تعرض المراهق إلى سلسلة من الصراعات النفسية والاجتماعية المتعلقة بصعوبة تحديد الهوية ومعرفة النفس يقوده نحو التمرد السلبي على الأسرة وقيم المجتمع، ويظهر ذلك في شعوره بضعف الانتماء الأسري، وعدم التقيد بتوجيهات الوالدين، والمعارضة والتصلب في المواقف، والتكبر، والغرور، وحب الظهور، وإلقاء اللوم على الآخرين، التلفظ بألفاظ نابية.
- الحل المقترح:
إن غياب التوجيه السليم، والمتابعة اليقظة المتزنة، والقدوة الصحيحة يقود المراهق نحو التمرد، ومن أسباب التمرد أيضاً: عيش المراهق في حالة صراع بين الحنين إلى مرحلة الطفولة المليئة باللعب وبين التطلع إلى مرحلة الشباب التي تكثر فيها المسؤوليات، وكثرة القيود الاجتماعية التي تحد من حركته، وضعف الاهتمام الأسري بمواهبه وعدم توجيهها الوجهة الصحيحة، وتأنيب الوالدين له أمام إخوته أو أقربائه أو أصدقائه، ومتابعته للأفلام والبرامج التي تدعو إلى التمرد على القيم الدينية والاجتماعية والعنف.
ويرى كل من الدكتور بدر محمد ملك، والدكتورة لطيفة حسين الكندري أن علاج تمرد المراهق يكون بالوسائل التالية: السماح للمراهق بالتعبير عن أفكاره الشخصية، وتوجيهه نحو البرامج الفعالة لتكريس وممارسة مفهوم التسامح والتعايش في محيط الأندية الرياضية والثقافية، وتقوية الوازع الديني من خلال أداء الفرائض الدينية والتزام الصحبة الصالحة ومد جسور التواصل والتعاون مع أهل الخبرة والصلاح في المحيط الأسري وخارجه، ولا بد من تكثيف جرعات الثقافة الإسلامية، حيث إن الشريعة الإسلامية تنظم حياة المراهق لا كما يزعم أعداء الإسلام بأنه يكبت الرغبات ويحرم الشهوات، والاشتراك مع المراهق في عمل أنشطة يفضلها، وذلك لتقليص مساحات الاختلاف وتوسيع حقول التوافق وبناء جسور التفاهم، وتشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ القرارات بصورة جماعية مقنعة، والسماح للمراهق باستضافة أصدقائه في البيت مع الحرص على التعرف إليهم والجلوس معهم لبعض الوقت، والحذر من البرمجة السلبية، وتجنب عبارات: أنت فاشل، عنيد، متمرد، اسكت يا سليط اللسان، أنت دائماً تجادل وتنتقد، أنت لا تفهم أبداً... إلخ؛ لأن هذه الكلمات والعبارات تستفز المراهق وتجلب المزيد من المشاكل والمتاعب ولا تحقق المراد من العلاج.
* كيف عالج الإسلام مرحلة المراهقة؟
يقول الدكتور أحمد المجدوب (المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة)، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد سبق الجميع بقوله: "علموا أولادكم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع".
ويدلل المجدوب بالدراسة التي أجراها عالم أمريكي يدعى " ألفريد كنسي" بعنوان " السلوك الجنسي لدى الأمريكيين"، والتي طبقها على 12 ألف مواطن أمريكي من مختلف شرائح المجتمع، والتي أثبتت أن 22 % ممن سألهم عن أول تجربة لممارسة الجنس قالوا: إن أول تجربة جنسية لهم كانت في سن العاشرة، وأنها كانت في فراش النوم، وأنها كانت مع الأخ أو الأخت أو الأم!!
ويستطرد المجدوب قائلاً: " وانتهت الدراسة التي أجريت في مطلع الأربعينيات، إلى القول بأن الإرهاصات الجنسية تبدأ عند الولد والبنت في سن العاشرة"، ويعلق المجدوب على نتائج الدراسة قائلا: " هذا ما أثبته نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل ألفريد كنسي بـ 14 قرناً من الزمان! ولكننا لا نعي تعاليم ديننا ".
ويقول المجدوب: " لقد اتضح لي من خلال دراسة ميدانية شاملة قمت بها على عينة من 200 حالة حول (زنا المحارم) الذي أصبح منتشراً للأسف، أن معظم حالات زنا المحارم كانت بسبب النوم المشترك في نفس الفراش مع الأخت أو الأم أو...، وهو ما حذرنا منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " وفرقوا بينهم في المضاجع".
واستطرد المجدوب يقول: " البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تقول: إن هناك 20 % من الأسر المصرية تقيم في غرفة واحدة، وأن كل 7 أفراد منهم ينامون متجاورين! ".
ويشير المجدوب إلى أن دراسته عن زنا المحارم انتهت إلى نتيجة مؤداها أن أحد أهم الأسباب لدى مرتكبي جرائم زنا المحارم هو الانخفاض الشديد في مستوى التدين،
والذي لم يزد على أفضل الأحوال عن 10 %، هذا طبعاً عدا الأسباب الأخرى، مثل: انتشار الخمر بين الطبقات الدنيا والوسطى، و اهتزاز قيمة الأسرة، و الجهل، والفقر، و....
ويرجع المجدوب هذه الظاهرة إلى "الزخم الجنسي وعوامل التحريض والإثارة في الصحف والمجلات والبرامج والمسلسلات والأفلام التي يبثها التلفاز والسينما والدش فضلاً عن أشرطة الفيديو"، منبهاً إلى خطورة افتقاد القدوة وإلى أهمية " التربية الدينية في تكوين ضمير الإنسان".
ويضيف المجدوب أنه " وفقاً لآخر بيان صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر يؤكد أن هناك 9 مليون شاب وفتاة من سن 20 سنة إلى 35 سنة لا يستطيعون الزواج، كما أن هناك 9 مليون آخرين ممن تعدو سن 35 سنة قد فاتهم قطار الزواج وأصبحوا عوانس!!!
* النظرية الإسلامية في التربية:
وتقوم النظرية الإسلامية في التربية على أسس أربعة، هي: (تربية الجسم، وتربية الروح، وتربية النفس، وتربية العقل)، وهذه الأسس الأربعة تنطلق من قيم الإسلام، وتصدر عن القرآن والسنة ونهج الصحابة والسلف في المحافظة على الفطرة التي فطر الله الناس عليها بلا تبديل ولا تحريف، فمع التربية الجسمية تبدأ التربية الروحية الإيمانية منذ نعومة الأظفار.
وقد اهتم الإسلام بالصحة النفسية والروحية والذهنية، واعتبر أن من أهم مقوماتها التعاون والتراحم والتكافل وغيرها من الأمور التي تجعل المجتمع الإسلامي مجتمعاً قوياً في مجموعه وأفراده، وفي قصص القرآن الكريم ما يوجه إلى مراهقة منضبطة تمام الانضباط مع وحي الله - عز وجل -، وقد سبق الرسول - صلى الله عليه وسلم - الجميع بقوله: "لاعبوهم سبعًا وأدبوهم سبعًا وصادقوهم سبعًا، ثم اتركوا لهم الحبل على الغارب".
و قد قدم الإسلام عدداً من المعالم التي تهدي إلى الانضباط في مرحلة المراهقة، مثل: " الطاعة: بمعنى طاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وطاعة الوالدين ومن في حكمهما، وقد أكد القرآن الكريم هذه المعاني في وصية لقمان الحكيم لابنه وهو يعظه قال: "يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" (لقمان: من الآية13).
أيضاً هناك: " الاقتداء بالصالحين، وعلى رأس من يقتدي بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالإقتداء به واتباع سنته من أصول ديننا الحنيف، قال الله - عز وجل -: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً " [الأحزاب: 21].
كما اعتبر الإسلام أن أحد أهم المعالم التي تهدى إلى الانضباط في مرحلة المراهقة: " التعاون والتراحم والتكافل؛ لأنه يجعل الفرد في خدمة المجتمع، ويجعل المجتمع في خدمة الفرد، و الدليل على ذلك ما رواه أحمد في مسنده عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " مثل المؤمن كمثل الجسد إذا اشتكى الرجل رأسه تداعى له سائر جسده".
ولم ينس الإسلام دور الأب في حياة ابنه، وكذلك تأثير البيئة التي ينشأ فيها الفتى في تربيته ونشأته، فقد روي في الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصرانه أو يمجّسانه".
ويشير الدكتور محمد سمير عبد الفتاح (أستاذ علم النفس، مدير مركز البحوث النفسية بجامعة المنيا)، إلى أن: " المراهق يحتاج إلى من يتفهم حالته النفسية ويراعي احتياجاته الجسدية، ولذا فهو بحاجة إلى صديق ناضج يجيب عن تساؤلاته بتفهم وعطف وصراحة، صديق يستمع إليه حتى النهاية دون مقاطعة أو سخرية أو شك، كما يحتاج إلى الأم الصديقة والأب المتفهم".
وفي حديثه لموقع المسلم، يدعو (الخبير النفسي) الدكتور سمير عبد الفتاح أولياء الأمور إلى " التوقف الفوري عن محاولات برمجة حياة المراهق، ويقدم بدلاً منها الحوار، و التحلي بالصبر، واحترم استقلاليته وتفكيره، والتعامل معه كشخص كبير، وغمره بالحنان وشمله بمزيد من الاهتمام".
وينصح الدكتور عبد الفتاح الأمهات بضرورة " إشراك الأب في تحمل عبء تربية أولاده في هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم"، ويقول للأم: " شجعي ابنك وبثي التفاؤل في نفسه، وجملي أسلوبك معه، واحرصي على انتقاء الكلمات كما تنتقي أطايب الثمر".
ويوجه عبد الفتاح النصح للأب قائلاً: " أعطه قدراً من الحرية بإشرافك ورضاك، لكن من المهم أن تتفق معه على احترام الوقت وتحديده، وكافئه إن أحسن كما تعاقبه إن أساء، حاول تفهم مشاكله والبحث معه عن حل، اهتم بتوجيهه إلى الصحبة الصالحة، كن له قدوة حسنة ومثلاً أعلى، احترم أسراره وخصوصياته، ولا تسخر منه أبدًا".
ويضيف عبد الفتاح موجها كلامه للأب: " صاحبه وتعامل معه كأنه شاب، اصطحبه إلى المسجد لأداء الصلاة وخاصة الجمعة والعيدين، أَجِب عن كل أسئلته مهما كانت بكل صراحة ووضوح ودون حرج، وخصص له وقتاً منتظماً للجلوس معه، وأشركه في النشاطات الاجتماعية العائلية كزيارة المرضى وصلة الأرحام، نمِّ لديه الوازع الديني وأشعره بأهمية حسن الخلق ".
كما ينصح الدكتور عبد الفتاح الأمهات بمراعاة عدد من الملاحظات المهمة في التعامل مع بناتهن في مرحلة المراهقة فيؤكد بداية أن على الأمهات أن يتعلمن فن معاملة المراهقات، ويقول للأم: " أعلميها أنها تنتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة جديدة تسمَّى مرحلة التكليف، وأنها كبرت وأصبحت مسؤولة عن تصرفاتها، قولي لها: إنها مثلما زادت مسؤولياتها فقد زادت حقوقها، وإنها أصبحت عضوًا كاملاً في الأسرة تشارك في القرارات، ويؤخذ رأيها فيما يخصها، وتوكل له مهام تؤديها للثقة فيها وفي قدراتها، علميها الأمور الشرعية كالاغتسال، وكيفية التطهر، سواء من الدورة الشهرية أو من الإفرازات".
ويضيف عبد الفتاح: " ابتعدي عن مواجهتها بأخطائها، أقيمي علاقات وطيدة وحميمة معها، دعمي كل تصرف إيجابي وسلوك حسن صادر عنها، أسري لها بملاحظات ولا تنصحيها على الملأ فإن (لكل فعل ردة فعل مساوٍ له في القوة ومضاد
له في الاتجاه)، اقصري استخدام سلطتك في المنع على الأخطاء التي لا يمكن التجاوز عنها، واستعيني بالله وادعي لها كثيراً، ولا تدعي عليها مطلقاً، و تذكري أن الزمن جزء من العلاج".
ويضيف الدكتور سمير عبد الفتاح (مدير مركز البحوث النفسية) قائلاً: " افتحي قناة للاتصال معها، اجلسي وتحاوري معها لتفهمي كيف تفكر، وما ذا تحب من الأمور وماذا تكره؟ واحذري أن تعامليها كأنها ند لك ولا تقرني نفسك بها، وعندما تجادلك أنصتي لملاحظاتها وردي عليها بمنطق وبرهان، إذا انتقدت فانتقدي تصرفاتها ولا تنتقديها هي كشخص، وختاماً استعيني بالله ليحفظها لك ويهديها".
* فهم المرحلة.. تجاوز ناجح لها:
إن المشاكل السابقة الذكر، سببها الرئيس هو عدم فهم طبيعة واحتياجات هذه المرحلة من جهة الوالدين، وأيضاً عدم تهيئة الطفل أو الطفلة لهذه المرحلة قبل وصولها.
ولمساعدة الوالدين على فهم مرحلة المراهقة، فقد حدد بعض العلماء واجبات النمو التي ينبغي أن تحدث في هذه المرحلة للانتقال إلى المرحلة التالية، ومن هذه الواجبات ما يلي:
1- إقامة نوع جديد من العلاقات الناضجة مع زملاء العمر.
2- اكتساب الدور المذكر أو المؤنث المقبول دينياً واجتماعياً لكل جنس من الجنسين.
3- قبول الفرد لجسمه أو جسده، واستخدام الجسم استخداماً صالحاً.
4- اكتساب الاستقلال الانفعالي عن الوالدين وغيرهم من الكبار.
5- اختيار مهنة والإعداد اللازم لها.
6- الاستعداد للزواج وحياة الأسرة.
7- تنمية المهارات العقلية والمفاهيم الضرورية للكفاءة في الحياة الاجتماعية.
8- اكتساب مجموعة من القيم الدينية والأخلاقية التي تهديه في سلوكه.
ويرى المراهق أنه بحاجة إلى خمسة عناصر في هذه المرحلة، وهي: الحاجة إلى الحب والأمان، والحاجة إلى الاحترام، والحاجة لإثبات الذات، والحاجة للمكانة الاجتماعية، والحاجة للتوجيه الإيجابي.
* تهيئة المراهق:
ولتحقيق واجبات النمو التي حددها العلماء، وحاجات المراهق في هذه المرحلة، على الأهل تهيئة ابنهم المراهق لدخول هذه المرحلة، وتجاوزها دون مشاكل، ويمكن أن يتم ذلك بخطوات كثيرة، منها:
1- إعلام المراهق أنه ينتقل من مرحلة إلى أخرى، فهو يخرج من مرحلة الطفولة إلى مرحلة جديدة، تعني أنه كبر وأصبح مسؤولاً عن تصرفاته، وأنها تسمى مرحلة التكليف؛ لأن الإنسان يصبح محاسباً من قبل الله تعالى؛ لأنه وصل إلى النضج العقلي والنفسي الذي يجعله قادراً على تحمل نتيجة أفعاله واختياراته.
وأنه مثلما زادت مسؤولياته فقد زادت حقوقه، وأصبح عضواً كاملاً في الأسرة يشارك في القرارات، ويؤخذ رأيه، وتوكل له مهام يؤديها للثقة فيه وفي قدراته.
2- أن هناك تغيرات جسدية، وعاطفية، وعقلية، واجتماعية تحدث في نفسيته وفي بنائه، وأن ذلك نتيجة لثورة تحدث داخله استعداداً أو إعدادا لهذا التغير في مهمته
الحياتية، فهو لم يعد طفلاً يلعب ويلهو، بل أصبح له دور في الحياة، لذا فإن إحساسه العاطفي نحو الجنس الآخر أو شعوره بالرغبة يجب أن يوظف لأداء هذا الدور، فالمشاعر العاطفية والجنسية ليست شيئاً وضيعاً أو مستقذراً؛ لأن له دوراً هاماً في إعمار الأرض وتحقيق مراد الله في خلافة الإنسان. ولذا فهي مشاعر سامية إذا أحسن توظيفها في هذا الاتجاه، لذا يجب أن يعظم الإنسان منها ويوجهها الاتجاه الصحيح لسمو الغاية التي وضعها الله في الإنسان من أجلها، لذا فنحن عندما نقول: إن هذه العواطف والمشاعر لها طريقها الشرعي من خلال الزواج، فنحن نحدد الجهة الصحيحة لتفريغها وتوجيهها.
3- أن يعلم المراهق الأحكام الشرعية الخاصة بالصيام والصلاة والطهارة والاغتسال، ويكون ذلك مدخلاً لإعطائه الفرصة للتساؤل حول أي شيء يدور حول هذه المسألة، حتى لا يضطر لأن يستقي معلوماته من جهات خارجية يمكن أن تضره أو ترشده إلى خطأ أو حرام.
4- التفهم الكامل لما يعاني منه المراهق من قلق وعصبية وتمرد، وامتصاص غضبه؛ لأن هذه المرحلة هي مرحلة الإحساس المرهف، مما يجعل المراهق شخصاً سهل الاستثارة والغضب، ولذلك على الأهل بث الأمان والاطمئنان في نفس ابنهم، وقد يكون من المفيد القول مثلاً: "أنا أعرف أن إخوتك يسببون بعض المضايقات، وأنا نفسي أحس بالإزعاج، لكن على ما يبدو أن هناك أمراً آخر يكدرك ويغضبك، فهل ترغب بالحديث عنه؟ " لأن ذلك يشجع المراهق على الحديث عما يدور في نفسه.
5- إشاعة روح الشورى في الأسرة؛ لأن تطبيقها يجعل المراهق يدرك أن هناك رأياً ورأياً آخر معتبراً لا بد أن يحترم، ويعلمه ذلك أيضاً كيفية عرض رأيه بصورة عقلانية منطقية، ويجعله يدرك أن هناك أموراً إستراتيجية لا يمكن المساس بها، منها على سبيل المثال: الدين، والتماسك الأسري، والأخلاق والقيم.
* التعامل مع المراهق علم وفن:
ومن جهتها تقدم (الخبيرة الاجتماعية) الدكتورة مُنى يونس، الحاصلة على جائزة الدكتور شوقي الفنجري للدعوة والفقه الإسلامي عام 1995م، وصفة علاجية وتوجيهات عملية لأولياء الأمور في فنون التعامل مع أبنائهم وبناتهم المراهقين، فتقول: " إياكم أن تنتقدوهم أمام الآخرين، وأنصتوا لهم باهتمام شديد عندما يحدثوكم، ولا تقاطعوهم، ولا تسفهوا آراءهم".
وفي حديثها لموقع المسلم، تدعو الخبيرة الاجتماعية الدكتورة منى يونس أولياء الأمور لتجنب مخاطبة أبنائهم وبناتهم المراهقين بعدد من العبارات المحبطة بل والمحطمة، مثل: (أنا أعرف ما ينفعك، لا داعي لأن تكملي حديثك.. أستطيع توقع ما حدث، فلتنصتي إليّ الآن دون أن تقاطعيني، اسمعي كلامي ولا تناقشيني، يا للغباء.. أخطأت مرة أخرى!، يا كسولة، يا أنانية، إنك طفلة لا تعرفين مصلحتك).
وتقول الخبيرة الاجتماعية: " لقد أثبتت الدراسات أن عبارات المديح لها أثر إيجابي في تحسين مستوى التحصيل الدراسي لدى أطفال كانوا يعانون من صعوبات التعلم ونقص التركيز".
و تضرب الدكتورة منى مثالاً ببعض عبارات المديح المحببة إلى قلوب الأبناء والبنات من المراهقين، مثل: (بارك الله فيك، ما شاء الله، رائع، يا لك من فتاة، أحسنت، لقد تحسنت كثيراً، ما فعلته هو الصواب، هذه هي الطريقة المثلى، أفكارك رائعة، إنجاز رائع، يعجبني اختيارك لملابسك، استمر، إلى الأمام، أنا فخور بك، يا سلام، عمل ممتاز، لقد أحسست برغبتك الصادقة في تحمل المسؤولية، أنت محل ثقتي، أنت ماهر في هذا العمل،... ).
احرصوا على استعمال أساليب التشجيع والثناء الجسدية، مثل (الابتسامة، الاحتضان، مسك الأيدي، اربت على كتفه، المسح على الرأس،.... ).
وتختتم الخبيرة الاجتماعية الدكتورة مُنى يونس، حديثها بتوصية أولياء الأمور بمراعاة عدد من القواعد والتوجيهات العامة في التعامل مع الأولاد في مرحلة المراهقة، فتقول لولي الأمر: -
• اهتم بإعداده لمرحلة البلوغ، وضح له أنها من أجمل أوقات حياته.
• اشرح له بعض الأحكام الشرعية الخاصة بالصيام والصلاة والطهارة بشكل بسيط.
• أظهر الاهتمام والتقدير لما يقوله عند تحدثه إليك.
• اهتم بمظهره، واترك له حرية الاختيار.
• استضف أصدقاءه وتعرف عليهم عن قرب، وأبد احتراماً شديداً لهم.
• امدح أصدقاءه ذوي الصفات الحسنة مع مراعاة عدم ذم الآخرين.
• شجِّعه على تكوين أصدقاء جيدين، ولا تشعره بمراقبتك أو تفرض عليه أحدًا لا يريده.
• احرص على لم شمل الأسرة باصطحابهم إلى الحدائق أو الملاهي أو الأماكن الممتعة.
• احرص على تناول وجبات الطعام معهم.
• أظهر فخرك به أمام أعمامه وأخواله وأصدقائه؛ فهذا سيشعرهم بالخجل من أخطائهم.
• اصطحبه في تجمعات الرجال وجلساتهم الخاصة بحل مشاكل الناس، ليعيش أجواء الرجولة ومسؤولياتها؛ فتسمو نفسه، وتطمح إلى تحمل المسؤوليات التي تجعله جديرًا بالانتماء إلى ذلك العالم.
• شجِّعه على ممارسة رياضة يحبها، ولا تفرض عليه نوعًا معينًا من الرياضة.
• اقترح عليه عدَّة هوايات، وشجِّعه على القراءة لتساعده في تحسين سلوكه.
• كافئه على أعماله الحسنة.
• تجاهل تصرفاته التي لا تعجبك.
• تحاور معه كأب حنون وحادثه كصديق مقرب.
• احرص على أن تكون النموذج الناجح للتعامل مع أمه.
• قم بزيارته بنفسك في المدرسة، وقابل معلميه وأبرِز ما يقوله المعلمون عن إيجابياته.
• اختيار الوقت المناسب لبدء الحوار مع الشاب.
• محاولة الوصول إلى قلب المراهق قبل عقله.
• الابتعاد عن الأسئلة التي إجاباتها نعم أولا، أو الأسئلة غير الواضحة وغير المباشرة.
• العيش قليلاً داخل عالمهم لنفهمهم ونستوعب مشاكلهم ومعاناتهم ورغباتهم.
ختاماً...
يجب على الأهل استثمار هذه المرحلة إيجابياً، وذلك بتوظيف وتوجيه طاقات المراهق لصالحه شخصياً، ولصالح أهله، وبلده، والمجتمع ككل. وهذا لن يتأتى دون منح المراهق الدعم العاطفي، والحرية ضمن ضوابط الدين والمجتمع، والثقة، وتنمية تفكيره الإبداعي، وتشجيعه على القراءة والإطلاع، وممارسة الرياضة والهوايات المفيدة، وتدريبه على مواجهة التحديات وتحمل المسؤوليات، واستثمار وقت فراغه بما يعود عليه بالنفع.
ولعل قدوتنا في ذلك هم الصحابة رضوان الله عليهم، فمن يطلع على سيرهم يشعر بعظمة أخلاقهم، وهيبة مواقفهم، وحسن صنيعهم، حتى في هذه المرحلة التي تعد من أصعب المراحل التي يمر بها الإنسان أخلاقياً وعضوياً وتربوياً أيضاً.
فبحكم صحبتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير قائد وخير قدوة وخير مرب، واحتكامهم إلى المنهج الإسلامي القويم الذي يوجه الإنسان للصواب دوماً، ويعني بجميع الأمور التي تخصه وتوجه غرائزه توجيهاً سليماً.. تخرج منهم خير الخلق بعد الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، فكان منهم من حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب في أولى سنوات العمر، وكان منهم الذين نبغوا في علوم القرآن والسنة والفقه والكثير من العلوم الإنسانية الأخرى، وكان منهم الدعاة الذين فتحوا القلوب وأسروا العقول كسيدنا مصعب بن عمير الذي انتدبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داعية إلى المدينة ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وكان منهم الفتيان الذين قادوا الجيوش وخاضوا المعارك وهم بين يدي سن الحلم، كسيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنهم جميعاً وما ذاك إلا لترعرعهم تحت ظل الإسلام وتخرجهم من المدرسة المحمدية الجليلة.
والحمد لله رب العالمين...
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://nlpnote.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/7)
مرحلة البلوغ .. كيف نتعامل معها !!
عبد الرحمن بن محمد آل عوضة
1- توعية الأبناء بنموِّهم الجسدي، والجنسي، والتغيرات التي ستطرأ عليهم في مرحلة البلوغ هي مسؤولية الوالدين، مثل: شعر العانة، والاحتلام، ونمو الثديين والدورة الشهرية عند البنت... كل ذلك يجب أن يعرفوه بأسلوب بسيط دون الدخول في التفاصيل الدقيقة.
2- علّم الابن أن جسده ملك له فقط، وأنه ليس لأحد غيره أن يلمس جسده إلا والديه عند الحاجة.
3- الأبناء في مرحلة البلوغ يمر بهم تغيُّر عضوي سريع ومتتابع في وقت قصير، وقد يستغرب بعض الآباء والأمهات من هذا وهو أمر طبيعي.
4- الجدال والنقاش، وإظهار الاستقلال، والانفراد في اتخاذ القرار، والانفعالات المصاحبة لذلك، وعدم قبول رأي الآخرين بسهولة بل ورفضه أحياناً، كل ذلك من صفات معظم البالغين.
5- أحياناً يخاف المراهق من الفشل، ويتساءل عن مستقبله، وكيف يواجه الحياة.
6- المراهق لا يستطيع التحكم في انفعالاته، فهو إذا أحب أسرف وبالغ، وكذلك إذا كره.
7- يشعر بعض البالغين أحياناً بأن الآخرين لا يفهمونهم ولا يعرفون مشاعرهم وأحياناً ينقم البالغ على والديه، وعلى الناس، وقد يردد "لا أحد يفهمني" وقد يميل المراهق إلى الوحدة.
8- يميل المراهق إلى تحقيق الذات، وإثبات وجوده، ولذا لا بد للآباء والأمهات من وضع تلك المشاعر محل الاهتمام والتفكير.
9- البالغ يرغب في تحقيق ذاته من خلال استغلال طاقاته، ومنحه المسؤولية والأعمال المناسبة، ويجب ألا يُترك البالغ دون تحمل مسؤولية إلى أن يصطدموا بمتطلبات المجتمع وحاجاته الطبيعية.
10- ينبغي أن تعالج مشكلات المراهق بالجلوس معه والتزام الرفق واللين وعدم الزجر وأشعره بالأمان وبضوابط الحوار وآداب الاستماع واترك له الاختيار وحفزه عند الإنجاز وحمله أثر أخطائه عند التقصير ولا تواجه بالأخطاء وادع له.
11- المراهق قد يبتكر وسائل يؤكد من خلالها استقلاليته، ويحاول اكتشاف طرق جديدة للتعامل مع الآخرين.
12- قد يصبح المراهق فجأة مثالياً، وقد ينتقد الآخرين والأوضاع من حوله.
13- قد يكون المراهق أحياناً ساخراً ومستهزئاً، وقد يسخر أحياناً من أفكار والديه وأهله.
14- قد يشعر المراهق بالتحدي والمجادلة والمخالفة للآخرين.
15- يهتم المراهق بمظهره، وقد يقلق المراهق من مظهره، وخاصة عند ظهور بعض علامات البلوغ.
16- قد يصاب المراهق بالخجل الشديد، وقد يميل إلى الانطواء والعزلة والنوم الكثير.
17- ينبغي على الوالدين أن يُشعرا المراهقين بثقتهم بهم، وبقدراتهم، وأن يؤكدا لهم بأن من حقهم أن يكونوا مستقلين في شخصياتهم.
18- لا تجبر المراهق، بل اطلب منه المساعدة.
19- ينبغي على الآباء أن يتغيروا ويتعرفوا على حاجات المراهقين.
20- حاول متابعة الأبناء المراهقين بطريقة غير مباشرة.
21- الحوار والنقاش الهادئ هما من أفضل الطرق للتعامل مع المراهقين.
22- تجنب السخرية وجرح المشاعر، وانتقاد المراهق، وأسلوب الاستبداد والصرامة.
23- ينبغي أن تقلل من الأوامر والنواهي الموجهة إليهم.
24- ينبغي أن تكون واضحاً في تعاملك مع المراهق وأن تتجنب التردد والازدواجية.
25- احترم أصدقاء أبنائك، وأكرمهم، وادعهم إلى منزلك.
26- عن طريق الحوار الهادئ يمكن مناقشة الأبناء عن صفات رفقاء الخير والشر.
27- يحتاج المراهقون إلى الأمن والاطمئنان والراحة.
28- يشعر المراهق أحياناً بالضعف والخوف والإحساس بالذنب، وهو كثير التفكير والتأمل.
29- خاطب عواطف المراهق ومشاعره بالعقل والحوار الهادئ والاحترام.
30- تكلم بقدر الحاجة، وبالإجمال عن الأمور الجنسية عند سؤاله، وأجبه حتى لا ينصرف إلى صديق سيّئ.
31- امنحه الاستقلالية، ولا تكن عليه رقيباً في كل صغيرة وكبيرة.
32- اجعله يتحمل تبعات أخطائه.
33- ابتعد عن طريقة التحقيق والاستجواب، وعامله بلطف عندما يقوم بأعمال لا ترغب فيها، واحترم ذاته.
34- أشعره بالثقة التامة، واستمع له استماعاً تعاطفياً عندما يخطئ فقد يكون هناك مبررات.
35- لا تخجل من إظهار عواطفك وحبك لمجرد شعورك بأنهم قد أصبحوا كباراً.
36- علِّم ابنك أن الشخص الوحيد الذي يستطيع تغييره هو نفسه.
37- حاول أن تتكلم مع أبنائك المراهقين كصديق لهم، وعبّر عن حبّك لهم دون مناسبة.
38- عندما يبلغ الأبناء فإنهم يحتاجون إلى الاستقلال عن الآباء.
39- المراهقون لا يحبون كثرة النصائح، وكثرة الأسئلة، وكثرة الكلام.
40- يقول سفيان الثوري: "لا يزال التغافل من شيم الكرام".
ويقول الشاعر:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً *** صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
41- من الطبعي أن يكون لابنك المراهق أسرار خاصة به.
42- المراهق يميل بطبيعته إلى التدين، والتربية المتميزة تزيد التدين ثباتاً واستمراراً بتوفيق الله.
43- يمر الأبناء بمرحلة تغيرات كثيرة في سن البلوغ، وإذا لم تفهم تلك التغيرات والحاجات الجديدة في حياتهم ربما عشت في صراعات ومتاعب ومواجهات وربما خسرت ابنك.
44- قد تكون مرحلة البلوغ مرحلة مزعجة للآباء بسبب تصرفات الأبناء وعندما يتذكر الآباء أنها مرحلة مؤقتة فإنهم يزدادون صبراً وحلماً وكظماً للغيظ.
45- كل ما سبق ذكره إن لم يوافق كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو مردود مرفوض.
11/10/1426هـ
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/8)
في بيتنا مراهق
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الداعية عمرو خالد:
أشكرك وأحييك على ما تبذله من جهود جعلها الله في ميزان حسناتك.
أود أن أستشيرك في مشكلتي مع ولدي وهى انبهاره الشديد بالغرب بحضارته ولباسه وأغانيه ولدي هذا الذي يبلغ من العمر 14عاما وكم أتمنى لو أستطيع أن أقضي له على ذلك الإتباع الأعمى.
وعلى حد علمي أنه لم يكن في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو في صحابته ما نعانيه نحن الآن من سن المراهقة بسبب المدنية والحضارة فكيف لنا أن نعالج ذلك الأمر ونحن مازلنا نعاني في ازدياد من تلك الحضارة والمدنية المسننة بسلاح ذو حدين
فأرجو من الله - عز وجل - أن يوفقنا لفعل الصواب
والرجاء هل هناك حل لذلك قبل أن تستفحل الأمور؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأم الراجية من الله – عزوجل - أن يهدي ولدها
الإجابة
الأخت الفاضلة زهرة:
جزاك الله خيراً على رسالتك وعلى ثقتك الغالية التي أعتز بها:
أولا: أود أن أحمد لك شعورك بالمسئولية تجاه أولادك وحرصك على صلاحهم وأسأل الله العظيم أن ييسر لك مهمتك ويعينك عليها ويبارك لك في أولادك وينبتهم نباتا حسناً إن شاء الله.
أختي الفاضلة:
تأملي معي حديث رسول الله - صلى الله وعليه وسلم- : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به’ أو ولد صالح يدعو له".
وإذا تمعنا في الحديث نلاحظ أن الأعمال الثلاثة التى تنفع الإنسان بعد موته إنما هي ثمرات يجنيها المسلم من تربيته لأبنائه ولا يتوفر هذا في عمل آخر مثل تربية الأبناء.
فابنك الذي علمته دينه وجاهدتي في ذلك قد تعلم بره بوالديه من طاعة وهي من أوائل ما يتعلمه ويشب عليه ومن بره بوالديه أن يدعو لهما بعد مماتهم..فهذه واحدة.
ثم إن تعليمك له الصيام والصلاة والخلق الحسن وغيرها من صالح الأعمال هو علم صالح ينتفع به.. وهذه ثانية.
والجميل جدا في العمل الثالث هو الصدقة الجارية فأنت تعلميه الصلاة فتثابي على صلاته كما يثاب هو وعندما يتزوج يعلم أولاده ما علمتيه إياه فيصلون فتثابي كما يثابون وهكذا باقي الأعمال الصالحة.
وهذا مصداق قول الحبيب المصطفى - صلى الله وعليه وسلم -: " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا "
وأول خطوة في ذلك:
* أن تخلصي نيتك لله وتجدديها دائما فالنية الصادقة تشحذ العزم وتلهم الصواب.
* الخطوة الثانية: الاستعانة بالله فإنه لا حول ولا قوة إلا به فأكثري من الدعاء في سجودك ودبر صلواتك.
- اللهم أعني على تربية أولادي على الوجه الذي يرضيك عنى وعنهم .
- ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي.
- الهم اهدي أولادي وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان.
أما بالنسبة لسن أولادك والمرحلة الحرجة التى يمرون بها فاعلمي أنك بفضل الله قد تجاوزتي نصف الطريق بكونك صديقه لهم وقريبة منهم فحاولي أن تحافظي على هذه الميزة التى يفتقدها كثير ممن لهم أولاد في نفس المرحلة.
أختي الكريمة:
هناك قواعد عامة للتعامل مع المراهق:
1- المصادقة وفتح لغة للحوار الدائم معه فهو يحتاج أن يتكلم وينصت لكلامه ولن يستمع أبدا للنصيحة إلا إذا كانت من صديق يشعر بمحبته له وقربه منه عندها سيشعر بالاطمئنان والمصارحة.
2- الرفق واللين في التعامل معه وقت نصحه وإرشاده فقد قال النبي - عليه أفضل الصلاة والسلام -: " إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه "
وأهم ما يعبر عن الرفق واللين استخدام الصوت المناسب فكلما كان الصوت هادئا كان أسرع في الفهم والقبول ونعني أن يكون بدون صراخ أو إزعاج حتى لا ينشغل المراهق بالتفكير بما سيحدث له نتيجة العصبية.
والصوت الهادىء يشعره بالأمان ويعطيه الفرصة ليعبر عن نفسه.
3- إعطاؤه الثقة: فكثيرا ما نشجع المراهق على التزام الطريق القويم في الحياة هو أن نشعره بثقتنا فيه وبأنه جدير بهذه الثقة حتى على الرغم مما تورط فيه من أخطاء.
فالإنسان يميل غالبا لأن ينهض بالثقة التى يضعها الآخرون فيه حتى لو كان قد خانها في بعض لحظات الضعف العابرة.
4- تكريم ذاته بأن تحرص دائما على عدم جرح المراهق كأن نتهمه بالغباء أو الجنون أو عدم الأدب والاستهتار فهذه العبارات تهدم شخصية المراهق بل وقد يصدقها ويتمثلها أحيانا من كثرة ما يسمعها , ولكن علينا حين ننتقد سلوك المراهق نخبره أن هذا التصرف غير مقبول وغير صحيح أو هذا سلوك سيء وسلبي أو تتجنب النظر في عينيه والتباسط معه فيعلم بنفسه أن أخطأ.
5- تحفيزه عند الإنجاز ومعاتبته عند التقصير:
- والحوافز تكون عبارة عن تقديم أشياء مادية أو معنوية محبوبة عند المراهق تساعد على تغيير الأمر غير السوي واستقرار الأثر الحسن.
- والعقاب هام ولكن يحب ألا يكون مهيناً .
* فممكن أن يكون عن طريق حرمانه من بعض الأمور التى يحبها كالخروج والمصروف واللعب على الكمبيوتر.
* ممكن أن تكون العقوبة أدبية بأن تشعريه بأنه سبب في حزنك وهمك وأن توصلي له أنك غير راضية وأن غضبك لأجله هو وحرصا على فلاحه في الدنيا والآخرة وقد تكون العقوبة الأدبية أشد تأثيرا من الصراخ والضرب.
6- اجعلي له مجالا للعودة إذا أخطأ ومحاولة تعظيم الإيجابيات في شخصية واستدعاء مواطن الإيمان في قلبه.
وتذكيره بما يحفزه على الاستقرار على الطاعة والصلاح كما يقول رسول الله - صلى الله وعليه وسلم -:
" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... منهم شاب نشأ في طاعة الله "
وقوله - صلى الله وعليه وسلم -: " ما من ناشئ ينشأ في العبادة حتى يدركه الموت إلا أعطاه الله أجر تسعة وتسعين صديقا "
" احفظ الله يحفظك "
" إذا نظر الوالد إلى ولده فسره كان للولد عتق نسمة "
- وأهم من هذا كله أن تتقربي أنت من الله فإن صلاح الآباء ينفع الأبناء " وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا "
وتذكري قول سعيد ابن المسيب حين قال لابنه: " يا بنى سأستعين على صلاحك بكثرة السجود إلى الله" فابتهلي في الدعاء في جوف الليل وعند السجود إلى الله .
فابتهلي في الدعاء في جوف الليل وعند السجود ويوم الجمعة وبعد صلاة الفجر ووقت السحر وعند الإفطار بعد الصيام وبعد قراءة القرآن فكلها أوقات إجابة.
وأخيرا اعلمي أن أقصر طريق لقلب المراهق هي اللمسة الحانية والكلمات المشجعة من أقرب الناس إليه فلا تغفلي لمسة الوجه وقبلة الجبين والتربيت على الظهر وتشبيك الأيادي.
وأخبريه دائما أنك فخورة به وأنك بجانبه متى احتاجك مهما كانت ظروفك وقولي له دائما أنا أحبك.. أنا أثق بك فلهذه الكلمات واللمسات والدعاء الصالح مفعول السحر ليتجاوز المراهق هذه الفترة المرهقة ويستطيع أن يتصدى لمغريات الفساد ويقوى بها على الحفاظ على صلاته وصلاحه أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يبارك لك في أبناءك ويرزقك برهم ويعينك ويتقبل منك.
عمرو خالد
27/03/2005
ا http://www.amrkhaled.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/9)
مشاعر متناقضة وأحلام يقظة .. شاطئ النجاه للمراهق أسرة متفهمة وإيجابية
تعتبر المراهقة فترة حرجة جداً، فهي فترة انتقالية بين الطفولة المتأخرة والنضوج، يعمل فيها المراهق أو المراهقة علي التخلص من الطفولة المعتمدة على الكبار ويبدأ في البحث عن الاستقلال الذاتي والحرية التي يتمتع به الراشد، فيصبح مشتتاً بين
عالمي الطفولة، وللأسف يفشل الكثير من الآباء كلياً في التعامل مع هذه الفترة الحرجة جداً، حيث يلعب الصديق دورا هاما في هذه المرحلة بل يكون هو محور الحياة التي تدور حولها اهتمامات المراهق، ويحل الصديق محل العائلة ويتم قضاء معظم الأوقات معه.
والخطر هنا أن يكون للبعض منهم تأثير سلبي والبعض الآخر له تأثير إيجابي.
ومن السمات التي تميز العلاقة بين الآباء والأبناء من ناحية وبين الأصدقاء من ناحية أخرى هي بعد الأبناء عن آبائهم وازدياد الصراع بينهم، مع ازدياد القرب من الأصدقاء، يحدث ذلك غالبا لعدم تفهم الآباء لطبيعة التغيرات التي يمر بها المراهق في هذه المرحلة العمرية الحرجة.
وتزداد هذه الفجوة في ظل الضغوط الاقتصادية مثل انخفاض الدخل والضغوط الاجتماعية مثل الطلاق.
ويقول د. محمد أحمد مدرس جراحة المخ والأعصاب كما ذكرت جريدة الرياض "أنه يحلو للكثير تسمية المراهقة بمرحلة الولادة الجديدة أو العاصفة أو فترة الأزمة النفسية، لأنها إحدى المراحل العمرية الحرجة في حياة الإنسان".
ويردف قائلاً "أن مرحلة المراهقة تبدأ بشكل بيولوجي «عضوي» وهو البلوغ ثم تكون في نهايتها ظاهرة اجتماعية، حيث يقوم المراهق بأدوار أخرى ما كان يفعلها من قبل وبهذا المعنى فإن المراهقة عملية بيولوجية نفسية اجتماعية تسير وفق امتداد زمني متأثرة بعوامل النمو البيولوجي والفسيولوجي وبالمؤشرات الاجتماعية والحضارية والجغرافية، فهي مرحلة مرتبطة بتغيرات فسيولوجية في الجسم، ومنها تغير الأعضاء الجنسية والتي تكتمل نموها".
ويذكر"أن أول صدام للمراهق مع المجتمع، يكون هناك تردد وصراع نفسي لنيل متطلبات الجسم واثبات الذات سواء عن طريق الأسرة أو المجتمع مما يؤدي إلى شتات التفكير وشرود الذهن في المرحلة السنية، وان هناك اختلافا سلوكياً وفكرياً مؤقتاً في هذه المرحلة، وهذا يفسر الاتجاه الديني عند بعض الشباب والسيطرة الجسمانية عند البعض الآخر، وقد يحدث أيضا بعض التغيرات التي تجعل التفكير يتشتت في كل الاتجاهات".
كما يؤكد على أهمية دور الآباء في التعامل مع هذه المرحلة نظراً لخطورتها وعدم إرجاع كل شيء إلى الناحية الجنسية فقط، بمعنى أن الحالة التي قد يظهر عليها المراهق من حالة الشرود والنسيان قد يكون سببها مشكلات نفسية أو ضغوط عصبية.
أما الدكتور خالد سلام مدرس جراحة المخ والأعصاب فيؤكد "أن مشكلات الذاكرة وصعوبة التعلم عند المراهقين من أكبر المشكلات التي تصادف كل المجتمعات وخصوصاً المجتمع المصري الذي يعتبر التعليم هو أمل كل المصريين".
وترجع هذه المشكلات الموجودة في الجنسين بنسب متساوية إلى الاضطرابات الهرمونية المصاحبة لهذه الفترة السنية، واعتبر أحلام اليقظة من أكبر المشكلات التي تواجه المراهقين، مما تؤدي إلى الشرود أثناء المذاكرة وعدم الاستيعاب بشكل جيد، مشيراً إلى أن هذه الحالة قد تجعل المراهق يلجأ للنوم لفترات طويلة مع عدم
القدرة على ممارسة الأعمال الذهنية بشكل طبيعي، وقد يكون هناك عوامل أخرى عضوية وهي الاضطراب الكهربي بالمخ في بعض الحالات التي تؤدي إلى لحظات الشرود، ثم العودة لنفس العمل وهي تظهر في هذه السن وتستجيب بشكل جيد للعلاج الدوائي.
ويؤكد د. سلام أن هناك ما يسمى بضعف الذاكرة بالإيحاء وهذا هو سمة العصر، لأن كل الأفراد تقريباً يعانون من ضعف الذاكرة والسبب في ذلك هو سرعة إيقاع العصر ويعني سرعة دخول المعلومات إلى العقل دون القدرة على الاحتفاظ بها.
أما عن سبب انتشار ضعف الذاكرة في شباب المراهقين فتكاد تكون متساوية وغير ثابتة وترجع إلى إحساس الشخص بها أي أن السبب نفسي.
والمشكلة هنا تكمن في أن الآباء لا يستطيعون تقبل المشاعر المتناقضة في نفوس أبنائهم الخاصة بتلك المرحلة، لأنهم تعلموا منذ صغرهم أن يخجلوا من مشاعرهم سواء كانت ايجابية أو سلبية ولا يعترفوا بها
إلا أن النظريات الحديثة في التربية أثبتت أن الإنسان يستطيع أن يتحكم في سلوكه العملي، فيختار ما يراه صواباً ويترك ما يراه خطأ.
لكنه المراهق لا يستطيع التحكم في مشاعره العاطفية وخياله الإنساني فيشعر بها رغماً عنه، ولكن علي كل الآباء احتواء أبنائهم وصداقتهم واحتوائهم، حتى لا يخجل الأبناء من التصارح مع آبائهم فيلجأ المراهق إلي خارج المنزل وهنا سيواجه خطراً حقيقياً.
http://us.moheet.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/10)
معاملة المراهق .. صداقة لا أوامر
استشارة :
أودُّ أن تقدِّموا لي النصح في كيفية التغلب على مشكلة أختي الصغرى15 سنة والتي جعلت أمي تبكي كثيرًا، حيث إنها تبلغ من العمر قرابة الستين وأختي لا تهتم.لا لأنها أول مشكلة مراهقة تمرُّ على أسرتنا بأبعادها التي سأتكلم عنها، إنما لأنها أول فتاة في عائلتي تمرّ بهذه الأمور الصعبة.
أختي إنسانة لا تهتز من كلمة نابية، وحتى إذا زجرها أبي بدفعة من يده لا تأبه بذلك، وإنما تتضايق أختي عندما تجرحها صديقة لها، وهي من النوع الكتوم.
هناك سلبيات تقوم بها، ومن هذه السلبيات أنها تذهب مع شلَّة تعاكس وسمعتها ليست بالجيدة، فلا تقول عمَّا يجري، وأصبحت عاكفة على الهاتف في محادثة الصديقات.
أمي حاولت كثيرًا معها، لكن المشكلة أن أختي ذكية جدًّا، وتفهم المقصد من فعل أمي لهذه الأمور، وتعاند وتقول لا تفرضي عليَّ شيئًا، بالنسبة لي حاولتُ الدخول إلى أعماقها رغم ندرة اجتماعي بها لدراستي الجامعية في منطقة بعيدة، لكني أفاجأ أحيانًا بأنها تقول لي أنت كبيرة، وأفكارك مختلفة عني، أنت ستصبحين مثل أمي في نصائحك، أنا أريد أختًا تسمع لي فقط، مع العلم بأني متدينة ولله الحمد.
أمي تقول لي بأن أتقرب منها أكثر، لكن أحس بأن قلب أختي مصروف لإنسان تحبه، ففيه مانع يحجبها عن الدخول معي في صداقة قوية، رغم أنني في نظرها الفرد
الوحيد في الأسرة الذي يتحملها، ويلبِّي طلباتها مباشرة، وأما صديقاتها فمنهن من تحادث الشباب، ومنهن من عائلتها من يختلط الرجال مع النساء، من هنا أصبحت أختي ترى أننا نضغط عليها، وكل يوم تخرج مشكلة منها أكبر من الأخرى، والجميع خائف من تصرفاتها اللامسؤولة، و هي من النوع الذي ينساق بعواطفه بسهولة، أرجو مساعدتكم، ولكم الشكر، والسلام عليكم.
اسم الخبير د/عمرو أبوخليل
الحل :
الابنة الكريمة، بداية و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
إنك بالرغم من توصيفك الصحيح لمشكلة أختك الصغرى وأنها مشكلة مراهقة، فإنك تتعجبين من بعض السلوكيات التي تعتبر عادية في هذه المرحلة، والتي تحتاج إلى فهم وتعامل دقيق معها، والمشكلة الواضحة في رسالتك هو ميل أختك الصغرى إلى صديقاتها مع عدم تواصلها وتفاهمها معكم، وهو أمر طبيعي في هذه السن، حيث ترغب المراهقة في إثبات ذاتها، ويكون ذلك بتغيير انتمائها، حيث تكون في الطفولة منتمية إلى عالم الأسرة الأب والأم والأخوات وعندما تدخل المراهقة يكون أحد مظاهر الاستقلال هو أن تنتمي إلى جماعة الأصدقاء، حيث تشعر بذاتها في وسطهم، ويكون لها دور خاص بها، ويصبح لها أسرارها التي تعيشها معهم.
-إنه عالم خاص بها تصنعه وتسعد به؛ ولذا فإنها تتأثر وتحزن لفقدان أي صديقة، وتستمتع بالحديث إليهم ومعهم ... وطبعًا نتيجة لقلة الخبرة فإن كثيرًا من جماعات الأصدقاء لا يكون على المستوى المرضيّ أخلاقيًّا واجتماعيًّا، وهنا تحدث المشكلة في الأسرة، حيث تقف الأسرة رافضة لانتماء الابنة المراهقة لجماعة أصدقائها، اعتراضًا على أخلاقهم أو ظروف حياتهم أو مستواهم الدراسي، ويدعونها إلى نبذهم ومقاطعتهم، ويرون أنه شيء منطقي أن يطلبوا منها ذلك، ويحاولوا أن يقدِّموا أنفسهم كبديل، ويتعجَّبون من نفور ابنتهم، وكيف تستجيب لصديقاتها أكثر مما تستجيب لهم، وهم لا يدركون أنهم برفضهم لجماعة الأصدقاء يزيدون انتماء ابنتهم إليها؛ لأنها تتأكد أنها بذلك متمايزة عن أسرتها، وأصبحت مختلفة عنهم، وأن رفض أسرتها دلالة على استقلالها، وأنها أصبحت شيئًا مختلفًا، وهذا يزيد ارتباطها، بل وتجد في ذلك قضية تدافع عنها، وتثبت فيها وجهة نظرها التي تبحث عنها أيضًا في هذه السن.
وتزداد الفجوة بينها وبين أسرتها كلما ضغطوا في اتجاه رفض جماعة الأصدقاء أو دعوتها عنوة إلى العودة إلى جماعة الأسرة؛ لذا فإن الحل أن نفهم هذا في نفسية المراهق ولا نصادمه، بل نقوم بأمرين في نفس الوقت:
الأمر الأول: هو دخول عالم الأصدقاء، بمعنى أن أتعرف على مجموعات صديقات ابنتي أو أختي وأتقرب إليهم؛ لأفهمهم، ولتكوين صورة حقيقة عنهم تجعل هنا شيئًا مشتركًا بيني وبين ابني وابنتي هو هؤلاء الأصدقاء، ولا أمانع أن أدعوهم إلى رحلة أو حفلة وأتباسط معهم، وألعب لمزيد من التقارب.
سيشعر الأصدقاء والصديقات بنوع من التقارب ناحية هذا الضيف الوافد لمجموعتهم، خاصة إذا استطاع أن يتجاوز معهم و يكتسبهم، وعندها سيمدح الأصدقاء هذا الأب أو الأخت لابننا أو ابنتنا المراهقة، ويصبح مصدر فخر لهذا
الابن وسط أصدقائه، فيفكر أن يكون هو أيضًا صديقًا لك، ويتحاور معك كأحد أفراد مجموعته، وهنا يجد الباب مفتوحًا لصداقة تبدو وكأنها تقوم على الندِّية وليس على التوجيه والنصح والإرشاد، بل على فتح المجال للحوار في كل الأمور، ومنها مجموعة الأصدقاء، حيث يبدو طبيعيًّا عندها أن أبدي رأيي فيهم كأحدهم، ومن خلال تعارف حقيقي، فلا يأخذ وجهة نظري بحساسية أو رفض أو توجس، بل يسمعها ويديرها في ذهنه وفكره، ثم يأخذ قراره بحرية بحيث لا يشعر بأي ضغط من أي جهة، حيث يبدو قراره وقد نبع من ذاته بالرغم أنه قد أكون أنا المكون له.
وهنا نقول: إن الأمر الثاني هو أن أكون صديق ابني أو أختي المراهقة بالمفهوم السابق مفهوم "الندية"، بحيث أبدو مستمعًا جيدًا مشاركًا في المشكلة بالرأي الذي أطرحه كوجهة نظر من حق المراهق أن يأخذ بها أو لا يأخذ؛ لأن الذي يفسد صداقة كثير من الآباء لأبنائهم المراهقين هو إحساس الأبناء أن هذه الصداقة المصطنعة إنما هي سبيل جديد من الآباء لفرض رأيهم على أبنائهم، ولكن في صيغة جديدة؛ لذا فإن الذكاء والحكمة في التعامل أن تبدو صادقة طبيعية عادية، أُبدي فيها وجهة نظري في الحوار المطروح مع الحرية في اتخاذ القرار لصاحب الشأن وهو ابنتنا المراهقة في هذه الحالة، مع إعطائه الإحساس أن ذلك نابع من الثقة في قدراته في اتخاذ القرار وعمل المناسب.
بمعنى أنه لا يصحّ بعد اتخاذ المراهق لقراره أن نقابله بالنقد والتوبيخ؛ لأن ذلك سيفقده ثقته في نفسه أولاً، وسيرفض أن يطلعك على أموره في موقف آخر، في حين أن العكس لو حدث فسيكون ذلك موطدًا للعلاقة، بل وداعيًا لأخذ رأيك في المرات القادمة بدون حساسية أو رفض مسبق.
ما نودّ قوله باختصار: إن تقديم أنفسنا لأبنائنا كأصدقاء يجب أن يتم بشروطهم بحيث نبدو محاورين لهم، ومتفاهمين معهم، وليس فارضين لآرائنا عليهم، وأن دخولنا عالم أصدقائهم سيساعدنا في توجيههم بصورة غير مباشرة لكيفية اختيار الأصدقاء، بغير أن نواجههم أو يشعرون أننا نتدخل في حياتهم، الأمر يحتاج إلى حكمة، وفطنة، وتخطيط.
إنها قوى مختلفة تتنازع المراهق وتوجهه، ونحن إحدى هذه القوى، فإذا أردنا أن يكون لنا دور فيجب أن نعمل له، ولا نكتفي بالسخط على المراهق ورفضه؛ لأنه لا يستجيب لنداءاتنا بالعودة إلى جماعة البيت.
إنها الصداقة، والحوار، والتفاهم، والاحترام، وفهم نفسية المراهق، ومعايشته، وإحساسه أننا نفهمه، هذا ما يجعله لا يقع في المشاكل، أما اللقاءات العابرة والمواعظ المباشرة، فلن تفعل شيئًا إلا أن تزيده بغضًا.
و لمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى الموضوعات التالية:
معاملة المراهق منظومة صداقة
أمي: اقتربي ... لنتحاور
الباحثات عن الحب
في بيتنا رسائل حب
التفاهم و الحب في مواجهة الانترنت
http://www.islamonline.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/11)
القلق الديني عند المراهق
د. محمد المهدي
"كان طفلاً هادئاً مطيعاً مسالماً متفوقاً في دراسته ومحبوباً من أبويه ومن كل أفراد العائلة حيث يصفونه بأنه أكثر نضجاً وأقل مشاكل مع إخوته، وكان وجهه السمح الطيب يدعو للإقتراب منه، فإذا اقتربت وجدت عقلاً منظماً يزينه التزاماً أخلاقياً جميلاً. وقد ظل الأمر على هذا الحال حتى وصل إلى سن الرابعة عشرة من عمره فأصبح كثير العزلة، كثير القراءة سهل الاستثارة، ولديه رغبة للنوم ساعات طويلة على غير عادته..وزادت تساؤلاته في النواحي الدينية خاصة في مسائل الربوبية والألوهية والوحي وحقيقة الغيب، وكانت تساؤلاته مسكونة بكثير من الشكوك في المعتقدات السائدة حول هذه الأمور، وذلك مما أصاب والديه بانزعاج شديد خاصة وأن الأسرة لديها ميول دينية قوية، ومما زاد من انزعاجها توقفه عن أداء الصلاة وباقي العبادات لفترات طويلة، وإذا أداها فهو يفعل ذلك بتراخ شديد وتحت ضغط وإلحاح من الأبوين ".
هذا نموذج لحالة من حالات القلق الديني لدى المراهقين وهى مرحلة يمر بها الكثير من المراهقين، ولكن تختلف شدتها من شخص لآخر وأيضاً تداعياتها ومضاعفاتها، ويتوقف ذلك على شخصية المراهق وعلى البيئة المحيطة به، فإذا كانت الشخصية متوازنة نسبياً، وكانت البيئة متقبلة ومتسامحه وراعيه ومساندة فإن هذه المرحلة تمر سريعاً وبسلام وبدون تداعيات خطيرة ويصل المراهق في نهايتها (في سن السابعة عشرة إلى العشرين) إلى حالة من الاستقرار النسبي الذي يترسخ مع العمر، أما إذا كانت الشخصية مضطربة أو البيئة المحيطة مضطربة (أو الاثنان معاً) فإن مظاهر هذه الأزمة الدينية تستمر حتى مراحل متأخرة من العمر.
والسؤال الآن: لماذا يحدث هذا القلق الديني لدى المراهق (أو المراهقة)؟.
والجواب يمكن اختصاره في النقاط التالية:-
*النمو السريع غير المتوازن: ففي هذه المرحلة يحدث نمو جسدي وجنسي ونفسي واجتماعي وروحي، ولكن هذه الجوانب لا تنمو كلها بشكل متوازن بالضرورة فبعضها يكون أسرع أو أقوى من الآخر وهنا يشعر المراهق بالارتباك والحيرة حيث يجد نفسه قد نما جسدياً بشكل سريع فأصبح مثل الرجال شكلاً وحجماً ولكنه نفسياً وروحياً مازال طفلاً وهذا يحدث له خللاً داخلياً وخللاً اجتماعياً.
*الانتقال من التفكير العياني المرتبط بالمحسوسات إلى التفكير التجريدي القادر على التعامل مع الرموز ومع المعاني المجردة. وفي هذه الفترة الانتقالية يتخلى المراهق عن المسلمات والمعتقدات الدينية التي أخذها عن والديه ولكنه في نفس الوقت لم يكون بعد مفاهيم ومعتقدات خاصة به باستخدام قدراته العقلية التجريدية وهنا تحدث فجوة ربما تستمر عدة شهور أو عدة سنوات وخلال هذه الفترة يعانى المراهق من حالة من الخلخلة وعدم الاتزان في الجانب الديني وربما تساوره بعض الشكوك أو
حتى يصل إلى حالة من إنكار الثوابت التي تلقاها من والديه ومن مجتمعه لفترة من الوقت، ولكنه في الأحوال الطبيعية يعود إلى توازنه مرة أخرى مع نهاية فترة المراهقة.
*الصراع بين القوى الغريزية والقوى الروحية، ففي هذه المرحلة تتفجر هاتين القوتين بعنف فالجسد ينمو وتنمو معه الوظائف الغريزية، والقدرات المعرفية تتطور وتصبح قادرة على التعامل مع الرموز والمعاني المجردة أي قادرة على التواصل مع عالم الغيب ومع عالم الروح، وهاتين القوتين تتجاذبان المراهق بينهما فيجعلانه في حالة من التوتر والتردد بينهما، وربما يحاول التخلص من هذه الحالة فيتنكر لأحد القوتين لحساب الأخرى فنجده مثلاً ينكر الغيبيات والروحانيات تماماً وينغمس في الملذات الحسية، أو يتجه عكس ذلك تماماً فيكبت غرائزه بشدة ويعيش حالة من الزهد والتبتل والصفاء الروحي، أو تتبدل هذه الأحوال من وقت لآخر ويعيش المراهق في حالة من التقلبات الحادة.
*الصراع بين المثالية والواقعية، فالمراهق تتكون لديه نزعات مثالية فيتعلق تعلقاً شديداً بالقيم المطلقة مثل الصدق والحق والعدل والجمال ويتخيل أن العالم محكوم بهذه القيم العليا، ولكن حين يتعامل مع الكبار في واقع الحياة تحدث له صدمة أو صدمات حيث يجد أن هذه القيم المطلقة غير موجودة بالقدر الذي تخيله، وأن الكبار يتعاملون بقيم نسبية فيها استثناءات كثيرة وتجاوزات لا يستطيع ميزانه القيمي أن يتحملها، لذلك يفقد الثقة في الكبار وربما اتهمهم بالنفاق والخداع والكذب، وهكذا تحدث فجوة بينه وبينهم، تلك الفجوة بين القيم المعلنة والقيم السائدة، فهو يسمعهم يتغنون بقيم عظيمة في المدرسة والمسجد ووسائل الإعلام، ولكنه يرى أشياء أخرى في التعامل اليومي الواقعي. هذه الفجوة ربما تصل به إلى درجة العزلة والحزن والاحباط والانسحاب من المجتمع، وإذا حدث في هذه الحالة أن وقع هذا المراهق فريسة لمجموعة تلوح له بتبنيها للقيم المطلقة فإنه سرعان ما ينقاد لهذه المجموعة ويصبح عضواً مخلصاً فيها وربما يتورط معها في أعمال ضد المجتمع الذي يرونه بعيداً عن قيمهم التي يعتقدونها، ولكنه بعد فترة من الوقت يكتشف أن هذه المجموعة (أو الجماعة) تعيش هي الأخرى بقيم نسبية نفعية ربما أكثر نفعية من تلك القيم التي رفضها في المجتمع الأوسع فينشق عنها ويعود أدراجه إلى الواقع محبطاً، ويصبح في مفترق طرق فإما أن يجيد لعبة الواقع بقوانينه التي يرفض بعضها أو أكثرها وفي هذه الحالة يتخلى عن مثالياته ونقائه الأخلاقي كما يتصوره، أو أن ينعزل عن مجرى الحياة اليومية لكي يظل محتفظاً بتصوراته وقيمه ويصنع عالمه الخاص به بينه وبين نفسه، أو يختار طريقاً توفيقياً بين هذا وذاك فينخرط في الواقع ويتكيف مع قوانينه، وفي نفس الوقت يحتفظ بحلمه في الارتقاء بنفسه وبذلك الواقع إلى آفاق أفضل وذلك من خلال التفاعل الإيجابي مع ذلك الواقع بالطرق المشروعة والآمنة، وهذا الخيار الأخير هو الأكثر نضجاً حيث يصل المراهق إلى قناعة بأن الأمور في الحياة اليومية تسير بقيم نسبية وأن البشر مهما تسامت أخلاقهم ومهما بلغ التزامهم الديني فهم معرضون للخطأ بحكم تكوينهم وضعفهم البشرى، وأن الله قد شاءت حكمته أن يختلف البشر في أهدافهم ووسائلهم ولو شاء لجعلهم أمة واحدة، وأن الحياة حتى في
عصور الأنبياء كانت تحوى عناصر الخير والشر، وفي النهاية يكتشف المراهق أن الصراع بين الخير والشر الذي ظل يؤرقه لسنوات لم يكن في المجتمع الذي يعيش فيه وإنما هو صراع بالأساس داخل نفسه هو وأن عليه أن يدير هذا الصراع بكفاءة وأمان حتى نهاية حياته لكي يصل إلى مستوى النفس المطمئنة التي ترجع إلى ربها راضية مرضية.
أما عن دور الوالدين في هذه الأزمة فيتلخص في الصبر والانتظار والجاهزية للدعم والمساعدة حين يطلبها المراهق المتأزم، وأن يكونا على يقين بأنها مرحلة وتمر بسلام ويعود الابن (أو البنت) إلى حالة التوازن والطمأنينة مرة أخرى.
وفي حالات قليلة جداً تحدث بعض المضاعفات مثل القلق المرضى أو الاكتئاب أو بعض الأعراض الذهنية ذات الصيغة الدينية وهنا يلزم الأمر العرض على طبيب نفسي لتقديم المساعدة المتخصصة وعلاج الأعراض المرضية سواء بالدواء أو العلاج النفسي.
http://www.elazayem.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/12)
الذاتية أزمة المراهق في هذه المرحلة
إن معظم المراهقين وخاصة في المرحلة المتأخرة، يكونون في حالة أزمة، أو اضطراب وخلط فيما يتعلق بتحديد هويتهم وقد أطلق على هذه الحالة لفظ " أزمة الذاتية " ويعكس هذا المفهوم الأدوار والتوقعات المصاحبة لها، التي يتوقع الفرد أن يتوقع بها في المستقبل وإلى جانب هذا وذاك لا يستبعد العوامل الثقافية سواء منها ما يتصل بالقيم السائدة لهذه الجماعات المرجعية أم القيم السائدة في المجتمع ككل.
والواقع أن التحليل السيكولوجي الذي وضعنا بعض أسسه فيما سبق يؤدي بنا إلى تصور ثلاثة أنواع من العوامل التي قد يكون لها دخل في حدوث هذه الأزمة عوامل تتصل بالتكوين الماضي لشخصية الفرد، وعوامل تتصل بنظرة الفرد إلى المستقبل: طموحاته وآماله وأهدافه وتصوراته لما يتوقعه منه المجتمع وخاصة الجماعة المرجعية، وعوامل تتصل بالحاضر: القيم والمعايير والأوضاع السائدة في الثقافة التي يعيش فيها، ولدى الجماعات التي ينتمي إليها.
ذلك أن تحديد الهوية ليس مجرد عملية تصنيف في أنماط جاهزة، أو سابقة التحديد يختار منها الفرد ما يعجبه كما أنها ليست عملية نمو نمطية تجيء بشكل آلي في مراحل معينة ثابتة، وإنما هي عملية ديناميكية تتوقف نتيجتها على شكل ومراحل التفاعل الذي تتدخل فيه العوامل المعقدة السابق الإشارة إليها كما تتوقف أيضا على نوع هذه العوامل ذاته.
فالفرد الذي يدخل مرحلة المراهقة إنما يدخل هذه المرحلة بعد أن يكون قد مر بعملية تنشئة اجتماعية تقليدية في الغالب وقد سبق أن تحدثنا عن الآثار التي يمكن أن تتركها تلك العملية قبل أن يكون الفرد قد وصل إلى هذه المرحلة الحرجة.
تلك الآثار التي يحملها الفرد معه من المراحل السابقة، تسهم بشكل واضح في الأزمة التي يمر بها فيما يتعلق بتحديد الذاتية ولقد لخصنا الآثار المترتبة على عملية التنشئة الاجتماعية هذه في سلسلة من الأزمات المرحلية التي تميز كل منها مرحلة معينة من
مراحل النمو السابقة والآن نبين كيف تنعكس تلك الأزمات في أزمة الهوية عند المراهق.
فحاجة الطفل إلى من يثق به من الكبار المحيطين، مما قد ينشأ نتيجة للأسلوب التقليدي للتنشئة في سني المهد قد تعكس نفسها في صورة البحث عن الناس والأفكار التي تستحق أن يوثق بها من قبل المراهق والجهود التي يقوم بها الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة من أجل تحقيق التلقائية وتجنب القيود الشديدة المفروضة عليه يمكن أن نراها في الثورة على السلطة وعدم القدرة على اتخاذ قرار والشعور بالذنب من جانب المراهق. والرغبة التي لم تتحقق في الإنجاز عند طفل المدرسة الابتدائية قد تعكس نفسها في قلق المراهق وتردده في اختيار الطريق المهني الذي يحقق له أهدافه.
باختصار إذن نستطيع أن نتبين العوالم الذاتية في أزمة الهوية فيما يعيش في المراهق من صراع بين الدافع إلى تحقيق صورة مقبولة للذات تحمل آماله وأهدافه وتصوراته لما هو متوقع منه، وبين جانب مستقر ثابت يتضمن معاني القصور والعجز والشعور بالذنب وعدم الثقة مما اكتسبه المراهق كلية خلال عملية تنشئة اجتماعية تقليدية طوال حياته الماضية على أن ذلك الصراع وحده لا يحكي لنا قصة أزمة الذاتية بأكملها. ذلك أن المراهق قد يصطدم في سبيله إلى تحديد صورة مقبولة للذات بعوامل أخرى خلاف المحددات الذاتية.
تلك هي العوامل الثقافية التي يعيش فيها حاضرا: القيم والأوضاع والمعايير التي تسود الثقافة التي يعيش فيها، وعلى الأخص الجماعات المرجعية.
إن الثقافة التي يعيش فيها المراهق العربي الآن ليست نظاما منطقيا مخططا على أساس تجريبي سليم بل هي على العكس عبارة عن تراث تاريخي ينطوي على الكثير من التناقض والمتناقضات فبعض عناصر الثقافة الحالية يرجع إلى آلاف خلت من السنين، ويمثل تاريخا طويلا من الصراع والخلط، وإلى جانب ذلك توجد زيادات وإضافات حديثة لم تمتص بعد امتصاصا كاملا في الثقافة عينها، إن الأمر جميعه يشكل في الواقع ما يمكن أن نسميه " بالخلط " أو البلبلة " الثقافية.
فهناك أولا التناقض بين القديم المحافظ والحديث المتحرر، لقد أصبحت الجماهير العربية العريضة الآن على الحضارة الغربية عن طريقة وسائل الإعلام وغيرها من وسائل المواصلات والاتصال وبعد أن كانت القلة فقط هي التي تتعرف على ذلك العالم وتتقبله من خلال كتابات لا يقرؤها إلا صفوة قليلة من المثقفين أصبحت الحضارة الغربية الآن في كل بيت عن طريق الإذاعة والتلفزة والسينما والجرائد والمجلات وغيرها من وسائل الإعلام المختلفة بل لم تعد المسافات ولا الإمكانيات المادية حائلا دون زيارة الكثير من الشباب للبلاد الغربية والاتصال المباشر بحضارتها خاصة بعد أن قربت وسائل المواصلات الحديثة، والرحلات ذات التكاليف المنخفضة المسافات بين هذه البلاد والبلاد العربية، كل ذلك قد زاد بالطبع من التناقض والحيرة بل والصراع بين المحافظة والتحديث بين القديم والجديد بين الأصيل والمستورد، ولا شك في هذا التناقض وهذا الصراع ما يجعل الشاب أو المراهق العربي قلقا حائرا: أي شيء يختار وأي شيء يترك، أي مظهر يرضاه
لنفسه ويرضاه له المجتمع، وأي مظهر يرفضه وترفضه جماعته بل أن التناقض بين الثقافة الفرعية للريف أو للبدو، في مقابل الثقافة الفرعية للمدينة أو للحضر ولقد كثر الكلام أخيرا عن " أخلاق القرية " و" أخلاق المدينة "، وقامت المساجلات على أعلى المستويات القيادية والفكرية في هذا الشأن وإذا كان أخلاق الحاد قد قام بين القياديين أنفسهم على أي القيم يجب أن نتبنى وأي القيم يجب أن تؤكد فما بالنا بالجيل الذي يبحث عن الاستقرار وعن الإجابة على هذه الأمور هذا إذا افترضنا أن هناك وضوحا أصلا فيما يختلف فيه الكبار.
ليس هذا فقط بل إن الكثير من الآباء والمعلمين الذين يقومون على تنفيذ الأهداف المرسومة في التربية من يعاني هو نفسه إنحلالا وضعفا واضطرابا في شخصيته وسلوكه الاجتماعي وأحيانا بل غالبا ما يكون الأب أو المعلم هو نفسه خجولا أو أنانيا أو عصبيا أو كسولا أو اتكلا..الخ مما يجعل التعاليم التربوية المعلنة في ناحية والقدوة أو النموذج الاجتماعي في ناحية أخرى.
ولا يقتصر التناقض بين المعلن والممارس على المجال التربوي وحده بل إنه شائع أيضا في الثقافة بوجه عام فكثيرا ما تنعدم القدوة السلوكية في المجتمع الخارجي في الوقت الذي ترتفع فيه الشعارات اللفظية.فقد يرفع شعار الديمقراطية وتكافؤ الفرص مثلا في حين يكون الممارس هو التسلط والمحسوبية وقد يرفع شعار العلم والإيمان في حين يكون الممارس هو النزوات الفردية الذاتية والتظاهر بالورع وقد تؤكد الشعارات قيمة العمل والإنتاج والكفاءة في حين يرى المراهق أمامه العديد من النماذج التي نجحت في تحقيق أهدافها على أساس من الوصولية والتسلق والانتهازية، متخيطة بذلك الأكثر ذكاء والأكثر كفاءة وقد تؤكد قيمة الإنسانية والمصلحة العامة على المستوى اللفظي في حين تكون قيمة المادة والمصالح الذاتية هي التي تسير في الواقع دفة الأمور وهكذا.
من هذا كله أي من النظم الفاسدة في التربية والتنشئة الاجتماعية، ومن النماذج القيادية المنحرفة ومن التناقض السائد بين القيم الاجتماعية في الثقافة التي يعيش فيها المراهقين أو الشباب تتشكل الظروف القاسية التي تجعله ولو لفترة في حيرة من أمره فيما يتصل بهويته الحالة التي يمكن تلخيصها في هذا السؤال: " كيف يحدد اختياراته في وسط هذا الخصم من التناقضات؟ ".
وسوف نتناول فيما يلي نوعين من المواقف كنماذج يتضح منها بشكل أكثر إجرائية وأكثر تحديدا ما يتعرض له المراهق بالفعل من خلط واضطراب قد يؤدي به في إجماله إلى ما نسميه بأزمة الذاتية.
http://www.kenanaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/13)
الأفلام الإباحية ( الجنسية ) تدمر حياة المراهقين
نسبة الطلاق في العالم العربي مرتفعة، وأحد الأسباب التي تؤدي إلى ذلك هو التربية الجنسية غير الصحيحة. فالمرأة حين تتزوج تكتشف أنها غير متوازنة جنسيا مع زوجها الذي يشك بزوجته ولا يراعي مشاعرها ويظنها أداة لتفريغ الشهوات، وهنا يأتي الضرر والى أين تعود جذور هذه المشكلة الكبيرة؟ إلى الطفولة على الأغلب.
في جيل صغير نسبيا، يقوم بعض المراهقين بالانحلال والانحدار نحو الأفلام الإباحية دون مراقبة الأهل، مما يسبب في النهاية دمار للشخصية، فيخسر الشاب منهم الاتزان في الشخصية، ويصبح بنظر نفسه صاحب معرفة، ناهيكم أن معظم محطات التلفزيون تعرض أفلام مخلة للأخلاق في كافة القنوات وليس صعبا على المراهق التسلل إلى إحداها واختلاس بعض النظرات التي تتحول إلى متابعة. ولكن الدمار الذي سيحل على مثل هذا المراهق في المستقبل لا يعد ولا يحصى. رغم مراقبة الأهل لأبناءهم، إلا إنهم لا يعرفون خفايا الأبناء، خلف الباب المغلق، والستارة السوداء غير المرئية. وحين يغفل الأب أو الأم في ذات ليلة عن الابن أو الابنة، سيجدون أنفسهم غير مدركين لما سيحدث لابنهم أو ابنتهم في فترة انعدمت بها الرقابة المنزلية. وقد يضر هذا الأمر، الابن والابنة مستقبلا. ومثلما قال علماء النفس، فإن الاستغراق بمشاهدة الأفلام الإباحية، سيضر شخصية المراهق في المستقبل. بحيث سيشعر المراهق بالاشمئزاز والإحساس بالإثم والخطيئة والخوف والقلق والاستغراق في أحلام اليقظة والانحراف الجنسي والاضطراب النفسي. فلذلك يأتي دور الأهل في تعليم التربية الجنسية الصحيحة. فيجب أن تشمل تزويد الفرد بالمعلومات الشرعية الصحيحة اللازمة عن ماهية النشاط الجنسي وتعليمه وتثقيفه حسبما يتطلب المنطق الموصول بالأخلاق. يجب إكساب الابن أو الابنة التعاليم الدينية والمعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية الخاصة بالسلوك الجنسي. أن المعرفة الجنسية تقي الفرد من أخطار التجارب الجنسية غير المسؤولة قبل الزواج والتي يحاول خلالها الشاب أو حتى الفتاة استكشاف المجهول أو المحظور بدافع إلحاح الرغبة الجنسية المتاججة أو المكبوتة لديه. وهنا يأتي دور الأهل في تركيز التفكير وترتيب المشاعر لدى الابن أو الابنة. والنقطة الأهم مراقبتهم في ساعات الليل في خفايا النوم. وعدم منحهم الفرصة لمشاهدة التلفاز بحرية. وهناك الكثير من المخاطر لذلك. فلذلك يجب على الإخوة الكبار في العائلة وعلى الأب والأم الاستيقاظ من السبات العميق والتأكد من أن تربيتهم صحيحة. قبل فوات الأوان.
http://www.sh2soft.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/14)
الآباء ودورهم تجاه أبنائهم المراهقين
جوهرة العمار
الصديق هو أكثر الناس استئثاراً بالمكانة لدى المراهق، فالمراهق يشعر بشيء من الانتماء إلى أصدقائه الذين يؤثرون فيه تأثيراً يكاد يكون كاملاً يفوق تأثير الأهل في كثير من الأحيان، لذا كان من الضروري جداً أن نراقب أبناءنا المراهقين من خلال مراقبتنا لأصدقائهم.
ولا شك أن هذا الصديق سيكون أحد نوعين، فهو إما أن يمثل الشخص السوي الملتزم الذي ينفع وينتفع بما فيه من خير ويكون بذلك الصديق الصدوق الناصح لابننا المراهق، وإما أن يمثل الشخص العابث اللاهي الذي تضر صداقته المراهق بل قد يؤدي به إلى طريق الانحراف. وقد يسأل قائل عن سبب عدم تطرقي إلى الصديق الذي لا ينتمي إلى أحد النوعين فأجيب بأن هذا لا يكون فاعلاً فهو لا يكون ذا تأثير
على الابن لأنه غالباً لن يكون مؤثراً فيمن حوله بل متأثراً بهم منفعلاً، وتابعاً لا متبوعاً.
ولكن ماذا لو قيّض للمراهق صديق من النوع الثاني، ولنعبر عنه بالصديق السلبي يستطيع الأهل إقصاء هذا النوع من الأصدقاء عن أبنائهم؟ على الأرجح لا فالمراهق غالباً لا يتقبل رفض الأهل لصديق اختاره هو ورأى فيه قدوة ومثلاً، وإكراه الابن على الابتعاد عنه قد يؤثر سلباً فيتمرد الابن وبذلك نكون كما قال المثل قد زدنا الطين بللاً، فما الحل إذاً؟؟
إن وقوف الآباء بجانب أبنائهم في سن المراهقة أمر جد ضروري والمقصود بهذا الوقوف هو التقرب منهم ومحاورتهم ومناقشتهم ومحاولة التعرف إلى مشاكلهم وهمومهم والعمل على تخليصهم منها، هذا إضافة إلى ضرورة التقرب من أصدقائهم واحتوائهم وكسب ثقتهم في سبيل إصلاح ما فيهم من اعوجاج. وليس هناك بيئة أو محيط أصلح من البيت لاحتوائهم بشرط أن يكون هذا الاحتواء موجهاً ومنظماً ومخططاً له. فدعوة الآباء لأصدقاء أبنائهم إلى البيت، ومناقشتهم والتقرب منهم، ومساعدتهم في حل مشاكلهم بقربهم منهم يتيح للآباء معرفة احتياجاتهم ورغباتهم وتصحيح أخطائهم ومعرفة الضغوط التي يتعرضون إليها من الخارج ولا سيما أن هذه الضغوط وهذه المشاكل التي قد تكون بسيطة أو تافهة تتضخم في نظر المراهق فإن استطعت مساعدته على حلها كنت في نظره المخلص والملاذ الآمن ونجحت في توجيهه كيفما شئت، ومن هذا التوجيه المتوجب على الأهل توجيه قراءات الأبناء وتوجيه مشاهداتهم التلفزيونية وتوجيه لقاءاتهم واجتماعاتهم وسهراتهم حتى هواياتهم ينبغي أن تكون موجهة ومراقبة من قبل الأهل.
http://www.alriyadh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/15)
أسباب انتحار المراهقين
تجمع الدراسات في تحليل أسباب الانتحار لدى المراهقين، على وجود أسباب كثيرة ومتنوعة تختلف باختلاف الأفراد واختلاف البيئة الاجتماعية والظروف التي يعيش فيها الفرد. ويتبين من هذه الدراسات أن أهم الأسباب التي تدفع المراهقين إلى الانتحار أو محاولة الانتحار هي:
أ - أسباب ظرفية:
يمكن ربطها بالأحداث التي يعيشها المراهق، انطلاقاً من الأحداث البسيطة إلى الأحداث الأشد خطورة، وهي تتعلق في أكثرها بنظام العلاقات القائمة بين المراهق وأهله من جهة، وعلاقاته بالآخرين من جهة ثانية. ويمكن تحديد هذه الأحداث بالشكل التالي: المنع المفروض على المراهق في البقاء خارج المنزل لوقت متأخر، رفض الأهل تحقيق بعض من متطلباته، قصور الأهل المادي لشراء ما يرغب به، المشاحنات مع الرفاق، الفشل الدراسي، علاقة فاشلة مع الجنس الآخر، ادخاله في مدرسة داخلية، انهيار وضع الأسرة الاجتماعي الاقتصادي، فقدان شخص عزيز، وخصوصاً الأب أو أحد المقربين.
ب - أسباب اجتماعية:
يمكن تصنيفها بنوعين:
1 أسباب عائلية:
التفكك العائلي
انعدام الأمن والعاطفة نتيجة عوامل مختلفة أهمها: تعاطي الأب أو الأم الكحول.
المشاحنات بين الزوجين غياب أحد الوالدين موت الوالدين أو أحدهم مرض الأهل الطويل.
ولقد استأثر الاهتمام في دراسة الأسباب العائلية بمشكلة غياب الأب انطلاقاً من فكرة أن سلطة الأب وعاطفة الأم هما الركنان الأساسيان في توازن العلاقات الأسرية. فالسلطة ليست قمعاً دائماً، بل هي أيضا سند ودعم عاطفي. فالأب الذي لا يعرف إلا القساوة، ولا يستطيع تأكيد ذاته إلا من خلال الصراخ والعقاب الجسدي، لا يمكنه أن يفرض السلطة العادلة والثابتة، فينشأ الأبناء على فكرة السلطة القاسية والقمعية، وعندما يصلون إلى مرحلة المراهقة فإنهم يستجيبون بطريقة عدوانية مماثلة.
التحليل الفرويدي: اعتبر أن وظيفة الأب ذات أهمية كبيرة في مرحلة المراهقة، أولاً للخروج نهائياً من "الأوديب" ثم ثانياً من أجل تكامل الاستقلالية وإعادة تنظيم الواقع الذاتي. والخلل في الصور العائلية في مجموعها، في الوقت الذي يحصل فيه انبعاث جديد للشحنات السابقة، يمكن أن يكون له التأثير الكبير على مصير الميل الاندثاري القومي في هذه المرحلة.
ب أسباب اجتماعية:
تظهر الدراسات على أن مستوى الأسرة الاجتماعي الاقتصادي والمستوى الثقافي ليس لهما تأثير كبير في دوافع الانتحار لدى المراهقين. فلقد تبين من هذه الدراسات أن المراهقين الذين ينتحرون أو يحاولون الانتحار ينتمون إلى جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بشكل متعادل. وكذلك عامل السكن الذي يؤثر فقط في حال شكل انعكاساً لمآزم عاطفية.
فالسبب الاجتماعي الأكثر تأثيراً يرجع إلى الفشل المدرسي الذي يعيشه المراهق كجرح نرجسي عميق. ومما يزيد في خطورة هذا العامل، موقف الأهل الذين يسقطون الآمال على أبنائهم ويأملون تحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه من خلالهم. فيلجأون إلى استعمال القمع والقوة للوصول إلى ما يبتغون.
وهكذا، فان الفشل المدرسي يشكل نقطة التقاء ظروف سلبية وشكل خاص من التوظيف والتأثير القمعيين.
ج الانتماء إلى جماعات الرفاق:
إن عجز المراهق عن الانخراط في مجموعة ما، أو بمعنى آخر، عزلة المراهق الاجتماعية، هي ظاهرة ترجع في الواقع إلى مرحلة الطفولة. وهذا العزل الاجتماعي يتخذ أشكالاً مختلفة:
العزل نتيجة لشعور المراهق بضعفه وعجزه عن تحمل المنافسة ضمن المجموعة.
