برقيات عاجلة إلى الزوجين
د. عبد الرحمن بن عايد العايد
وهي موجهة إلى الزوج المعدد، وإلى الزوجة المعدد عليها:
1- برقيات موجهة إلى الزوج:
- أيها الأخ الكريم: اتق الله - تعالى -وسر على نهجه في أمورك كلها، واعدل بين زوجاتك، فإنك مسئول عن ذلك، وحاول الإصلاح بينهن ما استطعت.
- حاول أن تستفيد من تجارب الآخرين وخبراتهم في سياسة هؤلاء الزوجات، فإن الحياة تجارب.
- عليك بالتوسط في أمر حياتك الزوجية:
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد كلا طرفي قصد الأمور ذميم
- لتكن حسن الأخلاق، ولا تتخذ القوامة وحق السيطرة مبرراً لك في إساءة التعامل مع الزوجات.
- تفقه في شرع التعدد، واسأل عما تجهله، ((فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)) (النحل: 43).
وكم من مشاكل زوجية كان سببها عدم الفقه في الدين، والسير على عادات وتقاليد ليست من الدين في شيء.
- تفقد أحوال أهلك وأولادك،، واجتهد في تربيتهم التربية الإسلامية، ففيها سعادة الدنيا والآخرة.
- اقرأ سير السلف ومواقفهم من أزواجهم، فإنك واجد في ذلك عجباً.
- عالج الأخطاء بحكمة وروية ولا تكبر الأخطاء.
- عالج أخطاء الأولاد بانفراد عن أمهاتهم، فلا تُحمل الأم خطأ الولد.
- أحرص على تربية أولادك على احترام الزوجة الثانية التي لا تكون أمهم.
- بعض الرجال عندما يعدد يخير زوجته عندما تطالبه بالعدل، يخيرها بين الطلاق أو الصبر على حالها، لماذا التخيير الآن، أبعد أن ذهب شبابها ثم أنت تخيرها بين شيئين، كلاهما علقم الطلاق وتشريد الأولاد، أو الجلوس معك لا على أنها زوجة، اتق الله ووازن بين المصالح والمفاسد.
- وقبل ذلك كله استغفر الله - تعالى -حين تفكر في التعدد، واستشر من تثق بدينه وأمانته، " فلا ندم من استشار ولا خاب من استخار ".
2- برقيات عاجلة إلى الزوجة:
- أيتها الأخت الكريمة، ارضي بشرع الله وأمره، واعلمي أن الخير فيما يختاره الله لك.
- كوني عوناً لزوجك في تطبيق هذه السنة، وقد سمعنا وعرفنا أحوال نساء خطبن لأزواجهن [1]
- لا تفتحي أبواب خصومات مع جاراتك، ولتتعاونّ على البر والتقوى، ولتتذكرن ما رواه ابن مالك - رضي الله عنه - قال: ((أولم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بنى بزينب بنت جحش فأشبع الناس خبزاً ولحماً ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين كما كان يصنع صبيحة بنائه فيسلم عليهن ويدعو لهن، ويسلمن عليه ويدعون له..)) [2]
وقفي أيتها الحبيبة على قصة أم حبيبة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم - ورضي الله - تعالى -عنها، حين حضرتها الوفاة، فدعت عائشة- رضي الله - تعالى -عنها- فقالت: " قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك "قالت عائشة: غفر الله لك ذلك كله وتجاوز وحللك من ذلك، فقالت: سررتني سرك الله، وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك [3]رضي الله عنهن وأرضاهن.
- أيتها الأخت الكريمة: ارعي حق زوجك فإنه جنتك أو نارك، فانظري أين تكونين منه، رعاك الله وأبقاك ذخراً للإسلام، وأماً للأعلام، وسيري على نهج أسلافك الطاهرات:
إيه حفيدة زينب *** كيف انزلقت من القمم
لا تسمعي قول العد *** اة فإنه سم الدسم
واستمسكي بالمنهج الـ *** ـهادي إلى خير القمم
فهو النجاة من الهلا *** ك بلجة البحر الخضم
----------------------------------------
[1] أعرف قريبة لي فعلت ذلك، وانظر " تعدد الزوجات " للضبيعي (ص/206) ففيه وقائع من ذلك.
[2] الحديث رواه البخاري (4794).
[3] روى هذه القصة الحاكم في المستدرك (4/22)، وابن سعد في الطبقات (8/100).
18/11/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/9)
عندما يصبح الميثاق الغليظ مجرد ورقة
ليلى أحمد الأحدب**
الزواج رباط مقدس وعلى الطرفين احترامه
لم يكن حال المرأة في الجاهلية قبل الإسلام يمت للإنسانية بكبير صلة، فكثيرًا ما شملت المهانة كل جوانب حياتها كأنثى، ومن تلك المهانات أنواع الزواج المنتشرة في ذلك الزمان والتي ذكرتها السيدة عائشة - رضي الله عنها - في حديث معروف، فمنها نكاح الاستبضاع: يرسل الرجل زوجته إلى رجل آخر رغبة في نجابة الولد، ونكاح السفاح: يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها فإذا حملت أرسلت إلى أحدهم فتسمي ابنها باسمه فيلحق به ولدها، ونكاح البغايا: يجتمع الكثيرون فيدخلون على المرأة فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها دعوا لهم كافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتحق به؛ إضافة إلى أنواع أخرى كنكاح الشغار وهو أن يقول الرجل زوجني ابنتك أو أختك وأزوجك ابنتي أو أختي دون مهر سوى هذه المبادلة، ونكاح المتعة إلى أجل معلوم، ونكاح المخادنة وهي المصاحبة لرجل واحد، ونكاح المقت وهو أن يخلف ابن الرجل امرأة أبيه فيتزوجها بعد وفاته، وقد حرّم الإسلام كل هذه الأنواع وأبقى نكاح الإحصان.
نظرة دونية
خلال المسيرة الزمنية للمجتمعات العربية المسلمة فقدت هذه المجتمعات كثيرًا من خصائصها الأخلاقية؛ لأسباب وعوامل عديدة منها أن كثيرًا من الرجال لم يتخلوا عن نظرتهم الدونية للمرأة من حيث إنها أداة للاستمتاع فحسب، يُستنتج ذلك من الاستغراق في التمتع بالجواري والسرائر وحتى الحرائر بطلاق واحدة وزواج أخرى؛ وإذا كان الإسلام لم يحرم استرقاق الأسرى؛ لأنه كان مناسبًا لمرحلة زمنية معينة ومتعارفًا عليه بين الدول المتحاربة، فإن كثيرًا من الآيات والأحاديث حضت على العتق، والقصد من وضع هذا العامل في المرتبة الأولى بين عوامل انهيار الأخلاق الإسلامية هو الإشارة إلى خطأ الذات قبل اتهام الغير؛ لأنه من عادة الذات أن تبرئ نفسها من التهم وتسقطها على غيرها، سواء كانت ذاتًا فردية أم مجتمعية، والحقيقة التي لا ينكرها عاقل أن العامل الذاتي في بقاء الأمم واستمرار الحضارات هو العامل الأهم، ولقد تميزت الحضارة الإسلامية بقيامها على العدل والإحسان في كل المستويات - ومنه العدل بين الزوجات والرفق بالقوارير.
وعندما تخلى المسلمون عن هذه الميزة الحضارية فقد سمحوا للعوامل الغيرية بالتكاثر ونخر الجسد الواحد، ولقد كان من الأفكار الثقافية الغازية التي جاءت مع الاستعمار فكرة اقتصار الرجل على امرأة واحدة داخل مؤسسة الزواج، وهي فكرة مثالية لكنها ليست واقعية؛ لأن الرجل ليس كالمرأة في الموضوع الجنسي، وهذا حكم عام قد يكون له استثناءات، ولكن الاستثناء لا يقاس عليه، وأحكام الإسلام لم تأتِ من أجل بعض الرجال ولا من أجل بعض النساء، بل أتت مناسبة للأغلبية، أما في الغرب فالحرية الجنسية الموجودة حاليًّا هي الدليل الأقوى على خطأ فرْض الطبيعة المثالية على جميع الرجال داخل الحياة الزوجية.
ويكفي أن نذكر فرانسوا متيران -لكنه ليس المثال الوحيد أبدًا- وكيف عذرته زوجته في حبه للفتيات الصغيرات ومغازلته لهن فقالت: (ليس من عادة الرجل الفرنسي أن يكتفي بامرأة واحدة)، والمهم في الأمر أنه بمجرد انفلات الرجال من قيود الزواج انفلتت النساء، وكان لهذا آثاره المدمرة في ازدياد عدد أطفال الشوارع وانتشار ظاهرة الأمهات العازبات (اللائي أنْجَبْنَ من الزنا)، وتهدم مؤسسة الزواج، واستغناء الرجل والمرأة عن الأولاد بالقطط والكلاب، واستغناء كل منهما عن الجنس الآخر بالجنس المماثل ووضوح ظاهرة الزواج المثلي.
وقد قرأنا مؤخرًا أن كنيسة الفاتيكان في حيرة: هل تجيز الكنائس التي تبرم عقود زواج المثليين أم لا؟ والسبب الأساسي لكل هذا الانحدار هو التعالي على الفطرة التي خلق الله الناس عليها "وليس الذكر كالأنثى"، وقد سارت بعض البلاد العربية على هذا النهج الغربي في تحريم تعدد الزوجات فمن وجده رجال الشرطة مع امرأة غير زوجته اعتقلوه بسبب مخالفته للقوانين إلا إذا أخبرهم بأنها خليلة وليست حليلة.
ليس هذا الكلام تشجيعًا على تعدد الزوجات، خاصة أن القليل من الرجال من يتقي الله في زوجاته ويعدل بينهن، وقد أوردت جريدة الوطن السعودية "خبرًا عن امرأة ترصدت لزوجها وطعنته بالسكين في ليلة زفافه على أخرى"، فالغيرة أمر طبيعي في النساء، لكن ليس كل النساء مجرمات، كما أن حلول المشكلات الأسرية لا تكون بمشكلة أخرى.
الحلال والواجب
والمشكلة الأساسية برأيي هو الخلل في فهم درجة الأحكام الشرعية بين المباح والحلال من جهة وبين المندوب والواجب من جهة أخرى، فيُفهم تعدد الزوجات في بعض البيئات على أنه أمر دعت إليه الشريعة وحثت عليه وأوجبته ونصت عليه، مع أن الإسلام لم يحض على التعدد بل حدده بأربع نسوة وجعل شرطه العدل، وعلى النقيض من الإفراط نجد من يفرِّط في تعدد الزوجات فيعتبره ملغى، وذلك نتيجة الفهم المغلوط لبعض الآيات مثل: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم"، "فإن لم تعدلوا فواحدة"، فيُستنتج أن شرط العدل غائب في كل الأحوال، وبالتالي فإن التعدد يجب أن يُلغى، وهذا التفريط أدى إلى انتشار الزواج العرفي في الدول التي منعت تعدد الزوجات وإلى انتشار زواج المسيار في دول الخليج ومنها السعودية، وابتكار أشكال أخرى لزواج المتعة مثل الزواج السياحي.
وقد ساقت "جريدة الوطن السعودية" مؤخرًا، خبرًا عن بعض الرجال السعوديين الذين وقعوا ضحية الاحتيال في إندونيسيا بعد أن جذبهم الإعلان عن زواج المسيار من إندونيسية بكر فائقة الجمال بسعر "منافس"، فإذا بالعروس تتبخر بمجرد الخروج من المكتب الذي تم فيه العقد، وتتبخر معها فلوس السعودي الذي أفتى لنفسه أو أفتاه غيره بأن هذا الشكل من الزواج هو زواج حلال، وكأن الميثاق الغليظ -كما وصف الله رباط الزواج المقدس- ليس أكثر من ورقة وبضعة ريالات.
الزواج بين المسيار والعرفي
كان رأي بعض الفقهاء في زواج المسيار أنه حلال ما دامت قد توافرت أركان النكاح الشرعية مثل تراضي الطرفين ووجود ولي للمرأة وشهادة الشهود والمهر والصيغة الدالة على النكاح، وتغاضى أغلب هؤلاء الفقهاء عن شرط أساسي في صحة الزواج وهو الإشهار، وأسباب المسيار إما خوف الرجل من الزوجة الأولى، أو خوف المطلقة من طليقها أن يسلبها أولادها إذا تزوجت بغيره فتلجأ إلى الزواج السري، وقد يكون لا هذا ولا ذاك، بل هو رغبة الرجل والمرأة في الاستمتاع بحياة زوجية دون قيود القوامة وفروض المسئولية؛ ولكن هذا الزواج كثيرًا ما ينكشف بمجرد وجود الأولاد؛ لذا يتأخر بعض الرجال في تسجيل أبنائهم خشية افتضاح أمرهم، كما حصل لأحد الرجال المشغولين بأعمالهم عندما نقلت إحدى الزوجتين ابنها إلى مدرسة أخرى فالتقى بأخيه الذي يحمل نفس اسم أبيه، وتابعت الزوجة الذكية الموضوع، واكتشفت السر بعد أكثر من عشر سنوات، وكما تقول الحكمة: "كل خفي لا بد أن يظهر".
مع ذلك فإن المسيار الذي يسجل في المحاكم أفضل من الزواج العرفي الذي ينتشر في مصر خاصة بين طلاب وطالبات الجامعات، وقد دافعت عنه الكاتبة صافيناز كاظم -وهي من اللواتي توجّهن توجهًا إسلاميًّا بعد كبر السن- في إحدى حلقات برنامج الحياة على قناة دريم بأنه زواج شرعي فمن ناحية ولي الأمر لا يشترط المذهب الحنفي ذلك، واستشهدت بما كان يحدث بين زملائها وزميلاتها في منتصف القرن الميلادي الماضي؛ إذ كانوا يعلمون أن هذه الطالبة زوجة ذلك الطالب بإغمائها أثناء المحاضرة، وكيف كان الطالب الشهم أول الراكضين باتجاه تلك الطالبة لمساعدتها ومساندتها، لكن السيدة كاظم نسيت أن الشهامة التي تتكلم عنها انتهت في مجتمعاتنا بعد غزو القنوات الفضائية، وما تشعله من رغبات جنسية محمومة في الشباب والشابات على السواء.
حالات واقعية
وساعدت هواتف الصداقة التي عُرفت قبل الإنترنت، على إرضاء الغريزة سماعيًّا، ثم انتقل ذلك إلى الواقع الافتراضي على الإنترنت، ثم إلى الواقع الحقيقي فلا شهامة ولا يحزنون، وأكبر دليل ذلك الشاب المصري الذي كان يتلبّس الزي الدعوي وكيف أنكر أبوته لطفلة كانت ثمرة زواجه العرفي من شابة مثقفة، وهذا مثال معروف.
أما المثال المتكرر فهو عندما تنتهي العلاقة بين الاثنين لسبب ما، وتبقى الفتاة معلقة لا تعرف أهي زوجته أم لا، فكل ما بينهما ورقة وشهادة زميلين، وقد حدثتني أخت مصرية عن الأزمة التي مرت بها بسبب ذلك؛ إذ تم عقدها على رجل آخر دون أن يطلقها الأول، ولم تستطع أن تدع زوجها يقربها قبل أن تعترف له بماضيها، وكان الرجل متفهمًا -على حد تعبيرها- فبحث معها عن الشاب الأول حتى طلقها ومزق كلاهما الورقة التي ربطت بينهما.
وأما الحادثة الأشد ألمًا فهي حالة رجل عربي تزوج عرفيًّا؛ لأن زوجته لم تنجب له أكثر من ولدين، وهو يرغب بالمزيد من الأولاد، وعندما حاول أن يصارحها بزواجه هددته بطلب الطلاق لمجرد الفكرة، فلم يجرؤ على إخبارها بأن الفأس وقع في الرأس، كي لا يكون سببًا في خراب بيته وخسارة أولاده ولا في طلاق الجديدة التي لا ذنب لها سوى أنها بلغت الثلاثين دون زواج فقفزت في القطار قبل أن يفوتها، لكن المفارقة أنه كان يدفع نقودًا للأولى من أجل أن تحمل، بينما يدفع نقودًا للأخرى من أجل أن تسقط حملها، وهي قصة تصلح فيلمًا سينمائيًّا، لكنها حقيقة من حقائق مجتمعاتنا العربية الضائعة بين التقليد والتغريب إلى أجل غير مسمى.
----------------------------------------
** طبيبة وكاتبة ومستشارة اجتماعية، يمكنك التواصل معها عبر البريد الالكتروني للصفحة:adam@iolteam.com
13/02/2006
http://www.islamonline.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/10)
حتى لا تصدم الفتاة بعد الزواج !
حبيبة أمها المعززة المكرمة التى لا تقوم من الشمس إلى الظل..هل يمكن أن تكون زوجة ناجحة تتحمل مسئولية زوج وأسرة؟
سؤال لكل أم لم تهتم بتعليم ابنتها أساسيات المهارات المنزلية بشكل تدريجي ومنهجي، فكان زواج البنت صدمة ونقلة لها من الدار إلى النار، حيث وجدت نفسها مسئولة عن زوج وبيت، وهى لم تتدرب في بيت أسرتها على المهام المنزلية، ولم تدخل المطبخ، ولم ترتب فراشها أو دولاب ملابسها يومًا ما.
لا تضعي ابنتك في هذا الموقف.. وأعديها لتكون «ربة بيت» ماهرة، خاصة في الطهي الذي يصعب إتقانه بعد الزواج، وإذا أتقنته العروس، فلن يحدث ذلك إلا بعد مرات عديدة من الخلاف بينها وبين زوجها.. بسبب هذه المشكلة، وانتقادات لطهيها وصورة سلبية عنها لدى زوجها.. صورة من الصعب تغييرها، والأولى ألا يكون هناك فرصة لتكوينها لدى الزوج بإعداد الفتاة لمسئوليات الزواج بشكل مخطط في بيت أسرتها.
أساسيات هذا الإعداد تقترحها عليك د. سهام عبد العال من خلال خبرتها كزوجة وأم، فتقول:
إن المرأة مُعدة بالفطرة النفسية وبالتكوين الفسيولوجي لجسدها لرسالة الزوجية والأمومة، ويبدأ الإعداد للمرأة من سن مبكرة بتدريج غير محسوس حتى يتسنى استيعاب منهج الأعمال المنزلية خطوة خطوة، من خلال عدة مراحل هي:
1 - مرحلة التدريب في بيت الأهل قبل الزواج:
وأنصح الأمهات أن يبدأن هذا المنهج منهج «التدبير المنزلي» مع بناتهن من سن الثانية عشرة؛ لأنه سن الاكتساب، وكلما تأخرن في البدء، كلما كان الاكتساب أبطأ، وربما في السن الأكبر لن يلقى هذا النوع من المناهج اهتمامًا منها، خاصة مع كبر حجم هذه الاهتمامات، فلقد انصرفت بأنوثتها وجمالها وملابسها عن أي شيء آخر، ويبدأ منهج التدريب في إجازة الصيف التي تمتد إلى ثلاثة أشهر، وتبدأ في المرحلة الإعدادية، ففي إجازة الصف الأول يكفي أن تخرج بخبرة في إعداد السلطة وتحضير الإفطار والعشاء، ومساعدة الأم في تجهيز السفرة.
وفي صيف الصف الثاني الإعدادي يمكن تعليم الابنة تجهيز المواد الأولية للطهي، مثل: فرم البصل، وتقشير الثوم، وعصر الطماطم، وطهي الأرز الأبيض وسلق اللحوم والفراخ.
أما في صيف الصف الثالث فيكفي تعليمها طهي الخضار السوتيه، أو الخضار المسبك، مع ممارسة ما تعلمته في السنوات الماضية، وهكذا تخرج من هذه المرحلة قادرة على أن تحضر غذاء كاملاً من أرز، خضار، ولحم، وسلطة.
وفي الصف الأول الثانوي نجد أن الفتاة أصبحت أكثر استعدادًا للتقبل، فنضيف إلى المنهج الأعمال التي كنا نخشى قيامها بها، نظرًا لصغر سنها مثل: المكرونة، وتحمير الشعرية؛ لأن بعض الأمهات يرين أنه من الحكمة عدم اشتغالها في بقية مرحلة الثانوي لتتفرغ لشهادة الثانوية العامة، ويكفيها ما اكتسبت في السنوات الماضية.
ثم تستأنف تزويدها بالمزيد في الإجازة الصيفية أثناء التعليم الجامعي، وفي هذه المرحلة نكمل معها كل ما ينقصها من أصول الطهي بجانب إدارتها للمنزل يومًا واحد كل أسبوع من الصباح حتى المساء من الألف للياء، وتزيد الأيام تدريجيًا في الأسبوع حتى تتمرس الفتاة على إدارة المنزل.
للفتاة التي لم تحظ بهذا المنهج المتدرج في بيت أهلها، لابد لها من منهج تدريبي مكثف متواصل حتى تتواصل في الخبرة مع قريباتها من الفتيات؛ لأن الزوجة لو دخلت بيت زوجها بلا خبرة وعاجزة عن إدارة منزلها تركت انطباعًا بالفشل في نفسه لا يذهب عنه مهما اكتسبت من خبرات، فالانطباعات الأولى تدوم.
2 - مرحلة التمرس في سنة أولى زواج: من تدربت في بيت الأهل لا تجد مشقة في إدارة منزلها وتحمل مسئوليتها الشخصية، ولا يزيد عليها في هذه المرحلة إلا التمرس على مسئولية الزوج.
3 - مرحلة التمرس على مسئوليتها وبيتها وزوجها والوليد، وهنا نرى التدرج الرحيم بالفتاة وطول الممارسة أكسباها يسرًا في الأداء، وكفاءة عالية أثمرتا عن سعادة الأسرة بأسرها.
24/01/2006
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/11)
الأنوثة رأس جمال الزوجة
تختلف آراء الرجال حول المرأة التي يرغبونها زوجة، لكنهم يتفقون في شيء واحد هو أن تكون أنثى، هذه الأنوثة هي رأس جمال المرأة وأهم ما يميزها.فإذا ما استهانت بها المرأة فأخفتها، أو تجاهلت أهميتها فإنها سوف تفقد مكانتها عند الزوج ... فهي السحر الحلال الذي يحرك مشاعر الزوج ليجعل منه محبًا... وليس شرطًا للأنوثة أن تكون المرأة جميلة الخلقة، ولكن الأنوثة تحمل معاني كبيرة وأساسها أنها امرأة بمعنى الكلمة امرأة ظاهرًا وباطنًا... بشكلها... ونطقها... ودقات قلبها.. بروحها التي تتوارى داخل جسدها... امرأة تتقن فن الأنوثة.
وإذا تساءلنا لماذا يتزوج الرجل؟
لقد كان الزوج قبل زواجه يأكل ويشرب وينام وتُغسل له ملابسه وتُقضى له حوائجه في منزل أسرته... إذن لابد أنه يحتاج شيئًا آخر غير ذلك يبحث عنه، تكبد له كل المشاق والتكاليف ليصل إليه. إنه يتزوج لكي يستمتع بمحاسن المرأة وحنانها وأنوثتها، وما تمتاز به من دفء وعذوبة، وليجد من يشاركه حياته الخاصة والعامة، ويتمنى كل رجل أن يكون له ولد يحمل اسمه في الدنيا وبعد رحيله عنها، ولن يكون ذلك إلا بالزواج، فالزواج هو السر في بقاء النوع الإنساني ولقد صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: [تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة].
فالزواج رسالة مقدسة تحقق حكمة الشرع والدين، وهو الأمل المنشود والحلم لكل من الذكر والأنثى، وفي كنفه يتحقق الأمن والطمأنينة للأزواج، قال - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
الرجل يريد الزواج ليستمتع بالحياة الدنيا في ظل الشرع والمرأة هي الدنيا والحياة، كما قال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: [الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة].
ومن حكمة الله الخبير اللطيف العالم بأحوال عباده أن شرع لهم الزواج وشرّع لهم الاستمتاع بالحلال فقد قال - تعالى -: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} [آل عمران: 14].
فلا تصادم بين فطرة الإنسان وبين ما شرعه الله - تعالى -، لذلك نجد أن المرأة مهما تقدم بها العمر ومهما بلغت من العلم وحازت على المناصب تبقى في نظر زوجها أنثى، وهو دائمًا يريدها كذلك.
ومن مظاهر الأنوثة كما شرعها الإسلام:
يعتني الإسلام بمحافظة الأنثى على مظاهر أنوثتها، فحرّم عليها التشبه بالرجال في أي مظهر من لباس أو حديث أو أي تصرف، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهات من النساء بالرجال، وفي الطبراني: أن امرأة مرت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متقلدة قوسًا، فقال: [لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء].
وقد ذكر ابن القيم أن من الكبائر ترجل المرأة وتخنث الرجل.
وقد أباح لها الإسلام أن تتخذ من وسائل الزينة ما يكفل لها المحافظة على أنوثتها فأحل ثقب أذنها لتعليق القرط فيه. يقول الفقهاء: [لا بأس بثقب أذن النساء، ولا بأس بثقب آذان الأطفال من البنات لأنهم كانوا يفعلون ذلك في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير إنكار]، ويقول ابن القيم: الأنثى محتاجة للحلية فثقب الأذن مصلحة في حقها.
ويُباح لها التزين بلبس الحرير والذهب دون الرجال لأنه من زينة النساء، فقد روى أبو موسى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وحل لإناثهم].
وإذا تساءلنا لماذا كل هذا الاهتمام من الشرع بزينة المرأة وإبراز أنوثتها ولمن أيضًا هذه الأنوثة؟
قال ابن قدامة مجيبًا عن تساؤلنا:
[أبيح التحلي في حق المرأة لحاجتها إلى التزين للزوج والتجمل عنده، وكذلك يجوز لها أن تخضب يديها، وأن تعلق الخرز في شعرها، ونحو ذلك من ضروب الزينة].
السيدة عائشة... والاهتمام بالأنوثة:
[دخلت بكرة بنت عقبة على أم المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله عنها - فسألتها عن الحناء، فقالت: شجرة طيبة وماء طهور. وسألتها عن الحفاف أي إزالة الشعر فقالت لها: إن كان لك زوج فاستطعتِ أن تنتزعي مقلتيك فتضعيهما أحسن مما هما فافعلي].
هكذا ينبغي أن تكون الزوجة. ومن العجيب أننا نرى بعض النساء مهملات ومتساهلات في زينتهن لأزواجهن. ثم نجدها أجمل الجميلات مع الرفيقات والصويحبات وخارج المنزل ونجد أيضًا رائحة المطبخ والمأكولات تفوح من الزوجة في بيتها، أما في خارج البيت فحدث ولا حرج عن الروائح الفواحة الصارخة من بعض النساء في الطرقات والأسواق....
فمن الأولى بهذا الاهتمام الزوج أم الصديقة أم المعارف والأقارب.
من أخطاء الزوجات:
من الأخطاء القاتلة التي تقع فيها الزوجات إهمال الزينة والتجمل وإهمال إبراز أنوثتها لزوجها، ونحن في هذا العصر نواجه المرأة في كل مكان في الفضائيات والشوارع وأماكن العمل، ونرى أيضًا فتاة الإعلان والمذيعات وما يسمى بالفيديو كليب... كل ذلك تظهر فيه المرأة في كامل أنوثتها وجمالها مما يفسد الحياة على الزوجة العادية في بيتها فضلاً عن المهملة لنفسها.
وانظروا معي إلى هذا الموقف الغريب:
لقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأزواج عند عودتهم من السفر أن يعودوا ليلاً، لماذا؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: [[لا يطرقن أحدكم أهله ليلاً حتى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة] وتستحد المغيبة يعني: تحلق شعر العانة، والمغيبة: أي التي غاب عنها زوجها.
ماذا نفهم من هذا الحديث؟
والواضح من هذا الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يريد من الأزواج أن يرى أحدهم زوجته في صورة رثة، شعثة الشعر أو غير مهتمة بنظافتها الشخصية وغير مهتمة بأنوثتها؛ لأن ذلك يجعل الزوج يزهد في زوجته وينصرف عنها.
ولقد أوصت تلك المرأة الحكيمة أمامة بنت الحارث ابنتها أم إياس عند زواجها فقالت:
[فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح]
الأنوثة من صفات المرأة الصالحة:
المرأة الصالحة هي التي تهتم بأنوثتها وجمالها. إذا نظر إلهيا زوجها سرته كما جاء في الحديث:
[ألا أخبركم بخير ما كنز المرء: المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمر أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله].
وعن رسولنا الحبيب - صلي الله عليه وسلم- أيضًا: [إن الله جميل يحب الجمال].
ونحن هنا لا نركز على جمال الشكل فحسب؛ لأن الجمال نسبي وله أنواع مختلفة، ومن جمال المرأة جمال الطبع والصفات. فقال قال - عليه الصلاة والسلام -:
[فمن السعادة المرأة الصالحة تراها فتعجبك، وتغيب عنها فتأمنها على نفسك ومالك، ومن الشقاء المرأة تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك] رواه ابن حبان.
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/12)
العلاقات الاجتماعية... رؤية مشتركة
هناك بعض العلاقات الزوجية تكون على درجة جيدة من التوافق والتآلف بالرغم من وجود بعض السمات السلبية في شخصية أحد الزوجين.
فقد يكون أحدهما ضيق الأفق بينما الآخر بعيد النظر وحكيم، أو أحدهما عنيد بينما الآخر لين.. وغير ذلك، والمهم أن يكون لكل سمة سلبية في أحد الزوجين ما يقابلها إيجابيًا في الطرف الآخر، والتي من خلالها يستطيع أن يتحمل شريكه في هدوء دون شعور بعبء أو معاناة.
تأثيرات العلاقات الاجتماعية
من الممكن أن تستمر تلك العلاقات لفترات طويلة دون مشاكل تُذكر، ولكن هذا يحدث إذا كان الطرفان يعيشان بمعزل عن المجتمع المحيط بها، ولكننا جميعًا محاطون بشبكة من العلاقات الاجتماعية الممتدة والمتشعبة فيها الأقارب والمعارف والأصدقاء والزملاء.
وكل واحد من هؤلاء له تأثير ما علينا وعلى علاقاتنا بشكل أو بآخر، فنظرة امتعاض من أحدهم أو عدم رضا من آخر عن موقف ما تجعلنا تلقائيًا نراجع أنفسنا ونتساءل عن السبب وهل من عيب فينا؟
فالبعض يرى أن هذا الزوج متسامح أكثر من اللازم مع زوجته، بينما آخرون يرون أن الفتاة بريئة وساذجة وتحتاج إلى توعية وبعض آخر لا يرضيهم تقبل الزوجة لوقاحة زوجها، وهكذا يصبح أولئك الزوجات والأزواج مرتعًا خصبًا لإسداء الآراء والنصائح من حولهم.
أهل الزوجين
إن الزواج ليس ارتباطًا بين الزوجين فحسب، وإنما هو ارتباط بين عائلتين، بل وفي بعض الأحيان تنجم المشاكل الزوجية بسبب التدخل العائلي في شؤون الزوجين، أو بسبب سوء الإرشاد العائلي لهما، كأن تستشير الزوجة أمها في مشاكلها الزوجية أو يستشير الزوج والده فيشيران عليهما من خلال تجاربهما الشخصية، والتي قد لا تكون ناجحة فينعكس فشل الأهل في تجاربهم الزوجية على حياة الزوجين الجديدين.
وقد يكون من بين الآباء والأمهات من يكون نصيبهم من الوعي والتعليم قليل فيصبحون عقبة أمام أولادهم يطفئون الأنوار ويقتلون الآمال ويجرعون أولادهم السم على أنه العلاج المناسب لحياتهم الزوجية، أو أنهم يوقدون النار عوضًا عن إطفائها.
التدخل السلبي في حياة الزوجين:
1ـ تدخل الآباء: للآباء دور ضعيف ومتواضع وخاصة في التدخل السلبي في حياة أولادهم الزوجية ويندر أن يقوم الأب بتسميم أفكار ولده تجاه زوجته أو ابنته تجاه زوجها، ولكن في أغلب الأحوال قد ينقاد الأب خلف زوجته في حملتها الشعواء ضد زوجة الولد أو تسميم أفكار ابنته ضد زوجها.
2ـ تدخل الأمهات: للأمهات دور كبير وأساسي في التأثير على حياة أولادهم لأن كل من أم الزوجة وأم الزوج تملك التأثير الواسع والنصيحة الصادقة.
فأم الزوج: قد يكون لها دور سلبي في حياة ابنها بعد زواجه.. فالأم تحس أن ابنها الذي كان يعيش في كنفها ويقضي معها الوقت الطويل ويبادلها المشاعر والعواطف أخذته منها زوجته التي سلبتها حقها ونصيبها في ابنها، وسيطرت على اهتمامه ومشاعره وفازت بالنصيب الأكبر، وليس لها من سلاح هنا إلا أن تتدخل في شؤون ابنها، وقد توغر صدر ابنها على زوجته بحجة النصيحة.
وهناك من الأمهات من تتسم بالعقل والحكمة والعطاء الفياض لابنها ولزوجته وأولادهما الصغار، ولا تتدخل في حياتهما الزوجية إلا بالشكل الإيجابي اللائق.
وأم الزوجة: فهي قد تتدخل بشكل سلبي في حياة ابنتها انطلاقًا من شعورهما أن ابنتها ضعيفة وصغيرة وساذجة وقليلة الحيلة وتحتاج إلى من يقف معها ويساعدها لنيل حقوقها، لأن الابنة ليس لديها خبرة كافية في الحياة، وتكون الأم قلقة على ابنتها المتزوجة ومتشككة في قدرتها على أن تكون ربة بيت وزوجة وأمًا للأولاد، فقد تعترض الأم على ابنتها بسبب تسامحها الشديد مع زوجها، وتحثها على أن تعود زوجها الاعتماد على نفسه حتى ترتاح عندما يأتيها الصغار.
نصيحة.. ولكنها ضارة
وغالبًا ما تأتي تلك النصائح بوازع من الحب لأحد الأطراف والخوف عليه، أو لرغبة بعضهم المجردة في تقمص دور الحكيم الواعظ، وأغلب تلك النصائح يصب في معنى واحد هو أن لا تسمح للطرف الآخر أن يتعامل معك بهذا الأسلوب أو ذاك، ويجب أن تجعله يعتاد على كذا وكذا.
ومن غير المتوقع أن تجدي تلك النصائح أو أن تغير من واقع الأمر شيئًا، حتى وإن بدت هي التي ستفرض نوع العلاقة بينهما وتحدد الشكل النهائي لتلك العلاقة مهما حاول أحدهما تغيير تلك الحقيقة، بل إنها قد تؤدي إلى تنغيص الحياة الزوجية ونثر الأشواك في طريقها بغير مبرر.
هذا التدخل الخارجي السلبي يفسد العلاقة بين الزوجية ويغير أكثر مما يفيد خاصة إذا كان مفروضًا على الطرفين دون رغبتهما، وليس من الحكمة الاستماع للنصيحة إلا إذا كان هناك بالفعل حاجة إليها، ويجب أن تكون ممن هم على درجة كبيرة من الوعي والحكمة؛ لأن الغالبية العظمى من الناس يرون الأمور من منظورهم الخاص، ويأتي حكمهم على المواقف من خلال خبراتهم الشخصية بل وأحيانًا مقرونة بعقدهم الخاصة.
الرؤية المشتركة والعلاقات الاجتماعية
وهنا يأتي دور الرؤية المشتركة بين الزوجين في علاقتهما بالآخرين من الأقارب والأصدقاء، فيتفق الزوجان منذ البداية على شكل العلاقة مع:
الأقارب: وهم أهل الزوج، أهل الزوجة، طبيعة الزيارات، طبيعة العلاقات، حجم التدخل في حياتهما، مواعيد الزيارة، مدة الزيارة، وغير ذلك من الأمور.
الأصدقاء: وهم أصدقاء الزوج، صديقات الزوجة، مواعيد لقائهم ومكان لقائهم، شكل العلاقة معهم.
وعلى الزوجين الاتفاق عند وقوع خلاف أو مشكلة بينهما إلى من يشتكيان، ومن الذي يتدخل للإصلاح بينهما، فلا ينبغي بث الشكوى لمن لا دخل له، أو لأطراف متعددة حتى وإن كان من باب تفريغ شحنة الغضب أو الإحباط المشتعلة بداخله، لكي لا تصبح خصوصيات الحياة الزوجية مثارًا للمناقشات العامة وإبداء الآراء لكل من هب ودب، فهذه أمور تفسد ولا تفيد وتعمق الخلافات وتزيد المشاكل تعقيدًا ولا تحل من الأمر شيئًا.
الحكمة أساس السعادة
يجب أن يكون هناك حكمة فيما نقول ولمن نقول، كما لا ينبغي الاستماع لكل ما يُقال أو التأثر بكل ما يُثار من حديث، وهذا الأمر يتطلب ثقة عالية بالنفس وتعقلاً شديدًا واستعدادًا فطريًا لعدم التأثر بالآخرين، ويجب الوعي بتلك الأمور حتى نحصن أنفسنا من التدخل السلبي للآخرين في حياتنا.
وقفة مع الزوجة المسلمة
عزيزتي الزوجة المسلمة:
من أجلِّ صفات الزوجة المسلمة أن تبر أهل زوجها وتصل الرحم لتدخل على زوجها الفرح والسرور وتتقرب إلى الله بهذه العبادة انطلاقًا من قوله - صلى الله عليه وسلم -: [إن من أبر البر أن يحفظ الرجل أهل ود أبيه].
واعلمي أيتها الزوجة أن زوجك يحب أهله أكثر من أهلك، كما أنك أيضًا تحبين أهلك أكثر من أهله، وأن الزوج لن يقبل إهانة توجه إلى أمه مهما تبلد فيه إحساس البر تجاهها، فاحذري أن تطعنيه بازدراء أهله أو انتقاصهم أو أذيته فيهم فإن ذلك يدعوه إلى النفرة منك.
إن تفريط الزوجة في احترام أهل زوجها تفريط في احترامه، وإن لم يقابل الزوج ذلك بادئ الأمر بشيء فلن يسلم حبه إياها من الخدش والنقص والتكدير.
إن الرجل الذي يحب أهله ويبر والديه إنسان صالح فاضل جدير بأن تحترمه زوجته وترجو فيه الخير، والزوجة التي تعتقد أنها بإيقاعها بين زوجها وأهله ليتفرغ لها وحدها ويكون لأولاده وحدهم، امرأة ساذجة تدفن رأسها في الرمال غير صالحة ولا تقية، إن عقوق الرجل والديه دمار عليه وعلى زوجته وأولاده؛ لأن العقوق من المعاصي التي تُعجل عقوبتها في الدنيا فعن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [[اثنان يعجلهما الله في الدنيا: البغي وعقوق الوالدين]] [رواه البخاري].
ومن أرادت الاستزادة في هذا الموضوع فلترجع إلى مقال: إلى الزوجة المسلمة.. كيف تعاملين أمك الثانية؟
9 المحرم 1427هـ
8 فبراير 2006م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/13)
تحديد النسل
محمد كامل
قال رسول الله - صلى الله علية وسلم- : (تزوجوا الودود الولود) رواه أبو داود والنسائي وهذا الحديث يدعو بصورة غير مباشرة إلى عدم تحديد النسل أو ما شابه ذلك
ثبت علميا أن استخدام أي نوع من وسائل تحديد النسل يعود بآثار وخيمة على الحالة الصحية للأم.. فالجهاز التناسلي للمرأة يهيمن على وظيفة مجموعة من هرمونات التناسل تفرز من الفص الأمامي للغدة النخامية والمبيض.. وفي الحالة الطبيعية تفرز هذه الهرمونات بنسب مقدرة ومعينة، بحيث إذا حدث فيها أي زيادة أو نقص أدى ذلك إلى حدوث حالة مرضية.. ومن هنا تعترف الأوساط الطبية بأن الوسائل المستخدمة لمنع الحمل لها أضرار على من يتعاطونها، وذلك نتيجة أبحاث كثيرة خرجت بهذه النتائج:
اختلال في التوازن الهرموني بالجسم..
زيادة وزن الجسم وتجمع كميات كيبرة من السوائل به..
حدوث التهابات شديدة بالجهاز التناسلي للأم..
زيادة احتمالات التعرض للنوبات القلبية المميتة لمن تجاوزن الثلاثين من العمر ولا سيما من تخطين الأربعين..
وقد نقلت وكالات الأنباء خبر موت إحدى السيدات البريطانيات نتيجة تعاطيها لحبوب منع الحمل، فقد ظلت تتناول حبوب فالدان طيلة ثماني سنوات، ثم استبدلت بها صنفا آخر هو ميثو كلور وذلك بتوصية طبية ومرضت بعد أسابيع مرضا شديدا مما اضطرها لملازمة الفراش ثم انهارت صحتها وتوفيت بعد ذلك..
ثبت أخيرا أن استعمال موانع الحمل، ولا سيما الحبوب، وقد يؤدي إلى حدوث بعض الحالات السرطانية.. ولكن الذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو إرضاع الطفل إذا حملت أمه.. لأن ذلك يؤثر على الرضيع تأثيرا سيئا، مما يجعله ضعيف البنية..
ولو تأملنا هذا الهدى النبوى لوجدنا المسافة بين الحمل والآخر تستغرق ثلاث سنوات.. ولا سيما إذا رجعنا لقوله تعالى(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَة) سورة البقرة: 223 ومن ذلك نجد أن تنظيم النسل وإعطاء الفرصة للأم لاستعادة صحتها، أمر يدعو إليه الدين، وهذا بخلاف منع الحمل بصورة مطلقة..
الغريب أن معظم البلدان الإسلامية تكتسحها دعوة تحديد النسل بحجة مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وترصد لهذه الحملة أموالا طائلة كان من الممكن توظيفها في مشاريع اقتصادية واجتماعية أكثر جدوى..
فتؤكد التقارير السرية في أحد البلدان العربية أن ما يصرف على إنجاح حملة تحديد النسل في عام واحد من سيارات وأطباء وممرضين وممرضات وأدوية ومهمات وعمليات جراحية ومستشفيات وغيرها يكفي لرعاية أكثر من مليون طفل في حين أن زيادة الأطفال في البلد لاتتجاوز ربع مليون طفل.. ثم إن في البلاد الإسلامية أقطارا فيها المشروعات ومجالات العمل، وليس فيها العمال، ومما يضطرها لاستيراد العمالة من خارج البلاد، حتى من آسيا وأوربا لتنفيذ العمران في هذه الأقطار..
وهناك أقطار أخرى فيها زيادة سكانية تئن منها ولا تملك رأس المال لبناء المشروعات التي تتسع لهؤلاء أو إيجاد أعمال لهم تعود عليهم وعلى الوطن بالنفع فماذا لو استفاد هؤلاء من سكان أولئك ليستمر الإخاء الإنساني فضلا عن ذلك كله فإن الثروة البشرية هي أساس التقدم والرقي لو أحسن استغلالها بدلا من التذرع بعدم وجود الإمكانات المتاحة..
وهذا ما أثبتته تجارب الحياة اليومية من واقع البلدان المتحضرة الغنية كاليابان وغيرها ومن هنا كانت أهمية النسل البشري الذي يتأتي من المرأة الودود الولود كما أخبرنا الرسول - صلى الله علية وسلم -
http://attakwa.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/14)
مفاتيح القلوب
الزواج ليس بيتًا صغيرًا ينعزل فيه العروسان عن العالم، إنه ارتباط أسرتين، كما هو رباط بين فردين، وحتى ينجح هذا الارتباط؛ هناك عدة مفاتيح ومهارات إذا أتقنها كل عروسين..ظللتهما الدعوات الصالحة من أهليهما، وأغلقا بابًا واسعًا؛ تتسلل منه الخلافات والمنغصات.
خبراء فنون التعامل وكسب الآخر يرشدون الأزواج والزوجات إلى هذه المهارات:
نسيان الإساءة:
نسيان الإساءة من فضل الله على عباده، وهى نعمة رزقهم الله إياها، فعلى العروسين أن ينسيا أى إساءة، فينسى الإنسان إساءة المسيئين، وجفوة الجافين، ويسمو ليصل إلى أمر أعظم من النسيان، وهو الصفح والغفران.
ومن أراد راحة البال وحُسن العاقبة والمآل، فليحاول نسيان ما يلقاه من الآخرين، وليبدأ صفحة جديدة مع من قصروا في حقه.
المرونة والحكمة:
أجواء الأسرة الجديدة غريبة عليكما، لذا يجب أن يكون التعامل مع أفراد الأسرة فيه ذكاء وفطنة؛ حتى لا تتوتر العلاقات وتنقطع، ولتحافظا دائمًا على شعرة معاوية، كما تقول الحكمة «لو كان بيني وبين خصومي مقدار شعرة؛ ما انقطعت أبدًا، فإن هم شدوا أرخيت، وإن هم أرخوا شددت».
فن « لا»
إن قضاء حاجات الآخرين وتلبية مطالبهم، ومجاملتهم في المواقف والمناسبات، وحُسن ضيافتهم، كلها أمور مطلوبة، ولكن لكل شيء حدودًا لا ينبغي تجاوزها، وحتى لا تكلفي نفسك ما لا تطيقين؛ تعلَّمي فن الاعتذار وقول كلمة (لا)، ولكن بتأدب في قولها، فلا تقوليها وأنت غاضبة، أو بصوت مرتفع، أو منفر، بل قوليها وأنت مبتسمة، وبأسلوب رقيق مؤدب، وأشعري من قلت له: (لا) بأنك متألمة؛ لأنك لم تستطيعي تلبية المطلوب.
الهدية
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تهادوا؛ فإن الهدية تذهب وحر الصدور» (رواه الترمذي)، فالهدية تؤلف القلوب، وتعمق أواصر المحبة والمودة بين الناس، وكلما كانت الهدية بلا مناسبة، ومما يرغب فيه المهدي إليه ويحبه كانت أوقع، فاجعلا الهدية رسول حب بينكما وبين أسرة كل منكما، جربا ولن تندما.
الآباء جسر إلى الأبناء
حماتك وحموك أقصر طريق إلى قلب زوجك والعكس، فالإنسان يعتبر إكرام والديه إكرامًا له، وإهانتهما إهانة له، فإذا أراد كل زوج وفاقًا مع شريكه، فليحب أبويه ويحترمهما، ولا يتحدث عنهما بسوء مهما كانت الأسباب حتى لا يدق مسامير في نعش الزواج.
نحلة لا ذبابة
تقف النحلة على الزهور لتمتص الرحيق وتخرج العسل، ولا تقف الذبابة إلا على القاذورات، وكأنها تتتبع زلات الناس وعوراتهم وتتصيد أخطاءهم، ولو أراد الإنسان إحصاء عيوب أي شخص لوجد العديد من الأخطاء، ولكن هذا ليس شيم الكرام - والانشغال بعيوب النفس أولى لإصلاحها وإعفائها من عقوبة الغيبة وتتبع العورات.
حفظ الأسرار:
حفظ السر أهم ما يحقق الثقة بين الناس، وإفشاؤه يهدم جسور هذه الثقة، فليكن كل من الزوجين مستودع سر أسرة الآخر، خاصة الأب والأم، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا حدث الرجل رجلاً بحديث ثم التفت فهو أمانة»، وجملة «السر في بئر» التي نرددها جميعًا من مفاتيح القلوب.
القناعة
ولماذا أنا؟ تساؤل يجب ألا يردده الزوجان أبدًا، وهما يقارنان نفسيهما بالآخرين، فلماذا شقتي غرفتان، وشقة فلان ثلاثة؟
ولماذا أركب «الميكروباص» وسيارة فلان أحدث طرازًا؟ وغير ذلك أسئلة تتردد في النفس، ولكن آثارها تبدو في التعامل مع الآخرين، وفى نظرات الحسد وعباراته التي تنطلق رغمًا عن قائلها.
القناعة مع الأخذ بأسباب الارتقاء بعيدًا عما لدى الآخرين سر من أسرار السعادة والوفاق.. جرباه.
ابتسامة النقد
بعض الناس يعتبرون أنفسهم آلهة لا يراجعون ولا ينقدون - هؤلاء يخسرون الكثير في علاقاتهم الاجتماعية، وينفرون الناس منهم، والفطن هو من يعتبر النقد دفعة والمعارضة - مكسبًا حتى لو صدرت عن نفس حاقدة.. المهم موضوع النقد والمعارضة، فقد يكون صاحبه محقًا، فابتسما في مواجهة النقد، ووسعا صدريكما له، فلا معصوم سوى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وملاطفة الحماة أو معارضة أخت الزوج - أو والد الزوجة ليست جرائم إلا إذا أراد الزوجان اعتبارها كذلك - وهما في هذه الحالة خاسران.
نقد السلوك لا نقد الشخص:
شتان بين «أنت أخطأت» و«ما فعلته ليس مقبولاً»، فنقد السلوك لا الشخص فن ورسالة موجزة توصل معاني إيجابية للمنقود، أهمها: «إنني أحبك وأحترمك، ولا أرفضك، بل لي تحفظ على سلوك صدر منك»،
فالآخرون يصبحون أفضل إن لم يشعروا برفض غيرهم لهم، ويجدون في إرشادهم إلى السلوك الصائب، بدلاً من صب نيران النقد الهدام على رءوسهم، أفضل حافز للتغيير.
25/12/2005
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/15)
إعلان الدوحة للأسرة ..
أكد المؤتمر العالمي للأسرة الذي عقد بقطر أن الأسرة هي (الخلية الجماعية الطبيعية الأساسية للمجتمع) وعلى أهمية الاعتراف بدور الأسرة التربوي والتعليمي مع عدم اعتقال هذا الدور والقفز عليه أو تجاوزه وأقر المؤتمر (إعلان الدوحة) على الذي سيتم تقديمه كمشروع قرار إلى الأمم المتحدة تمهيداً لاعتماده كوثيقة دولية ملزمة وشدد (إعلان الدوحة) أن تتولى الأسرة (المسئولية الرئيسية في تنشئة الطفل)، وبإيجاد شراكة أساسية بين الحكومات والمنظمات الدولية وأعضاء المجتمع المدني من أجل صيانة الأسرة وطالب الإعلان أيضا بـ (ألا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضىً كاملاً لا إكراه فيه) ولفت الإعلان الانتباه إلى أن ذلك يكون من خلال وضع برامج وسياسات ترمي إلى تحفيز وتشجيع النقاش بين الأمم والأديان والثقافات والحضارات بشأن المسائل المتعلقة بحياة الأسرة، وكذلك من خلال تقييم وقياس مدى انسجام القانون والسياسات الدولية مع مبادئ وأحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والالتزامات الدولية الأخرى نحو الأسرة وأكد الإعلان في الوقت نفسه على أهمية المعتقدات الدينية والأخلاقية في صون الاستقرار الثقافي والتقدم الاجتماعي وطالب إعلان الدوحة بتعزيز قدرة المؤسسات الوطنية على صياغة سياسات فعّالة للأسرة وتنفيذها ورصدها، وحفز الجهود الرامية للتصدي للمشاكل التي تتأثر بحالة الأسرة وتؤثر فيها من حق المذيعات ارتداء الحجاب أيَّد تقرير قضائي مصري حق المذيعات اللاتي تحجبن بعد التحاقهن للعمل بالتليفزيون المصري في أن يظهرن على الشاشة الصغيرة بالحجاب، وأوصى بإعادتهن لعملهن، معتبراً أن إقصاءهن عن عملهن كمذيعات من قبيل (التنكيل) و(يخالف الدستور المصري) وقال تقرير (هيئة مفوضي الدولة) والذي ستستند إليه محكمة القضاء الإداري المصرية في حكمها المقبل في القضية التي رفعتها إحدى المذيعات ضد قرار إبعادها عن الشاشة-: إن من حق المذيعة (مها مدحت) بالقناة الثانية في التلفزيون المصري (الرسمي) أن تعود لعملها كمذيعة ربط مرتدية الحجاب، وألغى التقرير قرار نقلها إلى الإدارة العامة للبرامج الثقافية ومنْع ظهورها على الشاشة والاكتفاء بصوتها وشدّد التقرير في أسباب تأييده لحق المذيعة في الظهور على شاشة التلفزيون المصري على أن (الباعث من قرار التلفزيون هو إبعادها عن الظهور على الشاشة بهدف التنكيل بها وإقصائها من وظيفتها كمذيعة وليس لتحقيق المصلحة العامة)، وأن قرار منعها من الظهور بالحجاب (خالف الدستور الذي كفل حرية المواطن في اختيار الملبس الذي يتفق مع الدين أينما كان موقعه الوظيفي سواء كان بوزارة الإعلام أم غيرها) وتصاعدت الأزمة بين التلفزيون المصري والمذيعات المحجبات اللاتي بلغ عددهن 12 مذيعة حتى الآن في أعقاب لجوء المذيعة (مها مدحت) إلى القضاء للشكوى من صدور تعليمات بالتلفزيون المصري في نوفمبر 2003 تمنعها من الظهور على الشاشة بالحجاب، بعدما سبق أن اشتكت لرؤسائها ورفض طلبها الاعتداء على الأسيرات بمعسگر اعتقال صهيوني اعتدت قوات الاحتلال الصهيوني على الأسيرات الفلسطينيات القابعات في معسكر اعتقال (تلموند - تل هشارون) الصهيوني مما أدى إلى إصابة نحو عشر أسيرات فلسطينيات بحالات إغماء ورضوض مختلفة، وذلك جراء قيام حراس المعتقل بالاعتداء عليهن بالضرب وإلقاء الغاز المسيل للدموع عليهن واستنكر عيسى قراقع رئيس نادي الأسير الفلسطيني هذه الانتهاكات قائلا: (إن الأحداث بدأت حينما قامت إدارة المعتقل باقتحام غرف الأسيرات البالغ عددهن (85) أسيرة بدعوى التفتيش الأمني، حيث بدأ الحراس بالطلب من الأسيرات خلع ملابسهن بحجة التفتيش، وحينها اعتدى السجانون والسجانات على الأسيرة (آمنة منى) ممثلة الأسيرات بالضرب المبرح، بدعوى أنها حرضت الأسيرات على عدم الاستجابة لطلب السجانين) وقد اندلعت مواجهات قام خلالها حراس المعتقل بإلقاء القنابل المسيلة للدموع اتجاه الأسيرات، مما أدى إلى إصابة عشر منهن بحالات إغماء ورضوض مختلفة جراء استخدام العصي وقد رفضت إدارة المعتقل نقل المصابات إلى عيادة المعتقل لتلقي العلاج اللازم، كما أعلنت إدارة المعتقل حالة الاستنفار العام، وأقدمت على عزل نحو سبع أسيرات في زنازين انفرادية ومن بينهن الأسيرة منى ذاتها وأشار قراقع إلى أن الحادث خطير للغاية وبخاصة أنه يشير إلى أن مصلحة المعتقلات الصهيونية مصممة على مواصلة أسلوب التفتيش العاري المذل للأسيرات والأسرى، والذي شكل أحد المطالب الأساسية للأسرى خلال إضرابهم المفتوح عن الطعام الذي تم في شهر أغسطس الماضي، واستمر نحو 91 يوماً، محملاً مصلحة المعتقلات الصهيونية مسؤولية هذا الحادث وطالب قراقع المؤسسات الحقوقية العمل من أجل إنهاء معاناة الأسرى لاستمرار الإجراءات الاستفزازية والتي تتناقض مع الأعراف والمواثيق الدولية ويشار هنا إلى أن المواجهات داخل السجن الصهيوني امتدت
إلى قسم الأشبال المجاور الذين بدؤوا بالصراخ احتجاجاً على مهاجمة الأسيرات، وللضغط على إدارة المعتقلات لوقف هذا الاعتداء، ومن ثم رش الأشبال أيضاً بالغاز المسيل للدموع حملة تشويه ضد المسلمات في هولندا في إطار حملة التشويه التي تقودها جهات غربية ضد الإسلام وأوضاع المرأة المسلمة، مستغلة بعض المرتدين عن الإسلام والمفتونين بالغرب؛ قالت البرلمانية الهولندية (هيرسي) - وهي مهاجرة صومالية- إنها الآن بصدد التحضير للجزء الثاني من فيلم (الخضوع) الذي يشوّه صورة المرأة في المجتمعات الإسلامية، ويتضمن مشاهد أثارت غضب الجالية المسلمة في هولندا في جزئه الأول، واعتبره البعض أحد الأسباب الرئيسة لمقتل مخرجه المتعصب (ثيو فان جوخ) مؤخراً في أمستردام وأوضحت البرلمانية الهولندية، (هاندلزبلاد) أن الجزء الثاني من الفيلم سيركز على ما تسميه (سوء المعاملة) التي تتلقاها المرأة المسلمة في المجتمعات الإسلامية، مؤكدة أنها لا تزال على موقفها من قضايا أخرى ومنها دعوتها لإلغاء المدارس الإسلامية في هولندا وكانت هيرسي قد شاركت في كتابة سيناريو الجزء الأول من فيلم (الخضوع) مع مخرجه فان جوخ، وتلقت عقب مقتله رسائل تهديد بالقتل ضمن مجموعة من السياسيين الهولنديين الآخرين وتخضع هيرسي لحراسة مشددة من قبل الشرطة في مكان مجهول، ولا تحضر جلسات البرلمان ولا تشارك في أي أنشطة عامة منذ حادث مقتل فان جوخ الهروب من (أرض الأحلام)!! نشرت جامعة (دربي) البريطانية استطلاعاً - أجراه فرعها في الكيان الصهيوني- حول هروب الأسر الصهيونية من إسرائيل وهي التي يسمونها الهجرة المعاكسة وقال: إن عدد الصهاينة الذين تقدموا للسفارات الأمريكية والأوروبية في (تل أبيب) بطلب للهجرة، وغادروا الكيان الصهيوني بالفعل منذ مطلع العام الجاري، بلغوا 400 ألف شخص وأرجعت الجامعة ذلك إلى أن الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتدهورة هي التي أدت إلى هجرتهم، وهو الرقم الذي يثير قلقاً كبيراً داخل الكيان الصهيوني، حيث إنه يعادل ضعفي النسبة في الفترة نفسها من السنة الماضية ويتضح أن غالبية هؤلاء يهاجرون إلى الولايات المتحدة وكندا، ثم تأتي بالدرجة الثانية دول أوروبا الغربية، تليها دول أوروبا الشرقية، التي يدفعون فيها رشاوى تراوح ما بين 3 و8 آلاف دولار للشخص الواحد؛ من أجل الحصول على مواطنة فيها.
http://www.aldaawah.cm المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/16)
احتراق أنوار العرس !!
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
ليلةُ الزفاف بالنسبة للفتاة هي أغلى ليالي العمر، فيها تلتقي رفيق دربها، وفارس أحلامها وكلُّها أملٌ ببناء عُشِّها الصغير، وبيتها الجديد، وسط مشاعر دافقة من الفرح والسرور، يصاحبها قَدْرٌ من الجدّية والاهتمام، ورغبة أكيدة بضرورة الاعتماد على النفس!
وما أن تصدر موافقة الأسرة على إتمام مراسم الزواج وتتأكد الفتاة أنّ موضوع زواجها قد بدأ يأخذ طابع الحسم والجدية إلا وترى العروس في تفكير دائم، وهاجسٍ مُستمر، وخيال وثّاب تسابق الزمن وتستشرف المستقبل علّه يلوحُ بالأُفق ما يُنبئها عن ملامح حياتها الجديدة وفارسها الموعود!
إنّها دائمة التفكير، واسعة الخيال، متوترة الأعصاب!!
تتسابقُ علاماتُ الاستفهام الضخمة أمام ناظريها، وتجولُ في مخيلتها!!
ماذا عساه يكون حال الزوج القادم، والفارس المرتقب؟!
ما مقدارُ لطافته؟ وما حدودُ لباقته؟ أهو عصبيُ المزاج؟ أم بارد الطباع؟
دائمُ الابتسامة؟ أم عابسُ الجَبينِ؟ كريمٌ سخي؟ أم بخيلٌ شحيح؟
هل سيبادلُني الحبَّ والمشاعرَ الدافئة؟ أم سنتبادل البُغض وعدمَ الوئام؟
أسئلة كثيرة، وآمال عريضةٌ، وهواجس بلا حدود!!
وهكذا تتوالي الأيام تباعاً، ويقترب الموعد المنتظر، وتحينُ ساعة الصفر، وتضاء أنوار العُرس، وتتجهزُ العروس لفارسها، وتُزَفُّ ليلى لقيسها!
وما هي إلا أيام، وإن تريثنا قلنا: أسابيع!! وإذا بالحقائق تتكشف شيئاً فشيئاً، وإذا بالأشياء تظهر رويداً رويداً!! وإذا بالفارس الموعود لا يعرفُ للمسجد طريقاً ولا للقبلة اتجاهاً. !!
وإذا بفتى الأحلام لا تُحصى (مناقبه!) ولا تعد (سجاياه!!) فهو مُدخن نَهِم، ومحبٌّ (للمُعسل) و (الجراك) وربما مدمن للحشيش والأفيون!
كما أنّه عاقُّ للأبوين، قاطعٌ للرحم، كبير الهمز واللمز، عابس الجبين، سليط اللسان!! يحب السفر والترحال (مجاهداً) في سبيل الشهوة الحرام!!
وأما ليلُه فسهرٌ حتى الصباح مع رفقة (الهمم العالية!!) (والأهداف السامية!!)
بَيْدَ أنّ نهاره نومٌ حتى الغروب، فإن كان ذا وظيفة ذهب كعادته متأخراً متثاقلاً، عابساً مُتجمهاً!!
وأما مغامراته فيشهد لها جواله المتخم بأرقام الفاجرات الماجنات و (ألبومه) الطافح بصور العاريات الداعرات!!
ومن بَيْن هذه الرزايا والقواصم، ومن خلال تلك البلايا والفواصم تَقبعُ الزوجةُ المفجوعة في زاوية من بيتها الكئيب وحيدة فريدة إلّا من حركات جنينها في أحشائها فقد ألقى (الفارس!!) بنطفته على عجل واستأنف حياة مجونه وخلاعته بِنَفَسٍ لَاهَثٍ، وحَمَاسِةٍ عجيبة!!
وهنا تلوحُ علاماتُ استفهام ضخمة؟!
ولكنها من نوع آخر؟!!
من المسئول عن هذا المصير القاتل؟ والمآل الأسود؟ من الذي حّول الأحلام النرجسية، إلى حقائق دامية، وفصول شاهقة باكية!! ؟
من الذي وَأَدَ (العروس) في عزّ شبابها، ودفنها حيةً في (شقة) الدُّموع والزَفَراتِ والآهاتِ؟!
من الجاني؟ ومن المجني عليه؟ !
وللأسف الشديد، فلا يمضي كبير وقت إلا ويدرك الجميع، أنّ الجاني هو أقرب النّاس إليها؟ إنّه وليها أباً كان أو أخاً أو قريباً؟!
أبداً...لم يكن الجاني هو الزوج فقد كان وافداً غريباً على الأسرة، طرق الباب وقَدِمَ بكل أخلاقه المنحرفة وسلوكياته الماجنة، ولم يستطع أن ينسلخ عن شيء منها أو يواري بَعْضاً من قبائحها، أفيلامُ الذئبُ حين تُقدّم له الشاة على طبق من ذهب؟!!
لكنّ الجنايةَ الحقيقيةَ يبوءُ بإثمها ويحمل وزرها وليُّ المرأة الذي باع ابنته لمن لا يستحقها بأبخس الأثمان!!
نعم، الجاني الحقيقي هو الولي الذي لم يُحسن البحث والتحري، والسؤال والاستقصاء، عن صهره اللئيم فخان الأمانة، وضيّع العهد وغرّته ابتسامات صفراء ووجه مصقول بالزيف والخداع أجاد إخراجها، وتمثيلها (فارس الأحلام)!!
فكانت النتيجة فاجعة، والنهاية قاتلة، والآمال آلاماً والأحلام سراباً!!
فانتبهي يا فتاة الإسلام واحذري أن تخدعي، وتريثي في الاختيار والموافقة حتى لا تعودي لبيت أهلك باكية وتتمني لو لم تضاء أنوار العرس فهي خير من إحتراقها!!
16/7/1426 هـ
2005-08-21
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/17)
العلاقة الزوجية
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ، ونستغفرهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لهُ، ومنْ يُضلل فلا هاديَ له. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [آل عمران: 102]. ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) [النساء: 1]. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) [الأحزاب: 70-71].
أما بعدُ: فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ ص وشرُّ الأمورِ مُحدثاتُها، وكل محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أما بعد أيها المسلمون:
فإنَّ ممَّا عني به الإسلام عناية خاصة، و اهتم به اهتماماً مميزاً، هو ميثاق الزوجية العظيم!!
حيث توافرت النصوص كتاباً وسنة، مبينةً أهمية ذلك الرباط المقدس والميثاق الغليظ الذي يجمع بين الزوجين، كما توضح تلك النصوص طبيعة تلك العلاقة وحساسيتها، وظروفها وملابساتها، وحقوق الزوجين وواجباتهما، كل ذلك في قالب فريد من الإتقان والإبداع، لا يوجد له نظير ولا شبيه في القديم أو الحديث، فهو صنع الله الذي أتقن كل شيء إنَّهُ هو خبير بما تفعلون!!
وبادئ ذي بدء نشير إلى ترغيب الشارع الحكيم في النكاح كما قوله - سبحانه - ((وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) (سورة النور: 32).
و بقوله- عليه الصلاة والسلام -: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) إلى غير ذلك من النصوص المعروفة.
كما أباح الإسلام للخاطب الجاد في خطبته أن ينظر إلى مخطوبته دون خلوة أوريبة، حتى تقر عينه و يطمئن قلبه، و ذلك أحرى أن يؤدم بينهما.
ففي الصحيح من حديث أبى هريرة- رضي الله عنه - قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني تزوجت امرأة من الأنصار، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((هل نظرت إليها فإنً في عيون الأنصار شيئاً؟ " قال: قد نظرت إليها)) الحديث.
واحترم الإسلام المرأة، واحترم رأيها، و جعل لها حق قبول النكاح أو رده دون ضغط أو إكراه!!
ففي الصحيح من حديث أبى هريرة- رضي الله عنه- أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن" قالوا: يا رسول الله، وكيف أذنها؟ قال: أن تسكت)).
كما جعل المهر حقاً لها لا يجوز بخسها إياه أو مساومتها عليه، قال الله - تعالى -: ((وآتوا النساء صدقاتهن نحلة)).
و إكراماً للمرأة، وصوناً لشرفها وكرامتها، و حتى لا تستغل أو تخدع جعل الإسلام الولي شرطاً في صحة النكاح، ففي السنن من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً بسند صحيح ((لا نكاح إلا بولي)) وما ذلك إلا لصون حيائها، وحفظ حقها.
فإذا ما أبرم ميثاق الزواج، وقامت الحياة الأسرية الواعدة، عقب تلك الخطوات الهادئة وتلك الترتيبات الملائمة، وجدنا الإسلام العظيم يحيط الزوجين بمزيد رعاية وتوجيه، لما لهما من الأثر الفاعل في تكوين الأسرة المسلمة، الآخذة بالنمو والاتساع، مقدمة أبناءها للمجتمع الكبير، فمنهم ظالمٌ لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق إلى الخيرات بإذن الله، ذلك هو الفضل الكبير.
ومن هنا وضع الشارع الحكيم النقاط على الحروف، وبين الحقوق والواجبات حتى لا يظلم أحد الزوجين صاحبه، ولكي تمضي الحياة الزوجية على أسس متينة من الحب والوئام..و الاحترام المتبادل!!
وفي زماننا هذا فرط كثير من الأزواج رجالاً و نساءً..بحقوق بعضهم البعض.. متناسين قوله - عليه الصلاة والسلام -: ((لتؤدن الحقوق يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء تنطحها)).
فدعونا تتذكر شيئاً من تلك الحقوق المهدرة.. ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد!!
فمن حقوق الزوجة على زوجها.. أن يعلمها ما تحتاجه من العلم الشرعي الصحيح، كالطهارة والصلاة، وأحكام الحيض والنفاس وغير ذلك، مما لا بد من معرفته حتى تعبد الله على بصيرة.. فيسلم لها دينها و تبرأ به ذمتها.. و قد يقول قائل إن الزوج نفسه يجهل كثيراً من هذه الأمور و فاقد الشيء لا يعطيه؟
و هو استدراك وجيه... بينه البارئ بقوله - تعالى -: ((فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)).
فالمسألة محلولة بحمد الله.. وأهل الذكر وهم العلماء الربانيون منتشرون في طول العالم وعرضه.. و هم أشهر من أن يذكروا.. وأكثر من أن يحصروا.. ووسائل الاتصال بهم سهلة ميسورة.. وفتاواهم ورسائلهم موفورة منشورة.. ومواقعهم على الشبكة العالمية معروفة!!
ومن حقوق الزوجة كذلك.. حفظها و صونها من كل ما يدنس عفتها.. ويذهب حيائها.. ويميع أخلاقها.. ويتحقق كل ذلك وزيادة حين يحول بينها و بين وسائل الفتنة.. وأسباب الشر والفساد.. التي تعرض لها المنكر و تزين لها الفاحشة.. وتميت في نفسها الغيرة والحشمة.. فيصون بيته ويطهره من وسائل التدمير التي طالما قوضت البيوت من أركانها.. وأدمت القلوب بقبيح فعالها.. وقد يقابل الزوج باحتجاج الزوجة وغضب الأولاد.. فلا يكترث ولا يبالي فذلك مقتضى رجولته وعلامة شجاعته.. وحقه الشرعي في القوامة!! متذكراً قوله - عليه الصلاة والسلام - ((من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)) و قوله: ((كلكم راع و مسؤول عن رعيته)).
ومناجياً ربه بتضرع خشوع
فليتك تحلو والحياة مريرة *** وليتك ترضى والأنام غضاب
إذا صح منك الود فالكل هين *** وكل الذي فوق التراب تراب
ومما يصون الزوجة ويحفظ دينها وحيائها... أمرها بالحجاب الشرعي الساتر لجميع بدنها امتثالاً لقوله - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)) (سورة الأحزاب: 59).
وقوله - تعالى -: ((فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا)) (سورة الأحزاب: 53).
وكلما كانت الزوجة متسترة متحجبة دل ذلك على أصالة معدنها وتعظيمها لربها من جهة.. وعلى شهامة زوجها و غيرته و رجولته من جهة ثانية.. !!
ومن وسائل حفظها... منعها من الاختلاط بالرجال الأجانب في الأسواق والدكاكين وغيرها.. فضلاً عن الخلوة بهم لوحدها.. في بيع أو شراء.. أليس كذلك يا مسلمون؟؟!!
ومن وسائل حفظها.. منعها من قرينات السوء.. الساقطات السافلات.. المائلات المميلات.. فكم جنين على بنات المسلمين من البلاء و الفتنة والكيد والمكر الخبيث.
((الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)) (سورة الزخرف 67)، ((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا* يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا)) (سورة الفرقان 28: 27)!!
ومن حقوق الزوجة.. كذلك احترامها وتقديرها.. واستشارتها فيما تدعوا إليه الحاجة.. والبشاشة في وجهها.. ومعاشرتها بالمعروف.. فقد صح عنه - عليه السلام -: ((خيركم خيركم لأهله أنا خيركم لأهلي)).
ومن حقوق الزوجة كذلك... حقها في السكنى والطعام و الكساء.. ((فقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: تطعمها إذا أطعمت و تكسوها)).
إذا اكتسيت و لا تضرب الوجه ولا تقبح و لا تهجر إلا في البيت.
ومن حقوق الزوجة كذلك... حقها في رعايتها صحياً فيذهب بها إلى الطبيبة المسلمة الأمينة الموثوقة متى دعت الحاجة إلى ذلك.. وأن يتجنب عرضها على الأطباء الرجال إلا إذا تعذر وجود النساء.. على أن يجلس معها عند الطبيب.. حائلاً بينه و بين رؤية شيء من بدنها إلا ما دعت إليه الضرورة القصوى.. والضرورة تقدر بقدرها.. !!
ومن حقوق الزوجة كذلك.. الوفاء لها بما اشترطت عليه في عقد النكاح.. ففي الحديث الصحيح ((إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج)).
ومن حقوق الزوجة كذلك.. عدم الاعتداء على مالها.. فبعض الأزواج يستغل عاطفة زوجته فيسرق مالها.. بحجة بناء المستقبل المشترك.. أو يشكو لها حاجة أو فاقة وهو كاذب.. أو أنه سيتاجر لها فيه.. أو غير ذلك من الدعاوى وهو إنما يقصد- الاستيلاء على مالها.. والاستئثار به لنفسه.. وهذا سحت وغلول وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به.
وأما حقوق الزوج، فله على زوجته أن تحفظه في نفسه وماله.. و في حضرته وغيبته.. وألاّ تقطع رأياً دون مشورته.. وأن تخدمه فيما جرى به عرف الناس، وأن تطيعه في غير معصية الله - تعالى -.. !!.
ففي المتفق عليه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: ((والمرأة راعية في بيت زوجها ومسوؤلة عن رعيتها)).
أيها الأحبة.. لقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم -" أن المرأة خلقت من ضلع و أن أعوج ما في الضلع أعلاه إن ذهبت تقيمه كسرته.. وإن تركته لم يزل أعوج استوصوا بالنساء خيراً" رواه مسلم وغيره.. ففي الحديث الشريف يتضح بجلاء ما جبلت عليه المرأة من النقص البين و الاعوجاج الظاهر.. فكثيراً ما يقع منها الخطأ والنسيان.. وهنا تظهر شخصية الزوج وهدوءه وحكمته وحنكته.. فيعالج الموقف بحسن تصرفه.. فلا يبادر إلى معاقبة زوجته أو الصراخ في وجهها.. أو التلويح بورقة الطلاق.. في كل حين ومناسبة.. فكل تلك الأساليب.. قد لا تؤدي إلى غرضها.. ولا تحقق مقصودها.. بل ربما زادت الوحشة بين الزوجين.. وأزّمت الموقف بين الطرفين.. ولكن رفقاً بالقوارير يا أنجشه.. !!
فالموعظة الحسنة تذهب وحشة الصدور، وتزيل البغض والنفور ((وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)) (سورة فصلت: 35، 34).
فإن آبت الزوجة إلا العناد.. و لم تستجب للموعظة و القول الجميل، عندها يكون الهجر في المضجع ففيه كسر لكبريائها وترويض لنفرتها فان استمرت في نشوزها وواصلت في إعراضها.. فضرب غير مبرح ((وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)) (سورة النساء: 34)!!
و قد يفهم بعض الناس مشروعية الضرب في الآية فهماً خطئا.. فلا يكاد يضع العصا عن عاتقه.. أو يحسب الضرب كسرا للعظام.. وإسالة للدماء.. ولطماً للخدود!!
كلا أيها المصارعون.. إن الضرب آخر الحلول حين تخفق المواعظ، و ينفد الصبر الطويل.. و يفشل الهجر الجميل، ثم هو ضرب برفق و لين، ومن ثم إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان!!
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالذكرِ الحكيم، واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله يُعطي ويمنع، ويخفضُ ويرفع، ويضرُ وينفع، ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور. وأُصلي وأسلمُ على الرحمةِ المهداة، والنعمةِ المُسداة، وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين،
أمَّا بعدُ:
فقد يشكو بعض الأزواج من تمرد زوجاتهم عليهم... ومن كثرة مخالفاتهن ونشوزهن... والسبب واضح لا لبس فيه و لا غموض... وعلى نفسها جنت براقش.. فالزوجة التي تتلقى ثقافتها و أخلاقها صباح مساء.. من أجهزة التدمير الإفساد.. والتي تعرض لها مشاهد حية لنساء فاسقات سافلات.. من ممثلات ومطربات.. تعرض لها تلك النماذج المنحرفة.. كنجوم وكواكب.. فأي شيء ينتظره الزوج منها بعد ذلك؟؟!!
أينتظر من زوجته أن تكون عائشة أو سمية.. أو صفية أو ذات النطاقين؟؟!!
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء!!
هذا أحد الأسباب في تمرد الزوجات و نشوزهن.
وأما السبب الثاني... فهو ذلك الفهم المنقوص الذي فهمه بعض الجهلة لاحترام المرأة.. فقد يفهم بعض الأزواج أن احترام المرأة هو باصطحابها إلى حفلات مشبوهة.. وأماكن موبوءة.. كدور السينما أو مسارح الطرب والغناء.. أو الحدائق المختلطة.. أو ما يسمى بمطاعم العائلات.. حيث يختلط الرجال بالنساء.. وتخدش الفضيلة.. ويتوارى الحياء.. وهذا يفعله المتأمركون والمتفرنجون.. وبعض الأغرار من العامة والبسطاء.. الذين فهموا الحضارة بالمقلوب!! كما يظن البعض أن احترام الزوجة.. يكون بمنحها حرية الخروج والدخول متى شاءت.. وأين شاءت.. فتسافر وحدها.. و تقيم وحدها.
فأين القوامة يا مسلمون؟ أين هي أين هي؟؟!! وربما ظن بعضهم أن احترام الزوجة.. يكون بجعلها الآمرة الناهية في البيت.. تفعل ما تشاء و تترك ما تشاء.. بيدها مقاليد الأسرة كلها.. تقرب وتبعد.. وتدني وتقصي والنبي - عليه الصلاة والسلام - يقول: ((لن يفلح قوم و لوا أمرهم امرأة)) رواه البخاري
اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ، والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مضلة،
اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مهتدين، لا ضاليَن ولا مُضلين، بالمعروف آمرين، وعن المنكر ناهين، يا ربَّ العالمين، ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
وأرض اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي
اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور، وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ، يا عزيزُ يا غفور، سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
29/5/1426 هـ
6/7/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/18)
حنان الأنثى ... هل أنت أنثى ؟
تقدم لخطبتها لكنها رفضت وقالت:
[أخشى إن أقبلتُ على زوجي أن أُضيّع بعض شأني وولدي، وإن أقبلت على ولدي أن أضيع حق زوجي]
أتدرين من هذه عزيزتي القارئة ومن هذا المتقدم لخطبتها؟
أنها أم هانئة فاخته بنت أبي طالب، أخت على بن أبي طالب - رضي الله عنها - وبنت عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وراوية حديث الإسراء، فرّق الإسلام بينها وبين زوجها هبيرة، وكانت قد انكشفت منه عن أربعة بنين.
فخطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت أم هانئ:
[يا رسول الله لأنت أحب إليّ من سمعي ومن بصري، وحق الزوج عظيم، فأخشى إن أقبلتٌ على زوجي تعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أضيع بعض شأن ولدي، وإن أقبلت على ولدي أن أضيع حق زوجي].
وهنا امتدحها النبي - صلى الله عليه وسلم - وشكر لها ذلك فقال: [[إن خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على بعل أي زوج في ذات يده]] رواه البخاري.
من الحاجات النفسية التي يحتاجها الإنسان الحاجة إلى الحب والحنان.
والأنثى هي التي تضفي على الآخرين مشاعر الحب والحنان، فهي سكن للرجل وحنان ورعاية للكبير والصغير، إنها حنونة حتى على الجماد في المنزل وعلى كل ما في البيت برعايته وتنظيمه ووضعه في المكان المناسب واحتفاء الجمال عليه، وهذا الحنان هو من أكبر أسباب الاستقرار النفسي والاجتماعي للطفل والرجل.
تدليل.... قسوة.... ما بينها
إن تدليل الأم للطفل والمبالغة في الرعاية والحماية له نفس أثر القسوة الزائدة والعقاب البدني والترهيب والتخويف واستخدام الطرق غير الطبيعية، في العقاب، فالتدليل والقسوة سواء بسواء، ومن يتعرض لهذين النقيضين هو من الأفراد الأكثر عُرضه للمرض النفسي وأحياناً العقلي.
وقد هدانا شرعنا الحنيف إلى أحسن طريقة في التعامل مع الطفل وهي: [خير الأمور أوسطها] أي أن تكون الأم حازمة من غير عنف وحنونة من غير ضعف، وقد أوضح بولبي في التقرير الذي أعده وقدمه إلى منظمة الصحة العالمية أن الحرمان من الأم له أضراره البالغة على الطفل، وقد أشار إلى ضرورة منح الطفل الحب والأمن [إن الحرمان من حب الأم ورعايتها بالنسبة لصحة الطفل يكاد يعادل خطورة الحرمان من البروتينات والفيتامينات بالنسبة للصحة الجسمية].
إذن فالحرمان من الأم وحنانها يؤدي إلي اضطراب في شخصية الطفل والنمو النفسي السوي واشباع حاجاته النفسية من الحب والحنان والعطف يساهم في النمو النفسي والاجتماعي السليم.
تمرة واحدة لا اثنتين
تحكي لنا أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: [دخلت عليّ امرأة ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة، فأعطيتها اياها، فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال - صلى الله عليه وسلم -: [[من ابتلى من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار]] رواه البخاري ومسلم.
إن إضفاء الحنان والعطف على الأطفال وخاصة البنات دليل على الصحة النفسية للأم والذي بدوره ينتقل إلى الأطفال، وله أجره جنة الله الأبدية والحجاب من النار.
وقال الصغير
يقول الشاعر جلال الدين الرومي:
[إذا احتضنت الأم طفلها لترضعه فليس لدى الطفل وقت ليسألها عن إقامة البرهان على أمومتها] فدور الأم مع الأطفال أكبر من دور الأب والمعلم، وهي على أداء هذا الدور أصبر.
وأعبث في البيت مستبسلاً *** فأي إناء أحببتُ انكسر
أطيش فيضجر بي والدي *** وليس يُلمُّ بأمي الضجر
وأخيراً عزيزتي القارئة:
إن الأنثى هي ينبوع الحنان والشعور بالدفء، هي الحلم والصبر وقوة التحمل هي المربية التي إذا أرادت فإنها تصنع جيلاً تهز به الكون، وإن كانت غير ذلك فلنفتح صدورنا للمشاكل الاضطرابات النفسية والتي قد تصل على مشاكل واضطرابات عقلية.
13 المحرم 1427هـ
12 فبراير 2006م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/19)
ميزانية البيت .. بين التبذير والتقتير !!
خالد عبد اللطيف
ثغر مهم يُغفل عنه في كثير من البيوت، مع أنه قد يكون هو السبب في كثير من المشكلات والمشاحنات التي لا يُعرف لها سبب! ألا وهو: التدبير وضبط أمور البيت، ووضع ميزانية منضبطة توائم بين الدخل والاحتياجات.
فمن المهم جدا أن يتفق الزوجان على ميزانية مالية للبيت ذات بنود محددة، وتحديد أحدهما مسؤولا عن متابعة هذه الميزانية المحددة سلفاً، فقد يكون الزوج مشغولاً في عمله بما لا يدع له مجالاً لهذه التفاصيل فيسندها لزوجته؛ فيجمع بين مصلحتين.. تفويض مهمة لا وقت لديه لتفاصيلها، وتأليف قلب الزوجة بإشعارها بأهمية دورها في إدارة بيتهما، وثقته بها!
أما السبيل إلى نجاح هذه الميزانية؛ فيكون بالاعتدال والحكمة ودقة الموازنة بين الأهم والمهم.. وتجنب الإسراف والتبذير، قال الله - تعالى -: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ.. }، وقال - سبحانه -: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
روي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: "إني لأبغض أهل بيت ينفقون رزق أيام في يوم واحد"! وعن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما -: "كل سرف فبإزائه حق مضيّع".
ولكن.. لا يعني التدبيرُ وتجنبُ التبذير.. الوقوعَ في آفة الشح والتقتير؛ قال - تعالى -: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.. فلا يضيّق الإنسان على أهل بيته في حال السعة، كما لا يورّط نفسه فيما لا طاقة له به في حال الشدة! بل يسير على هدْي قويم وصراط مستقيم؛ ويربّي أهل بيته على التوسط والاعتدال، وليأخذ من صحته لمرضه.. ويدّخر من يومه لغده. ويخطئ كثيرا من يعرض عن ذلك ظانّاً أنه ينافي التوكل، أو أنه يمس الثقة بالرزق!
وقد جاء في السنة المطهرة ما يزيل تلك الشبهات، ويرسم المنهاج الحق للمسترشدين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك" (رواه مالك).
ففي الحديث إرشادان كريمان: الأول: إلى ترك الإنسان لورثته ما ينفعهم بعد موته، والآخر: إلى استحباب الإنفاق والتوسعة عليهم. في وصية نبوية جامعة يتحقق بها التوازن والاعتدال.
ويؤكد الحث على هذا المنهاج في الاعتدال والموازنة بين الأمور: ما جاء في مسند أحمد وغيره عن ابن عمرو - رضي الله عنهما -: "كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يقوت"، وفي رواية لمسلم: "كفى إثماً أن تحبس عمن تملك قوته":
فحذرت الرواية الأولى من تضييع الأهل والذرية، وحذرت الأخرى من حبس القوت عنهم.
وجماع ذلك كله في قوله - تعالى -في صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان: 67)، وقوله - سبحانه - في وصايا سورة الإسراء: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} (الإسراء: 29).
قال ترجمان القرآن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: "كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة".
فتحية إلى كل زوجين لبيبين يسترشدان بمنهاج الاعتدال والتوازن، ويتنبهان إلى ضرورة نبذ الفوضى والعشوائية في إدارة شؤونهما، وأهمية سدّ هذا الثغر.. ويبدآن من الآن في رسم الخطوط العريضة لميزانية البيت والتخطيط للمستقبل؟!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/20)
حق الزوج في تأديب زوجته في الشريعة الإسلامية
أحمد شيخ أحمد حمادة
في الهجمة المعادية على الإسلام والمسلمين كُثر الحديث عن امتهان الإسلام للمرأة، ومؤخراً لفت نظري في أحد مواقع (الشبكة العنكبوتية) التي تخصصت في التهجم على الإسلام والمسلمين مقال مغرض يتهم فيه كاتبه الإسلام بامتهان المرأة من خلال حق الزوج في تأديب زوجته، وما كنت لأقف عند هذا المقال وغيره من المقالات المشابهة الخبيثة لولا أن المقال ضمنوه ببيان لأحد علمائنا الأفاضل يدافع من خلاله عن مفهوم تأديب الزوج لزوجته وبما فحواه أن المرأة نظراً لطبيعتها العاطفية والفيزيولوجية والعقلية بحاجة إلى التأديب والتقويم، وبالتالي فإن على الزوج أن يؤدب زوجته كي لا تحيد عن الصواب وتنجر وراء طبيعتها الضعيفة!!
وهذا الكلام غير دقيق، وليس هو المفهوم الحقيقي للتأديب والصواب أن التأديب جاء في إطار العلاقة الزوجية وبهدف الحفاظ على صحة وسلامة وديمومة العلاقة الأسرية وعدم الإساءة إليها، وكم نحتاج إلى خطاب يجيد إيصال حقيقة المفاهيم الإسلامية للآخرين بما يظهر حضاريتها وإنسانيتها، وبما في ذلك مفهوم حق الزوج في تأديب زوجته وكيفية ممارسة هذا الحق وزمن استعماله وأهدافه، والإجابة بوضوح إن كان هذا الحق هو فعلاً امتهان للمرأة، أم هو صون لها وللعلاقة الزوجية، ومن ثم سلامة المجتمع ككل باعتبار أن الأسرة هي لبنة المجتمع الأساسية.
إن الإجابة على مثل هذه التساؤلات في هذا المقام تبدأ ربما من استعراض التشريعات والقوانين المدنية الغربية التي يطلبون من المسلمين العمل بها، وسنجد أن أكبر الجرائم المهددة للحياة الزوجية وهي جريمة الزنا لا تَستوجبُ في هذه التشريعات حق أن يمارس الزوج صلاحياته حتى في الاستنكار والتعنيف، فالتشريع الفرنسي مثلاً تعرض لجريمة الزنا في المواد (336) و (339) باعتبارها جريمة تستوجب معاقبة مرتكبها، ولكن حتى هذه العبارة تم حذفها من القانون الفرنسي بتاريخ 11-7-1975م. عندما ألغيت المواد المتعلقة بالزنا واستبدلت بالقانون 617 الذي ترك للقضاة تحديد معنى الزنا(1)، وبالتالي صارت كلمة زنا كلمة مطاطية! يمكن للزاني أو للقاضي نفي صفة الزنا عن أية حالة زنا واستبدالها بكلمة (صداقة!) مثلاً، وبجميع الحالات تشدد القانون الفرنسي بمنع استخدام العنف من قبل الطرف المتضرر من الزنا تجاه الشريك الزاني، واعتبر استخدام العنف في هذه الحالة فعلاً جنائياً تُطبق عليه القوانين الجنائية، بل يحال الأمر للقاضي ليقرر أن كانت الحالة زنا أم لا!!
بالطبع لا تعليق على هذا المثال الذي يشكل حالة من القوانين والتشريعات (الحضارية!!) التي يطالبون المسلمين الأخذ بها، في حين يرون حق تأديب الزوج لزوجته كما ورد في الإسلام فعلاً همجياً يستوجب العقوبات الجنائية، فهل هذا الحق هو كما يصفوه في كتاباتهم المعادية الحاقدة على الإسلام والمسلمين؟
الأساس الشرعي والمفهوم:
التأديب لغةً واصطلاحاً يعني: الضرب والوعيد والتعنيف، وهو في مجال العلاقة الزوجية حق الزوج في تأديب زوجته الناشز، بوسائل تأديب محدودة ومحددة من أجل تهذيبها وإصلاحها، وقد الزمت التشريعات المختلفة الزوجة بطاعة زوجها، وقد أقرت الشريعة الإسلامية حق الزوج في تأديب زوجته، ويستدل على ذلك بالقرآن والسنة النبوية الشريفة والإجماع، من ذلك قوله - تعالى -: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على" بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا (34) - صلى الله عليه وسلم - النساء: 34}.
ففي هذه الآية الكريمة نص ٌصريح على قِوَامة الرجل على المرأة، ووجوب طاعة المرأة زوجها بما ليس فيه معصية لله - سبحانه -، وفي حالة نُشُوز المرأة (عدم طاعة زوجها) يحق للزوج تأديبها لحملها على طاعته، والتأديب يتم وفق تراتيب تتمثل في: الوعظ، ثم الهجر في المضاجع، ثم الضرب بقيود يأتي إيضاحها، وسوف نقف عند كل نوع من أنواع التأديب هذه كما حددها الإسلام.
الوعظ:
الوعظ يقصد به الدعوة إلى مبادئ الإسلام الخيِّرة والنهي عن المنكرات، وهو ضمن هذا المفهوم واجب على كل مسلم ذكراً كان أم أنثى؛ وفي إطار العلاقة الزوجية المقصود بالوعظ هو التذكير بما يلين القلب لقبول الطاعة واجتناب المنكر، وهو واجب متبادل بين الزوجين، بأن يعظ كل منهما الآخر، بما يذكرهما دائماًً بالتزام حدود الشرع في كل مناحي الحياة والممارسات الحياتية.
إذن الوعظ كدعوة إلى الخير حقٌ تمتلكه المرأة تجاه زوجها، فلها مثلاً إن رأت زوجها يسلك مسالك الكسب غير المشروع، أن تعظ زوجها وتذكره، بأنه يُطْعمها ويطعم أولاده مالاً حراماً، وإن سها زوجها عن الصلاة أو تساهى عنها فلها الحق في أن تعظه، وعليه أن يتقبل وعظها لأنها شريك له في الحياة كرّمها الله، وعليه أن يحمد الله لأنه أكرمه بزوجة صالحة تجيد وعظه لما فيه صلاحه وصلاح أسرتهما.
أما بالنسبة للزوج فالوعظ كما رآه الفقهاء على درجات، أخفها التنبيه الديني والخلقي؛ وأعلاها اللوم والتنبيه إلى العيوب والتعنيف(2)، وهذا يعني أن على الزوج أن يبدأ مع زوجته الوعظ بالرفق واللين فيذكرها بما أوجبه الله عليها من حُسْن الصُّحْبة وجميل المعاشرة الزوجية، والاعتراف بالقوامة التي يملكها عليها، وتخويفها بالله - عز وجل - وعقابه إذا عصته، ويذكرها بالآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث الزوجة على طاعة زوجها.
وفي الحقيقة تعتبر هذه المرحلة من الوعظ ترسيخاً نفسياً للعلاقة الزوجية، فمن الثابت أن الحياة الزوجية في بداياتها بين الزوجين تُصاب غالباً بالفُتور والملل، لأنها تجمع بين شخصين مختلفين فزيولوجياً ونفسياً وربما بيئياً عن بعضهما، وتعتبر هذه الفترة الأخطر في الحياة الزوجية، وبحسب سجلات المحاكم الشرعية فإن مُعظم دعاوى التفريق والطلاق التي تتلقاها المحاكم الشرعية هي من أزواج حديثي العهد بالزواج، ولهذا يؤجل القضاة البت بهذه الدعاوى قدر ما يتاح لهم لإتاحة الفرصة للزوجين كي يَعُودا للتفاهم عبر الحوار، وفي الأغلب يكون هذا التأجيل كافياً ليسحب الزوجان المختلفان دعواهما.
أما إذا لم يستطع الزوجان تجاوز هذه المرحلة الحساسة من الحياة الزوجية بالتفاهم، فالشقاق يبدأ بأن يلجأ كلٌ منهما إلى الصمت، كأن يتشاغل الزوج بمتابعة التلفاز أو البقاء خارج البيت أطول مدة ممكنة، في حين تكون ردود فعل الزوجة تجاهل زوجها بمثل ما يتجاهلها به، وهكذا يمتد الصمت الثقيل داخل البيت و يتسع الشقاق ليصل إلى المحاكم الشرعية طلباً للتفريق أو الطلاق.
من هذه الحقيقة التي يعرفها القضاة الشرعيون تتبدى أهمية حق الرجل في وعظ زوجته باللين والرفق؛ إذ بدلاً من أن يلجأ إلى الصمت والتذمر من تصرفات زوجته يلجأ إلى إقامة حوار معها قائم على أساس تذكيرها بأنه ينظر إليها كشريك في الحياة الزوجية الصالحة التي يحرص على استمرارها بما يُرضِي الله ويحقق سعادتهما معاً، ولأن الزوج في هذه المرحلة يعظ زوجته وهما في حالة هدوء أعصاب سيتقبل الملاحظات التي توجهها زوجته له ويناقشها بها، وبدورها ستتقبل ملاحظاته، وخاصة أن وعظه باللين والرفق يعني أن يتضمن عبارات الثناء عليها، والنقد البناء لما يرى انه سلبيات في تصرفاتها، وهذا يعني في المُحَصِّلة أن الوعظ باللين والرفق هو في الحقيقة حوار بنّاء بين الزوجين ينجح غالباً في إزالة عوائق الإندماج النفسي والبيئي والسلوكي بين الزوجين ويُبعد الملل عن الحياة الزوجية.
أما إذا لم تثمر هذه المرحلة، أي الوعظ باللين والرفق، فللزوج الحق باستعمال المرحلة التالية وهي الوعظ بالتعنيف والتهديد، بأن نشوزها سيكون سبباً في هجرانه لها، وهو أمر تتجنبه الزوجة لأنه يحرمها من الحصول على إشباع غريزة مشروع لها الحصول عليها من زوجها، ولأنه - أي الهجر - يعني عقاباً نفسياً لاعتزازها بأنوثتها أمام زوجها، وانتقاصاً من إحساسها بأنها مرغوبة منه، وبالتالي فقد ثبت أن التهديد بالهجر يشكل أكبر رادع للزوجة عن النشوز، وهو ما يعني أيضاً أن هذا التهديد والتعنيف هو في حقيقته تقويةٌ للعلاقة الزوجية وتكريم للمرأة لأنه يبقيها ضمن ما يضمن سعادتها وسعادة زوجها وأسرتهما.
الهجر:
المقصود بالهجر في الشرع الهجر في المَضْجع؛ وهو أسلوب التأديب الذي يجب أن يستعمله الزوج إذا لم ينجح أسلوب الوعظ بمرحلتيه اللتين ذكرناهما ولا يجوز للزوج أن يهجر بيت الزوجية، لأن الهدف من الهجر هو التأديب لا التفريق، وهناك أقوال للفقهاء في آلية الهجر، كأن يولي الزوج ظهره للزوجة في الفراش، أو لا يكلمها ولا يطؤها، أو لا ينام معها في فراش واحد، وقيل: يكلمها ويطؤها ولكن بقول فيه غلظة وشدة (3).
ولامجال للاختلاف بين علماء النفس وغيرهم، في أن هجر الزوج لزوجته في الفراش يساهم مساهمة فعالة في تقويم الزوجة، فهو يُظهر لها قدرة زوجها على التغلب على غريزته الجنسية رغم وجودهما معاً في بيت واحد، وغالباً ما يجعل الهجر الزوجة تسأل زوجها مستوضحة عن سبب هجره لها، مما يفتح أمامهما باباً للحوار البنَّاء يعيد الزوجة إلى طريق الصواب بما يرضي الله ويُسعد زوجها، والحد الأقصى للهجر ستة أشهر، فإذا انقضت الستة أشهر دون أن تتأدب الزوجة الناشز، كان له عندئذ اللجوء إلى الأسلوب التأديبي الثالث وهو الضرب.
مفهوم الضرب التأديبي وقيوده:
لقد استغل أعداء الإسلام مصطلح (الضرب) كما ورد في حق الزوج بتأديب زوجته، ليشيعوا بأن الزوجة في الإسلام مخلوق يتوجب على الزوج ضربه باستمرار وبسبب وبدون سبب، وأن الزوجة وسيلة تنفيث عن غضب الزوج، وتمتلئ كتب المستشرقين بالكتابات الحاقدة التي تصور الرجل المسلم لا يتوانى عن سلخ جلد زوجته بدون أي: سبب في حين يعطف على ناقته، أي أن المرأة في الإسلام أقل قيمة من الناقة!!
وبالطبع لسنا هنا في صدد الرد على كتابات الحاقدين على الإسلام والمسلمين، بقدر ما نحن أمام حقيقة توضيح حقيقة مفهوم الضرب التأديبي ضمن العلاقة الزوجية، فقد أباح الشرع للزوج أن يضرب زوجته لتأديبها، ولكن هذه الإباحة لا تصبح حقاً للزوج إلا بعد أن يستنفذ أسلوبي التأديب اللذين ذكرناهما، وهما: الوعظ أولاً، ثم الهجر في المضجع ثانياً، وبعد أن يستنفذ الزوج هاتين الوسيلتين ويتأكد من عدم نجاحهما في تأديب زوجته، وبالتالي فللقاضي الذي تعرض عليه حالة ضرب زوج لزوجته أن يتأكد إن كان الزوج قد لجأ أولاً إلى الوعظ ثم إلى الهجر، فإن ثبت لديه أنه لم يلجأ إليهما وبدأ بوسيلة الضرب أولاً فله أن يحكم لصالح الزوجة ويعاقب الزوج(4).
وقد وضع الشرع قيوداً كثيرة على حق الزوج في استعمال الضرب لزوجته كأسلوب تأديب.
وأولها: القيد النفسي؛ وهو: أن الزوج إذا قدّر بأن تأديب زوجته لا يكون إلا بالضرب الشديد المؤلم فلا يجوز له الضرب، كما لا يجوز له الضرب إذا كان غاضباً أو في حالة عصبية أو نفسية شديدة، بل يجب أن يستعمل حق الضرب وهو بحالة نفسية واعية وهادئة وبتقدير مسبق أنه لا يضرب زوجته بهدف إهانتها أو إيذائها، بل بهدف تقويمها وتأديبها وإعادتها إلى جادة الصواب وبما يقوي الحياة الزوجية والأسرية.
القيد الثاني هو: ألا يكون الضربُ مبرّحاً، وهو ما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "فاضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضرباً غير مبرح"(5)، وهو تأكيدٌ على أنه لا يجوز للزوج أن يضرب زوجته ضرباً عند نشوزها ضرباً مبرحاً، حتى لو كانت لا يمكن أن تترك نشوزها إلا بالضرب المبرح، وبالتالي يجب أن يكون ضربه لها ضرباً بسيطاً لا يُغير لوناً أو يسبب كسراً أو جُرحاً ولا يسيل دماً(6).
ثم يأتي قيد وسيلة الضرب، وقد ذهب كثير من الفقهاء إلى أن الضرب يجب أن يكون باليد أو بمنديل لا غير، وذهب آخرون إلى جواز استعمال السوط أو العصا شرط أن يكون الضرب خفيفاً، أي على مبدأ التلويح بالعصا أكثر من الضرب بها.
وهناك قيدٌ يتعلق بمكان الضرب، إذْ يجب ألا يكون على الوجه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تضرب الوجه ولا تُقَبِّح.."(7)، ونهى - عليه الصلاة والسلام - عن ضرب المواقع الحساسة كالرأس والصدر والثديين والقلب والبطن والفرج، لما في الضرب على هذه الأماكن من خطر الإيذاء، وذهب عدد من الفقهاء إلى أن الضرب يجب ألا يزيد على عشر لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجلد أحد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله"؛ وهناك من يرى ألا يتجاوز الضرب ثلاثاً(8).
وهكذا نجد أن الشرع قد وضع قيوداً كثيرة على الضرب، كوسيلة تأديب للزوجة، فجعله بعد الوعظ والهجر، وجعله في إطار أن يكون الرجل حسن النية في تأديب زوجته وإصلاحها، بما يُرضي الله ويحافظ على العلاقة الأسرية والزوجية في إطارها الصحيح والمتين، وهو ما يعني أن الزوج لو استهدف من وعظه أو هجره لزوجته الانتقام أو الإهانة، أو حملها على معصية معينة، أو إنفاق مالها في وجه لا ترضاه، فإن فعله في هذه الحالة لا يُعدّ تأديباً وللقاضي أن يعتبر فعله جنائياً يستوجب العقوبة الجنائية، كما أن الضرب لو أدى إلى أذية جسدية أو عاهة مؤقتة أو مستديمة فإن الزوج يعتبر قد تجاوز حقه المقرر له في الشرع ويستوجب العقاب.
وبشكل عام تنص التشريعات المستمدة من الشرع الإسلامي في الدول الإسلامية على تجريم الزوج إذا ثبت أن ضربه لها جاء من باب الاعتداء عليها دون أن ينسب إليها معصية معينة، أو لعدم طاعتها له في معصية لله - سبحانه -، أو في لجوئه للضرب مباشرة دون أن يسبق ذلك وعظه لها ثم هجرها في المضجع، أو إذا ضربها في المواضع المنهي عنها كالرأس والوجه، وهكذا نجد الإسلام بتشريعه المحكم المتقن قد ضبط الأمور بضوابط عظيمة تكفل سلامة الأسرة من الانهيار والتفرق، وقبل الختام أضع بين يدي كل من تأثر بالدعاوي المغرضة من أبناء المسلمين حول قضايا المرأة هذه المقارنة المهمة.
مقارنة لا أكثر:
في عام 2003. م وبحسب صحيفة اللوموند الفرنسية تزايدت بشكل مقلق حالات استعمال العنف من قبل الأزواج الفرنسيين تجاه زوجاتهم، وقد تبين أن امرأة من بين كل عشرين امرأة متزوجة تتعرض للعنف الشديد من زوجها بما في ذلك الضرب نتيجة السكر أو تعاطي المخدرات، وخلال ذلك العام عُولجت امرأة من بين كل عشرين امرأة متزوجة من أذيات شديدة في المشافي نتيجة التعرض للضرب من قبل الأزواج... (9).
في عام 2004 زادت الحكومة الفيدرالية في ولاية نيوجرسي الأمريكية الاعتمادات المخصصة لمراكز إعادة تأهيل الزوجات اللواتي يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن، وقد تم افتتاح مراكز جديدة نتيجة تزايد حالات الضرب الشرس من قبل الأزواج لزوجاتهم، وحيث تبين أن امرأة من كل ثلاثين امرأة راجعت هذه المراكز أدى استعمال العنف معها من قبل زوجها إلى إصابتها بتشويه جسدي خاصة في الوجه (10).
في عام 2004 طالبت عدة جمعيات إنسانية في بريطانيا بإيجاد تشريعات عقابية جديدة صارمة بحق الأزواج الذين يمارسون الضرب والعنف مع زوجاتهم، بعد أن تزايدت هذه الظاهرة إلى حدود مقلقة، بما فيها تسبيب عاهات دائمة، وتشوهات تستدعي التدخل الجراحي التجميلي لعدد كبير من الزوجات المعتدى عليهن، بل وموت عدد منهن لاحقاً، وانتقدت الجمعيات البريطانية القوانين الجنائية المطبقة على الأزواج المعتدين بالضرب على زوجاتهم، إذْ يكفي أن يدعي الزوج أنه كان ثملاً أثناء ضربه زوجته! حتى تُطبق عليه عقوبة مخففة لا تزيد عن الغرامة المالية البسيطة أو تبرئته... (11).
ولا تعليق لدينا سوى أن نترك للقارئ أن يجري مقارنة بين امتهان كرامة المرأة في الغرب ونسبة الزوجات المعتدى عليهن بالضرب من قبل أزواجهم، وتزايد الشراسة في هذه الظاهرة يوماً بعد يوم، وبين التشريع الإسلامي الذي حفظ كرامة الزوجة ووضع وسائل بيد زوجها لإصلاحها في حال نشوزها، وكل هذه الوسائل تنطلق من احترام الزوجة كأنثى وشريك حياة وأم لها مكانتها الكبيرة عند زوجها وفي المجتمع الإسلامي ككل.
ــــــــــــــــ
المصادر:
1- محمود احمد طه محمود - الحماية الجنائية للعلاقة الزوجية - أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية - الرياض- 2002م.
2- سنن أبي داوود - تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد - المكتبة العصرية - بيروت - ج1.
3- ابن كثير - تفسير القرآن العظيم - دار الفكر - بيروت - 1408.
4- عبد الرحمن الجزيري - الفقه على المذاهب الأربعة - دار البيان - بيروت - 1990.
5- احمد - 1987؛ 184.
6- سنن أبو داوود - مصدر سبق ذكره.
7- القزويني - د. ت؛ ج1؛ 594.
8- احمد بن علي بن حجر العسقلاني - فتح الباري بشرح صحيح البخاري - دار الريان للتراث - القاهرة - 1987م.
9-نقلاً عن جريدة اللواء اللبنانية تاريخ 7-1-2004م.
10- موقع الجزيرة - 21-2-2004م.
11- نفس المصدر.
http://jmuslim.naseej.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/21)
مهارات لاحتواء الأزمات في البيوت !
خالد عبد اللطيف
احتواء الأزمات وعدم تركها تتفاقم فنٌّ لا يتقنه إلا عقلاء الناس وفضلاؤهم؛ أما ترك الأزمات تستفحل فيؤدي إلى زيادة شحناء النفوس وتراكم الغلّ في القلوب.. وهنا ينصب الشيطان رايته، وهذا ميدانه، كما في صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم".
وأشد ما يكون ذلك، وأحبه إلى الشيطان: التحريش بين الزوجين والإفساد بينهما، فعن الراوي نفسه جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرّقت بينه وبين امرأته، قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت" قال الأعمش: أراه قال: فيلتزمه! (رواه مسلم).
ومن هذا الهدي النبوي نستلهم إشارات.. نهديها لكل زوجين لبيبين:
الأولى: لا يجعل أحدكما يوماً من الدهر معركته مع الآخر،.. بل مع الشيطان. حتى لو كان أحد الزوجين مخطئاً أو مذنباً.. فلا يكن الآخر عوناً للشيطان عليه، ولا يخذله أحوج ما يكون إليه!
الثانية: لا يستخفنكما الشيطان.. فيجعلكما كالدمى يقلّبها بوساوسه، فيقلّب قلوبكما بين غضب ورضا.. وحزن وسرور، ولكن وطّنا نفسيكما على عداوته هو، واليقظة لمكره بكما. وصدق القائل: "من وطّن نفسه على أمر هان عليه"!
الثالثة: ليكن قوله - تعالى - : {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.. } وقوله - عز وجل -: {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ.. } شعارًا بينكما؛ ولينظر كل منكما إلى حق الآخر عليه.. قبل النظر إلى واجب الآخر نحوه! وليعلم من يداوم على خفض الجناح والتواضع والصبر على الآخر راضياً محتسباً أنه على خير عظيم؛ فلا يستنكف أو يرى أن الآخر هو الأولى بالاعتذار أو التواضع.. فيمنعه ذلك من المبادرة إلى التسامح والتصالح!
الرابعة: اتفقا من الآن.. فور الفراغ من قراءة هذه السطور على تحديد العدو (الشيطان)، وتذكير كل منكما للآخر إذا نسي، وامتثال من يُذكّر بمجرد تذكيره. ويُقترح كتابة الحديث الشريف السابق ذكره، وجعله في مكان يذكركما به.
ويالها من دقائق غالية تلك التي يخصصها الزوجان من آنٍ إلى آن..تغشاهما السكينة وتتنزل عليهما الرحمة، يتدارسان آيات من القرآن وقبسات من السنة؛ تنير بيتهما بالخير والبركة، وتضيء دربهما الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/22)
وداعاً للأعباء المنزلية
خالد عبد اللطيف
الأعمال المنزلية..ماذا تعني للنساء؟! هم وإزعاج؟! تعب ومعاناة يومية؟!
أم أن أخريات ينظرن من زوايا مختلفة: رياضة وسبب للرشاقة؟! متعة وتسلية؟!
أم هي للصابرات على مضض: ضريبة لابد منها للزواج والأمومة؟!
ولا يفوتنا أيضاً أن بعض البيوت ستتوجه المرأة فيها بهذه التساؤلات إلى "الخادمة" فهي المعنية بهذه الأمور..!
لكن.. هل توجد فئة أخرى من النساء تخالف كل ما سبق وتتخذ رأياً مغايراً لها كلها؛ يضعها في المقدمة، ويجعل من هذه الأعمال شرفاً عظيماً، وسبباً من أسباب السعادة؟!
فكثيرات هن المتشكّيات؛ لكن تشكيهن لا يرفع المعاناة، بل يزيدها!
ومثلهن المتضجرات في صمت؛ والفارق بينهن أن هذه نفّست عن ضيقها وهذه كتمته في صدرها..!
وقليلات بحق الصابرات في سكون ويقين، وإقرار بسنن الحياة الدائرة؛ وهؤلاء معانات بإذن الله؛ مصداقاً لقول نبي الهدى - صلى الله عليه وسلم -: "ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر" (متفق عليه عن أبي سعيد الخدري).
وأقلّ من هذا القليل نساء ربانيّات؛ لهن في كل سكنة وحركة صلة بالمولى الجليل؛ فالأمر يتجاوز الصبر والسكون.. إلى الرضا واليقين واحتساب الأجر والتقرب لله - تعالى -بالقيام بحق الزوج والذرية، فهي فرحة مسرورة، تمزج مرارة العناء بحلاوة الإيمان والشوق للجنان!
وفي استطلاع طريف نشره موقع "آسية" حول هذه الأصناف من النساء تجاه الأعمال المنزلية، كانت نسبة من اخترن أنها "باب عظيم للجهاد واحتساب الثواب" تفوق الثلثين! تلاها بنسبة السدس تقريباً من يرونها - على النقيض تماماً "الهم اليومي الذي لا ينتهي"!!
ومع التسليم بأن نتيجة كثير من الاستطلاعات غير علمية، لكننا نستأنس بهذه النسب إلى حد ما في إلقاء الضوء على القضية، وإعطاء مؤشرات نسبية فيها. ونحمد الله - تعالى -على ارتفاع مستوى الوعي لدى كثير من النساء.
ثم نخلص إلى وصايا عملية للتعامل مع الأعمال والأعباء المنزلية:
* نوصي من تراها "هماً متواصلاً" أن تحولها إلى مصدر دائم لثواب الله - تعالى -ورضاه عنها؛ فإن ذلك - مع كونه سبيلاً للسعادة الأخروية سيجعلك ترددين قريباً: "وداعاً للأعباء المنزلية"!
* ونوصي من تكتفي باعتبارها تسلية ورياضة ألاّ تُغبن في باب للجنات ونعيم الآخرة؛ بأن تحتسب وتستشعر تقرّبها لربها بحسن قيامها على شؤون بيتها.
* أما من عرفن طريقهن وسلكن دربهن.. وعلت هممهن؛ فليأخذن بأيدي القريبات والجارات والزميلات؛ بدعوتهن لينعمن مثلهن بحلاوة الإيمان التي تذوب فيها المعاناة، وتصفو الحياة، ويرضى الإله - عز وجل -!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/23)
علاقة الأبوة
أمين حسن أحمد يس
كان البروفسور مالك بابكر بدري في زيارة إلى لبنان، ومما شاهده هناك والد يودع ولده الذي سيسافر إلى الدراسة في الخارج بالقبل والعناق والبكاء؛ فأدهش الأستاذ، وتعجب من هذا المنظر - وهو من هو في معرفة النفس -، مع إني رأيته يقبل الدكتورعصام أحمد البشير في القاعة عند حصوله على درجة الدكتوراة!..
يقول الدكتورجعفر ميرغني: نحن إلى الآن لم نعرف الطريق إلى النقد الذاتي؛ وليس من باب التجريح، والتقريع أن أُبَصِّر زيدًا من الناس بالخطأِ الذي وقع فيه؛ فإن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: بارك الله في من أهدى إلي عيوبي.
أردت من وراء هذا أن أسلط الضوء على بعض العلاقات الاجتماعية التي تربط بين الناس، وعلى رأسها الأبوة التي عملَتْ فيها البداوة عملها؛ فَعُدّ ما شئت من أنواع التسلط، والقسوة تجد أن الأبوة في السودان قد استوعبته قديمًا وحديثًا، وإن خف الأمر عن ما كان عليه في السابق؛ فقد كنا نسمع من آبائنا أنه إذا دخل الأب إلى البيت سكت المتكلم، وقام القاعد، وقعد القائم!!.. أهذا أب، أَمْ إرهابي؟!.
أخبرني أحد الأصحاب أن جده لم يكن يدخل على أهله، ثم إذا طلب شيئًا أرسل الذي يعمل في المنزل إلى الداخل ليقول لهم الضيف الذي في الديوان يريد كذا؟!..
قبّل النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - سبطه، وعنده رجل؛ فقال: (يا رسول الله! إني لدي عشرة من الولد ما قبلت فيهم أحدا!)؛ فقال له الرحمة المهداة صلى الله - تعالى -عليه وآله سلم: (ماذا أصنع إذا كان الله نزع الرحمة من قبلك؟!)..
كانوا يقولون: (لنا إذا رأى التلميذ معلمه في الطريق انعطف إلى طريق آخر)؛ كأنما المعلم هو عمر بن الخطاب والتلميذ هو الشيطان!!.
إذا دخل الأب إلى بيته الآن تهلل الأطفال؛ وأخذوا يقفزون، وهم يقولون: (بابا جا.. بابا جا)!.. هذه سمة إيجابية طرأت على صورة الأب!، ولكن ما زالت تفتقر إلى الكثير؛ حتى تكتمل.. غير أنه لا يرى من صغاره إلاَّ الصورة، والشبح!؛ أبوته لهم لا تتعدى الأبوة الغريزية التي لسائر الحيوان!؛ فلا تجده يراقب نموّ أولاده الفكري، والوجداني قدر مراقبته لنموّهم الجسماني!؛ فتراه لا يحنو على أرواح الصغار؛ ويرعاها، ويشاركهم همومهم، وآلامهم، وطموحاتهم!..
يقص لي صديق هو الآن يشغل مركزًا حساسًا؛ انتبهت البلاد لعبقريته فأخذت تبعثه هنا وهناك.. أن والده لم يكن يعلم: ماذا يدرس؟!، أو أين يدرس؟!..
أحد المتفوقين يقول: إن والده ما تبسم في وجهه قط؟!؛ وكان يكتفي باعطائه المال فقط!..
أحد الأبناء أبدى رأيًا حكيمًا في قضية فَقُوبِل بالمعارضة والندية!..
إن الأب الحقيقي ليفرح إذا رأى غرسه قد أثمر.. وإن الأب الرشيد هو من يعين ابنه على بره..
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ومعه ولده؛ فقال: (يا أمير المؤمنين! إن ابني يعقني)؛ فقال عمر للولد: (لم تعق أباك؟!)؛ قال: (لم يختر لي أمي!، وما أحسن اسمي!، ولم يحفظني القرآن!)؛ فقال عمر: (يا هذا! لقد عققت ابنك قبل أن يعقك!)..
ما عاد التلميذ يفر من أستاذه!؛ بل لقد تصادقا في كل شيء!؛ فصار كيس العماري عندهم واحد!، وعلبة السجائر واحدة!..
وفي معرض ذلك أحكي قصة طريفة.. كان لنا معلم يدخن الحشيش، وفيما بعد صار تلميذه بائعًا له، وفي يوم جاء المعلم ليشترى من تلميذه، فلما أراد التلميذ أن يقطع للأستاذ القطعة التي اشتراها أراد المعلم أن يستغل جاهه عند تلميذه؛ فقال: (يا فلان! زد القطعة!؛ ألم أدرسك؟!)؛ قال: (درستني؟!.. هل تراني أضع في عنقي السماعة، أم أبيعك الذي تدخنه؟!)..
أصْدَق أب رأيته من قال لابنه: (يا بني! إني لا أملك ما أقدمه لك!، ولكن اقرأ قصيدة أبي إسحق الألبيري التي ينصح فيها ولده؛ فهي سنتفعك بين الآباء الذين لا يملكون مشاعر لأبنائهم، وبين من يملكون ولكنهم لا يستطيعون التعبير عنها.. صنف له عاطفة على أبنائه ما تحولت إلى شعور وفكرة كالتي للأطفال؛ فإن الطفل يمكن أن يبكي، ويضحك، ويصرخ، ويصمت في آن واحد؛ ذلك أن العاطفة طور في تكوين الشعور، وليست هي الشعور نفسه؛ فإن من الآباء من يخافون على أبنائهم خوفًا عظيمًا؛ إلى درجة يودون فيها لو وضعو أبناءهم في (براويز).. نحن لا نمنعك أن تخاف على ابنك، ولكن ليس إلى درجة تمنعه أن يعيش تجربته في الحياة؛ بمساحة يعبر فيها عن نفسه؛ ليشق طريقه؛ فلا أنت أعطيته شيئا!، ولا أنت تركته ليعرف شيئا!.. العاطفة لا تغني!؛ فالقطّة لها عاطفة ولكنها تحملها على أكل أولادها!.. يغادر الآباء هذه الحياة تاركين أولادهم على حزبين: حزب يثني على والده بعاطر الثناء مع كل خطوة نجاح يخطوها، والآخر يذكر اسم والده مرفقًا بالألم والمرارة مع كل إخفاقة يجدها في الحياة!.. علينا إذا ما أردنا علاج هذه القضية الخطيرة أن نثيرها في جامعاتنا، ومنتدياتنا، وجوامعنا، ولقد تفضل د/ الحبر يوسف قبل سنوات بإدارة حوار بين الآباء والأبناء.. مثل هذه الحوارات ينبغي أن تنشر؛ ليسطع نجم الأبوة؛ ولنخرج بأدبيات تسهم في رقي التعامل المثالي داخل الأسرة).
http://www.meshkat.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/24)
طلاق بالثلاثة..خبر مضحك
خالد عبد اللطيف
من أهم الأسس التي تبنى عليها البيوت - قبل تأسيسها المادي بسنوات - ترسيخ احترام هذه الرابطة العظيمة في النفوس، ومكانة هذا العقد العظيم "الزواج" في الإسلام؛ الذي وصفه العليم الخبير بالميثاق الغليظ، قال الله - تعالى -: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء: 21).حتى إذا أزف توجُّه الشاب والفتاة إلى بيوت جديدة كان هذا الفهم والاحترام موجباً لملء هذه البيوت بالخير والسعادة!
لذا.. تعجبت كثيراً وأنا أطالع خبراً حول إقدام شاب على تطليق عروسه "بالثلاثة" في ليلة زفافهما؛ بسبب نشوب خلاف حاد بينه وبينها هي وشقيقها أثناء وجودهم في قاعة الأفراح، أي قبيل مغادرة العريس وعروسه إلى عش الزوجية؛ وكان سبب النزاع هو الخلاف بينهما على طريقة الزفة!
ولم يكن تعجبي فحسب من أجل هذا السبب المذكور، ولا لمدى الاندفاع والتهور الذي يقارب الحمق! في معالجة الإشكال الطارئ.. ونحو ذلك.. بل كان من أشد ما أثارني بالإضافة لما سبق - هو أساليب التناول الإعلامي لهذا الحدث.. وأمثاله.. عبر القنوات والصحف والمواقع!
إن أغلب وسائل الإعلامية - للأسف - تتداول أمثال هذه الأخبار من باب التفكه وسوق الغرائب، واستجلاب الضحك! نعم.. هدم أسرة ناشئة.. وفك رباط عظيم كريم رفع شأنه الدين، وتوارثت احترامه الأجيال.. تتناوله وسائل إعلامية على أنه خبر طريف مضحك! فأين الأمانة والرسالة والإصلاح والمسؤولية.. وغيرها من المصطلحات التي تدندن بها هذه الوسائل وهي تروج لنفسها وبضاعتها؟!
إن هذه القصة كما تبقى شاهداً مؤسفاً على غياب الوعي الكافي بحقيقة هذا العقد العظيم وهذه المؤسسة الكريمة.. الزواج والأسرة، الذي تبنى عليه مؤسسة عظيمة هي مؤسسة الأسرة؛ تلك اللبنة الأساسية في المجتمع المسلم المنشود.. يبقى سوقها الهزلي المستهتر في قوالب التفكه والمزاح شاهداً على بُعد وسائل إعلامية كثيرة عن رسالة التوعية، وتحوّلها إلى معاول هدم بدلاً من حمل الأمانة والمسؤولية.
قد ينشغل الكثيرون بالتساؤل عن المسؤول عن هذا الاستهتار والتمادي فيه إلى حد الوصول في دقائق قليلة إلى طلاق بالثلاثة.. والناس يتفرجون! لكن قبل أن نلقي باللوم على أحد أفراد القصة.. لابد أن نراجع جيدا مدى التقصير الشديد في نشر الوعي الثقافي والشرعي في أوساط الشباب والفتيات قبل الزواج، وتبصيرهم بأهمية ما هم مقبلون عليه من مسؤوليات وتبادل للحقوق والواجبات، وأن إقامة البيت المسلم مسؤولية كبيرة وأمانة عظيمة، وأن تأسيس البيوت على اختيار صحيح وتوافق وانسجام.. لا يصح أن تنال منه هبات غضب عابرة أو مواقف عارضة.
قد يرى بعض الناس أن هذا الموقف من المواقف النادرة.. لكننا نرى فيه عبرة وتبصرة. ولعل فيه تذكيرا للدعاة وحملة الأقلام وذوي التأثير للقيام بدورهم في نشر الوعي الذي نتمنى أن يتزود به المقبلون على الزواج!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/25)
وجه للناس وآخر للعيال
خالد عبد اللطيف
المتأمل في سنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يرى عجباً من قائد عظيم اصطفاه الله - تعالى - على العالمين، وحمّله أمانة الرسالة للبشرية بأسرها، ومع ذلك فحياته وسيرته مملوءتان بالمشاهد الحية لحسن خلقه وعشرته لأهل بيته من نساء وصبيان وأقارب وأرحام! يراه رجلاً لا ينشغل عن حق أهل بيته؛ بسبب شغله العظيم ـ بل الأعظم بين الناس قاطبة - بالدعوة والبلاغ والتعليم والجهاد..لا يؤخر حق رعيته "الخاصة" بسبب استغراقه في شؤون الرعية "العامة".. ولا يمنعه حمل همّ الأمة عن أوقات يمازح فيها أهله ويداعبهم، ويعلمهم ويوجههم!
فكان - صلى الله عليه وسلم - خير والدٍ وزوجٍ ومعلم ومربٍّ - صلى الله عليه وسلم - بأقواله وأفعاله وأحواله؛ يخصف نعله ويحلب شاته ـ بأبي هو وأمي! ـ، ويقبل نساءه ويلاطفهن ويعدل بينهن. ويذهب إلى ابنته فاطمة لملاعبة سبطيه الحسن والحسين - رضي الله عنهم أجمعين ـ ويحملهما على المنبر؛ بل ينزل إليهما منه ليحملهما.
وهو ـ في ذلك كله ـ يجمع بين الرفق واللين والتأديب والتعليم؛ ينهى أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - عن قول: "وعليكم السام واللعنة" ليهود.. ويأمرها بالرفق، ويزجر الحسن - رضي الله عنه - صبياً - عن أكل تمر الصدقة: "كخ كخ، ارم بها، أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة؟ "؟! ويحفظ منه الحسن "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ويعيها ويبلّغها كما سمعها صغيراً ليتعلم منها كبار الأمة وصغارها إلى قيام الساعة!
وما هذه إلا إشارات مجملة إلى دواوين مسطّرة من عجائب الخُلق العظيم لخير المرسلين ـ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ!
وهي رسالة تذكير رفيق إلى محبيه الصادقين بحقيقة الشمول في حياة المسلم والمسلمة، وأن أقصر الطرق إلى سعادة البيوت هو اتباع "هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -"!
لا تجعل ـ أخي ـ ولا تجعلي ـ أختاه - فتات وقتك لأهل بيتك.. لا يكن حظ الناس منكما حسن الخلق والتوجيه والنصيحة، وحظ الأهلين والعشيرة الأقربين الصياح والتجهم والغلظة.
ولنحذر "الانفصام".. وجه للناس؛ هاش باش.. وآخر للأهل وللعيال.. صارم بتّار!!
كما لا ننسى مسؤوليتنا عن تعليمهم وتأديبهم، بالإضافة إلى حسن العشرة، والرفق بهم، قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}: "علموهم وأدبوهم". وقال الحسن البصري - رحمه الله -: "مروهم بطاعة الله وعلموهم الخير".
أخيراً.. لنجعل سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرته في شمولها واتساعها "ميزاناً" نزن به قربنا من الصواب، واجتهادنا في تحريه، وإيتاءنا كل ذي حق حقه!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/26)
علاقة الأمومة
أمين حسن أحمد يس
مريم البتول!!.. تلك الصدِّيقة الطاهرة مرت بمراحل؛ وهي تتدرج في سلم الكمال البشري إلى أن وصلت لذروته؛ حين تكامل فيها معنى وجودها الكبير؛ فصارت به أمًّا دون الحوجة إلى رجل؛ مما يدل على أن كمال إنسانية المرأة هو (الأمومة) التي فيها..
ولئن كانت مريم - عليها السلام - حالة خاصة إلاَّ أن المعنى الذي وصلت إليه من خلال تجربتها الفذة يبقى حقا مشاعا بين النساء اللواتي سمَون إلى ذلك الأفق.
كنت أذهب للحلاقة في حانوت أثري لشخص عريق؛ ترى أمامك؛ وأنت تدلف إلى الداخل مذياعا بحجم التلفاز، و(كنبة)، وقطعا أثرية أخرى؛ ثم لا تسل بعد ذلك عن طيب معشره، وحلو منطقه؛ تجد في نفسه عبق أهلنا الطيبين؛ كأنما تهيم أرواحهم في سماء ذلك المكان العتيق.. كان الناس إذا ما أرادوا أن يمازحوه يقولون له: (أنت تربية حبوبات).. لكنه كان يفخر بذلك، ويعتز!!..
إن الذي ينظر بعين الحقيقة لما كانت عليه (الحبوبات)، وما حصل من الأمهات العصريات يرى البون الشاسع الذي يفصل بينهما..
لقد كانت جداتنا في الماضي - وهن الأمِّيَّات اللائي لم يتلقين حظا من تعليم أو الثقافة - أرحب صدرا، وأوسع بصيرة من الأمهات العصريات اللائي تلقين تعليمهن في أرقى الجامعات..
الأمهات في الزمن القديم كان لهن استعداد فطري - وهن على صغر سنهن - أن يكن أمهات؛ وإذا تزوجن لا يبالين أهجرهن الأزواج، أم تزوجوا عليهن؟!..
كانت الواحدة منهن ترضى أن تكون زوجة (بالاسم) ما دامت بين أولادها.. نكرانها لذاتها حولها إلى روح مِلْؤُها الحب، والرحمة، والحنان؛ حتى اشْتُقّ لها اسمٌ من الحب (حبوبة).. كان ذلك كله مع صلاح، وذِكْر، ونقاء سريرة، وطيب نفس..
الحاج أمير رجل تزوج بعدة أجيال نسوية، ولكنه لا يزال يحتفظ بوده القديم لزوجه الأولى؛ وينعتها بالصحابية؛ وهي من جيل (الحبوبات)..
أما المرأة العصرية (المودرن) فليس لها استعداد أن تكون أمًّا!!.. تجد الواحدة منهن تقول: ما الذي رأيته في الدنيا حتى أتزوج؛ وما الداعي لدخول (سجن الزواج مبكرا).. وفرت المسكينة من قيد الأسرة لتقع في حبس الهوى؛ والتي تتزوج لا تريد أن تلد؛ تملصا من مسؤولية الولد المُرَّة، وحتى لا تترهل بطنها مرة أخرى؛ لتحافظ على رشاقتها.. ومن ولدت لا تريد إرضاع طفلها؛ مخافة أن يضمر صدرها.
رأيت فتى صغيرا شاحب الوجه، ذاهل العينين؛ فسألت عن حاله!؛ فقالوا لي: إن أمه لم ترضعه عندما كان صغيرا حتى؛ لتحافظ على جمال صدرها!!..
إن الأم العصرية لتضحي بولدها بكل سهولة من أجل أن تحافظ على مركزها الاجتماعي؛ أو لتتزوج بمن تحب، أو لتحصل على حريتها المزعومة، وإذا طلقها زوجها، أو تزوج عليها فهي ترمي بأولادها..
فتى مسكين آثرت أمه أن تضحي به مع إخوانه؛ لتتزوج بحبيبها؛ فأصيب المسكين بنوع من تخلف عقلي؛ تراه وقد اجتمع حوله الناس؛ يسألونه: ماذا قال زوج أمك لأمك؟؛ فيقول ببراءة: (يا أنا يا أولادك)، ثم يقولون له: ماذا قالت أمك؟؛ فيجيب بسذاجة قالت له: (أنت!)..
ثم إذا روضت كبريائها؛ ورضيت أن تعيش مع أولادها؛ على مضض لا تعطهم من نفسها إلاَّ صورة الأم؛ دون الروح؛ فلا يلقَون منها سوى الإهمال، وعدم الاكتراث..
طفل يجلس تحت حائط، وبجانبه حقيبته، وعلى وجهه ملامح الحزن.. هذا المشهد يتكرر عدة مرات؛ كلما سرت بذلك الشارع.. كان المسكين يأتي من المدرسة، ويجد باب البيت مغلقا؛ وأمه في الخارج!.. يمشي المرء في الطريق؛ ويجد الأطفال في كل مكان؛ يلعبون، ويسرحون؛ كالأنعام الضائعة، السائبة، و(يا ساعي! وين الراعي؟)..
وأما عن تعاملها معهم فيكاد يخلو في كثير من الأحيان من الحب، والرحمة؛ فلا يجد الطفل من أمه سوى الضرب، والسب، والصراخ في وجهه، والدعاء عليه..
أخبرني أحد الناس أن أمه شعارها القسوة، وأنها تقف في طريق سعادتهم كما يقول..
لقد صار المجتمع يتيما؛ لمَّا باعت الأم أمومتها؛ بلذة عابرة، ومتعة غابرة؛ فتشرد المجتمع روحيا، وتشتت فكريا؛ لقاء ذلك الثمن البخس؛ الذي تلقته الأم مقابل أمومتها؛ وها هو ذا يعيش حالة من اليتم المعنوي..
إن غياب الأم معناه غياب الأمة؛ وقديما قالوا: المرأة نصف المجتمع، وتلد النصف الآخر؛ فهي المجتمع كله..
إنه لخطر عظيم؛ يتهدد وجود المجتمع، وينذر بقرب هلاك وشيك؛ وإن ذلك ليدق ناقوس الخطر على مسمع أصحاب الشأن؛ من العلماء، والخطباء، والعاملين في حقل رعاية الأمومة، والطفولة..
على الجميع أن يكثفوا نشاطهم؛ فالأئمة عليهم إقامة الحلقات التعليمية، والتثقيفية في المساجد، والأحياء، والمرافق المختلفة.. وعلى الهيئات العاملة إقامة دور الرعاية، ودورات التوعية، والمشاريع التي تسهم في هذا الشأن؛ فالحاجة ماسة، والخطر داهم..والله الموفق.
http://www.meshkat.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/27)
السعادة مطلوبة وممكنة
الحياة الطيبة ممكنة في ظل فهم صحيح وقصد سليم بين الزوجين الصاحبين بالجنب، والشعار الذي يجب أن يرفرف على البيت المسلم هو: السعادة مطلوبة وممكنة، بشيء من التعقل والصبر والحرص والمداراة. إن الحياة في مجملها قصيرة، ولكنها مثيرة ومشوقة بمواقفها ومفاجآتها المتتالية. والناس أقدارها في المواقف، والإنسان قدرُه وقدرَه بما أحسن في مواقف حياته، وغالبا نحن لا نصنع تلك المواقف، إنما العبرة في النجاحات أو الفشل في معالجة المواقف. وهناك بيوت سَعِدَ فيها أهلها، وأخرى شقي فيها الناس.
وكم من حياة سعيدة وناجحة وموفقة، وكم من أعمار انقضت في شقاء وعنت برغم أن أصحابها ذوات عقول ولكنها تناطحت وتنافرت، وكم من بسطاء فقراء من أسباب العلم والمال والجاه ولكنهم وفقوا في حياتهم الزوجية بما يقسم لهم من حظ التوفيق وسهولة المعاملة والمعاشرة.
ولقد سمعت من زوجة سعيدة في حياتها فيما أعلم قولا يبدو أنها تتخذه مبدءاً لحياتها قالت: (وصية أمي لي منذ تزوجت هي: كبريها تكبر صغيريها تصغر) ولما استوضحت منها المعنى فهمت أنها تقصد المشاكل والمواقف التي تمر بالزوجين، أي أن كل مشكلة إن أخذتها على أنها كبيرة ومهمة تصبح كبيرة، وان نظرت إليها على أنها صغيرة ولا تستحق الاهتمام البالغ صغرت وانقضت بسرعة.
نعم أيها الزوج السعيد: أنت الذي تحدد وزن الأمور بنظرتك وتقييمك واهتمامك، فيَسّر على نفسك الأمور وعلى غيرك، يُيسر الله لك وعليك، وقد نصح الأمين - صلى الله عليه وسلم - في ذلك بقوله:" يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا " حديث صحيح.
http://www.sst5.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/28)
ظاهرة التهاون بالطلاق
محمد بن عبد الله السبيل
الخطبة الأولى
أما بعد: (فاتّقوا الله عبادَ الله، اتّقوه حقَّ تقاته ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون، اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
واعلموا ـ عبادَ الله ـ أنّ الله - عز وجل - يمتنُّ علينا بنعمِه، ويذكِّرنا بمِنَنه، ويبيِّن لنا آياتِه الدّالةَ على فضلِه وإحسانه، يقول - سبحانه وتعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) [الروم: 21].
ففي هذه الآية الكريمةِ ينوِّه الله - جل وعلا - عن نعمةٍ عظيمة امتنَّ بها على عباده، ألا وهي العلاقة بين الزّوجين التي يحصُل بها الأنسُ، ويتمّ بها السّرور، ويحصل بها السّكون والطمأنينة في هذه الحياة، فيجِب على العبدِ أن يرعاها حقَّ رعايتها، ولا يتسبَّب في زوالها وفِصامها بعدَ توكيد عُراها.
عبادَ الله، إنّ اللهَ خلق عبادَه متفاوتين متفاضلِين في التّدبير والتصرُّف في شؤون الحياةِ وفي أسبابِ نيلِ السّعادة في الدّنيا والآخرة، ومِن أجل هذا التّفاوتِ جعل الله الخلقَ بين راعٍ ومرعيّ، فاختار ولاةً للأمور ترعَى شؤونَ أمَمِهم، واسترعَى الرّجل على أهلِ بيته، واسترعى المرأةَ على بيت زوجها، فالبيتُ هو عِماد الحيَاة وقوامُ السّعادة واطمئنانُ النفوسِ واستقرارها، ولا يصلح إلاّ إذا قامَ الرّجل بواجبِه وأصلحَ أمرَ أهلِه وأحسن عشرتَهم، وكذا الحالُ في حقِّ الزّوجة، فعلى المرأةِ المسلمة أن تساهمَ بما يجب عليها لأولادها وزوجِها، فالمنزلُ هو المدرسةُ الأولى للحياة، وهو الأساس الذي يصلِح النّشء بإذن الله، ويربِّيهم التربيةَ الإسلاميّة الصالحة التي تقودهم إلى الحياة الطيّبةِ والسّعادة في الدارين.
عبادَ الله، إنّ ممّا ابتُلي به كثير من الناس اليومَ التهاونَ في أمر الطّلاق وجعلَه أمرًا ميسورًا، فيرمي أحدُهم الطلاقَ على زوجته لأتفهِ الأسباب ناسيًا كلَّ معروف لها، فيظلِمها ويظلم نفسَه وأولادَه، ثمّ يكون منه بعدَ ذلك النّدم والتحسُّرُ على ما فات، وسببُ ذلك غالبًا سرعةُ الغضب والانفعال وسوءُ الخلق، فينهار البَيت، وتتشتّت الأسرة، فعلى الرّجل أن يضبطَ نفسه وأعصابَه ولا تستثيره المرأةُ، وعليه في مثل هذه الحالاتِ التي تنشأ من شدّة الغضب أن يغيِّر حالتَه كما أرشدَ إلى ذلك المعصوم بأن يغيِّر حالتَه في تلك اللحظةِ من قيامٍ إلى جلوس، أو مِن جلوسٍ إلى اضطجاع أو خروج من المنزل، حتى تهدَأ الأمور ويزول الغضبُ ويعودَ إلى صوابه، كما أنَّ عليه أن يتذكّر قولَه ووصيّتَه بحقِّ المرأة كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((واستوصوا بالنّساء خيرًا؛ فإنّ المرأةَ خلِقت من ضِلَع، وإنّ أعوجَ شيء في الضِّلَع أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمه كسرتَه، وإن تركتَه لم يزل أعوج، استوصُوا بالنّساء خيرًا))[1]، ويقول: ((لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً ـ أي: لا يبغِض ـ، إن كرِه منها خلُقًا رضيَ منها آخر))[2].
فهذا الإرشادُ النّبويّ الكريم مِن أكبر الأسبابِ والدّواعي لحسنِ الخلُق والعِشرة بالمعروف، فينبغي أن يلحَظَ ما في زوجتِه من الأخلاقِ الحميدة والأمورِ التي تناسبُه، وأن يجعلها في مقابَلة ما كرِه من أخلاقها، فإنّ الزوجَ إذا تأمّل ما في زوجتِه من الأخلاق الطيّبة والمحاسِن التي يحبُّها ونظَر إلى السّبب الذي دعاه إلى التضجُّر منها وسوءِ عشرتها فإن كان منصِفًا غضَّ عن مساوئِها لاضمِحلالها في محاسِنها. وليعلَم العاقل أنّ الكمالَ متعذِّر، ولو لحظ أخلاقَه وتفقّد نفسَه لوجد فيه من العيوب أكثرَ ممّا هو في المرأة أو مثلها، ولا يكاد يصفو مع زوجةٍ ولا غيرها من الأقارب أو الأصدقاء، وليتذكّر قول الله - عز وجل -: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: 19].
عبادَ الله، إنّ العقلَ السليم والفطرةَ النقيّة والضمير المنصِفَ يترفّع عن هضمِ الزّوجة حقَّها، ولا تستسِيغ نفسٌ كريمة ظلمَ امرأةٍ ضعيفة نشأت بعيدةً عنه ثمّ امتزجَت العلاقةُ بينهما وسكنت نفسُ كلٍّ منهما إلى الآخر كما قال - سبحانه -: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) [الروم: 21]، وهي مع هذه المودّة والرّحمة تكون رهينةَ طاعةِ زوجِها والقائمة بأمر بيتِها ومتعة نفسه وموضع حرثِه، وبعد هذا كلّه يتجرّأ على مضارّتها أو مضايقتِها أو نيلِها بإهانة أو هضمٍ أو ضرب ثمّ انفصال وطلاق.
أيّتها المرأة التي امتنّ الله عليها بالعزّة والكرامة والصّيانة والعفّةِ وجعلها مربّيةً وعميدةَ أسرة، حافظي على نعمتِك بتحسين خلُقك ومعاملتك لزوجِك المعاملةَ الحسنة، فإنّ حقَّ الزوج عظيم، واحتسِبي الأجرَ من الله في طاعتِه وخدمتِه والقيام بأمرِه وشأنِه والصبرِ على ما يصدُر منه والتّغاضي عن الأمور التي لا تخلُّ بدينٍ ولا مروءة والبعد عن الظّنون السيِّئة والاتّهامات الوهميّة والعباراتِ المؤذية، وخذِي عبرةً ممّا تسمَعين مِن المشاكلِ الزوجيّة وما ينتُج عنها مِن فُرقة وتشتيتٍ للأولاد.
أيّها الأزواجُ والزّواجات، ليحافِظ كلٌّ منكما على حسنِ الصّحبة، وليتدرّع بالصبر والتحمّل لما قد يصدُر من صاحبِه، وليتَّصِف بحسن الخلُق والمعاشرةِ الحسنة، وإن رأى ما يكرَه من صاحبِه فليقابل ذلك بالحِلم والصّفح حتى يهدأ قبيلُه ويعودَ إلى رشده، فيعترف بالفضلِ لصاحبِه.
وتذكّروا أنَّ لكلّ واحدٍ من الزّوجين حقوقًا على الآخر يجب عليه القيامُ بها كما قال - عز وجل -: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) [البقرة: 228].
فاتّقوا الله عبادَ الله، وتدرّعوا بالصّبر والحِلم والتّغاضي عن بعضِ الأمور، فإنّ الكمالَ متعذِّر، والصّفح مِن شِيَم الكِرام.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) [النساء: 19].
نفعني الله وإيّاكم بالذّكر الحكيم وبهدي سيّد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.
----------------------------------------
[1] أخرجه البخاري في النكاح (5186)، ومسلم في الرضاع (1468).
[2] أخرجه مسلم في الرضاع (1469) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانِه، والشّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له الإلهُ الحقّ المبين، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبده ورسوله أفضل الخلقِ أجمعين، اللهمّ صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتّقوا الله عبادَ الله، اتّقوه حقَّ تقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون.
واعلموا أنّ الله - سبحانه وتعالى - فضّل بعضَ الأوقات على بعض، وشرّف بعضَ الشّهور والأيّام واللّيالي على غيرها، وجعلها متَّجَرًا لعبادِه المؤمنين. ومن أهمّها وأفضلِها شهرُ رمضان الذي أنزِل فيه القرآن، جعله الله - سبحانه وتعالى - شهرًا مباركًا وموسِمًا عظيمًا من مواسم الخيرات، يجود فيه الرّبّ - سبحانه وتعالى - على عبادِه برفعِ الدّرجات وغفران السيّئات، وقد قرُب قدومه عليكم وحلولُه بين أظهرِكم، فاستقبِلوه بالفرَح والاستبشار، فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس: 58].
فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، جعل الله صيامَه فريضةً وقيام ليله تطوّعًا، من فطّر فيه صائمًا كان مغفرةً لذنوبه وعتقَ رقبته من النّار وكان له مثلُ أجرِه من غيرِ أن ينقصَ من أجره شيئ، شهر أوّلُه رحمَة وأوسطُه مغفِرة وآخرُه عتقٌ من النّار، مَن أشبَع فيه صائمًا سقاه الله من حوضِ نبيّه شربةً لا يظمأ بعدَها حتّى يدخلَ الجنّة.
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [البقرة: 185].
عبادَ الله، إنّ الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسِه فقال - سبحانه وتعالى - قولاً كريمًا: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [الأحزاب: 56].
اللهمَّ صلّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمّد أزكى البريّة أجمعين، وارضَ اللهمّ عن الخلفاء الراشدين...
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/29)
مفتاح يسير .. لحل مشكلات البيوت
خالد عبد اللطيف
كثير من مشكلات البيوت، ومشاحناتها، تنتهي بحلول يسيرة؛ لو فطن إلى هذه الحلول الزوجان - أو أحدهما - وتوصلا للمفتاح الذي يؤدي إليها..!
فوالله.. إن المشكلة اليسيرة لتصبح كبيرة، وتبدأ في التطور إلى ما لا تحمد عقباه بسبب الغفلة عن هذا المفتاح، مع قربه الدائم من متناول أيدي الأزواج وسهولة استعماله!
وكم من أبواب للشر تظل مفتوحة على مصراعيها، لا تكاد توصد؛ بسبب افتقاد عامري البيوت للمفاتيح التي تغلق بها. وكم من أوقات للخير والمودة والسكينة حُرمت منها بيوت بسبب تضييعها هذا المفتاح اليسير العظيم!
تثور المشكلة، وتبدأ المشاحنة، ويتمسك أحد الطرفين برأيه، ويتشبث الآخر.. ويعلو الصوت، وتقع الجفوة فالوحشة، ويمر يوم أو أيام.. أو أكثر.. من الجفاء والتنائي، ما لم تتطور الأمور إلى المزيد!
في حين لو فطن أحدهما مع الآخر، أو حتى مع الأبناء فيما يثور من جدال، إلى المفتاح الذي يحل الإشكال؛ فحينئذ.. ما أسعد البيوت بعامريها، وما أهنأ العيش فيها!
بقي أن نعلم أن هذا المفتاح يسير التناول، عظيم التأثير، يتمثل في الجزء الأول من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" (صحيح الجامع 1464)!
نعم.. المفتاح، اليسير القريب، عظيم النفع والتأثير، هو ترك المراء، نبذ الجدال، التواضع والتنازل عن بعض ما نتشبث به؛ في مقابل التمسك بالسنة النبوية والعض عليها بالنواجذ، والأخذ بما فيها من أسباب السعادة الدنيوية والأخروية!
وأما من أراد الارتقاء في مدارج الرفعة والسبق، فليضف إلى ما سبق (الجزء الأول من الحديث؛ مفتاح حل الإشكالات، وإغلاق المشاحنات).. الجزء الأخير؛ الذي لا غنى عنه، وبه تدوم العشرة، وتُعمر البيوت، وتطيب الحياة، وتطيب الفردوس وعليين بالساعين إليها، العاملين لها؛ الآخذين بأسبابها ومفاتيحها!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/30)
ـــــــــــــــــــ
الحماة .. أم ثانية
حفيظ الرحمن الأعظمي
الاتحاد مطلوب، وفيه البركة، ونقيضه الاختلاف مرفوض وفيه الشر كله، والنصوص الحاثة على الوحدة والاتحاد أكثر من أن أحصرها في هذه العجالة..وهل يمكن أن نحلم بالوحدة في الأمة (وهو واجب شرعي كما أسلفنا) إذا كانت الأسرة التي تمثل وحدة بالنسبة للأمة، تعاني فرقة وتشرذماً واختلافاً؟ إنه لأمر محال، لذلك سنحاول أن نعالج من خلال هذا المقال وما يليه الخلافات الأسرية وفق الأصول الشرعية والأسس المنطقية لإيماننا بأن وحدة الأمة لا يمكن أن تتحقق إن لم يتم إضفاء هذا الطابع على الأسرة التي تعتبر خلية له، والطبيب الناجح يبادر إلى معرفة مسببات المرض ثم يباشر العلاج، والعلاج الناجع هو ما يتناول الخلية قبل أن يتناول العضو الذي يتكون من خلايا عدة.
تحلم الفتاة في بيت أبيها ببناء عش الزوجية، وإنجاب الأبناء، والاستقرار في بيت يكون مملكتها الخاصة، التي لا ينازعها في ملكها أحد.
ويظل الحلم محتفظاً بجماله وشاعريته، حتى إذا تحول إلى حقيقة اختلفت قليلاً عن الحلم، بوجود أم الزوج، انقلب كابوساً مرعباً، فما السر في ذلك العداء الذي تكنه المرأة لأم زوجها؟ وهل لهذا العداء أساس من الصحة؟
لا شك في أن ديننا الحنيف أوصانا باحترام الكبير وتوقيره ومد يد المساعدة والمساندة المعنوية والمادية إلى كل من هو في حاجة إليها، هذا بشكل عام، فما بالك بالأم، تلكم المخلوقة الرقيقة، التي فرحت بمولودها الذكر، لا لشيء إلا لأنه سيكون الذخر والعون عندما يشيب الرأس وينحني الظهر ويشحب الوجه، حتى إذا صار الصغير كبيراً سعت لانتقاء أفضل البنات لتكون زوجة له، وأماً لأحفادها.
وكم يصعب على الأم أن تنسى، بل يستحيل أن تتناسى لحظات الألم والشقاء التي عاشتها وهي تخوض غمار تجربة التربية المريرة، وكم يزداد الإحساس بالألم عندما تلقى ما تلقى من سوء معاملة زوجة ابنها، خاصة إذا كانت تشاركهم المسكن والمأكل والمشرب.
إن مشكلة العداء الأزلي بين الزوجة وأم زوجها، لها أبعاد وأطراف متداخلة ومتشابكة، وليس ثمة خروج من متاهتها إلا في ظل الوعي بدور وأهمية الأم والزوجة كل في موقعه.
وقد تدفع الأمّ إلى ما تقوم به من مضايقة زوجة ابنها غيرتها الشديدة منها، وقد تعزز زوجة الابن تلك الشكوك والمخاوف التي تدور في رأس الأم بما تبادلها به من مشاعر غير طيبة، تشعرها بأن حماتها كيان ثقيل الظل، لا تحبذ وجوده في حياتها.
وما أكثر القصص الواقعية التي تسردها أمهات ألقين في دور المسنين والعجزة، حول مخططات ومكائد زوجات أبنائهن، فهل من وسيلة للتعايش السلمي بين الطرفين؟
لا شك أن ديننا الحنيف قد أحاط بكل المشكلات، ووضع الحلول المناسبة لها، بل رسم معالم الوقاية قبل وقوعها، وتجنب التلبس بها.
وهذه بعض النصائح التي هي في الحقيقة مفاتيح لأبواب السعادة الزوجية، التي ما كان لها أن تتحقق أي السعادة في وجود مشكلات وخلافات بين الزوجة وأم زوجها، إنها نصائح للزوجة المسلمة التي تراقب ربها في السر والعلن، وتضع عقابه الأليم نصب عينيها، وترجو رحمة ربها برحمتها لتلك الأم المسنة المسكينة:
1 - أن تعتبر أم زوجها أماً ثانية لها، وكم ستغبطها الأخريات لذلك، وإذا حاولت زرع ذلك الشعور في نفسها، وغذته بمشاعر الحب التي تستتبعها تلك البنوة، فسيدفعها ذلك الشعور للإحساس بواجباتها تجاه تلك الأم.
2 - أن تذكرها بكل خير، في وجودها وعند غيابها، لا سيما أمام الأقارب والجيران وغيرهم، لما يشعر تلك الحماة بصدق مشاعر زوجة ابنها.
3 - تفقُّد أحوالها وتلبية رغباتها وزيارتها إذا كانت مستقلة في السكن وحدها، وحمل الهدايا ولو كانت صغيرة، كباقة ورد أو كعكة تصنعها الزوجة بنفسها.
4 - أن تغرس الزوجة في أبنائها حب جدتهم، وعظم مكانتها، ويكفي أنها أم أبيهم الذي يحنو عليهم ويرق لحالهم، والطفل لا يجيد النفاق والخداع والتظاهر بالحب، إنما يكون ذا فطرة خالصة غاية في النقاء، فإذا علت وجهه علامات الفرح بزيارة جدته، كان ذلك مؤشر خير، وأصدق دليل على نبل مشاعر تلك الزوجة وحسن تربية أهلها لها.
5 - احترام الخصوصية بين الزوج وأمه، فلا تحشرن الزوجة أنفها فيما بينهما من أسرار وأخبار.
6 - ولا شك أن ابتسامة من وجه طلق، تزرع المودة، وتذيب جليد التوتر الذي قد يشوب العلاقة بين الزوجة وحماتها.
وهذه النصائح لا تمتثل لها إلا زوجة واعية، تدرك عظم حق الأم على ولدها، وأن مراعاة زوجها وتفقده لأحوال أمه، ينبغي ألا تقلقها بل إنها الطريق لسعادة الأسرة بأكملها، وكيف يوفق الله ابناً لا يراعي حق أمه؟ وكيف تُظلُّ السعادة بيتاً أهملت فيه أم قد تكون طاعنة في السن؟.
إن وعي الزوجة ينبثق من عميق إيمانها الصادق، الذي يولد الصدق في مشاعرها تجاه جدة أبنائها، ووعيها يحتم عليها التصرف باحترام ولباقة معها وإن أساءت ناسية أو متعمدة إليها. فإذا تسلحت الزوجة بالصبر ثم الصبر في معاملتها، فإن ذلك لا يضيع عند الله - تعالى -وإن ضاع عند الناس، ولتعلم أن الغضب لا يولد إلا مثله، والعنف لا يؤدي إلا لمثله، وأن الهدوء في المعاملة، والرقة في المشاعر لا تلبث أن تحيل النار رماداً.
ولتعلم أن هنالك مثلاً قديماً يقول: إن نقطة من العسل تصيد من الذباب ما يعجز عن صيده برميل من العلقم.
وأما أم الزوج فعليها أن تغفر الزلات، وتقيل العثرات، وتعتبر زوجة ابنها بنتاً ساقتها الأقدار هدية رائعة، لتكون فرداً من أفراد الأسرة يتمتع بخصوصيات وحقوق تُحترم ولا تنتهك، وأن مردود الهدنة والهدوء ستتمتع به الأسرة بأسرها.
وإذا أقرت الحماة وزوجة ابنها بحق كل منهما في حدود ما أقره الله - سبحانه - لتلاشت تلك العداوة، ولحلت محلها مشاعر الصفاء والود.
وإذا أحسنت الأسرة تربية البنت منذ نعومة أظفارها، وغذتها بالتوعية والمعرفة الكاملة لمنظومة الحقوق والواجبات، لاستطاع المجتمع أن يحيا في سكينة منشؤها تقوى الله، ومراقبته فيما نفعل ونعزم على فعله، وعلى الجميع إيضاح حقيقة أن المرأة كائن لطيف والذكور كأزواج وآباء وإخوة، مأمورون بالإحسان إليها قدر المستطاع، وصدق رسول الله القائل:"إنما تنصرون بضعفائكم".
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/31)
لحظات حاسمة للسعادة الزوجية !
خالد عبداللطيف
مازالت جوانب مهمة من الحياة الزوجية تحاط بسياج من التحفظ الشديد الذي يبقيها في دائرة معزولة لا مساس بها؛ حتى تفتر الأحاسيس ويدب الملل إلى هذه العلاقة العظيمة مع مرّ السنين!
وما زالت فئات من أهل الخير والصلاح، رجالا ونساءً، تنأى وتنفر من الحديث عن تجديد العلاقة الزوجية والتطوير في شأن الزوجين الخاص؛ وكأنه رجس من عمل الشيطان، رغم ما تحويه دواوين السنة النبوية من هدي رسول الله وخلقه - صلى الله عليه وسلم - في بيته، وشأنه مع زوجاته!
ولو أخذنا جانباً واحداً فحسب من جوانب المودة "العملية" وهو التقبيل، لوجدنا هديه - صلى الله عليه وسلم - منشوراً في كتب الحديث؛ ليتعلم منه الأزواج، ومن ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - "كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ" (رواه أحمد وأبو داود عن عائشة، وصححه الألباني)، بل "كان يقبل وهو صائم" (رواه البخاري ومسلم عن عائشة)، وغيرها من الأحاديث.
وليس المراد هنا هذه الأحوال بعينها كالصيام مثلا، وعلاقة ذلك بملك الإنسان لنفسه ألا يترتب على ذلك مفسدة، فهذا محله كتب الفقه. ولكن المراد بيان أن حصول ذلك في هذه الأحوال يدل على أهمية مراعاة ذلك في سائر الأحوال من باب أولى.
ولا شك أن هذا الهدي النبوي الكريم يرشد إلى وسيلة من أهم وسائل تنمية العلاقة القلبية بين الزوجين وتجديدها، لا ينفر منه ويتنكبه إلا من قلّ حظه من الفقه!
ومن الأمور المهمة للغاية في تحقيق العشرة الطيبة والسعادة والهناء للزوجين: حرص كل منهما على الآداب الكريمة للعلاقة الحميمة، التي لها أكبر الأثر في حصول المودة التي ذكرها المولى في قوله - عز وجل -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} بل عدّ بعض السلف هذه العلاقة نفسها مرادفة للمودة، قال ابن عباس ومجاهد: "المودة الجماع"! (ذكره ابن كثير في تفسير الآية).
وتوجد - بحمد الله - العديد من المؤلفات والأشرطة في تفصيل هذه الآداب الكريمة، وذكر أدلتها من النصوص الشرعية، التي ينبغي لمن يتحرى الخير لنفسه وأهله أن يحرص عليها ويطلبها ويتمثلها!
لكن ثمة وقفة مهمة، وإشارة جديرة بالانتباه، في هذه المقام، ألا وهي يقظة الزوجين إلى أن هذه اللحظات الحميمة المحفوفة بالآداب الكريمة، هي لحظات حاسمة ومؤثرة، وليست كغيرها من الأوقات، يؤذي المشاعر فيها ما لا يؤذيه في وقت آخر، كما يثري الحب والمودة فيها ما لا يتحقق في وقت آخر!
لذا ينبغي أن يقدر لهذه اللحظات قدرها، ويراعى فيها أكثر مما يراعى في غيرها؛ من الذوق والتلطف والإحسان، ومن أبلغ ما يؤكد ذلك ما جاء في الحديث: "إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها" (رواه أبو يعلى في مسنده).
ولن تكتمل لذة، أو تتحقق متعة، حتى يأنس القلب أولاً بمادة حياته، وقرة العين؛ ابتغاء مرضاة الله رب العالمين، وهذا ما أشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أليس كان يكون عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجر" (رواه مسلم عن أبي ذر).
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/32)
نصف الكوب .. ووصفة للسعادة !
خالد عبداللطيف
وصفة ذهبية للسعادة!
سعادة بيوتنا من صنع أيدينا!
قال لها: لا تقصّري عمر السعادة بكثرة الجدال والبحث عن تحديد من المخطئ؟ ولماذا؟ وكيف؟... إلخ؛ فنحن بشر، ولابد أن يعترينا الخطأ، فإذا أخطأ أحدنا ليسعه عفو الآخر، وذلك ليس لي وحدي، بل لنا معاً {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}...
أعجبها كلامه، ورأت فيه الحكمة، فقبلت به، ومن يومها أصبحت الهفوات والأخطاء تذوب باعتذار سريع، وعفو أسرع، وأينعت أشجار السعادة في البيت!
نصف الكوب الفارغ!
كلما رأى من أولاد الناس مظهرا حميدا أو خلقا جميلا؛ تأسف لعدم وجود مثله في أولاده، ولم ينظر إلا إلى نصف الكوب الفارغ!! وظل على ذلك حينا من الدهر، حتى أفاق على إعجاب آخرين بمظاهر وأخلاق في أولاده لا يرون مثلها في بيوتهم؛ فانتبه وتأسف على تعنته.. {اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
علامة الخير في البيوت!
يعود محمّلا بهمومه إلى داره؛ فتبادله هماً بغمّ!.. "وما ذنبنا نحن؟! " "لماذا تظلم أولادك الذين ينتظرونك؟! " وظلت لسنوات هذا ديدنها، دون فائدة تذكر، بل يقابلها بمزيد غضب...
قيل لها: الأمر يسير.. فقط قولي له: "لا تشغل بالك.. واستعن بالله" وأمثالها.. جربت على مضض؛ فرأت العجب العجاب!! وندمت على سنوات مضت.. ! "ما كان الرفق في شيء إلا زانه" و"إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق" (صحيح الجامع).
حروف الختام..
لا نحتاج في إصلاح البيوت إلى حفظ كتاب الله العظيم كاملا، أو الكثير من سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.. كم من الأميين العقلاء (!) تمتلئ بيوتهم خيرا وصلاحا.. !
فقط قبل كل تصرف.. أو قرار.. أو رد فعل.. نسأل أنفسنا: هل هو أقرب إلى الحق الذي جاء في القرآن والسنة أم لا؟! {إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا}.
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/33)
يسافر بأهله ويسأل عن ...
أصبح السفر إلى الخارج للترفيه والتفرج والسياحة موضة يتسابق فيها كثير من بيوت المسلمين، وما إن يرجع هؤلاء حتى يتسابق في أيهم أكثر مروراً بالبلدان وتالله لقد تسابقوا في إضاعة الدين والدنيا.
يخرج الرجل مع بناته فيسلخ حيائهن كما تسلخ الأضحية وليته عاد بالجلد ولكنه قد نسيه هناك..
ولذلك حدثت قضايا مؤسفة أذكر منها قضية واحدة:
سافر أحدهم من أجل أن يتنزه " كما يقول " ومعه زوجته ومجموعة من بناته وأولاده وهو من عائلة كريمة وبلد كريم وبناته يلبسن لباساً غريباً سافراً وكن كاشفات..
وأبصر هذا المرء رجلاً ظن فيه الخير فجاءه وسأله وقال: إن لدي سؤالاً مهماً.
فقال له: تفضل.
فقال: نحن ذاهبون الآن إلى بلد أوروبي وسيدركنا عيد الأضحى هناك فهل الأفضل أن أضحي في أوروبا أم الأفضل أن أوصي أن يضحى عني في بلدي.
فسأله صاحبنا: إذا ذهبت هناك فهل تكون مع بناتك دائما؟
قال المرء: لا.. هن طيبات وأنا واثق فيهن يذهبن إلى المسارح وحدهن..
ما أعجب هذا الرجل ذهب ليضحي بكرامته وبأعراض بناته ويسأل هل الأفضل هذه أم تلك! وهذه هي المصيبة.
http://www.denana.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/34)
لن أتخلى عنك أبداً
خالد عبد اللطيف
يخطئ خطأً فادحاً في حق نفسه وفي حق شريك حياته من يضنّ من الزوجين على الآخر بالقول الجميل والعبارة الرقيقة التي تمس شغاف قلب الآخر..أو يظن أن غياب الكلمات الحلوة العذبة من قاموس الحياة الزوجية لا أثر له على المودة بينهما!!
وإنْ تعجب فاعجب لرجل يصوغ أطايب القول لرفاقه في وصف مشاعر الحب في الله بينهم، ولا نصيب لشريكة حياته من مفردات الحب التي تتحرّق شوقاً لسماعها منه! وفي المقابل.. من تصوغ لصديقاتها نثراً وشعراً في عاطفتها نحوهن.. فإذا خلت بزوجها حلّ الملل وخيّمت الرتابة!
إن بيوتاً كثيرة تحظى بالصلاح والوفاء والعشرة بالمعروف؛ لحسن التربية في الأساس، والنشأة الصالحة قبل الزواج. لكنها للأسف تمضي بها سفينة الحياة في صمت كئيب، قد يترك أثره في تنشئة المزيد من الأجيال والبيوت المشابهة لها في السمت والصمت!
ولئن حُمد لهؤلاء استقامتُهم وصلاحُهم.. فقد فاتهم خير كثير يتحلّون به مما يثقل به الميزان؛ من التحقيق الأمثل لـ"المودة" المذكورة في قوله - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
قال ابن كثير: "وجعل بينهم وبينهن مودة، وهي المحبة". وقال الطبري: "مودة تتوادون بها، وتتواصلون من أجلها". وذكر القرطبي أقوالاً كثيرة، منها: "المودة والرحمة: عطف قلوبهم بعضهم على بعض". فهذه الأقوال تؤكد على أحوال عملية تبرهن على المحبة القلبية؛ فتظهر على اللسان وفي الأفعال، وأنّى لشجرة الحب أن تقوى وتبقى بغير سقيا؟!
يقول أحد الباحثين في تحليل مفهوم المودة: "المودة هي: الحبّ الذي يحمله أحدهما تجاه الآخر، ويكون على درجة من الفاعلية بحيث يبقى تأثيره موجوداً أثناء غيابهما وحضورهما، ويكون مبعث سرور لهما عندما يلتقيان، ولا يحمل أحدهما في قلبه للآخر إلا الخير. ويستشف من الأحاديث الشريفة أن هذه المحبة موجودة في القلب وجارية على اللسان.. " اهـ.
فما أجمل أن تشيع كلمات الحب الحلوة، وعبارات الامتنان العذبة، بين شريكي الحياة ورفيقي العمر، حتى في الأوقات العصيبة.. كأن يفاجئ أحدهما الآخر عقب مشادة طارئة بقوله: "لن أتخلى عنك أبداً.. ولن أدع الشيطان يفسد سعادتي بك".. أو: "حبي لك أقوى من أن تعصف به هبَّة غضب عابرة". ومن أفضل شواهد ذلك ما جاء في السنة في وصف "الودود العؤود" من النساء في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضاً حتى ترضى" (رواه الدارقطني وحسّنه الألباني). ومثل ذلك يقوله ـ بدوره ـ الزوج التقي الوفيّ لزوجته الذي يفقه قول الله - تعالى -: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}!
ألا ما أجملها من عبارات وشعارات للحب والوفاء بين الزوجين.. وما أعظم الفرق بين من يعيشون هانئين في ظلالها.. ولهم فيها احتساب ونية.. وبين المحرومين منها ومن آثارها!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/35)
الفرص الضائعة ..!
خالد عبد اللطيف
نزهة القلوب!
جلسة أسبوعية قرآنية مع الأسرة:
كما يحرص رب البيت على التسرية عن أهله بالنزهات الممتعة ونحوها، ينبغي أن يحرص على أخذهم من آن لآخر في نزهة للقلوب في رياض القرآن والسنة والسيرة، بجلسة أسبوعية - مثلاً - يرطّبون فيها ألسنتهم بالذكر، ويمتعون أسماعهم بالخير والهدى؛ فتأتلف الأرواح على معانٍ مشتركة، تنعكس في سمت صالح ينوّر بيتهم ويضيء مِن حولهم حيثما كانوا!
فرص ضائعة.. !
يبحث.. وتبحث.. عن فرص للأجر والثواب، ويجتهد.. وتجتهد.. في طلب الأعمال ذات الأجر المضاعف، وبين أيديهما في كل يوم وليلة فرص سانحة لما يبحثون عنه ذات اليمين وذات اليسار، لكنها - للأسف - ضائعة! أجر بغير حساب لصبر كل منهما على الآخر، ووعد بالجنة لحسن الخلق وترك المراء... إلخ. فلا تُغبنا في "صدقة وصلة" أفضل مما دونها، ولا تكونا:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما *** والماء فوق ظهورها محمولُ!
هدية وهداية.. !
مصحف مفسّر، شريط هادف، كتيب ذو عنوان جذاب.. أو حتى مطوية ذات موضوع مؤثر.. وغيرها كثير من الأدوات المتاحة اليسيرة؛ تُهدى من أحد الزوجين للآخر أو لأحد الأبناء، بعد أن تُغلف في شكل جميل، قد تكون - أحيانا - أفضل من كثير من الكلام المباشر بنصيحة ما، إضافة إلى تحقيقها معنى الهدية المؤدي للتحاب وانفتاح القلوب للقبول؛ فتكون - بإذن الله - هدية وهداية!
حروف الختام..
أرحم الناس بأهل بيته أشدهم حرصاً على تذكيرهم بالله والدار الآخرة، وأخذاً بأيديهم إلى مرضاته - سبحانه - والنجاة من عذابه، خصوصاً عندما يتصور مشاهد يوم القيامة العظيمة، التي لا تنفع فيها الأنساب والأحساب! ولنتأمل بقلب حي في مشهد يمر وصفه على أسماعنا كثيراً، ولكن..قليل من يتدبرونه بعمق: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6).
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/36)
صراع الحبة .. والقبة ..!!
خالد عبداللطيف
ما أحرص الشيطان على بذر بذرة الشقاق بين الزوجين.. ثم ينفخ فيها لتهيج؛ فترى الحبة تتحول في لحظات إلى قبة.. وترى الخلاف اليسير يتحول إلى نذير شر مستطير!
كُلُّ هذا ما لم يَحْجِز الزوجين أو أحدَهما تقوى صادقةٌ لله - تعالى -في شريك الحياة، وصبرٌ واحتسابٌ على الأذى، وحسنُ تأملٍ في العواقب!
فما أفرح الشيطان بالتفريق بين الزوجين والإفساد بينهما.. بخلاف البيوت التي تئتلف على إحسان الظنون والتماس الأعذار وتمرير الهفوات.. فتعيش في هناء وسرور، وتمضي أيام الحياة سهلة ندية، وفي الآخرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت جزاء حسن الخلق!
إن بيوتنا هي أهم ميادين اختبار رسوخ حسن الخلق في قلوبنا؛ فلا تحفظ ولا تجمل كما هو الغالب خارج البيوت، فمن نجح في هذا الميدان فهو فيما سواه أنجح وأصلح!
وما أعقل هذا الرجلَ الحكيمَ الناضجَ الذي لا يستخفه الشيطان، ولا يتبع خطواته، فيتذرع بالصبر الجميل والخلق النبيل وهو يسمع من شريكة الحياة أو يرى منها ما تضيق له الصدور.. بل ما أتقاه لله إن كان ذلك ينبعث من فقهه في الدين وتأسيه بخلق سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -.
كما أن المرأة الواعية الرزان لا تدع بيتها ومملكتها مطية للتقلّبات، فإذا ألقت عليها متاعب الحياة ببعض الهموم، أو لقيت يوماً ما جفاءً أو أذى عابراً من زوجها.. فإنها تهب هفواته لحسناته، فتصبر وتحتسب وترضى بخيره الغالب في مقابلة زلاته الطارئة.. !
وإن كل بيت يستقيم عل مثل ذلك من محاسن الأخلاق، يمتد نفعه إلى المجتمع والأمة، فإن الأمم بأفرادها، والأسرة الصالحة لبنة أساسية في المجتمع الصالح، ومن ثم في أمة الخيرية..
فهل يعي ذلك كُلُّ من حمّله الله ـ أو حمّلها ـ مسؤولية بيت مسلم هو اليوم إحدى اللبنات الأساسية في سفينة نجاة الأمة؟!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/37)
ـــــــــــــــــــ
زوجي وأولادي .. ليسوا كأهل بيت فلان !!
خالد عبداللطيف
يسعد وينجو من الهمّ من يعامل أهل بيته من زوج وأولاد بما يحب أن يعاملوه به؛ فإذا أساؤوا صبر واحتسب، وعزّى نفسه بأمورهم الأخرى الحسنة؛ مع حثهم بالقول والقدوة على حسن الخلق.
وبهذا جاءت السنة النبوية في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر" (رواه مسلم).فإذا ساءك منها سلوك؛ (والوصية نفسها تقال للزوجة في حق زوجها) تذكر محاسن أخلاقها الأخرى والغالب من أحوالها، والتمس لها العذر، وقابل إساءتها بالإحسان، واحتسب في ذلك العديد من الأعمال الصالحة من صبر وحلم وعفو، إضافة إلى القدوة الصالحة لأهل بيت يتأسون بك عاجلا أو آجلا!
وقبل أن تقارن بين زوجتك وغيرها مما يتناهى إلى سمعك؛ ثق بأن الناس في الغالب يبدون المحاسن ويسترون العيوب، والبيوت أسرار كما يقال!
وكذلك الشأن مع الأولاد؛ فكل أب وأم يريدان لأولادهما القمة في كل شيء! في الأدب.. في الدراسة.. في البر... إلخ. فإذا اقتربوا من القمة ولم يصلوا إليها ربما عابا عليهم ذلك!
وهذا من الغلو والجور، والبعد عن العدل والإنصاف، بل هو من الجناية على مشاعر الصغار.. فهؤلاء الأبرياء يرفعهم التشجيع والثناء إلى العلياء، ويهوي بهم التوبيخ والغلظة إلى الحضيض، ويأتي بالنتائج العكسية!
ولو أنصف كل امرئ لوجد لدى أولاده ما ليس لدى غيرهم، كما يفتقد فيهم ما يجده لدى آخرين!
ولنتأمل في بعض أقوال المفسرين في قوله - تعالى -في سورة الأعراف: {خُذِ الْعَفْوَ.. }..
قال الطبري: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: تأويله: خذ العفو من أخلاق الناس، وهو الفضل وما لا يجهدهم.. ثم نقل عن مجاهد: العفو من أخلاق الناس وأعمالهم بغير تحسس.. وعنه أيضاً: عفو أخلاق الناس وعفو أمورهم.
ونقل الجصاص عن آخرين: العفو: ما سهل وما تيسر من الأخلاق. وقال القرطبي: {خُذِ الْعَفْوَ.. } دخل فيه صلة القاطعين والعفو عن المذنبين والرفق بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين. اهـ.
إنها أخلاق القرآن أُمِر بها أفضلُ الخلق - صلى الله عليه وسلم - وأمته من بعده، من لدن الحكيم الخبير بأحوال خلقه وما يصلحهم {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.
فأما من أبى؛ فقد اختار لنفسه وأهل بيته الحرج والعنت والعناء يتقلبون فيه صباح مساء!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/38)
ـــــــــــــــــــ
إلى الزوجين .. قبل الانهيار !!
خالد عبد اللطيف
لن يستقيم للبيوت حال.. ويخرجها من المآزق الحرجة.. وينقذها من التداعي والانهيار.. إلا تقوى الله! لأن الله - تعالى - يقول: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}، ويقول - سبحانه -: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}.
فإذا استقر ذلك في القلب أمكن - بحول الله تعالى - مواجهة كيد الشيطان وتأليبه قلبي الزوجين أحدهما على الآخر، وتحريشه وإيقاعه بينهما.
إلى هنا يبدو الكلام نظرياً ومعلوماً للجميع، ولكن حتى نخرجه إلى حيز الفعل والعمل نوصي بوصايا مهمة في الأوقات الحرجة:
* عندما تبدأ موجة من الغضب والتلاسن.. فإن أفضل شيء هو قطع هذه الموجة بأسرع ما يمكن، وتغيير الهيئة (من قيام إلى قعود.. أو حسب الحالة). فتقوى الله هنا تتمثل في: قطع المراء (ولصاحبها بشرى ببيت في الجنة وإن كان محقاً!)، واستعمال الدواء النبوي للغضب، والاتصاف بالشدة المحمودة "إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".
* فإذا تمادى الطرف الآخر وأصر على التلاسن والملاحاة؛ يقابل بالحلم والأناة "خصلتان يحبهما الله ورسوله"، ولن تأتيا إلا بخير عاجلاً أم آجلاً.
* أما أهم الوصايا فهي.. "قبل الانهيار!! " همسة في آذان الزوجين:
إذا مسكما طائف من الشيطان، واشتد الكرب، ولم توفقا إلى الخطوات السابقة، ووقعت جفوة أو وحشة.. فإياكما والاستسلام للانهيار! أو تصور أن "كل شيء انتهى".. فإنها مكيدة شيطانية!!
فالصبر الصبر.. بل التصبّر والاصطبار.. والبعد عن أخذ أي قرار في هذه الأحوال!
ولا يبرمنّ أحدكما أمراً عظيماً من تلقاء نفسه.. أو يأخذن قراراً مصيرياً وحده، بل عليه بمشورة الفضلاء الأمناء؛ فإن مشورة أهل الدين والحكمة تكشف - بتوفيق الله - الغشاوة عن العين والقلب، وتبصّر بالخطأ والعيب!
أما السلاح الفعّال الذي يدفع البلاء دفعاً، ويرفعه رفعاً، فهو الدعاء "لا يدفع البلاء إلا الدعاء" واللجوء إلى الله وسؤاله والإلحاح عليه - سبحانه -؛ حتى ينكشف الكرب ويصبح أثراً بعد عين!
إنها التقوى.. ملاك الأمر، وجماع الخير؛ بها تنفرج الكربات، وتحل العُقد والأزمات، إضافة إلى ما منحه الله لمن تزوّد بها من تيسير الأمور وتكفير السيئات.
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/39)
المناخ الأسري السليم وسماته
حسين بن عجاب العوفي
من حكمة الله - عز وجل - أنه جبل الإنسان على حاجات نفسية تساعده على البقاء، وتحميه من الهلاك، ويتعدى دورها في أحيان كثيرة إلى الحماية من الانحراف والضياع.
وهذه الحاجات قد تكون ظاهرة ومعلومة للجميع، مثل: الحاجة إلى الغذاء أو الحاجة إلى النوم ونحو ذلك؛ إلا أن الكثير من الحاجات النفسية المؤثرة في حياة الإنسان لا تكون معلومة إلا للمتخصص مما يعظم دوره في النفع العام وخدمة المجتمع، ويُعْظِم كذلك المسؤولية الواقعة على كاهل كل منا في تثقيف الذات ورفع مستواها في المجالات المؤثرة في مسيرتها في الحياة.
ومن رحمة الله بعباده أن جعل بعض السلوكيات والعادات الإنسانية خادمة لاحتياجات كثيرة ومتعددة في وقت واحد، بل من رحمته أن جعل هذه الحاجات متداخلة ويشبع بعضها بعضاً.
ومن الطباع البشرية المشبعة لاحتياجات نفسية متعددة: الأسرة؛ فهي مغذية لحاجة الأبوة والأمومة والحب والحنان والجنس بالنسبة للزوجين، والخبرة والتقدير والمسؤولية والسلطة الضابطة والانتماء والإنجاز؛ إلى آخر القائمة من الحاجات. وليس هدفنا من هذا المقال تفصيلها وبيان كيفية إشباعها، بل الهدف بيان السمات الأسرية المعينة والمحققة للدور الأسري الفعال.
ولعلنا نذكر تلك السمات على شكل نقاط فيكون أوضح للمراد وأخصر للمقال، ولا يعني ترتيب السمات تسلسل الأهمية، بل كل السمات مهمة، وتوافرها متكاملة يعطينا المناخ الأسري السليم، وبحسب النقص فيها يحصل الخلل في مناخ الأسرة:
* السمة الأولى: تتسم عملية التأديب والتربية في المناخ الأسري السليم بالإيجابية:
وجوانب الإيجابية هنا متعددة، ومن ذلك:
1 - الحب والقبول غير المشروط:
أخرج الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَبَّلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي - رضي الله عنهما - فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحداً. فقال رسول الله - رضي الله عنهما -: «من لا يرحم لا يُرحم»(1).
التقبيل ما هو إلا مؤشر من مؤشرات الحب والرحمة من الوالد لولده، ودلائل هذه المحبة كثيرة ومتعددة، والأصل ظهورها من الوالد لولده ومعرفة الولد لها، والبعد عن وضع الشروط والمقاييس لمنح هذه المحبة للولد. والشرط الوحيد الذي من الممكن دخوله في هذا الأمر هو القرب والبعد عن الإسلام أو الطاعة كما في عقيدة الولاء والبراء؛ فهذا المقياس يدخل فيه جميع الخلق سواء كانوا من الأقارب أو الأباعد؛ ولذا قال الله - عز وجل - لنوح - عليه السلام - الأب الذي يرجو ربه أن ينقذ ابنه من الغرق: {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالَ رَبِّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وإلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 45 - 47].
فمن القوة في التفريق والإبعاد نفي كونه من أهله، والسبب في ذلك الفرق الاعتقادي بين الوالد وولده.
أما في غير هذا الشرط فالأصل أن يُعطَى الولد مطلق المحبة، ولا نقيدها بنجاح أو إخفاق، ولا بموافقة أو مخالفة، ولا بحسن مظهر أو سوئه. يقول الدكتور عبد الكريم بكار: «يحبنا أطفالنا؛ لأننا نقدم لهم حباً غير مشروط، وهذا ما علينا أن نفعله؛ فالأولاد هدية من الله - تعالى - وعلينا أن نتقبل تلك الهدية مهما كان شأنها»(1).
ويقول الدكتور كمال دسوقي: «يحتاج الأطفال من الناحية الانفعالية أول ما يحتاجون إلى الشعور بالأمان العاطفي؛ بمعنى أنهم محبوبون كأفراد ومرغوب فيهم لذاتهم وأنهم موضع حب وإعزاز الآخرين»(2).
وتقول الدكتورة هدى قناوي: «ولا شك أن تقبُّل الطفل غير المشروط على ما هو عليه يؤثر في فكرة الطفل عن نفسه، وتوجد علاقة وثيقة بين تقبل الذات وتقبل الآخرين، ومن ثم يمكن القول إن تقبل الطفل على ما هو عليه يعزز إيجابية مفهوم الفرد عن ذاته وتقبله لها وتكيفه مع الآخرين مما يؤثر في النهاية على سلامة صحة الطفل النفسية»)(3).
ولا يعني الحب غير المشروط التسليم بالأخطاء، بل السعي لعلاجها بالطرق التربوية الإيجابية مع توافر ذلك الحب.
2 - التركيز على الإيجابيات:
يقول علماء الهندسة النفسية: «ما تركز عليه تحصله»، وهذا الأمر ينطبق على النظرة إلى الذات وكذلك النظرة إلى الآخرين، ومنهم أعضاء المجتمع الأسري. فتركيز النظرة على الجوانب الإيجابية في أعضاء الأسرة يزيل بالتدريج ـ ومن غير أن نشعر ـ الجوانب السلبية لديهم. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: «لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر»(4)، فلا يخلو إنسان من إيجابيات تستحق التشجيع والثناء، وهذا التركيز هو نوع من أنواع التعزيز للصفة الإيجابية مما يوسع دائرة الإيجابيات على حساب دائرة السلبيات. يقول الدكتور عمر المفدى خلال كلامه عن تكوُّن مفهوم الذات لدى الأطفال: «أما كيف تنشأ هذه الأفكار التي تشكل مفهوم الذات؟ فإنها تنشأ من خلال ردود أفعال الآخرين تجاه الشخص أو تجاه سلوكه؛ فالطفل الذي يكرر عليه الآخرون أنه جيد وحلو وذكي وغيرها من الصفات الإيجابية من المتوقع أن يتجه مفهومه عن ذاته للإيجابية؛ بينما الطفل الذي يكرر على مسامعه بأنه طفل سيِّئ أو شرير أو غبي وغيرها من الصفات السلبية؛ فمن المتوقع أن يتجه في مفهومه لذاته نحو السلبية»(5). ومن مشاكل النظرة السلبية أنها لا تؤثر على المتربي أو الآخر فقط، بل تؤثر على نفس المربي فتجعله يغفل أو لا يستطيع أن يرى الإيجابيات، بسبب الغشاوة التي وضعها على عينيه لعدم عدله بالتركيز؛ ويوافق هذا الأمر قول الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا
3 - الحماية المسبقة من السلبيات:
فالوقاية خير من العلاج، والعلاج في القضايا التربوية والنفسية قد لا يستطيع إزالة العلة أو المرض أو المشكلة التربوية تماماً، بل في أحيان كثيرة لا بد من بقاء نسبة ولو قليلة من آثار ومظاهر تلك المشكلة؛ وهنا تكمن الخطورة؛ ولذا أصبح البحث عن الدروع الواقية والمانعة من وجود السلبيات من أقوى طرق التربية. وعندما رأى النبي مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة غضب، وقال: «أمُتَهَوِّكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده! لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده! لو أن موسى - عليه السلام - كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني»(6)، وما كان النبي ليفعل ذلك مع مثل عمر إلا من أجل حماية ذلك الجيل ومن بعدهم من دخول سلبيات الأمم الأخرى عليهم أو وقوعهم في الخلل في مصدر التلقي، فكانت الشدة في أول الأمر مع ما يُتصور أنه سهل ويسير للحماية مما هو أشد وأعظم.
ومن جوانب الحماية المسبقة من السلبيات ما يلي:
أ - تنمية الانضباط الداخلي:
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنت خلف رسول الله يوماً، فقال: يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَت الأقلام وجفَّت الصحف»(7). في هذا الحديث يُعلِّم النبي هذا الغلام الصغير قواعد أساسية في الانضباط الداخلي يحتاج إليها الكبير قبل الصغير.
فمن أقوى جوانب تنمية الانضباط الداخلي لدى الإنسان تقوية مراقبة الله في قلبه، ووسائل تنمية ذلك متعددة وكثيرة، وليس هذا موضع بسطها.
ومن جوانب الانضباط الداخلي معرفة المعايير الاجتماعية ومعايير الأسرة وغرس الاهتمام بها وتقديرها لدى المتربي. وسيأتي الكلام عنها في السمة الثانية.
ب - اختيار البيئة الصالحة لأفراد الأسرة:
أمر النبي أصحابه بالهجرة إلى الحبشة لما اشتد بهم الأذى وفتنوا في دينهم، فكان اختياره للحبشة كبيئة جديدة للمهاجرين معللاً بأن فيها ملكاً عادلاً لا يُظلم عنده أحد، وبناءً على ذلك سيكون لديهم القدرة على أداء عباداتهم والتمسك بدينهم ومنع أي مؤثر خارجي على هذا الجانب. ولم يكتف النبي بتلك البيئة المناسبة لوجود بعض السلبيات فيها، بل ما زال يبحث عن بيئة أفضل من تلك البيئة، فعرض نفسه على قبائل العرب حتى تحققت له الفرصة وبايع الأنصار وهاجر إلى المدينة؛ ومن هناك تحققت الانطلاقة الكبرى للدين الجديد وبلغ الآفاق، وتربى أتباعه في بيئة إسلامية صافية وسالمة من كل سمات الجاهلية. وهذا الأسلوب ـ وهو أسلوب البحث عن البيئة الصالحة ـ من أهم أساليب التربية الاستباقية ـ إن صح التعبير ـ إذ فيها تربية جماعية، واختصار لجهد المربي وبعد عن الانشغال ببُنَيَّات الطريق. فعلى رب الأسرة لكي يحمي أسرته من السلبيات أن يختار لهم البيئة الصالحة. والمراد بالبيئة هنا الحي والمدرسة، بل ما يشاهد وما يسمع وما يقرأ، بل يتجاوز الأمر ذلك إلى اختيار أقارب الأسرة الذين يستطيع رب الأسرة قبولهم أو رفضهم وهم أخوال أبنائه؛ إذ عليه أن يختار لهم أماً من بيئة صالحة تساعد أبناءه على الاستقامة والنجاح؛ إلا أن هذا الاختيار محصور بما قبل الزواج ومجيء الأولاد؛ فإذا تم ذلك فقد انتهى الاختيار.
