتربيتهم.
- مراقبة ما يعد للعرض في القنوات التلفزيونية من مسلسلات وأفلام بحيث يراعى ويصحح ما يعرض من تصوير خاطئ للتعامل بين الزوجين على أنه هو الصواب.
- إعداد برامج إذاعية تلفزيونية تشرح للمتزوجين التعامل الأمثل بينهم، وتصحيح الأخطاء الشائعة في تعامل الأزواج.
- تنظيم دورات ينتظم في حضورها جميع المقبلين على الزواج.
سؤال2: يلاحظ التربويون تزايد عدد وفاعلية المؤسسات المنافسة للوالدين في التأثير على أبنائهما إلى درجة نخشى معها تآكل الدور التربوي لهما، كيف يمكن في ظل هذه المعطيات - أن نحافظ على دورنا في تربية أبنائنا كما نريد لا كما يريد الآخرون؟
جواب2:أحب أولاً أن أشير إلى أنه ليس جميع المؤسسات التربوية مناسبة للوالدين، إذ إن هناك مؤسسات مكملة لدورهما، وجابرة لتقصيرهما، وخاصة تلك اللجان والجمعيات الإسلامية التي ترعى النشء، وتنظم لهم البرامج، وتصطحبهم في الرحلات، وتقوم خلال ذلك كله بتوجيههم وتعليمهم وتربيتهم.
أما الإجابة عن سؤالك: كيف نحافظ على دورنا في تربية أبنائنا كما نريد لا كما يريد الآخرون، فبإدراكنا، نحن الآباء والأمهات، أن تربيتنا أبناءنا مقدمة على أي عمل آخر، وهي عملية جليلة ينبغي ألا نضن عليها بالوقت والاهتمام اللذين نبذلهما رخيصين في أعمال كثيرة لا تستحقها.
وهؤلاء الآباء والأمهات يحتاجون ما أشرنا إلى حاجة الأزواج إليه في الإجابة عن السؤال السابق من برامج إعلامية ودورات تدريبية.
سؤال4:العلاقات الزوجية الناجحة هل هي فطرة أم فن يكتسب؟ وهل تعتقد أننا نعد أبناءنا وبناتنا ليكونوا أزواجاً ناجحين؟ وكيف ننجح في ذلك؟
جواب4:قد يكون للفطرة دور في إنجاح العلاقات الزوجية.. ولكن بنسبة لا تزيد عن عشرين أو ثلاثين في المائة، وكثيراً ما لا تتجاوز نسبة دورها العشرة في المائة. بينما أرى أن كونها فناً مكتسباً لا يقل دوره عن سبعين في المائة، وقد يتجاوز التسعين في المائة في أحايين كثيرة.
وأصل إلى الجزء الثاني من سؤالك فيما إذا كنا نعد أبناءنا وبناتنا ليكونوا أزواجاً ناجحين لأقول: للأسف الشديد فإن قليلاً جداً من الآباء والأمهات يعدون أبناءهم لذلك، بل حتى هؤلاء الذين يعدون أبناءهم للزواج لا يتجاوز إعدادهم لهم إرشادات عاجلة وتوجيهات عابرة، بينما الزواج حياة مشتركة تحتاج أن يفهم كل من الزوجين نفسية الآخر فهماً مفصلاً دقيقاً، وكيف يتعامل إزاء كل تصرف يصدر عن صاحبه وكل كلمة ينطلق بها لسانه.
أما كيف ننجح في ذلك فبشرح كل ما ينبغي بيانه للأبناء والبنات عن طبيعة الحياة الزوجية، وما تحتاجه إلى صبر طويل وكبير، وأنها مسؤوليات وواجبات قبل أن تكون لذائذ وبهجات، ومتعاً ومسرّات، وأن الأجور الأخروية المترتبة عليها عظيمة وجزيلة.
ويحسن بالأب ألا يدع موقفاً في حياته إلا ويجعل منه إضاءة لابنه، فحين يُسمِعُ أُمَّه كلمة طيبة، يقول لأبنه: المرأة يا ولدي تحتاج ثناء زوجها عليها وتقديره لها.. فلا تبخل بعد أن تتزوج بالكلمات الطيبة تسمعها زوجتك.. وكذلك الأم لا تفوت موقفاً دون أن تجعل منه مناسبة لتوجيه ابنتها، فمثلا إذا ما حرصت على التعجيل في إعداد طعام الغداء قبل وصول زوجها تلتفت إلى ابنتها قائلة: الرجال يا ابنتي يحبون أن يجدوا طعامهم جاهزاً فور عودتهم إلى البيت.. ويحبون أن يجدوا زوجاتهم في استقبالهم وغير مشغولات عنهم بأي عمل.. وهكذا.
سؤال5:القلق والتوتر من سمات العصر وأدوائه في آن.. فهل من وصفة لكل زوجين لتجنب هذا الداء؟
جواب5:أول كبسولة أو حبة دواء في هذه الوصفة هي التوكل على الله - سبحانه - حق توكله، قال - سبحانه -: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)، ذلك أن توكل الزوجين عليه - سبحانه - يثمر ثمرات كثيرة منها الرضا والتسليم والزهد وهي جميعها من كبسولات هذه الوصفة.
حبة الدواء الثانية في هذه الوصفة هي الرضا والتسليم، والتسليم كما يعرفه ابن تيمية - رحمه الله - نوعان؛ الأول: الرضا بفعل ما أُمر به وترك ما نُهي عنه، والثاني: الرضا بالمصائب كالفقر والمرض. أي أنه يرضى بما أصابه من المصائب، لا بما فعله من المعايب، فهو من الذنوب يستغفر، وعلى المصائب يصبر. قال - تعالى -: "فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك" فجمع بين طاعة الأمر والصبر على المصائب.
ومن ثم فإن الزوجين الراضيين ناجيان مما يصيب الناس من توتر وقلق بسبب الجري المحموم وراء الدنيا، والحزن الممرض بسبب فوات بعض ما فيها. يُروى عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه كتب لأبي موسى الأشعري "أما بعد، فإن الخير كله في الرضا؛ فإن استطعت أن ترضى، وإلا فاصبر".
سؤال6: تزداد حاجة الشباب إلى الزواج في عصر الإنترنت والفضائيات لإحصانهم في مواجهة موجة العُرىِ التي تجتاح العالم، فيما تزداد العراقيل أمام سعي هؤلاء الشباب للزواج حتى غدا حلماً.. هل من حل لهذه المعضلة؟ كيف يواجه الشباب هذه الفتن؟
جواب6:لا حل عملياً إلا بالزواج وتيسير سبله أمام الشباب، وتيسير السبل مسؤولية ينبغي أن يؤديها اثنان: الآباء، والمسؤولون في كل بلد. فالآباء مدعوون إلى إلغاء اشتراطاتهم الكثيرة والمتشددة أمام الشباب الذين يخطبون بناتهم، والمسؤولون في الدولة مدعوون إلى توفير السكن وقروض الزواج للشباب عوناً لهم على التعجيل في الزواج. وهذا ما قام به مسئولون في عدد من بلدان المسلمين - جزاهم الله خيراً - حين وفروا المساكن ومنحوا قروضاً للمتزوجين، بل منحاً في بعض الأقطار.
ومن جانب آخر فإن على الشباب ألا يحرصوا على إقامة حفلات الزواج التي ينفقون عليها كثيراً، حتى ولو كانوا قادرين مالياً، من أجل أن نوقف هذا التسابق والتنافس غير المحمودين في هذه الحفلات. وما أجمل أن يتصدق القادرون مالياً بتكاليف الحفلات على شباب غير قادرين على الزواج.
أما مواجهة الشباب لهذه الفتن – إذا لم يستطيعوا الزواج - فأراها في استغلال الوقت فيما يفيد وينفع من عمل أو مطالعة أو غيرهما، وسيتحسرون كثيراً بعد الزواج على هذه الأوقات التي ستصبح قليلة.
سؤال7: الآباء والأمهات مازالوا أسرى نصائح الأقارب في تربية أبنائهم هل من سبيل لإعداد هؤلاء الآباء والأمهات وتدريبهم على هذا الدور المهم؟
جواب7:السبيل إلى ذلك يتحقق عبر طريقين فيما أرى:
1 - دورات تدريبية للآباء والأمهات تنظم لهم في أوقات مناسبة وفترات قصيرة.
2 - برامج تلفزيونية يومية ذات مادة علمية يفهمها كل أب وأم مهما كانت درجة تعليمهم، تشرح لهم كيف يوجهون أبناءهم وبناتهم ويربونهم ويعلمونهم. وتفسح هذه البرامج المجال رحباً أمام أسئلة المشاهدين المختلفة واستشارتهم في أساليب التربية العلمية.
سؤال8:اختطفت وسائل الإعلام عقول بعض من فتياتنا - ونسائنا أيضاً - وصبت فيها من المفاهيم والتصورات ما يثير الشكوك في قدرة هذا الجيل من الفتيات على تربية جيل من الأبناء يواجه تحديات الأمة. فكيف السبيل إلى تحرير هؤلاء النسوة من أسر هذه المفاهيم والتصورات؟
جواب8:السبيل بوسائل الإعلام نفسها، ووسائل الإعلام التي اختطفت عقول بعض من فتياتنا ونسائنا هي سبيلنا إلى تحريرهن من أسر تلك المفاهيم والتصورات، لأنها تدخل كل بيت، ويتابع ما يبث فيها من برامج ومسلسلات وأفلام ملايين النساء والفتيات.
وهذا أمر ليس سهلاً دون شك، ويحتاج إلى إنتاج برامج وأفلام ومسلسلات تقدم تصورات إسلامية تصحح تلك التصورات الخاطئة والمفاهيم المغلوطة، ويحتاج إلى تأمين بثها عبر القنوات الفضائية التي تدخل أكثر البيوت.
ولا أنكر دور الصحافة المقروءة، وما تقوم به المجلات النسائية من تسطيح اهتمامات المرأة، وتهميش رسالتها، ونحمد الله أن صدرت في الآونة الأخيرة مجموعة من المجلات التي صارت تقوم بعملية التصحيح المطلوبة، مثل مجلة "الأسرة" و"الشقائق" و"مؤمنة" التي تصدر مع مجلة "النور" و"الفرحة" و"حياة" و"تحت العشرين" و"الفتيات" وغيرها.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ضيفنا في سطور:
- ولد في حلب بالجمهورية العربية السورية، تخرج من قسم اللغة العربية وآدابها من جامعة حلب عام 1971م، وحصل على دبلوم في التربية من جامعة دمشق 1972م، ودبلوم الدراسات العليا من جامعة عين شمس في القاهرة عام 1974م.
- عمل مديراً لتحرير عدد من المجلات الأسبوعية والشهرية في دولة الكويت، ويعمل الآن مديراً لتحرير مجلة "النور" و"مؤمنة" منذ صدورها في عام 1983م.
- يحرر ابواباً ثابتة في عدد من الصحف والمجلات، منها "الأسرة" و "العالم الإسلامي" ويكتب في "الفرحة" و "المجتمع" وغيرها.
- صدر له اثنان وخمسون كتاباً أكثرها عن الأسرة والمرأة، ومن كتبه عن العلاقة الزوجية "الزوج المثالي"، "حوار مع أختي الزوجة" "قالت لي زوجتي"....
- نظم عدداً من الدورات التدريبية في الوفاق الزوجي.
http://www. islamtoday. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/360)
الزواج والمجتمع
محمد براء رضا
صوت الزغاريد والأهازيج تنطلق معبرة عن الفرح ومؤذنة بمولد أسرة جديدة و يبدأ شهر العسل الذي يتمناه كل فتى وفتاة.. وهنا نقف لنتساءل كيف يا ترى تم هذا الزواج.. هل تم بتلك البساطة؟!..
إننا نعيش زمنا أصبح فيه الزواج مسألة فيها نظر!!. فبعد أن كان الناس في السابق يعدون الزواج مسؤولية اجتماعية يساهم فيه جميع أفراد المجتمع، ويقدمون للعرسان المساعدات المعنوية والمادية ويذللون المصاعب بجميع أشكالها، حتى غدا الزواج عملية شبه روتينية وغير معقده، نجد أن الناس اليوم أصبحوا يتفننون في وضع العقبات و العراقيل، وبدا الكثير من شبابنا يعزفون ن مجرد التفكير في هذا الأمر، ولا أدل من ذلك ارتفاع سن الزواج وانتشار العزاب والعوانس بل و تفشت ظاهرة الزواج العكسي (الطلاق)..
ومما يؤسف له أن يعود السبب في ذلك كله إلى أمور مادية ومتطلبات شكلية، حيث أصبحت شروط الزوج الصالح اليوم كما يلي..
وظيفة مرموقة – جيب لا ينضب – سيارة لا تضاهى – بيت لا يوصف – أثاث لم يحك عن مثله – حفلة عرس كما في الأساطير – زفة ولا في الأحلام – شهر عسل لم تنقل عن مثله الأخبار..
بالله علينا هل يعقل هذا؟
الحق كل الحق مع كل شاب لا يقدم على الزواج فهو إن أراد أن يحقق كل تلك المتطلبات أو حتى بعضها، فأمامه مصدران:
فإما أن يكون من كيس والده، وإما أن يكون من كيسه
فالأول غير مضمون، فليس كل الآباء مقتدرين، ثم هل يقدرون على تزويج جميع أبنائهم؟!..
وأما الثاني فلم يعد متوافرا، فمن أين للشباب ذلك المصدر المناسب، إذا كان العاطلون عن العمل في تزايد، والموظفون لا يكاد يكفيهم ما يحصلون عليه لاحتياجاتهم الخاصة، هذا إذا لم يكن لديهم ارتباطات أسرية
إذا فما الحل..؟
لنتمعن قليلا في حديث الرسول - صلى الله عليه و سلم - إذ يقول: " أكثر النساء بركة أيسرهن مهرا " وقوله - صلى الله عليه و سلم - " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواجد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "..
ففي الحديث الأول دعوة إلى عدم المبالغة في المهور وترتيبات الزواج، وهذه مسؤولية تقع على أولياء الأمور جميعا.
وأما الحديث الثاني: وهنا محل الشاهد ففيه تجسيد نبوي كريم لطبيعة العلاقة التي تربط بين أفراد المجتمع المسلم، المأمور بالتعاون والتآزر، ومن ذلك ما يتعلق بأمور الزواج، وهي من أهم القضايا و أخطرها التي يعنى بها المجتمع المسلم
إذا لماذا يكون الزواج مسؤولية فردية؟!.. في حين أنه في الحقيقة لبنة تضاف إلى المجتمع، إن على المجتمع بجميع أفراده و شرائحه أن يتحملوا جزءا من التكاليف المعنوية والمادية لأي زواج، فنحن مدعوون لإنشاء مؤسسات اجتماعية مسئوليتها الأساسية تقديم المشورة لكل من يريد الزواج من بداية البحث عن الشريك مرورا بحفلات الأفراح، مع تقديم الدعم المادي والمعنوي، وتوفير الظروف المناسبة و تساهم في حل المشكلات التي قد تنشأ، ويكون هناك تمويل صندوق تلك الجمعيات جميع أفراد المجتمع
فمتى تعي مجتمعاتنا أن مسؤولية أفرادها لا تنحصر فقط بين جدران منازلهم؟!..
http://www.sahwah.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/361)
الخيانة الزوجية والمختصين ( 1 )
الجانب الشرعي للخيانة الزوجية:
يتحدث عن هذا الجانب الدكتور (عيسى زكي) الباحث في إدارة تنمية واستثمار الموارد الوقفية فيقول:
مفهوم الخيانة الزوجية المنتشر بين الناس حالياً هو في الحقيقة مفهوم قاصر جداً، فالمفهوم الخاطئ المنتشر بين الناس يعتبر أن الخيانة الزوجية هي المقصورة على الزنا أو علاقة الزنا بين الزوج أو الزوجة وشخص أجنبي أو امرأة أجنبية، أي إنهم لا يتصورون الخيانة إلا في شكلها المادي القائم على علاقة جنسية بين زوج وامرأة أجنبية أو زوجة ورجل أجنبي.
أما مفهوم الخيانة الزوجية التي نحن بصدد الحديث عنها، والمفهوم الذي نود تصحيحه للناس بشأن هذا الموضوع: أن مفهوم الخيانة الزوجية شرعاً يشمل كل علاقة غير مشروعة تنشأ بين الزوج وامرأة أخرى غير زوجته أو العكس فهي تعتبر علاقة محرمة سواء بلغت حد الزنا أو لم تبلغ، ويشمل هذا: المواعدات واللقاءات والخلوة وأحاديث الهاتف التي فيها نوع من الاستمتاع وتضييع الوقت بل حتى الكلام العابر واللقاءات التي تجري على سبيل العشق والغرام.
هذا المفهوم الواسع للخيانة يجعل مفهومها أكثر دقة، لأننا لو بدأنا بمعالجة قضية الخيانة فقط بعد أن تصل إلى حدها الأقصى وهي جريمة الزنا، نكون كالطبيب الذي يعالج المريض بعد أن يصل لحالة ميئوس منها، لكن الشريعة الإسلامية جاءت فحرمت الزنا لكن ليس الزنا فقط بمعناه المباشر بل حرمت طرقة والسبل التي تؤدي إليه من باب سد الذرائع كالخلوة بالمرأة الأجنبية، والنظرة غير المشروعة لغير الحاجة وكذلك حرمت كشف العورات لأنها جميعها سبيل للزنا.
إذاً حينما نريد معالجة الخيانة ينبغي أن نعالجها في أول مظاهرها ومن أصغر أشكالها، وليس بعد أن يستفحل الأمر ويصل إلى حده الأقصى وهو الزنا.
حكم الخيانة الزوجية:
تعتبر من أكبر المحرمات وكبيرة من الكبائر وإحدى السبع الموبقات، حتى إنه حينما بين الرسول - صلى الله عليه و سلم - في الحديث الشريف آيات المنافق أوضح من بينها أنه إذا أؤتمن خان بغض النظر عن نوع هذه الخيانة.
وكذلك الزوجة أيضاً راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها وهي زوجها وأبناؤها فإذا ما ارتكبت جريمة الزنا أو خطت أولى الخطوات في طريقها تعتبر خائنة لأمانة الرعاية.
ثبوت الجريمة:
والخيانة الزوجية كجريمة ينبغي أن تنطبق عليها شروط شرعية كي تكتمل أركانها، وهذه الشروط هي العناصر المادية التي ينبغي توافرها في أي جريمة كالعمل: أي النية المسبقة للخيانة/ أداة الجريمة، إن الإثبات المادي للجريمة كوضع للتلبس أو أحاديث الهاتف المسجلة، وما إلى ذلك.
فإذا ما اكتملت أركان الخيانة (الزنا) بالأدلة المادية بالبينة أو بالإقرار، ووصلت إلى علم الحاكم حكم على المتزوج أو المتزوجة بالرجم حتى الموت وهي عقوبة شديدة تتناسب وحجم الجرم الذي ارتكب، أما إذا لم تكن الجريمة قد اكتملت أو وصلت إلى حدها الأقصى (الزنا) فلها عقوبة تعزيزية يقدرها القاضي.
اللِعَان:
وعند ما يترجح لدى الزوج زنا زوجته دون أن يقدر على إثبات ذلك فقد أوجد الشرع الحنيف مخرجاً لهذا الزوج حتى يحمي نفسه من أن ينسب إليه من هو ليس من صلبه من الأبناء، فإذا علم يقيناً أن زوجته تخونه وهي لا تقر بجريمتها، فله أن يلجأ إلى اللعان، ويكون أمام القاضي.
فإذا ما تم التلاعن بينهما حكم القاضي بالتفريق فيما بينهما مدى الحياة، ولا يحل للزوج أن يتخذها زوجة أبداً بعد ذلك وفي الوقت ذاته لو وضعت الزوجة طفلاً فإنه لا ينسب إلى الزوج وإنما ينسب للفراش ويحق له أن يرث أمه بعد وفاتها.
الجانب القانوني:
وعن الجانب القانوني للخيانة الزوجية يتحدث المحامي إبراهيم الكندري فيقول: إن مشكلة الخيانة الزوجية هي أبرز المشاكل التي تواجه المجتمع الكويتي على مستوى العلاقات الشخصية، والتي تصل إلى معدل أعلى منه في باقي الدول العربية، باعتبار أن الكويت مجتمع مفتوح، وفيه العديد من الجنسيات المختلفة والكثير منها غير عربي.
والخيانة الزوجية تتأرجح اختلافاً بين الشرع والقانون من حيث أركان ثبوتها وعقوبتها، وإن كانا متفقين على تعريفها فالجناية هي مقارفة جريمة الزنا التي تعني كل اتصال جنسي أو معاشرة جنسية بين شخص متزوج وشخص آخر أياً كان هذا الشخص، وأياً كان نوع هذا الاتصال الجنسي، فالقانون يجرمه ويوقعه تحت طائلة قانون العقوبات، والقانون يشترط لاكتمال أركان جريمة الزنا أن يتم ضبطها في حالة تلبس أو اعتراف أو ثبوت من واقع شهادة الشهود والمعاينة والفحص والتحليل في حالة عدم التلبس، أو الاعتراف، أما إذا لم يحدث ضبط تلبس بالجريمة ولم يعترف المتهم أو المتهمة، وسقط أحد أركان دعوى الزنا فلا يكون هناك جريمة قانوناً يحاسب عليها الجاني قانوناً.
كما يستطيع الزوج أو الزوجة المجني عليه أو عليها، أن يتنازل عن حقه في مقاضاة الطرف الجاني حفاظاً على الأولاد والسمعة والشرف ودرءاً للفضائح، بشرط أن تستأنف الحياة الزوجية بينهما مرة أخرى، سواء أتم هذا التنازل في بداية إجراءات التقاضي أم أثناء السير في إجراءات دعوى الزنا، كما يستطيع الطرف المجني عليه أن يرفع العقوبة على الطرف الجاني حتى ولو صدر حكم نهائي في الدعوى إذا قدم ما يثبت قيامهما بالمصالحة بالشرط السابق ذكره وهو استئناف الحياة الزوجية فيما بينهما..
وواقع الأمور، والقضايا يثبت أن الزوج هو بالطبع الأكثر خيانة من الزوجة، بحكم العادات والتقاليد والأعراف التي تحد من حجم الحرية الممنوحة للمرأة الشرقية العربية التي بحكم طبيعتها تكون الخيانة هي آخر ما يمكن أن تفكر فيه كزوجة وذلك كقاعدة عامة ولكل قاعدة شواذها كما نعرف.
غياب الوازع الديني :
وبرغم مشروعية الجمع بين زوجتين أو أكثر في الشريعة الإسلامية السمحاء، إلا أنه عند غياب الوازع الديني نجد أن الكثير من الأزواج يكتفي بواحدة، ويتصل جنسياً بمن يشاء من بائعات الهوى حينما يرغب في ذلك، أو يتخذ له صديقة أو رفيقة معينة.
ومن المفارقات والأحكام العجيبة الموافقة لشرع البشر وأهوائهم أنه وحسب القانون الفرنسي (المأخوذ منه قانون الجزاء لدولة الكويت) يحق للزوج أن يقتل زوجته ومن معها حال ضبطه إياها متلبسة بارتكاب جريمة الزنا، وتخفف عقوبته من السجن المؤبد إلى السجن لمدة ثلاثة سنوات كحد أقصى، أما إذا حدث العكس وضبطت الزوجة زوجها متلبساً بارتكاب جريمة الزنا ولو في فراشها وقتلته فإنها تعاقب كما لو كانت قد ارتكبت جريمة القتل العمد لأي سبب من الأسباب، ودون أي تخفيف أو تقدير للسبب الداعي للقتل..
الشك والتحقيق والتثبيت :
وفي بعض الأحوال قد تكتمل أركان جريمة الزنا في غير حالة التلبس، وتكون الأدلة دامغة ومحكمة بشكل لا يثير الشك في كون الجريمة قد ارتكبت بالفعل، لكنها تثير ريبة القاضي وعدم اطمئنانه وتجعله يستشعر أن المتهمة بريئة، فيما لو كانت هي الطرف الجاني - وأن تلك الجريمة لم ترتكب من الأساس.
فإذا اتهم الزوج زوجته باقتراف جريمة الزنا ولم يضبطها متلبسة ولم تعترف، أو حتى لو اعترفت، فلكي لا يكون هناك مجال في كون هذا الاعتراف وقع تحت ضغط أو إكراه، تفحص الزوجة ويؤخذ منها عينة فإذا وجدت حيوانات منوية داخل رحمها غير الخاصة بزوجها اعتبر هذا دليلاً على ارتكابها لجريمة الزنا وكأنها حالة تلبس وإلا فمن أين جاءت؟
أما إذا ثبت الفحص خلو رحمها من أي سوائل أو حيوانات منوية تخص شخصاً آخر غير زوجها، كان هذا دليلاً على براءة الزوجة من تهمة الزنا حتى وإن وُجدت آثار منوية على ملابسها من الخارج، فأي شخص يمكنه إلقاء سائل منوي على الملابس الخارجية دون أن تشعر الزوجة أو المرأة، وبالتالي يحتمل أن يكون هناك من يريد الكيد لها.
إذن فلكي تكتمل أركان قضية كالخيانة لابد وأن لا يكون هناك أي شائبة يحتمل معها إيقاع الظلم بأحد بواسطة التحليل الطبي الدقيق، إلا أن الرجل أيضاً في حالة توجيه تهمة الزنا إليه يخضع لفحص طبي وتسحب عينة منه يتبين منها بواسطة الفحص ما إذا كان قد مارس عملية اتصال جنسي منذ وقت قريب أم لا.
وكما سبق القول فإن القاضي إذا شك ولو بمقدار ذرة في صحة شيء ما في القضية ولم يطمئن فإنه يطبق فوراً قاعدة (الشك يفسر لصالح المتهم)، ويحكم فوراً بالبراءة، فليس هناك وسطية في قضايا الزنا، فإما الجاني زانٍ وإما هو ليس زانياً، ويكون الحكم في تلك الحالة استرشاداً بروح القانون وليس بنصه الجامد، أما الشريك فبعقوبة لا تتجاوز خمس سنوات.
الآثار القانونية للخيانة الزوجية:
أما بالنسبة للأثر القانوني لخيانة الزوجة لزوجها، فيتمثل في سقوط حقها في المتعة وبقية حقوقها كمؤخر الصداق ونفقة الخادم ولا تأخذ إلا نفقة العدة فقط، والتي لا تسقط بأي حال ومدتها ثلاثة قروء - أي ثلاث حيضات - ، وبالنسبة لأولادها يسقط حق حضانتها لهم إذا كانوا في سن التمييز بين الخطأ والصواب، ولا تحتفظ إلا بالطفل الذي هو دون العامين والذي لا يستغنى عن خدمة النساء في الطعام والنظافة، ولا يستطيع تمييز ما تفعله أمه.
أما الزوج الزاني الذي تثبت عليه جريمة الزنا، فتستطيع الزوجة رفع دعوى طلب الطلاق منه للضرر، فليس هناك أشد ضرراً للزوجة من الخيانة، وفي تلك الحالة تستحق نفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر صداقها، وكذلك تعويضاً عما أصابها من الضرر المعنوي.
ـــــــــــــــــــ(111/362)
أدب الاختلاف ضمانة لأسرة متماسكة
م. عبد اللطيف البريجاوي
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)).
((إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته))
ما زلنا نبحث عن وسائل متعددة لإصلاح الأسرة المسلمة هذه الأسرة التي هي مفتاح الهزائم ومفتاح الانتصارات.. فبقدر ما تكون قريبة من الإسلام فإنها تكون سعيدة منتجة وبقدر ما تكون بعيدة عن الإسلام تكون شقية متفرقة.
نذكر اليوم:
تعليم الأولاد أدب الاختلاف ضمانة لأسرة متماسكة:
يشكو كثير من الآباء الشجار المتكرر بين أولادهم، وأنه ما إن يخرج من البيت حتى يسمع صوت أولاده قد وصل إلى الشارع ويسمع صوت زوجته وهي تصيح عليهم، وربما يرى الشجار بينهم بأم عينه فلا يعلم كيف يوفق بينهم وكيف يجمعهم وكيف يزيل الشقاق بينهم؟!
إن هذا الشجار الذي يقع في البيت المسلم إنما هو صورة مصغرة لما يقع في المجتمع المسلم بين الأفراد وبين الدول.
فإذا كان الله قد وصف المؤمنين بأنهم إخوة فقال - تعالى -: " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون " (10) الحجرات.
فهذا يعني أنهم يعيشون في بيت واحد لكنه كبير بعض الشيء وهو المجتمع بأكمله، ومع هذا الوصف الذي وصفه الله للمؤمنين بأنهم أخوة لكن كثيرا منهم لم يحققوا هذه الأخوة على واقع الأرض بل استبدلوها حقدا وحسدا حتى صار شعار العالم الإسلامي:
نقذف نشتم نتشاجر نحسد نبغض نتفاخر وكل منا يتهم الآخر
إن المشاجرة بين الأبناء في البيت الواحد مشكلة كبيرة جدا قد تؤدي في بعض الأحيان إلى التفكير السلبي بأن يؤذي الأخ أخاه ويكيد له كيدا وقد ذكر الله - سبحانه وتعالى - كيف كاد أخوة يوسف لأخيهم حتى أنهم باشروا العمل وألقوه في غياهب الجب قال - تعالى -: " فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون "(15) يوسف.
لذلك كان لزاما على الآباء أن يتعلموا كيف ينقلون أبناءهم من هذه الحالة السلبية إلى حالة أخرى أقل سلبية وأكثر إيجابية وهذا يكمن في أساليب كثيرة منها تعليم الأولاد أدب الاختلاف واحترام الآخر وهو موضوع مهم جدا في العلاقات الأسرية والاجتماعية.
ومعنى أدب الاختلاف ببساطة: أن أحترم الذي أمامي بما يقول ويطرح ويفكر وأن أنطلق في محاورته من نقاط الاتفاق لا من نقاط الخلاف.
لذلك كان الفقهاء يقولون كلامنا صواب يحتمل الخطأ. تأكيدا منهم على قبول الرأي الآخر واحترامه.
إن أدب الاختلاف عبادة لله - سبحانه - لأنه طاعة لله وطاعة للرسول الكريم - عليه السلام - وليس هناك أوضح دلالة من الآيات والأحاديث في ذلك.
فلا بد أن نعلم أولادنا منذ صغرهم أدب الاختلاف وإقناعهم بأننا لا يمكن أن نسوق العالم كله لأفكارنا دون أن نعطي للطرف الآخر إبداء ما عنده وحرية التفكر والتصرف، والتركيز على هذا الأدب ضمانة أكيدة لأسرة متماسكة فالذي يخالفني في الرأي هو أخي واستيعاب هذا الخلاف عبادة لأن النبي - عليه السلام - كان يستمع تماما إلى ما يقوله المشركون ثم بعد ذلك يعرض عليهم الإسلام ويناقشهم ويحاورهم دون حديات جازمة.
إننا بتعليم أولادنا هذا الأدب نجتنب نقطتين مهمتين:
الأحادية: فينشأ الطفل وهو يعلم أن كلامه ليس نهائيا إنما قابل للمناقشة والحوار ولا بد له من تقبل الآخر.
تجنب الصراخ والشجار: فالذي يظن أنه ضعيف بفكرة يستعيض عنها بالصراخ وربما القوة العضلية.
إن الاختلاف هو سنة الله في عباده لكن يجب أن نعلم أن الاختلاف شيء والتنافر شيء آخر، لذلك لابد أن نعلم أولادنا كيف نختلف والأدب الضابط لذلك.
ويجب أن نعلم أيضا أن الشجار والتنافر بين الأولاد في البيت له أسباب عديدة ومن هذه الأسباب:
1 – الغيرة والتفضيل بين الأولاد.
2 – انشغال الآباء عن أولادهم.
3 – شجار الأبوين أمام أولادهم.
4 – عدم وجود برنامج للأولاد يشغلهم عن الخلافات التافهة.
وبمعرفة هذه الأسباب ومعالجتها يمكن أن ينشأ الأولاد على درجة عالية من الوعي في هذه الأمور.
ولعل أبرز النتائج التي يمكن تحصيلها من تعليم الأولاد هذا الأدب هي:
1 التماسك الأسري.
2 القدرة على المحاورة والمناقشة.
3 تقبل الآخر.
4 توسيع الآفاق وتمحيص الأفكار كما قال عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -: إني رأيت مناقشة الرجال تمحيصا لأفكارهم.
http://saaid.net بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(111/363)
أيها الزوجان الوفيان ( 1 )
كيف تتصرف الزوجة في مواجهة زوجها؟
وكيف يتصرف الزوج؟
كيف تعاملين الزوج الذي لا يراعي الأخلاق بهدف تحقيق متعه الشخصية أو كما يسمى (الخيانة العاطفية) بين الزوجين؟
وكيف تعامل الزوجة التي تبحث عن إشباع رغباتها بالحرام؟
هل للخيانة حدود؟!
الخيانة هي عقد العزم على فعل المنكرات والفواحش، مما يضيع حقوق الزوجية.
قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول (متفق عليه)، يبدأ ذلك السلوك المنكر من النظرات المتتابعة للنساء المتبرجات سواءً في الشوارع أم في إحدى وسائل الإعلام مروراً بالمعاكسات الهاتفية وانتهاء بجريمة الزنا، وقد كان له في الحلال متسع، فإذا لم يكتف الزوج بزوجته، أو كانت هناك أسباب تعوق ذلك، فإن الله قد أحل له الزواج مثنى وثلاث ورباع حلالاً طيباً بشرط العدل بينهن، أفمن يأتي يوم القيامة وشقه مائل خير أم من يحشر مع الزناة في نار جهنم؟ وخير للمرأة أن تكون ضرة من أن يكيل لها زوجها البؤس ويقتر عليها لأجل الإنفاق على نزواته المحرمة.
كيف تتم الخيانة؟
تتم الخيانة بفعل بعض الجوارح أو كلها، فالقلب محل الشهوة، فإذا قويت الشهوة، حركت إرادة الشخص لتحقيق رغباتها، فتأتي الجوارح وتعمل بإدارة ما يشتهيه القلب. يقول الرسول الكريم: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ألا هي القلب (رواه البخاري).
العينان تزنيان وزناهما النظر إلى المحرمات، وعدم غض البصر عنها، يقول الشاعر:
يا رامياً بسهام اللحظ مجتهداً
أنت القتيل بما ترمي فلا تصب
يا باعث الطرف يرتاد الشقاء له
أحبس رسولك لا يأتيك بالعطب
فالحذر الحذر من النظرات المتتابعة للمتبرجات أو نظراتهن للرجال، وكما علمنا الرسول الكريم النظرة الأولى (غير المقصودة) لك والثانية عليك، وصدق الله - تعالى - إذ يقول: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن..) [ النور: 30: 31].
وقد وجه النبي العظيم من نظر إلى امرأة فأعجبته أن يأتي أهله.
• والأذنان تزنيان وزناهما استماع المرأة أو الرجل للكلام الفاحش، كالمعاكسات الهاتفية والجلوس في مجالس الفجور والمنكر، وأيضاً الاستماع للغناء الماجن.
• واللسان زناه الكلام المحرم مثل المواعدة وغيرها، لذا أمر الله النساء بأنه إذا لزم محادثة المرأة للرجل فليكن ذلك من وراء حجاب وبقدر الضرورة، وأن يكون الحديث بجد وحزم وإيجاز.
• واليد زناها البطش واللمس المحرم.
• والرجل زناها الخطى للذهاب إلى مكان اللقاء الآثم.
• والقلب يهوي ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه، فإما أن يسلمه الله من السقوط أو أن يتهاوي في العذاب الأليم.
• وقد تكون الخيانة بالشفاة قبلة بين شيطان وشيطانة من الإنس.
وهكذا نرى أن الجوارح قد تكون أدوات القلب الخائن.
• فيا أيتها الزوجة كوني لزوجك عوناً على الشيطان ولا تكوني عوناً للشيطان على زوجك.
• وكذلك نقول للزوج الوفي: كن لزوجتك عوناً على الشيطان، ولا تكن عوناً للشيطان عليها.
• يا أيها الزوج الوفي: حاول أن تجذب زوجتك إليك وتعوضها عما تشعر به من نقص العواطف، فإن غاية المرأة في الزواج الحب وإشباع العواطف قبل كل شيء، كما أن الغريزة لابد من إشباعها أيضاً، فإذا لم تكن أنت الذي يشبع رغبات زوجتك فمن يكون؟
من وجهة نظره هو:
• أيتها الزوجة: ضعي الحلول لأي مشكلة تعترضك من وجهة نظر الطرف الآخر لا من وجهة نظرك أنت.
ضعي نفسك في نفس ظروف زوجك، لو أنك نشأت ببيئته نفسها وتلقيت التربية نفسها، قيسي تصرفاته حسب أخلاقه هو، وليس حسب أخلاقك أنت.
• أيها الزوج: انظر للمشكلة من وجهة نظرها هي، ولابد أن تعرف الأسباب التي أدت إلى ذلك، فإن كان السبب خبث المنشأ فلا صلاح يرتجى، أما إن كان السبب إهمالاً منك لبيتك وعدم تنظيم دخول وخروج المرأة من البيت فأنت شريك في الخيانة، وكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول، وبعد قليل سنستعرض دوافع الخيانة لدى الطرفين.
• أيتها الزوجة: لا تتعجلي في قرارك واحرصي على حياتك الزوجية، وتذكري أن رجوعك إلى بيت أبيك بعد زواجك ليس كوجودك قبل الزواج، لأن نظرة الناس جميعاً ستظل متشككة فيك واحرصي على تجاوز الأزمات التي تمر بها أسرتك، خاصة إذا كانت الخيانة أول مرة.
• أيها الزوج: الصبر.. الصبر.. ولا مانع من استشارة المختصين بشؤون الأسرة أمثال الإخوة صالح البارون ومحمد رشيد العويد ود. صلاح الراشد ود. نورية الخرافي وغيرهم كثير، إضافة إلى هاتف الاستشارات الأسرية التابع لمجلة الفرحة ومع ذلك فإننا لا نطالب الرجال بالدياثة وقلة الغيرة، وقد كان الصحابة يغارون، حتى قال الصحابي الجليل سعد بن عبادة رضي الله عنه: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح (أي أضربه بحده لأقتله)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه والله أغير مني. (رواه البخاري ومسلم). ونلحظ أن سعداً لم يقل سأقتل امرأتي.
* الدعاء والتضرع إلى الله أن يحفظ لك زوجك وبيتك وولدك جميعاً.
* أيتها الزوجة الوفية: أول خطوة لرد كيد الشيطان عن زوجك هو أن تتزيني له بشكل جديد يشغله عمن سواك، وفي الغالب فإن الزوج المشغول بأخرى لن يهتم بزينتك، فعليك فت انتباهه بسؤاله عن رأيه بزينتك، واستمري بالاهتمام بزوجك.
* أيها الزوج: تحملك لمسؤولية بيتك وتزينك لزوجتك وحرصك على قضاء أوقات سعيدة معها يغنيها عن الدنيا وما فيها، إضافة إلى صونها من الاختلاط وجميع ما حذر الله - سبحانه - وتعالى - منها كما سنرى.
هل تدري لماذا خنتك؟
تظل الخيانة علامة بارزة على الضعف البشري ووقوعه في المعاصي التي يسولها له الشيطان.
وقبل أي مشكلة لابد من النظر في أسبابها التي أدت إليها للقضاء عليها وهي:
1 - أسباب جهل وضلال:
وهي ناتجة عن ضعف الوازع الإيماني والخوف من الله وهي كثيرة، أهمها: قلة الذكر والشكر من كلا الزوجين، وقلة فعل الخير والأعمال الصالحة، قال - تعالى -: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) [ طه: 24]
والخيانة من ضنك العيش وبؤسه.
• طاعة الزوجة لزوجها في معصية الله، تستجلب سخط الخالق وبالتالي سخط الزوج نفسه عليها.
• عدم تحمل الزوج مسؤولية بيت الزوجية وإهمال رعايته، ومظاهر هذا الإهمال:
1 - كثرة سهر الرجل خارج المنزل وطول غيبة الرجل عن البيت وسفره إلى الخارج لأغراض دنيئة تحتم أن يقصر في حق زوجته، قال - صلى الله عليه وسلم -: إن لأهلك عليك حقاً [ رواه البخاري].
• عدم محاسبة المرأة في الاستئذان للخروج وفي إدخالها الأقارب غير المحارم في البيت أثناء غياب الزوج، وعدم منع اختلاط الزوجة بالرفقة السيئة، أو جلبها للأفلام الساقطة والمجلات الهابطة.
• ضعف إيمان الزوجة، فهي خراجة ولاجة من غير حاجة مسددة النظر للرجال، تمشى في وسط الطريق لتلفت أنظارهم، لا تتقي الله وتضع ثيابها في غير بيت زوجها، ولا تبالي بإدخال من يكرهه زوجها في بيته، تصف النساء لزوجها مما قد يفتن الزوج بالموصوفة وجمالها، وهي متبرجة لا تعرف الستر إذا طلبها زوجها تمنعت، تخون زوجها إذا حنت لماضيها العابث قبل الزواج، أو عاد حبيبها السابق.
• الخلوة (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) [رواه الترمذي].
وهذا ما تهاون فيه الناس كثيراً.
• المعاملة بالمثل: بعض النساء اللواتي يتعرضن لخيانة الأزواج يعمي حب الانتقام بصيرتهن فيقابلن الخيانة بخيانة مثلها، والزوج الخائن يشجع زوجته على خيانته بضمير مرتاح.
1 - تقليد الغرب في أمور حرمها الله، وأهم هذه الأمور:
• الاختلاط مما قد يحدث تجاذباً بين الزوجة وأحد الشبان لجماله أو قوة شخصيته وذكائه أو لطفه وعذوبة لسانه، والشيء ذاته بالنسبة للزوج، فقد ينجذب لإحدى الفتيات الحاضرات لصفة ما، والاختلاط يقصد به رفع الحجاب بين الجنسين واختلاطهما في مكان واحد من غير ضرورة.
• الحياة الإباحية قبل الزواج والانغماس في الشهوات والمتع الفانية، مما يسهل الخيانة بعد ذلك.
3 - أسباب تتعلق بالزوجة:
* إهمال الزوجة لهندامها وزينتها في حين يرى الزوج بنات جنسها يملأن الدنيا حوله شذى وعطراً وزينة، قد يدفعه مع ضعف دينه إلى الخيانة، ومثله إهمال الزوجة لعواطف زوجها مما قد يسوغ له الشيطان إشباعها خارج المنزل.
• الرتابة في الحياة والملل، فالرجل بطبعه يميل إلى التغيير، ولذا في زينتها ومرحها وحديثها العذب وهذا مما لا يخفى على المرأة.
http://al - farha. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/364)
حنكة رجل
لبابة أبو صالح
كان عليه أن يفكر منذ زمن بمصارحتها.. عليه أن يقول ما يشعر به ويُحسُّه.. يجب أن يرمي بجملته «الأيام ستغيرها» خارج قاموسه اليومي.. لينفض الغبار عن كلمات وجمل خبأها قبل أن يتزوج.. كم كان يتشدق أمام أصحابه وإخوانه الذين تحكمت بهم زوجاتهم حتى صاروا كالخواتم في الأصابع.. «سترون غداً.. لا رجل سواي في العائلة»..
ماذا الآن؟!.. وبعد سنوات من زواجه.. هل يذهب ليقول لها: «كفى! أنا الرجل وأنت المرأة!».
نعم! عليه أن يقولها.. فهو لم يعد قادراً على الاحتمال أكثر.. طيب وبعدها.. ماذا؟! لا يدري!
خرج من عمله بعد أن رسم الخطة وهو يردد في داخله: «صار لا بد من رسم الخطط لاستعادة الرجولة، زمن عجيب»..
اتصل بهاتفه النقال: «عزيزتي.. جهزي نفسك.. سأدعوك الليلة إلى العشاء خارج المنزل».
(حالة تلطف سيضطر إلى الابتداء بها.. فهذه سياسة ناجحة كما يرى)..
لكنها ذكرته باختفاء كلمته الأولى عندها كرجل:
«لا.. آسفة.. أنا أتابع فيلماً على التلفاز.. (يوم آخر).
جملة مستفزة.. عاثت في نفسه.. فزادت تصميمه على مواجهتها بعيوبها..
خرج من عمله.. ركب سيارته وهو يردد بغضب: «في يوم آخر.. حتى تريد هي.. فتأمرني.. فأقول: سمعاً وطاعة، لا يا «وداد» هذا الأسلوب سينتهي الليلة..».
عند الإشارة الضوئية.. شعر بالضجر.. صمتٌ مطبقٌ وجدالٌ منهكٌ يصوغهما في عقله.. عجز عن التفكير.. زاد ضجره.. فتح مذياع السيارة.. أخذ يضرب بأصابعه على المقود وهو غاضب.. أذاعت المحطة الإخبارية خبر سقوط بغداد في يد الأمريكان..
حمراء.. فخضراء.. كاد ينسى أن الخضراء تعني أن يتحرك بسيارته إلى الأمام.. لولا أبواق السيارات الصاخبة من خلفه..
بعد ذاك الخبر السيئ ازداد حنقه..:
«وكيف سقطت.. أين الرجال؟!»
استدرك:
«ربما يضعون خططاً لصنع رجولتهم؟!..»
أغلق المذياع بضربة من سبابته الحانقة هي الأخرى.. ثم عاد يتذكر عباراته الحاسمة التي سيلقيها في وجه زوجته.. يتخيل كيف ستبدو.. حتماً ستطرق رأسها إلى الأرض خجلة من تصرفاتها.. نعم.. وسيستعيد كامل رجولته حين تُقبل عليه متوسلة السماح بصوت خفيض.. وتعده بأن تكف عن ممارسة العنجهية في نظراتها وصوتها وحديثها..
(«يا سلام!» عندها ستكون حقاً رجل العائلة الوحيد).
ابتسم تلقائياً بعد أن حقق انتصاره في خياله..
دس مفتاح الباب في القفل بثقة.. أطبق الباب خلفه بقوة:
«سأتغدى بها قبل أن تتعشى بي».
فوجئ بالأنوار مطفأة.. أين هي..؟
دخل حجرة النوم ليجدها تغط في نوم عميق..
وداد!!
أجابته بانزعاج:
أفّ، ماذا تريد؟!
أريد أن أحدثك..
نم الآن وحدثني في الغد..
حسناً..
خلع عقاله.. ارتدى ثوبه.. واستلقى بجانبها على الفراش يبحث عن دفء لا يجده..
http: //www.albayanmagazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/365)
المرأة في ميدان الجهاد
د. محمد عبد السلام العجمي
كشف واقع المرأة في تاريخنا الإسلامي عن قيامها بأدوار مشرقة في ميادين الجهاد المختلفة، مما أكد لها عظيم رسالة في ظل هذا الدين الحنيف.
فلقد تحملت المرأة من الأذى والاضطهاد الكثير، وتكبدت مشاق الهجرة في سبيل الله - عز وجل -، فهاجرت إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وتعرضت لصنوف شتى من الابتلاء.
فالسيدة خديجة أم المؤمنين تناصر النبي - صلى الله عليه و سلم - بجاهها ومالها ونفسها، وسمية أم عمار أول شهيدة في الإسلام.
وأسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين تحفظ رسول الله وصاحبه في رحلة الهجرة إلى المدينة المنورة.
والخنساء تقدم بنيها الأربعة.
ونسيبة بنت كعب....
وغيرهن كثيرات، أبلين في المعارك بلاء حسناً.
وإن كان هذا اللون من الجهاد بالسيف مما يلزم به الرجال في الأصل، إلا أن المرأة المسلمة جاهدت بنفسها في سبيل نصرة دينها.
وهذا لا يتعارض مع قيامها بالنصيب الأوفى في المجال الذي يتناسب مع خصائصها ورسالتها، ومقدراتها الجسيمة والعاطفية.
وتجدر الإشارة إلى أن المرأة المسلمة قد أفادت المسلمين في معاركهم بما حباها الله به من قدرات وملكات خاصة.
لقد أيدت المرأة الإسلام والدعوة إليه بكل ما في وسعها وطاقتها، واشتركت مع الرجال في الغزوات بسيفها وقوسها، وشجعت المحاربين، وعالجت الجرحى، وضمدت جراحهم، وواست مرضاهم، وقدمت لهم الطعام والشراب.
لقد شاركت المرأة المسلمة الرجل في الحرب، وساعدته كل المساعدة، بروحها الفدائي، وقلبها الرحيم، وقد اتُفق على أن أزواج النبي – - صلى الله عليه و سلم - ونساء المسلمين الأوائل كن في صحبة النبي إلى ميدان القتال.
ولقد كشفت لنا انتفاضة الأقصى في فلسطين عن بسالة المرأة المسلمة أمّاً وزوجة وبنتاً، فلقد ضربت نماذج يحتذى بها في الجهاد ومجابهة العدو الصهيوني الغاصب، لقد وقفت المرأة الفلسطينية مع زوجها وأولادها وذويها في خندق واحد تحمي العقيدة والكرامة والديار، ومن يتابع أحداث الكفاح الدامي في فلسطين اليوم يرى ويسمع عن دور المرأة، مما يذكرنا بالرعيل الأول من المجاهدين والمجاهدات.
ويأتي دور المرأة العراقية خصوصاً، والمسلمة عامة في المعركة الحالية، والمواجهة مع الهجمة (الأنجلوأمريكية) على العراق وشعبه وثرواته ومقدراته، فما هو الدور المطلوب من المرأة في ظل هذه الهجمة؟
1- يجب على المرأة المسلمة أن لا تستهين بدورها في كل الأوقات ولاسيما أوقات الأزمات، فدورها في ظل المعركة مضاعف
2- فعليها أن تثبت أبناءها وذويها، وتشجعهم على الثبات ومواجهة الأعداء ومقاومتهم.
3- أن تقف بجوار ذوي الشهداء والجرحى والمنكوبين بالمواساة، وتقديم الدعم والعون المادي والمعنوي.
4- أن تدعم الجهاد والمقاومة ضد المعتدين بكل ما تستطيع من جهد مادي أو معنوي.
5- أن تربي أبناءها على حب الله وطاعته، وأن تغرس بذرة التقوى في قلبه.
6- أن تربي أبناءها على حب الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، فالوطن المغتصب لن يُسترجع إلا بسواعد أبنائه وجهدهم.
وإن كانت المأساة الآن في فلسطين أو العراق؛ فإن أعداء الأمة يتربصون بها لينقضوا عليها بلداً بعد الآخر، فلا بد من المواجهة، ولن يكون ذلك إلا بالتربية الصالحة والتي ترتكز أساساً على الأم ودورها الفاعل.
7- الصبر، وأن تربي أبناءها عليه لقوله - تعالى -: " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطو واتقوا الله لعلكم تفلحون".
8- الثقة في الله - تعالى -، وفي نصره لعباده المؤمنين " ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون".
9- وأخيراً (إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون..).
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/366)
الضرب ليس حلا
كيف يمكن معالجة مسألة ضرب الزوجات من دون مبرر، وخصوصاً عندما يتعدى الضرب حدود المباح، وهل الزوج الذي يضرب زوجته باستمرار مريض يحتاج إلى مساعدة؟... ما الأسباب التي تدفع الرجل ليضرب زوجته، وما هو المطلوب من المرأة لتبعد عنها مرارة الضرب؟
هذه الأسئلة وغيرها سنجد الإجابة عليها في السطور القادمة:
الاستشاري النفسي د. مروان المطوع عرض من جانبه الأسباب التي يرى أنها تدفع الزوج ليضرب زوجته فقال: قد تستثير الزوجة عصبية زوجها فتطرح أمامه مواضيع تافهة، أو مثيرة للشرف والكرامة والمرتبة الاجتماعية، أو توجه له إهانة أو تحتقر أهله، أو تقلل من علمه ومكانته.
وأيضاً قد يُدفع الرجل لضرب زوجته بسبب عدم استعدادها للتنازل أو التضحية، أو كأن تكون لحوحة لا تستطيع تأجيل إشباع رغباتها، فعلى الزوجة أن تراعي انفعالات زوجها السلبية وأن تمتص غضبه وتظهر له مشاعر الهدوء عندما يكون عصبياً لكي تساعده على التخلص من الانفعال.
ويضيف الدكتور المطوع: من أهم الأمور العلاجية لعصبية الزوج توفير العناصر التي تساعد على الهدوء، كاختيار الثياب المناسبة، وإبعاد الأطفال ومشاكلهم عن الزوج، وعدم إشراكه في آية أمور هامشية وأن تُحضر له حماماً ساخناً فالماء الدافئ يرخي العضلات، ويمكنها أن تقدم له بعض المشروبات المهدئة كالليمون والحليب، وتبتعد عن تقديم الشاي والقهوة، وعندما يحاول الزوج إظهار العنف فإن على الزوجة أن تحتضنه فالاحتضان والقبلة لهما مفعول مهدئ ومضاد للعصبية.
ويستطرد فيقول: بين كل عشر حالات زواج على الأقل ثلاث حالات يمارس الزوج فيها العنف المادي والضرب ضد زوجته، وهناك بين كل عشر حالات زواج (6) حالات على الأقل، الأزواج فيها يستخدمون العنف اللفظي الذي يحتقر الذات، وهذا ناتج عن سيطرة الرجل القوي العنيف الذي يدفعه المجتمع والأسرة لاستخدام العنف، وتمّجد فيه هذا العنف الذي يعتبر رمزاً عند هؤلاء للخشونة والرجولة.
الزوج الناضج:
الدكتور كمال مرسي، أستاذ علم النفس بكلية التربية – جامعة الكويت اعتبر أن الزوج الذي يضرب زوجته ضرباً مبرحاً زوج غير ناضج، وضعيف الشخصية يستخدم هذا الأسلوب للتعبير عن العدوانية مشيراً إلى أن الزوج الناضج لا يفعل ذلك، لأن أمامه أساليب وخيارات أخرى للتعامل مع الموقف.
وعن الآثار السلبية يقول: ضرب الأزواج لزوجاتهم يحطم معنويات الزوجة، فإما أن تتركه أو تستمر معه استمراراً ذليلاً لا يمكنها من أن تكون زوجة سعيدة، وبالتالي فسيكون عطاؤها للأسرة غير جيد، وإذا كانت موظفة فسينعكس ذلك سلباً على عملها، وإذا كانت أماً فلن تتمكن من إعطاء أولادها العطف والحنان الخالص لأنها تفتقد ذلك من الزوج.
ويضيف د. مرسي: الأطفال يتأثرون سلباً سواء في البيت أم في المدرسة، فالنموذج الذي يراه الطفل سيئ وبالتالي ينعكس عليه إذا اقتدى بأبيه، وعلى البنت أيضاً إذا اقتدت بأمها المضروبة المهزومة المقهورة، وهناك حالات كثيرة ترفض فيها البنت الزواج من أي شخص يتقدم لها خوفاً من أن يكون كأبيها أو أن يضربها وتتعرض لما تتعرض له أمها.
يختتم د.مرسي رؤيته قائلاً: تؤكد دراسات كثيرة أن الزوجات السعيدات في حياتهن نشأن في أسر كانت تتمتع بسعادة زوجية، فالسعادة إذن تنتقل من الآباء إلى الأبناء.
أنانية:
وعما إذا كان الزوج الذي يضرب زوجته ويهينها ثم يطلبها للفراش فوراً مريضاً نفسياً؟ يقول رئيس قسم علم النفس بجامعة الكويت الدكتور بدر العمر: ضرب الزوجة ينم أساساً عن عدم تقدير لها وعلى أنانية من قبل الزوج الذي لا ينشد بذلك سوى اهتماماته الشخصية وتأكيد ذاته، وعليه فإن طلبه لمعاشرة زوجته بعد ضربها هو تأكيد لهذه الأنانية وتحقيق ملذاته ورغبته الشخصية ليس إلا.. دون النظر لاعتبار الطرف الآخر أو تقدير لمشاعره.
ويضيف د. العمر: قد لا يرقى الأمر إلى حد المرض لكنه سلوك بالتأكيد غير سوي يفتقد الإحساس العاطفي نحو الطرف الآخر.
الضرب.. نجاح مؤقت:
وتقول سلوى الكهيم رئيسة قسم العلاقات العامة والإعلام بالمجلس الوطني الكويتي للثقافة والفنون والآداب: ما من قضية عالجها الزوج بالضرب ونجحت، ولو حدث نجاح فسيكون مؤقتاً، والمرأة مخلوق ضعيف، وليس من شيم الكريم استخدام القوة مع الضعيف، خصوصاً في ظل توافر بدائل كثيرة، وأرى أن الإعلام عليه دور كبير في نشر الوعي في هذا الشأن وقد آن الأوان ليقوم بهذا الدور.
مقابلات:
ما أسباب تعرضك للضرب من قبل زوجك؟
اعترف 28 من النساء من أصل 100 بأنهن يتعرضن للضرب من أزواجهن لأسباب متعددة وذلك على النحو التالي:
يتأثر بكلام أمه وأخواته وهن على خلاف معي. [10]
شعوره أنه أدنى مستوى مني (عائلي ثقافي مادي). [8]
ضغوط الحياة اليومية لأننا فقراء. [ 7]
متزوج من ثانية ويحبها ويأنس لها أكثر مني. [5 ]
غيور جداً ويغار من أي تصرف ويفسره على مزاجه. [ 4]
وقوعه تحت تأثير المشروبات الروحية. [3]
لإثبات الرجولة. [3]
ضغوط في العمل ودائماً يعود غاضباً. [3]
لأنني لا أنجب له أولاداً. [1]
السكن مع عائلته ونحن على خلاف دائم معهم. [1]
ما أسباب ضربك لزوجتك؟
اعترف 28 من أصل 100 رجل بأنهم يضربون زوجاتهم، ولقد تعددت الأسباب على النحو التالي:
عدم احترامها لأهلي وأطفالي. [13]
عدم اهتمامها بي وبمأكلي ومشربي وأمور حياتي اليومية. [ 8 ]
عدم تطبيق الفرائض (صلاة – صيام – زكاة). [ 7 ]
عدم اهتمامها بالمنزل ونظافته. [ 6 ]
لا تراعي الحقوق الزوجية معي. [ 6 ]
عدم عنايتها بنفسها لتبدو أمامي بصورة حسنة. [ 4 ]
لا تشاركني مصاريف البيت رغم أنها تعمل. [ 3 ]
تؤثر عليها أمها وأخوتها سلباً. [3 ]
عدم احترامها لضيوفي وأصدقائي، وإهانتي أمامهم. [ 1 ]
متطلباتها المادية كثيرة. [ 1 ]
http://alfarha.com بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(111/367)
الحوار الهادئ والعنف
هل تعلم عزيزي القارئ أن امرأة من كل ثلاث نساء ضحية العنف عام 1996 في أمريكا وأن امرأة من كل خمس نساء في بريطانيا ضحية كذلك للعنف، أما في المغرب فإن أمام كل 37 حالة عنف أسري فإن 7 حالات منها يكون الرجل فيها هو الضحية. وأن الرجل يستخدم العنف عند فشله في التعامل مع الزوجة وأن المرأة تضطر للعنف دفاعاً عن نفسها.
عناصر الحياة الزوجية السعيدة الآمنة:
إن أهم عنصر في استمرار الحياة الزوجية لكلا الزوجين هو توفر عناصر أربع ولعل أهمها الأمن النفسي للمرأة والثقة والتقدير للرجل، وأما ثانيها فهو وجود طريقة آمنة للتحاور ولإخراج المشاعر وكذلك للتعبير عن الغضب، أما إن اختفت أو تزعزعت تلك المقومات فإن الخلاف الأسري سيظهر وهنا قد يصاحبه مع الأسف استخدام العنف والذي هو أمر غير مستحب في ديننا الإسلامي، فقد ورد عن معلمنا ومرشدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ولا يضرب خياركم أي إن الأخيار من أمة محمد لا يستخدمون الضرب وخاصة المبرح منه في حل خلافاتهم الزوجية.
التخطيط للضرب:
وهنا سؤال يطرح نفسه ويتمثل بأنه هل يعقل أن يخطط الرجل لاستخدام الضرب ضد زوجته قبل الزواج أو عند احتدام الخلاف بينهما.
وللإجابة عليه نقول إن أغلب الدراسات تؤكد أن الرجل الذي يستخدم الضرب والمرأة التي تستسلم لعملية العنف ضدها من زوجها، فإنها عايشت علاقة أسرية في محيط أسرتها أو أسرته، كان الضرب هو لغة الحوار بين أبويها على سبيل المثال أو أحد أفراد أسرهم، ومن هنا نقول إن عملية التنشئة تلعب الدور الأكبر في سبب حدوث العنف الأسري.
ومن الأسباب الأخرى للعنف الأسري طريقة التربية التي تربي الفرد عليها، فالزوج الذي كان أهله عنيفين معه عند احتدام الخلاف معه نجده يسقط ذلك على زوجته، وكذلك الزوجة التي كانت لغة الصراخ والسب والشتائم في أسرتها، نجدها تثير الزوج الأمر الذي قد يدفع الزوج لتبرير ذلك باستخدام الضرب.
طريقة التربية وسمات الشخصية العنيفة:
وهناك سبب ثالث يتمثل في شخصية كل من الزوجين. فكم من حالة تعاملت معها سواء للأزواج أم الزوجات، كانت التركيبة الشخصية فيها متفاعلة مع الواقع الأسري قبل الزواج وطريقة التربية التي جعلت منه شخصية عنيفة جسدياً إن كانت تمتلك المقومات العضلية، أو عنيفة بلسانها عند احتدام المواقف.. وعليه يمكن تحديد السمات العامة لكل من الرجل - وغالباً ما يكون هو العنيف - وصفات المرأة وغالباً ما تكون هي الضحية.
صفات الرجل:
1 - قلة تقدير الذات.
2 – اعتمادي.
3 - لا يثق بالآخرين ولا بنفسه.
4 - غالباً ما يكون ضحية عنف في صغره.
5 - لديه صدمات وصعوبات نفسية.
6 - شبه معزول اجتماعياً ونفسياً عن الآخرين.
7 - حساس.
صفات المرأة:
1 - شخصية سلبية ويسهل قيادتها.
2 - لا تؤمن بحقها بأن تُحترم بل تعتقد أن الضرب تستحقه بسبب جهلها وخطئها، ولذا فهي تستحق الضرب أحياناً.
3 - تلوم نفسها وتحقّر ذاتها؛ لأنها تعتقد أنها سبب ثورة الرجل.
4 - تعتقد أن زوجها يضربها لكي تصبح أحسن وأنه يحبها لذلك.
5 - تبرر عنف زوجها وتحاول إخفاء بعض الكدمات لحمايته أملاً بصلاحه.
6 - شخصيتها اعتمادية وتشعر الزوج باعتمادها عليه وأنه مهما عمل لن تتخلى عنه.
7 - لديها أمل كبير جداً في أنه سوف يتغير.
8 - تخشى الطلاق؛ لأنه زّلة أعظم من الضرب.
9 - اقتصادياً تعتمد على الغير.
10 - تستخدم الجنس فقط كوسيلة لكسب الزوج.
11 - قليلة التقدير لذاتها.
12 - تعاني من اكتئاب وقلق.
إن العنف الأسري لا يقتصر على الجانب الجسماني فقط وإنما قد يكون بأشكال وصور مختلفة فهناك العنف النفسي والعاطفي وهناك العنف غير اللفظي وهناك العنف الاقتصادي وغير ذلك. إن هناك من الأزواج من يرعب زوجته بالنظرة وهناك من يسيطر عليها عن طريق سلب راتبها، وبالمقابل هناك من الزوجات من تستخدم العنف تجاه زوجها بسلب وتبذير ماله، والتحكم في علاقاته الاجتماعية وعملية خروجه ودخوله، ومن هنا نخلص إلى القول بأن القوة والتحكم لا تقتصر على الجانب الجسدي وإنما لها صور عدة وأشكال مختلفة.
ما العمل لوقف العنف الأسري:
1 - عند النقاش ليكن قانون النقاش هو محاولة تجنب الوصول لمرحلة الانفجار أو العمليات المتمثلة بالضرب.
2 - عند الانفعال علينا أن نبتعد عن اتخاذ القرار، ولعل قرار رفع الصوت أو استخدام اليد هو اللغة التي علينا الابتعاد عنها.
3 - في حالة امتداد اليد - لا قدر الله – فإن على الزوجين وخصوصاً الضحية الإمساك بيد البادئ وتحذيره دون انفعال بعدم تكرار هذه العملية.
4 - على الزوجين تذكير أحدهما الآخر عند بروز بوادر الاستثارة تجنباً لأمور لا يحمد عقباها.
5 - ليتعلم الزوجان فن الحوار والتفاهم وإلا فعلى الأقل فليتعلما كيف يحصلان على طريقة انسحابية سليمة خشية تفاقم الأمر.
6 - على الضحية وغالباً ما تكون الزوجة عند الفشل في حل الخلاف واستمرار الاعتداء عليها اللجوء إلى شخص حكيم من أفراد أسرتها أو أسرته لتصفية الأمر وعليها أن لا تستسلم، خاصة إذا كان العنف قاسياً (وأنا مسؤول عن كلامي هذا) لأن اليد إذا اعتدت بالعنف ولم توقف فإنها لن تستمر في المستقبل إلا على جسد الضحية المستسلم.
7 - على الزوجة ألا تستثير الزوج إن علمت أنه يستخدم العنف وإلا فلا تلومن إلا نفسها، وهذا عليها احتواء الخلاف باختيار أفضل الكلمات والأوقات لعرض وجهة نظرها، لا أن تستجوبه وكأنها في محاكمة عسكرية.
8 - على الزوجين عند مناقشة مشاكلهما الكبيرة الابتعاد عن وجود الأبناء لأن أثر ذلك سينتقل لجيل الأبناء عند كبرهم وتأسيسهم أسراً جديدة.
9 - على الزوجة استثمار فترة هدوء العاصفة بعد حادث العنف الذي يتمثل غالباً فيما أسميه بشهر عسل أو أيام مصالحة، بتحديد شروطها وأن تتفق معه على حدود العلاقة وأسلوب حل الخلافات الأسرية.
10 - ليعلم الزوجان أن العنف مرفوض إنسانياً ودينياً، فإذا حصل عنف لا قدر الله فليرضى الآخر بنتيجة ما قد يترتب عليه ذلك.
http://al - farha. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/368)
عندما تشوه الأم صورة الأب
عندما يلجأ الزوج إلى الضرب كوسيلة لمعاقبة زوجته التي لم يستطع أن يتفاهم معها بغير ذلك من وسائل، وعندما يشتد النزاع بين الزوجين وتحتدم الخلافات.
قد ينسى هذان المتخاصمان في حمأة غضبهما أن هنالك من يسمع ويتأثر بنزاعاتهما، ويكون لتصرفاتهما انعكاسها السلبي المؤدي على نفسيته.. هذا الطرف الثالث هو الأبناء، سواء أكانوا أطفالاً صغاراً أم مراهقين، وسواء أكانوا بنات أم صبياناً.. فإنهم في كل حالاتهم يجنون مراً من خلافات أبويهم ولا يصيبهم من ورائها خيراً أبداً.
عن تأثيرات (ضرب الزوجة) على الأبناء وانعكاساته على الأطفال وتشكيل سلوكياتهم المستقبلية، يحدثنا الدكتور محمد الثويني:
• إلى أي حد يمكن أن يؤثر الضرب على استقرار الحياة الزوجية؟
د. الثويني: الضرب في أي من صوره يعطي جواً سلبياً داخل البيت وإذا كان مبرحاً وشديداً وخارجاً عن نطاق تعاليم الإسلام فإنه يسبب مشاكل عديدة داخل المنزل ومن هذه المشاكل: سوء العلاقة بين الزوج والزوجة، والخوف والقلق الذي يسيطر على باقي أفراد الأسرة فإذا كانت الأم، والتي تعتبر تاج البيت، تُضرب وتهُان فسوف يسيطر الخوف على باقي أفراد الأسرة وبعد فترة يتحول هذا الخوف إلى نوع من القلق، ويورث ذلك التوتر الدائم والتشاؤم والإحباط، وتوقع نتائج سلبية مستمرة من خلال ظن الأطفال أن الضرب سوف ينتقل إليهم.
والزوجة الطيبة الذكية التي تريد المحافظة على بيتها وأطفالها وكيانها سوف تتحمل ظلم الزوج سواء كان شتماً أو إهانة أو ضرباً وبشكل عام فإن ردة الفعل تكون على شكلين: إما بالتمرد أو بالخنوع.
فقد تمد يدها إن مد يده وإن شتمها تشتمه وذلك نوع من أنواع التمرد، أو يكون التمرد بالعصيان فتسكت وتتحمل الضرب ولكنها تعصي الأوامر الزوجية ولا تعطيه حقوقه، أما الخنوع فهو أسلوب يسبقه الاستسلام وتحمل الضرب والسكوت عليه ليصل الوضع إلى مرحلة الخنوع، حيث تطيع الزوجة الزوج وتنفذ له كل ما يريد وباستسلام كامل لكافة أوامره ومتطلباته.
وهناك نوع ثان من التمرد يتمثل بتشويه صورة الأب أمام الأبناء فتتكلم عنه وتصفه بصفات بشعة وتتلفظ في حقه بكلمات بذيئة فيفقد الأب تدريجياً احترامه لدى الأبناء وتتشوه صورته لديهم وفي داخلهم وتكسب الأم عطف الأبناء.
الانفعال الانسحابي
• هل يختلف تأثير الضرب بالنسبة للأولاد والبنات؟
د. الثويني: نعم وهذا التأثير يصنف على نوعين:
1- الانفعال الانسحابي: ويظهر غالباً عند الأولاد، فإذا رأى الولد أن الجو في المنزل مشحون فإنه ينسحب إلى اللعب مع الأصدقاء أو إلى أي مكان يشعر فيه بالأمان ويشعر أنه قادر على نسيان ما حدث داخل المنزل.
2- انفعال الميل: ويظهر هذا التأثير عند البنات غالباً حيث يملن نحو الأم بشكل شديد، وتعبر البنت عن هذا الميل بتصرفات عديدة إما بالبكاء الشديد كي تلفت نظر الأب وتستعطفه أو أنها تدافع عن أمها بالقول أو بالفعل حيث تأخذ موقعاً بين أمها وأبيها وتدافع عنها كي لا تصلها الضربات أو اللكمات، وقد تنعزل البنت نهائياً داخل غرفتها، وهذا لا يعني أن كل الأولاد يميلون للانسحاب والهروب من الموقف فبعض الأولاد وخاصة كبار السن نوعاً ما يتعاطفون مع الأم ويصدون عنها الضربات وقد يهدد أحدهم أباه بعمل أي شيء ضده في سبيل ردعه، وقد يساعد أمه فيوصلها إلى بيت أهلها.
تجارب حقيقية
• ما هي التأثيرات السلبية المستقبلية على الأبناء من جراء الضرب؟
د. الثويني: تتكون نفسية الإنسان من خلال تجارب ومواقف مرّ بها خلال حياته، فإذا كان يغلب على المواقف التي يعيشها الأبناء مواقف إيجابية فإنهم سيتأثرون إيجابياً وإذا كان يغلب على المواقف التي عايشوها السلبية، فطبيعي أن يتأثروا سلبياً، وفي هذه الحالة لا نستطيع الحكم على الأبناء، إنما نقول إذا كان الموقف السلبي يغلب على الأب ويترجم ذلك الموقف من خلال إهانته للأم وضربها وسبها وعدم اعتبارها أبداً فإن ذلك يحدث لدى الأبناء كرهاً ليس لشخصية الأب فقط بل لأسلوب الأب وسلوكه وتصرفاته، وهذا الكره يحجب الطاعة والبر والوفاء والمودة بين الأب والأبناء، فالأبناء يميلون ميلاً كاملاً نحو الأم ويتجاهلون دور الأب ووجوده في حياتهم، أو يتقمص الأبناء شخصية الأب في بعض الحالات حيث يعتبرون أسلوبه نوعاً من الرجولة أو إثبات الذات، وعندما يتقمصون شخصية الأب تنمو معهم هذه الشخصية ويتصرفون على نهجها مستقبلاً مع من يحيط بهم أخ، أخت، زوجة....
تطاول الأبناء
• هل ترى أن ضرب الأم أمام أولادها يولد في أنفسهم شعوراً بكراهية والدهم؟
د. الثويني: نعم هذا صحيح فعندما يحدث ميل الأبناء كلياً نحو أمهم يحدث في المقابل لديهم كره لوالدهم وسلوكه وتصرفاته نتيجة إهانته لوالدتهم ويتمنون اختفاء الأب بالسفر أو الموت، أو الزواج من ثانية أو الانفصال عنهم وعن أمهم، وغالباً ما يكون العنف غير المشروع نتيجة لحالات غير سوية كالسكر والإدمان، وتعاطي المخدرات، فغالباً ما تصدر تلك التصرفات من أب غير سوي يحمل في قلبه الشك والكراهية، وقد يصل الأمر بالأبناء إلى التطاول على والدهم وتوجيه ألفاظ بذيئة له، وفي دراسة للجنة مصابيح الهدى أن 20% من عينة الدراسة وهم من الأبناء الذين يتطاولون على آبائهم:
1% من الأبناء يتطاولون على آبائهم.
5% من الأبناء يتطاولون على والديه بصفة متكررة.
7.5% من الأبناء يتطاول على والديه لمرة واحدة فقط.
8.5% حصلت لهم الفرصة للتطاول على الآباء لكنهم حجبوا أنفسهم.
ولله الحمد فإن 80% من الأبناء لا يعتدون على والديهم، ولكن 20% يتطاول وذلك رقم كبير في مجتمع صغير مثل مجتمعنا والضرب هو أحد الأسباب.
الضرب السليم
• كيف يكون الضرب سليماً أو مقبولاً..؟
د. الثويني: أولاً يجب أن يستخدم الضرب على نطاق محدود جداً وضمن ضوابط وشروط وهي:
1- استنفاد جميع وسائل الترغيب، كالهدية والكلام الطيب والنصح، والسفر.. الخ.
2- استنفاد جميع الأساليب السلبية: كالهجران والحرمان من العاطفة وعدم التكلم مع الزوجة.
3- استخدام الضرب غير المبرح الذي لا تستخدم فيه أدوات مؤذية كالعصي أو الحبال أو الأسلاك أو الأشياء الجارحة.
4- يكون الضرب بشيء خفيف والقصد منه التنبيه والتذكير والردع وليس المقصود به الإيذاء.
5- عدم المفاجأة فيجب أن يكون المعاقب على علم بالعقوبة الواقعة عليه بعد أن يُعطي أكثر من إنذار وتنبيه.
6- السرية التامة وبغياب الأبناء ومن دون ارتفاع الأصوات وألا يكون العقاب والأب في حالة من الهياج العصبي.
وأن تكون العقوبة للضبط وليس للإيذاء وبالتعارف والتراضي.
وأن لا يحدث ذلك أمام الأبناء فكل من يضرب زوجته أمام الأبناء فهو مخطئ حتى ولو كانت الأم تستحق الضرب.
فيجب أن يتم ذلك بغياب الأبناء ومن دون علمهم وبمكان خاص للزوجين، بعيداً عن الشتم والتصغير والتحقير والكلام البذيء من أحدهما نحو الآخر، وامتداد الأيدي والتراشق بالأشياء، فإذا كان الحوار حاداً فيفضل أن يؤجل إلى مكان آخر ووقت آخر، ولا بأس أن تكون هناك بعض الحوارات والمناقشات في مواضيع عامة ومن دون أسرار أمام الأطفال كي يتعلموا فن الحوار ويتعلم المخطئ أن يعتذر ويتأسف ويأخذ كل ذي حق حقه.
أما الخلافات فيجب أن تكون بعيداً عن الأطفال، وقد تضرب الزوجة زوجها أحياناً فيجب أن يكون ذلك أيضاً بعيداً عن الأبناء.
http://alfarha.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/369)
تجارة البشر في عصر العولمة(1/2)
أحمد أبو زيد* 7/6/1424
05/08/2003
- أكثر من مليون طفل وامرأة يتعرضون للبيع والشراء كل عام خلال تجارة الرق المعاصرة والمتسارعة في النمو.
- وقد بدأت المنظمات الخيرية الألمانية تنفيذ خطة تقضي بوضع صناديق في مدينة هامبورج تشبه صناديق البريد لإيداع المواليد الجدد غير المرغوب فيهم من قبل أمهاتهم!.
قد لا يصدق أحد أن تجارة الأطفال تزدهر اليوم في أوربا المتحضرة على أيدي عصابات تمارس الرق والنخاسة الحديثة في أبشع صورها، فهناك شبكات ووكالات دولية تتاجر في الأطفال بين دول العالم المختلفة وتروج لهذه التجارة الملعونة تحت ستار " التبني " ، وهذه حقائق تؤكدها منظمة " اليونيسيف " التي أعلنت أنه تم بيع 20 مليون طفل خلال السنوات العشر الأخيرة ليعشيوا طفولتهم في ذل وهوان وفي ظروف معيشية صعبة لا يرضاها متحضر. وأن أكثر من مليون طفل وامرأة يتعرضون للبيع والشراء كل عام خلال تجارة الرق المعاصرة، وأن تجارة البشر باتت تشكل ثالث أكبر المصادر المربحة لعصابات الجريمة المنظمة في العالم بعد تجارة السلاح والمخدرات.
وأن سعر الطفل الرضيع في كمبوديا يصل إلى 100 دولار، ويصل في الصين إلى 1200 دولار، وأن الشرطة الصينية كشفت 484 مهرباً و54 عصابة لخطف الأطفال وبيعهم خارج البلاد، وأن هناك أمهات في الدول الفقيرة اضطررن لبيع أطفالهن من أجل الطعام والمأوى.
وأمام هذه الحقائق والأرقام صار الاتجار في البشر أحد أسرع الأعمال التجارية نموا في العالم، وعادت أسواق الرقيق إلى الظهور لتعود بالبشرية إلى عصور الجاهلية الأولى التي كان فيها البشر يباعون ويشترون ويسترقون كغيرهم من الحيوانات والدواب، وأخذت هذه الأسواق شكلاً آخر في عصر العولمة والإنترنت، ودخلت فيها شبكات ووكالات دولية تتاجر في الأطفال بين دول العالم المختلفة، وتروج لهذه التجارة الملعونة تحت ستار "التبني" وغيره من المسميات التي يتخفون وراءها لجمع الملايين بل المليارات.
الفقر والحروب سبب الانتشار
والأرقام الرسمية المعلنة من الهيئات الدولية – كما ذكرنا - تشير إلى أن هذه الكارثة البشرية قد استشرت في السنوات الأخيرة نتيجة انتشار الفقر والجوع والحروب والمنازعات والكوارث الطبيعية والبشرية، فقد أعلنت منظمة "اليونيسيف" العالمية للطفولة التابعة للأمم المتحدة في تقرير حديث لها أنه تم بيع 20 مليون طفل خلال السنوات العشر الأخيرة ليعشوا طفولتهم في ذل وهوان، وفي ظروف معيشية صعبة لا يرضاها متحضر. وأن أكثر من مليون طفل وامرأة يتعرضون للبيع والشراء كل عام خلال تجارة الرق المعاصرة والمتسارعة في النمو إلى حد أنها باتت تشكل ثالث أكبر المصادر المربحة لعصابات الجريمة المنظمة بعد تجارة السلاح والمخدرات. ويوظف معظم ضحايا هذه التجارة في أعمال مشينة أو لاستئصال أعضاء بشرية منهم بهدف بيعها للمرضى القادرين على دفع أسعارها.
وأكدت المنظمة أن الدول الصناعية وحدها تستورد سنوياً خمسة ملايين طفل للتبني، معظمهم يأتي من دول أفريقيا وأوربا الشرقية وأمريكا اللاتينية، حيث تضم هذه المناطق ما يزيد عن 100 مليون طفل مشرد يجوبون الشوارع بحثاً عن الطعام أو الكسب الزهيد .
وقالت المنظمة: إن التفاوت في الفقر والغنى بين دول الشمال ودول الجنوب يساعد في الترويج لهذه التجارة، حيث يوجد ملايين الأسر في المناطق الغنية ترغب في تبني الأطفال، وفي المقابل يوجد في المناطق الفقيرة ملايين الأطفال الذين لا يجدون الطعام ويبحثون عمن يسد جوعهم، وفي هذه الظروف يعمل تجار الأطفال الذين يستغلون حاجة البشر لتحقيق الربح الوفير. وليست مراكز التبني التي تنشئها بعض الدول بهدف مكافحة الظاهرة إلا خطوة نحو تقنين هذه التجارة البشعة، وخلق عصابات منظمة للسيطرة عليها.
تجارة الأطفال في رومانيا
وتعتبر أوربا المتحضرة بغربها وشرقها سوقا رائجة لهذه التجارة ، ففي عام 1995م كان حوالي 38% من الأطفال المستوردين إلى ألمانيا من شرق وجنوب شرق أوربا وخاصة من رومانيا وبولندا ودول الاتحاد السوفيتي، وهناك شبكة تُسهِّل تجارة الأطفال في قرى رومانيا التي تعاني الفقر المدقع، بل وصل الحد بالقرويين هناك إلى عرض أطفالهم على زوار القرى. وتؤكد الدلائل وجود عصابات رومانية وأجنبية تشترك في ازدهار هذه التجارة وتصدير الأطفال إلى العواصم الغربية الكبرى تحت شعارات وأوراق رسمية تمنح هذه " السلعة البشرية " صفة " التبني ". وقد أكد رئيس اللجنة الرومانية المختصة بمتابعة 18 – الظاهرة الجديدة أنه تم تسجيل نحو 2000 حالة تبنٍ عالمية، وأن هناك ما بين 22 الف طفل تم تبنيهم بطريق البيع من عائلات غربية، ويشكل الأطفال الرومانيون ما يقارب ثلث هذه الحالات.
وفي روسيا يوجد ثماني مؤسسات أمريكية تحتكر سوق تجارة الأطفال العالمية فيها مقابل أسعار تتراوح ما بين عشرة آلاف وخمسين ألف دولار للطفل الواحد.
وفي بولندا أصبحت تجارة الأطفال من اختصاص شبكات المافيا بسبب أرباحها الكبيرة وتقوم هذه الشبكات بنقل السيدات البولنديات لوضع أطفالهن بالسويد ثم يتركنهم هناك مقابل مبلغ من المال.
وفي ألمانيا تشهد تجارة الأطفال انتعاشاً ظاهراً، وقد ذكرت المنظمة الإنسانية الألمانية في تقريرها السنوي عام 1997م ان حالات التبني القانونية للأطفال الأجانب عبر المنظمات الانسانية لا تشكل سوى 25% من مجموع 1100طفل أجنبي تم تبنيهم عام 1996، أما الجزء الأكبر من هؤلاء الأطفال فقد تم تبنيهم عبر وسطاء مشبوهين يستهدفون ترويج تجارتهم غير المشروعة من خلال عمليات التهريب وتزوير الوثائق.
أطفال الصناديق البريدية
وقد بدأت المنظمات الخيرية الألمانية تنفيذ خطة تقضي بوضع صناديق في مدينة هامبورج تشبه صناديق البريد لإيداع المواليد الجدد غير المرغوب فيهم من قبل أمهاتهم، وهذه الخطة – كما أكدت المنظمة الخيرية للعناية الاجتماعية "ستيرنياك"- ستحد من قتل المواليد غير المرغوب فيهم من قبل أمهاتهم اللواتي يمكنهن إيداع الطفل في الصندوق المجهز لذلك خفية دون معرفة الناس بعملهن أو الكشف عن هويتهن. وهذه الصناديق مجهزة من الداخل بفراش ناعم وجهاز إنذار العاملين في المستشفى القريب من الصندوق بوجود مولود جديد فيه، فيقوم العاملون بالتقاطه بعد عشر دقائق من وضعه، لتتولى المستشفى رعايته لمدة شهرين قبل وضعه مع وكالات خاصة من أجل إيجاد عائلة تتبناه بشكل دائم، ولا يخفى على أحد ما يصاحب ذلك من تجارة مقنعة لهؤلاء الأطفال تحت ستار التبني.
الأوضاع المتردية للأطفال
ولعل الرواج الكبير الذي تشهده تجارة الأطفال في أوروبا الشرقية يعود إلى الأوضاع المتردية للأطفال في هذه الدول، ففي روسيا يوجد آلاف الأطفال الذين أُخذوا من آبائهم جبراً بسبب عدم أهليتهم للتربية، إما بسبب الإدمان على الكحول أو المخدرات، أو ربما لأسباب سياسية أخرى، والاعتقاد المقبول هناك هو أن الدولة هي أفضل مربٍّ لأي طفل.
أما في رومانيا فهناك مئة وأربعون ألف طفل هجرهم آباؤهم في مؤسسات الدولة بسبب عدم قدرتهم المالية على تربيتهم.
ومن ينظر إلى دور الرعاية في هذه البلدان المتقدمة مادياً المتخلفة حضارياً وروحياً؛ يجدها بحاجة إلى من يرعى الأطفال، ففي رومانيا – كما وصفتها الصحف العالمية– لا تختلف دور رعاية الأطفال عن حظائر الحيوانات حيث رائحة البول الطاغية في الدور، والبرد والظلام اللذان يهيمنان عليها، والأطفال الذين فقدوا كل خصوصية لهم، حتى إنهم لا يمتلكون صندوقاً يضعون فيه أشياءهم الشخصية. وهناك شائعات تقول إن 1% في المائة فقط ممن يسمون باليتامى في رومانيا هم يتامى حقيقيون، أما الباقي فهم ممن تركهم آباؤهم ، لأسباب اقتصادية.
وفي ظل هذه المأساة الإنسانية تنتشر تجارة الأطفال وكل من يملك الثمن بإمكانه التوقف في رومانيا وشراء طفل، فمعظم الأطفال – كما أكد المسؤولون عن دور الرعاية هناك - لم يزرهم أحد منذ ستة أشهر، وهذا يعني أن الأطفال أصبحوا في عين القانون الروماني رهن تصرف الدولة
ويؤكد مسؤول البعثة الأوروبية في رومانيا أن محاولة إقناع الحكومة الرومانية بأن تقوم بعمل حاسم في هذا المجال لم تجد صدى بسبب تحكم المصالح الخاصة لبعض المنتفعين، فهناك آلاف الوظائف التي توفرها إقامة بيوت رعاية الأطفال، أو مؤسسات الدولة المكلفة بالرعاية، لذلك فإن الاتحاد الأوروبي يتعامل مع من أسماهم المسؤولين بتجارة الأطفال.
ومما يروج تجارة الاطفال هناك أيضا أن إجراءات التبني سهلة وميسورة، فإذا كان المرء مستعداً لبذل المال؛ فإن بإمكانه الحصول على طفل بسهولة عجيبة، على العكس مما يحصل في بريطانيا على سبيل المثال حيث تستغرق الإجراءات شهوراً عدة.
وتقول التقارير المحلية: إن مديرة بيت رعاية الأطفال تستفيد مادياً من تجارة الأطفال؛ فهي تمتلك أصدقاء من ذوي النفوذ، وليس بإمكان الشرطة أن يحققوا فيما تقوم به.
وقد أَطلعت مديرة بيت رعاية الأطفال مراسلي الصحف العالمية على ستين طفلاً معروضين للبيع. وكل من هؤلاء الأطفال أُعد لذلك إعداداً كاملاً من الناحية الشكلية، مثل مظهرهم الخارجي، إلا أنهم لا يزالون معرضين للإهمال، وهي تخيِّر المشتري بين ثلاثة أطفال: أندري، ونيكول، وليفيو، فهي تعرف أن بإمكانها أن تحصل على رخصة من آبائهم الفقراء بسهولة، لأنها كما قالت تستطيع أن تزور تواقيعهم بسهولة
وذكرت المديرة مبلغ عشرين ألف دولار كثمن للطفل، ويدخل ضمن ذلك إكمال كافة الأوراق وإيصاله إلى لندن، تساعدها في ذلك ابنتها المحامية.
خطف الأطفال
وفي الصين ارتفع عدد النساء والأطفال المخطوفين بهدف التجارة والاستغلال، فقد تمكنت الشرطة الصينية خلال عملية استمرت عشرة أيام من تحرير 1600 امرأة وطفل خطفوا في مقاطعة جاندونج في جنوب الصين. وذكرت صحيفة "ون ووي بو" الصادرة في هونج كونج أن النساء خُطفن لبيعهن كزوجات أو الاتجار بهن، والأولاد للتسول أو لبيع الزهور، واستطاعت الشرطة كشف 484 مهرباً و54 عصابة، انتزاع آلاف الأطفال من براثن المهربين.
ومن المعروف أن عدد النساء والأطفال المخطوفين في الصين ارتفع بنسبة 4 - 11 في المائة عام 1999 عما كان عليه في السنة السابقة، ففي القرى التي تزداد فيه الهوة اتساعاً بين الأغنياء والفقراء المتروكين لرحمة الإصلاحات الاقتصادية، يشكل المهاجرون يداً عاملة رخيصة، وكتلة مهمشة يسهل الاعتداء عليها. فهؤلاء الذين يعيشون غالباً بصورة غير قانونية، يترددون في إبلاغ الشرطة، لا سيما وإن كان الطفل الذي تعرض للخطف مولوداً بخلاف التشريع الخاص بتنظيم الولادات، فسياسة الحد من الولادات التي تسمح للأسرة المدينية بإنجاب طفل واحد وللفلاحين بإنجاب طفلين كحد أقصى إذا كان الأول أنثى، شجعت المتاجرة بالأطفال لا سيما الذكور. وتختلف اسعار الاطفال والفتيات تبعاً للمقاطعات لكنها تتراوح بين ألف و10 آلاف يوان 120 و1200 دولار
وكالات دولية للتجارة الملعونة
وفي شرق آسيا أصبحت فيتنام وكمبوديا مصدرًا رئيساً لبيع أبناء الأسر الفقيرة إلى شبكات دولية وآسيوية تعمل في تجارة الرقيق الأبيض، وهي أسواق يلجأ إليها بصورة كبيرة الأزواج الأثرياء من الدول المجاورة مثل سنغافورة لتعويض حرمانهم من الأطفال، كما قد يلجأ إليها آخرون للبحث عن عمالة جديدة في تجارة الجنس.
وقد شهدت عمليات الاتجار بالأطفال في فيتنام زيادة كبيرة خلال الفترة الأخيرة ، وقضت إحدى المحاكم هناك بالسجن لمدد تصل إلى عشرين عاما على تسعة أشخاص لاشتراكهم في عمليات تهريب الأطفال إلى الخارج .
وقال مسؤول قضائي: إن القضية تضم نحو مائتي طفل هربوا إلى الخارج خلال السنتين الماضيتين، بغرض الاتجار فيهم عن طريق عرضهم للتبني ، وتضم عصابة الأطفال طبيباً وأحد العاملين بدور الأيتام وموظفاً بإدارة السكان بإقليم جيانج جنوب البلاد . وتؤكد الصحف العالمية أن عمليات الاتجار بالأطفال شهدت زيادة كبيرة في فيتنام خلال الفترة الأخيرة، إذ يباع معظمهم لمواطنين من أوروبا وأستراليا.
ومن الوكالات النشطة في تجارة تبنّي أطفال فيتنام وكالة "جود هومز فور ذا تشلدرين" السنغافورية ، ومنذ خمس سنوات تستلم الوكالات كل عام من سنغافورة وحدها 700 طلب لتبني أطفال فيتناميين ، وتقول تقارير صحفية : إن هناك شبكات أخرى تعمل على شراء الأطفال من الصين وإندونيسيا وحتى ماليزيا المجاورة لسنغافورة.
وبسبب انخفاض عدد الأطفال السنغافوريين المعروضين للتبني ، ومع ارتفاع نسبة الإجهاض حيث سجلت 13 ألف حالة إجهاض في المستشفيات السنغافورية - بدأت تنشط وكالة "جود هومز" التي أُسّست في أكتوبر العام الماضي ، بالاتفاق مع دور الأيتام في فيتنام ، وهي تنظم رحلات لمن يريد اختيار "ابنه" الذي سيتبناه من بين أطفال دار الأيتام، وقد ينفق أحد السنغافوريين مبالغ كبيرة ليكون له "ابن" بعد طول انتظار من زواجه ، وقد تتفاوت فترة البحث والاختيار والاستلام ما بين ستة أشهر إلى عام.
سماسرة للتسويق
أما في كمبوديا فإن دور الأيتام تتحرك في القرى بين الفقراء لشراء الأطفال المولودين من أمهاتهم و"تصدير" الرقيق الناعم إلى الخارج . فسكّان قرية "تشيري كوانغ" التي تقع بالقرب من العاصمة بنوم بنة أكدوا أن "رابطة النساء والأيتام المهنية" تشتري أطفالاً من العائلات الفقيرة لتلبية حاجة شبكات أجنبية ، وأنها كانت تبحث عنهم في الأقاليم النائية ، ولكنها الآن تتحرك في القرى القريبة من العاصمة .
وقد تحدثت الأمهات الفقيرات اللاتي اضطررن لبيع أولادهن حديثي الولادة - للصحف العالمية - بعد أن عرضت عليهن مديرة الرابطة العجوز" تيتث فون " شراء الوليد بـ100 دولار فقط، وقالت إحدى الأمهات: إنها بكت كثيرًا عندما باعت ابنتها لكنها كانت تأمل أن تعيش حياة أفضل في بيت غني "أجنبي".
وتختلف طريقة "تسويق" الأطفال الكمبوديين عن الفيتناميين بأن الرابطة المذكورة تشتري الطفل من أمه وتبيعه لمن تشاء ، غير أن وكالة "جود هومز" السنغافورية تركز على الأطفال الأيتام، وتسهّل زيارة المتبني لفيتنام ليختار بنفسه مباشرة وقد يلتقي بأقارب اليتيم.
وتقول (هونغ ثا) - وهو اسم مستعار لأم باعت طفلتها –: إن زوجها قد مات ودمرت العواصف والأمطار كوخهم ولا قريب لها فبقيت بدون مأوى ولا مصدر للعيش، ومعها ولد وبنت فباعت البنت على أمل أن ترسل العائلة التي تتبنى ابنتها مبلغًا ماليًّا مجزيًا لها ولابنها، ولكن بعد أيام من بيعها إياها غيّرت رأيها وعادت لتحرر ابنتها لقاء مبلغ مالي ؛ ولذلك لا تفضّل مديرة الرابطة شراء أطفال من قرى قريبة من العاصمة حتى لا تتكرر هذه الحالة.
وترفض الكثير من الأمهات بيع أبنائهن كما حصل مع "تشهيم فادي" التي رفضت بيع طفلتها التي لم تبلغ أربعة أشهر بسعر 100 دولار مع أنهم يعيشون في فقر شديد، وقالت للتي عرضت عليها ذلك بغضب :" نحن لسنا حيوانات ولا نحتمل أن نبيع أطفالنا، وحتى الحيوانات لا تقبل التخلي عن أطفالها "، لكن دور الأيتام تبحث عمن لا سبيل لهم في العيش، وفي حاجة لأي مبلغ مالي ويغرونهم بآمال بيع أبنائهم لأجانب يدفعون لهم أكثر من الـ100 دولار التي يشترون بها الوليد من الأم، وهو السعر الذي حددته دار الأيتام.
وقد تأسست رابطة دار أيتام منذ عام 1997، وتنكر الرابطة شراء أطفال من أمهاتهن بغرض عرضهم لمن يتبناهم من الأجانب ، مع اعتراف أرامل بذلك ، وتقول "فون" مديرة الدار: إن كل الأطفال الذين لديهم ممن لا أب لهم ولا أم ، أو إنه غير مرغوب فيه من قبل أمه بعد علاقة غير شرعية ، وتحاول "فون" إخفاء عملية تبني الأطفال من الأجانب، وقد رفضت في حديث للصحف أن تكشف عن الدول التي "يُصدّر" لها الأطفال، لكن ممرضة سابقة في الدار اعترفت لمنظمة حقوق الإنسان التي تهتم بتهريب الرقيق الناعم بأن قريبات لها قد بعن أطفالهن للدار بـ60 دولارًا فقط !.
وكالة سياتل الدولية للتبني
ومن بين المشترين للأطفال الكمبوديين وكالة " سياتل الدولية للتبني" التي قال مديرها: إن لجنة وزارية قد شُكّلت للتحقيق في أسلوب بيع الأطفال لهم ، غير أنه لم ينكر المعلومات الواردة بشأن ذلك، كما أنكرت لورين غاليندو –الوسيطة في دار الأيتام- ما روته أمهات من قرى كمبودية ، مع أنها تتعامل في توصيل الأطفال لوكالة "هاواي العالمية للطفل"، وهي وكالة دولية معروفة تعمل في معاملات تبني الأطفال منذ عام 1975، وقد أنكرت هذه الوكالة التي تعمل في كمبوديا منذ 3 سنوات وجود أية فضائح عن أسلوب غير سليم في إدخال الطفل إلى دور الأيتام .
وقد اعترفت وكالة سياتل: إن الطفل الكمبودي يكلف ما بين 11-13 ألف دولار لتوصيله لزوجين خارج الولايات المتحدة ، تدفع منها 5500 لعملائها في كمبوديا، ولكن الوكالة لم تكشف عن تفاصيل تقسيم هذا المبلغ الذي يرسل إلى كمبوديا، غير أن مديرها أشار إلى أن سعر الطفل الكمبودي متفاوت، بينما تدفع وكالة هاواي لدار الأيتام 3500 دولار وتسلمه لزوجين مقابل مبلغ أكبر من ذلك بالطبع، لكن الطفل الآسيوي أقل كلفة من الأطفال من أوروبا الشرقية بشكل عام حسب أسعار وكالة سياتل!!.
وتقول زوجة أمريكية نشرت قصتها على الإنترنت: إنها وزوجها تراجعا عن قرار تبني طفل صيني بعد أن اكتشفا سرعة توصيل الطفل الكمبودي من وكالة سياتل! .
وتتحمل وزارة الشؤون الاجتماعية الكمبودية أمر تقنين عملية التبني وتجهيز أوراق الطفل الرسمية وتسفيره ، وقد أنكر نائب مدير قسم رعاية الطفل فيها استلام موظفي الحكومة لمبالغ كبيرة تصل لـ10 آلاف دولار كرسوم للمعاملة ورشاوى لكبار المسؤولين وصغارهم –حسب زعم الوكالات الأمريكية ، وأنكر ما قاله أحد الأجانب المقيمين في كمبوديا الذين تبنوا طفلا كمبوديًّا، وما أكده نشط في مجال حقوق الإنسان ، ولكنه أكد أن وزارته قد صادقت على تبني 381 طفلاً لأزواج أجانب العام الماضي ، فيما منحت السفارة الأمريكية 240 تأشيرة لأطفال من مجموع هؤلاء ، وأشارت السفارة الفرنسية إلى تلقيها عددًا متزايدًا من الطلبات في الأشهر الأخيرة.
أطفال الشيشان
وفي الشيشان كشف المجاهدون الشيشان النقاب عن وجود عصابة دولية تولت المتاجرة بأطفال قاصرين من الشيشان وبيعهم في أسواق الدول الأوروبية والأميركية وغيرها، وقال السفير المتجول لحكومة الشيشان (بدر الدين بينو) في ندوة صحفية في عمان: إن أفراد العصابة الذين يحملون جنسيات عدة دول غربية استغلوا الظروف المأساوية التي يعيشها أبناء الشعب الشيشاني من جراء العدوان الروسي المتواصل على الشيشان وقاموا بنقل أطفال قاصرين من الشيشان إلى دول غربية بحجة رعايتهم ومن ثم القيام ببيعهم مقابل 15 ألف دولار للطفل الواحد . وأعلن أن لديه وثائق تثبت قيام العصابة ببيع ما يزيد عن 35 طفلاً شيشانياً خلال العام الحالي لعائلات في جنوب أفريقيا وعدة دول أوروبية وأميركية.
أطفال يحتجون
وفي كولومبيا تظاهر آلاف الأطفال الكولومبيين في شوارع العاصمة بوجوتا للمطالبة بوقف عمليات خطف الأشخاص -ولاسيما صغار السن منهم-، وقد سار ثلاثة آلاف صبي على الأقل إلى جانب آباء ودعاة سِلْم للاحتجاج بشكل خاص على الخطف الذي يمارس في حق الأطفال
وظلت كولومبيا على مر سنوات عدةٍ مركزاً لخطف الأشخاص، وذلك بمعدل ثماني عمليات خطف يومياً.
وتُدر هذه العمليات على مرتكبيها أرباحا تقدر بملايين الدولارات سنويا، ويلجأ إليها على الخصوص الثوار الماركسيون للحصول على فِدْيات لتمويل الحرب التي يخوضونها منذ 36 عاماً على الحكومة المركزية
وبعد أن صار الكولومبيون - ولاسيما الأثرياء منهم- يتخذون إجراءات مُحكمة لحماية أنفسهم، اتجه الخاطفون نحو القاصرين ، وقد سجل العام الماضي رقماً قياسياً في خطف الأطفال إذ تجاوز عددهم مائتين من بين زهاء ثلاثة آلاف شخص تعرضوا للخطف.
وفي مارس الماضي أصيب الكولمبيون بالرعب لدى سماعهم بنبأ تعرض صبي يبلغ ست سنوات من العمر للقتل على يد خاطفيه، لأنه تعرف على هويتهم، وقد واصل الخاطفون طلب فدية عنه رغم مضي شهور على قتله.
ولمحاربة هذه الظاهرة تعكف الحكومة الكولومبية حالياً على صياغة قانون تُنزل بموجبه عقوبة لا تقل عن 25 عاما على كل من نفذ عملية خطف.
وفي بريطانيا تكثف الحكومة البريطانية جهودها للعثور على 28 شخصاً ممن وردت أسماؤهم في التقرير الذي أصدرته هيئة التحقيقات القضائية في قضية استغلال الأطفال في دور الطفولة في شمال ويلز ، وقد خلص التقرير إلى أن أكثر من ستمائة وخمسين طفلا عانوا استغلالاً جسدياً وجنسياً خلال تواجدهم في دور رعاية الأطفال في السبعينات والثمانينات، وأن عشرة منهم حاولوا الانتحار ، وهذه الفضيحة تعد واحدة من أسوأ الفضائح التي قد تقضي على فكرة دولة الرفاه في بريطانيا.
مؤتمر دولي لمكافحة الظاهرة
وقد بدأ المجتمع الغربي يدرك خطورة هذه الظاهرة التي تمثل أحد أشكال الرق والعبودية في العصر الحديث ، فانعقد في العاصمة الفلبينية مانيلا منذ سنوات مؤتمر دولي يبحث إيجاد السبل الكفيلة بمكافحة الاتجار في النساء والأطفال في منطقة آسيا والمحيط الهادئ
وقال المشاركون في المؤتمر: إنه في القارة الآسيوية وحدها يباع ويشترى نحو مائتين وخمسين ألف شخص سنوياً معظمهم من الأطفال والنساء والفتيات، حيث يرغمن على امتهان الدعارة أو أعمال الخدمة في المنازل أو السقاية في الحانات .
ماذا بعد..
إننا أمام مأساة حقيقية يعيشها ملايين الأطفال الفقراء على مستوى العالم والذين يسترقون ويباعون في أسواق الرقيق على أيدي عصابات دولية وشبكات ووكالات هدفها تحقيق الربح السريع والوفير من وراء هذه التجارة الخسيسة ولو على حساب حقوق البشر وحرياتهم ، ويجب على المجتمع الدولي أن يتصدي لهذة النخاسة ، ويتعقب عصاباتها وشبكاتها ويعتبرهم أخطر من مجرمي الحرب ، حتى نحمي أطفال العالم من الوقوع في أيديهم .
|1|2|
* صحفي وكاتب مصري
المراجع :
1- تقارير وكالات الأنباء العالمية
2- مجلة الشريعة – العدد 401 – الأردن – عدد محرم 1420هـ
3- مجلة الرابطة – العدد 424 – صفر 1421ه / مايو 2000م
4- شبكة " الإسلام علي الإنترنت " – 6يونيه 2000م
5- قناة محيط على الإنترنت - 11ابريل 2000م
6- موقع بي بي سي على الإنترنت – 6 مارس 2000م
ـــــــــــــــــــ(111/370)
الحسم في السلبيات
م. عبد اللطيف البريجاوي
إن الإسلام جاء للعالم كله وهذا يعني أنه منفتح على العالم كله قال - تعالى -: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (107) الأنبياء.
ونتيجة لهذا الانفتاح الذي هو ميزة لهذا الدين قد يتسرب للمجتمع المسلم بشكل عام وللأسرة المسلمة بشكل خاص بعض الأمور والحيثيات الغربية أو الشرقية والغريبة عن المجتمع المسلم وعن مبادئه وأهدافه.
ومن هنا يكمن دور الأسرة في تحصين البيت من هذه السلبيات المختلفة وهي مسؤولية عظيمة وجسيمة تقع على أكتاف وأعناق الآباء والأمهات ذلك أن هذا الانفتاح الخطير والاختلاط الكبير جعل كثيرا من الأمور السلبية تتسرب إلى بيوتنا ونحن عنها غافلون وربما الكثير من المسلمين لا يلقون لها بالا وهي أشد أخطر وأكثر ضررا.
ولقد حذر النبي - عليه السلام - في كثير من أحاديثه من هذا التقليد الأعمى فقال " لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه " البخاري
ووقف أمام هذه الواردات الغربية والشرقية موقفا منهجيا علميا:
1 - فما وافق الأصول الإسلامية ووافق الأهداف الإسلامية قبله.
فعندما قدم تميم الداري رضوان الله عليه من بلاد الشام وتعلم من هناك كيف تشعل السرج وأنار بها المسجد النبوي دعا له النبي - عليه السلام - بأن ينور قبره وقبل منه هذا الوافد الجديد الذي لا يخالف أصولا إسلامية بل يفيد الدعوة ويفيد الأمة.
2 – ما خالف هذه الأصول والأهداف رفضه رفضا قاطعا لا هوادة فيه حرصا منه على استقلالية الإسلام والمسلمين. روى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ".
ومن هذا القبيل أمره - عليه السلام - بمخالفة اليهود والنصارى فعن عبادة بن الصامت قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اتبع الجنازة لم يقعد حتى توضع في اللحد فعرض له حبر فقال هكذا نصنع يا محمد قال فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال خالفوهم قال أبو عيسى هذا حديث غريب.
وهكذا يجب أن يكون تعامل المسلمين اليوم مع هذه الواردات المختلفة.
إن الأسرة تولد كما يولد الطفل وإن الفترات الذهبية لتربية الأسرة هي تلك الفترات الذهبية لتربية الطفل أي في السنوات الأولى من ولادتها، لكن ويا للأسف الشديد فإن كثيرا من الأزواج يبدؤون حياتهم الزوجية وهم غير ملتزمين بالإسلام فتبدو الأسرة في الفترات الذهبية لتربيتها ضائعة لا تعرف منهجا ولا طريقا وينشأ قسم من الأولاد على هذا المنوال، ثم يبدأ الأب والأم بالتوبة عندما يقتربون من الثلث الأخير في أعمارهم ويريدون أن يزيلوا كل السلبيات التي كانت دفعة واحدة فيحصل الصدام بين الأزواج أو بين الأب والأم من جهة وبين الأولاد من جهة أخرى.
لقد كان منهج النبوة في السلبيات التي توجد في البيت منهجا واضحا وصريحا هو عدم السماح لهذه السلبيات أن تبيت ليلة واحدة في البيت لقد كان منهجه هو الحسم في السلبيات.
فعن عائشة قالت جعلت على باب بيتي سترا فيه تصاوير فلما أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدخل نظر إليه فهتكه قالت فأخذته فقطعت منه نمرقتين " روه الإمام أحمد وأصله في الصحيحين
فالنبي - عليه السلام - كان موقفه عندما رأى شيئا مخالفا وسلبيا في بيته هو الحسم في هذه السلبية حتى أنه نزع هذه التصاوير بيده كما صرح الإمام أحمد في روايته.
ومرة تتكلم السيدة عائشة عن صفية فيكون موقف النبي حاسما فقد روى أبو داود في سننه عن عائشة قالت قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "حسبك من صفية كذا وكذا" قال غير مسدد تعني
قصيرة فقال " لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ".
إن الحسم في السلبيات في السنوات الذهبية من عمر الأسرة له الدور الكبير في سير هذه الأسرة في الطريق الصحيح والسليم..
لكن إذا تأخر الرجل في الحسم وإنهاء السلبيات من بيته حتى سن متأخرة فهذا لا يعني اليأس لكنه مكلف شرعا بإزالته ولكنه يحتاج إلى جهد أكبر يرافقه حكمة بالغة..
إن السكوت عن السلبيات المختلفة في الأسرة يجعلها تتراكب وتتواكب لتشكل سدا منيعا في طريق إصلاح الأسرة التي كلفنا الله - سبحانه وتعالى - بإصلاحها والأخطر من ذلك هو أن القائمين على الأسرة من الآباء والأمهات هم الذين يكرسون هذه السلبيات المختلفة فتنشأ الأسرة بعيدة كل البعد عن المنهج القويم والصراط المستقيم والأمثلة على ذلك كثيرة فمن ذلك التدخين أمام الأولاد والجلوس في البيت والأب ذو عورة مكشوفة ومتابعة الساعات الطوال على شاشات الفضائيات وغير ذلك مع أن الله جعل الأب حاكما على بيته فمن يمنعه على الأقل من تطبيق الإسلام في بيته "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ".
والله ولي التوفيق.
http://saaid. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/371)
تجربة زوجة أغمي عليها مرتين
حدثتني أم العيال عن زوجة تروي تجربتها في زواجها من رجل دميم تزوجت منه ولم تره قبل الزواج..
قالت:كنت أسمع عن دمامة فيه قبل الزواج،ولكن لم يخطر على بالي أنه بهذه الصورة التي رأيت في أول ليلة،فما أن وقعت عيني على ملامح وجهه من زواجنا حتى رأيت ما لا طاقة لي بالصبر عليه، فأغمي علي بين يديه فارتاع وذهب مسرعاً يبحث عن ماء يعيد به إلي وعي الذي فزع من رؤية وجهه، وما أن أحسست ببرودة الماء على وجهي حتى عادت إلي روحي ولكني تظاهرت بالنوم فنمت حتى أصبحت.
وفي الصباح كنت أغض الطرف خوفاً من رؤية تلك الدمامة، وكان يظن أني لا زلت أعيش سكرة الحياء..
ومضت الأيام وظهر ذلك القلب الذي توارى خلف هذا الوجه الدميم، فإذا به قلب تقي نقي بالإحساس ينبض وعلى الوداد يقبض، أحسن عشرتي وراعى مشاعري وصبر على تقصيري في حقه وتكاسلي ورحم ضعفي كان نعم المعين لي في أمور دنياي وآخرتي، يساعدني في بيتي ويمرضني في سقمي.. فلم أسمع منه إلا ما يسرني ولم أر إلا ما يفرحني، وعلى الرغم من ضيق يده إلا أنني سعدت بسعة حلمه ورحابة صدره فتحول بيتنا المتواضع بدماثة خلقه وطيب معشره إلى قصر منيف تعبق في أجوائه السعادة ويفوح فيه أريج السكينة... فتعلقت به تعلقاً ملك علي قلبي وشغل فكري وسلب لبي،فلا أطيق ابتعاده عني ولا فراقه إياي وأصبحت كما قال القائل (أحببت لحبه سود الكلاب).. وعندما حان الفراق الذي لا بد منه كان كتابه قبلي وأجله دوني ففجعت بفراقه وتألمت لموته ألماً أفقدني وعي فأغمي علي كما أغمي علي يوم رأيته أول مرة، ولكن لم يكن من أهلي هذه المرة من يذهب مسرعاً ليحضر الماء كما ذهب..
قالت أم العيال: ولم تمكث بعد فراقه أكثر من ثلاث حتى لحقت به رحم الله الجميع.
http://www. naseh. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/372)
الأسرة المسلمة .. ودورها التربوي
أبو محمد الشنقيطي
إن التربية تتم من خلال الموجهات الأساسية للفرد خلال مراحل حياته، وهذه الموجهات تمثل محاضن التنشئة المختلفة من أسرة ومسجد ومدرسة ووسائل اتصال، وأعظم هذه الوسائل أثرا الأسرة؛ لتفردها بالتأثير في فترة الطفولة.
إن الأسرة هي نواة المجتمع ووحدته البنائية، فيها يشب الطفل ويترعرع، وتتشكل اتجاهاته وآراؤه ويتم البناء الأساسي لشخصيته.
فالبيت المسلم هو المجتمع الصغير الذي تنشأ فيه روابط الأبوة والبنوة والقيم والأخلاق والألفة والمودة، والاستقرار النفسي والعاطفي، وكلها معان مستمدة من دين الإسلام، قال الله - تعالى -: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [الروم21].
لذا أولى الإسلام عناية كبيرة لتكوين البيت المسلم، فحض على اختيار ذات الدين والخلق، ومعاملتها بالمعروف، مع جعل القوامة بيد الرجل ليعم الأمن والاستقرار أرجاء البيت، كما أكد الإسلام على دور الأسرة المحوري في عملية التربية، قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: " ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" رواه مسلم (2047) يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله -: (مما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج العناية بأمر خُلقه ، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره، ولهذا نجد الناس منحرفة أخلاقهم، وذلك من قبل التربية التي نشأوا عليها)، ويقول الإمام أبو حامد الغزالي - رحمه الله -: (الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش، ومائل إلى كل ما يمال إليه، فإن عُود الخير وعلمه نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب، وإن عُود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والولي له، وقد قال - تعالى -: " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ".
ولكن كيف تتوفر العناية اللازمة للطفل إذا هجرت الأم البيت، وكان الأب في عمله معظم الوقت؟. إن الأبناء أمانة في أعناق آبائهم فهل رعوا هذه الأمانة حق رعايتها؟، ألا فليتق الله أناس ضيعوا هذه الرعية التي سوف يسألون عنها، فعن ابن عمر - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، والولد راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته" متفق عليه، وعنه - صلى الله عليه و سلم - أنه قال: " إن الله سائل كل راع عن ما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " صححه الألباني (الصحيحة/ 1636).
إن الأبناء يتمثلون بالآباء ويحملون عاداتهم السلوكية، فإذا كان الأب مدخنا مثلا فإن انتقال هذه الظاهرة إلى الطفل أمر وارد، وقديما قيل:
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
إن من المواقف التي لا زلت أذكرها، وأقف أمامها متأملا، أني زرت أحد الأصدقاء في بيته منذ مدة، وكان بصحبتي أحد الإخوة المدخنين– سامحه الله فما كاد الجمع يلتئم حتى أخرج هذا الأخ سيجارته وأشعلها – كعادة المدخنين في عدم مراعاة شعور غيرهم فإذا بطفل لا يتجاوز عمره ثلاث سنين يهمس في أذن أبيه، سائلا باستغراب: لماذا يحرق نفسه؟
لقد تربى هذا الطفل في بيت يعمر الأيمان أرجاءه، ولا يعرف التدخين إليه سبيلا، فارتسمت في ذهنه صورة مؤداها أن الدخان والنار يعنيان الحريق، فأسقط هذه الصورة الذهنية – محقا – على أول مدخن رآه!!.
ولكي يبقى للأسرة دورها التربوي الفعال فيجب ألا تشرك في هذه المهمة النبيلة أطرافا أخرى غير مأمونة التأثير كوسائل الإعلام، ذلك أن كثيرا من الأسر أسلمت مهمة التربية للفضائيات والخادمات لأسباب عديدة منها: اشتغال الأب والأم معا خارج البيت، والأمية التربوية التي تعاني منها أسر كثيرة، والتأثر بالنمط الغربي في بناء الأسرة مما نتج عنه اتساع الهوة بين الأبناء والآباء، والتفكك الأسري الذي يجعل مهمة التربية مقصورة على أحد الأبوين دون الآخر.
http: //www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/373)
ولا يولج الكف ليعلم البث
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
حدّثت الصّدّيقة بنت الصّدّيق - رضي الله عنها - أن إحدى عشرة امرأة جلسن فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا..
فقالت السادسة: زوجي إن أكل لفّ، وإن شرب اشتفّ، وإن اضطجع التفّ، ولا يولج الكفّ ليعلم البث. والحديث بطوله رواه البخاري ومسلم، وهو مشهور بحديث أم زرع.
والحديث مليء بالفوائد، وقد ألفّ فيه بعض العلماء تأليفا خاصاً.
والذي يهمنا في هذا المقام هو حديث المرأة السادسة في ترتيب المتكلِّمات من تلك النسوة.
قالت في معرض الذمّ لزوجها:
إن أكل لفّ.
وإن شرب اشتفّ.
وإن اضطجع التفّ.
ولا يولج الكفّ.
ليعلم البثّ.
فهي تذمّه بأنه إذا أكلّ الطعام لفّه لفّاً، بحيث يأكل بِنَهم، أو أنه لا يُبقي لها شيئا!
وهي تذمّه بأنه إذا شرب اشتفّ فأصدر صوتا لشُربِه!
كما تذمّه بأنه يلتف بملحفته إذا أوى إلى فراشه، فكأنه لا يُعاشر أحداً، ولا اعتبار لأحد عنده!
فهي إذاً.. تذمّه في أكله وشُربِه ونومِه كما تذمّه بأنه لا يتفقّد أحوالها، فالبثّ هو الشكوى أو هو شدّة الحزن.
تذمّه بأنه لا يُراعي حال شكواها ومرضها فيسأل عنها، أو يضع يده على مكان الألم تخفيفاً لمعاناتها..
وهذا الجانب أو هذا الفعل تظهر فيه الناحية النفسية أكثر من الناحية الفعلية.
فربما كان تلمّس الرجل لحال أهله، أو تلمّس الزوجة لحال زوجها، مما يُشعر أحد الطرفين بأهميته ومكانته لدى الطرف الآخر!
ولربما لم يكن لذلك تقديم ولا تأخير في الظاهر!
فالذي يشكو من ألم في ظهره أو في رأسه لا يُخفف عنه مُجرّد وضع اليد على مكان الألم ليَعْلّم ما يبثّه صاحبه من شكوى، بقدر ما يُشعره ذلك بمكانته وقدرِه..
وكم مِن لمسة حانية كانت أغلى من ألف كلمة، وأكبر في النَّفس من سائر الأدوية، فهي لمسة حنان وعطف وشفقة تؤذن بأن ما بالمريض من ألم وداء هو محلّ عناية الطرف الآخر وقُل مثل ذلك في الطفل..
فإنه عندما يمرض ينظر إلى الشفقة والعطف في عيون والديه.
وربما أنّ واشتكى لينظر مكانته، ويرقب منزلته، وليرى مدى الاهتمام به!
والأثر النفسي، والناحية النفسية مُعتبرة في التعامل الأُسري، سواء كان مع الزوجة أو مع الأولاد أو حتى مع الخدم.
ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين أو لقمة أو لقمتين، فإنه ولي حرّه وعلاجه". رواه البخاري ومسلم.
قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "ما عاب النبي - صلى الله عليه وسلم - طعاما قط ؛ إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه". رواه البخاري ومسلم.
وكل هذا من باب مراعاة النّفسيّات..
فمن وَلي حرّ الطعام يُعطى منه ما يُشعره بالاعتراف بما قدّم.
والزوجة إذا وَلِيَت الطّعام فلم يكن على ما يُرام يوما من الأيام فلا أقل من السّكوت.
فـ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كره طعاماً تركه، والزوج العاقل الحصيف قادر على أن يوصل ما يُريد بتعبيرات وجهه؛ فقد وُصِف النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه أشد حياء من العذراء في خدرها، وبأنه إذا كرِه شيئا عُرِف في وجهه. رواه البخاري ومسلم.
ولا شك أن هذا الفعل له أثره في النّفس، وإن لم يتكلّم صاحبه أو ينطق بما في نفسه.
بل انظر إلى مراعاة النبي - صلى الله عليه وسلم - للجانب النفسي، وتودّدِه إلى حبيبته وأحب الناس إليه: "عائشة" فإنه - عليه الصلاة والسلام -كان يضع فمه على موضع فمِ عائشة - رضي الله عنها -في الطّعام والشَّراب.
ولا شك أن هذا الفعل له أثره النفسي في التعبير عن الحب والرضا.
تقول عائشة - رضي الله عنها -: "كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فِيّ فيشرب، وأتعرّق العَرْق وأنا حائض ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فِيّ". رواه مسلم.
والعَرْق: العظم عليه بقية لحم.
وأبعد من ذلك ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - عند خروجه من منزله، وكان خارجا للصلاة فقبّل حِبَّه "عائشة" ثم خرج.
تقول عائشة - رضي الله عنها -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبََّل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة، ولم يتوضأ. قال عروة: قلت لها: من هي ألا أنت؟! قال: فضحكت. [رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه].
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بحاجة إلى تلك القُبلة عند خروجه للصلاة، ولكن تلك القُبلة لها أثرها البالغ في نفس زوجه.
وكلمة الشُّكر وعبارة الثناء لها ألف أثر في نفس من يسمعها.
ورب كلمة فعلت في النفوس فِعل السّحر، ولكنه السحر الحلال!
وابتسامة الرضا ترسم السعادة الزوجية ولا تُكلّف صاحبها شيئا!
بل هو مأجور على ابتسامته، مع ما يجني من ثمارها العاجلة والآجلة!
قال جرير - رضي الله عنه -: "ما حجبني النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسّم في وجهي". رواه البخاري ومسلم.
وإن باستطاعة كلٍّ من الزوجين كَسْب قلب صاحبه بابتسامة تُشعر الطرف الآخر بالرضا عنه.
وليس بالضرورة أن تكون الحياة الزوجية مثالية خالية من المشكلات أو المنغِّصات، وإنما العِبرة بالأعمّ الأغلب.
ولذا قال - عليه الصلاة والسلام -: "لا يَفْرَك مؤمن مؤمنه إن كَرِه منها خلقا رضيَ منها آخر". رواه مسلم.
أي لا يُبغض المؤمن زوجته لأجل خُلُق قد يبدو منها، فإن ظهر له من أخلاقها ما يذمّه ويمقته، فلينظر في محاسنها.
وإن كرِه منها تقصيرها في جانب فلينظر إلى قيامها ووفائها بجوانب أخرى.
والمسلم مأمور بالعدل والإنصاف في كل شيء، ومع كل أحد.
والزوجة مُطالبة بهذه النّظرة أيضا، ولذا قال - عليه الصلاة والسلام -: "إياكن وكفران المنعمين، إياكن وكفران المُنْعَمِين. قالت امرأة: يا رسول الله، أعوذ بالله يا نبي الله من كفران نِعَم الله. قال: بلى، إن إحداكن تطول أيْمتها، ويطول تعنيسها، ثم يُزوِّجها الله البعل، ويُفيدها الولد، وقرّة العين، ثم تغضب الغضبة فتقسم بالله ما رأت منه ساعة خير قط، فذلك من كفران نِعَم الله - عز وجل - وذلك من كفران المنعمين. رواه الإمام أحمد، وأصله في الصحيحين.
هذه إشارة إلى الجانب النفسي في التعامل الأُسري، وفي الحياة الزوجية خاصة.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/374)
يوم سعيد في حياة الأسرة
عبد الواحد السعيد
في زحمة الحياة قد ينسى الزوج بعض حقوق أسرته علية، وقد لا يجد من الوقت ما يكفي لمعايشة أبنائه والتقرب منهم، ومن هنا نعرض تجربة لبعض الأسر للتغلب على هذه المشكلة بتفريغ يوم للأسرة فماذا يكون في هذا اليوم.
إنه يوم يختلف عن بقية أيام الأسبوع، ويتميز بالآتي:
1- الاستيقاظ المبكر.
2- قراءة الأذكار وتلاوة القرآن بعد صلاة الفجر، والخواطر الإيمانية (ومن خلالها يمكن التوجيه، أو معالجة مشكلة) حتى الشروق للحصول على أجر العمرة، على أن يتولى الأب إيقاظ الأبناء للمشاركة في ذلك.
3- أداء الصلوات في جماعة وفي أوقاتها، ويصاحب الأب الأولاد للمسجد والبنات يصلين مع الأم.
4- عمل بعض التمارين الرياضية سوياً.
5- مشاركة الأبناء في اللعب واللهو البريء المباح، ومحاولة الحديث معهم في اهتماماتهم وحل مشاكلهم والتقرب إليهم بصفة مستمرة.
6- المكث في المنزل أو الخروج إلى نزهة، أو رحلة بصحبة الزوجة والأولاد، أو صلة الأرحام (وما لا يدرك كله، لا يترك كله).
7- التعاون في ترتيب المنزل، وفي إعداد الوجبات، ومراعاة اختيارها خفيفة، وغير مرهقة، ومعاونة الأم في المطبخ، وشكر الأم ولو بشق كلمة؛ لمسح عنائها في البيت.
8- عمل أو شراء حلوى أو فاكهة مميزة للأولاد.
9- بقاء الزوج مع أسرته: فلا مواعيد، ولا تليفونات، ولا زيارات (وإذا تعرض البيت لذلك؛ فالثواب فيما قدر الله).
10- التحلي بالهدوء، وتجنب المناقشات التي تسبب الاحتداد في الكلام بين الزوجين.
11- تبادل الكلام العاطفي الرقيق، بعيداً عن مشاكل البيت (ومن المهم جداً عدم الاقتصار في ذلك على هذا اليوم فقط).
12- الاشتراك في عمل منتج يدوياً (زبادي، مربى، حفظ خضراوات، تربية طيور، مخللات) لإعطاء القدوة للأبناء بالمشاركة الفعلية.
13- إذا تعرضت الزوجة لأي مشكلة خلال الأسبوع -ولم تتح الفرص لمناقشتها -؛ فلتكن الفرصة في ذلك اليوم متاحة لمحاولة حلها.
14- التغافل والتجاوز عن التقصير -لأنه واقع بالفعل- إذا كثرت الأعباء.
15- مراعاة التزين بين الأسرة لإشاعة السعادة، وليس الكلام للزوجة فقط.
16- محادثة الزوج للزوجة وعدم الركون إلى الصمت الممل؛ للألفة والأنس.
17- اعتبار هذا اليوم (يوم جائزة، أو رد جميل، أو مكافأة) للتصرفات الحسنة لجميع أفراد الأسرة ( مكافأة الأبناء، والزوجة، والزوج).
18- إذا لم يتيسر تنفيذ ذلك اليوم كاملاً، فمن الممكن أن يكون نصف يوم (6 ساعات مثلاً، يعود الزوج من عمله يوماً مبكراً ).
19- عمل لقاء إيماني لأفراد الأسرة يشتمل على بعض الفقرات العلمية والترويحية وتتلخص أهم ملامحه في الآتي:
1. القرآن:
أ. القراءة والتفسير: قراءة ما تيسر بخشوع وتدبر، مع تصحيح القراءة، وتبادل الخواطر، والرجوع إلى تفسير ما أشكل من معاني.
ب. الحفظ: الاتفاق على حفظ عدد من الآيات كل أسبوع على أن يتم التسميع في الأسبوع المقبل، كلٌ حسب طاقته.
2.الحديث:
أ. القراءة والشرح: قراءة باب مختار من رياض الصالحين مع الشرح الإجمالي.
ب. الحفظ: اختيار حديث واحد من الباب للحفظ.
3. السيرة:
أ. قراءة في تهذيب سيرة ابن هشام مع التعليقات المناسبة والخواطر المؤثرة.
ب. تكليف من يستطع من الأبناء بالتحضير من قصص الأنبياء لـ(الندوي).
ج. دراسة صورة من حياة الصحابة (رأفت الباشا) أو سلسة القصص الديني (عبد الحميد جودة السحار).
4. الفقه:
دراسة فقه الطهارة والصلاة والصيام من (فقه السنة).
5. الحقوق والواجبات:
ليكلف كل فرد بتحضير واجباته فقط ليستشعر مسؤوليته عنها؛ فيؤديها، أما الحقوق فيكلف بها الطرف الآخر للتعامل، ويتم ذلك من:
أ. سلسلة الحقوق (طه عفيفي).
ب. تربية الأولاد في الإسلام ( عبد الله ناصح علوان).
ج. المرأة المسلمة وفقه الدعوة إلى الله ( علي عبد الحليم).
6. نشرة الأخبار: ويكلف بإعدادها من يستطيع من أفراد الأسرة، وأهم ما ينبغي أن تدور حوله:
أ. متابعة القضايا والأحداث.
ب. بحث موجز في قضية من قضايا المسلمين.
ج. مشاهدة شريط فيديو حول الأحداث والقضايا مع التعليق والحوار.
7. الإنشاد:
ويختار نشيد مناسب يؤديه الأبناء معاً للترويح والتذكر والتأثر.
http://www.islamtoday.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/375)
كيف تبني علاقة عاطفية ناجحة ؟
من أعظم النعم الإلهية بعد نعمة الإيمان والتقوى أن أنعم الله على عباده بنعمة الزوجية، وفيها ما فيها من معاني الألفة والود والتراحم، مما يساعد على سير الحياة سيرًا طبيعيًا كما أرادها الله - تعالى - لتكون معبرًا إلى دار القرار، وطريقا معبداً يسلكه السائر حتى يصل إلى مراده ومقصوده، وليس أبلغ من التعبير القرآني العظيم في وصف علاقة الزوجية بكونها [الميثاق الغليظ]، وبما تعنيه الكلمة القرآنية من بلاغة وروعة من العهد والقوة والتأكيد الشديد لأهمية الحفاظ عليه والوفاء به.
وليس من نافلة القول أن نكثر الحديث عن المشاعر أو نتحدث عن الأشواق التي تختلج في الصدور، فنجعل منها بركاناً يتقد أو مناجاة يُسمع لها دوي يفطر القلوب الحية، وهل بقي للناس غير المشاعر؟!
وقلما تصفو الحياة بغيرها، أنها تُحس ولا تُرى، تلك هي لغة المشاعر وصياغتها، وكيفية التعامل معها والأنس بها بما يملأ الزمان والمكان، وقليل هم أولئك الذين يحسنون التعامل مع هذه القلوب وتلك الأرواح فيبلغون فيها عبقرية جادة، فيهنأون بعيش كريم ويسعدون غيرهم بجمال الكون وما فيه.
إن الزوجة هي رفيقة الدرب، وشريكة الحياة، والمؤنس في الوحدة، وقد خلقت ليسكن الرجل إليها، والمرأة بحكم ما أودع الله فيها من أسرار مخلوق وديع، وجنس لطيف تحبه النفس وتتعلق به، وتأنس إليه، وتهش له لكونه مخلوقاً راقياً يحمل من المشاعر الدافقة، والعواطف الكامنة، والأحاسيس الدافئة، والعطاء المتجدد الذي لا نهاية له، مما يجعل الكون جميلاً ولطيفاً في أجوائه وآفاقه.
إن من صفات الأزواج والزوجات في الحياة الزوجية أنهما محافظان على حبهما الزوجي ويحرصان على تنميته وتطويره ليكون متوقدًا دائمًا، إن هناك كثيراً من الزيجات تفاجأ بموت الحب بين الطرفين فتصبح علاقتهما الزوجية علاقة جافة قاتلة، ولولا الأبناء لما استمر في زواجهما، ولكن هناك صنف آخر يشع الحب من نفسيهما من خلال العبارات والنظرات والإشارات.
الإسلام والحب:
لا يطارد الإسلام المحبين ولا يطارد بواعث الحب والغرام، ولا يجفف منابع الود والاشتياق، ولكن يهذب الشيء المباح حتى لا يفلت الزمام، ويقع المرء في الحرام والهلاك، وليس هناك مكان للحب في الإسلام إلا في واحة الزوجية.
والحب في الإسلام يختلف عن أي حب، فهو حب يتسم بالإيجابية ويتحلى بالالتزام.
ليس شرطًا أن تحب المظهر الجميل، ولكن من المحتم أن تحب الروح الأخاذة، والذات الرائعة الخلابة.
هناك من الأزواج من لديه زوجة مليحة، جميلة وضيئة، ولكنها خاوية المشاعر، جامدة العواطف، غليظة الكلام، عصبية بغيضة لا تفهم شيئًا من لغة القلوب، ولا تفقه أمرًا من عالم الوجدان.
إن كثيرًا من الملتزمين يرون في الحب منقصة ومذمة، ويرون فيه ضعة ومذلة، وهذا خطأ جسيم، وفهم خاطئ. فتراه لا يتودد إلى زوجته، ولا يعرف للغزل سبيلاً، ولا للمداعبة طريقًا.
ولو نظر إلى حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورأى حبه الشديد لعائشة، وكيف كان يداعبها ويلاطفها لعلم كيف يكون الحب بين الأزواج من شيم الكمال وليس من صفات النقص.
لقد كان - صلى الله عليه وسلم - يحث بعض صحابته على الزواج بالأبكار، من أجل المداعبة والملاعبة والملاطفة، وقد كان في ذلك صريحًا وواضحًا كذلك.
وهنا يبرز سؤال مهم وهو لماذا يكون الشغف والوله عند العصاة، ولا يكون عند الطائعين في الحلال؟ وقد ذكر القرآن شغف امرأة العزيز {قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً} [سورة يوسف/30].
ولكن يوسف - عليه السلام - أبى طريق العصاة. ونحن أولى بهذا الشغف الذي يملأ القلوب مادام أنه في الحلال، فالحب يعطي الحياة الزوجية طعمًا آخر، لا يتذوقه إلا المخلصون الأوفياء.
كيف تبني علاقة عاطفية ناجحة؟
الصلة بين الزوجين صلة مودة ورحمة وليست علاقة عشق وهيام وصبابة وغرام؛ فهي صلة محبة هادئة [مودة] وصلة [رحمة] متبادلة، لا أوهام عشقية لا تثبت على أرض الواقع، ولا خيالات غرامية لم يقم عليها أي زواج ناجح.
وإن من أهم الأشياء لبناء الحياة العاطفية الناجحة، التفاهم بين الزوجين، والتفاهم يكون في البداية في كيفية اختيار شريك الحياة على أسس صحيحة من الدين والكفاءة الشخصية العائلية، وبعد ذلك في الأمور المهمة والأساسية في الحياة الزوجية مثل الأولاد وكيفية تربيتهم والقيام على شئونهم، وكذلك الأمور المالية وكيفية الإنفاق، وأخيراً المسائل الجنسية وكيفية إشباع رغبة الزوجية من الآخر.
وإذا تم التفاهم على قدر كبير من الأمور السابقة، بعدها فلا بد أن يتعرف كل من الرجل والمرأة على طبيعة الآخر وكيف تفكر المرأة وكيف يفكر الرجل. وكيف يعبر كل منهما عن مشاعره.
وبعد ذلك لا بد من الاستفادة من العلاقة الجسدية لبناء علاقة عاطفية ناجحة ومثمرة، لأن هذه العلاقة تولد الشوق والمودة والحيوية بالنسبة لكلا الطرفين.
والأهم من ذلك كله أن يتعلم الزوجان قاعدتين مهمتين لبيوت سعيدة، وهما: أن البيوت تُبنى على المودة والرحمة، وأن دمار البيوت يبدأ من جفاف المشاعر، فيجب المحافظة على أجواء البيوت هادئة ومستقرة ومعين متجدد للمودة والحب والدفء والحنان.
عناصر الحب الحقيقي:
إن العلاقة الزوجية ليست فقط مشاعر الحب والعاطفة، ولكنها أيضا الاستعداد للتضحية، أو التصرف لمصلحة الطرف الآخر على حساب المصلحة الشخصية، ويجب أن نميز بين مشاعر الحب وأعمال الحب، فالمشاعر هامة وأساسية إلا أن أعمال الحب من التضحية والبذل للآخر من شأنها أن تحافظ على العلاقة السعيدة والدافئة.
أعمال المودة والحب؟
ومن وسائل تنمية المودة والمحبة بين الزوجين ما يسمى بأعمال المودة والحب، تلك الأعمال التطوعية التي تنم عن المحبة الكبيرة والتقدير العظيم للطرف الآخر كمفاجأة غير متوقعة أو دعوة عشاء خارج المنزل، أو ورقة في كتاب في كلمة حب.
وكثير من الأمثلة التي تخطر في ذهن المحبين والعروسين الجديدين، وتشير هذه الأعمال إلى إهمال الواحد بالآخر وأنه يفكر فيه.
كيف تنمو المودة ويزداد الحب؟
مودة الزواج وحبه أكثر عمقاً في واقع الحياة، إن الحب يكبر مع كبر الزوجين، ومع مواجهتهما لمشكلات الحياة وتحدياتها، ومع اشتراكهما معًا في التغيير والتكيف مع علاقتهما المتغيرة باستمرار.
شجرة الحب:
إذًا يمكن القول أن الحب هو كبذرة زرعت في أرض خصبة، تُسقى بماء المشاعر الفياضة وتحدث بأعمال الحب الكثيرة ولا بد لها من زمن حتى تستقر شجرة كبيرة فارهة الطول عظيمة الأغصان، تتجاوز كل المحن والصعوبات.
وهناك عشر وسائل لتنمية الحب والمودة بين الزوجين:
1. تبادل الهدايا حتى وإن كانت رمزية، فوردة توضع على وسادة الفراش قبل النوم، لها سحرها العجيب، وبطاقة صغيرة ملونة كتب عليها كلمة جميلة لها أثرها الفعال، والرجل حين يدفع ثمن الهدية، فإنه يسترد هذا الثمن إشراقًا في وجه زوجته، وابتسامة حلوة على شفتيها، وكلمة ثناء على حسن اختيارها، ورقة وبهجة تشيع في أرجاء البيت، وعلى الزوجة أن تحرص على إهداء زوجها أيضاً.
2. تخصيص وقت للجلوس معًا لإنصات بتلهف واهتمام للمتكلم، وقد تعجب بعض الشراح لحديث أم زرع من إنصات الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة الطويل وهي تروي القصة.
3. النظرات التي تنم عن الحب والإعجاب، فالمشاعر بين الزوجين لا يتم تبادلهما عن طريق أداء الواجبات الرسمية أو حتى عن طريق تبادل كلمات المودة فقط، بل كثير منها يتم عبر إشارات غير لفظية من خلال تعبيرة الوجه، ونبرة الصوت، ونظرات العيون، فكل هذه من وسائل الإشباع العاطفي والنفسي، فهل يتعلم الزوجان فهم لغة العيون؟
وفهم لغة نبرات الصوت وفهم تعبيرات الوجه، فكم للغة العيون مثلاً من سحر على القلوب؟
4. التحية الحارة والوداع عند الدخول والخروج، وعند السفر والقدوم، وعبر الهاتف.
5. الثناء على الزوجة، وإشعارها بالغيرة المعتدلة عليها، وعدم مقارنتها بغيرها.
6. الاشتراك معًا في عمل بعض الأشياء الخفيفة كالتخطيط للمستقبل، أو ترتيب المكتبة، أو المساعدة في طبخة معينة سريعة، أو الترتيب لشيء يخص الأولاد، أو كتابة طلبات المنزل، أو غيرها من الأعمال الخفيفة، والتي تكون سبباً للملاطفة والمضاحكة وبناء المودة.
7. الكلمة الطيبة، والتعبير العاطفي بالكلمات الدافئة والرقيقة كإعلان الحب للزوجة مثلاً، وإشعارها بأنها نعمة من نعم الله عليه.
8. الجلسات الهادئة، وجعل وقت للحوار والحديث، يتخلله بعض المراح والضحك بعيدًا عن المشاكل، وعن الأولاد وعن صراخهم وشجارهم، وهذا له أثر كبير في الألفة والمحبة بين الزوجين.
9. التوازن في الإقبال والتمتع، وهذه وسيلة مهمة، فلا يُقبِل على الآخر بدرجة مفرطة، ولا يمتنع وينحرف عن صاحبه كلياً، وقد نُهي عن الميل الشديد في المودة، وكثرة الإفراط في المحبة، ويحتاج المتمتع إلى فطنة وذكاء فلا إفراط ولا تفريط، وفي الإفراط في الأمرين إعدام للشوق والمحبة، وقد ينشأ عن هذا الكثير من المشاكل في الحياة الزوجية.
10. التفاعل من الطرفين في وقت الأزمات بالذات، كأن تمرض الزوجة، أو تحمل فتحتاج إلى عناية حسية ومعنوية، أو يتضايق الزوج لسبب ما، فيحتاج إلى عطف معنوي. وإلى من يقف بجانبه، فالتألم لألم الآخر له أكبر الأثر في بناء المودة بين الزوجين وجعلهما أكثر قرباً ومحبة أحدهما للآخر.
http://saaid. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/376)
هل زوجك مشغول دائما ؟
منال الدغيم
قالت لهن: أنا دائماً لا أراه! تخيلي رغم أني معه في نفس البيت، إلا أنه قد يمر يوم كامل دون أن أراه أبداً!!، ومن الطبيعي ألا أراه سوى ساعة أو أقل في اليوم الواحد. ينهض مبكراً قبل استيقاظنا ولا يعود للإفطار، غالباً ما يكون مدعواً على وجبة غداء عند رفاقه، وبعد العصر قد يعود قليلاً أو يكتفي بالاتصال لينظر أخبارنا! ثم يمضي في مشوار مواعيده الطويل، ويذهب لأشغاله الكثيرة، أما العشاء فلا أذكر أنه تناول العشاء مع أولاده إلا أندر من النادر!
قاطعتها إحداهن بحذر وتوجس: يا لك من بلهاء! لا تصدقي أكاذيبه! فهو يدعي أنه مشغول وهم كلهم هكذا، والحقيقة أنه إذا أراد أحدهم الزواج قال: أنا مشغول، فانتبهي لزوجك، فربما يكون مع عروسه طوال اليوم، ولا يأتيك إلا في الليل وأنت غافلة عن ذلك.
ضحكت تلك الأخت وقالت: هوني عليك، إن الكاذب لابد أن ينفضح أمره، وزوجي مشغول حقاً، فإذا دخل عليّ فإنه لابد أن يكون يحادث أحداً بهاتفه، ويوصيه على أعمال ويسأل عن أعمال، ويعده بأعمال! وربما أشركني أنا أيضا في أعماله، فلا أمانع لأن عمله كله للدين ولوجه الله، وهذا ما يطمئنني ويمنعني من الوقوف في وجه زوجي، أو صده عما يعمل!
قالت امرأة في المجلس: يبدو أنك سعيدة مع هذا الوضع؟
فأجابت صاحبتنا: الحمد لله أنا لا أشعر بالتعاسة أبداً، ربما شعرت بشيء من الضيق بعض الأحيان عندما أطلب منه توصيلي لمكان ما، فيعتذر بانشغاله! ثم تعلمت أن الحل يكون بحجز موعد مسبق لكل مشوار أريده قبله بيوم أو يومين، وذلك ليرتب زوجي وقته ووضعه، وهو في الوعد شهم واف، وقد يعتذر لبعض أصحابه، لأنه وعدني من قبل، رغم أن الحجز أحيانا ليس بالضرورة أن يكون مؤكداً!
ولا أخفيكن أنه وسواسا يقول لي بعض الأحيان: حتام تصبرين على هذا البلاء والهجر؟
أنت مسجونة خلف الأبواب ومحبوسة بين الجدران، فتطلبي منه نزهة بريئة أو سفراً لتروحي عن نفسك! فأتمنى ذلك وأعزم على عرض الأمر، لكن لما أرى زوجي وأعماله وعودته مرهقا تعبا آخر المساء، أخجل أن أطلب منه طلباً كهذا وهو الذي لا يقدر على التقاط أنفاسه!
في بعض الأحيان، أرغب حقيقة أن أغير من هذا النمط القاتل، وأريد أن تجتمع أسرتنا الصغيرة وأطفالنا مع أبيهم الغائب، فأجهز مفاجأة سعيدة، كأن أعد عشاء فاخرا أو أغير بعض الشكل في الأثاث، وأتجمل وأبدي صغاري في أحسن مظهر، ثم أدعوه لمفاجأة في منزله تنتظره، فيأتي ونقضي مساء رائعا معا، وهو يفرح لهذه المفاجآت كثيرا، ولكنها لا تتكرر دائما.. فهي على اسمها مفاجأة!
قالت إحداهن: وكيف تعيشين وتقضين وقتك؟
أجابت: بصراحة لقد اعتدت على الوضع، فأنا بطبعي هادئة فأحب البيت فارغاً هادئاً، فأرتب وقتي، وأنظم بيتي، وأغسل وأكوي وأعتني بأطفالي محاولة بقدر الإمكان القيام بدور الأم والأب معا، وأقرأ بعض المجلات والكتب النافعة، وأقوم ببعض الأعمال الدعوية في منزلي، وأرى أنه لو كان زوجي دائم المكوث في البيت، فربما منعني وجوده من ذلك كله.
وما أن يعود زوجي فإني أبادر للجلوس معه ومحادثته والتخفيف عنه، هكذا وطنت نفسي، فهو جنتي وناري كما ترون.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/377)
الحياة السعيدة
أحمد أمين
لو استعرضنا أنواع الناس، وكيف يحيون وجدنا أن كثيراً منهم يعيش عيشة جافة جامدة باردة، يستيقظ من النوم، فيفطر، ثم يلبس ملابسه ويذهب إلى عمله كزارع أو صانع أو تاجر أو موظف، حتى إذا جاء وقت الغذاء عاد إلى بيته فتغذى، ثم قد يزاول بعض عمله ثم يجلس في مقهى يسمر مع أصدقائه أو نحو ذلك ثم يعود إلى بيته فيحدث أهله بعض الحديث ثم ينام وهذا هو تاريخ حياته، يوم واحد متكرر، وحياة واحدة رتيبة...
هذه هي الحياة أشبه ما تكون بحياة آلة في مصنع ندورها فتدور ونعطيها غذاءها من فحم أو وقود فتسير على نمط واحد ثم يوقفها القائم عليها فتقف وهكذا حياتها كل يوم. بل هي أيضاً كحياة الأنعام تأكل وتعمل وتنام وهكذا عادتها كل يوم. وإن الإسلام لا يرضى عن هذه الحياة.
وهناك قوم أضافوا إلى هذه الحياة المادية من أكل وشرب ونوم حياة أخرى عقلية، فهم يخصصون جزءاً كبيراً من وقتهم لاستخدام عقولهم في حياة علمية أو أدبية كرجال الجامعات والباحثين في العلوم على اختلاف أنواعها، والفلاسفة الذين يجدون للبحث وراء كنه العالم والذين يقضون كثيراً من أوقاتهم في المعامل يبحثون ويجربون ويبتكرون... وهذا النوع من الحياة أرقى من نوع الحياة الأولى؛ لأنها جمعت بين الحياة المادية والعقلية، وجمعت بين السعادة المادية والسعادة الفكرية، ولا شك أن اللغة العقلية الفكرية أمتع وأنفع وأطول ولكن مع كل هذا لا يرضى الإسلام عن هذه الحياة أيضاً؛ لأنه يرى فيها جفافاً لخلوها من القلب والعاطفة ولأن أصحابها كثيراً ما تلهيهم علومهم عن التفكير في إلههم وإذا فكروا فيه فكروا بنوع من الإنكار أو من الإلحاد أو الاستخفاف أو عدم الاكتراث.
ومن هؤلاء العلماء من بلغ تقديسهم للعقل وحصرهم أنفسهم في قوانينه أن ساروا في حياتهم على الأخلاق التي يرتضيها العقل وحده، فيعدلون مع الناس ومع أنفسهم؛ لأن هذا أنفع للمجتمع ولهم بحكم عقلهم، ويلتزمون الصدق ويقومون بالواجبات الفردية والاجتماعية؛ لأنهم يرون فيها الخير لأنفسهم ولمجتمعهم بحكم العقل فهم فضلاء بالعقل، خيرون بالعقل، ولا يلتزمون بشيء ولا يسيرون على منهج إلا إذا ارتضاه العقل وحتى هذا أيضاً لم يرتضيه الإسلام؛ لأن الفضائل إذا صدرت عن العقل وحده خلت من الحرارة وخلت من القوة التي يتطلبها الدين ولذلك لما سئل رسول الله عن قوم في الجاهلية أتوا بأعمال فاضلة من كرم وشجاعة أبى أن يعترف لها بقيمة لأنها لم تنبع من المنبع الذي يرتضيه الإسلام.
إنما يريد الإسلام حياة فيها مادة وفيها عقل وفيها روح، وبعبارة أخرى إن الإسلام يلاحظ أن الإنسان ركب من عناصر مختلفة ولا يمكن أن يسعد إلا إذا عاش عيشة تغذي كل عنصر من عناصره، ولتوضيح هذا نقول: إن في الإنسان عنصراً من عناصر النبات في خواصه وطبائعه فهو يبحث عن غذائه في الأرض كما يبحث النبات، وتؤثر فيه الفصول الأربعة كما تؤثر في النبات، ولا بد له من هواء وماء كالنبات، فلا بد لسعادة الإنسان أن يغذى هذا العنصر النباتي فيه.
كذلك في الإنسان عنصر حيواني: فهو يتحرك بالإرادة كما يتحرك الحيوان، وله شهوات وغرائز كما للحيوان شهوات وغرائز، يتشهى الأكل، ويشتهي الألفة، ويتشهى الاجتماع ببني جنسه، وفيه غرائز الخوف، وحفظ الذات، وحفظ النوع، ونحو ذلك، فلا بد لسعادته من أن يحيا هذه الحياة الحيوانية أيضاً.
وفي الإنسان عنصران امتاز بهما عن النبات والحيوان، أحدهما عنصر العقل: والعقل وإن ظهر في شكل بدائي بسيط ساذج في الحيوان فهو في الإنسان أعلى وأرقى وأتم، وبه استطاع أن يسود الحيوان ويسخره لمنفعته - وبالعقل استطاع أن تكون له قوة أقوى من الأسد ومكر أقوى من الثعلب كما استطاع أن يتغلب على الحيوانات التي هي أقوى منه جسماً وأوفر حظاً فتغلب به على الفيل بأنيابه وعلى الجمل بضخامته ونحو ذلك فلا بد له أيضاً من أن يعيش عيشة فيها غذاء هذا العنصر العقلي، فيفكر ويتأمل، ويقرأ، ويكتب.
والعنصر الآخر الذي يمتاز به عن النبات والحيوان هو عنصر الروح وهو غير عنصر العقل.
هذا العنصر الروحي أساسه الدين والاعتقاد بإله واحد هو ربه، ورب العالمين، منه يستمد القوة ومنه يستمد الحياة، ومنه يستمد وسائل الحياة. وبهذين العنصرين عنصر العقل والروح استطاع الإنسان أن ينظم عنصر النبات والحيوان فيه وأن ينظم غرائزه ويلطفها ويهذبها ويخضعها لأمرهما.
السعادة في نظر الإسلام يجب أن تتوفر بالأخذ بحظ من كل عنصر من هذه العناصر الأربعة أخذاً معتدلاً لا إفراط فيه ولا تفريط، فهو لا يرضى عن تعذيب الجسم وحرمانه من ملذاته ولذلك كره الزهد والتبتل وقال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
وكره حياة حيوانية لا عقل فيها، وعاب على قوم أنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلا، وحث على العلم وطلبه والتفكير في خلق السموات والأرض وما فيها وحرص على العنصر الرابع وهو عنصر الروح فقرر أن الحياة إذا خلت من العنصر الروحي كانت حياة تافهة لا قيمة لها.
والناس إزاء هذه العناصر مختلفون اختلافاً كبيراً، فمنهم من غلب عليه عنصر النبات والحيوان فكان شهوانياً، ومنهم من غلب عليه عنصر العقل فكان عالماً أو فيلسوفاً، ومنهم من غلب عليه عنصر الدين فكان متصوفاً. ولكن خير حياة رسمها الإسلام هي الحياة التي اعتدلت فيها كل هذه العناصر ولم تفقد واحداً منها. والعلم لا يكفي في الإسعاد لا في إسعاد الفرد ولا في إسعاد المجموع، لقد ملأ العلم الدنيا آلات وأدوات واختراعات ونظريات في السياسة والاجتماع ووصل في تقدمه إلى تحطيم الذرة ولكن هل كفى هذا في إسعاد الناس؟ إن العلم وحده صالح؛ لأن تستخدمه في الخير كما تستخدمه في الشر، فهو كالسكين تستخدمه في القتل فيضر، والذي يحدد استخدامه في المنفعة هو الروح التي يعبر عنها دائماً بالقلب. إن العلم يستطيع أن يرقى وسائل الخير كما يستطيع أن يرقى وسائل الشر. قد كان الناس قديمًا يقتلون بالعصا والحجارة ونحو ذلك، فلما تقدم العلم قتلوا بالكهرباء والغازات الخانقة والطائرات والغواصات والقنابل الذرية. إنما الذي يستطيع أن يحد من شر العلم هو الروح وهو الدين وهو الإيمان بإله يحاسب الناس على أعمالهم ويطلع على ضمائرهم.
إن الدين الصحيح يغذي الشعور بالتسامي، والطموح الدائم إلى الرقي ويعالج الشعور بالنقص ويحارب الميل إلى التدني، والدين الصحيح ينقل النفس مما يعتريها من الحزن والإحساس بالفراغ والقلق الذي يعتري الإنسان إذا لم يجد سنداً يستند إليه، ينقلها من ذلك كله إلى شعور بالأمن والطمأنينة والاستناد إلى قوة ليس فوقها قوة.
إن الدين الصحيح يوسع النفس حتى ترى بينها وبين الناس كلهم بل بينها وبين المخلوقات كلها نسباً كنسب الأسرة الواحدة؛ لأن ما في العالم جميعه يرتبط به ارتباط الأخوة إذ هو وهي كلها من خلق الله رب العالمين.
إن الدين الصحيح يشعر الإنسان بالاتصال بعالم روحي واسع لا يقاس به عالم المادة، فإن كان العلم يحضر الإنسان في المادة وفروعها، فالدين يضم إلى هذه المادة أكبر منها وهو ما ليس بمادة وبذلك يتسع أفق صاحبه أضعافاً مضاعفة.
لقد أفهمتنا الحياة أن السير على قوانينها الطبيعية يكسب الراحة والسعادة وأن كل سأم وقلق وملل واضطراب سببه مخالفة القوانين الطبيعية في جزء من أجزاءه وإذا كانت طبيعة الإنسان مكونة من هذه العناصر الأربعة: عنصر النبات والحيوان والعقل والروح، فنقصان عنصر منها لا يمكن أن يحقق السعادة بالأخذ بحظ وافر من كل عنصر من هذه العناصر وامتزاجها امتزاجاً متعادلاً لا يطغى فيه عنصر على عنصر. وهذا نوع الحياة التي يرتضيها الإسلام.
http://www. toislam. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/378)
كيف تفوز بقلب زوجتك
تعرف على ما تحبه زوجتك فتجاهد لتحقيقه وعلى ما تكره فابتعد عنه وابعدها عنه.
* أكثر من الكلمات الجميلة المحببة إلى نفس كل زوجة مثل حبيبتي، أحبك، وتفنن في إخراج هذه الكلمات بقوة وصدق.
* استمع إليها عندما تتحدث خصوصا إذا كان حديثها عن مشكلة تمر بها ترغب منك مشاركتها الرأي والمشورة، استمع إليها بكل جوارحك.
* تزين لها دائما وبالغ في الزينة.
* لا تشعر زوجتك بأنها مهانة لديك بل يجب أن تشعرها أنها معززة مكرمة، ولا تنس الثناء عليها بين الفينة والأخرى أمام ذويها وذويك في حضرتها وغيابها.
فتور العلاقة الزوجية:
يدب الملل في حياة الأسرة حينما تفقد الجديد، وينشغل الزوج بأحواله وظروف عمله أو مشاكله، وتنشغل الزوجة عن الاهتمام بزوجها إلى رعاية أبنائها، والملل هو أحد المشاكل التي تواجه الأسرة ويسبب متاعب وأزمات، فتشكو الزوجة من عدم اهتمام زوجها بها، وأعراضه عنها ومعاملتها بقسوة وجفاء وعدم تقدير، ونفس الشكوى يرددها الزوج: زوجتي لم تعد تطيقني، ولم تعد تحبني وتضايقني كثيرا بتصرفاتها، وتهمل رعايتي، وتعلل بالأولاد، أو بأننا كبرنا ولا ينبغي أن نتصرف مثل الشباب المراهق إن فتور العلاقة الزوجية ينعكس على كل أحوال البيت، فلا ترتاح الزوجة ولا الزوج ويعيش الأبناء في قلق وتوتر. الصوت مرتفع لأتفه الأسباب والمشاكل البسيطة تتعمق ويكبر سوء الظن وتأويل الكلام على الوجه السيئ إضافة إلى تصرفات وسلوكيات أخرى لا ترضى أحدا.
وعلاج الفتور هو مسئولية الزوجة أولا، وعليها أن تبحث عن أسباب الفتور في بيتها وتعالجها مثل وضع اللمسات الرقيقة في البيت وإعادة ترتيبه والحرص على جماله وحيويته وبساطته، والاهتمام بنفسها ومظهرها وأسلوبها في التعامل والاهتمام بزوجها وأدواته الشخصية وملابسه وكتبه وخصوصياته والحرص على احترامه وتقديره، وتشعره دائما بأنه رب الأسرة الذي يتعب ويجتهد في تحصيل الرزق لأولاده ولأهله.. وعلى الزوجة كذلك ألا يكون تعاملها مع زوجها من باب واحد فقط هو أريد كذا وكذا. الأولاد يحتاجون كذا.. وأنا أحتاج كذا وكذا ولكن تكون هناك مداخل أخرى، مثل تقديم هدية بسيطة في مناسبة ما، أو إعداد مفاجأة له كل حين من المفاجآت التي تسعده، وتدخل السرور على قلبه; وأنا لا أنكر دور الزوج في علاج الفتور عن طريق الاهتمام بزوجته ومتابعة أحوالها فهذا من الأمور الهامة أيضا.
http://www. naseh. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/379)
الزواج والمادة
عبد الرحمن صالح العشماوي
خلافات زوجية واسعة النطاق، وأخبارٌ عن صراعات في بيوت الزوجية بسبب المال، وحِدَّةٌ في التعامل بين الزوجين بسبب طمع كل واحد منهما فيما عند الآخر، وتعاملٌ قاسٍ من بعض الأزواج بسبب طمعهم في أموال زوجاتهم، وإنَّ مجالس الناس لتروي من هذه الصراعات الزوجية ما يندى له الجبين، وما يشعرنا أن بعض الرجال قد فقدوا معاني رجولتهم وشيمهم وكرم نفوسهم، وأَصبحوا ينظرون إلى رواتب زوجاتهم، وما يملكن من الحُليّ التي تعتبر حقاً من حقوقهن؛ لأنَّهن يملكنها بحقِّها، على أنها من حقوقهم يتصرفون فيها كما يشاؤون. شيء عجيب يحدث في كثير من البيوت في هذا العصر الذي سيطرت فيه النظرة المادية على كثير من الناس.
إنَّ الزوج الذي يرى أنَّ مال زوجته حقٌ له يتصرف فيه كما يشاء، فيجبرها على إعطائه ما يريد منه، ويضربها على ذلك، ويهدِّدها بالطلاق والتفريق بينها وبين أولادها، لا يفقه أحكام الشرع في هذه المسائل، أو أنه يفقه ويعلم، ولكنَّه يخالف تلك الأحكام، ويعصى ربَّه - عز وجل - الذي أوجب عليه النفقة، وألاَّ يأخذ من مال زوجته شيئاً إلا إذا سمحت بذلك نفسها، وجاءت به دون ضغط أو تهديد، وعند ذلك يحصل على ما يحصل عليه برضا نفسٍ تبقى معه المودَّة والمحبة بينهما. لماذا يتجاهل بعض الأزواج أحكام شرع الله في هذه المسائل؟
إنه الجهل بالدين أو عدم الاكتراث بأحكامه وتعاليمه، وكلا الأمرين يدل على خلل عند ذلك الزوج الطامع في مال زوجته.
وإنَّ من أعجب العجب في هذه المسائل ما يحدث من خلافاتٍ عميقة تصل بالزوجين إلى مفترق الطرق، وربما أوصلتهم إلى أبواب المحاكم حتى تصبح حياتهم مشحونةً بخلافٍ يُسيء إلى أبنائهم، ويحوِّل بيوتَهم إلى ميادين شقاق لا ينتهي، يكون سبباً في شحن القلوب، وإثارة مشاعر الغضب والحقد بين أفراد الأسرة الواحدة.
الحياة الزوجية قائمة على الحب والمودة والرحمة والتفاهم، وعلى التضحية المشتركة، والإحساس بالمسؤولية من طرفيها المهمين؛ الزوج والزوجة، فإذا فقدت هذه المقوِّمات المهمة أصبحت جحيماً لا يُطاق، وأخرجت إلى المجتمع أولاداً مضطربين، يعانون من انكسارات نفسية، ويصبحون عرضةً للانحراف السلوكي، وفريسةً للأمراض النفسية، والاضطرابات الشعورية التي تستمر معهم مدى الحياة.
أين إحساس الزوجين بهذه المشكلات، وأين إيمان الزوج المسلم المكابر، الطامع في مال زوجته بقوله - تعالى -: {وّآتٍوا النٌَسّاءّ صّدٍقّاتٌهٌنَّ نٌحًلّةْ فّإن طٌبًنّ لّّكٍمً عّن شّيًءُ مٌَنًهٍ نّّفًسْا فّكٍلٍوهٍ هّنٌيئْا مَّرٌيئْا} [النساء: 4]. كيف ينسى ذلك الزوج المادّيُّ قول ربه {فّإن طٌبًنّ لّّكٍمً عّن شّيًءُ} [النساء: 4]، إذا كان ذا حاجةٍ ماسَّة، ولماذا ينزل بنفسه إلى هذا المستوى المتدنِّي من التعامل مع أقرب الناس إليه.
إنَّ التفاهم بين الأزواج يؤدي عند كثير من الأسر إلى الاستقرار العائلي، ويرفع من مكانة كل من الزوجين عند الآخر، ويحقِّق بينهما من التعاون والتكاتف ما يرخص به الغالي من متاع الدنيا الزائل.
إن راتب المرأة، وما تملكه من الدنيا حقٌ لها وحدها تتصرَّف فيه كما تشاء، ولا يحق للزوج أن يجعل في ذلك مطمعاً دون حق، والمرأة كريمة بطبعها، إذا أحست بالأمان الحقيقي مع زوجها بذلت له من مالها ما تستطيع حينما يحتاج إليه، فليتق الله رجالٌ أعماهم الطمع عن أحكام دينهم.
إشارة:
إنما الضعف أن نكون ضحايا ***لهوانا، وأن تَسوء الفَعال
http://www.suhuf.net.sa المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/380)
الحرية داخل الأسرة.. ما هي حدودها؟
مرتضى عبد الله
*هل نفتقد الحرية داخل بيوتنا... أم أن المشكلة تكمن في الحرية الزائدة؟
*العلمانيون يودون انفلات المجتمع وسيادة الإباحية!!
*الإسلام قدم الحرية في أعمق وأشمل صورها..
لا بد من توافر الحرية داخل الأسرة.... الحرية تخلق الإنسان المتوازن صاحب المبادرة.
كل هذه وغيرها جمل ترددها أجهزة الإعلام يوميا وتردد ما هو أكبر من ذلك... لدرجة أن إحدى الصحف نشرت موضوعاً تقول فيه" متى يؤدب الولد أباه "؟!! هذا الانفلات في علاج مشكلة الحرية داخل الأسرة - لو افترضنا وجودها - لا يساهم في حلّها، بل يزيدها تعقيدا. فهل فعلاً تفتقد بيوتنا أجواء الحرية كما يدعي العلمانيون الذين يقولون: إننا نحكم بالقهر والإذعان والرأي الواحد...؟ وإذا كان هناك قصور تربوي فما هو سببه؟ وكيف يمكن تداركه؟ وما حدود هذه الحرية المدعاة؟
يرى العلمانيون أننا نفتقد لمنظومة الحرية الاجتماعية، وأن طريقة المعاملة داخل الأسرة قائمة على أوامر فوقية من الأب أو الأم أو الأخ الأكبر إلى من يليه، ثم تقف الدائرة عند هذا الحد ولا تكتمل ولا يصدر رد الفعل المضاد. وأحياناً تدار الأمور بشكل عسكري.. والابن ما عليه إلا أن ينفذ!! ولم نعود أبناءنا بالقدر الكافي على المناقشة والاعتراض على أفكارنا!! وإنما نأمرهم أن يقتنعوا بأفكارنا كما هي، بل وينفذوها. وهكذا تتكون شخصية الطفل على عدم النقاش، حتى ولو كان الأمر واضح الخطأ، وحينما يكبر الابن يفعل الشيء نفسه مع ابنه.
كما يعيب العلمانيون على نمط التربية التلقيني، بأن يقول الطفل كلمات وجملاً محددة في أوقات محددة، ثم يعتمد على الحفظ بدون تفكير... وفي النهاية تكون المحصلة غير مرضية.
ويرد د. عبد الهادي محمود أستاذ العلوم التربوية على هذا الادعاء بقوله:
إن إطلاق القول بأننا نفتقد الحرية داخل بيوتنا قول مبالغ فيه، ويعكس انهزاماً فكرياً ونفسياً أمام الدعاوى الغربية والعلمانية. هذا ليس دفاعاً منا عن أنظمة معيبة أو فاشلة.. فمجتمعاتنا ورثت من عصور الانحطاط والتخلف أمورا كثيرة، تقوم الآن الصحوة الإسلامية بتصحيحها خاصة في المجال الاجتماعي.
ويضيف: إن كل مجتمع يشمل في طياته فئات وفصائل مختلفة فهناك المجتمع الذي يعطي لأبنائه حرية كاملة، وهناك المتشدد المتعسف، وهناك من هو منضبط ومتوسط. والواقع أن معظم أسرنا الآن لا تنقصها الحرية كما يردد البعض بل على العكس، فأحياناً تزداد الحرية عن الحد المطلوب، إذ أصبح من حق الزوجة في بعض الأحيان الخروج دون إذن زوجها وكذلك الأبناء. ونجد كثيرا من الآباء يوفرون قدراً كبيراُ من الرفاهية لأسرهم، إذ يبالغون في تدليل الأبناء والزوجة، خاصة الفئات المهنية المرموقة.
هذا الجيل أفضل حظاً:
وفي محاولة لرصد الواقع.. التقينا بالعم عبد الله درويش الذي يعمل بالتجارة وسألناه: كيف يربي أبناءه؟ قال: أربيهم كما رباني والدي على الأخلاق وطاعة الله ورسوله، وقد أرسلت أبنائي إلى المدارس بنين وبنات. وطالما الأبناء يقومون بواجباتهم الدينية والمدرسية ولا يأتي أحدهم بمشكلة، وساعد الابن أباه وتساعد البنت أمها فليس لي عندهم شيء آخر. وأنا لا أستخدم العنف معهم، بل ربما أقسو عليهم في الكلام. سألته: هل تسمح لأحدهم أن يعارضك؟ قال: إنني أكون في أسعد لحظات حياتي حينما يعارضني ابني وهو على صواب، فهذا فخر لي ويثبت أنني قد نجحت في تربيته، لكن يجب أن تكون معارضته لي بأدب.
أما الأستاذ أحمد العبد اللطيف مدرس اللغة العربية فيقول:" لقد أرهقت نفسي بالعمل فوق طاقتي لكي أوفر لأبنائي كل ما يحتاجونه، وقد واجهتني عدة عقبات في تربيتهم استطعت بفضل الله أن أتغلب عليها بمساعدة والدتهم التي كان لها دور لا ينكر. أبنائي يعتبرونني صديقهم الموقر حيث كنت ألاعبهم وهم صغار، وكثيراً ما كنت أخشى أن يتعودوا على التدليل الذي كان حتماً يسبب لهم مشاكل حينما يكبرون لكن ولله الحمد نضجت شخصيتهم بشكل مرضٍ جداً ".
أما الأستاذ عبد الرحمن الصالح موظف متقاعد يقول: "إن هذا الجيل أفضل حظا من جيلنا الذي تعدى الستين عاماً الآن، فكل شيء متاح أمام هذا الجيل. قلت له ربما كنتم تخافونهم.. قال: لا بل كنا أفضل تربية من هذا الجيل الذي تأثر بدعاوى العولمة، فعلى سبيل المثال أخي تعلم التدخين في العشرين من عمره، وكان والدي يدخن أيضاً ولكن حينما يلمحه قادماً يطفئ أخي السيجارة فوراً احتراماً وتقديراً لوالدي. أما الآن فالابن يرفع صوته في حضرة أبيه، ولا يشعل السيجارة في وجه أبيه فقط، بل ربما يطلب منه ولاعته ليشعل السيجارة.
ويستطرد الصالح قائلا: إن مشكلة هذا الجيل تنحصر في انعدام الحياء في التعامل مع آبائهم!!
العنف مع الأبناء موجود... لكنه ليس القاعدة:
تقول الدكتورة زينب عبد الحفيظ - أخصائية الطب النفسي -: إن العنف الأسري موجود في مجتمعنا ويمارسه الآباء على الأبناء، وهذا ما اتضح لي من خلال احتكاكي بالمرضى، لكنه قليل مقارنة بالمجتمعات الأخرى غير المسلمة. فقد صادفتني حالة لفتاة جامعية تعاني من الانطواء والاكتئاب، نتيجة للضغط الأسري عليها، ولضرب والدها لها، وتسفيهه لشخصيتها.. ونتيجة لذلك أصيبت بالتبول اللاإرادي، مما سبب لها مشاكل كثيرة.. ولكن بعد معالجة الضغوط الاجتماعية، وتنمية ثقتها في نفسها، والتفاهم مع والدها أمكن استيعاب الأمر وشفيت الفتاة تماماً.
وحالة أخرى قابلتني لطفل في المرحلة الابتدائية، كان هذا الطفل يفتقد القدرة على الكلام، ويخاف من أقل شيء، ومتوتر دائماً نتيجة لضغط والده وقسوته عليه حتى يحقق حلمه فيه، وبعد تخفيف تلك الضغوط، تحسنت حالته بشكل كبير.
وتضيف د. زينب: وللمحافظة على الأبناء أناشد الآباء والأمهات بعدم الإفراط في الحرية للأبناء، مما قد يسبب لهم حالة من عدم الانضباط، وهذا ما نراه سائدا في مجتمعاتنا. وإن الفئة التي تمارس العنف ضد الأبناء هي فئة قاع المجتمع وغير المتعلمين، وكلما ازدادت الحالة العلمية والاجتماعية، كلما زادت مساحة الحرية، والواقع يؤكد ذلك، فنسبة الانحرافات بين الأبناء تزداد في قاع المجتمع، كنتيجة للفقر والضغوط الحياتية التي تعيشها مجتمعاتنا، وفي قمة المجتمع نجدها نتيجة الرفاهية والحرية المطلقة... ونجد جرائم القاع تكاد دائماً تنحصر في السرقة والتزوير، أما جرائم القمة فكلها انهيارات أخلاقية كإدمان المخدرات أو العلاقات الجنسية غير الشرعية.
حدود الحرية:
أمامنا الآن سؤال ينبغي أن نطرحه وهو: ما هي حدود الحرية التي يجب أن تتاح داخل بيوتنا؟
تجيب الدكتورة سارة المهدي - أستاذة علم الاجتماع - بأن البعض يريد أن يكون المعيار هو النمط الغربي.. فالفتاة هناك مثلاً إذا بلغت السادسة عشرة من عمرها تطلب منها أسرتها أن تترك المنزل وتبحث عن سكن وتعول نفسها، وإذا بقيت في المنزل يكون مفتاحها بيدها وتصطحب صديقها وتدخل به المنزل، وهذا يعد أمراً عادياً هناك، والأم التي تجد ابنتها ليس لها صديق، أو لم تظهر عليها علامات جنسية، تخشى عليها أن تصاب بالتعقيد وتصبح غير سوية. هذا ما يريد العلمانيون أن يطبقوه في بلادنا، ولكنهم لا يجهرون به، إنما يحاولون تطبيقه خطوة خطوة...
أما الحرية في المفهوم الإسلامي فهي غير ذلك تماماً، فالحرية عندنا مكفولة للرأي مهما كان مخالفاً طالما لا يتعارض مع أصول ديننا الحنيف، وعلاقة الأب بالابن، والمعلم بالطالب، والزوجة بالزوج، كل ذلك واضح في شريعتنا بكل تفاصيله، والأساس هو احترام الرأي واحترام آدمية الإنسان وصيانتها، ويجب أن يتعلم الصبي الحياء والخلق فهما سياجان يحفظانه من الزلل والخطأ. واحترام الأب والأم والبر بهما يشدد عليه الإسلام أيما تشديد، وكذلك العطف على الأبناء.. ومن هنا جاء الترابط الأسري في المجتمع المسلم الذي يغيظ المنافقين فالأب ينبغي أن تبقى له هيبته ووقاره واحترامه.
وإذا أردنا أن نحقق مفهوم الحرية على أسمى صورها، فالأمر بسيط، وهو أن تكون المعيارية للإسلام وحدوده وأحكامه، فهو المعيار والمقياس، أما ما يقوله العلمانيون، فهو تحلل وضياع يجب ألا نلتفت إليه.
ويجب أن نعلم أن ما نراه من تجرؤ الأبناء على آبائهم لم يكن موجوداً قبل ذلك، وإنما جاء بعد انتشار دعاوى العلمانيين عن الحرية وترديد وسائل الإعلام لها.
http://www. islamtoday. net. المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/381)
الأبناء في بيوت الخيانة
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام وعلى النبي المصطفى، أيها التائب من ذنب الخيانة وإثمها آن لك أن تنتبه إلى أبنائك وتبحث في خلجات نفوسهم عن آلامهم وتيه أفكارهم وأشكال حيرتهم التي جلبتها أخبار العار والدمار عن هذه الخيانة التي ألقت أشباحاً كريهة على أرواحهم وأجسادهم.
إن الأبناء في بيوت الخيانة الزوجية ضحايا وأسرى لفعل فاضح فاحش يترك أثراً سلبياً كبيراً طويل المدى في نفوسهم، وقد يظهر ويترجم بأشكال عدة على جوارحهم، أو يبقى دفيناً في نفوسهم ويلاحقهم مدى حياتهم.
وهكذا فإن الأثر الكبير، والأمر خطير، حيث إن الأبناء هم أحد خمسة في بيوت الخيانة الزوجية:
1 - مجروح متفهم:
وهذا هو وصف حال الابن الذي يستقبل الخبر فيعتصر قلبه، ويحجّر عقله، ويسيل دموعه ويؤرق ليله ونومه، ويستثير غضبه، فيصارع الخبر ساعة ويكذبه ساعة ولا يهنأ في طعام، ولا يسكن في مقام حتى يجد الحقيقة، فيواجه الأبوين ليفهم الحدث ويعرف السبب، فيصعق صريعاً يوماً ثم يسامح دوماً، إلا أنه يبقى مع الجرح العميق الذي يذكره كلما رأى أبويه، فيأخذ ذلك شيئاً من سعادته وسروره، إلا أنه يكمل مسيرة حياته ويعيش مع أواسط الناس هناءً وسعادة متجاهلاً الحدث ولا يتعدى هذا الصنف (ال 20%) من أفراد هذه البيوت.
2 - غاضب منتقم:
وهذا هو الابن الذي يرى الخيانة طعنة وألماً، وكأنها خنجر مسموم نفذ إلى كل أحشائه وأصاب روح الشرف والعفة في نفسه، وآذى عقله وفؤاده، فيرفع لواء الانتقام، يسب أبويه ساعة، ويسب نفسه ساعة، ويلعن أهله وحظه ساعة، حتى إنه قد يجد أنّ كل من حوله خائن، فيبيح لنفسه ما استباحه أبواه، ويبيع شرفه بدينار أو في لحظة انهيار، أو في مقام لعب ولهو وقمار، فيكون وجبة سهلة للعصابات وأهل الدمار فينضم إلى قافلة الخائنين ومرتكبي الفواحش انتقاماً من أهله ولنفسه أو انصياعاً للجو الفاسد.
3 - محبط مسموم:
هذا الابن حائر طائر بين همس الليل وجهر النهار، فيحمل الخبر ويلبس ثوب العار، فيكون الخجل والهروب هو المسار، وكأنه الدنيا كلها خائنة وأبواب الخير جميعها مغلقة، فيقل طعامه وشرابه، وينحف جسمه ويذوب قوامه، ويرجف قلبه ويجف دمعه، ويتعكر فكره ويضيع فؤاده.
فلا يرى إلا السواد وكأن كل إصبع تشير إليه والكل يعيبه ويتهمه بذنب لم يقترفه، ولا يجد له طريقاً أمامه إلا الانعزال والهروب ثم الإحباط والانزواء وبعدهما اليأس والهلاك.
إنه يرى نفسه وحيداً، والحياة مرة لا طعم لها، ويشك في الجميع حتى أبويه وإخوته وأهله وأصدقائه، إلى أن يصل إلى نفسه فيكون كئيباً أو يائساً أو.. يأخذ إلى الانتحار طريقاً.
4 - غافل مظلوم:
وهذا هو الابن المسكين الذي لا يفهم الحدث ولا يعي المصيبة إلا أنه يقع ضحية الطرف الآخر يصب عليه جميع أنواع العذاب والطرد والتشريد والشك والشتم والسباب فيسعد لحظة ويتعس لحظات، ويتحمل أثر الجريمة.. الجريمة التي لم يرتكبها هو، بل أبواه وكل ذنبه أنه ابنه أو ابنها.
5 - تائه واهم:
أما هذا الموعود يرى ولا يعي، يسمع ولا يفهم، يُخبر ويكذب، فيهيم بين الحقيقة والخيال، فيفقد الثقة بأبويه وكل من هم على شاكلتهما أو في مقامهما، فيرى في الرجال أباه وفي النساء أمه، فيعتزل الزواج ويفضل العنوسة والعزوبية خيفة الوقوع في شكل من أشكال الخيانة.
فهل ما زلت تفكر بالخيانة؟
احذر وتب وعد إلى الله - عز وجل - فباب التوبة ما زال مفتوحاً والستر باب، فلا تكسره ومن ستره الله فقد حاز خيراً كثيراً، والتفت إلى أهلك وأبنائك وعوّضهم لحظات الضياع والغفلة وأكثر من لحظات السعادة والاهتمام، فاليوم منقض وغداً ذاهب.