العزل نتيجة للنظر إلى المجموعة على أنها ليست بذي فائدة، وأن الانتماء إليها لا يعود عليه بأي نفع.
وأحياناً يكون العزل نتيجة لشعور المراهق بأنه لا يملك الحق في ترك أهله لأنه يشعر بالارتياح معهم.
فاستمرار العلاقة الطفلية السابقة بين المراهق وأمه، وظهور الأب كأول غريب في علاقة الأم/ الطفل، واستحالة تخطي العلاقة الثلاثية، تشكل جميعها العوامل التي تفسر عدم إمكانية التنشئة الاجتماعية.
من المعلوم اليوم أن الانتماء إلى عُصب الأحداث، له نتائج ايجابية بالنسبة إلى المراهق:
ينزع عن المراهق الميل إلى الاندثار الذاتي من خلال تفريغ العدوانية في تصرفات جماعية.
يعزز ويقوي الميول "اللبيدية"، وبالتالي يعزز الأواليات الدفاعية ضد شحنات الاندثار والموت.
اتحاد الطاقات يقوي مشاعر الحماية ضد اتحاد الأخطار الخارجية المتأتية من عالم الراشدين.
هكذا فان العزل الاجتماعي يعيق تشكل الأوليات الدفاعية ضد الميول الاندثارية.
د أسباب نفسية:
إن بعض الخصائص النفسية تظهر بشكل ثابت، وتبين خاصية مزدوجة: قدمها وتثبيتها.
1 خصائص المزاج: التي أساسها ليس الخور بل شكل من أشكال الكآبة وعدم الرضى المستمرين والعميقين اللذين يسترهما نشاط زائد ظاهري. واستجابات الخيبة والخجل هي أكثر شيوعاً من مشاعر الذنب. إن هذه الخصائص جميعها ذات علاقة بقلق منتشر من نمط سلفي لا يشبه مطلقاً قلق الخصاء بسبب خاصيته الكثيفة التي لا لبس فيها ولا بروز. إن المراهق الذي لا يعرف إلا قانون "الكل أو لا شيء" يمكن أن يكشف عن مزاج ضعيف.
2 اضطراب الارصان: الذي هو في الأساس اضطراب ناتج عن عجز في التفكير والتعبير اللفظي للمُعاش العاطفي والانفعالي. وبشكل عام فان هذا الاضطراب شبيه بالاضطرابات التي تلاحظ عند الجانحين وفي بعض الاضطرابات النفسبدنية، ويؤلف حلقة من الحلقات التي تربط هذين النمطين من السلوك. والانتحار يتعلق بهذين النمطين، أولاً كفعل وثانياً كتدمير ذاتي.
إن اعتماد المراهق العقلنة لا يمنع وجود هذا الاضطراب. فالعقلنة عادة، وبفعل وظيفتها الدفاعية والنمائية، هي مرحلة من مراحل النمو الارصاني، وهي مشحونة بالعاطفة ولها تأثير في تنظيم الانفعال. ولكنها هنا، على العكس، تبنى على فراغ، والكلمات لا تحمل أي شحنة عاطفية.
3 تنظيم مثال الأنا: يظهر أيضاً خصائص نفسية. فالأمر يتعلق بمثال "أنا" سلفي وعظامي مع خصائصه الطبيعية: مطلب المطلق غياب أو عدم كفاية في التغير. ويمكن الإشارة هنا إلى العجز عن التكامل الزمني، إذ إن الزمن المُعاش بالنسبة للمراهقين الذين يقدمون على الانتحار لا يحتوي لا على فكرة الماضي ولا الحاضر
ولا المستقبل. وفي الوقت نفسه، سلوك الانتظار الذي ينظم الفعل، والذي يشكل سلوكاً مؤجلاً يصبح سلوكاً لا يحتمل.
إن هذه الاضطرابات ليست بالضرورة اضطرابات مكثفة، ويمكن أن تظل خفية، ولكنها في الواقع متجذرة بعمق. وهي تُصاحب بعدم إمكانية تحمل الصدّ، وشدة الإحباط تترجم درجة العذاب والألم أمام العجز في إمكانية التأثير على الواقع للتوصل الى اشباع الرغبات. وأحياناً الاحباطات المتلاحقة يمكن أن تأخذ شكل النقد الذاتي الذي يخفي متطلبات على مستوى مثال الأنا. ولا شك أن الميل المطلق والمتطلبات تجاه الذات نجدها لدى جميع المراهقين. ولكن المراهقين الذين يحاولون الانتحار يتميزون بأن مثال "الأنا" السلفي لديهم يظهر قبل البلوغ، وأثناء المراهقة يلاحظ من خلال تثبيته وصلابته وعدم تأثيره التدريجي بواسطة اختيار الواقع. فكل مجابهة مع الواقع ليست عامل تطور، بل جرح وتعزيز لوضعيات سلفية.
ح عدم كفاية الأواليات الدفاعية الطبيعية
إن هذه الخاصية هي إحدى السمات الأكثر ثباتاً لدى جميع الأحداث الذين يقدمون على الانتحار. فالمراهق يملك وسائله الدفاعية ضد جروحه النرجسية وما يتعرض له مثال "الأنا" وفقدان الموضوع. ومن أهم هذه الوسائل أواليتان ولكنهما غير كافيتين:
1 حركية التوظيفات: إننا نجد لدى جميع المراهقين الذين يقدمون على الانتحار العجز في رفع التوظيف عن الموضوع المخيب أو الضائع. وبالرغم من العذاب الذي يشعر به المراهق فانه يبقي على توظيفاته ويكرر تصرفاته ويجتر خيبته ويغلق ذاته عن كل ما هو آخر. بتثبيت خاص يشكل انحرافاً في عملية المراهقة الطبيعية.
2 أوالية الاسقاط: تجاه هذا التباعد الذي يشعر به ما بين رغباته وطموحاته المثالية من جهة والامكانيات المتواضعة المتوفرة له من جهة ثانية يستجيب المراهق عادة، بواسطة أوالية دفاعية اسقطاية. وبحسب مستوى طموحه فانه يبني مشاريع وأنظمة نظرية تهدف إلى جعل الواقع، لاحقاً، يتوافق مع الصورة المثالية التي كونها عن هذا الواقع، أو أنه يستجيب من خلال المحاولة في تعديل الواقع مباشرة بواسطة الانتقال إلى الفعل الذي يمكن أن ينتهي بالجنوح.
إن هذه الأوالية لدى المراهق الذي يقدم على الانتحار، تكون معطلة أو غير كافية أو لا وجود لها على الإطلاق. فإما أن يوجه عندئذ عدوانيته مباشرة تجاه ذاته، وإما أن يحاول التأثير على الواقع في مرحلة أولى من خلال الانتقال إلى الفعل. ولكن أمام الإحباط الذي يصيبه فانه يتخلى عن ذلك ويوجه إلى ذاته الفعل العدواني.
http://www.callforall.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/16)
آثار سلبية لسلوكيات المراهق المستقلة
تشكل التصرفات الاستقلالية والسلوك الانفرادي لدى المراهقين واحدة من الآفات التي تعاني منها الكثير من المجتمعات، لما لهذه السلوكيات في بعض مراحلها ومواقعها من تأثيرات سلبية على الفرد وعلى المجتمع، إذ نجد في الكثير من الحالات انتشار ظاهرة التدخين المبكر لدى هذه الشريحة من المجتمع.
وليس مصادفةً أن نرى في الكثير من الأماكن والأقبية من هم في سن 12 يتعاطون التدخين خلسة، وحيث تشير الإحصائيات والدراسات التي أجريت على شريحة معينة من المدخنين أنه كلما كان البدء بالتدخين في عمر مبكر كانت المخاوف من الإدمان عليه أكثر، وبالتالي تكون الصعوبة في الإقلاع عنها أكبر.
فلنتابع هذه الظاهرة ونقترب منها قليلاً، علنا نفسر الكثير من سلوكيات المراهقين، فالمراهق يدخن ليثبت لكل من يحيط به ولوسطه الاجتماعي بأنه قادر على فعل ما يفعله من هو أكبر منه سناً.
فإذا كان الوالدان مدخنين فإن الولد ومن قبيل التحدي لإثبات النفس واختراق الممنوع تجده يلجأ إلى التدخين، أما إذا كانت الحالة معكوسةً، وكان والدا المراهق غير مدخنين فإنه سوف يسعى من قبيل التقليد الكبير والاقتداء بسلوكه إلى التدخين وذلك من خلال تقليد سلوكيات وصفات غيره وأخذها كنموذج لحياته.
لذا فهناك ترابط تربوي وثيق بين ما نطلبه من الطفل وبين سلوكياتنا الشخصية وتصرفاتنا اليومية، إذ من الصعب بالمكان أن تطلب من المراهق الإقلاع عن التدخين في الوقت الذي لا تملك القدرة على التخلي عنه بنفسك.
وما يجب ترديده دائماً هو أن اتباع نظام القوة والضغط لمنع حدوث المكروه أو لمنع المراهق من اتباع السلوك الخاطئ، قد يؤدي إلى ممارسة السلوك نفسه لكن في الخفاء وبعيداً عن الأعين.
لكن بالحوار والمناقشة والدعوة إلى الوضوح في المعاملة والتصرف قد تبعد الشاب المقدم على ارتكاب الخطأ والممارسة أو التعود على فعل عادة سيئة، ربما تؤدي به إلى التهلكة، وذلك بشرح مساوئ العادة وأضرارها والمستقبل الوخيم الذي ينتظره جراء الاستمرار فيها كعادة التدخين، وهو المثال الأكثر سطوعاً عند هذه الفئة، ولا بد من إيضاح المخاطر الصحية لها فهي سبب لكثير من السرطانات الرئوية وسبب كثير من الأمراض التنفسية وأمراض القلب.
ويرتكز الشرح في هذه الحالة على إثارة الاشمئزاز والقرف لدى المراهق من هذه العادة، أكثر من الشرح العلمي المستفيض.
وكذلك التركيز على الجانب الاقتصادي في هذه المشكلة وما يترتب عليه من هدر لمخصصاته وقدراته المالية والتأثير عليه من خلالها.
وهنا يبرز عامل آخر ألا وهو الاستقلالية والتي يتحجج بها المراهق ويعتبرها واحدة من خصوصياته وحقوقه، فهو حر التفكير والتصرف المستقل، ويعتبر هذا أخطر ما في التربية وإعداد المراهق لما لها من نتائج سلبية على حياته ومستقبله تظهر على شكل انحراف سلوكي وأخلاقي تؤدي في أحيان كثيرة إلى نتائج وخيمة.
http://www.al-jazirah.com.sa المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/17)
ابني المراهق وأبوه طالب العلم
عبد المحسن بن سيف بن إبراهيم السيف
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..أشكركم على جهدكم ورغبتكم في مساعدة الآخرين.. وسأدخل في صلب الموضوع لعدم الإطالة.. أنا مطلقة وعندي ولد عمره الآن 15 سنة يدرس الآن في الأول ثانوي.. المشكلة أني أصبحت أجد صعوبة كبيرة في متابعته خارج المنزل.. وفي المدرسة.. والده غير مستعد لمتابعته مع العلم أنه من طلاب العلم أو المشايخ المعروفين.. ولكنه منشغل عنه في حياته الأسرية والدعوية والعملية.. فلا يهمه أمره إطلاقاً.. وقد حاولت كثيراً أن ألفت انتباهه له إلا أنه يطلب مني أخذه عنده... مع العلم أن الابن لا يرغب في ذلك للبعد النفسي بينهم... كما أن عائلة والده غير ملتزمة بالمستوى المطلوب (يعني الأول خلطه مع البنات.. دش... ) هذا حسب علمي عن وضعهم.. السؤال هل أتركه يسكن مع والده.. أم أبقيه عندي.. مع أن التخلي عنه صعب علي إلا أني أضغط على نفسي في سبيل مصلحته... ولكم مني الدعاء في ظهر الغيب.. وجزاكم الله عنا خير الجزاء..
الإجابة:
الأخت الفاضلة من السعودية وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أشكر لك ثقتك بإخوانك في طلب إبداء الرأي حول مشكلتك وأسأل الله جلّ شأنه أن يصلح لنا جميعاً النية والذرية.. آمين. وبعد: يتضح من سؤالك أن ابنك الآن - أصلحه الله- يعيش في بدايات مرحلة المراهقة، وهي ولا شك من المراحل العمرية الحرجة التي يمر بها الإنسان خصوصاً في هذا الوقت الذي كثرت فيه المغريات وضعفت فيه وسائل التربية الجادة وبرامجها إلا ما رحم الله - سبحانه وتعالى -. وحول سؤالك هل تتركينه يسكن مع والده أم تبعثينه عندك؟.. فإن كان سؤالك من الناحية الشرعية فإن العلماء - رحمهم الله - يرون حق الحضانة للأم حتى يميز الصبي، والبعض يرون استمرار بقائه حتى البلوغ، على خلاف مشهور بينهم في ذلك إذا وجد سبب الحضانة وانتفت موانعها، وما دام الأمر من هذه الناحية ليس بينك وبين والده خلاف، فلا مانع من بقائه عند أحدكما حسب التراضي والتشاور بينكما، أما إذا كان الأمر من الناحية التربوية فلا بد من تشخيص الحالة جيداً من الناحية التربوية بعيداً عن العاطفة الأبوية أو عاطفة الأمومة، ولا بد من النظر إلى الأصلح للولد في مستقبل حياته العملية والعلمية، وكذلك التربوية، وأجدني عاجزاً عن الحكم النهائي في هذه المسألة لعدم توفر المعلومات الكافية حول البيئة الأسرية التي يرتاح لها الابن أولاً، وحول المؤثرات الإيجابية والسلبية التي يمكن أن يتعرض لها ثانياً، ومن خلال شرحك المبسط عن وضعه الاجتماعي يظهر أن بقاءه لديك ربما يكون أحسن حالاً من وجوده عند أبيه، والحال ما ذكر من عدم اهتمام أبيه به من الحالة الاجتماعية وانشغاله عنه بأمور أخرى كما أوضحت في رسالتك، ولكن عليك في هذه الحالة مضاعفة الجهد في محاولة توفير بيئة اجتماعية جيدة وعدم الغفلة عنه، ومن ذلك البحث له عن صحبة صالحة بقدر الإمكان، ويمكن الاستعانة في ذلك بأحد أقاربك ممن تثقين في علمه ودينه، ومن المفضل أن يكون ذلك عن طريق زيارة قريبك إلى مدرسة الابن والتفاهم حول وضعه مع الصالحين من المعلمين الذين ربما ساعدوا في تحقيق ذلك الأمر والتركيز عليه عن طريق الأنشطة غير الصفية التي يكتسب
الطالب منها صقلاً لشخصيته، كما يمكن الاستعانة بإمام المسجد عن طريق أحد أقاربك وبناء علاقة جيدة مع الابن، لأنه ثبت علمياً أن الشخص في هذه المرحلة العمرية يتأثر بأقرانه وزملائه أكثر مما يتأثر بوالديه، وفي حال أنك لم تستطيعي التأثير عليه لسبب أو آخر، أو في حال زواجك من رجل آخر لا يريد ابنك معك، فلا بد من جعل مصلحة هذا الابن مقدمة على الكثير من المصالح الأخرى، لأنه أمانة في عنقك، وعندها يمكن إقناع والده بأخذ زمام المسؤولية في مواصلة تربيته والاهتمام به ومتابعته في ذلك بالنصح والتوجيه منك مباشرة، أو من أقاربه ومن يثق بهم. وفقك الله إلى كل خير، وأصلح لك دينك ودنياك.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/18)
هل تعلم أن مراهقتك تختلف عن مراهقة ابنك ..؟
يلعب الصديق دورا هاما في هذه المرحلة بل هو محور الحياة التي تدور حولها اهتمامات المراهق، ويحل الصديق محل العائلة ويتم قضاء معظم الأوقات معه.ويكون للبعض منهم تأثير سلبي والبعض الآخر له تأثير إيجابي.ومن السمات التي تميز العلاقة بين الآباء والأبناء من ناحية وبين الأصدقاء من ناحية أخرى هي بعد الأبناء عن آبائهم وازدياد الصراع بينهم، مع ازدياد القرب من الأصدقاء ويحدث ذلك غالبا لعدم تفهم الآباء لطبيعة التغيرات التي يمر بها المراهق في هذه المرحلة العمرية الحرجة. وتزداد هذه الفجوة في ظل الضغوط الاقتصادية مثل انخفاض الدخل والضغوط الاجتماعية مثل الطلاق.
ونجد أن العلاقة التي توجد بين الآباء والأبناء تحكمها أربعة عوامل رئيسية:
الإحباط الذي يولد الرفض
صراع السيطرة
الحب (الذي يصفه البعض على أنه حب قاس).
الإحباط الذي يولد الرفض:
دائما ما يصطدم الأبناء بالرفض من قبل آبائهم لأنهم لا يعون أن "الأذن التي تسمع أفضل بكثير من اللسان الذي يرفض" كما أن الآباء لا يدركون فكرة التغيير التي يمر بها أبنائهم خلال هذه المرحلة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر دون أن يشعرون بذلك من خلال النقد المفرط، و عدم الصبر في التعامل معهم، و الغضب، و مقارنة الأبناء بعضهم ببعض، والشك في تصرفاتهم. ويحاول المراهق الهرب من ذلك كله باتباع سلوك غير حميد مثل اللجوء إلى الكذب- الخداع-السرقة- المشاجرة- إدمان العقاقير- شرب الكحوليات- التدخين- خرق القانون- ترك المدرسة- الانحراف الجنسي. فلابد أن يكون بجانب النقد التشجيع، والحزم، و الحب، و التوجيه، والاحترام
صراع السيطرة:
يأتي دائما الاختلاف الذي ينشأ بين الآباء والمراهقين من حب السيطرة وصراع القوى حول من هو المسئول؟ وأين تقع نطاق حقوق كل طرف منهما. فالآباء على حق حين يقولون أن الأبناء ليسوا مسئولين بالدرجة الكافية لأن يسمح لهم بأن يتخذوا
قرارات. كما أن الأبناء محقون في قولهم أن الآباء يعاملوننا على أننا ما زلنا أطفال صغار. ومن هنا ينشأ الصراع من الاختلاف ما إذا كان الأبناء استطاعوا أن يمارسوا المسئولية بكفاءة في الماضي لاتخاذ قراراتهم الحاسمة في المستقبل أم لا؟!. كما أن الصراع ينشأ من ممارسة الآباء للسلطة ثم تركها في بعض الأحيان ومن ممارسة المراهق لها أيضا في بعض الإجازات والعطلات ثم انسحابهم منها باقي أيام الأسبوع. ويزيد من تعقد الموقف، المشاعر القوية الجارفة التي تميز شخصية الأبناء في هذه المرحلة إلى جانب طبيعة الآباء التي تغمرها روح الغضب والرفض
الحب القاسي:
وحب الآباء لأبنائهم في هذه المرحلة ليس هو بالحب القاسي كما يصفه البعض منا ولكن المقصود به:
الحب القاسي هو ليس رفض لتصرفات الأبناء، لكنه يحدد حقيقة سلوك وقرارات كلا من الأبناء والآباء. وهو إعطاء قواعد واضحة للأبناء، بالإضافة إلى الحدود المنطقية مع توقع التزامهم بها.
ويعنى أيضا السماح للمراهق بخوض التجارب لمعرفة عواقب سلوكهم وتصرفاتهم ولا يهم هنا دور حماية الآباء لهم حتى تتاح فرصة التعلم لهم لأن التدخل وتقديم المساعدة هو جزء من المشكلة وستأتي الأمور على عكس النتائج المرجوة
الحب القاسي هو التزام الأبناء بحقوق آبائهم وإصرار الآباء على مثل هذه الحقوق بما أنهم يعيشون مع أبنائهم تحت مسمى كبير ألا وهو العائلة. وأخيرا يكمن معنى هذه الكلمة في وضع وتحديد خطط للعائلة والالتزام بها وهذا لا يعنى توقفك عن حب أبنائك أو العناية بهم لكن المقصود بها عدم معاملة الأبناء على أنهم غير قادرين على التصرف في حياتهم وتحمل المسئولية مهما كان ذلك قاسيا على الآباء أو الأبناء.
حقوق الآباء:
ولا نستطيع أن ننكر حقوق الآباء على أبنائهم:
العيش في منزل نظيف.
التعاون والراحة.
مسئولية الأبناء تجاه دراستهم.
النوم بهدوء في المنزل دون القلق على الأبناء.
معاملة الأبناء لهم باحترام
العناية بهم إلى جانب عنايتهم بأبنائهم
ونستطيع أن نقدم بعض الحلول التي تحكم علاقة الآباء بأبنائهم خلال هذه المرحلة والتي تعتبر أساس كل شئ والذي يحقق للمراهق الصحة والسلامة على كافة المستويات سواء أكانت نفسية أو جسمانية والتي يكون جوهرها الموازنة بين المرونة والسيطرة
إعطاء الأبناء قواعد واضحة:
ينبغي أن تكون هناك قواعد محددة يضعها الآباء لكي يلتزم بها الأبناء بصفة مطلقة ولابد من الإصرار عليها ولكن في نفس الوقت على الآباء احترام آراء أبنائهم على
أن تتوفر لديهم الرغبة في مناقشة قراراتهم معهم ولا يأتي ذلك إلا بالتزام الأبناء واحترام هذه العادات المطلقة
عدم المغالاة في ردود الأفعال:
لابد من الصبر، والصبر هو قبول الآباء لمشاعر أبنائهم كما يعنى الاستماع إليهم بالقلب إلى جانب الأذن، وأن تفتح الباب لآرائهم. وغالبا ما ينتاب الآباء القلق على أبنائهم فلذلك فهم يلجئون إلى العقاب عند الخروج عن القواعد المرسومة لهم، والعقاب مطلوب لكنه لا يعطى المراهق الفرصة على أن يسيطر على تصرفاته
تشجيع الأبناء:
لابد من التشجيع لا السيطرة، الاهتمام بنشاطاتهم، واظهار الاهتمام بأصدقائهم، مع توجيه اهتمام خاص إذا كانت هناك مشكلة ما
التدقيق في الأمور الهامة فقط: ويعنى ذلك إهمال الأمور الصغيرة أو التافهة مثل (الملابس والموضة مع الالتزام بالحدود المسموح بها) لأنه إذا دقق الآباء على كافة الأمور سيولد ذلك شعور بالتمرد عند الأبناء
عدم معاملة الأبناء على أنهم أطفال: لا تعاملهم بصيغة الأمر فلا تستعمل الكلمات التالية (أنت لا تأكل على ما يرام، لابد أن تنام مبكرا، لن تستخدم السيارة حتى تظهر نتائج الامتحان).
تشجيع استقلاليتهم:
الاستقلال والانفصال وتحقيق الهوية هو ما يسعى المراهق لتحقيقه ويبدأ ذلك منذ سن الطفولة عندما يبدأ الطفل بالزحف والبعد عن أمه، ثم تظهر عند تصميمه لعمل بعض الأشياء بنفسه. أعطى لهم الفرصة للخطأ للتوصل إلى كل ما هو صحيح.
قائمة "لا": هناك قائمة يجب على الآباء الالتزام بها وينبغي أن يرددوها دائما أمام أنفسهم:
* لن أقوم بدفع غرامات المرور.
* لن أهاجم المسئولين في المدرسة في الدفاع عن السلوك الخاطئ.
* لن أسامح في العنف وعدم الاحترام في المنزل.
* لن أعطى نقود للذهاب إلى السينما.
* لا للدموع والغضب.
* لا لمثلث اللوم لأنه لا يؤدى إلى نتائج إيجابية.
علاج مشاكل الأبناء:
التحدث بانفتاح عن المشاكل مع الأبناء والتي تعتبر من أهم عناصر العلاقة بين الطرفين وتطوير مثل هذه العلاقة أي علاقة الاتصال تستغرق وقتا طويلا وتحتاج إلى المثابرة، وتنمو هذه العلاقة عن طريق قضاء بعض الوقت مع الأبناء مثل: أوقات الوجبات- اللعب- التنزه- الإجازات- الاحتفالات الصغيرة مثل أعياد الميلاد كما أنه لابد من تخصيص أوقات لكل طفل على حدة للتحدث عن المشاكل الصعبة التي يقع فيها. وهذه العلاقة معقدة للغاية وتظهر نتائجها عند سن المراهقة على وجه الخصوص لأن المشاكل الصغيرة التي لم يتم علاجها أثناء فترة الطفولة تتراكم وتصبح مشاكل أكبر وأكثر تعقيدا في مرحلة المراهقة.
العقاب:
لابد أن يفرق الابن بين ما هو صحيح وخطأ فمن هنا جاء دور العقاب لكن العقاب لابد أن يكون إيجابيا وليس سلبيا، فالعقاب الإيجابي هو الذي يحمل بين طياته الفهم الآلي لكلمة السماح، وليس الإحساس بالذنب حتى بعد وقوع العقاب عليه. وصحيح أن الأبناء هم من يدفعون آبائهم إلى ممارسة العقاب عليهم علاوة على أنه ظاهرة صحية إلا أنه يتم وسط غضب كبير وقوة أكبر، فلابد أن يشتمل معنى العقاب على الحب كما لا يتم إلا بعد توجيه التحذير
فالسؤال الذي يسأل عنه الآباء باستمرار ويحاولون دائما تقديم له الإجابة هو "لماذا" و هو الذي يعتبر في نفس الوقت الأساس في إعداد النشء علميا وخلقيا ونفسيا وبوجه عام صحيا، ولإعداد النشء على نحو سليم لابد أن تتوافر العناصر الآتية: الصحة الجيدة- علاقات الحب-توفير فرص التعلم، أما السؤال الآخر المحير الذي يسأله الآباء أيضا لأنفسهم هو: كيف نوفر لأبنائنا كل هذه الأشياء؟ ويأتي هنا دور المنزل ثم المدرسة ثم مجتمع الأصدقاء ومن بعده مجتمع العمل إلى جانب بعض العوامل الأخرى التي تنبع من داخل هذه المؤسسات الاجتماعية ومنها: الصحة النفسية، و الصحة الجسمانية، والنضج الاجتماعي والعاطفي، و مهارات اللغة، و المقدرة على حل المشاكل، والتفكير المبدع، و المعلومات التي تتوافر لنا عن العالم الذي نعيش في داخله، فعليك بمساعدة ابنك على التطوير وتذكر دائما أن:
- الأطفال تتطور وتنمو بمعدلات مختلفة.
- لكل طفل نقاط ضعفه وقوته ولا يشترط أن تكون هي نفس نقاط الضعف والقوة عند كل طفل.
ولابد أن تبدأ تنشئة الابن أو الابنة في مرحلة مبكرة على مرحلة المراهقة ولن يتم ذلك إلا من خلال:
- توفير البيئة الآمنة والصحية التي يغمرها الحب في المنزل أولا.
- خلق جو من الإخلاص، الاحترام، والثقة المتبادلة.
- إعطاء كل سن استقلاليته المحددة له.
- تعليم المسئولية تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين.
- أهمية تعلم قبول الحدود.
- الاستماع إلى الآراء.
- حل المشاكل.
ولابد أن يفهم كل واحد منا أن العالم الذي عاش فيه الآباء عند مرورهم بمرحلة المراهقة يختلف عن العالم الذي يعيش فيه مراهقينا الآن.
http://www.iraqcenter.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/19)
مشكلات المراهقة وعلاجها
من أبرز المشاكل التي تظهر في مرحلة المراهقة: الانحرافات الجنسية، مثل الجنسية المثلية أي الميل الجنسي لأفراد من نفس الجنس، والجنوح، وعدم التوافق مع البيئة، وانحرافات الأحداث من اعتداء، وسرقة، وهروب.
وتحدث هذه الانحرافات نتيجة لحرمان المراهق في المنزل والمدرسة من العطف والحنان والرعاية والإشراف، وعدم إشباع رغباته، ومن ضعف التوجيه الديني، وكذلك نتيجة لعدم تنظيم أوقات الفراغ.
ولذلك يجب تشجيع النشاط الترويحي الموجه والقيام بالرحلات والاشتراك في مناشط الساحات الشعبية والأندية.. إلخ.
ومن الناحية التربوية ينبغي أن يلم المراهق بالحقائق الجنسية عن طريق دراستها دراسة علمية موضوعية.
كذلك من المشكلات المهمة التي تظهر في المراهقة: ممارسة العادة السرية أو الاستمناء ويمكن التغلب عليها عن طريق توجيه اهتمام المراهق نحو النشاط الرياضي والكشفي والاجتماعي والثقافي والعلمي، وتعريفه بأضرار العادة السرية.
وينتج عن النمو السريع في أعضاء جسم المراهق إحساسه بالخمول والكسل والتراخي، كذلك تؤدي سرعة النمو إلى جعل المهارات الحركية عند المراهق غير دقيقة، فقد تسقط من يد المراهق الكوب التي يحملها دون أن يكون ذلك نتيجة إهمال أو تقصير، ومع ذلك يلقى الكثير من اللوم والتأنيب من جانب الكبار.
وكثيراً ما يعتري المراهق حالات من اليأس والحزن والألم التي لا يعرف لها سبباً. فالمراهق طريد مجتمع الكبار والصغار، إذا تصرف كطفل سخر منه الكبار، وإذا تصرف كرجل انتقده الرجال أيضاً، وعلاج هذه الحالة يكون بقبول المراهق في مجتمعات الكبار، وإتاحة الفرصة أمامه للاشتراك في نشاطهم، وبتحمل المسؤوليات التي تتناسب مع قدراته وخبراته.
ومن المشكلات التي تتعرض لها الفتاة، في هذه المرحلة، شعورها بالقلق والرهبة عند حدوث أول دورة من دورات الطمث، فهي لا تستطيع أن تناقش ما تحس به من مشكلات مع المحيطين بها من أفراد الأسرة، كما أنها لا تفهم طبيعة هذه العملية، ولذلك تصاب بالدهشة والقلق.
إن إحاطة الأمور الجنسية بهالة من السرية والكتمان والتحريم تحرم الفتاة من معرفة كثير من الحقائق العلمية التي يمكن أن تعرفها من أمها بدلاً من معرفتها من مصادر أخرى.
ومن الملحوظ في هذه المرحلة أن الفتاة يعتريها الخجل والحياء، وتحاول إخفاء الأجزاء التي نمت فيها عن أنظار المحيطين، وينتج عن تعليقاتهم غير الواعية على مظاهر النمو هذه وعلى التغيرات الجديدة، شعور الفتاة بالحياء والخجل، وميلها للانطواء أو الانسحاب، ولذلك ينبغي أن ينظر الكبار لهذه التغيرات على أنها أمور طبيعية وعادية.
ومن أهم المشكلات التي يعانيها المراهق: الإصابة بأمراض النمو، مثل فقر الدم، وتقوس الظهر، وقصر النظر، وذلك مرجعه أن النمو السريع المتزايد في جسم المراهق، يتطلب تغذية كاملة وصحية حتى تساعد الجسم، وتمده بما يلزمه للنمو. وفي الغالب لا يجد المراهق الغذاء الصحي الكامل الذي تتوفر فيه جميع عناصر الغذاء الجيد، ولذلك يصاب ببعض هذه الأمراض. فلهذا يجب العمل على توفير الغذاء الصحي الكافي للمراهق.
أما حالات تقوس الظهر: فإنها تنتج من العادات السيئة من ثني الظهر والانحناء في أثناء الكتابة والقراءة، وكذلك قصر النظر ينتج عن اتباع عادات سيئة خاصة بالقراءة عن قرب، ولذلك يجب تنبيه المراهق إلى أضرار هذه العادات ومساعدته على تجنبها.
ونتيجة لنضج الغدد الجنسية واكتمال وظائفها، فإن المراهق قد ينحرف ويمارس بعض العادات السيئة، كالعادة السرية.
ولا ينبغي أن يكون توجيه المراهق للابتعاد عن هذه العادة قائماً على أساس التخويف والتهويل في أضرارها، ولكن ينبغي أن يكون أساسه التبصير المستنير، والإقناع، والحقيقة العلمية ذاتها، كذلك يتحقق العلاج عن طريق إعلاء غرائز المراهق والتسامي بها SUBLIMATIONوتحويلها إلى أنشطة إيجابية بناءة. والمعروف أن تخويف المراهق من هذه العادة يخلق عقداً نفسية تدور حول الجنس عامة.
وقد يميل المراهق في هذه المرحلة إلى قراءة القصص الجنسية والروايات البوليسية وقصص العنف والإجرام، ولذلك يجب توجيهه نحو القراءة والبحث الجاد في الأمور المعرفية العادية، وأهمها وأنفعها التراث الديني الإسلامي. واستغلال نزعة حب الاستطلاع لديه في تنمية القدرة على البحث والتنقيب وغير ذلك من الهوايات النافعة. ويجب الاهتمام بقدرات المراهق الخاصة والعمل على توفير فرص النمو لهذه القدرات.
ومن المشكلات الوجدانية في مرحلة المراهقة: الغرق في الخيالات، وفي أحلام اليقظة التي تستغرق وقته وجهده وتبعده عن عالم الواقع.
وكذلك يميل المراهق إلى فكرة الحب من أول نظرة، فيقع في حب الفتاة معتقداً أن هذا الحب حقيقي ودائم، ولكنه في الواقع ينقصه النضج والاتزان، وكثيراً ما تنتهي الزيجات التي تتم في سن مبكرة بالفشل، لأنها لا تقوم على أساس من النضج الوجداني، ولا تستند إلى المنطق السليم.
كذلك يمتاز المراهق بحب المغامرات، وارتكاب الأخطار، ويمكن توجيه هذه النزعة نحو العمل بمعسكرات الكشافة والرحلات، والاشتراك في مشروعات الخدمة العامة والعمل الصيفي.
وفي العصر الحالي ظهرت نزعات وفلسفات تتصف باللامبالاة عند الشباب الأوروبي - كما هو الحال في جماعات الهيبز وغيرها - وليست هذه السلبية إلا تعبيراً عن ثورة الشباب، وسخطه على المجتمع، ونتيجة للفشل التربوي.
وعلى كل حال، فإن المراهق يميل إلى التقليد الأعمى، وإلى البدع، و(المودات) الجديدة، ولذلك ينبغي توجيه المراهقين عندنا وجهة إيجابية تتفق مع فلسفة المجتمع المسلم وأهدافه في التقدم والرخاء، وعلى هدى من تعاليم إسلامنا الحنيف.
كذلك يقع على عاتق علماء المسلمين، ورجال الثقافة والإعلام والتربية والإصلاح والقادة مسؤولية تزويد المراهقين بالحقائق والمعلومات المقنعة التي تثبت إيمانهم وترسخ عقيدتهم، وتحميهم من نزعات الإلحاد والشك.
ومن الوسائل المجدية: اشتراك المراهق في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح مشكلاته، ومناقشتها - مع الكبار في ثقة
وصراحة - وكذلك ينبغي أن يحاط المراهق علماً بالأمور الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي، حتى لا يكون فريسة للجهل والضياع أو الإغراء.
ويعبر الدكتور أحمد عزت راجح عن الصراعات التي يعاني منها المراهق على هذا النحو:
1. صراع بين مغريات الطفولة والرجولة.
2. صراع بين شعوره الشديد بذاته وشعوره الشديد بالجماعة.
3. صراع جنسي بين الميل المتيقظ وتقاليد المجتمع، أو بينه وبين ضميره.
4. صراع ديني بين ما تعلمه من شعائر، وبين ما يصوره له تفكيره الجديد.
5. صراع عائلي بين ميله إلى التحرر من قيود الأسرة، وبين سلطة الأسرة.
6. صراع بين مثالية الشباب، والواقع.
7. صراع بين جيله والجيل الماضي.
ويضاف إلى ذلك صراعات تنتج من وجود أهداف متعارضة في داخل نفسه يرغب في تحقيقها معاً، ولكنها بطبيعتها إذا استطاع أن يحقق أحدها أصبح تحقيق الآخر أمراً مستحيلاً كالرغبة في الاستذكار وفي اللعب في الوقت نفسه، أو الرغبة في الطاعة والتمرد.
من كتاب: سيكولوجيا المراهق المسلم المعاصر
http://www.2s2s.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/20)
مرحلة البلوغ .. كيف نتعامل معها
عبد الرحمن بن محمد آل عوضة
1- توعية الأبناء بنموِّهم الجسدي، والجنسي، والتغيرات التي ستطرأ عليهم في مرحلة البلوغ هي مسؤولية الوالدين، مثل: شعر العانة، والاحتلام، ونمو الثديين والدورة الشهرية عند البنت... كل ذلك يجب أن يعرفوه بأسلوب بسيط دون الدخول في التفاصيل الدقيقة.
2- علّم الابن أن جسده ملك له فقط، وأنه ليس لأحد غيره أن يلمس جسده إلا والديه عند الحاجة.
3- الأبناء في مرحلة البلوغ يمر بهم تغيُّر عضوي سريع ومتتابع في وقت قصير، وقد يستغرب بعض الآباء والأمهات من هذا وهو أمر طبيعي.
4- الجدال والنقاش، وإظهار الاستقلال، والانفراد في اتخاذ القرار، والانفعالات المصاحبة لذلك، وعدم قبول رأي الآخرين بسهولة بل ورفضه أحياناً، كل ذلك من صفات معظم البالغين.
5- أحياناً يخاف المراهق من الفشل، ويتساءل عن مستقبله، وكيف يواجه الحياة.
6- المراهق لا يستطيع التحكم في انفعالاته، فهو إذا أحب أسرف وبالغ، وكذلك إذا كره.
7- يشعر بعض البالغين أحياناً بأن الآخرين لا يفهمونهم ولا يعرفون مشاعرهم وأحياناً ينقم البالغ على والديه، وعلى الناس، وقد يردد "لا أحد يفهمني" وقد يميل المراهق إلى الوحدة.
8- يميل المراهق إلى تحقيق الذات، وإثبات وجوده، ولذا لا بد للآباء والأمهات من وضع تلك المشاعر محل الاهتمام والتفكير.
9- البالغ يرغب في تحقيق ذاته من خلال استغلال طاقاته، ومنحه المسؤولية والأعمال المناسبة، ويجب ألا يُترك البالغ دون تحمل مسؤولية إلى أن يصطدموا بمتطلبات المجتمع وحاجاته الطبعية.
10- ينبغي أن تعالج مشكلات المراهق بالجلوس معه والتزام الرفق واللين وعدم الزجر وأشعره بالأمان وبضوابط الحوار وآداب الاستماع واترك له الاختيار وحفزه عند الإنجاز وحمله أثر أخطائه عند التقصير ولا تواجه بالأخطاء وادع له.
11- المراهق قد يبتكر وسائل يؤكد من خلالها استقلاليته، ويحاول اكتشاف طرق جديدة للتعامل مع الآخرين.
12- قد يصبح المراهق فجأة مثالياً، وقد ينتقد الآخرين والأوضاع من حوله.
13- قد يكون المراهق أحياناً ساخراً ومستهزئاً، وقد يسخر أحياناً من أفكار والديه وأهله.
14- قد يشعر المراهق بالتحدي والمجادلة والمخالفة للآخرين.
15- يهتم المراهق بمظهره، وقد يقلق المراهق من مظهره، وخاصة عند ظهور بعض علامات البلوغ.
16- قد يصاب المراهق بالخجل الشديد، وقد يميل إلى الانطواء والعزلة والنوم الكثير.
17- ينبغي على الوالدين أن يُشعرا المراهقين بثقتهم بهم، وبقدراتهم، وأن يؤكدا لهم بأن من حقهم أن يكونوا مستقلين في شخصياتهم.
18- لا تجبر المراهق، بل اطلب منه المساعدة.
19- ينبغي على الآباء أن يتغيروا ويتعرفوا على حاجات المراهقين.
20- حاول متابعة الأبناء المراهقين بطريقة غير مباشرة.
21- الحوار والنقاش الهادئ هما من أفضل الطرق للتعامل مع المراهقين.
22- تجنب السخرية وجرح المشاعر، وانتقاد المراهق، وأسلوب الاستبداد والصرامة.
23- ينبغي أن تقلل من الأوامر والنواهي الموجهة إليهم.
24- ينبغي أن تكون واضحاً في تعاملك مع المراهق وأن تتجنب التردد والازدواجية.
25- احترم أصدقاء أبنائك، وأكرمهم، وادعهم إلى منزلك.
26- عن طريق الحوار الهادئ يمكن مناقشة الأبناء عن صفات رفقاء الخير والشر.
27- يحتاج المراهقون إلى الأمن والاطمئنان والراحة.
28- يشعر المراهق أحياناً بالضعف والخوف والإحساس بالذنب، وهو كثير التفكير والتأمل.
29- خاطب عواطف المراهق ومشاعره بالعقل والحوار الهادئ والاحترام.
30- تكلم بقدر الحاجة، وبالإجمال عن الأمور الجنسية عند سؤاله، وأجبه حتى لا ينصرف إلى صديق سيّئ.
31- امنحه الاستقلالية، ولا تكن عليه رقيباً في كل صغيرة وكبيرة.
32- اجعله يتحمل تبعات أخطائه.
33- ابتعد عن طريقة التحقيق والاستجواب، وعامله بلطف عندما يقوم بأعمال لا ترغب فيها، واحترم ذاته.
34- أشعره بالثقة التامة، واستمع له استماعاً تعاطفياً عندما يخطئ فقد يكون هناك مبررات.
35- لا تخجل من إظهار عواطفك وحبك لمجرد شعورك بأنهم قد أصبحوا كباراً.
36- علِّم ابنك أن الشخص الوحيد الذي يستطيع تغييره هو نفسه.
37- حاول أن تتكلم مع أبنائك المراهقين كصديق لهم، وعبّر عن حبّك لهم دون مناسبة.
38- عندما يبلغ الأبناء فإنهم يحتاجون إلى الاستقلال عن الآباء.
39- المراهقون لا يحبون كثرة النصائح، وكثرة الأسئلة، وكثرة الكلام.
40- يقول سفيان الثوري: "لا يزال التغافل من شيم الكرام".
ويقول الشاعر:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً *** صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
41- من الطبعي أن يكون لابنك المراهق أسرار خاصة به.
42- المراهق يميل بطبيعته إلى التدين، والتربية المتميزة تزيد التدين ثباتاً واستمراراً بتوفيق الله.
43- يمر الأبناء بمرحلة تغيرات كثيرة في سن البلوغ، وإذا لم تفهم تلك التغيرات والحاجات الجديدة في حياتهم ربما عشت في صراعات ومتاعب ومواجهات وربنا خسرت ابنك.
44- قد تكون مرحلة البلوغ مرحلة مزعجة للآباء بسبب تصرفات الأبناء وعندما يتذكر الآباء أنها مرحلة مؤقتة فإنهم يزدادون صبراً وحلماً وكظماً للغيظ.
45- كل ما سبق ذكره إن لم يوافق كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو مردود مرفوض.
11/10/1426هـ
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/21)
مراهق في قفص الاتهام
قلنا ونرجع ثانيا ونقول *** فحديث أصحاب الجراح طويل
حكمت المحكمة غيابيا على المتهم فلان بن فلان بالبراءة من التهم التي نسبت إليه من قبل المدعية فلانة بنت فلان، لأنه مراهق طائش والآن تاب من أفعاله فلا يعاب عليه رفعت الجلسة.
تذكرت أياما مضت و لياليا خلت *** فجرت من ذكرهن دموع
نعم هذه الحقيقة التي نتجرعها كل يوم بفعل أولئك المراهقين الطائشين الذين يلعبون بشرف وعفاف المراهقات، وإذا أرادوا الزواج قالوا لأمهاتهم أن يبحثوا لهم عن الفتاة الصالحة الملتزمة بدين الله.
وهنا نضرب بعض الصور(الشبه) للمراهق الطائش ولكم أعزائي القراء الحكم عليها (اللبيب بالإشارة يفهم).
1- مراهق لم يتوظف، ويأخذ فلوسه من أمه وأبيه ثم يجمعها إلى نهاية الأسبوع، فإذا به يذهب بها إلى السوق أو على البحر أو في أحد المنتزهات ذات الليالي الحمراء، ويفرق شعر رأسه إلى فرقتين كأنه خط السريع، أو يضع نخلة على رأسه (مارنز)، ولقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن القزع فقال: [احلقه كله أو دعه كله].
لا بأس بالقوم من طول ومن قصر*** جسم البغال وأحلام العصافير
2- مراهق ينزل من غرفته عبوس الوجه، الشياطين تسير على فرته، يمر بين أفراد أسرته، وربما يتكرم عليهم بالسلام، ثم يركب سيارته التي تم تلميعها البارحة، ثم يسير في الطريق إلى عمله يلتف يمينا وشمالا، كأنه رادار لكشف الجميلات الساقطات، وفي لحظة عجيبة تخترق إحدى المراهقات مجال راداره فليحقها في الطريق فيكونان كأنهما في مضمار سباق السيارات.
وإذا رأى إبليس طلعة وجهه ***حياه وقال فديت من لا يفلح
3- مراهق يرجع من العمل وينام حتى المغرب، ثم يغسل وجهه ويصلي إن كان يصلي، ثم يدخل الحمام - أعزكم الله - يجلس فيه نصف ساعة يستحم، والله لو كان قي جسمه دواب مثل الجبال لسقطت من كثرة الحك والفرك، ثم يضع من الأطياب والروائح التي لو شمها الذباب لسقط، فكيف بالمراهقات، ثم يذهب إلى السوق ليحل مشاكل المراهقات العوانس (العزبات) هناك!!!!!
يا خادم الجسم كم تشقى لخدمته *** أتطلب الربح بما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها *** فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
4- مراهق يجلس مع أصحابه في المجلس الذي وضعه خارج بيته (الدجه)، ينظرون إلى جهاز التلفاز(بيت الشيطان)، وعبر هذا الجهاز يأتيك بأشكال وألوان من مراهقات العالم وعوانسه، والأخرى أحلى من التي تليها، وفي لحظة تخرج بنت الجيران مع أهلها أو الذهاب إلى البيت الذي يليها معزومة، فتمر أمام هؤلاء المراهقين فينظرون إليها وإلى جهاز التلفاز، وفي عقولهم يقولون هل هي ديانا ولكنها متحجبة؟ أو مادونا ولابسة قناعها الأسود؟ أوهي سميرة توفيق ولابسه لبس البدوية؟ وهكذا أخذت الشياطين تلعب بعقولهم والبنت المسكينة خائفة منهم وتتصورهم ذئاب يريدون أن ينقضوا عليها.
كل الحوادث مبدؤها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها *** فتك السهام بلا قوس ولا وتر
5- مراهق يضرب التلفون: ألو فلان السلام عليكم..
فلان: وعليكم السلام..وبعد السؤال عن الأحوال والطقوس التقليدية
مراهق: وراك شيء اليوم؟
فلان: لا..
مراهق: شرايك نروح السوق نتمشى؟
فلان: ما لي خلق اليوم.
مراهق: وليه فلان لا تصير خايس.. اليوم على كيفك الليلة ليلة خميس والعروس كثرانة والحريم فسكانة، والرجاجيل في العروس ملتهية، ولا في الجواخير والشاليهات مبسطة وسهرانه.
فلان: زين السوق شنو فيه؟
مراهق: لا تزعل نروح الشواطئ ونصيد حورية هناك، ولا نروح إلى حفلة.
فلان: موافق.
الله يدري كل ما تضمر*** يعلم ما تخفي و ما تظهر
وإن خدعت الناس لم تستطع *** خداع من يطوي ومن ينشر
6- مراهق موظف لأصحابه: هذه موظفة جديدة و الصيده لي فرجاء لا تخربون عليّ، يذهب المراهق إليها في مكتبها وهي مستحية: السلام عليك حيّاك الله معنا.
الموظفة (تنظر إليه بطرف عينها): نعم..
مراهق: اسمي فلان زميلك في العمل وأي خدمة تريدين فأنا حاضر ما عليك إلا أن تقولي فلان وأنا طيّارة عندك..
الموظفة: شكرا ما أحتاج خدماتك..
المراهق يخاطب نفسه (والله إنها مغرورة ولكن أوريج إذا ما خليتج كلبه تلحسين رجولي ما أكون فلان، والأيام طويلة بيني وبينج)
فيقول: طيب السلام عليك و لا تنسي اسمي فلان0
7- مراهقون جالسون في ديوانية يشربون الدخان والشياطين تضرب الدفوف على رؤوسهم، فإذا بأحدهم: شرايكم نسافر خارج البلاد انتونس؟
المراهقين: والله فكرة زينة نقدم إجازات من العمل ثم نسافر..
مراهق: ولكن المشكلة أهلنا كيف نخبرهم بسفرنا..
أحدهم: نقول لهم رايحين عمرة إلى مكة، الآخر: روح من صجك! والله ما يصدقون ولكن نقول لهم رايحين كشتة إلى البر(قنص) أحدهم: حلوة الفكرة زينة وعلينا التطبيق الآن واللقاء في الشقة هناك.
أنلهوا وأيامنا تذهب *** ونلعب والموت لا يلعب
عجبت لذي لعب قد لها *** عجبت وما لا أعجب
8- مراهق جالس على نهاية طريق المشاة في أحد المناطق الممتلئ بالمراهقات، يسرح شعر رأسه ويفرق بين شواربه ويبرمها كأنه غوار الطوشي، وكلما أقبلت عليه مراهقة صغيرة أو كبيرة في السن أخذ ينشد قصيدة
ليش الزعل يا سيد كل المزايين *** تزعل ولا جاك مني خطية
وقاعد المراهق من صلاة العصر إلى منتصف الليل ما عنده شغل غير التحرش بالرايحة والجاية (لنا وقفة مع طريق المشاة (الأزياء)).
وفي الختام إلى أعزائي القراء وبعد هذه الصور التي تم عرضها، لقد عرفتم المغزى من هذه المقالة، فلن أقول شيئا إلا هذا الحديث الذي أختم به كلامي. عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: إن فتى شابا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه فقال: ادنه، فدنا منه قريبا فقال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: و لا الناس يحبونه لأمهاتهم،
قال: أتحبه لأبنتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: و لا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: و لا الناس يحبونه لخالاتهم، قال فوضع يده عليه وقال[اللهم اغفر ذنبه و طهر قلبه وحصن فرجه] فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شئ) - مسند الإمام أحمد بن حنبل ج/5 (2207)المكتب الإسلامي.
http://www.enashir.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/22)
مراحل المراهقة
يميل معظم النّاس للتفكير بأن المراهقة مرحلة واحدة ينبغي على الأهل تحملها مع أطفالهم، وتوجد في الحقيقة ثلاث مراحل مضنية على الأقلّ: المراهقة المبكرة والوسطى والمتأخرة، تتمايز على صعيدي الجسد والروح.
ومع متاعبها، تنقسم المراهقة إلى ثلاث مراحل من النّموّ والاكتشاف، سواء للأهل والأولاد.
لا تنس، وأنت تقرأ ما يلي، أن ما نقدمه مجرد خطوط عامة، فكل طفل ينمو وينضج بطريقة مختلفة، جسدياً وعقلياً واجتماعياً
المراهقة المبكّرة:
تمتد فترة المراهقة المبكّرة بين عمر 11 و14 سنة تقريباً. ورغم اعتقادك أن طفلك لا يزال صغيراً، فإنه يمر بتغييرات كبيرة ومهمة جداً. ففي هذا العمر يتأرجح المراهق بين رغبته في أن يعامل كراشد وبين رغبته في أن يهتم به الاهل..ما يجعل الأمر صعباً ومربكاً للوالدين.
يمكننا إطلاق اسم مرحلة "حب الشباب" على هذه الفترة من المراهقة، ففي هذه الفترة يشعر المراهق بضعف الثقة فيما يتعلق بمظهره الخارجي والتغييرات التي تطرأ عليه.ويعتقد بأن الجميع ينظر إليه، ويصعب على الاهل إقناعه بغير ذلك
وتنعكس حاجة المراهق لمزيد من الحرية في العديد من الأمور، فيبدأ برفض جميع أفكار ومعتقدات الأهل ويشعر بالإحراج إن وجد في مكان واحد مع أهله. وقد يبدو أكثر عصبية وتوترا. كما يبدأ المراهق في هذه المرحلة باكتشاف نفسه جنسيا. وتزداد حاجته للخصوصية والانفراد بنفسه. وقد تبدو هذه المرحلة في غاية العشوائية بالنسبة للأهل ولكن عليهم التحلي بالصبر، والإصغاء إلى احتياجات إطفالهم، ودعمهم لتطوير وتنمية شخصيتهم المستقلة والخاصة.
المراهقة الوسطى:
تمتد مرحلة المراهقة الوسطى بين عمر 15 و 17 سنة تقريبا. أهم سمات هذه المرحلة شعور المراهق بالاستقلال وفرض شخصيته الخاصة، وبسبب حاجتهم الماسة لإثبات أنفسهم، يصبح المراهقون أكثر تصادما ونزاعا ضمن العائلة، فيرفضون الانصياع لأفكار وقيم وقوانين الأهل ويصرون على فعل ما يحلو لهم.
ويجرب الكثير من المراهقون الأمور الممنوعة أو الغير محبذة عند الأهل، كالتدخين وشرب الكحول والسهر خارج المنزل لساعات متأخرة، ومصادقة الأشخاص المشبوهين، كنوع من التحدي للأهل ولفرض رأيهم الخاص ويصبح المراهق أكثر مجازفة ومخاطرة، ويعتمد على الأصدقاء للحصول على النصيحة والدعم، وليس على الأهل، وعلى الأهل في هذه المرحلة إظهار تفهم شديد لأطفالهم لكي لا يخسروا ثقتهم، وبنفس الوقت يضعوا قوانين واضحة لتصرفاتهم وتعاملاتهم، مع الأخرين ومع العائلة وبما أن معظم التغييرات الجسدية قد حدثت في مرحلة المراهقة المبكرة، يصبح المراهق اقل اهتماما بمظهره الخارجي وأكثر اهتماما بجاذبيته للجنس الأخر يستمرّ النّموّ الفكريّ للمراهق في هذه المرحلة، ويصبح أكثر قدرة على التفكير بشكل موضوعي والتخطيط للمستقبل، كما بإمكان المراهق أن يضع نفسه مكان الآخر، فيصبح لديه القدرة على أن يتعاطف مع الأخرين في هذه المرحلة.
المراهقة المتأخّرة:
تمتد هذه المرحلة تقريبًا بين أعمار 18 و 21 سنة وفي مجتمعنا قد تمتد هذه المرحلة فترة أطول، نظرا لاعتماد الأولاد على الأهل في الشؤون المادية والدراسية إلى ما بعد التخرج ومرحلة العمل أيضا يستطيع معظم الشباب في هذه المرحلة أن يعملوا بطريقة مستقلة، رغم انهماكهم بقضيا تتعلق برسم معالم هويتهم وشخصيتهم. ولأنهم يشعرون بثقة اكبر تجاه قراراتهم وشخصيتهم، يعود الكثير منهم لطلب النصيحة والإرشاد من الأهل. ويأتي هذا التغيير في التصرف مفاجأة سارة للأهل، إذ يعتقد الكثير منهم أن النزاع والصراع أمر محتم، قد لا ينتهي أبدا. ويتنفس الأهل الصعداء، فبالرغم من أن الأولاد اكتسبوا شخصيات مستقلة خلال مراهقتهم، تبقى قيم وتربية الأهل واضحة وظاهرة في هذه الشخصيات الجديدة إن أحسن الأهل التصرف والتفهم لهذه المرحلة الحرجة في حياة أولادهم.
http://www.oboody.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/23)
ما هو دور كبار السن في تنمية شخصية المراهق وجعلها سوية ؟
من المهم أن يسهم كبار السن في تنمية شخصية المراهق، ومن وسائل ذلك:
1 تقبل المراهق والتعامل معه على أنه رجل.
2 حسن التعامل مع أخطائه، والبعد عن لومه وتأنيبه.
3 التعاون معه في تجاوز التجارب الفاشلة التي يمر بها.
4 إشراكه في مجالس الكبار وأحاديثهم وترك الفرصة له ليتحدث.
5 الحوار والنقاش معه وبناء العلاقة الودية والأخوية.
6 توليته المهام والمسؤوليات المناسبة له التي تعوده على تحمل المسؤولية، وتشعره بأن الآخرين يثقون به.
7 الإجابة على تساؤلاته وإضاءة الطريق أمامه في المشكلات التي يعاني.
http://www.arabsline.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/24)
كيف نستثمر مواهب الحياة ؟
كثير من الشّباب فتياناً وفتيات يسألون أنفسهم ماذا نملك من الثّروات حتّى نفكِّر في تنميتها والاستفادة منها في شؤون حياتنا المختلفة..
قد يرى البعض أنّه فقير أو مُفْلِس لا يملك شيئاً لأنّه لا يفعل ما يريد مثل الكبار..هذا التصوّر الخاطئ هو الّذي جعل عدداً من الفتيان والفتيات يرون العالَم مُظلِماً والحياة تعاسة وحرماناً..
تكتب فتاة في السّادسة عشرة من العمر مذكّراتها فتقول:
«لا أستطيع التعبير عن شيء.. أصبحتُ قريبة لفقدان الذاكرة، كثيرة القلق والتفكير، عديمة الثِّقة بنفسي.. أيّ عمل أقدِم عليه أخاف نتائجه وأتردّد في القيام به، دائمة الحزن.. عندما أنظر إلى وجهي في المرآة أجده بشعاً، فأكره نفسي وأتمنّى لو لم اُخلَق».
ويكتب أحد الفتيان فيقول: «كنتُ إذا نظرتُ في المرآة وأنا شاب أسأل نفسي حين أرى خيالي.. هل هذا الّذي
يشبهني تماماً يمكن أن أحبّه لو أنّه خرج من المرآة بقدرة الله وعاش معي؟... ».
أحياناً يلقي المراهق مسؤوليّة ما يحصل له على أسرته وخاصّة على والديه ; لأنّه لا يجد أحداً يلقي اللّوم عليه أفضل منهما.
هذه فتاة في الخامسة عشرة من العمر تدخل إلى عيادة أحد الأطباء المعروفين الّذين له مؤلّفات عن الطّفولة والمراهقة.. تدخل هذه الفتاة برفقة أمّها وتطلب من الطّبيب أن تتحدّث إليه وحده، وهكذا يكون..
بدأت الفتاة منذ اللّحظة الأولى بانتقاد أبويها وإلقاء اللّوم عليهما بأنّهما لا يعطيانها الفرصة ويسخران منها..
تحدّث الطّبيب الحاذِق مع أمّ الفتاة ليسمع رأيها حول ابنتها، فاستمع إلى كلام مُعاكِس من الأم، فتحقّق من الموضوع ووجد من خلال تجربته وخبرته الطّويلة أنّ هذه الفتاة تخشى من الفشل ومن عدم اعتراف الآخرين بها كبنت راشدة، ويصعب عليها أن تتّهم نفسها، فوجدت الحلّ في أن تهاجم أبويها بمجرّد أن يرفض أبوها أو اُمّها لها طلباً.
نحن نحتاج إلى رعاية الأبوين بشكل خاص وإلى إرشاد الكبار بشكل عام، لكنّنا لسنا أطفالاً لكي نعتمد بالكامل عليهم..
الأسرة هي قاعدة الانطلاق، كما ينطلق الرحّالة من مبدأ حركته ومرسى سفينته، أو كما ينطلق المتسلِّق من مقرِّه ومخيّمه في سفح الجبل..
الأسرة هي الملجأ والملاذ أيضاً، نعود إليها في الأوقات التي نحتاج إليها، لا سيّما في المراحل الصّعبة من الحياة لتمنحنا سكوناً وطمأنينة..
رغم هذه الحقيقة وهذه الأهمية للأسرة، فإنّنا نستعد في هذه المرحلة من العمر أي في سنّ المراهقة، لتحمّل بعض مسؤوليات الحياة على الأقل، حتّى نتأهّل شيئاً فشيئاً لأن نكون مسؤولين بالكامل عن أنفسنا بل عن أسرة نكوِّنها في المستقبل، أو عن دائرة نعمل فيها، أو عن المجتمع الّذي نعيش فيه..
ويحقّ لنا أن نسأل منذ البداية، وقبل أن نضع خطواتنا في الطّريق إلى عالَم الرّشد، ماذا منحتنا الحياة من ثروات وطاقات وكفاءات حتّى نستثمرها في هذا الطريق؟ ما
هي القدرات والاستعدادات التي وهبها الله لنا لنجعلها رأسمالنا في هذه الحياة ونعمل على تنميتها واستثمارها في مراحل العمر كلّها؟ إذن يجب أن نحصي ما لدينا من طاقات وثروات.
أوّلاً: العقل
العقل، هذه الثروة الهائلة وأكبر الكنوز التي نملكها نحن البشر ونتميّز به عن سائر المخلوقات في الأرض.. هذا الوعاء الذي يستوعب الفكر والعلم والتجربة والمعرفة.. هذا الدليل المُرشِد الّذي يدلّنا على الطّريق ويرشدنا إلى الخير والصّلاح، والّذي يميِّز لنا الحقّ من الباطل والخير من الشرّ، وهو الّذي يُراقب كلّ خطوة منّا حتّى لا تخرج عن الطريق الصحيح..
ولكن هل يكون العقل ثروة لمن يهمله ولا يستفيد منه ولا يعرف قدره؟
الحكماء يقولون إنّ العقل وزير ناصح ; لأنّ آراء الوزير وإرشادات الوزير تنفع حينما يستوزره الحاكم على مملكته.. فهل نستوزر نحن العقل هذا الوزير الناصح على مملكتنا الشخصيّة؟
ثانياً: الإرادة..
وهي التي نسمِّيها أحياناً الاختيار.. كلّنا مخيّرون وقادرون على القيام بعمل ما أو تركه.. الإرادة عند الإنسان تجعله أقدَر من جميع المخلوقات التي نعرفها على فعل ما يريد، أو الامتناع عن أمور يحتاجها، كالنّوم والرّاحة أو الأكل والشّرب، لهدف أكبر وغاية أسمى..
كثير من العظماء قلّلوا ساعات نومهم وأخذوا من أوقات راحتهم للدراسة والاجتهاد والسّهر مع العلم والمعرفة، حتّى نالوا شهادات عُليا وحصلوا على مواقع مهمّة في المجتمع وظلّ ذكرهم حيّاً بين الناس..
المؤمنون يمتنعون عن الأكل والشرب أثناء الصِّيام ليعبدوا ربّهم وليتعلّموا الصّبر ويواسوا الفقراء، فإذا أصبح الصّبر عادة بالنسبة لهم صاروا يتحمّلون بشكل طبيعي بعض مصاعب الحياة.
إنّ الإرادة والصّبر والاستقامة هي الطريق إلى النجاح في كثير من الأعمال التي يقوم بها الإنسان.
ثالثاً: العاطفة والإحساس..
من المؤكّد أنّ العاطفة تقوى عند الشّباب، لا سيّما عند الفتيات لأنّهنّ أمّهات المستقبل.. وقد نلاحظ في مذكّرات هذه الفتيات ميلهنّ الشّديد إلى البكاء أو تعلّق بعضهنّ الشديد بصديقاتهنّ أو مدرِّساتهنّ..
هذه العاطفة تُعتبر ثروة للإنسان، يتفاعل بها مع الأشياء من حوله، فيحبّ ويكره، ويرضى ويغضب، ويرغب في شيء أو ينفر منه..
فالعاطفة تربط الإنسان بالآخرين وتزيد حياته دفئاً بين أحبّائه وأسرته وتحميه من اللّامُبالاة..
الأحاسيس تنمو هي الأخرى عند المراهق ليصبح مُرهَف الحسّ، شاعري المزاج في تعامله مع الأشياء من حوله، كصور الطّبيعة وأحداث الحياة، ويميل إلى قراءة الشّعر والقصّة، ويرغب في ممارسة الرّسم والإنشاد، ويُقبِل في هذه المرحلة على الفنّ
إحساساً وتذوّقاً للجمال، أو محاولة في التعبير عنه من خلال لوحة فنِّيّة، أو أبيات من الشِّعر، أو غير ذلك من التعابير..
العاطفة والإحساس كلاهما ثروة مهمّة إذا عرف الإنسان كيف يستثمرهما في حياته.
رابعاً: الخيال..
وهو ليس كما يتصوّره البعض بأنّه يُبعِد المراهق عن الواقع، أو يجعله يسبح في عالَم آخر، وبالتالي يُجمِّد طاقاته وإمكانيّاته ; فإنّ الخيال شيء جميل ونافع ويستحقّ الاهتمام، وله دور مهم في حياة الإنسان..
قد يفرّ الإنسان بخياله من الواقع المرّ، ولكن في الغالِب يلجأ الإنسان إلى الخيال وأحلام اليَقْظَة وينسج الآمال في تصوّراته لأنّه يريد أن يكون مثاليّاً، وأن يكون ناضجاً وبلا عيوب، وهو يشبه إحساس المُكتَشِف أو الرحّالة الّذي يتصوّر أرض أحلامه في خياله قبل أن يتحرّك لاكتشافها في الواقع..
هذا الخيال نافع جدّاً لهذا المكتشف أو الرحّالة لأنّ له صلة بعالَم الواقع..
الخيال ثروة حقيقية لنا إذا استطعنا أن نربط بينه وبين الحياة بجسور عديدة، فلا نسمح للخيال أن يتغلّب على الواقع فنبقى نسبح في الآمال والأمنيات، ولا نجعل الواقع كذلك يتغلّب على الخيال فتكون طموحاتنا محدودة وضيِّقة.. لِنَترك للخيال الآمال والغايات ونجعل الواقع يسير بنا نحو تلك الآمال والغايات.
خامساً: الصحّة أو العافية.. ثروة لا تُقدّر بثمن..
جاء في الحديث الشريف أنّ خمساً من الأمور يجب اغتنامها قبل خمس: الشّباب قبل الهرم والفراغ قبل الانشغال والقوّة قبل الضّعف والصحّة قبل المرض..
يكفي أن نفكِّر قليلاً في أهميّة هذه الثروة.. ماذا نفعل لو فقدناها فجأة..
كثير من المرضى والمعوّقين يتمنّون أن تكون لهم صحّة كاملة ليعودوا إلى نشاطهم الطبيعي في هذه الحياة..
العافية أو الصحّة ثروة يجب أن نحافظ عليها ونصونها بالغذاء السّليم وبالنظافة، وما يمكن أن نمارسه من الرياضة.. وعلينا أن نهتمّ أيضاً بالجانب الآخر من الصحّة أي نظافة نفوسنا من الأخلاق السيِّئة والأحقاد والكراهيّة وترويضها على الصِّفات الحسنة، كما نراعي نظافتنا الظاهريّة وكما نقوم بالرياضات البدنيّة.
مع وجود هذه الثروات وغيرها، هل أستطيع أنا الشّاب أن أعتبر نفسي فقيراً أو تعيساً أو محروماً، خاصّة أنّ الثروات ليست محدودة بهذه المواهب التي أشترك بها مع الآخرين، فقد تكون لكلّ فرد منّا موهبته الخاصّة به.. وما عليه إلاّ الاستفادة منها وتنميتها وتقويتها أو استثمارها كما يستثمر التاجر رأسماله ليكسب أرباحاً جديدة ويضيف إلى أمواله ثروات أخرى ورأسمال جديد..
فضلاً عن ذلك كلّه، هناك كفاءات أخرى يمكننا أن ندخلها في صميم حياتنا، فتوجد تحوّلاً كبيراً وتجعلنا قادرين على إنجاز أعمال مهمّة والوصول إلى غايات وأهداف كبيرة.. إنّ هذه الكفاءات نقلة نوعيّة في حياتنا وسيّما في سنّ المراهقة لتحقيق أشياء لا نتصوّر حدوثها في الحالات العاديّة.. ومنها:
الإبداع: كفاءة وطاقة واستعداد يكسبه الإنسان من خلال تركيز مُنظّم لقدراته العقليّة وإرادته وخياله وتجاربه ومعلوماته..
الإبداع يُعدّ سرّاً من أسرار التفوّق في ميادين الحياة، ويمكِّن صاحبه من كشف سبل جديدة في تغيير العالَم الّذي يحيط بنا والخلاص من الملل والتكرار..
إذا أردنا تحقيق مثل هذه الكفاءة في حياتنا، فلا بدّ أن نضع عدّة لافتات أمامنا، ونتبّع معها طريق الإبداع، هذه اللّافتات هي:
ـ تقوية الخيال والإحساس.
ـ توجيه المشاعر نحو الأهداف الجميلة.
ـ تنمية الفكر والثقافة والمعلومات.
ـ تبسيط الحياة وعدم الانشغال كثيراً بهمومها.
ـ اكتشاف النظام في الأشياء التي لا نجد فيها نظاماً في النظرة الأولى.
ـ أن نقدِّم الجديد بعد الجديد، وأن نفعل ذلك كلّ يوم.
ـ أن نحبّ أنفسنا والآخرين وأن يكون حبّنا الأقوى للخالق المُبدِع.
ـ أن نُصاحب أصدقاء مُبدِعين.
ـ أن نُطالِع كتباً أو قصصاً أو أشعاراً تدعونا إلى التفكير والإبداع لا إلى التقليد.
الإيمان: طاقة عظيمة نكتسبها من خلال الاعتقاد الصحيح بخالق الكون والمدبِّر له، ومشاهدة جماله وكماله في الخلائق كلّها صغيرها وكبيرها، وتلمّس رحمته التي وسعت كلّ
شيء. ومن خلال عبادته التي تزوِّد النفس بطاقة روحيّة كبيرة تجعل الإنسان أقوى وأكثر توازناً عند الشّدائد..
الإيمان ثروة ينالها الشّاب أسهل من غيره لأنّ نفسه الطريّة تتفتّح عليها آفاق الحياة سواء كانت هذه الآفاق مادِّيّة أو روحيّة ومعنويّة.
الهمّة العالية: ثروة ضخمة وقوّة كبيرة تدفع الإنسان إلى غاياته وتبعد عنه اليأس والضّجر والمَلل.
يُشير الحديث الشريف إلى أنّ المرء يطير بهمّته كما يطير الطّير بجناحيه.. الإنسان بحاجة ماسّة إلى همّة عالية وهو في طريقه إلى الرّشد والنضوج.. الطّريق الّذي يرسم له الغايات في هذه الحياة..
أمّا حصولنا على هذه الثروة الكبيرة فهو ممكن إذا اتّبعنا بعض القواعد في حياتنا:
ـ نتذكّر دائماً أنّنا بشر ونستطيع أن نرقى إلى الكمال الّذي نريده.
ـ نشدّ عربتنا إلى نجم كما تقول الحكمة ; أي نكوِّن لأنفسنا قيماً وأهدافاً عُليا نسعى للوصول والارتقاء إليها.
ـ لا ننشغل بالصّغائر والأمور التافهة وغير المهمّة.
ـ لنكُن أخلاقيين في التعامل مع الآخرين ولا تحدِّدنا مصالح شخصيّة.
ـ لنكُن مُبدِعين في كلِّ شيء حتّى في تحديد الأهداف واختيار الأساليب والطّرق التي توصل إليها.
ـ لنهتمّ بجمال الباطن كما نهتمّ بجمال الظّاهر.
ـ لنختر أصدقاءً من أصحاب الهمم العالية.
ما ذكرناه هو أهمّ المواهب التي نملكها نحن الشّباب أو نستطيع أن نكسبها من خلال ما لدينا من طاقات واستعدادات ذاتيّة ومشتركة.. وينبغي أن نؤمن بأنّ الحياة وخالقها
يستطيعان منحنا المزيد ثمّ المزيد من المواهب إذا واصلنا الكشف والبحث، فكنوز الحياة ليس لها نفاد (وإن تُعِدوّا نعمةَ اللهِ لا تُحْصوها).
30/09/2005
http://www.alhdhd.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/25)
في البيت مراهق عاشق
المراهقة مرحلة دقيقة في حياة الفرد، وبالتالي في حياة العائلة. المراهقون مزاجهم صعب، شخصيتهم نزقة، تصرفاتهم عدائية غالباً...
وكثيراً ما يكون المراهق أنانياً، متعالياً، منغلقاً على نفسه... مطبات كثيرة والنتيجة واحدة: جحيم يومي يعيشه الوالدان إلا في استثناءات نادرة، ونادرة جداً... فكيف إذا وقع المراهقون في الحب واختبروا غرامهم الأول الذي يجعل عالمهم الضيق أضيق، وثورتهم على الراشدين أكبر، وحنقهم على القواعد والقوانين المنزلية اشدّ؟
وقع أو وقعت؟
المراهق يختلف كثيراً عن المراهقة في العالم الشرقي. فقد تُسمح له نزواته وعدائيته وأنانيته وقلة تهذيبه لأنه ذكر... فيما تمنع مبدئياً أي زلة سلوكية على المراهقة الواجبة عليها النعومة والتهذيب واللياقة لكونها «الجنس اللطيف» والأنثى الناعمة والعروس المستقبلية.
ويبرز الفرق واضحاً بين الجنسين في أول اختبار يمر به كل منهما، وهو الوقوع في الحب. فحب المراهق ينظر إليه انطلاقاً من كونه خطوة نحو الرجولة والرشد، وهو مسموح له بالتالي أن يسهر وان تتراجع علاماته المدرسية وان يمضي ساعات على الهاتف مع «صديقته» فيما تُراقب الفتاة عن كثب وتُمنع عنها أي خطوة تمُتّ إلى الوقوع بالحب بصلة. يتم البحث أحياناً في أغراضهما الخاصة لاكتشاف أي رسالة غرام أو قصيدة شعرية تدينها، ويتم وصف الوقوع بالحب في عمرها بأنه «غلطة العمر» والمطبّ الذي قد يودي بمستقبلها.
هذا، في غالبية المجتمعات الشرقية. أما في الغرب فالأمر سيان بين الجنسين ولا فرق بين مراهق ومراهقة في تعامل الأهل معهم. ويبقى الاثنان متساويين في الشعور والتصرف الداخلي والسلوك.
الأحاسيس القوية
الحب في ذلك العمر يجعل المراهق أكثر تطرفاً لأنه لا يعرف كيف يتعامل مع الشعور الذي ينتابه والأحاسيس القوية التي تسيطر عليه. فهو تارة يحب حتى الموت وطوراً يكره حتى الموت أيضاً. قد يقوده غرامه إلى أقصى درجات السعادة ليسقطه في لحظة واحدة إلى جحيم الحيرة والقلق.
تكفي نظرة واحدة... أو عدمها، لينقلب عالمه المترجرج رأساً على عقب، ويتقلّب شعوره صعوداً ونزولاً كمن يخطط الرسم البياني لهزة أرضية من تسع درجات على مقياس ريختر.
والمراهق (أو المراهقة) يشعر بأنه سيحب إلى الأبد... متى أحبّ حقاً، في ميل واضح لاستعمال العبارات المتطرفة والفضفاضة التي تميّز الشخصية في ذلك العمر. أما إذا لم يكن حبه عميقاً، فإنه يتنقل مثل الفراشة بين فتاة وأخرى ليبدو ناضجاً ويتصرّف مثل «الكبار»... على عكس المراهقة التي قلما تتقلب في علاقاتها الغرامية، ربما لضيق فسحة الحرية المتاحة أمامها. من هنا تعلّقها المستميت بشخص واحد. إذ إنها تلجأ إلى إضفاء عنصر الرومانسية على الحبيب، عبر جعله يكتسب كل صفات الكمال في نظرها.
وقد تضاعف القراءة قوة روابط الحب في ذلك العمر، خصوصاً أنها تتمحور حول القصص الرومانسية التي تجعل كل فتاة تحلم بأن الحبيب سيأتي على صهوة جواده لينقذها من براثن قسوة أهلها، ناهيك بغرق المراهقات في أحلام اليقظة وأحلام- التمني wishful thinking، كما يسميها علم النفس، أي إنهن يقنعن أنفسهن بما يحلمن به، على انه حقيقة ملموسة. وهذا الأمر ينطبق خصوصاً على الصفات التي ويكسبنها للحبيب، والتي لا تتخطى أحياناً كثيرة الشكل الخارجي.
من هنا بروز عنصر «السترس» الذي تتسم به علاقات المراهقة، والذي ينطبق على 53 في المئة من المراهقين، وفق إحصاء اميركي.
مساعدة ضرورية:
تتعقد أوضاع المراهق الحبيب كلما تعقّد التواصل مع أهله، إذ إن رفضهم لمن يحب سيجعله يتشبث به أكثر انطلاقاً من مبدأ عصيان الأوامر والممنوعات، كما سيكسبه هالة من الصفات لا وجود لها حقيقة.
من هنا ضرورة التواصل مع الأهل بعيداً من «هز العصا» بين الجانبين... حتى لو لاح في الأفق الزواج المبكر. فمساعدتهم ضرورية لمواجهة كل الضغوط التي يتعرض لها المراهق في مرحلة عبوره إلى النضوج.
والمطلوب من الأهل أولاً، إظهار الحب والتفهم له كي يشعر حقاً انه مرغوب فيه، وإلا بات ينظر إلى القوانين المنزلية القاسية كأنها مرادفة لرفضه كفرد من العائلة أو كأنها ترجمة لكراهية الوالدين له. ولن ينفع أي منطق آخر معه، لأن المراهق لن يعترف إلا بمنطقه الخاص... الذي لا يمتّ إلى أي منطق عقلاني بصلة.
ومن المفروغ منه القول أن مشكلات المراهق مع عائلته أو مع محيطه قد تصبح خطيرة نظراً إلى أنها قد تقوده إلى تحطيم الذات أو إلى الإدمان، ناهيك بالانهيار العصبي واضطرابات الطعام مثل البوليميا والانوركسيا.
مغامرة مرهقة:
رحلة مرافقة المراهق إلى مرحلة النضوج في «العالم الحقيقي» مغامرة مرهقة بحد عينها، وتتضمن عثرات عدة قد تودي بعلاقة الوالدين به إن لم يحسنا الإمساك بزمام الأمور جيداً.
فعلى رغم كل العثرات التي قد تعترض طريق حياة المراهق اليومية وثورته الظاهرة وادعائه الرشد، يبقى طفلاً صغيراً في قرارة نفسه، يحتاج إلى من ينهره بعطف ويرشده إلى الطريق الصواب، وذلك عبر التفهم والحب والمنطق وارشاده إلى طريق المسؤولية كي يتمكن في ما بعد من تحمل المسؤوليات بدوره.
وما من وسيلة سحرية لإزالة العثرات بين مراهق وآخر، ولا من حل يصلح للتعامل مع مراهقين شقيقين مثلاً. إلا إن كل علاقة تكون ثلاثية العناصر: أولاً، تأمين الاتصال والتواصل باستمرار معه عبر الحوار أولاً وأخيراً، ثانياً، إرشاده والاهتمام بكل نشاطاته عن كثب بدءاً بالتعرف إلى أصدقائه وصولاً إلى الأماكن التي يرتادها للحؤول دون وقوعه في المشكلات، ثالثاً، تدريبه على الاستقلالية الفكرية الذاتية عبر احترام أفكاره.
ويعلق علماء النفس أهمية كبرى على تخصيص الوالدين وقتاً محدداً يمضيانه مع المراهقين للإبقاء على صلات الحوار معهم، أكان في ممارسة نشاط رياضي مشترك أم أي نشاط آخر.
ويلفت هؤلاء العلماء إلى وجوب إيجاد التوازن الدقيق بين الاهتمام بالمراهق أو عدمه، بحيث أن كثرة الاهتمام ستشعره بالاختناق وقلته بالإهمال.
زواج مبكر؟
كان زواج المراهقين حالة طبيعية في العصور القديمة نظراً إلى أن متوسط العمر عند الرجال والنساء كان أقصر بكثير من اليوم. فكان المراهق يدخل القفص الذهبي فور بلوغه الـ15 أو الـ16 من عمره ليؤمن سلالة العائلة فيما الفتاة تُزوّج في 12 أو في 14، على أحسن تقدير.
ومع تطور العصور وحتى القرن الخامس عشر، سمح للمراهق بالنضوج أكثر قبل الزواج، وحتى أن يبلغ الخامسة والعشرين أو الثلاثين فيما الفتاة بقيت تتزوج في الـ15 على أبعد تقدير كي تضمن الأولاد الكثر لزوجها.
أما اليوم فانقلبت المقاييس وبات الزواج المبكر علامة سوداء في المجتمعات الحديثة نظراً إلى اعتباره ظلماً للعروسين اللذين سيضطران إلى تحمل المسؤولية الزوجية في عمر مبكر جداً. فهما يعانيان من نقص في التعليم وفي الخبرة الحياتية والعملية... وبالتالي من انتقاص للحرية الفردية خصوصاً بالنسبة إلى الفتيات.
كما أنّ دراسات عدة أثبتت أنّ زواج المراهقين يتبعه طلاق أكيد في أقل من عشرة أعوام، خصوصاً أنّ سبب الزفاف الرئيس يكون الهروب من سلطة الأهل أو الحمل.
فالمراهقان سيضطران لمواجهة سيل من المسؤوليات، بدءاً بالمادية منها، وصولاً إلى الشؤون الحياتية اليومية... ناهيك بتربية الأولاد، إذا كان هناك من أولاد.
http://www.syria-news.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/26)
ابني المراهق !!
د. عدنان باحارث
سؤالي حول ابني المراهق. الذي يبلغ من العمر ست عشرة سنة، فهو ميت القلب أي لا يبالي بمستقبله. لا يذاكر دروسه ولا يحل واجباته، ولا يحفظ شيئاً من المواد التي تحتاج إلى حفظ، وكثير الكذب..
في ليلة الاختبارات ينام قرير العين بدون أن يفكر في فتح كتاب أو مذاكرة درس.حاولت كثيراً معرفة السبب ولم استطع تعاونت مع المشرف الاجتماعي
بالمدرسة وبعض المدرسين ولم تخرج بنتيجة، أخذته لطبيب نفسي، ولم أحصل على نتيجة مرضية..
ما زال غير مكترث بالحياة العلمية لا يشعر بالخوف من المستقبل ولا يهتم بدراسته.. كلمته على انفراد عدة مرات، وحاولت إقناعه بأهمية الدراسة وأنها هي الأمان للمستقبل، وللحصول على عمل أفضل ومنصب أفضل ولم أجد أي استجابة. علماً أنه لا يعاني من نقص بالذكاء ولا الحافظة. ولا أعتقد أنه يواجه مشاكل مع زملائه بالمدرسة، إذ تم متابعته بشكل مكثف من قبل مدير ومشرف المدرسة للقضاء على مشاكله مع زملائه.
آسف للإطالة.. أخيراً هذه السلوكيات مصاحبة له منذ بداية دراسته بالابتدائية وهو الآن في المرحلة الثانوية. ولا تقولوا كيف وصلها؛ فقد أراني وأرى والدته نجوم الليل في عز النهار حتى تمكنا من اجتيازه للامتحانات بدرجات مقبول وجيد فقط.. فهل من طريقة لحل هذه المشكلة؟؟!!
الجواب:
النظرة الخاطئة لهم!
-إن هذه المشكلة ليست خاصة بكم فكثير من الأسر تعاني من عدم مبالات أبنائها.
- إن كثرة متابعة الابن والحرص الشديد ومحاصرته من كل جانب تبعث في نفسه الملل وتضعف من همته لتحمل المسؤولية وتدفع به إلى الاتكالية على الوالدين.
- النجاح في التعليم جيد ومطلوب ومحبوب لنا نحن الكبار ولكنه في نظر الشاب الصغير الغير حامل للمسؤولية لا يعد مهماً.
- ليست بالضرورة أن يستمر في التعليم كل شخص فلا بد أن يترك التعليم عدد من الطلاب إلى الحياة والمهن.
-ليس كل أحد يجب التعلم فالبعض زاهد في التعليم وهذا ليس بغريب.
-إذا قام الوالدان بواجبهما تجاه الأبناء ضمن المفاهيم الصحيحة للتربية الإسلامية فلا يضرهما سوء النتائج ولا بد من الرضى بالقضاء والقدر.
-إن التربية الصحيحة لا سيما في مرحلة الطفولة لا بد أن تترك آثارها في الأبناء ولعل ذلك قد يتأخر ظهوره على هذه الحالة إلى وقت لا حق.
-أن واقع الحياة المعاصرة الذي يغفل دور الشباب ويمارس معهم الرعاية التي يمارسها الأطفال بحيث لا يجد الشاب فرقاً في المعاملة بين مرحلة الشباب ومرحلة الطفولة يدفع في نفسه رغبة نحو إشعار الآخرين بمكانته ورجولته فيظهر ذلك في صور وسلوكيات خلقية متنوعة من صورها عدم المبالاة والاستهتار.