4 - الاتفاق بين الأبوين على طرق التربية وتبادل الأدوار:
فوسائل التربية متعددة وما يناسب أسرة قد لا يناسب أخرى، والأدوار المطلوبة من كلا الوالدين مختلفة، وعلى الوالدين تحديدها وعقد الاجتماعات الخاصة بينهما من أجل مناقشة قضايا الأسرة، وحل المشاكل التي قد تطرأ بينهما بعيداً عن نظر بقية أفراد الأسرة. ومن الأخطاء التي تقع فيها كثير من الأمهات إخفاء الجوانب السلبية لدى الأولاد عن والدهم: إما خوفاً عليهم من سطوة والدهم، أو ظناً منها إمكانية الحل دون علمه، أو مخالفته بسلبية هذا الجانب. ومما يقع فيه الآباء ويسبب هذه المشكلة لدى الأمهات الشدة والغلظة الدائمة أو اللامبالاة والانشغال عن بيته بصحبه وجلسائه أو أعماله، وتتعدى دائرة الاتفاق الأبوين ويدخل فيها الإخوة الكبار والأقارب الذين لهم احتكاك دائم بأفراد الأسرة.
يقول الدكتور عبد الكريم بكار: «ولا ينبغي أن ننسى أهمية التنسيق بين باقي أفراد الأسرة؛ فالأجداد والجدات والعمات والخالات والإخوة الكبار يستطيعون إجهاض العديد من السياسات والجهود التربوية للأبوين»(1)، ويقول الدكتور مأمون مبيض: «إنه لأمر معين ونافع أن يكون لك أقرباء جيدون يسكنون بقربك؛ حيث يقدمون لك المساعدة العملية والمعنوية، ولا شك أن هذا الدعم المعنوي والنفسي أمر مفيد جداً؛ لأنك قد تتعرض لبعض القلق وانشغال البال وأنت تعمل على تنشئة ولدك»(2).
* السمة الثانية: تتضح فيه معايير المقبول والمرفوض:
عن وهب بن كيسان قال: أُتي رسول الله بطعام ومعه ربيبه عمر بن أبي سلمة فقال: «سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك»(3).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الحسن بن علي أخذ تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي بالفارسية: «كخ كخ! أما تعرف أنَّا لا نأكل الصدقة؟ »(4).
في هذين الحديثين يبين النبي للصغيرين معايير عليهما الالتزام بها.
ووضوح هذه المعايير لدى أفراد الأسرة له دور في الاستقرار النفسي كما أن له دوراً في المشاركة العملية والإنجاز داخل الأسرة وخارجها؛ لأن الفرد قد عرف ماله وما عليه؛ فتبين له المراد، وسهلت عليه المنافسة، واستطاع تحقيق حاجة أساسية من الحاجات النفسية وهي الحاجة إلى إرضاء الآخرين وإرضاء المجتمع.
يقول الدكتور حامد زهران: «ويحتاج الطفل إلى مساعدة في تعليم المعايير السلوكية نحو الأشخاص والأشياء. ويحدد كل مجتمع هذه المعايير السلوكية، وتقوم المؤسسات القائمة على عملية التنشئة الاجتماعية ـ مثل الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام وغيرها ـ بتعليم هذه المعايير السلوكية للطفل مما يساعد في توافقه الاجتماعي. إن الطفل يحتاج إلى المساعدة في تعلم حقوقه، وما له وما عليه، وما يفعله وما لا يفعله، ما يصح وهو في خلوة وما يصح وهو في جماعة، ما يصح وهو في حدود الأسرة وما يصح وهو خارج نطاقها...إلخ.ويحتاج إشباعُ هذه الحاجة من جانب الكبار إلى كثير من الخبرة والصبر والثبات والفهم»(5).
* السمة الثالثة: له مواعيد منضبطة وقواعد واضحة:
عن أبي برزة أن رسول الله «كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها»(6).
وعن جابر - رضي الله عنه - عن النبي قال: «إذا استجنح الليل ـ أو قال: جنح الليل ـ فكفُّوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ؛ فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلُّوهم، وأغلق بابك واذكر اسم الله، وأطفئ مصباحك، واذكر اسم الله وأَوْكِ سقاءك، واذكر اسم الله، وخمِّر إناءك، واذكر اسم الله ولو تعرض عليه شيئاً»(7).
هذا جانب من تنظيم الإسلام للحياة الأسرية؛ وما اهتم الإسلام بهذا الجانب إلا لدوره وأثره النفسي والتربوي.
يقول الدكتور عبد الكريم: «من مسؤوليات الأم إشاعة النظام في بيتها، فتجعل وقتاً محدداً لتناول وجبات الطعام، كما تجعل وقتاً لنوم الأطفال وأوقاتاً يُنهون فيها مذاكراتهم وواجباتهم؛ إن مثل هذه الترتيبات والتنظيمات ترسِّخ في حس الأبناء معنى الانضباط والاهتمام بالوقت»(8).
ويقول الدكتور إبراهيم الحارثي: «تَعَوَّدْ وضع قوانين لك ولأسرتك، وأشرك جميع أفراد أسرتك في صياغة القوانين العائلية. اعقد جلسات أسرية لمناقشة القانون الذي تضعه لحل مشكلة ما، ركِّز دائماً على الالتزام بالقوانين الأسرية التي تضعونها جميعاً»(1).
ومن القواعد التي لا بد من وضوحها لدى أفراد الأسرة عواقب السلوك وما يترتب عليه من ثواب أو عقاب؛ إذ في ذلك شعور بمسؤولية الفرد عن تصرفاته وتحمله ما يترتب عليها وتقبُّله لتلك العواقب عند وقوعها؛ إذ يشعر الكل أن ما تم هو نتيجة طبيعية ترتبت على سلوك معين؛ فلا يترتب على العقاب الشعور بالظلم والقهر والتسلط، ولا يترتب على الثواب الغيرة أو الشعور بتفضيل أحد أفراد الأسرة على حساب الآخر.
ولكي تحقق هذه القواعد والضوابط أهدافها لا بد من وجود سلطة ضابطة يشعر أعضاء الأسرة بوجودها، وهذه السلطة حاجة أساسية من الحاجات النفسية في الطفولة والمراهقة، والناس فيها بين إفراط وتفريط، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم، والزيادة في السلطة والتشديد فيها يؤدي إلى وجود الصراع بين الكبار والصغار في الأسرة، بل ويؤدي إلى انفراط السيطرة في النهاية.
والإخلال في السلطة وعدم القيام بها يؤدي إلى الضياع والفوضى داخل المجتمع الأسري، والمطلوب سلطة ضابطة تجمع بين الحزم والحنان والرحمة، وتراعي مراحل النمو وتندرج نحو الاستقلال والحرية.
* السمة الرابعة: تتبادل فيه المسؤوليات والأدوار:
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله يقول: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته. قال: فسمعت هؤلاء من رسول الله ، وأحسب النبي قال: والرجل في مال أبيه راع وهو مسؤول عن رعيته؛ فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»(2).
ولو تتبعنا منهجية النبي في تربية أصحابه لوجدنا توزيع المهام والمسؤوليات واضحاً وجلياً؛ فمنهم من تولى جانباً عملياً، ومنهم من أُعد لجانب علمي، ومنهم من تولى شأناً من شؤون النبي وخدمته.
والأدوار التي من الممكن تبادلها داخل الأسرة كثيرة ومتعددة، ومن الممكن تجزئتها أو دمجها حسب عدد أفراد الأسرة، ويأتي على رأس القائمة الوالدان وتبادلهما للدور التربوي والقيادي في الأسرة واتفاقهما على ذلك كما ذكر في السمة الأولى.
وإنه لمن المحزن في هذا العصر أن تجد شباباً قد قاربوا سن الزواج ولَمَّا يستطيعوا إدارة شؤونهم وحوائجهم الخاصة، فلا توجد لديهم قدرة على بيع أو شراء، ولا إنجاز معاملة في دائرة أو جهة، بل ولا القدرة على اختيار ما يناسبهم من ملبس ونحوه.
والفتيات ليس لديهن القدرة على إدارة منزل من طبخ أو غسل أو تربية أو استقبال ضيوف.
يقول الدكتور مصطفى فهمي: «يؤكد كثير من علماء النفس أهمية العمل في تكامل الشخصية؛ فهو وسيلة ومن وسائل التعبير عن الذات يحاول بها الفرد أن يحقق أهدافه وأن يشبع رغباته وحاجاته، وأن يحيل قيمه ومثله حقيقة واقعة، وأن يعبر عن دوافعه وصراعه وقلقه بصورة مقبولة منه ومن المجتمع في معظم الأحيان، وهو في أثناء التفاعل مع الوسط الذي يعمل فيه ينمو وتتكامل شخصيته وتتحقق ذاته ويشعر بقيمته وإنسانيته(3). وذكر الدكتور عبد العزيز النغيمشي عند كلامه عن التهيئة لتحمل المسؤولية أن من ضمن المجالات التي تعين على ذلك المشاركة الأسرية، وعلل ذلك بقوله: «إذ إن الأسرة كالمجتمع الصغير لها أعضاء وأنظمة وقيادة وميزانية وبرامج وعادات، ويمكن من خلالها ممارسة كثير من الأدوار والمسؤوليات. والأسرة هي المحضن الأول للفرد الذي فيه يترعرع وينشأ؛ ووفق كيفية النشأة والتربية في الأسرة تكون استقلاليته أو تبعيته وإقدامه أو إحجامه»(4).
إلا أن إعطاء هذه الأدوار والمسؤوليات لا بد أن يكون بتدرج وتدريب مسبق ومراقبة من المربي لئلا يؤدي ذلك إلى نتيجة عكسية.
* السمة الخامسة: يشجع المشاركة الاجتماعية:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: «كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة»(5).
وقال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة»(6).
إن تحميل الهم العام للأمة، وغرس حب خدمة الآخرين وتقوية الشعور بالانتماء للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد كل ذلك يساعد الفرد في اكتشاف الذات، وتحقيق الإنجاز الذي هو حاجة من الحاجات النفسية التي يحتاج الإنسان إلى إشباعها، وهي في الوقت نفسه وسيلة من وسائل بناء وتطوير الذات وتوسع دائرة العلاقات لدى الفرد.
ومن المجالات المتاحة في المشاركة الاجتماعية النشاط المدرسي اللامنهجي من توعية إسلامية، ونشاط كشفي، وجماعات النشاط الطلابي المتنوعة؛ ففي هذا المجال غرس البذرة الأولى للمشاركة الاجتماعية لدى أفراد الأسرة ممن ينتمون إلى التعليم باختلاف مراحله، ومن المجالات المتاحة في المشاركة الاجتماعية المؤسسات والجمعيات الخيرية النفعية أو الدعوية أو العلمية.
وعلى الوالدين إعانة أولادهم على المكان الأنسب لهم من بين تلك المجالات وفتح المجال لهم للاختيار.
واندماج أفراد الأسرة في البرامج الاجتماعية المتنوعة يساعد الأسرة في صقل شخصيات أفرادها وقوة الارتباط الأسري، والبعد عن سفاسف الأمور والانشغال بالترهات الملهية مما يرفع قوة الطرح في الجلسات الأسرية، ويفتح المجال لتبني مشاريع أسرية مشتركة، بل يؤثر تأثيراً ظاهراً في الأجيال المتتابعة من الأسرة الواحدة.
يقول الدكتور أمين أبو لآوي مبيناً مكانة المشاركة الاجتماعية في التربية الإسلامية: «تتجه التربية الإسلامية إلى زرع بذور التعاضد والتماسك والتضامن في نفوس الناشئين من أجل تحقيق اتجاه العمل الجماعي والشعور بالمسؤولية عن الجماعة؛ وذلك عن طريق إبراز أهمية العمل المنظم والهادف إلى رصِّ الصف وتنسيق الجهود الفردية لخدمة الأهداف العليا في المجتمع الإسلامي»(1).
* السمة السادسة: يشجع النجاح والتميز:
قال رسول الله: «نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل. فكان عبد الله بعدُ لا ينام من الليل إلا قليلاً»(2).
وعن عبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنه - قال: «جاء عثمان إلى النبي بألف دينار حين جهز جيش العسرة فينثرها في حجره. قال عبد الرحمن: فرأيت النبي يقلبها في حجره ويقول: «ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم»(3).
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله للأشج، أشج عبد القيس: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة»(4).
ولو تتبعنا سيرة النبي لوجدنا فيها مواقف متعددة لاستنفار الطاقات وتشجيع المواهب.
وهذا الجانب يعطي الشعور بالثقة وتقدير الآخرين للمتربي، ويقوي فاعليته وانتماءه للجهة التي منحته الفرصة لإظهار ما لديه من قدرات، ويساعد في تكرار النجاح والحرص عليه.
يقول الدكتور مأمون مبيض: «من الأهمية بمكان أن يبذل الآباء بعض الجهد في تعلم أساليب التشجيع فهو من أهم الأمور التي يمكنهم استعمالها في التربية وهو من الأمور المؤثرة في الأنواع الأخرى من السلوك»(5).
وتشجيع النجاح والتميز في الأسرة لا يكون عن طريق التمييز في الحقوق بين أعضائها أو الاهتمام ببعضهم وإهمال الآخرين، بل يكون بغرس المفاهيم الصحيحة للنجاح، وفتح المجال للإنتاج والإبداع، وتوفير الوسائل المساعدة على ذلك والتحفيز المدروس والصادق الواقعي لمظاهر النجاح لدى أفراد الأسرة.
* السمة السابعة: لديه أوقات للمرح والفكاهة والاستجمام:
عن عائشة - رضي الله عنها - «أنها كانت مع النبي في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: هذه بتلك السبقة»(6).
وعنها - رضي الله عنها - قالت: «رأيت النبي يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا التي أسأم، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو»(7).
وعن عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله في إحدى صلاتَيِ العشاء وهو حامل حَسناً أو حُسيناً، فتقدم رسول الله فوضعه، ثم كبَّر للصلاة، فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها. قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله الصلاة قال الناس: يا رسول الله! إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك. قال: «كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أُعَجِّله حتى يقضي حاجته»(8).(111/40)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: «إني لا أقول إلا حقاً»(9).
إن إغناء أفراد الأسرة عن الالتفات إلى خارج الأسرة أو البحث عمن يشبع حاجة من حوائجهم أمر مهم، وعلى قائد الأسرة الاهتمام به. والمرح والفكاهة والاستجمام من الأشياء المهمة المهملة من الكثير من الآباء لعدم الاقتناع، أو لكثرة مشاغله، وقد اعتبر الكثير من التربويين اللعب والمرح وسيلة من وسائل التربية، بل أُلِّف في ذلك كتب متعددة ورسائل متخصصة.
يقول خالد العودة: «للترويج دور مهم في التربية الخلقية والروحية إضافة إلى دوره في الجوانب الأخرى، والأسرة محتاجة إلى اللعب والترويح حاجة أساسية كحاجتها للطعام والشراب أحياناً»(10).
ووسائل الترويح في الأسرة المسلمة متعددة، ومن ذلك المداعبة والمزاح والنزهة والرحلة الأسرية، وتوفير لعب الأطفال الهادفة، والتجمعات العائلية، وزيارة المتاحف والمعارض المفيدة، وتوفير الكتب والأشرطة السمعية والمرئية وبرامج الحاسب الآلي التعليمية والترفيهية ووسائل الإعلام؛ إلى آخر القائمة من الوسائل التي بإمكان الأب توفيرها لأسرته وفق الضوابط الشرعية.
يقول خالد العودة: «وإدارة الترويح المنزلي تتميز بكونها شأن أسري خاص يصعب التحكم فيه من خارجها، ولذا تزداد مسؤولية الوالدين في اختيار الأنماط والتطبيقات المناسبة»(1).
* السمة الثامنة: يتسم بالمرونة ومراعاة الظروف:
الأسرة محضن تربوي يستمد مكانته من النصوص الشرعية التي هي بدورها منضبطة بقواعد من ضمنها: «لا ضرر ولا ضرار» و «المشقة تجلب التيسير» وعدم المؤاخذة عند الجهل أو النسيان أو الإكراه.
ولا يخلو عضو من أعضاء الأسرة من ظروف تمر به وتمنعه من تحقيق الأهداف العامة للأسرة من مرض ومشاغل وتعكُّرِ مزاجٍ وقلة ذات اليد، ونحو ذلك.
فلا يعني وجود خطط أو أهداف أو اتفاقيات محددة داخل الأسرة أن نكون صارمين في تحقيقها؛ فقد تضطر الأسرة لتأجيل بعض برامجها أو إلغائها، أو قد تضطر للتعامل بطريقة معينة مع أحد أفرادها؛ لأنه يمر بمرحلة نمو معينة، أو قد تتنازل الأسرة عن بعض مطالبها لصعوبات مالية تمر بها.
ولو تتبعنا سنة النبي في ذلك لوجدنا اليسر والسهولة والبساطة.
عن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان النبي عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة، فانفلقت، فجمع النبي فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: غارت أمكم. ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرَت»(2).
قال أنس - رضي الله عنه -: «كان رسول الله من أحسن الناس خُلُقاً، فأرسلني يوماً لحاجة فقلت: والله! لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله قال: فخرجت حتى أمرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق؛ فإذا رسول الله قابض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه هو يضحك، فقال: يا أُنَيْسُ! اذهب حيث أمرتك! قلت: نعم أنا اذهب يا رسول الله! قال أنس: واللهِ لقد خدمته سبع سنين أو تسع سنين ما علمت قال لشيء صنعتُ: لِمَ فعلتَ كذا وكذا، ولا لشيء تركتُ: هلاَّ فعلتَ كذا وكذا! »(3).
ولا يعني ذلك اللين أو المداهنة في المحرمات، بل على رب الأسرة حمايتها من كل ما يخالف الشرع، والإنكار على من وقع في منكر منهم مع اعتبار الآداب الشرعية في ذلك.
عن عائشة - رضي الله عنها - أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله ؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله ؟ فكلمه أسامة فقال رسول الله: «أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب، ثم قال: إنما أهلكَ الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»(4).
ومن المرونة في الحياة الأسرية النظرة الإيجابية للمشكلات؛ فلا يخلو تجمع بشري منها. والإيجابية هنا في تقبُّل وجود المشكلة، وأنها أمر طبيعي لا يعني انتهاء العلاقة الأسرية أو فسادها. ومن الإيجابية في النظرة إلى المشكلات الأسرية السعي لعدم ترسبها في الأسرة واستغلالها كحدث تربوي.
* السمة التاسعة: يسود فيه الأدب والاحترام المتبادل:
عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر»(5).
يتصور الكثير من الناس أن الأدب والاحترام عندما يُطلق يراد به احترام الأصغر لمن هم أكبر منه سواء كان ذلك في العمر أو في غيره؛ مع أن الاحترام قضية تبادلية لا يمكن أن توجد من الإنسان تجاه من لا يحترمه، ولكي يكون الاحترام سمة من سمات أسرنا علينا أن نسعى لتوفير سمات المناخ الأسري السليم في أسرنا؛ إذ بتوفيرها يشعر عضو الأسرة بالانتماء إليها والحرص على مصالحها ومحبته لأعضائها، وعلينا كذلك أن نحرص على توفير أمرين مهمين لهما أثرهما في الاحترام المتبادل.
أ - العدل بين أفراد الأسرة:
في الحقوق والواجبات وعدم إشعار أحد منهم أن غيره مقدم عليه أو أفضل منه.
يقول الدكتور عادل رشاد: «إن عطاءنا لأبنائنا يجب أن يكون متوازناً بشكل عام؛ فلا ينبغي أن يشعر الأبناء بأنك تفضل بعض أطفالك على بعضهم الآخر، وأي اختلال لهذه القاعدة كفيل ببعث الغيرة والكراهية ومن ثَم تهيئة أسباب النزاع بين الإخوة»(6). ويقول مجاهد ديرانية: «إن التفضيل في المحبة بين الأولاد خطأ فادح؛ أما إظهار ذلك والتصريح به فهو خطيئة، بل هو جريمة لا تغتفر ولا تعود أضرار ذلك على المفضولين فقط بأن ينشؤوا ساخطين أو معقَّدين، بل إن الضرر يكون أوسع من ذلك؛ بحيث يسود بين الإخوة أنفسهم روح الحسد والضغينة ومشاعر الكره المتبادل»(7).
وهذا العدل لا يكون في العطاء أو العاطفة فقط، بل حتى بالتكليف والمطالبة بالمشاركة في أعمال الأسرة؛ فبعض الآباء يركز على أحد أبنائه لسرعة استجابته أو لإتقانه العمل، ويظهر ذلك في تركيز الوالدين على الابن الأول أو البنت الأولى، فتجد هذين يقومان بالكثير من أدوار الوالدين في الأسرة، وهذا الأمر يؤدي إلى سلبيات تربوية متعددة من أقلها الحقد والكره بين الإخوة؛ فالمكلف بالعمل يرى أنه قد أثقل عليه بالعمل وفتح المجال للآخرين للهو وإنجاز ما يريدون من أعمال، والآخرون يرون أن والديْهم لا يثقان بهم كما يثقان بالمكلف بالعمل.
ب - فتح باب الحوار داخل الأسرة:
إن تنفيذك للأمر وأنت مقتنع فيه لا شك أنه سيكون أفضل وأتقن مما لو فعلته بالإكراه وقوة السلطة. ومن المحال أن يتقبل الإنسان فكرة من الأفكار عن طريق الإكراه والسلطة التعسفية حتى لو أظهر خلاف ذلك تجنباً للضرر الذي قد يلحق به عند المخالفة، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يؤدي إلى التفكك ونشوء النجوى والثللية داخل الكيان الواحد، ولذا فمن الخير للأسرة ولكي تسود فيها الشفافية والجماعية في اتخاذ القرار أن يفتح فيها باب الحوار لنقاش المشكلات.
يقول سلمان خلف الله: «للحوار قيمة حضارية وإنسانية، وعلينا أن نعمل ونأخذ به في حياتنا وممارساتنا التربوية والأسرية، ويجب أن تؤمن به كل أمة. والحوار يخلق التفاعل الدائم بين الطفل من ناحية وبين المنهج والمعلم من ناحية أخرى؛ فلا بد أن يوصل الحوار إلى كشف الحقيقة وخاصة إذا كانت غائبة؛ فهو الوسيلة المهمة في بناء شخصية الطفل كفرد وكشخصية اجتماعية، وهو يخلق أيضاً روح المنافسة بين الأطفال، فيحملهم على الدخول في ميادين المناقشة العلمية. وكذلك يثبت فيهم روح الجماعة والتعاون، ويبعد عنهم الأنانية وحب الذات المفرط، ويبث فيهم روح الألفة والمحبة، ويعودهم على النظام والتعاون، ويساعد على الابتكار واحترام الطفل لذاته»(1).
ومن صور الحوار التي أدت إلى المحبة والألفة والاقتناع، ومنعت من التمادي في الخلل ما رواه أبو أُمامة قال: «إن فتى شاباً أتى النبي فقال: يا رسول الله! ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه قالوا: مَهْ مَهْ! فقال: ادْنُهْ! فدنا منه قريباً قال: فجلس. قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا، والله! جعلني فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا، والله! يا رسول الله! جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا، والله! جعلني فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا، والله! جعلني فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا، والله! جعلني فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصِّن فرجه! فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء»(2).
فلو تعسف النبي ـ وحاشاه ذلك ـ لما حصلت هذه النتيجة الجميلة.
ومشكلة الكثير من المربين مع الحوار هو عدم معرفة آدابه وأساليبه، بل إن الكثير من صور الحوار لدينا تنقلب إلى موعظة أو تحقيق أو مناظرة، ومع ذلك نظن أننا نؤدي الكم والكيف المطلوب من الحوار مع من نربي، وأن الخلل أتى من قِبَلهم وليس من قِبَلنا. يقول الدكتور عبد الكريم بكار: «لم تترسخ بعدُ تقاليد الحوار الصحيح في حياتنا الاجتماعية والأسرية، ولهذا فإن من الملاحظ أننا كثيراً ما نبدأ حديثنا مع من نربيهم من أبناء وطلاب على أنه محاورة تتجلى فيه النِّدِّية، ثم ينتهي إلى أن يكون مناظرة خشنة يملى فيه الرأي إملاءً مباشراً؛ فهل نتخذ من العثور على طريقة جديدة في التفاهم هدفاً نسعى إليه؟ »(3).
* السمة العاشرة: يشعر كل فرد فيه بالانتماء والاندماج والتحمس لتحقيق أهداف الآخرين والتعاون معهم:
هذه السمة هي نتيجة لتوفر السمات السابقة ومن الغريب أن يطالب بعض المربين مَنْ تحت يده بهذا الأمر وهو قد فرط بالأمور السابقة. وجزء من هذه السمة هو حاجة نفسية أساسية لا بد من إشباعها وإلا أدى ذلك إلى العزلة والشعور بالوحشة والاغتراب. يقول الدكتور أحمد راجح: «يزداد شعور الفرد بالأمن والتقدير الاجتماعي كما يزداد اعتداده بنفسه واعتزازه بها حين ينتمي إلى جماعة قوية يتقمص شخصيتها، ويوحد نفسه بها كالأسرة القوية، أو النادي، أو النقابة، أو الشركة ذات المركز الممتاز، وتنبت هذه الحاجة في أحضان الأسرة من علاقة الطفل بأمه وأفراد أسرته، ثم تعززها أو تحبطها بعد ذلك التجارب التي يمر بها الفرد، ومتى أرضيت هذه الحاجة وشعر الفرد بالانتماء إلى جماعة معينة زاد ولاؤه لها وشعوره بأنه جزء منها يصيبه ما يصيبها على أن إرضاءها يتوقف على تقبُّل الجماعة للفرد؛ لأنه يعمل من أجلها، وعلى تقبُّل الفرد للجماعة؛ لأنها تُرضي حاجاته ومطالبه»(4). وتقول الدكتورة هدى قناوي: «المرء في حاجة إلى أن يشعر بأنه فرد من مجموعة تربطه بهم مصالح مشتركة تدفعه إلى أن يأخذ ويعطي، وإلى أن يلتمس منهم الحماية والمساعدة؛ كما أنه في حاجة إلى أن يشعر بأنه يستطيع أن يمد غيره بهذه الأشياء في بعض الأحيان»(5).
وعندما يتحقق الشعور بالانتماء للأسرة لدى أعضائها سيترتب على ذلك الاندماج بين أفرادها والتعاون والسعي لتحقيق أهداف الجميع لشعورهم بأهمية وأثر ذلك على حياتهم الخاصة، وعندما يستطيع المربي تقوية الجوانب الإيمانية وغرس أهمية الجانب الأخوي وتقديم ما عند الله على ما عند الناس لدى المتربين ـ عند ذلك تزول النظرة للمصلحة المادية الدنيوية في هذا الجانب أو تعظيمها.
وأخيراً: فإن الوصول لإصلاح الأمة على المستوى العام يحتاج إلى إصلاحات كثيرة على المستويات الفردية والمؤسسية، ومن المؤسسات الأولى المؤثرة في هذه الجانب كيان الأسرة، وما ذكر في هذا المقال هو جزء من الإصلاح الأسري الذي نسعى إليه، وأرجو من الله - عز وجل - أن أكون قد وفقت للصواب فيه.
----------------------------------------
(1) البخاري ومسلم.
(1) دليل التربية الأسرية، ص 12.
(2) الطفل تنشئته وحاجاته، هدى قناوي، ص172.
(3) المرجع السابق، ص 352.
(4) أخرجه مسلم. يفرك: يبغض.
(5) علم نفس المراحل العمرية، عمر المفدى، ص 292.
(6) مسند الإمام أحمد، رقم (14623)، وحسنه الألباني في تحقيق مشكاة المصابيح.
(7) أخرجه الترمذي كتاب صفة القيامة.
(1) دليل التربية الأسرية، ص 158.
(2) أولادنا من الطفولة إلى الشباب، مأمون مبيض، ص 45.
(3) أخرجه البخاري ومسلم.
(4) أخرجه البخاري ومسلم.
(5) علم نفس النمو، حامد زهران، ص 297.
(6) أخرجه البخاري ومسلم.
(7) أخرجه البخاري ومسلم. أوكى: شَدَّ. خمَّر: غَطَّى.
(8) دليل التربية الأسرية، ص 91.
(1) كيف تنمي الانضباط الداخلي لدى طفلك، إبراهيم الحارثي، ومحمد دباس، ص73.
(2) أخرجه البخاري ومسلم.
(3) سيكولوجية الطفولة والمراهقة، مصطفى فهمي، ص300.
(4) المراهقون، عبد العزيز النغيمشي، ص 113.
(5) أخرجه البخاري ومسلم.
(6) أخرجه البخاري ومسلم.
(1) أصول التربية الإسلامية، محمد أبو لآوي، ص 61.
(2) أخرجه البخاري ومسلم.
(3) أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، وحسنه الألباني.
(4) أخرجه مسلم.
(5) أولادنا، ص 225.
(6) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد وصححه الألباني.
(7) أخرجه البخاري ومسلم.
(8) أخرجه النسائي في كتاب التطبيق وصححه الألباني.
(9) أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة، وقال: حديث حسن صحيح.
(10) الترويح رؤية إسلامية، خالد العودة، ص 153.
(1) المرجع السابق، ص 153.
(2) أخرجه البخاري.
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب.
(4) أخرجه البخاري ومسلم.
(5) أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة وصححه الألباني.
(6) خمس خطوات لتعديل سلوك طفلك، عادل رشاد غنيم، ص 121.
(7) نصائح لتربية طفل صالح، مجاهد ديرانية، ص 28.
(1) الحوار وبناء شخصية الطفل، سلمان خلف الله، ص 51.
(2) أخرجه أحمد، رقم (2118)، وصححه الألباني.
(3) 175 بصيرة في التربية، عبد الكريم بكار، ص 56.
(4) أصول علم النفس، أحمد عزت راجح، ص 95.
(5) الطفل تنشئته وحاجاته، ص 189.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/41)
النشوز والعنف الزوجي في الميزان
خالد عبد اللطيف
يظن بعض الأزواج أن مواصلة الحلم والصبر أمام تمادي الطرف الآخر في موجات من الإساءة والعناد..هو نوع من الخنوع والضعف، وأن هذه الأحوال (من الإساءة والعناد) لا يصلح لها إلا المواجهة القوية الصارمة؛ حتى لا يتجرأ الآخر ويسترسل في غيّه؛ وللصبر حدود!!
والحق الذي لا شك فيه، من لدن الوحي المطهر، أن الرفق خير كله، و"ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه"(صحيح الجامع)، و"إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق" (صحيح الجامع) "وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر" (متفق عليه عن أبي سعيد)، قال الله - عز وجل -: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10).
وإذا كان النشوز - الذي هو الإعراض وترفّع أحد الزوجين عن الآخر - يرشَد فيه إلى المواعظ والترغيب والترهيب والصلح؛ فما بالنا بما هو أدنى من النشوز مما لا يخلو منه بيت من مشاحنات عابرة، أو سحابة غضب عارضة؟!
وما بال أقوام يتخطون هذه الوسائل الكريمة المتعددة؛ ويتجاوزونها إلى العنف والبطش، متعلّلين - زعموا - بقوله - تعالى -: {وَاضْرِبُوهُنَّ} الذي نص المفسرون على كونه ضرباً يسيراً غير مبرح - إذا احتيج إليه! -، وقد سبقته وسائل كثيرة لمن صدق في تحري الحق ولم يتبع هواه؟!
قال الشيخ السعدي - رحمه الله - في قوله - تعالى -: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}:
"{وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} أي ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل (فَعِظُوهُنَّ) أي ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته، والترغيب في الطاعة والترهيب من المعصية.فإن انتهت فذلك المطلوب وإلا فيهجرها الزوج في المضجع بأن لا يضاجعها ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود، وإلا ضربها ضرباً غير مبرح. فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم (فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) أي: فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببها الشر".
هذا في نشوز الزوجة. وقال - رحمه الله - في نشوز الزوج الرجل، عند قوله - تعالى -: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}:
"أي: إذا خافت المرأة نشوز زوجها، أي ترفعه عنها وعدم رغبته فيها وإعراضه عنها؛ فالأحسن في هذه الحالة أن يصلحا بينهما صلحاً، بأن تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها على وجه تبقى مع زوجها، إما أن ترضى بأقل من الواجب لها من النفقة أو الكسوة أو المسكن أو القسم - إلى أن قال - رحمه الله - فإذا اتفقا على هذه الحالة فلا جناح ولا بأس عليهما فيها لا عليها ولا على الزوج، فيجوز حينئذ لزوجها البقاء معها على هذه الحال وهي خير من الفرقة.. " إلى آخر كلامه - رحمه الله -.
ومن أراد أن يستزيد من الحق والخير فدونه سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وأحواله مع أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وقد وقع منهن - رضوان الله عليهن - بعض ما يقع من النساء من الغضب والغيرة والمطالبة بمزيد من النفقة، مما قصته كتب السيرة النبوية.
إن هذه التوجيهات العظيمة في القرآن والسنة وتطبيقها الحي في السيرة.. دليل على حفظ الإسلام للبيوت من الانهيار، والمطالبة بالتصبّر والرفق مهما اشتدت المحن، وأن بقاء البيت مع احتمال بعض ما يشق على النفوس.. أفضل من الفرقة وهدم العلاقة الزوجية الكريمة.
وإنها لسبل مظلمة مهلكة أو صراط مستقيم.. فإما أهواء مدمرة تعصف بالبيوت العامرة عند أدنى هبة ريح ينفخ فيها الشيطان، أو وحي مطهر يعصم أتباعه من الزلل والفساد بإذن العليم الخبير!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/42)
أسباب الخيانة الزوجية
يقول أحد الأزواج: تزوجتها في سن مبكرة وشعرت أني لم أحسن الاختيار.
ويقول آخر: زوجتي تفعل كل ما تستطيع لإرضائي، إلا أنني أشعر تجاهها أنها مربية أطفال جيدة ولكن ليست رفيقة الدرب كما كنتُ أحلم.
ويقول غيره: حياتي الزوجية حياة باردة جدًا ورتيبة ومملة، وليس لدي دافع للتحدث معها لأني أشعر أنها لا تفهمني.
ويقول آخر: زوجتي مهملة ولا تهتم بقضية هامة جدًا وهي ماذا يريد الآخر، ومتصورة أنني أسير في سجن الزوجية ولن أنظر لغيرها مهما حدث.
ويقول آخر: ترى زوجتي النساء من حولها وهي كما هي لم تتغير، وزميلتي في العمل تشعرني أن الحياة جميلة حتى أنني أشعر معها أني مراهق في سن 18 سنة ـ وأنا في الأربعين ـ لذلك سأتزوجها. [مع تحفظنا على الأخطاء الشرعية كالاختلاط وعدم غض البصر].
وتقول هذه الزوجة: زوجي يطلب مني كلمات الحب والغرام وأنا لا أستطيع، ولا أتقن فن التعامل مع الرجل وخاصة في العلاقة الخاصة.
ويقول هذا الزوج: وجدتُ الحب فيها وافتقدته مع زوجتي، ووجدتُ عندها ما لم أجده عند زوجتي، أفكر بجدية في الزواج منها.
عزيزي القارئ..... عزيزتي القارئة:
في بداية الزواج يعتقد كل زوج وزوجة بأنه هدية من الله - تعالى - للطرف الآخر، وعندما يستمعان إلى مشكلة زوجية حدثت بين اثنين يستغربان حدوث ذلك، وبعد مرور الأيام ومضي السنون إذا بهما يمران بمشاكل لم تكن متوقعة. وأكثر المتزوجين لا يدركون أن عمر الإنسان له أثر في تغيير نفسيته وطباعه، والمشاكل الزوجية تنشأ عندما لا يراعي الزوجان أحكام السن وتقدمه وتقدم العمر الزوجي، واختلاف حاجات الطرف الآخر بتغير المراحل العمرية ـ وخصوصًا المراحل العمرية الزوجية ـ.
يحتمل أن يطرأ على العلاقات الزوجية متغيرات؛ فقد تتغير سلوكيات الزوج وتصدر منه تصرفات غير مشروعة وقد تكون محرمة كالخيانة الزوجية، وهذه التصرفات لا شك أنها تعبر عن شخصية فاعلها أو مقدار تدينه وعلمه وفهمه كما هي تعبير واضح أيضًا عن نوعية العلاقات الزوجية ومقدار رسوخها وتعلق الطرفين بها.
وبالرغم من أن الخيانة الزوجية ليست أمرًا شائعًا في عالمنا العربي الإسلامي، إلا أننا لا ننكر حدوث مثل هذه الحالات التي ندرجها تحت المشاكل الزوجية السلوكية.
والسؤال الآن:
ما هي أسباب الخيانة الزوجية؟
هناك الكثير من الأسباب التي قد تدفع الأزواج إلى الخيانة الزوجية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1ـ عدم اهتمام الزوجة نفسها:
فقد تهمل الزوجة نفسها ومظهرها ونظافتها بعد فترة طويلة من الزواج، وتستهين بزينتها وجمالها متصورة أن زوجها لا يعنيه ذلك وأنه لن ينظر إلى غيرها أبدًا ولن يفكر بالزواج من أخرى بعد العشرة الطويلة والأولاد. وهذا خطأ في التصور لدى المرأة العربية عمومًا.
2ـ الملل في الحياة الزوجية:
الروتين والرتابة والملل من أعداء الحياة الزوجية، وهذا الملل يظهر عند الرجال أكثر منه عند النساء. فيبحث الرجل عن التجديد خارج المنزل.
3ـ زيادة الاهتمام بالأبناء:
المرأة العربية بعد زواجها وإنجابها الأبناء تتصور أن مهمتها هي المنزل والأولاد فيزداد اهتمامها الدائم بالأولاد وأعمال المنزل أكثر من الزوج وبالتالي يزداد إهمال الزوج بعد سنوات من الزواج، فيشعر الزوج بعدم أهميته لدى الزوجة وهامشيته في حياتها. وقد يسوء الوضع إذا كانت امرأة عاملة فيكون الترتيب الأولاد ثم البيت ثم العمل ثم الأهل والأقارب والصديقات ثم الزوج.
4ـ إغفال الزوجة لاحتياجات الزوج العاطفية:
قد تغفل الزوجة الحاجات العاطفية للزوج من حب وحنان واحتواء ورعاية لأي سبب من الأسباب وبالتالي يشعر الزوج أن زوجته راغبة عنه ولا تبدي له التعاطف أو الرغبة في تقبل عواطفه وهذا ما يسمى بفتور الحب.
5ـ عدم السعادة في الحياة الزوجية مع كثرة الخلافات.
6ـ ضعف المستوى الثقافي ووجود فارق تعليمي بين الزوجين:
فتكون الزوجة هنا كمربية أطفال فقط وليست رفيقة درب كما ذكرنا في الحالة أول المقال. ولا ننكر أن هذا سوء اختيار من البداية وعدم وضوح للرؤية.
7ـ عبوس الزوجة وشكواها المستمر من الأولاد والأعمال وهذا ما يسمى بالنكد الزوجي.
8ـ المشاكل الجنسية:
وهذه من أهم الأسباب فقد يكون هناك مشكلة بين الزوجين في التوافق الجنسي، وقد تتجاهل الزوجة رغبة زوجها ـ خاصة بعد مرور سنوات طويلة على الزواج ـ وقد يتميز الرجل بطاقة زائدة فتظهر هنا رغبة الزوج العارمة في الزواج بأخرى، ونحن نؤيد الزواج الشرعي والتعدد ولا نؤيد قطعًا الخيانة الزوجية.
9ـ الاختلاط غير الشرعي في العمل والمناسبات:
فيرى الرجل النساء المتبرجات مع عدم غض البصر وقلة الوازع الديني وعدم القناعة بما في يده، فالرجل الآن يواجه الفضائيات بما فيها [أفلام ـ فتيات ـ مذيعات... ] ويواجه الفيديو والنت بما فيه، ويواجه الشارع، والبنات والنساء في مجال العمل إن كان مجال اختلاط.
فالرجل أمام كل هذه الشهوات إما أن يحيد عن دينه [فتكون الخيانة]، أو يسلك المسلك الشرعي وهو تعدد الزوجات أو يرزقه الله - تعالى - بزوجة متفهمة قادرة على استيعاب خطورة الموقف والتوجه إلى حسن التعامل معه لتدارك الخطر.
والمرأة المتزوجة تغفل عن قول الله - تعالى - الذي خلقنا: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء} [14] سورة آل عمران
وقد تتصور الزوجة ـ خطأً ـ أنه من المستحيل أن يتزوج زوجها بأخرى أو أن ينظر لغيرها، وهذا عدم فهم لطبيعة الشريك الآخر.
وقد تستخف الزوجة ببعض الأمور التي يطلبها زوجها والتي تمثل عنده حيز كبير من الأهمية وليست لها قيمة عندها، وهذا خطأ في التصور ولابد أن تعرف الزوجة: ماذا يريد الآخر؟ ماذا يحب زوجها وماذا يكره؟.
10ـ تغيير المسار:
فقد يبدأ الزوج حياته الزوجية متدينًا ويختار زوجته على هذا الأساس، ثم ينقلب على عقبيه ويغير حياته ويتساهل في أمور الدين، من الصلاة وغض البصر وعدم الاختلاط بالنساء وغير ذلك.
11ـ المراهقة المتأخرة:
وتظهر المراهقة المتأخرة عند الرجل بعد مرور سنوات طويلة على الزواج ـ إلا من رحم ربي ـ وتظهر بالتالي روح المغامرة والتجربة وإعادة الشباب وتحقيق الرجولة والبحث عن الجديد فتظهر هذه المشكلة.
وقد تكون الصحبة السيئة دافعًا للزوج على الانحراف أو الخيانة.
كل هذه الأسباب عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة ليست مبررًا للخيانة الزوجية. وقد رأينا أن من هذه الأسباب ما يتعلق بالزوجة، ومنها ما يتعلق بالزوج .
http://www.denana.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/43)
استمتع بوقتك بين جدران بيتك !
خالد عبد اللطيف
لماذا تمر لحظات البقاء في البيت مع الزوجة والأولاد بطيئة ثقيلة على بعض الناس ؟! لماذا لا تتحول إلى متعة يسعى إليها رب الأسرة، ويتشوّق إليها، فإذا وصل إليها قرّت عينه وانشرح صدره، وأشاع مِن حَولِه البهجة والسعادة..
ابنه يرتحله، وابنته ترتمي في أحضانه، وتُقص القصص الجميلة، والطرائف المرحة..؟!
والأم ترقب وتشارك في سرور؛ إذ عليها بدورها أن تهيئ الصغار والأجواء، وتؤجل بعض أشغالها في البيت؛ ليتفرغ الجميع لجلسة أسرية مليئة بالأنس والفرح . أضف إلى ذلك حاجة الرجل نفسه إلى الخروج من ضغوط العمل والأجواء الرتيبة الجادة، إلى لحظات من إجمام النفس والترويح عنها.
أصابع الاتهام - للأسف - تشير إلى موضع دقيق وحساس بين أضلعنا!
تشير إلى القلب .. فلو أن القلوب صلحت؛ لوجدت في إيناس الأهل والصغار مرتعا للاحتساب والتماس الثواب، والتقرب إلى الله - تعالى - بإدخال السرور عليهم وقضاء أهم حوائجهم؛ حاجتهم إلى المشاعر الصادقة، والحنان الفيّاض، والرأفة والشفقة.
ولو أن القلوب صلحت؛ لاتجهت برغائبها إلى سنة أفضل الخلق - صلى الله عليه وسلم -، وتأست بسيرته الكريمة في الزوجات والأولاد؛ فكان - صلى الله عليه وسلم - يسابق عائشة - رضي الله عنها -، ويجعلها تشاهد من خلفه لعب الأحباش في المسجد ، ويذهب إلى بيت ابنته فاطمة - رضي الله عنها - من أجل الحسن والحسين - رضي الله عنهما -، ويحمل الصغار في الصلاة، وينزل من منبره ليحملهم، ويرتحلونه بأبي هو وأمي وهو في صلاته، فلا يمنعهم .. بل يطيل في سجوده من أجلهم، إلى غير ذلك من شمائله الشريفة مع أزواجه وأهل بيته - صغارا وكبارا - التي تمتلئ بها دواوين السيرة وصحاح السنة!
وهكذا كان - صلى الله عليه وسلم - يفسح المجال لذلك في أوقات أوسع بكثير مما يمتنّ به بعض الناس وهم يقضون سويعات متفرقة في بيوتهم في أجواء من الصمت والفتور!
والأهم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يُفسِح لهذه الأوقات من قلبه الطاهر، ومشاعره الصادقة؛ بخلاف من يبذلونها على مضض وتململ؛ فتراهم حاضرين بالأبدان دون المشاعر والوجدان!
فهل يتنبه المحبون لنبيهم - صلى الله عليه وسلم - إلى جانب عظيم من سنته، يخسر ـ كثيرا ـ من يفرّط في الأخذ به والعض عليه بالنواجذ، وتخسر البيوت جرّاء ذلك كثيرا من أسباب سعادتها؟!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/44)
أكثر من 13 سبب تجعل الأب يكون سببا في انحراف أبنائه
متى يكون الأب سببا لا نحرف ابنه؟
إن من نعمة الله على الآباء (أن يرزقهم الله أبناء صالحين)، ولكن بعض الآباء قد لا يشعر بهذه النعمة وقد يغفل عنها، بل قد يكون سببا في ضياع ابنه وعودته إلى الذنوب السابقة.
فيا ترى متى يكون الأب سببا في انحراف ابنه؟
الجواب:
1- الاستهزاء بالابن لأجل استقامته وهدايته كقول بعض الآباء: (ابني مطوع متشدد) أو(وش هذه اللحية يا فلان) أو (وش سويت في ثوبك) لأن الابن قد رفع إزاره إلى فوق الكعب، والعبارات التي فيها السخرية كثيرة.
فليعلم الأب أنه عندما يسخر بولد ه أنه بذلك يضع عقبة كبيرة في (استمرار استقامة الابن على الدين) ومن ناحية أخرى فإن الأب قد وقع في مصيبة عظيمة ألا وهي( الاستهزاء بأمور الشريعة) وهذا من (الطامات الكبار) كما قال - تعالى -:{قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}.
2- وقد يكون الأب سببا لانحراف ابنه عندما يمنعه من مجالس الخير مثل ( حلقات التحفيظ، الدروس العلمية والمحاضرات، الطلعات البرية، الخروج للاستراحات) وغيرها، وهنا لابد للأب أن يعلم أن الابن يريد (بيئة) صالحة يعيش بينها ليقوى دينه، ويشتد ثباته وتمسكه بهذا الدين، وعندما يمارس الأب منع الابن فإنه بذلك يحرم ابنه من الاستمتاع بمجالسة الصالحين الذين هم أقوى وسيلة للثبات وخاصة في هذا العصر ومن جهة أخرى فإن الشاب بحاجة إلى الزملاء الصالحين؛ لأنه يعاني من الفتن والمصائب وجلوسه مع الزملاء يحفظه من تلك الفتن..... ولكن للأسف... فإن أكثر الآباء لا يشعرون بذلك.
3- وقد يكون الأب سببا لانحراف الابن عندما يعامله بالقسوة والغلظة والشدة، فذلك الابن لا يسمع من أبيه إلا (ألفاظ السب والشتم) ولا يرى من والده إلا (العبوس والجفاء)، فحينها يصاب الابن (بأزمة نفسية) ويبدأ يعاني من (الهموم التي يراها في بيته) ويصبح يكره البيت ويكره والده، ويحاول الهروب من البيت، ويبدأ في البحث عن البديل لذلك البيت (بيت الجحيم)
فيا ترى أين سيذهب؟ ومع من سيجلس؟
4- وبعض الآباء يحرم أبناءه من المال مما يترتب على ذلك (الضياع والبحث عن المال بطرق غير شرعية).
5 - وبعض الآباء يريد من ابنه أن يبقى ملازما للبيت لا يخرج للترفيه عن نفسه، ولا لحضور مجالس الخير مما يترتب على ذلك (الاكتئاب والملل) وبعد ذلك (الانحراف التدريجي).
6- وأحيانا يريد الأب من الابن أن يسلك وظيفة معينة أو دراسة معينة، والابن لا
يريد ذلك التخصص ولا تلك الوظيفة، بل قد تكون في تلك الدراسة أو تلك الوظيفة بعض
المنكرات التي تكون سبباً في (الضياع والانحراف).
7- وبعض الآباء يأتي بالمنكرات إلي البيت كالقنوات ويسمح بالنظر لها (بدون ضوابط وبلا رقيب) والقنوات فيها من(الفساد والانحلال الشيء الكثير) والضحية هم (الأبناء) فيبدأ ذلك الابن بالتساهل في النظر للقنوات ويبدأ في التراجع عن (مبادئ الاستقامة) وتظهر عليه (علامات الفتور) والسبب هي تلك القنوات الفاسدة.
8 - والأب عندما يتساهل في (مبدأ السفر للخارج) قد يترتب على ذلك (انحراف ابنه) عن طريق الاستقامة، لأن الأب إذا أخذ ابنه إلى تلك البلاد فإنه سيرى (الصور العارية) والملابس الفاضحة، ولا يخفى فتنة النساء وشدة خطرها وخاصة في البلاد الإباحية، والنتيجة (يرى الابن المناظر التي تثير الشهوة وتحرك الغريزة) وبعد ذلك (الانتكاسة) والرجوع إلى (الماضي).
9- وبعض الآباء يأتي بـ(الخادمة) إلى البيت لأجل بعض الظروف..... ولكنه ينسى أن هناك في البيت (أبناء) يتأثرون ولهم شهوة وغريزة وقد(تكون الخادمة ممن يتساهل في الحجاب ومخالطة الرجال) ويترتب على ذلك (كثرة النظر لها) و(حب الخلوة بها) والنتيجة؟؟
10- وقد يكون الأب سبباً لانحراف الابن عندما يكون همّ الأب هو (البحث عن الرزق) ويترتب على ذلك الغفلة عن البيت فالأب عنده (عمل في النهار وفي الليل) ويغيب عن البيت (ساعات طويلة) مما يكون سبباً (للانحراف التدريجي) عند الأبناء والبنات، والحل هنا هو (التوازن) في الحضور إلى البيت وعدم الغياب الدائم، والحرص على
تكوين علاقة مودة ورحمة مع الأسرة، والحرص على تفقد الأبناء والنظر في (دينهم وديناهم).
11 والجهل بطرق التربية الصحيحة من أكبر أسباب انحراف الأبناء، فبعض الآباء يجهل مبادئ التربية الصحيحة ولا يعرف وسائل التأثير في أبنائه، ولا يدري ما هي الفروقات التربوية والنفسية بين الأبناء والبنات، ويترتب على ذلك الأفعال الخاطئة، مما يسبب المشاكل والمصائب.
والحل هنا: هو القراءة والسماع والثقافة في أمور التربية حتى يمكن لك أيها الأب من زيادة الثقافة في الأمور التربوية لتعرف كيف تربي أبناءك وبناتك، واعلم أيها الأب أن ذلك ليس عيباً فيك، بل هذا والله من الكمال؛ لأن بعض الآباء ناجح في أمور دينه أو دنياه وتجارته، ولكنه فاشل في إدارة بيته وتربية أسرته.
12- والدعاء على الأبناء من أكبر أسباب انحرافهم، فبعض الآباء يدعو على أبنائه أو بناته، وقد يستجيب الله له، فيترتب على ذلك الخسارة العظمى، ولهذا ثبت في الحديث: " لا تدعوا على أموالكم ولا على أولادكم لا توافقوا من الله ساعة فيستجيب لكم ".رواه مسلم.
أيها الأب: قبل أن تدعو على أبنائك تذكر أن هذا الدعاء قد يستجاب، وبعد ذلك قد يكون الضياع والانحراف لأبنائك.
أيها الأب عود لسانك الدعاء لأبنائك وبناتك، بأمور الخير والصلاح، لعل هذا يكون مفتاح خير لهم، { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً}.
13- وكثرة المشاكل الزوجية سبب لانحراف الأبناء، نعم إن وجود الخلافات الزوجية، وخاصة أمام الأبناء، سبب كبير لانحراف الأبناء، والقصص كثيرة في هذا الباب.
فوصيتي للوالدين: لا يكون الخلاف والحوار أمام الأبناء، بل لا بد أن يكون في غرفة خاصة حتى لا يشعر الأبناء بشيء.
إن رفع الأصوات بين الزوج وزوجته عند الحوار أمام الأبناء له أثر سلبي كبير على نفسية الأبناء ويزداد الأمر خطورة إذا ضرب الرجل زوجته أمام أبنائه، حينها تبدأ الخواطر والأفكار تتسلل إلى عقول الأبناء، ويترتب وراء ذلك ألوانا من الهموم والأحزان.
14- وعدم المساواة بين الأبناء، من أسباب انحراف الأبناء، وهذا نوع من الظلم في التربية، ونتائجه وخيمة.
15- ومن أسباب الانحراف: تأخير زواج الأبناء والبنات مما يترتب عليه الضياع والبحث عن طرق محرمة في قضاء الشهوة.
أيها الأب: إن ابنك محتاج إلى العفاف وهذا العفاف لا يكون إلا بالوقوف معه في ترغيبه في الزواج وتيسيره.
إن الشباب يعانون من تسلط القنوات،، والصور في المجلات وقد لعبت بعقولهم، مما جعلت بعضاً منهم يمارس العادة السرية لأجل تفريغ الشهوة الكامنة في جسده، وبعضهم بدأ يبحث عن الحب المحرم عن طريق المعاكسات وتصيد الفتيات.
وبعض الشباب تجرأ على الأعراض، وارتكب جريمة الزنا عياذاً بالله منها، وبعضهم انسلخ من فطرته وتخلى عن رجولته، وقام بجريمة اللواط، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أيها الأب:
إن الشهوة قنبلة في جسد ابنك، وقد تنفجر في أقرب وقت، وإن سعيك لتزويج ابنك يزيل أثر تلك القنبلة.
أيها الأب:
لماذا لا تقف مع ولدك لكي تعينه على إكمال نصف دينه وهو الزواج؟ قد تحتج ببعض الأمور فأقول لك: كن صادقاً مع الله في إعفاؤه وستجد العون من الله - تعالى -، واعلم بأنه ثبت في الحديث: ( ثلاثة حق على الله عونهم..... والناكح يريد العفاف ).
أيها الأب:
لن أنسى موضوع ابنتك فهي بحاجة إلى أن تعيش في عالم الزواج وتذوق لذته وسعادته..
فأنا أرسل لك رسالة محب: تأكد أن ابنتك تحتاج إلى زوج صادق وصاحب دين وخلق أعظم من حاجتها إلى وجودك أنت أيها الأب.
وإن بعض الآباء وقع في جُرم عظيم عندما تساهل في تزويج بناته، فهاهم بعض بناته قد قاربن الثلاثين وهو إلى الآن لم يفكر في تزويجهن.
وبعض الآباء قد زوج ابنته التي في العشرين من رجل عجوز تجاوز الخمسين، بل والستين، فيا ترى، كيف ستكون حياتهم؟ وهل سينجحون في تكوين أسرة سعيدة ؟!
http://www.dorob.ws :المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/45)
أبناء رائعون .. ضائعون !
خالد عبد اللطيف
كم في البيوت من صغار رائعين بحاجة إلى من يأخذ بنواصيهم وأيديهم إلى درب النجاح!
وإن من أشد الأمور إيلاماً للنفس أن ترى ناشئاً نجيباً لا يجد لنجابته يداً تتعاهدها بالغرس والسقيا؛ حتى تؤتي أكُلها!
ولم أر في عيوب الناس عيباً *** كنقص القادرين على التمام!
كم يجني والد على ولده حين يرى مواهب من التفوق والمهارة والإبداع، فلا يلقي لها بالاً، وكأنه لا دور له في الحياة إلا كدور سائر المخلوقات مع صغارها..الطعام والشراب والمأوى!
لكن الله - تعالى - برحمته يوفّق آخرين من ذوي الألباب والنهى إلى تعاهد صغارهم بالعلم والمعرفة كما يتعاهدونهم بالطعام والشراب، ويجعلون لمواهبهم مأوىً يحتضنها ويرعاها كما يجعلون لهم سكناً يظلهم ويحميهم.
فهذا ظهرت عليه مواهب أدبية.. وهذا بدت في تصرفاته ميول علمية، لاحظها الآباء.. وحدثتهم الأمهات؛ فكان التشجيع والتحفيز وتوفير الكتب النافعة والبرامج الممتعة والألعاب المناسبة؛ كل بما يتوافق وميوله ومواهبه.
إنها أمانة كبيرة.. فليست المسئولية عن هؤلاء الصغار قاصرة على الحاجات التي يشاركهم الحاجة لها سائر الدواب؛ بل الحاجة أبلغ لتغذية ما فُضِّلوا به بل كُرِّموا - على المخلوقات كلها "العقل".. قال الله - تعالى -: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً * يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً}.
فلنحمل أماناتنا.. ولنقم بمسؤولياتنا.. ولنكن عوناً لأولادنا.. وعوناً لأمتنا؛ بتحقيق الغاية من هذا التكريم، وحفظهم من العمى والانحراف وإضلال السبيل.
ما أحوج كل بيت بين الحين والحين إلى جلسة رائعة مع الصغار الرائعين.. حوار جميل يفتح الأبواب أمام أحلامهم الصغيرة البريئة، وطموحاتهم الناشئة، ورغباتهم الوثّابة.
وما أجمل أن يضم البيت بين جدرانه مكتبة صغيرة أنيقة تضم مجموعة من الكتب المفيدة والقصص الممتعة، ونحوها من الوسائل العصرية التي تجمع بين المضمون المفيد والشكل الجذّاب، حتى يهرع إليها الصغار بشوق كما يفعلون مع ألعابهم!
لكن أجمل ما تضمه البيوت بين طيّاتها بحق هو والدان شغوفان بصغارهما؛ يراقبان نموّ عقولهم وتفتّح مواهبهم، ويمدونها بروافد من الحب والبذل والعناية!
http://www.asyeh.com :المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/46)
معادلة في الإنصاف بين الوالد وولده
عبد المحسن بن سليمان المنيع
حياةُ الأسر مليئةٌ بالمواقف، بشتى صورها وأشكالها وألوانها وأنواعها، ففيها واجباتٌ والتزاماتٌ ومستحباتٌ وتنازلاتٌ وتضحياتٌ ومحظوراتٌ ومحرماتٌ، وذلك حسب ما تقتضيه الأوامرُ الشرعيةُ، أو ما تمليه العادات والتقاليد الاجتماعية مما لا يخالف الشرع منها.
ومع تباين أفرادِ الأسرِ واختلافاتِهم، فأهم ما تُبنى عليه الأسرة: الوالدان والأبناء، وكل منهم عليه حقوق وله على الآخر حقوق.
فحقوق الوالدين على الأبناء معروفة بما يستوجبه البرُّ بهما، والابتعادُ عن عقوقهما، والحرصُ على الإحسان إليهما.
ومسؤولية الوالدين تجاه أبنائِهما مطلوبةٌ بالاهتمام بتربيتهم، وتنشئتِهم تنشئةً حسنةً قائمةً على الصلاح والتقى والعدل في كلٍّ، وعلى كلٍّ.
فتعامل الوالدين مع أبنائِهم وتعاملُ الأبناءِ مع والديهم مقيدٌ بعاطفةٍ داخليةٍ، ومدرجٌ بانتماءٍ أصيلٍ ثابتٍ، ومسرجٌ بالحبِ والعطفِ والحنانِ والشفقةِ والرحمةِ.
ولكن قد تشذُّ حالةٌ، فيصيب تلك المعاملةَ بعضُ الخلل أو القصور أو التقصير، وقد تكون غالباً بدون قصد سواء من الوالدين أو من الأبناء.
وسأتناول بعضَ الحالات التي تصدرُ من الطرفين تجاه الآخر؛ رغبة في الوصول إلى الأحسن، واستنارة بالآراء والطروحات.
فأقول هناك حالاتٌ قد تشذُّ عن القاعدةِ والأساسِ في التعاملاتِ بين الوالدين مع أبنائهم أو العكس، فإليك بعض الحالات فيما يخصُّ معاملةَ الوالدين للأبناء:
1- قد يخرجُ الأبناءُ من المنزلِ للسكن مع زوجاتهم في منزل خاص بهم بعيداً عن الوالدين، فيبقى أحد الأبناء عند والديه؛ إيناساً لهما، وإدخالاً للسرور عليهما، ومع ذلك فإنَّ كيلَ المديحِ والثناء والإطراء لأولئك الخارجين، وأما من بقيَ عند والديه؛ يقوم بحاجتهما ويقف بين يديهما ليلبي مطالبهما، فإنه لا يجد ما يجده إخوانه!.
2- يعمل الأبناء في خدمةِ أبيهم في شتَّى مناحي الحياة من قيامٍ بأمرِه أو مساعدةٍ له في أعمالِه والاستعداد لقضاء حوائجه ومع ذلك فإن الإطراء يُخصص للبعض دون الآخر مع أن من لم يُمدح قد يعمل أحسن ممن مُدح أو أكثر منه، ومع ذلك فلم يلاقوا من الشكر مثلَ ما لاقى الآخرون.
3- أمٌ يخرجُ أبناؤُها بزوجاتهم؛ ليسكنوا بعيداً عنها، ويبقى بعضهم عندها في البيت ومع ذلك يُكال المديحُ والثناءُ لزوجات الأبناء البعيدين، ويُذكرن بأوصافهن الحميدة، ويُبالغ في مدحهن، أما الزوجات اللائي سكنَّ عندها وسعينَ في خدمتها وإرضائها لا تكاد تسمع كلمة ثناء بهن، ولو ذهبت إحداهنَّ يوماً أو نحوه لزيارة أهلها لقامت الدنيا وما قعدت فأين الإنصاف والعدل؟
تلك بعضُ المواقفِ التي قد تقفُ حجرَ عثرةٍ في استمرار الابن في القيام بما يجب عليه نحو والديه، أو قد تُقلِّل من جهدِه نحوَهما؛ لما يَراه من آثارٍ عكسيةٍ نحوه، فهو يقدم أكثر ومع ذلك لا يلاقي في المعاملة ما يلاقيه غيرُه أقل منه تقديما وأقل منه برا.
وأما ما يخصُّ الطرفَ الآخرَ من معاملةٍ وهي معاملةُ بعض الأبناء لأبويهم، وإليك بعض الحالات:
1- شابٌ قد يفضِّلُ أصدقاءَه على أبويه وخذ بعض الأمثلة عن هذه الحالة:
أ - يريد الابنُ أن يخرج مع رفاقه في طلعة برية أو رحلة سياحية فلا يستأذن والديه ولا يسألهما عن رغبتهما في بقائه أو ذهابه مع أنهما في أمس الحاجة إليه.
ب - ابنٌ يقدم خدماته للأصدقاء بكلِّ رحابةِ صدرٍ، ويتذمر من البقاء مع والديه عندما يطلبان منه حاجة أو يقضيها لهما.
ج - ابنٌ وديع مطيع لكل صديق يخفض صوته ولا يرفع بصره، ولكنه مع والديه مختلف تماما يدخل مقطبا ويخرج متأففا، !!.
2- ابنٌ قد يفضِّل زوجتَه على أمِّه ولهذه الحالة أمثلة كثيرة إليك بعضاً منها:
أ - يُعطي زوجتَه كلَّ شيءٍ تطلبه سواء احتاجت إليه أم لم تحتج له، ويَحْرِمُ أمَّه من أشياء هي بعض حاجتها.
ب - يرفِّه زوجتَه ويُكْثرُ الخروج بها منزهاً ومسلياً، ويتركُ أمَّه في البيت لا يذهب بها معه ولا حتى يقوم بإيصالها لزيارة أو نحوها.
ج - ومن الأبناء من يقدِّم طلباتِ زوجتِه على طلباتِ أمِّه وقد يغفلها تماما.
د - ومن الأبناء من يُكثر الجلوس مع زوجتِه، ومع ذلك يقلل الجلوسَ عند أمِّه، وقد لا يجلس معها فلا تراه إلا واقفاً أو ما شياً أو جالساً على جمر، فأين الإنصاف؟! وأين البر؟!
أيها الإخوة: تلك حالات تقع في حياة الأسر وهناك حالات غيرها كثيرة تدل على عدم الإنصاف، وتطفيف في الميزان.
فيا أيها الآباء، ويا أيتها الأمهات، إن كنتم تُريدون أبناءَكم في البر ِّسواء فعاملوهم بالعدل فيما بينهم.
ويا أيها الآباء، والأمهات، إنَّ خيرَ الآباءِ من أعانَ أبناءَه على برِّه، وإنَّ خيرَ الأمهات من أعانت أبناءَها على برِّها، والعدلُ والإنصافُ في معاملة الأبناء من الإعانة على البر.
أما أنتم أيها الأبناء، فمهما لاقيتم من أبويكم فلا يسوغ لكم عقوقهما، بل ينبغي الحرصُ على برِّهما، والإحسان إليهما، والصبر على أذاهما، ومحاولة تبرير ما يصدر منهما من تقصير، فحق الوالدين على الأبناء عظيمٌ وكبيرٌ؛ لذا قرنه الله - تعالى -بعبادته في قوله - تعالى -: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} النساء: 36.
وقوله - تعالى -: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) الإسراء: 23.
ومهما قدَّم الأبناءُ وعملوا من أعمال برٍّ، فلن يُوَفُّوا لأبويهم حقَّهما لقوله - صلى الله عليه وسلم -:(لا يجزي ولدٌ والداً إلا أن يجدَه مملوكا فيشتريه فيعتقه) رواه مسلم.
وفي الختام أيها الأبناء، غُضُّوا الطرفَ عن هفوات الوالدين وتفضيلهما لأحدِ الأبناءِ على الآخر، فمع أنَّ هذا الأمرَ مسؤوليتهما إلا إنه ليس من مسؤوليتكم أيها الأبناء، ولكن قدموا لهما النصحَ بلباقة وحسنِ عبارة، واهتموا بما يجبُ عليكم نحوَهما وصابروا على ذلك، " أحيٌّ والداك، ففيهما فجاهد".
5/5/1426هـ
http://www.toislam.net :المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/47)
كر و فر
ألقى الجريدة من يده وقال بحسرة: هكذا هي دائماً..مظلومة! قلت له: من تعني أيها المحامي؟
قال بنزق: أعني كل امرأة تعيش في بلادنا! أخذت الأمر بشيء من الجدية: ومن تراه ظالمها؟ قال وهو يتأمل بعيداً: المجتمع..كل المجتمع.. قلت بتعجب: كل المجتمع! حتى النساء تظلم النساء؟
ضحك باستخفاف وقال: أجل.. إن سكوتهن على الظلم أكبر ظلم! قلت وأنا أشير بإصبعي يميناً ويساراً: عرفنا الظالم، وعرفنا المظلوم، ولكننا لم نعرف أين الظلم؟ قال وهو يعد على أصابعه: سأعطيك بعضاًَ من صور هذا الظلم، فأستمع جيداً:
أولاً: عنوان الظلم هو كلمة (حرام)، إنها الكلمة التي نصفع المرأة بها كلما رفعت قدماً ووضعت أخرى فإذا أرادت أن ترى الشمس دون غطاء يكتم أنفاسها قلنا: حرام! وإذا أرادت أن تذهب إلى مشاويرها دون سائق يعيق حريتها، قلنا: حرام، وإذا أرادت أن تدرس مع زملائها الرجال، قلنا: حرام، وإذا قالت: حرام عليكم، قلنا حرام! ابتسمت وفتحت ذراعي وكأني أجمع الهواء، وقلت: كل هذا أولاً! فما ثانياً؟
قال بحمق وهو يعطي القضية نوعاً من العمق: كيان المرأة.. إنه أهون الأشياء على الرجال، وهو مستهدف دائماً بالإذلال والإهانة تحت الشعارات الرنانة: (لم تخلق المرأة لغير المنزل)، (أكبر قضية في حياة المرأة ألا تخالط الرجال)، (زينة المرأة.. خدمات المرأة.. كلام المرأة.. كل هذا لرجل واحد يسمى: الزوج)، إن أعلى منزلة أعطاها هؤلاء للمرأة هي أن تكون طيلة حياتها خادمة لرجل!
وأنا أتأمل انفعالاته، كنت أفكر في المفتاح الذي يمكنني أن أتفاهم به مع الأقفال الصدئة التي وقرت في دماغ هذا الرجل، ثم سألت: " هل أنت متزوج؟ "قال: نعم. قلت: ولديك أولاد؟ قال: نعم.
قلت: وزوجتك هل تعمل خارج المنزل؟ ضحك، واستبشر واستنفر، وقال: بالتأكيد.. إنها امرأة عصرية منتجة تعمل دوامين، وقد تكلَّف أحياناً بمناوبة إضافية، إنها دكتورة!
سألته: وهل لزوجتك مشاوير أخرى غير العمل؟ قال: أجل.. إنني فخور بزوجتي، فهي امرأة منظمة تدير وقتها بكل دقة، فلا يكاد يومها يخلو من زيارة، أو تسوق, أو اجتماع عام، يمكنك يا سيدي - ببساطة - أن تصفها بكلمتين: امرأة حرة!
قلت وقد اكتملت الخيوط في يدي: إذا كان العمل يستغرق من زوجتك تسع ساعات ويستغرق النوم ثماني ساعات وتستغرق المشاوير والزيارات أربع ساعات فماذا بقي من الوقت لكي تقوم المرأة بدورها في الحياة؟
قال بتعجب: دورها!! إن التي كزوجتي تؤدي دورها في حياتها على أكمل وجه!
قلت: من وجهة نظرك لو كل النساء أصبحن مثل زوجتك، فهل ستكتفي كل المؤسسات من الأيدي العاملة؟
قال بحزم وعزم: بكل تأكيد!
قلت: غير أن هناك مؤسسة ستبقى خاسرة متعطلة تشكو من فقد اليد العاملة المؤهلة..
قال: ماذا تقصد؟
قلت: أقصد مؤسسة البيت.. من الذي سيقوم بشؤون البيت؟
قال وهو يهز رأسه استعداداً لجولة جديدة: فهمت! يبدو أنك يا سيدي لم تسمع بأن استقدام خادمة أصبح لا يستغرق أكثر من أسبوع!
قلت وعلى وجهي علامات الاستخفاف: إذن فراعية بيتك العامر، ومربية أجيالك الواعدة، ونبض الحب والحنان الذي يغمرك وأطفالك، كل هذا تقوم به خادم؟
قال: وما الغريب في الأمر؟
قلت: أما أنا فأحمد الله أن التي تدير بيتي هي بنت ديني وبلدي، ولا يكاد وقتها بتسع لغير رعاية أبنائها والقيام بشؤون المنزل!
قال محاولاً جر البساط: لو كانت متعلمة لما جلست في البيت لحظة!
قلت: " هذه مقاييسك العوجاء، غير أن المقياس الذي حافظت عليه زوجتي في أثناء دراستها، وبعد تخرجها في الكلية هو أنها تتعلم لكي تعلم، ولكي تصلح بنات جنسها، وتربي أطفالها على بصيرة ".
شعر صاحبي أن الخطوط بيننا قد تباعدت، وأن مواصلة الحديث لم تعد مجدية، فتنحنح وأراد الانصراف، فناديته:
متى أزورك أنا وزوجتي؟
فقال وهو يمضي: عندما تعود زوجتي إلى المنزل أسألها، ثم أتصل بك!!
http://www.naseh.net :المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/48)
ـــــــــــــــــــ
الأسرة في الإسلام ـ تربية الأولاد ـ
سعيد بن يوسف شعلان
الخطبة الأولى:
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله- تبارك وتعالى-، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد:
فهذا آخر ما أتكلم عليه من الأحكام المتعلقة بالأولاد في الإسلام، ألا وهو حكم تربيتهم وتأديبهم وتعليمهم والعدل بينهم؛ لأنهي هذه السلسلة من الخطب، والذي كان موضوعها الأسرة في الإسلام.
أما عن تربية الأطفال فإن مما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خلقه، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حرص, وغضب, ولجاج, وعجلة, وخفة مع هواه وطيش وحِدهَ وجشع، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له، فلو تحرز منها غاية التحرز فضحته ولا بد يومًا ما، ولذلك تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم، وذلك من قِبَل التربية التي نشأوا عليها ولقنهم أثناءها المربي ما لا يجوز تلقينه ولا تعليمه من الأخلاق والعادات الرذيلة، وكذلك يجب أن يُجنب الصبي إذا عقل مجالس اللهو والباطل, والغناء وسماع الفحش, والبدع ومنطق السوء فإنه إذا علق بسمعه عَسُر عليه مفارقته في الكبر، وعزَّ على وليه استنقاذه منه، فتغيير العوائد من أصعب الأمور [التي] يحتاج صاحبها لإستجداد طبيعة ثانية والخروج عن حكم الطبيعة عسير جدًا، وينبغي لوليه أن يجنبه الأخذ من غيره غاية التجنب، فإنه متى اعتاد الأخذ صار له طبيعة، ونشأ بأن يأخذ لا بأن يُعطي، وعوده البذل والإعطاء، وإذا أراده أن يعطي شيئًا فليعطه إياه على يده، وليأمره بأن يتولى هو بنفسه إعطاءه لغيره ليذوق حلاوة الإعطاء. على ولي الطفل أن يعطيه الشيء ويقول: يا بني أعطي هذا لفلان ليذوق الولد الصغير حلاوة الإعطاء، وليعتاد على ذلك.
وعلى وليه أن يجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبه السُم الناقع، فمتى سهل له سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة، وحرمه كل خير، هذا أمر في غاية الأهمية، ما ينشأ الطفل الصغير على الكذب والخيانة إلا بعد أن يرى أحد أبويه يفعله ويأتيه، يكذب إما على أقاربه أو ضيفانه, أو يكذب أحدهما على الآخر، والولد يراقب ذلك فيعتاده، وينشأ على أن هذا الأسلوب مُنج ومُفلت من العقاب ومن الحرج، ينبغي على ولي الطفل أن يجنبه ذلك أعظم من حرصه على تجنيبه السُم الناقع الذي يهلكه ويميته.
ويجنبه الكسل والبطالة والدعة والراحة، بل يأخذه بأضدادها ولا يريحه، إلا بما يجم نفسه وبدنه للشغل فإن للكسل والبطالة عواقب سوء ومغبة ندم وللجد والتعب عواقب حميدة إما في الدنيا وإما في العقبى وإما فيهما فأروح الناس أتعب الناس، وأتعب الناس أروح الناس، والسيادة في الدنيا والسعادة في العُقبى لا يوصل إليها إلا على جسر من التعب، قال يحيى بن أبي كثير - رحمه الله -: "لا يُنال العلم براحة الجسم".
وقال الشافعي - رحمه الله - في أبيات نُسبت إليه وفي شطر منها مخاطبًا طالب العلم، يقول:
"وتنام الليلَ وأسهرُ وتبغي لحاقي"
أنت تنام الليل وأسهرٌ طالبًا له وتبغي لحاقي هيهات.
وعلى ولي الأمر أن يعود صبيه الانتباه آخر الليل، فإنّه وقت قسم الغنائم, وتفريق الجوائز من الله - عز وجل - على خلقه فمستقل ومستكثر ومحروم. فمن الناس من يكون نصيبه قليلاً إذا استيقظ شيئًا قليلاً من آخر الليل، ومنهم من يكون نصيبه كبيرًا إذا استيقظ قبل نهاية الليل بوقت أطول، ومنهم من هو محروم ذلك الذي لا يستيقظ البتة.
فمتى اعتاد الصبي ذلك صغيرًا سهل عليه ذلك كبيرًا. ولم يشكو في كبره الحرمان من قيام الليل والانتباه آخر هذه الأوقات، وينبغي على ولي الصبي أن يجنبه فضول الطعام والكلام والمنام ومخالطة الأنام, يجنبه الفضول من هذه الأمور ما لا حاجة إليه من الطعام والمنام والطعام ومخالطة الأنام التي لا حاجة إليه منها. يعود الولي ابنه على أن يتجنبها فإن الخسارة في هذه الفضلات، وهي تفوت على العبد خير دنياه وآخره، وينبغي عليه أن يجنبه مضار الشهوات المتعلقة بالبطن والفرج غاية التجنب. فإن تمكينه من أسبابها والفتح له فيها يفسده فسادًا يعز عليه بعدها صلاحه، وكم من والد أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه وإعانته له على شهوته، وبزعم أنه يُكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه وحرمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة.
وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من الآباء، يجيبون أولادهم إلى كل ما يطلبون، ويمكنونهم الأموال الطائلة ومن العكوف على الشهوات مادام فيها سعادتهم، وهذا من أعظم الأخطاء في التربية، بل ينبغي أن يُعود الولي ابنه على ألا يجيبه أحيانًا إلى ما يطلب وأن يمنعه أحيانًا مما يطلب فإن ذلك في صالحه.
والحذر كل الحذر من تمكينه مما يزيل عقله من مسكر وغيره، أو عِشْرة من يُخشى فساده أو كلامه له أو الأخذ منه ينبغي عليه أن يجنبه ذلك، وأن يحرص على متابعته حتى لا يتعود هذه الأمور فتفسده، بل وتهلكه، وينبغي عليه أن يجنبه من يخشى فساده أو كلامه له، يكون ذا كلام سيئ، أو الأخذ منه فإن ذلك الهلاك كله.
فمتى سهل على الصبي ذلك فقد سهلت عليه الدياثة، ولا يدخل الجنة ديوث.
فما أفسد الأبناء مثل تفريط الآباء وإهمالهم واستسهالهم شرر النار بين الثياب، فأكثر الآباء يعتمدون مع أبنائهم أعظم ما يعتمده العدو الشديد العداوة مع عدوه وهم لا يشعرون، فكم من والد حرم ولده خير الدنيا والآخرة وعرضه لهلاك الدنيا والآخرة، وكل هذا عواقب تفريط الآباء في حقوق الله وإضاعتهم لها وإعراضهم عما أوجب الله عليهم من العلم النافع والعمل الصالح، حرموا أنفسهم الانتفاع بأولادهم وحرموا أولادهم خيرهم ونفعهم لهم، وهذا من عقوبة الآباء حتى إنهم ليحكون أن بعض الأبناء قال لأبيه لما عاتبه أبوه بسبب عقوقه له. قال: يا أبت عققتني صغيرًا فعققتك كبيرًا، وليس في ذلك دعوة إلى مبادلة سوء تربية الآباء بالعقوق في الكبر فمهما كان من الوالدين فإنهما يُبران ويطاعان إلا في معصية الله - عز وجل -، وهذا أمر إنما هو نتيجة لسوء تربيتهم لهم. حرمهم الانتفاع بأولادهم في الكبر وحرم أولادهم خيرهم ونفعهم لهم.
وينبغي لولي الأمر أن يجنب الولد دون البنت لبس الحرير والذهب؛ فإنه مفسد له ومخنث لطبيعته كما يخنثه اللواط, وشرب الخمر, والسرقة, والكذب.
وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : (حُرم الحرير والذهب على ذكور أمُتي وأُحل لإناثهم).
والصبي وإن لم يكن مكلفًا فوليه مكلف، لا يحل له تمكينه من المحرم فإنه يعتاده ويعسر فطامه عنه، وهذا أصح قولي العلماء، منع الأطفال (الذكور) من لبس الحرير والذهب، هذا أصح قولهم.
ومما ينبغي أن يعتمده الولي في تربية ابنه حال الصبا وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها، فيعلم أنه مخلوق له، فلا يحمله على غيره مادام مأذونًا فيه شرعًا، فإنه إن حُمل على غير ما هو مُستعد له لم يفلح فيه وفاته ما هو مهيأ له. ومعنى ذلك ببساطه: أن على الولي أن يلاحظ ابنه وما هو نابغ فيه متطلع إليه، فلا يحمله إلى غيره مادام هذا الذي تطلع إليه الصبي ليس حرامًا شرعًا، فإن الولي إذا حمل ابنه على غير ما هو مستعد له لم يُفلح في؛ لأنه مخلوق لهذا الأمر الذي تطلع إليه ونبغ فيه مثلاً كأن يكون مهيأ لدراسة العلم الشرعي فيُجبر على أن يطلب علم الكيمياء والرياضيات والعلوم مثلاً، فلا يُفلح في ذلك لأنه أبدى استعدادًا لحفظ القرآن والحديث وعنده ذاكرة وحافظة جيدة، لكنه لما أجبر على ما هو غير مستعد له لم يُفلح فيه، أو أن يجبر ولده على تعلم الرياضيات وهو متفوق في العلوم ونحو ذلك وهَلم جرا.
فإذا رآه حسن الفهم، صحيح الإدراك، جيد الحفظ واعيًا فهذه من علامات قبوله وتهيؤه للعلم فلينقشه إذن في لوح قلبه ما دام خاليًا، فإنه يتمكن منه ويستقر ويزكو معه.
وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه وهو مستعد للفروسية وأسبابها من الركوب, والرمي, واللعب بالرمح، وأنه لا نفاذ له في العلم ولم يُخلق له، فليمكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين، وإن رآه بخلاف ذلك وأنه لم يخلق لذلك ورأى عينه مفتحة لصنعة من الصنائع مستعدًا لها وهي صناعة مباحة نافعة للناس فليمكنه منها.
هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاجه في دينه؛ فإن ذلك ميسر على كل أحد، لتقوم حجة الله على العبد فإن له على عباده الحجة البالغة، كما له عليهم النعمة السابغة. والله أعلم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، أمّا بعد:
فإنه ينبغي تأديب الأولاد وتعليمهم لقوله - تعالى -في سورة التحريم: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم: 6]، قال علي بن أبي طالب-رضي الله عنه -: "علموهم وأدبوهم"، وقال الحسن البصري - رحمه الله -: "مروهم بطاعة الله وعلموهم الخير".
وفي المسند, وسنن أبي داود من حديث عمر وابن شعيب عن أبيه عن جده قال رسول الله: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها، لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع)، ففي هذا الحديث ثلاثة آداب: أمرهم بالصلاة وضربهم عليها، والتفريق بينهم في المضاجع.
وفي معجم الطبراني عن جابر ابن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: (لأن يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع على المساكين).
وقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "أدّب ابنك فإنك مسئول عنه، ماذا أدّبته؟ وماذا علمته؟ وهو مسئول عن برك وطواعيته لك".
وقال سعيد بن منصور: حدثنا حزم قال: سمعت الحسن البصري - رحمه الله - وسأله كثير ابن زياد عن تفسير قوله - تعالى -: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْواجِنَا وَذُرّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74].
فقال يا أبا سعيد: أفي الدنيا أم في الآخرة؟ هذا المسئول في الآية ربنا هب لنا يكون في الدنيا أم في الآخرة؟ قال الحسن: "لا والله بل في الدنيا أن يُري العبد من زوجته من أخيه من حميمه طاعة الله" لا والله ما شيء أحب إلى المرء المسلم من أن يرى ولدًا أو والدًا أو حميمًا أو أخًا مطيعًا لله - عز وجل -!!.
وفي صحيح البخاري من حديث نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: (كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته، فالأمير راع على الناس ومسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه) ألا فكلكم راع ومسئول عن رعيته، وحسبكم بذلك تنبيهًا وإيقاظًا وإرشادًا إلى ما أنتم بصدده من سؤال الله - عز وجل - عما استرعاكم إياه.
ومن حقوق الأولاد العدل بينهم في العطاء والمنع، ففي السنن, والمسند, وصحيح ابن حبان من حديث النعمان ابن بشير - رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله: (اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم).
وفي الصحيح من حديث النعمان بن بشير أيضًا - رضي الله عنهما - أن أباه أتى به النبي، (بشير بن سعد أتى بابنه النعمان النبي) فقال: إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي ـ نحلته أي أعطيته ومنحته ـ غلامًا أي عبدًا ليكون ملكًا له. فقال - عليه الصلاة والسلام -: (أكل ولدك نحلت مثل هذا؟) (أعطيت كل واحد من أولادك غلامًا كما أعطيت النعمان). قال: لا. فقال: (أرجعه). وفي رواية لمسلم (فعلت هذا بولدك كلهم؟) قال: لا. قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) قال النعمان بن بشير: فرجع أبي في تلك الصدقة.
وفي الصحيح أنه قال لبشير أيضًا ـ في رواية أخرى ـ: (أشهد على هذا غيري) وهذا أمر تهديد لا للإباحة. النبي يهدد لا يبيح له أن يُمضي هذه العطية ولكن بشهادة غيره، فإن تلك العطية كانت جورًا بنص الحديث في روايات أخرى، قال - عليه الصلاة والسلام -: (هذا جَور) كانت جورًا بنص الحديث، والرسول لا يأذن لأحد أن يشهد على صحة الظلم، ومن ذا الذي كان يشهد على عطية أبى رسول الله أن يشهد عليها، وأخبر أنها لا تصلح، وأنها جورًا، وأنها خلاف العدل.
وإلى هذا الحد أصِل إلى آخر ما أمكنني أن أذكره حول موضوع الأسرة في الإسلام زوجًا, وزوجة, وأولادًا.سائلاً ربي - عز وجل - أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
http://www.alminbar.net :المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/49)
حتى لا يتحطم بنيان الأسرة
محمد بن عبد العزيز المسند
إنّ من مقاصد الشريعة التي حرص الشارع الحكيم على رعايتها والتأكيد عليها: استقرار الأسرة المسلمة، وتماسكها، ومنع كلّ سبب يؤدي إلى زعزعتها، وتهديد استقرارها. والأسباب التي تؤدي إلى زعزعة استقرار الأسرة وتحطيم كيانها، كثيرة، وإنّ من أخطرها، وأشدّها فتكاً بالأسرة المسلمة: الاختلاط المحرّم بين الرجال والنساء غير المحارم، واجتماعهم في مجلس واحد، واعتيادهم ذلك، لا سيّما مع زوال الكلفة، وظهور الألفة، وربما أدى ذلك إلى الخلوة المحرّمة بين بعضهم بعضاً..فكم جرّ هذا الأمر من كارثة، وأحدث من مصيبة، وكم شتت من أسرة، وفرّق من إخوة..وإنّ من أعجب ما سمعته في ذلك،
ما رواه أحد الأطباء من قصة رجلين كان هذا الطبيب يشرف على علاج زوجة أحدهما، يقول: كانا صديقين ربطت بينهما وشائج الصداقة والزمالة في العمل، عرفتهما عن كثب من خلال زيارة كل منهما لي في العيادة لعلاج زوجته أو أحد أطفاله.. كانا صديقين حميمين، وكثيراً ما كنت أتردد على منزلهما إما للزيارة، وإما لطلبهما العلاج، وكانت إحدى الزوجتين تشكو من مرض نفسي بسيط، ومرض عضوي.
كنت أعرف أنّ كلاً من الزوجين سعيد مع زوجته، وكنت أحسدهما على قمة الصداقة والوفاء بينهما، كانا لا يفترقان إلا قليلاً، إما أن يكون أحدهما مع زوجته في منزل الآخر، وإما أن يخرجوا جميعاً في نزهة هنا أوهناك.
ولظروف ما انقطعتُ عن زيارتهما لمدة تصل إلى ثمانية أشهر، حتى كان ذلك اليوم الصاعق، حين دخل إلى عيادتي أحد هذين الرجلين ولكن برفقة زوجة الرجل الآخر.
ووسط دهشتي واستغرابي ما هذا الأمر ظننت أن الآخر قد سافر في مهمة فكلف صديقه بإحضار زوجته إلى العيادة، ولكن دهشتي زادت حينما أخبرني هذا الصديق بأنه حضر إلى العيادة برفقة زوجته هو!
لقد زين الشيطان لكل واحد منهما زوجة الآخر، كما زين لكل من الزوجتين زوج الأخرى بسبب الاختلاط المحرم، حتى كره كل زوج زوجه وتعلق بالآخر، فانتهى الأمر إلى هذه النهاية المأساوية، حيث طلق كل واحد منهما زوجته، وتزوجها الآخر، وليت الأمر ينتهي عند هذا الحدّ لهان الأمر ـ وما هو بهين ـ، ولكن الغالب أن مثل هذه الزيجات القائمة على أنقاض زيجات سابقة بسبب الاختلاط، تنتهي كذلك بالفشل، وفي كثير من الأحيان بالخيانات الزوجية المدمرة لكيان الأسرة.. ولقد فطن أعداء الإسلام لهذا الأمر، فشجعوا الاختلاط بحجة أنه يهذّب الجنسين، ويتيح لكل جنس ـ زعموا ـ أن يتعرف على الجنس الآخر، ويوم أن امتلأت مجتمعاتهم بالفواحش، والأمراض الفتاكة، أرادوا أن ينقلوها إلى بلاد المسلمين حسداً من عند أنفسهم وكيداً ومكراً، وركزوا جهودهم لإفساد الأسرة المسلمة، والمرأة على وجه الخصوص إذ هي الجبهة الداخلية الصلبة، التي بانهيارها ينهار المجتمع المسلم من داخله، وحينئذٍ يتحقق لهم ما أرادوا، ولذا كان أشد ما عليهم أن تكون المرأة المسلمة واعية مدركة لما يراد بها ولها، فلا تستجيب لما يريدون، بل تكون حجر عثرة في طريق جحافلهم، تتحطم عليها جميع آمالهم ومآربهم..
والله ولي التوفيق.
30/11/1425 هـ
11/01/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/50)
أبي .. أمي .. زوجي ..!
خالد عبد اللطيف
هو: من أرضي؟! وكيف أوفق بينهما؟!
إذا أرضيت أمي أغضبت زوجتي.. وإذا أرضيت زوجتي غضبت أمي؟!
هي: علّمني ديني عظم حق زوجي علي.. وكذلك أعلم عظم حق الوالدين.. وقد وقعت جفوة بين أبي وزوجي، ويوشك أن يمنعني زوجي من زيارة بيت أبي، فماذا أفعل؟!
مشكلة متكررة تلقي بظلال قاتمة على صرح الأسرة.. مبدؤها خلاف يسير (كان من الممكن تداركه بحكمة قبل أن يستفحل).. ونهايتها ضيق واضطراب وتساؤلات حائرة كالتي سبقت.. !
قد تحتاج بعض المشكلات من هذا النوع إلى فتوى شرعية، وأخرى قد تحتاج إلى مشورة متخصصة في التعامل الحكيم مع القضية.. لكن المؤكد أن كل هذه المشكلات يمكن حله ـ بعون الله - تعالى - بالحكمة وحسن التصرف وشيء من المداراة والتلطف وتأليف القلوب وتذكيرها بالله - تعالى - .. !
لا يلزم أن تواجه زوجتك بجفاء بأن والديك أهم من الدنيا بمن فيها، "ومن يقف في طريق بري بهما لا أبالي به، وليضرب رأسه بالحائط"!
نعم، حسبك أن ينعقد قلبك على تعظيم حق الوالدين دون مبالغة متشنجة في إظهار ذلك لزوجتك المسكينة تشعرها بها أنها من سقط المتاع في بيتك!
أو على الأقل ـ إذا دعت الحاجة للتذكير بأهمية برك بهما ـ أشعر زوجتك بأنك تراها خير معين لها على بر والديك، كما ترى نفسك خير عون لها على بر والديها، وأنكما معا تلتمسان البركة لحياتكما وبر أولادكما بكما بهذا العمل الصالح الجليل!
وعلى الزوجة العاقلة الأريبة ألا تجازف بوضع مقارنات بينها وبين والدي زوجها! فتقع وتوقع زوجها في دوائر من التعنت والجدال هما في غنى عنها.. بل تشد أزره في البر، وهي في ذلك مسرورة تحتسب الأجر، وتحث صغارها على الحب والإجلال لوالديه ووالديها على حد سواء.
وإن بدت من زوجك لك بادرة جفاء وغلظة عند ذكر حق والديه فاغتفري له ذلك والتمسي له العذر، واحمدي الله - تعالى - أن منّ عليك بزوج بار بوالديه غير عاق، فإن العقوق ينزع البركة من البيوت!
للوالدين حقهما .. وللزوج حقه .. وللزوجة حقها .. والموفق من سدد وقارب، والوقاية خير من العلاج، فلنؤسس بيوتنا على التماس مرضاة الله - تعالى - في إيتاء كل ذي حق حقه، دون تضارب أو تعارض ولا تعنت!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/51)
بيت سعيد .. وآخر في الجنة!
خالد عبد اللطيف
"لن نبني بيتا في الدنيا قبل أن نبني بيتا في الجنة"...
قالها وهو يرشّد حلمها الجميل في بناء بيت مستقل لهم يعيشان فيه مع صغارهما.. واستقبلتها بكل مشاعرها مع أذنيها.. ثم تعاهدا على تخصيص جزء من دخلهما في بناء بيت من بيوت الله يعبد فيه ويذكر فيه اسمه - سبحانه -.. قبل الشروع في الادخار لبناء بيت الدنيا!
هذا طرف من قصة بيت تظلله السعادة الحقيقية.. التي تجمع بين مرضاة الله وبين الحب والوفاق.. ما زلت أذكرها وأستشهد بها كثيرا وأبث بها في قلوب من أحادثهم أهمية بناء البيوت على قوة الصلة بالله - تعالى -وانعقاد قلبي الزوجين على تقديم مرضاته - عز وجل - على كل أهواء النفس.. وأن هذا هو السبيل إلى الوفاق ونشر السعادة والبركة في البيوت.
أرسلت هذه الزوجة قصتها إلى بريد قراء إحدى المجلات المعروفة.. وكان مما ذكرته أيضا أنها عندما كثر أطفالها ـ وكانت تعمل معلمة ـ تناقشت وزوجها في التعارض بين عملها ورعاية بيتها وصغارها.. مع شغفها برسالتها الكريمة في حقل التعليم وما فيه من رسالة ملكت عليها مشاعرها.. وطالبات مباركات قطعت معهن أشواطا من الغرس والتربية والدعوة..
فكان جوابه الحكيم: "تركك للعمل الآن ـ مع زيادة أعبائك تجاه بيتك وصغارك ـ هو أفضل رسالة دعوية لطالباتك تختمين بها مسيرتك معهن"!
ومن هذه القصة نستلهم فوائد يحتاج إليها كل بيت ينشد السعادة الحقيقية:
فنأخذ منها الفقه الصحيح لترتيب الأولويات في البيوت؛ فمن جهة: قدم الزوجان مرضاة الله والتقرب إليه على تعجيل مصلحة دنيوية، وفي هذا من البركة ما يفوق تعجيل هذه المصلحة. ولا يعني ذلك أن السعي في مصالح الدنيا مذموم، ولكن من آثر مرضاة الله محتسبا؛ ستأتيه الدنيا راغمة!
ومن جهة أخرى: قدم الزوجان بحكمة وتعقل مصلحة الأولاد ومسؤوليتها التي لن تتم إلا من الأم.. على مصلحة العمل التي أصبحت تتعارض مع القيام التام بمسؤولية الأولاد. وهذا أيضا لا يعني انتقادا مطلقا لعمل المرأة في ميدان يناسبها.. ويُنتفع بها فيه، ولكن المسألة هنا مسألة ترتيب أولويات متعارضة!
وأخيرا.. أن الحكمة والحب والتفاهم في التعامل بين الزوجين تحقق من المقاصد النبيلة ما لا تحققه الشدة والغلظة والتعنت، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه" (رواه مسلم).
وإن ائتلاف قلبي الزوجين من بداية علاقتهما على مرضاة الله لهو التأسيس المتين للبيت على أعظم أساس "التقوى": {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.. }!
وإن بيوتا تبنى على مثل ذلك لبيوت جديرة بالسعادة في الدارين بإذن الله وفضله ورحمته!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/52)
خطوة في الحلم الأخضر .. !
خالد عبد اللطيف
سنوات من الأحلام الجميلة تمضي والوالدان يترقبان هذا اليوم المنتظر، الذي طال إليه شوقهما.
ونسجت الأماني والآمال.. وامتدت من "سنة أولى مدرسة" الخطوة الأولى في الحلم الأخضر.. إلى سنة التخرج من الجامعة؛ شاباً متفوقاً مؤهلاً لوظيفة مرموقة يؤتمن عليها بما حصّله من علم ودراسة؛ فيكون لبنة في صرح الأمة ونهضتها. أو فتاة نافعة لمجتمعها وأمتها في ميدان يناسب أنوثتها وبيتها الجديد المنتظر وتمسكها بدينها وأخلاقها.
وتبقى السنة الدراسية الأولى منطلقاً مهماً وقاعدة أساسية لأحلام المستقبل المشرق، من البيت يمهّد لها ويغرس في نفوس الأطفال حب العلم والدراسة والاجتهاد والتفوق، ويخطو الوالدان خطوات وئيدة في التلقين وتنمية حواس التعلم لدى صغارهما، وتحبيبهم وترغيبهم في المدرسة، بزيّها الجميل، ومقاعدها المرتبة، والحقيبة والدفاتر والأقلام... إلى غيرها من عناصر الجذب والتشويق التي تجعل هذه القلوب الرائعة البريئة تشتاق إلى "سنة أولى مدرسة"!
كما يحرص الوالدان على بدء تعليم الأطفال مبادئ الحروف والأرقام ونحوها من الوسائل التعليمية المتوفرة في المكتبات بأشكال جميلة؛ يلهو معها الطفل ويتعلم في الوقت نفسه!
وكم هو مفيد أن يمر الصغار بالمراحل التدريجية المعروفة برياض الأطفال؛ قبل وصولهم إلى بداية الدراسة النظامية؛ حتى تزول الرهبة، وتتحقق الألفة، فلا يستقبل الأحباب الصغار مرة واحدة مفاجئة عالماً مجهولاً عليهم، فيه نظام والتزام، لا تبلغه عقولهم إلا بتدريج وتمهيد وترغيب!
ومن المشاهد الجميلة المؤثرة أن ترى صغيراً في الثالثة - مثلاً - وقد أعدّ له والداه حقيبة يخرج بها في الصباح مع والده وهو يقوم بتوصيل أخيه أو أخته إلى مدرستها؛ لما غرس فيه من حب المدرسة، ولولعه بالتقليد في هذه السن!
ومن أعظم عوامل التوفيق ووسائل النجاح في تهيئة الصغار وإعدادهم للدراسة: تحفيظهم من كتاب الله - عز وجل -؛ فتتفتح مداركهم أول ما تتفتح على خير الكلام وأفصحه وأبلغه، إضافة إلى ما لا يخفى من حصول البركة للناشئ وأهل بيته بحفظ القرآن وتلاوته وترديده، وبث القيم والأخلاق في نفسه من خلال آياته وقصصه.
وعندما يتساءل أحد الوالدين أو كلاهما عن بقاء مخاوف لديهما، رغم قيامهما بالترغيب والتشويق وكثير من الوسائل الممهّدة لاستقبال عالم المدرسة، كغلبة الخجل على الطفل، أو حدة في طبعه.. ونحوها من المشكلات النفسية وغيرها؛ نقول: عليكما بمشاورة أهل الخبرة والاختصاص، ثم التوجّه لرب الأرض والسماء بالدعاء؛ فبيده الأمر كله - سبحانه -، ومن صفات عباد الرحمن سؤالهم ربهم صلاح الأهل والذرية: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
ويبقى - بعد بذل الوالدين جهدهما في تهيئة الصغار للسنة الدراسية الأولى - دور المدرسة نفسها، الذي يكمل هذا التمهيد ويعززه، وإنها لأمانة ومسؤولية كبيرة في أعناق المعلمين والمعلمات، تجاه هذه الجواهر النفيسة، أمل الغد، ومستقبل الأمة.
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/53)
البيت السعيد
إن البيت المسلم السعيد هو الدعامة الأساسية لقيام المجتمع المسلم الرشيد وإن الأسرة المسلمة الآمنة المستقرة ضرورة لابد منها لصلاح المجتمع وتماسكه وشرط لا مفر منه إذا ما أريد لأمة أن تعز وأن تنتصر وتسود ولهذا كانت عناية الإسلام كبيرة بالأسرة فأقام على الحق والعدل بناءها وثبت بالود قواعدها وقوى بالخوف من الله عُراها. ولهذا بذل أعداء الإسلام جهوداً مضنية لتدمير الأسرة المسلمة وتفكيك أواصرها، وسلكوا إلى ذلك سبلاً شتى، فحرضوا الزوجات على التمرد على أزواجهن، وزينوا للنساء سبيل هجر البيوت والانطلاق إلى الشوارع والطرقات في ظل شعارات زائفة. ونشأت من جراء ذلك مشاكل لم تكن لتوجد أصلاً لو أن الأمور سارت وفق ما أمر الله.
وعمل أعداء الإسلام كذلك بما يملكون من وسائل الإعلام وغيرها على تخريب علاقات الحب والاحترام بين الآباء والأبناء وبين الأمهات والبنات وبين الشيوخ والشباب تحت ستار مبادئ اخترعوها مثل ضرورة الاختلاف بين الأجيال وما إلى ذلك من الأباطيل والأقوال.
وإذا كان أتباع الباطل جادين في نصرة باطلهم فأولى بأتباع الحق أن ينصروا حقهم، لكن ذلك يقتضي عملاً دؤوبا وجهاداً مستمراً في جميع المجالات وعلى كل المستويات حتى يتحقق الأمل وتجنى الثمار، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم: 4، 5].
كيف تتحقق السعادة في البيت؟
البيت المسلم يتكون من رجل وامرأة جمع بينهما الزواج الشرعي المعلن، والزواج ـ الذي هو أصل الأسرة في الإسلام ـ تنظيم لفطرة أودعها الله في الإنسان، به يتميز عن الحيوان، وهو إشباع لهذه الفطرة بطريقة كريمة تناسب الإنسان الذي كرمه الله - سبحانه - واستخلفه في الأرض لعمارتها.
يقول الله - تعالى -: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء: 70].
وإذا تصورنا أن عقد الزواج بين رجل وامرأة هو عقد شركة بين طرفين كل منهما كامل الأهلية، فإن كل شركة قابلة للربح والخسارة، تربح إذا نظمت تنظيما سليماً وأديرت إدارة رشيدة وأدى كل شريك واجبه على الوجه الأكمل، وسادتها روح التفاهم والمودة وتوافرت فيها الأمانة والإخلاص بين طرفيها.
يقول الله - تعالى -في الحديث القدسي: (أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما). (رواه أبو داود).
والإسلام يبغي لشركة الزواج التي تنشأ بين رجل مؤمن وامرأة مؤمنة أن تنجح وتربح وتثمر أطيب الثمرات، ذرية طيبة تجاهد في سبيل الله وترفع راية الحق وتنشر العدل والسلام في الأرض، ومن أجل ذلك رسم الإسلام طريقاً واضح المعالم ميمون الخطوات.
أولاً: اختيار طرفي الشركة:
وحتى لا نخدع بالمظاهر أو نتأثر بالأهواء فنقع في الخطأ أرشدنا الإسلام إلى الطريقة المثلى لاختيار شريك الحياة.
يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ". متفق عليه.
فمن استطاع الحصول على امرأة ذات خلق ودين تشاركه الحياة في بيته زوجة صالحة فقد ظفر وانتصر. وذلك لا يعني أن الجمال مرفوض فإن وجوده من أسباب السعادة بلاشك وكذا بقية الصفات المذكورة في الحديث غير أنه ينبغي ألا يكون هو الهدف، وعليه فيجب أن تتوافر في المرأة مع الدين صفات:
1. الجمال: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
2، 3. ـ أن تكون ودوداً ولوداً. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " تزوجوا الودود الولود"..رواه أبو داود والنسائي.
4.ويستحب أن تكون قليلة المهر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " أعظم النساء بركة أيسرهن صداقاً " (رواه الإمام أحمد والبيهقي)،
5. أن تكون بكراً لحديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - وقد تزوج ثيباً فقال رسول الله صلى عليه وسلم: " هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك " (متفق عليه).
أما أهم الصفات التي ينبغي أن تتوافر في الزوج فهي الدين والخلق. يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ". (رواه الترمذي وأحمد).
وقال رجل للحسن: إن لي بنية فمن ترى أن أزوجها؟ فقال: زوجها ممن يتقي الله - تعالى -فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها.
ثانياً: إدارة الشركة:
لابد لنجاح أية شركة من وجود إدارة تقوم بشأنها وتحفظ أمرها، وأن تكون لهذه الإدارة صلاحيات البت في كل ما يطرأ من مشاكل أو يستجد من أحوال، ولا يقبل أبداً أن تترك هذه المسألة دون تحديد واضح لئلاً يتنازع الطرفان الرئاسة ويتجاذبا القيادة فيقع الخلاف وتدب الفوضى ويحل الشقاء.
وبنظرة موضوعية نتساءل: أي الطرفين مؤهل للقيادة في شركة الأسرة الرجل أم المرأة؟ لقد أنعم الله - تعالى -على النساء بقسط وافر من جيشان العاطفة ونبل المشاعر ورهافة الإحساس، وفي مقابل ذلك أنعم - سبحانه - على الرجال بنصيب أوفر من حسن التبصر ودقة التفكر وعظيم الروية والنظر في عواقب الأمور دون تسرع أو انفعال، ولا ينكر ذلك إلا جاحد ومكابر. (هذا هو الغالب المشاهد ولا يعني هذا أن المرأة قليلة التبصر، وأن الرجل خال من العاطفة)
إن من مصلحة هذه الشركة ومن أجل سعادة طرفيها المؤسسين ومن يعيش في ظلالها من بنين وبنات أن يسلم زمام الإدارة إلى الزوج، رب الأسرة وعمادها ومثلها الأعلى. وهذا ما جاء به القرآن الكريم وأمر به الله العلي الحكيم بقوله - تعالى -: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)[النساء: 34].
ثالثاً: التشاور:
ومادامت القوامة حكماً ورياسة؛ فإن كل حاكم في الإسلام ليس مطلق الصلاحيات وإنما هو محكوم بشرع الله مسؤول بين يديه - سبحانه - عن رعيته التي استرعاه، حفظهم أم ضيعهم؟ عدل فيهم بمقتضى أمر الله ونهيه أم ظلمهم؟
والشورى شرعة شرعها الله في دينه لتقوم عليها العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ولا يظن أحد أن ذلك خاص بحكام الأمة وأمرائها وإنما هو عام يشمل كل حاكم وكل قائد على أي مستوى وفي أي موقع.
رابعاً: توزيع الأعمال والاختصاصات:
في كل شركة لابد أن يكون لكل شريك حقوق وعليه واجبات حتى تستقيم الأمور، وكذلك فعل الإسلام بالنسبة للبيت؛ فقد جعل لكل من الزوجين حقوقاً ورتب عليها واجبات، لن تتحقق السعادة إذا أهمل أحد الطرفين أداء واجبه وراح يطالب الآخر بحقوقه عليه، وإنما ينبغي لكل منهما أن يبادر بتأدية ما عليه من واجبات، رغبة في إسعاد شريكه وإدخال السرور على نفسه، وعلى الآخر مثل ذلك.
فقد تكفل الله - سبحانه وتعالى - وهو أحكم الحاكمين بتحديد تلك الحقوق والواجبات حتى لا يتظالم الشريكان فتتبخر السعادة، ووفق قاعدة متوازنة دقيقة من صنع العليم الحكيم تقرر الأمر على أساس العدل يقول - سبحانه -: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[البقرة: من الآية228].
خامساً: حقوق الزوجة:
قرر الإسلام للزوجة حقوقاً طالب بها الزوج وحثه على القيام بها بحكم ولايته للأسرة ورياسته لها ومسؤوليته عنها، منها.
1. أن يكون حسن الخلق في معاملتها: وليس حسن الخلق معناه أن يكف الأذى عنها فحسب، ولكن معناه أن يتحمل ما قد يبدر منها وأن يكون حليماً عند غضبها، اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
2. المداعبة والمزاح والملاعبة: فإنه بهذا تطيب قلوب النساء ويغشاهن السرور والحبور ويأنسن بالزوج ويسعدن بقربه، وهكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد روى أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يسابق عائشة - رضي الله عنها - فسبقته مرة وسبقها أخرى فقال ".. هذه بتلك " (رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه).
وهو - صلى الله عليه وسلم - القائل: " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله ". (رواه الترمذي والنسائي والحاكم).
3. أن يغار عليها: وغيرة الرجل على امرأته من ثمرات الإيمان ومن دلائل المروءة وأمارات الحب. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أتعجبون من غيرة سعد؟ أنا والله أغير منه والله أغير مني "(متفق عليه).
وغيرة الله أن يأتي الرجل المؤمن ما حرم الله عليه، والغيرة المحمودة هي الغيرة المعتدلة، أما الغيرة المفرطة والتي لا يوجد لها مبرر فهي مذمومة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن من الغيرة غيرة يبغضها الله - عز وجل -، وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة ". (رواه أبو داود والنسائي ابن حبان).
حقوق الزوج:
وكما أن على الزوج حقوقاً لزوجته، فكذلك للزوج حقوق على امرأته، وقاعدة الإسلام العادلة أنه لا حق إلا في مقابلة واجب، ونذكر من هذه الحقوق ما يلي:
1. الطاعة: فلا يجوز للمرأة عصيان زوجها أو مخالفة أمره إلا فيما حرم الله وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لو كنت آمراً أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها " رواه الترمذي وابن ماجه.
2. التجمل: على المرأة أن تتجمل لزوجها وأن تتزين له بحيث لا يقع نظره عليها إلا وهي في أحسن حالاتها بهاء.
3. أن تكون بارة بزوجها: ومن البّر به ألا توقعه في الحرج والإثم بعنادها وإصرارها على خلاف ما يطلب، وعمل ما لا يرغب، خاصة إذا أقسم عليها أن تفعل شيئاً ما أو أقسم عليها ألا تفعل.
والمرأة الصالحة تبر زوجها إذا أقسم ولا تضطره للتكفير عن يمينه بعد الحنث فيها؛ لأنها تخشى الله وترعى حق زوجها ولاتضطره لتحمل المشقات، فضلاً عما يسببه هذا التصرف من انعكاسات تعود على البيت.
4. الرعاية التامة: وتعني أن على المرأة أن ترعى حق زوجها غائباً وحاضراً فيجب ألا تدنس عرضه ولا تبدد ماله، وأن تبتعد عن كل ما يسوءه أو ينال من سمعته، وأن ترحم أبناءه وبناته سواء كانوا أبناءهما معاً أم لا.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله - عز وجل - خيراً له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله " (رواه الإمام أحمد).
5. القناعة: يجب على الزوجة العاقلة ألا ترهق زوجها بكثرة المطالب وأن تكون قانعة راضية بما قسم الله لها، فإن كثرة مطالب المرأة ربما تدفع زوجها إلى السعي في كسب الحرام وفي ذلك شقاء الأسرة كلها في الدنيا والآخرة، وأيضاً فإن كثرة مطالب الزوجة تجعل الزوج يعيش مهموماً مغموماً عندما لا يستطيع تلبية مطالبها، وهمه وغمه لابد أن ينعكس عليها وعلى البيت كله، وفي الكتاب العزيز: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) [الطلاق: 7].
6. الوعظ والتهذيب: قرر الله- تبارك وتعالى -هذا الحق ليستعان به على حفظ دعائم البيت كيلا تعصف به رياح الغضب أو تدمره عواصف الخلاف.
ولأن الرجل هو المسؤول عن حفظ البيت ورعايته والدفاع عنه ضد الأنواء والأعاصير فقد كلفه الله- تبارك وتعالى -بذلك في قوله الحكيم: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) [النساء: 34].
http://www.sst5. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/54)
الآباء والشؤون الدراسية للأبناء
الآباء و الأمهات وبسبب حرصهم الشديد على مستقبل أولادهم، لا ينفكّون عن دعوتهم باستمرار إلى الاهتمام بدراستهم، وهو أمر حَسِن ويعبِّر عن تقدير حقيقي لمصلحة الطالب (بنتاً كان أم ابناً). لكنّ الذي يحصل في الكثير من البيوت هو الإلحاح ـ في مناسبة وغير مناسبة ـ على القراءة و المذاكرة و المطالعة لا سيّما في أيام الفحص والاختبار. وقد ينسى الوالدان أنّ للطالب وضعه النفسي والمزاجي الذي قد لا يُشجِّعه على القراءة. وقد يكون الجوّ البيتيّ غير مناسب بما يحدثه الصِّغار من ضجيج، أو بما يتردّد على البيت من ضيوف، أو بسبب ضيق البيت، أو ارتفاع صوت المذياع أو التلفاز إلى غير ذلك من المضايقات.
في هذه الحالة، يمكن معالجة الموقف بالمقترحات التالية:
ـ إنّ بعض الأسر لا يمكنها تغيير مساكنها بأخرى أفضل منها، بسبب ظروفها المعاشية، لكنّها يمكن أن تغيِّر برنامجها اليوميّ، أو تضغطه في أيام المذاكرة والامتحانات.
ـ إنّ التذكير بالنتائج السلبية للإهمال والتقاعس والتقصير يجعل الشاب يراجع نفسه، كما أنّ التذكير بالنتائج الايجابية للمذاكرة وللمستقبل يشجِّعه على شدّ عزيمته.
ـ وقد تكون مشكلة الطالب هي الطريقة أو المنهج الذي يسلكه للمذاكرة، وهنا يمكن إرشاده إلى تجارب الوالدين أو تجارب الآخرين التعليمية، كما لو نعلِّمه طريقة إعداد الملخّصات والمختصرات، أو في تعليق بعض النظريات والمعادلات والقوانين المكتوبة بشكل بارز أمامه في غرفته، أو بالاستعانة بأخيه المتقدِّم بدراسته ليشرح له النقاط الصعبة والغامضة، أو يطرح عليه بعض الأسئلة لمعرفة مدى استيعابه، وما شاكل ذلك.
وهنا تأتي أيضاً مسألة الاهتمام بالهوايات وتعارضها مع الدراسة، فموقف الكثير من الآباء والأمهات من هوايات أبنائهم وبناتهم سلبيّ؛ لأنّهم يعتبرون الهواية مهما كانت ذات قيمة، مضيعة للوقت، والجهد الذي يُبذَل فيها يجب أن يُبذَل في الدراسة والتحصيل العلمي.
ومع أنّ التزاحم بين الدراسة وممارسة الهوايات يجب أن نبحث له عن حل حتى لا يؤثِّر الذي يمكن تأخيره على الذي لا يمكن تأجيله، إلاّ أنّ مراعاة الأسلوب المناسب في تحاشي الهجوم النقدي اللاّذِع والمستخفّ بالهوايات، والتأكيد على أنّ العطلة آتية وفيها متّسع لأن تمارس هواياتك بحرِّية تامّة، وسأعمل على أن أوفِّر لك بعض ما يُساعدك في ذلك، أو أنّ الهواية يمكن أن تنتظر، أمّا الدراسة فلا تستطيع الانتظار، وما ناظر من أسلوب فنِّي يجعل الشاب يعيد حساباته، بعكس ما لو أخفينا أدوات رسمه أو كتاباته أو الأجهزة التي يمارس من خلالها هواياته، أو حطّمناها، فإنّ ذلك مدعاة لزيادة التشبّث بها، فـ « الإنسان حريص على ما مُنِع »، وسبب في تراجع الطالب الدراسي لما قد يعانيه من اضطراب نفسي جرّاء ذلك.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/55)
مواسم الغضب ..!!
خالد عبداللطيف
عندما تفاجأ بأن "أم العيال" قد اعترتها حالة غير عادية من الحِدَّة وسرعة التوتر..
أو تلاحظين أن زوجك متغير المزاج بصورة غير معهودة.. فاعلما أن للغضب مواسم وأوقاتاً يشتد فيها، وعندئذ يشُنُّ إبليس غاراته، ويرفع راياته؛ لاغتنام مواسم الغضب في الإفساد بين الزوجين.. !
وكم من شرارة حقيرة من الغضب العابر أذكت نارها مقابلة مخطئة غير حكيمة من الطرف الآخر؛ فاستحالت تفريقا وتمزيقا لعرى بيت من البيوت العامرة!
ولله در الأعرابية الناصحة لابنتها ليلة زفافها وهي تودعها؛ فكان مما أوصتها به: "التفقد لوقت طعامه.. والهدوء عند منامه.. فإن حرارة الجوع ملهبة.. وتنغيص النوم مكربة.. وإياك والفرح حين اكتئابه والاكتئاب حين فرحه.. فإن الأولى من التقصير، والثانية من التكدير... "!
فأوْقَفتْها على أمثلة لأوقات تضعف فيها قوة الاحتمال، وكظم الغضب.. وعليها تقاس أحوال وأوقات كثيرة بقدر ما تتسع له الصدور من الحلم والصبر وإحسان الظن!
وفي المقابل، وبقدر أكبر من المسئولية والتماس العذر، ينبغي لمن يتقي الله - تعالى -في أهله وبيته، ويتبع سنة نبي الهدى - صلى الله عليه وسلم -، أن يحفظ مواسم وأوقاتا يكون للمرأة فيها عذرها أكثر من غيرها (مع أنها في الغالب الأعم من أحوالها تغلب عاطفتها على عقلها؛ فيُراعى ذلك دائما)، ومن هذه الأوقات: وقت الدورة وعقب الولادة، ووجود دواعي الغيرة، وكثرة العبء عليها في البيت مع صغر أعمار الأطفال... إلخ مما يقدره الرجل العاقل الكريم.
وحسبنا ما رواه البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ فَجَمَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ: "غَارَتْ أُمُّكُمْ" ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ.
إن الطريق الوحيد لتحقيق سعادة البيوت هو طريق النبوة، وهو طريق يجمع إلى هذه السعادة خيريةً هي محط آمال كثير من العابدين "خيركم خيركم لأهله"؛ فطوبى لمن حاز السعادة والخيرية؛ فسعد ـ بإذن ربه ـ في الدنيا والآخرة!
http://www.asyeh.com : المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/56)
الاستثمار الأمثل
فهد الغفيلي
الاستثمار الأفضل بين الأبناء والوالدين:
لا أبالغ حين أقول إن نسبة عالية جداً من البشر تريد أن تستثمر ما لديها بما يعود عليها بالنفع من منظورها. وأنا أقول هنا "تريد" أو"تتمنى"، ولكن معظم المريدين لا يحققون شيئاً من مرادهم، وتبقى تلك الاستثمارات، بغض النظر عن مجالاتها، في مستودع الأماني ومخازن السراب.
صحيح أن هناك فئة من الناس بمجرد أن يفكر باستثمار يبدأ في تنفيذه بعد أن يدرسه دراسة وافية ويضع له الخطط اللازمة، وبعد فترة يصبح مشروعاً قائماً يدر عليه العوائد التي كان يطمح إلى تحقيقها وزيادة.
طبعاً معظم الناس يريد أن يستثمر في المجال التجاري محاولاً تحقيق العائد المادي الذي يطمع به. وسواءً حقق ما يطمح إليه أو لم يحقق، يبقى استثماره زائلاً ليس بذي قيمة حقيقية ما لم يستغل الاستغلال الأمثل، وتكون الأرباح ذات مردود يوازي قيمة السنين القصيرة التي قدر له أن يعيشها. أما أن نعيش سنوات لا تصل السبعين في الغالب ثم نصل نهايتها وقد جمعنا حفنة دراهم يستولي عليها من يأتي بعدنا فأعتقد أننا استثمرنا لغيرنا ولم نستثمر لأنفسنا!!
ولعلي أضرب مثلاً يبين الاستثمار الحقيقي الدائم الذي لا يزول، فبعد فتح الطائف أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض العرب الذين شهدوا حنيناً، ومنهم أبو سفيان، مئة ناقة، وترك الأنصار. فاجتمع الأنصار وقالوا: غفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي قريشاً وسيوفنا تقطر من دمائهم، أفلا يعطينا؟!
فسمع - عليه الصلاة والسلام - ذلك، فجمعهم في حظيرة ثم أشرف عليهم وقال: يا معشر الأنصار ما قولة بلغتني عنكم؟
قالوا: هو ما سمعت يا رسول الله! أما رؤساؤنا وفقهاؤنا فلم يقولوا شيئاً، وأما شبابنا فقالوا: غفر الله لرسول الله، يعطي قريشاً من المال ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقام - عليه الصلاة والسلام - خطيباً.
فقال: يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ قالوا: بلى.
قال: وأتيتكم فقراء فأغناكم الله بي؟ قالوا: بلى.
قال: وأتيتكم متخاذلين فألف الله بين قلوبكم بي؟ قالوا: بلى، والمنة لله ولرسوله.
فقال ولو شئتم لقلتم: صدقناك وقد كذبك الناس، وآوينك وقد طردك الناس، ونصرناك وقد خذلك الناس.
فقالوا: لله المنة ولرسوله.
فرفع صوته وقال: يا معشر الأنصار، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتعودون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم؟ فوالله لما تذهبون به إلى رحالكم خير مما يعود به الناس، يا معشر الأنصار، أنتم الشعار والناس الدثار، والله لو سلك الناس شعباً ووادياً لسلكت شعب الأنصار وواديهم، غفر الله للأنصار، ورحم الله الأنصار، ورحم الله أبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار، فارتفع بكاؤهم وقالوا: رضينا بالله رباً وبمحمد نبياً.
تأمل هنا الفرق بين الغنيمتين غنيمة أهل مكة وغنيمة أهل المدينة، وانظر بعد ما يزيد على ألفٍ وأربعمائة سنة إلى غنيمة الأنصار وهي حاضرة بينهم وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وفي المقابل ابحث عن غنائم أبي سفيان فلن تجد منها شيئاً، ولو قارنت بين العائد هنا والعائد هناك لوجدت أن البون شاسع، فالاستثمار الحقيقي أو المثالي هو الاستثمار الباقي، أما الزائل فلا قيمة له حتى لو رضينا به في وقته، كما هو حال أبي سفيان وغيره حين أعطوا من تلك الغنائم.
ودعني أذكرك باستثمارٍ يغفل عنه بعضنا، ويتعلق بالشراكة في الأعمال الخيرية، وأضرب مثالاً هنا لتوضيح الأمر، لو أن شخصين اشتركا في مشروعٍ تجاري مناصفة فستوزع الأرباح بينهما بالتساوي كلٌ يأخذ نصف الربح. ولكن لو أن شخصين اشتركا في مشروعٍ خيري فسيحصل كل منهما على أجرٍ كامل دون أن ينقص من أجر الآخر شيء، بغض النظر عن عدد الشركاء، حتى لو وصلوا المائة أو زادوا عنها؛ وهذا من فضل الله.
أما الاستثمار الأفضل من سابقه وهو الأمثل بالنسبة لي، فأراه في استغلال الوالدين من قبل الأبناء من خلال اشتراكهم في مشروع خيري يكون وقفاً لأحدهما أو كليهما، بحيث يكون الأجر هنا للوالدين وللأبناء بإذن الله، ونفس الشيء حين يقوم أيٌ من الأبناء بعمل صالح ينويه لوالديه، وبهذه الطريقة ترتفع منزلة الوالدين في الجنة، خاصة مع كثرة العمل وكثرة الأبناء، والنتيجة النهائية تصير بحول الله إلى أن ترتفع منزلة الأبناء مع قلة عملهم إلى حيث يصير آباؤهم ويصدّق هذا الاستثمارَ قولُ الله - تعالى -: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} الطور 21.
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/57)
هل لدينا أزمة السكن ؟
جلست مع شاب قد أنعم الله عليه بالخير الوفير ، لا ينقصه شيء من مال, وصحة, وجاه, وأولاد، ولديه أكثر من مسكن وعقار ، وكان يشتكي لي من عدم توفر الراحة مع زوجته ، وجلست مع أكثر من زوجة تملك كل شيء إلا الاستقرار والطمأنينة مع زوجها.
وعُرِضَ عليّ أكثر من حالة، كلها لاتخشى توفير السكن ، بل هو موجود ، وأحيانا تملك العائلة أكثر من سكن، ولكن يفتقرون إلى (السكن) في حياتهم الزوجية، هذا ما دعاني إلى البحث والتأمل في القرآن الكريم على لفظ (السكن) عندما ذكره الله – تعالى -في العلاقة الزوجية، فهل يقصد (السكن) أي المنزل أم (السكن) أي الطمأنينة؟
فقد قال الله - تعالى -: {وخلق منها زوجها ليسكن إليها} وفي الآية معنى عظيم، أي أن حواء خلقها الله من آدم ليسكن إليها، أي أن المرأة هي سكن الرجل ومحله الذي يطمئن إليه ويستقر حتى لو كان فاقد السكن (أي المنزل).
ولو تأملنا الآيات القرآنية التي وردت بها كلمة (سكن) لفهمنا المقصود، قال - تعالى -واصفا الليل: {وجعل لكم الليل سكناً} أي يرتاح فيه الناس ، وقال عن صلاة النبي ودعائه للمؤمنين: {وصل عليهم، إن صلاتك سكن لهم} أي أنهم يطمئنون ويسكنون إلى دعواتك.
والسكينة على وزن فعيلة، أي تعني الوقار وليس فقد الحركة، وهذا مؤشر على أن العلاقة الزوجية التي يصفها القرآن (بالسكن) لا تعني عدم وجود مشاكل، فالمشاكل من حركة الحياة، وهذا أمر طبيعي، ولكن السكن يعني الطمأنينة والراحة، ولهذا فقد وصف الله قلوب المؤمنين بها فقال: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين} أي أوجد فيها الثبات والاطمئنان. وتقول العرب: سكنت الريح أي هدأت.
فنستخلص من هذا كله أن السكينة هي الوقار والراحة والطمأنينة والهدوء والاستقرار، وهذا كله وصف للمرأة عندما ذكر القرآن ذلك بقوله - تعالى -: {وخلق منها زوجها ليسكن إليها}. وإذا التفتنا إلى واقعنا اليوم ونسائنا، فهل الوصف القرآني متوفر عندهن؟ الجواب: نعم ولكن ليس فيهن كلهن.
ولهذا فإني أتساءل، ما هي البرامج والمناهج التي أعددناها لنخرّج زوجات بهذا المستوى الذي ذكره القرآن حتى تتميز الأسرة وتستقر؟!
الموضوع يحتاج إلى بحث وتأمل وتفاعل، فكم صرفنا من الأوقات والأموال لحل أزمة السكن في عالمنا العربي والإسلامي؟ وهل نصرف مثل هذه الجهود لحل أزمة السكن بالمعنى القرآني للعلاقة الزوجية؟!
نعم إن حروف (السكن) واحدة، ولكن سكن عن سكن يختلف، وأي سكن نعني عندما نقول لدينا أزمة سكن.
هل سكن المنزل أم السكن الزوجي؟
http://www.almutawa.infoالمصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/58)
مداراة الزوج لزوجته
من أين استخرجنا هذا المفهوم؟
روى الطبري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: كانت حفصة وعائشة متحابتين، وكانتا زوجتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فذهبت حفصة إلى أبيها فتحدثت عنده، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جاريته، فظلت معه في بيت حفصة، وكان اليوم الذي يأتي فيه (حفصة)، فرجعت حفصة فوجدتهما في بيتها، فجعلت تنتظر خروجها، وغارت غيرة شديدة، فأخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاريته، ودخلت حفصة، فقالت: قد رأيت من كان عندك، والله لقد سؤتني.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والله لأرضينك، فإني مسر إليك فاحفظيه»، قالت: ما هو؟ قال: «إني أشهدك أن سريتي هذه عليّ حرام رضىً لك».
وكانت حفصة وعائشة تتظاهران على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأسرت إليها: أن أبشري، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حرّم عليه فتاته.
فلما أخبرت بسر النبي - صلى الله عليه وسلم - أظهر الله ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله - تعالى -: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك}
ونلاحظ هنا موقف الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - ومهارة تعامله مع زوجته حفصة - رضي الله عنها -، وكيف أنه امتص غضبها بأسلوب حكيم وذكي من خلال خلق المداراة، ولكن للقصة تكملة بعدما أشاعت حفصة هذا السر، فأحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤدبها ويؤدب باقي زوجاته لأنهن شاركن في الموضوع، ففي صحيح مسلم: عن ابن عباس أنه قال: حدثني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: لما اعتزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه (قال: دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون: طلّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه) وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب، فقال عمر:
فقلت: لأعلمن ذلك اليوم، قال فدخلت عليّ عائشة فقلت: يا ابنة أبي بكر، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! فقالت: مالي ومالك يا بن الخطاب! عليك بعيبتك. قال فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت لها: يا حفصة، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: هو في خزانته في المشربة، فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعداً على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينحدر، فناديت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إليّ فلم يقل شيئاً، ثم رفعت صوتي فقلت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإني لا أظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظن أني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضرب عنقها لأضربن عنقها، ورفعت صوتي فأومأ إلي أن أرقه، فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع على حصير، فجلست فأدنى عليه إزاره ولبس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظاً في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق - قال - فاستدَرَّت عيناي. قال: ما يبكيك يا بن الخطاب؟ قلت: يا نبي الله، وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى! وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصفوته، وهذه خزانتك! فقال: يا بن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ قلت: بلى. قال: ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله، ما يشق عليك من شأن النساء، فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنين معك، وقلما تكلمت - وأحمد الله - بكلام إلا رجوت أن يكون الله - عز وجل - يصدق قولي (الذي أقوله) ونزلت هذه الآية التخيير: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن}، {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير}، وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله، أطلقتهن؟ قال: «لا»، قلت: يا رسول الله، إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون: طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: «نعم إن شئت»، فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر فضحك، وكان من أحسن الناس ثغراً، ثم نزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلت، فنزلت أتشبث بالجذع، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت: يا رسول الله، إنما كنت في الغرفة تسعاً وعشرين، قال: «إن الشهر يكون تسعاً وعشرين»، فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي، لم يطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، ونزلت هذه الآية: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو روده إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}. فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر، وأنزل الله آية «التخيير».
ونلاحظ هنا للنبي - صلى الله عليه وسلم - موقفاً آخر مع زوجاته أراد أن يؤدبهم بما فعلوا من إشاعة الخبر وذلك بهجرهم 29 يوماً.
فالمداراة إذن لها حدودها وقيودها، ولكن إذا تمادى الإنسان في سلوكه ونقض الاتفاق، هنا يمكن للزوجين أن يمارسا وسائل أخرى لضبط السلوك.
حوار راق ذو مستو عال
ومن مداراة النبي - صلى الله عليه وسلم - لزوجته حفصة ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله أنه قال: أخبرتني أم مبشر أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عند حفصة: لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها.
قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها.
فقالت حفصة: {وإن منكم إلا واردها}
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد قال الله - عز وجل -: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا}.
ونلاحظ هنا كيف دارى النبي - صلى الله عليه وسلم - حفصة بالرد عليها، ولم يقل في نفسه إنني أنا النبي المشرّع فكيف تردين عليّ في موضوع أنا مختص به أكثر منك، وإنما تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الحدث على أنه مربي ومعلم، ولهذا نلاحظ في النص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهرها عندما تكلمت من غير دليل، فعندما قالت له: بلى يا رسول الله، انتهرها، ولكنها عندما ذكرت له الدليل {وان منكم إلا واردها} نلاحظ أن النبي رد عليها بلطف ومن غير أن ينتهرها بقوله: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً}، فيظهر من هذا الموقف مدارة النبي - صلى الله عليه وسلم - لحفصة - صلى الله عليه وسلم -، وقد تكرر معها أكثر من موقف لأن الإنسان كلما ازدادت شدته احتاج الناس عند تعامله للمداراة أكثر.
ولهذا فإن عائشة - رضي الله عنها - تصف حفصة فتقول: «وكانت بنت أبيها» بمعنى على شدة وشخصية والدها الفاروق - رضي الله عنها -، حتى حصل مرة أن طلق النبي - صلى الله عليه وسلم - حفصة فدخل عليها خالاها: قدامة وعثمان ابنا مظعون فبكت وقالت: والله ما طلقني عن سبع (تعني بغض أو عيب أو نقص) فجاء جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: «راجع حفصة فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة».
وقد هزّ هذا الطلاق عمر الفاروق - رضي الله عنه - فحثى على رأسه التراب عندما سمع بالخبر وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعد اليوم.
فنكرر هنا ما ذكرنا سابقاً من أن المداراة هي الأصل في الأخلاق مع الناس، إلا إذا اقتضت المصلحة خلافها، ولهذا فإن طلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - حفصة تشريع للأمة، فقد طلقها النبي بعد الدخول والخلوة كما طلق النبي إحدى زوجاته وهي امرأة من بني غفار فدخل بها فأمرها أن تنزع ثوبها فرأى فيها بياضاً فانحاز عنها، فلما أصبح أكمل لها الصداق، وقال: «الحقي بأهلك».
فالمداراة خلق عظيم وخاصة مع النساء فإنهن أحوج الناس إلى المداراة وذلك لغلبة العاطفة عليهن وسرعة انفعالهن، وهذا ما نتعلمه من حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
ما الفرق بين المداراة والمداهنة؟
لعل البعض يتساءل ما هي حدود المداراة وما ضوابطها وما معناها وما الفرق بينها وبين المداهنة؟!
وأسئلة أخرى كثيرة، وقد أعجبني بحث في كتاب (نضرة النعيم) يتحدث عن كل ذلك وذكر أن..
معنى المداراة: الملاينة والملاطفة وخفض الجناح للناس، وليس الكلام وترك الإغلاظ لهم في القول.
والفرق بينهما وبين المداهنة: أن المداهن يخفض جناحه للناس ولكن بعمل أمور يكرهها الله - تعالى -، وقد أنشد علي بن محمد البسامي:
دار من الناس ملالاتهم من لم يدار الناس ملّوه
ومن فوائد المداراة:
1 - الراحة في الدنيا والأجر والثواب في الآخرة.
2 - يتقي بها المداري شر الناس.
3 - يحتاج إليها مع الأصدقاء والأعداء.
4 - أنها دليل كمال العقل وحسن الخلق.
فهذه - وغيرها كثير - من فوائد المداراة، وقد قال منصور بن محمد الكريزي:
أغمض عيني عن صديقي كأنني *** لديه بما يأتي من القبح جاهل
وما بي جهل غير أن خليقتي *** تطيق احتمال الكره فيما أحاول
متى ما يربني مفصل فقطعته *** بقيت ومالي في نهوضي مفاصل
ولكن أداريه، وإن صح شدني *** فإن هو أعيا كان فيه تحامل
بل حتى الأعداء يمكننا مداراتهم فقد قال لقمان لابنه: «يا بني كذب من قال إن الشر بالشر يطفأ، فإن كان صادقاً فليوقد نارين، ولينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى، وإنما يطفئ الخير الشر كما يطفئ الماء النار».
فمعنى المداراة معنى جميل، خاصة إذا تخلق به الإنسان مع زوجته أو أبنائه، فهو ضمان لاستمرارية العلاقة، ولو عرف المتزوجون في واقعنا المعاصر هذا الخلق لما ازدادت حالات الطلاق والمشاكل الأسرية، لأن المدارة تغلفها إلا إذا حصلت مشكلة كبيرة، وإن المتتبع لهدي الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - يجده خير مثال في مداراة زوجاته وأصحابه، بل إن السلف الصالح كانوا خير مثال في مداراتهم للناس.
فقد جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال: إن الناس قد وقعوا فيما وقعوا فيه، وقد حدّثت نفسي ألا أخالطهم.
فقال له وهب: لا تفعل، فانه لابد للناس منك ولابد لك منهم، لهم إليك حوائج، ولك إليهم حوائج، ولكن كن فيهم أصم سميعاً، وأعمى بصيراً، وسكوتاً نطوقاً.
وموقف آخر يرويه لنا عقال بن شبّة فيقول:
كنت رديف أبي، فلقيه جرير على بغل فحياه أبي وألطفه فلما مضى قلت: أبعد ما قال لنا ما قال!
قال: يا بني، «أفأ وسع جُرحي! ». (5)
بمثل هذه الأخلاق تميز سلف الأمة وقادوا العالم ومن يريد أن يقود أسرته بنجاح فعليه بخلق المداراة.
وقد تنبّه الغرب لمثل هذه المهارة فألف (ديل كارنيجي) كتابه الشهير «كيف تكسب الناس؟ » وألف بعده (مورييل سولومتون) كتابه «العمل مع أصعب الناس»، ثم ألف (جيمس فان فليت) كتابه «للنجاح مع الناس»، وهذه المؤلفات كلها تتحدث عن خلق المداراة ولكن بأشكال وأساليب متنوعة، وكلها ألفت في الخمسين سنة الماضية، بينما ألف (ابن ابي الدنيا) المتوفى عام 281 هـ كتابه الشهير «مداراة الناس» ومن ينظر إلى محتواه يجد أنه كتاب متميزّ في طرحه وقد دخل مؤلفه في تفاصيل المداراة.
فهذا هو خلق المداراة الذي نتمناه في بيوتنا كما كان يفعله حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد وصفته عائشة - رضي الله عنها -: عندما سئلت عن حاله إذا خلا بنسائه فقالت: «كان كرجل من رجالكم، غير أنه كان من أكرم الناس وأحسن الناس خلقاً وكان ضحاكاً بساماً».
وكل هذه الصفات من أصول خلق المداراة.
ملكة جمال المطلقات.. والزواج العمياني
إن الاتجاه العالمي يسير نحو تيسير سبل تفكيك الأسرة، وسرعة فك الارتباط بين الزوجين، ففي بريطانيا تم تطوير برنامج يقدم خدمة تسريع إجراءت الطلاق من خلال ملء استمارة وتقديم وثائق عبر البريد الإلكتروني إلى فريق قانوني عامل بالشركة، وتعتبر هذه الخدمة أرخص من زيارة المحامي وأسرع حيث تتكلف 99 جنيهاً بالإضافة إلى رسوم المحكمة 150 جنيهاً، وفي مصر كانت قضية الطلاق تتداول في المحاكم من أربع إلى ثماني سنوات، إلى أن أقر قانون «الخلع» والذي ينهي العلاقة بجلسة أو جلستين، بل إن إحدى المجلات البريطانية «تشات» دعت إلى مسابقة تحت عنوان «تخلصّي من زوجك بطلاق مجاني، واستكتبت القراء بأفكار يقدمونها للزوجة حتى تتخلص من زوجها بطلاق مجاني، ورصدت المجلة مكافأة 500 جنيه وتصرف هذه المكافأة لمصاريف دعوى الطلاق للمشاركة.
ودعت المؤتمرات العالمية بدءاً «ببكين» عام 1995 وانتهاءً «بنيويورك» عام 2000 إلى تهوين مسألة الزواج والطلاق وطرح مفاهيم غريبة تخالف الفطرة السوية.
مثل هذه الإجراءات ولدّت مشاكل كثيرة أبرزها كثرة المطلقات والمطلقين من الشباب في العالم وأصبحت هذه الأزمة هاجساً عند الشعوب وتحركت بعض الحكومات بأفكار لعلاج هذه الظاهرة، منها ما طرحه التلفزيون البريطاني من فكرة «الزواج العمياني» بأن يعقد الشاب على الفتاة من غير أن يرى أحدهما الآخر، وتبنت بعض المؤسسات في العالم ومنها مؤسسة «ميس» الأميركية مسابقة «ملكة جمال المطلقات» وقد كسرت بذلك شروطها في الموافقة على المرشحات لملكات الجمال لأنها كانت تشترط فيهن عدم السبق في الزواج بينما سمحت مؤخراً بانضمام المطلقات لأنهن صغيرات في السن وازداد عددهن في أمريكا.
هل هذا الحل صحيح؟
أم إن بداية المشكلة كانت خاطئة؟!
إن المدقق في تعاليم الإسلام في مسألة الطلاق يلاحظ أن 90% من أيام السنة لم يسمح الإسلام بالطلاق فيها، وذلك لأن الطلاق ينبغي أن لا يقع على المرأة أثناء حملها أو نفاسها أو أثناء الدورة الشهرية أو في وقت ليس على المرأة دورة شهرية، ولكن زوجها لم يجامعها بعدما اغتسلت، فلو جمعنا هذه الأيام من السنة بنظام محاسبي دقيق لوجدنا أن في السنة 40 يوماً يمكن للرجل أن يوقع الطلاق فيها على زوجته بينما في الأيام الأخرى يسمى الطلاق «طلاقاً بدعياً»..
بمثل هذه المنهجية تعالج قضايا الطلاق بالإضافة إلى تهيئة المتزوجين على مهارة حل المشاكل الزوجية وعمل برامج إرشادية للمطلقين وبث الوعي الاجتماعي بنظام تعدد الزوجات، ومن الغريب في هذا الموضوع أن يعتمد البورد الروسي في الشهر الماضي نظام التعدد في الإسلام كحل لتخليص المجتمع الروسي من ظاهرة العنوسة وكثرة المطلقات، وانتشار حمل السفاح واللقطاء في المجتمع الروسي.
نعم إن الطلاق رحمة إن كان في محله الصحيح، وعذاب إن لم يكن في توقيته الصحيح، والذي يعالج لنا الموضوع هو خلق المداراة بين الزوجين مهما كانت المشكلة ولعل من الطريف أن نذكر المشكلة التي حصلت لعبد الله بن رواحة - رضي الله عنهما - مع زوجته عندما رأته مع جارية له يقول: إنه أصاب من جارية له، فنددت به امرأته، فأخذت شفرة، ثم أتته، فوافقته قد قام منها، قالت: أفعلتها يا بن رواحة؟
قال: ما فعلت شيئاً.
قالت: لتقرأن قرآناً أو لأبعجنك بها!
قال: ففكرت في قراءة القرآن وأنا جنب، فهبت ذلك، وهي امرأة غيرى، وبيدها شفرة، ولا آمنها، فقلت:
وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق مشهور من الصبح ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أن ما قال واقع
فألقت السكين وقالت: آمنت بالله وكذبت البصر.
فأتيت رسول الله فأخبرته، فضحك، وأعجبه ما صنعت.
بمثل هذه المداراة تحفظ البيوت، ولا نحتاج أن نعمل مسابقة لملكات الجمال للمطلقات أو مسابقة الزواج العمياني.
فقه المداراة في البيت النبوي:
من القصص الجميلة في معنى المداراة ما رواه عروة بن الزبير أن عائشة - رضي الله عنها - أخبرته أنه استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال - صلى الله عليه وسلم -: ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة»، فلما دخل ألان له الكلام، فقلت له: يا رسول الله، قلت ما قلت، ثم ألنت له في القول، فقال: «أي عائشة»، إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه». إنها قصة جميلة حتى إن الإمام البخاري كتب لها عنواناً «باب المداراة مع الناس»، ثم ذكر كلمة أبي الدرداء «إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم» وذكر ابن حجر في شرح الحديث أن «المداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله، وترك الإغلاظ عليه حيث لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول والفعل، ولاسيما إذا احتاج إلى تألفه ونحو ذلك».
وشرح ابن بطال الحديث بأن المذكور كان منافقاً، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مأموراً بما ظهر، لا بما يعلمه في نفس الأمر، وقال آخر لما فيه من شدة فكان لذلك من لسانه بذاءة.
وتبين من القصة كيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دارى ذلك الرجل لسوء خلق فيه سواءً أكان لسانه بذيئاً أم كان منافقاً اتقاء شره.
وهذا ما عبر عنه أبو الدرداء في كلمته السابقة، وإن المتأمل في المنهج النبوي ليجد الحكمة في مثل هذا الخلق سواء استخدمه الشخص مع زوجته أم أبنائه أم أصحابه، فإن المداراة تحفظ الود والعلاقات، ولو تخلينا أننا أمرنا بأن نخرج كل ما نعرفه عن الناس في وجوههم لفقدنا كل العلاقات الاجتماعية وخسرناها، ولهذا عدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - المتمثل لهذا الخلق من الصدقة فقال: «مداراة الناس صدقة»
وكذلك أمرنا الله - تعالى -بأن نداري والدينا، وسماها الله - تعالى - «بالمصاحبة في المعروف» فقال:
{ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير، وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إليّ، ثم إليَّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون}
فالمداراة إذن خلق مهم وعظيم إذا تخلق به الإنسان حفظ علاقته مع أهله ومجتمعه، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفرق في المعاملة على حسب الشخص: فلا يعامل الصغير مثل الكبير.
ولا يعامل الرجل مثل المرأة.
ولا يعامل البدوي مثل الحضري.
ولا يعامل حديث الإسلام مثل القديم.
وكل ذلك من المداراة، بل قال - عليه السلام -: «أقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم» وهي أيضاً من المداراة.
كيف نربي أبناءنا على المداراة؟
1 - نعلمهم معنى المداراة وفوائدها ونفرق لهم بينها وبين المداهنة.
2 - نذكر لهم قصصاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى.
3 - نشتري لهم كتاب ابن أبي الدنيا واسمه «مداراة الناس» ونقرؤه معهم ونناقشهم في أفكاره.
4 - نكون لهم قدوة عملية ليشاهدوا هذا الخلق أمامهم.
5 - إذا لاحظنا عليهم تصرفاً يخالف مفهوم المداراة مع أصدقائهم فننبههم عليه.
6 - عندما يكون أبناؤنا مقبلين على الزواج نتحدث معهم في كيفية مداراة كل واحد منهم للآخر.
من كتاب زوجات النبي في واقعنا المعاصر
أ. جاسم المطوع
http://www.almutawa.info المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/59)
شهر عسل دائم
ضيف الحلقة الأستاذ / صالح البارود
باحث في العلاقات الأسرية
مقدم برنامج (الهمس جهراً) و (السعادة تعود)
مقدم لعدة دورات تدريبية في العلاقات الأسرية
أ. المطوع: السلام عليكم.. نرحب بكم في بداية حلقتنا لهذا اليوم، ونتمنى أن يدوم شعارنا ويصبح حقيقة في كل بيت (حتى تصبح السعادة عادة) واليوم سيكون عنوان حلقتنا (شهر عسل دائم) ونتمنى أن تكون حياتنا كلها عسل دائم، وهذه الحلقة للأبناء المتزوجين حديثاً، أو للأب والأم الذين عندهما أبناء مقبلين على الزواج. وشهر العسل كلمة اشتهرت في أول أيام الزواج ولكن سنناقش اليوم كيف نجعل شهر العسل شهراً دائماً طوال أيام الزواج، فهل ممكن؟ وهل هناك معوقات تجعل من هذا العسل أحياناً عسلاً ابيض أو أسود أو أحمر؟! كما أن العسل الحقيقي تختلف ألوانه! وضيف حلقتنا هو الأستاذ صالح البارود من دولة الكويت فأهلاً بك أستاذ صالح، وفي البداية نحب أن نعرف رأيك في عنوان حلقة اليوم؟
أ. صالح: أشكرك على هذه الاستضافة والتقديم الطيب، وأنا في الحقيقة عندي تعقيب على هذا العنوان ففي اعتقادي لا يوجد شهر عسل دائم في الحياة!! وإذا نظرنا إلى موضوع العسل لوجدناه عبارة عن نتيجة من مجموعة عمليات فهناك نحلة امتصت الوردة وأخذت الرحيق، ثم نقلت هذا الرحيق إلى الخلية ثم بدأت عملية التفاعل حتى ظهر لنا العسل فالمعنى أن هناك عمليات مطلوبة بين أي زوج وزوجته حتى ينتج عنها هذه النتيجة العسل فهناك تواصل وتفاعل وتكيف وتعاون وعمليات كثيرة حتى نصل إلى مفهوم السعادة ومفهوم الانسجام وربيع دائم في اعتقادي صعب الحدوث ولابد في الحياة من شيء يشبه جهاز قياس ضربات القلب يصور مرة وينخفض مرة وهناك تنوع حتى لا يصير عندنا روتين وألفه بحيث يألف الأشياء كعادة كمن يأكل العسل كل يوم.. !! بل لابد من أن تفقد العسل أحياناً حتى نعود إليه باشتياق ولهفة وإذا أردنا العسل الدائم فيجب أن نعلم أن ما يحدث في الحياة الزوجية هو عبارة عن تفاعلات وهذا أمر طبيعي وعندها يحب الطرف الأول الطرف الأخر محبة متكاملة حقيقة.
أ. المطوع: هل يضمن الإنسان المقبل على الزواج لحياته المستقبلية أن تكون عسلاً ولا نقول: دائم بل منقطع على الأقل؟ هل هذا ممكن؟ وهل هناك ضمانات معينة يستعين بها؟
أ. صالح: لنعود مرة أخرى فنربط العسل بمخطط القلب وهناك عسل ممتاز قمة رومانسية وقمة السعادة، وهناك عسل قليل (أحيانا لحسة.. ! ) ولنجعل العسل القليل هو الأساس حتى لا يحصل للمتزوج حديثاً صدمة.. !! وسنبين لاحقاً أن الخلافات الزوجية هي من العسل، وأقول كذلك إن وجود الرغبة القوية والعزم والنية والتخطيط سيجعل الحياة مليئة بالعسل والربيع مهما كثرت العقبات.
العسل من الخلية أم من النحل؟
أ. المطوع: إذن يلزم من هذا وجود اتفاق من الطرفين و إلا فقد يكون أحدهما عسل والآخر.. ! وعندها يحصل احتكاك صعب جدا ً.
أ. صالح: أنا أذكر أنني قدمت دورة في الكويت منذ خمس سنوات العسل من الخلية أم من النحل؟! وأعتقد أن العسل من الطرفين فالنحلة عندما تحمل الرحيق أين ستضعه إذا لم يوجد وعاء؟ والسعادة الزوجية والعلاقة لا تنشأ من طرف واحد فلابد عملية تفاعل والطرف الثاني كيف يستقبل هذه المشاعر؟ وكيف يتفاعل مع العواطف؟ وكيف يدرك ردود الأفعال؟ على ضوء هذا وفي الناهية عندنا المنتج وهو العسل.
عمر كله عسل!!
مشاهد (خالد فتح الله من الإمارات) عندي ملاحظة بسيطة لماذا لا نقول حياة عسل أو عمر عسل! فنحن لا نريد العسل لمدة محدودة فقط وهذا مفهوم خاطئ لدى المتزوجين حديثاً عندما يظن: أن العسل في الزواج إنما هو شهر واحد.
أ. صالح: عنوان الحلقة (شهر عسل دائم) ويظهر لي أن المقصود به دوام العسل طوال فترة الزواج وكلمة (شهر عسل) هي غريبة علينا بعض الشيء نحن العرب والمسلين وهم يقصدون بها الالتقاء والعرس والسفر والحياة الجديدة على أن هذا لا يمنع أن يكون العمر كله عسل.
غياب الزوج أو سفره في شهر العسل
مشاهد (كمال من سويسرا) عندما تفرض الظروف على الإنسان المتزوج حديثا وهو في شهر العسل أن يترك زوجته ليذهب على للعمل أو حتى للاغتراب خارج البلد فهل هذا شهر عسل؟
أ. صالح: يريد الأخ كمال السؤال هل من الواجب في شهر العسل أن يكون الزوج مع زوجته 24 ساعة في اليوم في مكان واحد؟ وأقول العرف جرى على التسمية شهر عسل لكنه ليس بالضرورة أن يكون ثلاثين يوماً بل أحياناً يذهب الزوجان أسبوعاً ثم يعودان ويقال كنا في شهر العسل! والذي أود التأكيد عليه هو التواصل والتفاعل لم ينقطع السمع وإذا انقطع السمع والنظر لم ينقطع الخيال!! ومع أنني لا أحفظ الأغاني إلا أن أغنية استوقفتني تقول الأغنية (بتونس فيك وأنت معايا، بتونس فيك وخيالك بيكون وياى) كيف استطاع الشاعر صياغة هذه المعاني وهذا الإحساس الغريب فحتى هذا الإنسان إن يكن معي فإنني (أتونس) فيه في ذكراه وفي الشوق إليه وهذا من المعاني التي ذكرها الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة الصالحة التي إذا غاب عنها حفظته أي في ماله وفي عرضه لأنه موجود في نظرها وخيالها!! وأقول للأخ السائل: إذا اضطر الإنسان على السفر في أول أيام زواجه وكان هناك تفاعل وتضحية من المرأة فهذا برأيي أقوى أنواع التضحية وهذا ما يؤكد وجود العسل في هذه الحياة الزوجية.
ألا يتم شهر العسل بدون سفر؟
أ. المطوع: من اللوازم في شهر العسل والتي يعتادها الناس أنه كان هناك شهر عسل فلأيد من السفر هل هذا بحسب رأيك أمر ضروري؟ وهل يستطيع الإنسان أن يعيش شهر عسل وهو في نفس البلد الذي هو مقيم فيه؟
أ. صالح: هناك أشياء كثيرة تتغير إلا أن المهم شيئاً واحداً يجب ألا يتغير وهو الشعور والإحساس وكما قال الشاعر في الأغنية وأنت معايا أين ما كنا في البحر أو الجبل في الجو أو في كوخ صغير فما دمت معي في إحساسك وشعورك ونحن نمارس الحب قولاً وفعلاً ونوضح فيه قربنا لبعض فنحن في شهر عسل وليس بالضرورة أن نسافر ونخرج من البلد الذي نحن فيه.
ما هي حقيقة الحب؟
أ. المطوع نزل مصور البرنامج على الشارع والتقى الناس وسألهم هذا السؤال هل الحب أفضل قبل الزواج أم بعده؟ وكانت أغلب الإجابات بعد الزواج واعتبروا الحب قبل الزواج حب مراهقين وحب شهوة وحباً مستحيلاً وفاشلاً والذين قالوا قبل الزواج أفضل ذكروا أن سبب ذلك في أن يؤدي على المعرفة بين الطرفين واكتشاف الشخصية فما رأيك أستاذ صالح؟
أ. صالح: من قراءتي المتعددة وحسب ما أرى، فأنني إلى الآن لم أجد من أعطاني معنى واضحا للحب، وهذا لقيمته وعظمته وسموه ورفعته، وأذكر الدكتور (عادل صدقي) في كتابه (سي الحب) يقول: من الذي يصف الحب؟ ومن يملك القدرة على وصف الحب؟ لذلك أعتقد أن مفهوم الحب يختلف من إنسان لإنسان أخر وفي الدوريات التربوية والأسرية المختلفة وكذلك في برنامجك البيوت السعيدة نحن نحاول أن نجسد المشاعر، وأن نعرف العاطفة وأن نوجد أدوات للتعبير عنها هذه هى أزمتنا في العالم العربي ولهذا فكل من سئل في التقرير لو سألته بدوري ما هو الحب؟ عرف لنا الحب؟ فماذا يكون جوابه؟
أعتقد أن هذا الموضوع يعتمد على سن الإنسان وثقافته واعتقاده ومبادئه وهذا كله يجسد المواقف من الحب، وقد برفض بعضهم الحب من مبدأ ديني هل يجوز للإنسان أن يحب؟ واذكر هنا أنك أستاذ جاسم استضفت الدكتور عيسى زكي في حلقة الحب وقال إن الإنسان يحب لكن المشكلة كيف يعبر عن هذا الحب وكيف ترى المرأة الحب؟ وكيف تعبر المرأة عن الحب؟ وكيف يعبر الرجل عنه؟ أسئلة كثيرة وتختلف من إنسان لآخر.
ما مفهوم شهر العسل؟
مشاهد (فوزي من الأمارات) ما هو أصل كلمة (شهر العسل) هل هي عربية أم أجنبية؟
أ. صالح: في الحقيقة لا أملك إجابة محددة لكن هي اصطلاح وعادة انتقلت إلينا من الخارج كعيد الأم فلاشى في الإسلام عندنا اسمه عيد الأم ولكن اصطلحوا على المتزوجين حديثاً في أيامهم الأولى أما أصل التسمية ولماذا العسل؟ وهل من ورائه قصة. فلا يحضرني في هذا شي إلا أننا نركز هنا على مفهوم السعادة فشهر العسل يعني السعادة، وتسألني: ما هو شهر العسل؟ عندما نرى شخصاً فتميل له عاطفياً وتقتنع به فكريا ثم تتخيل صورة معينة في ذهنك عن حياتك الزوجية معه ثم تضع في ذلك مجموعة توقعات عن المستقبل فأنت هنا تمارس الحب وتمارس المشاعر وتريد أن تجعل لحياتك وضعاً جديداً.
أصل كلمة شهر العسل
مشاهد (أبو خالد من البحرين) شهر العسل هو تقليد أوربي فشعوب أوربا الشمالية عندما يحدث عندها زواج يقدم شراب العسل طيلة الشهر الأول بين الزوج والزوجة وهذا لما للعسل من فوائد غذائية ثم عندي تعليق بسيط على استمرارية شهر العسل فالذي يجعله يستمر هو التوافق مع الكفاءة بين الزوجين وهو شرط أساسي و إلا سيفشل الزواج.
أ. صالح: أحب التوضيح على أنه ليس المقصود بشهر العسل ثلاثين يوماً يعني نمسك التقويم والأجندة ونحسب ثلاثين ورقة كلا فنحن في الحقيقة نتكلم عن مفهوم من شهر العسل أكثر من أننا نتكلم عن شهر العسل ومدته نحن نقصد السعادة الزوجية في استمرارها على الدوام.
الانسجام بعد شهر العسل
أ. المطوع: وصلنا فاكس من (ماجد العلى من ألمانيا) يقول فيه إنه بعد شهرين من الزواج يشعر بعدم انسجام مع زوجته والغريب أنه كان على علاقة حب بها قبل الزواج وكل من يعرض عليه مشكلته الآن يقول له: إن ما تشعرون به من عدم انسجام في هذه المرحلة أمر طبيعي! فهل هذا صحيح؟
أ: صالح: من المهم أن نوضح ونؤكد على أمر غريب على بال وأذهان المشاهدين وهو مسالة الوصف والتحديد يقول الأخ ماجد لسنا منسجمين ما هو نوع هذا الانسجام؟ هناك انسجام عاطفي وهناك انسجام عقلي وهناك ديني وهناك انسجام اجتماعي فأيها يقصد؟ المشكلة في التحديد وكما كنا نتكلم عن الحب قبل الزواج أفضل أم بعد الزواج وما الفرق بينهما؟ الفرق أن العاطفة والخيال والرومانسية والرغبة الجامحة في اللقاء وفي اللمس والتقبيل وأن أكون معك فقط في الحياة الزوجية هذه الأمور موجودة قبل الزواج ثم تبقى هذه الأمور قبل الزواج ثم تبقى هذه الأمور بعد الزواج والحاجات العضوية تتحقق الآن إذن بدأت الآن تظهر الجوانب في الشخصية وعندها تظهر حقيقة المشاعر والعواطف أما قبل الزواج وفي البعد فقد لا تظهر كل الجوانب والزوايا بل بعضها فقط وعندما نرى الحياة الزوجية والتي يفضي فيها الزوجين لبعضهما ويتعريان نفسياً وروحياً عندها ينكشف كل إنسان.
قبل الزواج هناك تضحية وهنك رغبة في الحب وبعد الزواج هناك مسؤوليات جديدة قبل الزواج لم تكن توصل زوجتك ولم تنتظرها على الطعام أو عندما تنام أما بعد الزواج فقد اختلف الحال وما يحدث من تغير بعد الزواج وإحساس بنوع من عم الانسجام أراه أمراً طبيعياً وعملية الانسجام هي عملية تفاعل و لا تأتي من طرف واحد.
عدم التوافق في بداية الزواج
أ. المطوع: لو سألنا كيف نحقق الانسجام؟ وكما سال الأخ (ماجد) أنه لم يحصل أو لشهرين من زواجه، وسأل المختصين فقالوا: إن هذا أمر طبيعي، فهل هذا أمر طبيعي في بدايات الزواج: ألا يكون هناك توافق بين الزوجين؟
أ. صالح: ما المقصود بالانسجام؟! إنها كلمة عامة والذي نحتاج إليه اليوم أن نحدد المصطلحات ثم نحدد المشكلة وأسبابها فقد يكون الأخ ماجد منسجماً في كل شي والحياة جيدة ولكن في مسالة طاعة زوجته له يحس أنها لا تطيعه إذن فهو غير منسجم وأحياناً عدم توافق فهو يحب هذا الطعان وهى لا تحبه وهو يحب هذا اللون أو المكان وهى لا تريده، فيقول: نحن مختلفين والحقيقة: أنه مختلف في جانب معين، وهذا ما أراه طبيعياً ولا مشكلة فيه.
صراع الأدوار
أ. المطوع: هذا يقودنا إلى سؤال آخر: ما هي أكثر المشاكل التي تحدث بعد الزواج مباشرة؟
أ. صالح: يمكن حصر أكثر المشاكل فيما يمكن أن نسميه (صراع الأدوار) ففي الشرق عندنا وطبعاً هذا موروث شرعي كما أنه موروث اجتماعي وثقافي أن الرجال قوامون على النساء فعرف واصطلح أن الرجل هو الذي يقود هذه الأسرة وهو المسئول عنها وصورة آبائنا وأجدادنا راسخة في أذهاننا، والرجل يريد من المرأة أن تكون دائماً بجانبه، ولا يرشى أن تكون أمامه وهذه وجدتها حتى عند من يطالبون بحقوق المرأة السياسية ولذلك طبيعة الرجل أنه يريد القيادة (القيادة المالية والإدارية والاجتماعية) وهذه الطبيعة تولد الشعور لدى الرجل ليبرز في الأيام سيطرته ويفرض إدارته وآراءه.
وفي المقابل هناك موروث قوي لدى النساء والأمهات، ومن خلال توصيتهن لبناتهن في بداية الزوجية (اجعلي شخصيتك قوية)
الاتفاق على ترتيب الأدوار
أ. المطوع: ومن المسئول عن صراع الأدوار هذا، هل الفتاة أم الشاب؟
أ. صالح: الاثنان معاً.
أ. المطوع: وكيف نوجد حياة ليس فيها صراع للأدوار؟!
أ. صالح: نتفق على الاتفاق من الذي سيقود البيت؟ ومن الذي سيمثل الأسرة؟ وفي النهاية من الذي رأيه سيحسم الخلاق؟ وليس بالضرورة ن تقول: إن الرجل يحب دوماً أن يكون رأيه في المقدمة وهو صاحب كل الصلاحيات، لكن في شؤون البيت والاقتصاد المنزلي فالقيادة ستكون للمرأة.
المسؤوليات بالتساوي
أ. المطوع: لكني أعرف رجلاً سعيداً في حياته الزوجية وهو قد سلم القيادة الخارجية للمرأة وهى كذلك المسئولة عن صرف البيت وشراء الأغراض.
أ. صالح: إذا هو موافق وهناك تفاهم.
أ. المطوع: وهذه هي حياة سعيدة؟!
أ. صالح: أكيد ليست طريقة صائبة ولعل هذه هي أغلب شكوى النساء الخليجيات في بلادنا فبعد عشر سنوات وعندنا تكثر المسؤوليات على المرأة يكون الرجل قد تعود على أن لا يقوم بمسؤولياته وتتحول المرأة إلى الجانب ألذكوري فيها إن صح التعبير ويشكو الرجل المرأة عند ذلك فيقول المرأة ما تدلع والمرأة ما تدلل! والسبب كثرة المسؤوليات عليها.
أ. المطوع: إذن فابرز المشاكل لدى المتزوجين حديثاً الأدوار؟
أ. صالح: ممكن الأدوار أن تنقسم بحسب الطباع والسلوكيات والعادات وكلها لها دور في هذا التقسيم فقد نجد مثلاً أن طرفاً سريع الانفعال بينما الطرف الآخر بطئ الانفعال وهناك طرف يعبر عن الشى الذي يضايقه بالكلام وآخر بالضرب وثالث بالشتم ورابع بالتكسير فهذا الاختلاف في طرق التعبير يمكن أن يؤدي كذلك على كثير من المشاكل.
التعبير عن الحب
أ. المطوع: وصلنا فاكس (نورة من الدوحة) وعندها مشكلة وهى غريب أفعال خطيبها فهو يسمعها أجمل الكلام عبر التلفون ويحدثها الساعات الطوال لكنه يتحاشى لقاءها ولا يزورها في البيت! إلا بعد إلحاح منها وعندما تحدث الزيارة فإنها تنتهي سريعأً و لا يطيل الجلوس وهذا التناقض يشغلها كثيراً ويخيفها من المستقبل.
أ. صالح: أنا باعتقادي أن الإنسان عندما يحب ويشتاق فإنه يتوجب عليه أن يعبر عن هذا الحب سواء بالزيارة أو ما يؤدي الغرض وعليه أن يوضح للطرف الآخر ولا يتردد ولا يتناقض كما قيل (أسمع كلامك أصدقك، أشوف أفعالك استغرب) ولهذا لما مر شخص فرآه أخر وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إني أحبه في الله فطلب منه الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يذهب إليه ويخبره بهذا الحب فذهب وأخبره أنه يحبه في الله فأجابه المحبوب: أحبك الله الذي أحببتني من أجله، فالمطلوب بيان الحب وتوضحيه عبر أدوات تعبر به.
أ. المطوع: وهل ممكن أن يكون خطيبها كاذباً في حبه
أ. صالح: والله أستاذ جاسم أنا من خلال تجربتي المتواضعة في مثل هذه المواضيع عبر عشر سنوات أتضح لي أنني يجب ألا أعطي حكم على أي قضية حتى اجتمع مع الطرفين وما أستطيع أن أدخل في نوايا أي شخص وأعطي انطباعاً أو توقعاً لكن في أي موضوع لابد نهاية فهذا الحب وهذا الاشتياق ستكون نتيجته الزواج وهذا الرجل إذا كان قبل الزواج هكذا في مجال الزيارة والرؤية فكيف هي حالة بعد الزواج؟ و لا ندري فلعل الرج لعنده ارتباطات معينة أو أسفار كثيرة أو عنده مشاغل لا نعلمها وقد يكون لديه نية في ذهنه إلا أننا لا نستطيع التوقع ومعرفة النوايا وهنا أود البيان لرجل أن المرأة تحتاج من الرجل إلى التعبير فكما كان يفعل ذلك معها أيام الخطوبة وأوائل الزواج فإنه ينبغي أن يظهر لها المشاعر نفسها مهما تباعدت الفترات.
العسل نتيجة تفاعل من الطرفين
مشاهدة (أم ياسمينة من بريطانيا) هناك مثل في بريطانيا يقول (Taxt Tow to Tanga) ويقابله في العربية (اليد لوحدها لا تصفق) فالإنسان ممكن أن يجتهد ليعيش في عسل كما تقولون لكن الشريك لا يساعد في ذلك ومن وجهة نظري أن الحب تضحية من الطرفين و إلا سيفشل الحب.
أ. صالح: أعود فاكرر السؤال (هل العسل من الخلية أم من النحل)؟ وأجيب هو من الطرفين والعسل كما قلنا هو نتيجة تفاعلات معينة ومسألة أن أحد الطرفين الأدوار كاملة للطرف الآخر لن تحل المشكلة ولن يعيشا في عسل بل القضية قضية تعاون وتفاعل.
لعب الأدوار بعد شهر العسل
مشاهدة (منال من السويد) تقول ب الأدوار بعد شهر العسل
مشاهدة (منال من السويد) تقول إن شهر عسل مسمر هذا مستحيل واذكر تجربتي الشخصية مع زوجي حيث كنا كل يوم في عسل وغزل وكلام حلو فلا جاء أول طفل بدأت بالانشغال به فبدأ زوجي يتضايق ولما جاء الثاني زاد الانشغال والآن جاء الطفل الثالث والزوج متضايق جداً ويريدني طوال الوقت أن أسمعه الغزل وأكون معه وهذا خطأ فشهر العسل ليس فقط الغزل والكلام المعسول بل هناك مسؤوليات يجب على الطرفين أن يقدراها.
أ. صالح: أنا أقول للأخت (منال) أنا أهنئك على هذه الحال!! فكون زوجك يطلب بعد كل هذه الفترة نفس المعدل السابق من العسل فهذا معناه أن الرغبة موجودة ومعناه أنه لازال يحبك ومعناه أنه لا يزال يرغب فيك ويريدك وهو مدمن على عطائك وحنانك وأنت قد (قللت من العيار) فهو يضجر لذلك.
أ. المطوع: لكنها تذكر أن سبب ذلك هو الانشغال بالأطفال ثلاثة أطفال.
أ. صالح حتى المدمن عندما يعالجونه فإنهم يخففون عنه الكمية شيئاً فشيئا وهكذا يجب أن تفعل الزوجة مع زوجها وأقول أيضاً من مفاهيم العسل أنني أرى الجوانب الجميلة في الأشياء القبيحة أو فيما أظنه قبيحاً، واسألها أبهما أفضل زواج يتبعني ويسألني ويطالبني؟ أم زوج يتركني ويتجاهلني؟ فلا يسال إن خرجت أو لم أخرج؟ أو لم أحضر؟ تزينت أو لم أتزين؟ وتتساوى الأشياء.
وكأن الأخت منال بلسان حالها تقول: أنت لا تدري شيئاً، أنت لست مثلي، أنت لا تعيشي الذي أعيشه وأنا لست ماكينة!! وأقول لها صحيح أنت لست ماكينة ويجب أن يعلم الأزواج أن الحياة الزوجية تمر بمراحل وتكثر المسئوليات كلما ترقينا في المراحل فالعائلة ذات الفردين هي بالتأكيد غير العائلة ذات الثلاثة أو الأربعة أفراد، والمرأة عندها عاطفة وهى إن صح التعبير (كيكة) وكنت أبها الزوج تأكلها لوحدك والآن فإن هناك أناساً يقسمونها معك وعليه فيجب أنت ضحي وتؤثر في بعض الجوانب وإذا كنت نتكلم عن (صراع الأدوار) فإننا يجب أن (نلعب الأدوار) فطبيعة المرأة عندما تزيد عليها الأدوار تكون عصبية ودائماً ذهنها مشغول في أغراض الأولاد وتدريسهم والمطبخ وترتيب المنزل إذن هناك قلق داخلي دائم والمطلوب اليوم من الزوج والزوجة (لعب الأدوار) فكل إنسان في داخله ثلاث شخصيات (رجل + شاب + طفل) ونحن دائماً نحاول أن نتعامل بالشاب أو دائماً بالرجل والرجل لما تأتيه لحظة ويريد تلك الشابة العشيقة الحبيبة التي تعود علها من سنوات ماضية فهو يبحث عن هذه الشابة في تلك اللحظات وليس في كل الأوقات مثل ما يحتاج لان يكون رجلاً وتطيعه زوجته في لحظات أخرى وكذلك المرأة تأتي غليها لحظات تريد مثل ما يريد الرجل فينبغي (لعب الأدوار) ومراعاتها.
المشاكل المالية في أول الزواج
أ. المطوع: هل المشاكل المالية والتزاماتها لها دور في الصراعات التي تدور في أول الزواج؟
أ. صالح: لاشك أن هناك توقعات لدينا أن من يحبك يغدق عليك!! وهذا مفهوم منتشر بالخصوص عند النساء فمادام زوجي يحبني ويقدرني فهو يشتري لي ويأتيني بالهدايا والفلوس ومشكلة المرأة أنها أحياناً تقيس مقدار حب زوجها لها بقيمة الهدايا وهذه كما أرى مشكلة وعندما تلجا إليها المرأة فإنها باعتقادي تظلم زوجها ولا شك أن الجوانب المالية من الجوانب المؤثرة في الحياة الزوجية وممكن أن تسخر لسعادة الزوجين واستقرار حياتهما.
التخوف من الزوج
أ. المطوع: وصلنا فاكس من الأخت ريم من البحرين تقول فيه إنها عازبة ومتخوفة من الإقدام على الزواج لان كل صديقاتها في حياتهن مشاكل وخلافات لذا فهي خائفة من الزواج.
أ. صالح: أنصحك أن تقومي على الحياة الزوجية بمفهوم صحيح فالإنسان الذي يخطط لكي يدخل الحياة الزوجية بلا مشاكل فان أقول له (لا تتزوج) ولكنني أقول أيضا للأخت ريم إن بقاءك طوال حياتك بلا زواج أيضا مشكلة فعدم وجود رجل في حياتك تتبادلين معه الحب والمودة هذا بحد ذاته مشكلة وليست قضية هي وقوع مشاكل بل في كيفية التعامل معها، فالمشكلة هي من العسل وهى تعطيه نكهة!! وهذه هي فائدة المشاكل في الحياة الزوجية أنها تختبر العلاقة، هل هي متينة؟ هل هي على أسس قوية؟ هل أنا على استعداد للتمسك بالطرف الآخر ولآخر لحظة؟
أسباب المشاكل في شهر العسل
مشاهدة (عبد الله من الكويت) المشاكل التي تحدث وخاصة في أول الزواج لها عدة أسباب برأيي:
1-اختلاف البيئات وتحتاج لوقت لكي يتلاءم الطرفان
2-الأمور المالية وعندما لا يوجد تخطيط سليم للنفقات فإن الحياة الزوجية ستضطرب.
3-وجود طرف ثالث سواء قريب أو صديق تأتي منه المشاكل والتداخلات.
أ. صالح: ما طرحه الأخ عبد الله جميل وصحيح لكن المشاكل التي تحدث نستطيع لان نذكر لها أكثر من 15 سبباً يؤدي غليها... !!
كلما زادت المسؤوليات كلما قل العسل
مشاهدة (عزة من قطر) حتى في الخطوبة ممكن أن يحدث شهر عسل وخاصة إن طالت فترة الخطوبة وعندما تطول فترة الخطوبة تكثر المسؤوليات على الزواج فكأنه في زواج حقيقي وأنا أتكلم عن تجربة شخصية.(111/60)
أ. صالح نريد أن نوضح قضية هنا فالإنسان دائماً في أي حدث ومتغير يحدث معه في حياته فإنه يندمج فيه، ويعطيه من جهده وهذا في أي شي كشراء سيارة أو دخول الجامعة أو نحو ذلك وعندها نلاحظ أنه بدأ يتفاعل مع هذا الشيء المتغير وينظر ماذا يشبع لديه من حاجات وماذا يحقق من أمنيات، وهذا ما يحصل في بداية الزواج فكل من الزوجين يريد أن يعبر للطرف الآخر عن محبته له وفرحته به ويبين مكانته عنده ومع الأيام هذه الأشياء تبدأ تقل وتتراجع وتخف لكن هذا لا يعني أنها ذهبت أو اختفت وهكذا شهر العسل هو بين اثنين يأخذان فيه أجازة ويتفرغان لبعضهما ثم تتحول الأمور وتبدأ المسؤوليات وعدد أفراد الأسرة يزداد وأعباؤها تزداد ولهذا تحث الألفة بعد فترة وتساوى الأشياء أي تتعدل وهذا يشبه مخطط القلب الذي ذكرناه في بداية الحلقة بعد فترة وتتساوي الأشياء أي تعتدل وهذا يشبه مخطط القلب الذي ذكرناه في بداية الحلقة كيف يرتفع وكيف ينخفض.
العملية الجنسية لا خوف عليها
أ. المطوع: رجل أرسل فاكس دون ذكر اسم أو عنوان مشكلته أنه من سبعة اشهر لم يتصل جنسياً بزوجته وكلما اقترب منها ابتعدت عنه ويطلب النصيحة.
أ. صالح: هذا النفور الجنسي والمشاكل الجنسية كلها ترجع لأحد أمرين إما مشاكل عضوية وهذا تعالج لدى الطبيب المختص، وإما مشاكل نفسية وهذا أيضاً يراجع بها طبيب نفساني، وأعتقد أن بعض النساء يضخمن الموضوع عن بعض قصص المعاناة الجنسية وتسبب منهن عقدة لذلك وأقول إن العملية لا خوف منعا وهى عملية طبيعية جعلها الله في هذا الكون لتاكثر بنى البشر وهى إحدى وسائل التعبير عن الحب لدى الزوجين.
علاقة الزوجين بأهلهما
مشاهدة (أسماء من قطر) خطوبتي كانت كلها مشاكل وكذلك ليلة زفافي ولازالت مستمرة في زواجي سنين والمشاكل موجودة وزوجي لا يجلس في البيت وإن جلس فلا يحادثني وأنا في الحقيقة قد تشاجرت مع أهله ولهذا فلا أزورهم وهو بالمقابل لم يزر أهلي.
أ- صالح: اشكر الأخت (أسماء) على تنبهينا على شي مهم تعاني منه جميع وهو علاقة الزوج بأمه إن الرجل كـ محول الكهرباء أو مجمع الكهرباء وأمه وأهله هم الفيوز الكبير فمادامت قد اقتربت من أهله وتشاجرت معهم فأنت قد ردمت أوجه عناية الزوجات الذي يضئ نصف او ثلاث أرباع البيت!! وعليه أوجه عناية الزوجات إلى أن يعاملن أم الزوج معاملة خاصة، لأن صورة الام عنده صورة مثالية وصورة مقدسة لا تمس وبالتالي فمن أسباب نجاح العلاقة الزوجية واستمرار العسل أن يكون محيط العلاقة بين الزوجين مناسباً ويساعد على التفاعل والاستمرار ولا يرضي أحد من الزوجين الإساءة لأهله وبذكاء الأخت أسماء تستطيع وبمبادرة من عندها أن تعيد العلاقة مع أم زوجها وتذهب إليها وإن لم يرض زوجها وتصالحها وتعتذر لها وتتقرب منها كان زوجها صاحب موقف سلبي فإنه حينئذ سيتغير إلى الأفضل.
فن التهويل وفن التهوين
أ. المطوع: نزل مصور البرنامج إلى الناس في الطرقات وسألهم هذا السؤال (هل تعرضت لصدمات أو أزمات أول أيام الزواج؟ ) فأجاب البعض بالنفي والبعض الآخر أكد ذلك وأرجع السبب على الحاجة إلى التفاهم والتأقلم واختلاف العادات والتقاليد فما هو تعليقك على هذا؟
أ. صالح سواء في بداية الحياة الزوجية أو في أخرها أو في منتصفها لابد من وجود المشاكل ولكن الاختلاف يكون في طريقة التعامل معها والإنسان عادة يقف موقف المنفصل أمامها وكملة مشكلة مبرمجة في أذهاننا بمعنى معين وعندما توجد يهتز الوتر ترى في داخلك صدى لها ونحن عندنا خوف من كلمة مشاكل وندعو اللهم أبعدنا عن المشاكل ولو نظرنا إلى الحياة الزوجية أن وقوع المشاكل بها أمر طبيعي ولكن كيف أستخدم الفن في التعامل معها فهناك أناس يستخدمون فن التهويل، وآخرون فن التهوين: هونها بتهون
فبالتالي كيف أدركها؟ وكيف أتعامل معها؟ وكيف اعرف أسبابها؟ وما هي الظروف الذي قيلت فيه؟ وما قصد الطرف الثاني من هذه الكلمة؟ وما هي الظرف التي قيلت فيه؟ وما قصد الطرف الثاني من هذه الكلمة؟ وأنا أعطيتك تجربتي الشخصية فقد وضعت خطأ في طريق تعاملي مع المشاكل في حياتي الزوجية فاتفقت مع زوجتي على أن لا تبيت المشكلة عندي ولابد لأحدنا أن يتنازل للطرف الآخر وقد نترك المشكلة في وعاء ونؤجل حلها لكننا نمارس حياتنا الطبيعة ثم نخصص لها وقتاً نناقشها فيه وهذه المنهجية ساعدتني كثيراً في أن لا تأخذ المشكلة مساحة لا في ذهني ولا في ذهنها ولا من وقتي ووقتها.
التنازل والكرامة
مشاهد (زياد من السعودية) عندي سؤالان:
أ -عندما نذكر ونقول: نوع من التنازل بين الزوجين فهل هناك حد للتنازل؟ وهل كثرة التنازل تؤثر على كرامة الطرف المتنازل؟
ب - وهل الزواج غير المتكافئ مثلاً من الناحية التعليمية وقد وجد الحب والألفة فهل هذا الحب يغطي التنوع التعليمي أم سيعطينا زواجاً فاشلاً.
أ. صالح: في موضوع التنازل نحن يجب ألا نبعد الضوابط الشرعية وسيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عن حياتنا الزوجية والتنازل ليس المقصود به القهر أن أقهر نفسي وأحط من شأني وأذيب رغباتي وكرامتي من أجل الطرف الآخر ولكن أنظر إليه من باب (وخيرهما الذي يبدأ صاحبه بالسلام) وأنت إذا أرضيتني فأنت أحسن مني خلقاً.
وعند التنازل لابد أن اشعر الطرف الثاني باحترامي لتنازلي وأربط هذا التنازل بأنني أحبك وأودك ولاني أريد حياتي بلا مشاكل ولأنني كريمة بأخلاقي والذي يحصل في الحقيقة خلاف هذا الأمر فكثير منهم يتنازل ولكن على حساب ذاته.
وأما بالنسبة للسؤال الثاني عن التكافؤ غير التعليمي فأقول: إن الحب هو الأساس الذي يبنى عليه كل شيء ومن أجل عين تكرم ألف عين والذي يحب فإنه يحب محبوبة بكل ما فيه بجهله وصفاته بل وحتى الأشياء القبيحة فيه!!
وفي الاستشارات التي تأتيني في قصر العدل فإن أول ما أفعله هو اختبار الحب فإذا وجد فإن وجد فإن المشاكل العويصة تحل وتنتهي الأزمات عند هذه الدائرة.
تنازل المرأة هل يؤدي على الانفجار؟
أ. المطوع: وصلنا فاكس (هديل من الدوحة) تسال فيه هل كثرة التنازلات من المرأة لأجل بيتها، تؤدي على الكبت ومن ثم على الانتحار؟
أ. صالح هذا يعتمد على خصوصية الإنسان فهل تنازلت أنا فإنني أحمل شيئاً في عقلي الباطن؟ أم أنني قادر على المسح بحيث يصفو الذهن والقلب؟ فإذا كانت عندي هذه المهارة فلا مشكلة أما إن بدأت التنازلات تتراكم ولا يوجد من يسعى للإصلاح والتهدئة فإنه من المتوقع أن تصل الأمور إلى مرحلة الانفجار
لا تحطم خلية النحل!!
أ. المطوع: وصلنا فاكس أيضا من (غادة من السعودية) تذكر فيه أن حياتها كلها شقاء بشقاء وأن زوجها صاحب خيانات، وكثير الغياب عن البيت وكثير التعسف في المعاملة
أ. صالح: سأذكر كلاماً لـ (دال كرنيج) وأحب أن يحفظه جميع المستمعين (إذا أردت العسل فلا تحطم خلية النحل)، وأحب أن افهمه للجميع فالزوج يجب ألا يحطم زوجته ولا يوصلها لمرحلة تكرهه فيها والزوجة بالمقابل لا توصل زوجها إلى أن يكرهها ويرميها ويلفظها ويغلبها من حياته وهناك عادات اجتماعية وأخطاء اعتقا دية تزيد الأمر سوءاً والمثل يقول (كثر الطرق يفك اللحام) وهناك أمور لا يجوز فيها المزاح (العرض + الذات + التقدير + الشرف + الأمانة) فهذه لا يجوز فيها اللعب ويجب أن يحترمها الإنسان.
من أسباب السعادة الزوجية
أ. المطوع: ما علاقة السعادة بالزواج؟
أ. صالح: مثلا الرعاية فهي ترعاني وأنا أرعاها وتجسيد الاهتمام في أن يصغي إلى كلام الطرف الأخر ويحاول قراءة ما وراء العيون وكذلك الأخلاق الحسنة من الرجل تزيد في السعادة وما أجمل الآية القرآنية (لتسكنوا إليها) والسكن: سكن روحي، وسكن جسدي فهذا هو الاستقرار وهذه وغيرها من أسباب السعادة ونحن نحتاج دوماً إلى أن نبحث عن الأشياء التي تسعدنا ونبتعد عن الأشياء التي تكدر علينا، ونضع لها سوراً حتى لا تدخل حياتنا الزوجية.
أ. المطوع: ماذا تحب أن تقول تحت عنوان (شهر عسل دائم) لكل من يستمع إلينا؟
أ. صالح: أن نعيش المفاهيم والمعاني الجميلة وهذه تجسدت في مقدمة رائعة للدكتور (عادل صادق) في مقدمة كتابه (روعة الزواج) يقول فيه باختصار:
أروع زواج يتحقق عندما تريد أن تقول: أريد أن أعيش مع هذا الإنسان على آخر يوم في حياتي...
•حين لا تقوى أن تعرف إنساناً غيره...
•حين لا تستطيع استبداله هو فقط و لا أحد غيره
•حين لا تستطيع أن تتصور نفسك مع إنسان غيره في فراش واحد..
•حين يصبح النوم فر فراش واحد حلماً يجلب لك الطمأنينة قبل السرور، والأمانة قبل المتعة والسلامة قبل اللذة..
•حين لا تعتبره وسيلة لمتعتك الجنسية
•حين لا تعتبره وسيلة الإنجاب الأطفال وتكوين أسرة
•حين تشاركه كل متع الحياة
•حين تريد أن ترعاه
•حين أن تواجه معه الحياة
•حين لا يكون هدفك الأسمى والأوحد أن تكون معه.. مجرد أن تكون معه
•حين تستمع عقليا وتستأنس روحياً بالحوار معه..