واحفظ الله، (فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين).
http://al - farha. com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(111/382)
عبير النفط
فيصل بن محمد الحجّي
جميعُ مصانعِ الدنيا تُدارُ بنفطٍ.. والبواخرُ والقطارُ
ولمْ أدهَشْ لذاكَ.. فكلَّ جسمٍ يُحركهُ انحباسٌ فانفجارُ
عجبتُ لشاعرٍ ملَكَ القَوافي على أفنانِ روضتِهِ هَزارُ
قريحتُهُ على النفطِ استحدّتْ وطابَ عَطاؤها.. وغلا الأوَارُ!
وزيرُ النفطِ شاعرُهُ المُجلِّي وفي الشعرِ انتشاءٌ وانتصارُ
ف (ناظِرُ) و (العُتيبَة) قد أقاما عُكاظاً.. فازدحامٌ وانتظارُ(1)
وما للنفط يزدحمونَ.. لكنْ لأجلِ الشعرِ يمتلئُ المَزارُ
وكمْ من قائلٍ: شيطانُ شعري إذا أوحى فللشعرِ انهمارُ
فهلْ شيطانُ هذا الشعرِ نفطٌ فأهلُ الشعرِ بالنفطِ استناروا؟
أجل..! فالنفط من آياتِ ربي وفي الآياتِ جُودٌ واختبارُ
لأجلِ النفط كم سهرتْ عُيونٌ على أملٍ..! وكم فقدَ اصطبارُ!
عبيرُ النفطِ يرفدُهُ اعتبارُ تتوقُ (لشمّهِ) دُولٌ كِبارُ
ولو أني شممتُ النفطَ يَوماً لأزكمني.. ليعصِفَ بي دُوارُ
فكيفَ تحوّلَ القارُ المصفّى إلى عطرٍ.. وذاكَ العطرُ نارُ؟!
على أقدامِهِ تجثو وُفودٌ تذلَّ لهُ.. ويعلوها الصّغارُ
يفرَّ (فِرنكُ) باريسٍ إليهِ وجُنَّ (جُنَيهُ) لندنَ.. و (الدّلارُ)
يَئنّ (الينَّ) حُباً واشتياقاً إليه.. ويركعُ الذهبُ النُّضارُ
لهذا.. فالصناعيّونَ قاموا بهجمتهم.. وحقدهم سُعارُ
لكي ترقى صناعتهم وتبقى مُعزّزةً.. وللنفط البَوارُ
فكمْ مَكروا - ومكرُ اللهِ أقوى - وكم غَدروا.. وكمْ حرباً أثاروا!
وكمْ خزَنوا ليستغنوا.. ولكنْ خَزينُ الليلِ يُفنيهِ النّهارُ
كأنّي بالمطامعِ قد عَراها شُحوبٌ وانكماشٌ وانحسارُ
هي الحسناءُ تُمرضُ حاسديها بما ملكت.. وضرّتُها تَغارُ
رجالَ النفط قوموا.. لا تناموا ورُصّوا الصّفَّ.. إنَّ الذّلَّ عارُ
عَلامَ تَصَدَّعَ الصَّفُّ انصياعاً لأهواءٍ.. وفي الخلفِ الدّمارُ؟!
إذا صدقتْ نَواياكمْ تَصَافتْ قُلوبُكم.. فيتّحدُ القَرارُ
نَماءُ السّعر يَنفعكمْ جميعاً وتمتلئُ المخازنُ والجِرارُ
فإنَّ اللهَ خَصَّكمُ بكَنزٍ به الأوطانُ يكسوها ازدهارُ
تقدَّمتِ البلادُ بفيضِ خيرٍ شُعوبُ الأرضِ مَن عَجَبٍ تَحارُ:
متى نَهضوا؟ متى وَصَلوا؟ وأنّى لهمْ هذا التقدّمُ؟ كيف ساروا؟
كأنَّ القومَ ما ساروا.. ولكنْ إلى أعلى قِبابِ المجدِ طاروا!
إذا ما المالُ صَرَّفَهُ حَكيمٌ يَخافُ اللهَ أينعَتِ الثِّمارُ
ترى الإنجاز َكالإعجازِ يَبدو وشاهدهُ على الدنيا مَنارُ
أتوقُ لنهضةٍ تكفي وتُغني عنِ استهلاكِ ما جلبَ التّجارُ
فلا يُغنيكَ مالٌ مُستدانٌ ولا يحميكَ سيفٌ مُستعارُ
فصونوا بالعزيمةِ ما حَباكمْ إلهُ الكونِ.. وليعلُ الجِدارُ
وكونوا الأسدَ تُرعبُ كلَّ وَغدٍ نَوى شراً.. فيُنجيهِ الفِرارُ
فإنَّ الهرَّ لا يصطادُ شِبلاً وأقصى هَمِّهِ في الصيدِ فارُ
يُعكّرُ صفوَ فرحتِنا التفاتٌ لأقطارٍ.. بها الفَوضى شِعارُ
دُعاةُ الفقرِ كمْ جُرمٍ أتوهُ وكمْ هَدَموا.. وكمْ حَكموا فجاروا!
وكمْ كنزٍ تقاسَمهُ لُصوصٌ! وكمْ مالٍ يُبدِّدُهُ قِمارُ!
وكمْ عقلٍ بخمرٍ ضَيَّعوهُ! وكمْ خُلُقٍ يُمزّقُهُ فِجارُ!
وكمْ مِنْ مصنعٍ أقوى وأخوى! فلا صُنعٌ لديهِ ولا ابتكارُ!
وكمْ رَوضٍ يَصيحُ بملءِ فِيهِ: أغيثوني.. أنا الأرضُ القِفارُ!
وكَمْ ثَغرٍ تَملَّكهُ الأعادي كما خرَبَتْ بجهلهم الدِّيارُ!
وما في سوقِهمْ شَيءٌ رخيصٌ سوى الإنسانِ.. يَعلوهُ الغُبارُ!
وسَلْ: أينَ الجياعُ؟ تجدْ كثيراً - يُزادُ - ولا تسلْ" أينَ الخُضارُ؟
أتحلمُ –يا غبيُّ - بما اصطفاهُ لهُ العملاقُ.. والجُندُ القِصارُ؟
وهلْ لكَ في النّضالِ عظيمُ سَبقٍ ليشمَلَكَ امتيازٌ وافتخارُ؟
مَنْ احتكرَ النّضالَ فما سِواهُ لهُ في خيرِ أمتهِ احتكارُ
طُغاةٌ لو مشى فرعونُ فيهمْ عَلاهُ من تَواضعِهِ انكسارُ!
حَسِبتُ القومَ منْ فرعونَ فَرعاً وهمْ أصلٌ.. وفوقَ الأصلِ صاروا
نهارُ الخيرِ عندَهُمُ ظلامٌ وليلُ الشرِّ عندهُمُ نَهارُ!
أنينُ الشعبِ يَخنقُهُ ادِّعاءٌ بمذياعٍ.. ورُعبٌ مُستطارُ!
إذا أمروا.. فتبتسمُ الثَّكالى ويَشكرهُمْ على الخِزيِ الوقارُ!
فلا تعجَبْ إذا هُزموا فذَلَّوا وخيَّمَ في ديارهمُ افتقارُ
سَعَوا يتعلَّقونَ بأي كُفرٍ وللإسلامِ ظهرَهُمُ أداروا!
إذا كانَ الحَياءُ خِمارَ وجهٍ وأنكرَ أصلَهُ.. سقطَ الخِمارُ
كفرتُ بنَهجِ أهلِ الكُفرِ طُرَّاً وهلْ في كُفرهِمْ إلا الخَسارُ؟
ويُزعجُني بظلِّهمُ حَياةٌ.. ويُسعدُني على الدّينِ احتضارُ
إذا ما اخترتَ دينَ الله تَرجو مَثوبتَهُ فقدْ ربحَ الخِيارُ..!
ــــــــــــــــــ
(1) ناظر: هو وزير النفط السعودي السابق هشام ناظر.. وهو شاعر.
(2) عُتيبة: هو وزير النفط الإماراتي السابق: مانع سعيد العُتيبة.. وهو شاعر.
http://www. odabasham. org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/383)
جرأة الحياء
سالم السيف
هي مُحاولة لفهم أنفسنا.. ذكوراً وإناثاً..
بشيء من قسوة الحقيقة، وتجرّع مرارتها، على ريقِ الواقع اللاذع...!
الرّجُل.. ذلك العنيف، الخشن، والمتعجرف الذي لا تنبض فيه خلية إحساس واحدة، إن مسّ شيئاً كَسَره، وإن همس لأحدٍ نَهَرَه، تغزّلُهُ تجريح، ومُزاحُهُ شتيمة، كلماتُهُ إمرة وعتابُهُ قذف، لا يعرف النقاش إلا ضرباً، وأن يكون كاسبهُ.. سلسلة من الأوصاف التي تتدفّق على لسان (امرأة) ناشز المشاعر فاض صبرها فطفح على ظاهرها..
ولستَ بلائمٍ رجلاً لشعث - كما يقول الذبياني! - "أيُّ الرّجال المُهذّب؟!"..
بينما المسكين في ذات اللحظة التي وُصف بها بالسابق من الصفات، يتصنّع قدرَ طاقته الرومنسية والرقّة، والعصرية المتفهمة للمرأة!
يبقى ليُردّد "كم هوَ مسكين؛ لأنه لم يُفهم، وكم هي مسكينة؛ لأنها لم تَفهم ما أراد أن يُعبِّر عنه"..
بينما أحدهما أقرب إلى صاحبه من الآخر، كمن يبحث عن نظارتِهِ، وهيَ على أنفه!
المرأة سيدة الأرض. والتي تتحكم في المنزل والأسرة والميزانية وفي الغالب العام، وهي التي تتحكم في أجواء البيت فتجعلها أجواء حب.. وهدوء.. ووئام.. وغرام.. أو تجعلها أجواء عواصف.. وزلازل.. وبراكين، بل سلسلة من الكوارث الطبيعية!
الرجل مسكين، الرجل على وجهه، الرجل غافل، الرجل ضيف على زوجته وفي بيته.. سعادته ومزاجه وصحته أمانة في يد امرأته، وهي أحسن حظه أو أسوأه!
الفروق الفردية بين امرأة وامرأة في إسعاد الرجل وإمتاعه أو إشقائه ومسح البلاط به.. فروق عنيفة ومخيفة، فهناك من يعيش في بيته مع ملاك حلو الكلام، عذب الابتسام، يملأ أجواء البيت بتغاريد الحب وأطياف السعادة، يجعل الأبناء زهورًا وزينة، لا عبء يثقل كاهله، ويجعل المرح يضحك من النوافذ، والأنس يتسرّب إلى الجيران، وهناك من يعيش في بيته - باختصار شديد - مع ((بعبع))...!
هذه الفروق العنيفة موجودة في المرأة الواحدة، حسب حُبها للرجل أو كرهها له.. وهي التي حيَّرت الرجل منها، وجعلته يُصدر الأقوال الساخرة والمُرّة فيها، ويعدها لغزاً من الألغاز،ثُم إذا يئس. ملأ البيتَ بصوتِهِ "طَلاَقاً"!
وما أسعد الرّجال بقول الله - تعالى -: ((إن كيدكن عظيم))!
قد تكيد المرأة عن غضب أو حب، عن حقد أو رضا، عن ضعف أو غِنى، ولكن في جميع الأحوال لن يستطيع أعتى وأذكى الكائدين وأشدهم حِنقاً من الرجال أن يضاهيها كيداً وحيلة، ويُعلن الرجال استسلامهم عِندها، فيلجؤون - غالباً – للقوّة بمثابة مسكّنْ ذي مضاعفات يبدو خطرها على الأمد البعيد..
.. ولكن كمثلِ قول العربي القديم (أخو هوازن) (أمرتهم أمري بمنعرِجِ اللّوى...).!
وكما قال - تعالى -: ((إن كيدكن عظيم)) قال المصطفى - عليه الصلاة والسلام -: ((رفقاً بالقوارير)).. احتاروا، كيف تعاملونها وكيف تتصدون لكيدها؟ ولكن في كل الأحوال حذارِ أن تقسوا عليها.. فتنكسر أو تدعوها وشأنها؛ فتيبَس وتشيخ وهي مُعوجّة..!
المرأة ذكاء، ولكن قد تتغابى أحيانًا، فلا تهزأ منها..!
المرأة حنان، ولكن قد تقسو مراراً..
فلا تبادل القسوة إلا بالرَّقة فتُسقطها في يدها...!
المرأة حب، ولكن قد تكره رغماً عنها، فلا تلُمها...!
ورغم كل هذا، المرأة ضعيفة ورقيقة، قد تقتلها كلمة وقد تحييها كلمة مما لا تُلقِ لها أنتَ ولا أمثالُكَ بالا، وهي في قلبها "وبالاً" تتجرّع غُصَصَهُ مرّ الأيام...!
قوامة الرّجُل تستشعرها المرأة، بإحساسها بالأمان، بشعورها بإحاطتك لها، بأخذكَ إياها إلى الوجود، والسفر بها إلى الخيال، وتناول رأيها حيناً وتعليمها أحياناً، لا بتلقّي الطلبات الفورية، وإصدار الأوامر العاجلة، والخدمات المستعجلة، وفرضْ السُلطة بالسّيف وكأنك اشتريتها بمهرها "أمةً" تسدُّ بها ما بقيَّ من شهواتك، والتباهي بها في الولائم، طبخاً،ونفخاً.. وفي المحافل جبروتاً وهيمنة، تستعرضُ بين أقرانك جِينراليتك العسكرية، والإيهام بهيبتك، وهلمّ جرّا..
حشداً من الإنجازات التي تصرعُ العُصبة أولي القوّة، من الأقوياء أمثالك، كيف بضعيفة الكيان هشّة القوام؟ امرأة خُلقت من ضلعٍ أعوج.
كأن المرأة أصبحت مقياساً للرجولة، فمن كان لها أكثر ترويضاً، كان في أعينِ الناس أعظم تبجيلاً، وأبجل تعظيماً...
وهذا كُله في كِفة، وشبح "الحاج متولي" يقضُّ مضجعها، ويقلق منامها في الكفّةِ الأخرى..!
بينما المرأة قد (تُضرب) حيناً، فتستغني عن خدمات "رجُل"، وتتبلّد (بل تتبدّد!) لديها جميعَ الأحاسيس تجاهه، فتضربُه على حين غِرّة في مقتل، فتعيش معه كالدّمية، المطيعة، فلا يجدُ ما يُطلّقها لأجله، ولا يشعرُ (غيرَ ما تعصر من جيبه!) بوجودها،ما يخدعُ بهِ نفسَهُ بضرورة بقائها عنده..
فيصارع الرّجل الأمرّين، فلا هوَ بنظرهِ متزوّج، ولا هيَ أطلقته من قيد "رب أسرة" في سماء "العزوبية"، كالدجاجة التي (ترجن) على بيضة.. فارغة جوفاء بلا حياة، على أمل أن تفقس يوماً عن هواء، عن لاشيء....!
وحينها قد لا يطيق الرجل صبراً.. واحتمالاً، فيطلق في الجو للعالم، زفرات التأوهات، وأنّات اليائس البائس طلاقاً مدويّا..
ولا يتوانى في إجهاض محاولات التحقيق، والبحث للمشكلة عن جذور؛ لتعود المياه إلى مجاريها بالرد على الأسئلة بالإجابة الدامغة ((والله ما حبيتها)) معلناً - بأشجى صوت - إفلاس هذهِ المرأة عاطفياً، وأنّ انهيار السدّ لم يذر للمياه مجرىً واحداً...! - يقول نزار (... في الحُبِّ يموتُ الإيضاحُ) -.
ناسياً إياها، وأيامها.. بعد أمل تزحزح القشّة التي قصمت ظهر البعير (150 ألفًا) مهراً لها، إضافةً لما يرى من الأصدقاء والأصحاب ومن (يعزّ) عليه، يتزوّجون بهذا المبلغ، من أجمل النساء وأكملهنّ دلالاً واعتدالا.. من بلاد الشّام العزيزة.. مثنى وثُلاثَ ورُباع...!
بلاد الشام التي يقول فيها "الطنطاوي" (وهل تُصوّر الجنّة لمن لم يرها؟!من يصِفُها وهي دُنيا من أحلام الحب وأمجاد البطولة وروائع الخلود؟!من يكتبُ عنها - وهيَ من جنّاتِ الخُلدِ باقية - بقلم من أقلامِ الأرضِ فانٍ؟!) رحمكَ الله يا شيخ.!
هذا ليسَ كلاماً ضدّ الرّجل (ولا المرأة!)، ولكنها مُحاولة بلورة بدرتْ، لتسوية المعوج، وتعرية الحقيقة، في أوساط المتزوجين.
http://www. islamtoday. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/384)
احذروا الحفر الصغيرة
فوزية الخليوي
يدلف الزوجان إلى بيت الزوجية وقد حمل كل منهما صورة وردية رائعة لحياة تتسم بالهدوء والألفة، قاطعاً كلٌ منهما على نفسه وعداً بالعطاء للطرف الآخر. ولكنه عطاء من نوع آخر لم يتعوده الشاب ولا الفتاة في منزل والديهم، حيث المسؤولية التامة في إدارة شؤون المنزل، والقيام عليه مع ثقل هذا الأمر عليهما! قليلاً ومع انتقاد كلٍ منهما للطرف الآخر بالتقصير؛ تدب المشاكل الزوجية ويدب معها الفتور بينهما فيسارع كلٌ منهما للهروب والتنصل، فيقضي الشاب وقته مع أصدقائه لوقت متأخر أو تحاول الفتاة أن تتنصل أيضاً، أما بالخروج لزياراتها الخاصة، أو بعمل سياج دفاعي تواجه به تقصير الزوج! فيثور كل منهما على الطرف الآخر عند أقل تقصير، فيجب الحذر من إطلاق التهم التي تقضي إلى إيغار القلوب، والحل هو الجلوس سوياً بهدوء، وتقسيم الأعمال، ولا مانع من تأجيل بعضها برضى الطرفين.
فهذا سعيد الجمحي الأمير.. عندما شكاه أهل حمص؛ لأنه لا يخرج حتى يتعالى النهار، قال: ليس لأهلي خادم، فأعجن عجيني، ثم أجلس حتى يختمر ثم اخبز خبزي!.
الاحترام بين الزوجين:
كم من بيوت دامت بالاحترام ولم تدم بالمحبة!
فيجب على كل طرف أن يقف عند بعض الخطوط، ولا يتمادى في إزالة الهيبة أو الانتقاص، أو ترديد بعض المثالب، حتى لو كانت واقعة فعلاً!.
ويجب أن يضع الزوج نصب عينيه التركيبة العاطفية ذات الحس المرهف التي جبلت عليها المرأة، وأن أي انتقاص لها قد يسبب جرحاً دامياً من الصعب برؤه!.
كانت الفارعة زوجة المغيرة بن شعبه، عندما دخل عليها سحرا، تخلل أسنانها! فقال: أنت طالق! إن كنت بادرت الطعام، فأنت شرهة! وإن كنت بتّ والطعام بين أسنانك فأنت قذرة! فقالت: كل هذا لم يكن لكني تخللت من شظايا السواك.
وكذلك الحال مع الرجل فهشام بن عبد الملك رمى بتفاحة بعدما عضها على زوجته، فدعت بسكين! فقال لها لم؟ قالت أميط عنها الأذى! وكان أبخر الفم؛ فطلقها.
ماذا.. عند الغضب؟
بمثال بسيط توصي العجائز من هنود أمريكا الفتيات المقبلات على الزواج قائلات: إذا رأيت زوجك غاضباً، ودخل كهفه فلا تتبعيه؛ لأن التنين الذي على الكهف سيحرقك.
وقد تختلف درجة الغضب بين رجل وآخر، وتتفق في أن الأفضل أن تدعيه لحين هدوء ثورته، ولا مانع بعدها من امتصاص غضبه بكلمة رقيقة دون تقديمه للمساءلة عن سبب غضبه.
ورحم الله عباسة بنت الفضل زوجة الإمام أحمد بن حنبل، لما ماتت قال: أقامت معي أم صالح ثلاثين سنة فما اختلفت أنا وهي في كلمة.
الحاجة إلى التقدير:
إن الرجل بحاجة إلى التقدير كما أن المرأة بحاجة إلى العاطفة، وتقدير الرجل من حيث هو صاحب القوامة على المرأة والقيّم عليها يجب أن يكون محط اهتمام المرأة ومثارها، فيجب أن تقابل إفضاله عليها بالتقدير والقبول فهو المسؤول عن رغبتها.
فكونه أظهر احتياجه لها، فهذا اتصال صريح وطلب للدعم من الرجل بأسلوب مفعم بالثقة، فيفترض عليها أن تعمل ما بوسعها.
فهذا المعتضد بالله خلا يوماً بزوجته قطر الندى فنام على فخذها، فلما استثقل وضعت رأسه على وسادة فخرجت، فاستيقظ فلم يجدها فاستشاط غضباً ونادى بها فقال: ألم أخلك إكراماً لك فتضعين رأسي على وسادة وتذهبين. فقالت: يا أمير المؤمنين ما جهلت قدر ما أنعمت علي ولكن فيما أدبني أبي أن قال: لا تنامي مع الجلوس ولا تجلسي مع النيام.
لا تكوني غل قمل:
فهذا مثل يضرب للمرأة السيئة، وأصله أن العرب إذا أسروا أسيراً غلّوه بغل من قد وعليه شعر فربما قمل في عنقه إذا دب ويبس، فتجتمع عليه محنتان الغل والقمل.
وتكون المرأة كذلك إذا تمادت في الغيرة، فتحاصر زوجها بالشكوك والمسائلات فيومه في استجواب وحاله في اضطراب؛ حتى يتحاشى الجلوس معها ويمقتها. فليكن لديك بعض المرونة في تحمل عيوب الزوج وقصوره، وحاولي التكيف مع طباع زوجك المختلفة بحكمة ورؤية.
يأنسن عن بعولهن إذا خلوا *** وإذا هم خرجوا منهم خفار
وقد تظن المرأة خطأ أن المرأة الغربية ليست ملزمة بتقديم هذه التنازلات فأذكر لك مثال على الكاتب الأمريكي (ارتست هيمنجواي) فقد تزوج أربع مرات، وزوجته الأخيرة هي فقط التي بقيت معه حتى مات لسبب بسيط؛ أنها قالت له: أنني أتزوج لاحتفظ بك.
وقد كان رجلاً فظاً، خشناً، قذراً في عاداته الحياتيه، فاحتفظت به وعلاوة على ذلك ورثت أكثر ثروته الضخمة وحقوق مؤلفاته الرائجة جداً، والتي عادت عليها بالملايين.
نفسية المرأة:
حبى الله كلاً من الرجل والمرأة بالعقل وزودهما بالعاطفة، لكن العقل تتسع دائرته عند الرجل على حساب عاطفته، والعكس عند المرأة إذ تتسع دائرة العاطفة على حساب العقل، وما يجهله بعض الرجال أن المرأة تتعرض لفترات تكون فيها العاطفة في أوجها وذلك قبل الدورة الشهرية، فتتضارب عواطفها فتكون (مثقلة قلقة، مستاءة، سلبية) فيخطئ الرجل عندما يقمع هذه المشاعر السلبية؛ لأن المشاعر الإيجابية كذلك تقمع! وعندما تتعرض المرأة للضغوط تشعر برغبة في الحديث عن مشاعرها ومشكلاتها لكي تشعر بالتحسن، بينما يبدي الرجل عادة مقاومة؛ لأنه يفترض أنها تتحدث معه عن مشكلاتها باعتباره مسؤولاً عنها، والحل أن يتفهم مشاعرها السلبية وذلك بالإنصات لألمها وحاجاتها، فانظر إلى أسلوب الرسول الرقيق في عتابه لعائشة: إني لأعلم متى تكوني عني راضية، ومتى تكوني غضبى إذا كنت راضية تقولي: لا ورب محمد، وإذا كنت غاضبة تقولي: لا ورب إبراهيم، فقالت: أجل والله ما أهجر إلا اسمك.
فيا حبذا لو التفت الأزواج والزوجات إلى هذه الأمور الصغيرة، وحرصوا ألا يحفروا قبر الزوجية بواسطة سلسة من الحفر الصغيرة!.
http://www. islamtoday. net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/385)
البيت وحلبة المصارعة
حول طبيعة العلاقة بين الزوجين من وجهة النظر الإسلامية، تحدث د. محمد عبد الغفار الشريف عميد كلية الشريعة بجامعة الكويت ل الفرحة فأكد أن الزواج سكن والإنسان لا يجد راحته ولا يكشف أسراره إلا في سكنه وبيته، ليقينه أنه مستور عن كل العيون التي تراقبه فالعلاقة الزوجية تبنى على المودة والرحمة والعطف، وفيما يلي تفاصيل الحوار:
* ما النظرة الشرعية لضرب الرجل زوجته؟
د. الشريف: قال - تعالى -: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً)، من هذه الآية الكريمة يتضح لنا أن الله - عز وجل - قد جعل الأمر على مراتب، فالناشز هي الخارجة على طاعة زوجها ولا تفي له بحقوقه أو التي تخرج بغير إذنه، وهنا يجب أن نشير إلى أن الزوج يجب أولاً أن يكون قد وفى بشروط الطاعة، وأوفى الزوجة معجل صداقها وأنفق عليها وأسكنها في مسكن لائق بمثلها لا يشاركها فيه غيرها فيطلع على أسرارها، فإذا فعل ذلك وجب على الزوجة الطاعة فإن عصت، يبدأ بوعظها وإلا فليهجرها في فراشها وللهجر تأثير شديد في النفس فإن تمادت فليضربها، فالضرب مشروع لكن وفق شروط، والأصل أنه ممنوع لأن فيه تعدياً، سواء أكان الضارب أباً أم زوجاً أم حاكماً، ولكنه وسيلة تعزيرية وعقابية فمثلاً في شرب الخمر وفي القذف وفي حد الزنا، لكن بشروط، وأيضاً فإنه في التأديب مشروع بشرط أن يكون الزوج قد اتبع الطريق الذي حدده الله - عز وجل -.
اعتزاز لا تمرد:
* ما حدود الضرب إذن؟
د. الشريف: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فلا تضربوهن ضرباً مبرحاً) لأن المقصود هنا من الضرب التنبيه لا الإهانة، إذ كيف يرضى الزوج لزوجته أن تكون مهانة ذليلة النفس، ولو كانت كذلك لانعكس ذلك سبباً على تربيتها لأبنائها، والاعتزاز هنا ليس معناه التمرد فهناك فرق كبير بين الاعتزاز والتمرد فالاعتزاز يعني احترام الإنسان لنفسه وللآخرين، ولذلك يجب أن يفرح الزوج عندما يجد زوجته معتزة بنفسها؛ لأن المرأة المهانة المستضعفة لا تستطيع تدبير شؤون البيت والأولاد خصوصاً في ظل غياب الزوج عن منزله، حيث باتت متطلبات الحياة تجبره على العمل طوال النهار لكسب الرزق.
الضرب المبرح:
* ما الأدوات التي يمكن استخدامها عند الضرب وما حكمة منع الضرب على الوجه؟
د. الشريف: يكون الضرب بنحو السواك، ويتجنب الأماكن التي قد يحدث فيها إيذاء أو تشويه أو تؤدي إلى القتل، ولذلك فقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ضرب الوجه حتى بالنسبة للمجرم؛ لأنه مجمع الجمال وسريع التأثر، ولحساسية الخلايا العصبية الموجودة فيه كما بيّن ذلك العلماء، وعلى الزوج أن يتجنب الضرب المؤذي كالضرب على الصدر وموضع الكلى مثلاً، ولا يكرر الضرب في مكان واحد، وعلى الزوج ألا يلجأ للضرب وهو شديد الغضب؛ لأن الغاضب لا يعرف كيف يضرب، ولا يضرب زوجته إذا كانت مريضة أو في حالة نفسية سيئة؛ لأن ذلك يزيد حالتها سوءاً.
فالإسلام عندما يعطي هذا الحق للزوج لا يعطيه اعتباطاً وإنما شرعه؛ لأن هناك نفوساً لا تتعظ إلا بالضرب أو بالعقاب، وهذا معروف في المجتمع بصفة عامة فلماذا نعاقب المجرمين؟ ولماذا نعاقب أولادنا وهم فلذات أكبادنا؟
حلبة ملاكمة:
* ما رأي فضيلتكم فيمن يتجاوز كل ذلك ويضرب بقسوة؟
د. الشريف: ما يفعله بعض الأزواج من تحويل الأمر لحلبة ملاكمة أو مصارعة أمر لا يجوز، ولقد رويت لي حالات مؤلمة قيل فيها إن هناك زوجاً ضرب زوجته فخلع كتفها، ولذا فإن الله - عز وجل - ختم الآية الكريمة بخاتمة مؤثرة (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيرا)، فإن كان مثل هذا الزواج كبيراً فإن هناك من هو أعلى وأعز منه وهو الله - عز وجل - وللزوجة التي يتمادى زوجها في إيذائها أو إهانتها أن ترفع الأمر للقاضي الذي قد يحكم لها بالتفريق رغماً عن الزوج أو يأمره أن يطلق وإلا فرّق بينهما.
* هل تستطيع الزوجة أن تطلب الطلاق بسبب الضرر المعنوي والقول الجارح؟
د. الشريف: أولاً إذا كان يضربها دوما بلا سبب حتى ولو كان الضرب غير مبرح، فهذا ليس من حقه، إذ كيف ولماذا يضربها وهي صالحة؟ وهناك رجال يحاولون إثبات رجولتهم بذلك، وليس له أن يضربها لمجرد أنها زوجة ويريد التعالي عليها.
وليس للرجل أن يضرب ولده ويعذبه لمجرد أنه ولده، وهناك سلطة أكبر هي سلطة الشرع والقضاء وهي مستمدة من أمر الله - عز وجل - بتنفيذ أحكام دينه الحنيف، وليست لاستعباد الناس.
كذلك الحاكم ليس من حقه أن يضرب الناس، دون وجه حق، وهناك ولاية والولايات درجات، فهناك القاضي الذي ينظر في حيثيات المسألة وإثباتاتها، وقد يلجأ لعرض الزوجة على طبيب مختص، وإذا وجد مبررات فعليه أن يسعى بالصلح ثم قد يقضي بالطلاق.
* القاضي الذي يقضي بالطلاق.. ما هي حيثياته؟
د. الشريف: ينظر أولاً في مدى إيفاء الزوجة حقوقها ثم ينظر في الأمر برمته لا في مشكلة الضرب فقط، فإذا كان الزوج مؤدياً لكافة الحقوق فإنه لا يفرق بينهما وينظر في أمر الزوجة هل هي طائعة لزوجها أم لا، وقد يلجأ لسؤال الجيران أو الخدم، فإن لم يجد أي رجاء أو أمل في العلاج فرّق بين الزوجين، وللقاضي أن يجتهد، إذ أن هناك من الزوجات من تلجأ للقضاء متضررة من الضرب الخفيف، وهنا ليس من حق القاضي أن يسأله لَمِ ضرب.
لم يضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة قط:
* النبي - صلى الله عليه وسلم -.. هل ضرب أياً من زوجاته أمهات المؤمنين؟
د. الشريف: لم يضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - أبداً أحداً من زوجاته، فعن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: (ما ضرب النبي قط خادماً ولا امرأة) وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما يضرب خياركم)، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).
زوج عدواني:
* هل تقبل الزوجة الحياة مع زوج عدواني لا يُحسن معاملتها من أجل الأولاد؟
د. الشريف: كثيرات يقلن ذلك، وفي مثل هذه الحالة علينا أن نطبق قوله - تعالى -: (فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) فالمفروض أن يحاول الآخرون الصلح بقدر الإمكان، وأحياناً يكون ضرر الاستمرار في مثل تلك الحياة أكبر من نفعه حتى على الأولاد، وعلى المرأة هنا أن تراعي كل الظروف، فهل إن خرجت ستكون مقتدرة على تحمل المسؤولية، فقد لا تمكنها شخصيتها من تربية الأولاد خصوصاً إذا كانوا ذكوراً، وقد يتمردون عليها وينحرفون، وأعتقد أن الأصوب العمل بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (استفت قلبك وإن أفتاك المفتون)، والشرع أجاز لها اللجوء للقضاء طلباً للتفريق إن هي أرادت ذلك دون إجبار من أحد.
شروط المساعدة:
* زوج دخله محدود.. هل له أن يضرب زوجته العاملة إذا ما رفضت مساعدته؟
د. الشريف: أولاً نشير إلى أن المرأة تستوجب النفقة لبقائها في البيت لصالح الزوج، لكن لو سمح الرجل لزوجته بالخروج للعمل له أن يشترط عليها المشاركة في نفقات البيت إما كلياً أو جزئياً، وله كذلك أن يتراجع لكن أن يضرب فلا، فإذا لم تطعه صارت متمردة، ووجب عليه وعظها ثم هجرها ثم له أن يضربها كما أوضحنا.
ظالمة أم مظلومة؟
* ما حكم الدين في امرأة ضربها زوجها ثم طلبها للفراش.. وهل لها أن تمتنع؟
د. الشريف: من حق الزوج إذا دعا زوجته للفراش وكانت خالية من الأعذار الشرعية أن تستجيب له، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أي امرأة دعاها زوجها إلى الفراش فامتنعت يلعنها الله والملائكة إلى أن تصبح)، فالإشباع الجنسي حاجة أساسية كالطعام والشراب.
والله - عز وجل - جعل هذه الوسيلة سبباً للتناسل وبقاء النوع البشري، لكن من غير المعقول أن يضربها ويدعوها، فإذا كان ظالماً لها فإن من حقها أن تمتنع، لكن إن كانت هي الظالمة فعليها أن تستجيب.
http://al - farha. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/386)
رسالة أوجهها إلى كل زوج
رسالتي هذه أوجهها إلى كل زوج وقع في براثن هذا السم..
أقول هذه الكلمات والتي أرجو أن يساعد على نشرها كل من قرأها..
زوجي الحبيب: هل تعلم أنني أموت كل يوم بسبب ما تفعله أنت؟
إنني أمثل أمامك أنني لم أعلم بما تفعل.. ولكنني لا أهنأ بنوم ولا بطعام ولا بشراب.. هل تعلم أنك إذا اقتربت مني وأردت قضاء وطرك معي، هذه اللحظات التي كنت أجد فيها السعادة معك والتي كانت أجمل لحظات عمري، تحولت الآن إلى أتعسها، إنني أقول في نفسي، نعم إنه الآن يتذكر ما رآه، ويتخيل نفسه مع تلك العواهر..
وإن كنت أمثل أمامك بأني لم أشعر ولكني أقضي يومي كله بالبكاء والحسرة وأحيانا أندم..
لا أستطيع أن أقول أنني ندمت على أن تزوجتك، فأنت حبيبي، ولكنك أنت الذي تريد قتل هذا الحب بيدك..
فهل فكرت أنت في ذلك؟؟ فكّر يا حبيبي، يا قرّة عيني..
http://www.islamway.comالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/387)
بين الزوج وزوجته، وبين الأب وابنته
الشيخ مازن الفريح
الحوار الأول: بين الزوج وزوجته:
روى الإمام البخاري في صحيحه: عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:"كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار، فصخبت على امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني قالت: ولم تُنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليومَ حتى الليل. فأفزعني ذلك فقلت لها: قد خاب من فعل ذلك منهن. ثم جمعت عليّ ثيابي، فنزلت فدخلت على حفصة فقلت لها: أي حفصة أتغاضب إحداكم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى الليل؟ قالت نعم، فقلت قد خبتِ وخسرت، أفتأمنين أن يغضَب اللهُ لغضبِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتهلكي؟ لا تستكثري النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه، وسليني ما بدا لك ولا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك وأحبُّ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - - يريد عائشة-"أخرجه الإمام البخاري في صحيحه.
أولاً:"كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم".
* فبين عمر - رضي الله عنه -أن معشر قريش أشدُ وطأة على النساء من معشر الأنصار.. حيث الحكم الأول والأخير في معشر قريش للرجال.. فلا مجال للمرأة فيه أما الأنصار ... فللنساء مجال كبير في إبداء الرأي بل ربما تأثر الرجال برأي زوجاتهم.
قال الإمام ابن حجر في الفتح: "أي تحكم عليهن ولا يحكمن علينا، بخلاف الأنصار فكانوا بالعكس في ذلك".
ثانياً: قال - رضي الله عنه -: "فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار". وهذا فيه فائدة.. أن المرأة شديدة التأثير بمن حولها، ولذلك فالصحبة لها أثرها الكبير، فهي تترك بصماتها على الإنسان بوضوح حتى قال القائل: عن المرء لا تسل وسل عن قرينه إن القرين بالمقارن يقتدي. فعلى المؤمن أن يحذر صحبة السوء..
ثالثاً: فصخبت على امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني قالت: ولم تُنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل"صخبت:أي غضبت، فراجعتني: أي تراددني في القول.
* وجود المشكلات الأسرية أمر طبيعي لم يسلم منه أحد حتى أفضل القرون مع تفاوت هذه المشكلات في الحجم والتأثير والنوع.
رابعاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأخذ بسيرة قومه في شدة الوطأة على النساء وعدم فتح الباب لهن بالمراجعة لتدلي برأيها وتدافع عن حقها و تفصح عما في صدرها وهذا من رحمته عليه أفضل الصلاة والسلام كيف لا وقد قال: [استوصوا بالنساء خيراً] وقال: [خيركم خيركم لأهله].
خامساً: الهجر بين الزوجين. (وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل):
(1) الهجر ينبغي أن لا يكون مجحفاً بل بالقدر المشروع، بحيث لا يتجاوز المضجع والكلام. ويكون لسان حال الزوج. ويكون لسان حال الزوج:
إني لأمنحك الصدود وإنني قسماً إليك مع الصدود لأميل .
(2) قال عليه أفضل الصلاة والسلام لعائشة: [إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا عليّ غضبى].. قالت: فقلت من أين تعرف ذلك؟ فقال: [أما إذا كنت عني راضية..].
سادساً: فأفزعني ذلك فقلت لها: قد خاب من فعل ذلك منهن.. ثم جمعت عليَّ ثيابي فنزلت فدخلت على حفصة.
وهنا يبدأ الحوار الثاني: بين الأب وابنته.
فقلت لها: أيّ حفصة أتغاضب إحداكن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى الليل؟ وهذا فيه فائدة للرجال بل للناس جميعاً التثبت من الأخبار، وعدم الحكم في قضية حتى نتثبت من أخبار رواتها، ولذلك لم يأخذ عمر - رضي الله عنه -قول امرأته مسلماً حتى تأكد منه (تأكد الرجل في ادعاء زوجته على أمه والعكس).
سابعاً: قالت: نعم فقلت: قد خبتِ وخسرِت، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله الله فتهلكي؟ لا تستكثري منه: أي لا تطلبي منه الكثير.
ولا تراجعيه في شيء: أي لا ترادديه في الكلام ولا تردي عليه القول.
ولا تهجريه: أي ولو هجرك فلا تهجريه.
قال ابن حجر: وفيه تأديب الرجل لابنته وقرابته بالقول لأجل إصلاحها لزوجها، وقد بوّب البخاري في هذا الحديث باباً فقال: باب: موعظة الرجل لابنته لحال زوجها.
ثامناً: الحذر من الغرور ببعض أمور الدنيا في مالٍ أو جمال.. والحذر مما يجره ذلك من الاستعلاء على الزوج والترفع عليه..
لا يغرنكِ إن كانت جارتك أوضأ منك وأحبَّ إلى النبي - يريد عائشة- فحذرها - رضي الله عنه - من الغرور بما حولها..
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/388)
المرحلة الأولى من الزواج في خطر!!
مرتضى عبدالله
تعد المرحلة الأولى من الزواج من أهم مراحل الحياة الزوجية؛ لأنها تحدد الأسس التي تسير عليها العلاقة بين الزوجين طيلة حياتهما، فخلالها يخلع كل منهما قناعه الجميل الذي كان يرتديه قبل الزواج، وتزيح الستار عن العيوب يتعذر معرفتها قبل الزواج.
هذه المرحلة أيضاً يلعب فيها أهل الزوجين دوراً كبيراً في تحديد علاقة كل منهما بأسرة الآخر، هل هي علاقة توافق ومحبة، أم أنها عداء سافر قد يدمر الحياة الزوجية من بدايتها؟!
ولأن الزواج خطوة أساسية لبناء المجتمع، فلا بد من مساهمة طرفيه "الزوج والزوجة" في بنائه واستمراره حتى ينجح. إن عدداً من الدراسات الاجتماعية تؤكد أن المرحلة الأولى من الزواج هي اللبنة الأولى لاستمراره ونجاحه بما فيها من مشكلات ناتجة عن عدم تأقلم الزوجين، وقد وضع الإسلام أسساً وضوابط لهذه العلاقة ليس منذ إتمامها فقط، بل قبل ذلك وبعده.. ولا شك أن غياب تلك المفاهيم الإسلامية عن الزواج تجعله في خطر.
في البداية التقينا ببعض الأزواج والزوجات الجدد خلال الأشهر الأولى للزواج، والتقينا أزواجاً وزوجات قد مر على زواجهما فترة ليست بالقصيرة للتعرف على آرائهم وأحلامهم قبل الزواج ثم التعرف على الواقع بعد تجربة الزواج.. فكان هذا التحقيق:
مطلق العبدالله (موظف) - متزوج حديثاً - يقول: اخترت زوجتي على أساس الدين، ولم أعرف أنها عصبية إلا بعد الزواج، إلا أنني أحاول معالجة المشكلة شيئاً فشيئاً من خلال نصحها بالهدوء والتعقل في تصرفاتها، وفي الوقت نفسه أصبر على عصبيتها؛ لأن النار من مستصغر الشرر والنار لا تطفأ إلا بالماء البارد ... وأتوقع –إن شاء الله- أن تكون أكثر تعقلاً وأن أكون أكثر حلماً في المستقبل.
هند. م (ربة منزل) تقول: رغم أنني جامعية إلا أنني تفرغت لرعاية زوجي، وأعمل على إشاعة روح المرح في المنزل، خاصة عندما يعود زوجي من العمل مرهقاً، وأتعامل مع أم زوجي (حماتي) على أنها أمي، وإن أساءت فهمي في بعض الأمور أقوم بتوضيحها لها حتى نكون أكثر تفهماً وقرباً، وأقول لها باستمرار: (اعتبريني ابنتك وأنا أعتبرك أمي.. فاصبري عليّ كما تصبرين على ابنتك، وأنا أصبر عليك كما أصبر على أمي إذا أساءت إليّ)، ونحن - والحمد لله - نعيش جميعاً في منزل واحد وفي وضع مستقر ندعو الله أن يدوم.
أسئلة ومصادمات:
نشوى – ع (ربة منزل) - متزوجة منذ خمس سنوات - تقول: إن الأشهر الأولى هي أكثر فترة مملوءة بالمشكلات، فبالرغم من أننا تزوجنا عن قناعة متبادلة ورضا إلا أننا واجهنا كثيراً من المشكلات خلال الأشهر الأولى لزواجنا، فلقد اكتشف كل منا في الآخر أشياء لم يكن يتوقعها من الآخر، وكان من الصعب التأقلم معها في البداية، ومنها مثلاً: إنني كثيراً ما كنت أعاني من الملل، وكنت أحاول قطع هذا الملل، وأسأله أسئلة كثيرة عن عمله، وما حدث اليوم له، وما حدث خارج البيت، ومتى ذهب وأين ذهب ولماذا تأخر؟!.. وهكذا، وكان هو ينزعج كثيراً من تلك الأسئلة التي لم أكن أقصد منها سوى الاطمئنان عليه والاهتمام بشؤونه.
وكثيراً ما حصلت بيننا مصادمات بسبب تلك الأسئلة – أيضاً خلال الأشهر الأولى من زواجنا لم أكن أقدر أن زوجي عندما يعود إلى البيت من عمله يكون متعباً وليس لديه القدرة على الكلام طويلاً، وكثيراً ما كنت أتحدث إليه وهو لا يعلق على كلامي أو يرد علي إطلاقاً، في البداية كنت أغضب منه وأعتبر أن هذا عدم اهتمام بي وبشؤوني، ولكن مع مرور الوقت اكتشفت أن هذا هو أسلوبه في الحوار خاصة بعد يوم شاق مملوء بالعمل.
التعلق بالأسرة:
أميمة. ع (ربة منزل) متزوجة حديثاً تقول: أنا متعلقة جداً بأسرتي إلا أن زوجي اشترط علي عدم الذهاب إليهم، وأن الواجب عليهم أن يأتوا إلينا.. حاولت أن أوضح له أن ذلك غير جائز شرعاً، إلا أنه تمسك برأيه مما جعلني أطيعه على مضض.. وفي ساعة صفاء عرفت منه السبب، إذ إنه لا يحب والدتي (حماته)؛ لأنها قد تسبب لنا مشاكل مستقبلاً، فنصحته بأن يعتبرها والدته، وأن يحاول كسب ودها مستقبلاً، وأتمنى من الله - سبحانه وتعالى - أن ينجح في ذلك.
ناصر المهنا (طبيب)- متزوج حديثاً - يقول: حرصت على أن أتزوج في منزل مستقل وذلك حرصاً على حسن العلاقة بين زوجتي وأسرتي.. فأنا لا أستطيع الاستغناء عن أسرتي وخاصة والدتي، وزوجتي التي اخترتها وأتمنى من الله - عز وجل- أن أكون سعيداً معها. وفي نفس الوقت أحاول أن تكون علاقتي بأهل زوجتي طيبة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، إلا أنني أرفض أن ينظروا إلي على أنني ضعيف أو تابع لابنتهم، وإلا ستكون نظرتي إليهم شيئاً آخر، فالتوازن مطلوب في كل شيء.
حمزة يحيى (مهندس) -متزوج منذ عامين - يقول: في البداية كثيراً ما كانت زوجتي تشكو من أسلوبي في الحوار وتتهمني بالسيطرة والتسلط والرغبة في إلغاء ذاتها، وأن كل حديثي الموجه لها عبارة عن سلسلة من الأوامر التي لا تنتهي، وهذا غير صحيح؛ فأنا لم أقصد هذا بالطبع، وكثيراً ما حصلت مشكلات بيننا بسبب ذلك، ولكن مع مرور الوقت – والحمد لله- تعودت زوجتي على أسلوبي في الحوار، والآن أعيش مع زوجتي في وضع مستقر وهادئ.
الألفة النفسية:
وعن تفسير علم النفس لبعض المشكلات التي تحدث في بداية الزواج وكيفية حلها يقول الدكتور مأمون نصار "أخصائي طب النفسي": هذه المشكلات قد تدفع أحد الزوجين إلى الثورة والغضب من الآخر، وقد تدفعه إلى البعد عنه والاتهام الدائم له بأنه قد تغير بعد الزواج، وقد تتصاعد هذه المشكلات ويلجأ أحدهما إلى الطلاق.
والحقيقة أن العلاقة الزوجية تختلف تماماً عن تلك العلاقة التي كانت سائدة بين الزوجين في فترة الخطوبة، فبعد الزواج تزداد مسؤولية كل منهما في بناء الأسرة، وتزداد واجبات كل منهما تجاه الآخر، ومن أبسط هذه الواجبات محاولة تكيف كل منهما مع طباع الآخر، لا محاولة تغيير هذه الطباع، وسنجد مثلاً من خلال استعراض بعض المشكلات السابقة أن هناك أسلوباً محدداً قد يزعج الزوج، كثيراً ما تسلكه الزوجات وهو أسلوب "طرح الأسئلة" فلكل منهما عقلية تختلف عن عقلية الآخر، فالزوجة مثلاً: قد تتخذ هذا الأسلوب ليكون طريقها المباشر في قطع الملل وبداية الحديث، فتبدأ في طرح الأسئلة الكثيرة على زوجها، وهي تعتبر ذلك دليلاً على المودة والاهتمام الدائم به وبشؤونه، في حين أن الزوج لا يحب كثرة الأسئلة عن أحواله، فهو يعتبر ذلك نوعاً من الفضول والحصار الذي تطوقه به زوجته!!
كما تود الزوجة أيضاً في كثير من الأحيان عندما يتحدث إليها زوجها أن تتابعه باهتمام وتعلق على كلامه ببعض الكلمات، بينما لا يحدث هذا من الزوج عندما يستمع إلى حديث زوجته التي تعتقد أنه غير منصت إليها وغير مهتم بشؤونها تماماً، ولا تدري أن هذا هو أسلوبه في الاستماع بعد يوم حافل بالعمل الشاق، فتشعر الزوجة بالضيق من تجاهله لها وقد تتوقف عن الحديث فجأة وتبدأ النزاع معه لعدم اهتمامه بحديثها وشؤونها الهامة.
لذلك فعلى الزوجة أن تقدر عمل زوجها ومشاكله المتعلقة بهذا العمل، وأن تقدر أن أسلوبه في الحديث يختلف عن أسلوبها، خاصة وأنه يتحدث بعد عناء يوم شاق، وعلى الزوج أيضاً أن يقدر الملل الذي يصيب الزوجة نتيجة لانتقالها من بيت أسرتها إلى بيتها الجديد ووجودها وحيدة في البيت كما يجدر بالزوج أن يمنح الزوجة من اهتمامه وحرصه ما يبعث الدفء والحرارة في الحياة الزوجية، فإذا قدر كل منهما ظروف الآخر فستزول مشكلة من أكبر المشكلات التي يعانيها الأزواج في المرحلة الأولى من الزواج، والتي تعد أصعب مراحل الحياة الزوجية لعدة أسباب:
-اصطدام الأحلام الوردية للزوجين قبل الزواج بواقع الزواج ومشكلاته في ظل تحمل كل منهما للمسؤولية عن نفسه وعن الآخر بعد أن كانا يعتمدان كلياً أو جزئياً على الأسرة.
-تدخل أسرة الزوجين بشكل أو بآخر في حياتهما الزوجية مما قد يؤدي إلى زيادة التقارب بينهما أو العكس.
-اكتشاف كل من الزوجين ما كان مخفياً عنه في الآخر من عادات وسلوكيات وطباع قد يتقبلها الآخر أو يرفضها.
وأؤكد على أن حل هذه المشكلات لا يأتي إلا عن طريق الصبر والتضحية والتنازل عن الأحلام الوردية ما قبل الزواج، ومحاولة التعامل بعقلانية مع الواقع، وتحمل المسؤولية بكل تبعاتها، وإدراك أن الحياة حقوق وواجبات وعلى كل من الزوجين أن يؤدي واجبه قبل أن يبحث عن حقوقه، فضلاً عن سيادة روح التسامح بين الزوجين سواء فيما بينهما أو بين كل منهما وأسرة الآخر.
أسباب خفية:
وتقول الباحثة التربوية "إيمان محمد الحربي"من النادر أن تمر السنة الأولى في حياة أي زوجين دون خلافات أو مشاكل –إلا من رحم ربي:
- ذلك لأن هناك أسباباً قد تكون واضحة ظاهرية أو خفية وخارجة عن إرادة الزوجين.
-فقد تحدث المشاكل نتيجة لعدم فهم النفسيات بين الزوجين – فمثلاً حين لا تكتشف الزوجة – بسرعة- ما يحبه زوجها وما يكرهه، ما يغضبه وما يسعده.. فذلك يوقعها - لا محالة - في مشاكل معه.. وكذلك الحال بالنسبة للزوج إذا لم يفهم نفسية الزوجة.
-كذلك قد تكون المشاكل نتيجة لاختلاف الطباع خاصة حين يأبى كل طرف تغيير طباعه فقد تكون الزوجة اجتماعية جداً تسعى لإقامة علاقات كثيرة في حين أن الزوج انطوائي جداً.. وهنا تحدث المشكلة لصعوبة الوصول لحل وسط بين الطرفين.
-قد لا تكون الطّباع فقط هي سبب المشاكل بل العادات المكتسبة والتي ألفها كلا الطرفين في الأسرة الأم التي تربى فيها وأذكر أنني سمعت من الأستاذ "جاسم المطوع" - قاضي الأحوال الشخصية بالكويت- أنه جاءته حالة طلاق سببها أن الزوج معتاد ألا ينام في وجود ضوء في المنزل والزوجة معتادة على النوم في الضوء ولما لم يتنازل أحدهما للآخر كان الطلاق هو الحل!!
- وقد تكون المشاكل بسبب تنظيم ميزانية المنزل وبخاصة أن السنة الأولى يكون الزوج حديث عهد بإعالة أسرته، والزوجة حديثة عهد بتولي مسئولية الإنفاق وترشيده فيحدث الخلاف عندما يحدث عجز في الميزانية في نهاية الشهر.
- وقد تكون الخلافات بسبب الطعام!! فالزوج معتاد على مستوى ونوعية معينة من الأطعمة والزوجة تطبخ حسبما تعودت من أمها – بغض النظر عن الأطعمة التي تفسد أو تحترق- وحين لا يقبل الزوج التأقلم وترفض الزوجة التغيير يحدث الخلاف وإن كان تافهاً، إلا أنه يؤثر بشكل أو بآخر على استقرار البيت وهدوئه.
-قد تنشأ المشاكل أيضاً بسبب حنين الزوجة المستمر لبيت أهلها وعاطفتها الزائدة نحوهم مما يسبب غيرة وحساسية الزوج وغضبه وعناده أحياناً.
وأخيراً أقول: إن كل تلك المشاكل قد لا تكون لها أي قيمة وقد لا تحدث أساساً إذا لم يتدخل الشيطان اللعين في زيادة وتصعيد الموقف؛ فإنه يكون أسعد ما يكون حين يفرق بين زوجين وحين لا ينجح في زرع الشقاق بين الزوجين بإحدى الحيل السابقة فإنه قد يتدخل بطريقة لن تصدق، فأنا أعرف زوجة حاول الشيطان أن يوقع بينها وبين زوجها بطريقة عجيبة؛ فقد استيقظ الزوج يوماً وقد رأى زوجته في منامه في وضع لا يقبله وتزامن ذلك مع منام الزوجة الذي رأت فيه زوجها في وضع مشين، فاستيقظ الزوجين وكلاهما يكره الآخر ولا يريد النظر في وجهه!!
غياب الحوار المشترك:
وترى الإعلامية "ناهد عبدالفتاح" أن أسباب الخلافات الزوجية في المرحلة الأولى من الزواج تعود إلى:
-ضعف الالتزام الديني، وقلة الخشية من الله فيكون فساد النفوس وأمراض القلوب وتدخل جنود الشيطان البيت في كل وقت وحين.
-سوء الفهم وانحرافه حول مفاهيم الزواج وقواعد العلاقة الزوجية الناجحة من سكينة ومودة ورحمة، وأن هذا الزواج صحبة دائمة وميثاق غليظ وشركة في حياة.
-الجهالة الشرعية للمسلمين والمتزوجين منهم خاصة حول معاني القوامة والطاعة والشورى في إطارها الأسري، ودور وسائل الإعلام في غرس المفاهيم الخاطئة حول هذه المعاني وتأثير الناس بذلك.
-ظهور الطبيعة الحقيقية لكلا الزوجين بعد الزواج بعد أن كان التكلف والتصنع أيام الخطوبة.. ثم عدم رغبة الزوج أو الزوجة في تغيير هذه الطبيعة للتوافق مع الطرف الآخر.. كما قال الشاعر:
كل يوم تبدي صروف الليالي خلقاً من أبي سعيد عجيباً
-الأنانية وحب الذات وتغليب المصلحة الخاصة؛ فهناك رجال يحسبون أن لهم حقوقاً وليست عليهم واجبات، والبيت المسلم يقوم على قاعدة عادلة.
[ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة].
-انتشار مفاهيم المساواة الخاطئة بين الرجل والمرأة، وعدم فهم اختلاف الطبيعة الجسمانية والعاطفية لكل منهما، والتي اختصها الله بهما وأن حكمة هذا الاختلاف ليحدث التزاوج والتكامل لينشأ البيت سعيداً.
-غياب الحوار والمشاركة بين الزوجين فكل يعيش في عالمه وتضيع معاني (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).
-التربية القاسية الجافة لأحد الزوجين فيأخذ وقتاً طويلاً قد يمتد لسنوات حتى يندمج ويحقق معاني الود والألفة مع زوجه.
-الندية والعناد واعتداد كل برأيه والتشدق بعبارات "فلوسي وفلوسك" و"أنا أعمل وأشقى مثلك".
-اتساع فجوة التكافؤ بين الزوجين في المستوى الاجتماعي أو المالي أو الخلقي مما ينتج عنه الكثير من المشاكل اليومية في طرق المعيشة وكيفية التفكير والنظرة إلى الأمور.
-عدم الرضا والقناعة بما قسم الله له من زواج فيكون البطر والاختلاف والمشاكل.
-غياب روح التسامح والعفو والصبر في تحمل الخلافات الزوجية.
أسس إسلامية:
وعن الأسس التي وضعها الإسلام لنجاح الحياة الزوجية عامة وفي بدايتها خاصة يقول الدكتور عبدالرحمن العدوي – العميد الأسبق لكلية الدعوة وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر:
أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحسن اختيار الزوجة الصالحة ؛ لأنها تعلم واجباتها تجاه زوجها وأهله قبل أن تبحث عن حقوقها. ولهذا جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزوجة الصالحة خير متاع الحياة الدنيا في حديثه الشريف: "إن الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة"، فإذا ما تم الزواج أصبح كل من الزوجين مسؤولاً عن رعاية الآخر، فقال الرسول –- صلى الله عليه وسلم - "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها".
وكذلك أمر المرأة بطاعة زوجها واعتبر ذلك طاعة لله –عز وجل- وذلك ما لم يأمرها زوجها بمعصية؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وقد أمر الله –عز وجل- كلاً من الزوجين أن يكون ستراً وأماناً للآخر، حتى وإن كانت فيه بعض العيوب، فقال - تعالى -: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) أي أنهما تحولا إلى شخص واحد. أضف إلى ذلك أن كل حق يقابله واجب في تلك العلاقة الزوجية فقال - تعالى -: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).
وكذلك أمر الزوج بأن يصبر على زوجته، وأن يعاشرها بالمعروف؛ لأن ذلك طاعة الله - سبحانه وتعالى - القائل: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج"، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله".. وحتى في حالة عدم التآلف التام، فإن على كلا الزوجين أن ينظر إلى محاسن الآخر لأن كل إنسان فيه جوانب خير وشر فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يكره مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر".
http://www.islamtoday.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(111/389)
لماذا يا ترى.. أتذمر من زوجتي ؟!
أ. حسن الراحل
أخي الكريم .
كم هو مؤلمٌ أن"يتذمّر"الإنسان ممّن يحبّ..
لكن قبل ذلك.. دعنا نتساءل.. كيف يحدث هذا"التذمّر".. ولمَ يحدث!..
وإذا حصل هذا منّا مع من نحب.. فماذا يحصل إذن على أرض الواقع مع من هم دونهم مكانة ومنزلة في قلوبنا!!..
أخي الكريم .
لا تتعجّب من هذا القياس.. فإنني أنظر إلى العلاقة بين الزوجين على أنّها في طبيعتها هي امتداد آخر لعلاقاتنا الاجتماعية.. وقطعة منها.. وعالَمٌ من عوالمنا يخضع للقوانين ذاتها التي تتحكّم في شبكة علاقاتنا الاجتماعية..
وفي نظري.. أنّ غالب حالات الانتكاس والفشل في العلاقات الزوجية التي تحدث في مراحلها الأولى.. إنّما تحصل حين يخوض المرء منّا واقع الحياة الزوجية حاملاً في ذهنه تصوّرًا"خيالياً"لما يمكن أن يحصل عليه من الطرف الآخر.. حين يسمحُ لموجة الرغبة والإعجاب الشديدين أن يعصفا به.. فيتخلّى في غمرة ذلك عن (رصيد) تجاربه في واقع الحياة.. ويمنّي نفسه بحياة"مثالية"خالية من التحدّيات والأزمات والعوائق.. وما يمكن أن يعكّر مزاجه ويُفسد عليه راحة! باله..
من المسئول عن النزوح"الخيالي"الشديد.. في النظر إلى مشروع الزواج وتصوّره!؟؟..
الوعي.. ورصيد تجاربنا.. وخبراتنا بكلّ نجاحاتنا وانتكاساتنا في واقع علاقاتنا الاجتماعية منذ أن بدأنا نعي.. لا يبدو هو المسئول عن سوء التقدير الذي يحصل قبل الزواج.. والذي سرعان ما يتحطّم على محكّ الممارسة والخبرة العمليّة..
اللاّوعي.. أو العقل اللاّواعي.. أو العقل الباطن.. هو في ظنّي من يلعبُ هذا الدور الخطير.. في إزاحة خبراتنا الواقعية المعتدلة والمتزنة.. ويخلي المجال للأحلام والأماني والخيالات.. تشكّل تصوراتنا وتتدخّل في قراراتنا ومواقفنا..
العقل اللاّواعي.. هو تلك المساحة الشاسعة من المُعطيات التي تحصل مع كلّ احتكاك وتعاطي مع ما يحيط بنا من أحوال وأوضاع..
هو ذاكرة عملاقة تسجّل كلّ ما يحيط بنا تلقائيًا ومن دون أن نتدخل..
هو كمٌّ هائل من الرسائل المستقبلة والملتقطة من مجموع مواقع التأثير في محيطنا..
فالمختصّون يتحدّثون عن قدرة العقل الباطن على استيعاب أكثر من ملياريْ معلومة في الثانية.. تحصل تلقائيًا.. وتتسرّبُ إلى دواخلنا من دون أن نتمكّن من مُعالجتها جميعًا.. ذلك أن العقل الواعي في أحسن أحواله لا ينجح في معالجة إلاّ ما يُعادل تسع معلومات في الثانية..
وهذا ما يُفسّر في اعتقادي"الانفصام"الذي يُعاني منه الرجل في تصوّره المفرط في المثالية اتجاه زوجة المستقبل.. والانفصام الحاصل أيضًا في واقع زوجة المستقبل.. التي قد لا يجد عندها الزوج بعد المعاشرة والمخالطة أبسط ما كان يُفترض أن يكون على ضوء التزامها الديني أو نضجها ورقيّ فكرها الذي كان يلمسه في البداية..
ومن هنا يمكننا تناول حقيقة "الانفصام" الذي نعاني منه بين واقع حياتنا وبين الشعارات التي نحملها.. وآرائنا والقناعات التي ندّعي الإيمان بها..
و"الانفصام" بين القول وبين العمل.. بين التنظير وبين الملموس وواقع الحياة.. بين الصورة والوضع المشاهد قبل الزواج وبين الصورة المكتملة بعد أن يطّلع كلّ طرف على شؤون الطرف الآخر.. هو في ظنّي ما يُحدث تلك الصدمة العنيفة.. التي تدفعُ بالكثير من الرجال إلى الحكم على مشروعه في الزواج بالفشل.. بعد أن اكتشف أنّه لم يُحسن الانتقاء.. ووقع على نموذج مُغاير لما كان يتطلّع إليه قبل المعاشرة..
والخشية من اتساع رقعة هذا "الانفصام".. يبقى الهاجس المرعب الذي يقضّ مضجع المُقبلين على الزواج رجالاً ونساءً.. ويُقيّض الكثير من بهجتهم وسروهم في انتظار الوقوف على الحقيقة.. وتبقى خشية الرجل أكثر حضورًا منه عند المرأة.. وهو صاحب المبادرة في الغالب.. والمسئول عن إدارة الأسرة والمرور بها إلى برّ الأمان..
وليس في هذا انتقاص من قدر المرأة وما كان الدافع لقوله.. لكنّ الطبيعة العاطفية للمرأة ورجحانها على العقل بخلاف الرجل هو ما يحتّم هذا التقدير والتقييم في نظري..
الفرد المسلم - والإنسان عمومًا - في صراع دائم بين العقل الواعي.. بكل ما يحمله من قناعات وأفكار و"ثقافة"مرتبطة بمرجعيّته الدينية والأخلاقية.. وبين العقل اللاّواعي.. وما يقبع فيه من مؤثرات ورسائل وقدر من العواطف والأحاسيس والميولات والرغبات.. كلّها تسرّبت إليه وتشكّلت مع سنين العمر منذ أن بدأ يعي.. وتراكمت حتى عادت قادرة على التدخّل والتأثير بقوّة في ما يصدر عنّا من مواقف وسلوكات.. خاصة في حالات الصدام والانفعال وفقدان العقل الواعي زمام الأمور.. أين يجد العقل الباطن المجال واسعًا يجول ويصول كما يشاء.. متسبّبًا في نتائج وخيمة..
وفي هذه الحالات غالبًا ما ينفرط عقدُ الأسرة.. حينما يُغيّب العقل الواعي.. ويجنحُ كلّ طرف لموروثاته وعاداته الدفينة واستجاباته"الغريزية"المباشرة.. خاضعًا خضوعًا تامًا لها.. ومُستسلمًا لها بشكل مفرط..
والمرأة عاطفية في طبيعتها.. ممّا يجعلها في الغالب على مقربة من حالة فُقدان التوازن والاعتدال على الدوام.. تنجرفُ لها بسرعة كبيرة مع كلّ موقف يضرب على أوتارها الحساسة.. فتتدفّق انفعالاً في كلّ اتجاه.. وتقعُ فريسة الاستجابات الغريزية كلّما شعرت بالألم.. بالخطر.. بما يُهدّد مكتسباتها ويحول دون حاجاتها ورغباتها..
وعلى هذا الأساس.. ليس الأهم ما يكون منها في حالات اعتدال المزاج.. والشعور بالأمان والرضا.. حين يكون للشعور بالمسئولية في قولها وفعلها وجود.. بل الأهمّ هو إلى أي حد سيغيبُ هذا الشعور حين تثور العواطف وتسود الانفعالات؟
وما هي السلوكات والممارسات التي ستنجحُ إليها عند ذلك؟..
فقد تدهشك حين تجاريك في أفكارك واهتماماتك.. بل قد تنجحُ في التفوّق عليك مراراً.. وليس هنا مربط الفرس.. وإنّما في واقعها معك.. في باقي ساعات يومك وليلك.. في الهامش الذي تناورك من خلاله.. كيف تعبّر عن حاجاتها وعن اكتفائها.. عن بهجتها وسرورها وعن انزعاجها وتذمّرها.. وعن الحدّ الذي يمكن أن تصل إليه في مساومتك والضغط عليك.. حين يحدث ذلك..
هذه الأوضاع والحالات.. لا يلعبُ فيها العقل الواعي دوراً فاعلاً بفعل الحصار الذي يشهده.. وإنّما تطغى فيها موروثات ومكامن العاقل الباطن.. وتسود قوانينه وأعرافه..
قد نتساءل هنا..
كيف الحلّ إذن للوثوق والاطمئنان بأنّنا أحسنّا الاختيار والانتقاء.. أو على الأقل قد وقعنا على أفضل ما يتيحه واقعنا المعاصر.. الذي يعملُ على تعطيل وتبديد الجهود الرامية إلى إخراج نماذج تستجيب لتطلّعاتنا في امرأة عاقلة ناضجة صالحة.. تحافظ! على فطرتها.. وتعي بالتحديد الدور والمهام المناطة بها؟..
لستُ أملكُ إجابة قادرة على إقناع الجميع.. لكنّني تعلمتُ من خبراتي الضيّقة.. أن أتلمّس طبيعة "المثل الأعلى" والقدوة القابعة في العقل الباطن..
أي قدوة يحتوي.. وما هو الاتجاه السائد فيه..
فإذا عثرتُ على قدوة حسنة.. وعلى مثلٍ أعلى راقيٍ.. وعلى توجّه نبيل عمومًا.. أدركتُ أنّني حتى في لحظات انفعالها يمكنني أن أمارسُ دوري من خلال الموعظة.. واحتواء حالة تذمّرها بتذكيرها بالحدود التي خطّها الشرع لها ولي.. وأجعل من دائرة الخسائر في أضيق اتساع لها..
وإذا لم تتوفّر هذه المرأة على! القدوة الحسنة وكان المثل الأعلى سيّئًا.. فيقيني راسخٌ كالجبال.. في أنّ غياب هذه القدوة سيجعل الزواج فاشلاً على الأقل مضمونًا.. مهما بدا عليها من مظاهر التديّن والنضج والخلق الحسن التي ترتديها – حينها - كما ترتدي ثيابها وتنزعها.. ولا عجبَ في ذلك إذا كان مجموع ثقافتها ومعارفها الإسلامية محبوسة في حدود الذاكرة لا تتعدّاها.. تلجأ إليها حين الحاجة للمناظرة والحديث.. ولا تكاد تسمح لها بمغادرة حبسها في الدماغ لتنزل إلى الأعماق.. تخالط الأحاسيس والمشاعر.. وتملأ القلب والفؤاد.!. وتترسّخ مع الوقت لتعود جزءً ثابتًا من الشخصية ومعالمها.. تُلمسُ في السلوك والعمل..
والجزء المتبقي من الإجابة.. هو كيف نطمئنّ لتوفّر قدرًا من القدوة والمثل الأعلى الذي نريد..
بحكم أنّنا نتحدّث عن المثل الأعلى المتستّر في العقل الباطن.. فإنّ هذا يقودنا للحديث من جديد عن المنافذ والمصادر التي تمدّه بمحتواه ومضمونه..
البيئة والمحيط.. هي المصدر الأوّل الذي يتشبّع منه العقل الباطن.. ومن النماذج المتوفّرة في هذا المحيط وكلّ ما يحدث حوله وأمامه يشكّل المرء من بداية نشوئه القدوات ويبني مثله الأعلى في داخله.. لكنّه تشكّل وبناء يحدث تلقائيًا ويقفز على إرادتنا واختيارنا.. والمراجعة وحدها الكفيلة بتعديل هذه التراكمات ومعالجة الترسبات..
فالثقافة السائدة في المحيط هي المسئولة إذن.. وإليها يتوجّب على الرّجل أن ينظر وبعناية شديدة قبل اتخاذ قراره..
وهذا يتفق إلى حدّ كبير مع ما هو مُتعارفٌ عليه في هذا الموضوع.. من ضرورة أن تكون المرأة من منبت حسن.. ومن عائلة لها حظّها من الكرم والنبل وحسن السيرة.. والاطمئنان إلى علاقتها بوالديها وطبيعتها.. وجملة الممارسات التربوية التي تعرّضت لها.. وشبكة علاقاتها الاجتماعية وبيئتها التي احتضنتها منذ نشوئها عمومًا..
وفي هذا الاتجاه يمكن تعزيز هذا التصوّر ببعض الحقائق الثابتة!..
معاشرة شخصِ لقوم أربعين يومًا كافية ليتحوّل إليهم.. ويعود منهم.. وذلك لأنّ الفترة تكفي ليتشبّع عقله الباطن بكلّ ما يحدث حوله ويتمّ أمامه إذا رافقهم في كلّ شؤونهم ولم يحتفظ بمسافة تفصله عنهم.. فتضيع هويّته.. ويذوب فيهم.. فلا يبقى يميّزه عنهم شيء..
وما ثبت أيضًا.. من إرشاد النبي - عليه الصلاة والسلام - لأي رجل وقع في نفسه شيء من امرأة أجنبية أن يأتي أهله.. فيُزيل ما كان في نفسه.. ويخلّصُ عقله الباطن من أثرٍ خطير قد يتراكم مع الزمن ليتحوّل إلى رغبة غير نبيلة..
وإرشاد النبي - عليه الصلاة والسلام - للغاضب بأن يُغيّر من وضعه ويتوضّأ وألاّ يقضي في أمر حتى تنجلي موجة الغضب.. لأنّ فترة الانفعال تكبّل العقل الواعي بكل! ضوابطه الشرعية والأخلاقية وسلّم القيم فيه.. وتتحوّل مقاليد الأمور إلى عقله الباطن بكلّ الخليط الكبير الذي يحتويه من الرغبات والميولات والاستجابات الغريزية..
ولهذا الدور الخطير الذي يلعبه العقل الباطن! بـ"مُثله العليا وميولاته"كم تفاجأ الكثير من الأزواج بواقع زوجات ملتزمات عمومًا يتناقضُ بشكل صارخ مع كان باديًا قبل الزواج.. إلى الحدّ الذي يستعصي على المُقاربَة والمُعالجة والاحتواء..
زوجة ملتزمة لكنّها تكذب وتدمن النميمة وبث الفرقة بين الأهل.
وأخرى تنزعجُ وتتلكّأ في تلبية حاجات زوجها من المأكل والمشرب وغيره.
وترى في ذلك وسيلة حتى لا تنزل لدرجة الخادمة.
وأخرى تقلبُ له البيت جحيمًا من أجل أن تلقى حرّيتها في الخروج وقضاء ساعات يومها في الزيارات والمقابلات.
وأخرى تضيّع بيتها في مُقابل عمل دعوي ما.. تدّعي التعبّد من خلاله..!!
وهنا نقف على جانب من الحكمة الإلهية في التشديد على ضرورة مُحاربة المنكر بكل مراتبه وتغييره.. وعلى الإنكار الشديد على المُجاهرين بالمعاصي والمعتدين على حقوق الناس.. وعلى الذي يأمرون بالمعروف ويفعلون خلاف ما يقولون.. لأنّهم في الواقع يمثلون قدوات سيّئة.. ويعملون على التسبّب في أوضاع وأحوال فاسدة.. من السهل أن تلتقطها العقول الباطنة.. وأن تنفذ إليها بيسر.. وإذا قابلت شخصًا لا يُحسن غسيل هذه التسريبات بوسائلها الشرعية المكافئة فسيكون لها أثرًا سلبيًا متراكمًا لن يلبث بالظهور عند توفّر الظرف المساعد..
والتعامل مع الطرف الآخر بهذا المنظور – على الأقل – يضمن إلى حدٍ ما السلامة من"الأحلام والخيال".. الذي يُخشى على صاحبه من الانتكاس والانهيار أمام حقائق الواقع بعد المعاشرة..
بهذا التصوّر.. يمكن – إلى حدٍّ – ركوب موجة الأحلام.. لكن في حدود المعقول والممكن.. لأنّها أحلامٌ لها ما يسندها واقعًا.. ولها ما يمدّها بأسباب البقاء والاستمرار.. وليست أحلامٌ منقطعة لا أصل لها ولا جذور..
لكن هل يكف! يني هذا حتى لا يحدث أن"أتذمّر"؟..
أعترف أنه لا يكفي.. إذا حدث وكان خطئي في التقدير والتقييم كبيرًا.. وإلاّ فإنّ أي بادرة تعكّر مزاجي بإمكاني مُحاصرتها حين أستحضرُ إلى جانب ما سبق حقائق أخرى..
نخطىء خطأ كبيرًا حين نتصوّر أنّ العاطفة الحاصلة في مرحلة الإعجاب والانبهار قبل المعاشرة كافية لتغذية العلاقة وإمدادها بأسباب المودة بعد المعاشرة..
ومن هنا يتوجّب علينا البحث عن مصادر أخرى لهذه العاطفة.. تجعلها عاطفة متجدّدة.. تجد مبرّرات وجودها واستمرارها في المُعطيات والتفاصيل اليومية للعلاقة الزوجية.. والذين يخوضون مرحلة الزواج مُكتفين برصيد عاطفي حصل في فترة سبقت الزواج سرعان ما سينفذ بين أيديهم.. وسيأتي الاستنزاف بشدّة أمام عاطفة أبقينا على مبرّراتها في"الماضي".. عاجزة عن التجدّد والبقاء..
وعدم التركيز على المساوىء والسلبيات - التي ستظهر حتمًا – والعمل على فتح مجال الرؤيا واسعًا ليشمل المحاسن والحسنات.. عاملٌ مهمٌّ لتوفير أسباب قوية لتجدّد العاطفة واستمرارها..
وهناك أمرٌ آخر..
هنالك طبيعة إنسانية لا نملك أن نتخلّص منها.. وتتركُ أثرًا عميقًا على أغلب شؤوننا.. وهي"الاعتياد"
جوفُ ابن آدم لا يملأه غير التراب.. ولو حصل الرجل على خير نساء الدنيا ثمّ انهمك في إشباع حاجاتها النفسية والعاطفية معها بلا ضابط ولا قانون.. سينتهي به الوضع إلى حال من الفتور.. تسبّب فيها"اعتياده"على ما بين يديه.. والنعمة لا يُعرفُ قدرها إلاّ حين زوالها.. حين ينتفي"الاعتياد"..
وحماية المشاعر والأحاسيس من خطر الاعتياد.. يحصلُ بطرق شتّى.. ربما نمارسُ بعضها ونلجأ إليه من دون قصد واعٍ منّا.. لكن يبقى المسلك الواعي يتطلّب قدرًا من المعرفة والخبرة وسعة الاطلاع على قوانين النفس البشرية وطبيعتها..
وإنّ من أنجعها أن ينجح الإنسان في اقتحام عقله الباطن.. وتشكيل صورة واضحة المعالم لزوجته التي يحبّها على ضوء ما يجد فيها من حسنات.. والتي يراها في عينه خير نساء الدنيا.. ولا يفكّر ولو خاطرة في الالتفات إلى غيرها..
ويستمرّ في الالتجاء إلى هذه الصورة في داخله بين فترة وأخرى.. ليجدّد عاطفته.. وليطعّم هذه الصورة بما يستجدّ من واقع العلاقة التي تربط بها.. والأهمّ في ذلك أيضًا أن يطمئنّ إلى أنّ الأيام لا تجرفه بعيدًا عن زوجته التي حمل على كاهله مسئولية رعايتها وخدمتها بميثاق من شرع الله سبحانه..
و"الاعتياد".. هو خطرٌ أكبر من أن يستهدف مخزون العاطفة بين الزوجين فحسب.. بل يتهدد علاقتنا مع الله سبحانه وحالنا مع الآخرة..
فما الذي يدفعنا للانغماس في الحياة الدنيا.. وطول الأمل.. غير الاعتياد..؟؟
وما الذي يبلّد مشاعرنا نحو أهوال القيامة والحساب.. غير الاعتياد..؟؟
وما الذي يجرّنا للاستهانة باقتراف الآثام والمعاصي.. غير الاعتياد؟؟..
لكن هنالك ما يمكن أن نكسر به جليد هذا الاعتياد.. والتخلّص من مناخه.. إنّه اقتحام عقولنا الباطنة.. وتعديل"المفهوم الذاتي"الذي نحمله عن كلّ مفاهيمنا الدينية وغيرها.. والعودة بالنفس إلى طريق الجادة.. وهذا الذي يحدث مع كلّ دورة توبة.. يُحاسبُ فيها الإنسان نفسه.. ويراجعُ أحداث يومه منذ استيقاظه إلى لحظة خلوده للنوم..
وقد ثبت في الأثر كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - أصحابه.. أنّ رجلاً كان من أهل الجنّة وهو لا يزال يسعى بين الناس.. لأنّه كان يُحاسبُ نفسه كلّ ليلة.. فيتوب من المعاصي.. ويعزم على الخير.. فيُزيل من"عقله الباطن"الآثار السيئة التي تسرّبت طيلة النهار..
وهذا يقودني لنقطة أخيرة..
حينما ينظر الواحد منّا إلى شؤونه ويتفحّصها بجديّة وتجرّد.. سيجدُ نفسه غارقًا إلى مفرق رأسه في عيوب ونقائص الله وحده أعلمُ بها.. وهو الخبير بما استخفى من أموره عن نظر الناس.. وستنطقُ أعماقه بما نطق به الصحابي الجليل حين قال"نافق حنظلة"..
فكيف يحقّ له أن يصل في تقييمه للطرف الآخر إلى حدّ"التذمّر؟!.."
ثمّ.. من منّا من لم تدسها أقدام الغدر.. وتطعنه خناجر الخيانة.. وتكبت على أنفاسه أيادي الاعتداء والظلم والإجحاف.. ومع ذلك يحدث أن نسامحهم.. وأن نغفر لهم.. وأن نستعد للبداية من جديد.. فكيف يعزّ علينا أن نمارس هذا مع الزوجة..؟!
إن حُقّ لي أن أتذمّر منها.. فيحقّ لها هي الأخرى أن تتذمّر منّي..
والأمر متبادل.
ـــــــــــــــــــ(111/390)
ربع قرن من السعادة الزوجية
هدى سعيد
الزوج: بمجرد أن يفهم الزوجان ارتباطهما على أنه عبادة وقربة لله يقطعان معظم الطريق إلى الوفاق والسكينة.
أسباب مأزق سنوات الزواج الأولى ورقة «أحب وأكره».. وبيت التحكيم دعامتان للحب الدائم بين الزوجين
الزوجة: "زوجي صديقي، وطاعتي له عبادة" لو قالتها الزوجة لنفسها لصارت أسعد النساء. "لاشيء قبلك سوى الله" هكذا يجب أن تُشعر زوجها في كل تصرفاتها ما أروع أن يكون الفهم والحب سياج الحياة الزوجية، وأن يتعانق نقاء الفطرة والوعي ليصنعا معًا السعادة والوفاق.
السطور التالية خبرة زوجين نسجا حياتهما بخيوط الود؛ لأنهما أدركا أن زواجهما سنة كونية، ورسالة دعوية وفضيلة بشرية، لنقرأ تجربة الأستاذ حسن فتحي الخياط - المدير المالي بإحدى الشركات - بعد 23 عامًا على زواج مازال يفوح منه شذا الود.
الزواج آية وسط الآيات الكونية:
يقول الزوج السعيد: إن الله - سبحانه وتعالى - ذكر الزواج وسط الآيات الكونية ليلفت نظرنا إلى أننا يجب أن ننظر إليه على أنه آية من آيات الله – سبحانه وتعالى - كما ننظر إلى آيات الله من خلق البشر، وخلق السماوات والأرض، ومن النوم والبرق...
لذلك فإن الزواج بالمفهوم الإسلامي ليس مجرد قضاء شهوة، ولكنه أعمق من ذلك، فهو بناء الخلية الأولى في المجتمع الإسلامي، وهو المحضن الطبيعي للنشء القادم فإذا تم بناؤه على أسس سليمة مضبوطة بالضوابط الإسلامية أتى بثمرته الطبيعية والعكس صحيح.
ومن هنا نجد أن الذي يجمع بين الزوجين هو العطاء والتفاهم والالتحام والسكن والرحمة، هو العطاء الذي يبذله كل طرف للطرف الآخر، هو التفاهم بين الاثنين حتى يحب كل واحد ما يحبه الآخر ويكره ما يكرهه، هو الالتحام بين الاثنين حتى لا تكاد تعرف ما يخص الزوج وما يخص الزوجة، فهما نسيج واحد.
هو السكن الذي يجده كل طرف في الطرف الآخر بعد عناء اليوم، هو الرحمة بين الاثنين مصداقًا لحديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، فإذا كان هذا الحديث في عموم المؤمنين فهو بين الزوجين أولى.
كيف يحافظ الزوجان على الحب بعد سنوات الزواج الطويلة ومسؤولياته؟
يجيب الأستاذ حسن مؤكدًا أن الأمر بسيط؛ إذ يدوم الحب لسنوات وسنوات، إذا تم بناؤه على الأسس السابق ذكرها، وهنا نجد قدوتنا - صلى الله عليه و سلم - يقدم لنا المثل الراقي في وفائه وحبه للسيدة خديجة، يذكرها دائمًا بالخير، ويثنى عليها، وعلى وقوفها بجواره حين كذبه الناس، ومواساتها بمالها حين حرمه الناس، وحينما يذبح الشاة يقول: اذهبوا ببعضها إلى فلانة فإنها كانت تأتينا أيام خديجة.
فإذا ما تلمسنا هديه - صلى الله عليه و سلم - في وفائه وحبه لزوجاته وعلمنا أن الزواج عبادة «وهو نصف الدين» نثاب عليه «وفي بضع أحدكم صدقة»، «حتى اللقمة يضعها أحدكم في فيِّ زوجته» وإذا تصفحنا سيرة صحابة رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ، وكيف كانت الزوجة تتفانى في إرضاء زوجها!، وكيف كان الزوج حريصًا على الرحمة والرأفة بزوجته!، وعلى معاملتها على أنها شريكة حياته.
وإذا ترسم الزوجان خطى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الأخيار الأبرار، وعلمنا منزلة الزواج لدام الحب ينهما لسنوات طويلة، لدام حتى يلتقيا معًا في الجنة.
وسائل غسيل المخ:
ويعدد الزوج «الفاهم» أسباب خلافات السنوات الأولى من الزواج، والتي تقف به أحيانًا على حافة الطلاق، ومن ثم تزيد حالات الطلاق المبكر، ويحصر هذه الأسباب في:
(1) عدم جعل الدين هو الأساس الأول في اختيار الزوج "الزوجة".
(2) عدم البساطة في الزواج، ومحاولة توفير جميع الكماليات والتحسينات في عش الزوجية، ولو أدى ذلك إلى إضافة أعباء مادية قد ترهق الزوج أو تجعله مديناً.
والذي يبدأ حياته مدينًا سينشغل جزء كبير من تفكيره بهذا الدين، فتتأثر علاقته بزوجته.
(3) تطلع المرأة إلى من هي أعلى منها ماديًا باستمرار ومحاولة محاكاتها وإرهاق الزوج بذلك.
(4) عدم توافر الجو الأسري الذي يجمع بين الزوجين ليناقش كل منهما أحوال الآخر ويستمع إلى مشكلاته.
(5) تمسك كل طرف برأيه وعدم التنازل عنه أو الوصول إلى حل وسط.
(6) تدخل الأهل بمفاهيم خاطئة يبثونها بين الزوجين: (مثل القول للمرأة: أنت تعملين مثله فلابد أن يكون لك رأى، ولا تتنازلين عنه، فهو ليس أفضل منك).
(7) خروج المرأة للعمل واحتكاكها بمجتمع اختلط فيه الحق بالباطل فلم تعد المرأة تعلم حقها من واجبها.
(8) بحث كل طرف عن حقه وفي المقابل عدم الالتزام بواجبه.
(9) وسائل الإعلام وما تقوم به من غسيل مخ في العلاقة الزوجية حتى صوّرتها على أنها علاقة ندية بين اثنين، وليست علاقة تكاملية، حتى توهمنا أن الزواج عبارة عن حلقة مصارعة بين طرفين، وكل طرف حريص على أن يحصل على أكبر قدر من المكاسب لصالحه.
- ماذا تحب في زوجتك وتتمنى أن يدوم كي يدوم الحب؟
يبتسم مجيبًا: نظرة الحنان ولغة العيون التي إذا لم يفهمها المتزوجون؛ فلن يفهموا الحب، الطفولة البريئة في المشاعر والنضج في تحمل المسؤولية، الابتسامة الصافية، والطاعة، وكلمة حاضر، وأحب في زوجتي اهتمامها ببيتي من نظافة ونظام، وحبها لأهلي والاهتمام بهم وترحيبها بقدومهم.
- وينصح زوج (ال 23عامًا سعادة) كل زوجين ليحصدا ثمار الهناء الزوجي بـ:
أن يتذكرا أن الزواج عبادة ورسالة.
أن يتقي كل منهما الله في الآخر.
أن يجلسا سويًا قبل الزواج أو بعده، ويكتب كل واحد منهما ما يحبه وما يكرهه، ثم يتفقا على أن يفعل كل طرف الأشياء التي يحبها الآخر، ويدع الأشياء التي يكرهها.
ألا يتدخل الأهل سواء أهل الزوج أو أهل الزوجة في الخلافات التي تنشأ بينهما مطلقًا.
أن يتفقا على أن يكون هناك بيت من بيوت المسلمين يكون أهل ثقة يرفعان إليه أي خلاف ويكون حكمه نافذًا عليهما.
ألا يبيتا وبينهما خلاف أو مشكلة حتى ينظرا فيه.
أن يتفقا إذا كان هناك مشكلة على الطريقة التي يحبها كل منهما لامتصاص غضبه، هل تترك الزوجة زوجها، ولا ترد عليه؟ أم تتحدث معه في المشكلة في حينها؟ أم تتركه يخرج من البيت حتى يهدأ؟ فلكل زوج طريقة خاصة في امتصاص غضبه وكذلك الزوجة.
ألا يذكر كل طرف لأهله إلا محاسن الطرف الآخر ألا يتحدث معهم عن عيوبه أو سيئاته.
تتقرب إلى الله فيه أما الزوجة التي ستغبطها كل الزوجات، السيدة سناء تقول: إن الصداقة بين الزوجين، تيسر عليهما أشياء كثيرة جدًا وتخفف من حجم أي مشكلة، كما أن حسن طاعة الزوجة لزوجها والعمل على استرضائه دائمًا بالتقرب إليه بفعل الأشياء التي يحبها يجعلها دائمًا حبيبته وصديقته.
وتدعو كل زوجة إلى فهم الطاعة لا على أنها الخنوع والذل للطرف الآخر، بل على أنها عبادة تتقرب بها الزوجة الصالحة إلى ربها - عز وجل - وإذا كانت طباع الزوج سيئة، ولم تعتد عليها الزوجة ففي صبرها على ذلك، ومحاولتها تغيير هذه الطباع أجر تثاب عليه، كما أن لها عظيم الأجر في إشعارها زوجها بأنه أول اهتماماتها في هذه الحياة، وأنها لا تقدم عليه أي شيء آخر سوى الله.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/391)
له أربع زوجات فاتنات
كان هناك تاجر غني له 4 زوجات وكان يحب الزوجة الرابعة أكثرهم، فيلبسها أفخر الثياب ويعاملها بمنتهى الرقة ويعتني بها عناية كبيرة ولا يقدم لها إلا الأحسن في كل شيء.
وكان يحب الزوجة الثالثة جدا أيضاً، كان فخور بها ويحب أن يتباهى بها أمام أصدقائه وكان يحب أن يريها لهم، ولكنه كان يخشى أن تتركه وتذهب مع رجل آخر.
وكان يحب الزوجة الثانية أيضا، فقد كانت شخصية محترمة، دائما صبورة، وفي الحقيقة كانت محل ثقة التاجر، وعندما كان يواجه مشاكل كان يلجأ إليها دائما، وكانت هي تساعده دائما على عبور المشكلة والأوقات العصيبة.
أما الزوجة الأولى فمع أنها كانت شريكا شديد الإخلاص له، وكان لها دور كبير في المحافظة على ثروته وعلى أعماله، علاوة على اهتمامها بالشؤون المنزلية، ومع ذلك لم يكن التاجر يحبها كثيرا، ومع أنها كانت تحبه بعمق إلا أنه لم يكن يلاحظها أو يهتم بها.
وفي أحد الأيام مرض الزوج ولم يمض وقت طويل، حتى أدرك أنه سيموت سريعا، فكر التاجر في حياته المترفة وقال لنفسه، الآن أنا لي 4 زوجات معي، ولكن عند موتي سأكون وحيدا، ووحدتي كم ستكون شديدة؟
وهكذا سأل زوجته الرابعة وقال لها: "أنا أحببتك أكثر منهن جميعا ووهبتك أجمل الثياب وغمرتك بعناية فائقة، والآن أنا سأموت، فهل تتبعيني وتنقذيني من الوحدة؟ كيف أفعل ذلك أجابت الزوجة مستحيل
غير ممكن ولا فائدة من المحاولة، ومشت بعيدا عنه دون أية كلمة أخرى، قطعت أجابتها قلب التاجر المسكين بسكينة حادة.
فسأل التاجر الحزين زوجته الثالثة وقال لها: " أنا أحببتك كثيرا جدا طول حياتي، والآن أنا في طريقي للموت فهل تتبعيني وتحافظين على الشركة معي؟ " لا هكذا أجابت الزوجة الثالثة ثم أردفت قائلة " الحياة هنا حلوة وسأتزوج آخر بدلا منك عند موتك ".
غاص قلب التاجر عند سماعه الإجابة وكاد يجمد من البرودة التي سرت في أوصاله.
ثم سأل التاجر زوجته الثانية وقال لها: " أنا دائما لجأت إليك من أجل المعونة، وأنت أعنتيني وساعدتيني دائما، والآن ها أنا أحتاج معونتك مرة أخرى، فهل تتبعيني عندما أموت وتحافظين على الشركة معي؟ فأجابته قائلة: أنا آسفة... هذه المرة لن أقدر أن أساعدك، هكذا كانت إجابة الزوجة الثانية، ثم أردفت قائلة:" أن أقصى ما أستطيع أن أقدمه لك، هو أن أشيعك حتى القبر ". انقضت عليه أجابتها كالصاعقة حتى أنها عصفت به تماما.
وعندئذ جاءه صوت قائلا له: " أنا سأتبعك يا حبيبي وسأغادر الأرض معك بغض النظر عن أين ستذهب، سأكون معك إلى الأبد "
نظر الزوج حوله يبحث عن مصدر الصوت وإذا بها زوجته الأولى، التي كانت قد نحلت تماما كما لو كانت تعاني من المجاعة وسوء التغذية، " قال التاجر وهو ممتلىء بالحزن واللوعة، كان ينبغي علي أن أعتني بك أفضل مما فعلت حينما كنت أستطيع "
في الحقيقة كلنا لنا أربع زوجات...
الزوجة الرابعة: هي أجسادنا التي مهما أسرفنا في الوقت والجهد والمال في الاهتمام بها وجعل مظهرها جميل، فأنها عند موتنا ستتركنا .
الزوجة الثالثة: هي ممتلكاتنا وأموالنا ومنزلتنا، التي عند موتنا نتركها.. فتذهب للآخرين.
الزوجة الثانية: هي عائلاتنا وأصدقاؤنا مهما كانوا قريبين جدا منا ونحن أحياء، فأن أقصى ما يستطيعونه هو أن يرافقونا حتى القبر .
أما الزوجة الأولى: فهي في الحقيقة حياتنا الروحية وعلاقتنا مع الله، التي غالبا ما تهمل ونحن نهتم ونسعى وراء الماديات، الثروة والأمور الأخرى، ولكنها في الحقيقة الوحيدة التي تتبعنا حيثما ذهبنا.
ربما هي فكرة طيبة أن نزرع من أجلها ونقوتها الآن بدلا من أن ننتظر حتى نصبح في فراش الموت ولا نستطيع سوى أن نرثيها ونبكي عليها، فإن الحياة يا أخوتي قصيرة .
http://www.twbh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/392)
اعترافات مثيرة
حاولنا من خلال هذه اللقاءات المباشرة مع بعض الزوجات اللواتي جربن مرارة الضرب، أن تنقل إلى القارئ صورة حقيقية لما يحدث وراء الأستار وخلف الجدران، وليس المقصود بذلك فضح أسرار المنازل، بل كشف بعض التجارب والأحداث الواقعية لإلقاء المزيد من الأضواء على نماذج بشرية تعيش بيننا، وتميل إلى الخروج على الاعتدال والرصانة، فما نرصده ليس الضرب المباح المشروع، لكنه الاعتداء المرفوض وغير المبرر.
إنها اعترافات.. أفضى بها نساء ورجال. وسجلناها.. ونقلناها إليكم بأمانة.
أحب زوجي.. وأريد الطلاق:
بوجهها الشاحب وعينيها الواهنتين لم تتردد (هـ.ق) أن تقول لنا : نعم طلبت الطلاق، ورفعت أمري إلى المحكمة.. فأنا لم أعد أحتمل البقاء مع زوجي في بيت واحد، لكنها لا تنفي أنها ما زالت تحب زوجها، وتضيف: لقد تزوجته على حب واقتناع، لكنه أصبح مدمناً على المسكرات، وعندما يعود إلى البيت يضربني لسبب ومن دون سبب، وتقول: لم يعد يرحم توسلاتي، في بداية الأمر كان يضربني بيده، وعندما يعود إلى رشده يعتذر مني، ويلاطفني، ولكنه تحول إلى إنسان متوحش، لم يعد يرفق بي ولا بأبنائي، ووصل به الأمر إلى تهديدي بالسكين أو بالمسدس كلما رجوته أن يبتعد عن المسكرات ويبقى في المنزل.. وأصبح أولادي يعيشون في اضطراب شديد.. ولذلك لم أعد أتحمل. وطلبت الطلاق بالرغم من أني ما زلت أحب زوجي..
ضربني.. فحولته للتحقيق:
أما (ف.م) فهي على قناعة بأن الرجل إذا ضرب زوجته ولم يجد منها رد فعل تحفظ به كرامتها، فسوف يتمادى في ضربها، ويصبح الضرب عنده عادة متأصلة في نفسه.
وتشرح (ف.م) وجهة نظرها قائلة: مررت في البداية بمشكلة مع زوجي، فضربني ضربة عنيفة على وجهي فتأذت طبلة أذني، ولم أسكت على ذلك، بالرغم من نصيحة والديّ، فسجلت الحادثة في المستشفى، وطلبت إحالتها للتحقيق، وبعد مدة قصيرة، وبعد أن أخذ التحقيق مجراه واقترب من النهاية، جاء زوجي إليّ معتذراً عما بدر منه، فعدت إلى المنزل ومن ذلك اليوم لم تمتد يده عليّ وعشنا حياتنا بسعادة وانسجام.
الاستسلام مرفوض:
وتتفق (ن.م.ح) مع (ف.م) فتقول: ضربني زوجي في بداية حياتنا الزوجية وكان يحاول إثبات شهامته أمام أهله على ما يبدو، فصعدّت الأمر وخاصمته طويلاً حتى اعترف بخطئه، وتعاهدنا على أسلوب محدد وهو أن يمتنع عن فتح أي حوار إذا ما كان أحدنا في حالة غير طبيعية.
تضيف: لو أن كل امرأة أبت أن تستسلم لجبروت (سي السيد) فلن يتمادى أي رجل في جبروته.
لم أحتمل الإهانة:
السيدة (س.م) حياتها الزوجية انتهت بالطلاق، لأنها، كما تقول، لم تعد تحتمل إهانة زوجها المستمرة لها..
وتلقي (س.م) باللوم على والدة زوجها، فهي عندما رضيت بالعيش مع أهل زوجها في بيت واحد، ما كانت تعتقد أن أمه سوف تتدخل في حياتهما الزوجية في كل صغيرة وكبيرة، وعندما تعترض تنال من زوجها ضرباً مبرحاً، وتقول: كانت أمه تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياتي الخاصة، وما كان يستطيع أن يأتيني بحقي منها، أو أن يساعدني على الأقل، وبالرغم من محاولاتي لإرضاء أهل المنزل جميعاً، وعند أقل هفوة، تشكو أمه مني فإنه يضربني بلا نقاش، وبعنف لا يتصوره إنسان، بقدميه ويديه وبقبضته، وعندما أذهب للطبيب يصرخ بوجهي: كيف تسكتين على هذا؟
وتضيف (س.م) قائلة: آخر مرة ضربني كنت حاملاً بطفلتي الوحيدة منه، وتحديداً في الشهر السابع وطلبت منه الذهاب إلى صالون التجميل فوافق لكنه عاد بعد أن تحدث إلى أمه وطلب مني عدم الخروج من المنزل، فوقعت بيننا مشادة كلامية أنهال على أثرها بالضرب على بطني بيده وقدمه فذهبت لأهلي وجاءني فاشترط أهلي عليه أن يوفر لي مسكناً خاصاً، فرفض فاتفقنا على الانفصال الذي تم وحمدت الله على ذلك قبل أن أجد نفسي متورطة في (درزن) أطفال منه.
صبر بلا حدود:
على النقيض من (س.م) فإن (س.ي) التي كان وما زال زوجها يضربها لأتفه الأسباب ملأت البيت لزوجها أولاداً وبنات، كما تقول، ولهذا فهي تتحمل الضرب من أجل أولادها الذين كبروا وفي أمس الحاجة لوالدهم على حد قولها.
وتضيف: كلما ناقشته مجرد مناقشة في أي أمر يضيق بكلامي ولا يجد غير الضرب وسيلة لإسكاتي، إنني صبرت معه وعليه، وسأستمر أصبر عليه.
يضربني ويدعوني إلى فراشه:
أما (ك.ع) فإن مأساتها أكبر مما سبق، حيث تقول والألم يبدو على محياها: تزوجته وسني 17 سنة، وأنجبت له ولدين وبنتاً، ومنذ زواجي به وهو يسيطر عليّ، يخيفني ويرعبني لحظة دخوله البيت فلا مودة بيننا ولا أحاديث، ولا خروج معاً للأسواق، وإذا ما طالبته بشيء من حقوقي يضربني، وكثيراً ما امتدت يده عليّ في الشارع أو أمام أهلي، جاءني ذات مرة يتهمني بسرقة بعض ماله، فصدمت، ولم أنطق بكلمة فإذا به ينهال ضرباً عليّ بشراسة ويتفوه بألفاظ بذئية، يعف لساني عن ذكرها وكان ابني الصغير يحاول أن يبعده عني فكان يقذف الصغير بقدمه.
تضيف: والآن أعيش معه دون حب أو أدنى درجة من العاطفة، إنني أعيش كما يقولون في ظل رجل، إنه يدفع إيجار البيت فقط وقسط سيارته ويترك لي عبء مصاريف الأولاد وتدريسهم ومتابعتهم في المدرسة وتوصيلهم إليها وكأنني الرجل وهو المرأة، تصمت قليلاً ثم تستطرد: ويا ليت الأمر يتوقف عند هذا الحد.
إنه بعد أن يضربني يصر على طلبي إلي الفراش، وإذا ما اعتذرت يسبني ويضربني، وليس هذا فقط، بل وأحياناً يضربني ونحن معاً في السرير.
لا أملك سوى الدعاء:
(ج.ق) زوجة صابرة، فمأساتها تتلخص في أن زوجها يضربها أمام الآخرين، حتى يثبت لهم رجولته، تقول: أصبحت حريصة أن أكون ملاكاً أمام الناس حتى لا أعطيه الفرصة ليضربني، لكنه يختلق مبرراً كأن يقول: لم تنظرين إليّ على هذا النحو؟ شنو يقول الناس؟ ولذا قررت ألا أخرج معه وألا أستقبل أحداً في بيتي، لا أملك سوى الدعاء له في صلاتي عسى الله أن يهديه، فلقد قاربت على الانفجار.
الرجال يدافعون عن أنفسهم
وفي المقابل.. ماذا يقول الرجال؟!
(ص.خ) يقول: ابتليت بزوجة يزعجني صراخها ويؤلمني علو صوتها دوماً على أولادها، ويضيف: يغضبني تركها البيت للخادمة تتصرف فيه وكأنها سيدته، لم تعد تطبخ بيدها بالرغم من أنها لا تعمل، وتسهر طوال الليل أمام الفضائيات التي ابتلينا بها؛ جربت معها كل الطرق السلمية وغيرها فلم ترتدع سوى بالضرب الذي كلما اعوجّت ألحقها به، وكأنه أصبح علاجاً، في البداية كنت أحن لبكائها لكني لم أعد كذلك الآن، لأني شعرت بنتيجته.
طلقها في شهر العسل:
(ت.ع) قال بدوره: أحببتها فتزوجتها وسافرنا سوياً فور الزفاف لقضاء شهر العسل في بلد أوروبي، وذات ليلة جلسنا نتبادل الحديث فأخذت توجه النقد اللاذع لأهلي وتبدي رغبتها عند العودة في عدم مرافقتي لزيارتهم، تطور النقاش وعلا صوتنا فضربتها على خديها عدة مرات، فردت عليّ بالضرب فضربتها وأنا أردد: أنت طالق أنت طالق، ونام كل منا في غرفة وعادت قبلي إلى الديرة لتذهب مباشرة إلى بيت أهلها، دون أن تدخل بيت الزوجية الذي أعددته لها.
وقال: لقد كانت هي سبب ضربي إياها، وسبب طلاقنا، لقد أهانتني عندما أهانت أهلي.. إنها تتحمل النتيجة.
http://al - farha.com بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(111/393)
بصراحة لا للضرب ( 1 )
وصلت قضية ضرب الزوجات إلى درجة الظاهرة التي تستحق البحث والدارسة، والمتابع لمجريات المجتمع الكويتي يلاحظ بروز هذه الظاهرة في قاعات المحاكم، وعلى صفحات الصحف بين الأهل والأصدقاء الساعين للصلح بين زوجين متخاصمين، وقد يكونان مطلقين، والعامل المشترك في كل هذا وذاك هو قيام الزوج بضرب زوجته، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى تبادل الكلمات الجارحة بين الزوجين ويزداد الطين بلة عندما يكون هذا الأمر على مرأى ومسمع من فلذات الأكباد.
أجري هذا الاستبيان من خلال عرضه والإجابة عليه من قبل شريحة كبيرة من الأزواج والزوجات (مئة زوج ومئة زوجة) من مختلف الأعمار والمستويات الثقافية والاجتماعية وكانت النتائج كما يلي:
السؤال الأول: الضرب أسلوب تأديبي يتبعه الكثير من الأزواج من أول خطأ؟ جاءت إجابات كل من الأزواج والزوجات برفض الضرب كأسلوب تأديبي، بنسبة عالية جداً، بلغت عند الزوجات (95%) ولم يوافق عليه أيضاً (80%) من الأزواج.
بينما وافق عليه (7%) من الأزواج و (5%) من الزوجات، فيما اعتبر (13%) من الأزواج أن الضرب أسلوب تأديبي يتبعه الكثير من الأزواج من أول خطأ إلى حد ما، وهذا يدل على رفض المجتمع برجاله ونسائه للضرب كوسيلة تأديبية وللوهلة الأولى.
السؤال الثاني: هل الضرب المبرح يدفع الزوجة إلى التمادي في الخطأ مرة ثانية؟
واستمراراً لرفض كل من الزوجات والأزواج لمبدأ ضرب الزوجات رأت نسبة عالية من الأزواج والزوجات أن الضرب المبرح يدفع الزوجة إلى التمادي في الخطأ مرة ثانية، بمعنى أن الضرب الذي وقع على الزوجة زاد من المشكلة وجعل الزوجة تتمادى في الخطأ مرة ثانية، إذ وافق على هذا القول (59%) من الأزواج ووافق عليه إلى حد ما وهي إجابة تقترب من الموافقة (28%)، بينما لم يرفض سوى (13%) فقط من الأزواج، وجاءت إجابات الزوجات قريبة أيضاً من إجابات الأزواج حيث رأى (42%) منهن أن الضرب المبرح يدفع الزوجة إلى التمادي في الخطأ مرة ثانية واقتربت من هذا الرأي أيضاً (37%) منهن في حين رفضه (12%) من الزوجات. وبناء على ذلك نرى أن الضرب ليس العلاج الواقي في حال وقوع الخطأ، بل إنه قد يكون دافعاً للتمادي والإصرار على الخطأ.
السؤال الثالث: هل الضرب يشعر الزوجة بالدونية والذل والرغبة بالانتقام؟
اقتربت آراء كل من الأزواج والزوجات حول هذا القول مؤكدة على ما جاء فيه من أن الضرب يشعر الزوجة بالدونية والذل والرغبة في الانتقام، فقد وافق على هذا الرأي (64%) من الأزواج و (69%) من الزوجات، واقترب من الموافقة (27%) من الأزواج و(20%) من الزوجات، بينما علق بالرفض (9%) من الأزواج و(11%) من الزوجات.
وهذه النسبة من الإجابة العالية بالموافقة على هذا القول تؤكد الآثار السيئة التي تتبنى على الضرب غير المشروع للزوجة، فهو كأي ضرب آخر وسيلة عقوبة وإيذاء، وإذا وجه بغير حق كان دافعاً للانتقام.
السؤال الرابع: هل الضرب المبرح يدفع الزوجة لطلب الطلاق؟
وقد لاقت هذه العبارة قبولا كبيراً لدى كل من الأزواج والزوجات حيث وافق عليها (56%) من الأزواج و (63%) من الزوجات واقترب من الموافقة (30%) من الأزواج و(27%) من الزوجات.. وهذا يؤكد على أن الضرب إلى جانب أنه يشعر الزوجات بالمهانة فإنه قد يدفع الزوجات لطلب الطلاق.
في حين لم يوافق على هذا القول سوى (14%) من الأزواج و (10%) من الزوجات.
وهذا يشير إلى ناحية مهمة من آثار الضرب غير المشروع في الأسرة حيث يكون من دواعي طلب التفريق والطلاق، وينبني على ذلك انفصال الزوجين وانتهاء العلاقة الزوجية، ولا شك في أن لذلك آثاراً جانبية أخرى على الأبناء والمجتمع ككل
السؤال الخامس: هل حدث أن ضربت زوجتك (ضربك زوجك) ذات يوم؟ على الرغم من أن نسبة عالية من الأزواج والزوجات أجابوا بأنهم لم يضربوا زوجاتهم أو يتعرض للضرب من قبل أزواجهم ذات يوم بلغت هذه النسبة (72%) لدى كل من الأزواج والزوجات، إلا أن نسبة أخرى لا يستهان بها بلغت (28%) لدى كل من الأزواج والزوجات اعترف الأزواج بضرب زوجاتهم وكذلك اعترفت الزوجات بأنهن تعرضن للضرب، وتراوح عدد مرات الضرب بين مرة ومرتين، أو عندما يحتاج الأمر وحتى الاستمرار في الضرب.. إذ أجاب (21%) من الزوجات بأنهن يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن باستمرار..
وهذه نسبة عالية بلا شك، وهي تعني أن العادات والتقاليد أو العصبية تتغلب على المنطق والمثل أحياناً، فبالرغم من الإجابات الواضحة برفض الضرب في الأسئلة الأولى من هذا الاستبيان، نجد ممارسته فعلياً لدى نسبة عالية من الأزواج.. وهذه ظاهرة تحتاج للتوقف عندها ودراستها بشكل مستقل. نفى 72% من عينة الأزواج الذين شاركوا بالاستطلاع أنهم ضربوا زوجاتهم، وبسؤالهم عن أهم الأسباب التي تمنعهم من ذلك جاءت أجوبتهم مختلفة ومتنوعة، وأمكن حصرها في النقاط التالية: زوجتي متفهمة وإيجابية في كل شيء؛ لأنها طيبة ولأنني لا أعتمد أسلوب الضرب.
الضرب ليس أسلوباً تربوياً، والقرآن والسنة نصحاً بالضرب في حالات النشوز فقط وعند استنفاد وسائل النصح والوعظ. تعرف حق الله في زوجها وأولادها وبيتها؛ لأن الزوجة مكملة للرجل فإذا اعتدى عليها فكأنما يعتدي على نفسه؛ لأنني تزوجتها عن قناعة وطلبتها من أهلها وكانت معززة مكرمة، ولأن الضرب لا يغير عقل الزوجة. الضرب ليس من شيم الأزواج الأكفاء.
الشريعة الإسلامية لا تسمح بالضرب المبرح، وأنا عاقل لا أتسرع في الحكم على الأمور التي تصدر من زوجتي؛ لأنني لم أشاهد أبي يضرب أمي.
السؤال السادس: للرجال: تنسى الزوجة الضرب والإهانة بعد فترة فهل تعود إلى ارتكاب الأخطاء الكبيرة؟! أجابت نسبة كبيرة من الأزواج بالموافقة الصريحة، أو إلى حد ما على هذا القول (59%) (20 موافق- 39 إلى حد ما) وهذا يدل على موافقتهم ضمنياً بأنه لابد من الضرب ثانية كي لا تعود الزوجة إلى الخطأ، وهذا يدل على اعتقادهم بأن الزوجة تنسى الضرب وما كان من أجله فتعود للخطأ، ربما عدّل ذلك نسبة مقاربة (41%) من الذين لم يوافقوا على هذا الرأي.
للزوجات اللاتي تعرضن للضرب من قبل أزواجهن: إذا تأثرت نفسياً فهل عاودت الخطأ؟ وبالرغم من الآثار السيئة التي تعرضت لها الزوجة اللاتي تعرضن للضرب من قبل أزواجهن إلا أن نسبة عالية منهن أجبن بأنهن يعاودن الخطأ مرة أخرى ولم يتوقفن عن ارتكاب الخطأ حتى بعد الضرب، فقد رأى ذلك (50%) من الزوجات اللاتي تعرضن للضرب وتقارب إجابتهن (30%) من اللواتي قلن أنهن يعدن أحياناً للخطأ في حين قال (20%) منهن أنهن لم يُعدن الخطأ مرة أخرى. وهذه النسبة العالية التي تصل إلى الضعف من اللواتي تعرضن للضرب تدل على أنهن لم يعدن يتأثرن بالضرب ويمتنعن عن الخطأ، بل يعدن إليه كدافع للرفض والانتقام.
وهذا أيضاً يدل على ظواهر نفسية غير سليمة، منها عدم المبالاة بالضرب والإهانة وتعمد الخطأ كمحاولة ناقصة للرد والتعويض، وكل ذلك يشوه الحياة الزوجية ويسيء إليها بالغ الإساءة.
السؤال السابع:
(نساء): هل الضرب وسيلة لتأديب الزوجة؟
لم يجد هذا التساؤل أية نسبة تأييد من الزوجات اللاتي تم استطلاع رأيهن في قضية ضرب الزوجات، فلم توافق زوجة واحدة على اعتبار الضرب وسيلة لتأديب الزوجة في كل الأحوال وعلى إطلاقه.
بينما رأت النسبة الغالبة، أن الضرب ليس وسيلة للتأديب إذ رأت ذلك (65%) من عينة الدراسة وفي ذلك تأكيد على عدم جدوى الضرب أو القبول به كوسيلة للتأديب.
ومن جانب آخر اعتبر (35%) من الزوجات أن الضرب وسيلة من وسائل تأديب الزوجة ولكن ليس في كل الأحيان.. واضعين في اعتبارهن أن هناك وسائل وأساليب أخرى غير الضرب يمكن للزوج أن يعالج بها المشاكل التي قد تنشأ داخل الأسرة، وعلى ذلك فإن اللجوء للضرب لا تعتبره الزوجات وسيلة للتأديب.
السؤال الثامن:
قد ترد الزوجة على الضرب بنفس الأسلوب فتضرب الرجل (بعض الزوجات)؟
لم تستبعد نسبة كبيرة من الأزواج والزوجات أن يقوم بعض الزوجات بالرد على الضرب بالأسلوب نفسه فتضرب الزوج، فقد اقتربت إجابات الأزواج والزوجات في الموافقة على هذا الرأي، حيث رأى (24%) من الأزواج و (27%) من الزوجات أن بعض النساء يمكن أن يقمن بالرد على الضرب بالأسلوب نفسه فيضربن أزواجهن، واقترب من الموافقة على هذا الرأي أيضاً نسبة عالية بلغت (41%) من الأزواج و(27%) من الزوجات في حين أن (35%) من الأزواج و(45%) من الزوجات رفضن الموافقة على ذلك.
وهذا أيضاً يدل على إمكانية كبيرة لحدوث مقابلة للضرب بمثلها، وفي ذلك ما فيه من تعميق الخلاف بين الزوجين وتحويله إلى شجار، وقد يؤدي إلى ارتكاب جريمة أو الطلاق.
ـــــــــــــــــــ(111/394)
تخفيف التيتم والترمل الصوري
م . عبد اللطيف البريجاوي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))
((إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته))
ما زلنا نبحث عن وسائل متعددة لإصلاح الأسرة المسلمة هذه الأسرة التي هي مفتاح الهزائم ومفتاح الانتصارات.. فبقدر ما تكون قريبة من الإسلام فإنها تكون سعيدة منتجة وبقدر ما تكون بعيدة عن الإسلام تكون شقية متفرقة.
إن مكانة اليتيم عند الله - سبحانه وتعالى - مكانة عالية جدا حتى أنه ورد في ذلك الآيات والأحاديث التي تحض على كفالة اليتيم وتحذر من مغبة ضياعه في المجتمع وأكل حقوقه
قال - تعالى -"إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا(10) النساء
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال"اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات"البخاري
وحث الإسلام على كفالة اليتيم والسعي على الأرملة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا"البخاري
عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار"البخاري
ولو سألنا أنفسنا لماذا هذا التشديد على موضوع اليتيم والأرملة بشكل خاص عن باقي أفراد المجتمع لوجدنا الجواب واضحا بأن هذه الفئة قد فقدت المنفق والمشرف والموجه وبفقد هذه الثلاثة يمكن أن يضيع اليتيم أو تضيع الأرملة ويصبح الواحد منهم أقرب إلى الانحراف نتيجة الوضع المادي (بغياب المنفق) ونتيجة للوضع الأخلاقي (بغياب المشرف والموجه).
إن اليتم الحقيقي يحرك من مشاعر المسلمين فيتهافتون ويتسارعون إلى رعاية هذه الفئة
لكن هناك تيتم وترمل من نوع آخر إنه التيتم والترمل الصوري هو:
"أن يكون الأب أو الزوج على قيد الحياة لكنه بمثابة الميت ليس له أي أثر في حياة زوجته أو أولاده"
ويأخذ هذا التيتم والترمل أشكالا مختلفة في العالم الإسلامي منها:
- كثير من الآباء قد جعلوا أولادهم أيتاما فبعد مجيئه من العمل ما إن يتناول طعاما ويستريح قليلا حتى يغادر إلى عمل آخر نتيجة ظروف اقتصادية معينة ثم يعود مساء لينام وليعيد الكرة في اليوم الثاني وهكذا وبالتالي يصبح البيت مكانا للطعام والنوم ولا يمارس فيه أي نوع من أنواع التوجيه والتربية مع أن القرآن حذر من الانشغال بالرزق عن الصبر على الأهل والأمر بالطاعات قال - تعالى -: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى"(132) طه
فكثير من الرجال ينسون واجباتهم المختلفة بالتربية نتيجة انشغالهن بالرزق وهذا نوع من التيتم والترمل.
- صنف آخر من الرجال يقضون نهارهم بالعمل ولياليهم بالسهر مع الأصدقاء وإلى ساعات متأخرة من الليل فلا يعود إلا وقد نام الأولاد وأرهقت الزوجة من الانتظار وهو لا يريد سماع صوت زوجته ولا أصوات أولاده وهو يكتفي بوضع مصاريف البيت على الطاولة عند الخروج فالأولاد لا يعرفون من أبيهم أي نوع من أنواع التوجيه والتربية فينشؤون كلا على ليلاه وعلى ما يقدمه لهم المجتمع من نماذج مختلفة.
- صنف ثالث من الرجال يقضي عمره مغتربا عن زوجته وأولاده من أجل العمل وتأمين لقمة العيش ومستقبل مادي أفضل وينسى احتياجات الزوجة من قرب الرجل منها واحتياجات الأولاد من قرب أبيهم منهم.
- صنف آخر من الرجال يقضون نهارهم بالعمل ولياليهم بالسهر في بيوتهم لكنهم يقضون هذه الليالي بالسهر أمام شاشات التلفاز ومتابعة الفضائيات المختلفة حتى أصبح البيت مجرد صالة للسينما لا يتكلم فيها أحد ولا يعرض أي موضوع مهم وويل للأولاد إذا تكلموا
إن أولادنا وزوجاتنا ليسوا بحاجة إلى المال فقط وليسوا بحاجة إلى الطعام واللباس وما شاكل ذلك من ماديات بل هم بحاجة إلى رعاية وحنان وعطف وتوجيه
والأصل في ذلك مجموعة أحاديث وآيات منها:
* ما رواه البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال"من لا يرحم لا يرحم"
* وقد روى الترمذي عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –"لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع"قال أبو عيسى هذا حديث غريب
* وروى البخاري عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال لي النبي – صلى الله عليه وسلم – ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار قلت إني أفعل ذلك قال.. وإن لنفسك حقا ولأهلك حقا فصم وأفطر وقم ونم"وحق الأهل يشمل حقوقا مختلفة منها حق الرعاية والتوجيه
إن ظاهرة التيتم والترمل الصوري في المجتمع ظاهرة خطيرة جدا لا ينتبه إليها كثير من الناس وربما لا يعبؤون بها وهي تشكل خطرا جسيما يهدد الأسرة من الداخل ويجفف ينابيع الود والرحمة المزروعة من قبل الله بين الزوجين ويطفأ العاطفة الملتهبة بين أفراد الأسرة إلى درجة البرودة القاتلة..
فيا أكرم الأكرمين عرفنا واجباتنا حتى نقوم بها على الوجه الذي يرضيك واجعل خيرنا أول ما يكون لأهلينا كما قال – عليه السلام –"خيركم خيركم لأهله"الترمذي آمين.
والحمد لله رب العالمين
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/395)
مفاتيح السعادة الزوجية
فاتن عمارة
مفهوم الزواج الناجح:
النجاح والفشل في الزواج شيء نسبي ومتقلب لكن قواعدهما ثابتة فما يراه البعض نجاح قد يكون فشلاً من وجهة نظر الآخرين، لكن ظواهرهما وعلامتهما ثابتة.
النجاح شيء يصنعه الإنسان بنفسه وبإرادته مستعيناً بالله وباستشارة المتخصصين. فحين تواجه الزوجين مشكلة يحاولان جاهدين حلها ولا يسلما بأن هذا هو النصيب والقدر فهذا منطق الضعفاء.
النجاح يعني السعادة؛ لأن الإنسان عندما يكون ناجحاً في حياته الزوجية ينعكس هذا النجاح على أدائه لأدواره في الحياة ونجاح يجر نجاح وهكذا.
يتحقق النجاح الحقيقي في الزواج حين يجمع الزوجين هدف مشترك هو رضوان الله - عز وجل - ، ويسلكان معاً السبل التي تحقق هذا الهدف.
توجيهات القرآن للزوجين:
قال - تعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].
وقال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم:6].
وقال – سبحانه -: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة:228].
توجيهات الرسول - صلى الله عليه وسلم - للزوجة المسلمة
"الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة". أخرجه مسلم (1467) من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما - .
"خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك،...). أخرجه النسائي (3231) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - .
"إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت". أخرجه ابن حبان (4163) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ثلاثية الحياة الزوجية:
السكن: - ويعني أن تكون الزوجة هي ملاذ الزوج الآمن الذي يأوي إليه بعد طول تعب، حيث يجد وجهاً طلقاً، وآذاناً صاغية، وقلباً حانياً، وحديثاً رقيقاً؛ فيسكن إليها ويطمئن بها.
المودة: - وهى المحبة والألفة، وتزداد بقدر ما في كل منهما من خصال الخير، خاصة إذا تعاملا بلطف وود.
الرحمة: - وهي الشفقة والحنو؛ وهي محصلة أو نتاج السكن والمودة.
المراحل العمرية للزواج:
المرحلة الأولى: التعارف(من 3:1 سنوات) فهم النفسيات – اكتشاف الطرف الآخر – معرفة المفاتيح والأنهار (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)[النساء:19].
المرحلة الثانية: التآلف (من5:3 سنوات) تعميق الميل القلبي وحصد ثمار المحبة (ولا تنسوا الفضل بينكم)[البقرة:237].
المرحلة الثالثة: التفاهم (من7:5 سنوات) الحوار الهادئ والعاطفة الرقراقة (لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)[الروم:21].
المرحلة الرابعة: التكاتف (بعد 7سنوات) يشعر كل منهما أنه لا يستغني عن الآخر (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).[البقرة: 187]
مفاتيح السعادة الزوجية:
1 - حسن الاستقبال ومنه:
• طلاقة الوجه.
• التزين والتطيب.
• الأخبار السارة.
• الكلمة الطيبة وعبارات الشوق.
• تجهيز الطعام وإتقانه.
• نظافة البيت والأبناء.
2 - عذوبة الخطاب ولطف النداء.
- من خلال الكلمة الطيبة الحلوة وندائه بأحب الأسماء إليه.
3 - التزين والتطيب.
- إن الله جميل يحب الجمال.
- الزينة من سنن الفطرة.
- التزين من صفات المرأة الصالحة.
4 - علاقة حميمة.
- الاستجابة السريعة لمطلب الزوج سبيل لعفته وإدخال السرور على نفسه.
- صيانة المجتمع من الفواحش.
- شاركيه ولا تكوني كالميت بين يدي المغسل، واحرصي على آداب اللقاء؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح"متفق عليه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - (البخاري 5193، ومسلم 1436).
5 - طاعة الزوج في غير معصية الله.
للطاعة أجر عظيم:
قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"رواه الترمذي (1159) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - .
وعلى الزوجة أن تقتدي بأمهات المؤمنين في طاعتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - وفاطمة وأسماء بنت أبى بكر - رضي الله عنهما - وغيرهن من الصالحات حتى تفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة.
6 - الوفاء.
للوفاء آثار عظيمة فقد تنز ل بالزوج المحن في الصحة أو المال، ويتبدل الحال وهنا تظهر أصالة الزوجة ومعدنها؛ فتقف بجانب زوجها بروحها وبكل ما تملك مما يخفف على الزوج محنته، وتزيد أواصر المحبة بين الزوجين (ولا تنسوا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)[البقرة:237].
تصدق الزوجة على زوجها وعن زوجها من الوفاء، حيث أجر القرابة وأجر الصدقة.
7 - إكرام أهله وضيفه.
المرأة الصالحة تعين زوجها على البر بوالديه وصلة رحمه حتى يفوز بالأجر العظيم، ويكون لها فيه نصيب.
إذا أساءت الزوجة كانت مصدر فتنة للزوج وحيرة حتى يهلك وتهلك معه وتدمر الأسرة، قال - صلى الله عليه وسلم -:"رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف"قيل: من يا رسول الله؟ قال:"من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة".أخرجه مسلم (2551) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - .
وإذا أخطأ في حقك اصبري ولا تقابلي الخطأ بخطأ مرضاة لله - عز وجل - فهو الذي يدافع عن الذين آمنوا وسوف يرضيهم عنك؛ فهو وحده الذي يملك القلوب ولا تنسي"كما تدين تدان".
8 - حفظه في غيبته.
أثنى الله - عز وجل - على الحافظات للغيب فقال: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) [النساء:34].
مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة التي تصون غيبة زوجها فقال:"خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالها". أخرجه الطيالسي (2444)، والنسائي (3231) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
كيف تحفظين غيبة زوجك؟
1 - حفظ أسراره فيما يحدث بينهما من مشكلات وخلافات وأسرار غرفة النوم.
2 - حفظ أولاده بحسن تربيتهم وتعليمهم ورعايتهم.
3 - حفظه في ماله سواء كان نقوداً أو أثاثاً، فلا تتصرفي في ماله إلا برضاه ولا تبذري ولا تسرفي.
4 - تحفظه في نفسها وعرضها فلا تخرج إلا بإذنه وعليها أن تلتزم الآداب الشرعية في الملبس فلا تتبرج أو تتعطر، أو تختلط بالأجانب.
5 - لا تأذن لأحد بدخول بيته إلا بإذنه.
احفظي ماله وأولاده.
المرأة راعية ومسؤولة عن رعيتها.
لا تبذير ولا إسراف ولا تنفق إلا بأذن زوجها، و لا ترهق زوجها بكثرة الطلبات؛ بل تحثه على الإنفاق في سبيل الله.
تهتم بتربية أولادها إيمانياً كما تهتم بنظافتهم وصحتهم فتلقنهم آداب الإسلام.
9 - البيت محراب عبادة.
اجعلي البيت مكاناً لذكر الله (لافتات لأذكار الأحوال - تسمية - سمي الغرف بألفاظ الذكر - عليك بالقرآن وخاصة سورة البقرة - مكتبة كتب وشرائط – المأثورات - سبورة عليها واجب عملي لكل أفراد الأسرة - أحد الأفراد يدعو والآخرون يؤمِّنون).
أعدي الطعام إعداداً جيدًا (نية صالحة + تعب وجهد أجر عظيم)
اجعلي بيتك قبلة (مكان محدد للصلاة - درس نسائي للأقارب والأصدقاء - دعوة الصالحين للزيارة وربط الأولاد بهم - صلاة التراويح مع فائدة أو كلمة توجيهية).
اعقدي درساً أسبوعياً مع الزوج والأولاد.
صيام يوم مشترك لكل أهل البيت ولو مرة كل شهر.
احرصي على نظافة البيت وترتيبه.
ضعي صندوقاً خيرياً جميل المنظر في ركن، واكتبي عليه عبارة موحية.
10 - تعاونوا على البر والتقوى.
- التعاون على الطاعة من صلاة أو ذكر أو صلة أرحام أو الدعوة إلى الله.
- التعاون على تربية الأولاد حيث حنان الأم وتأديب الأب.
11 - الصبر.
على الزوجة المسلمة أن تصبر في السراء والضراء، وتصبر على أي تقصير أو أذى يحدث من الزوج وتحتسب، فقد حث الإسلام على الصبر لعظم أجره وجزيل ثوابه؛ قال - صلى الله عليه وسلم -:"ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه"متفق عليه. من حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - (البخاري (5641،5642)، ومسلم (2573).
فهنيئاً لك أختي الصابرة صلوات ربك ورحمته، وهنيئاً لك تكفير الخطايا.
وأخيراً حبيبتي في الله؛ قد تقولين في نفسك إن هذه الأمور صعب القيام بها، أعلم ذلك وهذا أمر مسلم به؛ فقد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات، وأراك تبحثين عن أسرع الطرق للوصول إلى الجنة؛ فهذا هو أقصر الطرق وأسرعها، ولكن عليك بالاستعانة بالله - عز وجل - ، واطرقي باب السماء دائما ليعينك الله على امتثال أمره واتباع سنة حبيبه - صلى الله عليه وسلم - واحتسبي، وليكون لسان حالك (وعجلت إليك رب لترضى)[طه:84].
نعم حبيبتي؛ فوالله إن السعادة الحقيقة هي في رضوانه - جل وعلا - فاحرصي عليها، فالحياة قصيرة وشيء من الجهد فيها يورثك سعادة أبدية، حيث لا منغصات ولا مكدرات هنا فقط تتحقق السعادة الحقيقية، وعليك أن تجعلي حياتك كلها لله بالنية الصالحة: عاداتك وعباداتك، راحتك وتعبك، فرحك وحزنك، حبك وبغضك فمعاً يدي بيدك لنفوز بسعادة الدنيا وسعادة الآخرة (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ* قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)[الأنعام: 162 - 164].
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/396)
احترق البيت ... وسقطت الأم ... غياب الأب ... وأثره على الطفل
دق جرس المنبه.. السابعة صباحًا.
قامت أم هاشم من نومها ونفضت عن وجهها غبار الكسل والنعاس.. وقامت مسرعة إلى غرفة هاشم وأخته حنان.
وكما جرت العادة!!
الأم تصرخ في أطفالها ليستيقظوا للمدرسة والأولاد يغطون في نوم عميق بسبب كثرة السهر أمام التلفاز.
ذهبت أم هاشم إلى المطبخ لتعد طعام الإفطار فوضعت الشاي على النار، وذهبت مسرعة لتعد ملابس أطفالها وتحضر جداولهم وتملأ حقائبهم المدرسية بالكتب والكراسات.
ولما عادت أم هاشم لتعد الشاي وجدت براد الشاي شعلة من نار قد أحرق ما حوله والدخان يتصاعد من المطبخ فانفجرت في الصراخ والبكاء الذي أقلق الجيران فأسرعوا إليها لإنقاذها فهدؤوا من روعها وساعدوها على إطفاء الحريق في هذا اليوم كان المطبخ قطعة من الفحم. وبسبب هذا الوضع الطارئ لم يذهب هاشم ولا حنان إلى المدرسة في ذلك اليوم.
وفي اليوم التالي...
ذهب هاشم وحنان إلى المدرسة.
وجلست الأم تصلح ما أفسده الحريق في المطبخ.. وفجأة.. إذا بجرس الباب يدق.. فقالت أم هاشم: من بالباب؟
فقال الرجل: ساعي البريد.
فلم يكن هناك بد من أن تفتح أم هاشم الباب وتأخذ من ساعي البريد الظرف المرسل إليها ثم تغلق الباب في حياء.
نظرت أم هاشم إلى عنوان المرسل فإذا هو مدرسة ابنها هاشم.
فتحت الظرف فإذا به استدعاء لولي الأمر.
ارتبكت أم هاشم وخافت على وليدها.. إنها أول مرة يأتي إليها مثل هذا الاستدعاء.
فقامت مسرعة ترتدي ثيابها وذهبت إلى مدرسة هاشم.
استأذنت أم هاشم على المديرة فأذنت لها، ولما دخلت أم هاشم وعرفت بنفسها أشارت لها مديرة المدرسة بالجلوس فجلست ثم جلست المديرة في الكرسي المقابل لها.
وأبدت اهتمامها وهي تنظر إلى التقرير الذي كتبه مدرس الفصل عن هاشم.
ثم نظرت إلى أم هاشم في اهتمام وقالت وهي تدفع بالتقرير إليها:
إن ابنك مستواه في التدني يا سيدتي. إنه لا يتفاعل مع مدرس الفصل، كراسته دائمًا ناقصة وكتبه نصفها ممزقه.
كل يوم يأتي إلينا وقد تشاجر مع أحد زملائه في الفصل.. تصوري أنه يضرب زميله في عينيه.. والأم تسمع في ذهول.. والمديرة تكمل في انفعال.
هذا إضافة إلى أن عدد أيام غيابه من المدرسة يتزايد يومًا بعد يوم، وإذا استمر الوضع على هذه الحال سأضطر آسفة إلى فصل ابنك من المدرسة.
ثم أين أنت يا أم هاشم؟
إن مجلس الآباء يعقد في المدرسة كل أسبوعين نناقش فيه أحوال الطلبة وأسباب تقدمهم أو تأخرهم، ونبحث فيه الأمور التي تخصهم.. أين أنت يا أم هاشم من هذا المجلس؟ [أم هاشم في حرج شديد ولا تستطيع الرد والمديرة تكمل]:
ابنك دائمًا يأتي المدرسة بعد دخول الطلبة فصولهم، ولا يحضر طابور الصباح.
نظرت إليها الأم في دهشة وقالت:
ولكني يا سيدتي أجعله ينزل في الوقت المناسب من عندي كل صباح.
قالت المديرة في استياء: عليك إذن أن تعرفي أين يذهب ابنك قبل المدرسة..
فلقد وجدنا في جيبه منذ يومين علبة سجائر.. ابنك يا أم هاشم في الصف الخامس الابتدائي ويدخن؟!
أوشكت الأم على الانهيار وهي تقول فزعة: لا لا.. هاشم لا يفعل هذا..
قالت المديرة في شفقة: يا سيدتي إن المشكلة ليست في هاشم وإنما في أصدقائه، كلهم تقريبًا أصدقاء سوء.. لقد رأيناه هو وأصحابه يومًا من الأيام يريدون أن يخرجوا من المدرسة قبل موعد الانصراف.. ترى أين يذهبون؟
اسألي نفسك يا أم هاشم.. إن الذي دفعني إلى استدعائك هو ثقتي بأنك من أسرة فاضلة طيبة ولا يليق بابنك أبدًا أن يكون على هذه الحال.
ثم أخبريني بالله عليك.. أين أبو هاشم؟
هنا ابتلعت أم هاشم لعابها في مرارة وقالت: إنه ليس هنا.
قالت المديرة في دهشة: أين هو إذن.. لا بد أن يتابع حالة ابنه المزرية هذه.
قالت الأم: إنه يعمل في الخارج.. ولن يأتي إلا بعد سنة على الأقل.. هو في أمريكا منذ سنتين.
قالت المديرة في ذهول: ثلاث سنوات يغيب الأب عن البيت.. إنها كارثة يا أم هاشم.
إن غياب الأب ليوم أو يومين يسبب الكثير من المتاعب في البيت فكيف إذن إذا غاب عنه سنوات؟
قالت الأم في ألم: هذا هو الواقع وليس أمامنا حل آخر حتى نغطي تكاليف البيت ونعيش في المستوى الاجتماعي المناسب لنا.
قالت المديرة في شفقة: ولكنكم هكذا تدفنون أبناءكم أحياءً.
إن وجود الأب مهم جدًا كما أن وجودك مهم.. إنني أشفق عليك حقًا ولكني أنصحك أن تعيدي حساباتك فصلاح أولادك وفلاحهم خير من كنوز الدنيا.
عليك أن تراجعي زوجك وتطلبي منه أن يعود لأولاده.
والآن عليك بالانصراف فلقد أخذت كثيرًا من وقتك.
قالت الأم في احترام: أنا ممتنة لك كثيرًا.
وعادت الأم إلى البيت.. وعندما وصلت وجدت نافذة بيتها يتصاعد منها الدخان الكثيف ففزعت وصرخت وتذكرت أنها نسيت الطعام على النار، ولكن هذه المرة لم يستطع الجيران إنقاذ الموقف.. واحترق البيت بأكمله وسقطت الأم مغشيًا عليها.
في هذا الوقت كان جرس الهاتف في بيت أم هاشم يدق، وكان الأب يتصل من أمريكا ولا أحد يرد عليه فهذا حريق أشعله غياب الأب... من يرد عليه ومن يجيب؟!
احذر قبل وقوع الكارثة:
'إن غياب الدور الأبوي يؤثر سلبيًا على نفسية الأبناء ويصيبهم بالالتباس في تحديد أدوارهم الجنسية'.
إن دور الأب لا يقل خطورة عن دور الأم، بل يزيد، والنمو العقلي للطفل مرهون بوجود أسرة متكاملة الأدوار.
ـ فالأب مثلاً يلعب دورًا في تكوين الذات العليا للطفل، ويؤثر على النمو العقلي.
والقدوة والرحمة والعدل والدور العقابي, كلها مقومات مهمة لقيام الأب بواجباته التربوية.
ـ وتعليقًا على مشكلة غياب الدور الأبوي في الأسرة ترى الدكتورة سهير محمد خير علي ـ المدرسة بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان المصرية ـ أن العائلة لها أهمية قصوى في نمو الطفل.
هذا النمو يتم ويكتمل في إطار الأسرة عن طريق التقليد والمشاركة، مما يعني اعتماد الطفل على والديه اعتمادًا وثيقًا على المستوى الوجداني والنفسي في إدراك الدور الذكرى والأنثوي والذي لا يتم إلا من خلال وجود كل من الأب والأم داخل الأسرة.
ـ ويعتقد البعض أن دور الأم أكثر خطورة من دور الأب بينما الواقع يؤكد أن دور الأب له ذات خطورة دور الأم، فأصول التنشئة السليمة تقتضي وجود الأب بدوره المؤثر الفعال في تطور نمو الطفل وتنمية ما لديه من إمكانات ذهنية ووجدانية إلى أقصى غاياتها، ولقد أكدت الدراسات أن حنان الأب يجنب الطفل عوامل القلق أو الخوف أو العدوان، ويزيد من شعوره بالثقة بالنفس وتقدير الذات، بناء على شعوره بعاطفة أبيه والثناء عليه وتشجيعه لسلوكه وتقويم أخطائه في حب.
فوجود الأب لا يقصد به وجود صورة الأب في الأسرة فقط دون أن يكون له أي دور فعال في حياة الطفل، بل يعني الأب الذي يعطي أسرته من وقته وحنانه وتفكيره واهتمامه.
ـ وتؤكد د/ سهير أن الأطفال المحرومين من الأب سريعو التأثير والحساسية والتردد والالتباس في تحديد أدوارهم الجنسية، وذلك لأن الأب يلعب دورًا كبيرًا في تحديد الدور الجنسي للأولاد، بمعنى تنمية السمات السلوكية التي تتناسب مع جنس الطفل وإكسابه صفات الذكورة أو صفات الأنوثة، والأب لا يسهم فقط في بلورة دور الجنس للطفل الذكر بل يسهم أيضًا في شعور البنات بأدوارهم الجنسية عن طريق مساعدتهن نحو فهم نمو المفهوم الأنثوي الإيجابي وتعليمهن ما يجب أن يكون عليه سلوكهن والطريقة التي تتعامل بها مع زوج المستقبل.
فتقبل الأب لابنته كأنثى يسهل تقبل الأنثى لنفسها وهذا يساعدها على تحقيق التوافق النفسي والاجتماعي.
ويلعب الأب دورًا كبيرًا في تكوين الذات العليا أو الضمير بناء على درجة استيعاب الطفل لشخصية الأب واندماجه معه، وتعتبر صورة الواجبات الاجتماعية التي يتلقاها الطفل عن أبيه أول صورة للنظام الاجتماعي يواجهها الطفل ويكيف نفسه معها.
ـ كما يؤثر غياب الأب على النمو العقلي للطفل إذا وجد أن غياب الأب عن الأسرة لو كان هذا الغياب جزئيًا لفترة قصيرة من شأنه أن يؤثر تأثيرًا سيئًا على النمو العقلي للطفل من السنة الثانية حتى السادسة.
ـ كما أن عدم وجوده يعيق نمو الطفل الخلقي والفكري والجسمي، ذلك أن للأب مكانة عظيمة فهو القائم على الأسرة بما فيها من أفراد.. وهو المسئول عن استقامتهم فهو المحضن الصالح لنمو الذرية نموًا سويًا صالحًا'
http://links.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/397)
من المنزل يبدأ الاستبشار
عبد الرحمن صالح العشماوي
منزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثالٌ حيُّ للمنزل المستبشر، لأنَّه عامرٌ بطاعة الله - عز وجل - وعبادته، ومشرق بطلاقة وجه صاحبه وابتسامته، ومطمئنُّ بما يتردَّد فيه من القرآن الكريم وتلاوته.
منزل محمد بن عبد الله - عليه الصلاة والسلام - متواضع الأثاث والرِّياش، خشن المعيشة قليل الفِراش، بعيدٌ عن مظاهر الزينة والتَّزويق، ولكنَّه منزل الهدوء والسعادة، والعيش الرَّغيد والرِّيادة، منزل الرَّاعي المشفق على رعيَّته، والزَّوج الودود المحسن إلى زوجته، منزل الذي يقول والابتسامة المباركة تضيء كلَّ ما حوله: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
منزل محمد بن عبد الله منزل المودَّة والمحبة، والرحمة والشفقة، منزل المناقشات العائلية المفتوحة القائمة على الثقة وحسن الظن والعشرة، وصفاء السَّريرة.
منزل الحبِّ الكبير بين زوجات صالحاتٍ قانتاتٍ، وزوجٍ مؤمنٍ بربه إيماناً أقوى رسوخاً من الجبال الراسيات.
من منزل أبي القاسم - عليه الصلاة والسلام - انطلقت تباشير الخير إلى كلِّ مكان، بالرغم من الحوادث الجسام، والهموم العظام، فهو منزل عامرٌ بالكلمة الطيبة، والعمل الصالح، والصَّدقة الجارية، والضِّيافة والكرم، والعزيمة والهمم، ورحابة الصَّدر، ونقاء النَّفس من أدران الحقد والحسد، واليأس والقنوط.
من منزل (أبي القاسم) - عليه الصلاة والسلام - خرجت إلى الناس قصص الحبِّ العائلي الصادق الكبير، وحكايات المودَّة والرَّحمة، والتآلف الذي ليس له نظير، وأحاديث الصِّدق التي ترشد التائهين، وتوضح الطريق للحائرين، من هذا المنزل المبارك انبثقت أنوار الحياة الزوجية التي لا مجال فيها للتعنُّت والقسوة ومصادرة الحرية والرأي، ولا مكان فيها للجحود والنكران، ولا موقع فيها للّهو والغفلة والانصراف عن عبادة الرحمن، الحياة الزوجية النبوية المضيئة بالحب الصادق، والعبارة الصافية النقية، والاحترام المتبادل بين أعضائها المؤمنين الطيبين.
الحياة الزوجية التي فتحت أبواب الصفاء والنقاء، والتفاهم والوفاء، وأغلقت أبواب الغيبة والنميمة وسوء الظن بالنَّاس، حتى صارت مثلاً أعلى للاستقرار العائلي المنشود، الذي تبدأ منه رحلة التفاؤل والنجاح في جوانب الحياة الأخرى.
من المنزل يبدأ الاستبشار بالخير، وتبدأ رحلات النجاح في العمل، والفلاح في السعي، والصلاح في القول والفعل، فالمنزل هو الواحة التي يستظلُّ الإنسان بظلال الحنان والمودَّة فيها منذ ولادته إلى أنْ يخرج منه إلى ميدان الحياة مقتدراً قويَّاً، متعلِّماً عاملاً.
إذا رأيت أطفالاً مؤدبين، صالحين، مستبشرين، يعزفون بصدى ضحكاتهم البريئة أجمل الألحان، وترتفع كلماتهم عن ساقط القول، وبذيء الكلام، فاعلم أنَّ وراءهم منزلاً طيباً مباركاً، وولاةَ أمرٍ يحسنون في طريقة تعاملهم وتربيتهم لأولادهم إحساناً تبدو نتائجه واضحةً في صورة أولادهم المشرقة التي يظهرون بها خارج بيوتهم.
(يا غلام سَمِّ الله، وكلْ بيمينك، وكل مما يليك) عبارات تربوية جميلة، فيها توجيه كريم ممزوجٌ بروح المحبة التي لا تخفى على من يقرأ ما وراء العبارة، وملوَّنُ بألوان المودَّة التي تراها عين البصيرة ألواناً زاهية بديعة، وفيها تربية هادئة ليس فيها من التشدُّد والقسوة والعَنَتِ والقول الغليظ المنفِّر شيء أبداً، وإنما فيها هذا الشعور الفيَّاض بالحب الكبير، والعطف والمودة والتقدير.
من المنزل يبدأ الاستبشار، ويبدأ العطاء والبناء، وتبدأ رحلة الحياة الطيبة المباركة، فما أجمل أنْ يدرك الآباء والأمهات ذلك.
إشارة:
أعيذ قلبك أن يشقى بلوعته ***وأنْ يفجِّر فيه الحزن بركانا
http://www.suhuf.net.sa المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/398)
صلة الأرحام أساس بناء المجتمع
الشيخ سلمان بن يحي المالكي
يهدِف الإسلام إلى بناءِ مجتمعٍ إسلاميٍّ متراحمٍ متعاطِف، تسودُه المحبّةُ والإخاء، ويهيمِن عليه حبّ الخيرِ والعَطاء، والأسرةُ وِحْدةُ المجتمع، تسعَد بتقوى الله ورعايةِ الرّحِم، اهتمّ الإسلامُ بتوثيق عُراها وتثبيتِ بُنيانها، فجاء الأمر برعايةِ حقّها بعدَ توحيد الله وبرّ الوالدين، قال - جل وعلا -: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى}، وقُرِنَت مع إفرادِ الله بالعبادةِ والصّلاةِ والزّكاة، فعن أبي أيّوب الأنصاريّ - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ فقال: أخبِرني بعملٍ يدخلني الجنّة، قال: (تعبد الله ولا تشرِكُ به شيئًا، وتقيمُ الصلاة، وتؤتي الزكاةَ، وتصِلُ الرّحم)، [متفق عليه].
وقد أُمِرَت الأمم قبلَنا بصِلة أرحامِها، قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى}، ودَعا إلى صِلتها نبيُّنا محمّدٌ في مَطلعِ نُبوّته، قال عَمْرُو بنُ عبَسَة: قدمتُ مكّةَ أوّلَ بعثةِ النبيّ فدخلتُ عليه فقلت: ما أنت؟ قال: نبيّ، قلت: وما نبيّ؟ قال: أرسَلَني الله، قلت: بِمَ أرسلك؟ قال: بصلةِ الأرحام وكسرِ الأوثان وأن يُوحَّد الله، [رواه الحاكم].
وسأل هِرقل أبا سفيانٍ عن النبيّ: ما يقول لكم؟ قال:"يقول اعبُدوا الله وحدَه ولا تشركوا به شيئًا، ويأمرنا بالصّلاة والصِّدق والعَفاف والصّلَة"،[متفق عليه].
وأمَر بها - عليه الصلاة والسلام - أوّلَ مقدمِه إلى المدينة، قال عبد الله بن سلام: لمّا قدم النبيّ المدينةَ انجفلَ الناس إليه ـ أي: ذهَبوا إليه ـ فكان أوّلَ شيء سمعتُه تكلَّم به أن قال: (يا أيّها الناس، أفشوا السّلام، وأطعِموا الطّعام، وصِلوا الأرحامَ، وصَلّوا بالليل والنّاس نِيام، تدخلوا الجنّة بسلام) [رواه الترمذيّ وابن ماجه].
وهي وصيّة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.. قال أبو ذر:"أوصاني خليلِي بصِلة الرّحم وإن أدبَرَت"[رواه الطبراني].
فصِلةُ ذوي القربَى أمارةٌ على الإيمان (من كان يؤمِن بالله واليومِ الآخر فليصِل رحِمَه) [متفق عليه].
وقد ذمّ الله كفّارَ قريش على قطيعةِ رحمِهم فقال عنهم:{لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً}.
* لقد خلق الله الرحمَ، وشقَقَ لها اسمًا من اسمِه ووعَد ربُّنا - جل وعلا - بوصلِ مَن وصلَها، ومَن وصَله الرحيمُ وصلَه كلُّ خير ولم يقطَعه أحد، ومن بَتَره الجبّار لم يُعلِه بشرٌ وعاشَ في كَمَد {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ}، والله يُبقي أثرَ واصلِ الرّحم طويلاً، فلا يضمحِلّ سريعًا كما يضمحِلّ أثر قاطعِ الرّحم، قال النبيّ - عليه الصلاة والسلام -: (قال الله للرّحم: أما ترضينَ أن أصلَ من وصلك وأن أقطعَ من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك) [متفق عليه].
والرحمُ معلّقة بالعرش تقول:"مَن وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله".
* صلةُ الرّحم تدفَع بإذن الله نوائبَ الدّهر وترفع بأمرِ الله عن المرء البَلايا، لمّا نزل على المصطفى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} رجع بها ترجِفُ بوادرُه حتّى دخل على خديجةَ فقال: زمِّلوني، فأخبرَها الخبَر، وقال: قد خشيتُ على نفسِي فقالت له:"كلاّ! والله لا يخزيكَ الله أبدًا؛ إنّك لتصلُ الرّحم، وتحمِل الكَلَّ، وتكسِب المعدومَ، وتَقري الضّيف"[رواه البخاري].
* صلةِ الرّحم أُسُّ بِناء المجتمع.
محبّةُ للأهل، وبَسطُ الرّزق، وبركةُ العُمر، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (صِلة الرّحم محبّةٌ في الأهل، مثراة في المالِ، منسَأَة في الأثر) [رواه أحمد].
وعند البخاريّ ومسلم: (من أحبَّ أن يُبسَط له في رزقه ويُنسَأ له في أثَره فليصِل رحمَه).
قال ابن التّين:"صلةُ الرّحم تكون سببًا للتوفيقِ والطاعةِ والصيانةِ عن المعصيةِ، فيبقى بعدَه الذكرُ الجميل فكأنّه لم يمُت".
* صلة الحرم عبادةٌ جليلة مِن أخصِّ العبادات.
يقول عمرو بن دينار: "ما مِن خَطْوةٍ بعد الفريضةِ أعظمُ أجرًا من خَطوةٍ إلى ذي الرّحم"، ثوابُها معجَّل في الدنيا ونعيمٌ مدَّخرَ في الآخرة، قال - عليه الصلاة والسلام -: (ليس شيء أُطِيعَ اللهُ فيه أعْجَل ثوابًا من صِلةِ الرحم) [رواه البيهقيّ].
والقائمُ بحقوقِ ذوي القربَى موعودٌ بالجنّة، يقول - عليه الصلاة والسلام -: (أهلُ الجنة ثلاثة: ذو سلطانٍ مُقسط، ورجلٌ رحيمٌ رقيقُ القلب بكلّ ذي قُربى ومسلم، ورجلٌ غنيّ عفيف متصدِّق) [رواه مسلم].
* صلة الرحم تقوَي المودَّة وتزيدُ المحبَّة وتتوثَّق عُرى القرابةِ وتزول العداوةُ والشّحناء.
فيها التعارفُ والتواصلُ والشعور بالسّعادة.
* صِلة الرّحم والإحسانُ إلى الأقربين طُرقُها ميسَّرة وأبوابها متعدِّدة.
فمِن بشاشةٍ عند اللّقاء ولينٍ في المُعاملة، إلى طيبٍ في القول وطلاقةٍ في الوجه، زياراتٌ وصِلات، مشاركةٌ في الأفراح ومواساةٌ في الأتراح، وإحسانٌ إلى المحتاج، وبذلٌ للمعروف، نصحُهم والنّصحُ لهم، مساندةُ مكروبِهم وعيادةُ مريضهم، الصفحُ عن عثراتهم، وترك مُضارّتهم، والمعنى الجامِع لذلك كلِّه: إيصالُ ما أمكَن من الخير، ودفعُ ما أمكنَ منَ الشرّ.
* صلةُ الرّحم أمارةٌ على كَرَم النّفس وسَعَةِ الأفُق وطيبِ المنبَتِ وحُسن الوَفاء ولهذا قيل: مَن لم يَصْلُحْ لأهلِه لم يَصْلُحْ لك، ومَن لم يذُبَّ عنهم لم يذبَّ عنك، يُقْدِم عليها أولو التّذكرةِ وأصحابِ البصيرة {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}.
* الأرحام أمَرَ الله بالرّأفة بهم كما نرأَف بالمِسكين قال - عز وجل -: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ}، حقُّهم في البذلِ والعطاء مقدّمٌ على اليتامَى والفقراء، قال سبحانَه {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}، والسخاءُ عليهم ثوابٌ مضاعفٌ من ربِّ العالمين، قال - عليه الصلاة والسلام -: (الصدقةُ على المسكين صدقة، وعلى القريب صدقةٌ وصِلة) [رواه الترمذي].
وأوّلُ مَن يُعطَى مِن الصدقة هم الأقربون مِن ذوي المَسكنَة، تصدّق أبو طلحة - رضي الله عنه -ببستانِه، فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: (أرَى أن تجعلَها في الأقربين)، فقسمَها أبو طلحة على أقاربِه وبني عمّه [متفق عليه] فالباذلُ لهم سخيُّ النّفس كريم الشّيَم، يقول الشعبيّ رحمه الله:"ما ماتَ ذو قرابةٍ لي وعليه دينٌ إلاّ وقضيتُ عنه دينه".
ـــــــــــــــــــ(111/399)
أزواج يضربون أزواجهم
فوزية الخليوي
باختلاف النفوس وطبائعها تختلف ردة الفعل عند الغضب، وأثناء النقاش الحاد عند الأزواج، فمنهم من يستطيع أن يملك زمام أعصابه، وأن التحدث بهدوء وروية عند أي مشكلة أو تقصير!! بينما صنف آخر يستعمل يديه قبل لسانه، فما تشعر المرأة إلا ويداه تهوي عليها بالضرب!.
وليس مدار حديثي عن الضرب الشرعي الذي نص الشارع الحكيم عليه في حال النشوز كما قال الله - تعالى -: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) والنشوز هو العصيان والتعالي، وفسر المحدثون الضرب في هذه الحالة أن يكون خفيفًا كالسواك ونحوه!.
إن هذا الصدام بين المرأة والرجل، ليس صدامًا ذا هوية، أو مختصًا بشعب أو طبقة معينة من الرجال، أو محكومًا بعادات أو تقاليد، أو حتى ديانة.. إنه صدام بين الرجولة والأنوثة، حيث الرجل والمرأة في كل زمان ومكان.
أنه نابع من إحساس الرجل برجولته، فيظنه أن هذا لا يزيده إلا قوة وشرفًا. ولا يزيد المرأة إلا استكانة وخضوعًا.
أسد علي وفي الحروب نعامة ***ربواء تجفل من صفير الصافر
حيث ردة الفعل من المرأة باختلاف أجناسهن واحدة. حيث المرأة خالصة الإنسانية لها إحساس بقيمة ذاتها ومعنى وجودها ورفضها الساحق لهذا الأمر.. لماذا؟
لأن فيه إهدارًا لكرامتها!
وسحقًا لآدميتها!
وجرحًا لكبريائها!
فقد روى أبو داود في الحديث الصحيح (أن -النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لقد طاف بآل محمد سبعون امرأة كل امرأة تشتكي زوجها، فلا تجدون أولئك خياركم). ومرورًا بوقتنا الحالي فقد ذكر الكاتب (عبد الرحمن السماري) في جريدة"الجزيرة"عن الرسائل الكثيرة التي تصله من الزوجات أو آبائهن أو أمهاتهن والتي تشتكي عنف بعض الأزواج مع زوجاتهم والذي يمتد إلى الضرب الشديد، كاستخدام العصا، أو الحذاء أو توجيه اللكمات على سائر الجسد.
وانتهاءً بإحصائية تتعلق بالولايات المتحدة أن هناك 6 ملايين زوجة يتعرضن لحوادث الضرب من جانب الزوج كل عام وأن عددًا يتراوح بين 2000-4000 زوجة يتعرض للضرب الذي يفضي إلى الموت كل عام، ويضيع ثلث وقت رجال الشرطة في الرد على مكالمات هاتفية للإبلاغ عن حوادث العنف المنزلي.
قد لا يدرك!
قد لا يدرك الرجل عندما ترتفع يده عاليًا ثم تهوي على وجه المرأة أنه يهوي أيضًا بالمواقف الجميلة السابقة في حقها!
قد لا يدرك الرجل أن بصمات أصابعه هذه لم تطبع على الوجه إنما طبعت على صفحة إسمنتية رطبة فبقيت شاهدة عليه على مر السنين.
حقيقة الأنوثة:
أن تمييز الرجل لامرأة دون أخرى غلط فاحش فكما تساوت تركيباتهن الجسدية فكذلك النفسية بكون المرأة لها إحساس بقيمة ذاتها ووجودها واعتزازها بإنسانيتها، وأخيرًا في رغبتها في التقدير.
ومن ألطف الدلائل هذه اللفتة من إحدى النساء في هذه القصة؛ فتدبر!
في عهد يوسف بن تاشفين - ملك المغرب والأندلس- تمنى ثلاثة نفر: فالأول تمنى ألف دينار، والثاني تمنى عملاً يعمل به للأمير، وتمنى الثالث زوجته وكانت من أحسن النساء، ولها الحكم في بلاده، فبلغه الخبر فأعطى الأول والثاني ما تمنيا، وقال للثالث: يا جاهل ما حملك على هذا الذي لا تصل إليه! ثم أرسله إليها؛ فتركته في خيمة ثلاثة أيام تحمل إليه في كل يوم طعامًا واحدًا، ثم أحضرته، وقالت له: ما أكلت في هذه الأيام؟ فقال: طعامًا واحدًا، فقالت له: كل النساء شيء واحد، وأمرت له بكسوة ومال وأطلقته!.
أقسام الرجال في هذا الباب:
(1) القابضون على الجمر!
رأيت رجالاً يضربون نساءهم فشلّت يميني يوم أضرب زينبا
أدرك هذا الصنف أن الرجولة ليست بالسلطة وممارسة القوة! بل هي مصدر للأمان وملاذ للحنان.. تعامل مع المرأة على أنها خالصة الإنسانية، مكتملة الأنوثة، نظر إليها من خلال منظارها هي (على أنه الواحة الخضراء التي تتفيؤ من ظلها وتنهل من معينها، ترتوي به، وتستقر معه، هذا المعنى توّجه عمرو بن العاص فقال: لا أمل ثوبي ما وسعني ولا أمل زوجتي ما أحسنت عشرتي وإن الملال من سيئ الأخلاق.
وانظر إلى أفعالهم حيث جعلوها خبيئة لهم يحتسبونها عند الله وقد تجاوزوا بذلك حظوظ نفوسهم.
قال قبيصة بن عبد الرحمن: تزوجت بأم أولادي هؤلاء؛ فلما كان بعد الأملاك بأيام قصدتهم للسلام، فاطلعت من شق الباب فرأيتها فأبغضتها وهي معي منذ ستين سنة.
أما أبو عثمان الحيري لما سئل عن أرجى عمل عمله فقال: لما ترعرعت ولم أتزوج بعد، جاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان، قد أحببتك حبًّا ذهب بنومي وقراري، وأنا أسألك بمقلب القلوب أن تتزوج بي، فقلت: ألك والد؟ فقالت: فلان الخياط، فراسلته فأجاب فتزوجت بها فلما دخلت وجدتها عوراء، سيئة الخلق؛ فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدرته علي، وكان أهل بيتي يلومونني على ذلك، فأزيدها برًّا وكرمًا إلى أن صارت لا تدعني أخرج من عندها، فتركت حضور المجلس إيثارًا لرضاها وحفظًَا لقلبها، وبقيت معها على هذه الحالة خمس عشرة سنة، وكنت في بعض أحوالي كأني قابض على الجمر، ولا أبدي لها شيئًا من ذلك إلى أن ماتت، فما شيء أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبي من جهتها.
(2) أسود في عرين المرأة:
لا أعرفك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زادا
نعم لا أنكر أن عدم ارتياح الرجل لشكل المرأة وهيئتها أو تركيبتها النفسية هي من أهم الضغوط التي يواجهها الرجل في حياته الزوجية، مما تجعله يثور لأتفه الأسباب ويلجأ إلى الضرب والسباب أو يجعلها مثارًا للتندر والسخرية، وليس لها أن تنبس ببنت شفه.
ليس معنى هذا ألا يرى للمرأة أي حق في التقدير والتعزيز لصفاتها الإيجابية؛ فكل امرأة تحمل كمًّا هائلاً من العاطفة، فما أن تطأ قدماها بيت الزوجية إلا وهي تحمل أمنياتها وأحلامها وإن اختلف عمق هذه الأحلام من فتاة لأخرى. فمن الخطأ تجاهل جميع ذلك ووأده، وإلغاء مكنونات نفسها بالشتيمة والسخرية، مما يقود إلى اتساع الهوة بينهما.. فما تزيدهما العشرة إلا غربة وكربة، ولا يزيدهما الزواج إلا قهرًا وكبتًا.
ومن أخبارهم أن أحدهم طلق امرأته فقالت: بعد عِشرة خمسين سنة، قال: مالك عندي ذنب غيره.
وقيل لأعرابي: كيف حبك لزوجتك؟ قال: ربما مدت يدها إلى صدري فوددت والله أن آجرة خرّت من السقف فقدت يدها وضلعين من أضلاع صدري.
وإلى هؤلاء ما قاله الرافعي - رحمه الله -: إن زوجة الرجل إنما هي إنسانيته ومروءته؛ فإن احتملها أعلن أنه رجل كريم، وإن نبذها أعلن أنه رجل ليس فيه كرامة.
الآثار السلبية للضرب:
1-النفور بين الزوجين:
عندما يجعل الزوج الضرب متنفسًا للمشاعر السلبية، يجمع بذلك بين الألم النفسي والجسدي، وهو الذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال:"لا يجلد أحدكم زوجته جلد البعير، ثم يجامعها آخر اليوم"[رواه البخاري].
وهنا تحدث الجفوة النفسية بينهما، والتي تكون سببًا مباشرًا للتباعد بين الزوجين، وإن جمعهما سقف واحد، وأدى كل منهما حقوقه وواجباته.
2-أثر المشاجرات على نفسية الطفل:
إن الشجار وضرب الأم أمام أعين الأبناء يفقدهم الشعور بالأمن، ويجعلهم حائرين بين الولاء لأبيهم أو لأمهم. وقد يستغل الطفل أحدهما ضد الآخر، إضافة إلى أنه يعطيه فكرة سيئة عن الحياة الزوجية، والطمأنينة في البيت.
3-حدوث الطلاق:
لا عجب أنه عند تفاقم العنف ضد المرأة، تلجأ إلى الطلاق كحل سلمي، كما فعلت حبية زوجة ثابت بن قيس، عندما ضربها فكسر بعضها، فجاءت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالت: لا أنا ولا ثابت، فقال: أتردين عليه حديقته، فقالت: نعم، فطلقها.
ولعل ارتفاع نسبة الطلاق يؤيد بعضًا من ذلك؛ ففي إحصائية نشرتها جريدة"اليوم"السعودية (11128) أن المحاكم السعودية تسجل يوميًّا ما بين 25-35 حالة طلاق، أي معدل 16 ألف حالة سنويًّا مقابل 66 ألف حالة زواج.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/400)
العواطف الدافئة
براء زهير العبيدي
إذا كان النكاح شرع في الإسلام لأهداف سامية، فإن العلاقة الجنسية لا شك لها أهم المقومات لنجاح هذه الأهداف، وإذا كان من أهداف النكاح التحصين من الفاحشة، فإن كل ما يدعو إلى التمكن من هذا التحصين والإعانة عليه واجب، ولهذا قال - تعالى - في شأن الزوجات وأزواجهن (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) أي كل واحد من الزوجين متعفف بصاحبه، ومستتر به عما لا يحل له من التعري مع غيره، ولا يحصل هذا إلا بتمكن كل واحد من الزوجين بمعرفة وتعلم جميع ما يحصل به العفاف بينهما من خلال الثقافة في هذا الموضوع.
وقد كان هدي نبينا - عليه الصلاة والسلام - في العلاقات الحميمة خير هدي، وجاء القرآن مرسخا لها، لهذا لا يوجد في الشريعة مطلقا صورة أو هيأة خاصة يجب على الزوجين الوقوف عندها؛ اللهم إلا البعد عند المحيض كما قال - تعالى - (يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) وكذلك الإتيان في الدبر لما استفاض عنه - صلى الله عليه وسلم - من قوله: (ملعون من أتى المرأة في دبرها) رواه أبو داود وفي رواية عند أحمد (لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها) والأحاديث في ذلك كثيرة.
إذاً نعود ونقول للزوج والزوجة الحرية التامة في التمتع بشتى الوسائل والأشكال والهيئات لأنهما لباس بعضهما بعضا فليعملا معا فيما يرغبهما ويزيدهما حبا في المعاشرة، وهذا ما دل عليه قوله - تعالى -: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) يعني على جميع الحالات، وتمتع الزوجين بجميع ما يكون فيه كمال اللذة والتمتع ببعضهما بعضا مفتوح يرجع فيه الحكم لرغبتهما.
ومن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - والأحاديث الشيء الكثير لو تدبره شبابنا وفتياتنا لأيقنوا أن الإسلام ما ترك من صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها لما في ذلك الخير العميم على الناس.
وإذا أردنا التفصيل في هذا الموضوع فإنه لن يفي به صفحات معدودات، ولذلك ندعو لمطالعة الكتب والأبحاث والمجلات التي تتكلم في هذا الموضوع وهي متوفرة بحمد الله لكن لا يمنع أن نلخص و نركز على بعض المفاهيم في العلاقات الحميمة.
كان منهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في المعاشرة مع زوجاته يتلخص بأربع نقاط:
1-أن لا تكون أنانيا.
2-أن لا تبدأ من حيث يجب أن تنتهي.
3-أن لا تكون مجردا من العاطفة.
4-ترسيخ مفهوم أنها عبادة نؤجر عليها.
وللشرح هذه النقاط الثلاثة نقول:
أن لا تكون أنانيا وهذا يتطلب المشاركة في السعادة ولذا قال - صلى الله عليه وسلم - (إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها، ثم إذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها) رواه عبد الرزاق في المصنف وأبو يعلى في مسنده
وفي رواية أخرى:(إذا جامع أحدكم امرأته فلا يتنحى حتى تقضي حاجتها كما يحب أن يقضي حاجته) رواه ابن عدي مرفوعا.
*وهذا من أسرار الشريعة التي لم يطلع عليها إلا من كان له معرفة بالطب، والمقصود أن عدم حصول الزوجة على لذتها كاملة عند المواقعة، يكون سببا في أمراض نفسية وبدنية كما يؤكد ذلك الأطباء، يرى العالم (شتيكل) إن البرود الجنسي الذي تصاب فيه المرأة كثيراً ما يكون وليد أنانية الرجل.
_ أن لا تبدأ من حيث يجب أن تنتهي: أي أن لا تبدأ المعاشرة بالجماع مباشرة دون مقدمات ولذا كان النهي عن المواقعة قبل المداعبة، قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقع أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول. قيل وما الرسول قال القبلة والكلام) رواه الديلمي في مسند الفردوس.
وقال - صلى الله عليه وسلم -:(من العجز أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها ويضاجعها فيقضي حاجته منها قبل أن تقضي حاجتها) رواه الديلمي في مسند الفردوس.
وفي الحديث أيضا (كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا تأديبه فرسه، ورميه قوسه، وملاعبته أهله) رواه الترمذي وأبو داود.
بل كان من وصيته - صلى الله عليه وسلم - لجابر رضي الله عنه(هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك) البخاري وفي رواية لمسلم (هلا بكرا تعضها وتعضك).
فهذه الأحاديث كلها تشير إلى معنى إشباع عاطفة المرأة بالكلام والمداعبة، وصبر الرجل عن المواقعة مباشرة، ومن لم يستطع الالتزام بهذه الأحوال فهو عاجز.
فمهما بلغ من القوة الجنسية والطاقة الشبابية فهو عاجز.
وإن الأحاديث النبوية الشريفة تأكيد لهذه المعاني.
_ أن لا تكون مجردا من العاطفة: أي أن لا تكون العلاقة الجنسية ومقدماتها هي المشهد العاطفي الوحيد بينك وبين زوجتك، فإن الإسلام علمنا أن تكون العلاقة الحميمة أوسع من ذلك، وكم من هذه الصور تناقلت عن حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - في علاقته مع زوجاته وإنها تضفي من أن يستوعبها بحث من وريقات، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
قالت عائشة - رضي الله عنها -: (كنت أشرب وأنا حائض - أي من إناء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيَّ، فيشرب وأتعرق العرق، وأنا حائض ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيَّ) رواه مسلم.
بل إن القبلة الحارة حتى قبل عمود الدين الصلاة، عن عائشة - رضي الله عنها -قالت:(إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى المصلى ولم يتوضأ) رواه أحمد و أبو داود والنسائي والترمذي.
حتى أثناء الاغتسال، قالت عائشة - رضي الله عنها -(كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء بيني وبينه، تختلف أيدينا عليه فيبادرني حتى أقول دع لي دع لي) رواه مسلم.
فهذه كلها مشاهد عاطفية -وغيرها كثير- للنبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته تؤكد معنى العلاقة السامية التي يريدها الإسلام في بيوتاتنا، فهكذا بيوت لا تعاسة فيها ولا شقاء.
_ ترسيخ مفهوم أنها عبادة يؤجر عليها: قال - صلى الله عليه وسلم - (وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟!
قال: أريتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قالوا بلى: وكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر) رواه مسلم.
ولأنها عبادة كان لابد أن يكون كل طرف مخلصا وصادقا فيها، ويبدأ بالوضوء، ويقول الدعاء المأثور (بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا).
لا أظن أن دينا أو شرعة أكرمت هذه الغريزة إلى هذا المستوى من السمو كما أكرمها الإسلام وأعلى من شأنها حتى جعلها من صنوف العبادات بل وقدمها على كثير منها.
وبعد هذا العرض السريع ننتقل لبعض المفاهيم المنتشرة في كثير من البيوت لربط الكلام بعضه ببعض وحتى لا يكون نظريا فقط.
إن كثيرا من الأزواج يفهمون خطأ طبيعة الحياة الزوجية، ويعتقدون أنها تختصر بكلمات ثلاث لا رابع لها وهي:
1-جنس.
2-أولاد.
3-مسؤولية.
ولا يعرفون بعد هذه الكلمات الثلاث أي أمر آخر. إنهم لا يعرفون أن الحياة الزوجية إنما تقوم أساسا على مفهوم المشاركة والاحترام المتبادل بين الطرفين، وأنها ليست سجنا تسجن فيه المرأة وسجانها زوجها.
ومن المفاهيم العسكرية المنتشرة في كثير من البيوت أن الزوج هو الذي يحدد المواعيد لإطلاق صواريخ الشهوة على زوجته، دون تبادل المحادثات السلمية بين الطرفين، فعندها تكون ملحمة، لا مرحمة كما قال - تعالى - (رحمة)، فإنها تنقلب إلى نقمة على البيت، وبالأخص على المرأة لعدم شعورها بشخصيتها وأنها إنسانة كرمها الله - تعالى - ولعل من أسباب هذه الظاهرة -وهنا المهم والخطير في الموضوع- الفهم الخاطئ لنصوص الشارع الحكيم وتراكمات أخطاء بعض العلماء في هذا المضمار ولتفصيل هذه القضية نبدأ أولاً بالقرآن الكريم.
1- قال الله - تعالى - (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).
الشاهد من الآية:
أ -لماذا يفهم البعض أن قول الله - تعالى - (أنفسكم) إنما تعني الرجال دون النساء، وأن السكن والمودة والرحمة إنما هي أمور تخصهم فقط دون نسائهم، إن علينا أن نعلم أن قول الله - تعالى -: (من أنفسكم) إنما تعني الرجال والنساء على حد سواء.
ب - وعليه فإن النساء يحتجن إلى الشعور بالسكينة والمودة والرحمة كما يحتاج الرجال إلى الشعور بها، وخصوصا أن الله - تعالى – يقول: (وجعل بينكم مودة ورحمة).
ت - فإذا اتضح هذا المفهوم فإننا نسأل السؤال التالي: أين السكينة للنساء عندما يعاشروهن الرجال بالقوة؟!، وأين المودة عندما تكون المرأة في أوقات هي بحاجة إلى الكلمة الرقيقة واللمسة الحانية؟!.
لا شك أنها مفقودة!!!
4-قال الله - تعالى -:(هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).
الشاهد من الآية:
إن وصف القرآن الكريم للعلاقة الحميمة بين الرجل وزوجته باللباس يستدعي منا وقفة؛ لأن اللباس كما هو معلوم يؤمن: الجمال، الزينة، الدفء، الستر، والإتحاد، فهل يمكن أن تتحقق هذه المعاني في المعاشرة الزوجية إن لم تكن الرغبة مشتركة بين الطرفين؟!.
ثانيا الفهم الخاطىء لأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -
إن كثيرا من الرجال يظنون أن من حقهم فقط دون نسائهم أن يحددوا ساعة اللقاء الجنسي، وما على المرأة إلا أن تستجيب فإن لم تستجب فقد نالت غضب الله وسخطه ولعنته ولعنة الملائكة أيضا.!
لو سئلوا من أين لكم هذا الفهم، أجابوا بأحاديث لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهموها خطأ، وهي:
أ -(والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها) رواه البخاري ومسلم.
ب- (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته، فبات غضبانا عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح) رواه البخاري ومسلم.
وغيرها أحاديث كثيرة، ومنها:
(إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور) رواه الترمذي.
لكن السؤال: هل أعطى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الزوج حق إخضاع الزوجة لإرادته في حال رفضها الاستجابة إليه؟!
للتوضيح نقول: هناك أحاديث كثيرة تتعلق بمعاملة الزوجات ووجوب التلطف بهن ومراعاتهن وإكرامهن بل حتى والصبر عليهن، بل وأكثر من ذلك فإن رسول الرحمة جعل خير الناس من كان خيرا لأهله، فقال (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) فلو أخذنا بهذا الحديث وجمعناها مع بعضها تبين لنا بشكل واضح ما المقصود من ترهيب المرأة من عدم الاستجابة لزوجها.
ويقول - عليه الصلاة والسلام - (لا يقعن أحدكم على فراشه كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول، قيل وما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة والكلام) رواه الديلمي في مسند الفردوس.
وفي حديث آخر: (ثلاث من العجز في الرجل -وذكر منها- والثالث: أن يقارب الرجل جاريته أو زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤنسها) رواه الديلمي في مسند الفردوس.
إن هذين الحديثين يحملان من المعاني الرائعة والتوجيهات السامية في المعاشرة الشيء الكثير.
ولكن بعد هذا يجب أن نسأل أنفسنا السؤال التالي: ماذا أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - من هذه الأحاديث؟.
الجواب وبشكل واضح: المقصود هو الشيء الواحد؛ إنها المرأة المتمردة التي تريد أن تعلو على زوجها، فتمتنع عن الاستجابة له في حال طلبها، ولذلك استحقت الغضب من الله واللعنة من الملائكة؛ لأنها تمنع حقا لزوجها أعطاه الله إياه بعقد الزواج، ولأنها بهذا الامتناع تحرضه على الزنا والوقوع بالفاحشة.
ويكفي أن ندقق قليلا في الأحاديث حتى نعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقصد إلا هذا النوع:
1- تحديد الزمن وهو الليل (امرأة دعاها زوجها من الليل) وفي رواية: (فبات غضبانا عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح)، فالليل كما هو معلوم مظنة راحة المرأة على الأغلب وعدم انشغالها بأي شيء فلماذا تمتنع؟!
2-وقوله - صلى الله عليه وسلم - (وإن كانت على التنور) فهذه صيغة تستخدم لتعظيم الأمر واستيفاء المعنى ولا يراد منها الحقيقة.
3-هنا نقطة مهمة، إن من استخدام فعل (أبى) في قوله - صلى الله عليه وسلم - (فتأبى عليه) فالإباء معناه الرفض وهذا غير الاعتذار بامتناعها من القيام بما يريد زوجها، ففي هذه الحالة لا يمكن أبدا أن توصف بأنها تأبى، بل إنها تعتذر وترجو منه أن يصبر عليها.
4-وأخيراً حتى في حالة هذه المرأة المتمردة، فلا يحق للزوج إجبارها على الجماع، ففي الحديث أن الملائكة تلعنها، ولكن أين ذكر الإكراه على الجماع في نص الحديث.؟!
5- نحن نعلم جميعا أن هناك سبع حالات من العذر الشرعي للمرأة مانع للرجل أن يجامع زوجته، فكيف لا يكون العذر النفسي والعاطفي مانعاً من ذلك، فقياسا على الأولى يتحد الحكم.
فهم نفسية المرأة.
إن عدم فهم نفسية المرأة من الأسباب التي تجعل الرجال لا يدركون طبيعة المرأة، فإن الله خلق في المرأة ما يغير الرجل فجعلها أكثر عاطفة، فالعاطفة بالنسبة لها كالماء بالنسبة للسمك، والجنس وسيلة بالنسبة لها للتعبير عن عاطفتها تجاه زوجها الذي تكن له كل محبة ومودة وإخلاص.
فعندما يتحول الجنس عن هذا المفهوم يصبح مصدرا لشقائها وتعاستها، مما ينعكس سلبيا على نفسيتها، ويسبب لها كثيراً من الأمراض وأهمها عدم الشعور بالأمان والسعادة والثقة مع الطرف الآخر.
الجهل بأصول المعاشرة وأهدافها سبب مهم لهذه المفاهيم المغلوطة:
إن للحياة الزوجية أهدافا عظيمة وسامية، لا يدركها كثير من الرجال، ولا يدركون أبعادها وأهميتها بالنسبة للأسرة والمجتمع على حد سواء، ومن أهمها:
1-إشباع الرغبة للطرفين.
2-تبادل الحب والعواطف.
3-الشعور بالدفء وحرارة العلاقة بين الزوجين.
4-التكاثر والتناسل.