-أن واقع الحياة التعليمية والاقتصادية المعاصرة المتمثلة في طول الحياة التعليمية وتأخير سن الاستقلال الاقتصادي وتأخير بالتالي سن الزواج كل ذلك أوقع الشباب المعاصر في حيرة شديدة، فهم مع سن البلوغ الخامسة عشر رجال مكلفين شرعاً ومخاطبين بالكتاب والسنة ولهم نفس الأشواق التي عندنا نحن الكبار تماماً فإذا بالواقع الاجتماعي يرفض ذلك ويفرض على الشباب أن يبقي طفلاً لا يتأهل للزواج إلا في الخامسة والعشرين ولا يتأهل للوظيفة إلى متأخراً وكل هذا بسبب إحباطاً عند
الشباب وميلاً نحو رفض المجتمع وسياسته بصورة من الصور المختلفة مثل السلبية في هذا الحالة التي معنا.
-إن الحالة التي وصل إليها هذا الشاب ليست حالة خاصة وليست أيضاً ناتجة عن ظرف خاص فهذه الأسر وإنما هي حالات عامة اشترك في إفرازها المجتمع ككل مع بعض ألأخطاء في التربية الأسرية.
-الحل بعد الاستعانة بالله - تعالى -في غاية الصعوبة لأن المشكلة في نظري مشكلة المجتمع ككل الذي عطل الشباب وأخر دخولهم إلى الحياة الميدانية والعلمية وهذا يتطلب جهوداً كبيراً في تعديل نمط الحياة القائمة بتعديل نظام التعليم والعمل وأمور كثيراً هي خارج قدرة هذه الأسرة.
- الحل المقترح الاستعانة بالله - تعالى - والصبر على هذا الشاب ومحاولة إشعاره بالمسؤولية وتحميلها إياها مرفق.
- كثير من الشباب يحيا غالبا حياته التعليمية مهملا ويصحو في الجامعة وربما لا يصحوا إلا في الدراسات العليا من المرحلة الجامعية فلا بد من الصبر.
- محاولة التأثير عليه بطريق غير مباشرة من طرف آخر لا سيما ممن هم في سن الشباب الصالح منهم أقدر وأقرب إليه منكم.
-هذا ما عندي والعون من الله وأرجوا تأمل هذه الإشارات أكثر من مره فهي من خبرة طويلة وقراءة في العديد من الكتب.
10/4/2004
http://www.islameiat.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/27)
فتاة مراهقة
أدخل على ابنتي في غرفتها، فأجدها مستغرقةً في التّفكير، شاردة الذِّهن...
ربما لم تشعر بدخولي، إنها لم تعد تبوح لي بأسرارها، كما كانت من قبل.
فما الذي اعتراها؟
لقد دخلت مرحلة المراهقة، وما يصاحبها من تغيّرات واضطرابات ترتبط بالتحوّل الجسديّ والنفسيّ، باتجاه النُّضج والاكتمال.
ربما كان البلوغ؛ هو أهم حدث في حياة الإنسان، الذي يعني الدخول إلى مرحلة جديدة؛ تضِج بالانفعالات، والتقلّبات.
ويبدأ النُّضج الجنسيّ للفتى، الذي يستقبل عهد الرّجولة.
وللفتاة التي تستقبل عهد الأمومة، والقدرة على الحمل، وعلى الإنجاب.
إنها ثورة في الجسد، تقودها الغدد الصّماء، التي تشهد نشاطًا مفاجئًا، والذي عادة ما يحدث للفتاة، بين سن الحادية عشرة إلى سن الخامسة عشرة.
وربما في المناطق الحارة، يقع قبل ذلك.
قرأتُ وسمعت في (البي بي سي) خبراً يقول: إنّ دراسة جديدة كشفت أنّ واحدة من كل ست فتيات في بريطانيا تبلغ في الثامنة من العُمر، مقارنة مع فتاة واحدة من كل مائة فتاة تبلغ في هذه السن قبل مائة سنة!
وكذلك جاء في الدراسة: إنّ فتى واحداً من كل أربعة عشر صبياً قد يبلغ في الثامنة من عمره، مقارنة مع واحد من كل مئة وخمسين، في عمر الآباء والأجداد!
تقول البرفيسورة (قولدنق) - تعليقاً على هذا التقرير-:
أكثر من نصف الفتيات في بريطانيا يصلن إلى سن البلوغ الجنسيّ بحلول العاشرة من العمر!
وقد شملت هذه الدراسة ألفاً وخمس مائة فتاة.
فربما تبلغ الفتاة أو الفتى، في مرحلة مبكّرة، ما نسمّيه بمرحلة المدرسة الابتدائيّة.
ونحن نجد في السّنة كما في الصحيحيْن أنّ عائشة - رضي الله عنها - دخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي بنت تسع سنين.
وكانت عائشة تقول: (بنت تسع سنين امرأة!)
وخلال هذه المرحلة تنمو الفتاة بشكل ملحوظ، ويزداد طولها، وتكتمل أنوثتها: صوتها، وصدرها، وحوضها، وخصرها، ووسطها، وشعرها، ويظهر الحيض إيذاناً بالبلوغ.
فالحيض هو أهم العلامات المتعلقة بالبلوغ عند الفقهاء والأطباء على حد سواء.
إنها مناسبة جديرة، بأن تحتفل بها الفتاة، فها هي قد دخلت سن الرشد، والكمال، والنّضج، والمسؤولية، (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[المؤمنون: 14].
إنها مرحلة جميلة جيدة، مليئة بألوان الإيجابيات، والمباهج، والإشراق.
إنها ولادة جديدة، وأنت ترين وتشاهدين، فيما خلق الله - سبحانه وتعالى -، من خلقه دودة القز، تتحول إلى فراشة جميلة، تسحر العيون بألوانها الزاهية، وتأخذ بالألباب وهي تطير في الحقل، من زهرة إلى زهرة.
كثير من الأمهات، والمعلمات، لا يتجرّأن على الحديث، عن مثل هذه المسألة.
وربما تلقي المعلمة درس الحيض على استحياء، وقد تسمح لبعض الطالبات بالغياب، أو التسلّل، أو عدم الحضور ـ إنني أستحي من هذا الموضوع ـ هكذا تقول.
لما حاضت عائشة - رضي الله عنها - وهي كانت محرمة، متلبسة بنسك بكت، وقالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنها حاضت.
قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ... ).
فليس في الأمر ما يدعو إلى الخجل، وقد أثنت عائشة -رضي الله عنها- على نساء الأنصار: (نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ، لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ).
إنها حكمة الباري - جل وعلا -: (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ* فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)[الانفطار: 6-8].
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين: 4].
فالله - جل وعلا - أحسن كل شيء خلقه، وهذا جزء من خلق الله - سبحانه وتعالى -، ومن سنّته في عباده، وفي إمائه.
قد تُخفي البنت الخبر عن أهلها، وهذا يصنع لها حرجًا عظيمًا، ومشكلة نفسيّة.
بعضهن لا تتعطّر، ولا تغيّر ملابسها، ولا تغسل شعرها ولا تزيّنه أثناء الدّورة.
ويعتقد بعضهن أن عقد الزّواج أثناء الدّورة محرّم.
وهذا كله مما ليس له أصل.
أخريات، قد يصلّين أثناء الدورة الشهريّة؛ إما جهلاً، أو خجلاً.
ومما أجمع عليه العلماء أنّ الحائض لا تصلي ولا تصوم، وأنها تقضي الصّوم ولا تقضي الصلاة.
كثيرات يطُفْن بالبيت في حجّ أو عمرة، ثم يسألن عن الأمر!!
ثم تقول إحداهن: لقد خجلتُ من والدي، أو أخي، أو محرمي، أو من جماعتي؛ فطفتُ، ولم أخبرهم بالأمر.
معلمة تقول: صلّيت بالبنات شهرًا كاملاً، لم يتغيب منهن عن الصلاة، ولا بنت واحدة.
يستحيل هذا... إلا أن تكون هؤلاء البنات قد وصلْن إلى المحيض ولم يحضْن؛ فهن طالبات في المرحلة الثانويّة، ولكن يغلب عليهن الخجل.
فتاة مصابة بعُقدة نفسيّة من دورتها الشهريّة، حينما أخبرت أمها بهذه الدورة، وأنها قد حاضت، وكانت مبكرة.
صرخت أمها في وجهها، وصاحت: لماذا الآن؟
أنت ما تزالين صغيرة!!
وكأنّ هذه الدورة باختيار البنت أو بيدها.
طالبة في الصف السادس... وحدها تبكي بشدة أمام دورة المياه، ومعلمتها تستعجلها في دخول الفصل...
تدخل المسكينة، ودموعها تنحدر على خدّيها، ومريولها المدرسيّ متسخ...
والمعلمة تتأفّف منها، وتشمخ بأنفها... !
وتنسى أنّ مهمتها أن تنهض بهذه البُنَيَّة، وأنْ تعلّمها، وأنْ تربّيها... !
فتاة لا تدري، ما هذا الدّم، الذي نزل عليها فجأة، دون أن تسمع عنه شيئًا من قبل؟
كانت تظن -وهي تحدّثني، وهي من محارمي- جرحاً أصابها؛ بسبب شِجار جرى بينها وبين أختها الكبرى...
لكن الدّم استمرّ، وظلّت في دورة المياه ساعات، تصبّ عليه الماء، وهو لا يزول، واستمرّت فترة طويلة من المحيض، لا تكاد تغادر دورة المياه إلا لماماً... !!
إنّ الوعي مهم شرعاً، حتى تعرف الفتاة ما لها وما عليها، وتدري أنها دخلت مرحلة البلوغ، وأنّ قلم التكليف أصبح يجري عليها، وتعرف أحكام الصّلاة والصّيام، والحجّ والطّواف والقرآن، وغير ذلك من الأحكام.
والراجح فقهًا - أنه يجوز للحائض أنْ تقرأ القرآن، من غير أنْ تمسّ المصحف؛ وهذا مذهب الإمام مالك، واختيار ابن تيمية - رحمه الله تعالى -. والقرآن يمنحها هدوءاً وسكينة نفسيّة، ويمحو أثر التوتر والإجهاد عنها.
وأيضاً هو مهم طبياً، حتى تستطيع البنت، أنْ تعرف نوع الغذاء، ونوع العلاج، والتعامل مع هذه الدّورة، التي تؤثر في بدنها، وفي نفسّيتها، وفي ظروفها.
إنّ اليهود، هم الذين يمتلأ تاريخهم بالكراهيّة، والمقْت للمرأة الحائض، حتى كانوا يقولون: إنّ المرأة إذا حاضت، لم يجلس الرجل معها، ولم يؤاكلها، ولم يجالسها.
فكان الصّحابة - رضي الله عنهم -، حينما اختلطوا باليهود سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم: (اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ)، أي: اعملوا مع الزوجة الحائض ألوان المداعبة، والمعاشرة والمجالسة.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حاضت المرأة ألقى على فرجها ثوباً، ثم بات معها في فراش واحد.
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يتّكئ في حِجر عائشة؛ فيقرأ القرآن وهي حائض؛ كما في صحيح البخاري.
فالتعرّف والوعي مهم طبيًّا، وشرعيًّا.
وقد يصحب هذه التغيرات الجسديّة -المتعلقة بمرحلة البلوغ أو المراهقة- تغيّرات نفسيّة، وشخصيّة، منها:
- رغبة البنت في إثبات ذاتها؛ سواء عن طريق الانتماء إلى عالم، ومجتمع، ومجموعة غير مجموعة الأسرة والبيت، أو في التمرّد على بعض الأنظمة، أو في الميل إلى الجنس الآخر، والرغبة في إقامة علاقات معهم، بشكل مباشر أو غير مباشر.
إنّ الفتاة بهذه الأعمال، تريد أن تبعث برسالة إلى الأم، مفادها:
- أنني قد أصبحت امرأة.
- وأنني ذات كيان مستقل.
- وأنني لم أعدْ تلك الطفلة، التي كنتم تتعاملون معها من منطلق الطفوليّة.
وهنا مكمن الخطورة.
إذ قد يتم التعبير عن هذه الرسالة بطريقة خاطئة، وقد تجد الفتاة نفسها في الموضع الخطأ، الذي يجب أن تتداركه فورًا.
الغَرَارة، والحداثة، وقلّة التجربة، والصفحة البيضاء التي تعيشها البنت تجعلها في هذه المرحلة بالذات - مرحلة المراهقة، مرحلة المدرسة المتوسطة غالباً- تصدّق كل ما تسمعه من الآخرين.
والعواطف المتأجّجة والحسّاسة، والميل الفطريّ للجنس الآخر يمكن أن يقودها إلى الانحراف، إذا لم يكن هناك رعاية جيّدة لها.
الكثير مما نشاهده على الفتيات، في هذه المرحلة المبكرة ليس بالضرورة تعبيرًا عن الانفلات الأخلاقي، وليس مقصوداً لذاته، بقدر ما هو بعض تجلّيات هذه المرحلة العمريّة ومتغيراتها.
ولهذا تحتاج الفتاة -في هذه السِّن - إلى عدة أمور:
أولاً: القدوة الحسنة من الوالدين، من المعلمات، من المرشدات؛ فهو عمر حساس لالتقاط أي حالة سلبيّة، من التناقض بين الأقوال والأفعال.
مثال: مُدرِّسة تحدّث الطالبات عن الأغاني، وعدم التعلّق بها...
وفي هذه الأثناء؛ رنّ جرس الهاتف الجوال، وكان عبارة عن أغنية معروفة في الفصل...
وإذا المدرِّسة تخرِج الجهاز من حقيبتها؛ لتردّ على هذه المكالمة.
ثانياً: الصداقة مع الأم؛ فلا تفرض الأم على البنت ما تريد، ولكن توجّهها وترشدها، وتحاول إقناعها، وتغير طريقة التعامل معها التي كانت في مرحلة الطفولة، سواء ما يتعلق بدراستها، أو ملابسها، أو برنامجها، أو صداقاتها وعلاقاتها، أو حتى بالأخطاء التي يمكن أن تقع فيها البنت في هذه المرحلة.
لابدّ من التعامل معها بيقظة، ووعي، وحساسية، ومحاولة الإقناع، وليس محاولة فرض الرّأي.
وألا تسمع البنت: أنت ما تزالين صغيرة.. أنت ما تزالين طفلة..
ثالثاً: الاعتراف بالبنت من خلال:
- الثناء على شخصيتها، وعلى إنجازاتها، وعلى الجوانب الطيّبة عندها.
- احترام خصوصيّاتها، وشخصيّتها.
- احترام ما يتعلق بأمورها الخاصة.
رابعاً: المراقبة الذكيّة الحذرة، خصوصًا حينما تلاحظ الأم تغيّر سلوك البنت؛ من فتاة ملتزمة إلى فتاة متساهلة، أو تغيّر نوع الصديقات التي تقيم معهن العلاقات، أو كثرة إدمان البنت على استخدام الهاتف، أو كثرة خَلْوتها في الغرفة بمفردها.
إنّ العلاقات والصداقات يمكن أنْ تصنع أشياء كثيرة جداً في غفلة الأسرة.
خامساً: معالجة الأخطاء التي تقع فيها البنت بحكمة ولباقة، وعدم التحقير، أو التقريع المستمر، أو القسوة المفرطة.
بعض الفتيات -في هذه السن- قد يقعن في مشكلة معيّنة.
مثلاً: مشكلة التّدخين، وهذه ظاهرة عالمية.
فقد كشفت أكبر دراسة أُجريت على المدخنين في العالم بأن الفتيات اليوم يتعاطين التبغ، بمعدلات أعلى مما كان عليه الأمر سابقاً.
جاء ذلك نتيجة دراسة مشتركة، شملت أكثر من مليون مراهق، في أكثر من مئة وخمسين بلدًا في العالم.
وفي إحصائية سعوديّة: تبيّن أنّ حوالي 20% من المراهقين، وحوالي 4% من المراهقات يدخنون السجائر.
كما أكّدت الدراسة أيضاً وجود علاقة بين التّدخين، وبين تعاطي المخدّرات.
إنّ التدخين، قد لا يكون هدفاً بذاته، لكنّ الفتاة، حينما تتعمله؛ فهي تريد أنْ تتمرّد على تقاليد الأسرة، أو أنْ تثبت شخصيّتها، أو أنْ تقلّد غيرها.
تجرِبة شخصيّة
دعاء (طالبة في كلية صيدلة)، عمرها ثماني عشرة سنة.
في مرحلة المراهقة، تقول: كانت تراودني - دائماً- الرغبة في الانطلاق، وكسر -ما تعتبره- قيوداً مفروضة عليها من أهلها:
- تريد أن تخرج من المنزل، دون أنْ تستأذن من والدها أو من والدتها.
- تريد أيضاً إذا خرجت لصديقاتها، أو لسهرة، أو لغير ذلك ألا تتقيد بوقت محدد، في الرجوع إلى المنزل.
أما الآن فتقول: أدركت تماماً أنّ المطالبة بالحريّة المطلقة هو: ضرب من الجنون.
لأنّ الفتاة -في هذه المرحلة- أو الفتى، لا يدركان ما ينفع وما يضر، وقد لا يحسنان التصرف، وقد توجد لديهما الرغبة الجانحة الجامحة، في اكتشاف العالم من حولهما، دون وصاية أو رقابة من أحد.
فهذه الفتاة استطاعت أن تتجاوز مرحلة المراهقة بطريقة سليمة.
أمّا أمّها، فتقول: لم يكن في بيتنا أيّ نوع من القهر والتسلّط، كانت الشورى أساس قراراتنا الأسريّة، حتى تجديدات المنزل التي تقع فيه، وحتى أنواع المدارس، أو مكان الاصطياف، أو طريقة المصروف المنزلي، أو التعامل مع الجيران والأقارب؛ فإنّنا نُشْرِك البنات فيها، ونأخذ برأيهن.
إنّ الشورى؛ تشعر البنت بمكانتها، وتدربّها على التعقّل، ورؤية المصالح المستقبليّة، وتقديم شيء على شيء، وترك شيء؛ لأنّ هناك ما هو أولى وأفضل منه.
إنها مدرسة مهمة جداً في الحياة: الشّورى.
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)[آل عمران: 159].
فالتقطي -أيّتها الأمّ- من هذه الآية الكريمة أمرين:
الأوّل: اللّين والرّفق، وعدم القسوة، أو العنف، أو الغِلظة في معاملة البنات، خصوصًا في مرحلة المراهقة.
الثاني: الشّورى للبنات؛ سواء فيما يخصّهن، حتى في قضيّة الزواج، أو غيرها، وحتى في الأمور المتعلّقة بالأسرة والمنزل، بشكل عام.
من خلال تجرِبة شخصيّة، ومقارنة لعدد من الأُسر، التي أعرف الكثير من أفرادها؛ تبيّن:
- أنّ بعض الأسر التي تتمتّع بهدوء ولُطف في معاملة الأولاد والبنات ـ أولادُهم وبناتهم أكثرُ استقامةً والتزامًا، وأبعدُ عن الانحراف.
- بينما الأُسر التي تقوم على القسوة والشّدّة، وعلى فرض الرّأي والإرادة؛ فإنّ الأولاد والبنات يجدون مندوحة ومهربًا خفيًّا، ويمارسون أشياء بعيداً عن عيون الآباء والأمّهات.
15/5/1425
03/07/2004
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/28)
غريزة الشهوة والمراهقة
إن المراهق والمراهقة يعيشان تحولا عضوياً وجسديًا لا يعي الكبار عنه إلا القليل، ومن ثم فإنهم لا يحسنون التعامل مع المراهق والمراهقة، ولا يجيدون بناء العلاقة معهم مما يؤدي إلى الكثير من الأخطاء التربوية والتوجيهية العلاجية.
فجسد المراهق يواجه عملية تحول كاملة في وزن وحجمه وشكله، وأبرز قضية تواجه المراهق هي قضية الشهوة والتي تعد من أخطر المنعطفات في حياة المراهق.
ولقد كثر النقاش والجدال حول موضوع ما يسمى بالثقافة الجنسية، وانقسم الناس في التعامل مع هذه الثقافة إلى مؤيد ومعارض، وخطورة الكلام في هذا الموضوع أنه قد
يكون مادة للإثارة وتحريك كوامن النفوس، ونحن في غنى عن ذلك وخصوصًا الشباب.
إن تربية الفتيان والفتيات على آداب الإسلام منذ الصغر ضرورة ملحة ليقفوا عند حدود الحلال والحرام، فلا تهاون ولا تجاوز لهذه الحدود، وقد وضع الإسلام ضوابط تحد من انحرافات الشهوة وجعل هناك تدابير توصد باب الغواية، وسن آداب الحجاب وغض البصر وآداب الاستئذان ومنع الاختلاط...ولو اتبعت هذه الآداب لحلت كثير من مشكلات المراهقين المتعلقة بالشهوة، وفي طريقنا لإيجاد حلول لهذه المشكلات وطرق التربية الجنسية الصحيحة نتوقف عند بعض النقاط الهامة:
1ـ الأسس والضوابط الشرعية للتربية الجنسية.
2ـ تربية الشباب والفتيات على التسامي والعفة.
3ـ حث الشباب من الجنسين على الزواج المبكر.
[1] الأسس والضوابط الشرعية للتربية الجنسية:
لقد وضع الإسلام أسسًا وضوابط لصيانة الفرد والمجتمع على حد سواء، وسن الأحكام التي تبعد المرء عن الانحراف، فحرم الاختلاط، وفرض الحجاب، ودعا إلى غض البصر، ومن هذه الضوابط:
أ ـ البعد عن وسائل الإثارة.
ب ـ لبس الحجاب بالنسبة للفتيات.
ج ـ منع الاختلاط بين الجنسين.
أـ البعد عن وسائل الإثارة:
على الوالدين والقائمين على تربية المراهقين تجنيبهم كل ما يؤدي إلى الإثارة، ومن ذلك قراءة القصص الخليعة، والأفلام الخارجة عن حدود الأدب، والمجلات التي تنشر الصور المثيرة في النوادي والشواطئ تحت اسم التمدن والتحضر.
ب ـ لبس الحجاب بالنسبة للفتيات:
وفي ذلك منع للإثارة فلا يظهر من الفتاة شيء من حسن أو جمال، ولملابس الفتاة المسلمة صفات يعرفها الكثيرون وهي:
أن لا يصف الجسم ولا يشف، وألا يشبه لباس الكافرات لأن للمسلمة شخصيتها المتميزة فلا تجري وراء الموضة أو تقلد كل ناعق، ولا يشبه لباس الفتاة المسلمة لباس الرجال كما جاء في الحديث الشريف: [لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال].
ومن المثيرات المحرمة أيضًا أن تتعطر الفتاة وتخرج من منزلها، فعطر المرأة لا يكون إلا لزوجها وبيتها، وما كان الطيب للشارع أو للنادي شأن ما تفعله الكثيرات من فتيات اليوم.
ح ـ منع الاختلاط بين الرجل والمرأة:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء]. [متفق عليه: مشكاة المصابيح، ح2 /928]، وهو بالتالي يؤكد على خطورة الاختلاط وأنه باب لما بعده.
ولقد حرم الإسلام الدخول على النساء غير المحارم لسد الذرائع الفتنة ونزغات الشيطان، فعن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لا يخلون أحدكم بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما]. [رواه أحمد: 1/ج 18].
وقد نهى الإسلام أيضًا عن مصافحة المرأة الأجنبية لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: [لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له]. [الترغيب والترهيب للمنذري رقم 3799]
وهل نجني من الشوك العنب؟
ماذا يجني المجتمع من الاختلاط؟
لا يخفى على أحد الآثار المدمرة للاختلاط، وهل نجني من الاختلاط إلا الفضائح، وهتك الأعراض، وتدمير الأخلاق، إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف لا تهاج فيه الشهوات في كل لحظة.
هذا والنظرة الخائنة، والحركة المثيرة، والزينة المتبرجة، والجسم العاري، كلها لا تصنع شيئًا إلا أن تهيج ذلك السعار الحيواني المجنون، وأن يفلت زمام الأعصاب والإرادة. [دستور الأسرة في ظلال القرآن، ص266].
[2] تربية الفتيان والفتيات على التسامي والعفة:
قال الله - تعالى -: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33]، وتربية الفتيات والفتيان على معاني العفة يستلزم التقيد بآداب الإسلام وبالوسائل المؤدية إلي تهذيب النفس واتخاذ التدابير التي لا توصل إلى إثارة هؤلاء المراهقين والمراهقات.
ومن هذه التدابير:
غض البصر.
التقيد بآداب الإسلام.
الابتعاد عن مخاطر التلفاز.
التورع عن الوقوع فيما حرم الله.
أ ـ غض البصر:
[هو أدب نفسي رفيع، ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الاطلاع على المحاسن والمفاتن، كما أن فيه إغلاقًا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية، ومحاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم]. [في ظلال القرآن: 2: 25].
هذا السهم الذي حذر منه الشرع فقد جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركه مخافتي أبدلته إيمانًا يجد حلاوته في قلبه]. [أخرجه الطبراني بسنده عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -]
فعلى الفتى والفتاة أن يغضا البصر عن المناظر المثيرة كالصور والكتابات والمحادثات الجنسية، وأحلام اليقظة، يقول الشاعر:
كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
ب ـ آداب الاستئذان:
وهو أدب إسلامي أصيل سنه الإسلام لحفظ حرمة البيوت وتهذيبًا للنفوس، حتى لا تقع عين الداخل إليها على عوراتها أو عورات من فيها.
قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور: 27].
وهناك وجه آخر للاستئذان وهو خاص بمن هم داخل البيت من الأولاد والبنات في ثلاثة أحوال: قبل صلاة الفجر، وفي وقت القيلولة [الظهيرة]، ومن بعد صلاة العشاء، وعليهم أن يستأذنوا على أبويهم قبل الدخول عليهم لئلا يقع البصر على شيء يثير كوامن النفس، وهذا هو أدب الإسلام الرفيع.
ج ـ الابتعاد عن مخاطر التلفاز:
إن ما يقدم على شاشة التلفاز عملية تربوية لها أبعادها ومراميها، وقد قامت دراسات تظهر مدى فاعلية ما يقدم من صور العنف والجرائم على الشاشة.
وللأسف فإن كثيرًا مما يعرض على شاشات التلفاز والدش لا يعبر عن الهوية الإسلامية، بل على العكس من ذلك فإنه يعبر عن الهوية الغربية الإباحية التي تشجع على الفاحشة والإثارة والاختلاط.
د ـ التورع عن الوقوع فيما حرم الله:
قال - تعالى -: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء: 32] وقد نفر الإسلام من الفاحشة، وتوعد مرتكبيها بأشد العذاب في الدنيا والآخرة، وما الإيدز [نقص المناعة] وغيره من الأمراض الجنسية والأوجاع التي لم تكن في سالف الأمم إلا تحقيقًا للوعيد الذي أعده الله لمرتكب الفاحشة.
[وهذا الانحراف له تأثيره السلبي على سلوك المراهق النفسي والاجتماعي، بعد اكتمال النضج والتأهل للزواج، حيث تهتز الثقة في الجنس الآخر]. [تربية المراهق بين الإسلام وعلم النفس ص 457]
إن الإسلام لا يستقذر الجنس ولكنه يضبطه في الحدود المشروعة التي شرعها الله، ويدعو إليه عندئذ ويشجع عليه [تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة]. [رواه عبد الرازق والبيهقي]. ومن ثم يضبطه ويجعله مشاعر مودة ورحمة لا مجرد جسد بهيمي هائج. [منهج التربية الإسلامية: محمد قطب، ج2/220].
[3] الزواج المبكر:
إن حاجة الشباب والشابات إلى الزواج حاجة ملحة، وإشباع الغريزة الجنسية مثل إشباع دافع الجوع والعطش، والزواج المبكر خير علاج لمشكلات المراهقين الجنسية إذا استطاعوا الباءة تحقيقاً لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: [من استطاع منكم الباءة فليتزوج]، وخير معين على استجابتهم لمتطلبات التربية الجادة، والبعد عن نزغات الشياطين.
ففي الزواج سكن نفسي وإشباع غريزي، وإحساس بالنوع، وشعور بالتكامل والنضج، بدلاً من معاكسة النساء وعمل سباقات السيارات واستعراضاتها ومشاهدة الأفلام الخليعة والتسكع.
فالزواج يعين على الاستقامة ويكسر حدة الشهوة عند المراهقين، وإن لم يحصل الزواج فقد وجه الإسلام الشباب إلى السمو بالغريزة وتوجيهها بما يضبط السلوك وذلك يكون بالصوم، قال - صلى الله عليه وسلم -: [يا معشر الشباب من استطاع
منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء]. [أخرجه البخاري ومسلم].
كما أن تأخير الزواج مخالف للشرع مصادم للسنة الكونية والفطرة الإنسانية، ويترتب على تأخيره آثار سيئة ومدمرة لنفس المراهق ومجتمعه.
والخلاصة:
أن التربية الإسلامية للمراهقين فيما يتعلق بقضية الشهوة الجنسية هي سد كل الذرائع التي تهيج الشهوة في غير محلها فتصيب الشاب والشابة باضطراب وآلام نفسيه وصرف هذه الطاقة إلى أهداف أخرى والتسامي على ذلك إلى حينه، وعند توفر الظروف المناسبة نشجعهم على الزواج المبكر.
24 ذي القعدة 1426هـ
26 ديسمبر 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/29)
غرف المراهقين تختلف عن غرف الأطفال
المراهقة هي السن الحرجة التي يتخوف منها كثير من الأهل لصعوبة التعامل مع الأبناء و لكثرة مطالبهم في تلك الفترة...
و كسر الجمود و الخروج عن التقليدية من أبرز سمات المراهقة و مطالبها، و هذا ينطبق بلا شك على غرف المراهقين، اختيار سمات الغرفة للمراهق لابد أن يشارك فيها بل يختارها بنفسه تحت توجيه و إشراف من والديه بحيث لا يضيقون عليه الخناق و لا يفلتونه تماماً يفعل ما يشاء.
قبل عشر سنوات لم يفكر أحداً في أن المراهقين يحتاجون لديكور و أثاث خاص بهم و كان مظهر غرفهم لا يختلف عن ديكور غرف الأطفال إلا ببعض الملصقات على الحائط و ملابس و مجلات ملقاة على الأرض...
و في السنوات القريبة عندما إتسعت أسواق الأثاث الخاصة بغير البالغين تطور العديد من الأفكار الخاصة باحتياجات الأطفال في غرفهم في مختلف أعمارهم.
غالباً ما ينشد المراهقين إلى الصرعات الحديثة و الأشكال الغريبة و قد يتمسك المراهق برأيه ويطلب أن يصبغ غرفته بلون غريب قد لا يراه الأهل مناسب، أو قد يطلب سرير كبير كسرير والديه، أو مصباح غريب الشكل و غير تقليدي و غير ذلك من الأمور التي يقف أمامها الأهل في ذهول خصوصاً مع تمسك المراهق برأيه و جديته في الموضوع.
لذلك كان لابد من مسايره المراهقين في بعض مطالبهم التي لا ضرر منها و عيبها فقط أنها لا تروق للأهل و لأذواقهم.
و هنا بعض النقاط التي يجب أخذها بعين الاعتبار:
- من أبرز مطالبهم في هذا السن أن يكون لهم غرفة خاصة بهم، و في حال توفر إمكانية ذلك فالغرفة الخاصة من حقهم لما يتطلبه هذا السن من خصوصية نتيجة للتغيرات العديدة التي يتعرض لها المراهق و التي جعلته يختلف عن سن الطفولة و لا بأس بدورة مياه خاصة بهم أيضاً.
- يرفض المراهق أي شيء يشعره بأنه ما زال طفل لذلك على الأهل عدم الإلحاح عليه باختيار تصميم طفولي زاهي الألوان كألعاب الأطفال أو الحيوانات أما إن أرادها بنفسه فلا تتعجب فكل شيء معقول في هذا السن.
- تميل الفتيات أحياناً إلى الرومانسية بشكل كبير و يؤثر هذا على اختيارها لألوان و أشكال غرفتها حيث يقع اختيارها على ألوان كالوردي أو البنفسجي و زخارف بأشكال كالقلوب و الأزهار و تميل للسرير المزود بستائر كأسرة الأميرات، و قد تطلب الفتاة غرفة معاكسة تماماً لذلك و لا تتوفر فيها أي صفات للأنوثة كنوع من التمرد فقط.
- قد يطلب أفكار غريبة بخصوص غرفته كأن يطلب طلائها بنفسه و بلون غريب أو يختار سريراً معلق أو أريكة غريبة الشكل أو حتى إكسسوار لم ترى مثله من قبل، و ما دام طلبه في حدود المعقول لا مشكلة في ذلك مع التأكيد عليه أنه المسؤول عن اختياره إذا أكتشف فيما بعد أنه غير مناسب.
- يحتاج المراهق في هذه المرحلة إلى مكتب كبير و مقعد مريح للدراسة كنتيجة طبيعية لتقدمه في مراحله الدراسية وأيضاً إلى مكان يتسع لجهاز كمبيوتر خاص به.
- من الأمور التي يحتاجها المراهق في غرفته المرآة حيث يهتم بشكل كبير بمظهره الخارجي و للفتيات و الصبيان على حد سواء و يمكن أن يضاف للفتيات تسريحة لترتيب و تخزين أدواتها الخاصة بزينتها.
- التخزين من الأمور التي تطور أيضاً مع تقدم سن الأبناء ففي مرحلة المراهقة تزداد الرغبة في اقتناء الأشياء بمختلف أنواعها من ملابس، إكسسوارات، كتب و مجلات... الخ فلا بد من توفير مكان مناسب لتخزين كل ذلك بشكل جيد.
- الهاتف و الأجهزة الكهربائية الصوتية و المرئية من الأمور التي تثير اهتمام المراهقين خصوصاً الحديث منها فعلى الأهل التوصل إلى اتفاق مناسب بهذا الخصوص مرض و مقنع للجميع.
http://albeet.hawaaworld.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/30)
صمت المراهقين ... حينما يقتل الوالدين
بشار دراغمة
- المراهقة مرحلة حاسمة في علاقة الأبناء بأسرهم.
- علاء جميل: حاجاتنا النفسية بعيدة عن تفكير آبائنا!
- محمد يوسف: تربّيت على الخوف!
- نجلاء شاهين: دفتر مذكراتي.. ملجئي
الصغير يكبر، والذي كنا بالأمس نحاول إسكاته، نصبح اليوم نفكر في سحب الكلمات من فيه، ونطرح على أنفسنا أسئلة عدة: لماذا لا يطلعنا على عالمه؟ وما هي الشعرة التي تفصلنا عنه؟
يقول البعض: إن علينا أن نظهر لهم الحب والحنان، لنحاول كسب ثقتهم، ويرى البعض بأن علينا أن نراقبهم عن قرب، وهناك أطروحات كثيرة، لكن أيها الحل الأمثل؟ وبينما نحاول التنقيب عن الجواب، الفجوة تتسع بشكل كبير.
تبدأ هذه الرحلة من كتمان الأسرار تحديداً في سن المراهقة، وهو المقطع الذي يشكل أخطر مفترق طرق يمر منه الشاب والفتاة.
نحاول هنا وضع يدنا على قضية شائكة وهي: لمن يبوح الأبناء بأسرارهم؟ ولماذا لا يبوحون بأسرارهم لأهليهم؟
الجميع متهمون:
الدكتور ماهر أبو زنط -أستاذ علم الاجتماع في جامعة النجاح بفلسطين- يقول: إن الفجوة الموجودة بين الآباء والأبناء تبدأ بالاتساع بشكل كبير في سن المراهقة، ومن خصائص هذا العمر من الناحية النفسية: أنه عمر غير مرتاح، قلق، منقسم.
فالشاب الصغير لم يعد طفلاً، كما لم يصل بعد إلى مرحلة النضوج، أول ما يرفضه المراهق هو أن يقرر الآخرون بدلاً عنه، وهذا الشعور بِـ(الأنا المجروحة) يسبب عنده الرفض والثورة والبعد، وعلى القائد في هذه المرحلة أن يتحلى باللين، كي لا يكسر شوكة المراهق، والقوة كي لا يخسره.
هذا العمر هو عمر العقل المفكر، عمر البحث عن البراهين، وبالتالي -يتابع الدكتور ماهر- العمل والبحث الشخصي هو ما يعتقدون أنه يوصلهم، فالحقيقة ليست ما يقوله القائد، وإنما ما يكتشفه المراهق بنفسه، ومع ذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تفكير المراهق ليس متيناً، لذا يجب السماح له بالتفكير على قدر ما يستطيع، ومرافقته في اكتشاف عالم الفكر اللامتناهي.
فهي تربية التفكير الذاتي ومناسبة الإنماء؛ فالخط التربوي في هذا العمر يتم من خلال: تحليل الواقع، وصقله في تعابير واضحة وعملية.
وحول إخفاء المراهقين أسرارهم وعدم البوح بها إلى الأهل، يعلّق الدكتور "أبو زنط" بالقول: المسؤولية الكبرى تقع على الأبوين، ويجب على الوالدين السعي إلى التقرب من المراهق دون أن يمس هذا باحترامهما له، كما أن عليهما أن يظفرا بصداقته واكتساب ثقته حتى يتعود الابن على البوح والصراحة مع أبويه، وبهذا يظل الوالدان على دراية بما يواجهه المراهق فيواجهانه بالنصح والإرشاد ليكتمل واجب الآباء تجاه الأبناء.
المراهقون: ماذا يقولون؟
وحول سبب عدم بوح المراهقين بأسرارهم لأهلهم، تحدّث محمد يوسف(16عاماً) قائلاً: ربما الخوف من العقاب هو السبب، فمنذ صغري، و أنا أسمع كلمات الزجر والنهي، فهذا عيب، وهذا حرام، وهذا ممنوع، وذاك لا يجوز...، فتأصل الخوف لديّ منذ الطفولة، بأن ما أتحدث به قد يحرجني أمام الأهل، فأضطر إلى أن أفتح باب قلبي إلى صديقي، و أخفي عن أبي وأمي ما أشعر به.
ويبدو أن الشاب علاء جميل (17عاماً) كان منذ زمن ينتظر من يسأله: لماذا لا يبوح الأبناء بأسرارهم؟ فبكل مشاعر الغضب والحنق أجاب: أين هم الآباء أصلاً؟ همّهم توفير الشراب والطعام والملابس، والاحتياجات الأساسية لحياتنا، أما حاجاتنا النفسية فهي آخر ما يفكرون به.
وتوافقه الرأي الشابة نجلاء شاهين (16عاماً) باتهام الأهل؛ إذ تقول: إن أهلي لم يقوموا -ولو لمرة واحدة- بفتح باب الحوار معي، وأشعر أحياناً بأنهم يحاولون
التهرب من الاستماع إليّ، و حاولت مرات كثيرة أن أفاتح أمي، لكنها كانت تتهرب مني.
أما الشخص الذي تبوح نجلاء بأسرارها له فهو دفتر مذكراتها، فقالت: أسجل كل ما يخص حياتي في مذكرات يومية، وهو بالنسبة إليها البئر الذي تلقي فيه بكل أسرارها.
المراهقون في قفص الاتهام:
أبناء اليوم جيل متفتح، متمرّد على الواقع بكل أشكاله، يهرب عندما يجد نفسه مضطراً إلى الاعتراف بخطيئته؛ لذا ينأى بأسراره بعيداً عن أهله، هذا ما قاله الأب خالد جمال (43عاماً)، أما زوجته شادية مصطفى (35 عاماً)، فعلّقت على الموضوع قائلة: أنا أم لولدين أحاورهما، وأحاول أن أزيد مساحة التفاهم بيننا، إلا أنني كلما اقتربت منهما، ابتعدا عني، وأشعر أحياناً بأنهما يعيشان في عالم آخر غير العالم الذي أعيش فيه، و أراقبهما عن قرب لأعرف تفاصيل عالمهما الذي أشعر بأنه مليء بالأسرار التي لا يستطيعان البوح بها لي، ولا أعرف السبب، وأنا حائرة معهما.
أما أمير جابر(54عاماً) فيشكو من تصرفات أبنائه الذين لا يسمحون له بالاقتراب من خصوصياتهم، ويقول: عندما أسمع أبنائي يتحدثون في موضوع ما، وأحاول مشاركتهم فيه، فإنهم إما أن يغيروه، أو يتوقفوا عن الحديث، وكأنني غريب عنهم، ولست والدهم، وعن السبب تحدث جابر- وقد بدت عليه علامات الغضب-: مشكلة أبناء اليوم بأنهم يظنون أنفسهم أنهم أكثر وعياً من أن يناقشهم الكبار.
علم النفس... والتنشئة:
ولمعرفة رأي علم النفس بهذه القضية الشائكة حاورنا الدكتور عبد الله عساف -رئيس قسم علم النفس في جامعة النجاح- والذي أكد أن سبب الفجوة هو الجو الذي أصبح يعيشه الأبناء والآباء، وهو عصر السرعة، والانفتاح.
وأضاف عساف: إن الأبناء لا يثقون برأي الآباء ويعدون الآباء ليسوا على قدر من الوعي والمسؤولية في تحمّل الأسرار، وكذلك هناك من الأبناء من يخشى فضح أسراره خوفاً من العقاب، وأيضاً عدم عيش المراهق منذ الصغر في جو من المحبة والحنان يجعله يبحث عن بديل في الخارج، وهذا يشكل خطراً كبيراً على مستقبله، خاصة إذا سلك طريقاً غير صحيح، وكان بعيداً عن الرقابة.
وأضاف عساف: إن الطفل عندما يبلغ سن المراهقة تطرأ عليه تغيّرات فجائية في بداية النضوج، لقد جرت العادة في مجتمعاتنا العربية على تجنب الآباء الحديث إلى الأبناء عما يصيبهم في هذه السن من تغيّرات؛ لذلك يجد المراهق نفسه حائرًا وقلقًا؛ إذ يلاحظ التغيرات النفسية والجسدية التي تصيبه، وهو لا يدري ما سر هذه التغيرات، فيحاول أن يستمد المعلومات من الخارج وخاصة من أصدقائه، وهذا يجعل المراهقين يتبادلون الأسرار والمعلومات فيما بينهم.
وتابع عساف: إن التغيرات الجسدية والنفسية التي تظهر على الطفل، وهو في سن المراهقة تجعله يشعر بالفرح أو الحزن، فالفرح ناتج عن شعوره بأنه مقبل على مرحلة الرجولة، أما الخوف فهو ناتج عن شعوره بالأعراض الطبيعية التي تصيبه،
فهو يجهل أنها طبيعية أم لا، وهذا الجهل يجعله يخشى الكشف لوالديه عما يصيبه؛ ظنًا منه أن سؤاله خارج عن نطاق الاحترام والأدب، ولكي يتدارك الأهل مثل هذه الأمور يجب أن يبدؤوا بشرح الأمور إلى المراهق بطريقة مبسطة، لكي لا يحصل على معلومات من الخارج ربما تكون خاطئة.
رأي التربية:
وللاقتراب من المشكلة أكثر كان لا بد من أخذ رأي الدكتور فواز عقل، والذي قال: إن مشكلة تربية المراهقين من المشاكل التي تؤرق الكثيرين من المهتمين بأمور التربية؛ إذ إن الأولاد يبقون حتى سن معينة، تحت قبضة الوالدين، لكنهما كثيراً ما يسيئان استثمار هذه السيطرة، ليندما بعد خروج الولد عن دائرة قبضتهما.
وقال فواز: إن الأسباب وراء اتساع الفجوة بين الأبناء والأهل أسبابها كثيرة، فمنها مثلاً المشاكل النفسية التي يدخل بها الطفل، عندما يشاهد مثلاً خلافاً أو نزاعاً بين والديه، أو انشغالهما عنه بشؤونهما الخاصة، مثل هذه الأمور قادرة على صنع جدار سميك بين الأبناء المراهقين وأهلهم، وأيضاً هناك عناصر مؤثرة في تربية المراهق وسلوكه.. فمنها ما هو ذاتي، كالصفات الوراثية، والبنية النفسية والعقلية، ومنها ما هو محيطي، كسلوك الآباء، والأقارب المنحرفين، والأصدقاء، والجو المدرسي، وأخيراً وسائل الإعلام المختلفة.
ما العمل؟
التعامل مع فئة المراهقين في غاية الخطورة سواء كانوا بنين أو بنات، ولابد أن يكون هناك حذر في التعامل معهم، حتى لا تكون هناك ثغرات يستغلها المراهقون في سلوكياتهم الحياتية، ويرى دكتور علم النفس عبد الله عساف أن تقليص الفجوة بين الأبناء والأهل يتم من خلال الاهتمام بالبعد النفسي للمراهق أو الشاب، الاهتمام بالبعد العاطفي كالحساسية والاضطرابات والقلق والصداقة والخصومة، وما شاكل من الحالات التي تعتري حياة المراهق والشاب.
بينما يرى دكتور التربية فواز عقل أن تقليص الفجوة يتم من خلال التوصيات العملية لتربية المراهقين تربية حوارية هادفة، وتابع: من التوصيات العملية للآباء: إنشاء حالة من الصداقة مع الولد، والابتعاد عما هو سائد في مجتمعات الشرق من أسلوب (العصا والخيزران)!.. إن من شأن هذه الصداقة أن تجعل الولد يشكو همومه إلى والديه - وهما الأعرف بما يصلحه - بدلاً من الالتجاء إلى الغرباء، كذلك من التوصيات، إظهار حبهم و مشاعرهم ورضاهم للأبناء، و الابتعاد عن الاتهام و سوء الظن! إذ يُلاحظ أن الولد عندما يرى نفسه متهماً في المنزل، فإنه سيفقد الثقة بنفسه، و من هنا ينبغي على الأب الذي يرى من ولده بادرة حسنة، أن يستثمر الفرصة، و يشجعه و يمتدحه معبراً عن ذلك بفرحه، وإلى أن يقوم كل بدوره تبقى الفجوة والجدار آخذين بالاتساع.. فهل نستطيع إيقافهما وتلاشي خطرهما المحدق بنا؟.
26/11/1426
28/12/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/31)
خمسة تصورات جنسية خاطئه لدى المراهقين
كثير من الأهل وحتى المربين، لا يمتلكون برنامجا واضحا، لتقديم المعارف الضرورية للمراهقين حول الجنس. وفي بلادنا تصبح مشكلة الجنس لدى المراهقين، حالة من حالات الغموض والقلق والتخبط الذي يجعل من المراهق أسير تصورات خاطئة حول الدافع الجنسي ووظيفته الاجتماعية ومظاهره الفيزيولوجية التي تبدأ بالظهور لدى المراهق، إن في علاقته بجسده أوفي طريقة تفكيره.. فأي تصورات يمكن أن نتطرق إليها لدى الحديث عن تفتح الهاجس الجنسي لدى المراهقين؟!
السرية:
السرية هي أولى التصورات التي يبنيها المراهق حول الجنس..
فالجنس حالة كاملة من السرية والغموض في الفعل والقول والإيماءة والإشارة.. ولهذا يطلب منه الكبار أن يخرج من مجالسهم عندما يكون هناك حديث ساخن، ولهذا يخفضون أصواتهم إذا أرادوا أن يلقوا بطرفة ذات تلميحات جنسية.. بل إن كل الثقافة الجنسية المتداولة قائمة على التلميح لا التصريح.. والتلميح هو إحدى تجليات السرية المغلقة.
طبعا لا نقصد أن بديل السرية كتصور خاطئ هنا، هي حالة العلنية الفاضحة كما قد يتخيل بعضهم.. لكن علينا ألا نجعل هذه السرية تزيد من فضول المراهق لمعرفة خباياها، وعلينا أن نمارس سلوكا عفويا تجاه الجنسي يحفظ له حشمته بالتأكيد، لكنه يبقي على هويته كفعل طبيعي مستساغ ضمن حدود الأدب المتعارف عليه اجتماعيا.
العيب:
يمثل (العيب) المفردة الأكثر التصاقا بالجنس في خيال المراهق.. فالجنس ممنوع الحديث عنه مع الكبار، وممنوع التفكير به بشكل علني حتى لو أخذ هذا التفكير شكل الأسئلة البريئة أو الفضولية التي تبحث عن جواب.
الجنس هو العيب حقا، وإلا لما مارسه الكبار في غرق مغلقة وبعيدا عن أعين الناس.. ولعل هذا التصور يجعل المراهق يتعامل مع الجنس إما باعتباره تجاوزا يجب أن يمارس خارج القانون الاجتماعي و الأخلاقي.. أو باعتباره حالة من الابتذال ينبغي على كل شخص مهذب ألا ينزلق لممارستها.. وغالبا ما يصدر المراهق حكمه ذاك حتى على العلاقة الزوجية المشروعة التي لا يفهم مدى مشروعيتها بدقة، لأن أحدا لم يقل له، أن الجنس متعة طبيعية حللها اله للبشر وتمارس ضمن شروط ونظم ومعايير، ويترتب عليها مسؤوليات أيضا.
الإثم:
الجنس فعل آثم.. ويتعزز هذا التصور لدى المراهق، عندما يتطور مفهوم العيب الأخلاقي المرادف للجنس في نظره، مع حالة الكراهية والنفور لهذا الشيء باعتباره خرقا فاضحا للقيم.. وقد يساهم هذا في إصابة المراهق بعقدة نفسية تجاه الممارسة الجنسية، كأن ينظر إلى أمه نظرة مشوبة بالانزعاج، إذا لاحظ أن والده ينظر إليها نظرة إعجاب، أو يلاطفها بعبارات الغزل الذي يمهد للقاء الجنسي.
ولهذا قد يعتقد المراهق في لحظة من اللحظات أن الجنس هو فعل يجلب الإثم إلى صاحبه، فينظر لأي مظهر من مظاهره نظرة مليئة بالرفض والنفور.. وقد يستمر معه هذه الرفض والنفور ليشكل حاجزا أمام الممارسة الجنسية الطبيعية مستقبلا.
الاقتناص:
من التصورات الخاطئة لدى المراهقين أيضا، أن الجنس كفعل سري كما أسلفنا - عالم نقتحمه اقتحاما، وليس له باب مشروع للدخول إليه... وأن الفرصة لممارسته هي ضربة حظ قد تسنح لنا إذا عرفنا كيف نقيم علاقة مع الطرف الآخر.. وأن الحصول على اللذة الجنسية هي أشبه باقتناص صيد ثمين إذا عرفنا كيف نسدد الهدف.. وتسيطر هذه التصورات على خيال المراهق في كل مظاهر الجنس.. لذا يحاول أن يتحين الفرصة لمغازلة فتاة جميلة مارة في الشارع، أو لمشاهدة مشهد مليء بالقبلات الحارة في فيلم ما، أو مشاهدة فيلم خليع، أو حتى الحصول على صور فاضحة.. وسوى ذلك من الممارسات التي تزيد الرغبة الجنسية لدى المراهق اشتعالا، وتضر بسلوكه وتفكيره ورؤيته للعلاقة الجنسية المشروعة ككل.
التعبير عن الرجولة:
بعد فترة من الفترات، يرتبط الجنس في خيال المراهق بمفهوم الرجولة، وثمة رفاق سوء يصورون لمن حولهم أنهم أصبحوا كبروا وأصبحوا رجالا لأنهم قبّلوا فتاة، أو مارسوا الجنس مع فتاة، وعرفوا كيف تتم العملية الجنسية.. وبالتالي يتحدثون مع المراهقين الآخرين بنوع من التبجح والاستخفاف لأنهم لم يصبحوا رجالا مثلهم ماداموا لم يمارسوا الجنس.. ولا عرفوه معرفة حقيقية.
وهكذا ترتبط الرجولة في خيال المراهقين الذكور بمفهوم الممارسة الجنسية حصرا، ويعتقد المراهق أن عليه كي يكبر ويصبح رجلا، ويصبح له وزن في مجالس الرجال.. عليه أن يمارس الجنس، مما يجعل سلم القيم الحقيقي للرجولة ينهار في نظره، فالرجولة المرتبطة بالإحساس بالمسؤولية والصدق في الوعد، والصبر على تحمل الشدائد.. تصبح في مرتبة أدنى.. أمام هذا التصور الجنسي الخاطئ.
أخيرا ينبغي القول بأن الأسرة والشارع والبيئة المحيطة تلعب دورا كبيرا في تنمية هذه التصورات الجنسية الخاطئة، وأن البيئة المتشددة والمبالغة في صورتها المحافظة، تنتج مثل هذه التصورات في خيال أبنائها..مثلما تبدو البيئة التي تغيب فيها أبسط الضوابط الأخلاقية مسؤولة عن فساد المراهق وانحرافه تحت تأثير تصورات شبقية لا تقيم للعفة وزنا أو معيار.
http://www.66n.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/32)
حاجات المراهق ودور الأسرة في التعامل معها
ألمكرم ولي الأمر المحترم:
فترة المراهقة عبارة عن الفترة الحرجة في حياة الفرد، وذلك بسبب مواجهة الفرد ضغوطاً نفسية، مثل الرغبة الشديدة في الاستقلال عن الآخرين، ولكن الفرد مع حبه للاستقلال إلا انه لا يزال يرغب في وجودهم حوله ماديا ومعنويا، في التعليم وفي الرعاية وفي الحب، لذلك هناك بعض الضغوط الاجتماعية تواجه المراهق، حيث
عليه اتخاذ بعض القرارات والتي قد لا تتفق مع المعايير الاجتماعية السائدة، ومن هنا يبرز دور الوالدين في توفير الشعور بالأمن والانتماء للمراهق حيث أن العلاقة الديمقراطية بين الأباء والأبناء تساعد على تطوير السلوك الجيد، وطريقة التربية تترك آثارها على الشخصية، وبالرغم من فعالية جماعات الرفاق ومعاييرها إلا أن للوالدين تأثيرا على أمور كثيرة في حياة الفرد في تلك المرحلة، فالطلاب يرجعون في أمورهم الشخصية للوالدين لذلك يجب عليهم أن لا يعاملوا أبناءهم كأطفال دائما بل يعاملونهم كأفراد في طريقهم إلى النمو نحو الرشد والنضج، وفي نفس الوقت حمايتهم من الخبرات المؤلمة، وكذلك تجنب الاندفاع الزائد، ويبقى الوالدان في الأساس مصدر الود والحنان والعطف للأبناء، هذا ويلجأ بعض الأبناء المراهقين في بعض محاولاتهم لإثبات أنفسهم كرجال في عالم لا يقبلهم، والمراهق يسعى بطريقة أو بأخرى من اجل أن يحظى بهذا القبول.
لذلك كله على الأسرة أن تهتم في هذه المرحلة بما يلي:
الموازنة بين طاقات المراهق الجسمية والنفسية والفكرية والروحية والانفعالية والجنسية، وبالتالي إشباع كل منها، فمثلا الترويح والترفيه عن النفس، فالإنسان وكما يقال من لحم ودم ويخطى ويصيب ويسعد ويشقى، لذلك لا بد من تذكر أهمية اللعب في تفريغ طاقات المراهق فهو حاجة غريزية لا بد من إشباعها، لذلك يجب أن نعلم المراهق كيفية إشباعها بحيث لا تؤثر على دراسته وتحصيله وعلاقته بالأسرة.
أهمية القدوة من الأب، وذلك لان المراهق قوي الملاحظة، ويهتم بملاحظة المقربين له، لذلك يجب أن يكون الأباء قدوة لأبنائهم نحو السلوك الحسن، ولهذا نتذكر عندما نريد أن نعاقب أولادنا أهمية التهذيب أولاً عن طريق القدوة وهو أفضل من التهذيب بالأقوال، ثم أهمية الزجر بعد ذلك بالتلميح وهو أفضل من الزجر بالتصريح، ثم بعد ذلك أهمية اللطف واللين وهو خير من العنف والشدة ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ".
أهمية التربية الجنسية، وهي المعلومات الذي يأخذها المراهق من أسرته ويذكر فيها الوالدين كل ما يتعلق بالتغيرات ا الجسدية التي ستطرأ على بالمراهق ومن الضروري أخذ هذه المعلومات من الولدين لأن المراهق بحاجة لها وقد يأخذها بطريق خاطىء من الرفاق، والأفضل أن يتعلمها بصراحة دون أي إحراج أو خجل من ذكرها وإشباعها بالطريقة المتعارف عليها دينيا واجتماعيا.
http://www.fikr.sch.sa المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/33)
جيل المراهقة
الشباب هم أمل الحاضر وكل المستقبل، والشباب هم مستقبل الأسرة وهم أملها في مستقبل أفضل.
يمر الشباب في مراحل النمو المختلفة بالكثير من التغيرات النفسية والجسمانية بداية من مرحلة الطفولة مرورا بمرحلة المراهقة التي تنتهي ببلوغه سن الرشد، ومرحلة المراهقة هي فترة انتقالية يتوق المراهق خلال هذه الفترة إلى الاستقلال عن أسرته
والى أن يصبح شخصا مستقلا يكفي ذاته بذاته، ويتراوح سن المراهقة بصورة عامة بين الثالثة عشرة ونهاية الثامنة عشرة.
من أهم مشاكل المراهقة هي حاجة المراهق للتحرر من قيود الأسرة والشعور بالاستقلال الذاتي وهذه المشكلة هي السبب الرئيسي في معظم الصراعات التي تحدث بين المراهق وأسرته، ومن أمثلة تلك الصراعات الصراع في حرية اختيار الأصدقاء وطريقة صرف النقود أو المصروف ومواعيد الرجوع إلى المنزل في المساء وطريقة المذاكرة ومشاكل الدروس الخصوصية وطريقة اختيار الملابس وقص الشعر واستعمال سيارة الأسرة في سن مبكر وبدون وجود ترخيص القيادة وأمور أخرى.
يجب أن يعترف كلا من الأسرة والأبناء بوجود هذه المشاكل الطبيعية حتى يستطيع الجميع التكيف معها وأن يبذلوا جهدهم ويغيروا سلوكهم حتى يتجنبوا الصدام العنيف والوصول إلى بر الأمان حتى يسود الأسرة جو من المحبة والطمأنينة. وتدل الكثير من الدراسات والبحوث التي أجريت حول مشكلات المراهقة ومعاناة الشباب أن أكثرهم يعانون من فجوة الأجيال التي تتسع تدريجيا والتي يزداد اتساعها يوما بعد يوم، بين ما يقومون به من أعمال وبين توقعات آبائهم، فيما يجب أن يمارسونه فعلا بما يتفق مع معاييرهم الأسرية.
تشير الدراسات إلى أن 95% من الشباب يعانون من مشكلات بالغة يواجهونها عند محاولتهم عبور فجوة الأجيال التي تفصل بين أفكارهم وأفكار آبائهم. وتدل الدراسات أيضا أن أبرز ثلاث مشاكل يعاني منها الشباب في نطاق الأسرة- بناء على نتائج قياس حاجات التوجيه النفسي - مرتبة حسب درجة معاناتهم منها هي:
- صعوبة مناقشة مشكلاتهم مع أولياء أمورهم.
- صعوبة إخبار أولياء أمورهم بما يفعلونه.
- وجود تباعد كبير بين أفكارهم وأفكار أولياء أمورهم.
يلجأ الشباب، ولاسيما الذين لا يجدون من يسمعهم أو يصغي إليهم لمساعدتهم على حل مشكلاتهم التي يعانون منها، إلى بعضهم في نطاق جماعة خاصة بهم يكونونها على أمل مساعدتهم في إيجاد حلول مناسبة لها، وتخليصهم من المعاناة التي تؤرقهم بسببها، لذلك نجد كل فرد في سن المراهقة يحرص كل الحرص على الانضمام إلى جماعة من الرفاق تشبع حاجاته التي فشلت الأسرة في أشباعها.
فترة المراهقة هي من أصعب المراحل التي يمر فيها الفرد لأنه قد يتخبط بين محنة وأخرى أثناء محاولته تحديد هويته وتأكيد ذاته بين المحيطين به والمخالطين له ولا سيما أعضاء أسرته الذين قد يخطئون في تفسير خصائص نموه العضوي والانفعالي والاجتماعي، وقد يلجأ أفراد الأسرة إلى أساليب غير تربوية في رعاية المراهق الذي ينشأ بينهم، حيث تعمد إلى النقد واللوم أو التوبيخ، أو التهديد والوعيد بسبب سلوكياته التي تبدر منه ولا ترضيهم، دون أن يحاول أي منهم مساعدته على تعديلها أو تبديلها بما هو أفضل منها، مما يتسبب في النيل من كرامته وجرح مشاعره وطمس معالم هويته. لذلك يجد المراهق سلوكياته دائما مرفوضة في رؤية الآباء، بينما يجد
سلوكيات أقرانه المماثلة لها مقبولة في رؤية الرفقاء، مما يجعله يميل إليهم من أجل اكتساب الاعتراف بذاته في إطار جماعتهم.
إن أهم أساليب علاج مشاكل المراهقة هو الأسلوب الوقائي حيث يتمثل في الابتعاد بالمراهق عن الملل واللجوء إلى أحلام اليقظة والانطواء على النفس وطغيان الدوافع الجنسية الغريزية ويجب خلق نشاطات توظف من أجل تحقيق هذه الأهداف التربوية العامة من خلال شعوره بالتقدير الاجتماعي وتقدير حاجته الدائمة إلى الانتماء إلى الجماعة وتفهم رغبته في المخاطرة وحب الاستطلاع.
ينبغي أن يكون العقاب معنويا وليس بدنيا بالصورة التي تلحق الضرر البدني أو الألم النفسي، كما أن اختيار الأصدقاء عامل مهم في الحفاظ على طاقة الشباب وقيمه "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير".
يهدف علاج مشكلات المراهقة في النهاية إلى علاج نفسي جماعي، ويهدف إلى تحقيق التوافق الاجتماعي بين المراهقين حيث تكون فرصة المناقشة والمعاملة دعوة صريحة للتعلم وازدياد الثقة بالنفس للوصول إلى الصحة النفسية السليمة.
وأخيرا، مع إعطاء المزيد من الوقت للأبناء، ومزيد من التفهم والتفاهم والحب والصداقة، نستطيع أن نصل إلى الحل السحري لمشاكل الشباب.
كيف تواجه التوتر النفسي؟
تعددت مشاكل الحياة وشملت كل الناس فليس هناك شخص تخلو حياته من المشاكل وهي مشاكل متجددة تتجدد مع تعقد الحياة وتعدد صورها. التفاعل مع ضغوطات الحياة هو الذي ينتج عنه الاضطرابات النفسية الشديدة إذا لم نحسن هذا التفاعل.
فيما يلي مجموعة من الممارسات التي تعمل كمتنفس لهذه الضغوط:
1. القيام ببعض التدريبات بانتظام:
القيام ببعض التدريبات الرياضية المتاحة لك، وإذا لم يكن هناك مجال لذلك فالسير على الأقدام لمدة عشرين دقيقة يساعد على تنشيط الدورة الدموية وإحراق بعض السكر الذي يفيد في كثير من الأحوال.
2. تناول الطعام الصحيح:
لا بد للإنسان ليكون قادرا على مقاومة هذه الضغوط من تناول الطعام الصحيح، فالطعام الصحيح يعني بالصحة الجيدة، وطالما كان الإنسان يتمتع بصحة جيدة في استطاعته مواجهة الظروف العصبية التي يمر بها، فالإنسان المعتل تشغله علته عن أي شيء كما أنه ليست لديه القدرة على التعامل مع مشاكله بشكل سليم ويكون سريع الانهيار، ولا بد أن يتنوع الطعام لتغطية مطالب الجسم، وتناول المواد البروتينية والنشوية والسكرية والمعادن والأملاح لأحداث التوازن.
3. الحصول على قدر كاف من النوم:
لا بد للشخص العادي أن ينام سبع ساعات يوميا. يساعد النوم الجسم على استرداد نشاطه كما أن فترة الاسترخاء التي تسبق النوم لها تأثير طيب على التخلص من مضاعفات الضغوط اليومية.
4. عدم التدخين:
لقد تبين للعالم مضار التدخين بكل أنواعه فأول سيجارة يدخنها الإنسان تكون أول خط أسود في رئتيه نتيجة لترسيب النيكوتين والقطران من ورقة السيجارة ومن التبغ نفسه، فتصبح الرئة معرضة للإصابة بالأورام والسرطان فلا بد لسلامة الجسم أن يبتعد الإنسان عن التدخين.
5. أخذ فترات راحة:
الإنسان عبارة عن مجموعة من الأجهزة ولا بد لها أن تحصل على قدر من الراحة والاستجمام حتى تستطيع أن تعاود نشاطها وتزاوله، والنوم وفترات الراحة اليومية بعد عناء العمل ضروري ولذلك لا بد من أخذ راحة من العمل والدراسة والابتعاد عن المسئوليات والضغوطات فترة من الزمن حتى لو في نهاية الأسبوع فقط.
6. كتابة قائمة باهتماماتك:
تمكن عملية كتابة قائمة بالإهتمامات الشخصية عدم نسيان هذه الإهتمامات والعمل حسبها.
7. وضع أولويات للقيم:
القيم هي المعايير للحياة السليمة وهي تختلف من شخص لآخر ولا بد للشخص أن يضع أولويات للقيم التي يتقبلها المجتمع الذي يعيش فيه والتي يقبلها هو، فإذا وجد الشخص في موقف يجب فيه أن يختار بين قيمتين يكون هو قد حدد مواقع هذه القيم، فيستطيع بسرعة أن يحدد أي القيمتين يختار من واقع الأولويات التي سبق له أن حددها ويكون تصرفه حاسما ولا يحتاج للتفكير في الاختيار أو التردد.
8. القيام بعملية تقييم لعلاقاتك والتزاماتك:
لكل فرد بحكم وضعه الاجتماعي علاقات متعددة والتزامات كثيرة فهناك العلاقات الأسرية وتشعبها والعلاقات مع الأصدقاء والزملاء في المدرسة أو العمل والجيران، كما أن هناك التزامات تستوجبها هذه العلاقات. لا بد للإنسان أن يعرف ما له وما عليه حتى يؤدي ما عليه من واجبات تستوجبها هذه العلاقات حتى لا يتهم بالتقصير. على الإنسان أن يعرف هل قام بما يجب عليه نحو هؤلاء الأشخاص الذين تربطه بهم علاقات ودية أو أنه نسى إحدى المناسبات. تزيد هذه المجاملات من الروابط على شتى مستوياتها وتجعل الإنسان محل تقدير من الناس الذين سوف يردون على مجاملاته لهمم بمثلها، وهكذا تظل الروابط والعلاقات الطيبة قائمة.
9. تحدث عن مشاكلك:
لا تخلو الحياة من المشاكل. الإنسان بحكم تعامله مع الآخرين واحتكاكه بهم لا بد أن تواجهه بعض المشاكل في محيط الأسرة والعمل والمدرسة والصداقات والحياة بصفة عامة. يعتبر حديث أي شخص مع الآخرين عن مشاكله صمام الأمان الذي ينفس به عن نفسه وعما يختزنه داخله من القلق والتوتر والمشاكل، وألا وقع فريسة للمرض النفسي. في حديث الإنسان لمن يثق بهم من أهله وأصدقائه متنفس عما يجول بصدره من الضيق.
10. قم بالأعمال التي تستمتع بها:
لكل شخص هواياته التي يجد متعة في مزاولتها وهو حينما يفعل ذلك يستغرق في هذا النوع من النشاط بكل جوارحه حتى يكاد لا يشعر بما يدور حوله، وهو يستمتع
بما يقوم به ويجد فيه متعة كبيرة ويشعر بالراحة والبعد عن مشاكل الحياة التي تزعجه، وبذلك يأخذ جرعة منشطة تساعده على بذل الجهد في أعماله الأخرى.
11. كن أفضل صديق لنفسك:
خير صديق لك هو نفسك فاعرف نفسك واعرف نقائصها ومزاياها وعيوبها وحاول أن تصلح هذه العيوب، وعاتب نفسك عند الخطأ ووجه أليها اللوم إذا لزم الأمر لكي تقومها وتمنعها من الوقوع في الخطأ.
12. اطلب المساعدة من الغير:
إذا فشلت كل هذه الحيل والمحاولات في التخفيف عنك وفي ازالة الاضطرابات الشديدة والضغوط وأحسست ان الحمل ثقيل وأنك تستصعب حمله فلا بد لك من طلب المساعدة ممن يستطيعون تقديمها من الأطباء والنفسيين أو الأخصائيين النفسيين أو طبيب الأسرة إذا كان هناك طبيب للآسرة.
كيف تتعامل مع الإجهاد؟
يجب أن نحدد ما هو الإجهاد:
تتضمن أعراض الإجهاد أثارا عقلية وجسدية. من هذه الأعراض التعب، الأكل بشراهة أو عدم الأكل، الصداع، البكاء، الأرق أو كثرة النوم. تعني السيطرة على الإجهاد القدرة على ضبط النفس، عندما تكثر المطالب من الظروف الحياتية.
ماذا يمكنك أن تصنع لتسيطر على إجهادك؟ هذه بعض الإرشادات:
- تمعن في ما يمكنك أن تعمله لتغير الموقف أو التحكم فيه.
- لا تجهد نفسك بالتفكير في كل أعمالك في نفس الوقت. تعامل مع واجباتك كلا على حدة.
- حاول أن تكون "إيجابيا".
- طمأن نفسك بأنك قادر على معالجة الأمور ولا تكن متشائما.
- غير طريقة تعاملك مع الأحداث، ولكن بدرجة معقولة.
- ركز على مشكلة واحدة ولا تجعل ردود فعلك تتدخل من مشكلة إلى أخرى.
- قلل من التزاماتك الحياتية وخفف الضغط على نفسك.
- حاول تغيير نظرتك إلى الأمور.
- تعلم كيف تشخص الإجهاد، ودرب جسدك على التعامل معه.
- تجنب ردود الفعل الحادة.
- لا تشغل نفسك بصغار الأمور.
- ركز على سلم أولوياتك.
الإجهاد:
إذا لم تستطيع أن تقاوم الإجهاد أو تهرب منه، حاول أن تماشيه وتستخدمه للوصول إلى أهدافك. تخلص من الإجهاد بالرياضة البدنية كالجري والسباحة، خذ قسطا كافيا من النوم قلة الراحة تزيد من الإرهاق، ساعد الآخرين في أعمالهم كي تشغل بالك عن نفسك، ابعد نفسك عن مسببات الإرهاق ولو ساعات محدودة يوميا، أعطى لنفسك أجازه، تجنب الهروب من الواقع بالمهدئات فالمهدئات والأدوية تمنع أعراض الإرهاق فقط ولا تحل المشكلة وتعلم أفضل وسائل الاسترخاء التي تناسبك.
التغيرات الجسمانية والفسيولوجية:
الفتاة:
سن البلوغ: 12 - 15 سنة
استدارة الجسم.
نمو الثديين.
نمو عظام الحوض التي تتخذ شكل الاستعداد للولادة.
نمو الرحم.
كبر حجم المبيضين والمهبل وقناتي فالوب.
ازدياد حجم الأعضاء التناسلية الخارجية.
ازدياد سمك الغشاء المبطن للمهبل.
نزول الطمث وهذا دليلا على اكتمال النضج الجنسي عند الفتاة.
ازدياد الطولز
ازدياد الشحم في منطقة الفخذين والردفين.
ظهور الشعر في منطقة العانة وتحت الإبطين.
ازدياد إفراز الغدد العرقية.
ظهور حب الشباب.
تغيرات في الفم (اللثة والأسنان):
وجود رواسب جيرية تسبب التهابات شديدة في اللثة
بروز الأسنان الدائمة كالأنياب والضروس وضرس العقل الذي يصاحبه بعض الالتهابات، وشعور بحرقان في اللثة والغشاء المخاطي المبطن للفم مع الالتهاب في الغدد الليمفاوية في أسفل الفك، كما تحدث آلام في اللثة خلال الدورة الشهرية.
الفتى:
سن البلوغ: 10 - 12 سنة
كبر حجم الخصيتين.
ازدياد حجم كيس الصفن ويصبح لونه غامقا ويميل إلى الاحمرار قليلا.
ازدياد طول القضيب.
ظهور الشعر في منطقة العانة وتحت الإبطين وفى جميع أنحاء الجسم.
ظهور شعر اللحية والشارب.
ازدياد في الطول والأطراف.
خشونة في الصوت.
ظهور تفاحة آدم.
ازدياد سمك الجلد وخشونته.
نمو العضلات.
نمو العظام وازدياد كثافتها.
ظهور حب الشباب.
وجود بعض الرواسب الجيرية
بروز الأسنان الدائمة كالأنياب والضروس وضرس العقل.
ظهور بعض الالتهابات البسيطة لحدوث تغيرات هرمونية قليلة وتمر هذه الفترة في كثير من الأحوال دون أية أعراض مرضية في اللثة والغشاء المبطن للفم.
الفتى والفتاة:
تغير في العين:
إما أن يزداد حجم كرة العين ويؤدى ذلك إلى حدوث قصر النظر أو ينمو حجم كرة العين أقل من المعدل الطبيعي مما يؤدى إلى حدوث طول النظر.
وهناك حالة ثالثة تسمى "بالاستجماتيزم" وفيها لا يتمكن الانسان من الرؤية الواضحة للمسافات البعيدة أو في أثناء القراءة.
تغير في الأنف: يزداد حجم الأنف من الخارج، ومعظم التغيرات التي تحدث في الأنف تكون للفتيان أكثر من الفتيات لأنه يتحكم في ذلك الهرمونات الذكرية.
المراهقة ودور الأصدقاء والآباء:
يلعب الصديق دورا هاما في هذه المرحلة بل هو محور الحياة التي تدور حولها اهتمامات المراهق، ويحل الصديق محل العائلة ويتم قضاء معظم الأوقات معه. وكون للبعض منهم تأثير سلبي والبعض الآخر له تأثير إيجابي.
من السمات التي تميز العلاقة بين الآباء والأبناء من ناحية وبين الأصدقاء من ناحية أخرى هي بعد الأبناء عن آبائهم وازدياد الصراع بينهم، مع ازدياد القرب من الأصدقاء، ويحدث ذلك غالبا لعدم تفهم الآباء لطبيعة التغيرات التي يمر بها المراهق في هذه المرحلة العمرية الحرجة. وتزداد هذه الفجوة في ظل الضغوط الاقتصادية، مثل انخفاض الدخل والضغوط الاجتماعية مثل الطلاق.
ونجد أن العلاقة التي توجد بين الآباء والأبناء تحكمها ثلاث عوامل رئيسية:
- الإحباط الذي يولد الرفض.
- صراع السيطرة.
- الحب (الذي يصفه البعض على أنه حب قاس).
الإحباط الذي يولد الرفض:
دائما ما يصطدم الأبناء بالرفض من قبل آبائهم لأنهم لا يعون أن "الأذن التي تسمع أفضل بكثير من اللسان الذي يرفض"، كما أن الآباء لا يدركون فكرة التغيير التي يمر بها أبنائهم خلال هذه المرحلة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر دون أن يشعرون بذلك من خلال النقد المفرط، وعدم الصبر في التعامل معهم، والغضب، ومقارنة الأبناء بعضهم ببعض، والشك في تصرفاتهم. يحاول المراهق الهرب من ذلك كله باتباع سلوك غير حميد مثل اللجوء إلى الكذب، الخداع، السرقة، المشاجرة، إدمان العقاقير، شرب الكحوليات، التدخين، خرق القانون، ترك المدرسة والانحراف الجنسي. لا بد أن يكون بجانب النقد التشجيع، الحزم، الحب، التوجيه والاحترام.
صراع السيطرة:
يأتي دائما الاختلاف الذي ينشأ بين الآباء والمراهقين من حب السيطرة وصراع القوى حول من هو المسئول؟ وأين تقع نطاق حقوق كل طرف منهما. يكون الآباء على حق حين يقولون أن الأبناء ليسوا مسئولين بالدرجة الكافية لأن يسمح لهم بأن يتخذوا قرارات. كما أن الأبناء محقون في قولهم أن الآباء يعاملوننا على أننا ما زلنا
أطفال صغار. ومن هنا ينشأ الصراع من الاختلاف ما إذا كان الأبناء استطاعوا أن يمارسوا المسؤولية بكفاءة في الماضي لاتخاذ قراراتهم الحاسمة في المستقبل أم لا؟!. كما أن الصراع ينشأ من ممارسة الآباء للسلطة ثم تركها في بعض الأحيان ومن ممارسة المراهق لها أيضا في بعض الإجازات والعطلات ثم انسحابهم منها باقي أيام الأسبوع. ويزيد من تعقد الموقف، المشاعر القوية الجارفة التي تميز شخصية الأبناء في هذه المرحلة إلى جانب طبيعة الآباء التي تغمرها روح الغضب والرفض.
الحب القاسي:
وحب الآباء لأبنائهم في هذه المرحلة ليس هو بالحب القاسي كما يصفه البعض منا ولكن المقصود به:
الحب القاسي هو ليس رفض لتصرفات الأبناء، لكنه يحدد حقيقة سلوك وقرارات كلا من الأبناء والآباء. وهو إعطاء قواعد واضحة للأبناء، بالإضافة إلى الحدود المنطقية مع توقع التزامهم بها. ويعنى أيضا السماح للمراهق بخوض التجارب لمعرفة عواقب سلوكهم وتصرفاتهم ولا يهم هنا دور حماية الآباء لهم حتى تتاح فرصة التعلم لهم لأن التدخل وتقديم المساعدة هو جزء من المشكلة وستأتي الأمور على عكس النتائج المرجوة.
الحب القاسي هو التزام الأبناء بحقوق آبائهم وإصرار الآباء على مثل هذه الحقوق بما أنهم يعيشون مع أبنائهم تحت مسمى كبير ألا وهو العائلة. وأخيرا يكمن معنى هذه الكلمة في وضع وتحديد خطط للعائلة والالتزام بها وهذا لا يعنى توقفك عن حب الآباء لأبنائهم أو العناية بهم لكن المقصود بها عدم معاملة الأبناء على أنهم غير قادرين على التصرف في حياتهم وتحمل المسئولية مهما كان ذلك قاسيا على الآباء أو الأبناء.
http://www.momken.org المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/34)
أيها المراهق كيف تستمتع بمراهقتك بدون أن تأذي أحدهم
مرَ بعضنا بمرحلة المراهقة
ومازال البعض الآخر يعيش في تلك المرحلة التي تعتبر مرحلة التمرد والاعتراض على رغبات الغير وحب الاستقلالية والظهور والتناقض في السلوك وحب الاستطلاع الذي يوقعه في الكثير من المشاكل كما تزداد في هذه المرحلة رغباته الشخصية ومتطلباته و حاجاته النفسية والجسدية ودوافعه في القيام بالأمور كل هذه الأشياء التي يعيشها المراهق بعد انتقاله من مرحلة الطفولة الهادئة التي يعتمد فيها على غيره إلى مرحلة جديدة وهي مرحلة المراهقة بكل ما فيها من تعقيدات وتناقض لما كان يعيشه سابقا في خضم كل هذه التغيرات النفسية والفسيولوجية والعاطفية قد نتصرف بعض التصرفات التي تنم عن عدم الوعي والاكتراث لمن حولنا من الناس
نعم لنا حاجات نريدها ... قد تكون مرفوضة من الغير فكيف نتصرف كما نحب بدون أن نؤذي الآخرين؟
سواء في البيت أو المدرسة أو الشارع أو أي مكان آخر هل تصرفت يوما تصرفا وندمت عليه لأن نتيجته كانت سيئة للغاية؟
إذا منعك والدك من قيادة السيارة وأنت في الرابعة عشر هل تعتقد في قرار نفسك بأنه يكرهك لذلك لا يسمح لك بقيادتها؟
عندما تطلب من والديك شيء ولا ينفذه لك ما هو الشعور الذي يخالج في ذلك الوقت؟ وكيف تتصرف؟
لماذا تتعمد كمراهق أسلوب خالف تعرف في حياتك؟
إذا كنت شخص قد تعدى مرحلة المراهقة
ما هي الأمور التي قمت بها ولا تحب أن يقع فيها أخوك أو أبنك؟
كراشدين ما هي الطرق المثلي للتعامل مع الشخص المراهق ليتعد تلك المرحلة بخير؟
ملاحظة:
دائما شعورنا في ذات الوقت يختلف عن شعورنا بعد مرور الموضوع والتفكير فيه بجدية.
http://www.f555f.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/35)
المراهق والإحساس بالمسؤولية
أ. د. نبيل غزوان
السؤال:
ما هي طبيعة فترة المراهقة؟ وكيف نقترب من المراهق ليتقبل منا الملاحظات والنقد؟؟ وكيف أكون صديقة لابني المراهق؟
وشكرا جزيلا..
الجواب:
المراهقة فترة من فترات النمو متميزة بمرحلة البلوغ، فما معنى البلوغ؟ نقصد به هنا المعنى الجنسي المصاحب بنمو جسماني في الأعضاء، ونمو وتطور في العلاقات الاجتماعية، وهذا هو المهم.
لماذا هذه الفترة حساسة جدا؟ لأنها؛ أولا مفاجئة للشخص.
وثانيا مفاجئة لمحيطه، وخصوصا الأم؛ لأن الآباء دائما يحتاجون إلى إدراك ولدهما بطريقة يغلب عليها المحافظة، وبالتالي يجدون من الصعب تقبل تغيرات يعتبرونها مفاجئة؛ مثلا من الناحية الفيزيولوجية تتغير نبرة الصوت، ويحدث تطور في العضلات، والحركات تتغير.وكذلك يحدث تغير من ناحية صورة الذات، بحيث يهتم المراهق أو المراهقة بجسمه ومحاسنه وجماليته، ويعير انتباها خاصا للتطورات الفيزيولوجية خصوصا الجنسية منها.
ثالثا: وهو ما يؤثر على علاقاته الاجتماعية سواء بين أفراد العائلة حيث يطمح إلى أن يعترفوا بهذا التطور ولا ينظرون إليه كطفل بل كإنسان قادر وناضج وفي نفس الوقت يتمنى ألا يتخلون عنه كابنهم في حاجة إليهم. بالنسبة للأساتذة أو لأصدقائه نلاحظ إثبات الذات قد يأخذ صور تصادمية أو عنادية.
هذه الأمور كلها إيجابية ويمر منها أي مراهق، وهي عادية.
والعكس حينما نلاحظ شابا أو شابة يحاول أن يتنكر لهذا التغيير على المستويات الثلاث النفسي والاجتماعي والجسمي، ويخفيه يحس حينها بعقدة الذنب إزاء نفسه وإزاء الأخرين، مما يدفعه إلى الانطواء والانسحاب. وهذا قد يخلق مشكلة للآباء بصفة خاصة.
لذلك نقول لك سيدتي.. إن طبيعة المراهقة هي فترة عابرة ويجب الاعتراف بها، ثم إن الاقتراب من المراهق يجب أن يكون بتفهم وبتؤدة وبمصاحبة في تجاربه.
بمعنى يجب علينا نحن الراشدين أن نسقط تجاربنا على المراهق ولو كان ابننا، بل يجب على الأم أو الأب أن تعطي لابنها أو ابنتها الفرصة والمدة الحقيقية لتجتاز تلك المرحلة.. ولكي نكون أفضل الأصدقاء لأبنائنا يجب أن نتذكر طفولتنا ومراهقتنا، ونتنكر لها.
السؤال:
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة، أعتبر نفسي ناضجة وتفكيري واع، لكن تصرفات أمي تجاهي تجعلني أحس بالشك في قدرتي وفي إمكاناتي. هل هي تخوفات طبيعية؟ وكيف أتجاوز هذه التدخلات المتكررة منها في شخصيتي؟
الجواب:
نشكرك ابنتي على هذه المداخلة الطيبة والواعية، وعلى هذه الثقة.
من إمارات النضج النفسي والاتزان النفسي والمسؤولية الأخلاقية التي تلقى على عاتق المراهق في بعض الأحيان هي فهم أبويه، وتفهم التعامل معهما.
فربما أن الأم تعاني من الشك الذي قد يكون مرضا نفسيا، ولكنها غير واعية بذلك، وربما تعاني من عدم القدرة على تفهم وتقبل الفارق الثقافي والحسي بين جيلها وبين جيلك، وبما أن هذه الأم لا تستطيع - لأسباب ما أن تدرك أن ابنتها تحب الحوار لتفهمها ما تريد. فعليك ابنتي أن تتفهمي موقف أمك، وذلك على النحو التالي:
أولا: ألا تحرجيها بأسئلة حول مواضيع لا تفهمها ولا تريد أن تتناقش فيها.
ثانيا: عليك أن تتفادي ما يقلق أمك ويزعجها؛ مثلا الدخول في الوقت وعدم التأخر بالخارج، معاشرة الجنس الآخر.
ثالثا: عليك الاجتهاد في دراستك أو في عملك؛ لأن هذا يريح ضمير أمك، ويجعلها تثق بك أكثر وأكثر.
لأنه في الحقيقة شك أمك هو خوف عليك، وحب لك أكثر مما هو ضدك.
السؤال:
هل تختلف المراهقة بين الذكورة و الإناث؟ وإلى أي مدى يمكن للأولياء تفهم أبنائهم المراهقين؟ وأي الطرق الأسلم الممكن اتباعها للتعامل مع المراهقين؟
الجواب:
طبيعة الحال أن المراهقة من الناحية الاجتماعية ومن الناحية النفسية هي مرحلة مرتبطة أكثر بالوسط الاجتماعي والمؤهلات الثقافية للشخص. ومن هذا المنطلق الفروق التي قد نلاحظها بين الذكر والأنثى هي فروق معيارية أكثر منها جوهرية.