•حين تشعر بألفة وصداقة مع جسده
•حين تشعر أن علاقتك بهذا الإنسان هي علاقة ثابتة ومستقرة
•حين يكون الإخلاص والوفاء هما جوهر هذه العلاقة
•يعني أنك تزوجته لأنك أحببته........ وأحببته لأنك تزوجته!!
أ. المطوع: أشكرك على هذه الكلمات اللطيفة وعلى مشاركتك لنا في حلقتنا اليوم.
وحتى تصبح السعادة عادة...... مع السلامة
http://www.almutawa.info المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/61)
الطفل الخجول.. مشكلة لها حل
2001/11/15
...
أيمن حموده
تتفق الآراء التربوية على أهمية مرحلة الطفولة في بناء شخصية الإنسان المستقبلية، فإذا ما اعترى تربية الطفل أي خلل فإن ذلك سيؤدي حتما إلى نتائج غير مرضية تنعكس سلبا على الفرد والمجتمع معا، ومشكلة الخجل التي يعاني منها بعض الأطفال يجب على الوالدين والمربين مواجهتها وتداركها.
فكثير من الأطفال يشبون منطوين على أنفسهم، خجولين يعتمدون اعتمادا كاملا على والديهم، ويلتصقون بهم، لا يعرفون كيف يواجهون الحياة منفردين، ويظهر ذلك بوضوح عند التحاقهم بالمدرسة.
الخجل والحياء .. هناك فرق
الخجل : هو انكماش الولد وانطواؤه وتجافيه عن ملاقاة الآخرين.
أما الحياء : فهو التزام الولد منهاج الفضيلة وآداب الإسلام.
فليس من الخجل في شيء أن يتعود الطفل منذ نشأته على الاستحياء من اقتراف المنكر وارتكاب المعصية، أو أن يتعود الولد على توقير الكبير وغض البصر عن المحرمات، وليس من الخجل في شيء أن يتعود الولد منذ صغره على تنزيه اللسان عن أن يخوض في أحد أو يكذب أو يرتاب، وعلى فطم البطن عن تناول المحرمات، وعلى صرف الوقت في طاعة الله وابتغاء مرضاته، وهذا المعنى من الحياء هو ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال فيما رواه الترمذي : "استحيوا من الله حق الحياء" قلنا (أي الصحابة): إنّا نستحي من الله يا رسول الله والحمد لله، فقال صلى الله عليه وسلم: "ليس ذلك، الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، وآثر الآخرة على الأولى، فمن فعل ذلك قد استحيا من الله حق الحياء".
من هو الطفل الخجول؟
الطفل الخجول في الواقع طفل مسكين وبائس يعاني من عدم القدرة على الأخذ والعطاء مع أقرانه في المدرسة والمجتمع، وبذلك يشعر بالمقارنة مع غيره من الأطفال بالضعف.
والطفل الخجول يحمل في طياته نوعا من ذم سلوكه لأن الخجل بحد ذاته هو حالة عاطفية أو انفعاليه معقدة تنطوي على شعور بالنقص والعيب، هذه هي الحالة، لا تبعث على الارتياح أو الاطمئنان في النفس.
والطفل الخجول غالبا ما يتعرض لمتاعب كثيرة عند دخوله المدرسة تبدأ بالتهتهة وتردده في طرح الأسئلة داخل الفصل وإقامة حوار مع زملائه والمدرسين، وغالبا ما يعيش منعزلا ومنزويا بعيدا عن رفاقه وألعابهم وتجاربهم.
والطفل الخجول يشعر دوما بالنقص والدونية، ويتسم سلوكه بالجمود والخمول في وسطه المدرسي والبيئي عموما، وبذلك ينمو محدود الخبرات غير قادر على التكيف السوي مع نفسه أو مع الآخرين، ومعتل الصحة، والطفل الخجول قد يبدو أنانيا في معظم تصرفاته؛ لأنه يسعى إلى فرض رغباته على من يعيشون حوله كما يبدو خجولا حساسا وعصبيا ومتمردا لجذب الانتباه إليه.
و20% من الخجل يتكون عند الأطفال حديثي الولادة، وتحدث لهم أعراض لا يعافى منها الطفل العادي، فمثلا الطفل المصاب بالخجل يدق قلبه أثناء النوم بسرعة أكبر من مثيله، وفي الشهر الرابع يصبح الخجل واضحا في الطفل؛ إذ يخيفه كل جديد، ويدير وجهه أو يغمض عينيه أو يغطي وجهه بكفيه إذا تحدث شخص غريب إليه. وفي السنة الثالثة يشعر الطفل بالخجل عندما يذهب إلى دار غريبة، وإذا ما كان بجوار أمه فغالبا ما يجلس هادئا في حجرها أو بجانبها.
لماذا الخجل؟
الخجل عند الأطفال له أسباب كثيرة أهمها:
1- الوراثة حيث تلعب دورا كبيرا في شدة الخجل عند الأطفال؛ فالجينات الوراثية لها تأثير كبير على خجل الطفل من عدمه فالخجل يولد مع الطفل منذ ولادته، وهذا ما أكدته التجارب، حيث إن الجينات تنقل الصفات الوراثية من الوالدين إلى الجنين. والطفل الخجول غالبا ما يكون له أب يتمتع بصفة الخجل، وإن لم يكن الأب كذلك فقد يكون أحد أقارب الأب كالجد أو العم، فالطفل يرث بعض صفات والديه.
2- مخاوف الأم الزائدة : أي أم تحب طفلها باعتباره أثمن ما لديها؛ لذا تشعر الأم بأن عليها أن تحميه من أي أذى أو ضرر قد يصيبه، ولكن الحماية الزائدة عن الحد تجعلها تشعر بأن طفلها سيتعرض للأذى في كل لحظة، ومن دون قصد تملأ نفس الطفل بأن هناك مئات من الأشياء غير المرئية في المجتمع تشكل خطرا عليه؛ ومن ثم يشعر الطفل بالخوف ويرى أن المكان الوحيد الذي يمكن أن يشعر فيه بالأمان والاطمئنان هو إلى جوار أمه. وفي بعض الأحيان يصل خوف الأم على طفلها إلى درجة تؤدي إلى منعه من الاختلاط واللعب مع الأطفال الآخرين؛ خوفا عليه من تعلم بعض السلوكيات غير الطيبة، أو تعلم بعض الألفاظ غير المهذبة غير اللائقة، فيصبح الطفل منطويا خجولا يفضل العزلة والانطواء، ويخشى من الاندماج في أي لعبة مع الأطفال الآخرين.
العيوب.. سبباً للانطواء
3- مركب النقص وخجل الأطفال: يعاني بعض الأطفال من مشاعر النقص نتيجة لنواقص جسيمة أو عاهات بارزة. وهذه النواقص والعاهات تساعد على أن ينشأ هؤلاء الأطفال خجولين وميالين إلى العزلة. ومن هذه النواقص والعاهات البارزة : ضعف البصر وشلل الأطفال وضعف السمع أو السمنة المفرطة أو قصر القامة المفرط، وقد يعاني بعض الأطفال من الخجل نتيجة مشاعر النقص الناتجة عن أسباب مادية كأن تكون ملابسه رثة قذرة لفقره، أو هزال جسمه الناتج عن سوء التغذية، أو قلة مصروفه اليومي، أو نقص أدواته المدرسية وكتبه.
4- التدليل المفروط من جانب الوالدين للطفل: فالتدليل المفرط من جانب الوالدين لطفلهما يعد من أهم أسباب خجل الطفل الشديد. ومن مظاهر هذا التدليل المفرط عدم سماح الأم لطفلها بأن يقوم بالأعمال التي أصبح قادرا عليها؛ اعتقادا منها أن هذه المعاملة من قبيل الشفقة والرحمة للطفل، وعدم محاسبتها له حينما يفسد أساس المنزل أو يتسلق المنضدة، أو عندما يسوّد الجدار بقلمه. وتزداد مظاهر التدليل المفرط في نفس الأبوين عندما يرزقان بالطفل بعد سنوات عديدة من عدم الإنجاب، أو أن تكون الأم قد أنجبت الطفل بعد إجهاضات مستمرة، أو أن يأتي الطفل ذكرا بعد إنجاب الأم لعدد من الإناث. فالمعاملة المتميزة والدلال المفرط للطفل من جانب والديه إذا لم يقابلهما نفس المعاملة خارج المنزل، سواء في الشارع أو الحي أو النادي أو المدرسة؛ فغالبا ما يؤدي ذلك إلى شعور الطفل بالخجل الشديد، خاصة إذا قوبلت رغبته بالصد وإذا عوقب على تصرفاته بالتأنيب والعقاب والتوبيخ.
أسرار العلاج تتعدد..
يمكننا أن نقي أطفالنا من مشاعر الخجل والانطواء على الذات من خلال اتباع التعاليم الآتية:
1- توفير الجو الهادئ للأطفال في البيت، وعدم تعريضهم للمواقف التي تؤثر في نفوسهم وتشعرهم بالقلق والخوف وعدم الاطمئنان. ويتحقق ذلك بتجنب القسوة في معاملاتهم، وبتجنب المشاحنات والمشاجرات التي تتم بين الوالدين؛ لأن ذلك يجعهلم قلقين يخشون الاختلاط بالآخرين، ويفضلون الانطواء وعدم مواجهة الحياة بثقة واطمئنان.
2- كما يتحتم على الآباء والأمهات أن يوفروا لأولادهم الصغار قدرا معقولا من الحب والعطف والحنان، وعدم نقدهم وتعريضهم للإهانة أو التحقير، وخصوصا أمام أصدقائهم أو أقرانهم؛ لأن النقد الشديد والإهانة أو التحقير –وخصوصا أمام أصدقائهم- يشعر الطفل بأنه غير مرغوب فيه، ويزيد من خجله وانطوائه.
3- ينبغي على الأم إخفاء قلقها الزائد ولهفتها على طفلها، وأن تتيح له الفرصة لاعتماده على نفسه، ومواجهة بعض المواقف التي قد تؤذيه بهدوء وثقة، فكل إنسان -كما يؤكد علماء النفس- لديه غزيرة طبيعية يولد بها تدفعه للمحافظة على نفسه وتجنب المخاطر.. يستطيع أن يحافظ على نفسه أمام الخطر الذي قد يواجهه بغزيرته الطبيعية.
4- أن يهتم الوالدان بتعويد أطفالهما الصغار على الاجتماع بالناس، سواء بجلب الأصدقاء إلى المنازل لهم بشكل دائم، أو مصاحبتهم لآبائهم وأمهاتهم في زيارة الأصدقاء والأقارب، أو الطلب منهم برفق أن يتحدثوا أمام غيرهم، سواء كان المتحدث إليهم كبيرا أو صغيرا، وهذا التعويد يضعف في نفوسهم ظاهرة الخجل ويكسبهم الثقة بأنفسهم.
وقد كان أبناء الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين يتربون على التخلص التام من ظاهرة الخجل، ومن بوادر الانكماشية والانطواء؛ وذلك بسبب تعويدهم على الجرأة ومصاحبة الآباء لهم لحضور المجالس العامة وزيارة الأصدقاء، وتشجيعهم على التحدث أمام الكبار، ودفع ذي النباهة والفصاحة منهم لمخاطبة الخلفاء والأمراء، واستشارتهم في القضايا العلمية في مجمع من المفكرين والعلماء.
لقد كان الفاروق عمر بن الخطاب يصطحب ابنه عبد الله لحضور مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان عبد الله دون الحلم.. أي طفل لم يبلغ سن البلوغ. ومما تناقلته كتب الأدب أن صبيا تكلم بين يدي الخليفة المأمون فأحسن الجواب فقال له المأمون: ابن من أنت؟ فقال الصبي: ابن الأدب يا أمير المؤمنين. فقال المأمون: نعم النسب وأنشد يقول:
كن ابن من شئت واكتسب أدبا
...
يغنيك محموده عن النسب
إن الفتي من يقول ها أنا ذا
...
ليس الفتى من يقول كان أبي
البعد عن المقارنة
يجب على الآباء والأمهات أن يقوموا بتدريب الطفل الخجول على الأخذ والعطاء وتكوين الصداقات مع أقرانه من الأطفال، وذلك بتشجيعه بكل الطرق على الاختلاط والاحتفاظ بالصداقات، مع ابتعاد الوالدين عن التدليل المفرط للطفل، وتعويده على الاعتماد على ذاته في ارتداء ملابسه وحذائه وغيرها من الأمور الأخرى، فكلما كان الطفل مدللا معتمدا على أبويه؛ كان نضجه الانفعالي غير كامل، وكلما كان بعيدا عن الاعتماد على ذاته في الأمور الصغيرة؛ نشأ خجولا.
ينبغي على المعلم في المدرسة أن يقوم ببث الثقة في نفوس التلاميذ ومعاملاتهم بالمساواة دون تحيز، والبعد عن مقارنة الأطفال بمن هم أكثر حظا منهم سواء في الاستعداد الذهني أو الجسمي أو من حيث الوسامة أو القدرات والاستعدادات الاجتماعية؛ لأن مثل هذه المقارنات تضعف ثقة الطفل بنفسه، وتؤدي به إلى الخجل.
ـــــــــــــــــــ(111/62)
دفء المشاعر
عبد الله بن عقيل الطيار
قد منح الله الإنسان منذ تكوينه حتى وفاته جرعات من الدفء العاطفي يشبع حاجاته ويربطه بأسرته، ويدمجه في بيئته ومجتمعه، فبها يعيش، ومنها يتعلم، وإليها يئرز ويعود، فهي سجية وفطرة تحتاج إلى العناية والرعاية أكثر منها إلى الإيجاد والتثبت..
ألا ترى الطفل يفغر فاه في الساعات الأولى من الولادة ليتلقى مع اللبأ والحليب جرعات منظمة من هذا الحنان، ثم هو يتلقى بعد ذلك جرعات أخرى من حضنها الدافئ، فتراه يطرب لحضن أمه ويميزها عن غيرها، ويضل يدب حولها ويتلقى منها كلمات الشكر والدعاء والإعجاب والتشجيع، فلا يكاد ينصب هذا المورد العذب، حتى تأتي الزوجة فتمنحه دفء المشاعر وتكسوه سربال الرحمة والمودة..ثم يأتي دور الأبناء والبنات مكملاً لدور الزوجة..
ثم تزداد حاجته لذلك كلما تقدمت به السن وأسلمه الدهر إلى زاوية من زوايا البيت فلا يأنس إلا برؤية زوجته، ولا يرتاح إلا بمجالستها، ولا يأكل ولا يشرب إلا ما تقدمه له.
ولذلك جاء الإسلام موافقاً لهذه الفطرة ومعززاً لها، فأمر بالعطف والعناية والرعاية للطفل وخصوصاً من اختلت لديه مشاعر الدفء العاطفي بفقد والديه أو أحدهما فأمر بكفالة اليتيم ورتب عليها من الثواب مرافقة الحبيب " في الجنة، وحث على رعاية وتربية البنات وبشر من ابتلي بهن فأحسن إليهن بالنجاة من النار، وأعظم حق الوالدين وأخبر أن رضا رب العالمين مقرون برضاهما، وأعظم قدر الأزواج على زوجاتهم...
ألا ما أعظم هذا الدين، وأشمله وأطهره وأزكاه، ويا غبطة من ساهم في زرع هذا الحنان بقلب يتيم أو ضعيف أو مكلوم، ألا لا يحقرن أحد شيئاً وليوظف هذه الفطرة، ويحتسب الأجر.
فهل من الشباب من تعمد الاقتران بفتاة فقدت الحنان أو بعضه فيجعل من نفسه زوجاً لها وأباً وأماً؟
وهل من النساء من تقترن بشاب هذه حاله فتنسيه جروحه وآلامه السابقة بلسان عذب، وقلب حنون، ويد عاطفة، غير مدله ولا مانة؟ فلها منه الوفاء والدعاء، ومن الله - سبحانه - حسن الجزاء.
10 / 3 / 1426 هـ
http://www.toislam.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/63)
حقوق الرجل قبل حقوق المرأة
مشاعل العيسى
أرمق من خلف هواجسي شيئاً..
منظراً يضطرك أن تتألم،،
منظر غاب عن ناظر الرجل كثيراً ولابد من المطالبة باستعادته!!
* أمٌ تمشط شعر ابنتها وتضع البكلة في شعرها تمرر عليه يدها المبتلة وتلويه وتلويه حتى يلتف ويلتف
ثم تضع على الغرة البنسة الصغيرة وتهدد بالسبابة إياك أن تسقط غرتك على عينك.
* المرأة التي تطبخ وتردد أناشيد الإذاعة تبتسم لوحدها وتفكر في أمور كثيرة كثيرة تتذوق الحساء بالملعقة تلسعها
الحرارة وتظل تتذوق رغم البخار تغسل يديها وتمسحها بملابسها وتخرج لتأخذ حماماً سريعاً ورشة عطر خاطفة
وتبقى في انتظار زوجها كل شيء وضعته على السفرة، الخبز والملاعق والسلطة والشطة الحارة.
* تغسل الملابس تدعكها ثم تعصرها بقوة فتتحرك مع العصر كل يديها وكتفيها فلا تحتاج لعمليات شفط ولا شد
تمسك بيديها ملابس زوجها، تشعر بأنها تحمل في داخلها رائحة عرقه وكده وتعبه، تشمها بحب فتحتضنها
ثم وبعد تردد تغمسها في رغوة الصابون.
* تقرأ أمام المدفأة وتغزل وتحيك وينقض غزلها طفل رضيع تنتفض وهي تهرول نحو بكاءه المزعج
(أواع أواع أواع) تحمله بحنان وتقبله بشغف وتلتهم خدوده وتحتضنه كله حتى أقدامه الصغيرة تلصقها بخديها،
تغير له ملابسه بكل لطف وتفتح أصابعه الصغيرة لتزيل ما علق فيها من خيوط سود وتمرر نظرات السعادة على
كل جزء في جسده تعضه كي يصرخ ويبكي ويتعبر حتى تطلب منه السماح وتعتذر منه بعبارات قلبيه دافقة ترفع في الهواء وتتلذذ بخوفه تتلذذ بتمسكه في خصلات شعرها.
* تصحو الصبح بخفة تجهز الأولاد للمدرسة وتضع مسحة من الجبن في منتصف خبزة طويلة وتغلقها ثم تعود
فتفتحها لتتأكد من أنها أحاطت بكل الجوانب فتزيد من كمية الجبن والبيض المقلي ثم تضع في حقيبة الفطور كل
شيء تستطيع وضعه عصير حليب كعكة شطيرة بسكويت فاكهة، بل تتمنى لو وضعت كل محتويات المطبخ كي
لا يجوع كي لا يحتاج كي يزداد نشاطاً وحيوية.
* تهز الزوج برقة وتجهز له ثيابه وحمامه، ولا يخرجه من المياه المنعشة إلا رائحة القهوة العربية الفواحة
والمرأة تقف أمام الدلة وبأناملها تمسك بخيوط الزعفران وتضعها على الوجه، وجه القهوة الذي يمتليء بحبات
الهيل تفتح باب الدلة بعد أن أخذت شعرها الأبيض من فمها وتحرك به الوجه الأخضر وجه قهوتهما، وجه لا
يراه سواهما ثم تسكب له فنجاناً خالياً من كل الهيل المجروش والذي يحمي هذا الوجه من السقوط شعر أبيض من الليف في طريق القهوة شعر كأنه يقول للزوج سأبقى معك حتى ترى شعري بهذا اللون سأعيش معك الشباب
والشيخوخة والموت وسأنتظرك عند أبواب الجنة الثمانية.
* تجهز له إفطاره ثم تودعه بعناق وحب وقلبها لا يشغله شيء سوى الأسرة البيت الزوج فقط.
* يعود متعباً تتلقفه بحب وتقبله بنعومة وتكلمه بعبارات كريمة على نفسه هلا ومرحباً وإن نادها. قالت بلهفة:
لبيه وسم، تحمل شماغه المهتري تخلع جوربه المنهك، تضع لمعدته الطعام ولعينه الجريدة، ثم تقوم بإسكات
الجميع حتى يخلد السيد للراحة.
* ينهض قبيل العصر وقد وجد أمامه إبريقاً من الشاي بالنعناع والأولاد قد انتهى أمر تدريسهم وتحميمهم
وبعد أن ناموا تصنع له امرأته العشاء قد يرافقها إلى المطبخ ويمرح معها وقد يعنفها على صوت خلاط الكهرباء
وهي تصنع سلطة الطماطم (للسليق)، يعنفها لأنه يشاهد ركلات الترجيح في مباراة ختامية مثيرة.
* وفي نهاية الأسبوع تذهب لزيارة أهلها كي تترك له مساحة من الفراغ كي يشعر بالفراغ في بعدها عنه وبعد
يوم من الشوق ترتب معه محتويات رحلة ما وفي يوم الجمعة بالذات تهتم بالصلاة و ترتاح وقد جلست عند
طرف ثوبه ورفعت رأسها له بعيون لامعة وبحماس وترقب تراقب سحابة البخور وهي تنبعث من بين أزارير
دشداشته ومن تحت غترته وتودعه ويعود للبيت ليقوم كل منهم بعمله وبانتهاء اليوم مثلما بدأ
هدوء سكينة راحة شيء أشبه بحلقة من حلقات افتح يا سمسم
أليس من حق أي رجل في الدنيا الاستمتاع بهذا النوع من النساء؟؟؟؟
أليس من حق أي رجل في الدنيا أن ينعم بالراحة في بيته والراحة في قرب زوجته منه؟؟؟
أليس من حقه أن يعيش مع امرأة ولود ودود لطيفة حنونة؟؟؟
أليس من حق أي رجل في الدنيا أن تشعره المرأة بالقوامة و تستشيره زوجته حينما تريد السفر أو الخروج؟؟؟
أليس من حق الرجل إذا عاد أن يرى زوجته في استقباله تزينت له طبخت طعامه ودرست أولاده وابتسمت للقياه؟
بلى وربي إنها حقوق خاصة له
من حقه أن يعيش كما يحب وكما يريد يشعر بالسيادة والقوة
ومن حقه أن يحلم ومن حقه أن يستمتع بخير متاع الدنيا كلها
من حقه أن يعيش الزواج بفلسفة الحب عند جيبسون (المتعة لأجل المتعة) المتعة بها لأنها هي بذاتها ممتعة
وليس العنف معها بسبب تقصيرها ولا الحدة ولا الشجار معها ولا الخوف و لا الحزن والاكتئاب و القلق بسببها
لقد طغى على العالم حب، يشبه الحب بوجهه الرومانتيكي والذي ساد الحياة الأوروبية لكنه حب عاش في الشارع
والمصعد والغرف الحمراء حب خلا من السمو والعلو والفضيلة حب يفضي إلى البوليكامية والتي تعزي إلى ميل متزايد نحو الطلاق.
إننا حينما نتغلغل في العواطف المركزية؛ وحينما نغرق فيها ونركز عليها وحدها دون اعتبارات اجتماعية
ورغبات فكرية ليبرالية علمانية تنويرية عصرانية دون ابتسار للحقيقة دون الاقتراب من عائلة جيا بأفرادها
انثوربولوجيا وآيدلوجيا وسيكلوجيا وفسيلوجيا، بل والأهم من هذا كله أن نتخلص من الأفكار السياسية التي
جعلت من قضية المرأة قضية مسيسة تخدم المحتل الصهيوني حينما بكت لنا عيونهم بدموع التماسيح الفضية.
((وبعيداً عن كل قناع، وبعيداً عن اللف والدوران، دعوني أخبركم بحقيقة ما)):
إذا كان البشر ينجذبون لمن يشبه صفاتهم ومن الناحية الجسدية والتكوين العاطفي وكل منا يشعر بالألفة
نحو من يشبهه في صفاته وكل يوم نردد المثل (الطيور على أشكالها تقع) مصداقاً على مشاعرنا؛
نجد أن الرجل يميل إلى الطريقة الهيتروكامي (الزواج بين المتغايرين) ذلك لأن الرغبة الشديدة والهيام
بالخصائص المغايرة تسيطر على الرجل فالرجل شديد الذكورة يصبح منجذباً نحو الأنثى طاغية الأنوثة وبالعكس
كما أنه لابد أن يراعي اعتبارات أخرى: فالرجل لا يمكن له العيش مع نموذج شاذ هوموسكشوال أو امرأة
ترفض الحمل متمشية مع نصيحة أونانأو سفر التكوين..
ولا يمكنه أن يقبل بالعيش مع امرأة لعوب من الممكن أن تخونه في أي لحظة
لا يريد أن يكون ملكاً وهو في الوقت ذاته يشعر بالشك والخوف حتى لا يكون شهريار القرن الواحد والعشرين
يقذف بكل امرأة في نهر من الدماء بمجرد الشك فيها
لا يريد أن يضع يده على قلبه إذا غادر المنزل ويخاف من عناقها خوفاً من أن تنقل له فايروس الإيدز اللعين
يحلم الرجل بامرأة مبتسمة تتلقاه بعناية تزيح عنه ثياب العمل وترفع عن عاتقه مسئولية البيت والأولاد ويكون دخوله البيت سبباً في ظهور أسنانها واكتشافاً لموهبتها الشعرية الغزلية.
إن المرأة حينما أرادت الخروج للعمل تنازل لها الرجل عن أمور كثيرة؟؟؟ وهي ما الذي تنازلت عنه له؟؟؟؟
الرجل سمح لامرأته بالخروج والعمل والتسوق ولكنها أسرفت في هذا التنازل الذي تنازل به لها فأسرفت بالتالي على نفسها وصار ذلك على حساب بيتها وأطفالها وزوجها.
حتى التزين والتجمل لم يعد في مقدورها أن تجاري رغباته فلم يعد يرى إلا الحد الأدنى للاهتمام والمرح والذي
غالباً ما يكون عفوياً دقائق ما قبل الخروج لمناسبة اجتماعية ونصف ساعة قبل الذهاب لحفلة راقصة ولحظات ما
قبل الذهاب للعمل في الصباح الباكر.
خرجت المرأة للعمل وخرجت معها السعادة، وصار الرجل لا يرى منها إلا هالات سود تحيط بعينيها ووجه فيه
بقايا مساحيق متناثرة وشعر معقوص يشبه تماماً رأساً بلا شعر وملابس بيت فضفاضة تساوت في داخلها كل
معالم جسدها ناهيك عن الحدة في الطبع والعصبية في المزاج وقلة الإنصات والحلم والصبر وشعور بالإعياء
نظراً لضغط تزايد الأعباء فضاع على رجلها أن يستمع بحيويتها التي سرقتها منها الوظيفة مع تباشير الصباح
وساعاته الأولى ولم تبق له إلا ساعات الغروب ومعها تغرب أشعة حيويتها وطاقتها.
المرأة اليوم انتهكت حقوق الرجل تركت بيته للخادمة والتي تقوم فيه بكل شيء من طهي وعناية بالأولاد وأعمال المنزل ولم يتبق سوى أن تقوم الخادمة بعمل المرأة في داخل غرفة النوم.
نافسته في التجارة والعمل والطب والصناعة والرعي والزراعة وووو...
نافسته في أعماله الخاصة وزاحمته في كل شيء ولم تبق له عملاً خاصاً به
تعدت الحدود طارت بطائرته وجلست في مقعده طالبت بالجلوس مكانه ورغبت في شغر وظيفته
وتريد التفوق عليه وإرغامه على القبول بذلك.
وحتى الرياضة اشتركت في دوري كرة القدم ومسابقات رفع الأثقال ورمي القلة
وحتى سباق الراليات وقيادة الطائرات صارت المرأة تنافسه فيها.
بينما جلس الرجل عاجزاً عن مجاراتها لا هو الذي يستطيع الحمل ولا الإنجاب ولو جرب آلام الولادة دقيقة واحدة
لمات ولا هو بقادر على أن يقوم بالرضاعة حتى لو كان يملك نشاطاً واضحاً في كل هرموناته، ولا هو القادر
على منح الحب والحنان للأولاد ولا الصبر لساعتين متواصلتين ليتحملهم.
مع الأسف لم يستطع مجاراتها ومنافستها إلا في، تصميم الأزياء والطهي والعمل في صالونات التجميل
حتى صار يشعر بأنه خادماً عندها أسيراً أمام شعرها ومنتظراً ما يجود به جيب محفظتها.
أستطيع أن أتحدث معكم بطريقة مقنعة وصدقوني أنني أملك أعمدة الإقناع والتأثير الثلاثة:
(العاطفة والمصداقية والإحصائيات والأرقام)
وعندي الكثير من الإحصائيات والدراسات والنقولات الغربية والشرقية وأستطيع أن أحشو مقالي ببؤس
الغربيات وعناء الشرقيات وأسماء العلماء والأطباء الغربيين أنفسهم بدءاً من أقوال (هافلوك الس) في العفة
و(جيمس هينيثون) في تأييد التعدد و (باكرسون وبوركديوررفر) في تأييد الزواج المبكر وانتهاء إلى اللانهاية.
لكني سأتحدث بطريقة لا تتناسب مع الرغبة الذكورية ولا العاطفة الأيروتية ولن أتحدث عن النجاح الكاسح للمرأة الموناندرية (وحيدة البعل)، ولا الفشل الذريع للمرأة البوليادرية (متعددة الرجال).
ولكن ليكن في علمكم جميعاً، أن كل مهارات الإقناع والتأثير، تتهاوى وتفقد أهميتها
حينما تصادم الفطرة وحينما لا يكون الهدف نبيلاً.
(كيرينسكي) خطيباً بارعاً في الثورة البلشفية ضد روسيا بقيادة لينين، ومع ذلك أخفق وفشل في إثارة الحماس
من أجل الحرب بين الجنود والعمال ولم تنفع بلاغته في أيام تموز ولا ما بعد أيام تموز وهاهي عباراتنا نحن
المنافحين عن حقوق المرأة في الثامن من مارس ستظل في كل يوم من أيام السنة جوفاء طالما أنها بعيده عن
الحقيقة، ولن تنفع المرأة في أيام شهر مارس كله.
يبدو أن الرجل بحاجة إلى يوم عالمي للمطالبة بحقوقه التي تجنت عليها المرأة وأقترح أن يكون السابع من مارس
هو اليوم العالمي للرجل يبحث فيه قضاياه وعلاقته بشريكة حياته وحقوقه وأهم واجباته ونحن نطالب بوقف العنف النفسي على الرجل.
ونطالب بإعادة القوامة والسيادة والسلطة لحوزته وباستخدام القوة والعقل والحكمة في علاقته مع المرأة، إن
الرجل عليه أن يطالب بوجود امرأة يستمتع بها هو وحده لا يشاركه النظر لها أحد من الرجال ولا يصافحها غيره
ولا يتأبطها سواه على الرجل أن يطالب المجتمع الدولي بحماية خصوصية بيته وأسراره ورعاية حقوقه والشعور
بأهميته وبقدرته إنها حاجات يريدها كل رجل في الدنيا وقد ينادي الرجل بعكس مشاعره ويخجل من مطالبه فلا
يبوح بها إلا لنفسه بل ومن فرط إخفاقه وكسله وعجزه ينادي بعكسها مجاملة للخارجين عن المألوف كي يثبت
للعالم أنه منطقي وعقلاني وراديكالي الفكر وغربي التوجه.
الرجل بات ضعيف السلطة فمكاتب مدراء الشركات سكرتيراتها نساء والمرأة تركت صنع القهوة لزوجها
وصنعتها للمدير قهوة سوداء لها وجه ووجه القهوة الأسود، رآه كل الناس ولم يخفه باب الدلة ولا الشعر الأبيض.
الجند، نساء، الشرطة نساء الإذاعة نساء السينما نساء الصحف تتصدرها نساء، والأغاني تتصدرها صدور
النساء المجلات واجهاتها نساء والإعلانات أساسها نساء حتى لو كانت تروج لأمواس الحلاقة.
والنشاطات كلها تتركز على المرأة سيطرة تامة نسائية على كل مناحي الحياة.
وكان وأصبح وصار وما زال، الخاسر غير الوحيد في هذا التشتت المرأة ذاتها والرجل بذاته حينما فقدت المرأة
خصوصيتها فقدت كل شيء وأهم شيء فقدت الزوج والأسرة و الاستقرار والأطفال والشعور بالأنوثة.
إن الرجل الذي يحب أن يعيش حياة هانئة يريد امرأة مكتملة الصفات لكنه إن لم يجد فيها كل الصفات
فلا يتنازل عن أهم صفة وهي أنوثتها.
إن الرجل حينما يريد أن يعيش رجولته لا يعنيه في المرأة ثقافتها ولا عبقريتها ولا يهتم بمراقبة أبحاثها،
ولا آخر النتائج التي توصلت إليها.
إنه في الواقع لا يهتم إلا بنفسه وسعادته والشعور بالرجولة والفحولة قد يقبلها جاهلة تفيض أنوثة وعذوبة وغنجاً
ويستمر في العيش معها بينما لا يتقبلها وهي مثقفة وعالمة تروي له مجازر حكومة تل أبيب، بل إن الرجل حتى لو كان متديناً فلا يروق له أن تحدثه امرأته بـ(حدثنا سعيد بن المسيب عن البراء عن عن عن. ) إنها عنعنة لا تفيد الرجل بل قد تصيبه بالعنه.
ذلك لأن الرجل المثقف يجد الثقافة في أي مكان وفي أي كتاب وعند أقرب مكتبة وبمناقشة أي صديق
لكنه لا يجد الحب والألفة والمودة والحميمية إلا عند المرأة.
إن الرجل وقت حاجته للمرأة لا يحتاج معها لشهادتها ولا لوظيفتها، ولا لمنصبها المرموق بل إنه لا يحب قوية
الشخصية مقطبة الجبين قوية الشكيمة ذلك لأن الرجل حينما يبحث عن المرأة فهو يبحث عن صفات لا توجد لديه
فالرجل لم يتزوج كي يضم رجلاً آخر معه في داره.
الرجل يحب فيها الضعف والليونة ولم يدخل بها لحلبة مصارعة حتى تصرعه بعضلاتها، عضلات اللسان
وعضلات اليد عضلات تصيبه بالقرف إن رآها بارزة، لكنه يحتاج إلا لعضلة واحدة هي عضلة القلب والقلب فقط.
لا تتعجبوا من هذا المقال فحينما نطالب بحقوق الرجل فنحن في الوقت نفسه نطالب بحقوق المرأة
ذلك لأن العضلات التي نبكي بها هي التي نضحك بواسطتها أيضاً كما يقول بذلك فيرجيلوكما يعبر عن ذلك المعري بقوله:
غير مجدٍ قي ملتي واعتقادي * * * نوح باك ولا ترنم شاد ٍ
وشبيه صوت النعي إذا قيس * * * بصوت البشير في كل ناد
أعتقد أنني وصلت للنهاية
النهاية تقول:
أن هذا المقال رغم خلوه من كل الأرقام ورغم خلوه من كلمات العلماء وأسمائهم الرنانة وبحوثهم ودراساتهم
إلا أنه وضع أمامنا حقيقة قوية، نستطيع أن نحرر الرجل من سيطرة المرأة والمرأة من ظلم الرجل.
وذلك عن طريق شيء واحد و هذا الشيء هو: (أن يتصرف كل واحد منهما وفق طبيعته وتكوينه وفطرته)
ولابد من لصق الآية الكريمة في الذهن (ولهن مثل الذي عليهن)
وتذكر هذه العبارة: (إن المساواة بين شيئين مختلفين فيه ظلم لأحدهما).
إننا حينما نطالب الرجل بحقوق المرأة علينا أن نعمل على هذه المرأة ونوصل لها فكرة مفادها (كوني أنثى)
حتى إذا اكتملت هذه الكينونة حصلت ديناميكياً وتلقائياً على كل حقوقك بل وأكثر من كل الحقوق التي تتوقعينها
ذلك لأنك ومن غير شعور ومن غير طقوس ومن غير شعوذة، ستصبحين ساحرة وستأخذين أكثر مما تستحقين
وأكثر مما يجب وأجمل ما في الأمر أنك ستأخذين ما تريدين والرجل بكامل قواه العقلية وبكامل رغبته الذاتية،
وبكامل رضاه النفسي.
http://www.dawahwin.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/64)
أيسر الحلول لتأديب الرجال
أ. عبد المجيد أسعد البيانوني
في يوم من أيّام نيسان مشمس، والخضرة تكسو ربا القرية من كلّ جانب، كانت ساحة القرية العامّة تجتمع فيها عشرات النساء، ما بين شابّة غريرة، وعجوز كبيرة، وفتاة صغيرة، لا تفقه كثيراً ممّا تسمع، ويبدو على وجوه أكثر الحاضرات أنّهنّ مرغمات على الحضور، فهنّ يتشاغلن عن الحديث بأيّ شيء..وأمامهنّ وقفت عدّة نسوة متبرّجات متزيّنات، يتناوبن الكلام بينهنّ، بين فترة وأخرى، وقطع كلامهنّ فجأة صوت امرأة اخترقت جمع النساء، وهي تولول، وتضرب وجهها، وتقول: "الله يخرب بيتكنّ خربتنّ بيتي! الله يخرب بيتكنّ خربتنّ بيتي! " فما خبر هذه المرأة المسكينة؟! كانت متحمّسة للكلام الذي تسمعه إلى درجة الحمق، مندفعة إلى حدّ التهوّر..ولم لا تكون كذلك؟! ومسئولة الاتّحاد النسائيّ التي ألقت فيهنّ على مدار ثلاثة أيّام تلك المحاضرات العتيدة عن تحرير المرأة، والخروج عن سيطرة الرجل، وأنّ عهد تسلّط الرجل قد ولّى، وكانت متحمّسة إلى درجة التهديد لكلّ رجل تسوّل له نفسه أن يعتدي على زوجته تحديداً.. وتأديبه إذا اقتضى الأمر.. وعندما استأخرها زوجها في الصباح عن النهوض لتذهب معه إلى الأرض، وأنّبها ببعض الكلمات، كما اعتاد على ذلك واعتادت منه.. قالت له بلهجة لم تعرفها من قبل: ـ تأدّب في كلامك معي.. وإلاّ فإنّي لن أعمل لك أيّ عمل! ـ ماذا تقولين؟! واحمرّت عيناه وانتفخت أوداجه! وهو يضغط على نفسه، ولا يكاد يصدّق ما يسمع.. ـ نعم! أقول لك: تأدّب في كلامك معي.. وإلاّ فإنّي لن أعمل لك أيّ عمل! ـ كلّنا نعمل في أرضنا.. لنأكل رزقنا! أنت لا تعملين لي.. ـ بل أنتم تستعبدون المرأة وتهينونها! ـ نغمة جديدة في كلامك اليوم.. ومن علّمك هذا؟! ـ أين تعيش أنت؟! لقد مضى عصر الظلام! لقد مضى زمن العبوديّة للرجال.. نحن في عصر تحرير المرأة! ـ تحرير المرأة من ماذا أيّتها المجنونة! وهل المرأة أرض مستعمرة؟! ـ تحرير المرأة من ظلم الرجل وتسلّطه! ـ وأيّ ظلم!؟ وأيّ تسلّط!؟ أيّتها المجنونة؟! ـ تظلمون المرأة، وتستعبدونها، وتظنّون أنّكم لم تفعلوا شيئاً! ـ وهل أمّي، وأمّك، وأختي، وأختك مظلومات مستعبدات؟! ـ.... ـ خلّ عنك هذه الوساوس الشيطانيّة! يا أم حميد! وقومي إلى العمل، فالموسم يكاد يفوتنا! ـ لن أذهب إلى الأرض هذا اليوم! ـ ولماذا؟! ـ أنا حرّة! لا أحد يتحكّم بي! ـ بل أنا أتحكّم بك.. شئت أم أبيت.. ـ لن أذهب إلى الأرض هذا اليوم! وافعل ما شئت! ـ ستذهبين غصباً عنك.. ـ لن أذهب! لن أذهب! واستشاط الرجل غضباً.. وشعر أنّها تتحدّى رجولته.. فقام إليها، وضربها بيده على وجهها وبعض جسدها.. فهربت من وجهه.. ومضى إلى عمله، وهو يسبّها، ويلعنها.. ولكنّه لم يدر ما وراء هذا الموقف.. ومضى نهاره يعمل في أرضه.. وبجواره أرض أبيه، يعمل فيها والده وزوجة والده، وبعض إخوته وأخواته.. وعندما سأله والده وأخواته عن زوجته لم لم تحضر هذا اليوم؟ اضطرّ للكذب عليهم أنّها مريضة متعبة.. رجع أبو حميد إلى البيت في المساء متعباً لا تكاد تحمله قدماه.. لقد عمل هذا اليوم عملاً مضاعفاً، وتحامل على نفسه، وصلّى العشاء مع الجماعة.. وعندما عاد إلى بيته، وجد بانتظاره على باب البيت أربعة من رجال الشرطة.. فقال له أحدهم: ـ أنت أبو حميد؟ قال: نعم! ـ تفضّل معنا.. ـ إلى أين؟ ـ مطلوب من مدير الناحية.. ـ ولماذا يطلبني؟ وشعر أبو حميد بشيء من الخوف يداخله.. فلم يسبق له في حياته أن استدعي من قبل مدير الناحية أو غيره.. ولم تجر العادة أن يستدعى أحد إلاّ لمشكلة أو تهمة.. وظهر الارتباك على وجه أبي حميد بصورة ظاهرة.. فقال له الشرطيّ: لا تقلق! الأمر عاديّ، هناك بعض الأسئلة.. ولكنّ هذا الكلام لم يطمئنه.. وفي مكتب مدير الناحية، بدا النقيب عابساً مقطّب الوجه، فقال لأبي حميد: أنت أبو حميد؟ ـ قال: نعم! ـ هناك شكوى مقدّمة ضدّك.. ـ ممّن هذه الشكوى؟ ـ من مسئولة الاتّحاد النسائيّ في المنطقة.. ـ ومن هي مسئولة الاتّحاد النسائيّ؟! إنّني لا أعرفها، ولم أسمع بها من قبل.. ـ بنظرة ماكرة، ولهجة ساخرة: ولكنّها يبدو سمعت بك.. وهي ترفع هذه الشكوى.. ـ باضطراب ظاهر: وما هذه الشكوى؟ ـ الشكوى أنّك ضربت زوجتك وأهنتها.. ـ وهل في القرية كلّها من لا يضرب زوجته إذا خالفته، وخرجت عن طاعته.. ـ وهل نسيت أنّك في عهد... القائدة.. عهد تحرير المرأة وإعطائها حقوقها؟! ـ ولكنّ هذا الأمر يخصّ كلّ رجل مع زوجته.. ـ لم يعد شيء يا صاحبي يخصّ أحداً.. ـ كيف ذلك؟! أليس الرجل حرّاً في بيته؟! ـ ولكنّ تحرير المرأة يعني أنّ من حقّها أن تشكو زوجها إذا ضربها.. وتأخذ حقّها.. ـ بلا مبالاة: أنا لا أفهم ما تقول.. ـ بلهجة ساخرة: لا تفهم! الآن أجعلك تفهم.. وضغط الجرس بجوار مكتبه، فدخل شرطيّ بهيئة رثّة، وجثّة ضخمة.. فهّموا هذا الغبيّ بوجبةٍ مشبعة.. ـ وتقدّم الشرطيّ نحو أبي حميد، وأمسكه من ساعده بغلظة، فما استطاع أن يفلت منه: تفضّل معي يا محترم! ـ
وتمنّع أبو حميد.. ولكنّ إمساك الشرطيّ به كان أشدّ من تمنّعه.. وجرّه خارج مكتب مدير الناحية.. وسار به إلى خارج المبنى، ثمّ دخل به إلى غرفة جرداء، فوجد فيها ثلاثة من الشرط، لا يقلّون عن صاحبهم غلظة ورثاثة.. فما إن رأوه حتّى قاموا إليه، وكأنّهم كانوا ينتظرونه، أو لهم معه ثأر قديم.. وبصورة مفاجئة تناوشوه من كلّ جانب، كما ينقضّ السبع الجائع الضاري على فريسته، فلم يجد نفسه إلاّ وهو ملقى على الأرض، ورجلاه مرفوعتان إلى الأعلى، وممسوكتان بقوّة، وقد انهال عليهما هؤلاء الأشاوس ضرباً متوالياً، بلا شفقة، ولا رحمة.. ولم تتجاوز تلك الحفلة عشر دقائق بحساب الزمن، ولكنّها كانت أشقّ على أبي حميد من عشر سنوات عجاف.. وكان ألمه النفسيّ أشدّ عليه ممّا يلقاه جسده، وهو لا يكاد يصدق ما يجري له.. ونهض به الثلاثة، ليقف على رجليه بعدما أنهوا تلك المهمّة المحترمة! وقالوا له بصوت واحد، ولهجة مضمّخة بالمكر، وكأنّهم قد اعتادوا هذا البروتوكول مع كلّ من يضربون: نأسف إذا كنّا أزعجناك.. ولكن: لا تعد لضرب زوجتك مرّة أخرى! وتأبّط يدَه الغليظُ الأوّل، وقال له: يسعك الآن أن تذهب إلى بيتك! فنظر أبو حميد في وجوههم نظرة حانقة، وفي عينه دمعة ذلّ حبيسة، وقال لهم: أشهدكم: زوجتي طالق! زوجتي طالق! زوجتي طالق! ومضى إلى مكتب مدير الناحية، وفتح عليه الباب بقوّة، وقال له: أشهدك يا حضرة المدير!: زوجتي طالق! زوجتي طالق! زوجتي طالق! ومضى إلى بيته، والسماء كأنّها تريد أن تطبق عليه، وعيون الأرض كلّها تنظر بإشفاق إليه، ودخل البيت فرأى زوجته قابعة في طرف البيت، وكأنّها تنتظر ما يأتيها من خبر، وقد علت وجهها الكآبة، وكأنّها غيمة داكنة.. فما إن وقعت عينه عليها حتّى قال لها، وكأنّه أسد يزأر، أو رعد يزمجر: أنت طالق! أنت طالق! أنت طالق! قومي عنّي، والحقي ببيت أبيك! فأجهشت بالبكاء، وارتمت على قدميه، تتوسّل إليه أن يتجاوز عنها.. ولكن هيهات! هيهات!
15-شوال-1426 هـ
16-نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/65)
العلاقات الزوجية
فضيلة الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
العَلاقَاتُ الزوجِيةُ أساسُ بِنَاءِ الأْسرةْ، وإنّ حياةَ الزوجِ مع زوجَتِهِ لا بُدَ أَنْ يَتخلَلًهاْ بَعضُ المشَاكِلْ، نتيجَةَ اختِلافِ الآراءْ، وهذا قَد يكونُ لهُ فوائدُ مِنْهَاَ تجديدُ الحياةِ الزوجيةْ، لأنّهُ بَعدَ أنْ يتمَّ الرِضَاءُ بَينَ الطرفينْ، تَعودُ حَياتُهما كأنَهما زوجانْ جديدانْ، وقد يكونُ هُناكَ بعضُ المصالحِ التي لا نُدرَكَهاْ. إِلا أَنّ الإسلامَ وضَعَ حلاً لمثلِ هذِهِ المشاكلْ، ففي البِدايةِ إذا حَصلَ سُوء تفاهمٍ بين الرجلِ وزوجتِهِ، فعلى الرجلِ لا يَهضِمهاْ حَقَهاْ بسببِ هذه الخلافْ، ففي الحديثِ: ((لا يغركَ مؤمنُ مؤمنةً، إن كَرِهَ منها خُلقاً رضيَ أخرْ)).
أي لا يَبغضْ مؤمنٌ مؤمِنةً بِسببِ بعضِ ما يَصْدرُ عنها من أخلاقٍ لا تَعجُبهْ، وإذا رَاءْ ذلكَ فَليتذكَرْ ما يَعجِبهُ مِنْها حتى لا يَهْضِمهَا حَقهاْ.
والإسلامُ أرشدَ الرجلَ لطريقةِ حلِ المشاكلِ مع الزوجةِ، قَالَ - تعالى -: ((واللاتي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلا ً)) [1]، فالمرأةَ الناشزةَ هي المترفعةُ على زوجِهاْ، التاركةُ لأمرهْ فعلى الرجلِ أن يتدرجَ في تأدِيْبِهْا على النحوِ التَاليْ:
عليهِ أن يبدأَ أولاً بالموعِظَةْ، وتكونُ بتذكيرِهَا بِغَضبِ اللهِ عَليْهَا إذا ما غَضبَ عليهاْ زوجُهاْ، ويَذكُرُ لها مِثلَ قولِهِ r فيما رواهُ البُخاريُ ومُسلمْ، ((والذّيْ نَفسيْ بيدِهْ ما مِنْ رجلٍ يَدعوْ امرأتَهُ إلى فِراشِهِ فتأبَىْ عَليهْ إلا كانَ الذيْ في السماءِ سَاخطاً عليهاْ حتى يَرضَىْ عَنْهاْ)).
وفي الحديثِ الذيْ رواهُ أحمدُ والترمذيْ و غيرهما أنَهُ قَالْ: ((لو كُنتُ آمراً أحداً أن يَسجُدَ لأحدْ، لأمَرتُ المرأةَ أن تَسجدَ لِزوجِهاْ))، فإذا لَمْ تَفِدْ الموعِظَةْ، فَإِنهُ يَنتقِلُ إلى الهجرِ في المضْجَعْ، ومعناهُ أَن لا يُضاجِعَهاْ على الفِراشْ، ولا يُجامِعَهاْ، ولا يُكلمَهاْ، بل يُوليّها ظهرّهْ، ولا يَنبغيْ الهجرَ إلاَّ في البيتْ كما في الحَديثِ أَنهُ قال: ((ولا تَهجُرْ إلاَّ في البيتْ))، فإذا لم تَفِدْ الموعظةُ والهُجرانْ، فإنهُ يَثقِلُ إلى الأمرِ الثالثِ وهو الضَربْ، والمرادُ بِهِ الضَربَ غَيرُ المبرِحْ، يَعنيْ غَيرُ المؤثرْ كما في الحديثِ الذيْ رواهُ مسلمُ أنه قال: ((اتَقواْ اللهَ في النساءِ فإنَهنَ عوانُ عِندَكُمْ، ولكِنْ عليهِنْ ألا يواطِئنَ فَرشَكُمْ أحداً تكرهونَهُ، فَإِنْ فعلنَ فاضربوهن ضرباً غيرَ مُبرِحْ، ولهنَ عليكُمْ رِزقهنَ وكسوتَهنَ بالمعروفْ)).
ولا يجوزُ الضربُ على الوجهْ، قَالَ : ((ولا تَضرِبْ الوَجهْ ولا تُقبِّحْ)) أَيْ لا تُظهر كَلاماً قَبيحاً، ويجبُ على الرجلِ عَدمَ التعجُلَ في ضَربِ المرأةْ، وَلا يَفعَلَهُ إلاَّ في أقْصَىْ الضروراتِ التي لا يَنفَعْ معها شيءْ.
فَقَدْ وقتَ النبي الرجُلَ الذيْ يَضربَ المرأةْ، حَيثُ روى البُخاريُ ومسلمُ أنَه قَالَ: ((يَعمِدُ أحدُكُمْ فَيجلِدُ امرأتَه جَلدْ العَبدْ، فَلعلهُ يُضاجِعَها من أَخرِ يَومِهْ))، وفي الحدِيثِ الصحيحِ الذيْ رواهُ أبو داودُ وغيرُه أَنّهُ قال: ((لا تَضْرِبُواْ إماءَ اللهِ يَعنْي النِساءَ))، فجاءَ عُمرٌ إلى رسول الله فقال: ذَئِرْنَ النساءُ على أزواجِهِنْ يعني اِجترأنْ فَرفَضَ في ضَرْبِهنْ، وأطافَ بآلِ رسولِ اللهِ نساءٌ كَثيرُ يَشكُونَ أزواجَهُنَ، فَقالَ رسولُ اللهِ: ((لَقدْ طافَ بآلِ بيتِ محمدٍ نساءُ كثيرُ يشكونَ أزواجَهنْ ليسَ أولِئكَ بخيارِكُمْ)).
يَعنيْ أَنَ هؤلاءِ الرجالِ الذينَ يَضرِبونَ زوجَاتِهمْ ليسوْا مِنْ خِيارِ الرجَالْ. فلماذَاْ إِذاً نضربُ زَوجَاتِناْ؟.
----------------------------------------
[1] سورة النساء آية رقم 34
9/4/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/66)
اشتر أثاثاً مستعملاً واطبخ في قدر الضغط
حسام فتحي أبو جبارة
البيت غرفة عمليات تصنع فيها قرارات يومية ترتبط بها سلامة العائلة وراحتها وسعادتها. فلتكن غرفة الجلوس مكانًا للهدوء والبساطة، وليكن المطبخ قلب البيت النابض بالصحة والنظافة، وليتحول البيت كله إلى حديقة من الجمال من غير هدر للطاقة أو تلويث للبيئة. هذه جملة من الأفكار العملية لممارسات منزلية صديقة للبيئة ومحافظة على الموارد الطبيعية.
في غرفة الجلوس
- شراء أثاث مستعمل: إن كل قطعة أثاث تعني قطع شجرة، فلا تتردد في شراء أثاث مستعمل إذا أعجبك وكان في حالة جيدة. وإذا زرت محلات بيع الأثاث المستعمل، فسوف تفاجئك كثرة الأشياء الجميلة التي تبدو كأنها لم تستعمل.
- الستائر تعزل الحرارة: تبطين الستائر يمنع خروج الحرارة من غرفة الجلوس أو غرفة النوم عبر النافذة في أيام البرد، كما يمنع البرودة الشديدة من التسلل إلى المنزل، وهو أقل كلفة من تركيب زجاج مزدوج.
- اقفل مفتاح التلفاز: يطفئ كثيرون جهاز التلفاز ليلاً بواسطة جهاز التحكم عن بعد، من دون أن يقفلوا مفتاح التدوير في التلفاز، مما يجعله يستهلك ربع مصروفة من الكهرباء طوال الوقت. هذه العادة الكسولة تبدد الطاقة والمال، وتساهم في إطلاق ملايين الأطنان الإضافية من ثاني أكسيد الكربون يوميًا من محطات توليد الكهرباء للتعويض عن هذا الاستهلاك الزائد، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة تلوث الهواء الذي نستنشقه.
- الثريات تبدد الكهرباء: الثريات تحتوي على عدد كبير من المصابيح الخاصة الغالية الثمن التي تهدر الطاقة، وغالبًا ما تضيء هذه المصابيح إلى فوق، مما يضيع فعاليتها. من الأفضل بيئيًا واقتصاديًا، التحول إلى نوع مختلف من الإنارة أكثر فعالية، وعدم استعمال الثريات المتعددة المصابيح.
- بدون مواد كيميائية: كل ربات البيوت يردن أن تدوم أزهارهن مدة أطول وتبقى جميلة، وهذا ممكن من دون إضافة أي مواد كيميائية. فقد ثبت أن قص السويقات انحرافيًا بواسطة سكين حادة يساعد الأزهار على امتصاص مزيد من الماء، كما أن تغيير الماء وإبقاء الإناء مملوءًا يساعدان أيضًا. ويقال إن الأواني النحاسية أفضل للزراعة لأن لها خصائص تساعد في القضاء على الفطريات، مما يبقي النباتات نضرة مدة أطول.
في المطبخ:
- قدر واحدة، والبخار أفضل: لا حاجة إلى ثلاث قدور لطبخ ثلاثة أنواع مختلفة من الخضار، إذ يمكن استعمال قدر واحدة للخضار التي تحتاج إلى وقت مماثل، وهناك أنواع من القدور والمقالي المقسمة لتتسع لأكثر من صنف، وعندئذ نحتاج إلى موقد واحد، وللمعلومية فالخضار المطبوخة على البخار ألذ طعمًا ومغذية أكثر من تلك المسلوقة. ولوضع غطاء على القدر في أثناء الطهو حسنتان: أنه يخفف استهلاك الطاقة لأن الماء والطعام يغليان بسرعة أكبر، وهو يقلل التكثف داخل المطبخ مما يمنع الرطوبة.
- الثلاجة الخضراء: صيانة الثلاثة يمكن أن يخفض كثيرًا مصروف الكهرباء ويحسن أداءها، وذلك بتفقد أماكن التسرب والعوازل المطاطية المرتخية، وبتنظيف المواسير خلف الثلاجة مرة كل سنة على الأقل، وعدم ترك الجليد يتراكم أكثر من نصف سنتيمتر. وكذلك عدم وضع الثلاجة بالقرب من الموقد وأدوات التسخين الأخرى، أو ترك بابها مفتوحًا أطول من اللزوم.
ولا حاجة لشراء المواد الغذائية إلا ما تتسع له الرفوف بيسر، بحيث يمكن للهواء الدوران حولها، ومن المناسب خفض درجة الحرارة في الشتاء لتوفير الطاقة.
- منظفات غير ضارة: المنظفات والمطهرات والمواد الكيميائية الأخرى التي تستعمل في التنظيف تحوي سمومًا وتبعث أبخرة تضر بالصحة. يمكنك استخدام بدائل طبيعية، رخيصة وغير خطرة. يمكن مثلاً استعمال الخل والماء لإزالة البقع عن الزجاج والمرايا، بدلاً من قوارير الرذاذ، فهذه القوارير تحتوي على «الأمونيا» المسببة للحساسية. ويمكن استعمال عصير الليمون كمادة تبييض لتنظيف الأدوات النحاسية ولإزالة القشور الكلسية. ولتنظيف الفرن، يستعمل مزيج من صودا الخبز والماء. كما يستعمل بيكربونات الصودا لإزالة بقع الشاي والقهوة المختلفة في الأكواب أو على الطاولات، وأيضًا لتنظيف مصارف المياه في المنزل، فهي تمنع انسدادها. إن الجزء الأكبر من مواد التنظيف المباعة في الأسواق يحتوي على مواد يمكن أن تسبب أبخرتها تهيجًا في العين والأنف والحنجرة.
- أكياس البلاستيك: أكياس البلاستيك (النايلون) تكثر في البيوت، وتستعمل في تغليف أنواع الطعام ثم تنتهي في مكبات النفايات!! من المفضل الإقلاع عن استعمال هذه الأكياس، واقتناء أوعية متينة لحفظ الطعام، فهي أوفر وأرتب ويمكن استعمالها تكرارًا لسنوات، وعند التسوق خذي معك كيسًا قماشيًا تضعين فيه مشترياتك.
- المناشف الورقية: نحن نستهلك يوميًا كميات كبيرة من مناشف المطبخ الورقية، وحتى مماسح الصحون القماشية أصبحت مناشف ورقية ترمى بعد الاستعمال. بدلاً من ذلك يمكن استعمال خرق نظيفة لمسح الصحون، وغسلها بين الحين والآخر. أو تقطيع الثياب والملاءات والمناشف البالية إلى قطع صغيرة لاستعمالها في أغراض شتى في المطبخ.
- أوعية الألمنيوم: تحدث الأواني المصنوعة من الألمنيوم «كالقدور والمقالي والصواني» تفاعلات كيميائية ضارة، خصوصًا عندما تطبخ فيها أطعمة حمضية كالبندورة (الطماطم). وقد ارتبط ازدياد مادة الألمنيوم في الجسم بأمراض مثل «الزهايمر» الشبيه بالخرف. يمكن استعمال الأواني المصنوعة من الفولاد الذي لا يصدأ، أو من الزجاج.
في دورات المياه
- اقفل الحنفية بإحكام: الحنفيات (الصنابير) التي تقطر، خصوصًا ماء ساخناً، تهدر كميات كبيرة من الماء والطاقة. ولك أن تعلم أن حنفية تقطر ماء بسرعة يمكن أن تملأ حوض استحمام كل يوم. لذا يجب إصلاح الحنفيات غير المضبوطة والتأكد من فعالية الحلقات المطاطية العازلة فيها، وتعود إقفال الحنفية في أثناء الحلاقة وتنظيف الأسنان.
- الدوش أوفر من الحوض: يستوعب حوض الاستحمام العادي نحو 150 لترًا، ويستهلك استحمام عادي بالدوش لمدة عشر دقائق نحو 75 لترًا فقط. وخلال سنة، فإن ملايين الناس الذين يستحمون تحت الدوش بدلاً من الاستحمام في الحوض يوفرون ملايين الأمتار المكعبة من الماء ويخففون استهلاك الطاقة الضرورية لتسخينه ويقللون مشكلات التلوث والصرف.
- الطاقة الشمسية: توفر أجهزة تسخين الماء الشمسية أكثر من 70? من تكاليف تسخين الماء في المنزل، وترد كلفتها خلال نحو ثلاث سنوات، وهي نظيفة ومأمونة وصامتة ولا تحتوي على قطع متحركة تحتاج إلى صيانة دائمة.
في أنحاء المنزل
- أطفئ الأنوار التي لا تحتاج إليها: اعتاد كثيرون إبقاء المصابيح مضاءة في أنحاء المنزل. هذه عادة سيئة تزيد من مصروف الكهرباء وتساهم في تلويث الهواء بزيادة تشغيل معامل الطاقة، فاحرص على إطفاء الأنوار التي لست بحاجة إليها.
- حذار «الفورمالديهايد»: «الفورمالديهايد» غاز سام يدخل في صنع بعض المنتجات المنزلية العادية، مثل الغراء والخشب الرقائقي وورق الجدران والخشب المعاكس ومواد العزل الرغوية، وهو ينبعث منها طوال الوقت. وقد أظهرت دراسة حديثة أن نحو شخص من كل خمسة يمكن أن تكون لديه حساسية لتأثيرات هذا الغاز. ومن أعراض ذلك: الدوار والصداع وتفاعلات الحساسية. و«الفورمالديهايد» سام جدًا إذا تم استنشاقه، وقد ثبت أنه يسبب السرطان للحيوانات، ويشتبه في أنه يسبب السرطان للبشر. لتجنب «الفورمالديهايد» قدر المستطاع، إذا كان موجودًا في منزلك، اترك النوافذ مفتوحة للتهوية.
http://www.almarefah.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/67)
صفات البيت المسلم
البيت نعمة
البيت نعمة عظيمة، امتن الله جل وعلا بها على عباده فقال جل و علا : ((وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ )) (النحل : 80) .
فذكر ربنا تبارك و تعالى نوعين من البيوت: البيوت القائمة المستقرة ، والبيوت المتنقلة ، و كلها نعمة عظمى.
تأمل حال من لا يملك بيتا، تأمل حال من شرد عن بيته ، أو لم يجد له سكنا يسكن فيه، إنه معرض لشدة الحر و البرد ، وللرياح والأمطار ، واللصوص ، ولكل ما يخطر على البال مما يمكن أن يؤذي الإنسان.
ثم انظر إلى ما أنعم الله به عليك من بيوت حديثة مزودة بكل وسائل الراحة، إنارة و تكييف ، وماء حار وماء بارد، وفرش جميلة و مجالس وثيرة، أليس كل ذلك نعمة؟ إن الله جل و علا لما امتن بها عليك، فإنه سبحانه يأمرك أن تكون من الشاكرين.
يجب عليك أن تعلم ما مواصفات البيت المسلم؟ و بماذا يتميز بيت الأسرة المسلمة؟!!
هل يتميز البيت المسلم بألوانه أو بأشكاله ، أو بجدرانه أو بزخارفه؟!!
هذه كلها يا أخي الكريم يشترك فيها المسلم والكافر، و يشترك فيها البر والفاجر، و يشترك فيها كل الناس من شتى بقاع الأرض. فبماذا إذاً يتميز بيت المؤمن العابد للرحمن؟!
إن بيت المسلم يتميز بأمرين:
أولاً : بسكانه .
ثانياً : بمحتوياته.
يتميز بسكانه ، السكان المؤمنون، العباد الصالحون .ويتميز بمحتوياته التي كلها تخدم دينه ، وهي كلها وسيلة لطاعة ربه.
و دعني معك نستعرض شيئا من تفصيل ذلك:
أما محتويات البيت المسلم فيمكن الحديث عنها بنقطتين:
الأولى : ما يكون في البيت المسلم ، و ما يجمل فيه و يحلى به .
الثانية : ما يُنزه عنه البيت المسلم و ما يرفع عنه من تلك الأوزار والقبائح.
فأما الأمور التي ينبغي أن يحلى بها البيت المسلم وتكون فيه:
أن البيت المسلم بيت للطاعة، أنه بيت معمور بذكر الله جل و علا، معمور بالصلاة، و معمور بالقرآن ، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه يقول نبينا صلى الله عليه وسلم : (( مثل البيت الذي يذكر الله فيه و البيت الذي لا يذكر الله تعالى فيه كمثل الحي و الميت )) [1].
أرأيت هذا التشبيه ؟ البيت الذي يُذكر الله فيه ، و يُسبح فيه بحمده، كأنه إنسان حي ، روحه تخفق بين جوانحه.
وأما البيت الذي لا يُذكر الله فيه، البيت الخاوي من ذكر الرحمن فهو البيت الذي امتلأ بالشياطين، فهو كالإنسان الميت ، كالجثة الهامدة التي لا حراك بها ، و يقول صلى الله عليه وسلم : (( اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا ))[2].
اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، أي ستكون بيوتكم بيوتا للأحياء، ولا تهجروها فتكون كالمقابر، لأن المقابر لا يُصلى فيها ، خشية من تعظيم أهلها ، وهي ذريعة ووسيلة للشرك بالرحمن - جل و علا- و يقول صلى الله عليه وسلم : ((عليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة))[3].
هذا الخطاب موجه للرجال، عليكم بالصلاة في بيوتكم يعني النوافل، فإن خير صلاة المرء في بيته، أي من النوافل ، و ذلك لأنه أبعد عن الرياء ، وأقرب إلى الإخلاص ، قال عليه الصلاة و السلام: ((إلا المكتوبة)) .
أما الصلوات الخمس فإنها واجبة في المسجد .
أما المرأة المسلمة فإن الأفضل لها أن تكون جميع صلواتها في بيتها.
ويقول صلى الله عليه وسلم في فضل عمارة البيوت بتلاوة القرآن : ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)) [4].
فالمقابر خاوية ،لا يقرأ فيها القرآن ، ولا يُصلى فيها لله جل و تعالى ، ولا يقرأ فيها القرآن، وبيوت المسلمين هي بيوت للأحياء، إذًا هي بيوت تعمر بتلاوة القرآن، والشياطين لا تجتمع مع القرآن في بيت واحد؛ بل إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة فهي أي سورة البقرة سنام القرآن لذلك قال صلى الله عليه وسلم : ((خذوا سورة البقرة ، فإن أخذها بركة و تركها حسرة ، ولا تستطيعها البطلة ))[5] .
أي السحرة.
مما يذكر عن السلف - رحمهم الله تعالى- أن أحد علمائهم كان كلما دخل بيته قرأ آية الكرسي ، وفي يوم من الأيام دخل البيت فقرأ آية الكرسي فناداه شيطان من ركن من أركان البيت: ما أكثر ما تقرأها! فقال له: أو غضبت يا خبيث ؟ لأقرأنها كل يوم خمسين مرة.
إذًا يا أخي الكريم، البيت المسلم يتميز بالصلاة فيه، يتميز بالذكر فيه، يتميز بتلاوة القرآن فيه.
وأما البيت الذي لا يوجد فيه ذلك ، البيت الذي هُجر فيه القرآن ، و لا يُصلى فيه ، ولا يُذكر فيه الرب سبحانه وتعالى ، فإنه حري أن تعشش فيه الشياطين وتفرخ فيه و تكثر فيه.
إن صلاتك في بيتك تربيةٌ لأولادك ، ولعل بعض الأطفال الذين لا يرون آباءهم يصلون في البيوت النوافل يظنون أن الصلاة لا تفرض إلا على النساء ؛ لأنهم لا يرون أحدا يصلي في البيت إلا الأم ، لذلك احرص على أن تجعل بعض صلاتك في بيتك ، وأعني بها و أؤكد مرة بعد مرة أن المقصود هو النوافل ، أما الفرائض فيجب أن تكون في المساجد.
____________
[1] رواه مسلم (ج1/ 539 برقم 779) .
[2] رواه مسلم ( ج1/ 538 برقم 777) .
[3] سنن أبي داوود ( ج2/ 69 برقم 1447) .
[4] رواه مسلم (ج1/ 539برقم 780) .
[5] رواه مسلم (ج1/ 553 برقم 804 ) .
نظافة البيت ومحتوياته
* أن يكون نظيفاً
ومما يتميز به البيت المسلم و مما يجمل به ويحلى به، أن يكون بيتا نظيفا مطهراًً ومنظفاً من الأوساخ، فإن ديننا هو دين النظافة ، و ديننا هو دين الطهارة ، فأما الذين لا يعتنون ببيوتهم و فيتركونها مليئة بالأوساخ و القبائح فقد تشبهوا باليهود الذين لا يعتنون بالنظافة، و الحديث الذي يذكر فيه أن النظافة من الإيمان . ورد بلفظ : ((النظافة تدعو للإيمان)) [1].
* أن يكون فيه مكتبة
ومما يتميز به البيت المسلم أن يكون فيه مكتبة ، مكتبة مقروءة ، ومكتبة سمعية ، ومكتبة بصرية، بيت المسلم يجب أن يكون فيه كتب الذكر، والتفسير، وكتب الزهد، وكتب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن المسلم لا يمكن أن يغفل عن طلب العلم ، وعن التزود من الخير، فكلما احتاج إلى شيء رجع إليها. ومكتبة سمعية، فيها الأشرطة السمعية النافعة، فيها الفتاوى ، والمحاضرات ، والدروس ، والندوات يستمع لها هو وأولاده ، وهي نعم البديل عن الأغاني ، وعن المسلسلات والمسرحيات وسائر الملهيات، كما أنه لا بأس في هذا الزمان أن يكون في بيتك الفيديو الإسلامي، و لكن كن حذراً شديد الحذر من أن يكون في بيتك شيء من الأفلام المفسدة ، وكن حذراً أشد الحذر من أن يعرض في بيتك مسلسل تلفزيوني أو مسرحية في التلفاز ، ولو حتى أفلام الكرتون التي تقدم للأطفال.
* أن يكون فيه وسائل للترفيه المباح
لا بأس أن يكون في بيتك شيء من وسائل الترفيه المباحة، لترفه عن أولادك وليقضوا فيها أوقات فراغهم، لا بأس أن يكون عندهم بعض الألعاب التي ليس فيها صور، والألعاب التي ليس فيها موسيقى، وبعض الألعاب التي ليس فيها تماثيل، وكل ذلك ينبغي أن يكون في حدود المعقول، فلا تكون ملهية عن أوقات الصلاة ، ولا عن الواجبات، وكذلك تكون بديلاً عن أن يخرج الأطفال في الشوارع فيهيمون فيها كما تفعل البهائم، وكذلك تكون بديلا عن أن يبقى الأطفال أمام التلفاز كأنهم عاكفون عليها.
وهناك في السوق الشيء الكثير من وسائل الترفيه المباحة التي ليس فيها محذورا بحمد الله تعالى. فبإمكانك أن تأتي لأولادك بكمبيوتر، وبإمكانك أن تأتي لأولادك بمَسبح ,وبإمكانك أن تأتي لأولادك بألعاب تعلمهم فنون الجهاد، كل ذلك من الألعاب المطلوبة التي تحفظ الأوقات وتفيد الأطفال من حيث تنمية القدرات العقلية ، ومن حيث تنمية أذهانهم و تدريبهم على ما ينفعهم في المستقبل.
______________
[1] (رواه الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وحكم عليه بأنه ضعيف ، وكذلك العلامة المحدث الشيخ ناصر الدين الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة).
ما ينزه عنه البيت المسلم
أما ما ينزه عنه البيت المسلم فإنها أمور كثيرة منها :
أولاً : إن أول ما يجب أن يطرد من البيت المسلم الشيطان وأعوانه (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)) .
العدو لا يمكن أن تسمح له بدخول البيت، فكيف بأعدى الأعداء الذي كان سببا لخروج أبيك آدم من الجنة! و هو يحرص كل الحرص على أن يبعدك أيضا من الجنة، فهذا الشيطان يجب أن تبعده عن بيتك.
كيف تبعد الشيطان ؟
إن هناك أموراً تمنع دخول الشيطان، كما أن هناك أموراً تجلب الشيطان ، فمن الأمور التي تمنع دخوله:
* سورة البقرة.
* ذكر الله جل و علا وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى ثم تناول طعامه فذكر الله، قال الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم و لا عشاء ، فإذا دخل بيته فلم يذكر الله قال الشيطان لأوليائه أدركتم المبيت، فإن أكل و لم يذكر الله قال الشيطان أدركتم العشاء)) [1] .
فالشياطين تدرك العشاء والمبيت بترك ذكر الله ، ومعنى هذا أن الشياطين ينامون معك في بيتك .
ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلم إذا دخل بيته أن يقول : ((اللهم إني أسألك خير المولج و خير المخرج، بسم الله ولجنا و بسم الله خرجنا و على الله ربنا توكلنا)) [2].
* أن يكون بيتا معموراً بالطاعات
أخي الكريم، إن الشيطان لا يجتمع أبدا مع طاعة الرحمن. فالقلب الذي ملئ بالطاعة و الذكر لا يمكن أن يكون مكاناً للشياطين ، ولا موئلاً لهم، فكلما جاءت الشياطين و وسوست فيه ، ذكر الإنسان ربه ، فخنست الشياطين و هربت منه، فكذلك البيوت، كلما وجدت فيها الصلوات والطاعات كلما هربت الشياطين وابتعدت، و كلما كان بيتك خالياً من الصلاة لرب العالمين ، ومن الذكر ، ومن تلاوة القرآن كلما كان ذلك أدعى أن يتواجد فيه الشيطان .
ثانياً : الحرص كل الحرص أن تبعد عن بيتك الأمور التي تجلب الشيطان ، فما هي الأمور التي تجلب الشياطين ؟
* إن الشياطين تتنزل على الكذب والإفك ((هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)) .
فالبيت المعمور بالكذب، والغيبة ، والنميمة، وأكل الأعراض ؛حَرِيٌّ أن تجتمع فيه الشياطين.
* ومما يجلب الشياطين أن يكون البيت محلا للنجاسات، فإن الشياطين تحب النجاسات وهي أماكنها، لأنها أرواح خبيثة فناسبت أن تكون في الأماكن الخبيثة.
* ومما يجلب الشياطين الصور و التماثيل ، وقد تدخل الشياطين فيها فتخاطب الناس كما حصل هذا في الجاهلية وكما يحصل إلى الآن مع عباد القبور الذين يطوفون في القبور ويقدسونها ؛ فقد يسمعون منها أصواتاً هي أصوات الشياطين التي تكلمهم لتزيدهم ضلالا و بعداً عن الصراط المستقيم.
* و كذلك الكلاب والصور كلها مما تتنزل عليه الشياطين و تحبه ولذلك فإن الشياطين قد تتصور أحيانا في صور الكلاب السود و لذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر من أن تكون الكلاب في بيوت المؤمنين.
ثالثاً : مما يجب أن ينزه عنه بيت المسلم ليكون بيتا صالحا نقيا مؤمنا الأغاني.
فهي وسيلة من وسائل الشيطان لإغواء بني آدم، و ربنا جل و علا حذرنا في كتابه منها، بل و أخبرنا أنها من وسائل الشيطان (( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ)) .
قال بعض أهل العلم: صوت الشيطان هو الغناء، وهو المزمار. فالأغاني من الأمور التي حرمها الله و رسوله.
قال الله تعالى: (( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ)) .
لقد أقسم ابن مسعود رضي الله عنه ثلاثاً وهو العالم الرباني ، وهو الصادق البارّ، صادق بلا قسم ، أقسم ثلاث مرات أنها الغناء، فقال: والله الذي لا إله إلا هو الغناء .
وكان رضي الله تعالى عنه من علماء الصحابة الكبار العالمين بالقرآن فكان يقول : إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.
ووالله إن هذا لواقع ملموس، وانظر عن يمينك و عن شمالك لترى مصداق ذلك أمام عينيك، انظر إلى الناس الذين فتنوا بالأغاني وباستماعها، انظر كم يقرؤون القرآن؟ انظر هل يتلذذون بقراءة القرآن ؟ هل تخشع قلوبهم للقرآن ؟
إن القرآن كلام الرحمن ، وإن الغناء مزمار الشيطان وهما لا يجتمعان في قلب إنسان .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف))[3].
والحِرُ هو الزنا ، فهم يستحلون الزنا، والحرير محرم على ذكور الأمة وحلال لإناثها ، والخمر والمعازف، فهم يستمعون لها استماع المستحل ، وكأنها أمر حلال - وإنّا لله وإنّا إليه راجعون - وما ظنك يا أخي بقلب ملأ بحب الأغاني ؟ وفتنته الموسيقى بشتى أنواعها! أتظن أنه قلب يجاهد؟ أتظن أن الأمة الراقصة تستطيع أن تحرر مقدساتها ؟ لا والله .
لقد قاتل العرب على أنغام أم كلثوم في عام1967 فهزموا شر هزيمة، وقاتل الأفغان بصيحة لا إله إلا الله و الله أكبر، فزلزلوا إمبراطورية عظيمة ، فتهاوت الشيوعية رغم أن ما معهم إلا أسلحة بدائية ! فانظر الفارق بين الحربين !
إن الأمة التي فقدت أرضها، والأمة التي استذلت، والأمة المنهكة التي تتخذ القرارات من خارج ديارها، من هيئة اليهود ومن مجلس الظلم الدولي، هذه الأمة ينبغي ألا تكون أمة راقصة، بل إن الرقص إنما يكون للسفلة .
وإن الأغاني إنما تكون لأهل اللهو والمجون، أما أهل الجد الذين عزموا على أن يحرروا أرضهم، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة مهما كثرت مؤتمرات الاستسلام؛ فإنهم جادون وليسوا من أهل العبث ولا من أهل الهزل ، فهم الذين يطهرون بيوتهم عن الأغاني، سواءٌ كانت في المذياع أو التلفزيون أو الفيديو أو المسجل أو كانت في غير ذلك.
__________
[1] رواه مسلم ج3 / 1598 برقم 2018 .
[2] رواه أبو داوود ج4/325برقم 5096 .
[3] رواه البخاري ( ج 5/ 2182برقم 5268) .
مواصفات البيت المسلم
1- أن يكون خاليا من المجلات الخليعة ومن الجرائد المسمومة الخبيثة، إن البيت المسلم يترفع عن أن تكون فيه الخبائث، و من الخبائث في عصرنا هذا مسلسلات الحب و الغرام التي تفتن شباب المسلمين و بناتهم ، إنها تدعو إلى الفواحش، إنها وسيلة للوقوع في الزنا. فاحذر ثم احذر ثم احذر أن تترك أبناءك وبناتك ينظرون إلى هذه المسلسلات الغرامية فإنها شر، وإنها تأخذ بالقلوب، وكذلك هذه المجلات الخليعة التي لا هم لها إلا المتاجرة بالغرائز، ولا هم لها إلا العبث بصورة المرأة و كأن المرأة سلعة، فإذا أرادوا أن تكثر المبيعات من مجلة وضعوا عليها امرأة فأصبحت المرأة المسكينة المظلومة وسيلة من وسائل الدعاية !!
والإسلام كرمها، الإسلام رفعها، والإسلام أعلى منزلتها فجعلها جوهرة ثمينة ودرة مصونة، ثم احذر من الجرائد المسمومة، فإنها تدس الشر من حيث لا تشعر، وإنها تخلط السمن بالعسل، فعندما ترى خارجها تجد أنه لذيذا، وعندما تتأمل ما في باطنها تجد فيه الموت الأحمر، فاحذر يا أخي من تلك الجرائد والمجلات، ومنها مجلة سيدتهم، ومجلة النهضة، واليقظة، وروز اليوسف، وأمثالها من تلك المجلات الساقطة، ومن الجرائد جريدة الشرق الأوسط و أمثالها من تلك الجرائد التي دأبت على معاداة أولياء الله ، وعلى الطعن في هذا الدين .
2- لا تترك لأولادك مجالا فيبقوا أمام أفلام الكرتون، فكثير من الأسر تظن أنها شيء سهل و يسير و لكنها خطيرة جدا إن فيها طعن في العقائد ، وعبث بالأخلاق وفيها إفساد للقيم من حيث لا تشعر ، وإذا أردت أن تعرف حقيقة هذا فاجلس أمامها وتأمل، ثم انظر فستجد الطعن في العقائد والأخلاق و في القيم، والناس في هذا متساهلون لأنها تجذب الأولاد وتأخذ منهم وقتا عن العبث واللهو، و والله إن العبث و اللهو خير من إفساد القيم و الأخلاق و العقائد.
3- يجب أن ينزه بيت المسلم عن الصور والتماثيل، فالصور أمرها خطير، و أول شرك وقع في هذه الأرض و أول تحريف للتوحيد كان بسبب الصور، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر منها ، بل قد تواترت الأحاديث في التحذير من الصور، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المصورين أشد الناس عذابا يوم القيامة.
و لذلك فإن علياً رضي الله تعالى عنه أوصى أبا الهياج الأسَدي فقال له: (( ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تدع صورة إلا طمستها ، و لا قبرا مشرفا إلا سويته))[1].
ألا تدع صورة إلا طمستها، وطمسها يكون بطمس وجهها، فبعض الناس يظن بأنه إذا فصل الرأس عن الجسد انتهى الأمر و ليس بصحيح، بل إن الأمر معلقا بالوجه، فإذا طمس الوجه لن يعرف الشخص ، وأما إذا بقي الوجه عرف أن هذا هو فلان، فإذًا يا أخي لا تقصر في طمس الصور ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وكذلك التماثيل بل هي أشد تحريما، لأن التماثيل صور مجسمة فهي أدعى لأن يفتتن الناس بها، و لذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (( لا تدخل الملائكة بيتا فيه تماثيل أو تصاوير))[2].
إن الناس في عصرنا قد ابتلوا بألوان شتى من الصور، ابتلوا بها في الثياب ، وفي السيارات، وفي أثاث البيت، كما ابتلوا في تعليقها في المكاتب ، وفي المنازل للاحتفاظ بها ، وربما يكون للتعظيم ، و هذا يكون أشد ضررا وهو ذريعة للشرك إذا علقت الصور تعظيما، تجدها كثيرا في ملابس الأطفال، إذا اشتريت لأطفالك ملابس فانظر إليها فلعل يكون فيها صورا محرمة و لو أن المسلمين قاطعوا الملابس التي فيها صور لأضطر التاجر أن يورد ملابس لا صور فيها، و اضطرت المصانع أن تصنع ملابس لا صور فيها، والذين لهم خبرة في هذا المجال يعرفون بأن المصانع إنما تصنع على حسب الطلب، فإذا طلبت منها مواصفات معينة صنعت كما تريد، فيا تجار المسلمين.
اتقوا الله تعالى ولا توقعوا أنفسكم في الإثم ، ثم توقعوا إخوانكم المسلمين في الإثم ، ومن تسبب في وقوع المسلمين في سيئة فليحذر من وزرها ووزر من عمل بها.
4- أحذر لعب الأطفال التي هي على شكل حيوانات مجسمة، فيلة، و جمال،و خيول، وبعض الناس قد يأخذ التماثيل على شكل تحف و يضعها على الطاولات، أو يضعها على جدران بيته تجميلا له، وذلك والله محذور عظيم فقد وقع فيما نهى عنه المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم، وأصبح عنده في بيته ما يمنع دخول الملائكة، و قد استثنى أهل العلم من الصور شيئا قليلا وهو ما دعت إليه الضرورة، كالصورة التي تكون في البطاقة أو في الرخصة أو نحو ذلك، مما تدعو إليه الضرورة و لا يمكن أن يسير الإنسان بدونه.
5- السباب و اللعن و الكلام البذيء، والكلام الساقط القذر، كل هذه من الأمور التي ينزه عنها بيت المسلم وينبغي ألا يسمعها الأطفال، والطفل يحفظ ما يسمع، فإذا سمع ألفاظ الشتيمة من لعن و سب، وسمع الألفاظ الدونية .. الألفاظ السوقية؛ أخذ يتكلم بها وظهرت على لسانه، وأما إذا سمع ذكر الله وسمع التسبيح والتهليل والتكبير، فإن ذلك أيضا سيكون على لسانه، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)) [3].
__________
[1] رواه مسلم (2/666 برقم 969) .
[2] رواه مسلم (3/1663برقم 2112) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[3] رواه الترمذي ( 4/ 350 برقم 1977).
سكان البيت المسلم
البيوت بأهلها و بسكانها، لا بجدرانها و بنائها، فإذا كان أهلها أخياراً كانت بيوتا مملوءة نورا، و إذا كان أهلها أشرارا فُجّارا كانت بيوتا مملوءة ظلمة، وأهل البيت المسلم لهم مواصفات و لعل من أهم مواصفاتهم ما يلي:
الصفة الأولى : أنهم صالحون مؤمنون مصلون، وهم مؤمنون بربهم ، مؤمنون بوعده و وعيده، يرجون رحمته و يخافون عذابه، وهم يحافظون على الصلوات، لا يؤخرونها عن أوقاتها و ليسوا عنها بالساهين ، لأن الله تعالى قال: (( فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)) (الماعون:4-5).
قال أهل العلم: هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها فتوعدهم الله- عز وجل- بهذا الوعيد الشديد، وهم أيضا مؤدون لحقوق الله و حقوق عباده، وهم مؤدون لكل حقوق ربهم من صلاة و صيام و زكاة و حج، و بر بالوالدين وصلة للأرحام ، وإحسان للجيران ، وأخلاق فاضلة ومن آداب رفيعة، كما هم أيضا مؤدون لحقوق العباد، فهم يؤدون حق الخالق ويحسنون أيضا للمخلوق، هم لا يظلمون غيرهم ولا يشتمون غيرهم و لا يؤذون غيرهم، و يخشون قول الله تبارك وتعالى: (( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَااكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)) (الاحزاب:58).
الصفة الثانية : أنهم حافظون لجوارحهم، حافظون لألسنتهم، يحفظون ألسنتهم من كل محرم، واللسان أمره خطير. يقول الله تبارك وتعالى: (( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)) (المؤمنون:1-3) .
ويقول تعالى عن صفات عباد الرحمن: (( وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامً)) (الفرقان:72).
فهم أقوام حفظوا ألسنتهم من كل لغو و باطل ، ومن كل زور وكذب ، كيف لا هم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لمعاذ: (( وهل يكب الناس في النار على وجوههم- أو قال على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم))[1].
الصفة الثالثة : أنهم حافظون لفروجهم، لأن الله جل وعلا قد أمرهم بذلك فقال: (( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)) (النور:30-31).
وقد وصفهم ربهم تبارك و تعالى بذلك فقال: في سورة المؤمنون: (( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)) (المعارج : 29-31) .(111/68)
وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح هذا هو مراد إبليس لقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح (( أن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأقربهم منه منزلة أعظمهم فتنة، فيأتيه الشيطان فيقول: ما زلت في ذلك الرجل حتى فرقت بينه و بين امرأته، فيدنيه إبليس ويقول له: أنت أنت))[2].
إن إبليس يحرص على هدم الأسرة المسلمة، لأن إبليس يعلم أن في هدم الأسرة المسلمة شرا عظيما و بلاء مستطيرا و لذلك يحرص كل الحرص على أن يوقع الشقاق بين الرجل و أهله، و بين الأخ و أخيه، و بين أهل البيت أجمعين.
كما أن من صفات أهل البيت المسلم أنهم يتعاونون على طاعة الله جل و علا ، امتثالا لأمر ربهم سبحانه في قوله تبارك وتعالى: (( تَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) (المائدة : 2) .
إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للرجل، الذي يقوم ليصلي من الليل فيوقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء قال عليه الصلاة والسلام: (( رحم الله رجلا قام يصلي من الليل فأيقظ أهله فإن أبت نضح في وجهها الماء و رحم الله امرأة قامت تصلي من الليل فأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء))[3] .
هذا هو التعاون على الطاعة و والله إنها من أعظم النعم أن يكون في بيتك من يعينك على طاعة الله في بيتك وهذا هو ما يدعوا به عباد الرحمن كما أخبر الله عنهم أنهم كانوا يقولون: (( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)) (الفرقان : 74) .
إن قرة الأعين من الأزواج و الأولاد هم الذين يكونون عونا لك على الطاعة، أما الذين يكونون سببا لوقوعك في المعصية فهم يكونون ابتلاء وامتحان نسأل الله العافية.
الصفة الرابعة : أنهم يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر امتثالا لأمر ربهم جل وعلا في قوله تعالى: (( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (آل عمران: 104) .
البيت المسلم أهله يحملون رسالة الإسلام، يعيشون لهذه الرسالة، وتحترق قلوبهم لأجلها، تشتعل جذوة الإيمان وجذوة الخير في القلوب فتنير قلوبهم وبيوتهم ، وتنير على مجتمعهم أيضا، وهم يدعون إلى الله على بصيرة، امتثالا لأمر ربهم (( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ)) (آل عمران:104).
فالدعوة إلى الله مهمة المجتمع المسلم و هي طريقة أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي)) (يوسف : 108) .
الصفة الخامسة : أنهم يبنون علاقاتهم مع غيرهم على شرع الله و منهجه. إنهم يوالون ويعادون على منهج واضح ، إنهم يوالون أولياء الله ولو كانوا من أبعد الناس و يعادون أعداء الله، ولو كانوا من أقرب الناس، إنهم لا يوالون لعصبية أو جاهلية، هم يحبون أهل الطاعة وأهل المعتقد الصحيح، وهم يبغضون أهل الإشراق وأهل الفكر المنحرف وأهل الأهواء المضلة، ولو كانوا أقاربهم، لأنهم قد فقهوا عن الله و رسوله، إنهم سمعوا من الله فقبلوا وعملوا، سمعوا الله تعالى يقول: (( لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا)) (النساء : 144) .
وسمعوا الله يقول: (( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ)) (المجادلة : 22) .
إن مما يفتقده الكثير من المسلمين اليوم أن تجد من الأولاد من يعصي الله ورسوله ، ويجاهر بالمعصية بترك الصلاة أو بنحو ذلك، ومع ذلك لا يتبرءون منهم، ومع ذلك لا تتمعر وجوههم غضبا لله، و مع ذلك ربما يعادون من يأمر أولادهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وهذه إحدى المصائب فإنا لله و إنا إليه راجعون.
الصفة السادسة : إن من صفات أهل البيت المسلم ؛ بل ومن مميزاتهم التي يتميزون بها عن غيرهم أن الله وفقهم بأن يعتنوا بأولادهم عناية تامة، إنهم يعلمون أن دينهم الإسلام قد اعتنى بإنشاء الأسرة الصالحة، لأن الأسرة الصالحة لبنة في بناء المجتمع ، والمجتمع يتكون من أسر فإذا كانت الأسرة صالحة كان المجتمع صالحا، و إذا كان المجتمع صالحا فقد أفلحت الأمة ، إنهم يعلمون فائدة صلاح الأبناء في الدنيا والآخرة، في الدنيا بالبر وبالعون على الطاعة و في الآخرة أن يستغفروا لهم و يدعوا لهم (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث)) [4].
يعلمونهم منذ أن يبدؤوا بالكلام يعلمونهم ذكر الله جل و علا و يعلمونهم التوحيد ، فعندما يبدأ الولد ذكرا كان أو أنثى ، وكلمة الولد في اللغة على الذكر والأنثى، بعكس ما هو متعارف عليه عندنا، ففي لهجتنا أن الولد يطلق فقط على الذكر بينما في لغة القرآن أن الولد يطلق على الذكر والأنثى.
أقول : إنهم يعلمون أولادهم منذ أن يبدؤوا بالكلام كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، يعلمونهم التسبيح، يعلمونهم التكبير. أرأيت الفرق بين طفل حين يقابلك تسمع منه كلمة لا إله إلا الله وبين طفل تسمع منه كلمات بذيئة.. فرق عظيم.
تربية الأبناء
إن من المؤلم أن بعض الأسر تربي أبناءها على كلمات أجنبية ، وربما تترك أبناءها للخادمات تتولى التربية و التنشئة، كما أنهم يعلمون أولادهم الصلاة إذا أصبحوا في سن التمييز، امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع)) [5].
فإذا بلغ الولد سن التمييز وهو غالبا سن السابعة فإن على والديه أن يعلموه الصلاة والطهارة أن يعلموه الخشوع في الصلاة ، واحترام المساجد بعكس ما نراه اليوم في كثير من الأطفال عندما يأتي ليصلي وهو قد تعدى السابعة يبدأ يلتفت.. ويضحك.. ويتلاعب وهو في صلاته.
كما أنهم يعلمون أولادهم فرائض الإسلام كلها، إنهم يعلمون أبناءهم حب الله و رسوله، يربون الولد منذ الصغر على أن يكون محبا لله جل وعلا.. معظما له ، كلما سمع ذكر الله- كلمة الله ، كلما كبر وسبح، وكلما شعر بتعظيم هذا اللفظ الجليل، كما أنهم يربونهم على محبة رسول الله المصطفى صلى الله عليه وسلم، يعلمونهم أنه القدوة و يعلمونهم أنه الإمام، و يعلمونهم أنه الذي يأخذ بأيدي البشرية إلى الخير، فيعلمونهم محبة النبي ص ، فكلما ذكر اسمه صلوا عليه و سلموا ، كما أنهم يربون أولادهم على القرآن الكريم، فمنذ أن يصبح الولد في سن يحفظ فيه يعلمونه حفظ القرآن، وهذه يا أيها الأحبة الكرام سيرة السلف الصالح، حيث كانوا يربون أولادهم من الصغر على أن يحفظوا كتاب الله الكريم وإذا أنت اطلعت على تراجم العلماء تجد كثيرا منهم قد حفظ القرآن وهو دون العاشرة من عمره وذلك والله فضل عظيم يؤتيه الله من يشاء،
كما أنهم يعلمونهم احترام القرآن واحترام أهل القرآن ، وكم من طفل عندما يرى القرآن الكريم لا يفرق بينه وبين أي كتاب!
إن القرآن أيها الأحبة ليس كغيره من الكتب، إنه كلام رب العالمين إنه المنهج الخالد إنه دستور الأمة ، إنه يجب أن تضعه هذه الأمة في قلوبها، وإني أقول إن الأمة لن تنجح وإن لن تفلح إلا إذا رجعت إلى القرآن فاستلهمت منه رشدها واستبانت منه طريقها، وما ضلت الأمم السابقة- كما جاء في الحديث - إلا لما تركوا كتبهم التي أنزلت على أنبيائهم وانصرفوا إلى كتب علمائهم فالقرآن هو كل الخير، فلك يجب أن نربي أبناءنا على حفظه، وعلى احترامه ، وعلى تعظيمه ، كما أنهم أيضا يربون أولادهم على احترام كتب العلم.
كم من إنسان لا يقشعر جلده حين يرى أولاده يتلاعبون بالكتب و يرمونها وربما يطئونها.
إن الكتب التي فيها ذكر الله تعالى وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم وفيها العلم من الحلال والحرام إنها يجب أن تحترم و ترفع و تقدر لأنها كتب الإسلام .
كما أنهم يعلمون أولادهم حديث رسول الله ص فيقومون بتحفيظ أولادهم ما يتيسر من الحديث على ما يناسب السن والذكاء والقدرات ، وربما يوجد طفل يتميز بذكاء خارق فبإمكانه أن يحفظ الأحاديث النبوية بسهولة ، وربما آخر أكبر منه سنا لا يستطيع ذلك، فهم يراعون قدرات الأولاد ويعلمونهم ما يمكن لهم أن يفهمونه ويحفظوه.
يا أيها المسلمون لقد كان علماءنا يعتنون بتعليم الأطفال الحديث ، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وشمائله العطرة، وهكذا ينبغي أن نكون، كما قال الإمام مالك: لن يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها .
إن العلماء قد ألفوا كتبا تشتمل على أمهات قواعد الإسلام كـ(الأربعين النووية) مثلا، وما أرادوا أن تكون هذه الكتب بالفطاحل إنما أرادوا أن تكون للصغار المبتدئين، فعلينا أن نعلمها أولادنا وأن نفقههم فيها وكذلك السيرة النبوية، إنه مما يزري بالمسلم أن يكون هو وأبناءه لا يعرفون سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرفون غزواته! إنه بلاء.
فيا أيها المسلمون علموا أولادكم أحاديث رسول الله ،وسيرته ، وهناك - والحمد الله من الكتيبات ما يناسب ذلك، هناك كتب ألفت للأطفال خصيصا تعلمهم سيرة النبي وسيرة خلفائه الراشدين ، وأولئك القوم هم الذين يقتدى بهم ، هم الهداة المهتدون الذين من اقتدى بهم و سار على نهجهم، فلن يضل أبدا.
وإن مما يدمى له قلب المؤمن أن ترى بعض الأطفال يعرفوا بعض الأسماء التي اشتهرت إما في عالم الكرة ، أو الغناء والفن ، أو الملاكمة والمصارعة ،أو في غير ذلك، وإذا سألته عن أبي بكر و عمر لم يعرف من هما!!
إننا نحتاج لجيل مؤمن ، وإن البيت المسلم نريد منه أن يكون مدرسة يتخرج منها أحفاد عمر ،وأحفاد أبي عبيدة ، وأحفاد صلاح الدين، نريد جيلا مؤمنا يكون تحرير الأقصى على يديه.
كما أن البيت المسلم يجب أن يعتني بتربية أبنائه تربية جهادية، تربية الأبناء التربية الجهادية من الأمور التي نحتاجها في هذا العصر، بمعنى أننا يجب ألا نربي أبناءنا على الترف والدعة، وعلى حب اللذة والمتعة، بل على العكس ، نعلمهم على الشدة والقوة، والتضحية والفداء، نعلمهم على أن هذا الدين الذي أكرمنا الله به هو رأس مالنا وكل شيء في حياتنا، وأنه يستحق أن نفديه بأرواحنا، وأن نضحي بالغالي والنفيس من أجله.
كما أن البيت المسلم يعتني بتعليم أولاده الآداب الإسلامية فيعلمهم ما أمر الله به ورسوله من الآداب.
إن الله جل وعلا أمر المسلمين بآداب كالصدق والأمانة ، والعفاف والإخلاص ،وكلها نحتاج أن نربي أبناءنا عليها ، وأن نحذرهم من الكذب والغش والخيانة، وتفصيل ذلك يحتاج إلى وقت طويل.
وقد أدب النبي صلى الله عليه وسلم أبناء المسلمين الكثير من الآداب، تذكروا كيف علم عمر بن أبي سلمة آدابًا عظيمة، قال له يا غلام وهو صغير: ((يا غلام سمي بالله و كل بيمينك و كل مما يليك))[6].
إننا نحتاج أن نعلم أبناءنا أن يذكروا اسم الله على كل شيء، إذا سقط الولد على الأرض يذكر اسم الله ، وإذا أكل، وإذا نام، وإذا أكل يحمد الله، وإذا شرب يحمد الله، وإذا عطس يحمد الله، كل ذلك مما يغرس في قلبه الإيمان فتثمر بإذن الله تبارك وتعالى وبتوفيقه أفضل النتائج.
كذلك فإنهم يعلمون أولادهم سيرة السلف الصالح وكلٌ حسب سنه وعقله ، وكذلك البنات يعلمن سير أمهات المؤمنين، وكذلك يعلمن سير النساء الصالحات ليقتدين بهن، ويعلم الذكور أن السلف الصالح هم القدوة والأسوة، ولا يقتدي بالمغنين والمغنيات، أو الممثلين وبالممثلات ، أو بعارضات الأزياء وصاحبات الموضة ! لا،
إن القدوة بالنسبة للرجل المسلم هو سلفه الصالح ، والقدوة بالنسبة للمرأة المسلمة، هن أمهات المؤمنين والنساء الصالحات من سلف هذه الأمة اللاتي ضربن المثل في تطبيق دين الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
كما أنهم يربون أولادهم على البعد عن القبائح و الرذائل، والفواحش والأخلاق المرذولة، والكلمات النابية، فألسنتهن طاهرة ، ونفوسهن زكية وإذا تربى الأبناء على ذلك فإنهم بإذن الله تعالى وبتوفيقه سيسيرون على هذا الطريق، ولن ينحرفوا عنه بمشيئة الله تعالى.
تعليم الأبناء الحلال والحرام والدعاء لهم وتربيتهم على عدم الاختلاط والعدل
أن من صفاتهم أنهم يعلمونهم الحلال و الحرام، يربون أولادهم على الحلال والحرام، وقد يستغرب إنسان كيف أربي طفلا صغيرا على معرفة الحلال والحرام ؟ يا أخي إن هذه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، إنه عليه الصلاة والسلام قد علم صغار المسلمين الحلال والحرام، بل أنه عليه الصلاة و السلام قد بايع أولاد المسلمين.
أخذ الحسن بن علي وهو طفل صغير- لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان عمره قريبا من الثامنة- أخذ تمرة من تمر الصدقة، فوضعها في فمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كَخٍ، كَخٍ ، ألا تعلم أنها لا تحل لنا الصدقة!!لأن الحسن بن علي من بني هاشم وبنو هاشم هم آل النبي صلى الله عليه وسلم لا تحل لهم الصدقة، فهذا طفل صغير علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحلال.
فإذًا يا أخي الكريم علم أولادك الحلال والحرام، وسأضرب لك مثلين، بإمكانك أن تعرف النتيجة.
علم أولادك أن الموسيقى محرمة، أن الله حرمها ورسوله، ثم انتظر النتيجة سترى أن الولد ذكرا كان أم أنثى بمجرد ما يرى عند الأقارب أو الجيران التلفاز أو الإذاعة فيه موسيقى سيلفظ مباشرة: (حرام..حرام) ثم يحاول أن يغلقها، وقد جرب ذلك كثيرون وعرفوه.
كذلك يا أخي هنالك مثال آخر، علم أولادك أن هذه الصورة صورة كافر، وأن الكافر يجب عليك أن تبغضه، مثلا هذه صورة (رابين)، وأن رابين هو كافر يهودي أو هذه صورة (كلينتون) أو (بوش) وهو نصراني كافر وأن عليك يا ولدي أن تبغضه، وعلمه أن هذه صورة مجاهد يجب عليك أن تحبه ثم انظر ماذا سيكون ؟ إنه كلما أخذ مجلة أو رآها سيأتي إليك ويقول لك: (يا أبي هذا كافر). وإذا رأى مجاهدًا مُعممًا قال: (يا أبي هذا مجاهد).
فاغرس في قلب ولدك من الصغر محبة الله ومحبة رسوله و محبة أولياء الله، واغرس في قلبه منذ الصغر بغض الكفار من اليهود والنصارى والمنافقين والرافضة وغيرهم.
* الصفة السابعة : أنهم يدعون لأولادهم، وأنهم لا يدعون عليهم، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء على الأولاد فقال: ((لا تدعوا على أولادكم فعسى أن توافوا ساعة إجابة))[7]..
فلا ينبغي للمسلم أن يدعو على أبنائه بل بالعكس إن عليك أن تعود لسانك الدعاء للأولاد، وهذا هو الذي ذكره الله تعالى في صفات عباد الرحمن، أنهم يقولون: ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)) . فهم يدعون لأولادهم.
* الصفة الثامنة : أنهم يبتعدون عن الاختلاط، فاختلاط النساء بالرجال شر قد حذر منه المصطفى الناصح الأمين صلى الله عليه وسلم حين قال: (( إياكم و الدخول على النساء فقام رجل من الأنصار فقال: أرأيت الحمو ؟ قال صلى الله عليه وسلم:الحمو الموت))[8] رواه البخاري.
والحمو هو قريب الزوج، يعني ماذا نفعل ؟ هل نسمح بدخوله؟ فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل قال نعم ؟ بل قال: "الحمو الموت". لماذا؟ لأن دخوله على النساء ليس مستغرب عند الناس، أي أنه قد يتساهلون فيه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)) رواه أحمد .
فالشيطان يوسوس وقد يقع المحذور، فمن صفات أهل البيت المسلم أنهم يمنعون الاختلاط منعا باتا، فالرجل لا يجلس مع المرأة الأجنبية عنه، والأجنبية عنك يا أخي المسلم: هي المرأة التي يحل لك أن تتزوجها، أما المرأة المحرمة عليك تحريما مؤبدا لا يحل لك أن تتزوجها، لأنها من محارمك، هذا في الجملة. كذلك هم لا يختلطون ولا يتركون أولادهم يختلطون مع الخدم والخادمات، فإن من البلاء أن يترك الخادم مع النساء ، أو أن تترك الخادمة مع الأولاد، وهذا قد يكون سببا في وقوع المحذور.
والخدم والخادمات كلهم داخلون تحت الأحاديث النبوية حين قال عليه الصلاة والسلام: ((إياكم والدخول على النساء))[9].
وحين قال: ((ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)) [10]
* الصفة التاسعة : إن من صفات نساء البيت المسلم أنهن محجبات، يحجبن ويغطين كل الجسد لأنهم يبحثن عن مرضاة الله جل وعلا، إنهن نساء يطعن الله تعالى ، فهن يرجون ما عند الله و يخفن عقابه وعذابه.
وكذلك هن يربين البنات على الحجاب الكامل التام فلا يبدو من أجسامهن شيء لا قليل ولا كثير ، وإن البنت إذا ربيت من الصغر على الحجاب فإنها تتعوده، بل وتحبه بل وتستحي، فوالله إني رأيت طفلة عند بعض أقاربي، إذا رأت رجْلا مكشوفة لرجُل أو لغيره صاحت: (عيب،عيب) ! لأنها رُبيت على هذا ربيت على الستر، ربيت على الحياء.
ووالله يا إخوان أنهم يغبطون بهذه التربية، وأما إذا تركت البنت تلبس القصير والبنطلون وقيل هذه صغيرة، هذه لا تزال، هذه يا إخوان وسيلة لنزع الحياء.
إن البنت إذا لبست القصير في صغرها تعودت عليه في كبرها.
وقد رأيت بعيني بنات قاربن سن البلوغ وهن يلبسن القصير وهن لا يستحين من الرجال أبدا .
نزع منهن الحياء نسأل الله العافية، ولما كلمت والدها ، قال هذه صغيرة- سبحان الله صغيرة وعمرها فوق الحادي عشرة الحادية عشرة! ثم افترض أنها صغيرة إنها ستتربى على هذا الخلق وستستسهل كشف ساقيها أمام الناس إذا كبرت وإنها وسيلة والله من الوسائل التي غزونا بها اليهود والنصارى.
أخوة الإسلام إن إبليس قد حرص في عداوته لابينا آدم على أن يكشف العورة وقد نجح في ذلك، وهو أيضا يريد أن يفعل ذلك بأبناء آدم.
آدم عليه السلام لما بدت لهما سوءاتهما طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، أدرك إبليس مبتغاه، ولكن الله سبحانه هدى آدم فتاب، فتاب الله عليه، وإبليس قد نجح خاصة في العصور المتأخرة في أن يكشف الناس عوراتهم وأن يهتكوا سوءاتهم، انظر إلى الناس شرقاً و غرباً تجد أن المرأة لا تكاد تستر إلا العورة المغلظة.
لا تكاد تستر إلا الفرج وأما الباقي فهو مكشوف.
إن إبليس قد أدرك مبتغاه. فالمسلم ينبغي أن يحرص على مخالفة الشيطان الذي هو عدو لك يريد أن يضلك ويغويك ويريد ألا تعود إلى الجنة التي كان فيها أبوك آدم عليه السلام.
* الصفة العاشرة : أن يعدلوا بين أولادهم امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ((اتقوا الله و اعدلوا بين أولادكم)) [11]
فهم لا يفضلون الذكور على الإناث ولا يعطون أحدا ما يحتاجه ويتركون الآخر، بل إنهم يعدلون بينهم امتثالا لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
كما أن الرجل المسلم يعدل بين زوجاته في النفقة والكسوة والمبيت، أما الميل مع واحدة منهن في هذه الأمور، فهو ظلم محرم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة و شقه ساقط)) رواه أحمد و ابن حبان و ابن ماجة.
إن الأب والأم من صفاتهم أنهم قدوة لأبنائهم , ثم يختم هذه الحلقات بتنبيهات ثلاث،
الصفة الحادي عشرة : أنهم قدوة لأولادهم، فالرجل قدوة لأبنائه الذكور، قدوة في صلاته في المسجد، قدوة في ملبسه، فهو يلبس ثيابه كما أمره نبيه صلى الله عليه وسلم، ثيابًا على السنة تكون قصيرة فوق الكعبين، وهو أيضاً يؤدي النوافل في بيته، ويذكر الله، و يحضر مجالس الذكر، ويذهب إلى المحاضرات، والندوات، والدروس.
كما أن المرأة قدوة لبناتها، فهن يحتجبن كما تحتجب الأم، و يصلين كما تصلي، ويعملن في البيت كما تعمل الأم .
__________
[1] رواه النسائي (ج6/ 428 برقم 11394).
[2] رواه مسلم (ج2/ 2167 برقم 2813).
[3] رواه أبو داوود (ج2/ 33 برقم 1308).
[4] رواه الترمذي (ج3/660 برقم 1376).
[5] رواه أحمد وأبو داود .
[6] رواه مسلم.
[7] رواه مسلم وأبو داود.
رواه البخاري.[8]
[9] رواه البخاري.
[10] رواه أحمد.
[11] رواه أبو داود.
تنبيهات وتوصيات
أولاًَ : إن المؤامرة على البيت المسلم كبيرة جدا، لإفساده، وتعطيل دوره في مسار الأمة، وقد فطن أعداء الإسلام من اليهود والنصارى لأهمية البيت، فصوبوا سهامهم نحو المرأة المسلمة؛ لإخراجها من بيتها، وإبعادها عن سترها وحجابها، فإذا ما فسدت المرأة فسد البيت، ومن ثم فسد المجتمع المسلم، ثم سقطت الأمة كلها.
فعلينا أخوة الإسلام أن نتصدى لهذه المؤامرة العظيمة بإصلاح بيوتنا، والمحافظة على أسرنا، و تربية أبناءنا كما أمر الله و رسوله.
ثانياً: أنبه وأحذر من خطورة التشبه بالكفار والكافرات، والفساق والفاسقات، وهذا عنوان الهزيمة النفسية، وعلامة السقوط، والتردي الاجتماعي.
قال العلامة ابن خلدون عالم الاجتماع المسلم رحمه الله تعالى : إن الأمة المغلوبة مغرمة بتقليد الأمة الغالبة، ونحن أمة الاستعلاء والعزة، يقول ربنا تبارك وتعالى: ((وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) [1].
إن المسلم يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأصحابه، و يتشبه بهديهم وسمتهم، ويسير على منهاجهم، أما الكفار فهم وإن كان لديهم شيء من القوة المادية، فإنهم ساقطون متردون منحطون، إنهم أقل شأنا من البهائم والخنازير والكلاب، إن الأمة المسلمة ينبغي أن تقتدي بأولياء الله الصالحين، وإنها إن فعلت ذلك، وتمسكت بدينها، فإنها ستمتلك زمام القوة، وتصل إلى مبتغاها من العزة و المجد، بإذن الله تبارك و تعالى.
ثالثاً: أن نعلم أن البيت المسلم مدرسة لتخريج الأجيال المؤمنة، إنه مدرسة تخرج العلماء والدعاة، والمجاهدين في سبيل الله جل وعلا، فعلينا أخوة الإسلام أن نكون معتنين بهذه البيوت، لنخرج الجيل المؤن، الذي تكون به عزة الأمة ، وتسير به نحو طريق المجد.
وفي الختام فإني أسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، أن يهيأ لهذه الأمة من أمرها رشدا، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، و يعز أولياءه، ويذل أعداءه، ويهيأ لهذه الأمة أمر رشد، يُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى عن المنكر.(111/69)
وأسأله سبحانه أن يصلح بيوتنا وقلوبنا، وأن يوفقنا لتربية أبناءنا التربية الصالحة، إنه سبحانه على كل شيء قدير.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــ(111/70)
فن التعامل مع الزوجة ( 1 - 2 )
د. عبد الرحمن بن عايد العايد
يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي))
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((خياركم خياركم لنسائهم))[1].
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله))[2].
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم)).
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((أني أحرج عليكم حق الضعيفين اليتيم والمرأة)).
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم)).
وغيرها من الأحاديث التي حثت على إكرام المرأة وإحسان معاملتها.
وسأورد بعض النقاط التي تبين فن التعامل مع الزوجة:
* لا تطلب مثالية خالية من الأخطاء: فكل بني آدم خطّاء، ولن تجد امرأة لا تخطئ في الحياة الدنيا، إذا عرفت هذا حملك على أن تتغاضى عن بعض التصرفات، ولعلك تكره تصرفاً ويعجبك آخر، ((لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)) [3].
وهذا يحملك على أن لا تستوفي حقك كاملاً، اجعل للإغضاء والمسامحة مجالاً.
* معرفة طبيعة المرأة ونفسيتها: يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها))[4].ردد هذا الحديث دائماً، أعمل بمقتضاه يجنبك كثيراً من المشكلات، طبيعة المرأة تحب الإشادة والمدح، المرأة حساسة تكره النقد والتجريح، المرأة سريعة النسيان، شديدة العاطفة مترددة، تفكيرها قريب وسريع، كلمة ترضيها وكلمة تغضبها، فلابد أن تعرف ذلك، كذلك تعرف نفسيتها ماذا تحب وماذا تكره، هذا سيريحك كثيراً.
* لا تقارنها بالأخريات: فلانة أجمل منك، انظري إلى فلانة كيف تعمل بزوجها، يا ليتك تفعلين مثل ما تفعل فلانة، السعيد فلان ما شاء الله وهكذا.
لماذا تجرح المرأة مع علمك بشدة غيرتها، إذا أردت توجيهها وجهها بدون مقارنة، هذه المقارنة تغضبها، وربما دفعتها إلى غيبة هذه المرأة.
* لا تهدم أخلاقها وتجرئها على معصية الله: فإن المعصية تفرق، تجلب لها آلات الفساد، تسافر بها إلى الخارج، تأمرها بالمعاصي ثم تريد حياة زوجية سعيدة.
* القوامة لك وليست لها: فلماذا تترك القوامة لها وتخالف الفطرة.
* علِّمها أمور دينها: وما تحتاج إليه، فإنها أمانة عندك، أنت مدرسها، كيف تعلم شيئاً ولا تعلمها إياه مع حاجتها إليه، العجب كل العجب من طلاب علم نساؤهم يجهلن أبسط الأمور، علمها بالمشافهة، بإحضار الأشرطة النافعة والكتيبات إن كانت تعرف القراءة.
النفقة عيها: ينفق عليها ويكسوها بما جرت به عادة أمثالها، وتجنب الإسراف والتقتير، تنفق بحسبك قدرتك ((ما حق زوجة أحدنا عليه قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت)).
((ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن)).
ثم هذا الذي تنفقه ألا تعلم أن لك به أجراً إذا احتسبته، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك)).
((إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة)).
إذا علمت هذا لم تمن عليها بما تنفقه، أتعبتموني في النفقة، ما أسرع ما ينتهي الشيء وتطلبون آخر، إلى آخر الألفاظ التي قد تبطل صدقته هذه، لأن الصدقة يبطلها المن والأذى.
ثم يا أخي المرأة إذا أردت أن تجذبها إليك بقلبها فوسع لها في المال أو الخلق، فإن كانت أخلاقك سيئة فليسعها مالك، وإن كنت صاحب أقساط فليسعها خلقك، ولا يعني هذا الكلام أن نسرف ونلبي رغبات النساء كلما طلبن، ولكن الاعتدال مطلوب لا إسراف ولا تقتير.
* المعاشرة بالمعروف: يقول الله - تعالى -: ((وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)) (النساء: 19).
قال ابن كثير: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله، كما قال - تعالى -: ((وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)).
ومن المعاشرة بالمعروف وهي الأمر التاسع:
* أن تتزين لها وتتجمل لها كما تحب أنت ذلك منها: كما قال - تعالى -: ((وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)) (البقرة: 228).
من القبيح أن تتجمل لك وتتزين وكأنها عروس، وتأتي أنت برائحتك الكريهة، وهيئتك الرثة، إن لها شعوراً كما لك.
* من المعاشرة بالمعروف مجامعتها: وقد حددها بعض العلماء كل 4 أشهر مرة، وبعضهم كل طهر مرة، وبعضهم قال بقدر ما يعفها، والرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل ذلك صدقة: ((وفي بضع أحدكم صدقة)).
ولتراع آداب الجماع، من مثل التسمية، وذكر الوارد في ذلك، ((لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن قضى بينهما ولد من ذلك لم يضره الشيطان أبدأً)).
وألا يأتيها في دبرها: ((استحيوا فإن الله لا يستحي من الحق ولا تأتوا النساء في أدبارهن)).
ولا يجامعها حال المحيض قال - تعالى -: ((فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ)) (البقرة: 2222).
(وإذا انتهى لا يعجلها حتى تنتهي هي أيضاً).
ولا ينسى الرسول بينهما وهو القبلة والمداعبة، والملاعبة قبل الجماع.
ورد في الحديث ((إذا رأى أحدكم المرأة التي تعجبه فليرجع إلى أهله حتى يقع بهم فإن ذلك معهم))، تعجبك في الشارع أو السوق أو أي مكان آخر.
* الوفاء بالشروط التي في العقد: يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أحق ما أوفيتم به من شروط ما استحللتم به الفروج)).
فإذا كانت قد اشترطت عليه شروطاً في العقد فأوف بها ما لم تكن محرمة، كأن تشترط طلاق ضرتها، أما إذا اشترطت شروطاً مباحة فلا بد من الوفاء بها، كأن تشترط إكمال دراستها أو أنها في بيت مستقل ونحو ذلك.
* الغيرة عليها غيرة محمودة: ((إن الله يغار وإن المؤمن يغار)). ((ثلاثة لا يدخلون الجنة، العاق لوالديه، والديوث، ورجلة النساء)) والديوث الذي لا يغار على أهله.
ولكن لتكن هذه الغيرة في محلها، ((إن من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يغضب الله، فأما الغيرة التي يحبها الله: فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها: الله فالغيرة في غير الريبة)).
ومن ذلك تفهم أن الغيرة في غير محلها يبغضها الله، وربما أدت إلى الطلاق، فلا تتجسس عليها دون مبرر، وتشك فيها دون وجود ما يثير ذلك.
* انتبه لمالها: فمالها لها فلماذا تريده لك، الإنسان مجبور على حب التملك، أنظر إلى الطفل كيف يرفض ويغضب حينما تأخذ منه شيئاً، فلماذا تكدر عليها عند مالها، ربما تأخذه وربما تغضب إذا حصلت على مال ولم تعطك، النفقة لها عليك لا عليها لك، المرأة ليست هي المسؤولة عن النفقة عليك.
ولكن ينبغي التفاهم بين الزوجين في هذه النقطة حسماً للخلاف، ولا بأس أن يكون سماحك لها بالتدريس مشروطاً بأن تتحمل شيئاً من النفقة.
* لا تأنف من استرضائها: فهذا خلق كريم، بل يجوز لك الكذب من أجل ذلك، ((لا يصلح الكذب إلا في ثلاث يحدث الرجل امرأته ليرضيها، والكذب في الحرب، والكذب ليصلح بين الناس)).
بعض الرجال يغضب زوجته ويخاصمها، ثم ينتظرها تأتيه ترضيه مع أنه هو الذي أخطأ، يا أخي لها شعور مثلك فلماذا ترفض إرضاءها.
* لماذا تأنف من العمل في البيت: هل أنت أكثر رجولة من النبي- صلى الله عليه وسلم - اسمع لحديث ((عائشة حينما سئلت ماذا يفعل - صلى الله عليه وسلم - في بيته قالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج، قالت: كان بشر بن البشر يفري ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه)).
صحيح أن العمل في البيت من شأن المرأة، ولكن قد تحتاج لمساعدتك أحيانأ، فلماذا نستحي من ذلك والرسول - صلى الله عليه وسلم - فعله.
----------------------------------------
[1] رواه الترمذي.
[2] رواه مسلم.
[3] رواه مسلم.
[4] رواه مسلم.
27/10/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/71)
رحلتي من البكّيني إلى النقاب
كأي فتاة أخرى لطالما داعبتني أحلام الحياة المثيرة في صخب المدن الأمريكية العملاقة. حلم انتظرت حتى سن التاسعة عشرة لابدأ تحقيقه. لكم كنت سعيدة عندما نجحت بتحقيق حلمي في الانتقال الى فلوريدا ومن ثم الى قبلة المشاهير والأثرياء في حي ساوث بيتش بمدينة ميامي. كغيري من الفتيات الطموحات ركزت كل اهتمامي على مظهري، حيث انحصر كل اعتقادي بان قيمتي تقتصر على جمالي. واظبت على نظام صارم من تدريبات القوة واللياقة لتنمية رشاقة تضفي المزيد من الرونق على جاذبيتي حتى حصلت على شهادة متخصصة لتدريب الفتيات الحريصات على الحصول على المزيد من الجمال والرشاقة. انتقلت الى شقة فاخرة مطلة على منظر المحيط الخلاب. واظبت على ارتياد الشواطئ والاستمتاع بنظرات الاعجاب وعبارات الاطراء التي طالما دغدغت مسامعي. اخيرا نجحت ان أحيا الحلم الذي طالما راودني بالحياة المرموقة. مضت سنوات لاكتشف بعدها ان شعوري بالرضا عن نفسي وسعادتي كانا آخذين بالانحدار كلما ازداد تقدمي بمقياس الجاذبية والجمال. ادركت بعد سنوات باني اصبحت أسيرة للموضة وغدوت رهينة لمظهري. عندما أخذت الفجوة بالاتساع بين سعادتي وبين بريق حياتي لجأت الى الهروب من الواقع بتعاطي الخمور وارتياد الحفلات تارة والتأمل واسكتشاف الديانات والمعتقدات السائدة تارة اخرى ومساعدة الآخرين والدفاع عن المستضعفين تارة ثالثة، ولكن سرعان ما اتسعت هذه الفجوة لتبدو واديا سحيق الاعماق. بعد كثير من التأمل تولدت لدي قناعة بان ملاذي لم يكن سوى مسكن للألم وليس علاجا. بحلول الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من ردود فعل لفت انتباهي ذلك الهجوم العارم على كل ما هو مسلم والاعلان الشهير باستئناف "الحرب الصليبية الجديدة" أول مرة في حياتي لفت انتباهي شيء يسمى اسلام. حتى تلك اللحظة كل ما عرفته عن الاسلام كان لا يتعدى احتجاب النساء بأغطية تشبه الخيام واضطهاد الرجال للنساء وكثرة "الحريم" وعالم يعج بالتخلف والارهاب. كامرأة متحمسة للدفاع عن المرأة وحقوقها وكناشطة مثالية تدافع عن العدالة للجميع وبعد سعي حثيث لشهور عديدة تصادف وان التقيت بناشط امريكي معروف بتصدره في حملات الاصلاح وتحقيق العدالة للجميع وتصديه لحملات الكراهية والحملة ضد الاسلام. انضممت للعمل في بعض حملات هذا الناشط والتي شملت وقتها اصلاح الانتخابات والحقوق المدنية وقضايا تتعلق بالعدالة الاجتماعية. تحولت حياتي كناشطة تحولا جذريا، بدلا من دفاعي عن حقوق البعض او فئة من الفئات تعلمت ان مفاهيم العدالة والحرية والاحترام هي مفاهيم لا تقتصر على فئة من البشر بعينها او كائن من الكائنات. تعلمت ان مصلحة الفرد هي جزء مكمل لمصلحة الجماعة. لاول مرة ادركت معنى "أن جميع البشر خلقوا متساوين" الاهم من ذلك كله اني ولأول مرة أيقنت ان الايمان هو الطريق الوحيد لادراك وحدة الكون وتساوي الخلق. ذات يوم عثرت بكتاب يسود لدى الكثير من الامريكيين عنه انطباعات بالغة في السلبية وهو القرآن. في البداية وحين بدأت تصفحه لفت انتباهي اسلوبه البين البالغ الوضوح ثم ثار اعجابي ببلاغته بتبيان حقيقة الخلق والوجود وملك نفسي بتفصيله لعلاقة الخالق بالمخلوق. وجدت في القرآن خطاباً مباشراً للقلب والروح دون وسيط او الحاجة لكاهن. هنا استيقظت على حقيقة ما يجري. سعادتي والرضا العميق الذي شعرت بهما من خلال دوري وعملي مع هذا الناشط لم يكن الا نتيجة تطبيقي فعلياً لرسالة الاسلام وتجربتي في الحياة عمليا كمسلمة على الرغم من مجرد عدم تفكيري حتى تلك اللحظة باعتناق الاسلام. دفعني فضولي الجديد لاقتناء رداء جميل طويل وغطاء للرأس يشبه زي نساء مسلمات رأيت صورهن في إحدى المجلات وتجولت بردائي الجديد في نفس الاحياء والطرقات التي كنت حتى الأمس أختال فيها مرتدية إما البكيني أو الأردية الكاشفة أو سترات العمل الأنيقة. على الرغم من ان المارة والوجوه وواجهات المحلات والارصفة كلها بدت تماما كما تعودت رؤيتها، شيئاً ما كان مختلفاً كل الاختلاف، ذلك هو أنا. لاول مرة في حياتي شعرت بالوقار كامرأة، أحسست بأن أغلالي كأسيرة لإعجاب الناس قد تحطمت، شعرت بالفرحة العارمة لرؤيتي نظرات الحيرة والاستغراب في وجوه الناس وقد حلت محل نظرات الصائد يترقب فريسته. فجأة أحسست بالجبال قد أزيحت عن كاهلي. لم أعد مجبرة أن أقضي الساعات الطوال مشغولة بالتسوق والمكياج وصفصفة الشعر وتمارين الرشاقة. أخيرا وبعد طول عناء نلت حريتي.
من بين كل البلاد وجدت إسلامي في قلب الحي الذي غالبا ما يوصف "أكثر بقاع الأرض إباحية وانحلالا" مما أضفى على شعوري بإيماني الجديد المزيد من الإجلال والإكبار. على الرغم من سعادتي بارتداء الحجاب شعرت بالفضول تجاه النقاب عند رؤيتي لبعض المسلمات يرتدينه. ذات مرة سألت زوجي المسلم، والذي كنت قد تزوجته بعد إسلامي بشهور، إن كان يجب علي ارتداء النقاب أم الاكتفاء بالحجاب الذي كنت أرتديه. أجاب زوجي بأنه، على حد علمه، هناك إجماع بين علماء المسلمين على فرضية الحجاب في حين لا يوجد ذلك الإجماع على فرضية النقاب. كان حجابي، في ذلك الوقت يتكون من عباءة تغطي سائر بدني من العنق حتى أسفل القدم وغطاء يستر كل رأسي عدا مقدمة الوجه. بعد مرور نحو سنة ونصف أخبرت زوجي برغبتي في ارتداء النقاب. أما سبب قراري بارتداء النقاب فقد كان إحساسي برغبتي في التقرب إلى الله وزيادة في شعوري بالاطمئنان في ازدياد حشمتي. لقيت من زوجي كل دعم حيث اصطحبني لشراء إسدال وهو رداء من الرأس حتى القدم ونقاب يغطي سائر رأسي وشعري ما عدا فتحة العينين. سرعان ما أخذت الأنباء تتوالى عن تصريحات لسياسيين ورجال الفاتيكان وليبراليين وما يسمى بمدافعين عن حقوق الإنسان والحريات كلهم أجمعوا على إدانة الحجاب في بعض الأحيان والنقاب في أحيان أخرى بدعوى أنهما يعيقان التواصل الاجتماعي حتى بلغ الأمر مؤخرا بأحد المسؤولين المصريين بأن يصف الحجاب بأنه"ردة إلى الوراء" في خضم هذا الهجوم المجحف على مظاهر عفة المسلمة إني لأجد هذه الحملة تعبيرا صريحا عن النفاق. خصوصا في الوقت الذي تتسابق فيه الحكومات الغربية وأدعياء حقوق الإنسان في الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها في ظل الأنظمة التي تروج لمظاهر معينة من العفة في حين يتجاهل هؤلاء "المقاتلون من أجل الحرية" عندما تسلب المرأة من حقوقها في العمل والتعليم وغيرها من الحقوق لا لشيء إلا لإصرارها على حقها في اختيار ارتداء الحجاب أو النقاب. إنه من المذهل حقا أن تواجه المنقبات والمحجبات وبشكل متزايد الحرمان من العمل والتعليم ليس فقط في ظل نظم شمولية كتونس والمغرب ومصر بل أيضا في عدد متزايد مما يسمى الديمقراطيات الغربية كفرنسا وهولندا وبريطانيا. اليوم أنا ما زلت ناشطة لحقوق المرأة ، ولكنني ناشطة مسلمة، تدعو سائر نساء المسلمين للاضطلاع بواجباتهن لتوفير كل الدعم لأزواجهن وإعانتهم على دينهم. أن يحسن تربية أبنائهن كمسلمين ملتزمين حتى يكونوا أشعة هداية ومنارات خير لسائر الإنسانية مرة أخرى. لنصرة الحق أي حق ولدحر الباطل أي باطل. ليقلن حقا وليعلوا صوتهن ضد كل خطيئة. ليتمسكن بثبات بحقهن في ارتداء النقاب أو الحجاب وليتقربن إلى خالقهن بأي القربات يبتغين. ولعله بنفس القدر من الأهمية أن يبلغن تجربتهن الشخصية في الطمأنينة التي جلبها عليهن حجابهن لأخواتهن من النساء اللاتي قد يكن حرمن من لذة هذه الطاعة أو فهم ما يعنيه الحجاب والنقاب لمن يختار أن يرتديه وسبب حبنا الشديد وتمسكنا بهذه الطاعة. غالبية النساء المرتديات النقاب اللاتي أعرفهن هن من نساء الغرب. بعض الأخوات المنتقبات عزباوات أما بعضهن الآخر فلا يجدن كامل الدعم من أسرهن أو بيئتهن. ولكن ما يجمعنا كلنا على ارتداء النقاب أنه كان خياراً بمحض إرادة كل منا وأن كل منا يجمع على رفض قاطع لأي إنكار لحقنا في ارتدائه. شئنا أم أبينا فإن نساء عالمنا اليوم يعشن في خضم محيطات من الإعلام التي تروج أزياء تكشف أكثر مما تستر في كل وسائل الإعلام وفي كل مكان في هذا العالم. كامرأة ،غير مسلمة سابقاً، أنا أصر على حق جميع نساء الأرض أن يتعرفن على الحجاب وأن يعرفن فضائله تماماً كما لا يستشرن عندما تروج لهن الإباحية. لنساء الأرض، جميعهن، الحق كل الحق أن يعرفن مدى السعادة والطمأنينة التي يضفيها الحجاب على حياة النساء المحجبات كما أضفاها على حياتي. بالأمس كان البكيني رمز تحرري في حين أنه لم يحررني سوى من حيائي وعفتي، من روحانيتي وقيمتي كمجرد شخص جدير بالاحترام. واليوم حجابي هو عنوان حريتي لعلي أصلح في هذا الكون بعض ما أفسدت بغير قصد مني. لم أفرح قط كفرحتي بهجري للبكيني وبريق حياة "التحرر" في ساوث بيتش لأنعم بحياة ملؤها الأمن والوقار مع خالقي ولأن أحظى بنعمة العبودية له كسائر خلقه. ولنفس السبب ارتدي اليوم نقابي وأعاهد خالقي أن أموت دون حقي في عبادته على الوجه الذي يرضيه عني. النقاب اليوم هو عين حرية المرأة لتعرف من هي، ما غايتها، وماهية العلاقة التي ترتضيها مع خالقها. لكل النساء اللاتي استسلمن لحملات التشهير بالحجاب والطعن بفضائله أقول: ليس لديكن أدنى فكرة كم تفتقدن. أما أنتم أيها المخربون أعداء الحضارة، يا من تسميتم بالصليبيين الجدد، فليس لدي ما أقول سوى: فلتعلنوا الحرب.
ـــــــــــــــــــ(111/72)
ثلاثون وصية .. تسعدين بها زوجك
الدكتور حسان شمسي باشا
ليس في العالم كله مكان بضاهي البيت السعيد جمالا وراحة.فأينما سافرنا، وأنى هللنا، لا نجد أفضل من البيت الذي تخيم عليه ظلال السعادة.
والبيت السعيد هو ذلك البيت الذي لا خصام فيه ولا نزاع.. الذي لا يُسمع فيه الكلام اللاذع القاسي، ولا النقد المرير. هو البيت الذي يأوي إليه أفراد الأسرة فيجدون فيه الراحة والهدوء والطمأنينة.
وتقع المسؤولية في خلق السعادة البيئية على الوالدين. ولكننا أردنا هذا المقال أن نبين كيف تستطيع المرأة بذكائها وحكمتها وحسن معاملتها أن تسعد زوجها و من ثم تسعد بيتها.
1. تذكري أنك أنت مسؤولة عن إسعاد زوجك وأولادك، وتذكري أن رضا زوجك عنك يدخلك الجنة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة " [رواه ابن ماجة والترمذي].
2. لا تحمِّلي زوجك ما يفوق طاقته. فلا تحشري رغباتك ولا تكدسي طلباتك مرة واحدة، حتى لا يرهق زوجك فيهرب منك. وإذا أصررت على مطالبك الكثيرة، فقد يرفضها جميعا ويرفضك أنت رفضا تاما، غير آسف ولا نادم. وتذكري ما قاله عمر بن عبد العزيز لابنه: " إنني أخشى أن أحمل الناس على الحق جملةً، فيرفضونه جملةً ".
وعن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الله يحب المرأة المَلِقَةَ البزْعة
(أي الظريفة) مع زوجها، الحصان (أي الممتنعة عن غيره) " [رواه الديلمي]
3. لا تكلفيه أن يتحلى مرة واحدة بكل الصفات والفضائل والمكارم التي تشتهين أن
تجتمع فيه. فمن النادر جدا أن تجتمع كل تلك الصفات في شخص واحد!
4. حين يتزوج رجل امرأة، يتعلق بصورتها الحلوة كما رآها في الواقع، ويود أن يحفظ لها هذه الصورة سليمة صافية ساحرة طوال حياته، فلا تشوهي صورتك التي في ذهنه.
حافظي على جمالك وأناقتك، ونضرة صحتك، ورشاقة حركاتك، وحلاوة حديثك، ولا تتحدثي بصوت أجش، ولا ترددي ألفاظا سوقية هابطة، وإذا تخليت عن هذه السمات النسوية المطلوبة، أو أهملت شيئا منها، هبطت صورتك في نظر زوجك، وابتعدت أنت عن الصورة النسوية الرائعة التي ينشدها كل رجل في امرأته.
جاء في وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمرأة الصالحة أنه قال: " ... وإذا نظر إليها (أي زوجته) سرَّته " [رواه ابن ماجة]
5. حافظي على تدينك. التزمي بالحجاب الإسلامي، ولا تتساهلي في أن يرى أحدٌ شيئا من جسدك ولو للمحة عابرة، فإن زوجك يغار عليك ويحرص على ألا يراك إلا من تحل له رؤيتك.
تزوج رجل بنتا أُعجب بحجابها وتدينها، حين ردت على صاحبتها في مناقشة مسموعة، إذ قالت " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ". وقال لها إنه سيظل دائما يتصورها بهذه الصورة الطاهرة السامية: مؤمنة بالله، راضية بقدره، متمسكة بالمبادئ السامية والأفكار الطاهرة. ولعل زوجك يرى فيك مثل ذلك، فلا تحطمي صورتك في قلبه وعقله تجملي لزوجك قبل أن يأتي إلى البيت في المساء، فيراك في أحسن حال. البسي ثوبا نظيفا لائقا، واستعملي من العطور ما يحب، ضعي على صدرك شيئا من الحلي التي أهداها إليك، فهو يحب أن يرى أثر هداياه عليك، وكوني كما لو كنت في زيارة إحدى صديقاتك أو قريباتك.
6. لا تنشغلي بأعمال البيت عن زوجك، فتظهر كل أعمال الطهي والتنظيف والترتيب عندما يأتي الزوج إلى بيته متعبا مرهقا. فلا يراك إلا في المطبخ، أو في ثياب التنظيف والعمل!! قومي بهذه الأعمال في غيابه.
7. رتبي بيتك على أحسن حال. غيري من ترتيب غرفة الجلوس من حين لآخر. ضعي لمساتك الفنية في انتقاء مواضع اللوحات أو قطع التزيين وغيرها.
8. لا تتحسري على العاطفة الملتهبة، ومشاعر الحب الفياضة وأحلام اليقظة التي كنت تعيشين فيها قبل الزواج، فهي تهدأ بعد الزواج وتتحول إلى عاطفة هادئة متزنة
9. إذا كان الرجل هو صاحب الكلمة الأولى في العلاقة الزوجية، فأنت المسؤولة عن النجاح والتوافق والانسجام في الزواج. ومهما بلغتِ من علم وثقافة، ومنصب وسلطان، ارضخي لزوجك والجئي إليه، ولا تصطدمي معه في الرأي. واهتمي في مناقشاتك معه بأن تتبادلي الأفكار مع زوجك تبادلا فعليا، فتفاعل الآراء المثمر خير من استقطابها استقطابا مدمرا.
10. أشعري زوجك دائما بمشاركتك له في مشاعره وأفراحه، وهمومه وأحاسيسه. أشعريه أنه يحيا في جنة هادئة وادعة، حتى يتفرغ للعمل والإبداع والإنتاج مما يجعل حياته حافلة مثمرة.
11. جربي الكلام الحلو المفيد، والابتسامة المشرقة المضيئة، والفكاهة المنعشة، والبشاشة الممتعة، وابتعدي عن الحزن والغم، والهذر واللغو، والعبوس والتجهم، والكآبة والاكتئاب.
12. أظهري لزوجك مهارتك وبراعتك وتفوقك على سائر النساء، وسيزداد تمسك زوجك بك، واعتزازه بصفاتك الشخصية، حين تتقنين كل شيء تعملينه.
13. لا تضيعي وقتك في ثرثرات هاتفية مع صاحباتك، أو في قراءة مجلات تافهة تتحدث عن أخبار الممثلين والممثلات، والمغنين والمغنيات، وفي قراءة قصص الحب والعلاقات الغرامية والأوهام. فما أكثر تلك المجلات في أيامنا، وما أكثر النساء اللواتي يقضين معظم أوقاتهن في قراءة تلك المجلات التافهة الهابطة.
اختاري من المجلات ما يفيد ذهنك وعقلك وقلبك، وما يزيدك ثقافة وتعينك على حل مشاكل البيت والأولاد.
15. اختاري من برامج التلفاز ما يفيدك ويزيدك ثقافة وخبرة، ولا تضيعي وقتك في المسلسلات الهابطة والأفلام المائعة.
16. شجعي زوجك على النشاط الرياضي والبدني خارج البيت. امش معه إن أمكن واستمتعا بالهواء الطلق في عطلة نهاية الأسبوع وكلما سنحت الفرصة لذلك.
17. تخيري الأوقات المناسبة لعرض مشاكل الأسرة ومناقشة حلها، إذ يصعب حل المشاكل قبل خروج زوجك للعمل في الصباح بسبب قلة الوقت، ولا تناقشي أي مشكلة عند عودته من عمله في المساء مرهقا متعبا. ولعل المساء هو أفضل فترة لمناقشة المشاكل ومحاولة حلها، ولا تناقشي مشاكل الأبناء في حضورهم، حتى لا يشعروا أنهم أعباء ثقيلة عليك وعلى زوجك، وأنهم سبب الخلاف بين الوالدين.
18. لا تسرعي بالشكوى إلى زوجك بمجرد دخوله البيت من أمور تافهة مثل صراخ الأولاد. ولا تطلبي من زوجك أن يلعب دور الشرطي للأولاد، يقبض على المتهم ويحاكمه أو يضر به.
19. لا تنتقدي سلوك زوجك أمام أطفاله، ولا تستعملي ألفاظا غير لائقة يرددها الأبناء من بعدها مثل " جاء البعبع " أو " وصل الهم " ...
فبعض النساء، إن تكاسل ولدها في المذاكرة قالت له: لن تنجح أبدا في حياتك فأنت كسول فاشل مثل أبيك، وإذا مرض زوجها قللت من أهمية مرضه، وإن حدثها زوجها بقصة قاطعته قائلة " لقد سمعتها من قبل.. " وغير ذلك من الأمور التي قد تبدو تافهة ولكنها تحمل في طياتها الكثير من الآلام للزوج!!
20. حذار حذار من الإفراط في الغيرة و العتاب، وتجنبي التصرفات التي تؤجج غيرة زوجك، وتبلبل أفكاره. أوصى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ابنته فقال: " إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وإياك وكثرة العتب فإنه يورد البغضاء "
21. إياك أن تغاري من حب زوجك لأمه وأبيه. فكيف نقبل من زوجة مسلمة أن تبدأ حياتها بالغيرة من حب زوجها لأهله، وهو حب فطري أوجبه الله على المسلمين لا يمس حب زوجها لها من قريب أو بعيد؟ وكيف نقبل من زوجة مسلمة أن توحي لزوجها أن يبدأ حياته معها بمعصية الله - تعالى -ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في أهله، يعق والديه ويقطع رحمه من أجل رضا زوجته؟!
وهو ما أنبأ عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن تغيير حال المسلمين وأخلاقهم في المستقبل، فأخبر بأنه في ذلك الزمان: " أطاع الرجل زوجته وعق أمه، وبر صديقه وجفا أباه " [رواه الترمذي]
22. لا تنقلي مشاكل بيتك إلى أهلك، فتوغري صدور أهلك ضد زوجك. بل حلي تلك المشاكل بالتعاون مع زوجك.
لا تستعل على زوجك إذا ما كنت أغنى منه أو أعلى حسبا ونسبا أو أكثر ثقافة وعلما، فلا يجوز استصغار الزوج وانتقاص قدره والتعالي عليه. يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" لا ينظر الله- تبارك وتعالى -إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه " [رواه النسائي والبزار والحاكم وقال صحيح الإسناد].
24. لا تمتنعي على زوجك في المعاشرة الزوجية. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح " [متفق عليه].
وتذكري أن أول حقوق للزوج على زوجه طاعتها له. فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " [رواه الترمذي وصححه].
ولا تصومي نفلا إلا بإذن زوجك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه (أي في غير رمضان) ولا تأذن في بيته إلا بإذنه " [رواه البخاري]
25. لا تنسِ فضل زوجك عليكِ، فقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - تناسي فضل الزوج سببا لدخول المرأة النار، وسمَّاه كفراً. فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
" أُريتُ النار، فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن ". قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير (أي الزوج) ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهرَ، ثم رأتْ منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط " [رواه البخاري].
26. حافظي على أموال زوجك، ولا تنفقي شيئا من ماله إلا بإذنه، وبعد أن تستوثق من رضاه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذنه. قيل يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: ذلك أفضل أموالنا " [رواه الترمذي بسند جيد].
وإذا أعسر زوجك فتصدقي عليه من مالك، وإن لم يكن لك مال، فاصبري على شظف العيش معه لعل الله - تعالى- يفرج عليكما.
27. إذا كنت من الأمهات العاملات، فلا تتصوري أن ما يحتاج إليه زوجك وأولادك هو المال وحده، فتغدق الأم عليهم المال تعويضا عن تقصيرها في أداء مهامها الإنسانية. وهيهات هيهات أن يتساوى اللبن الصناعي مع لبن الأم الرباني الطبيعي. أو يتساوى حنان الخادمة مع حنان الأم.. وطعام الخادمة الكافرة مع طعام الزوجة النظيفة، وتربية المربية الجاهلة مع تربية الأم الواعية.
28. لا تضجري من عمل زوجك، فإن أسوأ ما تصنع بعض النساء هو إعلان الضجر من عمل الزوج. والإعلان يكون عادة في خلق النكد، والدأب على الشكوى، واتهام الزوج بإهمالها.. واللجوء إلى بيت أمها غضبى.
29. تذكري أن الزوج الذي اعتاد أن يرى أمه هي أول من تستيقظ من نومها، ثم توقظ كل من في البيت بعد ذلك، وتجهز لهم الفطور، وتعاون الصغار في ارتداء ملابسهم، لن يرضى بامرأة اعتادت أن تنام حتى منتصف الشمس في كبد السماء. !!
30. تذكري أن البيت المملوء بالحب والسلام، والتقدير المتبادل والاحترام، مع طعام مكون من كسرة خبز وماء، خير من بيت مليء بالذبائح واللحوم وأشهى الطعام، وهو مليء بالنكد والخصام!!
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/73)
العشرة الحسنة
إن من المروءة وطيب العشرة، والوفاء بالعهد أن تحفظ لزوجتك الأولى طيب عشرتها لك، والتضحيات التي قدمتها في سبيل راحتك، فإن كنت تنوي الزواج عليها فتذكر أن المراة قارورة إن كُسرت سوف يصعب عليك جبر الكسر، فكن لطيفا معها بمصارحتك لها في أمر زواجك ولا تفاجئها. واحرص على اقناعها بالتي هي أحسن، نحن لا نقصد أن تطلب منها الأذن في الزواج، كلا، إنما نقصد اقناعها بقبول قرارك بالزواج عليها، والتأقلم معه وذلك بجبر خاطرها بكلمة شفافة صادقة تخفف من وقع الصدمة على نفسها، وتطمينها بحرصك على العدل. وإن كان زواجك عليها لنقص فيها فاحذر أن تصارحها بهذا، وحاول أن تذكر أسبابا أخرى مقنعة لها لا جارحة. وعن موعد ليلة زواجك فاخبار المرأة به من عدمه يعود إلى طبيعتها؛ فمن النساء من ترى أن اخبارها بموعد الليلة خير لها من أن تعيش في عذاب وقلق وبعضهن ترى إن كان لديها علم بزواجه ان تعلم الليلة وإن لم تكن تعرف أصلا أن زوجها سيتزوج عليها؛ فلعل من الأفضل ألا تخبرها بالليلة. حتى لا تتسبب في انهيارها لعظم ما ستجني على نفسها بالتفكير والتخيلات التي قد يكون لها أعظم الأثر على صحتها النفسية والعضوية، فقد سمعنا عن نساء فقدن الوعي في تلك الليلة، وبعضهن قد بدأت رحلتها في تعاطي الأدوية النفسية، وأخريات أصبن بهبوط حاد في الضغط. فكن حكيما في تعاملك معها حين تنوي الزواج عليها. وإن كنت معددا فاستعن بالله، وافتح صفحة جديدة مع زوجاتك وزينها بالعدل وحسن التعامل والرحمة وإن كلفك ذلك الرجوع عن بعض القرارات التي أضرت بإحدى زوجتيك أو كلتيهما، ليس عيبا أن تتراجع عن خطئك أو تصححه؛ فالمؤمن رجاع للحق. لقد خصك المولى جل وعلا بالقوامة لما جبلك عليه سبحانه من الحكمة والرزانة ورجاحة العقل، والصبر والجلد والقدرة على ضبط النساء- سواء كن زوجات أو أخوات أو بنات- فلا تفرِ ولا تفرّط في هذه المزية أو تغفل عنها، فاستخدمها الاستخدام الصحيح، واجعل للرحمة واللطف اهتماما وتقديرا. اعلم أيها الزوج أن الغيرة طبيعة في الزوجة-سواء كانت الأولى أو الثانية- ولقد صدرت من أمهات المؤمنين وهن أتقى وأشد ورعا وأعظم إيمانا فلا تعارض. صحيح أن التمادي فيها من قبل الزوجة مذموم، لكن لا تظن أن معددا كمتزوج بواحدة. فلابد من الهموم و المشكلات والغيرة، والحكمة تكمن في كيفية تهذيبك هذه الغيرة والحد من تماديها والتعامل معها بهدوء لتتجنبها الزوجة حياء وقناعة. ولا تظن أن بقاءك مع الأولى مدة من الزمن بمفردها لا يكون له أثر في رد فعلها تجاه زواجك عليها. لكن احذر أن يكون ارضاؤك أو مراعاتك لها يعود بالضرر على الزوجة الثانية ويؤدي إلى بخسك حقها. فلابد من الموازنة، فإن الزوجات متساويات في الحقوق والواجبات بغض النظر عن كون احداهن الأولى أو الثانية او الثالثة... ليكن تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع غيرة أمهات ام المؤمنين منهج وأساس لك في التعامل مع غيرة زوجاتك. لا تكسر خاطر احداهن بحديثك عن الأخرى وثنائك عليها او على أطفالها، فلا فائدة تُذكر من هذا، وإن كان قصدك تنبيهها إلى معالجتها أخطائها أم تأديبها فإن هذه الطريقة قد لاتكون مجدية. استخدم طرقا أخرى مقبولة، كأسلوب التعريض أو التلميح.. وإن من الحكمة حفظك أسرارهن وخصوصياتهن عن بعضهن، وإن من القوامة تأديب المخطئة منهم بحق الأخرى لكن بهدوء وبدون علم الأخريات بذلك. احرص على العدل بين اولادك وعدم تخصيص أحدهم بهبات أو اعطيات إلا أن يكون لذلك مسوغ شرعي كالعاطل والفقير.. وتذكر دوما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:( فاتقوا الله واعدلوا بين اولادكم) ردا على رجل خص أحد أبنائه بغلام-أي عبد- كان عنده ورد ذلك في صحيح مسلم والبخاري. واعلم ان عدم العدل بين الأولاد من اعظم أسباب الغيرة بين الضرائر. هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على الحبيب وقرة العين..
ـــــــــــــــــــ(111/74)
البلوغ و المراهقة لدي البنات
تبدأ هذه التغيرات في بداية مرحلة البلوغ قبل ظهور الطمث بحوالي سنتين وهذه التغيرات هي تغيرات مرئية ومحسوسة ويمكن أن نلخصها كالآتي:
1- تغير في صوت البنت تجاه الطبيعة الأنثوية.
2- زيادة في وزن الجسم.
3- امتلاء الجسم واستدارة الأجزاء الخاصة بالأنثى.
4- ظهور شعر العانة وشعر ما تحت الإبطين.
5- نمو الثديين واستدارتهما.
6- زيادة في درجة ذكاء البنت.
وفي ملاحظة الأم لأي من التغيرات السابقة على ابنتها يجب عليها اتباع هذه التوجيهات والنصائح حتى تستطيع هي وابنتها مواجهة هذه التغييرات بدون حرج وبدون أي آثار جانبية على نفسية وسلوكيات البنت:
1- يجب على الأم أن تفهم ابنتها أن هذه التغييرات هي تغيرات طبيعية ولابد من حدوثها لأي بنت عندما تبلغ هذه السن.
2- تفهيم البنت أنها من هذه اللحظة أصبحت أنثى كاملة النضج وأنها مكلفة بأداء كافة العبادات المفروضة عليها وعلى الأم أن تقرن أي أمر أو تكليف بآية قرآنية أو بحديث نبوي شريف (يمكن للأم أن تستعين ببعض الأشرطة الإسلامية المناسبة).
3- يجب على الأم أن تلزم ابنتها بالحجاب الشرعي وذلك بتغطية جميع أجزاء جسمها بالملابس الفضفاضة التي لا تشف ولا تصف قال الله - تعالى -: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونسآء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً) [الأحزاب: 59].
وقد قاس بعض العلماء الحجاب للمرأة بالصلاة حيث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: (مروهم بالصلاة لسبعٍ واضربوهم على تركها لعشرٍ وفرقوا بينهم في المضاجع).
ومن هنا فتؤمر الفتاة بالحجاب الكامل في السابعة من عمرها وإن لزم الضرب عليه فيكون في العاشرة من العمر وذلك لأن الأطفال في هذه السن الصغيرة يمكن ترويضهم وتعويدهم على اكتساب القيم وتدريبهم عليها قبل الدخول إلى مرحلة التمرد والرفض ألا وهي مرحلة البلوغ والمراهقة.
كما يجب عليك أختي المسلمة أن تدربي ابنتك أو بناتك على الحجاب وهن في سن الرابعة وفي الخامسة والسادسة من العمر رغبي فتاتك في لبس الحجاب وعديها بالهدايا إذا حافظت على حجابها وحينما تبلغ السابعة مريها بالحجاب أمراً رادعاً وأكثري من كلمات الثناء والتشجيع والترغيب إذا ما أطاعت الأمر ولبست الحجاب راضية، كما يجب عليك أن تقرني أوامرك هذه بآيات قرآنية وأحاديث صحيحة وقصص لأمهات المؤمنين والصحابيات بما يتناسب مع فهم فتاتك الصغيرة، أما إذا لم تطع الأمر حتى سن العاشرة فيجب عليك أيتها الأم المسلمة أن تستعملي معها وسيلة الترهيب والتخويف من السفور والإختلاط وعذاب النار وغضب الله - سبحانه وتعالى -، أما إذا لم ينفع كل ما سبق ذكره فيجب أن تضرب الفتاة ضرباً غير مبرح ووفق ضوابط تربوية شرعية.
4- على البنت أن تتحجب عن الرجال ولا تجلس في مجالسهم قال - تعالى -: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من ورآء حجاب ذالكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن).
فهذه الأية المراد بها أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن الخطاب شامل لبقية نساء الأمة، بل إن نساء الأمة أولى بهذا الخطاب، فإن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أحصن النساء وأبعدهن عن الفواحش وذلك لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهن.
5- يجب على البنت أن لا تمد يدها لمصافحة أي رجل غريب عنها لأن هذا يؤدي إلى الفتنة والشر سواء كان هذا الرجل عجوزاً أم شاباً، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إني لا أصافح النساء).. وقالت عائشة - رضي الله عنها -: وقد ندبنا الله للاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له).
6- يجب تفهيم البنت من هم المحارم وغير المحارم من الرجال بالنسبة لها حتى تشب وهي ملمة بهذه المعلومات وبذلك يكون من السهل على الأم توجيهها وقيادتها.. قال - تعالى -: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنآئهن أو أبنآء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسآئهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) [النور: 31].
7- يجب على الأم أن تمنع الإختلاط بين بناتها وبين الأولاد المقاربين لها في السن سواء من الجيران أو الأقارب، لأن الإختلاط يؤدي إلى الفتن و((الكوارث))!! والفواحش التي من الممكن ألا يكون لها أي حل أو علاج.. كذلك تبين الأم لابنتها المصائب التي حلت على المجتمع الأوربي نتيجة الإختلاط وأن الإختلاط يفقد البنت كرامتها وهيبتها في حين أن الإسلام رفع شأنها وصان عرضها وحافظ على كرامتها وتوعد وهدد من أراد الإساءة إليها.
قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يخلو رجل بإمرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).
وأيضا تمنع نوم أولادها الذكور مع الإناث في فراش واحد وخاصة إذا بلغوا سن العاشرة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع)..
وهنا أحب أن ألفت نظرك أختي المسلمة إلى نقطة هامة وأساسية قبل أن تبدئي بتوجيه هذه النصائح لابنتك كوني أنت أولاً القدوة الحسنة لها فحينما تكونين ملتزمة بما أمر الله مثلاً أن تلتزمي الحجاب الشرعي ولا تقابلي الرجال ولا تخالطيهم ونحو ذلك.
وبهذا تتعلم منك ابنتك هذه المثل عن رضى واقتناع، وربما تطلب منك ابنتك تقليدك في زيك وتصرفاتك منذ صغرها وبدون أمر وبذلك لن تجدي أيتها الأم المسلمة أي صعوبة في سياسة ابنتك وتعليمها وتطبيقها ما تريدينه من أحكام الشريعة الغراء.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/75)
مولود في زمن المخاض
أ. مها أبو النجا
"واء..واء..واء" صرخاته المتتالية تتجاوز حدود الغرفة الكئيبة وتتسرب من الجدران المطلية بالسواد والحداد.
بكاؤه المتواصل يحزن المتألمين داخل الحجرات المتأوهة يقتربون منهما ونظرات الرحمة تملأ أحداقهم الداكنة. المواسية لفجيعتهما.. يلتفون حولهما يمسدون جراحهما ويتفوهون بكلمات عزاء لا تبقى في ذاكرتها..
تنبس شفتاها بكلام غير مفهوم، تتركهم وتجوب مساحة الحزن ذهاباً وإياباً تردد أسماءهم.. وتستحضر أجسادهم الفانية. عيناها تفقدان لونهما وروحهما، تعكسان صور لقطعها الهالكة. وعائلتها المبتورة.. منذ معاناتها من آلام المخاض والحادث الأليم لا يرقأ لها دمع، ولا يهدأ بها مضجع يريح أعصابها المنهارة من وقع الصدمة، تقف في منتصف الحجرة.. صراخه يوقظ مشاعرها الملتهبة.. تدنو من مهده الباكي تحضنه بقوة تدفن وجهها في قلبه الصغير تنصت لنبضاته؛ لتستمد منه الرغبة في الحياة، وأجزاء سعادتها المسلوبة منها.
تشتم رائحته المنبعثة من جسمه الهش.
استنشقتها قبل عدة سنوات، لهما نفس العبير الطفولي، والملامح المتشابهة واللمسات الأولى.
سمع المتجاورون نواحهما المشترك، تأملوا دموعها الممتزجة بمرارة الواقع، تحاول تهدئته وفَثْأَ لوعته، تضمه إلى صدرها يمتص أحاسيسها المتألمة يتذوق ملوحتها اللاذعة فتزيد من تشنجاته وانقشاع لونه..
"تهدهده" بأغنية حزينة، وتحكي له قصة الأسرة المأساوية تنادي على زوجها وولديها..
تراهم بعينيين متورمتين.. يقبلون عليها ويطبعون قبلاتهم على جبينها المتجعد..
طيفه يتراءى لها من بعيد.. يقترب منها البرودة تفيض من خياله.. يبتسم لها " يناغي "
مولوده الجديد، يردد معها أرتام "الأغنية الصامتة" يتحرك في كل الاتجاهات، يصدر أصواتاً غريبة ويتذكر أشخاصاً قد هجرهم منذ زمن، يوصيها بالاعتناء بنفسها وولدها الصغير ويؤكد لها على تفانيه والإخلاص لها.. ويطلق كلمته الأخيرة " لا تنسينا ".. يرتدي "بيجامته" تنفست الصعداء، وحدثت نفسها " سيخلد إلى النوم سينال قسطاً من الراحة "
تراقبه بارتياب يتجه تحو النافذة تعرقل مسيرته المتقدمة.
تسأله عن مصير الطفلين.. يصوب نظره باتجاه المنزل يطلق سراح يديها ويخرج مع الغبار دون الالتفات للوراء..
يقود سيارته بسرعة هائلة، صوت اصطدام يزلزل أركان الشارع الأحمر تنغرس قدماها في الأرض الصلبة.. يد خفية تدفعها نحو النافذة.. تصل إليها بصعوبة بالغة..
شهقت.. حرضت بريقها، أجزاء حديدية مفرومة على الطريق، شظايا إنسان مبعثرة تعانق الألم وتنزف دماء ً حارة، تهبط السلالم الطويلة، "الآخرون" يتأملونها بشفقة، ويترحمون على أمواتها، ويدعون لها بثبات العقل، تجمع أعضاءه الدامية يتلطخ ثوبها بلون كريه، تصرخ " أين الولدان؟ " "ترفع بصرها تنظر إلى" المحاجر" المعلقة على " الشبابيك " يشيرون بأصابعهم إلى مكان تعرفه، تحفظ تفاصيله عن ظهر قلب، تسرع حافية القدمين متأوهة من وخز الأشواك النافرة تسمرت أمامه.. لمسته بيديها.. شعرت بتجمده وتصلب أضلاعه فارقته الأرواح الخائفة توجه له لطمات قاسية لتحطم أسواره وتتخطى العتبة الأمامية.. يُفتح الباب الرئيسي لها ويدعوها لرؤية المنظر الرهيب.. حبست أنفاسها.. وتفشت المساحة البيضاء في رأسها رأت أطرافاً لينة متخاذلة، وعيوناً مشرعة على مصراعيها تختلط فيها نظرات العتب والرعب وحناجر متخشبة من الاستنجاد.. جسدان محبوسان داخل قفص حجري حائل للصوت والحرارة.. تتراجع تقطع المسافات المرتجفة من هول المشهد، يصيبها الهذيان والذهول، تدور.. وتدور.. تسقط فاقدة الوعي والشعور تحمل على " نقالة خشبية " تُحجز في الحجرة المعقمة.. تفقد رونقها وأحلامها تنصت لنحيبه.. تمعن بصرها في قسماته.. يرفع يديه تحوها، تحمله وتعده بقرار التفرغ لتربيته والحرص
على هدوئه واستقراره دون الاستسلام لضغوطات داخلية وخارجية.. تختار منزلاً جديداً تدخر فيه ذكرياتها الشجية.
رأى المقربون من خلف الزجاج أمّاً أرملة تدلل صغيرها وتحكي له قصة حزينة تفرح لخطواته الأولى المتماثلة، ولتفوقه في دراسته، وتعيد شريط " الفيديو" لحفلة تخرجه من الجامعة.
تعد الأيام على انتهاء بعثته الخارجية، و" تزغرد" له في زفافه يودعها إلى بيته الآخر وتبقى وحيدة بين زوايا مأواها الدفين تبثه أسرارها وأحزانها ينصت لها وينصت.. ويكتم أوجاع أشطر حياتها الباقية..
08-شوال-1426 هـ
09-نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/76)
حل المشاكل بلا مشاكل (1/2)
أ. هاني العبد القادر
ذكرنا في مقالات سابقة عن الأساليب العملية في التعامل مع المراهقين، وذكرنا أن الموضوع يندرج تحته محوران اثنان، هما: بناء الصداقة الذي تحدثنا عنه سابقاً، وحل المشاكل بلا مشاكل، والذي يندرج تحته عدة عناصر أيضاً، هي إجمالاً:
أ – طوّل بالك.
ب – اقبل ابنك بعيوبه.
جـ - الخطوات الخمس لحل مشكلة ابنك.
د – أسلوب "أنا" لحل مشكلتك.
هـ - اعترف برأيه.
و – الحزم اللطيف.
ز – دعه "يتوهق".
العنصر الأول: طوِّل بالك:
إن تقصيرنا مع ابننا المراهق في وقت الطفولة في جانبين مهمين، وهما: تقوية علاقته بالله وتقوية صداقتنا معه يسهم في حدوث بعض المظاهر المزعجة في مرحلة المراهقة، وبدل ما نستمتع مع أبنائنا نتعب ونتعبهم معنا في صدامات ومشاكل، وتمر علاقتنا معهم في أسوأ مراحلها، وتصبح فعلاً بحاجة إلى طولة بال، وهذا ما سنتحدث عنه في العنصر الأول من عناصر حل المشاكل بلا مشاكل،وهو: طول بالك .
من العجيب والغريب أن يصبر الزوج على الاضطرابات النفسية التي تمر بها زوجته في مدة العذر الشهري وفي مدة الحمل وما بعدها يصبر ويتحمل ولا يخطر في باله أن زوجته تمس كبرياءه أو تتحدى سلطته وقوامته في البيت بهذه التغيرات بل يرحمها ويعطف عليها ولا تستفزه هذه الأمور، في الوقت نفسه ابنه يمر بتغيرات في كل جسمه ونفسيته، وليست أياماً بل سنوات، يكون فيها المراهق في أمَس الحاجة لنفس التفهم ونفس المودة ونفس الرحمة، فإذا بالأب يفسر تصرفات ابنه على أنها تعدٍّ على مكانته وتحدٍّ لسلطته واستفزاز لكرامته، ويبدأ يستنفر قوته حتى يضعها في مواجهة عنيفة مع ابنه المراهق، هذا الناشئ الذي يلملم أطراف شخصيته، يجد نفسه في مواجهة مع والده يستخدم فيها كل الأسلحة في صدامه يضع قوته كلها على قطعة من قلبه لماذا؟ لماذا يؤذي الأب ابنه ويؤذي نفسه بنفسه ويضرب قلبه بيده؟ هذا بدل أن يراعي تغيرات ابنه كما يراعي تغيرات زوجته، ويصبر على اضطراباته كما يصبر على اضطرابات زوجته ويغمر الاثنين بالحب والرعاية.
كل مراهق ومراهقة بحاجة إلى تفهم والديه ومراعاة هذا الظرف المؤقت الخارج عن إرادته، وأن يقف معه لا ضده، ويراعون هذه الانفعالات التي تتراكم وتتجمع في نفس المراهق كما يتجمع الهواء الحار في القِدْر، الانفعالات متراكمة في قلب صغير يضيق بها، يحتاج إلى أن يخرج قليلاً من الهواء الحار، وفي لحظة إخراجه لهذا الهواء الحار يحتاج إلى معرفة كيفية إخراج هذه الانفعالات باللباقة والذوق ومراعاة الآخرين؛ لأنه في عالم ثان تشغله انفعالاته الداخلية عن تصرفاته الخارجية، ولا يخطر في بالك أنه يقصد إيذاء أحب الناس عنده، وهم والداه عندما تسمعه مثلاً يعاند أو يرفع صوته أو يصفق الباب بقوة.
والحقيقة أقول للآباء: أسأل الله أن يعينكم ويجزيكم على صبركم وضبطكم لانفعالاتكم تجاه الظواهر المزعجة _والحمد لله_ أنها ظواهر مؤقتة تنتهي بانتهاء المرحلة، لذلك نقول للأب العصبي: ريح نفسك ولا تدقق كثيراً، واسأل نفسك، هل يتعمّد ابنك أو بنتك إغضابك بقصد الإيذاء؟ نسينا ماذا كنا نعمل مع آبائنا لما كنا في عمرهم؟ رغم حبنا الكبير وتقديرنا العميق لآبائنا، إذن لماذا نتشدد كثيراً ونزعل أنفسنا عندما نطالبهم بالذي نحن لم نكن نعمله، ثم نوهم أنفسنا أن عيالنا لا يحبوننا كما كانوا أولا أو لا يحترموننا، أُقَدِّر أن تصرفات المراهقين أحياناً تشكل تحدياً كبيراً لقوتنا في ضبط انفعالاتنا، لكن هذا التحدي هو الحد الفاصل بين الأب القوي القادر على ضبط نفسه والتحلي بالرفق والحلم، وبين الأب الضعيف العاجز عن السيطرة على انفعالاته وأن يملك غضبه فضلاً عن السيطرة على أبنائه وأن يملك قلوبهم، قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب" متفق عليه.
أبناؤك أولى من تملك غضبك عندهم وترفق بهم وتعفو عنهم استمع معي لهذا الحديث الوارد في صحيح الجامع الصغير، قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: ]اعفوا عنهم[ يقصد عن الخادم في كل يوم 70 مرة، يا الله! وهذا خادم، عيالك بالرفق أولى وبالعفو أحق وهم لن يعملوا أكثر مما عمل أبناء يعقوب _عليه السلام_ يأتيه أبناؤه وقد نفذوا جريمتهم، واستمع لرده عليهم، وهو يعرف أنهم ارتكبوا جريمة في يوسف _عليه السلام_، }قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً{(يوسف: من الآية18) وارتكبوا جريمتهم مع مَن؟ مع الذي جمع علامات النبوة، وأوتي شطر الجمال، حتى إذا حسن باطنه وحسن ظاهره فجع يعقوب على ابنه، ومن الذي يفجعه؟ أبناؤه، هل هناك أشنع من هذا؟ ورغم هذا ما عاتبهم بكلمة ولا سألهم ولا حقق معهم ولا قاطعهم إنما توجه إلى اللطيف الخبير، وقال: }فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ{ (يوسف: من الآية18) أفلا تصبرون أنتم على أقل من هذا بكثير.
أنا واثق أنكم تستطيعون أن تصبروا على الأخطاء المؤقتة التي تنتهي بانتهاء المراهقة، بل تستطيعون الصبر على أكثر من أخطاء مؤقتة حتى العيوب الدائمة تستطيعون أن تتقبلوا أبناءكم رغم هذه العيوب، وهذا هو العنصر الثاني من عناصر حل المشاكل، وهو: اقبل ابنك بعيوبه.
العنصر الثاني: اقبل ابنك بعيوبه:
يجب أن نكون واقعيين في الإصلاح مع استخدام الحكمة ونترك الأحلام المثالية، ابنك بشر مملوء عيوباً حاله حال غيره، والشاعر يقول:
ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
ما معنى أننا غضينا الطرف عن عيوب الأزواج والزوجات والأقارب والأصدقاء، وأشعرنا كل هؤلاء الناس بقبولنا لهم رغم عيوبهم، وأتينا لأولادنا وقعدنا لهم، ربما تقول هؤلاء لا أقدر أن أغير فيهم شيئاً، لكن ولدي وبنتي لي سلطة عليهم..
نقول: طيب دعك من الآخرين انظر إلى عيوبك أنت شخصياً وأنت أمير نفسك، وتستطيع تغييرها، ورغم ذلك فيك عيوب من رأسك إلى أخمص قدميك، وتعرفها جيدا، وقبلت نفسك رغم عيوبك، كما تنظر لنفسك انظر لأولادك، يا أخي ابنك ليس مثالياً وابنتك كذلك، ولن يكونوا أحسن الناس أخرجها من بالك.
ولذلك تأكد فقط أنك وصلت لهم المعنى العظيم، أنا أقبلك يا ولدي رغم عيوبك، أنا أقبلك يا ابنتي رغم عيوبِك.
قبولك لابنك بعيوبه والصبر على أخطاء المراهقة يقوي علاقتك معه بشكل يساعدك على التخفيف التدريجي من هذه العيوب، إضافة إلى أنه سوف يشعر بالأمان أكثر ويصارحنا بهمومه ومشاكله الخاصة، عندها سنساعده أنه يحل مشكلته بنفسه، وهذا هو موضوع العنصر الثالث من عناصر حل المشاكل، وهو: الخطوات الخمس لحل مشكلة ابنك.
الخطوات الخمس لحل مشكلة ابنك:
أم عبد الله كانت تعرف هذا العنصر، وفعلاً تركت ابنها يحل مشكلته بنفسه جاء عبد الله لأمه، وقال: يا أمي عندي شيء أريد أن أقوله: أبي شمَّ في ثيابي رائحة دخان وظن أني أدخن، ومن ذلك الوقت وهو لا يكلمني، وأنا -والله العظيم- ما دخنت وإنما كان معنا واحد يدخن، وثبتت الرائحة بثيابي، لا أدري ما رأيك يا أمي؟ (قبل أن نقول ماذا قالت أم عبد الله)دعونا نسمع ماذا نقول نحن لو كنا مكانها (تستاهل تستاهل من قال لك تمشي مع ناس يدخنون، من حق أبيك أن يقاطعك ويطردك من البيت،أنت لست منضبطاً يا عبد الله، لا في صلاتك، ولا في دراستك، ولا مع إخوانك، وأصدقاؤك حالتهم سيئة، هل يعجبك ما حصل لك؟! يا عبد الله لم لا تصبح رجلا، وتحافظ على الصلاة وتهتم بدراستك وتبتعد عن السيئين الذين تصاحبهم، والذين لا يرضوني ولا يرضون أباك، نحن ماذا نريد يا عبد الله؟ نريد مصلحتك) هذا هو الذي نقوله في مثل هذا الموقف، كلام مضمونه نصائح مباشرة، وانتقاد ولوم، وتأثيره الواقعي صفر، هذه هي الحقيقة.
البديل أن نعمل الذي عملته أم عبد الله أراحت نفسها من النصائح واللوم واقتراح الحلول، وجعلت عبد الله يحل مشكلته بنفسه من خلال خمس خطوات أساسية استخدمتها أم عبد الله:
1 – أنا أحس بمشاعرك.
2 – ما الحلول الممكنة؟
3 – ما أحسن الحلول؟
4 – السؤال والمتابعة.
5 – أسأل الله أن يوفقك.
خمس خطوات يمكننا استخدامها في مساعدة أبنائنا لمواجهة مشاكلهم.
استمع لأم عبد الله وهي تنفذ الخطوة الأولى (أنا أحس بمشاعرك)، ولاحظ كيف تصف مشاعره وتعذره في مخاوفه: (واضح من كلامك أنك مهموم ومتضايق؛ لأن أباك قد قاطعك، وتتمنى لو لم يحصل هذا الموقف حتى لا يسيء الظن بك، وأكيد أنك محتار، يحق لك، لو كنت مكانك سأحس مثلك بالإحراج والحيرة، ولا أريده أن يغضب علي ويقاطعني؛ لأني مثلك أحبه وأحترمه.
أصبح الآن متهيئاً للخطوة الثانية: (ما الحلول الممكنة؟) تقول طيب يا عبد الله حصل ما حصل، ما رأيك؟ ما الذي نستطيع عمله الآن؟ قال: يا أمي تستطيعين أن تكلميه؟ تقول الأم: هذا حل، ما الحلول الأخرى؟ سكت قليلاً، وقال: أنا أكلمه لكن أخاف أن يغصب علي،ما رأيك أن نكلمه معاً؟ تقول الأم: ما عندي مانع، لكن دعنا نفكر، ربما هنالك حلول أخرى، قال عبد الله: فكرت أن أكتب له رسالة، قالت: جيد.. ماذا أيضاً ؟ قال: وأحاول أن أرضيه في الأشياء التي يريدها، يعني: أبي يريدني أن أجلس أكثر، قالت: ممتاز هل هناك شيء آخر؟ قال: وأحافظ على الصلاة، قالت: أحسنت بقى شيء مهم يا عبد الله، قال: وأحاول ألا أسير مع هؤلاء الشباب. إلى هنا انتهت أم عبد الله من الخطوة الثانية، وهي:ما الحلول الممكنة؟
الآن تبدأ في الخطوة الثالثة، وهي: (اختيار أفضل الحلول).
قالت: جيد.. ما رأيك الآن؟ أنا أكلمه أو تكلمه أنت ، أو نكلمه جميعاً؟ أو تكتب له رسالة؟ قال: لا أنا أكلمه لوحدي أحسن. طيب ماذا ستقول له؟ سأقول له: كذا كذا كذا ..
عبد الله استطاع أن يحدد الذي سيقوله؛ لأن أمه ساعدته كثيراً على اتضاح الرؤية عنده، بقي أن ينفذ كل الذي اختاره ثم تكون الخطوة الرابعة، وهي: (السؤال والمتابعة).
تقول الأم فيما بعد: هاه بشر.. ما أخبار موضوعنا؟ تسأل ومثل ما بدأت حديثها معه بالرحمة واللطف تختم بالخطوة الخامسة بدعاء محب متفائل: أسأل الله أن يوفقك ويعينك ويصلح ما بينكما.
أم عبد الله تعمدت أنها لا تقدم نصيحة أو تقترح حلولاً إلا إذا طلبها عبد الله، ربما هو غير محتاج لهذه النصائح، وبهذه الطريقة يزيد قيمة نصيحتها واستعداده لتنفيذها.
يقول مهدي عبيد في كتابه (سؤال وجواب ونصائح في تربية المراهقين): "وأكثر النصائح تقبلاً هي التي تقدم للمراهق بناءً على طلبه".
وبالمقابل أقل النصائح تقبلاً هي التي تأتي بدون طلب وتتكرر على مسامع الأذن حتى تموت هذه النصيحة ويموت تأثيرها في قصة عبد الله لو واجهت الأم مشكلة أخرى متوقعة، وهي أن ابنها يستصعب أن يترك أصدقاءه السابقين، ماذا تعمل أم عبد الله؟ تتعامل معه على أنها مشكلة ثانية، وتأخذ نفس الخطوات الخمس لحل مشاكل الأبناء، وهي:
1 – أنا أحس بمشاعرك. 2 – ما الحلول الممكنة؟
3 – ما أحسن الحلول؟ 4 – السؤال والمتابعة.
5 – أسأل الله أن يوفقك.
عند تطبيقك لهذا العنصر مع ابنك المراهق قد تواجهك ردود فعل سلبية من المراهق لا تساعدك على الانتقال من خطوة إلى خطوة، ما الحل؟
نقول: حاول بقدر استطاعتك أن تجعل توجيه الحوار بيدك من خلال التغاضي عن هذه التصرفات السلبية، والتعامل بحكمة ولباقة، وبما يتناسب مع طبيعة ابنك التي أنت أدرى بها، وكل ما ابتعد الموضوع رُدَّه بهدوء وبأسلوبك الخاص، المهم أن تجعل حل المشكلة يكون من ابنك وليس منك، لكن لو كان الوضع أسوأ، ورأى الأب أن أبناءه يكذبون عليه أو لا يصارحونه أصلاً، بل يتحاشون الكلام معه، ويرهبون من مجالسته، في هذه الحالة ندعو الله أن يكون في عون هذا الأب، لا شك أن كذب أبنائه عليه أو عدم رغبتهم في الجلوس معه فضلاً عن محادثته لا شك أنها تضايق الأب كثيراً وتشعره بالحيرة، نقول له: استعن بالله، وابذل جهدك للتقرب أكثر من أبنائك، وزد من ثقتهم وحبهم، واستخدم ما تستطيع من أساليب هذه المقالات، وستجد أبناءك _بإذن الله_ يقتربون منك أكثر ويتجاوبون معك بشكل أفضل، وربما صارحوك أحياناً، ماذا لو كان صاحب المشكلة ليس المراهق، وإنما الأب هو صاحب المشكلة، وسببها الابن المراهق ما الحل؟ كيف يحدث تواصل ناجح بين مشاعر الأب المنزعجة ومشاعر المراهق المتقلبة، ونحل المشكلة بدون أن نحدث مشكلة أخرى بين الأب وابنه؟ هذا هو حديثنا في العنصر الرابع من عناصر حل المشاكل وهو أسلوب (أنا) لحل مشكلتك، نتناوله بالحديث في مقال قادم –بإذن الله-.
حل المشاكل بلا مشاكل 2-2
أ. هاني العبد القادر
تحدثنا في مقال سابق عن الأساليب العملية في التعامل مع المراهقين، وذكرنا بعضاً من العناصر التي تساهم في حل المشاكل بلا مشاكل، وهي
أ – طوّل بالك.
ب– اقبل ابنك بعيوبه.
جـ - الخطوات الخمس لحل مشكلة ابنك.
د – أسلوب "أنا" لحل مشكلتك.
هـ - اعترف برأيه.
و – الحزم اللطيف.
ز – دعه "يتوهق".
وتوقفنا في حديثنا عند العنصر الرابع:
"أنا" لحل مشكلتك
أم خالد قضت العصر تنظف الصحون وترتب المطبخ بعدما تعبت ورتبت دخل خالد المطبخ يبحث عن أكل، أخرج قدراً من الثلاجة والصينية من الفرن، وأكل وشبع وترك القدر مفتوحاً، وترك الصينية والصحون التي أكل منها وبقايا العصير ، المهم أنه بعثر المطبخ وخرج.
غضبت أم خالد، ترتب وتنظف وتتعب، ويأتي هذا يضيع تعبها دون إحساس بهذا الجهد، كان يمكن أن تتكلم عليه وتنتقده، لكن هذا كله لن يغير ولدها، لذلك أحسنت لما سكتت ومسكت لسانها وهدأت نفسها، وراحت لخالد، وقالت له بكل هدوء: يا خالد أنا أقضي وقتاً طويلاً في ترتيب المطبخ وتنظيف الصحون ، وعندما تدخل وتترك بقايا أكلك بهذا المنظر تضايقني كثيراً وتحسسني أن تعبي ضاع ولم أعمل شيئاً، لابد أن أرجع وأرتب من جديد، بكل بساطة رجع يرتب المطبخ؛ لأن خالدا وأي مراهق يحب أمه ولا يقصد إيذاءها.
انتهت المشكلة بكل هدوء لما استخدمت الأم أسلوب "أنا" لحل مشكلتها بدل النقد والتجريح والصراخ الذي يتعبها ولا يفيد، هذا الأسلوب يعتمد على وصف مشاعر المتكلم: استخدام كلمة أنا – أنا يتعبني كذا – أنا أتضايق من كذا – أنا أحب كذا – أنا يعجبني كذا .
سر التأثير في هذا الأسلوب أنه يركز على آثار السلوك ليس السلوك نفسه، وهذا الذي عملته أم خالد، تكلمت عن آثار التصرف على نفسيتها، ولم تتكلم عن التصرف نفسه، وأنه غلط وقلة حياء، أو أنك لا تفكر إلا بنفسك.
دعونا نأخذ مثالاً آخر: الولد يتأخر عن البيت، والوالدان مشغولان عليه، المشكلة الآن تزعج، من تزعج؟
الآباء لا شك، والابن مسرور، استمعوا للأب وهو يستخدم أسلوب "أنا"، ويصف آثار السلوك على نفسيته، يقول الأب: فلان ينشغل بالي عليك كثيراً، وأقلق وأنزعج عندما تتأخر عن الساعة التاسعة، عبارة قصيرة وصفت المشاعر بدون غضب أو احتقار للابن وافتعال مشكلة أو صراخ.
يستطيع الأب أن يقول: أين كنت تدور في هذه الليالي، ما تفهم الكلام؟ كم مرة قلت لك: لا تتأخر عن الساعة التاسعة .
ولأن الأبناء يختلفون في استجابتهم للأساليب التربوية لذلك مع بعض الأبناء قد لا يفيد هذا الأسلوب، لكن بشكل عام التعبير بهدوء وصدق واختصار عن مشاعر الوالدين بدون نقد أو توجيه مباشر له الأثر الكبير في نفس المراهق.
أيضاً لا نستخدم أسلوب "أنا" فقط للمشاكل، أختي الفاضلة: البنت أخيراً رتبت غرفتها إنجاز أعبر لها عن مشاعري باستخدام كلمة "أنا" تقول الأم مثلاً : أنا مسرورة من ترتيب الغرفة أصبح شكلها جميلاً الأوساخ في سلة المهملات، والملابس في مكانها، والسرير مرتب، والتسريحة منظمة سوف تفرح البنت، وتحرص دائماً على معرفة مشاعرك المختلفة.
من أسلوب (أنا) وعباراته المؤثرة جداً عندما تقول الأم: أنا آسفة يا بنتي هل تسامحيني يا سلام ما أجمل الاعتذار، وكيف أثره الرائع في تقوية العلاقة بين أفراد الأسرة، يقول الله _تعالى_: }ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{ (فصلت: من الآية34).
إذا اعتذر الآباء تعلم الأبناء كيف يعتذرون ولا يستحون من الاعتذار، ويتعلمون أن الحق أكبر من الناس، ويزداد حبهم وتقديرهم لآبائهم، يقول فاخر عاقل في كتابه (رحلة عبر المراهقة): "المراهق يحترم الوالد الذي يعترف بخطئه أو جهله أو حتى عدم عدالته أما الذي لا يستطيع الابن نسيانه، فهو رفض الوالدين هذه الاتهامات إذا كان يعرف أنها حقيقية" .
أسأل الله _تعالى_ أن يحمينا وإياكم من الكبر، وأن يجعلنا ممن يعترف بأخطائه ويعتذر منها، ويقول الحق ولو على نفسه، قال _تعالى_: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ { (النساء: من الآية135)، وقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: ]قل الحق ولو كان مراً[ أسلوب "أنا" يساعد المراهق على تقدير مشاعر الآخرين وعلى تقبله لتغيير الخطأ.
ذكرنا كيف يزداد تقديره لوالده عندما يعترف هذا الأب بخطئه، هذا يشعر المراهق بالعدل وأنه ليس وحده الذي يغلط، هناك أمر آخر يزيد من تقدير المراهق لوالديه، ويزيد استجابته لهم، ويزيد من شعوره بالعدل، ويقلل المشاكل كثيراً، وهو: الاعتراف برأيه، وهذا هو موضوع العنصر الخامس من عناصر حل المشاكل.
العنصر الخامس: اعترف برأيه:
يقول د.عبد العزيز النغيمشي في كتابه (المراهقون): "يجب على المربين تدريب المراهقين على الحوار والنقاش وتبادل الآراء" .
أول خطوة في الحوار الناجح مع المراهق هي الاعتراف بأن آراءه ومواقفه تستحق الاستماع، تذكر الآن شخصاً عزيزاً عليك جداً وتخيل نفسك كيف كنت تستمع له لتفهمه وتشعره بقربك منه، لا بد أنك انتبهت له انتباهاً كاملاً ،وتركت كل الذي بيدك وعدلت جلستك من أجله كأنك تقول له: أنت أهم عندي من أي شيء آخر، عندما تعيش هذا الاستماع الراقي مع ابنك المراهق لاحظ تعابير وجهه مع كل حركة تحسسه فيها بأنك تحبه وتحب أن تسمع له، ستقرأ في عيونه كلمة: "شكراً لأنك لم تقاطعني أو تكمل عباراتي بالنيابة عني، شكراً يا أبي لأنك كنت تحاول أن تفهمني، وغير مشغول بتجهيز الرد الذي ستسكتني فيه".
ابنك سيشعر بحبك وحرصك على فهمه عندما يعرف أنك لم تتضايق من أسلوبه غير الناضج في تعابيره عن نفسه، وركزت على الأفكار الأساسية من أجل هذا غضيت النظر عن ارتفاع صوته، وتجاوزت له الكلمات الانفعالية، وركزت فقط على الأفكار التي يقولها، وتعاملت معه بصدر واسع وعقل يرحب بتعدد وجهات النظر، ويفترض أن الصواب قد يكون عند ابنه مثل ما يكون عنده بدون أن يقع في خطأ بعض الآباء، فيربط بين عدم اقتناع ابنه بقناعاته ونصائحه وبين قلة الاحترام والمحبة.