5-تحقيق معنى العبادة في الحياة الزوجية وهذه أهمها.
إن الفهم الخاطىء للمعاشرة يقلبها إلى معصية وإلى خروج عن منهج الله عزوجل، فأي فائدة يمكن أن ترجى من وراء هذا السلوك الشائن للرجال تجاه زوجاتهم. لاشيء أبدا!
ولعل من المفيد الختام أن نوضح مسألة في غاية الأهمية وهي: أن الاستمتاع بالوطء حق ثابت لكل من الزوجين، فلا يجوز أن يمنع أحدهما الآخر من هذا الحق إلا لسبب كما وضحنا سابقا سواء كان شرعيا أو نفسيا أو مرضيا.........إلخ فكما أن للزوج أن يطلب زوجته متى شاء فإن للزوجة أن تطلبه متى شاءت.
قال - تعالى - (واللذين هم لفروجهم حافظون *إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين)
وجه الدلالة: أن نفي اللوم عمن لا يحفظ فرجه عن زوجته يدل على حل زوجته وخاصة أن الله - عز وجل - يقول عن هذا المعنى، القاعدة التالية:(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).
ومن السنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو بن العاص: (يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال:لا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينيك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا) رواه البخاري ومسلم.
وجه الدلالة: بين الحديث أن للمرأة على زوجها حقا في الوطء وغيره، وأنه لا يجوز له أن يفوت عليها هذا الحق بأي شيء ولو حتى بالعبادة.
وإن النكاح كما هو معلوم شرع لمصلحة الزوجين ودفع الضرر عنهما، وهو مفض إلى دفع ضرر الشهوة عند المرأة كإفضائه إلى دفع ذلك عند الرجل، ولو لم يكن لها هذا الحق لما اتفق الجميع على أن لها فسخ العقد في حالة العنين والمجبوب، ولو حرمت لأدى هذا إلى الإضرار بها وقد يؤديها إلى الفاحشة وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:(لا ضرر ولا ضرار) رواه مالك في الموطأ.
وكذلك فإن حقها في الاستئذان بالعزل لهو دليل على تأكيد هذا الحق لها.
وإن كان في المسألة خلاف ذلك، لكن هذا الذي يتوافق مع مقاصد النكاح، فكما أن للرجل غريزة جنسية وله حق إشباعها بالنكاح الصحيح، كذلك المرأة لها الغريزة نفسها وهي بحاجة إلى إشباعها بالنكاح الصحيح.
لعل ما ذكر يكون مفتاحا لشبابنا وبناتنا للبحث الصحيح عن الثقافة الجنسية، لا ثقافة الانحراف التي تعرضه الأفلام الماجنة التي تشوش العقول والقلوب وتغضب رب العالمين الذي يريدنا أن نحيى الحياة الطيبة، قال - تعالى -:(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) صدق الله العظيم.
ـــــــــــــــــــ(111/401)
أجر تربية ثلاث بنات للأب أو للأم
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن وسقاهن وكساهن كن له حجابا من النار) هل يكن حجابا من النار لوالدهن فقط أم حتى الأم شريكة في ذلك؟ وأنا عندي وله الحمد ثلاث بنات.
الجواب:
الحمد لله الحديث عام للأب والأم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من كان له ابنتان فأحسن إليهما كن له سترا من النار) وهكذا لو كان له أخوات أو عمات أو خالات أو نحوهن فأحسن إليهن فإنا نرجو له بذلك الجنة، فإنه متى أحسن إليهن فإنه بذلك يستحق الأجر العظيم ويحجب من النار ويحال بينه وبين النار لعمله الطيب.
وهذا يختص بالمسلمين، فالمسلم إذا عمل هذه الخيرات ابتغاء وجه الله يكون قد تسبب في نجاته من النار، والنجاة من النار والدخول في الجنة لها أسباب كثيرة، فينبغي للمؤمن أن يستكثر منها، والإسلام نفسه هو الأصل الوحيد وهو السبب الأساسي لدخول الجنة والنجاة من النار.
وهناك أعمال إذا عملها المسلم دخل بهن الجنة ونجا من النار، مثل من رزق بنات أو أخوات فأحسن إليهن كن له سترا من النار، وهكذا من مات له ثلاثة أفراط لم يبلغوا الحنث كانوا له حجابا من النار، قالوا يا رسول الله: واثنان. قال: (واثنان) ولم يسألوه عن الواحد، وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (يقول الله - عز وجل - ما لعبدي المؤمن جزاء إذا أخذت صفيه من أهل الدنيا فاحتسب إلا الجنة) فبين - سبحانه وتعالى - أن ليس للعبد المؤمن عنده جزاء إذا أخذ صفيه - أي محبوبه - من أهل الدنيا فصبر واحتسب إلا الجنة، فالواحد من أفراطنا يدخل في هذا الحديث إذا أخذه الله وقبضه إليه فصبر أبوه أو أمه أو كلاهما واحتسبا فلهما الجنة وهذا فضل من الله عظيم وهكذا الزوج والزوجة وسائر الأقرباء والأصدقاء إذا صبروا واحتسبوا دخلوا في هذا الحديث مع مراعاة سلامتهم مما قد يمنع ذلك من الموت على شيء من كبائر الذنوب، نسأل الله السلامة.
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة
لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -
م: 4/375
http://www.dawah.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/402)
لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عندما تُعلن الأمم مبادئها
وتُعلن الدّول دساتيرها
وتُشهر الشعوب عاداتها وتقاليدها
فإننا نُبرز ديننا على أنه دين الكمال
وعلى أنه الدّين الذي كفل للجميع حقوقهم
وأعطى كل ذي حق حقه
إذا تطاول بالأهرام مُنهزمٌ *** فنحن أهرامنا سلمان أو عمر
لقد أرسى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قواعد في التعامل بجميع صوره
تعامل العبد مع ربِّه
تعامل الناس مع بعضهم
تعامل الرجل مع أهله
تعال الرجل مع جيرانه
تعامل الشخص مع أُجرائه
تعامل السيد مع مولاه
تعامل القوي مع الضعيف
ومن هنا أعلن النبي - صلى الله عليه وسلم - وشدّد على حقوق الضعفاء
فقال:
"اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة ". رواه الإمام أحمد وابن ماجه والنسائي في الكبرى.
بهذه القوّة
وبهذه الجزالة
يُعلنها - عليه الصلاة والسلام -
بل ويؤكّدها بمؤكِّدات:
أولها: اللهم الدّالة على القسم
وثانيها:"إن"الدّالة على التوكيد
وثالثها: التحريج وهو التضييق ووضع الحرج على من فعل ذلك
أما لماذا؟
فلأن هؤلاء (الأيتام والنساء) غالبا يكتفهم الضعف
فما بالكم بمخلوق خُلق من ضعف، وهو الرجل؟ (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)
ثم خُلق من هذا الضعف مخلوق آخر؟ (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)
ولأن الرجل مُحتاج إلى المرأة، وهي محتاجة إليه، فلا غِنى لأحدهما عن الآخر.
وما دام كذلك فلا يصلح ولا يليق أن يقع الظّلم من الرجل على المرأة.
ولذا قال - عليه الصلاة والسلام -: لا يجلد أحدكم امرأته جَلْد العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم. رواه البخاري ومسلم.
وبّوب عليه الإمام البخاري - رحمه الله -:
باب ما يُكره من ضرب النساء وقول الله: (وَاضْرِبُوهُنَّ): أي ضربا غير مبرح.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:
والمجامعة أو المضاجعة إنما تستحسن مع ميل النفس والرغبة في العشرة، والمجلود غالبا ينفر ممن جَلَدَه، فوقعت الإشارة إلى ذمّ ذلك، وأنه أن كان ولا بُدّ فليكن التأديب بالضرب اليسير، بحيث لا يحصل منه النفور التام، فلا يفرط في الضرب، ولا يفرط في التأديب. اهـ.
وفيه إشارة إلى حُسن المعاشرة
وأن يتذكّر الزوج ما كان بينه وبين زوجته
ولذا قال - سبحانه و تعالى - فيما يتعلّق بالعشرة الزوجية: (وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)
وإن تعجب فاعجب لحال أُناس يُعاشر أحدهم زوجته السنوات الطّوال ثم إذا وقع الفراق فكأنه لم يُعاشرها لحظة واحدة!
إن الكلب - وهو الحيوان البهيم – يُساكن القوم فترة من الزمن فيحفظ لهم الودّ!
والضّرب إنما يكون آخر العلاج
فإذا لم تُجْد النصيحة والموعظة فيلجأ إلى الهجر في المضجع، فإذا لم يُجد ذلك شيئا في الزوجة الناشز فإنه يلجأ حينئذ للضرب
ولذا قال العليم الخبير - سبحانه و تعالى -: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)
وختم - سبحانه و تعالى - الآية بقوله: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)
فإن كان بكم قوّة فالله أقوى منكم
وإن كنتم أكبر من النساء فالله هو العليّ الكبير القادر عليكم، فتذكّروا ذلك.
ولما وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الموقف العظيم في حجة الوداع أعلن للناس حقوق النساء فقال:
فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح. رواه مسلم.
قال عطاء: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المُبَرِّح؟
قال: بالسواك ونحوه.
قال القرطبي في التفسير: أي لا يُدخلن منازلكم أحدا ممن تكرهونه من الأقارب والنساء الأجانب. اهـ.
ثم إذا قُدِّر أن الزوج ضرب زوجته فإنه يتجنّب الوجه ولا يُعنِّف ولا يُقبِّح، ولذا لما سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تُطعمها إذ طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبِّح، ولا تهجر إلا في البيت. رواه الإمام أحمد وأبو داود.
قال أبو داود: ولا تقبح أن تقول: قبحك الله.
ثم إن ضرب النساء ليس فيه مندوحة، ولا يُعدّ شجاعة أو قوّة.
وبعض الأزواج أسدٌ في بيته، نعامة خارجه!
ينطبق عليه قول القائل:
أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة *** فتخاء تنفر من صفير الصافر!
ولذا لما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ضرب النساء جاء عمر - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ذئرن النساء على أزواجهن، فرخّص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساء كثير يشكون أزواجهن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم. رواه أبو داود وغيره.
ومعنى (ذئرن): أي اجترأن.
ولما استشارت فاطمة بنت قيس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن خطبها، فقال: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد. قالت: فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة. فنكحته، فجعل الله فيه خيراً، واغتبطت. رواه مسلم. قال النووي: قوله - صلى الله عليه وسلم -:"أما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه"فيه تأويلان مشهوران أحدهما: أنه كثير الأسفار، والثاني: أنه كثير الضرب للنساء، وهذا أصح بدليل الرواية التي ذكرها مسلم بعد هذه أنه ضرّاب للنساء.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينصح فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - بالزواج من أبي الجهم لما عُرف عنه من ضربه للنساء، والمستشار مؤتَمَن.
أيعجز الزوج العاقل الحصيف أن يُعبّر عما في نفسه بتعابير وجهه؟!
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كَرِهَ شيئاً عُرِفَ ذلك في وجهه.
ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشدّ حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كَرِهَ شيئاً عرفناه في وجهه.
قال الإمام النووي: ومعنى عرفنا الكراهة في وجهه، أي: لا يتكلم به لحيائه بل يتغير وجهه فنفهم نحن كراهته. اهـ
ومِن ذلك موقفه - صلى الله عليه وسلم - مما أنكره حتى عُرف ذلك في وجهه.
قالت عائشة - رضي الله عنها -: اشتريت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب فلم يدخله، فعرفت في وجهه الكراهية، فقلت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ماذا أذنبت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بال هذه النمرقة؟ قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسّدها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون، فيّقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة. رواه البخاري ومسلم.
ولما كان الزوج العاقل يستطيع أن يعيش حياة هنيئة دون اللجوء لضرب حليلته
وكان الضّارب ليس من خيار المسلمين
وكان الضارب لا يُشار بِهِ في النّكاح
ولما كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - القدح المعلّى في مكارم الأخلاق
وكان - صلى الله عليه وسلم - على خلق عظيم
لم يُنقل عنه أو يُذكر أنه ضرب امرأة من نسائه على كثرتهن وكثرة غيرتهن.
قالت عائشة - رضي الله عنها -: ما ضَرَبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيء قطّ فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله - عز وجل -. رواه مسلم.
وحق اليتيم يحتاج إلى وقفة أخرى غير هذه الوقفة.
والله - تعالى - أعلى وأعلم.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/403)
كيف تصنع صانع السلام
عبد الله بن دهيم
أخي الأب
أختي الأم
هل تشعران ببعض الوجل والخوف حين تريان طفلاُ عدائياً؟
ثم تقولا لنفسيكما يا رب أرزقنا طفلاً مسالماً؟
هل يضايقكما رؤية ابنكما يستخدم العنف مع الآخرين لأتفه الأسباب؟
هل تستغربان أسباب العصبية لدى الأطفال وتبحثان عن أفضل الأساليب لعلاجها؟
باختصار أخي الأب و أنتي أختي الأم
هل يريد كلاً منكما طفلاً أقرب لأن يكون مسالماً من كونه عدائياً؟
إذن تعالا معي وأعطياني بعضاً من وقتكما وكثيراً من تركيزكما.
أخي الأب،، أختي الأم:
أحتاج إلى أن أعرف ما يدور في خلدك الآن لو تكرمت قبل أن تواصل القراءة لأن هذا مهم جداً بالنسبة لي..
إن كنت تقول لنفسك الآن: أنك ستقرأ لمجرد القراءة فقط، فاسمح لي أن أخبرك أنه من الأفضل لك ألاّ تضيع لحظات أو دقائق من وقتك الثمين لتقرأ ما بعد هذا السطر.
وإن كنت تقول لنفسك سأرى إن كان هناك جديد، فيمكنك أن تواصل إلى نقطة تفتيش قريبة في هذا المقال ،أمّا إن كنت ترغب في أن تحصل على نتائج جيدة وقد ترقى لأن تكون ممتازة من خلال تقنية مجربة وتحت إشراف مختصين فتكرم علي بأن تتابع معي وبأقصى درجات التركيز ما أمكن.
بداية إتقان كل مهارة أو عمل أو غيره تكمن في تعلم أساسياته.
أهم شيء وأبلغ وسيلة في التربية والتعليم، هي أن تكون قدوة لمن تريد أن تعلمه،،
وهذا ما فعله حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - مع صحابته الكرام رضي الله عنهم
ومن نتحدث عنه هنا ابنك أو ابنتك، فأنت تريده أن يكون الأفضل دوماً بين الكل،
إذن ليصبح ابنك مسالماً لين الجانب عليك أنت أن تكون كذلك أولاً..
ومن ثم تنقل المهارات والتقنية إليه ليطورها هو ومن ثم ينقلها أيضاً لأقرانه و من ثم أبناءه.
هل تتفق معي في ذلك أخي الأب؟
هل تتفقين معي في هذا أختي الأم؟
إن كانت الإجابة نعم واصلا لما بعد هذا السطر
أمّا إن كانت لا فمواصلة المشوار مجرد ضياع لوقتيكما الثمينين.
أين تبدأ أخي الزوج؟
وأنت أختي الزوجة؟
البداية الفعلية والحقيقة هي من بداية زواجكما فإن لم يحصل ذلك فليكن من هذه اللحظة.
أحياناً وفي بعض الاستشارات نجد أن بعض من يأتون للاستشارة حول كيفية التصرف فيما لو حصل خلاف بين الزوجين لم يمروا بمرحلة التضارب في الرأي مع أحد والديه و من ثم التفاهم وإيضاح الأمور وفهمها، وهو بهذا أو هي غير قادرين على معرفة ما إذا كانا قادرين على التعامل بمثالية - ما أمكن - في حال حدوث ذلك مع الزوج أو الزوجة و من ثم مع الأبناء.
الأطفال ومن سن مبكرة بحاجة لأن يعرفوا أن الاختلاف جزء من الحياة، ولا يعني أبداً نهاية العلاقة بل على العكس تماماً إذا تعاملنا معه بطريقة مُثلى وراقية فهو يقوي الروابط الأسرية، وهم أيضاً بحاجة لأن يتعلموا كيف يتعاملون معه بأفضل الطرق وأسلمها وأكثرها صحة ووضوحاً..
إذن أيها الأب:
أيتها الأم:
"لا تخبئا اختلافكما في غرفة أخرى..
ولكن اجعلا أطفالكما يرونكما تحلّون الخلاف بطريقة حضارية يسودها الحوار الراقي".
مهم أن ندرك هنا أننا نتحدث عن خلاف لا عن شجار، وإن حصل شجار أمام الأطفال فمهم جداً أن تحدث عملية التصالح أمامهم أيضاً.
عنصر مهم أيضاً لإتمام عملية السلام المنزلية بين الأب والأم، الزوج و الزوجة أصلاً، ألا وهي أهمية التفريق بين:
"السلم" و"التَجَّنٌب"(بتشديد الجيم وضم النون).
"قول الحقيقة"و"توجيه الاتهام".
"الهجوم"و"الانسحاب"كلاهما يزيدان الأمر تعقيداً ويكبران الهوّة بين الزوجين...
ويتطور الأمر إلى شجار بعد أن كان مجرد اختلاف.
نحن هنا نستطيع أن نعيد الأمر إلى ما كان عليه قبل الخلاف بإذن الله - تعالى -، بل ربما إلى أفضل من ذلك بالإقناع والمواجهة بطريقة متحضرة ومحترمة لا تلغي دور أياً من الطرفين بل تثبته أكثر أمام الآخر.
- وكيف لا ونحن قد تعلمنا هذه الأخلاق وهذه التقنيات من حبيبنا الكريم - عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم - حيث أن سيرته - صلى الله عليه وسلم - خير نبع لمن أراد التميز في كل أمر.
بعض أساسيات التقنية التي نتحدث عنها هنا:
1. التعرف على بعض الاختلافات البسيطة ومسببات الغضب جداً ومن ثم التغلب عليها. وجعل عدم مزاولتها في المستقبل عادة حيث تفقد قيمتها بعد ذلك كمسبب للغضب.
2. حلّ الخلاف وإزالة مسبب الغضب مع الشخص الذي اختلفت معه بالتحديد لا مع الأصدقاء أو الحي أو المدينة.
3. الصدق في العزيمة والنية الصادقة في حل النزاع لا إثبات خطأ الطرف الآخر..
4. وحين يكون الأمر أصعب من أن يحل ببساطة فإننا ننصح باستشارة المختصين ولكن هذا لا يحصل إلى في حالات نادرة جداً.
ممارسة الأمر تحتاج إلى بعض المقاومة الداخلية في البداية وتبدأ نسبة هذه المقاومة تقل تدريجياً مع التمرين ومع كل خلاف قد يطرأ في المستقبل حين نحسن التعامل مع الخلاف الذي سبقه. إلى نصل لدرجة نستمتع فيها بالخلاف إن حصل الخلاف أصلاً.
حين يرى الأطفال هذه المهارات كعادات لوالدين فحتماً ستتغلغل هذه المهارات إلى أعماقهم حتى تصبح أمراً تلقائياً لديهم،، يصدر منهم دون أن يشعروا به أو يستعدّوا له.
حين إذن هل تعتقد أنهم سيكونون مجرد أشخاص عاديين في مجتمعنا الذي يحتاج إلى أمثالهم أشد الحاجة؟!
هل تعتقد أنهم لن يكونوا مؤهلين للقيادة والتغيير اللازم!
حل الخلاف:
دائماً أعط تعليقاً مسالماً ينم عن احترام وجهة نظر الطرف الآخر حين تسمع أو ترى أمراَ تختلف فيه مع من صدر عنه.
أوقف نفسك من الرد بطريقة قد تحدث اختلافاً ظاهراً أو تولد رغبة في الهجوم أو الدفاع لدى الطرف الآخر
أمسك أعصابك جيداً وتحكم بها أكثر من تحكمها بك فأنت قادر على هذا، فالصراخ، أو التهجم على الطرف الآخر، أو أخذ الأمر بصفة شخصية واعتباره إمّا ربح أو خسارة، أو المجادلة كلها توسع دائرة الاختلاف و تخلق منه مشكلة حقيقة.
فكر واسأل نفسك: لماذا أريد أن أتحدث عن هذا الأمر، القرار، الحدث الآن وأي الكلمات سأستخدم في التعبير؟
الآن نأتي لأهم مرحلة:
الرد: احرص على أن يكون الرد بطريقة سلمية وبه شيء من التودد، انتقي كلماتك بعناية، ركز على لغة جسمك بحيث لا تكون هناك إشارات نحو الطرف الآخر لتكن حركة يديك و أنت تتحدث إليه أسفل مستوى نظره ما أمكن ولتكن راحة اليد للأعلى أيضاً ما أمكن.
وحين يتحدث الزم الصمت وانتظر حتى يفرغ من حديثه فيصمت تماماً.
تجاوب مع الطرف الآخر ومع ما يصدر منه، وانتبه لأمر مهم وهو أن تتقبل ردة فعله كما هي لا كما تريدها أنت فقد يقبل ما تقوله وقد لا يقبله فكن مستعداً لعكس ما ترغبه دوماً كي لا يحدث ردة فعل عكسية لديك.
عندما يحين وقت الاعتراف:
1.اعترف أنك أخطأت.
2.اعتذر بطريقة تؤثر في الطرف الآخر مبيناً أنك أحياناً تخطيء في الاختيار عن غير قصد أو عمد والدليل أنك تعتذر الآن بعد أن اكتشفت أنك أخطأت في اختيار الكلمات أو ردة الفعل أو التصرف.
3.تقبّل الملابسات التي حصلت والتي تحصل في ذاك الوقت و كن مستعداً لما قد يحصل.
4.أطلب العفو والسماح.
5.ادرس الخيارات في المستقبل بتعمق أكثر قبل البت بأي أمر.
http://www.sahwah.net بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(111/404)
من فضلك لاعب زوجتك
الشيخ مازن الفريح
للملاعبة والترويح أثر كبير على الزوجين فهي تدخل إليهما البهجة وتجدد الألفة وتعمقها وتنشر السعادة و تزيدها، وقد كان يوصي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالملاعبة للزوجات حيث قال لجابر:"فهلا جارية تلاعبها و تلاعبك"أو قال"تضاحكها وتضاحكك"متفق عليه، وقد كان في حياته صور كثيرة للملاعبة و المؤانسة فقد كان يثير الزوجة بالتحدي في مسابقات بينها وبينه كما حصل في منافسته لعائشة في سباق الركض (والحديث عن أحمد وأبي داود بإسناد صحيح)، ومنها المضاحكة ففي حديث عائشة قالت قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة وكان على خزانة لي ستر، فهبت الريح فكشفت الستر، فرأى بنات لي لعب فقال ما هذه يا عائشة؟
قلت: بناتي!! ورأى بينهن فرساً له جناحان.
فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟
قلت: فرسي.
قال: وما الذي عليه؟
قلت: جناحان.
قال: فرس له جناحان.
قلت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة! فضحك حتى رأيت نواجذه"رواه أبو دود بإسناد صحيح.
وهناك مواقف متكررة في الحياة الزوجية يمكن أن ندخل عليها شيئاً من الأنس بالملاعبة، مثل عندما يجلس الزوجان لتناول الوجبات فينبه النبي - صلى الله عليه وسلم - الزوجين إلى استثمار هذه الفرص للمؤانسة والملاعبة حيث يقول:"إذا أكل أحدكم طعاماً، فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يُلْعّقها"متفق عليه.
ويمكن أن تتوسع هذه الصورة وتتنوع، وكذلك عند الشرب يمكن أن يكون فيه مغازلات وملاعبات ينتشي فيها القلب وتُسر بها الروح، قالت عائشة:"كنت أشرب وأنا حائض – أي من إناء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب"رواه مسلم.
وتستمر الملاعبة و المؤانسة حتى عند الغسل، قالت عائشة: كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إناء واحد، فتختلف أيدينا عليه حتى أقول: دع لي.. دع لي..
ما أعظمها من سعادة.. وما أروعها من حياة تغمرها البهجة وترقص الروح فيها طرباً بقرب محبوبها، حب وسكينة وألفة وطمأنينة إنها نعمة فقدها الكثير من الأزواج فهل تكون هذه المواقف النبوية تذكرة لنا لنفتح صفحة جديدة في حياتنا الزوجية.
أسأل الله أن يسعدنا وإياكم في الدنيا ولآخرة.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/405)
كيف تجعل حياتك سعيدة
زوجتي لتكوني في قلبي ويزداد لك حبي
* احفظي الله واتقيه، وراقبيه وأطيعيه.
* أطيعيني بالمعروف، وكوني لي عوناً لا نداً.
* لا تجادليني حين الغضب.
* انظري إلى حسناتي، ولا تبالغي في ذكر سيئاتي.
* لا تخرجي إلا بإذني، ولا يدخل بيتي إلا من أحب.
* حافظي على أسراري واستري عوراتي.
* احرصي على جمالك واهتمي بنظافة بيتك.
* ربي أبنائي على الإيمان والأخلاق الفاضلة.
* لا يشغلك أبنائك وشؤون بيتك عني فإني محتاج إليك أكثر.
* أشبعي عاطفتي، وتهيئي لي بأحسن الثياب وأطيب الطيب.
* احترمي أهلي، وأحسني إلى والدي وتقربي إليهما، وتغاضي عن أخطائهما.
زوجي إني محبة لك وفخورة بك لأنك:
* تحسن عشرتي، فتنادي بأحب الأسماء إلي، وتصارحني بحبك لي.
* تحلم علي إذا أخطأت أو في حقوقك قصرت.
* تنفق علي بسخاء دون إسراف.
* تعلمني أمور ديني، وتحرص أن أكون زوجة صالحة لأربي لك ذرية طيبة.
* تكسوني إذا اكتسيت وتطعمني إذا طعمت، ولا تضرب ولا تقبح ولا تسب.
* إذا تكلمت أنصتّ إلي وتوليني اهتمامك على الرغم من انشغالك.
* تستشيريني في بعض الأمور وتحترم رأيي.
* تعينني في بعض أمور البيت وترحم ضعفي وتجبر خاطري وتغفر زلتي.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/406)
مراعاة الفروق الفردية في الأسرة
م. عبد اللطيف البريجاوي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
إن الله - سبحانه وتعالى - لما خلق الخلق جميعا ونثر عليهم من مواهبه , جاء كل واحد منهم مختلفا عن الآخر لا يشابهه ولا يطابقه , وقد أكد الله - سبحانه - هذا الاختلاف"ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات"
وهذا التفضيل قد يكون بالجسم أو بالعلم أو بطريقة التفكير أو بالأمور المادية قال الله حكاية عن طالوت
"وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم"(247) البقرة.
لذلك حرص الإسلام على مخاطبة الناس على قدر عقولهم وعلى مقدار ما يستوعبون ويفهمون لذلك ورد في صحيح الإمام مسلم عن ابن مسعود - رضي الله عنه -:"ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة".
وورد عن علي - رضي الله عنه -"حدثوا الناس بما يطيقون أتحبون أن يكذب الله ورسوله"..
ومعنى هذا الكلام كله أن الإسلام أقر بالفروق الفردية بين الأشخاص والأفراد أو بمعنى آخر أقر مبدأ الاهتمامات المختلفة فما أهتم به أنا ليس بالضرورة أن تهتم به أنت , وما يهتم به ولدي هو غير الذي أهتم به مع وجود قاعدة أساسية لهذه الاهتمامات والاختلافات.
وإن كان هذا الكلام ينطبق على المجتمع المسلم كله فهو كذلك ينطبق على الأسرة المسلمة فما أهتم به أنا غير الذي تهتم به زوجتي فلذلك كان لزاما على كل مسؤول عن أسرة أن ينتبه لهذه الفروق ولا يحولها إلى نقطة خلاف تسيء لحياته وحياة من حوله.
القدوة العظمى - عليه السلام - اهتم بهذه الفروق الفردية وبينها وتعامل معها تعاملا ايجابيا وحولها من نقطة خلاف إلى نقطة تربية وتوعية فمرة كما في صحيح البخاري عن أنس قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عند بعض نسائه(صرح غير البخاري بأنها عائشة) فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين (وصرح غيره بأنها أم سلمة) بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت أمكم ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت. البخاري..
والنبي في تعامله مع هذه الحادثة يعلمنا طريقة للتعامل مع فارق فردي موجود عند النساء بكثرة إنه الغيرة والتعامل بحكمة مع شيء من التجاهل..
وكذلك كانت طريقة تعامله - عليه السلام - مع الأطفال مراعاة منه لهذه الفروق فكان يحمل الحسن والحسين وهو في الصلاة كما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة قال كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا رفع رأسه أخذهما بيده من خلفه أخذا رفيقا ويضعهما على الأرض فإذا عاد عادا حتى إذا قضى صلاته أقعدهما على فخذيه"أحمد وكم هي سعادة الأطفال عندما يتعلق بآبائهم وهم في الصلاة.
إن خطأ الكثير من الناس أنه يريد لزوجته أن تلغي هذه الفروق الفردية من حياتها ويريد من أولاده أ يلغوا كذلك هذه الفروق ويري أن يحشر الناس جميعا في رغباته الخاصة وأهواءه وما يريد هو فقط وبالتالي لا يحصد في بيته إلا شقاءً وفي مجتمعه إلا نفورا.
إن الحياة الزوجية لا تقوم على التشابه وإنما تقوم على المودة ومن يريد أن يجعل من أولاده نسخة منه فإنه لن يحصد إلا مرارة وشقاءً والأب الواعي والمستهدي بهدي النبي والسلف الصالح لا يجعل من هذه الفروق الفردية نقطة خلاف إنما يحول هذه الفروق بحكمة إلى وسيلة تربوية وإرشادية
ومن الأمثلة على الفروق الفردية التي يجب الاهتمام بها واستخدامها كوسيلة تربوية أن بعض النساء تكون الكلمة الجميلة واللطيفة من الزوج أفضل عندهن من كثير من الأمور الأخرى والزوج مثلا يعتبر هذا الكلام سخافة وهراء ولا وجود له وقد ذهب أوانه وعدم الاهتمام بهذه النقطة مثلا قد يولد بعض النفور من الزوجة..
كذلك بعض الأولاد ينتظرون رجوع والدهم من عمله بفارغ الصبر ليأتي لهم ببعض الأمور كالحلوى والألعاب لكن كثيرا من الآباء ينسون هذا وتخيب آمال الأطفال برجوع آبائهم إلى البيت..
إن الاهتمام بهذه الفروق الفردية أمر مهم وملح ونحن بحاجة له لنثري المجتمع بالتنوع وهولا شك أمر يتماشى مع الحياة والفطرة السليمة.
والله ولي التوفيق
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/407)
تقصير الداعية مع زوجته ( الأسباب والحلول )
الشيخ مازن الفريح
وصف المشكلة:
قلة اهتمام الداعية بتربية زوجته، وانشغاله عنها، وتقصيره في أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر وتقوية إيمانها وتعليمها أمور دينها.
أسباب المشكلة:
1. عدم استشعار الزوج لمسؤوليته الشرعية تجاه أهل بيته وزوجته خاصة"يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً"و"كلكم راع... والرجل راع ومسؤول عن رعيته".
2. انشغال الزوج بأعماله الدنيوية وتوسعه في الانغماس فيها على حساب أهله.
3. كثرة أعباء الزوج الدعوية خارج محيط أسرته، مما لا يتيح له المجال للجلوس مع زوجته.
4. غلبة الأحاديث الدنيوية بين الزوج وزوجته مما يفوت الفرص لتوجيه إيماني أو حديث تربوي.
5. ضعف اهتمام الوسط الدعوي بضرورة قيام الداعية بدوره الشرعي تجاه أهله وأسرته.
6. ضعف التزام بعض الأزواج.
بعض المقترحات والحلول:
1. وجود لقاء بين أفراد الأسرة لتدارس موضوعات إيمانية وآداب شرعية.
2. شراء الكتيبات والمجلات الإسلامية.
3. شراء الأشرطة الإسلامية وتكوين مكتبة سمعية مميزة..
4. استغلال فترات الأكل واللقاءات الأسرية الروتينية في التوجيه والإرشاد. (بأسلوب غير مباشر).
5. قيام الليل وصلاة الوتر (الزوجين معا).
6. التعاون على أداء الصلاة في أوقاتها لا سيما صلاة الفجر.
7. تخصيص صندوق للصدقات والمشروعات الخيرية وورد الذكر ونحوها.
8. حسن التعامل مع الزوجة والابتعاد عن الألفاظ الجارحة والعبارات السيئة.
9. ربط الزوجة بالمؤسسات الخيرية ودور الذكر ونحوها من الحياض الإيمانية واللقاءات التربوية.
10. طيب العشرة، وحسن التعامل، والقدوة الحسنة.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/408)
كيف يتفادى الزوجان .. مشاكل السنوات الخمسة الأولى؟
المسكن.. من مشاكل السنوات الخمس الأولى للزواج وعلاجه بالصبر وتنظيم الإنفاق والحب.
في بداية الزواج يعتقد كل زوج بأنه هدية من الله - تعالى - للطرف الآخر، وعندما يستمعان إلى مشكلة زوجية حدثت بين اثنين أو خصام حدث بين زوجين يستغربان وجود المشاكل، وبعد مرور الأيام ومضي السنين إذا بهما يمران بمثل ما كانا يستغربانه، فالخلاف الزوجي وارد بين الزوجين، وهذه هي سنة الحياة، ولكنها المهارة تكمن في كيفية التعامل مع هذا الخلاف وجعل الحياة الزوجية مثل ألوان الطيف الضوئي متكاملة رغم اختلافها، ولا ننسى أن للسن أحكامه ـ كما يقولون ـ فابن العشرين يختلف عن ابن الثلاثين والأخير يختلف عن ابن الأربعين... وهكذا، والأسرة إذا كانت من زوجين فقط تختلف عن الأسرة التي يصبح الزوجان فيها جدين ـ وهذه أبرز المشاكل التي تحدث في السنوات الخمس الأولى للزواج.
المشكلة: اختلاف الطبائع:
وتعني اختلاف الطبائع والأمزجة بين الطرفين وخصوصًا في الأيام الأولى مما يؤدي إلى كثرة الخلاف بينها.
الحل:
1ـ عدم الحرص على إيجاد أسباب الخلاف.
2ـ عدم الضجر من وجود مغايرة في العادات وتباين الطباع.
3ـ الحرص على التعرف على الصفات المتطابقة.
4ـ العمل على إيجاد قنوات للحوار والمحادثة.
5ـ الحرص على إبراز أفضل صفات شخصية الشريك المقابل.
6ـ عدم اعتبار عملية التعرف على الشخص المقابل تحديًا وإنما ترك الأمور تسير بشكل طبيعي.
7ـ افتراض النجاح دائمًا وعدم توقع الفشل.
المشكلة: تدخل أم الزوج:
وتعني أن تدخل أم الزوج يكون كثيرًا في هذه المرحلة لأن علاقة الأم بابنها ما زالت قوية.
الحل:
1ـ على الزوجة أن تصبر على تدخل أم الزوج وتتفاهم معها بهدوء لتصل إلى حل مناسب.
2ـ الاحترام والحب بينهما يجعل الزوج سعيدًا آمنًا قرير العين.
3ـ لتعلم الزوجة أن مفتاح قلب الزوج وحبه مُخبأ في قلب أمه، فمن أرادت أن تملكه فلتصل إلى قلب أم زوجها.
4ـ عدم إخبار الأهل بالمشاكل والخلافات الزوجية الخاصة.
المشكلة: عدم اهتمام الزوج بزوجته:
وتعني عدم اهتمام الزوج بزوجته وتقدير مشاعرها واحترامها.. ويهمه فقط أن يحقق رغباته وأن يحقق ذاته.
الحل:
1ـ يجب على الزوج أن يدرك أن إهماله لزوجته يعتبر مخالفًا للشريعة لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: 'كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته'، فعلى الزوج أن يعي مسؤوليته الكبيرة تجاه زوجته وأسرته.
2ـ الحوار بين الزوجين وتبادل الآراء والثقة المشتركة والمشاركة الوجدانية لطرد الإهمال والتقصير من بين الزوجين.
3ـ يجب أن تصارح الزوجة زوجها وتفهم أسباب الإهمال وإن لم يفد ذلك فلا تلجأ إلا إلى المختصين للاستشارة.
4ـ لا بد أن يعرف الزوج أن الزوجة هي شريكة الحياة الزوجية وليس مجرد امرأة تشبع حاجاته وتقوم بترتيب البيت ورعاية الأبناء، فالاهتمام بها والحرص على الجلوس معها يعطيها شعورًا بالاستقرار والراحة النفسية والرضا.
المشكلة: قلة المعرفة بالمعاشرة الزوجية:
وتعني عدم معرفة الزوجة كيفية التعاطي مع زوجها في شؤون العلاقات والمهارات الجنسية.
الحل:
1ـ على الزوجة أن تفصح للزوج عن طبيعة المشكلة وحجمها.
2ـ تحديد السبب وبالتالي المعالجة، فإن كانت الزوجة تعاني من الكآبة فعليها مراجعة الطبيب.
3ـ إن كانت تصاب بالتوتر قبيل الدورة الشهرية فعلى الزوج أن يتفهم طبيعة الموقف ويساند المرأة وهكذا.
4ـ بشكل عام لا بد من تثقيف كل من الزوجين بأهمية التواصل، مما لا يدفع بهما إلى مراجعة طرف ثالث للتدخل.
5ـ تصارح الزوجة زوجها بما تشعر به وبالتالي يتم الاتفاق حول الحلول وآلية المعالجة.
6ـ يجدر بالزوج تطوير عملية المعاشرة بحيث تستدعي انتباه الزوجة للتركيز أثناء المداعبة لإعادة تنشيط الإحساس الطبيعي.
المشكلة: الإسراف المالي:
وتعني الإسراف المالي والتبذير وعدم معرفة كيفية التوفير مما يؤدي إلى خلافات مادية بين الزوجين.
الحل:
مجموعة أساليب للتوفير بطريقة لا تؤثر في الميزانية ومن ذلك:
1ـ اتباع مبدأ الأولويات وترتيب المطالب وفق الأهمية النسبية.
2ـ مناقشة الأزواج في احتياجاتهم بشكل أسبوعي مع تحديد أولوياتها وإمكانية تأجيلها لصالح احتياجات أخرى.
3ـ القناعة بما تملكه الزوجة، فلا يجب أن تشتري الثياب بأعلى الأسعار وتسعى في تجديد حاجياتها بشكل دائم.
4ـ إدراك أن الإسلام نهى عن الإسراف لقوله - تعالى -: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31].
المشكلة: خلافات عائلية:
وتعني وجود مشاكل عائلية بين العائلتين من خلافات حصلت بسبب العرس أو حفلة الزواج أو على تسمية المولود مما يؤدي إلى توتر العلاقات الزوجية.
الحل:
1ـ عدم إخبار الأهل بالمشاكل التي تحدث بين الزوجين حتى لا يسبب خلافات عائلية.
2ـ محاولة التنازل أو التغاضي عن المشكلة بين الأهل لأنها ستؤثر سلبيًا على علاقة الأزواج.
3ـ يجب على أهل الزوجين أن يبذلوا قصارى جهدهم في الحد من المشاكل واللجوء إلى التفاهم والحلول المناسبة.
4ـ عدم جعل الخلافات العائلية تؤثر على الزوجين، أي إذا كان هناك مشاكل بين أهل الزوج وأهل الزوجة فعلى الأم أن تحض ابنتها على حسن العلاقة مع زوجها لا أن تجعلها تتأثر بمشاكلهم وتنفر من زوجها.
المشكلة: المسكن الزوجي:
وتعني عدم توافر مسكن مناسب للزوجين وكثرة التنقل بين الشقق والمنازل مما يوجد حالة عدم استقرار نفسي.
الحل:
يجب على الزوج توفير سكن مناسب لزوجته سواء مع الأهل أو مستقلاً، وأن يتوافر في هذا السكن كل ما تحتاجه الزوجة والأولاد من الطعام والأدوات والفراش والمتاع، وليكن على قدر يساره بشرط أن يكون لائقًا بها ومحققًا لاستقرارها المعيشي ومهيئًا لتطبيق الحياة الزوجية الكاملة لقوله - تعالى -: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق:6] ويجب على الزوجين أن يختارا السكن الذي سيعيشان فيه بعد تفكير عميق وعدة تساؤلات مثل مكان السكن، عدد الغرف، خدمات السكن.. حتى يستقرا ولا يضطرا إلى تغييره بين فترة وأخرى. أما في حالة عدم مقدرة الزوج على أن يوفر كل ما تحلم به زوجته فليخبرها بذلك على أن يعدها بأن هذا الوضع ليس مستقرًا وأنه سوف يوفر لها ما يسعدها بعدما تتحسن أموره المعيشية والمالية.
المشكلة: صراع من الأقوى:
وتعني وجود صراع بين الزوجين في هذه المرحلة، وكل واحد منهما يريد أن يثبت نفسه وشخصيته على حساب الآخر.
الحل:
كثير من الأزواج يعتقد بأن له الحق الكامل في اتخاذ القرارات ويرى قوته هنا كما أن كثيراً من الزوجات يعتقدن أن إدارة المنزل وتربية الأبناء ينبغي أن تكون تحت سيطرتها وحدها وترى قوتها في ذلك وهذا الاعتقاد الخاطئ لدى الزوجين يسبب مشاكل كثيرة لا نهاية لها وإليكم بعض الحلول:
1ـ مشاورة الأزواج مع بعضهم في اتخاذ القرارات كما كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته وكما قال الله - تعالى -: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران:159].
2ـ الالتزام بالمرونة في التعامل بين الزوجين وهي التي تمثل وقود المشاركة ومن دون المرونة والالتزام لن يكون هناك مشاركة إطلاقًا، كل واحد منهم يريد أن ينفذ رأيه فقط لكن المشاركة هي طرح القضية مع الحفاظ على الأسرة.
3ـ للتخفيف من حدة الصراع الطرق الأقوى يجب ترتيب المسؤوليات بين الزوجين عن طريق الاتفاق والتفاهم وقد يحصل هذا عن طريق تنازل أحد الطرفين عن موضوع معين وبهذا تترتب المسؤوليات وتنظم حياتهم وتقل الخلافات.
المشكلة: الإمساك المالي المؤقت:
تقتير الزوج وعدم صرفه على البيت من أجل التأمين للمستقبل العائلي فيولد ذلك مشاكل مالية بين الزوجين.
الحل:
1ـ على الزوجين أن يتفقا في نقاط محددة على تنظيم أولويات الصرف، فليس من المعقول العيش بحالة مادية صعبة جدًا لتأمين المستقبل.. وتنظيم الأولويات أمر ضروري للموازنة.
2ـ على الزوج أن ينفق على زوجته وأبنائه ويؤمن لهم حياة كريمة ويدخر من راتبه لتأمين المستقبل وبالتخطيط السليم وحساب الميزانية المطلوبة لحل المشكلة.
3ـ الإقناع والحوار والتفاهم بين الزوجين يقلل من وجود المشاكل بسبب هذا التصرف، فعلى الزوج أن يبين لزوجته أنه لا ينفق بكثرة لتأمين المستقبل ويعدها بأنه إذا ما أتم هدفه وحقق الغاية يوفر لها جميع احتياجاتها ويحقق طموحاتها.
المشكلة: الزوجة منشغلة عن الزوج:
ويعني اهتمام الزوجة بالأولاد عن زوجها مما يشعره بالملل والغيرة وتحدث المشاكل بينهما.
الحل:
1ـ على الزوجة أن تنظم وقتها وتضع وقتًا مخصصًا في اليوم للاهتمام بزوجها والجلوس معه أو الذهاب في نزهة برفقته بحيث تبين له اهتمامها به دومًا.
2ـ على الزوج أن يشارك زوجته في رعاية الأولاد من حين لآخر ويعيش هذا الجو ليتعلم أن رعاية الأولاد تأخذ وقتًا طويلاً فيخفف عنه هذا الشعور.
3ـ لا بد من ضرورة الحوار بين الزوجين حول حقيقة الوضع الأسري للتوصل إلى حل لهذه المشكلة وبرضا كلا الطرفين.
المشكلة: الشك والغيرة:
ونعني به الشك والغيرة في الحياة الزوجية إذ يكثر في مرحلته الأولى، فيتعامل كل واحد مع الآخر بتحفظ.
الحل:
خطوات يسلكها الزوجان للتغلب على الشك في الطرف الآخر:
1ـ عليك أن تتساءل ما الذي يجعلك تشك؟ هل من شيء ملموس؟
2ـ إذا لم يكن هناك شيء ملموس إذن فهي أفكار سلبية ترجع إلى اضطرابات في شخصيتك وعليك أن تسأل نفسك:
ـ هل مرت عليك خبرة سلبية مشابهة في الأسرة في مرحلة الطفولة؟
ـ هل شاهدت فيلمًا في التلفزيون يروي قصة خيانة؟
ـ هل قرأت قصة خيانة؟
ـ هل سمعت من الأصدقاء عن خيانة الزوجين؟
ـ إن التساؤلات السابقة قد تولد لديك أفكارًا سلبية.
ـ الأفكار السلبية هي التي تولد الشكوك وتكون لديك مشاعر القلق.
ـ ومشاعر القلق والشك ستوجه سلوكًا فيما بعد ويكون بذلك سلوكا مدمرًا للأسرة.
10ـ خطوات لتفادي الشكوك في الحياة الزوجية:
1ـ محاربة الشك بمحاربة الوسواس.
2ـ الثقة هي الأصل وكلما اعتز الإنسان وافتخر بالثقة في حياته الزوجية كلما سعد وحارب الشك.
3ـ المصارحة تدفع الشكوك.
4ـ حصر دائرة الخلاف الزوجي.
5ـ المواجهة أسلوب علاجي رائع.
6ـ اترك أسلوب اللوم.
7ـ انظر بمنظار غيرك.
8ـ افهم دوافع السلوك.
9ـ لا تجعل من الماضي مرتعًا للشكوك.
10ـ ثق بنفسك.
أما بالنسبة لتفادي الغيرة في الحياة الزوجية:
1ـ لا بد من المصارحة بين الزوجين بحيث لا تكون هناك أسرار فيما بينهما يكتمها كل منهما عن الآخر ولا يوجد كذب بل يكون الصدق والمسؤولية بينهما هما الأساس.
2ـ إن على الزوجة أن تكون عقلانية وذلك عن طريق إتباع عقلها لا عواطفها، مادامت عاطفتها غير مبنية على أسس عقلانية ومنطقية فأي شيء يخطر ببالها تعتبره صحيحًا.
3ـ أن للزوج دورًا كبيرًا في التعامل مع زوجته الغيور وذلك بأن يكون صبورًا ولا يحاول حل المشكلة بمشكلة أخرى.
4ـ عندما تولد مشاعر الغيرة حبذا لو أمكن اختيار أنسب الأوقات مع شريك الحياة والتعبير عن مشاعرك نحو ذلك الأمر دون اتهام أو تحقير أو صراخ.
المشكلة: صعوبة الانسجام:
وتعني صعوبة تكيف كل طرف مع الآخر.
الحل:
1ـ لكي يتحقق الانسجام الفكري لا بد أن يتحلى كل طرف بالذكاء والروح الإسلامية اللطيفة ليقبل أي نقد، وليعلم الزوجان أن ترديد العبارات 'افهمني ـ ما عرفت قصدي ـ أو حاولي أن تستوعبي، حاولي أن تفهميني' مؤشر لرغبة كل طرف في تحقيق الانسجام والتفاهم، إذن ليستفد كل منهما من وجود النية الصافية لفهم كل طرف لعقلية الطرف الآخر.
2ـ اختيار موضوعات معينة للنقاش في المجالات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو التربوية.. فعندما تحاور الزوجة زوجها سوف تكتشف طريقة تفكيره وتقويمه للأمور وتحليله للأحداث، فيتولد لديها انطباع أو صورة عامة للمستوى الفكري لزوجها، فتبدأ هي بمعرفة الأمور التي يرغب بمناقشتها والتي ينفر منها.. ومن العبارات التي تنم عن وجود انسجام فكري 'أتفق معك في الرأي ـ أؤيد إلى حد ما ـ لا أتفق معك في هذه النقطة ولكن كلامك صحيح فيما يتعلق بكذا.. إلخ.
3ـ لتحقيق الانسجام على المستوى العاطفي والنفسي يجب أن يتفهم كل طرف مشاعر الطرف الآخر سواء كانت هذه المشاعر سلبية أو إيجابية وأن يستوعبها تمامًا، ويحترم الأسلوب الذي يتم فيه التعبير عن الانفعالات والمشاعر.
4ـ أما الانسجام الجنسي فلا بد من وجوده أيضًا ولكي يحدث ذلك لا بد أن يتفق كل من الطرفين على الأسلوب الأفضل الأمثل الذي يتم من خلاله أكبر قدر من الإشباع الجنسي.
http://www.ala7rar.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/409)
ما الفرق بين الخِطْبة و الخُبطة؟
الخطبة تكون عندما يراعى كل طرف الشروط الصحيحة في التعارف على الطرف الآخر بحيث تصل درجة المعرفة إلى خمسين في المائة على الأقل؛ لأن المعرفة الكاملة مستحيلة ولا تكون إلا بعد الزواج، وإنما يكفى لاتخاذ قرار الزواج أن تكون المعرفة بنسبة (50%) من صفات وسلوكيات الطرف الآخر، فتعطينا مؤشراً عنه، وإن كانت معايير البشر تختلف عن معايير الله - تعالى - فقد يُرفض خاطب ويكون عند الله مقبولاً، وقد ذكر لنا نبينا الكريم فيما يرويه أبو هريرة - رضي الله عنه -«إن من ملوك الجنة من هو أشعث أغبر ذو طمرين لا يؤبه له، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإذا خطبوا النساء لم يُنْْكَحُوا، وإذا قالوا لم ينصت لهم، حوائج أحدهم تتجلجل في صدره، لو قسم نوره يوم القيامة بين الناس لوسعهم».
فهذا الشخص ملك من ملوك الجنة ولكنه لو خطب رُفض، ولعل هذا الحديث يوجهنا إلى معاني كثيرة لابد من معرفتها في الخاطب أو المخطوبة، فلا يكون (ملك في الجنة) إلا من كان لديه الإيمان والتقوى والدين والخلق ولكنه ضعيف مادياً، والناس عندما ترفضه يكون رفضهم له بسبب ماله أو مكانته الاجتماعية كما حصل للصحابي الجليل (جليبيب) عندما أرسله النبي إلى بيت من بيوت الأنصار ليخطب ابنتهم لنفسه فرفضه الوالدان، ولكن الفتاة قبلت به وقالت: أتردون على رسول الله أمره، فقبلت به ثم جاهد مع الصحابة بعدها وقتل فحمله النبي على ساعديه وحفر له ووضعه في قبره وقال: هذا مني وأنا منه، فالخطبة تكون (خبطة) إذا لم تتحقق فيها الشروط المذكورة في السنة النبوية، وتكون خبطة كذلك إذا كان الفارق بين الخاطب والمخطوبة كبيراً في السن والثقافة والبيئة والتربية وتكون (خبطة) إذا تم الاستعجال في الخطبة ولم تجمع المعلومات ويتحقق التعارف بشكل صحيح، وتكون (خبطة) إذا لم يكن المعيار الأول في الاختيار هو الدين، وتكون (خبطة) إذا كان السبب الرئيسي في الزواج هو المال أو الجمال وإلغاء الصفات الأخرى، وتكون (خبطة) إذا أجبر الوالدان الفتاة أو الشاب على القبول بمن يرشحونه لهما، وتكون (خبطة) إذا لم يستشر أحد الخطيبين من سبقه بالزواج من أهل الخبرة والمعرفة، وتكون (خبطة) إذا اكتشف أحد الطرفين بعد الخطبة أن الآخر لا يصلح له ولكنه استمر مجاملة له وخوفاً من حديث الناس.
فالخطبة تكون ناجحة إذا التزمنا بالمعايير التي بينها لنا رسولنا الكريم، وبذلنا الجهد في التعرف على الآخر وإلا كانت (خبطة).
http://www.almutawa.info المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/410)
اكتشف سعادتك بنفسك
سلمان بن يحي المالكي
لقد أحرزت البشرية في العصور المتأخرة انتصارات شتى في مختلف العلوم الدنيوية، ورغم تقدمها في هذا المجال إلا أن المشكلات النفسية والاجتماعية للأفراد والمجتمعات في تفاقم خطير ووبال مستطير، وأصبح ما يُسخر لرفاهية الإنسان والتخفيف عنه سبابا في سحق كرامته وتدنيس إنسانيته وإزهاق روحه، حتى أصبح الإنسان تائها وراء أوهام السعادة باحثا عنها تحت وهج الشمس وضياء القمر.. فما السعادة إذا..؟
إنها الصفاء القلبي، والجمال الروحاني، والنقاء الوجداني، السعادة هي تلك الهبة الربانية، والمنحة الإلهية التي يهبها الله لمن يشاء من عباده جزاء أعمالهم الجليلة التي قاموا بها، السعادة تلك الكلمة التي تبعث الراحة النفسية وتتحقق الرضا والطمأنينة وتقوم السلوك وتزكي النفوس الأبية.
* حقيقة السعادة.
إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمّل الله سبحانه حوائجه كلها، وحمل عنه كل ما أهمّه، وفرّغ قلبه لمحبته ولسانه لذكره وجوارحه لطاعته، وحقيقتها ومدارها في طاعة الله والاعتصام بدينه، والرجوع إلى هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
* الطريق إلى السعادة.
عن أبي ذر - رضي الله عنه -أنه قال: أمرني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بسبع: أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن لا أسأل أحدا شيئا، وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرّا، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن من كنز تحت العرش"[رواه الإمام أحمد 5/159].
* مقومات السعادة.
ذكر الإمام بن القيم - رحمه الله - تعالى - أن لسعادة العبد ثلاثة مقومات:
1ـ إذا أُنعم عليه شكر.
2 ـ وإذا ابتلي صبر.
3ـ وإذا أذنب استغفر.
وصدق القائل:
شكر وذكر وصبر فيها نعيم أجر
* ثلاثة من السعادة.
قال سفيان الثوري - رحمه الله -: ما بقي لي من نعيم الدنيا إلا ثلاث:
1ـ أخ ثقة في الله أكتسب من صحبته خيرا إن رآني زائغا قومني أو مستقيما رغبني.
2ـ ورزق واسع حلال ليست لله عليّ فيه تبعة ولا لمخلوق عليّ فيه منه.
3ـ وصلاة في جماعة أكفى سهوها وأرزق أجرها.
* أسباب السعادة.
1ـ العمل الصالح"من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة".
2ـ الزوجة التقية وفي الحديث"أربع من السعادة: المرأة الصالحة.."
3ـ المسكن الفسيح وفي الحديث"اللهم وسع لي في داري".
4ـ المركب الهنيء.
5ـ الكسب الطيب"إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"
6ـ حسن الخلق والتودد للناس"واجعلني مباركا أينما كنت"
* فوائد السعادة.
1ـ تمنح الإنسان قبولا ذاتيا وراحة نفسية.
2ـ تساعد الإنسان على أهدافه السامية بدلا من انشغاله بالتوافه.
3ـ تعطي الإنسان فرصة بأن يكون مبدعا مخترعا.
4ـ ترسم البسمة على الوجه وتدخل السرور على القلب.
5ـ تربي الأولاد على الحياة الإيجابية وحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -
6ـ الإقبال على الله والإنابة إليه وامتلاء القلب من محبته.
7ـ تضفي على المجتمع الفرحة والطمأنينة وراحة البال.
* طريقك إلى السعادة.
1ـ الإيمان بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا ورسولا.
2ـ معرفة أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
3ـ تحقيق الأهداف الإيجابية سبيل إلى السعادة.
4ـ اطلب السعادة من نفسك لا من حولك.
5ـ اعرف قدر نعم الله عليك التي تستمتع بها في كل وقت وحين.
6ـ تأمل جمال الطبيعة ولا تنزعج بالأكدار.
7ـ ابحث السعادة للآخرين.
8ـ لا تحتفظ بالذكريات التعيسة والأيام الأليمة.
9ـ افحص ماضيك وحاضرك واستفد من تجارب الآخرين.
10ـ لا تتشاءم ولا تيأس وأحسن الظن بالله.
11ـ طور أهدافك وتخلص من القلق النفسي.
12ـ كن كالغيث أينما هلّ نفع.
13ـ لا تنزعج بالأحلام المنامية وعش حاضرك.
14 ـ الصلاة من أعظم أسباب تزكية النفس وتقوية الإيمان وبلوغ طريق السعادة.
وأخيرا..من اتقى ربه وجاهد في الله حق جهاده، وزكى نفسه بطاعة مولاه، عاش في كنف السعداء، وتلذذ بطعم الحياة وإن لم يجد ماء ولا كساء.. وصدق القائل:
ولست أرى السعادة جمع مال *** ولكن التقي هو السعيد
http://saaid.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/411)
زوجتي تفشي أسراري
الرجل الذكي يفضِّل دائماً المرأة الكتوم التي لا تفشي سراً أو تنقل كلاماً.
فمن أدب الزوجة أن لا تفشي سراً لزوجها وأهله.. وقد يشكو الكثير من الرجال من تلك المشكلة.
يقول أحدهم: مع أنَّني أسكن في بيت مستقل، منذ زواجي، إلاَّ أنَّني لاحظت أنَّ زوجتي مهتمة جداً بأخبار أهلي، وبخاصة إخواني وأخواتي. حملت هذا في بداية الأمر على اهتمامها بأهلي وكأنَّهم أهلها، فكنتُ أنقل لها أسرارهم قبل أن تتم، كالنيّة في خطبة أخي بفلانة، أو أن فلاناً تقدَّم لأختي ولم نعطه الرد، ثمَّ تبين لي أنَّها تفشي أسرار أهلي لأهلها وصديقاتها، وقد فسدت زواجات وحدثت مشكلات بسبب إفشائها تلك الأسرار ..
هذا حال كثير من البيوت التي أصبحت أسرارها موضوعات مفصلة لأحاديث النساء، تلوكها الألسن لتُطرح في كلّ حال ومقام. فهذه تعرض أحداث الأمس، بقال وقلت.. وتلك تتباهى بما حدث قبل أيام حين أفحمت زوجها ولم يستطع أن يردّ جواباً، والأدهي والأمرّ حين تتحدَّث الثالثة حديثاً خاصاً جداً، تلميحاً كان أم تصريحاً.. أحاديث مؤلمة تتطرَّق إلى أسماعنا كثيراً، وما علمت المسكينة أنَّها تدمِّر نفسها أولاً، وبيتها ثانياً، ثمَّ هي قبل ذلك تفسد دينها وخلقها..
ولقد بلغ من كره بعض الرجال للمرأة التي تتحدَّث بأخبار الناس وتفشي أسرارهم، أن هجا أحدهم أمَّه؛ لأنَّها تسلك هذا المسلك.. يقول الحطيئة لأمِّه:
تنحِّي فاجلسي مني بعيداً *** أراح الله منك العالمينا
أغربالاً إذا استودعت سراً *** وكانوناً على المتحدِّثينا
حياتك ـ ما علمتُ ـ حياة سوء *** وموتك قد يسرُّ الصالحينا
إياك وهذا السر:
من أخطر الأسرار التي تنشرها بعض النساء"دون أن تدري إحداهن عاقبة ذلك، ولو علمت ما فعلت.. فقد نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نهياً جازماً عن مثل هذا العمل، فروى الإمام أحمد في مسنده عن أسماء بنت يزيد أنَّها كانت عند النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - والرجال والنساء قعود، فقال: لعلَّ رجلاً يقول ما يفعله بأهله، ولعلّ امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها. فأرم القوم ـ سكتوا ـ فقلت: إي والله يا رسول الله، إنَّهن ليقلن، وإنَّهم ليفعلون، فقال:"فلا تفعلوا، إنَّما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والنَّاس ينظرون".
فحفظ أسرار البيت من أهم عوامل نجاح الحياة الزوجية. ومن أعظم حقوق زوجك عليك ألاَّ تفشي له سراً، ولا تتحدَّثي به إلى أحد، قريباً كان أم بعيداً؟ ـ وخصوصاً"أسرار الفراش"ـ إذ ليس ذلك خلقاً اجتماعياً فحسب، بل هو أمرٌ ديني يحاسبك الله عليه، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إنَّ من شرّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يُفضى إلى امرأته، وتُفضي إليه ثمَّ ينشر أحدهما سرّ صاحبه".
لا أظنّ أنَّ وصفاً مثل هذا تسمعه مؤمنة فتستمر على ما هي عليه من إفشاء للأسرار، وتحدِّث بكلّ ما كان ويكون، وهي ترى بعد ذلك عواقب وخيمة تجنيها من حين إلى آخر، بسبب ما أذاعت من خصوصيات زوجية كان واجباً أن تبقى في حرز أمين.. ومن ثمَّ فهي تخالف مخالفة صريحة الهدي النبوي الكريم لترضي نزوة عارمة وطيشاً جارفاً، مؤثرة الفانية على الباقية.
وإذا كان حفظ السرّ سجيَّة من أجلّ السجايا وأروعها، فهو في حقّ الزوجية أعظم مقاماً وأكبر دليلاً على كمال الشخصية ورزانتها، بل هو من أهمّ مقوِّمات نجاح الحياة العائلية.
http://www.naseh.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/412)
القوة الجنسية
عزيزي طالب القوة الجنسية:
لا تتناول البدائل الطبيعية أو الأدوية النباتية أو العشبية قبل التقيد بالشروط والنصائح التالية:
لا تستخدم أي دواء طبيعي أو عشبة دون الرجوع إلى طبيبك المختص، الذي يتابع ملفك الطبي ويعرف أمراضك وأعراضك السريرية. يمكنك شراء هذه المواد من متخصص بالعلاجات الطبيعية، وليس من تاجر عادي لا يعرف دواعي وموانع استخدامات الدواء، إذ أنَّ لهذه المواد جرعات محددة وتؤخذ بأوقات معينة أيضاً و إذا تناولت العلاج الطبيعي بعد استشارة طبيبك وحصلت لك أعراض جانبية، أوقف هذا الدواء فوراً وتلقائياً، ثم راجع الطبيبانتبه إلى أنَّ بعض العلاجات الطبيعية هي عبارة عن سموم، فمثلاً"الذبابة الأسبانية"وبالتحديد مسحوق هذه الذبابة، قتل الكثيرين، كذلك فإن عشب"اليُوهنبين"Yohimbine الذي يزرع في غرب أفريقيا أدى إلى وفاة كثيرين، وهو حالياً يستخدم طبياً بجرعات وعيارات قليلة وبحذر شديد.
هناك أدوية طبيعية كثيرة تُدعى أيضاً"البدائل لمعالجة الضعف الجنسي وعدم القدرة على الانتصاب السليم"، وهي تضم الأعشاب والحشائش والمأكولات البحرية أو البحريات والفواكه والخضار واللحوم والمكسرات والحشرات والبهارات والفيتامينات والمعادن والعسل.
الفيتامينات
كل الفيتامينات مهمة لصحة الإنسان عموماً، ومجموعة فيتامينات (ب B)، وكذلك فيتامين (أ، A) وفيتامين (س، C) وكلها جيدة، إلا أنَّ فيتامين (إي،E) يساعد على إنتاج هرمونات الذكورة وتجديد الخلايا.
البهارات:
بشكل عام، فإن الدور الرئيسي للبهارات يتمثل بكونها محرّضة جيدة للدورة الدموية الموضعية وهذا يساعد في حالات الضعف الثانوية و من البهارات الأكثر فاعلية نذكر: الفلفل، الزنجبيل، وجوزة الطيب.
المعادن:
المعادن موجودة كجزء من المواد الغذائية، وهي كلها جيدة للصحة العامة. لكن الزنك مهم جداً لصحة الرجل، وإذا اختل الزنك في غذاء الطفل فإن ذلك يؤثر على مستوى قدرته ومستوى الإخصاب عنده في سن النضج. كما أنَّ قلة الزنك لدى الرجل الناضج تقلل لديه الدافع،المنغنيز معدن مهم كذلك للإخصاب، إضافة إلى الأحماض الأمينية الأساسية Essential Fatty Acid فهي مهمة لحفظ الصحة عموماً.
اللحوم:
اللحوم مادة غذائية غنية بالبروتين (الزلال) والأحماض الأمينية الأساسية التي تعتبر مهمة لحفظ الصحة عموماً.
العسل:
في العسل تركيبة غذائية خاصة، من ضمنها مجموعة فيتامين B، سهلة الامتصاص.وهو بتركيبته الخاصة يزيد قدرة الرجل الجنسية، ويرفع من مستوى الإخصاب عنده.وسمى"شهر العسل"بهذا الاسم لأن العرسان في أوروبا كانوا قبل قرون عديدة يشربون العسل طوال الشهر الذي يسبق الزواج لأجل الإخصاب.
الحشرات:
يأتي"الجراد"كأول حشرة ذات سمعة طيبة في إعطاء المقدرة الجنسية والطاقة والحيوية نظراً لغناه بالبروتين وقرون بعض الحيوانات التي تطحن وتلتهم، كما في أفريقيا، أو تعجن وتخبز، كما في اليابان، لها تأثير جيد على تنشيط الطاقة أما أشهر حشرة حازت على سمعة مهمة في هذا المجال، فهي"الذبابة الأسبانية"رغم ذلك أدت إلى موت الكثيرين.
الخضار:
تأثير الخضار لا يكون مباشراً على القدرة الجنسية، بل تعطي الخضروات فاعليتها على المدى البعيد بحيث تجعل الصحة أفضل لكن هناك بعض أنواع الخضار تعتبر أكثر تأثيراً وأكثر مباشرة في فعلها، مثل: الزيتون، حيث إنَّ فيه مادة كيميائية معينة تسمى Bromocriptine لها تأثير على مركز الإخصاب في دماغ الإنسان.
المكسرات:
المكسرات غنية بالحديد والزنك والمغنيزيوم والفوسفور والبوتاسيوم والكالسيوم والفيتامين E بالإضافة إلى غناها بالأحماض الأمينية وهذه المواد جيدة وتقود إلى زيادة إنتاج الهرمونات عند الرجل والمرأة. ومن أشهر المكسرات نذكر: اللوز، الجوز، الكاجو، والعنجك.
المآكل البحرية:
تعتبر المأكولات البحرية، بكل أنواعها، ذات تأثير فاعل على الطاقة الجنسية عند الرجل بصورة خاصة. ويرجع ذلك إلى كمية الزلال والحامض الأميوني الذي يلعب دوراً مهماً في زيادة درجة الخصب (الإخصاب)، بالإضافة إلى مقدار المعادن والفيتامينات التي تحتويها البحريات. ويأتي"الكافيار"، وهو بيض سمك الحفش، في المرتبة الأولى على رأس لائحة المواد البحرية المقوية والمنشطة للجنس ثم يأتي في الدرجة الثانية، بعده"المحار"الغني بمادة الزلال (البروتين) العالية... ويُحكىعن"كازانوفا"تناوله حوالي 50 محاراً في اليوم لأخذ الطاقة التي تساعده على المغامرات العاطفية التي اشتهر بها ويأتي"الروبيان"ليحتل المرتبة الثالثة، في كونه محرضاً ومهيجاً جيداً وفعالاً إلا أنَّ مشكلة الروبيان هي في زيادة الكولسترول فيه.
بطبيعة الحال، كل المأكولات البحرية جيدة وإنْ لم تكن بأهمية وفاعلية الكافيار والمحار والروبيان. بقى أنْ نقول إنَّ خلطة الأسماك الصغيرة المخللة، والتي تعرف عند المصريين بـ"الفسيخ"وعند الإيرانيين بـ"المهيادة"هي وجبة جيدة للرجل نظراً لكثافة الزلال فيها.
الفواكه:
تحتوي الفواكه على نسبة كبيرة من الفيتامينات، أهمها وأشهرها: فيتامين A وفيتامين C وعنصر"البورون"القادرة على إعطاء الجسم صحة ونضارة لكن شهرة الفواكه جاءت لربطها بقصص وأساطير لا مجال لذكرها وأكثر فاكهة أو ثمرة لها مصداقية علمية بتأثيرها على الطاقة هي"التمر"ففي دراسة رائعة قام بها الباحث السعودي"الورثان"على مجموعة أخرى من زملائه وجد أنَّ التمر يحتوي على أحماض أمينية وسكريات وفيتامينات ومعادن متنوعة، وهي جميعاً مواد هامة للحفاظ على التوازن الطبيعي عند الناضجين. ومع أنْ كل التمور تحوي عنصر"البورون"بشكل كبير، وهو عنصر أكدت الدراسات فاعليته في علاج الكثير من الأمراض، إلا أنَّ عنصر"البورون"يؤثر على الهرمون الذكري والأنثوي معاً، وإن كان تأثيره على هرمون الذكورة أكبر إنَّ تناول التمر يقلل الإصابة بالضعف الجنسي، ويجعل الدافع العاطفي أقوى وخصوصاً التمر البرحي.
الأعشاب:
أبرز الحشائش والنباتات العشبية المساعدة على تقوية وتنشيط المقدرة الجنسية هي الفاغرة الأمريكية هي شجرة صغيرة شوكية تنمو في كندا، وتستخدم أساساً في تخدير الآلام البدنية، وخصوصاً آلام الأسنان، لكنها تستعمل كذلك لمعالجة بعض حالات العجز الجنسي.
الجينسينغ:
نبات صيني عرف شهرة كبيرة بوصفه النبات الأساسي الذي يحرض الطاقة الشهوانية، وقد كذب ذلك بعض العلماء، ولكن من الواضح أنَّ له تأثيراً جيداً على الصحة عموماً
الكورانا شجرة موجودة في غابات الأمازون الممطرة، وثمرة الشجرة مصدر يعيد للطاقة حيويتها حسب تجربة سكان المنطقة.
القصعين:
نبات يمكن زراعته في أية حديقة أو داخل المنزل ويشبه"المرمية". تستخدم أوراقه ودهنه وبذوره، واستخدامه المباشر يتعلق بعلاج مشاكل القدرة الجنسية عند الرجل وهو منتشر بكثرة بين الأمريكيين وعند معظم سكان العالم.
الجذر الأحادي الكاذب:
موطن هذه الشجرة الموسمية في المناطق الرطبة في أمريكا. وهي لا تستعمل وحدها ولكن مع مجموعة أخرى من الأعشاب كوصفة شاملة لمشاكل العنة والعقم.
الكولا:
موطن هذه الشجرة الكبيرة التي تنمو فيها مكسرات الكولا، التي تستخدم استخدامات عديدة، هو غرب أفريقيا، إنَّ بذور هذه الشجرة منشطة فعالة للأعصاب عموماً وبالتالي يؤدي تأثيرها إلى فوائد تتعلق بمشكلة العنة والعجز الجنسي.
لسان الغزال:
نبات متسلق يعيش في جنوب أمريكا، يتم استعمال أوراقه فقط اشتهر الهنود الحمر في أمريكا باستخدامه من أجل إثارة وتحريض الرغبة الجنسية.
الداميانا:
شجيرة تزرع في الجنوب الأمريكي والمكسيك، تستخدم أوراقها وسيقانها للحيوية العامة وخصوصاً لدى الرجال المتقدمين في السن (الكهول).
الصفصافة اللحائية السوداء:
هي أحد أنواع شجر"الويلو"الموجودة في أمريكا. لها فاعلية كبيرة في زيادة الرغبة والمقدرة التناسلية - الجنسية عند الرجل.
الفصفصة:
نبات فطري ينمو لوحده في الطبيعة، خصوصاً في أوروبا. تستخدم أوراقه وسيقانه ويعتبر غنياُ بالخمائر (الأنزيمات) التي تحرّض على إعطاء تغذية جيدة في الدم. وبه نزعة بناء خلايا، وهذا بالطبع يفيد في إحداث صحة الدم ومساعدة مسألة الضعف (العجز) الجنسي.
المريقة:
هي نوع من الأعشاب الموجودة على شكل شجيرة تزرع في أمريكا بالذات. اشهر فوائد هذا النبات تنظيم عمل الدورة الدموية، وله تأثير إيجاب على الجهاز الدموي بشكل عام فهو معالج مفيد للضعف الجنسي، اعتمادا على مسألة تنشيط فاعلية الدورة الدموية.
الزنبقة الأمريكية البيضاء:
موجودة في الطبيعة وبدون زراعة، خاصة في أمريكا. تستعمل جذورها وأوراقها معقمة ومهدئة لتهيجات البروستات وكما نعلم فإن أحد أسباب مشاكل العجز الجنسي لدى الرجل في العمر المتقدم هي أمراض البروستات.
سيدة النوم:
هذه النبتة ذات الورود الكبيرة الشبيهة بالأوركيد تنمو في أوروبا وأمريكا، وأحد أسمائها المعروف به هو"جذر الأعصاب"، وذلك لفاعليتها في إزالة التوتر والخوف العميقين، واللذين يعتبران عاملاً أساسياً وحاسماً في إحداث الضعف الجنسي.
اللحاء البيروني:
هذه الشجرة دائمة الاخضرار ويستخدم منها اللحاء فقط، تنمو في جاوا والهند. ولها استعمالات كثيرة، ومنها أنها تستخدم كعلاج مساند لعلاج آخر بهدف مداواة انعدام الرغبة والعجز الجنسي.
أزيرون الحدائق:
نبتة برية موجودة بكثرة في إيران، تستخدم منها برعم الوردة قبل التفتح أو أوراق الورد بعد التفتح. وهذه النبتة تحتوي على هرمون عال يتم استعماله لعلاج مشاكل الضعف الجنسي.
وصفات مقوية:
- عصير الجزر مع البيض البلدى يشرب منه كوب يومياً فإنه مقوى ومنشط.
- حب العروس يشرب كالشاي.
- السورنخان معجونا بالعسل يؤخذ كالمربى ملعقة صغيرة بعد الإفطار.
- السورنخان خميرة العطار قدر فنجان- مطحونة- مع 2 ملعقة كبيرة من الزنجبيل وملعقة كبيرة من الفلفل الأسود و 2 ملعقة كبيرة من الخولنجان ويخلط جميعا ويعبأ وتؤخذ قدر ملعقة صغيرة تنقع في اللبن من المساء للصباح ثم تحلى بملعقة عسل ويضاف عليها ثلاث بيضات بلدي ويشرب ذلك فإنه من المقويات.
- طلع النخيل مع عسل النحل.
- أغذية مفردة: البقدونس، البصل، الجرجير، الجزر، الكرفس، الخس، الخرشوف، القلقاس، الحرمل، الحبة المرة، حبة البركة، الصندل، الزعفران، الحبهان، حب العزيز، الزنجبيل.
- القرنفل يشرب منه ملعقتين على الريق مدقوقا ومضافا إلى الحليب.
- الخولنجان مسحوقا ويضاف إلى لبن او حليب ويشرب على الريق.
- الأسماك واللحوم بأنواعها.
- الزنخبيل والفلفل الأسود والقرنفل والمستكة وبذر الفجل يطحن منهم أجزاء متساوية وتغمر مع عسل أبيض وتوضع على النار حتى تنضج، يؤخذ منه ملعقة صغيرة.
- مغلي ورق السمسم مع بذر الكتان شربا.
- يؤخذ مزيج من الحبة السوداء وزيت الزيتون واللبان الذكر.
- ينقع الحمص حتى يلين ويؤكل منه، ويشرب من ماء النقع مع العسل.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/413)
حوار بين الزوجة سُعدى وزوجها طلحة
الشيخ مازن الفريح
وعن طلحة بن يحيى عن جدته سُعدى قالت: "دخلت يوماً على طلحة (تعني ابن عبيد الله)، فرأيت منه ثِقلاً فقلت له: مالك لعلك رابك منا شيء فنُعْتِبَكِ؟ قال: لا ولنعم حليلة المرء المسلم أنتِ، ولكن اجتمع عندي مال، ولا أدري كيف أصنع به؟ قالت: وما يغمك منه؟ ادعُ قومك، فاقسمه بينهم. فقال: يا غلام! علي بقومي. فسألت الخازن: كم قسم؟ قال: أربعمائة ألف". رواه الطبراني بإسناد حسن. وهو في صحيح الترغيب للألباني.
أولاً: تفقد الزوجة لزوجها في حاجاته ومشاعره: لاحظت سُعدى عدم سرور زوجها، وهذه هي المرأة الصالحة اللبيبة تشعر بمعاناة زوجها وتعيش همومه وغمومه.. فتفرح لفرحه، وتحزن لحزنه..
ثانياً: اتهام النفس والمبادرة إلى المراجعة والتوبة والاعتذار: فقلت له: مالك؟ لعلك رابك منا شيء فنُعْتِبَكِ؟ أي لعله صدرت منا إليك إساءة فنعتذر إليك منها.. فهي لم تدعه في غمة، ولم تتركه في ألمه بل سارعت في البحث عن السبب وعاجلت بالدواء.
ليس هذا فحسب، بل إنها قد ارتابت في نفسها أن تكون هي سبب همّه.
"لعلي قصرّت معك في واجب من الواجبات، فأرجع عن ذنبي، لعلي فرّطت في بعض المسؤوليات، فأعود عن إساءتي.."
ثالثاً: مدح الزوجة لزوجته بما فيها من صفات الخير طريق وأسلوبٌ لزيادة الإلفة والمحبة: قال:"لا، ولنعم حليلة المرء المسلمِ أنتِ".
"إنها زوجة صالحة طيبة مطيعة لزوجها، وإنه لزوج صالح وفيُّ لزوجته لا ينس الجميل ولا المعروف..
وهذا ما نؤكد عليه في مجمع الرجال.
(1) [لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خلقاً رضي آخر].
(2) أن تُذكر المحاسن وتنصح بأسلوب حكيم فيما تراه من المثالب.
(3) ضع في نظر الاعتبار: ضعف المرأة، وقلة حيلتها، وطبيعة فطرتها، كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام: [فإنهن خلقن من ضِلَعِ أعوج]..
رابعاً: كثرة ماله أهمّه وأحزنه!! كيف سينفقه في سبيل الله!!. أما نحن اليوم فهمُّ الكثير منها التفكير في جمع المزيد فالمزيد..
خامساً: فقه المرأة الصالحة، وزُهدُها:
حيث قالت لزوجها:"وما يَغُمكَ منه؟! أدعُ قومك فاقسمهُ بينهم".
1) لم تفكر سُعدى بفساتين لها ترتديها.
2) لم تفكر سُعدى بالسفر إلى الخارج كما يفعل بعض النساء.
3) لم تفكر سُعدى في بعثرة المال في أعتاب الكوافيرات أو في الأسواق.
إنما فكرت في البطون الخاوية والأقدام الحافية والأقدم الحافية وأهل الثياب البالية.. من المساكين والمحتاجين، وليكون الأجر مضاعفاً قالت: أدعُ قومك فأقسمه بينهم"لأن الصدقة على المسكين صدقة والصدقة على ذي الرحم المسكين صدقة وصلة". فما أزهدها من امرأة وما أفقهها من زوجة!!.
سادساً: المبادرة والمسارعة إلى الخيرات: قال"يا غلام عليَّ بقومي". فسألت الخازن: كم قسم؟ قال: أربع مئة ألف"
سابعاً: بثُ الزوج لزوجته بعض همومه وغمومه لتشعر المرأة بمنزلتها عند زوجها، كما أنه أسلوب يقرِّب القلوب.. ولذلك كان عليه أفضل الصلاة والسلام يبثُ بعض همومه لأزواجه؛ دخل يوماً على أم سلمه في الحديبية فبث لها حزنه في أنه أمر أصحابه بالحلق فما قام منهم أحد.. فقالت: أخرج إليهم ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة.. حتى تنحر بُدنْك وتدعوا حالقك، فخرج عليه أفضل الصلاة والسلام ففعل ذلك، فقام صحابته عندما رأوا ذلك فنحروا وجعل بعضهمُ يحلق بعض. والحديث في صحيح البخاري. والمقصد أن الزوج ينبغي أن يُشرك زوجته ببعض همومه لتشعر زوجته قربها منه..
ثامناً: أم الزوجة تنصح ابنتها بما فيه مصلحتها، وينبغي أن لا تتدخل في كل صغيرة أو كبيرة في بيت ابنتها.. وما يُقال عن أم الزوجة يقال أيضاً عن أم الزوج.. مع الفارق.. أن أم الزوج لها في الحقوق على الزوجة في بيتها ما ليس لأم الزوجة في بيت ابنتها.
وإنما ذكرنا ذلك لأن هناك بعض الأمهات لا تدرك حدودها.. فتتدخل في كل شؤون ابنتها أو أبنها، وهذا لا شك يسبب أحياناً مشكلات كثيرة.
http://www.naseh.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(111/414)
الأسرة بين الشرق والغرب
الحسن سرات
روى الخبير النفسي والمعالج المتخصص في مشاكل الزوجين (جاك أنطوان مالاريويتش) شهادات تتقطر لها القلوب بالألم وتتوجع منها النفوس لما آل إليه حال الأسرة في الغرب بعد زحف الماديات وانحسار الروحانيات والأخلاقيات. ومن شهدها وعلمها أدرك بسهولة قيمة الاستقرار وحلاوة السعادة التي تحققها الأسرة عندما يستمسك الزوجان والأبوان بحبل الله المتين وتعاليم الدين القويم. فلا سعادة ولا راحة ولا طمأنينة للآباء والأبناء والأحفاد والأقربين والأبعدين إلا في ظل الله، إذ لا ظل إلا ظله. وأولو الألباب يعتبرون بالذين سبقوهم وقدموا لهم دروسًا عملية. الكاتب النفسي جاك أنطوان مالاريويتش (51 عامًا) معالج ومحلل نفسي مختص في"علاج العلاقات الزوجية"منذ عشرين عاما. اشتغل أول أمره في القطاع الاستشفائي العام ثم فتح عيادة خاصة, وكتابه هذا صدر في يناير 2001 وأعيد طبعه عام 2002. وله بالإضافة إلى كتابه الحالي كتب أخرى منها:"عقدة الأمير الصغير: المراهقة في أزمة بين الطفولة غير المنتهية وسن النضج المستحيل بلوغه"(سبتمبر2003), و"الزوجية: أربعة عشر تعريفًا غير مشجعة ونافعة إذًا"(1999).
أسرة مجتثة
أطلق المعالج الفرنسي على كتابه عنوانًا بليغًا فسماه"إعادة التفكير في الزوجين"وفسره بعبارة صغرى تحت العنوان الأكبر قائلاً:"الرجال والنساء: كيفية العيش معًا في هذا الزمان". وأكد الخبير في مطلع كتابه أن الأغلبية الساحقة من"مرضاه"هن نسوة وأن الرجال من أكبر الغائبين, وتؤكد إحصائيات أخرى أن 70% من حالات الطلاق المسجلة في فرنسا مثلاً تكون المرأة فيها هي صاحبة الطلب, وأن السبب الأول للفراق هو الزنى. فالأسرة في الغرب عمومًا وصلت إلى حال من التمزق والتشرذم أصبحت المرأة فيها سببًا وضحية. ومما رواه جاك أنطوان مالاريويتش في كتابه من شهادات هذه الحالة:
"هذه المرأة - التي سأسميها ميراي- لها إذًا طفل. انفصلت عن الأب منذ حوالي خمس سنوات, لكن أي إجراء من إجراءات الطلاق لم يتخذ لا من الرجل ولا من المرأة. أخذت تشرح لي طويلاً أن الرجل يعيش مع امرأة أخرى هي حامل منه. ودون أن تكون متأكدة قالت لي إن للرجل طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات مع امرأة أخرى. وهو الآن عاطل عن العمل ويكافح من أجل الحصول على تعويضات من مشغل سابق له متعلقة بحادثة شغل. لم أفاجأ عندما علمت أنه لم يقدم لها أبدًا نفقاتها ولم يساعدها أدنى مساعدة. هذا هو حال الأب أو الوالد. أما الباقون فمن نفس الحال. ميراي لها أخوان اثنان أصغر منها. انفصل الأول عن زوجته ولم تعد تعلم عنه شيئًا منذ ثلاث سنوات, والثاني يسعى إلى إنشاء علاقة شاذة فاشلة مع زوج وأب لطفلين. أما الأب فقد انتحر منذ خمس عشرة سنة نتيجة مغامرات متتالية مع الإدمان وفي ظروف ما زالت غامضة وغير مفهومة إلى الآن. وأمها تعيش معها وتساعدها في العناية بولدها. وهذا الأخير موضوع الاستشارية العلاجية مهدد بالانزلاق في مهاوي الانحراف واجتمعت أمامه كل الشروط الممهدة."
معمل بويضات
حسب بعض الدراسات, 10% من الرجال المتزوجين لهم أطفال هم ليسوا آباء لهم. هذا يعني أن عددًا لا يستهان به من الآباء لهم أطفال لم يخرجوا من أصلابهم, وأن عددًا آخر من الأطفال لا يهتدون إلى آبائهم البيولوجيين. ولا يعلم سرهم وأصلهم إلا اللاتي ولدنهم أو كثير منهن) أكثر من 40% من الأطفال يولدون خارج الزواج في فرنسا, فأي تصور يحمله هؤلاء عن قوة الرباط الجامع بين أبويهم أو هشاشته. وكيف يمكن أن نمرر لهم فكرة المقدس وفكرة السلطة المرتبطة بمؤسسة الأمومة؟ هكذا انهارت صورة الرجل من أب إلى مجرد مصدر لصنع الحيوانات المنوية ولم يعد لديه الالتزام بما فوق الدافع الحيوي.
أصبح الآن من الممكن أن نتساءل الأسئلة التالية التي لم تكن تطرح من قبل: لماذا نتزوج؟ في أي لحظة من عمرنا نتزوج؟ كل شيء أصبح الآن متداخلاً بين الزواج والامتناع عن الزواج وتأخير الزواج والزواج ثم الطلاق ثم إعادة الزواج.
مستغنية عنه:
اكتشفت المرأة أن بإمكانها الاستغناء عن الرجل وأنها يمكن أن تعيش بدونه مع شعور كامل بأنها امرأة. وكما أسلفت القول فإن الرجل نفسه من المحتمل جدًا جدًا أن يكون أول من ساعدها على ذلك (...) واختزال الإنسان في الأذهان إلى مجر ماء مهين ليس شيئًا جديدًا. إن مرحلتنا التي تضع حداثتها حججًا جديدة تساعدهن على إعادة اكتشاف تفقير العلاقات العاطفية. وكما أسلفت القول فإن العمل النسائي وما نطلق عليه اسم التطور. تطورات الطب سهلت بشكل كبير إقامة منطق ييسر للمرأة تصور تربية طفل واحد أو أكثر وحدها وبطريقة أسهل من العقود الماضية.
امرأة " قوية جدا "!
ما هي العوامل التي تجتمع لتمكن هذه المرأة"الحداثية"بتصور عالم بغير رجل (رجال)؟
هذه المرأة تعرف جيدًا ماذا يعني أن تكون وحيدة. غير أنها معتمدة على ذاتها أكثر من أن تكون مستقلة. بمعنى آخر هي تعرف كيف تكون معتمدة على نفسها في نوع من الارتباط, لأنها ليست وحيدة بصورة تامة. وهذا الاعتماد الذاتي يعبر عن نفسه في المجال المالي كما يعبر عن نفسه في المجال العاطفي. يتعلق الأمر إذًا, بصورة عامة, بامرأة عاملة لها حياتها الاجتماعية الخاصة بفضل هذا العمل. وهي لا تنتمي لطبقة ذات امتيازات خاصة, ولكنها تعلمت كيف تدبر ماليتها. وفضلاً عن هذا فهي تعرف جيدًا حقوقها في الميدان الاجتماعي المهني. هي ليست محرومة لا عائل لها إلا إذا كانت غير مسنودة من أسرتها الأصلية.
استقلالها المالي لا يكفيها لتأمين اختياراتها العاطفية, فهي في حاجة إلى استقلال في هذا المجال. عليها إذًا أن تكون قادرة على التعبير عن استقلالها العاطفي أيضًا. بالنسبة لمراقب خارجي تبدو هذه المرأة قاسية وباردة. وبكل بداهة ذلك لا يكون بدون آلام"تدخلها"هذه المرأة في تعلمها للوحدة.
ومع شعورها بالتخوف والتردد تقيم مع الاستقلال المنشود علاقة مبهمة. محاولة تبنٍ كأنها تحدٍ وهو تخوف من الفراغ. ولتجاوز هذا الغموض تميل إلى الاعتماد على نساء أخريات يعشن الوضعية نفسها ويقاسمنها الشكوك نفسها. هذا الاستقلال يُبنى على مدى سنوات تتخلله لحظات متناوبة من الإحباط وارتفاع الهمة.
رجل كأنه طفل:
وتريد هذه المرأة, ما أمكنها ذلك, أن تجتنب كل علاقة عاطفية مع البالغين الآخرين, وخصوصًا الرجال منهم. وكل ما يشبه قصة حب خطير عليها لا بد من إبعاده بقوة. وكل ما يمكن أن يشكل تهديدًا بالارتباط ينبغي اجتنابه. كل ما يمكن أن يظهر على أنه ضعف غير متصور لديه) بالنسبة للآخرين الذين تعتبرهم جاهلين تبدو لهم أنها تتخلى عن وضعيتها كامرأة, في حين أنها مقتنعة تمامًا بالعكس. إلا أنه بالنسبة لها أن تكون امرأة, هو قبل كل شيء, واستثناء أيضًا أن تكون أمًّا.
وهكذا نصل إلى هذا التناقض: في الوقت الذي تكافح فيه نساء من أجل تحسين علاقاتهن الزوجية, تتخلى أخريات عن هذه الغاية للاستغناء عن العلاقة الزوجية. هل المطالب مهمة جدًا؟ الرجال هم بالفعل مصدر إحباط؟ لا يبقى في النهاية سوى أن هؤلاء النسوة لا يلتقين الرجال إلا لماما لإرواء اللذة وكفى, وليس من أجل حياة يومية تجلب الصراع والشقاق والاختلاف وانعدام التفاهم. العلاقة الوحيدة المقبولة من لدنهن مع الرجل (للتذكير) مشروطة بأن يكون هذا الأخير طفلاً وأن يبقى طفلاً.
لا مكان للإرواء العاطفي:
وبداهة, ليس صحيحًا أن يقال إن هؤلاء النسوة لا جنسانية لهن. ويبدو صعبًا أيضًا أن نعتبر جنسانيتهن متفتحة راغبة رغم ـ أنهن يظهرن بعض التردد في الاعتراف بها.
وبالفعل, يتعلق الأمر بجنسانية تجد قيمها - دون علم منها - في رصيد قديم من المعتقدات الدينية الموروثة عن الثقافة اليونانية الرومانية. قيم تمكن - في حيز كبير منها- من تفسير قمع الديانة الكاثوليكية لكل شكل من أشكال الجنسانية التي لا تؤدي إلى النسل والولادة. والأهم بالنسبة للرجل هو ما يتفوق به على المرأة أي ماؤه الدافق. ماء اعتبرته المعرفة الطبية الغربية إلى غاية القرن الثامن عشر تدفقًا دماغيًا. فكل ضياع لهذا السائل وكل استخدام غير مشروع لا يمكن أن تتحمله الكنيسة ولا يجلب لصاحبه سوى غضبها وسخطها. ومن ثم كان لزامًا على النساء ألا يبحثن عن شيء آخر سوى ماء الولادة والتخصيب ولا مكان للإرواء العاطفي والارتباط المستمر. العلاقة الجنسية لم تكن سوى مناسبة لنقل المعلومات الصبغية الوراثية من الرجل للمرأة بلا إحساس ولا تعبير.
وهذه الجنسانية جديدة باعتبارها لا تسعى سوى إلى الولادة والإخصاب, جنسانية توريثية لا تلقي بالاً للعلاقات المعقدة للروح. جنسانية لا تعير اهتمامًا لمصير الولد ولا يقلقها ذلك.
إعادة بناء العلاقات:
قبل أن يقدم المعالج النفساني الحلول التي يراها جديرة بإعادة الارتباط بين الزوجين وتمتين العلاقات فيما بينهما, يعرض لبزوغ مجموعة من الحركات والتيارات المراجعة لأوضاع الأسرة والعلاقات بين الزوجين. وهي تيارات ومجموعات وصفها بأنها تمتد من أقصى طرف في السذاجة إلى أقصى طرف في القلق. ويضرب لذلك بعض الأمثال.
غواية الصياد
تحت هذا العنوان يكشف الخبير المعالج عن ظهور مؤسسات جديدة لتعليم"فن الغواية والمراودة"للرجل. مؤسسات تشرف عليها نساء للعودة بالذكر إلى حالته البدائية حيث لا يتكلم إلا قليلاً, تكفي قوته الجسدية لتسكت الآخرين وتجعل كلمته هي العليا. إنه"صياد جيد, وكما هو معروف, مثل الحيوان لا يتكلم". وهو أيضا يستجمع شخصيته في نظرة عينيه, بها يبصر الفريسة ويحددها وسط القطيع وينقض عليها."الصياد الماهر يشبه المنوم المغناطيسي". وهو بالإضافة إلى كل هذا ينقل المرأة إلى عالم الأحلام, وبكلمات بسيطة قليلة يستطيع الفوز بالقطعة المرجوة، وربما اقتضى الأمر ما دون الكلمات, أي نخيرا كنخير فحول الحيوانات."وأفضل فريسة لديه تلك التي تقبل - ببداهة واستسلام- التضحية والموت مسرورة نشيطة".
الرجال الحقيقيون:
"الرجال الحقيقيون يعودون في الولايات المتحدة, وفي البلدان الأخرى المصابة بالحنين المازوخي. يعودون على الأقل في شكل مجموعات صغيرة, لكنها نشيطة جدًا وحاضرة بقوة في وسائل الإعلام, وخاصة في شبكات الإنترنت. يختارون الأسماء لأنفسهم مثل"بروميس كيبير"أي"الأوفياء بوعودهم", أو"أنغري وايت مالز"أي"الرجال البيض الغاضبون". في أوروبا, وخاصة في سويسرا, يتطور"منتدى الرجال", وهو تجمع يتماثل مع"الأوفياء بوعودهم". وهذه التيارات الصاعدة تعكس الواقع المؤلم والبئيس الذي توجد فيه وضعية الرجل والمرأة في الغرب عمومًا بعد العاصفة الحداثية التي شتت عشها ضياع القيم والبوصلة الهادية. منتدى"الأوفياء بوعودهم"مجموعة دينية أو متعاطفة مع التيار الديني, ولدت في الولايات المتحدة عام 1990 على يد"بيل ماكارثي"القادم من منطقة"كولورادو", اشتغل مدربًا لفريق كرة القدم الأمريكي إلى سنة 1995. يرى أن الرجال مسؤولون عن أهم المشاكل الموجودة بأمريكا. فهم الذين تخلوا عن التزاماتهم وهم الذين تركوا الفوضى الأخلاقية والاجتماعية تنتشر وسط الإباحية والعنف... وعليهم اليوم أن يتحملوا مسؤوليتهم ويجددوا التزاماتهم ابتداءً من أسرهم وانتهاءً بمجتمعهم. عليهم أن يعودوا مندمجين وطاهرين. ويحتل الإنجيل مكانة عالية لدى هؤلاء الرجال, ويوظفوا مقاطع منه في مواجهة حركات الإجهاض والشذوذ الجنسي وتحرير المرأة. ويحمل خطابهم عنصرية واضحة متعصبة للرجل الأبيض, مصحوبة بالشعور بالاختيار الإلهي لهم لإنقاذ البلد والعالم. عرفت هذه الجماعة أوجها في 1997 عندما حشدت في إحدى تجمعاتها بواشنطن حوالي 500 ألف مشارك. وعلى نفس المنوال والمثال ظهرت منظمات نسائية تحمل الأفكار والقيم ذاتها تسند ظهر المنظمات الذكورية وتملأ فراغ الساحة النسائية وتواجه الحركات النسائية المتحررة.
حلول الخبراء:
عبر المعالج المتخصص في العلاقة بين الزوجين عن حساسية وظيفته وخطورتها, في الوقت الذي ينتظر فيه الطرفان المتخاصمان المتباعدان أن يكون إلى جانب أحدهما, أو يقدم لهما الحل الناجع. وفي طريق العلاج اقترح الخبير خطوات عملية للاستماع إلى الطرفين معًا, لكنه ركز على سؤالين هامين لا بد من الإجابة عنهما، وهما"لماذا"و"كيف", حتى إذا اتضحت الحالة أمام الطرفين دفعهما الخبير إلى بذل مجهود مضاعف للتحول الذاتي لديهما معًا, وإعادة الاعتبار لكل طرف, والتخلي عن الصور الموروثة للأسرة الأصلية التي جاء منها الزوجان.
ويقترح الخبير المعالج للعلاقات بين الأزواج"عقدًا جديدًا"بين الزوجين عندما تصل علاقاتهما إلى نقطة الانسداد التام. تجديد العقد - حسب هذا الخبير - يمكَّن الزوجين من إعادة تحديد وتعريف العلاقات بين الطرفين. اتفاق أشبه ما يكون بزواج جديد تحدد فيه الأهداف والوسائل بدقة, غير أنه أبعد ما يكون عن الزواج لأول مرة بين المتزوجين الشباب. الأهداف ليست كثيرة ولكنها تقصد إبقاء العلاقات حتى لا ينفرط العقد ويضيع الأطفال.
التحولات الكبرى:
يختم جاك أنطوان مالاريويتش كتابه القيم بخاتمة يجمع فيها أفكاره ويجملها, كما يضيف إليها ما لم يتمكن من قوله في صلب الكتاب. ومن أهم ما قاله في الخاتمة تحليله الجامع لأوضاع الأسرة عمومًا, والمرأة خصوصًا, وعرضه للتحولات الكبرى التي لم تستقر بعد. قال الكاتب في هذا السياق:"نحن خاضعون لنوعين اثنين من القوى. الأولى: هي القوة المالية التي تختفي بسهولة وراء ذريعة العولمة. الثانية: هي القوة التكنولوجية التي تحاول دوما ارتداء ملابس التقدم, وهو شيء صعب عليها منذ اكتشاف الذرة. وهاتان القوتان تؤديان بنا حتما إلى قبول تحولات كبرى في طريقة عيشنا وعلاقاتنا مع الآخرين, وخاصة أولئك الأكثر قربًا منا, أي ما بين الزوجين والأسرة."ويشير المعالج إلى الانعكاس الأكبر للتحولات المقصودة على النساء بصفة أساسية, ومشاركة الحركات النسوانية فيما حصل, وشكواهن من أضرار التحولات وآلامها. قال عن هذا الأمر:"هؤلاء النسوة يشتكين من الرجال, وقد أعطيت أمثلة كثيرة عن ذلك. إنهن يظهرن كأنهن ضحايا العنف الذكوري. ولكن, ربما كن في حاجة إلى معرفة أنهن شريكات بالقدر نفسه الذي يتحمل به شركاؤهم هذه التحولات, فذلك أمر يعني الجميع."ويزداد الأمر جلاء عندما يحدثنا عن موقف الرجال وسلوكهم المتجاهل لما يحدث, سلوك يعكس الخوف والقلق العميق:"الرجال أصعب في"التعبئة", ولكن لأسباب أخرى ذات علاقة بالقلق والتخوف. إنهم خائفون من تحولات لا يتحكمون فيها جيدا, ويشعرون أنهم"أُصيبوا"بها. ولذلك, يميلون إلى تجاهلها, أو يتركون أمرها لصاحباتهم أو لمعالجيهم إذا لو التقوهم."
http://www.islamtoday.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/415)
قلة النوم... ضعفاً في الذاكرة شيخوخة مبكرة
سامية أبو النصر
العمل ساعات طويلة وعدم الحصول علي قسط كاف من النوم هما اقرب طريقة للتعب .. جاء هذا في أحدث دراسة إنجليزية يابانية مشتركة .. أوضحت أن العمل لمدة ستين ساعة أو أكثر في الأسبوع وعدم الحصول علي قدر كاف من النوم بشكل مستمر قد يضاعفان من احتمال الإصابة بالأزمات القلبية .. فقد أشارت الدراسة إلى أن هناك صلة بين ألازمات القلبية والنوم لمدة 5 ساعات , أو أقل لمدة ليلتين في الأسبوع وكانت الدراسة قد شملت 260 فرداً تتراوح أعمارهم بين 40 و 70 عاماً , أصيبوا بأزمات قلبية مقارنا بينهم وبين 445 شخصاً ممن ليس لديهم تاريخ في الاضطرابات القلبية ويعلق د . ناصر الغندور أستاذ المخ والأعصاب بجامعة القاهرة قائلاً : إن المخ عبارة عن مجموعة من المراكز وكل مركز له وظيفة محددة مثل التحكم في الحركة والحواس والتوازن والذاكرة وبالتالي بالفعل يتحكم في كل أجهزة الجسم واخطر شيء أن ينخرط الشخص في الأعمال الشاقة المجهدة بدون اخذ ساعات النوم المطلوبة يوميا والتي يكون متوسطها من 6:8 ساعات لأنه إجهاد بدني ذهني وتقل كفاءة مراكز المخ المختلفة فيشعر الشخص بثقل في الحركة وعجز في كفاءة الحواس وضعف في الذاكرة وقلة التركيز وعدم القدرة على اتخاذ القرارات .. وهي عوامل تساعد علي ظهور الشيخوخة المبكرة .. كما أثبتت الدراسات الحديثة أن التوتر العصبي يؤدي لزيادة نسبة الكوليسترول بالدم .
http://www.al-eman.comالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/416)
الخيانة الزوجية أسبابها ونتائجها
جودة محمد عواد
الحياة الزوجية رباط مقدس، وعهد وثيق، الأصل فيها الأمانة وحفظ السر، ولكن قد يحدث ما يعكر الصفو، ويفك الرباط وتحدث الخيانة.
والمرأة العربية عموماً -والمسلمة خصوصاً- يستحيل عليها أن تخون إلا إذا كانت مضطرة إلى ذلك يشهد على ذلك حديث هند بنت عتبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما أخذ البيعة على وفد النساء، فقرأ قوله - تعالى -: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين..} (الآية 12 الممتحنة)، قاطعته قائلة: يا رسول الله: أو تزني الحرة!! تعجبت المرأة العفيفة وتساءلت مستنكرة: هل تزني الحرة!
فما هي أنواع الخيانة؟
الخيانة قد تكون في إفشاء السر، وقد تكون في المال، وقد تكون في الأولاد، وقد تكون خيانة في الجسد.
والنوع الأول:حذر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: [إن من شر الناس الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها] فقالت إحدى النساء: يا رسول الله بعضهن تفعل!"أي تفشي سر زوجها لصديقتها"، فقال: [إنما مثلها كمثل رجل واقع امرأته على قارعة الطريق وجعل الناس ينظرون إليهما]، وأقل خيانة في هذا النوع: أن تتحدث المرأة (أو الرجل) عن زوجها في غيبته بسخرية، أو تسبه، أو تسكت عن ذمّه ولا ترد غيبته.
والنوع الثاني:حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً، فلا يجوز للمرأة أن تعطي لأهلها من مال زوجها أو تتصدق منه إلا بإذنه، فإذا حرمها النفقة جاز لها أن تأخذ من ماله ما يكفي ضرورتها ولا تزيد فإن فعلت فهي خائنة في مال زوجها، ومثلها الرجل الذي يبعثر المال على نفسه وشهواته.
والنوع الثالث: خيانة في الأولاد: ونقصد به إهمال تربيتهم أو السكوت والتستر على أخطائهم، فالمرأة التي تتستر على ولدها الذي يسرق أو يدخن السجائر ولا تخبر والده، خائنة، والمرأة التي تتستر على ابنتها وهي تذهب إلى حلاق النساء أو تعلم لها علاقة مشبوهة بأحد الرجال وتسكت خائنة.
والنوع الرابع: وهو موضوع مقالنا وهي خيانة الجسد وهو درجات أقلها أن تتمنى المرأة غير زوجها، أو بإطالة الحديث مع غير زوجها وتشتهي وقد تكون الخيانة قُبلات أو لقاءات وقد تكون خيانة الزنا كما في الحديث: [كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش، والقلب يشتهي ويتمنى والفرج يصدق هذا أو يكذبه] رواه أصحاب السنن.
وعموماً فالمرأة أشد مادة امتحانية في دنيا الرجل، وكم أهلكت الشهوة الجنسية أمماً سابقة وممالك كانت زاهرة، وأسقطت ملوكاً وأباطرة، وفيها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: [ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء].
أسباب الخيانة الزوجية:
عاشت الأمة الإسلامية طيلة تاريخها لا تعرف الخيانة الزوجية إلا في الحالات النادرة وكان الحد الشرعي كفيلاً بالقضاء عليها - كظاهرة- ثم عرفت الرذيلة طريقها إلى أمة العفاف، فصارت تنتشر كالوباء الخبيث، وإن بعض البيوت مغلقة على مآسي، وقاعات المحاكم تعج بالقضايا، وتطالعنا الصحف اليومية كل يوم بجرائم بشعة، وما خفي كان أعظم، ولعل الأسباب تتلخص فيما يلي:
1. عمل المرأة واختلاطها:
وما صاحب ذلك من إظهار الزينة ووضع الأصباغ على الوجه والأظافر، واتباع أحدث التقاليد الشيطانية"في الموضة"من الثياب والتسريحات"والماكياج"وغيرها، كل هذا أفسد الحياة الزوجية.
فقد تضع المرأة المساحيق وتبدو في صورة أجمل من حقيقتها، فإذا ما خرجت تنوي تصيد زوج لها ونجحت، فقد خدع الزوج! لأنه اختارها بدرجة من الجمال أعلى من حقيقتها، والفتاة في ذلك السلوك خاطئة، فلو أنها ظلت على فطرتها التي خلقها الله عليها، لتقدم لها من يحبها على حالها، والناس فيما يعشقون مذاهب! أما وقد تزينت وتقدم لها من يظنها أفضل، فقد أضاعت فرصتها وأتعبت زوجها الذي يكتشف الحقيقة فيما بعد.
والمرأة لا يمكن أن تتزين داخل البيت وخارجه، فإذا ما تزينت خارج البيت وتعطرت، وجدتها في بيتها مهملة زينتها وهندامها، ولهذا يراها زوجها في عينه أقل جمالاً، بينما يرى زميلاته في العمل في أجمل منظر، يبادلنه التحية و الابتسام.
ولهذا فقد فتح الاختلاط عين الرجل على أكثر من امرأة.. لابد وأن فيهن من هي أجمل من زوجته! كما فتح أعين المرأة على أكثر من رجل، لابد أنه منهم من هو أوجه وألطف وأفضل من زوجها! وهكذا تنشأ الخلافات الزوجية، ويبدأ الأسف على هذا الزواج، ويتحسر كل منهما على نصيبه.
ولم تكن هذه الظاهرة موجودة منذ سنوات، فأعين الرجل لا تقع إلى على امرأته، فهي في عينه أجمل النساء"لأنه لا يرى غيرها سوى محارمه"، والمرأة كذلك لم تكن لتحملق في غير زوجها فهو في عينها سيد الرجال، وهو كل شيء في حياتها، تنتظر عودته بفارغ الصبر متزينة متعطرة!!
2. سفر المرأة دون محرم وسفر الزوج دون زوجته!
ويشيع هذا في بعض الدول، حيث يسافر الزوج للعمل مثلاً تاركاً زوجته سنة أو يزيد، فتلتهب عواطفها، ويتسلط الشيطان عليها في صورة رجل يؤدي وظيفة الزوج الجنسية في غيابه، وإذا كان سفر الزوج أكثر من أربعة أشهر –كما حددتها آية الإيلاء- محظور شرعاً، فإن سفر المرأة دون زوجها أكثر حرمة، فلا يجوز سفر المرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم سواء كان السفر للعمل أم للتعليم أم للحج أن حتى للعلاج.. وهذا الحكم متفق عليه بين العلماء.
3. الإباحية التي تعيشها بعض البيوت!
كتلك التي تسمح لبناتها أن تحدث من شاءت في أي مكان! وأن تخرج مع من شاءت باسم التقدم! أو تجلس المرأة مع غير زوجها في خلوة.. كصديق الأسرة والمدرس الخصوصي أحياناً! أو الخلوة في بعض المصالح الحكومية! أو مذاكرة الذكور والإناث من الجيران أو الأقارب معاً! كل هذه الصور وغيرها لم تعرفها المجتمعات الإسلامية إلا في هذه الأيام.
4. نظرة بعض السفهاء إلى الزوجة الثانية باعتبارها عيباً دون العشيقة!
مما دفع بعض الرجال إلى تفضيل العشيقة على الزوجة، أسباب منها: أن العشيقة تظهر كل محاسنها وتخف عيوبها وهو ما لا تفعله الزوجة، ومنها أن الممنوع مرغوب، فشعور الإنسان بعدم ملكيته للعشيقة يجعله أكثر تمسكاً بها وإنفاقاً عليها، ومنها الشيطان.
وقد ورد في الحديث: [إن إبليس يبث جنوده في الأرض ويقول: أيّكم أضل مسلماً ألبسته التاج على رأسه، فأعظمهم فتنة أقربهم إليه منزلة، فيجيء إليه أحدهم فيقول: لم أزل بفلان حتى طلق امرأته، فيقول إبليس ما صنعت شيئاً، سوف يتزوج غيرها، ثم يجيء الآخر ويقول: لم أزل بفلان حتى ألقيت بينه وبين أخيه العداوة، فيقول: ما صنعت شيئاً سوف يصالحه، ثم يجيء الثالث فيقول: لم أزل بفلان حتى زنى، فيقول إبليس: نِعمَ ما فعلت ويدنيه منه ويضع التاج على رأسه]."من كتاب الكبائر"
5. الإعسار:
الذي نسببه جميعاً والعراقيل التي يضعها الأهل في طريق الشباب إذا أراد الزواج. منها: ارتفاع المهور، وكثرة المطالب وأزمة المساكن في بعض الأماكن، وتقليد الموسرين.. والانتظار حتى تنتهي الفتاة من الجامعة (وإن رسبت) مما رفع زواج البكر! كل هذه العقبات (مع مغريات الحضارة وتعطيل الحدود) من شأنها تحطيم قيم الشباب وانحرافهم، ولا يجدون غالباً إلا المتزوجات، كما تقول إحصاءات الجرائم، فهن أكثر استجابة من البكر.
6. الشك الزائد والتخون والاتهام بالباطل:
وهو القذف من بعض الرجال (والنساء) مما يدفع للزنا فعلاً، فالرجل قد يتهم المرأة مع فلان من الناس.. والمرأة قد تتهم زوجها مع فلانة وهو بريء أي عند زيادة الغيرة عن حد الاعتدال إلى التخون!.
كذلك إذا قال الرجل لولده إذا عصاه: (أنت ابن حرام)! فهذا اتهام لأمه وهو القذف الذي شرع له الإسلام ثمانين جلدة! أو شهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
وقد تصدم المرأة في بداية الاتهام (وكذلك الرجل إذا اتهمته امرأته) مما يدفعها إلى تصديق اتهامه فتخونه فعلاً.
7. إهمال الزوج زوجته:
والانشغال عنها، فهناك من الرجال من لا يقترب من زوجته أشهراً طويلة، وهنا إما أن تصبر المرأة إن كانت مؤمنة عفيفة وتهمل نفسها وزينتها وتنسى موضوع الجنس، وإما أن تنحرف وتنظر إلى غير زوجها لتشبع رغبتها، فتخرج إلى حلاق النساء (الكوافير) وهو منتشر في كثير من الدول العربية وهو بداية المهالك.. أو تخرج إلى شواطئ الصيف تخلع ثيابها لتفتح أعين الرجال عليها، وقد يعود الزوج المنشغل إلى عمله تاركاً زوجته التي تبحث حتماً عن المتعة الحرام والحوادث في ذلك كثيرة.
8. خيانة الزوج تؤدي لخيانة زوجته:
فبداية نعرف أن (الزنا سلف ودين)، (وكما تدين تدان)، وفي الحديث: [عفوا تعف نساؤكم] والله سبحانه يقول: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} (النور آية 3). ويقول: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين} (النور آية 16).
فهذه قواعد هامة، فإذا انحرف الزوج وخان لابد أن تنحرف زوجته وتخون حتى ولو كانت صالحة تقية، وهناك إحصائية نشرتها إحدى المجلات عن الخيانة الزوجية في إحدى الدول قبل اندلاع إحدى الحروب الأهلية فيها تقول: أن 99% من الرجال يخونون زوجاتهم، و 99% من النساء يخونون أزواجهن. وماذا حدث بعدها، لم يظلمهم ربهم وصدق فيهم قوله سبحانه: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً} (الإسراء 16) نعم صارت عبرة لمن يعتبر.
9. الإكراه في زواج البنت:
في هذه الأيام التي تفتحت فيها أعين البنات على الشباب، يكون من الضرر إرغامها على الزواج بمن لا تهوى، فإذا ما أرغمت.. ضجت بالحياة واختلقت المشاكل لأتفه الأسباب، ثم انحرفت، وخاصة إذا كانت لها علاقة سابقة بشاب في عملها أو جامعتها أو قريباً لها أو جاراً لها، كما إن أحلام اليقظة عند الفتيات والتي تزيد هذه الأيام مع دخول التلفزيون والفيديو إلى بيوتنا.. أدت إلى تكوين صورة خيالية للزوج المرتقب.. أو تسمية البنات (فتى الأحلام) وقد يكون هذا أحد الأشخاص في واقع الفتاة وقد يكون أحد نجوم السينما أو الغناء أو الكرة، والاستغراق في أحلام اليقظة هذه فيه خطورة على مستقبل الشباب جميعاً.. إذ لا يفيقون منه إلا على صدمة الواقع اللا مثالي.. فهو ليس كما يحلمون أو يتوقعون.
فالفتاة تريد من يتقدم لزواجها أن تكون فيه صفات ذلك الفتى، فإذا لم تجده كذلك رفضت بلا أسباب، مما يضطر بعض الآباء إلى إرغام بناتهم على الزواج مخافة أن يفوتهم قطار الزواج، وقد يرفض الأب تزويج من يتقدم لابنته وتهواه.. ويزوجها لقريبه أو لآخر أكثر ثراءً من فتاها.
10. الطلاق ظلماً:
وعدم العدل بين النساء لمن تزوج بأكثر من واحدة، فتجد لفظ الطلاق على لسان البعض في كل صغيرة وكبيرة، وهو لا يدري أن زوجته قد حرمت عليه وصارت معاشرته لها زناً، وفي الحديث: [ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والعتق] فلا مزاح فيها ولا استخفاف، فكثرة تردد الطلاق تحيل الحياة الزوجية إلى فوضى وتنقض عهدها المقدس كما أن طلاق المرأة ظلماً يدفعها للزنا في بعض الأحيان.
وقد تنخدع المرأة بكلام عشيقها يغريها بالزواج إذا ما طلقت.. وتنسى أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ضرورة فالجنة عليها حرام] كما ينسى العاشق الحديث: [أيما رجل أفسد امرأة على زوجها ليتزوجها فعقده عليها باطل ودخوله بها زنا] والعاقل لا يطلق للهوى والعبث وإن كان قادراً على ذلك، إنما لا يطلق المرأة إلا إذا استحالت عشرتها، وفشلت معها كل أساليب العلاج من النصح والوعظ والهجر فيما لا يزيد عن ثلاث والضرب بشروط وإدخال الحكمين في الصلح.. ثم الطلاق مع الإشهاد عليها.. ولا تخرج من المرأة من بيتها رغم الطلاق.. قال - تعالى -: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً} (الطلاق آية 1).
11. الجهل بالتثقيف الجنسي:
فقد ينفر الزوج (أو الزوجة) من أن يقترب أحدهما من الآخر إذا كان السبب هو إهمال نظافة الظاهر حتى خبثت رائحة الفم أو الأنف أو الأذن أو الجسد، أو النفور من نفس اللقاء الجنسي إذا كان السبب هو إهمال نظافة الداخل حتى خبثت هي الأخرى، ولعل السبب الحقيقي وراء أكثر المشكلات الزوجية يكون لأسباب عاطفية أو جنسية أو هما معاً، ويؤدي الحياء المصطنع إلى اصطناع أسباب للخلاف غير الحقيقية، فإذا ما نفر الزوج (أو الزوجة) بحث عن المتعة في الحرام.
12. تعطيل الحدود الشرعية:
ففي كثير من الدول الإسلامية استبدلت الحدود بقانون أوروبي، مما يسهل الجريمة ودواعيها، فبينما يأمرنا الله - تبارك و تعالى - بجلد غير المتزوج مائة جلدة بقوله: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} (النور آية2). نرى القانون الوضعي المصري يقول في مادته رقم 273 عقوبات:"إذا كان الزوج قد سبق وزنا بمسكن الزوجية فلا تسمع دعواه ضدها"يقول الدكتور رؤوف عبيد تعليقاً على هذه المادة: أنها تبيح للزوجة أن تزني مقابل زنا زوجها.
أما المادة 274 عقوبات فتقول:"لزوج الزانية أن يوقف الحكم برضائه عنها ومعاشرتها له كما كانت"أي يمكن للزوجة – بواسطة القانون- أن تعطي زوجها مالاً مقابل أن يطلب وقف تنفيذ الحكم، فإذا أوقف الحكم استفاد الزاني بالبراءة، وهذا يتعارض مع قوله - سبحانه -: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله}.
وفي الإسلام لا يجوز للخليفة تخفيف الحدود أو زيادتها عما قرره الله في كتابه، فكيف يكون للزوج.
أما المادة 275 عقوبات فتنص على:"إذا دخل الزوج على زوجته في وقت الزنا ثم قام الزاني وقتل الزوج فإن الزاني لا تقام عليه أية دعوى بالرغم من ارتكابه لجريمتي الزنا والقتل، وذلك لأنه يدافع عن نفسه، ولأن الزوج هو الوحيد الذي يملك رفع دعوى الزنا وقد مات"سبحان الله!! يزني ويقتل ويخرج براءة بالقانون، فتخفيف العقوبة يغري بإرتكاب الفاحشة وشيوعها.
13. الفراغ الديني:
وهو من أهم الأسباب، فالمرأة المسلمة في هذه الأيام تجد دواعي الفتنة كثيرة، ودواعي الإيمان قليلة وقديماً قال ابن خلدون: (إن المرأة إذا لم تشغل بالدين شغلت بالرجال) ولم تعد المرأة تنشغل بالتفقه في الدين أو الدعوة إلى الله، وخربت المساجد من النساء في معظم أنحاء العالم.. ولا ندري من حرّم بيت الله على النساء؟
ومع تقدم معطيات الحضارة للمرأة وتوفير الوقت والجهد لها.. وبدلاً من توفير الوقت لحفظ القرآن والحديث والخروج للدعوة في سبيل الله، وجدت النساء أنواعاً: فمنهن من فضلت ألوان الطعام والنوم والكسل فترهلت وسمنت وبدأت أمراض التخمة والترف تغزو جسدها، بدء من الرهقان وضغط الدم والشرايين ومروراً بمرض السكر والسرطان والأمراض النفسية من الاكتئاب والقلق وكوابيس الليل. ومنهن من اتجهت إلى مزيد من الضياع بقراءة المجلات الفاضحة ومشاهدة الأفلام الساقطة والتطلع إلى الرجل، الذي قد يأخذ صوراً رسمية أو شبه رسمية في الحفلات العامة وحفلات الزواج (الأفراح) وأعياد الميلاد وغيرها مما ابتدعته قريحة المدنية الحديثة.
والمنحرف عموماً ينظر إلى المجتمع بعينه هو، وكل معين ينضح بما فيه، فالراسب مثلاً يرى جميع الطلبة راسبين وتعمى عينه عن الناجحين.
والزاني: يحلف أن جميع النساء خائنات، فهو يشكك في جميع النساء! والزانية: لا تتصور أن هناك امرأة شريفة.. حتى وإن كانت عفيفة وهكذا.. وأهل الفن والتمثيل ينظرون إلى المجتمع من أعين مريضة فلا يبصرون إلا الساقطات والمطلقات والراقصات فيقدمونها للناس على أنها واقع مع أنها أخطاء فردية.. والمجتمع العربي المسلم – ولله الحمد- بريء الساحة كذلك لا يبصرون إلا الوجه القبيح للمجتمع.. كتاريخ الظلمة وانتشار الرشوة والفساد والقمار والخمور والخيانة والعصابات والمخدرات.. هذه بضاعتهم التي يحسنون تقديمها، مما يروج للفاحشة ويغري بها ويسهلها على من يستجديها باعتبارها واقع الناس.
هذه أهم أسباب الخيانة الزوجية لم نذكر فيها بعض الحالات الخاصة التي تنتج الخيانة فيها لسوء الطبع فقط (أي بلا أسباب) وتتعلل المرأة عندها بالفقر أو مرض الزوج أو موته أو.. أو.. مع أن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها.
أما نتائجها:
فهي أكثر من أن تحصى، بيوت خربة، وأولاد مشردون، وأقسام الشرطة (بوليس الآداب) تعج بالساقطات من بنات الأسر العريقة! وعمليات اجهاض بالجملة للحمل غير المشروع عند بعض الأطباء الذين يجدون في هذا العمل غير الإنساني مزيداً من الربح الحرام.
وأكثر من هذا الأمراض الجنسية التي تبدأ بالسيلان والزهري والسرطان الذي انتشر عادة بين طائفة أهل الفن (ممثلات ومغنيات وغيرهن) ونهاية بالإدمان للمخدرات والخمور ثم الانتحار. وكل هذه الأمراض وراثية (تنتقل من الآباء إلى الأبناء).
وأوروبا وأمريكا تجني هذه الثمار لما زرعته من فوضى جنسية يقسم الحرية الشخصية.
ـــــــــــــــــــ(111/417)
ــــــــــــ
المراجع:
1. اللقاء بين الزوجين في ضوء الكتاب والسنة عبد القادر عطاط 1982
2. إلى كل فتاة تؤمن بالله –دار الاعتصام د. محمد سعيد رمضان البوطي ط 1977
3. الفراغ القاتل – للمؤلف- المختار الإسلامي ط 1985
4. تفسير الجلالين- ط بيروت
5. قانون العقوبات المصري- د. رؤوف عبيد 1985
6. ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين أبو الحسن الندوي 1980
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/418)
وصايا للزوج قبل عقد الزواج
إذا هممت بأمر ما فعليك بصلاة الاستخارة واللجوء إلى الله كي يختار لك ما هو أصلح، ولك في رسولك أسوة، فقد استخار الله وبيَّن لصحابته كيف يستخيرون.
والاستخارة لا ترجع إلى الزواج ذاته فهو خير محض، ولكن ترجع تعود إلى أمور منها وقت الزواج والزوجة التي اخترتها، ومكان الزواج، ما يفعل فيه وينُفق عليه وغير ذلك مما يطلب فيه من الله الخير.
والله - تعالى - سيختار لك ما تحب سواءً رأيت ذلك بعينك أم لم تره.
الاستشارة:
وهي طلب المشورة والرأي السديد، فيا من تريد الزواج، عليك استشارة من تثق بعلمه وأمانته في كل ما تحتاجه في هذا المشروع الطيب، ولك في رسولك قدوة حسنة، فالله يقول له: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) (آل عمران/159).
ومما قيل:"الاعتصام بالمشورة نجاة"، وقيل:"إذا استشرت الناس شاركتهم في عقولهم".
فالمشورة ليست عيبًا ولا ضعفًا، بل تفتح لك أبوابًا لم تكن تدري كيف؟؟؟، وهي من شيم العقلاء، ومن جانبها فقد استبد برأيه، وقد قيل: إذا أراد الله لعبدٍ هلاكًا أهلكه برأيه.
الاستشارة والاستخارة:
ينبغي أن تجعلهما نصب عينيك دائمًا حتى تكون خطاك مسددة بإذن الله - تعالى - وهما مما هجره أكثر الناس، يقول ابن تيمية - رحمه الله -:"ما ندم من استشار وما خاب من استخار"، ويقول أحدهم:"ما خاب من استخار الخالق وشاور المخلوقين".
الدعاء:
لا تغفل جانب الدعاء فهو خير ما يوصي به مع الاستخارة والاستشارة، والإلحاح فيه من أعظم العبادات، لذلك ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الدعاء هو العبادة)).
فارفع يديك إلى من يستحي أن يرد يدي عبده صفرًا إذا سأله، وهو الذي يقول: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(غافر/60).
وتحيَّن مواطن الإجابة وهي كثيرة أهمها:
-جوف الليل الآخر ووقت السحر.
-دبر الصلوات المفروضة.
-بين الأذان والإقامة.
-عند نزول المطر.
-آخر ساعة من عصر يوم الجمعة قبل الغروب.
-في السجود في الصلاة.
-بعد التشهد الأخير في الصلاة.
-شهر رمضان والليالي التي ترجى فيها ليلة القدر.
اختيار الزوجة:
الحياة الزوجية ليست ميدان تجارب ولا حقل تذوق، ولا يلام الرجل إذا أخذ يبحث عن شريكة حياته، وإذا قلبت بصرك وجدت أن من أعظم مشكلات الزواج وصعوباته وانحلاله ناجم عن التسرع في اختيار الزوجة دون بحث وتدقيق، فبعضهم يختار زوجته بمجرد نظرة جمال ساحرة، أو طمعًا في مالها، أو غير ذلك، والعلاقة التي يكون المقصد منها ذلك توشك أن تزول تنتهي.
الصفات الحسنة في المرأة:
أول ما يتبادر إلى الذهن عند طرق هذا الموضوع هو حديثه - صلى الله عليه وسلم -: ((تنكح المرأة لأربع، لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)).
وقد سئل - صلى الله عليه وسلم -: أي النساء خير، قال: ((التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا ماله بما يكره)).
وقد ورد في الحديث: أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء.
يقول الغزالي - رحمه الله -:"وليس أمره - صلى الله عليه وسلم - بمراعاة الدين نهيًا عن مراعاة الجمال، ولا أمرًا بالإضراب عنه، وإنما هو نهي عن مراعاته مجردًا عن الدين، فإن الجمال في غالب الأمر يرغب الجاهل في النكاح دون الالتفات إلى الدين، فوقع في النهي عن هذا".
لكن الجمال ليس في العيون الزرقاء ولا الخضراء ولا السوداء، ولا العسلية، ولا الكبيرة أو الصغيرة، ولا ذات الرموش الطويلة أو القصيرة، إنما الجمال في العيون التي إذا ما نظرت إليك وأنت غاضب لم تعد غاضبًا.
عرضت على المأمون جارية بارعة الجمال، فائقة الكمال، غير أنها كانت تعرج برجلها، فقال لمولاها: خذ بيدها وارجع، فلولا عرج بها لاشتريتها، فقالت الجارية: يا أمير المؤمنين إنه في وقت حاجتك لن تنظر إلى العرج، فأعجبه سرعة جوابها وأمر بشرائها.
ومن الصفات المرغوبة:
أن تكون الزوجة ولودًا - أي ليست عقيمًا - فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)).
وتعرف المرأة الولود من قرائن الحال في أسرتها وقريباتها، وهذا شيء ظني، ولكن لابد أن يضع الزوج ذلك في باله.
أما الزواج من العقيم فهو نزوة عابرة أو مصلحة مؤقتة وسرور بزواج من غير تبعات، فعن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد أفاتزوجها؟ قال: ((لا)) ثم أتاه الثانية فنهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أتاه الثالثة، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((تزوجوا الودود الولود)).
ومن الصفات الحسنة:
أن تكون الزوجة بكرًا، فقد حث الإسلام على البكر، وهي التي لم توطئ بعد؛ لأن البكر تحب الزوج وتألفه أكثر من الثيب، وهذه طبيعة جُبِل الإنسان عليها - أعني الأنس بأول مألوف -.
وفي الحديث عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((عليكم بالأبكار، فإنهنَّ أنتق أرحامًا، وأعذب أفواهًا، وأقل خبًا، وأرضى باليسير)).
وتزوج جابر - رضي الله عنه - ثيبًا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك)).
وقد مدح الله الأبكار وجعل هذه الصفة من صفات نساء الجنة قال - تعالى -: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً)(الواقعة/35، 36).
يقول الغزالي - رحمه الله -: في البكر خواص لا توجد في الثيب، منها: أنها لا تحن أبدًا إلا للزوج الأول، وأكد الحب ما يقع في الحبيب الأول.
ومنها إقبال الرجل عليها، وعدم نفوره منها، فإن طبع الإنسان النفور عن التي مسها غيره ويثقل عليه ذلك.
ومنها: أنها ترضى في الغالب بجميع أحوال الزوج؛ لأنها أنست به ولم تر غيره، وأما التي اختبرت الرجال ومارست معهم الأحوال فربما لا ترضى بعض الأوصاف التي تخالف ما ألفته.
ولا يعني كل ما سبق أن الثيب مذمومة - إطلاقًا - وليس حسنًا أن نبالغ في ذمها إلى درجة التنفير منها، فكم من ثيب خير من بكر، وخير مثال زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين، كلهنَّ ثيبات ما عدا عائشة - رضي الله عنهنَّ جميعًا - والله - تعالى - يقول: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً)(التحريم/5) فقد قدم الثيب في هذه الآية على البكر.
وقد قيل في مدح الثيب:
"أما الثيب فالمطبة المذللة، واللهنة المعجلة، والنغية المسهلة، والصناعة المدبرة، والفطنة المختبرة، ثم إنها عجالة، الراكب، وأنشوطة الخطاب، ونهزة المبارزة، عريكتها لينة، وعقلتها هينة، ودخلتها متبينة، وخدمتها مزينة".
وقد بارك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجابر - رضي الله عنه - لزواجه من الثيب بعد أن علم - صلى الله عليه وسلم - أنه تم الزواج لتقوم الزوجة برعاية أخوات جابر - رضي الله عنه - التسع.
ومن الصفات الحسنة في الزوجة الصغيرة، ألا تكون صغيرة صغرًا مفرطًا، ولعل ما يخطر بالبال أن يقول الزوج: لماذا لا أتزوج الصغيرة؟ فيقال: المقصود عدم الزواج بالصغيرة صغرًا يظهر فيه الفرق الشاسع في العمر كمن يكون عمره فوق الخمسين، فيتزوج بنتًا دون الخامسة عشرة مثلاً لما قد يؤدي إليه من محاذير ومساوئ كثيرة خاصة في هذا الزمان الذي ضعف فيه الوازع الديني عند الكثيرين.
قال ابن الجوزي - رحمه الله -:"وأبله البله الشيخ الذي يطلب صبية، ولعمر الحق إن كمال المتعة، إنما يكون بالصبا، ومتى لم تكن الصبية بالغة، لم يكمل بها الاستمتاع! فإذا بلغت أرادت كثرة الجماع، والشيخ لا يقدر! فإن حمل على نفسه، لم يبلغ مرادها وهلك سريعًا".
فإن قيل إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - وعمرها ست سنوات وبنى بها وعمرها تسع سنوات، وكان عمره ثلاثة وخمسين؟ فنقول: إن هذه الحال تخرج عن القاعدة لأسباب منها:
أولاً: أن شخصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن مقارنتها بأي شخصية أخرى، ولذلك كانت عائشة سعيدة بهذا الزواج، وقد خيرت قبل ذلك فاختارت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ثانيًا: أن غاية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الزواج هي زيادة الروابط بينه وبين أبي بكر - رضي الله عنه -.
ثالثًا: قوة دين عائشة وعفتها، فلا يمكن تصور وقوع محظور من هذا الزواج.
وسئل أعرابي عن النساء، فقال:"أفضل النساء أطولهنَّ إذا قامت، وأعظمهنَّ إذا قعدت، وأصدقهنَّ إذا قالت، التي إذا غضبت حلمت، وإذا ضحكت تبسمت، وإذا صنعت شيئًا جودت، التي تطيع زوجها وتلزم بيتها، العزيزة في قومها، الذليلة في نفسها، الودود الولود، التي كل أمرها محمود".
ويروى أن العجفاء بنت علقمة السعدي وثلاث نسوة من قومها خرجن، فتواعدن بروضة يتحدثن فيها، فوافين بها ليلاً في قمر زاهر وليلة طلقة ساكنة، وروضة معشبة خصبة، فلما جلس قلن: ما رأينا كالليلة ليلة، ولا كهذه الروضة روضة، أطيب ريحًا ولا أنضر، ثم أفضن في الحديث فقلن: أي النساء أفضل؟ قالت إحداهنَّ: الخرود الودود الولود، وقالت الأخرى: خيرهنَّ ذات الغناء، وطيب الثناء، وشدة الحياء، وقالت الثالثة: خيرهنَّ السموع الجموع النقوع غير المنوع، وقالت الرابعة: خيرهنَّ الجامعة.
ومن الصفات الحسنة في الزوجة ما ذكرته عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - عندما سئلت أي النساء أفضل؟ فقالت:"التي لا تعرف عيب المقال، ولا تهتدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها، ولإبقاء الصيانة على أهلها".
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/419)
كيف تسعد زوجتك
إذا شكّت المرأة بحب زوجها لها فإنها قد تفقد الثقة في نفسها:
جمالها.. وحديثها.. ومعاملتها.. وأسلوب حياتها.. فلماذا لم يحبها.. يقودها ذلك إلى الشك في زوجها، والشيطان الذي عجز عن دفع زوجها إلى تطليقها لن ييأس منها.. فتشك أنه متزوج بأخرى أو ينوي ذلك.. فيطال الشك دخوله وخروجه.. واتصالاته وسائر معاملاته.. وأيُّ حياة يملؤها الشك تصبح مرهقة نفسيًا مما يتعب الجسد فتصاب بالأمراض المختلفة.
والزوج هو الآخر يعاني من كل ما سبق.. يجد من زوجته ما يكدر صفو حياته وحياة أبنائه.
فما الخلاص إذن، كيف الفرار من هذا الجحيم الذي أساسه مجرد شك؟ ما كان الشك ليقوى لولا وجود ما يدعمه ولو كان بدون قصد.. إن سلوكيات بسيطة يهملها بعض الأزواج كفيلة بإقناع الزوجة بحب زوجها لها، وقطع الطريق أمام أي شك وطرد سحابة أي سوء ظن، لعله من المهم أن نذكر أن الحياة الزوجية قد تكون سعيدة حتى وإن لم يكن هناك حب حقيقي بين الزوجين، وذلك بمحاولة كل منهما إعطاء الآخر حقوقه التي منها إشعاره بمحبته واحترامه، فعدم حب الآخرين لا يعني التنصل من الواجبات وسوء المعاملة، وعدم الاحترام، فهذه الأعمال اليسيرة تحقق السعادة بإذن الله للزوجين، وإن لم يكونا متحابين.. ولسوف تجد أيها الزوج من النتائج بإذن الله ما يبهرك.. وكنت تظنه ضربًا من الخيال.
فتحيَّن فرص هدوء نفسك وانشراح صدرك، وقم بما تستطيع منها، وحاول بما لا تحسنه، لا تمكن الشيطان منك فيوسوس لك تفاهة هذه الأعمال وقلة نفعها، أو أن أداءك لها يفقدك هيبتك لدى زوجتك ويفتح عليك باب"تمردها"وأنت في غنى عن ذلك.
احذر الشيطان، فأعظم أعوانه وأقربهم إليه من يفرق بين زوجين، فاستعذ بالله منه دائمًا، وأرض الله عنك بتكوين أسرة سعيدة مترابطة متحابة، ففي هذه الأسرة إعفاف لك ولزوجك وقطع للطريق أمام أبواب الفساد التي يفتحها الشيطان وتربية لأبنائك في الحضن المناسب.
حقق ما تستطيع من رغباتها، تعرف على ما تحبه زوجتك فجاهد لتحقيقه، وعلى ما تكره فابتعد عنه، وأبعدها عنه، كم من الرغبات تحقق قمة سعادة الزوجة، ولكن كيف يعرف الزوج وقد تراكمت فما عادت الزوجة تدري أيها تبدي، ومتى وكيف..؟، وكم من المشاكل أساسها عدم فهم أحد الزوجين للآخر.
هناك سؤال بسيط لكنه يصنع في قلب زوجتك الكثير، وسوف تلاحظ على الفور مدى سعادتها على وجهها، إنه سؤالك: ماذا تتمنين؟
اطرحه وأنت مبتسم صادق وبنبرة محبة، لعلها لا تجيبك منذ البداية، ربما لأنها غير مصدقة للسؤال ظانة أنه مزحة ثقيلة أو نوع من الاستهزاء، خصوصًا من الأزواج الذين لم يسبق لهم أن طرحوا مثل هذا السؤال، أو كانت علاقتهم مع زوجاتهم متوترة".
لا تيأس أخي الزوج، اصبر وكرر السؤال محافظًا على ابتسامتك..
بتواضع، فمن تواضع لله رفعه، لا يمكن أن أصور لك مدى مكانتك في عين زوجتك وارتفاع شأنك عندها بهذا السؤال، فكرر حتى تجيبك، وثق أنها كلما أخرت الجواب وتظاهرت بأنها لا ترغب شيئًا أو لا تريد إلا سلامتك وسعادتك، بقدر ما يدعو قلبها أن تصر أكثر في طلبها الإجابة، وكن فطنًا فما تأخرها إلا لتستيقن صدقك، أو تمارس دلالها عليك، وهو سلوكٌ تحب أن تمارسه المرأة، فأعطها المجال، فمن لها غيرك..؟!!
اسأل بين الفينة والأخرى وانتهز لحظات الصفاء والخلوة، ومن الأفضل أن تسألها ثلاث أمنيات لتحقق لها واحدة حسب ما تستطيع منها، إن هذه الطريقة تتيح لك الفرصة لاختيار ما تقدر عليه من بين الأمنيات الثلاث، كما تتيح لك التعرف على رغبات زوجتك فتحققها لها على شكل مفاجآت فيكون لها وقع أكبر، مع ملاحظة أننا لا نعني فقط الرغبات الحسية بل حتى المعنوية.
وسوف تُفاجأ بأمور لا تخطر لك على بال، فلا تهمل ما لا تراه هامًا أو ما تعده تافهًا، وتذكر أنك تلبي ما تريده هي، لا ما تريده أنت، وأن طبيعتك وتكوينك يختلف عنها، وأن من أهم المشاكل الزوجية تلك الأنانية التي تجعل كلاً من الزوجين يحقق للآخر ما يريد هو، وما يراه هو، ويهمل رغبات الآخر..
لا تنهرها!
من أعظم ما يثير غضب المرأة، ويجعلها تصدر تصرفات لا عقلانية استشعارها بإذلال زوجها لها، وكثيرًا ما يفعل ذلك بعض الأزواج، فإذا ما أمرها بشيء وطاوعته قال ممازحًا: رغمًا عنك، بعض النساء تعاند وتترك ما كانت تنوي فعله.
فمن أراد الحد من مشاكله الزوجية، والعيش عيشة هنية، فليلتزم عدم إشعار زوجته بأنها مهانة لديه، بل يشعرها أنها معززة مكرمة ، فهي محبوبته وقرة عينه، وهي أنيسته في حياته ورفيقته في دربه، حتى وإن ترك شيئًا تحبه فهو بعذر كاره لتركه مرغمٌ على ذلك.
وكما يكون الإكرام قولاً فهو كذا فعلاً، فتلبية احتياجاتها وعدم تأخيرها إلا بقدر يشعرها بقيمتها لديك، ثم الثناء عليها، وما أدراك ما الثناء، وفعله في قلبها، إن الثناء من الأزواج له مذاق آخر، لا يقاوم، كالمغناطيس يجذبها إليك..؟
ولا تنسَ الثناء عليها بين الفينة والأخرى أمام ذويها وذويك، في حضرتها وغيابها، وما أجمل أن تسمعها ثناءك عليها حيث لا توجد، كأن يكون أهلك حاضرين لزيارتكم فتطلب منها كأس ماءٍ، وعند قيامها وبعد أن تخرج بحيث لا تراها وتسمعك هي تثني عليها كقولك: الحمد لله الذي رزقني زوجة رائعة، لا حرمني الله منها، وما شابه من ألفاظ.. افعلها ولن تندم بإذن الله.
سحر الكلمات الجميلة..
أكثر من الكلمات الجميلة المحببة إلى نفس كل زوجة مثل"أبقاك الله"،"لا فجعني الله بك"، وتفنن في إخراج تلك الكلمات بقوة وصدق، لا تكن باردًا، إن تصرفاً كهذا يسعد المرأة.
أصغ إليها..
استمع إليها عندما تتحدث.. خصوصًا إذا كان حديثها عن مشكلةٍ تمر بها ترغب منك مشاركتها الرأي والمشورة، استمع إليها بكل جوارحك، فالمرأة حساسة في مثل هذه المواقف، وضح لها مهما كان موقفك من المشكلة وقوفك معها ومؤازرتك بها، حتى ولو كانت مخطئة، نعم بين لها خطأها مع إشعارك بحزنك وتألمك لوقوعها فيه، وتفاؤلك بانفراج المشكلة، لا تغضب منها فبعض الأزواج تأخذه الحمية لزوجته وخوفه عليها من المشاكل فيصدر ما يجرحها، وما ذاك إلا لحبه لها، لكن هذه الطريقة لن تنفع لا في حل المشكلة، ولا في علاقتك مع زوجتك، ثق أن الحب أمر خفي مواقفك تظهره، وأهم موقف تتخذه عندما تتحدث زوجتك هو أن تستمع لها، مجرد استماعك لها يريحها، ولا تعجّل بالحل حتى تطلبه منك، اعلم أن طبيعتك تكره تفصيلاتها المملة للحادثة وتفسيراتها الدقيقة، لكن لا بأس اصبر، فهكذا هي طبيعتها، فارض بها.
تزيّن لها...
تزين لها دائمًا، وتزين لها بين الفنية والأخرى، اجعلها تقف أمامك مندهشة ترخى طرفها حياءً منك، ولا أظنك تعجز عن ذلك، فكم لهذه الزينة من أثر فعَّال على حياتكما الزوجية، فسوف تجاهد زوجتك لتكون أفضل منك، والله تبارك و تعالى - يقول: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[البقرة/من الآية:228]، والأهم أنك سوف تعف زوجتك في وقتٍ أصبحت فتنة الرجال أشد فتكًا من فتنة النساء، ألا تتساءل ما سر مبالغة النساء في إبراز جمالهنَّ عبر ذلك الحجاب الذي يطلق عليه زورًا مسمى"حجاب"فيتفنن في ارتداء ما يثير الناظر، إنها الرغبة في الفوز بإعجاب الآخرين بها.
فعندما تتزين أنت فإنك تكون قد تجاوزت مرحلة الإعجاب بزوجتك والرغبة فيها إلى محاولة كسب إعجابها هي، مما سيصرفها وبسهولة عن محاولة جذب اهتمام الآخرين، إن كانت من المبتلين بذلك، فقط عندما يكون تزينك لها، وحسب.
http://www.naseh.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(111/420)
الضِلْع الأعوج
الشيخ مازن الفريح
اتصل بي زوج حديث عهد بزواج يشتكي زوجته، ويريد حلاً لمشكلة قد أقلقته، حتى ملكت عليه زمام تفكيره وضاق بها صدره، فلم يعد يعرف كيف يعالجها أو يخفف من حدَّتها، فقال: لقد ضاق صدري، وبدأت أشعر بالنفور من زوجتي لحدَّة في طبعها وسورة غضب عندما أختلف معها.. ثم استرسل: ولا أُخفيك أن فكرة الطلاق تراودني.. قلت: هل لها من حسنات؟ قال: نعم، فهي امرأة ذات دين وجمال، وربة بيت.. وراح يسرد بعض صفاتها وحسن خلقها.. ثم قال: ولا أنكر عليها إلا هذه الحدة. قلت: من رام امرأة كاملة طلب محالاً، وأراد أمراً مستحيلاً.، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: [كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية ومريم] رواه البخاري، وعليه فإن الكمال في النساء قد أُهيل عليه التراب، وأصبح طالبه كمن يريد إدراك السراب، وسيعيش في حسرة وعذاب، والأجدر بك أن تجعل نصب عينيك قوله - صلى الله عليه وسلم -: [لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي آخر] في موازنة حكيمة عادلة، قال القاضي - رحمه الله -:"و قوله - صلى الله عليه وسلم -: [لا يفرك] نفي في معني النهي، أي لا ينبغي للرجل أن يبغضها لما يرى منها ما يكرهه؛ لأنه إن كره شيئاً رضي شيئاً آخر فليقابل هذا بذاك". ثم هاك مفتاحاً لسعادتك، ووصية من مشكاة نبينا - صلى الله عليه وسلم -: [استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضِلْع أعوج، وأن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء] متفق عليه. قال الإمام النووي - رحمه الله -:"فيه الحث على الرفق بالنساء، والإحسان إليهن، والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنه لا مطمع في استقامتهن"..
والمقصد - أخي الكريم- أنه ما لم يكن العوج في الدين، فوطن نفسك على تحملها والصبر عليها؛ لأن ذلك أيسر عليك من الصبر عنها والاستغناء عن الاستمتاع بها، ومع هذا كله، فإن تصحيح الخطأ ومعالجة النقص مطلوب ولكن برفق وبحكمة.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/421)
باقة ورد ونسرين مهداة لكل عروسين
الحمد لله الذي خلق من كل شيء زوجين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة إلى الثقلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد:
فما أسعدنا في هذا اليوم المبارك، وفي هذا العرس الطيب الزكي، حيث جمع الله تعلى، وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فبارك الله للعروسين وبارك عليهما وجمع بينهما في خير
وإنه لمن دواعي السرور والفرح، ما نراه من إقبال الشباب المسلم على الزواج، رغم ما يلاقونه من المصاعب، وكثرة التكاليف التي تطلب منهم، وما ذاك إلا رغبتهم في طلب الحلال، وإعفاف أنفسهم، وحرصهم على تكوين بيتٍ مسلمٍ جديدٍ، يكون لبنة في بناء المجتمع بل الأمة الإسلامية كلها.
1- فالزواج من هدي الأنبياء والمرسلين، ومن كرهه ورغب عنه فقد خالف السنة وفارق هدي المصطفى - عليه الصلاة والسلام -.قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أما والله إن لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) [متفق عليه].
وقال - عليه الصلاة والسلام -: (حبب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة)) [النساء، فمن].
2- والزواج استجابة لنداء الخالق - جل وعلا - بقوله: ((وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع
عليم)) [النور: 32].
3- والزواج نداء الفطرة، فمن تركه إلى غيره فقد خالف الفطرة ومن خالف الفطرة فهو على شفا هلكة ((فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)) [الروم: 30].
4- والزواج من أعظم نعم الله على عباده، فهو طريق المودة، وسبيل السعادة، وعنوان الاستقرار، ومجال الرحمة قال - تعالى -: ((ومن آياته أن خلف لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون))]الروم: 21].
5- والزواج هو الطريق الشرعي الحلال لقضاء الوطر وتصريف الشهوة، قال - تعالى -: ((والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)) [المؤمنون: 5-7].
فأين الشباب المسلم التقي؟
أين أحفاد خالد وعلي؟
أين الذين هم على صلاتهم دائمون؟
ذهب الأبطال وبقى كل بطال!!
6- والزواج عصمة للشاب والشابة من الفتن والانحراف، والفسق والفجور، ولذا حث النبي - صلى الله عليه وسلم - الشباب على الزواج بقوله: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) [متفق عليه].
7- والزواج طريق سهل، وسبيل ميسرة لاكتساب الأجر والمثوبة من الله بغير تعب ولا نصب، فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن خير الإنفاق هو الإنفاق على الزوجة والعيال، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك،
أفضلهم الدينار الذي أنفقته على أهلك)) [مسلم]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقاص: ((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فيْ امرأتك)) [متفق عليه].
وأعظم من ذلك أن للزوج والزوجة أجراً بالجماع والمتعة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله! يأتي أحدنا شهوته
ويكون له أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرامٍ أ كان عليه فيها وِزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرُ)) [مسلم].
8- والزواج الناجح هو ما كان مبنياً على أسسٍ شرعية سليمة، ومن أعظم تلك الأسس: اشتراط الدين في الزوج والزوجة.
ففي الزوج قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)) [الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني].
قال رجل للحسن: ممن أزوج ابنتي؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
فصاحب الدين لا يظلم إذا غضب، ولا يهجر بغير سبب، ولا يسيء معاملة زوجته، ولا يكون سبباً في فتنة أهله، عن طريق إدخال المنكرات وآلات اللهو في البيت، بل يعمل بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)) [ابن ماجه].
فينبغي لولي المرأة أن ينظر في دين الرجل وأخلاقه، لأن المرأة تصير بالنكاح مرقوقة، ومتى زوجها وليها من فاسق أو مبتدع، فقد جنى عليها وعلى نفسه.
وفي لقيام الزوجة قال النبي صلى عليه وسلم: ((تنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها وجمالها ودينا، فأظفر بذات الدين تربت يداك)) [مسلم].
فصاحبة الدين تطيع زوجها في غير معصية، وتحفظه في نفسها وماله إذا غاب، ولا تهجر فراش الزوجية، ولا تخرج من بيتها بغير علم زوجها، ولا تصوم نافلة وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيتها لأحد لا يريده، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه)) [متفق عليه].
وهناك خصال إذا اجتمعت في المرأة كمل أمرها وكثر خطابها وهي:
• الدين
• حسن الخلف
• الجمال
• خفة المهر
• أن تكون بكراً
• أن تكون ولوداً
• أن تكون ذات نسب.
9- والزواج قوة للأمة، وتجديد لشبابها، وإرهاب لأعدائها، لأنه وسيلة لتكثير الأمة وإعمار الأرض، ولذلك رغب النبي - صلى عليه وسلم - في التزوج من المرأة الولود فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) [أبو داود والنسائي وأحمد].
10- والزواج يتم التعارف والتلاقي بين الأسر والعائلات، فتنشر المحبة والألفة بين المسلمين، قال - تعالى -: ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) [الحجرات: 13].
وقد كانت كثير من القبائل متعادية متحاربة، فلما تم الزواج بينها زالت العداوة وذهبت البغضاء، وحلت مكانها المحبة والألفة والرحمة والتعاون.
نصائح إلى الزوج
• أخي الزوج:
1. اتق الله في زوجتك فإنها أمانة في عنقك سوف يسألك الله عنها يوم القيامة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((استوصوا بالنساء خيراً)) [متفق عليه]، وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من ظلم المرأة فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((اللهم إن أحرج حق الضعفين: اليتيم والمرأة)) [أحمد وابن ماجه بسند حسن].
2. كن حسن الخلق كريم الطبع، فلا تشتم ولا تقبح ولا تهجر، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يقرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)) [مسلم] معنى يفرك: يبغض.
3. كن صبوراً حسن العشرة، فخيركم من راعى وداد لحظة.
4. كن غيوراً على زوجتك ولا تبالغ في إساءة الظن، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أ تعجبون من غيرة سعد؟ لأنها أغير منه، والله أغير مني)) [مسلم].
5. كن حكيماً في التعامل مع الأخطاء والزلات؛ فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه.
6. أنفق على زوجتك بالمعروف ((ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً)) [الإسراء: 29].
وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما حق الزوجة على أحدنا؟ فأجاب - عليه الصلاة والسلام -: ((أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت)) [أحمد وأبو داود].
7. تعلم من فقه النساء ما تعرف به كيفية معاشرة زوجتك حال الحيض والنفاس، وعلم زوجتك هذه الأحكام إن كانت تجهلها.
8. أعلم أنه لا يجوز وطء الحائض، ولا الوطء في الدبر، وللرجل الاستمتاع بزوجته حال الحيض إلا بالجماع فإنه محرم.
9. من آداب الجماع: البدء بالتسمية، وبالملاعبة والضم والتقبيل قبل الجماع فإنه أوفق للمرأة والرجل، وإذا قضى الرجل وطره فليتمهل، فإن لزوجته حقاً، ومن أراد معاودة الجماع فليغسل فرجه ويتوضأ.
10. إياك وإفشاء أسرار الزوجية، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها)) [رواه مسلم].
• وقيل لبعض الصالحين وقد أراد طلاق زوجته: ما الذي يريبك منها؟ فقال: العاقل لا يهتك سرا. فلما طلقها قيل له: لم طلقتها؟ فقال: ما لي ولامرأة غيري!!
نصائح إلى العروس
أختي العروس:
للزوج على زوجته أعظم الحقوق بعد الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وفي ذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لو جاز لأحدٍ أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)) [الترمذي وقال: حسن صحيح] وذلك لعظم حقه عليها.
فيا أختاه:
1. عليكِ بالقناعة والرضا بالقليل، فقد كانت بعض نساء السلف إذا أراد زوجها الخروج من منزله تقول له: إياك وكسب الحرام، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار!!.
2. إياكِ ومعصية زوجك ورفع الصوت عليه وشكايته إلى أهلك دائماً، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لامرأة: ((أين أنت من زوجك، فإنما هو جنتك ونارك)) [النسائي وأحمد وحسنه الألباني].
أختي العروس:
أين من تأمر زوجها بالتقوى وتعينه؟
أين من لا تغضب زوجها ولا تهينه؟
أين العابدات القانتات؟
أين الراكعات الساجدات؟
أين حفيدات أمهات المؤمنات؟
3. لا تطلبي من زوجك خادمة شابة، فقد تكون سبباً في طلاقك!!.
4. أعلمي أن حق الزوج مقدم على جميع الأقارب، فإذا تعارضت الحقوق، فقدمي حق الزوج ولا تبالي.
5. احفظي زوجك في ماله، ولا تخرجي شيئاً من البيت دون علمه، فإن تصدقت من ماله عن رضاه، كان لك مثل أجره، وإن كان بغير رضاه، كان له الأجر وعليك الوزر.
6. إياك وجارات السوء، وصديقات السوء، اللاتي يثرنك على زوجك، ويوقعن بينك وبينه، ويقللن من شأنه أمامك.
7. اصبري على أذى زوجك، وكوني حكيمة في التعامل معه عند الغضب، يحمد لك ذلك عند الرضا، واعلمي أن المشكلات الزوجية لا تكبر إلا بالعناد والمكابرة، فلا تهدمي بيتك بسبب الكبر والعناد.
8. أجيبي زوجك إذا دعاك مهما كانت الظروف، فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ((من دعا امرأته إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح)) [متفق عليه].
9. لا تصفي أحداً من النساء لزوجك فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك بقوله: ((لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها)) [متفق عليه].
10. أنت راعية في بيت زوجك ومسئولة عن رعيتك، فمري بالمعروف وأنهي عن المنكر، ولا ترضي بوجود شيء من المنكرات في بيتك، واعلمي أنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/422)
رسول الله يداعب زوجه
الشيخ مازن الفريح
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يداعب عائشة - رضي الله عنها -:
قالت عائشة: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر وأنا خفيفة اللحم، فنزلنا منزلاً، فقال: [لأصاحبه تقدموا] ثم قال لي: [تعالي حتى أسابقك] سابقني، فسبقته، ثم خرجت معه في سفر آخر، وقد حملت اللحم فنزل منزلاً فقال لأصحابه تقدموا. ثم قال لي: تعالي أسابقك. فسابقني، فسبقني، فقال: هذه بتلك.
أولاً: كثير من الرجال يتشاغلون عن زوجاتهم طوال الأسبوع ويعتذرون بكثرة مشاغلهم، وهذا هو قائد الأمة وسيد البشر يجد في جدول أعماله المزدحم وقتاً يلاعب فيه أهله، ويضاحك فيه زوجته ... فمن هم دونه أولى بأن يخصصوا وقتاً ولو يسيراً لملاعبة الزوجة والأولاد.
ثانياً: للملاطفة والمداعبة بين الزوجين أثر في النفوس، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ظل يذكر المرة التي سبقته فيها عائشة على الرغم من طول العهد بها..
ثالثاً: كان عليه أفضل الصلاة والسلام يحرص على ملاطفة وملاعبة الزوج لزوجته حتى قال لجابر - رضي الله عنه -: [هلا بكرٌ تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحك]. بل إنه عليه أفضل الصلاة والسلام: [كل شيء ليس فيه ذكر الله لهو أو لعب إلا أربع]: وذكر منها [ملاعبة الرجل أهله].
رابعاً: الألعاب الرياضية التي تؤديها المرأة ينبغي أن تكون مناسبة لطبيعة المرأة وبعيدة عن الرجال كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام لأصحابه [تقدموا].
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/423)
الحوار الأسري أسلوب تقويم
الشيخ مازن الفريح
الحوار الأسري أسلوب لتقويم المخطئ والإنكار على المذنب بأسلوب حكيم:عن عائشة - رضي الله عنها -قالت: قلت للنبي: حسبك من صفية كذا وكذا – قال بعض الرواة: تعني قصيرة.
فقال: [لقد قلت كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته].
قالت: وحكيت له إنساناً (أي فعلت مثل فعله).
فقال: [ما أحب أني حَكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا].
أولاً: عظم إثم الغيبة. حتى شبهها عليه أفضل الصلاة والسلام بالنتن الذي لو خُلط بماء البحر لأنتنه. بل شبهها الله - عز وجل - فقال:]أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ[(الحجرات: من الآية12).
ثانياً: تعليمه عليه أفضل الصلاة والسلام لأهله العلم الشرعي، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.. وهذه من المسؤوليات التي ضيعها – للأسف – كثير من الأزواج وقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام: [والرجل راعٍ على أهل بيته ومسؤول عن رعيته]. (وسائل تعليم الرجل لأهله العلم الشرعي).
ثالثاً: الغيبة تحصل بالقدح في عرض الشخص الغائب لغير مصلحة شرعية. وهي تحصل بالأقوال والأفعال.
أيتها الأخوة والأخوات:
وأخيراً: فإن الأسرة المسلمة يمكن أن تجني من الحوار منافع عظيمة وفوائد عديدة.
(1) فبالحوار يمكن أن نغرس الإيمان بالله - عز وجل - ومحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
(2) وبالحوار يمكن أن نحِل خلافاتنا ونتغلب على مشكلاتنا.
(3) وبالحوار يمكن أن نعلم أولادنا الصدق في القول والأمانة في العمل.
(4) وبالحوار يمكن أن نقوّم أخطاءهم ونصحح مسارهم.
(5) وبالجمة فبالحوار يمكن أن ندعو لكل خير وننهى عن كل شر.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/424)
حوار بين الزوج وأم زوجته
الشيخ مازن الفريح
قال الزوج لصاحبه: من عشرين عاماً لم أرَ ما يغضبني من أهلي.
فقال صاحبه متعجباً: وكيف ذلك..
قال الزواج: من أول ليلةٍ دخلت على امرأتي، قمت إليها فمددت يدي نحوها، فقال: على رسلك يا أبا أمية.. كما أنت، ثم قالت: الحمد لله وصلاة على رسول الله.. إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأتركه، ثم قالت: أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولك.
قال الزوج لصاحبه: فأحوجتني والله إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله وأصلي على النبي وآله وأسلم.
وبعد: فإنك قلت كلاماً إن ثبتِّ عليه يكن ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجة عليك.. أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا ... وما رأيت من حسنةٍ فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها. فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟! قال: ما أحب أن يلمني أصهاري.. [يعني لا يريدها تكثر من الزيارة].. فقالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له؟ ومن تكره فأكره؟.. قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء..
قال الزوج لصاحبه: فبت معها بأنعم ليلة، وعشت معها حولاً لا أرى إلا ما أحب.. فلما كان راس الحول.. جئت من عملي.. وإذا بأم الزوجة في بيتي.. فقالت: (أم الزوجة) لي: كيف رأيت زوجتك.
قلت: خير زوجة ... قالت: يا أبا أمية.. والله ما حاز الرجل في بيوتهم شراً من المرأة المدللة.. فأدب ما شئت أن تؤدب، وهذب ما شئت أن تهذب.. قال الزوج: فمكثت معي عشرين عاماً لم أَعْتِبْ عليها في شيء إلا مرة وكنت لها ظالماً".
والحوار فيه فوائد عدة:
أولاً: التكنية عند النداء "فالزوجة قالت لزوجها يا أبا أمية وهكذا ينبغي أن تهتم المرأة بتوفير زوجها في النداء بالتكنية أو بتدليله باختيار ما يناسب من الصفات.. وكذلك ينبغي للرجل أن يفعل مع زوجته. فقد كان - صلى الله عليه وسلم - ينادي عائشة فيقول: [يا حميراء، أتحبين أن تنظري إليهم] صححه البخاري في أدب الزفاف وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: [يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام] متفق عليه.
ثانياً: فقه هذه المرأة.. فقد علمت أن من أهم الأسس التي تضمن سعادتها مع زوجها:
(1) إيمانها بالله والاتصال به. وهذا واضح في بدائها بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
(2) طاعتها لزوجها.
(3) معرفة الرجل.. إذا كثير من النساء لا يعرفن أزواجهن معرفة تمكنها من التتسلل إلى قلبه.
والذي يقرأ ويسمع حالات الطلاق يجد عبارةً تكرر كثيراً من المرأة فالمرأة والرجل على سواءٍ لم يفهمني ولم أفهمه"ما فيه تفاهم".
ثالثاً: الاستمرار في حسن العشرة ... "فإنك قلت كلاماً إن ثبتِّ عليه يكن ذلك حظك وإن تدعيه يكن حجة عليك".
ليؤكد لها أن حسن العشرة تحتاج منكِ إلى ثبات.. ليس في الشهر الأول فقط.
رابعاً: ستر العيوب: كان مما أشار إليه الزوج: وما رأيت في حسنه فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها"وستر العيوب من صفات المرأة الصالحة ولذا فسرّ بعض العلماء قوله - تعالى -:{حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء: من الآية34) أي لا يكشفن أسرار أزواجهن يقول عليه أفضل الصلاة والسلام"إن من شر الناس عند الله يوم القيامة: [الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر أحدهما سرَّ صاحبه] صحيح.
وإبراهيم - عليه السلام - أمر أبنه إسماعيل بطلاق زوجته ذلك لعدم سترها لعيوب البيت ونظرتها المتشائمة..
خامساً: فقه الزوج واهتمامه بصحبة زوجته.. عندما سألته الزوجة عن نوعية الجيران الذين يجب أن يدخلوا داره بينّ لها قاعدة وهي: بنو فلان قوم صالحون/ وبنو فلان قوم سوء.. فالدخول أو عدمه يدور على قاعدة الصلاح والطلاح ... فمن كانت صالحة فأدخليها ومن كانت طالحة فلا..
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/425)
أخطاء في الحوارات الأسرية
الشيخ مازن الفريح
(1) الحوار في ظروف غير مناسبة:
أ. فتخطئ الزوجة التي تفتح باب الحوار بل باب المشاجرة مع زوجها وهو غضبان.
ب. تخطئ الزوجة التي تفتح مع زوجها حواراً تطلب فيه أشياء تريدها عند دخوله للبيت بعد فترة غياب في العمل لا تدري كيف قضاها الزوج.
(2) الاستئثار بالكلام..
هناك بعض الأزواج لا يدع مجالاً للمحاورة في داخل الأسرة، سواء كانت زوجةً أو بنتاً أو أختاً..
¨ إما لعرف أو عادة خاطئة..
¨ وإما تكبراً.
¨ وإما احتقاراً واستصغاراً للمقابل..
ويتولد عن هذا الخطأ: البغض أو الكره / أو العزلة / أو الازدواجية فإذا حضر الزوج التزموا على مضض بما يريد وإذا خرج عادوا إلى ما يريدون.
(3) عدم ضبط النفس عند الحوار:
أ. ارتفاع الصوت.
ب. الكلمات الجارحة والعبارات البذيئة..
اللعن، السب.."يكثرن اللعن".
جـ. القسوة في الأحكام.
(4) عدم الاعتراف بالخطأ..
الإنسان بشر يخطئ ويصيب، والرسول r يقول: [كلّ ابْنِ آدَمَ خَطّاء، وَخيْرُ الْخَطّائِينَ التّوّابُونَ]..
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/426)
لااءات للزوج والزوجة... تحذير ممنوع الاقتراب
عزيزي الزوج:
زوجتك بحكم تكوينها تتصرف وتفكر بطريقة مختلفة عنك.. وحتى تفهم نفسيتها وتكسب ودها..
فهذه 20 لا.. ابتعد عنها بقدر الإمكان.
لا تفترض أنها تتصرف كما تتصرف أنت لأنها تختلف عنك.
لا تهملها وامنحها الحب والعطف والأمان، لأنها بطبيعتها تحتاج إليها.
لا تستهن بشكواها، فهي تبحث حتى عن مجرد التأييد العاطفي والمعنوي.
لا تبخل عليها بالهدايا والخروج من حينٍ لآخر، فهي لا تحب الزوج البخيل.
لا تتذمر من زيارة أهلها، لأنك بذلك تفقد حبها، فالمرأة أكثر ارتباطاً بأهلها.
لا تغفل عن إبراز غيرتك عليها من حينٍ لآخر، فهذا يرضي أنوثتها.
لا تنس ملاطفتها ومداعبتها في الفراش وإشباع أنوثتها.
لا تظهر عيوبها بشكلٍ صريح، فهي لا تحب النقد.
لا تنصرف عنها، لأن المرأة تحب من يستمع لها.
لا تخنها.. فإن أصعب شيءٍ على المرأة الخيانة الزوجية.
لا تستهزئ بها أو بمشاعرها لأنها كائن رقيق لا يتحمل التجريح.
لا تنس ما تطلبه منك، فهذا يولد إحساساً لديها بأنها لا قيمة لها لديك.
لا تخذلها، فهي بحاجة دائمة إلي شخص تثق به وتعتمد عليه حتى تشعر بالراحة.
لا تهمل في واجباتك والتزاماتك الأسرية، فتحقيق هذا يشعرها بحبك لها.
لا تستخف باقتراحاتها لحل المشاكل التي تواجهكما، فهذا يشعرها بعدم أهميتها.
لا تتوقع منها أن تحل المشاكل بطريقة عقلانية ومنطقية، لأنها أكثر ميلاً إلي استخدام العاطفة.
لا تتدخل كثيراً في شؤون البيت، وامنحها الثقة، فإن هذا يشعرها بأنها ملكة متوجة داخل منزلها.
لا تغفل عن امتداحها،وتغزل في ملبسها وزينتها وطبخها حتى في ترتيب المنزل، فهذا يرضي أنوثتها.
لا تنس أن المرأة تمر بظروف نفسية صعبة (الولادة – الحمل – الطمث) ولابد أن تراعي مشاعرها أثناء تلك الفترات.
لا تحد كثيراً من حريتها الشخصية، خاصة في علاقاتها الاجتماعية، فهي بطبيعتها اجتماعية تحب الصداقات الكثيرة.
عزيزتي الزوجة:
انتبهي لطبيعة زوجك.. وافهمي نفسيته جيداً حتى تستقر حياتكما وتنعما بالرضا والسعادة..
وهذه 19 لا.. تجنبي الوقوع فيها.
لا تقارني نفسك به، فهو مختلف عنك.
لا تقتحمي عزلته، لأنه يفضل أن ينعزل عن الآخرين، إذا كانت لديه مشكلة يحاول حلها.
لا تستفزيه، فهو بطبيعته حاد الطباع،عصبي المزاج، ينفذ صبره بسرعة.
لا تتوقعي منه أن يقوم بما ترغبين في أن يقوم به، لأنه لا يفكر بأسلوبك نفسه.
لا تفرضي أسلوبك أو تفكيرك عليه، لأنه يغضب إذا شعر بنديتك له.
لا تثقلي عليه بالحديث، فهو لا يحب المرأة الثرثارة.
لا تنتظري أن يقول لك أسف، لأنه لا يحب الاعتذار، وأن أراد فإنه يتبع طرقاً أخري غير مباشرة في التعبير عن ذلك.
لا تشعريه بعدم حاجتك إليه، حتى لا تفقدي عطاءه ورعايته لك.
لا تسمعيه كلاماً لا يرضي عنه، لأن هذا يؤذيه ويعكر صفو مزاجه.
لا تقللي من قيمة ما يقوم به من أجلك ومن أجل أولادكما حتى لا تفقديه.
لا تنتقديه أمام أهله وأصدقائه، لأنه يشعر بأنك تنتقمين من رجولته.
لا تلحي عليه في السؤال عند خروجه، فهو يرغب في أن يكون كالطائر الحر.
لا تنفريه منك أثناء المعاشرة الزوجية حتى لا يبحث عن المتعة في مكان آخر.
لا تنشري أسرار حياتكما، لأن الرجل بطبيعته كتوم.
لا تزيدي من طلباتك، فهو يحب الزوجة القنوع.
لا تشعريه بأنك أفضل منه حتى لا تفقدي حبه واحترامه.
لا تقللي من حبك وحنانك له فإن هذا يشعره بالرضا.
لا تنتظريه دائماً أن يكون المبادر، فإن كرم الزوج في ردود أفعاله.
لا تهتمي بأولادك علي حساب اهتمامك به، فهو يحب أن يكون مصدر الاهتمام والرعاية طوال وجوده بالبيت.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/427)
تسامحها ليس ضعفًا وإصرارها ليس قوة
كثير من بيوتنا مغلقة على نار تحت الرماد، على خلافات مجمدة، وانفصال معنوي بين الأزواج، واستمرار آلي للحياة من دون مشاعر أو سكن ومودة.
فالمرأة تتنازل لتسير المركب، والرجل يطرح الخلافات وراء ظهره، وينصرف لطموحه المهني والمادي.
فبيوتنا تضم الصابرات المضطرات، ونحن نريدها بيوتًا لنساء اخترن الصبر برضا وإرادة، فهذا يضمن لهن ألا يشعرن بقهر يتضخم ليتحول إلى قنبلة تنفجر لتهدم البيت في لحظة، كما يضمن لهن أيضًا - إن شاء الله - أجر الصبر الموفور، صبر العبادة والنية، لا صبر الاضطرار وقلة الحيلة.
المصلحة أولاً
ترفض سمية مصطفى - مدرسة - مصطلحي التسامح والتنازل معًا، وترى أن الأمر محكوم بمصلحة الأسرة لا حقي وحقك، بل حق الأسرة حتى وإن لم يكن هناك أولاد.
كرامة لا غرور
إحسان محمد – موظفة -: ترى أن حفظ الكرامة أمر ضروري بين الزوجين لكن بطريقة ذكية ومؤدبة، فلو كان ردها على تصرفه من جنس ما فعل سيعتاد إهانتها وهضم حقوقها دون مبالاة، فغرور بعض النساء هو السبب في هضم حقوقهن؛ إذ يصر الزوج على كسر أنفها، فحتى عندما تنجح في تمردها تكون هي الخاسرة.
هناء رفاعي – موظفة -: بدأت كلامها بأن الرجل بحر، والمرأة جسر - أي شاطئ - أو حاجز، فمهما كان تعليمها وعملها واستقلالها تحتاج لأن تشعر زوجها بحاجتها الشديدة إليه، وخاصة العاملة إن لم تفعل ذلك ستصيب زوجها بالسلبية، وتجعل زوجها لا يشعر بوجودها أو عدم وجودها.
لا تنازل ولا تسامح
سعاد محمد - مشرفة حضانة -: بادرتني قائلة: لا تسامح ولا تنازل، بل شيء ثالث هو التفاهم، فالتنازل ما هو إلا تأجيل للمشاكل، وسيأتي يوم وتنفجر كالبركان، والمتسامح سيأتي يوم لن يتحمل فيه كثرة الضغوط.
اختيار وإدارة
صفاء حسين - مدرسة -: وأعتقد أن تنازل أي من الزوجين ليس في مصلحة الأسرة، والمرأة العاملة تحتاج إلى فكر منظم في تعاملها مع زوجها أكثر من غيرها حتى تدير حياتها، فهي في الحقيقة وإن ظهر خلاف ذلك هي التي تدير الأسرة.
هدى الوكيل - مديرة حضانة -:
إحساس المرأة بأنها مضطهدة ومظلومة، وعليها أعباء كثيرة، وأنها دائمًا مضحية، يعقد الأمور بينها وبين زوجها، ولو تصبرت وتحملت بحب، وتركت الأمور بطبيعتها ستكتسب حب وحنان زوجها، وستجده حتى يقوم بمساعدتها من نفسه، وستجد أن لها المكانة الأولى، والرأي الأصوب في حياة كل أسرتها.
فجوة واسعة
تقول د. وفاء مسعود - أستاذة علم النفس بجامعة حلوان - أعتقد أن العلاقة بين الزوجين يجب أن يحكمها إيجابية وتفاعل وذكاء، ولكن أعتقد أن درجة وعى المرأة وتعليمها وعملها تقف عائقًا في وجه هذه الإيجابية، وتجعلها غير متوازنة، وهذا أمر مستغرب إلى حد كبير، والسبب في ذلك أن الحقوق والوعي بالحقوق مازال على الورق، واندفاع الحركة النسائية في المطالبة بالقوانين كان أسرع من حركة المجتمع في فهمه ووعيه بهذه الحقوق ليس على مستوى الرجال، بل على مستوى النساء أيضًا، فحتى لو وصلت المرأة إلى منصب عميدة كلية، فإنها تقيس نجاحها أو فشلها في الحياة بنجاحها في الزواج، و85% من طالبات الجامعة يفضلن عدم العمل بعد التخرج، ولو تكلمنا على مستوى الرجال، فمازال الرجل المتعلم، وفى سلك الجامعة يفضل زوجة على قدر ضئيل من التعليم، ونسبة الطلاق مازالت مرتفعة بين أستاذات الجامعة، مما يدعو الكثيرات إلى التنازل، وتفضل لقب متنازلة عن لقب مطلقة، أو عانس، وهذا يسبب مشاكل نفسية للزوجة نتائجها مدمرة على الأسرة.
أسباب وحلول
أما الدكتور محمد عبد ربه - أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الزقازيق - فيتحيز لإخضاع الطموح الشخصي بهدف الحفاظ على مصلحة الأسرة، وهذا أمر لا يقتصر على طرف دون آخر، ويعتمد بالدرجة الأولى على مستوى القيم ونوعيتها عند كل من الطرفين وعند المرأة بالدرجة الأولى هل لها قابلية للتسامح أم للصدام؟
وينتقد د. محمد افتقادنا للدراسات الاجتماعية الميدانية حول الأثر الواقعي الذي تركته دعاوى تحرير المرأة، وفكرة مساواتها بالرجل، وطريقة طرح التليفزيون لهذه القضايا، معتقدًا أن هذا الطرح يزيد من حدة المشاكل، وثورة المرأة على زوجها طريقة استفزازية لا تفيد المرأة بقدر ما تكسب الطرف الآخر حساسية للرفض، كرفض صدور قانون الأحوال الشخصية، فبسببه أحجم الكثير من الشباب عن الزواج بسبب الخوف من أن تأخذ الزوجة كل شيء منه إذا ما حدث طلاق، وأصبحت المرأة عند المناقشات المزاجية بينها وبين زوجها تقول له: الشقة من حق الزوجة.
الأمر لم يعد قاصرًا على علاقة المرأة بزوجها، بل تعداها إلى علاقتها بإخوتها الذكور، فنجد الآن تمرد الفتيات على القيام بخدمة أشقائهن، وفى فرنسا هناك وزارة لشئون المرأة تعنى بشئون المرأة كاملة، وليس فقط إطلاق صيحات المساواة والحرية، بل تعلمهن كيف يطالبن بحقوقهن، ويقمن بواجباتهن، وفى اليابان يعلمون الفتاة في الجامعة كيف تحترم زوجها، وكيف تعتني ببيتها حتى تنسيق الزهور يتعلمنه في الجامعة.
ويرى د. محمد أن الموضوعية مطلوبة، فالمرأة ليست دائمًا مغلوبة على أمرها، بل إنها أحيانًا تقوم بدور كبير في تعقيد حياتها، وتصعيد مشكلاتها.
ثم إننا عند الكلام عن الحقوق والضمانات، ننسى الحقوق والضمانات الإنسانية والأخلاقية والأدبية، ليس هناك مانع من إثبات حقوقها المادية لكن مع افتقاد الحقوق المعنوية والأدبية لا قيمة لأي ضمانات، وللأسف الشديد هذا الأمر غير واضح في أذهان الكثيرين حتى الآباء والأمهات، ففي دراسة ميدانية لقضية قائمة الأثاث ظهر التمسك الشديد بها في مقابل أشياء أكثر أهمية، منها مثل أخلاق الزوج، وقبول الفتاة ذاتها له، وكثير من الزيجات تفشل في الشهور الأولى، ومع التوعية ليل نهار بحقوق المرأة، فالقوانين التي صدرت لضمان حقوقها ما زلنا نسمع عن الزوجة التي سافرت للعمل، وأخذت ترسل إلى زوجها كل مدخراتها، لتجده قد تزوج بأخرى بأموالها؛ لذلك فنحن نفتقد استراتيجية تربوية طويلة المدى للتربية والوعي للشباب والفتيات، تعتمد بالدرجة الأولى على الدين والدراسات والنظريات، فدعوات حقوق المرأة في العالم الإسلامي تنطلق من أن كثيرًا من الشباب أصبح لا يعتمد عليهم في حماية أسرهم وزوجاتهم، مما يفقد النساء الشعور بالأمان.
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/428)
تدخل الأهل في الحياة الزوجية
براء العبيدي
تدخل الأهل في الحياة الزوجية خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج.
يعدّ تدخل الأهل في الحياة الزوجية من الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الطلاق في المنطقة العربية بناء على نتائج الدراسات الاجتماعية العديدة في هذا المجال.
لكن اختلفت نتائج هذه الدراسات العلمية من حيث ترتيب درجة سبب"تدخل الأهل"المؤدي إلى الطلاق. فقد اعتبر أنه المسبب الأول والرئيسي للطلاق في المملكة الهاشمية الأردنية كما جاء في التقرير الإحصائي السنوي لدائرة قاضي القضاة لعام 2001. بينما كان في المرتبة الثانية من مسببات الطلاق وفقا لدراسة اجتماعية أعدّت في جامعة الملك سعود بالرياض. وفي دراسة أخرى عن (قضايا الزواج في الكويت 2002) بوزارة الشؤون الاجتماعية بالكويت، تبين أن"تدخل الأهل"هو في المرتبة الثالثة من مسببات الطلاق. ولقد أشارت دراسة إحصائية لحالات الطلاق، قدمها صندوق الزواج عام 2000، أن 66.2% من حالات الطلاق كان بسبب"تدخل الأهل". وذهبت بعض الدراسات التي طرحت (300) سؤالا على مطلق ومطلقة في منطقة الخليج حول أسباب طلاقهم فكان"تدخل الأهل"في شؤون الزوجين وقراراتهما في المرتبة الثانية بنسبة [22.4 %]. بينما أظهرت دراسة تحليلية أخرى لـ 440 حالة زواج من أجنبيات عام 2001 عن أسباب ارتباطهم بأجنبية فأجابت 112 حالة من الذين تزوجوا من أجنبيات أنه هروباً من تدخل الأهل في حياتهم الزوجية. ولقد أشارت نتائج الدراسة الإحصائية التي أعدت في المحكمة الشرعية السنية في بيروت – لبنان عام 2003 أن"تدخل الأهل"في الحياة الزوجية يعتبر السبب الرئيسي الثالث من الأسباب المؤدية إلى الطلاق.