على المستوى النفسي ما تعشقه الفتاة المراهقة هو ما يعشقه الفتى المراهق، ولكن المجتمع بمعاييره وطقوسه وأعرافه هو الذي يحدد مجال الأنوثة والذكورة.
أما من الناحية الفزيولوجية من ناحية الوظائف ليست هناك فروق، الاختلافات بطبيعة الحال مرفولوجية - جسمانية - تعود إلى البنية والخصائص الذكورية والإنثوية، مثلا في نمو الشعر في الخانة هو نفسه بين الجنسين ولكن تختلف في بعض الأماكن من الجسم.. أي أن عمل الغدة الجنسية أصلا هو واحد ولكن مجالات ظهوره وتعبيراته في الجسم مختلفة بين الذكر والأنثى.
وبالنسبة لشقكم الثاني من السؤال فقط سبق وأشرنا إليها في إجابات سابقة يمكنكم الرجوع إليها.. فقط أنه بحكم تواجدك بدولة أجنبية نقول إنه على الأباء الأخذ في الاعتبار المحيط الذي تعيش فيه الأسرة، والتفهم يجب أن يراعي الضوابط الثقافية والمرجعية الأخلاقية وحتى السياسية.. للبلد لذي تعيش فيه.
حتى لا نحرج أبناءنا أو إن كنا مراهقين أن نحرج أباءنا.
فالتفهم عملية متبادلة وليس مرتبطة بطرف واحد.
السؤال:
كيف نتعامل مع المراهق حتى لا يمر بمساوئ هذه المرحلة؟
الجواب:
أولا يجب أن لا نتصور كآباء أو مربين أن هذه المرحلة سيئة مائة في المائة، لابد أن نتخلص من هذه الأفكار المسبقة الخاطئة عن هذه المرحلة من مراحل النمو، والتي في تعتبر من أعظم فترات النمو الإنساني. لأنه ما نلاحظه نحن مساويء نتيجة تجارب سنوات في الحياة، قد لا يراه المراهق سيئا لأن تجربته الحاضرة والمستقبلية تخالف تجربتنا نحن كآباء أو مربين.
ولمراهق يحس أن الراشد ينظر إليه وكأنه في مأزق، أو على شفا حفرة من النار.. يجب أن نغير نحن الرشداء منظورنا وإدراكنا لهاته الفترة ونعتبرها فترة حماس وفترة تهيء وفترة اكتشاف الذات وفترة الاستعداد للخلق والابداع، بل وهنا تثبت الشخصية بميزة معينة.
ثانيا يجب أن نعتمد في تعاملنا مع المراهق على الحوار البناء، وقبله الإنصات، ونحن نتحدث إليه كإنسان راشد مسؤول له قيمة عالية..
ننصت لمشاكله ولهمومه ولآماله كأشياء نشاطره إياها.
ثالثا في النصيحة يجب أن نبتعد عن الموعظة والنصيحة المباشرة المثبطة، قد يكون نصيحتنا حول ظاهرة معينة من خلال إعطائه كتاب.. أو توجيهه إلى ممارسة رياضة معينة أو الصلاة بالمسجد بطرق محببة.. لماذا هذا التصرف؟؟ لأن المراهق يسعى إلى امتلاك الرمز والمثال واستعماله، فإذا تعاملت معه بالرمز والمثل فإنك ستنمى فيه هذه الروح المعنوية والأخلاق العليا بداخله.
السؤال:
كيف يمكننا دفع المراهق لاستشعار المسؤولية عن أفعاله؟
الجواب:
من الأمور التي يمكن أن تؤدي بالمراهق إلى الإحساس بالمسئولية إزاء أفعاله، منها:
1 - موقف الراشد منه، مثلاً لا يجب أن آمر مراهقًا بترك شيء وأنا أفعله، أقول له لا تدخن، إن الدخان يضرك وأنا أدخن؛ لأن المراهق يتوق إلى أن يكون راشدًا ومثاليًّا في سلوكه.
2 - الثقة فيما يقوم به المراهق فكرًا وعملاً وإبداعًا، يعني أن نثق به ونشجعه لإبراز ذاته، يجب أن نتفادى المواقف السلبية منه؛ لأن هذه الثقة تعطيه الثقة في نفسه وتمكنه من تجاوز ما يشعر به من حرج أو نقص إزاء نفسه أو إزاء المجتمع.
3 - نفتح له المجال لبناء مشاريعه الشخصية، وإذكاء روح المغامرة والإقدام لديه؛ لأنه يحبها في هذه الفترة.
4 - تشجيعه على الفكر الجماعي والعمل مع الفريق، والانصهار في الجماعة؛ لأن هذه المواقف الأربعة من خصائص فترة المراهقة، أي أنها تتماشى مع خصائص نموه.
السؤال:
ماذا تقصد بالمسئولية ؟
هل هي مسئولية الدراسة أم البيت أم الدعوة أم كل هذا؟ المسئوليات كثيرة وما نواجهه في الحياة أكثر، فأي المسئوليات يقصد الحوار؟ وكيف نُعِدّ أنفسنا قبل أبنائنا لها؟
الجواب:
سيدي المحترم من دولة البحرين، بالرغم من أنك بخلت علينا بذكر اسمك فإن المسئولية هي واحدة في الأصل، فإما أن تكون مسئولاً أو لا تكون مسئولاً؟؟ أما مجالات ظهور وبروز المسئولية فيمكن حصرها في:
أولاً، نفسك، فأنت مسئول عن نفسك بمفهوم أن المفهوم الإسلامي الذي هو أسمى من القانون والأعراف والتقاليد.. المسئولية بهذا المفهوم هي الأمانة الإلهية التي استودعك الله إياها، بما فيها الحياة التي منحك وغيرها من الأمانات الكثيرة.
ثانيًا، العلاقات مع الآخرين التي يحث عليها كثيرًا الإسلام والتي هي مجال ممارسة ما حباك الله به من نعم، وهؤلاء الآخرين يبدءون بأولادك وزوجتك ومكان عملك وهما المجتمع بصفة عامة.
ثالثًا، المشروع أو الأهداف أو ما يسمى عندنا في الإسلام "الأخرى"، فالمؤمن دائمًا يجب أن يكون لديه مشروع نظامي يتآلف مع وجوده وأصل وجوده، يعني استحضار المسئولية الأخرى لتجاوز الفوضوية والعبثية.. هذه الأخرى التي تكون لنا صمام الأمان من السقوط في الهدم.
السؤال:
المشكلة هي أن لي أختًا تبلغ من العمر 14، ولكن مشكلتها لا تقبل النصيحة وطبائعها تغيرت إلى أسوأ وحتى علاماتها في المدرسة بها تأخر، ولكن أنا أحاول مساعدتها، ولكن لا تتقبلها بأي شكل؟ ما العمل أنا أخاف رسوبها في المدرسة. هي ذكية ولكن لا تدرس همها الوحيد الأغاني.
الجواب:
النصيحة تقبل أو لا تقبل، بطريقة إعطائها، سيدتي الكريمة يجب ألا ننصح إنسانًا وخاصة المراهق دون أن نهيئه إلى ما نريد أن ننصحه فيه.
يجب أن تعملي على صنع السؤال في أختك، بمعنى أن تصبح هي من تسأل وليس أنت؟.
أما فيما يخص مسألة التأخر المدرسي فإن له عدة عوامل يجب عليك أن تذهبي إلى المدرسة التي تدرس بها أختك والوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا التأخر من المدرسة، والعمل مع الأساتذة على توجيه أختك.. فهل هي تغيب عن الحصص؟ أو لديها مشاكل نفسية؟؟ أو مشاكل مع أستاذة ما؟؟
فالخوف هكذا محبط ولا يحل مشكلة، بل قد يضخمه، لا تخافي سيدتي؛ لأنك إن خفتِ سوف تمررين هذا الخوف إلى أختك وهي محتاجة إليك، وإلى تشجيعك وإلى وجودك جنبها.
ربما تكونين متقاربة في سنك مع أختك ويكون للغيرة دور في هذا التباعد، ولذلك واجب عليك كأخت كبيرة أن تنصتي إليها وتحلي محل أمها، ولكن أخيرًا هذا ليس معناه أن تحلي مشاكلها النفسية إن كانت لها مشاكل، يجب أن توجهيها إلى خبير نفسي أو مساعد اجتماعي إن لاحظت أن سلوكها لا يتحسن.
وأتمنى لك التوفيق.
السؤال:
منذ فترة وأنا أحاول قدر الإمكان إلزام ابني ذي الأربعة عشر عامًا بتحمل مسئولية ترتيب غرفته، ولكن لا فائدة فهو يلتزم اليوم الأول ثم يعود إلى عادته بعد ذلك، ويطلب مني ألا أتدخل في ذلك. كيف أتعامل معه؟
السؤال الثاني: أنني اكتشفت أنه رأى مناظر إباحية على الإنترنت هل أحدثه في ذلك؟ وماذا أقول له؟
جزاكم الله خيرًا
الجواب:
أيتها الأم المسئولة، كان الله في عونك، يجب أن تعرفي أن الأمومة في حد ذاتها قيمة عالية ودرجة روحية جزاؤها عند الله لا يعلمها إلا هو، فالجنة تحت أقدام الأمهات، ومن الناحية النفسية تدبير الأمومة صعب جدًّا، فالتعب أمر عادي لدى الأم؛ لأن لها من الفضائل ومن القوة المعنوية الكثير ما يحول ذلك التعب إلى شيء يحتمل.
أولاً نتساءل: أين دور الأب في تحمل مسئوليته التربوية لدى ابنه بمعيتك؟؟ أتمنى أن يأخذ بيد ابنه في مجال تحمل المسئوليات، والشعور بالمسئوليات التي تساعد ابنه أن يكون رجلاً كاملاً في المستقبل.
أما فيما يخص ترتيب البيت في سن 14 أعتقد أنه يجب عليك ألا تعيري هذا اهتمامًا أكثر من حده، فغرفته يعتبر مجالاً خاصًّا يجد فيه نفسه، كل ما يبدو لك غير مرتب بالنسبة له هو ممارسة ذاتيته وحريته ويجب أن تتقبلي هذا؛ لأن مفهوم الترتيب أعتقد أنه يدركه ويستوعبه ويطلب منك ألا تتدخلي، ومعناه أنه يطلب منك أن تثقي فيه وتتركيه يمارس حياته على نمطه العادي.
أعتقد إن تفهمتِ ذلك وتركته فإنه سيقوم بنفسه بتنظيم غرفته وأدواته يومًا ما. فقط تجاوزي فترة الاستفزازات هذه من خلال إلحاحك المستمر في دعوته بترتيب غرفته. فالأم نفسانيًّا قد تجد صعوبة في تقبل أن طفلها لم يَعُد يحتاج إليها وقد استقل بنفسه.
أما بخصوص السؤال الثاني، فأرجوك ألا تترصدي أخطاء ابنك، وأن تتفادي التفتيش وراءه عن نقائص وأخطاء.
وبخصوص الحالة التي تحدثت عنها فيجب عدم تضخيم هذا الموضوع، وأرى أن الأفضل الأخذ بالمثل لمغربي القائل "دير عين شافت وعين ماشفتش"؛ لأنه أخشى أن يحرج طفلك ويزج به في خجل دائم بالنسبة إليك كأم يقدرك ويحترمك.
وأحسن حل هو أن تقدمي له نصيحة على طبق من ذهب، بألا تكون مباشرة وربما لا تكون تعنيه تعني بها صديق أو زميل بالمدرسة.
السؤال:
أختي في الرابعة عشرة من عمرها، تعيش مع أسرتي في إحدى دول الخليج، وأنا في بلدنا الأصلي..
كيف يمكن أن أساعد أختي على بناء شخصيتها وتحمل المسئولية، خاصة أنها أصغرنا سنًّا؟
كيف أتقرب منها وأوصل لها ما أريد من ملاحظات (افعل ولا تفعل) دون أن تشعر أنه تدخل مني أو محاولة لفرض نفسي عليها؟ كيف أعلمها تقبل النقد والتعامل معه؟؟
الجواب:
أيتها الأم الفاضلة، شكرًا على ثقتك وعلى سؤالك وعلى الإحساس بالمسئولية لدى أختك، ولو أنها لا تعيش معك.
أولاً هل الآباء عاجزون عن القيام بأدوارهما التربوية مع أختك التي تعيش معهم بالخليج؟؟ أم أن هناك انسجامًا بينك وبينها وتفاهمًا خاصًّا، الأمر الذي يدفع بأختك أن تستنجد بك وتطلب منك النصائح والإرشاد؟؟
ولكن مهما كان الأمر هل يمكنك أن تتحدثي معها من خلال الإنترنت، وترشديها مثلاً إلى هذا الموقع، حتى تحدد بنفسها وتعبر عن مشاكلها؟؟
ثانيًا: لماذا تحسين بإحساس الذنب إزاء أختك وتعتبرين موقفك موقفًا غير مشرف؟؟
باختصار يجب أن تستمر علاقتكما وحواركما ولو عبر الرسائل إن لم يكن باستطاعتكما السفر والمقابلة المباشرة، وكان الله في عونك وجزاك الله خيرًا على هذا الوعي والمسئولية التي تكنينها إلى أختك الصغيرة، فسوف تتحقق آمالك فيها.
السؤال:
باعتبارك صحافيًّا بـ"لوروبورتير"، كيف تنظر إلى الإعلام المغربي -خصوصًا المكتوب- ومدى معانقته لمشاكل هذه الفئة العمرية التي هي محور النقاش؟
وهل تعتبر أن دغدغة مشاعر وأحاسيس الشباب بالحديث عن "شهواتهم" كاف لمعالجة ما يمرون منه؟ تحياتي الصادقة والخالصة.
الجواب:
في الحقيقة أن بعض الصحافة المغربية المكتوبة خصوصًا هدفها الأسمى هو الربح المالي؛ ولذلك تتقنص المواضيع الشيقة والمثيرة وخصوصًا المحرمات أو المقدسات أو الطابوهات... من بينها الجنس..
وتعتبر كما تعلم شريحة المراهقين من الجمهور المستهدف لهذه الصحف لعدة اعتبارات:
أولاً، المراهق يحب الاستطلاع والبحث عما هو مثير لبناء ذاته.
ثانيًا، لديه الوقت للمطالعة بحكم تواجده في فترة الدراسة.
ثالثا، هناك غياب واضح لبنيات تهتم بهذه الشريحة من المغاربة.
رابعًا، الفراغ القاتل لعدد كبير من الشباب المعطَّلين أو المعطِّلين.. فهو في هذه الحالة يبحث عن أي شيء يملأ به هذا الفراغ.
خامسًا، تأثير الغرب بواسطة الوسائل الإعلامية المتطورة الإلكترونية والسمعية والبصرية...
كل هذه الأمور تجعل من الصحف أن تتناول قضايا هذه الشريحة ببعدين: البُعْد الاستهلاكي والبُعْد الترفيهي. بعيدًا عن التعمق الحقيقي للإشكاليات الشبابية دون أن ننسى المحيط السياسي والأيديولوجي.
أشكرك مرة أخرى على إثارة هذا الموضوع "دغدغة مشاعر الشباب" التي تعتبر في نظري "عادة سرية ثقافية".
السؤال:
كيف السبيل لتربية المراهق على تحمل مسئوليته وهو معتمد كامل الاعتمادية على أبيه وأمه؟
الجواب:
كلنا نعتمد على آبائنا وقد اعتمدنا عليهم ماديًّا في طفولتنا، الإحساس بالمسئولية لا يتناقض مع الاعتماد على الوالدين إذا كانت ظروف المراهق أو المراهقة لا تسمح له بالاستقلال ماديًّا بنفسه.
فتحمل المسئولية هو تربية أساسًا، إذا أراد الوالدان من ابنهما أن يكون مسئولاً فيمكنهما تحقيق ذلك.
أولاً، تحديد مجالات ومستويات المسئولية.
ثانيًا، تحديد وضبط تعابير أو ممارسات المسئولية.
ثالثًا، تحديد أهداف السلوك المسئول.
رابعًا، تقييم نتائج سلوك أو ممارسة المسئولية.
هذا معناه أن تحمل المسئولية ليس بشيء فضفاض أو خيالي، بل هو مواقف وأفعال ونتائج.
إذا أردت باختصار أن يكون ابني مسئولاً فيجب أن أكلفه بعمل في متناوله وأن أمكنه من الوسائل لتحقيق ذلك العمل وأدعمه وأشعره بنتائج ذلك العمل، وحتى في حالة الفشل لا ألومه ولا أعاقبه.
السؤال:
غالبًا ما تكون مرحلة المراهقة فترة حرجة في حياة الشخص سواء كان أنثى أو ذكرًا، ويمكن من خلالها اكتساب بعض العادات التي يكون لها أثر عكسي في المستقبل كالتدخين أو التخلي عن الدراسة وغيرها، سؤالي فضيلة الدكتور ما هي الطريقة المثلى للتعامل مع المراهق حتى نكسب رجلاً فاضلاً في المستقبل خالٍ من أية عيوب ولو نسبيًّا.
الجواب:
حقيقة إن جميع فترات النمو تترك في نفسية الإنسان بصمات وارتسامات ما يسمى في علم النفس المرضي بـ"المكبوت"، وهذه البصمات متفاوتة في تأثيرها وفي استمراريتها قد تكون شهرًا أو شهرين أو سنين، وقد تبقى مع الإنسان مدى الحياة.
حقيقة إن بعض السلوكيات المرضية سواء على المستوى النفسي أو الصحي أو الاجتماعي التي يكتسبها الشخص هي نتيجة تعامل المحيط بصفة عامة مع إشباعات رغباته وحاجياته.
لكي نتمكن من التقليل من المظاهر السلبية كالتدخين ومص الأظافر... يجب أن نعطيها أهمية منذ مظاهرها الأولى ونوجه الشخص إلى اختصاصي نفسي، وهذا لا يعني إعطاء الأدوية.
أما فيما يخص العادات كالتدخين مثلاً التي تعتبر مخلفات لمرحلة -ربما- حرجة مر بها الشخص، فمن السهل التخلص منها مقارنة مع بعض السلوكيات المرضية النفسية كالوسواس، والغيرة المرضية، والخجل، واضطرابات العلاقات الجنسية والعاطفية...
السؤال:
هل هذه مراهقة جائزة في العلاقة بين الزوجين قبل الجماع أن تقوم الزوجة بمص ذكر زوجها بالفم وملامسة الذكر بيدها، وكذلك الزوج يضع لسانه في فرجها، ثم بعدها يتعاشران في الجماع؟ هل هذه أمراض مراهقة أم يجوز لهما أن يستلذان كيفما يشاءان طالما الطرفان مستمتعان بذلك؟ أوضحوا لنا جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
هذه السلوكيات التي تحدثت عنها ترجع إلى فترة من فترات النمو "ألما قبل الأدوبية"، حيث يكون الطفل أو الرضيع في مرحلة اكتشاف الآخر حتى يتمكن من ذاته.
وقد تحدثت "ميلاني كلاين" و"روني سبيتز" عن هذه العلاقة "ألما قبل شيئية"
حينما يشكل هذا النوع من الاتصال بالآخر إحساسًا بالدنوية أو بالخجل أو بالذنب، فهذا يجب تجنبه؛ لأنه سلوك مرضي.
السؤال:
كيف نستطيع أن نفرق بين أحداث المراهقة وسمات في الشخصية نفسها لا تتغير بعد هذه الفترة؟ وأيضًا في أي سن تنتهي المراهقة الطبيعية؟
الجواب:
المراهقة الطبيعية تنتهي بالبلوغ، أما المراهقة من الناحية النفسية والاجتماعية والثقافية تعتبر مجالاً حيويًّا لا نهاية له إلا بموت الفرد.
المراهقة بهذا المعنى اكتشاف مستمر لحيوية الإنسان على المستويات المعنوية والعلمية.
15/3/2005
http://www.islamonline.net المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/36)
إلى كل أب لديه مراهق في المنزل
كل منا مرّ بمرحلة المراهقة بشكل تختلف صوره عن الأشخاص الآخرين، حسب البيئة التي يعايشها، والأسرة ومفاهيمها المتعارف بينها، والظروف المجتمعية التي تواكب زمانه. ليعود التاريخ نفسه فيجد لوحته القديمة تعود في أبنائه، إما أن يسير مع هذا المراهق جنباً إلى جنب، ويجتاز ابنه أصعب المراحل الحرجة في حياته، وإما أن يخالفه المسير، فتصادفه العراقيل ويتخبط الابن فيسير بعكس الاتجاه.
• كن على يقين بأن ابنك المراهق دخل عالم الكبار، فلابد أن يعامل على أنه رجل مهما بلغت محبتك له، فتغييرات حدثت به جسمياً وعقلياً ونفسياً، تحتاج إلى احترام هذه التغييرات ودقة التعامل معها. • كن على يقين بأن ابنك المراهق يحتاج وخصوصاً في هذه المرحلة الحرجة إليك وإلى من يصادقه، ويستمع لشجونه وآلامه واحترام مشاعره مهما كانت بسيطة.
• كن على يقين بأن ابنك المراهق يواجه صعوبات نفسية، قد تؤدي به إلى الهاوية، إذا لم تلق عنايتك، فهو يخوض معركة يواجه فيها عالم الكبار إما أن يخسرها وتنعدم ثقته بنفسه، وإما أن يكسبها بأسلحتك القوية وتثبت ثقته.
• كن على يقين بأن ابنك المراهق بحاجة كبيرة وخاصة هو من بين أفراد عائلتك إلى جلسات انفرادية خفيفة تتصف بطعم المرح والمصاحبة الطبية والمصارحة والثقة والحب.
• كن على يقين بأن ابنك المراهق تتركز أحلامه وآماله في علاقة المفاتيح التي تداعب أناملك، فشاركه المداعبة بها حتى لا يختلسها خفية، ويحدث ما لا يحمد.
• كن على يقين بأن ابنك المراهق في هذه الفترة يبحث عن قدوته الحسنة التي يقتدي بها، فلا تجعل الممثلين والمغنيين يخطفون مكانتك في القدوة، ولتكن لديك الغيرة على هذه المرتبة الرائعة.
• كن على يقين بأن ابنك المراهق يحتاج إلى ما ينمي شعور الرجولة في داخله وأنه لم يعد طفلاً، فمشاورتك له في بعض الأمور الخفيفة المتعلقة بالمنزل، واصطحابك له إلى السوق والمجلس وزيارة الأقارب والأصدقاء مثلاً، تغير نظرته للحياة المستقبلية التي سيحياها. وهذه بعضاً من أمور لأمور ضخمة تحتاج منك إلى التفكير الدقيق بها، والتحاور الجاد مع زوجتك لوضع نقاط على الحروف حتى تسير معها برفقة ابنكما طريقاً سوياً خالياً من عوائق تعرقل حياة الأسرة كلها.
http://www.66n.com المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/37)
أبناؤنا واثقون .. استمع لابنك المراهق لحظة تكسبه عمرًا كاملاً
د.محمد فهد الثويني
ما هو الإبداع في التواصل؟
عرف الدكتور الثويني الإبداع في التواصل بأنه ' قرار جاد في التغيير نحو القدرة على كسب ثقة المراهقين الفتيات والفتيان يتخذه المربي ولا يقوى عليه المعلم ويعجز عنه المؤدي'.
قوانين الإبداع
وأضاف الدكتور أن الأبناء في مرحلة تكوين الشخصية التي تبدأ مع مرحلة المراهقة '7سنوات ـ 21سنة' يحتاجون إلى خمسة قوانين يتبعها الوالدان لتساعدهم في التواصل مع أبنائهما بسهولة وإبداع:
ـ الكفاية الذاتية نجاح والاعتمادية فشل.
ـ تجنب القسوة والدلال.
ـ التعرض لجميع مجالات الإبداع.
ـ تعلم بذور العلم لأنها حبل النجاة.
ـ استخدام الأسلوب الصحيح في تربيتهم.
تقدير المراهق
ثم انتقل الدكتور الثويني إلى عناصر تقدير شخصية المراهق.. حيث عرف التقدير بداية بـ'الفهم والمراعاة ثم إعطاء الكثير من الوقت لأبنائنا'، أما عناصر هذا التقدير فهي:
أ ـ افهمني:
وهو مطلب مهم جدًا، فعلى الوالدين أن يفهما طبيعة المرحلة التي يمر بها المراهق وما يحدث فيها من تغيرات جسمية ونفسية [كالاحتلام وتدور الأنف والطمث وتغير الصوت وظهور حب الشباب].
ب ـ راعني:
حيث يتوجب على الوالدين مراعاة وتقدير أوضاع ابنهما المراهق بل واحترام نفسيته وسرعة تبدلها من حال إلى حال.. فهو الآن في مرحلة المضادات وتتحكم المزاجية في تصرفاته، ولا تعني المراعاة التغاضي عن الأخطاء والسكوت عنها.
جـ ـ انتظرني:
وفي هذه النقطة شدد د. الثويني على ضرورة تحلي الوالدين بالصبر وطول البال في تعاملهما مع المراهق.. فأعطه الفرصة في التعبير عما يريد وأنصت له واستمع إليه ولا تستعجله مهما طال حديث، فهي فرصة كبيرة متاحة للوالدين للتعرف على تفاصيل مهمة قد تحدث معه بالإضافة إلى أنها تعرفهم بأصدقائه أكثر أو تعطي الوالدين فكرة عن سلوكه في الخارج.
د ـ شوقني:
إن طبيعة مهام الوالدين نحو أبنائهما، والتي تعتمد على المراقبة والمحاسبة، تجعل علاقة الابن بالآباء رسمية بعدية عن التشويق والإثارة والسرور، ومع تعدد المسؤوليات وضيق الوقت ينجرف الأبناء وراء المشوقات الموجودة حولهم مثل [التلفزيون، التسوق، الإنترنت، الأصدقاء، الزيارات] فيقل انتماؤهم للمنزل،
ويبحثون عن قدوة خارجية تدخل الفرحة أو المرح إلى قلوبهم وتشبع حاجاتهم النفسية.
وقد قسم د. الثويني إدارة بيت الأسرة إلى ثلاثة أقسام:
1ـ إدارة فندقية: وهي التي تفتقر لأي نوع من الإثارة وعناصر الجذب والتواصل، حيث يوفر الوالدان لأبنائهما كل ما يحتاجون إليه من وسائل الراحة والترفيه داخل وخارج المنزل دون تواصل بينهما [كالإدارات الفندقية والخدمات]، كما أنها تفتقر إلى المحاسبة بين الوالدين وأولادهما فيتصرف الأبناء بحرية دون رادع أو محاسب [كالهروب من المدرسة، التدخين، والتصرفات الطائشة] فتكون درجة تعرضهم للخطر أكبر ووقوعهم في الهاوية أسرع.
2ـ إدارة تربوية: ويعتمد أسلوبها على الخدمات الفندقية لكن باختلاف بسيط وهو أن يكون إشراف الأم بشكل سطحي على أفراد الأسرة دون معايشة وتواصل، كأن تشرف على عمل الخدم، وتتواجد في البيت لكي تسأل عن احتياجاتهم فقط!! ويشعر المراهق بحبها لكن هذا الحب والاهتمام غير كاف لجذبه إلى داخل المنزل ويجد متعته وقدوته خارج أسرته ومنزله، لذلك تنخفض فرص انحراف أبناء هذه الأسرة ذوات الإدارة التربوية إلى '50%'.
3ـ إدارة أسرية: وهي إدارة الأسرة التي تعتمد في أساسها على الحب والحنان والحوار والمشاورة بين أفرادها مما يضيف جوًا من التجاذب والتشويق والإثارة وارتباط الابن المراهق ارتباطًا قويًا بالأسرة، لأنها ستستوعبه في جميع حالاته، وتساعده على تفريغ ما بداخله من مشاعر، سواء غضب أو حب أو كراهية، فيجد داخل هذه الأسرة جميع احتياجاته التي تغنيه عن البحث عنها في الخارج.. وضرب لنا د. الثويني مثالاً: تستطيع الأم بجلسة بسيطة مع ابنها المراهق أن تتحدث معه بلطف وتمسح على رأسه وتمدحه وتضمه إلى صدرها وتغدق عليه بالحب والحنان، ليفرغ ما بداخله ويتحدث عما في نفسه، ومع التكرار سيتعود على هذه اللمسات الحانية، بل ويطالبك بالجلوس للتحدث والمشاورة، مما يقلل فرص الانحراف والتصرفات السلبية بالنسبة لأبناء هذه الأسرة.
كيف أشوق أبنائي؟
وبعد هذا التفصيل طرح د. الثويني سؤالاً مهمًا: كيف أشوق أبنائي؟ وكان الجواب هو: استخدموا حواسكم الخمسة في إثارة أبنائكم وتشويقهم.
فمثلاً عندما تقول الأم لابنها [أنا أحبك] فقط ثم تذهب لن يكون لهذه الكلمة أي تأثير في نفس المراهق.. لكن لو استخدمت الأم حواسها الخمسة في التعبير عن حبها لابنها سوف ينغرس في قلبه وعقله هذا الحب ويشعر به فعلاً، فتنظر لعينه مباشرة وتمسح بيدها على رأسه وتقبله على خده ثم تضمه إلى صدرها وتشم رائحته وتمدحه بلسانها. وأكد الدكتور أن استخدام الوالدين لحواسهما الخمسة في التعامل مع أبنائهما يجعل أسلوبهما أكثر تشويقًا وإثارة من أي مؤثر حول المراهق.
التواصل المرن
تطرق الدكتور الثويني إلى مهارات يمكن أن يطبقها الوالدان للوصول إلى الإبداع في التواصل بمرونة وسهولة مع المراهق:
1ـ لا تتدخل في نوعية أصدقاء ابنك إلا إذا كنت تعرفهم معرفة تامة وعليك أن تجد البديل لهؤلاء الأصدقاء:
فلا يتعدى الوالدان على حق ابنهما في اختيار أصدقائه بل يعطيانه المفاهيم والمعايير الصحيحة في كيفية اختيار الأصدقاء ثم تترك له مساحة من الحرية للمصادقة، أما عن إيجاد البديل فعلى الوالدين توضيح المعايير للابن، فمثلاً أن يقول له الأب: يجب أن يكون صديقك بارًا بوالديه، ملتزمًا بصلاته، مؤمنًا، أمينًا، صادقًا، يتصف بالأخلاق الحسنة، أو أن أجعله يصاحب مجموعات وليس أفرادًا لأن المجموعة فيها تنوع فيصبح الاختيار أكبر. لذلك شدد الدكتور على أهمية منح الابن الحرية في اختيار أصدقائه لكن ضمن معايير ومفاهيم أبينها له دون أن أفرضها عليه، بل أدعه يجرب بقلبه وعقله، ويستمر في الحصبة ويعايشها عن اقتناع.
2ـ استخدم القصة والرواية في الحوار لتجمع بين العقل والقلب:
وتعتبر القصص والروايات من أكثر الأساليب الناجحة في جذب انتباه المراهق وتشويقه لكن بشرط أن يجيد الوالدان أسلوب الحوار ويستخدما الوسيلة الصحيحة في رواية القصة، فمثلاً عند رواية القصة يجب مراعاة الأمور التالية:
1ـ الجلوس في مستوى الابن [سواء على الأرض أو التمدد على السرير].
2ـ الابتعاد عن الأسلوب الجامد واستخدام أسلوب التشويق مثلاً [غدًا نكمل القصة] والصدق في الوعد كي لا يتعلم الأبناء الكذب منك لأن الكذب يكتسب من السلوك العام.
3ـ اختيار الوسيلة الصحيحة بحيث يختار الوالدان ما يناسب ميول الأبناء من قصص [دينية، مغامرات، اجتماعية... إلخ].
ويهدف استخدام أسلوب القصة والرواية إلى توصيل المفاهيم والتصرفات التي يريدها الوالدان من أبنائهما بطريقة غير مباشرة.
3ـ استمع لأبنائك حتى لو كنت مشغولاً:
إن من أسوأ المواقف التي واجهها المراهق من والديه عدم الاستماع إليه أو إظهار الاهتمام بحديثه.. ويمكن للوالدين تجنب ذلك بالاستماع له حتى لو كانا مشغولين كأن تقول مثلاً: 'أنا مشغول الآن هل من الممكن أن نتحدث لاحقًا' أو 'تحدث باختصار شديد ثم نجلس في ولقت لاحق لنتحدث مطولاً'، أو 'تحدد له موعدًا خاصًا به، فالانشغال هو حق لكن دون أن يقطع العلاقة بين الوالدين وأبنائهما.. كما أن المراهق حساس جدًا في هذه المرحلة ويميل إلى المقارنة بين أسلوب تعامل والديه له وبين أسلوب تعامل والدي صديقه مع ابنهما.. فلا تدفعوا أبناءكم لهذا الأسلوب واستمعوا لهم حتى وأنتم مشغولون.
4ـ لا تصدر أحكامًا سريعة على تصرفات ابنك:
تتبع بعض الأسر أسلوب [إصدار الحكم] أو توجيه أوامر وأحكام فقط مثل [اذهب، لا تذهب، عيب، لا تتكلم، صح، خطأ] دون حوار أو مناقشة أو قبول أي اعتراض، فقط سياسة إصدار أحكام وأوامر، والمطلوب من الأبناء التنفيذ فقط مما ينتج عنه أبناء كذابون، غشاشون، لا يملكون ثقة بأنفسهم، ولا شخصية لهم.. لكن الأسلوب الصحيح هو اتهام سلوك الابن لا ذاته وإبداء حسن الظن. وإذا أخطأ ابنك أفهمه أنك تحبه وهو
ابنك الغالي لكن سلوكه وتصرفه هو الخاطئ، وهو المتهم، فأنت بذلك تحترم وتقدر ذاته وتساعده على تصحيح سلوكه الخاطئ.
5ـ لا تفرق في المعاملة بين الذكر والأنثى:
ويشدد الدكتور الثويني على هذه النقطة المهمة لاعتبارها ظاهرة طغت على بعض المجتمعات وخاصة الخليجية حيث يعطي الشاب حرية تامة في التصرفات والسلوكيات ويعطى أكثر من حقوقه، بينما تحرم البنت من أبسط حقوقها [كالخروج من المنزل والتحدث بالهاتف، والتسويق] لذلك فإن الاعتدال والمساواة في التعامل مع الشاب والفتاة، والتعامل مع البنت بأسلوب سوي، وإعطائها الكثير من الحرية بما لا يخدش الحياء والخُلق والشرف والعرف، سينشئ أبناء أسوياء، لأن الكبت يؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه.
6ـ لا تطبق سياسة اسمع ونفذ:
يتبع بعض الأهل نمطية جافة في تحديد كل ما يتعلق بالأبناء، فيفرضون عليهم أمورًا تخص حياتهم دون أخذ رأيهم [كاختيار الأصدقاء، ونوعية الملابس... إلخ] وهذا الأسلوب يسبب ضغطًا كبيرًا على نفسيتهم بالإضافة إلى الضغوط التي يواجهونها بسبب التغير الشكلي في الجسم [مظاهر البلوغ] والدراسة والعلاقات مع الأصدقاء.. فلا تكونوا سببًا في زيادة الضغوط على أبنائكم واستخدموا سياسية التفريغ، فمثلاً يمكن التخلص من ضغط الدراسة بتفريغه عن طريق اللعب أو أخذ راحة لفترة معينة، أي: لعب، دراسة، وراحة.
7ـ اترك أبناءك في عزلتهم:
لا تقحم نفسك في خصوصياتهم لأنهم يميلون في هذه المرحلة إلى حب الذات ومحاسبتها، لذلك لا مانع من اختلائهم بأنفسهم قليلاً وإغلاق باب الغرفة لأكثر من ساعتين، لكن ليس ليوم وليلة، فاحترام عزلة المراهق وحسن الظن باختلائه بنفسه يعززان من ثقته بنفسه وبوالديه، لكن إذا شك الوالدان أو ظنا بأمر سوء لابد من التدخل السريع مع الاستئذان.
حياة أسرية ناجحة:
وأنهى الدكتور محمد الثويني حديثه قائلاً: مرحلة المراهقة مرحلة حساسة جدًا في حياة الأبناء وتتطلب من الآباء والأمهات اهتمامًا ومتابعة مستمرين، فكونوا مربين ناجحين لأبنائكم المراهقين وحققوا المعادلة الصحيحة لحياة أسرية ناجحة وهي:
مرونة + راحة + قبول حياة أسرية ناجحة
مايو 2005
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــــــــ(110/38)
يعاني من ميوعة بعض طلاب التحفيظ لديه
السؤال:
أنا مدرس في حلقة تحفيظ لشباب في سن يقارب ما بين 16 سنة إلى 20 سنة ولكن بهم من الدلع والميوعة ما الله به عليم فما هي الطريقة الصحيحة لتربية الشباب هؤلاء على الجهاد والرجولة?.
الجواب:
الحمد لله
لعل من أحسن الطرق في هذا السن تعليقهم بشخصيات الأبطال والفاتحين ، وسرد قصصهم ومواقفهم ، لترتفع اهتماماتهم وحدثهم عن واقع المسلمين ، وخطط أعدائهم للإيقاع بهم وإشغال شبابهم بالترهات ولا تشدد عليهم في بعض الأمور التي هي من مقتضى طبيعة الشاب في هذا السن ، من العناية بالمظهر ، ولكن بضوابط الشرع .
وأنصحك بقراءة كتاب " المراهقون" للدكتور عبد العزيز النغيمشي
وفقك الله
الشيخ : أحمد العبد الرحمن القاضي
جامعة الإمام محمد بن سعود فرع القصيم . (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــــــــ(110/39)
سرق من مال والده وأخيه وندم
السؤال:
عندما كنت في سن المراهقة كنت آخذ من الوالد فلوس دون علمه ومن أخي الأكبر كذلك والآن ندمت علي ما بدر مني والآن أتساءل ماذا أفعل هل أرد الفلوس إلى أهلها مع العلم أني لا أعلم كم المبلغ الذي أخذته بالضبط .
الجواب:
الحمد لله
ما فعلته هو من باب السرقة ، وقد ندمت على ما فعلت ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) . رواه أحمد (3558) وابن ماجه (4252) . وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه . وَالمراد أَنَّ الندم هو الرُّكْن الأَعْظَم فِي التَّوْبَة .
فالحمد لله أن وفقك للتوبة ، ومن توبتك أن ترد الحقوق إلى أهلها ، أو تطلب منهم العفو ولمسامحة .
فعليك أن تقدر الأموال التي أخذتها وتجتهد في ذلك ثم تردها إلى أبيك وأخيك .
ولا يشترط أن تخبرهما بأن هذا المال كنت قد سرقته منهما ، بل المقصود هو وصول الحق إلى أهله بأي طريقة كانت .
راجع السؤال رقم (31234) ، (40157) .
وإن أردت أن تخبرهما بحقيقة الأمر وطلبت منهما العفو والمسامحة فإن هذا لا يضيرك إن شاء الله ، لاسيما وفد فعلت ذلك في زمن المراهقة وقد وفقك الله تعالى للتوبة منه ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : (التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ) رواه ابن ماجه (4250) .
حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وعليك بالمبادرة إلى ذلك فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأصحابه ذات يوم :
( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ . فَقَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ
حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ) رواه مسلم (2581).
نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ، ويوفقك لحسن القول والعمل .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــــــــ(110/40)
المشّقات التي تلاقيها الفتيات المسلمات في بلاد الكفر
السؤال:
السؤال :
كيف هو الحال مع مسلمة ملتزمة بدينها وهي في سن المراهقة وتعيش في بلد كافر مثل استراليا يحكمه القانون الذي يقوم على النصرانية ؟ وما هي الصعوبات التي قد تواجهها ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
الفتاة المسلمة التي تعيش في بلد نصراني يُمكن أن تواجه مشكلات عديدة مثل صعوبة التمسك بالحجاب ، وصعوبة الدراسة دون اختلاط ، وصعوبات في الزواج على حسب الشّريعة وكذلك عند الطّلاق وكذلك في الحقوق المالية كتقسيم الميراث على حسب الشّريعة الإسلامية ، وصعوبة اتخاذ صديقات مسلمات يساعدنها على التمسك بدينها ، وصعوبة إيجاد اللحم الحلال المذبوح حسب الشّريعة الإسلامية وكذلك بعض الأطعمة كالحلويات غير المخلوطة بالخمر أو دهن الخنزير ، وصعوبة ممارسات رياضات معيّنة كالسّباحة في مكان مستور عن أعين الرّجال ، والصعوبة في التخلّص من إحراج الدّعوة إلى حفلات محرّمة كالأعياد النصرانية وولائم الزواج المختلطة ، وغير هذا من التحدّيات الكثيرة التي تواجه الفتاة المسلمة في مثل البلدان المُشار إليها في السّؤال ، ولكن كلّ تلك الصعوبات لا تمنع إطلاقا من مجاهدة الفتاة نفسها وبذل جهدها في تطبيق شعائر دينها والابتعاد عن المحرّمات وهي تُؤجر من الله أجرا مضاعفا على ما تواجهه من مشقّات وصعوبات وعوائق ، وبالصّبر تنال الأجر ، وبالرغم من مرارة الصّبر إلا أنّه تعقبه لذّة تُنسي ألم المشقّة ، والله المستعان.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــــــــ(110/41)
أختها لا تصلي ولا تحسن التصرف
السؤال:
ماذا أفعل لأختي الصغرى ، فهي لا تصلي ودائماً تكذب وتتشاجر، وجميع من في البيت سئم من تصرفاتها ؟.
الجواب:
الحمد لله
نشكر لك تواصلك معنا ، ونسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويقينا شر أنفسنا .
أما حال أختك فهو حال كثير من الشباب في هذا الزمان نسأل الله لنا ولهم الهداية ، وواجبنا نحوهم - فيما يظهر - كما يلي :
أولا : ينبغي التوجه إلى الله بطلب الهداية لهم ، فهو مقلب القلوب ، ولربما دعوة خرجت من القلب تكون سببا في سعادتها في الدنيا والآخرة .
ثانيا : ينبغي ترك التعامل معها على أنها صغيرة ، أو أنها لا تدرك مصلحتها فالإنسان – لاسيما في سن المراهقة – يحب ممن حوله أن يشعروه بأهميته ، ولا يحب أن يعامله الناس على أنه لا يزال صغيراً .
ثالثا : محاولة ربطها بفتيات صالحات ، وإبعادها عن صديقاتها الغير صالحات ، حتى لو استدعى ذلك مثلاً نقلها من المدرسة التي تدرس بها ، وينبغي أن يكون ذلك بحيث لاتنتبه هي ؛ لأنها ربما تتصرف تصرفا عناديا يزيد من المشكلة .
رابعا : ينبغي أن لا تكون نظرتكم لها هي نظرة التضايق فقط ، بل ينبغي إظهار الفرح بما تفعله من الأشياء الطيبة وتقديم الهدايا لها إذا فعلت أمرا طيبا .
خامسا : يمكنكم مناصحتها من خلال شخص تحبه كمدرستها أو صديقة لها أو غير ذلك .
سادسا : احرصوا على محاولة إيصال الشريط أو الكتاب الذي فيه موعظة بطريق غير مباشر ، كوضعه قريبا منها أو الاستماع للشريط في السيارة في حال ركوبها .
وأما كونها لا تصلي فهذا أمر في غاية الخطورة ، فمنزلة الصلاة في الإسلام بمنزلة العمود الذي يقوم عليه البناء ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) رواه الترمذي ( 2621 ) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 2113 ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) رواه مسلم ( 82 ) .
فالواجب عليكم مناصحتها ووعظها وحملها على الاستقامة ، لتجمعوا في ذلك بين أسلوبي الترغيب والترهيب ، واللين والشدة ، فإن احتاج الأمر إلى الشدة أحياناً فلا بأس من استعمالها .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع ) رواه أبو داود ( 495 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود ( 466 ) .
وهذه الشدة والقسوة إنما هي لمصلحتها .
قال الشاعر :
قسا ليزدجروا ومن يك راحماً فليقسُ أحياناً على من يرحمُ
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــــــــ(110/42)
يشتغل بالدعوة ويحس بالنفاق وضعف الإيمان
السؤال:
السؤال : أنا أعيش في الغرب وقد ولدت لأسرة مسلمة ، ومنذ بداية سن المراهقة وأنا نشيط في الحقل الإسلامي حتى في زمن طفولتي وأنا اعتقد بالإسلام واستغرب كيف ينام البعض ولم يصلوا.
لما تقدم بي السن الآن تغيرت كليا ، فقد تلاشى إيماني بالله وبالإسلام وقد أصبحت منافقا إلى أسوء الحدود ، ابتعد عن النساء ولكن ليس عن الصور العارية أحاول أن اقلع عن ذلك وهذا ممكن أن يكون سبب سقوطي ولكني اكتشفت انه متأخر جدا حيث أن هذا الآن واحد من ضمن الأسباب وليس الأصل لان الأصل هو اعتقادي بالله وبالإسلام .
بعض الأحيان اشعر بأنني مجنون ولدي تفكير خاطئ عن الله ، ومن أين أتيت ، والإسلام والصحيح والخطأ ، وكأنني في حرب بين الإيمان وعدم الإيمان وخصوصا وقت الصلاة.
لم اترك الصلاة وباقي العبادات ولكنها فعلا لم تعد تنفعني أو تؤثر بي ، فإذا لقيتني تحسب أنني ملتزم بالدين من المظهر والحديث وذهابي للمسجد وصيامي ولكن فعلا أنا منافق حقيقي ولا يعلم به أحد ، ولا أستطيع الاستمرار على ذلك.
قرأت كتابك "أسباب ضعف الإيمان" ويظهر أن الكتاب قد كُتب لي خصيصا ومع هذا فأنا أريد جوابا خاصا لمشكلتي.
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
1- لتعلم يا أخي أن عصمة أمر العبد دينه وإيمانه ولا يضره ما فاته من الدنيا إذا حفظ الله تعالى له دينه ، والله عز وجل هو مالك الملك ومقلب القلوب ، وهو وحده الذي يثبت القلوب ويربط عليها ، ولذلك أنصحك يا أخي أن تلجأ إلى الله عز وجل فإنه رب رحيم ودود لطيف بعباده ومتى ما صدقت اللجوء إليه وتضرعت بين يديه وسألته أن يحفظ لك إيمانك وأن يعيذك شر وساوس النفس والشيطان فإنه تعالى قريب مجيب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، فلا تنسى هذا الباب العظيم ففيه الفرج والمخرج مما أنت فيه إن شاء الله تعالى ، كما أذكرك بفضل قراءة القرآن وكثرة الأذكار في الصباح والمساء فإن لذلك أثر في طمأنينة القلب .
2- اجتنب يا أخي الأسباب التي تبعدك عن الله عز وجل وتقربك من الشيطان ووساوسه ، ومن ذلك ما ذكر في سؤالك من رؤيتك للصور العارية وغيرها ، لأن المعصية إذا أصر عليها صاحبها فإنها تتراكم على القلب حتى يظلم ولا تؤثر فيه المواعظ بعد ذلك ، فبادر إلى التوبة من هذه المعصية وغيرها وحقق شروط التوبة بكاملها . كما ننصحك باجتناب جلساء السوء ومجالس الشبهات والشهوات وابحث عن أهل الخير ومجالسهم لأن المرء على دين خليله .
3- يبدو من خلال سؤالك أنك تعاني من مشكلة نفسية معينة إما مالية أو اجتماعية أو غيرها مما كان له الأثر في تلك الوساوس التي تعاني منها ، فإن كان هذا صحيحاً
فأنصحك أن تبادر إلى علاج هذه المشكلة فقد تكون باباً لحل ما تعاني منه ، ونحن نساعدك قدر استطاعتنا إن شاء الله .
4- قد يكون ما تشعر به ضرباً من الاكتئاب والقلق لسبب أو آخر ، وأنت تعلم أن الله عز وجل ما أنزل داء إلا وأنزل له دواء ، ومعلوم أن هناك عقاقير نافعة بإذن الله تعالى لعلاج مثل هذه الأمراض فالتمسها عند أطباء النفس .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــــــــ(110/43)
ممارسة العادة السرية في رمضان دون إنزال
السؤال:
عند ما كنت في سن المراهقة كنت استمني في بعض أيام نهار رمضان ولكني لا أدع السائل المنوي يخرج من الذكر بحجزي إياه ولكني ابلغ المتعة والشهوة.
فما حكم صيامي ، وكيف يمكنني التكفير عن هذا الذنب العظيم ، مع العلم أني لا أعرف عدد الأيام التي فعلت ذلك فيها ؟.
الجواب:
الحمد لله
اعلم أن الوقوع في هذه العادة محرم شرعا ، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق تفصيل الأدلة في السؤال رقم ( 329 ) ، كما أن تلك العادة من الأمور المستقبحة فطرة وعقلا ، ولا يليق بمسلم أن يدنو بنفسه لفعلها .
ثم اعلم أن المعاصي لها شؤم على المرء ، في عاجل دنياه ، وفي أخراه ، إن لم يتب ، أو يتداركه الله برحمته ، وقد سبق بيان ذلك في الأرقام التالية ( 23425 ، 8861 ، 45040 )
أما حكم المسألة الواردة في السؤال ، فإنه إذا مارست العادة السرية ولم يخرج المني لأي سبب من الأسباب لم يفسد الصوم على الصحيح من أقوال أهل العلم ، لأن المعتبر هو خروج المني ، فإذا خرج فسد الصوم ولزم القضاء ، وإن لم يخرج لم يفسد الصوم ، لكن يلزمك على كل حال التوبة إلى الله عز وجل ، والاستغفار من تضييع الصيام في مثل هذه الأمور .
وقد يخرج المني بعد فترة حتى إذا منعته من الخروج ، وحينئذ يفسد صيام ذلك اليوم ويلزمك القضاء ، فإن كنت لا تدري عدد الأيام التي أفسدتها ، فتحر ذلك ، حتى يغلب على ظنك أنك قضيت ما عليك من أيام .
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح زاد المستقنع :" وهل يمكن أن ينتقل - يعني المني - بلا خروج ؟
نعم يمكن ؛ وذلك بأن تفتر شهوته بعد انتقاله بسبب من الأسباب فلا يخرج المني .
ومثلوا بمثال آخر : بأن يمسك بذكره حتى لا يخرج المني ، وهذا وإن مثل به الفقهاء فإنه مضر جدا ، والفقهاء رحمهم الله يمثلون بالشيء للتصوير بقطع النظر عن
ضرره أو عدم ضرره ، على أن الغالب في مثل هذا أن يخرج المني بعد إطلاق ذكره .
وقال بعض العلماء : لا غسل بالانتقال ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ، وهو الصواب ، والدليل على ذلك ما يلي :
1- حديث أم سلمة وفيه : " نعم ، إذا هي رأت الماء " ولم يقل : أو أحست بانتقاله ، ولو وجب الغسل بالانتقال لبينه صلى الله عليه وسلم لدعاء الحاجة لبيانه .
2- حديث أبي سعيد الخدري : " إنما الماء من الماء " ، وهنا لا يوجد ماء ، والحديث يدل على أنه إذا لم يكن ماء فلا ماء .
3- أن الأصل بقاء الطهارة ، وعدم موجب الغسل ، ولا يعدل عن هذا الأصل إلا بدليل . " [ الشرح الممتع 1 / 280 ، وانظر الفروع 1 / 197 ، المبسوط 1 / 67 ، المغني 1 / 128 ، المجموع 2 / 159 ، الموسوعة الفقهية الكويتية 4 / 99 ]
راجع الأسئلة رقم ( 38074 ، 2571 ) ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــــــــ(110/44)
تريد أن تتزوج من شخص مريض بمرض معدٍ
السؤال:
ماذا تفعل المسلمة إذا أرادت أن تتزوج شخصاً مصاباً بمرض "الهربس" مرض جنسي؟ بالنسبة لدينه وأخلاقه فلا بأس بها ولكنه أخطأ في السابق وهو في سن المراهقة ثم تاب منه ولم يفعلها مرة أخرى .
هل سيحميني الله من المرض إذا تزوجته لسبب ديني وأطعنا الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
ورد الشرع بأنه ينبغي للمسلم أن لا يعرض نفسه للبلاء .
ومن ذلك : مخالطة المريض مرضاً معديا ، لاسيما إذا كان هذا المرض خطيراً ومزمناً - كالهربس -.
وقد توجه الخطاب من الشرع لكل من المريض والصحيح .
أما المريض فقد روى مسلم (2221) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ )
(مُمْرِض) صَاحِب الإِبِل المريضة .
(مُصِحّ) صَاحِب الإِبِل الصحيحة .
فَمَعْنَى الْحَدِيث : لا يُورِد صَاحِب الإِبِل المريضة إِبِله عَلَى إِبِل صَاحِب الإِبِل الصحيحة ، لئلا ينتقل المرض بالعدوى .
وأما الصحيح فقد خاطبه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله : ( فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الأَسَدِ ) رواه أحمد (9429) وصححه الألباني في صحيح الجامع (7530) .
والجذام مرض معدٍ معروف – نسأل الله السلامة والعافية .
وروى مسلم (2231) عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ ) .
قال ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" (2/272) :
" أرسل إلى ذلك المجذوم بالبيعة تشريعاً منه للفرار من أسباب الأذى والمكروه ، وأن لا يتعرض العبد لأسباب البلاء " اهـ .
وقال القيم في "زاد المعاد" (4/147) :
" فصل في هديه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التحرز من الأدواء المعدية بطبعها ، وإرشاده الأصحاء إلى مجانبة أهلها" اهـ ثم ذكر الأحاديث المتقدمة .
وقد يكون إرادتك للزواج من هذا الشخص المريض بمرض الهربس تحت تأثير العاطفة ، وتظنين من نفسك الصبر والتحمل ، ثم إذا وقع البلاء ندمت وقت لا ينفع الندم ، والسلامة لا يعدلها شيء .
فالنصيحة لك عدم الزواج من هذا الشخص .
ونسأل الله تعالى أن يرزقك زوجاً صاحاًً ، يكون عوناً لك على أمور دينك .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــــــــ(110/45)
انتكس بعد توبته
السؤال:
السؤال : تربيت في بيت عائلتي المسلمة الملتزمة في الغرب ، مع الأسف في سن المراهقة سمحت لنفسي أن يقودها الشيطان واقترفت العديد من الذنوب خلال سنوات حتى أنني خرجت عن الإسلام.
حاولت التوبة والعودة خلال السنتين الماضيتين ، أديت أركان الإسلام الخمسة جميعها وتصدقت بكرم وشاركت في الدعوة وساعدت المسلمين ، أحسن معاملة زوجتي ووالداي.
مع ذلك فإن قلبي يتردد كثيرا ، بعض الأحيان أكون مقتنع جدا بالحق ولكن في الغالب أنا صم بكم اكتشف كثيراً أن قلبي مغرور جداً ، ذنوب وكره للحق.
حاولت كثيراً أن أكبت هذه الأحاسيس السلبية ولكنني لم أستطع أن أتجاوزها. أريد أن أصبح مسلم ثانية ولكنني حاليا في موقف سلمت نفسي فيه لحياة الطاغوت.
قرأت كتباً لا عد لها واستمعت لمحاضرات كثيرة ولكن بدون جدوى.أريد أن أنجح في هذه الحياة وأنجو من النار. ما الذي أستطيع أن أفعله ؟ هل يجب أن أقول الشهادة مرة أخرى ؟ أرجو أن تساعدني .
الجواب:
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى السؤال التالي : أنا شاب قد أسرفت على نفسي في المعاصي كثيرا ، حتى أنني لا أصلي في المسجد ولم أصم رمضان كاملا في حياتي ، وأعمل أعمالا قبيحة أخرى ، وكثيرا ما عاهدت نفسي على التوبة ، ولكني أعود إلى المعصية وأنا أصاحب شبابا في حينا ليسوا مستقيمين تماما ، كما أن أصدقاء إخواني كثيرا ما يأتوننا في البيت وهم أيضا ليسوا صالحين ، ويعلم الله أنني أسرفت على نفسي كثيرا في المعاصي وعملت أعمالا شنيعة ، ولكنني
كلما عزمت على التوبة أعود مرة ثانية كما كنت . أرجو أن تدلوني على طريق يقربني إلى ربي ويبعدني عن هذه الأعمال السيئة .
فأجاب رحمه الله تعالى : يقول الله عز و جل : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) سورة الزمر أجمع العلماء أن هذه الآية الكريمة نزلت في شأن التائبين ، فمن تاب من ذنوبه توبة نصوحا غفر الله له ذنوبه جميعا لهذه الآية الكريمة ، ولقوله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) ، سورة التحريم فعلق سبحانه تكفير السيئات ودخول الجنات في هذه الآية بالتوبة النصوح ، وهي التي اشتملت على ترك الذنوب والحذر منها ، والندم على ما سلف منها ، والعزم الصادق على أن لا يعود فيها تعظيما لله سبحانه ورغبة في ثوابه وحذرا من عقابه .
ومن شرائط التوبة النصوح رد المظالم إلى أهلها أو تحللهم منها إذا كانت المعصية مظلمة في دم أو مال أو عرض ، وإذا لم يتيسر استحلال أخيه من عرضه دعا له كثيرا وذكره بأحسن أعماله التي يعلمها عنه في المواضع التي اغتابه فيها ، فإن الحسنات تكفر السيئات ، وقال سبحانه : ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) سورة النور، فعلق عز وجل في هذه الآية الفلاح بالتوبة ، فدل ذلك على أن التائب مفلح سعيد ، وإذا أتبع التائب توبته بالإيمان والعمل الصالح محا الله سيئاته وأبدلها حسنات ، كما قال سبحانه في سورة الفرقان لما ذكر الشرك والقتل بغير حق والزنا : ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب و آمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) سورة الفرقان .
ومن أسباب التوبة الضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله الهداية و التوفيق وأن يمن عليك بالتوبة وهو القائل سبحانه : ( ادعوني أستجب لكم ) غافر ، وهو القائل عز و جل : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) سورة البقرة .
ومن أسباب التوبة أيضا والاستقامة عليها صحبة الأخيار والتأسي بهم في أعمالهم الصالحة والبعد عن صحبة الأشرار وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( مثل الجليس الصالح كصاحب المسك إما أن يحذيك - أي يهديك هدية - وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ) . مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ، فتاوى العقيدة القسم الثاني ص640 .
أما بالنسبة لتجديد إسلامك فإن كنت فعلت ما يُخرجك عن الإسلام بالكلية فعليك بنطق الشهادتين والدّخول في دين الإسلام الذي خرجت منه وإن كان ما فعلته ذنوبا وكبائر لا تُخرجك من ملة الإسلام فتكفيك التوبة بشروطها كما تقدّم ، واحذر اليأس من رحمة الله واسلك سُبُل النجاة ، وفقنا الله وإياك لكل خير ، وصلى الله على نبينا محمد .
نسأل الله عز و جل أن يمن علينا وعليك بالتوبة النصوح وأن يتجاوز عنا وعنك وأن يفرج عنك ما أنت فيه وأن يجمعنا وإياك في جنات النعيم إخوانا على سرر متقابلين آمين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــــــــ(110/46)
تفكر في الإسلام وتسأل كيف تصلي أثناء الدوام المدرسي
السؤال:
السؤال : أنا فتاة في سن المراهقة ، وعندي رغبة شديدة بدين الإسلام ، وأفكر في الدخول فيه ، لكن لست أدري كيف يمكن لي أداء الصلوات في المدرسة . أرجو مساعدتكم .
الجواب:
الجواب :
نشكرك كثيرا على توجيه هذا السؤال ، ونشجعك على المبادرة إلى الدخول في الإسلام الذي لا يقبل الله غيره ، وأبشري بمستقبل جيد وحياة طيبة إذا دخلت في هذا الدين .
أما عن سؤالك فنريد أن نجيب عليه بسؤال آخر ، ومقصودنا فيه جد وليس هزل ولا سخرية :
لو أن الطالب أثناء الحصة الدراسية حضره قضاء الحاجة بحيث اضطر أن يذهب لدورة المياه فماذا سيفعل ؟
فالجواب المتوقع هو : سيستأذن من المدرس ويخرج .
وأداء الصلاة في وقتها أهم من قضاء الحاجة ، ونوصي ونذكر في هذه الحالة بأمور :
أولا : إن أوقات الصلوات في الإسلام متسعة ولله الحمد ، فمثلا وقت صلاة الظهر ( وهو الوقت الذي يدخل على الطلاب أثناء الدوام المدرسي عادة ) لا ينتهي إلا بدخول وقت صلاة العصر أي أن لديك من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله كي تصلي فيه وهذا الوقت ساعات وليس دقائق وبالتالي فلا يخلو من وجود فرصة للصلاة .
ثانيا : عادة ما يكون هناك فراغات بين الحصص ولو خمس دقائق يمكن اغتنامها ، وكذلك أوقات راحه أو فرصة للإفطار بين الحصص يمكن أداء الصلاة فيها ، فإن لم يحدث فبعد الخروج من المدرسة وقبل انتهاء وقت الصلاة ، فإن لم يحدث استأذني من المدرِّسَة قيبل نهاية الحصة مثلا واخرجي لأداء الصلاة ، وقد يوجد في بعض البلدان قوانين تمكن معتنقي الأديان من أداء شعائرهم نظاميا وقانونيا في فترة معينة أثناء العمل والدراسة ، فيمكن الاستفادة منها إذا وجدت .
وعلى كل حال فإن من يتق الله يجعل له مخرجا وييسر له أمره ، وإذا علم الله من العبد المسلم حرصه على أداء فرائضه أعانه وأفاده .
وختاما فإننا نشكرك مرة أخرى على السؤال ، ونسأل الله أن يهديك إلى طريق الحق عاجلا غير آجل ، ويرزقك الصحة والعافية ويكتب لك التوفيق والنجاح في حياتك ويحفظك من سائر الشرور .
وصلى الله على النبي محمد وآله وصحبه أجمعين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــــــــ(110/47)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ... أما بعد :
البيت نعمة
قال الله تعالى : " والله جعل لكم من بيوتكم سكناً " . سورة النحل الآية 80 .
قال ابن كثير – رحمه الله - : " يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده ، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها ويستترون وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع " .
ماذا يمثل البيت لأحدنا ؟ أليس هو مكان أكله ونكاحه ونومه وراحته ؟ أليس هو مكان خلوته واجتماعه بأهله وأولاده ؟
أليس هو مكان ستر المرأة وصيانتها ؟! قال تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " سورة الأحزاب الآية : 33
وإذا تأملت أحوال الناس ممن لا بيوت لهم ممن يعيشون في الملاجئ ، أو على أرصفة الشوارع ، واللاجئين المشردين في المخيمات المؤقتة ، عرفت نعمة البيت ، وإذا سمعت مضطربا يقول ليس لي مستقر ، ولا مكان ثابت ، أنام أحيانا في بيت فلان ، وأحيانا في المقهى ، أو الحديقة أو على شاطئ البحر ، ومستودع ثيابي في سيارتي ؛ إذن لعرفت معنى التشتت الناجم عن حرمان نعمة البيت .
ولما انتقم الله من يهود بني النضير سلبهم هذه النعمة وشردهم من ديارهم فقال تعالى :
" هو الذي أخرج الذين كفروا من ديارهم لأول الحشر " . ثم قال : " يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار " . سورة الحشر ، الآية : 2
والدافع عند المؤمن للاهتمام بإصلاح بيته عدة أمور :
أولا : وقاية النفس والأهل نار جهنم ، والسلامة من عذاب الحريق : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " سورة التحريم ، الآية : 6
ثانيا : عظم المسئولية الملقاة على راعي البيت أمام الله يوم الحساب :
قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " .
ثالثا : أنه المكان لحفظ النفس ، والسلامة من الشرور وكفها عن الناس ، وهو الملجأ الشرعي عند الفتنة :
قال صلى الله عليه وسلم : " طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " خمس من فعل واحد منهن كان على الله ، من عاد مريضا ، أو خرج غازيا ، أو دخل على إمامه يريد تعزيره وتوقيره ، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس " .
وقال صلى الله عليه و سلم : " سلامة الرجل من الفتنة أن يلزم بيته " .
ويستطيع المسلم أن يلمس فائدة هذا الأمر في حال الغربة عندما لا يستطيع لكثير من المنكرات تغييرا ، فيكون لديه ملجأ إذا دخل فيه يحمي نفسه من العمل المحرم والنظر المحرم ، ويحمي أهله من التبرج والسفور ، ويحمي أولاده من قرناء السوء .
رابعا : أن الناس يقضون أكثر أوقاتهم في الغالب داخل بيوتهم ، وخصوصا في الحر الشديد والبرد الشديد والأمطار وأول النهار وآخره ، وعند الفراغ من العمل والدراسة ، ولا بد من صرف الأوقات في الطاعات ، وإلا ستضيع في المحرمات .
خامسا : وهو أهمها ، أن الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم ، فإن المجتمع يتكون من بيوت هي لبناته ، والبيوت أحياء ، والأحياء مجتمع ، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعا قويا بأحكام الله ، صامدا في وجه أعداء الله ، يشع الخير ولا ينفذ إليه شر .
فيخرج من البيت المسلم إلى المجتمع أركان الإصلاح فيه ؛ من الداعية القدوة ، وطالب العلم، والمجاهد الصادق ، والزوجة الصالحة ، والأم المربية ، وبقية المصلحين .
فإذا كان الموضوع بهذه الأهمية ، وبيوتنا فيها منكرات كثيرة ، وتقصير كبير ، وإهمال وتفريط ؛ فهنا يأتي السؤال الكبير :
ما هي وسائل إصلاح البيوت ؟.
وإليك أيها القارئ الكريم الجواب ، نصائح في هذا المجال عسى الله أن ينفع بها ، وأن يوجه جهود أبناء الإسلام لبعث رسالة البيت المسلم من جديد .
وهذه النصائح تدور على أمرين : إما تحصيل مصالح ، وهو قيام بالمعروف ، أو درء مفاسد وهو إزالة للمنكر .
وهذا أوان الشروع في المقصود .
تكوين البيت
نصيحة "1" : حسن اختيار الزوجة
" وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم " سورة النور الآية 32
ينبغي على صاحب البيت انتقاء الزوجة الصالحة بالشروط التالية :
" تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجملها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " متفق عليه .
"الدنيا كلها متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة " رواه مسلم 1468
" ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ، ولسانا ذاكرا ، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة " رواه أحمد " 5/282" والترمذي وابن ماجه عن ثوبان صحيح الجامع 5231
وفي رواية " وزوجة صالحة تعينك على أمر دنياك ودينك خير ما اكتنز الناس " رواه البيهقي صحيح الجامع 4285
" تزوجوا الودود الولود إني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة " رواه أحمد و هو صحيح الإرواء 6/ 195
" عليكم بالأبكار فإنهن أنتق رحما ، وأعذب أفواها ، وأرضى باليسير " . وفي رواية " وأقل خبا " أي : خداعا رواه ابن ماجة السلسلة الصحيحة 623
وكما أن المرأة الصالحة واحدة من أربع من السعادة ، فالمرأة السوء واحدة من أربع من الشقاء ، كما جاء في الحديث الصحيح و فيه قوله : " فمن السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك ، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك ، ومن السقاء : المرأة التي تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها و مالك " رواه ابن حبان وهو في السلسلة الصحيحة 282
وفي المقابل لابد من التبصر في حال الخاطب الذي يتقدم للمرأة المسلمة ، والموافقة عليه حسب الشروط التالية :
" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".
ولابد في كل ما سبق من حسن السؤال وتدقيق البحث وجمع المعلومات والتوثق من المصادر والأخبار حتى لا يفسد البيت أو ينهدم .
والرجل الصالح مع المرأة الصالحة يبنيان بيتا صالحا لأن البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا .
نصيحة " 2 " السعي في إصلاح الزوجة
إذا كانت الزوجة صالحة فبها ونعمت وهذا من فضل الله ، وإن لم تكن بذاك الصلاح ، فإن من واجبات رب البيت السعي في إصلاحها . وقد يحدث هذا في حالات منها :
أن يتزوج الرجل امرأة غير متدينة أصلا ؛ لكونه لم يكن مهتما بموضوع التدين هو نفسه في مبدأ أمره ، أو أنه تزوجها على أمل أن يصلحها ، أو تحت ضغط أقربائه مثلا ، فهنا لابد من التشمير في عملية الإصلاح .
ولابد أن يعلم الرجل أولا أن الهداية من الله ، والله هو الذي يصلح ، ومن منه على عبده زكريا قوله فيه : " وأصلحنا له زوجه " سورة الأنبياء ، الآية 90
سواء كان إصلاحا بدنيا أو دينيا ، قال ابن عباس : كانت عاقرا لا تلد فولدت ، وقال عطاء : كان في لسانها طول فأصلحها الله ولاستصلاح الزوجة وسائل منها :
الاعتناء بتصحيح عبادتها لله بأنواعها على ما سيأتي تفصيله .
السعي لرفع إيمانها في مثل :
حضها على قيام الليل .
وتلاوة الكتاب العزيز .
وحفظ الأذكار والتذكير بأوقاتها ومناسباتها .
وحثها على الصدقة .
قراءة الكتب الإسلامية النافعة .
سماع الأشرطة الإسلامية المفيدة ؛ العلمية منها والإيمانية ومتابعة إمدادها بها .
اختيار صاحبات لها من أهل الدين تعقد معهن أواصر الاخوة ، وتتبادل معهن الأحاديث الطيبة والزيارات الهادفة .
درء الشر عنها وسد منافذه عليها ، بإبعادها عن قرينات السوء وأماكن السوء .
الإيمانيات في البيت
نصيحة " 3 " : اجعل البيت مكانا لذكر الله
قال صلى الله عليه وسلم : " مثل البيت الذي يذكر الله فيه ، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت " .
فلابد من جعل البيت مكانا للذكر بأنواعه ؛ سواء ذكر القلب ، وذكر اللسان ، أو الصلوات وقراءة القرآن ، أو مذاكرة العلم الشرعي وقراءة كتبه المتنوعة .
وكم من بيوت المسلمين اليوم هي ميتة بعدم ذكر الله فيها ، كما جاء في الحديث ، بل ما هو حالها إذا كان ما يذكر فيها هو ألحان الشيطان من المزامير والغناء ، والغيبة والبهتان والنميمة ؟! ...
وكيف حالها وهي مليئة بالمعاصي والمنكرات ، كالاختلاط المحرم والتبرج بين الأقارب من غير المحارم ، أو الجيران الذين يدخلون البيت ؟!
كيف تدخل الملائكة بيتا هذا حاله ؟! فأحيوا بيوتكم رحمكم الله بأنواع الذكر .
نصيحة " 4 " : اجعلوا بيوتكم قبلة
والمقصود اتخاذ البيت مكانا للعبادة .
قال الله – عز وجل - : " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين " سورة يونس الآية 87
قال ابن عباس : أمروا أن يتخذوها مساجد .
قال ابن كثير : " وكان هذا - والله أعلم – لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه ، وضيقوا عليهم ، أمروا بكثرة الصلاة كما قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة " سورة البقرة الآية 153 . وفي الحديث : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى " .
وهذا يبين أهمية العبادة في البيوت وخصوصا في أوقات الاستضعاف ، وكذلك ما يحصل في بعض الأوضاع عندما لا يستطيع المسلمون إظهار صلاتهم أمام الكفار . ونتذكر في هذا المقام أيضا محراب مريم وهو مكان عبادتها الذي قال الله فيه : " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا " سورة آل عمران الآية 37
وكان الصحابة – رضي الله عنهم – يحرصون على الصلاة في البيوت – في غير الفريضة – وهذه قصة معبرة في ذلك : عن محمود بن الربيع الأنصاري ، أن عتبان بن مالك – وهو من أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم ، وهو ممن شهدوا بدرا من الأنصار- أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! قد أنكرت بصري وأنا اصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ، وددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سأفعل – إن شاء
الله - " . قال عتبان : فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذنت له ، فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال : " أين تحب أن أصلي في بيتك ؟ " قال : فأشرت له إلى ناحية من البيت ، فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فكبر ، فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم . رواه البخاري الفتح 1/519
نصيحة " 5 " : التربية الإيمانية لأهل البيت
عن عائشة – رضي الله عنها - قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يصلي من الليل فإذا أوتر قال قومي فأوتري يا عائشة " . رواه مسلم ، مسلم بشرح النووي 6/23
وقال صلى الله عليه وسلم : " رحم الله رجلا قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت ، فإن أبت نضح في وجهها الماء " . رواه أحمد وأبو داود ، صحيح الجامع 3488
وترغيب النساء في البيت بالصدقة مما يزيد الإيمان ، وهو أمر عظيم حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، بقوله : " يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار " . رواه البخاري ، الفتح 1/405
ومن الأفكار المبتكرة وضع صندوق للتبرعات في البيت للفقراء والمساكين ، فيكون كل ما دخل فيه ملكا للمحتاجين ؛ لأنه وعاؤهم في بيت المسلم . وإذا رأى أهل البيت قدوة بينهم يصوم أيام البيض ، والاثنين والخميس ، وتاسوعاء ، وعاشوراء ، وعرفة ، وكثيرا من المحرم وشعبان ، فسيكون دافعا لهم على الاقتداء به .
نصيحة " 6 " : الاهتمام بالأذكار الشرعية والسنن المتعلقة بالبيوت
ومن أمثلة ذلك :
أذكار دخول المنزل
روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله تعالى حين يدخل وحين يطعم ، قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا ، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال : أدركتم المبيت ، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال : أدركتم المبيت والعشاء " . رواه الإمام احمد ، المسند 346:3 ، و مسلم 1599:3
أذكار الخروج من المنزل
روى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، فيقال له : حسبك قد هديت ، وكفيت ووقيت ، فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ؟ " . رواه أبو داود والترمذي ، وهو في صحيح الجامع رقم 499
السواك
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ، إذا دخل بيته بدأ بالسواك " رواه مسلم كتاب الطهارة باب 15 رقم 44
نصيحة " 7 " : مواصلة قراءة سورة البقرة في البيت لطرد الشيطان منه
وفي هذا عدة أحاديث ومنها :
فال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجعلوا بيوتكم قبورا ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة " رواه مسلم 1/539
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقروا سورة البقرة في بيوتكم ، فإن الشيطان لا يدخل بيتا يقرأ فيه سورة البقرة " . رواه الحاكم في المستدرك 1/561 و هو في صحيح الجامع 1170
وعن فضل الآيتين الأخيرتين منها ، وأثر تلاوتهما في البيت قال عليه الصلاة والسلام : " إن الله تعالى كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام ، وهو عند العرش ، وأنه أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، ولا يقرأن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان " رواه الإمام أحمد في المسند 4/274 و غيره و هو في صحيح الجامع 1799
العلم الشرعي في البيت
نصيحة " 8 " : تعليم أهل البيت
فريضة شرعية لابد أن يقوم بها رب الأسرة إنفاذا لأمره تعالى في الآية الكريمة : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " سورة التحريم ، الآية :6 وهذه الآية أصل في تعليم أهل البيت وتربيتهم ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، وإليك أيها القارئ الكريم بعضا مما قاله المفسرون في هذه الآية ، بشأن ما يجب على رب الأسرة :
قال قتادة : يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصيته ، وأن يقوم عليهم بأمر الله يأمرهم به ، ويساعدهم عليه .
وقال الضحاك ومقاتل : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه .
وقال علي – رضي الله عنه - : علموهم وأدبوهم .
و قال الكيا الطبري – رحمه الله - : فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير ، وما لا يستغنى عنه من الأدب . وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حث على تعليم الإماء وهن أرقاء ؛ فما بالك بأولادك وأهلك الأحرار .
قال البخاري – رحمه الله تعالى – في صحيحه : باب تعليم الرجل أمته وأهله . ثم ساق حديثه صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لهم أجران .. ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها ، وعلمها فأحسن تعليمها ، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران "
قال ابن حجر – رحمه الله – في شرح الحديث : مطابقة الحديث للترجمة – أي عنوان الباب – في الأمة بالنص ، وفي الأهل بالقياس ، إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسوله آكد من الاعتناء بالإماء .
وفي غمرة مشاغل الرجل ووظيفته وارتباطاته قد يغفل عن تفريغ نفسه لتعليم أهله ، فمن الحلول لهذا أن يخصص يوما يجعله موعدا عاما لأهل البيت ، وحتى غيرهم من الأقرباء لعقد مجلس علم في البيت ، ويعلم الجميع بهذا الموعد ، فينضبط حضورهم فيه ، ويتشجعوا لإتيانه ، ويصبح ملزما أمامهم ، وعند نفسه بالحضور ، وإليك ما حصل منه صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن .
قال البخاري – رحمه الله - : باب هل يجعل للنساء يوم على حده في العلم ، وساق حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : " غلبنا عليك الرجال ، فاجعل لنا يوما من نفسك ، فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن "
قال ابن حجر : ووقع في رواية سهل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة بنحو هذه القصة فقال : " موعدكن بيت فلانة ، فأتاهن فحدثهن " . فتح الباري 1/195
ويؤخذ من الحديث تعليم النساء في البيوت ، وحرص نساء الصحابة على التعلم ، وأن توجيه الجهود إلى الرجال فقط دون النساء تقصير كبير من الدعاة وأرباب البيوت .
وقد يقول بعض القراء : هب أننا خصصنا يوما ، وأخبرنا أهلينا بذلك ، فما الذي يقدم في هذه الجلسات ؟ وكيف نبدأ ؟
وجواباً لذلك أعرض عليك أخي القارئ الكريم اقتراحا في هذا الشأن يكون منهجا مبسطا ، لتدريس أهل البيت عموما ، وللنساء خصوصا .
تفسير العلامة ابن سعدي المسمى : " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " . ويقع في سبعة مجلدات مفصل بأسلوب ميسر ، تقرا أو تقدم منه سور ومقاطع .
رياض الصالحين مع تناول أحاديثه بشيء من التعليقات والعظات ، والفوائد المستنبطة منها ، ويمكن الرجوع في هذا إلى كتاب : نزهة المتقين .
" حسن الأسوة بما ثبت عن الله ورسوله في النسوة " للعلامة صديق حسن خان .
كما أن من المهم أن تعلم المرأة بعض الأحكام الفقهية ، كأحكام الطهارة ، والدماء الطبيعية ، وأحكام الصلاة والزكاة ، والصيام والحج إذا استطاعته ، وبعض أحكام الأطعمة والأشربة ، واللباس والزينة ، وسنن الفطرة والمحارم ، وحكم الغناء والتصوير وغيرها ، ومن المصادر المهمة في هذا : فتاوى أهل العلم كمجموعة فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز ( رحمه الله ) ، والشيخ محمد بن صالح العثيمين ، و غيرهما من أهل العلم ، سواء المكتوب منها أو المسجل في الأشرطة .
ومما يتضمن جدول تعليم المرأة وأهل البيت تذكيرهم بالدروس والمحاضرات العامة التي يستطيعون حضورها للعلماء ، أو طلبة العلم الثقات ، لإيجاد عدة مصادر جيدة ومتنوعة للتعليم ، ولا ينسى في هذا المجال الاستماع إلى كثير من أنشطة إذاعة القرآن الكريم ، وتوجيه الاهتمام إليها ، ويدخل في إطار توفير وسائل التعليم أيضا : تذكير أهل البيت بالأيام المخصصة لحضور النساء في معارض الكتاب الإسلامي ، والذهاب بهن إليها بالشروط الشرعية .
نصيحة " 9 " : اصنع نواة لمكتبة إسلامية في بيتك
مما يساعد في تعليم أهل البيت ، وإتاحة المجال لتفقههم في الدين وإعانتهم على الالتزام بأحكام الشريعة ؛ عمل مكتبة إسلامية في البيت . ليس بالضرورة أن تكون كبيرة ، ولكن العبرة بانتقاء الكتب المهمة ، ووضعها في مكان يسهل تناولها وحث أهل البيت على قراءتها.
ركن في مجلس البيت الداخلي نظيف ومرتب ، ومكان مناسب لشيء من الكتب ، في غرفة نوم ، وفي مجلس الضيوف ، يتيح المجال للفرد في البيت كي يقرأ باستمرار .
ومن إتقان المكتبة – والله يحب الإتقان – أن تحتوي على مراجع تصلح لبحث المسائل المختلفة ، وتنفع الأولاد في المدارس ، وأن تحتوي على كتب ذات مستويات مختلفة ، تصلح للكبار والصغار ، والرجال والنساء ، وكتب من أجل الإهداء للضيوف وأصدقاء الأولاد ، وزوار العائلة مع الحرص على الطبعات الجذابة المحققة والمخرجة الأحاديث ، ويمكن الاستفادة من معارض الكتاب لإنشاء مكتبة البيت بعد استشارة أهل الخبرة بالكتب . ومما يساعد في العثور على الكتاب ترتيب المكتبة حسب الموضوعات ، فكتب التفسير على رف ، والحديث على آخر .. والفقه على ثالث .. وهكذا ، ويقوم أحد أفراد العائلة بعمل فهرس ألف بائي وموضوعي ، لتسهيل البحث عن الكتب . وقد يتساءل كثير من الحريصين عن أسماء كتب إسلامية لمكتبة البيت .
وهاك أخي القارئ اقتراحات بهذا الشأن :
التفسير : تفسير ابن كثير ، تفسير ابن سعدي ، زبدة التفسير للأشقر ، بدائع التفسير لابن القيم ، أصول التفسير لابن عثيمين ، لمحات في علوم القرآن لمحمد الصباغ .
الحديث : صحيح الكلم الطيب ، عمل المسلم في اليوم والليلة " أو الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة " ، رياض الصالحين وشرحه نزهة المتقين ، مختصر صحيح البخاري للزبيدي ، مختصر صحيح مسلم للمنذري والألباني ، صحيح الجامع الصغير ، وضعيف الجامع الصغير ، صحيح الترغيب والترهيب ، السنة ومكانتها في التشريع ، قواعد وفوائد من الأربعين النووية لناظم سلطان .
العقيدة : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد " تحقيق الأرناؤوط " ، أعلام السنة المنشورة للحكمي " محقق " ، شرح العقيدة الطحاوية تحقيق الألباني ، سلسلة العقيدة لعمر سليمان الأشقر "8" أجزاء ، أشراط الساعة د. يوسف الوابل .
الفقه : منار السبيل لابن ضويان مع إرواء الغليل للألباني ، زاد المعاد ، المغني لابن قدامة ، فقه السنة ، الملخص الفقهي لصالح الفوزان ، مجموعة فتاوى العلماء " عبد العزيز بن باز ، محمد صالح العثيمين ، عبد الله بن جبرين " ، صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الألباني والشيخ عبد العزيز بن باز ، ومختصر أحكام الجنائز للألباني .
الأخلاق وتزكية النفوس : تهذيب مدارج السالكين ، الفوائد ، الجواب الكافي ، طريق الهجرتين وباب السعادتين ، الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب لابن القيم ، لطائف المعارف لابن رجب ، تهذيب موعظة المؤمنين ، غذاء الألباب .
السير والتراجم : البداية و النهاية لابن كثير ، مختصر الشمائل المحمدية للترمذي اختصار الألباني ، الرحيق المختوم للمباركفوري ، العواصم من القواصم لابن العربي تحقيق الخطيب والاستانبولي ، المجتمع المدني 1-2 للشيخ أكرم العمري ، سير أعلام النبلاء ، منهج كتابة التاريخ الإسلامي لمحمد بن صامل السلمي .
كما أن هناك عدد من الكتب الجيدة في المجالات المختلفة ، فمنها : كتب الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وكتب العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، وكتب الشيخ عمر بن سليمان الأشقر ، وكتب الشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم ، وكتب الأستاذ محمد محمد حسين ، وكتب الشيخ محمد جميل زينو
،(110/48)
وكتب الأستاذ حسين العوايشة في الرقائق ، و كتاب الإيمان لمحمد نعيم ياسين ، والولاء والبراء للشيخ محمد سعيد القحطاني ، والإنحرافات العقدية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر لعلي بن بخيت الزهراني ، المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية لعبد الله الشبانة ، المرأة بين الفقه والقانون لمصطفى السباعي ، الأسرة المسلمة أمام الفيديو والتليفزيون لمروان كجك ، المرأة المسلمة إعداداتها ومسئولياتها لأحمد أبا بطين ، مسئولية الأب المسلم في تربية ولده لعدنان باحارث ، وحجاب المسلمة لأحمد البرازي ، وكتاب وجاء دور المجوس لعبد الله محمد الغريب ، وكتب الشيخ بكر أبو زيد ، وأبحاث الشيخ مشهور حسن سلمان .