المراهق يريد أفكارك يريد ملاحظاتك، لكن ليس معناه أنه لابد أن يوافق على أفكارك ويقتنع بها، أنت بدورك انتهز كل فرصة ممكنة للترحيب بهذا الاختلاف في وجهات النظر، استخدم عبارات تشعره باحترامك العميق لرأيه، مثل: رأيي يختلف قليلاً عن رأيك، لكن من حقك أن يكون لك رأيك الخاص، أو قد لا أتفق معك مئة بالمئة لكن لا أقدر أقول لك: إن رأيك خطأ أو هذا رأيي وهذا رأيك وأنا وإياك نرجع للدين ونرى أين الصواب، أو تقول: أنت صح يا ولدي وأنا غلطت،كيف يكون تأثيرها على نفسك لو كان أبوك في عز مراهقتك هو الذي يقول لك: أنت صح يا ولدي وأنا غلطت! لغة جديدة لم يتعودها أبناؤنا، يتعلم منه أن رأيه محترم وآراء الآخرين محترمة إن كانت لا تصادم شرع الله، فيسهل الحوار والتفاهم، وتخيل العكس لو كلنا نعاملهم أننا نحن –الآباء- صح، وأنتم أيها الأبناء غلط سيزيد العناد ويصعب التفاهم اعترافك أكثر برأي ابنك سيقلل انزعاجك من مخالفة ابنك لرأيك، ويقلل المشاكل ويعطي مساحة أكبر لنمو العلاقة بينك وبينه، وستسعد _بإذن الله_ عندما ترى ابنك يستمد ثقته بنفسه وفي قناعاته من اعترافك برأيه، وسيتعلم منك كيف يحتمل الآراء المخالفة له، وأولها آراؤك وبالفعل اعترف برأيه بنفسك حتى يعترف برأيك في قرارة نفسه أيضاً،وفي هذه الحالة فقط تكون استفادته الدائمة لآرائك وترتفع مكانتك في نفسه أكثر وأكثر، وتحتل مكانة القدوة التي تنتظرك في نفسه منذ زمن، اعترافك برأيه يعطي فرصة للحوار بينكم هذا الحوار الذي ستستخدمه معه دائماً حتى في مواقفك الحازمة في القواعد والقوانين إن صلحت التسمية التي تريد ابنك يتقيد بها.
ـــــــــــــــــــ(111/77)
العنف المسلط على الزوجة الأسباب - الأشكال - الحلول
إن الأمر المتوقع من قراءتك لمقولة: إن زوجاً ما اعتدى على زوجته هو وجود معتد قوي على ضحية ضعيفة، •• ولا تزال الزوجة في مجتمعنا العربي هي الضحية الرئيسة لمثل هذا النوع من السلوك العنيف الذي يتناقض مع حقوق المرأة وحريتها الشخصية•
والسؤال الذي يلوح في الأفق
لماذا يمارس الزوج هذا النموذج من السلوك العنيف تجاه زوجته؟!
وتفيد نتائج الدراسات العربية حول هذه المشكلة بالذات العنف ضد الزوجة ، أن الأسباب الاقتصادية أو الفقر، هي من أهم الأسباب في المجتمع العربي، حيث يسهم بما نسبته 45.6 في المائة ثم يليه الأسباب الاجتماعية المتمثلة بالخلافات الزوجية، ومستويات التفاعل بين الزوجين، إضافة إلى انخفاض المستويات التعليمية لدى الزوجين••، إلا أن الأسباب الأساسية، تكمن في تربية الزوج (العنف المتوارث)، وربما كان هو ضحيته، وقد تعود بالتالي عليه، ووجد فيه الطريقة المثلى لمواجة المشكلات وحلها، ووضع حد لكل ألوان الاختلاف مع الآخرين•
وربما يكون هذا الزوج محبطاً خارج المنزل، ومستغلاً، فتكون المرأة هي الحلقة الأضعيف التي يمارس عليها فش الخلق •
وربما هناك أسباب نفسية مرضية، كأن يكون الرجل حاقداً على أمه، فينتقل حقده على زوجته التي يرى فيها صورة الأم، وأحياناً تظهر هذه الحال بعد أن تلدالمرأة، فتكون نوعا من الغيرة، ويعزى السبب في هذه الحالة إلى إنصراف المرأة للاهتمام بالأولاد•• ولهذا العنف المتسلط على الزوجه من قبل الزوج أشكال مختلفة، منها العنف الصحي والعنف اللفظي والعنف الجسدي، وثمة مشكلات اجتماعية وأخرى صحية•• يصاحب هذا العنف الموجه للزوجة، كإجبارها على الحمل المتعدد، وعدم السماح لها بالتنظيم، وحرمانها من التمتع برعاية صحية مناسبة لظروفها، ولا سيما حرمانها من مراجعة الطبيب لسبب أو لآخر، وحرمانها من التغذية الجيدة ما قد يوثر سلباً على صحة المرأة وسوء أحوالها البدنية•
وثمة دراسة عربية أخرى، أثبتت أن أكثر النساء شكوى من هذه الناحية، اخضاع المرأة لرغبات الرجل الإنجابية- وهي أن الزوجات اللواتي تنجبن البنات فقط •
وتفيد الدراسة، أن سيدة كانت لديها سبع بنات، ونصحها الطبيب التوقف عن الإنجاب مدة 4 سنوات، لعدم قدرتها على الإنجاب، صحياً، وتحت ضغط الزوج اضطرت أن تنجب، والنتيجة: أنجبت له ولداً مشوهاً•• ناهيك عن تعرضها الزوجة لمرض ما استوجب عملية جراحية•
وأما العنف اللفظي، فهو أشد أنواع العنف على الصحة النفسية للمرأة، مع أنه لا يترك آثاراً مادية عليها، وبخاصة قيام الزوج بتوجيه التوبيخ والتعنيف بالصراخ والشتم لزوجته واللجوء إلى أسلوب التجاهل وإهمال شؤون الأسرة نكاية بالزوجة•• ولكن أقوى ما في العنف هو التهديد بالطلاق الذي يترك آثاراً نفسية على المرأة•• ناهيك عن العنف الاجتماعي الذي بموجبه، تمنع المرأة من ممارسة حقوقها الاجتماعية والشخصية وكذلك تمنع من الانخراط في المجتمع وممارسة أدوارها الاجتماعية خارج نطاق الأسرة، مما يؤثر سلباً على نموها العاطفي ومكانتها الاجتماعية•
ومن مظاهر العنف التي تعاني منها المرأة العربية، لجوء الزوج إلى الاحتكاك والتدخل المستمر في شؤون البيت، كوسيلة ضغط على الزوجة، وكذلك، منع الزوجة من زيارة الأهل والأقارب، كوسيلة لعزلها اجتماعياً•
وإضافة لما تقدم، إن العنف الجسدي من استخدام الأيدي والأرجل أو أي أداة أخرى، تترك آثاراً واضحة على جسد الزوجة، وفي هذا الصدد، تفيد إحصائية في المغرب أن نسبة الرجال الذين مارسوا العنف 50 -60 في المئة، حيث كانوا ضحاياه في صغرهم، وعاشوا في أسر مارس الأب فيها القوة والضرب ضد الأم•• وتفيد دراسة عربية أيضاً، أن صبية متزوجة وبرفقتها والدتها جاءتا إلى طبيب نفسي لاعتقاد الوالدة أن الابنة مجنونة، واتضح بعد جلسات عدة، أن المرأة، كانت تتعرض للضرب على مدار ثمانية عشر عاماً وقد تسبب لها الضرب ببعض الكسور، ولكن أهلها لم يصدقوها، وظلوا يقولون لها أنت مجنونة•
ونظرت الطبيبة إلى والدتها وبحضور والديها، وقالت لهما: أنتما المجنونان، وليست ابنتكما، فما كان من المرأة إلا أن ركعت على قدمي الطبيبة وقالت: (هذه أول مرة أجد فيها من يصدقني)•
ومن الملفات التي وقعت بين يديَّ من محكمة النساء العربيات في بيروت، ثمة ملف يبحث عن واقع أستاذة جامعية في تونس وأم لطفلين تقول (اعترافات): أعيش حال انفصام في الشخصية•• أعود من الجامعة إلى البيت ليضربني زوجي أمام أولادي، وعندما عرضت مشكلتي على والدي، كان الجواب: (كل النساء تُضرب•• وهذا طبيعي)•
وملف آخر، تحكي قصة (فاطمة نور) التي قالت أمام محكمة النساء التي عقدت في بيروت: تعرضت للعنف الجسدي ثلاث مرات •• إلا أن آخر مرة•• والدي زوجني وأنا ابنة الثانية عشرة من العمر برجل يكبرني بخمسين عاماً، وتحت تأثير الضرب •
ويحضرني في هذا الصدد، ما قام به موظف كبير وله مركزه المرموق، بضرب زوجته أمام أولاده، وتكرر هذا الأسلوب لأكثر من مرة، وبتدخل من بعض الأصدقاء بغية وقف هذا العنف الجسدي ولكن من دون جدوى، وفي النهاية وبحضور جمع من الأهل، قام أحد أولاده اليافعين بتهديد والده بالقتل، إن تجرأ ومد يده على أمه مرة أخرى، ولم يكتف بذلك، وإنما أكد له (لوالده)، أنه مستعد لدخول السجن في سبيل ذلك، •• ماجعل الوالد يتوقف عن ضرب الأم نهائيا•• بعد أن شعر بتأثير ذلك على الأولاد•
ومن جملة الآثار التي تتركها مظاهر العنف المتسلط على الزوجة، التوتر الأسري العام داخل الأسرة، وبالتحديد في مجال العلاقات الوالدية، وسيطرة جو من عدم التفاهم والإحساس بالكبت، ناهيك عن إحساس الأبناء بنوع من الصراع لديهم بين القيم الدافعة لاحترام الأب من جهة، وبين القيم الدافعة لحماية الأم والدفاع عنها، عند الضرورة - من جهة أخرى•
ومن الأبعاد اللافتة للانتباه لهذه الظاهرة- العنف الزوجي- عدم إدراك المرأة ذاتها لخطورة المشكلة، رغم أنها الضحية، ولا سيما أن نسبة مرتفعة مازالت لا ترغب حتى في رفض هذا السلوك، حرصاً منهن على العلاقات الأسرية وتماسكها ولما يلي من الاعتبارات:
-اعتقادهن للحفاظ على الدور القيادي الضابط لسلوك أفراد الأسرة•
-إن مبدأ مخالفة الزوج أو التصرف بطريق تغضبه، ربما تعكر صفوة الوئام داخل الأسرة، وهذان الاعتباران متوافقان مع بعض خصائص التنشئة الأسرية في المجتمع العربي•
-نمط الحياة الصحراوية التي كانت ومازالت سائدة مما فرض وصاية الرجل على المرأة، ما جعله هو المسؤول عن سلوك المرأة عرفياً وإلى حدٍ ما قانونياً•
ولكن! أين يكمن الحل؟
- هل في القانون؟ إيجاد قوانين رادعة لممارسي العنف، وعدم إسقاط الحق العام•
- هل في تغيير عقلية المجتمع؟! ولا سيما إن كان العامل الوراثي له الدور الأساسي في جعل المرأة أضعف من الرجل جسدياً، لكنها من دون شك مساوية له عقلياً وفكرياً•
وماذا بعد؟!
لماذ لا نشدد على الناحية التربوية سواء في المدرسة أو في الجامعة، أو من خلال وسائل الإعلام؟!
لماذا لا نشدد على قول الحقيقة أن للإنسان ركيزتين أساسيتين، ركيزة المعرفة، وركيزة الأخلاق، والعمل على التوازن بين المعرفة والتطبيق، وكذلك ارتقاء الإنسان إلى درجة العدالة، والأهم في ذلك التربية الاجتماعية؟!
لماذا لا نحدث قوانين تحمي الزوجة؟!
وبالرغم من ذلك!
علينا أن ندرك تماماً، أن أول ما أعلن الإسلام على لسان رسولنا الأعظم صلوات الله، أن المرأة كالرجل في الإنسانية سواء بسواء، لقوله - تعالى -:
{يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً} النساء - 1
وأيد ذلك الحديث الشريف:
إنما النساء شقائق الرجال •
ولقد ساوى الإسلام المرأة مع الرجل في اعتبارها أهلاً للتدين والعبادة ودخول الجنة إن أحسنت ومعاقبتها إن أساءت، فقال عزَّ من قائل:
{من عمل صالحاً من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلتحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون} النحل - 97 •
{فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكرٍ أوأنثى بعضكم من بعض} آل عمران -195 •
وهكذا•• نرى في كثير من الآيات الكريمة تأييداً وتأكيداً على مبدأ المساواة في المعاملة بين الرجل والمرأة•• كما حارب الإسلام التشاؤم بالأنثى، والحزن حين ولادتها، ورفع الإسلام والقرآن من شأن المرأة، وذلك بإعطائها حق الإرث وحق التصرف بمالها، أي جعلها سيدة نفسها تتصرف بحياتها وأموالها كما يحلو لها•
ومن مظاهر تكريم المرأة أيضاً، أن جعل - سبحانه وتعالى - خلق المرأة وإيداعها من نفس الرجل فكانت سكناً له، وكانت فيئا يفيء إليه عند الشدة، فقد جاء في القرآن الكريم: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} الروم - 21 •
ولم ينس الإسلام أن يصون حق المرأة في الحياة الكريمة، فنظم علاقتها مع زوجها وجعلها علاقة مودة وحب وعلاقة بذل وعطاء من كلا الجانبين•
فقال - تعالى -: {هُن لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهنَّ} البقرة - 187 •{وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} الروم - 21 •
ولنتذكر جميعاً موقف المرأة العربية موقفاً أخلاقياً، وبطولتها بطولة تتحدى بها العقول القاصرة، في أقصى بلاد العالم وأدناه، فهي التي ضربت الأمثلة الرائعة في الشمم، والاعتداد بالنفس والكرامة•• فها هي زينب في كرمها، و الخنساء في بطولاتها، و أسماء في تضحياتها، و سمية أم عمار في قوة إيمانها وصبرها، و الزباء في حنكتها وقوتها•• وهاهي كل فتاة عربية آمنت بالإسلام ديناً وبالمرأة شرفاً وعزة وأخلاقاً•
وهذا•• غيض من فيض مما ورد في أبواب الشريعة الإسلامية الغراء من تكريم الإسلام للمرأة، سواء في كتاب اللّه - تعالى- أو السنة الشريفة من قول أو فعل أو تأييد أو ما أجمع عليه المسلمون وتعارف عليه المؤمنون وتوارثوه خلفاً عن سلف، والأخذ بتطبيق ما تقدم •• هو الحل لهذه المشكلة أي (العنف المسلط على الزوجة) •
--------------------------------------------------------
المصادر
تحقيقات ميدانية للكتاب•
القرآن الكريم
العنف ضد المرأة•• ظاهرة عامة أم خاصة•
مؤسسة الحق- عمان- تأليف: رندة سنيورة، إصدار العام 1994م
العنف العائلي
دار المدى للنشر والثقافة - بيروت - إصدار العام 1994م - الأستاذة: ليلى عبدالوهاب•
نظرية العنف في الصراع الأيديولوجي- دار دمشق - إصدار1981م•
ترجمة: سمر سعيد - تأليف دينسيوف - ف•
القضاء على التمييز ضد الفتيات والنساء في العالم العربي•
اليونيسيف- عمان - للأستاذة: رائدة الزغبي - إصدار العام 1955 م•
مجلة الشرطة - دمشق - العدد 390 تموز - العام 1999م•
مجلة الشاهد - العدد 145 - السنة الثانية عشرة العام 1997م- قبرص•
http://alwaei.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/78)
انتبهي التدخين .. موضة قاتلة
تشير الدراسات الإحصائية عن التدخين في السعودية إلى أنه: (يبلغ عدد المدخنات في السعودية "600" الف مدخنة أغلبهن مراهقات)، نشرت ذلك جريدة "الرياض" في عددها (14030) الصادر يوم الأربعاء الموافق 1427/11/1هـ . كما (تشير الدراسات المحلية إلى أن هناك زيادة في أعداد المدخنات في السعودية خلال السنوات الماضية، وأرجعت السبب في ذلك إلى اعتقادهن بأن التدخين من علامات التقدم والتمدن والاستقلال). نشرت ذلك جريدة "الرياض" في عددها (14057) الصادر يوم الثلاثاء الموافق 1427/11/28ه. وبعد أن قرأت ما سبق رجعت إلى عدد من الدراسات والإحصائيات عن التدخين والمدخنات في السعودية، فوجدت الأمر ينذر بكارثة جديدة ستصيب الفتاة المسلمة السعودية، إن لم تبادر ويبادر أولياء أمورها والتربويون والمهتمون بتقديم البرامج المناسبة لعلاجها والوقاية منها، لذا أحببت المشاركة في توعية فتيات المجتمع السعودي بخطورة هذه العادة السيئة، فأقول: في عصر تطورت فيه وسائل الإعلام والاتصال وتبادل المعلومات والثقافات والعادات، تتسارع الدول والأمم في نقل ثقافتها وعاداتها إلى الآخرين باستخدام تلك الوسائل، كما تستخدمها الشركات والمؤسسات في الترويج لبضائعها ومنتجاتها، ومن ذلك تنافس شركات التبغ والتدخين في استخدام الوسائل الإعلامية والأساليب الدعائية والإعلانية المغرية لإيقاع الأفراد في تعاطي تلك العادات الخبيثة - التدخين. ولمواجهة الانضباط الديني والتعاليم الثقافية والعادات الاجتماعية التي تحول دون وقوع الفتيات المسلمات في التدخين استخدمت تلك الشركات اساليب خبيثة لإيقاعهن في حبائل التدخين، ففي هذه الدعايات والإعلانات يربط بين التدخين والجمال والتحضر - الموضة -، وتنشر فيها صوراً لنساء جميلات يدخن، كما تنتج الشركات سجائر بأسماء نساء مشهورات، وتربط بين التدخين وقوة شخصية الفتاة، بل صممت علب وحقائب نسائية بسلاسل براقة خاصة بعلب الدخان، وأثمرت تلك الحملات الخبيثة ثماراً طعمها مر وريحها خبيثة. فقد أكد المجتمعون في مؤتمر التبغ والصحة في (هلسنكي) ان الحملات التسويقية المتصاعدة لشركات التدخين والموجهة للفتاة في البلدان النامية رفعت من معدل النساء المدخنات. وان من يرقب أحوال مجتمعنا بنفس محبة وعين فاحصة وقلب ناصح يلحظ بداية انتشار ظاهرة التدخين في أوساط فتياتنا بشكل ملفت للنظر، فتياتنا المسلمات في أعمار الزهور يرتكبن هذه المخالفة الشرعية والعادات السيئة، ويحملن بين أصابعهن السيجارة، ويخرجن من أفواههن وأنوفهن دخان السجائر الكريهة الرائحة والمنظر. بل وصل الحال ببعضهن ألا يخرجن إلا وبرفقتهن علب دخان في حقائبهن، ويذهبن إلى المحلات ويشترين الدخان بدون خجل أو حياء، وآخر الموضات التدخينية أن يجتمعن في المقاهي والكوفي شوب على شرب الدخان. وتنبيهاً للفتاة المسلمة من أن تقع في هذه الموضة القاتلة وأن تقلع عنها إن كانت وقعت فيها أذكرها بأن الدخان محرم لما فيه من اضرار على البدن والمال، يقول سماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - الدخان محرم لكونه خبيثاً مشتملاً على أضرار كثيرة، والله سبحانه وتعالى إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغيرها، وحرم عليهم الخبائث قال تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}. وأذكرها بأهم الاثار الصحية للتدخين على المرأة إضافة إلى الأضرار الأخرى التي تصيب الرجل وتصيبها هي أيضاً، ومن ذلك: أنه غالباً ما تميل بشرة الفتاة المدخنة إلى اللون الرمادي الشاحب المصحوب بالاكتئاب بسبب ما للنكوتين من أثر في انقباض الأوعية الدموية، كما أنه يتسبب في الشيخوخة المبكرة وظهور تجاعيد الوجه والرقبة، ويؤدي إلى تقصف وهشاشة الأظفار واصفرار الاسنان وبرودة الأطراف وفقدان الشهية والإحساس بالتعب المزمن والإجهاد والعصبية والتوتر وتغيير نبرة الصوت وخشونته والروائحة الكريهة في الفم والشعر والملابس، كما يحدث اضطرابات في الدورة الشهرية بشكل مألوف ومتكرر ويتسبب في انخفاض نسبة الخصوبة لدى المرأة ويزيد من احتمالية الإصابة بالعقم، ويزيد بنسبة كبيرة احتمالية الإصابة بمرض سرطان الثدي، أما المرأة الحامل فلا تتوقف جناية الأم المدخنة إلى طفلها بالمرض بل إن تأثيرها يمتد إلى سلوكه أيضاً. أخيراً: انتبهي! إن كانت بعض فتياتنا يتبعن كل موضة دون عرضها على دينهن وأخلاقهن، فإن هذه الموضة التي تعتبرها بعض الفتيات رمزاً للحرية والتحضر والأناقة ستدفعين مقابلها حياتك، فقد أكدت الأبحاث العلمية حول الآثار المدمرة للتدخين على المرأة أن حوالي (25%) من المدخنات يتوفين بسبب أمراض ناجمة عن التدخين، وأن ثلث هؤلاء يمتن دون سن (56). والفتاة العاقلة لا تلقي بنفسها في الهواية المميتة، كما أن الرجل العاقل لا يبحث عند الزواج إلا عن الفتاة العاقلة.
ـــــــــــــــــــ(111/79)
15 فكرة لتنمية الروابط الأسرية في رمضان
هل مررت عزيزتي المربية بلحظات شعرت خلالها أن التقارب بين أفراد أسرتك ليس كما تتمنين؟
إن كان الأمر كذلك، فإن الفرصة ما زالت أمامك، ومع قدوم شهر الصيام تكون فرصتك أسهل، وفيما يلي نعرض خمسة عشر فكرة تساعدك لتنمية الألفة والتقارب بين أفراد أسرتك بإذن الله تعالى:
مائدة القرآن:
1- اتفقي مع أبنائك على جلسة يومية طوال الشهر الكريم، على أن تكون مخصصة لقراءة جزء من أجزاء القرآن الثلاثين؛ فما اجتمع المسلمون على فائدة أكثر بركة ونفعاً من مائدة القرآن.
رحلة عائلية:
2- خططي مع زوجك أن يذهب بأبنائك في رحلة يومية بعد الإفطار إلى مسجد لأداء صلاة التراويح وقيام الليل، ففي ذلك تعويد لهم على أداء تلك العبادة المحببة في جماعة لأنه ثبت علمياً أن لها فائدة صحية عظيمة فضلاً عن تأثيرها النفسي العظيم.
ساعة تفسير:
3- ومن أهم الأشياء التي تبني أخلاق أبنائنا أن يتعرفوا على معاني القرآن الكريم وأسباب نزول الآيات وغير ذلك من أمور تتحقق بالقراءة الجماعية لأحد كتب التفسير البسيطة مثل كتاب 'السيرة النبوية للأطفال'.
أطباق جديدة وتعاون:
4- ضعي خطة لتوزيع الأدوار بحيث يقوم كل فرد من أفراد الأسرة بدور على قدر طاقته في إعداد الطعام لوجبتي الإفطار والسحور، ولا تنسي إعداد قائمة بأطباق جديدة تضفي شيئاً من التغيير.
دروس:
5- احرصي عزيزتي المربية على تخصيص وقت قصير توضحين خلاله أحد أحكام الصيام، ومن الأفضل أن يكون ذلك في إطار معالجة موقف خاطئ من شخص ما، أو الاستعانة بكتاب.
أسري جداً:
6- شجعي زوجك على أن يعطي الأولوية في هذا الشهر للتواجد في عائلته على مائدة الإفطار، وأن يجعله شهر الأسرة لا شهر الأصدقاء، ولا يعني هذا الحرمان من ثواب إفطار صائم، فلذلك طرق كثيرة.
حق الجار:
7- رمضان شهر الخير والرحمة، ومما يترك أثراً طيباً يدوم أن تتذكري جارتك بإهدائها طبقاً مميزاً، خاصة إن كنت تعلمين أنها تحبه 'تهادوا تحابوا'. ومن الجميل أن تدعيها يوماً وعائلتها لتناول طعام الإفطار سوية.
أفكار مرحة:
8- شجعي أبنائك على ابتكار أفكار جديدة لعمل هدايا للعيد، وذلك في اجتماع أسري تلفه البهجة والمحبة.
صدقة:
9- عودي أبناءك الخير في رمضان 'موسم الخير' وأرشدهيم لبذل صدقة يومية لأحد الفقراء، أو التبرع لنصرة المسلمين حول العالم، أو غير ذلك من المستحقين.
حفظ:
10- اقتنصي الفرصة، واعملي على استثمار صفاء ذهن الأبناء مع الصيام وحفظهم بضع آيات من القرآن الكريم كل يوم قبل صلاة الفجر أو قبل صلاة المغرب، وعرفيهم أن مكانهم في الجنة مرتبط بقدر ما حفظوا من القرآن.
صلة الرحم:
11- اقترحي على زوجك أن تصطحبوا أبناءكم في كل يوم بعد صلاة التراويح في زيارة قصيرة إلى أحد الأقارب، وذكريهم بقيمة صلة الرحم في البركة في الأرزاق والأعمار.
ساعة إجابة:
12- يحب الله أن يسمع دعاء عبده ومن الأوقات التي يستجيب فيها الله دعاء عبده عند الإفطار فهذا الدعاء لا يرد وكل يدعو لأخيه.
إخوة:
13- ذكري أبناءك -خاصة إذا اشتكى أحدهم الجوع أو العطش- أن لهم إخوة من المسلمين في بلاد عديدة لا ينعمون بما ينعم به من دفء الأسرة ورعاية الوالدين، ليتذكرهم بالدعاء عند الإفطار، وينمو في فكره وجوب نصرة إخوانه بالمال والنفس.
استعدادات:
14- شجعي أبناءك لزيادة العبادة في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، فهي فرصة لا تعوض.
ملابس العيد:
15- دعي زوجك يصطحب أبنائك في بعض الجولات إلى السوق لشراء ملابس العيد وبعض الهدايا فهذه فرحة للصائم.
http://akhawat.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/80)
المطلقة لماذا تكون عرضة للطلاق مرتين وثلاثاً!؟
حين تتزوج امرأة مطلقة من رجل متزوج تصبح عرضة للطلاق (مجددا) بنسبة أكبر من المرة الأولى. وهذا الاحتمال يرتفع في ثاني مرة بنسبة 58% وثالث مرة بنسبة 64% ورابع مرة بنسبة 74%..
وهذه الظاهرة يمكن ملاحظتها في مجتمعنا المحلي حيث تستقرمعظم النساء من أول زيجة في حين تمر المطلقة بتجربتين أو ثلاث - تعتزل الرجال بعدها أو ترضى ب "ظل راجل ولا ظل حيطة".
وحين تتعرض لتجربة الطلاق للمرة الثانية والثالثة يكون السبب غالبا نظرة الرجل لها كملجأ اضافي يوفر المزيد من المتعة والتسري (وليس الانجاب أو تكوين أسرة كما قصد من زواجه الأول).. وحين يخف هذا الدافع يبدأ الرجل بالتفكير بطريقة "لماذا وجع الدماغ وزيادة المصاريف" ويستغل أي فرصة للعودة لبيته القديم !!
وهناك عوامل كثيرة تجعل الرجل يفضل البيت القديم - دون الجديد - أهمها ميله لأطفاله ، وحنينه للعشرة القديمة؛ وأيضا التضاعف المفاجئ للتكاليف المادية.. وفي حين تبدو مسألة الأطفال والتكاليف مفهومة؛ يبقى التساؤل عن دور "العشرة القديمة" في طلاق الزوجة الجديدة !؟
.. وفي الحقيقة اخترت هذا المصطلح بالذات لأنني لا أتحدث هنا عن الحب (الذي قد يكنه الرجل لزوجته الأولى) بل عن تشربه للنموذج الأنثوي من خلالها.. فالعشرة القديمة - التي رسمت تفاصيلها الزوجة الأولى - تقولب نظرة الرجل لكل امرأة تالية ( وتجعله يضع الزوجة الجديدة في موقف مقارنة خاسر) !!
فرغم احتمالات المنافسة من الزوجة الأولى إلا أن الخطر الحقيقي يكمن في استهانة الزوجة الجديدة ب "العشرة القديمة".. فالاحصائيات العالمية (التي أجريت في اليابان وفرنسا وبولندا وأمريكا) تثبت أن معظم الرجال المُطلَقين يحنون لاحقا لزوجاتهم السابقات.. ففي اليابان مثلا قال 66% من الرجال إنهم سوف يختارون زوجاتهم السابقات إذا قرروا الزواج مرة أخرى.. وفي بولندا اختار 79% من الرجال عقد قرانهم على مطلقاتهم في حال زواجهم مجددا.. وفي فرنسا أبدى 86% من المطلقين ندمهم على الانفصال عن زوجاتهم السابقات وأملهم في العودة إليهن.. أما في أمريكا فترتفع النسبة الى حد كبير حيث أبدى 93% رغبتهم في الزواج مجددا من مطلقاتهم لو فكروا بالارتباط مرة أخرى (وكل هذا بسبب الحنين الى العشرة القديمة وليس الحب أو الندم بالضرورة)!!
..وما جعلني أكتب هذا المقال هو تشابة إحصائياتنا المحلية مع الاحصائيات العالمية بخصوص ارتفاع نسبة العودة للزوجة الأولى.. وهذا يعني (في مجتمعنا المحلي) ارتفاع نسبة طلاق المرأة التي تقترن برجل متزوج - واحتمال مرورها بتجربة الطلاق لثاني وثالث وربما رابع مرة !!
ومع أن هذه الإحصائيات لا يجب أن تحول دون الزواج مجددا؛ ولكن من المهم أن تكون واضحة أمام المطلقات - والنساء عموما - لتوخي الحذر والتأكد من نية "الزوج المخضرم" في الاستقرار وبناء أسرة حقيقية.
أما بالنسبة للرجال فيتطلب الأمر التساؤل بأمانة عن الهدف الحقيقي من الزواج لثاني مرة - وما إن كان لديه من العمر والمال مايسمح بتحمل مسؤوليات جديدة.. فإن كان الهدف بناء أسرة اضافية مستقرة - في ظل دخل اقتصادي مرتفع - فخير وبركة. أما إن كان الهدف المتعة والتسري فسرعان ما يرجح تأثير العشرة القديمة - والضغط الاقتصادي - فيصبح طلاق الزوجة الجديدة وخراب الأسرة الأخيرة أسهل الخيارين!!
ـــــــــــــــــــ(111/81)
لا تتمن غيره ( 1 )
لو أنه كان مثل فلان..... لو أنها تتصرف مثل فلانة....
يأكل يلبس يتكلم يتعامل ينظر تأكل تلبس تتعامل تنظر تلبس تختار
يتمنى بعض الأزواج أو الزوجات لو أن الآخر كان مختلفًا شيئا ما ولو قليلا عما هو عليه.
وسواء اعترفنا بذلك علانية أو احتفظنا به داخلنا، فإن أغلب الناس يفكرون في ذلك ولو بصورة بسيطة، فقد يتمنى الواحد لو أن شريكه يشبه شخصًا آخر بصورة شديدة كأن يكون جزيل العطاء، أكثر طموحًا وألطف، شديد العطف، يصغي إليه بانتباه، وسيمًا، أقل انفعالاً، متعاونًا بشدة، أو أيًا من مجموع تلك الصفات وبأي حال سيكون هناك شيء أو آخر نرغبه أو نريده.
أين تكمن المشكلة؟
المشكلة تكمن أننا عندما نعاني من وجود هوة بين ما لدينا وبين ما نريده ينتابنا شعور بعدم الرضا أو بأننا فاقدون للأمل.
والنتيجة الطبيعية لذلك هو هذا الخطاب الداخلي:
'لو أن شريكي كان مختلفًا، أو لو أنه يتخذ شكلاً معينًا أو لو أنه أحدث بعض التغييرات لكي يصل إلى مستوى توقعاتي فوقتها فقط سأكون سعيدًا'.
ـ وما يقوم به أغلبنا كاستجابة لهذا الخطاب الداخلي هو أن:
نتطلع، نتخيل، نتمنى، نرجو أو في بعض الحالات نطالب بأن يتغير شريكنا ونقول لأنفسنا: 'أنا لن أكون سعيدًا إلا بعد أن يتغير شريكي في الحياة'.
ومن خلال قراءتنا للكثير من القصص والتجارب يمكن أن نرجع الأسباب التي تجعل كل من الزوجين يتمنى أن يكون رفيقه شخصًا مختلفًا إلى:
[1] الاختيار من البداية:
فإذا كان هناك سوء اختيار من البداية فإنه حتمًا سيثمر بعد الزواج تمنى أحد الزوجين للطرف الثاني لو أنه كان شخصًا آخر غير الموجود.
[2] اختلاف التوقعات:
من الطبيعي أن يبدأ الزوجان في علاقتهما بدرجة عالية جدًا من التوقعات العاطفية غير الواقعية، والتي صاغتها في عقليهما وسائل المجتمع من مؤلفات وروايات ووسائل الإعلام، فإذا بهما يكتشفان وبعد قليل من الزمن خطأ هذه التوقعات وقد يشعران بخيبة الأمل والإحباط مما يزيد التوتر وقلة الانسجام فيما بينهما.
إنهما الآن بعد التعامل المستمر والتعايش لفترات طويلة معا يريان الأمور بواقعية وعلى حقيقتها، بينما في البداية كانت أمور الحياة تسير بشكل سهل ومريح، وكانت العلاقة مليئة بالمحبة والسلوك الحسن، والآن ومع تزايد صعوبات الحياة اليومية ومشاكلها بدأت هذه المحبة بالتعرض للاختبار والامتحان فهما الآن يختلفان في كيفية صرف المال وشراء الحاجيات، وفي من يساعد في تنظيف البيت وتدريس الأولاد، وفي كيفية التعامل مع والدي الزوجين، وربما الاختلاف في كل شيء تقريبًا.
وتختلف التوقعات عند الزوجين بسبب الآتي:
1ـ اختلاف الشخصيتين.
2ـ اختلاف تجارب الحياة.
3ـ النشأة في بيئة أسرية مختلفة.
4ـ اختلاف طريقة التربية والتدريب كذكر أو أنثى.
5ـ اختلاف ما يحمله كل منهما من تأثير الإعلام ومفاهيم المجتمع الثقافية وغيرها.
كل هذه الفروق تتسبب في تواجد فروقات في التوقعات التي لن تتحقق عند كل منهما وبالتالي فستبدأ النزاعات بين الطرفين إما عاجلاً أو آجلاً.
[3] الفضائيات دروس مجانية في إفساد العلاقة الزوجية:
من الأمور التي تجعل كل من الزوجين أو أحدهما يتمنى أن يكون رفيقه شخصًا آخر هو إطلاق النظر إلى الغير سواء على أرض الواقع أو من خلال وسائل الإعلام فهذه المرأة الحسناء الجميلة الباهرة التي تخلب عقول الرجال في وسائل الإعلام، وهذا الرجل الوسيم اللبق التي تهفو إليه قلوب النساء 'الضعيفات دينًا وخلقًا طبعًا' ولنستمع إلى قصة إحداهن وهي تروي:
أصبحت حياتي الزوجية بؤرة قلقي وألمي، فزوجي رغم طيبته وسمو أخلاقه إلا أنني غير مقتنعة به، فما أراه على الفضائيات من رومانسيات وأحلام الطيف والسعادة بأبعادها كلها، أريد الحياة... زهدتُ بزوجي وأصبحتُ أنظر إليه نظرة دونية قريبة من التصغير واللامبالاة.
وهذه أخرى:
تزوّجتْ في السابعة عشرة من عمرها وتتمتع بقسط وافر من الجمال وحريصة أشد الحرص على الزينة، ولأن زوجها مولع بالفضائيات أخذ يمتدح ممشوقات القوام ويبالغ في مديحهن، وصارت تُجدُّ في زينتها علّها تشبع نهم تلك النظرات، لكنه بلغ بخياله المريض وعقله الصغير أن تمنّى السفر إلى البلد الفلاني لملاقاة ممثلته المفضلة وأخذ صور تذكارية معها.
فما أحط هذه التصورات التي تدخل صاحبها في دوامة من التخيلات وتؤدي به إلى مزالق العبث، وكانت النتيجة هي فصم عرى تلك الرابطة وكان الطلاق.
بئس العلاج:
في جلسة ضمّت كثيرًا من الزوجات يتحدثن عن تأثر الأزواج بالفضائيات قالت إحدى الجالسات:
إنها ألقمت زوجها حجرًا حين عاملته بالمثل ورمته بذات السهم فهو لا ينفك يمتدح تلك المذيعة ويعبر عن إعجابه الشديد بشكل هذه وتلك مما يضايقها ويثير فيها كوامن الغيرة، فصارت تقوم بالإطراء على أحد المذيعين وتمجيد وسامته وشياكته كي تؤدب زوجها وتوقفه عند حده.
فأي سقوط هذا؟ وأي خير يُرجى لبيت كهذا؟
وجدير بنا هنا أن نقف عند الآثار المترتبة على العلاقة الزوجية إن كانت بهذه الصورة المرفوضة وهي:
ـ انحسار المحبة واضطرابها بين الزوجين، والبيوت إنما تبُنى على المحبة والرحمة وذلك بسبب:
1ـ وجود المنافس الأجمل والأقدر على الإغراء والتأثير من الرجال على النساء ومن النساء على الرجال.
2ـ تقليل مساحة الحديث البنّاء بين الزوجين، أو بمعنى أقرب للصواب انعدام لغة الحوار والتفاهم بين الزوجين وهذا يؤدي حتمًا إلى الفراغ العاطفي بين الزوجين.
[4] عقد المقارنات سبب الأزمات:
عندما تتواجد الزوجة في مجلس نساء وتستمع إلى أحوال غيرها من النساء وأزواجهن فهنا تعقد الزوجة المقارنات بين زوجها وزوج الأخرى، وتتحرك مشاعرها تجاه هذه المقارنة بالسلب وتتمنى أن يكون زوجها شخص مختلف عمن بين يديها. وهذا قد يحدث أيضًا في مجالس الرجال أحيانًا عند عقد المقارنات بين الرجل وغيره من الأصدقاء.
وهذا مفتاح شر كبير لإفساد الحياة الزوجية ولأهميته سنفرد له مقالا لاحقًا إن شاء الله.
[5] النقد: من أعداء الزواج:
يقول أحد الأزواج:
لا أستطيع العيش مع إنسانة لا تعرف سوى النقد وتوجيه الأوامر، ولقد كانت دائمة النقد، فكل شيء أفعله خطأ، وسخيف وناقص، سيل من الانتقادات التي لا تتوقف على مدار الساعة.
وكذلك الحال عند نقد الزوج لزوجته في كل شيء فإن النقد المستمر يهدم العلاقة بين الأزواج.
[6] عدم اهتمام أحد الشريكين بالآخر:
وأوجه هنا حديثي للزوجة فهي المسئولة عن ابتعاد زوجها، وتقع مسئولية انبهار الزوج بأي امرأة أخرى على زوجته، التي لم تعرف كيف تحتفظ به، ويرجع ذلك في معظم الأحيان إلى جهل الزوجات بالأسلوب الذي يجب أن يتعاملن به مع أزواجهن لتحصينهم أمام رقة ونعومة أي امرأة أخرى.
ومن الأمور الهامة التي يجب أن تفطن إليها كل زوجة أن عدم اهتمامها بزوجها يؤدي إلى ابتعاده عنها.
ومن الخطأ أن تظن الزوجة أن اهتمام زوجها بها أمر مفروغ منه لأن ذلك يجعلها تتصرف بلا مبالاة فيما يتعلق بجلب اهتمام زوجها، الذي سرعان ما يمل ويبتعد عنها وقد ينزلق في تيارات أخرى ملقيًا باللوم عليها.
16شوال 1425هـ
28 نوفمبر 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/82)
لا تتمن غيره .. ( 2 )
تقول إحدى الزوجات:
أعاني من عدم رضائي عن زوجي، ومن جفاف العلاقة بيننا حتى أن زوجي سلّم بهذا واقتنع أن الذي بيننا فقط 'زواج' بالاسم، وعلى الرغم من أننا نؤدي مهام الزوجية كاملة لكن هذا أيضًا لم يشفع أن اقترب منه....
... أنا لا أكره زوجي لكني لا أحبه.
يمكننا القول أن هناك مراحل حرجة في عمر الزواج تزيد فيها فرص التباعد بين الزوجين مثل: قدوم الأطفال، وتزايد أعباء الزوجة وإرهاقها مع الصغار ساعات بالليل والنهار. وهنا أوجه حديثي إلى كل زوجة بعدم الانهماك في خدمة الأطفال بشكل جائر على حق الزوج، وأنه من الأفضل إشراك الزوج في بعض الشؤون الأسرية، وعدم الاعتقاد بأن إبعاده تمامًا عن هذا المجال يُعد تفانيًا من جانبها لخدمة أسرتها؛ لأن ذلك من شأنه أن يُبعد الزوج عن جو الأسرة.
ومرحلة حرجة أخرى تأتي مع تقدم سنوات الزواج عندما يبلغ الأبناء سن المراهقة وتنغمس الأم في مشاكل أبنائها.
وقد يؤدي تقدمها في العمل وتحقيقها لمركز مرموق أن يشعر الزوج أنها ليست في حاجة إليه أو أن هناك شيئًا آخر يشغلها عنه.
فإذا اكتفت الزوجة بأولادها وبعملها ـ إن كانت تعمل ـ فإن هذا يساعد على التباعد بينهما.
وهنا أقول إنه يجب على كل زوجة أن تغدق على زوجها بكلمات المجاملة الرقيقة التي تشعره باهتمامها البالغ مهما بلغ عمره أو عمر زواجهما، فالمرأة بحكم طبيعتها أكثر قدرة على العطاء وهذا العطاء يُعد الحافظ لقيام الزواج بدوره وبالعطاء المستمر لزوجته.
وهنا يأتي السؤال ماذا يفعل الزوجان حتى يرضى كل واحد بالشريك الآخر ولا يتمنى غيره؟
عزيزي القارئ:
إن الزواج علاقة مستمرة وعلاقة سامية جدًا ولابد من النظر إليها بنظرة ذات بُعد، وإبعاد كل ما يجول من أفكار قد تكون السبب الحقيقي في إيجاد فجوة في الحياة الزوجية. فإلى الزوجين أهدي هذه الباقة من الزهور لرسم لوحة زوجية جميلة ونجيب فيها عن السؤال الذي طرحناه لاحقًا:
[1] وهو الهدف الأساسي:
على الزوجين وضع العلاقة الزوجية واستمرارها، بل أقول السعادة الزوجية هدفًا حتميًا يريدان الوصول إليه وهو الهدف الأساسي.
[2] ما عند الآخرين عندكما:
أرجو أن يعرف كل من الزوجين أن ما عند المرأة وما عند الرجل الآخر هو أيضًا عندهما، ولكن قد ينقصهما التفكير في أنه كيف يبدو كل واحد منهما رائعًا أمام الآخر.
فليرضَ كل واحد بما عند الآخر ورددا معي قول ابن حزم:
لا تتبع النفس الهوى *** ودع التعرض للمحن
إبليس حي لم يمت *** والعين باب للفتن
وهنا أقف وأتساءل هل الجمال قضية تهم المرأة والرجل على السواء؟
والحقيقة أن الجمال فعلاً قضية أساسية تهم كل من الرجل والمرأة، ولكن الجمال عند المرأة يختلف عنه عند الرجل.
فبالنسبة للمرأة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'تُنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك'.
ونلاحظ هنا كيف ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - صفة الجمال وأنها مرغوبة لدى الناس ولكن لماذا ذكر من صفات طلب المرأة الجمال، ولم يذكر هذه الصفة في الرجال؟
فبالنسبة للرجل فقد قال عنه - صلى الله عليه وسلم -: 'إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه'.
فلماذا جعل - صلى الله عليه وسلم - الصفة المرغوبة في الرجل هي الدين والخلق؟
لأن الدين والخلق بحد ذاته جمال لدى الرجل في عين المرأة، ونجد ذلك واضحًا عندما نرى رجلاً يتزوج من امرأة ونحن نرى بالبصر عدم تناسب هذين الزوجين، وذلك لأننا نظرنا إلى الشكل فقط، والبصر لا يدرك جمال الروح، ولا يعرف أن هذين الزوجين بينهما قناعة روحية وجمال روحي طغى على الشكل.
الحب لا يكون بالنظر فقط بل للحب وسائل ثلاث هي:
1ـ حب البصر.
2ـ حب العقل.
3ـ حب الروح.
وهذا لا ينفي أن جمال الشكل مرغوب، فهذا ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول: 'إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي' ولكن أن نجعله يأخذ كل اهتمامنا فهذا الخطأ، وكذا أن ننشغل بالشكل وننسى جمال النفس والروح والخلق والدين.
فعلى المرأة والرجل أيضًا أن يوازنا بين جمال الشكل وبين جمال الخلق والدين.
[3] المجاملة ثم المجاملة:
الحياة الزوجية الناجحة تقوم على المجاملة، فالفتاة قبل الزواج قد لا تهتم بمشاعر الصديقات وتقول ما تريد وقت ما تريد، أما مع الزوج فإن الحال يختلف.
فعلى الزوجة أن تجامل، وإليكم هذه القصة العجيبة التي حدثت في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:
'دخل أبو غرزة على امرأته ـ وكان معه ابن الأرقم ـ فقال: أتبغضينني؟ قالت: نعم، فأتى ابن الأرقم عمر بن الخطاب فأخبره، وكان عمر آنذاك أمير المؤمنين فأرسل عمر إلى امرأته ـ زوجة أبي غرزة ـ فقال: ما حملكِ على ما قلتِ؟ قالت: إنه استحلفني فكرهتُ أن أكذب فقال عمر: بلى، فلتكذب إحداكن ولتجمل ' التجمل يعني: لتقول قولاً جميلاً' فليس كل البيوت تُبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام'.
عزيزي القارئ:
إن الزوجة الجاهلة هي التي تصارح زوجها بأنها لا تحبه، فماذا تريد منه أن يفعل؟ هل تريد منه أن يطلقها؟ إن كان الأمر كذلك فلها ما شاءت.
أما أن تخبره بذلك وهي لا تريد أن تهدم حياتها الزوجية، فإنها تهدمها فعلاً بطريق أخرى، طريق المشكلات والمنغصات.
إن على المرأة الذكية الواعية أن تشعر زوجها بأنها تحبه حبًا جمًا، وبأنها تراه كأحسن ما يكون، فلا تعب شكله وهيئته مثلاً، بل عليها أن تتجمل في القول له، وفي مدحه، وفي الثناء عليه، حتى وإن كان هو غير ذلك، لعل الله أن يحببها فيه إن كانت لا تحبه، أو لا تحب فيه شيئًا معينًا.
والكذب في مثل هذه الأمور مباح لأنه كذب لدوام العشرة الطيبة، وللحفاظ على كيان أسرة مسلمة، ولإصلاح ما بين الزوجين.
تقول أم كلثوم بنت عقبة: ما سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخّص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: 'الرجل يقول القول يريد به الإصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها' [رواه مسلم].
فحين تقول الزوجة لزوجها: إنك أحسن وأفضل من رأت عيناي، فهي لا تكذب حتى وإن لم يكن هذا صحيحًا، وحين يأتي لها بشيء ما فتمدحه وتقول له: جزاك الله خيرًا هذا ما كنتُ أتمناه، فهي لا تكذب حتى وإن لم يكن كذلك وإن لم تكن تتمناه.
فالحياة الزوجية تحتاج إلى ما نسميه المجاملة، وهو لا يصح إلا فيها لأن هذه المجاملة في غيرها نوع من النفاق.. لكن لتحذر المرأة من الكذب خلاف هذه الأمور.
[4] كفى المرء نبلاً أن تُعد معايبه:
وأقول لمن هو كريم في نقد الطرف الآخر هل كان يريد إنسانًا بلا أخطاء؟ إنسانًا مثاليًا في كل أفعاله وأقواله وحتى في أفكاره؟
فلا تكن كثير النقد حتى وإن لم يكن وراء نقدك إلا حرصك على أن يكون الشريك الآخر في أحسن صورة وترنم معي قول الشاعر:
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها *** كفى المرء نبلاً أن تُعد معايبه
وعلى الزوج أيضًا أن ينصح... يقترح.. يغلف طلباته بكلمات معسولة تذيب جليد القطب... وتشعل شموع المشاعر.
[5] اجلسا معًا ولو ساعة:
إن جلوس الزوجين لمدة ساعة يوميًا تكون الزوجة خلالها متفرغة لزوجها تمامًا، تتجاذب أطراف الحديث في الشؤون التي تهمه يُعد أنفع وأجدى من قيامها بأي عمل آخر مهما كلفها ذلك من تضحيات.
[6] غضب يعقبه رضا:
كان أبو الدرداء - رضي الله عنه - يقول لزوجته: 'إذا رأيتني غضبتُ فرضني، وإذا رأيتك غضبت رضيتك، وإلا لم نصطحب'.
التراضي بين الزوجين: إنها كلمات من زوج محب عارف بنواميس النفس البشرية وهو في غاية الهدوء النفسي والنضج الفكري، ما أروعه من قانون وما أحوج حياتنا الزوجية لمثل هذا القانون الجميل، فإن الزوجين يحتاجان إلى خلق الصفح والتغاضي عن الزلات والتراضي، ونسيان مساوئ الطرف الآخر.
[7] أين التجديد والتغيير في حياتكما؟
على الزوجين التجديد في حياتهما ـ وخصوصًا الزوجة ـ فحاولي أيتها الزوجة التجديد من خلال تغيير أماكن أثاث البيت، والتجديد في شكل الملابس ـ بغير إسراف ـ وتجميل البيت بالزهور وتعطير غرفة النوم، وكذلك التجديد العقلي بقراءة كتب مفيدة والاطلاع على كل جديد يحدث في العالم، وهكذا يكون التجديد أيضًا في الحديث وطريقة الحوار.
وأحب هنا أن أوجه كل زوجين لقراءة كتاب التفاهم في الحياة الزوجية، للدكتور/ مأمون مبيض فإنه حقيقة مرجع مهم للحياة الزوجية وفنونها.
وأخيرًا، عزيزي الزوج... تحتاج المرأة في جميع أطوار سني عمرها المختلفة إلى لمسات حانية وكلمات عذبة تلامس مشاعرها المرهفة وطبيعتها الأنثوية ومن تخلو بيوتهم من تلك الإشراقات المتميزة فإنه يكون للشقاء فيها نصيب.
فلا تبخل على زوجتك بكرمك، وتصوّب نحوها كل التهم والأعباء فقد قال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: 'خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي'.
21 ذي القعدة 1425هـ
- 2 يناير 2005 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/83)
مكالمات خائن ... زوجي يخونني
الزوجة الغافلة:
استفاقت هذه الزوجة الغافلة على ما لم تكن تتصوره أو تتوقعه في يوم من الأيام... إنه زوجها الذي تحبه بعد زواج استمر خمسة عشر عامًا... يتكلم في الهاتف مكالمات غريبة؛ همسات... ضحكات... عبارات حب ملتهبة.. يأخذ تليفونه المحمول حيثما اتجه، يضعه تحت رأسه عند نومه... يسهر كثيرًا.. يسرح كثيرًا.. يبتعد عنها شيئًا فشيئًا حتى صار هذا ديدنه... لا يحافظ على صلواته.. يتابع الأفلام والفضائيات... وهي ترى كل هذا التغيير ولا تصدق ما تسمع بأذنها ولا ما ترى بعينها.. ماذا حدث؟ وما السبب؟ اكتشفت الغافلة المسكينة أن زوجها يحب أخرى... ووصلت العلاقة بينهما حدًا تجاوز الهواتف.
عزيزي القارئ هل توصلت إلى المشكلة التي نحن بصددها الآن؟
إنها مشكلة من المشاكل الزوجية السلوكية وهي انحراف الزوج أو ما يسمى بالخيانة الزوجية..
والسؤال الآن ما هو مفهوم الخيانة الزوجية؟
يقول أ. د. محمد رواس قلعة - كلية الشريعة، جامعة الكويت-:
'الخيانة الزوجية أن يأتي شخص متزوج من غير زوجته متعة جنسية ما يأتيه من زوجته حلالاً. سواء كانت هذه المتعة الجنسية جماعًا أم مداعبة أم لمسًا أم كلامًا؛ لأن المتع الجنسية لا تحل إلا من الزوجة'.
والخيانة في الشرع هي: غمط الحقوق واغتصابها، وهي من أرذل الصفات وأبشع المذام، وأدعاها إلى سقوط الكرامة والفشل والإخفاق.
قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [27] سورة الأنفال
وقال - صلى الله عليه وسلم -: [أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر] [متفق عليه].
أما الأمانة فهي أداء ما ائتمن عليه الإنسان من الحقوق وهي ضد الخيانة وهي من أنبل الخصال وأشرف الفضائل، بها يحرز المرء الثقة والإعجاب وينال النجاح والفوز، وهي عنوان للنبل والاستقامة.
يقول - تعالى -: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [8] سورة المؤمنون.
إن الحياة الزوجية لا تسمو ولا تصفو إلا في جو تسوده الثقة والأمانة.
لذلك فإننا نجد أن من أخطر المشاكل الزوجية السلوكية هي الخيانة الزوجية فبسببها تُقوّض أركان البيت ويحل الغدر والخيانة محل الأمانة والثقة المتبادلة.
ولا يختلف اثنان على أن الخيانة الزوجية غير جائزة ومرفوضة شرعًا وعرفًا وأثرها السلبي الخطير يعود على الفرد وعلى الأسرة [الزوج ـ الزوجة ـ الأولاد ـ الأقارب].
عجيب أمر هذه الزوجة - الغافلة - فإنها حين تُفاجأ بخيانة زوجها دون مقدمات فمعنى ذلك أنها مقصرة تمام التقصير في عدم فهمها للطرف الآخر، وما يطرأ عليه من تغيرات وأحوال واهتمامات، فلا خيانة إلا ويسبقها مقدمات ومن هذه المقدمات:
1ـ تغير حال الزوج ـ وخصوصًا الناحية الدينية ـ: كأن يبدأ حياته الزوجية متدينًا ثم ينقلب على عقبيه ويتغير حاله إلى اللامبالاة والتساهل في العبادات. [نسأل الله الثبات والعافية ونعوذ بالله من الحور بعد الكور].
2ـ فساد الأخلاق: ويكون هذا واضحًا في مشاهدة الفضائيات والأفلام... والاختلاط مع النساء في العمل وفي الأسرة من الأقارب أو الجيران.
3ـ عدم القيام بالحقوق: وأداء الواجبات الأساسية للأسرة [الزوجة ـ الأولاد] كالبخل عليهم وكثرة الانتقاد والشكوى، الغياب الكثير عن البيت، السهر خارج البيت، إهمال تربية الأولاد والسؤال عن أحوالهم.
4ـ المقارنة: وهي مقارنة الزوج زوجته بمن حوله من النساء مثل زميلات العمل أو التي يراها في الفضائيات ووسائل الإعلام.
5ـ الصحبة السيئة: فهذه من أسباب انحراف الفرد؛ فصاحب السوء يزين لصاحبه الشر... لذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: [المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل].
6ـ خفوت جذوة الحب: وهنا تحس الزوجة أن عاطفة زوجها تجاهها لم تعد كما كانت في السابق، فلم يعد منجذبًا إليها، لا ينظر إليها بنظرات الإعجاب. إن إحساس أحد الطرفين بفتور الحب يشكل نقطة ارتكاز في الخلاف وصدًا مهما بينهما، ومن هنا يبدأ البعد والانصراف.
وإذا وصلت الحياة الزوجية إلى نقطة الخيانة فإن الانشقاق والخراب سيخيم على هذا البيت. وخصوصًا أن الرجل قوام البيت وهو قدوة الأولاد وقدوة الزوجة أيضًا، وهو راعي الأسرة ومسئول عن رعيته ومؤتمن على الزوجة والأولاد. كما جاء في الحديث الصحيح: [الرجل راعٍ على أهل بيته... فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته] [متفق عليه].
ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:[إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيّع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته].
22رجب 1426هـ
27 أغسطس 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/84)
بيت بلا خادمة
عبد الملك القاسم
مع توفر أسباب المعيشة وتوسع الناس في أمور المأكل والمشارب والمساكن وانشغال الزوجين في مشارب الحياة المختلفة. أصبح وجود خادمة في كثير من البيوت أساسا في تكوينه وركنا في بنائه..فهي الأم غير المنجبة والمربية المطلقة والزوجة مع وقف التنفيذ.
ولن أتحدث عن ضرب من الخيال أو طرح من المثالية عندما أتحدث عن بيت تعيش فيه الأسرة حياة هانئة مستقرة بدون خادمة.
فهناك الكثير من الأسر المقتدرة مادياً بدون خادمة، بل ومنهن الموظفات والمدرسات.. ووالله إن تلك الأسر لتجني من طاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الأمر خيراً عظيماً وراحة وطمأنينة لا حد لها.. فالاستقرار النفسي للزوجين أمر جلي في بيت يخلو من إنسان غريب فتلك الزوجة سيدة منزلها.. والزوج لا يغشاه شؤم معصية استقدام خادمة بدون محرم.. وهو حر في منزله يأتيه متى شاء وإن أراد فليس هناك امرأة في منزله لا تجوز الخلوة بها.
أما الأبناء وفلذات الأكباد فلا تسمع إلا ضحكاتهم ولعبهم.. إن غضبوا فزعوا لوالدهم وإن فرحوا قاسموا والدتهم براءة الصغار. فهم في طمأنينة وأمان و أمان لا يخشون من لا تخاف الله فيهم. إن تأملت عقيدتهم فهي عقيدة أهل التوحيد الصافية.. ليس للشرك فيها موطن ولا للبدعة أثر، وإن أصغيت إلى لغتهم سرك وانس سمعك أنها لغة عربية قويمة يجملها نقص بعض الحروف.. إنهم صغار الإسلام ينشأون على الطاعة وفي الطاعة.
أما تقديم الأكل والشرب فيكفي الزوجة دعاء زوجها وثناءه عليها..
وهي بين حين وآخر يمسح تعبها و يوانس يدها بالمشاركة والعمل في أعمال المنزل إقتداء بنبي الأمة - صلى الله عليه وسلم -.. وكل ذك الجهد والتعب لا يغيب عنهما إن فيه احتساب أجر ونوال ثواب وحسن عشرة.
وهذا المنزل مستقر يهنأ بنعم الله التي لا تعد ولا تحصى.. فلا تروعه الأيام عند سفر الخادمة ولا يحتاج إلى معرفة ما بداخل تلك الحقائب المسافرة التي سارت بأحاديثها الركبان!
يا ربة الطهر والعفاف: لن تقف حروفي هذه حائلاً دون سعادتك وراحتك.. ولن يقبل منك العذر لكثرة أعمال المنزل وضيق الوقت.. فمع التقدم العلمي الهائل.. أصبح المنزل ينظف بالآلة والملابس تغسل بالآلة والأواني كذلك.. وهكذا حلت الأجهزة الكهربائية ولله الحمد محل خادمة أو أكثر.. ومع ذلك كله يبقى لك من الأعمال غفر الله لك ما تحتسبين أجرها عند الله - عز وجل -.
أختي المسلمة: طرقنا دروبا كثيرة ومشينا مسالك وعرة.. دعونا نجرب بيتا بلا خادمة ولا أخالك ابنة الإسلام إلا طائعة لله ولرسوله.. وستجدين من إعانة الله لك وتوفيقه وعطف زوجك ومجتمعه ما لا تتوقعين. و والله الذي لا إله إلا هو ستقر عينيك ويهنأ بالك، وحسبك آية من كتاب الله - عز وجل - تقفين عندها تقررين بيتاً بلا خادمة (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)الطلاق: من الآية2-3. وستبقين الزوجة الصالحة التي هي كنز الرجل المسلم وقرة عينه.. إن نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته.. ومن أنجبت فدعاة وعلماء ومصلحون وأبناء بررة.
** لأهل القوامة:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم" رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
06/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/85)
الأسرة السعيدة والدعوة إلى الله
محمد محمود عبد الخالق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
لقد حثنا الإسلام على الزواج وجعله عبادة يتقرب المسلم بها إلى ربه بل إنه جعل قضاء الوطر في ظله قربى يؤجر المرء عليها ففي الحديث: " من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر"، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ويجب أن نتريث في الإجابة عليه هو من التي يتزوجها المسلم؟ فالغاية من الزواج ليست إيجاد أجيال تحسن الأكل والشرب والمتاع وإنما الغاية إيجاد أجيال تحقق رسالة الوجود ويتعاون الأبوان فيها على تربية ذرية سليمة الفكر والقلب شريفة السلوك والغاية ولذا فإن المسلم مطالب بأن يختار زوجة صالحة تعرف ربها وتطيعه في السر والعلانية حتى تكون الأسرة سعيدة موصولة بربها تعرف حقه وتؤديه وتعرف حقوق العباد وتؤديها.
إننا نريد من الزواج ذرية صالحة تركع وتسجد وتسبح وتمجد ربها فهذا سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: " إني لأكره نفسي على الجماع محبة أن تخرج نسمة تسبح الله " فهو لا يريد أولاداً من أجل التفاخر والتكاثر وإنما يريدوا أولادا يركعون ويسجدون لله - سبحانه وتعالى -، وانظر إلى دعاء عباد الرحمن عندما يختارون أزواجهم ويؤسسون بيوتهم (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما)، ولكن للأسف في هذه الأيام نجد الآباء لا هم لهم إلا السعي وراء الأموال وتدبير أمر المعيشة ويتركون من جراء ذلك أبناءهم دون تربة أو رعاية فينشئ الأبناء على غير طاعة الله فيخسر الآباء والأبناء على حد السواء ومن أجل ذلك نجد المولى- تبارك وتعالى -ينادي على المؤمنين بأن يقوا أنفسهم وأهليهم نار جهنم فيقول (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهلبكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) وهذا لن يكون إلا بالتزام الآباء بمنهج الله وتربية الأبناء على ذلك.
ولأهمية اختيار الزوجة نجد عثمان بن أبي العاص التقي يوصي أولاده في اختيار النطف وتجنب عرق السوء فيقول لهم " يا بنيّ الناكح مغترس زارع فلينظر أمروء حيث يضع غرسه والعرق السوء قلما ينجب فتخيروا ولو بعد حين "، وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يجيب أحد أبنائه لما سأله: ما حق الولد على أبيه؟ فيقول له: " أن ينتقي أمه ويحسن أسمه ويعلمه القرآن "، وفي الحديث الذي روته السيدة عائشة مرفوعا: " تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء "، ومن أعجب ما قرأته في اختيار الزوجة الصالحة ما ذكرته منظمة الصحة العالمية التي أرشدت طالبي الزواج أن يختاروا زوجات ترعرعن في بيئة صالحة وتناسلن من نطفة انحدرت عن أصل كريم!! فسبحان الله لقد سبق الإسلام هؤلاء بأربعة عشر قرنا ولكن هل ينتبه المسلمون إلى ذلك؟!.
لتعلم أخي المسلم الكريم أنك لن تنسل أولادا أنقياء أتقياء لله - سبحانه وتعالى - حين تتزوج من ضائعات تافهات لم ينشئن في بيئة صالحة نقية.
إن المسلم حين يختار زوجة صالحة فتنجب أولادا يربيهم على طاعة الله - سبحانه وتعالى - تكون الأسرة سعيدة وإذا كانت الأسرة سعيدة فإنها تستطيع أن تسير في الدعوة إلى الله التي أمرنا أن نقوم بها وجعلت هدفا من أهداف حياتنا فما وصل الدين إلينا إلا بالدعوة إلى الله ولو أن كل مسلم ممن دخل ألإسلام لم يدعو غيره لما وصل الدين إلينا ولن يصل الدين إلى من بعدنا إلا إذا سلكنا نفس الطريق طريق الدعوة إلى الله- تبارك وتعالى -بالحكمة والموعظة الحسنة ولعل السر في الربط بين الأسرة السعيدة والدعوة إلى الله هو أن الأسرة أو البيت المفكك أواصره والمبني على غير طاعة الله من أول ألأمر لن يستطيع أن يدعو إلى الله ولن يقدر على السير في هذا الطريق.
وأخيرا فإننا ندعو المسلمين إلى إقامة الأسرة السعيدة التي تسعى إلى إرضاء الله- تبارك وتعالى -وتحقق مراده في الأرض وتنشر الخير بين الناس أجمعين، أسرة ذات أخلاق سامية ومبادئ رفيعة ومثل وقيم تسير بها بين الناس وهذا هو ما نتمناه ونرجوا تحقيقه.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/86)
عندما خضع الطب لذات النقاب
دخلت مكتبي في الصباح الباكر ، وإذ ببطاقة بهية المظهر ظريفة الإخراج وضعت على سطح المكتب ، وبعد فتحها علمت أنها دعوة رسمية لحضور افتتاح (المؤتمر العالمي الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة ) ، وكم كنت أتمنى أن لا يفوتني حضور الإفتتاح غير أن ظروف عملي لم تسمح لي بذلك ، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله . وفي المساء توجهت للقاعة الماسية في فندق الشيراتون في العاصمة الكويتية حيث يعقد المؤتمر هناك ، وخلال مسيري للقاعة كانت عيناي تلمح في أروقة الفندق بعض قادة العمل الإسلامي وبعض الأدباء والمفكرين والذين كم كنت أتمنى السلام عليهم وتبادل أطراف الحديث معهم لولا تأخري عن المحاضرة المنتظرة ، وبعد دخولي للقاعة فإذا بعريف الجلسة قد بدأ بتقديم المحاضرين . فإذا به يقدم طبيبتين سعوديتين قد لبستا لباسا فضفاضا وقد غطت كل واحدة منهما وجهها بالنقاب لدرجة كاد النقاب أن يغطي عينيهما ، وبكل صراحة كان مثولهما أمام الجمهور بهذه الصفة أثار الدهشة ، فلقد رأينا كثير ممن ينتسبن للعمل الإسلامي في الندوات والمحاضرات والمؤتمرات بل وفي اللقاءات التلفزيونية أيضا ولكن كاشفات الوجه آخذات ببعض الأقوال المعتبرة من أقوال فقهائنا ، أما بروز النقاب بهيبته وبضوابطه الشرعية في مؤتمر عالمي كهذا كان له أثر عظيم ، و مما تبادر لذهني عند رؤيتهما تساؤل مفاده ما الذي سيقدمانه هاتين الطبيبتين للحضور ، وكم من متربص ومتربصة بهذا النقاب من الصحفيين الذين كانوا يحتلون مساحة لا بأس بها في القاعة ، بل ومن الغربيين الذين قد وضعوا السماعات على آذانهم لسماع الترجمة المباشرة لهما ، ولا أخفيكم سرا أني كنت أخشى اخفاقهن في العرض خوفا من فرح خصوم المرأة المتدينة (والمنقبة ) على وجه الخصوص . بدأت المحاضرة وكلي آذان صاغية لما سيقولانه، قامت الأولى وبدأت بعرض ما لديها . تقدمت بكل هدوء نحو اللاقط وجهاز العرض وبدأت بالسلام ثم قالت إنني لن أذكر اسم الدواء الذي اكتشفته مع مجموعتي الطبية إلا بعد أن أشرح لكم مفعوله الطبي ومن ثم يحق لكم أن تحكموا على هذا العلاج . بمعنى أنها ستخالف كل من سبقها من الأطباء والذين ذكروا مصادر علاجهم ، وكان هذا الموقف كفيل في إثارة الفضول لدى الحضور في معرفة الدواء ، وللعلم أنها تكتمت على مصدر العلاج خلال نشر نتائج البحث في العام المنصرم وقد نشرت عدة مواقع إخبارية عالمية كـ CNN نتيجة البحث من غير ذكر مصدره الطبيعي . فأخذت الدكتورة بعرض الشرائح والصور الحية التي قامت بها على بعض فئران التجارب ، حيث حقنتها بخلايا مصابة بسرطان الرئة . ثم قامت بعلاج هذه الفئران بالعلاج المُخْتَبَر ، ولقد رأينا العجب ، وذهل كل الحضور من النتائج ، حيث عرضت ستة عيون أو أنابيب إختبار للخلايا المريضة والتي رأينا كيف يضمحل المرض مع طول فترة العلاج إلى أن اختفت الخلايا المريضة تماما . وقالت إننا سلكنا في بحثنا هذا الطريقة الغربية في البحث ، حيث أن الأصل عدم صحة الدواء إلى أن يثبت عكس ذلك من خلال المختبر ، لا أننا مكذبين للإعجاز العلمي في ديننا ، لكن اقناعا لأمم الأرض والتي يدين أغلبها بغير الإسلام . وقالت إنه وبعد ظهور هذه النتائج والتي استهلكت وقتا ليس بالقصير والذي بلغ أربع سنوات - حتى أننا في ذروة البحث واصلنا في بعض الليالي الليل بالنهار - خشينا أن يكون لإيماننا بالنصوص الشرعية أثّر في مجريات البحث ، فأخذنا عينات من العلاج المكتشف بالإضافة لخلايا مريضة وبعثنا بها لجهة محايدة ولم نخبرهم بنوعية المادة المعالجة ، وبعد ظهور النتائج والتي طابقت تماما ما وصلنا إليه حُقّ لنا أن نفاجئ العالم بهذه الحقيقة العظيمة ، والمعجزة النبوية والتي جاءت من غير مختبر وميكروسكوب ، بل جاءت بالوحي الرباني وأن نكشف عن أصل مادة الدواء وهي مأخوذة مما ورد في صحيح البخاري ( أن رهطا من عكل ، ثمانية ، قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فاجتووا المدينة ? أي مرضوا -، فقالوا : يا رسول الله ابغنا رسلا ، قال : ( ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود فانطلقوا فشربوا من أبوالها وألبانها ، حتى صحوا وسمنوا ) . فقالت الدواء المكتشف هو من ( بول الإبل ) فاعترت الدهشة الكثير ، فواصلت قائلة أن للحديث بقية ، أرجو ممن تسرب لقلبه شك من جدوى هذا العلاج ، ولا يرضى إلا أن يكون علاجا مستخدما عالميا ، فرجائي أن يبحث بالإنترنت عن العلاج بالبول وستجدون أن كثير من المصحات الأوربية والأمريكية وكذلك الهندية قد أخذ العلاج بالبول حيزا في صيدلياتهم ، ولكن للأسف أن الذي يتعالجون به هو بول الإنسان ، ولكننا هنا نعالج ببول الإبل ونحن واثقون مما نقول بالنص النبوي وكذلك بأنبوبة الاختبار وأردفت قائلة : ونتيجة هذا البحث دليل آخر نضيفه في صفحة كفاحنا دون شخص نبينا صلى الله عليه وسلم ويثبت بأن دفاعنا عنه ليس عاطفة مجردة من دعائم واقعية أومن دوافع حقيقية تحتم علينا ذلك
. وختمت قائلة : و نقول لكل من تسول نفسه بالمساس بشخص نبينا صلى الله عليه وسلم والذي جاءنا بما يشفي أرواحنا وأسقامنا أننا سنبذل دونه أرواحنا وأموالنا وكل ما نملك . وكانت هذه الكلمات كفيلة بأن تلهب مشاعر الحاضرين فعجت القاعة بالتصفيق الحار من جميع الحضور مع صيحات التكبير ، وهي شامخة بنقابها ثابتة واثقة من نفسها أمام الجموع ،وقد اقشعر بدني من هيبة الموقف .
وأخيرا أقول :
هذه الشخصية الحقيقية للمرأة المسلمة والتي حافظت على إسلامها قلبا وقالبا ، و روحا ومنهجا وسلوكا ، فكون أنها امرأة تسعى لإثبات حقها في الحياة وأن تكون فعّالة في مجتمعها وأن لها حقوقا لا بد من جنيها ، لم يكن ذلك يتعارض البتة مع ما جاء به الدين من أحكام شرعية يجب عليها تطبيقها من حجاب كامل ومحرم في سفر وغيرهما مما أمر الله به المرأة المسلمة، وهاهي المرأة جاءت بما لم يستطع أن يأتي به كثير من الرجال من غير أن تتنازل عن شيئ من دينها . يعلم الله كم احترمت هذه المرأة وكم كَبُرت في عيني بل وفي ظني أنها شمخت واعتلت وتبوأت مكانا عاليا في ميدان البحث العلمي فلله در الدكتورة فاتن خورشيد (رئيسة وحدة زراعة الخلايا والأنسجة بمركز الملك فهد) وزميلتها الدكتورة صباح المشرف والتي قاسمتها شرح الموضوع .
ـــــــــــــــــــ(111/87)
كيف تعبران عن حبكما ؟
إن مشاعر الحب مشاعر سامية وهي معنوية موطنها القلب، والقلب عالم مغيب لا يوصل على ما بداخله إلا ببريد، كاللسان مثلاً، فاللسان هو واحد من وسائل التعبير عن أحاسيس القلب ومشاعره، وهناك الأفعال السلوكية التي يمكن للمحب أن يعبر بها عن حبه لغيره وأجدر الناس بإتقان فن التعبير عن الحب هما الزوجان.
فليخبره أنه يحبه:
انظر عزيزي القارئ إلى حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو في رياض الصالحين: 'عن أبي كريمة المقداد بن معد يكرب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: 'إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه' [رواه أبو داود والترمذي] فكيف يكون الحال بين الزوجين، إذا كان هذا هو الحال بين الإخوة. وقد أخبرنا الله - عز وجل - عن شكل العلاقة بينهما وهي المودة والرحمة في قوله - تعالى -: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]. فإن كان هناك حب في القلب فأخبرها وأخبريه بهذا الحب لتدوم المودة وتزداد المحبة.
الحب يحتاج الوقت:
تظهر كثير من الأبحاث أن أهم سبب لضعف العلاقات الزوجية وتدهورها هو قلة الوقت الذي يقدمه كل من الزوجين لنمو هذه العلاقة، فتعقيدات الحياة وكثرة مشاغلها الفوضوية أحيانًا تحرم كثيرًا من الأزواج فرص المعايشة وقضاء الوقت المشترك.
ويقول كثير من الأزواج أن العلاقة بينهما أهم من ترتيب المنزل أو غيره من الأعمال، إلا أننا نجد هؤلاء يجدون وقتًا لترتيب المنزل وغيره، ولا يجدون وقتًا لقضائه بهدوء مع شريك الحياة.
ولذلك فنحن نقترح على الأزواج أن يحاولوا عدم الافتراق الطويل بينهما في سفر أو غيره، وأن تكون الأولوية عندهم للعيش المشترك وقضاء الوقت معًا.
والخطأ الذي يمكن أن يقع فيه بعض الأزواج أنه إذا لاحظنا أن علاقتهما حسنة نوعًا ما فإنهما يتوقفان عن استثمار الوقت المناسب في تقوية هذه العلاقة وتنميتها، ويتجاهلان أحيانًا بعض المشكلات والتوترات الصغيرة. وليتفهم الطرفان جيدا أن نمو الحب بين الزوجين، لن يحصل ما لم يستثمر كل من الزوجين الوقت والجهد المطلوب في رعاية الطرف الآخر. وأن الإنسان عندما يصاب بمرض يهدد حياته أو بحادث خطير فإن أمنيته في هذه الحالات قد لا تكون أن يتاح له وقت ليعمل في مهنته بشكل أفضل، وإنما يتمنى مزيدًا من الوقت ليقضيه مع من يحب.
** أيها الزوجان: المشاعر الرقيقة الجياشة في القلب وحدها لا تكفي لنمو الحب بين الزوجين ولكن إظهار هذه المشاعر وإخراجها من حيز القلب إلى الرحاب الواسع هو المطلوب فالتعبير عن الحب بين الزوجين يكون بوسائل مادية ومعنوية وبأشكال كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر هذه الأشكال التالية:
كيف يعبر الزوجان عن الحب؟
1ـ التعبير عن الحب بالإخلاص:
يقول أحد الأزواج: ليس شرطًا أن يعبر الزوج لزوجته عن حبه بالكلام المباشر بل الإخلاص لها وإعطاؤها الثقة وتقدير الزوج لظروف زوجته، وأن يكون غيورًا عليها ويوفر لها ما تريد هي من وسائل التعبير عن الحب، وهذه الأمور لا بد أن تكون متبادلة بين الزوجين ولا تكون من طرف واحد حتى يسود الحب والتفاهم بينهما.
2ـ التعبير عن الحب بالاحترام والتقدير:
ويقول آخر: إن أفضل طريقة يعبر بها عن حبه لزوجته هو احترامه وتقديره لها، فالاحترام هو أهم شيء وهو يلغي الحواجز بين الزوجين، وإذا فقد الاحترام بين الزوجين فلن يكون هناك حب بينهما.
أما بالنسبة للتقدير فتقول إحدى الزوجات أنها تموت كمدًا وحزنًا عندما لا تجد التقدير من زوجها إذا وقفت بجانبه وضحت بالمال والنفيس لبيتها وأولادها وزوجها، وإذا اهتمت أن تظهر أمامه في أحسن صورة ثم لا يقدر هذا كله ولا يذكرها بالخير أمام الغير. فالتعبير عن الحب بالاحترام والتقدير هام جدًا لنمو الحب بين الزوجين.
3ـ التعبير عن الحب بالكلام:
المرأة تحب أن تسمع الكلام أكثر من الفعل، وعلى العكس الرجل الذي يجب الفعل أكثر من الكلام، وهذا أحد الأزواج يقول: إنني دائمًا أعبر لزوجتي عن حبي بالكلمات الرومانسية كما أهتم بشراء الهدايا لها في المناسبات المختلفة وبمدحها أمام أهلها بالكلام الطيب.
4ـ التعبير عن الحب بالأفعال:
إن الرجل بطبعه عملي ولديه مسؤوليات فإن تعبيره عن حبه لزوجته يكون بالأفعال أكثر مما هو بالكلام، فمثلاً يهتم بصحتها ويزور أهلها معها ويساعدها في أعمال المنزل قدر المستطاع فهذا يعتبر ضمن التعبير عن الحب.
5ـ التعبير عن الحب بالهدايا:
يمكن أن يعبر أحد الزوجين للآخر عن حبه بالهدايا في المناسبات وغيرها، وقد طرح هذا السؤال على الزوجات أيهما أحب للمرأة أن يشتري الزوج أربعًا وعشرين وردة ويقدمها لزوجته في يوم واحد؟ أم يشتري أربعًا وعشرين وردة ويقدمها مقسمة على أربع وعشرين يومًا؟
فكان الجواب بالإجماع من الزوجات أن يشتري لها كل يوم وردة على مدار الأربع وعشرين يومًا، فالهدية هي رسالة حب مجسمة وصدق رسولنا حين قال: 'تهادوا تحابوا'.
6ـ التعبير عن الحب بالرسائل عبر الهاتف:
مثل 'لا أستطيع أن أعيش من غيرك'، أو 'أحبك ولا أقدر على فراقك' وغيرها من الرسائل القصيرة المعبرة أثناء سفر الزوج مثلاً أو أثناء غيابه عن المنزل، وتذكيره أيضًا عن طريق الهاتف بالمناسبات السارة.
7ـ التعبير عن الحب وقت الشدائد:
تقول إحدى الزوجات: إن تعبيري عن الحب لا يرتبط بموقف معين أو وقت معين، بل يكون لا شعوريًا طوال الوقت، ويزداد خوفي عليه عندما يكون مريضًا أو يمر بظروف صعبة في حياته، ففي أحد السنين مرض زوجي وظل ملازمًا الفراش مدة طويلة فأخذتُ أجازة من العمل مدة مرضه وبقيت معه حتى تعافى، وكان هذا الموقف مني تعبيرًا لحبي واهتمامي بزوجي وأسرتي.
8ـ التعبير عن الحب بالمشاركة والتعاون:
إن الحياة الزوجية شركة بين اثنين، ومشاركة كل من الزوجين في مواجهة المسؤوليات ومصاعب الحياة وتربية الأولاد، والتعاون بينهما هو صورة من صور التعبير عن الحب.
9ـ التعبير عن الحب بالطاعة:
وهذه تقول: إن التعبير عن الحب للزوج يكون بالطاعة وأن أفضل الشيء الذي يحبه وألا أخرج من البيت إلا بإذنه.
10ـ التعبير عن الحب بالتفاهم:
يقول د/ ناصر المنيع المدرس المساعد بقسم علم النفس في كلية الآداب جامعة الكويت: إن التفاهم أفضل وسيلة للتعبير عن الحب بين الزوجين، وهو محاولة فهم كل طرف للطرف الآخر بعد أن يفهم نفسه ودوره في الأسرة، وبالتالي يستطيع أن يتعامل مع طرفه الآخر المعاملة الصحيحة ويعبر عن حبه دون حياء لأن الزوجة أصبحت جزءًا من زوجها، وكذلك الزوج أصبح جزءًا منها.
* وهناك نقطة هامة أشار إليها د/ ناصر المنيع وهي:
أن وسائل التعبير عن الحب تختلف عن وسائل التعبير عن الاحترام، فمثلاً أن يصرخ الرجل في وجه زوجته أمام الناس لا يعني أنه يحبها أو لا يحبها، وإنما يعني أنه يحترمها أو لا يحترمها، فالحب أسمى وأرقى لأنه من الممكن أن يكون الإنسان لا يحب شخصًا ولكنه يحترمه.
التقصير ليس دليلا!
ويرى د/ ناصر المنيع أن تقصير أحد الزوجين مرة أو مرتين في حق طرفه الآخر ليس دليلاً على عدم حبه له، فمن الممكن أن يغيب عن فكر الزوج مناسبة معينة مثل يوم زواجه ولا يتذكر أن يحضر هدية لزوجته، فليس معنى ذلك أنه لا يحبها لأنه لا بد أن ننظر إلى الظروف النفسية التي يمر بها أحد الزوجين التي تؤثر على السلوكيات والتصرفات.
وخلاصة القول:
يمكننا أن نقول أن التعبير عن الحب يكون من الزوج بالأفعال ومن الزوجة بالأقوال ويرجع ذلك إلى أن الرجل بطبيعته عقلاني وعملي، والصحيح الذي لا مراء فيه أن المرأة في حاجة دائمة إلى العاطفة واللطف ولأن المرأة عاطفية بطبعها فإنها تعبر عن حبها بالكلام، والإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة بحاجة إلى سماع الكلمة الطيبة وكلمات الحب.
وليس شرطًا أن تكون التعبيرات صريحة مثل 'أنا أحبك' ولكن الكلمة الطيبة حب فالإنسان عامة يحتاج إلى تغذية عاطفية وهذه التغذية تكون بأساليب التعبير عن الحب، والعلاج هو أن يعبر الرجل عن حبه لزوجته بالكلام إلى جانب الفعل، وأن يفهم أن الرجل لا بد أن يعطي لزوجته الحب والحنان، يقول رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم: 'خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي'.
وفق الله الأزواج إلى أفضل الوسائل للتعبير عن الحب بينهما.
خلاصتي في مشهدي: عزيزي القارئ يمكننا أن نجمع وسائل التعبير عن الحب التي ذكرناها في هذا المشهد للحصول على المزيد من مشاعر الحب بين الزوجين والتعبير هنا متبادل:
1ـ التعبير عن الحب بالإخلاص.
2ـ التعبير عن الحب بالاحترام والتقدير.
3ـ التعبير عن الحب بالقول.
4ـ التعبير عن الحب بالفعل.
5ـ التعبير عن الحب بالهدايا.
6ـ التعبير عن الحب بالرسائل عبر الهاتف.
7ـ التعبير عن الحب وقت الشدائد.
8ـ التعبير عن الحب بالمشاركة والتعاون.
9ـ التعبير عن الحب بالطاعة.
10ـ التعبير عن الحب بالتفهم.
26رمضان 1426هـ
29 أكتوبر 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/88)
الإنصات لزوجتك هو الحل
هل تحلم أن يكون بيتك جنة دنيوية يملؤها الحل والحنان؟
هل تحلم في يوم من الأيام أن يكون بيتك القفص الذهبي كما كنت تحلم به قبل الزواج؟
إنَّ المسألة ليست بتلك الصعوبة فهي أسهل مما تتخيل!
هل فكرت في يوم من الأيام أن تلك المرأة التي كنت تحلم بها زمن العزوبية هي نفس المرأة التي تعيش معها الآن.
نعم أخي إنها نفس المرأة ولم تتغير! إذن ما المشكلة لماذا دائماً تجد زوجتك لم تعد تهتم بك كالماضي؟ هل حدثت فجوة؟
نعم لقد حدثت فجوة عظيمة وتحتاج إلى حل جذري إذن تتساءل الآن وتقول ما هي تلك الفجوة أو المشكلة ؟ هي أنَّك لم تعد ذلك الرجل الذي يهتم بها ويراعي مشاعرها، لم تعد ذلك الإنسان الذي أحبها وأحبته ومَلَك جميع تفكيرها ، أنا لا أقف هنا لكي أضع اللوم عليك فرُبَّما أصبحت مشاغل الحياة والمسؤوليات على عاتقك كبيرة وفي زحمة تلك المشاغل أصبحت تنسى تلك الإنسانة الرائعة التي تضحي من أجلك.
أخي : إنها لا تريد الكثير منك إنها تريد فقط حاجات أساسية بسيطة لابد أن تفهم تلك الحاجات وتقدرها لتنعم بتلك الجنَّة التي تبحث عنها وتعود إليك تلك المرأة التي عشت معها لحظات، لا تنسَ أن تلك الحاجات هي ست حاجات لابد من مراعاتها بشكل يومي وبطريقة بسيطة جداً سوف نتناول أول تلك الإحتياجات:
تدخل عليك زوجتك وهي تشتكي من هموم العمل ومشكلاته أو ربما تشتكي إليك من مشكلات الأبناء أو متاعب والديها أو متاعبها هي أمور عديدة رُبَّما من وجهة نظرك أنها مشكلات بسيطة ولا تنتهي وهي المسؤولة عنها في كل الأحوال، فكيف يمكن أن تواجه تلك الهموم والمشكلات؟
أخي : هي لا تريد أن تكون أنت ذلك الناصح أو حَلاَّل المشكلات هي تريد منك شيئاً واحداً فقط، هو أن تُنصِت لها فقط فالمرأة لديها قُدرة عجيبة على التحدُّث في أكثر من موضوع في وقت واحد ومع ذلك لا تريد منك فقط إلا الإنصات، هي لا تريد أن تقدِّم لها الحلول لمشكلاتها لأنها ستستمر في عرض مشكلات أخرى، بينما إذا أنصت لها سوف تتوقف عن سرد المشكلات وسوف تشعر بأنها ايجابية، فالإنصات هو الحل المفضَّل لدى المرأة وهو طريقة مفيدة لِنسْيان المشكلات اليومية لدى المرأة.
أخي : ما أطلب منك هو أن تنصت لها بكل اهتمام وسوف تقف العديد من المشكلات التي تُعكِّر صفوَ حياتك وستشعر بالفرق.
ـــــــــــــــــــ(111/89)
بعض من الوفاء
عبد الملك القاسم
امرأة فاضلة تزوجت رجلاً صواماً قواماً أعانها على الطاعة والعبادة، وفي برهة من الزمن قليلة انطفأت أنوار السعادة بينهما فقد أتى على الزوج هادم اللذات ومفرق الجماعات فأخذه وهو يرفل في ثياب صحته وشبابه. وبقيت تلك الأرملة الشابة تعاني من الوحدة وبُعد الأنيس. وتطاولت بها الليالي والأيام حتى ساق الله لها رجلاً شاباً يفوق الأول وسامة وبهاء ووفرة مال وحسن مظهر، لكنه خال الوفاض من أمر الدين، ومن عجائب ما يذكر للقراء أن زوجها الثاني كان يأتي بأموال منها إلى جهة خيرية على أنها تبرعات عامة وهي إنما كانت تبني مسجداً بأموالها الخاصة لزوجها الأول. وتكرر مجيء الرجل مرات وهو يوصل المال، حتى إذا اكتمل المسجد بدأت في أعمال بر أخرى للزوج الأول من إجراء ماء أو مساهمة في صدقة!! فكانت مضرب المثل في الزوجة الوفية.
وحتى لا تغضب النساء من عدم وفاء الرجال لهن، هاهو عبد السلام بن رغبان يرثي زوجته بأبيات جميلة..
قل لمن كان وجهها كضياء الـ *** شمس في حسنه وبدر منير
كنت زين الأحياء إذ كنت فيهم *** ولقد صرت زين أهل القبور
بأبي أنت في الحياة وفي المو ت *** وتحت الثرى ويوم النشور
وقال كمال الدين الأدهمي يرثي زوجته:
عيوني لا تجف من البكاء *** وقلبي لا يكف عن العناء
وحزني لا يخف برغم صبري *** ومن لي بالتصبر والعزاء
ولم أحزن على أحد كحزني *** علي ((قدسية)) إمراتي الضياء
وأعظم من ذلك كله وفاء النبي لزوجته خديجة - رضي الله عنها - حتى أنه ليستقبل صويحباتها ويكرمهن وفاءً لحقها - رضي الله عنها- فقد ورد عند الحاكم عن النبي "أنه أكرم عجوزاً دخلت عليه، فقيل له في ذلك فقال: "إنها كانت تأتينا أيام خديجة، وإن كرم العهد من الدين".والبعض اليوم يقول لزوجته.. عليك بالموت حتى أرثيك فأنت زين أهل القبور!.
07/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/90)
السلام في الأسرة المسلمة
د/محمد محمود متولي
الوقوف عند حدود الشارع الحكيم يبعث في قلب المسلم والمسلمة طمأنينة، وفي روحهما سعادة، ويزرع في جو الأسرة التآلف والتحاب، لرضى طرفيها بحكم الله فيهما، إذ جعل لكلٍ وظيفة ومقاماً، يجب عليهما الرضوخ له، لأنه حكم الله، وعلى كلٍ منهما الإحسان للآخر لأن الذي حكم أحكم الحاكمين. قال - تعالى -: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) البقرة: 228 وقال تعال: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) النساء: 34.
يقول الإمام محمد عبده: (المراد بالقيام هنا هو الرياسة التي يتصرف فيها المرؤوس باختياره وإرادته، والقوامة عبارة عن الإرشاد، والمراقبة في أثناء تنفيذ ما يرشده إليه، بمعنى ملاحظته في أعماله، وقوله - تعالى -: (بما فضل الله بعضهم على بعض) إشارة إلى أن هذا التفضيل ليس إلا كتفضيل بعض أعضاء الجسم الواحد على بعضه الآخر، ولا خير في أن يكون الرأس أفضل من اليد، ولا في أن يكون القلب أفضل من العين ما دام الأمر الإلهي اقتضى أن يكون الرجل أقوى من المرأة، وأقدر على الكسب، وتحمل المشاق..وقد استندت القوامة إلى أمور وهبية وهبها الله للرجل، وأخرى كسبية يكتسبها الرجل من معاناة الحياة، وما ينتجه من نمو قدراته وتكاملها، وهذا بحسب الغالب)(1).
وقد عدد الإمام بن حجر مبررات هذه القوامة بما يقطع اللجاج حول فضل الرجل وأحقيته برئاسة الأسرة.قال - يرحمه الله -: (ثم درجة الرجل عليها لكونه:
1 ـ أكمل منها فضلاً وعقلاً ـ غالباً ـ ودية وميراثاً وغنيمة.
2 ـ وكونه يصلح للإمامة والقضاء والشهادة.
3 ـ وكونه يتزوج عليها، ويتسرى، ويقدر على طلاقها ورجعتها ولا عكس.
4 ـ وهو ملتزم بالرحمة والإصلاح كالتزام المهر والنفقة، والدفاع عنها، والقيام بمصالحها ومنعها من مواقع الآفات. فكان قيامها بخدمته آكد لهذه الحقوق.. قال تعال: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض. للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) النساء: 32.
وقد ذكر المفسرون أن تفضيل الرجال إنما هو لوجوه حقيقية وشرعية منها: أن عقولهم وعلومهم أكثر ـ غالباً ـ وقلوبهم على الأعمال الشاقة أصبر ـ ومنهم الأنبياء والعلماء، وفيهم الإمامة الكبرى والصغرى والجهاد والأذان والخطبة والجمعة والاعتكاف والشهادة في الحدود والقصاص والأنكحة، وزيادة الميراث والتعصيب، وتحمل الدية، وولاية النكاح والطلاق والرجعة. وإليهم الانتساب وهم الذين يدفعون المهر والنفقة ... ) (2).
وكلها فيما نرى حجج ملزمة لا مراء فيها، وحال المرأة معها ينبغي أن يكون كما وصف الله - تعالى -المؤمنين بقوله جل شأنه: (إنما كان قول المؤمنين إذا دُعُوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون. ومن يطع الله ورسوله ويخش الله وَيَتَقِهِ فأولئك هم الفائزون) النور: 51 ـ 52.
وفي مقابل التزام الرجل بواجباته على المرأة القيام بواجباتها ومنها: القيام بخدمة الزوج والبيت والأولاد، فقد كانت فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - تقوم على خدمة زوجها وأولادها وشكت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تلقاه من الرحى، وسألته خادمة، فلم يقل لها: لا خدمة عليك.
وكانت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - تخدم بيتها، وتعلف فرس زوجها الزبير بن العوام - رضي الله عنه -، وتعجن، وتجمع النوى لفرسه، وتحش له الحشيش.. وعلى هذا جرى عرف المسلمين قديماً وحديثاً، ولعله عرف عند جميع الأمم. وقد انتصر الإمام ابن القيم لهذا الرأي ورجحه الشيخ سيد سابق في فقه السنَّة على غيره، ورأى أنه المذهب الصحيح خلافاً لما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة والشافعي من عدم وجوب خدمة المرأة لزوجها، وقالوا: إن الأحاديث المذكورة تدل على التطوع ومكارم الأخلاق لا على الوجوب.
وهناك أمور من حقوق الزوج يجب التنبيه إليها:
1 ـ شكر الزوج على إحسانه للزوجة:
الكنود فساد في الطبع، ونقص في الدين، وعوج في العقل، ونحن نرى الحيوان الأعجم يتمسح بمن يطعمه، وينظر إليه كأنه يشكره، ويبصبص بذنبه إذا لقيه كأنه يعبر عن امتنانه له، وليس كالزوج من يطوق جميله عنق زوجته، إنه في إحسانه أكثر من والديها، وشكره وطاعته مقدمان على شكر والديها، فإذا رأت الزوجة أن ما يقدمه الزوج فرضاً عليه، فيجب أن تعرف أن ما فرضه الشارع عليه فرض عليها مقابلاً له. قال - تعالى -: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) الرحمن: 60.
وقد روى الإمام أحمد بسند رجاله ثقات عن الأشعث بن قيس يرفعه ـ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) فلتحذر الزوجة جحود فضل الزوج، لأنه يعرضها لمقت الله - عز وجل -. فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا ينظر الله- تبارك وتعالى -إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه) (3).
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى والناس معه.. وذكر الحديث إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: رأيت النار، فلم أر كاليوم منظراً قط، ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: يكفرن. قيل: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئاً. قالت: ما رأيت منك خيراً قط) (4).
فانظري رعاك الله إلى ما أوجب النار في الحديث الشريف وهو كفران العشير والإحسان، وسرعة التنكر، ونسيان الحسنات، وتذكر سيئة واحدة.
ومن العجيب أن النساء مع ذكرهن سيئة الزوج ينسين ما يصنعنه من تقصير في حق الزوج فبعض الزوجات لا تعرفن متى يذهب أزواجهن إلى العمل، لأنهن في وقت ذهابه إلى العمل يكن في سبات عميق، فلا فطور ولا اهتمام بهندامه، ولا معاونة في لباس ولماذا هذا؟ إنه السهر أمام التلفاز، والاهتمام بالصديقات. ولربما أدى الأمر إلى الطلاق لهذه الأسباب. وبعضهن يكثرن من الثرثرة حول ما يحدث للناس، أو ما يحدث من خلافات داخل الأسرة، وكله كلام مكرور ومعاد. تكثر به السيئات، وتوغر به الصدور وليس وراءه إلا ضياع الوقت وإحباط العمل.
2- تقديم حق الزوج على النوافل:
قد تكون المرأة تقية، ولكنها لا تعرف ما هو فرض، وما هو نافلة، وربما ضيعت الفرض وهي تغالي في النافلة، وهذه تعرّف حتى لا تضيع فرضاً بإحياء نافلة، وقد تكون متصنعة للتقوى فهذه لا يفيد معها التعريف، إنما يفيد معها مطالبة الزوج بحقوقه المفروضة وتحذيرها من الرياء، وإضاعة حقوق الزوج. وهناك من تديم الصيام، وتطيل الصلاة، فأما حقوق الزوج فعلى الهامش. اللهم إلا لقيمات تجهز أو ثياب تغسل، وهي أشياء تكفلت بها الأدوات الحديثة، ومطالب الزوج أكبر وأجل من ذلك، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يحل لامرأة أن تصوم، وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بأذنه)(5).
وفي بعض الروايات (ومن حق الزوج على الزوجة ألا تصوم تطوعاً إلا بإذنه، فإن فعلت جاعت وعطشت، ولا يقبل منها، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء، وملائكة الرحمة، وملائكة العذاب حتى ترجع)(6).
فانظري يرحمك الله إلى (فإن فعلت جاعت وعطشت.. إلخ) ولا قبول من الله، وانظري إلى وزر الخروج بغير إذن الزوج، واللعنات المترتبة عليه، وكيف أعلى الشارع الحكيم من حق الزوج، ولاحظي أن الشارع إنما شرَّع ذلك ليحبب زوجك فيك، ويحيط لك بيتك بسياج من الحب والكرامة، بحيث يحيله إلى جنة وارفة الظلال، فالحسنة بمثلها، والجزاء من جنس العمل، والرجل يأسره اهتمام امرأته به، ببسمة رقيقة، أو يد حانية، أو دعوة له بالتوفيق، وطول العمر.
3- بدء الزوجة بالاعتذار:
البيت لا ينبغي تحويله إلى ساحة للتنافر والتخاصم، فيخلو من سكن الزوج لزوجته، ويذهب منه الود والرحمة، ويصبح جوه سيئاً. لا ينبت نسلاً صالحاً، ولا يربى فيه أولاد أسوياء وقد عبرت الأم الجاهلية وهي توصي ابنتها أكمل تعبير حين قالت لابنتها: كوني له أمةً يكن لك عبداً، وإن الرجل حين يتزوج يرغب في امرأة تحمل معه حلو الحياة ومرها ويبثها نجواه بسرائها وضرائها) ولذلك حذر الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - الزوجات من أمور: فعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها، وهو كاره، ولا تخرج وهو كاره، ولا تطيع فيه أحداً، ولا تعزل فراشه، ولا تضربه فإن كان هو أظلم فلتأته، حتى ترضيه، فإن قبل منها فبها ونعمت، وقبل الله عذرها وأفلج حجتها، ولا إثم عليها، وإن هو لم يرض فقد أبلغت عند الله حجتها)(7).
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ألا أخبركم برجالكم في الجنة. قلنا: بلى يا رسول الله. قال: النبي في الجنة، والصديق في الجنة والرجل يزور أخاه في ناحية المصر لا يزوره إلا لله في الجنة. ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: ودود ولود إذا أغضبت، أو أسيء إليها، أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى) (8).
وهذا حال المرأة الحازمة العاقلة ذات الدين، التي ترغب في المحافظة على سعادة أسرتها وتماسكها إنها تعالج بوادر الشقاق، ونوازع الفشل حتى لا تستفحل، فتعصف ببيتها، ولا تدِّخر وسعاً من أجل إرضاء زوجها. فعن حصين بن محصن - رضي الله عنه - أن عمة له أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم. قال: فأين أنت منه؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه قال: فكيف أنت له؟ فإنه جنتك ونارك(9).
4- طاعة الزوج ورضاه وعظم حقه:
إن من يبذل من عافيته، ويشقى ليريح غيره، ويكابد المشاق في حر وفي برد مع مراقبة الله فيما خوله من زوجة وولد لحري أن يطاع فيما لا معصية فيه لله، وأن يحرص على إرضائه وعدم إغضابه، وألا يكدر خاطره بنكران، وقد ربط ربنا - عز وجل - أداء حقه بأداء حق الزوج، وأنه لو جاز سجود بشر لبشر لكان الزوج أحق الناس بذلك. روى ابن ماجة عن ابن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على ظهر قتب لم تمنعه).
وطاعة الزوج تفتح للزوجة أبواب الجنة لتدخل من أيها شاءت فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا صلت المرأة خمسها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت)(10). وقرن طاعة البعل هنا بصلاة المرأة خمسها، وتحصينها فرجها تدل بما لا شك فيه على أن طاعة الزوج فرض عين على الزوجة، وطاعة الزوج سبيل لرضاه على زوجته، وهو من موجبات الجنة للزوجة. فعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) (11) فماذا تقول المغاضبات الحردات اللائي يقلبن حياة أزواجهن جحيماً ويدفعنهم إلى المكث خارج البيت في المقاهي، أو مع رفقاء السوء، وربما دفعنهم للإدمان والزنى والقمار، والسفر خارج الديار بحثاً عن المتعة الحرام مع أن حق الزوج على زوجته كحق الأم، فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أعظم حقاً على المرأة؟ قال: زوجها، قلت: فأي الناس أعظم حقاً على الرجل؟ قال: أمه) (12).
5- سخط الزوج على زوجته مسخط لله، ومحبط لصلاتها وجالب للعن الملائكة لها:
من جملة نعم الله التي يعددها على عباده في أول سورة النبأ قوله عزَّ من قائل: (وخلقناكم أزواجاً) والزوجية آية من آيات الله الدالة على عظمته في خلقه، والذي يحاول تعكير صفوها بتصرف مخالف لشرع الله يجلب على نفسه سخط ربه، وإن ما تعج به مجتمعاتنا من مشكلات، ومحاكمنا من قضايا إنما أغلب أسبابه عدم القيام بأوامر الله، وعدم تجنب نواهيه، ولأن كثيراً مما يعكِّر صفو الأسرة قد يكون من المرأة فقد توجه إليها التوجيه النبوي بتجنب ما يسخط الزوج، وقد روى الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة، حتى تصبح). وفي رواية أخرى للشيخين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:: والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه، فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها) (13).
فأما أن صلاتها لا ترفع فوق رأسها شبراً فقد روى ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أمَّ قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان).
وفي كلمات واعية رقيقة يحدد الإمام أبو حامد الغزالي الأدب الجامع للمرأة. يقول - يرحمه الله -: (فالقول الجامع في آداب المرأة من غير تطويل أن تكون قاعدة في بيتها لازمة لرعايته. لا يكثر اطلاعها منه. قليلة الكلام لجيرانها. لا تدخل عليهم إلا في حال يوجب الدخول. تحفظ بعلها في غيبته، وتطلب مسرته في جميع أمورها، ولا تخونه في نفسها وماله، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن خرجت بإذنه فمتخفية في هيئة لا تلفت النظر. تمشي في المواضع الخالية، متجنبة الشوارع والأسواق. محترزة من أن يسمع غريب صوتها، أو يعرفها بشخصها. لا تتعرف إلى صديق بعلها في حاجاتها، بل تتنكر على من تظن أنه يعرفها، أو تعرفه همها صلاح شأنها، وتدبير بيتها، مقبلة على صلاتها وصيامها، وإذا استأذن صديق لبعلها على الباب، وليس البعل حاضراً. لم تستفهم، ولم تعاوده في الكلام غيرة على نفسها وبعلها، وتكون قانعة من زوجها بما رزق الله، وتقدم حقه على حق نفسها، وحق سائر أقاربها متنظفة في نفسها. مستعدة في الأحوال كلها للتمتع بها إن شاء. مشفقة على أولادها. حافظة لسرها. قصيرة اللسان عن سب الأولاد، ومراجعة الزوج)(14).
--------------------------------------------
الهوامش:
1 ـ الثقافة الإسلامية لمجموعة من أساتذة جامعةالكويت ص203، 204 بتصرف
2 ـ الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر ج2 ص39 ط دار المعرفة بيروت.
3 ـ رواه النسائي والبزار بإسنادين رواه أحدهما رواة الصحيح.
4 ـ شرح صحيح البخاري لابن بطال ج7 ص318: 319.
5 ـ متفق عليه.
6 ـ الحديث له شواهد في الصحيح.
7 ـ رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد.
8 ـ رواه الطبراني ورواته محتج بهم في الصحيح إلا إبراهيم بن زياد القرشي فإنني لم أقف فيه على جرح ولا تعديل ـ الترغيب والترهيب ج3 ص41
9 ـ رواه أحمد والنسائي بإسنادين جيدين.
10 ـ رواه ابن حبان في صحيحه.
11 ـ رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
12 ـ رواه البزار والحاكم وإسناد البزار حسن.
13 ـ رواه ابن حبان وابن ماجه واللفظ له.
14 ـ إحياء علوم الدين ج2 ص59 ط التجارية الكبرى القاهرة.
http://alwaei.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/91)
الأسرة..وواجب الوقت
ترمومتر لكل بيت..! تحتفظ أغلب الأسر في بيوتها بأداة قياس درجة الحرارة )الترمومتر).. لاستعماله في العوارض الصحية، وخصوصاً للصغار عند الشك في ارتفاع حرارتهم؛ لتفادي أخطارها وأضرارها عليهم. ولا شك أن ذلك يعدّ من وسائل الوقاية والسلامة بإذن الله تعالى؛ لكنّ البيوت - إلى جانب ذلك - تحتاج إلى " ترمومتر " آخر..؛ بل هو الأهم، ترمومتر للوقاية من حر النار يوم القيامة؛ تقاس به حرارة الإيمان وصدق العبودية لله تعالى.. ترمومتر ليس بأداة ترى، ولكنه يستقر في القلوب؛ ويُستمد معاييره من الوحي المعصوم! اختبار دقيق..! إذا دخلت بيوتا فأردت أن تعرف: هل لدى أهله هذا الترمومتر أم لا؟ فانظر إلى حالهم وقت الأذان: هل هو تأهُّب فوري للصلاة وانشغال بالاستعداد لها؛ يليه تبكير إلى المساجد من الرجال، ومبادرة من النساء.. أم تشاغل عنها وتثاقل وتأخير وتسويف؟! وانظر إلى حالهم في مواسم النفحات ومضاعفة الحسنات؛ كرمضان وعشر ذي الحجة: هل تتغير أحوالهم، ويكثر انشغالهم بالطاعات، أم تمر عليهم دون فرق بينها وبين سائر الأيام؟! وانظر إلى سائر أحوالهم في كل أوقاتهم.. في أخلاقهم ومعاملاتهم: هل يعرفون بِلِين الجانب عند الغضب، والصبر عند الأذى، والإنفاق في السرَّاء والضرَّاء.. أم بالثأر ممن أغضبهم، والتعدِّي على من آذاهم، وإمساك اليد وقبضها؟! سُلَّم الصعود..! إنه ترمومتر الحياة كلها \"واجب الوقت\".. ذلكم المقياس الرائع لصدق العبودية، وحرارة الإيمان؛ رجال مؤمنون.. ونساء مؤمنات.. لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. ومع ذلك فهم في معاملاتهم وأعمالهم.. كما هم في هذه العبادات؛ ؛ فهم أمناء الأعمال؛ وأتقياء المعاملات، ورياحين المجالس؛ لأنهم علموا أن حياتهم كلها عبادة وعبودية؛ فعملوا بما علموا. إنهم أناس يشغلهم نظر خالقهم عن نظر الناس.. وإنْ قوبلوا بالصدود؛ لأن سُلَّمُ أولوياتهم يرقى بهم إلى السماء.. فلا تراهم إلا في صعود! حروف الختام.. إلى من يبحث عن العبودية الكاملة؛ ليتأسَّى ويسدد ويقارب: عن الأسود رحمه الله قال: سألت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: "كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة " (رواه مسلم والترمذي). وفي رواية: "يحدثنا ونحدثه ويلاعبنا ونلاعبه فإذا حضرت الصلاة كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه"
ـــــــــــــــــــ(111/92)
القوامة لي فكيف توظِّفون غيري؟
إنَّ من سنَّةِ الله تعالى في هذا الكون أن جَعَل القوَّامة بِيد الرجل ، فهو الذِّي يتولَّى الإنفاق على المرأة ، ويسعى في مصالحها ،وقضاء حوائِجها لتتَفرغَ هي لأداء رسالتها العظيمة ، ومُهمتِها الجَسِيمة وهي تربية جِيل ربَّاني ينفع نفسه ويُفيد أمته ، هاهو ربُّنا جلّ جلالُه يقرر هذه السُنَّة فيقول سبحانه : {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ }النساء 34 قال العلاَّمة عبدالرحمن بن سِعدِي رحمه الله في تفسيره : ( يُخبرُ تعالى أن الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ أي: قوَّامون عليهِّن بإلزامِهن بحقوقِ الله تعالى، من المحافظة على فرائِضه وكَفِّهِنَّ عن المفاسد، والرِّجال عليهم أن يلزموهُنَّ بذلك، وقَوَّامون عليهِّن أيضاً بالإِنفاقِ عليهِنّ، والكسوة والمسْكن، ثم ذكر السبب المُوجب لِقيام الرِّجال على النِّساء فقال: (( بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)) أي: بسبب فضْل الرِّجال على النِّساء وإفضالهم عليهِن، فتفضيل الرِّجال على النِّساء من وجوه متعددة: من كون الولايات مختصة بالرِّجال، والنبوة، والرِّسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات كالجِهاد والأعياد والجُمَع. وبما خَصَّهم الله به من العقل والرَزانة والصَّبر والجَلد الذي ليس للنساء مثله. وكذلك خصهم بالنفَقات على الزوجات بل وكثير من النَفَقَات يختصّ بها الرِّجال ويتميزون عنِ النِّساء.ولعلَّ هذا سر قوله: ((وَبِمَا أَنْفَقُوا)) وَحذفَ المفعول لِيدُلّ على عموم النَفَقَة. فعلم من هذا كله أن الرَّجل كالوالي والسَّيد لامرأتِه، وهي عنده عانية أسيرة خادمة،فوظيفتُه أن يقوم بما استرعاهُ الله به. ووظيفتها: القيام بطاعةِ ربِّها وطاعةِ زوجِها )
ومن تأمَّل قول الله تعالى : {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى }طه117مخاطبًا آدم وحوّاء، ولكنَّه نَسبَ الشَّقاء لآدم ولم ينسبه لحوَّاء ولعل الشَّقاء هنا المقصود به العمل وأي عمل؛ لأنَّ كل عمل فيه شقاء وإن اختلفت نسبته، أما المرأة فالأصل فيها ألاَّ تعمل، لأنَّ الله قد قال لها {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} فإذا ما اضطرَّت المرأة للعمل فإنَّ الإسلام لم يمنعها من ذلك لكن بالضوابط التي بسّطها العلماء .
ومخالفة هذه السُنَّة الربَّانيَّة لاشك أنه سيترتب عليه مفاسد كثيرة لأنَّ الله تعالى هو الذي فطرنا وهو سبحانه أعلم بمصالحنا وبما يصلح حالنا .
ـــــــــــــــــــ(111/93)
إدارة الخلافات الزوجية.. واحذر هذه السلوكيات !
أ.ولاء الشملول
لا تخلو الحياة الزوجية أبداً من بعض الخلافات أو المشكلات التي يمر بعضها بشكل عارض، وهي من الملامح التي لابد أن يستوعبها كل من الزوجين، وأن يكون لديه القدرة على تفهم موقف الطرف الآخر، والقدرة على التعامل مع الخلاف على حسب درجته وأهميته.
وبعض الأزواج والزوجات لا يرعى هذه الخلافات انتباهاً كافياً أو لا يهتم بحلها بشكل حاسم، فتتراكم وتسبب المزيد من المشكلات الأكثر تعقيداً والتي ما كانت لتتفاقم لو كانت تم التعامل معها فوراً، وبعض الأزواج والزوجات يبالغ في ردود الفعل تجاه هذه الخلافات ويعتبرها بداية نهاية العلاقة بشكل نهائي ونحن نقول لهؤلاء وأولئك أنت بحاجة إلى التعامل بوعي مع الخلاقات الزوجية، وبحاجة إلى تعلم فن إدارة هذه الخلافات.... وفي السطور القادمة روشتة لإدارة الخلافات الزوجية...
احذر هذه السلوكيات
في البداية نشير إلى أن الأسلوب الذي يتبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إما أن يقضي عليه أو يضخمه ويوسع نطاقه ويزيد من حدة الخلاف الواقع بينهما، وقبل الدخول في كيفية حل الخلافات يحسن التنبه إلى هذه المحاذير:
أولاً: لاشك أن للكلمات الحادة، والعبارات العنيفة، والكلمات غير الموزونة والمحسوبة، لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف، علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم في النفوس، لهذا ينبغي البعد عن الكلام الفاحش، والحط من النسب أو الجاه أو المكانة، أو سب الأسرة والأهل والأقارب أو حتى الكلمات القاسية الجارحة المهينة، أو الإشارة لعيوب ونقائص الطرف الآخر حتى لو كانت صحيحة.
ثانياً: لزوم الصمت والسكوت على الخلاف حل سلبي مؤقت للخلاف، إذ سرعان ما تتراكم الخلافات معاً، وتصبح متعددة، وكثيرة عبر الزمن، لذا فلابد من حلها أولاً بأول بلا تأجيل. فكبت المشكلة في الصدور بداية العقد النفسية وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة، فإما أن تتناسى وتترك ويعفي عنها ويرضى الطرفان بذلك، وإما تطرح للحل. ولابد أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يتخالج في النفس، وأن تكون عن رضا وطيب خاطر حتى لا يتجدد الخلاف أو تثار المشكلة القديمة مع المشكلة الجديدة.
ثالثاً: معرفة أثر الخلاف وشدة وطأته على الطرفين: فلا شك أن اختلاف المرأة مع شخص تحبه وتقدره، يسبب لها كثيرا من الإرباك والقلق والانزعاج، وبخاصة إذا كانت ذات طبيعة حساسة.
رابعاً: البعد عن التعالي بالنسب أو المال أو الجمال أو الثقافة، فإن هذا من أكبر أسباب فصم العلاقات بين الزوجين. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الكبر بطر الحق وغمط الناس " أي رد الحق واحتقار الناس.
وروي مسلم عن عياض بن حمار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن اللَّهَ أَوْحَى إلى أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ"
خامساً: عدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسته، فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور لا. أو نعم. وهو لم يدرس الموضوع ولم يعلم خلفياته، ولم يقدر المصالح والمفاسد فيه، وهذا المتعجل سبيله دائما التردد وتغيير القرار بعد الإلحاح، فتصبح كل الطلبات لا تأتي إلى بعد مشادة، وتعالى الأصوات في النقاش. أو أنه يعرف خطأ قراره، وسوء تصرفه، وضعف تقديره للأمور فيلجأ إلى المخاصمة.
سادساً: في حالة وجود أطفال، فلا بد من إفهام الطفل أن الخلاف مسألة عرضية وطبيعية وتذوب بسرعة، والأصل هو الحب والعلاقة القوية بين الأبوين، وأنهما يحبان بعضهما، ويحترم كل منهما الآخر ويخشى عليه كل سوء، وأن كل مشكلة تنتهي ويتجلى ذلك بالتعبير اللفظي عن هذه الرسالة، والعملي من خلال تعاملات الوالدين المتحضرة.
سابعاً: ينبغي ألا يسمع الطفل أصوات الصراخ والغضب -إن كان لا بد منها- من خلف الباب المغلق، بل يفضل أن تكون المناقشة في وجود الطفل أو على الأقل بلا مؤثرات صوتية خلف الأبواب المغلقة، فهذا له تأثيراته السلبية على الطفل مستقبلاً.
ثامناً: وبدلا من الصراخ الأعمى فلتكن فرصة لتنفيذ وصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع الغضب، فيا حبذا لو استطاع أحد الوالدين المبادرة بتغيير جو الخلاف باقتراح تغيير الحالة، كالخروج في نزهة أو ممارسة لعبة، أو تناول أكلة تهدئ وتلطف الأجواء... أو التعامل بمرح، أو إنهاء الخلاف سريعا للتقليل شعور الطفل بألم الخلاف، مع اقتراح اليات لإرجاء المناقشة حال هدوء كل الأطراف، ومحاولة الطرف الهادئ تطييب خاطر الطرف الغاضب بشكل يعلن الاحترام له ولحالته الشعورية.
تاسعاً: البعد عن الأساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر، لكنها تعمق الخلاف في حقيقة الأمر: مثل أسلوب التهكم والسخرية، أو التعالي والغرور.
إياك وزلات اللسان
وإياك وأخطاء اللسان التي تزيد الطين بلة، فلا تخطئ في حق الطرف الآخر، فهذا له عواقب سلبية كثيرة، ولعل ديننا الحنيف ينهي بشدة عن هذا، فقد روى أبو داود والترمذي وأحمد عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلاً يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ لا يَقُولُ شَيْئًا إِلا صَدَرُوا عَنْهُ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ ... اعْهَدْ إلى قَالَ لا تَسُبَّنَّ أَحَدًا قَالَ فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا وَلا عَبْدًا وَلا بَعِيرًا وَلا شَاةً قَالَ وَلا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إليهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ....
وروى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ: " لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا.
وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَالَ مَهْلاً يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي َّ.
فدرء الإساءة بأخرى لا يفيد بل يعمق الخلاف ويزيد حدته.
وروى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ، ونحن نترفع بالعلاقة الزوجية المقدسة أن تصل لحد مثل هذا. وروى الترمذي عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَال سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ يَقُولُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ.
وإذا كان هذا سلوك المرء مع غيره من الغرباء عنه، فما بالك بمن هو أقرب الناس إليه شريك حياته وزوجه القريب منه.
أهمية الحوار
ونحن ننصح كل زوج وزوجة إلى اللجوء دائما ًإلى الحوار، وفتح مجال الحديث حول المشكلة، أو الخلاف، مع التأكيد أن الخلاف ليس معركة يثبت كل طرف فيها انه الأقوى بل الهدف الأساسي من الحوار هو حل المشكلة، فالحوار أمر طبيعي بين كلّ إنسان يعيش علاقةً مع إنسان آخر، لا سيما في العلاقة الزوجية التي لا تترك تأثيراتها السلبية والإيجابية على الزوجين فحسب، بل تمتد إلى الأولاد وإلى المجتمع من حولهما. من الطبيعي أن يكون الحوار هو الأساس بين الزوجين. وهذا ما يعبر عنه القرآن الكريم بقوله: (ادفع بالتي هي أحسن)، بمعنى أن الإنسان يحاول أن يتخيل الوسائل الكفيلة بحل المشكلة بتوضيح الجوانب الغامضة فيها، إذا كان الغموض هو الذي يؤدي إلى سوء الفهم أو سوء التفاهم، أو بحل العقد الموجودة في داخلها إذا كانت هناك عقد قابلة للحل.
ولابد من التأكيد على أن الإسلام لا يشجع على الطلاق، كما لا يشجع على إنهاء أية علاقة حتى على مستوى علاقات الصداقة بين إنسان وآخر إلا بعد استنفاد كافة الوسائل الكفيلة بإيجاد الركائز التي تحفظ هذه العلاقة وتعطيها الانفتاح على كل القضايا الإنسانية التي تؤكد امتدادها في ما هو خير الإنسان. لذلك لا بد من أن يتعلم الزوجان لغة الحوار قبل أن يدخلا الحياة الزوجية، وينبغي لأهل الزوجة وأهل الزوج أن يربيا ابنتهما أو ولدهما على كيفية القيام بالواجبات الزوجية، ليس على مستوى الخدمات أو ما إلى ذلك فحسب، بل لا بد من أن يربياهما على كيفية إدارة الحياة الزوجية من خلال التفاهم المشترك، ومن خلال الحوار، وبالدفع بالتي هي أحسن وما إلى ذلك. ولا بد من أن يربي الزوج على أساس أن يكون الإنسان زوجاً لإنسان آخر، وأنه بالزواج يفتقد حريته الفردية ويصبح إنساناً يرتبط بإنسان آخر في كل حياته بالمعنى الكامل للكلمة في اللغة فمعنى أن أصبح الإنسان زوجاً (رجلاً كان أو امرأة فهذا يعني أنه أصبح مرافقاً لشخص آخر لا يكتمل إلا به وهذا معنى كلمة زوج في اللغة). ومن الطبيعي أن يبحث عن الوسائل التي تحفظ هذا الارتباط تماماً كما هو الارتباط بين أعضاء الجسد الواحد.
علاقة خاصة ليست مادية
من الطبيعي ألا تخضع العلاقة الزوجية كما كل العلاقات الإنسانية، لضوابط مادية، لأن الإنسان يستطيع أن يتلاعب بهذه الضوابط. ولذلك فنحن نلاحظ، مثلاً، أن كثيراً من الأهل، أو من الزوجات، يحاولون أن يضبطوا استمرار العلاقة الزوجية بزيادة المهر ومؤخر الصداق، بحيث يقف الزوج، عندما يريد الطلاق حائراً أمام المؤخر الكبير الذي لا يستطيع أن يدفعه، فيمنعه ذلك من الطلاق.. وفي مثل هذه الحالة نلاحظ أن الزوج يحاول، عندما لا يكون صاحب دين وأخلاق أن يضطهد زوجته إلى درجة تصبح فيها مستعدةً للتنازل عن هذا المال وعن أكثر منه، لذلك، فنحن نعتقد أن الضوابط المادية لا يمكن أن تنتج علاقةً إنسانيةً، ولا يمكن، أيضاً، أن تؤدي إلى استمرار علاقة إنسانية، فالضوابط الأساسية هي الشخصية الإنسانية التي يملك الإنسان في داخلها الأخلاق والتدين وتقوى ومراقبة الله - سبحانه وتعالى -، بحيث يمنعه ذلك من أن يتصرف تصرفاً مسيئاً.
فوائد الخلافات الزوجية
ومع هذا فيعتبر بعض علماء النفس والاجتماع أن الخلافات الزوجية أمر وارد في العام الأول من الزواج حيث يبدأ كل من الزوجين في هذا العام في التعرف على شخصية الآخر تعرفاً كاملاً ومفتوحاً بلا تغيير أو تظاهر، بل إنه من الطريف أن دراسة حديثة أجريت في سويسرا تؤكد على أهمية الخلافات الزوجية، وأوضحت أن الخلافات الزوجية لها فوائد، لأنها من وجهة نظر الدراسة فرصة حقيقية ليتعرف من خلالها كل من الزوجين عما يغضب الطرف الآخر ويزعجه، وهذا ما أكدت عليه الدكتورة سامية الجندي أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة الأزهر فتقول : بالفعل المشكلات لها بعض الفوائد فمن خلالها يتعرف كل طرف عما يغضب أو يفرح الطرف الآخر ، ويتلمس طباعه على أرض الواقع ، بل ويعرف أخطاء نفسه ، فيحاول إصلاحها وتعديل مسارها وتصحيح المفاهيم والأفكار الخاطئة التي قد تكونت لديه ضد الطرف الآخر ، ومن ناحية أخرى يستطيع كلا الزوجين أن يتعرف على أفكار وطموحات وتطلعات زوجه فيشارك في تلك التطلعات والآمال وبذلك تمتد جسور التواصل بين الطرفين .
فن الصلح
التعامل مع الزوج أو الزوجة يتطلب ذكاء ومرونة وأخلاق كريمة عند الخلاف، وهناك أسس عامة يفضل اتباعها منها:
1- فكر قبل أن ترد على هجوم أو استياء زوجتك (زوجك)، فقد يكون متعبًا أو مريضًا هذا اليوم -بخاصة- مما يمثل ضغطًا على أعصابه فقد يمكن تفادي مشادة أو خصام قبل أن يبدأ، ثم فكر في إجابة أو رد لطيف يهدئ الجو، وينسى الآخر ما كان ينوي إضافته من عبارات قاسية، فالمبادرة لتلطيف الخلاف أمر محبوب ويشعر الطرف الآخر بمقدار الحب الذي تكنه له، فأنت تسعى دائماًُ لاحتواء أي خلاف.
2- لا تكرر ردودك أو إجاباتك كلما تناقشتما حتى لا تثير غضب شريكك وحتى لا يزداد الأمر سوءًا، وليحاول أحدكما أن يحتفظ بهدوئه طالما أنه يلاحظ أن الآخر بدأ يفقد هدوء أعصابه.
3- تجنب الردود القاطعة أو التي تدل على أنه لا أمل هناك، مثل: "لقد ولدت هكذا"، "لقد اعتدت هذا"، "لا فائدة"! "لن تتغير أبدًا"، "أنت دائمًا تسيء فهمي". فكل هذه العبارات وغيرها تفقد الأمل لديكما في الوصول لحل يمكن أن ينهي -أو يحد- من إثارة المشكلات كثيرًا، بل وتوصل في الغالب إلى طريق مسدود وتشعر الطرف الآخر بالإحباط وعدم الفائدة من الصلح أو تحسين العلاقة.
4- تجنب الشكوى لطرف ثالث ليتدخل بينكما، فكثرة ترديد عيوب أو نقاط ضعف الطرف الآخر، تجسمها وتضخمها، وتوحي باستحالة الوصول للصلح، وفي الغالب حين يتدخل طرف ثالث بينكما يزيد المشكلة تعقيداً كما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن إفشاء الأسرار الزوجية، كما أن الطرف الآخر يستاء كثيراً حين يعرض أحدهما المشكلة المشتركة بينكما على طرف ثالث، وربما يؤدي لفقد الثقة بينكما.
5- اشرح لزوجتك (لزوجك) ما يضايقك من أسلوبها، أو كلامها بطريقة مباشرة، بدلاً من تركها في حيرة، فهذا يختصر الكثير من الوقت، ويسهل تعامل الطرف الآخر معك مباشرة، ويشعره بالارتياح، لأنك كنت صريحاً معه من البداية.
6- اتفقا على أن يأخذ كل واحد منكما دوره في المبادرة بالصلح في أي مرة تختلفان فيها، بصرف النظر عن "من الذي بدأ"؟!، فإذا كانت قاعدة (خيركما من يبدأ بالسلام) التي أرسى قواعدها الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، قائمة بين الأشخاص في العموم، فمن الأولى والأحق أن تستخدم في العلاقة الزوجية.
7- تجنب إطالة فترة الخلاف، حتى لا يزيد التباعد بينكما من تضخيم المشكلة مهما كانت صغيرة، واحرصا دائمًا على حل مشكلاتكما والقضاء على ما يعكر صفوكما أولاً بأول، ولا تدع اليوم يمر دون حل الخلاف، حرصًا على مشاعركما، وعلاقتكما، فالصلح والغفران هما ضمان نجاح حياتكما، فأنتما شريكان في الحياة بكل أحزانها وأفراحها.
8- "قبول النفس" و"قبول شريك الحياة" يقي من الوقوع في دائرة الخلاف أو الخصام، فأنت من البداية تعرف عيوب الطرف الآخر وتعرف كيف تتعامل معها.
9 - ضعي دائماً عزيزتي الزوجة نصب عينيك حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - (لو أني أمرت أحداً أن يسجد لبشر، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها). وضع يا عزيزي الزوج نصب عينيك حديث الرسول الكريم صلى الله وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله) وليكن هذا دستور حياتكما دائماً، وهذا كفيل بحل أي خلاف فوراً. ويا حبذا من قضاء صلاة ركعتي حاجة أن يفتح الله بينكما بالحق عند كل خلاف، فإتباع القرآن والسنة خير منقذ من عواصف الحياة.
20-شوال-1426 هـ:: 21-نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/94)
امرأة في همة الرجال
هي امرأة ولكنها في همتها العالية تفوق بعض الرجال، بل تستطيع أن تجعلها مضرب مثل لهم، وضرب المثل بالمرأة ليس عيباً ولا بدعاً، فقد جاء في كتاب الله - عز وجل -، يقول سبحانه وتعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }التحريم11، فامرأة فرعون، أي زوجته تلك المؤمنة، التي لم تنخدع بزخارف الدنيا الفانية، ولم يؤثر فيها الترف الزائل، ولم تنسق مع مجريات الأحداث التي حولها، ولم تعمل بها شيئاً الموضة - موضة أنا ربكم الأعلى - فهي في عصمة أعظم طاغية، وأكبر مجرم، وأخطر داعية ضلال، ولكنها بإيمانها الذي ملأ قلبها حتى اطمأنت به نفسها، ورضي به ضميرها، رفضت كل ما حولها واختارت جوار ربها، في دار الأبرار مع الأخيار، وسألته سبحانه النجاة من النار والسلامة من فرعون وعمله ومن القوم الظالمين.
وهذه المؤمنة المعاصرة، التي تذكرك بقول الشاعر:
ولو كان النساء كمن ذكرنا
لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخراً للهلال
عندما تتأمل في همتها وتستعرض جهودها وتنظر فيما تقوم به من أعمال جليلة عظيمة، في سبيل خدمة دينها ووطنها ومجتمعها، وتقارن بين ذلك وبين همم وجهود وأعمال بعض الرجال الذين تأثروا بدنيا فانية، وانخدعوا بمظاهر زائفة، وأصيبت نفوسهم بأمراض وافدة، وأشغلت أفكارهم بأشياء واهية، فتنكبوا لدينهم، وأعرضوا عن مصالح وطنهم، وخرجوا على عادات مجتمعهم، بل صاروا معاول هدم لبعض النصوص الشرعية، وأدوات تخريب لبعض المظاهر الإسلامية، ومصدر خطر يهدد ما حسن من عادات اجتماعية، ووسائل تشكيك لجهلة هم على شاكلتهم تميزوا بانقيادهم خلف كل ناعق، وتصديقهم لأخبار كل فاسق، فعندما تتأمل في حال هؤلاء وحال تلك المؤمنة المجاهدة الصالحة، فإنك - والله - تتمنى أن يقتدي هؤلاء بهذه المرأة الصابرة المناضلة، التي لم يثن عزمها كونها امرأة، ولم تقف عائقاً أنوثتها في سبيل واجباتها، ودورها في مجتمعها بل وأمتها، أسأل الله أن يكثر أمثالها في مجتمعنا الطاهر، وأن يهدي ضال المسلمين، وأن يجعل كيد الأعداء في نحورهم وأن يعيذنا من شرورهم إنه سميعٌ مجيب.
ـــــــــــــــــــ(111/95)
الإحسان إلى الأم
من الإحسان الذي يحب اللهُ فاعلَه الإحسانُ بالوالدين وخصوصاً عند الكبر ، قال تعالى : (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) ( 23 24 ) سورة الإسراء
والإحسان بالوالدين يتضمنُ كلَ عمل من أعمال البر نحو الوالدين مع البعد عن كلِ ما يؤذيهما ، وبرهما يعتبر من أحب الأعمال إلى الله تعالى ، وأفضلِها ، سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ، وفي لفظ : أي العمل أفضل قال : الصلاة على وقتها ثم قيل : أيٌ قال : بر الوالدين قيل : ثم أي قال : الجهاد في سبيل الله ، رواه البخاري ومسلم عليهما رحمة الله عن ابن مسعود رضي الله عنه .
فبر الوالدين مقدم حتى على الجهاد في سبيل الله ، مما يدل على عظيم حق الوالدين ، ليعلمَ الأولادُ فضلَ والدَيهم وقدرهما ، ولهذا جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال : ( أحي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد ) رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم : ( أقبل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله عز وجل ، فقال : فهل من والديك أحد حي ، قال : نعم بل كلاهما ، قال : فتبتغي الأجر من الله عز وجل ، قال : نعم ، قال : فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ) .
لقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأم أكثر مما أوصى بالأب وذلك لعظيم حقها على أولادها ، لكون عنائِها أكثر ومشقتِها أعظم ، مع ما تقاسيه من الحمل والوضع والرضاع ، ولذلك جعل لها ثلاثة أمثال ما للأب من البر وحسن الصحبة .جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ، قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك " رواه البخاري . قال تعالى : { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } (14) سورة لقمان .
[ فمن كانت له أم فليتدارك ما بقي من أيامها لئلا يصبح يوماً فلا يجدُها ولا يجدُ ما يعوض عنها ، وإن كانت كبيرة السن أو مريضة أو كثيرة الطلبات ، فاذكر أيها المسلم أنها إن احتاجت إليك اليوم فلقد كنت في يوم أحوج إليها ، ولئن طَلبَتْ أن تقدم لها شيئاً من مالك ، فلقد قدمت لك من نفسها ومن جسدها ، وأنها حملتك في بطنها فكنت عضواً من أعضائها ، وقد تجدُ في الناس من يظهر لك من حبه أكثر مما تظهرُ الأم ويظهرُ الأب ، ولكن منهم من يحبك لجاهك ، أو لجمالك ، أو لمالك ، فإن ساءت الحال ، أو ذهب الجمال ، أو قل المال ، أعرض عنك ولم يعد يعرفك ، أما الذي يحبك لذاتك ، ويبقى على حبك مهما تبدلت الحال بك ، فهو أمك وأبوك لا تجد مثلَهما ] ) 1 ( .
إن بر الأم سبب لإجابة الدعاء ودخول الجنة ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ ، وَلَهُ وَالِدَةٌ ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ ، فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ . وكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ : أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ لَكَ وَالِدَةٌ ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ ، مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأبَرَّهُ ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ فَاسْتَغْفِرْ لِي ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ الْكُوفَةَ ، قَالَ أَلا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا ؟ قَالَ أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ )) رواه مسلم . ونقل ابن الجوزي في صفة الصفوة ( 3 / 54 ) عن أصبغَ بن زيد قال : (( إنما منع أويسًا أن يقدم على النبي صلى الله عليه وسلم برُه بأمه (( .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دخلت الجنة فسمعت قراءة فقلت : من هذا ؟ فقيل : حارثةُ بنُ النعمان ، فقال : النبي صلى الله عليه وسلم : كذلكم البر ، وكان أبر الناس بأمه ) رواه الإمام أحمد وغيره .
وقالت عائشة رضي الله عنها : [ كان رجلان من أصحاب النبي صلى عليه وسلم أبرَ من كان في هذه الأمة بأمِهِما : عثمانُ بن عفان ، وحارثةُ بن النعمان رضي الله عنهما ، أما عثمان فإنه قال : ما قدرت أتأمل وجه أمي منذ أسلمت ، وأما حارثة فكان يطعم أمه بيده ، ولم يستفهمها كلاماً قطُ تأمر به ، حتى يسأل من عندها بعد أن يخرج ماذا قالت أمي .
ولازم أبوهريرة رضي الله عنه أمه ولم يحج حتى ماتت . ) 2 (
صور من بر السلف بالأم
لقد كان السلف الصالح يجتهدون في الإحسان بوالدِيهم وخصوصاً أمهاتِهم ، فكانوا يستشيرونهن ، ويستأذنونهن في كل شأن من شئونهم ، ويسمعون كلامهن ، حتى وإن كانوا علماء ، ولذلك بارك الله في حياتهم ، وبارك في علمهم بعد مماتهم ، بسبب رضا والديهم عنهم .كان أبو حنيفة رحمه الله باراً بوالديه ، وكان يدعو لهما ، ويستغفر لهما مع شيخة حماد ، وكان يتصدق كل شهر بعشرين ديناراً عن والديه . قال أبو يوسف رحمه الله : كان أبو حنيفة يحمل والدته على حماره إلى مجلس عمرَ بنِ ذر كراهة أن يرد قولها ، وقال أبو حنيفة : ربما ذهبتُ بها إلى مجلسه وربما أمرتني أن أذهب إليه وأسألَه عن مسألة فآتيه وأذكرُها له وأقول له : إن أمي أمرتني أن أسألك عنها ، فيقول : وأنت تسألني عن هذا ؟ فأقول : هي أمرتني فيقول قل لي ، كيف هو : يعني الجواب ، حتى أخبرك ، فاخبره بالجواب ، ثم يخبرني به ، فآتيها وأخبرها عنه بما قال .
وقال عبدالله بن جعفر المروزي رحمه الله : سمعت بنداراً رحمه الله يقول : أردتُ الخروج يعني لطلب العلم ، فمنعتني أمي فأطعتها فبورك لي فيه ، قال : فجمع حديث البصرة ولم يرحل براً بأمه ثم رحل بعدها () .
وقال جعفر الخلدي :كان الأبار من أزهد الناس ، استأذن أمه في الرحلة لطلب العلم إلى قتيبة في خراسان ، فلم تأذن له ، ثم ماتت فخرج حتى وصل بلخ ، وقد مات قتيبة ، فكانوا يعزونه على هذا ، فقال : هذا ثمرة العلم إني اخترت رضا الوالدة () .
البِرّ والعقوق دَينٌ ووفاء أن البِرّ والعقوق دَينٌ ووفاء ، فإذا أطعت
أيها المسلم : والديك أطاعك أولادك ، وإذا أكرمت والديك أكرمك أولادك ، وضي الله عنك ، وبالعكس ، إذا توليت عن والديك وأعرضت عنهما ، سخط الله عليك ، وقد يسلّط عليك من ذريتك من لا يراعي فيك عهداً ، ولا يحفظ لك وُدّاً ، ولا يقيم لك وزنًا ، ولا يعرف لك حق أبوّة ولا واجب بنوّة ، وقد جاء في أثر فيه مقال ( بَرُّوا آباءكم تبرّكم أبناؤكم ) . ( رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه خالد بن زيد العمري ، وهو كذاب ) مجمع الزوائد للهيثمي ( 8 / 81 ( .
أيها المسلم : إحذر عقوبة الله نتيجة لعقوقك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل الذنوب يؤخر الله ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين ، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات ) رواه مسلم .
وخصوصاً أمك أيها المسلم ، فلقد كانت تحنو عليك صغيراً وترجو نفعك كبيراً ، فلما كَبُرْتَ أسأت إليها مراراً ، وهي تدعو لك بالتوفيق سِراً وجهاراً ، ولما احتاجت عند الكبر إليك ، جعلتها من أهون الأشياء عليك فقدمت عليها أهلك وأصحابك في الإحسان ، وقابلت أياديها بالنسيان ، وصَعُب عليها أمرها وهو يسير ، وطال عمرها عليك وهو قصير ، وهجرتها وما لها سواك نصير .
إن بعض الناس يسيء إلى أمه فيهملها ، ولا يسأل عنها ، ولا يجلس معها ، وربما يسمع ما يقال فيها من قِبَل زوجته وأولاده ، فيغضب عليها ويتمنى فِراقها ، وهذا مِن أعظم العقوق ، وتتضييع الحقوق والعياذ بالله ، مع أن الأم مهما أساء إليها ولدُها فإنها تظل تشفق عليه .
إن وجود الأم سبب للتوفيق وحصول الخير ، عن رفاعةَ بنِ إياس قال: رايتُ الحارث العُكْلي في جنازة أمه يبكي ، فقيل له : تبكي ؟ قال : ولمَ لا أبكي وقد أُغلق عني بابٌ من أبواب الجنة ؟وقال هشام بن حسّان : قلت للحسن : إني أتعلّم القرآن ، وإن أمي تنتظرني بالعشاء . قال الحسن : تعشّ العشاء مع أمك تقرُّ بهِ عينها ، أحبُّ إلى من حجّةٍ تحُجُها تطوُّعاً .
قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : إني لا أعلم عملاً أقرب من برّ الوالدة . وعن محمد بن سيرين قال : بلغت النخلة في عهد عثمان رضي الله عنه ألف درهم ، قال فعمد أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى نخلة فعرّقها فأخرج جُمّارها فأطعمه أمّه ، فقالوا : ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم والجُمّارُ لا يساوي درهمين ؟ قال : إن أمي سألتنيه ولا تسألني شيئاً أقدر عليه إلا اعطيتُها .
وكان طلق بن حبيب يُقبِّلُ رأس أمه ، وكان لا يمشي فوق ظهر بيتٍ وهي تحتَه إجلالاً لها .
أيها المسلم : يا من مات والداه أو أحدُهما وقد قصر ببرهما في حياتهما وندم على ما فرط ، وخاف من عاقبة العقوق ، إعلم ان باب الإحسان بهما مفتوح ، وبإمكانك أن تدرك شيئاً ولو قليلاً من البر بعد موتهما ، لعل الله تعالى أن يعفو عنك ويرضّي عنك والديك ، من ذلك : الدعاء لهما بالمغفرة والرحمة ، والصدقة عنهما ، وإنفاذ عهدهما ، وهي الوصية ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام أصدقائهما ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا ؟ قَالَ : نَعَمْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا ، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا ، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا ، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا )) رواه أبو داود وغيره .
فإن هذا الأعمالَ مما يفرح بها الوالدان بعد موتهما لتخفيف ما عليهما من سيئات ، وزيادة في الحسنات ، وقد ورد في بعض الأحاديث : (( إن العبد ليموت والداه أو أحدهما ، وإنه لهما لعاق فلا يزال يدعو لهما ، ويستغفر لهما ، حتى يكتبه الله بارّاً )) رواه البيهقي .
نسأل الله تعالى أن يسلك بنا سبيل المحسنين ، وأن يدخلنا في عباده الصالحين ، وأن يعفو عنا وعن والدينا وعن أولادنا أجمعين
ـــــــــــــــــــ(111/96)
المكالمة الأولى لك والثانية عليك!
قالوا قديماً: ( الأذن تعشق قبل العين أحياناً ) وقد اجتهد العلماء والوعاظ في النهي عن النظر إلى الصور الجميلة أو التّعرض للنساء والنظر إليهن، وقالوا (النظرة الأولى لك، والثانية عليك)، ونحن في مجتمعنا، من أقل المجتمعات تعرُّضاً لفتنة النظر، وذلك لالتزام المرأة في بلادنا بالحجاب، فانحسرت الفتنة بالنظر، وقلَّت مخاطرها على الجنسين، ولاحت في الأفق فتنة أخرى كانت محصورة فانتشرت انتشار النار في الهشيم ألا وهي فتنة الصوت! وهنا تذكرت (النظرة الأولى لك والثانية عليك) فقلت وبالمثل: (المكالمة الأولى لك، والثانية عليك)، فليس للإنسان من عذر يعتذر به، وقد طلب رقماً هاتفياً خطأً أن يكرر المحاولة، مرة ومرات عديدة، فالصوت يفتن كما يفتن النظر، وقد يكون أشد فتنة من النظر، وأكثر إغراءً. وكم من أُسر تهدَّمت بسبب الإزعاج المتكرر على الهاتف، فقط لأن المتصل سمع صوتاً أعجبه، فتجده يكرر المحاولات غير آبهٍ بالآخرين الذين يرفضون تلقي مكالماته، وقد يصل الحال ببعض (المزعجين) إلى إرسال رسائل على الهاتف الجوال، ليتوصلوا من خلالها إلى استمالة صاحبة الصوت، وبعض تلك الرسائل تبدو كرسائل حب بين حبيبين، أو خطيبين، أو أبيات شعر تقطر رقة وعذوبة، كل ذلك دون الإحساس بمشاعر الطرف الآخر الذي يرفض تلقي مثل تلك الرسائل، وقد تقع تلك الرسائل في يد الزوج أو الأخ أو الأب ويظن بأهله الظنون، والسبب رغبة مستهتر، وطائش لا يملك أدنى مشاعر إنسانية، أو احترام لحريات الآخرين، في رفضهم لمثل تلك الاتصالات أو الرسائل، وأكثر من هذا قيام بعض المستهترين والمنحلين خلقياً بإرسال صور إباحية على أرقام جوالات لا يعرفون أصحابها!
فمتى يرتقي سلوك أولئك في استخدام هذه النعمة التي أنعم الله بها علينا؟
ـــــــــــــــــــ(111/97)
يا ولاة أمرنا : من يحمينا من غطرسة عميد كليتنا ؟
هذه الرسالة وصلتني من عضوات هيئة التدريس في جامعة الملك سعود تبين الواقع الذي يعانين منه من جراء تصرفات لا مسئولة يقوم بها عميد الكلية ومنها إجبار النساء على تعليم الطلاب ـ وعندي صورة من الخطاب ـ مع صدور الفتوى الرسمية من اللجنة الدائمة للإفتاء برقم (13947) ( 12/146) بحرمة ذلك
ونحن بدورنا نذكر عميد الكلية بتقوى الله وأن يعلم أن الله يمهل ولا يهمل (( وإذا رأيت الله يعطي العبد وهو مقيم على معصيته فأعلم أنه استدراج )) فنسأل الله أن يهدي عميد الكلية وأن يرده إلى جادة الصواب .
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الدكتور محمد الهبدان المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نرجو منك التكرم بنشر معاناتنا مع كليتنا حيث لم نجد من ينصرنا في جامعة الملك سعود ، لعل الله تعالى أن يكتب لنا على يدك الفرج في هذا الشهر الكريم.
نحن عضوات هيئة تدريس في هذه الجامعة ، وقد أمضينا الجزء الأكبر من عمرنا وجهدنا وتحملنا المصاعب الاجتماعية والعائلية لكي نخدم بلادنا ومجتمعنا ونساهم في نشر العلم الذي ضحينا من أجله ، إلا أن كل هذه المصاعب كانت طوال السنوات السابقة تهون عندما نرى ثمرات جهدنا وهن طالباتنا يتخرجن من هذه الجامعة العريقة ليساهمن في بناء هذه المجتمع ..
إلا أننا تفاجأنا بعميد كليتنا منذ أن تولى العمادة يحاول أن يفرض علينا قناعاته الشخصية ويضرب بنظام التعليم العالي عرض الحائط ويتجاهل طبيعة المرأة في ديننا وتقاليدنا وأخلاقنا الإسلامية فيسلك سبيل التضييق علينا لما رأى تميزنا علميا مع محافظتنا على أخلاقنا الإسلامية ، فيأمرنا بإلقاء المحاضرات والدروس العملية على الطلاب الرجال ، رغم أن أعضاء هيئة التدريس الرجال أكثر من 20 ضعف عدد الأستاذات !
ألا يعلم العميد أننا في دولة تحكم بالشريعة التي كفلت للمرأة كامل حقوقها الشرعية ومنها أداء عملها الوظيفي ضمن الحدود الشرعية ؟
هل يريد سعادة العميد من الأستاذات الملتزمات بدينهن أن يتركن الجامعة هربا بدينهن ؟
لقد اضطرت إحدى زميلاتنا وهي الدكتورة ... أن تتقدم رسميا إلى القسم بالتقاعد المبكر وهي لم تمض إلا 20 سنة في التدريس في الجامعة بسبب تسلط هذا العميد ، وهذا ما كان يريده العميد ومن أيدوه.
إننا نتوجه بالشكوى إلى ولاة أمرنا ليوقفوا هذا العميد عند حده وأن يجبروه على التوقف عن فرض توجهاته الشخصية على عضوات هيئة التدريس .
حسبنا الله ونعم الوكيل
ـــــــــــــــــــ(111/98)
المرأة السعودية المفترى عليها!!!
الصورة النمطية التي يعممها الإعلام الأميركي وتظهر بان المرأة السعودية "مضطهدة ومظلومة ومتخلفة" وواكبت وسائل الأعلام العربية في تأكيد هذه الصورة المغلوطة عن المرأة السعودية؟!!!إنما خصت بها المرأة السعودية دوناً عن أخواتها العربيات واللاتي تنوء كواهلهنّ بالعديد من المشاكل ..والإحصائيات المفجعة ؟؟ولكنها تطرح أمام وسائل الأعلام وكأنها من مسلمات المجتمع ساعد عليها الذهنية العربية التي تغير مفهومها الأصولي وموروثها التقليدي بفعل الثورة المعلوماتية التي شئنا أم أبينا أخلّت بتوازن المجتمع؟؟ وأحدثت عندنا فجوة واسعة بين تراث فكري وعلمي وإنساني هائل لا يتمّ التعامل معه بفهم موضوعي ..
ولقد كان للمرأة السعودية انجازات عدّة وبقراءة متأنية نجدها ساهمت في شتى المجالات ومناحي الحياة جنباً إلى جنب مع الرجل, مبعوثة الرئيس الأميركي جورج بوش للسعودية، كارين هيوز، قالت إن الطالبات أثرن "دهشتها" وإنها تأثرت "بصراحتهن وذكائهن" وبشعورهن بأنهن "جزء من المجتمع السعودي حتى ولو لم يحظي بحق التصويت وقيادة السيارة" (ميدل ايست ايلول2005_29)
التعليم:. حققت السعودية منذ الستينات تقدما كبيرا في مجال تعليم الإناث. بلغ عدد الخريجات من الجامعات والمعاهد النسوية في البلاد ما يقل عن 78000 امرأة في عام2000 , وفى التعليم بلغت المرتبة الثامنة بنسبة 62.8% تليها السورية في المرتبة التاسعة بنسبة 56.6% والتونسية في المرتبة العاشرة بنسبة 55.8% , أما نصيب المرأة في مصر من التعليم فلا زال متدنيًّا للغاية، حيث تصل المرأة المصرية في المرتبة السادسة عشرة بين النساء العربيات بنسبة 40.5%! وواكب هذه النهضة إعلان المدينة المنورة أول مدينة سعودية خالية من الأميين تمكنت عبر برامجها المتنوعة من محو الأمية لأكثر من 13 ألف دارس ودارسة ضمن الفئات العمرية المستهدفة 15 ـ 45 عاماً، ذكوراً وإناثا من المواطنين السعوديين والمقيمين إقامة دائمة في المدينة
اختار معهد العالم العربي بباريس الفيزيائية السعودية البروفيسورة( ريم الطويرقي (أستاذة الفيزياء وقال رئيس الأبحاث بالمركز القومي للبحوث ورئيس المرصد الفلكي الفرنسي، المشرف العلمي على التظاهرة برينو عبد الحق كيدردوني قال: يأتي هذا التكريم للتأكيد على دور المرأة السعودية بالذات في هذا الحقل المعرفي الصعب.(جريدة الوطن 1805) التمييز ضد المرأة: وافقت الحكومة السعودية في آب/أغسطس 2000 على توقيع اتفاقية "القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، مع تحفظها على ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية. فمن بين الدول الـ 161 التي وقّعت تلك الاتفاقية، أعلنت حوالي 44 دولة بأنها لن تنفّذ بعض البنود الواردة في الاتفاقية وذلك لأسباب إما سياسية أو دستورية أو ثقافية أو دينية؛ ومن بين تلك الدول الـ44 , في حين إن مقاومة كل من الولايات المتحدة والفاتيكان لاتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد النساء لم تكن أقل حدَة . إذ أن الولايات المتحدة تستشهد بالدستور في حين أن الفاتيكان يبرر موقفه بقانون الطبيعة وتقاليد الكنيسة تماماً كما تلجأ البلدان الإسلامية إلى الشريعة الإسلامية.
المناصب العليا: وفي صيف عام 2000 عينت الأميرة الجوهرة بنت فهد بن محمد بن عبد الرحمن آل سعود وكيلا مساعدا لشؤون التعليم، وهذا أعلى منصب حكومي شغلته امرأة في تاريخ المملكة. قريباً سيعلن مجلس الشورى السعودي، أسماء المستشارات في اللجنة الوطنية النسائية التابعة للمجلس .
الاقتصاد: ووفقا لمنظمة العفو الدولية تمتلك النساء 390ر16 مصلحة تجارية، فيما تمتلك الإناث 40 %بالمائة من الثروة الخاصة في المملكة أكد تقرير للمؤسسة السعودية للاستثمار إن سيدات الأعمال في الاقتصاد السعودي يقدرن بنحو 2500 ,وفى الانتخابات الأخيرة للغرفة التجارية في جدة ترشحت امرأتان للعضوية فيها. .
الحجاب: قالت تانيا سي هسو «نقلاً عن عرب نيوز» لقد أمضيت في المملكة العربية السعودية أربعة أسابيع مرتدية العباءة والحجاب.. ونظراً لأنني محللة متخصصة في شؤون المملكة العربية السعودية ولم يمثل ارتدائي للحجاب وعدم تمكني من قيادة السيارة خلال المدة التي قضيتها هناك أي مشكلة بالنسبة لي ، ولكنه لأنه كان مريحا وعمليا!! وأدركت ولأول مرة في حياتي بأن الرجال يتحدثون إلي مباشرة بكل احترام وتقدير دون أن يكون لجسدي كامرأة اثر في ذلك التقدير." 30/4/1426هـ
الأسرة: - د. هنري ماكوو- أستاذ جامعي ومؤلف وباحث متخصص في الشؤون النسوية والحركات التحررية قال عن المرأة المسلمة: هي الصانعة المحلية ، هي الجذر الذي يُبقي على الحياة.. الروح للعائلة ...تربي وتدرب أطفالها"وهى نظرة عقلانيه,إذا ما علمنا عن تقرير لمكتب الولايات المتحدة للإحصاء: أن 1,9مليون أب لأولاد دون 15أنهم عرفوا عن أنفسهم بأنهم "الشخص الأساسي الذي يعتني بالأولاد" في حين أن صياغة نظام الحكم في المجتمع السعودي قراره ( في المادة التاسعة : الباب الثالث ) السعودي على أن : ]الأسرة هي نواة المجتمع السعودي وهذا دعم للحقوق والواجبات بين الآباء والأبناء وبين الأزواج وهو يختلف عن كثير من الأنظمة السياسية المعاصرة التي تجعل من الفرد نواة للمجتمع ،
الأحزاب السياسية: ترى المرأة أن الخوض في التجربة السياسية لا طائل منه مع قدم تجارب المرأة في الدول العربية ففي مصر مثلاً لم تقبل الأحزاب علي ترشيح السيدات في قوائمها في الانتخابات البرلمانية مع تزايد إقبال المرأة علي الترشيح من 87 سيدة عام 1995 إلى 121 سيدة عام2000 ومع ذلك ظلت ترشيحات الأحزاب للسيدات اقرب إلى الصفر ؟؟؟, كما لم تسجل المرأة الكويتية أي نجاح في الأيام الماضية ؟؟؟
الجريمة عند المرأة: ورقة عمل مقدمة لندوة المجتمع والأمن المنعقدة بكلية الملك فهد الأمنية بالرياض من عام 1425هـ للعقيد السيف : قلّ معدل الجريمة ففي عام ( 1414هـ )قٌدّمت دراسة تذكر وجود امرأة سعودية واحدة محكوم عليها بالسجن في أحد الإصلاحيات!!! ,ثم بلغ عدد الإناث المسجونات وقت إجراء هذا البحث في سجون النساء ومؤسسات رعاية الفتيات بالمملكة ( 228 ) امرأة سعودية معظم الإناث السعوديات المحكوم عليهن بالسجن بسبب ارتكابهن سلوكيات منحرفة ، كانت أفعالهن تهدف إلى تحقيق أبعاد عاطفية أكثر بكثير من الحصول على منافع مادية؟؟, وتبقى حالات بعيدة عن جرائم الشرف ففي باكستان وفقاً لهيئة حقوق الإنسان والدعم القانوني شهدت خمس السنوات الماضية مقتل (4770) فتاة باسم جرائم الشرف!
وإحراق (1570) امرأة!
التعليم الديني: تلاقى مدارس التحفيظ إقبالاً كبيراً من النساء فقد بلغ إجمالي مدارس تحفيظ القرآن الكريم النسائية بمنطقة الرياض 226مدرسة يدرس بها 53.000طالبة ويدرسهم أكثر من (2269) معلمة وإدارية.
ولكن هل يعنى هذا أن المرأة السعودية لاتعاني من مشاكل؟!!!
بلى إن مشاكلها وهمومها لا تعدو أن تكون جزء لا يتجزأ من مشاكل أخواتها العربيات ,ففي
العنوسة: أكدت دراسات صادرة عن وزارة التخطيط أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي الثلث من الفتيات في سن الزواج , وأن عدد اللواتي تجاوزن سن الثلاثين بلغ مليون و529 فتاة.
الطلاق: في السعودية صاحبة اكبر كثافة سكانية في الخليج فقد وصلت نسب الطلاق في الرياض وحدها إلى 35,3%.
قلة فرص العمل :ففي تقرير عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار أن هناك ثلاثة ملايين امرأة عاطلة عن العمل في السعودية العنف المنزلي:فبحسب التقرير الصادر عن البنك الدولي أن 20% من النساء في العالم تعرضن للعنف المنزلي؟؟فلا يمكن بحال من الأحوال تبرئة المرأة السعودية من هذا العنف والصادر دوماً عن فئة معينة من الرجال؟؟
الاختطاف: يسود تخوف من تفشي ظاهره خطف الفتيات والصبيان في البلاد، خاصة بعد تسجيل الجهات الأمنية لأكثر من 30 حالة اختطاف متنوعة ما بين صبيان وفتيات وخادمات خلال شهرين
ـــــــــــــــــــ(111/99)
السعوديات قابضات على الجمر!!!
أنى لأتساءل وحق لي هذا التساؤل فأنا امرأة سعودية تحمل بين جنابتها حباً لهذا الوطن الذي كان وسيبقى مهداً لنشر الدين الإسلامي .
وتساؤلي : هل حقوق المرأة السعودية صُمت عنها الآذان , وكُممت منها الأفواه, وأغلقت دونها القضبان !! فلامناص.... إلا أن تقف أحداهن على جسر الملك فهد على الحدود مع البحرين حاملة لوحة تطالب فيها بحقوقنا المهضومة!!
ولكن تساؤلي سمج وجه " حقوق المرأة" في عيني , وأثقل حديثها في مسمعي !! لأن الكاتبة المعنية (وجيهة الحويدر) وهى المعروفة بأطروحاتها الفجة من القهر الأنثوي لنسائنا ,والقمع الذكورى لهنّ !!قد استمرأتها , واستعذبت طعمها , واستطابت مذاقها.. وهى في الحقيقة أطروحات لو كشفنا عنها لوجدناها خراباً وأسطراً يباباً ..لاتهب فيها ريح ولا يتحرك فيها شجر؟؟؟ معللةً ما يصيبنا بسبب التعصب الديني لمرجعياتنا الدينية السنية ؟؟؟!!! واليك ما في أطروحاتها:
(1)اتهامها للمرأة السعودية :
• تقول عن المرأة السعودية "أشباه نساء , مؤودات حتى النخاع"
• "بداخل كل امرأة سعودية صنفين من الخوف داخلياً وخارجياً, أما الداخلي فمصدره سلطة الأسرة أو القبيلة وغالباً ما يتجسد ذلك الخوف في شخص ولى أمرها , السعوديات مستضعفات مهما علا شأنهن"مقال مالذى تخشاه المرأة السعودية.
• " لم أعرف أنها إنسان , لم يعلمني أحد أنها إنسان, الإنسان لايخلق من ضلع أعوج وليس نجساً بعض الأيام" مقال: هل المرأة إنسان؟
• " اذا كانت إنسانا لماذا لم ينصفها ربها في شيء مقال: هل المرأة إنسان؟
• المرأة حسب تفسيرات الذكور" عورة" طوال الوقت, و"نجسة" في بعض الأوقات, لكنها "حرث" للرجل يأتيها متى شاء , المرأة " ناقصة عقل ودين"مقال: من أين تبدأ الدائرة؟
• الوعود التي أعطيت لكن ياسعوديات كثيرة بينما حالكن ما زال مزري ومتردي منذ عقود؟ مقال: الى متى ستنتظرن ياسعوديات؟
• لأن أرواح النساء السعوديات رخيصة برخص التراب , لذلك تزهق دون ان يلتفت إليها أحد؟ مقال: الى متى ستنتظرن ياسعوديات؟
• الأفارقة الأمريكيون عبيد وأيدي عاملة مجانية، حالهم كحال معظم النساء السعوديات لا يملكن حتى أجسادهن. مقال: فضوها سيرة.
(2) اتهامها لثوابتنا الدينية:
*السلطة الدينية هى التي تتحكم فى أكثر قضايا المرأة , وتشدد القبضة عليها. مقال: مالذى تخشاه المرأة السعودية.
*وتقول "المرأة السعودية تصارع الويلات من ثلاث مؤسسات: الأسرية , الدينية,السياسية محاطة طوال حياتها بأسوار البيت والنقاب, ونقط التفتيش, والخطوط الحمراء. مجلة شعاع الإلكترونية. 2005-08-29 (3)دعوتها لتبنى المواثيق الدولية:
فقد قالت "اذا أرادت المرأة العربية ان تخرج من الدائرة المغلقة عليها ان تنطلق من المواثيق الدولية التى تعنى بحقوق المرأة" في كلمة لحفل جمعية المرأة البحرينية بتاريخ 10 مارس 2005.
وهذه المؤتمرات الدولية هى التي نصت مؤخرا على ترسيخ مفهوم الجندر(Gender Identity) وهو مصطلح مضلل وقد ظهر لأول مرة في وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان 1994 في (51) موضعا، وفي وثيقة بكين 1995، حيث تكرر مصطلح الجندر (233) مرة.
ومن أهدافهم:
*إلغاء دور الأب في الأسرة من خلال رفض (السلطة الأبوية),
*رفض الأسرة والزواج,
*ملكية المرأة لجسدها,
*رفض الأمومة والإنجاب,
*إباحة الإجهاض,
*الشذوذ الجنسي,
* بناء الأسرة اللانمطية,
* عولمة المرأة.
ولقد انعكس هذا المفهوم "للحرية" في المواثيق التي صدرت عن هذه اللجنة CEDAW
يجعل معارضة الشذوذ الجنسي -حتى ولو برسم كاريكاتيري - عملا يعرض صاحبها للمساءلة القانونية، لكون هذه المعارضة مُعارضة لحقوق الإنسان . فالأطروحات في كتابات وجيهة الحويدر مما يطبل له هؤلاء ويزمرون للدلالة على سوء أوضاع المرأة السعودية!!!
قامت اليونيفم (صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة) بتدشين شبكة معلوماتية حديثة خاصة بالمرأة تدعى "شبكة المرأة العربية". ويتكون الموقع من صفحات إلكترونية باللغتين العربية والانجليزية تحتوى على أحدث الدراسات والأبحاث .
فماذا كان نصيب المرأة السعودية !!
لقد قاموا بنشر مجموعة قصصية لهيام المفلح" حروف مسروقة" بتاريخ ونشرتها أيضا الميدل ايست , 2003-03-04
فماذا تقول فيها الكاتبة: والتي ترينا أزمة المرأة العربية ـ في عيني الكاتبة- حيث يعاملها المجتمع على أنها" شيء" وليس إنسانا يشعر, ويحس, وله وجوده المتحقق والمختلف ..
حين ولدت ابنتي أخبرتني الوجوه المقطبة حولي اننى ولدت "شيء" غير مرغوب فيه..وحين تعي ابنتي ما حولها آمل الا تكتشف أنها " شيء" غير مرغوب فيه "زقزق الولد في صحراء بيتي ..
شهادات التقدير، وأوسمة الرضا، وبطاقات الحب تقاطرت عليَّ تهنئني بهذا الإنجاز الرائع ..
أحاطوني برعاية ذوّبت جزءاً من إحساسي بالهامشية ..
فهذه محاولات مفضوحة من هذه المنظمات للانتقاص من السعوديات, وطرح ادعاءات خالية من الصحة ساهم فيها السعوديات أنفسهن للأسف, مع علمهن بما يكنه الغرب للسعوديات من عداء خاص متهماً الأسلام بأنه قمع حقوقها , وقهر إنسانيتها!! :
• تقول أخرى" لم يريدون تغييب دورها في الحياة باعتبارها عار على مجتمعها وان صوتها وصورتها عورة ولهذا يجب أن تقبر وهي على قيد الحياة حتى لا يراها الآخر ؟ مقال لنوال اليوسف :ماذا يريدون من المرأة السعودية؟
• شخصية المرأة السعودية، محصورة في نمطية تقليدية، منعتها منذ البداية من المشاركة الفعلية في القاعدة الأساسية لبناء المجتمع. يمكن القول انه وبالرغم من التعليم الذي حظيت به المرأة السعودية، الا انها لم تقترب من مفهوم الوعي بمعناه الحضاري التطوري !!ثريا الشهري مقال : المرأة السعودية بين التنظير والتطبيق .
• أما هذه التي ترى أنها حققت بصمة في الساحة السعودية لمدة عشرين سنة فقالت:انا أستخدم الجنس للوصول الى أغراض نبيلة, ويجب ان نعلم الجنس في المدارس من المرحلة الإعدادية؟؟ زينب حفني برنامج اضاءات 29-ربيع الثاني 1427
هذا شيء من أطروحات بعضهن الجادة!!! , والتي تساهم في احتواء بعضاً من جوانب أزمات المرأة كالبطالة, والفقر , والعنوسة , والطلاق ,.؟
وأنا لا أدعى الكمال للمرأة السعودية , نعم لديها نصيبها من المشكلات والهموم بل ان مشاكلها وهمومها لا تعدو أن تكون جزء لا يتجزأ من مشاكل أخواتها العربيات
منها:
العنوسه: أكدت دراسات صادرة عن وزارة التخطيط أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي الثلث من الفتيات في سن الزواج , وأن عدد اللواتي تجاوزن سن الثلاثين بلغ مليون و529 فتاة.
الطلاق: في السعودية صاحبة اكبر كثافة سكانية في الخليج فقد وصلت نسب الطلاق في الرياض وحدها إلي 35,3%.
قلة فرص العمل :ففي تقرير عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار أن هناك ثلاثة ملايين امرأة عاطلة عن العمل في السعودية.
العنف المنزلي:فبحسب التقرير الصادر عن البنك الدولي أن 20% من النساء في العالم تعرضن للعنف المنزلي؟؟فلا يمكن بحال من الأحوال تبرئة المرأة السعودية من هذا العنف والصادر دوماً عن فئة معينة من الرجال؟؟ وجميعها نسب قد تكون مألوفة اذا ما قورنت بما تعانيه أخواتها فى الدول المجاورة فهذه جرائم الشرف أكبر دليل !!
ففي باكستان وفقاً لهيئة حقوق الإنسان والدعم القانوني شهدت خمس السنوات الماضية مقتل (4770) فتاة باسم جرائم الشرف!
وإحراق (1570) امرأة!
وفي فلسطين: في تقرير لوزارة المرأة أن (71) جريمة قتل للنساء على خلفية جريمة الشرف!
وفي سوريا: في تقرير لمنظمة الأمم المتحدة تُصنّف فيه سورية بين أكثر خمس دول في العالم تُرتكب فيها جرائم الشرف!.
ومع ذلك لا نسمع من يكتب عنهن بالشكل المأساوي الذي نراه فى السعوديات؟!!
أما واقعها :
التعليم: حققت السعودية منذ الستينات تقدما كبيرا في مجال تعليم الإناث. بلغ عدد الخريجات من الجامعات والمعاهد النسوية في البلاد ما يقل عن 78000 امرأة فى عام2000 , وفى التعليم بلغت المرتبة الثامنة بنسبة 62.8% تليها السورية في المرتبة التاسعة , والتونسية في المرتبة العاشرة , ومن ثم المصرية.
وقد اختار معهد العالم العربي بباريس الفيزيائية السعودية البروفيسور( ريم الطويرقي (أستاذة الفيزياء وقال رئيس الأبحاث بالمركز القومي للبحوث ورئيس المرصد الفلكي الفرنسي، المشرف العلمي على التظاهرة برينو عبدالحق كيدردوني قال: يأتي هذا التكريم للتأكيد على دور المرأة السعودية بالذات في هذا الحقل المعرفي الصعب.(جريدة الوطن 1805(
الاقتصاد: ووفقا لمنظمة العفو الدولية تمتلك النساء 390ر16 مصلحة تجارية، فيما تمتلك الإناث 40 %بالمائة من الثروة الخاصة في المملكة أكد تقرير للمؤسسة السعودية للاستثمار ان سيدات الأعمال فى الاقتصاد السعودي يقدرن بنحو 2500 ,وفى الانتخابات الأخيرة للغرفة التجارية فى جدة ترشحت امرأتان للعضوية فيها. . التعليم الديني: تلاقى مدارس التحفيظ إقبالا كبيراً من النساء فقد بلغ إجمالي مدارس تحفيظ القرآن الكريم النسائية بمنطقة الرياض 226مدرسة يدرس بها 53.000طالبة ويدرسهم أكثر من (2269) معلمة وإدارية.
الأحزاب السياسية: ترى المرأة ان الخوض فى التجربة السياسية لا طائل منه مع قدم تجارب المرأة فى الدول العربية ففي مصر مثلاً لم تقبل الأحزاب علي ترشيح السيدات في قوائمها في الانتخابات البرلمانية مع تزايد إقبال المرأة علي الترشيح من 87 سيدة عام 1995 إلي 121 سيدة عام2000 ومع ذلك ظلت ترشيحات الأحزاب للسيدات اقرب إلي الصفر ؟؟؟, كما لم تسجل المرأة الكويتية أى نجاح فى الأيام الماضية ؟؟
ومع كل هذه الإنجازات ستبقى المرأة السعودية إنسانة كاملة الأهلية , ومحترمة كزوجة , ومربية صانعة للأبطال. صانت سمعتها عن الأغاليط ,وعفّت جسدها عن الأنظار, تخفق لها القلوب تقديراً وإجلالا, شامخة في وجه كل الصعوبات التي تواجهها من أعداءها في الخارج ,وبعض بنات جنسها في الداخل , أفلا نعتبرها بعد ذلك من القابضات على الجمر؟!!!
ـــــــــــــــــــ(111/100)
من فرنسا إلى السعودية !!
الحرب على الحجاب
من فرنسا إلى تونس إلى السعودية
أتواصوا به ؟!
ليس غريباً أن تشنّ فرنسا ـ ومن بعدها بريطانيا ـ حرباً على الحجاب، الذي هو رمز للفضيلة والعودة إلى الدين، دين الإسلام، فإنّ الحروب الصليبية لا تزال ماثلة في أذهانهم، على الرغم من تبجّحهم بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان!!!
كما أنّه ليس غريباً أن تشنّ الحربَ نفسها بعضُ الدول العربية العلمانية البائدة التي بدأت تترنّح، على الرغم من إنّ غالبية شعوبها من المسلمين، فإنّ ظهور الحجاب فيها يعني فشل هذه الأنظمة، ومشاريعها العلمانية البائسة..
لكنّ الغريب أن تنتقل هذه الحرب الخاسرة إلى مهبط الوحي وبلاد الحرمين الشريفين، التي هي المعقل الأخير للإسلام، بحجج واهية، وتبريرات في الخسّة والحقارة متناهية، تنمّ عن جهل فاضح، وانهزام واضح.. ومن الطبيعي أن تكون هذه الحرب ضمن إستراتيجية مدروسة، تبدأ بالمختلف فيه، إلى أن تنتهي بالمتفق عليه، وكان آخرها ما قامت به إحدى الكاتبات النكرات في صحيفة محلية(!) بالهجوم على العباءة الشرعية، والدعوة إلى نزعها، وحجّتها في ذلك أنّها أصبحت "أبرز علامة تلفت انتباه أي شخص من خارج المجتمع وبالذات الأجانب الغربيين؛ حتى إنها أصبحت علامة فارقة لمجتمعنا". ويا لها من حجّة ما أسخفها، فهل أصبح إرضاء الغربيين مقدّماً على تمسّكنا بديننا؟!..
ثمّ تواصل جهلها قائلة: "ورغم أن جداتنا مثلا وربما بعض الأمهات الكبيرات في السن لم يتعرفن على العباءة بشكلها الأسود إلا في وقت متأخر، فكانت المرأة ترتدي أي قطعة قماش مناسبة لتغطّي بها شعرها ثم تمضي للعمل في الحقل أو في المرعى دون أن يجلب ذلك أي مشكلة أخلاقية أو دينية أو اجتماعية".. ولا أدري عن أيّ مجتمع تتحدّث ولا عن أيّ جدّات، فنحن مذ نشأنا ونحن نرى جدّاتنا من أحرص الناس على الحجاب الكامل، بل إنّ بعضهنّ ـ وقد أدركتُ ذلك ـ تحتجب حتّى عن الرجل في التلفاز.. ثمّ من قال إنّ الدين يُتلقّى عن الأجداد والجدّات، لا سيما إذا كانوا على غير الصواب؟ ألم يقل الله تعالى عن المشركين (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ )) [البقرة: 170 ]والذي صحّت به النصوص أنّ آيات الحجاب لمّا نزلت خرج نساء الأنصار وكأنّ على رؤوسهنّ الغربان من السواد، فهذا هو فهم الرعيل الأوّل للحجاب، وهم قدوتنا في ذلك. ولجهل الكاتبة بالنصوص الشرعية، أو تجاهلها، راحت تشكّك في أصل مشروعية الحجاب، وهل هو فرض أم عادة، حيث قالت بجرأة عجيبة: " لن أناقش مسألة الحجاب بوصفه ضرورة دينية أم عادة ثقافية ولكني سأناقش العباءة بصورها المختلفة من زاوية اجتماعية سيكولوجية" وواضح من كلامها التشكيك في فرضية الحجاب، فعجيب أن يصدر مثل هذا من امرأة مسلمة، في بلاد التوحيد والشريعة..
والمقال مليء بالكثير من الشبه والمغالطات والتلبيس. والردّ عليه لا تحتمله مثل هذه الأسطر القليلة، لكنّه مثال واضح، وصورة من صور الحرب الماكرة على الحجاب الإسلامي الذي هو رمز العفّة والطهارة، وإن كان الكثير من المسلمات ـ وللأسف الشديد ـ قد أسأن إلى الحجاب بممارساتهنّ الخاطئة، إما جهلاً منهنّ بالحكمة التي من أجلها شُرِع. وإما لهوى في نفوسهنّ، وعدم اقتناع كما هو حال صاحبتنا التي أكاد أجزم أنّها قد تربّت في مجتمع غير مجتمعنا، أو أنّها تلقّت تعليمها أو جزءاً منه في ديار الغرب..
وختاماً أقول: إنّ الحجاب عائد وبقوّة، ولو كره أعداء الفضيلة، ودهاقنة العلمنة، فلن يستطيعوا محاربة الفطرة، ومحو العفة، والقضاء على الحياء في نفوس النساء المؤمنات، مهما بذلوا من جهود، وحقّقوا من مكاسب، والله غالب على أمره، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.
ـــــــــــــــــــ(111/101)
... الاولاد ... خالد رُوشه
أبناؤنا والعيد ..برنامج عملي
لقد شرع الله ـ سبحانه ـ في الإسلام أياما هي أعياد للأمة الإسلامية يفرحون فيها ويسعدون ويتجاوزون الأحزان ويتناسون الآلام ويوسعون فيها على أنفسهم وأهليهم فتكون أيام خير وبركة وسعادة وسرور وحبور...
ولاشك أن كثيراً من البيوت المسلمة تهتم أول ما تهتم بأولادها وأبنائها في أيام العيد فتدخل عليهم الفرحة والبهجة وتحاول جاهدة أن تجعل من يوم العيد على أبنائها يوما سعيدا يذكرونه..
ونحن هنا معك أخي القارئ الكريم لنعرض معا تصورا إيجابيا مؤثرا ليوم العيد نستفيد منه في تربية أبنائنا ونكمل فيه فرحة ذاك اليوم كأحسن ما يكون...وإليك هذه الوقفات الهامة في ذلك:
أولا: تفهيم الأبناء معنى العيد:
فالعيد أيام شرعت لإدخال السرور على المسلم وأهله وأسرته وإخوانه, تتلاقى فيها القلوب سعادة, وينسى فيها المتخاصمون خصامهم, ويسهو فيها المتألمون عن آلامهم, كل هذا في طاعة الله ورضوانه حيث جمع العيد المعنيين معا، وهما السرور والفرح والسعادة مع معنى العبادة والامتثال لأمر الله والعيد كذلك للأبناء فرحة صادقة من القلب النقي, من سويدائه, فهي ليست فرحة مصطنعة ولا تمثيلية موهومة, بل هو فرح في السماء والأرض...تحتفل به الملائكة مع المؤمنين, أو ما رأيت كيف تسلم الملائكة على المصلين في الطرقات ذهابا وإيابا؟, كذلك العيد شعيرة من شعائر الإسلام ومظهر من أجل مظاهره عن أنس _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ لما قدم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال: "كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما، يوم الفطر، ويوم الأضحى" [رواه أبو داود والنسائي].
ثانيا: استغلال العيد في تقويم سلوك الفرح والحزن لدى الأبناء:
فكثير من الناس يغالون في الأحزان حتى يغرقون فيها فلا يرون أفراحهم أبدا ومن الناس من يغالى في أفراحه حتى ينسى واجباته ومبادئه وقيمه, والإسلام علمنا أن نتوسط في أحزاننا فلا نقول ما يغضب الرب وأن نتوسط في أفراحنا فنفرح ونحن ملتزمون بطاعة الله سبحانه ففي الحديث الثابت قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به", فالمسلم يحزن لما يصيبه في دينه أكثر مما يحزن لما يصيبه في دنياه ويحمد الله على كل مصائبه لأنه يعلم أن أمره كله له خير كما في حديث مسلم "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير" وكذلك يحزن لما يصيب أمته لحديث النبي _صلى الله عليه وسلم_ "من لم يبت مهتما بأمر المسلمين فليس منهم" وكذلك يحزن إذا انتهكت محارم الله وعاث الظالمون في الأرض فسادا.. وهكذا.. فهو يحزن لله ولدينه ولأمته..
كذلك فأفراحه كذلك فهو يفرح بفضل الله وبرحمته " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "..ويفرح لكل خير أصاب أمته الإسلامية من تقدم ورخاء وانتصار في شتى المجالات, وكذلك يفرح إذا أتم طاعة كاملة مخلصة لوجه ربه, يقول _صلى الله عليه وسلم_ كما في الصحيح: " للصائم فرحتان:
فرحة عند فطره, وفرحة عند لقاء ربه "
فهو يفرح إذن عند تمام الطاعة المخلصة التي هي الصوم..
ثالثا: بث التفاؤل في الأبناء:
فالإسلام يحث على التفاؤل في أحلك الأوقات والظروف, وانظر إلى موقفه _صلى الله عليه وسلم_ وهو يحفر الخندق والمسلمون محاصرون وهم في شدة عصيبة جدا, وقد ربط النبي على بطنه الحجر, وإذا بكدية تعرض له فيضربها وقول: " الله أكبر أوتيت مفاتيح فارس.. أوتيت مفاتح الروم " وعندئذ يتغامز المنافقون يقولون: أحدنا لا يستطيع الذهاب لحاجته وهو يبشرنا بمفاتح كسرى وقيصر!! وتمر السنون ويؤيد الله قول نبيه ويخذل المنافقين.. بل قال النبي _صلى الله عليه وسلم_ لرسله إلى اليمن أبى موسى ومعاذ: "بشِّرا ولا تنفِّرا ويسِّرا ولا تعسِّرا وتطاوعا ولا تختلفا" فلنستغل يوم العيد لبث ذلك التفاؤل وذلك الشعور الإيجابي في الأبناء..
رابعاً: تبيين معنى تمايز المسلم وعزته:
فإن أعياد هذه الأمة قد شرعها رسولها الكريم صلى الله عليه وسلم فهما عيدان لا يشبهان أعياد الأمم الأخرى, والمسلم يفخر بذلك ولا يلجأ إلى افتعال الأعياد واختراعها بل يرى أن الخير فيما شرعه الله "أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" (الملك:14).
خامساً: استغلال العيد في تعليم الأبناء القدرة على التغافر والتسامح:
فهي قدرة نفسية عظيمة يفتقدها كثير من الناس وهى القدرة على العفو والصفح والتغافر والتسامح, فليستغل الآباء العيد في بث ذلك في أبنائهم وبيان مقدار قيمة تلك العبادة, يقول الله سبحانه " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "
سادساً: خطوات عملية:
بشكل عملي نستطيع أن نوجه أبناءنا يوم العيد كما يلي:
1- ندفعهم لزيارة أصدقائهم وتجالسهم معهم والتأكيد عليهم ألا يتحدثوا في لقاءاتهم إلا بخير ونؤكد عليهم حفظ الحديث القدسي "وجبت محبتي للمتحابين في والمتزاورين فيّ.."
2- نجالسهم ليلة العيد وقبل نومهم ونؤكد عليهم تصفية نفوسهم تجاه كل من ضربهم أو شتمهم أو آذاهم في شيء مذكرين إياهم بحق المسلم.
3- ندعوهم للصدقة وتذكر الفقراء واليتامى والمساكين يوم العيد ومعونتهم وليجعل كل ولد من ماله الخاص صدقة خاصة.
4- تشجيعهم على صلة الأرحام والتأكيد على ذلك فيجمع كل امرئ أسماء أقربائه الأقرب فالأقرب ويرتب جدولا لزيارتهم والسؤال عليهم وتفقدهم ابتغاء وجه الله.
5- دعوتهم إلى التقرب إلى الله _سبحانه_ بالدعاء والحمد له والشكر له _سبحانه_ أن أتم عليهم نعمة الصيام والقيام وأن رزقهم نعمة العيد.
6- تذكيرهم بجمع النية للاستمرار على العبادة بعد رمضان وعقد النية على صيام ست شوال والاستمرار على ما تيسر من قيام الليل
ـــــــــــــــــــ(111/102)
أساليب تربوية عند السلف
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
الإنسان عندما ينشغل بشؤون الحياة المعاصرة، مع كثرة مشاغلها وتعدّد متطلباتها،
قد ينسى أن يتعاهد نفسه بالتربية والتزكية، ومن ثمَّ تبتعد القلوب، وتتثاقل عن الباقيات الصالحات.
ومتى زكى الإنسان نفسه ورباها، استطاع الحصول على اللذة المنشودة، لذة العبادة، إذ هي أعظم منة يمنحها الله لعبده، فبها ترتاح النفس، ويسعد القلب، وينشرح الصدر، ويتسع البال.فعليك أن تسعى جاهداً في تحصيلها، لتنعم بالحياة السعيدة، واعلم أن هذه اللذة تحصل بحصول أسبابها، وتزول بزوال أسبابها، يجب عليك تنظيم أوقاتك، والموازنة بين أعمالك واهتماماتك، لا يطغى عمل على عمل، ولا اهتمام على اهتمام، والقصد القصد.
واعلم أنه لا ينجح طالب في دراسته، أو موظف في مهنته، بدون جد واجتهاد، فكذلك لا يمكن للإنسان أن يُربِّي نفسه ويزكِّيها بدون تحقيق أساليبها ووسائلها، وأن أساليب التربية وفنونها وطرقها عند السلف كثيرة جداً.
وسوف نعرض لبعضٍ منها، وهي على ثلاثة أقسام:
1 ـ العبادات والشعائر:
- تحقيق التوحيد.
- استشعار عظمة الله _تعالى_.
- التفاعل مع الآيات الكونية.
- إحسان العبادة.
- تعاهد أعمال القلوب.
- ترك المحرمات.
- ذكر الله _تبارك وتعالى_.
- الإقبال على القرآن الكريم.
- الإكثار من الصالحات.
- الحرص على الطهارة.
- إقامة الصلاة.
- بذل الصدقة.
- الصيام.
- حج بيت الله الحرام.
- تذكر منازل الآخرة.
- الخوف من سوء العاقبة.
- الإكثار من ذكر الموت.
- محاسبة النفس.
- الدعاء.
2 ـ العلم الشرعي:
- طلب العلم.
- لزوم حلق الذكر.
- دراسة سيرة النبي _صلى الله عليه وسلم_.
- تتبع أخبار السلف الصالح.
- الاهتمام بأمر المسلمين.
3 ـ الأخلاق والعادات:
- التحلي بمكارم الأخلاق.
- الصبر.
- التواضع.
- مجاهدة النفس.
- حفظ الجوارح.
- الوقاية من الشح.
- ترك فضول الكلام.
- ترك فضول النظر.
- ترك فضول الطعام.
- العزلة والخلطة بالمعروف.
- اتخاذ القدوة الصالحة.
- رفقة الصالحين.
- ترك التعلق بالدنيا.
- الدوام على العمل.
- ملء الفراغ.
فالحل الأمثل هو الحرص على تطبيق ما سبق ذكره، والاهتمام بمجاهدة النفس؛ لأن تكون ممتثلة لما فيه مصلحتها ديناً ودنيا.
أسأل الله _تبارك وتعالى_ أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يمنحك الفقه في دينه، والثبات عليه، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ـــــــــــــــــــ(111/103)
مذيعة ألمانية تثير ضجة بكتاب ينتقد وضع المرأة الغربية
أثارت إيفا هيرمان إحدى الشخصيات التليفزيونية الشهيرة في ألمانيا جدلا قوميا واسع النطاق بتناولها دور المرأة في كتاب جديد بعنوان "مبدأ حواء.. من أجل أنوثة جديدة" بتأكيدها أنه ينبغي للسيدات أن تكن مسرورات بكونهن أمهات وربات منازل مقيمات في بيوتهن.
وقالت هيرمان في مؤتمر صحفي قبل نشر الكتاب إن النساء لا يستطعن ببساطة أن يمتهن وظيفة ويقمن في ذات الوقت بتربية أطفالهن بشكل مناسب، وأشارت إلى أن هذين الأمرين لا يتوافقان مع بعضهما بعضا، وتابعت قائلة "إنه لخطأ كبير أن تهمل السيدات تربية أطفالهن، تلك المهمة التي كلفهن بها الله".
وحلت آراء المذيعة الألمانية كالصاعقة على هذا البلد الأوروبي الذي تحكمه امرأة وهي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي رفضت التعليق على هذه الآراء قائلة إنها لديها اهتمامات أخرى تتعلق بمصالح الدولة.
من جانبها قالت رئيسة جمعية سيدات الأعمال الألمانيات ريجينا سايدل إن هذا ليس القرن الـ19 عندما كانت ترتدي السيدات مشد الخصر ولم يكن يسمح لهن بالخروج إلى الشارع من دون مرافقة.
وأضافت "نعيش في القرن الـ21 وهذه هي أوروبا الغربية حيث لدينا أفضل السيدات المثقفات والمتحررات على مر العصور اللاتي يبحث العديد منهن عن ممارسة حياتهن العملية جنبا إلى جنب مع القيام بتربية أطفالهن، الأمر الذي أثبت أنه تطور جيد للغاية بالنسبة للجنس البشري".