وقبل دراسة هذه الظاهرة لا بد من طرح عدة أسئلة عن تدخل الأهل في الحياة الزوجية، على شكل التالي: متى يتدخل الأهل؟ و متى يكون تدخلهم إيجابيا، ومتى يكون تدخلهم سلبيا، وكيف نحمي البيت من تدخل الأهل السلبي؟ وكيف نوازن في العلاقة الزوجية والعلاقة مع الأهل، هذه الأسئلة سنجيب عنها في هذه الدراسة.
ابتداء لا بد من فهم النظام القرآني لهذه العلاقة انطلاقا من الآية الكريمة في سورة النساء (34- 35).قال الله - تعالى - : (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا).
بناء على ذلك يتبين من أنه ليس للأهل التدخل في الحياة الزوجية لأبناهما إلا:
1- بعد أن ينتهي الزوجان من محاولة حل مشكلتهما.
2- في حالة خوف الشقاق، لا أن يتدخل الأهل في حياة الزوجين المتفاهمين فيقلبانها جحيما، ويكون تدخلهم هو سبب الشقاق.
3- أن يكون في نية الأهل المتدخلين إصلاح المشكلة، وليس إحداث مشكلة غير موجودة.
فلو كان تدخل الأهل في خصوصيات الحياة الزوجية لأبنائهم، فيجب على الزوجان منعهما من ذلك وليكن شعارهما (هذه حياتنا وليست حياتكم). لذا نص الفقهاء على أنه لا يلزم الزوج طاعة والديه لو أمراه بتطليق زوجته أو مخاصمتهما كما هو منتشر كثيرا في مجتمعاتنا، وكثيرا ما يخاف الابن من عصيانهما خوفا من عقوقهما، أو الفهم الخاطئ لبرهما.
قال الإمام محمد بن مفلح القدسي: (كل ما تأكد شرعا لا يجوز له منع ولده، فلا يطيعه...... ولا يطيعهما في ترك نفل مؤكد كطلب علم لا يضرهما به وتطليق زوجة برأي مجرد لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (لا ضرر ولا ضرار) وطلاق زوجته لمجرد هوى ضرر بها) الآداب الشرعية والمنح المرعية جـ1ص437 بتصرف.
وقال الإمام محمد بن أحمد بن سالم السفاريني تأكيدا لهذا الكلام: (بل عليه أن يبادر لفعل الأمر المؤكد عليه ولا يلتفت لنهيهما. –وأعقب كلامه هذا بجملة مهمة – نعم يأخذ بخاطرهما ولا يداريهما).غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب جـ1ص383
وعليه فإن كل ما يزيد من الخلافات الزوجية أو يشعلها بسبب الوالدين فلا يجب عليه أن يلتفت إلى كلام والديه في ذلك، وليس هذا من العقوق في شيء.
قد يعترض البعض فيقول إن إبراهيم - عليه السلام - أمر ابنه إسماعيل - عليه السلام - بطلاق زوجته فطلقها برا لوالده وذلك في الحديث الذي جاء فيه: (.......... فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بشرٍّ، نحن في ضيق وشدة، فشكت إليه، قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي - عليه السلام - ، وقولي له يغير عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا، فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت:نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غير عتبة بابك، قال ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك، فطلقها،وتزوج منهم أخرى............)البخاري (3184).
إلا أن هذا الحديث ليس فيه ما يفهمه البعض لأن زوجة إسماعيل أفشت أسرار البيت الزوجي لرجل لا تعرفه. فمثل هذه الزوجة لا تصلح لأن تكون زوجة لنبي من أنبياء الله - تعالى - . فكان إرشاد إبراهيم - عليه السلام - لابنه بطلاقها حفاظا عل بيت ابنه من الخراب، ولم يكن طلبه لطلاقها لمجرد هوى أو خلافات بين الزوجة والحماة كما هو واقعنا، فالأمر مختلف، والاستدلال بهذا الحديث لا يستقيم.
للإجابة على التساؤلات السابقة في"ظاهرة تدخل الأهل في الحياة الزوجية"لابد من تقديم الطروحات العلاجية والإرشادات الوقائية للمقبلين على الزواج والمتزوجين بشكل عام تفاديا لتفاقم هذه المشاكل الاجتماعية التي قد تصل في نهاية المطاف إلى التفكك الأسري.
أولاً: تصنيف الحالات الاجتماعية الأكثر عرضة لتدخل الأهل في الحياة الزوجية.
تعتبر كل من الحالات الاجتماعية التالية أكثر تأثراً وتفاعلاً مع تدخل الأهل في الحياة الزوجية:
- الابن الوحيد.
- اعتماد الابن على والديه اقتصادياً (العمل مشترك – ينفق الأب على أسرة ابنه.. التبعية الاقتصادية).
- السكن مع أهل الزوج (أو أهل الزوجة) في منزل واحد مشترك.
- الشخصية الضعيفة لدى كل من الزوج أو الزوجة.
- أن تكون الزوجة قريبة (بنت عم، بنت عمة،.......)
- لديه فهم خاطئ لبر الوالدين وخاصة عند الشريحة الملتزمة، وقد يكون سببه النصوص الدينية التي تفهم بطريقة خاطئة، وقد ذكرنا نموذجا من هذه النصوص سابقاً.
بعد الانتهاء من هذا العرض السريع لهذه التصنيفات الاجتماعية لا بدّ لنا من التحدث عن الإرشادات الوقائية العامة لمنع تدخل الأهل في الحياة الزوجية وحدوث المشاكل الأسرية.
ثانياً: الإرشادات الوقائية.
نتوجه بهذه الإرشادات الوقائية إلى المقبلين على الزواج والمتزوجين الجدد بشكل عام:
•الاتفاق المسبق بين الزوجين على سياسة التعامل العامة مع الأهل (أهل الزوج والزوجة). ونقصد بهذه السياسة رسم حدود العلاقة بين كل من الزوجين وأهلهما من جهة، والاتفاق على الأمور أو المشاكل التي لا يجب على أحد أن يتدخل بها وتعدّ من الأسرار الزوجية، مثال (العلاقة الحميمة، اختلاف طباع أو آراء، أخطاء سلوكية، مطالب خصوصية أو منزلية،...) وعدم إدخال الأهل في تفاصيل الحياة الزوجية اليومية. كما الاتفاق على المشاكل التي يمكن أن يتدخل فيها الأهل في مرحلة معينة على أن يحددان من هو الطرف الذي يدخلانه من الأهل في مشاكلهم. وتتضمن هذه السياسة أساليب التعامل مع الأهل أي فن التقرّب والتودد للأهل وتحديد الزيارات وافتعال المناسبات التي تؤلّف بين قلوب الأهل والأزواج وتعطي لهم الفرصة لمزيد من التواصل الإيجابي.
•مراعاة الحقوق والواجبات: يتعيّن على الطرفين معرفة الحقوق والواجبات الأسرية والعمل على مرعاتها تفاديا لأي خلل في الحياة الأسرية.
•التوازن: عدم شعور الأهل أن الابن قد استحوذت عليه الزوجة أو العكس. فإن توازن الابن في التعبير عن مشاعره من خلال تصرفاته وسلوكياته وطريقة تعامله مع أهله يحمي العلاقة الزوجية من تدخل أهل الزوج وكذلك بالنسبة للزوجة، وذلك من خلال قاعدة أن أحسس أمي أنها رقم واحد وزوجتي رقم واحد، هذا من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يشعر كل واحد من أصحابه أنه أحب الناس إليه.
•ألا يذكر كل طرف لأهله إلا محاسن الطرف الآخر وألا يتحدث معهم عن عيوبه أو سيئاته، ويدافع عن الطرف المتهم أمام أهله في حال وجد أي انتقاد منهم.
•محاربة الأفكار السلبية الشائعة: إن من الأفكار السلبية الشائعة في المجتمع"كراهية الحماة والكنّة"وأصبحت عادة مكتسبة وذلك لأن بعض الحماوات يكرهن زوجة الابن فقط لأنها كنّة إذ كره الكنة شائعة اجتماعياً. لذلك يستحسن على الزوجة أن تحارب هذه الأفكار وأن تبادر إلى كسب ودّ الحماة من خلال الاحترام والتقدير المتبادل، التهادي بالمناسبات وغير المناسبات، المدح والشكر لكل ما تقدمه، الكلمة الطيبة، مقابلة الإساءة بالإحسان، عدم توجيه الانتقادات أو الأوامر والملاحظات المباشرة... وباختصار أن يشعر الأهل أن الزوج أو الزوجة أي الطرف الجديد(الدخيل) في كل من العائلتين إنما هو مثل الابن الحقيقي في العائلة الواحدة.
•يتفق الزوجان أن يعاملا أهلهما بدوبلوماسية ويدعم كل واحد منهما الآخر.
•قاعدة هامة: نحن من ندخل الأهل في مشاكلنا الزوجية ونحن من نضع حدود لهذا التدخل، فعلينا كأزواج أن نحافظ على خصوصية العلاقة الزوجية والعمل على حل مشاكلنا بأنفسنا.
•أن يتفق الزوج على هرم الطاعة أو سلم الأولويات مع زوجته في حالة العجز عن التوفيق بين الطرفين. فمثلا بالنسبة للزوج أمه هي رقم واحد في حياته وأبوه رقم اثنين وزوجته رقم ثلاث، أما بالنسبة للزوجة فزوجها رقم واحد وأمها رقم اثنين وأبوها رقم ثلاث، ففي هذه الحالة تكون الأمور واضحة بين الطرفين في حالة التصادم.
في حال جاءت هذه الإرشادات متأخرة والمشكلة الزوجية تضخمت بسبب تدخل الأهل السلبي في الحياة الزوجية فإليكم بعض النصائح العلاجية لهذه المشكلة.
ثالثاً: الإرشادات العلاجية.
تختلف معالجة تدخل الأهل في الحياة الزوجية من حالة زوجية إلى أخرى وفقاً لعدّة اعتبارات منها: المدة الزمنية لهذا التدخل، نوعية المشاكل التي يتدخلون فيها، آثار هذا التدخل على العلاقة الزوجية، ومن الطرف المتدخل. بشكل عام ينصح باستشارة المتخصصين في القضايا الأسرية في حال كان هذا التدخل نشأ عنه شرخ عائلي أو نزاع بين العائلتين انعكس سلباً على العلاقة الزوجية ويهدد استمرار هذه العلاقة.
سيتم عرض بعض النصائح العامة التي يمكن للقارئ أن يختار ما يناسبه لمعالحة مشكلته أو حدّها:
* الاجتماع العام: هذا الإجراء يوجّه لمن يعاني من تدخل الأهل منذ فترة زمنية ونتج عن هذا التدخل أضرار نفسية ومعنوية بين كل من الطرفين أو طرف والأهل. ونقصد بالاجتماع العام أي ان يتم جمع الأطراف المتنازعة كل من الزوج والزوجة والطرف المتدخل من الأهل على أن يتم في هذا الاجتماع المصارحة وتوضيح الأفكار ووضع حد لهذا التدخل كما تحديد العلاقات والأدوار بين كل الأطراف. وينصح في هذه الجلسة أن يوجد طرف ثالث محايد من أهل الخبرة إن كانت المشكلة متأزمة أو مخافة من تصاعد الخلاف بين الأطراف (ولا يشترط أن يكون اجتماع واحد إنما يمكن أن يسبقه اجتماعات تحضيرية عديدة وفقاً للحاجة).
*الاتفاق بين الزوجين على اعتماد سياسة جديدة للتعامل مع الأهل وذلك بعد مراجعة السلوكيات الخاطئة التي وقع فيها كل من الزوجين والتي دفعت الأهل للتدخل.
*أن يعمل الزوجين على حلّ مشاكلهما الحالية التي استدعت تدخل الأهل.
*ترضية الخواطر: تخصيص وقت معيّن للحوار مع الأهل وترضية خواطرهم بالكلمة الطيبة واللمسة الحنونة وأخذ الرضا منهم.. بهدف تحقيق رغبة الأهل في إسداء النصح لأولادهم ورعايتهم حتى بعد الزواج دون التسبب بضرر التدخل في شؤون الحياة الزوجية الخاصة على أن يتم التغاضي عن تدخلهم الحالي الغير مؤذي ومعالجته تدريجيا، وهذا ما ذكرناه سابقا عن الإمام السفريني حيث قال:(نعم يأخذ بخاطرهما ولا يداريهما) أي ترضية الخواطر.
*يعمل كل طرف على تحسين صورة الطرف الآخر عند أهله، وتحسين علاقة كل من الزوجين مع الأهل من خلال المصالحة والتسامح والتغاضي عن الأخطاء والمعاملة الحسنة وغيرها من فن العلاقات الإنسانية.
*دبلوماسية العائلة: وأكثر من يحتاجها الابن الذي يسكن مع أهله في منزل واحد. فالابن يحتاج هنا إلى الموازنة في تعامله بين الزوجة وأهله من جهة، وأن تشعر الزوجة بالخصوصية والاستقلالية في هذا المنزل المشترك من جهة أخرى. فيستحسن أن يقتني الزوج غرفة مستقلة وأن يخصص للزوجة أغراض خاصة أو أشياء يمكنها التصرف بها لكي تشعر ببعض الخصوصية. كما أن التفاهم والاتفاق بين الزوجين في هذه الحالة مهم جدا، فيتفقان مثلا على مناقشة أمورهم الخاصة في الغرفة المخصصة لهم، وأن يتفقان على المواضيع التي يمكن المناقشة بها أمام الأهل. إضافة إلى توطيد العلاقة بين الزوجة وأهل الزوج وتوزيع الأدوار بينهم.. ويقع على الزوج، في هذه الحالة، العبء الكبير للحد من تدخل الأهل وفي المحافظة على الخصوصية في العلاقة الزوجية.
وفي الختام لا بدّ من التأكيد على أهمية الحوار البنّاء بين الزوجين الذي يعتبر مفتاحاً لحلّ معظم المشاكل الأسرية.
http://www.almutawa.info
ـــــــــــــــــــ(111/429)
الهمسة والنظرة واللمسة لغة حوار بين الأزواج
تعالوا نتأمل تعبيرات القرآن المعجزة في وصف العلاقة بين الرجل والمرأة والتي كم هي تعبيرات مهذبة، ولكنها محملة بالمعاني والمشاهد التي ربما تعجز عنها كتب كبيرة تستفيض في وصف هذه العلاقة بألفاظ صريحة ومباشرة.. تلك العلاقة الخاصة جدا.. شديدة الخصوصية بين الرجل وزوجته.."نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم"سورة البقرة الآية 223. "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن"البقرة الآية 187. "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد"البقرة 187 وتكرر لفظ المباشرة في أكثر من موضع في القرآن ليعبر عن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة. "وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا"سورة النساء الآية 21.
النساء حرث لكم.. النساء لباس لكم وأنتم لباس لهن.. العلاقة الزوجية مباشرة.. العلاقة الزوجية إفضاء بعضكم إلى بعض. ضع هذه الصور وتداعياتها بجوار بعضها لترى صورة متكاملة للعلاقة بين الزوجين!!
الهمسة والنظرة واللمسة:
الزوجة حرث زوجها.. الرجل يحرث امرأته.. ماذا يعني حرث الأرض الذي استمدت منه هذه الصورة.. إنه يعني تقليب الأرض وتهويتها من أجل تنشيطها وبعث الحياة فيها.. إنه يعني تخليصها من كل شيء ضار.. إنه يعني تعهدها بالرعاية بكافة صورها حتى تنبت وتزدهر.. فإذا حرث الرجل زوجته فماذا يفعل؟ خاصة أن الأمر يأتي بصدد العلاقة الجنسية واللقاء بين الزوجين.. وحتى تكتمل الصورة يقول الأمر القرآني "فأتوا حرثكم أنى شئتم" إنك حر تماما.. إنك مفوض تفويضا كاملاً أن تحرث امرأتك في أي مكان وبأي صورة فيما عدا مكان الإتيان الذي ورد ذكره في الآية السابقة.. لا يوجد موانع.. لا توجد معوقات.. إن عملية الحرث تسوي الأرض وتمهدها، وتزيل العوائق حتى تصبح الأرض مستعدة لاستقبال البذرة وتعهدها حتى تنمو وتزدهر.. ولكن الأرض يجب أن تُحرث أولا حتى يتم ذلك..
إنها حرثك أيها الزوج.. يجب أن تفعل كل شيء من أجل تنشيطها من أجل بعث الحياة فيها من أجل إمتاعها حتى تتخلص من كل ما علق في نفسها من هموم وأحزان.. إنها المتعة التي تمنحها أيها الحارث لمن تحرثها.. ومعنى ذلك ببساطة أن العلاقة الجنسية ليست ذلك اللقاء البارد بين جسدين لينتهي بإيلاج عضو داخل عضو، إنها التفاعل الذي يتم بين الأرض وحارثها، إنه الحارث الذي لا يترك أي مساحة من الأرض من غير أن يمر عليها ويقلبها ويتعهدها و إلا أصبح عمله ناقصا.. ولا يصبح حرثا.. لأن هذا هو غرض الحرث، إن الزوج لا بد أن يمر بكل قطعة من جسد زوجته يلاعبها ويحارثها ويلمسها ويقبلها ويتحسسها.. وهو بصدد اللقاء بها.. هذا هو الحرث لا بد أن يأخذ كل جزء من الجسد حقه من الحرث وإلا ما أصبح حرثا.. الهمسة في الأذن.. النظرة للعين.. اللمسة لكل سنتيمتر بكل الوسائل، ملاعبة لما ينتظر الملاعبة، تحسس لما يستحق التحسس، حوار بلغة الجسد بين كل جزء ونظيره، ومع كل جزء من الجسد. هو حوار متبادل وحرث بين الطرفين، فالزوجة مطالبة برد التحية بأفضل منها والحرث بأشد حرثا فمقابل كل همسة همسة، ومقابل كل لمسة لمسة، وهكذا يكون الحرث قد تم، وتكون ظلال الكلمة القرآنية قد مررنا بجزء يسير منها، وما زال الجزء الكبير يحتاج إلى خيال الأزواج وابتكاراتهم حتى يصلوا إلى أبعاد الحرث وصوره التي قصدتها هذه الآية الكريمة.
دفء الاحتواء:
والآن إلى الصورة الثانية، "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" وأيضا في صدد وصف العلاقة الجنسية حيث السياق في الآية بعد السماح للرفث إلى النساء.. اللباس ماذا يعني للإنسان وما هو إحساسه به؟.. إنه الدفء إنه الاحتواء، إنه الأمان.. إنه الستر، إنه الزينة إنه كل شيء.. تخيل نفسك بغير لباس.. الزوج لباس زوجته والزوجة لباس لزوجها في هذه اللحظة عند هذا اللقاء، إنه يحتويها بذراعيه، إنه يدفئها بأنفاسه، إنه يسترها بجسده.. إنه يشعرها بالأمان.. إنه يتزين لها، إنها تتزين له إنها تدفئه بجسدها، إنها تحتويه بعينيها، إنه تؤمنه من أن يقع في الحرام.. إنها تستره بجدائل شعرها.. اللباس يتداخل فينا ونتداخل فيه حتى يصبح جزءا من جلدنا.. ربما لا يستطيع أن نميزه عن جسمنا.. أصبح جزءا من شخصيتنا من كياننا هكذا الزوجان وهما يلتقيان في هذه اللحظة، لا يمكن الفصل بينهما إنهما جسد واحد، إنهما متداخلان، إنهما يريدان أن يذوبا في بعضهما.. كل خلية تذوب.. كل جزء من الجسد يذوب، كل نفس يذوب.. كل نظرة تذوب.. هل تجاوزنا في وصفنا اللباس؟
إفضاء الحب والمشاعر:
إلى المعنى الثالث أو الوصف بالإفضاء وقد أفضى بعضكم إلى بعض.. قد يبدو الإفضاء معنى عامًا وهو في الحقيقة كذلك، ولكنه يشير إلى أن الإفضاء الجسدي وهو أحد معانيه إنما هو جزء من إفضاء أوسع وأرحب هو إفضاء الروح.. إفضاء النفس إفضاء الحب، إفضاء المشاعر، والذي يتوجه إفضاء الجسد إلى الجسد.. هل وصل المعنى؟ هل فهمناه؟ لا علاقة جنسية.. لا شعور بالمتعة الحقيقية إلا بعد لقاء الأرواح والأنفس والإفضاء الروحاني والنفسي.. إلا بالحب إلا بالمشاعر وإلا لتحول الأمر إلى عذاب.. وأي عذاب أشد من أن تلتقي الأجساد متصادمة متنافرة وهي تبدو متقاربة متلاصقة.. وأيضا يحمل الإفضاء الجسدي ظلالا عديدة أفضى أحدهما للآخر أي أنهما أصبحا جسدًا واحدًا.. أي تصور يسرح فيه الخيال للقاء بين جسدين قد أصبحا جسدًا واحدًا؟.
الملامسة الحانية:
والآن إلى المباشرة.. لا تباشروهن.. إذا باشرتم النساء.. لماذا هذا اللفظ بالذات.. بالرغم أنه يبدو ليس معبرا عن اللقاء الجنسي ولكن عن مرحلة الدخول والإيلاج فيه بالتحديد فلماذا جاءت المباشرة التي هي من لقاء البشرة بالبشرة؟ إنه حديث الملامسة الناعمة الحانية فلماذا تأتي اللفظة التي تعبر عن هذا الموقف بتلك الرومانسية والرقة؟ إنها الإشارة الربانية.. أيها الناس أيها الأزواج والزوجات، ليست العلاقة هي لقاء هذين العضوين.. إنها المباشرة.. إنها اللمسة.. تأمل واسرح بخيالك والبشرة تلتقي بالبشرة.. كل جزء من البشرة تلتقي بصاحبتها حتى تحدث المباشرة فتكون النتيجة الطبيعية أن يباشر الذكر الأنثى فيحدث الإيلاج كجزء من فعل عام وشامل تم بين الجسدين، ولا نبالغ إذا ما قلنا بين الزوجين.
وقدموا لأنفسكم:
ثم تأتي الآية المعجزة وكل آيات القرآن معجزة، لتوضح الموقف وأن ما أسلفناه من معان وظلال ليس تعسفًا أو تحميلا للأمور فوق ما تحتمل ـ يأتي الأمر الرباني المباشر الواضح الذي لا لبس فيه ... "وقدموا لأنفسكم"أمر صريح بالملاطفة والمداعبة والملاعبة.. وكل ما يقدم لك كل ما تراه يصلح ليقربك لزوجتك.. كل ما يصلح أن يقرب الزوجة لزوجها.. فالأمر ليس للرجل دون المرأة فكل منهما مطالب أن يقدم لنفسه.. فليجتهد كل إنسان أن يقدم نفسه في أبهى صورة.. إننا نسعى أن نترك انطباعًا قويًا في نفوس الآخرين، إنه أحد الدوافع الاجتماعية الهامة في العلاقة بين البشر ... ألا تريد أن تترك انطباعًا قويًا في نفس زوجتك.. ألا تريدين أن تأسري قلب زوجك وتأخذي بلبه؟ إذن فقدمي لنفسك، إن هذه المنظومة القرآنية الرائعة ترسم صورة تليق بالإنسان وهو يمارس علاقته الجنسية مع إنسان مثله.. إنه يتعهده ويرعاه.. إنه يحتويه كاللباس.. إنه يفضي إليه، إنه يباشره باللمسة والهمسة والقبلة.. كل زوجة وزوج له خصوصيته في حدوث ذلك، إنها المداعبة والملاطفة التي تليق بالبشر.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/430)
البيت كما يجب أن يكون
في عالم اليوم، وحيث يحتاج الأطفال للممارسة الاعتمادية والاستقلالية أكثر وأكثر....
نجد أن الوالدين يقلقون كثيراً بشأن وقت الأطفال بعد المدرسة وحتّى قبل وصولهم لسن المدرسة، فهم يقلقون بشأن صحتهم ونوعية الأصدقاء الذين يتحصلون عليهم... أو حتّى بعض الأقارب والمعارف الذين يختلطون بهم.
يقول الخبراء أن الأطفال الذين تتم مراقبتهم عن كثب توضع لهم حدود واضحة المعالم غالباً يكونون أكثر نجاحاً في المحافظة على أوضاعهم وطباعهم وصداقاتهم في المسار الصحيح.
الحرص على محاسبة الأطفال... ومعرفة أصدقائهم... وأهل أصدقائهم..
يساعد في حمايتهم من اتخاذ قرارات غير موفقة.. ومن الإقدام على أمور لن يكون التعايش معها من قبل الأطفال أو الأهل أمراً سهلاً في المستقبل.
احرص على مقابلة أصدقاء ابنك / ابنتك
حاول / حاولي قيادة طفلك لاختيار الأفضل من بينهم دون توجيه نظره للأشخاص بقدر توجيهها للصفات.
إذا حصل واجتمع الولد أو البنت مع أصدقاءهم في البيت أو عند أحدهم / إحداهن فاسأله مباشرة بعد انقضاء الاجتماع عمّا حصل واطلب تعليقه على بعض التصرفات.
ثم اسأله عن رأيه فيما حصل وكيف يقيم سلوكيات أصدقاءه
وماذا أعجبه وماذا لم يعجبه
وهل يحب من يفعل هذا أو لا يحبه.
بعد أن نتعمق معه في حديث ودي نلفت نظره إلى الصفات الغير حميدة وأنها لا تنبغي أن تصدر من طفل مسلم دون أن نذكر أسماء من قاموا بهذا العمل، فنجعله يهتم بالصفة ويركز عليها أكثر من تركيزه على الشخص لأن هذا يساعده في الحكم على الجميع بدون تدخل العاطفة.
إليك بعض الطرق لجعل المنزل مكاناً أفضل، يساعد الأطفال على حبه، وكذلك أصدقائهم ثم من بعد ذلك تعرف كيف تساعدهم في اختيار الأصدقاء:
رتب للمزيد من المتعة في المنزل:
خطط لبعض الأحداث في المنزل، ألعاب، مسابقات، دروس، واجعلها ممتعة ومسلية ومفيدة قدر الإمكان.
بعض الوجبات الخفيفة لهم ولأصدقائهم:
أحرص على إيجاد أو صنع وجبات خفيفة للأطفال فذلك يجعلهم يحبون العودة للمنزل.
اللعب: لنلعب أكثر مع أطفالنا ونجعل هذه عادة يومية!!
ولنتذكر أنه طالما بمقدورنا فعل ذلك اليوم فلماذا ننتظر الغد؟!!!!
http://www.sahwah.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/431)
حفظ الأعراض
روي: أنَّ امرأة من المسلمين دخلت سوق بني قينقاع، وجلست عند صائغ يهودي يصنع لها حلياً، فأخذ اليهود يحاولونها على كشف وجهها، فأبت، فجاء أحدهم من خلفها ـ وهي لا تشعر ـ فعقد طرف ثوبها إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت عورتها، فأخذ اليهود يتضاحكون، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين فقتل الصائغ، فتكاثر عليه اليهود فقتلوه، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكاد يقتل جميع يهود بني قينقاع، وكانوا سبعمائة رجل، لولا تدخل عبد الله بن أبي بن سلول، وطلبه العفو عنهم، فأجلاهم رسول صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى أذرعات الشام.
في هذه النموذج أمور، فمنها: تمسك المسلمة بحجابها، وحرصها عليه، ورفضها إغراء اليهودي، مع أنَّها صاحبة حاجة عنده، وهو صانع حليها. فيا ليت المسلمات في هذا الزمن يأخذن بعزة وعفة هذه المسلمة الكريمة! ولا يكن كما نرى بعضهن، تكشف عن كفيها وساعديها عند الصائغ، بل ويتعدى إلى كشف نحرها،
بل وبعضهن تطلب من الصائغ أن يلبسها ما تشتري من حلي، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
ومنها: نخوة المسلم وغيرته على أخته المسلمة، مع كونه لا يعرفها، ولكنها أخوة الإيمان التي تلغي كل الحواجز المصطنعة، فَبَادَرَ إلى الانتصار لها، جاعلاً عرضها عرضه. أما اليوم فإنَّ ما نراه من بعض المسلمين ـ هداهم الله ـ يدمي القلب، حيث ضاعت الغيرة منهم على حريمهم، فيترك الواحد منهم زوجته تمشي إلى جواره في الأسواق ـ أمام الرجال الأجانب ـ كاشفة عن وجهها، أو أكثر، وكأنَّه يقول للناس: انظروا إلى من معي!! فماتت الغيرة في قلوبهم على أعراضهم، وأصبحوا من أعظم أسباب تسلط بعض السفهاء على النساء بالمعاكسات.
وكم هو البون شاسع بين شباب المعاكسات وبين هذا المسلم الذي استشهد دفاعاً عن عرض مسلمة؟
أما ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإخوان القردة والخنازير فهو شاهد على أنَّ المتعرض للنساء بالإيذاء يستحق أن يعاقب بالعقوبة التي يراها ولي الأمر رادعة له، ولمن تسول له نفسه أن يسلك طريقه.
اللهم احفظنا في أعراضنا يا كريم.
http://dawahwin.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/432)
كيف تكسب ود زوجتك عملياً
5. صورة عملية لكسب الزوجة:
أولاً: التعامل مع الزوجة
أوفر الراحة لها في كل الأمور الحياتية.
لا أظهر عيوبها في الملبس أو الطعام أو الكلام بشكل مباشر.
اشتري لها هدية بين حين وأخر وابتكر في تسليم الهدية كأن أخفيها في مكان ثم ادعوها إليه مثلا.
إذا أعطتني هدية انقل لها رأي أصدقائي فيها.
لا أكون متعنفا في التعامل معها وأتذكر أنها امراة.
أفاجئها ببعض الطلبات التي كنت ارفضها فاحضرها لها.
إذا كانت لديها هواية أشجعها عليها وأشاركها في إبداء الرأي إن طلبت مني ولا أقول لها"أنا لا افهم في الطبخ أو الزراعة أو الخياطة".
أراعيها في بعض حالاتها النفسية خصوصا في وقت (الدورة، الحمل، النفاس).
أناديها باسم مميز أتحبب به إليها كما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث كان ينادي"عائشة بـ "عياش".
تقبيل رأسها إذا بذلت مجهوداً من أجلي أو عند دخولي المنزل.
إذا دخلت المنزل فلا أفكر بعملي وأتحدث معها باهتماماتها وأحوالها اليومية.
أشجعها على حضور بعض الدروس والبرامج الإسلامية.
ثانياً:الزينة:
اتخذ الزينة في لباسي فإن ذلك محبب إليها.
أتغزل بها بين حين وأخر سواء كان الغزل قولاً أو فعلاً.
أحاول قول الشعر فيها أو النشيد في وصفها.
امتدح زينتها إن تزينت، وأبالغ في المدح.
امتدح رائحة المنشفة وطريقة ترتيب الفراش ووضع الملابس وتطبيقها وتنسيق الزهور وكل ما لامسته يدها.
ثالثاً: الطعام:
امدح الطعام أو الشراب الذي أعدته وأبين مزاياه ومدى رغبتي إلى الوجبة التي أعدتها وأنها كانت في خاطري منذ يوم أو يومين.
احرص على ألا آكل حتى تحضر إلى المائدة حتى نأكل معاً.
اعلم الأبناء أن لا يتقدموا على والدتهم بالأكل.
أساعدها على تجهيز المنزل إذا كان لديها وليمة.
إذا أعدت طعاماً لأصدقائي انقل لها مدحهم للطعام بالتفصيل.
رابعاً:الخدمة:
مساعدتها أثناء الطبخ أو تنظيف المنزل.
إذا دخلت المنزل ورايتها مشغولة فاخفف عنها أشغالها كغسل الصحون وغيرها حتى أزيل عنها التعب والهم في ذلك"وخيركم خيركم لأهله".
القيام بمتطلبات الاطفال ليلا لتخفيف العبء عنها.
أسالها بين فترة وأخرى عن حاجاتها المنزلية.
افرق في معاملتي المالية معها بين ظروف الحياة اليومية العادية وبين المناسبات والمواسم فلا بد أن افتح عليها بالإكرام في المناسبات وأحيانا في بعض الأيام لتتجدد الحياة بيننا.
خامساً: مرض الزوجة:
اهتم بها واقبلها وأوفر الجو الصحي لها.
أعطيها هدية بعد شفائها و اسهر على راحتها.
أقوم بالأعمال التي كانت تعملها بالمنزل.
أدعو لها بالشفاء.
أوفر لها الطعام ولا آمرها بالطبخ.
اقرأ عليها وارقيها بالأذكار المشروعة.
سادساً: أهل الزوجة:
أساعدهم وبالأخص إذا وقعوا في مشكلة.
لا امنعها من صلة أرحامها وزيارة والديها.
اظهر البشاشة عند زيارتهم.
احضر هدية لهم بين حين وأخر.
امدحها أمام أهلها من حسن ترتيبها للمنزل وترتيبها أولادها.
أكون علاقات طيبة مع إخوانها إذا غضب أهلها عليها أرد عليهم بكلمات ملطفة للجو ومهدئة لها.
سابعاً:تربية الأبناء:
اربي أبنائي على احترام والدتهم وطاعتها.
اربي أبنائي على تقبيل راس أمهم.
إذا طلب الطفل مني شيئا أقول له ماذا قالت لك أمك حتى لا أعارضها.
اصطحب أولادي معي خارج المنزل أحيانا لتستريح أمهم من إزعاجهم.
أساعدها في تنظيف الأبناء فهي تغسلهم مثلا وأن ألبسهم ملابسهم.
اتفق معها على أسلوب لتربية الأبناء ولا أخالفها في ذلك.
ثامناً :الإجازة:
اجعل يوما واحدا في الأسبوع للخروج للترفيه عن النفس الابتعاد عن الروتين المنزلي.
أسافر معها إن استطعت ذلك.
اجتمع معها لعبادة الله، كقيام الليل أو قراءة القران وغيره لنستفيد من إجازتنا بما يقوي علاقتنا وينفعنا في ديننا اذكرها يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف.
إذا سافرت عنها اخبرها بمشاعري تجاهها ومكانتها في قلبي.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/433)
قواعد في التميز الأسري
الشيخ مازن الفريح
10 قواعد في التميز الأسري:
كيف تكون أسرتك متميزة، وذلك من خلال تحقيقها لغاياتها وبروز أفراها في ميدان الحياة.
1. عبودية الأسرة.. [تعبيد الأسرة لله]..
من خلال تنشئة أفرادها على العبودية لله وغرس من مبادئ الإسلام في قلوبهم وتربيتهم عليها حتى يكون لسان حالهم ومقالهم ?قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(*)لا شَرِيكَ لَهُ...? (الأنعام:162 ومن الآية 163).
2. إحكام الزمام:
ونعني به جدية الوالدين في الحياة الأسرية، وإتقانهم لوظائفهم. وقيامهم بمسؤولياتهم تجاه الأسرة والمجتمع مع قوة ربط الأسرة بمحورها، ودفعها لتحقيق أهدافها وحثها إلى الوصول إلى غاياتها.
3. إبراز القدوات:
وفي مقدمة القدوات الأسرية الوالدان، فكلما استجمعا صفات القدوة كلما ازداد تميز الأسرة.
4. تنمية المهارات:
اكتشاف المواهب والقدرات في الأسرة، ودفعها إلى البروز من خلال تنميتها وتشجيعها وإيجاد الفرص لصقلها ونضوجها.. (دورات تدريبية – تخصصات أكاديمية – برامج أسرية).
5. الإقناع بضرورة التميز:
ترسيخ القناعة بضرورة التميز لدى الأسرة، وأن كل فرد من أفراد الأسرة عنده من القدرات والملكات ما يؤهله للوصول إلى ما هو أفضل مما هو عليه الآن. وأن من العيب أن يقعد الإنسان عن استكمال نقصه:
ولم أرى في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام
فتترسخ القناعة بالقدرة على التميز في قلب كل فرد منها..
6. تجاوز العقبات:
طريق التميز فيه من العقبات ما يقعد أصحاب الهمم الدنيئة، والهمم الضعيفة، ولذلك فإن المتميزين هم أقدر الناس على حل المشكلات وتجاوز المعوقات..
أعجبني نبوغ طالب في المرحلة المتوسطة وتفوقه على زملائه، فسألت عن أسرته فقيل إنه يتيم، فأدركت أن وراء هذا التميز أماً تجاوزت عقبات كثيرة. وأصرت على تحدي الموقف فحققت التميز.
7. إتقان فن التربية:
البشر يتفاوتون في طباعهم، ويختلفون في نفسياتهم وإن كانوا من أسرة واحدة.. وتربيتهم وفق هذه المتغيرات يحتاج إلى فن في التعامل معهم وكسب ثقتهم وضمان استجابتهم لما يريده من مبادئ وقيم.
8. تهيئة البيئة الأسرية:
التميز لا ينبت في الأرض السبخة، والطقس المتقلب الهائج بالمشكلات الأسرية، والاضطرابات النفسية، فكلما كان جو الأسرة يسوده التفاهم والتوائم بين الأفراد مع قلة المشكلات الزوجية كان ذلك عوناً على زيادة فرص التميز والإبداع.
9. التقلل من المباحات:
لقد ملئ عصرنا بوسائل اللهو، وتفنن في أساليب صرف المرء عن المعالي بألوان من مضيعات الوقت ومفسداته، والإنسان يميل بطبعه إلى الترفه وحب اللهو بألوانه المتعددة وصوره المختلفة مما يعيقه أو يصرفه عن التميز. فأقلل حظك من المباحات واحمل نفسك على مكابدة الصعود إلى المعالي..
10. استسق التميز:
التميز نعمة وفضل، والفضل كله بيد الله - عز وجل - لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، ?قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ? (آل عمران: من الآية26).. وقد سلك أنبياء الله - عز وجل - سبيل الدعاء وسألوا الله التميز فقال قائلهم - عليه السلام -: ?وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً? (الفرقان: من الآية74)..
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/434)
كيف يكون الزواج من الثانية ناجحا
مازن الفريح
كيف يكون الزواج من الثانية ناجحاً؟ [10 خطوات]
1. أن يكون وراء الزواج بالثانية أسباباً واقعية تدعو إليه أكثر ولا يكن السبب مجرد مغامرة أو تجربة أريد أن أخوض غمارها وأتباهى بها.
2. القدرة على أعباء الزواج من الثانية، والإنفاق على أسرتين في آن واحد، لاسيما في المسكن..
3. الاجتهاد في العدل والإنصاف بين الزوجتين بقدر الإمكان.
4. علاج أسباب الغيرة بين الزوجتين، وعدم ذكر محاسن إحداهما عند الأخرى.
5. مراعاة الالتزامات التربوية والمسئوليات الزوجية لكلا الأسرتين، وإيجاد الوقت الكافي للقيام بتلك المسؤوليات ورعاية تلك الأمانات.
6. حسن اختيار الزوجة الثانية، ومعرفتها المسبقة بالحالة الاجتماعية والأسرية للزوج.
7. بذل الجهود –لاسيما في الأيام الأولى- في إرضاء الزوجة الأولى، وطمأنتها ببقاء حب زوجها لها وبث روح التفاؤل ورفع حالة الإحباط، مع إخبارها برغبتك بالزواج من الثانية وعدم مفاجأتها بذلك.
8. تنظيم علاقة الأسرتين، والتوفيق بين الزوجتين والوصول إلى الحد الأدنى من التوائم والتأقلم، لما لهذا التفاهم من أثر على أولاد كلا الزوجتين.
9. حل المشكلات الناتجة عن سوء الظن والغيرة، وعدم تأخيرها أو التعامل معها بالتجاهل وتركها للزمن حتى لا تتفاقم وتتحول إلى عداء نفسي تؤصله الأيام، ويكبر مع الزمن، ويتربى عليه الأبناء.
10. معرفة الأحكام الشرعية في العدل بين الزوجات والالتزام بها في القسمة بينهن، وتقوى الله - عز وجل - في حقوقهن [الظلم ظلمات يوم القيامة].
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/435)
المصارحة بين الأزواج
أجمعت الآراء على أن الصراحة هي قوام الحياة الزوجية السليمة وأنه لا غنى عنها بأي شكل من الأشكال كما أنها ضرورية لإيجاد التفاهم وحصول المودة ولكن اختلفت الأقاويل حول مدى الصراحة، وتعريفها ومدى علاقتها بالرجولة أو الأنوثة وهل هي مطلقة أم مقيدة، واجبة أم مستحبة، وكم هي نسبتها بين الزوجين والصديقين هل هي على مستوى واحد أم متفاوتة؟ وكيف تتحول من نعمة إلى نقمة؟
ويعد الكذب والمداراة وعدم المصارحة من أهم أسباب ضعف الثقة فالزوجة التي اعتادت الكذب وعدم الاعتراف بالخطأ تعطي الدليل لزوجها على ضعف ثقته بها وبتصرفاتها وعدم تصديقها وان كانت صادقة، والزوج الذي يكذب يعطي الدليل لزوجته كذلك.
ولو التزم الزوج وكذلك الزوجة الصدق والمصارحة لخفت المشكلات بينهما والثقة لا تعني الغفلة ولكنها تعني الاطمئنان الواعي، وأساس ذلك الحب الصادق والاحترام العميق وبناء ذلك يقع على الطرفين والمصارحة تدفع إلى مزيد من الثقة التي هي أغلى ما بين الزوجين وإلزام كل طرف بالصراحة منذ بداية حياتهما سويا ولا يطلب الزوج الذكي من زوجته أو خطيبته أن تقص له بداية حياتها وان طلب منها ذلك فلا يجب عليها أن تستجيب ويظهر بطلبه ذلك انه لا يعرف شيئاً عنها وعن عائلتها والسؤال كيف يرتبط بفتاة لا يعرف عن أهلها وبيئتها شيئاً؟ فيجب على الشاب أن يعرف ذلك كله قبل الزواج وليس بعده، وهذا من حقه قبل الزواج وليس من حقه بعد الزواج أن يطالبها بسرد قصة حياتها ويطرح عليها الأسئلة التي لن تزيد إلا في الفرقة، كمن أحببت؟ ومن خطبك قبلي؟ ومع من خرجت؟ وغيرها من الأسئلة التي هي طريق وإنذار ببداية انتهاء هذه العلاقة.
والصراحة هي أساس الحياة الزوجية وهي العمود الفقري في إقامة دعائم حياة أسرية سليمة خالية من الشكوك والإمراض التي قد تهدد كيان الأسرة بالانهيار وانه إذا ارتكزت الحياة الزوجية عليها كانت حياة هادئة هانئة أما إذا أقيمت على عدم المصارحة فإنها تكون حياة تعسة يفقد خلالها كلا الزوجين ثقته في الآخر.
ولكن للصراحة حدود فهي بين الأزواج ليست كما يفسرها البعض بأنها صراحة مطلقة وبلا حدود لأنها وبهذا التعريف تعتبر نقمة وليست نعمة فقد تؤدي إلى تدمير الأسرة خاصة إذا كان الزوجان ليسا على درجة كافية من التفهم والوعي والثقة المتبادلة لذا فإن للصراحة حدوداً تتمثل في مصارحة كلا الزوجين للطرف الآخر بما لا يضره أو يجرح مشاعره أما فيما يتعلق بحياة كل منهما الخاصة البعيدة عن المنزل والأسرة والأبناء كعلاقتهما بأصدقائها أو أهليهما فإنه لا يجب فيها المصارحة على الإطلاق وذلك لان للأهل والأصدقاء أسرارا خاصة لا يجب أن يفشيها أي طرف لاسيما وان معرفتها لن تنفع بل ربما تضر بهما وبأهليهما فلذا على الزوجة التي تريد أن تحافظ على أسرتها أن تصون سرها ولا تبوح به لأحد وبذلك فهي تكسب ثقة زوجها واحترام أهلها في آن واحد.
فالصراحة ضرورية بين الأزواج وهي الأساس السليم الذي تبنى عليه الحياة الزوجية وأية علاقة في الحياة وعدم توفر الصراحة بدرجة كافية بين الأزواج يعتبر مؤشراً خطيراً لحياتهما معا حيث يفتح الكتمان باب الكذب والمواربة والمجاملة وهذا لا يعتبر نقطة ايجابية في الحياة الزوجية. كذلك من المهم جداً أن تكون للمصارحة الزوجية حدود لأنه وان كان الزوجان عنصرين يكمل كل منهما الآخر إلا أنهما في النهاية يعتبران شخصين مختلفين فلكل منهما حياته الخاصة وأسراره التي لا يجب أن يطلع عليها احد، خاصة إذا كانت تلك الأسرار لا تتعلق بحياتهما معاً وإنما بعلاقة كل منهما بأهله وأصدقائه وبالرغم من تقديرنا للصراحة وأهميتها في الحياة الزوجية إلا أنني اعتقد إنها غير متوافرة بالدرجة المطلوبة وان نسبة من يتعاملون بها ضئيلة للغاية وهي عملة نادرة تكاد تنقرض ويعود سبب عدم المصارحة بين الأزواج إلى طبيعة وخصائص العصر الذي أصبح الإنسان فيه يخشى أخاه ولا يثق به فكيف إذن بالأزواج الذين لا تربط بينهم علاقة دم واعتقد انه لا يوجد شيء اسمه صراحة مطلقة خصوصاً في الحياة قبل سن الزواج فليس من الحكمة أن يصارح احد الزوجين الآخر بماضيه أو تجاربه الشبابية لأنه حتى وإن غفرت الزوجة لزوجها فإن الزوج لن يغفر لها أبدا ومن ثم تصبح الصراحة الايجابية غير ايجابية عند تطبيقها على أرض الواقع فينبت الشك بين الزوجين ويبرز عدم الثقة وتبدأ الأسرة بالانهيار ومن قال إنه يجب على الفتاة أن تسرد قصة حياتها على زوجها هل هناك آية كريمة أو حديث شريف يدل على ذلك بل على النقيض أمرنا الله بالستر وليس بالفضيحة.
ونحن بصدد التحدث عن مبدأ الصراحة ما بين الأزواج والزوجات علينا أن نتناول الشق الأول من الزواج ألا وهو فترة الخطوبة فيجب على الفتاة ألا تنسى إنها ستتزوج من رجل شرقي، وأنه سيظل شرقياً مهما حصل على شهادات أو سافر إلى بعثات، فالشرقي شرقي ولن تتغير أفكاره مطلقا تجاه فتاته وما ينتظر منها من نقاء وصفاء هنا علينا بتحذير الفتاة من عدم التمادي معه في الحديث عن شخص كانت تتوقعه خطيباً وأعجبت به ولم تتم الخطوبة، أو قريبا تودد إليها ولم تصده.
فحكايات كهذه قد تؤثر في نفسيه الخطيب ما يدفعه إلى فسخ الخطبة قبل إتمام الزواج فالرجل الشرقي مهما أعجب بفتاة ما وبأفكارها ومبادئها وأسرتها فلن يرضيه إلا أن يكون الأول في حياتها، حتى وإن تم الزواج فستسير الأيام صعبة بين خلافات وشجار وبكاء وتنتهي الأيام ـ المفروض إنها أيام العسل ـ إلى أيام نكد وحزن وقد لا يضبط انفعالاته فيصل الحال إلى الضرب والطلاق أحيانا.
ولكن الشق الثاني من الزواج ـ هو بعد عقد القران فقد أصبحت زوجته وقرة عينه ـ فعليك بالحذر وأن تكوني الزوجة المخلصة المحبة وأن تمدي جسور الصداقة والصراحة مع زوجك ـ وعليك التزام أوامر دينك فلا يدخل قريب أو غريب في غيابه ولا تقابلي أحد الأقارب من السوق فتتمشين معه بحجة أنه قريبك ثم تعودي لتصارحي زوجك فهذه ليست بالصراحة هذه لطمة لكبريائه وعزة نفسه، ولكي يحترم زوجك مبادئك وأفكارك فلابد أن تحترسي لمساحة الحرية والثقة التي منحها لك الزوج وأن ترجعي عن كل تصرف أحمق فعلته في الماضي.
أن استقامة الحياة الزوجية تبنى أساسا على مدى مصارحة الأزواج بعضهم بعضاً وهذه المصارحة يجب أن تكون بلا حدود وإن كان لابد في استخدامها من الالتزام باللياقة وحسن الكلام ولعل من أهم المشكلات التي يتعرض لها مجتمعنا الحالي سواء الطلاق أو تعدد الزوجات يرجع بالدرجة الأولى إلى عدم توافر الصراحة بالدرجة الكافية بين الزوجين مما أدى بهما إلى تعقيد المشاكل وعدم القدرة على التوصل إلى حلول ايجابية لها فكثرت الضغائن واشتدت الانفعالات وانعدمت الثقة وبالتالي جاءت العواقب وخيمة على الطرفين.
ولعدم المصارحة بين الأزواج عدة عوامل من أهمها: العادات حيث أصبحت العادات والتقاليد عاملاً أساسيا في عدم مصارحة الزوج لزوجته في مختلف الأمور فقد ساد اعتقاد خاطيء بأنه إذا صارح الزوج زوجته بمشاعره الحميمة تجاهها فإن ذلك ينقص من رجولته ويقلل من شأنه وهيبته في نظرها.
بل وقد يصيبها بالغرور في نفسها إلى حد انه يصبح بالامكان أن تكون هي الآمر الناهي في البيت وتسيطر على كل ما فيه.
واعتقد أن ذلك الاعتقاد خاطيء وانه يجب على الأزواج أن يسرعوا بتدارك الأمور وان يشعروا زوجاتهم بأنهم يبادلونهن نفس المشاعر والأحاسيس حتى لا تصاب الحياة الزوجية بالمرض الذي لا تشفى منه ولا عيب في ذلك فقد خلقنا الله لنكون هكذا وأيضا فإن ديننا الحنيف أوصانا بحسن معاملة المرأة والتلطف معها.
وكذلك فإن الحالة النفسية للفرد تلعب دوراً مهماً في المصارحة بين الأزواج فكلما استقرت نفسية الزوج أو الزوجة وكلما وثق في نفسه وفي سلوكياته كان أكثر صراحة والعكس صحيح فقد نجد في بعض الأحيان زوجات يعلمن تماماً بخيانة أزواجهن وعلى الرغم من ذلك فإنهن لا يبدين أية ردة فعل ويفضلن عدم المواجهة علماً بأن عدم المواجهة أو المصارحة قد يجعل الزوج يتمادى في خيانته واعتقد انه لو صارحت هذه الفئة من النساء أزواجهن لاستطعن أن يقومن من سلوكهم ويتفادين النتائج السلبية التي ترتبت على تلك الخيانة وما من شيء يمنع تلك النسوة من المواجهة إلا عدم ثقتهن في أنفسهن وضعف شخصيتهن.
وأخيرا فإنني أتوجه لكل الأزواج والزوجات أن يتعاونوا معاً على سلامة واستقرار حياتهم الزوجية وان يتفهموا طبيعة العصر الذي نعيش فيه بعيداً عن العادات والتقاليد البالية منتهجين في ذلك قول الله - عز وجل - «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/436)
الزواج هل يقتل الحب
الزواج لا يقتل الحب، بل لعله يزيده عمقا وأصالة، كل ما في الأمر أن الحب لا يعود بحاجة إلى التعبير عن نفسه ما دام الزواج يشهد بوجوده ويحميه، لكن من الناس من لا يشعر بذاته وبعواطفه فيظل بحاجة إلى أن نقول له أننا نحبه، وأن نكرر ذلك في كل حين وإلا شعر بالألم والتعاسة، وهذا شأن المرأة والرجل أيضا. وفى الحياة المشتركة يجد الحب أشكالا جديدة يعبر بها عن وجوده ويؤكد بها أصالته وعمقه، وبالتالي تصبح عبارات الحب بلا فائدة ولا جدوى، فالأعمال والمواقف فيها الكفاية، بل أنها هي وحدها التي تثبت وجود الحب وتعبر عنه حقا.والواقع أن الحب تعبر عنه محاولات الزوجة الجادة لتحقيق مزيد من التفاهم والانسجام، وكذا الرغبة المشتركة في إنجاب طفل وآمالهما المشتركة، كل هذا صحيح في حد ذاته، لكنه لا يحول دون إحساس المرأة بالألم ما دام الزوج لا يعبر لها عن حبه ولا يبدى نحوها مزيدا من الرقة واللطافة، وكثيرا ما تلحظ المرأة أن إقبالها على الزوج وزيادة رقتها تجاهه، كثيرا ما تزيده توترا، فبعض النساء تشعرن بأنهن كلما أبدين مزيدا من الرقة واللطف شعرن بابتعاد أزواجهن عنهن. ولا يستطيع الزوجان في الحقيقة أن يتجنبا لحظات الفتور التي تنتاب حياتهما من آن لآخر، وخير لهما أن يعترفا بالواقع وأن يواجهاه في هدوء وشجاعة، وهما واثقان بأن السحب لا تلبث أن تزول، فتوتر أحدهما وغضبه ليس حتما أن يكون تابعا لهدوء الآخر وابتسامته، بل قد يزداد التوتر كلما بالغ الآخر في اصطناع الهدوء والمرح الزائف. عادة المحبان أنهما يتباهيان بأنهما وحدة متكاملة لا فرق بينهما ولا تكليف، وهذا خطأ، فمهما كانت الروابط بينهما قوية وثيقة، ومهما كان الانسجام بينهما كاملا فسوف تظل لكل منهما ذاته ومزاجه وميوله وقدراته وطباعه وأفكاره، ومن هنا لابد من وجود الكلفة بينهما حتى يتجنبا الصدمة حين يكتشفا أنهما غير متفقين في كل شيء بعكس ما كانا يتوهمان.ثم إن كل منهما قد يخشى على حريته من ظغيان الحب لا شك ينأى عن المحبوب كلما اقترب هذا منه، إن طغيان الحب يخيف أحيانا. إن عبارة"قل لي أنك تحبني"قد تعني"قل لي أنك تحبني ما دمت بالفعل تحبني.. قل لي إنك فعلا تحبني بصرف النظر عن حقيقة عواطفك نحوى".إن رد الفعل التلقائي قد تكون الصمت أو إجابة قصيرة مثل"طبعا أحبك كما تعلمين"والحقيقة أن الحب لا يقتله الزواج، وتكفى التصرفات والأفعال للدلالة على الحب وقوته.وليست المرأة وحدها هي التي تود أن يعبر لها زوجها عن حبه، فالرجل أيضا يستبد به أيضا نفس الإحساس... والحقيقة أن الحب لا يقتله الزواج إنما يتم التعبير عنه بأشياء أخرى تلحظها وتشعر بها المرأة الذكية، ويدركه ويلمس حرارته الزوج النبيه، وكل يعبر عن حبه بأسلوب أو بآخر.
أن الغريزة الجنسية تُولد وتتحرك وتقوى في سِنّ اليافعة، أي حوالي الخامسة عشرة من العمر، أي قبل اكتمال القدرة العقلية، واستطاعة النهوض بأعباء الزواج، ورعاية الأسرة، ومعاملة الصاحب الآخر بعدالة وشرف.
إن الزواج ليس تنفيسًا عن ميل بدني فقط! إنه شركة مادية وأدبية واجتماعية تتطلب مؤهلات شتى، وإلى أن يتم استكمال هذه المؤهلات وضع الإسلام أسس حياة تكفل الطهر والأدب للفتيان والفتيات على سواء.
وأرى أن شغل الناس بالصلوات الخمس طول اليوم له أثر عميق في إبعاد الوساوس الهابطة، ينضم إلى ذلك منع كل الإثارات التي يمكن أن تفجّر الرغبات الكامنة. إن الحجاب المشروع، وغَضّ البصر، وإخفاء الزينات، والمباعدة بين أنفاس الرجال وأنفاس النساء في أي اختلاط فوضويّ، وملء أوقات الفراغ بضروب الجهاد العلمي والاجتماعي والعسكري - عند الحاجة -؛ كل ذلك يؤتي ثمارًا طيبة في بناء المجتمع على الفضائل.
ثم يجيء الزواج الذي يحسن التبكير به، كما يحسن تجريده من تقاليد الرياء والسرف والتكلف، التي برع الناس في ابتداعها فكانت وبالا عليهم.
إن من غرائب السلوك الإنساني أنه هو الذي يصنع لنفسه القيود المؤذية، وهو الذي يخلق الخرافة ثم يقدسها!!
إن الإسلام الحق هو الدواء الناجع، والعناصر التي يقدمها لقيام مجتمع طاهر، تصان فيه الأعراض، وتسود أرجاءه العفّة وتبدأ من البيت، فالصلوات تنتظم أفراده كلهم الصبية والرجال، ويُراقَب أداؤها بتلطف وصرامة، وتراعي شعائر الإسلام في الطعام واللباس والمبيت والاستئذان، واستضافة الأقارب والأصدقاء..
إن جوانب الحياة العامة كثيرة، وهي مسئولة عن صون البيت وإشاعة الطهر، وإنشاء أجيال أدنى إلى الاستقامة.
هناك معالم ثلاثة ينبغي أن تتوفر في البيت المسلم، أو أن تظهر في كيانه المعنوي ليؤدي رسالته ويحقق وظيفته، هذه الثلاثة هي: السكينة والمودة والتراحم..
وأعني بالسكينة الاستقرار النفسي، فتكون الزوجة قرة عين لرجلها، لا يعدوها إلى أخرى، كما يكون الزوج قرة عين لامرأته، لا تفكر في غيره..
أما المودة فهي شعور متبادل بالحب يجعل العلاقة قائمة على الرضا والسعادة.. ويجيء دور الرحمة لنعلم أن هذه الصفة أساس الأخلاق العظيمة في الرجال والنساء على سواء، فالله سبحانه يقول لنبيه"فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.."(آل عمران:159)، فليست الرحمة لونا من الشفقة العارضة، وإنما هي نبع للرقة الدائمة ودماثة الخلاق وشرف السيرة..
وعندما تقوم البيوت على السكن المستقر، والود المتصل، والتراحم الحاني فإن الزواج يكون أشرف النعم، وأبركها أثرا ...
وسوف يتغلب على عقبات كثيرة، وما تكون منه إلا الذُّريات الجيدة، أن أغلب ما يكون بين الأولاد من عُقَد وتناحر يرجع إلى اعتلال العلاقة الزوجية، وفساد ذات البين.
إن الدين لا يكبت مطالب الفطرة، ولا يصادر أشواق النفس إلى الرضا والراحة والبشاشة، وللإنسان عندما يقرر الزواج أن يتحرّى عن وجود الخصال التي ينشدها و ذلك حق المرأة أيضا فيمن تختاره بعلاً.
فإذا صدَّق الخُبْر الخَبر صحَّ الزواج وبقى، وإلا تعرض مستقبله للغيوم.
وهناك رجال يحسبون أن لهم حقوقًا، وليست عليهم واجبات، فهو يعيش في قوقعة من أنانيته ومآربه وحدها، غير شاعر بالطرف الآخر، وما ينبغي له. والبيت المسلم يقوم على قاعدة عادلة"ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة"(البقرة:228)، وهي درجة القوامة أو رياسة هذه الشركة الحيّة..! وما تصلح شركة بدون رئيس.
وبديهي ألا تكون هذه الرياسة ملغية لرأي الزوجة، ومصالحها المشروعة أدبية كانت أو مادية..
إن الوظيفة الاجتماعية للبيت المسلم تتطلب مؤهلات معينة، فإذا عَزَّ وجودها فلا معنى لعقد الزواج.
وهذه المؤهلات مفروضة على الرجل وعلى المرأة معًا، فمن شعر بالعجز عنها فلا حقَّ له في الزواج..
إذا كانت المرأة ناضبة الحنان قاسية الفؤاد قوية الشعور بمآربها بليدة الإحساس بمطالب غيرها فخير لها أن تظل وحيدة، فلن تصلح ربة بيت، إن الزوج قد يمرض، وقد تبرّح به العلّة فتضيق به الممرضة المستأجرة. المفروض أن تكون زوجته أصبر من غيرها وأظهر بشاشة وأملاً ودعاء له..
ولن نفهم أطراف هذه القضية إلا إذا علمنا بأن البيوت تبنى على الحب المتبادل،"هن لباس لكم وأنتم لباس لهن"(البقرة:187) كما قال - تعالى -.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/437)
تنبيهات حول ما في أيام الخطبة من سلبيات
سليمان عبد الكريم المفرج
•أخي الزوج:
لنقف قليلاً بعد أن أصبحت رباً لأسرة وعلى عتبة مرحلةٍ جديدة في حياتك، فلابدَّ أن تكون واعياً لمستقبلك ومقدراً حجم الأمانة والمسؤولية التي صرت مكلفاً بها، ولئن كنت بالأمس وحدك فالآن أتى من يشاركك، ولئن كنت في الماضي تفكرِّ لنفسك فالآن تفكر لك ولغيرك، ومنذ العقد وإلى أن تخلوا بزوجتك ليلة زفافك فإنه يحدوك الأمل المشرق والمستقبل الباسم والتفكير في السعادة، لذلك فهذه الفترة فترة استراحة لابد أن تنتبه إلى أمرٍ مهم غفل عنه كثيرٌ من الأزواج.
•أعلم أخي الزوج أنه من حين العقد أصبحت المرأة زوجتك وفي عصمتك، لك أن تراها وأن تكلمها وأن تخلو بها، وهذا شيء لا يجهله أمثالك، ولكن لدي كلام لم يألفه بعض شبابنا خاصة هذه الأيام التي يُطلق عليها الحضارة والتقدم، وأرجو أن يُفهم مقصودي ولا يُحمل على غير محمله.
•أخي الزوج:
إن كثيراً من الشباب على عتبة الزواج يرون أن أيام الخطوبة وقبل الدخول بالزوجة أياماً عظيمة تتربى فيها الفرحة، ويطير فيها الفؤاد محلقاً في سماء المشاعر والأُنس، وحياة تنطلق بالأمل المشرق والأحلام السعيدة.
•وطيلة هذه الفترة طالت أو قصرت فإنه مشغول بالحبِّ والغرام عن أمور مهمة في حياته رماها خلف ظهره في سبيل إشباع رغبته، ومن رؤية حبيبته والتسلي معها بلذيذ الحديث والعبارات اللطيفة وأحلام المستقبل، بل ويرى نفسه كعصفور ظلَّ حبيس الحرية في قفص وفجأة يخرج منه إلى الفضاء إلا من رحمن الله، وكل ذلك مباح شرعاً إذا خلا من المنكرات، ولكن ليس كل مباح نتركه دون ضوابط وتوجيهات،
فإليك أخي ما لمسته من سلبيات لدى الكثيرين في هذه الأيام؛ لعلَّك أن تستفيد، والسعيد من وعظ بغيره.
وأذكرها باختصار:
•ضياع الوقت وإهداره في الجلوس معها والسهر الطويل المفرط أو عبر الهاتف، وقد ينجم عن ذلك ضياع لصلاة الفجر وأمور أخرى.
•الإسراف وضياع الأموال في سبيل التقرب منها. وشراء ما يزيد عن الحاجة في سبيل كسب ثنائها من هدايا وغيرها، وربما أثقل كاهله بالديون منذ البداية، وبعضهم تصل إليه فاتورة الهاتف وفيه آلاف الريالات.
•تجاهل المسؤولية والبعد عن أداء الحقوق الواجبة للنفس والوالدين وصلة الرحم، فليس هناك وقت ((والمشغول لا يُشغل)) والأشد من ذلك هجر الدعوة إلى الله، وهذا ما يقصدونه من قولهم ((الزواج مقبرة للدعاة)).
•كثرة التفكير وما يصحبه من هموم وإخفاق في جوانب عديدة في الحياة، لاسيما في مجال الدراسة والمعاملة مع الناس، وربما يتبع ذلك ضعف البنية، وقد يحدث أمراضاً نفسية وعصبية وعضوية خاصة إذا تخلل هذه الأيام بعض الصدمات غير المتوقعة أو مشاكل أسرية، والواقع يشهد بذلك.
•ذهاب الوقار والهيبة أو شيئاً منهما في سبيل هذه اللذة، والوقوع في إحراجات ومغالطات أو مهاترات كان الأولى تجنبها؛ مما يوجه أنظار الناس وكلامهم وسقط مأخذهم لاسيما السفهاء ومحترفي أكل لحوم الناس والتفكه بأعراضهم.
•لا ينتبه بعض الشباب إلى كثرة المجيء إليها. في بيت أهلها، وتكرار الاتصال هاتفياً وفي أوقات غير مناسبة يضايق أهلها شعر بذلك أم لم يشعر، وقد يطلع على عورات البيت وأسرار المنزل في تكرار المجيء.
•قد يجلب ذلك مشاكل على نفسه هو في غنى عنها، لاسيما مع المعصبين للعادات الذين يرون أن رؤية المرأة حتى ولو بعد العقد علينا عيباً وفضيحة، فضلاً عن رؤيتها قبله، بل يرونه طعناً لكرامة القبيلة. والشيطان يوسوس لهم، وقد يحدث ما لا تحمد عقباه من ضربٍ وقتلٍ وغيره.
•انطفاء لذة ليلة العرس والزفاف وذهاب هيبتها، وذلك بعد التعود على الملاقاة والحديث، وقد يقول بعضهم: إن من حسنات المجيء لرؤية المخطوبة ومكالمتها ذهاب رهبة هذه الليلة مما يجعل الأنس بين الزوجين أكثر، وفيه سلامة من عيوب عدم انتصاب الذكر والخوف، الذي يؤدي إلى الارتباك، وقد يفضي إلى فشل الزواج فيقال: هذا قد يكون صحيحاً، ولكن لابد أن نعلم أن التعود على رؤيتها ومكالمتها قبل هذه الليلة قد يزيل بعض الأمور المستحبة في هذه الليلة، من وضع يده على ناصيتها وقراءة الأدعية الواردة والصلاة معاً، فإن بعض الأزواج قد يفعل هذه المستحبات ولو عن طريق الخجل منها، فيلجأ إلى الأذكار والصلاة حتى يكون في ذلك زوال للرهبة الحاصلة منهما هذه الليلة فقد تضيع مثل هذه السنن
لديهم.
•حصول التساهل والضعف أمام المرأة وطاعتها في كل ما تريد طاعة عمياء، وقديماً قالوا: ((المقبل على الزواج مجنون)) يقصدون بذلك أنه يضيع ما في عقله من اتزان، وما في يده من أموال، وما في نفسه من أعمال، وقد تحصل المجاملة على حساب الدين والرضا بما تفعله المرأة، أو ما يحصل من مخالفات تصدر منها أو منه باسم الحب، ويرى كلِّ منهما أنه وقع بين نارين فيفضل الوقع في أحدهما، ويكون أخطأ التصرف على نفسه أو على الآخر، وهذا من منافذ الشيطان، ومن هذا الطريق فتح الباب على مصراعيه إقناع الزوجة بكشف وجهها عند خوان زوجها، وهذا محرم.
•الشيطان عدو الإنسان، فلا يعجبه توافق المرأة مع زوجها فيفتح لهما باب المعاتبة المصطنعة حتى يعقبها الرضا وكمال اللذة، والعامة يقولون: ((فلان يتغلى)) أي لا ينقاد بسرعة، ويجعل الناس يطلبون منه الشيء وهو لا يطاوعهم حتى يكسب خضوعهم ورجاءهم له فيسعد بعد ذلك. وأحياناً لا يحصل بين الزوجين ورضاً بعد المعاتبة أو تتضخم التوافه من لا شيء فتقع المشاكل والنفرة من البداية، وقد يطلب منها أشياء لا تستطيع فعلها أو العكس، فتتغير النوفس على بعضها، وبعد صفائها يدخلها ما يعكرها، وكل ذلك كان لأجل الدعابة والمعاتبة ولكن يحصل ما ليس في الحسبان.
•قد يتكرر مجيء الزوج إلى بيت أهلها ويراهم ويرونه، ثم بعد ذلك تعقد الجلسات غير المرئية من الأهل، وتكون هناك خلوة بينهما ومداعبات وقبلات، وكل هذا ليس محرماً فهي زوجته شرعاً، لكن المصيبة فيما إذا خرج من عندها وهو مشبع بهذه النشوة وهو شاب في أوج شبابه وعنفوان شهوته، فكيف يفرغ هذه الشهوة العارمة؟
فإما أن يتجرع لهيب الصبر فيرهق نفسه بالتفكير والتخبط فيزداد لقاؤه بها، أو يقع في الحرام بفعل العادة السرية أو اللواط أو الزنا، نعود بالله من ذلك.
خاصة إن لم تشغلها بطاعة الله أشغلتك بمعصية الله، وهذا أكبر نوافذ الشيطان لاسيما في وقت الصيام.
•إن لم يحصل ما سبق من دفع الشهوة أو الوقوع في المنكر؛ فهناك شيء آخر قد لا يجد الزوج سبيلاً آخر إلا هو فيقنعها به للسلامة من التبعات، ويعلل نفسه بأن زوجها وليلة الزفاف قريبة، وعند غياب الرقيب يقوم بوطئها فتحمل الزوجة قبل ليلة الزفاف، طبعاً هو في حلِ من جهة الخالق فهو زوجها، ولكن كيف يتحلل من مخالب الناس وأنيابهم وعاداتهم، فيكون ذلك حديث المجالس والمنتديات، فأين يدسُّ الزوج رأسه؟!
•فإن حصل الزفاف قريباً انتهى الإشكال ولكن هب أنه مات عنها، فماذا يقول الناس حتماً سيقولون: إنها زانية أو تخبرهم بالحقيقة المرَّة، ولكن أين تدسُّ رأسها، وهب أنه طلقها نتيجة مشاكل أسرية وما أكثرها فكيف يكون الموقف أيضاً؟!
•المفارقة دون أن يدخل عليها طامة كبرى تحزن الأسرتين بسبب ذلك، وتتلوع المرأة زمناً طويلً؛ فقد جلس معها وقبلها ورأى ما في قلبها قبل ما في جسمها، وكشف الأسرار والمخبأة طويلاً، وأهدر أوقاتاً غالية وأموالاً طائلة، إنه موقف لا يُحسد أحدُ عليه، وما أكثر ما يحصل في زماننا هذا، والقصص المأساوية كثيرة لا ينتبه إليها إلا بعد وقوعها، وربما صار عند المرأة عقدة نفسية من الأزواج كلهم؛ فتتدمر حياتها، وتكون حبيسة البيت رهينة التفكير والوساوس.
•فلابد إذن من أن نبدأ الحياة بجدٍّ، ونقضي على ما يحول بيننا وبين السعادة، ونغلق كل باب يفضي إلى الشر.
دعونا من الأعراف السائدة والعادات السقيمة البالية، ولنفكر في الحل، ولكن ما هو الحل؟
•الحل المقترح ألا يعقد الزوج إلا قرب الزفاف، فيكون بينهما أسبوعاً أو شهراً على الأقل ((ودرء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح))، وعندئذٍ تخفف من حدة السلبيات على الأقل إن لم نتلافاها بالكلية؛ لأنه قد يصعب ذلك، فالشاب يريد أن يرى مخطوبته ويتحدث معها ولو مجاراة لأقرانه وكذلك الشابة.
•وأتوقع أن هذا رأى فيه توسط، فلا يمنع الزوج من رؤيتها ومكالمتها بتاتاً، ولا يترك الحبل على الغارب أيضاً. أما أن يعقد عليها والزفاف بعد سنة أو سنتين أو أكثر، فهذا لا داعي إليه ولا فائدة منه.
•والحل الأكمل أن نيسر الزواج فتعم البركة، فإذا تقدم الزوج وكان ذا دين وخلق ورضينا به ما المانع أن يقال له: اعقد وخذها معك مع مراعاة الضوابط وعمل الترتيبات دون تكاليف باهظة مرهقة، فتزف إليه مباشرة، فلا ننظر لتكميل دراسة أو كثير مهرٍ ونفقة أو وليمة للخطبة وأخرى للزفاف وغيرها للزيارة، وليكن قدوتنا السلف الصالح - رضوان الله عليهم -، فكانوا هم يخطبون لبناتهم الرجل الكفء، وإننا في هذا الزمان أحوج منهم إلى تطبيق هذه النظرية بل القاعدة التي ينبغي أن ُتدرس حتى في الجامعات، ويتطرق إليها في الخطب والمحاضرات والندوات والمجالس والمنتديات، حتى نسلم من شر التبعات، ويسعد الشباب والشابات، وتقل المنكرات وهتك العورات، ويدوم الوفاق، وتكون تجارة رابحة مع الله - تعالى - بدل أن تكون المرأة سلعة يتساوم الناس في شرائها، فتكون مهانة وقد أعزها الإسلام.
•أعود مرة أخرى في ختام هذه الرسالة فأقول: أرجو ألا يحمل كلامي على غير محمله فلا أحرم على الخاطب الرؤية والمكالمة لخطيبته أبداً، بل أدعو إلى الانضباط فيه وتلافي السلبيات لتعم الفائدة للجميع.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/438)
التعاون المنزلي وتأصيله الشرعي
الشيخ مازن الفريح
التعاون المنزلي:
إن من أعظم أسباب زيادة المحبة بين الزوجين، وتمتين الروابط الزوجية التعاون المنزلي.. ولهذا ورد العديد من النصوص التي تدعوا إليه، وترغب فيه ومن أمثلة ذلك:
أولاً: التعاون المنزلي في العبادة كالصلاة والصدقة ونحوها من الفرائض والمستحبات:
1. التعاون في قيام الليل:
• قال - صلى الله عليه وسلم -: [رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء] حسّنه الألباني.
• وقال - عليه الصلاة والسلام -: [سبحان الله! ماذا أُنزل الليلة من الفتن، وماذا فتح من الخزائن، أيقظوا صويحبات الحُجَر، فرب كاسيةٍ في الدنيا، عارية في الآخرة] رواه البخاري.
قال ابن حجر- رحمه الله - في فوائد الحديث: "ندبية إيقاظ الرجل أهله بالليل للعبادة".
- أجر من أيقظ أهله:
• [إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعاً كتبا في الذاكرين والذاكرات] صححه الألباني في الترغيب (622).
2. في الصدقة:
عن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعاً: [إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدةٍ، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً] رواه البخاري ومسلم.
ثانياً: التعاون المنزلي في شؤون البيت وأعماله:
يخطئ من يظن أن مساعدته لزوجته ومعاونته لها شرخ في رجولته، ونزولٌ عن قوامته، وإهداراً لكرامته ومنزلته.. كلا والله.. بل هي الرحمة والرفق والتعاون الذي حث الإسلام إليه.. وها هو سيد الرجال جميعاً - صلى الله عليه وسلم - يعين أهله في أعمال البيت، فقد سئلت عائشة عنه: ما كان يصنع في بيته؟ قالت:"يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة"رواه البخاري. وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يرقع الثوب ويخصف النعل ويقطع اللحم. ويتأكد التعاون عند حلول الأزمات والعوارض: كمرض الزوجة أو ضعفها لنفاس أو قرب ولادة أو كثرة أعباء. فما أشد قسوة الزوج الذي يدخل بيته فيرى زوجته وقد احتضنت رضيعاً يرضع وطفل يحبو والآخر ينتظر دوره لتغيير ملابسه، والقدر على النار وهو قد وضع رجلاً على رجل وينادي بين الفينة والأخرى: أما انتهيت من وضع الطعام؟!
• قال - صلى الله عليه وسلم -: [من ولي من أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق اللهم عليه].
وبالمقابل فإن الزوجة ينبغي أن تعين زوجها في بعض أموره، كتهيئة طعامه والإجادة في تحضيره، وتهيئة الجو لراحته ونحوها.
ثالثاً: التعاون المنزلي في تربية الأبناء:
المسؤولية في تربية الأبناء مشتركة [الرجل راعٍ في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وولده].
كلما أخلص الشريكان في تربية الأبناء وتعاونا في ذلك وقام كل واحدٍ بواجبه كلما أينعت الثمرة ونضجت وطابت.
من صور التعاون:
• التشاور في حل مشكلاتهم.
• تكامل الجهود في تعليمهم أمور دينهم ودنياهم.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/439)
الأسرة الغربية المعاصرة
تعتبر الأسرة في الغرب من أهم المؤسسات التي تضررت بغد الثورة الصناعية في مطلع القرن الماضي، ومن المعروف أن هذه الثورة كان لها السَّبق في إخراج المرأة من بيتها وأسرتها وإقناعها بأهمية دورها الإنتاجي في المجتمع، كل هذا بهدف تخفيض راتب الرجل وإجباره على الخضوع لشروط أصحاب المصانع. إلا أن ما حصل بعد ذلك أنه قامت بعض النسوة وبمساعدة وإشراف عدد من الرجال بالمطالبة بتعليم المرأة وتثقيفها الثقافة التي تمنع الرجل من استغلالها والتقليل من شأنها، الأمر الذي أدى على مرَّ الأجيال إلى تأخير زواج المرأة من جهة وتقليل عدد أفراد الأسرة من جهة ثانية، وهذا الواقع هو ما تشير إليه الدراسات الصادرة في بعض الدول الغربية حيث تبين"إن النسبة المئوية للأسرة التقليدية التي يعمل الأب فيها بينما تبقى الأم في البيت لرعاية الأطفال أصبحت تمثل 10% من العوائل في أميركا و11% في بريطانيا وهبطت النسبة المئوية للأسر الأميركية التي تتكون من زوجين وأطفال من 40% لعام 1970 إلى 26% لعام 1990..
ويتبين من هذه الدراسات أن التغيير داخل الأسرة الغربية كان على مستويين:
1- مستوى شكل الأسرة التقليدي المؤلف من زوج وزوجة وأبناء حيث إن مصطلح الزوج والزوجة لم يعد مألوفاً كما هو الحال بالنسبة للمصطلح الجديد (الشريك partner) والذي يتعلق بكل شخصين يعيشان معاً في مسكن واحد، سواء كان هذا العيش في إطار الزواج المتعارف عليه بين الرجل والمرأة، أو كان في إطار العلاقات التي حرّمها الشرع كعلاقة الزنا بين رجل وامرأة أجنبيين أو علاقة شاذة بين أفراد من الجنسين تربطهما في بعض الحالات عقود زواج!
ومن أنواع الأسر الكثيرة الانتشار أيضا تلك العائلات التي تسمى بعائلة (الوالد المنفرد) الناتجة عن علاقة زواج أو زنا انتهت بانفصال بين الزوجين نتيجة الطلاق أو الوفاة أو الهجر مما أدى إلى وجود طرف واحد مع الأبناء هو الذي يتولى تربيتهم ورعايتهم، هذا وقد أشارت صحيفة التايمز الصادرة في سبتمبر 1991 عن ارتفاع نسبة هذا النوع من الأسر في بريطانيا من حوالي 8.3% في أوائل السبعينات إلى ضعفها 16.7% في التسعينات".
2- مستوى وظيفة الأهل التربوية التي تقلصت بدورها نتيجة عوامل عدة منها:
أ- تدخل الدول في عملية تربية الأولاد والاهتمام بهم وتعليمهم ما تراه مناسباً لسياساتها واتجاهاتها، حتى ولو كانت هذه السياسات لا تتناسب مع عقيدة الأب ورغيته في تعليم أبناءه.
ولا يقتصر هذا التدخل من قِبَل الدول على النظام التعليمي خارج المنزل بل يَطال أيضا تربية الأولاد داخل المنزل حيث فرضت القوانين المحلية والتزمت بالاتفاقيات الدولية التي تمنع الأب من استخدام الوسائل التربوية التي تنتقص من حقوق الطفل، حيث صار في بعض الدول ومنهم إنكلترا"عرضة للمحاكمة بتهمة القسوة فيما لو عامل أطفاله عين المعاملة التي كان الأب منذ مائة سنة فقط خليقاً أن يراها كفيلة لحسن تنشئتهم".
ومن نماذج هذا التدخل نشر التعليم الجنسي داخل المدارس ومنع الأهل من التدخل في خصوصية أبنائهم المتعلقة بالصحة الجنسية والتناسلية، ليس ذلك فحسب بل إن بعض الدول تؤمن للفتاة القاصر الحامل المسكن لها ولطفلها.
ب- انشغال الأهل عن وظيفتهم التربوية التي كُلِّفوا بها فبات الآباء في هذا العصر لا"تسمح لهم كثرة عملهم برؤية أبنائهم وقتاً كافياً، فهم في الصباح مشغولون للغاية في التأهب للتوجه إلى مقار أعمالهم بحيث لا فرصة لتبادل الأحاديث، وفي المساء عند عودتهم من أعمالهم يكون الأطفال قد آووا إلى فراشهم".
أما الأمهات اللواتي يشكِّلن مع أبنائهن النسبة الكبيرة من عائلات (الوالد المنفرد) فإنهن بدورهن بِتن يركضن من أجل تامين متطلبات معيشة الأسرة المتزايدة والتي من بينها كلفة حاضنة الأولاد التي كانت فيما مضى مجانية مع وجود الجدة أو العمة أو الخالة والتي أصبحت اليوم تحسب أجرها على الساعة الأمر الذي يدفع الأم لمزيد من الكدح والتعب كل ذلك على حساب أطفالها وأسرتها.
ما ورد سابقاً كان نُبذة عن التفكك الأسري الذي تشهده المجتمعات الغربية حالياً والتي يُخشى إن غفل المسلمون عن أسرهم أن يَطالهم هذا التفكك خاصة أن الأعداء وعلى رأسهم اليهود جعلوا هذا الأمر على قائمة أهدافهم حيث جاء في محاضر جلساتهم السرية"سوف ندمر الحياة الأسرة بين الأميين ونفسد أهميتها التربوية".
http://www.elmoslmon.comالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/440)
الأسرة بين الأمس واليوم
كان الابن فيما مضى يرتبط ارتباطاً شديداً بذويه طوال حياته، وكان هذا الارتباط يتجلى بعلاقة الأب بابنه منذ الطفولة حيث كان يتولى الإشراف على تعليمه العلوم الدينية والدنيوية، ثم يقوم بعد ذلك بتعليمه مهنته التي كانت متوارثة من جيل إلى آخر، أما الأم فإضافة إلى اهتمامها به من الناحية العاطفية والتربوية فهي المسؤولة عن اختيار عروسه التي تشاركها السكن في بيت العائلة الكبير.
كان التقسيم الهندسي للبيت الكبير تُراعى فيه الأحكام الشرعية الإسلامية التي تحرص على منع الاختلاط والحفاظ على حُرمة النساء وحمايتهن من أعين المتطفلين،وقد كان البيت ‘في بعض المجتمعات، ينقسم إضافة إلى الغرف الخاصة بكل زوجين، إلى قسمين: رجالي ونسائي، أما القسم الرجالي فهو خاص بالذكور من أبناء الأسرة يجتمعون فيه ويستقبلون فيه زُوارهم، أما في حين أن القسم النسائي كان أعضاؤه أكثر عدداً حيث كان يضم، إضافة إلى الأم وبناتها العزباوات وزوجات أبنائها، النساء المطلقات أو الأرامل داخل العائلة واللواتي تقع مسؤولية إعالتهن والنفقة عليهن على الذكور داخل الأسرة، وقد كان لهذا التضامن الأسري دوره الفعال في التغلب على إحساس الوحدة والنبذ من جهة، وتأمين النفقة والحضانة للأولاد من جهة أخرى.
وقد كان لهذه الزيادة داخل الأسرة الواحدة أثره في إيجاد جو التضامن والألفة داخل البيت، فكان الجميع يتعاون من أجل مصلحة أبناء هذا البيت الكبير، فالأعمال خارج البيت يقوم بها الرجال الذين لا تهمهم مصالحهم الشخصية على قدر ما تهمهم المصلحة العامة للأسرة التي يحرصون أن يحافظوا على اسمها وشرفها، أما الأعمال داخل البيت من خدمة وسهر على راحة أبناء هذه الأسرة فقد كان من اختصاص القسم النسائي التي تتولى السلطة فيه وإدارة شؤونه الأم التي كانت تعد الآمرة الوحيدة في هذا القسم، والتي يسعى الجميع لكسب ودها ورضاها، وقد كان لهذا الجو التضامني في هذا القسم دوره المهم أثناء المرض والنكبات حيث تتعاون جميع النسوة في خدمة المريض وتطبيبه وتخفيف المسؤولية عن كاهل الشخص المسؤول مسؤولية مباشرة.
إن هذه الإيجابيات التي ذكرناها عن حال الأسرة الإسلامية سابقاً، لم تعد موجودة اليوم بعد التطور الكبير الذي طرأ على تكوين الأسرة والذي كان للتأثر بالنمط الغربي دوره الكبير في تغييره، وقد طال هذا التأثر البُنية الخارجية للمنازل حيث استبدلت بالبيوت الكبيرة تلك الصغيرة والتي يطلق عليها اليوم اسم (بيوت السردين)، كما طال أيضاً التكوين الداخلي حيث تقلصت هذه الأسرة ليقتصر عددها على الزوج والزوجة والأبناء والذين يتراوح عددهم بين ولد واحد وثلاثة أولاد في الغالب.
هذا وقد أدى استقلال الأبناء عن أسرهم الكبيرة إلى نشوء حالات جديدة ساهمت في تفكك الأسرة المعاصرة، وكان من نتائج هذا التفكك الأسري ما يلي:
1- غياب التضامن الذي كان موجوداً داخل الأسرة الكبيرة، حيث تخلى كثير من الأبناء عن القيام بواجباتهم الأساسية في رعاية ذويهم عند الكِبر أو العجز أو المرض، كما تخلى كثير من الأخوة عن القيام بواجباتهم تجاه أخواتهم المطلقات أو الأرامل اللواتي يجدن أنفسهن متهمات ومنبوذات من الآخرين، مما يضطرهن إلى العمل من أجل إعالة أنفسهن وأبنائهن اليتامى الذين وصى بهم الله - عز وجل - بقوله:"وأما اليتيم فلا تقهر".
2- غياب الصلات الاجتماعية المعروفة سابقاً كصِلة القربى والجيرة الحسنة اللتين وصّى بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبات أبناء العم والخال لا يتزاورون إلا في مناسبات العزاء والفرح، حتى أن البعض منهم لا يعلم، بسبب الهجر أو الخصام، وجود أقرباء لهم يجب عليهم أن يصلوهم ويتواصلوا معهم، أما الجار فهو، إلا فيما ندر، لا يعرف إلا في الشكل أو الاسم ... ولله دُر رسولنا الكريم عندما قال:"ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه"
3- الوحدة والملل اللذان يشعر بهما الزوجان بعد الزواج، إذ أن قُرب الصلة بالأهل والأقارب والمعارف التي كانت معروفة سابقاً كانت تُلبي حاجة الإنسان إلى الاجتماع والمؤانسة مع الآخرين وهو ما تفتقده كثير من الأسر اليوم، لذا كثيراً ما يتم التعويض عن هذا النقص بالانشغال بالعمل أو الاستعانة بالتلفاز المحلي والفضائي من جهة، أو يتم ذلك بإنشاء صداقات جديدة مبنية على علاقات أو مصالح شخصية لأحد الزوجين من جهة ثانية.
4- سوء تربية الأطفال من الناحية الصحية النفسية مقارنة بين اليوم والأمس، إذ أن"الطفل الذي ينشأ ويترعرع في عائلة يلعب فيها تربوياً أكثر من رجل: دور الأب (كالجد والأعمام) وأكثر من امرأة دور الأم: (كالجدة والعمات) سوف تكون فرصه لأن ينمو جسدياً ومعرفياً وعاطفياً، لأن يكّون شخصيته المستقلة ويكتسب المقدرة السلوكية على الاندماج الصحي في المجتمع، أكثر وأفضل من فرص الطفل المعتمد كلياً وحصراً على أب واحد وأم واحدة".
ما تقدم كان ملخصاً لواقع الأسرة بين الأمس واليوم، وإذا كانت بعض الباحثات أمثال"فاطمة المرنيسي"تحاول في كتاباتها تشويه صورة الأسرة القديمة وتصوير علاقة الرجل والمرأة في تلك الفترة على أنها علاقة تسلط وظلم فإن العدالة تستوجب من هؤلاء ومن كل باحث يسعى إلى الوصول إلى الحقيقة إلى عدم اعتبار تجاربهم الشخصية هي المقياس الذي من جراءة تبنى الأحكام على تاريخ الأمم.
http://www.elmoslmon.comالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/441)
أخطاء تهدد السعادة الزوجية
د. وفاء العساف
تحتاج السعادة الزوجية إلى جهد دؤوب من الزوجين. وقد يفعل الزوجان ذلك، ويبذلان قصارى جهدهما لتحقيق سعادتهما، لكن أخطاء ـ قد تكون صغيرة ـ تذهب بهذا الجهد أدراج الرياح.. وحتى تتجنبي هذه الأخطاء تعرفي عليها:
كثرة التسخط وقلة الحمد:
من النساء إذا سئلت عن حالها مع زوجها أبدت السخط وأظهرت الأسى واللوعة، وهذا الخلق يكون حتى مع الزوج إذا أتاها بطعام أو أثاث أو لباس لا يروق لها، بل وتبدأ عملية المقارنة بينها و بين أختها أو جارتها أو صديقتها وهي لا تدري مدى تأثير ذلك على مشاعر الزوج وعلى مكانتها عنده، فعدم القناعة و كثرة التسخط يضيع على الإنسان التلذذ بأي شيٌ في الدنيا و كذلك الحرمان من النعيم في الآخرة.
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه".
فكل إنسان يحب أن يرى تقدير إحسانه، وكلمة الشكر أو "جزاك الله خيراً" تغري بمزيد من التفضل والإحسان، وهذا بدوره يزيد المودة بين الزوجين. وقد جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير النساء التي إذا أعطيت شكرت، وإذا حرمت صبرت، تسرك إذا نظرت، وتطيعك إذا أمرت".
وليس من الأدب أن يقال في الحياة الزوجية: "لا شكر على واجب"، فعلى فاعل الواجب ألاّ ينتظر الشكر مع الناس، ولكن على الناس أن يشجعوه على ذلك الخلق الطيب بالثناء عليه.
وشكر المرأة زوجها والثناء عليه في حضوره وفي غيابه يزيده إعزازاً لها، وفي كتمان الشكر جحود ودخول في كفر النعم، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الشأن: "أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء، قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان. لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئاً قالت: لم أر منك خيراً قط".
فليعلم كلا الزوجين أن كلمات الشكر والتقدير بينهما تؤثر على أبنائهما فيعتادونها في البيت وخارجه عند تقديم أي كلمة طيبة أو مساعدة لهم من أحد، فاعتياد التقدير وشكر الصنيع عادة تتكون داخل البيت وتمتد إلى كل مسائل الحياة.
المن!:
من النساء من تقوم على خدمة زوجها وأهله، وتقدم كل ما تستطيع تقديمه مادياً ومعنويا،ً ثم بعد ذلك تمن على زوجها وتذكره بأياديها السالفة وأفضالها؛ فتؤذيه بذلك.
ولقد نهى الله - عز وجل - عن المن في قوله - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى...} (البقرة/264).
وجاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب" (رواه مسلم).
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "لا يتم المعروف إلا بثلاث: بتعجيله وتصغيره وستره، فإذا عجّله هنَّأه، وإذا صغّره عظّمه، وإذا ستره تممه".
وقد يسوغ المن في حالتين فقط، هما المعاتبة والاعتذار، قال ابن حزم - رحمه الله -: "حالان يحسن فيهما ما يقبح في غيرهما، وهما المعاتبة والاعتذار، فإنه يحسن فيهما تعديد الأيادي وذكر الإحسان، وذلك غاية القبح في ما عدا هاتين الحالتين".
وعلى هذا يسوغ للزوجة إذا احتاجت إلى عتاب زوجها أو الاعتذار إليه أن تذكره بشيء من أياديها، لا على سبيل المنة والإذلال، وإنما لتذكره بما له عندها من المنزلة والتقدير.
إفشاء الأسرار:
كلا الزوجين مطالب بكتمان أسرار زوجه وبيته، وهذا أدب عام حث عليه الإسلام ورغب فيه، سواء كانت تلك الأسرار خاصة بالعلاقة الزوجية أو بمشكلات البيت، فخروج المشكلة خارج البيت يعني استمرارها واشتعال نارها، خصوصاً إذا نقلت إلى أهل أحد الزوجين حيث لا يكون الحكم عادلاً – في الغالب – لأنهم يسمعون من طرف واحد، وقد تأخذهم الحمية تجاه ابنهم أو ابنتهم.
أما بالنسبة للعلاقة الخاصة بين الزوجين فيجب أن تكون لها حرمتها، وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - تحذيراً شديداً من إفشاء تلك العلاقة، فقال - عليه الصلاة والسلام -: "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها".
وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والرجال والنساء قعود عنده فقال: "لعل رجلاً يقول ما يفعله بأهله ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها".
فأرم القوم – أي سكتوا ولم يجيبوا – فقالت: إي والله يا رسول الله، إنهن ليقلن وإنهم يفعلون. قال: "فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون".
غير أنه يجوز الحديث عن علاقة الفراش في حالات الضرورة والاستفتاء والعلاج، وكل يقدر بقدره، وحفظ سر الزوج عموماً، وسر الفراش خصوصاً، دليل على صلاح الزوجة وكمال عقلها، قال - تعالى -: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} (النساء/43).
وقال الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله -: "يدخل في قوله وجوب كتمان كل ما يكون بينهن وبين أزواجهن في الخلوة، ولا سيما حديث الرفث، فما بالك بحفظ العرض؟".
فعسى أن يصل معنى هذه الآية إلى نساء عصرنا اللواتي يتفكهن بإفشاء أسرار الزوجية ولا يحفظن الغيب فيها.
العصيان والإهمال:
كثيرة هي تلك الأخطاء التي تهدد السعادة الزوجية وحتى تكوني على بينة من أعداء تلك السعادة، إليك التتمة:
عدم الطاعة:
من عظم حق الزوج أوجب الله طاعته، وقد أعلى الرسول – - صلى الله عليه وسلم - من شأن تلك الطاعة فربط بينها وبين دخول الجنة، حيث قال – - صلى الله عليه وسلم - – "من صلَّت خمسها وصامت شهرها وصانت فرجها وأطاعت زوجها دخلت الجنة من أي باب شاءت".
ولا شك أن الطاعة مجلبة للرضا، كما ورد في الحديث "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة". فيجب على الزوجة أن تطيع زوجها وتحفظه في نفسها وفي ماله، حال حضرته وغيبته، إلا فيما نهى الله عنه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وطاعة الرجل وموافقته أدوم للمحبة والوئام حتى لو خالف هذا قناعات المرأة أو آرائها، غير أنه يمكن تبادل الآراء بين الزوجين حتى يصلا إلى اتفاق فيما يختلفان حوله، وهذا يتطلب مرونة من كلا الطرفين. أما المخالفة للزوج فإنها تولد الشحناء والبغضاء، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من حور العين: لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا".
وعصيان المرأة لزوجها قد يكون عن غير قصد وقد يكون متعمداً، كأن تفعل شيئاً يزعجه أو تخرج بغير إذنه، أو تدخل من لا يرضى الزوج بدخوله في حضوره أو غيبته، أو تصر على العادات والتصرفات التي تضايقه وتزعجه، ولا سيما ما يختص منها بعلاقة الفراش، فعصيان الزوج في هذا الأمر يؤدى إلى لعنة الملائكة، وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الشأن فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعا الرجل زوجته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح".
وفي حديث آخر قال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذين في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى".
إهمال الزينة والنظافة:
من المؤسف أن نرى كثيرات من النساء يهملن الزينة والتجمل للزوج، وهي لا تعلم أن هذا تقصير فاحش - لاعتقادها ارتفاع الكلفة بينهما ـ والحق أن له أثره السيئ في نفس الزوج، خصوصاً إذا آنس منها التجمل والزينة قبيل خروجها لزيارة قريباتها وصديقاتها! والحقيقة أن التجمل لا يكون إلا للزوج؛ تطييباً لخاطره، وهو واجب عليها وحق له لا يسقط بمرور الوقت.
ولا يعني تجمل المرأة لزوجها أن تضيِّع وقتها أمام المرآة، أو تكلِّف الزوج ما لا يطيق بحجة التزين والتجمل، وإنما القصد حثها على النظافة والترتيب، وهو يتناول تسوية الشعر وتنسيق الملابس، وغيرها من الأمور البعيدة عن التصنع والتكلف. وقد جاء في وصية أمامة بنت الحارث لابنتها: "... التفقد لموضع أنفه، والتعهد لموضع عينه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، وإن الكحل أحسن الموجود، والماء أطيب الطيب المفقود".
ولعل في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يحث المرأة على التزين والتجمل لزوجها حيث قال: "ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته"، وسئل - عليه الصلاة والسلام -: أي النساء خير؟ قال: "التي تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله".
فجمال المرأة وتجملها مدرجة ميل الزوج وافتتانه بها. وقوام الزينة النظافة، فاحذري أن يقع بصر زوجك على شيء يشمئز منه وينفر من وسخ أو رائحة مستكرهة أو شيء من هذا القبيل، ولكن تجملي لزوجك بتنظيف بدنك وثيابك وشعرك، ولعل في الوضوء والاغتسال ما يطهرك باستمرار، مع ضرورة العناية بنظافة الأسنان، وتقليم الأظفار وحلق العانة، وما إلى ذلك من كل ما يتطلب النظافة من سائر أعضاء البدن.
ولعل النظافة للمرأة ألزم لها من الجمال؛ لأن الجمال لا يلبث أن يزول متى زالت نضارة الشباب، أما النظافة فعادة باقية ما بقيت المرأة، ولذا حث عليها الإسلام.
والمرأة النظيفة ليست تلك التي تعتني بنظافتها الشخصية وتهمل نظافة بيتها وترتيبه، إذ يجب عليها الاعتناء بنظافة المنزل وجميع ما فيه من الأمتعة والأثاث.
وقد أوصت امرأة ابنتها فقال: "يا بنيتي لا تنسي نظافة بدنك وبيتك، فإن نظافة البدن تحبب زوجك إليك ونظافة بيتك تشرح صدرك، وتصلح مزاجك، وتنير وجهك، وتجعلك جميلة ومحبوبة ومكرمة عند زوجك، ومشكورة من أهلك وذويك وأترابك وزائراتك، وكل من يراك نظيفة الجسم والبيت تطيب نفسه ويسر خاطره". بالإضافة إلى ما للنظافة من تأثير في توطيد أركان الصحة والصفاء، وما للقذارة من أثر في جلب الأمراض والشقاء.
التقصير في تربية الأبناء:
من واجبات الزوجة: تربية أولادها، والحدب على صغار زوجها إن كان له صغار من غيرها، فالزوجة راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والطفل يتعلم من أمه لغة قومه ويتعلَّم منها كيف يتحدث في صوت معتدل. فالأم التي تملأ البيت صراخاً إنما تصب في هذا القالب أسلوب أبنائها في الحديث، والأم الصادقة التي تنكر ذاتها من أجل الغير تشوقاً لمرضاة الله تورث أبناءها هذه الصفة، والأم التي تحترم زوجها وتقدر أهل الفضيلة والدين وتتحاشى الرذيلة، تورث هذه العادة أبناءها وبناتها فيشبون على الفضيلة نافرين من الرذيلة.
وهكذا فالأم هي معهد التربية الذي يتربى فيه الطفل، وإذا قيل: إن كل عظيم وراءه امرأة، فتلك المرأة أكثر ما تكون هي الأم، فإذا قصرت الأم في القيام بدورها نحو أولادها، أو ألقت بهذا الدور إلى غيرها فسوف تنعكس آثار ذلك على الأولاد، بل وعلى الأسرة بأكملها.
فليتفق الزوجان على منهج واحد في التربية، ولكل منهما مجال في سن معينة وفي موقف معين، وعلى كليهما احترام مجال صاحبه وتقديره. ولتقم الأم بدورها في هذا الشأن فتكون قدوة في نفسها؛ حتى تستطيع أن تؤثر في أطفالها.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/442)
التعاون المنزلي
الشيخ مازن الفريح
إن من أعظم أسباب زيادة المحبة بين الزوجين، وتمتين الروابط الزوجية التعاون المنزلي.. ولهذا ورد العديد من النصوص التي تدعوا إليه، وترغب فيه ومن أمثلة ذلك:
أولاً: التعاون المنزلي في العبادة كالصلاة والصدقة ونحوها من الفرائض والمستحبات:
1. التعاون في قيام الليل:
• قال - صلى الله عليه وسلم -: [رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء] حسّنه الألباني.
• وقال - عليه الصلاة والسلام -: [سبحان الله! ماذا أُنزل الليلة من الفتن، وماذا فتح من الخزائن، أيقظوا صويحبات الحُجَر، فرب كاسيةٍ في الدنيا، عارية في الآخرة] رواه البخاري.
قال ابن حجر - رحمه الله - في فوائد الحديث: "ندبية إيقاظ الرجل أهله بالليل للعبادة"
- أجر من أيقظ أهله
• [إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعاً كتبا في الذاكرين والذاكرات] صححه الألباني في الترغيب (622).
2. في الصدقة:
عن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعاً: [إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدةٍ، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً] رواه البخاري ومسلم.
ثانياً: التعاون المنزلي في شؤون البيت وأعماله:
يخطئ من يظن أن مساعدته لزوجته ومعاونته لها شرخ في رجولته، ونزولٌ عن قوامته، وإهداراً لكرامته ومنزلته.. كلا والله.. بل هي الرحمة والرفق والتعاون الذي حث الإسلام إليه.. وها هو سيد الرجال جميعاً - صلى الله عليه وسلم - يعين أهله في أعمال البيت، فقد سئلت عائشة عنه: ما كان يصنع في بيته؟ قالت: "يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة" رواه البخاري. وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يرقع الثوب ويخصف النعل ويقطع اللحم.
ويتأكد التعاون عند حلول الأزمات والعوارض:
كمرض الزوجة أو ضعفها لنفاس أو قرب ولادة أو كثرة أعباء. فما أشد قسوة الزوج الذي يدخل بيته فيرى زوجته وقد احتضنت رضيعاً يرضع وطفل يحبو والآخر ينتظر دوره لتغيير ملابسه، والقدر على النار وهو قد وضع رجلاً على رجل وينادي بين الفينة والآخرى: أما انتهيت من وضع الطعام؟!
• قال - صلى الله عليه وسلم -: [من ولي من أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق اللهم عليه].
وبالمقابل فإن الزوجة ينبغي أن تعين زوجها في بعض أموره، كتهيئة طعامه والإجادة في تحضيره، وتهيئة الجو لراحته ونحوها.
ثالثاً: التعاون المنزلي في تربية الأبناء:
1 - المسؤولية في تربية الأبناء مشتركة [الرجل راعٍ في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وولده].
2 - كلما أخلص الشريكان في تربية الأبناء وتعاونا في ذلك وقام كل واحدٍ بواجبه كلما أينعت الثمرة ونضجت وطابت.
3 - من صور التعاون:
• التشاور في حل مشكلاتهم.
• تكامل الجهود في تعليمهم أمور دينهم ودنياهم.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/443)
إشاعة ثقافة الرفق في البيوت
م. عبد اللطيف البريجاوي
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))
((إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته))
يقول - صلى الله عليه وسلم - ((إذا أراد الله - عز وجل - بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق)) إسناد جيد.
عندما ندخل إلى بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونرى طريقة معاملته مع زوجاته وأسرته نجد هناك ثقافة أساسية في حياته ومحوراً أساسياً في حياته وهي ثقافة الرفق.. فقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الرفق منها:
ما رواه الإمامان البخاري ومسلم ((إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)).
ما رواه الإمام مسلم ((إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف)).
ما رواه الإمام مسلم ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه.))
قال البخاري (الرفق هو لين الجانب بالقول والفعل) وهو ضد العنف.
ومن الملاحظ أيها الكرام أن أغلب أحاديث الرفق ترويها السيدة عائشة وفي هذا إشارة إلى إشاعة ثقافة الرفق بين أطراف الأسرة جميعاً وهم الزوج والزوجة والأولاد..
إن هذا الرفق والأخذ بلين الجانب في الأسرة لا يخدش رجولة ولا يحط قيمة الرجل بل بالعكس إنه يرفع مكانة الرجل.
لكن كثيراً من الرجال يفهمون الرفق فهماً خاطئاً ويظنون أن الرفق في الحياة الزوجية عبارة عن ذل وانكسار وخضوع للمرأة..
فتراه أكثر الناس حواراً ونقاشاً خارج البيت.
وتراه أكثر الناس ضحكاً وابتساماً خارج البيت.
وتراه أكثر الناس حركة خارج البيت.
إن من أهم صفات المجتمع المسلم هو أنه مجتمع يحل مشاكله عن طريق التفاهم وهذه صفة ملازمة للمجتمع المسلم فلا يمكن بحال من الأحوال أن تنفك عنه.
و يجب أن تكون ملازمة للأسرة المسلمة لأنها اللبنة الأولى فيه.
لكن كثيراً من الرجال يلجؤون إلى حل مشاكلهم الزوجية عن طريق العنف مع أن الإسلام أكد على الرفق ونهى عن ضرب الزوجات ومعاملتهن بقسوة وصرح أن شرار الأزواج هم الذين يضربون زوجاتهم..كما ورد في الحديث الشريف
وكثير من الرجال يحاولون أن يسدوا ثغرة ضعفهم في البيت وطريقة إقناعهم عن طريق القوة العضلية.
لذلك كان هناك دراسة اجتماعية تؤكد على سيطرة النساء على الرجال بعد بلوغ الرجل سن / 65 / عاما
ولوحظ أن أغلب هؤلاء الرجال كانوا يستعملون عضلاتهم في إقناع زوجاتهم..
إن الرجل الذي يستعمل عضلاته في منع زوجته من أمر معين هو إنسان ضعيف وعليه أن يعيد ترتيب حياته ويبحث جيداً في طريقة أخرى ليمنع زوجته من أمر معين ولقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه...)).
فإنك إن أردت شيئاً من زوجتك أو أبنائك فإن الطريقة الإسلامية المثلى هي المعاملة برفق.
وقد دلت الدراسات أن الأسر التي تتعامل بالرفق هي أكثر تماسكاً بينما تزداد نسبة الطلاق من الرجال الذين يحاولون أن يحلوا مشاكلهم عن طريق عضلاتهم..
إن إشاعة ثقافة الرفق أمر مهم في حياة كل مسلم لأن لها فوائد عديدة:
1. تستطيع أن تحصل على ما تريد من زوجتك وأولادك بالرفق.
2. يعلمك الصبر لأن الله أمر بالصبر على الزوجة والاصطبار عليها."واصطبر عليها"
3. زيادة العلاقة بين أفراد الأسرة وزيادة الترابط الأسري فالكل يعلم أن القلوب حوله لها حنان خاص.
4. لا يخاف الأولاد من بعض التقصير أو الأخطاء فيصارحون الآباء بذلك لعلمه بالرفق والحنان ,
والله ولي التوفيق
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/444)
أعداء العلاقة الزوجية
لا شك أن عدم التماسك والالتزام بالهدوء والحكمة في وقت الخلافات يؤدي إلى هدم العلاقات داخل وخارج غرفة النوم؛ فالتوتر لا يتفق والمتعة، والخلافات تؤدي إلى صعوبة أن يكون المرء إيجابيًّا في العلاقة الجنسية وأسوأ الخلافات التي تنفجر خلال عملية (الجماع).
ونستطيع حماية العلاقة الزوجية الحميمة من القلق والتوتر بـ:
1- ألا يضع كلا الطرفين أخطاء الآخر تحت الميكروسكوب، وإلا فإن المسافة بينها ستزداد.
2- يجب عدم وضع الزناد على القضايا التي يكون فيها الرفض أو القبول هو الرد المتوقع.
3- البعد عن التخمين الخاطئ، بل لا بد من التحدث بصوت مسموع ومعرفة الرأي الآخر.
وهنا نوصي الزوجين بالتالي:
- حسن الإنصات وعدم المقاطعة، والاهتمام لما يقوله الجانب الآخر.
- إيجاد الحلول المناسبة لكلا الطرفين، ولا بأس من التجربة حتى الوصول للحل المناسب.
- التحدث بإيقاع هادئ غير مثير وغير مستفز ـ وتجنب نبرة السخرية أو الاستهزاء.
- عدم التشعب في المشاكل وتحديد المشكلة والوصول إلى القاع بأمان.
- المصارحة بين الطرفين وكشف المشاعر الداخلية بصدق ممزوج بالاحترام.
- دائمًا اللجوء إلى حل المشكلة في بدايتها يعطي الفرصة السليمة لحلها بسرعة، أما إهمالها وتفاقمها فيقلل الفرص ويجعل الحل أكثر صعوبة.
إخراج البخار وتجنب الانفجار
وهناك قواعد جوهرية يمكن الأخذ بها لمواجهة مشكلات منها:
- إخراج البخار قبل المناقشة في أي حديث وعند حصول ما يوتر العلاقة بين الزوجين: أجهد نفسك بعمل ما (ممارسة الرياضة: المشي... إلخ) بعدها رتب الأفكار وتحدث بروية وهدوء، وما أجمل توجيه الرسول ص بتغيير وضع الجسم ساعة الغضب؛ لتفريغ طاقة العصبية.
- تكلم عندما يختلج الصدر، واستشر مستشارا أمينا، فالإنسان يحتاج بين الحين والآخر أن يتحدث لمن يحسن الاستماع، ويزوده بالحل الصحيح.
تقبل ما لا تستطيع تغييره!
فهناك أحوال كثيرة فرضت علينا ويجب تقبلها وتفهمها، فلا تدر عجلة الدولاب، ولا تجتر الأحداث، ولا تضربْ رأسك في الحجر الصوان أو تبك على اللبن المسكوب، وتقبلْ شريكك في الحياة الزوجية، وتكيف مع طباعه أكثر من محاولة تغييرها.
- احرص على إعطاء نفسك كمية وافية من الراحة؛ فالتعب والمجهود يقللان من فعالية معالجة الأمور، ولا تفتح قضية شائكة وهي تغلي داخلك.
- وازن بين العمل والاستجمام، وتذكر أن العمل الدائم قد يجعلك أغنى، لكنه لا يتيح وقتا لدفء المشاعر، فتكون النتيجة فقرًا في العلاقة الزوجية وتعاسة رغم الغنى!.
- ساعد الآخرين، فمساعدة الآخرين تقلل من الضغوط النفسية، وتحل مشاكلك (من كان في عون أخيه كان الله في عونه)، وهي تتيح لك رؤية ابتلاءات الآخرين مما يهون وقع الأمور على نفسك.
- اقض الأعمال حسب الأولويات، والجأ إلى الجدولة والتنظيم.
- طنش تعش تنتعش، فأغلب المصائب تحصل من الآخرين، فأبطل مفعول ألمك من الغير، وغير تفكيرك عن المشكلة.. استرخ.. تعلم فن النسيان واستعن بالله في كل أمرك.
- اجعل نفسك لينة رفيقة، فالصلابة تجعل الإنسان يندثر ببطء في درب الحياة.. وتعامل مع المشاكل بليونة حتى تتخطى الصعاب.
- خططا لوجبة لذيذة تصنعانها معًا أو أي عمل في المنزل لزيادة العلاقة الحميمة بينكما.
- انظرا بعين النحلة تريا الزهور كلها عسلاً.. وتكلما عن الإيجابيات التي يحبها كل طرف في الطرف الآخر، واستعيدا دومًا الذكريات الجميلة.
- وأخيرًا تذكرا أن المرء إذا استطاع أن يحفظ أوقاته وحياته من الخلافات فقد أنجز إنجازًا عظيمًا، وتهيأ لحياة طبية مباركة.
http://www.naseh.netالمصدر:
-ـــــــــــــــــــ(111/445)
صور منزلية متكررة !
موسى بن محمد بن هجاد الزهراني
هدية مع التحية لكل زوجة!
استلقى على قفاه؛ في مجلس المنزل بعيداً عن لعب الأطفال وصراخهم وركضهم في البيت؛ بعد أن قضى صلاة المغرب؛ وبينما كان غارقاً في تفكيره وهمومه... لامست أنفه رائحة طيبة؛ زكية؛ رائحة عطر جميل؛ لا يتذكر أنه شمَّ مثله إلاَّ قبل خمسة عشر عاماً؛ عندما تزوج امرأته فدخلت عليه في ليلة العمر؛ تسبقها رائحة العطر الفواح الجميل الذي ملأ غرفة نومهما فتذكر..
تضوع مسكاً بطن نعمان (1) إذ مشت *** به زينبٌ في نسوة عطراتٍ..
رفع رأسه لينظر مصدر الطيب؛ فإذا به يدهش لما يرى.. امرأة جميلة؛
ناثرة شعرها على كتفيها كالليل البهيم؛ تتراقص الألوان الجميلة المتناسقة في وجهٍ كأنه قطعة قمر في ليلة البدر؛ لها فمٌ سبحان من صوّره وصغَّره!.. بلون العناب الجذاب! افتر عن مثل اللؤلؤ المنظوم؛ عن ثنايا تجعل اللُّبَّ حيرانَ..
لم تطل دهشته؛ حتى اكتشف أن الحورية التي تقف أمامه في دلٍ ودلالٍ ليست سوى زوجته!! بشحمها ولحمها! إلاَّ أنها في صورة حورية من حور الأرض!..
- ما هذا.. الله.. الله..
- (ضحكة غزل رقيقة).. ليش نسيت.. الليلة زواج (......) ونحن مدعوون للحضور وتشريف الزواج لأنه....
- لكن... أين هذه الأبهة لا أعرفها إلاَّ في الخيال أو في المنام.. سقى الله أيام زمان.. أيام زواجنا الأولى....
- (مقاطعة).. هيه.. الآن كأنك تريد خلق مشكلة ثم بعد ذلك تجعلني أقبع في البيت مثل الجنيّة..و...
- يا بنت الحلال.. سؤال بريء فقط..ما قصدي أثير....
- لا أنت الظاهر أنك نسيت أني ربة منزل.. وعندي أطفال.. وغسيل.. وكنس.. ومذاكرة للأولاد.. (تبغاني).. كل يوم عروس..ما تفكر إلاَّ في نفسك وفي شهوتك..هذه ليست حياة.. أنا...
- خلاص.. انزلوا.. اركبوا السيارة.. آسف جداً.. آسف.. أنا الغلطان.. آسف.. ملابسك كل يوم أجمل من هذه.. خلاص..
.. تعودنا على رائحة الطبخ..ورؤية ملابس البيت الجميلة! (.. الماركة المسجلة)...
****
يعود من عمله مترنحاً متثاقلاً؛ قريب العصر؛ كل همه أن يتناول غداءه؛ ويصلي العصر ثم ينام قليلاً؛ يستريح من همِّ العمل.. ثم يصلي المغرب ويعود ليجلس مع زوجته وأطفاله..
كان يتصور أنه إذا عاد إلى البيت؛ ستستقبله الحبيبة الفاضلة؛ لدى الباب؛ تقبله وتخلع عنه ثيابه؛ وتسمعه الكلمات العذبة التي تخفف عنه عناء يوم كامل من العمل الشاق المضني.. وتطيّب الأطفال وتعلمهم استقبال أبيهم؛......
تبخَّر ذلك كله!.. من أول وهلة.. أدخل مفتاحه بالباب؛ فلم يستطع فتحه؛ حاول مراراً فلم ينجح؛ ذلك أن الزوجة الكريمة.. نسيت مفتاح البيت بثقب الباب من الداخل... قرع الجرس فجاءته تسبقها رائحة الطبخ؛ تحمل بيدها اليمنى المغرفة؛وفي الأخرى منشفة التنظيف التي تستخدمها دائماً في عملها في المطبخ...
فتحت الباب سريعاً ثم أدبرت مولية ظهرها الزوج العائد بهموم العمل على كاهله...
- أغلق الباب وراءك لو سمحت!
نظر إليها فإذا ملابس البيت تكاد تبلى وتتمزق من طول العهد.. والشعر كأن له عشرة أيام وأربع ساعات ما وقع عليه المشط!
فهز رأسه متأسفاً...
خلع ثيابه ووضعها في (دولابه) الخاص.. المبعثر!
اتجه إلى غرفة الجلوس ليلتقي بأطفاله الذين ما استقبلوه عند الباب كما كان يتخيل.. لكنه تضجر قبل أن تقع شفتاه على خدِّ أصغرهم لأن رائحة (الحفائظ) الزكية أزكمت أنفه فما استطاع أن يدنو منه..
رمى بنفسه على (..كنب) الصالة انتظاراً لطعام الغداء الذي كان يتوقع أن يجده أمامه على (السفرة).. فغفت عيناه غفوات ملؤها الضجيج وصراخ الزوجة على الأطفال.. وبكاء الأولاد..
الله أكبر.. الله أكبر.. رفع رأسه على أذان صلاة العصر.. والغداء لم يحضر بعد.. توضأ ولبس ثيابه وكاد أن يخرج إلى المسجد فإذا بالسفرة توضع على الأرض..
- ما هذا...
- الغداء طبعاً..ما تشوف! أم أني أتعب وأطبخ ثم تقول لي أنك تغديت في العمل...
- طيب.. الصلاة لم يبق على إقامتها إلاَّ قليل؛ ما رأيك هل أضيعها من أجل عينيك! ألم يكن لديك متسع من الوقت من بعد الظهر إلى قبل خروجي من عملي لطبخ الغداء... وتنظيف الأطفال.. أهذه حياة؟!
-..........................!
***
صورة تتكرر كل يوم تقريباً.. تخلو من العاطفة.. من همسات الحب.. من الرفق الذي ما نزع من شيء إلاَّ شانه.. فيقع الزوج في مآسٍ عديدة؛
أعظمها مأساة الهروب من المنزل إلى حيث الصلاح أو الفساد؛ فإما صلاح يجده بين إخوة له في الله؛ أو في أحسن الأحوال يذهب إلى حلق العلم في الندوات والمحاضرات الطيبة. وإما إلى حيث لا يرضي الله - تعالى -؛ إلى(..بعض) مقاهي الإنترنت الخبيثة التي بها اليوم بعض الفاسقين الذين يمدون بعض مرتاديها بمواقع الجنس الصريح الفاضح وهي ليست بالقليلة فقد بلغت اليوم ما يقارب المليون موقع للفاحشة والله المستعان. وإن كان هذا الزوج قليل دينٍ؛ فسيذهب إلى من تروي ظمأه بالحرام والعياذ بالله.. وإن كان يخاف الله ويتقيه فإنه في أفضل الأحوال وفي ظل غياب العاطفة الرقيقة في منزله؛ سيعمل جاهداً على الزواج بأخرى.. وهذا ما لا ترضاه كثير من الزوجات؛ ومع هذا كله نقول (كوني له أرضاً يكن لك سماء؛ وكوني له أمُّا يكن لك أباً.. وكوني له أمَةً يكن لك عبداً؛وكوني له ملكة جمال بأخلاقك وهندامك وألفاظك وابتسامتك وترتيبك لنفسك ولبيتك وأطفالك..يكن لك... زوجاً!) (2)
ـــــــــــــــــــ(111/446)
ـــــــــــــــــــــــــ
[1]- وادٍ مشهور!
[2]- ولا ننسى أن الزوجة عليها مسؤوليات كثيرة؛ وينبغي للرجل مراعاتها.. وعلى زوجها لها حقوق أكثر
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/447)
مهمتنا في الأسرة
د. يحي إبراهيم اليحيى
يحسن أن تحدد مهمتك وأملك في الحياة وعلاقتك مع أسرتك، وتكتبه مع أسرتك، وتعلقه في بيتك في مكان بارز لكي تطالعه وأفراد أسرتك وتراجعوا نفوسكم عليه دائما.
نسعى لتحقيق مرضاة الله - تعالى -
نعمل على غرس الشفقة والرحمة بين الجميع
نحترم الكبير ونعطف على الصغير
نطبق التكافل بين أعضاء الأسرة
نعمل على تحقيق المحبة بين الجميع
نسعى لكي يسود التعاون بين أفراد الأسرة
نهتم بأن يكون منزلنا هو المكان الذي نجد فيه الراحة والطمأنينة والسعادة
سنكون حكماء فيما نختار ونقرأه أو نراه أو نفعله في البيت.
سنكون جميعا يدا واحدة في عمل الخير والطاعة.
سنحرر أنفسنا من أي عادة سيئة.
نحافظ على النظام في منزلنا وفي دروسنا وفي أنفسنا
نهتم بالنظافة في منزلنا وملابسنا.
نسعى لخدمة المحتاجين ومساعدة المعدمين.
سنجعل من جو الأسرة جوا باسما ضحوكا مسرا.
نحب أقاربنا ونصل أرحامنا.
لا نرى لأنفسنا حقا على الآخرين.
نبتعد عن الغيبة والنميمة.
لا نحتقر أو ننتنقص أي مسلم مهما كان.
نبتعد عن التقليد والموضات.
لا نعجب بما عليه أهل الكفر.
نبغض الكفار والمنافقين.
نبتعد عن الصراخ ورفع الصوت على بعضنا.
نبتعد عن الألقاب السيئة والمعايير.
.http://www.taiba.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/448)
القوامة وأثرها في استقرار الأسرة والمجتمع
رهام أديب الزعبي
ينطلق المنهج الإسلامي في بناء الأسرة من خلال نظرة الإسلام لها؛ لأنها الأساس في بناء المجتمع واستقراره؛ فالأسرة كما نعلم هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع؛ إذا صلحت صلح المجتمع بأسره، وإن فسدت فسد كله.
لقد أحاط الإسلام الأسرة بسياج من النظم والتشريعات حدد بموجبها الحقوق والواجبات لكل من الزوجين، ووزعت الاختصاصات بما يتفق مع القدرة الجسمية والحاجة النفسية لكل منهما. فهذه النظم والتشريعات تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تصلح ولا تفسد، وبذلك يتحقق للمجتمع المسلم الطمأنينة والاستقرار والنأي عن التفكك والانهيار.
إن من القواعد المهمة التي يستقر عليها بناء الأسرة هي القِوامة التي أوكلها الله ـ سبحانه وتعالى ـ للرجل بقوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]، هذه القِوامة التي حاول أعداء الإسلام ودعاة التغريب من أبناء جلدتنا استغلالها في تحريض المرأة المسلمة عليها مُدَّعين أن المرأة المسلمة تعيش حياة قهر واستبداد وذل وخضوع واستغلال من قِبَل الرجل، وأنها مقيدة لا تستطيع الحراك إلا بإذنه وبأمره. فحرضوها وشجعوها على التمرد بدعوى رفع الظلم عنها، وإطلاق حريتها، ومساواتها بالرجل سواء بسواء.
لقد أصبح واضحاً ومكشوفاً ولم يعد خافياً على أحد ـ اللهم إلا على ذي بصيرة عمياء أو ذي قلب قد ختم الله عليه ـ أن هذا التحريض ما هو إلا دعوة للتمرد على أحكام الدين وتشريعاته لتحطيم قواعد المجتمع الإسلامي وأسسه الثابتة، وتدميره من خلال تقويض دعائمه التي من أهمها على الإطلاق الترابط الأسري والاجتماعي.
نحن نرى أنه لا بد للمؤسسات والشركات التجارية من وجود مدير أو رئيس لها يدير شؤونها، وما على العاملين بها إلا السير وفق توجيهاته الإدارية. والأسرة أليست هي الأخرى مؤسسة وبحاجة إلى رئيس يقوم بالإشراف عليها؟ وكيف يمكن للأسرة أن تستقيم ولها رئيسان يتنازعان أمرها؟ ومن أحق بهذه الرئاسة: المرأة أم الرجل؟ وهل قوامة الرجل على الأسرة إلغاء لشخصية المرأة كما يدَّعي المنحرفون؟
إن الخصائص التي منحها الله ـ سبحانه ـ للرجل من قوة وشجاعة ورباطة جأش وتحمل للمشاق والصعاب تتناسب وهذه المهمة التي أوكلها الله إليه؛ فهي تجعله أقدر على القوامة وإدارة الأسرة والسير بها إلى بر الأمان. أما المرأة فهي تفتقد لتلك الخصائص الموجودة عند الرجل وهي غير مؤهلة للقوامة؛ لأنها زُوِّدت بخصائص تتناسب ومهمتها في هذه الحياة وهي حضانة النشء وتربيته ومنحه ما يحتاجه من رقة وعطف ولين، وغير ذلك مما تتميز به المرأة عن الرجل.
فالله ـ سبحانه وتعالى ـ قد خلق المرأة والرجل، وزودهما بالصفات الجسمية والنفسية التي تتناسب ومهمة كل منهما.
يقول صاحب الظلال ـ رحمه الله ـ: «إن هذه القوامة ليس من شأنها إلغاء شخصية المرأة في البيت ولا في المجتمع الإنساني، ولا إلغاء وضعها المدني، وإنما هي وظيفة داخل كيان الأسرة لإدارة هذه المؤسسة الخطيرة وصيانتها وحمايتها»(1).
فمسألة القوامة مسألة خطيرة لا يجوز أن تتحكم بها أهواء البشر ونزواتهم، ولها من الأهمية ما يدعو إلى الإصرار عليها من قِبَل الرجل وعدم التفريط بها؛ فهي مسؤولية كبيرة ألقيت على عاتقه وسيُسأل عنها يوم القيامة. يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد استرعاه ا$ رعية فلم يَحُطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة»(2).
وقال: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .. والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها..»(3).
فلا يجوز للرجل المؤمن المسلم أن يخضع لدعوات التغريب وأعداء الإسلام الحاقدين والاستجابة لهم ليثبت أنه رجل عصري ومتحرر، وأنه من أنصار المرأة والحفاظ على حقها؛ فهذا لا يجوز؛ لأن الذي شرع القوامة هو الخالق سبحانه وتعالى، وهو أعلم بمن خلق وما يصلح لهم وما لا يصلح: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] .
إن أكثر المشكلات والخلافات الأسرية والعائلية والاجتماعية تنشأ بسبب تنازل الرجل عن حقه في القوامة وتسليمها للمرأة. وما نشاهده اليوم من نشوز كثير من النساء وتمردهن ما هو إلا نتيجة لسلبية الرجل وتخاذله في هذه المسألة.
فلو أدرك الرجل خطورة تخليه عن القوامة ونتائجها السيئة التي ستعود عليه في المستقبل وعلى أسرته لعض عليها بالنواجذ.
كم نرى من رجال ملتزمين دينياً إلاَّ أن زوجاتهم أو بناتهم سافرات متبرجات كاسيات عاريات. يقول صلى الله عليه وسلم: «سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال ينزلون على أبواب المسجد نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن؛ فإنهن ملعونات»(4).
كم من الرجال من نجده يعيش همّاً بالليل وذلاً في النهار نتيجة تراكم الديون عليه من جراء طلبات زوجته التي لا تنتهي ولا تتناسب مع دخله المادي؛ وذلك لإسكاتها وإرضائها أو خوفاً منها؛ فمن الذي دفعها إلى هذا؟ أليس هو تخلي زوجها عن حقه في القوامة؟
وكم مِن النساء مَنْ حاولت أن تسلخ زوجها عن والديه وتخلق الفتنة وتزرع الفرقة بينه وبين أشقائه لتبعده عنهم وتلصقه بوالديها وإخوتها وأقاربها؛ تسلط الأضواء على كل خطأ يصدر عن أهل زوجها وتغض الطرف عن محاسنهم. ولو كان الأمر يتعلق بأهلها لانعكس الأمر تماماً. ومن المؤسف حقاً أن مجتمعنا يعاني الكثير من هذه الأمور. إن السكوت عن هذه الأمور وتجاهلها دون السعي لإيجاد حل لها سيؤدي حتماً إلى العداوة والبغضاء بين أفراد العائلة الواحدة. وفي اعتقادي أن السبب الرئيس في هذه المسألة يعود إلى سلبية الرجل وضعف شخصيته وتنازله عن حقه في القوامة.
إن المرأة إذا كانت تعاني من ضعف الوازع الديني ولا تعي ما لها من حقوق وما عليها من واجبات سوف تحاول إخضاع زوجها لها بشتى الطرق والأساليب؛ فإذا وَجَدَت تنازلاً واحداً منه سعت إلى المزيد حتى تتم لها السيطرة التامة والتحكم فيه كما تشاء، ثم تفرض سيطرتها على المنزل بكامله ويصبح الزوج المسكين عندها مجرد بنك لا أكثر ولا أقل.
فمن المسؤول عن ذلك؟! واللهِ إنه الرجل وليس أحداً غيره. يقول صاحب الظلال ـ رحمه الله ـ: «لعل من الدلائل ما أصاب الحياة البشرية من تخبط وفساد ومن تدهور وانهيار، ومن تهديد بالدمار والبوار في كل مرة خولِفَتْ فيها هذه القاعدة فاهتزت سلطة القوامة في الأسرة، واختلطت معالمها، أو شذت عن قاعدتها الفطرية الأصلية»(5).
وهنا سؤال يطرح نفسه: هل هناك دور للمرأة في استقرار الأسرة؟
نعم! إن دور المرأة لا يقل أهمية عن دور الرجل؛ لأنه مكمل له؛ وينجلي دورها هنا في طاعة الزوج في المعروف، ولو لم يكن لطاعة الزوج أثر إيجابي بالغ لما حض عليه وأرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؛ فقد وردت أحاديث كثيرة تحض على هذا الأمر ومنه قوله - عليه الصلاة والسلام -: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت»(6).
وقال أيضاً: «أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة»(7).
وفي المقابل إذا باتت المرأة وزوجها غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح(8).
وطاعة الزوج تكون في غير معصية الله سبحانه وتعالى؛ إذ «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»(9).
وتكون طاعته في حضوره وفي غيابه؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34].
إن طاعة الزوج واحترامه وتقديره يساعد على تنمية المحبة في قلبه لزوجته، والعطف والحنان عليها مما يشعرها بالاطمئنان والأمان الذي سينعكس على أفراد الأسرة جميعهم مما يساعد على تماسكها ويبعدها عن التفكك والانهيار.
ولتعلم المرأة المسلمة أنه ليس من مصلحتها إطلاقاً ولا من مصلحة أبنائها، بل ولا من مصلحة ذويها أن تحاول سلب زوجها القوامة؛ فإن تمادت في ذلك واستطاعت السيطرة والتحكم في طفولة الأبناء فسوف تتلاشى سيطرتها عليهم في عمر المراهقة، هذا العمر الذي يتميز بالتمرد والعصيان؛ فهم في حاجة ماسة إلى سلطة قوية وحازمة وهذا ما تفتقده النساء عموماً؛ لأنه ليس من طبيعتهن القوة والحزم وإنما اللين والعطف والحنان.
فلتعد المرأة المسلمة إلى ظلال الشرع الحنيف الذي يحميها وأسرتها من تلك الفتن التي عصفت بالمجتمع الإسلامي تحت مسمى حقوق المرأة ومساواتها بالرجل وتمردها على كل القيم والأخلاق الفاضلة الكريمة.
وليعلم كلٌّ من المرأة والرجل أن الأساس الذي يقوم عليه التشريع للناس وتحقيق مصالحهم وسعادتهم في هذه الحياة هو ما أمر الله به ـ سبحانه وتعالى ـ وأذن به، وليس ما أمر به أعداء ديننا الحنيف. قال ـ تعالى ـ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]. فلا بد من تعاون المرأة والرجل سوياً للحفاظ على كيان الأسرة وأمنها؛ وذلك من خلال سد كل الثغرات التي تؤذيها؛ ولا يتحقق هذا الأمر إلا بالالتزام الكامل بما أمر به الشرع وأرشد إليه حتى يكونا القدوة الحسنة والمحضن الآمن والمستقر لأبنائهما؛ لأن القدوة الحسنة الصالحة هي الأساس المتين لتربية جيل فاعل وبنّاء في المجتمع؛ فإن فَعَلا ذلك يكونا قد قاما بأداء ما عليهما من الحقوق والواجبات التي أوجبها عليهما الإسلام، ويكونا قد شاركا بجهدهما في تكوين الأسرة الصالحة بكل الخصائص والمقومات التي دعا إليها ديننا الإسلامي الحنيف مما يسهم في بناء مجتمع متميز بآدابه وسلوكه وقيمه ومبادئه العظيمة، وتكون القدوة الصالحة لباقي المجتمعات ويتحقق فينا قوله ـ تعالى ـ: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران: 110] .
ولا بد من كلمة أخيرة أود أن أوجهها إلى الرجل وهي أن مفهوم القوامة في البيت ليس معناها إلقاء الأوامر والتحكم الجائر أو القهر والاستبداد أو الظلم أو الاستعباد لمن تحت رعايته.
يقول ـ تعالى ـ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [النساء: 19]، ويقول صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله»(10).
وقال ـ تعالى ـ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.
[الأحزاب: 21] .
فمن الواجب على الزوج المسلم أن يكون عطوفاً حنوناً ومحباً لأسرته، ليِّناً في المواقف التي تتطلب اللين، حازماً في المواقف التي تستدعي الحزم.
ومن مستلزمات القوامة أن يكون الزوج قدوة حسنة في التزامه الشرعي وسلوكه حتى يستطيع أن يؤثر فيمن تحت رعايته. يقول ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}.
[الصف: 2 - 3] .
ويقول ـ تعالى ـ أيضاً: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44].
فإن استطاع الرجل أن يحقق تلك الصفات فإنه - بإذن الله- يتمكن من الوصول بأسرته وبمجتمعه إلى بر الأمان.
وعندئذ يظهر للجميع أثر القوامة الشرعية التي كلَّفَ الله - سبحانه وتعالى - بها الرجل لتحقيق استقرار الأسرة الذي ينعكس أثره على المجتمع الإسلامي كله.
(1) عند تفسير الآية 14 من سورة النساء، ج2، ص 652.
(2) البخاري، ح/ 6617.
(3) البخاري، ح/ 844، 2232، 2368.
(4) مسند أحمد، ح/ 6786.
(5) عند تفسير الآية 14، من سورة النساء، ج2، ص 651.
(6) مسند أحمد، ح/1573، وسنن الترمذي، ح/ 1573.
(7) الترمذي، ح/ 1081.
(8) مسند أحمد، ح/ 1829.
(9) مسند أحمد، ح/ 1041، 19735.
(10) رواه الترمذي، ح/ 3830.
موقع مجلة البيان
http://www.albayan-magazine.com/bayan-178/178-22.htm
ـــــــــــــــــــ(111/449)
المكافأة الزوجية
جاسم المطوع
إن العطاء يستمر وينمو بالتشجيع والمكافآت، ونادرا ما نجد إنساناً يستمر في العطاء من غير تشجيع أو مكافأة، والعلاقة الزوجية كذلك تستمر، ويستمر العطاء فيها بين الزوجين إذا كافأ كل طرف الآخر، والمكافأة لا يشترط فيها أن تكون مكلفة أو أن تكون مالية وأمامنا هناك أفكار كثيرة تمكن الزوجين أن يكافئ كل واحد منهما الآخر من غير أن تكلفه المكافأة شيئا، فهناك المكافأة النفسية، وهناك المعنوية وغيرها الكثير.
إن المكافأة الزوجية هي:
رمز التقدير والاحترام للعلاقة الزوجية، وكلما كثرت المكافآت بين الطرفين كلما ازداد الحب وقوي الانسجام.
المكافأة الأولى:
"التربيت على الظهر" فلو أن الزوج ربت على ظهر زوجته بضربات خفيفة ثم حرك يده مراراً من منتصف الظهر إلى أعلى الرقبة، وقام بهذا التصرف بعد موقف جميل أو تصرف لطيف صدر من الزوجة، فان هذا التربيت يعتبر مكافأة زوجية تسعد الزوجة وتحب أن تكرر موقفها حتى تحصل على هذه المكافأة لنفسها وكذلك لو كافأت الزوجة زوجها "بالتربيت على ظهره".
المكافأة الثانية:
"الابتسامة في الوجه" وهي تعطي الشعور بالتقدير للموقف الذي حصل بين الزوجين فتدعمه معنويا وخصوصا إذا ما أضيف إليها الإمساك باليد والشد عليها فان ذلك يعبر عن الفرح والامتنان من التصرف الذي قام به أحد الزوجين و"الابتسامة صدقة"كما أخبر الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم -..
المكافأة الثالثة:
"الشكر بحرارة وصدق" فالكلمة الطيبة صدقة وشكر أحد الزوجين للآخر على الموقف الذي وقفه يعطيه تأكيدا بأن عمله صحيح ومقبول عند الطرف الآخر ولكن بشرط أن يكون الشكر بصدق وحرارة.
المكافأة الرابعة:
"التقدير العلني" كأن يمدح الزوج زوجته أمام الأبناء أو تمدح الزوجة زوجها أمام أهله أو المدح أمام الأصدقاء، بمعنى أن يكون المدح بصوت مسموع وعلني فيسعد الطرف الممدوح عند سماع هذا التقدير أو يفرح عندما ينقل له الخبر فيزيد عطاؤه وحبه للعلاقة الزوجية.
المكافأة الخامسة:
"رسالة شكر" وفكرتها أن يكتب أحد الزوجين رسالة شكر وتقدير على الجهود الذي يبذلها الآخر من أجل العائلة، ويغلفها بطريقة جميلة ثم يقدمها له على اعتبار أنها هدية، فمثل هذه اللحظات لا تنسى من قبل الزوجين، وتطبع في الذاكرة معنى جميلا للحياة الزوجية.
المكافأة السادسة:
"شهادة تقدير" وفكرة هذه المكافأة أن يذهب أحد الزوجين إلى الخطاط فيكتب له بخطه الجميل شهادة تقدير للطرف الآخر، ثم يوقع عليها من الأسفل بتوقيع (زوجك المخلص) مثلا، ثم يضع هذه الشهادة في إطار (برواز) ويقدمها للطرف الآخر ليعلقها في غرفة النوم أو الصالة. وان كان أحد الزوجين يحسن التعامل مع الكومبيوتر فيمكن أن يصممها بالكومبيوتر ولا تكلفه شيئاً.
ولكن تكون رمزاً للوفاء الزوجي وشعارا يراه الأبناء كل يوم معلقا في البيت، واني أعرف صديقا قدم لزوجته كأسا مثل كؤوس الفائزين في المسابقات، وكتب عليه كلمات شكر وثناء عليها معبرا عن جهودها التي بذلتها للبيت وللأولاد، ويمكن لأحد الزوجين أن يقدم للطرف الآخر درعا تذكاريا..
http://muslm.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/450)
البر أسلاف
م / رياض بن ناصر الفريجي
قال تعالى: { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَ بِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَار الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }
{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }.
* هما الأصل في وجودنا. والسبيل لسعادتنا .. ولولاهما - بعد الله - لما كنا شيئاً مذكوراً.
* مرضاتهما بعد مرضاة الله.. والإحسان إليهما يلي الإيمان بالله.. يالله هذا الإجلال, والاحترام, والتعظيم, و الاهتمام.. كل هذا جاء في كتاب الرحيم الرحمن: ( واعبدوا الله و لا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) وغيرها من الآيات.
* هل تريد دخول الجنة؟
قال - صلى الله عليه و سلم -: ( رغم أنفه, ثم رغم أنفه, ثم رغم أنفه) قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: (من أدرك والديه عند الكبر أحدهما, أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة) رواه مسلم .
* هل تريد طول العمر؟
قال - صلى الله عليه و سلم -: ( لا يرد القضاء إلا الدعاء, و لا يزيد في العمر إلا البر ) حسنه الألباني.
* هل تريد رضا الله عنك؟
قال - صلى الله عليه و سلم -: (رضا الرب في رضا الوالدين, وسخطه في سخطهما ) صححه الألباني.
* هل تريد زيادة الرزق؟
قال - صلى الله عليه و سلم -:(من سره أن يمد له عمره, ويزاد في رزقه, فليبر بوالديه, وليصل رحمه ) رواه أحمد.
* هل تريد عملاً يحبه الله؟
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله: (أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة في وقتها, قلت: ثم أي؟ قال: ( بر الوالدين ) قلت: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله ) متفق عليه.
* هل تريد قبول العمل, و تكفير السيئات؟
قال تعالى: ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا... أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا و نتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون).
* هل تريد قبول الدعاء؟
* هل تريد تفريج الكربات؟
* هل؟ و هل؟ و هل؟
بعد هذه الفضائل, وهاتيك الثمار أتراك تزهد بواحدة منها؟
لا أظن أن صاحب عقل يفكر – مجرد تفكير- بالتفريط فيها!!!
قال ابن عثيمين – رحمه الله - في شرح الواسطية: ((فكل من الأم, و الأب له حق , مهما عملت من العمل, لن تقضي حقهما, ولهذا قال - عز و جل-: ( و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ), فحقهما سابق, حيث ربياك صغيراً حين لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضراً, فواجبهما البر,, و البر فرض عين بالإجماع على كل واحد من الناس, و لهذا قدمه النبي - صلى الله عليه و سلم - على الجهاد في سبيل الله { حديث ابن مسعود السابق}, لكن ما معنى البر؟.. البر: إيصال الخير بقدر ما تستطيع, وكف الشر ,, إيصال الخير بالمال, بالخدمة, بإدخال السرور عليهما. من طلاقة الوجه, و حسن المقال, والفعال, وبكل ما فيه راحتهما,, وإذا تأملنا في أحوال الناس اليوم, وجدنا كثيراً منهم لا يبر بوالديه, بل هو عاق, تجده يحسن إلى أصحابه, ولا يمل الجلوس معهم, لكن لو يجلس إلى أبيه, أو أمه ساعة من نهار, لوجدته متململاً, كأنما هو على الجمر, فهذا ليس ببار, بل البار من ينشرح صدره لأمه وأبيه و يخدمهما على أهداب عينيه, ويحرص غاية الحرص على رضاهما بكل ما يستطيع)) بتصرف.
** ولعل مما يعينك على بر الوالدين:
1- تذكر نعمة وجودهما, وأنهما راحلين.
2- تذكر الأجر المترتب على برهما.
3- قراءة سير البارين بوالدهم.
4- تذكر أن البر أسلاف, وكما تدين تدان.
رزقنا الله بر والدينا, ورضاهما عنا,
رب ارحمهما كما ربياني صغيراً
http://www.saaid.net بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(111/451)
9 أفكار في المحافظة على ميزانية العائلة
ليس المهم أن نحصل على المال، فإن الحصول عليه سهل وميسر، لكن المهم هو المحافظة على المال الذي تحصل عليه ومعرفة كيفية إنفاقه بحكمة وتدبير.
سئل أحد الأغنياء: كيف جمعت هذه الثروة الضخمة؟! فأجاب: بقلة المصاريف وحسن تدبيرها.
فالعبرة إذن ليس الحصول على المال، فالكل يأتيه رزقه كما قدر الله - تعالى - له، ولكن العبرة في الإدارة والتخطيط، ونحن نقدم 9 أفكار تساعد الزوجين في المحافظة على الميزانية العائلية وتوفير المال.
تكليف شخص بالمتابعة
1- لابد من أن يكلف الزوجان شخصاً تكون مهمته مراقبة المصروفات ومتابعة الإيرادات للأسرة، وقد يكون الزوج هو المؤهل بالدور أو الزوجة أو أي شخص آخر. المهم ألا تكون المسألة عائمة وضائعة، (على البركة)، بل لا تأتي على البركة إلا عندما يتحرى الإنسان الأسباب ويتابعها.
الكتابة
2- لابد من كتابة كل دخل الأسرة من الإيرادات سواء كانت هذه الإيرادات من راتب شهري أو مكافأة سنوية أو ميراث أو وصية أو عائد استثماري، وكذلك كتابة ما يصرفه الزوجان يوما بيوم من مطعم ومشروب وملبس وتعليم وأدوية ووسائل اتصال ونقل وأثاث وخدم وغير ذلك.
وضع دفتر خاص
3- يجب أن يضع الزوجان دفتراً خاصاً للحسابات الأسرية ولا يشترط أن يكون على أنظمة المحاسبة المعتمدة، بل المهم أن تبين فيه الإيرادات والمصروفات والتوفير، ليقوم الزوجان بالمتابعة والمراقبة، وإذا كان أحد الزوجين يحب التعامل مع (الكومبيوتر) فهناك برامج خاصة لمتابعة الميزانية الشخصية.
تطوير النظام المحاسبي
4- بعد فترة من الكتابة والمتابعة يمكن للزوجين أن يطورا نظامهما المحاسبي، ويستفيدا من تجاربهما السابقة ويضعا جدولا خاصا بهما حسب مصاريفهما وإيراداتهما.
كن مرنا
5- لابد أن يكون من يتعامل مع التخطيط والميزانيات مرناً. تحسباً للظروف التي قد تحتاج إليها الأسرة من غير حساب، فيكون مستعداً لذلك، بحيث يجعل الميزانية تستوعب أي مستجدات طارئة.
تعليم الأبناء
6- لابد أن يجلس الزوجان مع أبنائهما للتحدث بخصوص الميزانية، وكتابة الحسابات حتى يتعلم الابن أن الوالدين يخططان للأسرة ويقدران المصاريف. فليس كل ما يشتهيه يشتريه، إلا إذا سمحت الميزانية بهذا كما أن الأبناء يستفيدون من ذلك كيفية إدارة حياتهم المستقبلية.
خطط للمستقبل
7- إن المحافظة على الميزانية تتطلب معرفة الوالدين بالخطط المستقبلية للعائلة والأهداف التي يسعيان إلى تحقيقها حتى يستطيعا أن يدخرا من المصروف ما يلبي حاجات الأسرة المستقبلية من بناء البيت وزواج الأولاد والمصاريف الصحية عند الكبر وغير ذلك.
الاستعداد للصيف
8- أعرف أسرة تسافر إلى دولة أجنبية في كل صيف، والذي يعمله رب الأسرة بعد إعداد الميزانية الشهرية والانتهاء من جميع المصروفات، أنه يحول إلى حسابه في تلك الدولة ما بين 100 إلى 200 د. ك فلا يأتي الصيف إلا وفي رصيده هناك ما بين (1,200 إلى 2,400) د ك. يستفيد منها في الإجازة للراحة والتسلية، فكلما كان الهدف واضحاً كانت الميزانية ملبية لحاجات الأسرة.
إبداع في التوفير
9- على الزوجين أن يتبنيا أسلوبا مبتكرا للتوفير من الإيرادات حتى تكون الميزانية قوية، فمثلا يسميان أسبوعاً من الأسابيع"لا شيء"ويحاولان التقليل من المصاريف قدر الإمكان. أو أن يقتطعا مبلغا معينا من الإيراد ليدخلاه في حساب معين لا يمس وكأنه مصروف ثابت شهري لكنه يكون للتوفير، أعرف شخصاً لديه أربعة حسابات في البنك، وسألته مرة عن السبب فقال: الحساب الأول: للمصاريف المنزلية، والحساب الثاني: أستخدمه للطوارئ، والحساب الثالث: أوفر فيه للتقاعد، والحساب الرابع: أدخر فيه للإجازة الصيفية، فقلت له والله انه إبداع في التوفير.
وختاما فإن 9 أفكار تعين من قرأها في المحافظة على ميزانية العائلة، وإنني أوصي الزوج بأن يراقب حسابه بين فترة وأخرى، وأولا بأول، ولا يهمله إلى آخر الشهر فلا يعرف حينئذ كيف يدير حسابه.
http://www.balagh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/452)
علِّم ابنك لعبة «عيّن الكذبة»!
جاسم المطوع
هل هناك اتفاق بين التلفاز والمخدرات؟
نعم. فإنهما يشتركان في استغراق الوقت الطويل فيهما، وكذلك يعملان على نفس المستوى الخيالي والذهني، فالطفل يشاهد البرامج الخيالية حتى يظن أنه في عالم غير العالم الذي نعيش فيه، وكذلك متناول المخدرات يصيبه العته والانفصال عن الواقع، وأثناء مشاهدة أبنائنا للتلفاز فإنهم لا يستطيعون أن يفكروا أو يتحركوا، وكذلك متعاطي المخدرات. فكيف نتعامل مع التلفاز حتى نحصن أبناءنا من التمادي في الكذب والخيال؟ إن الإدمان على التلفاز قد يعتبر إدماناً لأمور أخرى، وقد أعجبني ما فعله المحلل الثقافي Os Guinness مع ابنه ليقيه من سحر التلفاز، وليعطي مساحة أكبر لعقله في التفكير على الرغم من صغر سنه، فابتكر له لعبة «عيّن الكذبة»، وكان ابنه في سن الخامسة، فأراد من ابنه أن يتعلم كيف يميز بين الحق والزيف في الإعلانات التلفزيونية وذلك بأن يقول الأب لابنه عندما يرى مشهداً أو إعلاناً عبارة: «عيّن الكذبة»، فيحاول الابن اكتشاف المشهد غير المعقول ويشعر بتزييف الحقيقة، ويكون في نفس الوقت قد فهم بأسلوب بارع التلاعب الموجود في المشهد.
يقول الأب الذي سن هذه التجربة بعدما أصبح ابنه في الحادية عشرة، بأن ابنه تحرر من وهم الشاشة وخيالها كما أنه أصبح يفضل كثيراً قراءة الروايات والقصص، أو عمل أشياء أخرى عن الجلوس أمام التلفاز، إن هذا يعتبر انتصاراً حققه الأب في عالمنا اليوم، الذي أصبحت فيه لعبة الأطفال الأمريكية «باربي» الشقراء تأتي على شكل ثلاثين جنسية مختلفة، مثل النمساوية والمغربية، هذا ما أكده الدكتور محمد الرميحي في مقاله «لا عزاء للثقافة العربية» بمجلة المجلة، وأضاف بأن «شارع سمسم» البرنامج الأمريكي المخصص للأطفال يشاهد اليوم بأكثر من تسع لغات عالمية من بينها الصينية، لقد أخذ التلفزيون الملون ثلاثين سنة للوصول إلى ثلاثة عشر مليون مستخدم، أما شبكة الانترنت فقد أخذت من الزمن خمس سنوات للوصول إلى ذلك الرقم.
لاشك في أن مثل هذه الثورة بحاجة إلى وعي وإدراك متميز من الوالدين تجاه أبنائهم وابتكار ألعاب تربوية كلعبة «عيّن الكذبة» في سن يكون الكذب فيه عند الأبناء من سن السابعة إلى العاشرة أمراً طبيعياً، وهذا ما أكدته أ. ثناء عز الدين المدرس المساعد سابقاً بجامعة هارفارد وقد نشرت في ذلك بحثاً بمجلة صحتك - العدد العاشر.
فحماية أبنائنا تحتاج منا إلى ذكاء يتناسب مع الذكاء الإعلامي في الأسواق ويتناسب مع الذكاء الترفيهي الذي يمارسه أبناؤنا.
المصدر : http://www.almutawa.ws
ـــــــــــــــــــ(111/453)
هل يمكن جعل الطلاق بيد المرأة ؟
أيمن سامي
الحمد لله الكبير المتعال مكور الليل على النهار والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله المصطفى المختار وعلى آله وصحبه الأبرار ، وبعد :
فالزواج ميثاق غليظ كما قال جل في علاه :
" وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا " .
وقد كان الزواج يتم بالإشهار ويكتفى بأمانة وديانة الجميع حتى أصدر أحد خلفاء الدولة الفاطمية مرسوما ً يقضي بكتابة عقود الزواج بسبب كثرة الناس ، وإنكار البعض لحقوق الغير ، وحينها ظهرت أول وثيقة زواج في مصر ، وكان الذي يتولى هذا هو القاضي ، ثم حل محله المأذون .
فحل هذا الزواج يحتاج إلى تأني وبعد نظر .
والطلاق في اللغة التخلية ، يقال طلقت الناقة ؛ إذا سرحت حيث شاءت .
وفي الشرع : حل قيد النكاح أو بعضه .
، وقد جعل الله الطلاق لحل المشكلات التي تتعذر معها الحياة .
والطلاق كسرٌ للحياة الزوجية قال النبي صلى الله عليه وسلم : وكسرها طلاقها . رواه مسلم في صحيحه .
، ولذا أباحه الإسلام للحاجة كسوء خلق أو ضرر يتعذر مع استقامة الحياة .
وقد أجمع أهل العلم على كراهة الطلاق في حال استقامة الزوجين ، وقد شدد في هذا الإمام أبو حنيفة رحمه الله ، فقال : هو حرام مع استقامة الحال .
جعل الإسلام الطلاق بيد الرجل لما يحتاجه شأن الأسرة من قوة وحزم وصلابة وقوة في الرأي ، ولما جبل الله عليه المرأة من تغليب العاطفة ، ونحو ذلك .
ولأن المرأة يعتريها ما خلقها الله عليه من تغيرات فسيولوجية من طبيعة النساء من الحمل والولادة والحيض والنفاس يتغير معها مزاجها ويتكدر خاطرها ، فيصعب حينها تصرفها في أمر مصيري كهذا .
كما أن الله جعل القوامة للرجل وبين هذا وقرره في كتابه العزيز لا تحيزا للرجل ولكن لحقائق ثابتة .
قال الله تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " .
وجه الدلالة في الآية :
هذه الآية تدل على أن الرجل هو القيم على المرأة أي هو رئيسها والحاكم عليها كما ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره .
و التعريف في كلمتي الرجال والنساء يفيد العموم أي أن جنس الرجال هو الذي ينبغي أن يكون حاكما ً على جنس النساء ، وعليه فلا ينبغي أن تكون المرأة هي التي تتولى أمر الطلاق أو غيره من الأمور التي تكون فيها قيمة على الرجل .
كما أن الله تعالى بين أن عقدة النكاح هي بيد الرجل في قوله جل وعلا :" حتى يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح " .
وقد فسر علماء التفسير هذه الآية على قولين :
الأول : أنه الزوج ، وهو قول ابن عباس وجبير بن مطعم وعدد من التابعين وهو مذهب الشافعي الجديد ومذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن شبرمه والأوزاعي واختاره بن جرير الطبري .
الثاني : أنه ولي المرأة ، وهو مذهب مالك والشافعي في القديم .
وعلى كلا القولين ، فالمرأة لا تملك حل عقدة النكاح .
ومن السنة ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة .
ووجه الدلالة في الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن كل قوم ولوا أمرهم امرأة ؛ فإنهم لن يفلحوا ، ونفي الفلاح يقتضي التحريم ، وكل ولاية عامة فإنها داخلة في هذا النهي ، وحيث الطلاق تعد نوع ولاية فإن الحديث يشملها .
والمرأة لا تصلح أن تكون شاهدة على عقد الزواج أبدا ً كما نص عليه جمهور الفقهاء أو على الأقل لا تصلح منفردة كما نص عليه الأحناف ، فكيف تكون هي أعلى من ذلك أي تكون هي التي تملك حق الطلاق ؟ ! .
هذا هو الذي قرره الشرع ونص عليه فقهاء الأمة من أن الطلاق هو بيد الرجل وأنه ليس بيد المرأة .
غير أن الفقهاء نصوا على أن المرأة تصلح وكيلة في أمر الطلاق .
وهذه الوكالة هي وكالة عن صاحب الحق في الطلاق وهو الرجل .
قال الفقهاء : يصح توكيل مكلف أي فيصح توكيل مكلف في طلاق المرأة ، وكلمة مكلف في اصطلاح الفقهاء تعني بالغ عاقل .
وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء .
فكل بالغ عاقل يصح أن يكون وكيلا ً في الطلاق حتى ولو كان امرأة .
قال الفقهاء : ويصح أن يوكل امرأته في طلاق نفسها إذا قال لها طلقي نفسك ، فلها أن تطلق نفسها متى شاءت .
لكن هذا التوكيل يبطل برجوع الزوج عنه بشرط أن يقدم بينة الرجوع عند بعض الفقهاء فإنها وكالة مثل سائر الوكالات تحتاج في إلغائها إلى إثبات وبينة .
وعلى ما تقدم فالمرأة لا تصلح أن تكون مالكة لحل عقدة النكاح إلا أن تكون وكيلة ، والوكيل فرع عن موكله فتلتزم بشرط الموكل ومدته وتنفسخ وكالتها بفسخ الموكل لها .
والله تعالى أجل وأعلم .
المصدر:http://www.alfeqh.com
ـــــــــــــــــــ(111/454)
آفاق تربوية للمنزل والعائلة
فهد بن يحيى العماري
يقول الله - تبارك و تعالى -:"وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ"(الشعراء:214)، ومن طرق البلاغ والإنذار ما يلي:
- الجلوس مع الأهل وتعليمهم الخير بأي وسيلة وأي طريق، والسعي في خدمتهم ومساعدتهم داخل البيت وخارجه، وتحين الفرص المناسبة كسماع بعض الأشرطة أثناء ركوبهم السيارة والقراءة عليهم من كتاب أو مقال أو طرح بعض المسائل والمسابقات، ودعوة الأمهات والبنين والبنات للالتحاق بحلق القرآن وإدخال السرور عليهم أثناء الجلوس لتناول الشاي والطعام أثناء الرحلات مع مشاركة الجميع في ذلك، وأهلك أولى الناس بالدعوة لكل خير بالرفق واللين والبرامج الدعوية وهذه المجالات، والدعاء لهم بالهداية وحسن الاستقامة"قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ"(التحريم: من الآية6)، والقدوة القدوة فَفِعْلُ رجل في ألف رجل أعظم من قول ألف رجل في رجل.
- استغلال اللقاءات العائلية والأسرية بتقديم النافع ودعوة أحد الدعاة للاستفادة منه.
- الاهتمام بالحاسب الآلي، وجعله عنصراً مهماً في خدمة دين الله، ودعوة الناس للخير من خلال قنواته المتعددة والمتنوعة في جدية وتفكير وتجديد، وتعليم الأهل ذلك ذكوراً وإناثاً، صغاراً وكباراً، والاستفادة من برامجه ومشاهدتها على مستوى الفرد والأسرة والجماعة، وجعله بديلاً عن كل ناقص ورذيل.
- إنشاء مكتبة صوتية ومرئية داخل المنزل، وترتيبها ومعاهدتها بين الفينة والأخرى، وفهرستها مع إنشاء مكتبة صغيرة الحجم في مجلس الرجال ومجلس النساء، وتكليف الأهل بكل ذلك.
- المشاركة في اقتناء إحدى المجلات الإسلامية كالبيان والأسرة والشقائق وسنان وشباب، وتكليف الأهل أو أفراد المحضن التربوي بفهرستها موضوعياً، وجمع بعض المقالات المفيدة ونشرها لكي تعم الفائدة، وحين الاستغناء عن المجلات تعطى للآخرين للاستفادة منها، وكذا وضعها في محلات الحلاقة والمكاتب العقارية وكبائن الاتصالات وأماكن انتظار المراجعين في المحاكم والمستشفيات وغيرها.
- إرسال ما بقي من ولائم وما كان قديماً من ملبس وأثاث وحذاء وأوانٍ منزلية وغيرها إلى جمعيات البر، وتذكير الأهل والإخوان والناس، وتكليف بعضهم بذلك بين كل فينة وأخرى وعند الأعياد وتغيير المساكن وغيرها.
- إرسال ما بقي من ولائم وما كان قديماً من ملبس وأثاث وحذاء وأوان منزلية وغيرها إلى جمعيات البر.
- توزيع المهام بين أفراد العائلة وغرس الثقة فيهم، وتعويدهم على تحمل المسؤولية مما يساعد على ملء أوقاتهم وبعدهم عن الفراغ وأصحاب السوء، مثل: مسؤول عن الفواتير وتسديدها، وآخر عن المشتروات وإصلاحات السيارة والبيت، وآخر عن متطلبات النساء والصغار وصندوق البريد وغيرها، مع تغير المهام بينهم كل فينة وأخرى.
- زيارة الأرحام والأقارب وتقديم النافع لهم واصطحاب الأبناء والتنسيق بين شباب العائلة الأخيار في ذلك لغرس الخير من خلال ذلك.
- دعوة ذوي الفضل والصلاح لزيارة الأهل والإخوان، وزيارة أهلك لهم للتعرف عليهم وإيصائهم بأهلك خيراً عند وجودك وأثناء غيابك.
- تعليق نصيحة مختصرة أو إعلان محاضرة بجانب باب المنزل، بحيث يقرؤها الزوار وأهل المنزل.
http://www.almoslim.netالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/455)
أسرة الداعية كيف ينبغي أن تكون ؟
الأسرة مملكة مصغّرة، وهى نواة المجتمع وأساسه، باستقرارها تستقر أحوال المجتمعات، وبصلاحها صلاح الأمم، وبفسادها فساد المجتمع. ولأجل ذلك عظّم الله شأن الأسرة ورفع مكانتها.
والداعية إلى الله بحاجة إلى أن يعيش حياة الاستقرار التي تعينه على القيام بأعباء دعوته، والاستمرار في خدمة عقيدته، وحتى يكون ذلك فقد كان الزواج سبيلاً وطريقًا هنيئًا مريئًا - لمن يسره الله له - لأن يعيش الداعية حياة العطاء المستمر والعمل الدؤوب، حيث يجد من يشاطره همّه، ويبادله أمره وشأنه.
الداعية إلى الله في قلبه همّ عظيم، هم الدعوة وإيصال الخير للناس، وهذا الهمّ قد يتملك لب الداعية ووقته وجهده، فحين يجد من يسنده ويؤيده يبارك الله له في عمله وجهده.
إن الأسرة توفّر للداعية الصادق نصف الجهد، وتعينه على النصف الآخر.
ويُبرز أهمية الأسرة للداعية قصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه جبريل - عليه السلام - في الغار وضمه إليه، فجاء إلى خديجة - رضي الله عنها - فأخبرها الخبر، فهدأت من روعه، وطمأنت نفسه، وسعت في تفريج ما حلّ بزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وفى الحقيقة أن هذه القصة بحاجة إلى مزيد تأمل، وخصوصًا من زوجات الدعاة إلى الله؛ وذلك لاستخراج درر الدروس ونفائس العبر من هذه الحادثة التي كانت بداية الجهاد والدعوة، والوقوف على أهمية الدور المنشود من الزوجة الداعية.
ومن دواعي طرح الموضوع:
- أن الأسرة هي مملكة الداعية الأولى ومنطلقه، {وأنذر عشيرتك الأقربين}، فحين تصحّ هذه المملكة، ويستقيم أمرها فإنها تصير مدرسة للدعاة.
- انشغال كثير من الدعاة إلى الله بدعوة الناس والسعي في مصالح العباد، وإهمال الأسرة من زوجة وأولاد، حتى إنك قد تجد في بيت الداعية زوجة لا تعرف أبجديات في أمور دينها، وشبابا حيارى وبنات متسكعات.
- كثرة المشاكل الأسرية في بيوت الدعاة، وعدم استقرار الحياة الزوجية في بيوت كثير من الدعاة إلى الله.
- التساهل في أداء الحقوق الزوجية، أو تضييعها بحجة الانشغال بالدعوة وأعمال البر!! فهل يصح أن نسوّغ ضياع الأبناء، وجهل الزوجات بالانشغال بالدعوة؟؟!
- ومن أهم دواعي طرح هذا الموضوع - في المقابل - أننا صرنا نرى ونسمع أن الزواج صار مقبرة للدعاة، فكم من داعية نشيط، دؤوب العمل، لا يمل ولا يكل، فلما تزوج قيل: (مات في أحضان زوجته)!! فما تراه عن العمل إلا معتذرًا أو متهربًا، يتحجج بمشاغل الأهل ومسئولية البيت، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان له من الأزواج تسع، ومع ذلك فقد كان وسطًا في الأمور كلها - فداه أبى وأمي.
وكذلك الأمر ينطبق على الداعيات من النساء، ما إن تتزوج حتى تتخفف من مسئولية العمل لهذا الدين، في الأمس كانت لها الصولة والجولة، واليوم يُترحّم عليها في عداد المفقودات من ساحة العمل الدعوى.
التعامل بين الزوجين:
ثمة مقومات أساسية لابد وأن تتوافر في شخصية الزوج؛ حتى يكون أهلاً للقوامة التي كلفه الله بها، وحين يتخلف أحد هذه المقومات تتأخر السعادة الزوجية والاستقرار الأسرى على قدر تخلف هذه المقومات. وهى سبع مقومات: القدوة، والمودة والرحمة والمحبة، والعدل، والحكمة في التصرف والتقويم، مخالطة الأسرة وإشعارهم بالقرب والعطف عليهم، القيام بأعباء الأسرة ومسئولياتها، الدعاء.
كما أن هناك عوامل ضرورية لحياة زوجية أفضل، وهذه العوامل قد يسرف المرء في الأخذ بها فتنقلب عليه سلبًا، وقد يتطرف في العمل بها فتكون حياته جحيمًا والوسط خير الأمرين.وأهم هذه العوامل:
الأول: القول الحسن: فقد أنزل على عباده قوله - جل وعلا -: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم}، ونجد في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - القدوة المثلى في هذا التعامل مع أفراد البيت، قالت عائشة - رضي الله عنها -:"لم يكن رسول الله فاحشًا ولا متفحشًا".
فواجب الزوج إذن أن يعامل زوجته بالقول الحسن اللين الذي لا فحش فيه ولا صخب... وهو عامل مهم في سعادة الأسرة واستقرارها.
والقول الحسن ينبغي أن يشمل كل أحوال حياة الزوجين، في الغضب والرضا، في الفرح والحزن، ولذلك كان من دعائه - صلى الله عليه وسلم -:"اللهم إني أسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب"، فالإنسان قد يفرط في الثناء حين الرضا فيطغى ويخرج عن المألوف، وقد تعلو قلبه غشاوة حين الغضب فيجحف في حق الآخرين... لذلك كانت الوسطية هي جانب الإيجاب في هذا التعامل.
وإن من القول الحسن: إعلام الزوجة بالحب، والصبر على شكايتها، ونكرانها عندما تغضب، والدعاء لها وإشعارها بذلك، وتوجيه الأبناء بالأسلوب السليم من غير تنفير.
العامل الثاني: العشرة: قال الله جل وعز:"وعاشروهن بالمعروف"بالمعروف: أي بما عُرف حسنه في الشرع، وهنا باختصار نشير إلى جوانب حسن العشرة بين الزوجين:
- تربية الأبناء على احترام الوالدين، باحترام كل طرف للآخر، فليس من حسن العشرة أن يعوّد الأب أبناءه على هوان أمهم، فإن قال الأب: لا ينبغي على الأم مراعاة هذا التوجيه لأبنائه فلا تقول لهم: نعم، وإن قالت الزوجة: نعم فعلى الزوج أن يراعى هذا الجانب فلا يقل: لا... ليكسب جولة أمام أبنائه ضد أمهم.
- ذكر الزوجة بالخير أمام الغير، وخصوصًا أمام أهلها، فما أحسن أن يقول الزوج مخاطبًا والد زوجته: ما أحسن تربيتكما، فقد وجهتها عطوفًا حنونًا هينة لينة ً طائعة... أمّا ذكر الزوجة أمام الأصحاب فإن كثيرًا من الأزواج يتحرج أن يذكر زوجته بخير أمام أصحابه. وأقول: إن الأمر يخضع بحسب الحال، فإن حصل حال يستلزم ذكر الزوجة بخير فلا حرج..سئل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يومًا: من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة". فذكر الزوجة أمام الغير بالخير من حسن العشرة والمعاشرة، ولا يعنى ذلك أن ينفرط الأمر فيذكر الزوج ما يحصل بينه وبين زوجه في بيته فيقع في النهى والمحذور.
- أخذ مشورة الزوجة: فالمشاورة مما يطيب الخاطر، ويؤلف بين القلوب، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يأخذ بمشورة زوجاته، وما حادثة يوم الحديبية إلا شاهد على ذلك.والسلب في جانب المشورة: أن لا يقضى الرجل أمرًا إلا بأخذ رأى زوجته فيه، حتى فيما تجهل حاله ووصفه، تبعية للزوجة وعدم خروج عن آرائها.
العامل الثالث: الإهداء: تهادوا تحابوا... ومن أعظم سهام صيد القلوب وأسرها الهدية حال الرخاء والشدة، عند الفرح وبعد الخصومة.
العامل الرابع: التعليم: وفى حديث ما معناه:"من عال جاريتين أو أكثر فأدبهما وأحسن تأديبهما كانتا له حجابًا من النار"، ونحن كثيرا ما نهمل هذا الجانب في بيوتنا، آباؤنا وأمهاتنا بعضهم لا يجيد قراءة الفاتحة، وبعضهن لا يعرفن أحكام الطهارة المتعلقة بالنساء، وبعض زوجاتنا لا يعرفن أبجديات في أمور الدعوة والتعليم... وهكذا يبقى المنزل غارقًا في الجهل... والله جل في علاه أول ما أمر نبيه بالدعوة قال: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، وفى حديث:"ابدأ بمن تعول"، وفى حديث آخر"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".
وفى المقابل من الدعاة من يفرط في هذا الجانب، فيفترض الانفصام بين الدعوة العامة للناس وبين تعليم الأهل ودعوتهم، فيقصر كل جهده مع أهله وبنيه.. لا يشارك أو يقترح أو يفكر في دعوة الآخرين بحجة تعليم الأهل ودعوتهم وإصلاحهم، وكثير من البطالين الخاملين يتذرعون بمثل هذه الذرائع، وفى الحقيقة لا تجده هنا ولا هناك.
والواجب أن لا يغفل الداعية عن تعليم أهله وتوجيههم بترتيب الدروس لهم، أو إشراكهم في الدورات النسائية، أو دُور التحفيظ، أو مراكز الدعوة النسائية والعمل على تيسير الأمور لهن بالتنازل عن بعض الحقوق حتى يتسنى لهن تحصيل العلوم والمشاركة في البرامج الدعوية المنوعة.
أما حبس المرأة وقعودها في قعر بيتها جاهلة.. لا همّ لها إلا الطبخ والغسيل فهذا من تضييع الأمانة - والله المستعان.
العامل الخامس: إظهار العبادات في المنزل: وهذا من أهم عوامل تربية الأسرة، ومن فنون التعامل مع الزوجة والأبناء، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يقوم الليل، ويذكر الله، ويستغفر ويصلى من النوافل ما شاء في بيته تعليما لأهله، وهو القائل في حديث صحيح:"صلوا في بيوتكم.."أي النوافل، وفى حديث آخر:"لا تجعلوا بيوتكم مقابر.. إن الشيطان لينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة..".
فماذا يكون موقف الزوجة حين ترى زوجها قائم في الليل لله خاشعا يبكى ويتدبر كلام الله؟! وماذا يكون موقف الابن حين يرى إياه كذلك؟!!!
وهناك كثير من العبادات التي يمكن إظهارها في المنزل: النوافل من الصلاة، قيام الليل، الصيام، قراءة القرآن، الذكر، القيام بمهنة الأهل، الوضوء، وغيرها كثير...
العامل السادس: رباطة الجأش: والمقصود تربية الزوجة والأبناء على هذه الصفة الحميدة، رباطة الجأش وعدم انفلات الأعصاب والتهور.وسير الصحابيات - عليهن رضوان الله ورحمته - تضرب لنا أروع الأمثلة في رباطة الجأش والتصبر والحكمة من مثل سيرة: نسيبة المازنية، خديجة، الخنساء - رضي الله عنهن أجمعين -.
والذي ينظر إلى واقع غالب نساء اليوم يجد أنهن عن ذلك أبعد، تقيم الدنيا ولا تقعدها من أجل صرصور أو قط أو فأر!!
تربية الأبناء:
الأبناء هم العمر الثاني للأب، قال - صلى الله عليه وسلم -:"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث:.... ولد صالح يدعو له...".
فواجب تربية الأبناء من أعظم واجبات الوالد المسلم والأب الغيور على دينه وأمته.الأبناء هم مستقبل الدعوة وأملها، هم عدّة الأمة ورجاؤها بعد الله.
وهنا نعرض طريقة القرآن في تربية الأبناء، وذلك على ضوء وصايا لقمان لابنه في قول الله - تعالى -: {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير. وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلى ثم إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون. يا بنى إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير. يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور. ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور. واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} (سورة لقمان:).
لقد حوت هذه الآيات الكريمات وصايا عظيمة، بيّن فيها القرآن المنهج السوي في تربية الأبناء، ولنقف في نقاط حول هذا المنهج القرآني لنستخلص منه الطريقة المثلى في تربية الأبناء:
أولاً: ينبغي مراعاة مراحل الابن (العقلية والجسدية والتكليفية) في التوجيه والتربية.
نأخذ ذلك من قوله جل و- تعالى -: {وهو يعظه..} فإن الوعظ مرحلة سابقة على التعنيف والتأديب، هو أول ما ينبغي أن يسلكه الوالد في تربية ابنه وخصوصًا في مراحل عمره (الإدراكية الأولى)، فالطفل في هذه المرحلة لا يعنّف التعنيف الشديد، ولا يضرب أو يقسي عليه في التوجيه، بل يؤخذ بالوعظ واللين والملاينة والصبر عليه؛ نظرًا لما هو عليه من خفة العقل وعدم التكليف.
ثانيًا: ما أول ما ينبغي أن يعتني به الأب في تربية ابنه، وبماذا يبدأ في تربيته؟ على ضوء المنهج القرآني يتبين لنا أن أول مهام التربية للابن تكون في:
المهمة الأولى: تربيته على الأدب مع الله، وذلك يظهر في الآيات بشكل واضح في قوله {يا بنى لا تشرك بالله..} {أقم الصلاة..} {إنها إن تك مثقال حبة من خردل}. وتربية الابن على الأدب مع الله يشمل عدّة جوانب في التربية: أولها: تعميق صلة الطفل بربه، وأنه - جل وعلا - هو أهل الثناء والشكر، وهذا التعميق يمكن أن يكون بإيقاظ الفطرة في نفس الطفل. والطفل في مبدأ الأمر يكون وعيه ضئيلاً وإدراكه في أضيق حدود، ولكن غير صحيح أنه لا يعي على الإطلاق! فهو يعي النظرة الحانية، ويرتاح لها وتطمئن لها نفسه، كما أنه ينزعج ويبكى من غضب أبيه وأمه..
وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:"ما من مولود إلا ويولد على الفطرة.."والفطرة هي الإسلام كما فسرها الصحابي الجليل أبو هريرة - رضي الله عنه - إيقاظ الفطرة يكون باستغلال الحدث، وتعليم الطفل وتعريفه على ربه:من خلقك؟ من أعطاك اليد، اسمع، البصر..
- تعريف الطفل بنعم الله عليه، وخصوصًا تلك النعم التي يحسها ويشعر أنها طارئة عليه، فلا يشعر بادئ الأمر أنها من الله، فهنا يأتي دور الأب في نسبة النعم إلى الله (الأكل، الملبس، المسكن، الجوارح، اللعبة التي يلعب بها) حين يرغب الطفل في لبس جديد أو أكل معين أو لعبة يلعب بها لا يشعر حين تلبى له طلبه أنها نعمة من الله، وهنا لا بد أن تستغل هذا الحدث فتذكره بنعمة الله عليه.
- اغرس في الطفل مراقبة الله. لا تجعله يخافك من دون الله، قد يمتنع ابنك عن الكذب، لكن ليس لأنه يعرف أن الكذب شنيع، وإنما لأنه يخاف منك أن تضربه أو تؤذيه، حاول أن تبعث في نفس الولد مراقبة الله: لا تكذب لأن الله لا يحب الكاذبين، من قال الصدق فإن الله يدخله الجنة... هكذا.
- حبب إليه العبادة بترغيبه فيها، وأدائها بحضور منه، وهذا ثمرة من ثمرات إظهار العبادات في المنزل، علمه كيف يتوضأ فتوضأ أمامه، خذه معك إلى المسجد وحلقات العلم..
- لا تجعل المردود المادي هو الذي يفكر فيه الطفل: يخطئ كثير من الآباء حين يطلب من ابنه أن يصلى ليعطيه مبلغًا من المال، أو قل الصدق ولك كذا من المال، أو افعل كذا - من العبادات - ولك كذا، فإن هذا الأسلوب من الخطورة بمكان في تربية الابن. لكن هذا لا يمنع أن تكافئه على عبادة أدّاها من غير أن تعده بها، بل علّق أمره بالله.. والدار الآخرة.
- المهمة الثانية: التربية على معاني أركان الإيمان (الإيمان بالكتب، والرسل، واليوم الآخر، ويستخدم الأسلوب القصصي - مثلا - في التربية على ذلك. بعرض سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتعريفه بنبيه، أو عرض قصص أخرى مهمة في تربية الأطفال.
المهمة الثالثة: التربية مع النفس:
علّم ابنك كيف يتحمل المسئولية، علّمه كيف يأكل بنفسه، كيف يلبس ثيابه وكيف يخلعها، كيف يقضى حاجته وكيف يتنزه منها..علمه أن يحل مشاكله بنفسه - مع تعميق صلته بالله - وأن الله هو القادر على أن يرفع عنه ما هو فيه من البلاء أو المشاكل، وأن الله هو الذي قدر عليه ذلك.
كثير من الآباء حين يجد ابنه - مثلاً - وقع في مشكلة مع أخيه فسرعان ما يتدخل هو في حل المشكلة.لماذا لا يعلمه كيف يحل هذه المشكلة مع أخيه بالأسلوب النبوي الواضح البين.!!
- عوّد ابنك على تحمل تبعة خطئه، إن كسر زجاجًا اجعله هو الذي يرفعه عن الأرض، إن بلل مكانًا أو وقعت عليه قذارة اجعله هو الذي يزيل ما فعل من خطأ، كثير من الأمهات إن كسر ولدها زجاجًا أو وسّخ مكانًا سرعان مما تسارع لإزالة ما أتلفه الابن.. هنا الابن يتعود على عدم تحمل تبعة الخطأ فيزيد من تهوره وطيشه، لكن حين يعلم ويتعود الطفل على أن الخطأ عليه تبعات قد تكون محرجة نوعًا ما له فهنا لن يقدم على الخطأ إلا بعد أن يحسب له حساب - هذا إن لم يمتنع عنه أصلاً ـ
- انزع منه حب التملك واغرس فيه عدم الاعتداء على حقوق الآخرين: من المواقف المحرجة للوالدين حين يرون ابنهما الصغير يمتنع عن أن يشرك ولد الجيران معه في لعبة، وأكثر حرجًا من ذلك حين يعتدي ابنهما على لعبة ولد الجيران فيأخذها منه، والواجب أن يعوّد الأب ابنه على عدم حب التملك، وذلك بالقدوة، والهدية والجائزة، كما ينبغي أن يربيه على عدم الاعتداء على حقوق الآخرين، وأن يتشدد معه في هذا الجانب أكثر من تشدده على حبه لتملك حقه..