وغير هذا كثير من النافع الطيب ، وما ذكرناه على سبيل المثال لا الحصر ، وهناك في عالم الكتيبات أشياء كثيرة نافعة ، سيطول بنا المقام إذا أردنا السرد ، فعلى المسلم الاستشارة والتمعن للانتقاء . ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين .
نصيحة " 10 " : المكتبات الصوتية في البيت
المسجل في كل بيت ممكن أن يعمل في الخير أو في الشر ، فكيف نؤثر في استخدامه ليكون مرضيا لله ؟
من الوسائل لتحقيق ذلك : عمل مكتبة صوتية في البيت تحوي طائفة من الأشرطة الإسلامية الجيدة ، للعلماء والقراء والمحاضرين ، والخطباء والوعّاظ .
إن سماع أشرطة التلاوة الخاشعة من أصوات بعض أئمة صلاة التراويح مثلا ، له تأثير عظيم على الأهل في البيت ، من جهة تأثرهم بمعاني التنزيل ، أو حفظهم من جراء تكرار ما يسمعون ، وكذلك من جهة حمايتهم بالسماع القرآني عن السماع الشيطاني من الألحان والأغاني ، لأن الآذان والصدور لا يصلح أن يختلط فيها كلام الرحمن بمزمار الشيطان .
وكم لأشرطة الفتاوى من أثر في تفقيه أهل البيت بالأحكام المختلفة ، التي يتعرضون لها يوميا في حياتهم ، ومما يقترح في هذا الجانب سماع الفتاوى المسجلة للعلماء أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز ، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، والشيخ محمد العثيمين والشيخ صالح الفوزان ، وغيرهم من الثقات في العلم والدين .
ولابد أن يعتني المسلمون بالجهة التي يأخذون عنها الفتوى ، لأن هذا دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، فالأخذ عمن عُلم بصلاحه وتقواه ، وورعه واعتماده على الأحاديث الصحيحة ، وعدم تعصّبه المذهبي ، وسيره مع الدليل ، والتزامه بالمذهب الوسط فلا تشدد ولا تساهل ، هو الخبير الذي نسأله " الرحمن فاسأل به خبيرا " سورة الفرقان الآية : 59 .
والسماع للمحاضرين الذين يعملون على توعية الأمة ، وإقامة الحجة ، وإنكار المنكر ، أمر مهم في بناء شخصية الفرد في البيت المسلم .
والأشرطة كثيرة والمحاضرين كثر والمهم أن يعرف المسلم سمات المنهج الصحيح للمحاضر حتى يحرص على أشرطته ويطمئن لسماعها . ومن تلك السمات :
أن يكون على عقيدة الفرقة الناجية ، أهل السنة والجماعة ، ملتزما بالسنة مفارقا للبدعة ، وسطا في منهجه لا من الغالين ولا من المفرطين المتساهلين .
أن يعتمد الأحاديث الصحيحة ويحذر من الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
أن يكون على بصيرة بحال الناس وواقع الأمّة ، يضع الدواء على موضع الداء ، ويقدّم للناس ما يحتاجون إليه .
أن يكون قوّالا للحق ما أمكنه ، لا يتكلم بالباطل ولا يرضي الناس بسخط الله
وكم وجدنا في أشرطة الأطفال من تأثير كبير عليهم ، سواء في حفظهم لسور متعددة من قارئ صغير يتلو ، أو أذكار اليوم والليلة وآداب إسلامية ، وأناشيد هادفة ، ونحو ذلك .
إن وضع الأشرطة في أدراج بطريقة مرتبة تُسهّل الوصول إليها من ناحية ، وتحافظ على الأشرطة من التلف وعبث الأطفال من ناحية أخرى ، ولابد أن نسعى في نشر الشريط الجيد إهدائه أو إعارته للغير بعد سماعه . ووجود مسجل في المطبخ يفيد ربة البيت كثيرا ، وكذا في غرفة النوم يساعد على الاستفادة من الوقت لآخر لحظة .
نصيحة " 11 " : دعوة الصالحين والأخيار وطلبة العلم للزيارة في البيت
" رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا للمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تباراً " سورة نوح الآية : 28
إن دخول أهل الإيمان بيتك يزيده نورا ، ويحصل بسبب أحاديثهم وسؤالهم والنقاش معهم من الفائدة أمور كثيرة ، فحامل المسك إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، وجلوس الأولاد والإخوان والآباء وسماع النساء من وراء حجاب لما يُقال فيه تربية للجميع ، وإذا أدخلت خيّرا منعت سيّئا من الدخول والتخريب .
نصيحة " 12 " : تعلم الأحكام الشرعية للبيوت
ومن ذلك :
الصلاة في البيت :
أما الرجل فيقول صلى الله عليه و سلم في شأنه : " أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " رواه البخاري ، الفتح رقم 731
فالواجب أن تصلي في المسجد إلا من عذر ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا : " تطوع الرجل في بيته يزيد على تطوعه عند الناس ، كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده " رواه ابن أبي شيبة ، صحيح الجامع 2953 . وأما المرأة كلما كان مكان صلاتها أعمق كان أفضل ، لقوله صلى الله عليه و سلم " خير صلاة النساء في قعر بيوتهن" رواه الطبراني، صحيح الجامع 3311 .
أن لا يؤم غيره في بيته ، ولا يقعد في مكان صاحب البيت إلا بإذن : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يُؤَمُّ الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه " رواه الترمذي رقم 2772 . أي لا يتقدم عليه بالإمامة ولو كان غيره أقرأ منه في مكان يملكه ، أو له فيه سلطة كصاحب البيت في بيته أو إمام المسجد ، وكذلك لا يجوز لأحد أن يجلس في الموضع الخاص بصاحب البيت من فراش أو سرير إلا بإذنه .
الاستئذان :
" يا أيها الذي آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون "27" فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم
وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم " سورة النور الآيتين 27،28
" وأتوا البيوت من أبوابها " سورة البقرة الآية : 189
جواز دخول البيوت التي ليس فيها أحد بغير استئذان إذا كان للداخل فيها متاع كالبيت المعد للضيف : " ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون " سورة النور الآية 29
عدم التحرج في الأكل من بيوت الأقرباء والأصدقاء ، وما ملك المرء مفتاحه من بيوت الأقرباء والأصدقاء من بيوت الآخرين إذا كانوا لا يكرهون ذلك : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً " سورة النور الآية 61
أمر الأطفال والخدم بعدم اقتحام غرفة نوم الأبوين بغير استئذان في أوقات النوم المعتادة : قبل صلاة الفجر ، ووقت القيلولة ، وبعد صلاة العشاء ، خشية أن تقع أعينهم على ما لا يناسب ، ولو رأوا شيئاً عرضاً في غير هذه الأوقات فيغتفر ، لأنهم من الطوافين الذين يشق منعهم ، قال تعالى : " يا آيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم " سورة النور الآية 58 .
تحريم الاطلاع في بيوت الآخرين بغير إذنهم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من اطلع في بيت قوم بغير إذن ففقئوا عينه فلا دية له ولا قصاص " رواه أحمد ، المسند 2/385 وهو في صحيح الجامع 6046
عدم خروج ولا إخراج المطلقة الرجعية من بيتها طيلة وقت العدة مع الإنفاق عليها : قال تعالى : " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا " سورة الطلاق الآية 1 .
جواز هجر الرجل لامرأته الناشز في البيت أو في خارج البيت حسب المصلحة الشرعية : فأما هجرها في البيت فدليله قول الله تعالى : " واهجروهن في المضاجع " سورة النساء الآية 34 ، وأما هجرها خارج البيت فكما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما هجر نسائه في حُجرهن ، وأعتزل في مشربة خارج بيوت نسائه رواه البخاري ، كتاب الطلاق باب في الإيلاء .
ولا يبيت وحيداً في البيت : عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة ، أن يبيت الرجل وحده أو أن يسافر وحده رواه أحمد في المسند 2/91 وهذا النهي لما في الوحدة من الوحشة ونحوها ، كهجوم عدو أو لص
أو مرض ، فوجود الرفيق معه يدفع عنه طمع العدو واللص ويسعفه عند المرض انظر الفتح الرباني 5/64 .
لا ينام على ظهر بيت ليس له سور حتى لا يسقط : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من بات على ظهر بيت ليس له حجار ، فقد برئت منه الذمة " رواه أبو دود ، السنن رقم 5041 ، وهو في صحيح الجامع 6113 وشرحه في عون المعبود 13/384 وذلك أن النائم قد يتقلب في نومه فإذا كان على سطح ليس له حجار أو حجاب يحجب الإنسان عن الوقوع ويمنعه من التردي والسقوط ، فقد يسقط فيموت ، فعند ذلك لا يؤاخذ أحد بموته فتبرأ منه الذمة ، أو أنه قد تسبب بإهماله في عدم كلاءة الله له وحفظه إياه ، لأنه لم يأخذ بالأسباب .
قطط البيوت لا تنجس الإناء إذا شربت منه ولا الطعام إذا أكلت منه : عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه وُضع له وضوءه فولغ فيه السنور " الهر " ، فأخذ يتوضأ ، فقالوا : يا أبا قتادة ! قد ولغ فيه السنور ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " السنور من أهل البيت ، وأنه من الطوافين ، والطوافات عليكم " رواه أحمد في المسند 5/309 وهو في صحيح الجامع 3694 ، وفي رواية : " إنها ليست بنجس إنها من الطوافين والطوافات عليكم " رواه أحمد في المسند 5/309 وهو في صحيح الجامع 2437
الاجتماعات في البيوت
نصيحة 13 : إتاحة الفرصة لاجتماعات تناقش أمور العائلة : " وأمرهم شورى بينهم " سورة الشورى الآية 38 . عندما تتاح الفرصة لأفراد العائلة بالجلوس سوياً في وضع مناسب لمناقشة أمور داخلية أو خارجية تتعلق بالعائلة ، فإن ذلك يعد علامة على تماسك الأسرة وتفاعلها وتعاونها ، ولا شك أن الرجل الذي ولاه الله أمور رعيته في بيته هو المسئول الأول ، وصاحب القرار ولكن إتاحة المجال للآخرين - وخصوصاً عندما يكبر الأولاد - يكون فيه تربية لهم على تحمل المسئولية بالإضافة إلى ارتياح الجميع لإحساسهم بأن آراءهم ذات قيمة عندما يُسألون إبداءها ، ومن الأمثلة على ذلك مناقشة الأمور التي تتعلق بالحج أو عمرة رمضان وغير ذلك من الإجازات ، والسفر لصلة رحم ، أو ترويح مباح ، وتنظيم الأعراس ووليمة الزفاف ، أو عقيقة المولود ، أو الانتقال من بيت لآخر ، ومشروعات خيرية ، كإحصاء فقراء الحي ، وتقديم المساعدات ، أو إرسال الطعام لهم ، وكذلك مناقشة أوضاع العائلة ومشكلات الأقارب وكيفية الإسهام في حلها وهكذا .. ، تجدر الإشارة هنا إلى نوع آخر مهم من أنواع الاجتماعات ، وهو جلسات المصارحة بين الأبوين وأولادهما ، فإن بعض المشكلات التي تعرض لبعض البالغين لا يمكن حلها إلا بجلسات انفرادية ، يخلو الأب بابنه يناجيه في مسائل تتعلق بمشكلات الشباب ، وسن المراهقة ، وأحكام البلوغ ، وكذلك تخلو الأم بابنتها لتلقنها ما تحتاج إليه من الأحكام الشرعية ، وتساعدها في حل المشكلات التي تعرض في مثل هذه السن ، واستهلال الأب والأم الكلام بمثل عبارة " عندما كنت في مثل سنك .. " له أثر كبير في التقبل ، وانعدام مثل هذه المصارحات هو الذي يقود هؤلاء لمفاتحة قرناء السوء وقرينات السوء ، فينتج عن ذلك شر عظيم .
نصيحة 14 : عدم إظهار الخلافات العائلية أمام الأولاد :
يندر أن يعيش جماعة في بيت دون نوع من الخصومات ، والصلح خير والرجوع إلى الحق فضيلة . ولكن مما يزعزع تماسك البيت ، ويضر بسلامة البناء الداخلي هو ظهور الصراعات أمام أهل البيت ، فينقسمون إلى معسكرين أو أكثر ، ويتشتت الشمل ، بالإضافة إلى الأضرار النفسية على الأولاد وعلى الصغار بالذات ، فتأمل حال بيت يقول الأب فيه للولد : لا تكلم أمك ، وتقول الأم له : لا تكلم أباك ، والولد في دوامة وتمزق نفسي ، والجميع يعيشون في نكد . فلنحرص على عدم وقوع الخلافات ، ولنحاول إخفاءها إذا حصلت ، ونسأل الله أن يؤلف بين القلوب .
نصيحة 15 : عدم إدخال من لا يُرضى دينه إلى البيت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير " قطعة من رواية أبي داود " 4829 " . وفي رواية البخاري : " وكير الحداد يُحرق بيتك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة " رواه البخاري الفتح 4/323 . أي والله يحرق بيتك بأنواع الفساد والإفساد ، كم كان دخول المفسدين والمشبوهين سبباً لعداوات بين أهل البيت ، وتفريق بين الرجل وزوجته ، ولعن الله من خبّب امرأة على زوجها ، أو زوجاً على امرأته ، وسبب عداوة بين الأب وأولاده ، وما أسباب وضع السحر في البيوت أو حدوث السرقات أحياناً وفساد الخلق كثيراً إلا بعد إدخال من لا يُرضى دينه ، فيجب عدم الإذن بدخوله ، ولو كان من الجيران ، رجالاً ونساءً ، أو من المتظاهرين بالمصادقة رجالاً ونساءً ، وبعض الناس يسكتون تحت وطأة الإحراج ، فإذا رآه على الباب أذن له ، وهو يعلم أنه من المفسدين . وتتحمل المرأة في البيت جزءاً عظيماً من هذه المسئولية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس أي يوم أحرم ؟ أي يوم أحرم ؟ أي يوم أحرم ؟ ؟ " قالوا : يوم الحج الأكبر ، ثم قال عليه الصلاة والسلام ، في ثنايا خطبته الجامعة في ذلك اليوم : " فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون " رواه الترمذي 1163 وغيره عن عمرو بن الأحوص وهو في صحيح الجامع 7880 . فلا تجدي في نفسك أيتها المرأة المسلمة إذا منع زوجك أو أبوك دخول إحدى الجارات إلى البيت ، لما يرى من أثرها في الإفساد ، وكوني لبيبة حازمة إذا عقدت لك مقارنات بين زوجها وزوجك ، تنتهي بدفعك لمطالبة زوجك بأمور لا يطيقها . والنصح عليك واجب لزوجك إذا لاحظت أن من ندمائه في بيته أناساً يزينون له المنكر .
هدية : حاول أن تكون موجوداً في البيت كلما استطعت ، فوجود ولي الأمر في بيته يضبط الأمور ، ويمكنه من الإشراف على التربية وإصلاح الأحوال بالمراقبة والمتابعة ، وعند بعض الناس أن الأصل هو الخروج من البيت ، فإذا لم يجد مكاناً يذهب إليه رجع إلى البيت ، وهذا مبدأ خاطئ ، فإذا كان خروج المرء من بيته لأجل طاعات ، فعليه الموازنة ، وإذا كان خروجه للمعاصي وضياع الأوقات أو الانشغال الزائد بالدنيا ، فعليه أن يخفف من المشاغل والتجارات ، ويحسم اللقاءات الفارغة . بئس القوم يضيعون أهليهم ، ويسهرون في الملاهي .. ، ونحن لا نريد الانسياق وراء مخططات أعداء الله ، وهذه فقرة فيها عبرة : جاء في نشرة المشرق الأعظم الماسوني الفرنسي المنعقدة عام 1923م ما يلي : " وبغية التفريق بين الفرد وأسرته
، عليكم أن تنتزعوا الأخلاق من أسسها ، لأن النفوس تميل إلى قطع روابط الأسرة والاقتراب من الأمور المحرمة ، لأنها تفضل الثرثرة في المقاهي على القيام بتبعات الأسرة " .
نصيحة 16 : الدقة في ملاحظة أحوال أهل البيت
من هم أصدقاء أولادك ؟
هل سبق أن قابلتهم أو تعرفت عليهم ؟
ماذا يجلب أولادك معهم من خارج البيت ؟
إلى أين تذهب ابنتك ومع من ؟
بعض الآباء لا يدري أن في حوزة أولاده صوراً سيئة ، وأفلاماً خالعة ، وربما مخدرات ، وبعضهم لا يدري أن ابنته تذهب مع الخادمة إلى السوق ، وتطلب منها أن تنتظر مع السائق ثم تذهب لموعدها مع أحد الشياطين ، والأخرى تذهب لتشرب الدخان عند قرينة سوء تعبث معها ، وهؤلاء الذين يفلتون أولادهم لن يفلتوا من مشهد يوم عظيم ، ولن يستطيعوا الهرب من أهوال يوم الدين : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " حسن رواه النسائي 292 ، وابن حبان عن أنس وهو في صحيح الجامع 1775 ، السلسة الصحيحة 1636 .
وهنا نقاط مهمة :
يجب أن تكون المراقبة خفية .
لا لأجواء الإرهاب .
يجب أن لا يحس الأولاد بفقدان الثقة .
ينبغي أن يراعى في النصح أو العقاب أعمار الأولاد ومداركهم ودرجة الخطأ .
حذار من التدقيق السلبي وإحصاء الأنفاس . روى لي شخص أن أحد الآباء عنده كمبيوتر يخزن فيه أخطاء أولاده بالتفصيل ، فإذا حصل خطأ أرسل إليه استدعاء وفتح الخانة الخاصة بالولد في الجهاز ، وسرد عليه أخطاء الماضي مع الحاضر .
التعليق : لسنا في شركة ، وليس الأب هو الملك الموكل بكتابة السيئات ، وليقرأ هذا الأب المزيد في أصول التربية الإسلامية .
وأعرف في المقابل أناساً يرفضون التدخل في شئون أولادهم بتاتاً بحجة أن الولد لن يقتنع بأن الخطأ خطأ والذنب ذنب إلا بأن يقع فيه ، ثم يكتشف خطأه بنفسه ، وهذا الاعتقاد المنحرف ناتج عن رضاع من لبن الفلسفة الغربية ، وفطام على مبدأ إطلاق الحريات المذموم فتعست المرضعة ، وبئست الفاطمة ، ومنهم من يفلت الزمام لولده خشية أن يكرهه بزعمه ، ويقول : أكسب حبه مهما فعل ، وبعضهم يطلق العنان لولده كردة فعل عما حصل له مع أبيه في السابق من نوع شدة خاطئة ، فيظن أنه يجب أن يعمل العكس تماماً مع ولده ، وبعضهم يبلغ به السفول لدرجة أن يقول : دع الابن والبنت يتمتعان بشبابهما كما يريدان ، فهل يفكر مثل هؤلاء بأن أبناءهم قد يأخذون بتلابيبهم يوم القيامة فيقول الولد : لِمَ تركتني يا أبي على المعصية ؟!
نصيحة 17 الاهتمام بالأطفال في البيت
ولهذا جوانب عديدة منها :
تحفيظ القرآن والقصص الإسلامية : لا أجمل من جمع الأب أولاده ليقرئهم القرآن مع شرح مبسط ، ويقدم المكافآت لحفظه ، وقد حفظ صغار سورة الكهف من تكرار تلاوة الأب لها كل جمعة ، وتعليم الولد من أصول العقيدة الإسلامية كمثل التي وردت في حديث : " احفظ الله يحفظك " ، وتعليمه الآداب والأذكار الشرعية ، كأذكار الأكل والنوم ، والعطاس والسلام ، والاستئذان ، ولا أشد تنبيهاً وأقوى تأثيراً في الطفل من سرد القصص الإسلامية على مسامعه .
ومن هذه القصص : قصة نوح عليه السلام ، والطوفان ، وقصة إبراهيم عليه السلام ، في تكسير الأصنام وإلقائه في النار ، وقصة موسى عليه السلام في نجاته من فرعون وإغراقه ، وقصة يونس عليه السلام في بطن الحوت ، ومختصر قصة يوسف عليه السلام ، وسيرة محمد صلى الله عليه وسلم مثل البعثة والهجرة ، وشيء من الغزوات كبدر والخندق ، وغيرها كقصته صلى الله عليه وسلم مع الرجل والجمل الذي كان يُجيعه ويُجهده ، وقصص الصالحين ، كقصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع المرأة وأولادها الجياع في الخيمة ، وقصة أصحاب الأخدود ، وقصة أصحاب الجنة في سورة "ن" ، والثلاثة أصحاب الغار ، وغيرها كثير طيب ، يلخص ويبسط مع تعليقات ووقفات خفيفة ، يغنينا عن كثير من القصص المخالفة للعقيدة والخرافية أو المخيفة التي تفسد واقعية الطفل ، وتورث فيه الجبن والخوف .
حذار من خروج الأولاد مع من هب ودب : فيرجعون إلى البيت بالألفاظ والأخلاق السيئة ، بل يُنتقى ويُدعى من أولاد الأقرباء والجيران من يلعب معهم في المنزل .
الاهتمام بلعب الأولاد المسلية والهادفة : وعمل غرفة ألعاب أو خزانة خاصة ، يرتب فيها الأولاد ألعابهم ، وتجنب الألعاب المخالفة للشريعة : كالأدوات الموسيقية وما فيه صلبان أو نرد .
ومن الجيد توفير ركن هوايات للفتيان كالنجارة والإلكترونيات ، والميكانيكا ، وبعض ألعاب الكمبيوتر المباحة ، وبهذه المناسبة ننبه إلى خطورة بعض أشرطة الكمبيوتر المصممة لتعرض صور النساء في غاية السوء على شاشة الجهاز ، أو ألعاب فيها صلبان ، حتى ذكر أحدهم أن إحدى الألعاب هي لعبة قمار مع الكمبيوتر ، وينتقي اللاعب صورة فتاة من أربع فتيات يظهرن على الشاشة تمثل الطرف الآخر ، فإذا فاز في اللعبة خرجت له صورة الفتاة في أسوأ منظر جائزة الفوز .
التفريق بين الذكور والإناث في المضاجع : وهذا من الفروق في ترتيب بيوت أهل الدين وغيرهم ممن لا يهتمون بهذا .
الممازحة والملاطفة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب الأطفال يمسح رؤوسهم ، ويتلطف في مناداتهم ، ويعطي أصغرهم أول الثمرة ، وربما ارتحله بعضهم . وفيما يلي مثالان على مداعبته صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدلع لسانه لحسن بن علي ، فيرى الصبي حُمرة لسانه فيبهش له " أي أعجبه وجذبه فأسرع إليه . رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه ، انظر السلسلة الصحيحة رقم 70 . وعن يعلى بن مرة أنه قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ودعينا إلى طعام ، فإذا حسين يلعب في الطريق ، فأسرع النبي صلى الله عليه
وسلم أمام القوم ثم بسط يديه فجعل الغلام يفر هاهنا وهاهنا ، ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه ، والأخرى في فأس رأسه فقبله . رواه البخاري في الأدب المفرد رقم 364 وهو في صحيح ابن ماجه 1/29 .
نصيحة 18 الحزم في تنظيم أوقات النوم والوجبات :
بعض البيوت حالها كالفنادق لا يكاد قاطنوها يعرف بعضهم بعضاً ، وقلما يلتقون .
بعض الأولاد يأكل متى شاء وينام متى شاء ، ويتسبب في السهر ومضيعة الوقت ، وإدخال الطعام على الطعام ، وهذه الفوضوية تتسبب في تفكك الروابط ، واستهلاك الجهود والأوقات ، وتنمي عدم الانضباط في النفوس ، قد تعذر أصحاب الأعذار ، فالطلاب يتفاوتون في مواعيد الخروج من المدارس والجامعات ، ذكوراً وإناثاً ، والموظفون والعمال وأصحاب المحلات ليسوا سواء ، ولكن ليست هذه الحالة عند الجميع ، ولا أحلى من اجتماع العائلة الواحدة على الطعام ، واستغلال الفرصة لمعرفة الأحوال والنقاشات المفيدة ، وعلى رب الأسرة الحزم في ضبط مواعيد الرجوع إلى المنزل ، والاستئذان عند الخروج ، خصوصاً للصغار - صغار السن أو صغار العقل - الذين يُخشى عليهم .(110/49)
نصيحة 19 : تقويم عمل المرأة خارج البيت
شرائع الإسلام يكمل بعضها بعضاً ، وعندما أمر الله النساء بقوله : " وقرن في بيوتكن " الأحزاب /33 ، جعل لهن من ينفق عليهن وجوباً كالأب والزوج .
والأصل أن المرأة لا تعمل خارج البيت إلا لحاجة ، كما رأى موسى عليه السلام ، بنتي الرجل الصالح على الماء تذودان غنمهما تنتظران ، فسألهما : " ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يُصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير " القصص الآية 23 ، فاعتذرتا حالاً عن خروجهما لسقي الغنم ، لأن الولي لا يستطيع العمل لكبر سنه ، لذا صار الحرص على التخلص من العمل خارج البيت حالما تسنح الفرصة " قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين " القصص الآية 26 .
فبينت هذه المرأة بعبارتها رغبتها في الرجوع إلى بيتها لحماية نفسها ، من التبذل والذي قد تتعرض له بالعمل خارج البيت .
وعندما احتاج الكفار في العصر الحديث لعمل النساء بعد الحربين العالميتين ، لتعويض النقص الحاصل في الرجال ، وصار الوضع حرجاً من أجل إعادة إعمار ما خربته الحرب ، وواكب ذلك المخطط اليهودي في تحرير المرأة ، والمناداة بحقوقها بقصد إفساد المرأة ، وبالتالي إفساد المجتمع تسربت مسألة خروج المرأة للعمل .
وعلى الرغم من أن الدوافع عندنا ليست كما هي عندهم ، والفرد المسلم يحمي حريمه وينفق عليهن ، إلا أن حركة تحرير المرأة نشطت ، ووصل الأمر إلى المطالبة بابتعاثها إلى الخارج ، ومن ثم المطالبة بعملها حتى لا تذهب هذه الشهادات هدراً وهكذا ، وإلا فالمجتمعات الإسلامية ليست بحاجة لهذا الأمر على هذا النطاق الواسع الحاصل ، ومن الأدلة على ذلك وجود رجال بغير وظائف مع استمرار فتح مجالات العمل للنساء .
وعندما نقول : " على هذا النطاق الواسع " ، فإننا نعني ذلك لأن الحاجة إلى عمل المرأة في بعض القطاعات كالتعليم والتمريض والتطبيب بالشروط الشرعية حاجة
قائمة ، وإنما قدمنا تلك المقدمة لأننا لاحظنا أن بعض النساء يخرجن للعمل دون حاجة ، وأحياناً براتب زهيد جداً ، لأنها تحس أنها لا بد أن تخرج لتعمل حتى ولو كانت غير محتاجة ، ولو في مكان غير لائق بها ، فوقعت فتن عظيمة .
ومن الفروق الرئيسية بين المنهج الإسلامي لقضية عمل المرأة ، والنهج العلماني أن التصور الإسلامي للقضية يعتبر أن الأصل هو " وقرن في بيوتكن " والخروج للحاجة " أُذن لكن أن تخرجن في حوائجكن " والنهج العلماني يقوم على أن الخروج هو الأصل في جميع الحالات .
ولأجل العدل في القول نقول : إن عمل المرأة قد يكون حاجة فعلاً ، كأن تكون المرأة هي المعيل للأسرة بعد زوج ميت ، أو أب عاجز ، ونحو ذلك ، بل إنه في بعض البلدان نتيجة لعدم قيام المجتمع على أسس إسلامية تضطر الزوجة إلى العمل لتغطي مصروف البيت مع زوجها ، ولا يخطب الرجل إلا موظفة ، بل اشترط بعضهم على زوجته في العقد أن تعمل !!
والخلاصة : فقد يكون عمل المرأة للحاجة أو لأجل هدف إسلامي ، كالدعوة إلى الله في مجال التعليم ، أو تسلية كما يقع لبعض من ليس لها أولاد .
وأما سلبيات عمل المرأة خارج البيت فمنها :
ما يقع كثيراً من أنواع المنكرات الشرعية ، كالاختلاط بالرجال ، والتعرف بهم والخلوة المحرمة ، والتعطر لهم ، وإبداء الزينة للأجانب ، وقد تكون النهاية هي الفاحشة .
عدم إعطاء الزوج حقه ، وإهمال أمر البيت ، والتقصير في حق الأولاد " وهذا موضوعنا الأصلي " .
نقصان المعنى الحقيقي للشعور بقوامة الرجل في نفوس بعض النساء فلنتصور امرأة تحمل شهادة مثل شهادة زوجها ، أو أعلى " وهذا ليس عيباً في ذاته " ، وتعمل براتب قد يفوق راتب زوجها ، فهل ستشعر هذه المرأة بشكل كاف بحاجتها إلى زوجها وتتكامل لديها طاعة الزوج ، أم أن الإحساس بالاستغناء قد يسبب مشكلات تزلزل كيان البيت من أساسه ، إلا من أراد الله بها خيراً ، وهذه مشكلات النفقة على الزوجة الموظفة والإنفاق على البيت لا تنتهي .
الإرهاق الجسدي والضغط النفسي والعصبي الذي لا يناسب طبيعة المرأة .
وبعد هذه العرض السريع لمصالح ومفاسد عمل المرأة نقول : لا بد من تقوى الله ، ووزن المسألة بميزان الشريعة ، ومعرفة الحالات التي يجوز فيها للمرأة أن تخرج للعمل ، من التي لا تجوز ، وأن لا تعمينا المكاسب الدنيوية عن سلوك سبيل الحق ، والوصية للمرأة لأجل مصلحتها ، ومصلحة البيت ، وعلى الزوج ترك الإجراءات الانتقامية وألا يأكل مال زوجته بغير حق .
نصيحة 20 : حفظ أسرار البيوت :
وهذا يشمل أموراً منها :
عدم نشر أسرار الاستمتاع .
عدم تسريب الخلافات الزوجية .
عدم البوح بأي خصوصية يكون إظهارها ضرر بالبيت أو أحد أفراده .
فأما المسألة الأولى فدليل تحريمها : قوله صلى الله عليه وسلم : " إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها " رواه مسلم 4/157 . ومعنى يفضي : أي يصل إليها بالمباشرة والمجامعة كما في قوله تعالى : " وقد أفضى بعضكم إلى بعض " سورة النساء الآية 21 .
ومن أدلة التحريم أيضاً حديث أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والرجال والنساء قعود فقال : " لعل رجلاً يقول ما يفعله بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها " فأرم القوم " أي سكتوا " فقلت : إي والله يا رسول الله ، إنهن ليفعلن ! وإنهم ليفعلون !! قال : " فلا تفعلوا فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون " رواه الإمام أحمد 6/457 وهو مخرج في آداب الزفاف للألباني ص 144 . وفي رواية لأبي داود : " هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه ، وألقى عليه ستره ، واستتر بستر الله ؟ قالوا : نعم ، قال : ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلت كذا ، فعلت كذا ، فسكتوا ، ثم أقبل على النساء ، فقال : هل منكن من تحدث ؟ فسكتن ، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتها ، وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها ، فقالت : يا رسول الله إنهم ليحدثون ، وإنهن ليحدثن ، فقال : هل تدرون ما مثل ذلك ؟ إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطاناً في السكة ، فقضى حاجته والناس ينظرون إليه " سنن أبى داود 2/627 وهو في صحيح الجامع 7037 .
وأما الأمر الثاني ، وهو تسريب الخلافات الزوجية خارج محيط البيت ، فإنه في كثير من الأحيان يزيد المشكلة تعقيداً ، وتدخل الأطراف الخارجية في الخلافات الزوجية يؤدي إلى مزيد من الجفاء في الغالب ، ويُصبح الحل بالمراسلة بين اثنين هما أقرب الناس لبعضهما ، فلا يلجأ إليه إلا عند تعذر الإصلاح المباشر المشترك وعند ذلك نفعل كما أمر الله : "فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما " سورة النساء الآية 35.
والأمر الثالث : وهو الإضرار بالبيت أو أحد أفراده - بنشر خصوصياته - وهذا لا يجوز لأنه داخل في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " رواه الإمام أحمد 1/313 وهو في السلسلة الصحيحة رقم 250 . ومن أمثلة ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى : "ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما " التحريم الآية10 ، فقد نقل ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ما يلي : " فكانت امرأة نوح تطلع على سر نوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحداً أخبرت أهل المدينة ممن يعمل السوء " تفسير ابن كثير 8/198 . أي ليأتوا فيعملوا بهم الفاحشة .
الأخلاق في البيت
نصيحة 21 : إشاعة خلق الرفق في البيت : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أراد الله - عز وجل - بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق " رواه الإمام أحمد في المسند 6/71 وهو في صحيح الجامع 303 وفي رواية أخرى : " إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق " رواه ابن أبى الدنيا
وغيره وهو في صحيح الجامع رقم 1704 . أي صار بعضهم يرفق ببعض ، وهذا من أسباب السعادة في البيت ، فالرفق نافع جداً بين الزوجين ، ومع الأولاد ، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على سواه " رواه مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب رقم 2593 .
نصيحة 22 : معاونة أهل البيت في عمل البيت
كثير من الرجال يأنفون من العمل البيتي ، وبعضهم يعتقد أن مما ينقص من قدره ومنزلته أن يخوض مع أهل البيت في مهنتهم .
فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان " يخيط ثوبه ، ويخصف نعله ، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم " رواه الإمام أحمد في المسند 6/121 وهو في صحيح الجامع 4927 .
قالت ذلك زوجته عائشة رضي الله عنها لما سُئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته فأجابت بما شاهدته بنفسها وفي رواية : كان بشراً من البشر يفلي " يُنقي " ثوبه ، ويحلب شاته ويخدم نفسه . رواه الإمام أحمد في المسند 6/256 وهو في السلسلة الصحيحة 671 . وسُئلت رضي الله عنها أيضاً ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ، قالت : كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة . رواه البخاري ، الفتح 2/162
فإذا فعلنا ذلك نحن اليوم نكون قد حققنا عدة مصالح :
اقتدينا برسول الله صلى الله عليه وسلم .
ساعدنا أهلينا .
شعرنا بالتواضع وعدم الكبر .
وبعض الرجال يطالب زوجته بالطعام فوراً ، والقدر فوق النار ، والولد يصرخ يريد الرضاع ، فلا هو يمسك الولد ، ولا هو ينتظر الطعام قليلاً ، فلتكن هذه الأحاديث تذكرة وعبرة .
نصيحة 23 : الملاطفة والممازحة لأهل البيت
ملاطفة الزوجة والأولاد من الأسباب المؤدية إلى إشاعة أجواء السعادة والألفة في البيت ، ولذلك نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم جابراً أن يتزوج بكراً ، وحثه بقوله : " فهلا بكراً تُلاعبها وتُلاعبك وتضاحكها وتضاحكك " الحديث في عدة مواضع في الصحيحين ومنها البخاري مع الفتح 9/121 وقال صلى الله عليه وسلم : " كل شيء ليس فيه ذكر الله فهو لهو ولعب إلا أربع ، ملاعبة الرجل امرأته .. " رواه النسائي في عشرة النساء ص 87 وهو في صحيح الجامع . وكان صلى الله عليه وسلم يلاطف زوجته عائشة وهو يغتسل معها ، كما قالت رضي الله عنها : " كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء بيني وبينه واحد ، فيبادرني حتى أقول : دع لي دع لي ، قالت : وهما جنبان " مسلم بشرح النووي 4/6 .
وأما ملاطفته صلى الله عليه وسلم للصبيان فأشهر أن تذكر ، وكان كثيراً ما يلاطف الحسن والحسين كما تقدم ، ولعل هذا من الأسباب التي تجعل الصبيان يفرحون بمقدمه صلى الله عليه وسلم من السفر فيُهرعون لاستقباله كما جاء في الحديث
الصحيح : " كان إذا قدم من سفر تُلقي بصبيان أهل بيته " صحيح مسلم 4/1885-2772 وانظر الشرح في تحفة الأحوذي 8/56 وكان صلى الله عليه وسلم يضمهم إليه كما قال عبد الله بن جعفر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلقي بنا ، فتُلقي بي وبالحسن أو بالحسين ، قال : فحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى دخلنا المدينة " صحيح مسلم 4/1885-2772 ، وانظر الشرح في تحفة الأحوذي 8/56 .
قارن بين هذا وبين حال بعض البيوت الكئيبة لا فيها مزاح بالحق ، وملاطفة ولا رحمة . ومن ظن أن تقبيل الأولاد يتنافى مع هيبة الأب فليقرأ هذا الحديث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحداً ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " من لا يرحم لا يُرحم " .
نصيحة 24 : مقاومة الأخلاق الرديئة في البيت :
لا يخلو فرد من الأفراد في البيت من خلق غير سوي كالكذب أو الغيبة والنميمة ونحوها ، ولابد من مقاومة هذه الأخلاق الرديئة .
وبعض الناس يظن أن العقوبة البدينة هي العلاج الوحيد في مثل هذه الحالات ، وفيما يلي حديث صحيح تربوي في هذا الموضوع ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطّلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة لم يزل معرضاً عنه حتى يحدث توبة " انظر مسند الإمام أحمد 6/152 ونص الحديث في صحيح الجامع رقم 4675 .
ويتبين من الحديث أن الأعراض والهجر بترك الكلام والالتفات من العقوبات البليغة في مثل هذا الحال ، وربما كان أبلغ أثراً من العقاب البدني ، فليتأمله المربون في البيوت .
نصيحة 25 : ( علقوا السوط حيث يراه أهل البيت ) أخرجه أبو نعيم في الحلية 7/332 وهو في السلسلة الصحيحة برقم 1446 .
التلويح بالعقوبة من وسائل التأديب الراقية ، ولذلك جاء بيان السبب من تعليق السوط أو العصا في البيت ، وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علقوا السوط حيث يراه أهل البيت ، فإنه آدب لهم " أخرجه الطبراني 10/344-345 وهو في السلسلة الصحيحة برقم 1447 .
ورؤية أداة العقاب معلقة يجعل أصحاب النوايا السيئة يرتدعون عن ملابسة الرذائل خوفاً أن ينالهم منه نائل ، ويكون باعثاً لهم على التأدب والتخلق بالأخلاق الفاضلة ، قال ابن الأنباري : " لم يرد به الضرب به لأنه لم يأمر بذلك أحداً ، وإنما أراد لا ترفع أدبك عنهم". انظر فيض القدير للمناوي 4/325 .
والضرب ليس هو الأصل أبداً ، ولا يلجأ إليه إلا عند استنفاد الوسائل الأخرى للتأديب ، أو الحمل على الطاعات الواجبة ، كمل قوله تعالى : " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرهن في المضاجع واضربوهن " النساء الآية 34 . على
الترتيب ومثل حديث : " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر " سنن أبي داود 1/334 وانظر إرواء الغليل 1/266 .
أما استعمال الضرب دون الحاجة فإنه اعتداء ورسول الله صلى الله عليه وسلم نصح امرأة أن لا تتزوج من رجل لأنه لا يضع العصا عن عاتقه أي ضراب للنساء ، أما من يرى عدم استخدام الضرب مطلقاً تقليداً لبعض نظريات الكفار في التربية ، فرأيه خاطئ يخالف النصوص الشرعية .
المنكرات في البيت
نصيحة 26 : الحذر من دخول الأقارب غير المحارم على المرأة في البيت عند غياب زوجها .
نصيحة 27 : فصل النساء عن الرجال في الزيارات العائلية .
نصيحة 28 : الانتباه لخطورة السائقين والخادمات في البيوت .
نصيحة 29 : اخرجوا المخنثين من بيوتكم .
نصيحة 30 : احذر أخطار الشاشة .
نصيحة 31 : الحذر من شر الهاتف .
نصيحة 32 : يجب إزالة كل ما فيه رمز لأديان الكفار الباطلة أو معبوداتهم وآلهتهم .
نصيحة 33 : إزالة صور ذوات الأرواح .
نصيحة 34 : امنعوا التدخين في بيوتكم .
نصيحة 35 : إياك واقتناء الكلاب في البيوت .
نصيحة 36 : الابتعاد عن تزويق البيوت .
البيت من الداخل والخارج
نصيحة 37 : حسن اختيار موقع البيت وتصميمه : لا شك أن المسلم الحق يراعي في اختيار بيته وتصميمه أمراً لا يراعيها غيره .
فمن جهة الموقع مثلاً :
أن يكون البيت قريباً من مسجد وفي هذا فوائد عظيمة لا تخفى ، فالنداء يذكر ويوقظ للصلاة ، والقرب يمكن الرجل من إدراك الجماعة ، والنساء من سماع التلاوة والذكر من مكبر المسجد ، والصغار من إتيان حلقة تحفيظ القرآن وهكذا ..
أن لا يكون في عمارة فيها فساق أو مجمعات سكنية فيها كفار يتوسطها مسبح مختلط ونحو ذلك .
أن لا يكشف ولا يُكشف ، ولو حصل يستعان بالسواتر وتعلية الجدر .
ومن جهة التصميم مثلاً :
أن يراعى فيه فصل الرجال عن النساء من الزوار الأجانب من ناحية المدخل ، وصالات الجلوس ، وإن لم يحصل فيستعين بالستائر والحواجز .
ستر الشبابيك : بحيث لا يظهر من في الغرف للجار ، أو لرجل الشارع ، وخصوصاً في الليل عندما تضاء الأنوار .
أن لا تكون المراحيض باتجاه القبلة عند استخدامها .
أن يختار المسكن الواسع والدار كثيرة المرافق ، وذلك لأمور منها :
" إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " حديث رواه الترمذي رقم 2819 وقال : هذا حديث حسن .
" ثلاثة من السعادة وثلاثة من الشقاء ، فمن السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك ، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك ، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق ، ومن الشقاء : المرأة تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون قطوف ، فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك ، والدار قليلة المرافق " حديث رواه الحاكم 3/262 وهو في صحيح الجامع برقم 3056 .
الحرص على الأمور الصحية كالتهوية ودخول الشمس ، وهذه وغيرها مقيدة بالقدرة المادية والإمكانات المتاحة .
نصيحة 38 : اختيار الجار قبل الدار
وهذه مسألة تحتاج إلى إفراد لأهميتها .
فالجار في عصرنا له مزيد من التأثير على جاره ، بفعل تقارب المساكن ، وتجمع الناس في البنايات والشقق ، والمجمعات السكنية .
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع من السعادة وذكر منها : الجار الصالح، وأخبر عن أربع من الشقاء وذكر منها : الجار السوء رواه أبو نعيم في الحلية 8/388 وهو في صحيح الجامع 887 . ولخطر هذا الأخير كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه في دعائه فيقول : " اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة " أي الذي يجاورك في مكان ثابت " فإن جار البادية يتحول " رواه الحاكم 1/532 وهو في صحيح الجامع 1290 .
وأمر المسلمين أن يتعوذوا من ذلك فقال : " تعوّذوا بالله من جار السوء في دار المقام ، فإن الجار البادي يتحول عنك " رواه البخاري في الأدب المفرد رقم 117 واللفظ في صحيح الجامع 2967 .
ويضيق المجال للحديث عن أثر جار السوء على الزوجين والأولاد ، وأنواع الإيذاء التي تصدر عنه ، ومنغصات العيش بجانبه ، ولكن في تطبيق الأحاديث السابقة على الواقع كفاية للمعتبر ، ولعل من الحلول العلمية ما ينفذه بعض الطيبين من استئجار السكن المتجاور لعائلاتهم ، لحل مشكلة الجيرة ولو على حساب بعض الماديات ، فإن الجيرة الصالحة لا تقدر بمال .
نصيحة 39 : الاهتمام بالإصلاحات اللازمة وتوفير وسائل الراحة
من نعم الله علينا في هذا الزمان ما وهبنا من وسائل الراحة التي تسهل أمور المعيشة في هذه الدنيا ، وتوفر الأوقات كالمكيف والثلاجة والغسالة .. إلخ ، فيكون من الحكمة توفيرها في البيت بالجودة التي يستطيعها صاحب البيت من غير إسراف ولا مشقة ، ولابد من التفريق بين الأمور التحسينية المفيدة والكماليات الزائفة التي لا قيمة لها .
ومن الاهتمام بالبيت إصلاح ما فسد من مرافقه وأجهزته ، وبعض الناس يهملون ، وتشتكي زوجاتهم من بيوت تعج فيها الحشرات ، وتفيض فيها البلاعات ، وتفوح القمامة بالروائح الكريهة ، وتتناثر فيه قطع الأثاث المكسور والتالف .
ولا شك أن هذا مما يمنع حصول السعادة في البيت ، ويسبب مشكلات زوجية وصحية ، فالعاقل من عالج ذلك .
نصيحة 40 : الاعتناء بصحة أهل البيت وإجراءات السلامة
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات " رواه مسلم رقم 2192 . " وكان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك " المرض " أمر بالحساء " المرقة المعروفة " فصنع ، ثم أمرهم فحسوا ، وكان بقول : " إنه ليرتق " يشد " فؤاد الحزين ، ويسرو " يكشف " عن فؤاد السقيم ، كما تسرو إحداكن الوسخ عن وجهها " رواه الترمذي رقم 2039 وهو في صحيح الجامع رقم 4646 ،
وعن بعض إجراءات الوقاية والسلامة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمسيتم فكفوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم ، فغلقوا الأبواب ، واذكروا اسم الله ، وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليها شيئاً " مثل العود ونحوها " وأطفئوا مصابيحكم " رواه البخاري الفتح 10/88-89 . وفي رواية لمسلم : " أغلقوا أبوابكم ، وخمروا آنيتكم ، وأطفئوها سرجكم ، وأوكئوا أسقيتكم " شدوا رباطها على أفواها " فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً ، ولا يكشف غطاء ، ولا يحل وكاء ، وإن الفويسقة تضرم البيت على أهله " " أي تسحب فتيل السراج فيشتعل البيت " رواه الإمام أحمد في المسند 3/301 وهو في صحيح الجامع 1080 .
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون " رواه البخاري ، الفتح 11/85 .
والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
ـــــــــــــــــــــــــ(110/50)
المراهقة مرحلة انتقالية وليست أزمة
لا ليس هذا ابنى، إنه شخص آخر غير التى ربيته فى حضنى، إنه فتى هائج مائج، رافض، متمرد على أبيه وأمه وأسرته، ووضعه المادى والاجتماعى، رأيه فقط الصواب، وكل ما سواه خطأ وتخلف ورجعية و«خنقة».
شكوى تتردد على ألسنة العديد من الأمهات والآباء بعدما كبر الصغير، وأصبح فتى يافعًا، وبدأ ينسلخ من طفولته، ويحاول أن يثبت أنه رجل.
إنها رحلة المراهقة، تلك الرحل الفاصلة بين حياة الطفولة وحياة النضج، بين مرحلة الاعتماد على الغير، والاستقلال بالنفس، بين الحياة فى كنف الأسرة، والتطلع إلى حياة يصوغها المرء بنفسه لنفسه، وكل مرحلة انتقال مرحلة حرجة، وفى أكثر الأحيان يتضافر الجهل، وسوء الفهم على جعل مرحلة المراهقة أزمة تهدد المراهق والمسئولين عنه بخطر جسيم.
فكيف نتعامل مع المراهق حتى يعبر ونعبر هذه المرحلة بسلام؟
طبيعة المرحلة
يقول د. سبوك - الخبير التربوى الشهير - إن عيبنا جميعًا هو أننا ننظر إلى المراهقة على أنها فترة مرضية، ولا ننظر إليها كمرحلة طبيعية مر بها كل واحد منا.
إن المراهق إنسان يبحث عن النضج، ومهمتنا هى توضيح الطريق والإرشاد، فالمراهق يحتاج إلى إرشادنا ويتمناه، بشرط أن نقدمه له بصداقة.
فبينما يرى الوالدان أن الأبناء ينقصهم الخبرة، ويحتاجون إلى الإرشاد والتوجيه، يرى الأبناء أن إرشاد الوالدين هو نوع من السيطرة مهما كان هذا الإرشاد ضروريًا، ويقع بعض الآباء فى الخطأ عندما يتشددون فى بعض الأمور، ويتساهلون فى بعض الأمور دون منطق ما، وهكذا يجد الشاب ما يبرر له اتهام الآباء بعدم المعقولية فى النصح.
فما أن يبدأ الطفل ولوج سن المراهقة حتى نفاجأ - نحن الآباء والأمهات - بأنه يقدم لنا أكثر من طلب يومى باعتباره كائنًا مستقلاً له كرامة، وأنه جدير بذلك، وأن الاستقلال حق له، وأن احترامه وتوفير ما يريده مسألة مقدسة.
إنه يقدم لنا هذه «المفاجأة» يوميًا وكل لحظة، ولا يمكن أن يتنازل عنها، إن إنسانًا تحت العشرين يصر على الحرية والاستقلال، لا بد أن يناقش ويفاوض ويحارب على جبهتين فى وقت واحد: الجبهة الأولى هى جبهة عدم استقراره وتخلخل ثقته بنفسه وتردده، والمخاوف التى تملأ أعماقه، والجبهة الثانية هى الكبار الذين يتصدون لرغبته فى إثبات ذاته واستقلاليته.
تطور ذهنى وجسدى
وتوضح الدكتورة ويتا مرهج - أستاذة علم النفس فى الجامعة الأمريكية ببيروت - فى كتابها «أولادنا من الولادة حتى المراهقة» أن تطورًا فكريًا جوهريًا يطرأ على المراهق، كما يطرأ عليه تغيرات جسدية عديدة، مما يؤثر على تصرفاته، ويجب على الأهل ألا يسيئوا فهم هذه التصرفات التى قد تبدو فى معظمها سلبية ومزعجة، بل أن يفهموها فى إطار افتقار المراهق للخبرة الكافية فى التعامل مع التغيرات الجديدة التى تطرأ عليه، ومن أهم التصرفات التى تلاحظ على المراهق:
1 - الجدل والمناقشة:
بعدما كان صغيرًا يسمع «الكلام»، ويقتنع بكل ما يقال له أصبح الآن مناقشًا، ينظم الأفكار وكأنه محام يدافع عن قضية، فلا يكتفى بجواب بسيط ومباشر لأسئلته، بل يريد ألف حجة، وغالبًا لا يقتنع بها، بل يناقضها جميعًا، بل أحيانًا يناقش فقط للمناقشة، وعلى الأهل أن يدركوا أنه طالما بقيت هذه المناقشات مركزه على موضوع الحوار مع الوالدين أو أحدهما ولا تنتهى بشجار أو عراك، يؤذى كلا الطرفين، فإنها تسهم فى الإسراع بعملية التطور عند الشاب أو الفتاة، فمن خلال هذه المناقشات للقوانين والقيم العائلية، يصبح المراهق أكثر إدراكًا لهذه القيم ولأسباب وجودها، ويتبنى الكثير منها لاحقًا فى حياته.
2 - التمحور حول الذات:
يهتم المراهق بشكل مبالغ فيه بأفكاره، ومظهره، وتصرفاته، وكأنه دومًا على خشبة المسرح، مقتنعًا بأنه محط أنظار واهتمام الجميع، ومن هنا يمضى الوقت الطويل فى استكشاف نفسه فى الحمام، وأمام المرآة، متخيلاً أن كل شخص فى محيطه يرقبه بحذر، وهذا يفسر سر تأثره بانتقادات الآخرين، وظهور الخجل الشديد فى بعض الظروف الاجتماعية، ولذلك فإن أية ملاحظة سلبية من قبل والديه أو معلميه، أو
حتى الأصدقاء تؤلمه بشدة، لذلك ننصح الأهل بأخذ ذلك بعين الاعتبار، وعدم توجيه اللوم أو الانتقاد اللاذع للابن المراهق أمام الآخرين، بل التحدث معه على انفراد بتروٍ وصراحة.
ويشعر المراهق أيضًا بأهميته المتزايدة، فهو مميز وفريد، ويستطيع أنت يرى نفسه فى أعلى قمم المجد، كما فى أدنى مستويات اليأس، وهذا يفسر طموحات المراهقين التى تتناقض مع الحياة العائلية الاعتيادية الروتينية والمملة بنظرهم، والتى لا يوجد بها من يحس بهم أو يفهمهم.
المثالية والنقد
مثالية المراهق تجعله يبنى تطلعات سامية إلى عالم كامل من دون ظلم ولا بؤس، ثم يصر على أن يطابق الواقع مع هذا العالم المثالى، لذلك لا يتحمل تفاعلات الحياة اليومية، وهذا ما نسميه الفجوة بين الأجيال: جيل الوالدين وجيل المراهق، وهذه الفجوة تخلق الكثير من التوتر فى العائلة، فيصبح الفتى دائم النقد لأهله وإخوته الذين لا يطابقون العائلة المثالية التى يحلم بها.
إن كل الملاحظات المؤلمة التى يوجهها المراهق لأهله قد تبدو بغيضة وغير مناسبة، ولكنها لها محاسن على المدى البعيد؛ حيث يتعلم المراهق أن للناس حوله نقاط ضعف ومواطن قوة.
فعلى الأهل مساعدة أولادهم فى صياغة توازن أكبر بين المثالى والواقعى، ويتم ذلك من خلال تحملهم الصبور لهذه الانتقادات مهما كانت لاذعة، وتذكيرهم بأن كل الناس ومنهم هؤلاء الأولاد هم مزيج من الفضائل والنواقض.
الحيرة أمام البدائل
يصبح المراهق أكثر قدرة على تنظيم وقته، وتحديد أولوياته عما قبل، ولكن هذه القدرة تظل فقط قاصرة على المجال الفكرى، ولا تمتد إلى أمور الحياة اليومية؛ إذ إن المراهق يبدو ضائعًا حائرًا مترددًا أمام كل الخيارات المتوفرة أمامه، فمثلاً فتاة فى الثانية عشرة من عمرها نراها كل صباح قبل أن تخرج تجرب خمسة أو ستة ملابس، وبالطبع لا ترجع أى منها إلى الخزانة، وقد تستشير والدتها، ولكن لا تأخذ برأيها أبدًا، وفى النهاية تعود وتختار اللباس الذى ارتدته بالأمس وقبل الأمس.. وهكذا.
وترتبط نسبة نجاح المراهقين فى دراستهم بمجموعة من العوامل الشخصية والاجتماعية، فالبيئة العائلية السليمة، ونوعية المدرسة التى يرتادها الولد تساعد على حفز الخصائص الإيجابية مثل الرغبة فى النجاح والطموح.
فقد أكدت الدراسات أن التفوق الدراسى مرتبط بنمط تربوى متفتح يفرض السلطة فى المنزل دون تشنج أو تصلب بالمواقف، ويوفر العطف والحنان، والتفهم للأولاد مع منحهم الفرص الملائمة للنضوج والتعبير.
وبالمقابل يؤدى الأسلوب التربوى المتسلط جدًا، وكذلك المتسامح جدًا إلى تأخر المراهق دراسيًا، أما الأسلوب المتقلب بين التسامح والتسلط، فيؤدى إلى أدنى مستويات الإنجاز المدرسى.
حماية بدون تسلط
ويتفق الخبيران التربويان د. سبوك، ود. ريتاوهج على أنه برغم حاجة المراهق إلى الحرية ليختبر الحياة، فإنه بحاجة دائمة إلى الإرشاد والحماية، فالتربية الفعالة فى البيت تؤمن للمراهق الانتقال السلس من الارتباط الوطيد الآمن بالأهل إلى الانفصال عنهم، وكل الدراسات تشير إلى أن الجو الدافئ والمتقبل داخل الأسرة، مع الإرشاد الحكيم غير المتسلط يؤديان إلى مراهقة متوازنة ومتكيفة.
ومن الطبيعى جدًا أن يمر الفتى بمرحلة ينظر فيها إلى والديه باعتبارهما مثاله الأعلى، بل يصبحان مجرد أناس مثل بقية الناس، وعندما يحدث ذلك نلاحظ أن الخضوع لسلطة الوالدين يخف بشكل ملحوظ، وهكذا تنشأ الاحتكاكات السلبية والتشنجات بين الأهل والولد، وهى ناتجة عن اختلاف جذرى فى وجهات النظر، فالوالدان يتطلعان إلى أمور عديدة (مثل: ترتيب الغرفة أو تحديد موعود العودة، أو تأدية الواجبات المدرسية) كأمور ذات أهمية مشتركة لكل الأسر، بينما ينظر إليها المراهق كأمور شخصية بحتة لا يحق لأحد أن يتدخل فيها.
وينصحان كل أبوين بما يضمن لهما تعاملاً ناجحًا مع الابن المراهق وهذه النصائح هى:
- أن يحرص الوالدان على احترام مبدأ القرار المشترك مع أبنائهما ويعملا بشكل تدريجى يتلاءم مع عمر الولد على السماح له بالمزيد من الاستقلالية.
- المناقشة المفتوحة مع الأبناء، والتى تمزج بين التفهم من جهة وصلابة الموقف من جهة أخرى، مما يجعل المراهق يشعر بأن آراءه مهمة ومقدرة، ويشجع التفكير البناء وضبط النفس.
- إشراف الوالدين بشكل دقيق على إنجازات أولادهم المدرسين وبناء علاقات مع المدرسين والمدرسة.
إن المراهق عندما يوشك على تخطى سنى المراهقة يحاول أن يؤكد الاستقلال، إنه يريد أن ينعزل عن عالم الجيل القديم، وأن يؤكد قيم الجيل الجديد من تسريحة الشعر، ومن أزياء الملابس، ويغرق فى الهوايات، ويمارس الطريق إلى النضج.
والمهم هو فهم حقيقة أساسية هى أن المراهق يحتاج إلى التوجيه والصداقة، وأن نرسم معه الحدود، وأن نحاول دائمًا تشجيعه على النجاح والانطلاق، فلا داعى للارتباك أو الخوف أو اليأس، ولكن المطلوب هو الكثير من الفهم، والكثير من الصبر لنقتل اليأس، ونستقبل بالثقة مستقبل الأبناء.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/51)
دعوى تحرير المرأة
منذ زمن بعيد كنا صغارًا..أحداثًا،.. نخطو إلى مرحلة الرجولة في سن المراهقة؛ حيث تتراءى الأشياء في عين الفتى بألوان فاقعة وروائح نفاذة؛ على نحو لم يعهده فيما خلف من أيامه الغضة، حينها كان ينتهي إلى مسامعنا بقية حديث لا نتبينه إلا في غموض، وأصوات تشبه أصوات المتخاصمين...وبينما هي تعتلج كألسنة اللهب، تضيع كأنما سديم سابح، أو تشربها غور سحيق، ثم يمضي موكب الحياة لا يلوي على شيء؛ والناس يركبون؛ كدود على عود !
نعم كانت تعلو وتسفل كلمات لا تخطئها الأذن؛ المرأة، قضية، الحياة، طبيعة، دور، حرية، الرجل، مساواة، واجبات، حقوق...بيد أنه لم يكن يستبد بروعنا من تلك المسموعات سوى اسم واحد؛ المرأة؛ تثور منه في نفوسنا خواطر جمة، وترتسم له في أوهامنا صور شتى، وكان يحوك في صدورنا - والحال تلك - ما نكره أن يطلع عليه الكبار، وربما أُحرجنا فنطرق حياء، أو نغطي أفواهنا خجلاً، أو ننكص على أعقابنا إلى بعض تلك الدروب...حتى إذا تصرمت تلك السنون تكشفت لنا ترجمة تلك الرموز عن حديث ذي شجون يطوي المرأة في فصل وينشرها في أبواب، فإذا هي قضية تنتظم في سلك واحد مع نوازل ذات خطر تملأ الدنيا وتشغل الناس؛ كمعضلة السلام في العالم، والتنمية الاقتصادية، وعالم ما بعد الحرب الباردة، والعولمة، وصدام الحضارات، ومحاربة الإرهاب، ونهاية التاريخ.. وربما كان بخسًا لها أن تطرح ضمن هذه القضايا فهي - في الحقيقة - ترتفع قيمة وخطرًا؛ لأنها قضية الحياة، وقضية الإنسانية، وقضية.. وقضية الرجل!
لكن إن جاز - وربما وجب - للمرأة الغربية مسلكها في المطالبة بحقوقها نتيجة ظروفها التاريخية التي مرت بها منذ أيام الحضارة الإغريقية - الرومانية التي لم تكن المرأة فيها شيئًا يذكر إزاء الرجل، ومرورًا بسلطة الكنيسة الأبوية في إكراهها المرأة على العيش مع رجل واحد طول عمرها - إلا أن يهلك - فإن هي تركته لُعنت، وإن هي بقيت معه بقيت على مثل جدع أنفها ! وانتهاء بالثورة الصناعية وصولاً إلى الحرب العالمية الثانية وما تخلل كل ذلك وأعقبه من انتكاسات ومظالم في السياسة، والفكر، والقيم الاجتماعية والنفسية، كانت المرأة ضحيتها الأولى.
فهل يجوز للمرأة المسلمة أن تتبنى المقولات نفسها، وتسقطها على واقع لم يشبه واقع المرأة الغربية - بحال - في ماضيه أو حاضره، سوى هَنَاتٍ سببها الوجود الاستيطاني الغربي في بلاد المسلمين، وقد كان مادة لها أولئك الذين انخلعوا - وهم قليل - من عهدة دينهم وأصلهم.
أما المرأة المسلمة الملتزمة فقد كانت تستريح من دينها في هالة من العناية، والرعاية تضيع دونها دعوى الظلم كما يضيع حجر يقذف باتجاه كوكب دُرّي.. على أن النتائج المختلة هي صنائع المقدمات المختلة، وقديمًا قيل:
إذا اعتلت الأفعال جاءت عليلة كحالاتها أسماؤها والمصادر
وهكذا الشأن بالنسبة لقضية المرأة - عندنا - فقد ولدت خطأ؛ إذ لم تدعُ إلى ولادتها أزمات اجتماعية خانقة كانت المرأة حلقتها الأضعف، ولا مظالم كهنوتية جعلت حظ المرأة الأخس الأوكس، وعولجت خطأ حينما حبست نفسها في أطر ثانوية جعلت همها لباس المرأة، وزينتها وخروجها للرجل، فكان أن ثارت الأخطاء - في التفسير والتنفيذ - من بين يديها ومن خلفها للتحول إلى خطأ غريب في تاريخ الأمم حين تستورد "أخطاء" من أمم أخرى ثم لا تلتمس الحلول لذلك فيما لديها من تجارب، بل تلجأ إلى استيراد "الحلول" أيضًا!
والحق أن حديثًا مادته المرأة فحسب؛ لا قبل لمجتمعنا الإسلامي به، لأنه فرغ من شيء كهذا منذ زمن بعيد حينما تمايزت الأنصباء فيه بين الرجل والمرأة في صناعة الحياة - لكل حظة - تمايزًا قانونيًّا تحرس تخومه مواعظ التقوى في ضمير المؤمن،
وتحول دون انتهاكه عزائم الحق في ردهات القضاء، حتى إذا تسلطت هذه المدنية السفيهة على حياة الناس "لا تدع أحدًا إلا لطمته"[1] طفق الناس يفتحون أعينهم وآذانهم على منكر من القول.
ورغم أن السعي في الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي أرفع خصائص هذه الأمة بعد الإيمان بالله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران:110) وقال تعالى:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}(الحج:41).
ومن المعايير الدقيقة في قياس مدى تحقق المسلم أو دعواه في الانتساب إلى شرعة الإسلام قال الله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} (آل عمران:104)وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر أو ليخالفنَّ الله بين قلوبكم" .
حتى إن فردًا - أو جماعة - من غير المسلمين لو قام بهذه المهمة - مهمة الإصلاح - لبارك الإسلام ذلك وأشاد به وأثاب عليه. قال الله تعالى:{ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} (آل عمران:114-115).
وقد تقرر في نظام الإسلام في السلطة والحكم أن الأمة العادلة يرحمها الله ولو كانت كافرة؛ هذا وإن جريمة اغتيال الذين يأمرون بالقسط من الناس هي في نفس درجة اغتيال الأنبياء، والجريمتان تقترنان بجريمة أكبر هي الكفر بآيات الله، قال الله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (آل عمران:21) .
رغم كل هذا فإن ظلالاً من الريب تطيف بهذه الدعوة العريضة التي ينهض (أنبياؤها) صادعين بالأمر وقد هالهم ما نزل بالمرأة، وما حلَّ بدارها من قوارع !
ومن عجب أن هذا الغرب الذي لم يكن له نسب بهذه المنحة الربانية (أعني النبوة) رغم تاريخها الطويل وتاريخه، أراد أن يصطنعها لنفسه على فترة وغفلة من الدهر غير مُرْسَلٍ ولا مُوحىً إليه من رب العالمين، فتكشف (أنبياؤه) عن كذبة، وبان (دعاته) عن دجاجلة ومشعوذين ..
فليس صحيحًا أن الإنسان - رجلاً كان أو امرأة - يعثر على حريته الكاملة حين ينخلع من كل ما يسمى التزامًا أو قيدًا في السلوك أو الاعتقاد؛ فالحرية المطلقة، عبودية مطلقة! والأخذ بحروف القضايا وأطرافها ليس سبيل المصلحين، وإنما سبيلهم "النمط الأوسط الذي يلحق به التالي ويرجع إليه الغالي"[2].
ولئن صح أن دعوى تحرير المرأة تهدف إلى أن تعيد لها إنسانيتها السليبة وحقها المهضوم، فإن من الصحيح أيضًا أن ما كانت فيه قبل ظهور هذه الدعوة في ديارنا - بل وفي ديار الغرب - لم يكن شرًا كله وظلمًا وعسفًا وعدوانًا ؟! لأنه حتى الأنبياء - وهم سادة المصلحين والمؤيدون بالوحي الأعلى - لم يكن دأبهم الانقضاض على كل ما وجدوا عليه أقوامهم، فلا ريب أن بعض ما كان عليه القوم كان ينطوي على حق أو شيء من حق لا يصادم شرعة المصلحين !
أما هذه الدعوى - وهي تستعلن بحمل قضية المرأة - فإنها تكشف عن ثأر طويل الذيل بينها وبين ما ضمن الإسلام لصاحبة القضية، حتى إنها لا ترفع ليتًا[3] بالبحبوحة من الحقوق التي حظيت بها - المرأة - في ظلال الإسلام مما لا يتأتى لذي نهية لبيب أن يعده قصورًا بها عمَّا ينبغي لها، أو تمويهاً على حقيقة ما تستأهله، بل الأشد من ذلك أن أفضال الإسلام ونعمه تنقلب عند هؤلاء مساوئ وذنوبًا يستغفرون للمرأة منها..ويطيلون الاستغفار.
وفي دخان هذه النازلة تتراقص شياطين الإنس - في سفه - تلغو في بيضاء ذلك النهار لتجعله كالليل، ولم يكن عجب أن تجيب النفوس إلى ذلك، وفي طباعها هذا الميل إلى الانحدار مع أهوائها، كالماء الجاري يطلب الهبوط غير مفتقر إلى رياضة، ولو ذهبتَ ترفعه إلى أعلى لما أمكنك إلا بشق النفس !
هذا إلى أن مباشرة الهدم أيسر من معالجة البناء في عالمي القيم والمادة سواء، وليس ذلك إلا لأن البناء عملية إيجابية باهظة التكاليف، وهي من حجر وطين، فكيف إذا كانت من خلق ودين {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ}(الصافات:106) أما الهدم فعملية سلبية يقوض فيها هادم واحد جهد ألف بنَّاء، وإنما الشأن كما قيل:
لو ألف بانٍ خلفهم هادم كفى فكيف ببان خلفه ألف هادم
وقد كان السلب - ولا يزال - أغلب صفتي النفس عليها في جنس الآدمية: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}(يوسف:103) {وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} (الأعراف:102) {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} (ص:24) وقد قال صلى الله عليه وسلم :" الناس كإبل مائة ليس فيها راحلة" .
وقال الشاعر:
ما أكثر الناس بل ما أقلهمُ الله يعلم أني لم أقل فندا
إني لأفتح عيني حين أفتحها على كثير ولكن لا أرى أحدًا
ولعمري إن كنت قلت ذلك، فإن نساء هذه الأمة لم يزلن بخير؛ فهن أكثر نساء الأرض إخلاصًا لزوج ووفاءً له وأرعى بنات حواء لبيت وأحناهنَّ على ولد في صغره، وأعظمهنَّ عفة عن حرام ومكروه وأجملهنَّ صبرًا على نائبة، وإن إحداهنَّ لتنظر إلى الدنيا حولها تتخطر في دلال، وتغمز بعينها كغانية لعوب، وهي عاكفة على دين وحياء تشد يديها على جمرها دون أن يطرف لها جفن أو يختلج لها عرق !
ولو أن أحدنا قال في تحدٍ: أي نساء العالمين يطقن ما تطيق نساء هذه الأمة من القنوت والحفاظ ؟ لكان الرهان من نصيبه مهما علا !
وليت شعري ما تبلغ المقارنة من نساء ولدن الأنبياء، وأرضعن الأولياء، وحضنَّ الصديقين، وربين الشهداء.
"نساء عليهنَّ طابع النفس الجميلة، ينشرن في كل موضع جو نفوسهنَّ العالية، فلو صارت الحياة غيمًا ورعدًا وبرقًا لَكُنَّ فيها الشموس الطوالع، ولو صارت الحياة قيظًا وحرورًا واختناقًا لكُنَّ فيها النسائم الساريات. نساء لا يبالين إلا أخلاق البطولة وعزائمها؛ لأن جداتهنَّ ولدن الأبطال"[4] .
وهكذا لا يصعب تبيُّنُ ما تنطوي عليه هذه الدعوة من سوء نية مبيّتة وجفاء عريض، ليس تجاه الإسلام وشرعته للمرأة فحسب؛ بل تجاه الإنسانية وخير الإنسانية في حالها ومآلها.
فالاحتكام إلى الأهواء العاتية، ورعونات النفس، وبوارق الشهوات في مسألة من أخطر المسائل الإنسانية وأبعدها أثرًا في الاجتماع عدوان صارخ على إرادة الإنسان، وابتزاز غير شريف لمفهوم الحرية عنده، واحتيال على وظيفة العقل في تقديره للمصلحة والمفسدة، بل إن ذلك افتيات على ميراث جليل من القيم والمبادئ جهدت الأديان في إرسالها والحفاظ عليها، مهتدية بالوحي، مسترشدة بالعقل، مستنصرة بالفطرة، والغاية: حراسة الفضيلة من بدوات الحيوان الكامن في جوف ابن آدم!
وإن الناظر ليرى كيف أخضعت هذه المسألة للدعاية الرخيصة كأي سلعة من هذه السلع المستهلكة ولم تحفل بالعلم شأن المبادئ السامية والأفكار المجتهدة، وخبطت على شطط الثورة لإحداث أكبر قدر من الفزع والفوضى شأن خطط اللصوص، وأهل الغدر.. ولا غرو أن كان من يتولى كبرها منذ أن ذر قرنها قوم تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، سعارًا ونزقًا وهوسًا.. وهم مع ذلك كل مغموط النسب، مطعون الخلق، منحرف الطبيعة، شاذ، خاسر.. جيش من المومسات يقال: عارضات أزياء، وفتيات إعلان، وبقية سدوم[5]، ممن يدعون بمصممي الأزياء و"الموضة" لا يزالون تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبًا من دارهم !
لقد عمدت هذه الدعوة، أول ما عمدت، إلى لباس المرأة؛ فجعلت تفتل لها الذروة والغارب حتى حملتها على التقلل منه، بل على خلعه.. في خطة تذكر بما فعله "إبليس" في الزمن الغابر حينما خدع حواء وآدم ودلاهما بغرور، مقاسمًا، لينزع عنهما لباسهما.. فهل قامت هذه الدعوة وصية على ذلك التراث تعيده وتحيي ما اندرس من أعلامه؟! حتى تصل إلى ما وصلت إليه مما لو رآه بعض " أهل القرون الغابرة" بعثته الأقدار في مدينة من هذه المدن اللاهية التي تكتسي النساء فيها بعريهنَّ.. لظن أن في الناس أزمة قماش! وإلا فلماذا ثياب النساء بهذا القصر ؟! أو أن فيهم أزمة مروءة ! وإلا فلماذا يطيلون ثيابهم ونساؤهم يضعن على سوءاتهنَّ خرقًا ؟! أليس على الرجل الكريم كسوة امرأته ؟!
ثم ثنَّت بشهوة المرأة فلم تزل تدفعها وتثيرها من شغاف الأفئدة، وتلافيف الأدمغة، وثنايا الأعصاب حتى جعلتها في كفها تطوح بها حيث شاءت، وفي قدمها تسعى بها إلى حيث تريد، فغدت تلك الشهوة سافرة مستعلنة، وقد كانت خفية مستترة.. وإذا الحياء الذي طُبعت عليه بنات آدم وكان "شُعبة" في النفوس تمضي رخاء طيبة، قد اندلقت إليه أقنية تحمل أحماضًا ومجونًا ودعارة؛ فغدا الأمر أشبه بما يحصل في بعض البلاد المتخلفة حين يجهدها العجز والحماقة في صرف مياه المجاري، فتعمد إلى النهر الذي يشق المدينة فتشرعها إليه! فإذا النهر - وقد كان مرتفقًا فيه جمال للناس وراحة - يتجشأ بسخائم الناس، وريحه تلك الريح ! ولونه ذلك اللون !
على أن الأيام لا تزيد هذه الدعوة إلا وقاحة في ضلالها وضراوة في وقاحتها؛ ففي مؤتمر السكان الذي عُقد بالقاهرة عام 1994م جرت محاولة لتمرير وثيقة ترفع
الحظر عن الإجهاض دون قيد، وتبيح الزواج بين مثليِّ الجنس (زواج الرجال بالرجال، والنساء بالنساء) وتزيل الرقابة عن الأولاد في السلوك الجنسي، وتعترف بالإنجاب خارج إطار الزواج الشرعي. وتلا ذلك مؤتمر آخر هو مؤتمر المرأة الذي عُقد في بكين عام 1995م، وكان تكريسًا لما دعا إليه مؤتمر القاهرة، مع ملاحظة مهمة هنا وهي أن الحشود المرتدة في الشرق وفي الغرب تمارس كل تلك الموبقات غير آبهة بمن شرع وبمن منع !
ورغم كل هذا المنكر - الظاهر منه والخفي - فإن حقائق الأشياء أسباب موضوعية تقلب مجرى الأحداث المصطنعة رأسًا على عقب !
ومعنى كونها موضوعية أنها تتجاوز إرادة صانعي تلك الأحداث، وتُقبل من خارج الوعي تكتسح ما يُعدُّ في حال كهذه - وسائل تمويه وتغطية للعورات المكشوفة - فتكنس كنس الريح العقيم، وتشق الأديم شق الزلزلة، وتدك السدود كأنها سيل العرم !
هذا وإن تكن تلك الحقائق في أنفسها ضعيفة محتقرة.. "فإن البرعم النامي يحطم قلب الحجر"[6] فها هي ذي تلك المرأة - الغربية والمتغربة - التي " عاشت في دنيا أعصابها، محكومة بقانون أحلامها"[7] وأبت - مراغمة - على أنوثتها أن تكون "حالة نفسية طبيعية، بل حالة عقلية تشك وتجادل"[8].. تقف اليوم على قارعة الزمن تقرأ كتاب مأساتها ومخزاتها بشمالها - وكلتا يديها شمال - فترجف بوادر الأيام فزعًا، وينخلع فؤاد البحر فرقًا...
جموع لاهثة في كرب يلفها صيُّور الفناء .. وخضم من العذاب، وحالك من الظلمة !
وأما جنة الحرية الموعودة فقد استحالت إلى صيف قائظ تذيب! وشتاءٍ قارس! وأما قلائد السلطة الهزيلة التي نالتها "حواء" فقد غدت حيات تلتف حول جيدها.
وأما المصنع الذي فتح ذراعية لاحتضانها فقد ألفته مذأبة تعاني فيها من أنياب التمييز في الأجر وحقوق العمل وتلاحقها خائنة الأعين والألسن تحرشًا وإيذاءً .. وأما الاجتماع فرسوم ظريفة وشارات غزلة وانتهاء بالمرأة في منتهى الأناقة إلى العار أو الانتحار.. وأما الفن فصاحب مكس ضريبته المفضلة، حياء المرأة وحشمتها، يأخذ كل ذلك فضلاً ونسيئة، ويبقى من لسان العبرة هذا البيان:
إن الذي أطب بدعوته زكامًا، قد أحدث بها جذامًا!
وإن الذي بنى في صبحها قصرًا، قد هدم في مُسيِْهَا مِصرًا!
"وإن الذي قام يسعى، قد أتلف في مسعاه تِسْعَة" !
"وإن التفاحة التي تروع بمنظرها، يسرح الدود في مخبرها " !
....................................
سليمان اليعقوبي/كاتب وباحث من الجزائر (بتصرف)
[1] - وصف آخر لفتنة الدهيماء.
[2] - كلمة لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
[3] - اللّيت: العنق، والمعنى، لا تُلقي بالاً.
[4] - الرافعي بتصرف.
[5] - قوم لوط.
[6] - معنى بيت من الشعر للشاعر الهندي بهارتاري هاري .
[7] - الرافعي رحمه الله.
[8] - المصدر السابق.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/52)
صمت المراهقين.. من المسؤول؟ وما العلاج؟!!
ماهو الحل لنجعلهم يتحدثون معنا؟
الصغير يكبر، والذي كنا بالأمس نحاول إسكاته، أصبحنا اليوم نفكر في سحب الكلمات من فيه، وصرنا نطرح على أنفسنا أسئلة عدة: لماذا لا يطلعنا على عالمه؟ وما هي الشعرة التي تفصلنا عنه؟
يقول البعض: إن علينا أن نظهر لهم الحب والحنان، لنحاول كسب ثقتهم، ويرى البعض بأن علينا أن نراقبهم عن قرب، وهناك أطروحات كثيرة، لكن أيها الحل الأمثل؟
تبدأ هذه الرحلة من كتمان الأسرار تحديدًا في سن المراهقة، وهو المقطع الذي يشكل أخطر مفترق طرق يمر به الشاب والفتاة. ونحن هنا نحاول وضع أيدينا على هذه القضية الشائكة وهي: لمن يبوح الأبناء بأسرارهم؟ ولماذا لا يبوحون بأسرارهم لأهليهم؟
خصائص المرحلة
يقول علماء الاجتماع إن الفجوة الموجودة بين الآباء والأبناء تبدأ بالاتساع بشكل كبير في سن المراهقة، ومن خصائص هذا العمر من الناحية النفسية أنه عمر غير مرتاح، قلق، متقلب. فالشاب الصغير لم يعد طفلاً، كما لم يصل بعد إلى مرحلة النضوج، أول ما يرفضه المراهق هو أن يقرر الآخرون بدلاً عنه، وهذا الشعور بـ (الأنا المجروحة) يسبب عنده الرفض والثورة والبعد، وعلى القائد في هذه المرحلة أن يتحلى باللين، كي لا يكسر شوكة المراهق، والقوة كي لا يخسره.
هذا العمر هو عمر العقل المفكر، عمر البحث عن البراهين، وبالتالي فالعمل والبحث الشخصي هو ما يعتقدون أنه يوصلهم، فالحقيقية ليست ما يقوله القائد، وإنما ما يكتشفه المراهق بنفسه، ومع ذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تفكير المراهق ليس متينًا، لذا يجب السماح له بالتفكير على قدر ما يستطيع ومرافقته في اكتشاف عالم الفكر اللامتناهي.. فهي تربية التفكير الذاتي ومناسبة الإنماء؛ فالخط التربوي في هذا العمر يتم من خلال تحليل الواقع، وصقله في تعابير واضحة وعملية.
على من تقع المسؤولية
وأما مسؤولية إخفاء المراهقين أسرارهم وعدم البوح بها إلى الأهل، فيرى الدكتور "ماهر أبو زنط" أن الجانب الأكبر منها يقع على الأبوين، ويجب على الوالدين السعي إلى التقرب من المراهق دون أن يمس هذا باحترامهما له، كما أن عليهما أن يظفرا بصداقته واكتساب ثقته حتى يتعود الابن على البوح والصراحة مع أبويه، وبهذا يظل الوالدان على دراية بما يواجهه المراهق فيواجهانه بالنصح والإرشاد ليكتمل واجب الآباء تجاه الأبناء.
أما المراهقون أنفسهم فلهم رأي آخر.. فيقول م.يوسف (16 عامًا): ربما الخوف من العقاب هو السبب، فمنذ صغري وأنا أسمع كلمات الزجر والنهي، فهذا عيب، وهذا
حرام، وهذا ممنوع، وذاك لا يجوز...، فتأصل الخوف لدي منذ الطفولة، بأن ما أتحدث به قد يحرجني أما الأهل، فأضطر إلى أن أفتح باب قلبي إلى صديقي، وأخفي عن أبي وأمي ما أشعر به.
وعندما سئل أحد المراهقين (17 عامًا): لماذا لا يبوح الأبناء بأسرارهم؟ أجاب وقد علته مشاعر الغضب: أين هم الآباء أصلاً؟ همّهم توفير الشراب والطعام والملابس، والاحتياجات الأساسية لحياتنا، أما حاجاتنا النفسية فهي آخر ما يفكرون به.
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للفتيات المراهقات عن الشباب في اتهام الأهل بالتقصير وعدم الاهتمام.. فتقول نجلاء (16 عامًا): إن أهلي لم يقوموا – ولو لمرة واحدة – بفتح باب الحوار معي، وأشعر أحيانا بأنهم يحاولون التهرب من الاستماع إليَّ.. وحاولت مرات كثيرة أن أفاتح أمي، لكنها كانت تتهرب مني. أما الشخص الذي تبوح نجلاء بأسرارها له فهو دفتر مذكراتها. فقالت: أسجل كل ما يخص حياتي في مذكرات يومية، وهو بالنسبة إليها البئر الذي تلقي فيه بكل أسرارها.
المراهقون في قفص الاتهام
وبعد أخذ آراء المراهقين كان لابد للاستماع لآراء الآباء ومعرفة وجهة نظرهم في تلك القضية.. يقول أحد الآباء (43 عامًا): أبناء اليوم جيل متفتح، متمرّد على الواقع بكل أشكاله، يهرب عندما يجد نفسه مضطرًا إلى الاعتراف بخطيئته؛ لذا ينأى بأسراره بعيدًا عن أهله، هذا ما قاله الأب.. أما زوجته الأم (35 عامًا)، فعلّقت على الموضوع قائلة:
أنا أم لولدين أحاورهما، وأحاول أن أزيد مساحة التفاهم بيننا، إلا أنني كلما اقتربت منهما، ابتعدا عني، وأشعر أحيانًا بأنهما يعيشان في عالم آخر غير العالم الذي أعيش فيه، وأراقبهما عن قرب لأعرف تفاصيل عالمهما الذي أشعر بأنه مليء بالأسرار التي لا يستطيعان البوح بها لي، ولا أعرف السبب، وأنا حائرة معهما.
أما أ.جابر (54 عامًا) فيشكو من تصرفات أبنائه الذين لا يسمحون له بالاقتراب من خصوصياتهم، ويقول: عندما أسمع أبنائي يتحدثون في موضوع ما، وأحاول مشاركتهم فيه، فإنهم إما أن يغيروه، أو يتوقفوا عن الحديث، وكأنني غريب عنهم، ولست والدهم.
وعن السبب تحدث جابر – وقد بدت عليه علامات الغضب -: مشكلة أبناء اليوم بأنهم يظنون أنفسهم أنهم أكثر وعيًا من أن يناقشهم الكبار.
علم النفس .. والتنشئة
وأما أساتذة علم النفس فقد أكدوا على لسان الدكتور عبد الله عسَّاف – رئيس قسم علم النفس في جامعة النجاح – أن سبب الفجوة هو الجو الذي أصبح يعيشه الأبناء والآباء، وهو عصر السرعة، والانفتاح. وأضاف: إن الأبناء لا يثقون برأي الآباء ويرون الآباء ليسوا على قدر من الوعي والمسؤولية في تحمّل الأسرار، وكذلك هناك من الأبناء من يخشى فضح أسراره خوفًا من العقاب، ولعل من الأسباب أيضًا: عدم عيش المراهق منذ الصغر في جو من المحبة والحنان مما يجعله يبحث عن بديل في الخارج، وهذا يشكل خطرًا كبيرًا على مستقبله، خاصة إذا سلك طريقًا غير صحيح، وكان بعيدًا عن الرقابة.
وأضاف د.عساف: إن الطفل عندما يبلغ سن المراهقة تطرأ عليه تغيرات فجائية في بداية النضوج، لقد جرت العادة في مجتمعاتنا العربية على تجنب الآباء الحديث إلى الأبناء عما يصيبهم في هذه السن من تغيرات؛ لذلك يجد المراهق نفسه حائرًا وقلقًا؛ إذ يلاحظ التغيرات النفسية والجسدية التي تصيبه، وهو لا يدري ما سر هذه التغيرات، فيحاول أن يستمد المعلومات فيما بينهم.