كما أعربت ريناته شميت التي كانت تشغل منصب وزيرة شؤون الأسرة في حكومة المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر عن استيائها من أراء هيرمان، قائلة "إني مستاءة إلى حد بعيد بسبب إقدام امرأة أقدرها حتى الآن على كتابة مثل هذا الهراء المحض.. لا أستطيع أن أصدق أنها كتبته".
وتقول هيرمان -التي اشتهرت بعرضها المسائي للأخبار صاحب أكبر نسبة مشاهدة في التليفزيون الألماني وببرنامج الحوار الجماهيري الذي تقدمه في وقت متأخر من الليل- إنها تلقت آلاف الرسائل الإلكترونية والخطابات منذ نشر الكتاب في الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري وتؤكد أن 90% منها كانت إيجابية.
وأفادت تقارير بأنه بيعت 50 ألف نسخة من الكتاب في طبعته الأولى عندما عقدت هيرمان مؤتمرا صحفيا لتوضيح آرائها والاحتجاج على فهمها بطريقة خاطئة. أثارت إيفا هيرمان إحدى الشخصيات التليفزيونية الشهيرة في ألمانيا جدلا قوميا واسع النطاق بتناولها دور المرأة في كتاب جديد بعنوان "مبدأ حواء.. من أجل أنوثة جديدة" بتأكيدها أنه ينبغي للسيدات أن تكن مسرورات بكونهن أمهات وربات منازل مقيمات في بيوتهن.
وقالت هيرمان في مؤتمر صحفي قبل نشر الكتاب إن النساء لا يستطعن ببساطة أن يمتهن وظيفة ويقمن في ذات الوقت بتربية أطفالهن بشكل مناسب، وأشارت إلى أن هذين الأمرين لا يتوافقان مع بعضهما بعضا، وتابعت قائلة "إنه لخطأ كبير أن تهمل السيدات تربية أطفالهن، تلك المهمة التي كلفهن بها الله".
وحلت آراء المذيعة الألمانية كالصاعقة على هذا البلد الأوروبي الذي تحكمه امرأة وهي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي رفضت التعليق على هذه الآراء قائلة إنها لديها اهتمامات أخرى تتعلق بمصالح الدولة.
من جانبها قالت رئيسة جمعية سيدات الأعمال الألمانيات ريجينا سايدل إن هذا ليس القرن الـ19 عندما كانت ترتدي السيدات مشد الخصر ولم يكن يسمح لهن بالخروج إلى الشارع من دون مرافقة.
وأضافت "نعيش في القرن الـ21 وهذه هي أوروبا الغربية حيث لدينا أفضل السيدات المثقفات والمتحررات على مر العصور اللاتي يبحث العديد منهن عن ممارسة حياتهن العملية جنبا إلى جنب مع القيام بتربية أطفالهن، الأمر الذي أثبت أنه تطور جيد للغاية بالنسبة للجنس البشري".
كما أعربت ريناته شميت التي كانت تشغل منصب وزيرة شؤون الأسرة في حكومة المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر عن استيائها من أراء هيرمان، قائلة "إني مستاءة إلى حد بعيد بسبب إقدام امرأة أقدرها حتى الآن على كتابة مثل هذا الهراء المحض.. لا أستطيع أن أصدق أنها كتبته".
وتقول هيرمان -التي اشتهرت بعرضها المسائي للأخبار صاحب أكبر نسبة مشاهدة في التليفزيون الألماني وببرنامج الحوار الجماهيري الذي تقدمه في وقت متأخر من الليل- إنها تلقت آلاف الرسائل الإلكترونية والخطابات منذ نشر الكتاب في الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري وتؤكد أن 90% منها كانت إيجابية.
وأفادت تقارير بأنه بيعت 50 ألف نسخة من الكتاب في طبعته الأولى عندما عقدت هيرمان مؤتمرا صحفيا لتوضيح آرائها والاحتجاج على فهمها بطريقة خاطئة.
ـــــــــــــــــــ(111/104)
الجندر وتطبيقاته في المجتمع
ما يمر به مجتمعنا الإسلامي من تدخلات سياسية وثقافية وعسكرية يوضح كيف ستتم إعادة صياغة الواقع الاجتماعي في المجتمعات المسلمة الى واقع مغاير لما تتطلبه التشريعات الإسلامية وسيتم هذا باستخدام الشعارات البراقة والمصطلحات الفضفاضة التي توحي لمن يقرأها أنها تخطط للعدالة وللسلام وللديموقراطية.. ولكن خلف هذه الشعارات ومن يقف خلفها من مؤسسات الأمم المتحدة تتضح الجريمة التي تهدد مجتمعاتنا الإسلامية والتي اتضحت في إمامة آمنة داود لصلاة الجمعة للرجال والنساء وصلت النساء حاسرات الرؤوس ومرتديات للبنطال وكأنهن في نزهة على شاطئ البحر في مجتمع غير مسلم!! وكانت تلك الشعارات التي واكبت ذلك الاختراق لمنظومتنا الدينية وشريعتنا هو الدعوة لمساواة النساء بالرجال أي تطبيق الهوية الجندرية والتي يطلقون عليها (النوع الاجتماعي) أو (الجنوسة) وغيرها من من مسميات إمعاناً في التمويه والتضليل لمعناه الحقيقي.. وقد كتبت عنه عدة مقالات لتوضيح جذوره الراديكالية والماركسية وكيف تحولت بفضل الجندريات ودعم الأمم المتحدة ومنظماتها له إلى سياسة وتعقد المؤتمرات الدولية سواء فيما يخص قضايا المرأة أو حتى السكان والبيئة تمريراً لتطبيق هذا الشعار وتم إنشاء مراكز إقليمية في دولنا العربية لإدماج النوع الاجتماعي في برامج التنمية بدعوى أن المرأة تعاني في مجتمعاتنا من علاقات النوع الاجتماعي غير متكافئة أو متوازنة على معظم المستويات ولاسيما منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومن يتابع ما يكتب عن أهداف هذه المراكز وهذه السياسات سيجد عبارات تتضمن ضرورة تحقيق المساواة بين النساء والرجال في برامج التنمية وهذا الهدف لا غبار عليه اذا لم يكن المضمون الحقيقي والذي يدركه جميع من يقرأ اتفاقية السيداو ويعرف ما يدور في كواليس جميع المؤتمرات الخاصة بالمرأة وبالطفل من تمرير شعار النوع الاجتماعي ومصطلحاته التي تهدف الى إقصاء الرجال من نسق الأسرة وتسويد النساء وهناك جمعيات في بعض الدول الأوربية تسمى (جمعيات تقطيع أوصال الرجال) ولست هنا أدافع عن الرجال كما قالت احداهن تستهزئ بما كتبته وذكرته في إحدى محاضراتي عن ( الجندر وخطورته) ولكن لأني أدرك أن هذا المفهوم أهدافه تدمير البنية العائلية عندما يلغَى دور الزوج والأب حتى عن ولايته على أبنائه وبناته.. وتحت هذا الشعار الذي يحارب (التمييز ضد النساء) فإنه لابد من إعادة النظر في التشريعات لأي دولة وقعت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي تعرف اختصاراً (بالسيداو).. وهناك مؤتمر عقد في اليمن يدعي أن القرآن الكريم متحيز ضد النساء لأنه يخاطبها احيانا بضمير المذكر!! وأيضاً هناك نسخة من الكتاب المقدس أبعدت عدداً من المصطلحات التي يعتقدون أنها ضد النوع الاجتماعي الذي يرفض التمييز بين النساء والرجال تحت أي نظام أو تشريع - فحذفوا كلمة (Sons) والتي تعني الأبناء الذكور واستخدموا بدلاً منها كلمة (Children) والتي تعنى الأبناء ذكوراً وإناثاً؟!.
ومن تطبيقات شعارات النوع الاجتماعي نجدها تتبلور في عبارة (تمكين المرأة) الذي يعني إقصاء الرجل وتسويد المرأة وما يحمله ذلك من اجراءات تحقق هذه القيمة من التمكين السياسي والاقتصادي والقانوني والاجتماعي. أما التمييز ضد المرأة فهو لفظ فضفاض يدخل تحته أي لون من ألوان الاعتراض او الاعاقة التي تقف دون (تمكين المرأة).
ومن تابع ما بثته احدى القنوات التي تبث السموم في المجتمع المسلم من لقاء مع من تسمى إلهام المانع وهي أستاذة في احدى جامعات سويسرا وما كانت تتحدث عنه من كتب ومؤلفات تنادي بصلاة النساء وهن غير محجبات أي بأي زي!! وبالطبع حاسرات الرأس وأضافت أنها ترفض أن تمنع من الصلاة عندما تكون في دورتها الشهرية!!.
ولهذا هي تصلي دائماً لأن الله حسب زعمها لا ينظر إليها كأنثى وإنما كإنسان!! وهذا هو التطبيق العملي (لمصطلح الجندر) الذي يرفض أي تكوينات ترتبط بأنوثة المرأة!! ويدعي مساواة الرجال بالنساء دائماً فلا تحتجز المرأة في الأمومة لأنها أنثى لأن (الأمومة خرافة) كما تقول احدى رائدات هذا التوجه المريض!!.
وفي سياق التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء وعالم خال من الرجال!! نجد أن الاستغناء الجنسي بديله (الشذوذ)!!.
ويصبح هذا الشذوذ منظما ومشرعا وليس مجرد انحلال خلقي!! وكي تتعود المرأة عن الاستغناء عن (الرجل وعن الأسرة) في حياتها وتستغني كذلك عنه في (الإنجاب) من خلال (الاستنساخ) الذي هو من أجل الاستغناء عن الرجل وأول طفلة مستنسخة كانت من جمعية الفيمينزم Feminism وهم الذين اشرفوا على هذه العملية!!.
هذا غيض من فيض.. ولهذا لابد من الوعي بخطورة تمرير سياسات وشعارات النوع الاجتماعي بدعوى تحقيق العدالة للنساء!!.
ولابد من وقفات حازمة من رابطة العالم الإسلامي والمجالس التشريعية العالمية لحماية البنية الأسرية في المجتمع المسلم بل والمجتمع الإنساني لأن هناك في الغرب جمعيات ترفض هذا التوجه الخطير الذي تقوده مجموعة من السحاقيات والشاذين رجالاً
ـــــــــــــــــــ(111/105)
ما هكذا تكون الدعوة لتعليم الفتاة
نشرت صحيفة اليمامة بعددها الصادر رقم – 236- وتاريخ 28-2-380 هـ كلمة حول تعليم البنات تحت عنوان – لا تئدوا بناتنا في المهد – باسم الكاتب – محمد الفاتح – فقرأت هذه الكلمة ووجدتها صريحة كما قال كاتبها لكن في الباطل وتشويه الحقائق ووجدتها هادفة ولكن لا إلى الأخذ بما ينفع الفرد والجماعة في العاجل والآجل والتمسك بالأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام بل كانت هادفة إلى نبذ تعاليم الإسلام والتنكر لمبادئه السمحة والتفسخ من الأحكام التي فرضها الله على المرأة صيانة لها وللرجل من التهور الخلقي وجعلها الله قيوداً عن الرذيلة .
هذه حقيقة ذلك المقال وإن حاول الكاتب تغطيتها تلبيساً ، وتضليلاً ولكنها محاولة فاشلة فقد أسفر عن ذلك تناقضه الظاهر ومع هذا لم يبالغ في تشويه الحقائق ويسلك لذلك سبلاً حائدة عن القصد وقد بلغت به القحة أن شنها حرباً خاسرة على علماء البلاد الذين هم روح الأمة وقادة الإصلاح فيها والذين إنما تسعد الأمة بالسير على آثارهم والإصغاء إلى توجيهاتهم، أما ترك احترامهم وعدم الالتفات إلى دعوتهم فمصدر شقائها وسبل هلاكها فحط الكاتب من كرامتهم وسخر واستعار لهم ألقاب المفسدين في الأرض فسماهم مزورين ورجعيين واعتبر إنكارهم لتعليم المرأة التعليم الحديث الذي تضيع معه الفضيلة وتخرج به المرأة عما خلقت له فتتجاوز ما حده الله لها وتروم ما لا تستحق مما خص الله به الرجال اعتبر هذا النوع من التعليم وأداً للفتاة وطمساً لروحها ولوناً جديداً من ألوان الاستعمار وهذه طريقة دعاة الباطل ينفرون من الحق وأهله بما يلبسونهم إياهم من الألفاظ المنكرة البغيضة.
وأنكر الكاتب على دعاة الإصلاح دعوتهم إلى ما عرف من دين الإسلام بالضرورة وجبلت عليه الفطر المستقيمة من الفرق العظيم بين الرجل والمرأة في الواجبات والحقوق لأن الله لم يسو بينهما شرعا حكمة منه وعدلاً فقد جعل الله المرأة على النصف من الرجل في خمسة أحكام – الإرث – والديه، والعقيقة، والشهادة، وثواب العتق – وهناك أحكام كثيرة أخرى فضل الله فيها الرجال على النساء .
والكاتب يدعى خلاف الواقع وما جاء به الإسلام فيرى في زعمه أن المرأة مثل الرجل تماماً لها ما له وعليها ما عليه وأنها تضاهيه في العقل وأنواع القوى ألم تكن أكمل منه ويكفي في بطلان هذه الدعوى تكذيب القواقع لها، وأيد الكاتب دعواه بما هو أوهى من الهباء وهو نبوغ بعض النساء وتفوقهن على كثير من الرجال في عصر صدر الإسلام وبعده ثم ذهب يمثل لأولئك بخديجة وعائشة والخنساء من المؤمنات في العصر الأول وبأخت نهرو وأمينة السعيد وهدى شعراوي وغيرهن من نساء هذا العصر والأخيرات – وهن الأخيرات لفظاً ومعنى – هن مقصوده لأنه أشاد بذكرهن .. في إطرائهن وادعى أنهن أعلى شأناً وأرفع قدراً من بعض المصلحين الدينيين وإلا فما الرابط بين خديجة وعائشة أما المؤمنين وغيرهما من النساء المؤمنات بالله المحافظات على أوامره وبين نساء بعيدات عن الإسلام وتعاليمه وإن وجد الانتساب إليه عند البعض وما أبعد هذه الطريقة في التدليل والتمثيل على السداد وهذه كالتسوية في التمثيل لعظماء الرجال بين من هو من أفضل أولياء الله المقربين وبين من هو من أرذل أعداء الله المبعدين دون اعتبار للإيمان الذي هو مناط العزة والعظمة الحقيقية كأبي بكر الصديق من أئمة المؤمنين وكنهرو من عظماء الكافرين ما لم يرجع إلى الهدى .
وفي المقال أكثر مما أشرنا إليه ولم أكن مبالغاً في ما ذكرت ونظرة إليه من ذي بصيرة منصف تكفي في الوقوف على الحقيقة وبالجملة فكل المقال بعيد من الصواب إلا ما كان لترويج البضاعة التي لا نقاق لها في سوق الحقيقة الثابتة.
وليس للكاتب أي عذر في هذا التهور المقيت لا الجهل بالإسلام وشرائعه القويمة التقليد لأعدائه ومن قلدهم من المسلمين ومن المؤسف جداً أن تكون صحفنا التي رسالتها الدعوة للخير والتحذير من الشر في الدين والدنيا منبراً يرتقيه بعض هؤلاء الدعاء الذين عمرهم التقليد الأعمى ومثل هذا الكاتب يجب أن يؤخذ على يده ويبصر بالحق إن كان جاهلاً ويلزم به إن كان متجاهلاً ويلجم بلجام من حديد عن التفوه بمثل هذا الزور فضلاً عن يفسح له المجال لنشر الأفكار المتسممة وليعلم كل أحد أن علماء تلك البلاد وعلى رأسهم سماحة المفتى الأكبر وجميع أهل الغيرة على الدين لم يزالوا يعارضون في تعليم البنات التعليم الذي يأخذ مجرى تعليمهن في البلاد العربية المجاورة الذي هو أثر من آثار الاستعمار فيها وحاشاهم إن يعارضوا في تعليم الأبناء والبنات العلوم النافعة في الدين والدنيا ما لم يفض إلى شرور ومفاسد تربو على المنافع والفوائد نعم كانوا يعارضون في ذلك التعليم المنظم وإن كان ظاهره الخير والسلامة أو أول الأمر خشية التطورات السريعة التي تقتضيها كثرة الشر وأهله وكثرة أعداء الإسلام من المنتسبين إليه في هذا العصر .
نعم كانوا ولا يزالون ينكرون هذه الطريقة الحديثة لتعليم البنات ولا يأمنون عاقبتها لأنها لم تنجح في البلاد المجاورة كيف وكثير في بلادنا ممن قل نصيبه من العلم النافع يريدون السير على آثارهم والجري وراءهم دون نظر إلى النافع والضار .. وهذا الإنكار وهذه المعارضة من هؤلاء المصلحين من باب سد الذرائع المفضية للشرور الذي ثبت اعتباره والأمر به في الإسلام .
أما إشراف سماحة المفتي الأكبر ومن معه من علمائنا الأفاضل على ما قرر تأسيسه من مدارس البنات في هذه المملكة فلم يكن إلا خوفاً مما يمكن أن يحدث لو ترك الأمر بلا أشرف ولا مراقبة .
وإذا لا مبرر لهذه الاتهامات والكلمات الساخرة التي توجهها صحيفة تحمل اسم جزء كبير من وطننا إلى أهل ذلك الجزء بحجة معارضتهم في تلك المدارس مع أن واجب تلك الصحيفة أن تكون لساناً صادقاً للتعبير عن الأخيار والمصلحين في تلك البلاد التي تنتسب إليها لا عن حثالة هم ما بين جاهل مقلد ومتعلم متمرد وإلا لم يعد أنسابها إلى ذلك الجزء من وطننا عليه بفائدة بل كان من غير معنى .
وختاماً أسأل الله أن ينصر الحق وحزبه ويكبت الباطل وأهله وأن يهدي ضال المسلمين ويثبت مستقيمهم أنه سميع الدعاء وصلى الله عليه وسلم محمد عبده ورسوله .
ـــــــــــــــــــ(111/106)
كبريائي أفقدني زوجي وبيتي !!
ترعرعت في أجواء أسرة ميسورة الحال ونلت تعليمي في مدارس خاصة وكانت حياتي من نمط خاص.
كل ما أحتاجه يأتيني قبل أن أطلبه، أكلي، لبسي، ووسائل راحتي، كلها متوفرة وبأرقي المستويات...هكذا أمضيت طفولتي، وعلى هذه الكيفية شب عودي، وبهذا المفهوم ارتسم في خيالي فارس الأحلام وزوج المستقبل، ولا أخفيكم أني على قدر من الجمال وأهلي أثرياء.
تقدم إلي شاب مجتهد وناجح في عمله وعلى خلق ودين وحسب ونسب، جاء بمعرفة أبي ولم أكن أتصور أن يتم زواجي إلا من شخص من نفس المستوى ولكن تحت تأثير الوالدين، وعلى أمل أن ينجح خطيبي في حياته العملية قبلت بالزواج وتم زفافنا في حفل كبير جمع كل الأهل والأقارب من العائلتين، وكان على مستوى راق جدًا ظل حديث الناس لفترة من الزمن.
انتقلنا بعد ذلك إلى شقته التي أعدها لنا، في الحقيقة منذ اليوم الأول شعرت بالاختناق والضيق من هذا التحول الكبير، من سكن [الفيلات] ورحابة أجزائها المتعددة إلى شقة صغيرة تكتم الأنفاس ولا تبشر بمستقبل مطمئن ينتظر حياتنا الزوجية. كان زوجي شابًا ظريفًا، خلوقًا، ولكن وضعه المالي وإمكانياته كانت أقل بكثير من الواقع الذي قدمت منه، لم أستطع أن أتأقلم مع حياته المتواضعة، ولكن كنت أقول ربما الغد يأتي بما هو أفضل من اليوم... كان يجتهد كثيرًا ويتعب ليس من أجل تحسين وضعه المالي فقط بل من أجل بناء مستقبل أكثر أمانًا لكنني كنت أستعجل النتائج، يقوم بأعمال إضافية في المساء من أجل توفير متطلباتي الحياتية وإرضاء طموحي ومن ثم ضمان مستقبلنا، كان يحبني كثيرًا رغم انشغاله الدائم بأعباء الحياة وقضاء معظم وقته خارج المنزل، تكالبت علي عدة عوامل جعلت البيت طاردًا بالنسبة لي، أولها الواقع الذي أتيت منه، والواقع الذي أعيشه، حيث شعرت بأني مثل السمكة التي خرجت من الماء قطعًا لن تستطيع الحياة إلا لحظات، كما أن خروجه الدائم من أجل تأمين مستقبله جعلني وحيدة في المنزل، أعيش بين جدرانه لا أكلم إلا نفسي التي أحدثها وأمنيها بزوج ثري يقلب حياتنا البائسة إلى أفضل من ذلك، كانت تتردد على ذهني عبارة 'إذا دخل الفقر من الباب هرب الحب من النافذة'، رغم عدم دقة هذه العبارة... كنت أحلم بأن أقبض الثروة بيد والحب باليد الأخرى، وكلما نظرت إلى المرآة أعجبت بجمالي وقوامي وشبابي فأقول في نفسي: لماذا أضعت شبابي وكان بإمكاني الحصول على زوج ثري يحيل حياتي إلى نعيم أتقلب فيه وأهنأ به.
هذه الوساوس بدأت تتسرب إلى نفسي، وتصيبني بنوع من الغرور، والكبرياء، وكان الهاجس الذي يهتف من داخلي يؤكد لي أن زوجًا ينتظرني متى فارقت هذه الحياة الرتيبة.. وقد بدأ ذلك يظهر من خلال تصرفاتي مع زوجي بدأ يشعر بكبريائي وغروري، وأنني لا أبادله الحب والمشاعر، هذا الأمر ظل يقلقه كثيرًا ويحاول أن يبذل من الحب، وأساليب تلطيف الأجواء، ما يجعل حياتنا تكون في إطارها الطبيعي... لكنني في الجانب الآخر كنت أتطلع إلى وضع مالي أفضل وحياة راقية، وزوج ثري وكانت كل تصرفاتي تنطلق من محور هذا التفكير... كان إذا جلس في المنزل لا يتعدى حديثي معه المطالب التي غالبًا تكون فوق طاقته المالية، وإذا اعتذر أردد أسطوانة أنني كنت متمتعة بها عند أهلي فلماذا انتزعتني منها ما لم تكن قادرًا على توفيرها لي؟ أما إذا خرج من المنزل وطال غيابه من أجل توفير بعض متطلبات الحياة أنتظره عند عودته بسيل من الأسئلة: أين كنت؟ ولماذا تأخرت؟ ومع من قضيت كل هذا الزمن؟ ولماذا تتركني بمفردي في المنزل طوال اليوم؟
وهكذا صارت حياتنا منكدة في الحالتين، كان يحتمل كل هذه الضغوط ويحاول التخفيف من حدة الخلاف بأسلوب لطيف، لكن في نفسه بدأت تنمو تراكمات من رواسب هذا السلوك، وكذلك كان لصبره حدود ولكبريائه نهضة وصحوة ما كنت أتصورها بذلك الحسم...
فذات مرة بعد أن رددت عليه نفس المعزوفة السابقة وما يصاحبها من كلام جارح، وعندما قلت له كنت مرفهة في بيت أبي، فرد علي أتريدين بيت أبيك؟! فأنت طالق، وأخذ يرتب معي أغراضي وحقيبة ملابسي وأخذني إلى بيت أبي.
نزل علي الطلاق نزول الصاعقة رغم أنني كنت أنتظره بفارغ الصبر، امتصصت الصدمة الأولى على أمل أن يأتي من ينقذني.. لكني عشت الأمرَّين في بيت أبي، حيث صرت أعامَل كمطلقة ولست كما كنت سابقًا شابة، وينظر إلي أهلي وإخواني على أنني خربت بيتي بيدي، وأنا المسئولة عن ذلك. هذه النظرة واقعية، فعلاً أنا المسئولة عن طلاقي وبعد أن طلقني زوجي جلس مع أبي وأخبره بكل ما جرى مني منذ بداية حياتنا الزوجية وحتى لحظة الطلاق. مرت علي الأيام متثاقلة، فلم أجد حياتي السابقة في منزل أبي، ولم أجد زوجًا يعطيني الحب والحنان، مثلما كان يفعل زوجي السابق. تمر السنوات سراعًا، وبدأ شبابي يتبدد وجاذبيتي تتلاشى وفرصتي في الحصول على زوج تضيق وتضيق أو تكاد تنعدم، وتنازلت تمامًا عن طموحي في زوج ثري بل أفكر في زوج، مجرد رجل أكوِّن معه أسرة وأبناء ومستقبل. ولكن هيهات لقد أضعت الفرصة بيدي ولم أحمد الله عليها، من يعيدها لي تارة أخرى. هذا جزاء ما صنعت بيدي.
شوال ذو القعدة 1425 ـ ديسمبر 2004
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/107)
الرؤية المشتركة بين الزوجين
الرؤية المشتركة بين الزوجين تعني الاتفاق على أساسيات الحياة الزوجية والنقاط العريضة التي قد تكون موضع خلاف مع استمرار الحياة الزوجية.
فالرؤية المشتركة بين الزوجين هي مستوى جديد من العمق في التواصل بينهما وفي علاقتهما، وهي من الأساليب القوية المؤثرة ليتعلم بها الزوجان وقف الاهتمام بصغائر الأمور، وهي الاشتراك معًا في خبرة ما أو في رؤية ما.
وهذه الرؤية المشتركة تساعدك على توجيه المزيد من التركيز والاهتمام أكثر بما هو صواب في علاقتك وفي حياتك، ويعمل ذلك أيضًا على ظهور أفكار جديدة وتنبيهات على السطح عن كيفية الحصول على مزيد من الراحة والحب لكل من الزوجين.
ومن الصفات المحببة في وجهة النظر الواحدة أنها تتميز بالإشباع الذاتي وخاصة عند الاشتراك فيها مع شخص تحبه. فهي تجعلك تتساءل عن الأشياء الطيبة المدخرة لنا إذا اخترنا مشاركة الرؤية مع نصفنا الآخر.
وأمرهم شورى بينهم:
يقول - تعالى -: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]، والتشاور هو من الحقوق المشتركة بين الزوجين والتشاور بين الزوجين وتداول الرأي يكون فيما يتعلق بشؤون البيت وتدبير أمر الأسرة ومصير الأولاد، وغير ذلك.
وليس من الحكمة أن يستبد الرجل برأيه ولا يلتفت إلى مشورة زوجته، لا لشيء إلا لأنها امرأة ومشورتها قدح لقوامته عليها في نظره، فكم من امرأة أدلت برأي صار له أكبر الأثر في استقامة الأمور وصلاح الأحوال، وخير مثال على ذلك أم سلمة أم المؤمنين عندما دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غاضبًا مما فعل أصحابه يوم الحديبية حيث أمرهم بالحلق والتحلل فكأنهم تحرجوا وتباطؤوا، فأشارت عليه أم سلمة - رضي الله عنها - أن يحلق هو حتى يحلقوا ثم يخرج عليهم، فأخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمشورتها، فما كان إلا أنهم بادروا إلى امتثال أمره - صلى الله عليه وسلم - وذلك بمشورة أمنا أم سلمة وبها نجى المسلمون من هلاك محقق وهو مخالفة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
الزواج شركة:
إن الزواج حياة مشتركة دائمة، فإن كلاً من الزوجين مهما تقدم به العمر يجد إلى جانبه رفيق العمر والدرب الذي يشاطره هموم الحياة ومسؤولياتها.
ونحن لا ننكر أن الحب الصادق بين الزوج والزوجة هو رباط عاطفي، ولكن ذلك الارتباط العاطفي يكون بين شخصين اتفقا على معاني وقيم يلتقيان عليها في كل مجالات الحياة، فأحب كل منهما الآخر، وهذا ما يميز الحب الزوجي عن غيره.
فالشخص يحب أباه أو أقرباءه أو أصدقاءه دون أن يتفق معهم في الرأي والميول والأهداف بالضرورة، ولكن في الحب الزوجي لا يكون حبًا حقيقيًا قويًا ما لم يكن هناك توافق واضح ورؤية مشتركة بين الزوج والزوجة في كل مجالات الحياة، وما لم يكن صدى احتياجات وآراء كل منهما مسموعًا من الآخر مقبولاً لديه وينال اهتمامه.
ورسالة المحبة الزوجية ليست أمرًا وقتيًا أو أعمالاً سطحية أو كلمات منمقة بل هي قيمة حياتية تنمو مع الأيام من خلال المعاشرة الحسنة وازدياد الخبرة والمعرفة ولذلك فهي تتنافى مع الجمود والأنانية إلى أبعد الحدود.
فالزوجان المحبان يبذلان ما في وسعهما ليبقى كل منهما أمينًا تجاه الآخر بكل حيوية وصدق، وفيًا له، ويتقبل كل منهما الآخر على علاته ويغفر له زلاته، ساعيين معًا في تعزيز حياتهما بالقدرات الشخصية وتضافرها واتساقها معًا لتكوين نسيج الحياة الزوجية المشتركة.
مسؤولية من؟
إن المشاركة في إنجاح العلاقة الزوجية مسؤولية يقوم بها الزوجان معًا، فمن خلال حسن معاملتهما لبعضهما وفهم أحدهما للآخر ووضوح الرؤية المشتركة بينهما تتحسن العلاقة بينهما وتنمو إلى الأفضل.
وكيف الاتفاق مع الافتراق؟
لا يخفى علينا أن هناك اختلافًا بيولوجيا بين الرجل والمرأة، وهناك أيضًا فروق جسيمة وسيكولوجية بما فيها من جوانب مزاجية وانفعالية وعقلية وميول واستعدادات وقدرات ومع هذه الاختلافات الكبيرة فنحن نقول أن من ميزات العلاقة الصحية بين الزوجين أن يكونا قريبين وفي ذات الوقت مختلفين.
وذلك لأنه لا بد من وجود بعض الفروق الفردية والاختلافات بين الزوجين مهما كان الرابط الزوجي قويًا، فإن هذا الزواج يجمع بين فردين لكل منهما شخصيته وأفكاره وميوله وذوقه وعواطفه واحتياجاته وما يحب وما يكره.
والعجيب أن نعرف أن الزوجين السعيدين هما القريبان والمفترقان في آن واحد، وكلما كان الواحد منهما أكثر حرية وقدرة على تقبل الفروق والتكيف معها كان بالتالي أقدر على التعامل والتعايش مع اختلاف وجهات النظر، وهذا من شأنه أن يزيد من متانة العلاقة بينهما.
تناقض المصالح:
إن الحياة الزوجية السوية تقوم على المصلحة المشتركة، فما يكون في مصلحة الزوج إنما هو في مصلحة الزوجة، وما يكون في مصلحة أي منهما يكون في مصلحة الأسرة.
غير أن هذا لا يمنع من اختلاف وجهتي النظر حول ما هو في المصلحة وما هو في غير المصلحة، بل إن هذا الاختلاف قد يكون موجودًا في الحقيقة فقد يرى الزوج أن من مصلحة الأسرة أن تترك الزوجة عملها، ولكن الزوجة ترى أن مصلحتها ومصلحة الأسرة تكمن في أن تظل في الوظيفة لما في ذلك من زيادة في دخل الأسرة وتطوير لشخصيتها وتحقيق ذاتها، وقد ترى الزوجة أن مصلحتها تكمن في إتمام دراستها الجامعية بينما يعارض الزوج ذلك ويرى أن مآلها إلى البيت.
وقد ترى الزوجة أن من مصلحتها الاستقلال بمرتبها وإيراداتها وأن تدخرها لنفسها، وأن يقوم الزوج بالإنفاق على الأسرة، بينما يرى الزوج أنها لا بد أن تساهم في النفقات..وهكذا فإن تناقض المصالح بصرف النظر عن كون هذا التناقض حقيقيًا أو ناتجًا عن اختلاف وجهات النظر، فإنه يعوق التوافق بين الزوجين.وملاك هذا الأمر هو الرؤية المشتركة أي اتفاق الزوجين على الأمور التي قد تكون موضع خلاف بينهما مع استمرر الحياة الزوجية.
الرؤية المشتركة والذوبان الزوجي:
ويبقى لنا السؤال هل الرؤية المشتركة بين الزوجين تعني الذوبان الزوجي؟
إن الرؤية المشتركة كما ذكرنا تعني الاتفاق على أساسيات الحياة الزوجية والنقاط العريضة التي قد تكون موضع خلاف مع استمرار الحياة الزوجية، ثم بعد ذلك فليفعل كل من الزوجين ما يريد في إطار هذا الاتفاق.
أما الذوبان الزوجي فمعناه إلغاء الطرف الآخر وتهميشه. وبالطبع سيكون الطرف الملغي هو الزوجة، فلو أذابت الزوجة نفسها في زوجها وألغت شخصيتها، وأصبحت تبعًا له من غير صوت ولا همس فهذا تدمير للشخصية وتحطيم للثقة بالنفس وإلغاء للآخر، وهذا ما لا يقره الإسلام، بل إن الإسلام حث على احترام المرأة وتنمية مواهبها ودفعها لتساهم في بناء الحضارة.
إن المتتبع لسيرة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - يجد احترامه لشخصية أمهات المؤمنين وتقديره لهن من أول خديجة - رضي الله عنها - حتى آخر زوجاته.
وقرأنا في السيرة أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صرح وقال بأن الإسلام عندما جاء أعطى المرأة حقوقًا لم يكن يعرفها العرب ويقدرها، وأهمها أنه أعطاها الاستقلال الشخصي وتحملها مسؤولية قرارها حتى في زواجها.
إن من أبرز عناصر القوة في العلاقة الزوجية هو عنصر المشاركة في الجهد وفي التفكير وفي العطاء وفي المسئولية، مع هامش استقلالية لكل طرف في قسط من المسؤولية.
إن تجاوز رأي الآخر هو تجاوز لشخصيته ووجوده، وبالتالي تعطيله إن لم نقل منعه من التعاطف الحبي مع الطرف الآخر، وتخيلوا كم الصراعات التي تحدث في بيوت كثيرة بسبب أنانية هذا الطرف أو ذاك واعتداده برأيه وتجاوزه للآخر في المشورة والمشاركة.
وهناك أولويات:
لقد بحثت كثيرا في أسباب المشاكل الزوجية أو الخلافات الزوجية والتي بدورها قد تؤدي إلى الطلاق، وإن لم يصل الأمر للطلاق، فإنها تكون سببًا في نكد الحياة الزوجية وفشلها. وقد وضعت يدي على مكمن الخلاف الدائم والذي يتمثل في عدم وضوح مجالات الرؤية المشتركة والتي من خلالها يتم الاتفاق بين الزوجين على عدة نقاط أساسية، وترتيبها بأهميتها وبأولويتها وهي:
1ـ العلاقات الاجتماعية.
2ـ النواحي المالية ويدخل فيها طريقة الحياة والإنفاق.
3ـ تربية الأولاد.
4ـ العلاقة الجنسية.
5ـ العلاقة العاطفية.
6ـ وحدة الأهداف.
وقد تكلمنا في مقالات سابقة عن ثلاث من هذه الجوانب من الرؤية المشتركة وتبقى لنا ثلاث فانتظرونا في الأعداد القادمة لنتفق معًا على رؤية مشتركة في الباقي من هذه النقاط ودمتم بخير.
20 شعبان 1426هـ 24سبتمبر 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/108)
التحلل الأسري
أ. د. محمد رواس قلعه جي
مفهوم الأسرة:
الأسرة مشتقة من أسر (بمعنى) قيد، والأسرة في لغة العرب ترد بثلاثة معان:
الأول: الدرع الحصينة، والثاني: أهل الرجل وعشيرته، والثالث: الجماعة يربطها أمر مشترك، كأسرة التعليم، وأسرة الفن، ونحو ذلك••
هذه المعاني كلها تحمل بين طياتها معنى التعاون والتناصر، وكأن كل واحد مشدود مقيد بالآخر يقويه ويشد أزره•
والأسرة في المفهوم الغربي: تعني الزوج والزوجة والأولاد ما داموا تحت كنف أبيهم وفي بيته، فإذا استقلوا عنه في حياتهم، وملكوا حريتهم في التصرف بمعزل عن أبيهم ـ وذلك ببلوغ سن معينة يحددها القانون ـ خرجوا عن كونهم من الأسرة•
أما في الإسلام فإن الأسرة تحمل معنى أوسع من هذا بكثير، فهي تضم:
أولاً: الزوجان ما بقيا على الزوجية، فإذا طُلِّقت الزوجة خرجت عن كونها من أسرة زوجها•
ثانياً: جميع العصبات مهما بعدوا، سواء كانوا من المحارم أم لم يكونوا من المحارم، وسواء كانوا في كنف رب الأسرة يعيشون معه، أم لم يكونوا في كنفه، كالجد أبي الأب، وأبي الجد، والأبناء، وأبناء الأبناء مهما بعدوا، والإخوة وأبناء الإخوة مهما بعدوا، والعم وأبناء العم مهما بعدوا، أما أولاد البنت، وأولاد بنت العم، فإنهم ليسوا من الأسرة، لأنهم ليسوا بعصبات•
ثالثاً: من كانوا في كنف رب الأسرة، ويعيشون معه في بيته، وهو الذي يكفلهم ويرعاهم وينفق عليهم، ولو لم يكونوا من العصبات، كبنت زوجته التي تعيش معه، وبنت بنته، واليتيمة التي لا قرابة بينه وبينها إذا كان هو الذي يكفلها وتعيش معه، واللقيط الذي تكفل برعايته والإنفاق عليه، ونحو ذلك•
مما تقدم نلاحظ توسع الإسلام في مفهوم الأسرة، لأنه سيرتب على هذا المفهوم واجبات، من شأنها أن تسهم في بناء المجتمع المتماسك المتناصر•
استطالات الأسرة:
لم يكتف الإسلام بتوسيع مفهوم الأسرة، بل أقام جسوراً تربط بين الأسر المختلفة، هذه الجسور هي جسور المصاهرة، وما تقتضيه هذه المصاهرة من المناصحة والنصرة، فإذا تزوج رجل بأحد أفراد أسرة كذا، صارت أسرة زوجته أحماؤه، وصارت أسرة زوجها أحماؤها ـ والأحماء في اللغة هم: المنعة والمدافعون ـ وصارت أم زوجته محرمة عليه كأمه، لا تمتد منه إليها عين خيانة، وصار أبو زوجها محرماً عليها كأبيها، وبذلك تمتد جسور المحبة والمناصرة بين الأسرتين•
الرابطة الأسرية:
الروابط بين الأفراد والجماعات كثيرة، فهناك رابطة العرق: كالعربي والكردي، والجركسي، ورابطة الوطن: كالسوري، والمصري، والعراقي، والسعودي، ورابطة البلد: كالحلبي، والبغدادي، ورابطة الدين: كالمسلم والنصراني والمجوسي ورابطة الأسرة أو العشيرة، وهي رابطة تقوم في أصلها على الدم، كالقلعجي، والنخعي، والكتاني•
ورابطة الأسرة أمر الإسلام بتحقيقها برأسها، بقطع النظر عن تحقق الروابط الأخرى أو عدم تحققها، فالابن مطالب ببر أبيه مسلماً كان الأب أو كافراً، كما قال - تعالى -في سورة لقمان: في الآية 15 (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا)•
مسلتزمات رابطة الأسرة:
إذا وجدت رابطة الأسرة، لزم على من ينخرط في هذه الرابطة ما يلي:
أولاً: الاهتمام بأمور أفراد الأسرة: إذ كل فرد من أفراد الأسرة عليه أن يهتم بكل فرد فيها، بحيث يكون على علم دائم بأحواله، ويكون ذلك بالسؤال عنه، ليتمكن من مواساته في الحزن، ومشاركته في الفرح، وكشف الغم عنه إن نزل به غم، ونحو ذلك•
ثانياً: الإنفاق: من حق كل مقيم في دولة الإسلام أن يكون مكفياً جميع ضرورات العيش، من طعام وشراب ودواء وكساء ومأوى وتعليم ونحو ذلك، ويكلف هو نفسه بتمويل هذه الضرورات لعيشه عندما يكون قادراً على ذلك، فإن بلغ به الفقر مبلغاً لم يعد معه قادراً على تمويلها، فإنه يكلف بتمويلها له أفراد أسرته ـ إن كانوا قادرين على ذلك ـ، فيكلف الابن بالإنفاق على الأب، ويكلف الابن بالإنفاق على ولده، ويكلف الأخ بالإنفاق على أخيه، وابن الأخ بالإنفاق على عمه، وهكذا، فإن لم تكن له أسرة، أو كانت أسرته فقيرة، فتأمين هذه الضرورات يكون على الدولة، فإن لم تقم بها الدولة، فتأمينها يكون على من علم حاله من المسلمين، وفي ذلك يقول - عليه الصلاة والسلام -: (ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم)•
ثالثاً: التواصل: ويتحقق هذا التواصل بزيارته في المواسم والأعياد، وإذا بعد زمن اللقاء، وفي مواساته في الأحزان، ومشاركته في الأفراح، ونحو ذلك، وقد قرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الصلة بالإيمان بالله - سبحانه -، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه)(1)، وجعل هذه الصلة سبباً في بسط الرزق، والمباركة في الأجل، قال - عليه الصلاة والسلام -: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه)(2•)
رابعاً: التناصح: فإذا رأى أحد أفراد الأسرة من آخر تقصيراً نبهه إليه، وبين له مكامن الخطر فيه، وإن رأى منه خيراً حثه وشجعه عليه، وهو ما يعرف بالمصطلح الإسلامي بـ)الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(وهو أمارة صحة المجتمع الإسلامي، فمجتمع لا يرى خيراً إلا ويدل ويحض عليه القريب والغريب، ولا يرى منكراً إلا ويصد عنه ويمنع منه القريب والغريب، هو مجتمع جدير بالسيادة والبقاء، ولذلك جعل الله - تعالى -الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجباً على كل مسلم قدر استطاعته، فقال - تعالى -في سورة آل عمران: 401 (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)•
والأسرة يرفع شأنها شخص واحد منها، ويسيء سمعتها شخص واحد منها، فكم من الأسر المغمورة قد ارتفع ذكرها، وعلا شأنها، بتفوق شخص واحد منها في العلم أو في التقوى، أو في عمل الخير، وكم من أسرة ساءت سمعتها بسوء تصرف شخص منها، لأن الأسرة خلية واحدة، يؤدي كل فرد فيها مهمة له، فإذا أساء أداءها فتح في الخلية ثغرة يمكن أن يتسلل منها الضعف، للذي يؤدي إلى خراب الخلية، وما أَجَلَّ ذلك المثال الذي ضربه الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين شبه الأسرة بسفينة، ركابها أفرادها، فإذا خرق أحد الركاب ـ كائناً من كان ـ في السفينة خرقاً، كان هذا الخرق سبباً في غرق السفينة وغرق الناس، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً)(3) وكذلك الأسرة إذا فتح أحد ثغرة فيها، تسلل الخطر من هذه الثغرة، ثم استشرى أمره، واستفحل، حتى يؤدي ذلك إلى تفكك الأسرة•
خامساً: التعاون: التعاون على الخير أمر وجه إليه الإسلام بعامة، بقوله - تعالى - في سورة المائدة: 2 (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ولكن توجيهه إليه في رحاب الأسرة أشد، لما بين أفراد الأسرة من القرابة، ومن تشابك المصالح، وليس لهذا التعاون سوى ميدان واحد هو عمل الخير والدعوة إليه، وهو ميدان فسيح، ومجالاته كثيرة، فهناك تعاون في أعمال البيت، فقد سئلت السيدة عائشة - رضي الله عنها -: ما كان رسول الله يصنع في بيته؟ قالت: (كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج فصلى(4) (أي: يساعدهم في الأعمال البيتية)، وتعاون في تربية الأولاد، وتعاون على العبادة، وقد أثنى رسول الله على من يوقظ أهله لصلاة قيام الليل، فإذا تثاقلت داعبها وأيقظها برش وجهها بالماء، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، ثم أيقظ امرأته، فإن أبت نضح وجهها بالماء، ورحم امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)(5) وتعاون في الترفيه عن الأسرة، قالت عائشة - رضي الله عنها – (لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا التي أسأمه)(6)، وهكذا•
سادساً: التناصر: وأعني بالتناصر: التعاون لرفع الضيم، حتى إذا ما وقع على أحد أفراد الأسرة ضيم، هبت الأسرة كلها لمناصرته حتى يرفع الضيم عنه، وقد يكون هذا الضيم ظلماً وقع عليه كسطو ظالم على ماله، وقد يكون مصيبة أصابته من الله - تعالى -كمرض عضال تحتاج إزالته إلى مال كثير، وهو غير موجود عنده، وقد يكون نتيجة خطأ لا يريده، كما لو قتل شخصاً خطأ، فإن ديته تفرض على عاقلة القاتل، لأن القاتل ليس بمجرم، بل هو مخطئ•
سابعاً: ثبوت المحرمية: تثبت المحرمية بين الأقارب الأقربين رجالاً ونساء من أفراد الأسرة، وهم الذين يسمون بـ(الرحم المحرمة) وهذه المحرمية تعطي نوعاً من القداسة لهذه العلاقة الأسرية•
ثامناً: الإرث: وهو يثبت بين أفراد الأسرة، كما هو مفصَّل في الشريعة•
التفكك الأسري:
إذا قلنا(أسرة) فإن ذلك يعني تطبيق تلك المستلزمات التي ذكرناها في الفقرة السابقة، فهي في جملتها تعطي للأسرة معناها، والخلل الذي يصيب أحد مستلزمات الأسرة يعني أن خللاً قد أصاب لبنة أساسية في بناء الأسرة، فإذا سرى الخلل إلى لبنة أخرى، وثالثة ورابعة، وهن بناء الأسرة، وتصدعت أبراجه، وأصبحت هذه اللبنات عبئاً عليه ينوء بحمله، بل يهدد بقاءه•
أسباب التفكك الأسري:
الإنسان اجتماعي بطبعه، تلك مُسلَّمة قرأناها صغاراً، ورددناها كباراً، لأنه لم يثبت عكسها، وبناء على ذلك فإن الأمر الطبيعي أن تكون الأسرة وحدة متراصة، لأنها تحقق فطرة الإنسان في نزوعه للعيش في مجتمع، ولما بين أفرادها من رابطة الدم، ومن المصالح المشتركة، فإذا رأينا الأسرة مفككة، علمنا أنه لابد من وجود أسباب أدت إلى هذا التفكك، فما الأسباب هذه؟
بعد تقليب النظر في أسباب التفكك الأسري أرى أن أسباب هذا التفكك يعود إلى سبب، أو أكثر من الأسباب التالية:
أولاً: التحلل من القيم الدينية: إن المحافظة على وحدة الأسرة وتماسكها عبادة أمر الله - تعالى - بها، وتفكيك بنية الأسرة معصية يعاقب الله - تعالى - عليها، قال - عليه الصلاة والسلام -: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته، والولد في مال أبيه راع وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) (7) فأنت ترى عظم هذه المسؤولية التي حملها الله - تعالى - كل فرد من أفراد الأسرة، وإنها ليحاسبه عليها يوم القيامة إن هو فرط فيها•
وتأمل هذه الرابطة التي فرضها الله - تعالى - على المرء تجاه والديه، حين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رغم أنفه، رغم أنفه، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كلاهما، ثم لم يدخل الجنة) (8) إنها رابطة مفروضة بسلطان الدين، يغذيها الإيمان بالله واليوم الآخر•
ثانياً: الرغبة في التفلت من رقابة الأسرة: من أسباب التفكك الأسري رغبة أفراد الأسرة بالتفلت من رقابة الأسرة، وممارسة الحرية في التصرفات، وسبب ذلك يعود إلى أمرين اثنين:
الأول: فساد في الشخص الذي يريد التفلت من رقابة الأسرة، إذ إن رقابة الوالدين بخاصة، ومجموع أعضاء الأسرة بعامة تمنعه من ممارسة حريته غير المنضبطة، ولذلك فإنه يعلن تمرده على الأسرة وانشقاقه عنها، وسبب هذا في نظري: إفراط الوالدين في تدليل الولد، وإجابة جميع طلباته، وعدم تعويده على سماع كلمة)لا) من أحد، ولما يشب ويصلب عودة، ويريد أن يمارس حريته غير المنضبطة بأدب أو دين، ويسمع اعتراض الأسرة على تصرفاته، يضيق بها ذرعاً، ويتمرد عليها• وقد يكون سبب ذلك رفقة السوء الذين يغرونه ويزينون له الخروج على طاعة الوالدين أو الخروج عن تقاليد الأسرة•
الأمر الثاني: ضغط الأسرة الخارج عن حد التحمل، أو قسوة الوالدين أيضاً، قد يحملان الولد على الهرب إلى ساحة الحرية، وكسر طوق الأسرة التي تطوِّقه بطوق يشق عليه احتماله•
ثالثاً: الخيانة الزوجية: وأعني بالخيانة الزوجية: إحداث علاقة جنسية غير مشروعة من غير الزوج أو الزوجة، سواء كانت هذه العلاقة وقاعاً أو ما دونه من الاستمتاع باللمس أو بالنظر أو بالحديث أو بالحب• وأسباب الخيانة الزوجية متعددة، يأتي في طليعتها ضعف الوازع الديني، والاختلاط بين الجنسين، لأنه لا خيانة بغير اختلاط•
وفي ظل الخيانة الزوجية يعظم التفكك الأسري، حيث يضعف أو ينعدم انجذاب كل من الزوجين للآخر، ويسود الفتور، لا، بل الكره، للزوج الخائن، وكثيراً ما ينتهي ذلك بالطلاق•
ويمكننا أن نجعل علاج الخيانة الزوجية على نوعين علاج وقائي، وعلاج دوائي•
أما العلاج الوقائي فإنه يتمثل بما يلي:
1 ـ اختيار كل من الزوجين زوجه اختياراً مبنياً على أساس الدين والتقوى والخلق الفاضل، عملاً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (فاظفر بذات الدين تربت يداك)(9)، وقوله (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)(10) ومن أعظم هذا الفساد: الخيانة الزوجية•
2 ـ رؤية كل من الزوجين الآخر قبل الزواج، ومعرفة درجة جماله، ومقدار قبوله في القلب، لئلا يزين الشيطان للأزواج أو للزوجات الخيانة الزوجية بدعوى أن الزوج أو الزوجة قبيحة، والمأتية حراماً جميلة•
3 ـ وجوب رعاية المرء نفسه بالتزكية حيناً بعد حين، ليقطع طريق الغواية على الشيطان، قال - تعالى -في سورة الشمس: 9 ـ 10(قد أفلح من زكاها• وقد خاب من دساها)•
أما العلاج الدوائي: فإنه يتمثل بما يلي:
1 ـ الستر على من وقعت منه الخيانة الزوجية مع وعظه وتوجيهه، إلا أن يجاهر بخيانته، أو يتحدث بها بغير مبالاة، فعندئذ لابد من عقوبته عقوبة يكون فيها عبرة لغيره، وهذه العقوبة في الإسلام هي الرجم بالحجارة حتى الموت•
2 ـ إحاطته برفقة خيرة تزين له العفة وتقنعه بها، وتقبح له الخيانة الزوجية وتكرِّهه بها، كما حدث لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أتاه فتى شاب، فقال يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه: قالوا: مه مه: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ادنه، فدنا منه قريباً، قال، فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء)(11)•
رابعاً: إنكار المرأة حق الزوج في الزواج بأكثر من واحدة: من حق الزوج أن يتزوج بأكثر من زوجة واحدة، فإذا تزوج بزوجة ثانية فقد لا يوفق هو في التوفيق بين الزوجتين، وقد لا تحتمل الزوجة أن تشاركها امرأة أخرى في زوجها، ويتحزب لكل زوجة أولادها، ويظهر التفكك الأسري، وتحل البغضاء بين الإخوة بدل التحابب، ويجد الكيد في ظل هذه البغضاء له مرتعاً، فيكيد بعض الأولاد لبعض، وتكيد كل ضرة لأختها، وقد يناصر الزوج زوجة على أخرى، وعندئذ يتفاقم الأمر، وتعظم البلية•
وفي مثل هذه الحال لابد من أن يكون الزوج حكيماً، لا يناصر واحدة على حساب الأخرى، ويقيم العدل بين زوجاته، ولا ينتقص واحدةً شيئاً من حقها عليه، ولا يظهر الميل لواحدة دون الثانية، وتقنع المرأة أن تعدد الزوجات حق من حقوق الزوج، رخَّص الله - تعالى -له به وهو على كل حال خير من الزنا، لما فيه من البعد عن الأمراض الجنسية المهلكة، ولما فيه من الاجتماع بمن تملك على الأقل الحد الأدنى من الخلق والدين، أما الزانية فإنها لا تملك شيئاً منهما، وإن مشاركة زوجة أخرى لها في زوجها قدر قدره الله - تعالى -، ولا راد لقدر الله، وأنه لن تعيش إلا عمراً واحداً، فخير لها أن تتأقلم مع الواقع وتعيش عمرهاً بسعادة، خير من أن تعيشه في أسوأ حال•
خامساً: غياب التفاهم والانسجام بين الزوجين، لأسباب كثيرة، منها: اختلاف المستوى الثقافي، اختلاف المستوى الاجتماعي، اختلاف مستوى الذكاء، تضارب المصالح، سوء أخلاق أحد الزوجين، الاختلاف في الممارسة الجنسية، وغير ذلك•
وفي مثل هذه الحال لابد من الخلوة بالنفس ومحاسبتها، وتلمس عيوبها، والبحث عن طرق علاجها، وإذا ما فعل ذلك فلابد من أن يظفر بعلاج ناجع لمشكلته إذا وضع نصب عينيه التقويم الكلي لزوجه، من دون الوقوف عند الجزئيات، لأن المرء إن ساء فيه خلق، حسن فيه آخر، والوقوف عند الحسنات ينسي السيئات، كما قال - تعالى -في سورة هود: 114 (إن الحسنات يذهبن السيئات) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)(12)•
سادساً: كثرة الغياب عن البيت: إن كثرة غياب رب الأسرة من زوج أو زوجة قد يكون سبباً في التفكك الأسري، لأن كثرة الغياب يعني ترك البيت فترة طويلة من دون رقابة ولا توجيه، وعندئذ يكون التحلل من القيود الأسرية والتزاماتها، ويكون العمل خارج المنزل، أو حاجة الأب إلى السفر الدائم، فإنه يجب على الوالدين إقناع أبنائهم بأن الرابطة الأسرية رابطة مقدَّسة، وليس رابطة مصلحة، وأنها رابطة دينية وإنسانية واجتماعية، وتجب المحافظة عليها وإن شعر المرء بإمكانات الاستغناء عنها، لما لها من المنافع الروحية والنفسية والاجتماعية، أما الروحية فلما فيها من الثواب عند الله - تعالى -، وأما النفسية فلما فيها من الشعور بالانتماء، وأما الاجتماعية: فلأن المجتمع مؤلف من أسر، فإذا كانت البنية الأسرية متينة، كانت البنية الاجتماعية متينة أيضاً..
سابعاً: الفهم الخاطئ لاستقلال المرأة وحريتها: لقد استقلت المرأة مالياً عن زوجها في كثير من بلدان العالم، فأصبح لها عملها الخاص بها، ولها دخلها المادي، ولها سيارتها، ولها خصوصياتها لا تسمح لأحد باقتحامها عليها•
لقد صارت هذه الحرية عند المرأة الواعية أداة بناء، أما عند المرأة غير الواعية فإنها أداة تفكك وإفساد للأسرة، حيث صارت المرأة لا تستجيب لرغبة زوجها في الحد من الإنفاق، ولا تستجيب إليه في عدم إطالة الخروج من البيت، ولا تأخذ بتوجيهاته كرئيس للأسرة، ويكون جوابها في كل مرة: (مثلي مثلك) أو (أنا حرة) أو (المال مالي، وأنا فيه حرة أفعل ما أشاء) إلى غير ذلك من العبارات التي تثير حفيظة الزوج، وتزرع أو تغذي الفرقة بين الزوجين في الأسرة•
والإسلام جعل للأسرة قائداً واحداً لتأتلف الأمور ولا تختلف، وجعل هذه القيادة للرجل بقوة النظام ولو كانت المرأة أعلى منه في المزايا والخصال، لأن طبيعة المرأة وما يعتريها من حمل وولادة وتربية ورعاية للأولاد تجعلها دائماً منحازة إليهم، ولا تصلح القيادة مع الانحياز، لأن أولادها جزء منها لم ينفصلوا عنها إلا بالمقراض، وطاعة القيادة واجبة ولو كان التابع أفضل من القائد، تماماً كوجوب طاعة العلماء للأمراء، ولو كان العلماء أفضل من الأمراء، وبغير ذلك لا تنتظم الأمور ولا تستقيم.
ثامناً: فقدان الكياسة من أحد أفراد الأسرة تجاه الآخرين: كاعتياد الزوج على تسفيه رأي زوجته، لأن ذلك يؤدي إلى كرهها إياه، حتى يكون بعدها عنه أحب إليها من قربها منه، ففي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (تبسمك في وجه أخيك صدقة)(13).
تاسعاً: وسائل الإعلام: إن وسائل الإعلام تسهم اليوم في التفكك الأسري بأمرين:
الأمر الأول: بطول مكث أحد أفراد الأسرة كالأب أو الأم الساعات الطويلة أمام التلفاز، حتى أن السهرة لتمضي من دون أن يكلم واحد من أفراد الأسرة فرداً آخر منها في أمر، وبذلك تضعف معرفة الواحد من أفراد الأسرة ما في داخل نفوس باقي أفراد الأسرة، فيقل وقوفه بجانبهم، لأنه لا يدري متى يحتاجون إلى مساعدته، وبذلك أيضاً يضعف الانسجام بين أفراد الأسرة•
والأمر الثاني: ما تنشره هذه الأجهزة وما تذيعه من صور التفكك العائلي مسمية إياه بغير اسمه، كتسميته باسم الاعتماد على النفس تارة، وبإثبات الذات تارة أخرى، واحترام خصوصيات المرء تارة ثالثة، وهكذا، مع أنه ما هو إلا مظهر من مظاهر التحلل الأسري الذي تعاني منه المجتمعات الغربية، ونحن لا نعارض الاعتماد على النفس ولا إثبات الذات، بل نشجع عليه، ولكننا ننكر الخلط بين التفكك الأسري وإثبات الذات، وشتان بينهما..
علاج التفكك الأسري:
إذا استطاع الطبيب تشخيص المرض فهو أمام أمرين:
الأول: أن يكون هذا المرض لا دواء له، وعندئذ ليس أمامه وأمام المريض سوى الابتهال إلى الله - تعالى -أن يمن بالشفاء، فهو - سبحانه - بيده الأمر من قبلُ ومن بعدُ•
الثاني: أن يكون له شفاء، وعندئذ يجب على الطبيب إخبار المريض بدوائه، وإذا أخبره بدوائه فهناك احتمال أن يأخذ المريض الدواء، ولكن هناك احتمال آخر أن يرفض المريض تناول الدواء، وعندئذ يتفاقم الأمر وتعظم البلية•
ونحن قد عرفنا فيما تقدم أسباب التفكك العائلي، فإذا منعنا حدوث أسباب التفكك العائلي، امتنع حدوث المرض، أي التفكك العائلي، أما أن يقبل المجتمع• هذا الدواء ـ وهو منع أسباب التفكك العائلي ـ استجابة لنداء العقل والدين والمصلحة، أو لا يقبله، فذلك شيء آخر، لا نملكه نحن المفكرين، ولكن يملكه المجتمع نفسه•
__________________________
الهوامش:
1 ـ أخرجه البخاري في كتاب الأدب باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار•
2 ـ أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق يصل رحمه، ومسلم في كتاب البر، باب صلة الرحم•
3 ـ أخرجه البخاري في كتاب الشركة، باب هل يقرع في القسمة؟
4 ـ مسند الإمام أحمد 6/126•
5 ـ أخرجه أبو داود في الصلاة باب قيام الليل، والنسائي في قيام الليل باب الترغيب في قيام الليل•
6 ـ أخرجه البخاري في كتاب العيدين، باب الحراب والدرق يوم العيد، ومسلم في كتاب العيدين، باب اللعب بين يدي الإمام يوم العيد ونظر النساء إلى ذلك•(111/109)
7 ـ أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب المرأة راعية في بيت زوجها، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل•
8 ـ أخرجه مسلم في الأدب باب رغم أنف من أدرك أبويه فلم يدخل الجنة•
9 ـ أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب الأكفاء في الدين، ومسلم في كتاب الرضاع باب استحباب نكاح ذات الدين•
10ـ أخرجه الترمذي في كتاب النكاح باب إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه•
11 ـ أخرجه الإمام أحمد في مسنده 5/256•
12 ـ أخرجه مسلم في الرضاع باب الوصية بالنساء•
13 ـ أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في صنائع المعروف•
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة الكويت
http://alwaei.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/110)
دعوة إلى الصفاء بين الزوجين
إن السعادة الزوجية أشبه بقرص من العسل تبنيه نحلتان، وكلما زاد الجهد فيه زادت حلاوة الشهد فيه.
ولا شك أن مسؤولية السعادة الزوجية تقع على الزوجين، فلابد من وجود المحبة بين الزوجين.
وفي الوقت نفسه نقول: إن البيت السعيد لا يقف على المحبة وحدها بل لابد أن تتبعها روح التسامح والتصافي بين الزوجين إن الزواج في نظر الإسلام سكن نفسي واطمئنان روحي وصفاء قلبي مشترك، وتعاون بين الزوجين على قطع مرحلة الحياة معًا على درب واحد.
وانظر ما أروع تعبير القرآن الكريم في هذا الشأن: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
وبهذه المودة وهذا الصفاء تحل كل المشاكل الناشئة فيما بعد، فهي مشاكل تنشأ بين حبيبين لا جامع بينهما إلا الوفاء أما غيرهما فالرابط بينهما هو المنفعة والمصلحة.
وهذه دعوة خاصة إلى الصفاء والتصافي بين الزوجين، والتجاوز عن الزلات.
ولكن كيف يتحقق الصفاء بين الزوجين؟
يمكن تحقيق الصفاء بين الزوجين عبر هذه المراحل التالية:
ـ المصارحة اللطيفة لها فعل السحر في إعادة علاقتكما الزوجية إلى الهدوء والسكينة إن عكّر صفوها معكّر.
ـ اطلب من زوجتك أن تجلس بقربك وضمها إلى صدرك مع لمسات ونظرات تعبّر عن حب وشوق، وأحسن معاملتك لزوجتك تحسن هي إليك، أشعرها أنك تفضلها على نفسك، وأنك حريص على إسعادها، ومحافظ على صحتها، ومُضحٍ من أجلها ـ إن مرضت مثلاً ـ بما أنت قادر عليه.
ـ لاطف زوجتك بعبارات تشعل ما في قلبها من عاطفة وغريزة، وتأسَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك 'فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك' [رواه البخاري] وحتى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو القوي الشديد الجاد في حكمه ـ كان يقول: 'ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي ـ أي في الأنس والسهولة ـ فإن كان في القوم كان رجلاً'.
ـ وللزوجة أقول تهيئي لاستقبال زوجك بترحيب حار ومظهر جميل ورائحة طيبة تنسيه عناء العمل ومتاعبه.
ـ انظري في عيوب زوجك نظرة حبيب فتصغر عيوبه ويهون ما كنت ترينه كبيرًا، وتأملي قول الشاعر:
عين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
ـ التزمي الهدوء عندما يغضب زوجك ثم صارحيه بما صدر منه وعاتبيه بود 'ويبقى الود ما بقي العتاب'.
ـ وللزوج أقول الزم الهدوء ولا تغضب؛ فالغضب أساس الشحناء والتباغض، وإن أخطأت تجاه زوجتك فاعتذر إليها ـ وهذا ليس عيبًا ـ، لا تنم ليلتك وأنت غاضب منها وهي حزينة باكية، تذكّر أن ما غضبت منه ـ في أكثر الأحوال ـ أمر تافه لا يستحق تعكير صفو حياتكما الزوجية، ولا يحتاج إلى كل ذلك الانفعال. استعذ بالله من الشيطان الرجيم وهدئ ثورتك، وتذكّر أن ما بينك وبين زوجتك من روابط ومحبة أسمى بكثير من أن تدنسه لحظة غضب عابرة، أو ثورة انفعال طارئة.
ـ اشتغلي أيتها الزوجة بمرضاة زوجك حتى تلقي منه ما يرضيك، ويترجم ذلك قول الأعرابية لابنتها: 'كوني له أمة يكن لكِ عبدًا'.
وفي الحديث عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة' رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
ـ أكثري من كلمة حبيبي أحبك فهي لم تخصص للعشاق إنما لك أنت وزوجك.
ـ إن كنتِ امرأة عاملة فلا تعكري صفو العلاقة بينك وبين زوجك بمشاكل العمل وانعكاساته على نفسيتك بل دعي كل ما يخص العمل في مكانه وعودي إلى البيت صافية وخالية.
ـ إن كرهت عزيزي الزوج من زوجتك خلقًا فتذكّر خُلقًا آخر حتى تصفو مشاعرك تجاهها، وتذكّر معنى قول رسولنا الحبيب - صلى الله عليه وسلم -: 'لا يفرك مؤمن أي لا يبغض مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر'.
فحاول أن تغض الطرف عن بعض نقائص زوجتك، وتذكّر ما لها من محاسن ومكارم تغطي هذا النقص.
ـ أشعر زوجتك أنها في مأمن من أي خطر، وأنك لا يمكن أن تفرّط فيها أو أن تنفصل عنها.
ـ قابل التصرفات الصادرة من زوجتك بنوع من الحلم بعيدًا عن العنف.
ـ ولا تهن زوجتك؛ فإن أي إهانة توجهها إليها تظل راسخة في قلبها وعقلها، وأخطر الإهانات التي قد لا تستطيع زوجتك أن تغفرها لك هي أن تنفعل فتضربها أو تشتمها أو تلعن أباها أو أمها أو تتهمها في عرضها.
ـ تجنب هذا الأسلوب من المدح إذا أردت أن تثني على زوجتك 'أنت إنسانة رائعة...ولكن' فقد تنسى كل مديحك ولا تتذكر إلا ما استثنيته فقط.
وهنا نقف ونسأل: هل الصفاء بين الزوجين يؤثر على العلاقة بينهما وعلى حياة أفراد الأسرة؟
وللإجابة على هذا السؤال تذكر أهمية التصافي على علاقة الزوجين وحياة أفراد الأسرة فيما يلي:
ـ الصفاء يقوي انتماء الزوجة لزوجها ويزيد من رغبة الزوج في القرب من زوجته.
ـ الصفاء ينعش الحياة الزوجية فيعيش الزوجان حالة حب يتجدد كل يوم.
ـ وبه يزداد احترام الزوج لأسرة زوجته، كما يقوي تقدير الزوجة لأسرة زوجها وصفاء قلبها تجاههم.
ـ والصفاء يُضفي جو من الهدوء وراحة البال على المنزل.
ـ بالصفاء يعي كل من الزوجي دوره فيكون زوجًا وأبًا بمعنى الكلمة وتكون زوجة وأمًا بمعنى الكلمة.
ـ بالصفاء تتجدد الأجواء الإيمانية في المنزل فتستقيم نفس الزوجة والزوج إذا كانا على يقظة وتقوى علاقتهما بالله - عز وجل -.
ـ بالصفاء تتوثق وتصفو علاقة كلا الزوجين بمن حولهما من أصدقاء وأقرباء.
ـ بالصفاء يصبح الزوجان قادرين على مواجهة مشاكل الأبناء وتصرفاتهم بحكمة وهدوء بعيدًا عن العنف والانفعال.
ـ والصفاء يؤدي إلى استقرار نفسيات الأبناء وهدوئها، ويتكيف الأبناء مع والديهم ويزداد الانتماء إليهم، فيلجأون إلى والديهم إذا شقّ عليهم أمر أو احتاجوا لمساعدة.
ـ وبالصفاء تقل خلافات الأبناء مع بعضهم وتسير نحو التفاهم والانسجام ويتحسن التحصيل العلمي والمستوى الدراسي للأبناء.
وفي الختام أدعو الله لجميع الأسر المسلمة أن تصفو قلوبهم لتصفو حياتهم.
6 رمضان 1425هـ
20 أكتوبر 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/111)
أبناؤنا والعيد ..برنامج عملي
لقد شرع الله ـ سبحانه ـ في الإسلام أياما هي أعياد للأمة الإسلامية يفرحون فيها ويسعدون ويتجاوزون الأحزان ويتناسون الآلام ويوسعون فيها على أنفسهم وأهليهم فتكون أيام خير وبركة وسعادة وسرور وحبور...
ولاشك أن كثيراً من البيوت المسلمة تهتم أول ما تهتم بأولادها وأبنائها في أيام العيد فتدخل عليهم الفرحة والبهجة وتحاول جاهدة أن تجعل من يوم العيد على أبنائها يوما سعيدا يذكرونه..
ونحن هنا معك أخي القارئ الكريم لنعرض معا تصورا إيجابيا مؤثرا ليوم العيد نستفيد منه في تربية أبنائنا ونكمل فيه فرحة ذاك اليوم كأحسن ما يكون...وإليك هذه الوقفات الهامة في ذلك:
أولا: تفهيم الأبناء معنى العيد:
فالعيد أيام شرعت لإدخال السرور على المسلم وأهله وأسرته وإخوانه, تتلاقى فيها القلوب سعادة, وينسى فيها المتخاصمون خصامهم, ويسهو فيها المتألمون عن آلامهم, كل هذا في طاعة الله ورضوانه حيث جمع العيد المعنيين معا، وهما السرور والفرح والسعادة مع معنى العبادة والامتثال لأمر الله والعيد كذلك للأبناء فرحة صادقة من القلب النقي, من سويدائه, فهي ليست فرحة مصطنعة ولا تمثيلية موهومة, بل هو فرح في السماء والأرض...تحتفل به الملائكة مع المؤمنين, أو ما رأيت كيف تسلم الملائكة على المصلين في الطرقات ذهابا وإيابا؟, كذلك العيد شعيرة من شعائر الإسلام ومظهر من أجل مظاهره عن أنس _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ لما قدم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال: "كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما، يوم الفطر، ويوم الأضحى" [رواه أبو داود والنسائي].
ثانيا: استغلال العيد في تقويم سلوك الفرح والحزن لدى الأبناء:
فكثير من الناس يغالون في الأحزان حتى يغرقون فيها فلا يرون أفراحهم أبدا ومن الناس من يغالى في أفراحه حتى ينسى واجباته ومبادئه وقيمه, والإسلام علمنا أن نتوسط في أحزاننا فلا نقول ما يغضب الرب وأن نتوسط في أفراحنا فنفرح ونحن ملتزمون بطاعة الله سبحانه ففي الحديث الثابت قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به", فالمسلم يحزن لما يصيبه في دينه أكثر مما يحزن لما يصيبه في دنياه ويحمد الله على كل مصائبه لأنه يعلم أن أمره كله له خير كما في حديث مسلم "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير" وكذلك يحزن لما يصيب أمته لحديث النبي _صلى الله عليه وسلم_ "من لم يبت مهتما بأمر المسلمين فليس منهم" وكذلك يحزن إذا انتهكت محارم الله وعاث الظالمون في الأرض فسادا.. وهكذا.. فهو يحزن لله ولدينه ولأمته..
كذلك فأفراحه كذلك فهو يفرح بفضل الله وبرحمته " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "..ويفرح لكل خير أصاب أمته الإسلامية من تقدم ورخاء وانتصار في شتى المجالات, وكذلك يفرح إذا أتم طاعة كاملة مخلصة لوجه ربه, يقول _صلى الله عليه وسلم_ كما في الصحيح: " للصائم فرحتان:
فرحة عند فطره, وفرحة عند لقاء ربه "
فهو يفرح إذن عند تمام الطاعة المخلصة التي هي الصوم..
ثالثا: بث التفاؤل في الأبناء:
فالإسلام يحث على التفاؤل في أحلك الأوقات والظروف, وانظر إلى موقفه _صلى الله عليه وسلم_ وهو يحفر الخندق والمسلمون محاصرون وهم في شدة عصيبة جدا, وقد ربط النبي على بطنه الحجر, وإذا بكدية تعرض له فيضربها وقول: " الله أكبر أوتيت مفاتيح فارس.. أوتيت مفاتح الروم " وعندئذ يتغامز المنافقون يقولون: أحدنا لا يستطيع الذهاب لحاجته وهو يبشرنا بمفاتح كسرى وقيصر!! وتمر السنون ويؤيد الله قول نبيه ويخذل المنافقين.. بل قال النبي _صلى الله عليه وسلم_ لرسله إلى اليمن أبى موسى ومعاذ: "بشِّرا ولا تنفِّرا ويسِّرا ولا تعسِّرا وتطاوعا ولا تختلفا" فلنستغل يوم العيد لبث ذلك التفاؤل وذلك الشعور الإيجابي في الأبناء..
رابعاً: تبيين معنى تمايز المسلم وعزته:
فإن أعياد هذه الأمة قد شرعها رسولها الكريم صلى الله عليه وسلم فهما عيدان لا يشبهان أعياد الأمم الأخرى, والمسلم يفخر بذلك ولا يلجأ إلى افتعال الأعياد واختراعها بل يرى أن الخير فيما شرعه الله "أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" (الملك:14).
خامساً: استغلال العيد في تعليم الأبناء القدرة على التغافر والتسامح:
فهي قدرة نفسية عظيمة يفتقدها كثير من الناس وهى القدرة على العفو والصفح والتغافر والتسامح, فليستغل الآباء العيد في بث ذلك في أبنائهم وبيان مقدار قيمة تلك العبادة, يقول الله سبحانه " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "
سادساً: خطوات عملية:
بشكل عملي نستطيع أن نوجه أبناءنا يوم العيد كما يلي:
1- ندفعهم لزيارة أصدقائهم وتجالسهم معهم والتأكيد عليهم ألا يتحدثوا في لقاءاتهم إلا بخير ونؤكد عليهم حفظ الحديث القدسي "وجبت محبتي للمتحابين في والمتزاورين فيّ.."
2- نجالسهم ليلة العيد وقبل نومهم ونؤكد عليهم تصفية نفوسهم تجاه كل من ضربهم أو شتمهم أو آذاهم في شيء مذكرين إياهم بحق المسلم.
3- ندعوهم للصدقة وتذكر الفقراء واليتامى والمساكين يوم العيد ومعونتهم وليجعل كل ولد من ماله الخاص صدقة خاصة.
4- تشجيعهم على صلة الأرحام والتأكيد على ذلك فيجمع كل امرئ أسماء أقربائه الأقرب فالأقرب ويرتب جدولا لزيارتهم والسؤال عليهم وتفقدهم ابتغاء وجه الله.
5- دعوتهم إلى التقرب إلى الله _سبحانه_ بالدعاء والحمد له والشكر له _سبحانه_ أن أتم عليهم نعمة الصيام والقيام وأن رزقهم نعمة العيد.
6- تذكيرهم بجمع النية للاستمرار على العبادة بعد رمضان وعقد النية على صيام ست شوال والاستمرار على ما تيسر من قيام الليل
ـــــــــــــــــــ(111/112)
انسحبا بأقل الخسائر
أثر الطلاق على الأطفال
المكان: غرفة الأبناء.
الزمان: بعد العشاء.
الأشخاص: هؤلاء الأبناء يقفون خلف باب غرفتهم..القلق والخوف يحيط بهم...
ماذا يحدث؟ وما هذه الأصوات العالية؟
إنه صوت الأب والأم في شجار كبير.. يسأل الأبناء تُرى بماذا سينتهي هذا الشجار ومتى؟
يفركون أيديهم.. ينظرون في عيونهم الدامعة القلقة الحزينة.. نريد أن ننام ولكن كيف ننام؟
وكيف سنذهب إلى المدرسة صباحًا بعد هذه الليلة السوداء؟
هل سيحدث.. الطلاق؟
هل ستتزوج يا أحمد؟ لا لن أتزوج عندما أكبر.
وأنت يا هدى ماذا تفعلين عندما تكبرين؟ سأكمل دراستي وأعمل ولن أتزوج إن الزواج تجربة مريرة.
هذا حوار يدور بين الأبناء وسط هذا الجو المفعم المشحون. كما قال الشاعر:
غلطة ثم لقطة فجواب فشجار ففرقة فطلاق
عزيزي القارئ:
إن الزواج شركة بين اثنين، والأبناء هم مشروع هذه الشركة، وهو رابطة مقدسة وميثاق غليظ، وعلى الزوجين مراعاة المصالح المشتركة بينهما، وعدم إظهار المعارضة الصريحة أو الكراهية الشديدة أمام الأبناء؛ لأن هذا يحدث القلق والعقد النفسية لما يرونه من قدوة سيئة داخل أسرة مضطربة ممزقة، ثم إن الاستمرار في بيت يقوم على الشجار والخلاف لن يكون محضنًا لأولاد صالحين أسوياء، فإن معظم المنحرفين ينشئون في مثل هذه البيوت المنكودة، وإن الخلاف الذي يحطم الأعصاب يذهب بكل إمكانات العبقرية ويقضي على المواهب التي يمكن أن تنتج خيرًا وبركة.
ـ وإنا نجد ردود أفعال الأطفال ـ في هذا الجو ـ عنيفة، فبدلاً من حالة الامتنان ناحية الأم والأب على تضحياتهم وبذلهما من أجل الأبناء، يحل محل هذا الامتنان الضائع نوع من اللوم والتذمر يدور بداخل الأبناء هذا السؤال:
لماذا تزوجتما إذن؟
ليتكم لم تتزوجوا حتى لا تنجبونا.
فعلى الزوجين في هذه الحالة إن حسما أمرهما وقررا الانفصال أن ينسحبا بأقل الخسائر ومن البديهي أن لكل اختيار سلبياته وإيجابياته، فقد ينفصل الزوجان ويستريح كل واحد منهما عن الآخر ولكن لب الخسارة هنا هو الأطفال.
ولا يختلف اثنان أن الخسائر التي هي في جانب الأبناء خسائر عميقة قلبًا وقالبًا، فمن يصرف على الأولاد؟ ومن يحميهم؟ وأين صورة الأب الذي يحتاجونه الأبناء في مناسباتهم الاجتماعية؟ أو في مواقفهم التي قد تستدعي وجود الأب؟ ومع من سيعيشون؟ مع الأم؟ أم مع الأب؟ أم مع الجدة؟
وأين الأمن النفسي الذي تحققه التربية في الجو الأسري الطبيعي ـ أي مع الأب والأم ـ؟
رسالة من زوج:
هذا زوج يكتب لزوجته التي تريد الطلاق:
'الطلاق يا عزيزتي ليس لعبة يلهو بها الكبار، كلما أرادوا الهروب من المواجهة، الطلاق كلمة كبيرة جدًا تعني تشرد الأطفال، تعني خروج أحدنا من شرايين الآخر'.
نعم عزيزي القارئ:
إن الطلاق يعني إضاعة الأولاد، الطفل.. هذا المخلوق الجميل الرقيق هو هدية من الله لم تكن تملكها من قبل فأهداها الله لك، فكيف تضيع الهدية؟ وتدعها بلا محضن.. بلا ملبس.. بلا مال.. بلا نفس هادئة مستقرة.
وصدق الشاعر حين قال:
ليس اليتيم من انتهى أبواه *** إن اليتيم من تلقى له أمًّا
من هم الحياة وخلفاه ذليلاً *** تخلت أو أبًا مشغولاً
انسحبا بأقل الخسائر:
فمن الأزواج من إذا طلق زوجته وكان له أولاد تسبب في ضياعهم وفساد أخلاقهم إما:
ـ بإهمالهم أو بقلة الإنفاق عليهم.
ـ أو برفضه أن يعيشوا معه.
ـ أو بأخذهم من أمهم بالقوة.
ـ فإن كان الطفل صغيرًا فلا بأس أن يبقى عند أمه.
فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا بطني له وعاء، وحجري له دواء، وثدي له سقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه مني.
فقال: 'أنت أحق به ما لم تنكحي' [رواه أحمد وأبو داود والحاكم وحسنه الألباني].
وأما إذا كان الطفل كبيرًا مميزًا بين مصلحته ومضرته فإن الحاكم يخيره بين أبيه وأمه، لما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خير غلامًا بين أبيه وأمه. [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني في الإرواء].
ـ وإذا كان الطفل مميزًا وخشي عليه أبوه أن تهمله أمه إن هو بقي عندها فالمصلحة تقتضي أن يأخذه أبوه إذا كان سيقوم بواجبه. وأما إذا استويا فأمه أولى به.
[مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية].
ـ وإجمالاً ينبغي للزوجين ألا يجعلا أولادهما ضحية للعناد والتعنت والمهاترات، بل ينبغي أن يكون الأولاد بمعزل عن المشكلات وأن يؤثر الوالدان مصلحة الأولاد سواء في بقائهم عند الأب أو عند الأم.
ولهذا اختار بعض أهل العلم في موضوع الحضانة النظر في مصلحة الولد سواء أكان صغيرًا أو كبيرًا مميزًا، واستدلوا على ذلك باختلاف الأحاديث في هذا الباب وتنوع إجابات النبي - صلى الله عليه وسلم -.
مسك الختام في ظلال الآية {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237].
إن القرآن يظل يلاحق هذه القلوب كي تصفو وترق وتخلو من كل شائبة، يلاحقها باستجاشة شعور التقوى، ويلاحقها باستجاشة شعور السماحة والتفضل، ويلاحقها باستجاشة شعور مراقبة الله ليسود التجمل والتفضل جو هذه العلاقة الزوجية ناجحة كانت أم خائبة، ولتبقي القلوب نقية موصولة بالله في كل حال خالصة صافية.
والله - سبحانه وتعالى - يجعل الإحسان والمعروف والتفضل حتى في حالة الانفصال عبادة لله مثلها مثل الصلاة وسائر العبادات، وهو إيحاء لطيف من إيحاءات القرآن، وهو يتسق مع القصور التصور الإسلامي لغاية الوجود الإنساني في قوله - تعالى -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذريات: 56] واعتبار العبادة غير مقصورة على الشعائر بل شاملة لكل نشاط، الاتجاه فيه إلى الله والغاية من طاعة الله، وذلك حتى في حالة انفصال عرى الزوجية.
وختامًا نقول: 'إن كرام الناس وأهل الوفاء يحفظون الفضل، ولا ينسون الإحسان مهما تقادم عليه الزمان ويدعون ما بينهما من 'أطفال'.
29 جمادى الأولي 1425هـ
- 17يوليو 2004
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/113)
جراحة بدون ألم ( للمشاكل الزوجية )
أ - جاسم المطوع
إن هناك عدة أدوات إذا استفاد منها الزوجان وأحسنا التعامل معها، استطاعا أن يتجاوزا الخلافات والمشاكل الزوجية، وبعض هذه الأدوات تحتاج إلى تدريب نفسي ومجاهدة، لكي يستطيع الزوجان التمكن منها، وهى تعتبر بمثابة (قميص النجاة) الذي ينقذ الزوجين من الخلافات الزوجية، ولا يعني ذلك أنه إذا لبس الزوجان قميص النجاة فإنه لن تحدث لهما أي مشاكل أسرية!! وغنما فائدة قميص النجاة أنه يريح نفسية الزوجين عند حدوث المشكلة، ويجعلهما يحسنان التعامل مع المشاكل الزوجية، وذلك من خلال النظرات التالية:
*النظرة الصحيحة للمشاكل الزوجية.
*إعطاء المشكلة حجمها الطبيعي.
*عدم تضخيم المشكلة وتعقيدها.
*النظر في الجانب الايجابي في المشكلة الزوجية.
*التعامل مع المشكلة الأسرية بنفسية مطمئنة.
وغير ذلك من الفوائد التي يستطيع كل شخص استنباطها، ونعني بذلك أن قميص النجاة ليس بالضرورة يعالج المشكلة، وإنما المهم أن الزوجين يحسنان التعامل مع المشكلة مع تخفيض آلامها أثناء العلاج، ومثالنا على ذلك:
كمثل المريض إذا أراد غرفة العمليات البنج يعطيه إبرة فتخدره لكي تجري له العملية دون أن يشعر بالألم، ثم يستيقظ بعد انتهاء العملية وزوال أثر المخدر فيشعر ببقايا الألم ثم يتماثل للشفاء، وهذا ما نريه من (قمصان النجاة).
ولنبين الآن (قمصان النجاة) التي تساهم في عملية التحضير لحدوث الراحة النفسية عند نزول البلاء الزوجي.
1 - القميص الأول: أعظم البلاء:
إن معرفة الزوجين ما هو أعظم البلاء وتذكره يجعلها دائماً يحمدان الله - تعالى - على ما يصيبهما من بلاء أو مشاكل سواء أكانت المشاكل زوجية أم غيرها..
وعن أعظم الابتلاءات (قسوة القلب) كما قال حذيفة بن قتادة - رحمه الله - عندما قال:
(أعظم المصائب قساوة القلب) فالإنسان ينبغي أن يحمد الله - تعالى - دائماً أن قلبه غير قاس ورطب بالإيمان وبذكر الله - تعالى - لان ذلك فيه حفظ للدين في نفسه وعلمه إذا لم يكن قاس ورطب بالإيمان وبذكر الله - تعالى -، وهذا ما قرره أحد الصالحين عندما سرق اللص منزله وسمع بالخبر فقال (الحمد لله أن اللص قد سرق منزلي، ولم يسرق التوحيد من قلبي) فهذه معاني عظيمة لو عاشها الإنسان لشعر بالراحة والطمأنينة عند نزول المصائب الزوجية، وأن أحداً غيره لم يصب بمثلها، فهذا إنسان يريد أن يحطم نفسيته ونفسه بيده، والنجاة من ذلك بلبس القميص الأول للنجاة وهو تذكر أعظم البلاء عند نزول الابتلاء.
2- القميص الثاني: الرضى بالقدر
على قدر ما يكون لدى الزوجين من الرضى بالقدر بمقدار ما تكون نفسيتهما مطمئنة ومرتاحة عند حدوث المشاكل الزوجية، وكلما قوي الرضى بالقدر عند الزوجين وقويت علاقتهما بربهما، كلما ازداد الاطمئنان والراحة وقد بين لنا ابن القيم - رحمه الله - المشاهد التي تتعلق بالأمر المقدر على الإنسان والتي إن عرفها الزوجان وتفكرا فيها لم يقلقا عند حدوث المشكلة فقال إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستة مشاهد:
*مشهد التوحيد: وهو أن الله هو الذي قدره وشاءه وخلقه.
*مشهد العدل: أنه ماضي في حكمه، عدل فيه قضاءه.
*مشهد الرحمة: أن رحمته في هذا المقدور غالبة لغضبه وانتقامه.
*مشهد الحكمة: أي إن حكمته - سبحانه - اقتضت ذلك، وأنه لم يقدره عبثاً.
*مشهد الحمد: أن له - سبحانه - الحمد التام على ذلك من جميع وجوهه.
*مشهد العبودية: أنه عبد فيصرفه الله - تعالى - تحت أحكامه القدرية كما يصرفه تحت أحكامه الدينية.
عن هذه المشاهد الستة عظيمة جداً إن درب الزوجان أنفسهما عليها، فإذا نزل البلاء الأسري عليهما كفقر أو خسارة مالية أو وفاة ولد أو حادث سيارة أو غيرها من الابتلاءات فإذا تذكر الزوجان مشهد التوحيد أو العدل أو الرحمة أو الحكمة فإن هذه المعاني ستسلي نفسه ونفسيته، وستخفف عنه حرارة المصيبة، وستجعله يتعامل معها بنفسية مطمئنة.
3- القميص الثالث: الصبر والصلاة
إن القميص الثالث والذي يريح النفس عند نزول البلاء الأسري الاستعانة بالصبر والصلاة فهما الدواء الشافي والكافي، وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - إنه نعي إليه أخوه وهو في سفره، فاسترجع (أي قال: إنا لله وإنا إليه راجعون) ثم صلى ركعتين وقال: فعلنا كما أمر الله (واستعينوا بالصبر والصلاة)
فالصبر مفتاح الفرج وأجر الصابرين عظيم عند الله - تعالى - والصلاة فيها سكينة وراحة، فإذا حدثت المشكلة الزوجية وصبر واسترجع أحد الزوجين ثم توضأ وصلى ركعتين ودعا فيهما مخاطباً ربه أن يسهل عليه الأمر ويفرج عنه الهم فإنه يشعر بالراحة بعدها، وأنه ليس بمفرده يواجه الصعاب، وإنما معه القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء ولا يقهره شيء - تبارك و تعالى - فتزداد الثقة في نفس المبتلى سواء أكان زوجاً أو زوجة، ويتعامل مع المشكلة بثبات وحكمة، كما تعامل مع حدث الوفاة ابن عباس - رضي الله عنه -
4- القميص الرابع: علاج المصائب
بعض الأزواج و الزوجات يصدمون عند حدوث مشكلة زوجية، ولا يحسنون التعامل معها إلى درجة أنهم يعقدونها أكثر، ويزيدون من حجمها حتى لا يستطيعون التعامل معها بعد ذلك علاجها، والذي يريح نفوس الأزواج ويجعلها مستقرة، معرفتهم بطرق ووسائل علاج المصيبة إذا حصلت، وقد ذكر أبو عبد الله الحنبلي صاحب كتاب (تسلية أهل المصائب) عن أبي الفرج ابن الجوزي سبع طرق لعلاج المصيبة، ثم أضاف عليها المؤلف ستة طرق أخرى، وهي كالتالي:
*الأول: أن يعلم بأن الدنيا دار ابتلاء، والكرب لا يجي منه راحة.
*الثاني: أن يعلم أن المصيبة ثابتة.
*الثالث: أن يقدر وجود ما هو أكثر من تلك المصيبة.
*الرابع: النظر إلى حال من ابتلي بمثل هذا البلاء.
*الخامس: النظر في حال من ابتلي أكثر من هذا البلاء فيهون عليه.
*السادس: رجاء الخلف إن كان من مضي يصح عنه الخلف كالولد.
*السابع: طلب الأجر بالصبر في فضائله وثواب الصابرين.
*الثامن: أن يعلم العبد أنه كيفما جرى القضاء فهو خير له.
* التاسع: أن يعلم تشديد البلاء يخص الأخيار.
العاشر: أن يعلم أنه مملوك، وليس للمملوك في نفسه شيء.
*الحادي عشر: أن هذا الواقع وقع برضي المالك فيجب على العبد أن يرضي بما رضي به السيد.
*الثاني عشر: معاتبة النفس عند الجوع بأن هذا الأمر لابد منه.
*الثالث عشر: إنما هي ساعة فكأن لم تكن.
فمن درب نفسه من الزوجين على هذه العلاجات للمصيبة الزوجية فإنه سيتلقى المشكلة بصدر رحب، ويحسن التعامل معها.
5- القميص الخامس: أسباب تعين على الصبر
عندما نقول لأحد الزوجين وهو يعاني من مشكلة زوجية أصبر فإن الزمن جزء من العلاج، فإنه يتضايق ويضجر، ونحن لا نلومه، لأن الصبر دواء مر ومكروه، ولا يستطيع أن يتحمله كل زوج أو زوجة، وقد بين لنا ابن القيم الجوزية هذا المعنى وفصل في الأسباب المعينة على الصبر فقال:
(ما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، فالصبر كريه على النفس، فلذلك جعل الله له أسبابا لكي يعين بها على المصيبة).
6 - القميص السادس: الرؤية الإيجابية
إن من الأمور التي تخفف وقع المشكلة الزوجية رؤية الخير والمنافع في الابتلاءات و المصائب الزوجية ونريد أن نؤكد هذا المعنى الآن من خلال المنهج العمرى لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما قال (ما أصبتني مصيبة إلا وجدت فيها ثلاث نعم:
الأولى: أنها لم تكن في ديني.
الثانية: أنها لم تكن أعظم مما كانت.
الثالثة: أن الله يعطي عليها الثواب العظيم والأجر الكبير.
وأنا اعرف رجلاً لم يكن لديه هذه النظرة الإيجابية، وقد تزوج أكثر من مرة ودائماً يشتكي من الحياة الزوجية ومشاكلها، وقد تكررت المشاكل معه في كل تجربة زوجية والمشكلة ليست في زواجه ولا زوجته، ولكن المشكلة تنحصر في نفسه التي تنظر إلى المشاكل والخلافات دائماً على إنها سلبية و مشكلة كبيرة.
7 - المشكلة السابعة: التصميم لحل المشكلة واحتوائها.
إن الإرادة تصنع الأعاجيب فكلما كان للزوجين إرادة وعزم على احتواء المشكلة والتغلب عليها، كلما كان موفقين في تجاوز أي مشكلة زوجية في علاقتهما الأسرية.
فكم من محاولة حرص الزوجان على القيام بها لعلاج مشكلة معينة وفشلت؟! ثم ما هي الوسائل التي اتبعه الزوجان لتفادي ذلك الفشل؟! كل هذه التصرفات والأمور تحتاج على إرادة قوية وتصميم على علاج المشاكل.
إذا نظرت إلى حل المشاكل كوسيلة تتعلم منها الأمور فإن ذلك يعني أنه حتى لو لم تحل المشكلة وفقاً لما يرضيك كلياً، فسيكون بإمكانك الاكتساب من الخبرة السابقة، مما يجعلك في وضع أفضل في المرة القادمة، و إذا رغبت فيما يذكر بما اكتسبته من ذلك أسال نفسك الأسئلة التالية:
•هل تعلمت أي شيء من مواجهه المشكلة والسعي لحلها.
•هل أنا قادر الآن بشكل أفضل على حل مشكلة متشابهة.
•هل اشعر بثقة اقوي في إمكانيتي في معالجة المشاكل بشكل عام.
ولا شك أن هذه النصائح جيدة يمكن للزوجين الاستفادة منها في احتواء المشاكل الزوجية، مع استعانتهم بالله - تعالى -فهو الميسر والموفق للتصدي بصواب للأحداث الصعبة.
8 - القميص الثامن: استشعار معية الله.
كلما استشعر الزوجان معية الله - تعالى - في حركاتهما وقيامتهما وقعودهما كلما شعرا بالطمأنينة و السكينة حتى ولو واجهتها الصعاب، فشعور الإنسان دائما أن الله - تعالى - معه يقوى من عزمه، و يشد من إرادته، كما قوى عزم موسى علية السلام عندما خاف أصحابه لما رأوا البحر من أمامهم والعدو من خلفهم، فنطق العقل الخائف وقالوا(إنا لمدركون) الشعراء /62 ولكن موسى علية السلام يعيش بمعية الله كاف عبده، ويدافع عن المؤمنين ولن يخذل الله عبده فقال وبثقة راسخة (إن معي ربي سيهديني)، كما طالت المشكلة الزوجية على أيوب - عليه السلام - وزوجته، ولكن صبرهما و استشعارها بمعية الله التي ثبتهما وكانت سبباً في نجاتهما وسعادتهما فليكن الزوجان مع الله - تعالى - دائماً، فإنه نعم المولي ونعم الوكيل.
9 - القميص التاسع: الوقت جزء من العلاج
إن المشاكل الزوجية أو الأسرية ليست كالمشاكل الكهربائية أو الصحية والتي يستطيع الإنسان أن يعالجها في دقائق معدودة، وإنما تحتاج إلي وقت، والوقت جزء من العلاج فطبيعة النفوس إنها متقلبة وعجولة، ولا تنضبط بقالب واحد كقالب الثلج أو الطين، وإنما طبيعة الإنسان مهما استطعنا أن نضبطها فإنها تتحرك وتتغير، وذلك بسبب ما أودع الله - تعالى - فيها من الشهوات و الأهواء فالذي يتعامل مع النفسية لابد أن يعرف هذه الحقائق، وهي التي تساعده على حسن التعامل مع النفوس وعلاجها لتكون سوية مستقيمة، فإنها تحتاج إلى صبر و حلم، وما لم يكن أحد الزوجين متحلياً بهاتين الصفتين فإنه يستعجل قطف الثمرة قبل صلاحها، وهذا يضر الثمرة أكلها.
ولذلك نؤكد بأنه ليس كل المشاكل الزوجية تعالج بجلسة مصارحة واحدة وفي دقائق محدودة، وإنما بعض المشاكل يحتاج الزوجان فيها إلى وقت والوقت كما قلنا جزء من العلاج.
10 - القميص العاشر: فهم النفسية
أن فهم نفسية كل طرف للأخر ومعرفة مفاتيح النفوس ومغاليقها يساعد على احتواء المشاكل الزوجية، فلابد من معرفة:
ما يحب كل طرف من التصرفات؟
وما يحب من الكلمات؟
وما يحب من مشاعر والتقديرات؟
وما يحب من اللمسات؟
واليك هذا المثال التوضيحي:
هب أن شخص حاول أن يدفع الحصان إلى الأمام بضعت أمتار من خلال دفعة من الخلف، و الحصان ثابت يرفض أن يتقدم، والشخص يدفعه بكل قوته، ولم يستطع يحرك خطوة واحدة، وهو في هذه الحالة رآه خيال ماهر في التعامل مع الخيول، فقال له ماذا تفعل؟ فقال: أريد أن أحرك الحصان إلى الأمام بضعت أمتار، ولقد دفعته من الخلف بكل خطوة ولم يتقدم خطوة
فقال الخيال: هل تسمح لي أن أقدمه لك؟
قال تفضل..
فذهب الخيال أمام الحصان ووضع أصابعه الإبهام في فمه، وبدأ الحصان يلحس أصابعه، وبدأ الخيال يتبعه إلى الأمام..
ثم أوقفه عند الهدف المنشود، والرجل ينظر إليه باستغراب شديد..
ثم التفت الخيال قائلاً: إذا أردت أن تحرك الحصان فيما يحبه هو، لا فيما تريد أنت!
ونحن نقول إنها قاعدة عظيمة في فهم النفسيات يمكن للزوجين استخدامها، ومعرفة ما يحب كل طرف و ما يكره، واستثمار ذلك في فن احتواء المشاكل الزوجية.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/114)
أساليب تربوية عند السلف
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
الإنسان عندما ينشغل بشؤون الحياة المعاصرة، مع كثرة مشاغلها وتعدّد متطلباتها،
قد ينسى أن يتعاهد نفسه بالتربية والتزكية، ومن ثمَّ تبتعد القلوب، وتتثاقل عن الباقيات الصالحات.
ومتى زكى الإنسان نفسه ورباها، استطاع الحصول على اللذة المنشودة، لذة العبادة، إذ هي أعظم منة يمنحها الله لعبده، فبها ترتاح النفس، ويسعد القلب، وينشرح الصدر، ويتسع البال.فعليك أن تسعى جاهداً في تحصيلها، لتنعم بالحياة السعيدة، واعلم أن هذه اللذة تحصل بحصول أسبابها، وتزول بزوال أسبابها، يجب عليك تنظيم أوقاتك، والموازنة بين أعمالك واهتماماتك، لا يطغى عمل على عمل، ولا اهتمام على اهتمام، والقصد القصد.
واعلم أنه لا ينجح طالب في دراسته، أو موظف في مهنته، بدون جد واجتهاد، فكذلك لا يمكن للإنسان أن يُربِّي نفسه ويزكِّيها بدون تحقيق أساليبها ووسائلها، وأن أساليب التربية وفنونها وطرقها عند السلف كثيرة جداً.
وسوف نعرض لبعضٍ منها، وهي على ثلاثة أقسام:
1 ـ العبادات والشعائر:
- تحقيق التوحيد.
- استشعار عظمة الله _تعالى_.
- التفاعل مع الآيات الكونية.
- إحسان العبادة.
- تعاهد أعمال القلوب.
- ترك المحرمات.
- ذكر الله _تبارك وتعالى_.
- الإقبال على القرآن الكريم.
- الإكثار من الصالحات.
- الحرص على الطهارة.
- إقامة الصلاة.
- بذل الصدقة.
- الصيام.
- حج بيت الله الحرام.
- تذكر منازل الآخرة.
- الخوف من سوء العاقبة.
- الإكثار من ذكر الموت.
- محاسبة النفس.
- الدعاء.
2 ـ العلم الشرعي:
- طلب العلم.
- لزوم حلق الذكر.
- دراسة سيرة النبي _صلى الله عليه وسلم_.
- تتبع أخبار السلف الصالح.
- الاهتمام بأمر المسلمين.
3 ـ الأخلاق والعادات:
- التحلي بمكارم الأخلاق.
- الصبر.
- التواضع.
- مجاهدة النفس.
- حفظ الجوارح.
- الوقاية من الشح.
- ترك فضول الكلام.
- ترك فضول النظر.
- ترك فضول الطعام.
- العزلة والخلطة بالمعروف.
- اتخاذ القدوة الصالحة.
- رفقة الصالحين.
- ترك التعلق بالدنيا.
- الدوام على العمل.
- ملء الفراغ.
فالحل الأمثل هو الحرص على تطبيق ما سبق ذكره، والاهتمام بمجاهدة النفس؛ لأن تكون ممتثلة لما فيه مصلحتها ديناً ودنيا.
أسأل الله _تبارك وتعالى_ أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يمنحك الفقه في دينه، والثبات عليه، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ـــــــــــــــــــ(111/115)
لماذا لا تقدمين لزوجك .. وردة ؟
إن كان الملل قد تسلل إلى حياتك الزوجية وأصبحت مسئوليات الحياة هي الموضوع الرئيسي الذي يسيطر على حوارك مع زوجك بعد أن ضاعت كلمات الحب و الغرام فلماذا لا تعيدين الرومانسية إلى أرجاء منزلك وتبادرين بالخطوة الأولى ولتكن هدية تعبرين بها لزوجك عن حبك واهتمامك ، فالرجل أيضا في حاجة إلى هدية من زوجته ليقتل بها الرتابة التي تصيب العلاقة الزوجية .
الدكتورة مديحة الصفتي أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية تؤكد أن الهدية بصرف النظر عن قيمتها المادية تعبر عن المشاعر الجميلة وهي دواء سريع المفعول يرفع الروح المعنوية ويغذي الأحاسيس ، فالوردة على سبيل المثال ترمز للحب وهي كافية للتعبير عنه ولها أثر إيجابي وغيابها يزيد من جفاء المشاعر الإنسانية لذلك تنصح د . مديحة كل زوجة أن تقدم وردة إلى زوجها لتعبر له عن اهتمامها به ورغبتها الحقيقية في إسعاده ...
وهذا لا ينفي ضرورة أن تكون الهدية متبادلة بين الطرفين وليست قصرا على طرف دون الآخر خاصة في المناسبات مثل عيد الفطر و عيد الأضحى ، فالإنسان لا يهدي إلا من يحب لكي يسعده .
لذلك فإن وجود الهدية في العلاقات الزوجية عامل مهم لإضفاء نوع من الرومانسية والتقريب بين الطرفين خاصة في أوقات الخلاف فأحيانا يكون للهدية البسيطة تأثير يفوق تأثير عشرات من كلمات العشق والوصال .
والآن .. دعك من قول لماذا لا يقدم هو وردة لي؟
وهو القول الذي من المؤكد أنه بادر إلى ذهنك عند قراءة عنوان هذا الموضوع ...
و إلا ستصبح المشكلة : من سيبدأ الخطوة الأولى؟ .. .
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/116)
مذيعة ألمانية تثير ضجة بكتاب ينتقد وضع المرأة الغربية
أثارت إيفا هيرمان إحدى الشخصيات التليفزيونية الشهيرة في ألمانيا جدلا قوميا واسع النطاق بتناولها دور المرأة في كتاب جديد بعنوان "مبدأ حواء.. من أجل أنوثة جديدة" بتأكيدها أنه ينبغي للسيدات أن تكن مسرورات بكونهن أمهات وربات منازل مقيمات في بيوتهن.
وقالت هيرمان في مؤتمر صحفي قبل نشر الكتاب إن النساء لا يستطعن ببساطة أن يمتهن وظيفة ويقمن في ذات الوقت بتربية أطفالهن بشكل مناسب، وأشارت إلى أن هذين الأمرين لا يتوافقان مع بعضهما بعضا، وتابعت قائلة "إنه لخطأ كبير أن تهمل السيدات تربية أطفالهن، تلك المهمة التي كلفهن بها الله".
وحلت آراء المذيعة الألمانية كالصاعقة على هذا البلد الأوروبي الذي تحكمه امرأة وهي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي رفضت التعليق على هذه الآراء قائلة إنها لديها اهتمامات أخرى تتعلق بمصالح الدولة.
من جانبها قالت رئيسة جمعية سيدات الأعمال الألمانيات ريجينا سايدل إن هذا ليس القرن الـ19 عندما كانت ترتدي السيدات مشد الخصر ولم يكن يسمح لهن بالخروج إلى الشارع من دون مرافقة.
وأضافت "نعيش في القرن الـ21 وهذه هي أوروبا الغربية حيث لدينا أفضل السيدات المثقفات والمتحررات على مر العصور اللاتي يبحث العديد منهن عن ممارسة حياتهن العملية جنبا إلى جنب مع القيام بتربية أطفالهن، الأمر الذي أثبت أنه تطور جيد للغاية بالنسبة للجنس البشري".
كما أعربت ريناته شميت التي كانت تشغل منصب وزيرة شؤون الأسرة في حكومة المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر عن استيائها من أراء هيرمان، قائلة "إني مستاءة إلى حد بعيد بسبب إقدام امرأة أقدرها حتى الآن على كتابة مثل هذا الهراء المحض.. لا أستطيع أن أصدق أنها كتبته".
وتقول هيرمان -التي اشتهرت بعرضها المسائي للأخبار صاحب أكبر نسبة مشاهدة في التليفزيون الألماني وببرنامج الحوار الجماهيري الذي تقدمه في وقت متأخر من الليل- إنها تلقت آلاف الرسائل الإلكترونية والخطابات منذ نشر الكتاب في الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري وتؤكد أن 90% منها كانت إيجابية.
وأفادت تقارير بأنه بيعت 50 ألف نسخة من الكتاب في طبعته الأولى عندما عقدت هيرمان مؤتمرا صحفيا لتوضيح آرائها والاحتجاج على فهمها بطريقة خاطئة. أثارت إيفا هيرمان إحدى الشخصيات التليفزيونية الشهيرة في ألمانيا جدلا قوميا واسع النطاق بتناولها دور المرأة في كتاب جديد بعنوان "مبدأ حواء.. من أجل أنوثة جديدة" بتأكيدها أنه ينبغي للسيدات أن تكن مسرورات بكونهن أمهات وربات منازل مقيمات في بيوتهن.
وقالت هيرمان في مؤتمر صحفي قبل نشر الكتاب إن النساء لا يستطعن ببساطة أن يمتهن وظيفة ويقمن في ذات الوقت بتربية أطفالهن بشكل مناسب، وأشارت إلى أن هذين الأمرين لا يتوافقان مع بعضهما بعضا، وتابعت قائلة "إنه لخطأ كبير أن تهمل السيدات تربية أطفالهن، تلك المهمة التي كلفهن بها الله".
وحلت آراء المذيعة الألمانية كالصاعقة على هذا البلد الأوروبي الذي تحكمه امرأة وهي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي رفضت التعليق على هذه الآراء قائلة إنها لديها اهتمامات أخرى تتعلق بمصالح الدولة.
من جانبها قالت رئيسة جمعية سيدات الأعمال الألمانيات ريجينا سايدل إن هذا ليس القرن الـ19 عندما كانت ترتدي السيدات مشد الخصر ولم يكن يسمح لهن بالخروج إلى الشارع من دون مرافقة.
وأضافت "نعيش في القرن الـ21 وهذه هي أوروبا الغربية حيث لدينا أفضل السيدات المثقفات والمتحررات على مر العصور اللاتي يبحث العديد منهن عن ممارسة حياتهن العملية جنبا إلى جنب مع القيام بتربية أطفالهن، الأمر الذي أثبت أنه تطور جيد للغاية بالنسبة للجنس البشري".
كما أعربت ريناته شميت التي كانت تشغل منصب وزيرة شؤون الأسرة في حكومة المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر عن استيائها من أراء هيرمان، قائلة "إني مستاءة إلى حد بعيد بسبب إقدام امرأة أقدرها حتى الآن على كتابة مثل هذا الهراء المحض.. لا أستطيع أن أصدق أنها كتبته".
وتقول هيرمان -التي اشتهرت بعرضها المسائي للأخبار صاحب أكبر نسبة مشاهدة في التليفزيون الألماني وببرنامج الحوار الجماهيري الذي تقدمه في وقت متأخر من الليل- إنها تلقت آلاف الرسائل الإلكترونية والخطابات منذ نشر الكتاب في الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري وتؤكد أن 90% منها كانت إيجابية.
وأفادت تقارير بأنه بيعت 50 ألف نسخة من الكتاب في طبعته الأولى عندما عقدت هيرمان مؤتمرا صحفيا لتوضيح آرائها والاحتجاج على فهمها بطريقة خاطئة.
ـــــــــــــــــــ(111/117)
تضييع كل من الزوجين للآخر
مظاهره وآثاره (1 من 4)
تضييع كل من الزوجين للآخر آفة، ابتلي بها كثير من شعوب الأمة المسلمة، إلا من رحم الله، وكانت سبباً في كثير من المعاناة، والتأخر والانحطاط، وحتى يُقضى على هذه الآفة أو على الأقل تضييق هوتها، ويحترز منها من سلَّمه الله عز وجل، منها، فإنه لابد من الوقوف على أبعادها ومعالمها، وذلك من خلال هذه الجوانب:
أولاً: معنى تضييع كل من الزوجين للآخر، ومظاهره:
تضييع كل من الزوجين للآخر يعني عدم قيام كل منهما بواجبه نحوه، مما يؤدي إلى الشتات والضياع، ولذلك التضييع مظاهر نذكر منها:
1 التشتت الذهني، وعدم القدرة على التفكير السديد المنضبط.
2 التقصير في حق الله، والرسول والمؤمنين بل الناس أجمعين.
3 الانطواء والعزلة أو الكبت والقهر.
4 القلق والاضطراب النفسي والسلوكي المتمثل في اقتراف الجرائم.
5 التبرم بالحياة، وربما العمل على التخلص منها.
إلى غير ذلك من المظاهر.
ثانياً: موقف الإسلام من تلك الآفة
يحرم الإسلام تضييع كل من الزوجين للآخر، إذ يقول النبي { : "كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يقوت".
ويخبر النبي { أن ذلك هدف أساسي من أهداف إبليس، يسعى إليه ويحرص على تحقيقه، ويفرح أشد الفرح إذا وقع، فيقول {: "إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت" قال الأعمش: أراه قال: فيلتزمه".(1)
ويخبر النبي { عن عقوبة المرأة إذا آذت زوجها فيقول: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً في غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة".(2)
ويقول: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته فبات عضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح".(3)
كما يخبر { عن عقوبة الرجل إذا آذى امرأته فكان ذلك سبباً في ضياعها، فيقول: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل".(4)
ويقول: "لا تضربوا إماء الله"، فجاء عمر إلى رسول الله { فقال: "ذئرن النساء على أزواجهن، فرخص { في ضربهن"، فأطاف بآل رسول الله { نساء كثير يشكون أزواجهن، فقال النبي {: "لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم".(5)
على أن الآثار والعواقب المترتبة على تضييع كل من الزوجين للآخر كما سيأتي بعد قليل تأكيد واضح وقوي على بغض الشارع الحكيم لهذا التضييع وتحريمه.
ثالثاً: آثار تضييع كل من الزوجين للآخر وعواقبه
لتضييع كل من الزوجين للآخر آثار خطيرة، وعواقب ضارة نذكر منها:
أ على العاملين:
1 التشتت الذهني: إذ كل منهما يصيبه من أذى الآخر ما يجعله موزع الهمة، شارد الذهن، الأمر الذي ينتهي به إلى شلل في التفكير، ومن ثمّ القعود والانقطاع عن أداء دوره وواجبه في هذه الأرض.
2 القلق والاضطراب النفسي: ذلك أن كل واحد منهما بتقصيره في حق الآخر قد ارتكب ظلماً في حق نفسه، وحق غيره، وعاقبة الظلم، القلق والاضطراب النفسي، وذلك هو المفهوم من قوله سبحانه: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون (82) (الأنعام).
3 التردي في الهاوية: كما يكون التردي في الهاوية والوقوع في الجريمة، فتنتهك أعراض وتُسلب أموال وتراق دماء، ويتصدع بنيان المجتمع، وقد ينهار، وهذا ما حذر منه النبي { عندما قال: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".(6)
4 حلول الغضب الإلهي: ذلك أن تضييع كل من الزوجين للآخر، إنما هو إهدار لحكم الله الذي شرعه لإصلاح شؤون الأسرة، والربط بين الزوجين، وحين يهدر الزوجان حكم الله فإن عليهما أن ينتظرا حلول الغضب الإلهي.
إنه السقوط في الهاوية التي لا خروج منها، ولا نهوض بعدها. وصدق الله الذي يقول: ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى" 81 (طه).
5 نزع البركة من الرزق والأجل: إذ تضييع كل من الزوجين للآخر، يشوش الذهن، ويشغل البال والخاطر كما قدمنا، الأمر الذي يصرف عن السعي لكسب الرزق ويضيع العمر هباءً وبدداً.
قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير 30 (الشورى).
وقال تعالى: ولو أن أهل القرى" آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون 96 (الأعراف).
وقال رسول الله {: "لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها".(7)
وفي رواية: "وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه".(8)
6 ضياع الأولاد أو الحرمان منهم أصلاً: إذ الشقاق بين الزوجين يؤدي إلى الاشتغال بهموم النفس عن تربية الأولاد، أو تربيتهم بمنهجية متعددة الأطياف، متفاوتة المشارب.. وهذا فيه من ضياع الأولاد ما فيه.
وربما ينتهي الشقاق بين الزوجين إلى الحرمان من الأولاد أصلاً، والخسارة حينئذ لا تقتصر على الزوجين، وإنما تتعدى إلى المجتمع والأمة، لأنها تكون سبباً في انقراضهما وزوالهما.
ب على العمل الإسلامي:
وأما آثار تضييع كل من الزوجين للآخر على العمل الإسلامي، فكثيرة نذكر منها:
1 سريان الداء في جسم المجتمع والأمة: إذ تضييع كل من الزوجين للآخر داء خطير، يسري إذا وقع في جسم المجتمع والأمة، كالسرطان إذا أصاب جزءاً من الجسم فإنه يسري في بقيته، وحينئذ يكون الهلاك والزوال.
2 تفكك المجتمع وسيطرة الأعداء: وحين يسري داء الشقاق بين الزوجين في كل أنحاء المجتمع والأمة، فإنه يسود التفكك وينهار المجتمع، لانشغال كل من الزوجين بهمومه عن تربية الأولاد التربية المنشودة التي عليها حماية المجتمع وصيانته والنهوض به.
3 طول الطريق وكثرة التكاليف: إذ حين تستيقظ الأمة وتريد طرد الأعداء، وتحرير مقدساتها وثرواتها من سيطرتهم، فإنها تتحمل كثيراً من الجهد والمال، فضلاً عن طول الطريق، لأن الأمر يتطلب نسيان الشقاق بين الزوجين والاشتغال بتربية الأولاد، حتى يتماسك المجتمع من جديد وينجح في أداء دوره في التحرر والاستقلال.
الهوامش
(1) أخرجه مسلم في: الصحيح: كتاب صفات المنافقين، وأخرجه غيره، من حديث الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعاً به.
(2) أخرجه أبوداود في السنن، من حديث ثوبان رضي الله عنه مرفوعاً بهذا اللفظ.
(3) أخرجه أبوداود في السنن، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعاً بهذا اللفظ.
(4) أخرجه أبوداود في السنن.
(5) أخرجه أبوداود في السنن، من حديث إياس بن عبدالله بن أبي ذباب مرفوعاً بهذا اللفظ، ومعنى: "ذئرن النساء على أزواجهن": نشزن على أزواجهن أو تمردن على أزواجهن ولم يسمعن الكلام.
(6) الحديث أخرجه مسلم في الصحيح، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً بهذا اللفظ.
(7و8) الحديث أخرجه ابن ماجه في السنن.
تضييع كل من الزوجين للآخر(3 من4)
معرفة كل منهما لرسالته..
آفات على الطريق
ما أكثر الأمراض الأخلاقية والآفات الاجتماعية التي يعاني منها بعض الأفراد والمجتمعات.. حريّ بنا أن نتوقف عندها ونحذر منها ونقدم علاجاً لها..
وقد اهتم فضيلة الدكتور السيد نوح بهذه القضية وأصدر فيها أكثر من مؤلَّف. وهذه المقالات التي بين أيديكم جديدة في موضوعها وطرحها ولم يسبق نشرها.
وما دمنا قد عرفنا المقصود بتضييع كل من الزوجين للآخر، والمظاهر الدالة على ذلك، والعواقب والآثار والأسباب والبواعث فإن السبيل لتقوية علاقة كل من الزوجين بالآخر تتمثل في هذه الخطوات:
1 أن يعرف كل من الزوجين رسالته في الأرض ونصيب الزواج منها:
ذلك أنه إذا عرف كل من الزوجين أن رسالته في الأرض هي العبودية لله عز وجل المتمثلة في:
أ عمارة الأرض.
ب دعوة القاعدين والكسالى للمشاركة في عمارة الأرض.
ج الوقوف في وجه من يعملون على تقويض هذه العمارة.
وكذلك إذا عرف كل من الزوجين أن للزواج النصيب الأوفى في تحقيق هذه العبودية، فإنهما سيعملان على التكيف والانسجام فيما بينهما، كي يؤدي الزواج دوره ونصيبه الذي أراده له الشارع الحكيم حين دعا إليه، وأكد عليه، إذ في الحديث الشريف:
"تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى".(1)
2 الاقتناع والرضا:
أساس الاستقرار في الحياة الزوجية في الإسلام الاستمرار، وأهم ما يساعد على تحقق ذلك: الاقتناع، والرضا، لا المصادرة، والإكراه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها، وهي كارهة فخيَّرها النبي صلى الله عليه وسلم".
وعن خنساء بنت خذام الأنصارية: "أن أباها زوَّجها، وهي ثيب، فكرهت ذلك، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فرد نكاحها".(2)
وعليه فإنه إذا أريد للحياة الزوجية الاستقرار، فإنه لابد عند الاقتران من الاقتناع، والرضا لا المصادرة، والإكراه.
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل".(3)
"قال: فخطبت جارية، فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها".(4)
3 مراعاة الكفاءة:
يعدُّ احترام كل من الزوجين للآخر من العوامل المهمة في استقرار الحياة الزوجية. ومما يساعد على ذلك أن تراعى الكفاءة بين الزوجين، وليست هناك كفاءة أعظم من الدين، على نحو ما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان لا بأس من مراعاة الجوانب الأخرى.
إذ يروي أبوهريرة رضي الله عنه أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا بني بياضة، أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه"، وقال: "إن كان في شيء مما تداوون به خير، فالحجامة"(5).
وزوَّج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس بعد انتهاء عدتها لأسامة بن زيد(6)، كما زوَّج زينب بنت جحش زيد بن حارثة(7)، وكان حامله على كل ذلك الدين، وأنه أساس الكفاءة. حتى قال صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".(8)
وقال أيضاً: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه.. إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد.. إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد".
إن متانة العلاقة بين الزوجين إنما تنشأ من عدة عوامل، أهمها تحلي كل من الطرفين بالجود، والتضحية.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير أسوة وقدوة في هذا الباب، إذ كان حين يدخل بيته يكون في مهنة أهله، وكان نساؤه كذلك يضحين بكل شيء في سبيل راحته وإسعاده صلى الله عليه وسلم.
4 غض البصر:
ذلك أن إطلاق العنان للبصر له أثر سيئ في تشتت ذهن كل من الزوجين. وربما تعلقهما بما لا يحل لهما، مع زهد كل منهما في الآخر، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى انهيار العلاقة الزوجية وضياعها:
يقول الحق سبحانه: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى" لهم إن الله خبير بما يصنعون (30) وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على" جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على" عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون (31) (النور).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا علي: لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة"(9).
وعن جرير بن عبدالله قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري"(10).
^^5 حفظ أسرار الزوجية:^^^
الزواج سر مكنون بين الرجل والمرأة، وحتى ينجح هذا الزواج ويبارك فيه فإنه لابد أن يحرص كل منهما على حياطته بالسرية التامة وعدم نقل ما يتصل به، ولو إلى أقرب المقربين كالأبوين مثلاً إلا إذا وقع ما لا يمكن علاجه إلا بإطلاع هؤلاء.
وأهم ما ينبغي ستره فيما بين الزوجين، قضية الإفضاء، قطعاً للطريق على الفضوليين الذين يدسون أنوفهم في الحياة الزوجية أو محاولة الإفساد والهدم.
صلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد. ثم أقبل على الرجال فقال: هل منكم الرجل إذا أتى أهله، فأغلق عليه بابه، وألقى عليه ستره، واستتر بستر الله؟ قالوا: نعم، قال: ثم يجلس بعد ذلك فيقول: فعلت كذا، فعلت كذا؟ قال: فسكتوا، قال: فأقبل على النساء، فقال: هل منكن من تحدِّث؟ فسكتن. فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها، فقالت: يا رسول الله، إنهم ليتحدثون وإنهن ليتحدثنه، فقال: هل تدرون ما مثل ذلك؟ فقال: إنما ذلك مثل شيطانة لقيت شيطاناً في السكة، فقضى منها حاجته، والناس ينظرون إليه .... الحديث"(11).
^^6 العناية بالمظهر:^^^
ذلك أن العناية بالمظهر لها دور كبير في إقبال كل من الزوجين على الآخر، وغرس المودة والمحبة بينهما، وقد دعا إليها الشرع الحنيف حين جعل النظافة من الإيمان، وحين جعل الأخذ من الشعور الداخلية ضمن سنن الفطرة، وحين دعا إلى الغُسل، وتنظيف الثوب، والبدن، والمكان، وجعل الوضوء طريقاً للدخول في الصلاة وجعل العناية بالفم، والأنف من المهمات، وكذلك اهتم بما يدخل البطن، كل هذا للتأليف والمودة بين الناس فكيف بالزوجة، والزوج؟ وكلاهما من الجار الأقرب!
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم المرأة إلى حسن التبعل لزوجها فقال: "إذا صلت المرأة خمسها وحصَّنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت"(12).
والرجل بالمثل مدعو إلى ذلك انطلاقاً من قوله سبحانه: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم 228 (البقرة).
وانطلاقاً من ذلك فإنه ينبغي على كلا القرينين أن يوطن نفسه على تحسين الظن بقرينه مادام لا يجاهر بالمعصية. وهذا من شأنه تقوية العلاقة بين الزوجين، وحماية الأسرة من التصدع والانهيار.
وقد أرسى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأساس حين كان يمتنع من طَرٍق أهله إلا بعد إعلانهم بقدومه.
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يأتي الرجل أهله طروقاً"(13).
وعنه أيضاً أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أطال أحدكم الغيبة، فلا يطرق أهله ليلاً"(14).
وجاء في بعض الروايات سبب هذا النهي وهو اتهامهم بالخيانة، أو الاطلاع منهم على ما لا تحمد عقباه، ثم إعطاؤهم الفرصة لحسن التبعل، إذ يقول جابر رضي الله عنه:
"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم"(15).
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله: "إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة، وتمتشط الشعثة"(16).
يقول الحافظ ابن حجر: "ويؤخذ منه كراهة مباشرة المرأة في الحالة التي تكون فيها غير متنظفة لئلا يطلع منها على ما يكون سبباً لنفرته منها، وإما أن يجدها على حال غير مرضية، والشرع محرض على الستر".(17)
^^7 الاعتدال في الغيرة:^^^
غيره كل من الزوجين على قرينه دليل الحب والمودة، لكن الإغراق في هذه الغيرة قد يؤدي إلى التبرم أو الضيق، وربما البغض والفراق، وقد نبَّه الشرع الحنيف إلى الغيرة المعتدلة، والغيرة التي فيها إغراق وتطرف، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله، فأما التي يحبها الله، فالغيرة في الريبة، وأما التي يبغضها الله، فالغيرة في غير ريبة".(18)
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي، انقلب فوضع رداءه، وخلع نعله، فوضعها عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه، فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت فأخذ رداءه رويداً، وانتعل رويداً وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويداً، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع، فقام، فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت فأسرع فأسرعت فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت، فسبقته، فدخلت فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال: مالك يا عائش حشيا رابية"(19)، قلت: لا شيء، قال لتخبريني، أو ليخبرني الله اللطيف الخبير، قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرته، قال: فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت: نعم، فلهدني في صدري لهدة أوجعتني، ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك، ورسوله؟ قلت: مهما يكتم الناس يعلمه الله، نعم، قال: فإن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك، فأجبته، فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك، وقد وضعت ثيابك، وظننت أن قد رقدت، فكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشي، فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فستغفر لهم، قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين. ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين. وإنا إن شاء الله بكم للاحقون".(20)
لهذا لزم أن يحرص كل من الزوجين على الاعتدال في الغيرة.
^^8 ألا يطمع أحد الزوجين في مال الآخر:^^^
جبل الله الإنسان على حب التملك، وأعطى كلاً من الزوجين هذا الحق وجعل له ذمة مالية خاصة، وحرم على كل منهما أن يستولي على مال الآخر دون وجه حق. فقال سبحانه: وإن أردتم \ستبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا 20 وكيف تأخذونه وقد أفضى" بعضكم إلى" بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا 21 (النساء).
وقال صلى الله عليه وسلم لهند بن عتبة لما قالت له: إن أبا سفيان رجل مسيك، وإني آخذ من ماله قال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"(21).
الهوامش
(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى.
(2) أخرجه البخاري في الصحيح، من حديث عبدالرحمن، ومجمع ابني يزيد بن جارية، وابن ماجه في السنن بنحو هذا الإسناد.
(3، 4) أخرجه أبوداود في السنن، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.
(4) أخرجه أحمد في المسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأبوداود في السنن بهذا الإسناد وبهذا اللفظ.
(6) أخرجه مالك في الموطأ، ومسلم في الصحيح، كلاهما من حديث أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، عن فاطمة بنت قيس.
(7) حديثهما في سورة الأحزاب مشهور.
(8) الحديث أخرجه البخاري ومسلم، كلاهما من حديث أبي هريرة.
(9) أخرجه ابن ماجه في السنن، من حديث ابن بريدة عن أبيه، رفعه.
(10) أخرجه ابن ماجه في السنن، من حديث أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير مرفوعاً به.
(11) أخرجه أحمد في المسند، وأبوداود في السنن، من حديث أبي هريرة.
(12) الحديث أخرجه ابن حبان في الصحيح.
(13) أخرجه البخاري في الصحيح.
(14) أخرجه البخاري في الصحيح، من حديث جابر بن عبدالله.
15 أخرجه مسلم في الصحيح، من حديث جابر مرفوعاً به.
(16) أخرجه البخاري، حديث جابر، مرفوعاً به.
(17) انظر: فتح الباري 11-121.
(18) أخرجه أبوداود في السنن.
(19) أي مالك متهيجة متواترة النفس، فإن ذلك لا يكون إلا لمن أسرع في مشيه، انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر.
(20) أخرجه مسلم في الصحيح، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(21) أخرجه البخاري ومسلم، كلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها
تضييع كل من الزوجين للآخر(4 من4)
سبل الوقاية ووسائل العلاج
د.السيد محمد نوح(*
آفات على الطريق
ما أكثر الأمراض الأخلاقية والآفات الاجتماعية التي يعاني منها بعض الأفراد والمجتمعات.. حريّ بنا أن نتوقف عندها ونحذر منها ونقدم علاجاً لها..
وقد اهتم فضيلة الدكتور السيد نوح بهذه القضية وأصدر فيها أكثر من مؤلَّف. وهذه المقالات التي بين أيديكم جديدة في موضوعها وطرحها ولم يسبق نشرها.
تناولنا في العدد الماضي ثمانية من وسائل سبل الوقاية ووسائل العلاج لآفة تضييع كل من الزوجين للآخر، وفي هذا العدد نذكر بقية الوسائل:
9 معاشرة كل من الزوجين صاحبه بالمعروف: ذلك أن المعاشرة أو المباشرة ضرورة لاستمرار النوع الإنساني، فضلاً عن الإشباع العفيف النظيف، وهي على هذا نعمة من أجل النعم، ينبغي شكرها، وشكرها إنما يكون بالنظر إليها على النحو المذكور، والاستعداد التام لها، والتهيئة، والتمكين من الاستمتاع بكل الكيفيات عدا الدبر وأيام الحيضة.
عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها في قبلها جاء الولد أحول، فنزلت الآية: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى" شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين (223) (1) (البقرة).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان هذا الحيُّ من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحيِّ من يهود، وهم أهل كتاب، وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب ألا يأتوا النساء إلا على حرف، وذلك أستر ما تكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار، قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحيُّ من قريش يشرحون النساء شرحاً منكراً ويتلذذون منهن مقبلات، ومدبرات، ومستلقيات، فلما قدم المهاجرون المدينة، تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه، وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف، فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني، حتى شرى أمرهما، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى" شئتم أي مقبلات ومدبرات ومستقبلات يعني ذلك موضع الولد(2).
وينبغي التقديم لذلك بالملامسة، والقبلة، وكل أسباب الإثارة، والتهيئة، قال تعالى: وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين 223 (البقرة).
وعلى المرأة ألا تمنع نفسها من زوجها إلا لمانع شرعي، وهذا يشمل:
عدم صيامها تطوعاً وزوجها حاضر إلا بإذنه: يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلإ بإذنه"(3).
إجابته ولو كانت تطهي طعامها، أو كانت على سفر: يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا دعا الرجل زوجته لحاجته، فلتأته، وإن كانت على التنور"(4).
ويقول أيضاً: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلتجب، وإن كانت على ظهر قتب"(5).
وعلى الرجل كذلك أن يسعى لتحصين امرأته، ولا يهمل ذلك تحت أي ذريعة من الذرائع.(111/118)
فقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان، وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذِّلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت أخوك أبوالدرداء، ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبوالدرداء، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "صدق سلمان"(6).
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعهد كنَّته، فيسألها عن بعلها، فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشاً، ولم يفتش لنا كنفاً مذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ألقني به" فلقيته بعد، فقال: "كيف تصوم؟" قلت: كل يوم، فقال: "وكيف تختم"؟ قلت: كل ليلة، وفي رواية: قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، "يا عبدالله: ألم أخبَر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟"، فقلت: بلى يا رسول الله، قال: "فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً... وإن لزوجك عليك حقاً"(7).
10 أن يعي كلُّ من الزوجين الطبيعة البشرية للآخر: ذلك أن الإنسان فيما عدا النبيين والمرسلين مجبول على الخطأ، وهو أيضاً مرهف الحس، ورقيق المشاعر، وعلى كل واحد من الزوجين استيعاب ذلك، فيعذر قرينه إذا أخطأ، ولا يأتي من السلوكيات ما يجرح به إحساس غيره، ومشاعره.
جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : "كل بني آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوابون"(8).
11 أن يتحرر كل من الزوجين عما يشغله عن الآخر: ذلك أن الحياة الزوجية لا تستقيم ولا تدوم إلا بأن يعطي كلُّ واحد من الزوجين نفسه للآخر، ولا يتحقق ذلك إلا بتحرر كل منهما عن كل ما يشغله عن الآخر من دنيا، أو أعباء خارجية، وإن كان ولا بد من الاشتغال بشيء من ذلك فلتكن الموازنة بين حقِّ الأهل أو الزوج، وبين هذه، على حدِّ قوله صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو بن العاص: "... فإن لجسدك عليك حقاً... وإن لزوجك عليك حقاً".
وإقراره سلمان في وصيته لأبي الدرداء رضي الله عنهما: "إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كلَّ ذي حق حقه". والموازنة أن يكون لكلٍّ من الزوجين نصيبه من الآخر، ولو بمقدار ساعتين يومياً، والانقطاع لهما في يوم أسبوعي يعرف بيوم الأسرة.
12 ألا يتفرد كلُّ من الطرفين بالمسؤولية دون الآخر: ذلك أن نجاح الإنسان في تنفيذ المهام المنوطة به، إنما يتحقق بمشاركة الآخرين له هذه المهام، وانطلاقاً من ذلك فإن الحياة الزوجية لا تثمر تحقيق المهام المنوطة بها إلا باشتراك كل من الطرفين في هذه المهام، وتلك المسؤولية، وقد لفت رب العزة النظر إلى ذلك في قوله: فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما (البقرة:233).
كما لفت النبي صلى الله عليه وسلم النظر إلى ذلك في قوله: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها، وولده، وكلكم مسؤول عن رعيته".(9)
13 عدم تدخل الآخرين في حياتهما الزوجية بلا موجب: ذلك أنه إذا وعى الزوجان: أن تدخل الآخرين، ولو كانوا من أقرب المقربين في حياتهما الزوجية بلا موجب، ولا مبرر، يكون له أكبر الأثر في اتساع هوة الشقاق، والنزاع بينهما، وربما هدم الحياة الزوجية، إذا وعى الزوجان ذلك، فإنه يتولد لديهما الحرص على صيانة حياتهما الزوجية من تدخل الآخرين، وإن كانوا من أقرب المقربين، إلا إذا كانت هناك مبررات وموجبات تقتضي ذلك، كما قال الله عز وجل: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا 35 (النساء).
14 ألا يستمع الزوجان للأفكار الهدامة: ذلك أن هناك جهات تحمل في صدرها حقداً وكراهية للأسرة في الإسلام وبنيانها على أساس من تقوى الله، ومبادئ شرعه الحنيف، وتعمل هذه الجهات على تصديع بنيان هذه الأسرة، والقضاء عليها بتصدير ما لديها من أفكار مسمومة، ومبادئ هدامة، وعلى الزوجين ألا يسمعا إلى هذه الأفكار وتلك المبادئ صيانة للأسرة من التصدع والانهيار.
15 الانتصار للحق وحده: ذلك أنه إذا أيقن كل من الزوجين أن الخلاف بين بني البشر سنة بشرية لتفاوت العقول، واختلاف البيئات، وتنوع المعرفة، وتباين الأدلة، وأن المطلوب تجاوز الخلاف، أو تضييق هوته على الأقل بغية بلوغ الصواب والحق، وإن خالف هوى النفس، فإنه يجاهد نفسه على أن يكون الانتصار للحق، والحق وحده، وإن خالف هوى النفس، وبذلك تسلم الحياة الزوجية من أي اهتزازات أو تصدع.
16 تحرر كل من الزوجين من مقارنة الطرف الآخر بالغير: ذلك أن الحياة الزوجية إذا بنيت على أساس مقارنة كل واحد من الطرفين للآخر بالغير، فإن مآلها التصدع والانهيار، وعليه فإذا أراد الزوجان استمرار الحياة الزوجية خالية من أي تشقق أو تصدع، فإن عليهما التحرر من هذه المقارنة، إذ الناس ليسوا سواء خلقاً وخلقاً، وإذا كان الأمر كذلك فلا داعي للمقارنة، وليقل كل واحد من الزوجين إن قرينه هو قسمه من الله، وليوطن نفسه على الرضا بهذا القسم. عند ذلك تسلم الحياة الزوجية من أي تصدع أو انهيار.
17 اكتساب الخبرات والتجارب المفيدة:
ذلك أن الحياة الزوجية لا تنمو إلا بالخبرات والتجارب، وإذا حرص كل من الزوجين على اكتساب الخبرات والتجارب تارة بالقراءة، وتارة بالسماع، وتارة بالمشاهدة، وتارة بالممارسة، وتارة بالسؤال، وحاولا استثمارها الاستثمار اللائق الصحيح، فإن ذلك يساعد لا محالة على تنمية الحياة الزوجية، وحفظها من أيِّ تصدع أو انهيار.
18 التزود بالتقوى: ذلك أن الحياة الزوجية عشرة إلى نهاية الحياة، وطريقها كلها عقبات، ومعوِّقات. ولا سبيل لاستمرار هذه العشرة وسلامتها وسط العقبات والمعوقات إلا بالتزود بزاد التقوى، وذلك بترك كل ما يبغضه الله من الأقوال، والأفعال الظاهرة، والباطنة، فلا رياء، ولا إعجاب بالنفس ولا غرور، ولا تكبر، ولا اتباع للهوى، ولا إسراف ولا تبذير، ولا شح ولا تقتير، ولا ظنون كاذبة، ولا عجلة في إصدار الأحكام، ولا غيبة، ولا نميمة، ولا فوضى، ولا تشاؤم، ولا تنطع، ولا مراء، ولا جدل، ولا غضب للنفس، ولا حقد، ولا حسد. وإنما هنالك المحافظة على الفرائض والنوافل، وتحمل الأذى، والعفو عند المقدرة، وصناعة المعروف، والحرص على أكل الحلال... إلخ.
19 قيام المجتمع بالإصلاح بين الزوجين: ذلك أن هناك نوعاً من الشقاق بين الزوجين لا يمكن درؤه إلا بتدخل الآخرين، وقد نبه الشرع الحكيم إلى ذلك في قوله سبحانه: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا 35 (النساء). وعلى المجتمع أن يستجيب لدعوة الزوجين للإصلاح والحكم بالقسطاس المستقيم، كي يوفق المولى سبحانه، ويتم الإصلاح.
20 قيام ولي الأمر بواجبه: ذلك أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فإن استعصى الإصلاح، ورُفع الأمر إلى السلطان فليحرص على القيام بواجبه في ردم هوة الخلاف، بما لديه من إمكانات ليست لدى غيره، فإن استعصى ذلك، فليقف إلى جوار الطرف الضعيف بعد التدقيق والتحرِّي، وليستعن بالله.
21 أن يكثر الزوجان من النظر في سير السلف، في حياتهم الزوجية: ذلك أن لدينا نحن المسلمين تجارب رائعة في كل ميدان، ومن بينها حسن العشرة بين الزوجين، فقد أُثر عن أسماء بنت أبي بكر إعانتها بجهدها، لزوجها الزبير بن العوام في بيته، وأرضه، ودوابه، وصبرها على شدته، وغيرته، تبتغي الأجر من الله تبارك وتعالى، وهذا الإمام الشعبي عامر بن شراحيل علامة التابعين، وأمهر القضاة في عصره، يقول: عشت مع أهلي ما عشت فما رابني منهم شيء أبداً. وهذا أحمد بن محمد المعروف بابن المظفر التركماني الأصل، القاهري، الشافعي توفي 896ه يحكي عن أمه وأبيه التونسية أنهما عاشا زوجين خمسين سنة لم يختلفا يوماً واحداً(10).
إن الإكثار من النظر في سير هؤلاء السلف له أعظم الأثر في استقامة الحياة الزوجية وصلاحها.
22 أن يشاهد الزوجان القدوات الحية للأسر ذات الترابط والتماسك: إن مشاهدة ومعايشة هذه الأسر القدوات الحية له أعظم الأثر في القضاء على أي شقاق بين الزوجين، ورأب الصدع، وإضفاء جو من حسن العشرة، ودوام الصلاح والاستقامة.
23 أن يذكّر الزوجان بالآثار المترتبة على انهيار الأسرة: ذلك أن المرء ينسى وأعظم علاج للنسيان إنما هو التذكير الدائم.
قال سبحانه: وذكر فإن الذكرى" تنفع المؤمنين 55 (الذاريات).
وعليه فإن من عوامل تقوية علاقة كل من الزوجين بالآخر: دوام التذكير بالعواقب والآثار المترتبة على انهيار الأسرة، مع التنويع والتلوين في أساليب التذكير.
24 الدعاء: ذلك أن الدعاء هو العبادة، سواء أكان دعاء مسألة وطلب، أم دعاء ثناء على الله تعالى، وقد علمنا ربنا أن نقول: والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما 74 (الفرقان).
كما علمنا أيضاً أن نقول: ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار 201 (البقرة).
إن الزوجين إذا واظبا على الدعاء بنوعيه، فإن الله يستجيب ويصلح من شأن هذا البيت، ويزرع الحب والثقة والمودة بين الزوجين، فتدوم العشرة إلى الممات.
الهوامش
(1) أخرجه البخاري ومسلم عن جابر.
(2) أخرجه أبوداود، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بهذا اللفظ.
(3) أخرجه البخاري. ومسلم، كلاهما من حديث أبي هريرة مرفوعاً.
(4) أورده السيوطي في الجامع الصغير، وعزاه إلى النسائي، والترمذي من حديث طلق بن علي، وقال صحيح وأقره الألباني.
(5) أورده السيوطي في: الجامع الصغير، وعزاه إلى البزار من حديث زيد بن أرقم.
(6) أخرجه البخاري والترمذي من حديث أبي جحيفة، عن سلمان مرفوعاً به.
(7) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي كلهم من حديث عبدالله بن عمرو.
(8) أورده السيوطي: في الجامع الصغير، وعزاه إلى أحمد في المسند، والترمذي وابن ماجه في السنن، والحاكم في المستدرك من حديث أنس.
(9) أخرجه البخاري.
(10) انظر: الضوء اللامع للسخاوي 2-107 108 بتصرف.
ـــــــــــــــــــ(111/119)
ايفون .. الداعية المنتظرة!
مجاهد شرارة –
السلام عليكم "يجب أن نعلم الشباب ألا يخافوا من أحد سوى الله عز وجل ".. بهذه الكلمات البسيطة العدد عظيمة المعنى، أنهت السيدة ايفون ردلي (كلمتها أمام المؤتمر العاشر للندوة العالمية للشباب الإسلامي) الذي عقد بالقاهرة . فمن تكون هذه المرأة التي لا تعرف من اللغة العربية سوى كلمة "الحق"؟ وكيف تحولت إلى الإسلام؟ وما علاقتها بالأستاذ سيد قطب والسيدة زينب الغزالي؟ وما قصتها مع حركة طالبان وأسامة بن لادن؟ ولماذا لا تشرب الكوكا كولا؟ تعالوا بنا نقترب من هذه الشخصية التي تحولت في أيام قليلة من حال إلى حال، من شهرة عملها الصحفي إلى شهرة إسلامها وارتدائها الحجاب..ومن كراهية للإسلام والمسلمين إلى كراهية للغرب والأمريكان! بداية القصة ايفون ردلي، امرأة بريطانية تبلغ من العمر 48 عاما، تعمل صحفية في عدد من الجرائد والمجلات البريطانية العالمية مثل جريدة صانداي اكسبريس وجريدة الإندبندنت، كانت تتحرك هنا وهناك بحثا عن الحقيقة بعد أحداث 11 سبتمبر والتلويح الأمريكي بضرب أفغانستان. أرادت ايفون كصحفية أن تقترب من الصورة أكثر وتسافر إلى أفغانستان وتنقل للعالم استبداد حكومة طالبان وظلمها للمرأة، وكيف ستواجه هذه الحكومة الغاشمة الحرب الأمريكية. حملت ايفون كل هذه الأسئلة والاستفسارات واتجهت إلى باكستان، ومنها تسللت لأفغانستان متخفية في لبس امرأة أفغانية على ظهر حمار بين شقوق الجبال، ووصلت للعاصمة كابول وانبهرت من الاستعداد النفسي لدى الأفغان لمواجهة الحرب، وضحكت من سخرية امرأة أفغانية منها لأنها أم لطفل واحد، بينما الأفغانيات يلدن 15 طفل من أجل الحرب والاستقلال لبلاد لم تعرف الاستقرار منذ ربع قرن. في قبضة طالبان عندما أنهت ايفون مهمتها الصحفية أرادت الرجوع من حيث أتت لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن وتدخل القدر لتقع ايفون في الأسر على يد حركة طالبان. فقد حاولت ايفون الرجوع لباكستان من خلال طرق جانبية منتحلة شخصية امرأة أفغانية خرساء اسمها "شميم" مسافرة مع زوجها إلى قرية في ضواحي جلال آباد لزيارة أمه المريضة، وعلى الحدود تسقط الصحفية المغامرة من فوق الحمار الذي تركبه فتصرخ باللغة الانجليزية، وتسقط الكاميرا التي تحملها، ليتحول الأمر إلى كارثة ورعب بعد أن سمعها أحد جنود طالبان.. تقول ايفون: لن أنسى تلك النظرة في وجه ذلك الرجل من طالبان وهو يرى الكاميرا، ووسط مشاعر الرعب كان لدي أمل في أن يبتعد ولكن ذلك لم يحدث، انفجر الرجل غاضباً وسحبني من على ظهر الحمار وحطم الكاميرا، وخلال دقائق تجمع حشد من الناس الغاضبين..إنه كابوس والكل يصرخون: جاسوسة أمريكية..جاسوسة أمريكية. أحست ايفون أن الموت قريب منها، خاصة حين نقلوها في سيارة تحمل علماً عليه صورة أسامة بن لادن، وكانت تفكر في رعب كيف سيعرف العالم وسط هذا الصخب والاستعداد للحرب أنها هنا في أفغانستان أسيرة لدى طالبان؟! لم يقم أحد من الرجال بتفتيشها بل أرسلوا لها امرأة لتفتشها لتعرف ما إذا كانت تحمل سلاحاً، وبعد أن انتهت المرأة من عملية التفتيش صفعتها بالقلم – وهو العقاب البدني الوحيد الذي واجهته- لأنها متهمة بكونها جاسوسة أمريكية ليس أكثر. تم نقل ايفون إلى مكان مجهول وكانت المفاجأة الأولى لها أن المكان مكيف وملحق به دورة مياه نظيفة، والمفاجأة الثانية كانت المعاملة اللطيفة من قبل الحارس والمترجم والمحقق، واندهشت عندما أضربت عن تناول الطعام فقال لها المترجم والحارس: نحن غير سعداء لأنك ترهقي نفسك دون داع، واستدعوا لها الطبيب ليتابع وضعها الصحي، أما المفاجأة الثالثة أنهم أحضروا لها شيخا يحدثها ويدعوها للإسلام ذلك بعد أن أعلنت حركة طالبان أنها ستفرج عنها لأسباب إنسانية، وحصل منها الشيخ على وعد منها بدراسة الإسلام. وتتحدث ايفون عن هذا الوعد قائلة: وجدت هذا الأمر فرصة للخروج من هذا الأسر البغيض فتكلمت وكنت وقتها لا أفكر سوى في العودة إلى بلدي وأنا على قيد الحياة، وكنت سوف أعدهم بأي شيء في سبيل أن يتركوني..، وبالفعل أطلقت حركة طالبان سراح ايفون لتعود إلى بلدها وهي تحمل متناقضات كثيرة ما بين سمعته عن طالبان وما رأته بعينيها وعايشته فترة الأسر. تقول ايفون: لم أرى رجلا واحدا يتفحص جسدي أو يتحرش بي، وعند مغادرة أفغانستان لم أجد سوى الابتسام لسجانيها على حسن المعاملة رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها. إذا وعد .. وفي عادت ايفون إلى بلدها واستقبلتها عدسات الكاميرات كي تتحدث عن معاناتها في سجون حركة طالبان وكانت الصدمة إعلان ايفون أن حركة طالبان المتهمين بأنهم أسوأ نموذج للإسلام يستحقون كل احترام بعد أن التزموا بوعدهم ولم يتعاملوا معها بعدائية..وحتى حين قاموا ببعض المناورات النفسية كانوا محترمين. وتضيف ايفون : لقد شكرت الله تعالى أني وقعت في يد أسوأ حكومة في العالم "حركة طالبان" ولم أقع أسيرة في سجن ابو غريب أو معتقل جونتانامو، وتكمل
حديثها قائلة: لا أدري من أسعد أنا أم حكومة طالبان ! تذكرت ايفون بعد عودتها الوعد الذي قطعته على نفسها أمام الشيخ أن تقرأ عن الإسلام، وبالفعل بدأت تقرأ بموضوعية ودراسة أكاديمية في كل ما يقع تحت يدها عن الإسلام، وما هي إلا شهور وتعلن ايفون إسلامها بعد 30 شهرا من وقت الاعتقال بحثا عن الحقيقة في رحلة روحية وقراءة القرآن. أسلمت .. فتحمّلي بمجرد إعلان ايفون إسلامها لاقت من الهجوم والمضايقات الكثير، حيث تلقت تهديداتٍ بالقتل وتمَّ الاعتداء عليَّها بالضرب من قِبل السلطات البريطانية رغم أنها كانت مفضلةً جدًا لدى حكومة بلير البريطانية، وجاءتها رسائل تقول إنَّ أي شخصٍ يعتنق الإسلام أو يرتدي الحجاب في الغرب يضع نفسه في الخطوطِ الأولى للصدامِ. أما عن أسرتها فكان الوضع مختلفا، فلديها أخت جارة لعائلة مسلمة فرحت بهذا الأمر كثيرا، أما أختها الأخرى المتأثرة بالإعلام الغربي فقالت لها بسخرية: أعتقد أنك قريبا ستحملين حزاما ناسفا وتفجري نفسك في عملية انتحارية، أما الأم فقد فلجأت إلى الكنيسة للتأثير عليها، لكن ايفون تتمنى لوالدتها أن تسلم قريبا. قطب والغزالي وبن لادن أول كتاب قرأته إيفون بعد إسلامها كان للأستاذ سيد قطب "معالم على الطريق"، وترى أنه من أهم الكتب الذي لابد أن يقتنيه المسلم وتأسفت لعدم وجوده بالمكتبات المصرية، وتأثرت ايفون كثيرا بالسيدة زينب الغزالي وتراها نموذج للمسلمة الحقيقة التي تجاهد من أجل قول الحق وتتحمل في سبيل ذلك كل شيء، وقد قرأت لها كتاب "أيام من حياتي" وتمنت لو كانت رأتها في حياتها. ترى ايفون أن أسامة بن لادن أهم شخصية خلال المائة سنة الماضية لذلك قامت بتأليف كتاب يتحدث عنه، وتعلق ايفون عن هذا الكتاب قائلة: فكرة الكتاب ليست في تمجيدِ شخص بن لادن ولكن في دراسة شخصيته والأعمال التي قام بها. لا للكو 3;ا كولا أثنت ايفون على المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الدنماركية ردا على الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وترى أن المقاطعة سلاحا قويا ومؤثرا، كما أنها تستغرب من المسلمين الذين يشربون كوكاكولا وشبهتهم بأنهم يشربون دماء إخوانهم الفلسطينيين، وطالبت بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأمريكية وكل من يتعاون على قتل وتشريد المسلمين. كما هاجمت أيضا وزير الثقافة المصري فاروق حسني لمهاجمته الحجاب ووصفه المحجبات بالرجعيات، وقالت: إن هذا الوزير عار على الإسلام والمسلمين ولابد من معالجته نفسيا. مشروع داعية تعكف الآن ايفون على تعلم الإسلام حتى تستطيع أن تدعوا إليه، فعمرها في الإسلام ثلاث سنوات فقط وترى أن هذا ليس كافيا حتى تكون داعية حقيقة للإسلام، لذلك تحاول أن تتعمق في الآداب الإسلامية، وتعمل الآن في موقع الجزيرة باللغة الإنجليزية وتكتب العديد من المقالات عن الإسلام في جرائد مختلفة منها مقال عن الحجاب نشر في جريدة "الواشنطن بوست".
ـــــــــــــــــــ(111/120)
كيف هي نظرتنا لأبائنا بجميع مراحل العمر
في عمر 4 أعوام أبي هو الأفضل في عمر 6 أعوام أبي يعرف كل الناس في عمر 10 أعوام أبي ممتاز ولكن خلقه ضيق في عمر 12عاما أبي كان لطيف عندما كنت صغيرا في عمر 14 عاما أبي بدأ يكون حساس جدا في عمر 16 عاما أبي لايمكن أن يتماشى مع العصر الحالي في عمر 18 عاما أبي ومع مرور كل يوم كأنه أكثر جنونا في عمر 20 عاما من الصعب جدا أن أسامح أبي ، أستغرب كيف أمي قدرت تتحمله في عمر 25 عاما أبي يعترض على كل موضوع في عمر 30 عاما من الصعب علي جدا أن أتحكم في إبني ، أنا كنت أرتعب من أبي لما كنت شاب في عمر 40 عاما أبي رباني في هذه الحياة مع كثير من الضوابط ، ولابد أن أفعل نفس الشيء في عمر 45 عاما أنا محتار ، كيف أستطاع أبي أن يربينا جميعا في عمر 50 عاما أبي تكبد العناء الكبير لأجل أن يربينا ويحافظ علينا ، وأنا غير قادر على التحكم في أطفالي الثلاثة في عمر 55 عاما أبي كان ذا نظرة بعيدة وخطط لعدة أشياء لنا ، أبي كان مميزا ولطيف. في عمر 60 عاما أبي هو الأفضل الله أكبر جميع ما سبق إحتاج إلى 56 عاما لإنهاء الدورة كاملة ليعود إلى نقطة البدء الأولى عند الـ 4 أعوام. للأهمية : أحسن علاقتك ومعاملتك مع والديك قبل أن يفوت الأوان ولا تتنبه إلا بعد أن ترى أطفالك يعاملونك مثلما كنت تعامل والديك ، والدينا لا يحتاجون منا سوى الحب و الإحترام وأن يحسوا بأننا صالحون بإذن الله. رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
ـــــــــــــــــــ(111/121)
الطريق إلى السعادة الزوجية
آمال بنت عبد الرحمن محمد
لقد شرع الله - عز وجل - العلاقات الزوجية لتحقق النفع للزوجين؛ حيث تسكن نفوسهم، ويتفاعل الزوجان، فيعم الخير على المجتمع برمته، وصدق الله إذ يقول: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة(21) {الروم: 21} إلا أن مسيرة الحياة الزوجية قد تتعرض لبعض المنغصات التي قد تعكر صفو العلاقة الزوجية؛ لذا يقع على الزوجة مسئولية دعم العلاقة، ومحاولة تجنب ما يعن لهما من متاعب، وعلى الزوجة يقع العبء الأكبر في الحفاظ على حياتها الزوجية من الانهيار، ورغم ما تعانيه المرأة العصرية اليوم من تعدد مسؤولياتها فإنها قادرة على إدارة أمور مملكتها الصغيرة بنجاح وحكمة، وعدم التسرع في إصدار حكمها على الأمور، والمرأة الواعية هي التي تقول لزوجها ما ينبغي أن يقال، ولا تناقشه فيما لا ينبغي عليها الخوض فيه؛ خصوصاً وأن كلا الشريكين يتحملان أعباء جسيمة في مجال العمل والمنزل والإشراف على تحصيل الأبناء.
مشاكل العمل قد تنقل إلى المنزل:
قد يواجه الزوج مشاكل ثقيلة في عمله أو مشادة مع رئيسه. وبالتالي فلن يتقبل من الزوجة أي أسئلة حرجة أو استفسارات ملحة، مثال ذلك: أن تتقدم المرأة للرجل بقائمة مشتريات بعد عودته من عمله، فإذا كان مرهقاً من مشاكل عمله فسوف يرفض هذه المطالب حتى ولو كانت محدودة، أما إذا كان الزوج لا يشكو من متاعب العمل، فقد يستجيب لطلبات زوجته بل قد يضيف إليها، ويغدق عليها.
وهنا يجب على الزوجة أن تتريث قبل التقدم بطلباتها أو أسئلتها، وألا تتقدم بهذه الطلبات أو الأسئلة إلا في توافر جو من الصفاء والسعادة لزوجها.
وقد أجريت بعض الدراسات بواسطة خبراء علم النفس لمعرفة أسباب الخلافات الزوجية، وبعد استعراض النتائج قدمت الدراسات بعض التوصيات التي ينبغي أن تأخذ بها الأزواج ومنها:
ينبغي ألا تكثر من الحديث عن متاعبها مهما كانت ظروف عملها داخل المنزل وخارجه؛ فالزوج أيضاً لديه نفس المشاكل أو قد تفوقها، ومن واجب الزوجة تخفيف حدة هذه المشاكل عند إثارتها باقتراح الحلول البديلة، فالزوجة الحكيمة هي التي تضفي جواً من الهدوء والسعادة على منزلها بحيث يكون هذا المنزل مكاناً للاسترخاء وتجديد النشاط بالنسبة لزوجها وأولادها.
وعندما يهاجم زوجك أحد أفراد أسرته فحذار من مشاطرته هذا الهجوم؛ لأن فترة العصبية، ومشاعر الغضب لن تلبث أن تزول، حينئذ فسوف يتراجع عن مهاجمة من أثار غضبه ببعض التصرفات ويعود للدفاع عنهم، حينئذ سوف يؤنبك لموقفك تجاههم، فالأجدر بك إذن ألا تشتركي معه في الهجوم على والدته أو أخواته بل بالعكس يمكنك أن تلتمسي لهم الأعذار بل يجب أن تلومي زوجك قائلة: "يجب أن تحترم والدتك وأخواتك" فسوف يحترم زوجك موقفك هذا فيما بعد، ويقدر مشاعرك الطيبة نحو أسرته.
لا ينبغي توبيخ الزوج:
تجنبي اتهام زوجك بالتقصير في مشاركتك في الأعمال المنزلية، وحاولي الابتعاد عن عبارة: "حاول تعمل حاجة" فالزوج المتعب من عمله صباحاً، ومن المعاونة في الأعمال المنزلية مساء سوف يتقبل المطالب بهدوء لكن بثورة قد تحدث بالتكرار.
لا تعرضي على زوجك الاشتراك معه في هواياته ما دمت لا تعشقين هذه الهوايات؛ لأن مشاركتك له في هواياته قد لا تناسبك وليكن مبدؤك مع زوجك: لا مجاملة على حساب راحتي، أو على حساب المصلحة العامة للمنزل.
لا تستثيري مشاعر زوجك:
لا تسألي زوجك السؤال التقليدي للمرأة "كيف يبدو مظهري" فأنت لا تستجدين الجمال بقدر ما تستجدين التقدير الصامت من زوجك، فضلاً عن ذلك فإن زوجك يراك كل يوم ويعجب دائماً دون أن يتكلم، فسؤالك هذا مضيعة لوقته ووقتك، ولا لزوم له؛ لأن الإجابة غالباً ما تكون مفتعلة (وأتوماتيكية)، وفضلاً عن ذلك فهذا السؤال لا يواكب العملية التي تتسم بها روح العصر.
لا تنتقدي تصرفات أحد الأزواج من معارف الأسرة؛ فهذا الانتقاد يؤدي عادة إلى مجادلات وخلافات فقد يدافع زوجك عن هذا الزوج وينتقد زوجته، وقد ينتقد بعض تصرفاتك المشابهة لتصرفات زوجته؛ لذلك فالتصرف الأمثل في حال معرفة وجود خلافات بين زوجين صديقين هو الوقوف موقف الحياد التام من الخلاف.
لا ترهقي ميزانية الأسرة بطلباتك، بل على العكس يجب أن تكوني العقل المدبر لطلبات البيت والأسرة.
لا تتهكمي على زوجك أثناء فترة راحته في المنزل، فمثلاً عندما يسترخي الزوج لبعض الوقت لا تصفي استرخاءه بالتراخي والكسل؛ فإن هذا التهكم يقيد من حريته في المنزل.
تجنبي إثارة مشاعر زوجك أمام الآخرين؛ فالزوجة الذكية هي التي تحترم زوجها في وجود الآخرين، فلا توجه له اللوم، أو تحدثه بطريقة غير لائقة.
إن الكلمات الحلوة لها تأثير السحر على الرجل فاحرصي على أن يكون حديثك معه بطريقة لبقة، وتجنبي في حديثك معه الموضوعات التي تضايقه وانتقي الموضوعات التي يحب الحديث فيها.
ويجب على كل زوجة أن تعلم أن الحياة هي التعاون في كل شيء، وليس مطلوباً من الزوجة أن تعرف أعمال زوجها وتتدخل في هذه الأعمال، فمثلاً إذا كان الزوج طبيباً والزوجة مدرسة فليس مطلوباً منها دراسة الطب ولكن مجرد مشاعرها وعطفها يجعلانها كفيلة بتوجيه زوجها، والاستحواذ على رضاه، وتستطيع كل زوجة بكلماتها الرقيقة أن تناقش مشاكل زوجها، وتجد الحلول لها، وتدفعه بقوة نحو النجاح والتفوق، وفي نفس الوقت يجب على الزوجة تجنب الثرثرة في الموضوعات غير المجدية، وقديماً قال أحد الحكماء: "كثيراً ما ندمت على الكلام ولكن على السكوت ما ندمت قط".
وعلى الزوج أن يبادل الزوجة المشاعر الطيبة، والإخلاص، ويحاول أن يثني عليها بين الحين والآخر؛ لتخيم على البيت الألفة والمحبة والسكينة، ويستنشق الأولاد هذا الرحيق فيشبوا أصحاء أسوياء، وبذلك تكون الأسرة كما أراد لها الحق- تبارك وتعالى -بستاناً من المودة، وحديقة ثمارها التفاهم، فينعم في ظلها الأفراد بالهدوء والسكينة.
بعض عادات الأزواج تثير غضب الزوجات:
حينما يلتقي الزوجان بعد إتمام عملية الزواج معاً كأسرة واحدة، يبدأ كل منهما في استكشاف عالم الآخر من عادات وتقاليد ومعتقدات، وماذا يحب وماذا يكره؛ ذلك لأن كل منهما كان يعتبر عالماً مجهولاً بالنسبة لرفيق حياته، وقد يكون لدى بعضهم بعض العادات والسلوكيات التي قد تثير غضب الآخر مما يتطلب شيئاً من الصبر والحكمة في مواجهة هذه العادات حتى لا تكون مثار كدر يعكر صفو حياتهما ويؤثر مستقبلاً في حياة أولادهما، ومن أسمى أهداف الزواج: تحقيق الأمن والاستقرار النفسي؛ عملاً بقول الحق- تبارك وتعالى -: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون 21 " {الروم: 21} غير أننا نجد نساءً كثيرات يعانين من بعض عادات أزواجهن، وتصرفاتهم التي ترتبط بالعادات التي نشأوا عليها، والتي يصعب تغييرها بعد ذلك، فنسمع سيدات يتحدثن عن أزواجهن بكل فخر وإعزاز، ومع ذلك يشتكين من بعض السلوكيات التي تثير غضبهن وغيظهن، وتخلق توتراً يعكر صفو وهدوء العلاقة الأسرية، فمثلاً هناك الزوج الذي يترك جواربه ملقاة على الأرض، أو يلقي بفوطته المبللة على فرش السرير، أو ينسى أن يبلغ زوجته بالمكالمات التليفونية التي وردت إليها وهي غائبة، أو الذي يخرج من أي غرفة ويترك النور مضاء، أو الذي يفتح أي درج أو دولاب ويتركه مفتوحاً، أو الذي يهمل في إصلاح شيء بسيط في السباكة يجيده تماماً، ويرفض في نفس الوقت إحضار السباك لإصلاحه بحجة أنه سيفعل ذلك ولكنه بالطبع لا يفعل.
وهناك الزوج أيضاً الذي يدخل في الليل متأخراً، ويوقظ زوجته ليسألها عن شيء معين أين وضعته.
هذه كلها أمثلة وإن كانت يسيرة ولا تعيب الزوج كرجل وزوج وأب، إلا أنها تخلق نوعاً من التوتر بين الزوجين؛ لأنها تتكرر بصفة يومية، فلا الزوجة تستطيع أن تتغاضى عنها، ولا الزوج قادر على تغييرها، فما هو السبيل في مواجهة هذه الأمور ؟!
يقول خبراء علم النفس والتربية: إن هذه العادات المزعجة للزوجة تكون عادة نتيجة النشأة الاجتماعية في بيت الأسرة التي كثيراً ما تفرق بين معاملة الأبناء والبنات وهم أطفال صغار، فينشأ الولد وقد اعتاد على أن هناك بعض المسموحات والتجاوزات له، فلا يرتب سريره، ولا يرفع جواربه من على الأرض، ولا يبالي كثيراً بغلق الأبواب أو الأدراج التي يفتحها؛ لأن هناك دائماً والدته التي تنوب عنه في القيام بهذه الأشياء، أما الفتاة فتنشأ عادة على فكرة خدمة أفراد الأسرة حتى يرسخ فيها هذا الإحساس بالواجب، ويصبح جزءاً منها لا يتجزأ.
ويكبر الفتى بعد ذلك ليصبح رجلاً مسئولاً حنوناً ومثالياً في أشياء كثيرة ولكنه لا يشعر بأي باعث داخلي يدفعه إلى مراعاة حقوق ومشاعر الآخرين؛ لهذا فلا يمكن أن نلومه كثيراً إذا أدركنا أنه لا يشعر بأهمية هذه الأشياء البسيطة التي تثير غيظ وغضب زوجته؛ لأنه بالفعل لا يرى أنها ذات أهمية، ويعتقد أن زوجته تعمل (من الحبة قبة) كما يقولون.
اختلاف الاتجاهات بين الزوجين:
يرى علماء النفس أن المشاكل تظهر بين الزوجين عندما يتوقع أحدهما أن يكون للطرف الآخر نفس الإحساس تجاه أهمية الأشياء.
فكثيراً ما تفاجأ الزوجة بزوجها يسارع بالقيام بأشياء لا تشعر هي بأهميتها، في حين يماطل كثيراً في تلبية الأشياء المهمة في نظرها، فأهمية الأشياء هنا لا تقاس بمعيار واحد لدى كل الطرفين؛ لذلك اتفقت معظم آراء المتخصصين على أنه ليس هناك حل سحري لعلاج هذه المشكلة.
فالرجل سوف يستمر في أداء ما تعود عليه طوال حياته؛ لأنه لا يستطيع أن يفهم لماذا تثير هذه الأشياء أصلاً غيظ وغضب زوجته في حين أنها كانت لا تثير غضب والدته؟ ولكن ليس معنى ذلك أن تتقبل الزوجة هذه الأشياء في صمت وتحاول أن تكتم غيظها، فهناك دراسة للتعامل مع هذه المواقف تتطلب بعض الصبر وتمالك الأعصاب.
فأول خطوة ينصح بها المتخصصون هي تخفيف حدة الانتقادات التي توجهها الزوجة إلى زوجها؛ لأن الانفعال لا يفيد، ولكن يمكنها مثلاً أن تنتهز فرصة العيد وتقدم له هدية جميلة مرفقاً بها كارت تدون فيه كل الصفات الرائعة التي تجدها فيه، وتضيف في النهاية ملحوظة صغيرة تفيد بأنه لو استطاع تغيير بعض العادات التي تذكرها له فإنه سيكون الزوج المثالي في نظرها، ويمكن للزوجة أيضاً أن تتفق مع زوجها على أن تحاول هي أيضاً في المقابل تغيير بعض العادات التي تضايقه خاصة بعد أن أكدت الدراسات والأبحاث أن معظم الأزواج الذين تم التحدث معهم يشكون أيضاً من عادات كثيرة في زوجاتهم كان أهمها:
ترك الأحواض مملوءة بالأطباق وأدوات المائدة المتسخة حتى آخر النهار، فإذا احتاج الزوج إلى طبق أو كوب لا يجد شيئاً نظيفاً.
ينبغي مراعاة الذوق العام:
هناك أيضاً الزوجة التي تقول لزوجها: إنها مستعدة للخروج، فيهم هو بالوقوف عند الباب، ويضطر للانتظار حوالي 10 دقائق أخرى حتى تكون بالفعل مستعدة.
وهناك الزوجة التي تنتابها حالة عصبية في السيارة فلا تترك زوجها يقود في هدوء، وتظل طوال الطريق تلقي عليه بالتوجيهات والتنبيهات، أو الزوجة التي تظل بالساعات تتحدث في التليفون ولا تراعي ميعاد تناول الطعام أو انتظار زوجها لمكالمة عمل، فهي كلها أشياء يسيرة ولكنها تضايق الزوج؛ لذلك يمكن للزوجين أن يتفقا على أن يحاول كل منهما التغيير من عاداته حتى يتحقق الهدوء والراحة في منزلهما، ويخيم عليه الاستقرار، ويسود مناخ الألفة والمحبة، ويشعر الزوجان أن كلاً منهما مكمل للآخر، وينعم الأولاد وسط مناخ التفاهم الذي يعم خيره كل أفراد الأسرة.
كما ينصح خبراء الاجتماع كل زوجة أثبتت لها الأيام أن عادات زوجها التي تضايقها لن تتغير بأن تحاول هي تغيير ردود فعلها تجاهها، لأنها في النهاية أشياء يسيرة بالفعل، خاصة إذا كان الزوج فيه معظم الصفات التي تتمناها الزوجة.
بالصبر تبلغ ما تريد:
يؤكد المتخصصون أن عملية تغيير العادات المترسخة في النفس مثل أي عملية تجديد تحتاج إلى الصبر والهدوء؛ لأن الانفعال والغضب لا يفيدان، ولهما آثارهما السيئة.
ولتحاول كل زوجة أن تتغاضى عن هذه الأشياء، ولا تركز في نظرتها إلى زوجها إلا على صفاته الجميلة، وتقنع نفسها بأنها حاولت وفشلت فلتقبله إذاً بعيوبه وصفاته كما يتقبلها هو بعيوبها وصفاتها، فليس هناك إنسان كامل على وجه الأرض، كما أن هناك نظرية تقول: إن ما يصيبنا بالأمراض ليست الأشياء في حد ذاتها ولكن نظرتنا المشوهة لهذه الأشياء.
وبذلك ينبغي أن نعدل من نظرتنا وتقييمنا الخاطئ لبعض الأمور، وأن السعادة بعد توفيق الله تكون في الغالب من صنع أيدينا، ونظرتنا المتفائلة للحياة.
متعنا الله - تعالى -، بحياة آمنة ومستقرة، ومنحنا الأمن والسكينة، وكفانا شر الغضب الذي نهى عنه الإسلام السمح.
ـــــــــــــــــــ(111/122)
ـ
المراجع:
1- القرآن الكريم.
2- رياض الصالحين.
3- محمد محمد عيسوي الفيومي: فاعلية العلاج المتمركز حول العميل في تحسين بعض حالات الاضطرابات السيوكوسوماتية - رسالة دكتوراه - تربية بنها 1995.
4- عبد العزيز القوصي:أسس الصحة النفسية - النهضة العربية القاهرة 1982.
http://jmuslim.naseej.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/123)
وللرجال عليهن درجة
عبد الله بن محمد زقيل
إن من أهم الركائز في الحياة الرتبة والمنزلة التي للرجل على المرأة الواردة في قوله - تعالى -: '' وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ '' (البقرة: 228)، قال القرطبي: ولا يخفى على لبيب فضل الرجال على النساء، ولو لم يكن إلا أن المرأة خلقت من الرجل فهو أصلها. ا. هـ. فهي رتبة ومنزلة في أمور كثيرة من ذلك:
1 - القوامة كما قال - تعالى -: '' الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ '' (النساء: 34)، ويدخل في ذلك أمور كثيرة من ذلك: لا تخرج من بيته إلا بإذنه، وإذا دعاها إلى الفراش وجب عليها إجابته إلا لعذر شرعي، وتستأذنه في صيام النفل، قال القرطبي: وعلى الجملة فدرجة تقتضي التفضيل، وتشعر بأن حق الزوج عليها أوجب من حقها عليه، ولهذا قال - عليه السلام -: ولو أمرت أحدا بالسجود لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. ا. هـ.
وبالرغم من تواتر النصوص على قوامة الرجل على المرأة إلا أن دعاة التغريب يريدون المرأة أن تتمرد على أمر الله ورسوله، ويظنون أن الخير في تمردها على زوجها، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا.
2 - أن له ضعفها في الميراث كما قال - تعالى -: '' لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ '' (النساء: 4)، وروى البخاري في صحيحه (2747) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين...''.قال ابن كثير في سبب مضاعفة الرجل في الميراث: فإن أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث فأمر الله - تعالى -بالتسوية بينهم في أصل الميراث وفاوت بين الصنفين فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤونة النفقة والكلفة ومعاناة التجارة والتكسب وتحمل المشاق فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى.
3 - شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين كما قال - تعالى -: '' وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ '' (البقرة: 282)، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (5/266): قال ابن المنذر: أجمع العلماء على القول بظاهر الآية. ومع وضوح هذا الحكم إلا أن بعض أهل العلم انحرف عن الجادة في الآية فساوى في الشهادة بين الرجل والمرأة، والله المستعان.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/124)
كيف أعلم أولادي المهارات الحياتية
أحمد طفل عنده 10 سنوات ، أعطته أمه مبلغاً من المال لشراء بعض المشتريات للمنزل ، وهو في طريقه وجد أطفال يلعبون الكرة فلعب معهم ، ولكن حدث شيء أزعجه كثيرًا ، وهو أنه فقد المال الذي أعطته أمه لشراء المشتريات ، فترك الأولاد ووقف جانبًا يبكي لا يدري ماذا يفعل ؟ فإذا برجل غريب يقف أمامه ويسأله: لماذا تبكي يا صغير ؟ فقال له السبب ، فاقترح عليه حلًا أن يأخذه إلى أمه ، ويشرح لها ما حدث حتى لا تضربه ، فوافق أحمد ومشى مع هذا الغريب إلى بيت أحمد.
وعندما وصلوا إلى باب البيت ؛ فتحت الأم وجرَّت الولد إلى داخل البيت ، وضربته قبل أن تعرف سبب تأخره ، وفوق ذلك أنه لم يحضر المشتريات التي كانت تحتاجها وتنتظرها.
فما رأيكِ عزيزتي الأم في موقف أحمد؟
وما رأيكِ في موقف أم أحمد من تأخره وضياع المال منه وعدم شراء المشتريات؟
من خلال هذه القصة البسيطة فإننا يمكننا وضع أيدينا على عدة أخطاء من أحمد ومن الأم ، ويمكنك أن تشاركي معنا في التفكير.
فمن الأخطاء التي وقع فيها الابن أنه ليس عنده أولويات في العمل ، ما المهم وما الأهم ؟
وأيضًا بكى عند فقد المال ولم يفكر في حلول أخرى ، ومن الأخطاء الفادحة أنه مشى مع الرجل الغريب إلى باب بيته ؛ ليكلم أمه بالنيابة عنه.
أما عن الأم فكان عليها أن تتناقش مع الابن ، وتسأله عن الأسباب وغير ذلك ، بدلًا من الضرب الذي لا يعلم شيئًا ، أو أن تخصم المال الضائع من مصروفه ، وتعلمه ألا يمشي مع رجل غريب .. وغير ذلك.
عزيزتي الأم القارئة:
قبل أن ندخل في تفصيل المهارات الحياتية ، نسأل أولًا ما معنى المهارات الحياتية؟
المهارات الحياتية هي: القدرة على التكيف والسلوك الإيجابي للمواقف المختلفة ، التي تساعد الإنسان على التعامل مع متطلبات وتحديات الحياة اليومية.
والسؤال الآن كيف يمكن تطبيق المهارات الحياتية وتعليمها للأبناء؟
يمكن تعليم الطفل منذ الصغر المهارات الحياتية ، ويكون هذا في شكل لعب أو تمثيلية أو موقف أو مشكلة تطلب منه الأم إيجاد الحل ، أو حكاية قصة لها موقف ، على أن يكمل الطفل القصة باستخدام المهارات الحياتية.
وكل ذلك حتى يستطيع الأولاد التصرف في حل عدم وجود الأم أو الأب، ويحمي نفسه من أي خطر يحدق به.
مثال على ذلك:
طفل ضربك .. كيف تتصرف ؟
إذا أعطاك أحد شيء لا تعرفه .. كيف تتصرف ؟
إذا حاول شخص أن يأخذك إلى مكان لا تعرفه .. كيف تتصرف ؟
إذا كنت في الطريق وفجأة لم تجد 'ماما' معك .. كيف تتصرف ؟
إذا طلب منك شخص الساعة أو الموبايل لإعطائها للأب وأنت في السيارة .. ماذا تفعل ؟
وأُعلِّم الابن - البنات أو الأولاد - الفرق بين اللمسة العادية واللمسة المشكوك فيها ، وهذا يفيد جدًا الطفل في حالات الاعتداء الجنسي ليعرف كيف يتصرف.
وتسأل سائلة: لماذا أعلم أولادي المهارات الحياتية ، وهل هي هامة لهذه الدرجة ؟
من المهم أن نرى أولادنا أقوياء فطناء ، وليسوا ضعفاء أو سمتهم السذاجة ؛ حتى لا يكون مطمعًا للآخرين ، ومصدر للسخرية والاستهزاء.
والشرع يأمرنا أن لا نضيِّع أولادنا ، ولا نربيهم على الضعف والوهن ، ويقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( المؤمن القوي خير وأحب إلا الله من المؤمن الضعيف ) رواه مسلم.
والمؤمن أيضًا كيَّس فطن ، هكذا تكون صورة المسلم في المجتمع ، وما ينبغي أن نربي عليه أولادنا.
ما رأيك الآن عزيزتي الأم أن نعرض لكِ المهارات الحياتية وهي:
1- القدرة على اتخاذ القرار.
2- القدرة على إيجاد الحل المناسب للتعامل مع المشاكل في حياتنا بطريقة بنَّاءة.
3- التفكير النقدي: مثال: التدخين ، فقبل أن يَقبَل الولد السيجارة الأولى من الآخرين ؛ يسأل نفسه: ما ميزات قبولي للسيجارة ؟ وما عيوب رفضي للسيجارة ؟ هل بالسيجارة أصبح رجلًا ؟ وعندما يفكر في المواقف بطريقة سليمة يأخذ القرار السليم.
4- التفكير الإبداعي: أي تنمية التفكير بطريقة فيها إبداع، وهذا يساعد في التعامل مع المواقف بطريقة واقعية ومرنة، خاصة في المشاكل اليومية.
5- الاتصال الفعَّال: وهي القدرة على التعبير اللفظي وغير اللفظي.
6- مهارات تكوين علاقات مع الآخرين: وهي القدرة على تكوين علاقات إيجابية بين الناس ، وتكوين أصدقاء والإبقاء على هذه الصداقة ، وكذلك الإبقاء على العلاقات الطيبة بين أفراد الأسرة.
7- مهارات الوعي بالذات: وهي أن يتعلم الإنسان كيف يكون شخصًا مهمًا ، ويتعرف على صفات القوة والضعف في نفسه ، وذلك يساعد الشخص على التعرف على صفاته أثناء الأزمات.
8- مهارات التشاعر: وهي الإحساس بمشاعر الآخرين ومحاولة حل المشكلة.
فمثلًا إذا كان الطفل يبكي لا أقول له: 'خليك راجل' لأنه ليس رجلًا ، ولكن أفهمه واسمع منه ما يبكيه.
9- التكيف مع المشاعر: وهي التعرف على المشاعر بداخلنا وبداخل الآخرين ، ومعرفة المشاعر التي يمر بها الشخص أثناء أي سلوك يأخذه ، مثال: الفرح والحزن ، فالإنسان إذا تواجد في فرح تختلف مشاعره إذا تواجد في عزاء مثلًا ، فليس من العقل أن يحزن الإنسان في الفرح ، أو يذهب للعزاء ويضحك ، ويتكلم في موضوعات لا تناسب الموقف.
10- التكيف مع الضغوط: إن الضغوط اليومية الحياتية تؤثر علينا ، ولكننا نستطيع التحكم فيها ، مثال: الوقوف بثقة أمام ضغوط الزملاء ، كموضوع التدخين والمخدرات وغير ذلك ، مما يمس الصحة العامة والشرع والأخلاق ، يقول الزملاء للشخص: 'خليك راجل وجرَّب!!!'.
ونخلص من كل ما سبق أن تعليم أولادنا المهارات الحياتية التي ذكرناها هو من الأهمية بمكان ؛ لأن أي مشكلة تواجه الأبناء يمكن التعامل معها ، وإيجاد الحلول المناسبة لو عندهم مهارات حياتية ، مثل مشاكل الإدمان والاعتداء الجنسي ، والمشاكل الدراسية ، والتعامل مع الضغوط المدرسية .. وغير ذلك.
ولا ننسى عزيزتي الأم أن نربي أولادنا على القوة والفطنة والمهارة والمرونة ، وتذكري معي قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) رواه مسلم.
إننا لكي نضمن السلامة النفسية لأي إنسان - وخاصة الأبناء - لا بد من التعرف على ثلاثة أشياء:
1- طرق الاتصال الجيد.
2- التعرف على مراحل النمو النفسي والاجتماعي للمرحلة التي أتعامل معها.
3- المهارات الحياتية.
نقلا عن مفكرة الإسلام
ـــــــــــــــــــ(111/125)
فن التعامل مع الزوجة
الحب الزوجي
علي بن صالح الجبر البطيح
أهلا وسهلا بك عزيزي
في عالم المتزوجين ممن أكملوا شطر دينهم
آية كريمة مباركة
• (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها....)
• حقها (والصاحب بالجنب)
مقارنة بين نظر المرأة والرجل لذات الأمر
رأي وحجة:
هل الكمبيوتر مؤنث أم مذكر ؟؟؟؟
لم يكن المدرس متأكدا من الإجابة،
فقام بتقسيم الفصل إلى مجموعتين
مجموعة الأولاد ومجموعة البنات، وطلب من كل منهما أن يدلي برأيه مع إعطاء أربعة أسباب تثبت هذا الرأي:
ورأت مجموعة الأولاد أن الكمبيوتر مؤنث وذلك للأسباب التالية:
1 / لا أحد يفهم المنطق الخاص به إلا صانعه فقط.
2 / لا يستطيع أحد أن يفهم اللغة الداخلية التي يعمل بها.
3 / يحتفظ بأخطائك حتى البسيط منها ليسترجعها لاحقا.
4 / عندما ترتبط بإحداهن، تجد نفسك تنفق نصف مرتبك على الإكسسوارات والطلبات المفاجئة.
رأت مجموعة البنات أن الكمبيوتر مذكر وذلك للأسباب التالية:
1- لكي تحصل على اهتمامه، يجب أن تضغط على كل مفاتيحه.
2 - لديه الكثير من المعلومات، ولكن يصعب فهمه.
3- من المفروض أن يساعدك على حل مشكلاتك، ولكن في أغلب الأحيان يكون هو المشكلة.
4 - بعد الارتباط به، تكتشف أنك لو انتظرت قليلا لكان بإمكانك الحصول على أفضل منه.
الحب من طرف واحد:
• كانت لابن عمر –رضي الله عنهما جارية، وكان يحبها حباً شديداً، حتى إنها سقطت مرة عن الفرس التي كانت تركبها، فجاء إليها راكضاً، وجعل يمسح التراب عن وجهها وعن رأسها بحنان، ويفدّيها (يقول لها: فدتك نفسي فدتك نفسي). وهي تقول له: قالون قالون. (كلمة فارسية معناها: أنت رجل ممتاز). ثم أتيح لها فرصة فهربت منه!! فالتفت ابن عمر –رضي الله عنهما؛ فلم يجد من كان يحبها؛ فكان يقول:
• قد كنت أحسبني قالون فانصرفت *** فاليوم أعلم أني غير قالون
• وذكر ابن حزم رحمه الله في كتابه (طوق الحمامة): أن محمد بن عامر كان يرى الجارية فيحبها ولا يصبر عنها، ويأتي عليه الهم والغم إلى أن يشتريها ويتملكها! وبعد أن تصبح ملكًا له، تتحول المحبة نفوراً، ويصبح الأنس شروداً! فيتخلص منها!! حتى إنه أتلف بذلك مالاً عظيماً.
وكان أديباً نبيلاً، حسن الوجه والصورة! يضرب به المثل في حسنه وجماله، وتقف الألفاظ عند وصفه.
يقول ابن حزم: "ولقد مات من محبته عددٌ من الجواري، بعد أن تسلل الملل إلى علاقته بهن، وأنا أعرف جارية منهن، كانت تسمى: عفراء، لا تتستر عن محبته حيثما جلست، وكانت لا تجف دموعها أبداً".
إن الحب الزوجي بحاجة إلى مجهود غير عادي من الطرفين، من أجل أن يظل واقفاً على قدميه.
• فمشكلة الحب الزوجي ليست في الخلافات العادية الحياتية، التي يتم تجاوزها، بل ربما تكون سبباً في تجديد العلاقة، أو هي (بهارات) تضاف إلى هذه الطبخة الجميلة.
وأحسن أيام الهوى يومك الذي *** تهدد بالتحريش فيه وبالعتب
إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضى *** فأين حلاوات الرسائل والكتب
إن المشكلة تكمن في ثلاث نقاط
• الأولى: عدم قدرة الإنسان على فهم الطرف الآخر؛ بل ربما عدم قدرته على فهم نفسه هو.
• الثانية: عدم القدرة على التكيف مع هذه الشراكة الجديدة، أو التكيف مع الأوضاع المتغيرة، وكأننا نريد باستمرار أن يكون ما كان على ما هو عليه.
• الثالثة وهي الأهم: عدم الإخلاص لهذه العلاقة، وعدم الاستماتة من الطرفين في ديمومتها وبقائها وإزالة وطرد كل ما يعكرها.
لهذا أنت بحاجة إلى فهم قوانين اللعبة كما يقال وكما سمتها صاحبة كتاب (إذا كان الحب لعبة فهذه قوانينها).
الوسائل العشر (10) للحب الدائم:
• أولاً: تعود على استخدام العبارات الإيجابية، كالدعوات الصالحة، أو كلمات الثناء.
قل لزوجتك: لو عادت الأيام؛ ما اخترت زوجة غيرك!