- عوّد ابنك على الحياء: لا تغضب حين يدخل ابنك على مجموعة أنت فيها ثم هو يخجل أن يتكلم بينهم، فذلك من الحياء هذّب فيه هذا الجانب.علّم ابنك على أن يستر عورته وأن يستحيى أشد الحياء حين تكشف له عورة.
- أزل منه صفة الكذب، وشجع منه موقف الصدق: إن فعل ابنك خطأ ثم اعترف لك بذلك فلا تعنفه، بل شجع منه هذا الموقف الصادق، فإنك حين تشجعه على الصدق فإنه لن يكذب، خوّفه بنار جهنم وعاقبة الكذب إن حاول أن يكذب.
- أشبع حاجة الابن حتى لا يضطر أن يقع في المحذور:
وفّر له ما تستطيع من رغبات نفسه توفيرًا لا يضطر بخلقه وسلوكه، لان الطفل حين يجد ما يسد رغبته فإنه لن ينظر إلى ما عند غيره - وإن كان ذلك أمر طويل الذيل قليل النيل - لكن حاول جهدك.
المهمة الرابعة: الأدب مع الآخرين:
مع الوالدين وكيف يحترمهما ويبرهما، ومع إخوانه كيف يحترم الصغير الكبير ويرحم الكبير الصغير، ومع الجيران كيف يتأدب في التعامل معهم، ومع المسلمين عمومًا وما لهم من حق الحب والولاء، ومع الكافرين وما يكون معهم من البعد عن التشبه بهم، ومع الشيطان وأنه عدو الإنسان، مع الحيوان وكيف يرفق به فلا يؤذيه، مع أصناف الناس: الفقير، والمسكين وكيف يعطف عليه ويرحمهم... إلى غير ذلك.
http://alresalah.masrawy.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(111/456)
لا لتعدد الزوجات...فالله لم يخلق لآدم ألا حواء واحدة!!
قال - تعالى -:"وان خفتم الا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فأن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"سورة النساء.
لا لتعدد الزوجات... فالله لم يخلق لآدم ألا حواء واحدة!!
هذا الموضوع يطرح كثيرا للنقاش بين النساء خاصة لأنهن المظلومات في هذا الموضوع كما أشرن بذلك، فالمتزوجات يرفضن أن يتزوج أزواجهن بغيرهن، والغير متزوجة تفضل الاقتران بمن لم يسبق له الزواج من قبل.... فمن هنا على حسب اعتقادي بدأت مشاكل المجتمع اللا محدودة...
فعندما طرح هذا السؤال للمناقشة من إحدى النساء وهي غير مقتنعة بأمر التعدد وأنه لا فرق بين الرجل والمرأة (وتناست هذه المسلمة أن الرجال قوامون على النساء).. فكان من جملة ما قالته: لماذا لا يفي الرجل لزوجة واحدة وينظر إلى أكثر من واحدة، ألا يحق لنا أن نتعجب أن الله لم يخلق لآدم الا حواء واحدة؟؟؟
فلو كان التعدد أمرا طبيعيا لكان الله خلق أكثر من حواء لآدم؟
فكان أحسن رد هو: أن تعدد الزوجات أمر مباح في الإسلام، وسنة عن رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، وليس بواجب وأن الإسلام رغب في التعدد لعدة فوائد تعود على المجتمع ومن أهمها تقليل العنوسة بين الفتيات والى ذلك من الأمور الأخرى، ولكن هناك شرط مهم في التعدد ألا وهو: العدل وذلك بأن يعدل الرجل بين نساءه في كل شيء، ويخرج من ذلك الميلان القلبي، لأنه خارج عن إرادة الإنسان.
وعليكن يا معشر النساء أن تحمدن الله كثيرا، لأن الله لم يخلق أكثر من حواء لسيدنا آدم ويزوجه بهن، لأنه لو كان الأمر كذلك لصار من الواجبات وصار لزاما على كل رجل أن يتزوج بأكثر من واحدة!!!
فهذه حجة ليست في صالح من يدعوا إلى عدم التعدد.
ومن الطريف ما سمعته من أحدى الأخوات التي أراد زوجها أن يتزوج عليها فأخبرها برغبته في ذلك، فهددت وتوعدت بأنها ستطلب الطلاق أن فعل ذلك، وقالت له: أتأخذني لحم وترميني عظم!! فأجابها الزوج: أنا والله أخذتك عظم ولن أرميك بعدما اكتسوتي باللحم.
وأخيرا: فإنه يجب علينا جميعا نساء ورجال أن نؤمن بالتعدد، لأن الله ذكر ذلك في محكم تنزيله، ولأنها سنة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وليس العيب أبدا في التعدد، ولكن العيب كل العيب فيمن يسيئون استخدامه.
فاتقوا الله يا معشر الرجال وأحسنوا إلى زوجاتكم
http://www.twbh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/457)
الإنترنت خطف زوجي!!
بهية الرشيد
تزوجنا عن مودة، وعشنا العديد من السنوات السعيدة، أنجبنا خلالها أربعة أطفال، بعدها بدأت أشعر أن حياتي الأسرية أصبحت روتينية: فالأيام متشابهة، وغابت عن حياتنا العائلية عبارات المودة والحب ومشاعر الشوق؛ فزوجي يلتزم كل يوم بالبرنامج ذاته: يتناول الطعام بعد عودته من العمل، ونتحدث قليلاً في شؤون الأطفال، ثم يجلس أمام الكمبيوتر والإنترنت.. وأخيراً يسبقني إلى النوم بحجة أنه متعب..
هذه هي ضريبة الإنترنت، فمن ثماره غياب الحوار والحب بين الزوجين، وعندما يفقد الزوج لغة الحوار المناسب مع زوجته، وتتعطل كل وسائل الاتصال، ولا يجد فيها ذلك الشخص المناسب لتفريغ شحناته العاطفية فإنه يلجأ إلى الوسائل الأخرى كالمحادثة عبر الإنترنت..
وقد أجرت مجلة الأسرة استبياناً خاصاً وطبقته على (500) من الزوجات لتعرف من خلاله: ماذا يفعل الأزواج في بيوتهم؟ وكيف يتعاملون مع زوجاتهم وأولادهم؟
ضم الاستبيان مجموعة من الأسئلة تدور حول الوقت الذي يقضيه الزوج في البيت، وما هو نصيب زوجته وأولاده من هذا الوقت؟
خلصت النتائج إلى أن 40% من الأزواج ينامون في القيلولة بعد تناولهم وجبة الغداء، و20% منهم يجلسون أمام الحاسب الآلي، و10% يطالعون جريدة أو كتاباً، و10% يبقون في عملهم، و20% فقط يتحدثون إلى زوجاتهم في هذه الفترة.
أما أثناء تناول وجبة الغداء فإن 20% من الأزواج يتحدثون إلى زوجاتهم، و15% يتحدثون مع أفراد أسرتهم بشكل عام، و60% لا يتحدثون إلى الزوجة أو الأولاد وينشغلون بمتابعة التلفاز أثناء فترة الغداء، ولا يختلف الأمر كثيراً في المساء، حيث إن 15% من الأزواج ينامون مباشرة بعد تناول العشاء، و30% يشاهدون التلفاز، و25% يسهرون مع أصدقائهم يحفظون القرآن الكريم، و25% يجلسون أمام الإنترنت.
ويراوح عدد ساعات الحوار بين الزوجين بين ربع ساعة إلى نصف ساعة.
وحول إيجاد الحل لهذه المشكلة تبين أن 80% من الزوجات تأقلمن مع الوضع الذي يعشنه، و20% توصلن إلى حلول وسط مع أزواجهن، و5% ما زلن يبحثن عن حل.
أسباب المشكلة:
يرجع الأستاذ "خليفة المحرزي"– رئيس مركز الترابط الاجتماعي في الإمارات – هذه الظاهرة إلى عدة أسباب، منها:
* طبيعة الإنسان وزهده الفسيولوجي: فالإنسان إذا رغب في الشيء يبذل المستحيل في سبيل الحصول عليه، ويظل عقله متعلقاً به. فامتلاك الشيء يؤدي في النهاية إلى الزهد فيه؛ لأنه أصبح شيئاً مألوفاً متكرراً تعودت النفس عليه، وتبدأ النفس تشتاق للتجديد والتنويع، وهو متوفر جداً في مواقع الإنترنت التي تشد متابعها إلى درجة أنه لو ملَّ من بعضها انتقل إلى غيرها.
* عدم اهتمام كل من الزوجين بالآخر، خصوصاً عند حدوث مواجهة بينهما، وتتعطل لغة الحوار والكلام بينهما، فيبدأ الزوج تفريغ همومه المكبوتة عن طريق الإنترنت.
* قد يكون اللجوء للإنترنت بسبب الأعباء المادية من قروض والتزامات تجاه الآخرين، ناهيك بمصاريف المنزل والسيارة واحتياجات الأبناء وغيرها، مما يسبب حالة من الصمت لدى أحد الزوجين، وبخاصة إذا أحسَّ بأن الأمور قد ضاقت عليه ولم يجد مخرجاً منها، ولا يريد الجلوس مع زوجته حتى لا تفتح له تلك الموضوعات التي تسبب له الضيق.
* قد يكون الجلوس على الإنترنت نوعاً من العقاب النفسي القاسي للزوجة، وكثير من الرجال يفعلون هذا عندما ينتقمون من زوجاتهم بطريقة الصمت وإغلاق كل المنافذ؛ للحيلولة دون وصول زوجاتهم لهم، سواء بالكلام أو النظر أو حتى التبسم.. ويرفض الزوج طلب أي نوع من أنواع المساعدة من زوجته، بل يحاول أن يوصل رسالته لها عبر بعض التصرفات التي تكون في الغالب غير مفهومة، ويبقى الانكباب على الإنترنت إحدى هذه الوسائل..
* بعض الرجال يرون أن الحديث في المجال العاطفي مع زوجاتهم يوقعهم في دائرة التوحد مع المرأة وفقدان جزء من ذكورتهم! فالمجتمع يصور الرجل بأنه خشن الطباع، جاف الإحساس، لا يبدي عواطفه بالشكل المطلوب الذي ترغب فيه المرأة، أتعرفون لماذا؟ لأن الرجال لا يحبون لأحد أن يطلع على نقاط ضعفهم، بعكس المراة التي لا تجد حرجاً في ذلك، سواء أكانت أمامه أو أمام غيره من الصديقات المقربات..
العلاج:
على الزوجة الذكية أن تتفهم زوجها وتحاول التكيف معه، وتشاركه اهتماماته فإذا كان من هواة الإنترنت فيمكنها أن تناقش معه ما يتم الإطلاع عليه، فهو جهاز ذو حدين وفيه نفع كبير لمن أراد أن ينتفع به، وهذا من شأنه أن يزيد من فرص التقارب وإيجاد قنوات اتصال جديدة بين الزوجين.
من ناحية أخرى عليها أن تجيد فن الحديث مع زوجها، وتعبر عن مشاعرها وتعطيه الفرصة أيضا للتعبير عن مشاعره، وتحافظ على صورتها المشرقة المتجددة دائما أمامه، وعليها أن تحرص على ترتيب الأولويات، وأن تتوازن في متطلباتها فلا تثقل كاهل زوجها بما لا طاقة له به، وأن تتجنب التوافه من الأمور.
هذه ثلة من الصفات تضيق دائرة الهروب والنكد بين الزوجين.. وليست خاصة بحل مشكلة بعينها، بل هي وسائل عامة تعين ـ بإذن الله تعالى ـ على شيوع روح السكينة والاستقرار النفسي بين جنبات الأسرة.
http://www.al-eman.comالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/458)
99 صفه يحبها الزوج أن تكون في زوجته
هذه 99 صفة يريدها الرجل, بل ويرغبها ويطمح أن تكون في زوجته تعمل بها:
1- طاعة الله - سبحانه وتعالى - في السر والعلن، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن تكون صالحة.
2- أن تحفظه في نفسها وماله في حالة غيابه.
3- أن تسره إذا نظر إليها، وذلك بجمالها الجسماني والروحي والعقلي، فكلما كانت المرأة أنيقة جميلة في مظهرها كلما ازدادت جاذبيتها لزوجها وزاد تعلقه بها.
4- أن لا تخرج من البيت إلا بإذنه.
5- الرجل يحب زوجته مبتسمة دائماً.
6- أن تكون المرأة شاكرة لزوجها، فهي تشكر الله على نعمة الزواج الذي أعانها على إحصان نفسها ورزقت بسببه الولد، وصارت أماً.
7- أن تختار الوقت المناسب والطريقة المناسبة عند طلبها أمراً تريده وتخشى أن يرفضه الزوج بأسلوب حسن، وأن تختار الكلمات المناسبة التي لها وقع في النفس.
8- أن تكون ذات خلق حسن.
9- أن لا تخرج من المنزل متبرجة.
10- أن لا ترفع صوتها على زوجها إذا جادلته. (هامة).
11-أن تكون صابرة على فقر زوجها إن كان فقيراً، شاكرة لغناء زوجها إن كان غنياً.
12- أن تحث الزوج على صلة والديه وأصدقائه وأرحامه.
13- أن تحب الخير وتسعى جاهدة إلى نشره.
14- أن تتحلى بالصدق وأن تبتعد عن الكذب.
15- أن تربي أبنائها على محبة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن تربيهم كذلك على احترام والدهم وطاعته وأن لا تساعدهم على أمر يكرهه الزوج وعلى الاستمرار في الأخطاء.
16- أن تبتعد عن الغضب والانفعال.
17- أن لا تسخر من الآخرين وأن لا تستهزئ بهم.
18- أن تكون متواضعة بعيدة عن الكبر والفخر والخيلاء.
19- أن تغض بصرها إذا خرجت من المنزل.
20- أن تكون زاهدة في الدنيا مقبلة على الآخرة وترجو لقاء الله.
21- أن تكون متوكلة على الله في السر والعلن، غير ساخطة ولا يائسة.
22- أن تحافظ على ما فرضه الله عليها من العبادات.
23- أن تعترف بأن زوجها هو سيدها، قال الله - تعالى - (وألفيا سيدها لدى الباب).
24- أن تعلم بأن حق الزوج عليها عظيم، أعظم من حقها على زوجها.
25- أن لا تتردد في الاعتراف بالخطأ، بل تسرع بالاعتراف وتوضح الأسباب التي دعت إلى ذلك.
26- أن تكون ذاكرة لله، يلهج لسانها دائماً بذكر الله.
27- أن لا تمانع أن يجامعها زوجها بالطريقة التي يرغب والكيفية التي يريد (إذا لم يسبب ذلك لها ضرراً) ما عدا في الدبر.
28- أن تكون مطالبها في حدود طاقة زوجها فلا تثقل عليه وأن ترضى بالقليل.
29- أن لا تكون مغرورة بشبابها وجمالها وعلمها وعملها فكل ذلك زائل.
30- أن تكون من المتطهرات نظيفة في بدنها وملابسها ومظهرها وأناقتها.
31- أن تطيعه إذا أمرها بأمر ليس فيه معصية لله ولا لرسوله - صلى الله عليه وسلم -.
32- إذا أعطته شيئاَ لا تمنه عليه. (هام).
33- أن لا تصوم صوم التطوع إلا بإذنه.
34- أن لا تسمح لأحد بالدخول بمنزله في حالة غيابه إلا بإذنه إذا كان من غير محارمها؛ لأن ذلك موطن شبهة.
35- أن لا تصف غيرها لزوجها؛ لأن ذلك خطر عظيم على كيان الأسرة. (هام).
36- أن تتصف بالحياء.
37- أن لا تمانع إذا دعاها لفراشه وتعلم أنها بطاعتها له لها الجنة.
38- أن لا تسأل زوجها الطلاق (بغير سبب)، فإن ذلك محرم عليها.
39- أن تقدم مطالب زوجها وأوامره على غيره حتى على والديّها.
40- أن لا تضع ثيابها في غير بيت زوجها.
41- أن تبتعد عن التشبه بالرجال.
42- أن تذكر زوجها بدعاء الجماع إذا نسي.
43- أن لا تنشر أسرار الزوجية في الاستمتاع الجنسي، ولا تصف ذلك لبنات جنسها.
44- أن لا تؤذي زوجها. (هام).
45- يرغب الرجل في زوجته أن تلاعبه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجابر - رضي الله عنه -(هلا جارية تلاعبها وتلاعبك) ولا تقولي كرامتي!!!!
46- إذا فرغا من الجماع يغتسلا معاً؛ لأن ذلك يزيد من أواصر الحب بينهما، قالت عائشة - رضي الله عنها -(كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، تختلف أيدينا فيه، من الجنابة). من باب الاستحباب فقط..
47- أن لا تنفق من ماله إلا بإذنه.
48- إذا كرهت خلقاً في زوجها فعليها بالصبر، فقد تجد فيه خلق آخر أحسن وأجمل، قد لا تجده عند غيره إذا طلقها.
49- أن تحفظ عورتها إلا من زوجها.
50- أن تعرف ما يريد ويشتهيه زوجها من الطعام، وما هي أكلته المفضلة. (هام جداً جداً جداً).
51- أن تكون ذات دين قائمة بأمر الله حافظة لحقوق زوجها وفراشه وأولاده وماله، معينة له على طاعة الله، إن نسي ذكرته وإن تثاقل نشطته وإن غضب أرضته.
52- أن تشعر الرجل بأنه مهم لديها وإنها في حاجة إليه، وأن مكانته عندها توازي الماء والطعام، فمتى شعر الرجل بأن زوجته محتاجة إليه زاد قرباً منها، ومتى شعر بأنها تتجاهله وأنها في غنى عنه - سواء الغنى المالي أو الفكري - فإن نفسه تملها.
53- أن تبتعد عن تذكير الزوج بأخطائه وهفواته، بل تسعى دائماً إلى استرجاع الذكريات الجميلة التي مرت بهما والتي لها وقع حسن في نفسيهما.
54- أن تظهر حبها ومدى احترامها وتقديرها لأهل زوجها، وتشعره بذلك، وتدعو لهم أمامه وفي غيابه، وتشعر زوجها كم هي سعيدة بمعرفتها لأهله؛ لأن جفائها لأهله يولد بينها وبين زوجها العديد من المشاكل التي تهدد الحياة الزوجية.
55- أن تسعى إلى تلبس ما يحبه زوجها من ملبس ومأكل وسلوك، وأن تحاول ممارسة ذلك لأن فيه زيادة لحب الزوج لزوجته وتعلقه بها.
56- أن تودعه إذا خرج خارج المنزل بالعبارات المحببة إلى نفسه، وتوصله إلى باب الدار وهذا يبين مدى اهتمامها بزوجها، ومدى تعلقه به. (هام).
57- إذا عاد من خارج المنزل تستقبله بالترحاب والبشاشة والطاعة وأن تحاول تخفيف متاعب العمل عنه.
58- أن تظهر حبها لزوجها سواء في سلوكها أو قولها وبأي طريقة مناسبة تراها.
59- أن تؤثر زوجها على أقرب الناس إليها، حتى لو كان ذلك والدها.
60- إذا أراد الكلام تسكت، وتعطيه الفرصة للكلام، وأن تصغي إليه، وهذا يشعر الرجل بأن زوجته مهتمة به. (أدب ما بعده أدب ابتغاء وجه الله).
61- أن تبتعد عن تكرار الخطأ؛ لأنها إذا كررت الخطأ سوف يقل احترامها عند زوجها.
62- أن لا تمدح رجلاً أجنبياً أمام زوجها إلا لصفة دينية في ذلك الرجل؛ لأن ذلك يثير غيرة الرجل ويولد العديد من المشاكل الأسرية، وقد يصرف نظر الزوج عن زوجته.
63- أن تحتفظ بسره ولا تفشي به وهذا من باب الأمانة.
64- أن لا تنشغل بشيء في حالة وجود زوجها معها، كأن تقرأ مجلة أو تستمع إلى المذياع، بل تشعر الزوج بأنها معه قلباً وقالباً وروحاً. (إلا إذا سمح لها... ولم يضايقه ذلك).
65- أن تكون قليلة الكلام، وأن لا تكون ثرثارة، وقديماً قالوا إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
66- أن تستغل وقتها بما ينفعها في الدنيا والآخرة، بحيث تقضي على وقت الفراغ بما هو نافع ومندوب، وأن تبتعد عن استغلال وقتها بالقيل والقال والثرثرة والنميمة والغيبة.
67- أن لا تتباهي بما ليس عندها.
68- أن تكون ملازمة لقراءة القرآن الكريم والكتب العلمية النافعة، كأن يكون لها وردٌ يوميٌ.
69- أن تجتنب الزينة والطيب إذا خرجت خارج المنزل.
70- أن تكون داعية إلى الله - سبحانه و تعالى - وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - تدعو زوجها أولاً ثم أسرتها ثم مجتمعها المحيط بها، من جاراتها وصديقاتها وأقاربها.
71- أن تحترم الزوجة رأي زوجها، وهذا من باب اللياقة والاحترام.
72- أن تهتم بهندام زوجها ومظهره الخارجي إذا خرج من المنزل لمقابلة أصدقائه؛ لأنهم ينظرون إلى ملابسه فإذا رأوها نظيفة ردوا ذلك لزوجته واعتبروها مصدر نظافته والعكس!
73- أن تعطي زوجها جميع حقوق القوامة التي أوجبها الله - سبحانه و تعالى - عليها بنفس راضية وهمة واضحة بدون كسل أو مماطلة وبالمعروف.
74- أن تبتعد عن البدع والسحر والسحرة والمشعوذين؛ لأن ذلك يخرج من الملة وهو طريق للضياع والهلاك في الدنيا والآخرة.
75- أن تقدم كل شي في البيت بيدها وتحت رعايتها، كالطعام مثلاً، وأن لا تجعل الخادمة تطبخ وكذلك التي تقدم الطعام؛ لأن اتكال المرأة على الخادمة يدمر الحياة الزوجية ويقضي عليها ويشتت الأسرة (هذا مع التنويه على خطورة وجود الخادمات في البيوت).
76- أن تجتنب الموضة التي تخرج المرأة عن حشمتها وآدابها الإسلامية الحميدة.
77- أن ترضي زوجها إذا غضب عليها بأسرع وقت ممكن حتى لا تتسع المشاكل ويتعود عليها الطرفين وتألفها الأسرة.
78- أن تجيد التعامل مع زوجها أولاً ومع الناس الآخرين ثانياً.
79- أن تكون الزوجة قدوة حسنة عند زميلاتها وصديقاتها، يضرب بها المثل في هندامها وكلامها ورزانتها وأدبها وأخلاقها.
80- أن تلتزم بالحجاب واللبس الإسلامي الشرعي، وتتجنب غير ذلك من ملابس الفتنة والفساد..
81- أن تكون بسيطة، غير متكلفة، في لبسها ومظهرها وزينتها.
82- أن لا تسمح للآخرين بالتدخل في حياتها الزوجية، وإذا حدثت مشاكل في حياتها الزوجية، تسعى إلى حلها بدون تدخل الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء.
83- إذا سافر زوجها لأي سبب من الأسباب، تدعوا له بالخير والسلامة، وأن تحفظه في غيابه، وإذا قام بالاتصال معها عبر الهاتف لا تنكد عليه بما يقلق باله، كأن تقول له خبراً سيئاً، إنما المطلوب منها أن تسرع إلى طمأنته ومداعبته وبث السرور على مسامعه، وأن تختار الكلمات الجميلة التي تحثه على سرعة اللقاء.
84- أن تستشير زوجها في أمورها الخاصة والعامة، وأن تزرع الثقة في زوجها وذلك باستشارتها له في أمورها التجارية (إذا كانت صاحبة مال خاص بها)، لأن ذلك يزيد من ثقة واحترام زوجها لها.
85- أن تراعي شعور زوجها، وأن تبتعد عما يؤذيه من قول أو فعل أو خلق سيء.
86- أن تحبب لزوجها وتظهر صدق مودتها له، والحياة الزوجية التي بدون كلمات طيبة جميلة وعبارات دافئة تعتبر حياة قد فارقتها السعادة الزوجية.
87- أن تشارك زوجها في التفكير في صلاح الحياة الزوجية وبذل الحلول لعمران البيت.
88- أن لا تتزين بزينة فاتنة تظهر بها محاسن جسمها لغير زوجها من الرجال، حتى لوالدها وإخوانها.
89- إذا قدم لها هدية تشكره، وتظهر حبها وفرحها لهذه الهدية، حتى وإن كانت ليست بالهدية الثمينة أو المناسبة لميولها ورغبتها؛ لأن ذلك الفرح يثبت محبتها لدى الزوج، وإذا ردت الهدية أو تذمرت منها فإن ذلك يسرع بالفرقة والحقد والبغض بين الزوجين.
90- أن تكون ذات جمال حسي وهو كمال الخلقة، وذات جمال معنوي وهو كمال الدين والخلق، فكلما كانت المرأة أدين وأكمل خلقاً كلما أحب إلى النفس وأسلم عاقبة.
91- أن تجتهد في معرفة نفسية زوجها ومزاجيته، متى يفرح، ومتى يحزن ومتى يغضب ومتى يضحك ومتى يبكي، لأن ذلك يجنبها الكثير والكثير من المشاكل الزوجية.
92- أن تقدم النصح والإرشاد لزوجها، وأن يأخذ الزوج برأيها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوتنا فقد كان يأخذ برأي زوجاته في مواقف عديدة.
93- أن تتودد لزوجها وتحترمه، ولا تتأخر عن شيء يجب أن تتقدم فيه، ولا تتقدم في شيء يحب أن تتأخر فيه.
94- أن تعرف عيوبها، وأن تحاول إصلاحها، وأن تقبل من الزوج إيضاح عيوبها، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -(رحم الله امرءاً أهدى إلي عيوبي)، وفي ذلك صلاح للأسرة.
95- أن تبادل زوجها الاحترام والتقدير بكل معانيه.
96- أن تكون شخصيتها متميزة، بعيدة عن تقليد الآخرين، سواء في لبسها أو قولها أو سلوكها بوجه عام.
97- أن تكون واقعية في كل أمورها.
98- أن تخرج مع زوجها للنزهة في حدود الضابط الشرعية، وأن تحاول إدخال الفرح والسرور على أسرتها.
99- الكلمة الحلوة هي مفتاح القلب، والزوج يزيد حباً لزوجته كلما قالت له كلمة حلوة ذات معنى ومغزى عاطفي، خاصة عندما يعلم الزوج بأن هذه الكلمة الجميلة منبعثة بصدق من قلب محب.
http://gesah.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/459)
إهداء إلى...
اليوم هي طائر من طيور الجنة.. رحلت إلى جنة الفردوس.. رحلت وتركت لنا قلباً ما زال يبعث عبق المحبة ويوصينا بإخوتنا..
رحلت بثوب أبيض.. رحلت والابتسامة على شفتيها..
ر ح ل ت..
نعم هو ذاك......................
إليك أيتها الغالية:
مع ألفة المكان ودفء الممرات .. وحميمة اللحظات أراك راسخة تهدين للكل سراجا تراقصت ذبالته لتكون هالة من نور الإرشاد، و تجعل من هذه الجموع المتعلمة تجمع حجارة الحياة بدلاً من التخبط بها.
فإلى الإنسان الرائع الذي علمني أن أعطي بأفعالي وليس بأقوالي، إلى الذي كنت وما زلت أستمد منه الثقة بالنفس والصبر على الشدائد، إلى الإنسان الذي علمني أن أعطي أكثر مما آخذ؛ لأن في العطاء بقاء، إلى الذي سيظل نبراسا لصدق العاطفة حتى بعد أن تغزو الثلوج ضفائري..
إليك أمنا الفاضلة نهدي خالص المحبة و التقدير والاحترام.
أعلم أن نبضات مداد قلم على أسطح بيضاء لا تعرف للبشرية سبيل أو على الأقل للجمود الإنساني معنى.. غير قادرة على بث عاطفة توارت عبر رائيها.. كما أعلم أنه حتى سكون الموتى، و تلاشي الألوان، وانسدال ستر الظلام، وصمت القبور، واندثار الأشلاء.. غاليتي لن يفك طوق جميلك الذي يكبلني.. لأن الدنيا أدنى من إيفاء الحقوق... لا يسعني سوى أن أرجو العلي القدير أن يجزيك عنا خير الجزاء، وأن يجمعنا في الفردوس الأعلى مع الأبرار و الصديقين و الشهداء.
http://www.heartdes.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/460)
يوم في حياة أسرة مسلمة
أوكد الأمور التي ينبغي أن توليها الأسرة المسلمة اهتمامها وتركيزها "تسيير الأبناء على منهج إسلامي تربوي" يمارسونه كل يوم وليلة حتى يتعودوه، ويصير جزءاً في حياتهم العملية، فتألفه طباعهم ويتأصل في كيانهم النفسي، ويرسخ في وجدانهم ومشاعرهم.
ويتوجب أن تكون تفاصيل هذا المنهج اليومي وقواعده ومواده مستوحاة من هدي الله - تعالى - في كتابه، وتوجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته، وما نقل عن الخلفاء الراشدين وبقية الصحابة الكرام والسلف الصالح.
ومن مفردات هذا المنهاج اليومي أنه إذا بزغ نور يوم جديد في حياة الناشئ المسلم وجهته أسرته بعد استيقاظه من النوم إلى أن يقول الحديث الذي رواه الشيخان: «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور».
فإذا كان للولد حاجة في دخول مكان قضاء الحاجة، أرشدته الأسرة إلى آداب الدخول وقضاء الحاجة والاستنجاء، كأن يدخل بالرجل اليسرى ويخرج بالرجل اليمنى، ويدعو قبيل الدخول: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث». والخبث والخبائث: الجن والشياطين ونحوها من المكروهات.
كما يذكر الولد أن يحرص على تجنب استقبال القبلة واستدبارها وقت قضاء الحاجة وكشف العورة، لما أخرجه البخاري ومسلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا وغربوا».
ويذكر أيضاً بأن من آداب قضاء الحاجة عدم الكلام إلا لضرورة طارئة. روى مسلم أن رجلاً مر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه السلام.
وينبغي على الأسرة أخذ الأبناء بوجوب تجنب النجاسات، والتحرّز من أن تصيب الثياب أو البدن، روى الدارقطني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه».
ومن آداب قضاء الحاجة ألا يستنجي المرء بيمينه، بل يستخدمها في مكارم الأمور، فإذا خرج الولد من المكان فليقل: «غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني» كما رواه الترمذي وابن ماجة، ثم ليغسل يديه بالماء والصابون، أو بأي مطهر ومنظف، لأن ذلك أنقى وأطيب.
ثم ليشرع الوالد مع ولده بالوضوء مبيناً له فرائضه وسننه وآدابه وأدعيته، فقد روى الترمذي أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان يقول عقب الوضوء: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين».
وإذا كان في الوقت فسحة قبل بزوغ الفجر الصادق فليركع بضع ركعات تهجداً لله - تعالى - وإن لم يتيسر ذلك أدى سنة الفجر ركعتين، تليها ركعتا الفرض، وليحرص الابن على أدائها جماعة في مسجد الحي فهو أفضل وأحب إلى الله - تعالى - وأقوى على الطاعة مستقبلاً، نظراً لما يلمسه من الشعور بروح الجماعة. روى الشيخان عن رسول الله - صلى عليه وسلم - أنه قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ -أي المنفرد- بسبع وعشرين درجة».
ثم لتشرع الأسرة عقب صلاة الفجر في تناول الأدعية المأثورة من تهليل وتسبيح واستعاذة ودعاء. روى الترمذي أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كان يقول بعد صلاة الفجر: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير» عشر مرات. وكان يقول أيضاً: «اللهم أجرني من النار «سبع مرات» واللهم إني أسألك الجنة «سبع مرات» كما في سنن أبي داود. هذا فضلاً عما ورد من التسبيح عقب كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، والحمد ثلاثاً وثلاثين، والتكبير ثلاثاً وثلاثين، وقول: لا إله إلا الله تمام المائة.
وبعد هذا يجدر بالأسرة المسلمة أن تعود أبناءها أن يفتتحوا يومهم بتلاوة ما تيسر من القرآن الكريم، وحفظ ما يستطيعون منه، استجابة لدعوة النبي – صلى الله عليه وسلم- حيث قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه"رواه البخاري. وقال في حديث آخر رواه مسلم: «اقرأوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة».
وينبغي على الأسرة أن تحرص هي وأبناؤها على هذه العبادة الكريمة يومياً، وتؤديها مجتمعة، ولو في قراءة آيات يسيرة العدد، لأن خير العمل ما واظب عليه صاحبه وإن قلّ.
ثم إذا تيسر للأسرة وقت كاف للقيام ببعض الحركات والتمارين الرياضية الهادفة فلا ينبغي أن تهمل ذلك، استجلاباً للنشاط، وتحقيقاً للقوة العضلية، وتأسياً بقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف». رواه مسلم.
ثم تبيّن الأسرة لأولادها أهمية تناول طعام الفطور صباحاً، حتى يتقووا به على أداء الواجبات اليومية؛ لأن كثيراً من الأسر والأبناء يهملون ذلك، وتحدث المشكلات الصحية والخور والدوخات للأبناء وهم بعيدون عن أنظار أهليهم، فيكون ما لا يحمد عقباه بسبب الجوع وقلة الطعام.
وعلى مائدة الطعام الجماعية يتبادل أفراد الأسرة الحديث حول آداب الطعام وسننه كالتسمية في أوله، والأكل باليمنى ومما يلي الإنسان، ونحو ذلك من الأحاديث الهادفة المفيدة للجميع.
ثم تشرع الأسرة بإرشاد الأبناء إلى أداء صلاة الضحى وأقلها ركعتان، ثم الخروج من البيت إلى مجال النشاط الاجتماعي المعهود لكل فرد، بعد أن يعد كل منهم ما قد يلزمه من أدوات ووسائل ترتبط بوظيفته وأعماله المهنية. وفي فضل صلاة الضحى هذه روى مسلم وأحمد عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما يشاء الله"(وقت صلاة الضحى يبدأ بعيد شروق الشمس إلى ما قبيل وقت الظهر).
هذا ويسن للمسلم إذا خرج من بيته أن يدعو الله مستحضراً عظمته طالباً توفيقه ويقول: «بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إنا نعوذ بك أن نزل أو نضل، أو نَظْلِم أو نُظْلَم، أو نَجْهل أو يُجْهل علينا». كما رواه الإمام الترمذي.
على أنه ينبغي أن يكون معروفاً عند أفراد الأسرة، أو أن يرشدها الوالدان إلى آداب الطريق كإفشاء السلام وحسن الكلام مع الناس، ولين الجانب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغض البصر، ونحو ذلك من الأخلاق العامة والآداب الاجتماعية في مخالطة الناس والمرور في الطرقات، روى الشيخان أن بعض الصحابة قالوا: ما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر».
كما يشرع للأسرة تذكير الأبناء قبيل خروجهم من البيت صباحاً: بتقوى الله - تعالى - ومصاحبة الأتقياء الأخيار، والجد في العمل والوظائف، والمحافظة على الصلاة، وضبط النفس عند الغضب، والصدق والإخلاص في معاملة الناس وقضاء حاجاتهم، واحترام الكبير وتقديره، والعطف على الصغير وإعانته. قال الله - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً}، وفي آية أخرى {وقولوا للناس حسناً}..
فإذا عاد أفراد الأسرة إلى البيت من أعمالهم استقبلتهم الأم بالبسمة والفرحة والترحيب، مهيئة لهم أسباب الراحة والهدوء، متبادلة معهم الحديث عن الجديد في يومهم هذا.
ثم يستكمل أفراد الأسرة مفردات منهجهم الإسلامي في عمل اليوم والليلة، حيث يحرص الأبناء على أداء صلاة العصر والمغرب والعشاء جماعة، في مظهر حسن من الأناقة والنظافة والطيب.
ومن الأدعية الواردة لمن خرج من بيته إلى صلاة الجماعة في المسجد ما رواه مسلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كان يقول في طريقه للصلاة: «اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، واجعل في سمعي نوراً واجعل في بصري نوراً، واجعل من خلفي نوراً، ومن أمامي نوراً، واجعل من فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، اللهم أعطني نوراً».
ويرشد الولد إلى أن يدخل المسجد بالرجل اليمنى قائلاً: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج منه قدم الرجل اليسرى قائلاً: «اللهم إني أسألك من فضلك» رواه الطبراني وأبو ليلى.
هذا، ولتحرص الأسرة المسلمة على أن يؤدي أبناؤها واجباتهم اليومية في وقتها على أحسن وجه وأتم حال، تحت إشراف من يكبرهم سناً ويزيد عليهم خبرة ومعرفة في موضوع الواجبات، حتى يعطي الابن لزملائه صورة صادقة عن المسلم الجاد المتقن لعمله، ولنغرس في الذهن ما رواه البيهقي من قول النبي – صلى الله عليه وسلم-: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».
ومن ثم كم هو جميل أن تجتمع الأسرة مساء كل يوم لتتحاور في أمر جديد، أو فضيلة خلقية، أو مأثرة اجتماعية أو حقيقة علمية، يتبادل أفراد الأسرة الكلام فيها، حتى يصلوا إلى موقف معين في ضوء ثقافتهم الإسلامية وإحساسهم الديني، ولا شك أن هذه اللقاءات الأسرية والاجتماعية المستمرة تزيد الترابط والمحبة وتعمق الفائدة، وتصبغ جو الأسرة بالوداد والسعادة العائلية التي يفتقدها كثير من الناس اليوم، نتيجة انصرافهم المستمر الطاغي إلى وسائل الإعلام ما فوت على كثير من الأسر فرص اللقاء مع بعضهم والجلوس معاً لتناول الحديث في موضوع مهم، يزيد في الارتباط العائلي أو يتوقف عليه مستقبل واحد من الأسرة.
وختاماً: لتحرص الأسرة على عدم الإكثار من السهر أو التأخر فيه، لثبوت ضرره بالصحة، وإرهاقه الأعصاب، وتضييعه البركة التي يتحراها المسلم صباح اليوم التالي في صلاة الفجر وما يعقبها من أدعية وأذكار. فإذا أوى الفرد إلى فراشه فليضطجع على طرفه الأيمن تالياً آية الكرسي، ثم سورة الإخلاص، ثم المعوذتين، قائلاً ما رواه الشيخان عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه. إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين».
وهكذا تقضي الأسرة مع أبنائها يوماً بل أياماً إسلامية مشبعة بالهدي النبوي، مملوءة بالخير والبر، فياضة بالسعادة على جميع الناس.
http://www.islamword.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/461)
دور الأسرة في رعاية الأولاد
د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين
إن وجود الأسرة هو امتداد للحياة البشرية، وسر البقاء الإنساني، فكل إنسان يميل بفطرته إلى أن يَظْفَرَ ببيتٍ وزوجةٍ وذريةٍ..، ولما كانت الأسرة اللبنة الأولى في بناء المجتمع لكونها رابطة رفيعة المستوى محددة الغاية، فقد رعتها الأديان عموما؛ وإن كان الإسلام تميز بالرعاية الكبرى، قال - تعالى - : (إنَّا عرضنا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ والجِبَالِ)(1)، جاء ضمن معاني الأمانة؛ أمانة الأهل والأولاد، فيلزم الولي أن يأمر أهله وأولاده بالصلاة، ويحفظهم من المحارم واللهو واللعب،لأنه مؤتمن ومسؤول عما استرعاه الله(2)
ومسألة الاهتمام بالأسرة من القضايا العالمية التي زاد الحديث حولها؛ لا سيما في العصر الحاضر، وذلك على مستوى الدول والهيئات والمنظمات الدولية،حيث تحاول كل منها إيجاد صبغة من عند أنفسها، من ذلك رفعها لشعارات الحرية والمساواة؛ ودعواها إلى نبذ الأسرة التقليدية وتطوير بنائها، أو دعوى تحرير الأسرة المعاصرة من القيود وتعويضها بعلاقات شاذة محرمة.
وبالمقابل قام جمع من الكتاب في بيان المنهج الإسلامي في التربية(3).
وإِنَّ التأكيد على أهمية دور الأسرة في رعاية الأولاد، لمن أَجَلِّ الأمور،التي يجب أن تتضافر جهود الآباء والأمهات، وأهل العلم، والدعاة، والتربويين، والإعلاميين.. للمحافظة على بناء الأسرة الصالحة في المجتمع، فهي أمانة أمام الله - تعالى - نحن مسؤولون عنها، فالمرء يُجزى على تأدية الحقوق المتعلقة بأسرته، إِنْ خيرا فخير وإلا غير ذلك، قال - تعالى - (يأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَة(4)).
وانطلاقا من هذه الأهمية نتناول الحديث عن تعريف الأسرة، ومسؤولية الوالدين في تربية الأولاد، وبناء القيم والسلوك، وأهمية المعاملة الحسنة، ومخاطر تواجه الأسرة، وبعض التوجيهات للأسرة.
أولا – تعريف الأسرة:
قال ابن منظور:"أُسرةُ الرجل: عشيرتُه ورهطُهُ الأدْنَوْنَ لأنه يتقوى بهم، والأُسرةُ عشيرةُ الرجل وأهلُ بيته"(5). وقد جاء في كتاب الله - عز وجل - ذِكْرُ الأزواج والبنين والحفدة، بمعنى الأسرة، قوله - تعالى - : (والله جَعَلَ لَكُم من أَنفُسِكُم أَزوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِن أَزَوَاجِكُم بَنِين َ وَحَفَدَة وَرَزَقَكُم مِن الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُم يَكْفُرُون)(6)، يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - :"يُخبر - تعالى - عن منَّتِه العظيمة على عباده،حيث جعل لهم أزواجا، ليسكنوا إليها، وجعل لهم من أزواجهم، أولاداً تَقَرُّ بهم أعينُهم ويخدمُونهُم، ويقضُون حوائِجَهم، وينتفعون بهم من وجوه كثيرة، ورزقهم من الطيبات من المآكل، والمشارب، والنعم الظاهرة، التي لا يقدر العباد أن يحصوها"(7).
ثانيا: مسؤولية الوالدين في تربية الأولاد:
فطر الله - عز وجل - الناس على حب أولادهم قال - تعالى - : (المالُ والبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدنيا)(8)، ويبذل الأبوان الغالي والنفيس من أجل تربية أبنائهم وتنشئتهم وتعليمهم، ومسؤولية الوالدين في ذلك كبيرة، فالأبناء أمانة في عنق والديهم، والتركيز على تربية المنزل أولاً، وتربية الأم بالذات في السنوات الأُوَل، فقلوبهم الطاهرة جواهر نفيسة خالية من كل نقش وصورة، وهم قابلون لكل ما ينقش عليها، فإن عُوِّدُوا الخير والمعروف نشأوا عليه، وسُعِدوا في الدنيا والآخرة، وشاركوا في ثواب والديهم، وإن عُوِّدُوا الشر والباطل، شقُوا وهلكُوا، وكان الوِزْرُ في رقبة والديهم، والوالي لهم (9).
ويمكن القول بأن للأسرة دورًا كبيرًا في رعاية الأولاد - منذ ولادتهم - وفي تشكيل أخلاقهم وسلوكهم، وما أجمل مقولة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - "الصلاح من الله والأدب من الآباء". ومن يُحَلِّل شخصية صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله - ، فإنه سيجد أن سر نجاحه وتميزه سببه التربية التي تلقاها في البيت (10). وما أجمل عبارة:"إن وراء كل رجل عظيم أبوين مربيين"، وكما يقول بعض أساتذة علم النفس:"أعطونا السنوات السبع الأولى للأبناء نعطيكم التشكيل الذي سيكون عليه الأبناء". وكما قيل:"الرجال لا يولدون بل يُصنعون".
وكما عبر الشاعر:
وينشأُ ناشئُ الفتيانِ مِنا على ما كان عَوَّدَهُ أبُوهُ
وإهمال تربية الأبناء جريمة يترتب عليها أَوْخَم العواقب على حد قول الشاعر:
إهمالُ تربية البنين جريمةٌ عادت على الآباء بالنكبات
وأذكر قصة في جانب الإهمال، سرق رجل مالاً كثيرًا، وقُدّم للحد فطلب أمه، ولما جاءت دعاها ليقبلها، ثم عضها عضة شديدة، وقيل له ما حملك على ما صنعت؟ قال: سرقت بيضة وأنا صغير، فشجعتني وأقرتني على الجريمة حتى أفضت بي إلى ما أنا عليه الآن(11).
ثالثا - الأسرة وبناء القيم والسلوك:
للوالِدَيْنِ في إطارِ الأسرة أساليبُ خاصة من القيم والسلوكِ تجَاهَ أبنائهم في المناسباتِ المختلفةِ، ولهذا فإن انحرافاتِ الأسرةِ من أخطرِ الأمورِ التِي تُوَلِّدُ انحرافَ الأبناءِ.
فالتوجيهُ القيمي يبدأُ في نطاقِ الأسرةِ أولاً، ثم المسجد والمدرسة والمجتمع. فالأسرةُ هي التي تُكْسِبُ الطفلَ قِيَمَهُ فَيَعْرِفُ الَحقَ والبَاطلَ، والخيرَ والشرَ، وَهو يَتلَّقَى هذه القيمِ دونَ مناقشةٍ في سِنيهِ الأولى، حيث تتحددُ عناصرُ شخصيتِهِ، وتتميزُ ملامحُ هويتِهِ على سلوكه وأخلاقه؛ لذلك فإن مسؤولية عائلَ الأسرةِ في تعليمِ أهلِهِ وأولاده القيم الرفيعة، والأخلاق الحسنة، وليس التركيز فقط على السعيِ من أجل الرزق والطعام والشراب واللباس..، قال:"ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم"(12)، وكان يقول صلى الله عليه وسلم لأصحابه - رضوان الله عليهم - :"ارجعوا إلى أهلِيكُم فأقيمُوا فيهم وَعَلِّمُوهم"(13).
يقول ابن القيم - رحمه الله - :"فمن أهملَ تعليمَ ولدِهِ ما ينفعه، وَتَرَكَهَ سُدى، فقد أَساءَ إليه غايةَ الإساءة، وأكثرُ الأولادِ إِنما جاء فسادُهُم من قِبَلِ الآباءِ وإهمالِهِم لهم، وتركِ تعليمِهِم فرائضَ الدينِ وَسُنَنَه، فأضاعوها صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسِهِم ولم ينفعوا آباءَهُم كِبَارا)(14).
وقصة الرجل مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، الذي جاء يشتكي عقوق ابنه إلى أمير المؤمنين، فطلب عمر: أن يلقى ابنه، فسأل الابن عن عقوقه لوالده، فقال: إن أبي سماني جُعُلاً، ولم يعلمني آية واحدة..؛ فقال عمر للرجل: لقد عققت ابنك قبل أن يعقك.
ولذلك ينبغي تعويد الأولاد منذ صغرهم على بعض الأمور الأساسية، من ذلك:
أ - الأمر باعتناق العقيدة الصحيحة: تعريف الأبناء بأهمية التوحيد، وعرضه عليهم بأسلوب مبسط يناسب عقولهم.
ب - بعث روح المراقبة لله والخوف منه: بيان توحيد الأسماء والصفات، كالسميع والبصير والرحمن، وأثرها في سلوكهم.
ج - الحث على إقامة الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم:"مروا صبيانكم للصلاة إذا بلغوا سبعا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا، وفرقوا بينهم في المضاجع"(15).
د - التحلي بمكارم الأخلاق والآداب العامة.
رابعا - المعاملة الحسنة في توجيه الأولاد:
أمر الإسلام بالمساواة في المعاملة بين الأولاد في العطاء المعنوي والمادي، وأوصى بمعاملة الإناث كالذكور معاملة متماثلة دون تمييز للأبناء على البنات.
لقد دعا الإسلام إلى إيجاد وسط مستقر ينشأ فيه الأبناء بعيدًا عن العقد النفسية والضغوط الاجتماعية، قال صلى الله عليه وسلم:"خيرُكُم خيرُكُم لأهلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهلِي))(16). وكان - عليه الصلاة والسلام - يمازح الغلمان"يا أبا عُمير، ما فعل النغير"؟ (17).
وتتباين معاملة الأسر لأولادهم في ثلاثة أنواع:
النوع الأول: المعاملة القاسية: تتسم بالشدة في التعامل كالزجر أو التهديد أو الضرب بدون ضوابط أو حدود مشروعة، أو الإهمال للأبناء بحجة ظروف العمل، وكثرة الأسفار، فيحرم الأولاد من البر بهم والتعامل معهم.
النوع الثاني: المعاملة اللينة: يُلَبَّى فيها كل ما يطلبه الأولاد، ويُطلق عليها"التربية المدللة"والإفراط في الدلال يؤدي إلى خلق شخصية فوضوية.
النوع الثالث: المعاملة المعتدلة: تعتمد على المزج بين العقل والعواطف، وتوجيه النصح والإرشاد، وبهذا تتكون شخصية سليمة وصحيحة، وإذا لم يستجب الأولاد بالإرشاد والتوجيه يلجأ الأبوان إلى توبيخهم ثم هجرهم ثم حرمانهم من بعض الأشياء والأمور المحببة إليهم أحيانًا، وأخيرًا إلى ضربهم - إذا لزم الأمر - لإعادتهم إلى الطريق الصحيح، وهذا النوع من المعاملة هي المعاملة الصحيحة التي ينبغي أن تسير عليها الأسرة، يقول الدكتور أكرم ضياء العمري:"إن حب الطفل لا يعني بالطبع عدم تأديبه وتعليمه آداب السلوك الاجتماعي منذ الصغر، مثل تعويده على التعامل الحسن مع أصدقائه، وتعويده على احترام من هو أكبر سنا منه، وتعميق الرقابة الذاتية لديه، أي قدرته على تحديد الضوابط لسلوكه تجاه الآخرين؛ فإذاً لا بُدَّ من التوازن بين التأديب للطفل والتعاطف معه، فكما أنه لا يصلح الخضوع الدائم لطلبات الطفل، إنه لا يصلح استمرار الضغط عليه وكَبْتِهِ، فالتدليل الزائد لا يُعَوِّدُهُ على مواجهة صعوبات الحياة، والضغط الزائد يجعله منطويا على نفسه مكبوتا يعاني من الحرمان"([18]).
خامسا - مخاطر تواجه الأسرة:
هناك مخاطر عديدة تواجهها الأسرة، ولا يمكن الإسهاب في تناولها، فنتناول أبرزها بإيجاز:
أ - التناقض في أقوال الوالدين وسلوكياتهم:
بعض الآباء والأمهات يناقضون أنفسهم بأنفسهم، فتجدهم يأمرون الأولاد بأمور وهم يخالفونها، وهذه الأمور تسبب تناقضا لدى الأولاد، فالأب الذي يكذب؛ يعلم أبناءه الكذب، وكذلك الأم التي تخدع جارتها بمسمع من بنتها تعلم ابنتها مساوئ الأخلاق.
ب - الانفصام بين المدرسة والأسرة:
الانفصام بين دور الأسرة في الرعاية والتوجيه، ودور المدرسة في التربية والتعليم؛ له آثار سلبية عديدة، ولذا ينبغي مد جسور التعاون بين الأسرة والمدرسة، وإيجاد جَوٍ من الثقة والتعاون في سبيل الرقي بالأولاد قدما نحو البناء والعطاء.
ج - وجود المربيات والخادمات الأجنبيات:
أصبح وجود المربيات والخادمات ظاهرة بارزة في المجتمع الخليجي، ولا شك أن وجود هؤلاء له آثار خطيرة في التنشئة الاجتماعية للأسرة، لاسيما هؤلاء الكافرات وذوات السلوكيات المنحرفة، لا بد أن تعي كل أسرة خطورة وأبعاد وجود الخادمات والمربيات الأجنبيات وتحذر من شرورهن.
د - وسائل الإعلام:
تؤكد نتائج الأبحاث والدراسات بما لا يدع مجالا للشك أن الطفل العربي المسلم يتعرض لمؤثرات خطيرة، وأن شخصيته وهي في مراحل تكوينها تخضع لضغوط سلبية متنوعة.. يقول شمعون بيريز - رئيس وزراء إسرائيل السابق - :"لسنا نحن الذين سنغير العالم العربي، ولكنه ذلك الطبق الصغير الذي يرفعونه على أسطح منازلهم"(19).
هـ - الفراغ وعدم الإفادة من الوقت:
ينبغي أن يشغل الأبناء في أوقاتهم بالنفع والفائدة، يقول النبي ‘: (نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس، الصِّحة والفراغ)(20). فهناك الأعمال التي يسهمون فيها بمساعدة والديهم والبِرِّ بهم، ويمكن تعويدهم حضور مجالس الذكر وحلق العلم، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة قصص الصحابة والصالحين، أو الاستماع إلى الأشرطة النافعة وغير ذلك.
وأخيرًا؛ أذكر مجموعة من التوجيهات التربوية الموجزة:
1 - محاولة تخصيص وقت كاف للجلوس مع الأبناء، وتبادل الأحاديث المتنوعة: الأخبار الاجتماعية والدراسية والثقافية وغيرها.
2 - التركيز على التربية الأخلاقية والمُثُل الطيبة، وأن يكون الوالدان قدوة حسنة لأبنائهما.
3 - احترام الأبناء عن طريق الاحترام المتبادل، وتنمية الوعي، والصراحة، والوضوح.
4 - فهم نفسية الأولاد، وإعطاؤهم الثقة في أنفسهم.
5 - إشراك الأولاد في القيام بأدوار اجتماعية وأعمال نافعة.
6 - قبول التنوع في اختيارات الأبناء الشخصية، كاختيار اللباس وبعض الهوايات..، طالما ليس فيها محاذير شرعية.
7 - التشجيع الدائم للأولاد والاستحسان والمدح؛ بل وتقديم الهدايا والمكافآت التشجيعية، كلما قَدَّموا أعمالاً نبيلة ونجاحًا في حياتهم.
8 - عدم السخرية والتهديد بالعقاب الدائم للأبناء، متى ما أخفقوا في دراستهم أو وقعوا في أخطاء من غير قصد منهم؛ بل يتم تلمس المشكلة بهدوء، ومحاولة التغلب على الخطأ بالحكمة، والترغيب والترهيب.
9 - عدم إظهار المخالفات والنزاعات التي تحدث بين الوالدين أمام سمع أبنائهم.
10 - الصبر الجميل في تربية الأبناء، وتحمل ما يحدث منهم من عناد أو عصيان، والدعاء بصلاحهم وتوفيقهم.
ومن هنا أود التأكيد مرة أخرى، على أن دور الأسرة في رعاية الأولاد؛ هو أقوى دعائم المجتمعِ تأثيرًا في تكوينِ شخصيةِ الأبناء، وتوجيهِ سلوكِهمِ، وإعدادهم للمستقبل.
- - - - - - - - - -
(1) سورة الأحزاب من الآية: 72.
(2) انظر: البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (10/112)، ودرة الناصحين في الوعظ والإرشاد لعثمان الشاكر الخوبري، ص169.
(3) هناك العديد من المؤلفات في هذا الموضوع، منها على سبيل المثال - : تربية الأولاد في الإسلام لعبد الله ناصح علوان،ومنهج التربية الإسلامية لمحمد قطب،والسلوك الاجتماعي في الإسلام لحسن أيوب، ومسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة لعدنان حسن صالح باحارث، وتربية الناشئ المسلم د. علي عبد الحليم محمود.
(4) سورة التحريم من الآية: 6.
(5)لسان العرب، مادة (أَسَرَ) (1/141).
(6)سورة النحل: 72.
(7)تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان،ص397.
(8)سورة الكهف: 46.
(9)انظر: إحياء علوم الدين للغزالي (2/200).
(10)ألف الأستاذ يحي حسين كتابا بعنوان: (عظماء اشتهروا بأمهاتهم) ذكر فيه نخبة متميزة أثرت في التاريخ وغيرت مجرى الحياة، يراجع مقال: ((هل عام 99 هو عام الحزن)) لجاسم المطوع،مجلة: (ولدي) الكويتية - العدد الثالث عشر - ديسمبر 1999م،ص66.
(11)انظر: إصلاح المجتمع لمحمد البيحاني، ص127.
(12)متفق عليه، البخاري حديث893، ومسلم حديث1829.
(13)رواه البخاري،حديث 631.
(14)تحفة المودود بأحكام المولود، تحقيق: بشير محمد عيون، مكتبة دار البيان بدمشق، ومكتبة المؤيد بالطائف، الطبعة الثانية،1407هـ،صفحة 139.
(15)رواه أحمد وأبو داود.
(16)رواه الترمذي، وقال: حسن غريب صحيح،حديث 3904 (5/709).
(17)رواه البخاري، حديث6129.
(18)التربية الروحية والاجتماعية في الإسلام،ص192.
(19) انظر: الأطفال ومشاهدة العنف في التلفزيون لعبد الرحمن غالب،ص88؛ نقلا عن: ((التربية الأسرية بين الضوابط الشرعية والمتطلبات العصرية))د. محمد السيد علي،مجلة المنهل، شوال/ذو القعدة 1420هيناير/فبراير2000م،ص76.
(20]رواه البخاري، حديث6412.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/462)
تعدد الزوجات زلة خيال .. أم زلة تصورات وأفعال ؟
معتز الخطيب
هل كنا بحاجة إلى "الحاج متولي" لنستثير الرأي العام (سلبا أو إيجابا) تجاه "تعدد الزوجات"؛ المسألة المركزية في أجندة التنظيمات النسائية، والنغمة التي عزف على وترها المستشرقون بغرض الانتقاص من الإسلام الذي يبيح ذلك، ما ساهم في تشكيل إحدى جوانب الصورة النمطية في الغرب عن العربي الذي ظهر في روايات أدباء غربيين على أنه بدوي همجي بحاجة دوما إلى "مزيد من الزوجات"؛ ما أدى إلى سجال فكري شغل حِقبة من الزمن في الدفاع عن تعدد الزوجات، وحِكَم زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لتحسين صورة الإسلام المفترى عليه؟
"الحاج متولي" أحيا هذا السجال من جديد في وسائل الإعلام والصحف والمنتديات وغيرها، لكنه هذه المرة يأخذ أبعادا أخرى؛ لاختلاف المرحلة وطبيعة المواجهة والخلفيات الفكرية، ويكشف عن تناقضات أيديولوجية، كما يبين مدى ارتهان الخطاب المناهض للتعدد إلى قيم الحداثة الغربية أكثر منه مرتهنا لأسباب موضوعية تدفع به إلى رفضه، ناهيك بالأبعاد السيكولوجية الكامنة في ثنايا هذا السجال.
"الحاج متولي"- بتكثيف واختصار - شاب بسيط يتزوج أرملة معلمه (التاجر الثري) ليرث بعد موتها الثروة الطائلة، ما يجعله يُقدم على الزواج بأربع زوجات فيما بعد، بالتدرج. أما زوجاته فهن هائمات به وطيعات له تملؤهن الهيبة منه، ومع ذلك فهن متوائمات فيما بينهن إلى حد كبير.
هذه الصورة المكثفة أثارت الكثير من ردود الأفعال، وقسمت الشارع العربي إلى فئتين: الأولى - وتمثل في الغالب الجماهير من الرجال - تاهت معها وداعبها الخيال أن تكونه. بالإضافة إلى بعض النساء (إحدى زوجات الحاج متولي هي زوجة ثانية في الواقع وهي سعيدة بذلك كما صرحت).
الفئة الثانية - وهي فئة معظمها من العلمانيين والحداثيين وتنظيمات تحرير المرأة وغيرهم - صبت جام غضبها على المسلسل الذي يعيدنا إلى عصر"سي السيد تماما"، ما يعني"التخلف"و"الرجعية"، والطريف في الأمر أن بعض هؤلاء يستنجد بآيات التعدد والعدل بين الزوجات ليعيد تأويلها بشكل"مغاير"يتوافق مع موقفه ليناقض تصور الحاج متولي! ويضيف آخرون إلى ذلك"أن للتعدد مساوئ كثيرة على الصحة النفسية للمرأة والأطفال وعلى الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة للحد من مشكلات الزيادة السكانية". بل من شدة مناهضة بعض هذه الفئة للمسلسل اندفع إلى القول:"نادرا ما تابع الحاج متولي مشاهدون في العالم العربي على أنه قصة واقعية، وكانت تنقل اللاواقعية في طريقة معقولة وعبر أحداث واقعية"(الحياة 27/1/2002).
آخرون نظروا إلى"الحاج متولي"على أنه تقويض لجهود التنظيمات النسائية المبذولة من عقود لتحرير المرأة والمساواة مع الرجل، وهذا سيؤدي إلى"تشويه"صورة المرأة العربية أمام العالم وخصوصا: الغرب!
نحن وإن كنا لا نؤيد"الحاج متولي"المتجسد واقعا افتراضيا من خلال الشاشة، لكننا نؤيد المبدأ الشرعي طبعا، ولن نتعرض إلى سلبيات"الحاج متولي"ونقائصه في إهمال بعض مسؤولياته، وسوء فهمه لبعض حقوقه وواجباته مع زوجاته إلى غير ذلك؛ لأن ما ننشغل به هو تعرية التناقضات التي لَفَّت الحدث ونقد بعض المفاهيم التي تتحكم فيه.
إن تساؤلاً يفرض نفسه بشدة وسط هذا اللغط الكثير وهو: ما الذي جرى حتى ضاق التلفزيون باختلاف الرأي؟ إلا أنه خرج عن التنميط الإعلامي المعهود والممجوج الذي تنفخ فيه النخبة المسيطرة على الإعلام منذ نشأته؟ وإذا كان التلفزيون دأب - وخلال سنوات - على تقبيح وتسويد صورة"الضرة"فهل يَحرم على كاتب ومخرج أن ينصف"الضرة"، ولو مرة واحدة، ليعكس - على الأقل - بعض الواقع من الوئام بين الزوجات؟
لقد تعلَّمنا من أرباب الفن والأدب الذي يشكل مادة الفن أن الفيلم أو المسلسل ونحوهما لا يحملان رسالة وعظية إرشادية، وإنما يعكسان واقعا، ويجسدان مشكلة، أو يطرحان رأيا، خصوصا حين ثارت المشاكل في وجه "مذكرات مراهقة" و "أسرار البنات" و"مدرسة الحب" وغيرها كثير، فما بال أساتذتنا هذه المرة ينسون؟! وهل من الإنصاف أن يكون الحاج متولي "زلة خيال لكاتب سيناريو فوضوي يؤازره منتج مزواج" (كما عبرت دلال البزري، الحياة 23/11/2001م) ولا تكون "وليمة لأعشاب البحر" كذلك؟!
ولماذا لا يعتبر توظيف الجسد الأنثوي في الفن والإعلانات والفيديو كليب والإعلام عامة بشكل ممجوج ومُزْرٍ، لماذا لا نعتبر ذلك تشويها لصورة المرأة وانتقاصا من شأنها في حين نعتبرها زوجةً ثانية (أو غيرها) من أكبر الكبائر في حقها؟!
وفي الوقت الذي يثور فيه هؤلاء على فكرة"التعدد"يطمح كثير منهم، أو بعضهم – في أحسن الأحوال – إلى استعارة نموذج البوي فرند والغير فرند، أو إقرار "الحرية الجنسية" كما تريد مقررات مؤتمر السكان والمرأة اللذين رعتهما الأمم المتحدة!
لقد استدعى "الحاج متولي" بعض المفاهيم الثقافية التي لا تزال سائدة (وإن كانت ضامرة ربما) من مثل"الفحولة"والرجولة المرتبطة - في التصور الشعبي - بالمقدرة الجنسية، كما كشف عن خلل في أسس العلاقة بين الزوجين التي ربما جعلت الأولوية"للخوف"و"الكيد"بالآخر والتفكير بالذات، والذات فقط، ومن ثَم بناء المواقف على هذا الأساس.
كما استدعى"الحاج متولي"أولوية المال والسلطة الأبوية والزوجية في العلاقة بين الجنسين؛ فالتركيز على البعد الاقتصادي في تطبيق التعدد يرتكز إلى تصور شعبي، كثيرا ما تمت الإشارة إليه وترسيخه عبر مسلسلات كثيرة، كان الزوجات يحرصن فيها دوما على إفقار الزوج خوفا من الضرة. وفي أحيان أخرى كان النصح بذلك يأتي على لسان"الحماه"لابنتها، لكن هذا الإفراط في اختزال نوازع التعدد في العامل الاقتصادي يقربنا كثيرا من التعليل المادي، وفيه ما فيه من إيهام مقصود أو غير مقصود، يعود إلى التباس ثقافي حول فقه التعدد. إن التعدد يستند إلى مسألة ثقافية ثم دينية، وليست اقتصادية كما يشاع، وهذا ما يؤكده الباحث الاجتماعي"وضاح شرارة"إذ يقول:"تقود المقارنة (بين بعض الإحصائيات) إلى حمل تعدد الزوجات على الثقافة ووصفها بالظاهرة الثقافية وليس بالظاهرة الاقتصادية على خلاف ما يذهب إليه التخمين والتعليل الماديان"(الحياة 15/1/2002م).
نعم العامل الاقتصادي له تأثير كبير في الحد من وجود ظاهرة التعدد واقعا، لكن بالتأكيد لن يزيلها من الذهن أو يلغيها، وكثيرا ما يتم الإلحاح في هذا السياق على أن للتعدد مشكلات سكانية، في محاولة لعكس القضية بإلقاء اللوم على الشعب، في حين أن اللوم إنما يقع على الحكومة قائدة مسيرة التنمية وراعية التوزيع غير العادل للثروة، ولماذا لا تقترن الدعوة إلى تنظيم الأسرة مع الدعوة إلى تكافؤ الفرص وتوزيع الثروة بشكل عادل، وتوفير فرص العمل ما دمنا صادقين في نشدان التنمية؟
وفيما يخص هؤلاء المعددين فإنهم يختزلون"التعدد"في طلب المتعة باسم"أحله الشارع"، بل إن الأكثر إنما يبلغ من السن عتيُا فيبحث عما يجدد له شبابه، فيبحث عمن هي في سن بناته، ومع ذلك فإن كثيرا منهم يتفاقه بالتأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم -!
إنهم يتجاهلون أو يجهلون أن التعدد مبني على"العدل"، والعدل أشمل من مجرد القَسْم بين الزوجات والعدل المادي؛ إنه مسؤولية الرعاية والتربية والمسؤولية أمام الله والعباد والمجتمع والأمة في بناء الجيل، والمتأمل في زيجات النبي - صلى الله عليه وسلم - (الأسوة) يجد أنها كلها كانت لمصالح شرعية، وليس طلبا متمحضا للمتعة والتشهي، وأن كل زوجاته كنَّ ثَيِّبات باستثناء عائشة - رضي الله عنها -. ونحن من هذا الباب ندعو إلى التعدد علاجا لقضايا اجتماعية أو نفسية أو جسدية كالعنوسة والأرامل والمطلقات، أو غير ذلك كمصلحة دعوية ونحوها.
وفي كل الأحوال ينبغي التحذير من الممارسات التعسفية لتعدد الزوجات والتي تتستر باسم الدين طلبا للمشروعية، والآية المبيحة للتعدد يجب أن تقترن بآية العدل، والعدل يجب أن يقترن بحديث:"إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشِقّه ساقط"وفي رواية"وشقه مائل"(رواه أبو داود والترمذي والنَّسائي) وهذا كله يجب أن يحقق مقاصد الزواج التي توخاها الإسلام من تشريعاته، وهي تحقيق السَّكَن واستمرار النسل الصالح وغير ذلك.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/463)
البلسم المفقود
قذلة القحطاني
يعود الزوج إلى منزله منهكًا متعبًا قد أعيته متاعب الحياة ومتطلباتها، فتقابله الزوجة بوجه شاحب عابس يشكو هموم الأولاد ومسؤوليات المنزل، متذمرة من غياب زوجها الطويل عنهم، ومن رغبات وطلبات كثيرة لم تحقق، فلا يجد الزوج عندئذ بُدًّا من أمرين: إما أن يصب عليها وابل همومه ومتاعبه في صورة غضب يهز كيانهما ويقضي على أنسهما لتنقلب حياتهما صحراء جرداء لا أنيس فيها ولا جليس، ويعيش كلا الزوجين في أقصى نقطة من الخط منعزلاً عن صاحبه أيامًا بل شهورًا، وربما أعوامًا، لا يلتقيان بالود فيها أبدًا!
وإما أن يتمالك الزوج نفسه ويلتمس لها العذر وينسحب بكل هدوء إلى مخدعه مستسلمًا لنوم عميق، وتبقى الزوجة تعاني الحسرة والهم والشعور بالتعاسة!.
وفي المقابل، قد تعاني أيضًا الزوجة من مسؤوليات رعاية الأسرة المتعددة، ومسؤوليات الزوج الجسيمة، وقد يكون ثم حمل يثقل كاهلها تحمله كرهًا على كره، وربما كانت عاملة خارج المنزل يستنزف عملها جهدًا ونشاطًا، وإذ بالزوج يفاجئها كل يوم بضيف وضيفين، وكل أسبوع بوليمة ووليمتين، فلا تكاد تنتهي من واحدة حتى تُعدَّ للأخرى، ثم نجده كذلك لا يتنازل عن أبسط حقوقه ولو كان تلميع حذائه أو تأخيرًا لفنجان قهوته، ثم تنفجر الحال بالزوجة إلى أن ترفع صوتها بالرفض لكل ذلك، فتشتعل نار الخلاف يؤججها إبليس بخيله ورَجله، حتى تكون نهايتها أمورًا لا تحمد عقباها وانهيارًا لصرح الزوجية، وتشتيت أولاد وتفريق بين زوجين..
من المسؤول عما حصل في الصورتين، الزوج أم الزوجة؟!
لا شك أن كلا الزوجين يتحمل جزءا من المسؤولية، وله دور لا بد أن يعيه في مثل هذه القضايا التي لا يمكن تمثيلها بموقف عابر، بل هي هم عميق تحتاج إلى فهم وبصيرة، وتفتقد إلى بلسم يضفي عليها الدفء والتفاهم والود.
إن هذا البلسم المفقود، يمكن أن يكون قاعدة عظيمة تندرج تحته أصول حل الكثير من مشاكل حياتنا الزوجية، فكثير ممن يتصدون للكتابة في الإصلاح بين الزوجين وسبل حل المشاكل، يغفلون عن قضية مراعاة ظروف الشريك الآخر، لتمتلئ حياتهما بالحب والحنان، ويكون كل واحد عونا للآخر على أداء مهامه وواجباته وعيش حياته بهناء تام.
إن الزوج بدءًا يمر بظروف كثيرة لا بد أن تراعيها الزوجة وتقدرها ولو على حساب حقوقها، وكذلك الزوجة، فليست الحياة الزوجية ثكنة عسكرية لا بد لكل فرد فيها أن يؤدي ما عليه بدقة متناهية بدون أي تأخير، بل هي مودة ومحبة وأنس ورحمة، وآية من آيات الله في جعل الألفة بين قلبين غريبين مختلفين، قال - تعالى -: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) [الروم: 21].
ومن أمثلة تقدير الظروف في حياتنا اليومية:
قدري ظروف زوجك الداعية:
تقدير ظروف الزوج إن كان داعية أو طالب علم، يصرف الكثير من وقته وجهده في دعوة الناس وإصلاحهم، أو يصرف جل وقته في طلب علم شرعي يتقرب به إلى الله - تعالى - ويدعو الناس على بصيرة، فهنا يتضاعف دور الزوجة لتسد كثيرًا من النقص الذي يخلفه غياب الأب، ولا بد أن تتحمل ذلك بصبر واحتساب، ولا تدع مجالاً للمقارنات بحال غيرها ممن أزواجهن متفرغون لمتطلباتهم، ولتنتظر عظيم الأجر والمنزلة الرفيعة عند الله في تهيئة المكان لراحة زوجها، وتتذكر الدور العظيم الذي قامت به خديجة -رضي الله عنها- في إعانة الرسول - صلى الله عليه وسلم- لتحمل أعباء الرسالة، كيف كانت تحمل له الطعام وهو يتعبد ويتحنث الليالي ذوات العدد في غار حراء.
وفي المقابل، ليقدر الزوج هذه التضحية وهذا الصبر من زوجته، وليعط أهل بيته شيئًا من وقته ويفرغ نفسه للجلوس معهم ومؤانستهم، ويحاول أن يعوض فترات غيابه الطويلة عنهم.
قدري ظروف زوجك مع أهله:
ومنها تقدير ظروف الزوج مع أهله، وخصوصًا الوالدين، فقد يكونان بحاجة إلى عونه ومساعدته وجلوسه معهم، فعلى الزوجة أن تظهر الاحترام لهذا البر وتعينه عليه، مظهرة المحبة لهم والاعتناء بشؤونهم، وتلتمس العذر لزوجها إن قصر في حقوقها وحقوق أبنائها قليلاً لأجل هذه الصلة.
وبالمقابل، على الزوج أن يحرص على القيام بقصارى جهده في حقوق زوجته، ويقدر تنازلاتها ويخصها بشيء من اهتمامه وإكباره وتقديره، ويسمعها الثناء على إعانتها إياه في بر والديه وأهله.
قدري ظروف زوجك في عمله:
ومنها تقدير ظروف العمل، فبعض الأزواج يكدح ويسعى ليلاً ونهارًا لجمع المال وتوفير الحياة الكريمة لأسرته، ولا شك أن هذا السعي سيأخذ جهدًا وطاقة، فلا بد من مراعاة الزوجة لذلك، وأن تعد نفسها لتخفف عنه أعباء الحياة، ويجد لديها متنفسًا لمتاعبه ونصبه طوال اليوم، وليكن حديثك عن المشاكل والهموم في وقت آخر مناسب.
وفي المقابل، على الزوج أن يضع نصب عينيه أن أولاده وأسرته أهم من المال، فلا يكن كل غايته فيضحي دونه بكل شيء، فربما سعى لجمع ثروة عظيمة على حساب راحته وتربية أبنائه، الذين ربما تمر الأيام لم يروه ولم يجالسوه، وربما أسلمهم لوسائل لهو مفسدة مضلة.
قدري ظروف زوجك المالية:
قد يكون الزوج مدينًا أو قليل ذات اليد، ومع ذلك تصر الزوجة على كماليات ومظاهر ترهق كاهله وتزيد من همه، بدلاً من مساعدة الزوجة له والوقوف معه في كربته.
وفي المقابل على الزوج أن يكون كريمًا مع أهله قدر إمكانه، فلا يقبح الرجال مثل خصلة البخل الذميمة.
***
وفي الجانب الآخر، هناك ظروف تمر بها الزوجة لا بد من مراعاة الزوج لها، ومنها:
قدر ظروف زوجتك المريضة:
الحياة لا تدوم على حال، وربما يصاب أحد الزوجين بمرض عضال يجعله طريح الفراش، فتتجلى حقيقة الوفاء والتضحية.
والزوجة في مرضها أو في حملها، تلتمس يد الزوج الحانية لتخفف معاناتها، فنجد البعض من الأزواج يهجر المنزل ويتركها تعاني مع الأولاد، وهناك من يصر على طلباته ويغضب لعدم تنفيذها مع علمه بمرضها، وربما أسمعها غليظ القول وأذاقها مرير الهجران، وهذا من سوء الخلق وقبح العشرة.
قدر ظروف زوجتك الداعية:
إن النساء الداعيات وطالبات العلم فئة قليلة، وكثير منهن من يخبو نشاطها وتفتر همتها بعد الزواج، والسبب غالبًا يكمن وراء الزوج الذي لم تجد منه المرأة عونًا لها على الاستمرار؛ بل ربما كان قيدًا لها عن الانطلاق مع شدة الحاجة إلى جهدها ودعوتها.
ومع ذلك فهناك صور مشرقة لأزواج ضربوا أروع الأمثال في عون الزوجة على الدعوة وطلب العلم، فربما تكفل برعاية الأولاد لتحضر الأم درسًا أو تلقي محاضرة، فيجني الزوج من ذلك رقيًا في فكر زوجته وصلاحًا في نفسها وبركة في حياتها، وآخر يشجع زوجته على حفظ قرآن أو طلب علم، وربما سهر الليل في ليالي امتحاناتها ليعتني برضيعها.
فلو وضع الزوجان نصب أعينهما التعاون معًا لخدمة دين الله وطلب رضاه، وليس لمكانة علمية أو اجتماعية، أو لنيل شهادة أو شهرة، لتسامت النفوس وارتقت الآمال وعلت الأهداف لتصل إلى جنة عرضها السموات والأرض.
قدر ظروف زوجتك العاملة:
هناك من تعمل لهدف سامٍ وغاية نبيلة في الدعوة إلى الله - تعالى - وإصلاح واقع النساء، وهناك من تعمل لتعين زوجها على مطالب الحياة، وهناك من اشترطت ذلك في عقد النكاح فحق عليه أن يسمح لها بالعمل، وهي مع ذلك تسدد وتقارب لكي لا تخل بإحدى الأمانتين، فلا بد من بعض المراعاة والتنازلات من الزوج، وليغض الطرف عن بعض التقصير، فقد يكون في عملها مصلحة بشغل وقت فراغها بأمور نافعة وأعمال مباحة، بدلاً من صرفه في أمور محرمة يجني عاقبتها هو وأولاده، فربما كان هناك خادمات ومربيات، والزوجة لا تعمل خارج المنزل ولا داخله، فلا يكون فراغها إلا مضيعة للوقت.
وعلى الزوجة أيضًا بالمقابل أن تحرص على القيام بحقوق زوجها على أكمل وجه، وأن تضع نصب عينيها عظم حقه عليها، وأن واجباتها نحوه أعظم من أي شيء آخر، وتسأل الله البركة في الوقت وتتعلم حسن تنظيم يومها، لتوازن بين عملها وبيتها.
***
أسس هامة:
وأخيرًا أختم بوضع بعض الأسس الهامة في ترسيخ قاعدة "تقدير الظروف بين الزوجين"، لتسير سفينة الحياة الزوجية بود وأمان بإذن الله - تعالى - وتوفيقه:
- الشعور بالمسؤولية تجاه الآخر، فما يعد نجاحًا لأحدهما هو نجاح لشريكه، وكذلك إخفاق أحدهما هو إخفاق للآخر، وبالتالي تتحد الجهود والأهداف فلا فرق بينها.
- التحمل والصبر، فسفينة الحياة عمومًا لا تسير إلا بهما.
- كظم الغيظ وامتصاص الغضب، بالكلمة الحانية واللمسة الرقيقة التي تزيل متاعب الروح وتنسي أحزان الحياة.
- فهم معنى القوامة للرجل بمعناها الصحيح، فهي مسؤولية وقيادة وتربية وترشيد، وقدوة حسنة وليست أوامر صارمة وطاعة عمياء.
- تحقيق السكن النفسي لدى المرأة، فالزوج يبحث عند زوجته عن السكن النفسي والألفة وراحة البال، فلتكن له صدرًا حانيًا وقلبًا عطوفًا، وليجد منها البسمة والخدمة والطاعة في غير معصية الله (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) [البقرة: 87].
- تحقيق الرفق في جميع الأمور، ففي الحديث عن عائشة - رضي الله عنها -قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أراد الله - عز وجل - بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق"[رواه أحمد].
- فهم النفسيات وكيفية التعامل معها، ومعالجة أمراضها وعللها، ففهم كل من الزوجين لطبيعة الآخر، ما يفرحه وما يغضبه، يجعل التعامل معه سهلاً والدخول إلى قلبه ميسورًا.
- التنازل عن الأهواء والرغبات، وهي في جانب المرأة أهم وآكد لتصل إلى رضا زوجها، ولا تستعجل الثمار فقد تأتي ولو بعد حين.
- الاحترام المتبادل بين الزوجين حتى في أوقات الخلافات.
- تعزيز الدور الإيجابي عند كل طرف وتذكر المحاسن والغض عن العيوب ومغفرة الهفوات والتغافل، فهو قارب نجاة لكثير من المشكلات بإذن الله.
أسأل الله - تعالى - أن يمن علينا وعليكم بالسعادة في الدنيا والآخرة، وأن يقينا جميعًا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ويثبتنا على الحق وعلى صراطه المستقيم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/464)
أفصح عن حبك يا رجل
أحمد زين
لي صديق يعمل عملاً إداريّاً يحتاج فيه إلى توقيع عدد هائل من الأوراق كل يوم، وكنت ألحظ توقيعه فأجده يتبادل التوقيع بشكلين مختلفين بين الفترة والأخرى، ولما سألت عن سر ذلك وعن أن أحد التوقيعين لا يمت لحروف اسمه بصلة، فأجابني بخجل وعيناه تفضلان عدم لقاء عينيَّ: إنني في أحيان كثيرة أشتاق إلى زوجتي، وأستشعر فقدها، وأتلمس لقياها، فسألته: أمن طول غياب؟ ... فأجابني بالنفي وقد زاد إطراقاً: والله إني لأفتقدها مع أنها تكون قد ودعتني إلى عملي في الصباح، بعد إفطار شهي وشاي صبوح وحوار دافئ، وأنا أعبر عن ذلك الفيض من المشاعر المنثالة بأن أوقع باسمها أو أجرى مكالمة هاتفية معها أبثها تحية سريعة أو كلمة حب خاطفة وسط نهار ازدحم بأعباء العمل.
وتعجبت لشدة إنسانيته وسمو عاطفته وتوهجها، خصوصاً إذا علمت أن هذا الصديق تعدى الستين من عمره، ومضى على زواجه أكثر من 35 عاماً، كما تعجبت لخجل الرجل وحرصه البالغ على إخفاء هذه الحقائق؛ ولأنه صديقي ولأني أعرفه جيداً فلم أفسر خجله هذا بأن هذه خصوصية يريد إخفاءها، ولكنني فسرته بأنه الخجل من إظهار هذا الحب؛ لذا فقد علقت على هذا الموقف قائلاً: إن هذه المشاعر لهي مشاعر مشرفة تستحق أن تعلن وتبرز ويشار إليها ويشاد بها، لا أن تُكْبَت وتُخْفى وتُسْجن في أقفاص الصدور.
جرَّني ذلك للتفكير في طبيعة عقلياتنا المترددة أمام هذا الأمر، وهو ذكر الحب والإفصاح عنه، فقد شاع عندنا - لا أدري لأسباب تربوية أم أخلاقية- أن الإفصاح عن الحب ضعف، وأن من الكبرياء والكرامة تعمد عدم ذكر هذه العاطفة للطرف الآخر، وإذا فهمنا دوافع الكتمان بين المحبين الذين ليس ثمة رابط شرعيّ بينهما، فإننا لا نفهم - فضلاً عن أن نتفهم- أن يظل الزوجان يدوران في فلك الكتمان، بدعوى الكبرياء والحفاظ على الصورة السامية لكل طرف في عين الآخر لأنه من العيب!!، أن يضبط أحدهما وهو ينفس عما يعتمل داخله من رومانسية رقيقة أو عواطف رقراقة صافية، وكم من حب ضاع بين مفاهيم السمو الخاطئة وبين معاني الكبرياء والكرامة، وبين سوء حصر العلاقة بين الزوجين إلى علاقة الفراش فحسب، فتكون النتيجة أن يبحث أحد الطرفين أو كلاهما لمن يشبع فيهما الاحتياجات الأخرى: الحنان الضائع والرومانسية المفتقدة من كلمات ناعمة، وشموع مضاءة، ونظرات مودة ورحمة.
وإذا كانت هذه ثقافة مجتمعنا العربي تجاه هذه القضية فإن ثقافتنا الإسلامية الأصيلة لا علاقة لها بهذه "الفبركات" التربوية وإنما بها جوانب أخرى نستعرضها.
فالله - سبحانه وتعالى - صرح بحبه لبعض فئات البشر "المؤمنين، المتوكلين، التوابين، المتطهرين"، كما صرَّح بحبه وتزكيته لبعض الأفعال والصفات الإنسانية: "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً ... "، وإذا كان في أمر التصريح بالحب ضعف أو نحوه لما صح ذلك في حق الله - سبحانه وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً -، والقرآن يصف أرقى علاقة قلبية في الكون، وهي علاقة الخالق القادر بالمخلوق الطائع بقوله سبحانه :"يحبُّهُم ويحبُّونَه".
وسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي البيان العملي للإسلام تشهد بعكس ما توارثناه في مجتمعاتنا، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- أوصى بنشر هذا الحب، ونشر ثقافة الإفصاح عن الحب حينما أخبره أحد صحابته أنه يحب فلاناً، فسأله: أأخبرته؟ قال: لا، قال: إذن فأخبره".
ولا شك أن الإفصاح عن الحب يعمق الروابط بين القلوب، كما يؤكد على المشاعر التي قد لا يشعر بها البعض أو لا يُقدّر حجمها - وهي مكنونة في الصدور - إلا إذا أظهرها اللسان وعبَّر عنها، والأمر لدى الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم- ليس وسيلته الوحيدة اللسان ولكن الهدية وسيلة، "تهادوا تحابوا"، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم"، والصحابة - رضي الله عنهم- في شوق يسألونه: بلى يا رسول الله .. قال : "أفشوا السلام بينكم"، وإذا كان أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم - بالإفصاح بين الصحابة – رضي الله عنهم- بعضهم البعض، فهو في معاملته لأزواجه كان نموذجاً فريداً .. فهو يقرأ القرآن في حجر عائشة، ويلعق أصابعها بعد الأكل، ويغتسلا سويّاً في إناء واحد، ويتسابقان خلف القافلة حيث لا يراهما أحد .. ويدللها ويناديها: يا عائش .. كيف نصف هذه اللحظات؟؟ إنها رومانسية فائقة، لحظات من الحب النادر، لم تمنعه أعباء الدعوة، ولا تبعات الجهاد، ولا مكر الأعداء، ولا الوقوف الدائم بين يدي الله من أن يكون عاطفيّاً يتفنن (صلى الله عليه وسلم) في إظهار مشاعره في كل لفتة أو همسة، لم يخش أن يوصف بالإقبال على زوجاته أو إظهار حبه لهن !! لسبب واضح أنه ليس عيباً بل درساً يُعَلَّم..
ولله تأمَّل موقفه - صلى الله عليه وسلم - وهو معتكف في المسجد، تأتيه زوجته المحِبَّة "صفية" – رضي الله عنها - توصل له طعاماً أو تأنس بالحديث معه، ثم إذا خرجت لم يتركها تذهب وحدها، وإنما قطع اعتكافه، ولم يمنعه وجوده بين يدي ربه من أن يخرج ليمشي معها قليلاً ويوصلها إلى بيتها، في حديث متصل حميميّ، ومشاعر نابضة لا تنقطع، ولم يخشَ أن يقال إن الرسول - صلى الله عليه وسلم -خرج من معتكفه وقطع عبادته؛ لأنه لا يخشى في الله لومة لائم، ولكن حين يقابل بعض صحابته يُعْلِمْهم ويعَلِّمهم: هذه صفية .. هذه صفية.
والرسول - صلى الله عليه وسلم - مع كعب بن مالك - أحد المخلفين الذي أمر الله بمقاطعة الأمة المسلمة لهم جميعاً - له أمر عجيب يدل على مدى حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصحابته الكرام – رضوان الله عليهم -، واستعمال وسيلة النظرة الحانية في إظهار هذا الحب يقول أبي: "إنني كنت أجلس مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته في المسجد، يُهَيَّأ إليّ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ينظر لي، وحين ألتفت إليه أجده أشاح بوجهه كأنه لا ينظر إليّ.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقع بين أمرين حبه لكعب، وحرصه عليه، وشفقته من عدم احتماله للمقاطعة العامة ذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى أمر الله - تعالى - بالمقاطعة وعلمه - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك الأمر أصلح تربويّاً ونفسيّاً لأبي، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يُفْهِمنا أن النظرة الحانية وسيلة ساحرة، وأن صدق أشعتها ينفذ إلى القلوب حتى ولو لم ترها العيون.
وللصحابة - رضوان الله عليهم - في الحب سيرة عجيبة نكتفي بهذه العلاقة الحميمة بين عمر وأبي عبيدة - رضي الله عنهما - فكان الحب والود بينهم لا ينقطع، ويعبران عن ذلك في مناسبات شتى فعمر - رضي الله عنه - حين يتمنى كل صحابي شيئاً تمنى عمر رجلاً مثل أبي عبيدة، وحين مات أبو عبيدة - رضي الله عنه - فحَدِّث ولا حرج عن مشاعر الحزن والوجد عند عمر الفاروق - رضي الله عنه -، ولكن الموقف الأوضح في هذه العلاقة ما قرأته في "الإحياء" عن أن عمراً - رضي الله عنه - ذلك الشديد القوي الذي لا يتوانى عن القتال والجهاد، والذي لا يعبأ من عاقب بدرته ما دام قد أخطأ، عمر هذا هو نفسه الذي كان إذا لقي أبا عبيدة - رضي الله عنه - انتحى به جانباً من الطريق وجعل أحدهما يقبل يد الآخر - إجلالاً وإكباراً - ويسمع صوت بكائهما!!
فالثقافة الإسلامية ليس فيها ما يمنع من "الإفصاح" في إطار منضبط من كونه في إطار العلاقات السوية المعلنة، وفي إطار القول الطيب وعدم إشاعة الفاحشة.
فلنفصح عن مشاعرنا ولنفتح قلوبنا، فإن كثيراً من الأوراق تذبل، وكثيراً من المشاعر تموت لأننا لا نزكيها بالذكر، ولا نرويها بالتعبير عنها.
http://www.naseh.net المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/465)
محشي أم مكرونة!!
محمد رشيد العويد
طلب الزوج من زوجته أن تطبخ له على الغداء طبقاً من المكرونة، ولما عاد من عمله ظهراً فوجئ بأن زوجته أعدت له محشياً بدلاً من المكرونة التي طلبها، فثارت ثائرته، وحمل قدر المحشي الساخنة وألقى بما فيها في وجه زوجته، فأصابها بحروق.. ونشبت بين الزوجين مشادة كلامية حادة انتهت بقيام الزوجة بسكب كمية من الكيروسين على جسدها.. وهددته بإشعال النار في نفسها إن لم يهدأ، فما كان منه إلا أن أحضر الكبريت ورمى بعيدان الثقاب المشتعلة على ثياب زوجته المبللة بالكيروسين.. فاشتعلت النيران فيها.. وصارت تصرخ مستغيثة بجيرانها.. وخرجت إلى الشارع، حيث أطفأ المارة النيران بمعاطفهم ونقلوها إلى المستشفى وهي في حالة سيئة.
هذه واحدة من مشكلات كثيرة تقع بين الأزواج بسبب الطعام. قد يراها بعض الناس أسباباً تافهة للخلاف، ويعجبون إذا قيل لهم: إنها كانت سبباً في نزاع مرير بين زوجين.. وإنها أحياناً تؤدي إلى طلاق الزوجين.. أو إلى جريمة مثل هذه الجريمة التي نشرتها جريدة "الحياة" المصرية مؤخراً.
عدم ترتيب السرير، نوع الطعام الذي أعدته الزوجة، طريقة الزوجة الخاصة في بعض الأفعال.. أمور كثيرة قد تثير الزوج وتغضبه وتخرجه عن طوره!
وقد تسألين: وهل الزوج محق في ثورته وهياجه؟
وأقول: لا. إن كان الزوج يشتهي بعض الأطعمة أو يرغب في أسلوب حياة معين، فإنه يستطيع أن يوضح لزوجته هذا مرة، ومرتين، وثلاثاً.. لكنه لا يملك أن يغضب..أو يهتاج !
ترى كم من المشكلات الزوجية ستختفي.. أو تقل.. لو أننا جعلنا حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته قدوة لنا؟ وكم ستسعد البيوت وتطمئن فيها الحياة لو كان أربابها مقتدين بالمصطفى - صلى الله عليه وسلم -؟
لنعد إلى المشكلة التي نقلتها في بداية الرسالة.. ولنقرأ ما تحدثنا به السيرة عن خلق من أخلاق النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - في بيته:
"ما عاب النبي - صلى الله عليه وسلم - طعاماً قط.. إذا أحبه أكل منه.. وإذا لم يحبه تركه".
ولو فعل ذاك الزوج مثل ما فعل النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، هل كان سيحدث ما حدث؟
أقرؤوا حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته.. وفي بيته.. وافعلوا مثل ما كان يفعل.. ثم انظروا كيف ستكون النتيجة.. وأخبروني.
http://www.naseh.net المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/466)
وعاشروهن بالمعروف
قال - تعالى -: (وعاشروهن بالمعروف).
وقال - تعالى -: (وجعل بينكم مودة ورحمة).
وفي الحديث: "استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم".
وفي حديث آخر: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".
كثيراً ما نقرأ مواضيع كثيرة بخصوص المرأة فنجدهم يكررون أنها سبب المعصية..وأنها خلقت من ضلع أعوج..وأن عدد النساء يفوق عدد الرجال بالنار أعاذنا الله منها، ولا نختلف معهم كثيراً..فالمرأة فعلاً فتنة..وفتنة كبيرة..ولكن..ماذا لو أخذنا هذا المخلوق اللطيف..بشيء من السياسة..واللطف..وحسن المعاملة.
فأي امرأة بالوجود..تكون صاحبة مشاعر فياضة بالحب..والحنان..و القلب الطيب..رغم كل ما يبدو على بعضهن من الشخصية القوية..أو المتشبهة بالرجال بالتصرفات أو الأقوال تعمق فيها..جادلها..تناول معها الأحاديث عن الأمومة..سوف تجدها تنقلب من صقر كاسر إلى حمامة بيضاء القلب..منتعشة الجوارح..طيبة النفس.
لابد أن نحسن معاملة المرأة..ونتعامل معها بكل لطف وحنان..وسوف ترى النتيجة بنفسك.. ولا بد لنا أن نتذكر أريحية أحمد بن حنبل وحسن صحبته إذ يقول بعد وفاة زوجته أم عبد الله: "لقد صاحبتُها أربعين سنة ما اختلفت معها في كلمة".
نداء إلى جميع الرجال:
عزيزي الرجل، انتبه قليلاً:
أن مشاكل البيوت مع الزوجات والبنات.. أكثره من معاناة التوافه ومعايشة صغار المسائل وكانت هذه المشاكل سببها الكثير من الفراق.. وسبب إيقاد جذورها أمور هينة سهلة ومن بعض الأمور.. أن البيت غير مرتب ... الطعام لم يقدم في وقته.. كثرة الضيوف.. اختلافها مع أهله.. وكثيرة هي الأمور الهينة التي تحل بطريقة ودية.. أو بحل بعيد عن الطلاق والفراق وما الفراق ألا مآسي تورث اليتم في البيوت.
عزيزتي المرأة...انتبهي قليلاً:
لا تبحثي عن الرجل المثالي..ولا تلحقي كثيراً في الخيال..ولا تقارني حياتك بحياة امرأة أخرى فالمقارنة سم لاذع في الحياة الزوجية.. ابتعدي عن الكلمات التي تثير الغضب عند أزواجكن مثل فلانة سافرت إلى أوروبا ... أنها تمتلك سيارة فاخرة ... أنها تسكن فيلا واسعة..زوجها حنون معها ... أبنائها بمدارس خاصة وأبنائنا في مدارس حكومية ... وكلماتها الجارحة في رجولته بقولها:أنك لا تعرف للرجولة باب انظر أليها..جميع أمورها مجانة..أنها يقدرها ويعرف كيف يتعامل مع زوجته بتقديم الهدايا..وتذاكر السفر..لا تصلح أن تكون زوجاً مناسباً..انك لا تقوم بكامل واجباتك.الرجل يفعل المستحيل ووو.. الخ.
لنكن واقعين يا أحبائي فكلنا نخطئ..وكلنا نضعف..وكلنا نغضب ونحتد.. فلنأخذ أمورنا ببساطة وحب..لنعيش حياة زوجة هادئة.. فالأسرة السعيدة هي الأسرة العامرة بالألفة القائمة بالحب المملوء بتقوى الله ورضوانه وحب الله فوق كل شيء قال - تعالى -: (أفمن أسَّس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمَّنْ أسس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين).
http://www.al-eman.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/467)
رسالة من طالبة إلى أمها
بدرية الغنيم
رأيتها في الفصل تداري وجهها بكثرة حركتها وعبثها بأدواتها وبشعرها الذي أرسلته على وجهها وكأنها تخفيه عني، تركت النظر إليها لتهدأ وتسمع الدرس، وكنت أختلس النظر إليها فإذا بي أرى دمعةً تشق طريقاها على خدها، وبعد انتهاء الدرس وانصراف الفتيات بقيت في مكانها فأقبلت إليها فبادرتني قبل سؤالي، اشترى والدي الدش بعد أن هزم أمي، قلت لها: لا تيأسي وامسكي القلم واكتبي هذه الرسالة.
أمي وحبيبتي.... كم كنت أكبر فيك صمودك حينما رغب والدي في إحضار الدش لمنزلنا، فكنت أراك الصخرة العاتية التي تحطمت عليها آمال الشيطان لإفساد بيتنا، فشعرت حينها بالأمن والاطمئنان؛ لأن هناك من تهتم لأمر ديننا وصلاحنا، وتعي خطورة إدخال هذا الجهاز على بيت مليء بالفتية والفتيات في عمر الزهور و ميعة الصبا، وأدركت حينها ضخامة المسؤولية التي تحملتها، وأكبرت فيك مجاهدتك فأنت أم صالحة وزوجة صالحة فهنيئاً لنا بك، ولن نتخلى عن مساعدتك بقدر طاقتنا، ولكن اليوم وقد دخلت الفتنة دارنا ورضي أبي بأن يجمعنا على مائدة الشيطان، فإني يا أمي أبكي من أعماقي لتلك البطولات التي كنت عليها ثم هاهي تذهب أدراج الرياح، فأنا يا أمي لا ألومك الآن ولكن أشعر بالحزن يقطع أوصالي أن أرى والدي وقد رضي بأن يحضر الفساد لنا في دارنا وقد أغمض عينيه عن النتائج السيئة لدخول الدش على الأبناء والبنات، فهل يريد والدي أن نتخلق بأخلاق هؤلاء القوم الذين نراهم أمامنا أم هل يتوقع صمودنا وبقاءنا على أخلاق الإسلام ونحن في عمر حرجة سريعة التقلب والتغيير والتطبع؟!
فها نحن يا أماه نغمض أعيننا لننام وتتراقص أمام أعيننا تلك المناظر التي رأيناها لأول مرة، وربما تحدثنا عنها في خجل أنا وأخواتي ثم بعد ذلك اعتدنا الحديث عنها، والذي أقلقني الآن أنني أتعجب من ذبول خصلة من أعظم خصال الإسلام كنت أجدها لدي ولدى أخواتي (الحياء).
وها نحن نتحدث عن أمور كنا نخجل من مجرد التفكير فيها، فأنا الآن أعاني حيرة ً شديدة وقلق على إيمان أتشبث به وأخشى أن يفر، وإغراء يسوقني يوماً بعد يوم ليخلع عني حيائي، فبالله عليك إن خسرت إحدى بناتك، فما أنت فاعله؟ وماذا عسى والدي أن يفعل؟ ألهذا الحد أرخصنا أبي، وأبدل أخلاقنا بهذا الخراب؟ أيبيع الأخلاق التي علمنا إياها وأدبنا منذ صغرنا عليها؟ أيبيعها؟ أيضعف والدي عن مقاومة إغراء الدش، ويحضره ويتوقع منا الصمود؟ ونحن في سن حرجة، فأنا أرسل لك رسالتي هذه علّك أن تنتشلينني من الضياع؛ لأنك ربما لا تسمعين صوتي مرةً أخرى في إنكار المنكر؛ لأنني أكتب إليك رسالتي وأشعر بضعف شديد، أجدني فقدت الأب والأم؛ لأنك أنت أيضاً ما عدت في صمودك السابق أرى لهذا الجهاز أثراً عليك بالرغم من كرهك له لأول وهلة، ولكن أرى متابعتك لما يعرض فيه من باب الفضول أولاً ثم بعد ذلك اعتدتِ عليه، وأخشى على قلبك من حبه مما يدل على ضعف الإيمان ونقصه.
فها أنا أكتب لك رسالتي أناديك يا أمي ولم تزل بي بقايا تلك الأخلاق الإسلامية الفاضلة التي حرصت أنتِ وأبي على غرسها في نفوسنا، فأنا أذكرك يا أمي ولا أنسى فضلك، أسألك هل مررت بالمرحلة العمرية التي مررت بها؟
حتما سيكون الجواب نعم، ولكن الفرق بيني وبينك أنك لم تتعرضي للفتن التي أتعرض لها صباح مساء، فهاهي قضيتي أطرحها بين يديك لثقتي في اهتمامك بنا أنتِ وأبي، ولعِظَم الأمانة التي تحملتماها، والله سائل كل راعٍ عما استرعاه يوم القيامة أحَفِظَ أم ضيع؟ كما أني أخاف عليك وعلى والدي من التفريط في أمانة الأبناء والبنات بعد أن قرأت حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من استرعاه الله رعية ثم لم يحطها بنصحه إلا حرم الله عليه الجنة" أخرجه البخاري.
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/468)
البيت أم الدعوة?
إلي ابنتي
أيهما أولى: البيت ورعاية شئونه والاهتمام بالزوج والأولاد خصوصًا في السنوات الأولى من الزواج, والأبناء لا يزالون صغارًا يحتاجون إلي رعاية زائدة, أم متطلبات الدعوة إلى الله والعمل في المساجد وفي المجالات الاجتماعية والإنسانية? بين هذين الرأيين تتأرجح آراء الأخوات الداعيات, والفريق الذي يؤيد الرأي الأول - وهو الاهتمام بالبيت أولاً وتنشئته على أسس الإسلام ومبادئ الدين, وأن هذا هو واجب المرأة الأول- ينسي أن واجب الدعوة إلي الله يأتي على قمة سلّم الأولويات بالنسبة للمرأة الملتزمة الواعية, وأن المشاركة في أداء هذا الواجب, لا تعني بالضرورة التفرغ له وترك البيت وإهماله والنشاط المكثف في المساجد أو الأعمال الخيرية والاجتماعية, ولكن الأخت الداعية تستطيع أن تشارك بما تيسر لها من الجهد والوقت, وربما أدت بعض دورها ومسئوليتها من خلال علاقاتها الأسرية والاجتماعية وصلتها بمن حولها.
أما الفريق الآخر الذي يري ضرورة البذل والتضحية في مجال الدعوة والعمل الإسلامي, وأنه من الطبيعي أن يتأثر البيت والاهتمام بالزوج والأولاد ما دام ذلك في مصلحة الدين والأمة والوطن, وبالتالي تتحول الأخت الداعية إلي شعلة نشاط في مجال الدعوة والعمل العام وتستغرق فيه, وربما أهملت واجباتها نحو بيتها وأسرتها, هذا الفريق الذي أدرك ما يحيط بالأمة من أزمات ومؤامرات وخطورة دور المرأة المسلمة في هذه المرحلة, عليه أن يوازن بين متطلبات الدعوة وواجبات البيت والأولاد والزوج.
إن الأخت الداعية المتزوجة لا تستطيع أن تؤدي دورها في إقامة بيتها على الإسلام بشكل صحيح ما لم تشارك في العمل الإسلامي, كما أن الأخت التي تبذل وتضحي في سبيل الدعوة إلي الله, لا تستطيع أن تؤدي هذه الرسالة ما لم تكن مستقرة في بيتها, وما لم يكن بيتها قدوة لما تدعو إليه, فالتوازن بين متطلبات الدعوة إلي الله وبين الواجبات الأسرية أمر مطلوب.
http://www.al-eman.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/469)
الاعتناء بالاستقرار الأسري
أشرنا قبل قليل إلى أثر الاستقرار الأسري على الانحراف، والاستقامة، وأثره على سلوك الأطفال.
وحينما نطالب بالاعتناء بالاستقرار الأسري، فنحن نطالب بذلك على مستويين:
المستوى الأول: على مستوى المجتمع:
من مسؤولية المجتمع أن يسعى إلى تحقيق الاستقرار الأسري من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية، ومن خلال أنظمة العمل فهي تؤثر بدرجة كبيرة على علاقات الناس، وثمة قضايا كثيرة لا يمكن أن ننظر إليها نظرة مادية بحتة؛ بل ينبغي أن نتساءل ونحن نضع أنظمتنا سواءً النظام المقنن الذي يصبح قانوناً ونظاما يرجع الناس إليه، أو النظام العرفي الذي نتعارف عليه, ينبغي أن نضع في الاعتبار أثر هذه الأنظمة على الاستقرار الأسري؛ فهناك أنظمة تعزل الأب عن أسرته، وتتعامل مع الأب على أنه آلة، وإذا كان يصح في العالم الغربي أن يعمل الأب لساعات طويلة بعيداً عن أسرته فأظن أننا ينبغي أن نعيد النظر في هذا الأمر.
فأرى – وهو رأي شخصي– أن نضع حداً أدنى لا نسمح لأي أحد أن يتجاوزه فيما يمارسه من عمل، ولو كان هذا يؤدي إلى مزيد من الإنتاج والثراء بالنسبة له أو بالنسبة للمجتمع, فالعبرة ليست بالمادة. بل حتى في المقياس المادي يكلف الخلل التربوي المجتمع مبالغ مادية باهظة، فحين ينحرف فرد من أفراد المجتمع فيكون مدمناً كم يكلف المجتمع في علاجه الصحي, في علاجه النفسي, في علاجه الاجتماعي؛ بل المجرم حين يقع في جريمة كم يكلف المجتمع من تكاليف مادية، وكم ينفق عليه في سجنه وبعد سجنه؟ لو حسبنا التكاليف المادية لرأينا أن التربية حتى بالمنظور المادي تختصر علينا خطوات كثيرة.
وبالإضافة إلى مسؤولية المجتمع في تعميق الاستقرار الأسري من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية, من خلال الأنظمة التي يضعها المجتمع لابد من إعادة تقويم التعامل مع وسائل الإعلام، فالمسرحيات التي تراها الأسر اليوم صباح مساء لها أثرها البالغ في هدم استقرار الأسرة, المسرحية عبارة عن مجموعة ممثلين يقفون على خشبة المسرح ويعيشون في صور مثالية, المرأة تبدو أمام زوجها في مظهر لا تبدو به حتى في منزلها والرجل كذلك, طريقة التعامل والحوار والعبارات..إلخ. ما هو أثر هذه المشاهد المتكررة على الأسرة؟ ثم المشاهد التي تتحدث عن الخلافات الزوجية والطلاق والمشكلات، وكأنها وسيلة لتطبيع التفكك الأسري واعتباره ظاهرة طبيعية وغير شاذة ناهيك من وسائل الإثارة التي تحدث أثراً غير مباشر, فكل من الرجل والمرأة حين يرى صورة فاتنة في وسائل الإعلام ربما يقوده ذلك إلى مواقعة الفساد والبحث عما وراء ذلك، وهذا من أعظم ما يؤثر على الأسرة, وقل مثل ذلك في المسرحيات والتمثيليات التي تصور أم الزوجة على أنها أكبر عدو للزوج، وعلى أنها أكبر مشكلة تواجهه، وكيف يستطيع الزوج يتخلص ويتهرب من حماته؛ بل ربما ارتكب الجريمة للتخلص منها، كذلك الفقرات التي تقدمها وسائل الإعلام عبر القنوات الفضائية، وعبر شبكة الإنترنت من هنا وهناك تهدم بنيان الأسر وتزلزل استقرارها, والمجتمع مسؤول عن الحد من هذه المؤثرات حتى يحمي الأسرة.
المستوى الثاني: على مستوى الأسرة:
إن الاستقرار الأسري لا تعود ثمرته على الوالدين وحدهما، إنما تعود الثمرة بعد ذلك إلى الأبناء والبنات بل إلى المجتمع كله؛ فإنه سيجني ثمرة هؤلاء، ومن ثم لابد أن يسعى الزوجان إلى تقوية الاستقرار الأسري والتضحية والتحمل في سبيل تحقيق مثل هذا الهدف.
http://www.almurabbi.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/470)
مع التدين يسمو الحب وتسعد الحياة
• لم يكن التدين الإسلامي قطّ أمراً كمالياً أو زائداً عن ضروريات الحياة، بل هو أساس بناء الحياة الإنسانية الكاملة والسليمة والسعيدة.
فالحيوانات تعيش، والسكارى والمجرمون والملاحدة يعيشون ويأكلون ويتناسلون.
ولكن الإنسان السوى هو الإنسان الذي يفهم الحياة في مختلف جوانبها وعلاقاتها وأهدافها، ويفهم كيف وجدت الحياة ولماذا وما الغاية منها وإلى أين تنتهي..
هذه القضايا لا يجيب عنها كثرة الأكل أو المال أو الشغل أو الانغماس في الملذات والحياة المادية أو التكنولوجيا..
• إن للدين وجوداً عقلياً ونفسياً وفلسفياً لا يستغنى عنه عاقل..
والتدين الإسلامي هو دستور الحياة الطيبة. للفرد والأسرة والمجتمع والعالم..
• ليس التدين بالادعاء ومجرد الانتماء أو التظاهر، بل هو حقائق عملية واعتقادية تعصم الفكر والعمل من الخطأ ولابد من الالتزام بالمظهر الإسلامي والأخلاق والعقائد والشريعة الإسلامية ليكون التدين حقيقياً..
• ليست الأسرة المتدينة خالية من المشاكل والخلافات، بل يوجد فيها مثل ذلك، ولكنها لا تكون هشة تمزقها الأنانية وتحطمها النزاعات وتضمحل لأدنى مشكلة أو ضائقة، كما هو الحال في الأسر غير المتدينة..
• التدين يدعم الأسرة ويمنح أفرادها ثقة وأمناً وطمأنينة بلا حدود وأملاً في المستقبل وتفاؤلاً لا ينتهي وسعياً حثيثاً نحو الفضيلة والأكمل..
• تديّن الزوجين يجعلهما أكثر إنسانية وسمواً.. لأن التدين أكرم صفات الإنسان ومزاياه..
http://www.al-eman.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/471)
تخفيف
م. عبد اللطيف البريجاوي
تخفيف مثيرات الشهوة في البيت "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم ناراً وقودها الناس و الحجارة" "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته" ابن حبان عن الحسن بن علي - يقول ابن القيم"- رحمه الله -": إن أعداء الدين يحاربون المسلمين بسلاحين:
* سلاح الشهوات لإفساد سلوكهم.
* سلاح الشبهات لإفساد عقولهم.
و ربما يكون استخدام سلاح أكثر من سلاح آخر... في فترة محددة أقوى و أكبر فقد كان سلاح الشبهات فيما مضى قوياً فكانوا تارة يشككون بالقرآن و تارة يشككون بأحكام الإسلام.. و يستأجرون بعض الأشخاص ليبثوا بين أفراد المسلمين شبهات بوسائل عديدة، و لكن اليوم توجهوا إلى سلاح آخر هو سلاح الشهوات و جندوا أغلب قوتهم من أجل ذلك و ساعدهم ميل النفس الإنسانية لهذه الشهوات.
- إن من أهم صفات المجتمع المسلم أنه مجتمع لا تطفوا الشهوة على سطحه أبداً و إنما هي شهوة موجهة ومرتبة و محاطة بهالة عظيمة من الآيات و النصوص و الأوامر والنواهي، تسير في طريق مضبوطة لا تحيد عنها قيد أنملة، و إن حادت فإنها تقوم و تعاد إلى ما كانت عليه أول مرة..ومرة أخطأ الفضل فجعل ينظر إلى امرأة وضيئة الوجه.. فجعل النبي يصرف وجهه عنها و يميله إلى الوجه الآخر.
- و إذا كنا نتكلم عن الأسرة المسلمة و هي جزء من المجتمع المسلم فكذلك تكون الشهوة في البيت شهوة مضبوطة و موجهة و مهذبة ومرتبة لا تكون شهوة عشوائية يسمح لها أن تنمو دون تهذيب، لذلك وجه الإسلام المسلمين على ضبط أمور الشهوة في بيوتهم و هو أمر مهم جداً لأن له من الآثار السلبية الشيء الكثير.
- أول هذه الضوابط: تعليم الأولاد الاستئذان إذا أرادوا الدخول على آبائهم في غرفهم الخاصة.. قال - تعالى -: "يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم و الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر و حيت تضعون ثيابكم من الصلاة و من بعد صلاة العشاء".
- و لنسأل أنفسنا لماذا لله بجلاله يتكلم في مثل هذه الأمور؟ - إنها الضوابط الإسلامية في مجال الأسرة حيث أن هذه الأوقات هي أوقات راحة فيخشى أن يطلع الولد أو البنت على ما لا يرضى أن يطلع عليه فتؤثر في ذلك أبلغ التأثير.
- التفريق بين الأولاد في المضاجع لحديث "و فرقوا بينهم في المضاجع" لأن النمو الجنسي يبدأ في هذا العمر فلا بد أن نوقف كل محفز له حتى ينمو بشكل صحيح.
- تعلم الأولاد النوم على شقهم الأيمن لا النوم على بطونهم.. لأن ذلك أيضاً مثير.
- إن هذه الضوابط و غيرها في الإسلام.. هي للتخفيف من الشهوات في البيت المسلم ذلك من أجل أن يعيش البيت المسلم سعيداً ينمو نمواً سليماً و يوجه توجيهاً سليماً.
- إن الغريب جداً جداً جداً أن لا يتنبه الآباء و الأمهات إلى هذا الموضوع و يتناسونه و يتجاهلونه و يخجلون منه.
- و الغريب جداً أن الآباء يشجعون الشهوات عند أولادهم... و بإحصائية بسيطة وجد أن حوالي 90- 93 % يسهرون مع أبنائهم على مسلسلات و أفلام و حفلات غنائية فيها مثيرات للشهوة..
- فما هو شعور الأب و هو يحفز ولده على الشهوة. وما هو شعور الأم وهي تحفز ابنتها على الشهوة.. و هي بقربها..
- إن هذه التربية الخاطئة لا تشكل إلا إنساناً مشوهاً و لا تشكل إلا إنساناً مضطرباً.. يريد أن ينعتق مما فيه من الضوابط يضمر أشياء في نفسه يريد أن يظهرها في مكان ما و في وقت ما.. - و لقد منع أحد الآباء ابنه من مشاهدة برنامج معه فيه أحد الصور الخليعة. مع الحفاظ للأب بحق المشاهدة..
- فسأل الطفل عن ذلك فكان جوابه: إن الأطفال لا يشاهدون مثل هذه الأمور لكن فقط للكبار.
- ما هذه المعايير؟ هو محرم للكبار و الصغار و لاحظوا كيف بدأ الولد يفكر بما سيفعله و هو كبير هو متابعة الأفلام و المشاهدة المثيرة.
- لا بد لنا أن نخفف الشهوة في بيوتنا إلى الدرجة الدنيا إذا أردنا أن نستعيد توازن أسرنا و فوائد ذلك تكمن في:
1- تخفيف الاضطراب النفسي.
2- الابتعاد عن الفواحش.
3- التماسك الأسري.
http://www.islamselect.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/472)
آثار الطلاق
د. جمال المراكبي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد..
فإن الطلاق مشكلة اجتماعية خطيرة تهدد الكثير من الأسر، وتنقلها من السعادة إلى الشقاء، ومن الراحة إلى العناء، ولجان الفتوى مليئة بالسائلين والمستفتين الباحثين عن مخرج لما قالوه بألسنتهم، وضيقوا به على أنفسهم وأهليهم؛ ولو عرف هؤلاء معنى التقوى وطبقوه في حياتهم ولم يتعدوا حدود الله، لجعل الله لهم من كل همّ فرجا ومن كل ضيق مخرجًا.
قال - تعالى - في سورة الطلاق (ومن يتق الله يجعل له مخرجا (2) ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) {الطلاق:32}، وقال - تعالى -: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا (4) ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا) {الطلاق:54}.
فالأمر بالتقوى يتكرر في حديث القرآن عن الطلاق لتنبيه الغافلين، وتعليم الجاهلين حتى يجعل الله لهم من العسر يسرًا، ومن الضيق مخرجًا.
ولكن أكثر الناس إلا من رحم الله، لا يلتزم حدود الله في الطلاق، فيتبعون الأهواء والشهوات فيميلون ميلا عظيمًا، وكما أمر الله بالتقوى وحث عليها، فإنه نهى عن تعدي الحدود مطلقًا، وفي الطلاق بصفة خاصة وتكرر هذا النهي وهذا التحذير في آيات الطلاق.
قال - تعالى -: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون (229) فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون) {البقرة:230229}.
وقال: (وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) {الطلاق:1}.
آخر الدواء الكي:
لقد أباح الإسلام الطلاق إذا تعذر الوفاق واستحكم الشقاق، وتحولت الحياة الزوجية من المودة والرحمة وصارت جحيمًا لا يُطاق، فآخر الدواء الكي، وآخر سبيل لعلاج الشقاق إيقاع الطلاق، فقد يكون فيه السعة والغنى.
قال - تعالى -: "وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما" {النساء:130}.
ولكن الطلاق لا يكون قبل استنفاد كل أسباب الإصلاح، وهذه الأسباب كثيرة نذكر منها.
1- حسن الاختيار قبل الزواج واعتبار الدين أساسًا للاختيار، ومرجعًا يرجع إليه في كل أمور الحياة خاصة عند الشقاق.
قال - صلى الله عليه وسلم -: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
2- المعاشرة بالمعروف، والموازنة العادلة بين المزايا والعيوب قال - تعالى -: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) {النساء:19}.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فإذا شهد أمرًا فليتكلم بخير أو ليسكت، واستوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيرًا".
وفي رواية:"إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها"{مسلم (1468)}.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خُلقًا رضى منها آخر"{مسلم (1469)}.
وهكذا تستقيم الحياة؛ بالرفق واللين، وغض الطرف عن بعض ما تكره لأجل ما تحب وترضى طالما كان الأمر محتملا شرعًا:
فالتغاضي عن الهفوات: وستر العورات وإقالة العثرات مما يحبه الله ويرضاه وصاحب العقل والمروءة والدين هو الذي يزن بميزان الشرع ويضع نفسه دائما مكان من ينكر عليه عسى أن يلتمس له عذرًا أو يجد له مخرجًا، فلا يسرع في غضبه ولا يشتط في خصومته.
3- معالجة النشوز والشقاق الذي يكون بين الزوجين:
النشوز يكون بين الزوجين، وهو كراهة كل واحد منهما صاحبه واشتقاقه من النشز وهو ما ارتفع من الأرض، ونشوز المرأة استعصاؤها على زوجها وترفعها عليه وكراهيتها عشرته وخروجها عن طاعته، ونشوز الرجل كراهيته لها وسوء عشرته، وجفاؤه لها الإضرار بها.
والنشوز يقع من المرأة، ويقع من الرجل، ويقع منهما معًا.
- فإذا نشزت المرأة فتركت الحقوق التي ألزمها الله بها لزوجها دون أن يكون منه ما يسوؤها، فعلى الزوج أن يعظها ويذكرها بتقوى الله وطاعة الزوج، فإن لم يُجْدِ معها الوعظ فللزوج أن يهجرها في الفراش، وأن يؤدبها ولو بالضرب ضربًا غير مبرح، فإن ثابت إلى رشدها عفا عنها وقبل منها، قال - تعالى -: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا) {النساء: 34}.
- وإذا خافت المرأة نشوز زوجها أو إعراضه عنها، فلا جناح عليهما أن يتصالحا على حال يرتضيان به، وهذا خير من الفراق أو البقاء على حال النشوز أو الظلم للمرأة، قال - تعالى -: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا) {النساء: 128}. فإذا خافت المرأة من زوجها أن ينفر عنها أو يُعرض عنها فلها أن تسقط عنه حقها أو بعضه من نفقة أو كسوة أو مبيت أو غير ذلك من حقوقها عليه، وله أن يقبل ذلك منها، فالصلح ولو بإسقاط بعض الحقوق خير من الفراق، وقد نزلت الآية في شأن سودة بنت زمعة، قد خشيت أن يطلقها النبي - صلى الله عليه وسلم - لكبر سنها ورغبتها عن الميل للرجل، فوهبت يومها لعائشة على أن يستبقيها، قالت عائشة في سبب نزول الآية: الرجل تكون عنده المرأة المسنة، ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها فتقول: أجعلك من شأني في حل، فنزلت هذه الآية. رواه البخاري.
ولا شك أن الإبقاء على الزوجية، والصلح بين الزوجين خير من الفراق، وكذلك فالإحسان إلى الزوجة التي هذا شأنها وتجشم مشقة الصبر على ما يكره منها، والعدل بينها وبين غيرها من الزوجات ابتغاء مرضاة الله، فإن الله يجازي عليه أوفر الجزاء كما في قوله - تعالى -: (وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا).
- وإذا وقع الشقاق بين الزوجين واستحكمت أسبابه، وعجز كل منهما عن تلافيه ومنعه، وجب التدخل للإصلاح بينهما، قال - تعالى -: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا) {النساء: 35}.
فإذا عجز الحكمان عن الإصلاح واستحكم الشقاق كان الخير في الفراق، قال - تعالى -: (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما) {النساء: 130}.
فإذا تفرقا فإن الله يغنيه عنها، ويغنيها عنه بأن يعوضه الله عنها من هو خير له منها، ويعوضها عنه بمن هو خير لها منه، فالله واسع الفضل عظيم المن، حكيم في فعله وقدره وشرعه.
هكذا يكون اللجوء للفراق والطلاق، أما أن يقع الطلاق بالهوى وتجاوز الحدود الشرعية فيكون من عمل الشيطان.
وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئًا، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه ويقول: نعم أنت". {مسلم ح2713}.
والحمد لله رب العالمين
http://www.altawhed.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/473)
بيت الداعية
زينب الغزالي
لا أكاد أجلس في مجلس يجمعني بالأخوات المسلمات المتزوجات العاملات في حقل الدعوة، أو زوجات العاملين في هذا الميدان، إلا وتحاصرني نفس الشكوى التي تتردد على مسامعي كثيراً منذ زمن طويل، وهي أن الأزواج والآباء العاملين في حقل الدعوة إلى الله مشغولون دائماً، ولا يعطون البيت حقه من الرعاية والعناية والاهتمام، فأغلب أوقات الداعية تكون خارج بيته، والوقت الذي يقضيه في البيت إما للراحة أو لاستقبال الضيوف، أو لتناول الطعام حتى أصبح البيت كأنه فندق للراحة فقط.
وإذا كان الحال كذلك، فمن الطبيعي أن تشكو الأخوات، وأن تبحث كل واحدة عن حل، فالبيت يحتاج إلى الرجل والمرأة، ولا يكفي أحدهما أن يقوم بمهمة الآخر مهما أوتي من قدرات ومهارات والزوجة نفسها لا تستطيع أن تدبر أمورها بعيداً عن زوجها، كما أن الزوج لا يستطيع أن يمارس حياته الطبيعية دون رعاية زوجته له، ولذلك لا بد أن يعطي الداعية جزءاً رئيساً من وقته لبيته ولأولاده ولأهله.
إن الداعية الناجح هو الذي يوازن بين ميدانه في خارج البيت وفي داخله، فإذا نجح في بيته كان أقرب إلى النجاح في عمله كله، إن بعضنا يتصور أن عمله خارج بيته، وفي الميدان العام أهم وأولى، خصوصاً في هذه الظروف التي تمر بها الأمة، ولكن كيف يكون أداء الداعية إذا تعرض لأزمة في بيته؟ وكيف يؤثر في الناس إذا لم يكن بيته صورة لما يدعو إليه؟!
إن من حق الزوجة والأبناء أن تحيط بهم رعاية الأب وحنانه وعطفه وحزمه، كما أن من واجب الزوجة أن تعين زوجها على أداء رسالته في الدعوة، وأن توفر له أسباب نجاحه وقربه من الله، وعندما يحدث التوازن في بيت الداعية لن أسمع هذه الشكوى ثانية.
كيف تصبحين صديقة لزوجك؟
لأن العلاقة الزوجية من أقوى وأهم الروابط التي تجمع بين الرجل والمرأة فيجب ألا تعتقدي أختي أن هذه العلاقة أمر واقع، أو أنه يجب على كل منكما أن يعمل واجبه فقط تجاه الآخر أو يؤدي دوره بدون وجود تفاهم حقيقي وصداقة قوية بينهما.
كلا.. فمن المهم أن تحاول الزوجة أن تكون أفضل صديقة لزوجها لأن هذا يجعل لحياتهما معاً معنى أفضل كثيراً من كونها مجرد أدوار يؤديانها.
في هذا الصدد: قد تتساءلين: هل يمكن أن توجد صداقة بينك وبين زوجك؟
هذه بعض الخطوات التي قد تساعدك على ذلك:
كوني دائماً مستمعة جيدة لزوجك، لأن الرجل بطبيعته يحب الحديث عن مشاعره ومخاوفه لمن يجيد الاستماع أكثر من الحديث.
عليك أن تكسبي ثقة زوجك في البداية وتتفهمي طبيعته من كل النواحي.. إذا كان خجولاً أو اجتماعياً أو يتمتع بالذكاء وذلك حتى تستطيعي التعامل معه بفهم.
الهدوء من أكثر الصفات التي يحبها الزوج في زوجته عندما يكون مشغولاً أو متضايقاً من شيء ما، فهذا يمنحه الراحة، وهنا لا تضغطي عليه بالحديث أو تكثري من السؤال: ماذا بك؟! ماذا حدث؟!
هيئي جواً مناسباً قبل أن تنفردي بزوجك ولا تكثري من الحديث عن هموم البيت والأولاد، إنما أعطيه الوقت الكافي أن يخرج ما بداخله أو ما يخفيه عنك.
شاركيه القرار عن طريق جعله يفكر معك بصوت عال، وأعطيه المشورة المناسبة بقدر الإمكان.. وإن كان القرار ضد رأيك فيجب أن توافقي عليه في البداية ثم ناقشيه بحكمة وعقلانية، محاولةً إظهار الأخطاء التي يجب تلافيها.
لا تتدخلي في قرارات زوجك سوى التدخل البناء ولا تحاولي دائماً الإصرار على أن نظريتك هي الأفضل، بل ضعي في اعتبارك أن لكل طرف وجهة نظره وأنه على الطرف الآخر أن يحترمها ثم محاولة توضيح وجهة نظرك بطريقة بسيطة بدون فرض رأيك.
لا تعمقي داخلك الإحساس بالوحدة والافتقاد لمن يساندك ويستمع إليك لأن هذا ليس شعورك وحدك بالطبع بل إنه قد يكون شعور زوجك أيضاً من حين لآخر، ولكن الزوج عندما يخالجه هذا الشعور يدفعه ذلك للبحث عن أصدقاء يفهمونه ويتفهون مشكلاته.. فلماذا لا تكونين أنت هذا الصديق؟
http://www.al-eman.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/474)
احذري سبعة عشر سبباً للطلاق
أضحى الطلاق واقعاً مؤلماً بعد أن تجاوزت معدلاته أكثر من (30%) من إجمالي عدد المتزوجين سنوياً، وتحول الطلاق من حل لمشكلة إلى مصدر لمشكلات عدة. المرأة هي الحلقة الأضعف في سلسلة الطلاق، وإذا كان قرار الطلاق في أغلب الأحيان ليس في يدها فإن إبعاد شبحه عن بيتها هدف سهل التحقيق. إلى كل امرأة في بداية طريق الزواج، وكل امرأة تواجه مشكلات في حياتها الزوجية نهمس في أذنها بسبعة عشر سبباً للطلاق لتأخذ حذرها منها وتحمي سفينة بيتها من الغرق:
1) عدم اهتمام المرأة ببيتها وأطفالها وزوجها، فهذه دعامة مهمة لبناء الأسرة، والاهتمام بالهندام والزينة أمر طيب، ولكن المبالغة فيه غير محمودة.
2) يحدث أحياناً أن تكون الزوجة في شغل شاغل عن البيت والأطفال، قد تنشغل بالاهتمام الزائد بزينتها والذهاب إلى مصفف الشعر ومحلات الأزياء وصالونات التجميل للمحافظة على جمالها وتهمل البيت، مما يؤدي هذا السلوك إلى نفاذ صبر الرجل وبالتالي يؤدي إلى الطلاق.
3) الاعتماد على المربية في شؤون الأسرة، فهناك من تعد ترك شؤون الأسرة والاعتماد على الخادمة والمربية من مظاهر الرقي والتمدن، بحيث تترك أمورها بيد خادمة جاهلة إضافة إلى أن هذه الخادمة لا يعنيها أمر تلك الأسرة بقدر ما يعنيها الراحة والربح من تلك العائلة – والله أعلم - فماذا تفعل بالأطفال الأبرياء عند غياب مراقبة الوالدين الواجبة، فضلاً عن ما تحمله من قيم وعادات تخالف عاداتنا وأحياناً ديننا.
4) استهتار بعض النساء في المسؤولية الملقاة على عاتقها وواجب المحافظة على سمعة وشرف العائلة، وهذه المسؤولية كبيرة وعظيمة جداً، وتركها يؤدي إلى الإخلال بسمعة العائلة، فترك المرأة أمور الأسرة على الغارب وعدم مراقبة الأطفال إن كانوا بنين أو بنات تكون العاقبة وخيمة وبالتالي لا يمكن علاج ذلك الأمر.
5) تدخل الأهل في أمور وعلاقة الزوجين، مما يعقد حل المشكلة وإن كانت بسيطة، فتدخل أم الزوج أو أم الزوجة في الصغيرة والكبيرة كثيراً ما يؤدي إلى المشاحنات ويجعل تلك الاختلافات والمشاحنات قائمة على قدم وساق.
6) قلة التفاهم بين الأزواج بحيث يتكلم الاثنان معاً ولا يسمع أحدهما ما يقوله الآخر، وما يعاني منه من الآلام والمصاعب، مما يعقد المشاكل، وقد يتنبه هؤلاء لهذا الأمر، ولكن بعد فوات الأوان.
7) قلة الخبرة بالزواج حيث تفاجأ الزوجة بواقع ومتطلبات لم تخطر على بالها، واصطدامها بهذا الواقع يجعلها تعيش بتعاسة مما تعكسه على العائلة ككل.
8) العقم وعدم الإنجاب إن كان من جانب المرأة فيكون من الأسهل على الرجل أن يتزوج بامرأة أخرى، مما يؤدي إلى غضب المرأة الأولى، أما إن كان من جهة الرجل فالموقف يكون مختلف وعلى المرأة أن تتقبل الوضع وتصبر.
9) إصرار المرأة على الخروج للعمل واعتقادها بأن الحياة تبدَّلت، وأصبحت تطمح في المساهمة بالعمل أسوة بالرجل، بعض الرجال لا يعجبهم هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يشعرون بأنهم ليسوا بحاجة إلى تلك المساعدة، ويذكرون بأن مساهمة المرأة في تربية الأولاد عمل عظيم جداً، وهذا صحيح، ولكن تحتاج المرأة إلى ضمان لمستقبلها، فلو وضعت الدول العربية قانوناً يشبه - إلى حد ما - قانون الموظفين في الدولة وذلك بإعطائها راتباً شهرياً بشرط أن تحسن تربية الأولاد وترعى الأسرة رعاية تامة، يجعل فهذا سيجعلها تطمئن على مستقبلها.
10) التوتر والقلق والشعور بعدم الاطمئنان والكآبة، نتيجة لما تزخر به الحياة في وقتنا الحاضر من صراعات ومشاكل يؤدي إلى إصابة الفرد بالتوتر والقلق وعدم الاطمئنان، بحيث أطلق على هذا العصر عصر القلق والتوتر، وهذا الوضع ينعكس على المعاملة القائمة بين الزوجين مما يؤدي بالتالي إلى كثرة المشاحنات والشجار وتوتر العلاقة فيما بينهم، الذي يؤدي إلى فسخ ذلك العقد بالطلاق.
11) الإهانات وجرح المشاعر والمواقف المنكدة مما تؤدي إلى تأزم الأمور، وفقدان السيطرة على الانفعالات تؤدي أحياناً إلى الضرب والإهانة، واستعمال الكلمات النابية بين الزوجين يزيد الطين بلة، وفقدان الاحترام بين الزوجين يؤدي إلى فقدان الحب، وبالتالي يكره الواحد منهما الآخر.
12) ضعف استعداد الفتاة وتوقعاتها غير المنطقية، إذ تحلم الفتاة أحياناً بحياة رومانتكية مفعمة بالحب والحنان ،وبحياة خالية من المسؤوليات، وبعد الزواج تصطدم بالمسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقها.
13) المقارنات التي تتبعها الفتاة، وذلك بأن زوج صديقتها يمطرها بالهدايا ويحيطها بالحنان والرعاية، ويعطيها كذا وكذا وإلى آخره من المقارنات التي تسمم حياتها الزوجية وتجعلها جحيماً لا يطاق.
14) المشاكل الاقتصادية وعدم التعاون واحتمال الزوجة على ذلك، فتكثر الشكوى مما يجعل الزوج يخرج عن طوره ويذكر كلمة الطلاق.
15) طلب الزوجة وذكر وترديد كلمة الطلاق بشكل جدي أو غير جدي مما يؤدي فعلاً إلى وقوع الطلاق، عندها تندم على ذلك في الوقت الذي لا ينفع الندم.
16) الغيرة القاتلة ومراقبة حركات وسكنات الزوج مما يؤدي إلى فقدان الثقة بينهما.
17) علم الزوجة بزواج زوجها بامرأة ثانية، مما لا يمكنها تحمل ذلك إن كان غيرة أو الشعور بالإهانة التي لا تغتفر.
http://www.alasad.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/475)
ماذا نُعَلِمْ المرأة الجزء الأول
أم معاوية
من تكريم الإسلام للمرأة أن شرع لها التعليم ، ولم يحرمها منه كما كانت الجاهليات المختلفة قبل الإسلام لا ترى للمرأة الحق في أن تتعلم .. وأما الإسلام فقد جعل للعلم منزلة لا تدانيها منزلة وذلك لأن أهل العلم هم أهل الخشية
?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ?[فاطر:28]من أجل ذلك كان طلب العلم فريضة وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) [رواه البيهقي عن أنس]
ولفظة مسلم هنا تشمل المسلم والمسلمة معاً .. وقد صح أن الشفاء بنت عبد الله المهاجرة القرشية علمت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم الكتابة .. وكان ذلك بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا كانت النساء شقائق الرجال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فلا عجب إذن أن يكرمها الإسلام بأن شرع لها التعليم كالرجل تماماً ولم يحرمها منه ..
أمثلة مضيئة :
وقد ضربت نساء الصحابة رضى الله عنهن أبلغ مثل بحرصهن على أخذ العلم النافع والعمل بذلك العلم الذي يفيدهن في الدنيا والآخرة .. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يارسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله فقال صلى الله عليه وسلم اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا فاجتمعن فأتاهن فعلمهن مما علمه الله ) [رواه البخاري] .
فلا عجب إذن .. أن يسطر التاريخ عن العالمات الفقيهات .. والمحدثات النابغات في أزهى عصور الإسلام .. في عصر الصحابة ومن جاء بعدهم ، فهذه السيدة عائشة رضي الله عنها يصفها عروة بن الزبير وغيره فيقول : ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة رضي الله عنها وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض والمواريث . ولقد نبغت من نساء المسلمات الكثيرات ، ولقد وجد على مر القرون نساء تجاوزن علوم فروض الأعيان إلى فروض الكفاية .. فكانت منهن المحدثات العظيمات .. والراويات الثقات .. وهذا الإمام محمد بن سعد صاحب الطبقات .. يعقد جزأً من كتابه الطبقات الكبير لراويات الحديث من النساء .. أتى فيه على نيف وسبعمائة امرأة روين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن صحابته رضي الله عنهم .. وروى عنهن أعلام الدين وأئمة المسلمين .. يقول الحافظ الذهبي في كتابه ميزان الإعتدال " ما علمت من النساء من اتهمت ولا من تركوها " يعني لعدالتهن لم تتهم ولم تترك واحدة منهن ..!!
• وما أدراك ما الواقع !!
• إذا كان هذا حال نساء السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين فماذا عن المرأة المسلمة اليوم ؟.. التي تفتخر بأنها تخرجت في الجامعة .. هذه المرأة التي قضت ستة عشر عاماً أو يزيد في التعليم .. إذا ما سألتها عن فريضة من الفرائض كالصلاة أو الصيام أو الزكاة .. أو حتى معنى الشهادتين أو عن كتاب ربها .. تجدها جاهلة كل الجهل في هذه الأمور التي يجب عليها تعلمها .. وقد تفتخر مثلاً بأنها تجيد الإنكليزية ولا تستحي ولا تخجل من أنها تجهل لغتها العربية !! .. فالمرأة اليوم تستهلك زهرة شبابها في تعلم أمور جانبية ثانوية لا تفيدها في عبادتها ولا في حياتها العملية أو بيتها .. فهي تستذكر المواد الدراسية لمجرد اختبار آخر العام . ثم الحصول على شهادة تنال بها وظيفة خارج بيتها .. ثم هي تنسى كل ما استذكرته طوال عشرين عاماً !!.. فيا عجبا .. هذا في حين أنها لا تدرك عن أمور الدين الواجبة شيئاً اللهم إلا القليل الذي لا يصلح فاسداً ولا يقيم معوجاً !! ..
• برامج التعليم الجائرة ..
• ولكن ما السبب في هذه الحال التي وصلت إليها المرأة المسلمة خريجة الجامعة .. من جهل تام أو شبه تام بدينها ؟!..إن المساواة بين الفتى والفتاة في نفس برامج التعليم يضر بالفتاة أكثر مما ينفعها .. إذ هي يجب أن تؤهل وتعلم تعليماً سليماً يعدها للقيام بمسئولياتها وأداء واجباتها على خير وجه والتي تختلف حتماً عن مسؤليات الفتى وواجباته ..كما أن من أكبر الأخطاء ألا تعتمد خطة التعليم على رجال أكفاء من صلحاء العلماء المشهود لهم بالعدالة وغير المتهمين في دينهم .. أما أن نعتمد على سياسة القسيس الصليبي " دنلوب " أو بقايا خطته التعليمية التي صدرت هنا وهناك .. مع اختلافات قليلة بين كل دولة وأخرى بحسب طبيعة أجوائها ونظمها فهذا ما شهدت بسوء عاقبته الأيام ..! هذه الخطة الدنلوبية التي هدفت إلى تخريج أجيال جاهلة بكتاب ربها ولغتها العربية .. وأمور دينها ... هذه الخطة التى عملت على إخراج المرأة المسلمة من جلدتها لتحاكي المرأة الكافرة .. يقول الأستاذ محمد قطب دخلت المرأة الجامعة لا (لتتعلم ) فقط ولكن ( لتتحرر ) !.. لتتحرر من الدين والأخلاق والتقاليد ..
• وقد اعترفت لي عدة فتيات ممن أنهين الدراسة الجامعية وأخذت في الإعداد للدراسات العليا وكانت دراستهن في أحد فروع علم النفس .. وهو فرع تربوى محترم !! .. وتعرضن من خلاله إلى هوامش عن بقية فروع علم النفس
• قلن لي :" نشعر بأننا نفقد حياءنا شيئاً فشيئاً نتيجة لهذه الدراسة المخزية لقد كنا أطهر قلوباً وأصفى نفوساً قبل ذلك .. أما الآن فإننا نشعر أن دراستنا هذه تلوث قلوبنا وعقولنا
ـــــــــــــــــــ(111/476)
تحديات الأسرة المسلمة
تستهدف مؤامرة الغزو الثقافي الاجتماعي إسقاط الأسرة وهدمها بالقول بأن القيمة كلها للمجتمع الذي يخلق الأديان والعقائد والآداب والقيم الروحية، وهو قول باطل فإن المجتمع التام لا ينبني إلا من خلال وحدات الأسر التي تقوم على أساس سليم.
ومن أجل إسقاط الأسرة تطرح في طريقها أشواك كثيرة منها القوامة وتحديد النسل وتعدد الزوجات.
أولاً: القوامة أساس مكين في الأسرة إذ لا بد لكل تجمع من إشراف ورئاسة ومسئولية. ودرجة القوامة التي أعطاها الإسلام للرجل هي ركن أساسي في البناء يقتضيها نظام الجماعة، بل أن الأبوة لها مكانتها الأصيلة. مكانة الربان في السفينة وعنه تصدر التوجيهات ويلتزم بها الجميع بما في ذلك الأم، وقد عرفت المجتمعات الغربية ذلك التمزق الخطير حين دخلت الأم ميدان العمل وأخذت توجه الأسرة فأصبح في الأسرة رأيان ووجهتان مما أحدث آثاراً بعيدة المدى في نفسيات الأبناء والبنات حيث أخذت تذهب توجيهات الأب في ناحية وتوجيهات الأم في ناحية أخرى، بينما يقرر الإسلام وحدة الجهة الأساسية التي لها حق القوامة على المرأة والأبناء جميعاً وهي الأب الذي يستمد مسئوليته من مفاهيم الإسلام لا من أهوائه الخاصة بقصد المحافظة على الأسرة الإسلامية وقيامها في دائرة أحكام الإسلام وقوانينه، والحيلولة دون انحرافها عن الطريق المستقيم أو سقوطها في مجال الانحلال والتقليد.
http://www.resalah.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(111/477)
كيف تستخرجين كلمات الحب من فم زوجك؟
أبو عبد الله الذهبي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:-
في أثناء قراءتي في أحد الكتب التي تتحدث عن أسرار الزواج السعيد، استوقفني هذا العنوان (كيف تكسبين زوجك) وكانت معظم الأساليب التي تطرق إليها الكتاب معروفة ومشتهرة عند الكثير من النساء.. ومع هذا لفت نظري أسطر قليلة أو بالأحرى عدة كلمات ذهبية قيمة مضمونها يدور حول (الكيفية التي يمكن للزوجة أن تستخرج كلمات الحب والإعجاب من زوجها).. فأوحت لي هذه الأسطر المعدودة بهذه المقالة وهذه الأفكار، وقد عنونت لها بـ (كيف تستخرجين كلمات الحب من فم زوجك) والتي أسأل الله أن ينفع بها..
وكما هي عادتي أحببت أن أنقل هذه الكلمات لكم، مع تصرف يسير وتعليق لطيف وإشارة خفيفة و ضرب للأمثلة على كل طريقة ؛ لأن الكتاب أهمل ذكر الأمثلة، والله الموفق..
قلت: إذا كنتِ أيتها الزوجة الطيبة العفيفة، تعانين من ندرة كلمات الحب والعطف والحنان من زوجك – ذلك لأن أغلب الأزواج يحاول إخفاء هذه المشاعر وعدم إظهارها للزوجة المسكينة ؛ ظناً منه أن هذا التصرف يؤثر على رجولته وجديته معها!! فتسقط هيبته ويقل احترامه في نظره!! -، وتشعرين أنه غير مبال بك أو بمظهرك..
إذا كنت تعانين من هذه المشكلة، عليك القيام بالآتي، مع الصبر والتحمل حتى تقطفي ثمرة النجاح:-
أ - إذا أردت لزوجك أن يتغير.. وينطلق لسانه بالكلمات العذبة التي تتشوقين لسماعها منه، فعليك بممارسة هذا التغيير على نفسك أولاً، وأعطيه الفرصة ليتعرف على المشاعر التي تولدها لمسة عاطفية أو لحظة اهتمام.. فإن محصلة اهتمامك به ستكون مثيرة لاهتمامه بك بالطريقة العاطفية ذاتها..
مثال على ذلك:-
عندما ترينه جالساً على مكتبه أو مستلقياً على سريره.. فتقدمي إليه بلطف واسأليه هل يريد.. هل يطلب.. هل يتمنى.. هل يشتهي أي شيء؟
ثم بعد ذلك أسرعي بتحضير ما طلب – ولنفرض أنه طلب منك تحضير فنجان قهوة أو شاي -، وقدميه له واحرصي على أن تكون يدك في أسفل هذا الطبق، وعند تقديمه له حاولي أن تلمس يدك يده بحنان وأنت تداعبينه بأطراف أصابعك.. متبعة ذلك بابتسامة رقيقة، وحاولي في هذه الابتسامة عن ألا تزيد من أن تظهر مقدمة الأسنان، لا أن تظهر الفم وما حوى!! وقولي له تفضل ( حبيبي ).. أو تمهل ( حياتي ) فهو لا يزال ساخناً..
انصرفي واتركيه يشرب على مهله، وبعدها عودي وتأكدي من أنه قد انتهى من شربه، خذي الكأس أو الفنجان، وانصرفي وقبل ذلك طبعاً لا تنسي الابتسامة التي طلبناها أثناء التقديم، وقولي له بالهناء.. عسى أن يكون قد أعجبك.. هل تريد المزيد؟ فإن طلب المزيد فلا تتأففي بل سارعي على الفور وبنفس الأسلوب مع حركة أخرى..
مثال: إن طلب كوباً من الماء أو العصير.. حاولي أن تسقيه بنفسك إن استطعت، واسأليه إن كان بإمكانك أن تشربي معه من نفس الكأس، فإن وافق، فبادري على الفور بسؤاله عن المكان الذي شرب منه، ولا تتقززي من هذا الفعل.. ثم أتبعي ذلك بقولك إن العصير أو الماء قد أصبح طعمه أحلى.. هل تعرف لماذا؟ لأنك شربت منه.. ثم دعيه ليستريح وانصرفي لعملك، وقبل ذلك اطلبي منه أن يغمض عينيه، فإن فعل، فلا تبخلي عليه بقبلة رقيقة لا تكاد تسمع إلا كالهمس..
ب - ضعي كلمات الحب في أذن زوجك، حتى يتعلم كيف ينطقها.. واطبعي كلمات الحب أمام ناظريه، حتى يعرف متى يستخدمها، ودعيه يشعر بالألفة مع تعابيرك العاطفية..
مثال على ذلك: احرصي دائماً على ترديد كلمة ( أحبك ) على مسمع زوجك بين الفينة والأخرى، واسأليه بعدها هل هو أيضاً يحبك؟ ولا تقبلي أن تكون إجابته بهز الرأس أو الإيماء، وإنما حاولي أن تستخرجيها من فمه قدر المستطاع حتى يتتدرب ويعتاد لسانه على نطقها..
ولا تطمعي حتى يقول ما تتطلعين إليه بشكل كامل، ولا تيأسي من محاولاتك واصبري عليه ؛ لأن الرجل يتعلم منذ طفولته كيف يخفي عواطفه خلف مظهر هادي وصامت، حتى يعطيه صورة الرجل الحقيقي في نظره!!.
مثال آخر: قومي بكتابة بعض الكلمات الجميلة ذات المعاني النبيلة والتي تثير انتباه الزوج، وتختلف هذه الكلمات بحسب حالة الرجل، مثل كلمة: ( أحبك.. حياتي.. عمري.. روحي.. مشتاقة لك.. فديتك.. تصبح على خير.. صباح الخير.. ) إلى غيرها من الكلمات التي تسري في النفس البشرية، وتعمل في قلوب وأحاسيس الرجال العجائب..
وبعد كتابتها قومي بوضعها على فراش زوجك، أو على مكتبه في البيت أو في درج السيارة، أو في أي مكان ترينه مناسباً.. بشرط أن يكون في مكان يثير انتباهه..
(( لطيفة )).. بعض الزوجات المبدعات في حياتهن الزوجية، يحرصن على أن لا تغيب هذه الكلمات عن نظر زوجها، وخاصة حينما يكون في البيت.. فتستغل كل وسيلة ممكنة للتعبير عما في خلجات نفسها من عواطف جياشة لزوجها.. فتقوم بكتابة بعض الكلمات أو العبارات الجميلة الرقيقة في أماكن لا تخطر على بال أحد..
مثلاً: تقوم بكتابة كلمة ( صباح الخير.. أو سأشتاق إليك ) بأحمر الشفاه – حتى يسهل تنظيفه - على زجاج المرآة التي يستخدمها الزوج في الصباح، في أثناء استعداده للذهاب إلى العمل..
أو أن تقوم باستغلال شاشة التوقف الخاصة بالحاسب الألى الخاص بالزوج، وتقومي بكتابه ما تريدين من كلمات في المكان الخاص بها.. وحينما يقوم الزوج بتشغيل الجهاز ليقوم بعمله، قد يتركه لبعض الوقت فتظهر شاشة التوقف و يقرأ ما سطرته أنامك الرقيقة من كلمات..
أما عن الطريقة التي تقومين بالكتابة فيها على الجهاز فيمكنك أن تتبعي الخطوات التالية:-
1- قومي بالضغط على الزر الأيمن للفأرة ( للماوس )، ستظهر لك قائمة، اختاري من بين البدائل كلمة ( خصائص ).
2- سيظهر لك مربع فيه عدد من الأوامر، قومي باختيار كلمة ( شاشة توقف ).
3- من نفس المربع قومي باختيار الأمر المكتوب فوقه ( شاشة توقف ) نص ثلاثي الأبعاد.
4- من نفس المربع أيضاً قومي باختيار كلمة ( اعدادات )، سيظهر لك مربع آخر.
5- قومي بالكتابة في المربع العلوي في الجهة اليمنى والذي يجاوره كلمة ( النص ) ما تريدين من الجمل والعبارات..
6- لتغيير نمط الخط، قومي باختيار الأمر ( اختيار الخط ) من نفس المربع في الجهة اليسرى.
7- وبعدها قومي باختيار كلمة ( موافق )، سيغلق المربع الأول، و أمر ( تطبيق ) ثم ( موافق ) وعلى بركة الله، واستعدي للنتائج..
أتمنى أن أكون قد وفقت في طرح هذه الحلقة.. وأيضاً في شرح الطريقة التي من خلالها يتم الكتابة في شاشة التوقف.. مع الاعتذار في تطفلي على تخصص الآخرين في هذا المجال..
ج - لا تبخلي عليه بكلمات الإعجاب.. وعليك أن تشجعيه بالابتسام والقبول الواضح لمحاولاته، ولا تتوقعي كل ما تتمنين، ومع هذا لا تيأسي من محاولاتك واستمري..
مثال على ذلك..
إذا رأيته قد استعد للخروج من المنزل للذهاب إلى ( العمل.. زيارة أحد من الأقارب أو الأصدقاء.. لصلاة الجمعة مثلاً.. الخ ) فأسرعي بتحضير البخور، وسليه عن نوع العطر والطيب الذي يريد أن يضعه على ثيابه.. ثم إذا رأيته قد أتم لباسه واستعد للخروج، هنا يبدأ دورك في المديح والاعجاب – والرجل عادة يحب أن يمتدح أحد لباسه أو مظهره وبالأخص الزوجة أو الأصدقاء، وإن لم يتلفظ هو أو يطلب رأيك في مظهره، لكنه بلسان حاله يقول هيا بادري.. أعطيني رأيك.. -، فلا تبخلي عليه بكل كلمة تعرفينها في المدح والثناء..
كما أنه لا ينبغي لك أن تفوتي فرصة الدعاء له والتبريك عليه ليحميه الله من العين والحسد..
مثال آخر متعلق بكِ أنتِ أيتها الزوجة..
احرصي على تجديد شبابك ومظهرك، حتى يراك كأجمل امرأة في العالم.. و اهتمي بمظهرك وزينتك في بيتك لزوجك، وتزيني له بكل ما تملكين من نفيس وغال لتكوني في أجمل حلة وأبهى زينة وأحسن شكل.. لتستنطقي قلبه قبل لسانه.. وتستخرجي مكونه الدفين من حب وعبارات رقيقة..
د - قد يهوى زوجك الكتابة.. أو نظم الشعر.. وكتاباته هذه قد تكون دون المستوى، وأحب يوماً أن يسمعك بعض ما يكتبه، هنا يأتي دورك في كسب زوجك وجعله ينطق بالكلمة التي تريدين وهو في قمة الفرح، هنا عليك أن تسمعيه كلمات المديح والثناء، وتشجعيه على هذه الموهبة، حتى ولو كنتِ أنتِ المعجبة الوحيدة بهذا!!.
ولكِ أن تتصوري مشاعر الراحة والسعادة التي تتركها كلماتك هذه في نفس زوجك، بدلاً من أن تؤذي مشاعره وتجلبي نقمته وكراهيته.
لفتة وفائدة للزوجات.. أرجو إخفائها عن الأزواج!!
يمكنك أختي الزوجة العاقلة الحكيمة الذكية أن تثني على كرم زوجك، وتبالغي في مديحه والحديث عن عطفه ؛ كأن تقولي: أنت قد غمرتني بفضلك و رعايتك.. أنت قد أكرمتني بعطاياك وهداياك.. أنت لم تترك في نفسي حاجة إلا وقد جلبتها لي.. لا أعرف كيف أشكرك على هذا الكرم وهذا الحنان.. الخ.. لتحصلي على كل ما تريدي وما تشتهي – طبعاً في حدود المعقول وفي مقدور الزوج -، وزوجك راض ومستسلم وفرحان..
بدلاً من الكلمات التي تثير غضبه، وتحسه بتقصيره، والمقارنة بينه وبين أزواج صديقاتك أو أخواتك، فإن ذلك سوف يجلب المشاكل ويزداد عناداً وكرها لك، وتزداد المشاكل..
وختاماً أتمنى أن أكون قد وفقت في طرح هذا الموضوع وهذه النصائح.. ولكِ أن تتصوري أيتها الزوجة مدى السعادة التي ستحصلين عليها عن طريق رضا زوجك عنك ومحبته ووده، كيف؟ بقليل من الذكاء واللباقة في اللسان والكلمات الرقيقة.. والله الموفق..
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(111/478)
نقطة حبر على فرخ ورق
محمد موسى رزق
إنها حكاية قديمة لكن لا بأس أن نعيد فيها ونزيد؛ فاقرؤوا رعاكم الله:
دخل الأستاذ الكبير قاعة المحاضرات الصغيرة ليلقى محاضرة عن السعادة الزوجية، حيّا الأستاذ الحاضرين، ثم نادى أحد العمال، وطلب منه أن يعلق «فرخ» ورق - كان قد أحضره معه - أخرج الأستاذ من جيبه قلم حبر سائل، واقترب من «الفرخ» الكبير المعلق فوق السبّورة، وقذف بنقطة حبر واحدة، ثم أشار بقلمه وسأل الحاضرين: ماذا ترون؟
وقف أحدهم وقال: أرى نقطة حبر سوداء، ثم جلس، فما كان من الأستاذ إلا أن عبس وتولى.
ثم وقف شخص ثان وقال: أرى فرخ ورق أبيض، وللمرة الثانية عبس الأستاذ وتولى.
ثم وقف الثالث وقال: أرى فرخ ورق أبيض كبيراً عليه نقطة حبر سوداء صغيرة، وهنا هشَّ الأستاذ وبشَّ.
وأخيراً قال الرابع: أرى قلم حبر، وللمرة الثالثة عبس الأستاذ وتولى، وقبل أن يغادر سيادته القاعة نظر إلى الحاضرين وقال: الآن انتهت المحاضرة، شكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله.
وعندما همَّ بالانصراف سأله أحدهم: أين المحاضرة يا أستاذ؟ إنك لم تقل شيئاً، فرد عليه قائلاً: بل قلت كل ما عندي.
ما كاد الأستاذ يغادر القاعة حتى شاعت الهمهمة، ثم تحولت الهمهمة إلى أصوات شبه عالية، ثم ما لبثت القاعة أن أصبحت وكأنها سوق عكاظ، ومن وسط الضجيج أمكن التقاط الجمل التالية:
- ما هذا الذي يحدث؟
- إنني لم أفهم شيئاً من هذه «المحاضرة».
- لقد كانت محاضرة قيمة.
- بل كانت محاضرة فاشلة.. إن الأستاذ لم ينطق بكلمة واحدة.
- إن الذي أضحكني حقاً هو ذلك الشخص الذي قال: أرى قلم حبر.
- ربما أراد أن يقول: إن الشخص الأول لن يكون سعيداً في حياته الزوجية؛ لأنه لم ير من زوجته سوى الأخطاء، والعيوب، والسلبيات فقط، وهذا يهدد الاستقرار العائلي.
- والشخص الثاني أيضاً لن يحقق السعادة؛ لأنه لا يرى سوى الإيجابيات فقط، ومثل ذلك الشخص كمثل الذي يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، صحيح أن الأمر بالمعروف شيء طيب، ولكن النهي عن المنكر أمر ضروري حتى تتقدم الحياة.
- إن رؤية الأخطاء والعيوب خطوة ضرورية لإصلاحها، ومن لا يرى لن يصلح.
- أما عن الشخص الثالث؛ فبوسعه تحقيق السعادة الزوجية؛ لأنه يرى كل شيء ويقدِّر كل شيء، إنه يثني على الصواب ويستنكر الخطأ، ويعطي لكل ذي حق حقه، إنه رجل عادل ومتَّزن، وهذا هو الصنف الذي يستحق السعادة.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/479)
كي لا تخطئي مرتين!
د. عبد المعطي الدالاتي
تُعتبر القدوة أسرعَ ناقل للقيم والأفكار، فالطبع يتعلم من الطبع، وكما يقال:"لسان الحال أبلغ من لسان المقال".. ورُبّ عمل واحد سبق في تأثيره ألف قول!
وإن كلّ عمل تقوم به الأم هو درسٌ لطفلها لا يُنسى..
وبالقدوة الحسنة تغدو الأم أمام طفلها لوحة مفتوحة يبصر فيها مجالي الخلق الجميل، فيتشرب أخلاقها الفاضلة قبل أن تحتاج أذنه لسماع مواعظها.
فلتحذر الأم أن يطلّع طفلها على ما يعيبها من قول أو عمل، كي لا تخطئَ مرّتين!
مرة بارتكابها هذا الخطأ، ومرة بتعليمه لطفلها.
فلن ينجيها إذن إلاّ أن تصلح نفسها، لأنّ المريض لن ينجح في تمثيل دور السليم طويلاً أمام الآخرين.
يقول الإمام الغزالي - رحمه الله -: ((متى يستقيم الظلُّ والعود أعوج؟! )).
ويقول يحيى بن معاذ الرازي: ((لا ينصحك من خان نفسه!)).
وإنّ من شأن التناقض بين أقوال الأم وأفعالها، أن يُحدث صدعاً عميقاً في أعماق طفلها،يقوده إلى التأزم النفسي، الذي سينعكس في المستقبل على سيرته في الحياة.
وللأسف فإن كثيراً من الآباء والأمهات يأمرون أولادهم بما لا يفعلون، فحالهم كحال شرطي المرور الذي يأمر الجميع بالتقدّم، وهو مقيم مكانه!..
يقول ربنا - جل وعز-: ((يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون مالا تفعلون، كَبُر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون)) (61 _3).
ومن منّا يرضى أن يمقته الله تعالى؟!
ونلاحظ في هذه الآية الكريمة كيف تكررت عبارة "تقولون ما لا تفعلون" مرتين! مؤكدة استنكار هذا التصرف المقيت.
يقول المفكر علي عزّت بيغوفيتش في كتابه القيم " الإسلام بين الشرق والغرب":
((تربية الناس مشقّة، وأشقُ منها تربيةُ الذّات)).
فعلى الأم الصالحة أن تكثر من ملازمة أولادها كي يتمثلوا أعمالها الطيبة، وكي تنعكس أنوار هذه الأعمال على صفحات أعمارهم..
والأم المؤمنة الحكيمة تخصّص أطول مدة ممكنة من يومها لتحاور أطفالها في همومهم، وفي اهتماماتهم، فهي تعرف كيف تصغي إليهم، وكيف تقيم الجسور بين فؤادها الكبير وبين قلوبهم الصغيرة، وهي تعرف كيف تصادقهم كي يَصدقوها..
وهذا الكلام لا يعفي الأب من مسؤوليته الكبيرة في تربية أطفاله.
ومما يؤسف له أن كثيراً من الآباء تشغلهم طموحاتهم الشخصية - وكثيراً ما تكون زهيدة!- عن تربية أولادهم! ويدَعون مسؤولية التربية على الأم وحدها.
* * *
"من ديوان" عطر السماء"
اhttp://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/480)
الحياة المنظمة هي القائمة على التخطيط
نموذج تخطيط لشأن عائلي:
1 - موضوع الخطة: ميزانية المنزل.
2 - هدف الخطة:
أ - ضبط عملية الصرف على العائلة بطريقة متوازنة تتناسب مع الدخل المتوفر للعائلة.
ب - شمول الإنفاق على جميع الاحتياجات.
جـ - ترتيب النفقة حسب الأولويات.
3 - عدد أفراد العائلة: 10
أ ) - عدد الأطفال: 5
ب) - عدد الطلاب: 3
جـ) - عدد النساء: 1
د ) - عدد الرجال 1
4 - المدى الزمني للميزانية 3 شهور.
5 - المبلغ المتوفر للميزانية خمسة عشر ألف ريال (15000).
6 - عناصر صرف الميزانية:
أ ) - الضروريات وتبلغ نسبتها 80% من الميزانية ومقداره 12000 ريال موزعة كالآتي:
الطعام وتبلغ نسبته 35% من الميزانية ومقدارها 5625 ريال.
الشراب: وتبلغ نسبته 5% من الميزانية ومقدارها 750 ريال.
الملابس وتبلغ نسبتها 10% من الميزانية ومقدارها 1500 ريال.
العلاج: وتبلغ نسبته 7% من الميزانية ومقدارها 1050 ريال.
السكن: وتبلغ نسبته 15% من الميزانية ومقدارها 2250 ريال.
الطاقة من غاز وكهرباء ونسبتها 5% مـ، الميزانية ومقدارها 750 ريال.
الاحتياجات المدرسية ونسبتها 3% مـ، الميزانية ومقدارها 450 ريال.
فيكون مجموع ما سينفق على الضروريات 80% من الميزانية ومقداره 12000 ريال.
ب) - الكماليات وتبلغ نسبتها 20% من الميزانية ومقدارها 3000 ريال موزعة كالآتي:
الضيافة: وتبلغ نسبتها 8% من الميزانية ومقدارها 1200 ريال.
الهدايا: وتبلغ نسبتها 4% من الميزانية ومقدارها 600 ريال.
الهاتف: وتبلغ نسبته 4% من الميزانية ومقدارها 600 ريال.
أجور التنقلات: وتبلغ نسبتها 4% من الميزانية ومقدارها 600 ريال.
فيكون مجموع ما سينفق في الكماليات 20% مـ، الميزانية ومقداره 3000 ريال.
7 - من يقوم بعملية صرف الميزانية: ربة المنزل.
8 - من يقوم بالإشراف والتقويم: رب المنزل.
9 - فترات المراجعة والتقويم: كل خمسة عشر يوم.
ما هي الملحوظات على هذه الميزانية؟:
المتأمل في هذه الخطة لميزانية منزل دخله الشهري خمسة آلاف ريال يظهر له عليها بعض الملحوظات، وهي:
أ - عدم تخصيص مبلغ للأعمال الخيرية.
ب - عدم ادّخار أي مبلغ للطوارئ والمشاريع المستقبلية كشراء سيارة مثلاً.
جـ - عدم تخصيص أي مبلغ للكتاب والشريط وما يشابهها مما له صلة بالناحية العلمية والثقافية في حياة الأسرة، وعلى هذا فلابد من إعادة النظر في الميزانية لاقتطاع بعض المبالغ من بنودها المذكورة أو توفير مبالغ إضافية لهذه الثلاثة الأمور.
http://www.resalah.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(111/481)
الوردة الباقية
فيصل بن سعود الحليبي
كم هي الوردة جميلة في منظرها، ساحرة في لونها، أخّاذة في عطرها، تشدك إليها في صمت، وتأخذ بلباب عقلك في حياء، حتى تغدو أمام غيرك شاردًا، وادعًا، وما هي إلا لحظات وتجد نفسك هادئ النفس، واسع الصدر، تتمنى حينها أن تبقى هذه الوردة، لتدوم هذه النظرة، لتستمر هذه السعادة.
ولكن.. أنّى لهذه الوردة الفاتنة كل هذه العطاء.. إن لم تسق بالماء!! وهي مع هذا آيلة إلى الذبول والفناء.
غير أني أدعوك أن تقترب من وردة تعطيك عطاء أبلغ من عطاء هذه الوردة التي انشرح صدرك لها، وأنِسْت بالنظر إليها، وهي مع هذا لا تعرف الفناء، بل تتسم بالخلود والبقاء!!
وكما احتاجت تلك إلى الماء لتبقى.. ثم لتفنى، فإن هذه الوردة تحتاج إلى أمر آخر لتبقى ولا تفنى.
لعلك أدركت المقصود.. فإن مثل هذه الوردة كمَثَلِ الحياة الزوجية السعيدة، المملوءة بالمودة والصفاء، الممزوجة بالمحبة والوفاء، ألا يتمنى الزوجان فيها أن تبقى حياتهما كذلك، لا في الدنيا فحسب،.. بل في الآخرة أيضًا؟
قل: نعم..
إذن... فإنها تحتاج إلى أن تسقى بالإيمان، وترعى بالخشية من الرحمن، وتصفو بمحبة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتتآلف على القرآن، وتتعاهد على نبذ المعاصي، وتتعاون على البر والتقوى، وتنذر نفسها للدعوة إلى الله.. في نفسها، وبين الذرية والأهل والإخوان، وتتراحم بقيام الليل، وتتزكى بصيام النهار، وتسمو بالجود والكرم، وتجتمع قلوبها على النصح بالحكمة والموعظة الحسنة، وتتحد صفوفها أمام إغراءات المنكر، وتسارع في الخيرات، وتقنع برزقها، وتصبر في شدائدها، وتهفو نفوسها إلى إعداد جيل صادق مع ربه، باذل لدينه، عامل لوطنه.
كم تشدني تلك الصورة الزوجية الحانية التي يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيها: ( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ ) رواه النسائي.
ألا ما أسعدها من ساعة إيمان، وما أرقه من نضح وفيّ، وما أعذبه من ماء مخلص.
ألا تستحق حياة هذين الزوجين أن تبقى ولا تفنى، ولم لا تبقى، والله - تعالى - يقول: { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }.
وهو القائل – سبحانه -: { إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ }.
فما أرخص حياتنا إن كانت وسيلة إلى شقوة الآخرة، وما أغلاها إذا كانت وسيلة إلى سعادتها.
----------------------
(1) نشرت في نشرة ( التيسير ) بالأحساء، العدد الثالث، 1/5/1421هـ، ونشرت في العدد ( 96 )، ربيع الأول 1422هـ من مجلة الأسرة.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/482)
هل الجمال أهم من الدين؟
براء زهير العبيدي
ما معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تنكح المرأة لأربع: لمالها, ولحسبها, ولجمالها, و لدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك ) البخاري (243 3) و مسلم (10862)
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) الترمذي (1084)
هل المعنى أن لا اعتبار لأي شيء آخر سوى الدين؟!!!
أعتقد أن الذي يفهم من الحديثين السابقين هذا الفهم فقد ألغى اعتبارات كثيرة ومن أهمها أسباب الألفة و المودة في الحياة الزوجية وأيضاً قد حمّل كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما يحتمل.
لا يختلف اثنان من المسلمين أن ذروة سنام النكاح و رأس أمره الدين, وأن خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة فالدين هو الأصل, لكن من قال للناس لا تعطوا الجمال والمال و الحسب الاعتبار أي اعتبار, ألم يقل حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - عن حبيبة قلبه أمُّنا خديجة - رضي الله عنها -: (ما أبدلني الله خيراً منها قد آمنت بي إذ كفر الناس, وصدقتني إذ كذبني الناس, وواستني بمالها إذ حرمني الناس, ورزقني الله أولادها وحرمني الناس ) مسلم (2432) وأحمد (7116) ألم يميِّزها عن بقية نسائه بالمال و الولد بعد الدين- بلا شك-؟.
لذلك ذكر الإمام الغزالي - رحمه الله - فصلاً بعنوان ( ما يراعى من أحوال المرأة ) قال فيه:
الثالثة: حسن الوجه, فذلك أيضاً مطلوب, إذ به يحصل التحصن, والطبع لا يكتفي بالدميمة غالباً, وما نقلناه من الحث على الدين, وأن المرأة لاتنكح لجمالها, ليس زاجراً من رعاية الجمال, بل هو زجر عن النكاح لأجل الجمال المحض مع فساد الدين. فإن الجمال وحده في غالب الأمر يرغب في النكاح و يهون أمر الدين, و يدل على الالتفات إلى معنى الجمالىأن الألفة والمودة تحصل به غالباً. وقد ندب الشرع إلى مراعاة أسباب الألفة, ولذلك أستحب النظر. قال - صلى الله عليه وسلم -: ( إن في أعين الأنصار شيئاً فإذا أراد أحدكم أن يتزوج منهن فلينظر إليهن ) مسلم (1424)
قال الأعمش: (كل تزويج يقع على غير نظر فآخره همٌّ وغمٌّ ) ومعلوم أن النظر لا يعرِّف الخلق و الدين والمال, وإنما يعرف الجمال من القبح وقيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي النساء خير؟ قال:
(التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره ) النسائي (3231).
إذاً: المقصود من حديث (تنكح المرأة لأربع ....) أن هذه الصفات الأربعة إذا وجدت متفرقة أو اجتمعت الصفات الثلاث الأول - المال, الجمال, الحسب - دون الدين, فالرسول - عليه الصلاة والسلام - في هذه الحالة يحض على الدين, لذلك ورد في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ولا تزوجهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ولكن تزوجهن على الدين ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل ) ابن ماجة (1859) خرماء: مقطوعة بعض الأنف و مثقوبة الأذن.
أما إذا جمع الخاطب مع الدين أياً من صفات المال والجمال و الحسب فلا حرج عليه في ذلك وخاصة إذا كان يعلم من نفسه أنه لا يستعف إلا أن تكون زوجته جميلة.
زيادة في الإيضاح نقول: إن الله - عز و جل - قال لنبيه - عليه الصلاة و السلام -: (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيباً ) الأحزاب (52)
وإذا استعرضنا أوصاف زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - حسب الترتيب ظهر الآتي:
1- خديجة - رضي الله عنها -: عن نفيسة بنت مُنية قالت: كانت خديجة بنت خويلد امرأة حازمة جلدة شريفة مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير, وهي يومئذ أوسط قريش نسباً وأعظمهم شرفاً, وأكثرهم مالاً, وكل قومها كان حريصاً على نكاحها لو قدر على ذلك, قد طلبوها وبذلوا لها الأموال, فأرسلتني دسيساً إلى محمد بعد أن رجع عيرها من الشام فقلت: ( يا محمد ما يمنعك أن تزوَّج؟ فقال: ما بيدي ما أتزوج به, قلت: فإن كفيت ذلك و دعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟ قال: فمن هي؟ قلت خديجة, قال: وكيف لي بذلك؟ قالت: قلت علي, قال: فأنا أفعل ) فذهبت فأخبرتها, فأرسلت إليه أن ائت الساعة كذا وكذا وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها, فحضر و دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمومته فزوجه أحدهم, فقال عمرو بن أسد: هذا البضع لا يقرع أنفه وتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن خمس وعشرين وخديجة ابنة أربعين سنة, ولدت قبل عام الفيل بخمس عشرة سنة. طبقت ابن سعد (1311)
2- سودة - رضي الله عنها -: هي أول من تزوج بها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد خديجة وكانت سيدة جليلة نبيلة ضخمة بعث النبي- صلى الله عليه وسلم - بطلاقها فجلست على الطريق, فقالت: أنشدك بالذي أنزل عليك كتابه لم طلقتني؟ ألِمَوجدة؟ قال:لا قالت: أنشدك لما راجعتني، فلا حاجة لي في الرجال و لكني أحب أن أبعث في نسائك فراجعها. قالت: فإني قد جعلت يومي لعائشة. طبقات ابن سعد (548) و إسناده صحيح
3- عائشة - رضي الله عنها -: قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: ( وكانت امرأة بيضاء جميلة. ومن ثمَّ يقال لها: الحميراء. ولم يتزوج النبي- صلى الله عليه وسلم - بكراً غيرها, ولا أحب امرأة حبها. ولا أعلم في أمة محمد- صلى الله عليه وسلم -, بل ولا في النساء مطلقاً امرأة أعلم منها ) سير أعلام النبلاء (جـ2 ص 140 )
4- حفصة - رضي الله عنها -: قالت عائشة وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكان عمر دائم النصح لابنته, قال لها: لا تراجعي رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فإنه ليس لك جمال زينب و لا حظوة عائشة و الله لقد علمت أنه لا يحبك ولولا أنا لطلقك. وقد طلقها النبي- صلى الله عليه وسلم - ثم أتاه جبريل فقال له: أرجع حفصة فإنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة. أبو داود (2283) و ابن ماجة (2016) وهو صحيح
5- زينب بنت خزيمة - رضي الله عنها -: لم نر أحداً ذكر أنها كانت ذات جمال أو شباب, بل الظاهر أنها كانت مسنة وكغيرها من النساء في الجمال. السيرة النبوية, محمد أبو شهبة (جـ2 ص 246 )
6- أم سلمة - رضي الله عنها -: قال الإمام الذهبي - رحمه الله - ( دخل بها النبي- صلى الله عليه وسلم - في سنة أربع للهجرة, وكانت من أجمل النساء و أشرفهن نسباً. وعن عائشة قالت لما تزوج النبي- صلى الله عليه وسلم - أم سلمة حزنت حزناً شديداً, لما ذكر لنا من جمالها, فتلطَّفتُ حتى رأيتها, والله أضعاف ما وصف لي من الحسن فذكرت ذلك لحفصة – وكانتا يداً واحدةً – فقالت: لا والله إن هذه إلا الغَيرة ما هي كما تقولين, وإنها لجميلة, فرأيتها بعد, فكانت كما قالت حفصة ولكني كنت غيري. طبقات ابن سعد (948)
وتقول ماشطتها: لم أر أجمل منها.
7- زينب بنت جحش - رضي الله عنها -: قدم النبي- صلى الله عليه وسلم - المدينة وكانت زينب بنت جحش ممن هاجر مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة وكانت امرأة جميلة فخطبها رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على زيد بن حارثة فتزوجها. ثمّ تزوجها رسول الله لإلغاء حكم التبني في الإسلام, قالت عائشة: فأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغنا من جمالها, وأخرى هي أ عظم الأمور وأشرفها ما صنع الله لها, زوجها الله من السماء. وقلت: هي تفخر علينا بهذا. طبقات ابن سعد (101)
8- جويرية - رضي الله عنها -: قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: ( سبيت يوم غزوت المريسيع في السنة الخامسة وكان اسمها برَّة فغيِّر. وكانت من أجمل النساء ). سير أعلام النبلاء (جـ2 ص 261 )
وعن عائشة قالت: كانت جويرية امرأة حلوة ملاَّحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - تستعينه في كتابتها قالت عائشة فوالله ما هو إلا رأيتها على باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه سيرى فيها ما رأيت, فدخلت عليه فقالت: يا رسول الله أنا جويرة بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه, وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك, فوقعت في السهم لثابت ابن قيس أو لابن عم له فكاتبته على نفسي, فجئتك أستعينك على كتابي, قال: فهل لك خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي عنك كتابك و أتزوجك, قالت: نعم يا رسول الله. قال: قد فعلت, قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قد تزوج جويرة ابنة الحارث بن أبي ضرار, فقال الناس: أصهار رسول الله- صلى الله عليه وسلم -, وأرسلوا ما بأيديهم, قالت: فلقد أعتق لتزويجه إياها مئة أهل بيت من بني المصطلق, فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها. ابن هشام في السيرة( جـ2 ص294,295 ) وإسناده صحيح
9-أم حبيبة - رضي الله عنها -: قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: (وهي من بنات عم النبي- صلى الله عليه وسلم -, وليس في أزواجه من هي أقرب نسبا ً إليه منها,ولا في نسائه من هي أكثر صداقاً منها, ولا من تزوَّج بها وهي نائية الدار أبعد منها. سير أعلام النبلاء (جـ2 ص 219)
عن ابن عباس قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه, فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا نبي الله ! ثلاث أعطنيهن, قال: نعم. قال: عندي أحسن العرب وأجمله, أم حبيبة أزوجك بها قال: نعم قال: ومعاوية, تجعله كاتباً بين يديك, قال: نعم قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين قال: نعم. مسلم (6359)
10- صفية - رضي الله عنها -: قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: ( وكانت شريفة عاقلة, ذات حسب وجمال ودين - رضي الله عنها -. سير أعلام النبلاء (جـ2 ص 232)
عن عطاء بن يسار قال: لما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من خيبر ومعه صفية, أنزلها. فسمع بجمالها نساء الأنصار فجئن ينظرن إليها و كانت عائشة متنقبة حتى دخلت فعرفها. فلما خرجت, خرج رسول الله على أثرها فقال: كيف رأ يتها يا عائشة؟ رأيتها يهودية قال: لاتقولي هذا يا عائشة فإنها قد أسلمت فحسن إسلامها. طبقات ابن سعد (8/126,125) ورجاله ثقات
11- ميمونة - رضي الله عنها -: قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: (وكانت من سادات النساء وهي التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم -. سير أعلام النبلاء (جـ2 ص239)
النتيجة: 7 من أصل 11 زوجة ورد في وصفهن أنهن جميلات. أما الأربعة اللاتي لم يذكر عنهن وصف الجمال اثنان منهما, وهن سودة وزينب بنت خزيمة كن مسنات وورد أنهن لم يكن جميلات, أما حفصة وميمونة كن شابات فلم يرد عنهن نفي صفة الجمال ولا إثباتها.
لذلك مع مراعاته- صلى الله عليه وسلم - لناحية الجمال كان الدين هو الأصل الأصيل, وبه تميزن عن سائر النساء.
قال الله – تعالى -: ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ) الأحزاب (32)
وقد راجع- صلى الله عليه وسلم - حفصة - رضي الله عنها - لدينها - صوامة, قوامة – و راجع سودة - رضي الله عنها - لدينها -ابعث في نسائك- فأبقاهن لدينهن.