ويرى أساتذة علم النفس أن التغيرات الجسدية والنفسية التي تظهر على الطفل، وهو في سن المراهقة تجعله يشعر بالفرح أو الحزن، فالفرح ناتج عن شعوره بأنه مقبل على مرحلة الرجولة، أما الخوف فهو ناتج عن شعوره بالأعراض الطبيعية التي تصيبه، فهو يجهل أنها طبيعية أم لا، وهذا الجهل يجعله يخشى الكشف لوالديه عما يصيبه؛ ظنًّا منه أن سؤاله خارج عن نطاق الاحترام والأدب، ولكي يتدارك الأهل مثل هذه الأمور يجب أن يبدؤوا بشرح الأمور إلى المراهق بطريقة مبسطة، لكي لا يحصل على معلومات من الخارج ربما تكون خاطئة.
رأي التربية
وكان لمتخصصي التربية أيضا مشاركة في المشكلة حيث يقول الدكتور فواز عقل: إن مشكلة تربية المراهقين من المشاكل التي تؤرق الكثيرين من المتهمين بأمور التربية؛ إذ إن الأولاد يبقون حتى سن معينة، تحت قبضة الوالدين، لكنهما كثيرًا ما يسيئان استثمار هذه السيطرة، ليندما بعد خروج الولد عن دائرة قبضتهما.
وقال د.فواز: إن الأسباب وراء اتساع الفجوة بين الأبناء والأهل أسبابها كثيرة، فمنها مثلاً المشاكل النفسية التي يدخل بها الطفل، عندما يشاهد مثلاً خوفًا أو نزاعًا بين والديه، أو انشغالهما عنه بشؤونهما الخاصة، مثل هذه الأمور قادرة على صنع جدار سميك بين الأبناء المراهقين وأهلهم، وأيضًا هناك عناصر مؤثرة في تربية المراهق وسلوكه.. فمنها ما هو ذاتي، كالصفات الوراثية، والبنية النفسية والعقلية، ومنها ما هو محيطي، كسلوك الآباء والأقارب المنحرفين، والأصدقاء، والجو المدرسي، وأخيرًا وسائل الإعلام المختلفة.
ما العمل؟!
وبعد أن عرضنا وجهات نظر جميع الأطراف في هذه القضية الخطيرة كان لابد من السؤال الأهم وهو ما الحل وما العلاج؟
يقول الدكتور عبد الله عساف: إن التعامل مع فئة المراهقين في غاية الخطورة سواء كانوا بنين أو بنات، ولابد أن يكون هناك حذر في التعامل معهم، حتى لا تكون هناك ثغرات يستغلها المراهقون في سلوكياتهم الحياتية، ولابد من تقليص الفجوة بين الأبناء والأهل عن من خلال الاهتمام بالبعد النفسي للمراهق أو الشاب. والاهتمام بالبعد العاطفي كالحساسية والاضطرابات والقلق والصداقة والخصومة، وما شاكل ذلك من الحالات التي تعتري حياة المراهق والشاب.
بينما يرى دكتور التربية فواز عقل أن تقليص الفجوة يتم من خلال التوصيات العملية لتربية المراهقين تربية حوارية هادفة. ويوصي الآباء بضرورة إنشاء صداقة مع الولد، والابتعاد عما هو سائد في مجتمعات الشرق من أسلوب (العصا والخيزران)!.
إن من شأن هذه الصداقة أن تجعل الولد يشكو همومه إلى والديه – وهما الأعرف بما يصلحه – بدلاً من الالتجاء إلى الغرباء..كذلك من التوصيات، إظهار حبهم ومشاعرهم ورضاهم للأبناء، والابتعاد عن الاتهام وسوء الظن؛ إذ يلاحظ أن الولد عندما يرى نفسه متهمًا في المنزل، فإنه سيفقد الثقة بنفسه، ومن هنا ينبغي على الأب الذي يرى من ولده بادرة حسنة أن يستثمر الفرصة ويشجعه ويمتدحه معبرًا عن ذلك بفرحة، وإلى أن يقوم كل بدوره تبقى الفجوة والجدار آخذين بالاتساع.. فهل نستطيع إيقافهما وتلاشي خطرهما المحدق بنا؟
ـــــــــــــــــــــــــ(110/53)
الإسلام اليوم(12) بشار دراغمة
ـــــــــــــــــــــــــ(110/54)
حوار حول الشباب
الشباب هم الأمل المنشود للمجتمعات والشعوب بصلاحهم تصلح الأمور، ومن أجلهم تتكاتف الجهود، وتقوم الهيئات والمؤسسات والمراكز الشبابية والأندية بدور كبير وفعال من أجل استغلال طاقة الشباب وتوجيههم الوجهة الصحيحة، حتى يقدموا النفع لمجتمعاتهم وبلدانهم.. ويسرنا في موقع الشبكة الإسلامية أن نجري هذا الحوار مع أحد القائمين على أمور الشباب بالهيئة العامة للشباب بدولة قطر:
السيد/ فرح يوسف أحمد، المشرف على الأنشطة الدينية بالهيئة العامة للشباب، والحاصل
على ماجستير/ أصول الدين، وبكالوريوس في علم الاجتماع.
(1) ما رأيك في واقع الشباب اليوم؟
واقع الشباب عمومًا مؤلم، حيث تتجاذبه تيارات فكرية ونوازع عاطفية متضادة، لا تسير في الاتجاه الصحيح، وهذا يشمل حتى الشباب المتدين.
(2) هل ترى أن الشباب يستغل فترة شبابه كما ينبغي؟
بالطبع كلا.
(3) ماذا تقول في الشباب وتحمل المسؤولية عمومًا؟
المسئولية تقع في المقام الأول على عاتق الشباب، حيث أن لديهم الطاقات الفكرية، والمشاعر العاطفية القوية بجانب القوة الجسدية.
(4) ما هي أبرز الجهود التي تقدمها الهيئة للشباب؟
الهيئة العامة للشباب مسؤولة حاليًا عن الأنشطة غير الرياضية، وتشمل: جوانب ثقافية، واجتماعية، وفنية؛ يمارس أغلبها من خلال مرتادي الأندية الرياضية والمراكز الشبابية، ويمكن الاطلاع على خطتها التفصيلية من خلال زيارة الهيئة العامة للشباب.
(5) هل ترى أن النشاط الثقافي يأخذ حجمه المناسب ويلقى من الاهتمام مثل النشاط الرياضي؟
بالطبع كلا، فالرياضة حاليًا هي المستحوذة - وللأسف – على أكبر الاهتمام الإعلامي، والدعم المالي، فلا مقارنة بينهما.
(6) لا شك أن كل نشاط مرتبط برغبة الشباب أنفسهم، فهل هناك إقبال مناسب من الشباب على النشاط الثقافي مثل إقبالهم على النشاط الرياضي؟
لا يمنع الشباب أن يهتم بالثقافة والرياضة معًا، إلا أن الاهتمام بالرياضة هو الغالب، وأقصد بالاهتمام هنا هو المتابعة الإعلامية، فالمتابعون أكثر من الممارسين.
(7) ما هي أبرز مشكلات الشباب اليوم في مجال الثقافة؟
أولاً: تحديد المرجعية. ثانيًا: المنهجية في دراسة العلم وتلقي الثقافة. ثالثًا: الواقعية. رابعًا: الشمولية. خامسًا: الالتزام. وكل هذه الجوانب الخمسة نجد فيها خللاً.
(8) نحن معشر المسلمين نرتبط بسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم في كل شؤوننا، وعلى اختلاف طبقاتنا، والشباب إحدى فئات المجتمع المهمة، فهل يوجد عندهم الاهتمام بسيرة نبينا العظيم والاقتداء به؟
إذا استثنينا الشباب المسلم المؤمن الواعي فإن أغلب شبابنا اليوم يجهلون سيرة نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا فضلاً عن الالتزام بهذه السيرة وتلك التعاليم، إلا أن العاطفة الدينية ما تزال موجودة في قلوب عامة المسلمين ولله الحمد.
(9) ما هي أهم فترات الشباب التي ينبغي الاعتناء بها في نظرك؟
بالطبع فترة ما قبل المراهقة هي الأهم، بحكم أن التنشئة الفكرية والاجتماعية والعاطفية تتشكل لدى الإنسان في هذه الفترة.
(10) كيف يمكن الرقي بالشباب المسلم؟
هذا سؤال هام وكبير وتحتاج الإجابة عليه إلى تفاصيل لكن يمكن القول باختصار: يرتقى الشباب من خلال التربية والتعليم بتوفير البيئة المساعدة على ذلك.
(11) ما هي أبرز اهتمامات الشباب من وجهة نظرك؟
الشباب في العالم الإسلامي بصورة عامة لديه اهتمامات متعددة، أبرزها الاهتمام بنشر الإسلام ونصرته، وفئة أخرى تهتم بالرياضة، وآخرون يجذبهم الطرب والغناء، وفئة أخرى لها طموحات مادية، وآخرون منحرفون أشد الانحراف، ومنهم المتهورون.
(12) ما هي أبرز المؤثرات على الشباب؟
لا شك أن الأسرة والإعلام بالإضافة إلى المدرسة ذات تأثير كبير على الشباب.
(13) ما هي أكثر وسائل الإعلام تأثيرًا على الشباب؟
بالطبع هي الفضائيات.
(14) إضافات أخرى ترى إضافتها في الحوار؟
أشكر أولاً الشبكة الإسلامية على هذه الاستضافة الكريمة، واهتمامهم بهذا القطاع الهام من المجتمع، وأنتهز هذه الفرصة لأحث جميع قطاعات المجتمع ومؤسسات الدولة لتدارك أمور الشباب والاهتمام بهم، فإن في فساد الشباب وجهلهم وانحرافهم خطر كبير على المجتمع ومسؤولية عظمى أمام الله عز وجل.
نسأل الله الهداية والتوفيق والقبول.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/55)
المراهقات .. وتجاهل الأمهات
حين طُلب من مراهقات وضع لائحة عن الأشخاص الذين يفضلن الحديث معهم، كانت المفاجأة أن الأم جاءت أخيراً. وأشارت هذه النتيجة «غير المتوقعة» لدراسة قام بها خبراء اجتماعيون إلى اختلال العلاقة بين الأم والابنة.
وبرّر العديد من المراهقات ذلك في كون «الأمهات لا ينصتن»، ما يجعل الأصدقاء ـ وحتى العالم الافتراضي الذي تنسجه خيوط الشبكة العنكبوتيةـ «الملاذ الأفضل» لتفريغ الشحنات والتعبير عما يراودهن.
ورأى أستاذ علم الاجتماع حسين العثمان الذي اشرف على الدراسة أنّ عدم إنصات الأمهات لبناتهن المراهقات يفسّر خشيتهن من أن يعرفن أشياء لا يرغبن بمعرفتها كتورط بناتهن في علاقات عاطفية، أو أن يضطررن للإجابة عن أسئلة ما زالت تعدّ من المحرمات بخاصّة الجنس.
ويضيف العثمان بأنّ هذا الأمر أشبه بـ «دفن الرأس في الرمال». فهو لا يفيد بل يزيد المشكلات تعقيداً مشيراً إلى أنّ «الحوار الإيجابي مع المراهقات يحميهن من الانزلاق في أتون الانحراف، لا سيما أنّ شلة الرفاق التي ستصبح مرجعيتهن غير مؤهلة أصلا للقيام بتلك المهمة التي تحتاج إلى خبرة وحكمة».
أمهات مشغولات
تقول إحدى المراهقات: «لا أتذكر أنني اشتركت مع أمي في حوار من أي نوع، كل ما تفعله من أجلي هو ترك المصروف بجانب المزهرية الخضراء». «هي لا تعلم أني أحتاج للتكلّم معها».. وتضيف أنها اختارت صديقتها شذى بديلاً متاحاً للاستشارة والاستماع. وأنهما تتحدثان معاً عن كل شيء: الموضة، الشبان، الدراسة، برامج التلفزيون، آخر الألبومات الغنائية، وعندما تصطدمان بما لا تعرفانه تلجآن الى الإنترنت الذي يجيب من دون «حرج أو تهرب».
أمّا مها وأعضاء شلتها فأجمعن أن «ماما دائماً مشغولة» على رغم أنهن اختلفن في تفسير أسباب الانشغال. تقول مها: «ماما أستاذة جامعية يستهلك عملها كل وقتها وأعصابها وبالتالي، فالمنزل بالنسبة إليها هو للراحة فقط».
أما سارة فتقول «ماما بتهلك بشغل البيت والتنظيف ورعاية إخوتي الخمسة ووالدي»، وهكذا فوالدتا مها وسارة مشغولتان بالعمل إما خارج المنزل أو داخله.
غير أن اللافت كان تفسير "ن.أ" لانشغال والدتها عن الاستماع إليها، إذ قالت «ماما مهووسة بقوامها، هي على أبواب الأربعين وهو أمر يثير قلقها». وتضيف: «تتردد أمي باستمرار على مراكز اللياقة البدنية والتجميل والأسواق لتبدو أصغر. أما أنا ففي آخر سلم اهتماماتها». وأجمعت فتيات الشلة أيضاً على «حبّ أمهاتهن» على رغم الاهمال المعنوي الذي يعانين منه.
الحوار ضرورة
ويلعب الحوار بين الأم وابنتها المراهقة دوراً أساسياً وفق تقريرات اختصاصيي علم النفس. فهو يقلّص فارق العمر بين جيلي الأمهات والبنات ويساعد البنات في تعزيز ثقتهن بأنفسهن ويحقق لهن الاستقلالية. كما أنّه يبقي الأمهات قريبات من بناتهن ومطلعات على مشكلاتهن وهمومهن، ما يمكّنهن من «التدخل السريع عند الحاجة».
ويعتقد الدكتور وليد شرف ـ أخصائي علم النفس ـ أنّ المراهقات يخسرن كثيراً بابتعادهن عن أمهاتهن. إذ أن القرب من الأم «يقدم الدعم النفسي للنمو، ويخفف من مشاعر الكبت والقلق والخوف».
ويحدد الدكتور شرف جملة مفاهيم خاطئة تعوق الحوار بين الأم وابنتها من أبرزها التعليقات الجارحة أو الاستهزاء بكلام المراهِقة، وكثرة مقاطعتها وعدم الاكتراث بها، وإصدار الأحكام المسبقة قبل الانتهاء من الحوار، والاتهام المباشر واللوم والتهكّم واستخدام الألفاظ النابية أثناء الحديث.
ويشدد شرف على أن «معطيات العصر المغرقة بالرقمية أثرت في العلاقة بين الأم وابنتها المشغولة بالكومبيوتر والهواتف» منبهاً الأمهات الى ضرورة أن تشعر الفتاة باستمرار بأن أسرتها هي ملاذها لمواجهة المشكلات التي تعترضها.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/56)
ــــــــــــــ
الحياة: ليلي خليفة
ـــــــــــــــــــــــــ(110/57)
كيف نختار الكتاب المناسب لأطفالنا؟
يقع كثير من المربين في حيرة من أمرهم عند اختيار كتب لأطفالهم، فهم لا يعرفون ما المناسب، وما الذي يجب أن يبحثوا عنه، كما أنهم لا يجدون من يعينهم في هذه المهمة الصعبة.
وفي هذه المقالة سأتناول بإيجاز بعض القواعد العامة التي تسهّل على المربي اختيار الكتاب المناسب لطفله.
أولاً: لكل عمر ما يناسبه:
لابد أن يبحث المربي عن الكتاب الذي يتناسب مع المرحلة العمرية لطفله، فلكل مرحلة عمرية احتياج خاص، سواء من حيث المضمون أو الشكل.
فسلوك طفل الثالثة يختلف عن طفل التاسعة، وما يخيف طفل الرابعة قد يثير سرور وسعادة طفل العاشرة.
وقد تحدثت الكتب المتخصصة في أدب ا لأطفال عن هذه المراحل العمرية وفصلت القول فيها، وهي تعتمد في تقسيمها على الدراسات التربوية والنفسية.
ومن المهم أن نشير إلى أن هذه المراحل تتداخل زمنيًا، ويختلف فيها الذكور عن الإناث، وتختلف باختلاف الشعوب والأفراد، ولكن الأطفال يمرون بها بتتابع.
كما أن هذه التقسيمات لمراحل النمو ما هي إلا بحوث علماء في بيئات غير بيئاتنا، وعلى أطفال غير أطفالنا؛ فهي تنفعنا بشكل عام على أن نراعي الفروق البيئية والخلفية الثقافية والدينية لأطفالنا.
وهي كالتالي:
مرحلة الطفولة الأولى ( 1 – 3 ) :
ينمو فيها قاموس الطفل اللغوي ويتعرف على الأشياء من حوله، لذلك تأتي أهمية الكتب التي تعتمد على الصور في مواضيع مختلفة، الحياة اليومية، الحيوانات، الأشياء ... عالمه المحيط دون تكثيف للصور في الصفحة الواحدة.
ثم الكتب التي تتضمن مادة قصصية بسيطة وقصيرة، ويجب أن تتحمل أوراق الكتاب عبث الأطفال فتكون سميكة.
والطفل في هذه المرحلة يفهم أكثر بكثير مما ينطق.
مرحلة الواقعية والخيال المحدود وتمتد ما بين ( 4 – 5 ) سنوات :
وهي أيضًا مرحلة القصص والكتب المصورة، والرسوم مهمة بنسبة 60% من الكتاب. أما خيال الطفل فهو حاد ولكنه محدود في إطار البيئة؛ لذلك تكون القصص المناسبة واقعية ممزوجة بالخيال كأن تكون شخصياتها من الحيوان أو الجماد وتعالج أمورًا تهم الطفل مثل الصداقة، مخاوف الطفل: الظلام، أو الأحلام المزعجة.
ويجب أن تكون الفكرة في الكتاب واحدة سهلة شائقة مع حبكة ممتعة وواضحة.
ويفضل الأطفال في هذا العمر الشخصيات ذات الصفات الحسية (الدجاجة الحمراء ذات الرداء الأحمر...) كما يعجبون بالشخصيات الفكاهية ذات الأسماء الغريبة المضحكة. ونؤكد على أهمية الابتعاد عن الأحداث المخيفة أو النهايات الحزينة التي تبعث القلق والخوف، أو قصص الإجرام والسحر والجن.
كما نؤكد على أهمية أن تكون لغة الكتاب اللغة الفصحى السهلة.
مرحلة الخيال المنطلق من ( 6 – 8 ) سنوات :
تنمو قدرة الطفل على التركيز، ويطول مدى انتباهه، كما أنه يكتسب مهارة القراءة، ويتحرر خياله من البيئة لينطلق في الآفاق، ويستوعب النكت والألغاز .
وتنقسم الكتب المناسبة لهذا العمر إلى قسمين:
1 - كتب يقرأها الطفل نفسه، وتكون مفرداتها سهلة وجملها قصيرة والخط كبير ومشكولاً.
2 - وكتب تقرأ عليه: ويراعى فيها المضمون الذي يشبع الخيال؛ كقصص الأنبياء لما فيها من أمور خارقة كالمعجزات، والقصص الخيالية الشعبية والأساطير، والقصص العائلية والقصص المثيرة للدهشة، والنوادر، والقصص الفكاهية.
وهنا يستطيع الطفل أن يستنبط القيمة الأخلاقية للعمل الأدبي.
والرسوم مهمة ولكنها ليست كالمرحلة السابقة، ويقبل الأطفال على الرسوم الملونة بالأبيض والأسود والصغيرة والكبيرة على حد سواء.
مرحلة البطولة والمغامرة من ( 9 – 12 ) سنة :
وهي تمثل المرحلة المبكرة من المراهقة وفيها نمو سريع للقدرات العقلية، كما أن الطفل يستطيع التفكير في الأمور المعنوية ويستوعبها (كالكرامة والحرية).. ويظهر الاختلاف في الميول بين البنات والأولاد، فالأولاد تستهويهم قصص الشجاعة والمخاطر والقصص البوليسية والمغامرات، وتميل البنات أكثر إلى القصص التي تثير الانفعالات المختلفة (الحب، الصداقة).. كما يظهر الطفل الاهتمام بالقصص التاريخي، ويقل عدد الرسوم في الكتاب في هذه المرحلة مع حرية أكثر في استعمال أساليب الرسم المختلفة.
ويمكن تقديم الرواية وهي القصة الطويلة التي تنقسم إلى فصول وتكثر فيها الأحداث والشخصيات.
ثانيًا: المضمون أولاً:
لابد أن يحرص المربِّ على محتوى القصة بحيث تخلو مما يبعث على الخوف والشك واليأس والتردد.
كما يجب أن لا تسبب للطفل الشعور بالذنب أو احتقار الذات بطريق مباشر أو غير مباشر.
ويستخلص منها الطفل – شعوريًا أو لا شعوريًا – قيمة أو فكرة أو معتقدًا ينفعه في حياته، كما يجب الابتعاد عن الكتب التجارية التي لا تحمل فكرًا ولا أدبًا.
ثالثًا: الكتب المترجمة:
لا مانع من الاستفادة مما كتب بلغات أخرى (فالحكمة ضالة المؤمن)، مترجمًا إلى العربية أو بلغته الأصلية، على أن يتنبه المربي لبعض الأمور:
1- اختيار الجيد الذي يحمل قيمًا إنسانية عامة: التعاون، المحبة، العمل.. فهذه القيم ليست خاصة بالمسلمين وحدهم.
2- الابتعاد عما يتعارض مع قيمنا ومبادئنا وهويتنا العربية والإسلامية.
3- إذا كان الكتاب رائعًا ولكنه يحتوي على بعض المخالفات، فلا بأس أن يعرض على الطفل بشرط نقده وتوضيح المخالف فيه، وهذا ينمي فيه القارئ الناقد الذي لا يتقبل أي شيء دون تفكير.
رابعًا: التنوع يثري التجربة ويغنيها:
من المهم التنوع في الكتب المقدمة للأطفال، سواء في مواضيعها أو في طريقة إخراجها؛ لأن هذا يجعل تجربة الطفل مع الكتاب غنية وشائقة. وتجعله أكثر تعلقًا بالكتاب ومحبة له.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/58)
مراهق فوق الخمسين !
شاهدنا في الفترة الأخيرة كثيرًا من البرامج التي تتحدث عن «أزمة منتصف العمر للرجل»، وماذا يحدث فيها من تغيرات في شخصية الرجل؛ إذ قد تنقلب حياته رأسًا على عقب بسبب بعض التصرفات التي قد لا يعي أنها طائشة، ويبرر ذلك بأنه يريد أن يعيش حياته، ويستمتع بها، فقد يلجأ للزواج بأخرى من وراء ظهر زوجته الأولى، وقد يقوم بإجراء بعض التغيرات في شكله، محاولة منه ليبدو أصغر سنًا، ويوهم نفسه بأنه مازال مرغوبًا.
لماذا تحدث هذه التحولات ؟ وكيف تساعد المرأة زوجها على تجاوزها ؟ وهل هي تغير طبيعي مقبول أم تعبير عن أزمة حقيقية ؟
في التحقيق التالي محاولة للإجابة:
طقوس شبابية
يشير الدكتور فكرى عبد العزيز - استشاري الطب النفسي - إلى أن الشخصيات التي تمر بهذه المرحلة شخصيات غير ناضجة انفعاليًا ووجدانيًا، ولم تمر بمراحل النمو النفسي السوية المتوالية، بل كانت فاقدة للترابط الأسرى، ولا تتمتع بالقدرة على التعبير عن ذاتها منذ بداية (مرحلة المراهقة) ، ويمكن أن تحدث هذه التحولات نتيجة فرط حماية أو قسوة زائدة، وبالتالي يظهر التعويض في صورة جذب الانتباه من خلال ممارسة طقوس شبابية، وقد يلجأ الرجل إلى عمل علاقات، أو يتزوج من هى
أصغر منه سنًا بمراحل كثيرة ، أو الحديث المفرط المبالغ فيه عن أنه ما زال مرغوبًا من الجميلات.
وعن دور الزوجة في هذه المرحلة يقول الدكتور فكرى إن عليها أن تكون متفهمة ومتواجدة وبجانب زوجها دائمًا ، وأن تبرر ما يقوم به، وتحسن من مظهرها وجوهرها، وعلاقتها بزوجها، حتى يعود إلى حياته السابقة، فالزوجة عليها عامل كبير في استيعاب تلك المرحلة التي مر بها بعض الرجال، وليس كل الرجال.
ويوضح الدكتور فكرى أنه على الرجل أن يعلم أن لكل مرحلة سنية سلوكها ومشاعرها اللائقة بها، وأن هذه المرحلة قد يصاحبها تذبذب، وتردد، ومحاولة لإثبات الذات، وعليه أن تكون لديه القدرة والدوافع الطيبة لاستكمال مسيرة الحياة مع شريكته، ويؤكد أن الإيمان هو أفضل سلاح لمواجهة تقلبات هذه المرحلة، فوجود الإيمان يعزز من قدرة الشخص على المرور بهذه المرحلة بسلام دون حدوث مشكلات أو منعطفات خطيرة في حياته الأسرية.
ويلفت د. فكرى - في ختام رأيه - نظر كل رجل يشعر بتقلبات وتحولات المراهقة الثانية، ولا يستطيع مقاومتها إلى استشعار مسئولياته كأب وقدوة لأبنائه الذين إن رأوا منه غير ذلك أو لمسوا ضعفه الإنساني قد يصابون هم أيضًا بتقلبات عاطفية أو بالاكتئاب والحزن نتيجة اهتزاز صورة المثل الأعلى عندهم.
استرخاء عاطفي
ويقول الدكتور سمير القاضي - طبيب ممارس عام - إنه في بداية الزواج يكون الزوج محور اهتمام زوجته، ثم تمر السنوات ويجد الزوج نفسه خارج دائرة الاهتمام؛ لأن الزوجة أصبحت مسئولة عن أعباء إضافية تفوق طاقتها، فيتراجع دور الرجل في قائمة أولويات زوجته.
وتحدث حالة استرخاء عاطفي بين الزوجين، فقد تهمل الزوجة زينتها، وتفقد أناقتها، وقد يكون هذا سببًا من أسباب هروب الزوج، أيضًا في هذه المرحلة قد يصاب الزوج ببعض الأمراض المزمنة مثل: السكر، والضغط، وأمراض البروستاتا، وقد يعانى من بعض الضغوط النفسية والعصبية والنفسية، مما يؤثر على كفاءته، وبدلاً من عرض نفسه على الطبيب فإنه يخطط للزواج بأخرى تأكيدًا أنه مازال بكامل الصحة والعافية.
ومن التقلبات التي تصيب بعض الرجال في هذه السن ارتداء الملابس الشبابية ذات الألوان الصارخة التي لا تناسبه، وقد يجد الزوج امرأة أخرى تحاول إغراءه، وتبدأ في نسج خيوطها حوله حتى يقع في شباكها، ويعتقد الزوج أن المرأة الأخرى تمثل له طوق النجاة ؛ لأنها يمكن أن تعيد إليه شبابه ، وتحل عقدته إذا ارتبط بها، والزوج في هذه الحالة يتغاضى تمامًا عن جميع الفروق في السن والمستوى الاجتماعي والثقافي بينه وبين المرأة الأخرى.
ويشير الدكتور سمير إلى أن هذا يفسر لنا سر تورط كثير من الأزواج في علاقات طائشة رغم أنهم متزوجون ، مما يتسبب في تدمير حياتهم الزوجية، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: زواج طبيب متزوج من ممرضته رغم فارق السن بينهما، ارتباط
مدير متزوج بسكرتيرته، زواج أستاذ جامعى بإحدى طالباته، تورط زوج بالارتباط بالخادمة.
ويوضح أنه في معظم الحالات يفاجأ الزوج بفشله أيضًا مع الزوجة الثانية، ولكنه لا يعترف بالواقع، وتتكرر المأساة عندما يتهور الزوج، ويفكر في الزواج مرة أخرى.
وهنا يجب على الزوجة انتشال زوجها، وإشعاره بالاهتمام والاحتواء حتى لا يواصل الانزلاق فيما لا تحمد عقباه.
صورة مشوهة
وحول دور الإعلام في ترويج صورة المسن المراهق، وإظهار هذا الأمر على أنه شيء متوقع وطبيعي، ومن لوازم هذه الفترة يقول د. عرفة - أستاذ الإذاعة بجامعة الأزهر:
إن الإعلام يستخدم أسلوبًا غير علمي في معالجة الظواهر الاجتماعية، فهو يبالغ في عرض هذه الظواهر، فيأتي الأمر بنتيجة عكسية، كما في حالة الإدمان مثلاً، والذي تعلم بعض الشباب أساليبه من خلال الأفلام والمسلسلات، وكانت حجة القائمين على الجهاز الإعلامي أن المشاهد يرى نهاية البطل، فيتجنب ما أوصله لهذه النهاية، وقد أثبت عدد من الدراسات أن التليفزيون ساهم في انتشار الجريمة، ويسهم في انتشار الأشياء التي يدعى أنه يحاربها.
ومن منطلق هذه الارتجالية يروج الإعلام لما يسمى بمراهقة الرجال بعد الخمسين «أزمة منتصف العمر» وهى المراهقة التي لم نسمع عنها من قبل لولا الإعلام، فقد كنا شبابًا وكان لنا أعمام وآباء مروا بهذه المرحلة، ولم نجد من مر بهذه المرحلة منهم فتصابى، أو تزوج بأخرى دون مبرر مقبول.
ويشير د. عرفة إلى الصورة التي تظهرها المسلسلات والأفلام للأثرياء الذين كسبوا بسهولة في عصر الانفتاح، وكونوا ثروات استخدموها في الإيقاع بالجميلات، والزواج منهن، فنرى البطل في المسلسلات له في كل بلد يزورها زوجة، أو له علاقة ما مع أى فتاة.
وهذا الطرح مبالغ فيه؛ حيث يفترض في الإنسان أن يستغل هذه المرحلة في العطاء، ومراجعة النفس، والإنتاج، وتربية الأولاد لا مطاردة النساء، ومحاولة إعادة الزمن إلى الوراء.
فيشير الدكتور عرفة أنه على التليفزيون أن يعرض القضايا طبقًا لما لها من وزن واعتبار في المجتمع، ولا يختلق قضايا غير موجودة بالفعل؛ إذ إنه أيضًا كثرة تكرار عرض قضية معينة قد يحولها إلى ظاهرة، ويقنع المشاهدين بأن هذا ما يجب أن يحدث، وأن كل رجل في هذه المرحلة لابد له من مراهقة جديدة.
وأخيرًا يطالب الدكتور عرفة الإعلام بأن يعرض نماذج رجال الأعمال الشرفاء الذين كونوا ثرواتهم من الحلال، وينفقون أموالهم في أشياء تفيد مجتمعهم، وينشغلون بأشياء مفيدة، ويطالب أيضًا القائمين على هذا الجهاز الخطير بألا يشغلوا المجتمع بقضايا لا وزن لها.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/59)
جولة حرة في الرقابة العربية على الإنترنت
منذ وقت طويل، كفت الإنترنت عن كونها الفضاء المفتوح, ولو افتراضياً، امام انواع النشاط الانساني المختلفة, خصوصاً في مجال الحرية الفردية والتعبيرعن الرأي. وجاءت الظروف الامنية التي تلت أحداث 11/9 لتضع المزيد من العراقيل. بعد تلك الاحداث, عادت الدول, وخصوصاً الولايات المتحدة، لتمارس رقابة قوية على الشبكة الدولية للكومبيوتر. لم يثر ذلك سوى الحد الادنى من الاعتراضات. ومثلاً, وضع "البوليس الاميركي الفيدرالي" (اف بي أي) برنامج "كارنيفور" للرقابة على البريد الالكتروني في العالم. لم يسمع سوى اعتراضات خجولة داخل الولايات المتحدة، التي انفجر فيها نقاش عن "مبادلة الحرية بالامن"، غداة احداث 2001، من دون ان يحرز دعاة الحرية فوزاً فيه. وفتح ذلك الباب امام اشياء اخرى. مثلاً، لم تعد أصوات الاعتراض قوية في وجه الرقابة القوية التي تفرضها الحكومة الصينية وحزبها الشيوعي, على الإنترنت في تلك البلاد.
السجل العربي في الرقابة
ماذا عن الحرية الالكترونية عربياً؟ يرى الكثير من المهتمين بحرية الرأي والتعبير أن الإنترنت أتاح فرصاً واسعة أمام كم هائل من المواطنين في مختلف البلاد العربية في التعبير عن آرائهم والإعلان عن أنفسهم. ولا سيما المجموعات التي لم يكن متاحاً لها في السابق التعبير عن نفسها وطرح أفكارها وهمومها لأسباب مختلفة سواء سياسية أو مرتبطة بحقوق الإنسان. إلا أن تلك المجموعات وعلى اختلاف مرجعياتها أدركت سريعاً، أن الحكومات دخلت بدورها حلبة الصراع وبدأت تبذل الجهد لتحكم حصارها على هذه الوسيلة الجديدة، فلجأت إلى المصادرة والرقابة، فضلاً عن استخدامها للوسائل الجديدة والمتعلقة بهذا الوافد الجديد مثل تحكمها في المنبع من خلال برامج الفلترة الإلكترونية. كما لجأت بعض الدول إلى احتكار تقديم الخدمة، فضلاً عن استخدام الحل الشائع والتقليدي، وهو تلفيق القضايا والزج بمن يتجاوز الخطوط الحمر داخل السجون بدعاوى واهية.
وأكدت هيئة الأمم المتحدة في تقرير حديث لها حول برامج الحكومة الإلكترونية في العالم، على نجاح الإمارات في احتلال مرتبة متميزة بين دول العالم، وصنَّفت الدولة ضمن فئة "ابرز الدول المتقدمة في مجال الحكومة الإلكترونية"، لتحتل بذلك المرتبة الأولى عربياً.
إلا أن هذا الترتيب المتقدم، لا يعكس بالضرورة الوضع الحقيقي الذي يعاني منه مستخدمو الإنترنت في الإمارات، حيث ارتفعت الشكوى من ارتفاع تكلفة الاتصالات.
ويثير موضوع الرقابة على الإنترنت في الإمارات جدلاً كبيراً بين مؤيد ومعارض، لنظام الرقابة الـ"بروكسي" الذي يعتمده العديد من دول العالم. حيث طالب وزير الإعلام والثقافة بإتاحة حرية مطلقة للاتصال بالشبكة العالمية للإنترنت وإلغاء هذا النظام. وأشار الى أن الحكومة يجب ألا تفرض رقابة على الفرد.
في المقابل، تحتل قطر مرتبة متقدمة بين الدول العربية من حيث نسبة مستخدمي الإنترنت، حيث تزداد مساحة الحرية على الإنترنت، وتضيق مساحة الرقابة، ولم ترد أخبار عن حجب أي مواقع من قطر، باستثناء بعض المواقع الإباحية. وفي
لبنان، لم تُنشر معلومات محددة لأي من هيئات حقوق الإنسان المختلفة تدين أية ممارسات قمعية بحق مستخدمي الشبكة. غير أن العديد من التقارير اشتكى من "التفلت" في استخدام الإنترنت وانعدام الرقابة مما يعرض جيلاً كاملاً من النشء الجديد لخطر الانحراف نتيجة ما يشاهده من مواقع مخلة بالآداب.
ومن خلال جولة على بعض مقاهي الإنترنت في العاصمة بيروت، لاحظنا أن روادها ينتمون إلى فئات عمرية مختلفة، بمن فيهم الأطفال دون سن المراهقة يستعملون هذه التقنية من دون مرافقة أحد الوالدين أو إشراف من القيمين على هذه المقاهي. في حين عمد بعض المقاهي إلى تثبيت لوحة تمنت فيها على روادها عدم "تصفح المواقع غير الشرعية".
وتختلف الصورة تماماً في كل من سورية والسعودية حيث يشير واقع الحال في الأخيرة إلى أن الحكومة السعودية أنشأت "مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية" وهي الجهة المركزية المسوؤلة عن توفير الاتصال بالإنترنت عبر العديد من شركات مقدمي الخدمة. وتستخدم هذه المدينة أجهزة صممت خصيصاً لها، وتقوم بعمل فلتره وترشيح للمواقع التي يرغب في حجبها عن الجمهور.
وفي المقابل، شهدت المملكة نقاشاً مفتوحاً عن هذا الامر، مما يعتبر خطوة مهمة في هذا المجال الحساس. والحال ان عدداً من الاصوات ارتفع مطالباً بفرض نوع من التدقيق في مسألة الوصول المفتوح للمواقع، خصوصاً الجنسية منها. وتمثل اصحاب هذا الرأي، الذين تعددت خلفياتهم السياسية والفكرية، بالرقابة التي تفرضها حكومات غربية عدة على مثل تلك المواقع.
وفي سورية، تتوالى الشكاوى باستمرار من قيام السلطات بحجب الكثير من المواقع على شبكة الإنترنت. وتشير الأنباء إلى تزايد حجم "القائمة السوداء" التي تتضمن المواقع المحجوبة ومنها المواقع الإخبارية التي تنشر تفاصيل غير مالوفة تتناول شؤوناً داخلية حساسة.
اليمن والبحرين بين الحجب والإصلاح
وعلى رغم ضآلة عدد مستخدمي الشبكة في اليمن، أدت الإجراءات التي اتخذتها وزارتا الاتصالات والثقافة والمتمثلة في مراقبة وحجب العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، إلى تراجع كبير في عدد مستخدمي الإنترنت. ووصل الأمر إلى إزالة الحواجز العازلة بين رواد مقاهي الإنترنت والقيام بكشف شاشة الأجهزة إلى الخارج.
وتشير المعلومات إلى أن ما أطلق عليه "كشف المستور" أدى إلى تراجع الدخل اليومي لهذه المقاهي أكثر من 300 في المئة، وهو ما أدى بدوره إلي انخفاض المدخول المالي للكثير من هذه المقاهي نتيجة للرقابة. وتتذرع الحكومة اليمنية بالحفاظ على القيم"الأخلاقية" لحجب مواقع بعينها.
وفي خطوة لافتة، اعترفت الحكومة البحرينية بوجود رقابة على الإنترنت فيها، تصل لحد منع وتعطيل بعض المواقع، التي لا ترضى عنها، بحجة قيامها بالتحريض على الفتنة الطائفية وتحت شعار الحفاظ على القيم.
وفي المقابل، يحتج موقع "شبكة مراقبة حقوق الإنسان" على مطاولة الإجراءات الحكومية مواقع لا ذريعة فعلياً لحجبها سوى الضيق بالرأي الآخر! وقد ربط البعض الحجب بالصراع السياسي في البلاد, ملاحظين ميل المواقع المحجوبة لتبني المطالبة بإصلاحات دستورية.
ليبيا: الدولة تشجع والمعارضة تستثمر
يكاد الإنترنت أن يكون المتنفس الوحيد للمواطن الليبي في ظل غياب الكثير من الحريات العامة.
وبحسب تقرير "شبكة مراقبة حقوق الإنسان"، سعت الحكومة الليبية لصقل الكفاءات في مجال الاتصالات التكنولوجية. وخفضت رسوم الاتصالات بشبكة الإنترنت بواقع 50 في المئة. وسمحت للقطاع الخاص بالاستثمار فيه. وأتاحت هذه الأمور فرصاً هائلة لمجموعات المعارضة الليبية في الخارج. وردت الحكومة بفرض رقابة على مواقع المعارضة، في محاولة منها للحد من انتشارها. كما ألزمت أصحاب مقاهي الإنترنت بوضع ملصقات تحذر روادها من الدخول إلى المواقع المعارضة.
"شرطة الإنترنت" لملاحقة المخالفين
وعلى رغم التطور السريع لعدد مستخدمي الإنترنت في مصر، تشهد الشبكة أحيانا بعض الإجراءات الرقابية. ويصعب إغفال الاثر الإيجابي الذي نجم عن مشاريع مثل "الإنترنت المجانية" و"كومبيوتر لكل مواطن"، على رغم ما يشوبها من سلبيات في التطبيق.
وشهد العام 2003 انفجار قضية استخدام الإنترنت من قبل بعض المجموعات ذات الميول الخاصة، والتي عمدت الشرطة إلى وقفها. وأنشأت مصر إدارة جديدة، تتبع الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق تحت اسم "إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكة المعلومات"، يسميها البعض "شرطة الإنترنت".
وفي الأردن، عززت الحكومة جهود نشر التكنولوجيا الرقمية في البلاد، من خلال مشروع الشبكة التعليمية التي تهدف إلى ربط ما يزيد عن 1.5 مليون طالب بحلول عام 2006 بشبكة معلومات وبحث واسع. وينتظر الشارع الأردني القانون الحكومي المزمع سنه للبث المرئي والمسموع، والتي قررت إدراج الإنترنت ضمنه. كما وافقت على قرارات لتنظيم عمل مراكز ومقاهي الإنترنت، وأعطت حوافز تشجيعية للاستثمار في مجال تقنية المعلومات.
وتُعد تونس أول دولة عربية ارتبطت بشبكة الإنترنت. وتوجد طائفة من القوانين المنظمة لاستخدام الإنترنت تُعدّ من أكثر القوانين تفصيلاً في المنطقة كلها. ويقضي "مرسوم الإنترنت" بأن تتحمل الشركات التي تقدم خدمة الإنترنت المسؤولية عن المعلومات المتداولة عبر الشبكة، وأن تقدم لأحد أجهزة الدولة قائمة بأسماء المشتركين في الإنترنت؛ كما يحظر المرسوم استخدام نظام للتشفير. وتمتد يد الرقابة التونسية لتحجب العديد من المواقع العالمية مثل بريد "هوت ميل" والعديد من المواقع الفلسطينية والمصرية والحقوقية. وكانت محكمة تونسية أصدرت عام 2002 أحكاماً بالسجن على مواطنين بتهمتي "نشر أخبار كاذبة" أو الدخول إلى "مواقع إرهابية".
العراق: استثناء.. حتى إشعار آخر
بحلول عام 2002 لم يكن عدد مستخدمي الإنترنت في العراق يزيد عن 45 ألفاً، كان الكثير منهم من كبار موظفي الدولة، والباقون هم من الأغنياء. وقد ابتكرت السلطات العراقية نظاماً فريداً لاستخدام الإنترنت، لا يسمح باستخدام خدمة البريد الإليكتروني.
وكان المواطن العراقي يمر بالعديد من الإجراءات الصارمة حتى يتمكن من استخدام الإنترنت، إذ عليه أن يتعهد بالإخبار عن أي موقع معاد على الشبكة في حال دخوله خطأً إليه، والا يستنسخ أي مقالات أو صور تتعارض مع سياسة الدولة أو تمس رأس النظام. أما مرتادو مراكز الإنترنت فعليهم قبول الشروط المجحفة للاستخدام. أما اليوم وفي ظل الاحتلال الأميركي، ما زال من المبكر تكوين مشهد عام حول حرية الإنترنت في العراق، على رغم مما "تعد" به سلطات الاحتلال من إرساء للديمقراطية والحرية في هذا البلد.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/60)
ــــــــــ
الحياة: 15297
ـــــــــــــــــــــــــ(110/61)
الثقافة الجنسية .. متى وكيف؟
... تعتبر الثقافة الجنسية في أحد جوانبها جزءاً من الثقافة العامة والمهمة في ذات الوقت بالنسبة للشباب من الجنسين.. وهي ترتبط بالثقافة الاجتماعية السائدة والقيم الفكرية والتربوية والدينية في المجتمع؛ ومن ثم تختلف طريقة التثقيف الجنسي وكذا طريقة تناولها من مجتمع لآخر حسب هذه المؤثرات.
وقد مرت الثقافة الجنسية بمراحل وتطورات عديدة وفقاً لتركيبة المجتمع وظروفه وثقافته.. ولا تزال النظرة إلى هذا الموضوع مشوهة ومجانبة للصواب في أكثر مجتمعاتنا.. كما وأنها تحوي كثيرًا من الخرافات والمعلومات الخاطئة.. والتي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في عدد من الاضطرابات الجنسية والنفسية والاجتماعية لدى الشباب.
ويعتقد البعض أن الثقافة الجنسية تتعارض مع الدين أو أنها تشجع الإباحية والتفلت الأخلاقي.. وهذا بالطبع غير صحيح على إطلاقه.. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة كيف يختارون أزواجهم، وكيف يتعاملون مع نسائهم، بل وأيضا كيف يأتون أهليهم، وماذا يقولون عند الجماع، وربما في أكثر من ذلك كما في حديث المستحاضة وغيرها من المواقف المشهورة.. والفقه الإسلامي يتناول القضايا الجنسية بصراحة ووضوح وبشكل منطقي وعملي وأخلاقي وتربوي في آن واحد.
أمر لابد منه
والثقافة الجنسية في حد ذاتها أمر لابد منه؛ لأنه يتعلق بأمر فطري وبحاجة عضوية ونفسية ملحة، والإنسان إذا ما وصل إلى مرحلة معينة سيبدأ يبحث فيه ـ سواء علم من معه أو لم يعلموا ـ، ولكن الذي ينبغي أن يقال هو أن مسؤولية المجتمع بداية من الأسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع ككل هي في وصول تلك الثقافة الهامة ـ والخطيرة في نفس الوقت ـ بطريقة مدروسة ومرتبة يراعى فيها حال الشاب أو
الشابة بحيث يتدرج فيها تدرجا يسمح له بالمعرفة والإدراك مع الحفاظ عليه من التشتت والانحراف، والعجيب أن ديننا الكريم يسمح بهذا ويعرضه في أنقى ثوب وأطهره، وهو مبثوث في كتب العلم وأبواب الفقه والتي كان يتعلمها أبناء المسلمين في سن مبكرة جدا... لكن يلاحظ في كتب أهل العلم ما يلاحظ في القرآن الكريم والسنة المطهرة من محافظة على الألفاظ والتلميح دون التصريح ـ قدر الطاقة ـ واستعمال عبارات غاية في الأدب ومؤدية للغرض في نفس الوقت، من مثل "أو لامستم النساء" ، "فأتوا حرثكم " "وقدموا لأنفسكم".. ومن مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : "أقبل وأدبر واتق الحيضة والدبر"... إلى آخر هذه العبارات المغلفة بغلاف الأدب والوقار.
نقاط مهمة
ومن هنا أحببت أن أنبه كل ذي صلة على بعض نقاط تتعلق بتناول هذا الأمر:
أولا : إنما يتحدث في مثل هذه الأمور مع من يحتاجها، فقبل وصول الابن ـ ذكرا كان أو أنثى ـ لسن التمييز لا قيمة للكلام معه في مثل هذه الأمور، ودعك ممن يقول بوجوب تعليمها لابن سنتين أو من يدور حولها فوجهتهم تدل عليهم.
ثانيا: عرض هذه المسائل لكل إنسان بحسب حالته واحتياجه، فليس من يبدأ سن المراهقة ـ مثلا ـ كمن هو مقبل على الزواج بعد أيام .. هذا إذا كان عند أحدهم ما يحتاج للسؤال عنه أصلا، لأن القنوات والنت لم يدعا لأحد شيئا إلا من رحم الله.
ثالثا: تقديم جرعات مناسبة للأبناء تتناسب مع أعمارهم واحتياجاتهم ومن خلال مؤسسة الأسرة والمدرسة، حتى لا يكون الأمر مفاجأة عندما يشب الابن أو البنت، وهذه المرحلية في التثقيف مناسبة حتى يجد الابن ردودا على تساؤلاته المتعلقة بهذا الأمر وإلا سيطلبها من مصادر غير آمنة أو من خلال طرق غير مشروعة.. فكأن تقديم هذا النوع من المعلومات بهذه الصورة الممرحلة هو في الحقيقة جرعات مناعة وحماية للأبناء من خطوات الشياطين ومن إغواء المارقين.
رابعا: التمسك بأدب القرآن والسنة في الكلام في هذه الأمور قدر الطاقة، وهو الوصول للغاية المطلوبة بأكثر الطرق أدبا وتهذيبا فيتعلم الإنسان الجنس والأدب جميعا. وما زال الحياء شعبة من الإيمان إلى أن تقوم الساعة.
خامسا: الحذر من أن يكون هذا الموضوع هو كل هم الإنسان ومحور تفكيره، فالإفراط في مثل هذا له أضرار كثيرة ربما تخرج بصاحبها عن حد الاعتدال، بل وربما جره ذلك إلى البحث في مواطن الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود، ومن سلم له دينه فقد أحسن الله به صنعا وأراد به خيرا، وإلا فما أكثر الهالكين فيها والضائعين، وكثير منهم إنما دخلها أول مرة إما خطآ وإما على سبيل التثقيف وأحيانا على من باب الفضول فكانت العاقبة خسرًا وصار الواحد منهم أو الواحدة كمثل الذبابة التي قالت: "من يدلني على العسل وله درهم، فلما وقعت فيه قالت من يخرجني منه وله أربعة دراهم".
أخيرا: أدب الجنس بكل ما فيه (ومرة أخرى بكل ما فيه) موجود في كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وكتب سلفنا العامة كالتفسير وشروح الحديث، أو الخاصة كآداب العشرة وعشرة النساء واللقاء بين الزوجين على ضوء الكتاب والسنة،
وغيرها كثير.. مما فيه الغنى عن مجلات الإثارة والفتنة، ومواقع الإباحة والخلاعة... ومن قرأ ما في المكتبة الإسلامية أغناه ذلك عن غيرها وحفظه عن الوقوع فيما حرم الله ووهبه ثقافة كاملة وطاهرة ..
ـــــــــــــــــــــــــ(110/62)
لماذا سير شباب الصحابة؟
... لا شك أن قراءة المرء في سير الصالحين وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أمر لا يجادل مجادل في أهميته وضرورته، لكن قد يتساءل متسائل: وما قيمة تخصيص الحديث والبحث بالشباب دون سائر الصحابة؟
وهو تساؤل جدير بأن يجاب عليه، بأن ذلك له نتائج عدة منها:
1- أن الشاب قد يرى نفسه على حال من الصلاح والتقوى والعبادة أو الاجتهاد في طلب العلم الشرعي أو الجهاد في سبيل الله عز وجل، أو أي عمل آخر، ويرى أنه قد فاق أقرانه وأنه قد جاوز ما عليه كبار السن والرجال، فقد يكون ذلك مدخلاً للشيطان ليوقع في نفسه العُجب والبطر، وهذا عنوان الهلاك وبداية الضلال – حمانا الله منه - لكنه حين يقرأ سير القوم ويطلع على أحوالهم يدرك أنه مهما فعل فهناك من فاقه وسبقه فيحتقر نفسه وعمله ويتطلع للمزيد.
بل كيف يعجب الشاب بعمل ويدل به على مولاه سبحانه، وهو يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لن ينجيه عمله كما قال: ( لن ينجي أحدًا منكم عمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة، وسددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا) [رواه البخاري ومسلم].
2- أن قراءة السير والأمثلة الواقعية لها الأثر الفعال في النفوس، إذ هي نماذج أكثر رسوخًا وتأثيرًا، وليس أدل على ذلك من كثرة إيراد القرآن الكريم لقصص الأنبياء والأمم السابقة، وفيها النماذج الضالة للحذر منها، وفيها النماذج الخيرة للتأسي بها، كما ذكر القرآن قصة أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون، وقصة أصحاب الكهف، وأصحاب الأخدود.
وكما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قصة التائب من بني إسرائيل الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا، وقصة أصحاب الغار، وقصة الغلام المؤمن، وغيرها كثير.
3- سيطرت على مجتمعات المسلمين النظرة الدونية للشباب واحتقارهم، واعتبارهم كالأطفال لا وزن لهم ولا قيمة، وهي قضية لن تحتاج إلى عناء لاكتشافها والتعرف عليها، فيكفيك لإدراك ذلك المشاركة في مناسبة اجتماعية، أو زيارة أحد الآباء في منزله، لتدرك من ذلك كيف ينظر المجتمع إلى الشباب ويتعامل معهم.
وينعكس أثر هذه النظرة على الشباب أنفسهم فيضعون أنفسهم حيث ينظر الناس إليهم ويطول أمد الطفولة والصبوة لديهم. لذا فإن قراءة الآباء لسير شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ستغير حتمًا من نظرتهم لأبنائهم وسترفع من تطلعهم، وقراءة الأبناء لهذه السير ستدفعهم إلى تجاوز هذه النظرة التي يواجههم بها المجتمع.
4- ورث المجتمع المسلم المعاصر اليوم ضمن تركة الهزيمة والتخلف مفاهيم تربوية غربية غريبة عليه وبعيدة عنه، وتحولت إلى جزء من تفكير الناس فانصرفوا عن المراجعة والمناقشة لهذه المفاهيم.
ومن ذلك النظرة للمراهق، إذ لا يرى علم النفس الغربي في المراهق إلا الطيش والخفة، ولا يعرف عنه إلا الانحراف والجنوح حين سيطر عليه مفهوم (أزمة المراهقة)، وانتقلت هذه العدوى إلى المسلمين وورثوها كما ورثوا غيرها.
والعجيب أنه في الوقت نفسه الذي بدأ علم النفس المعاصر يعيد نظرته للمراهق لا يزال كثير من الآباء المسلمين يعتبر ابنه معذورًا في كل ما يقارف ويفعل، إذ هو مراهق.
إن قراءة سير شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين يعيشون في هذه المرحلة التي يصفها هؤلاء بأنها سن المراهقة تعطي الدليل القاطع أن الجزء الأكبر من مشكلة المراهقين في مجتمعاتنا إنما هو نتاج وضع تربوي واجتماعي ومؤثرات معاصرة أكثر منه مرحلة ملازمة لكل من عاش هذا السن.
ونحن إذ نقول ذلك لا ننكر أن للمراهق طبيعته الخاصة، ومشكلاته التي ليست لغيره، لكن الأمر ليس كما يصوره علم النفس المعاصر، وكما يسيطر على نظرة الكثير من الآباء اليوم.
وما أجدرنا أن نلتزم الأسماء الشرعية فنعتبرها مرحلة (البلوغ) أو (التكليف الشرعي)، وفيها يجري على الشاب ما يجري على سائر الرجال.
5- من خصائص الشاب في هذه المرحلة (القابلية للاستهواء) فيتعلق الشاب بالنماذج ويعجب بها، ويستثمر الأعداء هذه الخصلة فيبرزون أمام الشباب العديد من النماذج التي تستهويهم وتأسرهم "وهذا الاستعداد الشديد للاستهواء في تلك المرحلة من العمر لم يخلقه الله عبثًا، ولم يخلقه ليكون مشكلة للإنسان ولا ليكون في ذاته مصدر خطر عليه، ولكنه – ككل ما أودع في الفطرة من الطاقات والاستعدادات – يؤدي مهمته في البناء السليم للنفس حين يوجه التوجيه الصالح".
لذا فإن العناية بإبراز هذه النماذج أمام الشاب يخدم جانبًا فطريًا مهمًا لديهم ويحميهم في الوقت نفسه ويوفر لهم البديل دون أبطال الرياضة والفن وغيرهم.
6- لقد قامت الصحوة الإسلامية اليوم بقدراتها المتواضعة بجهد تربوي رائع، فأخذت بأيدي الشباب وانتشلتهم من براثن المؤثرات الفاسدة، ولا تزال بحمد الله اليوم مؤسسات الصحوة التربوية تقدم لنا المزيد.
لكن نقص الخبرة وقلة الدراسات التربوية المتاحة تجعل المساحة المتاحة للاجتهاد والتجارب الشخصية تتجاوز مداها الفعلي.
ومن ذلك: أن كل مرب لا بد أن ترتسم في ذهنه صورة يتطلع للوصول بالشباب إليها، فكيف يتصور المربي حدود هذه الصورة؟ أو بعبارة أخرى: ما الهدف والمستوى الذي يريد الوصول إليه؟
إننا كثيرًا ما نصبح أسرى تجاربنا ومداركنا الشخصية، فيستمد كل مرب من تاريخه وتجاربه السابقة صورة يتطلع إليها، فيرى أنه حين يصل بطلابه إلى المرحلة التي وصل إليها زيد أو عمرو فقد بلغ الغاية.
ويرى أن القدر المرضي من الجدية هو ما وصل إليه فلان، وأن منتهى الصبر والتضحية هو ما بلغه فلان...إلخ.
إن استعراض نماذج من سير شباب الصحابة – رضوان الله عليهم – يساهم في رسم صور يتطلع المربون إلى الاقتراب منها بأنفسهم وبمن يقومون على تربيته وتوجيهه، وإن لم يصلوا بالضرورة إليها فإنها تظل تحفز همهم وتستثير عزائمهم، وفي ذلك تربية لهم وصقل لمواهبهم.
المصدر: شباب الصحابة رضي الله عنهم مواقف وعبر/محمد بن عبدالله الدويش، بتصرف.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/63)
تليفزيون الواقع.. يخرب واقعنا ويصنع واقعه
"ستار أكاديمي"، "سوبر ستار"، "بيج براذر"، "عالهوا سوا"، "ضرب خوات"، "صارت معي". والبقية تأتي، تلك هي الموجة الأحدث من أسلحة التدمير الشامل التي تمطرنا بها الفضائيات العربية، أسلحة لا تحتاج إلى من يفتش عنها، فهي معروضة على الملأ، أسلحة ربما لا تقتل أجسادنا؛ لكنها تدمر أخلاقنا وتخرِّب بيوتنا، وتغتال إنسانيتنا. إنها نوعية جديدة من البرامج تسمى "تليفزيون الواقع" لجأت إليها الفضائيات العربية بعد أن عجزت عن جذب المشاهدين من خلال المسلسلات الدرامية المدبلجة المليئة بالعري والنخاسة أو المسابقات المزيفة التي تبيع الوهم. استنسخوها من تليفزيونات الغرب بعد أن ملّوها هناك، وأتوا بها ليعرضوها علينا بضاعة مزجاة.
المسألة برمتها جزء من أزمة كبرى تعانيها معظم الفضائيات العربية التي أفلست قبل أن تولد عندما حسب القائمون عليها أن القناة الفضائية مجرد ستوديو وتردد يتم شراؤه من أي قمر صناعي ولم يقيموا بالاً للمضمون الذي ستقدمه تلك القناة، فجاءت القنوات تكرر بعضها بعضًا حتى إن بعض المسلسلات الدرامية كانت تعرض في أكثر من 5 قنوات في الوقت نفسه.
فضائيات كثيرة نظرت إلى برامج "تليفزيون الواقع" كمنقذ لها من الإفلاس، فهي لا تكلف شيئًا، مجرد مجموعة من الشباب أو الفتيات يعيشون في فيلا يغنون أو يرقصون، أو مجموعة من الفتيات يعشن في مكان واحد يعرضن أنفسهنَّ للزواج وعلى المشاهدين أن يصوتوا بالهاتف، لاستبعاد واحد أو واحدة من المسابقة، سواء أكانت غناء أو عرض زواج. بالمعايير الفنية البرامج سطحية، وبالمعايير الأخلاقية، هي فضيحة بكل المقاييس: فما الإبداع في التلصص على شباب وفتيات يعيشون معًا ومتابعة حياتهم طوال اليوم، وما هو المسوّغ الشرعي الذي أحلَّ لهؤلاء أن يناموا ويقوموا ويأكلوا ويشربوا معًا.
سخف الفكرة وفضائحية المضمون لم يحولا دون الإقبال على هذه النوعية من البرامج سيَّما من الشباب، الأمر الذي يؤكد أن هؤلاء غير راضين عمَّا تقدمه إليهم برامج الفضائيات ومستعدون لقبول بديل لها حتى لو كان من نوع برامج "تليفزيون الواقع".
برنامج "ستار أكاديمي" الذي استنسخته الفضائية اللبنانية LBC من برنامج فرنسي تلقى سبعين مليون اتصال هاتفي طبقًا لإحصاءات شركات الاتصالات العربية منها 23 مليون من مصر و18.5 مليون من لبنان، 17 مليون من سوريا، و4 ملايين من
السعودية و 1.2 مليون من الإمارات. البرنامج يعرض متسابقين من الشباب والفتيات من مختلف البلدان العربية في الغناء، وتقديم البرامج أو غيرها من الفنون، ويتلقى اتصالات بالتصويت على استبعاد متسابق كل أسبوع، وفي النهاية يتحول الموضوع إلى إثارة للنعرات القطرية وتعصب شباب كل بلد لابن بلدهم المشارك في البرنامج. إحدى مجلات الكويت مثلاً طالبت بمحاكمة الشاب الكويتي بشار الذي شارك في "ستار أكاديمي" وأساء إلى بلده عندما صرح في البرنامج أنه يحب فتاة كل يوم!
هذا الإقبال أغرى المتنافسين على الهرولة في هذا الطريق، سيما وأن الأمر لا يكلفهم شيئًا، فأعلن تليفزيون المستقبل في أول مارس 2004م بدء الجزء الثاني من برنامجه "سوبر ستار"، أما تليفزيون MBC فقد خطا نحو التواجد ا لمباشر بين أفراد الجمهور المستهدف، فأعلن أنه سينتج برنامج "بيج براذر" في نسخته العربية باسم "الرئيس" في البحرين في خطوة تكشف أن شباب الخليج على رأس الجمهور المستهدف لهذه البرامج، وبالفعل بثت القناة أولى حلقات البرنامج من البحرين في أواخر فبراير 2004م وتضمن 21 متسابقًا من الجنسين يعيشون في منزلين منفصلين، وتراقب الكاميرات مدى التزامهم بقواعد وقوانين البرنامج، ويصوَّت المشاهدون على أسوء متسابق ليخرج من البرنامج.
ولكن جاءت الرياح بما لم تشته السفن، وثارت العاصفة التي لم تكن متوقعة، فشهد البرلمان استجوابًا لوزير الإعلام اعتراضًا على ما شاب البرنامج من اختلاط الجنسين وما تخلله من تقبيل أحد الخليجيين لإحدى المشاركات العربيات. وتبع الاستجواب اعتصام احتجاجي نظمته جمعية المحرِّق وشارك فيه ثلاث آلاف شخص ضمنهم القيادات الإسلامية السنية الذين رفعوا عريضة إلى الملك مطالبين بوقف البرنامج.
سعت القناة إلى امتصاص الغضبة بالإعلان عن تشكيل لجنة رقابة شرعية على البرنامج وتعيين أحد القضاة رئيسًا لها، لكنه اعتذر وأعلن أن في البرنامج تجاوزات صريحة كقيام المشاركين والمشاركات بالرقص بعضهم مع بعض في وضع غير لائق "وأنه لا مجال لتنفيذ أي شكل من أشكال الرقابة الشرعية" على البرنامج.
وفي النهاية نجحت الجهود في وقف البرنامج وقدمت نموذجًا للعمل المنتج والعقلاني والهادئ الذي يحمي ثوابت الأمة من عبث المستهترين.
شبكة راديو وتليفزيون العرب ART دخلت المنافسة على برامج "تليفزيون الواقع" بطريقتها تخصصت قناة باسم "عالهوا سوا" لتضاف إلى قنوات الأغاني والمسلسلات والأفلام. القناة الجديدة تعرض طوال 24 ساعة فتيات من مختلف البلدان العربية يعشن في فيلا لا يغادرنها طوال ثلاثة أشهر: يأكلن ويشربن ويثرثن ويتشاجرن وينمن على الهواء مباشرة. وتقوم القناة بعرض الفتيات في سوقها الفضائي بدعوة الجمهور للتصويت على الفتاة المناسبة للزواج، وتتولى تمويل حفل زواج الفتاة الفائزة.
لماذا؟
في البحث عن تفسير لهاذ التسابق نحو برامج "تليفزيون الواقع" تواجهنا حقيقتان: الأولى تتعلق ببحث الفضائيات عن مصادر للدخل والتمويل في ظل التنافس المحموم على كعكة الإعلانات التي لا تكاد تكفي، وهذا ما يفسر أن الفضائيات التي بثت هذه النوعية من البرامج استثمارية خاصة وليست حكومية، وجدت في برامج "تليفزيون الواقع" غنيمة سهلة وطريقا ميسرا لجيوب المشاهدين ولا ضير أن نتقاسم تلك الغنيمة مع شركات الاتصالات.
الحقيقة الثانية تتعلق بجمهور الشباب العربي الذي يعيش واقعًا مؤلمًا يكاد يخلو من أفق التغيير الإيجابي ويكاد يخلو من مشاريع كبرى تستنهض وتستلهم وتنظم طاقات الشباب، فهم مهمشون اجتماعيًّا عاطلون اقتصاديًّا، الكل يتحدث عنهم لكن قلَّ من يفهمهم، فجاءت هذه البرامج لتقدم إلى جمهور الشباب واقعًا زائفًا يهرب به من واقعه، فمن المؤلم أن برامج "تليفزيون الواقع" تخلو تمامًا من واقع مجتمعاتنا التي لم تعرف بعد شبابًا وفتيات يعيشون تحت سقف واحد وفي مكان واحد بلا رابط شرعي بين الشاب والفتاة، فحتى الأسر المتحررة في البلدان العربية لا تقبل مثل هذا النمط من السلوك، وكأن هذه البرامج تبشرنا بأننا على أبواب مجتمع "البوي فرند" و"الجيرل فرند" الشائعة في الغرب حيث يتعاشر الشاب والفتاة بلا زواج!
الجانب الأكثر خطورة في تلك البرامج هو القيم المتضمنة أكثر من القيم المنطوقة، فالتسابق نحو الرقص والغناء واللهو مصائب لها سوابق في الدراما والتلفاز العربي، لكن الجديد هو هذا النوع من العلاقة بين الجنسين: علاقة تحرر من كل قيد شرعي أو سقف عرفي، وتقدم إلينا كمسلَّمة لا تحتاج إلى نقاش؛ فليس مطلوبًا منا أن نتساءل بأي حق وبأي شرع يجتمع هؤلاء ويعيشون معا، بل المطلوب أن نقول من أبدع منهم ومن أجاد! إنه واقع "تليفزيون الواقع" الذي يجب أن نسلِّم به ونزيح ما يقف أمامه من عوائق في واقعنا المعاش. يقول أحد الشباب: "أزياء المشاركين والمشاركات وقصات شعرهم أصبحت أكثر انتشارًا، القبلة بين الشباب والفتيات كانت أمرًا مستهجنًا لكنها مع توالي حلقات البرنامج "ستار أكاديمي" أصبحت أمرًا عاديًّا".
استنساخ:
كانت بداية برامج "تليفزيون الواقع" في هولندا عام 1999م عندما قامت القناة الهولندية "فيرونيكا" بعرض برنامج "لوفت ستوري"، وبرنامج "بيج براذر" في حلقات شاهدها 300 مليون مشاهد من أنحاء العالم، الأمر الذي شد انتباه القنوات الأخرى في مختلف بلدان العالم، فانتشرت هذه النوعية من البرامج في 15 بلدًا أوروبيًّا وأمريكيًّا، وأخذت تقليعات مختلفة، ففي أحد هذه البرامج تم وضع 16 متسابقًا في جزيرة معزولة وتركوهم يبقون على حياتهم، فكانوا يأكلون كل ما يجدونه بما في ذلك دود الأرض، وتم رصد حركاتهم وسكناتهم وبثها طوال 24 ساعة يوميًّا، فتابع البرنامج 50 مليون متفرج، وفي أسبانيا راقبت 27 كاميرا عشرة أشخاص مجهولين في أحد البرامج فتابعهم ثلث سكان البلد (12 مليون مشاهد)، أما في فرنسا فقد بثت نسختها من برنامج "لوفت ستوري" حيث تم حبس عدد متساو من الشباب والفتيات في شقة ورصدت جميع تحركاتهم خلال 70 يومًا، وفي كل أسبوع يتم
تصفية أحد المشاركين باستبعاده بناء على آراء المشاهدين. وبعد النجاح الكبير لهذا البرنامج أنتجت فرنسا الجزء الثاني منه ثم أعقبته ببرنامج "ستار أكاديمي" الذي ربح في 16 حلقة 120 مليون يورو من بيع مواد البرنامج والاتصالات الهاتفية التي تلقاها (3 ملايين اتصال).
وفي بريطانيا باشرت سلطات تنظيم وسائل الإعلام "أوفكوم" تحقيقًا حول برنامج جديد من برامج "تليفزيون الواقع" يضع المشاركين فيه أمام تحدي الصمود أسبوعًا كاملاً من دون نوم، إذ اعتبر الأطباء أن البرنامج يسبب الهلوسة ويدعو إلى القلق أكثر مما يقدم تسلية.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد خطت بتلك البرامج خطوة تليق بمكانة أمريكا تسمى "برامج القمامة" أو "تليفزيون المزبلة" تتضمن صورًا مبتذلة لأشخاص عاديين يتحدثون عن تجاربهم بطريقة تخطت حدود الوقاحة كالمرأة التي تزوجت خالها نكاية في أمها التي كانت تأتي بعشيقها إلى البيت أمام ابنتها المراهقة وأعلنت كل ذلك في مواجهة بين المرأة وزوجها (خالها) وأمها وعشيقها في بث حي لحلقة من هذه البرامج تفاعل فيها الجمهور بين مؤيد ومعارض لهذه المرأة.
وفي ولاية أوهايو الأمريكية أنشأت مجموعة من الشباب موقعًا إلكترونيًّا ووضعوا كاميرات في منزلهم ودعوا متصفحي الإنترنت إلى متابعة تفاصيل حياتهم اليومية.
أما في السويد فكانت الطامة الكبرى، ففي مجتمع أكثر من نصف مواليده يأتون من الزنا ظهر ما يسمى (Doging) أو "كلبنة" أي دعونا نتصرف كما تتصرف الكلاب، إذ يتواعد رجل وامرأة عبر الإنترنت للالتقاء في مكان عام يمارسان الجنس علانية ويدعوان من يوّد مشاهدتهما إلى ذلك المكان.
وفي نيجيريا حينما عرض "بيج براذر" الصيف الماضي أثار جدلاً كبيرًا واعتبره البعض وسيلة لتشويه المجتمع وانتهاكًا للثقافة النيجيرية خصوصًا بعد أن دخلت كاميرات البرنامج غرف الاستحمام.
الظاهرة لم تعمِّر طويلاً في الغرب - شأن كل التقليعات - وأيقن الناس والمراقبون أنها مجرد عرض من أعراض "مجتمع الاستعراض" الذي يسعى التلفاز إلى فرضه، وذلك بتحويل وقائع الحياة (إنتاج - حروب - حركات اجتماعية) إلى مجرد عروض لا وقائع حية، الواقع أزيح جانبًا وبقي العرض هو المهم الذي يقدم للناس، وبتركيز الناس على العروض يفقدون اتصالهم بالحياة الواقعية. كلنا يذكر كيف حوَّل التلفاز غزو وتدمير العراق إلى مجرد صور مفرقعات تخفي وراءها الجانب المأساوي من الحرب.
الكاتب الفرنسي فيليب موريه يرى في "تليفزيون الواقع" أحدث محاولات التلفاز ليحلَّ مكان الحياة ويملأ الفراغ الذي تركته الحياة خلفها في مجتمعات مادية موحشة، لقد أضحى التليفزيون يصنع الواقع، واقعه وليس واقع الحياة، فالناس أصبحوا مشابهين لما يشاهدونه على شاشاتهم، لم يعودوا أناسًا حقيقيين، فهم يقلدون لاعب الكرة ونجم السينما والزعيم السياسي الذين يطلون عليهم عبر التلفاز.
أصبح الناس يعبرون عن أفكار ليست أفكارهم، ويستخدمون مواقف مستوحاة من مشاهداتهم، أي أنهم أصبحوا مشابهين لما يعرضه التلفاز، بحيث يمكن وضعهم فيه،
وهذا هو "تليفزيون الواقع"، ولكنه ليس الواقع الذي يدخله التلفاز، بل التلفاز الذي يمحوا الواقع ويبتلعه.
في برامج "تليفزيون الواقع" يبدو المشاركون كعرائس متحركة - دمي - تتصرف في حركات مدروسة لا تعكس أي شخصية، ينحصر دورهم في إشباع تشوقات التلصص واختراق الخصوصية لدى المشاهدين وإبقائهم أطول مدة ممكنة أمام التلفاز، حتى ولو كان ذلك يعني استقالتهم عن ممارسة الأشياء التي تعطي لحياتهم معنى مكتفين بواقع مزيف تقدمه هذه البرامج.
ربما تنجح الفضائيات العربية في تجاوز - أو تأجيل - أزمتها المالية عبر تلك البرامج التي تكتفي بكاميرا ومنزل فيه مجموعة شباب وفتيات، بعدها تنهال الاتصالات، لكن ما لم تحسب حسابه - إذا افترضنا حسن النية - هو الأثر الاجتماعي لتلك البرامج ودورها في خلخلة قيمنا الاجتماعية ونسف معاييرنا الأخلاقية حول اللائق وغير اللائق والحلال والحرام، والمحترم والمشين في سلوكنا. وإذا أخذنا في الاعتبار الظرف العصيب الذي تمر به الأمة لم يعد لافتراض حسن النية مكان.
ـــــــــــــ
الأسرة : عدد131
ـــــــــــــــــــــــــ(110/64)
الشباب بين الأهواء ومتطلبات الحياة
- الجري وراء الأهواء والشهوات يؤدي إلى الضياع والفشل والإحباط، والحيرة بين نوازع الفضيلة ومغريات النفس.
- التربية الأخلاقية في الإسلام تقوم على أساس من قوة العقيدة والالتزام والعرض والمناقشة والإقناع، وتتوجه إلى عقول الشباب قبل عواطفهم، وتخلق توازناً بين الغرائز والحاجات، وتوجد انسجاماً للفرد مع ذاته.
- تشتيت الشباب بين المعايير والقيم الدينية وتقليد المدنية الغربية يخلق صراعاً واضطراباً نفسياً في حياتهم.
- السعادة حلم البشرية ينشدها الإنسان بشتى الطرق وفي كل مكان، لكنه يعود بعد عناء طويل خالي الوفاض إلاّ من مشاعر القلق والتذمّر والفشل والضياع.
- الإيمان ينبوع الحب الدائم يمدّ الشباب بالأمان والأمل والطاقة على المثابرة والنجاح وتحقيق الغايات الكبرى في الحياة.
مشكلات الشباب وقضايا المجتمع:
تشكل قضايا الشباب الجزء الأكبر من قضايا المجتمعات المعاصرة على اختلاف أنظمتها واتجاهاتها ومستوياتها، ومشكلات الشباب تستأثر باهتمام المربين وعلماء النفس والاجتماع والمفكرين على تنوع انتماءاتهم، وهذا بسبب ما يعاني الشباب من متاعب وهموم واضطرابات اجتماعية ونفسية خطيرة. فالشباب يشكلون نسبة عالية من السكان في المجتمعات العربية والإسلامية والدول النامية، وهم أكثر الفئات الاجتماعية تأثراً بالواقع ومتغيراته ومعطيات البيئة الحياتية المادية والمعنوية من فكر وقيم ومشاعر وسلوك...
والحقيقة أن الشباب أكثر انفعالاً وتفاعلاً في المجتمع، وأكثر استعداداً للانجرار وراء مغريات الحياة والانحراف والشذوذ والإصابة بالاضطرابات النفسية والتأثر بالاتجاهات الجديدة والتقليد الأعمى. وقد بينت الدراسات الاجتماعية والنفسية وجود علاقة جدلية بين ارتفاع نسبة الانحراف والشذوذ في أوساط الشباب وبين طبيعة البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع، كما نلاحظ في المجتمعات المتقدمة صناعياً مثلاً. وبالعكس نلاحظ انخفاض هذه الظاهرة في المجتمعات التي تسمى (محافظة) التي تسودها المبادئ الدينية والقيم والأخلاق والفضيلة كما في المجتمعات الإسلامية.
لذلك نجد أن طبيعة الواقع الاجتماعي (الاقتصادي والفكري والنفسي والتربوي والبيئي) تلعب دوراً أساسياً في تحديد طبيعة الأزمات والمشكلات التي يعاني منها الشباب. فهذه العوامل تؤثر بفعّالية في تكوين أنماط السلوك واتجاهات الفكر وسقف المعاناة النفسية والمادية للغالبية العظمى من الشباب، وهذا يبين لنا أن معالجة قضايا الشباب لا يمكن أن تتم إلاّ عبر المعالجة الشاملة لقضايا المجتمع التي تشمل مشكلات وواقع الأسر والمؤسسات التعليمية التي تلعب دوراً أساسياً في تنشئة الشباب ورعايتهم وتكوينهم العقلي والنفسي والجسمي عبر دراسات علمية ورؤية واعية وعميقة لقضايا المجتمع ومشكلات الشباب (العلم والعمل والصحة والأمراض النفسية والتدخين والمخدرات والجرائم ومرض الشذوذ "السيدا") وغيرها من القضايا التي تواجه المجتمعات المعاصرة عامة والإسلامية خاصة بسبب ما تخلفه من آثار سلبية نفسية وعاطفية في نفوس الشباب، وصعوبات في التنمية والتطور في المجتمع.
غرائز الشباب بين الأهواء والواقع:
مع بداية مرحلة المراهقة تبرز بقوة عند الشاب دوافع الشهوات والأهواء، وتتوقّد الأحلام والمخيّلات، وتتأجّج مظاهر الحيوية والنشاط في نفسه، ويتحدّد كثير من أهدافه من خلال شهواته وغرائزه، وترسم له مخيلته الطرق للوصول إليها، فيخترق الحواجز والممنوعات التي يواجهها، وتصبح قواه العقلية ضعيفة التأثير في مجرى حياته، بينما تسيطر عليه مشاعر الأنانية وحب الذات وتغليب مصلحته الشخصية على مصلحة المجتمع، وتنقلب المفاهيم والقيم في عقليته، وتصبح رغباته هي أساس الفضيلة والنظام والتقدم الاجتماعي. يصور جان جاك روسو هذه الحقيقة في كتابه (أميل) بقوله: (... إن الفضيلة كما يقولون هي حب النظام، لكن هل يستطيع هذا الحب أن يغلّب النظام على مسرّتي الخاصة؟ وهل هو سبب كافٍ لتفضيل النظام على متعتي... فالرذيلة يمكن أن تصبح هي حب النظام لكن بوجه مختلف...).
ولاشك في أن الجري وراء الرغبات والشهوات بكل الوسائل يأخذ من حياة الشاب وقتاً طويلاً، وكثرة التفكير في أهوائه يصرفه عن الاهتمام بالدراسة والقضايا المهمّة في الحياة. وفي النهاية يضيع منه كل شيء، فلا هو أشبع رغباته، ولا استفاد من فرص الحياة في العمل والتعلّم وبناء شخصيته وكيانه الاجتماعي.
فالمجتمع يغري الشاب ويعرض أمامه مغريات الحياة، في الوقت ذاته يصدّه عنها ويمنعه من الوصول إليها. وهذا يزيد عناءه ومعاناته وسخطه وتمرّده وشعوره بأن
الواقع ظلمه، وحال بينه وبين حقوقه في متع الحياة، فيولّد هذا الشعور الاضطراب النفسي والقلق والتوتر والاكتئاب والإحباط... وقد يعيش الشاب حالة من التناقض الصارخ والصراع الداخلي والانفصام، في محاولته الفاشلة للتوفيق بين شهواته ومتعه وبين قيمه الدينية والأخلاقية. وقد يعمد إلى التلفيق لتبرير تصرفاته المسيئة للمجتمع، وينزلق أكثر فأكثر إلى طريق الخطيئة ويغرق في عواصف الحياة التي قد تورده المهالك.
لكن الشاب المسلم الذي توفرت له تربية إسلامية أخلاقية صحيحة، وتمكّن الإيمان من قلبه، فإنه يصرفه بقوة عن الانحراف، ويمنعه من الانجراف وراء غرائزه وشهواته، ويقيه من آثار الحيرة والقلق والاضطرابات النفسية. فالشاب المؤمن يشبع رغباته بطرق مشروعة وفي أجواء من الأمان والسعادة والكرامة، وتسيطر على نفسه الراحة والاطمئنان والرضى والسكينة.
فالتربية الإسلامية وقوة الإيمان تحصّن الشاب من عواصف الحياة وبراكينها واضطراباتها، ويسير بكل عزيمة وجد ومثابرة، دون كلل ولا يأس، حتى النهاية لتحقيق أهدافه النبيلة وطموحاته المشروعة في الحياة.
طموح الشباب والسعادة المفقودة:
السعادة حلم كل إنسان في الحياة، يطلبها الكثير في بداية شبابهم بكل الطرق وفي كل مكان، ثم يعودون في نهاية المطاف (بخفي حنين). فيجرّبون ألوان المتع والمباهج والرفاهية والغنى، لكن يعودون في النهاية محمّلين بمزيد من الهموم وأثقال من مشاعر الضيق والتوتر والتذمر واليأس، وقد يدفع بعضهم إلى الانتحار للتخلص من الحياة.
لقد بينت الدراسات أن الشباب في أوروبا وأمريكا يعانون كثيرا من الشقاء والتعاسة والاكتئاب، وخاصة شباب (السويد) التي يعيش سكانها بما يشبه حياة الأحلام، قال عنهم أحد الباحثين (أهل الجنة ليسوا سعداء). وقال (ويلسون) عن الحياة في نيويورك: (إنها غطاء جميل لحالة من التعاسة والشقاء). فالسعادة ليست بالغنى وكثرة المال والرفاهية والجاه، فهي غالباً لا تورّث سوى الهم والتعب والحسرة والطمع والشراهة للمزيد.
السعادة لا تنبع إلاّ من أعماق الفرد، وتشع على جوارحه سروراً وفي نفسه طمأنينة، وتشرح صدره ويعيش في راحة ضمير وقناعة ورضى بقضاء الله وقدره. وهذه السعادة الحقيقية لا تتحقّق إلاّ بالإيمان الصادق العميق الذي يكبح جماح النفس وينظّم الغرائز ويخلق توازنا بين حاجات الشاب ومتطلبات الواقع.
الجري وراء السعادة عن طريق المتع ينحرف بالفطرة إلى دروب الانحراف والمعاصي، ويصبح الشاب أسيراً لأهوائه وحب الذات والجشع والغرور، ويعيش حالة من الصراع بين إرضاء غرائزه أو إرضاء المجتمع، ويحرم نفسه السكون وراحة الضمير والاستقرار.
وقد يعتقد أغلب الشباب أن السعادة في الحب، لكن الحب الذي يفهمه الشاب اليوم هو الحب المادي المرتبط بالجنس والشهوات والمتع المادية، وجميعها تتمحور حول حب الذات وإرضاء النفس.
أما الحب الحقيقي الذي يولّد السعادة في النفس، فهو الحب الروحي الطاهر الخالي من المصالح المادية، بهذا المعنى يحب المؤمن كل شيء لوجه الله تعالى. فالحب حاجة أساسية في حياة البشرية وخاصة الشباب، وبفقدانه يخسر الكثير من الدوافع والطاقة للاستمرار في الحياة ومواجهة العقبات والتغلّب على الصعوبات بفعّالية وتحقيق طموحاته المشروعة وغاياته الكبرى في المستقبل.
وبينت الأبحاث النفسية أن من يفتقد الحب والحنان ودفء الرعاية والاهتمام في الأسرة والمدرسة والمجتمع، يعجز عن منحها للآخرين، ويصبح أكثر عرضة للانحراف من غيره من الشباب، وذلك خلال محاولاته العشوائية في البحث عما ينقصه من مشاعر ...
الإيمان منبع الأمان:
الإيمان مصدر الأمان يجعل الشباب يحصر تفكيره في رضا ربه وطاعته واجتناب معاصيه، ومنفعة الناس تصبح غايته الكبرى، فيحقّق السعادة لنفسه والفوز في الدنيا والآخرة، رغم ما يخسره من متعة عابرة أو منفعة عاجلة وكبحٍ لشهوة طاغية. فالإيمان خير علاج للاضطرابات النفسية والوحدة والخوف، وهي أمراض تجعل الإنسان يفقد الأمل في الحياة وقد تؤدي به إلى الانتحار. يقول الدكتور "موريس جوبتهيل" مدير الصحة العقلية في نيويورك: "إن مرض الإحساس بالوحدة من أهم العوامل الأساسية للاضطرابات النفسية".
والشك والشرك بالله هما مصدر الخوف والقلق للإنسان حول حاضره ومستقبله وجزعه من الفقر والمرض والكوارث والموت. يقول الفيلسوف ابن مسكويه: "إن الخوف من الموت ليس يعرض إلاّ لمن لا يدري حقيقة الموت ولا يعلم أين تصير نفسه، أو أن العالم سيبقى موجوداً وهو ليس موجودا فيه، أو لأنه يظن أن للموت ألماً عظيماً، أو لأنه يعتقد عقوبة تحل به بعد الموت، أو لأنه يأسف على ما يخلّفه من المال والمقتنيات."
أما المؤمن فيشعر يقيناً أن الله معه وعنايته ترافقه أينما كان، فلا يشعر بالوحدة واليأس والقنوط. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وهو معكم أينما كنتم.." سورة الحديد 4 . ويقول تعالى في الحديث القدسي:" أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني".