إن الكلام العاطفي يثير المرأة، وهو السلاح الذي استطاع به اللصوص اقتحام الحصون والقلاع الشريفة، وسرقة محتوياتها الثمينة.
إن الكلمة الطيبة تنعش قلب المرأة؛ فقلها أنت قبل أن تسمعها من غيرك.
• ثانياً: التصرفات الصغيرة المعبرة.
• مثل: إن وجدتها نائمة؛ فضع عليها الغطاء.
اتصل بها من العمل لتسلم عليها فقط وأشعرها بذلك.
• أرأيت كيف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِيِّ امْرَأَتِكَ" صحيح البخاري (5354)، وصحيح مسلم (1628).
• إن ذلك جزء من الذوق، إذا تعود المرء عليه؛ فإنه لا يحتاج إلى كبير جهد لممارسته.
ومن لم يتعود ذلك، ربما إذا سمع هذا الكلام يشعر بالخجل وبالإحراج ويفضل بقاء الأمور كما هي عليه، بدلاً من هذه المحاولة، التي ربما يعتبرها مغامرة.
أنت بحاجة إلى أن تدخل عادات و سلوكيات جديدة في حياتك، وإلا سوف تظل تواجه المشكلات.
• ثالثاً: تخصيص وقت للحوار بين الزوجين.
• الحوار عن الماضي، وذكرياته الجميلة؛ فإن الحديث عنها يجددها كما لو كانت وقعت بالأمس.
• الحوار عن الحاضر وإيجابياته وسلبياته وكيف نستطيع التغلب على مشكلاته.
• الحوار عن المستقبل، وعن وعوده، و خططه، وحظوظه الجيدة.
• رابعاً: التقارب الجسدي.
ليس فقط من خلال الوصال والمعاشرة، بل الاعتياد على التقارب في المجالس و في المسير.
وإن كان هناك من لا يزال يستحي أن يرى الناس امرأته تمشي بجانبه، أو حتى تمشي وراءه.
• خامساً: تأمين المساعدة العاطفية عند الحاجة إليها.
فقد تكون المرأة حاملاً، أو في فترة الدورة الشهرية؛ و تحتاج إلى الوقوف معها معنويًّا؛ وذلك بتقدير حالتها النفسية؛ فقد قال أهل الطب: إن معظم النساء في حالة الحمل أو الحيض أو النفاس يعانين من توتر نفسي تضطرب معه بعض تصرفاتها. ومن هنا تحتاج المرأة إلى مؤازرة عاطفية تشعرها بحاجة الزوج لها وعدم استغنائه عنها خاصة في مثل هذه الحالة
• سادساً: التعبير المادي عن الحب.
من خلال الهدية سواء كان ذلك بمناسبة أو بغير مناسبة، والمفاجأة لها وقع جميل.
اختر هدية معبرة، وليس المهم في الهدية قيمتها المادية عند المرأة؛ بل بمناسبتها وملاءمتها لذوقها وما تحبه، وتعبيرك عن شعورك بها، واستذكارك لها.
• سابعاً: إشاعة روح التسامح والتغافل عن السلبيات.
كرر الصفح ونسيان الأخطاء خاصة في الأمور الحياتية البسيطة التي ينبغي لكريم النفس ألا يتعاهدها بالسؤال.
• ثامناً: التفاهم حول القضايا المشتركة:
• تاسعاً: التجديد وإذابة الجليد.
بإمكان الإنسان رجلاً، أو امرأة أن يقرأ كتاباً، أو يسمع شريطاً؛ حتى يستطيع أن يجدد الحياة الزوجية! وأن يضيف عليها من المعاني، والتنويع في: الملبس، والمأكل، والمشرب، والأثاث، والمنزل، وطرق المعاملة، والمعاشرة. ما يجعل الحياة تستمر، وتجدّ، ولا يتسرب إليها الملل، أو السأم.
• عاشراً: حماية العلاقة من المؤثرات السلبية مثل: المقارنة مع الأخريات.
صورة مشرقة:
• روى الخطيب البغدادي رحمه الله أن سعيد بن اسماعيل الواعظ رحمه الله سئل أي أعمالك أرجى عندك؟ فقال إني لما ترعرعت وأنا بالري وكان يريدونني على التزويج فأمتنع، فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان قد أحببتك حبا قد أذهب نومي وقراري، وأنا أسألك بمقلب القلوب وأتوسل به إليك إلا تزوجتني. فقلت ألك والد؟ قالت نعم، فأحضرته فاستدعى بالشهود فتزوجتها، فلما خلوت بها فإذا هي عوراء عرجاء شوهاء مشوهة الخلق، فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدرته لي، وكان أهل بيتي يلومونني على تزويجي بها.
• فكنت أزيدها برا وإكراما وربما احتبستني عندها ومنعتني من حضور بعض المجالس، وكأني كنت في بعض أوقاتي على أحر من الجمر وكنت لا أبدي لها من ذلك شيئا فمكثت على ذلك خمس عشرة سنة، فما شيء أرجى عندي من حفظي إليها ما كان في قلبها من جهتي.
(محطة استراحة)
جزء من شرائع الدين يتنازل بها من أجل إصلاح الأفراد
قال: صلى الله عليه وسلم ((استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته فلا يزال به عوج، فاستوصوا بالنساء)) ومع ذلك (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) إذا: تأليف قلوب الناس ومنهم الزوجة لا تفي به أرصدة الدنيا.
لماذا حسن الخلق في التعامل مع الزوجة؟؟؟؟
• (الدين المعاملة) وله شواهد:
• قال عليه الصلاة والسلام بعد أن سئل عن خير ما أعطي المرء: (حسن الخلق)
• قال حمدون القصار: إذا زل أخ من إخوانك فاطلب له تسعين عذرا) فكيف بشريكة الحياة
تمرين 1
لاحظت خلال سنوات حياتك عددا كبيرا من الأزواج في مختلف المراحل العمرية من الأقارب وغيرهم ربما لم يعلق في ذهنك إلا القليل ممن تميز منهم بحسن تعامله ولمساته الحانية فضلا في ظرف دقيقتين رشح واحدا من هؤلاء مع ذكر سبب تميزه بدقة؟
استمتع بالأخلاق مع الزوجة:
• الأخلاق متعة في الدارين.. أنت لو كان صدرك ضيقا من مشكلة معينة.. فمن طبيعتك أن تكون مكشرا.. فحاول أن تبتسم دائماً لأنك بذلك تخرج هذا الضيق من صدرك..
• كسب الناس أم كسب المال؟ تبذل المال لتبني رصيدا عند الزوجة.. عطاؤك للهدايا.... كل هذا لكسب محبتها.. فأنت في الحقيقة تنفق المال لكسبها.. و الأصل شرعا: التبسم ولايكلفك مالا.. و(كل بسمة تنزع حزنا داخليا)وهي من الهدايا...
طبيعة الإنسان الأصلية:
• الجحود.
• التكبر.
• الجهل.
• الجدل الإعراض.
• الكنود.
• البخل.
• الجزع.... ذكرها الله في أكثر من (11) آية.
• الأصل فيمن تتعامل معها هذه الصفات لكن تتغير وتتفاوت حسب التربية والتزكية وقد تضيع فاصطحبها عند التعامل.
استراحة طبية ونفسية:
• هنا.. دراسة حديثة أصدرتها جامعة لوحاذو السويسرية تتعلق بالفوائد الصحية للزواج.. فقد ثبت أن الزواج يقي الرجال والنساء متاعب الصداع العارض والمزمن، حيث يساعد الشعور النفسي بالعلاقة المستديمة المستقرة على تخفيف حدة توتر الجسم وإفراز هرمونات السعادة بكم أكبر من هرمونات القلق والخوف والحزن.. كما أكدت الدراسة أن الزواج المبكر يساعد الإنسان على التخلص من غالبية أشكال الضغوط النفسية والعصبية ومن توابع مشكلات العمل والاصطدام بالمجتمع ويساعد الزواج أيضاً على علاج الأرق وقلة ساعات النوم وعلى التخلص من السعرات الزائدة أولاً بأول وبمعدل لا يقل عن (200) سعر حراري.
أهم القواعد في معالجة الأخطاء:
• اللوم للمخطئة لا يأتي بخير غالباً.
• أبعد الحاجز الضبابي عن عينها.
• استخدم العبارات اللطيفة في إصلاح خطئها.
• ترك الجدال أكثر إقناعاً من الجدال.
• ضع نفسك مكانها ثم ابحث عن الحل.
• ما كان الرفق في شيء إلا زانه.
• دعها تتوصل لفكرتك.
• عندما تنتقدها اذكر جوانب الصواب.
• لا تفتش عن أخطائها الخفية.
• استفسر عن خطئها مع إحسان الظن والتثبت.
• امدح على قليل الصواب يكثر منها الصواب.
• تذكر أن الكلمة القاسية في العتاب لها كلمة طيبة مرادفة تؤدي المعنى نفسه.
• اجعل الخطأ هيّناً ويسيراً وابن الثقة في نفسها لإصلاحه.
• تذكر أنها تتعامل بعاطفتها أكثر من عقلها.
تمرين 2:
• قد يبتلى المرء بزوجة غير مرغوب فيها لأنها ذات طباع صعبة وحالات سلوكية حرجة اذكر (7) من هذه الطباع مختصرة؟
• وكيف تتعامل مع الخجولة؟؟؟؟
كيف تكسبها؟؟؟؟؟؟؟
• لا توبخها دائما
• حرك الرغبة عندها في فعل الخير
• فكر فيما تحبه هي لا فيما تحبه أنت
• اظهر اهتمامك بها
• ابتسم
• اسمها هو أجمل وأفضل الأسماء بالنسبة إليها مناداة الزوجة بغير اسمها وهذا مشتهر في قول بعض الأزواج: يا إيه، يا هيه، يا ولد، ومِن نحو ذلك مما هو مشتهر عند البعض أو ندائها بصراخ وصخب ورفع صوت وقد بوب البخاري في الأدب المفرد ((باب كنية النساء)) عن عائشة - رضي الله عنها – قالت: "يا نبي الله ألا تكنيني" فقالت: "اكتني بابنك " يعني عبد الله بن الزبير فكانت تكنى أم عبد الله وإسناده صحيح.
• كن مستمعا لبقا فإن ذلك يعمل على تخليصها مما ران عليها من هموم ومكبوتات.
علاقة الرجل بأهله بعد الزواج:
إن ثمة حساسية تحدث بعد الزواج من قبل أهل الرجل تجاهه وتجاه زوجته بالأخص فيتصور الوالدان وبخاصة الأم بأن هذه الزوجة قد سلبت ابنهم منهم وما إلى ذلك من تصورات، ولدرء هذه المفسدة يجب على الزوجين الآتي:
1) أن يعلم الرجل أن أولى الناس به أمه بالدرجة الأولى ثم أبيه ثم زوجته.
2) يجب مداراة الأم بعد الزواج وإظهار هذه المداراة وإشعارها بها.
3) على الرجل تحمل أخطاء أمه والصبر على تجاوزاتها ومقابلة الإساءة منها بالإحسان، وأن يأمر زوجته بذلك وأن تصطنع المحبة إن لم تكن فعلا.
4) التهادي بالمناسبات وغير المناسبات ويفضل أن تكون الزوجة هي التي تهدي الهدايا للأم أو الأب.
5) الكذب مباح في تحسين العلاقات الاجتماعية والعائلية، فعلى الرجل حسن استخدامه في الضرورة فقط وعندما لا يقوم غيره في تصفية جو الأسرة.
6) على الرجل أن يأمر زوجته بعدم التدخل في شؤون الغير (الإخوة والأخوات الأم.. ).
7) أن يأمر الرجل زوجته بعدم التدخل عندما يزجر أهله أولاده وعليها ألا تتأثر بذلك ولا تبدي معارضة.
8) على الرجل ألا يعتبر كلام زوجته وأخبارها من المسلمات القطعية فيبني عليه حكماً.
9) عدم إفشاء المشاكل الزوجية الخاصة بينهما لأشخاص آخرين في البيت.
آداب الزفاف:
1 وضع اليد على مقدمة رأس الزوجة والدعاء لها: يقول - صلى الله عليه وسلم -: " إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليأخذ بناصيتها وليسم الله عزوجل بالبركة وليقل: " اللهم إني أسالك من خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه" [رواه البخاري].
2 يستحب لهما أن يصليا ركعتين معا: لما روي عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دخلت المرأة على زوجها يقوم الرجل فتقوم من خلفه فيصليان ركعتين ويقول: "اللهم ارزقهم مني وارزقني منهم، اللهم اجمع بيننا ما جمعت في خير وفرق بيننا إذا فرقت في خير" [أخرجه الطبراني وصححه الألباني].
3 ما يقول حين يأتي الأهل: ينبغي أن يقول حين يأتي الأهل: " بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ". قال صلى الله عليه وسلم " فإن قضى الله بينهما ولدا لم يضره الشيطان أبدا " [رواه البخاري]
4 اجتناب الأوقات والمواضع المنهي عنها: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" [رواه أصحاب السنن الأربعة والنسائي و صححه الألباني].
5 الوضوء أو الغسل فبل النوم والغسل أفضل: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ثلاثة لا تقربهم الملائكة جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوف والجنب إلا أن يتوضأ" [أخرجه أبو داوود وحسنه الألباني].
6 ما يحل له من الحائض: يجوز أن يتمتع بما دون الفرج لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " واصنعوا كل شيء إلا النكاح " رواه مسلم فإذا طهرت جاز له وطؤها بعد أن تغتسل.
7 النية في النكاح ينبغي لهما أن ينويا بنكاحهما إعفاف تقسيما عن الحرام فإنه يكتب لهما صدقة لقوله صلى الله عليه وسلم: " وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال " أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ " قالوا بلى، قال " فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرا ” رواه مسلم 8 تحريم نشر أسرار الجماع: لقوله - صلى الله عليه وسلم - إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها " [رواه مسلم].
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/126)
كيف يكون بيتك سعيداً
أمير بن محمد المدري*
إخواني كلنا يبحث ويريد البيت المسلم السعيد؛ البيت الذي فيه المأوى الكريم، والراحة النفسية، البيت الذي ينشأ في جنباته جيل صالح فريد: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ))(الروم:21) فيا ترى هذا البيت السعيد ما هي سماته وما هي صفاته.
إخواني: البيت نعمة لا يعرف قيمته وفضله إلا من فقده، وعاش في ظلمات سجن، أو في غربة، أوفي فلاة؛ قال تعالى: (( والله جعل لكم من بيوتكم سكناً)) فالبيت نعمة من نعم الله على عباده؛ يجد المسلم راحته وهدوء باله، وفيه السكن والراحة والمودة في خضم مشاكل الحياة.
إنّ طريق الفوز والنجاة في الدنيا والآخرة لا يبدأ إلا بِصلاح البيوت وتربيتها على الإيمان والقرآن والذكر، أما الخسارة فستكون فادحة وعظيمة يوم يخسر الإنسان أهله ويُضّيع من يعول: ((قل إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ))(الزمر: 15).
إن العلاقة الزوجية ليست علاقة دنيوية مادية؛ ولا شهوانية بهيمية؛ فهي أسمى وأعلى من ذلك، إذ هي علاقة روحية كريمة، إذا ترعرعت ونمت امتدت إلى الحياة الآخرة بعد الممات ((جنات عدنٍ يدخلونها ومن صلح من أباءهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب))(الرعد: 23 ).
البيت السعيد أمانة يحملها الزوجان، وبهما تنطلق مسيرة هذا البيت، فإذا استقاما على منهج الله قولاً وعملاً، وتزيناً بزينة النفوس ظاهراً وباطناً، وتجملا بحسن الخلق والسيرة الطبية؛ أصبح هذا البيت مأوى النور، وإشعاع الفضيلة، وأصبح منطلقاً لبناء جيل صالح، وصناعة مجتمع كريم، وأمه عظيمة، وحضارة راقية؛ يبدأ من صلاح الزوجين، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
إن البيت السعيد هو البيت الذي جعل منهجه الإسلام قولاً وعملاً، البيت السعيد هو حصانة للفطرة من الانحراف كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كُلُّ مَوْلود يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، وَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانَهُ أَوْ يُنَصِّرَانَهُ أَوْ يُمَجِّسَانَهُ، كَمَا تَنْتُجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ )) متفق عليه، قال ابن القيم: "وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صِغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً".
ما أجمل أن يجمع الأب أبناءه فيقرأ عليهم القرآن، ويسمع ويسرد عليهم من قصص الأنبياء والصحابة، ويغرس فيهم الأخلاق العالية، وإن أهم رسالة للبيت المسلم هي تربية الأولاد التربية الصحيحة لا غبش فيها ولا تشوه، ولا تربية إلا بتحقيق القدوة الحسنة في الوالدين، القدوة في العبادات والأخلاق، القدوة في الأقوال والأعمال، القدوة في المخبر والمظهر، فيأمر الأب أولاده بالصلاة وهو أول المصلين، ويأمرهم بالأخلاق وهو أعلاهم خُلقاً، ويحثهم على الصدق وهو أصدقهم، مشى طائر الطاووس يوماً باختيال فقلّده بمشيته بنوه؛ فقال: علام تختالون!! فقالوا: بدأت به، ونحن مقلدوه.
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
فالأولاد مفطورون على حب التقليد، وأول ما يقلد الطفل أباه وأمه، لكن عندما انشغل الآباء عن تربية أبناءهم، والقيام بالقوامة على نساءهم، والحفاظ على أبناءهم من قرناء السوء، والضياع والدمار؛ عند ذلك تحطّمت الأسر والبيوت، وضاع جيل بعد جيل: فليتق الله كل الآباء.
إن من صفات البيت السعيد أنه يرد الأمور عند الخلاف إلى الله - تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولسان حالهم: ((فإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ))(النساء: 59)، وقال تعالى: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ))( الأحزاب: 36 ).
البيت السعيد سعادته وأنسه ولذته في ذكر الله؛ ففي الحديث الصحيح عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت))، وفي الصحيح أيضاً قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبوراً )، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة )، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( عليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )، في هذه الأحاديث وغيرها دليل على مشروعية إحياء البيوت وتنويرها بالتسبيح والتهليل والتكبير، وقراءة القرآن وصلاة النافلة، وإذا خلت البيوت من الصلاة ومن الذكر كانت قبوراً موحشة ولو كانت قصوراً، فبدون الذكر تغدو البيوت مكاناً للشياطين، سكانها موتى القلوب وإن كانوا أحياء ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ))(طه: 124)، وقال - عز وجل -: ((ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قريناً ))( الزخرف: 36).
البيت السعيد هو البيت البعيد عن المشاجرات والمهاترات، وضرب الوجه والإهانة والإذلال؛ سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طَعِمْتَ، وتكسوها إذا اكتسيت - أو اكسبت -، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت ))( رواه أبو داوود برقم 2142، وقال الألباني: حسن صحيح)، قال تعالى: ((وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ))( النساء: 19).
البيت السعيد ليس شرطاً أن يكون قصراً، وليس شرطاً أن يمتلأ بالأموال والمأكولات والمشروبات، ولكن يكفيه الكفاف والرضا بالمقسوم؛ شعاره قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه؛ فكأنما حيزت له الدنيا )( رواه الترمذي برقم 2346، وقال الألباني: حسن)، وجاء العباس عمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله - عز وجل -!! قال: سل الله العافية، فمكثت أياماً ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله!! فقال لي: يا عباس يا عم رسول الله؛ سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة)( رواه الترمذي برقم 3514، وقال الألباني صحيح)، ويرحم الله هارون الرشيد الذي ملك الدنيا وكان أميراً للمؤمنين؛ جلس ذات يوم فعطش فطلب الماء، فلما أحضر الكأس قال له قاضي القضاه: يا أمير المؤمنين لو أنك مُنعت هذه الشربة ماذا ستفعل!! قال: سأدفع نصف ملكي، فأعطاه فشرب ثم قال له: يا أمير المؤمنين لو مُنعت هذه الشربة من الخروج ماذا ستفعل: قال سأدفع نصف ملكي!! قال قاضي القضاة: "تباً لملك لا يساوي شربة ماء إدخالها وإخراجها"، وكان على - رضي الله عنه - عند الحاجة يقول في نفسه: "يا لها من نعمة منسية، قليل شاكرها"، فيا عبد الله: سل الله العافية في الدنيا والآخرة، لك ولأهلك ولأحبابك.
البيت السعيد يتعاون أفراده على الطاعة والعبادة، فضعف إيمان الزوج تقويه الزوجة، واعوجاج سلوك الزوجة يقوّيه الزوج، تكامل وقوة، ونصيحة وتناصح؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته؛ فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء)(أخرجه أبو داوود برقم 1308، وقال الألباني حسن صحيح)، وعن أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا استيقظ الرجل من الليل؛ وأيقظ امرأته؛ فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات)(رواه أبو داوود والنسائي وابن ماجه واللفظ له وهو عنده برقم: 1335، وقال الألباني صحيح).
البيت السعيد يؤسس على علم وعمل؛ بيت تُقام فيه حِلق الذكر والعلم، فيتعلم الجميع آداب الطهارة، وأحكام الصلاة، وآداب الاستئذان، والحلال والحرام، البيت السعيد أساسه قائم على الحياء فهو يزرع في قلوب أبنائه وبناته الحياء والحشمة، فلا يليق بالبيت المسلم أن يخدش حياءه، ويهتك سترة بالأفلام الخليعة، والمسلسلات الخبيثة، والمجلات الفاسدة قال تعالى: (( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خيراً أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم )).
البيت السعيد أسراره محفوظة، وخلافاته مستورة، لا تُفشى لا من قبل الزوج ولا من قبل الزوجة قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضى إليه ثم ينشر سرها)( رواه مسلم برقم 1437)، وفي ظل هذه المعاني يقوم البيت المسلم السعيد عامراً بالصلاة والقرآن، تُظلله المحبة والوئام، وتنشأ الذرية الصالحة فتكون قُرة عين للوالدين، ومصدر خير لهما في الدنيا والآخرة قال تعالى: (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ))(سورة النحل: 97).
البيت السعيد بسيط في كل جوانبه مادية ومعنوية، بعيد عن الإسراف في المأكل والمشرب قال تعالى: (( وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ))(سورة الأعراف:31).
البيت السعيد هو البيت الطاهر النظيف؛ ظاهراً وباطناً، فيه أناس يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين، البيت السعيد يقوم على قواعد ثابته من السكينة والهدوء، والمودة والرحمة، وهو بعيد عن الضوضاء ورفع الأصوات؛ هذا البيت شعاره: " وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ))( سورة لقمان: 19).
البيت السعيد هو الذي فيه يعلم الزوج أن للزوجة حقوق وعليها واجبات، ومن أول هذه الحقوق للزوجة معاشرتها بالمعروف امتثالاً لقوله تعالى: (( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ))(سورة النساء:19) فكيف تكون الراحة والطمأنينة في البيت إذا كان رب البيت ثقيل الطبع، سيء العشرة، بطيئ في الرضا، سريع في الغضب؛ فلو تأخر عنه الغداء أو العشاء دقائق ملأ أجواء البيت سباً وشتماً، وإذا دخل البيت فكثير المنّ، وإذا خرج فمسيء الظن، قليل المزاح والملاحظة مع زوجته، يظن أن المزاح مع زوجته مسقط للهيبة، مذهب للمروءة.
يطالبها بالتجمل والتزين له، ويأتي لها بثياب خلقة، ورائحته نتنة؛ يرى أن مساعدتها في البيت عمل مشين؛ مع أن خير الخلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فعل ذلك، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم))(رواه الترمذي وقال حسن صحيح).
ومن حقوق الزوجة كف الأذى عنها وكذلك مراعاة شعورها؛ فلا يمدح امرأة أمامها، ولا يرفع يده عليها خاصة أمام أهله وأهلها، كما أن عليه أن يستر ما بينه وبينها من مشاكل وأسرار، ومن أبشع الأمور وأفضعها ضربها أمام أولادها، ومن فعل ذلك فإنه يصغَّر الأم عند أولادها، وتضعف شخصيتها؛ فلا تقدر على تربية أبناءها.
أخي الزوج: تذكر قبل أن ترفع يدك على زوجتك أن الله أقوى منك، فإذا دعتك قدرتك عليها فتذكر قدرة الله عليه، ومن حقوق الزوجة أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، وتبصيرها بأمور دينها، وذلك عن طريق الكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة النافعة.
إن الزوج المثالي هو الذي يعطي زوجته حقها من التلطف والمزاح، الذي يحسن الحديث مع زوجته بالكلمة الطيبة، وليعلم أنه بالكلمة الطيبة سيصلح أحوال زوجته، وهو الذي ينفق على أهله في اعتدال فلا يسرف ولا يبخل: ((لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ))(الطلاق :7)، وليعلم أن أفضل الصدقة دينار ينفقه على أهله.
اللهم أصلح بيوتنا، ونورها بالإيمان والتقوى يا رب العالمين، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماماً.
____________________
* إمام وخطيب مسجد الإيمان - اليمن.
المصدر : http://www.islamselect.com
ـــــــــــــــــــ(111/127)
فرق الحوار بين الرجل والمرأة
سهير الغالي
إشراف أ. جاسم محمد المطوع
الحوار بين الزوجين هو مفتاح التفاهم والانسجام، الحوار هو القناة التي توصلنا إلى الآخر. فعندما نتحاور إنما نعبّر عن أنفسنا بكل خبراتنا الحياتية وبيئتنا الأسرية والتربوية، نعبّر عن جوهر شخصيتنا عن أفكارنا عن طموحاتنا...فالحوار ليس أداة تعبير "لغوي" فقط بل الحوار هو أداة التعبير الذاتي.
فكيف لزوجين يرمون إلى التفاهم والانسجام وتحقيق المودة والألفة من دون أن يُحسنا استخدام الحوار؟
لقد أصبح "الحوار" من أكثر المواضيع بحثاً، نظراً لأهمية الحوار في عملية الاتصال والتواصل الإنساني ونجاح هذه العلاقات. كما اعتبر انعدام الحوار بين الزوجين من الأسباب الأولى المباشرة المؤدية إلى الطلاق وفقا لما ورد في دراسات عديدة، نذكر منها:
الدراسة الإحصائية التي أعدتها "لجنة إصلاح ذات البين" في المحكمة الشرعية السنية في بيروتلبنان عام 2003 تبين فيها أن انعدام الحوار بين الزوجين هو السبب الرئيسي الثالث المؤدي إلى الطلاق.
وفي دراسة علمية أعدها الباحث الاجتماعي علي محمد أبو داهش، والذي عمل 18 سنة في مكاتب الاجتماع بالرياض والمتخصصة في حل المشكلات الاجتماعية وأهمها الطلاق، تحت إشراف مجموعة من الباحثين الاجتماعيين، أوضح أن أهم أسباب الطلاق المبكر هو عدم النضج، عدم التفاهم، وصمت الزوج. وأشار أبو داهش إلى أن مشكلة انطواء الأزواج وصمتهم في المنزل أصبحت من القضايا التي تخصص لها نقاشات في الندوات العالمية لما لها من تأثير سلبي على نفسية الزوجة و الحياة الزوجية عامة.
وفي دراسة ثالثة (نُشرت في إحدى صفحات المواقع الإلكترونية) أقيمت على نحو مائة سيدة، اخترن كعينة عشوائية، بهدف الكشف عن أبرز المشكلات الزوجية التي تواجه أفراد العينة، تراوحت الإجابات بشكل عام ما بين الصور التالية: بقاء الزوج فترة طويلة خارج المنزل، الاختلاف المستمر في الآراء ووجهات النظر، رغبة الزوج في الانعزال عن الآخرين أو الاختلاط في المجتمع المحيط، انعدام الحوار! وعندما طُرح في هذه الدراسة ما هو الأسلوب الأمثل لحلّ هذه المشكلات الزوجية، تبين أن ما يزيد على (87%) من إجابات أفراد العينة يفضلن الحوار المباشر لحل أية مشكلات، وفسرن ذلك بأنه أقصر الطرق لحل أي خلاف ينشب. كما أشارت نسبة (4%) اللاتي قلن إنهن يلجأن لوسائل أخرى لحل الخلافات الزوجية أبرزها كتابة الرسائل المتبادلة التي توضح وجهة نظرهن في المشكلة المثارة.
بناء على ما سبق نستنتج أن تعلّم "الحوار" وممارسته في الحياة الزوجية والأسرية من أهم العوامل التي تحقق الانسجام والتفاهم الزوجي والاستقرار الأسري. لذلك سنتناول في هذا البحث المواضيع التالية:
المفاهيم الخاطئة لدى الزوجين المسببة لانقطاع الحوار أو لسوء ممارسته، ثم نشرح كيف ينظر كل من الزوجين إلى الحوار وما مقدار حاجته وأهميته بالنسبة له، وما هي الفروقات النفسية والفكرية في طريقة استخدام الحوار بين الزوجين، ثم نعرض بعض الإشكاليات حول الحوار وأهمّها: الرجل الصامت والمرأة الثرثارة، وكيف نعالج ذلك عند كل منهما. وفي الفقرة الأخيرة نفصّل في أساليب ناجحة في بناء الحوار الإيجابي والفعّال بين الزوجين.
أولاً: المفاهيم الخاطئة المعوّقة لعملية الحوار بين الزوجين:
يوجد العديد من المفاهيم الخاطئة التي يعتقد بها الأزواج تعيق عملية الحوار والتواصل بين الزوجين بشكل غير مباشر. ونذكر أبرزها:
أ- مفاهيم سلبية خاصة لدى الزوج:
يفترض الزوج أن الزوجة تتصرف كما يتصرف هو من حيث أسلوب التفكير والمحادثة.
الاستهانة بشكوى الزوجة واعتبارها من أساليب الزوجة النكدية.
التعامل معها بلغة العقل وإغفال الجانب العاطفي وذلك مقياسًا لطبيعة الرجل وأسلوب حياته.
الاستخفاف باقتراحات الزوجة لحل المشاكل المطروحة نظرا لعدم الثقة بقدرتها على إيجاد الحلول المناسبة.
أن الزوج قد وفّى بكل مطالب الزوجة وأدى واجباته المالية من حيث السعي والعمل والإنفاق وهكذا يكون قد أدى دوره.
أن الزوجة بطبعها كثيرة الثرثرة فمن الأفضل عدم إعطائها الفرصة للتحدث والعمل على إيقافها عند اللزوم.
على الزوجة فقط أن تبادر لتحادث زوجها وتؤمن له الراحة النفسية.
لا يوجد وقت كافي للتحادث مع الزوجة نظرا لضغط الأعمال وضيق الأوقات وهي ستتفهّم ذلك.
ب - مفاهيم سلبية خاصة لدى الزوجة:
أن تقارن الزوجة تصرفات زوجها بتصرفاتها.
تتوقع من الزوج أن يقوم بما ترغب في أن يقوم به، لأنه يفكر بالأسلوب نفسه.
تعتمد أسلوب الاستفزاز لكي تخرجه من صمته وتدفعه للحوار.
تتوقع أن يبادرها في الحوار وأن يعبر لها عن مشاعره الرومانسية في كل حديث وساعة.
أن تعاند الزوجة آراء زوجها لاعتقادها أن الرجل لا يأتي إلا بهذه الطريقة.
أن الزوج عندما يصمت إنما يعبر عن غضبه عليها وعن فتور الحب بينهما.
إن الحديث عن المفاهيم الخاطئة لدى الأزواج ينقلنا لشرح ما يعنيه الحوار لكل من الزوجين، وهل يختلف معنى الحوار والحاجة إليه عند كل منهما وما هي الفروقات النفسية والفكرية في طريقة استخدام الحوار؟
ثانياً: الفروقات النفسية والفكرية في طريقة استخدام الحوار عند الزوج و الزوجة:
أ- عند الزوج:
• إن الرجل لا يتكلم إلا لهدف معيّن، فهو لا يقصد الحوار بذاته أي لأنه يريد أن يتكلم فقط، إنما يقصد الحوار لتحقيق غاية معيّنة مثال إثبات الذات، جلب المصالح، المناقشة والمنافسة، كسب العلاقات العامة..
لذلك نرى الرجل يتكلم خارج المنزل أكثر من داخله، ويستعمل كل أسلحته خارجاً للفوز ولتحقيق أهدافه، ولهذا فهو يستهلك الكثير من الكلام ما يجعله يظهر بمظهر المتكلم والثرثار خارجاً، وعند عودته إلى المنزل نراه قليل الكلام لأنه بذل مجهوداً كبيراً في الخارج ولم تبقى لديه الطاقة التي تعينه.
• كذلك فإن المنزل بالنسبة لمعظم الرجال هو المكان الذي لا يتوجب عليه الكلام فيه، فهو قادم للراحة. فالراحة للرجل هي الابتعاد عن المنافسات والمناقشات الطويلة، الراحة بالنسبة للرجل هي عدم الكلام.
• كما أن الرجل لا يستخدم الحوار إلا إذا أراد أن يستفسر عن أمور معيّنة أو يتحقق من واقعة، ونادراً ما يتحدث الرجل عن مشاكله إلا إن كان يبحث عن حلّ عند خبير، لأن بنظره "طلب المساعدة عندما يكون باستطاعتك تنفيذ العمل هو علامة ضعف أو عجز".
• يجد الرجال صعوبة قصوى في التعبير عن مشاعرهم وقد يشعرون بأن كيانهم مهدد إن أفصحوا عن ذلك، وهذا ما يدفعهم للتعبير عن مشاعرهم بطرق أخرى مختلفة عن الحوار.
ب- عند الزوجة:
• تشعر النساء بقيمتهن الذاتية من خلال المشاعر ونوعية العلاقات التي تقيمها مع الآخرين. ويختبرن الاكتفاء الذاتي من خلال المشاركة والتواصل.. فإن الحوار والتواصل بالنسبة للمرأة هي حاجة ضرورية وملّحة، هي حاجة نفسية فإن لم تشبعها يحدث لديها اضطراب. وقد تلجأ المرأة إلى تصريف هذه الحاجة من خلال إقامة العلاقات الاجتماعية والمشاركة في جلسات حوارية مختلفة خارج المنزل، وبالرغم من أنه يلبي حاجة في نفسها إلا أن الزوجة لا يمكن أن تشعر بقيمتها الذاتية إلا من خلال إشباع حاجة الحوار لديها مع زوجها. فإن كان الزوج من النوع الذي لا يحاور زوجته أو لا يصغي لحديثها، فإن الزوجة تفسّر ذلك بأنه لا يحبها ولا يقدّرها، وهذا بالتالي يؤثر على نفسية الزوجة فتقوم بردات فعل تجاه الزوج مسيئة للعلاقة الزوجية.
• كما أن الزوجة داخل المنزل تكثر الكلام وتتكلم في أمور شتى لأن المنزل هو المكان الأمثل الذي تشعر فيه بحرية الكلام وعدم خوفها من ملاحظات الآخرين، فتتكلم بأمور كثيرة مهمة وغير مهمة. الحياة بالنسبة للمرأة عبارة عن اتصال ودي ومحاولة خلق جو ملؤه المحبة والوئام، والكلام هو أفضل وسيلة، فتظهر أنها ثرثارة تختلق الكلام حتى ولو لم يكن هناك شيء مهم.
ج- لغة المرأة مختلفة عن لغة الرجل:
• لا يختلف الرجل عن المرأة بيولوجيا ونفسيا فقط، أيضا في طريقة استخدام اللغة. فعندما يتكلم الرجل يختار كلماته بدقة وواقعية، فهو كل كلمة ينطقها يقصدها ويعنيها بذاتها. لذلك نرى كلامه مرتباً متسلسلاً منطقياً، ويبتعد عن استخدام لغة العاطفة في حديثه. بينما المرأة عندما تتحدث تستخدم لغة العاطفة في كلامها. فغالبا ما نراها تستخدم هذه العبارة: " أنا أحسّ، أشعر.. " وعندما تتكلم المرأة فهي تطلق أحكاما عامةّ شمولية ولا تقصدها لذاتها إنما لتبالغ في التعبير عن شعورها أو ما يزعجها. مثال تقول للزوج " أنت بحياتك ما أخرجتني.. ألف مرّة قلت لك لا تفعل ذلك.. إنك لا تشعر بي أبدا.... " هذه العبارات يفهمها الرجل كما هي على الإطلاق وذلك لأنه يفهم كلامها من منظاره هو، أي يفهم هذه العبارات كلمة كلمة، وهذا ما يثير غضب الزوج. وقد نرى في هذه الحالة ردة فعل عنيفة له قائلا على سبيل المثال: " كيف لا! ألم نخرج في الأسبوع الماضي يوم كذا الساعة كذا... كلا لم تخبريني سوى ثلاث مرات.... لقد فعلت كذا لأعبر لك عن شعوري معك، ألا تذكرين موقف كذا في يوم وتاريخ قد فعلت لك وقمت وشاركتك مشاعرك... " وهذه الأمثلة الصغيرة كثيرا ما تتكرر في الحوار بين الزوجين، وهو حوار سلبي في حال استمر على هذا الحال. فإن الرجل هنا يحكم على حديث المرأة مقارنة باستخدامه الخاص للغة، كما أن المرأة لا تستوعب ردة فعل زوجها وتظن أنه يحاسبها على ما فعله لأجلها وهو يسرد لها هذه التفاصيل..
• اختلافات أخرى في اللغة: تلجأ المرأة لتعبّر عن معاناتها أو ما يؤلمها ويشغل بالها من خلال الحوار. فالمرأة تفكّر بصوت عال، وهي توجّه الحديث إلى زوجها لأنها تحتاج في هذه اللحظات إلى دعمه العاطفي والمعنوي، على سبيل المثال عندما تقول الزوجة: " آه إن رأسي يؤلمني.. كم تعبت اليوم في العمل لقد واجهت مشاكل كثيرة... لا أدري ماذا أفعل غدا مع هذا الموقف... إن والدتي مريضة ولدي التزامات كثيرة غدا كيف أوفق بين ذلك كلّه.. " تستخدم الزوجة هذه العبارات لتعبّر عن ما يجول في خاطرها من أفكار، وعن ما يختلج في صدرها من مشاعر، لكن ما يزيد من ألم الزوجة هو عدم تفّهم الزوج حاجتها للدعم النفسي والعاطفي وخاصة عندما يرد عليها بهذه العبارات:
" يمكنك أخذ مسكّن لوجع الرأس.. أتركي العمل أو خففي من وقت العمل... يمكنك فعل كذا وكذا في هذا الموقف... يمكنك الاعتذار عن بعض الالتزامات وإخبار والدتك بذلك.. " الرجل هنا يعتبر أن المرأة عندما تشتكي بهذه الطريقة لأنها عاجزة عن إيجاد الحلول وأنها تطرح عليه ذلك للمساعدة، وإن الرجل بطبيعته العملية يصغي لما تقول ويعتبر أنه المسئول عن إيجاد الحلّ لمساعدة زوجته في ذلك. لكن المرأة يغضبها ردّ الرجل وتتهمه في هذه الأوقات بأنه لا يتفهمها ولا يشعر معها، فبدل أن يخفّف عنها معاناتها يزيدها ألما فهي في هذه اللحظات تحتاج لأن يقول لها مثلا: " سلامتك حبيبتي.. يضمها، يقبلها.. ماذا حدث معك في العمل لماذا أنت تعبانة؟... آه يا زوجتي كم أنت حنونة وحسّاسة أنا فخور بك لأنك تحترمين والدتك وأنك إنسانة فاعلة في المجتمع.. تعالى نتحدث كيف يمكن أن نخرج مما تعانين.. " بهذه العبارات يمتلك الرجل المرأة ويشعرها بأنها محظوظة بهذا الزوج الذي يتفهمها ويقدّرها.. لهذا على الرجل أن يفهم هذا الاختلاف في التعبير، فالمرأة هنا لا تشتكي لعجز عن الحل إنما لتعبّر عن مشاعرها أو لأنها تفكّر بصوت عال..
• ومن الاختلافات أيضاً، عندما تطلب المرأة شيئا أو تقترحه على زوجها قد يعتبر الرجل أنها تأمره، فالمرأة تقترح ليناقشها الزوج ولا يعني أنها تبت بهذا الموضوع. على عكس الرجل فعندما يطلب أو يقترح فغالبا ما يكون قد أخذ القرار بذلك..
• كذلك في حالة الحوار بين الزوجين تنتقل المرأة من موضوع إلى آخر مختلف، من دون أن تنهي الموضوع الذي بدأت به وقد تستدرك ذلك في آخر حديثها فتعود للموضوع الأول وتنهيه، وهكذا دواليك... وهذا يتعب الرجل فهو يحلل أثناء حديث الزوجة، يقول ما علاقة الموضوع الأول بالثالث أو هذه الحادثة مثلا، فيتضح له أنه لا علاقة! قد يتفاجأ من ذلك فهو بطبيعته تركيزي أي يناقش موضوعا موضوعا ولا يترك ملفات مفتوحة.. فكأن الرجل يستخدم طريقة عاموديه والمرأة تستخدم طريقة أفقية في الحديث..
هذه الاختلافات إن لم يعيها الزوجان قد تفجّر بركانا من الخلافات الزوجية، وتبدأ النيران بالاشتعال بمجرد أن يستخدمان الحوار النفسي السلبي، فما هو هذا الحوار؟
د- الحوار النفسي السلبي عند الزوجين:
الحوار النفسي السلبي هو الحوار الداخلي الذاتي، أي طريقة الحوار مع النفس فالحوار عند الإنسان ينقسم إلى حوار داخلي أي أفكارك التي تدور في بالك وما تحدثه لنفسك، وحوار خارجي هو التعبير اللغوي.
في موقف معيّن بين الزوجين على سبيل المثال، عندما يطلب الزوج من زوجته أن تسهر معه وقتا طويلا وترفض ذلك الزوجة لأنها تشعر بالتعب نتيجة أعمالها الشاقة في ذلك اليوم وتستأذن لتنام. هذا الموقف تختلف فيه ردات فعل الأزواج، وذلك وفقاً للحوار النفسي الذي يفعله الرجل. قد يحدّث الرجل نفسه في هذا الموقف " إنها لا تحترمني لا تقدّر رغباتي لقد احتجت بالتعب لتتهرب مني إنها تتعمد إغضابي لا تحبني إنها أنانية... " هنا استخدم الرجل الحوار النفسي السلبي (وكذلك الحال لو عكسنا المثال على المرأة) ودخل الرجل في دائرة الحوار النفسي وهي:
فكرة سلبية تضخيم هذه الفكرة وإيجاد تفسيرات ذاتية لها توتر داخلي تصاعد التوتر غضب مشكلة مع الطرف الآخر.
لذلك نلاحظ في كثير من الأحيان أن الزوجين قد يطلبان الطلاق لأسباب ظاهريه بسيطة، إنما يكون الدافع من وراء ذلك هذا الحوار النفسي السلبي الذي لم يتعالج ولم يتم التحدث عنه وتفريغه. فهذا الرجل أو المرأة الذي دخل في هذه الدائرة يفتعل أي مشكلة مع زوجته ويضخمها عقابا لها، وفقا لما يعتقده من أفكار سلبية نحوها لا تمت بأي صلة للواقع إنما هي أفكار سلبية وهمية. وإن الإنسان (زوج أم زوجة) تكثر عنده هذه الحالات من الحوار في حال كان يعيش ظروف عدم الأمان وعدم الشعور بالأهمية والتقدير الذاتي. وأفضل نصيحة للذي يعاني من هذه الأفكار أن لا يأخذ الأمور مأخذاً شخصياً بل يفسّر الحدث بواقعيته. وأن يحارب هذه الأفكار السلبية بطرح أفكار نفسية إيجابية، فبدل أن يتهم الزوجة بأفكار سلبية معينة يمكن أن يستبدلها بأفكار إيجابية، يعني أن يخلق لها مبررات إيجابية ويضخم هذه الأفكار في نفسه بحيث أن يقتنع بها ويعامل زوجته على هذا الأساس الإيجابي، فلا بد من إلتماس الأعذار الإيجابية للطرف الآخر.
بعد الانتهاء من عرض لأبرز الفروقات بين الزوجين ننتقل لمعرفة أبرز ما تشتكي منه النساء والرجال في مسألة الحوار وهو: الرجل الصامت والمرأة الثرثارة.
ثالثاً: الرجل الصامت والمرأة الثرثارة:
أ- لماذا الرجل يصمت وكيف نعالج ذلك؟
بداية لابد من التفريق بين نوعين من صمت الرجل، الرجل الصامت دائماً أي من سماته الصمت داخل وخارج المنزل، والرجل الصامت مع زوجته أو داخل المنزل. النوع الأول من "الرجل الصامت دائماً" لا يدخل ضمن معالجتنا في هذا البحث: فهذا النوع يحتاج لاستشارة متخصصة لمعالجة ذلك.. أما النوع الثاني من الرجل الصامت داخل المنزل فهو ما نتحدث عنه في هذا البحث. لماذا يصمت الرجل في المنزل وكيف تتصرف الزوجة مع هذا الصمت؟
1- عندما يواجه الرجل مشكلة أو مسألة معقدّة أو يمّر بظروف صعبة، فغالباً ما يلجأ الرجل إلى الصمت. وهنا يصمت الرجل لأنه يفكر بهدوء، يختلي بنفسه حتى يحلّ هذه المشكلة، الرجل يعتبر أنه المسئول عن حلّ مشاكله بنفسه ولا يحب أن يشاركه أحد في هذا التفكير. فنراه يصمت لساعات طويلة لحلّ مشكلة ما بنفسه، ومن بعد أن يجد لها حلاً يعود إلى الحوار والتواصل مع الآخرين.
كيف تتصرف الزوجة في هذه الحالة؟
من الخطأ أن تصرّ الزوجة على أن يتكلم الزوج عن ما يزعجه، فهذا يزيد من توتره لعدّم تفهّم زوجته حاجته النفسية للصمت والتفكير الذاتي. وهنا عندما تطرح عليه الأسئلة الزوجة مثلاً: " ما بالك هل أنت متضايق؟ ماذا يشغلك؟؟ " يردّ الزوج قائلاً: لا شيء.. تصرّ الزوجة: كيف لا شيء، هل تريد أن تخفي عني ذلك؟ " وقد تفكّر الزوجة أنها فعلت شيئاً أغضبه منها.. هذا الموقف قد يتضخم ويصبح مشكلة زوجية لأن الرجل لا يشعر باحترامه ولا إعطائه الثقة والفسحة للاستقلالية الذاتية، الزوج لا يحب أن يشعر بأنه محط رعاية دائمة للزوجة فهذا يشعره بالضعف. قد تستخدم الزوجة هنا طريقة أخرى في الحوار، مثال: ترّحب فيه وتلاطفه أولاً، من ثم إذا رأته دخل في دائرة الصمت تستطيع أن تطلب منه تحديد وقت مناسب للتحاور بينهما عندما ينتهي من تفكيره ويكون أكثر راحة، وتعبّر له أنها تحترم شعوره وتهتم لأمره، وتعطيه هذه الفسحة من الوقت دون لوم أو معاتبة.
2 - كما أن الرجل يصمت عندما يكون متعباً، ويحتاج فترة من الراحة للاستجمام واستعادة الطاقة. المرأة عندما تكون متعبة تعبّر بصوت عال وتتكلم بطلاقة عما يتعبها ثم عندما تخرج ما بداخلها ترتاح. لكن الرجل لا يستخدم هذا الأسلوب.
كيف تتصرف الزوجة في هذه الحالة؟
لا تطلب المرأة من الرجل أن يعبّر عن ما بداخله عندما يكون متعباً ولا تستقبله من دخوله إلى المنزل بكمّ من الأسئلة: " كيف كان نهارك، ماذا فعلت، خبّرني.... آه لو تعلم ماذا فعل الأولاد.. فلان قال، حدث ذلك... " هذا يزيد من تعب الزوج، وقد يدفعه إلى الصمت أكثر للتهرّب من الحديث وللاستراحة.
هنا على الزوجة أن تعلم عند دخول الزوج إلى المنزل لا تستقبله بالأسئلة، بل تستقبله بالترحيب والملاطفة، وتحرص على أن تجهّز نفسها في كل يوم بطريقة مختلفة وجديدة لحسن استقباله (زينة عطور ترتبّ كلامها العاطفي تفاجئه بهدية أو موقف ما.. ) فذلك يسرّع من خروج الرجل من صمته، بل عندما يرى زوجته بهذه النفسية المرحة والمتفهمة فهو سرعان ما يستعيد نشاطه ويبادلها المشاعر والحوار. وكم جميل أن تهتّم الزوجة بتأمين الجو الهادئ لراحة زوجها من التعب مثال تجهّز حماما ساخنا، ترتب الغرفة بطريقة ناعمة، تجهّز طعاما يحبه، تفعل له أشياء يحبها يطلبها منها.. و تشعره بأنها تقدّر تعبه وتمدحه.. وتنتظر استعادة نشاطه للحديث معه.
3- انشغال تفكير الزوج لفترات طويلة في قضايا العمل ومسؤولياته، فهذا الانشغال الفكري يدفعه للصمت والانغلاق في دائرة واحدة من التفكير ألا وهو العمل واهتماماته.
كيف تتصرف الزوجة في هذه الحالة؟
تستطيع الزوجة أن تتحيّن الفرص والأوقات المناسبة للحديث معه ومناقشته في مشاكله واهتماماته. ولا بدّ للزوجة أن تتعلّم الأسلوب التشويقي والجذّاب لنقل الزوج من دائرة التفكير المغلقة إلى الحوار معها، ومن هذه الأساليب:
أن تتعلّم الزوجة هواية الزوج، أن تحبها وتشاركه فيها.
أن تختار المواضيع الشيّقة التي تجذب الزوج وتكون محور اهتمامه.
أن تتحدث بأسلوب تشويقي يتخلله طرح أسئلة مفتوحة، مثال: "هل تعلم ماذا حدث؟ ماذا تقول أنت؟ "، أن تدخل عنصر المفاجئة في حديثها، أن تدخل عنصر الفكاهة والمرح في الحوار.
تعرض عليه مسألة معقدّة أو مشكلة ما وتطلب منه المساعدة في حلّها.
هذه الأسباب التي ذكرناها سابقاً لصمت الزوج هي أسباب طبيعية.
لكن يوجد أسباب أخرى تدفع الزوج للصمت منها:
سماع تعليق خاطئ واستهزاء من زوجته عندما يتحدث وفي كل مرة.
مقاطعته كثيرا عند الكلام.
إصدار الأحكام المسبقة على حديثه قبل الانتهاء من الكلام.
الاتهام المباشر واللوم والتهكّم أثناء الحديث معه.
تسخيف ما يطرحه من حديث أو يقترحه من حلول ومشاريع.
أن تشعره الزوجة أنها تفهم أكثر منه في الموضوع الذي يحاورها فيه أو أن تلجأ إلى تصحيح معلوماته أو تحقّره بذلك.
أن لا تبدي الزوجة اهتماماً لما يطرحه من حديث..
هنا يصمت الرجل غضبا أو دفاعاً عن نفسه أو للحفاظ على نفسه من الزوجة، وهذا الموقف له آثار سلبية على العلاقة الزوجية، ويجب على الزوجة أن تراجع نفسها، هل تقوم بمثل هذه التعبيرات أثناء حديث زوجها؟ وإلا فهي المسئولة عن صمت زوجها، وعليها أن تغيّر هذا الأسلوب الخاطئ في الحوار ليتغيّر حال الزوج معها. وأن تستبدل ذلك بتعابير المدح والتقدير والثناء، وتشعره بحاجتها إليه، وأن تعبّر له عن ثقتها فيه.
في حال لم تستطع الزوجة أن تخرج زوجها من صمته بعد تطبيق كل الأساليب المطروحة سابقاً، يمكنها إذا أن تصارحه بحاجتها للحوار معه وتضررها من صمته، وأن تناقش معه ما هي الوسائل المساعدة لكي يتخطوا هذه المشكلة.
ب- لماذا المرأة تثرثر وكيف يتصرف الزوج في هذه الحالة؟
1- سبق وذكرنا في هذا البحث عن حاجة المرأة الدائمة للحوار، وأنها عندما تتحدث فهي تتواصل مع الآخرين وبالتالي تشعر بقيمتها الذاتية.
كيف يتصرف الزوج في هذه الحالة؟
هذه الثرثرة تعالج بالمصارحة والاتفاق بين الزوجين، قد يعبّر الزوج لها أنه باستطاعته أن يصغي إليها لفترة محددة وعندما يتعب يقول لها ذلك، ويستأذناها للمقاطعة والاستراحة على أساس أن يكملا الحديث في وقت لاحق. وقد يتفق معها على أن يدير الحوار، ويقسّما المواضيع المطروحة على أن ينهيا كل موضوع على حدة.
2- قد تكثر المرأة من الكلام في حالات أخرى، نذكر منها: يكون لديها وقت كبير تقضيه لوحدها، أن يكون عندها وقت فراغ كبير لا تستثمره في أعمال مفيدة.
كيف يتصرف الزوج في هذه الحالة؟
هنا يجب الاتفاق بين الزوجين على وسائل معينة للاستفادة من وقت الفراغ، أو كيف تخفف الزوجة من تمضية الوقت لوحدها، حيث يعد الزوج و الزوجة برنامجاً من النشاطات والأعمال المفيدة التي تساعد الزوجة على الاستفادة من وقتها وتفريغ طاقاتها. وقد يقترح الزوج على أن يتشاركا في أعمال واحدة مشتركة يحققان فيها المزيد من التواصل بينهما.
3 - تكثر الزوجة الكلام لأنها تشعر بعدم اهتمام الزوج لها وبعدم تقديرها، لأن الزوج لا يعطي لها الوقت الكافي لأن يجلسا مع بعض أو يخصصا وقتا بمفردهما. وتكثر الكلام لإثبات ذاتها لأنها مهمّشة بالنسبة للزوج..
كيف يتصرف الزوج في هذه الحالة؟(111/128)
هنا على الرجل أن يتساءل كيف يتصرف مع زوجته؟ هل يقلل من شأنها؟ هل يهتّم بها حقاً؟ والعلاج المقترح لهذه الحالة أن يحرص الزوج على تخصيص وقت محدد للإصغاء للزوجة والسماح لها بالتعبير الحرّ عن ما يدور في خاطرها و ما تكن من مشاعر.. وقد ينظّم وقته على أن يحدد ساعات في الأسبوع للزوجة للإصغاء لها، أن يخرجا للتنزه معاً.. ومن المهم أن يعبّر لها الزوج عن تقديره لها في الأمور الصغيرة والكبيرة التي تقوم بها الزوجة لخدمته ولخدمة الأسرة، وأن يكافئها بالعطايا والهدايا المختلفة.
في ختام هذا البحث لعلّ قائلا أن يقول في ظلّ هذه الفروقات المتناقضة بين الزوجين لا يمكن أن ينسجم الرجل و المرأة وأن يقيما علاقة زوجية ناجحة! هذا مفهوم خاطئ بل علينا أن نفهم هذه الفروقات وأن نتعلّم كيف نتعامل مع الطرف الآخر. ولنعلم أن هذه الفروقات لا يوجد فيها أفضلية أي لا يمكن أن نقول إن الرجل أفضل من المرأة في أمر ما أو المرأة أفضل منه بأمر آخر.. أو أن الرجل على صواب والمرأة على خطأ ونعمل هكذا على التفضيل ثم محاولة تغيير الآخر. هذه المفاهيم خاطئة ومدمّرة بل يجب علينا أن نقبل الآخر كما هو وأن نعمل على التكيّف وإيجاد السبل الناجحة لتحقيق التواصل الفعّال مع الطرف الآخر.
كيف نتعامل مع هذه الفروقات؟ وكيف نحقق هذا الانسجام؟ هذا ما ينقلنا لشرح عملية الحوار البناّء والناجح بين الزوجين.
رابعاً: عملية الحوار البناّء والناجح بين الزوجين.
حتى تنجح عملية الحوار بين الزوجين علينا أن نصحّح المفاهيم الخاطئة أولاً ثم نتعلم تقنية الحوار:
أ- تصحيح المفاهيم:
أن لا تضغط المرأة على زوجها ليتكلم، أن لا تصبح دائمة الشكوى من أنه لا يكلمها، أن لا تسيء تفسير موقفه من عدم الكلام، أن تتقبل صمته.
أن يتفهم الزوج حاجة الزوجة للكلام والشكوى، ويفهم حاجتها لأذن صاغية. أن يعرف كيف يستمع لها دون أن يعطي الحلول.
الصراحة التامة والمناقشة الهادئة الموضوعية.
احترام رغبات وخصوصيات الطرف الآخر.
عدم التصريح بالنقض وإظهار العيوب أثناء الحديث.
الامتداح والتقدير واستخدام الدعم العاطفي المتبادل أثناء الحديث.
أن يتفّهم الطرفان طريقة استخدام اللغة الخاصة بكل منها، وأن يفهم ما يقصده الطرف الآخر بمنظار المتكلم.
عدم المقاطعة والسخرية أو الاستهزاء أو استخدام عبارات الشتم واللوم أثناء الحديث.
عندما يتحول الحوار إلى شجار، الأفضل إنهاؤه والاتفاق على موعد لاحق للمناقشة.
غيّر مكانك.. إذا لم يهدأ الغضب.. حاول أن تبتعد عن مكان النقاش حتى تهدأ الأمور ثم ليقبل أحدهما إلى الآخر وليقبّل رأسه.
عدم الاستعلاء أثناء الحديث وإبراز تقصير الآخر أو ضعف الآخر في النقاش أو الحوار.
ب- تقنية الحوار الناجح:
*ماذا نستعمل في الحوار؟
1- الأذن
2- اللسان
3- النظر
4- حركة اليدين
5- نبرة الصوت
6- اللمس
7- السكوت
8 - مكان الحوار
لذلك عندما نتحاور علينا أن ننظر بشمولية للمتحدث أن نصغي إليه ليس لحديثه فقط إنما نصغي للغة جسده، وإن حسن اختيار المكان للحوار والزمان لهما الأثر الكبير في تحقيق الانسجام بين الزوجين.
* كيف ينجح الحوار؟
1- الإصغاء، الإصغاء، الإصغاء للمتكلّم.
2- تقبّل كل ما يطرحه الآخر من دون تعليق على ذلك.
3- اطرح سؤالا مناسباً للإطلاع على كل الجوانب.
4- ابتعد عن استعمال " أنا " واستبدلها ب" نحن ".
5- تأكد من أن الطرف الآخر استطاع أن يعبر عن كل ما يعانيه بصراحة وحرية.
6- استخدم جمل المتكلم نفسها للتأكد من فهم قصده أو للاستفسار عن ما يعنيه.
7- لا تستعمل تعابير تدل على انعكاسات ذاتية لما تراه أنت مناسبا من الطروحات.
8- لا تسعى لتحقيق أهدافك أنت أو ما ترضاه.
9- إذا أصر الآخر على موقفه حاول أن تتفهم دوافعه وبين له إيجابية و سلبية قراراته.
10- اكسب دعمه لا تأمره، امنحه التقدير والثناء والعاطفة.
11- لا تعطي رأيك أو النصيحة إلا إذا سئلت وبعد أن تستوفي كل الجوانب.
12- أفضل نتائج للحوار هو أن يستنبط الطرف الآخر النتيجة المستحبة من ذاته هو لا أن تفرض عليه فرضاً.
يوجد وسائل كثيرة أخرى لتعلّم الحوار مثال:
قراءة كتب مختصة بذلك.
حضور الدورات التدريبية.
الحلقات الحوارية..... وليس المهم فقط أن نتعلم بل الأهم أن نمارسه ونصحح أخطاءنا في ذلك، ولا يلقي أحد اللوم على التربية! أو لا أستطيع أن أتغيّر، فهذا أنا!
إن أردت أن يتغير وضعك أو أن يتغير الطرف الآخر فابدأ أنت بنفسك أولاً، ففاقد الشيء لا يعطيه..
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/129)
أيهما أفضل الطلاق أو المسامحة
مفهوم الخيانة الزوجية:
لابد لي من أن أبدأ ببيان مفهوم الخيانة الزوجية، وذلك نظراً لاختلاف الأفهام فيها، والذي أريده هنا بالخيانة الزوجية: أن يأتي شخص متزوج من غير زوجته متعة جنسية ما يأتيه من زوجته حلالاً.
سواء كانت هذه المتعة الجنسية جماعاً، أم مداعبة أم لمساً، أم كلاماً، لأن المتع الجنسية لا تحل إلا من الزوجين.
والخيانة الزوجية في نظر الإسلام واحدة سواء صارت من الزوج أو الزوجة، وعقوبتها واحدة سواء كان مقترفها الزوج أم الزوجة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: الثيب بالثيب جلد مائة وتغريب عام.
والثيب: لفظ يطلق على الذكر المتزوج أو الأنثى المتزوجة.
ستر الزوج على زوجه إذا زنى:
الفرحة: في حالة اكتشاف خيانة أحد الطرفين للآخر هل المسامحة والستر أولى من الطلاق والفضيحة أو العكس؟
أ. د قلعه جي: إذا زنى أحد الزوجين فإنه يستحب للزوج الآخر أن يستر عليه ولا يفضح أمره، ويجب عليه أن ينصحه ويذكره بعذاب الله - تعالى -يوم القيامة، بشرط أن يتوب مرتكب (الزنى) ولا يعود، فإن تكرر منه الزنا جاز له أن يرفع أمره إلى المسؤول عنه من ولي أو حاكم بعد توخي الأدلة عنده على زناه.
وإنما قلنا بترجيح جانب الستر عليه لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح (من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) وجاء رجل من أسلم يقال له هزال إلى رسول الله يشكو رجلاً بالزنا- وذلك قبل أن ينزل وجوب جلد من قذف محصناً بالزنا- فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا هزال لو سترته بردائك كان خيراً لك.
فالستر مستحب للغريب، فما بالك بالستر على الزوجة، إنه أشد استحباباً لما ينال الأسرة- وبخاصة أولاد الزوجة المتهمة من الضرر النفسي والاجتماعي من افتضاح أمهم.
الطلاق بسبب الخيانة الزوجية:
الفرحة: متى يطلب الزوج تطليق زوجته لخيانتها ومتى يبقيها على ذمته؟
أ. د قلعه جي: خيانة الزوجة لزوجها أشد من خيانة الزوج لزوجته لما يلزم من ذلك من إدخال ولد على الزوج ليس منه، ولا يتحقق ذلك في خيانة الزوج لزوجته.
والخيانة الزوجية سبب مبيح للطلاق، رافع للإثم عن المطلق، فلا يلزم الزوج طلاق زوجته التي خانته ثم تابت ولكنه لو طلقها لما كان آثماً، ويجب عليه طلاقها إذا اعتادت الخيانة، لأنه إذا لم يطلقها فهو ديوث، وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يدخل الجنة ديوث. وجاء رجل إلى رسول الله فقال: إن عندي امرأة من أحب الناس إليّ، وهي لا تمنع يد لامس- كناية عن الزنى- قال: طلقها، فقال: لا صبر لي عنها، قال: فاستمتع بها- حيث أمره بإمساكها مع أن الزنا قد صار خلقاً فيها، فقد قال النسائي فيه: هذا الحديث غير ثابت.
الفرحة: هل يجوز للمرأة طلب التفريق بسبب خيانة زوجها؟
أ. د قلعه جي: وكما يجب على الزوج طلاق زوجته التي اعتادت خيانته، فإني أرى جواز طلب المرأة الطلاق إذا تكررت خيانة زوجها لها، لقوله - تعالى -: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).
http://www.al-farha.osrty.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/130)
العيد فرصة لجمع شمل العائلة
يبدو أن التشتت لم يعد قاصرا على السّاسة أو المسؤولين في العالم الإسلامي، بل قد وصل داء التشتت إلى العائلة الواحدة. وهي حالة تتسع كلما غاب الدين الإسلامي عن مجالس الأهل والعائلة.
ضعفت العلاقة بين أفراد العائلة، وضعفت صلة الرحم، ولم يعد الأقارب يشعرون بحميمية العائلة الواحدة، فقد ذهب من ذهب لجمع الأموال، وعانى من عانى من الفقر الذي أشغله عن مَدْ يَدِ المساعدة للضعفاء من الأهل والأقارب.
إن الاستغراق في الانشغال بالشأن السياسي وأحوال الأمة ربما قلل من التركيز على وحدة الأسرة المسلمة التي هي الحجر الأساس في كل مجتمع.
لذا ندعو كل مسلم أن لا يدع عيد الفطر القادم يمر دون أن يراجع حساباته، ويعدّ برامج تقوية صلة الرحم، وإعادة ما ضعف منها..
ندعو كل زوجة أو ابنة أو عمة أو خالة أو جدة، وجميع الخيرين من الأهل والأقارب، أن لا يكون أحد منهم سببا في قطع صلة الرحم بين أفراد العائلة الواحدة خاصة، بل على كل هؤلاء وغيرهم الحث على زيارة الأهل والأقارب والأحباب خلال أيام عيد الفطر.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"من سرّه أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه"..
وعلى العكس فمن سعى في قطيعة الرحم قطعه الله وتوعده بالعذاب، قال - تعالى -: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الرحم متعلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله"..
فمن منا يقدر على هذا الوعيد الشديد؟!
إذن لنكن ممن يسعون إلى صلة الرحم بين الأقارب من الأنساب والأصهار.
ومن منا لا يريد أن يصله الله، ويبسط له في رزقه وعمره، ويدخله الجنة؟
إذن صِلِي رحمك.. من الآن، حضري لصلة الرحم، وحثي زوجك، أباك، أخاك، ابنك، وكل من حولك.. على الإعداد من الآن لزيارة الفروع والأصول للعائلة الواحدة..
ستزول الخلافات، وتعود الأيام حلوة وممتعة بإذن الله.
صلة الرحم إلى جانب أنها عبادة عظيمة وقُربة.. هي مَحَبة، والمحبة متعة إنسانية خالدة.. !
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/131)
أسباب غياب الحب بين الزوجين
د. ليلى عبد الرشيد عطار
لقد شرع الله - عز وجل - الزواج لراحة الإنسان واستقراره، فضبطه بالحقوق والواجبات، وحصنه بالتقوى، وجمله بالخلق الفاضل، وحفظه بالذرية الصالحة حتى يؤتي ثماره اليافعة من إقامة الأسرة المسلمة والمجتمع الصالح،
فإذا فقد أحد أركانه وأعمدته الأساسية فإنه سوف ينهار ويحطّم الفرد والأسرة والمجتمع، وعند غياب الوعي بفقه العلاقة الزوجية، ومعانيها السامية، تكثر الخلافات التي قد تنتهي إما إلى الطلاق أو استمرارها بالخلافات التي تؤثر على الزوجين وأبنائهم بشكل سلبي يهز شخصياتهم، ويدمر نفسياتهم.
وكثرة الخلافات والمشاكل تسبب فتور المشاعر العاطفية بين الزوجين، وغياب الحب أو زواله، ولهذا بعض الأسباب منها:
1- هناك خلط في فهم بعض المعاني مثل الشهوة والحب، فكثير من الأزواج يعتقدون أن قضاء الشهوة الجنسية هي الحب بين الزوجين، بينما الحب يتضمن مشاعر متداخلة من الرحمة والمودة والتضحية والبذل والعطاء والإيثار والإخلاص والوفاء، وقضاء الشهوة هي تصريف طبيعي لطاقة مخزنة في الجسم الإنساني، لذلك كثير من الأزواج يشعر بالسعادة في سنته الأولى بسبب قوة الشهوة وتوهجها، ولكن الحب الحقيقي هو الذي يبقى ويتولد مع الأيام من حسن المعاملة والعشرة الطيبة.
2- كلنا نردد أن الحياة الزوجية شركة بين طرفين، بينهما حقوق وواجبات مترتبة على كل طرف منهما، ولكن لو تأملنا قليلاً لوجدنا أن كثيراً من الأزواج يطالب الزوجة بكل حقوقه، وهو مقصر في إعطائها حقوقها، أو قد يكون العكس تطالب الزوجة بكل حقوقها وهي مقصرة في أداء واجباتها نحوه، وهنا يدب الخلاف بينهما، لأن كل واحد منهما يريد أن يأخذ حقه كاملاً، ومع التقصير من أحدهما أو كلاهما ومرور السنوات تتأزم الخلافات بينهما ويقسو القلب، وتتجمد العواطف، وتمتلئ القلوب كمداً وغيظاً، لأنها مثقلة بالألم من الطرف الآخر لأنه لا يرد بالمثل أو أفضل مما أخذ.
3- عندما تتزوج المرأة الرجل أو العكس، فإن كل واحدٍ منهما يبني تصوره عن الحياة المقبلة من خلال الوعود والأماني التي يعدها كل طرف للآخر، فمثلاً تعيش الزوجة معه في انتظار تحقيق هذه الحياة السعيدة التي وعدت بها.. فتمضي الأيام.. والسنوات.. فلا تجدها، فتنقلب الأحلام والأماني والوعود إلى أوهام وخداع وكلام فتصطدم فيه وفي حياتها معه، فيخف حبها له أو قد يزول هذا الحب نهائياً إذا كانت تعيسة معه لأنه خيب آمالها وكذب عليها.
4- يعتقد البعض من الأزواج أو الزوجات أن عدم بوح أحدهما للآخر بمشاعره ومكنونات قلبه من حب وشوق وهيام قد يقلل من حبهما لبعض.. وفي اعتقادي أن أي زوج أو زوجة يسعد بسماع كلمات الغزل. وعدم بوح أحدهما للآخر لا يعني موت هذا الحب أو اختفاءه وإنما يصيب العلاقة الزوجية نوع من الملل والفتور والرتابة، وسماع كلمات الحب والشوق يجدد الحب والشوق بينهما، ويزيد من السعادة والسرور بينهما.
هذه بعض الأسباب التي أراها من وجهة نظري، وربما تكون هناك أسباب أخرى ترجع إلى شخصية كل من الزوجين وكيفية تعاملها مع بعضهما البعض.
والله أعلم
http://muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/132)
دورة تدريبية في حل المشكلات
علي بن صالح الجبر البطيح
لا يخلو مجتمع من مشكلات تطفو على سطحه، وبعض البيوت تغص ببعض المشكلات التي تراكمت وتركت منذ زمن ولم تحلّ أو يسعى إلى حلّها والبعض يتفرج – عاجزاً حائراً – ولا يملك غير الحوقلة التي تتردد على لسانه كلما تأمل فيها، لكنه لم يسع َ إلى حلها ولم يتخذ الخطوات الإجرائية لذلك إيثاراً للسلامة ومن باب: دعهم وشأنهم، فلا تضحية ولا بذل ولاسعي للإصلاح، والله تعالى يقول (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما) تأمل كلمة (لا خير) وكلمة (إلا) ثم كلمة (أو إصلاح بين الناس) وتذكّر النتيجة (فسوف نؤتيه أجراً عظيما) الأجر لمن سعى وليس لمن تفرّج ولم يحرّك ساكناً! فلاتكن من المتفرجين وإنما من الساعين في الإصلاح ما استطعت بنفسك ومالك وجاهك، أجزم – عزيزي القارئ أن بعض الأقارب والجيران والخلان تحدث بينهم مشكلات تتطور إن لم تجد لها بطلاً يعطى نفسه دورة تدريبية في حلّها، كيف ذلك؟ تأمل مايجري بين متخاصمين من ذويك – مثلا – وادرس أحوالهما وحاول أن تقرّب بين وجهات النظر واجتهد في ردم الهوّة وإذا تعثّرت جهودك في ذلك فهل تمل وتكلّ؟ كلاّ، بل اعلم – وفقك الله – أنك تبتلى، وأنها صعوبة ستتجاوزها بعزم وإصرارك، واستمداد العون من ذي العون وهو الله تعالى، وأنت قادر – بإذن الله – على التغلّب عليها والخروج منها بنجاح وتحقيق مقصدك الأسمى وهو الإصلاح، وبهذا تكون قد تدربت على حلّ مشكلة، فلولا المشكلات التي تعترض العظماء فيحاولون التغلّب عليها لما كانوا عظماء، ولا نجاح بدون فشل، ولولا شقاوة الابن لما برز لنا أب حكيم صبور ذو جلد، ولولا مشكلات الطلاب في المدارس ومحاولة حلّها من المعلمين المخلصين، لما برز – أيضاً – معلمون أكفاء ذوو خبرة وحنكة ومهارة، وعلى هذا فقس، فلعل الله ينفع بك، وتأخذ دورات مجانية في الحياة بعلاج المشكلات التي تطرأ بين متخاصمين وبالذات من أهلك وذويك!
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/133)
أيها الشاب لو كنتَ رجلاً لتزوجتَ !
فضيلة الدكتور رياض بن محمد المسيميري
لا أظن أنّ وسائل الترفيه المحرمة، وأسباب الفتنة العاصفة، وجو الرذيلة المُشاع، قد تيسرتْ وأصبحت في متناول أيدي الجميع وخاصّة الشباب كما تحققت وتيسرت في هذا العصر العجيب!! فالقنواتُ الفضائية، وعالمُ النت، وأفلامُ العري، ومشاهد الإباحية، ومجلاتُ الخَلاعة، وخشباتُ المسرح، وأسواقُ التبرج، وهتافُ الغريزة..كلُّها أسبابٌ مغرية ووسائلُ فعالة لإذكاء نيران الشهوة في النفوس وتأجيج براكين الغريزة في صدور الشباب!
ورغم ذلك تظلُّ شريحةٌ كبيرةٌ من الشباب سلبيةً في تصرفاتها، إتكاليةً في تطلعاتها!! فلا يفكرون في تحصين أنفسهم، وبنات المسلمين بالزواج الشرعي المبكر.ويظلون تحت رحِمة العادات الاجتماعية القاصرة التي تجعل إتمام الدراسة والظفر بالوظيفة عقبتين كؤودتين تحولان بصرامة دون إتمام صفقة العمر!!.ويبلغُ الشابُ الخامسةَ عشرةَ والسادسةَ عشرة وحتى بدايات العشرينات وريما أوساطها بل أواخرها، وهو بعيد التفكير عن إحصان نفسه وإعفاف فرجه بفارسة الأحلام!! فطالبُ الجامعة، فضلاً عن طالب الثانوية، لا يزال في نظر نفسه ووالديه ومجتمعه صغيراً على الزواج حتى ينال الشهادة الجامعية ويلهث بعدها بحثاً عن الوظيفة فمتى ظفر بها عَدًّوه رجلاً حينها!! إنّ الشاب في الثانوية العامة، والجامعة لا يزال أسيراً لعادات المجتمع التي تمنعه من الاعتماد على نفسه في كسب المال وجمع المهر وإبرام صفقة الزواج!! وتجعله تحت رحمة جيب والده الذي ربما لا يشعُر بحجم معاناة أبنائه وشوقهم للزواج والعفة!! إنّ الكثيرين من هؤلاء الشباب متى وُوجهوا بسؤالات جادّة عن أسباب تأخيرهم للزواج، بادروا بالاعتذار بقلة ذات اليد، وانتظارهم للوظيفة وجمع المهر!! وكأنّ أبواب الرزق أُوصدت كلها، فلم يبق غير الوظيفة باباً للرزق، ومجالاً للكسب!! لم لا يتخلى الشباب عن الخمول والكسل، واعتياد الراحة والدّعة، وينزلون الأسواق، ويطرقون أبواب المعاش، وهي كثيرة لو تخلّوا عن نعومتهم الفائقة، واتكاليتهم البالغة على الغير من آباء وإخوة!! ! لو كان هؤلاء الشبابُ رجالاً حقاً لما رضوا أن يحرموا أنفسهم الزوجات الصالحات، والإحصان الحلال ويُصارعوا الشهوة الثقيلة سنوات عديدة، معرضين أنفسهم لشبح الهزيمة أمام مطارق الشهوة، وتحت أعاصير الفتنة نتيجة الاستسلام لعادات المجتمع، وأنماطه السلوكية الدارجة!!. لقد آن الأوان أن يمارس شبابنا حقوقهم المهضومة في الرجولة والفحولة بطريق الحلال الطيب وإن عجب الأبوان واندهش المجتمع من هذه الشجاعة الأدبية المفاجئة!! ولا نظنه سيمضي طويل وقت قبل أن يتقبلَ الجميعُ، ويرضخ الكلّ لإرادة الشباب الأبطال متى حرصوا على استيفاء حقوقهم وكانوا رجالاً!!
29-5-1426 هـ
http://www.abowab.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/134)
سلسلة يوميات مسلم ( 3 )
دور الأبناء في صلاة الفجر
عصام بن هاشم الجفري
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوراً أحد، أحمده - سبحانه - وأشكره على نعمة الأمن في البلد والصلاح في الولد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله فإن تقوى الله حفظ للنفس والذرية قال الله في محكم التنزيل: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا}(النساء: 9).
أيها الأحبة في الله الحلقة الثالثة من هذه السلسلة (يوميات مسلم) جاءت بناء على نصح أحد شباب الحي المباركين حيث أخذ بيدي بعد الخطبة الماضية وقال لقد ألقيت مسؤولية الاستيقاظ لصلاة الفجر كاملة على عاتق الآباء وكأن الأبناء ليس لهم دور في القضية! فوعدته بالحديث عن دور الأبناء في خطبة هذا الأسبوع، فأقول أحبتي: إن الحديث كان عن دور الأب وهو بلا ريب دور مهم رئيس في الأسرة فهو قائدها، ولكن ذلك لا يعفي الأبناء والبنات والزوجة من المسؤولية، فالولد متى بلغ سن البلوغ ويعرف ذلك بأحد ثلاث أمور الاحتلام أو إنبات شعر العانة أو بلوغ خمسة عشر عاماً فقد أصبح مكلفاً يجري عليه القلم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ))(النسائي، الطلاق، ح(3378)). فهو مسؤول عن تصرفاته وأقواله، فليس لشاب بالغ حجة عند الله أن يقول إن أبي لم يوقظني لصلاة الفجر؛ لأنه منذ بلغ أصبحت تلك مسؤوليته هو بالدرجة الأولى، فعليه أن يتخذ الأسباب اللازمة لإيقاظه وألا يعتمد على أبيه في ذلك، وأقول للشاب الذي يعتمد على أبيه في الاستيقاظ لصلاة الفجر دعني أهمس في أذنك ألا تشعر بالخجل وأنت رجل طويل عريض قد خط شاربك وقويت بنيتك أن تعتمد على أبيك الذي شاب شعره وضعفت بنيته، أقول له لو رأيت شاباً يحمله أبوه فما هو تعليقك؟. لا شك أنك ستقول أن الأولى أن يحمل القوي الضعيف فمعنى هذا أن الأب هو القوي وأنت الضعيف؟. فهل ترضى لنفسك أن تكون ضعيفاً؟. في أمور الدنيا تأنف أن يصفك أحد زملائك أو غيرهم بالضعف والكسل والخور، وقد تسعى للبطش والانتقام ممن يصفك بذلك؟. فكيف ترضى أن تكون تلك صفتك في مسيرك إلى الله الذي خلقك وقواك وعافاك؟. ويبلغ الضعف والخور مبلغه يوم أن تأبى الاستجابة السريعة لأبيك حال إيقاظه لك، فهو يناديك ثم يناديك وأنت تتمرغ في فراشك قد التصقت به، وثقل بدنك عن إجابة داعي الرحمن وهو يناديك: حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم: فأرجوك يا بنيَّ الحبيب ثم أرجوك رجاء المحب المشفق أن تقفز وتنتزع نفسك من هذا الفراش مردداً شعارك الغالي كما عهدتك: {..وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}(طه: 84).في تلك اللحظات الشيطان يوسوس لك ما هذا الأب الذي لا يترك لي مجالاً للراحة والنوم والدعة، لقد شبع هو من الدنيا وملذاتها ثم جاء ليحرمني حتى لذة النوم، ما هذا التعقيد؟.إلى آخر تلك الوساوس الشيطانية التي إذا استرسلت معها ربما تدفعك للتطاول والرد على أبيك بغير أدب، وفي أخف الأحوال قد تدفعك للتحايل والكذب بأن تعده أن تصلي ولا تفعل ذلك للتخلص من إصراره عليك؛ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقِيلَ مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ مَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ: ((بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ))(البخاري، الجمعة، ح(1076))؛قلي بربك بنيَّ الحبيب أترضى أن تجعل من أذنك مكاناً لبول عدوك القذر الشيطان؟. الذي يتثاقل عن صلاة الفجر قد رضي بذلك، يا بنيَّ والله ثم والله ثم والله ما أراد بك أبوك إلا الخير؛ أراد لك جنة عرضها السموات والأرض تعانق فيها هناك الحور العين فنتنعم بجمالهن ونعومة أجسادهنَّ. يا بنيَّ الحبيب عد معي بذاكرتك للوراء قليلاً وتأمل معي ذلك المنظر، أنظر ودقق معي النظر إلى وجه أمة الإسلام وقد تهلل فرحاً بولادتك، استمع معي إلى دقات قلبها تكاد تصم الآذان من شدة الفرحة بك، هذه الأمة الثكلى كان أملها فيك كبيراً؛ أملها أن تكون أنت، نعم أنت وليس أحد غيرك من يعيد إليها مجدها وعزها؛فرحت بك وفي ذاكرتها علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الذي عرض حياته للخطر فداء لنبي هذه الأمة - صلى الله عليه وسلم - ومن أجل مجدها وعزها، في ذاكرتها عوف ومعوذ ابني عفراء وهما يتسابقان كأنك تراهما من مكانك هذا لقتل رأس الكفر في زمانهما فرعون هذه الأمة ولم يبلغا بعد سن الثامنة عشر، في ذاكرتها عمير بن أبي وقاص يتخفى بين الناس يوم بدر يخشى أن يرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصغر سنه الذي لم يبلغ الثامنة عشر ولم رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم بأن يرده سالت دموعه حارة على خده؛يريد الجنة ونعيمها فإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - له وعلم الله أنه طلب الشهادة بصدق فما حل المساء إلا وهو في أحضان الحور العين بين الأنهار والأطيار في جنة عالية قطوفها دانية كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية، في ذاكرتها سمرة بن جندب ورافع بن خديج يتنافسان للحصول على قبول، على القبول في دراسة؟. في وظيفة؟. على القبول من فتاة ماجنة لعوب؟. لا والله إنما هو التنافس للقبول ضمن جيش الإسلام في غزوة أحد لينالوا شرف الشهادة في سبيل الله، يبذلوا دماءهم رخيصة في سبيل الله؛في
ذاكرتها محمد بن القاسم بن محمد وهو ممتطٍ صهوة جواده كأنك تراه يقود جيشاً عرمرماً فيفتح الهند والسند وينشر نور الإسلام فيها وعمره ثمانية عشر عاماً، في ذاكرتها الملك المظفر قطز وكيف أعاد للأمة بعون الله عزها بعد أن بلغ بها الذل مبلغه من التتار، في ذاكرتها صلاح الدين الأيوبي وكيف استنقذ المسجد الأقصى من يد الصليبيين الأنجاس، فقلي بربك.. قلي بربك شاب لا يستطيع أن يجاهد نفسه في صلاة الفجر هل يستطيع أن يحقق للأمة ما ترجوه منه؟. شاب عجز عن أن يكون له دور في حيه أو حتى مع أهل بيته في الإيقاظ لصلاة الفجر هل يستطيع أن يحقق للأمة ما ترجوه منه؟. إني لأرجو الله ثم أرجو الله أن لا تكون أنت ولا أحد من شباب المسلمين ممن يتلبسون بتلك الصفات الذميمة، يا بنيَّ الحبيب ألا تحب أن توصف بأنك رجل؟. فهل تعلم من هو الرجل حقاً؟. اسمع وصفه من رب العالمين حين يقول: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ(36)رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ(37)}(النور).
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه وستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن مرحلة الشباب هي مرحلة الفوز الذهبية وأقول للشباب أسمعوا لهذه الكلمات يخاطبكم بها نبيكم وحبيبكم تفاعلوا معها وكأنكم تنظرون إلى ذلك الوجه الأنور يحدثكم بها خاصة فيقول: ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ))(البخاري، الأذان، ح(620)). فما يمنعك بنيَّ الشاب الحبيب أن تجمع تلك الصفات. يا بنيَّ الحبيب هل علمت أنك بحملك عن أبيك مسؤولية الإيقاظ لصلاة الفجر تحقق مكاسب عظيمة أولها بر أبيك وإدخال السرور على قلبه وهو طريق معبد للجنَّة، ونوع من رد الجميل لهذا الأب الذي مابرح منذ ولادتك ومازال يبذل وقته وجهده من أجلك أنت ومن أجل سعادتك، إنك بعملك ذلك تفرغه للصلاة في الحرم فتكسب مثل أجره وقد يدعو لك هناك بدعوة صالحة تسعد بها في الدنيا والآخرة، ثم أنت تكسب أجر كل من أيقظته لصلاة الفجر بالمنزل وبإمكانك إلى جوار ذلك أن تستخدم الهاتف مع بعض الأصدقاء والجيران بعد التنسيق معهم لإيقاظهم فتكسب أجرهم وكل واحد منهم أيقظ أحداً من أهله فلك مثل أجره، ومن تعود منهم على صلاة الفجر في جماعة ثم دعا إليها أولاده وأهل بيته وأهل حيه فلك مثل أجورهم وكل من اقتدى أو تأثر بهم إلى يوم القيامة؛ فالله أكبر ما أعظمها من سلسلة أجور عظيمة أعظم من سلسلة جبال تهامة يحصل بها الشاب بمجهود بسيط، فلا تزهد بنيَّ فيها فها هي الحوراء تنظر إليك تنتظرك على أحر من الجمر، فهل أنت مشتاق لها؟ فهيا إذن لتدفع مهرها وأسأل الله أن يعنيك عليه.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/135)
في الحياة الزوجية .. هكذا يخطئ الرجال
د.أحمد عبد الله
خمسة عشر عامًا بالتمام والكمال تمر على اختياري وعملي بهذا التخصص كطبيب نفساني، وأكثر من خمسة أعوام خبرة في التعامل مع المشكلات الأسرية من خلال الإنترنت، وفي العيادة الخاصة، وأزعم أن ما تراكم عندي من خبرات يمكن أن يملأ عدة مجلدات، ولكن لا بأس من مقالات سريعة تفي ببعض الغرض!
أبدأ بمحاولة للنقاش حول الأخطار التي تهدد العلاقة الزوجية والأسرية في عالم متقلب يتغير في تفاصيله كل دقيقة، ونعيش نحن فيه دون إدراك لطبيعة المستجدات وانعكاساتها علينا، وكيف نسلك وسط هذه الفوضى والمتناقضات والضغوط؟! كيف نعيد فهم ديننا، وترميم مفاهيمنا، وإصلاح مسالكنا على هدى وبينة؟! أين الصواب فنستهدفه، وأين الخطأ لنجتنبه ونحاربه؟!
لا للندية
وحديثي اليوم إلى الرجال وعنهم، وأتناول فيه بعض الأخطاء التي أراها كامنة وراء العديد من المشكلات الزوجية، أشرح قاعدة من قواعد النجاح والسعادة الزوجية، وهي: "لا تعامل زوجتك بالمثل".
خلفيات كثيرة في عصرنا هذا تدفع باتجاه وضع من الندية بين الرجل والمرأة، فالظروف أتاحت أمام كل امرأة فرصًا أكبر للاستقلال المادي والمعنوي، فهي تعمل وتخرج وتشارك، لها مالها الخاص، وعندها حاسوبها الخاص، وهاتفها النقال، وحسابها البنكي، وعالمها الذي يتوسع، وغالبًا ما يكون هذا التوسع على حساب الرجل وعلاقتها به، فهي أكثر برودة وزهدًا تجاه زوجها لأنها أقل احتياجًا له، وأقل رغبة في بذل الجهد لإرضائه، وغيره حولها كثير من الزملاء والأصدقاء، وحتى العلاقات الإلكترونية، فيفقد الرجل/ الزوج ميزاته النسبية في الإنفاق والخصوصية والندرة إذا صح التعبير وتتسلل إلى نفسه مشاعر الحنق بسبب هذا وغيره، وحين تستقر في ضميره أن زوجته ندٌ له يبدأ في معاملتها بالمثل.
أمثلة:
لدى النساء/ الزوجات رغبة جامحة تبدو فطرية في التفتيش وراء الزوج يعني في متاعه وأوراقه وجيوب ملابسه... إلخ، والغرض معروف، فهناك دائمًا نساء محتملات، والرجل عينه زائغة، وطماع... إلخ!! وفي مقابل هذا فإن المرأة المعاصرة لا تقبل بحال من الأحوال أن يعاملها زوجها بالمثل، ولو حدث فإنه في أحسن الأحوال سيظفر بمحاضرة من النوع الثقيل حول الخصوصية واحترامها، وحول حقوقه وواجباته، وحول أن للإنسان مساحات ينفرد بها، ولا ينبغي اقتحامها!
ومن نفس المنطلق تقريبًا فإن المرأة حريصة على معرفة ما يدخل إلى جيب زوجها من أموال، وعلى الاطمئنان الدائم أنه لا يبقى هناك كثيرًا، وأنه ينفقه عليها وعلى أولادها، وبالمقابل فإن ميزانيتها الشخصية سرية، وذمتها المالية مستقلة، وأي فضول تجاه استكشاف هذه المساحة سيواجه بمنتهى الحزم والحسم أو المراوغة والكذب "الأبيض" طبعًا!!!
والمرأة كثيرة الشكوى بطبعها فيما يبدو وهي حين تشكو لا ترى في ذلك عيبًا ولا غضاضة، فهي تمارس هواية من هواياتها، وسيكون الزوج ظالمًا إذا اعترض لأنه يريد حرمانها حتى من الفضفضة والشكوى، أما إذا سولت له نفسه أن ينتقد تصرفًا صدر عنها، أو أن يعترض على تقصير أو خلل هنا أو هناك فستكون النتيجة هي تلك الأطروحة المزمنة التي تصدر عن كل امرأة تقريبًا، فلم يحدث مرة أو مع أية امرأة إلا وتشكو أن زوجها كثيرًا ما ينتقدها، وأنه لا يكف عن لومها، وتوجيه نظرها إلى التقصير مهما كان بسيطًا!! وقد تسير أكثر في الطريق نفسه لتقول بأنها لا تشعر بتقديره لأي شيء تقوم به من أجله أو من أجل الأولاد!!!
وكما نعرف جميعًا فإن التقلب المزاجي هو من طبع البشر، وتمر المرأة بيولوجيًا بأحوال مزاجية مختلفة، وبخاصة أثناء الدورة الشهرية، ولأسباب أخرى متنوعة جدًا ومتعددة جدًا فإن المرأة أحيانًا تميل للعزلة بل وترفع نفسها من الخدمة، وأوجاعها الجسمانية وظروفها النفسية تكاد لا تنتهي، وطابعها أقرب إلى الخمول والاكتئاب بمعناه الواسع لا المرضي بأعراضه المسجلة، وبالمقابل فإن نقدًا متكررا تتوجه به المرأة ضد زوجها من أنه لا يبتسم في وجهها، ولا يتحدث معها، لا يقضي معها وقتًا كافيًا، ولا يكون حاضرًا وشاهدًا ومشاركًا في كل ظروفها وأوجاعها، وطبيعي أن الرجل لا يحيض، ولكن لأسباب يميل للعزلة أو إيثار الصمت والعزوف عن الكلام أو وجود أوجاع جسمانية أو ظروف نفسية هي كثيرة، ولا تدع إنسانًا إلا ومرت عليه رجلا كان أو امرأة.
وتكاد القائمة لا تنتهي إذا أردت أن أسرد الأوضاع والمواقف التي تكيل فيها المرأة بمكيال لها، ومكيال آخر حسب الظروف والأحوال، فإذا كان الحديث عن شخصيتها ووضعها في المجتمع والأسرة تدير أسطوانة المساواة، وتكافؤ الفرص، وتدفع بمنطق التمكين وحقوق المرأة، وإذا كانت الحقيبة ثقيلة أو يوجد فأر في المطبخ، أو يحتاج البيت لمبالغ إضافية فالأسطوانة المفضلة ستكون أنها امرأة، وتحتاج إلى دعم ومساندة، ومن أين ستحصل عليه إن لم يكن من زوجها؟! وكثير من طباع النساء ولا أعمم مذكورة في القرآن والسنة الصحيحة على سبيل التوصيف والسرد، وفهم نفسية المرأة هام لمن يريد استقرارًا لحياته الزوجية، وهي معارف ليست مجموعة في كتاب، ولا متوافرة في دورة أو ورشة عمل، وجهل الرجل/ الزوج بها يؤدي إلى تعاسة الطرفين، ولا مفر من الاعتراف بأن أغلب رجالنا يجهل تلك المعارف والفنون، ويجهل تلك الصفات النسائية فيضر من حيث يريد أن يصلح!!
ما العمل؟!
في مسألة المعايير المزدوجة أو حتى بشكل عام يبدو خطأ الرجل هنا هو أنه يريد أن يمارس بالفعل معاملة زوجته بالمثل: تعبس في وجهه، وتنعزل في غرفتها، فيسخط، ويأتي عليه الدور لاحقًا فيفعل. تخترق خصوصياته فيقتحم غرفتها، ويفتش وراءها، تشكو وتنتقد فلا يترك لها خطأ إلا وأشبعها لومًا وتقريعًا عليه، تخطئ أو تتجاوز فيكون الجزاء من جنس العمل، غضبًا أو صراخًا، أو مقاطعة وهجرًا، أو على الأقل جفاءً ممتدًا، أو انسحابًا وعزلة.
وجوهر الخطأ هنا أن "الندية" هي حالة يصل إليها الطرفان بممارسات من كليهما، ومن أهم هذه الممارسات أن يعامل الرجل/ الزوج زوجته بالمثل فتتكرس وضعية الندية، ثم هو يعود فيشكو من ذلك، وهي تعود لتصرخ من انكماشه وعزوفه وبروده وهجره، ومن جانب الرجل فإن هذا ينبغي أن يتوقف ليحل محله وضع آخر محوره الفضل والتسامح والمرونة والصبر والرضا بما يضايق ابتغاء لما لا غنى عنه من المعاشرة بالحلال، وعمارة الأرض، والتفاعل الإنساني الذي هو صعب بطبيعته، وخاصة تعقيدات العلاقة بين الرجال والنساء.
وربما تكون هذه المقترحات هي بلورة ما لوضع القوامة الذي أراده الله أن يكون في علاقة الرجال بالنساء، ولكن القوامة أيضًا هي حالة يصل إليها الزوجان بفهم وممارسات مشتركة، وعدم معاملة الزوجة بالمثل هو بعض مكونات حالة القوامة من جهة الرجل، وربما تكون من بعض تجليات مفهوم الدرجة التي جعلها الله بينهما "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة"، قد يكون هذا فهمًا صحيحًا للوضع الشرعي المنشود، وقد تكون مجرد تعزية لأنفسنا نحن الأزواج لكنها في كل الأحوال وصفة ناجحة، وسأنتظر منكم معشر الرجال ومنكن معشر النساء النفي أو التأكيد.
http://www.islamonline.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/136)
علموا أولادكم حفظ القرآن
أصبح من سمات الأطفال الصغار هذه الأيام عدم مقدرتهم علي الجلوس لمدة طويلة أمام من يحادثهم وهو أمر يعكس سير الحياة السريعة ، ولذلك تبدلت أمور وتغيرت أخري ، وأصبحت مسألة الحفظ تحتاج إلي أساليب جديدة لتجذب الطفل حتي يجلس ويستمع إلي محدثه وبالتالي يسهل حفظه للقرآن .
تعالوا معاً لنقرأ ما يقوله الحافظ السيوطي :
تعليم القرآن أصل من أصول الإسلام فينشأ الأولاد علي الفطرة وتسير إلي قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها وسوادها بأكدار المعصية والضلال .
ولقد عرف الصحابة أهمية حفظ القرآن وأثره في نفوس الأبناء فانطلقوا رضوان الله عليهم يعلمون أبناءهم القرآن استجابة لتوجيهات النبي صلي الله عليه وسلم فعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما عن أبيه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
" خيركم من تعلم القرآن وعلمه"
وكذلك السلف الصالح رضوان الله عليهم فقد ساروا المسار نفسه ، وفي الطريق نفسه فقد جاء في مقدمة كتاب المعلمين لابن سحنون أن القاضي الورع عيسي ابن مسكين كان يقرئ بناته وحفيداته قال عياض
".. فإذا كان بعد العصر دعا ابنتيه وبنات أخته ليعلمهن القرآن والعلم وكذلك كان يفعل قبله فاتح صقليه .. أسد بن الفرات .. بابنته أسماء التي نالت من العلم درجة كبيرة ."
متي نبدأ؟
إن مقدرة الطفل علي الحفظ تبدأ منذ بداية تعلم الطفل الكلام وإتقانه أي بعد ثلاث سنوات ، وقال ابن عاصم : ذهبت بابني إلي ابن جريح ، وهو ابن أقل من ثلاث سنين يحدثه بهذا الحديث والقرآن وقال أبو عاصم : لا بأس أن يتعلم الصبي الحديث والقرآن وهو في هذه السن ونحوه ، وتختلف المقدرة علي الحفظ من طفل إلي آخر المهم أن نبدأ أو نستمر ونتحلي بالصبر وننشد الأجر .
خطوات علي الطريق الصحيح:
هناك عدة طرق يمكن أن نسلكها لمساعدة الطفل علي الحفظ والعمل بما حفظ:
أولاً : حتي يقبل أي شخص علي عمله بإخلاص لابد وأن يحب هذا العمل ويقتنع به علي أن يكون الإقناع ، والحب من جانب الأب والأم والأبناء مهما كان صغر سنهم فنحدثهم عن أهمية حفظ القرآن ، ومقدار الثواب الذي يناله حافظ القرآن ، وعن أهمية القرآن في حياتنا ، وأن نكون نحن لهم القدوة فيروننا ونحن نمسك المصحف لنقرأ ونحفظ ولنطلب أيضاً منهم أن يجلسوا بجانبنا ونحن نقرأ فالعاطفة التي تربطنا معهم أثناء القراءة تحببهم دائماً في الحفظ والقراءة من المصحف .
ثانيا: لابد لنا دائماً أن نهتم بشرح بسيط أثناء التلاوة حتي تتفتح معاني القرآن في قلوبهم ، فكثير من الآباء يرون أن أبناءهم غير قادرين علي الفهم أو الحفظ وهذا اعتقاد خاطئ فهذا الطفل الصغير له مقدرة عجيبة في تخزين المعلومات بصورة كبيرة .
ثالثا: لنهدي الطفل مصحفاً خاصاً به ونعلمه كيفية المحافظة علي مصحفه ووضعه دائماً في مكان مخصص له وبذلك نكون قد علمنا أبننا حفظ مصحفه .
رابعا: لنلجأ للطريقة الحديثة في الحفظ من الأشرطة المسموعة ونضعها دائماً في السيارة وتوجد أشرطة خاصة لتعليم الأطفال الحفظ وأيضاً هناك أقراص ليزر للكمبيوتر .
خامسا: لنشرك الطفل في حلقات لتحفيظ القرآن لتكون هناك روح للتنافس في الحفظ
سادسا : إن للقرآن تأثير كبير علي النفس فينيرها ويهذبها ويضرب علي أوتارها وكلما اشتدت النفس صفاءً كلما ازدادت تأثيراً والطفل أقوي الناس صفاء وفطرته ما زالت نقية ، هذا بالإضافة إلي أن هذه السور تقدم للطفل موضوعاً متكاملاً بأسطر قليلة.
سابعا: للمكافأة أثر كبير في التشجيع ولكن لا نجعلها غاية ، كي لا يحفظ الطفل القرآن الكريم ليحصل علي المكافآت ، ولكن لتحببه في الحفظ ، ومن ثم إذا كان هناك فرصة لنكافئه علي حفظه .
كيف أعود ابني المراهق علي القراءة اليومية• للقرآن ؟
يخطئ الآباء والأمهات الذين يعتقدون أنهم بالأمر أو بالترغيب فقد يتحول أبنائهم إلي أشخاص صالحون ، فالتربية عملية معقدة ، ومتراكمة ، ولن أستطيع أن أكون سلوك أو أزرع قيمه في نفس ابني إن لم أكن أنا في البداية .
وقبل أن نقول كيف نعود أبنائنا علي القراءة اليومية للقرآن ، لنسأل أنفسنا :
هل نحن قدوة في هذه الموضوع ؟
بعدما أكون قدوة في قراءتي للقرآن اليومية ، لنطبق بعدها الخطوات التالية :
*أضع جدول تنافس بيني وبينه ، فيمن يستطيع أن يختم القرآن في أقل من شهرين .
*أحدد آيات معينة في وردنا اليومي ونحاول كلانا أن نبعث لها عن التفسير .
*ندخل أحد أقرانه معنا في التنافس وبرنامج القراءة ، أحد أبناء أخواله أو أعمامه ، ونتصل به كل يومين لنعلم أين وصل في القراءة .
* اتفق مع أحد الشيوخ أو المعلمين ليعلمه التجويد والتلاوة ، وأحدد ساعات أسبوعية يمر علينا ليسمع قراءته ، وأحاول أن أضيف إلي أسلوب هذا الشيخ أو ذاك المعلم التشويق والإثارة ، وأبعده عن الروتين والأسلوب التقليدي القديم ، فشباب هذا العصر يحبون الإثارة ويحبون كل جديد .
* أتعاون مع أستاذه في المدرسة ، بأن يعطي له اهتمام خاص في حصة القرآن والتلاوة ، ويجعله يقود الفصل معه إن رأي منه التميز ، ويجعله كذلك يتلو القرآن في إذاعة المدرسة الصباحية .
يحدثنا التاريخ عن الشيخ محمد بن الجذري منذ كان أباه تاجراً وقد حرص بعد أن استجاب الله لدعائه علي تربية ابنه تربية دينية وعلي تنشئته نشأة صالحة ولذا نشأ ابن الجذري في بيت يقدر العلم وأهله مما ساعده علي أن يتم حفظ القرآن الكريم وله من العمر 13 عاماً وأن يسمع الحديث ويقرأ القراءات ويجمع قراءات الأئمة السبعة وأيضاً يجمع القراءات علي بلاد الشام .
ويحدثنا أيضاً التاريخ أنه حين أتقن حماد بن أبي حنيفة رضي الله عنه سورة الفاتحة وهب أبو حنيفة المعلم خمسمائة درهم واستكثر المعلم هذا السخاء إذ لم يعلمه إلا الفاتحة فقال أبو حنيفة لا تستحقر ما علمت ولدي ولو كان معنا أكثر من ذلك لدفعناه إليك تعظيماً للقرآن .
أما مكافأة الطفل فهذا صلاح الدين الأيوبي وهو في خضم المعركة يتجول بين جنوده فيجد صغيراً بين يدي أبيه وهو يقرأ القرآن فاستحسن قراءته فقربه منه وجعل له جزءاً من طعامه ووقف عليه وعلي أبيه جزءاً من مزرعته .
لقد ضاقت المساجد بالصبيان في وقت من الأوقات حتي اضطر الضحاك بن مزاحم معلم الصبيان ومؤدبهم أن يطوف علي حمار ليشرف علي طلاب مكتبه الذين بلغ عددهم ثلاثة آلاف صبي وكان لا يأخذ مقابلاً عن عمله .
ـــــــــــــــــــ(111/137)
طفلك وغراس الإيمان
الإيمان أهم وأعظم قضية يجب أن تغرس في نفوس الأبناء، فالإيمان حياة القلوب، وهو الأساس لأي بناء، والبناء بدون أساس كمنزل يريد أن ينقض يوشك أن يقع في أول لحظة.
وللصياغة الإيمانية للأطفال أسس ومنطلقات تصلح أن تكون علامات وأمارات يهتدى بها للوصول إلى المطلوب في تربية جيل منذ نعومة أظفاره على الإيمان بالله وتصديق الرسول وطاعته في كل صغير وكبير، فتكون تلك التربية بمثابة النور الذي ينمو مع الطفل يمصه مع اللبن من ثدي أمه.
معالم التربية الإيمانية للأطفال
[1] تلقين الطفل التوحيد 'أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله' وفي ذلك يقول العلامة الإمام ابن القيم
'فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده، وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم، وهو معهم أينما كانوا'.
[2] الاهتمام بالقرآن الكريم:
وينبغي لولي الصغيرة والصغير أن يبدأ بتعليمهما القرآن منذ الصغر، وذلك ليتوجها إلى اعتقاد أن الله تعالى هو ربهم، وأن هذا كلامه تعالى، وتسري روح القرآن في قلوبهم، ونوره في أفكارهم ومداركهم، وحواسهم، وليتلقيا عقائد القرآن منذ الصغر، وأن ينشآ ويشبا على محبة القرآن والتعلق به والائتمار بأوامره، والانتهاء عن مناهيه، والتخلق بأخلاقه، والسير على منهاجه'.
ولهذا يقول ابن خلدون:
'تعليم الوِلدان للقرآن شعار الدين، أخذ به أهل الملة، ودرجوا عليه في جميع أبصارهم لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن وبعض متون الأحاديث، وصار القرآن أهل التعليم الذي يبنى عليه ما يحصل بعد من الملكات'.
[3] غرس روح مراقبة الله في السر والعلن في نفوس الأطفال:
مراقبة الله عز وجل هي من أهم المعالم الإيمانية التي يستقيم بها قلب الطفل ومن ثم جميع جوارحه، وهي الأساس الذي يبعد الطفل عن كل المعاصي والمخالفات، وهي أيضًا المدخل الصحيح لتعميق روح الإخلاص في نفسية الطفل ولذا فالله تعالى يقول: "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ" وفي آية أخرى: "إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ" ومن ثم يجب على الوالدين تعويد الأطفال مراقبة الله وهم يعملون، وهم يفكرون، وهم يضمرون أمرًا ما وإلى هذا المعلم المهم أشار المربي الأول عليه الصلاة والسلام حين سئل عن الإحسان فأجاب: 'أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك'.
ومن النماذج الخالدة التي تعمق معلم مراقبة الله تعالى في كل صغيرة وكبيرة، قصة الأم مع ابنتها: الأم تريد أن تخلط اللبن طمعًا في زيادة الربح، والبنت تذكرها بمنع أمير المؤمنين الأم تقول: أين نحن من أمير المؤمنين، إنه لا يرانا، وترد البنت بالجواب المفحم: 'إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فرب أمير المؤمنين يرانا'.
[4] غرس روح الخشوع والعبودية لله:
الخشوع لله عز وجل يتم من خلال معرفة أمرين، الأمر الأول معرفة مقام الله عز وجل وأنه الرب الجليل الأكبر، ومعرفة مقام الإنسان وعجزه وإشفاقه وتقصيره والأمر الثاني: أن الإنسان لا يستفز ولا تهدأ نفسه إلا بتمام الحب والذل لله عز وجل، ولكي نغرس الخشوع والعبودية في نفوس الأطفال لا بد أن نفتح بصائرهم على قدرة الله المعجزة، وملكوته الهائل الكبير في كل شيء، في الدقيق والجليل وفي الجامد والحي، وفي البذرة النابتة والشجرة النامية، فما يملك القلب إزاء ذلك إلا أن يخشع، ويهتز لعظمة الله، وما تملك النفس تجاه هذا إلا أن تحس بتقوى الله ومراقبته، وأن تشعر بكليتها وقرارة وجدانها بلذة الطاعة، وحلاوة العبادة لله رب العالمين.
ومن المستحسن أن يساعد الوالدان الأطفال على فهم الظواهر الكونية، ودور القدرة الإلهية فيها خلقًا وتنظيمًا وتصريفًا فالأطفال إذا تعلموا أن الشمس هي التي تبخر الماء، الرياح هي التي تسوق البخار، ونزول درجة الحرارة هو الذي يكشف ذرات الماء فتهطل مطرًا وغيرها من الظواهر الطبيعية المشاهدة ويراها الأطفال، فإذا ما استطاع الوالدان أن يبينا لهم أن تلك الظواهر لا تعمل وحدها، بل إن الله العظيم قد خلقها وهو الذي يسيرها ويحركها وأعطاها القدرة على ذلك والانتقال من المحسوس المشاهد إلى المعقول المغيب هو مسلك القرآن، وهو مما تتقبله عقول وقلوب الأطفال بسهولة ويمكن الوصول من خلاله إلى قضية الإيمان عن اقتناع وحجة وبرهان.
[5] غرس روح الاستعانة بالله عز وجل:
الأطفال الصغار ضعاف البنية قليلو الحيلة، وقد تعرض لهم مشكلاتهم الخاصة بهم: نفسية واجتماعية ومدرسية وتختلف هذه المشكلات قوة وضعفًا وتخفيف آلام الأطفال لا يكون إلا بترسيخ روح الاستعانة بالله، وأن الله قادر على حل كل المشاكل، فالاعتماد عليه وطلب العون منه يحقق الاستقرار ونمو روح التوكل في نفوس الصغار وهذا الشعور يجعل الطفل في جميع حالاته مرتبط بالله تعالى، وهذا هو المسلك النبوي في تعليم الصغار هذه القضية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس وهو صغير.
[6] تربية الطفل على الاستسلام لله وطاعة رسوله:
لا بد أن يوضح الوالدان للأطفال منذ نعومة أظفارهم أن الاستسلام لأحكام الدين وأوامره واجب؛ لأن الإسلام مشتق من الاستسلام، وأنه ليس لهم أن يقيسوا الدين بعقولهم وآرائهم، لأن العقل له حد ينتهي إليه،وكثيرًا ما تخطئ العقول وتعجز عن تفسير جميع أمور الدين، ويجب أن يوضحوا لهم أن المسلم الحقيقي هو الذي ينفذ أوامر الشرع دون معرفة السبب الذي خفي عليه.
ويقول الأستاذ محمد قطب في منهج التربية الإسلامية:
'وجميل جدًا أن يقتنع الطفل بحكمة ما يفعل، لأن ذلك أيسر للتنفيذ القلبي، وأرجى للثمرة من التنفيذ بغير اقتناع، ولكن أن يكل الوالدان تنفيذ الحق إلى الاقتناع به فهذا أمر لا يأتيه إلا من سفه نفسه؛ حيث إن منهج التربية الإسلامية يقوم ابتداءً على طاعة الله التي هي طاعة تسليم سواء علم الإنسان الحكمة أم لم يعلم، وسواء اقتنع بها عقله أم لم يقتنع. يقول الله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ"، فليوضحا للطفل بأنه من حق المسلم أن يسأل: لماذا؟ فإذا علم أنه أمر الله ورسوله فقد انتهى السؤال ووجبت الطاعة وليس معنى هذا هو التحكم الفارغ من الأبوين لمجرد الإلزام بالطاعة وتعويد الطفل عليها، فذلك حري أن ينتهي به على التمرد والاستكانة وكلاهما فاسد إنما معناه أن يتحرى الوالدان القصد في الأوامر' لذا فمن الصفات الهامة التي ينبغي على الوالدين زرعها في نفوس الأطفال مسألة طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يبدأ في ذلك منذ الطفولة المبكرة، ويقصا عليهم من القصص ما يناسب إدراكهم، وسنهم، وفهمهم، ومن ذلك قصة هاجر رضي الله عنها حين تركها إبراهيم عليه السلام في واد غير ذي زرع ومعها طفلها إسماعيل في مكة، وليس فيها يومها عشب ولا شجر ولا بئر ولا نهر ولا حيوان ولا بشر، ولما أراد أن يذهب ويتركها هناك قالت له: أتتركنا هنا وليس هنا ماء ولا طعام ؟ هل أمرك الله بهذا ؟ فقال إبراهيم: نعم، فقالت إذن لا يضيعنا وأيضًا قصة إسماعيل مع أبيه إبراهيم يوم الذبح، وغيرها من القصص التي تعمق مفهوم روح الامتثال والطاعة في نفوس الأطفال.
[7] تنشئة الأطفال على عبادة الله عز وجل وأداء الشعائر الدينية:
العبادة هي الوسيلة الفعالة لتربية القلب؛ لأنها تعقد الصلة الدائمة بالله عز وجل، والشعائر التعبدية كالصلاة والصوم والزكاة والحج الحكمة الأساسية منها ربط العبد بربه وتمتين الصلة به، أما إذا ضعفت الصلة بالله عز وجل فسوف تذبل النفس وتضمر، ويهبط الإنسان، ويسلك في حياته ما يشبع جسده، ويحبس نظره، وآماله على هذه الأرض وهذه الحياة الدنيا وتعويد الطفل شعائر العبادة وفي مقدمتها الصلاة يكون عن طريق التربية بالعادة، فهي تتحول بالتعويد إلى عادة لصيقة لا يستريح حتى يؤديها، وكذلك الحال في جميع أنماط السلوك الإسلامي، وكل الآداب والأخلاقيات الإسلامية والأبوان المسلمان يعودان الطفل هذه العادات بالقدوة، والتلقين، والمتابعة، والتوجيه، حتى إذا اكتمل نموه يكون قد اكتمل تعوده العادات الإسلامية.
والتعويد لا يتم بسهولة، بل يحتاج إلى جهد، ولكنه بعد أن يتم يصبح أمرًا سهلاً ينفذ بأيسر جهد، أو بغير جهد، وتكوين العادة في الصغر أيسر من تكوينها في الكبر، ومن أجل هذه السهولة في تكوين العادة في الصغر، يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعويد الأطفال الصلاة قبل موعد التكليف بها بزمن كبير، حتى إذا جاء وقت التكليف كانت قد أصبحت عادة بالفعل، وجميع آداب الإسلام وأوامره سائرة على هذا المنهج، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد لها زمنًا معينًا كالصلاة، فكلها تحتاج إلى تعويد مبكر، وكلها تحتاج بعد فترة من الوقت إلى الإلزام بها إن لم يتعودها الصغير من تلقاء نفسه.
ولكن على الوالدين أن يأخذا فائدة العادة ويتجنبا ضررها، وذلك بأن يكونا هما مستشعرين للقيم والمبادئ الإسلامية من وراء سلوكهما اليومي، ولا يكونا مؤدبين لهذا السلوك بطريقة آلية، وخاصة في الصلاة التي هي عنوان الإسلام.
[8] الإيمان بالغيب:
الأطفال عادة يقوم إدراكهم على الملموسان، ويعتريهم الشك فيما لا تراه عيونهم، لذلك يجب على الوالدين إدراك ذلك والتعرف على مكونات نفوس الأطفال فيحصل معهم نوع من التدرج في الأمور الدينية من الملموس إلى الغيبي، ويحاولان الوصول إلى إقناع الأطفال بما يعرضانه عليهم متخذين لذلك الوسائل والأساليب المناسبة.
ومن أفضل الوسائل والأساليب التي تقرب المعنى الغيبي إلى أذهان الأطفال ما استخدمه القرآن الكريم ومنها:
1- تشبيه الغيبيات بأمور محسوسة ملموسة تقرب المعنى، مثل: أطعمة الجنة في قوله تعالى: "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ..."
2- تشبيه الغيبيات بغيبيات لها في الأذهان صورة معينة يمكن الإنسان من تخيلها وتصورها، كتصوير شجرة الزقوم: "طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ" فالعرف جار بأن الشيط
ـــــــــــــــــــ(111/138)
طفلك وغراس الإيمان
الإيمان أهم وأعظم قضية يجب أن تغرس في نفوس الأبناء، فالإيمان حياة القلوب، وهو الأساس لأي بناء، والبناء بدون أساس كمنزل يريد أن ينقض يوشك أن يقع في أول لحظة.
وللصياغة الإيمانية للأطفال أسس ومنطلقات تصلح أن تكون علامات وأمارات يهتدى بها للوصول إلى المطلوب في تربية جيل منذ نعومة أظفاره على الإيمان بالله وتصديق الرسول وطاعته في كل صغير وكبير، فتكون تلك التربية بمثابة النور الذي ينمو مع الطفل يمصه مع اللبن من ثدي أمه.
معالم التربية الإيمانية للأطفال
[1] تلقين الطفل التوحيد 'أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله' وفي ذلك يقول العلامة الإمام ابن القيم
'فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده، وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم، وهو معهم أينما كانوا'.
[2] الاهتمام بالقرآن الكريم:
وينبغي لولي الصغيرة والصغير أن يبدأ بتعليمهما القرآن منذ الصغر، وذلك ليتوجها إلى اعتقاد أن الله تعالى هو ربهم، وأن هذا كلامه تعالى، وتسري روح القرآن في قلوبهم، ونوره في أفكارهم ومداركهم، وحواسهم، وليتلقيا عقائد القرآن منذ الصغر، وأن ينشآ ويشبا على محبة القرآن والتعلق به والائتمار بأوامره، والانتهاء عن مناهيه، والتخلق بأخلاقه، والسير على منهاجه'.
ولهذا يقول ابن خلدون:
'تعليم الوِلدان للقرآن شعار الدين، أخذ به أهل الملة، ودرجوا عليه في جميع أبصارهم لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن وبعض متون الأحاديث، وصار القرآن أهل التعليم الذي يبنى عليه ما يحصل بعد من الملكات'.
[3] غرس روح مراقبة الله في السر والعلن في نفوس الأطفال:
مراقبة الله عز وجل هي من أهم المعالم الإيمانية التي يستقيم بها قلب الطفل ومن ثم جميع جوارحه، وهي الأساس الذي يبعد الطفل عن كل المعاصي والمخالفات، وهي أيضًا المدخل الصحيح لتعميق روح الإخلاص في نفسية الطفل ولذا فالله تعالى يقول: "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ" وفي آية أخرى: "إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ" ومن ثم يجب على الوالدين تعويد الأطفال مراقبة الله وهم يعملون، وهم يفكرون، وهم يضمرون أمرًا ما وإلى هذا المعلم المهم أشار المربي الأول عليه الصلاة والسلام حين سئل عن الإحسان فأجاب: 'أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك'.
ومن النماذج الخالدة التي تعمق معلم مراقبة الله تعالى في كل صغيرة وكبيرة، قصة الأم مع ابنتها: الأم تريد أن تخلط اللبن طمعًا في زيادة الربح، والبنت تذكرها بمنع أمير المؤمنين الأم تقول: أين نحن من أمير المؤمنين، إنه لا يرانا، وترد البنت بالجواب المفحم: 'إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فرب أمير المؤمنين يرانا'.
[4] غرس روح الخشوع والعبودية لله:
الخشوع لله عز وجل يتم من خلال معرفة أمرين، الأمر الأول معرفة مقام الله عز وجل وأنه الرب الجليل الأكبر، ومعرفة مقام الإنسان وعجزه وإشفاقه وتقصيره والأمر الثاني: أن الإنسان لا يستفز ولا تهدأ نفسه إلا بتمام الحب والذل لله عز وجل، ولكي نغرس الخشوع والعبودية في نفوس الأطفال لا بد أن نفتح بصائرهم على قدرة الله المعجزة، وملكوته الهائل الكبير في كل شيء، في الدقيق والجليل وفي الجامد والحي، وفي البذرة النابتة والشجرة النامية، فما يملك القلب إزاء ذلك إلا أن يخشع، ويهتز لعظمة الله، وما تملك النفس تجاه هذا إلا أن تحس بتقوى الله ومراقبته، وأن تشعر بكليتها وقرارة وجدانها بلذة الطاعة، وحلاوة العبادة لله رب العالمين.
ومن المستحسن أن يساعد الوالدان الأطفال على فهم الظواهر الكونية، ودور القدرة الإلهية فيها خلقًا وتنظيمًا وتصريفًا فالأطفال إذا تعلموا أن الشمس هي التي تبخر الماء، الرياح هي التي تسوق البخار، ونزول درجة الحرارة هو الذي يكشف ذرات الماء فتهطل مطرًا وغيرها من الظواهر الطبيعية المشاهدة ويراها الأطفال، فإذا ما استطاع الوالدان أن يبينا لهم أن تلك الظواهر لا تعمل وحدها، بل إن الله العظيم قد خلقها وهو الذي يسيرها ويحركها وأعطاها القدرة على ذلك والانتقال من المحسوس المشاهد إلى المعقول المغيب هو مسلك القرآن، وهو مما تتقبله عقول وقلوب الأطفال بسهولة ويمكن الوصول من خلاله إلى قضية الإيمان عن اقتناع وحجة وبرهان.
[5] غرس روح الاستعانة بالله عز وجل:
الأطفال الصغار ضعاف البنية قليلو الحيلة، وقد تعرض لهم مشكلاتهم الخاصة بهم: نفسية واجتماعية ومدرسية وتختلف هذه المشكلات قوة وضعفًا وتخفيف آلام الأطفال لا يكون إلا بترسيخ روح الاستعانة بالله، وأن الله قادر على حل كل المشاكل، فالاعتماد عليه وطلب العون منه يحقق الاستقرار ونمو روح التوكل في نفوس الصغار وهذا الشعور يجعل الطفل في جميع حالاته مرتبط بالله تعالى، وهذا هو المسلك النبوي في تعليم الصغار هذه القضية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس وهو صغير.
[6] تربية الطفل على الاستسلام لله وطاعة رسوله:
لا بد أن يوضح الوالدان للأطفال منذ نعومة أظفارهم أن الاستسلام لأحكام الدين وأوامره واجب؛ لأن الإسلام مشتق من الاستسلام، وأنه ليس لهم أن يقيسوا الدين بعقولهم وآرائهم، لأن العقل له حد ينتهي إليه،وكثيرًا ما تخطئ العقول وتعجز عن تفسير جميع أمور الدين، ويجب أن يوضحوا لهم أن المسلم الحقيقي هو الذي ينفذ أوامر الشرع دون معرفة السبب الذي خفي عليه.
ويقول الأستاذ محمد قطب في منهج التربية الإسلامية:
'وجميل جدًا أن يقتنع الطفل بحكمة ما يفعل، لأن ذلك أيسر للتنفيذ القلبي، وأرجى للثمرة من التنفيذ بغير اقتناع، ولكن أن يكل الوالدان تنفيذ الحق إلى الاقتناع به فهذا أمر لا يأتيه إلا من سفه نفسه؛ حيث إن منهج التربية الإسلامية يقوم ابتداءً على طاعة الله التي هي طاعة تسليم سواء علم الإنسان الحكمة أم لم يعلم، وسواء اقتنع بها عقله أم لم يقتنع. يقول الله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ"، فليوضحا للطفل بأنه من حق المسلم أن يسأل: لماذا؟ فإذا علم أنه أمر الله ورسوله فقد انتهى السؤال ووجبت الطاعة وليس معنى هذا هو التحكم الفارغ من الأبوين لمجرد الإلزام بالطاعة وتعويد الطفل عليها، فذلك حري أن ينتهي به على التمرد والاستكانة وكلاهما فاسد إنما معناه أن يتحرى الوالدان القصد في الأوامر' لذا فمن الصفات الهامة التي ينبغي على الوالدين زرعها في نفوس الأطفال مسألة طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يبدأ في ذلك منذ الطفولة المبكرة، ويقصا عليهم من القصص ما يناسب إدراكهم، وسنهم، وفهمهم، ومن ذلك قصة هاجر رضي الله عنها حين تركها إبراهيم عليه السلام في واد غير ذي زرع ومعها طفلها إسماعيل في مكة، وليس فيها يومها عشب ولا شجر ولا بئر ولا نهر ولا حيوان ولا بشر، ولما أراد أن يذهب ويتركها هناك قالت له: أتتركنا هنا وليس هنا ماء ولا طعام ؟ هل أمرك الله بهذا ؟ فقال إبراهيم: نعم، فقالت إذن لا يضيعنا وأيضًا قصة إسماعيل مع أبيه إبراهيم يوم الذبح، وغيرها من القصص التي تعمق مفهوم روح الامتثال والطاعة في نفوس الأطفال.
[7] تنشئة الأطفال على عبادة الله عز وجل وأداء الشعائر الدينية:
العبادة هي الوسيلة الفعالة لتربية القلب؛ لأنها تعقد الصلة الدائمة بالله عز وجل، والشعائر التعبدية كالصلاة والصوم والزكاة والحج الحكمة الأساسية منها ربط العبد بربه وتمتين الصلة به، أما إذا ضعفت الصلة بالله عز وجل فسوف تذبل النفس وتضمر، ويهبط الإنسان، ويسلك في حياته ما يشبع جسده، ويحبس نظره، وآماله على هذه الأرض وهذه الحياة الدنيا وتعويد الطفل شعائر العبادة وفي مقدمتها الصلاة يكون عن طريق التربية بالعادة، فهي تتحول بالتعويد إلى عادة لصيقة لا يستريح حتى يؤديها، وكذلك الحال في جميع أنماط السلوك الإسلامي، وكل الآداب والأخلاقيات الإسلامية والأبوان المسلمان يعودان الطفل هذه العادات بالقدوة، والتلقين، والمتابعة، والتوجيه، حتى إذا اكتمل نموه يكون قد اكتمل تعوده العادات الإسلامية.
والتعويد لا يتم بسهولة، بل يحتاج إلى جهد، ولكنه بعد أن يتم يصبح أمرًا سهلاً ينفذ بأيسر جهد، أو بغير جهد، وتكوين العادة في الصغر أيسر من تكوينها في الكبر، ومن أجل هذه السهولة في تكوين العادة في الصغر، يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعويد الأطفال الصلاة قبل موعد التكليف بها بزمن كبير، حتى إذا جاء وقت التكليف كانت قد أصبحت عادة بالفعل، وجميع آداب الإسلام وأوامره سائرة على هذا المنهج، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد لها زمنًا معينًا كالصلاة، فكلها تحتاج إلى تعويد مبكر، وكلها تحتاج بعد فترة من الوقت إلى الإلزام بها إن لم يتعودها الصغير من تلقاء نفسه.
ولكن على الوالدين أن يأخذا فائدة العادة ويتجنبا ضررها، وذلك بأن يكونا هما مستشعرين للقيم والمبادئ الإسلامية من وراء سلوكهما اليومي، ولا يكونا مؤدبين لهذا السلوك بطريقة آلية، وخاصة في الصلاة التي هي عنوان الإسلام.
[8] الإيمان بالغيب:
الأطفال عادة يقوم إدراكهم على الملموسان، ويعتريهم الشك فيما لا تراه عيونهم، لذلك يجب على الوالدين إدراك ذلك والتعرف على مكونات نفوس الأطفال فيحصل معهم نوع من التدرج في الأمور الدينية من الملموس إلى الغيبي، ويحاولان الوصول إلى إقناع الأطفال بما يعرضانه عليهم متخذين لذلك الوسائل والأساليب المناسبة.
ومن أفضل الوسائل والأساليب التي تقرب المعنى الغيبي إلى أذهان الأطفال ما استخدمه القرآن الكريم ومنها:
1- تشبيه الغيبيات بأمور محسوسة ملموسة تقرب المعنى، مثل: أطعمة الجنة في قوله تعالى: "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ..."
2- تشبيه الغيبيات بغيبيات لها في الأذهان صورة معينة يمكن الإنسان من تخيلها وتصورها، كتصوير شجرة الزقوم: "طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ" فالعرف جار بأن الشيطان مثال للبشاعة والقبح.
فضرب الأمثال من الأسباب التربوية الهامة التي على الوالدين أن يلجآ إليها؛ لأنها تلعب دورًا هامًا في تقريب المعنى لذهن الطفل، ورسم صورة ولو مختلفة قليلاً عن الواقع تقريبية، تكون أفضل من ترك الطفل يشط بخياله بعيدًا عن الواقع.
[9] الحذر من الوقوع في المخالفات العقدية:
على الوالدين أن يبعدا الأطفال عن الخرافات، والأساطير، والخزعبلات، والأوهام التي يهذي بها أهل الشعوذة، والدجل، والسحر، والكهانة، والعرافة، وغيرها وأن يغرسا في أذهانهم أن الركون إلى أهل البدع من الكبائر التي قد تحبط عمل المؤمن، وتهدد آخرته، لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم:
' من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة .
وأن يوضحا لهم أنه لا يوجد أحد من البشر قادر على أن يعلم الغيب، لأن هذا العلم استأثر الله به لنفسه، قال تعالى:"عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً.إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً".
وأيضًا يوضحان لهم أنه لا يجوز الحلف والقسم بغير الله، وأن هذا شرك أصغر، مثل 'وحياتك' و'النبي' 'بذمتك' 'بأمانتك'، 'بشرفك' وغير ذلك من أنواع القسم الدارجة على الألسن، لقوله صلى الله عليه وسلم: ' من حلف بغير الله فد كفر أو أشرك '
ومن الأخطاء في العقيدة التي يجب أن يتجنبها الوالدان في البداية؛ ومن ثم يجنباها الأطفال: إقامة الأعياد البدعية لعيد الميلاد، وعيد الأم، ونحو ذلك، ويبنيان لهم أن الحكمة من وراء ذلك:
1ـ إنها بدعة لم تشرع.
2ـ لأهل الإسلام عيدين في السنة لا غير، عيد الفطر، وعيد الأضحى.
3ـ هذه الأعياد مشابهة للكفار، من أهل الكتاب وغيرهم في إحداث أعياد لم تشرع.
[10] غرس روح الاعتزاز بالإسلام:
ينبغي على الوالدين أن يغرسا في نفوس الأطفال منذ الصغر شعور العزة بالإسلام، وأنهم يجب أن يتميزوا عن الكفار في كل أمر، في المظهر والمخبر والغاية وفي الآمال، وأن يستشعروا أنهم ينتسبون إلى أمة موصولة بالله، وهي تسير على هدي الله، وتملك ما لا تملكه سائر البشرية وهو كتاب الله، ومنهج الله، ونور الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما عليهما أن يعلموهم منذ الصغر أن أمتهم تواجه من أعدائها أعتى الحملات، وأعنف الهجمات، فتنهب خيراتها، ويشرد أبناؤها، وتستحيل حرمانها، وتهتك شرفها، وتستباح أراضيها ، ولذلك فهي تنتظر من كل أبنائها بنين وبنات أن يكون كل فرد منهم على ثغرة من ثغورها، فيسد الخلل، ويجبر الضعف ويكمل النقص ويعينها على نوائب الدهر.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
ـــــــــــــــــــ(111/139)
كيف تربي أبنائك كي يكونوا قاده في المستقبل
تعد مهمه تربيه و اعداد طفل متوازن , ناجح , سعيد , نافع لنفسه و مجتمعه تحديا كبيرا يواجه كل أسره و خاصه في ظل وجود عده مؤثرات خارجيه لا يمكن للاهل التحكم به , تؤثر بصوره او بأخري علي شخصيه و خلفيه الطفل .
أحدي اهم الجوانب التي ترغب كل أم في زرعها في طفلها سواء كان صبي او فتاه هي تربيته علي أن يكون صاحب شخصيه قياديه في مجتمعه . و ربما تكون هذه ميزه كبيره و لكنها ليس شئ أساسيا لنجاح الانسان او بروزه في الحياه . فهناك كثير من القاده الذين لم يضيفوا الكثير لانفسهم و لا لمجتمعاتهم و هناك الكثير ممن يسموا "بالتابعين" و لكنهم نجحوا في حياتهم و تميزوا و برزوا و أضافوا لانفسهم و للاخرين الكثير و الكثير . و لكن ذلك لا ينفي أهميه غرس صفات القياديه و قوه الشخصيه في نفس الطفل من الاب و الام و الاهل . فالعمل علي اعداد جيل قائد يثق بنفسه و يتحدي العقبات التي تعترض طريق أمته هدف ضروري في تربيه النشأ القادم . و زرع تلك الصفه فيهم تكسبهم القدره علي الثبات و الصراع و امتلاك المؤهلات الضروريه للحفاظ علي هويه الأمه و رقيها بعيداً عن التبعيه و الذوبان و الانهيار .
و ليس معني القياديه هو التحكم في الاخرين و التعالي عليهم و الانانيه في ابراز الذات فقط و "البلطجه علي خلق الله" أو فرض الرأي و الفكر . و لكن القياديه هي قبل كل شئ احترام للذات و للاخرين و ثقه بالنفس و تحمل للمسئوليه و القدره علي إداره الامور و النجاح في الحياه و التاثير الايجابي في الاخرين .
تشكو كثير من الامهات دوما من ان اطفالهم تابعين لاصدقائهم في المدرسه او في الجامعه او حتي من الشباب التابعين لزملائهم في العمل او كأزواج في حياتهم الزوجيه . و نجد ان هؤلاء لا يمكنهم ان يرأسوا او يقودوا اي مجموعه او افراد في عمل ما و لا يمكنهم التعبير عن انفسهم بسهوله و يعجزون عن ابراز مواهبهم كامله او أثبات ذاتهم للاخرين . و ربما يعانون من خجل و قصور في التعبير . كما انهم لا يتمكنون من رفض سلوك ما سلبي يكون علي عكس عقيدتهم او مبادئهم او تنشئتهم . و كثيرا ما يتأثرون بمن حولهم في كل شئ و يفعلون كما يملي عليهم الاخرون تماما و هذا بالتأكيد شئ مرفوض لاي انسان .
تجارب علي أرض الواقع:
تشكو أ.أ من احدي الدول العربيه ان ابنها خجول و يكون عاده تابع لمن حوله و يستجيب لاصدقائه في كثير من الامور الا انه قد نشأ في بيئه صالحه فلذلك غالبا ما يختار اصدقاء جيدون و لكن لو كان الامر علي عكس ذلك لاصبحت المشكله اكبر و اكبر .
و تقول ن . م ابني كان رياضيا و كانت شخصيته قويه لا يؤثر فيها الاخرون بسهوله . الا انه تعرف علي مجموعه من اصدقاء السوء فاصبح تابعا لهم و علموه تعاطي المخدرات للاسف و ترك رياضته التي برع فيها و تقدم لمراكز عاليه فيها و الان احاول انقاذه مما أوقع نفسه فيه .
الصفات المطلوبه في الانسان القيادي:
ان اردنا ان نحصر جميع الصفات التي يمكن ان تميز الشخصيه القياديه أيا كان المجال الذي تقود فيه فنستطيع حصرها في سبعه عشر صفه هي:
1- التفوق علما و تقوي و الاتصاف بالذكاء و سرعه البديهه .
2- الالتزام بالمسئوليات التي علي الانسان أيا كان نوعه .
3- الثقه بالنفس .
4- الطموح و الهمه العاليه و النشاط .
5- ان يكون جدير بالثقه و يعتمد عليه .
6- حاسم في قراراته .
7- قوي الشخصيه و متكلم جيد و منطلق في التعبير .
8- حكيم و عاقل .
9- التواضع .
10- العطاء و الالتزام المتواصل .
11- التأثير الايجابي في من حوله .
12- تحديد و معرفه اهدافه .
13- القدره علي الاقناع و اداره مجموعه .
14- ان يتصف بالنظام و الالتزام بالوقت و المرونه .
15- ان يكون أمين و صادق
16- ان يراعي مشاعر الاخرين و رغباتهم و لا يكون متعصبا لرأيه و رؤيته فقط .
17- ان يهتم بمظهره سواء في النظافه او الملبس او المظهر العام بغير افراط و لا تفريط .
نصائح عامه للأهل:
و من معرفه الصفات المطلوبه في الانسان القيادي أيا كان موقعه فأنه يسهل علي الاب او الام او المربي ان يزرع هذه الصفات في الطفل . و من ضمن الوسائل المتبعه في ذلك ان يكون الاهل و المربين قدوه للاطفال في كل شئ . و ان يتسموا بهذه الصفات حتي يكونوا مثالا واضحا صريحا للطفل يرغب هو في اتباعه و الحذو علي خطاه . كما يجب ان يشجع الاهل الطفل دوما باعطائه الثقه في نفسه و الثناء علي كل شئ جيد يفعله . كما يجب مساعدته علي فهم معاني القياديه الحقيقيه و عدم استخدامها كلفظ فقط او كصوره باهته المعالم . أيضا ينبغي علي الاهل ان يشعروا ابنائهم باهميتهم في الاسره و في المجتمع عموما و يؤكدوا علي مكانتهم عند الاهل . كما ينبغي وضع الطفل في مواقف كثيره بصفه مستمره يكون فيها تحمل للمسئوليه و تدريبه علي اداء مهام و اتقانها مع متابعته و تعليمه الذكاء و المرونه و الفطنه في المواقف .
من الضروري ايضا تربيه الطفل علي الدين و القرآن و تعريفه دوما بنماذج مشرفه من الانبياء و الصحابه و السلف الصالح ممن قادوا مجتماعاتهم و تميزوا و أفادوا و برزوا فهم خير اسوه و قدوه و مثل .
و لا تنسي الام ايضا الاهتمام بتعليم ابنائها و تثقيفهم فالثقافه و العلم هما خير سلاح لمواجهه المصاعب و خير وسيله للتفوق و التميز . و ايضا تعويده علي كل الصفات الحسنه من نظام و نظافه و ترتيب و التزام بالاوقات و الاعمال و المسئوليات . و تعلم مهارات التعامل و التواضع و الحكمه و المرونه و الصدق الي اخره من الصفات الحسنه التي يجب ان تميز كل قائد .
رأي طب النفس في القضيه:
تقول الدكتوره أماني العمر الاخصائيه النفسيه في وزاره الشئون الاجتماعيه و مستشاره نفسيه عبر خدمه دكتور اون لاين ان زرع صفات القياديه في الانسان يجب ان تتم منذ الصغر . و كون الاهل و المحيطين قدوه للطفل فان ذلك يكون هو المؤثر الاول و الاهم بالنسبه لزرع أي صفه في الطفل .
و تتحدث الدكتوره عن التأثير السلبي للقسوه علي الطفل او نقده باستمرار او عدم معاملته بحنان و احتواء كافي فتقول ان استخدام اساليب القسوه مع الطفل من ضرب و اهانه و نقد دائم و توبيخ و تحقير لكل ما يفعل الطفل او معاملته كطفل صغير تافه يجعل تخيل انه قد يصبح شخص متوازن و قيادي و ناجح امرا صعب التخيل . لانه يقتل كثير من جوانب التوازن و الابداع بداخل هذا الطفل و يجعله غير واثق بنفسه علي الاطلاق . خاصه و انه يري ان اهله و هم اقرب الناس له يعاملونه بقسوه و يشعرونه انه فاشل او غير ذكي او فيه ايا من الصفات السلبيه فيستنتج بصوره او باخري ان المجتمع سيقابله بما هو اسوأ من ذلك . فينشأ خجولا و منعزلا و غير متوازن .
و تقول ان تحميل الطفل المسئوليه من الصغر و جعله يمارس هوايات و يبرع فيها و يريها لاهله و يري مدي انبهارهم بنجاحاته يجعله واثق بنفسه . هذا ان لم يكن بارعا في دراسته فيكون هناك تعويض و يشعر انه ناجح في امر م . و لكن حتي لو كان بارعا في دراسته فلا مانع من ان يكون بارعا في مجالات اخري .
و تسترسل الدكتوره فتقول اما الطفل القائد الذي يتخذ من العنف و البلطجه و ايذاء الاخرين سواء من اخوته او زملائه في المدرسه وسيله للتعبير عن قيادته و قوته فيجب علي الام و الاب اتباع اسلوب الحزم الحاني معه . بمعني انهم يكونون حازمين معه لو اساء لاحد ما و يوجهونه بصفه مستمره لخطأ ذلك و ان يتخيل موقفه ان كان في موقع من يؤذيه و ان الله لا يرضي عنه الي اخره و لكن بدون ان يقسوا عليه . فكثير من هؤلاء الاطفال يصبحون في شبابهم و عندما يكبرون اشخاص عاديون و ربما لا يكونوا قاده في محيطهم . و منهم من يبقي علي حاله في التحلي بصفات القياديه .
رأي علم الاجتماع في القضيه:
يضيف احد الخبراء الاجتماعيين بموقع البلاغ علي الشبكه العنكبوتيه انه وكما تساهم الاسرة في تكوين الشخصية القيادية ببذورها الاولى، فان المدرسة هي المزرعة التي تنمو وتزدهر فيها القابليات . والمربي هو الخبير المسؤول عن كشف وتنمية هذه القابليات . وللتربية أساليبها ووسائلها الفنية والعلمية الكثيرة في كشف القابليات القيادية لدى الاطفال، وتمرينهم على قيادة الجماعة وتوجيهها، كتعويدهم القيام ببعض المشاريع والاعمال الطلابية، أو تكليفهم ببعض المسؤوليات التي هي في حدود قدرتهم، كقيادة اللجان والمشاريع المدرسية، أو عرض ومناقشة بعض القضايا، أو ادارة بعض الاعمال الجماعية كتنظيم الصف والفريق الرياضي، أو مراقبة المدرسة من ناحية النظافة والنظام، أو الاشراف على السفرات والاعداد لها وتنظيمه . . الخ، وفي كل الحالات التي يقوم المربي فيها بالاعداد القيادي يجب عليه أن يراعي عدة نقاط هامة مثل:
1 ـ زرع الثقة في نفس الطفل والناشىء ومكافأة المتفوق في مجال عمله، وعدم توجيه الاهانة الى الطالب الفاشل عند الفشل أو اشعاره بالقصور والعجز، بل تجب مناقشة الموضوع معه ليشعر بأهمية شخصيته ويكتشف في نفس الوقت خطأه، كما يجب الاستمرار بتكليفه ليتعود الصبر والمثابرة .
2 ـ عدم تكليف الطفل أو الناشىء ببعض الاعمال التي تفوق قدراته لئلا يواجه الفشل المتكرر ويفقد الثقة بنفسه .
3 ـ تنمية الروح القيادية لدى الطفل والناشىء بواسطة الايحاء اليه بتعظيم الشخصيات القيادية واكبارها، وبيان سر العظمة، وموطن القوة القيادية لدى هذه الشخصيات .
4 ـ العمل على مراقبة الطفل والناشىء، والحذر من أن يقع في الغرور والتعالي نتيجة نجاحه، أو شعوره بتفوقه، بسبب مايقوم به من أعمال، لئلا تنشأ لديه عقدة الكبرياء والتعالي . هذا مايجب تأكيده والاهتمام به في الادوار الاولى من الحياة المدرسية .
أمّا بعد أن يعي الطالب الاعمال والمسؤوليات القيادية على مستوى الافراد والامم ويبدأ بالتفكير خصوصاً في المرحلة الاعدادية والجامعية بمكانة كلّ أمّة وما جسدته من دور قيادي في الماضي، وما هو المكان الطبيعي لكلّ أمّة في الحاضر والمستقبل . فإنّ أهم الاسس والخطوط العريضة التي يجب أن يشاد عليها هيكل المنهج في كلّ أبوابه وصنوف بحثه ومراحل دراسته، وبالطريقة المناسبة لوعي الطالب وإدراكه هي:
1 ـ العمل على ايجاد خط فكري عقائدي ملتزم يقوم على أساس العقيدة والمفهوم الاسلامي في المجال القيادي . وذلك عن طريق تكوين ايديولوجية واضحة المعالم تملا وعي الطالب ونشاطه الفكري .
2 ـ تنمية الروح القيادية عن طريق تنمية روح الاستقلال الحضاري والقضاء على روح التقليد والتبعية، وذلك ببيان الدور القيادي الذي قامت امتنا به في تأريخها البشري المشرق .
3 ـ ايضاح التحديات التي تواجهها الامة الاسلامية، وتنمية روح المواجهة بالاعتماد على النفس في دخول ميدان الحضارة كأمة قائدة مؤهلة للعطاء والمشاركة .
4 ـ بيان الاسباب الحقيقية لتخلّف الامة الاسلامية وكبوتها مقارنة مع تأريخ نكسات الامم وكيفية نهوضه . وقدرة الامة الحية ـ الاسلامية ـ على تجاوز عقبات السقوط .
5 ـ العمل على ازاحة التشوية القيادي لحضارتنا، واقتلاع اليأس والشعور بالنقص الذي دأب أعداء أمتنا على ايجاده وزرعه في ذهن الجيل ونفسه .
6 ـ بيان مواطن القوة وامكانات النهوض الكثيرة التي تتمتع بها أمتنا الإسلامية .
7 ـ القضاء على خرافة تفوّق من تفوّق من الامم، وتخلّف من تخلّف الى الابد، بايضاح الخط البياني لحركة التأريخ، وسير صعود الامم وهبوطه .
تلك أهم الافكار التي يجب تأكيدها والاهتمام بها عند تخطيط المنهج ووضع أسسه العامة وأهدافه النهائية، عندما يراد تخطيط منهج مدرسي للمجتمع الاسلامي الذي يأخذ على عاتقه اعداد أجيال الامة، وتنقيح ذهنيتها على اساس من فلسفة الاسلام التربوية .
ذلك لان الاسلام اراد للانسان المسلم أن يقوم بدور طليعي في قيادة البشرية والسير بها في طريق الخير والمحبة والسلام، والوصول الى مرضاة الله سبحانه، قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وقال: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) وقال: (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً) .
فمن هذه المفاهيم وغيرها نجد أن الاسلام يريد ان يعد أمة قائدة رائدة في طريق الخير والحضارة المدنية بما لديها من رسالة انسانية ومفاهيم خيرة ومنهج حياتي فلذلك كان من الواجب على فلسفة التربية الاسلامية أن تواكب الخط الفكري
ـــــــــــــــــــ(111/140)
عندما يقول أبناء الملتزمين: "لن أعيش في جلباب أبي"!!
- الأبناء: الضغط يولِّد الانفجار ونطالب أهلَنا بالرحمة
- الآباء: نرفض مبدأ الوصاية.. واللامبالاة قد تكون حلاًّ
أن ينشأ الشاب في أسرة ملتزمة بالدين فهي نعمة يحمد الله عليها، فهو ممن يظلُّهم الله بظلِّه يوم لا ظل إلا ظله "شاب نشأ في طاعة الله"، ولكن بعض الشباب بدلاً من أن تسعده هذه النشأة يتمرد عليها ويفضِّل أن يحيا حياته بعيدًا عن الالتزام.. لماذا؟! وهل تمثل هذه المشكلة ظاهرة في المجتمع؟ وإلى أي مدى تصل خطورتها؟!
طرحنا هذه المشكلة على الشباب وعدد من الدعاة والمهتمين فكان هذا التحقيق:
يقول محمد عبد الفتاح (17 سنة): "إن شدة الأهل ورفضهم تحقيق رغبات أبنائهم لأنها حرام يجعل الأبناء ينفرون من التدين والالتزام الذي يحرمهم من تحقيق رغباتهم، وبالتالي يبتعدون عن الالتزام لهذا السبب.
أما عمر عبد الفتاح (21 سنة) فيقول: "ولماذا لا أجرِّب كل شيء بحيث أصل في النهاية لقراراتي وقناعاتي الشخصية، وما أريد أن أفعله وما لا أريد، ولماذا يرسم لي والدي خطواتي مسبقًا ويريد مني أن أمشي على هذه الخطوات؟ إنني إنسان كامل الأهلية ومسئول عن تصرفاتي، وسأحاسَب عليها أمام الله وليس أبي، فليتركني حتى أختار بنفسي.
حرمان باسم الدين
نسيبة حسين (20 سنة) ترى أن بعضَ الأهالي من الملتزمين "يخنقون" أحلامَ أبنائهم؛ فإذا تمنى الطفلُ أن يصبح ممثلاً مثلاً أو مغنيًا قالوا له: حرام، فيشعر أن الدين هو الذي يحرِمه من أحلامه، فماذا لو قالوا له: عندما تكبر ستختار ما تريد، وبالتالي يشعر الطفل أن الدين لا يحرمه من أحلامه.
وتتفق معها منال إسماعيل (23 سنة) قائلةً: "إحدى مشكلاتنا كأبناء للملتزمين أن أهالينا لا يتركون لنا فرصةً للاختيار؛ فهم يرون أن المسألة غير قابلة للجدل والنقاش، فحلقة المسجد لا بد من الذهاب إليها في كل الأحوال، وليس من حقي أن أُغيِّر الحلقة التي أكون فيها إذا كان بها ما يضايقني، وأغلب القرارات الأسرية تصدر في صورة أوامر لا مجال لمناقشتها، فتكون النتيجةُ في النهاية أن يتمرَّد الأبناء على هذا الأسلوب المستفز.
لسنا ملائكة
أما أمل عبد الستار (18 سنة) فتواجهها مشكلةٌ مختلفةٌ؛ حيث إن والديها ملتزمان ومعروفان، سواءٌ في مجتمع الملتزمين أو المجتمع العام بصورة كبيرة؛ ولذلك فهي تجد نفسها مطالبةً بأن تكون قدوةً وتحاسب على كل شيء في تصرفاتها، وأخطاؤها ليست أخطاءً شخصيةً ولكنها تضر بالدعوة.
وتقول أمل: "أعتقد أننا عندما نعامَل بهذه الصورة، فالأمر فيه قدرٌ من الظلم، فليس من العدل أن يحمِّلونا أعباء فوق طاقتنا وأكبر من أعمارنا الحقيقية، نحن لسنا ملائكةً، نحن بشرٌ طبيعيون جدًّا، نخطئ ونصيب، ونلهو ونجتهد في الجد، ونطيع ونقع في معاصٍ، نحن لسنا ملائكةً وآباؤنا أيضًا ليسوا كذلك.
ويتفق معها وائل عبد الكريم (19 سنة) مضيفًا أن هناك خطأ يصدر من الملتزمين، وهو اعتمادهم على أن أبناءهم يتربون ويتعلمون في المسجد كل ما هم في حاجة إليه، ومن جهة ثانية يعتمد المسجد على أن هؤلاء من بيوت ملتزمة، وبالتالي فلا بد أن الأهل علموهم وربوهم على هذه الأمور، فتكون المحصلة أن معلوماتنا تكون 50% بالنسبة لباقي المجموعة من الشباب الذين يعيشون في بيوت عادية، وتظهر في صورة أقل منهم التزامًا وعلمًا.
ذنوب صغيرة
ويرى عبد الله مصطفى (16 سنة) أن المسألةَ لا تعتمد تمامًا على البيت؛ لأن- في رأيه- مجموعةُ الأصحاب مهمةٌ جدًّا؛ لأن الشاب غالبًا يحب أن يقلد أصحابه ويجاريهم، ويقول لن أكون أنا الوحيد الذي يسمع طوال الوقت: هذا حرام.. هذا لا يجوز، وإنما ينبغي عليَّ أن أندمج معهم حتى لو قدمت بعض التنازلات!! ولا بأس من بعض الذنوب الصغيرة التي أستغفر الله منها فيما بعد، في سبيل أن أستمتع بحياتي.
وتوافق داليا عبد الحميد (20 سنة) على تأثير الأصدقاء وتقول: إنه قد يكون بُعد الأبناء عن الدين أحيانًا من باب العناد في الآباء من ناحيةٍ لإثبات استقلال شخصياتهم، ومن ناحية ثانية لأن الأهل ضغطوا عليهم كثيرًا، سواءٌ في طفولتهم أو شبابهم، وحرموهم من أشياء صغيرةٍ فعلُها لا يضر، ولكن المنع منها عواقبه أشد.
ويسأل حازم خليل (19 سنة) ما المشكلة إذا كنت لا أحب التدين؟! ربما أن الله لم يقدر لي الهداية الآن وربما أعود إلى التدين فيما بعد، ثم إنني أرى أني طالما لست قادرًا على التدين فـ"حظي ونصيبي كده" لأني قد أُسيء إلى الالتزام والملتزمين والدين عمومًا بتصرفاتي، ولا أحب أن أشعر أني منافقٌ أعمل الذنوبَ وأظهر أمام الناس بأني شيخٌ، أفضِّل ألا أظهر في صورة الملتزم دينيًّا أصلاً.
مشكلة عامة
ويعلق د. عصام العريان على آراء الشباب بقوله: هذه المشكلة مشكلةٌ عامة، وليست متعلقةً فقط بأبناء الملتزمين، ولكن أغلب الشباب في هذه المرحلة من العمر يتمردون على سلطة الآباء (لن أعيش في جلباب أبي) ويريدون أن يشعروا بالاستقلالية، وأبناء الملتزمين أطوع لآبائهم من باقي الأبناء، والأمر يحتاج إلى قدرٍ كبير من المرونة من جهة الأب والأم، وعليهما ألا ينفعلا على أبنائهما بالعنف فتكون الخسارة والندم، ولكن بالحوار والاستيعاب والبعد تمامًا عن أسلوب القهر والضغط والأوامر.
وأحيانًا تنفع اللامبالاة في حل المشكلة، ويمكن الاستعانةُ بالأصدقاء والأقارب القريبين للأبناء في السن، والذين يحيون في نفس الوسط والبيئة لمساعدة هؤلاء الأبناء على العودة إلى طريق الحق والصواب وطريق الالتزام، وأقول للآباء: لا يجوز أن تشغلنا الدعوةُ خارج المنزل عن دعوة أبنائنا التي هي فرضٌ علينا ?وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ(214)? (الشعراء) أما الأبناء فأقول لهم: استمتعوا بحياتكم قدر ما تستطيعون ومتعوا أنفسكم كما تحبون ولكن في طاعة وليس في معصية.
الحب والحرص
أما د. طلعت عفيفي- الأستاذ بجامعة الأزهر- فيقول: "إن التوفيق وعدمه بيد الله سبحانه وتعالى، وقد أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم عن ابن سيدنا نوح- عليه السلام- أنه لم يتبع دعوته فكان من الهالكين، وبالتأكيد فإننا نضع في اعتبارنا قوله تعالى: ?إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ? (القصص: من الآية 56)، ويبقى دور الأهل في الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإعطاء القدوة الحسنة والصبر عليهم، وخاصةً لو كانوا شبابًا.
وعلينا بالدعوة بالحكمة وتنويع أسلوب الدعوة لنأخذ بيدِ هؤلاء الشباب إلى طاعة الله دون قهر أو قسر أو تغليظ؛ لأن النتيجة تكون عكسيةً وعلينا الدعاء لهم بأن يُصلح الله حالهم، وأنبِّه الشباب إلى أنهم لن يجدوا من يحب أن يعلو عليه أحد أو يفضله أحد إلا الأب؛ فإنه يحب لأبنائه أن يكونوا أفضل منه، وبالتالي عليهم أن ينظروا إلى أن دعوةَ الآباء لهم لا تنطلق إلا من منطلق الحب والحرص ورجاء الخير لهم في الدنيا والآخرة.. فلنمد يد العون ولنتعاون على طاعة الله والسير لنكوِّن بيوتًا مسلمةً يسعد بها الجميع، ولنذكر من قول الأحنف بن قيس: (ولا تكونوا ثقلاً ثقيلاً عليهم فيملوا حياتكم ويتمنوا وفاتكم).
مجرد حالات
ويدافع الدكتور حلمي الجزار بقوة عن أبناء الملتزمين فيقول: "هي حالات ولكنها ليست عامةً، أعترف أن أبناء الملتزمين منتظرٌ منهم أن يكونوا الأكثر التزامًا، ولكن في ظني لو قمنا بعمل إحصاء لوجدنا أن 90% منهم ملتزمون و10% فقط هم الأقل التزامًا".
ويفسر د. حلمي السبب بقوله: إن الزملاء في هذه السن يكون لهم تأثيرٌ كبيرٌ على بعضهم البعض، كما أن انشغال الآباء قد يؤثر على سلوك الأبناء، فهذه الظاهرة منتشرةٌ بين الشباب أكثر من الفتيات؛ لأن الأم معظم الوقت تكون في البيت والبنت لصيقةٌ لها، أما الشابُّ فيحتاج إلى أبيه، وغالبًا لا تستطيع الأم أن تؤثر فيه، فالمطلوب من الآباء أن يتعايشوا مع أبنائهم بصورة كبيرة، وليعلموا أن الإصلاح لن يتأتى بأن يأمر الأب ابنه فيستجيب، ثم إنه إذا لم يستجب تتفاقم المشكلة، فلنتعامل مع أبنائنا بفقه الدعوة، وليتعاون الآباء والجهة
ـــــــــــــــــــ(111/141)
أبناؤنا والصلاة
لأن الأولاد هم زهرة الحياة الدنيا، وفي صلاحهم قرة عين للوالدين. وإن المؤسف خلو مساجدنا من أبناء المسلمين، فقل أن تجد بين المصلين من هم في ريعان الشباب! وهذا والله ينذر بشر مستطير، وفساد في التربية وضعف لأمة الإسلام إذا شب هؤلاء المتخلفون عن الطوق! وإذا لم يصلوا اليوم فمتى إذا يقيموا الصلاة مع جماعة المسلمين؟!
والله عز وجل يقول في محكم التنزيل :
" يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون "
وقال تعالى:
" وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى "
وفي الحديث الشريف :
« مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين »
وفي هذا التوجيه النبوي الكريم من حسن التدرج واللطف بالصغير الشيء الكثير، فهو يدعى إلى الصلاة وهو ابن سبع سنين، ولا يضرب عليها إلا عند العاشرة من عمره، ويكون خلال فترة الثلاث سنوات هذه قد نودي إلى الصلاة وحببت إليه أكثر من خمسة آلاف مرة! فمن واظب عليها خلال ثلاث سنوات بشكل متواصل متتال هل يحتاج بعد خمسة آلاف صلاة أن يضرب؟
قل أن تجد من الآباء من طبق هذا الحديث واحتاج إلى الضرب بعد العاشرة فإن مجموع الصلوات كبير واعتياد الصغير للصلاة وللمسجد جرى في دمه وأصبح جزءا من جدوله ومن أعظم أعماله!
والكثير اليوم يضرب الابن لكن على أمور تافهة وصغيرة لا ترقى إلى درجة وأهمية الصلاة! ومن تأمل في حال صلاة الفجر ومن يحضرها من الأولاد ليحزن على امة الإسلام وندر أن تجد في المساجد هؤلاء الفتية الذين كان لأمثالهم شأن في صدر الأمة!
فأين الآباء وأين الأمهات من إيقاظ أبنائهم وحرصهم على ذلك؟!
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "بت عند خالتي ميمونة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أمسى فقال : أصلى الغلام؟ قالوا : نعم"
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
"يعلم الصبي الصلاة إذا عرف يمينه عن شماله"
ومن أعظم ما يسديه الأب الموفق لابنه اصطحابه للصلاة معه وجعله بجواره ليتعلم منه وليحافظ عليه من كثرة اللغط والعبث.
أيها الأب وأيتها الأم..
لا يخرج من تحت أيديكم غدا من لا يصلي فتأثمان وذلك بالتفريط؛ فتخافان عليه من البرد ولا توقظانه لصلاة الفجر، وتخافان عليه من شدة الحر ولا يذهب ليصلي العصر
" قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون "
يقول ابن القيم رحمه الله: فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آبائهم كبارا
أيها الأب وأيتها الأم:
" إن في الحرص على إقامة صلاة الأبناء في المسجد فوائد عظيمة منها" أهمها:
(1) براءة ذممكم أمام الله عز وجل والخروج من الإثم بعد تحبيبه فى الصلاة وأمره بها.
(2) احتساب أجر تعويده على العبادة قال صلى الله عليه وسلم
" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.."
(3) استشعار أن الابن في حفظ الله عز وجل ورعايته طوال ذلك اليوم قال صلى الله عليه وسلم
" من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله "
(4) خروج الابن إذا شب وكبر عن دائرة الكفار والمنافقين كما قال صلى الله عليه وسلم :
" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر "
وكما قال عليه الصلاة والسلام :
"ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا "
(5) تنشئة الابن على الخير والصلاح ليكون لكما ذخرا بعد موتكما، فإن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط الصلاح في الابن كما في الحديث :" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث » وذكر منها" أو ولد صالح يدعو له"
ومن الأسباب المعينة على ذلك:
*أن تكون لهم أيها الأب قدوة صالحة في المحافظة على الصلاة والحرص عليها، فإذا بلغوا سبعا عقلوا شرع أمرهم بالصلاة والذهاب بهم إلى المسجد، فإن الصغير ينشأ على ما كان عوده أبوه.
*الصبر والمثابرة "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها"
* بث في أبناءك أحاديث الصلاة، وحكم تاركها وعقوبته في الدنيا والآخرة، ورغبهم في الأجر العظيم لمن حافظ عليها، ولا تقل إنهم صغار لا يعرفون فهم يدركون ويحفظون ويحتاجون إلى ذلك لتقوية عزائمهم.
* إجعل لهم الحوافز والجوائز حتى يحافظوا على الصلاة.
*اربطهم بصحبة طيبة ممن يحفظون القرآن ويحافظون على الصلاة مع الجماعة وشجع أولئك الصغار بالهدايا والحوافز فهم أبناء المسلمين.
* الدعاء لهم في كل وقت واجعلهم أحيانا يسمعون دعاءك لهم بالصلاة والهداية والتوفيق والسداد ومن دعاء الأنبياء والصالحين "رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء"
ليكن بينك وبين إمام المسجد تعاون في تشجيع أطفالك من قبلك وتقديم الجوائز لهم لمحافظتهم على الصلاة بما فيها صلاة الفجر ولا يمنع أن يتحدث الإمام حاثا الآباء على إحضار أبنائهم للصلاة ثم يشكر الآباء الذين يحضرون أبناءهم، ويسمي الصغار بأسمائهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ـــــــــــــــــــ(111/142)
زوجي بخيل ... ماذا أفعل ؟!
سهير الجبرتي
كل فتاة تتمنى أن ترتبط بزوج تتوافق صفاته بصفاتها، وطباعه بطباعها؛ كي يبنوا سوياً بيتاً سعيداً وعشاً هادئاً، تكسوه السكينة وترفرف عليه السعادة، ورويداً رويداً يتحقق الحلم، ولكن لا تجد المرأة في زوجها كل ما تريد.. فمع الحياة الزوجية تتكشف صفات وتظهر العيوب، والمرأة الذكية هي التي تتغلب على عيوب زوجها تباعاً، وتسعى لإصلاحه، وتمد جسور المودة والمحبة مع زوجها؛ فالحياة أخذ وعطاء، ولابد من التغاضي عن أشياء كثيرة حتى تسير القافلة وترسو إلى بر الأمان، ولكن بعض الزوجات.. يدخلن في مشاكل عارمة بسبب بخل الأزواج، ويؤكدن أنه لا يمكن قبول الرجل البخيل حتى إن إحداهن تقول: أستطيع أن أقبل كل صفات الرجل وأهضمها إلا واحدة وهي صفة البخل.. وحول هذه المشكلة التي تؤرق كثيراً من الزوجات وتهدد العديد من الأسر نطرحها على علماء الإسلام والاجتماع لبحث أسبابها وطرق علاجها.
البخل في العواطف:
في البداية تقول الدكتورة أمينة كاظم -أستاذة علم النفس والاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس-: إن البخل ليس في الأمور المادية فقط بل يكون بخيلاً أيضاً في العواطف والمشاعر الإنسانية مع الآخرين؛ فالبخل عنده عامل عام، فالشخصية بوجه عام ليست معطاء، ولكنْ هناك فرق بين البخل والحرص؛ فالحرص ممكن أن يُقبل، فأحياناً تكون المرأة مسرفة، ويرى الزوج أن زوجته ليست لديها المقدرة على إدارة البيت فيتعامل معها بنوع من التوازن والحرص، ويحاول أن يوفق أوضاعه وإمكانياته حتى يتمشى مع أحواله، أو يكون الزوج من متوسطي الحال فترى الزوجة نتيجة لتبذيرها وإسرافها أن ذلك بخل مع أنه في الحقيقة حرص مقبول.
أما البخل فهو أن يكون الزوج يملك ويستطيع، ولكن لا يصرف على بيته إلا القليل، ولا يريد مساعدة الآخرين سواء مساعدة مادية أو معنوية.
وعلى الزوجة في هذه الحالة أن تتعايش مع واقعها وتسعى لإصلاح زوجها وتعويده على العطاء.
هل البخل مكتسب أم وراثة؟
تجيب الدكتورة أمينة على هذا السؤال قائلة: أنا -في رأيي- صفة البخل مكتسبة، وقد تبدو أنها موروثة، ولكن الأرجح اكتسابها من الأهل والبيئة؛ فهناك أسر تملك المال، ولكن عندما تتصرف فيه تشعر أنها اقتطعت جزءاً من حياتها؛ فأسلوب النشأة عامل أساسي في إكساب هذه الصفة.
وأحياناً يتصف الأهل بالبخل، ويكون رد الفعل عند الأولاد مغايراً لما تربوا عليه، فيصرف الأولاد ببذخ وبلا معنى، ويقول الله في كتابه الكريم: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) [الاسراء: 29].
" بعيد من الله.. بعيد من الجنة"
وسألنا الدكتور عبد المنعم البري عن رأي الإسلام في الزوج البخيل وكيف تتعامل معه الزوجة فقال فضيلته: النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن البخيل الشحيح بعيد عن الله، بعيد عن الجنة، قريب من النار والمؤمن الكريم قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد عن النار، فالله كريم يحب كل كريم".
وقد يجتمع البخل والإيمان.. سئل الرسول - صلى الله عليه وسلم - "أيكون المؤمن بخيلاً قال: نعم، أيكون المؤمن جباناً قال: نعم، قالوا: يا رسول، الله أيكون المؤمن كذّاباً؟ قال: لا".
فالبخل ابتلاء من الله، ولا تصبر عليه إلا مؤمنة سعيدة الدارين، وقال - تعالى -: (ضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون.. )
فزوجها طاغية.. ومع ذلك رضيت والتزمت جانب الرضا، وقالت: (... رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ... )[التحريم: من الآية11] فاختارت الجار قبل الدار.. فالمرأة الصابرة المحتسبة عند الله - عز وجل - تلحق بامرأة فرعون.. ومن طريف ما يُعلم عن العرب أن البخل عند المرأة ميزة، وعند الرجل معرة فقالوا في المرأة: الجبن، الكبر، البخل.. فالجبن ميزة عند المرأة حتى لا تقدم على المغامرات، فالبخل عيب كبير في الرجل؛ إذ هو ضد المروءة والشهامة، وهما من أبرز الصفات المطلوب أن يتحلى بها الرجال.
هل للبخل علاج؟!
ليس في شريعة الإسلام داء إلا وله دواء وعلاج؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" أخرجه البخاري وغيره؛ فالبخل كغيره من الأمراض والأخلاق الذميمة له علاج بشرط:
• أن يعترف صاحب المرض بمرضه وألاّ يكابر أو يحاول تفسير الأمور حسب هواه، فمن صفات المؤمنين (عباد الرحمن) التوسط في الإنفاق، وذلك هو المقياس أو المعيار الذي يُحكم به على المرء في عملية الإنفاق، فيقول الله - تعالى -في سورة الفرقان: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) [الفرقان: 67].
• أن يعرف أن جمع المال ليس هدفاً لذاته، وأن البخل به شر محض يجني البخيل عاقبته. قال - تعالى -: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ... )[آل عمران: من الآية180]
• أن يعلم أن بخله على أهله هو الإثم بعينه، قال - صلى الله عليه وسلم -: " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " [مسلم]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً" [متفق عليه].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة (أي عتق رقبة)، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك".
• أن تعلم زوجة البخيل أن الله تعالى- جعل لها مخرجاً من بخل زوجها بالمعروف، وهي أن تأخذ ما يكفيها بالحق دون زيادة أو إسراف؛ فقد جاء في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - أن هنداً قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك".
• أن تحفز أبناءها على الكسب من عمل أيديهم ـ في فترة الإجازات الصيفية ـ فربما يساعد ذلك في التغلب على مشكلة بخل الزوج.
• أن يحاول أهل الزوجة تعويض ابنتهم عن بخل زوجها بتوفير جزء من المال يعينها على الحياة تفادياً للصدام مع الزوج، وهذا موجود في بعض العائلات، ويُعدّ جزءاً من حل هذه المشكلة.
17/7/1426
22/08/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/143)
قطيعة الرحم ( 1 - 2 )
محمد نوح
مظاهرها وآثارها:
قطيعة الرحم آفة ابتُلي بها نفر من العاملين، وكان لها دور كبير في الإسهام فيما تعاني منه الأمة المسلمة اليوم من الفرقة والقطيعة. وحتى نتطهر من هذه الآفة، ونتحصن ضدها، فإننا سنعرض لها من هذه الجوانب:
أولاً: تعريف قطيعة الرحم والمظاهر الدالة عليها:
لغة: قطيعة الرحم مركب إضافي مؤلف من كلمتين:
أ- قطيعة: تأتي القطيعة على معان، نذكر منها:
1- الفصل، والإبانة، تقول: قطع الشيء قطعاً: فصل بعضه، وأبانه، وقطع الثمر: جزَّه.
2- الترك، والهجر، تقول: قطع الصدق: تركه، وهجره، وقطع رحمه: هجرها، ولم يصلها. (1)
ولا تعارض بين المعنيين، إذ القطيعة: الهجران، والترك، أو الصد على سبيل الفصل والإبانة.
ب الرحم: تطلق الرحم على معان، نذكر منها:
1- موضع تكوين الجنين، ووعاؤه في البطن.
2- القرابة غير العصبة، وغير ذوي الفروض، كبنات الإخوة، وبنات الأعمام. (2)
3- القرابة مطلقاً، أعم من أن تحرم بينها المناكحة، أو لا تحرم.
ولعل التعريف الثالث أولى، لأنه الذي يتفق مع جوهر الإسلام الذي يدعو إلى الوحدة، والتآلف، لا إلى الفرقة: والتباغض.
قطيعة الرحم اصطلاحاً:
هي هجر الأقارب هجراً يتمثل في عدم البرِّ بهم، والإحسان إليهم، وتوفير ما هم بحاجة إليه، بل ربما إيذائهم باليد أو باللسان، أو بهما معاً دون توقف، أو انقطاع.
ثانياً: مظاهر قطيعة الرحم:
ولقطيعة الرحم مظاهر تعرف بها، منها:
1- الإيذاء باللسان من: الغيبة، والنميمة، والإشاعات، وإفساد ذات البين، والسب، والشتم، واللمز، والتنابذ بالألقاب، ونحوها.
2- الإيذاء باليد من: الضرب، والحرمان من العون المادي، والمعنوي.
3- عدم تحمل أذى ذوي الأرحام، اللساني، واليدوي.
4- عدم العفو عن أخطاء ذوي الأرحام، ومسامحتهم.
5- حجب المعروف عنهم من: السؤال، والمواساة وقت الشدة، والتهنئة بالنعمة، والزيارة، وإبراز فضلهم، ومكانتهم والابتسام في وجوههم، والإفساح في المجلس، وهلم جرا.
ثالثاً: آثار قطيعة الرحم وعواقبها:
لقطيعة الرحم آثار ضارة، وعواقب وخيمة تتمثل في:
أ - على العاملين: أما آثار قطيعة الرحم على العاملين فكثيرة نذكر منها:
1- حلول اللعن الإلهي: ذلك أن الله لا يثني على قاطع الرحم، ولا يدنيه منه، ولا يصيبه برحمته بحال.
قال - تعالى -: والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار (25) (الرعد).
2- الحرمان من العون والتأييد الإلهي: ذلك أن الله - سبحانه - أمضى سنته بوصل من وصل رحمه، وقطع من قطع هذه الرحم، ولا معنى لقطيعة الله للعبد سوى الحرمان من العون، والتأييد: وقد وردت النصوص بذلك، إذ يقول - صلى الله عليه وسلم -: "الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله".
وإذ يقول: "إن الله - تعالى -خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقرأوا إن شئتم: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم 22 أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى" أبصارهم 23 أفلا يتدبرون القرآن أم على" قلوب أقفالها 24 (محمد)(3).
وإذ يقول - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: "قال الله- تبارك وتعالى -أنا الله، أنا الرحمن، خلقتُ الرحم، وشققت لها اسماً من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته"(4)
3- نزع البركة من الرزق، والعمر: ذلك أننا موعودون من ربنا حين نصل رحمنا بالبركة في الرزق، والبركة في العمر، فإذا ما كانت قطيعة كان العقاب بنزع البركة منهما معاً. إذ يقول - صلى الله عليه وسلم -: "من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ في أثره، فليصل رحمه".
والواقع يصدق ذلك، إذ رأينا قاطع الرحم يتنكر له أرحامه ويتركونه وحده في العراء، فيعتدي عليه الآخرون، وقد يسلبونه ماله، فيعيش في ضيق، وفقر، كما يعيش مكدود البال والخاطر فيضيع عمره بدداً بلا طائل، ولا فائدة.
4- عدم قبول العمل: خلق الله الإنسان، وفيه من الضعف ما يجعله ينهار أمام الإغراءات والشهوات، كما خلق فيه من القوة ما يمكنه من المقاومة لو أراد، وحين يقاوم المرء نفسه، ليصلح من شأنه، ويسدد مسيرته، وتبقى له أخطاء، فإن هذه الأخطاء لا تحول دون قبول الطاعات أو الصالحات، إلا خطأ قطيعة الرحم، فإنه يمنع قبول أي طاعة، أي عمل صالح.
يقول - صلى الله عليه وسلم -: "إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم".
5- تعجيل العقوبة في الدنيا: ذلك أن كل ذنب يقتضي حلول العقوبة، إن عاجلاً، أو آجلاً، إلا ذنب البغي، وقطيعة الرحم، فإن الله يعجل عقوبتهما في الدنيا شفاء لصدور ذوي الأرحام من ناحية، وتحذيراً للآخرين من التورط في قطيعة الرحم من ناحية أخرى، إذ يقول - صلى الله عليه وسلم -: "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدَّخر من البغي، وقطيعة الرحم". (5)
6- الحرمان من الجنة: ذلك أن الله جعل الجنة دار المثوبة، والمكافأة في الآخرة لمن آمن وعمل صالحاً، ومن قطع رحمه لم يعمل الصالحات، بل ربما استحل ذلك فيكفر والعياذ بالله، فيكون مصيره الحرمان من الجنة، إما على الدوام أو لفترة تتناسب مع هذا الجرم، ثم يكون العفو، ودخول الجنة، يقول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجنة قاطع".
7- كراهة ذوي الأرحام للقاطع ودعاؤهم عليه، والتخلي عن نصرته: ذلك أن حَجْب البر والمعروف عن ذوي الأرحام، بل أذاهم، والإساءة إليهم يحملهم على كراهية القاطع، ودعائهم عليه، ودعوتهم مجابة، للحديث: "الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله"(6)، بل إنهم ليتخلون عن نصرته، ومؤازرته، فينال الناس منه.
8- فقد القاطع ثقة الناس، واحترامهم: ذلك أن الناس يثقون بمن يعطف على أهله، ويحترمونه، فإذا قطع رحمه سحب الناس ثقتهم به، واحترامهم له من باب: أنه إذا لم يكن فيه خير لقراباته، فلا خير فيه لأحد أبداً.
9- القلق والاضطراب النفسي: ذلك أن قاطع الرحم مرتكب كبيرة من الكبائر، ومثل هذا يسودُّ قلبه على مدار الأيام، وسواد القلب مرضه، وقلقه واضطرابه، وصدق الحق - سبحانه - إذ يقول: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى" 124 (طه)، وإذ يقول: ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا 17 (الجن).
ب - على العمل الإسلامي: وأما آثار قطيعة الرحم على العمل الإسلامي فتتمثل في:
1- تمزيق وحدة المجتمع والأمة: ذلك أنه إذا تقطعت الأرحام، فقد تمزَّقت وحدة المجتمع والأمة وإذا تمزَّقت وحدة المجتمع، والأمة، صار من السهل على الأعداء النيل من كرامة المجتمع، والأمة بالسيطرة على الأرض، وأخذ الثروات، والعمل على تغيير الهوية، والثقافة.
2- كثرة التكاليف، وطول الطريق: وحين ينال الأعداء من كرامة المجتمع والأمة، ويعمل أبناء هذا المجتمع، وهذه الأمة على التخلص من هؤلاء الأعداء، فإنهم يعانون من كثرة التكاليف جهداً ووقتاً ومالاً فضلاً عن طول الطريق.
------------------
الهوامش
(1) المعجم الوسيط 2-745 746، الصحاح في اللغة والعلوم ص 935.
(2) المعجم الوسيط 1-335، الصحاح في اللغة والعلوم ص 373.
(3) الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الأدب: باب من وصل وصله الله ص1048، رقم 9587، وكتاب التفسير: سورة محمد: باب "وتقطعوا أرحامكم".
(4) الحديث أورده المنذري في: الترغيب والترهيب 3-340، من حديث أنس مرفوعاً، وعقب عليه بقوله: "رواه البزار، وإسناده حسن"، والهيثمي في: مجمع الزوائد 8-151.
(5) أخرجه الترمذي في السنن، كتاب صفة القيامة.
(6) سبق تخريجه.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(111/144)
قطيعة الرحم ( 2 - 2 )
أسبابها .. ووسائل علاجها
د.السيد محمد نوح
آفات على الطريق:
ما أكثر الأمراض الأخلاقية والآفات الاجتماعية التي يعاني منها بعض الأفراد والمجتمعات.. حريّ بنا أن نتوقف عندها ونحذر منها ونقدم علاجاً لها..
وقد اهتم فضيلة الدكتور السيد نوح بهذه القضية وأصدر فيها أكثر من مؤلَّف. وهذه المقالات التي بين أيديكم جديدة في موضوعها وطرحها ولم يسبق نشرها.
تناولنا في العدد الماضي مظاهر قطيعة الرحم وآثارها.. ونتناول في هذا العدد أسبابها ووسائل علاجها.
أولاً: أسباب قطيعة الرحم:
هناك أسباب تدفع إلى قطيعة الرحم، وبواعث تحمل عليها، نذكر منها:
1 تعطيل شرع الله لا سيما الجهاد: ذلك أن إعمال شرع الله لا سيما الجهاد، يكون سبباً في توظيف طاقات كل فرد من أفراد الأمة، بحيث تختفي الجريمة، ويكون الترابط والوحدة، وعلى العكس فإن تعطيل شرع الله ولا سيما الجهاد يؤدي إلى شيوع الجريمة، ومنها الخصومات، وقطيعة الرحم، وصدق الله الذي يقول: " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " (22) (محمد).
2 إساءة ذوي الأرحام مع الحرص على المقابلة بالمثل: ذلك أن صنفاً من الناس إذا اعتُدي عليه يحرص على المعاملة بالمثل متمثلاً قوله - سبحانه -: " وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين "40 (الشورى).
وقوله- تبارك وتعالى -: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين " 194 (البقرة: 194).
وعليه فمن لقي من رحمه إساءة، فإنه يحرص على مقابلة هذه الإساءة، بمثلها، وهذه هي قطيعة الرحم.
3 الغفلة عن قيمة الرحم وفضلها: ذلك أن للرحم قيمة كبيرة، وفضلاً عظيماً عند الله، حسبنا أنها:
سبب في صلة الله للواصل، وقطيعته للقاطع.
وسبب في سعة الرزق وبركة العمر، وعمران الديار.
وسبب في قبول العمل، ودخول الجنة.
وسبب في أن الصدقة عليها صدقة وصلة.
وعلامة من علامات الإيمان بالله واليوم الآخر.
وسبب في حفظ حرمة الواصل، وهيبته، وكرامته.
وسبب في راحة البال، وطمأنينة القلب.
وسبب في الدعاء بالخير بظهر الغيب.
وسبب في الحماية من ميتة السوء.
وسبب في تكفير الخطايا، ومحو الذنوب.
وسبب في الظفر بأعلى الدرجات في الجنة، وهكذا.
ومن غفل عن هذه الفضائل، وتلك القيمة، فإنه يتورط لا محالة في قطيعة الرحم، لأن من جهل شيئاً عاداه، كما قال الله - عز وجل -: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين 39 (يونس).
4 سوء التربية: قد يربَّى المرء تربية سيئة قوامها نسيان ذوي الأرحام، بل إيذاؤهم بكل ما تتضمنه كلمة إيذاء، فلا تتولى الأسرة التعريف بذوي الأرحام، وفضلهم، ومكانتهم، كما لا تحرص على صلتهم بأيٍّ من صور الوصل، وينشأ المرء حينئذ وليس في ذهنه شيء اسمه الأرحام، وضرورة صلة هذه الأرحام.
5 عدم قيام المجتمع بواجبه نحو قاطعي الرحم: قد لا يقوم المجتمع بواجبه نحو قاطعي الرحم من: النصح، والوعظ، والإرشاد ومحاولة الإصلاح، والإنكار القلبي المتمثل في المقاطعة والحصار، بحيث شعر كل قاطع رحم بأن مصالحه في خطر. قد لا يقوم المجتمع بهذا الواجب، وحينئذ يتجرأ من يريد قطيعة رحمه، لأنه لا يرى أمامه من يقاومه، ويرده عن غيه وباطله.
6 عدم قيام ولي الأمر بواجبه نحو قاطعي الرحم: كما أنه قد يقصِّر ولي الأمر في القيام بواجبه نحو قاطعي الرحم من: النصح، والوعظ، والإرشاد، والإصلاح، مستخدماً الترغيب والترهيب، حين يقصرُ وليُّ الأمر في القيام بهذا الواجب، فإن كلَّ قاطع رحم سيتجرأ على هذه القطيعة، والتمادي فيها، وصدق عمر وعثمان - رضي الله عنهما - في قولهما: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".
7 عدم الاطلاع على أحوال القاطعين أرحامهم في الماضي والحاضر: ذلك أن السعيد من وعظ بغيره، وذلك يقتضي معرفة النتائج التي جناها غيره في الماضي، والحاضر من وراء قطيعته لرحمه، ومن لم يحرص على معرفة هذه النتائج، وتلك الأحوال، فإنه يتورط في قطيعة الرحم والتمادي فيها إلى حد الخسارة والبوار.
8 الغفلة عن العواقب والآثار المترتبة على قطيعة الأرحام: قدمنا أن لقطيعة الأرحام آثاراً ضارة، وعواقب وخيمة على العاملين، وعلى العمل الإسلامي، ومن غفل عن هذه العواقب وتلك الآثار سيتورط لا محالة في قطيعة الأرحام، ويتمادى فيها تمادياً لا يردعه خوف عاقبة، أو تقدير أثر.
ثانياً: علاج قطيعة الرحم:
يمكن علاج قطيعة الرحم والوقاية منها باتباع الخطوات التالية:
1 تطبيق شرع الله في الأرض: إن تطبيق شرع الله في الأرض من لدن: لا إله إلا الله.. إلى: إماطة الأذى عن الطريق، سيجعل كل طاقات الأمة، والمجتمع في شغل دائم، بحيث لا تبقى أي لحظة فراغ يمكن أن يستغلها شياطين الإنس والجن في نشر الجريمة، والإغراء بقطيعة الرحم، وذلك هو المفهوم من قوله - سبحانه -: " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " 22 (محمد).
2 مقابلة إساءة ذوي الأرحام بالإحسان: لقد علمنا الله في كتابه أن مقابلة الإساءة بالإحسان تحول الأعداء إلى أصدقاء، والمتنافرين إلى متآلفين، متحابين، فقال - سبحانه -: " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم 34 وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم 35 " (فصلت). وعليه فإن المرء إذا لقي من ذوي رحمه إساءة، وأراد العلاج بل الوقاية، فليحرص على مقابلة هذه الإساءة بالإحسان المتمثل في صلة هؤلاء الأرحام.
وقد نبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك بقوله: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها". (1)
3 تذكُّر المرء قيمة صلة الرحم، وعواقب القطيعة: مرَّ بنا قيمة صلة الرحم، وفضلها، كما مر بنا كذلك عواقب القطيعة.
والعلاج، بل الوقاية، يقتضيان أن يذكر القاطع على الدوام فوائد صلة الأرحام وعواقب قطيعتها سواء على العاملين أو على العمل الإسلامي، وصدق الله الذي يقول: "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين 55 " (الذاريات)، والذي يقول: " فذكر إن نفعت الذكرى (9) " (الأعلى).
ودوام التذكير قد يكون سبباً في الإقلاع عن القطيعة، والتحلي بالصلة.
4 تربية المرء على الترغيب في صلة الأرحام، والترهيب من القطيعة: المرء بطبيعته ينسى، وعلاج النسيان التذكير، والمعايشة، والأخذ بالأيدي للتنفيذ، والتطبيق، وعليه فإنه قاطع الرحم في مسيس الحاجة إلى من يعايشه، ويأخذ بيده نحو صلة الأرحام، بل إن الواصل لا غنى له عن هذه المعايشة حتى لا يتغير، ويبتلي بالقطيعة، على نحو ما صنعت أمُّ النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - حين أخذته في زيارة لأقارب أبيه بيثرب "المدينة المنورة"، وهو صغير لينشأ على رعاية صلة الأرحام، والوقاية من القطيعة.
5 قيام المجتمع بواجبه في علاج قطيعة الأرحام: إن للمجتمع دوراً كبيراً في علاج قطيعة الأرحام، وعلى هذا المجتمع أن يقوم بهذا الدور نصيحة، ووعظاً، وإرشاداً، وإصلاحاً وحصاراً للقاطع، وحرباً لتعطيل مصالحه إلى أن يقلع عن هذه القطيعة، ويتحلى بصلة الأرحام.
وليس هذا من المجتمع تدخلاً في شؤون الغير، بل هو جزء من وظيفته ومهمته، إذ يقول - سبحانه -: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك س- يرحمهم الله - إن الله عزيز حكيم 71 (التوبة).
6 قيام ولي الأمر بواجبه نحو قاطعي الأرحام: كذلك لوليِّ الأمر دور كبير في إصلاح قاطعي الأرحام، وعلى هذا الوليِّ أن يقوم بهذا الواجب: نصحاً، وإرشاداً، ووعظاً، وإصلاحاً، وترغيباً، وزجراً، وتخويفاً، قبل أن يلقى ربه، ويعرض نفسه للسؤال، والمحاسبة، إذ يقول - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع، ومسؤول عن رعيته... الحديث".
7 معرفة القاطع لرحمه نتائج القطيعة: ذلك أن المرء يستطيع أن يقلع عن قطيعة الرحم، ويصون نفسه عن العودة إلى هذه القطيعة، حين يطلع على النتائج التي وصل إليها قاطعو الرحم في الماضي والحاضر، علَّ هذا الاطلاع يساعد قاطعي الرحم على أن يقلعوا عن هذه الآفة، ويتحلوا بعكسها من صلة الأرحام، إما اقتداءً وتأسياً، وإما تشبهاً ومحاكاة.