وبالمقابل: جاءت امرأة إلى النبي- صلى الله عليه وسلم - فقالت: جئت أهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله- صلى الله عليه وسلم -, فصعَّد النظر فيها وصوبه, ثم طأطأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رأسه...... إلخ,الحديث.
ومعنى الحديث أنها لم تعجبه - صلى الله عليه وسلم -, لذلك قال له الصحابي الذي خضر هذا المشهد: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها. مسلم (1412)
فلم ننكر الجمال؟ أليس هو فطرة في البشر؟ ولم نعجب أن كان أغلب زوجات نبينا - عليه الصلاة والسلام - جميلات؟!! ألم تكن أمُّنا سارة زوجة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - إحدى ملكات جمال الدنيا, والتي أتى من نسلها شطر الحسن – أعني - الصدِّيق يوسف - عليه السلام -.
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله قوله: "إني سقيم" وقوله " بل فعله كبيرهم هذا " وواحدة في شأن سارة, فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس..... إلخ, الحديث. البخاري (3358) ومسلم(2371) فتأمل هذا الوصف!!!
أما حديث ( إذا خطب إليكم من ترضون.......) فالأمر لا يعدوا أن يكون ترغيباً في الأصل الأول وهو الدين, والخطاب هنا لأولياء البنت بعد رضاها فلا تزوّج الفتاة من لا ترتضي شكله رغماً عنها. قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ( يعمد أحدكم إلى ابنته فيزوجها القبيح! إنهن يحببن ما تحبون ) أحكام النساء ص203
قال ابن الجوزي - رحمه الله -: ( استحب لمن أراد تزويج ابنته أينظر لها شاباً مستحسن الصورة, لأن المرأة تحب ما يحب الرجال ) أحكام النساء ص203
فمعنى الحديث: أيها الأب إذا وافقت ابنتك على الزواج من شاب فيه صفة الدين والخلق فلا ترده بسبب المال أو الجمال أو النسب, لكن هل نجبر الفتاة أن تعيش مع من لا ترتضي شكله وإن كان صاحب خلق ودين؟!!!. أعتقد أن هناك صورتان في العهد النبوي تمثلان هذا الكلام واقعاً عملياً خير تمثيل نذكرهما وبهما الختام.
القصة الأولى على المعنى الأول و نعنون لها: (مقبول عند الله مرفوض عند الناس)
عن أبي برزة الأسلمي أن جليبيبا كان امرأ يدخل على النساء يمر بهن ويلاعبهن فقلت لامرأتي لا يدخلن عليكم جليبيب فإنه إن دخل عليكم لأفعلن ولأفعلن قال وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيم لم يزوجها حتى يعلم هل للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيها حاجة أم لا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل من الأنصار زوجني ابنتك فقال نعم وكرامة يا رسول الله ونعم عيني فقال إني لست أريدها لنفسي قال فلمن يا رسول الله قال لجليبيب قال فقال يا رسول الله أشاور أمها فأتى أمها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ابنتك فقالت نعم ونعمة عيني فقال إنه ليس يخطبها لنفسه إنما يخطبها لجليبيب فقالت أجليبيب ابنه أجليبيب ابنه أجليبيب ابنه لا لعمر الله لا تزوجه فلما أراد أن يقوم ليأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ ليخبره بما قالت أمها قالت الجارية من خطبني إليكم فأخبرتها أمها فقالت أتردون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره ادفعوني فإنه لم يضيعني فانطلق أبوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره قال شأنك بها فزوجها جليبيبا قال فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة له قال فلما أفاء الله عليه قال لأصحابه هل تفقدون من أحد قالوا نفقد فلانا ونفقد فلانا قال انظروا هل تفقدون من أحد قالوا لا قال لكني أفقد جليبيبا قال فاطلبوه في القتلى قال فطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه فقالوا يا رسول الله ها هو ذا إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام عليه فقال قتل سبعة وقتلوه هذا مني وأنا منه هذا مني وأنا منه مرتين أو ثلاثا ثم وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ساعديه وحفر له ما له سرير إلا ساعدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم وضعه في قبره ولم يذكر أنه غسله
قال ثابت فما كان في الأنصار أيم أنفق منها وحدث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتا قال هل تعلم ما دعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال اللهم صب عليها الخير صبا ولا تجعل عيشها كدا كدا قال فما كان في الأنصار أيم أنفق منها قال أبو عبد الرحمن ما حدث به في الدنيا أحد إلا حماد بن سلمة ما أحسنه من حديث مسند أحمد (18948)
القصة الثانية على المعنى الثاني ونعنون لها: (طلقته رغم دينه وخلقه بسبب الجمال)
وهي قصة امرأة ثابت بن قيس قالت: يا رسو ل الله ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ودين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( أتردين عليه حديقته؟ ) قالت: نعم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اقبل الحديقة و طلقها تطليقة) أبو داود والترمذي فلا ننكر الجمال ولا نقدمه على الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://almutawa.info المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/483)
شهادة الدكتوراه أم شهادة الزوج؟!
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
تقول إحداهن: كنت قد حصلت على الشهادة العالية ( الدكتوراه ) ولم تكن واحدة من قريباتي أو جاراتي حازت ما حُزته, أو نالت ما نلته من شهادة.
غير أن كُليمات من زوجي في اجتماع عائلي كانت أغلى عندي من شهادة الدكتوراه! وأكثر فخراً منها
وتمضي قائلة: لقد أحسست بتلك الكلمات, وكأنها تاج فَخَار على رأسي
وقد تتساءلون: ماذا قال لها زوجها؟
ما هي تلك الكلمات التي فاقت شهادة الدكتوراه؟
لقد قال لها: سَلِمَتْ يداك.. لقد كان طبخك اليوم رائعاً موفّقاً!
قال لها ذلك وهي بين أخواته وأمهاته
فأحسّت أنها سيدة الموقف!
وأنها استطاعت أن تكسب رضا زوجها
وأنها أتقنت ما صنعت
ولو كانت تلك الكلمات بين الزوج وزوجه بعد صنيع طعام, أو حتى شراب؛ لكان لها أبلغ الأثر, وعظيم الوقع في نفس الزوجة
ولذا كان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ما عاب طعاماً قط ؛ إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه. كما في الصحيحين.
فهل يضير الأزواج أن يفعلوا كما فعل؟
وأن ينهجوا هذا النهج؟
إن الزوج العاقل من يكسب قلب زوجته بكلمة, أو بكلمات؛ لا تُكلّفه شيئاً!
بل ويكسب الحرص والاجتهاد في كل مناسبة على إتقان العمل
فإذا علمت الزوجة أن زوجها سوف يُثني عليها اجتهدت فيما تعمل
وفي المقابل إذا علمت أنه لا يهتم, ولا يكترث – اجتهدت أو قصّرت – فإنها لن تُعير ذلك أدنى اهتمام!
ومن هنا كان حديث الرجل أهله من مثل ذلك لا يُعدّ كذباً
قالت أم كلثوم بنت عقبة - وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمى خيرا، ولم أسمعه يُرخِّص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها". رواه البخاري ومسلم.
حديث الرجل امرأته
وحديث المرأة زوجها
قال الحافظ في الفتح: قال الطبري: ذهبت طائفة إلى جواز الكذب؛ لقصد الإصلاح، وقالوا: إن الثلاث المذكورة كالمثال، وقالوا: الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة, أو ما ليس فيه مصلحة.
وقال آخرون: لا يجوز الكذب في شيء مطلقاً، وحملوا الكذب المراد هنا على التورية, والتعريض كمن يقول للظالم: دعوت لك أمس، وهو يريد قوله: اللهم اغفر للمسلمين. ويَعِد امرأته بعطية شيء ، ويريد إن قدر الله ذلك، وأن يظهر من نفسه قوة.
ثم قال: واتفقوا على أن المراد بالكذب في حق المرأة والرجل إنما هو فيما لا يسقط حقاً عليه, أو عليها ، أو أخذ ما ليس له أو لها. اهـ.
وقال الإمام النووي: وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه. اهـ.
فهذا مما راعته الشريعة الغرّاء لما يترتب عليه من المصلحة
فالشريعة لم تُهمل حتى حديث الرجل مع امرأته، أو حديث المرأة مع زوجها
وقد قلت مرة لمحدّثي: لا يكون في حديث الرجل مع امرأته صريح الكذب ، فلا تكون من أقصر النساء ، فيقول لها: أنت أطول من زرافة!!
فماذا يضير الزوج الحصيف أن يكسب قلب زوجته بكلمات معدودات؟
وماذا عليه لو أذهب عن حليلته التّعب والنّصب بكلمات يطيب معها قلبها
ولو نظرنا في أنفسنا لحرصنا على ذلك
فانظر في نفسك كم للكلمة الطيبة عليك من أثر؟
ماذا لو عملت عملاً ثم قيل لك: أحسنت؟!
وماذا لو عملت عملاً للآخرين ثم لم تُقابل إلا بالصّمت؟!
إن قول: ( أحسنت ) للمحسن مما يجعله يزيد في الإحسان
ولذا قال - عليه الصلاة والسلام -: "من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي.
والثناء على المُحسن من حُسن المكافأة ، ومِن مُقابلة الإحسان بالإحسان.
ورب كلمة سَلَتَت التّعب وأزالت النَّصَب وأذهَبَت الإعياء!
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/484)
نصيحة للأمهات
منال العنجري
يدق المنبه للاستيقاظ في الصباح لتبدأ حالات الطواريء لكثير من الأسر استعدادا ليوم دراسي جديد، والذي يكون حاشدا بالالتزامات والأعمال الأسرية والمدرسية والحياتية، حينها يبدأ العد التنازلي بالذهاب مبكرا بعيدا عن المضايقات المرورية فقد انتهى عهد الانطلاق والبهجة بالإجازة الصيفية وبدأت صفارة الجد والاجتهاد والمثابرة والعمل الدؤوب، ويختلط شعور التفاؤل بمزيج من القلق والاضطراب لدى الأم، فلا بد من تهيئة المناخ المناسب للأبناء بالتمهيد بالدراسة أثناء الإجازة الصيفية، خاصة الابن حديث العهد بالمدرسة حتى يتكيف ويتأقلم مع الأجواء الجديدة.
وها هي الأم تبدأ بيوميات التدريس متوكلة على الله محتسبة الأجر والثواب في ذلك وبعيدا عن أجواء الارتباك والتشنجات، لا بد من برمجة الوقت لدى الأم بتقديم سلم الأوليات في جدول زمني، ولا تنسى راحتك الجسدية بالنوم مبكرا حتى لا ينعكس أثره عليك وعلى الأبناء والحرص الشديد على صلاة الفجر وعلى الاستمرار بقراءة الورد اليومي للقرآن الذي يجعل الأم دائمة الصلة بالله - عز وجل - وقريبة منه فتنال البركة بوقتها وجهدها.
واجعلي همك الله، واستصغري الهموم الدنيا مهما كبرت، يقول ابن القيم الجوزية في كتاب الفوائد: إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله تحمل – سبحانه - حوائجه كلها وحمل منه كل ما أهمه وفرغ قلبه لمعيته ولسانه لذكره وجوارحه لطاعته.
والدعاء أثر عظيم على النفس، أولا بانشراح الصدر والسكينة والطمأنينة، فضلا عن أثره على الأبناء، فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا أهمه الأمر، رفع رأسه إلى السماء وإذا اجتهد في الدعاء قال: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث".
http://www.kujhra.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/485)
حتى نعمر بيوتنا بالإيمان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين وسلم تسليما كثيرا وبعد...!!
إن المتعارف عليه عند العامة في عمارة البيوت هو عمارتها عمارة مادية (نوعية الخامات والتخطيط السليم وسعة البنيان واللون المناسب) بينما نسوا أو تناسوا أن العمارة الحقيقة هي ما يقدمونه مما ينفعهم في الدنيا والآخرة" يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم"وذلك بعمارة البيوت العمارة المعنوية والتي جهلها من جهلها وذكرها من ذكرها ‘بحيث ننشّئ الأسرة تنشئة صالحة بالإتباع لا الابتداع؛ فكيف نعمر بيوتنا عمارة معنوية؟ ولماذا البيوت وقد أعدت للسكنى؟.
نقول إن الإنسان محاسب يوم الدين على الأوقات ماذا عمل فيها وبما شغلها لأن للوقت أهمية في حياة المسلم والوقت أنفس من الذهب والألماس قال - تعالى-:" وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " وقال صلى الله عليه وسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ ".
والوقت إن لم تشغله في الطاعة شغلك في المعصية.
وفي إحدى الإحصائيات ذكر أن الإنسان له في كل يوم 7 ساعات تقريبا يقضيها في عمله الصباحي.
http://www.alfaifi.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/486)
الشخصية المجهولة
دخل علينا لما كنا تلاميذ في دار المعلمين أحد أساتذتنا، وقال: أتدرون لمن الحكم في البيت؟
قلنا: للرجل. كلا!، للزوجة. لا. للحماة. لا.
قلنا لمن إذن؟
قال: الحكم في البيت خاضع لشخصية مجهولة لو كنت أعرفها لألقيت القبض عليها وأزهقت روحها بسبب ما تكلفني من أتعاب ونفقات، أ تدرون ما اسمها؟ اسمها " ظريفة " فإذا أردت أن أدعو صديقاً لي لتناول الغداء معاً على طعامنا العادي هبت النساء جميعاً وقلن " مو ظريفة " فلا بد أن تزيد لوناً أو لونين آخرين وتحضر الحلوى من السوق!
وإذا أردت أن أضع منديلاً لمعطفي خوفاً على قبتة من الفساد بسبب العرق ثارت النساء علي، وقلن بلسان واحد: " مو ظريفة " لا بد من تركه بدون منديل، وإذا أردت أن أعود مريضاً اعترضت هؤلاء النسوة قائلات: " مو ظريفة " لا بد أن تأخذ معك باقة ورد، وإذا أردت أن أخرج إلى الشارع بثوبي القديم قلنا بصوت واحد: "مو ظريفة" وإذا أردت أن أفرش غرفة الاستقبال بما هو ضروري انهالت علي الاعتراضات من كل جانب " مو ظريفة.. مو ظريفة.." اذهب ودبر واستدن.
ثم قال هذا الأستاذ – رحمه الله – آه أين تسكن " ظريفة "؟ ليتني أعلم مكانها فإنها تكاد تخرب بيتي!!
هذا كلام حق، فإننا في حياتنا في البيت والمجتمع أسرى عادات وتقاليد لا تمت إلى الذوق، ولا إلى العقل ولا إلى الشرع بصلة. تكلفنا النفقات والأتعاب الكثيرة وتفرق بين الأقرباء والأصدقاء لبعدها عن البساطة والفطرة.
لقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ينام على الحصير حتى علم في جنبه، وكان يقول: " لو دعيت إلى كراع لأجبت". وكانت عائشة الصديقة زوجة هذا النبي العظيم تقول ما معناه: " وكان يمضي الشهر والشهران ولا توقد نار في دار الرسول إنما كان طعامنا الأسودان التمر والماء! إلا ما يهدى إلينا من اللبن".
قد يقال: تلك أيام خلت، وعادات مضت فأقول: هذا " غاندي " الذي كان يقيم الدنيا ويقعدها، كان شبه عار!
دعا ترومان رجال الصحافة إلى داره للدعاية الانتخابية حينما رشح نفسه لرئاسة الولايات المتحدة! فهل يظن القارئ ماذا أراهم في بيته؟ إن الأثاث والرياش والأرائك والديباج هي أول ما يخطر ببالنا. ولكن كل ذلك لم يكن، بل شاهد رجل الصحافة أن ترومان يعيش في بيته حسب أبسط مبادئ الفطرة فكان يفتخر أنه كان يعيش حسبما كان يعيش الحكام المسلمون القدماء فهل من معتبر!
http:// بتصرف من : 209.15.171.39
ـــــــــــــــــــ(111/487)
العنوسة والعزوبة
مصطفى حجو
- الأسباب والنتائج:
اتسعت دوائر العنوسة والعزوبة لأسباب متعددة حتى أصبحت هماً مشتركاً بين الجنسين. فما هي أسباب هذه الظاهرة الاجتماعية؟ وما نتائجها على الأمدين القريب والبعيد؟ وهل من سبيل إلى تيسير حياة أولادنا؟ لقد تأخر معدل سن الزواج، عما كان عليه قبل عقود معدودة، إذ تجاوز 27 سنة بالنسبة للأنثى التي كانت تتزوج قبل الخامسة عشرة من عمرها في كثير من الحالات، وتجاوز ثلاثين سنة بالنسبة للذكور الذين كان آباؤهم يزوجونهم منذ السادسة عشرة. كذلك فإنّ نسبة غير المتزوجين ممن تجاوزت أعمارهم الخامسة عشره تزيد على 50% من مجموع البالغين.
فيما يلي أهم أسباب العنوسة والعزوبة المعاصرة:
1- تدنى مستوى دخل نسبة كبيرة من السكان، وارتفاع نسبة تكاليف الزواج، وتكاليف إنشاء بيت الزوجية، وتكاليف إدامته، وتعاظم أجور السكن، وصعوبة امتلاك مسكن بالنسبة للفقراء وذوي الدخل المحدود خاصة في ظل فوائد ومرابحة البنوك المرتفعة.
2- طول فترة الدراسة والتأهيل العلمي والمهني مما يحول دون الإقدام على الزواج وإنشاء أسرة وإنجاب أطفال قبل إكمال الدراسة، والالتحاق بعمل مناسب.
3- إعراض الفتيات وذويهنّ عن الخطّاب محدودي الإمكانيات آنيّاً على أمل تحسين الوضعية الاجتماعية من خلال إتمام الدراسة والالتحاق بالعمل. وقد لا يطرق بابهن طارق بعد ذلك. إنهم بهذا التصرف يغفلون عن وعد الله - تعالى - في كتابه أن يكون الزواج فاتحة خير للرزق، قال – تعالى -: " إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ".
4- الاستقلالية التي اكتسبتها الفتاة الموظفة وتنامي قدرتها المادية مما حد من حاجتها الاقتصادية للزواج بدلاً من أن يشجعها ذلك على السعي لإيجاد الزوج المناسب، والتعاون معه في تحمل نفقات الزواج وإنشاء بيت الزوجية.
5- تدني مستوى الثقة بين الجنسين، وتوسع هامش استقلالية الذكر والأنثى سواء فيما بينهما، أو في علاقة كل منهما مع أسرته، وتدنى مستوى الاستعداد للتضحية في سبيل إنشاء الأسر ورعاية الأولاد.
5- انتشار الزواج السري الذي ينعقد بين اثنين لا ثالث لهما خاصة بين طلبة الجامعات والكليات وبين زملاء العمل.
6- ضعف الوازع الديني والتحولات الاجتماعية الناجمة عن التأثير الغربي الذي يجعل علاقة الجنسين ممكنة خارج مؤسسة الزواج ودون التزامات ولا مسؤولية.
النتائج لظاهرة العنوسة والعزوبة المتعاظمة:
حين انتشرت هذه الظاهرة في الدول الغربية بادرت حكوماتها وهيئاتها الاجتماعية لتشجيع وتسهيل الممارسات الجنسية خارج مؤسسة الزواج بين كل من مختلفي ومثلي الجنس، مما أدى لإشاعة العديد من السلوكيات المنحرفة الناتجة عن ذلك، ولانتشار الأمراض الجنسية الفتاكة، وازدياد عدد الأمهات العازبات وأعداد اللقطاء والأطفال مجهولي النسب، وتعاظم نسبة الإعراض عن إنجاب الأولاد نتيجة انعدام الثقة بين الجنسين، وأصبحت تلك الأمم تقاسي من تناقص عدد السكان، وازدياد نسبة الشيخوخة. هذا وإنّ مستقبل المجتمعات العربية والإسلامية لن يكون خيراً من المجتمعات الغربية إذا استمرت السلبية السائدة حالياً تجاه ظاهرة العنوسة والعزوبة خاصة في ظل العولمة الطاغية، وثورة المواصلات والاتصالات التي سهلت انتقال الثقافات والتقاليد، وميل الكثير من الشباب الذين يقاسون العنوسة والعزوبة للانفلات الجنسي الغربي. إنّ الفرصة مهيأة لدى المجتمعات العربية الإسلامية لتقديم البدائل الأفضل لمواجهة هذه الظاهرة قبل فوات الأوان، وقبل فقدان هذه الفرصة التاريخية إلى الأبد، بدائل شرعية تنهي معاناة الشباب، ذكوراً وإناثاً، وتمنحهم الاستقرار النفسي وتدرأ عنهم القلق والاضطراب، وتهيئ لهم أسباب الحصول على مباهج الجنس والمودة والرحمة التي أودعها الله في أجسادهم وأنفسهم قال – سبحانه -: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ". لتحقيق ذلك ولحماية المجتمع من كافة النتائج الضارة المرافقة للانفلات الجنسي، يؤمل من كافة الهيئات الدينية والاجتماعية أن تبادر لتنمية العادات والتقاليد التي تسهل أمور الزواج لكل إنسان حسب ظروفه وإمكانياته، والكف عن وضع العقبات والعراقيل أمام تحقيق الزواج المباح بالإصرار على أسلوب واحد من الزواج مهما اختلفت الظروف والإمكانيات. وذلك تمشياً مع هدي الرسول الكريم - صلى الله عليه و سلم -: " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ". وقوله - صلى الله عليه و سلم -: " ثلاثة حق على الله عونهم... وذكر منهم: الناكح يريد العفاف ".
فيما يلي أمثلة من البدائل الشرعية المقترح ترويجها والحث عليها؛ لتفادي تجذر الانفلات الجنسي وذلك لحل إشكال ذوي الضرورات:
1- ضرورة استحضار البعد الديني الذي يصرف العلاقة بين الجنسين داخل مؤسسة الزواج والحض على الإحصان والعفاف، في وقت مبكر، وعلى التكافل بين الأسر لإنقاذ أولادها من ظاهرة محفوفة بالمخاطر.
2- تنمية التوجه الاجتماعي الجاد لتخفيف أعباء الزواج وتسهيل أموره شاملاً ما يلي:
أ - الزواج المبكر مع بقاء كل من الزوجين في كنف أبويه، أو بالعيش في بيت الأبوين الذي تتسنى فيه السعة لإيوائهما، إلى أن يصبح أحدهما أو كلاهما قادرين على الكسب وإنشاء بيت الزوجية المستقل.
ب - تزويج الطالب والطالبة المتوجهان للدراسة خارج بلديهما واشتراك أبويهما في تحمل مصاريف دراستهما وسكنهما.
ت - حض مثل هؤلاء الأزواج على إتباع الوسائل الصحية المتاحة والمضمونة لتأجيل إنجاب الأولاد لحين إنشاء بيت الزوجية، وتوفر الاستعداد لرعاية الأولاد.
ث - تشجيع الإناث ذوات الإمكانيات الاقتصادية، سواء كان من إرث أو وظيفة أو عمل خاص، بالسعي لإيجاد الزوج المناسب لها خلقاً وديناً، حتى لو كان مازال يتابع دراسته أو أنه لم يتيسر له عمل مناسب، وتحمل تكاليف الإنفاق على بيت الزوجية لحين يصبح زوجها قادراً على الاتفاق.
ج - تأمين حصول حديثي الزواج متدني الدخل على مساكن متدنية الثمن وبالتقسيط المريح وذلك من خلال تعاون جاد بين الحكومة ومؤسسة الإسكان والتطوير الحضري والبنوك وأهل الخير.
http://www.islamselect.com بتصرف من :
ـــــــــــــــــــ(111/488)
تزوج .. وعش سعيداً!!!
دراسة حديثة أصدرتها جامعة لوحاذو السويسرية تتعلق بالفوائد الصحية للزواج، تثبت أن الزواج يقي الرجال والنساء متاعب الصداع العارض والمزمن، حيث يساعد الشعور النفسي بالعلاقة المستديمة المستقرة على تخفيف حدة توتر الجسم وإفراز هرمونات السعادة بكم أكبر من هرمونات القلق والخوف والحزن.. كما أكدت الدراسة أن الزواج المبكر يساعد الإنسان على التخلص من غالبية أشكال الضغوط النفسية والعصبية، ومن توابع مشكلات العمل والاصطدام بالمجتمع، ويساعد الزواج أيضاً على علاج الأرق وقلة ساعات النوم، وعلى التخلص من السعرات الزائدة أولاً بأول، وبمعدل لا يقل عن (200) سعر حراري في كل لقاء وهو يعادل ممارسة الرياضة لمدة (40) دقيقة للرجال، وعلى الاحتفاظ بحيوية الرجل لأطول سنوات ممكنة، وعلى وقايته من سرطان البروستاتا بنسبة لا تقل عن 85% .. كما أكدت الدراسة أن الزواج يفيد في تقوية عضلات القلب وتنشيط الدورة الدموية واستنشاق كميات إضافية من الأكسجين يستفيد منها الجسم فتعطيه مزيداً من الطاقة.. ومن أهم ما أشارت إليه الدراسة التي أجريت على خمسة آلاف من المتزوجين من الجنسين، أن الزواج يساعد الفرد على الاستقرار الفكري والعاطفي والجسدي وعدم توافر هذه العناصر أو أحداها في الزواج سيكون له رد فعلي على حياة الزوج والزوجة.. وقد أكد الخمسة آلاف الذين تم تطبيق الدراسة عليهم أن حياتهم الآن هي أفضل بكثير من قبل الزواج.. وأكدوا جميعاً أن للأطفال في حياتهم الزوجية دوراً كبيراً في إضفاء العلاقة الزوجية السعيدة والتفاهم والمحافظة على كيان الأسرة.. وذكرت الدراسة أن من أهم ما يقلق المتزوجين عدم التفاهم.. وعدم المصداقية.. والبخل.. والسيطرة.. وأقوى ما يقرب بعضهم بعضاً.. الحب.. التفاهم.. الإخلاص.. والمصداقية والاهتمام بمصالح بعضهم بعضاً.. وتأدية واجباتهم الزوجية على أكمل وجه.
وتختتم الدراسة نتائجها بالقول: «ليس من الصعب أن تتزوج.. ولكن ليس من السهل أيضاً أن تكون زوجاً سعيداً.. دائماً»
http://www.islamweb.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(111/489)
الطلاق ألفاظه وأحكامه
الشيخ صالح اللحيدان
لا جرم فإن ألفاظ الطلاق من أكثر الأشياء وعورة في كيفية حقيقة فهم السؤال أو الإشكال المطروح فبينما يكون السؤال من شخص ما يقول:
لا أدري هل قلت: طالق ثلاثاً بكلمة واحدة أو أنني، قلت: طالق طالق طالق.
ويأتي آخر فيقول حلفت بالطلاق أن يأكل ضيفي ذبيحتي فلست أدري إلا أن النية ليست طلاقاً.
وآخر يقول: قلت للزوجة أنت طالق إن خرجت من البيت إلى جهة معينة ويحددها.
وآخر يقول طلقتها وهي حامل.
وآخر يقول طلقتها وهي حائض.
ويسيل وادي الأسئلة، من هنا وهناك ولا تكاد تدري ما تقول خاصة إذا كان السائل هو نفسه لا يدري بما تلفظ، إما لغضب أو طول عهد أو نسيان، أو تساهل، وهذا قليل جداً بالقياس إلى غيره.
ولاشك أن غياب التقوى أو ضعفها والحرارة المبطنة بالانتصار للنفس والجهل بعواقب الأمور كل هذا لعله يكون: دافعاً للتلفظ بالطلاق، وإذا صاحب هذا كله غياب: العقل حال: التلفظ لم يستطع المرء أن يملك نفسه، وإلا فإن العبرة تحصل كثيراً بما يسببه الطلاق من آثار سيئة إذا لم تدع الحاجة الشرعية إليه.
فأهيب بكافة المسلمين أن ينظروا أساس النيات ومقاصد الأقوال والأعمال فإن من جعل نيته صالحة خالصة في كل أموره؛ فيوشك ـ بإذن الله تعالى ـ أن يفلح ويحصل له خير كثير.
من أجل ذلك أحببت أن أبين بعض حالات مهمة تتعلق بألفاظ الطلاق وسواه حتى تتضح أمور كثيرة يكونون فيها على بينة من أمرهم.
فمن ذلك:
أولا: أن الطلاق ليس أصلاً فوجب تركه إلا لموجب شرعي بيِّن.
ثانيا: أن الطلاق عند الضرورة الشرعية إليه لابد أن يكون في حال: المرأة في طهر لم يجامعها زوجها فيه.
ثالثا: ألا يقع الطلاق حال: الحيض.
رابعا: ومثله يحرم الطلاق بالثلاث.
خامسا: لا يجوز التلاعب بألفاظ الطلاق وجعلها فاكهة يتلفظ: جداً أو هزلاً إلا كما ذكرت في رقم 2.
وحقيقة لفظه هكذا " طالق "ويكون في حال الزوجة طاهرة لم يجامعها زوجها فيه قال تعالى:(إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) بمعنى أنه إذا طلقها الزوج تكون طاهرة لم يتم فيه معها غشيان.
وهنا إذا أراد مراجعتها فله ذلك ما دامت في عدتها، فإذا انقضت العدة فيكون الزوج بعد ذلك خاطباً من الخطاب.
وفي حال الطلاق الرجعي فإنها لا تخرج من بيت زوجها، بل تبقى فيه فإذا انتهت العدة خرجت إلى بيت وليها.
والحكمة من بقائها لعل الزوج يعاودها وهي تنظر مالها وما عليها، وقبل ذلك فإن الله - سبحانه وتعالى- أمر ببقائها ما دام الطلاق رجعياً بقوله سبحانه: (ولا يخرجن) (ولا يخرجَّن).
فإن هي خرجت إلى بيت أهلها حال هذا الطلاق وأراد الزوج مراجعتها فله ذلك، ولا يحق لوليها منعها أبداً إلا في حال موجب شرعي واضح.
سادسا: يقع الطلاق من: الزوج المكلف فمن أُغمي عليه أو تلفظ به وهو: نائم، أو أُكره عليه ممن يقدر على الإكراه فلا يقع.
سابعا: يقع بلفظه الصريح كما سلف "طالق" ، ويقع بالكناية الدالة عليه مثل " أنت مبانة " بضم الميم " أنت مبتوتة "" أنت يمكنك الخروج من البيت " وما شابه ذلك بشرط أن يقصد بذلك حقيقة الطلاق. لأن القصد أصل في ألفاظ الكنايات سواء كانت هذه الكنايات ظاهرة أو كانت خفية فإن موجبها حاصل باقترانه نية الطلاق.
ثامناً: من غضب جداً لكنه لم يزل في وعيه فقال لزوجته: أنت كظهر أمي أو زوجة أبي أو عمتي ونوى به الطلاق فهذا اللفظ لا يعتبر كناية يكون لفظه على ما نواه لكنه يكون ظهاراً واضحاً خلافاً لمن ذهب لسواه ولم أدر دليلهم، لكن الذي ظهر لي أنه ليس طلاقاً بل هو ظهار تقع بسببه كفارته.
تاسعا: إن وكل زوجته البالغة العاقلة المميزة طلاق نفسها فله ذلك، ويقع الطلاق حسب مراد الزوج: رجعياً أو بائناً.
لكن مثل هذا لا أراه لأنه ترك للأصل لأن الطلاق بيد الزوج.
عاشرا: من قال لزوجته إن خرجت أو ذهبت وعين جهة معينة إن قال لها: إن خرجت فأنت طالق، وقصد منعها، ولم ينوِ الطلاق وهو في حال: جهل، فتكون يمين تلزمه كفارتها.
وان قال لها إن خرجت فأنت طالق، وهو يدرك حقيقة دلالة الألفاظ فيكون طلاقاً بحسبه.
الحادي عشر: إذا قال الزوج لزوجته أنت طالق ثلاثاً وقصد حقيقة الثلاث فثلاث طلقات.
وان قالها: جاهلاً يظنها واحدة فواحدة، لأن الجهل يعذر بسببه صاحبه وضابطه التقوى.
وان قال لها: طالق طالق طالق فثلاث ما لم يكن جاهلاً فمثل الأول وتكون الثانية والثالثة تأكيداً للأولى.
الثاني عشر: لا يقع الطلاق على المخطوبة التي لم يتم العقد عليها لأنها ليست زوجة بعد، ومن هذا فلا يجوز الجلوس معها ولا الخلو بها حتى يتم كتابة العقد فتكون زوجة حينئذ.
الثالث عشر: إن حلف بالطلاق المنزل منزلة اليمين كقول الزوج " عليَّ الطلاق لا أذهب إلى مكان كذا مثلاً "، فهذا حلف لا يجوز، لكن إن نوى حقيقة الطلاق فيقع وإلا فتكون يمين يلزمه بها كفارة اليمين، وواجب المسلم العاقل تجنب مثل هذا والابتعاد عنه ما أمكنه ذلك.
الرابع عشر: من تردد في نفسه بين حالتين هل: طلق أو لم يطلق، وأقلقه هذا ولم يعرف من نفسه ضعف فهم فلا يقع الطلاق بمجرد هذا: الشك لأن الأصل بقاء عقد الزوجية فلا يزيله مجرد الشك فقط، لكن أن يتيقن فلا إشكال في هذا.
الخامس عشر: إذا طلق الزوج زوجته طلاقاً بائناً بينونة كبرى حُرمت عليه، ولا يجوز التساهل في هذا، ولا تصح له إلا بعد زوج آخر بزواج صحيح، ويكون الثاني قد تمكن منها، وضابط هذا ألا يكون هناك اتفاق ولو بالتعريض على تحليلها للأول .
السادس عشر: من شك في عدد ألفاظ الطلاق ولم يتبين له شيء منها، واجتهد في هذا فتكون طلقة واحدة لأنه هنا شك في الألفاظ العددية فتكون واحدة، ولم يشك في ذات الطلاق.
السابع عشر: الكتابة الواضحة ومكالمة الهاتف الصريحة من الزوج يكون على ما أراد من الطلاق، ولا يجوز التساهل في هذا أبداً.
كما أنني أحذر من المداعبة بين الزوجين على سبيل البراءة فيتلفظ الزوج بالطلاق.
الثامن عشر: لا يجوز لوالد الزوج أو والدته إجباره على الطلاق بمجرد الكراهة، فهذا فيه: ظلم وسوء خلق.
التاسع عشر: يحرم كل كلام القصد منه ويقصد به إفساد أحد الزوجين على الآخر فهذه كبيرة من كبائر الذنوب.
العشرون: يحرم على الزوجة طلب الطلاق دون وجه شرعي بيّن، كما يحرم عليها الكذب ليكون وسيلة لطلاقها.
الحادي والعشرون: يحرم على الزوجة الثانية طلب طلاق الأولى، لأنه طلب يخالف مقتضى آثار الشريعة، ولأنه مدعاة لقطيعة الرحم، ولأنه ظلم قد يحصل بسببه إثم عظيم على الثانية، فإن الله ـ تعالى ـ ينظر للضعيف المظلوم ولو لم يدعُ، وهذا من باب العدل.
http://www.almanhaj.com المصدر :
-ـــــــــــــــــــ(111/490)
الحب عبر الإنترنت
تعريف بالهوية :-
الاسم: الحب عبر الإنترنت.
اللقب: الحب الزائف.
تأريخ الولادة: عند ضياع الوازع الديني وغفلة القلب والتعلق بقشة في بحر هائج للنجاة.
الدولة: أصحاب النفوس الضعيفة.
الهواية: إثارة الغرائز الجنسية وتدمير الشباب والشابات.
الإنترنت الوسيلة الحديثة لاصطياد الفتيات والإيقاع بهن تحت مسمى" الحب".
يداعب الشاب الفتاة بالكلمات الرنانة والأسلوب الساحر حتى تقتنع الفتاة بأن هذا الشاب هو فتى الأحلام المنتظر، ولا تستغرب من أحدهم أن يتحدث باسم الدين وتقديم النصائح التي يكون لها التأثير الفعال على الفتاة وهو "تأجيج مشاعر الحب" وأنا هنا أشير إلى الشخص الذي يريد الإيقاع بالفتاة فكما هناك السيئ فالجيد موجود وشبابنا الصالحين كثر - الله يكرمهم -.
الشات ذلك الخطر العظيم الذي كان سبب في تدمير الحياء وضياع القيم والأخلاق الإسلامية، ويأتي كل ذلك من سوء استخدام الإنترنت فهو سلاح ذو حدين ولك الخيار.
كيف لك يا أمة الله أن تدخلي لهذا المكان وأنت الجوهرة المصونة؟ أهي التسلية وماذا بعدها؟ هل نسيت أن هناك الله الذي لا يغفل عنك, وملائكة تسجل أعمالك؟ ألا تعرفين أن يداك ستشهدان عليك يوم القيامة بما تكتبين من كلمات ليست من الحياء في شي؟ أنت يا أمة الله التي في صلاحها صلاح الأجيال، أنت الأم التي قال فيها الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها ***أعددت شعب طيب الأعراق
أنت البنت الصالحة التي إذا أحسن والداها تربيتها كانت لهما عتق من النار، فلماذا تريدين أن تغرقي أخلاقك الإسلامية في بحور الرذيلة؟ ما هذا التمادي المؤلم مع الشباب يا حفيدة زينب وفاطمة؟ ألا تعلمي أختي الكريمة أنه بضياعك تضيع أمة الإسلام؟
كيف لك أيها الشاب أن توهم أختك في الإسلام بالحب الخادع وتجرها معك في طريق الفساد وتدمير الشرف والسمعة؟ كيف ترضى أن تتسلى بشرف وسمعة الآخرين؟ هل نسيت أن الجزاء من جنس العمل وأنه سيأتي اليوم الذي سيلطخ فيه من هم أمثالك شرف أحد من أهل بيتك؟. إنه من أشد العجب أن تحب فتاة شاب يكتب مواضيع مؤثرة سواء عن الإسلام أو أي مجالات أخرى وتصدر حكمها بأن هذا الشاب متدين ومحترم للغاية، يا أختي الإنترنت عالم واسع وكل شخص يقدر أن يكتب مواضيع إسلامية وغيرها ويظهر نفسه على أنه شخص محترم ومتدين مع أنه في الحقيقة ليس كذلك، فعلى أي أساس أصدرتِ هذا الحكم يا أمة الله؟ لماذا لا تعتمدي على العقل والمنطق قبل المشاعر في حكمك على هذا الشاب بالصفات الحسنة؟ وأنا هنا أعني الشاب الذي بعد أن يكتب هذه المواضيع الإسلامية يحدث الفتاة عن الحب والوهم.
ألا تفكرين قليلاً بأن هذا التدين والاحترام ربما يختبئ تحته ذئب بشري وجد حمل ضعيف ليفترسه بسهوله؟ ألا تدركين أنه بحبك لهذا الشاب قد نفذتِ حكم الإعدام على حيائك وشرفك؟. نجد الكثير من الفتيات يقعون في حب شباب تعرفوا عليهم من الإنترنت، ويبدؤون بالتعارف عل بعضهم البعض وتدور بينهم الكلمات الحلوة ثم يعدِ الشاب الفتاة بالزواج فتسيطر عليها أحلام بناء عش الزوجية والاستقرار، ثم تبدأ بإخباره عن اسمها وكل شي يتعلق بها بكل صراحة ودون أي خوف من العواقب الوخيمة لأنها متأكدة أنه سيتزوجها والمسكينة لا تدري أنه قد خدع فتيات غيرها ووعدهن بالزواج فقط للتسلية، وما أدراك أنه سيتزوجك حتى تبوحي له باسمك وأسرارك الخاصة وتفتحينِ له المجال للتغزل فيك وخداعك بالكلام المعسول، وحتى ولو حصل وتزوجك ألا تظنِ أنه سيعايرك ويقول أنا أخذتك من خلال الإنترنت، وإذا بقي الإنترنت موجود في البيت فسيشك فيك كل لحظة، وإذا تركتِ الإنترنت سيشك في التليفون.
كذلك يا شاب كيف تريد الزواج من فتاة كلمتك في الانترنت وبادلتك مشاعر الحب بغير علم أهلها وتثق فيها ثقة تامة، ألا تظن أن هذه الفتاة تستطيع أن تفعل ذلك مع شاب غيرك؟ فالواجب على الشاب المحترم المتدين إذا وقع في قلبه الإعجاب بفتاة وتيسر له أن يحادثها فالواجب أن لا يصرح لها بالحب ويتقرب لها كي تحبه، بل الواجب أن يسأل هل أنت متزوجة؟ فإن قالت: لا قال ممكن أن أتقدم لأهلك ولك ولأهلك للسؤال عني، أما أن يجلس معها شهوراً يحادثها ويتلمس حبها ويضحي بوقته لها، وهي تفعل مثل ما يفعل، فهذا من أعظم الغفلة والضياع والتيه وإضاعة الوقت واتباع هوى النفس، وعاقبته ستكون وخيمة على الاثنين لو صدقا ورفض أهلهما. عادة من يحب بسرعة يترك بسرعة ذلك لأن نفسه ضعيفة، ولا يحسن التصرف حتى يفيق من هواه فلو تزوجها وتعود عليها سيرى عيوبها وينسى تعرفه عليها وحبه، لها لأنها ستكون فتاة عادية.
استحسان الرجل للفتاة بشيء غير ذاتي ينسيه فضلها سريعاً يعني حبه لها فعلاً لكتابتها فبعد الزواج لن يرى ذلك إلا قليلاً بل يمكن لا يراه، فإذا لم يستحسن فيها شيء آخر يثبت الحب فسيكرهها سريعاً، بعد الزواج لا يريد الكتابة وإنما يريد امرأة جميلة! مربيه على خلق فإذا لم يجده ودخل الشيطان بينهما فسيكرهها سريعاً.
صوني جمالك في علاكِ... عرف الطهارة من رآكِ... سيري على أمل ولا تتعثرِي بين الشباكِ.. وإلى كمال النفس بالإيمان فلتصعد خطاك... من شاء أن يحيى قريراً هانئ البال اصطفاكِ..أو شاء عشاً حافلاً باليمن لم يختر سواكِ... أو شاء جيل صالحاً طابت مغارسه اجتباكِ.. لله درك يا ابنة الإسلام ما أبهى سناكِ... بنوابغ الآمال تنفحنا فتنعشنا يداكِ.. وتحيل دنيانا كروض ناظر الأغصان باكِ... وإذا انتميتِ فإن دين الله في شرفك نماكِ.. وبكل آيات النجابة والكرامة قد حباكِ... هذا سبيلك فاسلكيه فإنه مسرى علاكِ... ( من نشيد صوني جمالك)
يا معشر الشباب والشابات ألم تسمعوا حديث رسول الله:" إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".
يا معشر الشباب والشابات ألا تخافون أن يأتيكم ملك الموت وأنتم تتبادلون كلمات التسلية الوهمية وكلمات الحب والغرام الكاذبة، كيف ستواجهون ربكم وأنتم على هذه الحالة؟ ماذا أعددتم لأخرتكم بعد أن أضعتم أوقاتكم في حب زائف لا يرفع ميزان أعمالكم الصالحة؟. قفوا مع أنفسكم وحاسبوها قبل تغرغر الروح فعندها لا تنفع التوبة أو الندم.
أنا كنت يا ربي أسير غشاوة رانت على قلبي فَضَلَ سناكا
واليوم يا رب مسحت غشاوتي وبدأت بالقلب البصير أراكا
وعندي بشرى لكل شاب صالح وفتاة صالحة أن تفرحوا ولا تحملوا هم إن لم أحب فلاناً أو إن لم أحب فلانة فلن يتزوجني أحد لأن الله - سبحانه وتعالى - من أول ولادة الإنسان يكتب له رزقه والزوج والزوجة الصالحة - بإذن الله - من أعظم الأرزاق، وأحلى وأنقى حب هو الحب الذي يأتي منذ بداية عقد القران ولا يأتي قبله.
الحكم الشرعي:
وعند سؤال أحد المشايخ عن الحكم الشرعي في هذا الموضوع قال:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على نبيه ومصطفاه سيدنا محمد وآله وصحبه ومن والاه ... أما بعد:
فان مسالة الزواج عن طريق ما يسمى (الانترنيت) خلاف المنهج السوي، والطريق النبوي الذي يدعونا إلى نبذ كل ما يؤدي إلي انتشار الفساد, ومن أهم ما يدعونا إليه هو قوله صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر وأحصن للفرج ..) لكن كيف يتم الزواج؟ أو ما هي الطريقة التي يتعرف بها الشاب على من يريد الاقتران بها؟
هل يكون ذلك عن طريق الوسائل الحديث (هاتف , انترنيت,..)؟
كلا لو تتبعنا كل من تعرف على فتاة عن طريق النظرات المحرمة في سوق أو غيره أو هاتف أو غيره نجد الزواج الذي يحصل لا يستمر طويلاً, لماذا؟ لأنه مبني على مخالفة الطهارة التي تدعونا إليه الشريعة الغراء.
إن من شروط الزواج الشرعي هو وجود ولي أمر الفتاة إذ لا يصح أن تزوج الفتاة نفسها إلا في أحوال خاصة وبشروط معينه ولو حصل هذا لترتبت على ذلك مفاسد عظيمة كما نرى ونسمع, كذلك من شروط الزواج وجود شاهدين يشهدان على عقد النكاح وكلا الأمرين غير موجودين في الزواج بالانترنت، هذا وان الزواج المبني على أسس شرعية لابد وان يستمر وينجح وتحف السعادة للزوجين - إن شاء الله -, قال الله - عز وجل -: ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).
http://www.emanway.com بتصرف من :
ـــــــــــــــــــ(111/491)
التخطيط الأسري
الشيخ مازن الفريح
أولاً : ماذا نقصد بالتخطيط الأسري ؟
- هو تنظيم للشئون الأسرية وفق برنامج محدد لتحقيق أهداف معينه خلال فترة زمنية.
ثانياً: أهميته:
1.يساعد الأسرة على تحقيق أهدافها والوصول إلى غاياتها.
2.يربط الأسرة بأولوياتها التربوية من خلال وضوح الأهداف وسلامة الأساليب والوسائل الموصلة إليها.
3.تحقيق أكبر قدر من السعادة الأسرية من خلال التزام الواجبات وأداء المسؤوليات [فكل فرد في الأسرة يعرف دورة الذي يؤديه وهدفه الذي يرنو إليه].
4.محاربة الفوضوية وهدر الطاقات والأوقات والأموال والتي تعرض الأسرة للكثير من المشكلات وبالتالي تقل المشكلات داخل الأسرة المسلمة مما يوفر الجو المناسب والمحتضن اللائق للتربية والعطاء..
5.اتخاذ الاحتياطات اللازمة والوسائل المناسبة لتأمين مستقبل الأسرة وبنائه وفق تنظيم يضمن – بإذن الله – حياة سعيدة بعيدة عن الاضطراب والارتباك أو على الأقل يخفف حدتها ويهون وطأتها.
6.تعريف الأزواج بمهامهم التخطيطية التي أنيطت بهم لرعايتها والاهتمام بها لاسيما في وقتنا الحاضر حيث كثرة وسائل الفساد مع جهل كثير بحقوق الأسرة ومسئولياتها ...
ثالثاً: صفات لابد منها للأزواج لنجاح التخطيط ؟
يمكن إحسان التخطيط العائلي ورفع نسبة نجاحه من خلال مراعاة توفر الأمور التالية:
1.إدراك الزوجين أهمية التخطيط.
2.مراعاة الأولويات.
3.وضوح الأهداف و إمكانية الوسائل ومشروعيتها ( - ماذا أريد أن أحقق في خلال أسرتي؟).
4.تحديد ضوابط العلاقات الداخلية والخارجية داخل الأسرة و خارجها.
5.العدل بين أفراد الأسرة في حقوقهم ومسئولياتهم.
6.توزيع الواجبات وبذل المكافآت.
7.التزام القناعة.
8.الأخذ بالحكمة.
9.المتابعة المشتركة.
10.سلامة التنفيذ من الآفات ( التكاسل – الانقطاع.... ).
11.التقويم المستمر لتجاوز العقبات والوقوف على السلبيات وتجاوزها ومعرفة الايجابيات وزيادتها.
رابعاً: عوامل فشله:
1.عدم التوائم بين الزوجين:
إن التقارب في الاستقامة والثقافة وكثرة العوامل المشتركة في الآراء والآمال من أعظم أسباب نجاح التخطيط {الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}, {عسى ربه إن طلقن أن يبدله أزواجاً... }.
كما أنه من كوامن الفشل في التخطيط كثرة الاختلافات، وشدة البون في التوجيهات والتصورات، و التفاوت في الآمال والأولويات، فاختلاف الزوجين في تقدير الإدارة المالية – على سبيل المثال - وإصرار كل طرف على رأيه يصدع التخطيط العائلي ويضعف كفاءته وربما ينهار.
2.الاسترسال مع النوازع و الشهوات:
وقد حذر منها السلف فقال أحدهم لأخيه وقد رآه يشتري كلما عن على خاطره واشتهته نفسه :"أفكلما اشتهيت اشتريت".
{يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها...}
3.اللامبالاة في النظرة المستقبلية:
حتى أن بعض الأزواج لا يخطر على باله انه يجب أن يكون له خطة يسير وفقها لتحقيق أهدافه في أسرته فتجده يتخبط يمنة ويسرة، كلما سمع من الناس خبراً طار إليه وعده من أول أولولياته، خطته في أسرته ما تمليه عليه ظروف لحظته.
4.ضعف الانتماء للأسرة (الأنانية). وصورها القاتمة كثيرة منها:
•ينفق المال على شهواته فإذا جاء دور البيت قتر وغل يده إلى عنقه بأنانية مفرطة لا تدع لأهل الحق حقهم ..
•كثرة الخروج من البيت ولو على حساب تربية الأبناء (استراحات ودوريات وجلسات وسفرات وووو دون ضابط أو تقدير ).
•عدم الاهتمام بالمشاعر فتجد المواقف المتغطرسة والأحكام الظالمة دون تفكير بعواقبها وتبعاتها.
•الإسراف من قبل الزوجة وعدم مراعاة حال أسرتها وتركيز اهتمامها على مجارات زميلاتها وجاراتها ..
5.أحادية التفكير واستقلالية التخطيط:
فهو لا يرى أحداً من أهل بيته وأفراد أسرته يستحق أن يستشيره في أمر من الأمور بل يعد ذلك ضعفاً في العقل ووهناً في الشخصية فتراه يفرض آراءه فرضاً يفقدها الكثير من نتائجها ويضيع ثمراتها. إن الاستقلالية في التخطيط، وعدم استشارة أفراد الأسرة لا سيما الزوجة يشعر معه كل فرد بتبعية مقيته، ويقطع حبال التواصل الأسري، ويجعل كل فرد يعيش عزلة عن الآخر وكأنه لا يوجد ارتباط بينهم ولا أهداف مشتركة تجمعهم مما يعيق الأداء أو يؤدي الطرف الآخر ما يراد منه دون قناعة أو إتقان، وربما أدى إلى التوقف عن الأداء لأول عارض ليثبت للطرف الأول سوء تخطيطه وعدم مراعاته للأمور.
6.الإقتداء بالآباء و التأثر بالمحيط في الأمور السلبية.
وبعض الأزواج يحاول أن يعيد تجربة والده أو والدته في البيت الذي درج فيه بغض النظر عن نجاح التجربة أو فشلها ودون مراعاة لتغيير الظروف والمستجدات..
خامساً : بعض محاور التخطيط العائلي:
1.محور الإنجاب: ( التوقيت للوضع - وللإنجاب ابتداءً - وللعدد ... ) قال جابر - رضي الله عنه -: (كنا نعزل والقرآن ينزل).
2.محور التربية للأبناء.
وضع الأهداف التربوية مثل:
أ.معرفة الآداب الإسلامية ( آداب الأكل...).
ب.حفظ كتاب الله ( حفظ جزء تبارك).
ج.التحذير من رفقاء السوء (الأسلوب).
د.محاربة وسائل الإفساد (* - أغنية - سفر -...).
_وضع الوسائل والأساليب التربوية للوصول إلى الأهداف
_ وضع جدول زمني مناسب للتنفيذ
_ المراقبة والتقييم
ويمكن وضعها في جدول ليسهل متابعتها وهذا مثال مقترح /
الهدف- المرحلة الزمنية - الأسلوب والوسيلة - التقييم
3. جانب المالي
* معرفة طرق الكسب .
*معرفة أولويات الإنفاق ( من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ )
*وضع جدول يوضح السير المالي للأسرة.
* وضع جدول زمني للديون والأقساط.
*وضع ضوابط لبنود الإنفاق المتعددة وتناسبها مع الميزانية.
*تحديد جوانب الإسراف وإهدار المال الأسري وتقليصه ووضع الحلول لتفاديه.
http://www.naseh.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(111/492)
العار الذي يطول عمره
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فلقد حرم الله ورسوله الزنا وبيّنا قبحه وفساده وحذرا العباد من الوقوع فيه، ولشناعته فإن الله تعالى لم ينهى عن الوقوع فيه فحسب، بل نهى عن القرب منه فقال عز من قائل: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء:32].
والزنا يعتبر من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل، وهو رجس وفاحشة مهلكة، وجريمة موبقة، تنفر منها الطبائع السليمة، وهو فساد لا تقف جرائمه عند حد ولا تنتهي آثاره ونتائجه إلى غاية، وهو ضلال في الدين وفساد في الأخلاق، وانتهاك للحرمات والأعراض واستهتار بالشرف والمروءة، وداعية للبغضاء والعداوة.
قال أحد العارفين:
الزنا عاره يهدم البيوت الرفيعة، ويطأطئ الرؤوس العالية، ويسوّد الوجوه البيض، ويخرس الألسنة البليغة، ويهوي بأطول الناس أعناقاً وأسماهم مقاماً وأعرقهم عزاً إلى هاوية من الذل والازدراء والحقارة ليس لها من قرار.
وهو أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما اتسع، وهو لطخة سوداء، إذا لحقت أسرة غمرت كل صحائفها البيض وتركت العيون لا ترى منها إلا سواداً حالكاً، وهو العار الذي يطول عمره طويلاً، فقاتله الله من ذنب وقاتل فاعليه.
وقال أخر:
إن الزاني يحط نفسه من سماء الفضيلة إلى حضيض الرذيلة، ويصبح بمكان من غضب الله ومقته، ويكون عند الخلق ممقوتاً، وفي دنياه مهين الجانب عديم الشرف منحط الكرامة ساقط العدالة، تبعد عنه الخاصة من ذوي المروءة والكرامة والشرف؛ مخافة أن يعديهم ويلوثهم بجربه، و لا تقبل روايته ولا تسمع شهادته، ولا يرغب في مجاورته ولا مصادقته.
مفسدة الزنا
إن في الزنا فساد للزاني والزانية، أما فساده للزانية فهي تفسد بهذا العمل حياتها وتخسر شرفها وشرف أهلها وتسيء إلى سمعتها وسمعة أهلها، وتفسد فراش زوجها إن كانت ذات زوج وربما أدخلت عليه أولاداً من الزنا فتغش بهم زوجها وينفق عليهم طوال حياته ويرثونه من بعد موته وينتسبون إليه وهم ليسوا بأولاده إلى غير ذلك مما تفسده المرأة بسبب وقوعها بهذه الفاحشة، وإن كانت المرأة الزانية غير متزوجة فبالإضافة إلى أنها تفسد بهذا العمل حياتها وتخسر شرفها وشرف أهلها وتسيء إلى سمعتها وسمعة أهلها فإنها بهذا العمل المشين قد صرفت أنظار راغبي الزواج عنها، ولا يتقدم لخطبتها أحد يعرف حالتها حتى ولو كان مجرماً قد عبث بها وأهدر شرفها وكرامتها، لأنه يحتقرها ولا يرضاها زوجة له لما يعرفه عنها من الخيانة، فتعيش المرأة بعد جريمة الزنا عيشة ذل وهوان، لا زوج يحصنها ولا عائل يعولها، فتصبح محتقرة ذليلة بين أهلها وذويها إضافة أيضاً إلى الجناية على سمعة أخواتها مما يقضي على مستقبلهن ويبعد عنهن راغبي الزواج بسبب جنايتها. وأما فساده للزاني فإنه بالزنا ينكب ويتولع منه ويصبح كالكلب المسعور في تعلقه بالنساء وقد يكون سبباً في ابتلاء إحدى محارمه بالوقوع بمثل هذه الفاحشة عقوبة من الله فيُهتك عرضه كما هتك هو أعراض الناس ويفتضح أمره ويسقط من أعين الناس ويقل احترام الناس له.
أضرار الزنا
إن للزنا أضراراً كثيرة فمنها:
1 - ضياع النسل والجناية عليه، فالزاني والزانية لو أدركا ما قد يترتب على جريمتهما التي تنقضي على الفور، لو أدركا ما يترتب عليها من الآثام والزور وغضبا لله لهان عليهما أن يفنيا من الوجود ولا يرتكبا تلك الجريمة الشنعاء.
2 - يتسبب الزنا في اختلاط الأنساب وإفساد الأخلاق ويفضي إلى فناء الأمة ويدعو إلى الشقاق والفساد ويسبب انتشار الأمراض المستعصية التي لم تكن موجودة من قبل كما ورد ذلك عن النبي في قوله: { لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا } [رواه ابن ماجة]، وصدق رسول الله فقد انتشر في هذا الزمن بسبب كثرة الزنا الأمراض الكثيرة الخطيرة، عقوبة من الله تعالى لأهل هذه الفاحشة.
3 - الزنا يعمي القلب ويطمس نوره، ويحقر النفس ويقمعها و يسقط كرامة الإنسان عند الله وعند خلقه، ويمحق بركة العمر، ويضعف في القلب تعظيم الله وخشيته.
أدلة تحريم الزنا
قال الله تعالى: ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) [الإسراء:32].
وقال تعالى: ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ) [الفرقان:69،68].
وقال صلى الله عليه و سلم : { لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن } [متفق عليه].
وقال: { لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث - وذكر منها - الثيب الزاني } [متفق عليه].
وقال عليه الصلاة و السلام: { ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم من لا يحل له }.
عقوبة الزنا
عقوبة جماعية: فإنه لا يقتصر ضرر الزنا على الزناة فقط بل يتعدى إلى غيرهم، فينزل غضب الله على قوم كثر فيهم الزنا، ويكثر فيهم الموت أيضاَ، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن رسول الله قال: { إذا ظهر الزنا والربا في قوم فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله } [رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد].
لذا يجب على جميع المسلمين محاربة الزنا والابتعاد عن أسبابه كالتبرج والسفور والاختلاط والغناء والمجلات الماجنة والأفلام والمسلسلات الهابطة الداعية إلى كل فحش ورذيلة.
عقوبة فردية: وهي إقامة الحد على الزاني والزانية إذا كانا محصنين، وذلك بقتلهما رجماً بالحجارة حتى يموتا لكي يجدا الألم في جميع أجزاء الجسم كما تلذذا بجسديهما قال : { الولد للفراش وللعاهر الحجر}، وإن كانا غير محصنين جلدا مئة جلدة بأعلى أنواع الجلد ردعاً لهما عن المعاودة للاستمتاع بالحرام، إضافة إلى فضحهما بين الناس والتشهير بهما.
وإذا أفلت الزناة من عقوبة الدنيا ولم يتوبوا فلهم في الآخرة عذاب أليم فقد روى البخاري أن رسول الله قال: { أتاني الليلة آتيان و إنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي: انطلق فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نار، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة فقلت من هؤلاء؟ قالا لي: هؤلاء هم الزناة والزواني }، وجاء في الحديث أيضا: { أن من زنى بإمرأة كان عليه و عليها في القبر نصف عذاب الأمة }.
وهذا فقط عذاب القبر أما في الآخرة فإن عذابهم شديد فهم يعذبون بوادي أثاما وهو واد من أودية جهنم الكبرى نعوذ بالله منه.قال تعالى: ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ) [الفرقان:69،68].
فالزاني يشارك المشرك و القاتل في نفس العذاب والعياذ بالله ! فهل يليق بعاقل بعد ذلك أن يعرض نفسه لمثل هذا العذاب من أجل شهوة عابرة تذهب لذتها سريعاً ويبقى عذابها طويلاً؟!
فيا من خان الأعراض وتعدى عليها، وابتغى الفساد في الأرض، إن الغيرة من شيم الرجال، ومن أخلاق النبلاء، ومن شعب الإيمان، ومن مقتضيات إياك نعبد وإياك نستعين، فأين الغيرة ممن يتعدى على أعراض الناس، كم أفسدت بين امرأة وزوجها، وكم جعلت بنتاً حبيسة الجدران في بيتها، بعد أن ذبحت عفتها، وضيعت شرفها وشرف أهلها، وأساءت إلى سمعتها وسمعة أهلها، أين أنت من الغيرة على محارم الله وأنت تنتهكها؟ وأين أنت من الغيرة على محارمك فالذي يتعدى على محارم الناس لا يغار على محارمه، لأنهن قد يبتلين بمن يتعدى عليهن عقوبة له، وكما قيل: ( كما تدين تدان ).
ثم إني أسألك بالله، هل ترضى الزنا لأمك؟ أو أن يتحدث معها أحد ويداعب مشاعرها؟ فإن كنت لا ترضاه لأمك فإن الناس لا يرضونه لأمهاتهم، وإن كنت لا ترضاه لأختك أو ابنتك أو عمتك أو خالتك فالناس كذلك لا يرضونه لأخواتهم وبناتهم وعماتهم وخالاتهم؛ فهل عرضك حرام على الناس وأعراض الناس حلال لك؟! أما ترحم أمك وأخواتك أن يصبن بمثل ما أصبت من محارم الناس، أما ترحم ابنتك وزوجتك أن يفعل بها مثل ما فعلت أنت ببنات الناس.
يا قاطعاً سبل الرجال وهاتكاً *** سبل المودة عشت غير مكرم
من يزن في قوم بالفي درهم *** في أهله يزنى بغير الدرهم
إن الزنا دين إذا استقرضته *** كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
لو كنت حراً من سلالة ماجد *** ما كنت هاتكاً لحرمة مسلم
وأنتِ أيتها المرأة، يا من هتكت عرضك وعرض زوجك وأهلك بالزنا، ومرغته في الوحل، ونزلت به إلى الحضيض، وأفسدت حياتك وحياة أهلك وأسأت إلى سمعتك وسمعتهم من أجل شهوة عابرة، أو عرض زائل من الدنيا، أما تخافين الله كيف طاوعتك نفسك على فعل هذه الفاحشة النكراء !
أين ذهب حياؤك؟
أين ذهب عقلك؟
هل فكرت بعذاب الله؟
هل فكرت بعاقبة ذلك في الدنيا و الآخرة؟
هل فكرت في الفضيحة في الدنيا قبل الآخرة؟
هل فكرت في موقف أهلك وزوجك وأولادك وفضيحتهم بين الناس لو انكشف أمرك؟
هل فكرت بالعار الذي سيلحق بهم، هل فكرت ماذا سيكون لهم بعد ذلك؟
وكيف سيواجهون الناس وقد سودت وجوههم بجريمتك هذه؟
إن موتك أو قتلك أهون عليهم بكثير من وقوعك بمثل هذه الفاحشة، فاتقي الله وتوبي إليه وابتعدي عن هذا العمل المخزي قبل أن يفتضح أمرك، أو أن تموتي وأنت مصرة على هذه الفاحشة القبيحة.
وأخيراً...
اعلموا يا من ابتليتم بالزنا رجالاً ونساءً أن الله يراكم، فاحذروا أن تجعلوه أهون الناظرين إليكم وأحقر المطلعين عليكم، وتجعلون هذه الشهوة الحيوانية وهذه اللذة الفانية تنسيكم عظمة مولاكم و اطلاعه عليكم، إنكم لا تستطيعون أن تفعلوا هذه الفاحشة القبيحة أمام أي إنسان حتى ولو كان طفلاً صغيراً ولكنكم مع الأسف الشديد ترتكبونها أمام العلي الكبير جبار السموات والأرض، فأين تعظيم الله في قلوبكم؟ أين صدق الإيمان؟ أين الاستجابة للرحمن؟ أما استشعرتم عظمة الجبار؟ أما تخافون غضب القهار؟
وهل نسيتم الموت وسكرته، والقبر وظلمته، والصراط وزلته، والحساب وشدته، هل نسيتم النار، وما فيها من العذاب، إن أمامكم أهوالاً عظيمة لا يعلم عظمها إلا الله، لا طاقة لكم فيها ولن تتحملوها، فلا تجعلوا هذه الشهوة الفانية تنسيكم كل هذه الأهوال التي أمامكم، وتنسيكم عظمة ربكم وتنسيكم مصيركم ومآلكم، و والله إنكم لأضعف من أن تتحملوا شيئاً من عذاب الله فلا تتمادوا في معصيته، و والله إن شهوات الدنيا كلها لا تساوي ضمة من ضمات القبر فكيف بما بعده من العذاب، ولا خير والله في شهوة بعدها النار والدمار، فتوبوا إلى الله قبل أن لا تستطيعوا أن تتوبوا وقبل أن تندموا في وقت لا ينفع فيه الندم.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى وجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
http://www.kalemat.org المصدر :
ـــــــــــــــــــ(111/493)
إنه الفراغ....طريق الانحطاط
( لا يا صديقي ... طريقك ليس طريقي ... ولن يكون ... فأنا لا ألعب الورق ولا أتسكع في الطرقات و الأسواق ... ولا أغازل الفتيات ... وأرفض جلسات الشلل بكل ما فيها سلوكيات ... أرفض الوقوع في المصيدة ... وأرفض رحلات السفر غير البرئية ... بكل اختصار أرفض كل طريق نهايته الدمار ... وأرفض صداقتك هذه ).
نعم إنه الفراغ .. البداية والنهاية معاً .. وليته فراغ في الوقت فحسب !!! ولكنه للأسف فراغ في العقل والقلب والروح .. لا يفلت منه أحد ، شاب .. فتاة .. رجل .. إمرأة .. حتى الأطفال .. ولا يرتبط بالأجازات فقط .. ولكنه يعمل على مدار الـ 24 ساعة .
فراغ الشاب يوقعه في شرك أصدقاء السوء ، فينجرف إلى الهاوية .... وفراغ الفتاة يعمي بصيرتها فتسئ أختيار صديقاتها .. فتقع ضحية لصديقات لا هم لهن سوى القيل و القال .. وإفشاء الأسرار .. وكثرة الكلام فيما لا يغني ولا يسمن من جوع .. وان سمحت لها الظروف انجرفت إلى الأسوأ .. وتتهاوى مع كل خطوة هنا وهناك وتصبح فريسة سهلة ولعبه بيد الآخرين .... وفراغ الرجل يغريه ببلاد الحرية والاستمتاع بلا قيود .. فيحزم حقائبه وأمتعته ويأخذ ما معه من مال ليرحل إلى تلك البلاد .. باحثا عن المتعة والتجديد .. تاركا أهله .. زوجته .. أولاده .. لينسى همومه ويعود ثانية ولكنه محملا بالأمراض والأفكار الغريبة عن مجتمعاتنا .. وقد انفق ما معه واستدان عليها أضعافها .... أما المرأة ، فالفراغ يصيبها بالاكتئاب والإحباط والحرمان ... مهما يقودها إلى سلك الطرق المشبوهة ، وارتكاب الأخطاء الفادحة .
الفراغ بداية عبث الأطفال وتشردهم وضياعهم .. أنه أول طريق الفوضى .. واللامبالاة ومنه جنوح الأحداث والسرقات .. وجرائم الاعتداء على الآخرين .
أما فراغ العقل فهو خواء يعيشه البعض .. جهل .. وتغيب عن الواقع والمسؤوليات .. ورفض للمنطق والإقناع .. حين يفرغ العقل فلا مكان إلا لنداءات الشيطان .. وسقوط القيم والمبادئ .. وانعدام الضمائر والأخلاق .
الكوارث الكبرى مصدرها فراغ القلب والروح .... الشاب يتلاعب بالفتاة باسم الحب .. فيبحث عن عاطفة هائمة على وجهها ليسلي به فراغه العاطفي .. ثم يشبع فيتركها .... الفتاة تركض وراء الحب .. فتفتن بالكلمات الحلوة وبقصائد الغزل .. فتسرح مع المشاعر الكاذبة .. لتنتهي ( الدراما ) بمأساة ..... والرجل يلهث وراء المرأة .. يفكر في هذه .. وتلك .. يرى كل النساء جميلات إلا زوجته .. يحاول أن يسد فراغه العاطفي .. بأي امرأة كانت .. زميلة عمل ... زوجة صديق .. أو ضحية تبحث هي أيضا عمن يحنو عليها ...... فالمرأة عندما تشعر بالفراغ العاطفي .. تحاول تعويض حرمانها بالقدر التي تسمح به الظروف .. وآآآآآهٍ من المرأة إذا سقطت في بئر الحرمان .. وكانت الظروف مهيأة لها .
نعم .. أنه الفراغ فمنه البداية والنهاية !!!!!!!
ما رأيكم ؟؟؟؟؟
http://www.alsaha.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(111/494)
الأسرة في الإسلام
ينظر الإسلام إلى الرجل والمرأة نظرة عميقة ومستقره لاتجاري الرغبات التلقائية لدي أدعياء العدالة بإراحة ضمائرهم المثقلة بإرث تاريخي من الشعور بالذنب تجاه المرأة التي كثيرا ما ظلمت في غالب العصور والأقطار عن طريق دعوتها إلى المساواة غير المدروسة بين الجنسين، كما أنه لا يغير مواقفه ونظرته تبعا لتغير مواقف المفكرين وعلماء النفس والاجتماع التي تتبدل بدورهامع تبدل الظروف الاجتماعية الركام التاريخي حول هذه القضية وتجارب الشعوب المختلفة فيها والزاوية التي ينظر المجتمع منها إلى هذا الموضوع بحيثياته المختلفة . فعمق النظرة الإسلامية يتجلى في الاعتراف الصريح الواثق بوجود خصائص عامة مشتركة بين الرجل والمرأة وأيضاً بوجود فروقات أصلية خلت معهما وظلت معهما وظلت جزء من تكوينهما لتهيئ كلاً .منهما إلى الوظيفة التي يسره الله تعالى للقيام بها " النساء شقائق الرجال "وهذا القول من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يعلن بوضوح أن المرأة والرجل يشتركان في
الحقوق والواجبات التي تشتمل عليها الأحكام الإسلامية ما لم ينص بوضوح على تخصيص أحدهما بحكم معين، .ويقول سبحانه وتعالى : " من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "
[النحل : 97] وانطلقا من هذا الإدراك الواثق لطبيعة الرجل والمرأة أوجب الإسلام على الرجل القادر أن ينفق على نفسه وعلى من يعول من النساء والأولاد ولم يوجب ذلك على المرأة حتى وأن كانت غنية وقادرة بل ترك لهما ذلك إن شاءت فعلته وإن شاءت امتنعت عنه وفي العبادات شرع للمرأة أن لا تصلي في حالة الحيض والنفاس، ولم يوجب عليها أن تقضي هذه العبادة بعد أن تتطهر لما في ذلك من المشقة عليها والإرهاق لها، بينما أوجب الصلاة على الرجل العاقل الواعي أن يؤدي الصلاة مهما كانت حالته وثبات النظرة الإسلامية إلى الجنسين يتمثل في أنها لم ولن تكون في يوما من الأيام ردة فعل لرأي مجتمع معين أو سلوك مجتمع آخر أو فكرة مفكر من هنا أو هناك بل هي نظرة منطلقة من المعرفة الدقيقة بطبيعة كل من الرجل والمرأة وما يناسبها في أحوالها المختلفة ويمكن التعبير عن النظرة الإسلامية إلى الأسرة التي تقوم أساسا على الرجل والمرأة ضمن
البنود التالية
* الزواج في الإسلام شركة : لهذه الشركة عضوان مؤسسان ( الرجل والمرأة ) ، لأن الرجل هو صاحب الخطوة التأسيسية الأولى، ولأنه صاحب النفسية الأقل تقلباً وانفعالا.وللشركة دستور واضح وبنود محدده تقوم في مجملها على الحب والمودة ثم تتعرض في تفاصيلها لجميع جوانب الحياة الأسرية، ثم إن الإسلام يدعو كل من يستطيع تأسيس هذه الشركة إلى المبادرة بتأسيسها ويعده التيسير الكثير والرزق الوفير إذا التزم في إقامتها ببنود الدستور الأسري الإسلامي، ففي صحيح مسلم أن أسماء بنت يزيد الأنصارية أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت : " بأبي وأمي أنت يا رسول الله : أنا وافدة النساء إليك .إن الله عز وجل بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك وبإلهك. إنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم وحاملات أولادكم ، وأنتم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عز وجل. وإن أحدكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مجاهدا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم ، أ فنشارككم في الأجر والخير ؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه ثم قال : هل سمعتم مسألة امرأة قط أحسن في مسألتها في أمر دينها من هذه ؟ فقالوا يا رسول الله : ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها فقال : افهمي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته وابتغائها موافقته يعدل ذلك كله. فانصرفت المرأة وهي تهلل حتى
وصلت إلى نساء قومها من العرب وعرضت عليهن ما قال لها رسول الله صلى الله
عليه وسلم ففرحن وآمن جميعا " [الأسرة في الإسلام] والزواج هو العقد والميثاق الذي على أساسه تقوم رابطة الأسرة ويلتقي الرجل والمرأة ليكونا هذه المؤسسة الاجتماعية الخطيرة الشأن وقد اعتبر الإسلام هذه العلاقة بين الرجل والمرأة قائمة على الرحمة والمودة "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا "لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة ورحمة" [الروم: 38] وجعل هدفها السكن وتحقيق السعادة لتسكنوا إليها، "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها" [سورة الأعراف: 189 ] "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" [سورة البقرة: 187] كما أنه أقامها على التراضي والاختيار الحر "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف" [ البقرة : 132 ]"ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه" [سورة البقرة:231] " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" [سورة النساء: 19] كما أنه جعل إدارة شأنها واتخاذ القرار داخلها أمراً يتم بالتداول والتشاور بين الزوجين " وأتمروا بينكم بمعروف " [سورة الطلاق: 46] ونجد القرآن في جزئية من جزيئات الشؤون الأسرية هي فطام الرضيع فيوليها اهتماما ويحض على أن تتم بالتشاور والتراضي "فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهم " [البقرة: 233] وحتى لا يحدث تلاعب بهذه العلاقة تروح ضحية الأسرة بما فيها من أولاد لهم الحق في أن يوفر لهم جو مناسب يتنفسون فيه السعادة ويتربون بدون ضجيج وإزعاج جعل للرجل الحق في الطلاق مرتين فإن طلق الثالثة سد أمامه هذا الطريق وحرمت عليه المرأة حتى تتزوج غيره " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " [ البقرة : 229 ]وحث الإسلام على استمرار هذه الرابطة وكره قطعها من غير مبرر وشرع لذلك جملة تشريعات :
-حث كل واحد من الزوجين على إحسان العلاقة بالآخر والقيام بواجبه تجاهه مما يقلل فرص الشقاق ويزرع الحب والمودة في قلب كل واحد منهما تجاه الآخر.
- حث على صبر كل واحد من الزوجين على ما يلاقيه من الآخر ما دام ذلك ممكنا وما دام سبيلا لاستمرار هذه العلاقة بشكل مقبول وأثار في نفوس الأزواج الرغبة في دوام هذه الرابطة بفتحه نافذة المستقبل الواعد الزاهر الذي قد يترتب على هذه العلاقة " وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيراً " [ النساء : 19 ]
- شرع العدة بعد الطلاق وهي فترة يحق للزوج فيها مراجعة زوجته بدون عقد جديد ، عسى أن تحن نفسه إلى مراجعة زوجته وتحركه ذكرى الأيام الخوالي والذكريات السعيدة إلى ذلك كما أنه قد يكتشف أسبابا للبقاء مع زوجته تفوق تلك التي من أجلها قَطَعَ العلاقة
-كما شرع التحكيم وهو أن تتدخل أسرتا الزوجين إذا توترت العلاقة بينهما فيبعثون "حكماً من أهله وحكماً من أهلها "لدراسة أسباب الشقاق والبحث عن سبل لتجاوزها لإعادة سفينة الأسرة إلى بر الأمان " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما " [ النساء : 35 ]فبهذه كلها حافظ الإسلام على الأسرة ، بالإضافة إلى ما ينشره في مجتمعه من حرص على الفضيلة وابتعاد عن الممارسات الضارة كالأكاذيب والشائعات والعلاقات المشبوهة التي غالبا ما تكون سببا في دمار البيوت وخراب العلاقات الاجتماعية وذلك من أجل تحقيق المقاصد التي يعلقها الإسلام على الأسرة والمهام الاجتماعية الجسيمة التي ينوط بها والتي منها . إنجاب الذرية من أجل أن تستمر الحياة الإنسانية على هذا الكوكب ، فاستمرار الحياة متوقف على الإنجاب ولكن هذا الإنجاب لابد أن يتم وفق نظام وذلك عن طريق الأسرة التي تربي الذرية وتتعهدها حتى تهيأ لمهام المحافظة على الجيل القادم. وقد أعتبر الإسلام إنجاب الذرية من نعم الله وآياته التي يستحق بها الشكر " والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة "[ النحل :72 ] كما أعتبر الذرية والمال زينة الحياة " المال والبنون زينة الحياة الدنيا "[ الكهف :46]وكان من دعاء الرسل أن يهبهم الله الذرية الصالحة، فهذاالسلام يقول"رب هب لي من الصالحين " [ الصافات : 100 ] وهذا زكريا عليه السلام يقول " رب هب لي من لدنك وليا " [ مريم : 5 ]وعباد الرحمن يحدثنا القرآن أن من دعائهم " ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين "[ الفرقان : 74 ] فاستمرار الحياة الإنسانية على الأرض مقصد من مقاصد الإسلام ولا يتم ذلك على الوجه الأكمل إلا بقيام الأسرة .
1 - تنظيم الطاقة الجنسية .
فقد ركب الله سبحانه في الإنسان الطاقة الجنسية التي بها استمرار الحياة وهذه الطاقة لا يسعى الإسلام إلى كبتها أو مشاكستها ، وإنما يسعى إلى تصريفها بطريق منظم لا تنتج عنه مخاطر على المجتمع وهذا الطريق هو تكوين الأسرة .
2- تقاسم أعباء الحياة والمشاركة في تكاليفها :
فالإنسان بمفرده ضعيف عن حمل هذه الأعباء فإذا شعر بوجود من يقوم معه بحمل هذه الأعباء ويقاسمه مسرات الحياة و أجزائها دفعه ذلك إلى مزيد من التضحية والبذل والصبر على تجاوز الصعوبات وتذليل العقبات . .
4- تربية الأجيال الجديدة التي تخلف الجيل السابق وتحمل أمانة الاستخلاف لمن بعدها وتزويد الحياة بعناصر الإعمار والبناء فالتربية القديمة التي ينشأ فيها الجيل الجديد قوي العزيمة راسخ الإيمان سليم البنية أبي النفس عالي الهمة ضرورية لأخذ مهام الاستخلاف بقوة وهي لا تتم على الوجه المطلوب إلا في ظل ، حياة أسرية سعيدة يشعر فيها الأبوان بالمسئولية المشتركة عن الأبناء ويؤدي كل منهما الواجب الذي عليه ومن هنا أكد الإسلام على الوالدين أن يقوما بواجب الرعاية والتربية نحو الأبناء وجعل كل منهما راعيا ومسئوولاً عن رعيته.
5- حفظ النسب فالإسلام يسعى إلى تقوية الروابط الاجتماعية وتوثيقها حتى يتم الانسجام داخل المجتمع ويكتسب قوة داخلية وحصانة ضد عوامل الهدم كما يحرص على الإسلام تحديد المسؤوليات الاجتماعية كمسؤوليات التربية والرعاية والقيام على مصالح الأبناء ، فإنه يرفض أن يتهرب الأب من هذه المسؤوليات وتبقى الأم وحدها هي الضحية ومن هنا حرص على حفظ النسب حتى يجنب المجتمع الكوارث الاجتماعية التي عادة ما تنشأ عن فوضى العلاقات الجنسية.
الحقوق الزوجية :
لكي تكون العلاقة بين الزوجين واضحة المعالم وحتى لا يكون هناك أدني غموض أو التباس في تحديد المسؤوليات والواجبات رسم الإسلام حدود هذه العلاقة وأقام أساسها على مبدأ عام وأساسي هو قوله سبحانه " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة " [ البقرة : 228] فالواجبات التي فرضت على المرأة جعلت لها بمقابلها حقوق مكافئة . أما الدرجة التي ذكرتها الآية للرجال فهي درجة المسؤولية عن قيادة البيت وإعمار الأسرة وذلك مقابل التكاليف التي جعلت على عواتقهم مالية كانت أو معنوية " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " [ النساء : 34 ] إلا أنها رئاسة وقيادة قائمة على التشاور "وأتمروا بينكم بمعروف " [ الطلاق : 6 ] " فإن أرادا فصالا عن تراضي منهما وتشاور فلا جناح عليهما [ البقرة : 223 ] وهذه الحقوق هي :
حقوق الزوجة على زوجها:
المهر: وهو الحق المالي الذي يجب على الرجل لامرأته بالعقد عليها أو الدخول بها " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " [النساء : 4] وقد أوجبه الله سبحانه وتعالى إظهارا لمكانة الزواج وتقديرا للمرأة إذا لو أبيح بدون مهر لأدي ذلك إلى امتهان المرأة ولأزال من شعور الرجل قداسة وخطر هذه الرابطة ، لأنه لا يحس بأنه أنفق شيئا ذا خطر في نفسه في مقابل الزواج من المرأة ، كذلك فإنه أدعى لاستمرار رابطة الزوجية ، لأن الزوج يعلم أنه قد ضحى من أجل الحصول على المهر الذي بذله في إقامة هذه الرابطة.
النفقة : وهي ما يصرفه الزوج على زوجته وأولاده من طعام ومسكن وكسوة ، ونفقة الزوجة هي ما يلزم للوفاء بمعيشتها بحسب ما هو متعارف بين الناس وقد ثبت وجوبها بالكتاب والسنة وذلك في قوله تعالى " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " [ البقرة : 233 ]" أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدهم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن " [ الطلاق : 6 ]ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " [ مسلم ] وتستحق المرأة هذه النفقة متي ما كان عقد الزواج صحيحا وكانت صالحة للمباشرة الزوجية ومكنت الزوج من ذلك ، سواء كانت مسلمة أو كتابية ، غنية أو فقيرة ..
عدم الإضرار بالزوجة .
فمن حقها أن لا يؤذيها بقول أو فعل أو خلق فالإضرار بها غير جائز " فأمسكوهن
بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرار لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه
" [ البقرة :231] وإذا خالف الزوج أدب الإسلام وآذاها كان من حقها أن ترفع
أمرها إلى القضاء لينصفها ويزجره عما فعل بل يرى بعض الفقهاء أن من حقها أن
تطلب التفريق للضرر الواقع عليها وللقاضي أن يحكم بطلاقها جبرا على الزوج
طلاقا بائنا " لاحق للزوج في إرجاعها "
حقوق الزوج على زوجته
الطاعة بالمعروف في غير معصية الله وذلك حتى تقوم العلاقة الأسرية على أساس متين من النظام والانضباط يحترم كل طرف فيه التزاماته التي يقتضيها هذا العقد .
ولاية التأديب : - فمن أجل الحفاظ على الأسرة جعل الإسلام رئاسة هذه المؤسسة في يد الزوج وذلك كما سبق مقابل المسؤوليات التي ألقاها الإسلام على عاتقه تجاه هذه المؤسسة. وقد نشأ عن هذا الحق أن الزوج إذا تمردت عليه الزوجة وامتنعت من أداء حقوقه عليها كزوج بأن لم تمكنه من المعاشرة كان للزوج تأديبها لهذا السبب وهو تأديب يمر بثلاثة مراحل:
المرحلة الأولى الموعظة: بأن يذكرها ما أوجب الله عليها من حقوق تجاه زوجها
بموجب هذا العقد .
المرحلة الثانية الهجران : بأن يعتزلها في المضجع فلا يبيت معها ويعرض عنها .
المرحلة الثالثة الضرب الخفيف غير المبرح : ويستحب أن لا يمارس هذا الحل الأخير لقوله صلى الله عليه وسلم في الذين يضربون زوجاتهم " ليس أولئك خياركم " [ أبو داود ] ومع ذلك فهو ضرب بالسواك- وهو عود من جذور بعض الأشجار لا تأثير في البدن بالضرب به- ونحوه والقصد منه معنوي بالأساس .وعلى هذا دل قوله تعالى : " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا " [ البقرة : 34 ] الحقوق المشتركة
حق الاستمتاع : وهو حق مشترك بين الزوجين كما يدل عليه قوله تعالى " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " [ البقرة : 230 ] . كما أن من مقاصد الزواج عفاف كل واحد من الزوجين وإيجاد الحل النظيف للمسألة الجنسية وذلك لا يتم إلا بأن يكون هذا الحق مشتركا ، وقد اتفق الفقهاء على وجوب الاتصال الجنسي على الزوج بزوجته حسب قدرته واستطاعته ، وإلا كان لها الحق في الانفصال عنه .
حسن المعاشرة :- فكل واحد من الزوجين مطالب بإحسان الصلة بالآخر حتى يسود الأسرة جو من التواد والتعاون ليحقق مقصد هذه العلاقة " و جعل بينكم مودة ورحمة " [ الروم : 31 ]" وجعل منها زوجها ليسكن إليها " [الأعراف : 189]"هن لباس لكم وأنتم لباس لهن"[البقرة : 187]حق الإرث :- ويثبت في الزواج الصحيح إذا مات أحد الزوجين حال قيام الرابطة الزوجية حقيقة أو حكما بأن كانت الزوجة في العدة ، وقد حدد القرآن هذا الحق في الآية الكريمة " ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين " [ النساء : 12 ] وقد جعل الإسلام للرجل في الميراث ضعف ما للمرأة في بعض الحالات وذلك لاعتبارات موضوعية تتمثل في أن الرجل مكلف بالإنفاق على نفسه وزوجته وأولاده ، والمرأة لم تكلف بالإنفاق على أي من أولئك ، ومن هنا كان العدل أن تتكافأ الحقوق مع الوجبات فيعطي للرجل على قدر مسؤولياته .
إنهاء الزواج
الأصل في الزواج في الإسلام أنه عقد أبدي لذلك فهو لا ينعقد على التأقيت إلا أن أساس هذا العقد قائم على المودة والتفاهم بين الزوجين إذ بدونهما تصبح الحياة الزوجية مستحيلة ، ولذلك حرصت الشريعة الإسلامية على بقاء هذه المودة وحثت على حسن المعاشرة ودعت إلى الرفق والتآلف وشرعت نظام الحكمين الذي أشير إليه سابقا ، ولكن القلوب تتنافر وتستفحل هذه النفرة بحيث تستحيل عودة المودة والتفاهم ، وفي هذه الحال ، لا بديل عن الطلاق إلا حياة الصدام والتشاكس الذي يقضي على الأعصاب ويجعل الزوجين في شقاء دائم أو الإبقاء الصوري على العقد مع هجران كلا الزوجين لصاحبه وبذلك ترتفع مقاصد النكاح وتبطل حكمته التي هي السكن والمودة والتعاون فالحل المنطقي في هذه الحال هو إنهاء عقد الزواج ، و إفساح المجال لكل من الزوجين للبحث عن حياة أسرية أسعد وأكثر هدوء وذلك بالطلاق أو الخلع
الطلاق :، وهو رفع قيد النكاح في الحال أو المآل وهو قسمان :
قسم يرفع النكاح في الحال وهو الذي لا يحق للزوج أن يراجع زوجته فيه إلا بعقد وصداق جديد ورضي منها . قسم يرفع النكاح في المآل وهو الطلاق الرجعي إذ للزوج الحق في استرجاع زوجته فيه من غير عقد جديد وهو لا يرفع النكاح إلا بانتهاء العدة وقد جعل الإسلام الطلاق بيد الرجل إلا أنه احتاط في ذلك فقيده بقيود معينه وذلك بأن يكون مرة واحدة في طهر لم يمسها فيه أي أنه لا يجوز أن يطلقها خلال دورتها الشهرية ، ولا إذا أصابها بعد انتهاء تلك الدورة ، إلا بعد أن تتطهر من دورة أخرى ومن ثم جعل الفترة الزمنية المتاحة للزوج لممارسة هذا الحق محدودة ، كما جعل له حق الرجعة بحيث إذا عاوده الندم بعد الإقدام على الطلاق يجد الفرصة مواتية لاسترجاع زوجته واستئناف الحياة الأسرية معها من جديد دون حاجة لمراسيم أو تكاليف كما أنه كذلك جعل فترة العدة- وهي فرصة المراجعة -طويلة نسبيا فهي ثلاثة أشهر لكبيرات السن أو اللاتي لم يحضن بعد ، وثلاث حيضّات لغيرهن إلا أنه كذلك جعل للمرأة الحق - عند كثير من الفقهاء- في طلب التفريق إذا تضررت من زوجها وثبت أنه يؤذيها إيذاء ماديا أو معنويا وذلك بواسطة القضاء حيث يحكم لها القاضي بالطلاق إن شاءت. والحكمة في جعل عقد النكاح بيد الزوج هي أن المرأة غالبا ما تحكمها العاطفة ، والعاطفة لا يمكن أن تواجه بها الأمور الخطيرة في حياة الأسرة ، والرجل بما أنفق من مال في سبيل إقامةالأسرة وبما ألقي عليه من تبعات وبماله من حرص على مستقبل أولاده وبوعيه بما يترتب على الطلاق من عواقب يفكر ويقدر قبل الإقدام عليه فيوازن بين التبعات المترتبة عليه والحاجة الدافعة إليه.
الخلع :
وهو الطلاق مقابل مال تقدمه المرأة لزوجها فداء لنفسها من علاقة الزوجية وقد
دل عليه قوله تعالى: " فإن خافا أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " [ البقرة : 229 ] وحمكة الخلع أنه حلوضع في يد الزوجة إذا حصلت لها النفرة من زوجها مقابل حق الطلاق الذي جعل في يد الزوج فقد تنفر المرأة من زوجها ، ويكون هو في غاية الاستمساك بها ، فشرع الله لها الخلع لتتخلص من الاستمرار مع رجل لا تستطيع أن تحافظ معه على قواعد الحياة الزوجية المستقيمة والاتجاه العام للفقهاء على أن الخلع يكره من غير تحريم - إلا إذا كان الزوج هو سبب نفور زوجته بأن ضرها أو جفا معها في تعامله مما أضطرها إلى الخلع منه ، وذلك لما ورد من النهي الشديد عن مضارة الزوجة تحايلا على أخذ مالها " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتتيتموهن " [ البقرة : 232 ].
العدة :
وهي أجل ضرب لانقضاء ما بقى من آثار النكاح وهو زمن ينتهي بانتهاء ثلاث دورات شهرية بالنسبة للمطلقة وانتهاء أربعة أشهر وعشرة أيام بالنسبة للمتوفى عنها زوجها .
وقد شرعت لعدة حكم منها:
- استبراء الرحم حتى لا تختلط الأنساب ، وهو أمر يوليه الإسلام عناية كبيرة .
- أن تكون فرصة- في حال الطلاق- أمام استئناف الحياة الزوجية ورأب الصدع الذي حصل فيها فإذا ذاق الزوج مرارة فراق زوجته ولم تكن أمامه عوائق تصده عن ذلك وخفت في نفسه حدة أسباب الفراق فذلك أدعى أن يعيد علاقته مع زوجته في جو من التصالح والوئام .
- التنويه بشأن الزواج وخطورته .
- تمكين الزوجة المتوفى عنها زوجها من الحداد عليه وفاء له بالجميل ومراعاة
لمصاب أهله فيه .
حقوق الأولاد :
الأولاد هم الثمرة المرجوة من الزواج ، والإنجاب هو المقصد الأهم من مقاصد النكاح ، وذلك لأنهم يمثلون بذور الحياة الإنسانية في المستقبل والجيل الجديد الذي يرث الحياة ويحفظ استمرارها عبر الزمن؛ لذلك كان لابد من الاعتناء بهم عناية خاصة حتى يشبوا قادرين على الاحتفاظ بأمانة الاستخلاف الإنساني في الأرض وتسليمها إلى الجيل الذي يأتي بعدهم ولا يتم ذلك إلا بإيجاد الضمانات الكافية لصحتهم النفسية والجسمية والعقلية والروحية .من أجل ذلك اعتنى الإسلام بشأن الأولاد وجعل لهم على الأسرة أما وأبا حقوقا يجب عليهما القيام بها كما ينبغي وهذه الحقوق تشتمل في الآتي :
- ثبوت النسب وقد اعتنت الشريعة الإسلامية بثبوت النسب وحرمت على الأباء أن ينكروا أبناءهم أو يدعوا بنوة غير أبنائهم لهم وأمرت بنسبة الأولاد إلى آبائهم " أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " [الأحزاب:5]
- الرضاع : وهو من النفقة الواجبة على الأب لابنه بمعنى أنه ملزم قانونا بإعداد المرضع ودفع أجرة الرضاعة إذا امتنعت الأم عنها أو كانت في وضع لا يمكنها منها ، أما الأم فتطالب بذلك دينا أي فيما بينها وبين ربها لا قضاء إلا إذا كان الولد بحال لا يستغني عن إرضاعها ، كأن لم توجد مرضع غيرها أو رفض رضاع غيرها .
- الحضانة : وهي تربية الولد ورعاية شؤونه ممن هو مطالب بالحضانة شرعا والأم هي أول من تكون عليه مسؤولية حضانة الصغير ما لم تتزوج من غير أبيه ، وذلك تبعا لما لها على ولدها من عطف وحنان فطري وإذا أسقطت الحضانة عن الأم قدمت قرابتها على الأب وعلى قرابته .(111/495)
- حسن التربية : وذلك بإعدادهم إعدادا صالحا بتنمية الدين والأخلاق في نفوسهم ومجتمعاتهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام الأعظم الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وولده وهي مسئولة عن رعيتها وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " [ البخاري ] . -ويدخل في ذلك مقصد تعليمهم وحسن توجيههم وتوفير الظروف الملائمة التي تمكنهم من القيام بواجبهم في التعليم .
- العدل بين الأولاد :والعدل قيمة من قيم الإسلام الأساسية في جميع الأمور وفي كل الأحوال : كما قال الله تعالى : " ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى " [ المائدة : 8 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم " [ مسلم ] ذلك أن النعمان بن بشير أعطى ابنا له عطاء فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال له صلى الله عليه وسلم أ فعلت هذا بولدك كلهم قال: لا قال صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم " [ مسلم ]
- حسن اختيار الاسم له :ذلك لأن الاسم الجديد له معنى وله مدلول وقد حث النبي (صلى الله عليه وسلم ) على أن يختار الأب لولده اسما حسنا وأن يبتعد عن الأسماء المستكرهة أو تلك التي تشتمل على معان غير لائقة قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : " إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وبأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم " [ ابن حبان ] وقال (صلى الله عليه وسلم ) : " إن أحب أسمائكم عند الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن " [ مسلم ]
الولاية على النفس :
المقصود بالولاية على النفس : هو الإشراف على التصرفات المتعلقة بنفس القاصر من حيث التعليم والتربية والرعاية والحماية حتى التزويج . الغاية من الولاية على النفس : إن الإنسان ينشأ في هذا الوجود ضعيفا لا يقوى على الانفراد بمواجهته إلا بعد زمن طويل . فإذا كانت رعاية الحيوان لصغاره قصيرة ، فرعاية الإنسان لأولاده طويلة ، تمتد خمسة عشر عاما على الأقل ، بينما الحيوان لا تمتد رعايته لصغاره لأكثر من بضعة أسابيع أو أشهر على الأكثر ، ولهذا الضعف الذي يصحب الإنسان منذ ولادته نظم الإسلام له ولاية لرعايته وحمايته حتى يستوي شابا قويا يقوم بشؤون نفسه ويختلف ذلك باختلاف الأزمان ، فإنه كلما تعقدت أساليب الحياة كان الضعف لا يزول إلا بكثرة الدراية والخبرة بالحياة ، كما أن ذلك يختلف بحسب نوع الإنسان من حيث الذكورة والأنوثة ، فإن الذكر يبلغ درجة القوة والاستغناء قبل الأنثى التي يجب أن يرعاها ويحفظها وليها سواء كان أبا أو زوجا . .
أنواع الولايات على الإنسان :
1/ الولاية على النفس : وهي التي يقوم فيها وليه برعاية شؤونه منذ ولادته ففي فترة الحضانة تحتضنه الأم وتسقيه من ثديها الغذاء ومن صدرها العطف والحنان حتى تربى فيه النوازع والعواطف الإنسانية . وقد حث الإسلام على استيفاء الرضاعة لعامين قال الله تعالى : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتمم الرضاعة " [ البقرة : 233 ] والولاية في هذه الفترة خاصة بالأم أو امرأة أخرى تقوم مقامهالأن الطفل في هذه المدة يحتاج إلى أمومة مستمرة حتى يصبح غلاما يألف الناس ويألفونه ، أما الوالد فإنه يشارك في هذه الفترة بالإنفاق على الأم حتى تقوم بواجبها، لذا كانت النفقة واجبة عليه فلو حدث أن أم الطفل لم تقطع إرضاعه لقلة لبنها أو لمرضها وجب على الأب أن يدفع المال لامرأة أخرى تقوم بإرضاعه قال الله تعالى : " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " [ البقرة : 228 ] ثم إن الأب يشارك كذلك بالولاية على النفس بالعناية والتهذيب والإصلاح والحماية حتى إذا انقضت فترة الحضانة استقل الأب بالولاية على النفس فيكون هو المسؤول مباشرة عن الصبي ولهذه الولاية أهمية قصوى في حياة الأطفال إذ هي التي يصلح بها الناشئة وتجعل المجتمع قائما على التآلف والحفاظ على وشائج القربى وصلة الأرحام ورعاية حقوق الوالدين، وبذلك يقل في المجتمع الشذوذ و الانحراف السلوكي والأخلاقي للأطفال كما تختفي ظاهرة تشرد الأطفال وتسولهم وجنوحهم إلى الجرائم . لأن الأطفال دائما يكونون تحت الرعاية المباشرة لوالديهمحال استقرار حياتهما الزوجية أو في رعاية من تؤول إليه الولاية حال انفصال بالطلاق أو إلى وال ينوب عنهما حال وفاة صاحب الحق في الولاية أو فقده لشرط من شروطها .
الولاية على المال : وهي مختصة برعاية مال الصغير والمجنون إن كان لهما مال
- بإدارته وتنميته وتزكيته حفظا وصونا ذلك أن الصغير لا يستطيع مباشرة ماله
وتنميته وحمايته لذا يتولى ذلك الولي على ماله إلى أن يبلغ الصغير الرشد الذي يمكنه من القيام على ماله ، كما قال الله تعالى : " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا " [ النساء : 6 ] ويلاحظ أن الولي على النفس ليس هو دائما الولي على المال إلا إذا أوكل إليه ذلك ، أما إذا لم يوكل إليه القيام على المال فإن القائم على المال يكون الوصي الذي عهد إليه ذلك من قبل الأب وإلا فإن القاضي يختار له من يصلح للقيام بذلك .
أ سباب الولاية على النفس :
تثبت الولاية على النفس حيث يتحقق أحد أمرين :-
الأول : العجز عن وقوف الشخص وحده في الحياة واحتياجه إلى من يحميه ويقوم على شؤونه في معترك الحياة .
الثاني : أن يكون الشخص في حاجة إلى التأديب والتهذيب والتعود على العادات الإسلامية الكريمة وبالنظر في أحوال الناس نجد أن هذين الأمرين يتحققان بثلاثة أسباب هي : الصغر - والجنون - أو العته والأنوثة في دائرة خاصة . السبب الأول: الصغر : يولد الإنسان ضعيفا محتاجا لمن يقوم على احتياجاته وهو في ذلك يمر بمرحلتين . المرحلة الأولى : مرحلة فقد التمييز: وهذه المرحلة لا تكون التبعة فيها ملقاة على الولي ، بل يشاركه فيها الحاضنة لأن الصغير هنا بحاجة إلى رعاية المرأة وإشرافها حيث تكون مسؤولة عن الرعاية اليومية من إعداد غذائه وإطعامه وإلباسه ونظافته والأشراف على منامه ، والقرب منه للوفاء بحاجاته اليومية العاجلة ، إضافة إلى إمداده بالعطف والرحمة والمودة- أما الولي على النفس فهو الذي يحميه ويربيه ويهذبه ويقوم بتطبيبه وتنمية عقله ومعاونته في مصاعبه الحياتية ، ويحفظ عليه دينه وأخلاقه ويراقب الحاضنة لينشأ نشأة حسنة متزنة .
المرحلة الثانية : مرحلة التمييز دون البلوغ :وفي هذه المرحلة ينفرد الولي على النفس بالمسؤولية عن الغلام مع عدم سقوط الحاجة إلى الحاضنة ويتمثل واجب الولي على النفس في أمور ثلاثة: .
الأمر الأول - ولاية التعليم والتأديب : حيث يقوم الولي بتعليم الصبي بنفسه ،
أولا : بغرس مبادئ الدين في نفسه وتعويده على ممارسة بعض العبادات كالصلاة وتعليمه قراءة القرآن الكريم وحفظه ، كما قال ( صلى الله عليه وسلم ) : " مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع " [ أبو داود ]لذا تجد من أولاد المسلمين من يحفظ القرآن الكريم جميعه وهو لم يتجاوز العشر سنين من العمر. كما تقع على الولي مسؤولية التعليم النظامي للصغير بحيث يأخذه إلى المدرسة ويوفر له احتياجاته الدراسية ومصروفاته وكل ما يحتاجه في هذه الفترة وجوبا .
الأمر الثاني : ولاية التزويج : وتتعلق بتزويج البالغ حماية لمصالحه .وهي إما
أن تكون ولاية إجبارية وذلك بالنسبة لقاصري العقل أو ولاية اختيارية وتكون للمرأة البالغة العاقلة .وإنما جعلت ولاية الزواج الاختيارية على المرأة لأن الرجال صناديق مغلقة بالنسبة للنساء وعقد الزواج يعد عقد حياة لها وهي لا تعرف أسرار الرجال لأن أكثر النساء محافظات لا يخرجن من البيت إلا في حدود ولا يختلطن بالرجال إلا بضوابط وفي بعض الأحوال حسب تعاليم الشريعة الإسلامية والأغلبية منهن تؤثر فيهن العاطفة الوقتية السريعة فكان من مصلحتها أن يشترك معها الولي في الاختيار حيث إنه يميل في حكمه إلى التعقل وترجيح المصلحة المستمرة على المصلحة الطارئة الزائلة . إضافة إلى أن عقد الزواج فيه آثار تعود على الأسرة جميعا لأن فيه إدخال عضو جديد فيها فقد يدخل هذا العقد عضوا جديدا يحمل العار أو الفجور للأسرة ، خلافا للتصرفات المالية فإنها كالولد في ذلك يمكن أن تستقل فيها ببلوغ الرشد غير أن هذه الولاية ليس المراد منها إكراه الولي المرأة على الزواج ممن لا ترغب ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : " الأيم أحق بنفسها من وليها " [ ابن ماجه ] وجاء في السنة أن امرأة جاءت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم ) فقالت يا رسول الله إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته ، وأنا لا أريد فذكر لها صلى الله عليه وسلم أن ذلك ليس لأبيها فقالت : لقد أ مضيت ما فعل أبي ولكن أردت أن أعلم أ للنساء من الأمر شيء؟ " [ ابن ماجه ]
الأمر الثالث : ولاية الحفظ والصيانة :
قدمنا أن الولي عليه واجب حفظ الصغير وصيانته لأن الصغير يحتاج إلى الحماية فيبعده عما يلحق به الضرر في جسمه أو في عضو منه . وانه يجب على الحاضنة والولي أن يتعاونا في حفظ الصغير فإن أصابه ضرر جراء إهمالهما أو تفريطهما في حفظه وصونه حوسبا ومن ذلك على سبيل المثال : أن الأم إذا كانت هي الحاضنة فخرجت وتركت الصبي فوقع في النار فإنها تضمن الدية وتعاقب مع ذلك تعزيرا لتفريطها ، لأن القاعدة العامة أن الولي إن أهمل في حفظ الصغير ورعايته فإنه ترفع يده عن الصغير وتزول ولايته عنه ويدفع لمن هو أهل لذلك . السبب الثاني : الجنون أو العته :
إن الجنون أو العته علتان تؤديان إلى زوال العقل الذي هو مناط التصرف المسؤول أو المرتب للمسؤولية لذا ، فإن المجنون يكون في حكم الصغير الذي يحتاج إلى ولي يرعى شئونه ويحفظ ، حقوقه كما أنه ربما يحتاج إلى ولي على ماله إن كان له مال ، فالولي على النفس لا يتركه في الطرقات بحيث يتعرض الناس لأذاه ويتعرض هو لأذاهم ويكون مظهره معلنا فقد كرامته .وبالجملة فإن ما يجب للمجنون على الولي هو مثلما يجب عليه للصغير إلا التأديب فإنه للمجنون يكون تعذيبا لا جدوى منه .كما أن الولي يكون وكيلا عن المجنون في المطالبة بحقوقه على الآخرين فيطالب بعقوبة كل من يلحق بالمجنون أذى كما يطالب بالقصاص ممن يقتله . أما ما يقع من المجنون من أذى على الناس فإن الأصل أن الحدود الشرعية لا تقام عليه لأنه غير مكلف إذ مناط التكليف العقل وهو زائل عنه أما الجنايات التي توجب قصاصا أو دية فإنها تؤدي من مال عاقلته وذلك لأن حقوق العباد لا تقبل السقوط بالأعذار ذلك أن عمل المجنون يعد من قبيل الخطأ.
السبب الثالث الأنوثة : - أساس الولاية على الأنثى هو كون المرأة بطبيعة تكوينها الجسدي عرضه للآفات الاجتماعية أكثر من الشباب ، وإذا أصيبت بشيء من ذلك كان في نفسها أعمق تأثيرا وفي كرامتها أبعد أثرا ،وما يمسها يمس أسرتها بالعار إن تعلق بسمعتها وإن الإسلام الذي يريد المجتمع نزيها عفيفا يدعو إلى ألا تغشى المرأة مجتمعات الرجال إلا بقوة من الأخلاق الفاضلة والإرادة القوية وضوابط تحكم فعلها، وذلك كله لا يكون إلا إذا كانت هناك مشاركة لها في الحفاظ على نفسها والمحافظة على سمعتها وشرفها فكان لا بد أن يكون الشريك لها في الولاية على نفسها أحد أفراد أسرتها التي تتصل بها في كل ما يعيبها أو يحفظها إضافة إلى ذلك فإن المرأة بحسب وظيفتها الاجتماعية فطرت على عاطفة قويه تربي بها صغارها وتصبر بدافع تلك العاطفة على أذاهم رغم ما تلاقيه من عنت ومشقة وذلك لشدة ارتباط الأم بولدها أما ترى أن الأب يضيق صدره من بكاء الصغير بينما الأم يكاد ينفطر فؤادها شفقة عليه فتضمه إلى صدرها بحنان حتى يسكت بينما الأب يخرج من البيت لشدة تضايقه .
مدة الولاية على النفس :
مدة الولاية على النفس هي زمن بقاء السبب فتستمر باستمراره وتنتهي بانتهائه . فإن كان السبب هو الصغر فإنها تنتهي بالبلوغ وإن كان السبب هو الجنون أو العته فإنها تنتهي بالاستقامة وإذا كان السبب هو الأنوثة فإنها تستمر مادامت الأنثى غير مأمونة على نفسها فإذا صارت مأمونة على نفسها أولا يخشى عليها الفساد ، فإن الولاية على النفس بالحفظ والصيانة تنتهي وأما ولاية المشاركة في اختيار الزوج فإنها تستمر لأن السبب في وجودها ليس مصلحة المرأة فقط بل تندرج فيها مصلحة الأسرة فلا تنتهي إلا باختيار الزوج المناسب .
من هو الولي عن النفس :
هو أحد الأقربين الذين تربطهم صلة رحم قوية وقريبة بالصغير أو المجنون أو الأنثى ، وتتدرج هذه الولاية فتنتقل من الأعلى إلى الأسفل الذي يليه إلى أن تصل إلى الوصي أو من يعينه القاضي ذلك عند انعدام من هو أعلى منه أو قيام مانع به يحول دون ولايته ..
شروط الولي على النفس :
لما كانت الولاية تدور حول الحفاظ على مصالح من قامت به أسباب الولاية عليه فإنه يشترط في الولي شروط مهمة حتى يتمكن من القيام بواجبه وهذه الشروط هي : أولا : أن يكون بالغا عاقلا : لأن هذين الشرطين بهما تحصل المصلحة وبهما يعرف الشخص مصلحة نفسه حتى يعرف مصلحة غيره .
ثانيا : الإسلام : ذلك أن توابع الولاية و واجبات الولي: الحفاظ على دين الصغير، والقيام بالأحكام الشرعية المتعلقة بمن قامت به أسباب الولاية فكان الإسلام شرطا لذلك .
ثالثا :- الذكورة :- وذلك أن الرجل أميل في حكمه إلى العقل والحكمة، وأبعد عن العاطفة، وأقدر على الوفاء بحاجات القاصر ، و أ مكن في حمايته ورعايته ..
رابعا : ألا يكون محجورا عليه . لأن هذه الولاية للحفظ والصيانة والتربية كما إنها للمساعدة في اختيار الزوج للأنثى فلا يمكن أن تثبت إلا لرشيد يحسن التصرف في نفسه ويحسن الاختيار لنفسه ولغيره والسفيه لا يحسن ولا يقدر على تدبير أموره والاختيار لنفسه فأولى ألا يقدر لغيره
خامسا : القدرة على حفظ من قام به سبب الولاية وصيانته ، لأن الولي إذا كان شيخا عاجزا فإنه يضعف عن الحفاظ على نفسه فضلا عن غيره، وكذلك العاجز لمرض ونحوه .
سادسا :- العدالة : والعدالة ضابط شرعي يقوم على الالتزام بالأوامر الشرعية واجتناب النواهي الشرعية، لاسيما الكبائر، والحفاظ على عوامل المروءة ، لأن هذا هو الذي يحسن التعرف على وجه المصلحة فيما يختاره أما الفاسق فليس أهلا لذلك .
نفقة الأقارب
أرسى الإسلام نظاما للتكافل الاجتماعي قائما على أساس عام هو مسؤولية الجماعة عن رعاية أفرادها غير القادرين على الكسب والقيام بحاجاتهم من المعاش والكسوة والسكن، وجعل جزء من هذه المسؤولية واجبا بحكم القضاء في دائرة الأسرة والأقارب حيث جعل الرجل مسؤولا مسؤولية قانونية - لا على المستوى الأخلاقي فقط - عن النفقة على زوجته وأولاده العاجزين عن الكسب حتى يبلغوا القدرة على الكسب، وعلى أبويه إذا عجزا عن الكسب أو كانا فقيرين في حدود استطاعته وقدرته " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها " [ الطلاق : 7 ] ويتفق الفقهاء على المسؤولية عن الزوجة والأولاد والأبوين ويختلفون في توسيع هذه الدائرة فيما وراء هؤلاء من الأقارب فالبعض يوجهها لغير هؤلاء والبعض يراها من باب الإحسان والتطوع . وقد وردت آيات عدة في النفقة منها " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " [ البقرة : 233 ] وقال صلى الله عليه وسلم : " كفى بالمرء إئما أن يضيع من يقوت " [ أبو داود ]
http://www.wamy.org/html/osrah.asp
ـــــــــــــــــــ(111/496)
الصلة والتواصي بين الأرحام
أ.د ناصر بن سليمان العمر
فإن من الأعمال الصالحة العظيمة التي أمر الله بها؛ التواصي بالحق، ولا سيما بين الأقربين، فأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله.
وقد كان من أول التنزيل قول الحق – سبحانه-: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، ويتأكد هذا في زمن وجهت فيه السهّام إلى الأسر المسلمة، وأصبحت معاول الهدم فيها تعمل، فتفككت بعض الأسر وتباعدت القرابة كما تباعد المسلمون حتى أضحى لسان حال بعضهم:
ما هذه القربى التي لا تصطفي ما هذه الرحم التي لا ترحمُ
حسد القرابة للقرابة قرحة أعيت عوائدها وجرح أقدم
وقال آخر:
أيا قومنا لا تنبشوا الحرب بيننا أيا قومنا لا تقطعوا اليَّد باليدِ
وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على المرء من وقع الحسام المهند
فيا ليت داني الرحم منّا ومنكم إذا لم يقرِّب بيننا لم يبعّدِ
ويتضاعف ذلك مع غفلة الطيبين وتشاغل كل فرد بخاصة نفسه وانشغاله بشأنه، هذا والرحم قد أخذت بعرش الرحمن وقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب. قال: فذاك، قال أبو هريرة راوي هذا الحديث: إقرأوا إن شئتم (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم).
قال الله عز وجل: (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم).
فوصل الأقربين سبيل حق وقطع الرحم مُطّلعٌ كؤود
أذكر بهذا لأنا أصبحنا نعيش زماناً لا أقول يجهل فيه المسلم حال أخيه المسلم بل يجهل فيه المسلم حال أقاربه وأرحامه.
بني عمنا لا تنسوا الرحم أسرعوا إليها فقد قام الردى بحيالها
ألا قائم من قومنا يدفع الأذى عن الدار أو يعنى بإصلاح حالها
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه.
ولنعلم أنه ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا من قطيعة الرحم.
جعلنا الله وإياكم من الواصلين لأرحامهم!, المتناصحين فيما بينهم!, المتزاورين فيه!.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛؛؛
http://www.almoslim.netبتصرف من :
ـــــــــــــــــــ(111/497)
حضور الأب مهم للتفوق الدراسي
د.حسام الدين عرفة
الرؤية الإسلامية لا تقدم مسئولية أي من الرجل والمرأة في الأسرة على الآخر، حيث إن مشاركة الأب والأم في التنشئة الاجتماعية والسياسية للطفل هي مشاركة واجبة ولازمة، إذ لا يغني أحدهما عن الآخر، ويشكلان معًا، بالإضافة للأبناء، هيكل السلطة في الأسرة من خلال مسئوليات كل طرف، وهو الهيكل أو البناء الذي لا يكتمل إذا تخلى أحد الأطراف عن واجباته، فالرعاية مسئولية الوالدين معًا وكلاهما "مسئول عن رعيته".
وقد أجريت دراسات حول أثر قيام الأم بمفردها بعملية التنشئة داخل الأسرة وأوضحت النتائج أن ذلك ينعكس بالسلب على شخصية الطفل بسبب عدم توازنها، وهو ما يظهر في غلبة السلوك الطفولي عليه حتى مع نموه في مرحلة المراهقة وميله إلى الاعتماد على الآخرين والخضوع لهم، كما يؤدي أحيانًا إلى العكس أي اتّصاف الطفل بالسلطوية، مع ملاحظة وجود فوارق بين الجنسين.
إن مشاركة الأب في التنشئة بشكل فعال مهمة جدًّا لاستقرار نفسية الطفل، بل إن الخلل في العلاقة بين الطفل وأبيه كما أثبتت بعض الدراسات قد تؤدي إلى نمو شخصية سلبية لا تشعر بجدوى المشاركة في الحياة السياسية نظرًا لعدم جدوى المشاركة في الحياة الأسرية التي يستبد فيها الأب، وسيادة نظرة يائسة من أي تغيير وفاقدة الثقة في القدرة على التأثير في مجريات الأمور العامة.
وإذا كانت نتائج الدراسات تتفاوت فإن مرد ذلك إلى اختلاف الشرائح الاجتماعية محل البحث واختلاف المؤشرات التي يستخدمها الباحثون، بيد أن هذه الدراسات تبقى ذات أهمية في الدلالة على انعكاس أي خلل في بنية السلطة وهيكل الأسرة على الطفل وإدراكه السياسي.
ويأخذ غياب الأب عن عملية التنشئة السياسية صورًا مختلفة، فقد يكون غيابا تامًا فيما يسمى بالأسرة "الأم فقط" أو "الأسرة الأموية" -ونعني هنا بالأمومة ما يقابل لفظ (Maternal) Mother-Only Family، أي الأسرة التي تتولى الأم بمفردها تنشئة الطفل الاجتماعية والسياسية وهو مفهوم يختلف عن مصطلح الأمومة Matriarchy أي سيطرة الأم مع وجود الأب، والذي طرحته كتابات "أنجلز" ومن خلفه من الماركسيين وتلته الكتابات النسوية وتأسس على دراسة القبائل التي ينسب فيها الأطفال للأم خاصة الدراسات الأنثربولوجية، وذلك للتدليل على اصطناعية مؤسسة الأسرة بشكلها السائد، ومعارضة ما يسمى بالأبوية، وهي إشكالية تعكس الصراع والعقلية الثنائية، ولا تثور في الرؤية الإسلامية للأسرة لانضباطها بالشريعة لا بميزان القوة- كما قد يكون غيابًا عن المشاركة في التنشئة رغم الوجود داخل الأسرة الزوجية، ويرجع ذلك لأسباب ثقافية مثل تصور أن مسئولية التنشئة تقع على المرأة فقط أو لأسباب اقتصادية كالانشغال بطلب الرزق طول اليوم، أو السفر للعمل بالخارج فيما يسمى بهجرة العمالة، والذي يؤدي إلى ظاهرة "تأنيث الأسرة" أي انفراد الأم بإدارة الأسرة وتنشئة الأبناء.
وبرغم توفر الدراسات عن الآثار السلبية لمثل هذا الوضع، وإمكانية قياس أثاره بمؤشرات متاحة في الدراسات الاجتماعية، إلا أن البعض ذهب إلى أنه يصعب القطع ما إذا كان أثر هذه الظاهرة سلبيًّا أم إيجابيًا؛ في حين اعتبرها أنصار ما يسمى بتحرير المرأة ظاهرة إيجابية تزيد من سلطة المرأة وتمكنها من إثبات ذاتها، وهي الظاهرة التي تعد في ميزان الرؤية الإسلامية إخلالا بسنة من السنن الاجتماعية، وتدهورًا في بنية الأسرة، ونقصًا للقوامة، وتقصيرًا من جانب الأب في تحمل مسئولياته في عملية التنشئة، وتكليفًا للمرأة بمسئولية مضاعفة قد تشغلها عن المشاركة الاجتماعية والسياسية الأوسع في المجتمع، وإهدارًا لحق الطفل في مناخ أسري ونفسي متوازن، وتجاهلاً لحقوقه الفطرية في التفاعل مع كلا الأبوين وتقويضًا لقواعد الأسرة التي تؤهلها للقيام بدورها السياسي في حفظ القيم الإسلامية وتنشئة الطفل عليها من ناحية، والتصدي لأي انحراف أو تجاوز للمثالية الإسلامية على مستوى المجتمع والدولة من ناحية أخرى.
وتشير نتائج أحدث الدراسات التربوية بالولايات المتحدة الأمريكية إلى مدى تأثير الحالة الاجتماعية وحضور الآباء الفعال على تقدم الأطفال في الأسرة في مراحل التعليم المختلفة بداية من فترة الحضانة الأولى.
فالأطفال الذين ينحدرون من عائلات ثنائية العائل (أب وأم) وُجِد أنهم يتمتعون بقدرات أفضل فيما يتعلق بالقراءة والكتابة، وإجراء العمليات الحسابية عن أقرانهم الذين نشأوا في كنف عائلات أحادية العائل (عائلة بدون أب) حيث تتحمل الأم هنا كافة الأعباء النفسية والاجتماعية والاقتصادية.
كما تشير الدراسة والتي أجراها "جيري وست" مدير أبحاث الطفولة بالمركز القومي للتعليم والإحصاء بواشنطن- إلى أن الحالة التعليمية للأمهات تلعب دورًا كبيرًا في مدى تقدم الطفل في دراسته، فكلما زادت القدرات التعليمية للأم انعكس ذلك إيجابيًّا على الطفل أثناء دراسته، وعلى الرغم من أن نتائج هذه الدراسة قد تبدو طبيعية للبعض حيث إنها تتفق مع النتائج التي تم التوصل إليها مع مراحل سنية متقدمة، إلا أنها تُعد المرة الأولى التي يُلقى الضوء فيها على مدى قدرات الأطفال قبل الالتحاق بأولى مراحل التعليم وهي الحضانة.
فالأطفال غالبًا ما يأتون من مجتمعات وأنماط بيئية مختلفة كما يقول السيد وست، كذا فمن البدهي إجراء مثل هذه الدراسات للتوصل إلى أفضل الطرق لتنمية القدرات التعليمية لهؤلاء الأطفال في أولى مراحلهم الدراسية، ومن المنتظر أن تشمل هذه الدراسة ما يقرب من 22 ألف طفل، وسوف تستغرق حوالي 6 سنوات لتحديد كيف تساهم البيئة الاجتماعية في تنمية قدرات الطفل التعليمية مبكرًا حتى قبل دخوله الحضانة.
وتشير أهم نتائج البحث إلى أن الأطفال الذين ينحدرون من عائلات هجرها الأب وتقوم الأم بمهام العائل الوحيد، يفتقدون إلى بعض القدرات التعليمية التي يتمتع بها أقرانهم الذين ترعرعوا في كنف الأسر ثنائية العائل من الأب والأم، فمن هذا نرى أن قدرات هؤلاء الأطفال على تمييز الأشكال وعد الأرقام من 1 إلى 10 مثلاً بالإضافة إلى ضبط الحروف الأبجدية للغة تقل بشكل كبير مقارنة بأطفال العائلات ثنائية العائل.
وترى ماري إلين هوج [ وهي عضو في منظمة تسمى "عائلات وحيدة العائل" أو "أمهات بدون أزواج" ويقع مقر المنظمة بولاية فلوريدا الأمريكية، والتي تساعد العائلات التي تعولها نساء بدون أزواج فتمنحهم التأييد النفسي والاجتماعي للتغلب على مشاكل الحياة] أن أعداد النساء اللاتي بدون عائل (أزواج) ويَعُلْن أبناءهم في ازدياد مستمر، وتحديدًا في دول العالم المتقدم كما في أوروبا والولايات المتحدة إلا أن مثل هذه الظاهرة قد تغزو بلدان العالم النامي كما هو مبين في أوراق العمل كمقدمة لمؤتمرات السكان المتتالية.
وتشير هوج إلى مدى الصعوبات الجمة التي تواجهها مثل هؤلاء السيدات في تربية أبنائهم؛ حيث تقع على كاهلهم أعباء مادية جسيمة فضلاً عن الأعباء النفسية في تحمُّل مسئولية الأبناء، مما ينعكس سلبًا على قدراتهم التعليمية أثناء الالتحاق بالحضانة، ومما لا شك فيه أن الأمور تزداد صعوبة إذا كانت هؤلاء الأمهات لا يتمتعن بنصيب كافٍ من التعليم كما يقول مستر وست، ونظرًا لوجود العديد من العوامل المؤثرة فيما يتعلق بتأثير البيئة والتنشئة على قدرات الأطفال التعليمية فيجب إجراء المزيد من الدراسات والأبحاث في هذا الشأن وخاصة فيما يتعلق بهذه الشريحة الكبيرة من العائلات والتي تعولها النساء.
http://www.islamonline.net : المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/498)
والدها يرفض الخاطب لأنه مجاهد وقد يموت في المعركة
السؤال:
أريد أن أتزوج برجلٍ يعد نفسه للذهاب إلى الجهاد في غضون سنوات ، لكن عندما ذكرت أمره لوالدي رفض ؛ لأنه يقول بأنه لا يستطيع أن يراني أرملة في حياته ، أنا أعي عواقب الزواج بشخصٍ قد يموت في المعركة ( ومن منظور دنيوي : أي : أني سأعيش بدون زوج لأشهر كل مرة " يذهب فيها للجهاد " ، وهناك احتمال كبير بأن أصبح أرملة ، إلخ ) ، لكن الأجر هو أعظم بكثيرٍ من المنافع الدنيوية .
وعليه ، فهل يجب عليَّ أن أطيع والدي ؟ وهل سبب رفضه مقبول إسلاميّاً لأن يرفض هذا الخاطب ، وأنا أكثر من موافقة على أن أصبح زوجة لمجاهد ؟ أرجو المساعدة .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
فإن النكاح رابطة شرعية شريفة حث عليها ديننا في مواضع من كتاب الله وسنة رسوله ، وإن من المهم في هذه الرابطة حسن اختيار الزوج أو الزوجة ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) ، وقال مخاطباً ولي المرأة : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " – رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) – وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1022 ) - .
ثم إن الجهاد من أعظم أبواب الخير وهو ذروة سنام الإسلام ، وأهله هم من خيرة عباد الله ، ومن حزبه المفلحين ، وفضل الجهاد والمجاهدين مما يطول ذكره .
ثانياً :
الذهاب للجهاد لا يعني الموت المحقق ، فإن الله قد خلق الخلائق وقدر أزراقها وآجالها ، وإنه لمن العجب أن يظن المسلم أن ذهاب المجاهد إلى أرض المعركة يعني أنه سيقتل فيها ، ويظن أنه إن لم يجاهد فسينجو من الموت ، وهذا ظن خاطىء فالذهاب إلى الجهاد لا يعجِّل ساعة الإنسان ، وعدم الذهاب لا يؤخرها ، وقد يعيش الإنسان عمره كله في الجهاد ولا يُقتل فيه ، ومن أحسن الأمثلة على ذلك : الصحابي الجليل خالد بن الوليد – رضي الله عنه – والذي قضى كثيراً من عمره في ساحات القتال ثم كان موته على فراشه ، بينما آلاف الناس يموتون في كل لحظة في بيوتهم أو متاجرهم أو في الشوارع ، قال الله عز وجل : { ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون { النحل / 61 ، وقال تعالى : { وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير{ لقمان / 34 .
وقد أخبر الله تعالى عن مثل من يظن هذا الظن وردَّ عليهم .
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير { آل عمران / 156 .
قال ابن كثير :
ينهى الله تعالى عباده المؤمنين عن مشابهة الكفار في اعتقادهم الفاسد الدال عليه قولهم عن إخوانهم الذين ماتوا في الأسفار والحروب لو كانوا تركوا ذلك لما أصابهم ما أصابهم فقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم } أي : عن إخوانهم { إذا ضربوا في الأرض } أي : سافروا للتجارة ونحوها { أو كانوا غزى } أي : كانوا في الغزو { لو كانوا عندنا } أي : في البلد } ما ماتوا وما قتلوا } أي : ما ماتوا في السفر وما قتلوا في الغزو ، وقوله { ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم } أي : خلق هذا الاعتقاد في نفوسهم ليزدادوا حسرة على موتاهم وقتلاهم .
ثم قال تعالى ردّاً عليهم { والله يحيي ويميت } أي : بيده الخلق ، وإليه يرجع الأمر ، ولا يحيا أحد ولا يموت أحد إلا بمشيئته وقدره ، ولا يزاد في عمر أحد ولا ينقص منه شيء إلا بقضائه وقدره .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 420 ) .
وقال :
أي : كما أن الحذر لا يغني من القدَر ، كذلك الفرار من الجهاد وتجنبه لا يقرب أجلاً ولا يُبعده ، بل الإحياء المحتوم والرزق المقسوم مقدَّر مقنَّن لا يُزاد فيه ولا ينقص منه كما قال تعالى { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } ، وقال تعالى { وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة } ، وروينا عن أمير الجيوش ومقدَّم العساكر وحامى حوزة الإسلام وسيف الله المسلول على أعدائه أبي سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه قال - وهو في سياق الموت - : " لقد شهدت كذا وكذا موقفاً ، وما من عضوٍ من أعضائي إلا وفيه رمية أو طعنة أو ضربة وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء " ، يعني : أنه يتألم لكونه ما مات قتيلاً في الحرب ، ويتأسف على ذلك ، ويتألم أن يموت على فراشه .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 300 ) .
ثالثاً :
ومما تقدم يتبين خطأ ما قاله والدك من أنه لا يريد أن يراك أرملة في حياته ، إذ لو قدر الله ذلك لحصل حتى لو تزوجت من غير المجاهد ، فرفضه لأنه يعد نفسه للجهاد ليس له مسوغٌ شرعاً ، أما إن كان هناك أسباب أخَر تتعلق بخلُقه ودينه : فيمكن للوالد أن يردَّ هذا الزوج .
رابعاً :
والنصيحة لك أن تطيعي والدكِ ، وليس لك أن تتزوجي من غير إذن الوليِّ ، فقد أبطل الشرع الحكيم زواج المرأة من غير إذن الولي .
أ . عن أبي موسى قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا نكاح إلا بولي " .
رواه الترمذي ( 1101 ) وأبو داود ( 2085 ) وابن ماجه ( 1881 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح الترمذي " ( 1 / 318 ) .
ب . عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها المهر لما استحل من فرجها ، فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له .
رواه الترمذي ( 1102 ) وأبو داود ( 2083 ) وابن ماجه ( 1879 ) .
والحديث : حسَّنه الترمذي وصححه ابن حبان ( 9 / 384 ) والحاكم ( 2 / 183) .
والله أعلم .
المصدر: الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
-ـــــــــــــــــــ(111/499)
مبارك للعروسين
فايز بن سالم السهلي الحربي
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ،ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله_ صلى الله عليه وسلم_.
وبعد أيها الأخ المبارك: هذه وصايا أزفها إليك ، قطفتها من معين الكتاب والسنة ،ومن هدي سلف الأمة. وصايا لمن أراد الزواج ، جمعت فيها من الآيات ، ومن الأحاديث أصحها ، ومن الأبيات أعذبها ، ومن المواعظ أرقها ، أردت بها نصح أمتي ، هذه الأمة المباركة ، ليتبصر بها من أراد الزواج ، ويستنير بها من أراد النصح والإرشاد..
فهي وصايا موجزة ، ولمحات خاطفة ، وهدايا متواضعة ، لك أيها القارئ صفاؤها ، وعليَّ كدرها ، ولك غنمها وعليَّ غرمها.
وأخيراً ، فما كان صواباً فمن الله ، وما كان من خطأ أو زلل فمن نفسي والشيطان ، واستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ،والمعصوم من عصمه الله.
فاللهم اكتب لي بها أجراً وضع عني بها وزراً ولا تحرمني أجرها.
اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أخوك الناصح لك
فايز بن سالم السهلي الحربي
28/ 8/ 18 4 1 هـ
ص ب: 7201 جدة 21462
نعم للزواج الشرعي ....... لا لحياة العزوبية
أخي المبارك....
اسمح لي بأن أهمس في أذنك بحديث يخصك ، نعم هو من شؤون حياتك وعلاقاتك الخاصة ، لكن لمَّا كان المسلم أخو المسلم لا يقف عن نصحه وإرشاده ، ولا يتردد في إنقاذه ما استطاع ، أريد أن أقول لك: لماذا تتأخر عن الزواج؟؟؟
لماذا تحرم نفسك الاستقرار؟؟؟
نعم.. أخي لقد حرمت نفسك من خير متاع الدنيا ، وكيف لا يكون الزواج من خير متاع الدنيا ورسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) يقول: « حبب إليَّ من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة » [صحيح الجامع: 3124]
وليت شعري أرضيت لنفسك العنوسة عن الزواج ، وأنت تعلم وتسمع قول الودود الرحيم سبحانه:-
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم: 21].
نعم.. آيات لقوم يتفكرون في هذا الزواج الذي جعله الله سكناً، ومودة ومحبة ورحمة ، فيا لله.. كم من المودة والمحبة والألفة والرحمة التي تكون في قلب كلا الزوجين ، ألم تر إلى الفتاة تكون في بيت أبيها لا تريد الخروج منه ، ثم ما ان تدخل بيت زوجهاإلا وتبدأ بينهما المودة والرحمة، حتى يكون هذا العش الجديد السعيد أحب إليها من بيت أبيها....
ثم أخي: ألم تسمع إلى قدوتنا وحبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) حين نادى الشباب إلى الزواج وحثهم عليه فقال: « يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء » [صحيح ابن ماجة: 1495] وكيف أيها المحب لو علمت أن المصطفى (صلى الله عليه وسلم) عاتب من عزف عن الزواج من أجل التعبد فضلاً عن ما يدّعيه بعض الشباب والفتيات من إكمال الدراسة ونيل الشهادات العليا ، فعن أنس -رضي الله عنه- أن نفراً من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) قال بعضهم لا أتزوج ، وقال بعضهم أصلي ولا أنام ، وقال بعضهم أصوم ولا أفطر. فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: « ما بال أقوام يقولون كذا وكذا ، لكني أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني » [صحيح النسائي: 3016]
وقد يزداد الأمر سوء حينما يكون هذا العزوف من فتاة شابة، وما ذلك إلا لإكمال الدراسات العليا، وأخذ الوظيفة المثلى، أو الحصول على فتى الأحلام الذي رسمته لنفسها ، إمَّا عن طريق أضغاث أحلام أو صور أفلام الغرام.
و ما تكون اليقظة منها إلا عندما يفوتها القطار ،أو بذهاب ريعان الشباب ، فكم نقرأ بين الحين والآخر في الصحف اليومية أو المجلات الدورية صرخات امرأة تقول:-
" خذوا شهاداتي ومعطفي وكل مراجعي ، وأسمعوني كلمة ماما"
قالت إحداهن والبكاء يقطع أحشاءها:
"لقد كنت أرجو أن يقال طبيبة فقد قيل ، فما نالني من مقالها ..
فقل للتي كانت ترى فيَّ قدوة هي اليوم بين الناس يرثى لحالها ....
وكل مناها بعض طفل تضمه فهل ممكن أن تشتريه بمالها ...."
أختاه: لو أن المرء منا يدرك ما يتمنى لقلت لك ،امض على ما تودين أن يكون لك ، لكن كما قال الشاعر:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
فإن الصغير يكبر ، والجديد يقدم ويبلى ، والعمر يمضي ، والشيخوخة تقبل.
فاحذري أختي المسلمة حتى لا تقعي في شباك العنوسة ، وتندمي حين لا ينفع الندم.
وأخيراً أدعوك أخي الشاب وأختي الشابة أن نقول معاً بقلب قانع وصدر منشرح ، وعقل متزن:
نعم للزواج الشرعي..... لا لحياة العزوبية
من فوائد الزواج :
كم في الزواج من فوائد غفل عنها كثير من المسلمين ومنها:-
1- البعد عن الوقوع في الفواحش، والمنكرات التي حرمها الله عز وجل ، فإن الشاب تتهيج غريزته مع فوران شبابه وطيشه، فيكون عندها على خطر مقحم بل على استعدادٍ أن يقع في شباك الرذيلة والدعارة -إلا من رحم الله- فإذا تزوج أمن_ بإذن الله_ من ذلك ونجا بنفسه. قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان فليتق الله في النصف الباقي » [صحيح الجامع: 6148]
2- الزواج مجلبةٌ للمال والرزق الحلال :
قد تقول: وكيف يكون ذلك ،ومع الزواج تزداد المصاريف والنفقات ، مأكل ومشرب وإيجار منزل وغير ذلك مما يقصم الظهر، ولا أستطيع حمله فكيف يكون الزواج مجلبة للمال ؟
أقول لك : رويداً أيها المؤمن بقضاء الله وقدره ، واسمع إلى ما يقوِّي إيمانك ويهدئ من روعك .
قال الله عز وجل: { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [النور: 32]
قال ابن عباس (رضي الله عنهما): " رغبهم في التزويج، وأمرهم به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله" .
ولعلّي أن أهديك هذا الحديث المطمئن لقلبك والشادِّ لأسرك وهو قوله (عليه الصلاة والسلام): « ثلاثة حق على الله تعالى عونهم: المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف » [صحيح الجامع: 3050]
3- تكثير أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) :
فبالكثرة تقوى الأمة، وتهاب بين الأمم،وتكتفي بذاتها عن غيرها إذا استعملت طاقتها فيما وجهها إليه الشرع المطهر. إضافة إلى تحقيق مباهاة النبي (صلى الله عليه وسلم) القائل: « تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم » [صحيح الترغيب: 1921]
وهناك الكثير الكثير من فوائد الزواج غير أني لم أذكرها مخافة الإطالة والسآمة عليك...
راض بالقليل من غير عدلٍ .... علَّ القليل يرضي ويقنع
قبل الدخول في عش الزوجية..
هذه وصايا ونصائح إليك أخي قبل دخولك في عش السعادة والمودة ، عش الزوجية.......
أولاً: من هي زوجتك.....؟!
من هي الزوجة التي ستكون لك أنساً ومودةً ورحمة..؟!
من الزوجة التي ستكون حاملةً لهمومك وغمومك..؟!
من الزوجة التي ستكون أمينة سرك، وحافظة عهدك..؟!
من الزوجة التي ستكون أمَّا ،وراعية لفلذات كبدك..؟!
من الزوجة التي ستكون معك فيما بقي من حياتك أو حياتها.؟
نعم إنها أسئلة تدور في أذن كل شاب يريد أن يبني بيته وعشه الذي يتمنى أن يكون عشاً عامراً بالسعادة والمحبة ولذيذ العيش.
حقاً لك أن تسأل هذه الأسئلة...
إليك هذا الدواء الشافي الكافي في باقةٍ عبقة قالها المصطفى (صلى الله عليه وسلم):
روى البخاري ومسلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:« تنكح المرأة لأربع لمالها , ولحسبها ولجمالها , ولدينها , فاظفر بذات الدين تربت يداك » [صحيح الجامع: 3003]
فهل علمت من هي زوجتك التي تختار..؟!
كلاَّ إنها ليست الغنية كثيرة المال ، وليست الجميلة الحسناء ، وليست صاحبة النسب العالي...
كلاَّ أخي كلاَّ..
فالغنى بلا دين ضياعٌ ومذلة
والجمال بلا دين تكبرٌ وفساد
والنسب بلا دين سرابٌ وزوال
وكم من الذين تعرفهم ونعرفهم بحثوا عن الغنى والجمال والحسب والنسب، ولكنهم بعد فترة من الزمن انقلبوا خاسرين لحياتهم الزوجية.
وكم من الذين تزوجوا من ذات الدين فجمعوا السعادة تحت أطناب بيوتهم
من خير ما يتخذ الإنسان في دنياه كيما يستقيم دينه
قلبٌ شكورٌ ولسانٌ ذاكرٌ وزوجةٌ صالحةٌ تعينه
فهل علمت من هي الزوجة التي تختار؟؟
أخي وكما أن الزوج يبحث عن الزوجة الصالحة ومطالب بها ، فإنه يجب على وليِّ أمر المرأة أن يحسن اختيار الرجل المناسب لموليته.
وإنه لمن المؤسف أن يستحوذ السؤال عن المنصب والمكانة والوظيفة على ذهن الوليِّ، ويتناسى الدين الذي لا يجوز التنازل عنه البتة. وليس اهتمامه بالأمور الأخرى مضر إلا إذا اقتصر عليها وتنازل عن رأس الأمر كله وهو الدين ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلاَّ تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير » [غاية المرام: 219]
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله) عن
أهم الأمور التي على أساسها تختار الفتاة زوجها فأجاب :
(أهم الأوصاف التي ينبغي للمرأة أن تختار الخاطب من أجلها هي الخلق والدين ، أمَّا المال والنسب فهذا أمرٌ ثانوي، لكن أهم شيء أن يكون الخاطب ذا دين وخلق ؛ لأنَّ صاحب الدين والخلق لا تفقد المرأة منه شيئاً ،إن أمسكهَا أمسكها بمعروف، وإن سرَّحهَا سرَّحها بإحسان ثمَّ إنَّ صاحب الدين والخلق يكون مبارك عليها وعلى ذريتها، تتعلم منه الأخلاق والدين ، أمَّا إن كان غير ذلك فعليها أن تبتعد عنه، لاسيما بعض الذين يتهاونون بأداء الصلاة، أو من عرف بشرب الخمر والعياذ بالله ، أمَّا الذين لا يصلون أبداً فهم كفار لا تحل لهم المؤمنات ولاهم يحلون لهن ، والمهم أن تركز المرأة على الخلق والدين، أما النسب فإن حصل فهذا أولى؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: « إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه » [إرواء الغليل: 1868], ولكن إذا حصل التكافؤ فهو أفضل).
وسأل رجلٌ ((الحسن البصري)) فقال: يا إمام عندي ابنة فلمن أزوجها ؟ فقال له: (زوجها التقي فإنَّه إن أمسكها برَّها، وإن طلَّقها لم يضرَّها).
ثانيا: رؤيتك للمخطوبة...
.... « فإنَّه أحرى أن يؤدم بينهما »..
سئل سماحة الشيخ العلاَّمة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- عن عدم رؤية الزوج للمرأة قبل الدخول عليها ، وما هو تعليقه حول هذا الموضوع؟
فأجاب:-
(( لاشك أنَّ عدم رؤية الزوج للمرأة قبل النكاح ، قد يكون من أسباب الطلاق ، إذا وجدها خلاف ما وصفت له ، ولهذا شرع الله- سبحانه- للزوج أن يرى المرأة قبل الزواج ، حيث أمكن ذلك ، فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): « إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ، فإنَّ ذلك أحرى إلى أن يؤدم بينهما » ..
وروى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنه خطب امرأة ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): « انظر إليها فإنَّه أحرى أن يؤدم بينكما » [صحيح الترمذي: 868]
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً ذكر لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنَّه خطب امرأة ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « أنظرت إليها؟ » [غاية المرام: 211]
وهذه الأحاديث وما جاء في معناها، كلها تدل على شرعية النظر للمخطوبة قبل النكاح ؛ لأن ذلك أقرب إلى التوفيق وحسن العاقبة.
وهذا من محاسن الشريعة ، التي جاءت بكلِّ ما فيه صلاحٌ للعباد ، وسعادةٌ للمجتمع في العاجل والآجل ، فسبحان الذي شرعها وأحكمها! وجعلها كسفينة نوح ، من ثبت عليها نجا ومن خرج عنها هلك )).
أعلمت أخي فوائد النظر إلى المخطوبة قبل النكاح، وكيف يجمع المودة بين الزوجين بعد الزواج؟
ويكفيك أيها المسلم أن تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حثَّ على ذلك ورغَّب فيه ؛ولكن يجب أن تعلم أنَّ النظر إلى المخطوبة لا يعني الخلوِّ بها، والاجتماع بها عند غير أهلها، أو مقابلتها في الحدائق والمنتزهات، أو الحديث عبر سماعة الهاتف ساعات تلو الساعات كلاَّ ثم كلاَّ؛ لأنَّ مثل هذا دعوة للرذيلة والفاحشة وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « لا يخلونَّ رجلٌ بامرأة فإنَّ الشيطان ثالثهما » [مشكاة المصابيح: 3054]
ولك أن تتخيل حال رجل وامرأة التقيا على غير طريقة شرعية، وكان الشيطان ثالثهما؛ فإنه يؤزهما إلى الحرام أزاً.
وبهذا نعلم خطأ الذين يجعلون من أيام الخطبة أيام للخلوِّ، والنزهة ولربما للسفر والمتعة.
يقول ابن قدامة في كتابه المغني: (ولا يجوز للخاطب الخلوة بالمخطوبة؛ لأنَّها محرَّمة ، ولم يرد الشرع بغير النظر ؛ ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور) .
يزعم الذين انحرف بهم المسار عن دين الله وشرعه أنَّ مصاحبة الخاطب للمخطوبة ، والخلوة بها ، والسفر معها ، أمرٌ لابد منه لأنَّه يؤدي إلى تعرّف كلاً من الخاطبين إلى صاحبه.
ومن نظر في مسيرة الغرب في هذه المسألة وجد أنَّ سبيلهم لم يؤد إلى التعارف والتآلف بين الخاطبين ، فكثيراً ما يهجر الخاطب خطيبته ، بعد أن يفقدها شرفها ، وقد يتركها ، ويترك في رحمها جنيناً تشقى به وحدها ، وقد ترميه من رحمها من غير رحمةٍ حتى الذين توصلهم الخطبة إلى الزواج.. كثيراً ما يكتشف كلٌ من الزوجين أنَّ تلك الخطبة الطويلة لم تكشف له الطرف الآخر؛ ذلك أنَّ كل واحد منهما كان يتكلف غير طباعه أثناء تلك الفترة ، حتى إذا استقر بهما المقام بالزواج عاد كل واحد منهما طباعه الحقيقية ، ولذلك يصاب كثير من الأزواج بصدمة بعد الزواج... يشعر أنَّ الطرف الآخر قد مكر به.
والكشف عن أخلاق الطرف الآخر وطباعه يمكن التعرف عليها ممن جاوروا الفتاة وأهلها ، أومن عرفهم عن طريق الصداقة والقرابة.
فهل عرفت أخي المبارك كيف يكون النظر للمخطوبة على سنَّة خير الأنام (صلى الله عليه وسلم)؟.. إذا عرفت فالزم.
وأسأل الله أن يقرَّ عينك وييسر لك أمرك.
ثالثا:- لا تخطب على خطبة أخيك المسلم:
اعلم بارك الله فيك أنه لا يجوز لك أن تخطب على خطبة أخيك المسلم فقد نهاك المصطفى (صلى الله عليه وسلم) عن هذا فقال: « لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك » [إرواء الغليل: 1816]
فاحذر أيها الخاطب أن تخطب ، أو تهمس إلى امرأة قد خطبها رجلٌ قبلك حتى ينكح ، فتبارك له ، ويعوضك الله خيراً منها_ إن شاء الله _، وإن تركها فعند ذلك إن أردت خطبتها فتقدم لها، واسأل الله التوفيق والصلاح.
رابعاً:- إياك ثم إياك...
إنَّ من الخطأ الجلل الذهاب إلى الكهَّان، والعرَّافين والمنجَّمين وضاربي الودع والرمل من قبل الخاطب، أو المخطوبة ، لمعرفة نجم الخاطب أو المخطوبة ، ولكشف سر هذا الزواج وما يحدث بعده ، فإن ذكر له أن فيه خير قدم على الزواج وإن كان العكس أحجم عنه. ونسي هؤلاء الجهلة دعاء الاستخارة الشرعية التي علمنا إيَّاها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعلِّم أصحابه دعاء الاستخارة كما يعلِّمهم السورة من القرآن. [صحيح أبي داود: 1361]
وفات أولئك الجهلة، أنَّه لا يجوز الذهاب إلى السحرة والكهَّان والعرَّافين ، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « من أتى كاهناً أو عرَّافاً فصدَّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد » [شرح الطحاوية: 768], وقال أيضا: « من أتى كاهنا فسأله عن شيءٍ لم تقبل منه صلاة أربعين ليلة » رواه مسلم .
فاحذر أيها الأخ المبارك أن تتبع أهواء المضلِّين عن سبيل الله.
خامسا:- عادةٌ سيئةٌ منتشرة...
لا شك أيها الخاطب أنَّ العادات والتقاليد منها ما هو حسن ، وطيب, وموافق لهدي المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، فهذا لا بأس به إن شاء الله.
ومنها ما هو مخالفٌ لهدي المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، فهذا معلوم حرمته عند من أراد النجاة يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.
ومن هذه العادات المنتشرة بين بني الإسلام وللأسف :-
• خاتم الخطبة (الدبلة):
وهي عادة من عادات النصارى القديمة ، حيث كان العريس يضع الخاتم على رأس إبهام العروسة اليسرى ، ويقول: باسم الأب ، ثم على رأس السبابة ويقول: باسم الابن ، ثم على رأس الوسطى ويقول: باسم روح القدس ، وأخيراً يضعه في البنصر -حيث يستقر- ويقول: آمين.
والعجيب أنَّ هناك من المسلمين من أصبح يقلِّدهم في لبس هذه الدبلة.....
بل إنَّ بعض الناس يعتقد أنَّ أمر العقد مرتبط بهذه الدبلة ، فإن أبقاها بقيت زوجته ، وإن نزعها نزع زوجته من عصمته. ومنهم من إذا سألته: (هل أنت متزوج..؟) قال لك: (انظر إلى الدبلة إنَّها في اليسرى)، والآخر يقول لك: (انظر إلى الدبلة إنَّها في اليمنى فأنا خاطب).
فقل لي: من أين أتوا بهذه الدبلة والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: « من تشبَّه بقوم فهو منهم » [صحيح الجامع: 6149] ،ونهى أن نحدث في دين الله ما لم يشرع فقال:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " [صحيح ابن ماجه: 14]
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-:- ما حكم لبس ما يسمى بالدبلة في اليد اليمنى للخاطب واليسرى للمتزوج ، علماً أنَّ هذه الدبلة من غير الذهب؟
فأجاب: ( لا نعلم لهذا العمل أصلاً في الشرع ، والأولى ترك ذلك سواء كانت من الفضة أو غيرها، لكن إذا كانت من الذهب فهي حرام على الرجل؛ لأنَّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) نهى عن التختم بالذهب ) [صحيح الجامع:6869]
• خير الصداق أيسره :
سئلت عائشة_رضي الله عنها_ كم كان صداق نساء النبي (صلى الله عليه وسلم)؟
• قالت: "صداقه في أزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا , هل تدري ما النش؟ هو نصف أوقية ،وذلك خمس مائة درهم" [صحيح ابن ماجة:1531]
وعن أبي العجفاء ، واسمه، هرم بن نسيب ، قال: سمعت عمر يقول: ((لا تغلوا صداق النساء؛ فإنَّها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ما أصدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) امرأة من نسائه، ولا أصدق امرأة من بناته ، أكثر من اثنتي عشرة أوقية)).
وكما هو معروف ، الأوقية أربعون درهم ، والدرهم الإسلامي مقداره ربع ريال سعودي ، فخمسمائة درهم مجموعها مائة ريال سعودي فضة وخمسة وعشرون ريالاً. هذا هو مقدار صداق الرسول (صلى الله عليه وسلم) لأزواجه وبناته.
والله سبحانه يقول:{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } [الأحزاب: 21]
فالمغالاة في الصداق ليست مكرمة في الدنيا ، ولا تقوى في الآخرة ، بل إسراف والله لا يحب المسرفين.
وعن أنس -رضي الله عنه- أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة فقال: ما هذا أو مه؟ فقال: يا رسول الله، إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب, فقال: « بارك الله لك أولم ولو بشاة » [صحيح ابن ماجة: 1548]
هذا صداق عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- ، مع العلم أنَّه من أغنياء الصحابة ، والمراد بالنواة ، هي نواة التمر ، وقدَّرها بعض العلماء بربع دينار ، والدينار أربع أسباع جنيه سعودي ، وربع الدينار قيمته خمسة دراهم ، والدراهم الخمسة ، هي ريال وربع ريال سعودي من الفضة ، وفي ذلك عبرة لمن اعتبر.
وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «خير الصداق أيسره» [صحيح الجامع: 3279].
فيا سبحان الله العظيم ..أين هذه الأمثلة العالية الرفيعة مما يسمع في هذا الزمن من التنافس في غلاء المهور ، وكسر ظهور الشباب الذين يريدون الزواج من أجل العفاف؟
رجلٌ يطلب لابنته مهراً بمئات الآلاف ، وآخر يشترط لنفسه سيارة أو منزلاً ، وغيرها من الشروط التي تنفِّر الشاب من الزواج ، حتى إذا تزوج تحمَّل بالديون الثقال إلى سنين طوال ،بل إن بعضهم يبلغ ولده إلى سن الحلم وهو حتى الآن لم ينته من تلك الديون، والله المستعان.
وهذا سؤال أوجِّهه إلى كل وليِّ أمر ولاَّه الله رعاية أمة من إمائه فأقول:
هل تريد أن تكون حياة ابنتك بعد الزواج مع زوجها ، حياةً سعيدة ، بعيدةً عن هم الديون والفقر؟.
أم تريد أن تكون حياتها بعد الزواج مع زوجها ، حياةً ممتلئةً بالأحزان والهموم ، والمطالبة بالديون ، بل ربما حاول زوجها الانفصال عنها حتى يسدد الديون التي كانت من وراء زواجه منها؟
لاشك ولا ريب أنَّ الأب الحنون المؤمن بالله ، والسائر على سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يريد إلاَّ الحياة السعيدة المطمئنة ، لابنته ولزوجها.
فإذا كان هذا فاتبع هدي الحبيب (صلى الله عليه وسلم) في صداق ابنتك وكن كما قال (صلى الله عليه وسلم): "يسِّروا ولا تعسِّروا " [صحيح الترغيب: 2674]
وإليك هذه القصة التي سجلها التاريخ ، وتحدث الناس بها ، إنها قصة ذلك العالم الجليل ، النقيِّ التقيِّ ، سيد التابعين ، وفقيه المدينة النبوية ، إنه سعيد بن المسيب (رحمه الله):
( قال ابن كثير في البداية والنهاية: وقد زوج سعيد بن المسيب ابنته ، على درهمين لكثير بن أبي وداعة ، وكانت من أحسن النساء ، وأكثرهم أدباً ، وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) ، وأعرفهم بحق الزوج ، وكان زوجها فقيراً فأرسل إليه خمسة آلاف ، وقيل بعشرين ألفاً وقال: استنفق هذه ، وقد كان عبد الملك خطبها لابنه الوليد فأبى سعيدٌ أن يزوجه بها ).
فرحم الله سعيد بن المسيب ؛فإنَّه لم يزوِّج ابنته من أجل المال والرياء والسمعة ، وإنما زوجها من أجل الدين والستر والأخلاق الفاضلة والاستقامة ، وهكذا ينبغي أن يزوج الأولياء مولياتهم إن كانوا رجالاً مؤمنين ناصحين.
وقد سئل فضيلة الشيخ العلاَّمة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- ، فيمن يغالون في المهور ويطلبون عند تزويج بناتهم مبالغ كبيرة ،إضافةً إلى المشترطات الأخرى... فهل هذه الأموال حلال أم حرام؟(111/500)
فأجاب:- ( المشروع تخفيف المهر وتقليله، وعدم المنافسة في ذلك عملاً بالأحاديث الكثيرة الواردة في ذلك ، وتسهيلاً للزواج ، وحرصاً على عفة الشباب والفتيات ، ولا يجوز للأولياء اشتراط أموال لأنفسهم؛ لأنه لاحق لهم في ذلك ، بل الحق للمرأة وحدها إلاَّ الأب خاصة فله أن يشترط مالا يضرّ بالبنت ولا يعيق تزويجها ، وإن ترك ذلك فهو خيرٌ له وأفضل ، وقد قال تعالى: { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [النور: 32]
وقال (صلى الله عليه وسلم) من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- : « خير الصداق أيسره » [صحيح الجامع: 3279].
وقال (صلى الله عليه وسلم) لمَّا أراد أن يزوج أحد أصحابه ، امرأةً وهبت نفسها له (صلى الله عليه وسلم): « التمس ولو خاتماً من حديد »، فلمَّا لم يجد زوَّجه إيَّاها على أن يعلَّمها من القرآن سوراً عدّدها الخاطب. [صحيح أبي داود: 1856]
وكانت مهور نسائه (صلى الله عليه وسلم) خمسمائة درهم تعادل اليوم مائة وثلاثين ريالاً تقريباً، ومهور بناته أربعمائة درهم تعدل اليوم مائة ريال سعودي تقريباً ، وقد قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [الأحزاب من الآية: 21] ،وكلما كانت التكاليف أقل وأيسر سهل إعفاف الرجال والنساء، وقلَّت الفواحش والمنكرات ،وكثرت الأمة.
وكلَّما عظمت التكاليف، وتنافس الناس في المهور، قلَّ الزواج وكثر السفاح، وتعطل الشباب والفتيات إلاَّ من شاء الله.
فنصيحتي لجميع المسلمين في كلِّ مكان تيسير النكاح ،وتسهيله والتعاون في ذلك، والحذر كل الحذر من المطالبة بالمهور الكثيرة، والحذر أيضاً من التكاليف في الولائم، والاكتفاء بالوليمة الشرعية التي لا تكلِّف الزوجين كثيراً ...أصلح الله حال المسلمين جميعا،ً ووفقهم للتمسك بالسنة في كلِّ شيء.
• في صالة الأفراح :
لا شك أن للزواج فرحته وبهجته ، وللزواج قيمته ونعمته ، وقد جاءت الشريعة الغرَّاء المطهرة لتقرير هذه الحقيقة ولتجعل من ليلة الزفاف ليلة سعادةٍ وأنسٍ ومحبة ، في حدود ما سنَّه لنا خير المرسلين( صلى الله عليه وسلم).
فليس الإسلام ما يمنعك من التمتع في ليلة عرسك وفرحتك، وليس الإسلام ما يجعل من ليلة عرسك ليلةً جامعةً للأحزان.
وأيضاً...
فليس في الإسلام ما يبيح لك أن تقترف ما تشاء من المعاصي والآثام ، بحجة أن هذه هي ليلة الأفراح.
أخي إنَّ هذا الزواج قائم على أمر شرعي منذ التقدم للخطبة إلى أن يشهر الزواج بل وحتى بعد الزواج. فإذا علمت هذا بارك الله فيك، فاعلم أيضاً أنَّ الوليمة التي تقام لهذا الزواج يجب أن تكون على ما يحبه الله ويرضاه ، حتى يبارك للعروسين في زواجهما وفي ذريتهما.
فإليك هذه الوصايا والنصائح من هدي الحبيب (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه الكرام -رضي الله عنهم- في وليمة العرس ، مع ذكر بعض المنكرات الواردة في هذا العصر داخل صالات الأفراح على سبيل الإيجاز لا الحصر والله المستعان:
أولاً: الدعوة إلى الوليمة...
من تدعو إلى حفل عرسك...؟
هل ستدعو الأغنياء والوجهاء.. وتنسى الفقراء والمساكين.. ولربما تقول لماذا أدعو الفقراء والمساكين ، وما الذي أستفيد وأرجو من ورائهم?
أقول لك تذكر قول حبيبك (صلى الله عليه وسلم) حينما قال: « شرّ الطعام طعام الوليمة , يدعى إليها الأغنياء ويترك المساكين , ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله » [صحيح الترغيب:2152]
فهل تريد أن يكون حفل عرسك من شرِّ الطعام.....
ولا تنس دعوة الصالحين من عباد الله أغنياءً كانوا أو فقراء فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « لا تصاحب إلاَّ مؤمناً ولا يأكل طعامك إلاَّ تقيِّ » [صحيح أبي داود: 4045]
و احذر أيها الأخ الكريم من التكلِّف، والمباهاة في كروت الدعوة حتى أنَّ هناك من الناس من يطبع كرت عرسه وفرحه بمئات الريالات ، ونسي أنَّ هذا الفعل من الإسراف والتبذير.
إذاً أخي بارك الله فيك ادعُ من شئت من أحبابك وخلاَّنك وأقربائك وجيرانك ، ولكن احذر التبذير وطرد المساكين .
وينبغي عليك البعد عن استئجار قصور الأفراح الغالية التي ترهقك بكثرة أسعارها ، والاقتصار على مكانٍ آخر لا يكلِّف كثيراً ، و احذر بارك الله فيك من الرياء والسمعة في كلِّ ذلك، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): « من سمَّع سمَّع الله به ، ومن يرَاء يراء الله به » [صحيح الترغيب: 26]
ثانياً: لا تسرف في طعام الوليمة...
إنَّ مما يحزن ما نراه في كثير من الحفلات من الإسراف ،والتبذير في المأكولات والمشروبات، وليت شعري هل هذا الإسراف فيه شهامةٌ وكرامةٌ ،أو نخوةٌ وأصالة ، كلاَّ وربي ، بل فيه سخطٌ وندامةٌ ، ومحاسبةٌ وإهانة.
عجيبٌ حال أمتنا بعد أن كنَّا جياعاً لا نجد ما نأكل ، منَّ الله علينا فأغدق علينا نعمه ظاهرةً وباطنة ، فيا ليتنا صنَّا هذه النعمة وحفظناها ، ولكن أصبح الكثير منَّا يتفاخر بالإسراف فيها فالله المستعان.
فاحذر أخي من الإسراف في حفل عرسك ، واصنع من الطعام قدر الكفاية لمن دعوت ، واحذر أخي من سخط الله وعقابه ، ولا أظنه يخفاك قول الباري عز وجل: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } [الأعراف من الآية: 31], وقوله: { إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً } [الإسراء: 27]
ثمَّ إن كان هناك فائضٌ من الطعام بغير قصدٍ منك ، فاصرفه على المساكين والفقراء ، أو إلى الجمعيات الخيرية لجمع الفائض من الطعام.
ثالثاً: كيف تحيي ليلة العرس؟
لا بأس من إظهار الفرح والسرور في ليلة العرس , وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « فصل ما بين الحلال والحرام الدفّ والصوت في النكاح » [صحيح ابن ماجة: 1538], وعن عائشة أنَّها زفت امرأة إلى رجلٍ من الأنصار فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): « يا عائشة ما كان معهم من لهو؟ فإنَّ الأنصار يعجبهم اللهو » [غاية المرام: 397]
وإلى مزيدٍ من الإيضاح ، استمع إلى كلام مفتي عام المملكة العربية السعودية ، سماحة الشيخ العلاَّمة: عبد العزيز بن باز -يرحمه الله- ، حيث قال في هذه القضية:-
( أمَّا الزواج فيشرع فيه ضرب الدفِّ مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوةٌ إلى محرَّمٍ، ولا مدح لمحرَّم في وقتٍ من الليل للنساء خاصة لإعلان النكاح، والفرق بينه وبين السفاح كما صحَّت بذلك السنة من النبي( صلى الله عليه وسلم).
أمَّا الطبل فلا يجوز ضربه في العرس ، بل يكتفى بالدفِّ خاصة، ولا يجوز استعمال مكبرات الصوت في إعلان النكاح ويقال فيه من الأغاني المعتادة ؛لما في ذلك من الفتنة العظيمة، والعواقب الوخيمة، وإيذاء المسلمين.
ولا يجوز أيضاً إطالة الوقت في ذلك ،بل يكتفى بالوقت القليل الذي يحصل به إعلان النكاح؛ لأنَّ إطالة الوقت تفضي إلى إضاعة صلاة الفجر والنوم عن أدائها في وقتها، وذلك من أكبر المحرَّمات ومن أعمال المنافقين) أ. هـ.
والملاحظ هنا أنَّ إحياء الزواج إنَّما يكون بالدفِّ وأنَّه خاصٌ بالنساء ، خاليا من كلام الفحش , والرذيلة ،نقياٌّ من الغيبة والنميمة ، ولا يكون في أوقاتٍ طويلة، وساعاتٍ متأخرةٍ من الليل.
ولكن الذي نراه هذه الأيام في كثيرٍ من الأفراح شيءٌ عجيبٌ.. حيث توضع مكبرات الصوت ، ويؤتى بالمطربات ومعهنَّ الطبول والمزامير والعود ، وإذا تعبت المطربة وتعب صوتها، فإنَّ إلى جانبها آلة التسجيل تفتحها وتضع الموسيقى والغناء ، ناهيك عن رقص النساء الكاسيات العاريات ، وقد حرَّم الله سبحانه وتعالى المزامير وحرَّم آلات الطرب فقال عز وجل: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ*وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [لقمان: 6, 7], يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حينما سئل عن هذه الآية : (الغناء ، والذي لا إله إلاَّ هو ، يرددها ثلاث مرات). وقال قتادة عن هذه الآية: (والله لعله لا ينفق فيه مالاً ، ولكن شراؤه استحبابه ، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق وما يضرّه على ما ينفعه).
فأين من يقول إذا نصح عن جلب الغناء والمزامير في ليلة عرسه قال بقلبٍ قاسي:
(أتريد أن يكون فرحنا عزاءً) .........
فيا سبحان الله أأصبح من يتمسك بما أمر الله به ويتجنب سخط الله أصبح فرحه عزاءً؟!
إذاً فماذا نقول في عرس صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، بل قبلهم عرس رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟؟؟
أخي: والله إنَّ العزاء والتعاسة فيمن لوَّث ليلة عرسه بهذه المنكرات ، ولا تكون هذه المقولة إلاَّ ممن انتكست فطرته، وقلَّت مخافة الله في قلبه.
فاحذر أيها المؤمن بأحكام الله من أن تلوث ليلة عرسك بهذه المنكرات ومزامير الشيطان ، سواءً عند الرجال أو عند النساء.
وأسأل الله العليَّ العظيم أن يهدي قلوبنا وينوِّر صدورنا.
رابعاً: منكرٌ عظيمٌ وقبيح...
و احذر من أن تتبع أقوال الوشاة ،والمقلِّدين الذين يجرون وراء كلَّ ناهقةٍ وناعقة ،ويطالبون بأشياءٍ وتقاليدٍ تخالف عاداتنا وتقاليدنا وما مضى عليه آباؤنا من الحياء والغيرة ،فضلاً عمَّا يأمرنا به ديننا الحنيف من التعفف والحياء ، ولعلَّ من هذه المنكرات ، منكرٌ عظيمٌ وقبيح تتقذر منه النفوس المؤمنة لله وترفضه النفوس التي تربَّت على الشهامة والحياء والشجاعة والغيرة على المحارم. وهي ما تسمى (بالمنصة أو الزفة) ،حيث يخرج الرجل مع عروسه ليلة عرسه، أو يجلس بجوارها مع رجالٍ ونساء، أو نساءٍ فقط من غير محارمهم ؛ لينظر الرجال إلى العروس وجمالها ، وينظر النساء إلى العريس وابتساماته؛ ومما يزيد الطينة بلة أن يقف الرجل مع عروسه بين النساء وهنَّ من غير محارمه؛ فينظر إليهنَّ وهنَّ يرقصن ويتمايلن ويغنين ،ولربما كنَّ كاشفات عن عوراتهنَّ بلباس الخنا والفجور لباسٌ خالٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ من المروءة والشيم؛ أضف إلى ذلك التصوير الذي يكشف عورات نساء المسلمين .
فقل لي بربك أيها المؤمن الغيور:
أين الحياء عند مثل هذه الحال...؟؟
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- :
(( ومن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمن وضع منصةٍ للعروس بين النساء، ويجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات ،وربما حضر معه غيره من أقاربه أو أقاربها من الرجال ، ولا يخفى على ذوي الفطرة السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير؛ وتمكِّن الرجال الأجانب من مشاهدة الفتيات المتبرجات ،وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة. فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسماً لأسباب الفتنة، وصيانةً للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر )) أ. هـ .
أخي المقبل على الزواج: والله ما أظنك إلا رجلاً غيوراً على عرضك وأعراض المسلمين ،محباً للحياء، كارهاً لأعمال أهل السفور...
إذاً فلا تتبع مثل هذه المنكرات، وحارب أهلها. وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
في مخدع العروس...
وهنا ندخل معك أخي الكريم إلى قفصك الذهبي كما يقال؛ ولهذا أهدي إليك هذه الوصايا عسى أن تتذكرها عند دخولك على عروسك ؛وهي نابعةٌ من منهل الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة رحمهم الله:
أولاً: ملاطفة الزوجة والأنس معها:
وذلك لما فيه من تآلف القلوب، وانشراح الصدور وذهاب القلق والروع،ويكفي في ذلك أن يكون لنا أسوة حسنة في قدوتنا وحبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم)؛ حيث تقول أسماء بنت يزيد بن السكن: (إنِّي قيَّنت ((أي: زيَّنت )) عائشة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم جئته فدعوته لجلوتها ((أي: للنظر إليها مجلّوة مكشوفة)) فجاء ، فجلس إلى جانبها ، فأتى بعس لبن ، فشرب ، ثم ناولها النبي (صلى الله عليه وسلم) فخفضت رأسها واستحيت ، قالت أسماء: فانتهرتها ، وقلت لها: خذي من يد النبي (صلى الله عليه وسلم) قالت: فأخذت ، فشربت شيئاً ، ثم قال لها النبي (صلى الله عليه وسلم): « أعطي تربك » ((أي: صديقتك )) قالت أسماء فقلت بل خذه فاشرب منه ثم ناولنيه من يدك ، فأخذه فشرب منه ثم ناولنيه ، قالت: فجلست ، ثم وضعته على ركبتي ، ثم طفقت أديره واتبعه بشقي لأصيب منه شرب النبي (صلى الله عليه وسلم)، ثم قال لنسوةٍ عندي: ناوليهن ، فقلن: لا نشتهيه! فقال (صلى الله عليه وسلم): « لا تجمعن جوعا وكذبا ».
أخي .. تكون الملاطفة أيضاً بالحديث، والمناقشة، والضحكة والابتسامة؛ لطرد الوحشة وإدخال الألفة.
ثانياً: لا تنسى الدعاء بمثل هذا...
وهو أن يدعو الله عز وجل بالبركة ، وذلك بأن يضع يده على مقدمة رأسها ، ويسمي الله تبارك وتعالى ، ويقول ما جاء في قوله (صلى الله عليه وسلم): « إذا أفاد أحدكم امرأةً أو خادماً أو دابة ، فليأخذ بناصيتها ، وليدع بالبركة. وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها ، وخير ما جبلت عليه ، وأعوذ بك من شرِّها ، وشرِّ ما جبلت عليه » [صحيح الجامع: 360]
ثالثاً: ابدأ حياتك الزوجية بالصلاة :
لا بأس أن تصلي مع زوجتك ركعتين ، وهذا منقول عن بعض السلف رحمهم الله؛ وذلك لما فيه من الألفة وجمع الشمل، فعن شفيق قال: جاء رجلٌ يقال له: أبو حريز ، فقال إنِّي تزوجت جاريةً شابةً بكراً إنِّي أخاف أن تفركني ، فقال عبد الله بن مسعود: (إن الإلف من الله ، والفرك من الشيطان ، يريد أن يكرِّه إليكم ما أحلَّ الله لكم ، فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين)
وروي أن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- تزوج امرأة ، فلما دخل عليها وقف على بابها ، فإذا هو بالبيت مستور فقال: ما أدري أمحمومٌ بيتكم أم تحوَّلت الكعبة إلى كندة؟ والله لا أدخل حتى تهتك أستاره!
فلما هتكوها... دخل... ثم عمد إلى أهله فوضع يده على رأسها... فقال: هل أنت مطيعتي رحمك الله؟ قالت قد جلست مجلس من يطاع ، قال: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لي: « إن تزوجت امرأة فليكن أول ما تلتقيان على طاعة الله » فقومي فلنصل ركعتين ، فما سمعتني أدعو فأمِّني ، فصليا ركعتين وأمَّنت ، فبات عندها ، فلما أصبح ، جاءه أصحابه ، فانتجاه رجلٌ من القوم ، فقال: كيف وجدت أهلك؟ فأعرض عنه ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، فلمَّا رأى ذلك صرف وجهه إلى القوم وقال: رحمكم الله ، فيما المسألة عما غيبت الجدران والحجب والأستار؟! بحسب امرئ أن يسأل عمَّا ظهر ، إن أخبر أو لم يخبر.
رابعاً: ما يقال حين الجماع:
هذه الكلمات إن قلتها قبل جماعك أهلك ، وكتب الله بينكما ولداً لم يضرَّه الشيطان أبداً. وهي:
« بسم الله, اللهمَّ جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا »
قال (صلى الله عليه وسلم): « فإنَّه إن قضي بينهما ولد من ذلك لم يضرَّه الشيطان أبداً » [صحيح الجامع: 5241]
وصية أمٍ لابنتها في ليلة زفافها : ...
قالت أمٌ لابنتها وهي في ليلة دخلتها:
أي بنية: إنَّ الوصية لو تركت لفضل أدبٍ لتركت ذلك لك ، ولكنَّها تذكرةٌ للغافل ومعونةٌ للعاقل ، ولو أنَّ امرأةً استغنت عن الزوج لغنى أبويها ، وشدة حاجتهما إليها ، كنت أغنى الناس عنه ، ولكنَّ النساء للرجال خلقن ولهنَّ خلق الرجال.
أي بنية: إنَّك فارقت الجوَّ الذي منه خرجت ، وخلفت العش الذي فيه درجت ، إلى وكرٍ لم تعرفيه ، وقرينٍ لم تألفيه ، فأصبح عليك رقيباً ومليكاً ، فكوني له أمةً يكن لك عبداً وشيكاً ، واحفظي له خصالاً عشراً ، يكن لك ذخراً...
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة ، وحسن السمع والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشمَّ منك إلاَّ أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه ، فإنَّ تواتر الجوع ملهبةً ، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله ، والارعاء على حشمه وعياله ، وملاك الأمر في المال حسن التقدير ، وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي له أمراً ولا تفشي له سراً ، فإنَّك إن خالفت أمره أوغرت صدره ، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره..
ثمَّ إيَّاك والفرح بين يديه إذا كان مهتماً ، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.
مسك الختام
وفي نهاية المطاف وقبل الوداع ، أقول لك إن كنت تريد الحياة الزوجية السعيدة ، تريد الاستقرار وراحة البال ، تريد ذريةً صالحةً تحمل بعد الممات الدعوة الصالحة.
تريد أن تجمع السعادة تحت أطناب بيتك ؛فعليك بتقوى الله عز وجل ، ومراقبته في كل صغيرةٍ وكبيرة ، ومعرفة ما لك وما عليك من حقوقٍ وواجبات.
فمن اتقى الله وقاه وكفاه وزاده عزاً في الدنيا والآخرة.
أما إذا أردت أن تعشش التعاسة في بيتك ، وتفرخ ، فاعص الله!!!
أخي إنَّ المعاصي تهلك دولاً وشعوباً , وتزلزل محيطاتٍ وقارات ، فلا تجعلها تدمر بيتك وتحرق سعادتك.
وقد كان أحد السلف الصالح يقول: (والله إنِّي لأرى أثر المعاصي على دابتي وزوجتي).
فاتق الله في أهلك، وكن عونا لهم على طاعة الله، وكن عند قول الله تبارك وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }. [التحريم: 6]
قال ابن كثير : أي تأمر نفسك وأهلك من زوجةٍ وولدٍ وإخوانٍ وقرابةٍ وإماءٍ وعبيد بطاعة الله؛ وتنهى نفسك وجميع من تعول عن معصية الله تعالى؛ وتعلِّمهم وتؤدِّبهم ، وأن تقوم عليهم بأمر الله ، وتأمرهم به وتساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصيةً ، قذعتهم وزجرتهم عنها. وهذا حقٌ على كلِّ مسلمٍ أن يعلِّم من هم تحت إمرته ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه.
فأوصيك أخي أن تتقي الله وتحافظ على أوامره وتجتنب نواهيه.
وأسأل الله العلي القدير أن يجمع لك شملك ويجعل التوفيق والرشاد حليفك
وبارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسول الله.
المصدر http://www.islamway.com
ـــــــــــــــــــ(112/1)
زوجي امنيتي ان تقول : اني احبك !!
الشيخ مازن الفريح
الكثير من الزوجات يشكين التصحر والجفاف في حياتهن الزوجية ،ويفتقدن الكلمات العاطفية، ويعانين جدباً في العبارات الغزلية ،التي يتمنين أن يسمعنها من حبيب الروح وهوى الفؤاد ..إنهن يعشن حياة سطحية بائسة ولقاءات جافة جامدة لا تتجاوز أحاديث الحياة اليومية وهمومها، والتذكير بالواجبات المنزلية ومشكلاتها ،ويقابل هذا التفريط ،إفراط في كلمات التوبيخ عند الخطأ والتقصير ..
(زوجي الحبيب !! لماذا تبخل عليّ بكلمة حب ولمسة حنان و تستكثر عليّ عبارة غزل اشتاق قلبي لسماعها منك ..إنها تبذل رخيصة بمعاكسة هاتفية ومكالمة شيطانية ينطق بها بعض الذئاب البشرية ليستغلوا بها ضعف المرأة وحاجتها إلى تلك العاطفة ..)..هذا ما قالته زوجة تعيش على هامش حياة زوجها المشغول فلم تجد من تبث إليه شجونها وحسراتها سوى الورقة والقلم..
وأخرى كتبت لزوجها تعاتبه (أقسم بالله ..أمنيتي أن أسمعك تقول لي يوماً _ولو كنت كاذباً_ إني احبك ..لقد تقرح قلبي وأنا أسمعك تتبادل مع زملائك في الهاتف عبارات معسولة وكلمات جميلة فتمنيت أني واحداً من أصحابك ..سبحان الله !! لماذا تضن علي بمثل هذه الكلمات وتستكثر علي هذه الابتسامات وأنا أم أولادك وراعية بيتك؟؟من غيرك يداوي جراحي ويخفف آلامي ويملأ فراغ نفسي ؟ !)
هذه نماذج لتلك الرسائل وما بقي في حبيس الصدور ولم يصل إلى السطور أكثر وأعظم..
أيها الزوج ..لا تضن على زوجتك بكلمة رقيقة وابتسامة مشرقة وهمسة حلوة ونظرة مشفقة لتشبع عاطفتها وتؤنس وحشتها في دوحة بيتك ..فالأمر يسير لا يحتاج منك إلى كثير جهد لو أدركت أهميته في في حياتك الزوجية ..وهناك من المهارات الزوجية والأساليب العاطفية الشيء الكثير الذي تستطيع به أن تشبع بها عاطفة زوجتك الأنثوية وتعبر بها عن محبتك القلبية ومنها :
1- التصريح بالكلمات الغزلية والعبارات العاطفية ..قل لها على سبيل المثال : إني أحبك ..واقتد بنبيك صلى الله عليه وسلم الذي عندما سئل عن أحب الناس إليه قال :عائشة..هذا والسائل رجل فكيف لو خلى بزوجته صلى الله عليه وسلم.
2- استخدم بعض الألفاظ الرقيقة والألقاب الجميلة عند مناداتها والتي تدل على حبك لها وإعجابك بها .
3- أظهر إعجابك بفستانها وصرّح بجمال تناسبه مع قوامها .
4- امتدح مواضع الجمال في جسدها وأسهب فان النساء يفضلن في هذا المقام التفصيل على الإجمال والتطويل على الاختصار .
5- احرص على التقارب الجسدي بينك وبين زوجتك فله أثر كبير في إشباع مشاعرها وتنمية حبها ،وقد كان صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر عائشة وأحيانا يضعه عند نحرها ...
6- استمع اليها وقدّر وجهة نظرها واتبع الحكمة والرفق في تسديد خطائها .
7- اغفر زلاتها وغض طرفك عن هفواتها وكن معيناً لها عند ضعفها وهي الضعيفة ما بقيت.