ويبين الدكتور فرانك لوفاخ (عالم النفس الألماني) هذه الحالة، فيقول: "مهما بلغ شعورك بالوحدة فاعلم أنك لست وحيداً، فإذا كنت تسير على جانب في الطريق، فكن على يقين أن الله يحفظك برعايته".
فالصلاة والدعاء تبعث السكينة في نفس الشاب المؤمن، وتمدّه بالعزيمة والثقة بالنفس واطمئنان القلب والأمل في الحياة والرضا بقضاء الله وقدره، وهذه جميعها تؤدي إلى السعادة الحقيقية. فقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من سعادة المرء استخارته ربه ورضاه بما قضى، ومن شقاء المرء تركه الاستخارة وعدم رضاه بعد القضاء". رواه الترمذي وأحمد والبزار بروايات مختلفة.
فالأمل والرجاء هما الدافع القوي إلى الحياة، والجد والمثابرة والصبر لتحقيق الأهداف الكبرى في الحياة، والتقدم والنجاح. "فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل".
وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم تقدم لنا نموذجاً ومثلاً أعلى، نحتذي به في الصبر والتحمل والعمل الجاد والمثابرة لتحقيق الرسالات العظمى، رغم كل الصعاب الهائلة التي واجهته والأذى والاضطهاد الذي تعرض له. فالإيمان أيضاً ينبوع الحب الذي لا ينضب "حب الطبيعة، حب الحياة، حب الموت، حب الناس..الخ". فالحب يخلّص الإنسان من مشاعر الحسد والحقد والكراهية والشح والأذى وهو دليل الإيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا".
وهذا يتم من خلال التربية الإسلامية الصحيحة التي لها الأثر الأكبر في تقوية الإيمان وتكوين الضمير، الذي هو ركيزة الأخلاق، فلا بد للضمير من الخوف ولكن يجب أن يكون الخوف من الله تعالى وحده. والتربية الإسلامية ترسخ الإيمان في قلوب الشباب وتدرّبهم على ضبط النفس وتنظيم الرغبات وتقوية الإرادة والقدرة على التحكم والسيطرة على النفس، عند الغضب وهيجان الأهواء وهذه تدل على قوة الإيمان وحقيقته، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم " ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب" الحديث رواه الشيخان.
ـــــ
مراجع البحث:
1-زاد المعاد، ابن قيم الجوزية
2-إحياء علوم الدين، الإمام أبو حامد الغزالي.
3-الإيمان والحياة، الدكتور يوسف القرضاوي.
4-الإنسان بين المادية والإسلام، محمد قطب.
5-ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، أبو الحسن الندوي.
6-التربية الإسلامية، الدكتور محمد رمضان البوطي.
7-أصول التربية، الدكتور علي عبد الواحد وافي.
8-الإنسان ذلك المجهول، إليكسس كاريل.
9-دع القلق ودع الحياة، ديل كارنيجي.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/65)
المرأة المسلمة والأعاصير الغربية
... تمثل المرأة في التفكير الغربي الاستعماري الحديث محورًا مهمًّا من محاور الصراع ضد الإسلام والمسلمين ، الذي غايته - أو محصلته - هيمنة الغرب الصليبي على مقدرات الأمة الإسلامية ، والسيطرة على إرادتها ، واستنزاف مواردها ، وإدخالها دائرة التبعية المطلقة من منظور السيّد الخادم .
ولا يكفّ الغرب الصليبي عن إثارة موضوع المرأة المسلمة في شتى المناسبات الممكنة ، وبوساطة الأقلام المحلية والأجنبية ، ليكون بديلاً
عن القضايا الأساسية التي تعنى الأمّة وتشغلها وتؤرقها مثل : الحريّة والشورى والتعليم والثقافة والإدارة والبحث العلمي والقوة الاقتصادية والقوة العسكرية ، وما إلى ذلك من قضايا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بواقع المسلمين ومستقبلهم .
إن الإلحاح على قضية المرأة وإثارتها في الأدبيات المطروحة يثير من الرّيبة أكثر مما يثير من اليقين ، وخاصّة أن الأمر تجاوز المؤسسات الغربية الصليبية إلى المؤسسات العالمية أو الدولية التي يفترض أنها تمثل أمم الأرض جميعًا ، وأعني بها مؤسسات الأمم المتحدة .
إن معظم بلاد المسلمين الآن تغصّ بالمدارس التي تعلّم البنات ، والكليات المخصّصة للبنات ، فضلاً عن المؤسسات التعليمية المشتركة للبنين والبنات ، فضلاً عن امتلاء الشوارع ومؤسسات العلم والإنتاج والمستشفيات والمصالح الحكومية والجمعيات الخاصة والعامة ، والمجالس الشعبية والنيابية بالنساء من مختلف الأعمار والتخصّصات ، مما يعني أن المرأة المسلمة لا مشكلة جوهرية لديها .. صحيح أن هناك مشكلات محددة تصنعها التقاليد الظالمة والعادات السخيفة ، ولكن من قال إن هذه العادات أو تلك التقاليد تمثّل حالة عامة في المجتمات الإسلامية تحتاج إلى عملية تحرير ؟ وتحرير ممن ؟
إن الإسلام يحقق للمرأة ما لا تحققه لها المجتمعات الغربية الصليبية و لقد أعزّ الإسلام المرأة ، وحقق لها إنسانيتها، وراعى ظروفها الطبيعية والبيولوجية فألزم المجتمع - ممثلاً في الأب أو الزوج أو الأقارب - بحمايتها وصيانتها ورعايتها ، وفضلاً عن ذلك فقد جعل الإسلام للمرأة ذمّتها المالية الخاصة ، وحقوقها المادية التي لا يجوز لأحد أن ينال منها أو يستبيحها .. في الوقت الذي تحوّلت فيه المرأة الغربية الصليبية إلى مجرد سلعة يتداولها رجال الأعمال ، ومنتجو السينما والتلفزيون ، ومنظمو حفلات ملكات الجمال المحلية والعالمية ، وغيرهم من رجال المافيا والدعاية وشبكات الدعارة وما شابه .. ولعل هذا يفسّر سرّ زيادة عدد النساء الأوروبيات الداخلات في الإسلام أكثر من الرجال .
إن المرأة المسلمة تؤدي دورها الإنساني بكفاءة وتفوّق وسعادة ، فهي مدبّرة منزلها ومربّية أولادها .... وحافظة أسرتها دون ادّعاء عريض ، أو صراخ بغيض ، وهي على مستوى الجمهور الكبير في البلاد الإسلامية - تواجه مع الرجل - صعوبات الحياة وقسوتها بما يشبه البطولة ، وتسعى - مع الرجل - إلى توفير أساسيات الحياة في صبر وجهاد عظيم ، ثم إنها تذهب إلى المدرسة وتتعلم وتتفوّق وتنافس الرجال ، دون أن تكون هناك قيود أو سدود ؛ اللهم إلا ما يفرضه الخلق الإسلامي والقيم الكريمة التي يتحلى بها الرجال والنساء معاً .
بيد أن العالم الصليبي يصر على تصدير انحلاله ، أو انحلال بعض النماذج النسائية عنده إلى أمتنا . ويتخذ من بعض المقولات العامة طريقًا عامًا لعملية التصدير والإقناع بها .. إنه يطرح قضيّة المساواة المطلقة بين الرجال والنساء في كل شيء ، دون مراعاة لخصائص كل من الرجل والمرأة ، بوصفها حقًّا من حقوق الإنسان ، ويطمح من وراء ذلك أن يكون عدد النساء مثلاً مساويًا لعدد الرجال في الحكومات والمجالس النيابية والإدارات المحلية ومواقع السلطة في كل مكان .
نقل عن السيد "كوفي عنان" أمين عام الأمم المتحدة قوله : "لا أستطيع أن أفكر في أي قضيّة ترتبط بمنظمة الأمم المتحدة إلا وكانت تتعرض لقضية المرأة وتتداخل فيها . فالمرأة أصبح لها دور مساوٍ للرجل في تحقيق السلام ، والأمن وحقوق الإنسان ،
لذلك فإن من الحق ، بل من الضروري ، أن تكون المرأة ممثلة في مواقع السلطة واتخاذ القرار لتحقيق هذه الأهداف . وأن تكون نسبة تمثيلها في هذه المراكز مساوية لعدد الرجال لأنها تملك القدرة نفسها والأداء المتميز لخروج خططها إلى حيّز التنفيذ (الأهرام : 7/ 16 / 2000 ) .
وهذا القول ، مع ما فيه من مبالغة ، لا يخلو من خيال واسع ، يبتعد عن أرض الواقع ، وحقائق التكوين الإنساني البيولوجي للرجل والمرأة . كما وأنه غير محقق في أي دولة على مستوى العالم مهما كانت دعواها في تحرير المرأة.
إن قدرات المرأة - مهما تفوقت في المجالات الإنسانية والإدارية والعلمية - تظل مرتبطة بالمجال الأساسي والرئيس للمرأة ، وهو الإنجاب وتربية الأبناء ، وتكوين الأسرة ، وهذه مهمة من أشرف المهام وأنبلها .
وإذا كانت بعض المجتمعات الغربية الصليبية قد أهملت شأن الأسرة ، ولم تعد تعدّ بها ، فإن الأسرة - وفقاً للفطرة الإنسانية - كيان ضروري ، لا تستطيع المجتمعات الطبيعية التفريط فيه ، أو النظر إليه بعدم مبالاة .
إن " كوفي عنان " يطمح إلى أن تكون نسبة المرأة بين موظفي الأمم المتحدة 50% ، حيث وصلت الآن إلى ما يقرب من 38.9 % ، وهدف خطة "عنان" من ذلك أن يقدم نموذجًا عالمياً لأمم الأرض كي تحذو حذوه ، وتصنع مثله ، وتجعل المرأة مساوية للرجل في الوظائف القيادية والإدارية ، واتخاذ القرار ، مما سيعطي المرأة فرصة الاهتمام بقضاياها وهمومها التي تلح عليها دول الغرب الصليبي . ومن هذه القضايا : التطرف الديني والأيديولوجي وتأثيره السلبي في المساواة بين الرجل ، وعدم الاعتراف بالأم المراهقة والأم العزباء ( خارج نطاق الزوجية ) ، وتنفيذ خطة بكين على الصعيدين الدولي والإقليمي ، والحدّ من الممارسات الضارة ( من وجهة نظر هذه الدول ) مثل ختان الإناث والزواج المبكر والزواج بالإكراه وتعدد الزوجات .
وكما نرى فإن هذه القضايا التي تطرح في المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة ، وآخرها "مؤتمر نيويورك 2000" أو الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة ( المرأة 2000 ) ، تصدر عن تصوّر غربي يركّز بالدرجة الأولى على المفاهيم الإسلامية الأساسية حول المرأة ؛ لنسفها ، وإحلال السوك الغربي الإباحي محلّها !
فالتطرّف الديني - مثلاً - مفهوم غير واضح وغير محدد ، ولكن المفهوم من الكتابات الغربية والكتابات المحلية المشايعة له : أنه السلوك المعادي للحرية والإنسانية وللمرأة أيضًا ، وفكرنا الإسلامي يرفض هذا السلوك ويدينه ، ولكن القوم يقصدون من وراء طرح مفهوم التطرّف الديني نبذ الإسلام ، وعدم تحكيمه في قضايا المجتمعات الإسلامية بصفة عامة ، والمرأة بصفة خاصة ، وبالطبع فإن القوم يرون ارتداء الحجاب تطرّفًا ، وأداء الصلوات تطرّفًا ، والزواج الإسلامي تطرّفًا .. وهكذا .
أما موضوع الأم المراهقة والأم العزباء ، فهو إصرار من جانب الدول الغربية الصليبية - ومن خلال الأمم المتحدة - على إلزام الدول الإسلامية بتقنين الإباحية ،
وفرضها على المجتمع الإسلامي بوصفها حقًّا من حقوق الإنسان .. أي يصبح من حق أي فتاة أن تمارس الزنا مع من تريد ، وتحمل منه ، وعلى المجتمع الإسلامي أن يقرّ هذا السلوك ، بوصفه أمراً واقعًا يترتب لصاحبته حقوق الاعتراف والمشروعية وطلب المساعدة المادية والمعنوية!
ولنا أن نتصوّر كيف يكون الواقع الاجتماعي حين نسمح لبناتنا بممارسة الزنا والولادة غير الشرعية ، ثم يتوجب علينا بعدئذٍ أن نقرّ هذا الوضع ونتماهى فيه ؟
لا ريب أن تصدير الإباحية والانحلال إلى مجتمعاتنا عدوان سافر على قيمنا وأخلاقنا وحقوقنا الإنسانية المشروعة في الاعتقاد والتصّور والتفكير والحرية .
وقس على ذلك ما يتعلق بمسائل الختان والزواج المبكر وتعّدذ الزوجات ، وغيرها من أمور لها طبيعتها في المنظور الإسلامي الذي يختلف اختلافًا جذريًّا مع التصور الدولي الصليبي وغاياته . وإذا كانت المؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي تتصدى لهذا القهر الدولي الصليبي بما تستطيع ، فإنه من المؤسف ، أن تتولى مجموعة من النساء العاملات في المجال النسائي والجمعيات النسائية على الأرض الإسلامية الترويج لهذه المفاهيم والدعوة لها ، والدفاع عنها ، في الوقت الذي تتناسى فيه حقوق الأمة كلها في الحرية والشورى والأمل .
ــــــــــــــــــ
بقلم : الدكتور حلمي محمد القاعود
ـــــــــــــــــــــــــ(110/66)
أميركا تحتجز أطفالا في معسكر غوانتنامو
تحتجز الولايات المتحدة ثلاثة أطفال في سجن بقاعدتها العسكرية في خليج غوانتنامو بكوبا لأكثر من عام.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أنها لا تعتزم نقلهم أو إطلاق سراحهم رغم الضغوط الدولية.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية إن أعمار الأطفال تتراوح بين 13 و15 عاما، وإنهم يعاملون على أساس أنهم مقاتلون في صفوف الأعداء إلى جانب نحو 600 سجين محتجزين في القاعدة الأميركية.
وأوضح أنه ليس معروفا إذا كانت أسر الأطفال الثلاثة قد أخطرت بمكان أبنائها، لكنه قال إن مسؤولي الصليب الأحمر التقوا بهم خلال زيارتهم لسجن غوانتنامو.
وقد أثار احتجاز المعتقلين دون محاكمة انتقادات دولية من جانب حكومات وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان دعت الولايات المتحدة إلى توجيه اتهامات للسجناء وإعادة الأطفال إلى أسرهم.
وأعربت مديرة الإعلام لشؤون الأطفال في منظمة هيومان رايتس ووتش عن قلقها من استمرار اعتقال هؤلاء الأطفال ودعت للإفراج عنهم، مشيرة إلى أن هناك عددا آخر من المحتجزين في القاعدة الأميركية في سن المراهقة تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاما.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/67)
أطفالنا والعنف في وسائل الإعلام
...
لا ينكر أحد ما لوسائل الإعلام من أثر في الصغار والكبار على حد سواء، وما لموضوعاتها المتعددة من تأثير في توجيه النفوس نحو الغايات العظيمة، أو باتجاه الاهتمامات التافهة!
وإذا كان الكبار يتأثرون بدرجات متفاوتة، ويدرك بعضهم - ولو بعد حين - مصدر تغيَّر موقفهم وسببه تجاه قضية ما، وتبدل نظرتهم إلى أمر معين، فإن الأطفال لا يدركون هذا الأمر.
ولما كانت وسائل الإعلام في هذا العصر متعددة، والموضوعات التي تعالجها متباينة، والحلول التي تطرحها مختلفة، فإن كثيرًا مما تطرحه يبقى أكبر من إدراك الأطفال وتصورهم.
ولما لم يكن هناك رقابة كافية لما يعرض على الكبار، كما أن بعضها قد لا يجدي، ولا سيما في عصر علم الاتصال وثورته، كما أن الكبار لا يحجبون كثيرًا مما يجب حجبه عن الصغار، فإن هؤلاء الأطفال سيكونون ضحية لما يعرض أو لما تصل إليه أيديهم، أو ما يقرؤونه ويشاهدونه ويسمعونه؟!!
وهناك كثير من الأسئلة التي تحمل إشكالات متعددة! فهل قصص الجنس والأدب المكشوف مما يتناسب مع سن الطفل، أو مما يجب أن يُعرف بتلك الضخامة والوضوح في هذه السن المبكرة؟ وهل الإنضاج المبكر لهذه الغريزة بالأساليب المثيرة الفاقعة يؤدي خدمة تعليمية تثقيفية ترفيهية؟ وهل الكثير مما تقدمه محطات التلفزة من أغانٍ ومسرحياتٍ ومشكلاتٍ يصلح في مجمله لأن يطلع عليه الأطفال؟ وهل ما تعرضه دور السينما من عروض جنسية، أو مشاهد عنف وجريمة، أو مناظر رعب تتزلزل معها قلوب الكبار، مما يتناسب مع براءة الطفولة؟
لقد كانت بعض دور السينما في الستينيات ترفع لوحة تحذر من دخول من هم دون الثامنة عشرة لمشاهدة عروضها، وفي مجتمعات الفوضى الجنسية والانحدار الأخلاقي ما تزال بعض الأسر تمنع أطفالها من رؤية العروض قبل مشاهدتها لها، والتأكد من صلاحيتها ومناسبتها لهم، بل هناك دراسات جادة حول موضوعات الأفلام، والزمن الذي يقضيه الأبناء في المشاهدة.
فقد نشرت الشرق الأوسط في العدد (7304) دراسة أكد فيها باحثون أمريكيون من جامعة ستانفورد بأن طلبة المرحلة الثانوية الذي يكثرون من مشاهدة أفلام العنف التي يعرضها التلفزيون هم أكثر عرضة من غيرهم لإدمان المشروبات الكحولية؟!!
ويقول الدكتور توماس روبنسون - رئيس الفريق العلمي الذي أجرى الدراسة - أن كل ساعة إضافية يقضيها الفتى وهو يشاهد الأفلام الموسيقية الصاخبة أو أفلام العنف تزيد احتمالات إدمانه المشروبات الكحولية في العامين التاليين بنسبة 31%؟!
وأوضح روبنسون أن الوقت المخصص لمشاهدة هذه النوعية من الأفلام يجب ألا يزيد على ساعة واحدة يوميًّا، أما إذا تجاوز ذلك فإن الإدمان هو النتيجة في معظم الحالات؟!!
وأوضح باحث سعوجي درس العلاقة بين الإعلام والعنف بأن ما يحدث في الأفلام قابل للعدوى، وأن الصورة قادرة على إثارة العنف.
وقد أكد الدكتور فلاح البلعاسي العنزي - وهو يرد على النظريات الشائعة في الإعلام أن العنف في الأفلام لا يترك بصماته على المشاهدين، وأن الأطفال لا يتأثرون بذلك؟!! - أكد بأن تكرار سلوك الأطفال العدواني أثناء اللعب يزداد زيادة كبيرة إذا شاهدوا نموذجًا عدوانيًّا قبل اللعب. ويرى الباحث بالاعتماد على المصادر الخاصة بعلم النفس الاجتماعي أن معظم المراجعات لعدد كبير من التجارب المخبرية يبين أن مشاهدة العنف تؤدي إلى زيادة في العدوان الجسدي أو اللفظي، وهناك دراسات معمقة حاولت أن تختبر الآثار طويلة المدى لمشاهدة العنف، وبينت أن كمية مشاهدة العنف في عمر الطفولة أو المراهقة ترتبط بالسلوك العدواني للفرد بعد عام أو سبعة أعوام أو عشرين عامًا؟!
والحقيقة أن الدراسات في هذا المجال عمومًا (الشرق الأوسط العدد 7304) تبين أن هناك علاقة أكيدة بين كمية مشاهدة العنف التلفزيوني والسلوك العدواني، فلماذا لا ننتبه إلى هذا، بينما يلفت نظر الكثيرين ويشد اهتماماتهم فوضى الآخرين، وتفلتهم من كل خُلق ودين؟
ـــــــــــــــــ
بقلم: يحيى بشير حاج يحيى
ـــــــــــــــــــــــــ(110/68)
المراهقة بحاجة للفهم
... مرحلة المراهقة هي الفترة التي يتم فيها الانتقال من مرحلة ا لطفولة إلى مرحلة الرشد وتعد من أصعب مراحل الانتقال، حيث تحدث فيها تغيرات فسيولوجية سريعة في النمو جسميًّا وعقليًّا ويصاحبها مشاعر نفسية كثيرة مختلطة، ومن أهم هذه المظاهر الرغبة في الاستقلال وإثبات الذات، وقد يصل ذلك إلى حد التمرد على الأسرة ورفض تعاليمها وكثير ما تلجأ الفتاة المراهقة إلى العناد لشعورها بأنها قد نضجت وكبرت على أن تعامل كصغيرة لازالت تخضع لرقابة وتوجيه الأسرة.
ورغم رغبتها هذه في الاستقلال إلا أنها لم تصل إلى حد النضج والإدراك الكافي لتناول وتقدير المواقف التي تتعرض لها ولا تزال في حاجة للتوجيه، ولكن بأسلوب يختلف، لذلك على الأسرة أن تواجه رغبتها في الاستقلال والتمرد والعناد بإعطائها الفرصة والحق في التعبير عن نفسها وعدم فرض السيطرة عليها، وأن تكون الأم بجانبها كصديقة تتفهم مشاعرها وتقلل من النقد، ويكون التوجيه بصورة غير مباشرة حيث أن ذلك يشعرها بالحب والاهتمام، ومن ثم يساعد على تدعيم الشخصية السوية لديها. كما يمكن للأسرة أن تضع ضوابط وحدود معقولة على سلوك المراهقة وتتخذ موقفًا نحوها يتسم بالحب والتفهم، فذلك يساهم في نضجها ويستجيب لكثير من احتياجاتها النفسية، ويساعد على تكوين صورة إيجابية لنفسها ومكانة بين الآخرين تستمدها من خلال نظرة الآخرين لها، فهي بحاجة على معرفة موقف الكبار ورضاهم عنها والاعتراف بمكانتها، فهذا يوفر لها فرص الاستقرار وتقبل دورها في الحياة، فإن عدم وجود دور واضح يؤثر على سلوكها.
وأخيرًا فمن الأهمية أن يكون الوالدان في سلوكهما وتصرفاتهما مثالاً لتحقيق المثل العليا التي تستمدها الابنة المراهقة منهما وتحتذي بها في سلوكها.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/69)
دور المسجد في بناء الشباب
... مرحلة الشباب هي المرحلة الحرجة التي يمر فيها الشباب بتغيرات جسمية ونفسية وعاطفية، ويتعرض فيها للصراع بين المثل العليا والسقوط في حمأة الرذيلة، وللتناقض والازدواجية بين ما يلقنه وما يعيشه وبين ما يسمعه وما يراه.
المسجد طوق النجاة
والمسجد بالنسبة للشباب في هذه المرحلة هو طوق النجاة، والداعية الناجح هو السباح الماهر الذي يستطيع أن ينتشل هذا الغريق من بين أمواج الفتن والظلمات التي تكتنفه من كل جانب..
ونحن نوجه الحديث هنا إلى الدعاة فقط، ولا نخاطب الموظفين من أجل "لقمة العيش" فهؤلاء نسقطهم تمامًا من الحساب.. نتحدث مع الدعاة الذين حملوها أمانة ملكت عليهم أنفسهم، وسرت في شرايين أجسامهم، فأصبحت هي شغلهم الشاغل وهمهم المُقعِد المقيم.. لا عن الذين قال فيهم الشاعر:
فأما القتال فلا قتال لديكم.. ... ..ولكن سيرًا في عراض المواكب
إن الداعية الذي أخلص لله نفسه هو الذي يجعل من رسول الله r قدوته ومثله الأعلى، فقد كان رسول الله r هو المحور الذي تدور عليه الحياة من حوله، فقد كان أباً لكل صغير، وأخًا لكل كبير، وملاذًا يلجأ إليه الناس لحل ما استعصى عليهم من مشاكلهم، وقد كان المعلم والمشرف الاجتماعي والطبيب النفسي، ولن يستطيع الداعية إلى الله تمثُّل هذه القدوة إلا بثقافته العالية التي تنمو يومًا بعد يوم، فرسالته وعلمه هما اللذان يفرضانه على الناس، والعمل الجيد يفرض نفسه.
وبالطبع لن نستطيع استيعاب دور المسجد في هذا المجال الضيق، ولكننا سنركز على ما يمكن أن يقدمه المسجد للشباب، فالمسجد وحده هو الذي يستطيع أن يقدم للشباب ما عجزت أن تقدمه لهم المدرسة والبيت والشارع ووسائل الإعلام.
يقول علماء النفس في هذا المجال: إن مرحلة المراهقة هي الفترة التي يكون الدين فيها بالنسبة للشاب، هو المخرج والمتنفس الوحيد، الذي يحقق له الأمان من الضغوط النفسية والمشاكل الانفعالية، التي تقع عليه من داخل نفسه وخارجها.
فنذكر إخواننا الدعاة أن المعركة ميدانها عقول الشباب، والشباب الذي يعاني من الفراغ الديني يقع فريسة لا تكلف شيئًا للشيوعية والمذاهب التي تدعو إلى ا لتحلل من ضوابط الدين.
وإن الشيوعيين (وكل أصحاب الأفكار الهدامة) على ما عندهم من البضاعة المزجاة، فإنهم عرضوها على الشباب عرضًا أنيقًا منمقًا، جعل بعضهم يفتتن بهذا المسخ المنحرف للفطرة البشرية.. فكيف بنا ونحن أصحاب الدين الحق نفشل في عرض ديننا عرضًا قويًّا مغريًا ينبئ عن حقيقته الرائعة..؟
وإن نصيبًا كبيرًا من هذا التحلل الذي ينتاب الشباب يقع العبء فيه والمسؤولية عنه أمام الله في ساحات القيامة على عاتق الذين يخذلون دينهم ودعوتهم ، أو الذين يسيؤون طريقة عرض الدين على الناس ، أو يعرضونه بطريقة منفرة
ما الذي يمكن أن يقدمه الداعية إلى الشباب؟
إن شبابنا في طول الوطن الإسلامي وعرضه ما زال بخير رغم حملات التضليل الضارية التي تشن عليه من كل الجبهات المعادية للإسلام.. وشجرة الإيمان مازال أصلها ثابتًا في قلوبهم، ولكنهم يفتقدون القيادة.. يفتقدون القدوة، بعد ما أصيبوا بالإحباط وبالغصص في حلوقهم وهم يرون الأكابر كل يوم يقولون ما لا يفعلون.. يسمعون كلامًا رنانًا ووعودًا جوفاء يصرح بها اليوم لتبتلع غدًا.
والشخصية الوحيدة التي يمكن أن تقدم هذه القدوة حية متجسدة هي شخصية الداعية المخلص، فيصبح بذلك أجمل عنوان لأعظم رسالة. ومهمة الداعية هي أن يقوم بعملية حصار للأباطيل والمبادرة إلى الرد على محاولات النيل من العقيدة، وتصحيح مفاهيم الشباب من الخلط والخبط الذي تمارسه وسائل الإفساد.
نريد أن تتحول خطبة الجمعة إلى "مدرسة الجمعة" مدرسة تعالج فيها موضوعات الساعة وقضايا الشباب، مدرسة تعرض عظمة الإسلام في معالجة مشاكل العصر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ونحن لا نلقي بالاً للذين يهرفون بما لا يعرفون ويقولون بفصل الدين عن الدولة. (قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)[الأنعام:91].
ولا نريد من الداعية أن يكون دوره هو الدور الإيجابي الوحيد.. فما المانع أن يكون الداعية مكتبة في مسجده بالجهود الذاتية يستطيع كل رواد المسجد الاستعارة منها بموجب إيصال مطبوع يكتب عليه المستعير بياناته فتكون استعارة الكتب منها خالية من تعقيدات المكتبات العامة.. إننا بمثل هذا العمل نستطيع جذب المزيد من السباب المسلم إلى المسجد وربطه به.
ما المانع أن يتنازل الداعية عن الدرس بعد صلاة الجمعة، ليقدم أحد الشباب من رواد المسجد ليلقي موعظة يكون هو قد أشرف على أعدادها أو يقدم طالبًا من كلية الزراعة، أو الطب، أو الصيدلة، ليقدم إلى جماهير المصلين وجبة علمية إسلامية من خلال تخصصه يفيد منها المسلمون في حياتهم العامة.. إن هؤلاء الشباب سيكونون صفًا ثانيًا للدعوة إلى الله..
ومن أجل الأعمال التي يمكن أن يقدمها المسجد للفتاة المسلمة أن يخصص الداعية ساعة معينة في يوم معين من أيام الأسبوع لتكون درسًا للمرأة المسلمة، والمرأة ليست أقل تأثرًا من الرجل في شؤون العقيدة، وليس هذا بدعًا من الأعمال، فعن عن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال جاءت امرأة إلى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رَسُول اللَّهِ ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك اللَّه. قال: "اجتمعن يوم كذا وكذا". فاجتمعن فأتاهن النبي صلى الله عليه وسلم، فعلمهن مما علمه اللَّه، ثم قال: "ما منكن من امرأة تقدم ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجاباً من النار". فقالت امرأة: واثنين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "واثنين".
ومما يزيد من حيوية المسجد وإشعار المسلمين بعظمة الإسلام أن تقدم من خلال المسجد نماذج تطبيقية للسلوك الإسلامي في مجال التكافل الاجتماعي، بأن يقوم الداعية بمساعدة شباب المسجد بقيادة حملة لجمع التبرعات من الملابس والأغطية وغيرها، وذلك في بداية فصل الشتاء، ثم يقوم بعد ذلك بتوزيعها على الفقراء.
كل هذا النشاط يمكن أن يقوم به الداعية لمزيد من ربط الشباب بالعقيدة من خلال المسجد، ونحن نقدمها كأمثلة ولكنها ليست نظرية، لأنها طبقت وآتت ثمارًا طيبة والحمد لله رب العالمين. ولعل بعض الأخوة الدعاة قد تجاوزوا هذه المرحلة فهنيئًا لهم توفيق الله لهم.
المسجد ومشكلات الشباب العاطفية:
الإسلام لا يدفن رأسه في الرمال، ولا يعامل البشر كملائكة، ولم يجعل الجنس عيبًا ولا دنسًا ولا قذرًا إذا كان في إطار من الحدود التي حدها الله عز وجل، وتأسيسًا على ذلك فليس هناك مانع على الإطلاق من التعرض لمشكلات الشباب الجنسية والعاطفية، سواء أكان ذلك على المنبر أو في الدرس بعد الجمعة.
وليس من المعقول أن تعرض الفضائح على الشاشات، وعندها نأتي لنعالج نتحرج من العلاج، فنكون قد أخلينا الميدان تمامًا لهذه الوسائل لتمارس الهدم كما يحلو لها..
ولأن الكلام في الجنس سلاح ذو حدين، فإننا سنضع بعض الضوابط التي تساعد الداعية في هذا المضمار:
أولاً: توعية المستمعين بأن الكلام في الجنس للإصلاح أو للتعليم ليس حرامًا، فإن العلم يضيع بين الكبر والحياء، وهذا رسول الله r يقول: "أيها الناس.. إن الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أعجازهنَّ".
ثانيًا: معالجة الموضوعات الجنسية بصورة مهذبة، وألفاظ غير جارحة للحياء والمشاعر، ولنا في كتاب الله وسنة رسوله - عندما يتحدث عن الجنس - أسوة حسنة ومنهج راشد.
ثالثًا: عدم تسليط الأضواء القوية على الأفعال الجنسية والدخول في التفصيلات التي تثير الشهوات، فإن الله عز وجل عرض في القرآن قضية الشذوذ الجنسي، وتحدث عن اللحظات الحرجة التي يعلو فيها نداء الغريزة فوق كل نداء، تحدث عن يوسف وامرأة العزيز، مشهد جرت تفاصيله داخل حجرة نوم امرأة العزيز، ومع ذلك لم يكن تركيز القرآن على أنواع العطور التي وضعتها، ولا الملابس التي لبستها، ولا على صنوف المغريات والمهيجات، ولكن التركيز كان مسلطًا على موقف الترفع والتسامي والاعتصام بالله، وتفضيل النوم وراء القضبان على النوم على الأثاث والرياش ونيل المتعة، فينبغي على الداعية أن يكون غاية همه ليس الفعل في ذاته، وإنما في الأضرار المترتبة عليه.
رابعًا: على الداعية أن يكون محيطًا بالموضوع الذي يتحدث فيه إحاطة كاملة من شتى جوانبه، وأن تكون عنده خلفيات عنه يحتفظ بها لنفسه، فليس كل ما يقرؤه أو يعلمه يتحدث به إلى الناس، وذلك لأن نسبة عالية من الشباب الذي يستمع إليه قرأ الكثير عن الموضوع الذي يعرضه، فإذا لم يشعر الشباب الذين يستمعون إليه أنهم أضافوا إلى معلوماتهم جديدًا، وصححوا مفاهيمهم الخاطئة من منطق الإقناع والحجة، فإن النتيجة ستكون فقدان الثقة بالداعية ومعلوماته معًا. ولعل في الكتاب الذي بين يديك وفي المراجع التي رجع إليها ما يعينك على كثير مما تريد، وفقني الله وإياك إلى سبيل الرشاد.. (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)[العنكبوت:69]
ـــــــــــــــ
بقلم/ عبد الرحمن واصل
ـــــــــــــــــــــــــ(110/70)
تربية البنات من الجدات إلى الحفيدات
... عند عودتى من عملى وفى طريقى إلى منزلى وجدت تلاميذ وتلميذات المدارس الإعدادية والثانوية يتحدثون مع بعضهم بطريقة مبتذلة، وأسلوب غير محترم، فقد رأيت بعينى فتاة تصرخ فى وجه شاب بأقبح الألفاظ، لم أتخيل ساعتها أن التى تتحدث فتاة، فتاة ستكون يومًا ما زوجة وأمًا ومربية أجيال.
عندها أدركت أننا تربينا علي قيم لايمكن أن تزول بمرور الزمن تربينا على الحياء خاصة عند محادثة الرجال، تربينا على أن البنت هادئة بطبعها والتى تفعل عكس ذلك تكون مثل الولد.
تربينا على ضوابط الحديث مع الشباب وعلى المقولة الشهيرة: "لا تسيرى فى الشارع إلا مع أبيك أو أخيك أو زوجك، والتزمى فى سيرك معهم الأدب والحياء".
استوحشت هذه القيم الجميلة، فقررت البحث عنها عند ثلاثة أجيال .. جدة وأم وحفيدة.
رقابة غير مباشرة
تقول السيدة أمينة أمين محمد - جدة:
إن الأم الصالحة هى القدوة لأبنائها، وخاصة البنت التى تتأثر كثيرًا بأمها، والزوجة لابد أن تكون مطيعة للزوج، وتُظهر ذلك أمام أولادها كى يكونوا مثلها فى الطاعة، وعليها ألا تظهر أى خلافات بينها وبين زوجها أمام أولادها؛ لأن الطفل ينقد ما يراه وتظل هذه الأشياء فى ذاكرته، وربما تصاب البنت بعقدة من الزواج، وعلى الأم أن تربى أبناءها على الأمانة، وعدم التطلع للآخرين، وليس معنى ذلك أن تلبى لهم كل رغباتهم كى لاينظروا للآخرين، ولكن أن تشعرهم دائمًا بأنهم أفضل من غيرهم، وتجعلهم يراقبون الله، ويخشون عقابه إن كانوا مترفين أو يزيد مالديهم على حاجتهم.
وعن تربيتها لبناتها تقول الجدة أمينة: كنت دائمًا صديقة لبناتى تدرجت معهن فى كل شيء، ولم أفرض عليهن أى رأى خاصة عندما كن متبرجات فى بدايات شبابهن، ولكننى كنت دائمة النصيحة والتوجيه، وبعد ذلك اقتنعن بأنفسهن بأن هذا يغضب الله، وكانت نصيحتى لهن دائمًا لا يقلدن أحدًا فى لبسه وتنصح الأمهات بأن يكن صديقات لبناتهن، فهذا يجعلهن ألا يفعلن أى شيء دون الرجوع للأم، ولابد أن يكون هناك ضبط وحزم فى المنزل، ولا نترك الحبل على الغارب خاصة للبنت، ولكن لابد أن تكون عينى عليها دائمًا أراقبها دون أن تشعر حتى لا أفقد ثقتها فيَّ وفى نفسها.
علمتنى ابنتى الكبرى
أما سلوى عبد الجواد - زوجة وأم - تقول: تربية أمى لى لاتصلح الآن لابنتيّ، فقد اختلف العصر واختلفت الأجيال، أيضًا طبيعة كل بنت تختلف عن الأخرى، فما يصلح مع ابنتى الكبرى لايصلح مع الصغرى؛ لأن لكل منهما شخصيتها المختلفة عن الأخرى، وسوف أضرب لك مثلاً فقد ألبست ابنتى الكبرى - ثانوية عامة - الحجاب مبكرًا ظنًا منى أن هذا تعويد لها على ارتدائه عندما تكبر، وكانت هى تجيب
كل من يسألها عن سبب ارتدائها الحجاب فى سن صغيرة بقولها: حتى أعتاد عليه، وظننت أنها مقتنعة بذلك، ولكنى عندما أردت أن أتبع ذلك مع أختها الصغرى رفضت هى بشدة، وقالت لاتحرميها من طفولتها، عندهما عرفت أنها لم تكن مقتنعة بما كنت أرغمها عليه، ولكنها الآن مقتنعة بعد أن قرأت وعرفت وفهمت، وهذا معناه أن التزام البنت برأى الأم لا يعنى أنها مقتنعة به.
من هنا لابد للأم أن تكون صديقة لابنتها، وأتذكر أننى عندما كنت فى مرحلة المراهقة سألت أمى: ماذا يعنى الحب؟ فلم تجب عليّ؛ لأن أمهات زمان كان عندهن حياء، أما اليوم لابد للأمهات أن يعرفن كل شيء، وأن يجبن على بناتهن دون حياء؛ لأن البنات تعرف كل شيء يمكن أن تتوقعه الأم أو لا تتوقعه، وذلك من خلال المدرسة والأصدقاء.
إذن على الأم أن تتأهل تربويًا هى والأب، وأن تكون متجددة متابعة لكل ما يحدث حولها، وأن تقرأ فى كل شيء، وأن تتعمق أكثر فى دينها حتى تستطيع الإجابة عن أسئلة بناتها.
وأنصح كل أم أن تطلع ابنتها على الكتب التى تتضمن معلومات تريد توصيلها للبنت، وتستحى من ذلك مثل كتب فقه الطهارة.
ممنوع بلا اقتناع
السيدة أم عمار - ربة بيت وأم لابنتين - تقول: إن البنت لم تعد مثل زمان، فهى تجادل وتناقش، ولا توجد طاعة عمياء، فمثلاً زمان كنا إذا أردنا الخروج ومنعنا الأب والأم نحترم رأيهما، أما الآن إذا مُنعت البنت من الخروج فهى تثور وتغضب وتجادل وتظل على موقفها حتى نرضى ونوافق على خروجها، نحن نحاول حماية بناتنا من الخطر الموجود حاليًا، وهن لا يقدرن، وفى معاملتى مع ابنتى لا أمنع عنهما كل شيء دون أن تقتنعا، ولا أستخدم معهما العنف والشدة حتى لا تفعلا ما تريدان دون علمى، وأنا لا أريد أن تصل ابنتاى إلى هذه الدرجة.
جامعية مضطرة
أما مديحة أحمد - طالبة جامعية - فتوافق مضطرة على أسلوب التربية الذى نشأت فيه قائلة: أمى لم تفهم أن التربية منها المعنوى والمادى، فأعطتنى الحب المادى دون المعنوى، فلم تكن قريبة منى أبدًا مما جعلنى أبحث عنه (الحب المعنوى) خارج البيت، ولم تربينى على مبادئ معينة، ولم يكن هناك حوار بينى وبينها، وإن سألتها عن أى شيء يهم الفتاة يكون ردها تأنيبًا ونهرًا.
من هنا كانت الفجوة كبيرة بينى وبين أمى، فتخبطت فى الدنيا، وواجهت الحياة بنفسى، وأدركت أن ذلك يرجع لتربية جدتى لأمى، فقد كانت قاسية مع أمى وخالاتى، وكن لايتحدثن معها أبدًا، من هنا فعلت أمى معى ما كانت تفعله جدتى معها، مع أن العصر اختلف لكن أمى لم تدرك ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/71)
كي تكون الجامعة عتبة الانطلاق نحو المعالى
بعضنا يذكر صورة الأب أو الأم وهما يصطحبان ابنتهما فى أول يوم من أيام الجامعة، يساعدانها فى إنهاء أوراقها، وينتظرانها حتى تنهى محاضراتها فى آخر اليوم، ويعودان معًا إلى المنزل، وتتكرر ذات الصورة مع الابن فى خطواته الأولى نحو الجامعة، يظل الحال هكذا أيامًا طويلة فى بدايات الأيام الجامعية، وتتغير الصورة بعد أن تلاحق الابن أو الابنة سخريات الأصدقاء من تلك الرعاية اللصيقة.
موقف الأبوين ليس مبالغًا فيه، فى ظل واقع الجامعة الذى نراه وخوفهما من ضياع فلذات الأكباد فى عالم شديد التنوع والاختلاف، وموقف الأبناء واعتراضهم على فعل الآباء، قد يكون متوافقًا مع سمات المرحلة العمرية التى يعيشونها، مرحلة المراهقة المتأخرة، وما يميزها من حب الاستقلال، وشدة التأثر بالصديق، والتشبث العنيد بالرأى، إذن فما نحتاجه هو مظلة حانية تضم الوالد والوالدة، والابن والابنة، وتجعل من مرحلة الجامعة مرحلة غنية بالعلم والمعرفة إلى جانب تنمية المواهب والقدرات، وبناء العلاقات الاجتماعية الهادفة، وتهيئة الابن أو الابنة لخوض الحياة بشكل بنَّاء مثالى.
وينسج الخبير التربوى الأستاذ عبد الله عبد المعطى تلك المظلة الحانية بثلاث وصايا يهمس بها فى أذن الابن أو الابنة على أعتاب الجامعة، ويهمس فى أذن الوالدين بوصيتين أخرتيّن حتى تصبح الجامعة عتبة الانطلاق نحو المعالى.
وصايا الأبناء:
- الوصية الأولى:
1 - "مصحفك فى جيبك كنز فى قلبك"
هذه ثلاث خطوات تعينك على تعلقك بكتاب الله تعالى .
أ - فى بداية حياتك الجامعية اشتر مصحفًا صغيرًا، واحمله ولا يفارقك .. تقرأ فيه كلما سمحت الفرصة فى وقت الفراغ، فى المواصلات العامة، فى أوقات انتظارك لأية محاضرة .
ب - الحفظ، ولو حفظ اليسير، وإليكما عزيزى الابن وعزيزتى الابنة هذه الإحصائيات التى تشد من عزمكما:
- لو حفظت فى كل يوم ثلاث آيات، ستتم حفظ القرآن الكريم بإذن الله تعالى وعونه فى خمس سنين وعشرة شهور وثلاثة عشر يومًا.
- ولو حفظت أربع آيات فى اليوم، ستتم حفظ القرآن الكريم بإذن الله تعالى وعونه فى أربع سنوات وأربعة شهور وأربعة وعشرين يومًا.
- ولو حفظت فى كل يوم خمس آيات، ستتم حفظ القرآن الكريم بإذن الله تعالى وعونه فى ثلاث سنوات وستة شهور وسبعة أيام.
فانظر إلى عظم الأجر، وما ستحصله من خير عميم بحفظ القرآن الكريم أيًا كانت مدة دراستك الجامعية.
جـ - أثرعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حبه للاستماع إلى القرآن الكريم من غيره، وبالتالى يمكن للزملاء أن يجتمعوا عليه، وقد كان سيد الخلق (عليه الصلاة والسلام) يطلب من عبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه القرآن، وسيدنا عمر بن الخطاب
(رضى الله عنه) كان يقول لأبى موسى الأشعرى: ذكرنى بربى؟ فيقرأ عليه بعض الآيات ثم يتفرقان.
2 - الوصية الثانية:
"لا تكن كالطائر الكسيح":
روى سيدنا إبراهيم بن أدهم، وهو من كبار التابعين، أنه كان صديقًا حميمًا لشقيق البلخى، وكان شقيق تاجرًا، وكانا معتادين على اللقاء الدورى فى المسجد، وذات يوم استأذن شقيق صديقه إبراهيم للخروج للتجارة فودعه، ثم ما لبث بعد فترة بسيطة لا تعدو ساعات عشرة وجده عائدًا، والتجارة تستغرق أيامًا طويلة، فسأله عن سبب عودته السريعة، فقال شقيق: "استرحت قليلاً فى بعض المبانى الخربة فى الطريق، فرأيت طائرًا كسيحًا كفيفًا يعيش فيها، فتعجبت كيف يجلس وحده فى هذه الصحراء، ومن أين يعيش، ثم لم تمض فترة بسيطة حتى رأيت طائرًا آخر يُحضر له الطعام، ويقدمه له، فقررت أن أرجع، وربى يتكفل برزقى كما تكفل برزق هذا الطائر الكسيح، فقال له إبراهيم ابن أدهم: يرحمك الله، ولم ارتضيت لنفسك أن تكون كالطائر الكسيح؟!
لذا عزيزى الابن وعزيزتى الابنة لا تكونا كالطائر الكسيح، ولا تعتمدا على الغير فى أخذ المحاضرات وتلخيص الدروس، بل سارع فى ما ينفعك وينفع غيرك، ويشجع على ذلك تذكر نقطة أساسية:
1 - لا تعتقد أنك ما زلت صغيرًا؛ لأن يحتاج الناس إلى علمك، فقد روى الطبرانى أن سيدنا عبد الله بن عباس (رضى الله عنه) قال لأحد أصحابه: هيا نطلب الحديث من أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم)، وكان وقتها صغيرًا، فقال له صاحبه: وهل ترى أن الناس يحتاجون لك الآن؟ فلم يصغ لكلامه، وسعى فى طلب العلم لدرجة أنه كان ينام على باب بيت صاحب الحديث الذى يريده، وتثير الريح التراب فى وجهه، حتى يخرج ويلقاه، فيأخذ منه العلم الذى يريد، حتى وصل إلى مكانته العلمية، وكان العلماء الكبار يتعلمون الحديث منه، فكان صاحبه الأول يقابله ويقول له: "يرحمك الله كنت أعلم منى".
لذا أوصيك أيها الابن العزيز أيتها الابنة العزيزة أن تكتب لوحة كبيرة "لن أكون الطائر الكسيح"، وتعلقها فى غرفتك أو تضعها على مكتبك لتذكرك دائمًا أن تكون فى عون نفسك، والناس، ولا تنتظر العون من أحد.
3 - الوصية الثالثة:
الصاحب ساحب:
إما للجنة أو للنار، ولا ثالث، وتأمل الآية والحديث التاليين، وانظر أيهما تود أن تكون: قال الله تعالى: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا. يا ويلتا ليتنى لم أتخذ فلانًا خليلا. لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للإنسان خذولا} [الفرقان: 27-29].
وحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذى رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، حيث قال عليه الصلاة والسلام: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، اشتاقوا إلى الإخوان "أى الأصحاب" فيجيئ سرير هذا حتى يحاذى سرير هذا، فيبكى هذا، ويبكى هذا،
ويتحدثان بما كانا فيه فى الدنيا، فيقول أحدهما لصاحبه: يا فلان أتدرى أى يوم غفر الله لنا؟ فيقول: يوم كنا فى موضع كذا، فدعونا الله فغفر لنا"، فانظر كيف أن لقاء الأصحاب والإخوان على طاعة الله يثمر دعوات مستجابة تأخذ بأيديهم إلى الجنة جعلنا الله جميعًا من أهلها.
همسات للآباء:
1 - الهمسة الأولى: "صاحبه سبعًا":
كلنا يعلم القول المأثور: "لاعبوهم لسبع، وأدبوهم لسبع، وصاحبوهم لسبع"، وسن المصاحبة يكون من سن الرابعة عشرة إلى الحادية والعشرين ، فانظر أيها الأب، وانظرى أيتها الأم كيف تتعاملان مع الصاحب، وكيف تتعاملان مع الابن والابنة، الصاحب دائمًا له اللطف والإنصات، وسعة الصدر، والتهادى، فالمانع من تنفيذ هذه المعاملة مع الأبناء، ماذا يضير لو قدم الوالد لابنه هدية، وما المانع فى إعطاء الوالد لابنته وردة ، لتعلم عزيزى المربى أن مصاحبة الابن تعصمه من الزلل بإذن الله وتجعل ارتباطه بك أقوى من أى ارتباط خارجى.
2 - الهمسة الثانية "لاتفقد الأمل فى ابنك مهما كان":
كثير من الآباء يعتقد أن جهد التربية فى الصغر قد ضاع إذا مر بموقف مع ابنه لمس فيه العناد والإصرار على الخطأ والتهور، لكنى أسوق لك قصة الفضيل بن عياض الذى انخرط فى قطع الطريق و الانحراف ، وحب الغناء حتى سن الثالثة والعشرين، ثم حدث أنه استمع لقول الله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} [الحديد:16]، فقال: آن ياربى، وانكب على طلب العلم، ووصل إلى ما وصل إليه من مكانة كبيرة ..
ـــــــــــــــــــــــــ(110/72)
الإنترنت تقترب من الصمت ونهاية عهد الحريات!
عالم صامت. عالم أقل بهجة وخفة، وأكثر ثقلاً ورسمية. كيف تكون صورة الإنترنت، وعلاقتها بالاجتماع الإنساني، إذا زالت منها الثرثرة: ذلك الكلام الخفيف والعادي والمُلقى من دون تَكَلُّف، الذي تُحَرِّضَهُ الرغبة في الدردشة والهذر؟ الأرجح أن يُشَكِّل قرار شركة "مايكروسوفت" إقفال "غرف الثرثرة" Chat Rooms في أسواقها في العالم، باستثناء الولايات المتحدة، نقطة تحوِّل في مسار الشبكة الإلكترونية وهويتها.
ويسري قرار الإقفال بدءاً من 14 تشرين أول (أكتوبر) المقبل، ويطاول أساساً خدمة "الشات" المجانية في مواقع شركة "أم أس إن" MSN ، المملوكة من "مايكروسوفت"، في 34 سوقاً تشمل الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وإفريقيا ومعظم أميركا اللاتينية. وتستقبل مواقع MSN نحو 350 مليون مستخدم كل شهر.
وفي مقال شهير له بعنوان "الجهاد في مواجهة الماك"، تحول إلى كتاب، تحدث المفكر الأميركي بنيامين باربر عن العولمة وقواها وما تثيره من تطورات جذرية في أنحاء العالم. وأدرج الإنترنت في القوى الأساسية للعولمة. وتحدث عن التغيير الذي يحصل في العلاقات بين الشعوب حين يصبح الاتصال بينها تلقائياً ويومياً، بفضل الإنترنت.
الاتصال التلقائي للعالم
ولعل غرف الثرثرة الإلكترونية هي أبرز مثال على هذا التواصل التلقائي. ومنذ انتشارها الانفجاري في العام 1995، يصرف آلاف من شباب العالم ساعات وساعات من الحديث مع أشخاص من كل فئة ولون ودولة. ويمكن وصف غرف الثرثرة واحدة من أهم الميزات التي وفرتها الإنترنت ولم تكن موجودة أبداً قبلها. لم يتح للإنسانية أداة اتصال مفتوحة على مدار الساعة يمكن لأي كان أن يختار أي موضوع، ويدخل في حوار مفتوح مع أشخاص لا يعرفهم ولا يعرفونه. يجري الحوار في الغرف بحسب مزاج المتحاورين، بغض النظر عن مكان وجودهم على الارض. ويمكن وصف هذه الغرف بأنها اقسام من مواقع، فيها صفحات مفتوحة للحوار. كل صفحة لها عنوان يناسب موضوع النقاش. اذا اعجبك الموضوع، يكفي ان تكتب الاسم، ليس بالضرورة الاسم الصحيح، و"تدخل" على خط الحوار. لا نصوص مكتوبة سلفاً. ببساطة، كلما كتب أحد الداخلين إلى الغرفة جملة تظهر إلى أعين كل من دخلوا الصفحة نفسها. إنها نصوص حوار حول العالم يكتبها جمهور الإنترنت.
ولطالما أثار هذا المنحى إعجاب المتحدثين عن الشبكة الدولية. وشهدت إقبالاً منقطع النظير من كل شبيبة العالم. إنها فرصة لمعرفة "الآخر" من دون أي قيد. ولطالما قيل عن "غرف الثرثرة" إنها تهز أسس الدولة، في الشكل الذي نعرفه راهناً، لأنها تقفز فوق الحدود والهويات...الخ. كل هذا الكلام "البهي"، بغض النظر عن صحته أو جدواه، مرشح للتبخر والزوال!
سابقة تُغَيِّر هوية الانترنت
هل هي نهاية أيام الحرية على الإنترنت؟ هكذا تساءل الكثير من المعلقين في ردود فعل أولية على القرار. والحال أنها المرة الأولى التي توقف فيها شركة كبرى، بل أكبر الشركات إطلاقاً، على الإنترنت خدمة إلكترونية عامة، بدعوى إساءة استخدامها. فالمعلوم أن الشركة استندت في قرار الإغلاق إلى تكرار حصول حوادث استدراج جنسي، خصوصاً لمن هم في سني المراهقة المبكرة أو الطفولة المتأخرة. هل يبرر سوء الاستخدام القرار؟ في تاريخ الإنترنت، ظهر سوء استخدام كثير، لكن لم يتبعه وقف لأي خدمة كبرى. وقبل عامين، استخدم النازيون مواقع المزاد في محرك "ياهوو" من أجل الترويج لمقتنيات الجيش الهتلري. ورفعت قضايا ضدهم لوقف المزاد النازي. ولم تقفل مواقع المزادات. وفي الممارسة العلمية، فإن الأمر يبدو شديد النفور. هل كلما ظهر سوء استعمال لأداة علمية، يكون الرد وقفها؟ يموت آلاف الناس يومياً من حوادث السيارات والقطارات، هل نوقف وسائل المواصلات رداً على ذلك؟ يستخدم البعض التلفون وسيلة للابتزاز والتنصت وما إلى ذلك. هل يجب وقف الأحاديث الهاتفية؟ يمكن إعطاء أمثلة كثيره جداً من هذا النوع.
حرب الجنس .. حرب الإرهاب
لم يفت البعض القول إن استبدال خدمة مجانية شديدة الانتشار بخدمة مدفوعة، يعود بأرباح طائلة على الشركات. وفي هذه الحال، تكون حماية الأطفال والمراهقين، مجرد ذريعة لجني الأموال الوفيرة من جمهور الإنترنت.
وهناك مقارنة مثيرة. بُرِّرَ قرار الإقفال بالـ"حرب ضد دعارة الأطفال". ولا جدال عن ضرورة الحرب ضد هذه الدعارة، لكن ثمة شكاً كبيراً في الوسائل المستخدمة، والتي تحول "الدعارة" إلى مجرد ذريعة.
وشكك اختصاصيون في سلوكيات المراهقة، في أن يؤدي الإقفال عملياً إلى وقف الأعمال الجنسية التي تطاول المراهقين. وأشار بعضهم إلى أنها ربما غيرت فقط في طريقة حدوث هذه الأمور التي لها جذور أعمق. ومثلاً، من الممكن استخدام خدمات التراسل الفوري كبديل لغرف الثرثرة. ومن المفارقة أن معظم حالات الاستدراج الجنسي لم تحصل في البلدان التي سيسري فيها المنع، وخصوصاً في الشرق الأوسط وآسيا!
ويذكر الأمر بالـ"حرب ضد الإرهاب". لا جدال في ضرورة مجابهة الإرهاب ووقفه، ولكن ثمة شكوكاً لا حصر لها عن الوسائل المتبعة، بحيث يبدو "الإرهاب" مجرد ذريعة. وغني عن القول إن الإنترنت عانت من كبت وتقييد ورقابة ومنع وضرب للحريات الشخصية، منذ بدأت "الحرب ضد الارهاب". وها إن "حرباً" أخرى، توجه ضربة أخرى إلى الإنترنت. هل هي نذير نهاية زمن الحرية الأولية على الشبكة الدولية للكومبيوتر؟ مجرد سؤال.
ــــــــــ
الحياة 2003/09/29
ـــــــــــــــــــــــــ(110/73)
صدق الأبناء يبدأ بصدق آبائهم
... كثيرا ماينزعج الوالدان حينما يروا طفلهما يكذب، والكذب عادة سيئة يتبعها كثير من الأطفال في الوقت الذي يحاول فيه أولياء أمورهم غرس صفة الصدق داخلهم باعتبارها أسمى قيمة يمكن ان يمتلكها إنسان في هذه الحياة، إلا أن الحقيقة الواضحة التي لا ينتبه إليها الكثيرون هي أن الأطفال يتعلمون الصدق إذا هم رأوا الكبار صادقين، وهذا الأمر لايمكن التغافل عنه فكل كذبة تقال من الأطفال يقف الآباء والأمهات عاجزين عن التصرف إزاءها وأحيانا قد تتخذ الأسر مسار العنف لمحاولة تجنيب الطفل الكذب ودفعه لقول الحقيقة إلا أن هذا لا ينفع في أغلب الأحيان، ويتخذ الطفل موقفاً صلباً في قول كذبته ليتبعها الكثير في المرات القادمة.
فكيف بإمكان الأسر التصرف إزاء مثل هذه المواقف ؟ وماذا يمكنها أن تفعل لطفلها الكاذب؟ وهل تكون الأسرة المحرك أو المحرض الأساسي لدفع ابنها لكي يكذب ؟ وكيف يمكن التصرف مع الطفل الكاب منذ سنوات طفولته وحتى سن المراهقة؟
الطفل مرآة الأسرة
تقول نجود الشدوخي الأخصائية النفسية بمستشفى الصحة النفسية بجدة، أن الطفل ذو السنوات الصغيرة بعض الشيء يعيش في حقيقة تختلف كل الاختلاف عن حقائقنا ومتى كذب لا يكون قاصدا تشويه الحقيقة بقدر ما يكون راغبا في إعطاء جو آخر بدأ يتحسسه ويشعر به فإذا ما أسقط الكوب على الأرض مثلاً فإنه يشعر بأن أحدا غيره قد أسقطه ولأنه يود لو أسقطه غيره بقوله "انه لم يسقطه" فمنطقه ليس كمنطقنا لهذا فليس من العدل اعتبار كلامه مقصودا وإذا ما أصرت الأم ان يعترف الطفل بكذبه
فإن ذلك لا يكون محاولة صائبة واذا ما قال الطفل "أنا كسرت الكوب" فما الذي تفعلينه أيتها الأم ؟ أتعاقبينه أو تكافئينه، وضع لا غالب فيه ولا مغلوب والشيء الوحيد الذي يجدر بك فعله هو أن تشرحي لطفلك لماذا يزعجك سقوط الكوب، وبأن سقوطه سيسبب مشكلات كثيرة منها إنه اذا ما دخل الجسم فإنه سيصيبه بحروح بليغة ستؤدي به حتماً للذهاب الى العلاج وهي تخشى عليه، بالاضافة الى ما قد يسببه من إزعاج في التنظيف والخسارة الكبيرة للكوب، أيضا هذا الأمر قد يجعل الطفل يستجيب مع كلام الأم ويفضي بأفعاله البسيطة الى والدته ويصرح لها عن كذبته بكل سهولة وبساطة.
في المدرسة
قد يكذب الطفل الصغير على أمه أو أبيه لشيء قد حدث معه وقد يرد أحد والديه على كذبة طفلهما بقوله "هكذا إذن" ثم قد يأخذ طفله جانباً ليحاول معه أن يعترف بالقصة الحقيقية أو قد يرسله غاضباً الى غرفته ليأمل داخله أن يأتي الطفل بعد قليل ويعترف بكذبته إلا ان شيئا من هذا لن يحدث، فالثورة الغاضبة من قبل الأهل قد تزيد الأمر سوءا ويعطي الغضب للطفل دافعاً للكذب في المرات القادمة والحقيقة الساطعة انه لا يمكن لأي أب أو أم ان ينتزعا الحقيقة والصدق عنوة من فم الطفل فيشعر الطفل المتورط بالكذب بمزيد من القوة والصرامة والثقة بالنفس متى وجد أباه أو أمه غاضبين وانه نجح في إتمام خطته بسبب نسيان والديه كذبته وتركيزهما على الغضب والكلمات العنيفة، وهذا الأمر سيشجعه في أغلب الأحيان على تكرار كذبته متى ما أراد ذلك، فما الذي يمكن للوالدين من فعله لوقف أفعال الطفل الكاذب؟
سؤال تصعب إجابته في تصور العديد من الأسر، إلا ان الاجابة والتصرف في غاية البساطة فأفضل رد فعل يمكن ان تقوم به كل أسرة يتركز حسب التصرف الذي يلجأ إليه الطفل عند الكذب، فمثلا إذا ما كذب حول درجاته الضعيفة التي تحصل عليها من المدرسة فيقول بأن المدرسة لم تعطه الشهادة هو وكل زملائه، أو ربما يقول انه أضاعها ولا يعرف أين سيجدها هنا ليس على الأب أو الأم أن يصرخ أحدهما في وجه طفله وينعته بأنه كاذب، بل على العكس من ذلك تماما فبامكانهما أن يؤكدا له بأن ذلك لن يتكرر مرة أخرى لأنهما سيزوران المدرسة ليتحصلان على الشهادة ويعرفا أهم ما تحويه وهكذا بإمكاننا نحن إبلاغكم عما تحويه من درجات مادمت غير قادر على الحصول عليها، أو قدرتك غير كافية على الاحتفاظ بها، وهنا فإن الأبوين يكونا قد أحرزا نجاحا باهرا ويكون الطفل قد تعلم بأن كذبته لا يمكن لها أن تنطلي عليهما وهذا التصرف يمكن اتباعه حسب الموقف الكاذب الذي يتخذه الطفل.
الأسرة المعلم الأول
مما لاشك فيه أن الأسرة تلعب دورا كبيرا وفعالاً في تعليم أطفالها الكذب بطريقة أو بأخرى، وهذا ما يجب أن تفكر فيه كل الأسر التي تدخل هذه الأساليب السلبية في عقول أطفالها منذ حداثتهم، فمثلا عندما يأتي أحد الأصدقاء غير المرغوبين الى والد الطفل فيخبر الطفل بأن يخرج الى صديقه ويخبره بأنه غير موجود داخل المنزل، هذه الكذبات البسيطة قد تعلق في ذاكرة الطفل بأنه بينما الأهل لا يعلقون أهمية كبرى على مثل هذه الأفعال ويظنون بأنه لا يمكن للطفل التقاط أشياء بسيطة وهينة كهذه،
إلا أن ذلك غير صحيح على الإطلاق فذاكرة الطفل يمكنها أن تحمل أشياء كثيرة لا يمكن لنا تخيلها، فإذا كان الأبوان صادقين في أقوالهما وأفعالهما، وكانا يتجنبان الكذب.. مهما كانت النتائج فمن المستحيل أن يتعرف الطفل على عادة الكذب الذميمة أما إذا وجد أبويه أحدهما أو كلاهما يكذبان في كثير من الأحيان فليس من المستغرب أن يقتدي بهما بدوره فيغدو كذابا كبيرا لا على أبويه فحسب وإنما على أقربائه وأصدقائه وجيرانه وربما على نفسه أيضا.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/74)
...
المشروبات الغازية تسبب هشاشة العظام وتآكل الأسنان
... المياه الغازية .. تلك التي يولع فيها الكثيرون، حتى إن بعضهم لا يهنأ له بال إن لم يشربها بعد الأكل، أو بين الوجبات! لكن لو علم هؤلاء سلبياتها فهل يمتنعون؟
تحتوي العلبة الواحدة من المياه الغازية على ما يعادل 10 ملاعق كافية لتدمير فيتامين "ب"، والذي يؤدي نقصه إلى سوء الهضم وضعف البنية، والإضرابات العصبية، والصداع، والأرق، والكآبة، والتشنجات العضلية.
كما تحتوي على غاز ثاني أكسيد الكربون والذي يؤدي إلى حرمان المعدة من الخمائر اللعابية الهامة في عملية الهضم، وذلك عند تناولها مع الطعام أو بعده.
وتؤدي كذلك إلى إلغاء دور الإنزيمات الهاضمة التي تفرزها المعدة، وبالتالي إلى عرقلة عملية الهضم، وعدم الاستفادة من الطعام.
ويؤكد المتخصصون في التغذية أن المياه الغازية تحتوي على الكافيين الذي يؤدي إلى زيادة ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم والسكر، وزيادة الحموضة المعدنية، وزيادة الهرمونات في الدم مما قد يسبب التهاب وتقرحات للمعدة والأثنا عشر، كما يعمل على إضعاف ضغط صمام المريء السفلى والذي بدوره يؤدي إلى ارتداد الطعام والأحماض من داخل المعدة إلى المريء مسبب الألم والالتهاب.
كما تحتوي على أحماض فسفورية تؤدي إلى هشاشة وضعف العظام، وخاصة في سن المراهقة مما يجعلها أكثر عرضة للكسر.
بالإضافة إلى أحماض الفوسفوريك والماليك والكاربونيك التي تسبب تآكل طبقة "المينا" الحامية للأسنان.
أما مشروبات الريجيم منها فتحتوي على المحليات الصناعية والتي تهدد المخ وتؤدي إلى فقدان الذاكرة التدريجي وإصابة الكبد بالتلي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/75)
كيف نأخذ بيد أطفالنا إلى معرفة الله ؟ ( 2 )
... تهيئة الطفل لعبادة الله:
يمكن تعويد الطفل منذ سن الرابعة أو الخامسة على الوضوء والصلاة، ونحببهم فيها (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) [طه:132].
ونفهم الأطفال بأننا نصلي ليحبنا الله ، وأن المصلين لهم الجنة، ونعلمهم آداب المساجد وصيانتها من الصخب وإلقاء الأوساخ، وقد علم الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنس بن مالك (رضي الله عنه) حسن أداء الصلاة، وعدم الالتفات وهو صبي
حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بني إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة" رواه الترمذي
ويصطحب الوالد طفله إلى المسجد عندما يكون قد تعلم آداب المسجد.
سئل الإمام مالك (رضي الله عنه) عن رجل يأتي بالصبي إلى المسجد أتستحب ذلك" قال: إن كان قد بلغ موضع الأدب وعرف ذلك ولا يعبث، فلا أرى بأسا، وإن كان صغيرا لا يقر فيه ويعبث، فلا أحب ذلك.
وواجب الكبار نصح الصغار باللطف والموعظة الحسنة، فكم رأينا كبارا في السن تصرفوا مع الأطفال تصرفات منفرة، صرخوا عليهم أو طردوهم من المسجد، فكان ذلك سببا لبعدهم عن المسجد في الكبر وكراهيتهم له.
تعليم الأطفال قراءة القرآن وحفظه:
حاول أن تشجع طفلك على تعلم القرآن وحفظه، فتعليم الصغر أشد رسوخا، وهو أصل لما بعده، ويستحسن تفهيم الطفل ما يقرأ، فقد حفظ كثير من سلف هذه الأمة القرآن منذ الصغر بفهم جيد، فهذا الإمام الشافعي (رحمه الله) يقول: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت موطأ مالك وأنا ابن عشر.
وينبغي أن يقال للطفل: إن الماهر في تعلم القرآن وحفظه سيكون مع الكرام البررة في الجنة، وأن من يقرأ القرآن ويتلعثم فيه وهو عليه شاق فله أجران، وأنه سينال حسنة عن كل حرف يتلوه من القرآن ، والحسنة بعشر أمثالها.
ولا شك في أن للقدوة الطيبة أثرا كبيرا في استجابة الطفل، فالطفل الذي يري أباه يقرأ القرآن ويتدبره ينشأ على تعظيم القرآن وتوقيره.
وتذكر يا أخي أن خير ما تترك لأبنائك حفظ كتاب الله والعمل بما جاء فيه.
ومن الخير أن نعلم الطفل القرآن الكريم، ونفسره له على قدر فهمه، ولكن لننتبه لئلا يسأم منه بسبب كثرة إلحاحنا المتمادي كما يفعل بعض الآباء الذين لا يدعون الطفل يترك القرآن من يده ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
يروي أن القاضي الورع عيسي ابن مسكين كان يقرئ بناته وحفيداته، فإذا كان بعد العصر دعا ابنتيه وبنات أخيه ليعلمهن القرآن والعلم، وكذلك كان يفعل قبله فاتح صقلية أسد بن الفرات بابنته أسماء التي نالت من العلم درجة كبيرة.
ماذا يحفظ الطفل؟
- شجع طفلك على حفظ ما تيسر من القرآن، والأحاديث النبوية والأدعية والأذكار.
- كافئ ابنك على ما يحفظ ، لتشجعه على الاستزادة من العلم، فهذا إبراهيم ابن أدهم يقول له أبوه: "يا بني اطلب الحديث فكلما سمعت حديثا وحفظته فلك درهم" فيقول إبراهيم: "فطلبت الحديث على هذا".
ويمكننا الآن أن نكافئ الطفل بعد الحفظ بعشر ريالات مثلا عن حفظ ربع جزء من القرآن أو ما تيسر وهكذا.
- لا تكره طفلك على المداومة على الحفظ دون إعطائه وقتا للراحة أو اللعب.
- كافئ الأستاذ الذي يحفظ ابنك القرآن.
فهذا أبو حنيفة حين حذق ابنه حماد سورة الفاتحة وهب للمعلم خمسمائة درهم، وكان الكبش وقتها يشتري بدرهم واحد، فاستكثر المعلم هذا السخاء، إذ لم يعلمه إلا سورة
الفاتحة، فقال أبو حنيفة: لا تستحقر ما علمت ولدي، ولو كان معنا أكثر من ذلك لدفعناه إليك تعظيما للقرآن.
هكذا يحترم المعلم وتقدر جهوده، فأين نحن من أبي حنيفة رضي الله عنه؟
لا تهدم البناء الديني عند أولادك:
هناك عوامل هدم لهذا البناء الديني الذي تريد أن يعمر في قلوب أبنائك، ومن أهم تلك العوامل التي تضر بأبنائك:
1 - تحويل العبادات إلى مجرد طقوس لا معني لها ولا روح.
2 - النفاق العملي: وهو أن يتلقى الولد من أبويه تعليمات وأوامر، ويري أبويه يعملان عكسها.
3 - الإكراه على تطبيق الشعائر الدينية: فمن الناس من يهمل تربية أبنائه حتى إذا وصل إلى سن المراهقة ولم يصلِ الولد في ذلك الحين لجأ أبوه إلى الضرب ليجبره على الصلاة ، فأين كان ذلك الأب في السنوات السابقة ؟ ولماذا لم يغرس فيه حب المسجد والصلاة من قبل
ـــــــــــــــــــــــــ(110/76)
رجب طيب أردوغان .. السياسي المسلم
رجب طيب إردوجان، زعيم حزب العدالة والتنمية، هو أحد أكثر السياسيين شعبية في تركيا - ولكنه محظور من شغل المناصب العامة. وهو سياسي يتمتع بجاذبية متحدر من عائلة فقيرة.
وكان والده عنصرا في خفر السواحل في مدينة ريزه على ساحل تركيا على البحر الأسود. وكان في الثالثة عشر من العمر حين قرر والده الانتقال إلى اسطنبول على أمل ضمان مستقبل أفضل لأطفاله الخمسة. ولكن تعين على رجب طيب، وهو في سن المراهقة، أن يبيع الليموناضة وكعك السمسم في شوارع الأحياء التي تتسم بقدر أكبر من القسوة في اسطنبول. ودرس في مدرسة إسلامية ولعب كرة القدم على سبيل الاحتراف.
وهو حائز على درجة جامعية في الإدارة من جامعة مرمرة في اسطنبول.
الانضمام إلى الحركة الإسلامية
وهناك التقى بنجم الدين أربكان، وانضم إلى الحركة الإسلامية في تركيا. وجاءت أول مواجهة له مع القانون والسلطة بعيد الانقلاب العسكري في عام 1980.
فقد أبلغه رئيسه في سلطة المواصلات في المدينة، وهو عقيد متقاعد في الجيش، بأن عليه أن يحلق شاربه. ورفض إردوجان وتعين عليه أن يترك عمله. وشهد عمله السياسي في حزب الرفاه، كما كان الحزب الإسلامي يعرف إلى أن حظر في عام 1998، تطورا سريعا. ففي عام 1994، أصبح إردوجان عمدة لاسطنبول.
وحتى منتقديه يقرون بأنه قام بعمل جيد، جاعلا من اسطنبول أنظف وأكثر اخضرارا. ومعظم الناس يعتبرونه غير فاسد - على عكس غيره من السياسيين الأتراك.
وخلفيته والتزامه بالقيم الإسلامية يجتذبان أيضا المسلمين الأتراك المتدينين الذين نفّرتهم الدولة.
إدانة
وأدين إردوجان في عام 1998، بتهمة التحريض على الكراهية الدينية. وكان الاتهام مستندا إلى واقع أنه قرأ علنا قصيدة شعرية وردت فيها السطور التالية: "المساجد ثكناتنا، والقباب خوذنا، والمآذن حرابنا والمؤمنون جنودنا ..."
الحملات الانتخابية كانت الشغل الشاغل لتركيا في الأسابيع التي سبقت الانتخابات وحُكِم عليه بالسجن لمدة عشرة أشهر، غير أنه أطلق سراحه بعد أربعة أشهر. ولكنه، بسبب سجله الجنائي، حظر عليه الترشح في الانتخابات أو شغل المناصب السياسية. وقد جادل إردوجان ومحاموه بأن التغييرات الأخيرة في التشريعات التركية التي تنظم حرية التعبير تجعل إدانته باطلة.
صورة جديدة
وقد تنصل إردوجان من رؤاه الإسلامية التي توصف بأنها "متشددة" ، وهو يحاول أن يعيد صياغة صورته كمحافظ مؤيد للغرب. ولا يصر إردوجان على ترك حلف شمال الأطلسي (الناتو) ويقول : إن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي هي خطوة ضرورية ومفيدة. ولا يعارض إردوجان دخول النساء المكاتب الحكومية والمدارس من دون حجاب - على الرغم من أنه حين سؤاله عما إذا كانت زوجته سترتدي الحجاب في حفل استقبال رسمي، فإنه قال ببساطة : إنه لن يأخذها إلى الحفل.
وينظر العديد من الأتراك ذوي التوجهات العلمانية، والجنرالات، بالطبع، إلى اعتدال إردوجان الحديث نظرة تشكيك. ويقال إن إردوجان لا يتحدث أية لغات أجنبية ويعرف القليل عن العالم الخارجي أو الاقتصاد. ويخشى العديد من الناس من أنه قد يغير رؤاه مرة أخرى عندما يصل إلى السلطة.
وقال أحد الدبلوماسيين: "إذا ما أصبح إردوجان رئيسا للوزراء، فإنني أعتقد بأن القوات المسلحة ستتخذ موقف 'فلننتظر ونر'". وأضاف الدبلوماسي: "إردوجان يعرف ماذا سيحصل في حال خروجه عن الخط".
ــــــــ
عن البي بي سي بتصر ف
ـــــــــــــــــــــــــ(110/77)
غياب الحوار.. يفسد العلاقة بين الآباء والأبناء
كوابيس، أحلام مزعجة، قيء شديد، إضراب عن الكلام، تلك بعض الأعراض التي تنتاب الطفلة (س) مع أنها لم تتعد السابعة من عمرها بعد، عندما جاءت بها أسرتها إلى عيادة العلاج السلوكي النفسي التي أتولى الأشراف عليها.
قصة الطفلة (س) تتلخص في أن أباها قد أعتاد التفنن في ضربها بوساطة أداة خصصها لذلك، أما السبب في دأبه على ضرب طفلته المسكينة بهذا الشكل فهو -وللعجب- اعتقاده أن ذلك من شأنه أن يجعله مهاباً بين أبنائه!
في مقابل ذلك تقف الأم محاولة الذود عن أبنائها وحمايتهم من شراسة أبيهم وإحاطتهم بالحب والحنان، إلا أن ذلك لم يمنع الطفلة (س) من الإصابة
بالاضطرابات النفسية المتعاقبة الناجمة عن شعورها المستمر بالخوف من التعرض لضربات الأب الموجعة.
هذه باختصار، مجرد حالة من بين عشرات الحالات المزمنة لأطفال يترددون باستمرار على عيادات العلاج النفسي والسلوكي، أما الشيء الذي قد لا يعيه الأبوان أو أحدهما جيداً فهو أن مشكلات الأبناء النفسية غالباً ما يكون سببها عدم وجود البيئة الأسرية الصحية التي تساعد في نشوء الأبناء على النحو السليم.
وبالرغم من أن العلاج النفسي والسلوكي يمكن أن يلعب دوراً أساسياً في علاج الاضطرابات النفسية والسلوكية عند الأطفال والكبار أيضاً، إلا أنه من الثابت أن الأسرة يقع عليها العبء الأكبر في علاج مثل هذه الحالات، وقبل ذلك وبعده، فإن الجو الأسري الصحي يحول دون تعرض الأطفال للإصابة بأي من الأمراض النفسية التي انتشرت بين أطفال هذا العصر.
لعلي أذكر هنا قصة الطفل(ع) ذي السبع سنوات الذي اضطرت أمه إلى إحضاره إلى العيادة النفسية بعد أن أعيتهم الحيل نتيجة العدوانية الشديدة التي كان يتصف بها سلوك (ع) ونشاطه الزائد عن الحد، وصراخه المستمر إلى الدرجة التي أخبرتني بها والدته من أنها لم يعد بمقدورها تحمل هذه التصرفات، ولقد تبين لي وبعد جلسات متعددة مع (ع) أنه يتمتع بذكاء شديد، إلا أن ذلك لا يظهر في مستوى تحصيله المدرسي، كما أنه اعتاد الكذب والخوف الدائم ويكره الجميع، وبعد مناقشات مطولة مع أفراد أسرته خرجنا بنتيجة مؤداها أن (ع) يتعرض للضرب من بعض إخوانه، فكان لابد أن تبدأ الخطوة الأولى من علاجه بتوقف إخوانه عن هذا السلوك تجاه أخيهم.
لا للنقد المباشر
إن كل ذلك بلا شك يجعلنا نصل إلى نتيجة مؤداها أنه لكي تقي الأطفال التعرض لهذه الاضطرابات، فلا بد أن تكون العلاقة بين الأبوين-في الأساس- قائمة على دعامتين اثنتين:
أولاهما: أن العلاقة الزوجية لا بد أن تقوم على مبدأ المشاركة بين الزوجين في كل شيء، بداية من إصدار القرارات المتعلقة بحاضر الأسرة ومستقبلها، مروراً بتحديد الأهداف، وانتهاء بتحمل الأعباء، سواء فيما يتعلق بالبيت أو الأبناء.
غير أن الوصول إلى هذا المستوى من العلاقة الزوجية الصحية يتطلب أن يتحلى الجميع بالهدوء- الذي لا يسبق العاصفة بالطبع! ووضوح الرؤية لدى الطرفين، والتخطيط للمستقبل بالنسبة للأشياء المتوقعة، بحيث لا ننتظر وقوع المشكلة ثم نبحث عن حل لها، فلا يعقل مثلاً أن ينتظر الأبوان حتى يبلغ أحد أبنائهما سن المراهقة ثم يبدأ بالتفكير في حل المشكلات التي تتزامن مع تلك المرحلة، ويمكن أن نقيس على ذلك بقية الأمور الأخرى.
ثانيتهما: حرص كل من الزوجين على عدم تقديم النقد المباشر للطرف الآخر، فنحن دائماً نحذر من ذلك، لأن هذا السلوك من شأنه أن يحفز أحد الطرفين على إبراز أسلحة الدفاع ضد هجوم الطرف الآخر، وهذا لن يؤدي بكل تأكيد إلى حل أي مشكلة، ومن هنا فإننا ننصح كلاً من الزوجين بألا يبدأ مباشرة بالنقد، وبدلاً من ذلك يتم طرح
المشكلة محل الخلاف، يقول أحد الزوجين مثلاُ إن رأيي ينحصر في كذا وكذا، ويحبذ أن يركز على الجزء المتعلق به حيال المشكلة، وستكون النتيجة الحتمية لذلك هي تسهيل مهمة الطرف الأخر في الاعتراف بمسؤوليته والاستعداد للمشاركة في الحل، وتقديم الاقتراحات التي تؤدي إلى ذلك.
من خلال التجارب العملية نستطيع أن نؤكد أيضاً أن ما يزيد على التسعين بالمائة من العوامل المؤدية إلى نجاح الحياة الزوجية يعتمد على الحوار بين الزوجين، ومن هنا فإننا نقترح على كل زوجين أن يخصصا ساعة في اليوم على الأقل للحوار فيما بينهما، لا نقصد بذلك طبعا الحديث حول المشكلات فقط ، وإنما في بقية أوجه الحياة الأخرى ، فقد ثبت أن ذلك من أفضل
أساليب التفريغ الانفعالي وتخفيف هذه المعاناة.
الحوار مع الأبناء..أيضاً
قد يعتقد قارئ هذا المقال أننا بعدنا بعض الشيء عن موضوعنا الرئيس ، وهو النشأة النفسية السليمة للأبناء، ولكن الحقيقة غير ذلك، فما أردت قوله هو أن الوصول إلى هذه النتيجة، لا بد أن يسبقه جو أسري سليم وصحي ، فذلك سوف ينعكس على الأبناء بلا ريب.
وإذا كنا قد اقترحنا تخصيص ساعة للحوار يومياً بين الزوجين، فلا أقل من تخصيص ساعة أخرى للحوار يومياً بين الأبوين من جهة والأبناء من جهة أخرى، على أن يكون الحوار بشكل مفتوح، ويتم خلاله الحديث مع الأطفال عما فعلوه خلال يومهم المدرسي أو الجامعي مثلاُ، ومعرفة ما يحبونه أو يكرهونه، والإجابة عن الأسئلة التي تعن في أذهانهم، مع الحرص على أن يظهر كلا الزوجين في صورة النموذج الطيب والقدوة الصالحة لأبنائه.
من المهم أيضاً أنه خلال الحوار المفتوح بين الآباء وأبنائهم أن يوضحوا لهم أن الإنسان يتعرض في مسيرة حياته إلى العديد من المشكلات والعقبات لكي لا يتعرض الابن لصدمات عندما يبدأ في التعامل مع العالم المحيط به، وهذا يقودنا إلى الحديث عن ضرورة توافر عنصر المصارحة في الحوار بين الآباء والأبناء، شريطة أن يكون ذلك في إطار النقد البناء والبعد عن التجريح وتحفيز روح العدوانية.
والمصارحة تعني في الوقت نفسه مناقشة الابن بخصوص ما قد يرتكبه من أخطاء، ومعرفة العوامل التي دفعته لعمل المشكلة، وهل فعلها عن وعي أم جهل، بحيث يكون العقاب هو الأسلوب الأخير الذي يلجأ إليه الأبوان في التعامل مع مثل هذه المشكلات، وإذا اضطرا إلى ذلك فيجب أن يتم برضاء الابن وتفهمه، فغير ذلك قد يؤدي إلى اعتقاد الابن أن أبويه يكرهانه، وأن هذا الكره ينعكس في أساليب عقابهما له.
يرتبط بذلك أيضا عنصر الثبات من جانب الأبوين في التعامل مع الأبناء، بمعنى عدم تغيير أساليب التعامل بين الفينة والأخرى، بهدف عدم فقدان مصداقية الآباء أمام أبنائهم، مع الحرص أن يتم ذلك على الوجه السليم، وأن يتفهم الأبناء السبب في هذه التصرفات من خلال المناقشة والحوار بهدف الوصول إلى الإقناع ، ليس شرطاً
بالطبع اقتناع الأبناء بتصرفات آبائهم فقط، وإنما من الممكن أن يحدث العكس ويقنع الابن أبويه بوجهة نظره.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/78)
جنوح الشباب ومشكلات الانحراف
يعتبر الشباب من أهم شرائح المجتمع وعماد الأمة ومكمن طاقتها المبدعة وقوتها الواعدة. ومشكلات الشباب محور المشكلات الاجتماعية، وحلها هو المدخل إلى حلّ مشكلات المجتمع وبنائه وتقدمه. وإفساد المجتمع والوطن وتخريب الدين يبدأ من إفساد فئة الشباب وحرفهم عن الطريق القويم بشتى الطرق والأساليب والمغريات.