8 وقوف المرء على حكم قطيعة الأرحام: إذا وقف المرء على حكم قطيعة الأرحام، وأدلة هذا الحكم النقلية والعقلية والواقعية، وكان حريصاً على تنفيذ حكم الله ورسوله، فإنه سيقلع عن قطيعة الرحم، ويتحول إلى صلة هذه الرحم، من باب: أن المسلم لا يسعه أمام حكم الله ورسوله إلا أن يسمع ويطيع.
قال - تعالى -: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون 51 ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون 52 (النور).
9 تحلي قاطع رحمه بتقوى الله: إن إقلاع قاطع رحمه عن هذه الآفة ليس بالأمر الهين، ولا بالأمر اليسير، وحتى يسهل عليه ذلك، فإن عليه أن يتحلَّى بتقوى الله من ترك المعاصي والسيئات صغيرها وكبيرها، ظاهرها وباطنها، وأن يكثر من الطاعات، ظاهرها وباطنها، صغيرها وكبيرها، لا سيما الدعاء: أن يليِّن الله قلبه، وجلده، وجوارحه، فيقلع عن قطيعة رحمه، ويقبل على صلتها، وتقوية هذه الصلة.
10 إعانة ذوي الأرحام قاطع الرحم على نفسه: ذلك أن قاطع الرحم قد يقلع عن قطيعته، ويمشي إلى رحمه يريد وصلها، فيجد من الأرحام إعراضاً وصدوداً، وحتى يتجاوز القاطع محنته فإن على الأرحام أن يلينوا بالاستجابة، والتشجيع والمسامحة، وأن يشكروا له عمله، على نحو ما مرَّ بنا من استجابة عائشة لعبد الله بن الزبير لما قطعته وجاء معتذراً يريد وصلها مستعيناً بالله، ثم بنفر من التابعين، فسهَّلت عليه أمر الطاعة وأعانته عليه.
ـــــــــــــــــــ(111/145)
ـــــ
الهامش:
(1) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الأدب.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/146)
حماتي ... أزمة في حياتي
منير فرحان
ما إن تبدأ الزوجة حياتها الجديدة مع من اختارته شريكاً لعمرها و حياتها، و ما هي إلاّ أن تضع خطوتها الأولى على أعتاب الدّار حتى تجد في الاستقبال (حماتها) أم زوجها.. !
قد يبدو اللقاء الأول بينهما حميميّاً دافئاً تلفّه الزغاريد و التهاني... أيام جميلة.. ولحظات أجمل.. سرعان ما تنقضي و تبدو ضئيلة جداً حين تتحوّل الزغاريد إلى سيلٍ من الكلام الجافي، فتبدأ الزوجة إما بالتضجّر.. أو تنطوي على ذاتها بين جدران غرفتها تندب حظّها في حماتها التي صارت لها كابوساً مخيفاً، و ضجيجياً مزعجاً!
ليست قليلة تلك الرسائل التي تشتكي فيها الزّوجات سوء معاملة (الحموات) لهنّ أو تغيّرها و تقلّبها..
فتلك تشتكي:
- كره حماتها لها وكيدها بها ومحاولة التفريق بينها وبين زوجها بالشعوذة والسحر والكيد الخفي..
وأخرى تقول:
- (حماتي) تتدخّل في كل شؤون حياتي حتى في لبسي وزينتي وطريقة نومي واختيار عطري... !
بل إنها تتدخل حتى في اختيار طبق اليوم الذي أطبخه لزوجي.. !
وثالثة مقهورة:
- حماتي تكره أبنائي ولا تحبهم فهي تضربهم لأتفه الأسباب - ألا تعلم أنهم أطفال صغار -؟.. !!
و بحيرة تتساءل إحداهن:
- هل من حق والدة زوجي أن تدخل غرفة نومي من غير إذني وتفتش في أغراضي؟!
بل هل من حقها أن تمتلك نسخة من مفاتيح بيتي؟! إنني محتارة ولا أشعر بالأمان في بيتي!
- وتلك تخنقها عبرتها وهي تشتكي حماتها:
- دائمة النقد لي أمام الجارات والصديقات فلا يعجبها لبسي ولا مشيتي ولا صمتي أو كلامي، دائمة الدعاء عليّ أمامهنّ و كأني الجريمة الوحيدة في حياتها!!
بل قد وصل الحدّ ببعض (الحموات):
- أن تحرّض ابنها على طلاق زوجته، لأنها أساءت إليها أو (لم تدخل مزاجها)!!
لقد أصبحت ظاهرة (الحماة) ظاهرة مجتمعيّة مؤثرة على العلاقة بين الزوج وزوجته - سلباً أو إيجاباً - سيما وأن الإعلام ببعض برامجه يحاول أن يصوّر (الحماة) بصورة مزريّة وأنها شخصيّة متسلّطة غشومة جبّارة..
وبعض نصائح الصديقات والجارات تفرض على الفتاة حصاراً نفسيّا (متوجّساً) من والدة الزوج، حتى لا تكاد تدخل الفتاة بيتها إلاّ وهي تترقّب لحظات الاشتعال!!
ومع هذا كله تُصاب الزوجة بموقف زوجها
الحائر
أو الغشوم الظلوم
أو البارد
الذي لا يعنيه شيء من ذلك.. !!
السؤال: لماذا تتأزّم العلاقة بين أم الزوج وزوجة الابن؟!
وما هو السبيل الأمثل للتعامل مع (والدة الزوج) - خصوصاً - وأهل الزوج عموما؟!
صحيح أن من (الحموات) من تكون بلسماً ونسمة هادئة على (زوجة الابن) تعطف عليها وتحنّ إليها وتشتاق لرؤيتها كما لو أنها بنت من بناتها.
لكن هناك صنفا من أمهات الأزواج معقّدة المزاج و صعبة التعامل والمراس قد لا أقول أنهم قلّة لكن صارت القضية (ظاهرة مجتمعيّة).. فلماذا تظهر بعض الأمهات بسلوك التسلّط والتدخّل المباشر في حياة أبنائهم بعد الزواج؟!
لعل ذلك يعود إلى بعض العوامل والأسباب النفسية والاجتماعية والفكرية التي لها أكبر الأثر في صياغة السلوك، من هذه الأسباب والعوامل:
1 - الدلال الزائد الذي تربّى عليه الشاب قبل الزواج.
فبعض الأمهات من شدّة تدليلها لابنها تحاول أن تتدخّل حتى في حياته بعد الزّواج، فهي تطلب من زوجته أن تفعل وأن لا تفعل، وهكذا تجد الزوجة أنها في نظر والدة زوجها مقامها مقام الخادمة لولدها فقط!! دون مراعاة لأحاسيس هذه الزوجية وأحقيّتها بمقتضى الشراكة في الحياة بينها وبين زوجها!
2 - ضعف شخصيّة الزوج.
فالزوج لا يستطيع أن يقرر ولا أن يتحمّل المسئولية، كلما عنّ له أمر أو حدث في حياته الزوجية رفع سماعة الهاتف على والدته يكلمها، وبعض الأزواج - أصلحهم الله - بلغ به ضعف شخصيته أن وصل إلى حدّ السذاجة حتى صار يحدّث أمه في كل ما يفعله مع زوجته حتى في بعض أسرار غرفة النوم!
هذه الشخصيّة الضعيفة تغري الوالدة بفرض سيطرتها وشخصيتها سيما لو كانت الزوجة أقوى شخصيّة من زوجها حينها تحاول الأم أن تسدّ الثغرة في ولدها بإظهار سلطتها وشخصيتها على هذه الزوجة!
3 - الجهل وقلة الوعي.
فبعض الأمهات لا تدرك خطورة التدخّل في حياة ابنها الزّوجية فضلاً عن أن تدرك مواطن التدخلات الحكيمة في حياة ابنها مع زوجته.
4 - الغيرة.
الغيرة من الأخلاق التي جبل الله - تعالى -عليها الرجل والمرأة، لكن لمّا كانت المرأة أشدّ انجذاباً إلى عاطفتها صارت تسلك بالغيرة مسالك تصل بها إلى حدّ الغلو والإضرار بالآخرين بعيداً عن التعقّل والرويّة.
ومن هنا قد تكون الغيرة - غير المنضبطة - من أهم الأسباب التي تؤزّم العلاقة بين أم الزوج وزوجة الابن. فهي تغار من جمال شكلها أو من حسن زينتها و لبسها أو تغار من حسن ترتيب وجمال أثاث بيتها وهكذا مما تغار منه النساء بعضهنّ من بعض؛ فإن والدة الزوج ليست بمعزل عن هذه الطبيعة في النساء من شدّة الغيرة وعدم الاتزان فيها.
5 - تقصير الابن في البر والإحسان بوالدته وأهله وإخوانه.
تقصير الزوج وإهماله في البر والإحسان بأمه بعد الزواج يولّد عند والدته شعوراً - من حيث يشعر هو أو لايشعر - بأن زوجته هي السبب في هذ التقصير وهذا الإهمال، سيما إذا كانت تعهده باراً بها قبل الزواج. !
هنا تبدأ مشاعر الحقد والغيرة والبغض والكره يتولّد عند هذه الوالدة على زوجة ابنها بسبب تقصير ابنها في البرّ بها والإحسان إليها وإكرامها، سيما إذا كانت ترى إغداق ولدها على زوجته بما تشتهي!
6 - عدم اتزان المفاهيم ووضوحها عند الزوج.
بعض أمهات الأزواج ربما تقسو وتخطئ أو تسيء إلى زوجة الابن، وبعض الأبناء يرى أن من البرّ عدم حماية زوجته من خطأ أو قسوة والدته أو على أقل تقدير مفاتحة والدته في هذا الموضوع.
7 - غياب روح التفاهم والمواساة بين الزوجين.
بعض الأزواج يعرف أن في والدته طبعاً غير محمود، و يعرف أن والدته ربما أساءت إلى زوجته لكنه لا يُلقي لهذا الجانب بالاً، ولا يكلّف نفسه حتى مشاركة زوجته هذا الهمّ بالتصبير والاحتساب و التذكير بعظيم أجر الصبر، وتعويضها بما يخفف عنها هذه المصيبة.
والزوجة من إصرارها تصبح غير قابلة لئن تتفهم واقع (حماتها) وأن تتعايش مع هذا الواقع بالطريقة التي تضمن لها سلامتها من الإساءة و الإيذاء، فهي لا تفكّر بالحل إلاّ من جانب واحد وهو: الطلاق!
هذه جملة من الأسباب والعوامل التي تؤثر في الحقيقة على علاقة أم الزوج بزوجة الابن، ومثل هذه الظاهرة أو (المشكلة) هناك خطوطاً كثيرة للتعامل معها وتجاوزها تجاوزاً إيجابياً بل والانسجام معها انسجاماً حيوياً.
وهنا يشترك الزوج والزوجة في حلّ هذه الأزمة، ولعلّي أن أشاركهما ببعض الوصايا و الأفكار التي تساعدهما في ذلك.
الزوجة أولاً:
1 - تذكّري أن كسب الآخرين أهم من خسارتهم
وهذه قاعدة عامة في العلاقات، فلئن تكسب الزوجة أم زوجها خيرٌ لها من أن تراهن على علاقتها مع زوجها فتخسر الجميع.
إن كسبك أيتها الزوجة لوالدة زوجتك هو كسب من جهتين، كسب لها من جهة وكسب لزوجك من جهة أخرى. على أن الإصرار على مواجهتها وعنادها وعدم الصبر عليها يصنع من والدة زوجك عدوة لك، كما أن الزوج لن يكون بمنأى عن أمه إذا لم يجد منك أي (مرونة واقعية) في التعامل معها!
فالطلاق ليس حلاً حقيقياً لهذه المشكلة سيما لو كان بينك وبين زوجك أطفالاً صغاراً، كما أن الصبر (الاضطراري) ليس مما يخفف هذه الأزمة أو يساعد على التعايش معها، ولذلك كان لابد أن تسلكي مسلك (كسب المودّأت أهم من كسب العداوات)!
ومن أجل أن تكسبي والدة زوجك:
- شاركيها في همومها وساعديها في أعمالها بالقدر الذي تشعر باهتمامك بها وحرصك عليها.
- بين فترة وأخرى أرسلي لها هديّة رمزيّة، سيما إذا خرجتِ للسفر أو للسوق.
- اتصلي عليها بين حينٍ وآخر للسلام عليها.
- أشعريها بأهميتها وذلك بأن تستشيريها في بعض أمورك وزوجك.
- صارحيها بحبّك لها وأنها في مقام أمك.
- امدحي زوجك أمامها وأشعريها بأنه نتاج تربيتها وثمرة رعايتها.
- لا بأس أن تخصصي غرفة أو دولاباً في بيتك خاصاً بوالدة زوجك تضع فيه أغراضها، من خلال هذه الغرفة أو الدولاب تشعر بخصوصيتها عندكم واحترامك لها.
هذه الأمور ونحوها مما يقرّب بين القلوب ويزيد من تآلفها، والمقصود أنه كلما استطعتِ أن تخلقي جوّاً من الحب والتفاهم والتعاون مع والدة زوجك بقدر ما تكونين أسعد وأقر عيناً بزوجك ووالدته.
2 - لا تنسي أن الصبر مفتاح الفرج.
احتسابك الأجر والصّبر على أخلاق (والدة زوجك) يمنحك الشّعور بالرضا و التفاؤل، وذلك حين يكون الصبر صبر رضاً لا صبر اضطرار. فصبر الرضا يدفعك إلى العفو و التغاضي و المسامحة و محاولة الإصلاح، و صبر الاضطرار يجعلك أكثر حساسية و أشد قلقاً واضطراباً..
فحين تصبرين على أخلاق والدة زوجك لابد أن تستشعري عظمة الصبر وانه مفتاح الفرج، وأن الصابرين يوفون أجرهم بغير حساب، وان تصبري وأنتِ تستطعمي لذّة الصبر على مرارته، و تستعذبي لذّة انتصارك على هواك ورغبتك!
فعوّدي نفسك على خلق الصبر والمسامحة، و تفكّري في الجوانب المشرقة من أخلاق والدة زوجك وتغاضي عن الرديء.
3 - شجّعي زوجك دائماً على البرّ بوالدته والإحسان إليها، مهما وجدتِ منها من إساءة.
تشجيعك لزوجك على هذا البرّ يجعل العلاقة بينك وبينه أشد قوة ومتانة في الحب و المودّة و الشعور بهموم بعضكما البعض، وسيولّد ذلك دافعاً عنده إلى حمايتك و مناصرتك بالأسلوب الأمثل.
4 - علّمي أولادك كيف يحترمون (جدتهم) بالسلام عليها وعدم إيذائها أو إثارة غضبها، و علّميهم كيف يعتذرون منها عند الخطأ وكيف يبرّون بها و يصلونها سواء عن طريق الزيارة أو حتى الاتصال بها والسلام عليها.
5 - حاولي أن تكسبي بعض أطراف العائلة في صفّك.
كأن تكسبي أخت زوجك - مثلاً - وذلك بحسن العلاقة والتعامل معها، إذ أن كسبك لطرف آخر في بيت زوجك يعني أن هذا الطرف سيكون لك على أقل تقدير (مواسياً) إن لم يكن (محامياً)، و بقدر ما تكونين أنتِ أبعد عن المواجهة والتصادم بقدر ما تكونين أقدر على كسب والدة زوجك عن طريق هذا (المحامي) - الخفي -.
6 - لابد أن تراعي الزوجة طبيعة وظروف (والدة الزوج).
فقد تكون كبيرة في السنّ و تحتاج فعلاً إلى مزيد رعاية. و معلوم أن الوالد أو الوالدة كلما طال بهم العمر كلما اشتدّت حساسيتهما من تعامل أبنائهم معهم، ولذلك يكونان أكثر ضجراً و تأففاً عندما يواجههم أبناؤهم وزوجاتهم بالتقصير و الإهمال.
قد يكون الزوج هو الابن الوحيد لامه وهي بحاجة إليه، وقد يكون هو الابن البار الوحيد بأمه و لذلك هي تشعر بالأمان بقربه وتشعر بأن زوجته تحاول خطفه منها، و لذلك لابد أن تكون الزوجة أكثر تفهّماً لطبيعة والدة زوجها وواقع ظروفها، وأن تتعايش مع هذا الواقع بما يناسبه.
7 - كوني واقعية أيضاً في النظر إلى واقع زوجك.
فإن الزوج قد يكون - أحياناً - بحاجة إلى هذا التدخل من والدته لضعف شخصيته أو سذاجته، ولو بقي دون تدخّل لربما أساء إلى نفسه و إليك و جنى على حياته، فليس كل تدخّل من والدة الزوج يعتبر مذموماً على الإطلاق، لكن الأمر تحكمه بعض الظروف المعيّنة و الحالات الخاصّة التي تستلزم أن تكون الوالدة - لا أقول المتحدثة - بل كل المتحدثة الرسمية عن ولدها (المدلل)!
ثم أنت أيها الزوج لك دور كبير في تنمية العلاقة بين والدتك وزوجتك، وفي المقابل موقفك السلبي من هذه المشكلة له دور في تأزّم العلاقة بينكم جميعا (أنت وزوجتك ووالدتك)، ولذلك من المهم جدّاً أن تشعر بأهمية دورك في التنمية و خطورة موقفك عند التجاهل وعدم الاهتمام، ولأجل أن تكون إيجابياً فاعلاً متفاعلاً مع واقع العلاقة بين والدتك وزوجتك:
1 - أشعر زوجتك أولاً بعظيم حسن البرّ بالوالدين وخصوصاً الوالدة، وأن بركة الحياة وبركة الرزق والسعادة ربما أنه أثرٌ من آثار البر و الإحسان إلى الوالدة. المقصود أن تجعلها تشاركك همّ البرّ و الإحسان واستشعار قيمة هذا البر.
إذ أن استشعار قيمة هذا البر والإحسان يجعلها أقوى على الصبر والرضا و التفاؤل، و أكثر مرونة و تغاضياً على هفوات (الوالدة). وأكثر تقبّلاً لها.
2 - أشعر زوجتك بحبك لها وصارحها بذلك وامدح موقفها الإيجابي مع والدتك، واجتهد في أن تعوّضها بما يشعرها بقيمة صبرها على (أخلاق والدتك). بهدية أو بسمة أو كلمة دافئة أو تحقيق أمنية لها...
3 - كن أشد حرصاً على إكرام أهل زوجتك و احترامهم و السؤال عنهم و رعايتهم، و إشعار زوجتك بذلك، فإن الزوجة متى ما شعرت منك أنك تكرم أهلها و والديها فإنها حتماً ستبادلك نفس الشعور والاهتمام.
4- استمع إليها بهدوء، واسمح لها أن تفضفض ما في صدرها حين تكون المشكلة متعلقة بوالدتك، ولا تكبتها أو تضجر من السماع إليها، إن تفريغها لشحنات المواقف التي تحصل بينها وبين والدتك من خلال شكواها إليك وهدوءك عند الاستماع إليها، يُشعرها بأهميتها عندك وحمايتك لها. كما أن كبتك لها أو الضجر عند شكواها من أمك يقطّع بقية حبال الوصل بين زوجتك وبين والدتك ويشعرها بالكره والبغض والحقد.
5 - كن عادلاً!
من أعظم أبواب الخير هو البرّ بالوالدين، لكن البرّ لا يعني ظلم الآخرين بمفهوم (البرّ). فلا تظلم زوجتك ولا ترغمها أو تكرهها على قبول الخطأ والاعتذار مما لم تفعله، لكن اجلس مع زوجتك و اعتذر لها نيابة عن والدتك واتفق معها على أسلوب معيّن للتعامل مع والدتك بحيث لا تظلم زوجتك أو تسيء إلى والدتك.
6 - لا تعنّف أو تعاتب زوجتك (أبداً) أمام والدتك.
لأن هذا التعنيف والعتاب المباشر وأمام والدتك يكسرها كسراً وربما أورثها الحقد والانتقام والعناد، كما أن هذا العتاب يفتح باباً لوالدتك على زوجتك بمتابعة العتاب والذمّ واستغلال هذه الفرجة!
7 - اشعر والدتك باحترامك أنت لزوجتك وحبك لها، وذلك كأن تثني على أدبها وأخلاقها أمام والدتك.
8 - أشعر والدتك أيضا بحب زوجتك لها من خلال شراء بعض الهدايا باسم زوجتك لوالدتك، و أبلاغها السلام و التحايا كلما زرت والدتك أو اتصلت بها، المقصود أن يكون لك دوراً في تقريب القلوب وتأليفها.
9 - كن حازماً.
بعض المواقف تحتاج منك إلى الحزم، والحزم ليس معناه الغلظة و الفضاضة، وإنما من الحزم أن تقول (لا) في مكانها لكن بهدوء ومن غير ضجيج!
تحتاج إلى الحزم لإيقاف بعض تدخلات والدتك، وتحتاج إلى الحزم مع زوجتك في بيان أن والدتك ليس فيها مجال للمساومة بقدر ما أن هناك مجال للمفاهمة!
تلك جملة من الأفكار و الوصايا التي تساعد الزوجين على التعايش الإيجابي مع (والدة الزوج) و حسن التواصل و البر و الإحسان على أن ما يقال في (والدة الزوج) قد يكون واقعياً أيضا في (والدة الزوجة)
عسى الله أن ينفع بهذا كل زوج و زوجة وأن يديم بينهما الألفة والمحبة في ظل طاعته..
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/147)
المقارنات سبب الأزمات .. ( 1 )
قالت إحدى الزوجات لصديقاتها:
' أتمنى لو أن زوجي يقضي مزيدًا من الوقت مع أولادنا كما يفعل زوج فلانة '.
هذه الكلمات تفسر أن هذا الزوج لا يحب أولاده ولا يضعهم في أولوياته كما يفعل الزوج الآخر، وهذه المقارنات يمكنها أن تتسبب في إثارة غضب العديد من الأزواج، وقد تكون هذه الحادثة بداية النهاية لعلاقة الصداقة بينهما.
إن ظاهرة التحدث عن الأزواج ومقارنة بعضهم ببعض ظاهرة منتشرة لا تكاد تخلو منها مجالس النساء، فما إن تدخل إحداهن بيت الزوجية إلا وتلحق بركب سابقاتها من النساء، إلا من رحم الله.
إن معظم النساء اللواتي يقارن أزواجهن ـ سواء السعيدات في حياتهن الزوجية أو الشقيات ـ للأسف لا يخلو حديثهن من الكذب زيادة كان أو نقصانًا، فالمقارنة إيجابًا يشوبها الكذب خوفًا من الحسد.
والمقارنة سلبًا يشوبها الكذب أحيانًا لتقنع الزوجة جليساتها بأحاسيسها وإن كانت زائفة وزوجها ليس بالسيئ تمامًا.
ونحن ضد هذا الأمر ما لم تضطر إليه المرأة كأن يكون الرجل متعسفًا وبضوابطه الشرعية من وجود مصلحة داعية إلى ذلك وخلافه قال الله - تعالى -: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً} [النساء: 148].
ونحن عندما نعرض هذا الموضوع ونركز فيه على النساء ليس هذا تعسفًا منا فإن الموضوع يخص الزوجين معًا، ولكن النساء أكثر حديثًا من الرجال وأكثر شكوى، ولا يمنع هذا من أن ما سنذكره يمكن أن يستفيد منه الرجال أيضًا في هذا المقام من العلاقات الزوجية.
وهنا نقف ونتساءل: لماذا تقارن المرأة زوجها بأزواج الأخريات؟
أسباب المقارنات بين الأزواج:
هناك أسباب كثيرة للمقارنة بين الأزواج نذكر منها ما يلي:
1ـ تجاهل الزوج لمسئوليته وتخليه عن وظيفته الأساسية كأب وراع لأهل بيته، يؤدي إلى تحمل الزوجة لتلك المسئولية التي تخلى عنها خوفًا على أسرتها من أن تهوى بها الريح في مكان سحيق، وهنا تظهر المقارنة بين الأزواج من قبل الزوجات، ويجعل الحديث عن الزوج فاكهة المجلس بالنسبة لهن علهن يجدن حلاً لهؤلاء الأزواج المارقين.
2ـ قد تحتاج المرأة إلى المقارنة هنا بدافع التعرف على تعامل الأزواج الآخرين مع زوجاتهن لتشعر زوجها بسوء معاملته لها عن طريق نقل حديث الأخريات إليه.
3ـ عدم تقدير الزوج للزوجة خصوصًا إذا كانت تقدم له من مالها.
4ـ الفراغ العاطفي: غالبًا ما تفقد لغة الحوار بين الزوجين، ونتيجة لذلك يخيم الفراغ العاطفي على شعور الزوجة الذي من المفترض أن يكون ريًا بالعاطفة لشريك العمر، لذلك ينصب شعورها في حديثها وتكون مجالسها متنفسًا لها للحديث عن همومها وآلامها، وليس هناك أكبر من آلام المرأة في ضعف العاطفة في زواجها.
وباختصار فإن حاجة المرأة إلى الأمان العاطفي هي أحد دوافعها للحديث عن الزوج والمقارنة.
5ـ الانفتاح الإعلامي: فقد أدى الانفتاح الإعلامي والفضائيات إلى تفتح المرأة وتوسع ثقافاتها، فتغيرت صورة الرجل لدى المرأة، فقديمًا كان الرجل كل شيء في حياتها، أما الآن فقد شاطرته أغلب المسؤوليات.
6ـ العمل والصديقات: فقد يكون عمل المرأة وصديقاتها من أسباب عقد المقارنات بين الأزواج.
7ـ عدم تملك القرار: فالزوج إذا لم تعجبه المرأة تزوج من ثانية أو طلقها، أما المرأة فلا تملك سوى التنفيس بالحديث.
8ـ توسع الطموح والتطلعات الدنيوية وضعف الوازع الديني حتى نسيت المرأة الحكمة التي خُلقت من أجلها.
الأسباب النفسية للمقارنة بين الأزواج:
يقول الدكتور محمد الحامد الغامدي استشاري الطب النفسي بجدة: 'عندما تقارن المرأة بين زوجها وأزواج الأخريات فإن لها دوافعَ وأهدافًا نفسية عديدة تكمن وراء الانخراط في مثل هذه المقارنات.
قليل منها مشروعة وأغلبها دوافع غير مشروعة، فالمرأة في مجتمعنا عندما ترتبط بزوجها فإنها أحيانًا قد لا تكون مقتنعة به تمام الاقتناع وقلما تفهمه خصوصًا حديثات الزواج فتدخل في هذه المقارنات لتعزز قناعاتها بزوجها وتشبع نقصًا ما لديها.
وقد تحتاج المرأة إلى تقوية إحساسها بالأمان في حياتها الزوجية، ويعتبر الإحساس بالأمان أحد الأمور الرئيسية التي يبحث عنها كلا الزوجين خصوصًا المرأة فتتعمد الدخول في عملية المقارنة هذه لتبحث عما يقوى الإحساس بالأمن لديها.
وفي بعض الحالات تكون المرأة نكدية بطبعها وبخاصة عندما تكون غير مستقرة في حياتها الزوجية، فتنقل نتائج المقارنات إلى زوجها لتشعره بنقصه رغبة في زيادة نكده فقط.
وقد يكون الفضول أحد دوافع المرأة النفسية للانخراط في عملية مقارنة الأزواج، فالإنسان فضولي بطبعه وهذه الحالة متفشية في بعض الطبقات العقلية ذات الثقافة المحدودة.
وقد تلجأ المرأة للمقارنة بين الأزواج بدافع الرغبة في اتخاذ قرار خفي، كأن تفكر المرأة في الانفصال عن زوجها فتبدأ بمقارنة زوجها بغيره لتخفف شعورها بالذنب جراء رغبتها الملحة في اتخاذ هذا القرار، وهذا ما نسميه بعملية الإسقاط، فتسقط المرأة أسباب الانفصال عن الزوج وتحمله نتائجه.
ومن الأسباب النفسية الداعية لذلك سذاجة بعض النساء اللواتي قد يُسقن إلى الحديث عن أزواجهن دون أن يدرين.
وفي حالات قليلة يكون السبب المرأة المنحرفة التي تبرر لنفسها الانحراف والانخراط في علاقات غير مشروعة خارج الإطار الزوجي فتخفف عن نفسها الشعور بالذنب مسوغة لنفسها داخليًا بأن سبب انحرافها هو قصور في زوجها.
عزيزتي القارئة المقارنة إذا سألتِ: فكيف الخلاص من هذه المشكلة؟
فنحن بإذن الله - تعالى -نقدم لك العلاج الشافي في الجزء الثاني من المقال فكوني معنا.
18 محرم 1426هـ
- 27 فبراير 2005 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/148)
المقارنات سبب الأزمات ( 2 )
إن موضوع مقارنة النساء بين أزواجهن وبين الآخرين قديم جدًا في الحياة النسائية، ومن أهم أشكال هذه المقارنات مقارنة الضعفاء بالأقوياء والفقراء بالأغنياء، وقد يكون الحديث من خلالها عن الطرف الآخر بطريقة تعكس واقعه ووضعه في سلم التدرج الاجتماعي.
والمرأة عندما تقارن زوجها بالأزواج الآخرين فإنها قد تكون تعكس واقعًا سلوكيًا معينًا داخل منزلها، أو قد يكون ذلك نتيجة لطبيعة العلاقة الزوجية لديها، والتي قد لا تكون من العلاقة التي يؤمل منها التوافق بين الزوجين، كأن تكون علاقة سيطرة وتسلط طرف على آخر أو علاقة الأنداد، أو علاقة متوازية لا يؤمل معها الالتقاء، أو نتيجة لوجود فوارق واضحة بينها وبين زوجها خصوصًا عندما تكون هي الأدنى.
عزيزي القارئ:
عندما تبدأ بالمقارنة بين إنسان تحبه وبين شخص آخر، فأنت قد فتحت الأبواب للمشاكل المحتمل وقوعها، ولو فكرت في ذلك لوجدت أن الأمر معقول؛ لأن أغلبنا يريد أن يكون محبوبًا لدى الآخرين كما هو عليه، وإنه لأمر يدفع للشعور بالإهانة أن نفكر أن شريك حياتنا يتمنى لو أننا كنا نشبه أحدً آخر.
إن قيامك بالمقارنة بين شريك حياتك وبين شخص آخر لن تتسبب في تحطيم علاقتك إلا أن المقارنة تُعد أحد تلك الأمور التي ليس لها أي جانب مشرق في العلاقة بين الطرفين.
واعلم أنه في كثير من الحالات عندما يقوم شريك حياتك بمقارنتك مع شخص آخر فهو يعبر بذلك عن عدم رضاء مؤقت في مشاعره فقط، وبالتالي فإن شريك الحياة عندما يتم مقارنته مع شخص آخر لن يكون سعيدًا بذلك.
إن المقارنة بين الأزواج لا فائدة من ورائها تُذكر إلا عندما يكون القصد منها التعرف على الأخطاء والسعي لمعالجتها وتوفير حياة زوجية كريمة.
أما إن كانت المقارنة لفرض سلوك معين في علاقة المرأة بزوجها فهذا لن يؤتي ثماره، فكم من امرأة أصبحت حياتها جحيمًا نتيجة بحثها عن حياة أفضل خارج بيتها. وكم من امرأة فارقها زوجها نتيجة هذه المقارنات العقيمة.
أخي الزوج أختي الزوجة:
إن النظر لما في أيدي الناس يورث الهم والقلق، ومهما حاول الإنسان فلن يستطيع أن يحصل على كل شيء يريده والنفس لا تشبع...وفي الحديث: 'لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب' [رواه البخاري ومسلم].
فتطلعات النفس لا تنتهي، وعلى كل إنسان أن يلجم هذه النفس ويردها إلى الواقع، ولا ينظر لما في أيدي الناس فإنه الفقر الحاضر، وليحمد الله على ما رزقه من نعيم الحياة الدنيا وفي الحديث: 'من بات آمنًا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها' [رواه الترمذي].
وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينظر الناس إلى مَنْ هم أكثر منهم في المال أو في الخلق فتلك أمور قدرية كما أن نظر الإنسان لمن هو فوقه من المال يورثه السخط على حاله، فالأولى به أن ينظر لمن هو تحته في تلك الأمور فيحمد الله - تعالى -ويسأله من فضله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ' إذا نظر أحدكم إلى من فضلّه الله عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فُضّل عليه '.
فهذا أحق ألا يزدري نعمة الله عليه، فالقناعة حقًا كنز لا يفنى، بها يعيش المرء في حياته مطمئنًا شاكرًا، هادئ النفس، مرتاح الضمير وإنه من دواعي الشقاء والتعاسة في عالم اليوم تلك المادية الجارفة التي اصطبغت بها الحياة، فأتت على القيم النبيلة وخلّفت وراءها الطمع والجشع والحقد والحسد.
العلاج النفسي:
ونبدأ هنا بالعلاج النفسي لمشكلة المقارنة بين الأزواج. هذه الظاهرة التي قد تصل في الغالب إلى ناحية مرضية وهذا العلاج هو:
1ـ اللجوء إلى الله وحده، والإيمان بأن الكمال لله - جل وعلا -.
2ـ التركيز على إيجابيات الزوج أو الزوجة وتغيير النواحي السلبية في كل منهما، فالزوج قابل للتغيير، وليكن ما تفكر فيه المرأة من حلول داخل إطار الزوجية، لتكون حلولها أكثر إيجابية بدلاً من الانخراط في المقارنات، وذلك لأن لكل إنسان نمطًا سلوكيًا مختلفًا عن الآخر وتطوير الأنماط إنما يكون باستشارة المتخصصين في ذلك، وكثرة الاطلاع على الكتب لتكوين درجة من الوعي والثقافة للمرأة تؤهلها لترك هذه المقارنات والتحول منها إلى حديث أكثر فائدة حول فهم الحياة الزوجية والخطاب ذاته للزوج.
العلاج الشرعي:
وهو الكفيل باقتلاع هذه الظاهرة من جذورها ويكمن في اتباع الآتي:
1- الدعاء لله - سبحانه وتعالى - فتسأل المرأة ربها أن يصلح لها شأن زوجها وكذا الزوج.
2- أن تستشعر المرأة حقوق زوجها عليها وأنها حقوق عظيمة لا ينبغي التفريط فيها، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك: 'لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها' [رواه الترمذي وأحمد والحاكم] وكذا يستشعر الزوج عظيم حقوق المرأة عليه ووصية رسول الله صلي الله عليه وسلم بها حتى أنه أكد على وصيته تلك حال وفاته صلي الله عليه وسلم.
3- أن تعي المرأة أنها بكثرة شكواها وكلامها عن زوجها ترضي الشيطان وتغضب الله - سبحانه وتعالى -، ولذلك فعليها التحلي بالصبر جاعلة قدوتها زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد ضربن أروع الأمثلة في الصبر، ولتقرأ سورة الأحزاب لتعرف كيف آثرن الله ورسوله والدار الآخرة على الحياة الدنيا وزينتها ولا يكثر الزوج من شكوى زوجه وليتأمل محاسنها واحتمالها وصبرها ورضاها وليضع ذلك كله في اعتباره وميزانه.
4- 'لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر' [رواه مسلم وأحمد]. هذا الحديث كما أنه يتوجه إلى الزوج بالخطاب المباشر فهو ينطبق أيضًا على الزوجة ونظرتها لزوجها فانظري إلى إيجابيات زوجك وحاولي تغيير السلبي منها.
5- الإيمان بالقضاء والقدر والرضى بما قسمه الله لكلا الطرفين وأنه نعم الاختيار لو رضي به العبد بارك الله فيه وهذا للرجل كما للمرأة أفضل من المقارنات بين الأزواج، فعلى المرأة أن تحفظ بيتها فلا تهتك ستر بيتها بأحاديث لا طائل من ورائها، وأن تجعل شكواها لله وحده فهو القادر - سبحانه - على إصلاح الزوج.
6- أين أنت أيتها الزوجة من خديجة - رضي الله عنها - فقد وهبت نفسها ومالها لزوجها - صلى الله عليه وسلم -، ولم تتقاعس عن نصرته بكل ما تقدر عليه دون مَنّ ولا أذى.
7- 'ذكرك أخاك بما يكره' إن حديث المرأة عن زوجها يدخل في الغيبة المنهي عنها شرعًا والمتضمن لمعنى الحديث الشريف الذي يذكر فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لفظ 'أخاك' فكيف بذكر الزوج بما يكره؟ قال أبو الدرداء - رضي الله عنه - لامرأته: 'إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضبتِ رضيتك، وإلا لم نصطحب' هكذا يكون الاستقرار في الحياة الزوجية، وهكذا تُحل مشكلات المرأة دون اللجوء للمقارنة بين الأزواج وفضح أسرار الأسرة، وهكذا تتواصل لغة الحوار بين الزوجين بدلاً من انكماشها.
8- 'كوني له أمة يكن لكِ عبدًا' إن فهمت كل زوجة هذه الوصية التي أوصت بها الأم ابنتها ليلة زفافها لتغير مجرى حياتها الزوجية، فبدلاً من نشر أخبار زوجها تتقاذفها ألسنة النساء وتساهم في خراب بيتها وقد تكون بذلك داخلة في زمرة كافرات العشير، فإنها بفهم هذه الوصية ستصبح ملكة في قلب زوجها، وهو أيضًا كذلك.
وفق الله الجميع لفهم أسرار الحياة الزوجية والعيش بهذا الفهم عيشة هنية.
24 صفر 1426هـ
-4 أبريل 2005 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/149)
عنيدان وبيت واحد
إن الخلافات والفشل في المواجهة ووجود بعض الصراعات أمر لا مفر منه في الحياة الزوجية، فكيف يكون باستطاعة اثنين متزوجين أن يتمكنا من تجنب بعض النزاعات أو الخلافات على الأقل؟
ألا نميل كلنا لأن نرى الأمور بصورة مختلفة نوعًا ما على الأقل بعض الوقت؟ أليس صحيحًا أننا شديدوا الاقتناع بعض الأوقات بأننا على حق لدرجة تجعلنا نستخدم مناقشات الآخرين بصورة ندعم بها مواقفنا؟
وهذا مرده في المقام الأول أننا مقتنعون أننا ننظر بصورة صحيحة للأمور وحتى عندما لا نكون على حق فمن السهل أن نلقى باللائمة على شريك حياتنا، أو على موضوع ما، أو نقاش ما، أو خلاف أو حتى عدم اتفاق كمبرر لعدم سعادتنا إلا أن الواقع يشهد أن الجاني الحقيقي في أغلب الأوقات هو عنادنا الشخصي، وعدم استعدادنا وعدم رغبتنا في التنازل عن حاجتنا أن نكون 'على صواب دائما'.
لو استطعنا أن نتخلى عن دافعنا الذاتي ونروض غرورنا وأن نتخلى عن ضرورة أن نكون شديدي العناد، فمن المدهش تلك السرعة التي تحل بها المشاكل بنفسها بدون أحداث أي الم وبدون أي جهد يبذل.
إن السر يكمن في الإيمان الراسخ بأن النجاح لا يعني أن نظل دائمًا على صواب، وأن النجاح يتحقق بالتواضع، وأن عدونا هو العناد وليس شريك حياتنا.
نحن نعتقد عزيزي القارئ أنك ستوافق على أن التخلي والعناد هو هدف يستحق بذل المزيد من الجهد لتحقيقه.
عزيزي القارئ:
من المشاكل التي تعترض الحياة الزوجية مشكلة العناد، فالعناد والتصلب في الرأي والجمود وعدم المرونة تضفي على الأسرة جوًا خانقًا وتنشر في البيت ظلالاً قاتمة، وتهيئ المناخ لنفثات الشيطان وهمزاته، مما ينذر بالاقتراب من الخطر.
فمراعاة كلا الزوجين لطباع الآخر ومحاولة التكيف والتفاعل مع ما يصعب تغييره أمر يحتمه الوعي 'والذكاء الزوجي'، والأزواج والزوجات حين يطرحون في مناقشاتهم خيارات لا بديل عنها إنما بهذا يضعون حياتهم الزوجية في مهب ريح عاتية توشك أن تقتلع هذه العلاقة من جذورها والمثل يقول: 'العند يورث الكفر'.
مشهد عنيد:
وقف أحد الأزواج يرن جرس الباب وزوجته بالداخل نائمة لا تفتح، وحجتها في ذلك أن معه مفتاحًا للباب فلماذا يرن الجرس ويزعجها بالنهوض لفتح الباب له واستقباله؟ وتعتبر ذلك نوعًا من الاستعباد لمجرد السيد الرجل وسيطرته، وظلت تهذي بهذه الأفكار المنكرة على الرغم من أنها رأته حاملاً في كلتا يديه بعض طلبات البيت من خبز وفاكهة وخلافه وأنه كان يستعين ببعض ما تبقى له من أجزاء يده في رن الجرس، وظلت تبادله الحجة بالحجة وتجادله وترد عليه كلمة بكلمة، وأنه كان بإمكانه وضع ما معه على الأرض حتى يفتح الباب بالمفتاح ثم يحمل هذه الأشياء مرة أخرى، فهل هذه زوجة تنشد الاستمرار والنجاح مهما كان زوجها صبورًا واسع الصدر ومَنْ يسبق مَنْ؟ عنادها أم عناده؟
يقول الأستاذ محمد فصيح بهلول: 'الزوج الذي يتفرد برأيه مخطئ والذي يتخذ القرار غير الصائب لمجرد مخالفة رأي زوجته وقد تبين له صوابها هو رجل أحمق، لا يقدر المصلحة، ويضع كبرياءه في غير موضعها، ويحقق انتصارات زائفة لا مكان لها إلا في عقله هو دون أحد سواه، كما أنه يفقد مكانته لدى زوجته'.
'إن الملاحظ دائمًا أن عناد الزوج يسبق عناد الزوجة، فالأخير يأتي غالبًا كرد فعل لعناد الزوج، وتعليل ذلك أمرر سهل، فالزوج يبذل ما يستطيع من جهد لإثبات سيطرته وهيمنته بإلغاء ومحو أي رأي خلاف رأيه، وهو حين يفعل ذلك يضع الزوجة في موقف يحتم عليها أن تتخذ لنفسها موقفًا من ثلاث إما التصادم معه أو مهادنة هذا الموقف المستفز والسكوت والهدوء، أو دفع الزوج لفتح باب الحوار معها؟ فتأخذ شكل العناد السلبي لكسر صراحة رأي الزوج وتمييع قراراته، كي تفتح ثغرة للحواء والمناقشة بأقل قدر ممكن من الخسائر'.
زوجتي عنيدة:
عناد الزوجة وتصلب رأيها ومخالفتها الزوج كل هذه الأمور تدفع الزواج على طريق شائك قد ينتهي بما لا تشتهيه النفوس، والكثير من الأزواج يشكون 'زوجتي عنيدة' وهو لا يعلم أن عنادها قد يكون هو السبب فيه، فإن تسلط الزوج أحيانًا وعدم استشارته للزوجة في أمور المعيشة وتحقير رأيها والاستهزاء به قد يدفع الزوجة في طريق العناد.
فهناك بعض الأزواج لديهم أفكار خاطئة عن خيبة وفساد رأي المرأة وأن مشورتها تجلب خراب البيوت، وهذه الأفكار فوق أنها حمقاء فهي بعيدة كل البعد عن هدي الإسلام، وتكفينا هنا الإشارة إلى مشورة أم سلمة - رضي الله عنها - التي كانت سببًا في نجاة المسلمين من فتنة معصية الله ورسوله.
وقد يأتي عناد الزوجة نتيجة لعدم التكيف مع الزوج والشعور باختلاف الطباع فيكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض الزوجة سلوك زوجها، وكذا تعبيرًا عن عدم انسجامها معه في حياتهما الزوجية.
همسة في أذن الزوجين
إن المرأة المسلمة المؤمنة تعرف عظم فضل زوجها عليها، وهي الزوجة الهينة اللينة الودود الولود كما وصفها الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - قال: 'ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ودود ولود إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك، لا أكتحل بغمض حتى ترضى' [رواه الطبراني وغيره].
إن هذا التراضي بين الزوجين وهذا التواضع من قبل الزوجة ولين الجانب ليس فقط يصلح ما بينها وبين الزوج وإنما يكون سببًا في دخول الجنة بإذن الله وقد كان أبو الدرداء - رضي الله عنه - يقول لزوجته: 'إذا رأيتني غضبتُ فرضني وإذا رأيتك غضبتِ رضيتكِ وإلا لم نصطحب'.
فالزوج أيضًا مطالب بأن يرضي زوجته عند الغضب، يعني عندما تغضب، ولكن الزوج غالبًا ما يعتبر نفسه على حق، وهذا من صفات الرجال بصفة عامة، وعلى الزوجة أن تدرك هذا الأمر ولا تتهمه دائمًا، ولكن الزوجة الواعية هي من لا تستثير غضب زوجها، وإذا عرفت أن أمرًا ما يغضبه فلا تأتيه، حفاظًا على مشاعره، وإن أخطأت فعليها بالاعتراف بالخطأ وأن لا تأخذها العزة بالإثم وترفض اعتبار نفسها مخطئة، فالزوج بطبيعته لن يقبل هذا.
والحديث الشريف يقول للمرأة أن تتنازل قليلاً عن كبريائها وتذهب إلى زوجها لترضيه وتصيغ ذلك في أسلوب رائع، بأن تأخذ يده بيدها وتقول: لا ترى عيني النوم حتى ترضى، يعني لن أتركك تنام وأنت بهذه الحالة من الغضب.
وعلماء النفس ينصحون الأزواج بأن لا يبيت أحدهم غضبان، وأن ينتهي أي خلاف بينهما قبل النوم لأن نوم أحد الزوجين والغضب يأكله لا يأتي بأثر طيب على النفس، ويكون من شأنه أن يكره الزوج زوجته أو العكس، وليس من العدل أن تنام الزوجة قريرة العين وينام زوجها غضبان منها، إن هذا لا يرضى الله - تعالى -فقليلاً من العناد أيتها الزوجة وكثيرًا من الحب والود واللين.
هذا ويمكن علاج العناد بتجنب الأسباب المنشئة لهذا العناد، وإذا كان العناد طبعًا عند المرأة أو عند الرجل فليصبر الطرف الآخر وليحتسب وليحاول قدر المستطاع تجنب مواطن النزاع حتى يتخلص شريكه شيئًا فشيئًا من هذه الصفة فالزمن هنا جزء كبير من العلاج.
ومن العلاج حب الزوج لزوجته وعطفه عليها واحترامها وعدم إهانتها بأي كلمة أو إشارة، فإنه بذلك يكسب قلبها ويساعدها على احترامه وعدم المكابرة والعناد.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'إذا صليت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت بعلها [زوجها] دخلت الجنة' [رواه أحمد وغيره].
وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'لو كنت آمرًا بشرًا أن يسجد لبشر لأمرتُ الزوجة أن تسجد لزوجها، والذي نفس بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها'.
فابدئي أنتِ أيتها الزوجة بالخطوات الأولى من الود واللين والحب فيسير على هداها زوجك ولا تنسي وصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس عند زواجها، كوني له أمة يكن لك عبدًا' وأعظم من هذه الوصية قوله - تعالى -: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 110] فإن قدمتِ عزيزتي الزوجة الإحسان فهو لنفسك وستجدين إحسانًا، وإن قدمتِ الحب فلنفسك وستجديه حبًا وقربًا ومودة {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60].
11 ربيع الثاني 1426هـ
- 19 مايو2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/150)
فقر المشاعر في الحياة الزوجيّة ( 1 - 3 )
محمد بن إبراهيم الحمد
من البيوت ما يخيّم عليها الصّمت المطبق، ويسودها السكون الموحش؛ فلا تأنس الزوجة فيها بحديث زوجها، ولا هو يأنس بحديثها، ولا يسمع أحدهما من الآخر كلمة حبّ أو عطف أو حنان.
ومن الأزواج من يكثر لوم زوجته، وانتقادها في كل صغيرة وكبيرة؛ فتراه ينتقد الطعام الذي تعدّه الزوجة، ويعاقبها إذا بكى أولاده الصغار، أو كثر عبثهم، وتراه يبالغ في تأنيبها إذا نسيت أو قصّرت في أي شأن من شؤونه.
وأقبح ما في ذلك أن يعنّفها فيما لا قدرة لها عليه، كأن يلومها إذا كانت لا تُنجب، أو لا تُنجب إلا بنين وحسب، أو بنات وحسب. ويلومها إذا أنجبت ولداً مصاباً ببعض العيوب الخلقية؛ فيجمع بذلك بين ألمها في نفسها وبين إساءته البالغة بقوارصه التي تقضّ مضجعها، وتؤرق جفنها.
وما هذا بمسلك العقلاء؛ ذلك أن كثرة اللوم لا تصدر من ذي خلق كريم، أو طبع سليم، ثم إن ذلك يورث النفرة، ويوجب الرهبة.
َدَعِ العتابَ فربَّ شرْ *** ر هاج أوّله العتاب
فالزوج العاقل الكريم لا يعاتب زوجته عند أدنى هفوة، ولا يؤاخذها بأول زلة.
بل يلتمس لها المعاذير، ويحملها على أحسن المحامل.
وإن كان هناك ما يستوجب العتاب عاتبها عتاباً ليّناً رقيقاً تدرك به خطأها دون أن يهدر كرامتها، أو ينسى جميلها.
ثم ما أحسن أن يتغاضى المرء ويتغافل؛ فذلك من دلائل سموّ النفس وشفافيّتها وأريحيّتها، كما أنه مما يُعلي المنزلة، ويريح من الغضب وآثاره المدمّرة.
وإن أتت المرأة ما يوجب العتاب فلا يحسن بالزوج أن يكرّر العتاب، وينكأ الجراح مرة بعد مرة؛ لأن ذلك يفضي إلى البغضة، وقد لا يبقي للمودة عيناً ولا أثراً.
ومما يعين الزوج على سلوك طريق الاعتدال في عتاب الزوجة أن يوطّن نفسه على أنه لن يجد من زوجته كل ما يريد، كما أنها لن تجد فيه كل ما تريد؛ فلا يحسن به - والحالة هذه - أن يُعاتِب في كل الأمور، وأن يتعقّب كل صغيرة وكبيرة؛ فأيّ الرجال المهذب؟ ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها؟
ثم إن الإنسان لا يستطيع أن يتخلص من كثير من عيوبه؛ فعلامَ نُحمِّل الآخرين فوق ما يطيقون، ونحن عن تلافي كثير من عيوبنا عاجزون؟
ولا يعني ما مضى أن يتساهل الزوج في تقصير الزوجة في الأمور المهمة من نحو القيام بالواجبات الدينية، أو رعاية الآداب المرعية، أو التزام ما تقضي به الصيانة والعفة؛ فهذه أمور يجب أن تُوضع على رأس الأشياء التي لا يُقبل التنازل عنها بحال.
قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: "استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خُلقت من ضِلَع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه"(1).
فالحديث الشريف يعلّم الرجل كيف يسلك في سياسة الزوجة طريق الرفق والأناة؛ فلا يشتدّ ويبالغ في ردّها عن بعض آرائها التي بها عِوَج؛ فإن ذلك قد يفضي إلى الفراق.
كما أنه لا يتركها وشأنها، فإن الإغضاء عن العوج مدعاة لاستمراره أو تزايده.
والعوج المستمر أو المتزايد قد يكون شؤماً على المعاشرة، فتصير إلى عاقبة مكروهة.
وبعد ذلك فقد يقع من الزوج شدة في العتاب، أو إسراف في اللوم؛ فيحسن به إذا وقع منه ذلك أن يبادر إلى الاعتذار، أو الهديّة، وإظهار الأسف، والاعتراف بالخطأ دون أن تأخذه العزة بالإثم؛ فما هو إلا بشر، وما كان لبشر أن يدّعي أنه لم يقلْ إلا صواباً.
فإذا أخذ الزوج بهذه الطريقة قلَّ عتابه، وأراح نفسه، وسما بخُلُقِه، وحافظ على مَشاعِر مُعاشِره.
قال ابن حبان - رحمه الله -: "من لم يعاشرِ الناس على لزوم الإغضاء عما يأتون من المكروه، وترك التوقّع لما يأتون من المحبوب كان إلى تكدير عيشه أقرب منه إلى صفائه، وإلى أن يدفعه الوقت إلى العداوة والبغضاء أقرب منه أن ينال منهم الوداد وترك الشحناء".
----------------------------------------
[1] رواه البخاري (3331)، ومسلم (1468).
18/5/1426
25/06/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/151)
فقر المشاعر في الحياة الزوجيّة ( 2 - 3 )
محمد بن إبراهيم الحمد
وكما أن من الأزواج من يكثر انتقاد الزوجة ولومها إذا هي أخطأت أي خطأ - فكذلك تجد من هؤلاء من لا يشكر زوجته إذا هي أحسنت، ولا يشجّعها إذا قامت بالعمل كما ينبغي؛ فقد تقوم الزوجة بإعداد الطعام الذي يَلَذُّ للزوج، وقد ترفع رأسه إذا قدم عليه ضيوف، وقد تقوم على رعاية الأولاد خير قيام، وقد تظهر أمامه بأبهى حلّة، وأجمل منظر، وقد، وقد، وقد...
ومع ذلك لا تكاد تظفر منه بكلمة شكر، أو ابتسامة رضًا، أو نظرة عطف وحنان، فضلاً عن الهدية والإكرام.
ولا ريب أن ذلك ضرب من ضروب الكزازة والغلظة، ونوع من أنواع اللؤم والبخل.
وقد يلتمس الزوج لنفسه العذر بأنه يخشى من تعالي الزوجة وغرورها إذا هو شكرها أو أثنى عليها.
وهذا الكلام ليس صحيحاً على إطلاقه؛ فيا أيها الزوج المفضال، لا تبخل بما فيه سعادتك وسعادة زوجتك، ولا تهمل اللفتات اليسيرة من هذا القبيل؛ فإن لها شأناً جللاً، وتأثيراً بالغاً.
فماذا يضيرك إذا أثنيت على زوجتك بتجمّلها، وحسن تدبيرها؟ وماذا ستخسر إذا شكرتها على وجبة أعَدَّتها للضيوف؟ أو ذكرت لها امتنانك لرعايتها وخدمتها لبيتك وأولادك - وإن كان ذلك من اختصاصها، وإن كانت لا تقدمه إلا على سبيل الواجب -؟
لكن ذلك من قبيل الكلمة الطيبة التي تؤكد أسباب المودة والرحمة.
إن الزوجة إذا وجدت ذلك من زوجها ستسعد، وتشعر بالنشاط، والاندفاع والإخلاص لخدمته، والمسارعة إلى مراضيه؛ لما تلقاه منه من حنان وعطف وتقدير.
وإذا أصبح قلبها مترعاً بهذه المعاني عاشت معه آمنة مطمئنة، وعاد ذلك على الزوج بالأنس والمسرّات.
وكما أن كثرة اللوم وقلة الشكر يصدر من بعض الأزواج فكذلك يصدر من بعض الزوجات؛ فمن الزوجات من هي كثيرة التسخّط، قليلة الحمد والشكر، فاقدة لخلق القناعة، غير راضية بما آتاها الله من خير.
فإذا سُئلت عن حالها مع زوجها أبدت السّخط، وأظهرت الأسى واللوعة، وبدأت بعقد المقارنات بين حالها وحال غيرها من الزوجات اللائي يحسن إليهن أزواجهن.
وإذا قدم لها زوجها مالاً سارعت إلى إظهار السخط، وندب الحظ؛ لأنها تراه قليلاً مقارنة بما يقدم لنظيراتها.
وإذا جاءها بهدية احتقرت الهدية، وقابلتها بالكآبة، فَتُدْخِل على نفسها وعلى زوجها الهمّ والغمّ بدل الفرح والسرور؛ بحجة أن فلانة من الناس يأتيها زوجها بهدايا أنفس مما جاء به زوجها.
وإذا أتى بمتاع أو أثاث يتمنى كثير من الناس أن يكون لهم مثله قابلته بفظاظة وشراسة منكرة، وبدأت تُظْهِر ما فيه من العيوب.
وبعضهن يحسن إليها الزوج غاية الإحسان، فإذا حصلت منه زلّة، أو هفوة، أو غضبت عليه غضبة نسيت كلّ ما قدّم لها من إحسان، وتنكّرت لما سلف له من جميل.
وهكذا تعيش في نكد وضيق، ولو رزقت حظَّاً من القناعة لأشرقت عليها شموس السعادة.
ومثل هذه المرأة توشك أن تُسلب منها النعم، فتقرع بعد ذلك سنّ النّدم، وتعض أنامل التفريط، وتقلِّب كَفَّيْها على ما ذهب من نعمها.
إن السعادة الحقة إنما هي بالرضا والقناعة، وإن كثرة الأموال والتمتع بالأمور المحسوسة الظاهرة - لا يدل على السعادة؛ فماذا ينفع الزوجة أن تتلقى من زوجها الحليّ والنفائس والأموال الطائلة إذا هي لم تجد المحبة، والحنان، والرحمة، والمعاملة الحسنة؟
وماذا ستجني من جراء تسخّطها إلا إسخاط ربها، وخراب بيتها، وتكدير عيشة زوجها؟
فواجب على المرأة العاقلة أن تتجنب التسخّط، وجدير بها أن تكون كثيرة الشكر؛ فإذا سُئلت عن بيتها وزوجها وحالها أثنت على ربها، وتذكرت نعمه، ورضيت قسمته؛ فالقناعة كنز الغنى، والشكر قيد النعم الموجودة، وصيد النعم المفقودة؛ فإذا لزم الإنسان الشكر درّت نعمه وقَرَّت؛ فمتى لم ترَ حالك في مزيد فاستقبل الشكر.
كيف وقد قال ربنا - عز وجل -: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].
بل يحسن بالزوجة أن تشكر ربها إذا نزل بها ما تكرهه؛ شكراً لله على ما قدّره، وكظماً للغيظ، وستراً للشكوى، ورعاية للأدب.
ثم إن الشكوى للناس لا تجدي نفعاً، ولا تطفئ لوعة - في الغالب -.
ولهذا رأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى رجل فاقته وضرورته فقال:
"يا هذا، والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك".
وإذا عرتك بليّة فاصبر لها *** صبر الكريم فإنه بك أعلم
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما *** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
وإن كان هناك من حاجة لبثّ الشكوى لمن يعنيهم الأمر؛ طلباً للنصيحة، أو نحو ذلك - فلا بأس، وإلا فلماذا نثير انتباه الذين لا يعنيهم أمرنا، ولا ننتظر منهم أي فائدة لنا، فنفضح أنفسنا، ونهتك أستارنا، ونُبين عن ضعفنا وخورنا في سبيل الحصول على شفقة أو عطف ليس له من نتيجة سوى ازدياد الحسرة وتفاقم المصيبة.
ثم إن من حق الزوج على زوجته أن تعترف له بنعمته، وأن تشكر له ما يأتي به من طعام، ولباس، وهدية ونحو ذلك مما هو في حدود قدرته، وأن تدعو له بالعوض والإخلاف، وأن تظهر الفرح بما يأتي به؛ فإن ذلك يفرحه، ويبعثه إلى المزيد من الإحسان.
كما يحسن بالزوجة أن تستحضر أن الزوج سببُ الولدِ، والولدُ من أجل النعم، ولو لم يكن من فضل الزوج إلا هذه النعمة لكفاه؛ "فمهما تكن الزوجة شقيّة بزوجها فإن زوجها قد أولدها سعادتها، وهذه وحدها مزيّة ونعمة".
أما كفر النعمة، وجحود الفضل، ونسيان أفضال الزوج - فليس من صفات الزوجة العاقلة المؤمنة؛ فهي بعيدة عمّا لا يرضي الله - عز وجل - فجحودُ فضل الزوج سماه الشارع كفراً، ورتب عليه الوعيد الشديد، وجعله سبباً لدخول النار.
قال - عليه الصلاة والسلام -: "رأيت النار ورأيت أكثر أهلها النساء".
قالوا: لم يا رسول الله؟
قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان؛ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط"(1).
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله ": "لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه"(2).
وعن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت: "مرَّ بيَ النبي"وأنا وجوارٍ أتراب لي فسلّم علينا، وقال: "إياكنَّ وكفرَ المُنْعمِين"، وكنتُ من أجرئهن على مسألته، فقلت: يا رسول الله، وما كفرُ المنعمين؟
قال: "لعل إحداكنَّ تطول أيْمَتُها من أبويها، ثم يرزقها الله زوجاً، ويرزقها ولداً، فتغضب الغضبة، فتكفر، فتقول: ما رأيت منك خيراً قط"(3).
----------------------------------------
[1] رواه البخاري (29) ومسلم(907).
[2] رواه النسائي في الكبرى(9135-9136) والبيهقي 7/294، والحاكم 3/78، وقال: "صحيح الإسناد" وقال الهيثمي 2/309: "رواه البزار بإسنادين والطبراني، وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح" وصححه الألباني في الصحيحة (289).
[3] رواه أحمد 6/457، والبخاري في الأدب المفرد(148) والترمذي(2697) وحسنه، والطبراني في الكبير 24/177، والحميدي في مسنده 1/179، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (800).
18/5/1426
25/06/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/152)
فقر المشاعر في الحياة الزوجيّة ( 3 - 3 )
محمد بن إبراهيم الحمد
ومن الخلل الذي تقع فيه بعض الزوجات في هذا الباب قلة المراعاة لأحوال الزوج ومشاعره؛ فقد تزعجه بالأخبار السيئة، وتكثر الطلبات منه إذا عاد إلى المنزل منهكاً مكدوداً قد بلغ به الإعياء مبلغه.
وقد تكثر من ترداده إلى السوق؛ ليأتي بما يحتاجه المنزل، فإذا رجع إلى المنزل ذكرت حاجة أخرى، فعاد إلى السوق مرة أخرى، وقد يرجع أكثر من ذلك، وقد يتكرّر هذا منها مرات متعدّدة.
وقد يكون الزوج حادّ المزاج، شديد التأثر لأقل الأشياء المخالفة لذوقه؛ فلا تراعي الزوجة فيه هذه الخصلة، فربما تضحك وهو في حالة غضب أو حزن، وقد يوجِّه لها الخطابَ، فَتُعْرِضَ وتشيح بوجهها عنه، وقد يتكلم بكلمة غضب فتجيبه بعشر كلمات.
وقد تتعمد إغضابه، وإثارته، فما هي إلا أن تتحرك العاصفة، وينفجر البركان، ويحصل ما لا تُحمد عقباه.
ومن قلة المراعاة لأحواله ومشاعره قلة المراعاة لوقت نومه، وأكله، وقراءته، ونحو ذلك.
ومن ذلك قلّة العناية بمخاطبته ومحادثته، فلا تناديه بأحب الأسماء إليه، ولا تخفّض صوتها إذا خاطبته، إلى غير ذلك مما ينافي أدب المخاطبة والمحادثة.
ومن ذلك أن تبدأ بتنظيف البيت، أو مكافحة الحشرات بالمبيدات إذا دخل الزوج المنزل، أو همّ بالنوم، أو الأكل، فتزعجه بالجلبة، وتزكم أنفه بالروائح التي لا تروقه.
فمثل هذه الأعمال تقصير في حقّ الزوج، ودليل على حمق المرأة، وخفّة عقلها، وقلّة ذوقها.
فالذي تقتضيه الحكمة أن تراعي الزوجة أحوال زوجها، ومشاعره، وأن تعمل ما في وسعها لإدخال السرور عليه، وإزالة الهمّ والغمّ عن قلبه، فتفرح لفرحه، وتحزن لحزنه؛ حتى يشعر بأنها تتعاون معه؛ إذ يسرها ما يسره، ويحزنها ما يحزنه.
ولا ينبغي لها أن تظهر بمظهر السرور إذا كان محزوناً، كما ينبغي أن تكظم حزنها إذا رأته مسروراً؛ فإنّ ذلك أدعى لدوام الأُلفة، وأدلّ على كرم نفس الزوجة.
ومما ينبغي لها أن تجمع ما يحتاجه المنزل، وتخصّص وقتاً في الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك، فتكتب ما تحتاجه في ورقة؛ كي يأتي به مرة واحدة بدلاً من كثرة ترداده في حاجات يسيرة.
ولا يعني ذلك أن تكون هذه قاعدة مطّردة؛ فقد تقتضي الحال إرساله أكثر من مرة في اليوم، ولكن تحاول قدر المستطاع أن تختصر ذلك.
ومما ينبغي لها في هذا الصدد أن ترعاه في طعامه، فتصنع له ما يشتهيه، وتنوّع له الطعام كيلا يسأم، وتلاحظ الوقت الذي تقدّم له الطعام؛ فلا تؤخّره ولا تقدّمه إلا بإذنه.
كما يحسن بها أن تراعي أوقات نومه، فتحرص على تهدئة الأطفال؛ ليأخذ راحته الكافية؛ فإذا أخذ قسطه من الراحة انشرح صدره، وهدأت أعصابه، وإلا بقي قلقاً مستفَزاً.
ومما يدخل السرور عليه أن تحرص الزوجة على نظافة المنزل، وأن تُعنى بثياب الزوج؛ كي يظهر بالمظهر اللائق.
وإن كان طالب علم، أو صاحب قراءة وبحث فلتحرصْ على العناية بمكتبته، وكتبه ترتيباً، وتنظيماً، وتنظيفاً.
وإذا مرّت به أزمة، أو مشكلة فلتقفْ معه بالدعاء، والرأي، والتثبيت، ونحو ذلك.
وإذا أرادت مخاطبته خاطبته بأسلوب لبِق جذّاب، يشعر من خلاله باحترامها وتوقيرها له.
قال ابن الجوزي - رحمه الله -: "وعن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: قالت ابنة سعيد بن المسيب: ما كنا نكلّم أزواجنا إلا كما تكلّمون أمراءكم.
وعنه - أيضاً - قال: قالت امرأة سعيد بن المسيب: ما كنا نكلّم أزواجنا إلا كما تكلّمون أمراءكم: أصلحك الله، عافاك الله".
وبالجملة فلتحرص على كل ما يسرّه، وأن تتجنب كل ما يسوؤه وينوؤه.
وإن حصل منها تقصير في حقه فلتبادر إلى الاعتذار، ولتتلطف في ذلك.
وإذا روعيت هذه المشاعر بين الزوجين، وحرص كل منهما على عشرة الآخر بالمعروف - حلّت الأفراح، وزالت أو قلّت المشكلات، وكان لذلك أبلغ الأثر في صلاح الأسرة، وقوة الأمَّة.
4/6/1426
10/07/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/153)
حقوق الزوجة
يحيى بن موسى الزهراني
الحمد لله الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، أحمده - سبحانه - كل ليلة ويوم، الحمد لله العليم الخبير، القوي القدير، السميع البصير، خلق كل شيء فأتقنه صنعاً وتقديراً، وشرع الشرائع فأحكمها عملاً وتنظيماً، فسبحانه من إله عظيم، وخالق حكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نرجو بها النجاة من العذاب الأليم، والفوز بدار النعيم المقيم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، أرسله ربه بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى بإذنه وسراجاً منيراً، فصلوات ربي وسلامه عليه ما تلألأت النجوم، وتلاحمت الغيوم، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الوقت المعلوم...أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله - تعالى -وأعلموا أن الله لم يخلقكم عبثاً، ولن يترككم سداً، وإنما خلقكم لحكمة بالغة، وشرع لكم شرائع كاملة، ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، خلقكم وسترجعون إليه، وشرع لكم الدين وستحاسبون عليه، فاستعدوا للقاء ربكم، وأعدوا الجواب عما سيسألكم، قال - تعالى -: " فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ * وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ "، وقال - تعالى -: " وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ "، أيها الناس إن الله فرض عليكم حقوقاً، فلله عليكم حقاً، ولذوي القرابات عليكم حقاً، ولأنفسكم عليكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فأعطوا كل ذي حق حقه، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، فتبوؤا بالخسارة والحرمان يوم القيامة.
أيها المسلمون: فرض الله على الأزواج حقوقاً تجاه زوجاتهم، فمن حفظها وحافظ عليها وأداها على وجهها، فقد حفظ وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - في أهله، حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: " استوصوا بالنساء خيراً " [متفق عليه]، فمن حفظ هذه الحقوق، وحافظ عليها، وأدى الذي عليه فيها، كان من خيار عباد الله المؤمنين، قال - صلى الله عليه وسلم -: " خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي " [أخرجه ابن حبان في صحيحه]، فعلى الزوج أن ينظر إلى زوجته على أنها سكن له، تركن إليها نفسه، وتكمل في جوارها طمأنينته، وترتبط بالحياة الكريمة معها سعادته، فهي ليست أداة للزينة، ولا مطيَّة للشهوة، ولا غرضاً للنسل فحسب، بل هي تكملة روحية للزوج، يكون بدونها عارياً من الفضائل النفسية، فقيراً من بواعث الاستقرار والطمأنينة، وإلى هذا يشير القرآن الكريم في قوله - تعالى -: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "، وحين ينظر الزوج إلى زوجته بهذا المنظار الجميل يزول من طريق الحياة الزوجية كل ما يشوبها من أشواك وعثرات، ومشاكل وهفوات.
أيها الأزواج: هذه الحقوق العظيمة التي فرضها الله، لا يقوم بها ولا يرعاها إلا زوج يخاف الله ويتقيه، ويعلم علم اليقين أنه محاسبه ومجازيه، هذه الحقوق إذا قام الأزواج بها على وجهها، كانت السعادة، وحصلت الطمأنينة، وشعرت المرأة بفضل زوجها عليها، وأنه مؤمن بالله، قائم لله بحقه وحقوق عباده، وإذا رأت المرأة من زوجها الاستهتار والاستخفاف بحقوقها، تنكد عيشها، وتنغصت حياتها، حتى ربما أنها لا تستطيع أن تقوم بعبادتها على وجهها، لما ينتابها من الوساوس والخطرات، وبما تشعر به من الذل والاضطهاد والأذية، ولذلك قال العلماء: إن إضاعة حقوق الزوجات أعظم من إضاعة حقوق الأزواج، فظلم النساء في حقوقهن عظيم، والمرأة إذا ظُلمت، ضاقت عليها الأرض بما رحبت، فلا مفر لها إلى الله، وشكواها إلى الله، وتبث حزنها إلى الله، وكفى بالله ولياً، وكفى بالله نصيراً، وويل لمن كان الله خصمه يوم القيامة، ولذلك أنزل الله في كتابه آية المجادِلة، وأخبر أنه سمع شكوى المرأة من فوق سبع سماوات، قالت عائشة - رضي الله عنها - وأرضاها: " إني لمن وراء الستر يخفى علي بعض كلامها، وهي تقول: إلى الله أشكو ثعلبة، إلى الله أشكو ثعلبة، قالت: فسمعها الله من فوق سبع سماوات، فسبحان من وسع سمعه الأصوات، وسبحان من يغيث اللهفات، هذه الحقوق التي فرض الله على الأزواج تنزلت من أجلها الآيات، ووقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع أمام أصحابه في آخر موقف، وعظ به رجال الأمة فكان مما قال: " اتقوا الله في النساء "، ألا فاعلموا عباد الله أن من أعظم حقوق المرأة على زوجها، الأمر بطاعة الله، وهذا الحق هو أعظم الحقوق وأجلها، هذا الحق الذي من أجله قام بيت الزوجية، ومن أجله تستمر الحياة الأسرية، فالواجب على الزوج أن يأمر زوجته بما أمر الله، وأن ينهاها عما حرم الله، وأن يأخذ بحجزها عن عقوبة الله ونار الله، ولقد أشار الله - تعالى -إلى هذا الحق العظيم بقوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}، وقال - تعالى -: " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاض شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون "، فعلى الزوج أن يكون في البيت آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، إذا رأى خيراً ثبت قلب المرأة عليه، وإذا رأى حراماً صرفها عنه، وحذرها ووعظها وذكرها، وإلا أخذها بالقوة، وأطرها على الحق أطراً، وقسرها عليه قسراً، حتى يقوم حق الله في بيته، فإقامة أمر الله، طريق للبركة في الرزق، وطريق للخير والنعمة، فعلى الزوج أن يزيل المنكرات من بيته، ويقضي على الآفات في منزله، وأعظم هذه المنكرات والأمور المحرمات، التي نخرت بنيان سعادة كثير من الأسر، وصدعت كيانها، وهتكت أستارها، وهزت أركانها، أعظم تلك البلايا، وأشد تلك الرزايا وجود الفضائيات، ودخول الدشوش إلى منازل المسلمين، فما من شر اليوم إلا والدش سببه، وما من فضيحة وعار إلا والدش أصله ومنبعه، ولذلك كان من وصية الله لعباده المؤمنين إذا أرادوا الزواج، أن يختاروا المرأة الدينة، المؤمنة الصالحة، لأنها هي التي تقيم بيتها على أمر الله ?، وما فرض الله عليها، قال - صلى الله عليه وسلم -: " تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك "، فذات الدين غنيمة عظيمة، إن أمرها زوجها بطاعة الله أئتمرت، وإن نهاها عن حدود الله ومحارمه انزجرت، وإذا ضيع الزوج حق الله - تعالى -وطاعته، خذله الله في بيته، وخيب أمله مع زوجه، وبدد أحلامه مع أهله وأولاده، فيسلبه الله الكرامة، ويجعله في مذلة ومهانة.
ومن حقوق الزوجة على زوجها، حق النفقة وهذا الحق دل عليه دليل الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة، قال الله في كتابه: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً}، فهذه الآية الكريمة يقول العلماء فيها أمران: الأمر الأول / وجوب النفقة في قوله: {لِيُنفِقْ} فالنفقة واجبه، والأمر الثاني / أنها تتقيد بحال الرجل إن كان غنياً فينفق نفقة الغني، وعلى الفقير على قدر ما آتاه الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: " إن لنسائكم عليكم حقاً، ولكم على نسائكم حقاً، فأما حقكم على نسائكم إن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، وألا يَأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، وأما حقهم عليكم أن تحسنوا إليهن في طعامهن وكسوتهن "، وفي حديث معاوية - رضي الله عنه - وأرضاه: أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما حق امرأتي علي؟ قال: " تطعمها مما تطعم، وتكسوها مما تكتس "، وأجمع العلماء على أن الزوج يجب عليه أن ينفق على زوجته بالمعروف، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك بقوله: " استوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عندكم عوان "، وعوان: أي أسيرات قالوا ولذلك أُمِرَ الرجل أن يقوم بالإنفاق على المرأة من أجل هذا، أما الأمر الثاني الذي جعل النفقة على الرجل للمرأة فالحقوق المتبادلة والمنافع التي يبادل كل منهما الآخر، فالمرأة يستمتع بها الرجل، قال - تعالى -: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فاستحقت أن تأخذ أجرها على ما يكون منها من القيام بحق بعلها في فراشه، فلهذا كله أوجب الله على الرجال الإنفاق على النساء والقيام بحقوقهن.
أيها المسلمون: تسقط النفقة على الزوجة في عدة حالات: أولاً / أن يكون العقد فاسداً كنكاح الشغار، ونكاح المتعة وغير ذلك، ثانياً / أن تكون المرأة ناشزاً،
ثالثاً / أن تكون الزوجة غير مدخولٍ بها، ما لم يمكنه أهلها من ذلك، فإن مكنوه فتأخر وتباطأ وأبى، فهنا يجب عليه أن ينفق عليها.
رابعاً / أن تمتنع من فراش زوجها، فإن امتنعت وعصت أوامره، وضرته وآذته، سقطت نفقتها حتى ترجع إلى رشدها، وتحكم شرع ربها.
عباد الله: ربما كان بعض الأزواج شحيحاً بخيلاً، وهي صفة مذمومة، مقبوحة مرفوضة، وعند الله ممقوتة، فمن كانت تلك صفته، وتلك همته، فيجوز للمرأة أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويكفي بنيها بالمعروف، وهذه فتوىً من محمد - صلى الله عليه وسلم - حينما اشتكت إليه هند بنت عتبة - رضي الله عنها - فقالت: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل شحيح أفآخذ من ماله؟ فقال - عليه الصلاة والسلام -: " خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف "، فهي رخصة لهند - رضي الله عنها - خاصة، ولنساء الأمة عامة، فاتقوا الله عباد الله في أزواجكم، وارعوا حقوقهن، وإياكم والتفريط فيها، فربما أوصل ذلك إلى نار تلظى، وعاقبة لا ترجى.
ألا وإن من حقوق المرأة على زوجها، ألا يضرب ضرباً مبرحاً، وألا يقبح، وألا يستخدم أساليب التجريح في المعاملة، والكلمات القاسية، والألفاظ النابية، والأوامر الصارمة، والتهديدات الفاضحة، فذلكم خارج عن تعاليم الإسلام والشرع الحنيف، فلا يضرب المرأة على أتفه الأسباب، إلا رجل سيئ الخلق، ناقص العقل والفهم، قاصر التفكير والتأمل، مريض معتوه، غير عارف بدين الله الصحيح، ولقد جاء في الأثر: " ما أهانهن إلا لئيم، وما أكرمهن إلا كريم "، وعن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: " أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت "، قال الصنعاني: " في الحديث دليل على جواز الضرب تأديباً، إلا أنه منهي عن ضرب الوجه للزوجة وغيرها "، فعلى الزوج أن يسعى جاهداً لحماية بيته، وصيانة عرينه من أن تكتنفه الهموم، أو تتملكه الغموم، أو أن تتربص به المشاكل الدوائر، فالمرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فيجب أن يستمتع بها الزوج على اعوجاجها، لأن هذا العوج طبيعة جبلية في جل النساء، لا تستطيع دفعه، ولا تملك رفعه، ولكن بحكمة الزوج، ومعرفته بشريعة ربه، يستطيع التعامل والتكيف مع ذلك العوج، قال - تعالى -: " وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً "، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط "، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يفرك مؤمن مؤمنة ـ لا يبغض ـ إن كره منها خلقا رضي منها آخر "، قال الشوكاني: " فيه الإرشاد إلى حسن العشرة، والنهي عن البغض للزوجة بمجرد كراهة خُلُق من أخلاقها، فإنها لا تخلو مع ذلك عن أمر يرضاه منها زوجها "، فعلى ذلك من أعظم حقوق المرأة على زوجها أن ينبسط معها في البيت، فيهش للقائها، ويستمع إلى حديثها، ويمازحها ويداعبها تطييباً لقلبها، وإيناساً لها في وحدتها، وإشعاراً لها بمكانتها من نفسه، وقربها من قلبه، وربما ظن بعض الجاهلين أنّ مداعبة الزوجة وممازحتها مما يتنافى مع الورع أو الوقار أو الهيبة التي يجب أن تستشعرها الزوجة نحو زوجها، ولا ريب أن ذلك خطأ فاحش، ودليل على غلظ الطبع، وقسوة القلب، وجهل الشريعة، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو العابد الخاشع، القائد الحاكم، من أفكه الناس مع زوجاته، وأحسنهم خلقاً، كان يمزح معهن بما يدخل السرور إلى قلوبهن، ويقص لهن القصص، ويستمع إلى قصصهن، وكان يسابق عائشة - رضي الله عنها -، ومن هنا قال - عليه الصلاة والسلام -: " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله " [أخرجه الترمذي وغيره]، وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الوداع: " واتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله "، وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الوصية بهن، وبيان حقوقهن، والتحذير من التقصير في ذلك، فالله الله بالنساء، أوصيكم بهن خيراً، فهن الزوجات، والأمهات، والأخوات، والبنات، فاتقوا في النساء، بارك لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قلي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه كان للأوابين غفوراً.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إرغاماً لمن جحد به وكفر، وإذلالاً لمن أشرك به وفجر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر، الشافع المشفع في المحشر، صلوات ربي وسلامه عليه ما اتصلت عين بنظر، وما سمعت أذن بخبر، وعلى آله وأزواجه الميامين الغرر، وأصحابه خير صحب ومعشر، وعن التابعين لهم بإحسان ما بدأ الفجر وأنور... أما بعد: فأوصيكم ونفسي أيها الناس بتقوى الله - تعالى -، فهي المنجية من عذاب النار، والمؤدية إلى دار الأبرار، قال - تعالى -: " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ".
أمة الإسلام: ومن حقوق الزوجة على زوجها، أن يعينها على صلة رحمها، واتصالها بأهلها، وزيارة أقربائها، ما لم يكن في ذلك حدوث مفاسد، ووجود مخاطر، كإفساد المرأة على زوجها، ودعوتها إلى التحرر والتفكك من قيود الشريعة، أو إثقال كاهل الزوج بكثرة الطلبات والنفقات، فهنا تُمنع المرأة من الزيارة، ألا وإن من حقوق الزوجة على زوجها، أن يسكنها في سكنٍ خاص بها، لا يشاركها فيه أحد، كي تأخذ حريتها في منزلها، وراحتها في بيتها، تنظيفاً وترتيباً، وتكميلاً وتكييفاً، لا سيما إذا كان للزوج أكثر من زوجة، فالواجب عليه شرعاً العدل بين زوجاته، وإسكان كل زوجة في سكن مستقل بها، هكذا أفتى به جمهور أهل العلم، بل ساق بعضهم إجماع العلماء على ذلك، فاتقوا الله أيها الأزواج في زوجاتكم، وإياكم وظلمهن، فإن الظلم تعد وإجحاف بحق النساء، وعدوان صريح يأباه رب الأرض والسماء، وتعد واضح لحدود الله، وارتكاب للمناهي والمحرمات، ولقد حرم الله الظلم وتوعد أهله بأشد العذاب، قال الله - تعالى -في كتابه: " إن الظالمين لهم عذاب أليم "، وقال - تعالى -في الحديث القدسي: " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا " [أخرجه مسلم]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " [أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له]، وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته "، ثم قرأ " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد " [أخرجه البخاري ومسلم]، فاتقوا الله في النساء، واحذروا غضب الله وعقابه، وخذوا وقاية من ناره وعذابه، وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ، شذ في النار، عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته مسبحة بقدسه، وثلث بكم معاشر المسلمين من جنه وإنسه، فقال - جل وعلا -، في قرآن يقرا ويتلى: " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً "، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً، وسائر بلاد المسلمين، اللهم اجعلنا مجتمعين على الحق غير متفرقين فيه، اللهم يسرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، واغفر لنا في الآخرة والأولى، اللهم أبرم لأمتنا أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، يا عزيز يا غفار، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين، عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/154)
المتفقان المفترقان
'إن من ميزات العلاقة الصحية بين الزوجين أن يكونا قريبين وفي ذات الوقت مختلفين'.
كيف تفسر هذه العبارة الغامضة؟
عزيزي القارئ لقد سمعتُ أزواجًا وزوجات يقولون إن الرجل بحر غامض والمرأة لغز كبير.. ونحن هنا بصدد تفسير هذا اللغز الكبير والبحر الغامض.
والموضوع بمنتهى البساطة بعيدًا عن الألغاز أن هناك فروقًا هامة بين الرجل والمرأة وأن فهم طبيعة هذه الفروق بين الجنسين من شأنه أن يغير حياتهم ويزيد من قدرتهم على التعايش الزوجي، ويجنبهم الكثير من المشكلات والصعوبات والتي يمكن أن يؤدي عدم فهمها إلى تفكيك هذه العلاقة الزوجية المقدسة.
وقد تستطيع المحبة وحدها حفظ الزواج لبعض الوقت، وإن كان زواجًا فيه الكثير من الخلافات والمشكلات، وإنما لا بد مع الحب من الفهم العميق والصحيح للفروق بين الرجل والمرأة، ومعرفة الطريقة الأنسب للتعامل مع الجنس الآخر.
إن دراسة الفروق بين الجنسين تكون لدينا فهمًا عميقًا عن الآخر، وهذا الفهم العميق يولد المحبة والمودة والاحترام أيضًا، وهذا الفهم سيولد نوعين من الاقتراحات والبدائل لحل كثير من المشكلات على ضوء هذا الفهم.
ونحن هنا نصل إلى عدة حقائق هي:
1ـ هناك فروقًا كبيرة بين الرجل والمرأة سواء جسدية أو انفعالية أو عاطفية ويتضح هذا بنص القرآن الكريم في قوله - تعالى -: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: 36].
2ـ دراسة هذه الفروق تولد نوعًا من الفهم العميق لصفات الشريك الآخر.
3ـ الحب وحده لا يكفي للتفاهم ولكن مع الحب تعلم كيف نفهم الطرف الآخر من خلال دراسة الفروق بين الزوجين.
4ـ هذا الفهم للطرف الآخر يولد أيضًا المحبة والمودة والاحترام ويساعد على وجود البدائل والحلول لحل كثير من المشكلات التي تواجه الزوجين في حياتها.
تقبلني كما أنا:
هذه زوجة تطلب من زوجها وتقول: ' زوجي العزيز تقبلني كما أنا ' وتبين في شكواها إنها لا تتعامل مع زوجها بحرية بل تشعر بقيوده عليها فمثلاً هي مرحة وتحب الضحك وهو عكس ذلك.. وتقول الزوجة: أشعر بالتصنع معه، وأحذر من الخطأ الذي يراه هو خطأ وفي الحقيقة ليس خطأ كالخروج مع الأهل وحب المرح والضحك وكثرة الصديقات والمعارف. [انتهت شكواها].
ونحن نقول:
إن الرجال والنساء يختلفون عن بعضهم في طريقة الحوار والكلام، والتفكير والشعور والإدراك وردود الأفعال، والاستجابات، والحب والاحتياجات، وطريقة التقدير والتعبير عن الحب.
والنتيجة طبيعية لجهل هذه الفروق هو أن ينشأ التوتر والصراعات بين الزوجين والمهم أن يعرف الزوجان، أن هذا الزواج يجمع بين فردين لكل منهما شخصين وأفكاره وميوله وذوقه وعواطفه واحتياجاته وما يحب وما يكره.
إنه من الممكن للحب أن يدوم بين الزوجين إذا عرف كل منهما واحترم هذه الفروق التي تميز كل من الجنسين وتعامل معها بما يوافقها.
هل هذه الفروق أمر سلبي؟
إن هذه الفروق والاختلافات بين الزوجين ليست بالضرورة أمرًا سلبيًا فللفروق عادة جانب إيجابي حسن، والاختلافات عادة أمر طبيعي في الحياة إن أحسنا التعامل معها إن المطلوب من الزوجين أن يبدأ كل منهما بتعلم بعض المهارات والخبرات الجديدة، وبدلاً من الهروب من الفروق والاختلافات يمكنها الاقتراب منها للتعامل معها بثقة وقدرة وحكمة، كما أنه يمكن لهذه الفروق أن تقوى العلاقة الزوجية إذا أحسن الزوجان التعامل معها.
اختلاف صفات الرجل عن المرأة لمصلحة كليهما:
إن وجود اختلاف في صفات الرجل والمرأة معناه تحقيق التكامل بينهما، ولكي يعيش كل من الرجل والمرأة في انسجام وتناغم تام لا بد أن يكون لدى كل منهما الصفات السيكولوجية [النفسية] المختلفة.
فمثلاً الرجل العصبي الحاد المزاج لا يمكنه أن يتعايش مع امرأة عصبية حادة المزاح، والرجل البخيل عليه ألا يتزوج بامرأة بخيله، والرجل المنطوي لا يتزوج من امرأة منطوية وهكذا ومن هنا جاءت الصفات المميزة للرجولة عن الصفات المميزة للأنوثة.
فنجد من الصفات المميزة للرجولة مثلاً: الجسدية مثل قوة العضلات وخشونتها، الخلقية مثل الشهامة، القوة في الحق، الشجاعة في موضع الشجاعة، النخوة... الخ.
ونجد من الصفات المميزة للأنوثة مثلاً: الدفء، النعومة، الحساسية، الحنان، التضحية، التفاني في خدمة أولادها، والحرص على تماسك الأسرة وترابطها، حب المديح وغير من الصفات.
إذن هما قريبان ومفترقان:
وخلاصة القول أن نعرف أن الزوجين السعيدين هما القريبان والمفترقان في آن واحد أي أنهما مرتبطان ببعضهما إلا أن بينهما من الفروق ما يميز أحدهما عن الآخر.
وكلما كان الواحد منهما أكثر حرية وقدرة على تقبل الفروق والتكيف معها، كان بالتالي أقدر على التعامل والعيش مع اختلاف وجهات النظر، وهذا من شأنه أن يزيد من متانة العلاقة بينهما.
ومن العسير محاولة تغيير الشريك الآخر، والأسهل منه وربما الأفضل أن ندرك أن الفروق أمر حسن بحد ذاته إذا أحسنا التعامل معها.
وتذكر عزيزي القارئ أن:
1ـ من ميزات العلاقة الصحية بين الزوجين أن يكونا قريبين وفي ذات الوقت مختلفين.
2ـ أن الزوجين السعيدين هما المتفقان المفترقان في آن واحد أي أنهما مرتبطان ببعضهما إلا أن بينهما من الفروق ما يميز أحدهما عن الآخر وكلاهما يحترم هذه الفروق ويقدرها.
9 جمادى الأول 1426هـ
- 16يونيو 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/155)
العلاقة الخاصة والحب بين الزوجين
إن العلاقة الجنسية والجوانب العاطفية المحيطة بالجماع بالغة الأهمية في تعميق العلاقة الوجدانية بين الرجل والمرأة، لما فيها من إرواء للشهوة وجلب للسعادة والنشوة المصاحبة لتلك العملية، مما يجعلها تضيف روحًا من البهجة والمودة والرحمة على تلك العلاقة المقدسة.
وهناك ثلاث علاقات عاطفية تؤثر في استمرار ونجاح الحياة الزوجية وهي:
1ـ الميل الجنسي إلى شريك الحياة.
2ـ العلاقة الوجدانية بين الشريكين.
3ـ الحب العائلي.
وأعني بالميل الجنسي نحو شريك الحياة أي الرغبة الجنسية للزوج والزوجة بشكل يتحقق به التكيف العام بينهما، وبعبارة أوضح عندما يجد كلا الطرفين أن الطرف الآخر مرغوب فيه جنسيًا ومغريًا للإقبال عليه.
أما العلاقة الوجدانية بين الزوجين فهي التوافق النفسي والروحي في المشاعر والأحاسيس والأماني والطموحات التي تحقق الألفة والمحبة بينهما ومشاركة كل منهما الآخر، فيقاسم كل منهما الآخر أفراحه ونجاحه وآلامه وجراحه، وهذا يسمى بالحب المعنوي.
أما الحب العائلي فيتمثل في قوة العاطفة نحو الأبناء خاصة وبقوة المودة بين أسرتي الزوجين بشكل عام، فإذا توافرت هذه الثلاثة فإن الحياة الزوجية تصبح موفقة دون شك، وعدم وجود أحد هذه المقومات لا يعني أن الحياة الزوجية في خطر وأنها لن تستمر، بالطبع لا ولن، فمما لا شك فيه ستكون أقل في المتعة والراحة النفسية.
[أسرار السعادة الزوجية ـ محمد محمود عبد الله]
وإذا كان الميل الجنسي أو العلاقة الجسدية بين الرجل وزوجته من أركان العلاقة العاطفية، إذن فالمقصود طبعًا ليس فقط هو قضاء الوطر والشهوة، وإنما هذه العملية ما هي إلا تعبير عن علاقة أعمق وأشمل ولذلك سماها القرآن مودة ورحمة، فقضاء الشهوة محطة من محطات الحب والعشق تسبقه محطات وتليه محطات.
فالمحطات التي تسبقه مختصرة في قوله - تعالى -: {وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ} [البقرة: 223] وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ' هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك '، والمحطات التي تليها مختصرة في قوله - تعالى -: {الرَّفَث} وحديث عائشة - رضي الله عنه - في غسلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وفي بيان كيفية التعامل بين الزوجين لتحقيق السعادة الزوجية قال - تعالى -: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم/21] وقال - تعالى -: {وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 223].
وفي الآية يأمر الله - سبحانه وتعالى - المؤمنين أن يقدموا لأنفسهم، وهي التهيئة المعنية والإعداد النفسي قبل تمام العملية الجنسية، فكلا الزوجين مطالب أن يقدم للآخر الركن المعنوي والراحة النفسية والانسجام الروحي من معين لا ينضب، وهو معين المودة والرحمة.
ولقد آن الأوان أن نقول إن الزوجة لم تعد فقط آلة إخصاب، وإن كان ذلك من أهم أدوارها التي خصها الله بها، وإنما هي شريكة للرجل في التمتع في اللذة الحلال، ولا بد أن تكون إيجابية، لأنه كلما كانت المرأة أكثر فاعلية في الحوار الجنسي زادت المتعة وتسامت السعادة.
فقضية الجنس ليست قضية هامشية في حياة الرجل والمرأة السويين، ولا هي من الرجس طالما كانت في الحلال، ولا يجوز إطلاقًا إهمالها أو تركها لتتحكم فيها نصائح ورواسب العاهرات في الإعلام.
وعلى المرأة أن تتعلم وتتفنن في الحب، ولا يجوز لها أن تجهل أهمية رسالتها الجنسية، فبدلاً من أن تحسبها تبعة مضلة بالآداب، عليها أن تكرس لها وقتًا يتناسب مع أهميتها.
والمرأة المثالية تدرك لأهمية دور المرأة في الجماع منذ الليلة الأولى للزواج، ومدى تأثير ذلك الدور ليس فقط في نفس الرجل، وإنما في نفس المرأة ذاتها، وبالتالي في الحياة الزوجية.
وكذلك كي يكون الاتصال الجنسي طبيعيًا وجميلا ومستحبًا، لا بد وأن تساهم الزوجة مع الرجل في الوصول بهذا العمل إلى القمة التي ينشدها زوجها والتي يجب أن تنشدها أيضًا.
وهذه بعض الأدلة من الكتاب والسنة تؤكد على هذا الأمر:
قد ورد في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يؤكد على ضرورة مشاركة المرأة للرجل في اللقاء بصدق وإيجابية، ومن ذلك ما يرويه جابر فيقول: ' كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة، فلما رجعنا وكنا قريبًا من المدينة، قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بعرس. قال: أتزوجت؟ قلت نعم. قال: بكرًا أم ثيبًا؟ قلت: بل ثيبًا قال: فهلا بكرًا تلاعبها؟! وفي رواية تلاعبها وتلاعبك ' رواه الخمسة، وفي رواية لمسلم فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟ أو قال: تضاحكها وتضاحكك؟'
إذن فالزوجة المحترمة والمتدينة ينبغي أن تتحلى بالحياء والستر عن كل الناس، ولكن مع الزوج فحياؤها أن تتجمل له وأن تتحبب له وأن تقر عينه وتحفظ نفسه عن كل ما سوى الحلال: فحالها وحال زوجها كما في قوله - تعالى -: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} البقرة/187.
وقد اعتبر القرآن العروب إحدى صفات الزوجة المثالية وذلك في قوله - تعالى -: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً} [الواقعة: 35ـ37].
وعربت المرأة إذا تحببت إلى زوجها، وقال ابن الأثير في 'النهاية' العَرابة هي التصريح بالكلام في الجماع والمقصود من لفظة العرب هو فاعلية المرأة في الاستجابة لزوجها بالتدلل والتلطف والمداعبة.
وللمرأة المثالية أسوة حسنة في السيدة عائشة - رضي الله عنها - وأرضاها التي كانت تشارك النبي - صلى الله عليه وسلم - متعة وملذاته وأفراحه، حتى إنها لتحدثنا عن ذلك فيما يرويه البخاري ومسلم في صحيحيهما فتقول: كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء بيني وبينه تختلف أيدينا عليه، فيبادرني حتى أقول: دع لي، دع لي وهذا التفاعل يكون له أكبر الأثر في نفس الزوجين، وتوثيق العلاقة العاطفية بينهما، فيسود الحب والود والدفء والحنان والعاطفة في الحياة الزوجية والأسرية. [فن العلاقات الزوجية ـ محمد الخشت ـ بتصرف]
هذا وإن كان الجميع قد يعرف ما قبل الجماع وهو ما ذكره الله - تعالى -في قوله: {وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ} ولكن الكثيرين لا يعرفون مساحة ما بعد ذلك، إنها المساحة التي ترتوي فيها الروح ويمتلئ فيها القلب بالدفء بعد قضاء الشهوة وفيها يتزود الزوجان بزاد من الرقة والمحبة الصافية.
والمداعبة بعد الجماع تكون بابًا لمتعة صافية ليس فيها توقع لأي شيء، بل هي تلذذ بدون توقعات أو انتظار للحظة بعينها، ولا مانع أن يكون هذا التلذذ والتمتع الرقيق، الذي يبث فيه كل طرف لشريكه مشاعره ويعبر له عن مكنون نفسه وخلاصة حبه، أن يكون ذلك باباً لمتعة جديدة بمعاودة اللقاء مرة أخرى، والتوجيه النبوي للرجل أن يتوضأ تنشيطًا للعود.
والمداعبة قد تأخذ أية صورة يحبها ويتفق عليها الزوجان وتحقق لهما المتعة والسعادة، ولا تقتصر على الفراش، بل قد تكون في الاغتسال معًا، أو غيره من أشكال التلطف والمداعبة التي يحبها الزوجان، وهي من أسرارها ولهما أن يبدعا فيها كما يحبان ما دامت تحقق لهما الإحصان والسكن وتخلو من محرمات حرمها الله.
وخلاصة القول:
إن العلاقة الجنسية الناجحة التي تروي ظمأ كلا من الطرفين باب من أبواب السعادة والراحة النفسية والقبول والرضى عن الآخر، الذي يولد ارتباطًا ومحبة عاطفية ووجدانية عميقة تسمو بعد ذلك عن كل شيء وإن كانت العلاقة الجنسية تمدها بالتجدد والشوق للآخر.
وهذه العلاقة مع فطرتها وقابلية كل من الرجل والمرأة لممارستها، لأنها سنة الحياة أودعها الله في البشر، ولكن المتعة والسعادة فن يجب تعمله من الرجل والمرأة حتى تتحول تلك الممارسة إلى أنشودة حب وسعادة وعفاف وإحصان لكل من الرجل والمرأة.
وكل محطة من محطات هذا اللقاء له فنه وأدبياته وممارسته فخذ بقواعده النبوية نضمن لك بتوفيق الله وإعانته قمة السعادة الزوجية وأعلى صور تحقيق السكن.
23 ربيع الأول 1426هـ
-2مايو2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/156)
5 خطوات لإسعاد زوجك
السعادة الزوجية فنٌّ يجب أن تعرفه كل زوجة، وتجتهد في سبيل إتقانه، والزوجة الفطنة تتبع الوسائل النفسية والاجتماعية الحكيمة في تعاملها مع رفيق دربها، تحقيقًا لرباط الزوجية الربّاني المتمثل في المودة والرحمة، وهناك بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد الزوجة في إسعاد زوجها نلخصها في 5 أمور هي:
1ـ تهيأي للحياة الزوجية:
على الزوجة ـ لاسيما حديثة العهد بالزواج ـ أن تهيئ نفسها لحياتها الجديدة، بفطام نفسي عاطفي، يؤدي بها إلى فصال تدريجي عن أسرتها وبيئتها السابقة؛ مستخدمة لتحقيق هذا الغرض قوة إرادتها وقناعتها الجديدة للتكيف مع بيئة الحياة الزوجية التي انتقلت إليها.
2ـ أقصر طريق لسعادة زوجك اتخاذ حسن الخلق منهجًا للتعامل معه:
وحسن الخلق يبدأ بالاحترام المتبادل. فهو المصباح الذي يشعُّ في الحياة الزوجية أنوارها وضياءها. فالزوج يحب أن يشعر باحترام زوجته له، ويجب على الزوجة أن تذكره ذكرًا حسنًا، وأن تفخر به أمام أهلها وأهله، فالزوج الذي تقدره زوجته يزيد من تقديره لها، والزوجة التي يقدّرها زوجها يزيدها تقديرًا له.
3ـ البشاشة المغمورة بالحب لحظة وجوده واستقباله:
فالنوايا الحسنة وحدها لا تكفي. يقول الدكتور 'هارلي' المتخصص في العلاقات الزوجية: على كل من الزوجين أن يفهم لماذا لا تجدي النوايا الحسنة فقط ـ سواء لديه أو لدى الطرف الآخر ـ في منع حدوث الشقاق الزوجي؟ إننا معتادون أن نسأل أنسفنا عمَّا إذا كان الزواج قد نجح في تلبية حاجاتنا أم لا؟ والصحيح هو أن يبدأ المرء في السؤال المعاكس وهو: إلى أي حد أنجح في تلبية حاجة الشريك؟ لأن في مثل هذا السؤال يكمن المدخل الحقيقي للوصول إلى زواج متعادل متكافئ، يحصل كلّ من طرفيه على حقه العاطفي والبيولوجي والنفسي'.
إن أهم ما يسبب التوتر في العلاقة بين الأزواج المتحابين: وجود طرف في تلك العلاقة معطاء ومحب، بينما الطرف الآخر ليس على المستوى نفسه، وأفضل علاج هو أن يتعلم الزوجان كيف يتعادلا في الحب والعطاء.
4ـ كوني جميلة الجميلات:
إذا كنت تشعرين أن زوجك لم يعد يلقي إليك بكلمات الحب والمودة التي كان يتقنها في أيام زواجك الأولى، أو لاحظت أنه أصبح لا يفرق ما بين الفستان الذي كنت ترتدينه بالأمس والذي ترتدينه اليوم، فقبل أن تبحثي عن السبب وتذهبي بعيدًا؛ تأملي نفسك جيدًا واسأليها: هل ما زلت كما عرفك زوجك أيام الخطوبة وفي أيام الزواج الأولى.
يقول عالم النفس الدكتور 'ألبرت شيفلين': المرأة التي تحب زوجها تحرص على أن تكون أنيقة أمامه على الدوام، وتنظر إليه دائمًا بحبور، وهي تلمس شعرها أمامه، وتحاول أن تُنسقه باستمرار، وكذلك هندامها، وإذا كان في المكان مرآة فهي تلتفت إليها دائمًا لتتأكد أن منظرها على ما يرام، وأنها تروق لعيني زوجها.
ولا تنسى أن ديننا حث على ذلك وجعله من حسن التبعل. فمن صفات الزوجة الصالحة التي عدها الرسول - صلى الله عليه وسلم - من خير متاع الدنيا أنها: [إذا نظر إليها سرته].
5ـ كوني سلسة في الحوار والنقاش، وابتعدي عن الجدال والإصرار على الرأي:
فمن أدب الزوجة أن تتنزَّه عن الجدال والشكوى والتعيير والتحقير والاستخفاف، فهذه كلها ألوان منوعة من التعذيب النفسي؛ التي قد تتخصص الزوجة في إحداها أو فيها جميعًا. وأسوأ ما في المرأة 'النقار'؛ حيث تتساءل وهي في سن العشرين متى يتسنى لزوجها أن يشيد لنفسه بيتًا كما فعل صديقه فلان، فتصل إلى سن الأربعين وهي مصابة بداء النقار المزمن.
ومن أسوأ مظاهر النقار: أن تعيّر المرأة زوجها بغيره من الناس وتسأله: لماذا لا تكسب كما يكسب فلان؟! لقد اشترى أخي لزوجته كذا وكذا فهو يتقن فن كسب المال..لو أنني تزوجت من فلان لما كان هذا حالي!!
والزوجة الذكية تتنزّه عن تلك الممارسات؛ لأنها تعلم بحسها المرهف أنها تقوّض ثقة الرجل بنفسه، وتحطم نفسيته، وتقتل آماله، وتزعزع أركان الحياة الزوجية.
ـ رمضان 1425 ـ أكتوبر 2004
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/157)
{ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا }
ـ إن مسألة قوامة الرجل على المرأة في بيته من المسائل الهامة جدًا في العلاقة الزوجية، وقد أكثر فيها الناس الحديث، وعابها من لا يحسن فهم صحيح الدين بسلوكياته الخاطئة، أو من يعشقون تقليد الغرب في كل شيء، سواء كان معقول المعنى أو غير ذلك.
ـ والفصل في هذه المسألة أعني القوامة هو ما قرره الشرع أولاً، ولأن فيها مصلحة الأسرة ثانيًا، وذلك أن توحيد القيادة ضروري لأمن السفينة، وفي سفينة البيت لا بد من قيادة تحتمل المسئولية، وتحفظ النظام من أن ينفلت، وليس في هذا شذوذ عن القاعدة الإسلامية العامة في عالم الرجل أيضًا.
ـ فأي الزوجين كان المنطق كفيلاً بأن يسلمه القيادة؟
المرأة المشبوهة بالعواطف والانفعال بحكم وظيفتها الأولى في رعاية الأطفال، وتعطير جو البيت بالجمال والبهاء، أم الرجل الذي كلفه الإسلام بالإنفاق على الأسرة وحمايتها.
ـ لقد جعل الإسلام القوامة تحقيقًا لنظامه المطرد الثابت في أن تكون في كل عمل قيادة وقوامة، وقد اختاره لأنه بحكم خلقته وتجاربه أصلح الاثنين لهذه الوظيفة.
ـ ووجود قيم أو قائد في مؤسسة ما، لا يلغي وجود ولا شخصية ولا حقوق الشركاء فيها، والعاملين في وظائفها، فقد حدد الإسلام في مواضع أخرى صفة قوامة الرجل وما يصاحبها من عطف ورعاية، وصيانة وحماية، وتكاليف في نفسه وماله، وآداب في سلوكه مع زوجته وعياله.
* صورة متكاملة:
إن الصورة المتكاملة للعلاقات الزوجية صورة حميمة يمثل فيها الزوج السكن والمودة والرحمة والملجأ للزوجة، كذلك الزوجة تمثل للزوج السكن والعون والمودة والرحمة، وإلى جانب ذلك يعطي الإسلام اهتمامًا عظيمًا للأبناء، فالأسرة المسلمة مؤسسة قائمة على هذه الأركان الثلاثة، وقوامة الرجل تعني أولاً: أنه هو المسئول عن نجاح هذه الأسرة وعن سعادتها وعن رعاية الطرفين الآخرين، أي الزوجة والأبناء.
وهذه القيادة ليست قيادة عسكرية، تأمر وتنهى دون مشاركة من أفراد الأسرة، وإنما هي قيادة قائمة على الشورى والتفاهم والرضا، وفضلاً عن ذلك فإن الحياة الأسرية في الإسلام ليست حياة الفوضى، وإنما تنضبط بقواعد وقيم وأخلاقيات جاء بها القرآن الكريم، وجسدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معاملاته وعلاقاته.
وفي إطار هذا كله نستطيع أن نفهم معنى القوامة، ونميز بينها وبين الاستبداد الفردي الموجود لدى بعض الأزواج.
ـ إذن فالقوامة تكليف من الله - تعالى - للرجل ليحسن رعاية الأسرة، وليست تسلطًا، ولكنها مسئولية تتكامل بها أنشودة الأسرة التي تجب أن تعيش في سعادة، ما يرضى الله عنها، وتشارك في قيام مجتمع معافى من أمراض التحلل والضياع.
ـ هذا وقد يقتفي بعض الرجال دور الحاكم المستبد على رعية مستسلمة 'رغمًا عنها' وأصبحنا نرى ونعرف في بيوتنا تجارب فيها من التسلط والعنف والتعذيب ما يشبه أحيانًا وربما يفوق ما نراه في حياتنا السياسية.
ـ والقوامة الناجحة هي كالإدارة الناجحة، وهي شيء آخر غير السيطرة، فالإدارة تتطلب مهارة وحنكة وحزمًا وحكمة، أما السيطرة فلا تتطلب شيئًا إلا الشدة والعنف وهو ما دخل في شيء إلا شانه.
والظن بأن الخشونة في القول أو التصرف، أو الضبط العسكري هو القوامة أو الرجولة فهو ظن خاطئ تمامًا.
ـ والذي يبدو أن الصورة السائدة في المجتمعات اليوم، لا تتفق مع التعاليم الصحيحة للدين الحنيف ولا مع سلوك الرعيل الأول، والصورة الصحيحة إنما هي صورة متكافئة وحيوية، تقوم على الفهم الصحيح والاحترام المتبادل لدور كل من الجنسين وتكامل هذا الدور بحيث يشترك الاثنان في كثير من الواجبات والاهتمامات واتخاذ القرارات الهامة في حياتنا.
* الذكر والأنثى:
قد خلق الله الناس ذكرًا وأنثى...زوجين على أساس القاعدة الكلية في بناء هذا الكون، وجعل من وظائف المرأة أن تحمل وتضع وتكفل ثمرة الاتصال بينها وبين الرجل، وهي وظائف ضخمة وخطيرة، وليست هينة ولا يسيرة، بحيث تؤدى بدون إعداد عضوي ونفسي وعقلي عميق غائر في كيان الأنثى!
فكان عدلاً كذلك أن ينوط بالشطر الثاني ـ الرجل ـ توفير الحاجات الضرورية والحماية كذلك للأنثى.
وكان عدلاً كذلك أن يمنع الرجل من الخصائص في تكوينه العضوي والعصبي والعقلي والنفسي ما يعينه على أداء وظائفه هذه كما منحها للمرأة.
ـ وصحيح أن هناك فروقًا جسدية بين الجنسين إلا أن هذه الفروق لا تقلل من الأمور المشتركة بينهما كالنواحي الفكرية والمعرفية والعواطف والإبداع والإيمان والخطاب الشرعي وكل ما يميز من الجنسين البشري عمومًا.
ـ وكون الرجل أجدر بالقيادة ليس معناه أنه أفضل، فتفضيل الرجال على النساء بمحض الذكورة تعصب لا معنى له ولا سند، وكذلك رد الفعل بإبراز أفضلية المرأة أمر مضحك، وهو جزء من منظومة الصراع والتحدي والمنافسة، وهي معايير وأجواء كفيلة بتدمير أية أسرة.
ـ وأيضًا عندما نقول: إن الرجل هو الأصلح من المرأة لكي تكون القوامة بيده، فليس معنى ذلك أننا ندعو إلى إهمال دور المرأة في البيت أو إغفال رأيها، بل ينبغي أن يحترم ذلك ما لم يخالف الشرع.
* الخلاصة:
ـ فنطاق القوامة إذن محصور في مصلحة البيت، والاستقامة على أمر الله، وحقوق الزوج، أما ما وراء ذلك فليس للرجل حق التدخل فيه، كمصلحة الزوجة المالية، وغيره، وليس على المرأة طاعة زوجها إلا في حدود ما أحله الله، فإن أمرها بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وما لم تخل المرأة بحق الله - تعالى -، أو بحق زوجها، فليس عليها إلا سبيل التكريم والاحترام.
* خطر مميت:
ـ وقد يظن قوم أن في تنازل الرجل عن قوامته لزوجته إسعاد لها، وهذا ظن خاطئ، ذلك لأن المرأة بفطرتها تحب أن تأوي إلى ركن تلجأ إليه، حتى وإن تحدثت بعض النساء أمام صويحباتها بفخر أن زوجها يطيعها، ولا يعصي لها أمرًا، مما يوحي بضعف قوامته عليها، فإنها في داخل نفسها تشعر بضعف وخلل في بنية الأسرة.
ـ وعلى العكس منها، تلك المرأة التي تظهر الشكوى من زوجها ذي الشخصية القوية، والقوامة التامة، فإنها وإن باحت بذلك، تشعر براحة توائم فطرتها، وسعادة تناسب ما جبلت عليه.
ـ وأرى من أجل استقرار الحياة الزوجية أن تطالب المرأة زوجها بالقيام بقوامته على الأسرة كما تطالبه بالنفقة.
* ومما لا شك فيه أن انهيار قوامة الرجل داخل البيت، وتحويل الدفة إلى المرأة، له عيوب كثيرة لعل من أهمها:
1ـ تسلط المرأة على الرجل، حتى يصبح القرار بيدها.
2ـ سوء تربية الأولاد.
3ـ انتشار المعاصي والمنكرات، وأخطرها التبرج.
4ـ فقدان القدوة داخل البيت، وتتربى البنات الصغار على قوة الشخصية، والأولاد الصغار على الجبن والخوف وضعف الشخصية.
* هذا وفي بعض الحالات تكون النساء أعقل وأحكم وأجدر على إدارة شئون الأسرة والأولاد من بعض الرجال الذين فقدوا مقومات القوامة، وإن حدث هذا فبسبب سوء الاختيار وعدم التكافؤ. وهذا على خلاف القاعدة والشاذ لا حكم له.
25 ربيع الآخر 1425هـ
- 14 يونيو 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/158)
واستقام ربان الأسرة
أم أسامة خولة درويش
تمد (فاتن) يدها المرتعشة لترفع (مظروفاً) وجدته قد وضع تحت الباب وتنظر إليه بدهشة وحيرة مربكة، إنه لزوجها الدكتور (عبد الحميد) وبعنوانه، ثم تعطيه له بصمت ينبئ عما يدور في نفسها من تساؤلات...
ينظر الدكتور للمظروف، وقد انقبضت أسارير وجهه، ويقول: غير معقول، نفس عنواننا، وباسمي أيضاً !.
ويفض الغلاف، ويتمتم قائلاً في دهشة:
- عجباً، إنه من ابني سامر!.
ويغوص في خواطره المبهمة:
كيف اهتدى سامر إلى منزلي هذا؟... لقد مضى على زواجي من (فاتن) خمس سنوات وما عرّفت أحداً به...
خواطر كثيرة.
- وهل تزوجت إلا من أجل الراحة والاستجمام؟ ! ثم يقول باستغراب:
- وماذا يريد سامر؟ ! لقد كنت في منزلهم أمس، أخذت لهم حاجتهم من الطعام والأدوات المدرسية! !
ولا يعير (د. عبد الحميد) كلام زوجته أي انتباه، إنه مشغول بالرسالة انشغالها بسرية بيتها وعدم معرفة العنوان حتى من أولاد زوجها!
وتدافعت الخواطر السريعة إلى (د. عبد الحميد) حالما رأى رسالة (سامر):
- هل ألم بأحد إخوته خطر؟
-أم هل يريد تحديد موعد خطبة أخته (سلمى)؟ !
-أم أن صاحب البيت قد طالبهم بأجرته؟ !.
وفي بضع دقائق كانت الحقيقة تتضح وتظهر جلية بعد قراءة الرسالة، فقد جاء فيها:
والدي الحبيب:
كم أبهجتنا زيارتك لبيتنا أمس، وكم سررت لسماع صوتك العذب يتردد صداه في منزلنا، وغبطت أشقائي الصغار أنك ناجيتهم، ثم سارعت للخروج من الحمام متلهفاً لرؤيتك، وإذا بي أجد البيت قد امتلاء طعاماً، وأشياء كثيرة - جزاك الله
خيراً -.
ولكني للأسف ما وجدتك، فقد وضعتها وغادرت المنزل بسبب أشغالك الكثيرة - كما ذكرت والدتي - حفظها الله -.
كم كنت أتمنى أن تخصص لنا من وقتك، وأن تجعل لنا نصيباً من يومك لنحظى برؤيتك، ونستمتع بحلو حديثك، وجميل نصحك - لا حرمنا الله منك - ولا أكتمك أني ما إن رأيت الطعام الوفير إلا وقلت في نفسي:
- يا سبحان الله! وهل يظن والدي أن السعادة في الطعام الوفير، والمتاع الزائل؟ !.
يا والدي العزيز: سامحك الله! إن الأغنام - وهي لا تهتم إلا بأكلها وشربها - يتفقدها صاحبها باستمرار.
أتمنى أن نلقاك قريباً، أباً رؤوفاً كما كنا نعهدك من قبل. ونحن لن ننسى يا والدي الحبيب حقوقك علينا، وارتباطك السعيد الذي حجبته عنا سنوات عدة.
لن نكون عثرة تحول دون سعادتك، وسنبقى أبناء بررة. تحياتنا إليك وإلى حرمك المصون. وتحيات والدتنا الوفية إليكما.
ولدك: سامر...
تنظر (فاتن) إلى (د. عبد الحميد) وهو يقلب الرسالة وما يزيد عن أن يطويها ويضعها في جيب جلباب النوم الذي كان يلبسه.
وأما (سامر) فكثيراً ما يتحدث مع أمه التي أمضت عمرها تتمنى اليوم الذي ينتهي فيه زوجها (عبد الحميد) من دراسته، وطال ما أضناها في تأمين الجو الدراسي المناسب له. إنها الآن بعد تخرجه تستعيد الماضي، تتمنى لو دامت تلك الأيام، حينما كانت أحوالهم المادية بسيطة، إلا أنهم كانوا ينعمون بالمودة والاستقرار.
وأما (د. عبد الحميد) فعندما أحس بتحسن مركزه العلمي والاجتماعي، وأنه قد حصل على شهادة (الدكتوراه) بدأت الأفكار تتوالى عليه:
- إنه في وضع اجتماعي مرموق، ويحبذ أن تكون زوجته كذلك حتى تستطيع أن تمثله في المجتمع.
- وهذه (المرأة الطيبة الساذجة) كما كان يسميها، هل يليق بها ذلك؟ !
هاهو سامر ولدها وقد علمته الأحداث، يفتح قلبه لها ويعاتبها على ما ظنه تقصيراً منها أدى بوالده إلى البحث عن امرأة أخرى، وبنبرات خافتة حانية قال لها:
- لماذا يا أمي لم تكملي دراستك؟ ! وأنت تعلمين أن زماننا زمان العلم والثقافة؟ ! وتتنهد (أم سامر) بحرقة وألم دفين، والدمعة تلمع في عينيها وهي تجيب:
- والله يا بني ما قصرت، لقد بذلت قصارى جهدي في إقناع والدك لأتابع تعليمي، وما كنت ألقى منه إلا السخرية والاستهانة بمطلبي.
لقد كان وضعنا الثقافي متقارباً عند زواجنا، فإذا به ينمي ثقافته، ويهملني أنا أم أولاده وشريكة حياته، فأصبح البون بيننا شاسعاً.
ثم تعلق بتجرد وموضوعية تحكي واقعها المرير:
- حقاً، كم بين بدائية الثقافة وبين الدكتور في الفلسفة من بون شاسع! فما الذي أوصله إلى ذلك؟ !
- لا أريد أن أصفه بالأنانية حين فكر في مصلحته فقط وتعلم على حساب راحتنا ومصالحنا، لكنه على كل حال تناسى أنني زوجته التي فشل حتى في تعليمها. كم كان يهزأ بالكبيرات اللائي يذهبن للدراسة ويقول (وربما يقصد الحاجة
أم ممدوح بالذات وقد قاربت الخمسين من عمرها):
- تصوري عجوزاً شمطاء، تتوكأ على عصاها بيد، وتحمل (شنطة كتبها) بيدها الأخرى!
ثم يقهقه ساخراً... وما كانت ضحكاته تلك لتؤثر فيّ، قلت له:
- أليس ذلك أفضل من بقائها أمية؟ ! تتعلم القراءة والكتابة، بدلاً من أن ترى جميع الصفحات سواداً، لاشيء عليها إلا طلاسم لا تفهمها. ثم إني لست بعمر الحاجة إنها بعمر والدتي!
رد علي بازدراء، وهو يرمقني بطرف عينه:
- تريدينني مثل الأحمق (حازم) الذي يوصل بيده زوجته إلى المدرسة في المساء، شأنه في توصيل أولاده في الصباح؟ !
ثم يردف قائلاً باستعلاء:
- إنه فارغ! وماذا وراءه من عمل؟ !
وتزيل (أم سامر) عن ولدها (الغبش) وتجلي الحقيقة بقولها:
- لا والله ما كان فارغاً، إنه رغم أعماله الكثيرة، يجد أن من واجبه تخصيص وقت لأسرته، وهاهي زوجة (حازم) الآن في الجامعة، وقد نفضت عنها أميتها ولحقت بركب الحضارة...
يقولون يا بني: وراء كل عظيم امرأة ! !
أما علم هؤلاء أن هذا يعني أيضاً، أن أمام كل امرأة رجل ينير لها الطريق ويمهد لها السبيل؟ !
ثم تفطن لواقعها، وتقول بتعقل:
- من حق والدكم أن يتزوج، سواء لأنه أصبح عالي الثقافة وامرأته شبه أمية ، أو لأدنى سبب رآه، وليس له أن يكون الزواج سبباً في تهربه من المسئولية، والبعد عن تبعات الأولاد. أين العدل الذي أوجبه الإسلام؟ ! أم ظن أن العدل في
الطعام والشراب فقط؟ !
وتدخل سلمى لتخبرهم عن سخط شقيقها (سعيد) وخروجه من المنزل، فيهب سامر واقفاً، ليلحق بأخيه، يبحث عنه بين المتسعكين والتافهين... وتفلسف سلمى ذلك بقولها:
- هذا نتاج الحرمان من عطف الأب ورعايته... !
ويقع قولها كالقذيفة على قلب أمها، فتنفجر باكية...
وتقبل سلمى على أمها، معانقة مقبلة لوجنتيها، تخفف عنها وتقول لها:
- أبقاك الله يا أمي، وجزاك عنا خير الجزاء، إذ لولا صدرك الحنون، وحدبك الدؤوب علينا، لما علم إلا الله - سبحانه - ما سيحل بنا...
ثم تقول ناقدة وحانقة:
- يحبون تكثير النسل... ! أو ما علموا أنه قد لا يزيد إلا في غثاء السيل...
! أو ليس للتربية ونوعية النشأة عندهم أهمية؟ !
وتتذكر الأم أن من واجبها التقريب بين الأب وأولاده، فتقول لابنتها في رضى واستسلام:
- الحمد لله، إن والدك يختلف عن غيره من الناس، انظري أسرة (النزَّال) كم يعاني أولاده من الضيق والضنك، بينما يتمتع والدهم وزوجته الجديدة بأبهى المتع، وينعمون بأثمن الرياش وأعظم المسرات.
وتجيبها سلمى وكأنما لدغتها عقرب:
- كفانا الله الشر أن يكون والدي مثل (النزَّال) أو أن تكوني أنت مثل زوجته الأولى...
لقد وصل بها الأمر أن دست السم في طعام أرسلته له سراً، واكتشف الأمر، وقيدت الجانية إلى السجن...
وتنصب سلمى من نفسها قاضياً حين تقول:
- لقد كان الأجدر أن يسجنون الأب تأديباً له على ما فرط في حقها وبسبب ظلمها وظلم أولاده! !
وتردف الأم:
- الحمد لله أنكم لستم كأولاده، فلا يكاد السجن يفرغ من أحدهم: هذا بتهمة الاحتيال، وذاك للاقدام على الانتحار، وآخر للنشل...
وفيلسوفة البيت (سلمى) تعلق بثقة بالغة:
- طبعاً... الحرمان العاطفي والشعور بالظلم ينميان الميول العدوانية.
فالحمد لله الذي عوضنا بصدرك الحنون يا خير أم.
تقول ذلك وتنهال على يد أمها لثماً وتقبيلاً.
وأما (د. عبد الحميد) فلم يهدأ له بال ولم يقر له قرار. إنه كلما تذكر الرسالة عاد إلى قراءة سطورها ليجد الحقيقة أمامه واضحة: إنهم أولاده، مهما هرب أو تهرب... إنها زوجته مهما - تعالى -أو استعلى... إنهم واقعه الذي يجب أن يتعامل معه... ثم إنه واجبه الديني قبل كل شيء ... (العدل)، به تستقيم الحياة ويوضع كل شيء في نصابه... وماذا لو تعكر مزاج (فاتن) بعض الشيء؟ ! فإن كانت تحبه حقاً فستقدر وضعه، وإلا فلا خير فيها... ! !
وإذا تبين لديه ذلك قرر مفاتحتها ومرافقتها لزيارة أسرته... وبعد جلسات معدودة، قضاها مع (فاتن) بين أخذ ورد صارت (فاتن) أخيراً طائعة راضية، تشتري لابنته (سلمى) عقداً جميلاً لتحلي به صدرها بمناسبة خطوبتها... وانتعش فؤاد (أم سامر) بعد أيام قاحلة عانت فيها الكثير... والتأم شمل الأسرة فعاد للبيت إشراقه وبهجته، وفرح (سامر) وأشقاؤه بإخوتهم الصغار (أولاد فاتن) وأصبحوا يلاعبونهم، ويركبونهم الأراجيح ويشترون لهم اللعب والهدايا والحلويات...
يستمعون إلى أناشيدهم الشجية ويحكون لهم القصص الممتعة.
لقد عادت البسمة إلى شفاه الجميع، والكلمات الطيبة إلى أفواههم، والأنس والسرور أصبح يغمر كيانهم.
وأحلى الساعات وأحبها إلى قلوبهم، عندما تجتمع أسرتهم الكبيرة بمرحهم الحبيب وروحهم المتآلفة.
هاهي قد استقامت حياتهم عندما استقام ربان أسرتهم، وثاب إليه رشده، وحقق ما يطلبه منه، ربه:(العدل).
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/159)
أثر سلوكيات الوالدين في نجاح زواج أولادهما
للوالدين دور كبير جدًا في نجاح زواج أولادهما أو إخفاقه، وقديمًا قال أمير الشعراء أحمد شوقي عن الأم أنها مدرسة، ولكننا اليوم نؤكد أن الأسرة ممثلة بالأم والأب مدرسة يتعلم فيها الابن أو البنت أهم المعارف والمهارات والقيم والأخلاق التي لا بد له منها في الحياة، ومما يتعلمانه في هذه المدرسة فن الحياة الزوجية، فإن تعلم كل منهما ما هو سوي ونافع نجحت حياته الزوجية، وإن تعلم كل منهما ما هو سلبي أخفق زواجه وكانت حياته الزوجية تعيسة.
أنواع تعلق الطفل بأمه:
ويبدأ تأثير الأم في طفلها من الشهور الأولى لحياته، حيث يتعلق الطفل بأمه ويكون تعلقه بها واضحًا اعتبارًا من الشهر السادس من حياته عادة، عندما يصبح قادرًا على تمييزها عن باقي النساء.
وقد وجد علماء النفس أن لتعلق الطفل بأمه ثلاثة أنواع وذلك ناتج عن اختلاف الأمهات في مقدار الحنان والحساسية والاستجابة للطفل..فالأم الحنون التي تستجيب لرضيعها كلما بكى لا كلما اشتهت هي، والتي تكون حساسة وقادرة على فهم ما يريده عندما يبكي، هذه الأم تجعل رضيعها مطمئنًا واثقًا..واثقًا بأمه وبالعالم من حوله؛ إذ لا يهمله ولا يهجره، هذا العالم المتمثل في أمه، عندها يكون تعلقه بأمه تعلقا آمنًا مطمئنًا Secure Attachment، فيشعر الطفل بالأمان الكافي كي يستكشف البيئة من حوله متخذًا من أمه قاعدة الأمان، فيبتعد عنها مستكشفًا، فإن أحس بالقلق رجع إليها وبقي بقربها قليلاً، ثم يتجرأ على رحلة استكشاف أخرى، أما الطفل الذي لا يكون متأكدًا ولا واثقًا من أن أمه أو من يربيه نيابة عنها متواجد من أجله ومستجيب له كلما احتاج إليه - إذ تستجيب الأم له أحيانًا وتهمله أحيانًا أخرى، وقد تحمله وتلاعبه إذا رغبت لا استجابة لبكائه، وقد تهدده بهجره وإبعاده عنها كي تتحكم في سلوكه - فإن تعلقه بأمه يسمى التعلق القلق المقاوم إذ يكون الطفل ميالاً إلى القلق الشديد كلما غابت الأم عن ناظريه، وميالاً إلى الالتصاق الزائد بها، وخائفًا من استكشاف البيئة بعيدًا عنها، ويكون حذرًا وخائفًا من الغرباء حتى في حضور أمه، أما الطفل الذي تعلم من الخبرات السابقة أنه لن يستجاب له وأنه مرفوض من الأم أو ممن يقوم مقامها، فإنه يتوقف عن طلب الرعاية منها، ولا ينزعج إن غابت عنه، ولا يرحب بها إن عادت إليه، ويهمل محاولاتها للاحتكاك والتفاعل معه، ولا يخشى الغرباء ولا يبالي بهم.. إنه يحاول الاكتفاء الذاتي وحماية نفسه من مشاعر الرفض المتكرر الذي مر به، وتسمى علاقته بأمه 'التعلق القلق المتجنب'، وقد بينت الدراسات أن نمط العلاقة الحميمة الأولى في حياة الإنسان - أي علاقته بأمه - يميل إلى البقاء التعميم، حيث يصبح أسلوبًا للشخص في علاقاته بالآخرين غير الأم، فيتعلق بالمعلم أو المعلمة أو بالمعالج أو المعالجة، وكذلك بالزوج أو الزوجة تعلقًا مشابهًا لتعلقه بأمه في صغره، أي يتعلق تعلقًا إما آمنًا سويًا أو قلقًا مقاومًا أو قلقًا متجنبًا، ولا مشكلة في التعلق بالأمن لأنه هو الأسلوب الأمثل للعلاقة بين الزوجين، إنما المشكلة في القلق المقاوم الدائم الخوف من أن يخونه الطرف الآخر أو أن يهجره أو يخذله عند الحاجة إليه، والذي يرى الحياة الزوجية أخذًا للحنان والرعاية دون أن يقدم هو الحنان والرعاية للطرف الثاني، ويرى الطرف الثاني مسؤولاً عن إسعاده وحمايته وحل مشكلاته، ولا يرى لنفسه دورًا في سعادته وأمنه وحل مشكلاته، فيكون بذلك اعتماديًا على الزوج أو الزوجة كما يكون الطفل، أما إن كان قلقًا متجنبًا فإنه يكون بارد المشاعر وغير مرتاح إذا ما أدى الطرف الآخر 'الزوج أو الزوجة' حاجة إليه، ويتجنب إعطاء هذا الآخر أي حنان أو دفئ عاطفي، وبدوره لا يطلب الحنان ولا العون من الطرف الآخر، بل يحرص كل الحرص على وجود نوع من البعد النفسي بينهما لأنه لا يريد أن يشعر بأية حاجة لأحد بما في ذلك الزوج والزوجة، وكثيرًا ما يكون بلا حنان، ما يعني عدم قدرته على حب الآخرين زوجًا أو أطفالاً، والزواج بلا حنان ولا حب زواج لا تتحقق فيه السكينة النفسية، وقد نصح النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: 'تزوجوا الودود الولود'.
وهكذا نرى أثر الأم العميق في الطريقة التي سيتعلق بها أولادها بأزواجهم وزوجاتهم، وبخاصة أن عيوب التعلق التي ذكرتها تكون مغروسة لا شعوريًا وتحتاج إلى مجاهدة كبيرة من النفس، وربما تحتاج إلى علاج نفسي للتغلب عليها.
يستمر إلى نهاية العمر:
وقد يغدق الوالدان الحب والتدليل على طفل معين ويعاملانه كشخص بالغ الأهمية وجدير بأن يأخذ الأحسن دائمًا لا لجهد بذله، بل لأنه فلان أو فلانة، فيكبر ولديه نرجسية شديدة، حيث يحب ذاته ويريد لها الدلال، ويعجز عن حب الآخرين حتى والديه والأطفال المحيطين به، فنراه مهتمًا بما يمتعه أو يجعله محط أنظار الآخرين 'مبالغة في الزينة أو المجوهرات أو الملابس أو التحف المنزلية أو غير ذلك'.
ولا يقدم للطرف الآخر أو لأطفاله مشاعر الحنان والحب المتوقعة منه، وبالتأكيد فإن الزواج من شخص نرجسي رجلاً كان أو امرأة ليس بالحظ السعيد، لأن هذه الطبيعة - التمحور حول الذات - يمكن أن تستمر حتى نهاية العمر.
مفاهيم عن الرجولة والأنوثة:
ويتعلم الأولاد من والديهم ومن الحياة الزوجية لوالديهم الكثير عن الحياة الزوجية، وعما يتوقعه الإنسان من الزواج، فإذا كانت أفكارهم عن الزواج وتوقعاتهم منه واقعية وصحيحة أدى ذلك إلى نجاح زواجهم، أما إن كانت أفكارهم عن الزواج وتصرفاتهم وتوقعاتهم منه غير واقعية وكانت سلبية فإن ذلك سيحُول بينهم وبين الشعور بالرضا عن حياتهم الزوجية، وسيجعلهم يشعرون بالإحباط أو الخيبة، وسوف يضعون اللوم دائمًا على الطرف الآخر لأنه مقصر في فعل ما يسعدهم، مما يظنونه حقًا لهم عليه طالما أنهما زوجان.
ومن الأب والأم يتعلم الأطفال مفاهيمهم عن الرجولة والأنوثة، ويتعلمون كيف ينظرون إلى أنفسهم كرجال أو نساء، وكيف ينظرون إلى الزوج أو الزوجة، وهذه النظرة وما تتضمنه من تقدير واحترام أو استهانة واحتقار تشكل عاملاً قويًا جدًا لنجاح الزواج أو إخفاقه، سواء من حيث استمراره أو من حيث تحقيقه للسعادة الزوجية للطرفين أو الأطفال، إما أن يتشبهوا بشخصية الوالد المماثل لهم في الجنس - أي تتشبه البنت بأمها ويتشبه الصبي بأبيه - وإما أن يحرص الطفل عندما يكبر على أن يكون عكس والده أو والديه، فالصبي الذي كان يكره الخضوع من أبيه وتحكم أمه فيه قد يتعب زوجته عندما يحرص على مخالفتها وعلى أن يأمرها بأشياء تعسفية، وعلى ألا يستجيب لرغباتها من أجل أن يؤكد لنفسه أنه ليس مثل أبيه.. وكذلك البنت التي كانت تكره في أمها صفة معينة مثل صبرها غير المتناهي على أخطاء أبيها فإنها عندما تتزوج تكون قليلة الصبر وكثيرة المحاسبة والشجار مع الزوج، لأنها تريد المحافظة على حقوقها ولا تريد أن تكون مثل أمها الضحية المغلوبة، وهذا يؤثر سلبًا على زواجها، وقد يؤدي إلى الطلاق في النهاية.
صعوبة في التعبير:
والوالدان اللذان يظهران الحب لبعضهما أمام أطفالهما بما في ذلك بعض الممارسات البدنية البريئة مثل إمساك كل منهما بيد الآخر، أو طبع قبلة على الخد أو على الجبين، أو المناداة بحبيبي أو حبيبتي وغير ذلك من سلوك عاطفي خالٍ من الشهوة الجنسية، فإنهما يغرسان في نفوس أطفالهما أن الحب والمودة والملاطفة شيء أساسي في الحياة الزوجية، وأن إظهار الرجل الحب لزوجته وإظهارها الحب لزوجها أمر طبيعي ولا يدعو للخجل أو الحياء، بينما الطفل الذي يتربى بين والدين لا مودة بينهما أو لا يعبران عن المودة أمام أطفالهما فإنه عندما يكبر ويتزوج يجد صعوبة في التعبير عن الحب لشريك الحياة، ما يجعل حياتهما الزوجية غير سعيدة.
يقتدون بهذا السلوك:
ومن آثار الوالدين في زواج أولادهما أنه إن وقع أحدهما في الخيانة الزوجية وعرف الأولاد فإنهم معرضون عندما يتزوجون إلى الشك الزائد غير المبرر في الطرف الآخر، وإلى انعدام الثقة بجنس الرجال أو بجنس النساء، أو قد يستسهل الابن الوقوع في علاقات آثمة مثلما كان يفعل أبوه، أو تستسهل البنت عندما تتزوج أن تقع في الخطيئة مثلما كانت أمها تفعل، وكذلك يؤثر الوالدان في أولادهما من خلال الأسلوب الذي يتبعانه لحل خلافاتهما الزوجية، وبخاصة عندما يلجآن إلى العنف والعدوانية وإهانة كل منهما الآخر، وقد وجدت الدراسات أن حوالي 90% ممن يضربون زوجاتهم رأوا آباءهم يضربون أمهاتهم، وكذلك البنت التي رأت أمها لا تحترم أباها أو تشتمه أو تهينه أو ربما تضربه سيكون من السهل عليها التورط في سلوك مماثل مع زوجها. بينما يتعلم الأولاد من الوالدين التسامح والحوار والتفاهم وضبط اللسان وعدم التفوه بالكلمات الجارحة وحفظ الخلافات سرًا لا يطلع عليها أحد، وعندما يتزوجون يقتدون بهذا السلوك الراقي عند الخلاف، وقد يقصر الوالدان في تربية أولادهما، فيكبر الصبي ليكون شخصية فاسدة سيكوباتية بلا ضمير، فيتزوج ويمثل الحب ويتظاهر بالأخلاق، ثم بعدها يعامل زوجته وأطفاله بلا مسؤولية شديدة وإهمال، وينفق على ملذاته ويتركهم دون نفقة، وقد يسلب زوجته كل مالها، وقد يفرض عليها أن تعمل لتمده بالمال.
مستوى تعليم الوالدان:
إن الأولاد يتأثرون بأفعال الوالدين كزوجين أكثر مما يتأثرون بمواعظهم ونصائحهم، وإن المستوى الأخلاقي للوالدين يشكل العامل الحاسم أكثر من المستوى التعليمي، لأن حمل الشهادات العالمية لا يعني بالضرورة أخلاقًا حسنة وقيمًا سامية.
فعندما يقوم الأب المهندس بضرب زوجته وإهانتها وهي الطبيبة المختصة ويتكرر ذلك أمام الأولاد، وهم يرون أيضًا استيلاءه على راتبها وعدم إعطائها أية قيمة أو مكانة، فإن المستوى التعليمي له لن يمنع الأثر السلبي لهذا الأب وهذه الأم على حياة أولادهما الزوجية، وبالمقابل هنالك آباء وأمهات أميون، أو لا يعرفون إلا القراءة والكتابة ويكون سلوكهم كأزواج وزوجات قمة في الرقي والأدب وحسن التبعل، ويكونون مدرسة رائعة يتعلم منها أولادهم فن الحياة الزوجية والتعامل مع شريك الحياة. وإنه للأسف مهما علا المستوى التعليمي للوالدين فإن ذلك لا يعني أن مستوى معرفتهما بأسرار الحياة الزوجية سيعلو أيضًا، لأن الدراسة الجامعية إنما هي دراسة مهنة وليست ثقافة حياتية. والدراسة قبل الجامعة لا تعطي الحياة الزوجية، ويبقى اجتهاد الإنسان في البحث والتعليم الذاتي كي لا يقتصر على ما تعلمه من والديه وهو صغير.
وباختصار فإن نجاح زواج الوالدين يمهد لنجاح زواج أولادهما، وإخفاق زواجهما يهيئ زواج أولادهما للإخفاق وإن كان ذلك ليس حتمًا.
2 ذي الحجة 1425هـ
13 يناير 2005 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/160)
وصف القرآن للعلاقة الزوجية
أ- جاسم المطوع
قال لي صاحبي: سمعتك كثيراً تتحدث عن (الحب) بين الزوجين وأعتقد أن كلامك خطأ لأن الله - تعالى -عندما تحدث عن العلاقة الزوجية في القرآن لم يذكر لفظ (الحب) وإنما ذكر (المودة والرحمة) لقوله - تعالى -: {وجعل بينكم مودة ورحمة} فإني لا أعتقد أن (الحب) ضروري بين الزوجين وإنما الأصل المودة والرحمة.
قلت له: إن كلامك صحيح بعدم وصف الله للعلاقة الزوجية بلفظ (الحب)، ولكن هذا لا يعني إلغاء (الحب الزوجي) (فالحب) خلق مطلوب ومرغوب من الجميع فقد ذكره الله - تعالى -في القرآن في أكثر من آية مثل: {والله يحب المطهرين} {و الله يحب المحسنين} وعندما ذكر موسى - عليه السلام - في طفولته ذكر أنه حفظه (بالحب) {وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني} بل وجعل الله - تعالى -من أبرز صفات من يختارهم لنصرة الدين (الحب) فقال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} فماذا تقول بعد ذلك؟
قال صاحبي: كنت أظن أن (الحب) لم يذكر في القرآن..
قلت: بل وذكر بالسنة كذلك فقد ورد بالحديث: « إذا أحب الله - تعالى -العبد نادى جبريل: أن الله - تعالى -(يحب) فلاناً فأحبوه، فيحبه جبريل، فينادي أهل السماء: إن الله (يحب) فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول بالأرض »
قال صاحبي: إذن (الحب) موجود بين الله وملائكته وعباده، فلماذا إذا لم توصف العلاقة الزوجية (بالحب) بالقرآن؟
قلت: إذا لنتفق أن الله ذكر (الحب) في القرآن، وكذلك ذكر (الحب) في السنة بل أني سأسمعك حديث صريح عن وصف للعلاقة الزوجية (بالحب) وذلك عندما تحدث النبي عن علاقته بخديجة - رضي الله عنها - قال: "إني رزقت حبها " فماذا تفهم من هذا الحديث؟
قال متعجباً: وهذا نص واضح.
قلت: أخي الحبيب: إن السنة مبينة للقرآن وشارحة له وقد وصف لنا نبينا الكريم بأنه (يحب) خديجة - رضي الله عنها - فهذا من معاني (المودة والرحمة).
ثم أنه عندما يذكر القرآن الكريم (المودة والرحمة) في وصف العلاقة الزوجية فلا يعني هذا أنه ألغى (الحب)؟!
و إنما أكدّ عليه لأن (الحب) معناه: ميلان القلب والتعلق بالآخر، ومن صفات المحب خدمة الحبيب وطاعته والتشاور معه والتضحية من أجله وإيثاره، وكل هذه المعاني تشملها (المودة والرحمة).
بل إني راجعت (لسان العرب) في كلمة (مودة) فوجدت أن مصدرها (ودد).
و قال ابن سيده: الود الحبُّ يكون في جمع مداخل الخير وقال الليث: ودّك ووديدك كما تقول: حبُّك وحبيبك، والودود من أسماء الله - تعالى - من الود والمحبة.
فالمعنى أصبح واضحاً جلياً فعندما يصف الله - تعالى -العلاقة الزوجية (بالمودة) فقد وصفها بمعنى كبير وعظيم جداً يدخل فيه معنى (الحب) الزوجي.
قال صاحبي: ما كنت أتوقع هذا في القرآن والسنة وكان في تقديري سابقاً أن (الحب) بضاعة غربية يروجون لها.
قلت: لاشك أن معنى (الحب) عندنا يختلف عن المعنى المتداول في الغرب.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/161)
الصراحة بين الأزواج
عبد الله عبد الباري
الصراحة بين الأزواج باب للسعادة والشقاء:
أجمعت الآراء على أن الصراحة هي قوام الحياة الزوجية السليمة وانه لا غنى عنها بأي شكل من الأشكال كما أنها ضرورية لإيجاد التفاهم وحصول المودة ولكن اختلفت الأقاويل حول مدى الصراحة، وتعريفها ومدى علاقتها بالرجولة أو الأنوثة وهل هي مطلقة أم مقيدة، واجبة أم مستحبة، وكم هي نسبتها بين الزوجين والصديقين هل هي على مستوى واحد أم متفاوتة؟ وكيف تتحول من نعمة إلى نقمة؟
ويعد الكذب والمداراة وعدم المصارحة من أهم أسباب ضعف الثقة فالزوجة التي اعتادت الكذب وعدم الاعتراف بالخطأ تعطي الدليل لزوجها على ضعف ثقته بها وبتصرفاتها وعدم تصديقها وان كانت صادقة، والزوج الذي يكذب يعطي الدليل لزوجته كذلك.
ولو التزم الزوج وكذلك الزوجة الصدق والمصارحة لخفت المشكلات بينهما والثقة لا تعني الغفلة ولكنها تعني الاطمئنان الواعي، وأساس ذلك الحب الصادق والاحترام العميق وبناء ذلك يقع على الطرفين والمصارحة تدفع إلى مزيد من الثقة التي هي أغلى ما بين الزوجين وإلزام كل طرف بالصراحة منذ بداية حياتهما سويا ولا يطلب الزوج الذكي من زوجته أو خطيبته أن تقص له بداية حياتها وان طلب منها ذلك فلا يجب عليها أن تستجيب ويظهر بطلبه ذلك انه لا يعرف شيئاً عنها وعن عائلتها والسؤال كيف يرتبط بفتاة لا يعرف عن أهلها وبيئتها شيئاً؟ فيجب على الشاب أن يعرف ذلك كله قبل الزواج وليس بعده، وهذا من حقه قبل الزواج وليس من حقه بعد الزواج أن يطالبها بسرد قصة حياتها ويطرح عليها الأسئلة التي لن تزيد إلا في الفرقة، كمن أحببت؟ ومن خطبك قبلي؟ ومع من خرجت؟ وغيرها من الأسئلة التي هي طريق وإنذار ببداية انتهاء هذه العلاقة.
والصراحة هي أساس الحياة الزوجية وهي العمود الفقري في إقامة دعائم حياة أسرية سليمة خالية من الشكوك والأمراض التي قد تهدد كيان الأسرة بالانهيار وانه إذا ارتكزت الحياة الزوجية عليها كانت حياة هادئة هانئة أما إذا أقيمت على عدم المصارحة فإنها تكون حياة تعسة يفقد خلالها كلا الزوجين ثقته في الآخر.
ولكن للصراحة حدود فهي بين الأزواج ليست كما يفسرها البعض بأنها صراحة مطلقة وبلا حدود لأنها وبهذا التعريف تعتبر نقمة وليست نعمة فقد تؤدي إلى تدمير الأسرة خاصة إذا كان الزوجان ليسا على درجة كافية من التفهم والوعي والثقة المتبادلة لذا فإن للصراحة حدوداً تتمثل في مصارحة كلا الزوجين للطرف الآخر بما لا يضره أو يجرح مشاعره أما فيما يتعلق بحياة كل منهما الخاصة البعيدة عن المنزل والأسرة والأبناء كعلاقتهما بأصدقائهما أو أهليهما فإنه لا يجب فيها المصارحة على الإطلاق وذلك لان للأهل والأصدقاء أسرارا خاصة لا يجب أن يفشيها أي طرف لاسيما وان معرفتها لن تنفع بل ربما تضر بهما وبأهليهما فلذا على الزوجة التي تريد أن تحافظ على أسرتها أن تصون سرها ولا تبوح به لأحد وبذلك فهي تكسب ثقة زوجها واحترام أهلها في آن واحد.
فالصراحة ضرورية بين الأزواج وهي الأساس السليم الذي تبنى عليه الحياة الزوجية وأية علاقة في الحياة وعدم توفر الصراحة بدرجة كافية بين الأزواج يعتبر مؤشراً خطيراً لحياتهما معا حيث يفتح الكتمان باب الكذب والمواربة والمجاملة وهذا لا يعتبر نقطة ايجابية في الحياة الزوجية. كذلك من المهم جداً أن تكون للمصارحة الزوجية حدود لانه وان كان الزوجان عنصرين يكمل كل منهما الآخر إلا إنهما في النهاية يعتبران شخصين مختلفين فلكل منهما حياته الخاصة وأسراره التي لا يجب أن يطلع عليها احد، خاصة إذا كانت تلك الأسرار لا تتعلق بحياتهما معاً وإنما بعلاقة كل منهما بأهله وأصدقائه وبالرغم من تقديرنا للصراحة وأهميتها في الحياة الزوجية إلا أنني اعتقد أنها غير متوافرة بالدرجة المطلوبة وان نسبة من يتعاملون بها ضئيلة للغاية وهي عملة نادرة تكاد تنقرض ويعود سبب عدم المصارحة بين الأزواج إلى طبيعة وخصائص العصر الذي أصبح الإنسان فيه يخشى أخاه ولا يثق به فكيف إذن بالأزواج الذين لا تربط بينهم علاقة دم واعتقد انه لا يوجد شيء اسمه صراحة مطلقة خصوصاً في الحياة قبل سن الزواج فليس من الحكمة أن يصارح احد الزوجين الآخر بماضيه أو تجاربه الشبابية لأنه حتى وان غفرت الزوجة لزوجها فإن الزوج لن يغفر لها أبداً ومن ثم تصبح الصراحة الايجابية غير ايجابية عند تطبيقها على ارض الواقع فينبت الشك بين الزوجين ويبرز عدم الثقة وتبدأ الأسرة بالانهيار ومن قال انه يجب على الفتاة أن تسرد قصة حياتها على زوجها هل هناك آية كريمة أو حديث شريف يدل على ذلك بل على النقيض أمرنا الله بالستر وليس بالفضيحة.
ونحن بصدد التحدث عن مبدأ الصراحة ما بين الأزواج والزوجات علينا أن نتناول الشق الأول من الزواج ألا وهو فترة الخطوبة فيجب على الفتاة ألا تنسى أنها ستتزوج من رجل شرقي، وانه سيظل شرقياً مهما حصل على شهادات أو سافر إلى بعثات، فالشرقي شرقي ولن تتغير أفكاره مطلقا تجاه فتاته وما ينتظر منها من نقاء وصفاء هنا علينا بتحذير الفتاة من عدم التمادي معه في الحديث عن شخص كانت تتوقعه خطيباً وأعجبت به ولم تتم الخطوبة، أو قريبا تودد إليها ولم تصده.
فحكايات كهذه قد تؤثر في نفسيه الخطيب ما يدفعه إلى فسخ الخطبة قبل إتمام الزواج فالرجل الشرقي مهما أعجب بفتاة ما وبأفكارها ومبادئها وأسرتها فلن يرضيه إلا أن يكون الأول في حياتها، حتى وان تم الزواج فستسير الأيام صعبة بين خلافات وشجار وبكاء وتنتهي الأيام ـ المفروض أنها ايام العسل ـ إلى ايام نكد وحزن وقد لا يضبط انفعالاته فيصل الحال إلى الضرب والطلاق أحياناً.
ولكن الشق الثاني من الزواج ـ هو بعد عقد القران فقد أصبحت زوجته وقرة عينه ـ فعليك بالحذر وان تكوني الزوجة المخلصة المحبة وان تمدي جسور الصداقة والصراحة مع زوجك ـ وعليك التزام أوامر دينك فلا يدخل قريب أو غريب في غيابه ولا تقابلي احد الأقارب من السوق فتتمشين معه بحجة انه قريبك ثم تعودي لتصارحي زوجك فهذه ليست بالصراحة هذه لطمة لكبريائه وعزة نفسه، ولكي يحترم زوجك مبادئك وأفكارك فلابد أن تحترسي لمساحة الحرية والثقة التي منحها لك الزوج وان ترجعي عن كل تصرف أحمق فعلته في الماضي.
إن استقامة الحياة الزوجية تبنى أساساً على مدى مصارحة الأزواج بعضهم بعضاً وهذه المصارحة يجب أن تكون بلا حدود وان كان لابد في استخدامها من الالتزام باللياقة وحسن الكلام ولعل من أهم المشكلات التي يتعرض لها مجتمعنا الحالي سواء الطلاق أو تعدد الزوجات يرجع بالدرجة الأولى إلى عدم توافر الصراحة بالدرجة الكافية بين الزوجين مما أدى بهما إلى تعقيد المشاكل وعدم القدرة على التوصل إلى حلول ايجابية لها فكثرت الضغائن واشتدت الانفعالات وانعدمت الثقة وبالتالي جاءت العواقب وخيمة على الطرفين.
ولعدم المصارحة بين الأزواج عدة عوامل من أهمها: العادات حيث أصبحت العادات والتقاليد عاملاً أساسياً في عدم مصارحة الزوج لزوجته في مختلف الأمور فقد ساد اعتقاد خاطيء بأنه إذا صارح الزوج زوجته بمشاعره الحميمة تجاهها فإن ذلك ينقص من رجولته ويقلل من شأنه وهيبته في نظرها.
بل وقد يصيبها بالغرور في نفسها إلى حد انه يصبح بالامكان أن تكون هي الآمر الناهي في البيت وتسيطر على كل ما فيه.
واعتقد أن ذلك الاعتقاد خاطيء وانه يجب على الأزواج أن يسرعوا بتدارك الأمور وان يشعروا زوجاتهم بأنهم يبادلونهن نفس المشاعر والاحاسيس حتى لا تصاب الحياة الزوجية بالمرض الذي لا تشفى منه ولا عيب في ذلك فقد خلقنا الله لنكون هكذا وأيضاً فإن ديننا الحنيف أوصانا بحسن معاملة المرأة والتلطف معها.
وكذلك فإن الحالة النفسية للفرد تلعب دوراً مهماً في المصارحة بين الأزواج فكلما استقرت نفسية الزوج أو الزوجة وكلما وثق في نفسه وفي سلوكياته كان أكثر صراحة والعكس صحيح فقد نجد في بعض الأحيان زوجات يعلمن تماماً بخيانة أزواجهن وعلى الرغم من ذلك فإنهن لا يبدين أية ردة فعل ويفضلن عدم المواجهة علماً بأن عدم المواجهة أو المصارحة قد يجعل الزوج يتمادى في خيانته واعتقد انه لو صارحت هذه الفئة من النساء أزواجهن لاستطعن أن يقومن من سلوكهم ويتفادين النتائج السلبية التي ترتبت على تلك الخيانة وما من شيء يمنع تلك النسوة من المواجهة إلا عدم ثقتهن في أنفسهن وضعف شخصيتهن.
وأخيراً فإنني أتوجه لكل الأزواج والزوجات أن يتعاونوا معاً على سلامة واستقرار حياتهم الزوجية وان يتفهموا طبيعة العصر الذي نعيش فيه بعيداً عن العادات والتقاليد البالية منتهجين في ذلك قول الله - عز وجل -: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»..
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/162)
لا نجد من يفهمنا
سلام نجم الدين الشرابي
لماذا هم كذلك، لم لا يشعرون بما نشعر، لما لا يقدرون مشاعرنا ويستوعبون أحاسيسنا..كلما حاولنا التحدث إليهم اصطدمنا بجدار صلب وعدنا أدراجنا..صرخة تطلقها الفتيات.. (لا نجد من يفهمنا... )
عبارة ذات مضمون عميق، لها دلالات خطيرة، يتردد فحواها داخل كثير من الفتيات اللاتي لا يجدن من يفهمهن أو يقدر مشاعرهن، بل الأكثر من ذلك أن يقابلن باللامبالاة أو الاستهزاء بأفكارهن والرفض المسبق لمنطقهن كاستخدام عبارة تهكمية (جيل!) واعتبار أن جيل الآباء والأمهات حتماً هو الأفضل وأن هذا الجيل فاسد ولا جدوى منه..
هذه الأمور مجتمعة تجعل الهوة تكبر أكثر وأكثر بين الفتاة وعائلتها، وبالمعنى الأدق بين الأم وابنتها، فتفقد الأم القدرة على أداء دورها على الشكل المطلوب، إذ إن للأم دوراً كبيراً في توجيه ابنتها إلى الطريق الصحيح، باعتبارها أقرب شخص إلى ابنتها دون غيرها، وبما يجمعهما من نواحٍ مشتركة، كالناحية النفسية والناحية التكوينية وغيرها من النواحي، لكننا للأسف نرى أن هناك كثيراً من الأمهات لا يولين اهتماماً لهذه المسألة ويقف دورهن عند مسائل الرعاية كإعداد الطعام والملبس وغيرها من الأمور التي لا تصنف تحت بند التربية، وإنما الرعاية فقط.
هنا تشعر الفتاة بأن لا أحد من أفراد الأسرة يفهمها، ومتى تسرب هذا الشعور إلى داخلها، علينا حقاً أن نخاف من عواقب ما سيحدث، لأن الفتاة التي لا تجد الملاذ الآمن والصدر الواسع والذي تراه يتمثل في أمها، تلجأ إلى ملاذ آخر تنشد معه الراحة والأمان، وتبوح له بكل همومها ومشاكلها، وقد يتمثل هذا الشخص بصديقة أو قريبة تستمع لها ولأسرارها، ويقع الخطر عندما تكون هذه المقربة على غير دراية أو معرفة بهذه الأمور، كأن تكون في مثل سنها، وبالتالي فهي تفتقر إلى الخبرة والمعرفة، أو تكون غير ملمة بأمور التوجيه الصحيح فلا تستطيع معالجة مشكلاتها، وهنا تكمن الخطورة الحقيقية، إذ ربما توجه هذه البنت توجيهاً خاطئاً (كأن تكون من رفاق السوء) من قبل هذه القريبة أو الصديقة والتي لا علم لها بهذه الأمور، فتقع المشاكل والحوادث التي لا ينفع معها الندم.
ومن الأمهات من تضع اللوم على ابنتها في وصول العلاقة بينهما إلى طريق مسدود، إذ تشتكي بأن علاقتها مع ابنتها كانت جيدة قبل سن البلوغ وأنها كانت تعرف عنها كل شيء لكن الأمر اختلف تماماً بعد ذلك، وهنا يجب لفت نظر الأم إلى أن لسن المراهقة ظواهر يجب الانتباه لها ومراعاتها؛ كرغبة في إثبات الذات، أو التمرد على نظام البيت، أو الميل للجنس الآخر والرغبة في عمل علاقات معه سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة..
هذه الظواهر تحتاج إلى فهم عميق لطبيعة هذه المرحلة وكيفية التعامل معها.. وأفضل ما يمكن أن نصل من خلاله لأفضل الحلول يتلخص في كلمة "الصداقة"، علينا أن نصادق بناتنا وأبناءنا في هذه السن، وهو ما عبَّر عنه الحديث الشريف في السبعة الثالثة التي يصاحب فيها الأب والأم ابنه أو ابنته.
فالفتاة في هذه السن تحتاج إلى الصداقة في إطار من الحوار والحب والتفاهم، وهذه الصداقة لا تنشأ بين يوم وليلة إنما يجب أن تبدأ منذ الصغر، لتعتاد الفتاة على إسداء النصائح لها من أمها وتقبلها حيث تكون أكثر طواعية في سن الطفولة، كما أنها ستعتاد على الصراحة وسكب كل ما تشعر به أو يمر بها في حضن أمها التي من المفترض أن تخصص الوقت الكافي لمجالسة ابنتها والاستماع إلى حديثها.
لاشك أن كثيراً من الأحاديث التي تسكبها البنت في أذن أمها قد لا تدخل ضمن اهتمامات الأم، حيث تختلف الاهتمامات من مرحلة عمرية إلى أخرى، ولكن على الأم أن تفكر بما هو أهم من الاستمتاع بالحديث الدائر، إذ عليها الانتباه ليس فقط لما تقوله ابنتها، بل إن تقرأ ما بين السطور لتكون على دراية كاملة بحال ابنتها لتستطيع أن تسدي لها النصيحة المناسبة ولو بشكل غير مباشر، إن ذلك من شأنه أن ينمي جو الصداقة بين البنت وأمها ويشعر الفتاة بالثقة، وأن هناك من يفهمها وبذلك نستطيع أن نتخطى الكثير من المخاطر التي يمكن أن تواجهها الفتاة في هذه السن الحرجة.
وفيما يلي بعض النصائح التي من شأنها أن تساهم في تقوية أواصر الصداقة بين الأم وابنتها:
- تذكري أن الإسلام يحثنا على مجالسة أبنائنا، وتقديم الوعظ والإرشاد لهم، ويحذرنا من مغبة تركهم عرضة للضياع.
- تقربي من ابنتك وشاركيها الرأي في أمور المنزل، واستشيريها في كل شيء حتى في أمورك الخاصة ومشاكلك.
- يجب أن تبدأ علاقة الصداقة والمحاورة بين المراهقة وأهلها منذ الصغر.
- اخرجي معها في نزهة، أو تناولا بمفردكما الغداء أو العشاء، وتحادثا في كل الأمور الطارئة في حياة الفتاة.
- تذكري دوماً أنك مرّرت بهذه المرحلة، وأن كثيراً من الأحاسيس والانفعالات التي تعيشها ابنتك عشتها أنت، ذلك سيجعلك تقدرين مشاعرها، ومن الأفضل إخبارها بأنك مررت بنفس المراحل التي تمر بها، وأنك كنت تلجئين إلى أمك عندما تواجهك أي مشكلة وكنت تجدين الحل الذي يريحك، ذلك سيشجعها على أن تكون أكثر صراحة معك وستشعر أنك الملجأ الآمن لها.
- ابتعدي عن المبالغة بالعتاب حتى لا تفقدين الصراحة بينكما.
- الكثير من المشاكل التي تقع بها الفتاة سببها الفراغ التي تعيشه الفتاة في هذه السن، لذا عليك أن تشغلي وقت ابنتك في كثير من النشاطات الرياضية والثقافية والدينية، ومساعدتها في تنمية موهبتها.
01-ربيع ثاني-1426 هـ
09-مايو-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/163)
لماذا تهرب الفتيات ؟.. وممن ؟!
سلام نجم الدين الشرابي
هل غدا هروب الفتيات ظاهرة منتشرة في البلاد العربية..للأسف الجواب على هذا السؤال نعم..
فتيات الأمس مثال البراءة والطفولة حتى وهن على مشارف الزواج غدون تائهات.. متخبطات في زمن دخلت إلى عقولهن وحياتهن أفكار غريبة.
كثيرة هي القصص التي نسمعها عن هروب الفتيات من بيوت أسرهن، وكل منهن لها قصة وحكاية تبرر هروبها، وأياً كانت الظروف فما من شيء يبرر خروج الفتاة من بيت أهلها خلسة..
وقد تتعدد الأسباب وراء هروب الفتيات من منازل أسرهن، إلا أن النتيجة كانت دائماً واحدة ضياع الفتاة والمضي في طريق لا رجعة منه.
تشير الإحصاءات الاجتماعية الصادرة في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر إلى تزايد ملحوظ في عدد البنات اللائي يتركن منازل أسرهن في سن المراهقة بغير رجعة، ففي عام 1990 سجلت الإحصاءات 125 حالة ارتفعت في عام 1993 إلى 850 حالة وتعدت الألف في عام 1995م، ثم زادت بدرجة لافتة في الأعوام الثلاثة الماضية لتصل إلى ما يزيد على 7340 حالة.
ما هي الأسباب؟!
يقول الدكتور محمد المفتي عميد كلية التربية جامعة عين شمس: "من أسباب ظاهرة هروب الفتيات المؤثرات الإعلامية السلبية، حيث جعلت فورة الاتصال والتكنولوجيا العالم بما فيه من أضواء وإغراءات تدخل القرية من دون حدوث نقلة حضارية حقيقية داخلها، ومن دون توعية حول حقيقة هذه الإغراءات واختلافها عن الواقع، فوسائل الإعلام تنقل إلى مساكن الريف صورة المربية الفاضلة والحياة السهلة المملوءة بالمتع التي يعيش كل من فيها على حريته ويتصرف كيفما يشاء.
بينما ما زالت الحياة في القرية مملوءة بالصعوبات التي تضايق سكانها، كذلك الظروف الاقتصادية وتطلع المراهقات من اللاتي يعانين الفقر والعامة إلى الثراء الأمر الذي يسهل على المافيات التعاطي وتحويلهن إلى سلعة في سوق الرقيق الأبيض".
ومن الأشياء المسببة لانتشار هذه الظاهرة الظروف الاجتماعية والأسرية القاسية كالخلاف بين الأب والأم أو انفصالهما، فالأسرة التي يحدث فيها نوع من التفكك بين الأب والأم وينفصلان فعلياً داخل المنزل ولو لم يحدث الطلاق يجعل الأبناء ولا سيما الفتيات غير قادرات على التأقلم مع هذا الواقع، ويفتقد البيت الرعاية والحنان اللازمين لها في هذه المرحلة العمرية، فتبحث عنهما في مكان آخر.
وجود فجوة في العلاقة بين الأم وابنتها ونقص الثقة والحنان الذي يمكن أن تشعر به الفتاة واقتصار العلاقة بينهما على الأمر والنهي مما يولد لدي الفتاة الرغبة في الانفصال عن أمها والاستقلال بحياتها وتصرفاتها.
سن المراهقة يعتبر من العوامل المساهمة في تصاعد هذه الظاهرة لذا يجب الانتباه والتعامل بوعي مع طبيعة فترة المراهقة وما تحمله من التمرد، خصوصاً مع التغيرات التي تحدث في مجتمعنا، فالعوامل التي حولنا تدفعهم إلى التمرد على الواقع بدءاً من نمط قصة الشعر وانتهاءً بالتمرد على الأهل وترك المنزل.
وقد سجلت حالات لهروب فتيات بسبب علاقة عاطفية ربطتهن بشاب أردن الزواج به ولم يحظ على موافقة الأهل أو نتيجة الضغط عليهن من أجل الزواج بشخص مسن أو شخص غني لا يرغبنه أو التورط بزواج عرفي وحدوث الحمل والخوف من اكتشاف الأهل لذلك.
النهاية واحدة..
تختلف القصص التي سمعناها بأسماء الفتيات والمناطق التي حدثت فيها تلك القصص وكذلك الأسباب التي أدت إلى هروبهن من أسرهن إلا أن خاتمة القصة كانت متشابهة إلى حد كبير.
حالة من الضياع تعيشها الفتاة بعيداً عن كنف أسرتها معتقدة أنها ستجد ما تحلم به فتكتشف أنها أخطأت الطريق ولكن بعد فوات الأوان، وتدرك متأخرة أنها فقدت الحنان الذي تبحث عنه إلى الأبد وأن خسارتها شملت دنياها وآخرتها.
16-جماد أول-1426 هـ
22-يونيو-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/164)
يا أيها الرجال شرفتم المطبخ
• الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان في مهنة أهله.
• العمل المنزلي مسؤولية نسائية ومساعدة الرجل حسب الحاجة.
• مساعدة الزوجة لا تنقص الرجولة وتدعم الروابط الأسرية.
عدت من عملي منهكة، وبملابس الخروج بدأت في إعداد الغداء قبل عودة زوجي من عمله، وأطفالي من مدارسهم، كنت أنقل قدمي بتثاقل، وعندما أكملت إعداد الطعام، ودار مفتاح زوجي في الباب، ألقيت بجسدي على أقرب مقعد، واغتصبت ابتسامة على وجهي، وطلبت من زوجي باستعطاف أن يساعدني في إكمال مهماتي، فنظر إليّ بتأفف وقال: هذه مسؤوليتك!
موقف حدث لكثيرات، وتوقفن عنده، أو اخترنه وجعلنه وقوداً للخلاف، أو عبرنه، واستعنَّ بالله على أعبائهن.
موقف يختصر مساحات الود بين الزوجين، ويخصم الكثير من رصيد العشرة بينهما، ويدخل الكدر على نفس الزوجة، بينما لو ساندت اليدُ اليدَ لزاد الود، وتوثق العهد، وأصبح العمل المنزلي متعة مشتركة، هي ليست دعوة لتبادل الأدوار، ولكن للتعاون على الأداء.
تقول السيدة أمنية هان - ربة منزل -: "يساعدني زوجي مساعدة غير مباشرة، فهو لا يغضب مثلاً إذا جاء من الخارج ووجدني نائمة، فيقوم بتحضير طعامه بنفسه، ولكني لا أتخيله يقوم بغسل الأطباق مثلا، مع أنه يفعل هذا إذا اضطرتني الظروف للغياب عن المنزل، كما أنه في يوم الإجازة يصر على تحضير الإفطار بنفسه لنا جميعاً.
فمساعدة الرجل لزوجته لا تنقص من مكانة الرجل في بيته، بل تدل على حنانه، وحبه لزوجته، وعمله على راحتها.
ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، وفي صحابته أيضاً، فهذا سعيد بن عامر - رضي الله عنه - عندما كان والياً لحمص اشتكى منه الناس في أمور ثلاثة..منها أنه كان يخرج لهم في وقت متأخر من النهار.ففسر ذلك بأنه لم يكن لزوجته خادم، وأنه يقوم بإعداد العجين لها في أول النهار.
ويوافق "خالد محمد" - محام - على مبدأ المساعدة، ولكن بحدود، ويؤكد "أنه يساعد زوجته في أشياء كثيرة عندما تكون مريضة مثلاً، أو تكون متعبة من كثرة بكاء الطفل، وعدم نومه ليلاً، ولكنه يرفض نشر الغسيل مثلا؛ حتى لا يعرف أحد أنه يساعد زوجته، خصوصاً أسرته!
ويضيف: ذات مرة كانت زوجتي مريضة بعد ولادة طفلي، وكنت في المطبخ أحضر الطعام، فدق جرس الباب، ووجدت نفسي أفتح الباب، وأنا بمريلة المطبخ، وأمامي زوجة أخي جاءت تطمئن على زوجتي، ولم أدر ساعتها ماذا أفعل؟ فقد تسمرت في مكاني، ولم أتحرك، ولم أدر كم مر من الوقت عليّ بهذه الحالة ".
تقول "سها سامي" - زوجة حديثة -: "تعودت أن أرى والدي يساعد أمي في يوم الإجازة، وأيضًا زوجي يساعدني إذا سمح وقته بذلك، ولكنني في بعض الأوقات أصر على عدم مساعدته لي، وهو يصر على المساعدة، وأرى أن مساعدة الرجل لزوجته تحدث تبعاً لما تعوّده قبل الزواج، فزوجي تعوّد مساعدة والدته، واستمرت هذه العادة عنده بعد الزواج، وهناك أزواج بارعون في الطهي، وجميع الأعمال المنزلية إذا دعتهم الضرورة".
ويرفض بشدة "أمجد علي" - محاسب - هذا المبدأ، ويرى أن الزوجة وحدها مسؤولة عن البيت وشؤونه، ويقول: " لقد تربيت على ذلك، فلم أتعود قبل الزواج المساعدة في أمور المنزل؛ إذ كانت أمي ترفض أن يساعد أبناؤها البنون في أعمال المنزل مع البنات، وتعتبر أن البيت هو مسؤولية البنت التي عليها أيضًا تلبية طلبات البنين".
أما "عصام محمد" - طبيب - فيعترض على الرأي السابق ويقول: " رغم أنني طبيب، ومشغول دائمًا؛ فإنني أقتنص بعض الوقت لمساعدة زوجتي، فهي أيضًا طبيبة، ونحن حديثو الزواج، وأجد متعة وأنا أساعدها، وأضع الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدوة أمامي في مساعدة أهله، فأساعدها حتى أشعرها بحبي لها؛ لأن من مظاهر حب الرجل لزوجته مساعدتها، ولو معنوياً بألا أحملها فوق طاقتها، وألا أعاتبها على تقصير منها، فيكفي أنها تشعر أنها مقصرة، فلا أتحامل عليها، بل أقوّمها بكلمة طيبة ترضي الله - عز وجل -".
ولا تتحمس "سيدة مصطفى" - 64 عاماً - لمساعدة الرجل لزوجته في المنزل، وترى أنها "دلع" زائد من الزوجات، وعندما قلت لها إن الزوجة تعمل خارج المنزل مثل زوجها، ردت: "خلاص.. ذنبها على جنبها".
بينما تؤكد "حليمة" أن أول ما ستوصي به ابنها، بعد حسن عشرة زوجته، أن يساعدها على هموم البيت. وتضيف: " أحب لزوجة ابني ما أحب لابنتي التي رزقها الله بفضله زوجاً طيباً يده بيدها في كل شيء، أكرمه الله".
وحول الرؤية الاجتماعية لمشاركة الزوج في الأعمال المنزلية يقول الدكتور"صلاح عبد المتعال" - أستاذ الاجتماع والخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية -: "العمل المنزلي مسؤولية الزوجة، فلا يمكن أن يقوم الرجل بنشر الغسيل مثلاً، فالتراث الثقافي لدينا يقول إن للرجل دور القوامة، والمرأة لها دور في البيت، وخلط الأوراق يوجد عدم اقتناع، وقدوتنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث كان يساعد أهل بيته في أشياء تساند الزوجة، وتخفف عنها، فهي علاقة إنسانية بالدرجة الأولى، وعندما يجد الزوجة مرهقة مثلاً فعليه مساعدتها؛ فهي ليست أََمَةً لديه.
والرجل يعمل في السعي على الرزق، والمرأة لصناعة الرجال، وهذا ليس له علاقة بالمساواة التي ينادون بها، فعمل المرأة داخل بيتها هو من أمتع الأعمال لديها مهما وصلت درجتها العلمية، أو الاجتماعية، أو الوظيفية، والتعاون بين الزوجين مطلوب في حدود ودون طلب مباشر، ولكن تطوعاً أيضاً بمساعدتها، ورحمة لها.
ويرى الدكتور صلاح آثاراً إيجابية للمساعدة إذا حدثت دون مبالغة؛ لأنها تشعر الزوجة بحب زوجها لها، وعطفه عليها، وأيضاً عدم المساعدة له آثار سلبية، حيث يجعل على عاتقها مسؤوليات أكثر بدلاً من مسؤولية واحدة. ويشعرها بأن زوجها يتجاهل معاناتها ولا يهتم بها".
د. نجلاء فايز - صيدلية - تتحدث عن مساعدة زوجها لها فتقول: "هو رجل طيب جداً وحريص على مساعدتي، ولكنني - رغم إرهاقي - أرفض ذلك وبشدة، فقد حدثت عدة مواقف أكدت لي أنه " نار التعب ولا جنة مشاركة زوجي لي في أعمال المنزل"!، فذات مرة وضع الغسيل الملون في الغسالة، وأضاف للمسحوق كمية من الكلور لزيادة النظافة على حد قوله، والنتيجة أن الملابس صارت بلا معالم واختفت ألوانها.
وفي مرة أخرى وصلت فتات " البقسماط " إلى كل ركن في الشقة حين حاول إعداد "البفتيك "، وعندما تطوع بتنظيف المطبخ حظر عليّ دخوله؛ فحرمت طوال اليوم من كوب شاي، ومن وقتها قررت أن أعمل كل شيء بنفسي، وأقنع منه بعرض المساعدة، وبكلمة: "الله يعينك "!
هل هناك رجل في هذا الوقت أكثر انشغالا من الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ بالقطع لا، ومع ذلك فإن قائد الدولة الإسلامية - صلى الله عليه وسلم - كان في مهنة أهله، داخل دائرة مهمات نسائه المنزلية، لا يترفع عن مساعدتهن وهن متفرغات، ولا يتعالى على مد يد العون لهن، وهو خير الرجال.
ولكن شتان بين التعاون الاختياري، والمساعدة الجبرية، وشتان بين رجل يتطوع، وآخر يطلب منه ذلك قسراً، وبين حياء الزوجة من طلب العون المباشر، وخيرية الزوج الذي يأخذ المبادرة، هنا تتسع مساحات الود، والتراحم، والهناء، ولا يتحول مصطلح توزيع الأدوار إلى قسمة جامدة صارمة، بل إلى كعكة لذيذة يتقاسمها الزوجان بحب واستمتاع وفخر!
06-صفر-1423 هـ
18-ابريل-2002
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/165)
أيها الزوج ... تغزل في زوجتك
الشيخ عبد الملك القاسم
تحتاج المرأة في جميع أطوار سني عمرها المختلفة إلى لمسات حانية و كلمات عذبة تلامس مشاعرها المرهفة وطبيعتها الأنثوية! وبعض من تخلو بيوتهم من تلك الإشراقات المتميزة يكون للشقاء فيها نصيب، وقد تكون قنطرة يعبر عليها من أراد الفساد إذا قل دين المرأة ونزع حياؤها وسقط عفافها! وقد اطلعت على معلومات أفجعتني وسمعت قصصاً أقضت مضجعي! فإحداهن سقطت في الفخ لأنه قيل لها: "أنت جميلة"، وهي كلمة لم تسمعها مطلقاً! وأخرى زلت قدمها عندما رفع أحدهم صوته: "أنت امرأة ذات ذوق رفيع... "، وأخريات صادتهن شباك الذئاب البشرية لجوع عاطفي وفراغ نفسي لم يشبعه زوجها أو أبوها!
ولست أسوغ الفعل - ومعاذ الله ذلك - ولا يجوز للمرأة أن تتخذ هذا النقص فيمن حولها ليكون سلماً إلى الحرام! لكن السؤال موجه إلى البعض: لماذا لا نغلق تلك الأبواب دون الذئاب المتربصة ونلبي حاجات من حولنا عاطفياً ونفسياً؟
ولا يُظن أن هذا الأمر مقصور على النساء فحسب بل إن جزءاً كبيراً من انحراف الأطفال والأحداث سببه نقص العاطفة لديهم، إما بحرمان من عاطفة أم، وإما من حنان أب، وإما من غير ذلك!
وبعض الفتيات كان طريق الغواية لديهن هو البحث عن العاطفة لدى شاب تسمع منه عبارات الإطراء والإعجاب وكلمات الحب والصداقة!
ونعجب أن بناتنا معزولات عن آبائهن وأمهاتهن، وليس لهن حق في المجالسة والمحادثة والنقاش وإيراد الطرفة والتحدث بهمومهن وآمالهن! فسارعي أيتها الأم وأجلسي ابنتك بجوارك وسابقيها في نزهتك، واجعلي بعض وقتك لها، وستجدين من السعادة والمتعة ما لا تجدينه في أمور أخرى! وأنت أيها الأب تلقف ابنتك بالحب والحنان والعطف ولين النفس قبل أن يتلقفها غيرك، أو أن تتزوج فلا تراها إلا كل شهر دقائق معدودة... والعجب من التساهل في هذا الأمر فلا نغلق هذه الطرق.
ولا نسارع في سد هذا النقص، زوجاتنا يعشن في صحراء قاحلة لا يرين الابتسامة ولا يسمعن كلمة المحبة! وبناتنا معزولات عن آبائهن وندر منهن من تسمع كلمات الثناء على أناقتها وحسن اختيارها! وأما صغارنا فقد حرموا من الهدية وتناسينا أن المزاح معهم من سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.
وفي دوحة الأسرة الصغيرة ضنت الألسن بكلمة جميلة وهمسة حلوة تذيب جليد العلاقات الفاترة بين الزوجين خصوصاً... وبينهم وبين أولادهم عموماً.
ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - له السهم الوافر وقصب السبق في تلمس الحاجات العاطفية والرغبات البشرية، فقد كانت سيرته مع زوجاته وبناته لا تخلو من حسن تبعل وتدليل وممازحة وملاطفة وحسن إنصات.
فها هو - عليه الصلاة والسلام - إذا أتت فاطمة ابنته - رضي الله عنها - قام إليها فأخذ بيدها فقبلها، وأجلسها مجلسه. وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها وكان إذا رآها رحب بها وهش وقال: " مرحباً بابنتي".
أما مع زوجاته - عليه الصلاة والسلام - فقد ضرب المثل الأعلى في مراعاتهن وتلمس حاجاتهن، بل هاهو - عليه الصلاة والسلام - يجيب عن سؤال عمرو بن العاص - رضي الله عنه - ويُعلمه أن محبة الزوجة لا تخجل الرجل الناضج السوي. فقد سأل عمرو بن العاص: أي الناس أحب إليك؟ فقال - عليه الصلاة والسلام -: "عائشة ".
وكان - عليه الصلاة والسلام - من حسن خلقه و طيب معشره ينادي أم المؤمنين بترخيم اسمها ويخبرها خبراً تطير له القلوب و الأفئدة، قالت عائشة - رضي الله عنها -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً: "يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام "
وكان - عليه الصلاة والسلام - يتحين الفرص لإظهار المودة والمحبة، تقول عائشة - رضي الله عنه -: " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ "
لكل رجل: راجع حساباتك وتفقد أمرك، فالأمر مقدور والإصلاح يسير وفيه تأس بالأخيار وحماية من المزالق وسد لهذه الثغرات المهمة في حياة كل نفس بشرية.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/166)
الزوجة والحماة .. صراع قلبين على قلب
عبد الفتاح الشهاري
- ليلى بيومي
- ضحى الحداد
- إبراهيم الزعيم
- الفضائيّات أساءت لسمعة الحماة في المجتمع وصوّرتها كبُعبع.
- المعاملة الحسنة طريق معبّد للوصول إلى قلب أم الزوج.
- باحثة اجتماعية: تراثنا مليء بالحموات العادلات والحازمات.
- غياب بيت العائلة الكبير أحدث شرخاً في قيمنا.
درجت الأسر على استقبال زوجة الابن بالأفراح والزغاريد.. لكن ما أن تمضي شهور حتى يتم إعادة تشكيل العلاقة بين هذه الوافدة الجديدة زوجة الابن (الكَنّة) ووالدة الزوج (الحماة)، وفي تلك اللحظات يتحدّد شكل المسار المستقبلي لهذه العلاقة، فإما أن تسير كعلاقة بين أم وابنتها، أو تبدأ كعلاقة عِدائية يحاول كل منهما أن يلغي الآخر، وينال منه ويقتنص زلاّته، ويصوّره أمام الطرف الثالث (الزوج- الابن) كبُعبع ينبغي الحذر منه بل والخلاص منه أحياناً.
يحكي لنا الآباء والأجداد وكبار السن أن الفتاة كانت تُوصَى يوم زفافها من الجميع -وخاصة أمها- بحماتها (أم زوجها)، وبضرورة طاعتها قبل أن تطيع زوجها.
لكن جيل التلفاز تغيّرت مفاهيمه، وأصبحت الفتاة وأهلها يشترطون على من يتقدم للزواج منها أن يبعد أمه عن ابنتهم. وأصبحنا لا نرى مسلسلاً ولا فيلمًا إلا وأظهر الحماة في صورة السيدة الشريرة المتسلطة حتى ساءت سمعتها تمامًا.
الزوجة وأم الزوج، أو الكَنّة أو الحماة أو العمّة، بأيّ الأسماء يحب البعض أن يسميها، قضية اجتماعية مهمة، سعت (الإسلام اليوم) أن تضعها على طاولة البحث، متسائلةً: هل علاقة هذين الطرفين ببعضهما علاقة نزاع وشقاق أم علاقة حبّ وتفاهم؟ وما أسباب توتر هذه العلاقة؟ وما موقف الابن بين الطرفين؟ وهل لوسائل الإعلام دور في هذه القضية؟
تعتقد "أم أحمد" من الرياض(متزوجة وأم لثلاثة أبناء) أن هناك غيرة متبادلة ومشتركة بين القلبين، ومن الصعب أن نقول عكس ذلك، ولكن في أحيان كثيرة قد يكون منشأ هذا الصراع مؤثرات أخرى خارجية مثل أخوات الزوج، فأحياناً كما تقول (ن. ش) قد تكون الحماة فيها شيء من الغيرة البسيطة التي يمكن أن تتجاوزها الزوجة، أو تتفهمها ولكن عندما تكون المسألة متعلقة بأخوات الزوج فإن غالبية إثارة الحماة تكون عن طريقهن..
خدمة سوبر ستار
وتبدي (أ. ع) تعجّبها الشديد من الشكل الذي تصوّر به الفضائيات صورة (الحماة) وتقول: إن الكنّة (زوجة الابن) تستطيع أن تكسب حماتها إذا أحسنت معاملتها، واستعرضت مع (الإسلام اليوم) تجربتها؛ ففي الأيام الأولى لزواجها كانت أم زوجها شديدة للغاية في معاملتها وقاسية في تصرفاتها، فرغم أن لها شقة منفصلة عن بيت العائلة إلا أنها تجبرها أن تمكث عندها كل النهار، لتقوم لها بالأعمال المنزلية، واستقبال الضيوف، والعديد من الأعمال الشاقّة الأخرى، ومع ذلك فقد تحلّت زوجة الابن بالصبر إلى أن شاءت الأقدار أن تقع أم زوجها طريحة الفراش، فلم تجد من يقوم بخدمتها غير زوجة ابنها، فوقفت زوجة الابن إلى جانبها في أزمتها، ومكثت بجوارها إلى أن استعادت صحّتها، وشعرت الأم بمقدار اهتمامها بها، ومن ذلك الوقت وهي تعاملها بأسلوب حسن، واستطاعت أن تستقلّ بمنزلها الخاص، ولم يمنعها ذلك من تلبية حاجات أم زوجها من وقت لآخر.
غيرة بالإكراه
ومثلما تنظر بعض الفتيات إلى (العمّة) - باللهجة العراقية - كامرأة ظالمة، فإن صورة زوجة الابن تعكس نفسها في داخل العمة، وهذا ما ثبّتته إحدى العمّات أو الحموات بصراحة تامة، بأنها تغار من زوجة ابنها عندما تدخل معه إلى غرفة النوم أو إذا تسامرا أو ضحكا! وهي تحاول جاهدة التخلي عن هذه الأحاسيس لكنها تأتيها رغماً عنها، وتضيف بأنها سعت في زواج ابنها لابنة أختها حتى لا تشعر بالغيرة في حال إذا كانت الزوجة غريبة، لكن كونها خالة وعمّة في آن واحد فهذا أمر صعب عليها.
مبالغات بعيدة عن الصِحّة
س. ر (من فلسطين) تتفق في أن أم الزوج ليست دائما الوجه السيّئ، فهي تسمع العديد من القصص التي يردّدها الناس عن أعمال الحموات وأفعالهن بالرغم من أن زوجات الأبناء قد يكنّ أكثر قسوة على أمهات أزواجهنّ، وتتساءل: لماذا تكون الحماة هي الضحية دائماً؟!
وتوضّح في حديثها أنها لم تجد ما يسيء لها من قبل أم زوجها، فحماتها كما تقول سيدة فاضلة جديرة بالاحترام، وتعاملها بكل حب واحترام، وهي تبادلها الشعور نفسه.
جانب مشرق:
وعلى الرغم من الصورة التقليدية السيّئة التي يُروّج لها إلا أن السيدة هدى (25 عاماً من العراق) عبَّرت عن سعادتها بحماتها التي طالما أحسنت معاملتها، فحماتها اشترت لها قلادة من ذهب غالية الثمن تعبيرًا عن حبّها، وعندما سألنا حماتها (أم علي) أجابت بأن كَنّتي (أي زوجة ابني) تعاملني أحسن معاملة، كما أنها تراعي زوجها وتقوم بواجبات ابني الآخر غير المتزوج، فأحببت أن أكافئها وأعبر لها عن امتناني لها، وتختم حديثها: "أتمنى أن تحصل جميع الحموات على زوجات لأولادهن مثل زوجة ابني".