وبعد ، فهل تسمع الزوجات من أزواجهن من الغزل ما يرطب جفاف حياتهن ويسر قلوبهن ؟! أم ستتحطم القوارير على صخور قاسية وقلوب جافية.
المصدرhttp://www.naseh.netl
ـــــــــــــــــــ(112/2)
الزوج أولاً... والزوج ثانياً!!
كتبه : الشيخ مازن الفريح
جاءني يبحث عن زوجة ثانية ،وامرأة مؤاتية، أينما طلبها لبت النداء ، لا تنشغل عنه بتربية الأبناء ،ولا تعتذر بكثرة الأعمال والأعباء .
قال :أريد أن أعيش معها أجواءً "رومانسية" ،وانعم وإياها بساعات هدوء وحب عسلية ..أُلاعبُها وتلاعبني لا طفل عندها يأخذ لبها عني فتتركني ..أتذكر معها أيامي الأولى من عرسنا ، حيث لا طفل يبكي فيكدر علينا سعادتنا وأُنسنا ...ثم هز رأسه وقال : آه ..كم أتمنى تلك الأيام.. وكم أنا مشتاق لتلك اللقاءات وما فيها من عذوبة كلام ..
قلت : وما ذنب زوجتك وقد عكفت على أبنائك ؟..وحنت ظهرها على فلذات فؤادك وهل جزاؤها منك إلا الشكر ، و( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ).؟؟!
قال : ولكنها آثرت أولادي عليّ ، ولم تلتفت إلي، فإذا جئت ألفيتها مشغولة البال ،جسدها عندي وقلبها عند العيال!!
قلت: وهل ستتزوج عقيماً؟ ينبغي أن تعلم أن انشغال الزوجة عن زوجها بأبنائها أو بأعمالها له سببان أحدهما الزوج والآخر الزوجة
فالزوج قد تنصل من مسئوليته في تربية أولاده وإدارة بيته ،والزوجة لم تحسن إدارة مملكتها وتوزيع واجباتها.. وليس الحل لهذا الانشغال الزواج بثانية، ولذا فاني أقترح عليكما أموراً منها :
أ_ تعاونا في الأعمال الخدمية داخل البيت فقد كان صلى الله عليه واله وسلم يشارك أهله في ذلك.
ب_ ليكن للزوج دوره الفاعل في تربية أبنائه .
ج_ تجتهد الزوجة في ترتيب واجباتها وفق ساعات الليل والنهار بحيث تتفرغ لشئون الزوج عند مجيئه.
د_ تنظيم النسل حتى لا يكون متتابعاً تتابعاً يضني الزوجة ويتعبها ويشغلها عن زوجها .وقد قال جابر رضي الله عنه (كنا نعزل والقرآن ينزل)
هـ_ تفويض بعض شئون الأبناء إلى البنات الكبار ،فتقوم البنت الكبرى _على سبيل المثال _ ببعض الرعاية والاهتمام بإخوانها وأخواتها الأصغر منها سناً .وفي هذا تدريب لها على تربية الأبناء وإدارة البيت قبل الزواج وهو ما تفتقده الكثيرات من بناتنا في هذه الأيام.
وكما إن الواجب على الزوجة أن يكون شعارها الزوج أولا والزوج ثانياً فان الواجب أيضا على الزوج أن يكون شعاره أمك أولاً ثم زوجتك ثانياً فأبناؤك ثالثاً .....وأصدقاؤك عاشراً!!
http://www.naseh.netالمصدر
ـــــــــــــــــــ(112/3)
في الحياء والخجل: هل فقدنا خفر العذارى؟
ذكاء قلعة جي
الحياء شيمة يسمو بها الإنسان عما دونه من المخلوفات، وخصلة منحها الله ليحفظ بها ماء وجهه، ويرتدع عن ارتكاب المحرمات واجتراح الآثام.
ولكننا نتساءل هذه الأيام هل أضحت هذه الصفة عملة نادرة في أسواقنا التربوية، فأصبح الكثير من شباب وصبايا المسلمين يجاهرون بالمعاصي تحت ستار الحداثة ومسوح التحرر.
خط دفاع هام
كان الحياء من الأخلاق العربية الأصيلة التي يتفاخر بها العرب قبل الإسلام، فها هو عنترة العبسي يفتخر قائلا:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مخباها
وجاء الدين الحنيف ليطالبنا بالحرص على هذه الخصلة الكريمة ولنعض عليها بالنواجذ، ولم لا؟ فهي شعبة من شعب الإيمان وخط الدفاع الأول من الوقوع في المشاكل والإثم.
وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يوصف بأنه أشد حياء من العذراء في خدرها.
وينبهنا الداعية مصطفى السباعي في كتابه (هكذا علمتني الحياه) إلى أهمية الحياء في استقامة السلوك بقوله (إذا همت نفسك بارتكاب المعاصي فذكّرها بشيم الكرام، فإذا لم ترتدع، فذكّرها بالله، فإن لم ترتدع فذكّرها بالفضيحة بين الناس، فإن لم ترتدع فاعلم أنك قد غدوت حيواناً).
ورحم الله جدتي إذ كانت كثيراً ما تردد على مسامعي ترحمها على أيام زمان، فقد كان لكل شيء أصوله وقوانينه ، فالكبير كبير والصغير صغير، أما اليوم فقد اختلط الحابل بالنابل، ولم تعد هناك مقامات معروفة.
فعندما كان يحدث اجتماع كبير للعائلة والأصدقاء، كان يفرد للأطفال مجالس خاصة يجلسون بها يلعبون ويمرحون، حتى لا تلتقط آذانهم ما لا يجب أن يستمعوا إليه من كلام وأحاديث وكانت الفتاة العازبة لا تتزين بالأصبغة والألوان، وتكتفي من الملابس البسيطة والمحتشمة، ولا تجالس المتزوجات أو تشاركهن أحاديثهن، فحافظت بذلك على خفرها وخجلها بل أن خدودها تتضرج بالحمرة حياء عندما يذكر أمامها أمر الخطبة والزواج،أما الأن فلم تعد تحمر إلا بوضع الأصبغة عليها.
السيدة حسناء عربية الأصل ولدت في أمريكا، ومازالت تقيم فيها. في إحدى اللقاءات التي جمعتنا عبرت لها عن إعجابي الشديد لالتزامها بالحجاب الإسلامي منذ نعومة أظفارها، رغم أنها عاصرت فترة لم تكن المدارس الإسلامية متوفرة في أمريكا فأعادت الأمر إلى الحياء، حيث ربتها والدتها على الحشمة والتمسك بالحجاب وعدم الاختلاط بالرجال، ولقد تعلمت من تجربتها هناك أن تغيير الأفكار عند الناس أسهل من نزع الحياء من نفوسهم إذا كانوا تربوا عليه منذ الصغر.
وتدعو السيدة حسناء إلى عدم جعل الحجاب مجرد عادة عند الفتاة، بل أن نجعل منه وسيلة لتسهيل أداء العبادات وصيانة الأخلاق.
ولكننا نلاحظ الآن أن بعض الأمهات تتساهلن في هذا الأمر، فيسمحن لبناتهن بلبس ما شئن من الثياب، وحجة الأم في ذلك أن تشبع الفتاة رغبتها من لبس مثل تلك الملابس قبل تصبح محرمة عليها شرعاً!
البيت أولاً وأخيراًًَ
يظل المنزل المنبع الأهم والأول في تنشئة الطفل على الخصال الحميدة ومكارم الأخلاق، وكل ما عداه هي روافد ثانوية، أو رماد بإمكان أي عاصفة أو ريح أن تزيحه ليبقى التوهج الحقيقي لشخصية الإوالتعرف على أحوال المسلمين في الدول الغربية أكبر برهان على ذلك، فالفتاة الباكستانية حتى ولو ولدت وتربت في بلاد الغرب تبقى محافظة على احتشامها، والفتاة المسلمة في فرنسا وقفت أمام المحاكم حتى لا تنزع حجابها.
وبما أن المجتمع الفاسد لا يشكل أية قوة بالنسبة للحياء فمن الواجب أن نزيد جهودنا لتنميته في نفوس أولادنا وبناتنا، فبالنسبة لي، أنا لا ألبس ابنتي الملابس القصيرة، ولا أعودها على ارتداء ملابس البحر، لا نمي بذرة الحياء الموجودة في نفسها ويصبح من الصعب عليها أن تفكر في عدم الاحتشام، كما أني أظهر استهجاني لكل منظر يخدش الحياء وانتقد كل سلوك لا أوافق عليه، كل ذلك لكي تشب وهي محصنة بالعفة والخفر.
وجوهرة الكلام، يجب أن نعترف جميعاً أن تربية الأطفال وغرس بذرة الحياء في نفوسهم ليس منوطاً بالأسر ة وحدها، إنها مسألة ذات خطوط عديدة ومتشابكة، ولكن ماذا نفعل إذا خرجت كل الخيوط من أيدينا ولم يبق لنا إلا خيط واحد نحركه هنا من منازلنا، إن قصارى ما نستطيع فعله هو أن نمسك هذا الخيط بحزم وبحرص ونحركه بحكمة وحذر، فقد نستطيع أن نحفظ البقية الباقية من ماء الحياء في وجوه أجيالنا.
http://www.bab.com/المصدر
ـــــــــــــــــــ(112/4)
رأس مالك صلاح أبنائك
هو وهي في كل مجلس تسمع لهم بعضا من الدعوات الصادقة بصلاح الأبناء والذرية لأنهم يعلمون أن الولد الصالح صدقة جارية لوالديه ينتفعون به في الدنيا وبعد الممات بل إن صلاح الذرية من أعظم آلا ما ني لكل أب وأم ،إلا أن هناك فئة من الآباء والأمهات لا يسعدهم تدين أبنائهم وصلاحهم والعياذ بالله كما هو مشاهد اليوم في بعض البيوت الخربة !!فهم يسعون إلى توفير كل ما يفسد أخلاقهم من ألد شوش والمجلات وترك الحرية لهم في تصفح ما يسمى بالإنترنت!! وارتداء ما يخالف الأخلاق والعادات أو إرسالهم إلى بلاد الكفر بحجة التعليم والسياحة فعاشوا بين أفراد المجتمع سلبيون وفاشلون في الأخلاق والدين.
فإلى هؤلاء الآباء أقول:إن التربية الصالحة للأبناء مشروع كبير يحتاج من الوالدين إصلاح أنفسهم وتقويم اعوجا جهم حتى يكونوا قدوات صالحة تحتذى من قبل أبنائهم حتى يحفظ الله الأبناء بسبب صلاح آبائهم إنشاء الله مع الإكثار من الدعاء بأن يصلح الله الأبناء قال صلى الله عليه وسلم ( يولد المولود على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه) وقس على ذلك أو يفسدانه أو يعلمنا نه فالأبناء يتعلمون الصلاة والخير والحلال والحرام من كلام آبائهم وأفعالهم كذلك يتعلمون ترك الصلاة وسماع الغناء والتبرج والسفور وحب الكفار من آبائهم وأمهاتهم ، لذا قال محمد بن المنكدر وهو من العباد الصالحين ((إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده وقريته التي هو فيها فما يزالون في حفظ الله وستره ) وقال عروة بن الزبير بلغت أسماء رضى الله عنها مائة سنه لم يسقط لها سن ولم ينكر لها عقل !!وقال سعيد بن المسيب لابنه بابني إني لاأزيد في صلاتي من أجلك رجاء أن أحفظ فيك ثم تلا هذه الآية (وكان أبوهما صالحاً) فإلى الأبوين جميعا أقول التربية الصالحة لا تأتى بالتمني بل لابد من الاعتماد على الله أولا ودعائه أن يصلح الذرية ثم بتوفير الجو الصالح لهما وللأبوين كذلك مع الحرص على اختيار الرفقة الصالحة لهما وهم موجودون في دور التحفيظ للبنين والبنا ت وفى جماعة التوعية الإسلامية في مدارس البنين والبنا ت ولله الحمد ثم اعلموا أن الطريق صعب وعليكم بالصبر فإن مع الصبر النصر والفرج ،وقد قيل (وينشأ ناشي الفتيان منا على ماكان عوده أبوه ،وقيل أيضاً (التعليم في الصغر كالنقش في الحجر ) ،،،،،،،
http://www.alhttan.comالمصدر
ـــــــــــــــــــ(112/5)
الوهم الكبير
ماجد بن محمد الجهني
الحب من النعم العظيمة التي أنعم الله عز وجل بها على عباده تلك العاطفة النابعة من غريزة أوجدها الله عز وجل في بني آدم لحكمة بالغة فسبحان الله ذي القدرة الباهرة والقوة القاهرة , وحديثي عن هذا الموضوع المتشعب سيكون من زاوية واحدة وعن نوع واحد من أنواع الحب ألا وهي حب الذكر للأنثى وميله لها والعكس صحيح فهذا النوع من العاطفة قد تعرض إلى تشويه ومسخ إن صح التعبير بسبب القنوات الفضائية والمسلسلات الغرامية الكاذبة التي لا تعلم إلا الزيف و الكذب ولا تعد إلا غرورا.
الحب والغرام الأكذوبة الكبرى التي لا يمكن أن تكون حقيقة على نمط المسلسلات المصرية أو الهندية وإن شئت فقل المكسيكية وكل حب بين عشقين خرج عن نطاق الحياة الزوجية فهو أكذوبة كبرى والمحب الذي لايطرق الحب من بابه الصحيح أعني باب الزواج يعيش وهما كبيرا وكذبة وخديعة كبرى يسمونها العشق والغرام,الحب ليس كلمات وآهات وأشجان وعذابات , الحب الصادق هو الذي يقرنه صاحبه بالمواقف ومن قال لفتاة إني أحبك فليقرن قوله بالفعل إن كان صادقا وليتقدم بكل شجاعة لبيت والدها وليقم بالطلب من والدها أو وليها بكل شجاعة ورجولة الزواج من موليته وكل من يعيشون وهم العشق والعلاقات العاطفية من شبابنا لايمكن لهم الإقدام على الزواج من خلال هذا الطريق لأنهم يعلمون جيدا أنه طريق لايشرف المرء بلانتساب إليه. إن الله عزوجل قد أوجد هذه الفطرة في جميع البشر فالأنثى تميل للرجل والعكس صحيح لكنه أمرنا بترشيد هذه الفطرة من خلال الحث على الزواج وإن لم يتيسر ذلك لنا فإن الإرشاد النبوي قد تواصل بحثنا على الصيام وعلى غض البصر وصيانة العواطف والأحاسيس والفروج من الفواحش "ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" فهل فعل كثير من الشباب ذلك ذكورا وإناثا وهل قامت دور التربية بإرشادهم إلى.. وهل قامت وسائل الإعلام المرئي والمقروء والمسموع بإرشادهم إلى ذلك؟؟؟؟؟. لقد فتكت قنوات الأطباق الفضائية بقلوب وعقول شبابنا ونقلت لهم خديعة الحب الموهوم والغرام المشؤوم , من خلال أفلام ومسلسلات لاتخاطب إلا العواطف الكامنة ولاتثير إلا الغرائز الساكنة وصورت حياة اللهو والعبث والمجون والانحلال الغربي على أنه النموذج الذي لابد من الاحتذاء فكانت الكارثة التي نرى تجلياتها من خلال صور العلاقات الآثمة بين كثير من الشباب وانطمست معالم الحب التي تظلل بيوت الزوجية، فالشاب يسعى لإرضاء غرائزه ولا داعي لمسؤوليات الزواج ومتاعبة فالحب والدفء بالنسبة له ولها لا تتجاوز لحظات شهوانية مقيتة مميتة. الحب فوق مستوى الكلمات وفوق مستوى الدبلجة التي صنعتها دهاليز القنوات , الحب الحقيقي فطري بلا محسنات أو أصباغ وهو فوق مستوى الأنانيات وفوق مستوى الأهداف الدونية , وإن الحب شجرة باسقة تزين ظلال الأسرة وتتغذى بماء التضحية لينهمر ثمرها على المجتمع بأسره , هذا هو الحب وهذا هو بحر الحب الذي لاينضب وأما ما يمارسه الكثير من الشباب ,الحب الذي يمارسه الكثير من المراهقين مراهقة مبكرة أو متأخرة ماهو إلا عبث صبياني. إنه الحب بوح خاطر , ودفق مشاعر , وليس حكايات ونوادر , ولا تجليات حبر على ورق ودفاتر , عنوانه الصدق , ووقوده التضحية , وسر ديمومته وبقائه الإخلاص , يروى بماء النزاهة , ويسمو فوق كل دونية ووجاهة , أوجده الله وهو نعمة لاينبغي أن نحولها إلى نقمة , وإن مايمارس من صور الحب التعيس الشقي الذي أشقى أكثر مما أسعد إنما هو بسبب الانحراف في صرف هذه العاطفة , إن الكثير من الشباب والفتيات لايرون الحب إلا من الزاوية التي صورته لهم القنوات والمسلسلات , حب ماكر , بارد وفاتر , حب كرتوني أشبه بمسلسل عاطفي ينتهي بموت البطل أو اختفائه أو انتحاره أو وقوف الأم في وجه روميو لكي لايقترن بجولييت والضحية في النهاية هي تلك الفتاة المكدودة الخاطر المكسورة الجناح التي يمارس في حقها جريمة من أبشع الجرائم ألا وهي جريمة ذبح المشاعر بسكين الزيف والتي لايحاسب عليها القانون للأسف. إنها التجربة الغربية والتصور الغربي لمعنى الحب وللعلاقة بين الأنثى والذكر تلك التجربة الفاشلة التي يريد تصديرها لنا كما هي عادته مع تجاربه الفاشلة التي لاتصدر إلا لعالمنا المغلوب على أمره والذي تحجب عنه جميع التجارب العلمية الناجحة. لقد أوصل الغربيون شبابهم وشاباتهم إلى حالة تعيسة بائسة من تشتت العواطف وتفكك الأسرة والقلق والاضطراب وإلى حالات مزرية من الاغتصاب والشذوذ بسبب كابوس ووهم كبير يسمونه الحب الذي فتح لهم باب الجحيم على مصراعيه , وبعدما رأوا لهيب النار يشتد ضراما تحت أقدامهم انتقلوا للعالم العربي والإسلامي مصدرين إليه ثورة الحب الهوليودي عبر مواخير بيع القيم والذمم من منحطي ومنحطات سينما هوليود فتلقفها فئام من أبنائنا وبناتنا في ظل الغفلة من الكثيرين وعلى جميع المستويات لتنتج لنا في سنوات ظواهر مقززة ومخيفة تغذيها قنوات عربية باعت دينها وأمانتها وأخلاقها وثقافة أمتهاوكرست ثقافة الآخر وراحت ترسم للشر صورا زاهية وألوانا باهية أتعست وضلت وأضلت كثيرا وضلت عن سواء السبيل. لقد تمنى كثير من مشاهير الغرب أن يعيشوا لحظة السعادة الحقيقية بعد أن عبوا في الحياة وداروا مع أمواجها حيث دارت بحثا عن السعادة الموهومة ومملكة الحب المزعومة ولكنهم وبعد أن أفنوا سني عمرهم خلف الأكذوبة صحوا على داء وبيل يتلجلج داخل صدورهم لايرون له شفاء فوق سبيل الانتحار فتردوا في النهايات المخزية بعد تلك البدايات
المزرية وكتبوا رسائل المرارة والحسرة والندم لمن ورائهم مخبرين بالزيف الذي عاشوا فيه ولم يجدوا منه مخلصا سوى كتم الأنفاس. إن المجتمع يجب عليه أن يعي خطورة المرحلة التي يمر بها الشباب ذكورا وإناثا , إن المجتمع بكافة شرائحه وطبقاته منوط به مسؤولية عظيمة توجب عليه أن يفتح باب الحلال على مصراعيه من خلال التنازل عن شيء من قواعده وقيوده المالية الصعبة التي تنهك الشباب وتصل بهم إلى طريق العزوف عن الزواج وعلى الأكاديميين وقبلهم العلماء العاملين والدعاة الصادقين والتجار الأتقياء النابهين أن يتداعوا لإيجاد حل قبل أن ينطلق السيل العرم بطوفانه الهادر الذي يكاد يفتك بفلذات الأكباد.
ـــــــــــــــــــ(112/6)
وسائل للدعوة في المنزل
أبو فيصل الحربي
مقدمة:
المنزل هو البيت الأول لكل واحد منا و فيه يكبر و يتلقى تربيته. إذن فالمنزل هو الركيزة الأولى لتربية النشء و لذلك كان لزاماً إصلاح و تنقية بيئة المنزل و هذا لا يكون إلا بصلاح الوالدين و بقية الأسرة، و ربما يسأل البعض كيف؟ و هاأنا ذا أضع بين يديك بعض وسائل الدعوة في المنزل أسال الله لي و لك التوفيق.
أولاً: ابدأ بنفسك فحاول إصلاح نفسك أولاً و أُبين لك ذلك في عدة نقاط:
• أظهر أثر التدين على نفسك و ذلك بالمحافظة على الصلوات و الحرص على عدم لبس الثياب الطويلة أو الاحتفاظ بأشرطة الغناء القديمة إذا كان لديك.
• التحكم في تصرفاتك فلا تغضب بسرعة و تبدأ بالشتم أو الضرب فذلك يؤدي إلى نفور الأهل منك و عدم تقبلهم لكلامك فيما بعد.
• قم بقضاء حاجيات المنزل و القيام ببعض الأعمال نيابة عن والدك فذلك يدخل السرور في نفسه. و هذه الخطوات السابقة تعين على أن تكون قدوة حسنة للأهل في المنزل و يمهد الطريق للتجاوب معك فيما بعد.
ثانياً:ابدأ بالصغار
فالأطفال الصغار مثل العجين يمكنك أن تشكله و تغيره كيفما شئت و هذه بعض النقاط المهمة:
• أحرص على أن يرافقك الصغار إلى المسجد عند تخطيهم سن السابعة لقوله صلى الله عليه و سلم(مروهم بالصلاة لسبع) و ذلك لتعويدهم على جو المسجد فإذا أدى الفرائض كاملة في ذلك اليوم فقم بإعطائه هدية صغيرة أو أصحبه إلى الدكان و ذلك حتى تتقرب منه و يحرص هو على الصلاة.
• نعلم جميعاً أن الأطفال يحبون الأفلام الكرتونية و نعلم أن كثير من هذه الأفلام تحتوي على موسيقى أو صور للنساء مما يؤدي إلى تعود الطفل على هذه الأمور السيئة منذ صغره و قد ظهر في الفترة الأخيرة أفلام كرتونية تحمل مخالفات عقائدية خطيرة و لكن يمكن تجنيب الأطفال هذه الأشياء السيئة بشراء أفلام كرتونية مسلية و هادفة و لا تتضمن المحاذير السابقة و قد توفرت هذه الأيام عدد لا بأس به من هذه الأفلام و قد تم إعادة إنتاج بعض الأفلام المحببة للأطفال و التي يمكن استبدالها بالقديمة.
ثالثاً: حاول التأثير على الكبار خاصة الذين هم في مثل سنك أو قريب منه و حاول اكتشاف هوايتهم و ميولهم حتى تعرف من أين تأتي كل واحد منهم كما يلي:
• قم بشراء الكتب الدينية المهمة مثل كتب التفسير و الحديث و الفقه و السيرة و المجلات الإسلامية نذكر منها على سبيل المثال مجلتي البيان و الأسرة حتى تكون المنفعة لك أولاً و لمحبي القراءة من أسرتك ثانياً و ذلك لصرفهم عن قراءة الكتب السيئة سواء فكرياً أو باحتوائها على صور النساء أو كلمات الأغاني.
• قم بجمع أشرطة القرآن و المحاضرات و رتبها بصورة جذابة حتى تثير اهتمام الآخرين فيستمعوا إليها و بذلك تكون قد وفرت البديل الإسلامي لهذه الأشياء.
• بعد هذه الخطوات يكونون للتأثر المباشر منك أكثر من ذي قبل فقم بالنصيحة و التوجيه لهم.
رابعاً: الوالدان
الوالدان هما المربيان لكل أفراد الأسرة و المؤثران الرئيسيان خاصة في حالة عدم وجود أخوة كبار من الصالحين. و نظرا لطبيعة العلاقة مع الوالدين فمحاولة إصلاحهما يأخذ بعداً أخر أعقد بكثير مما ذكرنا من قبل و لكن إليك بعض الخطوات المهمة:
• ابدأ بالأم فهي ألين جانباً و أكثر تجاوباً من الأب غالباً و ذلك إذا رأت ما تقوم به من أعمال طيبة سواء لأخوتك الصغار أو للبيت أو لها و ذلك ببرها كما أمرنا الله سبحانه و تعالى.
• قم بالحوار مع والدك و حاول أن لا يحضر الجلسة أناس غرباء كالضيوف مثلاً فذلك بمثابة الإحراج أمام الضيوف و لا تكون مخصصة للإصلاح بحد ذاته حتى لا تشعره أنه المقصود و حده بهذا الحديث بل أثناء حديث عابر مثلاً أو بين الأحاديث و حاول أن لا تجعل أسلوبك أسلوب توجيه الاتهامات كقولك أنت مخطئ أو أنك لا تعرف فحاول أن تدارى ألفاظك بألفاظ أخرى كأن تكون بأسلوب قصة مثل أن تقول تخيل أن شخصاً فعل كذا و كذا من المحرمات أو كقولك من الأفضل أن نقوم بهذا العمل فتشرك نفسك حتى تتجنب الاتهام المباشر. خاتمة ما ذكرته لك الآن يا أخي مجرد اقتراحات و طرق يسيرة التنفيذ إنشاء الله و إن كان لديك اقتراحات أخرى أو تجربة فلا تحرمنا منها اسأل الله لي و لك التوفيق و صلى الله على نبينا محمد و على اله و صحبه أجمعين
ـــــــــــــــــــ(112/7)
نحو جو أسري هادئ
د:يحي اليحي
لاحظ أن الإنسان كلما كان أفقه واسعاً ونظرته بعيدة، وتفكيره ناضجاً، لم ينظر إلى المرأة من جهة واحدة أو كما يقال من بعد واحد. وإنما ينظر إليها نظرة تكاملية من جميع الزوايا.
وفي ذلك سبب للتآلف والتقارب والود والرحمة والصفح والعفو. روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ أَوْ قَالَ غَيْرَهُ "
فهنا يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تلك النظرة البعيدة المدى النظرة العادلة التي لا تتنكر للحسنات، ولا تطوي ملفات الإيجابيات، نظرة القسط والتوسط والتعقل، نظرة واعية متكاملة واسعة تدرك جميع الجوانب، فمتى نظر الرجل إلى زوجته من هذا البعد تقلصت عنده السلبيات، وتوسعت عنده نقاط القوة وغلبت على نقاط الضعف والنقص، وانغمرت السيئات في بحار الحسنات، فتمتع بحياة أسرية هادئة.
وبعكسه صاحب النظرة الآحادية الحادة التي لا تنظر إلا الجوانب السلبية، ونقاط الضعف، وأوجه التقصير، فيتحول إلى العدسة المكبرة التي تعظم الخطأ وتقلل من الصواب، فيعيش حياة القلق والنكد.
والمرأة العاقلة الواعية الراغبة في حياة أسرية هادئة تحاول وتجاهد نفسها على أن تتمثل بهذه الصفات التي أشار إليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلا تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا وَلا فِي مَالِهِ "
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ "
ففي هذين الحديثين يبرز لنا كمال المرأة وتوازن شخصيتها:
1 ـ فهي تسره إذا نظر وهذا بمعنى العناية في الجمال وحسن المظهر، وهذه أشياء مستلزمة لكل إنسان وهي فطرة فطر عليها الرجل والمرأة على حد سواء.
2 ـ وتطيعه إذا أمر: فهي موافقة للرجل وتوافقها معه في جميع أحواله، فملائمة المرأة للرجل وانسجامها معه ومعرفتها بطبع زوجها وتكيفها له من أقوى أسباب السعادة الزوجية وهو من أبرز جوانب المرأة.
3 ـ بعدها عن مواطن الريب ومواضع التهم، وفي هذا أمان لقلب زوجها وبعدا للشك فيها، وحماية لها من القلوب المريضة وهذا أصل أركان المرأة المثالية. فلا تخلو برجل غير محرم لها، ولا تخضع له بالقول، ولا تتكلم معه في غير ضرورة، ولا تطيل معه الحديث.
4 ـ ليست مسرفة في طعامها وشرابها ولباسها، وليست متكلفة لزوجها ما لا يطيق، وليست تقليدية تابعة في مؤخرة الركب همها ماذا لبست فلانة واشترت علانة. بل تعتبر نفسها راعية ومحافظة على مال زوجها.
5 ـ تضفي حنانها على أولادها فتكسب البيت كلها حنانا، فليست شتامة لأولادها ولا غليظة همها الدعاء عليهم، ولا مضيعة لتربيتهم، ولا تترك أولادها للخدم أو الشارع مقابل أن ترتاح من شغبهم وأذاهم، فهي راعية في البيت وحق على الراعي العناية برعيته: " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها " وقد جعل الإسلام لها مقابل أتعابها ورعايتها ثلاثة حقوق على الأبناء، بينما فاز الأب بنصيب واحد.
ومن صفات المرأة الفاعلة الواعية الراغبة في جو أسري هادئ:
6 ـ ليست أنانة ومتمارضة فلا تكثر الشكوى ولا تتمارض من كل عارض أو وعكة خفيفة، فالزوج لا يرغب أن يعيش في مستشفى، ولا يتطلع عند رجوعه من البيت إلى امرأة تزيد من همه وغمه، وإنما يتطلع إلى زوجة يسكن إليها ويفضي عندها همه وأتعابه.
7 ـ ليست منانة تذكر كل حسناته وما فعلته وتجير بعض مصالحها وأعمالها الشخصية بأنها من أجل زوجها. فإن صنعت طعاما تريده قالت: من أجلك فعلته، وإن لبست ثوبا ترغبه، قالت: لأجلك لبست ... .
8 ـ بعيدة عن الروتين والجمود على حال واحدة.
إن تغيير الروتين في المنزل من أسباب تنقية الأجواء وتحسينها سواء كان ذلك في أثاث المنزل، أو في اللباس، أوالعادات في الأكل والشرب، فمرة موقع الدولاب هنا ومرة هناك، ومرة غرفة النوم في زاوية ومرة في أخرى وهكذا، فهي امرأة متجددة دائما.
9 ـ ليس للفراغ إليها سبيل، فلا تعيش في كوكبة من الخدم، بل تقوم بأعمال بيتها بنفسها، وأين الفراغ لمثل هذه وكيف سبيله إليها؟ إذ أن الفراغ والكسل من أكبر أسباب الركود في العلاقات الزوجية، ومن دواعي الشيطان في التذكير بالحقوق المضاعة وتضخيمها، ومن المعلوم أن من طبيعة الإنسان العمل " وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، فإما إلى تقدم وإلا إلى تأخر، وإما إلى الأمام وإما إلى الخلف، وإما إلى العلو وإما إلى النزول " فمن لم يشغل نفسه بالخير شغلته نفسه بالشر، فإذا قضت المرأة وقتها في تدبير بيتها، وتربية أولادها، دون مساعد أو بديل عنها، صفا جو الأسر، وارتفعت عنه المشاكل والخلافات، فليس هناك وقت للمحادثة مع الصديقة، وليس هناك فرصة للمجالسة مع زميلة، وليس هناك ساعات للتفكير والتخيلات ووساوس الشيطان.
10 ـ تتمثل عمليا قول ابن عمر: " البر شيء هين وجه طليق وكلام لين " فهي بشوشة طليقة الوجه حلوة الخطاب والحديث، لا يعرف التعبيس له طريقا إليها، ولا الخشونة سبيل عليها.
11 ـ يقال في الحكمة: إن وراء كل عظيم امرأة، وأيضا يقال وراء كل رجل متعثر امرأة، إن المرأة الواعية هي التي تجدد من حياة زوجها وتبعث الهمة والثقة والطمأنينة في قلبه، وتحثه على الإقدام على الخير وترغبه فيه وتقف بجانبه، كما قالت خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلا لا يخزيك الله أبدا "
12 ـ كلما حقق زوجها هدفا تفتح له أفاقا أخرى وهدفا آخر ليرتقي في تحقيقه، وتقف بجانبه حتى يتحقق هدفه، وتبث فيه روح الحماسة والأمل، كما وقفت خديجة رضي الله عنها، ووقفت زوجات المهاجرين إلى أرض الحبشة مع أزواجهن مؤيدات ومشجعات وباعثات للأمل.
ومن البلاء تباين الأهداف والهمم فيما بين الرجل والمرأة فبينما أحدهما همته رفيعة عالية إذا بالآخر همته دنيئة ساقطة، همة في الثريا وهمة في الثرى.
13 ـ تتفهم الرجل وتحاول التكيف معه، وتحسن الاستماع إليه، فهي تدرك بأنه لا يمكن التوافق والتماثل في جميع الصفات بين أي رجل وامرأة، فلابد من التنازل وتخطي العقبات وتجاوز الهنات وعدم المحاسبة على الصغير والقطمير.
فهي مرنة مع زوجها داخل في حسابها جميع الطوارئ مستعدة للتكيف معها، فإن نقل إلى مكان انتقلت معه، وإن لم يستطع البقاء في منزل ارتحلت معه، غير متشبثة ببلد، ولا متمسكة بمكان.
تقول إحدى النساء الغربيات التي دأبت على الترحال مع زوجها: " تعلمت أن أحتمل وأقدر ما يفعله أناس يختلفون عني مشارب وتفكيرا.. وتعلمت أن أتغاضى عن المنغصات اليومية التي بدت تافهة بالقياس إلى الحاجات الأساسية التي ظننت أنني افتقدتها، بتشتيت بيتي.. وتعلمت أن البيت السعيد لا يقوم على أثاث منسق، وأدوات مرصوصة وإنما البيت السعيد هو وليد الحب، والفهم، والدفء , والقدرة على استخلاص أقصى المتعة من كل موقف طارئ.. وأكثر من هذا أنني خرجت بعقيدة ثابتة هي أن السعادة والنجاح لا دخل لهما بارتفاع مستوى المعيشة وتوفر الرفاهية "
14 ـ كتومة لا تفشي له سراً، حديثها مع زوجها لا يتعدى حيطان حجرتها، تصتصغر أولئك النسوة اللاتي حديث زوجها عند كل الناس في العطاء والمنع، والفرح والحزن، وهذا من أقبح الصفات.
تنحي فاجلسي مني بعيدا أراح الله منك العالمينا
أغربالا إذا استودعت سراً وكانوناً على المتحدثينا
حياتك ـ ما علمت ـ حياة سوء وموتك قد يسر الصالحينا
أسلوب حل الخلافات الزوجية:
ومع تلك الصفات الجميلة في الرجل والمرأة، تبقى الطبيعة البشرية، في الغضب وتكدر الخواطر، والأخطاء غير المقصودة، ووساوس الشيطان، وشياطين الإنس والجن المتربصين بكل بيت سعيد هادئ، وفوق ذلك الحياة الدنيا الدنية التي من طبيعتها التعب والنكد، قال تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.
فينبغي على الزوجين أن يأخذا هذه المسائل بالحسبان، وأن يتعاملا معها بتعقل ووعي وهدوء وحسن ظن وأن ينظر نظرة واقعية إلى الخلافات الزوجية إذ أنها من الممكن أن تكون عاملا من عوامل الحوار والتفاهم إذا أحسن التعامل معها.
والأسلوب الذي يتبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إما أن يقضي عليه أو يضخمه ويوسع نطاقه، وقبل الدخول في حل الخلافات يحسن التنبه إلى هذه الضوابط:
أولاً: لاشك أن للكلمات الحادة، والعبارات العنيفة، والكلمات غير الموزونة والمحسوبة، لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف، علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم في النفوس، لهذا ينبغي البعد عن الكلام الفاحش، والحط من النسب أو الجاه أو المكانة، أو سب الأسرة والأهل والأقارب.
ثانياً: لزوم الصمت والسكوت على الخلاف حل سلبي مؤقت للخلاف، إذا سرعان ما يثور البركان عند دواعيه. وعند أدنى اصطدام.
فكبت المشكلة في الصدور بداية العقد النفسية وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة ، فإما أن تتناسى وتترك ويعفى عنها ويرضى الطرفان بذلك، وإما تطرح للحل.
ولابد أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يتخالج في النفس، وأن تكون عن رضا وطيب خاطر.
ثالثاً: البعد عن أساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر، لكنها تعمق الخلاف وتجذره: مثل أساليب التهكم والسخرية، أو التعالي والغرور.
روى أبو داود والترمذي وأحمد عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلاً يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ لا يَقُولُ شَيْئًا إِلا صَدَرُوا عَنْهُ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ ... اعْهَدْ إِلَيَّ قَالَ لا تَسُبَّنَّ أَحَدًا قَالَ فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا وَلا عَبْدًا وَلا بَعِيرًا وَلا شَاةً قَالَ وَلا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَارْفَعْ إِزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ فَإِنَّهَا مِنَ الْمَخِيلَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ "
وروى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا "
وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَالَ مَهْلاً يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ.
وروى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَّابًا وَلا فَحَّاشًا وَلا لَعَّانًا كَانَ يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتِبَةِ مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ.
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ.
روى الترمذي عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَال سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ يَقُولُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ بْنُ عَبْدٍ وَيُقَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ.
وقول أنس خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي يوما لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء تركته لما تركته "
رابعاً: معرفة أثر الخلاف وشدة وطئته على الطرفين: فلا شك أن اختلاف المرأة مع شخص تحبه وتقدره وتدلي عليه، يسبب لها كثيرا من الإرباك والقلق والانزعاج، وبخاصة إذا كانت ذات طبيعة حساسة.
خامساً: البعد عن التعالي بالنسب أو المال أو الجمال أو الثقافة، فإن هذا من أكبر أسباب فصم العلاقات بين الزوجين. قال صلى الله عليه وسلم " الكبر بطر الحق وغمط الناس " أي رد الحق واحتقار الناس.
وروى مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ"
سادساً: عدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسته، فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور لا. أو نعم. وهو لم يدرس الموضوع ولم يعلم خلفياته، ولم يقدر المصالح والمفاسد فيه، وهذا المتعجل سبيله دائما التردد وتغيير القرار بعد الإلحاح، فتصبح كل الطلبات لا تأتي إلى بعد مشادة، وتعالي الأصوات في النقاش.
أو أنه يعرف خطأ قراره، وسوء تصرفه، وضعف تقديره للأمور فيلجأ إلى اللجاجة والمخاصمة.
الخطوات العملية في حل الخلافات الزوجية
فإذا ما وقع خلاف ـ وهذا أمر حتمي إلا ما شاء الله ـ فينبغي اتباع الخطوات التالية:
1 ـ تفهم الأمر هل هو خلاف أم أنه سوء فهم فقط، فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما وعما يضايقه بشكل واضح ومباشر يساعد على إزالة سوء الفهم، فربما أنه لمن يكن هناك خلاف حقيقي وإنما سوء في الفهم، كأن يخاطب أحدهما الآخر بكنية أو يناديه باسم يقصد بذلك احترامه وتقديره، فيفهم المقابل أن هذا من باب الازدراء والاحتقار.
2 ـ تحديد موضع النزاع والتركيز عليه، وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة، أو فتح ملفات قديمة، ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف.
3 ـ أن يتحدث كل واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها، ولا يجعل فهمه صوابا غير قابل للخطأ أو أنه حقيقة مسلمة لا تقبل الحوار ولا النقاش. فإن هذا قتل للحل في مهده، حيث أنه قد يكون فهمه هذا مبنيا على أوهام وسوء ظن، ومن أساسيات الحوار أن تجعل فهمك صوابا قابل للخطأ، وفهم غيرك خطأ قابل للصواب.
4ـ يحسن تقديم بين يدي الحوار ذكر نقاط الاتفاق فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس. قال تعالى: { ولا تنسوا الفضل بينكم } فإذا قال أحدهما للآخر أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا، ولم يغب عن بالي تلك الإيجابيات عندك، ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا. فإن هذا حري بالتنازل عن كثير مما يدور في نفس المحاور.
5 ـ لا تجعل الحقوق ماثلة دائما أمام العين، وأخطر من ذلك تضخيم تلك الحقوق، أو جعل حقوقا ليست واجبة في قنوات الواجب فتتأصل في النفس ويتم المطالب بها.
6ـ إدراك كل الجانبين حق الآخر ووظيفته وحدود مسؤولياته.
7 ـ الاعتراف بالخطأ عند استبانته وعدم اللجاجة فيه، وأن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك. وينبغي للطرف الآخر شكره على ذلك وأن يثني عليه لاعترافه بالخطأ (فالاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل ) والاعتراف بالخطأ طريق الصواب.
فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يجب ذكرها والتنويه بها.
بعض الناس يجعل الاعتراف بالخطأ في سجل السيئات فكلما حدثت مشادة، أو سوء فهم، قال الزوج أو الزوجة للآخر: تذكر المشادة الفلانية لما اعترفت أنك مخطئ فيها وتبين صواب قولي وسلامة تصرفي! وهذا مما يحمل الآخر على عدم الاعتراف مرة ثانية واللجوء إلى اللجاجة والمراء والمخاصمة ومحاولة الانتصار بحق أو باطل.
8 ـ الصبر على الطبائع المتأصلة في المرأة مثل الغيرة. كما قال صلى الله عليه وسلم " غارت أمكم " وليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في تقدير الظروف والأحوال ومعرفة طبائع النفوس وما لا يمكن التغلب عليه.
روى البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ فَجَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ * وفي رواية للنسائي قال: " كلوا غارت أمكم"
روى النسائي وأبو داود والترمذي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَاءً فِيهِ طَعَامٌ فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ كَسَرْتُهُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَفَّارَتِهِ فَقَالَ إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ *
9 ـ الرضا بما قسم الله تعالى فإن رأت خيراً حمدت، وإن رأت غير ذلك قالت كل الرجال هكذا. وأن يعلم الرجل أنه ليس هو الوحيد في مثل هذه المشاكل واختلاف وجهات النظر.
10 ـ لا يبادر في حل الخلاف وقت الغضب وإنما يتريث فيه حتى تهدأ النفوس وتبرد الأعصاب. فإن الحل في مثل هذه الحال كثيرا ما يكون متشنجا بعيدا عن الصواب.
ويحسن أن يسجل العلاج الذي يراه وهو غضبان، فإذا هدأت الأعصاب يسجل الحل الذي يراه لتلك المشكلة، ثم يقارن بين الأمرين فسيجد بينهما بونا شاسعا، وأن تقديره أثناء الغضب بعيد كل البعد عن معالجة القضية بل يزيدها تعقيدا.
11 ـ ضرورة التنازل عن بعض الحقوق فإنه من الصعب جدا حل الخلاف إذا تشبث كل الطرفين بحقوقه.
12 ـ دائما نتحدث عن بعض المهارات ومنها مهارة كسب الآخرين، والزوجان أحوج الناس إلى هذه المهارات.
13 ـ ضرورة التكيف مع جميع الظروف والأحوال، وأن يكون هادئا، غير متهور ولا متعجل، ولا متأفف ولا متضجر. فالهدوء وعدم التعجل والتهور من أفضل مناخات الرؤية الصحيحة والنظرة الصائبة للمشكلة.
14 ـ يجب أن يعلم ويستيقن الزوجان بأن المال ليس سبب للسعادة، وليس النجاح في الدور والقصور والسير أمام الخدم والحشم، إنما النجاح في الحياة الهادئة السليمة من القلق البعيدة من الطمع.
ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد
15ـ غض الطرف عن الهفوة والزلة والخطأ غير المقصود.
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
من الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
16 ـ تقدير حجم الخطأ وعدم تضخيمه، ويعالج بقدره ولا يزاد عليه ويتمادى فيه فلا يتعدى الحدود المعقولة في معالجة الخطأ. انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد من بعض زوجاته خطأ ومخالفة فيعالجها في لحظات ولا يبقى لها أثرا بعد ذلك، لا كمن يطيل أمد الغضب والهجر أياما في أمر لا يستحق كل هذا.(112/8)
روى مسلم في صحيحه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ أُمِّي قَالَ فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أُمَّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا بَلَى قَالَ قَالَتْ لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءهُ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ فَأَخَذَ رِدَاءهُ رُوَيْدًا وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ فَلَيْسَ إِلا أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ فَقَالَ مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً قَالَتْ قُلْتُ لا شَيْءَ قَالَ لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي قُلْتُ نَعَمْ فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي ثُمَّ قَالَ أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ قَالَتْ مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ فَنَادَانِي فَأَخْفَاهُ مِنْكِ فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ قَالَتْ قُلْتُ كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولِي السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ
http://www.taiba.orgالمصدر(112/9)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
مشاكل إيمانية ودعوية
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(113/1)
كيف أتجنب مصافحة الرجال الأجانب ... 250734 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة ولدت وعشت في بلاد الغرب، وأنا متدينة ومتمسكة جدا بديني، حيث أنني أرتدي الحجاب والعباءة الساترة في الجامعة، وأتبع تعاليم ديني والحمد لله.
مشكلتي هي أنه إذا جاء رجل ألماني ومد يده إلي ليسلم علي، وهذه (عادة عند الألمان) استحي أن أقول له لا! إنه لا يجوز عندنا، وهي تكون غالبا عندما لا يسمح الوقت لي بالشرح لماذا لا يجوز؟ أو الموقف يكون غير مناسب .
وأنا أشعر بعدها بالندم والحزن الشديد لأني فعلت حراما، وعندما أجرؤ على عدم التسليم يحس هو نوعا ما بالإهانة أو كأنه انفضح، وأنا لا أريد أن أفعل شيئا يغضب الله، لأنني أحبه كثيرا، وأنا لا أدري ماذا أفعل؟ هل تستطيعون مساعدتي، وجزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ش ز حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يلهمك الرشاد والسداد، أن ينفع بك بلاده والعباد وأن يرزقنا وإياك الثبات حتى الممات.
فحق لنا أن نفرح ونفخر بفتيات يقبضن على دينهن كالقابض على الجمر، واحمدي الله الذي حفظ لك دينك وحجابك وثبتك وهداك، واجعلي شكرك لله بمزيد من الالتزام والعمل بما يرضي الله، قال تعالى: {اعملوا آل داود شكراً}.
وإذا التزمت المسلمة بحجابها وبدينها فإنها ستُعرف بذلك وتحترم لأجل ذلك، وكثيراً ما يعتذر الناس عن السلام والاقتراب لأجل الزكام، فكيف نقبل عذر المريض ولا نقبل اعتذار صاحب المنهج والدين الذي ينبغي أن يطيع رب العالمين.
ولا أظن أن هناك مانع من أن تقول الفتاة قبل وصول الرجال إليها (أنا لا أصافح الرجال) مع الحرص على حسن الترحيب والاهتمام والسؤال عن أحوالهم، وإظهار المشاعر الطيبة تجاههم بقصد تأليف قلوبهم ودعوتهم إلى الله.
وأرجو أن يعلم الدعاة إلى الله والداعيات أن التنازلات التي نقدمها تجلب لنا احتقار القوم الذين يعجبهم أن يكون للإنسان رأي وشخصية، ولذلك فهم لا يقيمون وزناً لمن يشرب خمورهم ويأكل خنازيرهم ويخوض معهم، لكنهم يقدرون من يحترم ثوابته وعقيدته ويظهر دينه وعبادته، والقصص التي على هذا كثيرة.
وإذا طلب الإنسان رضى الناس بما يسخط الله سخط عليه وأسخط عليه الناس، ولكن إذا كان قصده رضوان الله فإن الله يرضى عنه ويرضي عنه أهل الأرض، قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً}
ولا شك أن للمصافحة آثار خطيرة على الطرفين، وكم من مصافح عبث بيد الفتاة، وكمن فتاة تأثرت بملامستها للرجال، وهذا جزء من اعتراف بعض الفتيات وبعض الرجال.(113/2)
وقد أسعدني هذا السؤال الذي يدل على ما عندك من الخير، ونسأل الله أن يزيدك حرصاً وتوفيقاً.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... أعاني من النظر إلى المحرمات ... 250700 ...
السؤال
أنا رجل في ال 35 من عمري، متزوج ولدي أطفال، ولكن لظروف العمل فإني أعيش بعيدا عن أسرتي ولا أراهم إلا كل فترة من الزمن، وخلال هذه المدة لا أستطيع منع نفسي من النظر إلى المحرمات، أفيدونا أكرمكم الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن الإنسان إذا أطلق لبصره العنان أتعبته المناظر وامتلأت حياته بالحسرات وشعر بالضيق والآهات، وذلك لأن النظر سهم مسموم، وإذا كان السهم مسموماً فإنه يسمم كامل الجسد، وكذلك يفعل النظر بالقلب، ومن هنا تتجلى عظمة هذه الشريعة التي حرمت النظر وأمرت المؤمنين والمؤمنات بغض أبصارهم وحفظ فروجهم ورتبت على ذلك أطيب الثمار، من طهارة للقلوب وزيادة في الطمأنينة والإيمان، فقال سبحانه: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} .
وأرجو أن تتذكر أن صيانتك لعرضك تبدأ بصيانتك لأعراض وحرمات الآخرين، ولا يخفى عليك أن الواحد منا لا يرضى نظر الناس إلى محارمه ونسائه فكيف نرضى ذلك لغيرنا .
وليس في النظر للنساء خير، ولا يجني الإنسان من وراء ذلك إلا الأتعاب وضعف الأبصار وغضب الجبار وامتلاء الصحائف بالأوزار وهو مع ذلك لا يجلب الارتواء، ولكنه يسبب السعار والشقاء وقد أحسن من قال :-
فإنك متى أرسلت طرفك رائدا ** لقلبك أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا أنت قادر عليه ** ولا عن بعضه أنت صابر
ونحن ننصحك بمراقبة الله الذي يعلم السر وأخفى وهو سبحانه :( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) ولا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن تذكر عظمة من تعصيه، واعلم أن نظر الله إليك أسرع من نظرك إلى النساء .
ونحن نتمنى أن يكفينا الله بحلاله عن الحرام، وأن يجمع بينك وبين أهلك وننصحك بما يلي:-
1- الابتعاد عن مواطن النساء .
2- شغل النفس بالمفيد والخوف من يوم الوعيد.
3- البحث عن عمل بالقرب من أسرتك أو نقلهم إلى مكان عملك.(113/3)
4- ضرورة تجنب النظرة الثانية، فإنما لك الأولى وهي نظر الفجاءة ولكن عليك الثانية.
5- التعوذ بالله من الشيطان الذين يزين النساء في أعين الرجال .
6- التوجه إلى الله بصدق وإخلاص.
7- إدراك خطورة النظر إلى المحرمات فهو سبب للشرور وهو خصم على سعادة الإنسان وقد يتسبب في ضعف البصر والعجز الجنسي.
فاتق الله في نفسك، واعلم أنك تعصي الله وهو يراك، ولا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظمة من تعصيه.
ونسأل الله أن يغفر ذنبك وأن يستر عيبك .
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... أشكو من تقصيري في صلاتي وعباداتي رغم عزيمتي فأرشدوني ... 250665 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا فتاة ملتزمة نوعا ما -والحمد لله- إذ أنني ارتديت الحجاب قبل حوالي 3 سنوات بمحض إرادتي، ولكني أرتدي البنطال إلا أن لباسي محتشم، وأحاول جاهدة الالتزام بالصلوات ونادرا جدا ما أقطع فرض صلاة عن كسل وحينئذ أحس وكأنني فعلت ذنبا عظيما والعياذ بالله؛ ولكنني الآن عازمة ألا أقطع فرض صلاة ما حييت -بإذن الله تعالى- وأريد التقرب من الله -عز وجل- أكثر وأكثر، ودوما أمسك ورقة وقلم وأضع برنامجا ينظم حياتي بما يرضي الله وألزم نفسي بأعمال صالحة كقراءة القرآن والتسبيح والكثير الكثير؛ إلا أنني سرعان ما أنقض بندا أو أكثر من بنود هذه المعاهدة -معاهدة الصلح مع نفسي- أقصد الجدول، وتمضي أيام وأسابيع دون أن أقرأ صفحة واحدة من القرآن، والمشكلة التسويف سأفعل كذا وكذا، فالنية موجودة، ولكن الكسل هو الغالب، ويؤلمني ذلك جدا؛ لأنني -سبحان الله العظيم- أحس براحة عظيمة لا توصف عندما أكون قريبة من الله -عز وجل- وأحس بسعادة تغمرني، والعكس صحيح كلما قصرت بحق الله -عز وجل- أصابني الاكتئاب والضيق ولا أطيق نفسي أبدا، وصدق -الله تعالى- إذ قال: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا).
والمصيبة أنني لا أصحو لصلاة الفجر أبدا، بل أقضيها وأتمنى أن يوفقني الله ويقدرني على قيامها، رغم أني آخذ بالأسباب من استخدام منبه بل وصديقتي توقظني كل يوم، وأحيانا لا أسمع المنبه أصلا ولا رنة الهاتف وأحيانا أسمع وأغلقها وأعاود النوم لا إراديا، وهكذا دواليك للأسف كم أتمنى أن أصحو وأصلي الفجر وأناجي فيه ربي، وحاولت كثيرا أن أصحو دون جدوى؛ علما بأن نومي ثقيل جدا ما العمل؟
وجزاكم الله كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم(113/4)
الأخت الفاضلة/ هنادي أبو الراغب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يلهمك رشدك ويبلغك مناك.
فإن هذا الإحساس الذي دفعك للسؤال دليل على أن فيك الخير، فاحرصي على تقوية عناصر الخير في نفسك، واعلمي أن المؤمنة تموت بين حسنتين، حسنة قدمتها وهذه تجد أجرها وبرها وثوابها عند الله، وحسنة أخرتها بالتسويف وهذه تندم عليها حين لا ينفع الندم، فبادري بالأعمال الصالحة.
وأعجبني تذوقك لحلاوة الحسنات وتضايقك من حصول السيئات، وحقاً والله فإن للحسنة ضياءً في الوجه وانشراحا في الصدر وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق، كما أن للسيئة ظلمة في الوجه وضيقاً في الصدر وقلة في الرزق وبغضا في قلوب الخلق، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو المؤمن.
وأرجو أن تكون بداية مشوار التصحيح بالاهتمام بأمر الصلاة، وأرجو أن تعلمي أن مجرد تأخير الصلاة عن وقتها خطيئة توعد الله أهلها، فقال سبحانه: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} وقال ولد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما لأبيه: (يا أبتاه أهم الذين لا يصلون؟ فقال يا بني لو تركوها لكفروا ولكنهم الذين يؤخرونها عن وقتها).
وإذا نام الإنسان عن صلاة أو نسيها فإنه يصليها إذا ذكرها، وليس في النوم تفريط، ولكن التفريط في اليقظة، علماً بأن النوم الذي يعذر به الإنسان هو ما لم يكن فيه تفريط أو تقصير، ولكننا نريد أن نسأل إذا كان موعد الطائرة في هذا الوقت هل كنت ستنامين؟ وإذا طلبت منك إدارة الصحيفة الحضور في وقت صلاة الفجر هل كنت ستتخلفين؟.
وإنه ليؤسفنا أن نقول أننا نرتب لأمور الدنيا ونلتزم بكل ما فيه مصلحة ولو كانت صغيرة، فكيف يوجد فينا من يفرط في أمر صلاة الفجر، ولا أظنك من المفرطين، لأنه لا يتألم لضياع صلاة الفجر إلا حريص يطلب المعالي، فنسال الله أن يزيدك حرصاً وتوفيقا .
وهذه بعض الأشياء التي تعينك –بعد توفيق الله– وهي كما يلي:-
1- الإكثار من اللجوء إلى الله، فإن الدعاء هو جماع كل خير، فلا تنسي أن تكثري من الدعاء ورددي بعد كلا صلاة: )اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
2- البعد عن الذنوب والمعاصي فإنها تمنع من الخير، وقد قال الحسن البصري لمن شكى من عجزه عن صلاة الفجر: (قيدتك الذنوب).
3- الحرص على الحلال من الطعام فإن الطعام بذرة الفعال.
4- النوم على طهارة وذكر ونية.
5- إعطاء الجسم حظه من الراحة والاستعانة بشيء من القيلولة.
6- التقليل من الطعام.
7- إذا كان الوقت المتبقي للصلاة قليلا فنضع يدنا تحت الخد وننام عليها.
8- التعاون مع الأهل والصديقات الصالحات وطلب المساعدة منهن وأنت ولله الحمد تقومين بذلك ولكن ما أحوجنا إلى حرص أكثر.(113/5)
9- الاجتهاد في الطاعات في مختلف الأوقات، فإن الحسنة تجر إلى أختها، وأبشري فإنك مأجورة على هذا الحرص ومأجورة على حزنك على فوات الخير.
فأكثري من ذكر الله، واعلمي أننا في صراع مع عدونا الشيطان الذي يعقد على قافية أحدنا ثلاثة عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، ويعلمنا نبينا صلى الله عليه وسلم كيف تُحل تلك العقد فيقول: (فإذا ذكر الله انحلت عقدة وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان فإذا صلى انحلت العقد فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان).
فجددي عزمك وتوكلي على ربك، واعلمي أن النفس كالطفل إن أهملناه شب على حب الرضاع ونشأ على الدلال والضياع، وإن نهتم به ونأخذه بالعزائم نشأ على الخير، وقد قال الشاعر:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على *** حب الرضاع وإن تفطمه ينفطمِ
وهيّا إلى المعالي، وأرجو أن تختاري الثياب الواسعة التي لا تصف ولا تشف وتجنبي ثياب الشهرة وابتعدي عن التشبه بالكافرات أو الفاسقات، واعلمي أن المؤمنة تعرف بسترها وحجابها كما قال ربنا تبارك وتعالى في آية الحجاب: {يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً}.
ونكرر لك شكرنا على تواصلك مع موقعك، ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، ونسأله أن يسهل أمرك وأن يغفر لك ذنبك.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... نصحت شخصا ولم ينتصح فكيف أتعامل معه ... 250652 ...
السؤال
كيف تتعامل مع شخص أجنبي كنت قد نصحته من قبل، وأظهر أمامك أنه قبل النصيحة، مع العلم أنه قد أخبرك ببعض الأشياء، وأخبرك أنه قد تاب ولم يعد، واكتشفت بعد حين أنه عاد إلى ما كان يعمله في السابق.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالعزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله العظيم أن يثبتك ويسدد خطاك، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى وأن يجعلك سبباً لمن اهتدى .
فلا مانع من أن تكرر له النصيحة وحبذا لو كرر التوبة وجدد العزم وحرص على عدم العود حتى يكون الشيطان هو المخذول، فإن الشيطان عدو تحزنه توبتنا وتبكيه سجدتنا، والإنسان ضعيف بنفسه قوي بإخوانه، فلا تكن عوناً للشيطان عليه.
وقد أسعدني حرصك على بذل النصح وليت كل مسلم يقوم بدوره في الأخذ بأيدي إخوانه العصاة، أرجو أن تواصل مشوار النصح فإنه طريق الأنبياء والمصلحين، ولأهمية النصيحة ومنزلتها في الدين قال رسولنا الأمين: ( الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله؟ فقال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )، (وبايع النبي صلى(113/6)
الله عليه وسلم جريراً بن عبد الله رضي الله عنه على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم).
وقال علي رضي الله عنه ( المسلمون نصحة والمنافقون غششة) وإذا وجد التناصح في المجتمع المسلم فإن ذلك دليل خير ومؤشر عافية وقد قال عمر رضي الله عنه : (لا خير في قوم ليسوا بناصحين ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين)
وإذا كان المنصوح يظهر أمامك قبول النصيحة فذلك دليل على أن فيه بقية من الحياء ورغبة في العودة إلى هداية رب الأرض والسماء فلا تحزن إذا تأخرت الاستجابة فإنما عليك النصح ومن الله والهداية .
وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}، وقال سبحانه:{ فذكر إن نفعت الذكرى} وقال سبحانه {فذكر إنما أنت مذكر}.
ونحن ننصحك بتكرار النصح وأبشر فإنك على خير وسوف يأتي اليوم الذي ترى فيه ما يسرك – بإذن الله – وأنت على كل حال مأجور فأكثر من النصائح، وأبشر بثواب الناصحين إذا أخلص في دعوتك.
ونسأل الله أن يوفقك، وأن يكثر في الأمة من أمثالك.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... اضطررت للادعاء باعتناق المسيحية وأنا مقر بالشهادتين.. أفيدوني ... 250621 ...
السؤال
كنت في بلد أجنبي، واضطررت للادعاء باعتناق المسيحية، وأذكر أنه حين تم تعميدي كنت أنطق بالشهادتين.
أنا الآن نادم! فما هو السبيل أفيدوني بسرعة، وجزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ forgive me حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يربط على قلبك وأن يثبتك على الحق، وأن يكرمك بذوق حلاوة الإيمان، وأن يكره إليك الكفر والعصيان.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فما دمت قد كنت مضطراً لادعاء اعتناق النصرانية ظاهراً، وكان قلبك في نفس الوقت مطمئنا بالإيمان، وأنك عند التعميد كنت كذلك تردد الشهادتين، فاعلم أخي أنك ما زلت على الإسلام ولم تخرج منه، وأنك مازلت ضمن أفراد أمة حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم، واجتهد في تعلم العلم الشرعي(113/7)
الضروري خاصة علم العقيدة والتوحيد حتى تظل على الإسلام وتتذوق حلاوة الإيمان.
وأوصيك بمشاهد حلقات الإعجاز العلمي في القرآن والسنة للدكتور زغلول النجار أو غيره، فإنها تقوي وتزيد في قوة الإيمان، واطمئن فمادمت كما ذكرت فأنت من المسلمين لم تخرج بذلك عن دائرة الإسلام.
والله الموفق!
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
... كيف أتعامل مع الآخرين وأنصحهم باللين والرفق ... 250433 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: أريد أن أعامل الناس جميعهم باللين، وليس بالقسوة، وأريد أن أعرفهم بديننا الإسلام بالرفق واللين، لأنني وبصراحة مهتمة في التحدث عن ديننا الحنيف.
ثانيا: إنني والحمد الله، فقد هداني الله إلى طريق الهداية والإسلام، من بعدما كنت في نظري الآن لا استحق العيش، ومن رحمة الله بعباده أنه يقبل التوبة.
والمشكلة أنني قلت لأبي أنه كافر لأنه لا يصلي، وإنني نادمة على هذا القول كثيرا، وأعرف أنه كان لا يجب أن أقول له ذلك القول، وأيضا صرخت في وجهه.
أرجوكم هل هناك شيء أفعله لكي يغفر الله ذنبي؟ أرجوكم أجيبوني في أسرع وقت ممكن، لأنني أتقطع من داخلي.
ثالثا: أنا أريد أن أصلح الأمة بعون المولى، وإنني عندما أرى فتيات يلبسن الضيق ولا يرتدين الحجاب، أظل أبكي وأشعر أن مسؤوليتي هي إصلاحهم، ولكني لا أستطيع، لأنني لا أملك الجرأة والثقة بالنفس، وأشعر أن بكائي رياء.
أرجوكم أعطوني المعلومات التي تساعدني أن أكون مسلمة لها مكانتها عند الله، وأهدي هذا المجتمع إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سجدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فلقد سألت عن أمر عظيم، ونسأل الله أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يحلل عقد لسانك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن ينفع بك بلاده والعباد، وأبشري فإن الدعوة إلى الله هي أشرف المهام وأعلى المقامات، ولا عجب فإن الله سبحانه يقول: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين}
ونحمد الله الذي هداك، وسبحان من يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، واعلمي أنه لا يملك الهداية أحد سواه سبحانه، وأن مهمتنا هي البلاغ وبذل الهداية والنصح، لكن القبول لا يكون إلا بتوفيق الله الذي قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}(113/8)
ومن هنا فلا بد من كثرة الدعاء للوالد قبل وبعد دعوته إلى الله، كما نرجو أن تكوني معه في غاية الأدب والاحترام لأن ديننا يأمرنا بالإحسان للوالدين حتى ولو كانوا من الكافرين، غير أننا لا نطيعهم إذا أمرونا بمعصية الله، ولكننا مطالبون بأن نترفق بهم ونحسن صحبتهم ونجتهد في برهم قال تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تعطهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي}.
ولن يستطيع الإنسان أن يجازي والديه إلا أن يجدهما مملوكين فيشتريهما ويعتقهما، وهم أصحاب الفضل علينا بعد الله سبحانه.
واعلمي أن الإنسان يصلح خطأه بالاعتذار بعد التوبة لله الغفار، وأبشري فإن باب الرحمة واسع، والله يعلم صدق نيتك ورغبتك في نجاة ومصلحة هذا الوالد، ولكن هذا الأسلوب فيه نوع من التنفير، وإذا أراد الإنسان أن ينصح أحد والديه فلا بد من اللطف والملاطفة كما قال الخليل إبراهيم عليه وعلى نبينا صلاة الله وسلامه ونقل القرآن خبره، فراجعي ذلك في سورة (مريم) وكيف أنه كان يكرر لفظة (يا أبت) ويظهر الشفقة والعطف والخوف عليه من غضب الله.
وأرجو أن تعلمي أن المسلمة تنال مكانها عند الله بطاعتها له سبحانه وبحرصها على كل ما يرضيه، وإذا رضي الله عنها أرضى عنها الناس، كما ننصحك بأن تعاملي الناس بمثل ما تحبي أن يعاملوك به، واجتهدي في الإحسان إلى الضعفاء والأيتام والأرحام والجيران، وانوي الخير وافعليه، واختاري الأوقات المناسبة للنصائح، واعرفي منزلة من تقدمي لهم النصائح، وعاملي الأصغر منك معاملة الابن، والأكبر منك معاملة الأم والأب، وعاملي زميلاتك معاملة الشقيقة، وانتقي الكلمات اللطيفة عند تقديم النصائح، وتذكري أن الكلمة الطيبة صدقة.
وأكثري من التوجه إلى من يجيب من دعاه، وتقربي إلى الله، واعلمي أنه سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... أتأخر في أداء بعض الصلوات فكيف أكون محافظة عليها في وقتها ... 250113 ...
السؤال
أحاول أن أواظب على الصلاة، لكن تفوتني بعض الصلوات، ما عدا صلاة الفجر، بسبب إنشغال الوقت وطلبات الأولاد، التي لا تنتهي باستمرار، وأنا لا أستريح أبدا، لأن أولادي لا يأتون في وقت واحد، بل بعض وراء بعض، وهذا يجبرني أن أبقى طوال الوقت وأنا مشغولة وهم شباب، ولا يوجد عندي معين غير الله سبحانه وتعالى، وأنا امرأة أعاني من أمراض عدة: القلب والكلى، وسبق أن عملت عمليات، أرجوكم أن تدلوني على الطريقة التى أواظب بها على صلاتي، وكيف يمكن أن أحفظ القرآن؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم(113/9)
الأخت الفاضلة/ أم سائد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يحبب إليك الإيمان والطاعة والصلاة.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن موضوع الصلاة والمحافظة عليها يأتي على رأس أولويات المسلم، لأن الصلاة في أول وقتها من أحب الأعمال إلى الله، وهي علامة صدق الإيمان، وتأخير الصلاة عن وقتها أو التكاسل عنها من علامات المنافقين والعياذ بالله، حيث قال الله عنهم: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس}
ولن يتم الاهتمام بالصلاة والحرص عليها إلا إذا صمم المسلم على ذلك، فالأمر متوقف عليك أنت شخصياً، فإذا وضعت الصلاة وأدائها في وقتها على رأس اهتماماتك، وحرصت على ذلك واجتهدت في ذلك، وقدمت حق الله فعلاً على حق ما سواه، ((فسوف يوفقك الله لذلك)).
فمهما كان شأن الأولاد والاهتمام بهم والحرص عليهم، فلا ينبغي لنا بحال أن نقدم أولادنا على محبة الله ورسوله، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين) وقال جل شأنه: {والذين آمنوا أشد حباً لله}
فمن علامات صدق الإيمان تقديم حق الله ورسوله على حق من سواه كائنا من كان، فلا بد لك من أن تغيري طريقتك هذه، وألا تؤخري الصلاة مهما كانت الأسباب وأنت وحدك القادرة على ذلك، فمهما حاولنا أن نصف لك علاجاً فلا يمكن أن ينجح، إلا إذا قررت أنت ذلك، فالأمر إليك أنت وحدك، ولذا عليك أن تجتهدي في المحافظة على الصلاة في أول وقتها، وتقدمي الصلاة على أي طلب لأي شخص، وسوف تشعري ببعض المعاناة في أول الأمر، ثم يصبح الأمر سهلاً بعد ذلك إن شاء الله.
وعليك كذلك بالدعاء والإلحاح على الله أن يعينك وأن يوفقك وأن ييسر لك ذلك، وإن شاء الله سوف تجدين عوناً من الله على ذلك.
وأما بخصوص حفظ القرآن، فهذا متوقف على ظروفك ومستواك التعليمي وظروفك الصحية والنفسية، وأوسط الأمور أن تبدئي بقصار السور أولاً، ثم السور التي ترتاحين لها أكثر من غيرها، وأن تحددي لك مقداراً معيناً تحفظينه يومياً ولو آية واحدة فقط، والمهم الاستمرار وعدم التوقف، ثم تراجعين الحفظ القديم مع الحفظ الجديد، ويمكنك إذا واظبت على حفظ آية واحدة يومياً أن تحفظي القرآن كله في مدة خمس سنوات إن شاء الله، وعليك كذلك بالدعاء أن يعينك الله على حفظ كتابه وعدم نسيانه، وأنا واثق من أنك سوف تتحسنين في الصلاة، وتتقدمين في حفظ القرآن بالأخذ بالأسباب مع الدعاء.
وبالله التوفيق!
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب(113/10)
ـــــــــــــــــــ
... صديقتي ضعفت أمام شاب تحبه فقبلها.. فكيف تتوب إلى ربها ... 250095 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي صديقة لديها مشكلة، سألتني أن أشير عليها، وأنا لا أعلم الجواب، لذا لجأت لسيادتكم لكي تفتوني، فأرجو من سيادتكم أن تفيدوني برأيكم، علما بأنني في أشد حالات الحرج من هذا السؤال.
إن صديقتي محافظة على الصلاة والصوم، وأحيانا تقرأ القرآن، ولكنها للأسف قد سمحت لشاب تحبه بتقبيلها في شفتيها، واحتضانها، ولقد تطور الأمر حتى لمس ثدييها بيديه.
إنها الآن في أشد حالات الضيق والخجل من نفسها، إنها تخاف أن تكون قد وقعت في الزنا، وهى تقول من لا تنهاه صلاته عن الفحشاء، فلا صلاة له.
إنها تخجل أن تصلي لا يطاوعها قلبها أن تصلي، وهي قد وقعت في الخطأ، فإنها إن كانت زانية، فقد فعلت كبيرة من الكبائر، فأين تذهب من عقاب الله في الدنيا والآخرة.
أرجوكم أفيدوني بالرأي أولا: هل هي زانية؟
ثانيا: كيف تتغلب على شده كرهها لنفسها، لكى ترجع إلى الله، وتطلب رحمته ومغفرته؟
إننى أعلم أنها تحب الله ورسوله أكثر من نفسها، ولكنها أخطأت. أرجو إخباري كيف أساعدها؟ وشكرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شذى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يجزيك عن صديقتك خير الجزاء، وأن يغفر لها وأن يتوب عليها، وأن يسترك وإياها في الدنيا والآخرة، وأن يعينها على الثبات والاستقامة على شرعه.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن الذي حدث أمر يتنافى مع كمال الإيمان، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف الإيمان.
الأخت -هداها الله وغفر لها – إن كان الذي حدث بينهما لم يتجاوز هذا الحد فهذا لا يسمى زنا وليس زنا، وإنما هو ما يعرف بمقدمات الزنا، أكرر إذا كان هذا هو الذي حدث فقط، فهذا ليس بزنا وإنما مقدمات له، وعليها أن تتوب إلى الله وتستغفره وتقطع علاقتها بهذا الشاب كشرط من شروط التوبة، ولا تتوقف على الصلاة حتى وإن فعلت ما فعلت، لأن ترك الصلاة من أعظم الكبائر بل وأخطر من الزنا والقتل والسرقة، فانصحيها بضرورة العودة إلى الصلاة والمحافظة عليها، والإكثار من(113/11)
الاستغفار والتوبة، ولتتأكد أن الندم توبة، وأن من تاب الله عليه، ورب معصية أورثت ذلاً وإنكساراً خير من طاعة أورثت عزاً أو استكباراً.
واعلمي أن ترك الصلاة من وساوس الشيطان؛ لأن الشيطان استغل هذه الفرصة حتى يجعلها يتأس من رحمة الله، ولذلك زين لها ترك الصلاة؛ لأنه لا فائدة منها مادامت لم تنهها عن الفحشاء والمنكر، وهذا غير صحيح، وهل كل المصلين لا معاصي لهم ولا ذنوب؟لم يقل بذلك أحد من الناس، فعليها ألا تستجيب لنزغات الشيطان، وأن تعود إلى صلاتها وأن تكثر منها، وأن تحسنها غاية الحسن، وأن تسأل الله أن يغفر لها، وأن يتوب عليها، ولتثق من أن الله لم ولن يضيعها.
أهم شيء قطع العلاقة مع هذا الشاب وغيره، حتى يتقدم لها بطريقة شرعية رسمية، وأن يعقد عليها، وعندها يجوز لها أن تعطيه ما يشاء، ولا حرج عليها مادامت قد صارت زوجة له وصار زوجاً لها.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
... كيف أتعامل مع من لا يريد أن يصلي ... 249966 ...
السؤال
أنا أحب رسول الله، ولكن كيف أكون مثل الصحابة؟ أو كيف أتعامل مع من لا يريد أن يصلي؟ وإذا كان هناك شخص لا يقاطع المنتجات الدنماركية، بماذا أنصحه؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ برهوم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأما عن قولك إنك تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإننا نبشرك بما قاله صلوات الله وسلامه عليه: (المرء مع من أحب).
فحبك هذا للنبي صلى الله عليه وسلم ولصحابته الكرام هو من أعظم العبادات التي يثيبك عليها ربك جل وعلا، وهو أيضاً سبب في أن يحشرك الله معهم يوم القيامة بفضله وكرمه، وأن تكون ممن سعدت بصحبتهم إن شاء الله تعالى.
وأما عن سؤالك عن كيفية أن تكون كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنك إذا أردت أن تكون مثلهم فعليك بالاقتداء بهم، وعليك بالسير على طريقهم والمحافظة على ذلك قدر استطاعتك، وقد ثبت في سنن الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواج، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة) أخرجه الترمذي وابن ماجة في السنن.
فإذا بذلت وسعك في أن تكون مثل الصحابة وأن تسير على طريقهم، كنت إن شاء الله من جماعتهم يوم القيامة، بحيث يحشرك معهم ويدخلك جناته برفقتهم {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}.(113/12)
ومعنى أن تسير على نهج الصحابة، أن تطيع الله في ما أمر به وأوجبه، وأن تجتنب ما نهى عنه وحرمه، وأن يكون اعتقادك وعملك كله موافقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحيث تعبد الله على بصيرة، وتدعو إلى دين الله تعالى على نور وهدى، وكذلك تغار على حرمات الله، وتغضب لأجل حرمات الإسلام، مع السعي لتمكين دين الله في الأرض، وأيضا تحاول تحصيل العلم النافع، لا سيما علم التوحيد والعقيدة التي كان عليها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والخلاصة أن تكون متبعاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على فهم يوافق فهم الصحابة وعلى اعتقاد يوافق اعتقادهم، وبذلك تكون متبعاً إياهم مقتدياً بآثارهم رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم.
وأما عن سؤالك عن طريقة التعامل مع من يترك الصلاة المفروضة، فإن أول واجب هو أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، بأن تحاول نصحه وإرشاده، وأن تذكره بعظم فريضة الصلاة، وأنها أعظم الأركان بعد الإيمان بالله تعالى، وأن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة هو الصلاة، كما ثبت في معجم الطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله) حديث صحيح.
وحاول أن تستخدم الأسلوب الهادئ الرفيق في دعوة الناس وفي دلالتهم على الخير، وأن تذكرهم بعظم فرائض الله بأسلوب لطيف رفيق هادئ، كما قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله رفيق يحب الرفق) أخرجه مسلم في صحيحه.
وأيضاً حاول تكرار الدعوة بأساليب لطيفة، فتارة بالحوار الهادئ، مرةً بأن تهدي له شريطاً أو كتيباً يتكلم عن الصلاة وإثم من يضيعها، مع الصبر على طلب الاستجابة وعدم العجلة في ذلك، فإذا وجدت بعد بذل كل هذه المحاولات وبعد الصبر الطويل أنه لا نفع في تذكيره ولا استجابة أصلاً منه، فإنه يشرع لك البعد عن مجالسته وعدم مصاحبته، فإن هذا من أوثق عرى الإيمان، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) رواه الإمام أحمد في المسند.
وليكن هذا شأنك في الدعوة إلى الله تعالى، الصبر والمثابرة وعدم التعجل في طلب ثمرة النتيجة، فإن الناس يحتاجون إلى صبر وسعة صدر في دعوتهم إلى الله تعالى.
وأما عن معاملة من لا يلتزم بمقاطعة المنتجات الدينماركية، فمن المشروع هو تذكيره ونصحه بواجبه تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيان مدى الأثر الذي سوف يتم لو أن المسلمين تظافروا لمقاطعة هذه البضائع التي تأتي من جهة هؤلاء الكفرة الذين اعتدوا على حرمة محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، مع الرفق وحسن المعاملة في الوعظ والنصيحة لأخيك المسلم.
ونسأل الله تعالى أن يجزيك جزء الجزاء على حسن نيتك وعلى حسن سؤالك.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أريد منكم نصيحة تنفعني في الدنيا والآخرة ... 249918 ...(113/13)
السؤال
أريد منكم نصيحة تنفعني في الدنيا والآخرة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ racha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن هذا السؤال الذي طرحته هو سؤال عظيم القدر، بل إن هذا السؤال هو من علامات توفيق الله إياك –إن شاء الله تعالى– فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) أخرجه مسلم في صحيحه، ولا ريب أن سؤالك داخل في هذا المعنى الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما عن النصيحة التي تنفعك في الدنيا والآخرة، فانه ليس هنالك وصية أنفع من الوصية بتقوى الله تعالى، فإنها وصية الله للأولين والآخرين كما قال تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} فهذه أعظم وصية، وأجل خصلة أن تكوني من عباد الله المتقين الذين يخشونه في سرهم وعلانيتهم.
وأما عن معنى التقوى: فهي أن تعملي بطاعة الله بحيث تمتثلين أوامره وتجتنبين نواهيه، فما علمت من واجب من الواجبات التي تقدرين عليه فحافظي على العمل به، وما عرفت من المحرمات التي حرمها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فاتركيه واجتنبيه وداومي على تركه والبعد عنه.
فهذا هو التفسير الواضح البين لمعنى تقوى الله، العمل بطاعة الله والمحافظة على ذلك.
ويدخل في هذا المعنى، محافظتك على الحجاب الذي أمر الله تعالى به، فإن الحجاب هو شعار المؤمنة الطاهرة العفيفة من أمثالك إن شاء الله تعالى.
ويدخل في هذا أيضاً: البعد عن الاختلاط بالرجال الأجانب، وعدم القيام بأي علاقات معهم، سوى علاقة الزواج الذي شرعه الله تعالى، بل إن من تقوى الله أن تحرصي على الفوز بالرجل الصالح الذي يكون زوجاً لك معيناً إياك على الخير تعفينه ويعفك، وتنشئين معه الأسرة المؤمنة التي تعيش على منهج الله تبارك وتعالى.
ومما يتوكد جداً النصيحة به، أن تحرصي على الرفقة الصالحة من الأخوات المؤمنات الطيبات، بحيث يكون بينكن تعاون على طاعة الله تعالى، ويكون بينكن تناصح على الثبات على هذا الدين الذي أكرمنا الله به جميعاً.
ومما ينبغي أن تصرفي همتك إليه، أن يكون لك شيء من طلب العلم النافع، فإن ذلك يعينك على أن تعبدي ربك وتدعي إليه على نور وبصيرة وهدى منه جل وعلا.
ومما يدخل في تقوى الله حفظ بصرك عن الحرام، بل حاولي أن تصرفي همك وجهدك في ذلك، فإن من غض بصره عن الحرام، وهبه الله تعالى نوراً وبصيرة وحلاوة يجدها في قلبه، فاعتني بذلك عناية بالغة، لا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن والبلايا.(113/14)
ومما يتوكد الوصية به، أن تكوني ثابتة على دينك لا تقبلين التراجع والتنازل عنه، حتى ولو تعرضت للأذى بسببه، بل إن الثبات على الدين عاقبته الفوز ليس في الآخرة فقطن بل وفي الدنيا أيضاً، قال تعالى: {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين}.
وختاماً فإننا نوصيك بدوام التوبة إلى الله، وتجديد هذه التوبة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) أخرجه البخاري في صحيحه.
وعليك بدوام الاستعانة بالله والتوكل عليه، ودعائه والتضرع إليه وسؤال الحوائج منه، قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً}.
ونسأل الله لك الهدى والسداد والتوفيق في الدنيا والآخرة.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... صديقتي تحب شابا بالمنتدى فكيف أنصحها ... 249863 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإني لم أرسل مسألتي إلا لعلمي بأن عندكم من الله تعالى علم وافر تفيدون به من أراد الإفادة.
سأختصر مسألتي قدر الاستطاعة بإذن المولى، فبعد انضمامي لأحد المنتديات، تعرفت على فتاة، هي نعم الفتاة، أخلاقها سامية، تصرفاتها متزنة، والأهم أنها محبة لدينها بشكل كبير، وحريصة على خدمته بمختلف الوسائل.
عيبها ونقيصتها كما رأيتها أنا وواحدة من أخواتي في الله (بذات المنتدى) هي تخاذلها أمام الظروف العابرة، وفقدان ثقتها في كل شيء، إذا رأت تصرفات مشينة من المجتمع الخارجي، فهي تريد جميع البشر بدون معاصي، بدون أخطاء، تريد الشباب كالصحابة، والفتيات كالصحابيات، رضي الله عنهم وأرضاهم.
تحاول النصح والإرشاد، مع العلم بأنها تغلظ في القول والكلام، ظناً منها بفائدة هذا الأسلوب، وإن لم تحصل على أي تجاوب ممن حولها تفقد عزيمتها، وتحاول أن تتشبه بهم، وتكون بذات تصرفاتهم وأخلاقهم، حتى تماشي مجتمعها الذي يئست من إصلاحه.
من ناحية أخرى، فبعد الملاحظة، شككنا بأنها تميل لأحد أعضاء المنتدى ممن رأينا صلاحه في أمور كثيرة –ولا نزّكي على الله أحداً- أحسسنا بأنها تحترمه وتفضله على غيره من الأعضاء، ربما لأنها رأت فيه النموذج الذي تحلم به للشباب الإسلامي، علماً بأن ما أظهره هذا العضو ، هو أنه خاطب لإحدى قريباته، وهو يعامل الفتيات في المنتدى كأنهن أخواته، غير أنه متساهل قليلاً في بعض الكلمات التي يقولها كقوله مثلاً: أخواتي، إني أحبكن في الله، ويخصص بعض العضوات بهذا الحب.
قد تكون نيته سليمة، ولا أجزم بالنوايا، ولكن بالمقابل قد يكون تصرفه هذا مما أثار فيها تلك المشاعر تجاههز(113/15)
الحقيقة أن المشكلة متشعبة، وأعلم أنني لم أوفق في صياغتها بصورة واضحة، ولكن عذراً، هذا ما استطعت كتابته الآن، وفي هذه الأيام تعيش أختنا في الله حالة اليأس والتخاذل، وقد قطعت طرق الاتصال بها، ولا نعلم كيفية التصرف معها ومحاولة إقناعها بأن البشر مهما علت منزلتهم، فلن يرقى أحدهم لمنزلة الملائكة، كما تريدهم هي.
كيف السبيل إلى إقناعها دون أن نحرجها أو نسبب لها أي ضيق؟
وكيف نتأكد من شكوكنا في مشاعرها تجاه ذلك العضو؟
أرجو منكم أن تساعدوني في إنقاذ أختي في الله، فكم يصعب على نفسي أن أراها تغرق وأنا عاجزة عن انتشالها.
وجزاكم الله خير الجزاء، وأعتذر للإطالة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ.م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فبداية فإننا نسأل الله تعالى أن يجزيك خير الجزاء على هذا الحرص الطيب الذي جعلك تسعين في محاولة مساعدتك أختك في الله، بل إننا نهنئك على هذا الحرص وعلى هذا السعي، فإن ما تقومين به الآن يدخل دخولاً أولياً في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة) أخرجه مسلم في صحيحه، ويدخل أيضاً في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} ولا ريب أن السعي في مساعدة هذه الأخت من أعظم البر والتقوى اللذين أمر جل وعلا بهما.
وأما ما ذكرته من حال هذه الأخت، وعن كيفية علاج هذه الأزمة التي تمر بها، فإن ذلك يتطلب عدة أمور وخطوات:
فأما الأمر الأول: فهو الاستعانة بالله تعالى على مساعدة هذه الأخت والأخذ بيدها، فلا بد أن يكون لنا توكل على الله وطلب المعونة منه على إنجاح كل أمر نسعى لتحصيله، كما قال تعالى: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} وثبت في سنن الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله).
الأمر الثاني: اختيار الوقت المناسب للكلام مع هذه الأخت، فلا بد أن تنتقي الوقت الملائم الذي تكون فيه على استعداد لسماع توجيهك ولسماع نصيحتك، بحيث تكون مهيئة نفسياً لنقاش هادئ وحوار لطيف، بخلاف ما إذا كانت تعاني من مشاكل معينة، كمشاكل أسرية مثلاً، أو غير ذلك من الأمور التي تعرض للإنسان، فاختيار الوقت المناسب يعين كثيراً على تحقيق أفضل النتائج من نصيحة هذه الأخت.
الثالث: اختيار الأسلوب الملائم أيضاً، وهذا يعني أن تتعاملي معها بالأسلوب والطريقة التي تؤثر فيها، فمثلاً بعض الناس يؤثر فيهم كثيراً ذكر قصة أو مثالٍ من الواقع، فهذا يحتاج منك عند الكلام معها ان تلاحظي هذا الأمر، وأيضاً فإن بعض الناس يميل إلى بسط الكلام وإيضاحه والتطويل فيه، فهذا يناسبه كذلك هذا الأسلوب،(113/16)
بخلاف من يميل إلى الاختصار وعدم التطويل، والمقصود هو الوقوف على الأسلوب الذي يناسب طبيعة هذه الأخت ويؤثرها فيها.
الرابع: الإعداد الجيد للمحاور التي سوف تتحدثين فيها مع الأخت المذكورة، وهذه المحاور سنشير إليها لاحقاً إن شاء الله تعالى.
الخامس: تجنب الانفعال والحدة أثناء النقاش قدر الاستطاعة، بل حاولي أن توسعي صدرك لكل رد من هذه الأخت، حتى ولو رأيت فيه الغلط الواضح البين، بحيث تجعلين كل همك هو الخروج بنتيجة طيبة من الحوار، دون الخروج بالحدة والغضب والانفعال.
فهذه جملة أسباب تعين على الخروج بأفضل النتائج من الحوار إن شاء الله تعالى، وأما عن المحاور التي سوف تناقشينها مع الأخت المذكورة، وعن كيفية إقناعها فالمحاور هي:
أ - ما هي نظرة الإسلام للمجتمع إذا انتشر فيه الفساد وكثر فيه الشر والخبث.
ب- كيف يقف المسلم وقفته السليمة التي ترضي ربه وخالقه في هذه الحال.
جـ- ما هو الحل إذا لم يجد المسلم نتيجة لدعوته أو وجدها ولكنها قليلة غير كثيرة.
د- ما هي أسباب الثبات على الدين في وجه الفتن المتبادلة التي لا حصر لها.
فهذه هي أصول المسائل التي سوف تحاولين نقاشها مع هذه الأخت وبنفس هذا الترتيب المذكور المتسلسل من فكرة إلى أخرى.
فأما عن نظرة الإسلام للمجتمع إذا انتشرت فيه الفتن والمعاصي، فإن الله جل وعلا يجعل هذا المجتمع مجتمعاً فاسداً قد كثر فيه الخبث وظهر فيه الفجور، إلا أنه وبحمد الله لا زال الأمر فيه قابلاً للإصلاح، بحيث إن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم من أمثالكن والدعاة إلى الله تعالى لا بد لهم جميعاً من محاولة إصلاحه، ومن محاولة الأخذ بيده للنهوض به من كبوته، فلا بأس من الإصلاح حتى ولو كان الرد من الناس غليظاً وعنيفاً، ولا قنوط من هداية الله لخلقه، حتى ولو كان الأمر عسيراً وصعباً.
وتأملي دعوة نوح لقومه، كم لبث فيهم يدعوهم ويحثهم على طاعة الله، فما يزيدهم ذلك إلا عناداً واستكباراً، وما يزيده هو إلا صبراً وإيماناً حتى قال تعالى: {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون} ألف سنة إلا خمسين عاماً، وقت يحتاج المسلم إلى تأمله، وتأمل مدى المعاناة التي عاناها هذا الرسول الكريم، وأيضاً فماذا كانت النتيجة من دعوته!! وكم عدد الذين استجابوا لدعوته؟ يقول تعالى: {وما آمن معه إلا قليل}، فما آمن لنوح إلا نفر قليل بعد هذا الجهد المضني، فهل أدى ذلك إلى أن يقف هذا النبي الكريم مكتوف الأيدي ويعلن بأسه وقنوطه !؟ كلا .. بل ظل مثابراً بدعوته، صابراً على أمر الله حتى أوحى الله إليه بقوله:{إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون}.
والمقصود أن موقف المسلم هو القيام بأعباء الدين والنهوض بواجباته والدعوة إليه، سواء وجد ثمرة أم لم يجد، وسواء استجاب الناس أم لم يستجيبوا، وإذا كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه قد خوطب بهذا المعنى وأمر به، فنحن تبعٌ له في ذلك كله،(113/17)
كما قال تعالى: {إن عليك إلا البلاغ} وقال تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}
إن عليك أن توضحي لهذه الأخت أن دعوة أنبياء الله عموماً –عليهم صلوات الله وسلامه– هي أداء واجب الرسالة، وتبليغ الدين سواء وجدت الاستجابة أم لم توجد، وسواء رأينا ثمرة دعوتنا أم لم نجدها، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أنه قال: (عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومع الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد).
فتأملي هذا المشهد، نبي يبعث فيدعو قومه فيأتي يوم القيامة ولم يؤمن له إلا رجل أو رجلان، أو ربما جاء وحيداً لم يؤمن معه أي إنسان، فهل نحن إذن أحق بهداية الناس أم أنبياء الله الكرام ؟! صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً.
فلا بد من معرفة حقيقة هذا الدين الذي يأمر بالثبات عليه رب العالمين، والذي صار من أصوله المستقرة أن الهدى بيد الله، وما على المؤمن إلا القيام بواجبه والنهوض بفرائضه.
فهذه هي حقيقة الدين، وحقيقة الدعوة في هذا الباب، صبر على احتمال أوامر الله والقيام بواجباته، وعزيمة قوية في الثبات عليه ولو رفضه أهل الأرض جميعاً، وأما أن نجاري أهواء الناس ونتخلق بأخلاقهم إذا انحرفوا، فهذا نقص عظيم في الدين، وخلل بيّن في العزيمة، فأين نحن من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من ورائكم أيام الصبر، للعامل فيهن أجر خمسين منكم، قالوا منهم يا رسول الله؟ قال: بل منكم) حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه الطبراني في المعجم.
فأين الصبر على طاعة الله؟ وأين الإصلاح في حال فساد الناس؟ وأين نحن من قوله تعالى: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين}
فثبت بذلك أن موقف المسلم في هذه الحال، هو زيادة التمسك بدين الله تعالى والإقبال على طاعته، سواء وجد المعين أم لم يوجد، كما قال بعض أئمة السلف: (لا تستوحش من قلة السالكين، ولا تغتر بكثرة الهالكين).
وكذلك الشأن في الدعوة إلى الله، الصبر عليها والصبر على قلة المعين وكثرة المعرضين، ولن يضيع الله أجر المصلحين.
إذن فها هو منهج أنبياء الله جميعاً عليهم صلوات الله وسلامه، وتأملي كيف كان الصحابة رضي الله عنهم رجالاً ونساءً، يواجهون الجاهلية العمياء بقلب مؤمن وبقلب موقن بنصر الله، قال تعالى: {فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً} لقد كان لديهم اليقين الكامل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) أخرجه أبو داود في السنن.
فبهذا الفهم السليم لمنهج الدين، وبهذا الصبر واليقين صاروا أئمة إلى يوم الدين: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} وهذا أمر يحتاج لبسط أطول مما ذكرنا، والمقصود إنما هو الإشارة فحسب.
وأما عن موضوع ميل هذه الفتاة لبعض أعضاء المنتدى، فنحن نشير عليك بعدم التدخل في هذا الموضوع، لأنه لم يصدر من الأخت المذكورة أي تصرف تجاه هذا الأمر، بل الواجب في هذا المقام هو غض البصر والكف عن الاختلاط قدر(113/18)
الاستطاعة، وكذلك ما يصدر من الأخ المذكور من قوله: (أحبكن في الله) وكذلك تخصيص بعض الأخوات بهذه الكلمة فهذا أمر ينبغي أن يتجنب، لأن له من المفاسد ما قدر رأيته من الميل والانجذاب ونحو ذلك، بل المشروع هو التحرز من هذه الألفاظ مع النساء الأجنبيات، والاقتصار على ذكرها بين الرجال بعضهم مع بعض، أو بين النساء بعضهن مع بعض، ولو تم مناصحة هذا الأخ المذكور وبيان حكم الشرع بذلك فهذا أمر حسن ومطلوب، فإن الدين هو النصيحة.
ونسأل الله أن يجزيك على سعيك المشكور، وأن يوفقكم جميعاً لما يحب.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أريد قطع علاقتي بصديقتي فكيف أصنع ... 249525 ...
السؤال
لي علاقة بفتاة صديقة لي في الكلية، باختصار، كلما اتفقنا أن نبتعد لفترة لحرمة اختلاطنا سويا فإنه لا يمضي أسبوع على الأكثر، إلا وأجد نفسي معها ثانية، وكأن كل ما أسمعه من خطب ودروس كأن لم يكن.
فما الحل؟ علما بأنها معي في القسم (والسكشن) أيضا وأنا أحبها جدا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنك قد سألت عن الحل لهذه المشكلة التي أنت واقع فيها بالفعل، وأول ما يستفاد من سؤالك أنك مدرك بحمد الله أنك واقع في مشكلة حقيقية، ومن خلال هذا الإدراك سيكون إن شاء الله حل مشكلتك والخروج من ورطتها.
فأنت قد أخبرت أنك تعلم حرمة مثل هذه العلاقات على هذا النحو، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: أين العزيمة الصادقة على طاعة الله؟ نعم أين عزيمة المؤمن الذي يقدم حب الله وحب طاعته على هوى نفسه وميل رغبته؟!
وأين أنت من قوله تعالى: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى} وتأمل قوله تعالى: {خاف مقام ربه} أي خاف اليوم الذي يقوم فيه بين يدي الجبار جل جلاله، فيسأله كيف تعصني وقد أمرتك، وكيف تخالفني وقد نهيتك؟
إن الجواب سيكون مخجلاً حينئذ، بل إنه لا جواب ولا عذر: {ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون}
إذاً فلا بد من عزيمة مؤمن وغيرة حرٍّ على نفسه أن تكون أسيرة لهوى الشيطان، وأسيرة لهوى النفس، وطائعة لهوى فتاةٍ مخالفة لأمر الرب جل جلاله.
وتأمل هذا الحديث الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به} أخرجه نعيم في الأربعين، فلا بد لك من أن تجعل هواك تبعاً لما جاء به نبيك وقدوتك وحبيبك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
فلا بد من التوبة الصادقة التي تمحو كل أثر لمعصية الله، وتمحو كل شهوة تخالف أمر الله.(113/19)
وهنالك أيضاً بعض الحلول التي يمكن اتخاذها: فمن ذلك أن تخطب الفتاة من أهلها وتعقد عليها العقد الشرعي للزواج، وبذلك تكون زوجتك شرعاً فيمكنك لقاؤها والحديث معها، والخروج والدخول بصحبتها، وحتى لو كان الزفاف والدخول سوف يتأخر، فإن هذا لا يضر طالما وجد العقد الشرعي بينكما.
فلا بد من العزيمة الصادقة في تجنب معصية الله، فإن أمكن إجراء الزواج والعقد فهذا هو المطلوب، وإن لم يمكن فإن الصبر واجب قبل أن يهجم علينا الموت ونحن مقيمون على معصية الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالخواتيم) رواه البخاري في صحيحه.
فاحذر وانتبه، ولا تغفل عن ذكر ربك، ولا تنس أن الموت قد يقع في أي لحظة وفي أي مناسبة، فهل تضمن أن تلقى الله وأنت مقيم على أمر لا يرضيه؟! فبادر إلى رضا ربك واستبشر بقول الله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه} وقال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله}.
ونسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك وأن ييسر لك الزواج بمن تحب!
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... ماذا أعمل حتى يكون دوري إيجابيا في مسألة الرسوم الدنماركية ... 249409
السؤال
أنا لا أعرف ماذا أعمل حتى يكون دوري إيجابيا في مسألة الرسوم الدينماركية، كل الذي أعمله أني بقيت أصلي السنّة، وأدعو على الناس الظلمة، ولا أشتري أي منتج دينماركي، لكن هذا لا يكفي، وأحس أن حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم غاضب مني.
وهناك أناس نحبهم كثيرا، لكن لا نعرف كيف نساعدهم على الهداية، كل الذي نعمله أننا نهرب من الحقيقة، ونبعد عنهم.
ما الذي يمكن أن يؤثر عليهم؟ خصوصا أنني جربت معهم كل وسيلة، ولكن لا حياة لمن تنادي، فعلا لا أعرف!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن هذا السؤال الذي طرحته حول نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وعن شعورك بأنك تريدين أن تقدمي أكثر وأكثر لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، هو سؤال دال بحمد الله على إيمانك، ودال كذلك على مدى شعورك بالمسؤولية لنصرة هذا الدين الكريم، وللدفاع عن هذا النبي الأمين الذي من الله علينا بإرساله، فأخرجنا به من الظلمات إلى النور، ونجانا به من شقوة الضلال، إلى سعة ورحمة الإيمان بالله الواحد القهار، بل إن هذا السؤال حق على مؤمن وحق على كل مؤمنة كذلك أن يقفوا(113/20)
عليه، وأن تكون الإجابة الواضحة مستقرة عندهم، كي يقوموا بكل ما يحب عليهم تجاه رسولنا صلوات الله وسلامه عليه.
وأيضاً فإن هذا الواجب ليس واجباً عادياً، ولا هو من الأمور التي يصح أن يتركها المسلم حينا ويفعلها حيناً آخر، بل إن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة في كل حين وفي كل أوان، ولا يتم إيمان المسلم إلا بذلك، بل إن محبته صلوات الله وسلامه عليه فرض لا يتم إيمان المسلم إلا بتحقيقها، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) متفق على صحته.
فبين صلوات الله وسلامه عليه أنه لا يتم إيمان المسلم حتى يقدم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم على حب الوالد والولد بل والخلق جميعاً، وأبلغ من ذلك ما ذكره الله تعالى بقوله: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} الأحزاب، فاخبر تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم يجب تقديمه على النفس تعظيماً وحباً وإكراماً وغيرة عليه صلوات الله وسلامه عليه، كما قال عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال له عمر فإنه الآن والله، ولأنت أحب إليّ من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر) أخرجه البخاري في صحيحه.
إذا ثبت هذا فإن أعظم دليل على صدق محبته، وأقوى وسيلة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم هي اتباعه والعمل بسنته، وطاعة أمره ونهيه صلوات الله وسلامه عليه، فهذا أعظم دليل على صدق النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو أيضاً أعظم دليل على صدق محبة الرسول صلوات الله وسلامه عليه.
وحقيقة هذا المعنى أن يكون المسلم تابعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع شؤون حياته، فيكون تابعاً له في عقيدته، وتابعاً له في عبادته وشعائره، وتابعاً له في آدابه وسلوكه، ولا يقول قولاً ولا يعمل عملاً حتى يعمل حكمه فيه وشرعه فيه، كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم} أي لا تقولو حتى يقول ولا تعملوا حتى يعمل.
فهذا هو الأصل العظيم الذي يرد إليه كل أمور الدين، فمن أراد نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم فليكن إذن عاملاً بسنته مدافعاً عن شريعته لا يرضى إلا بحكمها، ولا يقبل بهدى غير هدى محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، فمثلاً من ادعى أنه يحب الرسول صلى الله عليه وسلم نظرنا في عمله، فإن كان صادقاً في حبه فإنه سوف يكون متبعاً له، عاملاً بحكمة وشرعه وسننه، وإلا فهو كاذب مدعٍ، كما قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية.
فعلى قدر العمل باتباع النبي صلى الله عليه وسلم وصدق هذا الإتباع، يكون قدر الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما سوف نشير إليه من خطوات نصر النبي صلى الله عليه وسلم فهو راجع إلى هذا الأصل العظيم الذي أشرنا إليه في هذا المقام إشارة موجزة.(113/21)
ثانياً: الدعوة إلى دينه واتباع سننه، فإن من أعظم القربات وأجل الأعمال الصالحات، الدعوة إلى دين الله تعالى، والدعوة إلى اتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فكما أننا آمنا به صلوات الله وسلامه عليه واتبعناه واقتدينا به، فلا بد أن ندعو الناس أيضاً إلى اتباعه والإيمان به، وهذا يكون على نوعين:
الأول: دعوة المسلمين أنفسهم.
والثاني: دعوة غير المسلمين من سائر الكفرة، ولا سيما الذين يحملون صورة مشوهةً عن دين الإسلام.
فلا بد أن تنصرف العناية إلى بذل الوسع في الدعوة إلى دين الله تعالى، وبيان حقيقة عظمة هذا الدين وعظمة هذا الرسول الذي جاء به صلوات الله وسلامه عليه، قال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحانه الله وما أنا من المشركين} فأخبر تعالى أنه هو صلوات الله وسلامه عليه، وكذلك أتباعه من المؤمنين يتصفون بصفة واحدة، وهي الدعوة إلى الله على بصيرة، أي على تمام هدى وعلم ومعرفة بدين الله تعالى، وهذا هو الأمر الثالث:
فمن العمل بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، تعلم العلم النافع والتبصر بدين الله تعالى، ومعرفة حقوق النبي صلى الله عليه وسلم، وما يجب تجاهه من الحقوق والواجبات والمتسحبات، فإن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والدعوة إلى اتباعه لا بد أن تكون على علم ومعرفة وهدى من الله تعالى، ولذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) وقال صلوات الله وسلامه عليه: (تعلموا فإنما العلم بالتعلم) والمقصود من هذا العلم هو العلم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم، لا سيما العلم الواجب كتعلم أركان الإيمان وتوحيد الله تعالى، ومعرفة أحكام العبادات التي تقوم بها ونحوها من الأمور الشرعية.
ويدخل في هذا الباب دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعرفة أحواله وما كان عليه من الخلق العظيم والعمل الصالح الجليل، وبيان ذلك للناس وتذكيرهم به ليزداد قدر النبي صلى الله عليه وسلم في قلوبهم، ويعظم حبه في نفوسهم صلوات الله وسلامه عليه.
رابعاً: إظهار موالاة النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته، وهذا يعني أن نكون محبين من أحبه، ومبغضين من أبعضه، فمن والاه واليناه ومن عاداه عاديناه، بل إن هذا المقام من أعظم مقامات الدين الذي جاء به هذا الرسول صلوات الله وسلامه عليه، كما ثبت عنه أنه قال: (من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان)
ويدخل في هذا العمل قطع العلاقة بمن أظهر معاداته صلوات الله وسلامه عليه، كقطع التعامل التجاري الذي يضعف كثيراً اقتصادهم ويوهن قوتهم، ولا ريب أن هذا من أقل الأعمال التي نظهر فيها انتصارنا وغضبنا لأجل نبينا وإمامنا صلوات الله وسلامه عليه، فإن مدار الدين كله على قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} وقوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها} فالمطلوب هو العمل بحسب القدرة والإمكان، وبحسب الجهد الذي يمكن بذله له في هذا الباب أو ذاك.(113/22)
خامساً: التعاون الصادق بين عموم المسلمين في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما أشرنا إليه في النقطة السابقة، وكذلك التحريض والحث على مؤازرته ونصر ته صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى: {وحرض المؤمنين}وقال صلوات الله وسلامه عليه: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه) أخرجه مسلم في صححيه.
سادساً: بذل الجهد في أن يكون لنا مساهمة ودعم مادي لكل الأنشطة المشروعة الممكنة التي تعمل على نصرته صلوات الله وسلامه عليه، سواء كان ذلك عن طريق المساهمة في نشر وطبع الكتب والرسائل التي تدافع عنه صلى الله عليه وسلم، أو التي تفضح وتبين المقاصد الخبيثة للطاعنين فيه صلوات الله وسلامه عليه، بل ويدخل في ذلك كل إعانة على نشر الوعي والفهم الصحيح لدين الله تعالى.
سابعاً: العناية البالغة بتنشئة أطفالنا تنشئة تجعلهم يعلمون حقيقة معنى الإسلام، وحقيقة معنى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك بتعليمهم أصول الإسلام وتدربيهم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتعرفيهم بشمائله الكريمة، وصفاته العالية الجليلة، بحيث تخرج أجيالهم أجيالاً تعظم حرمة النبي صلى الله عليه وسلم، وترى أن اتباعه هو الهدى، وأن مخالفته هي الشقوة والضلال، وبالجملة فإن نصرته صلوات الله وسلامه عليه تكون بنصرة دينه وبذل الوسع في إقامة شرعه واتباع سننه اتباعاً مبيناً على علم وهدى وبصيرة.
وإننا في نهاية هذا الجواب نسأل الله العظيم أن يعظم لك الأجرة والمثوبة على هذا السؤال الكريم، وأن يجعله في موازين حسناتك.
فهذا ما يتعلق بالشطر الأول من سؤالك، وأما عن دعوة الناس فهذا أيضاً داخل في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم كما أشرنا إليه سابقاً، غير أن مواجهة الناس بالدعوة إلى الله لا بد لها من جملة أمور أيضاً، فمن ذلك:
أ- الإخلاص لله في دعوة الناس وتوجيههم إلى الخير.
ب – الاستعانة بالله على هدايتهم وطلب المعونة منه تبارك وتعالى.
جـ - تحصيل بعض العلوم الضرورية التي تجعل الداعي إلى الله يدعو على بصيرة وهدى من الله، فمثلاً إذا كانت دعوتنا لفتاة غير متحجبة فلا بد من معرفة حكم الحجاب ومعرفة صورة الحجاب الشرعي، وبعد ذلك يتم الدعوة إلى الالتزام بهذه الشعيرة المباركة.
د- اتخاذ الأسلوب المناسب في دعوة الناس، فخطاب القريب مثلاً يختلف عن غيره، وخطاب المتعلم غير خطاب الأمي، وخطاب الصغير غير خطاب الكبير، فلا بد من اتباع السبيل الطريق المناسب في الدعوة إلى الله تعالى، وذلك بأن نعلم الأسلوب والكيفية المناسبة لكل حال.
هـ - الشجاعة في الدعوة إلى الله، وعدم الركون إلى طلب الراحة وعدم التعب، فلا بد من الصبر على أداء فرائض الله، وخاصة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، كما قال تعالى على لسان لقمان رحمه الله تعالى: {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور}.(113/23)
ز- عدم اليأس من صلاح الناس، وعدم القنوط من استجابتهم، بل لا بد أن تكوني مستبشرة بهداية الله، مأملة قرب فرج الله وتوفيقه.
فهذه أصول وقواعد أشرنا إليها إشارة تناسب مثل هذا الجواب، وأما بسط الكلام في ذلك فله موضع غير هذا الموضع.
ونسأل الله أن يزيدك حرصاً وهدى وتقى ونوراً، وأن يثيبك خيراً على نيتك وسؤالك.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ ...
... أحب ديني فعرفوني به!! ...
249243
السؤال
أحب الدين الإسلامي وأريد أن أعرف كل شيء عنه، وأريد أن ألبس الحجاب؟
ohibou adina alislami oridou ana a3rifa koula chii 3anh wa oridou an af3ala alhijab
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/nadin حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، وأن يبلغك المنى والمناجح.
بشرى لفتاة تحب الإسلام وتعشق الحجاب، ومرحباً بك مع آبائك في موقعك، وشكراً لك على هذا السؤال الجميل الذي يدل على رغبة في الخير وحرصٍ على الاستفادة، ونتمنى أن تتشبه بهمتك العالية جميع الفتيات، وهنيئاً لك بحب المسلمين والمسلمات.
وأرجو أن تعرفي أن الإسلام دين سهل وجميل؛ لأنه دين الفطرة ولأنه نزل من عند خالقنا الذي يعلم ما يصلح لنا في الدنيا والآخرة، وقد اعترف بجمال الإسلام الأعداء قبل الأصدقاء، فإن كثير من المنصفين من أهل الغرب أعلنوا إعجابهم، والفضل ما شهدت به الأعداء .
وأجمل ما في هذا الدين هو عقيدته الواضحة وقيمه النبيلة، ودعوته إلى الخير والمحبة والتعاون، فما من خيرٍ إلا دلنا عليه ولا من شر إلا وحذرنا ونهانا عنه، ومن واجب كل مسلمة ومسلم أن يعرفوا أحكام الإسلام التي تصح بها عقيدتهم وعبادتهم لله، وهذا الجزء واجب على كل مسلم ومسلمة، وبعد ذلك يستطيع المسلم أن يتوسع في معرفة الإسلام.
ونحن ننصحك بأن تهتمي أولاً بحفظ القرآن فإنه يرسخ العقيدة ويهذب النفوس، وهو أغلى ما تملكه هذه الأمة، ومن خلال دراسة القرآن سوف تعلمي أن الحجاب واجب من واجبات الشريعة، وهو ستر وفخر للمرأة المسلمة به تعرف، قال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين }. يعرفن بأنهن العفيفات وبأنهن الخيرات الطاهرات، والحجاب لون من التكريم للمرأة المسلمة لأنها تصان به عن الأعين الجائعة، فإن زينة المرأة المسلمة لزوجها الذي لا يتمكن من الوصول إليها إلا بعد عقد وميثاق ومهر وثناء(113/24)
حسن، وطرق للأبواب وسير على هدى السنة وآداب الكتاب، وقد شهدت بعظمة هذا التشريع العلاقات من نساء الغرب بعد أن وجدن أنفسهن عرايا في الطرقات، وحولهن شهوات الرجال تضطرب في حيوانية وسفه، وانقلبت موجة التحرر إلى تحلل من كل فضيلة وخير.
فلا تتأخري في لبس الحجاب فقد آن الأوان ولا تلتفتي إلى ما يكتبه اللئام.
واعلمي أن الحجاب للمرأة مثل الغطاء للحلوى، فإذا فقدت الحلوى غطائها أصبحت مرتعاً للجراثيم والذباب، وإذا نزعت المرأة حجاباها أصبحت مرتعاً لأعين الذئاب وعند ذلك يردد الشرفاء مقولة الشاعر :
إذا وقع الذباب على طعام *** رفعت يدي ونفس تشتهيه
وتجنبت الأسود ورود ماءٍ *** إذا كان الكلاب ولغن فيه
وأرجو أن تسارعي إلى مراكز التحفيظ والعلوم الشرعية، واطلبي لنفسك رفقة مرضية وتجنبي كل صحبة ردية، واحرصي على طاعة والديك واذكري ربك واجتهدي في كل أمر يرضيه.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ ...
... هل المرأة المتبرجة لا تدخل الجنة ... 249102 ...
السؤال
هل صحيح أن المرأة المتبرجة لا تدخل الجنة؟ وإذا كان الأمر كذالك، كيف
يمكنكم مساعدتي على ارتداء الحجاب؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بركات حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن المؤمنة لا خيار لها في أمر الحجاب؛ لأنه شريعة العزيز الوهاب الذي قال في محكم الكتاب: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا}.
والحجاب سترٌ وعفاف، وطهرٌ ونقاء، ودليلٌ على الخيرية والصفاء، ولذلك سارعت إليه الصحابيات عندما سمعن الآيات من أزواجهن والأبناء، حيث انقلبوا إلى البيوت يرددون قول صاحب العظمة والجبروت: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن} لماذا كل هذا؟ {ذلك أدنى أن يُعرفن} بأنهن العفيفات الطاهرات {فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً}.
والحجاب للمرأة كالغطاء للحلوى، فإذا فقدت الحلوى غطائها كانت مرتعاً للجراثيم، وإذا تركت الفتاة حجابها كانت أُلعوبة في أعين الفاسقين ومرتعاً لنظرات الآثمين.
والفتاة المحجبة تجبر الناس على احترامها، بخلاف المتبرجة التي تسمع من الكلام ما يؤذيها، وتجد من العنت والشقاء ما يكفيها، وهي مع ذلك كالعلكة التي تلوكها الأفواه ليكون مكانها القمامة والأوساخ، وقد بدأت المرأة الغربية تشعر بالخديعة؛ لأنها(113/25)
وجدت نفسها عريانة وحولها شهوات الرجال تضطرب في حيوانية، وانقلبت موجة التحرر المزعومة إلى تحللٍ من كل فضيلة وخير.
ولا شك أن الجمال نعمة من الله، وكل أنثى فيها جمال، ومن شكر النعمة أن تستخدمها في طاعة الكبير المتعال، وأن تجعل جمالها وقفاً على زوجها.
وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم المتبرجات، فقال في حديثه الذي يعتبر من أعلام نبوته: (صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) وهذا وعيدٌ تتقطع لمثله القلوب، وإنما تكون الكاسية عارية إذا كانت الثياب ضيقة أو قصيرة أو شفافة، ثم قال مائلات عن المنهج، مميلات لقلوب الآخرين والأخريات، أو مائلات مشيتهن مميلات لقلوب الرجال والنساء، ولا بد هنا من الإشارة إلى كارثة الكعب العالي الذي لا تملك المرأة إذا لبسته إلا أن تتراقص في مشيتها، وهو مع ذلك يحدث أصواتاً توقظ النائمين وتنبه الغافلين، وقد نهى ربنا تبارك وتعالى المؤمنات فقال: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}.
وقد فهم العلماء هذا اللفظ (لا يدخلن الجنة) على أنهن لا يدخلن مع الصالحات الطاهرات، وإذا كان للإنسان شيءٌ من التوحيد والإيمان فإنه قد ينال الشفاعة في يوم القيامة، وذلك محض فضل ورحمة من الملك الديان.
فاتقي الله في نفسك، وتمسكي بحجابك، واسألي نفسك بصدق وقولي لها: لمن أتبرج؟ وهل سوف أتزوج كل من في الطرقات؟ وهل هكذا نشكر نعمة الجمال؟ وكم من متبرجة أصيبت بالعين أو تلبس بها الجن أو نالها المرض وسلبت نضارة الجسم؟ وأحسن من قال:
أرأيت أمتنا بدون حضارة *** حتى أتيت لنا بشرْعَةِ وِلْيمِ
وتبعت ماري في جميع خصالها *** فخرجت سافرة كأن لم تعلمي
ولن تستوي من كانت الزهراء قدوتها *** بمن تقفت خطى حمالة الحطب
والله ولي الهداية والتوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... هل من دواء للكذب والغيبة والنميمة ... 249077 ...
السؤال
أرجوكم دلوني على عمل أخرج به من الكذب، والغيبة، والنميمة، وعدم الوفاء بالوعد، والتهاون في الصلاة، وعدم البكاء من خشية الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن أول خطوة لعلاج هذه الأمراض التي ذكرتها هو ما قد قمت أنت به بالفعل، نعم فأول خطوة هي البحث عن الدواء الذي يتم به الشفاء من هذه الأمراض الفتاكة(113/26)
العظيمة الخطر، التي قد تؤدي بالعبد أن يكون في سخط الله ومقته وغضبه، ثم من بعد ذلك عذابه الشديد الأليم.
وأما الخطوات التي ينبغي أن تتبع للشفاء من هذه الذنوب فهي:
1- الاستعانة بالله والتوكل عليه في التخلص من هذه الذنوب، فإن من يتوكل على الله يجد المعونة منه، ويجد الكفاية منه، كما قال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} وقال صلى الله عليه وسلم: (استعن بالله ولا تعجز).
2- الدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يشفيك من هذه الذنوب وأن يخلصك منها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: (اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأهواء والأعمال والأدواء) وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من شر لساني) وكان أيضاً يدعو فيقول: (رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي واهدِ قلبي وسدد لساني ) رواه أبو داود في السنن.
فالدعاء من أعظم ما يعين على تحصيل المطلوب وتجنب المحذور، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء).
3- معرفة خطر هذه الذنوب وعظم إثمها عند الله تعالى، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) متفق على صحته، وسُئل صلى الله عليه وسلم هل يسرق المؤمن قال: (قد يكون ذلك، فسأل يزني المؤمن؟ قال بلى، فسأل هل يكذب المؤمن فقال إنما يفتري الكذب من لا يؤمن).
وأما الغيبة فحسبك وكافيك قول الله تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم}.
وقال تعالى: {ويل لكل همزة لمزة}.
وأما النميمة فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة نمام) رواه مسلم في صحيحه، وإما إخلاف الوعد فهو من صفات المنافقين كما قال صلى الله عليه وسلم في خصال المنافين: (وإذا وعد أخلف).
فهذه بعض النصوص التي تدل على قباحة هذه الأفعال وكم هي مذمومة عند ذي العزة والجلال، وإذا تأملها المؤمن عرف مقدار خطرها وأنها قد تهلكه وتؤدي به إلى الوقوع في عذاب الله، فيحذر منها ويكف نفسه عنها.
4- تجنب الأسباب التي توقعك في مثل هذه الذنوب، فمثلاً إذا كان هنالك بعض الناس إذا اجتمعت بهم وجلست معهم تكلموا في هذا الكلام حتى يجعلوك تشاركهم فيه، فيجب عليك اجتناب مجالسة هؤلاء الناس والبعد عنهم، حتى لا تقع في معصية الله تعالى، كما قال عز وجل: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره}
بل إن مجالسة أمثال هؤلاء لا تجوز، حتى ولو لم تشاركهم في الكلام، فإن استماع الحرام محرم، ولذلك قال أهل العلم إن من استمع الغيبة فهو مغتاب أيضاً، فعليك بتوقي الأسباب التي تعين على الوقوع في معصية الله.
5- مراقبة الله والحذر منه ومن عقابه، فإن أعظم ما يزجر به المؤمن نفسه عن ارتكاب الحرام، هو أن تستحضر أن الله مطلع عليك وعالم بكل ما تقوله وتفعله،(113/27)
فيجعلك ذلك حذراً من معصية الله والوقوع في غضبه، كما تعالى: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى} ولما سُئل رسول الله عن الإحسان قال: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) رواه مسلم.
6- مراقبة النفس وعدم الاستسلام لنزغاتها ووساوسها، فإذا ما وقعت في هفوة حاسبت نفسك عليها، وعاتبتها على هذه الزلة وهذا الخطأ، كما قال بعض الصحابة رضي الله عنهم: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا).
7- الإكثار من الاستغفار والتوبة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار والتوبة، حتى إنه كان يستغفر ويتوب إليه في اليوم سبعين مرة بل وأكثر من ذلك، كما ثبتت بذلك الأخبار الصحاح عنه، فعليك بدوام التوبة والاستغفار والرجوع إلى الله.
8- حاول أن يكون لك إخوة في الله صالحون، يعينونك على طاعة الله، ويذكرونك إذا نسيت، فإن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، كما قال صلى الله عليه وسلم، فحاول أن يكون لك الرفقة الطيبة التي تعينك على طاعة الله وطلب مرضاته.
9- عليك بأن تجعل لسانك رطباً بذكر الله، وأن تعود نفسك عدم الخوض فيما لا يعنيك، فإنك الكلام الذي يكون بذكر الله يعينك على دوام الطاعة والحذر من المعصية، ويرزقك القرب من الله والتوفيق والسداد في القول والعمل.
10- حاول أن تشغل نفسك عن مجالس الثرثرة والقيل والقال، بالانتفاع بوقتك والاستفادة منه في الأمور النافعة، كسماع محاضرة نافعة، أو قراءة كتاب مفيد، أو حفظ شيء من كتاب الله أو تلاوته، فحاول أن تشغل نفسك عن المعصية بالطاعة، وأن تجعل وقتك معموراً بذكر الله تعالى.
وأما عن الصلاة فلا بد أن تنتبه إلى هذا الأمر انتباهاً عظيماً، فإن من فرط في صلاته وضيعها حرمه الله تعالى التوفيق والسداد في القول والعمل، ومن حافظ عليها وأقامها هداه الله وسدده في عامة أموره، فلا بد أن لا تتهاون في صلاتك، بل اجعل أهم أمرك هو الصلاة والمحافظة عليها، وعدم التفريط فيها مهما كانت الأسباب، فإنها هي عماد الدين وعمود الإسلام، كما قال صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروه سنامه الجهاد في سبيل الله) رواه الترمذي.
وأيضاً فإن من حافظ على الصلاة، كانت له نوراً ووقاية من المنكرات والفواحش، كما قال تعالى: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} وبهذا السبب تعلم السر في وقوعك في مثل الذنوب التي أشرت إليها، وفي السبب من عدم البكاء من خشية الله، لأن من فرط في الصلاة، فقد فرط في غيرها من الواجبات، بل هو أشد تفريطاً وتضيعاً، كما قال عمر رضي الله عنه: (إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن ضعيها فهو لما سواها أضيع) رواه مالك في الموطأ.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... عزيمتي ضعيفة في المحافظة على صلاة العصر ... 248728 ...
السؤال(113/28)
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
في خلال هذا الأسبوع جئت من الدراسة متعبا فتناولت طعام الغذاء، وقلت أستريح قليلا ثم أقوم لأصلي الظهر، فتمددت ولكن النعاس أخذني، وعندما أيقظتني والدتي لكي أصلي وأذهب لصلاة العصر لم أستطع الاستيقاظ، ثم جاءت أختي فأيقظتني مع الساعة الخامسة، ففتحت عيني و نظرت للساعة ووجدت بأنها الخامسة، فندمت كثيرا وقلت مع نفسي غاضبا ضاعت مني الصلاة، وبقيت متغطيا وأنا غاضب على ما يحصل لي؛ لأنها ليست أول مرة فكثيرا ما تستغرق قيلولتي ساعتين فما فوق، وقد أتحقق من المنبه، فتارة أطفئه وتارة لا أسمعه، وغالبا لا أسمعه، ثم قمت وصليت ما علي من فرائض، وسألت الله "عز وجل" أن يغفر لي، وذهبت لصلاة المغرب في المسجد، وعندما أتجاوز هذه المشكلة أفرح كثيرا، وخاصة عندما أصلي الصلاة في المسجد مع الجماعة.
أرجو منكم أن تدلوني على حل ناجح، وعملي لهذه المشكلة كرقية أقوم بها أو ذكر أذكره أو دعاء أقوله أو نوع من الأفعال التمرينية كاليوجا ( مع شرحها أو دلي على موقع يشرحها بالصور وبالتفصيل وبطريقة ميسرة ) أو السايكلوجية أقوم بها لتدريب جهازي العصبي على الاستيقاظ في الوقت الذي أريد، وبنشاط ، أرجو منك إجابتي في أقرب وقت؟
فكما تعلمون الصلاة عماد الدين، وهل يغفر الله لي ما حصل فأنا أرجو ذلك وأحاول مجاهدة نفسي في هذا الباب وجزآكم الله عنا خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إلياس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإننا نسأل الله تعالى أن يجزيك خير الجزاء على حرصك على الصلاة التي هي عماد الدين وركنه العظيم، فقد ثبت عن البني صلى الله عليه وسلم أنه قال:(رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) رواه الترمذي في سننه، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن الله لا ينظر في عمل الإنسان حتى ينظر في صلاته، هل هي على الوجه المستقيم أم لا، كما أخرجه الترمذي أيضاً في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضة شيء قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع، فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك).
فهذا الحديث الصحيح، يبين عظم خطر ترك الصلاة، وأنها إن صلحت صلح سائر العمل، وإن فسدت فسد سائر العمل، حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إن(113/29)
أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ) أخرجه مالك في الموطأ.
والمقصود أن أعظم ركن بعد الإيمان بالله هو الصلاة، فلذلك كان العمل على المحافظة عليها من أوكد الواجبات، لا سيما الصلوات التي يغفل عنها الناس كثيراً، كصلاة الفجر وصلاة العصر، فإن صلاة الفجر كثير من الناس لا يصليها إلا بعد شروق الشمس، مع القدرة على القيام لها في وقتها، بحيث إنك قد ترى الرجل المسلم والمرأة المسلمة، يبادران إلى الوظيفة والعمل في الوقت المحدد، بينما يؤخران الصلاة عن موعدها، الذي قال الرب جل وعلا فيه:{إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً}، وهذا كثير في الناس، و لا يسلم منه إلا من سلمه الله تعالى.
وأما ما ذكرته أنت عن نفسك، من أنك ربما فاتتك صلاة العصر خاصة بسبب القيلولة، فلا ريب أنك تحتاج إلى مزيد عناية في المحافظة على هذه الصلاة العظيمة، التي قد جعلها الله تعالى " الصلاة الوسطى" كما قال تعالى:{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
وإنما خص الرب جل وعلا صلاة العصر بالذكر وأمر بالمحافظة عليها خاصة، لأن وقتها هو وقت الغفلة، إما بالنوم والاستراحة وهذا هو الغالب، وإما بالعمل والتكسب وطلب الأرزاق، وكلاهما أمر يشغل عن الصلاة، ولا ريب أن هذا القدر في التنبيه يشير إشارة قوية إلى ضرورة أخذ الأسباب في المحافظة عليها.
وأما إذا غلبتك عيناك ونمت بعد أن بذلت جهدك لتستيقظ، فلم يتيسر لك ذلك، فلا ريب أنه لا إثم عليك في ذلك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :(ليس في النوم تفريط) ، وقال الله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ومع هذا فإن هنالك أسباباً حسنة يمكن إتباعها تعين على الاستيقاظ في الوقت المناسب للصلاة:
فأول ذلك هو الاستعانة بالله، وطلب التوفيق منه لذلك، كما حكى الله تعالى عن إبراهيم الخليل عليه السلام أنه قال: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ) وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ رضي الله عنه: (لا تدعن دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
فلا بد إذن من طلب المعونة على طاعة الله، ومن طلب التوفيق لذلك، وهذا أمر يطول شرحه، والمراد الإشارة فقط.
الأمر الثاني: تهيئة الجسم ليسهل عليه الصحو من النوم، وذلك بعدم إجهاد النفس كثيراً متى ما أمكن ذلك، وكذلك بعدم الامتلاء من الطعام إلى حد الإفراط، بل يجوز للإنسان أن يشبع الشبع المعتدل الذي لا يثقل المعدة كثيراً، بحيث تظل النفس خفيفة منشرحة ويظل الجسم نشطاً حفيفاً كذلك، وقد قال الله تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} .
والمقصود هو التوسط والاعتدال، سواء في بذل المجهود أو في تناول الطعام، بل إن هذا لا يعين فقط على الصلاة والعبادات فقط، بل ويعين أيضاً على أمور الدنيا ومن جودة التحصيل وقوة الجسم وصحته، كما هو معلوم عند أهل المعرفة.(113/30)
الأمر الثالث: مطالعة الآيات والأحاديث والأخبار التي تتكلم عن فضل المحافظة على الصلوات، فإن ذلك يعين النفس ويشحذ همتها، وبالمقابل كذلك مطالعة النصوص التي ترهب من التكاسل في أداء الصلاة وتضييعها.
الأمر الرابع: فعل الخيرات والمحافظة على الطاعات، فإن من بركة الحسنة أنها تؤدي إلى حسنة مثلها، كما أن من شؤم المعصية أنها تجر إلى سيئة مثلها، ومن ذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء، والأذكار عند النوم وعند الاستيقاظ منه.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... تخرجت من الجامعة بمرتبة الشرف ولم أجد عملاً إلى الآن ... 248452 ...
السؤال
لا أدري ماذا أفعل! فقد تخرجت من الجامعة بمرتبة الشرف في الجيلوجيا والتعدين منذ1998 ، ولم أجد فرصة عمل في أي مهنة، حتى انتابني شعور بأن الله تخلى عن رزقي، وإني والله لأخشى من هذه المشاعر أن تقودني إلى هاويةٍ لا يعلمها إلا الله، فماذا أفعل يا أحبتي في الدين؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبدالواحد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، وإن من واجب الإنسان أن يسعى ويبذل الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب، وهل النجاح الذي نلته إلا رزق وتوفيق من الله، وليتك تذكرت وتفكرت في أحوال من اجتهد ولم يوفق للنجاح، وما كل عامل بمرزوق.
وأرجو أن تطارد هذه الوساوس، وتحرص على تفادي ذلك الشعور، وتعوذ بالله من عدونا الشيطان الذي همُّه أن يحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله.
كما أن خوفك من تلك المشاعر دليل على أن فيك خير كثير، واحمد الله الذي رد كيد الشيطان إلى الوسوسة.
وعجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيراًَ له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.
فأرجو أن تعلم أنه سوف تأتيك الوظيفة التي قدرها الله في الوقت الذي أراده الله، ولكني أنصحك بالسعي والبحث، فإن الله قال لمريم البتول : { وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً } ،وقد أحسن من قال :
ولو شاء ألقى إليها الثمر من غير هزةٍٍ ***** ولكن كلّ شيء له سبب.
ونحن ننصحك بأن ترضى بأي وظيفة، ثم تبحث عن الأفضل، فإن البعض يجلس سنوات ينتظر وظيفة معينة لا يرضي بغيرها، وهذا غير صحيح، وقد يدرس الإنسان تخصصا معينا ويكون رزقه في غيره، ولذلك فالصواب أن لا يكون الهدف من طلب(113/31)
العلم هو الوظيفة، وحبذا لو اتخذ كل طالب حرفة، وأخلص في طلبه للعلم واجتهد في تطوير نفسه ورفع مستواه، وإذا أصبح العالم غنياً بكسبه الحر وفق في الطلب، وتمكن من قول الحق، فليس لأحد عليه سلطان، ولا يخفى على أمثالك أن الزرق ليس في الشهادات ولا في الوظائف، ولكنه بتقدير الله ثم يسعى المسلم في أرض الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تعدوا خماصاً وتروح بطاناً) فتأمل يا عبد الله كيف أنها خرجت بهداية الله وأكلت من رزق الله، دون أن تكون لها وظائف أو مزارع وقد أخبرنا صلى الله عليه : (بأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها)، - ثم دلنا على المطلوب – فقال: ( فاتقوا الله وأجملوا في الطلب فخذوا ما أحل ودعوا ما حرم عليكم ).
-وأرجو أن تكثر من الاستغفار ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، واحرص على بر والديك، وأحسن إلى ذي الرحم والجار، والزم تقوى الله فإنه سبحانه وعد أهلها فقال : {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} .
واعلم بأن الأمر إذا ضاق اتسع، وأن اليسر مع العسر، ولن يغلب عسرٌ يسرين ، وردّد ما قاله الحكيم :
يا صاحب الهم إن الهم منفرجٌ *** أبشر بخير فإن الفارج اللهُ
فاستقبل الحياة بأمل جديد، وواظب على ذكر ربك المجيد، واجعل أيامك بالطاعات عيد.
والله وليّ التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... أصابتني عين فتساقط شعري.. فما الحل ... 248448 ...
السؤال
عندما كنت صغيرة أصابتني عين امرأة في شعري، وهي امرأة كبيرة في السن، وفي نفس اليوم بدأ رأسي يؤلمني بشدة، وقالوا لي أنها عين، وبالفعل بعدها بدأ شعري بالتساقط والتقصف حتى إنه أصبح قصيرا، لكن لم أستطع مداواة هذه العين؛ لأني لا أعرف المرأة ولا أعرف شيئا عنها، فما هو الحل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/أ.م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأولا: إن كان ما أصابك حقا عين -وليس عندي دليل- فالعلاج بقراءة سورتي الفلق والناس ثلاث مرات، وهذا يكفي ولا مانع من تكرارها صباح مساء، فإن شفي الشعر كان هذا هو علاج العين، وإن لم يشف فإن ما أصابك ليس بعين ويحتاج إلى تشخيص وعلاج.(113/32)
ثانيا: لا مانع من الرقية الشرعية والتي قد يفيدك بها القسم الشرعي في الشبكة، ولكن أنصح بأن تتم الرقية عند من لا يأخذ مالا لقاء القراءة والرقية، لأنها دعاء والدعاء أجره عند الله وليس أموال من الناس.
ثالثا: إن كنت طفلة في السنة الأولى من عمرك وفقدت شعرك فغالبا ما تعانين من أحد الأمراض أو التناذرات التي يفقد فيها المريض معظم شعر رأسه، وهنا الحل صعب والعلاج شبه مستحيل، خاصة إن كان البدء مبكرا والشعر زغبيا.
رابعا: وأما إن كنت صغيرة أي عمرك سنوات، وكان لك شعرا طبيعيا وطويلا وعندك صورة تثبت ذلك لك، ثم فقدتيه فالأمر مختلف، وغالبا ما يكون السبب عارضا وله علاج والأمل في الشفاء كبير، فأيّ الحالات أنت؟
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد حازم تقي الدين
ـــــــــــــــــــ
... كيف أدعو زميلاً لي كافراً إلى الإسلام؟ ... 248341 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌ أعمل في إحدى المستشفيات، وبهذا المستشفى توجد فرقة طبية من الصينيين، وقد تعرفت على أحدهم، وعندها بدأت أكلمه عن الأديان، فصعقني كلامه! وهو أنه لا يؤمن بوجود الله، وأن الحياة جاءت من الطبيعة، وعندها بدأت أوضح له أن هنالك إله، وكان في البداية يُعارض بشدة، ولكن في الأيام الأخيرة بدأ يهدأ قليلاً، وأشعر أنه يتكلم معي على قدر عقلي، فماذا أعمل؟ خاصةً وأن هنالك مشكله وهي أن التواصل يكون غالباً بالإنجليزية، وكلانا لا يتكلمها بطلاقة، لذلك التواصل بيننا صعب نوعاًما، والمشكلة الثانية هي أني لم أجد أي كتابٍ عن الإسلام باللغة الصينية، فأريد منكم إرشادي على بعض المواقع التي تبيع الكتب باللغه الصينية عن الاسلام.
وشكراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عدنان حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يحفظك ويسدد خطاك وأن يلهمك رشدك ويبلغك مناك، وأن يهدينا جميعاً وأن يجعلنا هداه مهتدين.
فقد أعجبني حرصك على إبلاغ رسالة الإسلام، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم الذي ينتسب لهذا الدين، ولن يضيع أجرك عند الله، ولأن يهدي الله بك رجلاً واحد خير لك من حمر النعم ) ونحن ننصحك بما يلي:-
1- كثرة الدعاء والتوجه إلى رب الأرض والسماء، فإن من واجبنا أن ندعو للناس بالهداية ثم ندعوهم إلى الله.
2- الحرص على معاملته معاملة طيبة، فإن الناس جبلوا على حب من يحسن إليهم، (وفعل رجل في ألف رجل خير من كلام ألف رجل لرجل ).(113/33)
3- حاول أن تبين له أن الطبيعة بكماء صماء، فكيف تخلق المبدعين الأحياء، وأن البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير أفلا تدل سماوات وأرض على خالق قدير.
4- اختيار الأوقات المناسبة لدعوته.
5- الالتزام بالإسلام قولاً وعملاً.
6- إظهار الاحترام وتقديم المساعدات لاستمالته وتأليف قلبه.
7- الاجتهاد في إظهار شعائر وجمال الإسلام أمامه.
8- الاستفادة من الزملاء الآخرين في دعوة هذا الأخ.
9- الاهتمام بعرض الأدلة الكونية من الطبيعة نفسها والتركيز على الجوانب العقلية وليس النصوص.
10- التشكيك في القناعات التي عنده قبل اقتلاعها وذلك بإيراد الأسئلة كقولك له من أوجد الشيء، فإن قال الطبيعة فإنك تقول لكن الطبيعة حادثة فمن الذي أوجدها، وهل هي قادرة على التصريف والرزق.
والله الموفق
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... الحسد والسحر دمّرا حياتي فكيف أبطل السحر؟ ... 248273 ...
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌ ملتزم، تزوجت منذ سنتين، وبعد زواجي بشهرين دخل مكتبي لص وسرقه، وكانت خسارتي كبيرة جداً، وبعدها بشهرٍ فقط احترق بيتي وخسرت العفش بأكمله ومبلغاً كبيراً من المال كان أمانةً لشخص عندي وليس لي، وبعدها بثلاثة أشهر أُصبت بهبوط ضغط تسبب لي بغيبوبة في الشارع، نقلني بعض المواطنين للمشفى، وسرق أحدهم مني حقيبتي التي كُنت أحمل فيها مبلغاً كبيراً من المال، والذي هو ثمن بيتي الذي بعته لأرد الأمانة التي احترقت في بيتي سابقاً، وبعد كل هذه المصائب أقول حسبي الله ونعم الوكيل والحمد لله أني لم أبتلَ في جسدي أو عائلتي، وبعد أن صِرت صفر اليدين ومحملاً بالديون، والناس يتحدثون عني مُشفقين لحالي أتى شخص لا أعرفه، فقال لي: أنا أعتذر منك وأريد أن أعترف لك أني كنت أغار من نجاحك وسمعتك الطيبة بين الناس، لذا ذهبت وعملت لك سحراً رميته في دارك ومكتبك ليخرب بيتك، وأنا نادم، وبدأ بالبكاء أمامي، وهو رجل أكبر مني بعشر سنوات، أعطيته منديلاً وسألته لماذا فعلت بي هذا؟ فقال إنه الحسد، وزاد أنه نادم، وانصرف من أمامي باكياً على حالي ورافضاً إخباري بهويته، فماذا أفعل؟
كيف أفعل؟ وكيف أتصرف؟ وكيف أُبطل مفعول السحر الذي قلب حياتي رأساً على عقب؟
وشكراً لكم.
الجواب(113/34)
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ امرؤ القيس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيكَ، وأن يلهمك رشدك ويعيذك من شرور مساويك.
فإن السحر من عمل الشيطان وأعوانه، ولا يفلح الساحر حيث أتى، والساحر كافر، والمؤمن يبتلى فيصبر ويصابر، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، وإن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، فمن رضي فله الرضى، وأمر الله نافذ، ومن سخط فعليه السخط، وأمر الله نافذ، فلتصبر ولتحتسب.
وإذا علم الإنسان مكان السحر فإنه يخرجه ويقرأ عليه المعوذات وآية الكرسي وخواتيم البقرة، وآيات السحر في سورة البقرة وغيرها من السور، مع ضرورة المواظبة على أذكار الصباح والمساء، ومراقبة الله في السر، والاحتكام لشريعته الغراء.
وأرجو أن تعمر دارك بتلاوة القرآن وذكر الرحمن، وأخلص في توحيدك وعبادتك، وواظب على صلواتك، واجعل في بيتك من صلاتك غير المكتوبات، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسراً.
واحرص على تقوى الله وطاعته، وأكثر من الاستغفار ومن الصلاة على النبي المختار، وأحسن إلى المحتاج والجار، واجتهد في حسن الاحتياط والتدبير، ولا تحمل معك الأموال الكثيرة، وكن مع إخوانك الصالحين، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وتعوذ بالله من الشيطان ومن كيد أعوانه من السحرة وأهل العصيان، واعلم أن كيدهم ضعيف، فاستعن بالله وتوكل عليه، ولا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، وابدأ حياتك بأمل جديد وروح جديدة.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... هل أستمر على علاقتي بأناس طيبين على النت ... 248028 ...
السؤال
السلام عليكم.
أنا بصراحة محتارة لشيء واحد، والذي هو أنه صار لي علاقة على الإنترنت تقريبا 3 أشهر، وأصبح لي صداقات مختلفة، ولكني أحاول جاهدة على عدم الإدمان على غرف الدردشة.
مع العلم أن هناك الكثير من الشبان يحاولون أن يقنعوني بالزواج وبمواضيع من هذا النوع لكنني أعتقد أن لكل منا عقل ووعي يفكر به ويستطيع التمييز بين كل ما هو صحيح وما هو خاطئ، ولكن في نفس الوقت أنا أعرف الكثير من الناس المحترمة، وما أحب أني أقطع صداقتي معهم، لكن يمكن في مرات تمر أشهر ما أحكي معهم(113/35)
لئلا أحكم على نفسي بالإدمان، لهذا أنا غير عارفة هل أضل على اتصال بهم أم لا! مع أن هذا الشيء صعب قليلا، لكن أريد مشورتكم، مع خالص الاحترام لجهودكم.
وعندي مشكلة أخرى:
أنا فتاة من الله عليها بالنقاب من فترة وجيزة، ولكن كنت في السابق غير ملتزمة، أعني أغاني وكليبات ومن هذا الكلام، لكن المشكلة أو مرات أحس الشيطان أذكى مني وأحن لهذه الأشياء! لماذا!؟ لا أعرف! لهذا فأنا غير عارفة كيف أعمل بحالي وخصوصا أن هذا الشيء غير مناسب لبنت مثلي؟؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليس من مصلحتك الاستمرار في هذا الاتصالات، حتى ولو كانت مع طيبين، لأن الشيطان يستدرج ضحاياه خطوة خطوة، ولست أدري كيف حكمت عليهم بهذه السرعة بأنهم طيبين! وهل من منهج الطيبين الكلام مع النساء من وراء ظهر أسرهن.
وسواء أكان الكلام كثيرا يصل إلى درجة الإدمان أم لم يصل، فإن خطورته لا تخفى، وأرجو أن تبحثي عن نساء صالحات لتكوني معهن، واشغلي نفسك بطاعة الله، وأسسي علاقتك معهن على حب الله وطاعته، وليس المظاهر الخداعة أو العبارات الرنانة أو الأشكال الجذابة.
ورغم صعوبة الانقطاع، إلا أنه الطريق الوحيد للنجاة والفلاح، وعلاج الداء في بدايته سهل، لكن المرض إذا تمكن أعجز الأطباء وحير العقلاء، والسعيدة من وعظت بغيرها من النادمات والأشقياء.
فاحتاطي لدينك وتمسكي بحيائك، واحفظي ثقة أهلك فيك، ولا تدمري مستقبلك وسمعة أسرتك.
وهنيئاً لك بالالتزام، ونسأل الله أن يحفظك على الدوام، وأرجو أن تجعلي قدوتك أمهات المؤمنين وصحابة النبي الكرام.
واجتهدي في التخلص من صحبة اللئام، واعلمي أن الغناء مزمار الشيطان، واحذري من توبة الكذابين، فإنها تكون بمجرد اللسان، وتخلصي من آلات ووسائل وأشرطة الأغاني والعصيان، وأكثري من الأعمال الصالحات، فإنها تغسل الذنوب وتذهب الأدران.
فاتقي الله في نفسك، وتجنبي وساوس الشيطان، واعلمي أنه يبتعد عن الذي يذكر الرحمن ويتلو القرآن.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... كيف أنصح شخصا ليصبح مسلما ... 247962 ...
السؤال(113/36)
أتمنى أن أعرف كيف أنصح واحدا ليصبح مسلما؟ مع العلم أنه فرنسي، ووالله أمره يهمني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ eman حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن من حسن توفيق الله لك، أن جعلك حريصة كل هذا الحرص على دعوة الناس إلى دين الله تعالى، وإلى اتباع هذا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، بل إن الله جل وعلا، بين في كتابه العزيز أنه لا أحد أحسن قولاً ممن دعا إلى توحيد الله وطاعته، كما قال تعالى: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين} مضموماًَ إلى ذلك الثواب العظيم الذي يترتب على هذه الدعوة، بحيث إنك تكونين مأجورة مثابةً عند الله، سواء استجيب لدعوتك أم لم يستجب لها.
فإن الأجر الذي يترتب على الدعوة إلى الله لا يشترط فيه أن يستجيب المدعوون أو أن يطيعوا، بل الثواب والأجر حاصل، سواء حصلت النتيجة المطلوبة أم لا، والدليل على هذا المعنى، أن بعض الأنبياء عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه، قد دعا قومه فلم يستجب له أحد منهم، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ويأتي النبي وليس معه أحد) أي أن بعض الأنبياء عليهم السلام قد دعا قومه، فلم يستجب لدعوته أحد منهم فيجيء يوم القيام وليس معه أحد يؤمن به ويصدقه.
وأما إذا حصل المطلوب واستجاب المدعو فهذا فضل عظيم من الله، يرتب عليه جل وعلا الجزاء الأوفى، كما ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من دل على خير فله مثل أجر فاعله ) وأخرج مسلم، أيضاً في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثاهم شيئاً ).
والمقصود أن دعوتك إلى الله والحرص عليها هي من خير الأعمال وأجل الأفعال، التي تنفعك في الدنيا والآخرة، بحيث إن الله تبارك وتعالى يهديك في الدنيا بذلك، ويسعدك في الآخرة بسبب حسن دعوتك إلى اتباع دين نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه .
وأما عن كيفية دعوة بعض الكفرة إلى دين الإسلام، فهذا يحتاج منك الوقوف على جملة من الأمور والقواعد العامة التي لا بد من مراعاتها في الدعوة إلى الله تعالى، فمن ذلك:
1- الإخلاص لله تعالى في دعوة الناس إلى دينه القويم، بحيث تكون نيتك هي دعوة الناس إلى الله لطلب رضى الله، والفوز بثوابه وجنته، ولا تقصدين بذلك أي مقصد من أمور الدنيا وجزائها، كما ثبت عن البني صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدينا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) متفق عليه.(113/37)
2- الاستعانة بالله على التوفيق في هداية الناس، بحيث يكون قلبك معلقاً بالله معتمداً عليه في تيسير الهداية والاستجابة لك، كما قال تعالى: ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} وقال صلى الله عليه وسلم: ( استعن بالله ولا تعجز) وقال أيضاًَ صلوات الله وسلامه عليه: ( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله).
3- معرفة مستوى المدعوين ومستوى إدراكهم، فإن الخطاب مع الكافر العامي يختلف عن خطاب الكافر المتعلم، وكذلك خطاب صاحب المنصب والوجاهة يختلف عن خطاب الذي لا منصب له ولا قدر، فلا بد من مراعاة هذه الأمور لكي تعرفي الأسلوب الأنسب في التخاطب مع كل نوع بما يناسبه، وهذا هو الذي دلت عليه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الناس ودعوتهم إلى الله، فإنه صلوات الله وسلامه عليه، كان ينزل الناس منازلهم في قدر التخاطب، فمثلاً عندما كان يخاطب الكفرة من الرهبان أو الأحبار كان يخاطبهم بأمور تجعلهم يذعنون ويسلمون له الحجة، حتى ولو أصروا على كفرهم وعنادهم، بينما كان يخاطب عامة الكفار الذين لا علم لهم بما يناسب عقولهم وإدراكهم من الحجج والأدلة، والمقصود من هذا الأمر أن تكوني عارفة بالمستوى المطلوب الذي يصح الكلام فيه مع المخاطب، لكي يسهل فهم كلامك، واستيعابه حق الاستيعاب.
4-لا بد من معرفة أن الأسلوب الشرعي في دعوة الناس وخاصة الكفار منهم، هو التدرج في الدعوة، بحيث تبدئين مع أيّ مدعو منهم ببيان حقيقة توحيد الله تعالى، وبأن الله جل وعلا واحد لا شريك له وأنه هو الإله الواحد المستحق للعبودية، وأن كل المعبودات سواه هي معبودات باطلة.
فإذا تقرر هذا الأمر وحصل فهمه والإيمان به على الوجه المطلوب، فحينئذ ينتقل إلى تعريفه ببعض واجبات الإسلام وفرائضه، والتي أوكدها بعد الشهادتين الصلوات المفروضات، فإذا استقر العمل بالصلوات انتقل إلى غيرها من الفرائض، وهكذا على هذا النحو من التدرج في الخطاب كما ثبت عن النبي صلى الله أنه قال لعلي رضي الله عنه: (إنك تأتي أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة) الحديث.
ومن محاسن الاستدلال أن يذكر مثلاً هذا المثال للاستدلال على توحيد الله تعالى، فهذا الكون المحكم في تدبيره الذي نرى فيه كل شيء يسير بانتظام ويعمل بدقة بالغة الغاية، بحيث أننا نرى أن الليل والنهار يتعاقبان بانتظام مع تكرر الزمان والدهور، ونرى النبات والإنسان والحيوان كلهم في خلق دقيق ليس فيه أيّ اضطراب أو أيّ اختلاف، بل إن كل هذه الكائنات تفتقر إلى الماء والهواء، ومع هذا أيضاً نرى الاختلاف في تركيبها وخصائصها، ولكن دون أن يكون هنالك اضطراب في الكون، بل الإنسان يستفيد من النبات والحيوان، كما أن الحيوان يستفيد أيضاً من النبات وكل ذلك يسير في نهج واحد وتدبير عام يجعله مكملاً للآخر.
أليس هذا دالا على أن هذا الكون خالقه واحد؟! ومدبره واحد أيضاًَ؟! فلو كان هنالك إله آخر لكان له تصرف في الكون يخالف تصرف الإله الثاني فيحصل حينئذ(113/38)
الاضطراب والفساد في الدنيا كلها، وهذا هو الذي أراده الله تعالى بقوله: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون}.
5- لا بد من معرفة عقيدة الكافر الذي سوف تدعينه إلى الله تعالى، فمثلاً إن كان نصرانياً فلا بد من معرفة حقيقة دين النصارى، ومعرفة كيف يكون بيان خطأهم وانحرافهم عن الحق، وهذا من الضروري جداً لك كداعية إلى الله تعالى، فإنه لا بد لك من معرفة أمرين اثنين:
أ- معرفة الحق الذي تدعين إليه.
ب- معرفة الباطل الذي تريدين إبطاله وبيان انحرافه.
وهذا ممكن متيسر من بعض الكتب التي تعنى بدعوة الكافرين إلى دين الإسلام، فينبغي مراجعتها قبل الشروع في الدعوة إلى الله تعالى.
6- لا بد أيضاً من مراعاة أحكام الشرع في دعوة الناس إلى الله تعالى، فمثلاً إذا كان المدعو رجلاً، فلا يجوز لك أن تختلي به منفردة، أو أن تخالطيه مخالطة محرمة، بل الواجب مراعاة أحكام الشرع في دعوة الناس، فإننا إنما ندعوهم لطاعة الله تعالى، فكذلك لا بد أن نكون نحن أول من يستجيب لطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
7-من الأمور العظيمة التي ينبغي لكل داعٍ إلى الله تعالى أن يراعيها أن يكون هو نفسه قدوة ومثالاً صالحاً للمسلم الذي يطيع ربه ويعمل بأحكام دينه، بحيث يكون الداعية أول من يمتثل ويراعي أوامر الله تعالى، كما قال شعيب عليه السلام لقومه: ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه)، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون}.
8- من الأمور الحسنة المجربة النافعة، إهداء كتاب نافع يعرض الإسلام عرضاًَ حسناً على الكافرين، حيث أن قراءة مثل هذه الكتب تغنيك عن كثير من الكلام والجدال مع الناس، بل ربما أدت إلى إسلامهم دون عناءٍ، كما هو واقع وحاصل كثير منهم.
9-وأخيراً : فإن الدعاء وطلب الهداية من الله لك ولمن تدعينه سلاح عظيم جداً في تحقيق النجاح والفلاح في الدعوة إلى الله تعالى، قال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}.
ونسأل الله تعالى أن يجزيك خير الجزاء على حرصك على الدعوة إلى الله، وأن ييسر الهدى على يديك لكل من تدعينه إلى الدين.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... كيف أدعو أخي لكي يعود إلى الصلاة ... 247620 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(113/39)
إخوتي الكرام، لي قضية لا أعرف كيف أتعامل معها، القضية هي كون أخي لا يصلي رغم أنه كان يصلي ثم انقطع عنها! فقد دعوته إلى الصلاة ولم يستجب رغم أنه لا ينكر وجوبها، فقد ذكرته بالموت وعقاب تارك الصلاة في الآخرة.
للعلم فإن أخي يكبرني سنا ويشتغل جنديا؛ لهذا أطلب اسشارتكم عسى أن يهديه الله على أيدينا.
جزاك الله كل الخير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ المزازي حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يرزقنا الهدى والتقى، وأن يجعلنا سبباً لمن اهتدى.
فقد أسعدنا حرصك على الخير، ورغبتك في هداية أخيك، والأقربون أولى بالمعروف، وقد قال الله في كتابه: {وأنذر عشيرتك الأقربين }.
ولا شك أن التقصير في الصلاة سببٌ للشرور والخذلان، ولا خير في عبدٍ يترك الصلاة، وقد قال عمر رضي الله عنه لولاته: (إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع) وهي الميزان الذي يعرف به دين الإنسان في الدنيا، وهي أول ما يُحاسب عليه في الآخرة، وهي الفريضة التي لا تسقط عن الإنسان ما دام فيه نفس يصعد ويهبط .
وأرجو أن تذكر هذا الأخ بنعم الله عليه وهي كثيرة وعظيمة، فلا أقل من أن يصلي ويسجد للوهاب سبحانه، ولا يخفى عليك أن تكرار الموعظة سوف يفيد إذا أحسنت اختيار الأوقات واجتهدت في انتفاء الكلمات، وأشعرته بحبك له وخوفك عليه من العذاب والندامات، مع ضرورة الإكثار من الدعاء له والإخلاص في دعوته.
وإذا كان هذا الشقيق قد حافظ على الصلاة في فترات من حياته فإن عودته إلى المواظبة عليها لن تكون صعبة -بإذن الله-، ولكن أقترح عليك الاجتهاد في معرفة الأسباب الحقيقية لتكاسله عن الصلاة، فإن معرفة السبب تسهّل الوصول إلى الحل، فقد يكون السبب هو دخول أصدقاء جدد في حياته، وربما كان السبب وجود بيئةٍ سيئة.
وأرجو أن تجد من أرحامك من يعاونه على المواظبة على الصلاة وتذكيره بالله، وحبذا لو حرصوا على زيارته عند مواعيد الصلاة حتى يخرج معهم، وإذا استطعنا أن ندعو أئمة المساجد ليتحدثوا عن أمر الصلاة في خطبهم فإن مثل هذا يُفيد جداً.
ولا تقصروا في الدعاء له، وحبذا لو اجتهد الوالدان في الدعاء، فإن دعوتهما أقرب للإجابة، وإذا تمكنا من معرفة مفتاح شخصيته فإن الدخول إلى قلبه سهلٌ وميسور، ولا يخفى عليكم أن الثناء الحسن والمدخل الطيب له أثرٌ كبير، فلو قلنا له: أنت ولله الحمد رجلٌ ممتاز ومحبوبٌ بين الزملاء، وناجح في عملك ، ونعم الرجل أنت إذا واظبت على الصلاة.
والله لي الهداية والتوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي(113/40)
ـــــــــــــــــــ
... كيف أخدم ديني والناس مع أني أسكن في مكان تنعدم فيه المشاريع الخيرية ... 247536 ...
...
السؤال
ماذا يمكن لتلميذة تسكن في مكان تنعدم فيه المشاريع الخيرية لمثل سني؟ أريد فعل شيء.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الفاضلة/ منى حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يقدّر لك الخير ويبلغك مناك.
فإن الإنسان في خير ما دام ينوي الخير ويفعل الخير، وإذا لم يتمكن الإنسان من العمل مع صدق في النية فإنه ينال الأجر، وهذا فضلٌ من ربنا ورحمة، وهنا تكون نية المرء خيرٌ من عمله.
وقد أسعدني هذا الحرص على مساعدة المحتاجين، والرغبة في المساهمة في الأنشطة الاجتماعية، وزادت سعادتي لأن هذا الحرص يخرج من قلب فتاةٍ صغيرة في سنها، لكنها كبيرة بهمومها ورسالتها، وحق لنا أن نفخر بك وبأمثالك، ونسأل الله أن يرزقك السداد والرشاد، وأن يجعل فيك قرة عين لأهلك وبلدك والعباد.
وأرجو أن تعلمي أن أبواب الخير واسعة، وأن المسلمة تستطيع أن تفعل الكثير، ولن يصعب عليك مساعدة الطالبات الفقيرات والإحسان إلى الجارات، وجمع الأموال والدينارات في حصالةٍ صغيرة ثم استخدامها في عمل الخير، وإذا لم يجد الإنسان ما يقدمه فإنه يستطيع أن يتصدق بكل مظلمة ظلمها، فيعفو عن الجاهل، ويحتمل من السفية، ويجتهد في النصح والإصلاح، ويحب الخير للناس، ويفرح لنصر المؤمنين، ويحزن لآلامهم، ويجتهد في الدعاء لهم.
واعلمي أن في التزامك بالشرع وحرصك على الحجاب والستر نصرٌ لإخوانك في كل مكان، فنحن أمة تنتصر بطاعتها لله، وقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (وإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم بإخلاصهم وصلاتهم).
وتذكري أن الدعاء سلاح نملكه وحدنا، وقد وعدنا ربنا بالإجابة، لكن يؤسفنا أن نقول إن في الناس من يبخل بالدعاء.
وأرجو أ تجتهدي في دراستك، وتتفقهي في دينك، فإننا نحتاج المرأة المسلمة التي تخدم أخواتها وتنصح زميلاتها، وعطّري بيتك بتلاوة القرآن وذكر الرحمن.
ولا يخفى عليك أن المسلمة القوية في دينها وبدنها خيرٌ وأحبُ إلى الله من المؤمنة الضعيفة، وفي كلٍ خي، فاحرصي على ما ينفعك، واستعيني بالله، واشغلي نفسك بطاعته وذكره وشكره وحسن عبادته.
وفقك الله وسدد على طريق الخير خطاك.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي(113/41)
ـــــــــــــــــــ
... أريد التوبة والرجوع فهل هناك أمل ... 247501 ...
السؤال
أنا في مراتٍ كثيرة كنت بعيدة عن الدين وبعيدة عن ربي، وكنت كل ما أقع بمشكلة أعلن توبتي، ومجرد تنحل مشكلتي أرجع كما كنت وأسوأ لحد ما صرت أقرب من الكافر.
الآن أنا أريد أن أتوب وبجد, أنا حاليا أقدم امتحانات ومع أني أدرس كثيرا لكن ما أجيب بشكل جيد، وعلاماتي سيئة وأحس أن الله يعاقبني لأني كنت بنت سيئة، يا ترى هل من الممكن أن الله لم يقبل توبتي ولن يسامحني؟ وهل أكمل طريق التوبة؟ أم أنه ليس هناك أمل؟ أنا عن جد ضائعة، ولا أعرف ماذا أريد أن أصنع؟
ساعدوني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ssss حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يتوب علينا لنتوب، وأن يُلهمنا رشدنا، ويُعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يُعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.
فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، ولن يستطيع أن يحول بينك وبين رحمة الرحيم حائل، فكرري التوبة، واصدقي في الرجعة، واعلمي أن الله يفرح بتوبة من يتوب إليه، وتعرفي إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وتجنبي طريق الذين قال الله عنهم: {وإذا غشيهم موجٌ كالظلل دعوا الله مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البر ..... }.
ولا شك أن هذا الشعور الذي دفعك للسؤال دليلٌ على أن فيك خيرٌ كثير، فاستثمري بذرة الخير، وتوكلي على من يرفع الضر، واحذري من الشيطان وشراكه، واعلمي أنك لست بسيئةٍ ما دمت ترجعي إلى الله، ولكنك تحتاجين إلى لحظة صدق مع الله، فواصلي طريق التوبة، وكرري الأوبة حتى يكون الشيطان هو المخذول، وابحثي عن الرفقة الصالحة؛ فإنها خيرُ معين بعد الله على الثبات، واعلمي أن للتوبة شروطاً، من أهمها: الإخلاص لله في التوبة، والصدق في العزيمة على عدم العودة، والندم على ما مضى، ورد الحقوق إلى أصحابها إن كان للناس حقوقاً، والاجتهاد في الحسنات الماحية فإن الله يقول: {إن الحسنات يذهبن السيئات} كما أرجو أن تتخلصي من آثار المعصية وذكرياتها وأدواتها .
فجددي العزم وثقي بمغفرة صاحب الجود والكرم، وتذكري أن الله سبحانه يقول: {وإني لغفارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى}.
وننصحك بأن تكثري من اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، واجتهدي في بر والديك لتفوزي برضاهما ودعواتهما، واحرصي على مساعدة الضعفاء ليكون الله في حاجتك وييسر لك أمرك.(113/42)
أما بالنسبة للدراسة، فعلى الإنسان أن يفعل الأسباب ويتوكل على الوهاب، ويرضى بما قدره الله في الكتاب، وعجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
ولا شك أن للمعاصي آثاراً سيئة، منها ضيف الصدر، وظلمة الوجه، وقلة التوفيق، كما أن للطاعة آثارها الطيبة.
ولست بضائعة، فأنت خلقت لغايةٍ عظيمة ولم تخلقي عبثاً، فاشغلي نفسك بطاعة الله الذي خلقنا لعبادته، فقال سبحانه: {وما خلق الجن والإنس إلا ليعبدون}.
والله ولي التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... خطبت فتاة وتخرج معي أحيانا من غير محرم فما رأيكم ... 247461 ... Amine
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا محمد شاب من تونس أبلغ من العمر 26 سنة، أسأل الله العظيم أن يغفر لي ذنوبي وأن يرحمني وأن يرزقني حسن الخاتمة، نويت الزواج وتوجهت إلى الله بالدعاء بأن يرزقني الزوجة الصالحة والحمد لله قد استجاب لي في اختياري، مع العلم أن المحيطين بي يقولون لي أن الزواج صعب ومسؤولياته كبيرة وأن لي المزيد من الوقت، لكني متوكل على الله فغايتي والله هي إرضاؤه والتقرب منه إلى جانب تطهير قلبي وتحصين فرجي.
هذه الأخت اخترتها بحسب ما أمرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لجمالها...." فهي والحمد لله ملتزمة بارتدائها للحجاب وهذا ما ركزت عليه، وحتى طريقة التعارف تمت على أسس دينية، أنا ما زلت في أول حياتي العملية، والحمد لله أعمل في القطاع الخاص.
أحيانا ينتابني خوف من أن هذه الخطوة ليست سهلة كما أظنها وأني سوف أظلم نفسي وأظلم الأخت، قد قمت بالخطوة الأولى واصطحبت عائلتي وتقدمت إليهم وقد أبدو موافقتهم.
السؤال الأول: نظرا لعدم قدرتي على تحصيل مستلزمات الزواج، فإني غير قادر على القيام بالزفاف خلال هذا الصيف، وإنما في صيف 2007، كل هذه المدة (شهرين) نخرج مع بعضنا من غير محرم مرة في الأسبوعين أو الثلاث، وأشهد الله أنني وهي نحاول أن نتق الله وأننا لا نتحدث إلا في مواضيع دينية، نحاول من خلالها التعرف على بعضنا، قد اقترحت عليها منذ يومين فكرة الصداق (كتب الكتاب) نقوم به الآن لكي تصبح محلة لي فأستطيع أن أخرج معها من غير أن ينتابني شعور أني ما أقوم به هو يغضب الله ويظل كل واحد منا في منزله إلى صيف 2007، هناك أقوم بحفلة تكون بمثابة الإشهار لكن حتى هذه الخطوة لا تلاقي موافقة كلية من عائلتي، وأخاف أن يكون نفس هذا الرأي لعائلتها، فأرشدني أيها الشيخ كيف أتصرف لكي أرضي الله؟(113/43)
السؤال الثاني: أحاول قدر المستطاع في عبادتي أن أكثر منها (الصلاة, الصيام, الصدقة...) وفي معاملاتي مع الخلق أن أرضي الله، فأحاول أن أغرس في كل ما يقربني إليه، لكن في بعض الأحيان ينتابني هم وهو أنني أشعر أني لا أقدم شيئا إلى الله، فكل ما أقوم به هو قليل ولا يرضيه مقارنة بإخواني المسلمين، وأن ذنوبي كثيرة, غايتي من هذا السؤال هو: لماذا هذا الشعور؟
السؤال الثالث: أرشدني من فضلك إلى بعض الكتب التي تقوي إيماني وتوحيدي (التوكل, اليقين, علو الهمة...) من جهة وإلى الكتب التي ترشدني أنا والأخت إلى أمور الزواج (الحقوق, الواجبات....).
وجازاك الله عنا كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ Amine حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يستجيب دعوتك، وأن يحقق أمنيتك، وأن يصلحك وخطيبتك، وأن يسهل أمرك، وأن يعفر لك ذنبك .
فإن الشعور بالتقصير رغم عمل الطاعات هو سلوك الأخيار الذين وصفهم الله فقال سبحانه: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنهم إلى ربهم راجعون} وهكذا المؤمن يجمع إحساناً وخوفاً، والمنافق يجمع تقصيراً وأمناً، ومن خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزلة، والمسلم يشعر بتقصيره فيجتهد، ويشعر بقلة عمله فيستغفر .
ابني المبارك: لقد أعجبني حرصك على العفاف، وسرتني رغبتك في عمل ما يُرضي الله، وأسعدني خوفك من الوقوع في الأمور التي تجلب غضب الله، وأرجو أن تواصل حرصك على رعاية الضوابط الشرعية، واحذر من خطورة الخروج معها من غير محرم، فإنها لا تزال أجنبية، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، وتذكر أن الشيطان يستدرج الإنسان حتى يوقعه في العصيان، وما أكثر الذين بدؤوا مشوارهم بعلاقات بريئة بل بنصائح وتوجيهات شرعية، ثم كان الانحدار عندما فرطوا في رعاية أحكام الشريعة {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تُصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم} والشيطان قد يشجع أشياء من الخير ثم يوقع الإنسان عن طريقها في الشر، والسعيد من وُعظ بغيره.
ولا شك أن الزواج من الأمور التي يُصاحبها توفيقٌ وتيسير من الله، ويؤسفنا أن نقول إن الناس يضعون العراقيل أمام طالب الحلال في زمانٍ يجتهد فيه أهل الشر في تيسير سبل الحرام، وأرجو أن نعرف أن المجتمع المسلم لم يعرف التأخير في أمر الزواج إلا بعد فترة الاستعمار التي أنتجت أجيالاً تتشبه بأعداء الله، وإذا كان الأعداء قد فتحوا أبواب واسعة للفحشاء فإنهم يجنون الآن ثمار تلك الغفلات والشهوات أمراضاً وآفات واضطراباً وأزمات .
وليت كل من يتقدم للزواج يتذكر أن المرأة تأتي برزقها! وأن طعام الاثنين يكفى الثلاثة ويكفي الأربعة، وليس من مصلحة الفتاة ولا الفتى المبالغة في تكاليف الزواج، ولو كان ذلك مكرمة لسبقنا إليه سلفنا الأبرار وصحابة نبينا الأخيار.(113/44)
وحتى يتيسر لك إتمام مراسيم الزواج أرجو أن تتقيدوا بأحكام هذا الدين، وكم نتمنى أن لا تطول فترة الخطوبة، وأن تكون خالية من المخالفات الشرعية، فإن طول فترة الخطوبة مما يُزعج أهل الفتاة ويزيد من خوفهم على مستقبل فتاتهم، وليس في التوسع في العلاقات في هذه الفترة مصلحة لأحد؛ لأنها فترة مليئة بالمجاملات، وهي خصمٌ على السعادة الزوجية الحقيقية، ونحن نتمنى أن تجدوا من يعاونكم على إتمام مراسيم الزواج من العقلاء والفضلاء، وحتى يحصل ذلك أرجو أن تتجنب الخلوة بالفتاة، وتحذر من عواقب الخروج معها من غير محرم، واعلموا أن ما عند الله من التوفيق والخير لا يُنال إلا بطاعته، فاجتهدا في شغل النفس بالذكر والقرآن وكل عمل يرضي الرحمن، واجتهد في إعداد ما تستطيع من الجهاز حتى تتمكن من الدخول على زوجتك .
ونسأل الله أن يزيدك حرصاً وتوفيقاً.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... أعاني من فتنة النظر، فما الحل؟ ... 247438 ...
السؤال
أعاني من فتنة النظر، ماذا أفعل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ehab حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنك قد وصفت هذه المشكلة التي تُعاني منها بأنها (فتنة) وقد أصبت في هذا الوصف، فإن النظر إلى ما حرم الله تعالى هو فتنة ليس للناظر فقط بل وللمنظور إليه، ولذلك فإن الله جل وعلا نص على تحريم النظر على الرجال والنساء الأجانب في كتابه العزيز، كما قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبيرٌ بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن }.
فبين جل وعلا أن النظر على الأجانب بلا موجب وعذر شرعي حرام، سواءً كان ذلك من الرجال والنساء، هذا مع كثرة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من التحذير من النظر المحرم والتشديد فيه، حتى ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العينان تزنيان وزناهما النظر) فبين صلوات الله وسلامه عليه أن النظر المحرم من الزنا الذي حرمه الله تعالى، وهذا من أبلغ الزواجر عن النظر المحرم، فإن المؤمن لا يرضى أن يكون عند الله وفي كتابه من الزناة ولو كان ذلك بالنظر المحرم إلى النساء الأجنبيات.
إذا عُلم هذا، فإنه لا بد لك من خطوات تُعينك على ترك النظر إلى ما حرم الله، وهذه الخطوات هي:
1- الاستعانة بالله والتوكل عليه في ترك هذه المعصية، وذلك بالتضرع إلى الله أن يُعينك على غض بصرك وعلى تحصين فرجك، وقد كان من دعاء النبي صلى الله(113/45)
عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني ومن شر قلبي ومن شر منيي).
وإذا كنت غير متزوج فعليك أن تحرص على الزواج، فإن الزواج هو الدواء النافع لحفظ البصر عن الحرام، كما ثبت في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء ).
2- البعد عن الأماكن التي يكون فيها الاختلاط والتبرج قدر الاستطاعة، بحيث تحاول أن تبتعد عن الأماكن التي يكثر فيها الاختلاط والتبرج حتى تسد على الشيطان وعلى نفسك باب النظر الحرام.
3- مراقبة الله والخوف منه، فإن الله ينظر إليك وأنت تنظر إلى ما حرم الله، فكيف تطيب نفسك بالنظر إلى الحرام والاستمتاع به والله مطلع عليك ورقيب عليك، قال تعالى: {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} أي يعلم ما يقع من العين من الخيانة كالنظر المحرم إلى النساء، بل ويعلم خفاء الصدور وما تسره فيها.
وقد سأل بعض الأئمة عن شيء يُعين على غض البصر فقال: (بعلمك أن نظر الله إليك أسرع من نظرك إلى المنظور إليه).
4- معرفة أن النظر إلى النساء هو من الظلم المركب، فإنه ظلم لنفسك، وظلم للمرأة التي تنظر إليها بتعريضها للفتنة، بل وظلم لزوجها وأهلها، فإن الناس لا يرضون بهذا في أعراضهم كما لا ترضاه أنت في أختك وأمك وابنتك.
5- معرفة أن سوء الخاتمة قد يكون مع النظر المحرم، فهل تأمن من أن يهجم عليك الموت وأنت تنظر إلى ما يغضب الله تعالى، وتصور كيف سيكون أمرك عند الله لو قبضت روحك على هذه الحالة! فعليك بالحذر والانتباه فإن الأعمال بالخواتيم.
6- معرفة أن الإصرار على النظر الحرام يحوله إلى ذنبٍ عظيم، فإنه لا صغيرة مع الإصرار، كما أنه لا كبيرة مع الاستغفار، فهل ترضى أن تكون من المصرين على ما يغضب ربك ومولاك؟!
7- دوام التوبة والاستغفار، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له، التائب من الذنب حبيب الرحمن).
8- مخالطة الإخوة الصالحين الذين يُعينونك على طاعة الله ويحذرونك من معصيته، فإن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، كما ثبت بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وختاماً: فعليك بتقوى الله فإنه خير ما تعتصم به، وهي أيضاً مصدر الفرج ومصدر الرزق ومصدر الطمأنينة، كما قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
والله ولي التوفيق والسداد.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... كيف أقوي إيماني وأزيد من التزامي حتى أدخل الجنة ... 247407 ...(113/46)
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أحدثكم عن مشكلتي الأساسية في الدنيا، وهي أني أود الالتزام نحو الله ولكني لا أستطيع الاستمرار، أو بمعنى أدق: أحس أن ما أفعله قليل جدا لا يكفي المرء لدخول الجنة، وهذا الإحساس ينتابني كثيرا جدا، وأحاسب نفسي على عدم الالتزام أو بمعنى أدق التقصير نحو الله عز وجل، وهذا يجعل حالتي النفسية سيئة جدا لدرجة لا تتصورها ـ أخي الكريم ـ فماذا أفعل في هذه الظروف التي لا يحس بها إلا قلبي، وهذا ما يؤرق علي دنياي وحياتي، ويحدث لي مشاكل بالجملة!!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كرم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا الخوف الذي تشعر به، والذي يجعلك قلقاً مضطرباً من عدم قبول عملك، أو أن عملك قليل لا يكفي لدخول الجنة، هذا الخوف هو في الأصل خوفٌ غير مذموم، وهو أيضاًَ صفة مدحها الله تعالى وأثنى على المتصفين بها، كما قال تعالى: {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون * والذين هم بآيات ربهم يؤمنون * والذين هم بربهم لا يشركون * والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنهم إلى ربهم راجعون* أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}.
فتأمل كيف أثنى الله تعالى على هذا الصنف من عباده، ومدحهم مدحةً عظيمة بأنهم مشفقون من خشية الله، أي خائفون على أنفسهم من عذاب الله، هذا مع كونهم مؤمنين بآيات ربهم موحدين له حق التوحيد، ثم أعاد الله وصفهم بأنهم مع كونهم يؤتون الأعمال العظيمة المصالحة إلا أنهم ومع ذلك كله، خائفون أيضاً من أن لا يتقبل الله تعالى منهم هذه الأعمال.
وهذا هو الذي شرحه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها، عندما قالت له: يا رسول الله، الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة، هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟ فقال: (لا يا بنت الصديق، ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل) أخرجه الإمام أحمد في المسند والترمذي في سننه.
فثبت بهذا الكلام أن هذا الشعور الذي تجده في قلبك من الخوف من عذاب الله ومن الخوف أن تكون مقصراً في طاعة الله، هو في الأصل شعور سليم وصفة حميدة غير ذميمة، بل إنها صفة الأبرار والصالحين، كما قال الحسن البصري عليه رحمة الله: (إن المؤمن جمع إحساناً وشفقة، وإن الكافر جمع إساءةً وأمناً).
والمقصود أن الخوف من الله تعالى ومن التقصير في حقه العظيم هو شعار المؤمن، وهو أيضاً صفة الأبرار الصالحين، غير أن المذموم من ذلك هو الإفراط والزيادة على القدر المشروع، فإن الغلو مذموم في دين الله تعالى، سواء كان الغلو في الخوف من الله أو في الأمن من عذابه، فالواجب هو أن يكون خوفك من الله خوفاً يوافق شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم، بحيث إن خوفك من الله يجعلك عبداً حذراً من(113/47)
معصية الرب جل وعلا، وفي نفس الوقت يجعلك مثابراً مجتهداً في طاعة الرحمن وطلب رضوانه.
ولهذا المعنى لما ذكر جل وعلا صفات الخائفين، أتبع ذلك بوصفهم بأنهم مسارعين في الخيرات ومسابقين إلى الطاعات، كما قال تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون* أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}.
وهذا هو الدين ينبغي أن تأخذ به وأن تستمسك به، بحيث تجعل خوفك خوفاً موافقاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا إفراط ولا تفريط، وفي نفس الوقت فإنك لن تنسى أن رحمة الله واسعة، وأن الرجاء فيه عظيم، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه لن يدخل الجنة أحد بعمله الصالح، مهما بلغ فيه من الحرص والاجتهاد، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لن ينجي أحداً منكم عملُه، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ فقال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته، ولكن سددوا).
فهذه بشرى عظيمة لك ولكل مسلم يؤمن بالله وباليوم الآخر، فإن العمل مهما بلغ، وإن الطاعة مهما عظمت لن تكون هي الجزاء الذي يدخل به العبد الجنة، وإنما الأعمال الصالحة أسباب لدخول الجنة برحمة الله وفضله، كما قال تعالى: {أدخلوا الجنة بما كنتم تعلمون} أي بسبب أعمالكم الصالحة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (ولكن سددوا) أي ولكن حاولوا أن تفعلوا السداد وهو الصواب، أي توسطوا في أموركم بدون غلو أو تقصير، بحيث إن العبد لا يتكل على سعة رحمة الله ويترك العمل، ولا أنه ييأس من رحمة الله، فتتحول حياته إلى تعاسة وشقاء، فإن هذا القرآن العظيم وهذه الشريعة المباركة لم يأتيا للشقاء والتعاسة، بل جاءا للسعادة والفرح برحمة الله، كما قال تعالى: {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى}.
وهذا الذي ذكرناه في هذا الموضوع هو الذي قرره الله جل وعلا في مواضع كثيرة من كتابه العزيز، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم البيان الكامل التام في أحاديث لا تحصى عنه صلوات الله وسلامه عليه.
فعليك بمعرفة الاعتدال في الخوف والرجاء والأمل برحمة الله، مع الخشية من عذابه وتفكر في سعة رحمة الله مع شدة عذابه، كما قال تعالى: {نبّئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم* وأن عذابي هو العذاب الأليم} ولذلك قال بعض الأئمة: الخوف والرجاء للمؤمن كجناحي طائر، إذا اختل أحدهما اختل طيرانه.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد في القول والعمل.
والحمد لله رب العالمين.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أريد أن أكون صالحا من كل النواحي ... 247378 ...
السؤال(113/48)
كيف أكون ملتزما بالصلاة وأبتعد عن الفواحش وألتزم بقراءة القران الكريم كل يوم وأكون متبعا للخير وطريق الحق؟ وكيف أبتعد عن المرافقات عن الشر وطريق الشيطان وأكون متقيدا بالدين، وأكون ثقيلا عندما لو أشاهد الفواحش؟
وهنا سؤال مهم:
كيف أكون ولداً صالحا من كل النواحي وملتزما بالصلاة؟
لأني بصدق أحياناً أستبشر بالصلاة وفترة أبتعد عن الصلاة
والله المستعان، وبارك الله فيكم في الدنيا والآخرة، أنتظر الرد منكم بإذن الواحد الأحد، وسلامي لكم، ولكل مشايخنا بالأمة الإسلامية.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ عمران حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله العظيم أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.
فاصدق الله يصدقك، واسأل الوهاب أن يعطيك ويهديك، واعلم بأن الإيمان ليس بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، فاشغل نفسك بالخير واطلب لنفسك رفقة الخير، وتذكر أن شغل الشيطان أن يمنعك عن الصلاة والذكر والخير.
وأرجو أن تحافظ على الصلاة فإنها عنوان كل خير، وهي ناهية عن الفحشاء والمنكر، وهي الفارقة بين المسلم وغيره فقد قال صلى الله عليه وسلم : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وإذا واظب الإنسان على الصلاة في جماعة فإنه سيجد الأخيار.
وإذا لم يشغل الإنسان نفسه بالخير شغلته بالباطل، وإذا حفظ الإنسان لحظه ولفظه حفظ الله له قلبه ومتعه بحلاوة الإيمان، وأحسن من قال:-
كل الحوادث مبدأها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في نفس صاحبها ** فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يسر ناظره ما ضر خاطره *** لا مرحباً بسرور عاد بالضرر
ومن هنا يتجلى الإعجاز في قوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم} ولن تحفظ الفروج وتطهر القلوب إلا بحفظ الأبصار ومراقبة العليم الجبار.
ونحن نوصيك بتقوى الله وطاعته وأرجو أن تفوز بدعاء والديك، ولن نبخل نحن بدعائنا لك، فاطرد عن نفسك الكسل وجدد العزم، واعمل الخير وفكر في البر واحرص على صلة الأرحام والإحسان إلى المحتاجين والأيتام، واعلم أن من كان في حاجة إخوانه كان الله في حاجته ومن يسر على معسر يسر الله عليه.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... المسلمون في الغرب ما دورهم ... 247375 ...(113/49)
السؤال
ما هو دور المسلمين في المجتمعات غير الإسلامية؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ سهام حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله العظيم أن يلهمك السداد والرشاد، وأن ينفع بك بلاده والعباد، وأن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.
كم هو جميل أن يسأل الإنسان المسلم عن دوره، وأجمل من ذلك أن يحرص المسلم على القيام بدوره والشعور بمسؤوليته، فكل من قال لا إلا له إلا الله مسئول عن نشر الإسلام ونصره، وقد زادت سعادتي لكون السؤال من فتاة شابة والشباب أملنا بعد الله، والشباب قوة وحيوية، والمرأة هي صاحبة الدور الأكبر في نهضتنا وعزتنا، ووراء كل عظيم امرأة تدفع وتشجع وتناصر، وقد انتصر رسولنا بالشباب، وكان أهل الكهف من الشباب {إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى}، والشباب إذا آمن بدين انتصر له واجتهد في خدمته، فكيف إذا كان الدين هو الإسلام والثمن هو الجنة، والرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة!؟
ولا شك أن كل مسلم ومسلمة دعاية لدينه وقيمة وعنوان لأمته وحضارته، ونحن نؤثر بأفعالنا والتزامنا أكثر من أقوالنا، فالحجاب دعوة ودعاية وعفة، وطهارة كما أن حسن الأدب وصفاء النفس وأداء الأمانة وصدق التوجه هي أكثر ما يؤثر في الناس، وهل انتشر الإسلام في جنوب شرق آسيا وفي أفريقيا خلف الصحراء، وفي كثير من المواطن إلا عن طريق طوائف من التجار الذين مثلوا الإسلام بصدقهم وأمانتهم فتبعهم الناس وأحبوهم!؟ وقد صدق من قال: (فعل رجل في ألف رجل خير من كلام ألف رجل لرجل)، ونحن في زمان مل الناس فيه من كثرة الكلام، ولذا كان أهم ما ينبغي أن يحرص عليه المسلمون في بلاد الغرب هو التمسك بهذا الدين، وإظهار شعائره ومحاسنه، والمسلم ينبغي أن يكون معتزاً بدينه لأننا لا نستطيع أن نبلغ الإسلام إلا إذا شعرنا بعظمة بضاعتنا وكمال شريعتنا.
والمسلمون في بلاد الغرب إذا لم يكونوا دعاة للإسلام فإنهم يصدون عن الدين؛ لأن الناس بكل أسف ينظرون للإسلام من خلال أحوال وتصرفات المسلمين وهذا يضاعف من مسؤوليات كل من ينتسب لهذا الدين، وقد استمعت لبعض دعاة الإسلام وهو يعدد المعوقات التي تؤخر وتعطل مسيرة الدعوة فذكر منها مشكلة المسلمين القادمين من البلاد العربية والإسلامية فاندهش من يحاوره وقال له: وكيف يكون المسلم القادم من بلاد العرب والمسلمين مشكلة في طريق الدعوة؟، فقال له الداعية: إننا نحدث الناس عن دين يحرم الخمور والفجور فيأتي من يقع في هذه الموبقات وربما قال لنا بعضهم أن الذي يدعون إليه لحسن وجميل ولكن ما بال هؤلاء؟
ولا شك أن الغربيين كرهوا الحياة المادية وملوا من قسوتها ولن يجدوا ما يسعدهم إلا في هذا الدين الذي يجيب على الأسئلة الصعبة ويوجد التصورات الواضحة للكون والحياة.(113/50)
والإسلام دين يدخل القلوب بدون استئذان إذا أحسن الناس عرضه، وكل ما في الدين ملفت للنظر لأنه دين الطهر والنظافة، ودين العفة والعفاف، ودين العلم والإعجاز، وهو دين يوازن بين حاجات الروح والجسد، وقد دخلت امرأة إنجليزية كبيرة في السن لما رأت وشاهدت إكرام الإسلام للأمهات وكبار السن، وأدخلت امرأة فرنسية ولدها في الإسلام لأنها شاهدت أبناء جارتها المغربية يقبلون يدها ورأسها فأعجبها ذلك البر والإحسان ورغبت في ذلك التكريم وأيقنت أن ذلك لا يوجد إلا في الإسلام، وأسلمت مديرة مبيعات إنجليزية لما شاهدت امرأة مسلمة تتسوق وهي بكامل سترها وحجابها، وأسلم أحدهم عندما شاهد المسلمين يسجدون لله، وأسلمت فتاة لما شرحوا لها آية الحيض، ومن هنا يتبين لنا أن الإسلام دين يأخذ بالعقول ويمتلك القلوب، فهل نقوم بدورنا في عرض الإسلام؟ نرجو ذلك ونتمناه وأرجو أن نعرف أن للإسلام ربا يحميه وأن الخوف ليس على الإسلام ولكن على أنفسنا إذا قصرنا في القيام بدورنا.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... أريد أن أكون نموذجا للمسلم الصالح الذي يدعو غيره للإسلام ... 19354 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أعرض عليكم استشارتي، أنا انتهيت من المرحلة الثانوية ويريد الوالد أن يرسلني للدراسة في بريطانيا، وأنا متردد كثيرا في ذلك، وإذا ما حصل وسافرت فأريد أن أدعو غير المسلمين هناك للإسلام، وأريد أن أكون نموذجا للمسلم الصالح الذي يعرف غير المسلمين على الإسلام الصحيح، فأرجو منكم إرشادي ماذا أعمل في المرحلة القادمة؟
جزاكم الله ألف خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/بسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإننا بدايةً نحمد الله تعالى على ما وفقك إليه من هذه النية الصالحة التي جعلتك حريصاً على الاستمساك بدينك بل ودعوة الناس إليه، ولا ريب أن هذا من أعظم النعم التي ينعم الله بها على من يشاء من عباده، كما قال تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون}، وقال تعالى: {ومن أحسن ديناً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين}.
وأيضاً، فإنك وبمجرد هذه النية الصادقة تكون مأجوراً مثاباً إن شاء الله تعالى، فإن الله جل وعلا يثبت المؤمن على نيته الصادقة، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).
والمقصود أن حرصك على دين الله تعالى وعلى نشره بين الناس هو من أعظم القربات والطاعات، ولكن لا بد لهذا الحرص وهذا الجهد من ضوابط تُعين على(113/51)
السير الصحيح في طريق الدعوة إلى الله تعالى، وأول مراحل وخطوات هذا الطريق هو الإخلاص لله تعالى، والصدق في طلب مرضاته، فلا بد أن تكون مخلصاً في دعوتك الناس إلى دين الله تعالى، لأن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان صاحبه مخلصاً فيه لوجه الله تعالى قاصداً بذلك نصرة دينه وإعلاء كلمته جل وعلا، والخطوة الثانية هي العلم النافع، فلا بد أن يكون العمل الذي تعمله والدعوة التي تحملها إلى عموم الناس مبنيةٌ على العلم الشرعي الصحيح الذي يجعلك موافقاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وبذلك تكون أعمالك مقبولة صالحة قد توفر فيها شرطان أساسيان: الأول: الإخلاص، والثاني: العلم الشرعي الذي يجعلك متابعاً لسنة البني صلى الله عليه وسلم، وقد جمع الله هذين الشرطين في قوله تبارك وتعالى: {فمن كان يرجو لقاء الله فليعمل عملاً صالحاً ولا يُشرك بعبادة ربه أحداً} فالعمل الصالح هو الموافق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: {ولا يشرك بعبادة ربه أحداً} أي يكون مخلصاً فيه لله تعالى.
إذا ثبت هذا فإن طريق تحصيل العلم النافع للدعوة إلى الله تعالى يكون بتحصيل العلوم الضرورية من علم العقيدة وفقه الطهارة والصلاة ونحوها من العبادات التي تتعين عليك، أضف إلى ذلك مطالعة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم للتعرف على منهجه القويم، والاقتداء به في الدعوة إلى الله، والصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى الأذى والمشقة التي قد تنال المرء في أثناء دعوته إلى الله تعالى، وأيضاً فلا بد من الاستفادة من بعض الكتب المتخصصة التي تعنى بأخلاق الداعية المسلم وصفاته وما ينبغي أن يكون عليه، وكذلك التعرف على أساليب الدعوة إلى الله تعالى، وتنوع هذه الأساليب بحسب طبيعة الظروف التي تحيط بالداعية.
والمقصود أن عليك أن تكون داعيةً إلى الله على علمٍ ونور وبصيرة، كما قال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني} فإن الدعوة إلى الله من أعظم الأعمال وأجل القربات، فلا بد أن تكون على معرفة بما يصح وما لا يصح في دعوتك إلى الله، وليس المقصود من هذا الكلام أن تتوقف عن الدعوة إلى الله تعالى حتى تحصل كل هذه المراحل، ولكن المقصود أن تبذل وسعك في تبليغ دين الرسول صلى الله عليه وسلم على فهمٍ وعلمٍ ومعرفةٍ، بحيث تكون عارفاً بما تدعو إليه، وكيف تدعو إليه أيضاً، مع إمكانية المشاركة في الدعوة إلى الله بوسائل عديدة تناسب حالك الذي أنت فيه، كالمشاركة في التجمعات والندوات الإسلامية، وكتوزيع الكتب والأشرطة الدعوية ...وغير ذلك من الأنشطة التي تُعين على نشر الدين وانتشاره بين الناس.
وأما عن سؤالك عن سفرك للدراسة في أوروبا، فإنك قد ذكرت أن والدك هو الذي يرغب في سفرك للدراسة هناك، وأنك مترددٌ في ذلك، ونحن نعذرك في هذا التردد، بل إنك مصيبٌ تماماً في ترددك هذا، فإنك شابٌ في مقتبل العمر وغير متزوج، وذاهبٌ من بلاد المسلمين إلى بلاد النصارى التي تنتشر فيها الفواحش والفتن، ولا ريب أن ذهابك بهذه الحال دون زوجة تُعينك على غض بصرك وتحصين فرجك من الحرام، لا ريب أن في هذا تعرض للفتن العظيمة التي قد تضل الإنسان عن دينه، ومن المعلوم أن عامة التخصصات العلمية هي بحمد الله متوفرة في بلادك وفي(113/52)
بعض بلدان المسلمين، ولا ريب أن هذا خيرٌ من أن تتعرض للفتن الكثيرة المنتشرة في بلاد النصارى، والتي لا تأمن فيها على دينك وعلى الحفاظ على نفسك كما هو معلوم لديك.
وقد نص الأئمة الفقهاء على أنه لا يجوز للمسلم أن يعرض نفسه للحرام إذا كان يخشى الوقوع فيه، بل الواجب هو تجنب الحرام وتجنب السبل المؤدية إليه.
وأما إن كان التخصص الذي تريد دراسته غير متوفر في بلاد المسلمين، فيجوز لك الذهاب إلى هذه البلاد لتحصيله، بشرط أن تكون قد حصنت نفسك من الحرام، وأمنت من الوقوع فيما يغضب الله تعالى .
فعليك بالاستعانة بالله على إقناع والدك بأن الأفضل لك هو تحصيل الدراسة في بلدك أو في بلاد المسلمين؛ وذلك صيانةً لنفسك وحفظاً لها من الوقوع في الحرام، وقد قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
والله ولي التوفيق والسداد.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
... أعاني من ضعف صلتي بربي فساعدوني ... 247251 ...
السؤال
الحمد لله كانت نشأتي في المسجد رغم أني من عائلة ليست متدينة إلى حد كبير، كنت بحمد الله مداوما على الصلاة والصيام، وبحمد الله لم أصاحب فتاة قط، حتى أني أمتنع عن مصافحتهن، ولكن من فترة 4 أشهر وأنا بعيد عن الصلاة حتى أنها تغيب عني أحيانا من الجمعة إلى الجمعة.
كما أني في بعض الأحيان ألجأ إلى المواقع الخالعة على الانترنت طبعا دونما أن يراني أحد، إلا أني في النهاية حزين أشعر بقيود تمنعني من الرجوع إلى الله، حتى وأنا أكتب هذه الرسالة أبكي عما يحصل لي .
فأرجوكم ساعدوني لأستعيد على الأقل ما كنت عليه، علما أني لم أفقد روح التضحية في سبيل الله، ومستعد أن أقدم روحي رخيصة لأجله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنّه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يردك إليه مرداً جميلاً، وأن يكرّه إليك الفسوق والعصيان.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فاعلم أخي علاء أن الوقوع في المعاصي بعد الطاعة وتذوق حلاوة الإيمان أمرٌ في غاية المشقة والألم والصعوبة على النفس الصادقة؛ لأنه الطاعة نور والمعصية ظلمة، الطاعة تقربك من حبيبك ومولاك وتجعلك أهلاً لفضله وعفوه وإحسانه ورحمته، وأما المعصية فإنها تبعدك عنه وتحرمك من عطائه(113/53)
وفضله وبره، وهي سبب كل بلاء، وأساس كل حرمان وشقاء، ولو نظرت معي في القرآن الكريم إلى تاريخ الأمم السابقة لوجدت أن سبب هلاكها إنما هي المعصية، بل هي سبب خروج آدم عليه السلام من الجنة، فهي لا تأتي بخير مطلقاً، ولذلك لا بد لك من مقاومة هذه الرغبات المحرمة، وهذه الوساوس الشيطانية، قاوم بكل ما تملك، وتشبث على أقصى ما تستطيع بحبل الله، والمحافظة على الطاعة خاصة الصلاة، حتى ولو صليت ولم تشعر بطعم الصلاة ولا حلاوتها لا تتوقف عنها أبداً، اجتهد وقاوم وقاتل في سبيل المحافظة عليها؛ لأنها من أعظم أعمال الإيمان، ولها نور يقذفه الله في قلب العبد فيظل به قريباً من الله، فاجتهد أخي علاء في المحافظة عليها بأي صورة، المهم ألا يفوتك وقت أبداً، واعلم أنك قادرٌ على ذلك بشيءٍ من العزيمة الصادقة، والإرادة القوية، وعدم الاستسلام لنزعات الشيطان، تأكد من أنك سوف تستعيد لياقتك الإيمانية في أقرب فرصة، وبالمحافظة على الصلاة سوف تتوقف عن مشاهدة الصورة المحرمة؛ لأن حياءك سيزداد من الله، وابحث لك عن صحبةٍ صالحة تقضي معها معظم وقتك، خاصةً أوقات فراغك، وإذا كان الجهاز في غرفتك فأخرجه إلى الصالة أي مكان عام في المنزل؛ حتى لا يستغلك الشيطان وأنت وحدك، واحرص على ألا تستعمل الجهاز ليلاً، وإنما اجعل دخولك إليه واستعمالك له نهاراً فقط، وأكثر من الدعاء والإلحاح على الله أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يردك إليه مرداً جميلاً، وأن يجعلك من المؤمنين الصادقين، وأهم شيء البحث عن الصحبة الصالحة ومجالس العلم، وأنا واثق من أنك سوف ترجع إلى ما كنت عليه، بل وستكون أفضل إذا أخذت بالأسباب وقاومت نزعات الشيطان وقهرت نفسك وهواك، فاستعن بالله ولا تعجز.
والله ولي التوفيق والسداد.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
... أريد التفوق في الدراسة والإقبال على الله ... 19311 ...
السؤال
أنا طالب جامعي أحب التفوق والاجتهاد، وأنا أفعل هذا، لكن النتائج متدنية أود أن أتفوق وأن أستمتع بالدراسة وأن تنفتح علي الدنيا، وأن أكون مقبلا على الله تعالى، أريد أن تتبدل حياتي، فما هو الحل؟ أرجو الرد بسرعة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/أبو سعيد حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن حرصك على الاجتهاد في دراستك، وكذلك حرصك على طلب الخير عموماً، لا ريب أنه أمرٌ ليس بالمذموم شرعاً ولا هو بالمحرم، بل إن الإنسان بطبيعته يحب الخير لنفسه ويحب تحصيل المنافع التي تنفعه بحسب ما جعل الله تعالى فيه من الفطرة، ولذلك ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (احرص على ما ينفعك) بل قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان من دعائه: (اللهم(113/54)
زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وأرضنا وارض عنا) وهذا الذي كان يطلبه صلوات الله وسلامه عليه هو في أمور الدين والإيمان وما يتعلق برضا الرحمن تبارك وتعالى، وأما طلب الدنيا كالزيادة في المال ونيل الحظوظ الدنيوية، فإن هذا أمرٌ جائزٌ ليس بمحرم، طالما أن الإنسان لا يقصد بذلك التكبر والترفع على الخلق من عباد الله المؤمنين.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا لبعض أصحابه بأن يكثر الله ماله وولده، فاستجاب الله تعالى له، وفي ذلك آيات وأحاديث ليس هنا مجال سردها في الموضوع.
والمقصود أن أمنيتك أن تكون صاحب خير في الدين وخير في الدنيا أيضاً هو أمرٌ مشروع جائز، غير أنه لا بد من الانتباه إلى أن الله تعالى قد يحرم الإنسان بعض الأمور لحكمته تعالى ولعلمه بما يصلح لهذا العبد أو ذاك، كما قال تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فالمسلم ينظر إلى جميع أمور هذه الحياة على أنها كلها بتقديرٍ من الله، وأنها تجري بحكمته البالغة، ولذلك فإنه إذا فاته شيءٌ من الأمور ولم يقدر على تحصيله فإنه يرضى بذلك ويسلم لقضاء الله ومشيئته، وفي نفس الوقت يعمل بالأسباب التي تُعينه على تحصيل مراده من الخير، مع ملاحظة أن يتبع الأسباب التي أباحها الله تعالى وأذن فيها، ولذلك ثبت عن البني صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن روح القدس نفث في روحي أنه لن تموت نفسٌ حتى تستكمل أجلها وتستوف رزقها فأجملوا في الطلب) .
ومعنى الحديث أن جبريل عليه السلام ألقى في نفس النبي صلى الله عليه وسلم أن جميع الناس لن يموتوا قبل حلول آجالهم، ولن يموتوا كذلك حتى ينالوا ويحصلوا كل ما كتبه الله لهم من أرزاقهم في الدنيا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (فأجملوا في الطلب) أي فأحسنوا في طلب الرزق واتبعوا أجمل الطرق والأسباب في ذلك.
وهذا الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو خير جواب لسؤالك عن الأسباب التي تعينك على تحصيل مرادك وغايتك من خير الدنيا والآخرة، فإن أول أسباب سعادة الإنسان هو علمه أن كل ما قضى الله له فإنه سوف يتم، ولا يرد ذلك القضاء حرص حريص ولا إهمال المهمل، هذا مع كونك تبذل الوسع والجهد في أسباب تحصيل أفضل النتائج في أمور دينك ودنياك، فمثلاً في أمور الدراسة حاول أن تكون أكثر عناية في متابعة كلام الأساتذة عند إلقاء الدروس، مع محاولة السؤال عندما يشكل عليك شيء من الدروس أو المسائل، وأيضاً فإن اختيار الرفقة الطيبة من الطلاب المجتهدين تُعين كثيراً على التحصيل الجيد، وعلى التعاون في فهم ما يكون غامضاً محتاجاً للإيضاح والشرح، فهذا كمثال في إمكانية التحسين من بعض الأمور التي قد تعترضك من أمورك الدنيوية التي تعيشها في هذا الوقت.
وأما عن القاعدة العامة التي تُعينك على أن تكون ناجحاً تماماً في كل أمورك الدينية والدنيوية، فإنها طاعة الله تعالى، وذلك بأن تبذل جهدك في فعل ما أوجبه الله عليك، وتبذل جهدك كذلك في ترك كل ما حرم الله عليك، فإن العبد الذي يعلم الله منه(113/55)
حرصه على طاعته وحرصه على اجتناب معصيته ونهيه، فإنه يوفقه في الدين والدنيا، كما قال تعالى: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ...} أي من اتبع أمر الله فلا يضل في الدنيا بل يهتدي، ولا يشقى في الآخرة بل ينعم ويتلذذ.
ففهم هذا الأصل العظيم والعمل به يحقق لك سعادة الدنيا والآخرة، فإن هذا الدين الذي أكرمك الله به يأمرك بالأخذ بالأسباب في تحصيل ما تحتاجه من أمور الدين والدنيا، بل إن الله تعالى بفضله يثيبك على ذلك ويؤجرك عليه، وبهذا الفهم السليم لدين الله تعالى يتحقق لك كل ما ترجوه من خير الدنيا والدين، فإن الله تعالى قد أباح لعباده الطيبات من الرزق، وشرع لهم كل ما يسعدهم السعادة الحقيقية، كما قال تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ...}.
ونحن نوصيك في هذا المقام بدوام التضرع إلى الله تعالى، وسؤاله الهدى والسداد، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علمنا أن ندعو بهذا الدعاء: (اللهم اهدني وسددني) أي في جميع أمورنا وفي كل ما نحتاج إليه من أمورنا الدينية والدنيوية.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أريد توبة لا رجعة فيها إلى المعاصي ... 246818 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو منكم مساعدتي، فأنا ارتكبت جميع المعاصي، تزوجت وعندي طفل واحد والحمد لله، ولكن أتوب إلى الله فترة ومن ثم أعود وأرتكب المعاصي بعد فترة وهكذا، وأفكر كثيرا بالمعاصي التي ارتكبتها، وأفكر بالموت كثيرا، أرجوكم أرجوكم ماذا أفعل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ أيمن حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنك قد ذكرت عن نفسك بأنك أسرفت على نفسك في المعاصي وأنك تتوب ثم تعود إلى العصيان مرة أخرى، فحالك على هذه الطريقة، ذنب ثم توبة ثم رجوع إلى الذنب، وههنا سؤال لك وبدون مقدمات: إلى متى هذه الذنوب؟ إلى متى؟ وإلى متى الاستسلام لهوى النفس ومزالق الشيطان؟ انظر إلى رحمة الله بك، كيف أنك تعصيه ثم هو يحلم عنك ولا يعاجلك بالعقوبة؟ تنتهك حرمة حدوده، ومع هذا لم يكشف سترك، ولم يهتك حرمتك، كم من معصية قد خلوت بنفسك فارتكبتها وهو يراك بعينه التي لا تنام، ثم تصبح وقد سترها عليك!؟؟ وليس هذا فقط، بل وحفظ ما لك من ذكر حسن بين الناس فلم يظهر عيبك وغطاك برحمته فلم يكشف عورتك مع أنه لو أراد لهتك سترك كما هتك ستر آخرين من قبلك، فتأمل - يا أخي - هذا المقام، وتدبر حالك مع الله، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!؟(113/56)
وأيضاً انظر لنعم الله التي هي سابغة عليك، انظر إلى ولدك الذي قد وهبه الله لك، وقد حرم غيرك فجعله عقيماً، وتأمل في نعمة البصر بعينيك، وكم من إنسان قد فقد بصره، بل وفقد سمعه وعقله، وها أنت بحمد الله سميع بصير عاقل راشد قال تعالى: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراًَ * إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً} يقول تعالى لقد أتى على الإنسان زمن كان فيه من العدم لم يكن شيئاً يذكر، ولا شيئاً له وجود، فخلقناه من نطفة من ماء مهين (أمشاج) أي أخلاط تختلط في الرحم، لكي نبتليه ونختبره فجعلنا صاحب سمع وصاحب بصر، فما هي النتيجة؟ هل شكر الله هذا الإنسان؟ وهل أطاع الله هذا الإنسان؟، والسؤال أيضاً: هل قابلت نعم الله بالشكر أم قابلتها بالعصيان؟ إن عليك أن تكون حازماً في أمرك، وأن تكون جاداً في تعاملك مع ربك، فإن الله قد حذرك من نفسه، نعم لقد حذرنا جميعاً من نفسه قال تعالى: { قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في الأرض والله على كل شيء قدير، يوم تجد كل نفس ما عملت خير من محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد }.
فلا بد من الانتباه لنفسك وأنت تعامل ربك، لابد أن توقن بأن الله كما أنه غفور رحيم فهو أيضاً شديد العقاب قال تعالى: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم} فمع كون رحمته وسعت كل شيء إلا أنه إذا أخذ المذنبين وأخذ الظالمين فإن أخذته شديدة عنيفة {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد* إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود} فهذا هو دواؤك، وهذا هو الطريق المستقيم ـ الذي لا اعوجاج له ـ أمامك، فانتبه واحذر، انتبه لنفسك وأنت في معصيتك أن يهجم عليك الموت فيخطف روحك، ويختم لك بما كنت مقيماً عليه!
تأمل لو أن الله أخذ روحك وقبض نفسك وأنت مقيم على العمل الذي يغضبه، فكيف سيكون اللقاء مع الله؟! قال صلى الله عليه وسلم ( الأعمال بالخواتيم ) فهل تحب لنفسك الخاتمة الحسنة الطيبة، وهل تريد لنفسك الكرامة والرضوان؟ فها هي الطريق بيضاء نقية واضحة أمامك قال تعالى: { وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون } يقول تعالى ارجعوا إلى ربكم خالقكم العليم بأحوالكم واستسلموا له بالطاعة والتوبة من قبل أن يهجم عليكم الموت والعذاب فلا تجدون ناصراً ولا تجدون ملجأ ولا معيناً.
وتأمل أيضاً كيف يكون حالك وقت توبتك وكيف حالك وقت المعصية، إنك في حال توبتك مكتوب في ديوان التائبين - إن شاء الله تعالى – الذين هم أحباء الرحمن والذين هم عتقاء الرحمن، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له التائب من الذنب حبيب الرحمن ) بيمنا أنت عندما تعصي ربك وتغضب الملك العظيم تكون ممن اتبع الهوى، وأطاع الشيطان قال تعالى: { فإذا جاءت الطامة الكبرى يوم يتذكر الإنسان ما سعى وبرزت الجحيم لمن يرى فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى } فلابد إذن من التوبة الصادقة، والعزيمة القوية قال تعالى: { خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون } وقال تعالى:(113/57)
{فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم}، فحاول أيضاً اتباع هذه الخطوات:-
1- الاستعانة بالله على طاعته، وتجنب معصيته فقد ثبت من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك ).
2- المحافظة على الصلوات المفروضات وخاصة صلاة الفجر، فإن الصلاة من أعظم ما ينهى عن الفواحش والمحرمات، كما قال تعالى: { وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر }.
3- استبدال رفقة السوء بالرفقة الخيرة الطيبة، قال تعالى : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين }، وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تصاحب إلا مؤمناً ) والحديث ثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه.
4- البعد عن أسباب الحرام، ومواضع الفتنة الداعية إلى المعصية.
5- تزكية النفس بحضور صلاة الجماعة في المسجد، وسماع الدروس والمواعظ فيها والحرص على سماع المحاضرات النافعة المفيدة سواء المسجلة أو التي تكون مقامة في المساجد والمراكز الدينية.
6- مراقبة الله في السر والعلن، فإنك إذا كنت لا تراه فإنه يراك ويعلم خفاياً نفسك.
ونسأل الله تعالى الثبات على طاعته وتجنب معصيته ومخالفته.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أريد التخلص من حسد الآخرين ... 246670 ...
السؤال
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أنا أصلي وأصوم وأعبد ربي، وأجتهد أن أكون على أحسن الطريق، إلا أنه كثيرا ما أشعر بحسد أقراني، شعور أحاول جاهدا التخلص منه وأدعو الآخرين للتخلص منه، إلا أنني أشعر في أعماق قلبي بشيء من الحسد حالما أسمع أو ألاحظ أن أحدهم له ما ليس لدي، أرجو المساعدة على التخلص من ذلك الإحساس الذي أرقني كثيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ لطفي حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فلابد في بداية الكلام أن تحدد معنى الحسد الذي أشرت في كلامك أنك تجده في نفسك، وأنك تجاهد للتخلص منه، فإن الحسد منه هو ما محرم ومذموم، ومنه ما هو جائز بل ربما كان ممدوحاً في بعض الأوقات، ومعنى هذا الكلام أن الحسد على نوعين: النوع الأول هو النوع المحرم المذموم الذي جاءت الشريعة بتحريمه، وهذا النوع صورته أن يكون للمسلم نعمة من النعم سواء كانت دينية أو دنيوية فيتمنى الحاسد زوالها عنه، بحيث إنه لو ذهبت هذه النعمة عنه فرح الحاسد بذلك وحصل له السرور بذلك، ومثل هذا النوع من الحسد حرام باتفاق الأمة الإسلامية، حتى ثبت في(113/58)
سنن أبي داوود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب )، وهذا النوع هو الذي أمر الله تعالى أن نستعيذ منه كما قال تعالى قل أعوذ برب الفلق إلى قوله ومن شر حاسد إذا حسد، وثبت أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال :( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً).
والمقصود أن هذا النوع مذموم للغاية وهو من الذنوب القبيحة السيئة، ولذلك قال العلماء أول ذنب عصي الله به هو الحسد، حيث حسد إبليس آدم عليه الصلاة والسلام، وأما النوع الثاني وهو النوع الجائز الذي ليس بمذموم فهو أن يكون للمسلم نعمة من النعم، فيتمنى الإنسان أن تحصل له هذه النعمة، وأن يكون له مثل الذي لهذا الرجل، ولكن مع هذا فإنه لا يتمنى أن تزول هذه النعمة عن أخيه المسلم، بل كل ما في الأمر أنه يتمنى أن ينعم الله عليه بما أنعم على فلان من الناس، وهذا كمن وجد رجلا له ـ مثلا ـ زوجة وذرية صالحة فيتمنى أن ينعم الله عليه بمثل ما أنعم على هذا الرجل، من غير أن يتمنى زوال هذه النعمة عنه، فهذا النوع جائز لا إثم فيها ولا يذم فاعله، بل ربما صار هذا النوع من المستحبات، كمن تمنى أن يحفظ القرآن كما يحفظه فلان أو تمنى أن يكون له مال يتصدق به كما يتصدق به فلان، فهذا النوع ممدوح وحسن كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها) والحديث متفق على صحته، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من الحسد الممدوح أن يتمنى الرجل الخير الذي يرضي الله ولكن مع عدم تمني زوال هذا الخير عن صاحبه، وسماه صلوات الله وسلامه حسداً، فحصل بذلك تقسيم الحسد إلى الحسد الجائز المشروع والحسد المحرم الممنوع.
والمقصود أنه لابد أن تعرف نوع الحسد الذي يقع منك، فإن كان النوع الجائز فهو لا إثم فيه ولا حرج، بل هو طبيعة في بني الإنسان، فإن الناس يحبون أن تنالهم النعم كما تنال غيرهم، بل إنهم يحبون أن يكونوا من أحسن الناس حالاً، ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (( اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وأرضنا وأرض عنا ))، وأما إن كان نوع الحسد الذي تجده في نفسك هو من النوع المحرم فلا ريب أنه يجب عليك محاولة دفع هذا الحسد وبذل الوسع في التخلص منه، فإن الحسد من الذنوب القبيحة التي تضر الإنسان في دينه ودنياه، بل إن الحاسد يعيش حياته تعيساً ضيق النفس، خبيث النية لأنه يتألم لما يحصل للناس من خير ونعمة، ومن المعلوم أنه لا يستطيع دفع هذه النعم عن أصحابها، فيزداد ألمه وحسرته، ولذلك قال العلماء أول من يشقى بالحسد هو الحاسد نفسه، هذا مع كون الحاسد يؤذي غيره من عباد الله المؤمنين بعينه وسوء وخبث نفسه نعوذ بالله من ذلك.
وأما عن الأسباب التي تعين على التخلص من هذه الصفة المذمومة فهي مجموعة أسباب:-
1- الاستعانة بالله، والتوكل عليه في التخلص من هذا الخلق المذموم فإن الحسد مرض في النفس، وداء في القلب، ولا يشفي المريض إلا الله كما قال إبراهيم الخليل(113/59)
عليه السلام ( وإذا مرضت فهو يشفين ) وقال صلى الله عليه وسلم (( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله )) رواه أبو داود والترمذي وهو حديث صحيح.
2- معرفة أن الحسد ذنب يبغضه الله، ومعصية توجب سخط الله فما كان كذلك فيجب تركه والتوبة منه، والعمل على التخلص منه.
3- أن يعلم الإنسان أن الحسد هو في الحقيقة اعتراض على الله، لأن الحاسد إنما يكره أن تصيب النعمة غيره ويتمنى زوالها عن المحسود، وهذا في الحقيقة بغض لما أراده الله ولما قدره الله، ولذلك لما ذكر الله الحاسدين أشار إلى أنه هو الذي يؤتي من فضله من شاء، كما قال تعالى {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله}.
4- أن يعلم الإنسان أن الحسد ظلم شديد، فإنه ظلم للنفس وظلم للمحسود أيضاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة ) الحديث.
5- ومن الأسباب أيضاً أن الإنسان إذا خاف أن يحسد مسلماً على نعمة فإنه يدعو له بالخير وبالبركة، كما ثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، وهذا السبب من أعظم ما يدفع شر الحسد ومن أعظم ما يعين على التخلص من هذا المرض، فإن الإنسان متى ما عود نفسه الدعاء للمسلمين اعتادت نفسه حب الخير لهم وكراهية مضرتهم.
6- عدم الاشتغال بالنظر إلى النعم التي عند الآخرين والإعراض عن ذلك، بل إن في التفكير بما أنعم الله عليك خيراً وفائدة لك، فإن تذكر نعم الله على النفس تعين على الشكر، وفي كثرة تطلعك إلى ما عند غيرك ضرر عليك، لأنك ربما يقع لك الحسد، أو على الأقل عدم شكر نعمة الله عليك وازدراء نعمه، ولذلك قال تعالى: { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه وزرق ربك خير وأبقى }.
7- ومن الأٍسباب بذل الخير للناس وإعانتهم على تحصيل المنافع لهم، فإن هذا مضاد للحسد ومخالف له، ومن المعلوم أن الذي ينفع الناس ويعينهم مأجور على ذلك مع كونه يصير بهذه الإعانة محبوباً لله تعالى كما قال تعالى {والله يحب المحسنين}، وقال تعالى: { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون }.
ونسأل الله تعالى أن يهدينا وإياك لأحسن الأخلاق وأحسن الأعمال لا يهدي لأحسنها إلا هو وأن يقينا سيئ الأخلاق والأعمال لا يقي سيئها إلا هو!
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أريد الأسلوب الأمثل لنصح أختي في الابتعاد عن المنجمات ... 246669 ...
السؤال
كيف أنصح أختي من الابتعاد عن المنجمات؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ a.a حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،(113/60)
فنسأل الله أن يلهمنا السداد والرشاد، وأن ينفع بك بلاده والعباد، وأن يجنبنا الشر وأهله، وأن يصرف قلوبنا إلى طاعته.
إن المنجمين كاذبون وإن صدقوا، ولا يعلم الغيب إلا الله، ومن أتى كاهناً أو عرافاً أو ساحراً فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن أتاها وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا قبس من كلام محمد صلى الله عليه وسلم.
والمنجمون يبنون كلامهم على حركة النجوم وإدعاء معرفة الغيب، ويخدعون الناس ويأكلون أموالهم بالباطل، ولا يصدقهم أو يأتيهم إلا ناقص العقل ضعيف الإيمان، ونحن ما كلفنا بمعرفة الغيب ولكن ديننا يربينا على فعل الأسباب ثم التوكل على الوهاب والرضا بما بقسمه واهب الأرزاق، ولو أننا توكلنا الله حق توكله لرزقنا كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا.
ولاشك أن نصح هذه الأخت يبدأ بتذكيرها بحرمة هذا العمل وخطورة الذهاب للمنجمين والكهنة والعرافين والدجالين، ثم بدعوتها إلى فهم عقيدة المسلمين وتجريد التوحيد وتنقيته من الشوائب.
وقد قال الخطابي رحمه الله: ((علم النجوم المنهي عنه هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي ستقع في مستقبل الزمان، والتي يزعمون أنها تعرف بمسير الكواكب واجتماعها واقترافها ويدعون أن لها تأثيرا في السفليات، وهذا منهم تحكم على الغيب وتعاطٍ لعلم قد أستأثر الله بعلمه فلا يعلم الغيب سواه)) ويسمى هذا النوع بعلم التأثير وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الكونية، وهذا باطل ودعوى لمشاركة الله في علم الغيب الذي انفرد به، أو تصديق لمن ادعى ذلك وهذا ينافي التوحيد لما فيه من هذه الدعوى الباطلة، ولما فيه من تعلق القلب بغير الله، ولما فيه من فساد العقل لأن سلوك الطرق الباطلة وتصديقها من مفسدات العقول والأديان.
وقد قال البخاري رحمه الله: (خلق الله النجوم لثلاث زينة للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم به)، وبعد أن تبين لك خطورة الذهاب للمنجمين ومن شابههم من العرافين والكهنة والسحرة وخطورة ذلك على عقيدة المسلم، أرجو أن تجتهدي في نصحها وتكرري وعظها، وهذه بعض الأشياء التي سوف تعينك على إرشادها:-
1- الإخلاص في دعواتها والتوجه إلى الله لهدايتها.
2- بيان كذب من يدعي الغيب واعتماد بعضهم على الجن الذي يسترق السمع فتطارده الشهب وترجمه لكنه يوصل المعلومة إلى الأرض فيضيف عليها هؤلاء الكذابين مائة كذبة.
3- تذكيرها بخطورة ذلك على دينها.
4- اختيار الأوقات المناسبة والألفاظ اللطيفة.
5- نصحها بعيداً عن الناس.
6- عدم إظهار الأستاذية والتعالي عليها.(113/61)
7- ذكر صفاتها الجميلة واتخاذها مدخلا إلى قلبها وتنبيهها بلطف على جوانب الخلل، كأن تقولي أنت ولله الحمد مصلية وطيبة ولكن أرجو أن تبتعدي عن الذهاب للنجمات.
8- ترسيخ عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر في نفسها.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... ما أسباب الحسد وكيف يمكن التخلص منه ... 246534 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو إفادتي حول أسباب الحسد، وكيف يمكن التخلص منه؟ بالإضافة إلى طرق حب الخير الناس ونسيان إساءتهم وعدم الرغبة في الانتقام منهم أو الدعاء عليهم بالشر والحصول على سلامة الصدر؟
جزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ عبد الله حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإن الحسد مرض من أمراض القلوب التي لا يسلم منها إلا من سلَّمه الله تعالى ووفقه، والقلب الذي يكون فيه داء الحسد هو قلب مريض، وإذا كان القلب سالمًا من الحسد ومن سائر الأمراض القلبية الأخرى كالكبر والغرور وحب الشهوات المحرمة ونحو ذلك، كان هذا القلب هو القلب السليم الذي مدحه الله تعالى بقوله: {يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم}[الشعراء:88، 89] فالقلب السليم هو القلب الصحيح الذي سَلِمَ من أمراض الشهوات المحرمة، ومن أمراض الشبهات والشكوك في دين الله تعالى.
وأما القلب المريض فقد ذكره الله تعالى بقوله: {فيطمع الذي في قلبه مرض}[الأحزاب:32] أي مرض الشهوة المحرمة، وذكره في موضع آخر بقوله: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا}[البقرة:10] أي مرض الشبهات والشكوك في الدين، فثبت بذلك أن الله تعالى قد ذكر جميع أمراض القلوب التي منها الحسد، ثم ذكر تعالى بفضله ورحمته الدواء الشافي من جميع أمراض القلوب والتي من أخطرها وأضرها داء الحسد.
إذا ثبت هذا فإن هذه المقدمة هي أول ما ينبغي معرفته للتوصل إلى معرفة أسباب الحسد وطريق التخلص والشفاء منه، وإيضاح ذلك أن السبب الأول في وقوع الحسد من الإنسان هو بُعده عن الله تعالى، فإن القلب القريب من الله تعالى يكون قلبًا صحيحًا سليمًا، ومتى ابتعد العبد من ربه صار القلب مريضًا بسبب هذا البعد، فتحصل له هذه الأمراض والتي منها الحسد المذموم، وأيضًا فإن الحسد ينشأ من حب النفس، وكراهية الخير للآخرين؛ كمن سمع بأن أحد الناس أصابته نعمة ما فيحصل(113/62)
له ضيق في صدره بسبب أنه لم يؤت هذه النعمة ثم ينتقل بعد ذلك إلى تمني زوال هذه النعمة عن هذا الرجل ويكره حصولها له فيقع في هذا المرض المذموم الذي ذمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
والمقصود أن القاعدة العامة في أسباب الحسد هي (قلة التقوى)، فإن العبد التقي يعلمُ أن الله تعالى يقسم الأرزاق كيفما شاء ويعطي مَنْ يشاء من عباده برحمته وحكمته البالغة، فيحصل له الرضا والقناعة بما قسم الله له، ويعلم أن حسده لأخيه المسلم من المحرمات فيكفّ نفسه عن الحسد، ولو وجد شيئًا من الضيق في صدره فإنه لا يضره ذلك، طالما أنه يجاهد نفسه في دفع حسده عن الناس، فهذه هي القاعدة العامة في سبب حصول الحسد (قلة التقوى)، وأما عن الأسباب التفصيلية فهي كثيرة؛ فمن ذلك مثلاً:
- الغيرة من الأصحاب أو الأقارب ونحوهم، فبسبب الغيرة المذمومة يقع الإنسان في الحسد المحرم، وهذا هو الغالب في وقوع الحسد من الناس بعضهم لبعض.
- ومن ذلك أيضًا الحقد على بعض الناس، كمن يكره رجلاً ما سواء كان قريبًا أو جارًا أو نحو ذلك، فبسبب كراهيته لهذا الرجل يحسده على ما آتاه الله من النعمة، لاسيما إذا كان هو محرومًا منها.
- ومنها أيضًا الكبر والعُجْبُ، فبسبب الكبر يقع الحسد كثيرًا من الناس، بل إن إبليس عندما كفر بالله واستكبر عن السجود لآدم عليه السلام كان منشأ كفره واستكباره هو أنه حسد آدم على هذه المنزلة العظيمة التي وهبه الله إياها، فاستكبر عن السجود حسدًا لآدم عليه السلام؛ كما قال تعالى: {قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتي من نار وخلقته من طين}[ص:75، 76].
- ومن الأسباب أيضًا حب النفس وتمني الخير لها دون الآخرين.
- منها أيضًا الجهل بحكمة الله وقدره وشرعه في توزيع الأرزاق وقسمتها بين الخلق.
والمقصود أن هذه الأسباب على تنوعها وكثرتها ترجع إلى سبب واحد وهو (قلة التقوى)، أو انعدامها، ولذلك كان القلب المعمور بتقوى الله أبعد القلوب عن الحسد وعن هذه الأمراض الرديَّة المذمومة جميعها، فكلَّما كان العبد تقيًا كان أبعد عن الحسد وعن أمراض القلب عمومًا.
وأما عند طريق التخلص من الحسد فيمكن تلخيصها في هذه الخطوات:
1- الاستعانة بالله، والتوكل عليه في الشفاء من هذا المرض المذموم؛ كما قال تعالى: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}[المائدة:23]، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة) أي إذا أهمه أمر ما فزع إلى ربه يرجوه ويسأله ويستعين به.
2- التعرف على حقيقة الحسد، وأنه خلق مذموم، وذنب عظيم، ومعصية توجب التوبة إلى الله والإنابة إليه من هذا الذنب، بل إن الحسد في الحقيقة هو اعتراض على حكم الله لأن الحاسد إنما يكره أن يُصيب الخير غيره، ويتمنى زوالها عن المحسود، وهذا عند التأمل هو بغض لما أراده الله وقدَّره، ولذلك أشار تعالى إلى أنه هو الذي(113/63)
يؤتي من فضله من يشاء بعد أن ذكر حسد الحاسدين، كما قال تعالى: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله}[النساء:54].
3- أن يعلم العبد أن الحسد نوع من الظلم، بل هو ظلم بالغ شديد، فإن الحسد ظلم للنفس وظلم للمحسود بإدخال الضرر عليه، بل إن الحسد نقص في الإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، ومن المعلوم أن الحاسد يبغض حصول النعمة أصلاً لأخيه، فضلاً عن أن يحب له ما يحب لنفسه، فإذا عرف العبد أن الحسد نوع من الظلم، حصل له نفور من الظلم وابتعاد عنه، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة).
هذا بالإضافة إلى ما يصيب الحاسد نفسه من الهم والغم والعذاب بسبب حسده الناس، فإن الحاسد أول ما يؤذي فإنه يؤذي نفسه، لكثرة ما يصيبه من الألم والضيق عند حصول النعم لعباد الله، مضمومًا إلى ما يتعرض له من مَقت الله وغضبه وما قد يصيبه أيضًا من العقوبات في الدين والدنيا، فإن الجزاء من جنس العمل، كما هو مقرر من دين الله تعالى.
4- ومن الأسباب أيضًا أن الإنسان إذا خاف أن يحسد مسلمًا على نعمة فإنه يدعو له بالخير والبركة، كما ثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليبرِّك عليه) أي فليدعو له بالبركة، وهذا السبب من أعظم ما يدفع شر الحسد، ومن أعظم ما يعين على التخلص من هذا المرض، فإن الإنسان متى ما عوَّد نفسه الدعاء للمسلمين اعتادت نفسه حب الخير لهم وكراهية مضرتهم.
5- ترك التفكر وعدم الانشغال بالنظر إلى النعم التي عند الآخرين، والإعراض عن ذلك، بل إن في التفكر بما أنعم الله عليك خيرًا وفائدة لك، فإن تذكر نعم الله على النفس تعين على الشكر، وفي كثرة تطلعك إلى ما عند غيرك ضرر عليك؛ لأنك ربما يقع لك الحسد، أو على الأقل عدم شكر نعمة الله عليك، وازدراء نعمه، ولذلك قال تعالى: {ولا تمدنَّ عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خيرٌ وأبقى}[طه:131].
6- ومن الأسباب بذل الخير للناس وإعانتهم على تحصيل المنافع لهم، فإن هذا مضادٌ للحسد ومخالف له، ومن المعلوم أن الذي ينفع الناس ويعينهم مأجور على ذلك مع كونه يصير بهذه الإعانة محبوبًا لله تعالى، فإن الإحسان إلى الخلق من أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى؛ كما هو معلوم، ولا ريب أن الذي يتخلق بهذا الخلق يكون مندرجًا في قائمة المحسنين الذين قال الله تعالى فيهم: {والله يحب المحسنين}[آل عمران:134] وقال تعالى فيهم أيضًا: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}[النحل:128] وهذا السبب هو نفسه الجواب عن سؤالك عن كيفية حب الخير للمسلمين وسلامة الصدر تجاههم، فإن من عرف عظم الأجر الذي قد أعده الله لمن اتصف بالإحسان إلى عباده، وعلم ما ينتظره من الكرامة في ذلك، سهل عليه حب الناس والحرص على الخير لهم ونفعهم بكل ما يقدر عليه، والموفق في ذلك من وفقه الله تعالى.
نسأل الله أن يشرح صدرك لكل ما يحبه ويرضاه.(113/64)
والسلام عليكم.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أحببت فتاة في العمل وأريد التخلص من هذا الحب أرشدوني ... 246363 ...
السؤال
كنت أعمل في إحدى الشركات وكانت زميلة لي تتودد إلي حتى أوقعتي في غرامها فصرت متيما بها لدرجة كبيرة جدا، مع العلم أنني أول مرة أقوم بالتعرف على فتاة وليس من طبعي أن أختلط مع النساء حتى صار عمري 28 عاما، وكنت أفكر في الزواج وأحببت الفتاة فقلت لنفسي لما لا الآن حبيبتي وغدا زوجتي، كما أنني كنت لا أرغب في الزواج التقليدي.
واستمرت علاقة الحب والهيام حتى فوجئت بوجود شخص آخر في حياتها غيري وأن هذا الشخص سوف يتقدم لخطبتها والأدهى والأمر أنه من قبل أن أغرم بها لم أعرف ما أصنع، ولكن كنت مستعدا لكل شيء إلا خسارتها صرت أكلمها ويكلمها وأغازلها ويغازلها تحبني أنا وتريده هو.
أرجو أن تسأل أين مروءتك؟ فوالله لم أكن أعلم أن للحب هذا التأثير كنت أبكي من الندم وأعاهد نفسي أن لا أراها أو أكلمها، وما إن يأتي النهار حتى أتلهف وأتشوق لرؤيتها والحديث معها .
عقد عليها الحبيب القديم الجديد ولم أستطع أن أمتنع عن رؤيتها وهي كذلك أصبحت على ذمة رجل آخر ولا زلت أراها "كان في بلد آخر"، وبعد شهور سافرت إلى بلادها التي لا أستطيع السفر إليها بلا رجعه ظل هاتفي موصولا بها، مع العلم أني لن أرها مرة أخرى .
وقبل عرسها بأيام وصل إليها الحبيب القديم الجديد ليتزوج بها، وعندما تيقنت من زواجها بغيري توقفت عن محادثتها، وكانت آخر مرة أهاتفها يوم وصوله إلى بلدها، في قصتي أحداث كثيرة ومفارقات غريبة لا يسعني الوقت لتفصيلها، أترك لكم تصور الأمور، أكثر ما فعلت مع الفتاة هو تقبيلها مع أنني كنت أستطيع أن أفعل كل وأي شيء، ولكن خشيتي من الله وحبي لها وخوفي عليها منعني من ذلك .
مرت سنة ونصف ولم أسمع عنها سوى أنها تزوجت منه وسافرت معه ولم أكن أسعى وراء أخبارها، ذهبت إلى بلدي طلب أهلي مني الزواج واختاروا لي عروسا ارتضيتها، وسوف أتزوج بعد أسبوع بها إن شاء لله .
أريد منكم أن تنصحوني كيف أتخلص من الذنب بعلاقتي السابقة؟ وأن تنصحوني بأن أتخلص من الشك بكل جنس حواء الذي ألم بي من تجربتي الأولى والأخيرة .
وجزاكم الله خيرا سلفا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ أنور حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،(113/65)
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
هنيئاً لك بزوجتك الجديدة التي ارتضيتها، ونسأل الله أن يبارك لك فيها ويبارك لها فيك، وننصحك بأن لا تحملها جرائم الأخريات فإن الله يقول: {ألا تزر وازرة وزر أخرى}، وظن بها خيراً، واحرص على إخفاء أخبار القديمة عنها وعن غيرها ولا تذكر تلك الصحائف السوداء لأحد من الناس، وإن تذكرت بنفسك تلك العلاقات المشبوهة فجدد الندم وكرر التوبة وأكثر من الاستغفار وأبشر فإن ربنا هو الغفار، وهو سبحانه يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه.
وقد أحسنت بقطع علاقاتك السابقة بتلك الفتاة التي أصبحت زوجة لرجل آخر، واحمد الله الذي أبعدها عنك فإن الشكوك كانت ستخرب عليك وعليها، واشكر الله الذي عصمك من الوقوع في الفاحشة الكبرى، فإن الزنا من أكبر الكبائر وقد ربط القرآن بينه وبين جريمة الإشراك وجريمة قتل النفس التي حرم الله فقال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً....} وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ((أي الذنب أعظم فقال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قيل ثم أي فقال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قيل ثم أي؟ فقال: أن تزاني بحليلة جارك)) واعلم بأن الحفاظ على أعراضنا يبدأ من حرصنا على أعراض الآخرين.
ولا شك أن العروس التي اختارها أهلك أفضل وأكرم من رفيقة الهوى والمعصية، فاصدق في مودتها واحرص على الإحسان إليها، واعلم بأن من حسن التوفيق أن يرتضي الإنسان الزواج بفتاة اختارها ورضيها أهله، لأن في ذلك عونا على البر والإحسان والتوفيق بين حق الزوجة وصلة الأرحام.
وإذا حصل من تلك الفتاة اتصال فكن أنت ممن يذكرها بحرمة ذلك، وأرجو أن تحرضها على أن تتوب إلى الله وتخلص في مودة زوجها وقبل ذلك طاعة ربها.
واجتهد في نسيان ذلك الماضي واستبدل تلك الأخطاء بحسنات ماحية (واعلم بأن الحسنات يذهبن السيئات)، وأتبع السيئة الحسنة تحمها، وأعن زوجتك على البر والتقوى وتذكرك أنك راع وأنك مسئول عن رعيتك.
والله لي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... المعاصي التي تحيط بي تجعلني أشعر بالإحباط ... 246273 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأنا شاب عمري 25 سنة، أقيم للعمل في بلد خليجي منذ 5 سنوات، وقد من الله علي بالهداية منذ سنتين تقريبا، وخلال هذه الفترة أصبحت إنسانا آخر، وأقسم بالله أني أندم وأتحسر على كل يوم قضيته في غير طاعة الله، ولكن بعدما التزمت وتفقهت بعض الشيء في أمور ديني اكتشفت أن كل من حولي على غلط إلا من رحم ربي، فهذا يصلي ويتعامل بالقروض الربوية، وهذا يصلي ويسمع الأغاني، وغيرهم الكثير،(113/66)
وما من أحد يركب معي السيارة إلا يستغرب كيف لا أملك شريط أغاني أو إذاعة غير القرآن الكريم!
وهذه الأمور تنقص عزيمتي وأخشى من أشياء أخرى قد تصيبني بسبب من حولي، وكما أني في بعض الأحيان أشعر بأني قد مللت النصيحة لمن حولي، فأرجوكم أن تفيدوني بنصيحتكم، وكما أيضا يوجد لدي أمور تتكرر معي يوميا ولا أدري كيف أتجنبها، منها أني أعمل في محل تجاري لبيع العطور في مركز للتسوق، وهذا المركز كمثل كل المراكز الموجودة في هذا البلد الإسلامي مليء للأسف بالنساء المتبرجات، وحتى موظفات المحلات الموجودة بالمركز اللاتي أراهن كل يوم مرات عدة، فعندها ينتابني شعور بأن كل أعمالي الصالحة من صلاة وغيرها قد حبطت.
وكذلك عندما نتحدث أنا وزملائي بالعمل عن المدير وتصرفاته، وأنا أعلم أن الغيبة ذنبها عظيم ولكن الشيطان عليه لعائن الله يوسوس لي بأن هذا الذي اغتبته لم تظلمه لأنه سيء معك، وأيضا لدي مشكلة ألا وهي أني دائما أتمنى أن أذهب إلى بلد لا يكون لي أحد أعرفه لكي أتجنب الذنوب مع من حولي.
وأخيرا لدي مشكلة الفراش، وأني كلما أردت أن أنام أتخيل يوم القيامة وأنا أرى أعمالي السيئة التي صدرت مني بعدما التزمت تعرض على رب العالمين، وأني أنا ذاك هو المفلس يوم القيامة الذي روى سيدنا محمد صلوات ربي عليه قصته لأصحابه!
وفي النهاية أشكركم.
وجزى الله كل القائمين على هذا الموقع كل خير وأنتظر منكم نصيحة وكلمات ترطب قلبي من كل هذه المشاكل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ أبو أحمد حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإننا نحمد الله تعالى الذي قد كتب لك هذه الهداية، والتي أصحبت بسببها صاحب هم تهتم لدين الله، وتحرص على نصرته، ويصيبك الهم والغم بسبب ما تراه من كثير من أحوال الناس المعرضين عن ربهم، العاملين بما يسخطه، ولا ريب أن هذه الهداية هي أعظم نعمة ينعم الله بها تعالى على عباده بعد هدايتهم للإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم، بل إن الله قد امتن بهذه النعمة في مواضع من كتابه العزيز، كما قال تعالى {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ...}. وقال تعالى: { ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلاً من الله ونعمة والله عليكم حكيم }.
والمقصود أن أعظم نعمة يمن الله بها على عباده نعمة الهداية التي قد شعرت أنت بها، كم يكون الإنسان ضائعاً تائهاً حائراً قبل أن يرزقه الله تعالى الهداية إليه، ولهذا المعنى كان طلب الهداية من الله من أوكد الأمور، حتى جاء في أعظم سورة في القرآن في سورة الفاتحة {اهدنا الصراط المستقيم}، ومن المعلوم أن هذه السورة تقرأ(113/67)
في كل ركعة من الصلاة، بحيث إن الإنسان يردد هذه السورة التي تحوي هذا الدعاء صباح مساء، في الفرائض والنوافل وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثير الدعاء، كثير التضرع إلى الله، وكان أكثر دعائه هو الثبات على الهداية حتى قالت بعض أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)) والحديث ثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه.
فهذا الحزن الذي تجده في نفسك بسبب ما تراه من كثير من أحوال الناس وابتعادهم عن دين الله، هو بحمد الله ثمرة من ثمار هداية الله إياك، بل هو دليل إن شاء الله على صدق الإيمان، فإن العبد الذي يغضب لله ويرضى لله هو المؤمن الصادق، حتى ثبت عن النبي أنه قال: ( من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ) أخرجه أبو داود في السنن.
وأيضاً فإن هذه الحزن الذي تجده في نفسك لابد أن يكون حزناً له أثر إيجابي، وأثر صالح في نفسك، وفي الناس من حولك، فانتبه وتفطن لهذا المعنى، فإن ما تراه من أحوال كثير من الناس من البعد عن الله والعمل بما يسخطه، لابد أن يكون باعثاً لك على الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاولة إصلاح الناس وإرشادهم إلى طريق الخير، ولذلك فإنك لا بد أن تمل النصيحة، كما ذكرت في سؤالك، بل عليك أن تواصل جهدك في التوجيه والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحتسباً أجرك عند الله، صابراً على الناس، وصابراً أيضاًَ على ما قد ينالك من الأذى في ذلك، فإن من أراد دعوة الناس وإصلاحهم لابد له أن يصبر على ما قد يناله من أذاهم كما قال تعالى : على لسان لقمان – (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) فإن دعوتك الناس للخير دعوة لنفسك أيضاً، فإن الذي يأمر بالخير ويحض عليه، يكون من أقرب الناس إلى فعل الخير والحرص عليه كما يروى عن بعض السلف رضي الله عنهم أنه قال : عليكم بالأمر بالمعروف فإن ذلك يعينكم عليه.
وأما ما ذكرته من تأثير الناس فيك وخشيتك أن يصيبك الضرر في دينك بسبب ما تراه من المعاصي والمخالفات فلا ريب أنك محق تماماً في خوفك هذا فإن الإنسان يتأثر بمن حوله، فيتخلق بأخلاقهم، ويتصف بصفاتهم، حتى قال صلى الله عليه وسلم ( لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي ) والحديث ثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه وهذا المعنى مقرر في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة.
والمقصود أن عليك تجنب ما تستطيع أن تتجنبه من مخالطة أهل المعاصي والفجور، وأما ما تضطر إليه من معاملتهم فهذا أمر معفو عنه، لاسيما وأنت تتحرز وتتوقى مخالطتهم، وهذا هو الحل أيضاً في موضوع غيبة الناس والكلام في أعراضهم، فحاول أن تتجنب المواضيع التي تجر إلى الغيبة، وأن تبتعد عن مجالسة أهل الغيبة في حال اغتيباهم الناس مع محاولة نصحهم وإرشادهم، فإنه لا يخفى عليك أن الناس بحاجة إلى من يأخذ بيدهم ويعينهم على الخير ويذكرهم بالله، ومن المعلوم أنك إن بذلت وسعك في طلب رضوان الله فإن الله لن يخيبك أبداً، بل سيعينك ويهديك ويسددك.(113/68)
وأيضاً فإن مخالطة الناس تحتاج إلى كثير من الاحتياط في المعاملة والكلام، فلابد أن تعرف من هم أهل الصلاح القريبون من الخير فتخالطهم وتتعاون معهم، وأن تعرف كذلك أهل العصيان والفجور فتتجنبهم قدر استطاعتك إذا لم يكن هناك سبيل للنصح والإرشاد.
وأما ما ذكرته من أنك تخشى العرض على الله يوم القيامة وتخشى من سوء الحساب، فلا ريب أن هذا بحمد الله أمر حسن ومشروع، فإن خشية الله وخشية سوء الحساب والعذاب هو من صفات المؤمنين الذين أثنى الله عليهم ومدحهم، كما قال تعالى: { إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون *والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون * والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة إنهم إلى ربهم راجعون* أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون } بل إن الله تعالى أخبر أن من يخاف الله ويخشى سوء عذابه أنه هو العاقل اللبيب كما قال تعالى : {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب..}، بل إن هذا الخلق هو خلق الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، كما نطق بذلك كتاب الله وسنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه .
إننا نود أن نلفت انتباهك إلى أنك لا بد أن تستحضر مع خشيتك من الله وخوفك من عذابه، سعة رحمة الله، وسعة مغفرته وفضله، بحيث تكون جامعاً لأمرين اثنين: الخوف من الله، والرجاء في رحمته وفضله، بهذا تكون قد وفقت إلى طريق الهدى الأكمل، كما قال تعالى عن أنبيائه الكرام: { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين } وبهذا أيضاً يعتدل شعورك بالخوف من الله اعتدالاً موافقاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، وتكون أيضاً قد جمعت بين العبادتين العظيمتين (الخوف والرجاء) كما قال تعالى :
{نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم } .
ونسأل الله لنا ولك الثبات على الهدى والسداد في القول والعمل وفي كل الأمور.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... كيف أكون مثالا للفتاة الصالحة ... 246178 ...
السؤال
أنا فتاة ملتزمة، أنا الكبيرة في البيت من إخواني، أنا أحاول كثيرا أن أكون مثالا للفتاة المسلمة الصالحة، ولكن كثيرا ما أخطئ في حياتي في كلامي أو في تصرفاتي وخصوصا عندما التزمت أصبحت الزلات تعد علي، ودائما يقال لي كيف تفعلين هكذا!؟ هل الفتاة المسلمة تفعل هكذا؟
أحزن كثيرا وأكاد أموت من الحزن عندما أعير بالالتزام أو بما أني خاتمة للقرآن، ماذا أفعل بالله عليكم؟ كيف أتصرف مع أهل بيتي؟ ما هي واجباتي حتى أعطي المثال الطيب للفتاة المسلمة الصالحة؟ إني أحاول كثيرا ولكن..، أنا كثيرا ما أدعو الله أن يرزقني الزوج الصالح منذ 4 سنوات ولكن إلى الآن لم أوفق مع أي من الذين خطبوني، فهل هذا اختبار من الله؟
الجواب(113/69)
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ جويرية حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله أن يصلح الأحوال ويحقق الآمال ويبارك في الآجال، ونسأله تبارك وتعالى أن يرزقك بصالح من الرجال.
أنت بخير ما نويت الخير، وهنيئاً لمن حفظت القرآن وأطاعت الرحمن وترغب في أن تكون مثالاً للفتاة المسلمة الصالحة، وأبشري فإن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين.
ولا يخفى عليك أن كل ابن آدم خطاءٌ وخير الخطائين التوابون، ولا معصوم سوى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن المؤمن سريع الرجوع إلى الله، فهو لا يصر على المعصية صغيرة كانت أم كبيرة، فإنه لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، بل يسارع إلى عمل الحسنات الماحية ((إن الحسنات يذهبن السيئات)).
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً وأبا ذر فقال لهما ((اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تحمها وخالق الناس بخلق حسن)).
وأرجو أن تصبري على كلامهم ولمزهم فإنك تجدين في كتاب الله قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}، وعندما غضب عمر رضي الله عنه من رجل أغضبه وذكره بهذه الآية عفا عن الرجل ولم يتجاوز الآية بعد أن سمعها فقد كان وقافاً عند آيات الله، فقابلي كلامهم بالابتسامة والملاطفة، ولن يضرك ما يقولون ولا يخفى عليهم ما عندك من الخير فاسألي الله الثبات، واستفيدي من ملاحظاتهم إذا كانت مفيدة، واحرصي على أن تكوني مثالاً للفتاة المؤمنة، وتذكري أن الناس ينظرون إلى الإسلام من خلال تصرفات الملتزمين والملتزمات، وهذا فيه ظلم لهذا الدين العظيم.
أما واجباتك تجاه أسرتك فمنها ما يلي :-
1- أكثري من التوجه إلى مصرف القلوب ليصرف قلوبهم إلى طاعته.
2- أخلصي في دعوتك ونصحك ولا تنتقمي لنفسك وتجنبي الغضب إلا إذا كان لله.
3- ضاعفي برك لوالديك، وأكثري من الإحسان لأرحامك وكوني عوناً للفقير والمحتاج.
4- تدرجي في نصحهم وإرشادهم واجعلي البداية بالأمور الكبيرة .
5- اختاري الوقت المناسب والألفاظ المناسبة والمدخل المناسب لحديثك.
6- إذا نصحت أحد والديك فكوني مثالاً للأدب واللطف وقدمي بين يدي ذلك ألوانا من البر وصنوفاً من الإحسان، واتركيهم إذا غضبوا ولا تطيعيهم إذا أمروك بمعصية وحافظي على حسن الصحبة معهم لأن الله يقول: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما}.
أما بالنسبة لموضوع الزواج فسوف يأتيك ما قدره الله في الوقت الذي كتبه الله، وأبشري فإن الله لا يضيع من تطيعه، وقد مضت سنة الله بأن تكون ((الطيبات للطيبين)) فإذا تقدم إليك خاطب فانظري في دينه، ولا تتردي إذا جاء صاحب الخلق والدين فكل عيب يمكن تداركه وإصلاحه إلا نقص الدين، واحرصي على أن(113/70)
تستخيري وتستشيري، ولا يحملنك تأخر الإجابة لدعائك إلى اليأس فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل وما الاستعجال يا رسول الله؟ قال يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أُر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء.
واعلمي أن الله يحب العبد الذي يلح في الدعاء واسألي الله وأنت واثقة من الإجابة، وتخيري الأوقات الفاضلة، وقدمي بين يدي اللجوء إلى الله أعمالاً صالحاً وكوني في حاجة الضعفاء ليكون الله في حاجتك.
ونسأل الله لك التوفيق والثبات.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... كنت مدرسة قرآن فتعلقت بي فتاة فلما فارقتها تغيرت حالتها النفسية ... 246106
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة مصرية أكرمني الله عز وجل بتعلم القرآن الكريم وتعليمه وقد أقمت مع أهلي خلال السنتين الماضيتين بالسعودية وقد كنت خلال هذه الفترة أعمل محفظة قرآن بدار نسائية لتحفيظ القران الكريم.
في بداية تدريسي بالدار تعرفت بإحدى الطالبات وكانت بداية تعارفي بها عندما شعرت منها بفراغ شديد في حياتها وعدم استغلال لأوقاتها فحاولت أن أنصحها فنظمت لها أوقاتها وحددت لها أهدافها فوجدت منها استجابة سريعة فتابعت معها فأكرمها الله عز وجل فأتمت حفظ القران في أقل من عام وقويت علاقتي جدا بها فصارت صداقة حميمة وقد كانت في مثل عمري تماما، اتخذتني مثلا أعلى لها بل تحول الأمر بمرور الأيام أن صرت أمثل لها كل شيء في حياتها ولم يكن شيء ينكد عليها ليل نهار إلا تذكرها بأنه لابد أن نفترق في يوم من الأيام لأنها سعودية وأنا مصرية، بمرور الوقت انتبهت لتصرفاتها معي وبدأت أدرك أنها تعلقت بي لدرجة زائدة عن الحد واتهمت نفسي بأنني السبب لعطائي الزائد لها، واجهتها بحقيقة الأمر وأن هذا سيقودها لخطأ شرعي وهو انشغال قلبها عن الله وطلبت منها أن نتعاون لعلاج الأمر حتى يكون حبنا لله وفي الله فعلا.
في البداية وافقتني ولكنها لم تستجب فيما بعد لما طلبته منها من أن تحاول أن تبتعد عني بعض الشيء بل سبحان الله زاد الأمر معها فأصبحت تتهمني بالقسوة وتعبت حالتها النفسية وتوقفت حياتها فأشفقت عليها فعدت معها كما كنت وعندما تتحسن حالتها أعود لمحاولة علاج الأمر مرة أخرى فتعيد هي نفس رد الفعل في البداية توافقني وتقر بخطئها ثم عند التنفيذ العملي لا تستجيب، بل إن تصرفاتها غريبة جدا فهي لا تسمح لي أن أصاحب أحد غيرها وتغضب إذا علمت أني اتصلت بأحد أو زارني أحد.(113/71)
الآن أنا غادرت السعودية وعدت لمصر منذ عدة شهور وعلاقتنا مازالت قائمة عن طريق الاتصالات والرسائل ولكن حالها ما زال كما هو، وفشلت معها بكل وسائل النصح، أنا حزينة لأجلها وأشعر أني أفسدت أكثر مما أصلحت، فكرت أن أقطع علاقتي بها لعلها تعود لرشدها ولكني أخشى أن يأتي ذلك بنتيجة عكسية، ماذا أفعل؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ س حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
جعلنا الله وإياك من أهل القرآن، ورزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار.
فإن الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، والمؤمنة تؤسس علاقتها مع أخواتها على أساس الحب في الله ولله ووفق مراد الله، ويؤسفنا أن نقول: إن كثيراً من الفتيات يعش فراغاً كبيراً وجوعاً عاطفياً عظمياً ويقصر الكثير من الآباء والأمهات في توفير هذه الجرعات في العاطفية في البيوت، فيلجأ الأولاد والبنات لإشباع هذا الجانب الهام في الخارج، وما أكثر المخاطر التي تنتج عند ذلك، وهل سقط الضحايا إلا في هذا الميدان؟
وقد أسعدنا إدراكك لخطورة الأمر، وأفرحني نصحك للفتاة، وأرجو أن تواصلي نصحها وتوجيهها، وتحاولي الانسحاب التدريجي من حياتها، وأرجو أن يرزقها الله يزوجٍ صالح يمنحها من اهتمامه وعواطفه.
ولا شك أن بُعد الدار وسفرك جزء مهم في العلاج، وكم نتمنى أن تقوم الأمهات بدورهن؟ ولست أدري هل عندك صلة بأهلها أم لا؛ لأن تعاون الأهل وتفهمهم لوضع الفتاة يُساعد في إصلاح الأحوال بعد اللجوء إلى صاحب العظمة والجلال الذي يقلب قلوب النساء والرجال، ويثبت أهل الخير في العاجل والمآل .
ونحن نشكر لك هذه الروح الطيبة والمشاعر الصادقة، لأن بعض المعلمات تفرح إذا تعلق بها الطلبات ولكن المؤمنة العاقلة تعلم أن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، فتسعى في العلاج وتطلب من طالباتها أن تكون قلوبهن عامرة بحب الله أولاً، وتعلمهن أن المؤمنة تحب أخواتها بحسب طاعتهن لله وقربهن منه.
وأرجو أن تُشجعي هذه الأخت على حب الأعمال الصالحة أياً كان مصدرها، وبيني لها أنك بشر تُخطئين وتصيبين، وأن الأمر كما قال ابن مسعود: (تأسوا بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن فتنته).
ولست أدري ما هو نوع التعلق بك بعد سفرك إلى بلدك؟ وما هو نوع الكلام الذي يدور بينكما؟ وكيف حالها وطاعتها لله بعد سفرك؟ وهل تشعرين أن بعدك هذا سوف يُساعد في العلاج؟ وما هو دور الأخوات الأخريات في التصحيح والتوجيه؟ وهل طلبت من الصالحات الاهتمام بتلك الفتاة؟
وإليك بعض الأدوية النافعة في علاج مرض العشق:
1- اللجوء إلى من يجيب من دعاه ويكشف السوء.(113/72)
2- بيان العاقبة السيئة لمن تملأ قلبها بحب غير الله، وأن ذلك يوصل إلى الشرك وإلى الجنون.
3- أن يكون الحب في الله ولله وعلى مراد الله.
4- إدراك منافاة العشق للفطرة السليمة .
5- تذكر عيوب المعشوق.
6- غض البصر وعدم النظر إلى ما عند الناس.
7- إخفاء المحاسن والمفاتن عن الأعين.
8- التبكير في العلاج حتى لا يتمكن الداء .
وقد ذكر ابن القيم رحمة الله علاج هذا الداء مجملاً فقال: (ودواء هذا الداء القتال أن يعرف المبتلى بهذا الداء المضاد للتوحيد أنه من جهله وغفلة قلبه عن الله، فعليه أن يعرف أن توحيد ربه من سننه وآياته أولاً، ثم يأتي من العبادات الظاهرة ما يشغل قلبه عن دوام الفكرة فيه، ويكثر اللجوء والتضرع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه، وأن يرجع بقبله إليه وليس له دواء أنفع من الإخلاص لله).
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ ...
... أعاني من الفلسفة المادية والشك في الدين ... 246016 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
منذ 4 سنوات وأنا أحضر رسالة دكتوراه في دولة غربية بأحد أعرق مراكز البحث ولله الحمد، لكنني ابتليت في إيماني، فأنا أعمل مع أشخاص لا يؤمنون إلا بالمادة وفلسفتها، يعتبرون أن تطور البشر من القرود من المسلمات وأن وعينا مجرد صدفة، كل شيء يفسر بالسببية ولا مجال لخلاف ذلك مما يعتبرونه خرافات أو مجرد وسائل تحكم بالشعوب.
تأثرت كثيرا بهذا المنهاج في التفكير ومسني غباره حتى أثر على بصيرتي ويقيني، فقد كنت أعبد الله على طمأنينة وكأنني أراه، لكن الفلسفة المادية تسللت إلى عقلي وراودتني الشكوك، فأصبحت صلواتي بلا روح ولم تعد ذكرا للمولى عز وجل، وبعدها مرضت بالاكتئاب وأصبحت الدنيا لا معنى لها، شككت في ديني وفي الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم حتى أنني كدت أن أكفر أو ربما كفرت لأنني أشركت بالله الأسباب، أصبحت السببية والعلم المادي ربا جديدا!
حاولت أن أستعيذ بالله من هذه الأفكار ومحاربتها وتمكنت من التخلص من بعضها كنظرية التطور التي بدا لي بطلانها بعد دراستها لكونها مبنية على الظن فقط، بالمناسبة بعد مناقشتي لزملائي لهذه النظرية تعجبت من تعصبهم الشديد لها رغم الحجج ضدها، حتى أنني طلبت تفاصيلها من أحد أشد المؤمنين بها من حولي فوجدت أنني أعرفها أحسن منه! عندها قلت في نفسي: يا عجبا، يؤمنون بأمر ظني وأنا أشك بأصل ديني! وعرفت أن المسألة فيها جهل و مصلحة.(113/73)
بقي سؤال يحيرني ويعيقني وأتألم منه بشدة: كيف أننا مسئولون عن أفعالنا؟ الفلسفة المادية تقول أن أفعالنا تعتمد على عقولنا التي بدورها تعود إلى عوامل لا نختارها:
• المورثات التي تخطط للأعصاب قبل الولادة.
• البيئة.
• التربية.
فمن أين تأتي المسؤولية؟ أي أنه في وضع معين، ما الذي يجعلني أختار أمرا عوضا عن أمر آخر؟ فإذا كانت المورثات فأنا ورثتها عن والدي، البيئة لم أخترها والتربية كذلك، حتى إن كانت الشخصية فهي تعود للأمور السابقة.
لا أظن أن الله سيحاسبنا على أمر يعتمد على السببية المادية وإلا لأصبح الأمر جبرا، ثم إن الله لا يظلم مثقال ذرة، الحل الوحيد الذي أتصوره هو أن تكون لنا قدرة على الاختيار لا تعود لأسباب مادية وإنما تعود لعالم الغيب هل تلك هي الروح؟ أتصور اختيارا لا يفسر بالمادة، اختيارا لا يعود إلى الأسباب السابقة (المورثات، البيئة والتربية) وإنما يقترن بها. عندها يحاسبنا الله حسب اختيارنا النابع من تلك الخاصية الغيبية وتبقى الأسباب الأخرى مجرد ظروف ومعطيات من أجل الامتحان فلا أحاسب لأنني ولدت مسلما ولكن يعتبر ذلك أمرا في صالحي وأختبر حسب ذلك.
سؤالي: هل من إجابة مقنعة من العقيدة؟ هل من وسيلة لتصحيح فهمي؟ فدون إجابة مقنعة ودقيقة أبقى في شكوكي.
يقول الله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، و الله إني لأتألم ولا أجد من حولي عالما أثق به ويطمئن له قلبي لأسأله، أسألكم أن تفكوا علي كربتي في الدنيا وعسى أن يفك الله عنكم كرب يوم القيامة.
أرجوا من الله أن يجعل منكم أحد أسباب شفائي ويعيد إلي الإيمان الفطري ويخلصني من ويلات الفلسفة.
والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد هداه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنّه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يرزقك الثبات على دينه، وأن يذهب عنك هذه الحيرة وهذا الشك، وأن يملأ قلبك إيماناً ويقيناً وصدقاً.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن اختلاطك بهؤلاء الأشخاص وهذه البيئة المادية الملحدة لهما أعظم الأثر فيما أنت فيه الآن، والصاحب ساحب، والمرء على دين خليله، ومن هنا نجد النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على ذلك بقوله: (لا تُصاحب إلا مؤمناً)، ويقول: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير) إلى غير ذلك من النصوص، وما أنت فيه أكبر برهان على ذلك،(113/74)
ثم نجده صلى الله عليه وسلم كذلك ينهى عن السفر إلى بلاد الكفر والإقامة بها؛ خشية تأثر المسلم قليل العلم ضعيف الشخصية بأفكارهم ونمط حياتهم، ويبدو لي أنك قد ذهبت إلى تلك البلاد بعاطفةٍ إسلامية صادقة ولكن بعلمٍ شرعي قليل، مما جعل مقاومتك تضعف مع الأيام ومع كثرة تكرار ومعايشة هذه الأفكار، حيث بدأت العاطفة تضعف؛ لأنها وحدها غير كافية لمواجهة هذه التحديات؛ لأنه لا يقرع العلم إلا العلم ولا يرد الحجة إلا الحجة، وهذا ما تفتقده على الأقل أمام نفسك.
فما تشكو منه ما هو ألا أثر من آثار مخالفة السنة في التعامل مع غير المسلمين والإقامة بينهم.
ونظراً لأن القضية التي تشكو منها لا يصلح لها كتابة عدة أسطر أو ورقات، فأقترح عليك الإسراع بالعودة إن كان ذلك ممكناً، مع التقليل من الاحتكاك بهذا المجتمع إن أمكن قدر الاستطاعة، كذلك لا بد لك من المواظبة على الصلاة والأذكار وقراءة القرآن، حتى وإن كنت لا تشعر بحلاوة لهذا أو طعم؛ لأن هذه العبادات هي طوق النجاة لك الآن من الانهيار الكامل والكفر الصريح، وحاول الدخول إلى موقعنا باللغة الإنجليزية فرع العقيدة، وحاول محاورة الإخوة هناك، فلعل وعسى أن تستفيد ولو بصورة مؤقتة حتى ترجع إلى بلدك وتجالس العلماء وتناقشهم.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
... كيف أنصح صديقي الذي يمارس المعاصي عندما يغيب عني ... 245801 ...
السؤال
السلام عليكم.
أولاً أشكركم على المجهود الرائع, وأنا عندي مجموعة أسئلة:
1) أنا عندي صديق يقوم ببعض المحرمات، ولكن ليس أمامي، مثل شرب الشيشة وسماع الأغاني وكثرة السفر للخارج وغيرها, وأنا لا أستطيع نصحه لأني أستحي منه، فأرجو أن تنصحوني بشيء حتى أستطيع نصحه.
2) إخوتي يقومون ببعض المحرمات مثل سماع الأغاني ورؤية النساء وأنا كلما نصحتهم تضايقوا مني جداً، فماذا أفعل؟
3) يقول الحديث فيما معناه أن من أسباب عدم قبول الدعاء أكل المال الحرام، إذا كان الولد لا يدري هل مال والده حلال أو حرام ويأكل منه, ونفترض هنا أنه حرام هل لا يقبل دعاؤه؟ وما ذنبي إذا كنت لا أعلم؟ لأني أريد ألا يقبل دعائي.
وشكراً لكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ maged حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،(113/75)
فإننا نهنئك على هذا الحرص الذي وفقك الله إليه لهداية إخوانك ولهداية صديقك، وأيضاَ فنحمد الله على ما وفقك إليه من الحرص على تجنب أكل الحرام والسؤال عن ذلك، ونسأل الله لنا ولك الثبات على دينه.
وأما عن سؤالك الأول عن صديقك الذي أشرت إلى أنه يرتكب بعض المحرمات، وأنك تستحي من الكلام معه في ذلك، فإن الجواب على ذلك بأن تعلم أن الله أوجب على عباده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى: {ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره).
ولا ريب أن صاحبك المذكور بحاجة إلى من يذكره بالله ويأخذ بيده ويدله على الخير، خاصةً وأنك صديق له، محب له، والغالب أنه يبادلك نفس الشعور، فمثل هذا الصديق هو من أحق الناس بنصيحتك وحرصك عليه، بل إن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر في هذه الحالة هو من حقوقه عليك كصديق يحب الخير لصديقه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم) .
والمقصود أن هذا الحياء الذي ذكرته أنه يمنعك من نصح صديقك ليس هو بالحياء في الحقيقة، بل هو نوع من الضعف الذي يُصيب الإنسان بسبب تخذيل الشيطان له؛ لأن الحياء الحقيقي الذي يحبه الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه هو الحياء الذي يجعلك ممتثلاً لأمر الله وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (الحياء لا يأتي إلا بخير) والحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فالواجب عليك هو نصح هذا الصديق بأقرب عبارة إلى قلبه، وبألطف معاملة إلى نفسه، بحيث تظهر له المحبة والنصيحة، ولكن مع الوضوح وعدم الغموض أيضاًَ.
وأما ما ذكرته من أنك تنصح إخوتك وتنهاهم عن المنكرات فيتضايقون منك جداً، فهذه سنة الله في خلقه، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كثير من الأحوال يؤدي إلى عدم رضا الناس بل وسخطهم أيضاً، بحيث أنهم قد يؤذون من يأمر بالمعروف بل وربما يبالغون في عدواته وبسط الأذية له.
ولذلك قال لقمان رضي عنه لابنه وهو ينصحه: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك) فأمره بالأمر والمعروف والنهي عن المنكر، ثم أمره بالصبر على ما يصيبه من الأذى؛ لأن الغالب أن من يتصدى للأمر بالمعروف أن يكون عرضةً للأذى من الناس والعداوة منهم، كما هو معلومٌ ومشاهد من أحوالهم.
فعليك أن لا تيأس من دعوة إخوتك، بل تستمر في نصحهم وإرشادهم، مع الصبر قدر الاستطاعة على أخلاقهم وتضايقهم، ونسأل الله لك المعونة في ذلك.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهدى والسداد.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... كيف أساعد شابا وقع في الزنا للخروج من هذه المعصية ... 245545 ...
السؤال(113/76)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فالإخوة الأكارم في هذا الموقع الرائع الشبكة الإسلامية، بداية أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل هذا العمل المبارك في موازين حسناتكم ورفع درجاتكم إنه سميع مجيب.
إخوتي الكرام، تتلخص المشكلة التي أود استشارتكم بها في أن لي زميلاً في العمل طيب القلب ومن بيئة محافظة نوعا ما إلا أن له سلوكيات فيها انحراف عن الأخلاق، وكنت أعتقد أن هذه السلوكيات تنحصر في الملبس والمظهر وبعض العبارات أو التصرفات البسيطة، وكنت أمارس معه دور الداعية في تجاوز هذه السلوكيات غير المقبولة، وكنت أعتقد أن مشكلته تنحصر فيها فقط، حتى فوجئت بأن له علاقات مع فتيات ويقيم علاقات حب تصل إلى حد المواقعة والزنا والعياذ بالله ونسأل الله العافية.
الشاب يحترمني كثيرا ويستمع إلى نصحي وأشعر أحيانا أنني أؤثر فيه، وقد صام معي الست من شوال حيث تعاهدنا على ذلك، وأشعر أنه يمكن أن يتجاوب معي، حتى فوجئت وبطريقة غير مباشرة أنه يمارس الزنا، وقد ألمح هو لي قبل أن أعرف أنه يمارس الزنا أنه يريد التخلص من الحديث على الهاتف مع الفتيات ويريد مساعدتي له، وكنت أسير معه في هذا الاتجاه حتى علمت بأنه واقع في حب الفتيات بل وصل الأمر به إلى حد الوقوع في الزنا.
المهم أنني أريد مساعدة هذا الشاب على التخلص من هذه المصيبة، وأريد مساعدتكم بتزويدي بالطريقة الصحيحة في التعامل معه، أنا أعلم أنه شاب ليس شريرا ولا موغلا في الفساد إلى درجة لا يمكن إصلاحه معها، ولكن أشعر أن حب الفتيات والعلاقة بهن قد ملكت عليه كيانه، فما هو السبيل إلى ذلك خصوصا أن موضوع الزواج ليس بمقدوره أن يقوم به الآن لاعتبارات عدة منها مالية ومنها أمور أخرى؟
مشكلة أخرى أن هذا الزميل له أصدقاء غير ملتزمين وسيئوا الأخلاق وربما هذا يزيد من صعوبة المسألة خصوصا أنه متعلق بهم أيضاً، إن كان بالإمكان إرشادي إلى كتب أو أشرطة أو مواد مسموعة على الإنترنيت حتى أزوده بها، فهو يرغب في سماع مثل هذه المواد، مؤخراً أصبح معجبا بالشيخ مشاري العفاسي وزودته بعدد من السور بصوت هذا الشيخ، أرجو تكرمكم بسرعة الرد لأني فعلاً أود مساعدة هذا الشاب الذي هو في مطلع العشرينات من العمر.
أشكر لكم تعاونكم وبارك الله فيكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنّه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع! ونسأله جل وعلا أن يجزيك عن أخيك خير الجزاء، وأن يجعل هدايته على يديك، وأن يكلل جهودك بالتوفيق والنجاح، وأن يجعلك وإياه من عباده الصالحين.(113/77)
وبخصوص ما ورد برسالتك، فاعلم أخي أمجد أن هذه الجهود التي تبذلها في إصلاح صاحبك ستأتي على رأس حسناتك يوم القيامة؛ لأن الدعوة إلى الله هي وظيفةُ الأنبياء والمرسلين، قال جل وعلا: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً} فأبشرك بهذه البشرى، وذلك حتى لا تستقل عملك ولا يتسرب إليك اليأس من عدم استجابة الأخ لدعوتك هو أو غيره، فنحن علينا بذل الجهد وإخلاص النية وندع الأمر بعد ذلك لله؛ لأن الهداية بيده وحده سبحانه، فاجتهد في الدعوة، وواصل النصيحة لهذا الأخ ولغيره، واعلم أن لك حسنات هؤلاء جميعاً فهنيئاً لك أخي أمجد.
وأما ما ذكرته بخصوص صاحبك، فحاول استغلال احترامه لك في دعوته ونصحه إلى أبعد حد، واعلم أن حل مشكلته لا يتم غالباً إلا باتباع الآتي:
1- أن تجتهد في ملء وقت فراغه بزيادة جرعة تواجدك؛ حتى تقلل فرصة احتكاكه برفاق السوء، ولا مانع من الاستعانة كذلك ببعض الصالحين لملء هذا الفراغ، فإن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله.
2- أن تحاول استغلال قصة الشاب الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يرخص له في الزنا، فقال له: (أترضاه لأمك، لأختك، لعمتك، لخالتك، لابنتك، لزوجتك؟ إلى أن قال له: ما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك) فاستخدم هذه الوسيلة في إيقاظ ضميره، وذكره بأن الزنا دين، وأنه لا بد من استيفائه من عرضه إذا لم يتب، وقل له: أترضى أن يفعل ذلك أحد محارمك؟ ضع نفسك مكان الآخرين وانظر ماذا سيكون شعورك، حاول استغلال هذا الأسلوب قدر الاستطاعة ولو بصورةٍ غير مباشرة.
3- ضع في اعتباره أنه إذا لم يكن لديه استعداد للتغير وترك هذه المعصية فلن يجدي معه أي علاج، فلا بد من أن يقف وقفة محاسبة مع نفسه يحاسب ويراجع فيها نفسه، ولا بد له من أن يتخذ قرار التغيير لسلوكه وأن يكون جاداً في ذلك، فأعنه على اتخاذ قرار التغيير، وضع في يقينه أنه قادر على ذلك وأنه إذا لم يساعد نفسه ولم يكن جاداً في ترك هذه العلاقات المحرمة فلن يكون بمقدور أي أحد أن يُساعده، اجتهد أخي أمجد في ذلك وركز جداً على هذا النقطة؛ لأنها أهم ما في الموضوع، وذكره بقول الحق جل جلاله: {إن الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم} وأنه لا بد أن يقوم باتخاذ القرار الشجاع وهو التوقف عن جميع الاتصالات وقطع جميع العلاقات ولو بتغيير هاتفه وعدم الرد نهائياًَ، أشعره بأنه إذا كان جاداً وصادقاً فلا بد من اتخاذ خطوات عملية مثل قطع الهواتف وإيقاف الاتصالات، وعليك أنت بملء فراغه بالصحبة الصالحين وجلسات الذكر ومجالس العلم والمحاضرات...وغير ذلك من الوسائل الدعوية.
4- علمه أن يدعو الله وأن يلح عليه، وأن يكثر من الدعاء لنفسه بالتوبة والهداية والاستقامة، وادع أنت له كذلك خاصةً بظهر الغيب، وأخبره بأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، ورغم ذلك فلا بد من اتخاذ قرار التغيير لأنه العمدة والأساس.
وختاماً: نسأل الله لك التوفيق في مساعيك ولأخيك التوبة النصوح والعودة الصادقة إلى الله، إنه جواد كريم.(113/78)
والله ولي الهداية والتوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
... أريد طريقة لحفظ القرآن الكريم ... 245346 ...
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا المهندس صلاح طه ياسين أبلغ من العمر 22سنة أود أن أعرض عليكم المشكلة التالية :
إنني حاليا لا أحفظ من القران الكريم إلا بعض قصار السور من جزء (عم) وقد دخلت دورة لتعليم القران الكريم لدى هيئة علماء المسلمين، وإنني الآن بحكم المجاز والدورة على وشك أن تنتهي وإنني أود أن أحفظ القران الكريم، ولدي الرغبة في ذلك، ولكنني كلما وددت أن أبدأ في الحفظ تفتر عزيمتي.
أريد أن تقدموا لي النصيحة وكيف أضع جدول زمني لذلك؟ علما أن قابلية الحفظ لدي جيدة حيث أنني مهندس حاصل على بكالوريوس هندسة كيماوية من جامعة تكريت وقد كنت الأول على كلية الهندسة.
بارك الله فيكم .... ولكم جزيل الشكر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ صلاح حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإننا نحمد الله تعالى، الذي وفقك لهذه النية الحسنة الطيبة، التي جعلتك عازماً على حفظ كتاب الله تعالى، لتصبح مندرجاً في أهل القرآن، وفي حفظة كتاب الله، الذي هو أعظم الحديث وأحسن الحديث، كما قال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء}، فلا ريب أن الهدى كله، والنور هو في كتاب الله تعالى، بحيث أن من قرأ القرآن وعمل بما فيه، فإنه يهتدي في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، كما قال تعالى: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) والحديث أخرجه البخاري في صحيحه، وأخرج أبوداود في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها) ومعنى الحديث أن من يعتني بحفظ القرآن فيحفظه يقال له يوم القيامة ثواباً له اقرأ آيات الله، اصعد في درجات الجنة، فكلما قرأ آية صعد في العلو إلى درجات الجنة العظيمة، فتأمل ـ يا أخي ـ هذا الثواب العظيم، وهذا الشرف الشريف، فإن هذا هو أصل علاج المشكلة التي ذكرت أنك مصاب بها.
فقد ذكرت أنك تعاني من فتور العزيمة كلما أردت الشروع في الحفظ ولا ريب أن لهذا أسباباً وله علاج أيضاً، فأما الأسباب فإنها ترجع في الغالب إلى عدم معرفة(113/79)
الطريقة الصحيحة في الحفظ، مضموماً إلى ذلك عدم الاعتناء بحفظ الأوقات وترتبيها، مع ما قد يحصل للإنسان من مشاغل وصوارف تصرفه عن الدراسة والحفظ، وأيضا فإن للتقصير في طاعة الله درواً عظيماً في ذلك، فينبغي لك أن تحاول التخلص من كل سبب يصرفك من كتاب الله وتحصيله، وأما عن طريقة الحفظ السليم فإنها كالآتي :
1- أن يكون مقدار الحفظ اليومي مقدارا معتدلاً غير كثير، بحيث يصبح القدر المحفوظ قليلاً لكنه متقن وقوي وثابت .
2- أن لا تستعجل في الحفظ، بحيث لا يكون همك هو الانتهاء من الحفظ فقط، بل همك الأعظم هو الإتقان لما تحفظه والضبط له ضبطاً محكماً.
3- أن تكرر المحفوظ تكراراً جيداً، وأن تعتني بمراجعته بعد حفظه، بحيث لا تنتقل إلى نص جديد، إلا وقد أتقنت القديم وهكذا.
4- أن تضبط النص القرآني على بعض العارفين بأحكام التلاوة والتجويد مع ضبط كلمات القرآن، بحيث تحفظ القرآن حفظاً سليماً خالياً من الأخطاء.
5- أن تصبر على الحفظ والتحصيل، فإن الصبر أساس التوفيق بعد التوكل على الله، فالعلم لا يأتي دون صبر، بل تأخذ العلم بالصبر مع الأيام والليالي.
6- وأخيراً : أن تعمل بما قرأت وتعلمت فإن القرآن حجة لك أو عليك، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن العمل بالعلم من أعظم ما يثبته ويجعله راسخاً قوياً، كما يروى عن علي رضي الله عنه أنه قال: (هتف العلم بالعمل، فإن إجابه وإلا ارتحل) .
وفقك الله لما يحب ويرضى، وجعل القرآن ربيع صدرك ونور قلبك.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أعاني من ضعف في ديني وصلاتي بعد ما أصبت بمرض ... 19074 ...
السؤال
لقد كنت أعيش في أسبانيا 8 سنوات بعد ذلك قررنا الرجوع إلى المغرب، عشنا هناك 8 أشهر هناك قسيت أكثر، رأيت امرأة تموت، ورأيت سكرات الموت بعيني بعدها بفترة قصيرة، مرضت ونقلت إلى العناية المركزة 3 أيام في غيبوبة، وبما إن المصاريف كانت كثيرة، أخدني زوجي إلى البيت كي يعملوا لي الرقية بالقرآن عناية من سكرات الموت، كانت حالتي سيئة جدا، والآن أنا رحت أسبانيا أتابع العلاج مع طبيبة نفسانية وأشرب دوائي الفروسينور.
سؤالي هو: أني قبل الحادث كنت متشبثة بديني وصلاتي وكل شيء، أما الآن، فأنا أخجل من نفسي أصلي دون خشوع، كسولة في واجباتي الدينية عكس قبل تماما.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ najlaeabdi حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،(113/80)
فبما أن الطبيبة قد أعطتك دواء لعلاج الحالة النفسية، فهنالك إشارات أن ما حدث لك هو نوع من التفاعل النفسي الذي انتهى بحالةٍ اكتئابية، ويُعرف عن الاكتئاب النفسي أنه يفقد الإنسان الرغبة في أشياء كثيرة، ومنها واجباته الدينية.
نحن نقول أن من سُبل محاربة الاكتئاب الحرص في القيام بالواجبات الدينية، خاصةً الصلاة، والإنسان لا بد أن يجاهد نفسه في أن يكون خاشعاً في صلاته، فمداخل الشيطان كثيرة، ومن أفضل السبل للخشوع وعدم تأخير الصلوات هو ألا يساوم الإنسان نفسه مطلقاً في أمر الصلاة، أي أن يتخذ قراره وينفذ فوراً دون أن يجري حواراً سلبياً مع نفسه، فهذا يعتبر من مداخل الشيطان، أي أن نتذكر الأسس القوية التي يقوم عليها ديننا، وهي أن الصلاة عماد الدين، وأن من تركها فقد هدم الدين، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، هذه الأطر القوية دائماً تغير من تفكير الإنسان بصورة تكون أكثر إيجابية إذا تأمل وتفكر فيها.
طبعاً لا ننسى الجانب الآخر، وهو أن ديننا هو دين الرحمة، وأنه لا حرج على المريض، وأنه اتقوا الله ما استطعتم، هذه سُبل خير ورحمة كثيرة، ولكن يجب ألا تكون مدعاة للتكاسل.
نصيحتي لك أيضاً هي أن تستفيدي من زوجك ومن أهل بيتك في الحث على العبادات والصلوات، ولا مانع أن تصلي بعض الصلوات برفقة الزوج، مثل النوافل مثلاً ...وهكذا ، وعليك الثبات والدعاء بأن تكوني أكثر خشوعاً وطمأنينة وأن تسألي الله القبول.
الاستمرار في الدواء المضاد للحالة النفسية أيضاً سيجعل إن شاء الله منه سبباً لأن يرفع عنك هذه المشاعر السلبية، وأرجو أن أطمئنك أنك ما دمت تخجلين من نفسك فهذا نوعٌ من العتاب، والذي يدل أنك إن شاء الله على طريق الجادة.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. محمد عبد العليم
ـــــــــــــــــــ
... أريد أن أحصل على الخشوع في الصلاة ... 245088
السؤال
أريد أن أخشع في صلاتي، ولكنني غالبا لا أستطيع ذلك، فأشعر أنني لا أفكر في صلاتي.
أرجوكم أخبروني بوسيلة للخشوع في الصلاة.
وجزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإننا بداية نحمد الله جل وعلا، الذي وفقك إلى العناية بدينك، وجعلك من الحريصين عليه خاصة جانب الصلاة، التي هي أعظم الأركان الإيمانية بعد توحيد الله تعالى والإيمان به.(113/81)
وأما عن الخشوع في الصلاة، فقد قال الله تعالى :{قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} فأخبر تعالى أن المؤمنين الخاشعين في صلاتهم هم المفلحون وهم الفائزون برضوان الله وثوابه، ولكي تكون خاشعاً في صلاتك فلابد أن تعلم ما هي حقيقة الخشوع.
وحقيقة الخشوع: أن تكون عند وقوفك في صلاتك مستحضراً أنك واقف بين يدي ربك، وأنك عبده الذليل المفتقر إليه، المضطر لرحمته، ولكي تحقق هذا المعنى فحاول أن تتبع هذه الخطوات:
أولاً: اجتناب المعاصي التي تغضب الله تبارك وتعالى، فإن العمل بما لا يرضي الله هو من أعظم الأسباب التي تبعد الإنسان عن الخشوع والتذلل لله تعالى.
ثانياً: البعد – بحسب الإمكان – عن مجالس اللغو ومجالس الباطل، كما قال تعالى: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون} فنبه تعالى إلى أن اللغو مما يصرف الإنسان عن الخشوع وأن الخاشعين يجتنون اللغو وما لا فائدة فيه من الأقوال والأعمال.
ثالثاً: إحسان الطهارة بأن تحسن الوضوء والتطهر موافقاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: المحافظة على الصلاة في الجماعة في المسجد كلما أمكانك ذلك، فإن لصلاة الجماعة تأثيراً بالغا في حضور القلب وخشوعه.
خامساً: قطع النفس عن الاشتغال بما سوى ذكر الله والصلاة، قبل الدخول في صلاة الفريضة، فإن ذلك يهيئ نفسك ويعودها على الخشوع والتدبر.
سادساً: أداء الصلاة بأركانها وسننها التي نقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم مع انتصاب القامة عند القيام في الصلاة.
سابعاً: تدبر الآيات التي تقرأ سواء في الصلاة الجهرية أو السرية.
ثامناً: الدعاء بأن تسأل الله أن يؤتيك الخشوع، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها).
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ ...
... إنني مقصرة في حق الله.. فما الحل
... 8904 ...
السؤال
أعاني دائما من أنني مقصرة في حق الله، فأنا فتاة متعلمة ومتدينة والحمد لله لكن دائما أشعر بضيق وكأن شيئا ينقصني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المعتصمة بالله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،(113/82)
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فإن الشعور بالتقصير واتهام النفس منطلق لكل خير وهذا هو ما كان عليه السلف كما قال سفيان في يوم عرفة ((اللهم لا تردهم لأجلي)) وهذا الإحساس كان يعينهم – بعد توفيق الله – على إصلاح الخلل.
ولا شك أن الإنسان مهما عمل واجتهد فلن يكافئ نعمة واحدة من نعم الله عليه ولكن فضل الله علينا عظيم ورحمته واسعة سبحانه.
وإذا كان هذا الشعور يدفع لمزيد من الاجتهاد فهذا هو المطلوب فاحرصي على التقرب إلى الله وأكثري من الاستغفار واعلمي أن أهل الخير ((كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون)) ومع ذلك فهم كما وصفهم الله {وبالأسحار هم يستغفرون}، ولعلنا نلاحظ أنهم حرصوا على الاستغفار مع أنهم لم يكونوا أمام الشاشات ولا في أماكن المعاصي والمهرجانات، والمسلم يستغفر حتى بعد العمل الصالح ليجبر النقص ويكسر صنم العجب، والمؤمن يجمع إحساناً وخوفاً بخلاف المنافق الذي يجمع تقصيراً وأمناً، وقد وصف الله الأخيار في كتابه فقال: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون}، فقالت عائشة رضي الله عنها ((يا رسول الله أهم الذين يصلون ويصومون ويسرقون ويزنون)) فقال لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون – ويحرصون على الطاعات ـ ولكنهم مع ذلك يخافون ألا يتقبل منهم.
وأنت ولله الحمد على خير فأكثري من ذكر الله والاستغفار والصلاة والسلام على النبي المختار ورددي دعوة نبي الله يونس عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}.
ونسأل الله أن ينفع بك الإسلام والمسلمين.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... أريد زيادة إيماني والالتزام بلبس الحجاب الكامل ولكني ضعيفة ... 244778 ...
nurilislam
السؤال
أنا فتاة محجبة منذ 3 سنوات، ولكني لا ألتزم باللباس الكامل ولكن لا أرتدي شيئا فاضحا جدا ولكن ليس طويلا جدا، وأريد أن أبعد عن الاختلاط والالتزام بعدم المصافحة، ولكني مترددة وأواجه خوفا شديدا من الله، دلوني على طريق الخير وقووني أرجوكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ nurilislam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إننا نلمس من عباراتك شعور الفتاة المؤمنة المسلمة التي تخشى عذاب ربها، والتي هي مقبلة على خالقها ومولاها.(113/83)
فإنك والحمد لله موقنة بعظمة الله، وجلالة المصيبة التي تحل بالإنسان إن هو عصى الله العظيم الجبار.
وبدايةً فإننا نقول لك: إننا على ثقة عظيمة أنه ليس بينك وبين التمسك بالحجاب الشرعي وبالتمسك بأوامر الله من مجانبة مخالطة الرجال الأجانب ومصافحتهم، ليس بينك وبين ذلك إلا العزيمة القوية، عزيمة الفتاة المؤمنة الطاهرة النقية من أمثالك.
إنك بحاجة أختي الكريمة إلى قرار شجاع، وإن هذا القرار هو الذي سينير لك دربك، وسيفتح لك أبواب الخير والفلاح إن شاء الله تعالى .
إن هذا القرار هو أنك سوف تبذلين جهدك للتمسك بأوامر الله ، وستبذلين موقفك الشجاع في الانتهاء والكف عن كل ما حرم الله، قال الله تعالى: {فاستمسك بالذي أوحى إليك إنك على صراطٍ مستقيم}.
فاستمسكي بأمر الله الذي هو نصيرك والذي يعينك.
إنك بهذا القرار وبهذه العزيمة تستجلبين ليس رضا الله فقط بل وتستجلبين نصرته وتأييده ومعونته، قال تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ..}.
وتأملي كيف يكون هو حالك إذا كان الله العظيم هو الذي معك!! وانظري كيف ستكون قوتك وعزيمتك عندما تستمدينها من رعاية الله وحفظه ونصره !!
إن الأمة كلها، وإن الخلق كلهم، لن يقدروا أن يصلوا إليك بشيء طالما الله هو الذي معك، وطالما عينه هي التي ترعاك وتحفظك، كما قال صلوات الله وسلامه عليه: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) أخرجه أبو داود بإسناد صحيح.
إذن: فالحل واضح وجلي، إنه ليس عليك إلا أن تتوضئي وتصلي لله ركعتين تُعلنين فيهما لربك أنك قد تُبت إليه توبة نصوحاً، ثم ترفعين يديك سائلةً إلهك ومولاك أن يُعينك على الاستقامة على طريقه، وأن ييسر لك أمرك (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري).
وأيضاً أختي الكريمة، إن عليك أن لا تقعي في تخويفٍ من الشيطان، واستسلامٍ لوسواسه وحيله، فلربما صعَّب عليك الشيطان هذا الطريق، كأن يقول لك: كيف سوف تواجهين مجتمعك؟ أو كيف ستمتنعين عن مخالطة الرجال الأجانب في الدراسة أو في الزيارات أو الأفراح؟! أو ماذا ستفعلين لو مد أحد الرجال الأجانب يده ليصافحك، فكيف ستمتنعين وكيف سترفضين؟!! إن عليك أن تقفي موقف الحذر من تخذيل الشيطان وتخوفيه، قال تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أوليائه} أي إنما هذا هو الشيطان يخوفكم من حزبه وجماعته من الفسقة والفجرة، ولذلك قال تعالى بعدها: {فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين} أي يبين الله عدم الخوف من هؤلاء ، وإنما الخشية والخوف له وحده سبحانه، فاخشوني أنا إذا كنتم من المؤمنين الموقنين بقدرتي .
إذن: فلا بد من الانتصار على نزغات الشيطان ووسوسته، وأيضاً على نزغات بني الإنسان الذين ربما قد يقف بعضهم منك موقف التخذيل، بل وربما موقف الاستهزاء والعداوة .(113/84)
وأيضاً فلو تعرضت لموقف من المواقف، فلتكوني واضحة صريحة (أنا لا أُخالط الرجال الأجانب ولا أصافحهم) فإن قيل لك هذا غلط وتعقيد ودين الله يسر، فجوابك هو: هكذا أمرنا الله ورسوله ونحن علينا طاعته . قولي ذلك بكل شجاعة وبكل ثقة بالله تعالى.
وأيضاً، فإن عليك أن تكون صحبتك من الفتيات الملتزمات أمثالك، لا أن ترافقي فتيات غير ملتزمات بدينهن، أو متبرجات مخالفات لأمر الله العظيم، بل إن الخطوة الأهم التي تكون بعد التزامك بحجابك هي أن تكون صحبتك منتقاة، وقد ورد في الحديث: (لا تُصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي)، وقال أيضاً –صلوات الله وسلامه عليه-: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).
وخططي الطريق أمامك، طريق طاعة الله، وطريق البعد عن سخط الله وغضبه، فعليك بلزومها، ولتحذري من مجانبة هذه الطريقة، قال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يُصيبهم عذابٌ أليم }.
وفقك الله لكل هدى، وشرح صدرك وألبسك لباس التقوى، آمين.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أريد أن أتوب إلى الله توبة نصوحا.. فما العمل ... 244777 ...
السؤال
أنا شاب مسلم وقد ارتكبت ذنوبا كثيرة ونحن في رمضان، وأخشى أن تمضي الأيام ويذهب رمضان ولا أتوب، ودائماً أقول أنني سأتوب لكن أرجع في المعصية، أرجوكم، ومشكلتي الكبرى الصلاة أنا تارك للصلاة ودائماً أتعاجز عنها، انصحوني أنا تائه دائم الحزن والهم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد المسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإننا نود أن نسألك هذا السؤال أولاً: ومن هو الذي يمنعك من التوبة؟ إن باب التوبة هو مفتوح أمامك، إن باب رضا الله، وباب الطمأنينة التي تفقدها في قلبك، مفتوح بحمد الله غير مغلق، فماذا تنتظر إذن؟!
إن هذا القلق الذي يصيبك، وإن هذا الهم والحزن الذي يخيفك سببه واضح، ومصدره لا خفاء فيه، إن أردت النجاة وإن أردت الطمأنينة وإن أردت الحياة الطاهرة النقية، العفيفة، النظيفة، فتب إلى ربك، نعم تب إلى ربك الكريم الذي لازال يسترك وأنت تتمادى في معصيته، ولازال يحفظك وأنت تستمر في مخالفته، تأمل حالك مع الله كم من نعمة وهبها إياك؟ وكم من خير منحه لك؟ وكم من مرة تتوب وتنكث توبتك وترجع عنها؟ ومع هذا فهو يحلم عنك ولا يعاجلك بالعقوبة التي ربما قد تقصم ظهرك وليس هذا فحسب، بل هو ينعم عليك، ويسترك ولا يفضحك، ولو شاء لأعمى بصرك، ولو شاء لأقعدك مشلولاً معاقاً بل لو شاء لخطف روحك، وأن متمكن في معصيته، غافل عن ذكره، فكيف تأمن على نفسك – يا أخي – أن يعاجلك الموت؟!(113/85)
فتزهق روحك وأنت على ذنب ترتكبه، ومعصية تنفرد بها، متخفياً من الناس .. ولكنك تحت نظر الله، نعم أنت تحت سمعه وبصره وأنت تحت قهره وقدرته .... فتأمل حالك لو أنك مت – والعياذ بالله – على هذه الحالة .
أما الصلاة .. فمضيعها ومفرط فيها ... وأما طاعة الله فبعيد عنها وأما غضب الله فمتعرض له ... غافل عن قوته وبطشه ..
إذن فلتتدارك نفسك قبل فوات الأوان وقبل ضياع الفرصة، إن باب الرجوع إلى الله هو دواؤك الذي لا دواء بعده، وهو شفاؤك من كل ما تعاني منه، هو شفاؤك من القلق والهم والأرق، هو شفاؤك من ضيق الصدر، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، وقال تعالى: { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين} إن عليك أن تبادر إلى التوبة الخالصة الشاملة إنها التوبة النصوح الذي قال فيها ربك: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم}، إنها التوبة التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له، التائب من الذنب حبيب الرحمن).
فتأمل كيف تصير حبيبا للرحمن بمجرد النية الصادقة على التوبة النصوح، وأيضاً فمن الذي يمنعك من الصلاة، ومن الذي يثقلها على نفسك؟! إنها المعاصي فإن الذنوب تجعل القلب قاسياً فيشعر بثقل الصلاة، ويشعر بثقل من مجالسة الصالحين ومجالس الإيمان، ويخف على النفس حينئذ الغفلة ومجالس اللهو والعصيان، إذن فليكن أعظم همك بعد إعلان توبتك مع ربك هو المحافظة على الصلاة التي هي ركن الدين وعمود الإسلام، والتي من أضاعها أضاع الدين ومن أقامها أقام الدين.
وأيضا فلابد من الرفقة الصالحة، لماذا لا تحاول أن يكون لك رفقة صالحة مؤمنة تعينك على طاعة تعالى وتأخذ بيدك إلى رحاب الخير والإيمان؟ فتصبر صالحاً من أهل الصلاح وأهل الخير ولابد في المقابل من قطع الصلة بأهل العصيان وأهل الغفلة عن الله، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).
وأيضا فلابد من أن تعمل على تقوية إيمانك وتثبيت يقينك، فحاول أن يكون لك مكتبة صوتية إسلامية، فتسمع كل يوم مثلاً شريطاً يذكرك بالله أو أن تقرأ كتباً يعلمك علماً نافعاً يكون لك زاداً على طاعة الله ورضوانه، ويفقهك أيضاًَ في دينك، وأيضا فأنت من أقرب الناس إلى حرم الله، فلماذا لا تقرن توبتك بعمرة قريبة تقف فيها على أعتاب المسجد الحرام في مواقف التائبين، وفي مجالس الراجعين إلى الله؟ ويا ليت ذلك كان حجاً قريباً تعزم عليه، فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا لجنة.
والمقصود أن عليك أن تعود نفسك دوماً على تجديد التوبة ولو وقع من حين إلى حين ذنب أو خطيته، مع ملاحظة القرب من طاعة الله بالأعمال الصالحة، ومع مراعاة الرفقة الطيبة، والبعد عن رفقة السوء.
وختاماً: فإليك هذا النداء – من الله الكريم الرحيم –{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم}.(113/86)
وفقك لكل ما يحب ويرضى، ونور قلبك وشرح صدرك .
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أرغب في زيادة إيماني فماذا أفعل ... 244768 ...
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة أريد أن أقوي إيماني الذي ذهب عني منذ فترة قصيره جدا أغيثوني؟
بارك الله فيكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإننا نحمد الله تعالى الذي وفقك لهذا السؤال كيف تقوين إيمانك؟ ونحن لن نطيل في صياغة الكلام، وتمهيد المقدمات، بل سندخل في الموضوع مباشرة، فنقول بداية:
سلي نفسك لماذا أصابك هذا الضعف في الإيمان؟ ولماذا هزتك هذه الهزة، التي جعلتك تقولين إن إيماني قد ذهب عني منذ فترة قصيرة جداً؟؟
والجواب واضح لا غموض فيه، إنها الذنوب التي تجعل الإنسان محبوساً بقيودها بحيث تحيط بعنقه فتخنقه فيبحث عن إيمانه فيجده قد صار ضعيفاً واهياً، لاسيما إن كانت الذنوب كبيرة من العظائم .. فما هو الحل؟ إنه التوبة العاجلة، إنه التوبة السريعة التي لا تباطؤ فيها ولا تهاون .
إنك حين تتوبين عاجلاً، وترجعين إلى رحاب ربك الكريم الرحيم، لست تنقذين نفسك من غضب الله فحسب، بل إنك تنقذين نفسك أيضاً من شقاء الدنيا وتعاسة القلب، ومن ذلك الهم الذي يظل جاثماً على صدرك فتشعرين أنك مخنوقة مع أنك تتنفسين الهواء بصدرك .
وأيضاً تأملي ماذا يفقده الإنسان عندما يفقد صلته بربه؟ إنه يفقد الطمأنينة التي كان يجدها في قلبه، إنه يفقد السعادة الحقيقة التي كان يحسها في وجدانه، إذن فلابد من تدارك النفس بالتوبة العاجلة.
إن عليك أن لا تستعظمي ذنونك، استعظاماً يجعلك تستصعبين التوبة، فإن الذنب مهما عظم، فانه لا يتعاظم أمام رحمة الله وسعة مغفرته، وهو الذي يقول: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا}.
إذن فلابد من إعادة تقوية الصلة بالله، ولابد من العزيمة في المبادرة إلى طاعة الله، ولقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن العبد المسلم إذا أذنب فقام فصلى ركعتين فتوضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين ثم استغفر الله، أن الله تعالى ، لا بد أن يغفر ذنبه، ويمحو سيئته، فأقبلي على ربك، وصلي فهذا أمر.
الأمر الثاني: يجب عليك أن تنظري إلى الأسباب التي أدت إلى ضعف الدين، فمثلاً إن كانت الأسباب هي الصحبة السيئة من بعض الفتيات – كالصديق في الدراسة(113/87)
مثلا- فعليك أن تبادري إلى تجنب هذه الصحبة، وأن تكوني واضحة جداً في هذا الباب، بحيث تكونين شجاعة في اتخاذ هذا القرار وبكل وضوح .. وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تصاحب
إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي)، وقد قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}، وإن كان الخطأ مثلاً ناتجاً عن معصية بعينها، فلابد من قطعها على الفور، خاصة الأخطاء التي تتعلق بالعلاقات العاطفية ونحوها، وهذا من باب المثال فقط، فإنك لم تبيني في سؤالك الأسباب التي أدت إلى ضعف الإيمان الذي تشعرين به.
وأيضاً فإن العلاقات الاجتماعية، كثيراً ما تؤثر في الإنسان تأثيراً سلبياً، خاصة مع قلة المعين على الطاعة وضعف المساعد على الثبات ولا حول ولا قوة إلا بالله .
والمقصود أنك لا بد لك أن تتأملي في الأٍسباب التي دعت إلى هذا الضعف فتبادري بعلاجها العلاج السليم الذي يؤدي إلى ثباتك على دينك واستقامتك على إيمانك.
وأيضا فلابد أن تشغلي نفسك بطاعة الله فإن النفس البشرية، إن لم تشتغل بالحق، اشتغلت بالباطل لا محالة، فلابد من أن تجعلي لنفسك وقتاً لقراءة صفحات من كتاب ربك، ولابد من المحافظة على الصلوات المفروضة في أوقاتها خاصة صلاة الفجر، فإن الصلاة من أعظم ما يقوي صلة العبد بربه، وأيضاً فلابد لك من أن تبحثي عن الصحبة الطيبة، والرفقة الصالحة بحيث تجدين لك أخوات مؤمنات يعنّك على الثبات على دينك، فإن القرين الصالح هو نعم المعين على طاعة تعالى .
وأخيراً: فإن السعي في تحصيل الزوج المسلم الصالح من أعظم ما يعين على طاعة الله فإن الزوج الصالح قرين الزوجة الصالحة غالباً، فإن كنت غير متزوجة فإن السعي في تحصيل هذا الأمر، ولو عن طريق بعض الأخوات الصالحات بأن تبدي رغبتك في زوج صالح ملتزم، فهذا من أعظم ما يعينك على الثبات على دينك وإيمانك، أما إن كنت متزوجة، فالتعاون مع الزوج ومحاولة إنشاء البيت الصالح من أعظم الجهاد بالنسبة للمرأة المسلمة.
ونحن نود لو أعدت الكتابة إلى قسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية لنتواصل معك ونتعاون على تقوية علاقاتنا بربنا، ونود أيضا لو كتبت إلينا بشيء من التفصيل الذي يعين أكثر على بسط الجواب المناسب .
ونسأله تعالى أن يشرح صدرك وييسر أمرك، وأن يثبتك على دينه.. آمين
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... كيف أطرد الصور الإباحية التي شاهدتها من مخيلتي ... 244617 ...
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
مشكلتي والتي أستحي منها أنني أنا الآن في زيارة لإحدى الدول الأوربية وفيها ومن كثرة الفراغ كنت أدخل إلى المواقع الإباحية عبر التلفاز أو النت، بالرغم من أنني أصلا ملتزمة، ولكن لا أدري لماذا كنت أفعل ذلك!؟(113/88)
وكان ذلك يؤلمني جدا وتبت ثم تبت ثم ثبت، ولكن أنا الآن في رمضان وتلك الصور لا تفارق مخيلتي مع طردها بكل السبل، وأريد أن أعرف كيف أهتدي الهداية الحقة؟ لأنني كنت أظن أنني ملتزمة فوجدت نفسي ضعيفة جدا، أريد أن أكون أقوى.
وجزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تائبه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فبداية فإننا نحمد الله تعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، على ما وفقك إليه من هذه التوبة التي قد وفقك الله تعالى إليها، بل إننا نهنئك على هذه التوبة التي من الله تعالى بها عليك بعد أن وقعت في مصيدة عظيمة من مصايد الشيطان، التي ربما أهلكت كثيراً من الناس، وجعلتهم في ضلال وتيه لا يعلمه إلا الله تعالى .
وأيضاً فإننا كذلك نبشرك فإن ربك الكريم الحليم، الذي قد لطف بك لا يرد عبداً جاءه تائباً نادماً مستغفراً، بل يقبله، وأيضاًَ يستره، بل إنه يبدل سيئاته حسنات، ويزيده من فضله ويضاعف أجره، كما قال تعالى: {إلا من تاب وآمن وعملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً}، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له، التائب من الذنب حبيب الرحمن).
وأما ما ذكرته من أنك ابتليت بهذه المشاهد التي لا تفارق مخيلتك، وأنك تحاولين طردها فلا تستطيعين، فهذه وللأسف، إحدى الآثار التي تتركها هذه الأفلام الخليعة، فإن الإنسان إذا ما رأى مثل هذه المشاهد وخاصة إذا تكرر ذلك منه، فإن هذه الصور تكاد أن تنتقش في ذهنه بحيث يجعلها عدو الله إبليس حاضرة في ذهنه كثيراً جداً، ليوقعه مرةً أخرى في هذه الرذيلة والعياذ بالله تعالى .
ومن المعلوم أن أعداء الله، يتفننون في رسم هذه الصور، وإخراجها لا سيما إن كانت صوراً حية كالأفلام، بحيث يصير الضرر فيها متضاعفاً، والأثر مدمراً، مضموماً إلى ذلك ما يترك ذلك من أثر على الأخلاق في نفس المشاهد لهذه الأفلام المنحطة، بحيث إن من يبتلى بهذه البلية ولا يتوب منها يصبح فاقداً للمروءة عادماً للشرف، يشتهي الحرام ويؤثره على الحلال، بل ربما أدى ذلك إلى وقوعه في بعض الأمراض المعروفة التي هي من جنس عمل قوم لوط، نتيجة لانحراف الفطرة وانعدام الفضيلة.
وهذا الذي ذكرناه هو من أحد الأسباب التي تعينك على التخلص من تذكر هذه الصور والمشاهد، فإنك إن عرفت ضررها على نفسك ودينك وعرضك، أعانك ذلك على تجنبها والبعد عنها.
وأما الخطوات التي ينبغي أن تتبعيها للتخلص من هذه الذكريات البائدة فهي كالأتي :-
أولاً: المحافظة على صدق التوبة وقوتها، وعدم التردد والضعف في ذلك، كما قال تعالى: {فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم}، وقال تعالى: {خذوا ما آتيناكم بقوة..}.(113/89)
ثانياً : دوام التضرع واللجوء إلى الله لجوءاً صادقاً قوياً، بحيث تسألين الله أن يعينك على التخلص من هذه الآثار الباقية، وأن يشرح صدرك، ومن الدعاء الحسن في هذا المقام ما جاء في قوله تعالى: {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري ...}، وأيضاً: اللهم حبب إلينا الإيمان وزينة في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، وهذا دعاء ثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه.
ثالثاً : البعد عن أسباب الفتنة والإثارة، فابذلي وسعك أن تتجنبي الأماكن التي تثير الفتنة وتحرك النفس، وأيضا تجنب الدخول على مواقع شبكة المعلومات (الإنترنت) إلا للضرورة القصوى، مع تجنب مشاهدة البرامج التي ربما تذاع في التلفاز، والتي تحتوي على المحرمات، من الاختلاط والغناء ونحو ذلك من المحرمات والفواحش .
رابعاً : إن كان بمقدورك الرجوع إلى بلدك، بحيث تكونين أكثر تحصناً وأبعد عن مواقع الإثارة والتهييج للشهوات، فهذا هو الواجب، فإن الله جل وعلا أوجب على المؤمن البعد عن أسباب الفتنة والفساد في الدين، وهذا أمر يجمع عليه عند الفقهاء، على الحالة التي وصفنا في كلامنا هذا.
خامساً : أمليء أوقات فراغك بكل ما هو مفيد، وأنت بحمد الله امرأة مسلمة، فليكن لديك وقت ما لسماع شريط إسلامي يرقق قلبك، ويفيدك في دينك، وكذلك كتاب نافع، ككتب السيرة التي تحوي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الرسائل النافعة المسهلة، بل إنك لو قمت بتعلم عمل نافع لك ولو كان دنيوياً، كتعلم الخياطة أو المشاركة في بعض الندوات الإسلامية ونحوها من الأمور التي تعود عليك بالخير في الدنيا والآخرة، فإن ذلك يعينك جداً في هذا الموضوع.
سادساً : حاولي أن يكون لك أخوات صالحات في أي بلاد تكونين فيها، فإن الرفقة الصالحة من أحسن ما يعين على طاعة الله، والثبات على دينه، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعض بعضاً .
سابعاً : إن كنت غير متزوجة فلتحرصي على الزواج برجل مسلم محافظ على دينه، فإن الزواج من أعظم ما يعين على حفظ الفرج وغض البصر، كما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: (فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصيام فانه له وجاء).
وأخيراً: فإننا نوصيك بالتواصل معنا عبر الشبكة الإسلامية، بحيث تعرضين لنا همومك وأفكارك، فنتعاون جميعاً على بذل النصح والمشورة لك أو مع أي مجال آخر كالأمور التعليمية أو الشرعية الفقهية، وفقك الله لما يحب ويرضى، وشرح صدرك ويسر أمرك حيث ما كنت والله تعالى أعلم .
والله ولي التوفيق والسداد!-
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... أريد طرقا لسحب صديقي لطريق الخير ... 244579 ...
السؤال
السلام عليكم والرحمة.(113/90)
إخوتي في الله، أريد طرقا أو أساليب حديثة وشبابية ذكية لسحب صديقي لطريق الخير والصلاح، أنا وصديقي كنا أصحاب 5 أو 6 سنوات, بعد ذلك وبحمد لله وفضله التزمت أنا وتعرفت على أصدقاء خير، ولكن هو خائف من الالتزام، أقابله أنا ولكن أوقاتا معدودة, قبل كان لا يعرف معنى الصلاة، الآن ولله الحمد التزم بالصلاة, لو تكرمتم ـ إخوتي ـ أعينوني وجزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن هذا الحرص الذي تجده في نفسك لهداية صديقك القديم، وهذا الاهتمام بدعوة صديقك هذا إلى الخير، يدل دلالة ظاهرة على أنك بحمد لله صادق في صداقتك، أمين في صحبتك، ويدل أيضاً على توفيق الله لك، فإن الدعوة إلى الله هي من أحسن الأعمال والأقوال كما قال تعالى: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين}.
وأيضاً فإن الظاهر أنك قد نجحت نجاحاً جيداً في دعوة صديقك هذا، بحيث أنه صار مصلياً بعد أن كانت تاركاً للصلاة، ولا ريب أن هذه الخطوة هي أكبر الخطوات وأقواها، فإن أول علامة على هداية العبد، هي إقباله على الصلاة، لا سيما ممن كان تاركاً لها مفرطاً فيها، كحال صاحبك المذكور.
والمقصود أن الأساليب التي يمكن إتباعها مع هذا الصديق ممكنة بل وميسورة، فمن ذلك: حسن المعاملة معه، وحسن التلطف، والرفق في عرض أمور الخير عليه. فمثلاً: يمكنك دعوته إلى منزلك لشرب كوب من الشاي مثلاً بحيث يزداد أنسه بك، ويرى أنك بعد التزامك وهدايتك ما ازددت إلا لطفاً وخيراً وبشاشة وراحة ضمير، فيعينه ذلك على سلوك طريق الهداية، وأيضا فبإمكانك أن تجرب أن تهديه – من حين إلى آخر – بعض الأشرطة الإسلامية النافعة، بحيث تختار له المواضيع التي تذكره بالجنة والنار، والترغيب والترهيب، كما قال تعالى: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}.
ومن الأساليب أيضاًَ، حسن الصحبة بأن تتعاون مع بعض إخوتك في الله، على دعوة هذا الأخ مثلاً إلى رحلة بريئة إلى بعض المنتزهات مع ممارسة بعض الأنشطة الرياضية والترفيهية، بحيث يشعر أن هؤلاء المتدينين الملتزين، هم أناس يعيشون حياة سعيدة طيبة خالية من التعقيد والشقاء كما قد يتوهم أو يظن.
ومن الأساليب أيضا إجراء الحوار الهادئ المتعقل لتصحيح بعض المفاهيم التي لديه، والتي بسببها يخشى الالتزام بالدين، بحيث تبين له أن دين الله هو دين اليسر والتيسير، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الدين يسر)، وأيضاً بأن تبين له أن الله تعالى قد أباح للمؤمنين كل طيب بحيث أن المؤمن يفوز بسعادة الدارين، الدار الآخرة والدار الدنيا، كما قال تعالى: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ...}، وقال الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون}.(113/91)
ومن الأسباب الحسنة اللطيفة المشاركة في المجمعات الشبابية الإسلامية، كالنوادي الصيفية التي تقيمها إدارة الدعوة في قطر، وكالمشاركة في بعض الأنشطة الشبابية التي تقام من حين إلى حين كالمسابقات الدينية والعلمية ونحوها.
ومن ذلك أيضاً محاولة جذبه إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة، ولو من حين إلى حين، فإن الصلاة أعظم ما ينهى العبد عن تعاطي المحرمات وارتكاب الفواحش، كما قال تعالى: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}، مضموماً إلى ذلك ما يتركه المسجد من آثار الخشوع والهداية، فإن بيت الله من أعظم ما يجلب للعبد السكون والطمأنينة، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وما جلس قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشتهم الرحمة ...) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه.
ومن الأسباب العظيمة التي تعينك في هذا الباب سؤال الله تعالى التوفيق في دعوة هذا الأخ، فإن الله – جل وعلا – قادر على أن يلين قبله بحيث ييسر لك الأمور والأساليب الملائمة التي تعينك على تحقيق مرادك .
وختاماً: نسأل الله تعالى أن يعينك على هذا المقصد الطيب النبيل، وأن يجعلك ممن قال فيهم صلوات الله وسلامه عليه: (من دعا إلى هدى كان له أجره وأجر من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً)، والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
... كيف ننزع حب الأغاني من قلوب الشباب ... 244537 ...
السؤال
كيف تكون دعوة الشباب وخاصة من ابتلي بسماع الأغاني؟ وما هي أفضل طريقة لكسب ميولهم وجعلهم يتركون الاستماع؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فكم نحن سعيدين بشباب يحرص على بذل النصح والهداية لإخوانه ويفكر في إنقاذ الغارقين في بحور الشهوات، والحيارى في أودية الشبهات، ونسأل الله أن يكثر في شبابنا من أمثالك.
ولاشك أن الداعية الناجح هو الذي يصل إلى القلوب قبل الآذان، ولن ينجح في ذلك إلا إذا سلك هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والحكمة هي وضع الشيء في نصابه مع مراعاة وقته ومقداره، والداعية الناجح يفهم دعوته، ويعرف أحوال من يدعوهم ويختار الأسلوب الأنسب لدعوتهم.(113/92)
والشباب دائماً يحبون أسلوب الحوار والإقناع ويحبون من يقدرهم ويحترم مشاعرهم ويعيش همومهم، وكان عليه صلاة الله وسلامه يهتم بالشباب ويثني عليهم فكان يقول: "نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل"، ويقول: "نعم أنت يا خريم لولا إرخاء ثوبك"، ولعلنا لاحظنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على الجوانب الإيجابية ثم بنى عليها ونبه على السلبيات بلطف.
ولا يخفى على العاقل الآثار السيئة للغناء وخاصة هذا الغناء الذي يتردد صداه في زماننا لأن فيه دعوة للفحشاء والمنكر بل وفيه مخالفات للعقيدة ودعوة للإشراك بالله كما ثبت ذلك من استعراض كلمات الأغاني، وللشيخ محمد صالح المنجد مؤلف صغير الحجم عظيم الفائدة سماه (كلمات الأغاني في ميزان الشريعة)، ورغم أن الكاتب سكت عن ذكر كل ما يعرف من الشر إلا أن اللبيب تكفيه الإشارة.
ولذلك فإن حرمة الأغاني لا تحتاج لذكر الأدلة، وذلك لأن المخالفة لأحكام الشريعة في الكلمات، فكيف إذا صاحب ذلك المعازف، وأدى الأغنية رجل يتشبه بالنساء أو امرأة عاهرة متبرجة، وكما قال عمر بن عبد العزيز لمؤدب أولاده: "ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الغناء فإنه ينبت النفاق ويذهب المروءة ويتلف الحياء وهو بريد الزنا" أو كما قال رحمه الله، ولله در الإمام مالك عندما قال إنما يفعله عندنا الفساق، فهل يرضى شاب عاقل أن يكون في زمرة هؤلاء.
ونحن ننصحك بما يلي :-
1- لا تنصحهم أثناء سماعهم ولهوهم.
2- تدرج في نصحهم ولا تستعجل النتائج .
3- ابدأ بنصح الأفضل والأقرب إلى الخير.
4- اجتهد في إيجاد البدائل المفيدة والمناسبة.
5- اشغلهم بالقرآن واختر أجمل الأصوات لأحسن القراء.
ولا بأس من اختيار بعض الأناشيد الإسلامية التي فيها دعوة للخير والبر والرجولة.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... أذنبت ذنبا كبيرا فأريد دعاء أدعو به ليغفر الله لي ... 244290 ...
السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي هي أنني ارتكبت معصية كبيرة جدا وأريد أن يغفر الله لي، لذا أطلب منكم أن تعلموني دعاء أقوله ليغفر الله لي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ yasser حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع،(113/93)
ونسأله جل وعلا أن يغفر لك وأن يتوب عليك وأن يتجاوز عن سيئاتك وأن يهديك صراطه المستقيم.
وأما عن رسالتك، فاعلم أخي أن أهم ركن من أركان التوبة هو الإقلاع والتوقف عن هذه المعصية، والندم على فعلها، وعقد العزم على عدم العود إليها، وهذه هي أركان التوبة النصوح، ولو صدقت نيتك لقبل الله توبتك وغفر لك، بل وقد يبدل سيئاتك حسنات بفضله ورحمته، فاجتهد في التوبة وحافظ عليها، فهي وحدها كفيلة بأن يغفر الله لك بسببها، إلا أن هذا لا يمنع من كثرة الاستغفار، وله صيغ كثيرة، أهمها وأقواها ما يعرف بسيد الاستغفار وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، مع الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وثق من أن الله سوف يكرمك ويرضى عنك ويتجاوز عن سيئاتك مادمت على ذلك.
والله الموفق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
... هناك امرأة مسيحية تريد أن تسلم.. فأرجو المساعدة ... 243972 ...
السؤال
سيدة مسيحية تريد أن تدخل الإسلام وأريد المساعدة، أريد رقم تلفون.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ Hicham حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدّر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فكم نحن سعداء بدخول الناس إلى ديننا! وكم نحن فخورين بشبابٍ يحرصن على بذل الهداية وتقديم النموذج الجميل لهذا الإسلام، والمسلم دعاية لهذا الإسلام بأخلاقه وداعيةٌ إلى الله بأقواله وأفعاله وأحواله.
ولا شك أن الدعوة إلى الله هي أشرف المهام، وهي مهنة الأنبياء ووظيفة المصلحين الأتقياء، وبها يكون الفلاح والوفاء لخاتم الأنبياء الذي أمرنا أن نبلغ ولو آية من وحي السماء، ووعدنا على ذلك مثل أجور من أتبعنا من الأصفياء.
وهذه بعض النصائح التي تُعينك على الدعوة إلى الله، وتسهل عليك طريقة التعامل مع القادمين الجدد، وهي كما يلي:
1- الإخلاص لله؛ فإن كلام المخلص يدخل إلى القلوب دون استئذان، كما أن الإخلاص يُعين على الثبات والاستمرار.
2- الدعاء للضالين بالهداية، والإلحاح في التوجه إلى الله الفتاح، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأم أبي هريرة، ولقبيلتي دوس وغفار.(113/94)
3- الإحسان إلى الناس قبل دعوتهم إلى الله وبعد إيمانهم بالله أيضاً؛ فإن الناس جُبلوا على حب من يحسن إليهم.
4- إزالة الشبهات والعوائق والموانع التي تمنع الاستجابة.
5- الثناء على الصفات الجميلة والأخلاق النبيلة والأعمال الجليلة للمدعوين، واتخاذها مدخلاً إلى دعوتهم، كأن تقول لهم: (ما أحسن أن تكمل هذه الأشياء الجميلة بالإيمان بالله).
6- التدرج في الدعوة، والتركيز على المنكرات حسب حجمها وأثرها في إزالة الشرك، وغرس الإيمان مقدم على ما سواه.
7- إظهار الفرح في وجه من يريد الدخول للإسلام، والشكر لله الهادي على نعمة الهداية.
أما بالنسبة لهذه الأخت، فحبذا لو وجدت من الصالحات من تقدم النصح لها؛ لأن في ذلك رفع للحرج عنك وعنها، وفي ذلك حفظٌ لدينك وسمعتك، كما أن الفتاة تأخذ عن أختها الأنثى وتتأثر بها أكثر من غيرها، ولا يخفى عليك أن المؤمن يخشى على نفسه من الفتنة .
وكم نحن مسرورين بشباب يحمل هم الدعوة ويرغب في هداية الناس إلى الدين .
والله ولي الهداية والتوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... سرقت مالا من أبي فكيف أرد ثقته في ... 243875 ...
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
بعد السلام والشكر لجميع القائمين على هذا الموقع وأدعو الله أن يتم عليكم رمضان وأنتم بكل طاعة وخير.
لقد قمت منذ فترة بسرقة المال من والدي وتم كشف الأمر ومنذ ذلك الحين وأنا أفكر في كيفية استعادة ثقة الناس من حولي وخصوصا والدي، علما أنها المرة الأولى والأخيرة إن شاء الله.
أرجو منكم المساعدة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ تائب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فاستغفر الله وتب إليه، وكرر الاعتذار للوالد، وأعلن أمامه ندمك وعزمك على عدم العودة للخطأ.(113/95)
ولا شك أن العودة إلى الله، وحضور الجمع والجماعات من أفضل وسائل غرس الثقة في نفوس الإخوان والأحباب، والناس شهداء الله في أرضه، والعاقل يحرص على رضى الله أولاً، وإذا أصلح الإنسان ما بينه وبين ربه أصلح الله ما بينه وبين خلقه.
واعلم بأن الفلاح لمن صدق في تدينه وأخلص في رجوعه لله، وليس خوفاً من كلام الناس، فإن رضاهم غاية لا تدرك، والعاقل يحرص على رضى الله، وإذا رضي الله عن العبد ألقى له القبول في الأرض، قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم وداً}.
وأرجو أن تجتهد في الاستغفار وطاعة الغفار، والزم طريق المتقين، فإن الله سبحانه {مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}.
وأرجو أن يكون والدك حريصاً على الستر عليك، واستقبالك بالعفو والصفح، كما أرجو أن تكون مثالاً في البر له والإحسان إليه.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... كيف أدعو أقاربي غير المسلمين إلى الإسلام ... 243548 ...
السؤال
كيف أدعو من هو غير مسلم؟ خاصة إذا كان من أقاربي، حيث إن عمي يعيش في أسبانيا ومتزوج من أسبانية كاثوليكية، وابنه وابنته ليستا على ديانة واحدة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ عزيزة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يرزقنا الهدى، وأن يجعلنا سبباً لمن اهتدى..
فشكر الله لك هذه الرغبة في هداية أقاربك، وليت فتياتنا وشبابنا يفكروا بهذه الطريقة ويشعروا بمسؤوليتهم في إبلاغ الإسلام والدعوة إليه.
ولا شك أن نصر الإسلام ونشره يقع على عاتق كل منتسب لهذا الدين الحنيف، وهذا الإحساس هو الذي جعل الصحابة يتركوا مكة والمدينة رغم مضاعفة الأجور فيها ويهاجروا مجاهدين وفاتحين في مشارق الأرض ومغاربها، ولا عجب فإن الدعوة إلى الله هي أشرف المهام، وهي وظيفة الرسل الكرام (ولأن يهدي الله على يديك رجلاً (أو امرأة) خيرٌ لك من حمر النعم) ويقول عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً) وقال تعالى: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين} [فصلت:33]، ولا بد أن نعلم أن الأقارب هم أولى الناس بمعروفنا، ولذلك قال الله لنبيه في بدايات أمر الدعوة: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء:214].
وأرجو أن ننبه إلى خطورة الزواج من كافرات، خاصةً إذا كان الإنسان في بيئة وبلاد الكفار؛ لأنه في هذه الحالة لا يستطيع السيطرة على أبنائه وبناته، فيخرجوا(113/96)
كفاراً والعياذ بالله، لكننا والحالة هذه لا نتوقف عن دعوتهم وعن تكرار المحاولات واستخدام الإقناع والترغيب والترهيب والبر والإحسان، حتى نتمكن من إدخال حب الإسلام إلى نفوسهم، ولا داعي للاستعجال في دعوتهم، مع ضرورة أن نكون إلى جوارهم، وأن نقدم لهم الإحسان والاهتمام، وأن ندعو لهم بالهداية بالليل وندعوهم إلى الله في الليل والنهار، ولا شك أن الأفضل أن تكون الدعوة فردية؛ حتى يسهل الإقناع ونتجنب الشقاق والمجادلة.
والله ولي الهداية والتوفيق,,,
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... ارتكبت ذنبا وتبت إلى الله ولكن خائفة أن لا يسامحني ... 243018 ...
السؤال
أنا غلطت أو ممكن نقول إني ضعفت، وللأسف كانت من الكبائر، لكن أنا أحاول أن أتوب وأصلي وأقرأ القرآن ووعدت ربي أني لن أعملها ثانية، لكن خائفة أنه لا يسامحني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ asmaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدّر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا..وبعد،،،
فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، بل ويفرج بتوبة الإنسان حين يتوب إليه، وما سمى نفسه غفور إلا ليغفر دنوبنا، وقد طمأن المذنبين البائسين فقال سبحانه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} وندب الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، والذين قالوا عزيزٌ ابن الله، والذين قالوا إن الله هو المسيح، فقال سبحانه {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ..} فكيف لا يغفر لك هذه الخطيئة؟!
وأرجو أن تعلمي أن الشيطان تغيظه توبة التائبين، ولذلك يحاول أن يدخل عليهم الحزن ويذكرهم بالماضي، ويُشعرهم أنهم لن يقبلوا حتى ينتكسوا ويرتدوا على أعقابهم.
وقد أحسن الحكيم حين قال:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة *** فلقد علمت بأن عفوك أعظم
أن كان لا يرجوك إلا محسنٌ *** فيمن يلوذُ ويستجير المذنب
مالي إليك وسيلةٌ إلا الرجا *** وعظيم عفوك ثم إني مسلم
وتذكري توبة قاتل المائة نفس، وكيف أن الله قبله مع أنه ما فعل خيراً قط، لكنه جاء تائباً مُقبلاً بقلبه على الله فقبله الله، وأوحى إلى أرض الخير أن تقربي وإلى أرض الشر أن تباعدي، فقاسوا المسافة، فوحدوه أقرب إلى الأرض التي أراد، فأخذته ملائكة الرحمة، وإذا وقع الإنسان في كبيرة فإنه يحتاج إلى توبة نصوح يندم فيها(113/97)
على ما مضى -والندم توبة، ورب معصية أورثت ذلاً وانكساراً خيرٌ من طاعة أورثت ذلاً وافتخاراً- ويعزم فيها على أن لا يعود، ويُسارع بعدها إلى الحسنات الماحية؛ لأن الله يقول : {إن الحسنات يُذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}.
وأن يصدق في رجوعه، ويُخلص في توبته، بحيث تكون لله لا خوفاً على سمعة أو رغبة في مصلحة أو شهرة أو حفاظاً على جاه، فإن الله يقول : { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً} .
ونحن ننصحك بالابتعاد عن أسباب المعصية، وندعوك للبعد عن رفاقها والتخلص من ذكرياتها وآثارها.
وأبشري ما يسرك، فإن الله يقول: {وإني لغفارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} فاستري على نفسك، واجتهدي في عبادة ربك، واعلمي أن بصدق التوبة والإخلاص تبدل السيئات إلى حسنات، قال تعالى: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً}.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... صديقتي لا تصلي ولا تتحجب وتقول هذا بينها وبين الله ... 242947 ...
السؤال
لدي صديقة غير متحجبة ولا تصلي، وأنا أنصحها وهي تقول أن هذه مسألة بينها وبين الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن الصلاة صلةٌ بين العبد وربه تبارك وتعالى، وهي كما قال عمر في رسالته لعمالة: (إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ) وهي العلامة الفارقة بين أهل الإيمان وغيرهم، قال صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وهي الفريضة التي لا تسقط عن المسلم ما دامت به حياة، ولذلك صلى الصحابة وهم في الحروب وهم في جراهم، وهم مرضى، والمسلم يصلي قائماً فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فمستلقياً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
وليس بين الله وبين أحد من عباده نسب إلا التقوى، والصلاة ميزانٌ للأعمال في الدنيا والآخرة، وكان السلف إذا أرادوا أن ينظروا في دين إنسانٍ معين نظروا في صلاته، فإن كان من أهلها المواظبين عليها ظنوا به الخير وأملوا فيه خيراً، والصلاة هي أول ما يُحاسب عليه الإنسان يوم القيامة، فإن صلحت صلح سائر عمله.(113/98)
ولست أدري على أي أساسٍ بنيتِ صداقتك مع فتاةٍ لا تصلّي ولا ترتدي الحجاب؟!
وأرجو أن تعلمي أن كل صداقة ومحبة لا تؤسس على الصلاة والطاعة والتقوى تنقلب في الآخرة إلى عداوة، قال تعالى: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.
ولذا، فأرجو أن تجتهدي في نصحها، فإن لم تستجب فلا بد من فراقها طاعةً لله، واحرصي على مصادقة من تسجد لله وتحرص على طاعته.
والصلاة من شعائر الإسلام وأركانه الظاهرة التي لا يقبل من مسلم ولا مسلمة حتى يؤديها، ولذلك حتى أهل النفاق كانوا يوأدونها -لكنهم كانوا يأتونها وهم كسالى- لأنهم يعلمون أن تارك الصلاة يُقام عليه حكم الله بعد أن يُستتاب، ولم يعرف أهل الإسلام ترك الصلاة إلا بعد فترة الاستعمار البغيض، وقد أحسن من قال:
خسر الذي ترك الصلاة وخابا **** وأبى معاداً صادقاً وماباً
إن كان يجحدها فحسبك أنه *** أضحى بربك كافراً مرتاباً
فالشافعي ومالك رأيا له **** إن لم يتب حد الحسام عقاباً
وقال بلال بن سعد بن أبي وقال رضي الله عنه لأبية في قوله تعالى: { فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون} أهم الذين لا يصلون؟ قال: لا يا بني، لو تركوها لكفروا، ولكنهم الذين يؤخرونها عن وقتها.
وليس هذا العذر مقبول، وأرجو أن تتلطفي في نصحها، وتختاري الوقت المناسب والكلمات الرقيقة، واختاري مكاناً بعيداً عن سمع الناس وأبصارهم، وقدمي لها نصيحة مغلفة بالحب والشفقة، واختاري مدخلاً إلى نفسها، وذلك كأن تقولي لها: أنت مؤدبة ومتعاونة مع الزميلات، وهم يمدحونك، ولكن ما أحوج هذا الوجه الجميل إلى حجابٍ يستره، وما أحوج هذه القلب الطيب إلى إيمانٍ يعمره، وما أحوجك إلى سجود لله الذي تفضل عليك وأنعم عليك.
وأرجو أن يعاونك على نصحها من تحب من زميلاتها ومعلماتها، ولك شكرنا وتقديرنا على اهتمامك، وكثّر الله في فتياتنا من أمثالك.
نسأل الله لنا ولكم الهداية والثبات حتى الممات.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... صديقتي لا تستطيع أداء الصلاة فكيف أساعدها ... 242703 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب من عائلة ملتزمة بالدين والحمد لله، بالنسبة لي ضللت عن الطريق لفترة ولكن استدركت هذا الأمر وعدت إلى طريق الرحمة الإلهية، ما أنا فيه هو أني أطلب ما يرشدني على الثبات على الدين هذا أولا، وثانيا أريد أن أطلب العلم في الدين فمن أين أبدأ؟ علما أني موظف ومتزوج.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ابن الرافدين حفظه الله.(113/99)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يتقبل توبتك، وأن يبصرك بالحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن ييسر لك من يُعينك على أمر دينك وطلب العلم الشرعي.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإني أحمد الله أن شرح صدرك للعودة إليه والبحث عن طريق النجاة، ومما لاشك فيه أن التربية لها دورها الفعال والمؤثر في حياة أي إنسان، ولذلك رغم أنك ضللت الطريق لفترة إلا أنه كان لديك داعي الإيمان ما زال مُستيقظاً، ولذلك مع أول فرصة ردك الله بفضله ورحمته إلى طاعته، ونسأله تعالى أن يزيدك إيماناً وتقىً وهدىً وصلاحاً واستقامة.
وأما عن النقطة الأولى في رسالتك، فإنه وكما لا يخفي عليك أن الأخذ بالأسباب جزءٌ رئيس في عبادة التوكل على الله جل جلاله، لذا يلزمك ما يلي:
1- البحث عن صحبة صالحة على عقيدة صحيحة وسلوك إسلامي منضبط تقضي معها وقت فراغك، وتكون عوناً لك على طاعة الله وإقامة شعائره.
2- المحافظة على الصلاة جماعة مع المسلمين، وعدم التهاون في ذلك.
3- المواظبة على قراءة ورد قرآن يومي لا يقل عن جزء يومياً قدر استطاعتك.
4- هجر المعاصي صغيرها وكبيرها، وعدم مجالسة من يذكرك بماضيك.
5- زيارة المقابر بين الحين والآخر، وتذكر المصير الذي ستؤول إليه جميعاً.
6- عيادة المرضى في المستشفيات، خاصةً الحالات الحرجة لترى مدى نعمة الله عليك.
7- المحافظة على أذكار الصباح والمساء، مع الإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بنية أن يهديك الله للحق ويثبتك عليه.
وأما عن النقطة الثانية فجوابها كالتالي:
1- ابحث عن عالم أو داعية من المشهود لهم بالعقيدة الصحيحة والفهم السليم والبعد عن الغلو والتطرف أو الإفراط والتفريط.
2- ابدأ أولاً بالعقيدة، وركز على ذلك؛ حتى تتعرف على الله كما أراد سبحانه.
3- عليك بدراسة شيء من الفقه مبسطاً، وليكن على أحد المذاهب عن طريق المشايخ أو طلبة العلم المتوفرين لديكم، أو من كتاب مثل فقه السنة للسيد سابق.
4- لا تنس علم الأخلاق والزهد والرقائق، فإنه مهمٌ لكل مسلم يريد النجاة، وعليك بكتاب مثل البحر الرائق للشيخ أحمد فريد، أو مختصر منهاج القاصدين للإمام ابن قدامة أو غيرهما .
5- بمقدورك الدخول إلى المواقع السلفية التي تعرض عقيدة وفقه ومنهج السلف للتزود من هذه الوسيلة السهلة بين الحين والآخر، المهم أن يكون الموقع موثوقاً حتى لا تدخل نفسك في متاهات الخلافات.(113/100)
6- اعمل في بيتك حلقة تعليم مصغّرة ولو مرة أو مرتين أسبوعياً أنت وزوجتك تقرءوا فيها كتاب مثل رياض الصالحين بالتسلسل أو شيء من السيرة النبوية أو علم الأخلاق، وهذه كتب سهلة لا تحتاج إلى معلم أو شيخ غالباً.
7- إذا أشكل عليك فهم مسألة من المسائل أو باب من أبواب العلم، فاسأل أهل العلم الثقات لديكم، ولا تجتهد أنت بنفسك حتى لا تقع في القول على الله بغير علم.
8- أكثر من الدعاء أن يتقبل الله توبتك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يتوفاك مسلماً صادق الإيمان صحيح العقيدة.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد!
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
... أريد نصائح تثبتني على الإيمان وكيف أبدأ طلب العلم ... 242589 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب من عائلة ملتزمة بالدين والحمد لله، بالنسبة لي ضللت عن الطريق لفترة ولكن استدركت هذا الأمر وعدت إلى طريق الرحمة الإلهية، ما أنا فيه هو أني أطلب ما يرشدني على الثبات على الدين هذا أولا، وثانيا أريد أن أطلب العلم في الدين فمن أين أبدأ؟ علما أني موظف ومتزوج.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ابن الرافدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يتقبل توبتك، وأن يبصرك بالحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن ييسر لك من يُعينك على أمر دينك وطلب العلم الشرعي.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإني أحمد الله أن شرح صدرك للعودة إليه والبحث عن طريق النجاة، ومما لاشك فيه أن التربية لها دورها الفعال والمؤثر في حياة أي إنسان، ولذلك رغم أنك ضللت الطريق لفترة إلا أنه كان لديك داعي الإيمان ما زال مُستيقظاً، ولذلك مع أول فرصة ردك الله بفضله ورحمته إلى طاعته، ونسأله تعالى أن يزيدك إيماناً وتقىً وهدىً وصلاحاً واستقامة.
وأما عن النقطة الأولى في رسالتك، فإنه وكما لا يخفي عليك أن الأخذ بالأسباب جزءٌ رئيس في عبادة التوكل على الله جل جلاله، لذا يلزمك ما يلي:
1- البحث عن صحبة صالحة على عقيدة صحيحة وسلوك إسلامي منضبط تقضي معها وقت فراغك، وتكون عوناً لك على طاعة الله وإقامة شعائره.
2- المحافظة على الصلاة جماعة مع المسلمين، وعدم التهاون في ذلك.
3- المواظبة على قراءة ورد قرآن يومي لا يقل عن جزء يومياً قدر استطاعتك.(113/101)
4- هجر المعاصي صغيرها وكبيرها، وعدم مجالسة من يذكرك بماضيك.
5- زيارة المقابر بين الحين والآخر، وتذكر المصير الذي ستؤول إليه جميعاً.
6- عيادة المرضى في المستشفيات، خاصةً الحالات الحرجة لترى مدى نعمة الله عليك.
7- المحافظة على أذكار الصباح والمساء، مع الإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بنية أن يهديك الله للحق ويثبتك عليه.
وأما عن النقطة الثانية فجوابها كالتالي:
1- ابحث عن عالم أو داعية من المشهود لهم بالعقيدة الصحيحة والفهم السليم والبعد عن الغلو والتطرف أو الإفراط والتفريط.
2- ابدأ أولاً بالعقيدة، وركز على ذلك؛ حتى تتعرف على الله كما أراد سبحانه.
3- عليك بدراسة شيء من الفقه مبسطاً، وليكن على أحد المذاهب عن طريق المشايخ أو طلبة العلم المتوفرين لديكم، أو من كتاب مثل فقه السنة للسيد سابق.
4- لا تنس علم الأخلاق والزهد والرقائق، فإنه مهمٌ لكل مسلم يريد النجاة، وعليك بكتاب مثل البحر الرائق للشيخ أحمد فريد، أو مختصر منهاج القاصدين للإمام ابن قدامة أو غيرهما .
5- بمقدورك الدخول إلى المواقع السلفية التي تعرض عقيدة وفقه ومنهج السلف للتزود من هذه الوسيلة السهلة بين الحين والآخر، المهم أن يكون الموقع موثوقاً حتى لا تدخل نفسك في متاهات الخلافات.
6- اعمل في بيتك حلقة تعليم مصغّرة ولو مرة أو مرتين أسبوعياً أنت وزوجتك تقرءوا فيها كتاب مثل رياض الصالحين بالتسلسل أو شيء من السيرة النبوية أو علم الأخلاق، وهذه كتب سهلة لا تحتاج إلى معلم أو شيخ غالباً.
7- إذا أشكل عليك فهم مسألة من المسائل أو باب من أبواب العلم، فاسأل أهل العلم الثقات لديكم، ولا تجتهد أنت بنفسك حتى لا تقع في القول على الله بغير علم.
8- أكثر من الدعاء أن يتقبل الله توبتك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يتوفاك مسلماً صادق الإيمان صحيح العقيدة.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد!
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
... لا أستطيع أن أركز وأخشع في الصلاة.. فما الحل ... 242450 ...
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت أسأل عن سبب عدم تركيزي في الصلاة، فأنا كنت ـ والحمد لله ـ أصلي في الجامع دائماً، ولكن للأسف أصبحت من حوالي 5 سنوات لا أصلي في الجامع، والحمد لله رجعت ثانية إلى الصلاة من حوالي سنة في الجامع، وأيضاً أصبحت أصلي الفجر دائماً، وأحياناً أقيم الليل وأقرأ القرآن تقريباً يومياً.(113/102)
والمشكلة هي عدم تركيزي في صلاتي؛ فيجب أن أقرأ السورة مرتين أو ثلاث مرات حتى أركز فيها وأفهم معناها, ولكن الحمد لله أحيانا كثيرة أركز في ما يقوله الإمام، وأحيانا أسرح مع أنني لا أشغل تفكيري بأي شيء في صلاتي، وأيضا أنا كنت في السابق أتلذذ بقربي إلى الله، ولكن الآن أحس للأسف وكأني أعمل تمرينات رياضية وليس أكثر، مع أنني لا أعمل أي شيء آخر مثل النظر إلى الأعلى والالتفات يمينا وشمالا وطقطقة الأصابع، فأرجو مساعدتي لأن هذه المشكلة هي أكبر مشكلة لدي في حياتي، وهي عدم تركيزي في الصلاة وعدم الإحساس بتقربي إلى الله سبحانه وتعالى.
وجزاكم الله كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يثبتك ويسدد خطاك، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.. وبعد،،،
فإن المواظبة على الصلاة في جماعة يُعين على الخشوع، كما وأن المداومة على الصلاة هي أهم وسائل الخشوع فيها، ولذلك قال تعالى: {قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون}[المؤمنون:1، 2]، ثم عدد سبحانه خصال المؤمنين ، حتى قال سبحانه: {والذين هم على صلواتهم يحافظون}[المؤمنون:9] كما أن الإنسان قد لا يرزق الخشوع إلا بعد مجاهدة واجتهاد واستعانة بالله رب العباد، ونحن نشكرك على اهتمامك بأمر الخشوع، وهذا دليلٌ على أن فيك خير كثير، نسأل الله أن يديمه ويزيده، كما أن الاهتمام بأمر الخشوع هو أهم وسائل الحصول عليه، وهو كذلك أول الدرجات في سلم الخشوع الذي هو روح الصلاة، فإن الصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح، وإنما يتفاوت الناس في ثواب صلاتهم بمقدار ما فيها من الخشوع، ويكون بين المصلي وبين من يقف إلى جواره كما بين السماء والأرض تفاوت ما بينهم من الخشوع والحضور في الصلاة، والخشوع المطلوب يبدأ في القلب ثم تظهر آثاره على الجوارح، ولكن خشوع النفاق هو أن ترى الجسد خاشعاً والقلب يهيم في أودية الدنيا.
ولا بد أن نعرف أن عدونا الشيطان يجتهد في صرفنا عن الصلاة، فإن عجز عن ذلك وأصر المؤمن على المواظبة على الصلاة دخل عليه العدو من طرقٍ أخرى، فربما جاءه من باب الرياء وطلب منه إطالة الصلاة؛ لأن الناس ينظرون إليه، وذلك والعياذ بالله شرك السرائر، وإما أن يدخل عليه بالوساوس ليذهب خشوعه فيقول له: اذكر كذا وكذا.
والمؤمن لا يستسلم لهذا العدو؛ لأنه يعرف أن كيده ضعيف، فيظل في جهاد مستمر من أجل الخشوع، وهذا يؤجر على جهاده للشيطان وعلى خشوعه للرحمن، فإذا كنت أحياناً تخشع وتركز فهذه نعمة من الله فاشكره عليها واسأله المزيد، واعلم أن(113/103)
الخشوع الكامل ينال بعد توفيق الله بطول المجاهدة وكثرة الإصرار عليه، واتخاذ الأسباب المعينة، وهي كما يلي:
أولاً: الأسباب التي تكون خارج الصلاة:
1- الحضور للصلاة من مجلس طاعة لله وليس من أمام الشاشات أو من صحبة أهل الشر والفساد والغفلات.
2- الاستعداد للصلاة قبل حضور وقتها.
3- قضاء حاجات النفس الملحة كالذهاب للحمام وأكل الطعام، فلا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان.
4- اتخاذ ملابس للصلاة تتميز بالنظافة والسعة والعطر.
5- متابعة المؤذن وترديد الأذان بتركيز وتدبر، وخاصة عند قولنا: لا حول ولا قوة إلا بالله.
6- استحضار مغفرة الذنوب مع قطر الماء، وقول كلمة التوحيد عقب الوضوء لتكتمل طهارة الظاهر بالماء والباطن بالتوحيد.
7- الذهاب للمسجد بسكينةٍ ووقار، والوقار هو عدم الالتفات؛ لأن حفظ البصر من أهم الأسباب التي تُعين على الخشوع.
8- المواظبة على أذكار الخروج من المنزل وذكر الدخول إلى المسجد.
9- الاشتغال بالصلاة أو الدعاء أو قراءة القرآن حتى يحين وقت الصلاة، وعدم مس السجاد أو فرقعة الأصابع أو الالتفات بمنةً ويسرة، أو الحديث بكلام الدنيا.
ثانياً: الأمور التي تُعين على الخشوع في داخل الصلاة:
1- الحرص على الصف الأول؛ حتى لا تشتغل بالنظر إلى أظهر وثياب المصلين، وإزالة التصاوير والكتابة، وكل ما يشغل، والنظر إلى موضع السجود.
2- تسوية الصفوف وسد الفرج التي يتسل من خلالها الشيطان.
3- استحضار عظمة من نقف بين يديه.
4- فهم معنى التكبير، واليقين بأن كل ما في الدنيا صغير وحقير.
5- متابعة القراءة إذا كانت الصلاة جهرية.
6- فهم دعاء الاستفتاح، واستحضار عظمة الله عند التعوذ من الشيطان الحقير.
7- الاشتغال بالتلاوة والذكر والتسبيح، وعدم ترك فراغ في الصلاة، مع ضرورة أن تكون القراءة في مواضعها، وكذلك التسبيح والأذكار لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
8- الحرص على متابعة الإمام، وعدم مساواته أو سبقه أو التأخر عليه.
9- الاجتهاد في مجاهدة الشيطان، أو العودة للصلاة بسرعة كلما أخرجك منها، والاستفادة من تكبيرات الانتقال في العودة إلى رحاب الصلاة.
أما بالنسبة لتكرار قراءة السور، فالأفضل عدم الاعتياد عليه، ومعاندة الشيطان حتى لا يتحول ذلك إلى نوع من الوسواس.
وقبل كل ذلك وبعده لا بد من الدعاء والتوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، واحرص على الإخلاص له وتقواه، وابتعد عن معاصيه، فإن الإنسان يحرم لذة العبادة بعصيانه لله.(113/104)
وأبشر فأنت بإذن الله على خير، فجدد العزم، وواظب على صلاة الجماعة، واختار لنفسك أصدقاء يذكرونك بالله ويعينوك على طاعته.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... كيف أتخلص من صفة الحسد والغيرة المسيطرة على حياتي ... 242313 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو التكرم بإفادتي حول الوسائل التي تساعد على القضاء على صفة الحسد والغيرة الشديدة من غيري، حيث ابتليت بهذه الصفة حتى إنني أحيانا أفكر بكل الطرق للكيد لمن أحسدهم أو أشعر بالغيرة منهم! فهل هذه بسبب فشل في جوانب من حياتي؟
رغم أنني إنسان محافظ على الصلاة وكافة الفروض، ولكن أشعر بتأنيب الضمير وأستغفر الله من تلك الصفات، والتي تعشرني بالذنب بسبب أنني أشعر بالضيق وتعب الأعصاب من تلك العادات السيئة، فكيف يمكن التخلص منها وأعمل على مساعدة الآخرين وأحب الخير لهم وأفرح للخير عندما يصيب أي مسلم؛ فتتغير حياتي ونفسيتي؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وحيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرّنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يرزقك قلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً، وعافيةً في دينك ودنياك.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن ما ذكرته من قبل نفسك لحسد الآخرين وغيرتك منهم وتمنيك زوال نعمتهم، وتفكيرك في الكيد لهم، فهذا كله فعلاً من علامات الحسد المذموم الذي يأثم صاحبه ويدفع ثمنه غالياً في الدنيا والآخرة من صحته وأعصابه ونفسيته واستقراره، وفوق ذلك من حسناته، حيث أخبر صلى الله عليه وسلم: (إن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) إلا أن شعورك بخطورة هذه المعصية، وحرصك على التخلص منها، وبحثك عن الأسباب المعينة على ذلك، كل ذلك علامة خير، وأن طاعتك لله ومحافظتك على الصلاة قد تركت أثرها على حياتك، بل هي بلا شك قد قللت من آثار تلك المعصية الخطيرة والمدمرة، بصرف النظر عن سبب وجودها فيك، وهل هو فشلك في بعض جوانب حياتك أم غير ذلك؟ المهم حرصك على التخلص منها، وهذا يُعتبر في حد ذاته علامة خير ومؤشر إيمان سيساعدك وبلا شك على التخلص من تلك الآفة المدمرة، وأنا واثق من أنك ستحقق ما تصبو عليه ما دمت تملك الإرادة الصادقة والجادة في التخلص، وسوف أذكرك ببعض النقاط المعينة والمساعدة لك على ذلك، وهي كالتالي:(113/105)
1- الدعاء والإلحاح على الله أن يعافيك من هذا الداء .
2- التقوى والصبر.
3- القيام بحق من تحسده؛ وذلك بأن لا تعتدي عليه، ولا تعين على ظلمه، واجتهد في أنه إذا ذمه أحد أو نال منه أمامك ألا توافقه على ذلك، بل اذكر محامده ومحاسنه، ودافع عنه ما استطعت بما تعلم عنه من الحق.
4- عدم البغض والكراهية له؛ لما في الحديث (إذا حسدت فلا تبغض).
5- أن تعلم بأن الحسد ضررٌ عليك في الدين والدنيا، وأن منفعته للمحسود في الدين والدنيا، فلا ضرر به على المحسود لا في الدنيا ولا في الآخرة بل يستفيد من ذلك.
6- إفشاء السلام، خاصةً مع من تشعر بحسده؛ لما في الحديث (أفشوا السلام بينكم).
7- القناعة بعطاء الله، كما قال بعض الحكماء: (من رضي بقضاء الله لم يسخطه أحد، ومن قنع بعطائه لم يدخله حسد فيكون راضياً عن ربه).
8- أن تتصور نفور الناس منك وبعدهم عنك إذا علموا عنك هذه الصفة، فتخاف على نفسك من عداوتهم، أو على عرضك ملامتهم؛ وذلك بمعالجة نفسك .
9- الاستسلام للمقدور، واليقين بأن الحسد تمرد على قضاء الله وقدره.
10- البحث عن أسباب الحسد وقمعها في نفسك حتى تنتهي.
11- أن تكره بقلبك حب زوال النعمة عن غيرك، كأنك تمقت نفسك وتعاقبها.
12- أن تعلم أضرار الحسد عليك في الآخرة، بأنك بذلك تكون معترضاً على أقدار الله، وأن الحاسد متشبه بالكافرين، وأنه جندي من جنود إبليس.
13- أن تعلم ضرر الحسد عليك كذلك في الدنيا، بأن تظل دائماًَ في الهم والحزن.
14- أن تعلّم نفسك وتقنعها بأنه مهما كانت قوة حسدك فإنك لا تستطيع أن تُزيل النعمة عن المحسود إلا بأمر الله وبإرادته وحده.
15- الإكثار من قراءة القرآن وتدبره، والاستغفار والتوب.
16- وأخيراً: أن تتذكر بأن الذي تحسده إنما هو أخوك المسلم الذي أمرك الله بحبه ونصحه والإخلاص له وليس يهودياً ولا نصرانياً ولا مجوسياً، ويمكنك أخي الاطلاع والمزيد على كتاب قوت القلوب لأبي طالب المكي وغيره.
نسأل الله أن يعافيك، وأن يصرف عنك هذا السوء، إنه جوادٌ كريم.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
... كيف أستطيع أن أجعل شخصا يعتنق الإسلام ... 242149 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد المساعدة في إدخال شخص إلى الإسلام، وهو لا يؤمن بالديانة المسيحية، مع أنها ديانته الأصلية، وهو متطلع إلى التفكير في الاتجاه الصحيح، حيث كان الحوار ـ مثلا ـ على كيف يسجدون للبابا وهو إنسان مثلهم!؟ ومن هنا وجدت الاستعداد لديها، وأريد بعض المساعدة كي أتمكن من الكلام معها على النحو الصحيح، لذا أرجو منكم مساعدتي في ذلك.(113/106)
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام محمود حامد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك وأن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة، وأن يوفقك في هداية هذه الأخت، وأن يشرح صدرها للإسلام.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإن ما تقوم به من دعوة هذه الأخت وتبصيرها بالحق هو الواجب عليك كمسلم يحب الله ورسوله، ولك أن تنظر مثلاً في سيرة رجل كأبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي كان سببًا في دخول خمسة من العشرة المبشرين بالجنة في أيام إسلامه الأولى؛ لأنه فهم أن الدعوة ليست خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وحده، وإنما هي واجب المسلمين جميعًا، فانطلق في الدعوة منذ اللحظات الأولى لإسلامه، مما كان سببًا في دخول كثير من الصحابة في الإسلام، فاحمد الله أن وفقك للحق ولحمل رسالة الدعوة إلى غيرك من المسلمين وغيرهم.
واعلم أن أهم شيء في إيصال الدعوة وإقناع الناس بها هو التزامك أنت في خاصة نفسك بالإسلام الحق، لأن الدعوة بالقدوة هي أبلغ وأقوى وسائل الإقناع فأوصيك ونفسي بالحرص على ذلك والالتزام به.
وأما عن دعوة الأخت للإسلام وإقناعها به فإنه يحتاج بجوار السلوك الحسن والقدوة الصالحة إلى علم شرعي، وهذا متوفر في مصر وبكثرة من فضل الله، ويمكنك أن تتوجه لأي مكتبة إسلامية من المكتبات الكبيرة لتسأل عن كتب الشيخ أحمد ديدات أو كتاب: كيف تدعو نصرانيًا إلى الإسلام، أو غير ذلك من الكتب المحققة، ويمكنك الاستعانة ببعض الدعاة المعتدلين الفاهمين ليدلوك على الكتب أو الأشرطة المناسبة أو ليحضروا معك جلسات الحوار والإقناع، وليكن ذلك في هدوء وبدون لفت نظر لأحد؛ لأن هذه المسألة حساسة وتحتاج إلى نوع من الهدوء الشديد والمعالجة بالحكمة وعدم الفرح بإظهار ذلك، ثم تفاجأ بوقوف تيار معارض في وجهك ووجهها، مما يجعل الأمر مستحيلاً، وليس المهم إشهار الإسلام رسميًا ولكن أهم شيء أن تقتنع بالإسلام وأن تمارس عمليا حتى ولو لم تشهر إسلامها في الوقت الحالي.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق في دعوتها ولها بالهداية وشرح الصدر للحق الذي لا حق سواه.
والله الموفق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
... خادمتنا تريد أن تسلم ولكن أهلها هددوها بالمقاطعة ... 242003 ...
السؤال
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:(113/107)
فلدينا خادمة تريد أن تدخل الإسلام، ولكن أهلها في الهند يهددونها بأنهم سيتبروؤن منها إذا أسلمت، وهي كبيرة في السن في منتصف الأربعينات تقريبا، وموجودة في البيت عندنا منذ ولادتي حتى هذا اليوم، وهي التي ربتني في صغري، وهي متزوجة ولديها 5 أولاد.
وبعد أن سمعت رأي أهلها ترددت ولكني فهمتها أن الدين هو أهم شيء لدى الإنسان وأن أهلها لن ينفعوها بعد مماتها، ولكنها تفكر إذا كبرت في السن ما ستعمل؟ وأين ستهذب وتعيش أي إذا تبروؤا منها أهلها؟ ومن سيهتم بها في كبرها؟ ولكنها في نفسها تريد أن تدخل الإسلام ولكن أمامها معوقات ألا وهي معارضة أهلها.
وقلت لها أن لا إكراه في دخول ديننا، راجعي نفسك، وفهمتها أن مات كافرا مصيره إلى النار، بماذا تنصحونني في مثل هذه المسألة؟ وهل هناك حل إذا كبرت وتبروؤا منها أهلها لمكان معيشتها؟
وجزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ أبو عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يهدينا جميعاً، وأن يجعلنا سبباً لمن اهتدى، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.. وبعد،،،
فكم نحن فخورين ومسرورين بشبابنا الحريصين على هداية الناس!! وهكذا ينبغي أن يكون المسلم الذي تذوق حلاوة الإيمان، وسعد بالسجود للرحمن، فلا يليق بالمسلم أن يبخل بالهداية ويُقصر في نشر الرسالة؛ لأن في ذلك خيانة للأمانة، وليت كل مسلم يفكر في هداية من حوله من الناس، وخاصة هؤلاء الذين دفعت بهم الحاجة إلى المجيء إلى ديارنا، وهم يحتاجون إلينا ويطيعون أمرنا، ومع ذلك قصَّرنا في تقديم الهداية لهم، مع أنه كان من الواجب أن نُسافر إلى ديارهم لنبلغهم رسالة الإسلام.
ولا شك أن المسلمين الجدد يواجهون مشاكل مع أسرهم، وربما في عملهم وحياتهم، وهنا يأتي دورنا نحن في المؤاخاة والمناصرة، والاجتهاد في تعليمهم؛ حتى يتمكن الإيمان في قلوبهم، ويشعروا بوقوفنا معهم.
وأرجو أن تعرف هذه الأخت أن أهلها لا يملكون لها ضراً ولا نفعاً، وإذا تمسكت بدينها فإن أهلها سوف يتابعونها ويدخلون في الإسلام، وذلك لأنهم محتاجون لما في يدها من أموال، ومن الضروري أن تصبر عليهم وتُعاملهم بالحسنى حتى يعرفوا أن الإسلام هو دين الرحمة والوفاء.
ونحن من جانبنا ننصحكم بما يلي:
1- الإخلاص في دعوتها إلى الله.
2- الحرص على تعليمها العلم الشرعي وخاصة أمور العقيدة.
3- الفرح بإسلامها، وإكرامها، وزيادة راتبها، وإشعارها بأخوة الإسلام.
4- تعويضها عن قسوة أهلها والوقوف إلى جوارها.(113/108)
5- ربطها بمراكز الدعوة الخاصة بالجاليات، وهناك سوف تجد من يشجعها على الثبات، ويبين لها طرق التعامل مع أهلها إذا لم يدخلوا الإسلام.
والله ولي الهداية والتوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... مشكلتي الأساسية أن صلاتي غير منتظمة وليست متواصلة ... 241979 ...
السؤال
أريد أن أكون في صلاتي مواظبة، لكن لا أستطيع المواظبة، كيف أتمكّن من أدائي فريضة الصلاة بصورة منظّمة وأكون قد أرضيت الله عزّ وجلّ بصورة صحيحة؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ رحمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا ويُعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
فإن هذا السؤال يدل على أن لك نفساً لوامة تلومك على التقصير في عبادة الله، وهذا مفتاحٌ للخير، وشعور إيجابي لا بد من تنميته والاستجابة له، وهو دليلٌ على بذرة الخير في نفسك، والمؤمنة تحاسب نفسها وتراجع طاعتها لله، وكما قال الحسن البصري: (المؤمن أشد محاسبة لنفسه من الشريك الشحيح لشريكه).
ولا شك أن المواظبة على الصلاة هو عنوان الفلاح في الدنيا والآخرة، وقد صف الله الأخيار بأنهم {على صلاتهم دائمون}، ووضْعهم بأنهم: {على صلواتهم يحافظون} وقال سبحانه: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} وقد كتب عمر رضي عنه إلى الولاة على الأقاليم بخصوص المحافظة على الصلاة فقال: (إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع) وقد جاء في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاةً يوم القيامة، وحُشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف) وهؤلاء هم أئمة الكفر والضلال والعياذ بالله، وقد علّق الإمام ابن القيم على هذا الحديث بقوله: (فمن شغلته عن الصلاة رياسته حشر مع فرعون، ومن شغلته عن الصلاة وزارته حُشر مع هامان، ومن شغلته عن الصلاة أمواله حُشر مع قارون، ومن شغلته عن الصلاة إدارة تجارته وأعمال حُشر مع أبي بن خلف).
وقد أعد الله لمن لا ينتظم في الصلاة وادٍ في جنهم وعذاب شديد، فقال سبحانه: {فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون} قال ابن عباس: (تلك صلاة المنافق يجلس يرقب قرص الشمس ثم يصلي أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً )، وقال بلال بن سعد رضي الله عنهم لأبيه : (يا أبتاة أهم الذين لا يُصلون؟ فقال: يا بُني لو تركوها لكفروا، ولكنهم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها)، قال سبحانه: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً }.(113/109)