لؤم وخداع:
وعلى الجانب المضادّ تقف الحاجة رئيفة أبو السعد (من مصر)؛ فزوجة ابنها رفضت أن تقيم معها في منزل الأسرة، وتمسّكت بأن تكون لها شقة جديدة ومستقلة، وبالفعل ضغطت على زوجها حتى استأجر لها شقة بعيدة يتطلب الانتقال إليها استخدام أكثر من وسيلة مواصلات، ولذلك فلم يكن هناك مجال كبير لزيارتهم. ولم تكتف زوجة الابن بذلك بل أخذت تعمل على أن تفصل بين زوجها وأشقائه مع أنهم يعملون في مجالات عمل متصلة ببعضها، ورفضت أن يشارك زوجها إخوته، وطلبت أن يشارك أصهاره بدلاً عنهم، وتحكي "أم السعد": "عندما نزورها تصرّ على استقبالنا في الصالون استقبالاً رسميًا، وتنشغل بالمهام المنزلية، أي أنها تريد أن تقول: إنكم لستم مرغوبين عندي ولا في بيتي".
دعوة على فراش الموت
مثل آخر وصورة إيجابية لتعامل الزوجة مع أهل زوجها يرويه الشيخ رجب سالم -إمام وخطيب وخريج كلية الشريعة من مصر- فيقول: تزوج أشقائي وشقيقاتي، وسافرْتُ للعمل في الخارج، ورافقتني زوجتي عدة سنوات في السفر، ثم بقيت هي والأولاد في منزل الأسرة مع والدي ووالدتي المسنّيْن، وعملت على خدمتهم بطريقة جعلتهما يدعوان لها ليلاً ونهارًا، بل أقول: إنهما أحبّاها أكثر من بناتهما؛ لأنها أكرمتهما، وكان أبي يقول لي: لا نريدك طالما معنا زوجتك، ومات أبي وهو يدعو لها على فراش الموت.
الواقع يكذّب التلفاز
وتتفق سامية المنجد -وهي مهندسة بهيئة التلفونات المصرية- مع من يقول بأن الحموات لسن كلهن سيئات، وأن علاقتهن مع زوجات أبنائهن ليست علاقة ضد، فحماتها تحبّها وهي تعاملها مثل أمها تماماً، وكانت سامية المنجد تعتقد في بداية زواجها أن حماتها تخصها وحدها بهذا الحب دون زوجات أبنائها الأخريات، لكن بمضي الزمن أدركت أن ديدن حماتها نشر الحب على الجميع، فالكل يلتف حولها ويبثّ إليها همومه فلا تبخل عليهم بالنصح الجميل والرأي السديد، لذلك كان موت هذه الحماة يوماً عصيباً على كل الأسرة، وبكتها زوجات أبنائها كما لو كنّ فقدْن أمهاتهن، بل وأطلقت إحداهن اسمها على ابنتها الصغيرة التي وُلدت بعد وفاتها.
أغار.. ولكني أتودّد
نوع آخر من التعامل الحسن ترويه لـ(الإسلام اليوم) "أم طيف" من السعودية، فرغم الغيرة المشتركة بينها وبين أم زوجها على الابن، إلا أنها لم تتعدّ حدود المعقول، وظلت خامدة لا تثير المشاكل، وعملت كل من زوجة الابن والأم على بقائها -أي الغيرة- في إطار محدّد، بل حاولتا التخلص منها؛ فوالدة الزوج تحاول قدر طاقتها أن تخفي هذه الغيرة، أما زوجة الابن فكانت تتودّد لحماتها بالهدايا والمعاملة الحسنة، وبذلك سارت العلاقة داخل البيت تسودها المحبة ومراعاة كل واحدة منهما للأخرى.
هل أكون عاقاً؟!
يقع الزوج غالباً في حرج تعامله مع القلبين، فهو يريد أن يكون بارًّا بوالدته، ومحبًّا بما يرضي الله لزوجته، يتمثل هذا الإشكال في أكبر جوانبه في جانب الأعطيات، والهبات؛ إذ يجد الزوج حرجاً دائماً أمام زوجته وأمّه.. وهنا يرى المستشار النفسي (فهد السنيد) أنه لا يجب العدل بين الزوجة والأم، فالزوجة لها نفقة خاصة بعقد النكاح؛ لأن فيه استمتاع، ولا يُلزَم المرء أن ينفق على أمّه كلما أنفق على زوجته، إلا إذا كانت الأم بحاجة إلى نفقة وكان الابن غنياً، فالأم ليست بِضَرّة حتى يعدل بين زوجته وبينها في الكسوة والسفر، والمبيت، ونحو ذلك.. الأم لها نفقة خاصة بشرط أن تكون محتاجة ويكون الابن غنياً، أما الزوجة فلها نفقة واجبة بكل حال، ولو كانت غنية والزوج فقيراً. ويستطرد السنيد "لكن في حالة الغيرة الشديدة من الأم بسبب ما ينفقه الزوج على زوجته فلا شك أن الأحسن أن يداري أمه، ولا يُظهر لها أنه أنفق على زوجته، وإذا جعل ذلك سراً ولم تعلم به فهذا طيب، ومع ذلك لا ينسى أمّه من الهدايا ونحو ذلك، وإذا كانت محتاجة فيجب عليه أن ينفق عليها.
أنماط مستوردة:
تُرجع الباحثة في العلوم الاجتماعيّة (أميمة نوير) جذور مشكلة الحماة مع زوجة الابن (الكَنّة) إلى أن العرب والمسلمين درجوا على استيراد أنماط لا تتناسب ولا تعبّر عن مجتمعاتهم؛ فهناك أسر لا تستطيع أن توفر سكنًا خاصًّا لابنها الشاب المقبل على الزواج خاصة في القرى، ولذلك يتحتّم أن تسكن زوجة الابن مع حماتها وتختلط بها، وترى أميمة نوير أن مجتمعاتنا فقدت الكثير من القيم يوم فقدنا بيت العائلة الكبير؛ فهذا المنزل كانت الأم فيه "ملكة متوّجة"، وكان لكل ابن حجرة خاصة مع زوجته، أمّا الآن فجاءت الشقق الصغيرة الخانقة، وتفرّق الأبناء، وكبرت الأم فلم تجد صدرًا حانيًا. بالرغم من أن تراثنا مليء بالحموات الحازمات العادلات اللاتي كنّ مضرب المثل. وتقول الباحثة: أنا لم أرَ حماتي؛ فقد ماتت قبل أن أتزوج ولكن أسمع عنها كل خير، ولا أدري من أين جاء الإعلام بهذه الافتراءات.
9/5/1426
16/06/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/167)
كيف تكسبين زوجك...!!
عبد الله عبد الباري
تمر الحياة الزوجية بألوان شتى....
و ظروف متقلبة....
وان أحسنا الزوجين التعامل مع تلك المتغيرات إلا المتفهمين قليل...
و الكثير يسيء التصرف ويحدث ما لا تحمد عقباه...
لذا وجب عليهما معرفة مجمل الأمور التي تجعل من تلك المتغيرات زيادة في الألفة و المحبة
ولنبدأ أولا بالزوجة:
في البيت:
1 - استقبليه ببسمة رائقة لدى دخوله للمنزل حتى ولو كان متأخرا....
2 - رتبي له ملابسه وساعديه في تبديل ملابسه وجهزي له الملابس الخاصة بالمنزل.. وجهزي له الدش الساخن.
3 - اسأليه هل هو بحاجة للطعام.. للشراب.. و اجلسي بجانبه عند الطعام حتى لو لم تكوني جائعة.. و لا تبدئي الطعام قبله.
4 - تخيري أجمل الملابس التي تسر ناظر الزوج..
5 - لا مانع أن تسأليه عن رأيه في ملابسك و ما الذي يعجبه و ما الذي يكرهه.. ودائما البسي له الملابس التي تعجبه..
6 - تطيبي بالعطور المثيرة والروائح الجميلة واحرصي ألا يجد منك رائحة غير محببة للنفس...
7 - أعيدي ترتيب المنزل يوميا بشكل يبعث في النفس الراحة والطمأنينة..
8 - الطاعة للزوج في غير معصية الله و ليكن جوابك دائما سمعا وطاعة يا زوجي الحبيب...
9 - لا تنسِ أن تسأليه عن وجبته المفضلة وحتى تصلي إلى قلبه يجب أن تعرفي الطريق إلى معدته..
10 - تحدثي معه واعلمي أن الحديث فن من الفنون فلابد أن تعرفي ماذا يحب حتى تتحدثي معه بشأنه...
11 - أنصتي لما يقول بدون مقاطعة...
12 - خففي عنه بعض آلامه ومتاعبه اليومية بالسؤال والاطمئنان ومحاولة المساعدة...
13 - تجنبي النقاش العقيم الذي ربما أفضى إلى الغضب والتشاحن..
14 - ابعدي عنه ضجيج الأطفال و إزعاجهم حالة هدوءه وراحته و سكينته..
15 - التلطف بالعبارة واستمالة القلب بالجميل من الكلام فمثلا بدل أن تقول له أريد أن أذهب إلى بيت أهلي.. تتسائلين أمامه: منذ متى لم أذهب إلى أهلي يا ترى؟؟؟ وبطبيعة الحال سيجيبها هو بالقبول أو الإيجاب..
16 - يا بعد روحي... يا بعد قلبي... يا عمري... حبيبي
كلمات سهلة جدا يعرفها الجميع بلا استثناء...
لكن يجهلون كيف تحطم برغم بساطتها جميع الحواجز وجميع الظروف وكيف تخترق الأفئدة بسرعة الصوت...
17 - حاولي إيقاظه مبكرا (لصلاة الفجر، لقيام الليل، للعمل) واجعلي من زوجك شعلة من النشاط و لا تكوني سببا في تعطل عباداته و أعماله...
18 - عند عودته من العمل أظهري له فرحك واشتياقك له ورحبي به وتهللي وأجملي قولا... وقولي له... مثلا.... كم أنت مشتاقة له... و البيت من غيره ما يسوى شيء..
19 - إذا كان زوجك ممن ابتلاه الله بالتدخين فلا تتذمري كثيرا منه بل العلاج بالتي هي أحسن وتذكري أنها عادة ليس من السهل تركها... ولكن بيني له أخطارها والجديد من الأمراض التي اكتشفها الأطباء التي من شأنها أن تقضي على حياته...
20 - عند خروجه من المنزل ودعيه بنفس ما استقبلتيه به ولا تنسِ الدعاء له بالعودة سالما...
خارج المنزل:
21 - عند خروجكما للسوق أو الأماكن العامة احرصي أن تمشي بجانبه لا أمامه حتى يظن الناس أنك تقودين زوجك و لا خلفه حتى لا يظهر التباعد بينكما....
22 - دعي زوجك يتدبر الأمور في جميع المعاملات في السوق وغيره..
23 - أظهري للناس مدى الألفة والتفاهم بينكما سواء بالفعل أو القول..
بين صديقاتك:
24 - من الأمور المحرمة ذكر أسرار البيوت وما يحدث بينكما..
25 - ابتعدي عن صديقات السوء وعن أهل الحسد عموما واحرصي على ذكر المعوذات وقراءة آية الكرسي في الصباح والمساء...
فجميعنا نعرف ماذا فعل أهل الحسد بالعديد من الأسر وكيف فرقوا بين الأزواج..
بين أهل الزوج:
26 - حاولي دائما التلطف لوالدة زوجك حتى يطمئن وتزول الفكرة الخاطئة المستقرة لدى العديد من الرجال أن الزوجة دائما تكره والدة الزوج وتريد التخلص منها بأي طريقة..
27 - لا تنشري عيوب زوجك وأظهري مدى التآلف بينكما...
28 - إذا علمت بنبأ قدوم أهله تقبلي هذا النبأ بالفرح والسرور وأعدي لهم ما يناسبهم من الطعام والشراب...
أمور عامة:
29 - لا تخرجي من المنزل إلا بإذنه حتى ولو كانت زيارة قريبة للجيران.....
30 - اجلسي بجانبه عند الحديث معه حتى تقترب القلوب أكثر...
31 - حاولي مرة ممازحته واللعب معه.. وما المانع ورسول البشرية - عليه الصلاة والسلام - كان يسابق عائشة - رضي الله عنها -... وقال - عليه الصلاة والسلام - لجابر - رضي الله عنه -: هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك.
32 - حاسة البصر مؤثرة جدا... حاولي ألا يقع بصره إلا على ما يرضيه ويبعث السرور في نفسه..
33 - رحم الله امرأة حفظت زوجها عند خروجه في ماله وبيته وأولاده...
34 - عند خروج الزوج وتأخره حاولي الاتصال به وأن تبيني له مدى الاشتياق له واللهفة عليه.. قولي له.. و بتلقائية.. وليس بتصنع.. بأنك.. كنت تنتظرينه على أحر من الجمر.. و البيت من غيرك ولا شيء..
35- امدحي دائما كل ما يأتي به الزوج من مشتريات وقدري جهده ومسؤوليته... و لا تتذمري.. أو تذمي ذوقه..
36- إذا كنت موظفة فلا بأس أن تقتطعي من مرتبك وتضعيه بين يدي زوجك وذلك للتعاون فيما بينكما....
37- بدلا من أن يضع الزوج مذكرة بأعماله اليومية ساعديه أنت وحاولي أن تذكريه بأعماله الصباحية و المسائية...
38- اطرحي على زوجك مقترحات تفيده في حياته اليومية كاستثمار الأموال بالتجارة أو اقترحي عليه عمل مشغل مثلا وتكونين أنت مشرفة عليه... الخ
39- احرصي على عمل مساج يومي لزوجك لدى عودته من العمل مرهقا أو قبل خلوده للنوم فقد أثبت الأطباء مؤخرا مدى صحيتها ومدى فعاليتها في تنشيط الجسم.. والعقل و إزالة الإرهاق وهذا وان كان أمرا سهلا إلا انه مجدي كثيرا لترويض الزوج.
40- إذا كان لديك ملاحظات على زوجك لابد من إظهارها حتى لا تتطور لاحقا وتصبح مشكلة كبرى.. وحاولي أن لا تنتقديه بطريق تجرح من مشاعره و كبريائه
41 - احرصي على إلا تنامي أو تأكلي قبل زوجك إلا للضرورة..
42 - لا تصومي للنفل إلا بأذن زوجك كما وردت بذلك السنة...
43 - لا تدخلي في بيتك زائرا غريبا حتى يأتي زوجك مهما كان الأمر...
44 - اسأليه دائما عن أحواله ومتطلباته وظروفه.
في البيت مرة أخرى:
45 - اقتربي منه إذا أحسست برغبته في ذلك وابتعدي إذا رأيت نفرة منه وعدم اكتراث
46 - لا تزال الملائكة تلعن الزوجة إذا طلبها زوجها فرفضت ذلك.
47 - لابد أن تعرفي أن ملابس البيت تختلف كثيرا عن الملابس المعتادة و احرصي على تعطير البيت بالطيب والبخور وتغييرها بقدر الامكان حتى تبعث في النفس الانشراح والبهجة..
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/168)
فقر المشاعر بين الزوجة ووالدي زوجها
1 / 2
محمد بن إبراهيم الحمد
كثير من الأزواج يشكو من فقر المشاعر بين زوجته ووالديه، وعلى وجه الخصوص أمه؛ فتجد من الزوجات من لا تراعي مشاعر والدي زوجها، وهذا الأمر يأخذ صوراً شتى؛ فمن ذلك رفع الصوت عليهما، وقلة التودد لهما.
ومن ذلك إذلالهما، واحتقارهما، وكثرة ذمهما، وتمني الخلاص من العيش معهما، وإغراء الزوج بعقوقهما.
ومن مظاهر ذلك الغيرة من الأم، ومعاملتها على أنها منافسة لها، وشريكة معها في زوجها؛ فإذا قدم لأمه هدية، أو أي نوع من أنواع البر ثارت ثوائرها إلى غير ذلك من صور فقر المشاعر.
وإذا أرجعنا البصر في أسباب ذلك وجدناها ناتجة عن قلة التقوى، وسوء التربية، وضعف العقل.
كذلك تنتج هذه المعاملة عن ضيق العطن، وصغر النفس؛ فالنفوس تختلف سعة وضيقاً، كما تختلف الحجر والمنازل والأماكن؛ فمن الناس من تضيق نفسه حتى تكون كَسَمّ الخِيَاط، ومنهم من تتسع نفسه حتى تشمل العالم وما فيه.
فما ثمرة تلك المعاملة من الزوجة؟ إنها تَنَغّصُ عيشتها وعيشة من تعاشره؛ فلا الزوجة تسعد، ولا زوجها ولا والداه.
وكما أن فقر المشاعر قد يصدر من الزوجات فقد يصدر من الوالدين أو أحدهما وخصوصاً الأم؛ فمن الأمهات - هداهن الله - من هي قاسية في التعامل مع زوجة الابن، فتراها تضخم المعايب، وتخفي المحاسن، وقد تتقوَّل على الزوجة، وقد تذهب كل مذهب في تفسير التصرفات البريئة،وتأويل الكلمات العابرة.
ومن صور فقر المشاعر في هذا الصدد عقد المقارنة بين زوجات الأبناء؛ فترى أهل الزوج - وخصوصاً أمه - يبالغون في الثناء على هذه الزوجة بأنها تجيد الطبخ، ويعيبون الأخرى بأنها خلاف ذلك، أو يثنون على هذه باللباقة، ويصفون الأخرى بالكزازة والغلظة، أو يدَّعون بأن هذه تدير زوجها على ما تريد، وأن الأخرى لا ترفع صوتها فوق صوت زوجها.
وربما طال هذا الأمر، وبولغ فيه، وربما علم الأزواج بما يقال في زوجاتهم، وربما علمت الزوجات بذلك.
ومن هنا تنشأ النفرة، ويسود سوء الظن، وتتأجج نار الغيرة.
وهذا خطأ كبير؛ فاللائق بأهل الزوج أن يحتفظوا بآرائهم لأنفسهم، وألا يذكروا أولئك الزوجات إلا بخير خصوصا عند أبنائهم؛ لأن ذلك مما يفرح الأبناء، ويزيد في الألفة.
وإن كان هناك من خطا فليعالج بالحكمة، وإن كان الخطأ يسيراً فالتغاضي حسن مطلوب، إلا إذا كان أمر لا يطاق ولا يحتمل.
ومن صور التفريط في مراعاة المشاعر مبالغة بعض الأمهات في تفضيل بعض زوجات أبنائها على زوجات الأبناء الأخريات، وإظهار ذلك دون مداراة أو مواربة.
ولا ريب أن ذلك مما يوغر صدور الأبناء، ويسبب النفرة بين الأم وباقي الزوجات.
إلى غير ذلك من صور فقر المشاعر؛ فما الحل - إذاً - في مثل هذه الأحوال؟ هل يقف الإنسان مكتوف الأيدي فلا يحرك ساكناً ؟ هل يعق والديه، ويسيء إليهما، ويسفِّه رأيهما، ويردهما بعنف وقسوة في سبيل إرضاء زوجته ؟
أو يساير والديه في كل ما يقولانه في حق زوجته، ويصدقهما في جميع ما يصدر منهما من إساءة للزوجة مع أنها قد تكون بريئة ووالداه على خطأ؟.
وهل يرضى بأن تسود لغة القسوة، وتختفي لغة المشاعر الصادقة الطيبة؟!.
لا، ليس الأمر كذلك، وإنما عليه أن يبذل جهده، ويسعى سعيه في سبيل إصلاح ذات البين، ورأب الصدع، وجمع الكلمة.
إن قوة الشخصية في الإنسان تبدو في القدرة على الموازنة بين الحقوق والواجبات التي قد تتعارض أمام بعض الناس، فتلبس عليه الأمر، وتوقعه في التردد والحيرة.
ومن هنا تظهر حكمة الإنسان العاقل في القدرة على أداء حق كلٍّ من أصحاب الحقوق دون أن يلحق جوراً بأحدٍ من الآخرين.
ومن عَظَمة الشريعة أنها جاءت بأحكام توازن بين عوامل متعددة، ودوافع مختلفة، والعاقل الحازم يستطيع -بعد توفيق الله- أن يعطي كل ذي حقٍّ حقه.
وكثير من المآسي الاجتماعية، والمشكلات الأسرية تقع بسبب الإخلال بهذا التوازن.
22 / 3 / 1426 هـ
ـــــــــــــــــــ(111/169)
فقر المشاعر بين الزوجة ووالدي زوجها ( 2-2 )
محمد بن إبراهيم الحمد
ومما يعين على تلافي وقوع هذه المشكلات بين الزوجة ووالدي زوجها أن يسعى كل طرف من الأطراف في أداء ما له وما عليه.
وفيما يلي إشارات، وإرشادات عابرة تعين على ذلك.
وهذه الإشارات، والإرشادات تخاطب الابن الزوج، وتخاطب زوجته، وتخاطب والديه وخصوصاً أمه.
1- دور الابن الزوج: فمما يعين الابن الزوج على التوفيق بين والديه وزوجته ما يلي:
أ- مراعاة الوالدين وفهم طبيعتهما: وذلك بألا يقطع البر بعد الزواج، وألا يبدي لزوجته المحبة أمام والديه - خصوصاً إذا كان والداه أو أحدهما ذا طبيعة حادة؛ لأنه إذا أظهر ذلك أمامهما أوغر صدورهما، وولَّد لديهما الغيرة وخصوصاً الأم.
كما عليه أن يداري والديه، وأن يحرص على إرضائهما، وكسب قلبيهما.
ب- إنصاف الزوجة: وذلك بمعرفة حقها، وبألا يأخذ كل ما يسمع عنها من والديه بالقبول، بل عليه أن يحسن بها الظن، وأن يتثبت مما قال.
ج- اصطناع التوادد: فيوصي زوجته - على سبيل المثال - بأن تهدي لوالديه، أو يشتري بعض الهدايا ويعطيها زوجته؛ كي تقدمها للوالدين -خصوصاً الأم- فذلك مما يرقق القلب، ويستل السخائم، ويجلب المودة، ويكذِّب سوء الظن.
هـ- التفاهم مع الزوجة: فيقول لها - مثلاً - إن والديَّ جزءٌ لا يتجزأ مني، وإنني مهما تبلد الحس عندي فلن أَعُقَّهما، ولن أقبل أيَّ إهانة لهما، وإن حبي لك سيزيد وينمو بصبرك على والدي، ورعايتك لهما.
كذلك يذكرها بأنها ستكون أمَّاً في يوم من الأيام، وربما مرّ بها حالة مشابهة لحالتها مع والديه؛ فماذا يرضيها أن تُعَامَل به؟
كما يذكرها بأن المشاكسة لن تزيد الأمر إلا شدة وضراوة، وأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وهكذا.
2- دور زوجة الابن: أما زوجة الابن فإنها تستطيع أن تقوم بدور كبير في هذا الصدد، ومما يمكنها أن تقوم به أن تُؤْثِر زوجها على نفسها، وأن تكرم قرابته، وأن تزيد في إكرام والديه، وخصوصاً أمه؛ فذلك كله إكرام للزوج، وإحسان إليه.
كما أن فيه إيناساً له، وتقوية لرابطة الزوجية، وإطفاءاً لنيران الفتنة.
وإذا كان الزوج أعظم حقَّاً على المرأة من والديها، وإذا كان مأموراً - شرعاً - بحفظ قرابته، وأهل ودِّ أبيه؛ تقوية للرابطة الاجتماعية في الأمة- فإن الزوجة مأمورة شرعاً بأن تحفظ أهل ودِّ زوجها من بابٍ أولى؛ لتقوية الرابطة الزوجية.
ثم إن إكرام الزوجة لوالدي زوجها - وهما في سن والديها - خُلُقٌ إسلاميٌ أصيل، يدل على نبل النفس، وكرم المَحْتدِ.
ولو لم يأتها من ذلك إلا رضا زوجها، وكسب محبة الأقارب، والسلامة من الشقاق والمنازعات، زيادة على ما سينالها من دعوات مباركات.
كما أن على الزوجة الفاضلة ألا تنسى - منذ البداية - أن هذه المرأة التي تشعر أنها منافسة لها في زوجها - هي أم ذلك الزوج، وأنه لا يستطيع مهما تبلّد فيه الإحساس أن يتنكر لها؛ فإنها أمه التي حملته في بطنها تسعة أشهر، وأمَدَّتْهُ بالغذاء من لبنها، وأشرقت عليه بعطفها وحنانها، ووقفت نفسها على الاهتمام به حتى صار رجلاً سويَّاً.
كما أن هذه المرأة أم لأولادك - أيتها الزوجة - فهي جدَّتهم، وارتباطهم بها وثيق؛ فلا يحسن بك أن تعامليها كضرَّة؛ لأنها قد تعاملك كضرّة، ولكن عامليها كأم تعامِلْك كابنة، وقد يصدر من الأم بعض الجفاء، وما على الابنة إلا التحمل، والصبر؛ ابتغاء المثوبة والأجر.
فإذا شاع في المنزل والأسرة أدبُ الإسلام، وعرف كل فرد ماله وما عليه سارت الأسرة سيرة رضيَّة، وعاشت - في أغلب الأحيان - عيشة هنيئة.
واعلمي- أيتها الزوجة - أن زوجك يحب أهله أكثر من أهلك، ولا تلوميه في ذلك؛ فأنت تحبين أهلك أكثر من أهله؛ فاحذري أن تطعنيه بازدراء أهله، أو أذيتهم، أو التقصير في حقوقهم؛ فإن ذلك يدعوه إلى النفرة منك، والميل عنك.
إن تفريط الزوجة في احترام أهل زوجها تفريط في احترام الزوج نفسه، وإذا لم يقابل ذلك - بادي الرأي - بشيء فلن يسلم حبُّه للزوجة من الخدش، والتكدير.
ثم إن الرجل الذي يحب أهله، ويبر والديه إنسان فاضل كريم صالح جدير بأن تحترمه زوجته، وتجلّه، وتؤمل فيه الخير؛ لأن الرجل الذي لا خير فيه لوالديه لا يكون فيه – غالباً - خير لزوجة، أو ولد، أو أحد من الناس.
وإذا كنت - أيتها الزوجة - راضية عن عقوق الزوج لوالديه، وعن معاملتك السيئة لهما - فهل ترضين أن تعامل أمُّك بمثل هذه المعاملة من قبل زوجات إخوانك؟
بل هل ترضين أن تعاملي أنت بذلك من زوجات أولادك إذا وهن منك العظم، واشتعل الرأس شيباً ؟
وأخيراً فإن موقف الزوجة الصالحة في إعانة زوجها على البر كفيل في كثير من الأحيان - بعد توفيق الله في حل المشكلات، وتسوية الأزمات، وجمع الشمل، ورأب الصدع؛ لأن الوالدين عندما يشهدان الحبَّ الصادق، والحنان الفياض من زوجة ابنهما - فإنهما سيحفظان ذلك الجميل.
هذا وقد أرانا العيان أن كثيراً من الوالدين يحبون زوجات بنيهم كحبهم لبناتهم، أو أشدّ حُبَّاً.
وما ذلك إلا بتوفيق الله، ثم بحكمة أولئك الزوجات، وحرصهن على حسن المعاملة لوالدي الأزواج.
ومما يعين الزوجة على التسلل إلى قلوب والدي الزوج - زيادة على ما مضى- أن تصبر على الجفاء، وأن تستحضر الأجر، وأن تنظر في العواقب.
ومن ذلك أن تبادرهما بالهدية، وأن تحرص على حسن المحادثة والاستماع لحديث الوالدين، وأن تتلطف بالكلام، وإلقاء السلام، وحسن التعاهد.
ومن ذلك أن توصي زوجها بمراعاة والديه، و بألا يشعرها بأن قلبه قد مال عنهما كل الميل إليها.
ومن ذلك أن ترفع أكف الضراعة إلى الله؛ كي يعطف قلوب الوالدين إليها، وأن يعينها على حسن التعامل معهما.
فيا أيتها الزوجة الكريمة استحضري هذه المعاني، ولك ثناء جميل، وذكر حسن في العاجل، وأجر جزيل، وعطاءٌ غير مجذوذ في الآجل.
3- دور أم الزوج: فيا أيتها الأم الكريمة، يا من تحبين ابنك، وترومين له السعادة - لا تكوني معول هدم وتخريب، ولا تجعلي غيرتك ناراً موقدة تحرق جو الأسرة، ولا تستسلمي للأوهام التي ينسجها خيالك؛ فتعكِّري الصفو، وتثيري البلابل؛ فلا تجعلي علاقتك بزوجة ابنك علاقة الندّ بالندّ، والضرة بالضرة، بل كوني لها أمَّاً تكن لك ابنة؛ فيحسن بك أن تحبيها، وأن تتغاضي عن بعض ما يصدر منها، وإذا رأيتِ خللاً بادرتِ إلى نصحها بلين ورفق، حينئذٍ تسعدين، وتُسعدين.
بل يحسن بك أن تتوددي إليها بالهدية ونحوها، وأن تسعيها بقلبك الكبير وحنانك الفياض، ودعائك الخالص، وثنائك الصادق، والله يتولاك برعايته، ويمدك بلطفه.
3/4/1426هـ
ـــــــــــــــــــ(111/170)
الإسلام أقر ملكية المرأة .. ولها الحق في أن تتصرف في مالها دون إذن زوجها
في دراسة فقهية محكمة
دراسة علمية للدكتور عبد العزيز محمد الدبيش من جامعة الملك سعود بعنوان "أثر راتب الزوجة الموظفة في الحياة الزوجية: دراسة فقهية".
أوضح الباحث أن الموضوع يكتسب أهميته لتعلقه بقطاع كبير من الناس في وقتنا المعاصر، فهو يتعلق بالزوجة العاملة وزوجها ويدرس مواضيع مهمة جداً في حياة الزوجين من هذا الصنف، الخروج للعمل، راتب الزوجة، هل تملكه؟ تصرفها في مالها، علاقة هذه الأمور بالحقوق الزوجية وخاصة النفقة الواجبة على الزوج لزوجته وأولاده، وهل يختل هذا الواجب مع وجود راتب للزوجة، وكذلك شروط خروج المرأة للعمل.. وغير ذلك.
وندرك إدراكاً جيداً أن هذه الأمور متداخلة ومتشابكة وحساسة، وتكثر حولها وجهات النظر المختلفة بين الزوجين التي ربما وصلت إلى الاختلاف والنزاع مما يسبب زعزعة استقرار الأسرة، وربما وصل الأمر إلى حالة متردية نحو الافتراق وعدم الائتلاف، ومن ثم الطلاق الذي أصبح واقعاً مراً، ووصل إلى نسب عالية في المجتمعات الإسلامية اليوم، فالاختلاف حول راتب الزوجة وخروجها للعمل، وتأثر ذلك بأداء الحقوق الزوجية على وجهها الصحيح، يمثل ـ اليوم ـ أحد الأسباب الرئيسية للطلاق، هذا فضلاً عن الآثار السلبية على تربية الأولاد، واستقرار الأسرة وغير ذلك، كما أن هذا الموضوع يكتسب أهمية من معاناة بعض النساء من تأخرهن في الزواج بسبب طمع الولي في مرتبها، فيؤخر زواجها ويرد الأكفاء بسبب ذلك، وقد لا تدرك البنت ذلك إلا بعد فوات الأوان، فمعرفة أحكام هذا البحث سواء قبل زواجها أو بعده، مهمة جداً لتدرك أنَّ الإسلام قد أكرمها وكفل حقوقها، فلا يكون مرتبها عائقاً دون زواجها. كذلك معرفة الحكم الشرعي لهذه المواضيع، سواء للمحتاج إليها ممن تنطبق عليه هذه الحالات، أو من غيرهم تجعل المسلم يسير على المنهج الصحيح الذي رسمه له الإسلام، وقد تناول الباحث هذا الموضوع من خلال المحاور التالية:
المبحث الأول: مكانة المرأة في الإسلام.
المبحث الثاني: الأصل في وظيفة المرأة أن تكون في البيت.
المبحث الثالث: شروط عمل المرأة في الإسلام.
المبحث الرابع: هل تملك الزوجة راتبها إذا كانت عاملة.
المبحث الخامس: تصرف الزوجة في مالها، هل يحتاج إلى إذن الزوج؟
المبحث السادس: حالات خروج الزوجة للعمل، وعلاقته بالحقوق الزوجية وآثاره.
وفي ختام الدراسة انتهى الباحث إلى نتائج من أهمها:
1ـ أن الأصل في وظيفة المرأة أن تكون في البيت، وإذا خرجت للعمل فإنه وفق الضوابط الشرعية التي تحفظ للمرأة كرامتها وتصون عفافها.
2ـ أن الشروط التي قررتها الشريعة الإسلامية لخروج المرأة ليست قيوداً تعسفية للحدّ من حريتها وانطلاقتها كما يزعم دعاة الحرية، وإنما من أجل أن تحفظ للمرأة كرامتها وعزتها وإنسانيتها وتوازن بين ضرورة الخروج للعمل والحقوق الزوجية وواجباتها في البيت.
3ـ إن المرأة سواء كانت متزوجة أم لا، لها حق التملك والتصرف فيما تملك إذا كانت بالغة رشيدة.
4ـ إن الراجح من قول العلماء أنَّ الزوجة تتصرف في مالها بدون إذن زوجها، وراتب الزوجة جزء من مالها الذي تملكه، فلها أن تتصرف فيه بما شاءت ما دام هذا التصرف داخل دائرة الحلال، لأن ذلك هو الذي يتوافق مع تكريم الإسلام للمرأة، ولأن ذمة المرأة المالية مستقلة عن ذمة الرجل ـ الزوج أو غيره ـ في الإسلام، وهذا من مفاخر الشريعة الإسلامية التي أعطت المرأة أهلية كاملة في التملك والتصرف.
5ـ إن كل الصور والحالات التي يتم التراضي فيها بين الزوجين؛ سواء فيما يتعلق بالخروج للعمل أو راتب الزوجة أو النفقة يتعامل معها الإسلام بالتيسير والسماحة.. فيجوز شرعاً أن يتنازل كل واحد من الزوجين للآخر عن حقه أو بعضه.
5ـ إن كل شرط ينافي مقتضى العقد فإنه يبطل ويصح العقد، فلو خرجت المرأة للعمل واشترط الزوج على زوجته أن تقوم بالنفقة على نفسها، أو على أولادهما أو على نفسها وأولادهما، أو النفقة على زوجها، أو تعطيه من راتبها، ولم توافق الزوجة على ذلك، فإنَّ كل هذه الشروط تبطل والعقد صحيح.
6ـ إن الزوجة إذا خرجت للعمل بدون إذن زوجها، فإنها عاصية لزوجها ومقترفة لمحرَّم، آثمة في فعلها هذا، وتسقط نفقتها، فلا تجب على زوجها باتفاق الأئمة الأربعة.
7ـ إن اشتراط عدم خروج المرأة للعمل أو خروجها للعمل في عقد النكاح يدخل تحت الشروط التي لا يقتضيها العقد.
8ـ الراجح عندي أنه: إذا اشترطت الزوجة على زوجها في عقد النكاح الخروج للعمل أو الاستمرار فيه، فإنه يلزم الزوج الوفاء به، وإذا لم يف به وطالبته الزوجة ولم ترض بذلك فإن لها الفسخ، وكذلك إذا شرط الزوج على زوجته في العقد عملها أو عدم الاستمرار فيه، فيلزمها الوفاء بهذا الشرط، وإذا لم تلتزم بذلك كانت عاصية لزوجها وخارجة بغير إذنه، تسقط نفقتها كما تقدم.
9ـ ينبغي على الزوجين، أن يراعي كل منهما حقوق الآخر ومصالحه، ولا يطغى جانب على حساب جانب آخر، ولا ينظر أحدهما إلى مصالحه بمعزل عن مصالح الطرف الآخر، فإن الحياة الزوجية مبنية على المودة والألفة والسكن النفسي لكلا الزوجين، ولا يتحقق ذلك إلا بالتفاهم القائم على الاحترام ومراعاة حق كلّ منهما على الآخر.
4-صفر-1426 هـ:: 14-مارس-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/171)
الأسرة في الأدب العربي
محمد عبد الواحد حجازي
هذا هو الكتاب الفائز بجائزة مجمع اللغة العربية الأولى (مايو 1969م)، ومؤلف هذا الكتاب محمد عبد الواحد حجازي خريج قسم اللغة الإنجليزية بآداب القاهرة عام 1951م، وله عدد من الدراسات الأخرى، منها "فلسفة الأيام" الصادر عن دار الفكر العربي، و"أثر القرآن الكريم في اللغة العربية" الصادر عن مجمع البحوث الإسلامية، وله عدة دراسات أخرى قيد الطبع في دار الشعب والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
ويبدأ المؤلف كتابه بفقرة عن "الأسرة في نظر علم الاجتماع"، فالأسرة قوام المجتمع، وهي الخلية الأولى لجسده، إذا صلحت صلح المجتمع، وإذا أنشب فيها الفساد أظفاره انهارت، وتقوّض البنيان الاجتماعي من أساسه.
ويبدأ المؤلف فصله بتعريف الأسرة في الحضارات المختلفة، ويصل في نهاية هذا الفصل إلى قوله: "..في نظر علم الاجتماع فإن الأسرة نظام اجتماعي تعاوره الكثير من عوامل التطور والتحور، وإن الأسرة التي كانت تشمل العشيرة أو القبيلة بأرقائها وأدعيائها ومواليها قد تطورت وشذبت أطرافها حتى اقتصرت على الزوج والزوجة والأبناء"
ثم يتحدث المؤلف عن "الأسرة في نظر علم النفس" محللاً عوامل الفساد والانهيار التي تصيب الأسرة وأسبابها من خلافات زوجية، ثم يتحدث عن "الأسرة العربية في جاهليتها وإسلامها" مبيناً أن مجيء الإسلام كان فتحاً مبيناً في مستقبل الأسرة، إذ أرسى قواعدها على خير الأسس التي لا يطمح في أقوم منها مصلح اجتماعي، وعلى أصلب الدعائم التي لا تنال منها أعاصير الحياة وتطورات الحضارة المدنية، ويستدل المؤلف على آرائه هذه، مبيناً معاملة الرجل لزوجته وأولاده وعشيرته في ضوء القرآن الكريم.
ثم يعرض الباحث للأسرة العربية، وقد امتدت أطراف الدولة العربية في عهد الفتوحات الإسلامية، فدخلت تيارات حضارية متباينة، وتزوج العرب من السبايا والإماء ونساء المدن المفتوحة، وينهي كلامه بقوله: "وقد اضطلع أبناء الموالي والإماء بعبء لا ينكر في وضع أسس الفكر العربي الإسلامي، وساروا به خطوات قوية محمودة، وإذا كان للاختلاط مثل هذا الأثر الخطر في الفكر، فقد كان له أثره ولا ريب في تقاليد الأسرة العربية وعاداتها ونظمها بعد أن جرت في عروقها الدماء الأجنبية".
وفي فصل ممتع يتحدث المؤلف عن "الأسرة في آداب الحضارات العالمية" أتى فيه بعدة نماذج شعرية ونثرية مختلفة، وعلق عليها، ومن هذه النصوص نختار نصاً من الأدب المصري القديم على لسان زوجة تقول لزوجها:
أنا أختك الأولى
وأنت لي كالروضة
التي زرعت فيها الأزهار
والأعشاب العطرة جميعاً
كما نذكر هنا حكمة قالها حكيم مصري ـ من مصر الفرعونية ـ يصب فيها ذوب حكمته وخلاصة تجاربه في الحياة في أذن الزوج إذا أراد أن يستمتع بحياة أسرية وارفة الظلال، شهية الثمار، فهو يقول: "لا تمثل دور الرئيس مع زوجتك في بيتها إذا كنت تعرف أنها ماهرة في عملها، ولا تقولن لها: أين؟ أحضريها لنا، إذا كانت وضعتها في مكانها الملائم، واجعل عينيك تلاحظ في صمت حتى يمكنك أن تعرف أعمالها الحسنة، وأنها لسعيدة إذا كانت يدك معها ... بذلك تتجنب أيها الرجل تحريك الشجار"..
***
بعد هذه الفقرات التي كتبها المؤلف كتمهيد لموضوعه، ينتقل الباحث لموضوعه، ويقول عن منهجه في دراسته:
"إننا في الأسرة في الأدب العربي ـ وهو موضوع بحثنا ـ لن نتناوله على سنة التقسيم التاريخي الحاد الذي يفصم كل عصر بحدود وقيود كما يفعل جمهرة من مؤرخي الآداب.. إننا سننتهج في هذا البحث نهجاً جديداً، وذلك أننا سنسير فيه مع الأسرة العربية.. من اللحظة الحافلة بالأحلام، إلى أن يتم الزواج بين العروسين، ثم ينجبا الأولاد والبنات ما شاء الله أن يرزقهما به، ونحن نتمشى معهما إلى أن تغرب حياتها، بموت الأب أو الأم، أو موتهما جميعاً.
ويبدأ المؤلف رصده لمسيرة الأدب العربي في الأسرة باختيار الفتى الزوجة، أو الرضا بالزوج من قبل الفتاة وأهلها فيورد قول الرسول الكريم: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ". (رواه البخاري، النكاح، الحديث 4700).
وتتزوّج العروس من فتاها الذي خطبها ووافقت الأسرة عليه، ولا تنسى الأم أن تمحص ابنتها بنصيحتها، ويورد المؤلف قول امرأة عوف بن محلم الشيباني لابنتها أم إياس: "أي بنية! إنك فارقتِ بيتَكِ الذي منه خرجت، وعشك الذي فيه درجت، إلى رجل لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أمةَ يكن لكِ عبداً. واحفظي له خصالاً عشراً يكن لكِ ذخراً. أما الأولى والثانية فالخشوع له بالقناعة وحسن السمع والطاعة، وأما الثالثة والرابعة فالتفقد لموضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم إلا أطيب ريح، وأما الخامسة والسادسة فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة، أما السابعة والثامنة فالاحتراس بماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التدبير، وفي العيال حسن التقدير، أما التاسعة والعاشرة فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن عصيت أمره أوْغرت صدره، وإن أفشيت سرَّه لم تأمني غدره، ثم إياكِ والفرحَ بيْن يديه إذا كان مغتماً والكآبة بين يديه إذا كان فرحًا".
ويعيش الزوج مع زوجته، وينجبان الأولاد من البنين والبنات، وقد وجدنا في الأدب العربي من يفضِّل البنات على البنين مثل معن بن أوس، فقد كان له ثماني بنات قال عنهن: ما أحب أن يكون لي بهن رجال، وفيهن يقول:
وفيهن لا تكذب نساءٌ صوالحُ ** عوائدُ لا يمللْنَهُ ونوائحُ
رأيْتُ رجالاً يكرهون بناتهم ** وفيهن والأيامُ يعثرن بالفتى
ويزيد من حب بعض الناس للحياة حبهم لبناتهم، لأنهن يكن أحوج إليهم في تربيتهن وحمايتهن، وإرساء قواعد مستقبلهن، ومن هذا البعض كان أبو خالد القنائي، وكان من غلاة الخوارج، قال عندما طُلب للقتال:
بناتي إنهنَّ من الضِّعافِ ** وأنْ يشربْنَ رنْقاً بعدَ صافِ
فتنْبو العيْنُ عن كومٍ عجافِ ** وفي الرحمنِ للضُّعفاءِ كافِ
لقَدْ زادَ الحيَاةَ إليَّ حبا ** أُحَاذرُ أنْ يريْنَ الفقرَ بعْدي
وأن يعريْنَ إنْ كُسيَ الجواري ** ولوْلا ذاك قدْ صوَّبْتُ مُهْري
وقد يريد البعض البنين مثل أبي حمزة الشاري الذي هجر زوجته حينما ولدت له طفلة، فمرّ بخبائها ذات يوم، وإذا هي تُهدهدها بقولها:
ما لأبي حمزةَ لا يأتينا ** يظلُّ في البيْتِ الذي يلينا
غضْبانَ ألا نلد البنينا ** تاللهِ ما ذلكَ في أيْدينا
وإنما نأخُذُ ما أُعْطينا ** ونحن كالأرضِ لزارعينا
نُنبتُ ما قدْ زرعوهُ فينا
فما كان من أبي حمزة إلا أن دخل بيتها، وقبّل رأسها، واعتذر.
وعن ما قيل في الطفولة من هدهدة للأطفال ينقل المؤلف الكثير من الشعر في مُلاعبة الأطفال، ثم بعد أن يكبروا في تعليمهم، ونصحهم، وسوْق الحكمة لهم، وهو باب فيه الكثير من المؤلفات، لكنه استطاع أن يأتي بالجديد من رجوعه إلى المجموعات الأدبية القديمة، وإلى دواوين المعاصرين من الشعراء أمثال: علي الجارم، ومحمود حسن إسماعيل، ومحمد التهامي، وهاشم الرفاعي ... وغيرهم.
ومن وصايا الآباء لأبنائهم ينقل المؤلف قول الخنساء - رضي الله عنها - تُحرض أبناءها الأربعة على خوض القتال في حرب القادسية: "أي بَنِيَّ! إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما هجَّنتُ حسبكم، ولا غيَّرتُ نسبكم، واعلموا أن الدار الآخرة خير من الفانية، فاصبروا وصابروا، واتقوا الله لعلكم تُفلحون، فإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساقها وحمى وطيسها جالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلود والمقامة".
ولا يكتفي المؤلف بنصائح الآباء إلى أبنائهم في الحياة والتربية والقتال جميعاً، وإنما يورد الكثير من النصائح في مجال السياسة، ومنها قول المنذر بن المنذر لابنه النعمان يوصيه حين حارب بالشام: "إياك واطّراح الإخوان وأطراف المعرفة، وإياك وملاحاة الملوك وممازحة السفيه، وعليك بطول الخلوة والإكثار من السمر، والبس من القشر ما يزينك في نفسك ومروءتك، واعلم أن جماع الخير كله الحياء، فعليك به، وتواضع في نفسك، وانخدع في مالك، واعلم أن السكوت عن الأمر الذي لا يُعنيك خير من الكلام، فإذا اضطُررت فتحرَّ الصدق والإيجاز تسلم إن شاء الله".
ويمضي المؤلف فيورد شعر الأبناء في آبائهم وأمهاتهم وذوي قرباهم، كما يورد بعض الأبيات التي قيلت في عقوق الآباء واستحالة العشرة بين الزَّوجين، والطلاق.
وقد طوّف الكاتب الأستاذ محمد عبد الواحد حجازي مع الأسرة العربية من لدن نشأتها الأولى أي من اللحظة التي صار فيها الرجل والمرأة عروسين، إلى أن أنجبا من البنين والبنات ما شاء الله أن يُنجبا، إلى وفاة الزوج أو الزوجة، أو هما معاً جميعاً، أو انتهاء حياة الأسرة بأبغض الحلال وهو الطلاق.
وإذا كان الشعر العربي قد سجّل لحظات السعادة والقوة والنُّبل، فقد سجّل أيضاً لحظات النَّزق والطيش، وقدّم لنا ثروة من المعاني الإنسانية والدلالات الأخلاقية، حاول هذا الكاتب أن يجمع طرَفاً منها في هذا الكتاب الذي فاز بجائزة مجمع اللغة العربية الأولى، وطبعه المجلس الأعلى للثقافة في إصداراته، وقد كان الكاتب موفقاً غاية التوفيق فيما هدف إليه.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/172)
مجرد خواطر
المحبة في خريف العمر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد: -
لاشك أن طول العشرة الزوجية.. يقرب بين الزوجين إلى حد كبير، حتى أنهما حينما يكبران معاً ويصيران في خريف العمر كما يعبرون عن هذه الفترة.. وإلا فالحياة الزوجية السعيدة لا خريف فيها، بل هي ربيع كلها نجد أن علاقتهما أو تقاربهما يصل إلى حد التوحد والانسجان والتشابه!!
التفكير نفسه.. السلوك نفسه.. الشعور نفسه تجاه الأخر.. الذكريات نفسها.. ما يضحك وما يبكي هو نفسه.. حتى أنه في حالات كثيرة وحين يموت أحدهما فإن الآخر يلحق به.. لا يستطيع أن يقوى على مواجهة الحياة وحيداً دون رفيق عمره.. وتوأم روحه الذي شاركه الحياة.. حلوها ومرها لعشرات السنين!!
فهما في هذه المرحلة من العمر، يحرصان على راحة الآخر إلى أبعد درجة ممكنة، يراعيان مشاعر بعضهما البعض إلى أقصى الحدود.. هي صديقته الوحيدة.. وهو صديقها الوحيد.. وحين تنطق الزوجة بالكلمة تجد الزوج ينطق بها في نفس اللحظة.. يتصرفان بالطريقة نفسها.. يفكران بالأسلوب نفسه.. فهما متعلقان ببعضهما البعض إلى أقصى الحدود وبالأخص في السنوات الأخيرة من عمرهما..
يشير الطب النفسي إلى أن طول الصحبة والعشرة يقرب بين الزوجين إلى حد كبير.. إلى حد التوأمة.. فكل من الزوجين يتعرف على عادات وحركات وسكنات نصفه الآخر الذي يعيش معه طيلة هذه المدة.. يتأثر بأفكاره ويؤثر فيها..
فهذا الارتباط.. وهذه المشاعر.. وهذا التفاهم.. وهذه المودة.. وهذا التوحد.. وهذه التوأمة.. عادة ما تؤتي ثمارها أكثر ما يكون في خريف العمر؛ حيث تتعمق العاطفة.. ويصبح الاتفاق كاملاً، فالزوجان يشعر كل منهما أنه ليس له في هذه الدنيا إلا الآخر.. يتكئ عليه إذا خذلته الشيخوخة.. وعادة يحدث ذلك إذا كان الزوجان متقاربين في العمر.. هنا يصبحان توأمين بالفعل، تربط بينهما أفكار وأحاسيس واحدة.. يعانيان من مشاكل واحدة.. ولذا وكما ذكرت قبل قليل فإننا نجد ظاهرة موت الزوجين في فترة زمنية واحدة، لأن الواحد حين يخسر الآخر، يفقد حبه للحياة والرغبة في الاستمرار فيها دون نصفه الآخر..
وأنا أعلم أن الحديث ذو شجون.. لكنها خطرات.. ومشاعر.. أحببت أن تشاركوني فهيا.. فكلما نظرت في وجه أمي الحبيبة - حفظها لله وأطال في عمرها على طاعته رأيت ما ذكرته لكم بادياً في عينيها على الرغم من وجودنا جميعاً حولها.. لكنه فراق النصف الآخر.. رفيق العمر.. الزوج الحبيب.. والدي - رحمه الله -.. بالرغم من أنه قد مضى على وفاته أكثر من ست سنوات..
حالات من البشر!!!
وقفت برهة أتأمل في أحوال البشر..
معاملاتهم.. أحساسيسهم.. مشاعرهم.. عواطفهم.. وحتى صداقاتهم.. فوجدت بحراً متلاطم الأمواج.. فيه الخير والشر.. فيه الشريف والوضيع.. فيه القبح والجمال.. فيه الصدق والكذب..
ووسط هذه الأمواج.. أبصرت صديقي، وياله من صديق.. مسكين: -
أحزن له.. يقبل بالحب والإخلاص على كل من يعرفه، معتقداً أنه وجد الخل الوفي، وأنه سيعامله بالمثل.. ثم يكتشف صديقي أن المحبة لم تكن خالصة.. وأن الود لا يقابل بالود..
يعود صديقي ليبحث من جديد عن الوفاء.. هل منكم من يدل صديقي على صديق؟!!
لأنه داخله عامر بالشفافية.. يعامل ا لآخرين وكأنهم مخلوقات من زجاج.. يحسب لكل كلمة يقولها ألف حساب.. يعتذر من أشياء قد لا تلفت الانتباه..
من منا في هذا الزمان تقتله حساسيته مثل صديقي؟!!
يزعم صديقي أن الألم رغم قسوته، تجربة تصهر الإنسان وتقويه!! لذلك يعيش صديقي به.. يبث للآخرين لواعج فكره ونفسه.. ينقل إليهم تفاصيل معاناته.. مسكين صديقي.. كلما رأيته وجدت عنده سبباً للألم..
أحزن لصديقي.. يتعب نفسه ويتعب الآخرين معه.. فهل منكم من يطيق مثل ما يطيق صديقي؟!!
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/173)
دهنتني بالطيب
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
النفس البشرية تُحب الجمال، وتتعلّق به.
ولذا حُبب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء والطِّيب.
فليس من نفس إلا وهي تُحب الجمال، وتكره الابتذال.
وما مِن نفس طَيّبة إلا وهي تُحبّ الطِّيب.
قال ابن القيم - رحمه الله -:
فإن الطَّيِّب لا يُناسبه إلا الطِّيب، ولا يَرضى إلا به، ولا يَسكن إلا إليه، ولا يطمئن قلبه إلاَّ به...وكذلك لا يَخْتَار من المناكح إلا أطيبها وأزكاها، ومن الرائحة إلا أطيبها وأزكاها، ومن الأصحاب والعُشراء إلا الطيبين منهم؛ فَرُوحُه طيب، وبَدَنه طيب، وخُلُقه طيب، وعمله طيب، وكلامه طيب، ومطعمه طيب، ومشربه طيب، وملبسه طيب، ومنكحه طيب، ومدخله طيب، ومخرجه طيب، ومُنْقَلبه طيب، ومثواه كله طيب... اهـ.
والنساء شقائق الرجال، فإنهن يُرِدْن ما يُريده الرِّجال..
وليس تجمّل الرَّجُل للمرأة عيباً أو بِدعاً من الأفعال.
فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته بدأ بالسِّواك كما في صحيح مسلم ليكون - صلى الله عليه وسلم - طيّب الفمّ، زَكيّ الرائحة.
وكان - عليه الصلاة والسلام - يتطيّب لنسائه.
قالت عائشة - رضي الله عنها -: كنت أُطيّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيطوف على نسائه، ثم يصبح مَحْرِماً ينضخ طِيباً. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن القيم:
وكان - صلى الله عليه وسلم - يُكثِر التطيب ويُحِبّ الطيب.
وقال:
وكان يُكثِر التطيب، وتشتدّ عليه الرائحة الكريهة، وتشقّ عليه، والطيب غذاء الروح التي هي مطية القوى تتضاعف وتزيد بالطِّيب، كما تزيد بالغذاء والشراب والدَّعَة والسرور ومُعاشرة الأحبة وحدوث الأمور المحبوبة... والمقصود أن الطِّيب كان من أحب الأشياء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وله تأثير في حفظ الصِّحة، ودَفْع كثير من الآلام وأسبابها، بسبب قوة الطبيعة به. اهـ.
قال ابن عباس: إني لأتزين لامرأتي كما تتزيّن لي، وما أحب أن أستَنَظِف كل حقي الذي لي عليها، فتستوجب حقها الذي لها عليّ، لأن الله - تعالى - قال: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
والشاهد وله: " وما أحب أن أستَنَظِف كل حقي الذي لي عليها " فهو ينظر للمسألة نَظْرَة موازنة، فإنه إذا أخَذَ الحقّ كاملا لزِمه أداء الواجب كاملاً.
ومعنى " أستنظِف " أي آخذ حقي كاملاً.
قال يحيى بن عبد الرحمن الحنظلي: أتيتُ محمد بن الحنفية، فَخَرَجَ إليّ في ملحفة حمراء، ولحيته تَقْطُر من الغَالِيَة، فقلت: ما هذا؟! قال: إن هذه الملحفة ألْقَتْها عليّ امرأتي، ودَهَنَتْنِي بالطيب، وإنهن يَشْتَهين منّا ما نَشْتَهيه مِنْهُنّ.
قال القرطبي في التفسير:
" قال العلماء: أما زينة الرجال فعلى تفاوت أحوالهم، فإنهم يَعْمَلون ذلك على اللَّبَق والوفاق، فربما كانت زينة تَلِيق في وقت ولا تَلِيق في وقت، وزينة تَلِيق بالشباب، وزينة تَلِيق بالشيوخ ولا تَلِيق بالشباب، ألا ترى أن الشيخ والكهل إذا حفّ شاربه ليق به ذلك وَزَانَه، والشاب إذا فعل ذلك سَمج ومُقِت، لأن اللحية لم توفر بعد، فإذا حفّ شاربه في أول ما خَرَجَ وجهه سمج، وإذا وفرت لحيته وحفّ شاربه زانَه ذلك، وكذلك في شأن الكسوة، ففي هذا كله ابتغاء الحقوق فإنما يُعْمَل على اللبق والوفاق، ليكون عند امرأته في زينة تَسُرّها، ويُعِفُّها عن غيره من الرجال، وكذلك الكحل من الرجال، منهم من يَلِيق به، ومنهم من لا يليق بهم، فأما الطيب والسِّواك والخلال والرَّمي بالدَّرن وفُضُول الشَّعر والتطهير وقَلْم الأظفار، فهو بَيِّنٌ مُوافق للجميع، والخضاب للشيوخ، والخاتم للجميع من الشباب والشيوخ زِينة، وهو حُليّ الرجال... ثم عليه أن يَتَوخَّى أوقات حاجتها إلى الرجل فيُعفها ويُغنيها عن التطلّع إلى غيره ". اهـ.
و " الخِلال " هو إخراج ما بين الأسنان من بقايا الطعام، وفي الحديث: حبذا المتخلِّلُون من أمتي. رواه الطبراني في الأوسط، وهو في صحيح الترغيب.
فالنّفس لا شك تُحب الجمال، وترغب في الروائح الزكيّة، فالزوج يَسُرّه أن تكون زوجته عَطِرَة، وهو يَبِيت بروائح تتقزز منها النفوس، وتَنْفُر منها الطِّباع، بل وتأباها السباع!! أو يكون ممن لا يَعتَنِي بأسنانه فتَفُوح منها روائح تُسبب في نُفُور زوجته منه.
فينبغي للأزواج العناية بمظاهرهم، والتّجمّل لنسائهم، فكما يُريد الرجل من زوجته أن تتجمّل له فليتجمّل لها ليكون ذلك أدعى لغضّ بصرها، وإعفاف نفسها.
وقد بلغتني شكوى غير واحدة من النساء أن أزواجهن يتجمّلون ويتطيّبون عند خروجهم فحسب.
حتى قالت إحداهن: اشتريت طيبا وأهديته لزوجي، وقلت له: تطيّب منه لي!
والأمر كما قال محمد بن الحنفية - رحمه الله -: وإنهن يَشْتَهين منّا ما نَشْتَهيه مِنْهُنّ.
فتجمّل لزوجتك.. لتكسب قلبها..
وأحبّها.. تُبادِلك الشّعور..
وأغنِها عن النّظر إلى غيرك..
فإن الحياة الزوجية بمثابة الرّصيد البنكي!
إن أَخَذْتَ منه، ثم أَخَذْتَ منه.. فإن مآله إلى النّفاد.. ومصيره إلى الانتهاء..
حينها تَطلب المال فلا تحصل عليه.. وتبحث عن عَصَب الحياة فلا تجده.
وهكذا الحياة الزوجية
إذا أخَذّتَ فأعْطِ
وإذا أُعطِيتَ فقابِل
وهذا من شُكر المعروف، ومُكافأة الْمُحسِن.
وفي الحديث: من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تُروا أنكم قد كافأتموه. رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي.
صفر 1426 هـ
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/174)
العلاقة العاطفية ... رؤية مشتركة
لا يطارد الإسلام المحبين ولا يصادر بواعث الحب والغرام، ولا يجفف منابع الود والاشتياق، ولكنه يهذب الشيء المباح حتى لا ينفلت الزمام، ويقع المرء في الحرام والهلاك، وليس هناك مكان للحب في الإسلام إلا في واحة الزوجية.
إن من صفات الأزواج والزوجات الرائعين في الحياة الزوجية، أنهما يحافظان على حبهما الزوجي ويحرصان على تنميته وتطويره ليكون متوقدًا دائمًا؛ لأن هناك كثيرًا من الزيجات تفاجئ 'بموت الحب' بين الطرفين فتصبح علاقتهما الزوجية علاقة جافة قاتلة، ولولا الأبناء لما استمرا في زواجهما، ولكن هناك صنف آخر يشع الحب في نفسيهما من خلال العبارات والنظرات والإشارات.
إن كثيرًا من الملتزمين يرون في الحب منقصة ومذمة، ويرون فيه ضعة ومذلة، وهذا خطأ جسيم، وفهم خاطئ، فتراه لا يتودد إلى زوجته، ولا يعرف للغزل سبيلاً، ولا للمداعبة طريقًا.
ولو نظر إلى حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ـ ورأى حبه الشديد لعائشة ـ وكيف كان يداعبها ويلاطفها؟ لعلم كيف يكون الحب بين الأزواج من شيم الكمال، وليس من صفات النقص. لقد كان - صلى الله عليه وسلم - يحث بعض صحابته على الزواج بالأبكار.. لماذا؟
من أجل المداعبة والملاعبة والملاطفة، وقد كان في ذلك صريحًا وواضحًا.
'فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك'
وهنا يبرز سؤال مهم هو: لماذا يكون الشغف والوله عند العصاة، ولا يكون عند الطائعين في الحلال؟
وقد ذكر القرآن شغف امرأة العزيز: {قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً} [يوسف: 30] ولكن يوسف - عليه السلام - أبى طريق العصاة والأزواج أولى بهذا الشغف الذي يملأ القلوب طالما أنه في الحلال، فالحب يعطي للحياة الزوجية طعمًا آخر لا يتذوقه إلا المخلصون الأوفياء.
العلاقة العاطفية.. رؤية مشتركة:
إن من أهم الأشياء لبناء الحياة العاطفية الناجحة: التفاهم بين الزوجين، والتفاهم يكون في البداية في كيفية اختيار شريك الحياة على أسس صحيحة من الدين والكفاءة الشخصية والعائلية، وبعد ذلك في الأمور المهمة والأساسية في الحياة الزوجية مثل الأولاد وكيفية تربيتهم والقيام على شئونهم، وكذلك الأمور المالية وكيفية الإنفاق، وأخيرًا المسائل الجنسية وكيفية إشباع رغبة الزوجين من الآخر.
وإذا تم التفاهم على قدر كبير من الأمور السابقة، فلا بد بعدها أن يتعرف كل من الرجل والمرأة على طبيعة الآخر، وكيف تفكر المرأة وكيف يفكر الرجل؟ وكيف يعبر كل منهما عن مشاعره؟
وبعد ذلك لا بد من الاستفادة من العلاقة الجسدية لبناء علاقة عاطفية ناجحة ومثمرة؛ لأن هذه العلاقة تولد الشوق والحيوية بالنسبة لكلا الطرفين.
والأهم من ذلك كله أن يتعلم الزوجان قاعدتين مهمتين لبيوت سعيدة هما:
أن البيوت تُبنى على الحب، وإن دمار البيوت يبدأ من جفاف المشاعر، فيجب المحافظة على أجواء البيوت هادئة ومستقرة ومعين متجدد للحب والدفء والحنان.
اغترف مما في القلب إن الله - تعالى -لم يخلق لنا العواطف إلا لنتبادلها، ونتعامل بها، وهي كسائر ما خلق الله لنا فيها حكمة ومنفعة.
يقول الشيخ محمد حسين في كتابه 'العشرة الطيبة للمرأة':
أرأيت أيها الزوج العاقل لو أن إنسانًا أعطاه الله نعمة المال الكثير فكنزه ولم يستثمره ولم ينفق منه على نفسه ولا على من يجب عليه النفقة عليهم.. ما تقول فيه؟
إن المال جعله الله ليتداول بين الناس لا ليكنزوه، وكذلك كنوز العواطف التي تملكها في قلبك لزوجتك ولا يصل منها إليها ما يكفيها، ولهذا لا يقنعها ملكك لها وكنزها في قلبك، بل ستشكك في وجودها عندك.
أنفق أيها الفتى على أهلك ولا تحرمهم رفدك فيزداد منها بعدك، قل لها بملء الفم، واغترف مما في القلب، ولا تجعلها تشعر أبدًا أنك بخيل القلب حتى لو كنت سخي اليد.
قالت إحداهن: ماذا يريد الزوج مني؟ وربما قالت بعض الزوجات: ماذا يريد الزوج مني؟
ألا يجد طعامه مطهيًا وثوبه مكويًا وبيته نظيفًا وأولاده رائعين، وحاجاته مهيأة إنه لا يطلب مني طلبًا إلا حققته، ولا يريد حاجة إلا سارعت في تنفيذها.
ماذا يريد الزوج أكثر من ذلك؟
أيتها الزوجة إن الزوج بحاجة إلى العاطفة التي أنت مصدرها.. إنه بحاجة إلى الابتسامة المشرقة من فيك التي تبدد ظلمات الكآبة التي تعترضه في الحياة، إنه يريد أن يرى الإنسانة التي تعنى به وتظهر له الاهتمام الكبير وتشعره أنه بالنسبة إليها قطب الرحى وأساس السعادة إنه يريد أن يسمع كلمة الشوق والشكر والحب والرغبة في الأنس به واللقاء.
إن كلمة شكر وامتنان من الزوجة مع ابتسامة عذبة تسديها إلى الزوج بمناسبة شرائه متاعًا إلى البيت، أو ثوبًا لها، تدخل عليه من السرور الشيء الكثير، قولي له الكلمة الطيبة لو كان نصيب المجاملة فيها كبيرًا لتجدي منه الود والرحمة والتفاهم، مما يحقق لك الجو المنعش الجميل.
رددي بين الحين والآخر عبارات الإعجاب بمزاياه، واذكري له اعتزازك بالزواج منه، وأنك ذات حظ عظيم، فإن ذلك يرضي رجولته ويزيد تعلقه بك، قابليه وقت دخوله بالكلمة الحلوة العذبة وتناولي منه ما يحمل بيديه، وأنت تلهجين بذكره وانتظاره إياه، فذلك كله من الكلمة الطيبة التي تأتي بالسعادة لا تكلفك شيئًا وتعود عليك بالنفع العظيم.
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'إن في الجنة غرفًا يرُى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، فقال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائمًا والناس نيام'. [أخرجه أحمد والحاكم].
ومما لا تتم السعادة الزوجية إلا به تحبب كل من الزوجين إلى صاحبه، وإظهار صدق المودة، وتبادل الكلمات الحنونة، فإن ذلك أحسن ما تستقيم به أحوال الزوجين، وأفضل ما تُبنى عليه حياتهما ولما امتدح الله حور الجنة ذكر من جميل أوصافهن كونهن: {عُرُباً أَتْرَاباً} [الواقعة: 37] والعروب: هي المتحببة إلى زوجها.
والحياة الزوجية التي يفقد من قاموسها الكلمات الطيبة الجميلة، والعبارات الدافئة حياة قد أفلت أنجم السعادة فيها.
الأحد 2 صفر 1426هـ - 13مارس 2005 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/175)
من داخل روسيا
تقول تاتيانا المطلقة الشابة:
» عندما تنام طفلتي أشعر بغصة في حلقي، إنني أتوق في الحقيقة إلى صديق يشاركني كل أفراحي وأحزاني، وابنتي الصغيرة تنتظر أباً «.
هذه شكوى تاتيانا (28) سنة، في خطاب أرسلته لمحرر عمود: (القلوب الوحيدة ) في صحيفة منظمة الشباب الشيوعي، في أوكرانيا.
وبتصفح خطابات المحرومين من الحياة العائلية، يستشف القارئ أن السلطات تبذل جهوداً منسقة لتخفيف وطأة مشكلة اجتماعية رئيسية في الاتحاد السوفيتي، وهي: جمع شمل الملايين من العزاب والمطلقين، وكثير منهم لديه أطفال.
وإعلانات القلوب الوحيدة فكرة جديدة إلى حد ما في الاتحاد السوفيتي، حيث ظلت الأيدلوجية الرسمية تؤكد على مدى سنوات أن الشيوعية قد حطمت الحواجز الطبقية، وأزالت العقبات من أمام العلاقات الإنسانية.
وتستجيب أبواب القلوب الوحيدة، مثل العمود الذي ينشر في صحيفة (كومسومولسكوي زناميا) الأوكرانية لشكاوى الباحثين عن الحياة العائلية في بلد ينتهي فيه زواج واحد من كل ثلاث زيجات بالطلاق، ويزيد فيه عدد النساء غير المتزوجات على عدد الرجال غير المتزوجين بدرجة كبيرة جداً.
وتقول الصحيفة الأوكرانية التي بدأت نشر عمودها الأسبوعي، وعنوانه: »أنا بانتظارك « منذ أربعة أشهر: أنها تتسلم حوالي ألف خطاب في اليوم.
وقال خطاب يُعد نموذجاً لما يتسلمه العمود: » أنتظر عمودكم دائماً وأنا على أحر من الجمر «.
وتقول (لود ميلا)، و هي مطلقة في الرابعة والثلاثين من عمرها، ولها ابن في العاشرة: » لن أصف مأساتي، سأقول فقط: إنه ليس باستطاعة كل امرأة قررت الرحيل ومعها طفل عمره شهر أن يكون رحيلها بعيداً بلا عودة على الإطلاق «!.
وفي خطاب آخر قالت (جالينا) التي تعيش في شبه جزيرة القرم: » أنا في الثانية والعشرين، ولي طفل عمره ثلاثة أشهر، ونفتقد وجود رجل قوي.لقد تخلى رجل عنا، ولكننا لا نعتقد أن كل الرجال مثله «.
واشتكت " ليلينا " المدرسة (28) سنة قائلة: » إن زوجي السابق لا يقوم بأي دور في تربية ابننا، وحتى لا يتذكره، ومع كل يوم يمر أزداد اقتناعاً بمدى حاجة ابني إلى أب «.
لا للزوجة الموظفة:
ومن السمات البارزة في خطابات من رجال سوفييت التأكيد على أنهم لا يريدون أن تكون شريكات حياتهم موظفات طموحات.
فقد كتب فالنتين (29) سنة ومطلق، الذي قال إنه يهوى التصوير: » أريد فتاة أو امرأة متعاطفة، عمرها بين 25، 29، تتمتع بشخصية مرحة، وتعرف أشغال الإبرة والطبخ وتوفير جو عائلي مريح «.
ويشاركه هذا الأمل ديمتري -كهربائي عمره 24 سنة- الذي قال: " إنه يعيش مع والدته وإخوته، وقال: » أريد فتاة متعاطفة، تطبخ جيداً، وتتمتع بالحيوية والطيبة «.
وقال (ألكسندر) (21) سنة الذي أتم تدريبه كبحار في ميناء (أوديسا) على البحر الأسود: (عمل البحار صعب، ولكنه يصبح أكثر سهولة إذا انتظرت عودتك على الشاطئ فتاة مخلصة).
ويحرص بعض الرجال على التأكيد على أنهم لا يشربون (الخمور)، من أجل الفوز بقلوب النساء اللاتي يكرهن معاقرة الخمر.
ويقو ل (ألكسندر): » ليس لدي عادات سيئة، وأحب الرياضة، وأنظر إلى الحياة العائلية بجدية، وأريد أن تكون فتاتي رقيقة، وأن تشاركني اهتماماتي«.
وتحرص كثيرات من النساء غير المتزوجات على التأكيد على أنهن سيصبحن زوجات وأمهات ممتازات.
وقالت (فالنتينا) (33 سنة) والتي تعمل مدرسة: » أحب الأطفال جداً، ولكنني لم أتزوج، وسعادتي الكبرى في القيام بالأعمال المنزلية «.
هذا التقرير يعكس الحياة الاجتماعية في البلد الذي يعد النموذج لتطبيق النظرية الشيوعية ويحاول كاتب التقرير أن يكون حيادياً، وينقل شهادات صادقة من قِبل الرجال والنساء في روسيا، ولذلك فهو يبدو تقريراً وصفياً يحاول التقاط بعض الصور عن الحياة الاجتماعية تحط النظام الشيوعي.
إن العقيدة الشيوعية حاولت القضاء على كل الروابط العائلية الموروثة، وسخرت من كل القيم التي أقامتها الأديان واحترمتها الأجيال، مدفوعة بتفسيرها المادي للحياة، ومؤكدة -بسطحية وتعصب ودموية- على أن تاريخ الجنس البشري هو تاريخ البحث عن الطعام فقط.
وبعد أن فند العقلاء هذه النظرية حتى قبل أن تطبق؛ هاهي ذي الشعوب التي رزحت تحت نيرها تعبر عن رفضها لها، وضيقها بها، ذلك لأن الفطرة البشرية قد تشوه وتمسخ، ولكن لا يمكن اقتلاعها من جذورها.
وفي مكان آخر من هذا العدد من المجلة هناك شهادة أخرى عن الطرف الآخر لهذه الحضارة - وهو الطرف الذي داس الروابط العائلية والقيم الربانية باسم الحرية الفردية-، نظرتان لم تحققا السعادة والاستقرار للجنس البشري، وكل واحدة منهما دعت وتدعو الناس إلى احتقار كل القيم والمواريث الخلقية، بحجة مختلفة مزعومة سواء حجة الإنتاج، أو حجة الحرية الفردية.
يفتخر العبيد من أبناء المسلمين بما يسمى بتحرير المرأة سواء في الشرق أم في الغرب، وتعجبهم صورة المرأة هناك، حيث تزاحم الرجال كتفاً بكتف، وتمارس المهن التي كانت إلى وقت غير بعيد وقفاً على الرجال، وتعجبهم صورتها وهي تقود السيارة أو الطائرة، وتقوم بما من شأنه أن يلفت إليها الأنظار، ويوجه إليها عبارات التشجيع؛ ولكن ينسون أو يتناسون أن الأنظار سرعان ما تصدف عنها، أو التشجيع سرعان ما يحجب عنها ليصرف إلى أخرى أصغر منها سناً، وأكثر منها جاذبية، وأنها بعد قليل ستلتفت لترى نفسها وحيدة في صحراء قاحلة، أو في سديم قطبي متجمد.
إن المقولة التي قدمت على أن الدولة تستطيع أن تربي وأن ترعى وأن تعول مقولة لا تثبت عند الفحص والاختبار، فلئن استطاعت الدولة أن تتكفل بالرعاية المادية والصحية لرعاياها، فهل هي قادرة على تأمين العلاقات الاجتماعية التي لا غنى لهم عنها؟ ! إن الناظر بتأمل وتعقل إلى حياة هؤلاء الذين تفلتوا من كل ما يربطهم بوحي السماء، وإلى المنزلة التي آلت إليها المرأة عندهم لَيَشعر بالإشفاق والرثاء -والله-، على الرغم مما يتمتعون به من تقدم مادي، وليس غريباً أن تسود الأمراض الاجتماعية المدمرة، والأمراض الأخرى التي تهدد البشرية بعد أن انعتقوا من كل الروابط، وأصبح المشروع مستهجناً والمحرم مألوفاً، فسخروا من الزواج ونفروا منه، وحولوا العلاقات العائلية والروابط الاجتماعية إلى علاقات ميكانيكية بعد أن انصرف الرجال عن الزواج نتيجة لتشجيع العلاقات الجنسية الحرة دون تحملهم لما يترتب على الزواج من أعباء وشعور بالمسؤولية، أصبح على المرأة أن تواجه وحدها جفاف هذا المجتمع، وأصبحت الضحية الأولى التي تنعكس عليها تناقضاته وعيوبه، فهي راكضة لاهثة أبداً، تركض في مبدأ حياتها لتتعلم، ثم تركض لكسب وظيفة تعيش منها، ثم تركض وتلهث وراء " الموضة " لتلفت إليها شاباً متقلب المزاج لا يلبث أن ينصرف عنها إلى غيرها، لأنه حر لا رابط ولا وازع، فتبدأ المحاولة من جديد تجاه ثان وثالث..
وهكذا هي مسعورة بين حاضر ليس له لون ولا طعم، وبين مستقبل مكشر يتهياً لتلقي بنفسها بين فكيه وحيدة منبوذة.
إن قيمة المرأة عند المسلمين لا تزيدها الأيام إلا ارتفاعاً، بينما هي عند الماديين ممن أعماهم بريق هذه الحضارة الزائف لا تزداد على الأيام إلا هبوطاً.
ونحن هنا لا نعمم، ولا ندعي أن مجتمعاتنا خالية من العيوب، وإلا فقد انتقلت إلينا كثير من المفاهيم الخاطئة، فبدأنا نرى التسيب العائلي والتخلي عن المسؤولية من قِبل كل من الرجل والمرأة، وخاصة في بعض الأسر الغنية.
وعلى هذا، فأي قيمة تبقى للأرباح المادية -مهما كانت- إذا خسر الإنسان تربية أولاده، وتخلى عن رعايتهم.
إن الرجال هم الرجال، والنساء هن النساء، في أي مجتمع كانوا، وأي عقيدة اعتنقوا، وإن نداء الفطرة يقول: إن الرجل يبحث عن المرأة التي تعمر البيت بوجودها وحركتها، لا عن التي تملأ المعامل والمكاتب والشوارع بينما تخلف وراءها بيتها فريسة للفراغ والخراب.
والمرأة تبحث عن الرجل الذي يقف إلى جانبها خلال حياتها كلها، فيرعاها وأطفالها، لا الذي يعجب بها في لحظة عابرة ثم يتركها إلى غير رجعة. وماعدا ذلك فزيف وتصنع أو جهل وعمى.
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) [الحج:3-4]
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/176)
100 في اليوم لعلاج مشاكلك الزوجية
جاسم المطوع
عرضت إحدى الزوجات عليَّ مشكلتها الزوجية، وقد تعبتْ من تطبيق الحلول المقترحة لها من صديقاتها أو مَنّ تستشيرهم في ذلك، وقالت لي بعبارة واضحة: « أنت آخر واحد أستشيره في زوجي وقد تعبتُ من كثرة التجارب معه »، فتحدثت معها قليلاً وكلما اقترحتُ حلاً للمشكلة قالت: هذا الحل لا ينفع لأني جربته، فقلت لها متسائلاً:
ما شاء الله أصبحتِ خبيرة زواج من كثرة الحلول التي جربتها، ولكن عندي حلاً أخيراً فإن قلت لي إنك جربته، فلا أعرف كيف تعالجين مشكلة زوجك؟؟
قالت أخبرني ما هو علاجك؟
قلت: هل جَرَّبت (دواء الإيمان)؟ قالت: ماذا تقصد؟!
قلت: أن تكثري من ذكر الله (تسبيح، وتحميد، وتكبير، واستغفار).
قالت: وما علاقة ذلك بمشكلة زوجي؟؟؟
قلت لها: ألا تعلمين أن الإيمان يهدئ النفوس، وذكر الله يطمئن القلب؟! فأنت الآن لديك مشكلتان....الأولى في زوجك، والثانية في قلبك، ولهذا أنتِ متوترة ومضطربة.... أليس كذلك؟
قالت بعد تفكير: نعم، وقد كنت أظنها مشكلة واحدة.
قلت: لا، إنما هي مشكلتان، فدعينا أولاً نعالج مشكلة قلبك قبل زوجك، فإن استقر قلبك واطمأن وأصبحتِ قوية وثابتة الفؤاد استطعت بكل جدارة أن تتعاملي مع المشكلة الثانية، إما بعلاجها أو التكيف معها أو تصغيرها، وهذه كلها حلول مريحة لك.
قالت: ولكنك أول شخص يحدثني بهذه الطريقة، فمن أين أتيت بهذه الفكرة الذكية؟
قلت: إنها ليست من عندي، ولكني استفدت من مستشار وخبير في حل المشكلات العائلية.
قالت: ومن هو؟!
قلت لها: رسولنا الكريم - صلوات الله وسلامه عليه.
روى البخاري في صحيحه أن فاطمة - رضي الله عنها - أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى، وبلغها أنه جاءه رقيق - فلما لم تصادفه، ذكرت ذلك لعائشة - رضي الله عنها - فلما جاء (أي رسول الله) أخبرته عائشة.
قال (أي علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -): فجاءنا (أي رسول الله) وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا نقوم.
فقال: على مكانكما - فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدمه على بطني فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتما (يعني طلب الخادمة)؟...
إذا أخذتما مضاجعكما - أو أويتما إلى فراشكما - فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم ).
و من يتأمل الحديث يجد فيه عظمة هذا الدين، وأن ذكر الله - تعالى - يُزيل الهموم ويذهب الأحزان {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} الرعد - 28. وحتى يتناول الزوجان هذا الدواء بعد العشاء وقبل النوم فهو عبارة عن (100 حبة تؤخذ قبل النوم كل ليلة) علمَها النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة ابنته وعلي زوجها - رضي الله عنهما - لأنها كانت تشتكي من تعبها بكثرة الجهد والعمل في المنزل، وتريد خادمة تساعدها، وقد وضح لنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن علاج مشكلة اقتصادية واجتماعية يكون بذكر الله أفلا يعالج ذكر الله مشكلة زوجية؟!
قالت: إن هذا الدواء الذي ذكرته سأجربه من اليوم فأتناول (100 حبة قبل النوم) وإن شاء الله تكون سبباً في معالجة مشكلة زوجي.
قلت: أولاً لنعالج مشكلتك وثانياً مشكلة زوجك ثم تأملي الكلمات (سبحان الله) أي تمجيده والثناء عليه، و(الحمد لله) أي على نعمه ومنها زوجك فإنه نعمة لك ولكن لديه بعض السلبيات، و(الله أكبر) أي إن الله قادر على كل شيء، فيساعدك على علاج مشكلة زوجك لأن الله أكبر من كل شيء.
ثم أغلقت السماعة ولا أعلم ماذا حدث بعد ذلك، ولكنها لم تتصل مرة أخرى.
ـــــــــــــــــــ(111/177)
حتى تغرد الطيور بين أسرابها ( 2- 2 )
منير فرحان
وحتى تعود الطيور للتغريد بين أسرابها..
ينبغي أولاً أن ندرك طبيعة مهمّة فطر الله - تعالى - عليها الذكر و الأنثى، ألا وهي طبيعة الميل وفتنة بعضهما لبعض قال الله - تعالى -: " وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ.." (الفرقان: من الآية20).
وقد أشار الله - تعالى -إلى هذا الميل الفطري (والضعف) في قوله: " يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً. يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً "
جاء في التفسير: " وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ": أي لا يصبر عن النساء
كما ذكر الثوري عن ابن طاوس عن أبيه قال: إذا نظر إلى النساء لم يصبر؛ وكذا قال غير واحد من السلف.
وعند هاتين الآيتين يشير ابن القيم إلى نكتة لطيفة يقول فيها: ولما كانت الشهوة في هذا الباب غالبة لابدّ أن توجب ما يوجب التوبة كرر - سبحانه وتعالى - ذكر التوبة مرتين.
إنني حين أذكّر بمثل هذه الطبيعة و الفطرة لا يعني أني أفتح باباً لتبرير هذه الخيانات الزوجية أو شيئاً من ذلك، إنما لنكون أكثر واقعيّة عند التعامل مع هذه المشكلة التي تضجّ منها بعض بيوتات المسلمين، فلا نضخّم منها حتى يخيّل أن لا حل لها، ولا تفريط حتى يصير الأمر سبهللة أو دياثة وفحشاً. !
ثم - ثانياً - ينبغي عندما يريد أحد الزوجين أن يجد حلاًّ لهذه المشكلة أن يكون أكثر شفافية مع نفسه بالصدق معها، وأن يكون أقوى جرأة في مصارحة نفسه ومحاسبتها فلربما أنه شريك في حدوث هذه المشكلة.
فقد تكون الزوجة سبباً في خيانة زوجها لها، وقد يكون الزوج سبباً في خيانة زوجته له!
الوقوف على سبب المشكلة من أهم مهمّات العلاج والحل لأي مشكلة، وحينما يكون أحد الطرفين هو السبب كان ينبغي أن تكون هناك صراحة وجرأة وصدقاً مع النفس من أجل أن تعود الطيور لتغرّد بين أسرابها !!
من الضرورة بمكان الوعي بهاتين المقدمتين قبل أن نسرد جملة من الوسائل والأسباب التي تعين - بإذن الله - على تجاوز مثل هذه المشكلة.
وكل مشكلة لها جانبان من الحل:
الجانب الأول: الحلول الوقائية.
الجانب الثاني: الحلول العلاجية.
فمن الحلول الوقائية:
1 - حسن الاختيار.
وهو الأمر الذي يمثّل حصانة - بإذن الله - من أن يقع أحد الزوجين في مثل هذه الخيانات مستقبلاً، وتساهل بعض الناس في حسن الاختيار يمثّل تجاوزاً - ربما مقصوداً أو غير مقصود - لوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - في حسن الاختيار وهو - صلى الله عليه وسلم - الأرحم بأمته إذ أوصى الشاب بأن يختار (ذات الدين الودود الولود) وأوصى الفتاة بأن تقبل بـ (صاحب الدين والخُلق) ثم حذّر بأن رفض هذه الوصية وتجاوزها يفضي إلى (الفتنة والفساد الكبير) وهل الخيانات الزوجية إلا من الفتنة والفساد؟!!
2 - تعميق مبدأ (الرقابة الذاتية).
ويمكن تعميق هذا المبدأ في الحياة الزوجية من خلال بعض الوسائل منها:
أ / المشاركة والتعاون الإيماني بين الزوجين. فالزوجة توقظ زوجها للصلاة - مثلاً - وهو يعينها على أن تقوم بفرائض الله على وجه من الكمال في الأداء، يتشاركان في صندوق خيري في متابعة للفقراء من الأقارب وأهل الحي.. وغير ذلك من مظاهر الإيمان والبر والإحسان.
هذه المشاركة وهذا التعاون الإيماني بين الزوجين يكون أثره: تنزّل الرحمات وتطهير القلوب وتزكية النفوس، وإننا لندرك حصول هذا الأثر من خبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: « رَحِمَ الله رَجُلاً قامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ. رَحِمَ الله امْرَأَةً قامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ في وَجْهِهِ المَاءَ ».
ب / إدخال الكتاب والشريط الإسلامي للبيت وعمل مكتبة مصغرة في مكان عام من البيت.
ج/ تجنّب الخلوة (المريبة).
وذلك بالبعد عن مواطن الشك والريب، وكسر ذلك سواء في مقر العمل أو في البيت مع الحاسب أو الخادمة أو نحو ذلك، ومن المقترحات في ذلك:
- وضع الحاسب في مكان عام من البيت بحيث لا يكون هناك مجال للخلوة به وبما فيه.
- التقليل والحدّ من استقدام الخادمات وإلزامهنّ بالحجاب وعدم الاختلاط بهنّ.
- عدم التباسط والتمادي في المكالمات الهاتفية مع الجنس الآخر سواء كان المتصل في مكان عمل أو كان المتصل مخطئاً في الرقم.
د / غضّ البصر
3 - الإشباع العاطفي بين الزوجين.
الإنسان بطبعه يحتاج إلى: إشباع في الحاجيات الجسدية وإشباع للحاجيات النفسية بالقدر الذي تستقيم به حياته.
الخلل في إشباع الحاجيات العضوية والجسدية يؤدي إلى الموت، والخلل في إشباع الحاجات النفسية يؤدي إلى مخاطر سلوكية بالتجديد والتغيير والتفنن في مهارات التواصل بينهما وكسر حاجز الروتين، هذا الإشباع العاطفي يعزّز جانب الرقابة الذاتية عند الزوج أو عند الزوجة من أن يقع أحدهما في شراك الخيانة!!
4 - البعد عن الاختلاط.
سواءً في التجمّعات العامة - كالأسواق والمتنزهات وأماكن العمل - أو في التجمّعات الخاصة - كالتجمّعات والزيارات العائلية - فإن بعض الناس يتساهل في دخول إخوانه على حريمه ودخول حريمه على أبناء عمومته أو نحو ذلك، وهذا الأمر مدعاة للفتنة وباب كبير من أبواب وقوع أحد الزوجين في خيانة زوجية!!
ومن مظاهر الاختلاط الذي يغفل عنه كثير من الناس:
أ / اختلاط أهل البيت بالخادمات والسائقين، فلا الزوج يتورّع عن محادثة الخادمة ومؤاكلتها، ولا الزوجة تخجل من مخالطة السائق وممازحته..
ب / وجود القنوات الفاضحة التي تعرض صور الفاتنات من النساء والرجال الأمر الذي يثير الغرائز.
5 - عدم التغيّب عن المنزل لفترات طويلة.
سواءً في سهرات أو رحلات أو سفرات أو مناسبات، فإن الزوج الذي يقضي سائر وقته خارج بيته في عمل ثم في سهرات أو زيارات ولا يعطي زوجته من وقته إلاّ أقل القليل بل حتى القليل قضاه في نومه وراحته، فإن هذا يؤذن بخطر في البيت، والزوجة التي تقضي وقتها خارج بيت زوجها في عمل أو زيارات بشكل غير منضبط يؤثر سلباً في علاقة زوجها بها وعلاقتها بزوجها.
هذه خمسة حلول (وقائية) حتى لا تقع هذه المشكلة.
فإن وقعت.......
الحلول العلاجية:
تثبّت أولاً من الواقعة، ولا تنطلق من خلال ظنون أو وساوس أو مقدمات تفترضها ذهنياً لمجرّد بعض المواقف المحتملة، وجانب التثبّت أمر مهم في كل أمر وخاصة فيما يخص العلاقات الزوجية، فكم هدم سوء الظن بيوتاً طالما عمرت بالسعادة ؟!
كما أنه لا ينبغي تتبع العورة وتخوّن الآخر بالترصّد والتفتيش والتنقيب والمتابعة، لكن إن ثبت عند أحد الزوجين خيانة الآخر له من غير ظن سيء ولا تتبع لعورة أو تخوّن هنا ينبغي أن يكون التعامل حكيماً - حليماً - إذا القصد هو الإصلاح لا الإدانة!!
وحتى نتعامل بإيجابية مع هذه المشكلة إليك خطوات مهمّة في ذلك:
1 - لا تتعجل باتخاذ القرار.
فعند اكتشاف المشكلة قد يصاب الزوج أو تصاب الزوجة بثوران نار الغضب والشعور بجرح الكرامة والإهانة.. هنا لا تتخذ قرارك وأنت في هذه الحال من الغضب وعدم الاستقرار النفسي لأنه حتماً سيكون قراراً غير ناجح أو لنقل - قراراً افتقد لجوانب النجاح -!!
2 - اعرف السبب!!
ما هي الأسباب التي ألجأت الزوجة إلى الخيانة!
فلربما أن الفترة التي حصلت فيها الخيانة كانت فترة مضطربة في العلاقة بينك وبينها!!
وقد تكون الزوجة هي سبب هذه الخيانة، وذلك من خلال إهمالها في إحساسها بمشاعر الزوج وفي القيام بواجباتها نحوه!
أو قد تبالغ في سيطرتها عليه!!
وبناء على هذا فان هناك شعورا بالانتقام يتولد داخل الزوج لإحساسه بأنه مظلوم، وبالتالي يلجأ إلى الخيانة!
وقد يكون السبب مشتركاً بينكما وهو الإحساس بالملل والضجر من رتابة الحياة وعدم الابتكار والتجديد في العلاقة بينكما. والزوج في هذه الحالة يعاني من عدم تجديد نشاط الحياة الزوجية بالفكر والحوار والمعاشرة و التبعّل!
وقد يكون سبب الخيانة الزوجية تدخل أطراف خارجية في أسرار الحياة الزوجية مما يجعل الزوج يشعر بأنه لا ينتمي لزوجته بالشكل الذي يريده !!
وربما كان السبب في تكوين شخصية الزوج حيث يكون شخصية ضعيفة وتابعة بحيث يمكن لأي امرأة أخرى أن تسيطر عليه بسهولة شديدة وقد يكون شخصية عدوانية تميل إلى الانحراف أو انه بطبعه عدواني تجاه زوجته و أسرته!!
المقصود أنه ينبغي عليك معرفة السبب بدقة، وهنا لابد أن نكون أشدّ جرأة وصراحة وأمانة وصدقاً مع أنفسنا في البحث عن السبب في ذلك.
- إذا عرفت السبب:
أ - لا تشعر باللوم والفشل، وتقرر أن فيك عيباً إذ أن الخيانة ليست شرطاً أن تكون لعيب في الزوجة أو الزوج وإنما لأن هناك خطأ ما في العلاقة ينبغي إعادة ترتيبه من جديد، فالرجل - مثلاً - قد يلجأ لهذه الخيانة ليكمّل نقصاً وفراغاً يجده في نفسه وليستعيد ثقة موهومة!!
ب - لا يكن همّك (الإدانة) بقدر ما يكون الهمّ هو (الإصلاح). فليس من الإصلاح أن تصارح الزوجة زوجها بخيانته أو العكس لمجرّد الإدانة بالخطأ، وإنما ينبغي أن يتعدّى الهمّ إلى أن تكون المصارحة للإصلاح والخروج من المشكلة.
وعلامة همّ الإصلاح: أن تُشعر الطرف الآخر باستعدادك لمساعدته في الخروج من مشكلته قلباً وقالباً، ولا تكتفي بمصارحته وإدانته!!
ج - أزل الغشاوة ببيان ما تسببه هذه الخيانة من مفاسد سوءا على النفس أو على الأولاد أو على الأسرة من التفكك والتفرّق والتشتت، وقبل ذلك مفسدة الدين ومعصية الله - عز وجل -، وأن هذه الخيانة لذّة عابرة ثم تبقى حسراتها.
د - إياك إيّاك أن تخرج هذه المشكلة خارج حدود البيت إلاّ في حدّ الضرورة وبعد بذل الجهد الشخصي في الإصلاح.
هـ - اسلك الأساليب غير المباشرة في حلّ هذه المشكلة كأن تسرد قصّة (خيانة) مستوحاة من واقع الحدث ثم تطلب من الآخر تقييماً لهذا الحدث.
و - التجديد والابتكار والتغيير من روتين الحياة الزوجية.
3 - فإن استمرّ - الزوج أو الزوجة - في العلاقة - المحرمة - فالحل هنا - بعد سلوك هذه الوسائل والطرق للعلاج والحل - لا يخرج عن أمرين:
الأول: فتح باب التعدد - للزوج - وترغيبه في الحلال فإن فيه غنية عن الحرام، فأن تعيش الزوجة مع ضرّة لها خير وأقوم من أن تعيش مع زوج له عشيقة يخون بها زوجته!!
الثاني: الطلاق والافتراق، وهو حلّ أخير عند عدم فعالية ما قبلها.
أخيراً:
الذكي الحصيف ليس هو الذي يبحث في أشياء الآخر أو ينظر في عينيه ويراقب انزلاقات لسانه؛ إنما هو الذي يشعر بحاجات الآخر - زوجاً كان أو زوجة - ويكون له كما يحب ويشتهي!
http://www.naseh.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(111/178)
ـــــــــــــــــــ
حتى تغرد الطيور بين أسرابها ( 2- 2 )
منير فرحان
وحتى تعود الطيور للتغريد بين أسرابها..
ينبغي أولاً أن ندرك طبيعة مهمّة فطر الله - تعالى - عليها الذكر و الأنثى، ألا وهي طبيعة الميل وفتنة بعضهما لبعض قال الله - تعالى -: " وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ.." (الفرقان: من الآية20).
وقد أشار الله - تعالى -إلى هذا الميل الفطري (والضعف) في قوله: " يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً. يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً "
جاء في التفسير: " وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ": أي لا يصبر عن النساء
كما ذكر الثوري عن ابن طاوس عن أبيه قال: إذا نظر إلى النساء لم يصبر؛ وكذا قال غير واحد من السلف.
وعند هاتين الآيتين يشير ابن القيم إلى نكتة لطيفة يقول فيها: ولما كانت الشهوة في هذا الباب غالبة لابدّ أن توجب ما يوجب التوبة كرر - سبحانه وتعالى - ذكر التوبة مرتين.
إنني حين أذكّر بمثل هذه الطبيعة و الفطرة لا يعني أني أفتح باباً لتبرير هذه الخيانات الزوجية أو شيئاً من ذلك، إنما لنكون أكثر واقعيّة عند التعامل مع هذه المشكلة التي تضجّ منها بعض بيوتات المسلمين، فلا نضخّم منها حتى يخيّل أن لا حل لها، ولا تفريط حتى يصير الأمر سبهللة أو دياثة وفحشاً. !
ثم - ثانياً - ينبغي عندما يريد أحد الزوجين أن يجد حلاًّ لهذه المشكلة أن يكون أكثر شفافية مع نفسه بالصدق معها، وأن يكون أقوى جرأة في مصارحة نفسه ومحاسبتها فلربما أنه شريك في حدوث هذه المشكلة.
فقد تكون الزوجة سبباً في خيانة زوجها لها، وقد يكون الزوج سبباً في خيانة زوجته له!
الوقوف على سبب المشكلة من أهم مهمّات العلاج والحل لأي مشكلة، وحينما يكون أحد الطرفين هو السبب كان ينبغي أن تكون هناك صراحة وجرأة وصدقاً مع النفس من أجل أن تعود الطيور لتغرّد بين أسرابها !!
من الضرورة بمكان الوعي بهاتين المقدمتين قبل أن نسرد جملة من الوسائل والأسباب التي تعين - بإذن الله - على تجاوز مثل هذه المشكلة.
وكل مشكلة لها جانبان من الحل:
الجانب الأول: الحلول الوقائية.
الجانب الثاني: الحلول العلاجية.
فمن الحلول الوقائية:
1 - حسن الاختيار.
وهو الأمر الذي يمثّل حصانة - بإذن الله - من أن يقع أحد الزوجين في مثل هذه الخيانات مستقبلاً، وتساهل بعض الناس في حسن الاختيار يمثّل تجاوزاً - ربما مقصوداً أو غير مقصود - لوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - في حسن الاختيار وهو - صلى الله عليه وسلم - الأرحم بأمته إذ أوصى الشاب بأن يختار (ذات الدين الودود الولود) وأوصى الفتاة بأن تقبل بـ (صاحب الدين والخُلق) ثم حذّر بأن رفض هذه الوصية وتجاوزها يفضي إلى (الفتنة والفساد الكبير) وهل الخيانات الزوجية إلا من الفتنة والفساد؟!!
2 - تعميق مبدأ (الرقابة الذاتية).
ويمكن تعميق هذا المبدأ في الحياة الزوجية من خلال بعض الوسائل منها:
أ / المشاركة والتعاون الإيماني بين الزوجين. فالزوجة توقظ زوجها للصلاة - مثلاً - وهو يعينها على أن تقوم بفرائض الله على وجه من الكمال في الأداء، يتشاركان في صندوق خيري في متابعة للفقراء من الأقارب وأهل الحي.. وغير ذلك من مظاهر الإيمان والبر والإحسان.
هذه المشاركة وهذا التعاون الإيماني بين الزوجين يكون أثره: تنزّل الرحمات وتطهير القلوب وتزكية النفوس، وإننا لندرك حصول هذا الأثر من خبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: « رَحِمَ الله رَجُلاً قامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ. رَحِمَ الله امْرَأَةً قامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ في وَجْهِهِ المَاءَ ».
ب / إدخال الكتاب والشريط الإسلامي للبيت وعمل مكتبة مصغرة في مكان عام من البيت.
ج/ تجنّب الخلوة (المريبة).
وذلك بالبعد عن مواطن الشك والريب، وكسر ذلك سواء في مقر العمل أو في البيت مع الحاسب أو الخادمة أو نحو ذلك، ومن المقترحات في ذلك:
- وضع الحاسب في مكان عام من البيت بحيث لا يكون هناك مجال للخلوة به وبما فيه.
- التقليل والحدّ من استقدام الخادمات وإلزامهنّ بالحجاب وعدم الاختلاط بهنّ.
- عدم التباسط والتمادي في المكالمات الهاتفية مع الجنس الآخر سواء كان المتصل في مكان عمل أو كان المتصل مخطئاً في الرقم.
د / غضّ البصر
3 - الإشباع العاطفي بين الزوجين.
الإنسان بطبعه يحتاج إلى: إشباع في الحاجيات الجسدية وإشباع للحاجيات النفسية بالقدر الذي تستقيم به حياته.
الخلل في إشباع الحاجيات العضوية والجسدية يؤدي إلى الموت، والخلل في إشباع الحاجات النفسية يؤدي إلى مخاطر سلوكية بالتجديد والتغيير والتفنن في مهارات التواصل بينهما وكسر حاجز الروتين، هذا الإشباع العاطفي يعزّز جانب الرقابة الذاتية عند الزوج أو عند الزوجة من أن يقع أحدهما في شراك الخيانة!!
4 - البعد عن الاختلاط.
سواءً في التجمّعات العامة - كالأسواق والمتنزهات وأماكن العمل - أو في التجمّعات الخاصة - كالتجمّعات والزيارات العائلية - فإن بعض الناس يتساهل في دخول إخوانه على حريمه ودخول حريمه على أبناء عمومته أو نحو ذلك، وهذا الأمر مدعاة للفتنة وباب كبير من أبواب وقوع أحد الزوجين في خيانة زوجية!!
ومن مظاهر الاختلاط الذي يغفل عنه كثير من الناس:
أ / اختلاط أهل البيت بالخادمات والسائقين، فلا الزوج يتورّع عن محادثة الخادمة ومؤاكلتها، ولا الزوجة تخجل من مخالطة السائق وممازحته..
ب / وجود القنوات الفاضحة التي تعرض صور الفاتنات من النساء والرجال الأمر الذي يثير الغرائز.
5 - عدم التغيّب عن المنزل لفترات طويلة.
سواءً في سهرات أو رحلات أو سفرات أو مناسبات، فإن الزوج الذي يقضي سائر وقته خارج بيته في عمل ثم في سهرات أو زيارات ولا يعطي زوجته من وقته إلاّ أقل القليل بل حتى القليل قضاه في نومه وراحته، فإن هذا يؤذن بخطر في البيت، والزوجة التي تقضي وقتها خارج بيت زوجها في عمل أو زيارات بشكل غير منضبط يؤثر سلباً في علاقة زوجها بها وعلاقتها بزوجها.
هذه خمسة حلول (وقائية) حتى لا تقع هذه المشكلة.
فإن وقعت.......
الحلول العلاجية:
تثبّت أولاً من الواقعة، ولا تنطلق من خلال ظنون أو وساوس أو مقدمات تفترضها ذهنياً لمجرّد بعض المواقف المحتملة، وجانب التثبّت أمر مهم في كل أمر وخاصة فيما يخص العلاقات الزوجية، فكم هدم سوء الظن بيوتاً طالما عمرت بالسعادة ؟!
كما أنه لا ينبغي تتبع العورة وتخوّن الآخر بالترصّد والتفتيش والتنقيب والمتابعة، لكن إن ثبت عند أحد الزوجين خيانة الآخر له من غير ظن سيء ولا تتبع لعورة أو تخوّن هنا ينبغي أن يكون التعامل حكيماً - حليماً - إذا القصد هو الإصلاح لا الإدانة!!
وحتى نتعامل بإيجابية مع هذه المشكلة إليك خطوات مهمّة في ذلك:
1 - لا تتعجل باتخاذ القرار.
فعند اكتشاف المشكلة قد يصاب الزوج أو تصاب الزوجة بثوران نار الغضب والشعور بجرح الكرامة والإهانة.. هنا لا تتخذ قرارك وأنت في هذه الحال من الغضب وعدم الاستقرار النفسي لأنه حتماً سيكون قراراً غير ناجح أو لنقل - قراراً افتقد لجوانب النجاح -!!
2 - اعرف السبب!!
ما هي الأسباب التي ألجأت الزوجة إلى الخيانة!
فلربما أن الفترة التي حصلت فيها الخيانة كانت فترة مضطربة في العلاقة بينك وبينها!!
وقد تكون الزوجة هي سبب هذه الخيانة، وذلك من خلال إهمالها في إحساسها بمشاعر الزوج وفي القيام بواجباتها نحوه!
أو قد تبالغ في سيطرتها عليه!!
وبناء على هذا فان هناك شعورا بالانتقام يتولد داخل الزوج لإحساسه بأنه مظلوم، وبالتالي يلجأ إلى الخيانة!
وقد يكون السبب مشتركاً بينكما وهو الإحساس بالملل والضجر من رتابة الحياة وعدم الابتكار والتجديد في العلاقة بينكما. والزوج في هذه الحالة يعاني من عدم تجديد نشاط الحياة الزوجية بالفكر والحوار والمعاشرة و التبعّل!
وقد يكون سبب الخيانة الزوجية تدخل أطراف خارجية في أسرار الحياة الزوجية مما يجعل الزوج يشعر بأنه لا ينتمي لزوجته بالشكل الذي يريده !!
وربما كان السبب في تكوين شخصية الزوج حيث يكون شخصية ضعيفة وتابعة بحيث يمكن لأي امرأة أخرى أن تسيطر عليه بسهولة شديدة وقد يكون شخصية عدوانية تميل إلى الانحراف أو انه بطبعه عدواني تجاه زوجته و أسرته!!
المقصود أنه ينبغي عليك معرفة السبب بدقة، وهنا لابد أن نكون أشدّ جرأة وصراحة وأمانة وصدقاً مع أنفسنا في البحث عن السبب في ذلك.
- إذا عرفت السبب:
أ - لا تشعر باللوم والفشل، وتقرر أن فيك عيباً إذ أن الخيانة ليست شرطاً أن تكون لعيب في الزوجة أو الزوج وإنما لأن هناك خطأ ما في العلاقة ينبغي إعادة ترتيبه من جديد، فالرجل - مثلاً - قد يلجأ لهذه الخيانة ليكمّل نقصاً وفراغاً يجده في نفسه وليستعيد ثقة موهومة!!
ب - لا يكن همّك (الإدانة) بقدر ما يكون الهمّ هو (الإصلاح). فليس من الإصلاح أن تصارح الزوجة زوجها بخيانته أو العكس لمجرّد الإدانة بالخطأ، وإنما ينبغي أن يتعدّى الهمّ إلى أن تكون المصارحة للإصلاح والخروج من المشكلة.
وعلامة همّ الإصلاح: أن تُشعر الطرف الآخر باستعدادك لمساعدته في الخروج من مشكلته قلباً وقالباً، ولا تكتفي بمصارحته وإدانته!!
ج - أزل الغشاوة ببيان ما تسببه هذه الخيانة من مفاسد سوءا على النفس أو على الأولاد أو على الأسرة من التفكك والتفرّق والتشتت، وقبل ذلك مفسدة الدين ومعصية الله - عز وجل -، وأن هذه الخيانة لذّة عابرة ثم تبقى حسراتها.
د - إياك إيّاك أن تخرج هذه المشكلة خارج حدود البيت إلاّ في حدّ الضرورة وبعد بذل الجهد الشخصي في الإصلاح.
هـ - اسلك الأساليب غير المباشرة في حلّ هذه المشكلة كأن تسرد قصّة (خيانة) مستوحاة من واقع الحدث ثم تطلب من الآخر تقييماً لهذا الحدث.
و - التجديد والابتكار والتغيير من روتين الحياة الزوجية.
3 - فإن استمرّ - الزوج أو الزوجة - في العلاقة - المحرمة - فالحل هنا - بعد سلوك هذه الوسائل والطرق للعلاج والحل - لا يخرج عن أمرين:
الأول: فتح باب التعدد - للزوج - وترغيبه في الحلال فإن فيه غنية عن الحرام، فأن تعيش الزوجة مع ضرّة لها خير وأقوم من أن تعيش مع زوج له عشيقة يخون بها زوجته!!
الثاني: الطلاق والافتراق، وهو حلّ أخير عند عدم فعالية ما قبلها.
أخيراً:
الذكي الحصيف ليس هو الذي يبحث في أشياء الآخر أو ينظر في عينيه ويراقب انزلاقات لسانه؛ إنما هو الذي يشعر بحاجات الآخر - زوجاً كان أو زوجة - ويكون له كما يحب ويشتهي!
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/179)
سلسلة إصلاح الأسرة ( 1 )
علاقة الحماة بكنتها
حسام الدين سليم الكيلاني
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين، وبعد:
فالمطلع على سجلات المحاكم الشرعية من زواج وطلاق ليجد أن معظم حالات الطلاق كانت تقع بسبب الخلافات الزوجية التي منشؤها الخلاف بين الحماة وكنتها، مما ينعكس سلباً على الزوج ثم على الأسرة بأسرها.
فكيف نفسر هذه العلاقة؟
وهل للإعلام اليوم دور في تخريب علاقة الحماة بزوجة ابنها (كنتها)؟
وما هي الحلول الشرعية لكل من الزوج والزوجة في التعامل مع الحماة والأم والأهل؟
الحماة أو ما يقال عنها «العمة» كلمة أُسيء فهمها في معظم المجتمعات.. وظلت هذه الحماة المسكينة أسيرة سوء الفهم في كل المجتمعات.
ونسمع يوميا عنها أمثالاً وقصصاً تشوه مكانتها في الأسرة فمهما فعلت هذه الحماة وقدمت من جميل تظل في نظر الناس وبالأخص زوجة الابن الإنسانة المتسلطة وصاحبة المؤامرات والمشاكل. لقد تناست معظم الزوجات بأن هذه الإنسانة قبل أن تكون حماة فهي أم وستدور الأيام وتمر السنوات وستكون هذه الزوجة في مكانها وتعاني كما عانت حماتها لذلك يتطلب الأمر إلقاء مزيد من الضوء على هذه الصورة المتعلقة بالحماة لنتعرف على حقيقة المسألة.
إن الحماة نعمة في حياة الزوجة قبل أن تكون نقمة فلو أدركت الزوجة كيف تتعامل معها وتتصرف معها بأسلوب ذكي فإنها ستكسب حبها واحترامها، ولابد من حين لآخر أن يتدخل الزوج ويحاول توطيد العلاقة بين والدته وزوجته حتى تستمر حياته الزوجية بسلام وبأمان دون أي مشاكل وإذا وقعت المشاكل بين الاثنين فالحل ليس بيد الزوجة أو بيد الحماة وإنما بيد الزوج فإذا وقف بجانب زوجته خسر أمه وإذا وقف بجانب أمه خسر زوجته والأنسب هنا اتباع الذكاء الاجتماعي وتلطيف الأجواء بقليل من الكلمات المعسولة للطرفين.
دور الإعلام:
علاقة الزوجة بأم زوجها هي من أكثر العلاقات الإنسانية التي أسيء فهمها بل إنها حوربت من خلال الأمثال وحتى الطرائف ومن قبل وسائل الإعلام المختلفة لاسيما المرئية منها فلا تكاد الحماة تذكر سواء في الأفلام أو المسلسلات وبخاصة العربية حتى تذكر معها المؤامرات والمقالب والمكائد والحسد بل وحتى السحر والشعوذة واستقر في أذهان الناس أن المقبل على الزواج إنما يقبل على معركة مع أم الزوج أو الزوجة وذلك كنتيجة طبيعية لتلك الصورة المشوهة التي تقدمها وسائل الإعلام المختلفة، ولا داعي لذكر أسماء الأفلام والمسلسلات التي تقدم الصور المشوهة فكلها على السواء.
الهند تدرس احترام الحماة!
لأن قضية الحموات تأخذ الطابع العالمي باعتبارها مشتركا إنسانيا، فقد قامت إحدى مدارس الهند منذ عامين بتعليم الفتيات اللائي هن في مقتبل العمر، كيف يصبحن زوجات أبناء مثاليات، في محاولة للحد من نسبة حالات الطلاق المتصاعدة في الهند.
وقد استطاع أكثر من 4 آلاف فتاة أن تنهي بنجاح الدورة التي تستغرق 3 أشهر بمركز "مانجو سانسكر" في "يوبال".
وأوردت صحيفة "إيشيان نيوز إنترناشيونال" أن الدورة تهدف لتدريب الفتيات على القيم الأسرية وغرس روح التعاون الأسري في نفوس زوجات المستقبل حتى تعكس صورة مثالية لزوجة الابن، وحتى يتسنى لها الانخراط في الوعاء الجديد، وتصبح كأنها واحدة من أفراد أسرة زوجها تتألم لآلامهم وتفرح لفرحهم.
علاقة الكنة بالحماة تاريخياً:
علاقتهما ليست علاقة وفاق على مر التاريخ وفي الغالب إذا ما كانت الكنة طيبة تكون الحماة شريرة والعكس صحيح فإن هكذا صراعات غالبا ما انتهت إلى الطلاق لان كثيرا من الرجال يتعب من هذا الصراع فهو لقلة خبرته ووعيه لا يستطيع الإمساك بزمام الأمور فيهرب بالتخلص من الزوجة وطلاقها.
إن إنهاء المشكلة الأزلية بين الحماة والكنة يعود إلى الرجل وشخصيته بحيث انه بالحكمة والعقل وقوة الشخصية يفرض وجوده على الأم والزوجة وليعيش مرتاح البال.
وفي مجمع الأمثال للميداني: إنَّ الْحَمَاةَ أُولِعَتْ بالْكَنَّهْ * وَأُولِعَتْ كَنَّتُهَا بالظِّنَّهْ
الحماة : أم زوج المرأة، والكَنَّة : امرأة الابن وامرأة الأخ أيضاً، والظنة : التهمة، وبين الحماة والكنة عداوة مستحكمة يضرب في الشر يقع بين قوم هو أهلٌ لذلك .
وفي الأمثال الشعبية: مثل (لا بد يا كنة تصيري حماه): وكأن هذا المثل يقول:
يا أيتها المتزاحمتان على قلب هذا المسكين وماله: رفقا به ثم رفقا، ولتفكر كل منكما في وضعها لو كانت إحداكما موضع الأخرى. تذكري أيتها الحماة أنك كنت في يوم من الأيام زوجة ابن، ولك حماة، وفكري في شعورك إذ ذاك نحو زوجك ونحو حماتك، وأنك كنت تكرهينها إن حاولت خطف قلب زوجك، فخففي من حدة الحكم على زوجة ابنك، وتحملي تصرفاتها.
واعلمي أيتها الزوجة أنك ستصيرين بعد فترة من الزمن أُما لولد سيكون زوجا، وستكونين حماة، ففكري كيف تتصرفين وكيف يكون موقفك من قلب ابنك وقلب زوجته، فلينظر كل منكما إلى هذه الأوضاع حتى تقترب مشاعركما، وحتى تمكنا ذلك الرجل المسكين من السير في طريقه الوعر الطويل.
مشكلة:
قالت أم كلثوم بنت عقبة - وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمى خيرا، ولم أسمعه يُرخِّص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها. رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ في الفتح: قال الطبري: ذهبت طائفة إلى جواز الكذب لقصد الإصلاح، وقالوا: إن الثلاث المذكورة كالمثال، وقالوا: الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة أو ما ليس فيه مصلحة. وقال آخرون: لا يجوز الكذب في شيء مطلقا، وحملوا الكذب المراد هنا على التورية والتعريض كمن يقول للظالم: دعوت لك أمس، وهو يريد قوله: اللهم اغفر للمسلمين. ويَعِد امرأته بعطية شيء، ويريد إن قدر الله ذلك، وأن يظهر من نفسه قوة.
وقال الإمام النووي: وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه. اهـ.
فهذا مما راعته الشريعة الغرّاء لما يترتب عليه من المصلحة فالشريعة لم تُهمل حتى حديث الرجل مع امرأته، أو حديث المرأة مع زوجها.
ولذا قال - عليه الصلاة والسلام -: من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وهو صحيح.
والثناء على المُحسن من حُسن المكافأة، ومِن مُقابلة الإحسان بالإحسان.
ورب كلمة سَلَتَت التّعب وأزالت النَّصَب وأذهَبَت الإعياء!
تقديم طاعة الأم على الزوجة:
إن بعض الناس يسمع لزوجته، ويلبي مطالبها ويسعى لمرضاتها، وهذا حسن، ولكنه يسيء إلى أمه، فيهملها ولا يسأل عنها، ولا يجلس معها، وربما يسمع ما يقال فيها من قِبَل زوجته وأولاده فيغضب عليها ويتمنى فراقها، وهذا من أعظم العقوق والعياذ بالله، بل الواجب أن يسعى الإنسان إلى إرضاء والدته ولو غضب كل الناس، عليك أيها المسلم أن تمنع أولادك من أذية أمك بقول أو فعل، وألا تقبل بحال من الأحوال شكوى زوجتك نحو أمك، بل عليك بحض زوجتك على احترام أمك والصبر على ما قد يصدر منها، فإن في ذلك خيراً كثيراً وبراً وفيراً.
الحماة والكنة في نظر علم النفس:
لماذا تحب الحماة زوج ابنتها وتكره زوجة ابنها؟ بعض علماء النفس يرون أن: زوج البنت عادة ما يدخل العائلة وينضم إليها ويصبح فرداً من أفرادها بسبب كثرة زياراته لبيت خطيبته أثناء الخطوبة.. فتتوطد علاقته بهم فتعتبر الحماة زوج ابنتها ابناً لها يعوضها عن ابنها إذا لم يكن لها ابن أو إذا تزوج ابنها وأصبح له عالمه الخاص. وعموماً فهذا الأمر ليس قاعدة، لكن احتمال أن يكون حب الحماة لزوج الابنة أكثر من حبها لزوجة الابن بسبب الغيرة، فالمرأة عادة تغار فتشعر أن زوجة ابنها قد شاركتها في ملكيته أو انتزعت منها اختصاصها في السيطرة على ابنها فيحدث تنافس بينها وبين زوجة الابن، خصوصاً أن الحماة تعتبر ابنها راعي أسرتها وقد يكون المسؤول عنها مادياً، وقد يأخذ دور الأب فيمثل حماية لها وتشعر بأنها تفقد كل هذا. أما بالنسبة إلى ابنتها فلا تأخذ هذه الأدوار، بل إن الأم تتمنى زواج ابنتها لذلك تسعد بزوج ابنتها وتوطد علاقتها به، لكن الحماة الناضجة السوية المتزنة عقلياً ونفسياً تستطيع أن تسمو بمشاعرها وتحولها إلى مشاعر ايجابية سواءً مع زوجة الابن أو زوج الابنة.
أسباب تؤدي بالأزواج إلى الضيق بالحماة حتى لو كانت تصرفاتها فوق الشبهات:
السبب الأول: في بعض الأحيان تمثل الحماة النموذج الذي لا تستطيع الزوجة أن ترقى إلى مستواه، أو تحقيقه، وقد يرى الزوج أن المائدة أو الطعام الذي كانت تعده له أمه أفضل مذاقا وأقل إنفاقا، وفي مواقف الخلاف والشجار يحاول الأبناء تمجيد صورة الأم وأسلوبها في إدارة المنزل ويتناسون الخلافات التي مرت بينهم مع نفس الأم.
السبب الثاني: ميل الأزواج والزوجات إلى توجيه اللوم إلى الحماة واعتبارها مسئولة عن كل ما يحدث من متاعب بين الزوجين، فتأخر الزوجة عن إعداد العشاء يرجعه الزوج إلى سوء تدريب أمها وإعدادها للحياة الزوجية، وارتباك الزوج في إعداد ملابسه يرجعه إلى أن أمه لم تعوده الاعتماد على النفس.
مشكلاتنا العائلية وأسبابها:
ليس في الحياة سعادة تفوق سعادة الإنسان في بيته، ولا شقاء يعدل شقاءه مع أهله.. فمن كان في بيته سعيداً عاش مع الناس سعيداً، ومن كان في بيته منغصاً يفقد الهدوء النفسي عاش مع الناس سيئ الخلق متبرماً بهم، ضيق الصدر في معاملتهم.. وإذا كان الغربيون يقولون في أعقاب كل جريمة "فتش عن المرأة" فإن من الواجب أن نقول في أعقاب كل مشكلة اجتماعية وكل انحراف خلقي "فتش عن البيت".
المشكلات التي تنشأ عن اضطراب الحياة الزوجية كثيرة، وكم أدت إلى جرائم اجتماعية كبرى.. وليس اضطراب الحياة الزوجية مقصوراً على بيئة معينة، ففي الأوساط الغنية المترفة قد تفقد السعادة الزوجية كما في الأوساط الجاهلة.
وفي البيئات المتدينة المحافظة قد تقع الخصومات العائلية كما تقع في البيئات المتحللة.. وهو في الغرب كما في الشرق، وعند المتمدنين كما عند المتأخرين..
إنها مشكلة المجتمعات الإنسانية في كل عصر.. غير أن هذه المشكلة تبدو واضحة الأثر كثيرة الظهور في البيئات التي ضعف فيها وازع الدين والخلق.
علاج مشكلة التعامل مع أم الزوج:
1 ـ خدمة الزوجة لزوجها وأهله ليس مِنّة وإنما حق من حقوق الزوج عليها.
2 ـ عدم إظهار لما يكون من حسن عشرة الزوج، بحيث يغار أهله من ذلك.
3 ـ عدم إظهار المعاملة السيئة من الزوج، بحيث يتضايق أهله من كثرة نقد زوجته له.
4 ـ وأهم من هذا كله استحضار طلب الثواب من الله - تعالى - على ذلك.. وحسن التوكل عليه، والاستعانة به، وكثرة الاستغفار والدعاء فإن هذا أعظم معين على انشراح الصدر وتسخير الخلق.. وتقبل كلفة الحياة.
وصايا أم لابنتها ليلة الزفاف:
أوصت أم الخنساء ابنتها قبيل زواجها فقالت:
أي بنية! إنك فارقت الحواء الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه إياك رقيباً ومليكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً.
أي بنية! احفظي له عشر خصال يكن لك ذخراً وذكراً.
فأما الأولى والثانية: الصحبة له بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: التعهد لموقع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب الريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه. فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
أما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، لأن الاحتفاظ بالمال من حسن الخلال، ومراعاة الحشم والعيال من الإعظام والإجلال.
أما التاسعة والعاشرة: فلا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.
ثم اتقي- مع ذلك- الفرح بين يديه إذا كان ترحاً، والاكتئاب عنده إن كان فرحاً، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التذكير.
وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراماً.
وكوني أكثر ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما يكون لك مرافقة.
واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت.
علاقة الرجل بأهله بعد الزواج:
إن ثمة حساسية تحدث بعد الزواج من قبل أهل الرجل تجاهه وتجاه زوجته بالأخص فيتصور الوالدان وبخاصة الأم بأن هذه الزوجة قد سلبت ابنهم منهم وما إلى ذلك من تصورات، ولدرء هذه المفسدة يجب على الزوجين الآتي:
1- أن يعلم الرجل أن أولى الناس به أمه بالدرجة الأولى ثم أبيه ثم زوجته.
2- يجب مداراة الأم بعد الزواج وإظهار هذه المداراة وإشعارها بها.
3- على الرجل تحمل أخطاء أمه والصبر على تجاوزاتها ومقابلة الإساءة منها بالإحسان، وأن يأمر زوجته بذلك وأن تصطنع المحبة إن لم تكن فعلا.
4- التهادي بالمناسبات وغير المناسبات ويفضل أن تكون الزوجة هي التي تهدي الهدايا للأم أو الأب.....
5- الكذب من الكبائر إلا أنه يباح في الإصلاح وتحسين العلاقات الاجتماعية والعائلية، فعلى الرجل حسن استخدامه في الضرورة فقط وعندما لا يقوم غيره في تصفية جو الأسرة، للحديث السابق الذكر (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمى خيرا).
6- على الرجل أن يأمر زوجته بعدم التدخل في شؤون الغير (الاخوة والأخوات والأم..)
7- أن يأمر الرجل زوجته بعدم التدخل عندما يزجر أهله أولاده وعليها أن لا تتأثر بذلك ولا تبدي معارضة.
8- على الرجل أن لا يعتبر كلام زوجته وأخبارها من المسلمات القطعية فيبني عليه حكماً.
9- عدم إفشاء المشاكل الزوجية الخاصة بينهما لأشخاص آخرين في البيت.
والله - تعالى - يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم: 6)
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/180)
سلسلة إصلاح الأسرة ( 2 )
الوفاق خير من الشقاق
حسام الدين سليم الكيلاني
دخل الرجل على عجلة من أمره إلى مقر المحكمة الشرعية وجعل يشكو من زوجته والزوجة مثله تشكوه! فقلت في نفسي كيف كان هذان الزوجان يعيشان مع بعضهما طوال تلك السنين دون شكوى والآن تفجرت قريحة كل واحد منهما ضد صاحبه! ثم أجبت نفسي وأنا أنظر إليهما دون أن أفهم شيئا مما قالاه وهما يتصايحان، فقلت: لقد سكنا في بيت واحد إلا أنهما لم يسكنا إلى بعضهما بعضاّ؟ فما هو السكن المقصود؟ وهل الوفاق خير أم الشقاق؟ قال - تعالى -: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم 21].
نعم ليسكن إليها و لم يقل ليسكن معها، مما يؤكد معنى الاستقرار في السلوك، و الهدوء في الشعور، و يحقق الراحة و الطمأنينة بأسمى معانيها.
فكل من الزوجين يجد في صاحبه الهدوء عند القلق، و البشاشة عند الضيق.
إن أساس العلاقة الزوجية الصحبة و الاقتران القائمان على الود و الأنس و التآلف.
إن هذه العلاقة عميقة الجذور بعيدة الآماد.
إنها أشبه ما تكون صلة للمرء بنفسه، بينها كتاب ربنا بقوله: {هن لباس لكم و أنتم لباس لهن} [البقرة 187].
فضلاً عما تهيؤه هذه العلاقة من تربية البنين و البنات و كفالة النشء..
التي لا تكون إلا في ظل أمومة حانية، و أبوة كادحة..
و أي بيئة أزكى من هذا الجو الأسري الكريم.
هناك أمور كثيرة يقوم عليها بناء الأسرة المسلمة، و تتوطد فيها العلاقة الزوجية، و تبتعد فيها عن رياح التفكك و أعاصير الانفصام و التصرم.
و أول هذه الأمور و أهمها: التمسك بعروة الإيمان الوثقى..
الإيمان بالله و اليوم الآخر، و الخوف من الله - تعالى -، و لزوم التقوى و المراقبة، و البعد عن الظلم و التعسف في طلب الحق.
{ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق 2- 3].
و يقوي هذا الإيمان..
الاجتهاد في الطاعة و العبادة و الحرص عليها، و التواصي بها بين الزوجين.
تأملوا قوله - صلى الله عليه وسلم -: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى و أيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها ـ يعني رش عليها الماء رشاً رفيقاً ـ و رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت و أيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وهو حديث صحيح (صحيح الجامع 3494).
إن العلاقة بين الزوجين علاقة روحية وإن مما يحفظ هذه العلاقة و يحافظ عليها..المعاشرة بالمعروف، و لا يتحقق ذلك إلا بمعرفة كل طرف ما له و ما عليه.و إن نشدان الكمال في البيت و أهل البيت أمر متعذر، و الأمل في استكمال كل الصفات فيهم أو في غيرهم شيء بعيد
المنال في الطبع البشري.و من رجاحة العقل و نضج التفكير توطين النفس على قبول بعض المضايقات، و الغض عن بعض المنغصات، و الرجل و هو رب الأسرة مطالب بتبصير نفسه أكثر من المرأة، و قد علم أنها ضعيفة في خلقها و خلقها، إذا حوسبت على كل شيء عجزت عن كل شيء، و المبالغة في تقويمها يقود إلى كسرها، و كسرها طلاقها.
يقول المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى - صلى الله عليه و سلم -: (استوصوا بالنساء خيراً فإنَّ المرأة خلقت من ضلع و إن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته، و إن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند ابن ماجه وهو حديث صحيح (صحيح الجامع 960).
فالاعوجاج في المرأة من أصل الخلقة، فلا بد من مسايرته و الصبر عليه، فعلى الرجل ألا يسترسل مع ما قد يظهر من مشاعر الضيق من أهله و ليصرف النظر عن بعض جوانب النقص فيهم، و عليه أن يتذكر و لا يتنكر لجوانب الخير فيهم، و إنه لواجد في ذلك شيئاً كثيراً.
وفي مثل هذا يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا يفركن مؤمن مؤمنة ـ أي لا يبغض و لا يكره ـ إن كره منها خلقاً رضي منها غيره) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند الإمام أحمد والإمام مسلم وهو حديث صحيح (صحيح الجامع 7741) و ليتأن في ذلك كثيراً، فلئن رأى منها بعض ما يكره فهو لا يدري أين أسباب الخير و موارد الصلاح.
يقول عز من قائل{وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} [النساء: 19].
و كيف تكون الراحة؟ و أين السكن و المودة؟ إذا كان رب البيت ثقيل الطبع، سيء العشرة، ضيق الأفق، يغلبه حمق، و يعميه تعجل، بطيء في الرضا، سريع في الغضب، إذا دخل فكثير المن، و إذا خرج فسيء الظن، و قد علم أن حسن العشرة و أسباب السعادة لا تكون إلا في اللين و البعد عن الظنون و الأوهام التي لا أساس لها.
إن الغيرة قد تذهب ببعض الناس إلى سوء ظن..
يحمله على تأويل الكلام، و الشك في التصرفات، مما ينغص العيش، و يقلق البال من غير مستند صحيح.
{و لا تضاروهن لتضيقوا عليهن} [الطلاق: 6] كيف و قد قال - صلى الله عليه وسلم - (خيركم خيركم لأهله، و أنا خيركم لأهلي) أخرجه الترمذي عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - وهو حديث صحيح (صحيح الجامع 3314).
أما المرأة المسلمة فلتعلم أن السعادة و المودة و الرحمة لا تتم إلا حين تكون ذات عفة و دين، تعرف ما لها فلا تتجاوزه و لا تتعداه.
تستجيب لزوجها فهو الذي له القوامة عليها يصونها و يحفظها و ينفق عليها، فتجب طاعته و حفظه في نفسها و ماله، تتقن عملها و تقوم به، و تعتني بنفسها و بيتها.
فهي زوجة صالحة، و أم شفيقة، راعية في بيت زوجها، و مسئولة عن رعيتها، تعترف بجميل زوجها و لا تتنكر للفضل و العشرة الحسنة، فلا بد من العفو عن الزلات، و غض البصر عن الهفوات...
لا تسيء إليه إذا حضر، و لا تخونه إذا غاب.
بهذا يحصل التراضي، و تدوم العشرة و تسود الألفة و المودة و الرحمة.
وليعلم الزوجان أنه بحصول الوئام تتوفر السعادة، و يتهيأ الجو الصالح للتربية، و تنشأ الناشئة في بيت كريم مليء بالمودة عامر بالتفاهم..
بين حنان الأمومة و حدب الأبوة.. بعيد عن صخب المنازعات و الاختلاف و تطاول كل واحد على الآخر.
فلا شقاق و لا نزاع، و لا إساءة إلى قريب أو بعيد.{والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما} [الفرقان 74 ] ثم فليعلم أن صلاح الأسرة طريق أمان الجماعة كلها، و هيهات أن يصلح مجتمع قد تقطعت فيه حبال الأسرة.
كيف و قد امتن الله - سبحانه - بهذه النعمة. نعمة اجتماع الأسرة و تآلفها و ترابطها فقال - سبحانه -: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون} [النحل 72].
إن الزوجين و ما بينهما من وطيد العلاقة، و إن الوالدين و ما يترعرع في أحضانهما من بنين و بنات يمثلان حاضر الأمة و مستقبلها، و من ثم فإن الشيطان حين يفلح في فك روابط أسرة فهو لا يهدم بيتاً واحداً و لا يحدث شراً محدوداً، و إنما يوقع الأمة جمعاء في أذى مستعر و شر مستطير، و الواقع المعاصر خير شاهد. فاتقوا الله أيها الأزواج فإنه من يتق الله يجعل له من أمره يسراً.
والحمد لله رب العالمين.
المصدر: http://saaid.neth
ـــــــــــــــــــ(111/181)
سلسلة إصلاح الأسرة ( 3 )
السعادة في الاختيار الصحيح!!!
حسام الدين سليم الكيلاني
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على فضله وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه - سبحانه -، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه.
وبعد:
فالسعادة في هذه الحياة مطلب عظيم، ومقصد جليل، يسعى إليها كل حي، غير أن السعادة والطمأنينة في هذه الحياة لا تحصل إلا بما شرع الله - عز وجل - لعباده، وما أرشدهم إليه من طاعته ومرضاته، والأخذ بما وضع الحق - جل وعلا - من سنن، وما شرع من أسباب.
وإن مما شرع الله - عز وجل - من أسباب السعادة وجبل النفوس عليه الارتباط برباط الزوجية، فإنه من أعظم أسباب السعادة في هذه الحياة، وحصول الطمأنينة والسكينة، وهدوء البال وراحة النفس، متى ما تحقق الوئام بين الزوجين، وكتب التوفيق لهما، ولذا امتن الله - تعالى - على عباده بهذه النعمة فقال - سبحانه -: {وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
وفي الحديث عند الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح أن رسول الله قال: ((أربع من السعادة)) وعدّ منها ((الزوجة الصالحة))[أخرجه بهذا اللفظ ابن حبان في صحيحه [4032] والبيهقي في الشعب (7/82) من حديث سعد بن أبي وقاص، وصحح الألباني سنده على شرط الشيخين: السلسلة الصحيحة [282]. وأما لفظ أحمد في المسند (1/168) فهو: ((من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة...)) إلى آخر الحديث، وصححه الحاكم (2/162).]، وروى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله قال: ((الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة)) [أخرجه مسلم في كتاب الرضاع [1467].].
فالنكاح من سنن المرسلين، وهدي الصالحين، وقد أمر به ربنا - جل وعلا - في كتابه بقوله: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَواحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} [النساء: 3]، كما رغب فيه سيد المرسلين بفعله، وحث عليه بقوله: ((وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) [أخرجه البخاري في كتاب النكاح [5063]، ومسلم في كتاب النكاح [1401] من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه]، ووجه شباب الأمة إلى المبادرة بالزواج حيثما يجد أحدهم القدرة على تحمل المسؤولية، والقيام بشؤون الحياة الزوجية، حيث قال: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) رواه البخاري ومسلم[أخرجه البخاري في كتاب الصوم [1905]، ومسلم في كتاب النكاح [1400] من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.].
أولاً ـ اختيار الزوجة:
لقد أرشد الإسلام الحنيف مريد النكاح إلى اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين القويم، والخلق الكريم، والمنشأ الطيب، الودود الولود، فقال: ((تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) أخرجاه في الصحيحين[أخرجه البخاري في النكاح [5090]، ومسلم في كتاب الرضاع [1466] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
وروى أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - أن رسول الله قال: ((تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم)) [أخرجه أبو داود في كتاب النكاح [2050]، والنسائي في كتاب النكاح [3227]، وصححه ابن حبان [4056، 4057 ـ الإحسان ـ]، والحاكم (2/162)، ووافقه الذهبي، وصححه الحافظ في الفتح (9/111)، والألباني في صحيح سنن أبي داود [1805]].
والزوج عليه أن يسأل عن الأخت المسلمة التي ينوي الارتباط بها، عليه أن يسأل عن دينها وخلقها وأدبها، عليه أن يتروى في اختيار شريكة حياته وأم أولاده والمؤتمنة على سره ولا يتسرع، فالحياة تحتاج إلى تكامل وانسجام الزوج وزوجته، وسرعان ما تخبو العواطف المشبوبة والمشاعر المتأججة، والأحاسيس الملتهبة، ما لم تقم على أساس من الصدق والحب والتفاهم والإخلاص ووحدة الهدف... والبيت السعيد هو البيت الذي تعتقد ربته أنها بالنسبة لزوجها أم وأخت وصديقة وحبيبة، فيعيش لها الزوج بمثابة الأب والأخ والصديق والحبيب.. تصوروا معي أسرة تنشأ في ظل هذه المعاني، ماذا يكون أبناؤها؟ إنهم المتفوقون دائماً في كل حياتهم، النافعون للوطن، وللأمة الإسلامية، إنهم الأمل الذي نبحث عنه.
وما عناية رسول الهدى، وحثه على اختيار المرأة الصالحة ذات الدين، إلا لما يؤمل منها من قيام بالحقوق الزوجية، ورعاية شؤون الزوج، وتربية الأولاد، وبناء الأسرة على أسس من التقوى والإيمان.
وإذا لم يكن إلا المال، من غير دين... فلا. وإذا لم يكن إلا الحسب، من غير دين... فلا.
ذلك أن: جمال الوجه مع قبح النفوس *** كقنديلٍ على قبر المجوسي
أما إذا كان مع الدين، جمال، ومال وحسب فبالأولى، ولكن مع ذلك يستهدف الدين أولاً.
وقد كان أسلافنا الصالحون حِرَاصاً على ابتغاء ذات الدين، مهما تكن عاطلاً من حلية الحسب والنسب، والمال والجمال. وآية ذلك، صنيع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في إيثاره ابنة بائعة اللبن زوجاً لابنه عاصم، وقد كان - رضي الله عنه - يتمنى أن تكون زوجة له لو كانت به حاجة إلى زواج، على ما روى الثقات من المؤرخين وفي طليعتهم الإمام ابن الجوزي في تأريخه لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب حيث يقول:
(روى ابن زيد عن جد "أسلم" قال: بينما كنت مع عمر بن الخطاب - وهو يعّس بالمدينة - إذا هو قد أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل فإذا امرأة تقول لابنتها: يا بنتاه قومي إلى اللبن فامذقيه (أي اخلطيه) بالماء، فقالت لها ابنتها: يا أُمتاه، أما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم، ألا يُشاب اللبن بالماء، فقالت الأم: قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء، فإنك في موضع لا يراك فيه عمر ولا منادي عمر، فقالت البنت لأمها: والله ما كنت لأطيعه علانية وأعصيه سراً، وكان أمير المؤمنين - في استناده إلى الجدار - يسمع هذا الحوار فالتفت إليّ يقول: يا أسلم، ضع على هذا الباب علامة، ثم مضى أمير المؤمنين في عسه، فلما أصبح، ناداني: يا أسلم امض إلى البيت الذي وضعت عليه العلامة، فانظر من القائلة، ومن المقول لها؟ انظر هل لهما من رجل؟ يقول أسلم: فمضيت، فأتيت، الموضع فإذا ابنة لا زوج لها، وهي تقيم مع أمها وليس معهما رجل، فرجعت إلى أمير المؤمنين عمر فأخبرته الخبر، فدعا إليه أولاده، فجمعهم حوله ثم قال لهم: هل منكم من يحتاج إلى امرأة فأزوجه؟ لو كان بأبيكم حركة إلى النساء، ما سبقه أحد منكم إلى الزواج بهذه المرأة التي أُعرف نبأها، والتي أحب لأحدكم أن يتزوجها. فقال عاصم يا أبتاه تعلم أن ليس لي زوجة فأنا أحق بزواجها، فبعث أمير المؤمنين من يخطب بنت بائعة اللبن لابن أمير المؤمنين عاصم، فزوجه بها، فولدت له بنتاً تزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت له خامس الخلفاء الراشدين الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز رضوان الله عليهم أجمعين.
كان من يمن هذا التصرف الكريم أن جاءت ثمرة هذا الزواج، خليفة لا تعرف الإنسانية له نظيراً في عدالته، وزهادته، وسعادة رعاياه به، - رضي الله عنه - وتسألني الآن عن صفات ذات الدين من النساء؟
وأجيبك بما قاله صفوة البشر - صلى الله عليه وسلم - فعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر اليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته]. (رواه أبو داود والبيهقي).
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله - عز وجل -، خيراً له، من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله]. (رواه ابن ماجه).
وإذا كان هذا هو وصف الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - للمرأة الصالحة المتدينة فإنه ولا شك أنها موجودة في البيئة الصالحة الطيبة، فإن كان رب البيت من الصالحين الأتقياء فلا بد من أن تكون بنياته من العفيفات المتدينات، ولهذا نصح الشاعر المسلم بقوله:
وإن تزوجت فكن حاذقاً *** واسأل عن الغصن وعن منبته
واسأل عن الصهر وأحواله *** من جيرة وذي قربته
إن أول أساس وضعه لك الإسلام، لاختيار شريكة العمر، أن تكون صاحبة دين، ذلك أن الدين يعصم المرأة من الوقوع في المخالفات، ويبعدها عن المحرمات، فالمرأة المتدينة بعيدة عن كل ما يغضب الرب، ويدنس ساحة الزوج.
أما المرأة الفاسدة المنحرفة البعيدة عن هدى دينها، وتعاليم إسلامها، فلا شك أنها تقع في حبائل الشيطان بأيسر الطرق، ولا يؤمن عليها أن تحفظ الفرج، أو تصون العرض، بل إن الخطر يشتد إذا كان مع الفساد جمال، ومع الجمال مال.
من أجل ذلك بالغ الإسلام في حَثَّك على اختيار ذات الدين، وحضك على البحث عنها في كل بيت مسلم أمين.
أما الأساس الثاني لاختيار شريكة الحياة فهو أن تكون صاحبة خلق، والحقيقة أن هذا العنصر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأساس الأول الذي هو الدين، ذلك أن المتدينة لا بد من أن تكون صاحبة خلق رفيع، لأن دينها سيمنعها من فحش القول، وبذاءة اللسان، وسوء المنطق وثرثرة الكلام، وعلى كل فحسن الخلق أساس قويم، ومنهج حكيم في البحث عن المرأة الصالحة، (وصدق لقمان الحكيم عندما قال لولده يا بني اتق المرأة السوء فإنها تشيبك قبل المشيب، يا بني استعذ بالله من شرار النساء، واسأله خيارهن، فاجهد نفسك في الحصول على الصالحة الطيبة تلق السعادة أبد الحياة) (انظر إحياء علوم الدين ج 2 ص 45).
ومن الأسس التي فصل الإسلام فيها القول عند اختيار شريكة الحياة هو أن يكون هناك تقارب في السن والثقافة، والنسب، وهذا هو ما يطلق عليه في فقهنا الإسلامي باسم (التكافؤ بين الزوجين)، وذلك لحفظ مستوى الحياة الزوجية، والإنسجام بين الزوج وزوجه.
ثم إن الإسلام طالبك ورغبك بأن تكون امرأتك التي تريد الزواج بها بكراً، وما رغب في ذلك إلا لأن طبعك الإنساني يألف الجديد، وينفر من امرأة مسها واحد قبلك، ولهذا قال نبيك الكريم - صلى الله عليه وسلم - لصاحبه الجليل جابر بن عبدالله عندما علم أنه تزوج ثيباً: [هلا بكراً تلاعبك وتلاعبها]، فعلل الصاحب الجليل زواجه بالثيب بأن أباه قد مات وترك له أخوات صغيرات يحتجن إلى الرعاية والعناية، وأن الثيب في هذه الحالة أقدر على رعاية البيت، ولولا هذا الذي قدره الله وقضاه لكانت بكراً، وفي المرأة البكر فوائد جليلة، ومحاسن وفيرة، حيث إنها تجعل كل حبها لهذا الذي اختارها من بين آلاف النساء، وما الحب إلا للحبيب الأول، ثم إنها لم تجرب الرجال من قبل فلا شك في أنها ستمنح من يتزوج بها جميع ما تملك من مودة وحنان، ولذلك قال حبيب الطائي:
نقل فؤادك حيث شئت الهوى *** ما الحبُّ إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى *** وحنينه أبداً لأول منزل
ومن الأسس التي وضعها لك الإسلام، أن تختار المرأة الولود.
والولود تعرف بشيئين:
الأول: خلو جسدها من الأمراض التي تمنع الحمل، ويرجع في هذا إلى المتخصصين من الأطباء الذين هم أهل الذكر في هذا الشأن، وهو ما رأته بعض الدول من ضرورة العرض على الأطباء قبل الزواج.
الثاني: أن ننظر في حال أمها وعشيرتها، وأخواتها المتزوجات، فإن كنَّ من الصنف الولود فهي ولود في الغالب - إذا أراد الله - ذلك أن للوراثة من الأدوار ما لا يخفى، ومن أجل ذلك أمر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بالبحث عن المرأة الولود.
فعن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهياً شديداً ويقول: [تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة]. رواه أبو داود والنسائي.
وعن معقل بن يسار، قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أصبت امرأة ذات حسن وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال: "لا"، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: [تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم] (رواه النسائي وأبو داود).
أما حينما تكون الزوجة ضعيفة الديانة، سيئة الخلق، فإنه لا يؤمَّل منها بناء أسرة صالحة، ولا يتحقق بسببها هناءٌ ولا سعادة، بل قد تكون سبب عناء وبلاء على الزوج، ولذا جاء التحذير من الانخداع بجمال المرأة الظاهر، دون نظر إلى الجمال الحقيقي، والمتمثل في الدين ومكارم الأخلاق، وطيب المعشر، فقد روي عنه قوله: ((لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين)) رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما[أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح [1859]، والبيهقي في السنن الكبرى (7/80)، والبزار في مسنده (6/413) وغيرهم من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، وفي سنده عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وهو ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب [1209].
فما هذه التوجيهات النبوية إلا مظهر من مظاهر عناية الإسلام بأمر النكاح، وتوجيه الزوج نحو ما يحقق له حياة هنيئة، وسعادة زوجية.
أما فيما يتعلق بالزوجة فإن من عناية الإسلام بأمرها ما وجه إليه أولياء أمور النساء من ترغيبهن في النكاح، والحرص على تزويجهن بالأكفاء، وقبول الخاطب إذا خطبهن، والحذر من ردّه متى كان صالحًا في دينه، مستقيمًا في أخلاقه، فقد جعل رسول الله ذلك هو المعيار للقبول أو الردّ، دون اعتبار لغير ذلك من معايير تواطأت عليها بعض المجتمعات، وتعارف عليها بعض الناس، مما لا أصل له في دين الإسلام، بل ربما ترتب عليها من المفاسد والأضرار ما لا يعلمه إلا الله، ولذا قال: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)) رواه الترمذي وابن ماجه[أخرجه الترمذي في كتاب النكاح [1084]، وابن ماجه في كتاب النكاح [1967] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وصححه الحاكم (2/164ـ 165)، وتعقبه الذهبي بأن فيه عبد الحميد بن سليمان قال فيه أبو داود: كان غير ثقة، وفيه أيضًا ابن وثيمة لا يعرف. ثم اختلف في إسناده، فنقل الترمذي عن البخاري أنه يرجح انقطاعه. ولكن للحديث شواهد يتقوى بها. ولذا حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة [1022].
وإن مما يُؤسَى له أن يَعمَد بعض الأولياء إلى عَضْل[العضل هو التضييق ومنع المرأة من الزواج ظلمًا] من تحت ولايته من النساء، من بنات وأخوات، لأطماع مادية، أو لعادات اجتماعية، لا أصل لها في شريعة الإسلام، فيلحق بمولياته من عظيم الضرر، وشديد الحسرة والألم ما الله به عليم.
ألا يتقي الله أولئك الأولياء بهذا الصنيع الذي يستوجب غضب الله - تعالى - عليهم، ومساءلتهم عنه يوم القيامة، فقد قال: ((كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته)) [أخرجه البخاري في كتاب الجمعة [893]، ومسلم في كتاب الإمارة [1829]، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما].
فيا أولياء أمور بنات المسلمين اتقوا الله - تعالى - في كل ما تأتون وتذرون، وتلمسوا أسباب الخير والبركة في كل ما تريدون وتقصدون. ولتعلموا أن أقوى الأسباب في حلول البركة في الزواج، وحصول التوفيق فيه صلاح الزوجين واستقامتهما على طاعة الله ومرضاته، وتحليهما بآداب الإسلام وشمائله، وتيسير مؤونة النكاح وتكاليفه، والبعد عن مظاهر الإسراف فيه، فذلك كله من أقوى العوامل، وأجدى الوسائل في حصول السعادة والتوفيق في الحياة الزوجية، فقد قال في معرض التوجيه للأمة للأخذ بأسباب البركة والتوفيق في النكاح: ((أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة)) رواه الإمام أحمد وغيره[أخرجه أحمد (6/145)، والنسائي في الكبرى (5/402) والبيهقي في السنن (7/235)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -. وصححه الحاكم (2/178)، ووافقه الذهبي، وفي سنده ابن سخبرة لا يدرى من هو. ولذا ضعف الألباني هذا الحديث في السلسلة الضعيفة [1117]، وروى أهل السنن عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: (ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإن ذلك لو كان مكرمة في الدنيا وتقوى عند الله لكان أولاكم به رسول الله)[أخرجه أحمد (1/40 ـ 41، 48)، وأبو داود في كتاب النكاح [2106] والترمذي في كتاب النكاح [1114]، والنسائي في كتاب النكاح [3349]، وابن ماجه في كتاب النكاح [1887]، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح" وصححه ابن حبان [4620 ـ الإحسان ـ]، والحاكم (2/175 ـ 176)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود [1852]].
ثانياً ــ اختيار الزوج:
على الأخت المسلمة الواعية ألا تقبل الزواج من رجل إلا بعد أن تكون قد درست أخلاقه وصفاته ودرست كذلك أسرته الكبيرة، وعرفت عنه ما يلزم لها، كي تشعر بأمان واطمئنان، وتقبل إلى الحياة الهانئة معه في ظل قناعة ورضا وقبول وحب يجب أن تتروى الأخت المسلمة حتى تستمع إلى نصائح والدتها ووالدها وأقاربها، وصديقاتها المؤتمنات على الأسرار، حتى تنجح في اختيار الزوج الذي يناسبها، وتعيش معه في ظل سعادة وهناء وراحة بال.
إن أول أساس وضعه الإسلام، لاختيار شريك العمر، أن يكون صاحب دين، ذلك أن الدين يعصم الرجل من الوقوع في المخالفات، ويبعده عن المحرمات، فالرجل المتدين بعيد عن كل ما يغضب الرب، ويدنس ساحة الزواج.
أما الرجل الفاسد المنحرف البعيد عن هدى دينه، وتعاليم إسلامه، فلا شك أنه يقع في حبائل الشيطان بأيسر الطرق، ولا يؤمن عليه أن يحفظ الفرج، أو يصون العرض، بل إن الخطر يشتد إذا كان مع الفساد هوى، ومع الهوى مال.
وأما الأساس الثاني فهو أن يكون الزوج ذا خلق، والحقيقة أن هذا العنصر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأساس الأول الذي هو الدين، ذلك أن المتدين لا بد من أن يكون صاحب خلق، لأن دينه سيمنعه من فحش القول، وبذاءة اللسان، وسوء المنطق وثرثرة الكلام، وعلى كل فحسن الخلق أساس قويم، ومنهج حكيم في البحث عن الرجل.
ثالثاً ــ عرض الرجل ابنته على الصالحين:
ينبغي للرجل الصالح أن يعرض ابنته على الرجل الصالح الذي يرى فيه صلاحا لابنته.
1 ـ فالله - عز وجل - في كتابه الكريم، يقص علينا قصة موسى بن عمران وشعيب - عليهما السلام - حين عرض شعيب - عليه السلام - ابنته على موسى بن عمران - عليه الصلاة والسلام - ليتزوجها؛ لأن شعيبا - عليه الصلاة والسلام - رأى أن موسى - عليه السلام - صالح وهو لم يعرفه.
2 ـ وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقد مات زوج ابنته حفصة:
(لقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر فقال: سأنظر في أمري فلبث ليالي ثم لقيته فعرضت ذلك عليه فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج فلقيت أبا بكر فقلت له: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر فصمت ولم يرجع إلي شيئا فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبث ليالي ثم خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنكحها إليه فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت على حفصة فلم أرجع إليك فقال: نعم فقال: إنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله ولو تركها لقبلتها.
3 ـ وهذا الرسول - عليه السلام - يختار لابنته فاطمة - رضي الله عنها - صاحب الدين والشجاعة والإيمان علي بن أبي طالب ليكون زوجا لها فكان هذا الزواج أسعد زواج عرفه المسلمون.
4 ـ وهذا سعيد بن المسيب كبير علماء التابعين يقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويزوج ابنته لرجل فقير وهو عبد الله بن وداعة ولكنه صالح تقى فاختار ابن المسيب عبد الله بن وداعة هذا الفقير الصالح التقي أن يكون زوجاً لابنته على الوليد ابن أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فضرب ابن المسيب الجاه والمنصب والسلطان عرض الحائط فاستمع هذه القصة يرويها عبد الله بن وداعة فقال: كنت أجلس مع سعيد بن المسيب فتفقدني أياما فلما أتيته قال أين كنت: قلت توفيت زوجتي فاشتغلت بها، قال هلا أخبرتنا فشهدناها ثم أردت أن أقوم قال: هل استحدثت امرأة؟ فقلت يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أوثلاثة؟ فقال أنا فقلت وتفعل؟ فقال: نعم فحمد الله - تعالى - وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجني على درهمين أو قال ثلاثة ثم قمت وما أدري ما أصنع من الفرح، وجعلت أفكر ممن أستدين فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي فأسرجت وكنت صائماً فقدمت عشائي وكان خبزاً وزيتاً وإذا ببابي يقرع فقلت: من هذا؟ قال سعيد. ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب لأنه لم ير أربعين سنة إلا بين داره والمسجد، ثم خرجت إليه فإذا هو سعيد بن المسيب فظننت أنه قد بدا له "فقلت يا أبا محمد لو أرسلت إلي لأتيتك. فقال لا أنت أحق أن تؤتى قلت: فما تأمر؟ قال: إنك كنت رجلا عزبا، فكرهت أن أبيتك الليلة وحدك وهذه امرأتك، وإذا هي قائمة خلفه في طوله، ثم أخذها بيدها فدفعها في الباب ورده فاستوثقت من الباب ثم تقدمت إلى القصعة التي فيها الخبز والزيت فوضعتها في ظل السراج لكيلا تراه ثم صعدت السطح فرميت الجيران فجاؤني وقالوا: ما شأنك؟ قلت: ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها الليلة على غفلة فقالوا: أو سعيد زوجك؟ قلت: نعم. فنزلوا إليها وبلغ ذلك أمي فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام. فأقمت ثلاثا ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل النساء، وأحفظ الناس لكتاب الله - تعالى - وأعلمهم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعرفهم بحق الزواج ثم مكثت شهرا لا يأتيني سعيد ولا آتيه. فلما كان بعد الشهر أتيته وهو في حلقته فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تفرق الناس فقال: ما حال ذلك الإنسان؟ فقلت: بخير يا أبا محمد. ثم انصرفت إلى منزلي فوجه إلي بعشرين ألف درهم..(111/182)
5 ـ وكان بمدينة مرو رجل يقال له: نوح بن مريم وكان رئيس البلد وقاضيها وذا نعمة وجاه موفقا. وكانت له بنت ذات جمال وبهاء وكمال، فخطبها منه جماعة من الأكابر والرؤساء وأصحاب المال والثراء، فلم ينعم بها لأحد منهم. وحار في أمرها وكان له عبد هندي أسود اسمه مبارك، وكان له أشجار وبساتين فقال لذلك العبد: اذهب إلى البساتين واحفظ ثمرها. فمضى إليها وأقام بها شهرين ثم جاء سيده يلقي نظرة على بساتينه وجلس تحت شجرة باسقة يأخذ الراحة لنفسه ويمعن طرفه في هذه الثمار اليانعة، التفت السيد إلى مملوكه وقال له: يا مبارك ائتني بقطف من العنب فأسرع مبارك وجاءه بقطف من العنب، وتناول السيد حبة منه فإذا هو حامض فقال: يا مبارك إنك أتيتني بقطف حامض فائتني بغير هذا، وأسرع مبارك ثانية فجاء بقطف وناوله إياه، فأكل السيد منه فوجده حامضا. وهنا كاد الغضب يستولي على السيد لولا ما يتحلى به من الحلم والأناة فكتم غضبه واتجه إلى مبارك قائلا: لماذا لم تأتني بقطف حلو والبستان مملوء من جميع الأنواع؟ ويجيب مبارك ببراءة وصدق قائلا: يا سيدي، أنا لا أعرف الحلو فيه من الحامض، واستغرب السيد هذا القول، عامل البستان لا يفرق الحلو من الحامض، ثم صارح مباركاً قائلا: لك شهران في البستان ولا تعرف فيه الحلو من الحامض، وانبرى مبارك يؤكد لسيده ويقسم له إنه لا يعرف الحلو من الحامض لأنه خلال هذه المدة لم يذق من البستان ثمرة واحدة، وزاد استغراب السيد من كلامه هذا قائلا: ولم لا تأكل منه؟ وما الذي منعك من تناول هذه الثمار التي بين يديك؟ وعاد مبارك يقول ببساطة: إنك أمرتني بحفظه ولم تسمح لي بالأكل منه فأنا أنفذ ما أمرتني به وما كنت لأخون في مالك وأخالف أمرك، والله - تعالى - لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
فعجب سيده من ورعه وأمانته وصدقه ودينه، وأطرق السيد قليلاً ودارت في ذاكرته أشياء كثيرة واهتدى إلى أمر قرره في نفسه وشرع يعمل على إنفاذه: إن ابنته الحلوة الجميلة التي ضن بها على الرؤساء وأصحاب الثراء لهي خير هدية يقدمها إلى هذا الإنسان الأمين الطيب، وإنه لجدير بأن يحظى بهذه الفتاة الرائعة لقاء ما يتمتع به من خلق كريم وأمانة وصدق، ولكن هل يجد عقبات في إتمام هذا المشروع الأخير؟ قد يكون ذلك، ولكنه يستعين بالله - تعالى - على تذليل العقبات- إن وجدت- ويلتفت السيد إلى مبارك يقول: يا مبارك إني أستشيرك في أمر فأشر علي بما ترى فإني رأيتك ذا عقل وروية فقال مبارك: رحماك يا سيدي أنا عبد مملوك لك، فمرني بما تريد أنفذ إرادتك حسب استطاعتي قال السيد: نعم، إن لي بنتا هي آية في الجمال والكمال وقد خطبها كثير من الرؤساء والزعماء وأصحاب الجاه والثروة وقد حرت في أمر تزويجها ولمن أعطيها فأشر علي في هذا الأمر. قال مبارك: يا سيدي، كان الناس في الجاهلية يرغبون في الأصل والنسب والحسب، واليهود والنصارى يرغبون في الحسن والجمال، وفي زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغبون في الدين والتقوى وفي زماننا يرغبون في المال والجاه، فاختر لنفسك ولبنتك من هذه الأشياء ما شئت. كان السيد يصغى إلى مبارك فوجد في كلامه حكمة يعجز عنها الفصحاء والحكماء.
فازداد له حبا وبه تعلقا فقال: يا مبارك، إني راغب في الدين والتقوى، ثم أردف يقول: وإني وجدتك ذا دين وأمانة وتقوى وإني عزمت على أن أزوجك بها قال مبارك: يا سيدي، أنا عبد رقيق أسود وقد اشتريتني بمالك فكيف تزوجني بابنتك وكيف ترضى ابنتك بي؟!! وكانت هذه هي العقبة التي جالت في فكره ولكنه كان يعهد في ابنته الصلاح والتقوى أيضا إلى جانب جمالها، لذا كان أمله قويا في استجابة ابنته لرغبته، ورضاها في الزواج ممن ارتضاه لها واتجه السيد إلى مبارك قائلا: اتبعني.. ودخلا بيت السيد بدون مقدمة ولا توسل قال السيد لابنته: يا ابنتي اسمعي: إني رأيت هذا الغلام تقيا أمينا صالحا وإني رغبت في أن أزوجك منه فما رأيك؟! وأجابت البنت على الفور: أنا ابنتك وأمري إليك لا أعصيك أبدا ولا أخالفك وأنا أرضى بما رضيته لي.. وكذلك وافقت الأم على ذلك بكل سرور واطمئنان، وتم الزواج وأعطاها السيد مالا كثيرا معينا به في حياتهما وعاشا سعيدين موفقين، ولم تمض فترة على هذا الزواج حتى رزقا بمولود سمياه عبد الله، واشتهر عبد الله بن مبارك المعروف عند العلماء الصالحين - رضي الله عنه - ونفعنا به. وتلك ثمرة الأمانة العاجلة في الدنيا قبل الآخرة.
خاتمة:
فإلى الآباء الذين أعرضوا عن تزويج بناتهم بأصحاب الدين والخلق وباعوا بناتهم للفساق والفجار رغبة في مالهم وجاههم غير مبالين بأي نقص في الدين نقول اتقوا الله واعلموا أن بناتكم بأيديكم أمانة، فلقد روى ابن حبان بسند صحيح (من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها) [ذكر الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء، المجلد الثاني؛ الباب الثاني، الحديث 7: أن ابن حبان رواه في الثقات من قول الشعبي بإسناد صحيح]؛ فبمن تطمعون لبناتكم ؟ أبصاحب مال و عقار و حذاء و كساء وبناء، ولو كان دينه ما كان.. أم ماذا ؟
فعلى الآباء أن يزوجوا بناتهم من أصحاب الدين والخلق والمروءة وأن يختاروا لبناتهم الزوج الصالح ذا الصفات الكريمة فكفاءة الدين والخلق هي المهم في القبول لا كفاءة المال.
لقد شرع الله - عز وجل - النكاح لمصالح الخلق، وعمارة هذا الكون، ففي النكاح مصالح عظمى، ومنافع كبرى، وإنه بقدر عناية المجتمع وحرص الأمة على أمر النكاح، والسعي في تزويج الناشئة، وتسهيل سبل النكاح، وتيسير أسبابه، يتحقق للأمة ما تؤمل من سعادة أبنائها، وحصول الأمن والطمأنينة في مجتمعاتها.
غير أن الواقع المؤلم أن كثيرًا من المجتمعات المسلمة اليوم قد ابتعدت عن هدي الإسلام، وتشريعاته الداعية إلى تسهيل سبل النكاح، وتيسير أسبابه، حيث يغالي البعض في طلب المهور العالية، والتكاليف الباهظة، ويسرفون في إقامة الولائم والحفلات، ويبذلون في سبيل ذلك الأموال الطائلة، التي تبدد مال الأغنياء وتثقل كاهل الفقراء، مما كان عائقًا لكثير من الشباب عن الإقدام على الزواج، لعجزهم عن أعبائه وتكاليفه، ومما ترتب عليه أيضًا حرمان كثير من الفتيات عن حقهن المشروع في الزواج، وعضلهن عن النكاح بالأكفاء، فكم في المجتمعات المسلمة من فتيان وفتيات قد حيل بينهم وبين ما جبلوا عليه من الرغبة في النكاح، وبناء الأسرة، والعيش تحت ظلها الوارف، بسبب تكاليف الزواج الباهظة، أو بسبب ما للعوائق من العادات والتقاليد الاجتماعية المخالفة لهدي الإسلام وتعاليمه، مما أدى إلى مفاسد وأضرار عظمى في بعض المجتمعات المسلمة، وانحراف بعض الناشئة عن طريق العفاف والفضيلة.
وهذا مما يدفع الجميع (جميع المسلمين) لتتضافر منهم الجهود، ولا سيما من ذوي التأثير في المجتمع من العلماء والوجهاء، والمصلحين والمفكرين، وحملة الأقلام ورجال الإعلام، في الحث على تسهيل أمور النكاح، وتيسير أسبابه ووسائله، ونشر الوعي العام بذلك في المجتمعات المسلمة، تحقيقًا لمصالح الأمة، ودرءًا للأضرار والأخطار عنها، فقد قال الله - عز وجل -: { وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [النور: 32].
وعلى المسلمين أن يعملوا على العناية بتزويج الناشئة، وتيسير أسباب النكاح عليهم، كي يقدموا عليه بارتياح وطمأنينة، ويقيموا أسرًا صالحة، تكون لبنة عاملة في الأمة، إذ بهذا تصلح المجتمعات وتسعد الأمة، ويتحقق لها ما تؤمل من عزّ أبنائها، ورقي مجتمعاتها، واستقامة شؤونها وصلاح أحوالها، وبذلك تحصل السعادة الدنيوية التي هي مقدمة للسعادة الأخروية الأبدية.
ألا وصلوا على نبي الرحمة والهدى، كما أمركم بذلك المولى - جل وعلا - فقال: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً }[الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد إمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، الأئمة المهديين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعملون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك يا أكرم الأكرمين.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/183)
سلسلة إصلاح الأسرة (4) مفاهيم وقيم خير الأمم !!!
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئا.
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
هذا هو اللقاء الرابع ، في سلسلة إصلاح الأسرة ، والتي نتحدث فيها عن الأسرة المسلمة ، وطرق إصلاحها وإعادتها إلى الطريق الذي خطه لها ديننا الحنيف ! .
وفي هذه المقالة أتحدث عن بعض المفاهيم ، التي ينبغي على كل من مسلم ومسلمة التنبه لها ، فأعيروني القلوب والعيون والأسماع ، وإن أخذت القليل من أوقاتكم ، جزاكم الله خيراً . وفيها ستة مطالب هي :
أولاً ــ القوانين الإلهية في خلق الخلق :
من القوانين الإلهية في هذا الكون أنه سبحانه خلق كل شيء فيه مبنياً مكوناً من زوجين اثنين ، فقال تعالى : (( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون )) [الذاريات:49].
ويتم نظام الكون بالتوافق والتكامل بين هذه الزوجية ؛ في المكان، وفي الزمان، وفي الحيوان، وفي الإنسان؛ في كل من هؤلاء خلق الله سبحانه وتعالى زوجين اثنين؛ فيتم نظامه ويقوم كيانه على التوافق والتكامل بين هذين الزوجين .
1 ــ المكان : في المكان أعلى يقابله أسفل، وداخل يقابله خارج وشرق يقابله غرب، وشمال يقابله جنوب .
2 ــ الزمان : في الزمان ، ليل يقابله نهار، وظلمة يقابلها إسفار.
3 ــ الحيوان : وفي الحيوان، ذكر وأنثى؛ قال تعالى: (( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى )) [النجم:45].
ولما أراد سبحانه بعدله أن يغرق أهل الأرض جميعاً، أمر نبيه نوحاً عليه السلام أن يحمل في سفينته من كل شيء زوجين اثنين. (( قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين )) [هود:4].
4ــ الإنسان : والإنسان رجل تقابله امرأة، قال تعالى: (( والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجاً )) [فاطر:11].
(الزوجية لها أهداف حيوية ) :
فكل من الزوجين في كل هذه الأشياء يقابل الآخر، وله مهمة غير مهمة الآخر، وبالتوافق والتكامل بين هذه الأزواج يقوم نظام الكون، ولو اختلطت مهماتها لفسد نظامها واختل كيانها؛ لفسد نظام هذه الأزواج واختل كيانها، فسبحانه ما أعظم قدرته وأعظم حكمته!
هذه الحقيقة الكونية ليس هناك عاقل يجهلها؛ فالنهار له طبيعة غير طبيعة الليل، والرجل له مهمة غير مهمة المرأة.
النهار للسعي والحركة، وطلب الرزق ابتغاء فضل الله تعالى، والليل للسكون والراحة والنوم؛ فإن الإنسان بين يوم حافل بالسعي والحركة والعناء والمشقة بحاجة إلى فترة من الراحة يلتقط فيها أنفاسه ويجدد قوته وهمته.
الرجل للسعي والحركة وطلب الرزق والضرب في مناكب الأرض ابتغاء فضل الله، وإدارة الصراع بين قوى الخير والشر.
والمرأة للبيت تبنيه وتعمره ليكون سكناً يأوي إليه الرجل بعد يوم حافل بالمشقة والعناء قال تعالى: (( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى (( [الليل:1-4].
فهذه الأشياء المتقابلة؛ الليل يغشى الكون بسكونه وظلمته، والنهار يُسفر بنهاره وصبحه، والذكر يسعى في مناكب الأرض طلباً للرزق وعمارة لها، والمرأة للبيت ترتبه وتهيئه للسكينة والسكن ، وللأبناء .
فلو اختلطت هذه المهمات من هذه المتقابلات كيف يتم نظام الحياة ؟!.
يختل نظام الحياة، لا يتصور عاقل أبداً أنه يمكن أن تختلط المهمات بين هذه المتقابلات ويبقى نظام الحياة دون أن يختل أو يفسد، فهذه الأشياء المتقابلة لكل واحد منها مهمة خلقه الله سبحانه وتعالى لها؛ فعلى كل من الرجل والمرأة ، أن يقف عند حدود المهمة التي خلقه الله تعالى لها.
فالمرأة سكن والرجل للسعي والحركة، والليل سكن والنهار للسعي والحركة، فمهمة الرجل ألصق ما تكون بالنهار، كما أن مهمة المرأة أشبه ما تكون بالليل؛ ولذلك وصف الخالق سبحانه وتعالى؛ كل من الليل والمرأة وصفهما بأنهما سكن؛ قال سبحانه وتعالى: ))هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً (( [يونس:67]. وقال سبحانه: (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )) [الروم:2].
فعلى كل من الرجل والمرأة أن يقف عند حدود المهمة التي خلقه الله عز وجل من أجلها، لا يحاول التمرد على القانون الإلهي والنظام الرباني، بل يتفانى في السعي والحركة ضمن هذا الإطار الرباني والقانون الإلهي ويعطي مهمته التي خلق الله لها كل من عنده من قدرات وإمكانات، لا يبخل عليها بإمكاناته، ذلك إن كان مؤمنا مصدقا بحكمة الخالق العظيم سبحانه وتعالى.
ثانياً ــ تكريم الإسلام للمرأة :
إن الإسلام كرم المرأة أماً وزوجة وبنتاً، و أعطاها حقوقها كاملة، مما لم تظفر به امرأة في غير الإسلام، وقد قيل: وبضدها تتميز الأشياء.
وإذا نظرنا إلى حال المرأة قبل الإسلام؛ علمنا تكريم الإسلام للمرأة؛ فالمرأة قبل الإسلام كانت محتقرة مهانة، حتى سموها رجساً من عمل الشيطان، وكانت عندهم كسقط المتاع، تباع وتشترى في الأسواق؛ مسلوبة الحقوق، محرومة من حق الميراث وحق التصرف في المال إلى غير ذلك من الذل والمهانة.
لما أشرق نور الإسلام، رفع عن المرأة ما أحيطت به من الآصار والأغلال، بل رفع مكانها وأعلى منزلتها فجعلها قسيمة الرجل، لها ما له من الحقوق وعليها من الواجبات ما يلائم تكوينها وفطرتها وعلى الرجل بما اختص به من الرجولة والقوة والجلد وبسطة اليد، أن يقوم برعايتها:
قال تعالى: (( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة )) [البقرة:228]. وتلك هي الرعاية والحياطة، لا يتجاوزها إلى قهر النفس وجحود الحق .
وقال صلى الله عليه وسلم : ((إنما النساء شقائق الرجال))[ أحمد وأبو داود والترمذي].
ولقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في جزاء الآخرة:
قال تعالى: (( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) [النحل:97].
ولقد أتت أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنى يا رسول الله رسول من ورائي من النساء، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء؛ فآمنا بك، واتبعناك، ونحن معشر النساء مقصورات مخدورات قواعد في البيوت، وإن الرجال فضلوا بالجمعات وشهود الجنائز والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد؛ حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم؛ أنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه إلى أصحابه، وقال: ((هل رأيتم امرأة أعظم سؤالاً منها))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها: ((انصرفي يا أسماء! وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته؛ يعدل كل ما ذكرت للرجال)) فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشاراً بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم [انظر كنز العمال برقم(45157)].
ثالثاً ــ دور العلمانيين والمنافقين في ترويج الفساد ، وأسلوبهم في الإضلال :
لا يزال المنافقون من أهل العلمنة والتغريب ومن اغتر بدعواهم يطالعوننا المرة بعد المرة بأقوال وآراء عبر صحفنا اليومية تخالف ثوابتنا الشرعية ومسلماتنا الاعتقادية يلبسون لبوس الغيرة على الدين أحيانا ولبوس النهضة بالاقتصاد أحيانا أخرى ويطرحون أفكارا خاوية لا تتفق وواقعنا المحافظ على دينه وما هم إلا حفنة قليلة من المتأثرين بالغرب اللاهثين خلف ما يفد منه ، ولو كان فيه حتفنا ولو كان الغرب قد ذاق مرارته ونادى بالويل والثبور من جرائه فيصدق عليهم بذلك قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟)) [متفق عليه]
وإننا في زمن قد ادلهمّ ليله، وأظلم نهاره، وفقد بعض الناس شخصيته المميزة؛ فبات بعض الناس كل ما يستطيعونه هو تقليد الغرب مزرعة الرذائل، وأقبلوا يعدون وراءه دون وعي، وتلقوا كل أخطائه الاجتماعية بالقبول والتطبيق، واستحسنوها بعد أن طبقوها، ثم عملوا على نشرها في بلاد المسلمين، فاغرقوا دنيا المرأة بكل ما لاكه الغرب؛ بدءً بفتح محلات الخياطة غير المحتشمة، ومروراً بمحلات التجميل للنساء، وانتهاء بالمجلات التي تعنى بالمرأة، حتى نقضوا عرى الأخلاق عند بعض النساء عروة عروة، ونزعوا الحياء.
ثم بعد ذلك بدأ الزحف لنقض عرى الأخلاق عند الشباب، وتمييع أخلاقهم، ونزع الحياء، فنقلوا ما في بلاد الغرب من انحلال إلى بلاد المسلمين، وفاخروا بذلك؛ لزعمهم أنهم حازوا قصب السبق .
ولقد درس أعداء الإسلام أحوال المسلمين، وتعرفوا على أماكن القوة ومواطن الضعف في شخصية المسلمين، ثم اجتهدوا في توهين نواحي القوة وتحطيمها بكل ما أوتوا من مكر ودهاء وخبث؛ فعلموا أن المرأة من أعظم أسباب القوة في المجتمع الإسلامي، وعلموا أنها سلاح ذو حدين، وأنها قابلة لأن تكون أخطر أسلحة الفتنة والتدمير، ومن هنا كان لها النصيب الأكبر من حجم المؤامرات الكثيرة التي تُرى بوادرها في مجتمعات المسلمين يوماً بعد آخر .
وإن هؤلاء المسعورين من العلمانيين والمستغربين ومن سار في فلكهم ممن يتباكون على وضع المرأة في بلادنا هم أعداء المرأة حقاً ولعلمهم بواقع مجتمعنا واختلافه عن سائر المجتمعات التي عانت من الاستعمار دهوراً فإنهم يتسللون بأفكارهم التحررية ( بزعمهم ) ودعوتهم للانحلال من خلال قضايا شرعية يحاولون أن يجعلوها مجال نقاش وأخذ ورد ، ولقد قال الله تعالى : (( أم حسب الذين في صدورهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم )) [محمد 29 – 30 ] .
إن الناظر في واقع المجتمع المسلم اليوم يرى أنه تكالبت عليه الأعداء بغية إفساده، ويعجب من وقوف المسلمين حائرين أمام تلك الأسلحة؛ ينتظرون أن تفتك بهم .
رابعاً ـ تاريخ الدعوة لتحرير المرأة ( بزعمهم ) :
لقد بدأت حركة ما يسمى بتحرير المرأة قبل مائة عام تقريباً ، أي في عام 1899 م ، حيث خرج كتاب تحرير المرأة لقاسم أمين الذي دعا فيه المرأة إلى السفور ونبذ الحجاب واختلاطها بالرجال ولم يكن في ذلك الوقت في مصر امرأة تختلط بالرجال سوى امرأة واحدة هي ناظلي فاضل حفيدة محمد على باشا وفي تركيا دعا أحمد رضا عام 1908 م ، إلى إفساد المرأة حيث قال ما نصه: (( ما دام الرجل التركي لا يقدر أن يمشي علناً مع المرأة على جسر غلطة ــ وهو جسر في تركيا ــ وهي سافرة الوجه فلا أعد في تركيا دستوراً ولا حرية )) ، فهكذا دعا هذا الأثيم إلى سفور المرأة قبل تسعين عاماً تقريباً ولكن انظروا ما يحدث الآن حيث وصل الحال إلى إنشاء المراقص وبيوت البغاء وكل أنواع الشرور كما هو مشاهد ومعلوم في بعض البلاد نسأل الله أن يحمي بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه وإن كثيراً من الكتابات التي نطالعها على صفحات جرائدنا إنما هي نسخة مستلة من دعوة قاسم أمين وهي طبق الأصل من كتاباته وأفكاره هو وأضرابه دعاة السفور والاختلاط .
خامساً ــ فتنة المرأة وخروجها للعمل , وآثاره على الأسرة والمجتمع :
لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء وخروجهن : فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون؛ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء))[ رواه مسلم].
وعن أسامة بن زيد وسعيد بن زيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال: ((ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر عل الرجال من النساء))[رواه البخاري].
وقد كان للمرأة المسلمة دور رائع في بناء الصرح الإسلامي.
وقد انتفعت الأمة بهذا الحد النافع من سلاح المرأة في قرونها الأخيرة، ثم لم تلبث الحال أن تدهورت شيئاً فشيئاً، وجرحت الأمة بالحد المهلك من سلاح المرأة.
إن مشكلة النساء ليست بالمشكلة الهينة، وليست بالمشكلة الجديدة؛ لأن الفاسقة منهن شرك الشياطين وحبائل الشر، يصطاد بهن كل خفيف الدين مسلوب المروءة.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان))[ رواه مسلم].
وإن عمل المرأة بالصورة التي ينادي بها الغرب ، له من المفاسد الشيء الكثير فمما نذكره باختصار :
1 ــ إهمال الأسرة وتمزيق أركانها .
2 ــ تضييع الجيل وإفساد الأولاد .
3 ــ كثرة حالات الطلاق .
4 ــ كثرة حالات العنوسة في المجتمع .
5 ــ تحديد النسل إذ أن المرأة العاملة تضطر لإيقاف الإنجاب مراعاة للوظيفة .
6 ــ التضييق على الرجل في الحصول على الوظيفة وهذا مشاهد ملموس بل الواقع يشير إلى بداية ظهور البطالة في المجتمع في أوساط الرجال ، والرجل مطالب بالعمل لكونه مطالب بالنفقة على المرأة .
7 ــ كثرة السائقين والخادمات والمربيات وذلك لعدم تفرغ الأم لرعاية أبنائها .
8 ــ كثرة دور الحضانة ، وما تحدثه من أثر نفسي على الأطفال نتيجة تنشأتهم في دور الحضانة لعدم قيام الأم بالرعاية الواجبة .
9 ــ لا عائد مادي من عمل المرأة إذ أنه سيصرف في تبعات ذلك خادمة أو مربية أو سائق وسيارة وغيرها من المصاريف .
10 ــ تسهيل الفساد والانحراف الأخلاقي وما يتبع ذلك من هتك الأعراض وضياع الحرمات الناتج عن اختلاط المرأة بالرجال أثناء عملها .
وبالجملة فمن أراد أن يعرف آثار عمل المرأة بالصورة التي ينادي بها العلمانيون فلينظر إلى المجتمعات التي سبقت إلى مثل هذا العمل وما حل بها من فساد وانحراف يوجب على العقلاء من أبناء هذا المجتمع السعي لكف هذا الشر عن المسلمين ويتعين على الجميع بذل الجهود لحفظ المجتمع وصيانة الأمة من خلال السعي على الحفاظ على خصوصية تعليم المرأة وعملها في هذه البلاد بمنع الاختلاط في التعليم والعمل ،ومن ذلك إعادة النظر في سنوات تعليم المرأة وعملها بما يتوافق مع طبيعتها ويتلاءم مع وظيفتها الأساسية كأم وزوجة ومن ذلك إنشاء مستشفيات نسائية خاصة تراعي حرمات المرأة وخصوصياتها وكرامتها ..... !
سادساً ــ انسياق بعض النساء المسلمات وراء المرأة الغربية :
ذكرت في هذه المقالة نموذج من تكريم الإسلام للمرأة، والنماذج كثيرة.
ولكن؛ لنتساءل عن واقع المرأة المسلمة اليوم هل هي متمسكة بدين الإسلام أم أنها صريعة الجاهلية؟!
والحق يقال : إن بعض النساء قد رفضت تكريم الإسلام لها، وأصبحت صريعة لجاهلية هذا القرن ؛ فاندفعت اندفاعاً محموماً وراء كل سراب، وعاشت واقعاً مريراً.
والمؤلم في هذا الواقع المرير أن المرأة قد رضيت أن تؤلف نقطة الضعف ؛ فهي ملقية بنفسها وبرضى منها إلى التيار، يقذف بها حيث اتجه وسار دون أن تفكر في المقاومة، وساعد في إمداد التيار الهشيم تخلي بعض الرجال عن مراقبتهم على النساء، وترك الحبل على الغارب لهن، والمقروء والمسموع.
ولم تفكر من انساقت من النساء خلف تلك التيارات في حال المرأة الغربية، و ما تعيش من شقاوة وتعاسة؛ حيث كانت المرأة في الغرب فريسة للذئاب من البشر؛ عبثوا بكرامتها، وتاجروا بها، وأصبحت صورة المرأة شيئاً قد ألفوه لرواج الكاسد من البضائع والمجلات .
ولكن بعض نساء المسلمين أعجبن بحال نساء الغرب، فحدث ما لا تحمد عقباه ؛ حدث في مجتمعات المسلمين وفي نساء المسلمين تبرج النساء، وهو إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال، فظهر بين نساء المسلمين من تكشف وجهها وأكثر من ذلك أمام الرجال ؛ ليروا مفاتنها، فتستيقظ الفتنة النائمة، ووجد في نساء المسلمين من جعلت ثيابها تلفت النظر إليها؛ لكثرة زخرفتها، أو لضيقها، أو لشفافيتها، حتى وجد من بين النساء من تجعل الثوب ضيقاً، وأكمامه شفافة جداً، ونحرها مكشوفاً، ووجد بين نساء المسلمين من تجعل الثوب قصيراً لا يستر قدميها أو تجعل فتحات على ساقيها، وما خفي كان أعظم ، وكل ذلك جرياً وراء أحدث ما ظهر من لباس المرأة الغربية ، الذي تحمله إلينا المجلات الوافدة المسماة بمجلات الأزياء!!
ألا فلتعلم المرأة المسلمة أن هذه الأعمال لا تجوز، وأنها تجر إلى الهاوية.
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بمصير من تعمل ذلك من النساء:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر؛ يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)) [رواه مسلم] .
قال بعض العلماء: معنى (كاسيات عاريات): التي تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهاراً لجمالها، وقيل: معناه تلبس ثوباً رقيقا يصف لون بدنها.
وهان على كثير من نساء المسلمين الخروج إلى الأسواق دونما ضرورة، والخلوة بالرجال الأجانب في المحلات والسيارات، وشجع على هذا بعض الآباء بفعله وبذل ماله من أجله، والمرأة تتقلب من تبرج إلى خلوة، وحدث ولا حرج من سقوط الآداب ، وقد يحدث مالا تحمد عقباه، ثم يندم من فعل ذلك، ، ولات حين مناص ، و ولات ساعة مندم، ثم يقول بعد فوات الأوان: لا بارك الله بعد العِرض بالمال .
لقد أصبحت المرأة في هذا الزمن كالكرة، تتناولها أيدي اللاعبين، وتتهاوى في كل اتجاه ، ولقد بات وضع المرأة المسلمة في مهب الأعاصير، فليس من الحكمة أن يترك زمامه للأمواج تقذف به حيث يشاء أولو الأهواء، ولا ريب أن الواجب يضع على كل عاتق نصيبه من المسؤولية، لا يستثنى من ذلك صغير ولا كبير كل على حسب استطاعته.
إنى أخاطب أولياء الأمور، وأقول لهم: تذكروا قول الله تعالى: (( الرجال قوامون على النساء )) [النساء:34]. وتذكروا أنهن رعيتكم، وستسألون عنهن يوم القيامة، وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ((ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان))[ الحديث أخرجه الترمذي في (الرضاع) وفى (الفتن 7/2165) من حديث عمر وهو جزء من حديث طويل: ((لا يخلو رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان)) وقال الترمذي :"هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه" ورواه احمد في "المسند" (رقم 114-177) والحاكم في الإيمان من طرق صحيحة فالحديث صحيح. ] ، وقولوا: سمعنا وأطعنا. وتذكروا أن التوبة تجب ما قبلها، وأنه إن استمرت الحال على ما نرى، فسنحصد النتيجة مرة، وعندها لا ينفع الندم.
عن النواس بن سمعان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((ضرب الله مثلا صراطاً مستقيماً، وعن جنبي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعند رأس الصراط داع يقول: استقيموا على الصراط ولا تعوجوا، و فوق ذلك داع يدعو، كلما هم عبد أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب؛ قال: ويحك! لا تفتحته؛ فإنك إن تفتحه..)) ثم فسره فأخبر: ((أن الصراط هو الإسلام، وأن الأبواب المفتحة محارم الله، وأن الستور المرخاة حدود الله، والداعي على رأس الصراط هو القرآن، وأن الداعي من فوقه هو واعظ الله في قلب كل مؤمن))( رواه الإمام احمد في " المسند" (4142، 4437) ، والحاكم (2/368)، من حديث النواس بن سمعان ).
خاتمة و ( رجاء ) :
1 ــ يا من جعلتم لمجتمعنا وسائل فساد الأخلاق ! اتقوا الله فينا، اتقوا الله في شبابنا، اتقوا الله في نسائنا، واخشوا أن يحل بنا العقوبة !!
ألم نتعظ بما وقع من الزلازل والخسف والفيضانات والرياح العاتية حول العالم كله ؟!
أننتظر حجارة من السماء؟!
روى البخاري في صحيحه برقم 893 : عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ .
2 ــ وأنتم يا أولياء أمور النساء والشباب مسؤولون بالدرجة الأولى عما ضيعتم من فتيات في ريعان الشباب في الأسواق يحادثن الفساق، يتسكعن هنا وهناك ، وشباب يتكسرون ويعيشون الضياع.
وروى الترمذي برقم 1912 : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لَا يَكُونُ لِأَحَدِكُمْ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ فَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ )) .
وروى الترمذي أيضاً برقم 1916 : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ أَوْ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ )) ،قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ .
واللهَ أرجو أن يحفظ شباب المسلمين من المزالق ، ويحفظ نساء المسلمين من الشرور والفتن ، ويحفظنا معهم من كل سوء ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
حسام الدين سليم الكيلاني
ـــــــــــــــــــ(111/184)