والإسلام يعي هذه الحقيقة ومدى خطورتها على الأمة والدين لذلك اهتم بقطاع الشباب، وتوجهت التربية الإسلامية إلى عقولهم ونفوسهم وعواطفهم من أجل رعايتهم وتربيتهم تربية صالحة، وتلبية حاجاتهم ورغباتهم المادية والنفسية المشروعة، ووقايتهم من الفساد والانحراف. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلّم أن مقام الشاب الصالح عند الله تعالى يعادل مقام الإمام العادل يوم القيامة في حديثه عن السبعة الذين يظلهم الله في ظلّه ، منهم " إمام عادل وشاب نشأ في طاعة الله .." (1).
ظاهرة الجنوح والانحراف عند الشباب تعتبر من أبرز المشكلات التي تعاني منها المجتمعات في العالم. بما تخلّفه من تأثيرات نفسية واجتماعية على شخصية الشاب وما تتركه من آثار سلبية وخطيرة على المجتمع في مجالات الجريمة والسرقة وانتشار المخدرات والفساد والانحلال الخلقي. وتجد المؤسسات الاجتماعية والدينية نفسها مضطرة للتصدي لهذه الانحرافات وقمعها وتحمل مسؤولية معالجة أسبابها والوقاية منها .
الجنوح والانحراف وعوامله :
يوضح علم الاجتماع أن الجنوح نموذج من السلوك الاجتماعي, يقوم المنحرف من خلاله بتصرفات مخالفة للقوانين الاجتماعية والأعراف والقيم السائدة في المجتمع, ويسيء به إلى نفسه وأسرته ومجتمعه. يبدأ الجنوح غالباً عند الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 12 - 18 سنة، وهي بداية فترة المراهقة التي تعتبر من أخطر مراحل العمر في حياة الإنسان. وتؤكد الدراسات النفسية والاجتماعية على أهمية دور التربية الصالحة للشاب منذ الطفولة في كنف الأسرة ثم المدرسة، فإذا تلقى الشاب منذ صغره رعاية وتربية جيدة ينشأ إنساناً صالحاً، وإن كانت تربيته سيئة تظهر لديه ظواهر الانحرافات في وقت مبكر.
أسباب جنوح الأحداث
تتعدّد عوامل وأسباب جنوح الأحداث وانحراف سلوكهم الاجتماعي، منها:
ـ عوامل اجتماعية:
بعض الأسر تدفع بأبنائها إلى سوق العمل لساعات طويلة خلال اليوم, فيغيبون عن البيت أو المدرسة بعيداً عن الرعاية والمتابعة، مما يفتح أمام الأطفال أبواباً واسعة للانحراف والقيام بالأعمال والسلوكيات الطائشة والمتهورة والانغماس في الشذوذ الأخلاقي والاجتماعي، فالطفل يتأثر بسهولة بالبيئة المحيطة به، وينجرّ وراء رفاق السوء إذا لم يلق الرعاية والمتابعة المستمرة.
وقد بينت الدراسات أن الجنوح جمعي وليس فرديا. فالشاب لا يقوم بتنفيذ أعمال منحرفة كالسرقة والنشل وعمليات التهريب وغيرها بمفرده، بل بعمليات جماعية شبه منظمة على شكل عصابات أو شلّة بالتعاون مع أقرانه. من هنا تأتي أهمية الرفقة الصالحة للشاب واختياره لأصحابه من أهل الصفات الحميدة.
ومن أسباب الانحراف الإدمان على السكر وتعاطي المخدرات من قبل ربّ الأسرة. كما أن الهروب والتسرّب من المدرسة ومن البيت, وعدم شغل أوقات فراغه بنشاطات وفعاليات مفيدة (رياضية - أدبية - ثقافية - ... الخ ), يؤدي إلى ظهور الشذوذ والانحراف النفسي والأخلاقي والخروج على قيم المجتمع عند الشاب .
ـ عوامل بيئية:
منها تفكّك الأسرة والنزاعات الدائمة بين الوالدين, أو فقدان الأب في الأسرة، أو وجود زوجة الأب الذي يؤدي هذا إلى إهمال الأولاد. وممارسة القمع والقسوة تدفع الناشئة من الشباب إلى الهروب المستمر من البيت واللجوء إلى الشوارع والزوايا السيئة، فيتعلّم منها بسهولة العادات والقيم غير الأخلاقية.
ـ عوامل نفسية:
كثيراً ما تؤدي مشاعر الإحباط واليأس وخيبة الأمل, نتيجة الفقر والعوز والحاجة في الأسرة إلى انحراف الشباب واتباع السلوكيات السيئة، مثل السرقة لشراء ما يسد حاجته من الملابس والألعاب ووسائل الترفيه، وأحياناً شح ّ الوالدين وبخلهما وتقتيرهما بالمصروف على أبنائهما. فالشاب ضمن هذه الأجواء الأسرية سيعاني من الحرمان المادي والعاطفي والرعاية والحب والحنان والعطف والتربية الحسنة. وهي من الضرورات النفسية الأساسية التي يجب أن تتوفر في الأسرة , لينشأ الشاب نشأة صالحة, تقيه مخاطر الجنوح والشذوذ الاجتماعي .
وتتنوع مظاهر الجنوح عند الشاب فيبدي عدائية مفرطة تجاه محيطه الأسري ووسطه الاجتماعي على شكل تجاوزات مستمرة وتمرد وعصيان للأوامر والتوجيهات. ويقوم بالاعتداء على حقوق وأملاك الآخرين . ويفتعل العراك والنزاعات مع أقرانه ويلحق الأذى بهم. وتبلغ عدوانيته حدّ تحطيم ممتلكات غيره, وإشعال النار في المنزل . ومن أهم نتائج الجنوح الإخفاق في المدرسة. لأنه يؤدي إلى إهمال الشاب لواجباته المدرسية ويدفعه إلى التحايل والكذب والتعويض عن هذا الفشل باتباع أساليب غير مشروعة لإثبات وجوده في المجتمع . ويشيع بين الشباب الجانحين ظاهرة الإدمان على التدخين والكحول والمخدرات . ويتميز الجانحون بضياع رغباتهم وعدم وضوح غاياتهم في الحياة وعدم قدرتهم على تحديد ما يريدون .
الوقاية والعلاج :
أصبحت اضطرابات السلوك الاجتماعي عند الشباب مشكلة اجتماعية حقيقية تحتاج إلى كثير من البحث والدراسة والعقلانية والتأنّي والوعي والثقافة والاستعانة بأصول التربية الإسلامية وعلم النفس التربوي وطرائقه, لمعالجة هذه المشكلة من خلال تضافر جهود المؤسّسات الاجتماعية والتربوية (الأسرة - المدرسة - المسجد - ... ) لأن هذه المؤسّسات بالأساس تتحمل مسؤولية انحراف وجنوح الأولاد منذ البداية .
فالأسرة المهملة التي تعاني من الأزمات والمشكلات, والمدرسة التي يسود فيها ظاهرة التعليم بالقوة والصرامة والعنف . والمجتمع الذي يمارس القمع والاضطهاد ويفرض القيود الصارمة على الشباب . تجعلهم يشعرون بالظلم والقهر والضياع نتيجة الإحساس بفقدان الحرية والمسؤولية والقيمة الاجتماعية. فيتحول الشاب إلى شخص عدواني مشاكس يعمل على الانتقام لذاته وشخصيته المفقودة بالأساليب المنحرفة . ومعالجة مظاهر الانحراف عند الشباب يحتاج إلى تكوين رؤيا شاملة وعميقة. وفق معايير وأسس, تستند على أصول التربية الإسلامية , وتحليلات علم النفس التربوي الحديثة, لفهم مشكلات الشباب ومعاناتهم ومعرفة دوافعهم للانحراف. ودفعهم للالتزام بالانضباط السلوكي والقوانين والأنظمة, ومعايير القيم الاجتماعية والدينية ولتحقيق هذه الأهداف, يجب تحقيق التفاعل البنّاء مع الشباب وكسب ثقتهم ومحبتهم , وإبعادهم عن مشاعر وأجواء العنف والخوف والقلق والتوتر والنفور والضياع . وإلا فإن أسلوب الترهيب والعقاب لا يشكل سوى حلّ آنيٍّ مؤقتٍ, يختفي ويتلاشى باختفاء مؤثراته .
أما القناعة والتجاوب الذاتي, فتشكل ضمانة لاستمرار التزام الشاب وتطوير وترسيخ دافعية الانضباط الإيجابي لديه. فيكتسب من خلالها سلوكاً جديداً, موافقاً لقيم المجتمع وأخلاقه . والتربية الإسلامية تقوم بالأساس على مبدأ الحوار والإقناع والأسلوب الحسن ، من قوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " (2). وللأسرة دور أساسي في تكوين شخصية الشاب النفسية والسلوكية من خلال التربية الصالحة وغرس المفاهيم والقيم الحسنة وتقديم الرعاية والحب والاهتمام والتوجيه اللازم . وإلا فإن أوضاع ومشكلات الأسرة ، خاصة الفقر والبطالة والانحلال الخلقي والنزاعات داخل الأسرة, تؤدي إلى ضياع الشباب وانحرافهم وشذوذهم والتمرد على القانون الاجتماعي . دفاعاً عن الذات, ضد ما يشعرون به من ظلم اجتماعي وقهر وحرمان .
ـ الوقاية من الانحراف أهم وسائل معالجة ظاهرة جنوح الأحداث عن طريق الفهم الواعي الثقافي والاجتماعي والديني واعتبار الأبوة والأمومة رسالة مقدسة ومسؤولية عظيمة يجب أن تؤديها الأسرة على أكمل وجه . وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته " (3) .
كما يجب على المؤسسات التربوية والاجتماعية والدينية , الاهتمام جيداً بعالم الشباب ورعايتهم وتطويرثقافتهم وشغل أوقات فراغهم بنشاطات متعددة (رحلات - نوادي - جمعيات - رياضة - أدب - علوم - بحث - فنون ... الخ ) مما يتلاءم مع ميولهم ويشبع حاجاتهم ورغباتهم المشروعة. فاستئصال أسباب الجنوح منذ البداية هو الأساس في معالجة هذه الظاهرة لتأمين حياة أفضل للشباب , في أحضان أسرة صالحة ومستوى معيشي جيد وتكوين أسرة عاملة ومتعلمة ومسؤولة, تشكل ضمانة له من الانحراف.
وغياب الشاب عن البيت بسبب الدراسة والتعلم والنشاطات الاجتماعية والفنية المختلفة أمر جيد؛ إذ يبقى تحت رعاية مؤسسات تربوية صالحة. تحلّ محل الأسرة خلال فترة الغياب عن البيت. أما غيابه لساعات طويلة, بسبب الحاجة المادية
وانخراطه في العمل بعمر مبكر وتركه الدراسة, فهو أمر سيء له نتائجه الخطيرة . فأجواء العمل غير سليمة وغير تربوية, تنعدم فيها الرعاية والاهتمام الصحيح. وتصبح مرتعاً للعلاقات المشبوهة مع ربّ العمل أو رفاق السوء ومن ثم الانحراف والجنوح .
فالوقاية من انحراف الشباب, تحتاج إلى إجراءات حازمة لمعالجتها من جذورها وذلك بتحسين الأوضاع المعيشية للأسر الفقيرة وانتفاء الحاجة إلى العمل المبكر . وفرض التعليم الإلزامي في المرحلة التعليمية الأساسية.
وتوفير ظروف صحية وسليمة لمتابعتهم الدراسة وإيجاد اهتمامات قيميّة سامية وغايات نبيلة يعملون من أجل تحقيقها .
كلمة أخيرة
ثمة كلمة لا بد منها تخاطب عقول الشباب . وهي أن قوة إيمان الشاب ورسوخ العقيدة الإسلامية في نفسه ووعيه هي الأساس في تحديد مساراته واتجاهاته في الحياة. ووقايته من الانحرافات والشذوذ والبقاء على الطريق الصحيح والصمود أمام مغريات الحياة وعواصفها ومواجهة المخطّطات المشبوهة التي تستهدف تخريب عقول الشباب وإفسادهم من أجل تقويض المجتمع الإسلامي وانحلاله وهدم أسسه .
فالإيمان يمدّ الشاب بالقوة اللاّزمة على الصمود والمواجهة والتحمل والصبر على المكاره ومقاومة الشهوات وحب المتع الدنيوية والجري وراءها ، بهدف الحصول على مرضاة الله تعالى والفوز بوعده وجزائه للصابرين , وتجنب معصية الله تعالى وارتكاب المحرّمات والخوف من عقابه تعالى . وليكن شعار الشاب المسلم قوله تعالى : (ومن يتقِ الله يجعلْ له مخرجاً ويرزقْه من حيث لا يحتسب) (4) .
ـــــــ
هوامش :
(1) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .
(2) سورة النحل الآية/ 125/ .
(3) رواه مسلم في صحيحه .
(4) سورة الطلاق الآ
ـــــــــــــــــــــــــ(110/79)
هل نحن جيل "عازف" عن الزواج ؟؟
وأنا أمسك بالريموت كنترول أقلب محطات القنوات الفضائية توقفت عند برنامج خصص إحدى حلقاته لمناقشة مشكلة "عزوف الشباب عن الزواج".. جذبني الموضوع فسمعت جداً قليلاً وغثاً كثيراً، فأحد الضيوف -وصفوه بأنه فيلسوف- مضى يمجد في العزوبة؛ فالأعزب عبقري، مبدع، مفيد للبشرية، والمتزوج إنسان نمطي، ذليل، منقاد لعادات مجتمعه، ليس في قدرته أن يضيف شيئا لحركة الحياة، وبناء على هذه الرؤية العجيبة التي لا تستند إلى دليل يرى "الفيلسوف" أن شباب اليوم عازفون لأنهم أكثر نضجا وإبداعا وعبقرية.
ورغم يقيني أن عنوان الحلقة كان خاطئا منذ البداية، لأن الشباب في حقيقة الأمر ليسوا "عازفين" عن الزواج بقدر ما هم "عاجزون" عنه، إلا أنني أريد أن أثبت هنا
أن بعضا من الدراسات الاجتماعية كشفت بالفعل عن قدر من "الرهبة" يشعر بها الشباب نحو الزواج، وهذه الرهبة تعد الدرجة الأولى في سلم العزوف إن لم نقطع عليها الطريق.
أضرب مثلا هنا بدراسة أجرتها وزارة الصحة في سلطنة عمان خلال العام الماضي (2001) تحت عنوان "نحو فهم أفضل للشباب"، فماذا قالت هذه الدراسة؟؟.. قالت إن 45% من الشباب في عمر المراهقة يعانون من أوضاع نفسية صعبة، وعادة ما يكونون أسرى لحالات من الحزن والقلق والكآبة والإحباط، وترتفع هذه النسبة لدى الإناث، وبلغت نسبة التخوف من بناء الأسرة وتحمل مسئولياتها 54%، كما بلغت نسبة التخوف من الجنس الآخر 48% خصوصا عند الفتيات (!!).
والواقع أن الصورة التي رسمتها هذه الدراسة للشاب المراهق العربي هي الوحدة وقلة المعرفة، فهو منكفئ على نفسه بهمومها وأشواقها، وأفراحها وأحزانها، خائف من الآخرين الذين يجهل كل شيء عنهم، فيما تخلى الكبار عن مسئوليتهم التاريخية في تعريفه بنفسه وبالعالم والبشر من حوله، وأعتقد أن حالة التخوف من بناء الأسرة، ومن الجنس الآخر ليست إلا مظهرا من مظاهر هذا الخوف العام من الآخر والانكفاء على الذات.
هذه النتيجة تؤكدها بقية المعلومات التي قدمتها الدراسة، فعلى الرغم من أن ما يزيد على 90% من الشباب الذين تناولتهم الدراسة يزيد عمرهم على 15 عاما، إلا أن هؤلاء الشباب في هذا العمر فشلوا في التعرف على أجسامهم، فنصفهم فقط استطاع التعرف على التحولات الفسيولوجية التي تصاحب مرحلة البلوغ، وأقل من ثلثهم تعرف على بعض مظاهر البلوغ لدى الجنس الآخر، وعندما سألتهم الدراسة عن مصدر معلوماتهم في هذا المجال، كانت المفاجأة أن 48.9% منهم يستقون معلوماتهم من الأصدقاء، وتأتي الكتب والمجلات في المرتبة الثانية، في حين يعتبر الأبوان المصدر الأخير للثقافة الجنسية لدى الشباب.
إن أول حاجز يفصل بين الشباب وبين الزواج هو ذلك الجهل المطبق بملامح الرجولة والأنوثة وواجباتهما، وقد درج الآباء والأمهات جيلا بعد جيل على ضرب سور من الكتمان حول الثقافة الجنسية، فليس مسموحا للابن أن يسأل أو يسمع أو يتطلع إلى فهم ما يدور بجسده من تحولات، وإلا فإن العقاب، ونظرات الاستهجان والإبعاد ستكون نصيبه داخل أسرته.. وربما كان لهذا النمط من التعامل مبرراته المنطقية وآثاره الوجيهة على شيوع حالة من النظافة والطهارة والعفة في المجتمع لفترة طويلة من الزمان، ولكننا في عصرنا الحاضر لا ينبغي أن نغفل أننا أمام متغيرات ما عادت تسمح لنا بالثبات عند سياسات تربوية تجاوزها الزمن، فالشاب الذي تغلق أمامه الأبواب والنوافذ في المنزل، وتغلق دونه آذان وأفواه أبويه، يجد اليوم عشرات البدائل التي توفر له ثقافة بديلة ستضمن له حسب ظني أسباب الانحراف، لأنها ستأتي متلبسة بملامح ثقافة غربية أهدرت قيمة الزواج، واستبدلت الصديقة بالزوجة، والطفل المتبنى بأطفال الدم، وعلاقة المودة والرحمة بالعلاقات التي لا تعرف إلا لون الدولار.
وإذا كنا نتحدث عن العزوف، فإنني أعود للتأكيد هنا أن القضية في الأساس ليست قضية عزوف، بقدر ما هي قضية عجز عن الزواج في ظل الترويج لثقافة استهلاكية جعلت من العروس سلعة، ومن إقامة الأسرة مشروعا اقتصاديا.
في ظل هذه الثقافة ارتفعت معدلات المهور إلى أرقام فلكية، وتزايدت الشروط حول مواصفات الشقة والأثاث والرقم الذي سيدون كمؤخر للصداق لأن هذا كله محل تفاخر ومباهاة اجتماعية، ولهذا فقد صار على زوج المستقبل أن يعمل حتى يبلغ سن الأربعين ليستطيع توفير الشقة، وأن يتورط في ديون ربما يورثها لأولاده ليوفر بقية المطالب.
ومع ارتفاع المطالب ارتفع سن زواج الرجل، وارتفع بالتالي سن الزواج للفتاة حتى أصبح طبيعيا اليوم أن تتزوج الفتيات فوق سن الثلاثين، في حين كانت العنوسة تبدأ من عمر الخامسة والعشرين وربما قبل ذلك منذ عدة سنوات.
أخطر ما في الأمر أن الارتفاع المستمر في سن الزواج المرتبط بالعجز عن الزواج يتواكب مع انخفاض مستمر في سن ممارسة الجنس في ظل انفتاح الأبواب أمام ثقافة جنسية سرية غير مرشدة ونابعة من جذور ثقافية لا يقبلها مجتمعنا.
إن قيام الأبوين بواجبهما في توفير هذه الثقافة الجنسية المضبوطة بضوابط الشرع، مع العودة إلى البساطة واليسر في إجراءات الزواج وشروطه شرطان رئيسان ليقدم الشباب على الزواج، سواء سمينا موقفهم الآن عزوفا أو عجزا.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/80)
القوامة وأثرها في استقرار الأسرة والمجتمع
ينطلق المنهج الإسلامي في بناء الأسرة من خلال نظرة الإسلام لها؛ لأنها الأساس في بناء المجتمع واستقراره؛ فالأسرة كما نعلم هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع؛ إذا صلحت صلح المجتمع بأسره، وإن فسدت فسد كله.
ولقد أحاط الإسلام الأسرة بسياج من النظم والتشريعات حدد بموجبها الحقوق والواجبات لكل من الزوجين، ووزعت الاختصاصات بما يتفق مع القدرة الجسمية والحاجة النفسية لكل منهما. فهذه النظم والتشريعات تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تصلح ولا تفسد، وبذلك يتحقق للمجتمع المسلم الطمأنينة والاستقرار والنأي عن التفكك والانهيار.
وإن من القواعد المهمة التي يستقر عليها بناء الأسرة مسألة القِوامة التي أوكلها الله ـ سبحانه وتعالى ـ للرجل بقوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]، هذه القِوامة التي حاول أعداء الإسلام ودعاة التغريب من أبناء جلدتنا استغلالها في تحريض المرأة المسلمة عليها مُدَّعين أن المرأة المسلمة تعيش حياة قهر واستبداد وذل وخضوع واستغلال من قِبَل الرجل، وأنها مقيدة لا تستطيع الحراك إلا بإذنه وبأمره. فحرضوها وشجعوها على التمرد بدعوى رفع الظلم عنها، وإطلاق حريتها، ومساواتها بالرجل سواء بسواء.
لقد أصبح واضحاً ومكشوفاً ولم يعد خافياً على أحد ـ اللهم إلا على ذي بصيرة عمياء أو ذي قلب قد ختم الله عليه ـ أن هذا التحريض ما هو إلا دعوة للتمرد على أحكام
الدين وتشريعاته لتحطيم قواعد المجتمع الإسلامي وأسسه الثابتة، وتدميره من خلال تقويض دعائمه التي من أهمها على الإطلاق الترابط الأسري والاجتماعي.
نحن نرى أنه لابد للمؤسسات والشركات التجارية من وجود مدير أو رئيس لها يدير شؤونها، وما على العاملين بها إلا السير وفق توجيهاته الإدارية. والأسرة في حقيقتها هي الأخرى مؤسسة، وبحاجة إلى رئيس يقوم بالإشراف عليها؟ وكيف يمكن للأسرة أن تستقيم ولها رئيسان يتنازعان أمرها؟ ومن أحق بهذه الرئاسة: المرأة أم الرجل؟ وهل قوامة الرجل على الأسرة إلغاء لشخصية المرأة كما يدَّعي المنحرفون؟
إن الخصائص التي منحها الله ـ سبحانه ـ للرجل من قوة وشجاعة ورباطة جأش وتحمل للمشاق والصعاب وثبات عند النوازل والزلازل تتناسب وهذه المهمة التي أوكلها الله إليه؛ فهي تجعله أقدر على القوامة وإدارة الأسرة والسير بها إلى بر الأمان. أما المرأة فهي تفتقد لتلك الخصائص الموجودة عند الرجل وهو ما يجعلها غير مؤهلة للقوامة؛ لأنها زُوِّدت بخصائص تتناسب ومهمتها في هذه الحياة وهي حضانة النشء وتربيته ومنحه ما يحتاجه من رقة وعطف ولين، وغير ذلك مما تتميز به المرأة عن الرجل. فالله ـ سبحانه وتعالى ـ قد خلق المرأة والرجل، وزودهما بالصفات الجسمية والنفسية التي تتناسب ومهمة كل منهما.
يقول صاحب الظلال ـ رحمه الله ـ: «إن هذه القوامة ليس من شأنها إلغاء شخصية المرأة في البيت ولا في المجتمع الإنساني، ولا إلغاء وضعها المدني، وإنما هي وظيفة داخل كيان الأسرة لإدارة هذه المؤسسة الخطيرة وصيانتها وحمايتها».
فمسألة القوامة مسألة خطيرة لا يجوز أن تتحكم بها أهواء البشر ونزواتهم، ولها من الأهمية ما يدعو إلى الإصرار عليها من قِبَل الرجل وعدم التفريط بها؛ فهي مسؤولية كبيرة ألقيت على عاتقه وسيُسأل عنها يوم القيامة. يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يَحُطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة .
وقال: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .. والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها..».
فلا يجوز للرجل المؤمن المسلم أن يخضع لدعوات التغريب وأعداء الإسلام الحاقدين والاستجابة لهم ليثبت أنه رجل عصري ومتحرر، وأنه من أنصار المرأة والحفاظ على حقها؛ فهذا لا يجوز؛ لأن الذي شرع القوامة هو الخالق سبحانه وتعالى، وهو أعلم بمن خلق وما يصلح لهم وما لا يصلح: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] .
إن أكثر المشكلات والخلافات الأسرية والعائلية والاجتماعية تنشأ بسبب تنازل الرجل عن حقه في القوامة وتسليمها للمرأة. وما نشاهده اليوم من نشوز كثير من النساء وتمردهن ما هو إلا نتيجة لسلبية الرجل وتخاذله في هذه المسألة.
فلو أدرك الرجل خطورة تخليه عن القوامة ونتائجها السيئة التي ستعود عليه في المستقبل وعلى أسرته لعض عليها بالنواجذ.
كم نرى من رجال ملتزمين دينياً إلاَّ أن زوجاتهم أو بناتهم سافرات متبرجات كاسيات عاريات. يقول صلى الله عليه وسلم: «سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على
السروج كأشباه الرجال ينزلون على أبواب المسجد نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن؛ فإنهن ملعونات».
كم من الرجال من نجده يعيش همّاً بالليل وذلاً في النهار نتيجة تراكم الديون عليه من جراء طلبات زوجته التي لا تنتهي ولا تتناسب مع دخله المادي؛ وذلك لإسكاتها وإرضائها أو خوفاً منها؛ فمن الذي دفعها إلى هذا؟ أليس هو تخلي زوجها عن حقه في القوامة؟
وكم مِن النساء مَنْ حاولت أن تسلخ زوجها عن والديه وتخلق الفتنة وتزرع الفرقة بينه وبين أشقائه لتبعده عنهم وتلصقه بوالديها وإخوتها وأقاربها؛ تسلط الأضواء على كل خطأ يصدر عن أهل زوجها وتغض الطرف عن محاسنهم. ولو كان الأمر يتعلق بأهلها لانعكس الأمر تماماً. ومن المؤسف حقاً أن مجتمعنا يعاني الكثير من هذه الأمور. إن السكوت عن هذه الأمور وتجاهلها دون السعي لإيجاد حل لها سيؤدي حتماً إلى العداوة والبغضاء بين أفراد العائلة الواحدة. وفي اعتقادي أن السبب الرئيس في هذه المسألة يعود إلى سلبية الرجل وضعف شخصيته وتنازله عن حقه في القوامة.
إن المرأة إذا كانت تعاني من ضعف الوازع الديني ولا تعي ما لها من حقوق وما عليها من واجبات سوف تحاول إخضاع زوجها لها بشتى الطرق والأساليب؛ فإذا وَجَدَت تنازلاً واحداً منه سعت إلى المزيد حتى تتم لها السيطرة التامة والتحكم فيه كما تشاء، ثم تفرض سيطرتها على المنزل بكامله ويصبح الزوج المسكين عندها مجرد بنك لا أكثر ولا أقل.
فمن المسؤول عن ذلك؟! واللهِ إنه الرجل وليس أحداً غيره. يقول صاحب الظلال ـ رحمه الله ـ: «لعل من الدلائل ما أصاب الحياة البشرية من تخبط وفساد ومن تدهور وانهيار، ومن تهديد بالدمار والبوار في كل مرة خولِفَتْ فيها هذه القاعدة فاهتزت سلطة القوامة في الأسرة، واختلطت معالمها، أو شذت عن قاعدتها الفطرية الأصلية».
وهنا سؤال يطرح نفسه: هل هناك دور للمرأة في استقرار الأسرة؟
نعم ! إن دور المرأة لا يقل أهمية عن دور الرجل؛ لأنه مكمل له؛ وينجلي دورها هنا في طاعة الزوج في المعروف، ولو لم يكن لطاعة الزوج أثر إيجابي بالغ لما حض عليه وأرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؛ فقد وردت أحاديث كثيرة تحض على هذا الأمر ومنه قوله - عليه الصلاة والسلام -: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت».
وقال أيضاً: «أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة».
وفي المقابل إذا باتت المرأة وزوجها غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح .
وطاعة الزوج تكون في غير معصية الله سبحانه وتعالى؛ إذ «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» .
وتكون طاعته في حضوره وفي غيابه؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34].
إن طاعة الزوج واحترامه وتقديره يساعد على تنمية المحبة في قلبه لزوجته، والعطف والحنان عليها مما يشعرها بالاطمئنان والأمان الذي سينعكس على أفراد الأسرة جميعهم مما يساعد على تماسكها ويبعدها عن التفكك والانهيار.
ولتعلم المرأة المسلمة أنه ليس من مصلحتها إطلاقاً ولا من مصلحة أبنائها، بل ولا من مصلحة ذويها أن تحاول سلب زوجها القوامة؛ فإن تمادت في ذلك واستطاعت السيطرة والتحكم في طفولة الأبناء فسوف تتلاشى سيطرتها عليهم في عمر المراهقة، هذا العمر الذي يتميز بالتمرد والعصيان؛ فهم في حاجة ماسة إلى سلطة قوية وحازمة وهذا ما تفتقده النساء عموماً؛ لأنه ليس من طبيعتهن القوة والحزم وإنما اللين والعطف والحنان.
فلتعد المرأة المسلمة إلى ظلال الشرع الحنيف الذي يحميها وأسرتها من تلك الفتن التي عصفت بالمجتمع الإسلامي تحت مسمى حقوق المرأة ومساواتها بالرجل وتمردها على كل القيم والأخلاق الفاضلة الكريمة.
وليعلم كلٌّ من المرأة والرجل أن الأساس الذي يقوم عليه التشريع للناس وتحقيق مصالحهم وسعادتهم في هذه الحياة هو ما أمر الله به ـ سبحانه وتعالى ـ وأذن به، وليس ما أمر به أعداء ديننا الحنيف. قال ـ تعالى ـ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]. فلا بد من تعاون المرأة والرجل سوياً للحفاظ على كيان الأسرة وأمنها؛ وذلك من خلال سد كل الثغرات التي تؤذيها؛ ولا يتحقق هذا الأمر إلا بالالتزام الكامل بما أمر به الشرع وأرشد إليه حتى يكونا القدوة الحسنة والمحضن الآمن والمستقر لأبنائهما؛ لأن القدوة الحسنة الصالحة هي الأساس المتين لتربية جيل فاعل وبنّاء في المجتمع؛ فإن فَعَلا ذلك يكونا قد قاما بأداء ما عليهما من الحقوق والواجبات التي أوجبها عليهما الإسلام، ويكونا قد شاركا بجهدهما في تكوين الأسرة الصالحة بكل الخصائص والمقومات التي دعا إليها ديننا الإسلامي الحنيف مما يسهم في بناء مجتمع متميز بآدابه وسلوكه وقيمه ومبادئه العظيمة، وتكون القدوة الصالحة لباقي المجتمعات ويتحقق فينا قوله ـ تعالى ـ: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران: 110] .
ولا بد من كلمة أخيرة أود أن أوجهها إلى الرجل وهي أن مفهوم القوامة في البيت ليس معناها إلقاء الأوامر والتحكم الجائر أو القهر والاستبداد أو الظلم أو الاستعباد لمن تحت رعايته.
يقول ـ تعالى ـ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [النساء: 19]، ويقول صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله».
وقال ـ تعالى ـ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. [الأحزاب: 21] .
فمن الواجب على الزوج المسلم أن يكون عطوفاً حنوناً ومحباً لأسرته، ليِّناً في المواقف التي تتطلب اللين، حازماً في المواقف التي تستدعي الحزم.
ومن مستلزمات القوامة أن يكون الزوج قدوة حسنة في التزامه الشرعي وسلوكه حتى يستطيع أن يؤثر فيمن تحت رعايته. يقول ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}. [الصف: 2 - 3] .
ويقول ـ تعالى ـ أيضاً: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44].
فإن استطاع الرجل أن يحقق تلك الصفات فإنه - بإذن الله- يتمكن من الوصول بأسرته وبمجتمعه إلى بر الأمان.
وعندئذ يظهر للجميع أثر القوامة الشرعية التي كلَّفَ الله - سبحانه وتعالى - بها الرجل لتحقيق استقرار الأسرة الذي ينعكس أثره على المجتمع الإسلامي كله.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/81)
حكايات من واقع الشباب!!
مسايرة كل ما هو جديد وغريب.. والغضب لأقل الأسباب
"المراهقة" هي المرحلة التي تتفتح خلالها الزهور.. هي بداية الإدراك والتمييز لمعنى الحياة والوجود.. فيها تتبلور الشخصية وتبدأ في البحث عن الذات.. تتحول من الاستقبال والتلقي إلى البناء والانطلاق وأحياناً الجموح.
ولذلك كان لا بد في تلك المرحلة الحرجة من العمر من مشاركة الأسرة والمجتمع والمدرسة في إرساء دعائم شخصية المراهق أو المراهقة وثبيت أقدامهم على الطريق الصحيح، لكي ينشأ مجتمع قوي سوي سليم.
غير أن الذي نلاحظه باستمرار، هو أن نسبة لا يستهان بها من جيل الشباب في هذا العصر، يحاولون باستمرار تتبع كل ما هو جديد من "صرعات الموضة" ، سواء في المبلس أم المأكل ، أو حتى أسلوب الحياة؛ اعتقاداً منهن بذلك يسايرون طبيعة العصر، في حين أنهم قد لا يدركون أن تلكم السلوكيات قد ترتد عليهم بأضرار كبيرة ولا حصر لها.
شرين الطيب مدرسة ثانوي، تقول: وجدت إحدى الطالبات وقد أحضرت كعكعة حمراء على شكل قالب وحاولت أن تخفي تحت الزي المدرسي بلوزة حمراء وكان معها بعض الورود الحمراء أيضاً.
وقد تعجبت كثيراً من هذه التصرفات ثم تذكرت أن الصحف والمجلات الأجنبية نوهت بما يسمى عندهم بعيد الحب.
عندما سألت الفتاة لماذا أحضرت هذه الأشياء؟
في البداية ادعت أنها مجرد محض صدفة، اقتربت منها أكثر وبدأت أشرح لها ولزميلاتها ما هو عيد الحب (في الثقافة الغربية) ، ملخص القصة أنه عندما تحول فالنتينو من الوثنية إلى المسيحية أنكر عليه مجتمعه هذا الاتجاه وقاموا بإعدامه، فاعتبر الناس ذلك اليوم هو يوم الوفاء له ، وسُمي عيد الحب، فهل بعد كل هذا نشاركهم ونحتفل معهم؟
وهنا أنكرت تلميذاتي في صوت واحد هذا الاحتفال، وقلن: أنت على حق يا أستاذة! ومن واقع هذه التجربة وغيرها أرى أن خير وسيلة لإقناع المراهق أو المراهقة هي المناقشة الجادة، البعيدة عن الأوامر، فقد تحاول البنت أن ثبت شخصيتها بالاندفاع وراء الأفكار المستوردة، لكن المناقشة تنمي بداخلها النظرة السليمة التي جبلها الله عليها وتفتح بداخلها ينابيع الخير والهداية، وتحرص كذلك في المدرسة على عقد الندوات الدينية التي توجه البنات بشكل غير مباشر إلى الهداية والصواب، وتفتح أمامهم مجال الأسئلة في أمور الدنيا والدين.
الريجيم وصديقتي الصغيرة
الدكتورة حسن عاصم غلام تقول: عندي 4 أبناء أكبرهم بنت تبلغ من العمر 13 عاماً، تتطلب طبيعة عملي قضاء ساعات طويلة من النهار خارج المنزل، ولذا فإنني أحاول تعويض أولادي عن غيابي عنهم بالهدايا والحلوى والشوكولاتة.
وقد لاحظت على ابنتي الكبرى أنها بدأت تمتنع عن تناول الحلوى وأحياناً لا تأكل أي شيء على الإطلاق، وعندما سألتها عن السبب أجابت أنها بدأت في عمل ريجيم لتخفيف الوزن، مع أنها لا تعاني زيادة الوزن إلا قليلاً، حاولت أن أوجهها لكنها رفضت، ثم قمت بتجهيز الأكلات المنخفضة السعرات الحرارية ولم تستجب، وظلت على هذه الحالة فترة طويلة ما أدى إلى إصابتها بالهزال الشديد حتى كان اليوم الذي فأجأتها حالة إغماء في المدرسة، وهنا أخذت إجازة من عملي وبقيت بجانبها أهتم بها وأعطيها المقويات والعصائر والأكل الصحي حتى أخذت ابنتي في التحسن تدريجياً بقينا معاً ساعات طوال تحكي لي عن زميلاتها وعن نكاتهن وعن دراستهن فأدركت سر الريجيم الذي اتبعته، فقد كان محاولة لتخفيف الوزن وفي الوقت نفسه لجذب انتباهي إليها، وقد أخبرتني فيما بعد بأنها كانت تحتاج إلى الاهتمام والحب مني أكثر من الهدايا والحلوى.
وبالنسبة لي، كنت أعتبرها قد كبرت ولذا أوليها اهتماماً أقل من إخوتها الصغار، والآن أصبحت لي صديقة جديدة صغيرة هي ابنتي تستشيرني وأستشيرها وأشركها معي في شؤون إخوتها، أحاول أن أجعلها تحس بذاتها وأحاول أن أحتويها وأعطيها الحب والأمان والاهتمام.
شهادة تفوق مزورة
الدكتورة فايزة العسال طبيبة الأسرة تقول: تتميز مرحلة المراهقة بتغيرات هرمونية حادة ؛ ما ينعكس على المراهق ونفسيته فيشعر في بعض الأحيان بالغضب والثورة لأقل الأسباب، وأحيانا قد يشعر بالاكتئاب وعدم التركيز، وقد جاءت لي إحدى المراجعات تشتكي من ابنتها وتأخرها الدراسي، وكيف أنها في محاولة منها لإخفاء هذا التأخر، قامت بتزوير الشهادة التي حصلت فيها على درجات ضعيفة وقدمت لولي أمرها شهادة متفوقة.
ثم طلبت منها الأستاذة استدعاء والدتها فانكشفت الحقيقة التي حيرت الأم فلجأت إليَّ لتسألني عن الحل، استدعيت الابنة وكانت تبدو في حالة من الشحوب والضعف وتشتكي من الصداع المزمن وعدم القدرة على التركيز.
بدخول الفتاة مرحلة المراهقة امتنعت عن الكثير من الأطعمة المفيدة وأخذت في التركيز على الشيبس والعصائر، وبتحليل نسبة الهيموجلوبين ثبت إصابتها بالأنيميا الحادة نتيجة نقص تناول الحديد والفيتامينات وخصوصاً "ب" المركب والحديد.
ولذا أنصح الأمهات أن يولين العناية والرعاية الصحية والنفسية للبنات في تلك المرحلة، وكذلك تقوية الوازع الديني لديهن الذي يؤدي إلى الشعور والاطمئنان، وبالتالي تمر فترة المراهقة وقد ازدادت البنت إيماناً وصلابة وقدرة على مواجهة الحيا
ـــــــــــــــــــــــــ(110/82)
جمال سلطان يكتب عن: أحلام المراهقين !
... كان التحقيق منشورًا على صفحة كاملة من جريدة عربية كبيرة ، وهو يتحدث عن أحوال المرأة العربية وطموحها ، وكان الموضوع المحوري هو عمل المرأة كقاضية ، والعنوان الكبير للموضوع : " حلم متى يتحقق ! " .. الموضوع والعنوان يلخصان حالة "المراهقة الحضارية" التي تعيشها نخب عربية متغربة ، ما تزال تنظر بعين الانكسار والدونية إلى القيم الغربية دونما نقد أو تمحيص أو حتى تأمل في هذه القيم وقيمتها الإنسانية واتساقها في مجتمعاتنا ونتائجها في المجتمعات الأخرى ، كما أن نزعة المراهقة هذه لا ترى من الحضارة إلا شكلها وصورتها ، هي تبحث عن الشكل الجمالي دونما نظر إلى الجوهر والموضوع والقيمة الأساسية ، ولذلك لم يكن غريبًا أن يحلم مثقفون عرب بعمل المرأة كقاضية قبل أن يحلموا بأن تسود العدالة ذاتها في النظم القضائية العربية ، هم لا يحلمون باستقلالية حقيقية للمؤسسة القضائية ، وفصل حقيقي وجاد ونزيه بين السلطة القضائية والسلطتين التشريعية والتنفيذية ، وهو بالمناسبة مبدأ نبيل أول من أسس له الإسلام وحضارته ، هم لا يحلمون بضمانات حقيقية للقضاة تحقق لهم الكرامة والاستقلالية والشفافية والثقة في النفس ، وإنما فقط حلمهم أن يتم تعيين المرأة في سلك القضاء ، ولا يهم أن تكون جزءا من فساد عام ، أو نظام قضائي فاسد من حيث الأصل ، ولا توجد له استقلالية أو صلاحيات حقيقية ، المهم أن يكون "شكلنا" حسنا أمام الآخرين حتى يقولوا : إننا سلكنا مسلك الأمم المتحضرة ، وأذكر أن الدكتور طه حسين عندما سافر إلى فرنسا في نهاية الربع الأول من القرن العشرين راح يدون مذكراته وينشرها في مقالات في الصحف المصرية آنذاك ، وكانت هناك مقالة ما أزال أذكرها من دراستي لتاريخ الرجل ، عنوانها " سارة برنار " وهذا اسم ممثلة فرنسية مسرحية كانت تمثل أدوار البغاء والفجور على خشبة المسرح ، وكان طه حسين مغرمًا بها ويشرح بنفسه في المقال أنها كانت تقبل وتعانق على المسرح حقيقة وليس تمثيلاً لإثبات جدية دورها ، ثم يتساءل طه حسين معقبًا : متى تشهد مصر نابغة مثل سارة برنار أو على الأقل متى تصل مصر إلى الرقي الحضاري الذي يمكنها من تقدير فن نابغة مثل سارة برنار ؟! ، وبعد قرابة ثلاثة أرباع القرن تقريبا على هذه المقالة ، ما يزال منطقها يسود خطاب النخبة المتغربة في بلادنا ، البحث عن الشكل لنخدع به أنفسنا أننا متحضرون ، بغض النظر عن سلامة القيمة ذاتها أو صلاحيتها لنظامنا الاجتماعي والإنساني والتشريعي ، والذي تابع تقارير وأخبار الأسبوع الماضي وخاصة عن
الانتخابات التي تمت في البحرين والاحتفال الكبير بمشاركة المرأة فيها ، وكأن هذا نصر حضاري عظيم سيضع يده على نموذج لهذه الشكلانية والمراهقة في تصور معنى الحضارة والتحضر ، وفي الواقع فإن امرأة واحدة لم تنجح في الانتخابات ، لسبب بسيط وهو أن المواطن العادي يبحث عن " الحقيقة " والقيمة التي تمس حياته ولا يعنيه خطاب الحداثيين والمتغربين ، ولا يشغل باله طويلا بأحاديث بعض "المشايخ" الذين يجهدون أنفسهم بلا طائل من أجل البحث عن نص أو هامش أو متن فقهي يواكبون به نزعات الشكلانيين العرب ، كما أن ما حدث دليل متجدد على أن المتغربات غرباء حتى عن نساء أمتنا ، وهم ما يزالون - ولن يزالوا - شريحة هامشية تمثل شذوذا حقيقيًا عن المرأة العربية المسلمة ، خاصة وأن انتخابات البحرين عرفت تصويت المرأة في الاقتراع بما يعني أن النساء أنفسهن رفضن هؤلاء المتغربات ، وفي أكثر من بلد عربي تجري فيه مشاركة المرأة في العمل السياسي لا تتعدى المحصلة واحدًا في المائة ، كما هو الحال في بلد مثل مصر له تجربة تصل إلى ما يقارب القرن ، والمثير للدهشة ويدعو للتأمل أن أعلى نسبة لنجاح المرأة في النشاط البرلماني والسياسي هي في الدول العربية التي توصف نظمها بالدكتاتورية والاستبداد وتزوير الانتخابات والتي يحصل زعماؤها على نسبة الخمس تسعات المعروفة في أية انتخابات ، الأمر الذي يجعلنا نخشى أن تتحول مثل هذه الدعوات إلى مجرد "غطاء" لستر عوارنا الحضاري الحقيقي ، والهرب من استحقاقات العدالة والكرامة والحرية والاستقلال والشفافية وحقوق الإنسان الحقيقية لا الموهومة ، وصدق صاحبي الذي قال لي يوما : كلما سمعت حديثا متزايدا عن حقوق المرأة في بلادنا وضعت يدي على قلبي من موجة قمع واستبداد قادمة ، .. والله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــ(110/83)
التجاهل سلوك تربوي في علاج سلبيات المراهقين
... تقوم ابنتي المراهقة ببعض الأعمال التي تستفزني، خاصة في تعاملها مع أخوتها الصغار، وكذلك عندما أطلب منها المساعدة في أعمال المنزل، مما يجعلني أتصرف تجاهها بانفعال وعصبية شديدين، هل رد فعلي هذا صواب أم خطأ؟ وما هو الأسلوب الأمثل في مثل هذه الحالة؟
............................
بعض سلوكيات المراهقين تنتج عن ردود الأفعال التي يقوم بها آباؤهم، فبعض المراهقين يدركون أن الشكوى والغطرسة، والهيجان الانفعالي والتمتمة بصوت خافت ستثير رد فعل الآباء، هكذا يقول الدكتور "دون فونتيل" - أخصائي وخبير علم النفس - ويؤكد أن تجاهل السلوك السلبي للمراهقين بمعنى تجاهل الأفعال غير المرغوب فيها يعتبر طريقة فعالة للعقاب، ولكن معظمنا لا يستخدمه بصورة متكررة؛ لأنه من الصعب أن ينفذ.
ويشير د. فونتيل إلى أنه : لا يجب أن نتجاهل السلوكيات التي توقع الفوضى في نشاطات الآخرين، والتي يمكن أن تؤدي إلى إيذائهم أو خسائر في ممتلكات الغير، أو التي تسبب إهمالا في أداء الواجب.
ويجب التعامل مع هذه السلوكيات باستخدام النتائج الإيجابية أو السلبية.
ويتم التجاهل بعدم الاهتمام بالسلوك الذي يقوم به المراهق، بمعنى أنه يجب أن تتظاهر الأم كما لو أن السلوك غير موجود، فإذا كانت الابنة تتمتم مثلا ؛ لأنها تطوي الملابس المغسولة يمكن للأم التظاهر بأنها ليست موجودة في الغرفة، أو أنها لاتسمع ما تقوله، وينصح د. فونتيل الأم بأن تظل هادئة، وأن تنفيذ ما تريد بالهدوء وعدم العصبية.
ويشير د. فونتيل إلى أنه : يجب على الأم أن تكون متزنة عند اختبار النتيجة العقابية للتجاهل في التعامل مع السلوك المعين، فإذا قررت تجاهل شكوى الطفل أو تمتمته يجب أن تفعل هذا كل وقت يحدث فيه السلوك نفسه، فلا يمكنك تجاهله مرة ما، ثم تولين عناية به المرة التالية، ثم تعودين لتجاهله؛ لأن تذبذبك يمكن أن يكون حافزًا كافيًّا ليجعل السلوك يستمر.
وعلى الأم أن تتوقع أن يسوء سلوك ابنها أو ابنتها المراهقة أو تزداد حدته قبل أن يصبح أفضل. فالطفل ـ مثلا ـ يمكنه مضايقة والدته عادة في عشر دقائق، ثم ينجح في الحصول على ما يريد، ويمكن أن يستمر هذا السلوك فترة أطول تتراوح من خمس إلى ثلاثين دقيقة عندما يتم تجاهله في البداية، ولكن عندما يدرك أن هذا السلوك لا يفيد ولن يوصله لغرضه يبدأ في إنقاص تكرار حدوثه وحدته.. وهكذا يمكن للأبوين بقليل من التجاهل حل بعض المشكلات دون عناء وتعب.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/84)
الحرية.. "الفردوس المفقود" داخل الأسرة
... دائما ما يختلف مفهوم الحرية من فرد إلى آخر ومن جيل إلى جيل، حتى داخل الأسرة الواحدة نجد أن مفهوم الآباء للحرية يختلف عن نظرة الأبناء، وهو ما يؤدي إلى الصراع الأبدي المعروف باسم صراع الأجيال، فكيف يرى كل واحد حدود حريته؟ هذه ما سنعرفه من خلال التحقيق التالي..
عن مفهوم الحرية داخل الأسرة تقول أميمة غريب -20 عاما-: أتمنى أن أجد أبًا متفهماً، يفهم تماما معنى الحوار، ولا يدعي التحرر والمرونة ولا يتشدق بهما، لا يعتبر ما يعطيني إياه من حقوق مشروعة لي منحة يتكرم بها، ولا يعترف أنها من الحقوق الطبيعية جدا للأبناء، تعطى لهم حسب تدرج أعمارهم، وحين يحدث الخلاف بين الأب وأولاده، يتحول ذلك الأب فجأة إلى ديكتاتور يسحب جميع المنح منهم, فكلمة أب لا ينبغي أن تعني أنه يملك مصائر أولاده أو حياة أحدهم.
الأب المستحيل
وتتساءل أميمة، هل من المستحيل في هذا الزمان أن نجد أبا يتفهم نفسية ابنه أو ابنته إذا مر أحدهما بأزمة نفسية أو عاطفية أو بمشاكل مرحلة المراهقة ؟.. الأب الذي تحتاجه البنات يجب أن يتفاعل معهن.. يجب أن تحكي له ابنته مشاكلها؛ لأنه يفترض في الأب أنه يختلف عن الأم في معالجته لبعض الموضوعات أو في التعامل معها، ومن واجباته أن يعلم بناته كيف يتخذن قرارا وأن يجعل حياتهن تتقدم إلى الأمام وتسير دون أن يفسدها أحد..
وتواصل أميمة قائلة: كذلك يجب أن تكون الأم صابرة، وأن تدرك أن المساحة التي تتحرك فيها بنتها مختلفة عنها، ويجب ألا تتعامل الأمهات مع بناتهن بمنطق "اطوي البنات تحت جناحك " يجب أن تجذب الأم ابنتها داخل عالمها وأن تتقرب لها، ولابد أن يحدث هذا لي دون علمي بأنها تفعله، لأن هذا لا يتم ( بالعافية ) أي بالقوة .
سريع الصدام..
حنان إبراهيم -19سنة- تقول: من الممكن أن يكون الأب كارهًا لأفكار أولاده، لكنه قادر أن يفهمها، وهنا فقط يستطيع التعامل معها فيقلل الصدام، لأنه من المفروض أن يساعد الأب الأبناء على الخروج من مشاكلهم ويعلمهم كيف يتصرفون بحكمة.
ولا بد أن يعطي الأب أو الأم لأولادهما فرصة الكلام والتعبير عن أنفسهم وأفكارهم فهل يصبح هذا خطأ في هذا الزمن؟
وأرى أن معظم الأمراض النفسية للأبناء دائما تنشأ كنتيجة لسوء التربية في الصغر؛ فالأبناء دائما في حالة كبت ولا يعرفون إلى من يتحدثون.
معادلة صعبة
شادي وجيه -25عاما- يقول : إن الحرية داخل الأسرة معادلة صعبة فهي تتطلب أبا مثقفا ومتحضرا يناقش قبل أن يعطي خلاصة تجاربه في الحياة، ويعلم أولاده عدم الخوف، ويعطيهم الفرصة للتجربة ولممارسة حقوقهم، وأن يتعلموا عواقبها، ويعلمني كيف أتعامل مع الفشل أو النجاح.
ليست منحة
علاء إبراهيم -21 سنة- يقول: لا يصح أن يعتبر الوالد حق الحرية منحة منحها للابن لأنه المتسبب في وجوده، ولا يصح أن يلجأ الأب الكبير وقائد الأسرة إلى منطق المساومة مع الأبناء، ويجب أن يتوافر عند الأب منطق السماح والمغفرة، وأن يكون حكيما وليس ممسكا بالعصا التي تهدد الأبناء، ويستوعب حكمة سيدنا عمر بن الخطاب عندما قال : " لا تعلموا أولادكم عاداتكم، فقد خلقوا لزمن غير زمانكم" فكأنه كان يقرأ المستقبل، وهو المنهج العلمي الحديث الذي توصل إليه العلماء والباحثون وهو منهج الدراسات المستقبلية.
تنازل الأب
وعن قضية الحرية والحوار بين الآباء والأبناء، تقول الدكتورة زينب حسن أستاذ التربية بجامعة عين شمس: الأب لا بد أن يتنازل عن سلطته وقهره لأبنائه، وفي الوقت نفسه على الابن أن يثق بمشاعر والديه، وأن يكون هناك دائما حسن نية في العلاقة، لكن المشكلة تظهر أكثر لو كانت سلطة الأب والأم قاسية، ويشعر الأبناء بالقيود والاختناق من والديهما، وهو ما نسميه بالحب الخانق في علم النفس، والذي ينتج عن كثرة القلق والهيمنة الزائدة والمتابعة المستمرة وشدة الخوف كل هذا يقتل الأبناء نفسيا ويسبب لهم مشاكل مؤلمة.
فن الحكي
وتضيف قائلة: لا بد أن يعتاد الآباء مع أبنائهم فن الكلام والحكي.. كل يأتي من عمله أو مدرسته فيحكي للآخر بشكل حميمي - وليس في شكل استجواب أو تحقيق- ما مر به في يومه، فمن المؤكد إذا قالت الأم لابنتها : " إياك " أن تفعلي هذا، وكان الأمر
صريحا وعنيدا فستتوقف الابنة عن الحكي لأمها، لكنها لن تتوقف عن ممارسة الفعل، فالأمر يتطلب الذكاء الاجتماعي للوالدين والمرونة والحكمة، لكن المشكلة الحقيقية أننا أصبحنا في زمن به الكثير من المؤثرات الخارجية الضاغطة التي سببت تشويهًا لمعانٍ كثيرة في الحياة، فالأفضل أن ينشأ حوار مستمر بين أفراد الأسرة حتى يكتشف الوالدان مواضع الخلل في أبنائهما إن وجدت، فمن المؤكد أن "الفرمانات" تغلق أبواب الحوار.
المنع ليس الحل
وتواصل الدكتورة زينب حسن قولها : ومن الأشياء الأخرى التي لا بد للآباء والأمهات أن يراعوها، عدم العصبية الزائدة بما لا يتناسب مع الحدث نفسه، ما يثير الأبناء ويكرس لديهم العصبية والحدة.
وتقول الدكتورة زينب حسن: اذا ما قامت علاقة حب بين اثنين من المستحيل أن تتشوه هذه العلاقة أبدا، وأعتقد أن لا شيء يحل الأزمة بين جيلين سوى حب صادق بين الآباء والأبناء، هنا فقط يتحقق المثل الشعبي المصري "حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمني لك الغلط ".
الثقة الغائبة
الدكتورة سوسن عبد اللطيف أستاذ الاجتماع وعميد معهد الخدمة الاجتماعية بالقاهرة سابقا تقول: الحرية بين الجيلين قضية أزلية، فكل جيل يتصور أن الجيل السابق له متخلف عنه، ولا يعرف شيئا، بينما ينظر القديم إلى الجديد بحذر ويعتبره مفرطاً في القيم ومستهترا ، والجديد في هذا الوضع أن صراع الأجيال أصبح قويًا وعنيفًا نظرا للقفزات الكبيرة التي تمت في القرن العشرين، سواء ماديا أم معنويا أو تكنولوجيا وما يشاهده الأبناء في الأفلام الأمريكية مما أثر على العلاقات، وجعل هناك فجوة أكبر بين الآباء والأبناء، خاصة في مجتمعنا الشرقي المسلم، فعندما ننظر إلى أبنائنا نجد اللغة التي يتحدثون بها مختلفة وكذلك القيم والمفاهيم.
ولكن لماذا تزيد حدة الصراع في مجتمعاتنا الشرقية بالذات ؟
تجيب د.سوسن قائلة: المجتمعات الغربية تطورت تدريجيا، فالابن يترك الأسرة في سن صغيرة، ويعمل ويعول نفسه، وبصرف النظر عما إذا كان هذا تغيرا سلبيا أو إيجابيا فإنه تغير حدث بالتدريج وفي سياق تطور المجتمع ماديا، أما نحن فقد انعكس ذلك كله علينا فجأة، وأخذنا من التطور القشور وأصبحنا نعاني من التفكك الأسري والبانجو والعلاقات المتحررة والأغاني السريعة.
وقديما كانت الأسرة هي التي تنشئ الابن بنسبة 70%، وتشارك العوامل الأخرى في هذه التنشئة بنسبة 30%، أما اليوم فقد حدث العكس ودور الأسرة أخذ في الانحسار أكثر فأكثر لأن الأولاد في الماضي كانوا يذهبون للمدرسة، ثم يعودون للبيت حتى اليوم التالي، بينما اختلف ذلك الآن وأصبح هناك قصور في التعليم، وانتشر البانجو والعنف وضرب المدرسين والتعليم عن طريق التلقين وليس الممارسة، وبدأ الابن يحتك بأولاد آخرين ويتأثر بسلوكياتهم، وعندما يرى زميله في الصف الثاني الابتدائي معه موبايل، أو يلبس ويتحدث بطريقة معينة، فإنه يتأثر به، هذا إلى جانب وسائل الإعلام والتلفزيون المفتوح طوال اليوم والنادي والشارع والشلة.
والخلاصة التي تنتهي إليها الدكتورة سوسن هي أن ضبط إيقاع الحرية داخل الأسرة يقع بصورة كاملة على كاهل الأبوين، فعليهم أن ينشئوا أبناءهم -تدريجيا- على الحرية الملتزمة التي تعرف الحدود، ومنذ صغرهم لا بد من تكوين الوازع الديني لديهم، وزرع مفاهيم الصواب والخطأ والمقبول والمستهجن، وحقنهم بتطعيمات "مضادة" للانبهار بكل ما هو غربي حتى لا يتسلل إلينا كل يوم من هذه الحضارة ما يجعلنا نفقد ثقافتنا وحضارتنا الأصلية التي نعتز بها
ـــــــــــــــــــــــــ(110/85)
المرأة الفلسطينية في الخط الأخضر حارسة بوابة الهوية
الفلسطينيون لا يحاربون على الجبهات العسكرية فقط، فهناك ساحات معارك كثيرة تتكامل جميعها لتحقق هدف النصر إن شاء الله، فالاعتماد على الذات اقتصاديا معركة تحد يتحقق معها الاستقلال الاقتصادي الذي يغني الشعب الفلسطيني عن التعامل مع العدو بيعا وشراء وتجارة.
والحفاظ على الهوية الإسلامية معركة أخرى في مواجهة مخطط التهويد، الذي يجري في أرض الإسراء على قدم وساق، هذه المعركة تخوضها المرأة الفلسطينية بشموخ، ووعي، وتخطيط، وذكاء، وإصرار، مما يؤكد أن البيت الفلسطيني سلاح ماض، وحسبه شرفا أنه مزرعة الاستشهاديين والاستشهاديات الأبرار.
والمرأة في الخط الأخضر أو ما يسمي بمناطق عرب 48 أكثر تفاعلا ونشاطا في معركة الهوية لقربها المباشر من العدو، ولتفرغها النسبي الذي فرضه عليها خضوعها للقوانين الإسرائيلية، وصعوبة قيامها بأنشطة جهادية، مما جعلها تركز جهدها في العمل الاجتماعي العام الذي تتعدد روافده، ولكنها تصب جميعا في نهرالحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية لفلسطين.
تعبئة الطلاب إسلاميا
حول دور نساء الخط الأخضر في معركة الهوية، التقينا السيدة فتحية الغبارية - رئيسة جمعية "سند" إحدى الجمعيات المعنية بالأسرة والطفولة، والسيدة ختام دحلة الصحفية بمجلة إشراقة الصوت النسائي للحركة الإسلامية لعرب 48.
تقول السيدة فتحية: إن الجهد النسائي، ونشاط الجمعيات الأهلية يتفرع إلى قسمين: الكفالة المادية، والعمل الدعوي العام، فالوضع الاقتصادي في فلسطين بشكل عام متأزم، وهناك أطفال مصابون بأمراض صعبة العلاج، منهم من يتكلف علاجه 1600 جنيه كل عشرة أيام، كما يحتاج الرضيع إلى حليب بـ 400 جنيه شهريا، ومن خلال التبرعات يتم تغطية الاحتياجات الغذائية والدوائية للأسر الفقيرة أو المعدمة خاصة التي توفي عائلوها.
أما الشق الاجتماعي الدعوي، فيعتمد على تقصي الواقع وملاحقته بمشاريع إصلاح طويلة وقصيرة الأمد، فهناك - مثلا - نشاط صهيوني منظم لإفساد الشباب الفلسطيني والترويج للصداقة بين الفتيان العرب، والفتيات الإسرائيليات والعكس.
وتتم مواجهة هذا النشاط - والكلام للسيدة فتحية - بعقد الندوات الدينية والثقافية، وتعبئة الطلاب إسلاميا قبل الالتحاق بالجامعة، وتبني مجموعة قضايا ملحة مثل التثقيف الجنسي برؤية إسلامية، والمرأة الفلسطينية، ومواجهة تحديات الداخل،
والسعي لاستصدار فتاوى تحسم بعض المشكلات القائمة مثل: فتوى إباحة تبني الأطفال اللقطاء لعرب الداخل، وذلك لتفويت الفرصة على المؤسسات الصهيونية لكفالتهم ، وتشويه هويتهم، وكذلك مشروع "أبناؤنا في خطر" الذي يحاول البحث عن حلول لجميع مشكلات الأطفال والشباب، خاصة ما يتعلق بالتعليم ومناهجه وفرصه، فالتعليم مكلف جدا، خاصة أن القروض ممنوعة لطلبة الجامعة من العرب، كما أن مناهج التربية الدينية قاصرة جدا، وهناك سطوة للغة العبرية لدرجة أننا يمكن أن نجد طفلا عربيا مسلما يصلي مع الأطفال اليهود؛ لأنه لم يدرس الصلاة في مدرسته، وهذا يضاعف العبء على البيت الفلسطيني الذي عليه أن ينشيء أبناءه دينيا، ويصحح لهم ما يتلقونه من مفاهيم زائفة، ومشوهة في مناهجهم التعليمية في الوقت نفسه.
خصوصية البيت الفلسطيني
وتتحدث السيدة فتحية عما يواجه الأسرة المسلمة في فلسطين من تحديات، مشيرة إلى مؤامرات إفساد الشباب، وتعقيم النساء المسلمات اللاتي يذهبن للعلاج من عوارض نسائية في مراكز طبية يهودية؛ حيث تقتصر التخصصات النوعية في الطب على اليهود.
وتحكي عن سيدة واجهت صعوبات في الحمل، وقال لها الطبيب اليهودي: يمكن أن تحملي بسهولة، ولكن إذا لم تتمسكي بالنواحي الأخلاقية، وعندما استفسرت منه عما يقصد صارحها بأنه يمكن أن يزرع لها بويضة ملقحة من رجل يهودي فرفضت السيدة، وغادرت العيادة، وانتشرت قصتها فامتنعت النساء المسلمات عن الذهاب إلى المراكز الطبية اليهودية للعلاج، وتضيف أن تعليم الفتاة الفلسطينية يواجه صعوبات مادية كثيرة، بينما تمول الوكالة اليهودية تعليم اليهوديات بسخاء، وفي كافة التخصصات، كما أن الإعلام الصهيوني يتفنن في زعزعة القيم الإسلامية، وتشويه الأسرة المسلمة، وإظهار الإسلام على أنه دين الجنس والإرهاب، وجرائم الشرف والخيانات الزوجية.
أما السيدة ختام دحلة فتؤكد أن جهود الجمعيات النسائية في الخط الأخضر في مجال المرأة والطفولة أسفرت عن زيادة ملحوظة في وعي النساء، والتزامهن فزاد بشكل ملحوظ عدد المحجبات، وبدأ البيت الفلسطيني يأخذ شكلا جديدا في تأثيثه من خلال تخصيص أماكن للنساء توفر الخصوصية، وعدم خدش الحياء، كما زاد الإقبال على حفظ القرآن والتفقه في علوم الدين، وتضاعف عدد النساء المنخرطات في دروس المساجد; حيث تتبنى الحركة الإسلامية مشروع تحفيظ القرآن للنساء، كذلك تكشف مهرجانات الطفولة التي تعقد بين حين وآخر عن مدي وعي الطفل الفلسطيني بقضيته، وعن المواهب الأدبية والفنية لأطفال فلسطين، والتي يعبرون من خلالها عن حبهم للأقصى واستعدادهم للجهاد من أجله.
وحول مجلة "إشراقة" كمؤشر على دور الإعلام النسائي في الحفاظ على الهوية، تقول السيدة ختام دحلة: إن المجلة تهتم بالأسرة الفلسطينية من أضيق إلى أوسع الدوائر، من العلاقات الأسرية والزوجية إلى التربية، ودور الأسرة في مواجهة التحديات الثقافية فضلا عن تنوع قضاياها، وأبوابها وحرصها على تناول
الموضوعات الملحة والمهمة مثل قضايا المراهقة، والتصدي لتعديلات قانون العائلة الفلسطيني والعلاقات بين الجنسين، وغير ذلك مما يجعلها صورة إعلامية صادقة عن واقع المرأة الفلسطينية.
وقود الانتفاضة
الأسرة الفلسطينية كبيرة العدد، ويقف وراء ذلك فلسفة ورؤية واضحة، فالمرأة في هذه الأسرة تدرك أن عليها أن تشارك في جعل الميزان السكاني لصالح الفلسطينيين، وأن الطفل الفلسطيني ليس مجرد "عزوة" أو موضوع للتفاخر، وإنما هو وقود للانتفاضة والجهاد، فالأم تقدم فلذاتها واحدا تلو الآخر للأقصى، فإذا استشهد واحد كان شقيقه مشروع شهيد وهكذا.
من هنا فإن للسيدة فتحية 16 شقيقا وشقيقة، والسيدة ختام هي صغرى أشقائها وشقيقاتها الـ 1
ـــــــــــــــــــــــــ(110/86)
اعتزال وحجاب مايا شيحة
ضمن موجة اعتزال الفنانات وعودتهن إلى الله تعالى وحجابهن ، انضمت إلى القائمة الأسبوع الماضى الممثلة الشابة مايا شيحة ، التى كانت قد قدمت فى العام الماضى فيلما من أجرأ أفلام السينما المصرية واستغلاله التعري والجنس لجذب الجمهور ، وهو " أسرار البنات " والذى ناقش فى جرأة غير معهودة أخص خصوصيات الفتيات فى سن المراهقة . فعودا حميدا يا مايا .. نسأل الله تعالى أن يثبت قلبك على طاعته .
ـــــــــــــــــــــــــ(110/87)
مسؤولية التربية(3) ( التلفزيون )
...
المعوقات :
1- التلفزيون
قال عبد الله بن كثير السدي رحمه الله في الآية الكريمة : ( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها ... )
" هذه امرأة خرقاء كانت بمكة كلما غزلت شيئًا نقضته بعد إبرامه " .
إننا نهدم كل ما بنيناه في أبنائنا من الفضائل والأخلاق حينما نضعهم أمام لهب البرامج المدمرة والأفكار المنحرفة ، في مرحلة يسعى الأطفال فيها إلى فهم العالم من حولهم ، وإدراك بدايات الأخلاق والمعارف والقيم باعتبار هذه البرامج والأفكار مصدرًا للمعلومات .
إننا - معاشر الكبار - لا نستطيع أن ننكر تأثيره فينا ، مع أن الكبار يشاهدونه بغرض الترفيه والتسلية . وعلى الرغم من أنهم ينتقدون مواده وأفكاره أحيانًا .
ففي واحدة من الدراسات الغربية التي تناولت هذا التأثير ومن خلال استبانة أُجريت على ألفين من المشاهدين ترددت بكثافة عبارات مثل : أحس أنني منوم مغناطيسيًا ومسلوب الإرادة / أنه يمتص طاقتي / إنه يغسل دماغي / أحس بالبلاهة عندما أكون ملتصقًا هناك أمام الشاشة / أنه يبعثرني / التلفزيون إدمان وأنا مدمن / أحس بأولادي
مسلوبي الإرادة أثناء التفرج / إنه يحكم عقلي / إنه يجعل الناس أغبياء / إنه يحتل عقلي / إنه يجعل العقل كالمهلبية - لا شكل له - / كيف يمكنني أن أبعد أبنائي عنه وأعيدهم إلى الحياة الطبيعية .
هذا ، تأثيره على الكبار البالغين الذين يعلمون بأن كثيرًا من مشاهده من الخدع والأوهام والخرافات ؛ فما بالنا بالأطفال الأبرياء .
مظاهر تأثير التلفزيون الفكري والانفعالي على الأطفال :
أ. على مستوى العقيدة والفكر :
من خلال سيطرة السوق الأمريكية واليابانية على مسلسلات وأفلام الصغار ينعكس الاعتقاد في قوة الشمس والطبيعة والصليب وغيرها ؛ بل إن المسلسل يتضمن أحيانًا أكثر من رب ن هذا بالإضافة إلى تشويه مسيرة الإسلام وقيمه من خلال المواد المعروضة .
ب . على مستوى الأخلاق :
1. القيم السلبية
في بحث كتبه جون كوندري حول التلفزيون والطفل الأمريكي أكد أن البيئة القيمية للتلفزيون يشوبها الخلل بنفس القدر الذي يشوب البيئة الفكرية . ومن خلال ما تطرحه الإعلانات التلفزيونية كانت قيم السيطرة والنفعية والأناقة والتميز الاجتماعي من أكثرها ورودًا ، وكانت قيم الشجاعة والتسامح من أقلها ورودًا ؛ هذا بالإضافة إلى تحريف الحقائق والقيم حول الجريمة والعقاب .
وفي نهاية البحث يقول جون كوندري : إن التلفزيون لا يمكن أن يكون مفيدًا كمصدر للمعلومات للأطفال ؛ بأ إنه يمكن أن يمثل مصدرًا خطرًا للمعلومات ؛ فهو يقدم أفكارًا تتسم بالزيف والبعد عن الواقعية ، وهو لا يملك نسق قيم متماسكًا ، بخلاف تعميقه للنزعة الاستهلاكية . وهو لا يقدم سوى قدر محدود من المعلومات عن الذات ، وذلك كله يجعل من التلفزيون أداة رديئة للتكيف الاجتماعي .
2. الجنس :
كثير من الأطفال في بداية سن المراهقة أو قبلها بقليل يشاهدون التلفزيون على أنه مصدر للمعلومات حول السلوك الجنسي ؛ خاصة عند إحجام الوالدين عن التحدث مع أبنائهم حول أمور الجنس .
إنه يصور الجنس على نحو زائف ومحرف ، وعلى وجه حيواني لا يراعي قيمًا ولا مُثلاً ولا آدابًا .
3. العنف :
أحصت إحدى المجلات الفرنسية مشاهد العنف التي رآها المشاهدون خلال أسبوع واحد من شهر أكتوبر 88 ، فكانت كالتالي :
670 جريمة قتل ، 15 حالة اغتصاب ، 848 مشاجرة ، 419 حالة تراشق بالرصاص أو انفجار ، 14 حالة خطف أو سرقة ، 32 حالة احتجاز رهائن ، 27 مشهد تعذيب ، علمًا أنه لم يؤخذ بالحسبان مشاهد العنف النفسي أو اللفظي أو الإيجابي . والدراسات الغربية كافة تؤكد أن الذين يقومون بالأعمال العدوانية هم من المدمنين على مشاهدة برامج التلفزيون العنيفة ؛ بكل أثبت باحثان أمريكيان أن معدل
انتحار المراهقين ازداد بنسبة 13.5% لدى الفتيات و 5.2% لدى الصبيان خلال الأيام التي تعقب الإشارة أو الإعلان عن وقوع حالة انتحار في الأخبار المصورة أو في أحد الأفلام .
4. سارق الوقت :
هذا عنوان الدراسة التي كتبها جون كوندري حول التلفزيون والطفل الأمريكي ، ذكر فيها أنه فيما قبل التلفزيون كان أغلب الأطفال يمضون أوقاتهم في ملاحظة الأفراد ، يتعلمون المهارات والمواقف الضرورية التي تتناسب مع المجتمع ، فيكتسبون معرفة بالعالم الحقيقي الذي يعيشون فيه .
ثم تغير الوضع فأصبح الأطفال يمضون نحو 40 ساعة كل أسبوع في مشاهدة التلفزيون . وعندما نضيف لذلك أربعين ساعة أخرى تأخذها المدرسة فلن يبقى لهم سوى 32 ساعة للتفاعل مع نظرائهم وأسرهم . فكيف يتعلمون الحياة ؟!
إذن كيف يتعلم الصغار من الصورة التلفزيونية ؟
الأطفال يحبون التلفزيون ، وذلك أمر بديهي ، فالصورة التي تلتقطها العين تمارس سحرًا هو أبلغ من الكلمة المقروءة أو المسموعة مهما كان المضمون الذي تنطوي عليه الصورة ومهما كان الطفل صغيرًا .
( إن الطفل - ومنذ سن مبكرة جدًا - قادر على إدراك معنى الصورة والتأثر بها ) وبرهام ذلك هو هذه التجربة التي أنجزها أندريو ملتزوف من جامعة واشنطن ، فلقد وضع أربعين طفلاً لا يتجاوز عمر كل منهم السنة أمام شاحنة تتحرك فيها دمية شخص كبري ، فتؤدي بعض الحركات المحددة ، ثم أعطى اللعبة المعنية إلى نصف الأطفال ولم يعط الآخرين اللعبة إلا بعد أربع وعشرين ساعة لاحقة ، دون أن يشاهدوا الصورة التلفزيونية مرة أخرى في هذه الأثناء ، وتبين بالمقارنة مع مجموعات لم تر التلفزيون أن النسبة المئوية للمشاهدين للتلفزيون الذين قلدوا حركات الأنموذج كانت ذات مغزى .
الصغار يتعلمون بلا خيار منهم :
ليس للأطفال خيار عند وجودهم أمام (هذا الصندوق) إلىأن يتجرعوا ما أراد آباؤهم من السموم .
وقد أحصى المركز الدولي للطفولة أربع صور يتعلم بها الطفل من التلفزيون وهي :
- التقليد : وفيها يتقمص الطفل الشخصية التي يقلد تصرفاتها أو يتبنى آراءها (عملية إرادية).
- التشبع : وفيها يكون التقليد والتمثل بطريقة غير إرادية .
- تبدد التثبيط : بتشجيع صور تلفزيونية معينة انتقال الطفل إلى مرحلة الفعل .
- تبدد التحسيس : فبالتكييف مع الأحداث العنيفة نتيجة تكرارها ، يألفها الطفل بعد ذلك فتصبح عادية .
وبعد :
فيا أيها الآباء والأمهات : هذه تقارير بحوث في أمم لا تؤمن بالله ربًا ولا بالإسلام دينًا ، ومع ذلك تستشعر الخطر في هذا الجهاز ، فكيف إذا كان الخطر نفسه في أمة
تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله خاصة بعد وجود "الدش" و "الكيبل" الذي لم يترك فرقًا بين عربي ولا أعجمي .
فكيف يتم لك المرتقى
إذا كنت تبني وهم يهدمون
ـــــــــــــــــــــــــ(110/88)
مفهوم المراهقة
المراهقة لغويَّاً :
ما الذي نقصده بالضبط عندما نقول : إن نجلنا قد وصل إلى مرحلة المراهقة، أو عندما نقول : إن فلاناً قد أصبح شاباً مراهقاً ؟
ترجع لفظة المراهقة إلى الفعل العربي (راهق) الذي يعني الاقتراب من الشيئ، فراهق الغلام فهو مراهق: أي قارب الاحتلام، ورهقت الشيء رهقاً قربت منه. والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد .
المراهقة في الاصطلاح :
اصطلاح المراهقة في علم النفس يعني : الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي ، ولكنه ليس النضج نفسه، لأنه في مرحلة المراهقة يبدأ الفرد في النضج العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى 9 سنوات .
أما الأصل اللاتيني للكلمة فيرجع إلى كلمة ADOLESCERE تعني التدرج نحو النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي والعاطفي أو الوجداني أو الانفعالي .
ويشير ذلك إلى حقيقة مهمة ، وهي أن النمو لا ينتقل من مرحلة إلى مرحلة فجأة، ولكنه تدريجي، ومستمر ومتصل، فالمراهق لا يترك عالم الطفولة ويصبح مراهقاً بين عشية وضحاها، ولكنه ينتقل انتقالاً تدريجياً، ويتخذ هذا الانتقال شكل نمو وتغير في جسمه وعقله ووجدانه، فالمراهقة تعد امتداداً لمرحلة الطفولة، وإن كان هذا لا يمنع من امتيازها بخصائص معينة تميزها من مرحلة الطفولة.
مرحلة المراهقة :
المراهقة تشير إلى تلك الفترة التي تبدأ من البلوغ الجنسي PUBERTY حتى الوصول إلى النضج MATURITY وهكذا يعرفها سانفورد :
فالمراهقة إذن تشير إلى فترة طويلة من الزمن ، وليس لمجرد حالة عارضة زائلة في حياة الإنسان فالمراهقة مرحلة انتقال من الطفولة إلى الرجولة ، وعلى كل حال يجب فهم هذه المرحلة على أنها مجموعة من التغيرات التي تحدث في نمو الفرد الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، ومجموعة مختلفة من مظاهر النمو التي لا تصل كلها إلى حالة النضج في وقت واحد وهكذا يعرفها " انجلسن " فهي مرحلة الانتقال التي يصبح فيها المراهق رجلاً ، وتصبح الفتاة المراهقة امرأة، ويحدث فيها كثير من التغيرات التي تطرأ على وظائف الغدد الجنسية والتغيرات العقلية والجسمية .
ويحدث هذا النمو في أوقات مختلفة في الوظائف المختلفة. ولذلك فإن حدودها لا يمكن إلا أن تكون حدوداً وضعية أو متعارفاً عليها تقليدياً بين علماء النفس ، وهذه
الحدود هي : من 12 - 21 سنة بالنسبة للولد الذكر ، ومن 13 - 22 سنة بالنسبة للفتاة المراهقة .
وواضح من هذا أنها تمتد لتشمل أكثر من أحد عشر عاماً من عمر الفرد. ووصول الفرد إلى النضج الجنسي SEXUAL MATURITYلا يعني بالضرورة أن يصل الفرد إلى النضج في الوظائف الأخرى ، كالنضج العقلي مثلاً ، فعلى الفرد أن يتعلم الكثير حتى يصبح راشداً ناضجاً، ولذلك تعرف المراهقة بأنها: الانتقال من الطفولة إلى الرشد .
ويفضل بعض العلماء تحديد هذه المرحلة بتحديد واجبات النمو التي ينبغي أن تحدث في هذه المرحلة ومن هذه الواجبات ما يلي :
1. إقامة نوع جديد من العلاقات الناضجة مع زملاء العمر من الجنسين .
2. اكتساب الدور المؤنث أو المذكر المقبول اجتماعياً لكل جنس من الجنسين .
3. قبول الفرد لجسمه أو جسده، واستخدام الجسم استخداماً صالحاً، لأن هناك بعض البنات اللاتي يشعرن بالخجل من بزوغ صدورهن، أو نمو أردافهن، أو كبر الأنف واليدين، ومن الذكور من يخجل من خشونة صوته.
4. اكتساب الاستقلال الانفعالي عن الآباء وغيرهم من الكبار، فالمراهق لا ينبغي أن "ينتظر حتى تغطيه أمه لكي ينام".
5. الحصول على ضمانات لتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
6. اختيار مهنة، والإعداد اللازم لها.
7. الاستعداد للزواج وحياة الأسرة.
8. تنمية المهارات العقلية والمفاهيم الضرورية للكفاءة في الحياة الاجتماعية.
9. اكتساب مجموعة من القيم الخلقية التي تهديه في سلوكه.
الفرق بين مفهوم المراهقة ومفهوم البلوغ :
ويخلط كثير من الناس بين مفهوم المراهقة ومفهوم البلوغ الجنسي، لذلك ينبغي أن نميز بين المراهقة وبين البلوغ الجنسPUBERTY ، فالبلوغ يعني بلوغ المراهق القدرة على الإنسال، أي اكتمال الوظائف الجنسية عنده، وذلك بنمو الغدد الجنسية عند الفتى والفتاة، وقدرتها على أداء وظيفتها.
أما المراهقة فتشير إلى التدرج نحو النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي. وعلى ذلك فالبلوغ إن هو إلا جانب واحد من جوانب المراهقة، كما أنه من الناحية الزمنية يسبقها، فهو أول دلائل دخول الطفل مرحلة المراهقة.
ويميل الكتاب إلى اعتبار مرحلة المراهقة ممتدة من سن 9 سنوات إلى 21 سنة، ويقسمون هذه الفترة إلى مرحلة المراهقة المبكرة، والمتوسطة، ثم مرحلة المراهقة المتأخرة، التي ينتقل بعدها مباشرة إلى مرحلة الرشد والكبر. فالنمو والتغيرات التي تطرأ عليه تحدث على مدى زمن طويل. ومن هنا كانت صعوبات تعريف مرحلة المراهقة، فهي التي تلي مرحلة الطفولة المتأخرة، والتي ينتقل الطفل خلالها من مرحلة الطفولة المتأخرة إلى مرحلة الرشد . ومراحل الانتقال في حياة الفرد دائماً مراحل حرجة في حياة الفرد والجماعة، كما أنها مرحلة تغير سريع ومتلاحق، ودائماً يصاب الإنسان بالتوتر والقلق في الفترات التي يتعرض فيها للتغيير.
وقد تطول أو تقصر فترة المراهقة تبعاً لتعقد النمط الحضاري الذي يعيش فيه المراهق، فالمجتمعات تتطلب من المراهق إعداداً علمياً أو مهنياً طويلاً ونضجاً كاملاً وقوياً حتى يتمكن من مسايرة الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية السائدة.
وتزداد أزمة المراهقة كلما طال البعد الزمني الذي يفصل بين البلوغ والاستقلال الاقتصادي، فكلما استطاع المراهق أن يحقق لنفسه الاستقلال الاقتصادي وتكوين الأسرة قلّت فترة تعرضه للأزمات النفسية.
لذلك فأزمة المراهقة أخف في الريف منها في المدينة. وذلك لبساطة الحياة، ولقرب إمكان الوصول إلى الاستقلال الاقتصادي في الريف، وإمكان الدخول في مجتمع الرجال، والاشتراك في أنشطتهم، وتحمل مسؤولياتهم، والقيام بالأعمال التي يقومون بها مثل الرعي والصيد.
وتحدد بداية مرحلة المراهقة ببداية البلوغ الذي يحدث تقريباً في سن الحادية عشرة بالنسبة للفتاة، وفي سن الثالثة عشرة بالنسبة للفتى، حيث يحدث أول قذف للفتى، وتحدث أول دورات الطمث أو الحيض عند الفتاة.
ولكن ينبغي الإشارة إلى أن هناك فروقاً فردية واسعة في السن الذي يصل فيه الطفل إلى مرحلة البلوغ أو النضج الجنسي، وعلى ذلك فيجب أن تؤخذ على سبيل التقريب، فليس من الضروري أن يصل كل طفل إلى هذه المرحلة في سن الثالثة عشرة، ولكنه يصل تبعاً لمعدله الخاص في سرعة النمو الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي . ( نقول : إن الشرع قد جعل سنّ الخامسة عشرة سن البلوغ لمن لم تظهر عليه العلامات الأخرى ) .
من هنا يجب ألا ينزعج الآباء عندما يتأخر نمو أطفالهم عن الوصول إلى مرحلة معينة من مراحل النمو.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/89)
المراهقة وخطورة المرحلة
حين كان الشباب أقوياء كانت الأمة قوية ، وحين ضعف الشباب وضعفت هممهم وعزائمهم ، وتشتت أهواؤهم ، وفقدوا هويتهم في كل عصر مر بتاريخ هذه الأمة فقدتهم الأمة ، وذلت وضعفت وهانت ، وإن هذه الحقبة التي نعيشها من تاريخ أمتنا أكبر شاهد على تلك الحقيقة التي قررناها .
وكلما قوي الشباب في الأمة وتبصروا وتزودوا بالفهم والوعي والإرادة والقدوة ؛ قويت الأمة بهم وعزت وانتصرت وسادت ، وإن مرحلة المراهقة بخصائصها ومعطياتها هي أخطر منعطف يمر به الشباب ، وأكبر منزلق يمكن أن تزل فيه قدمه ؛ إذا عدم التوجيه والعناية .
وهاهي أبرز المخاطر التي يعيشونها ويمرون بها في تلك المرحلة :
الخطر الأول : افتقاد الهوية :
فترى الشاب لا يعرف ابن من هو ، لا يعرف إلى من ينتمي ، لا يعرف أصله ، لا ينتسب إلى نسب ، إنما نسبه أصنام وضعت له زورًا وبهتانًا ، إنما اعتزازه بجاهلية ؛ إما من صنع أعداء الأمة ، وإما من زيف صنعناه نحن لأنفسنا.
نعم فقدان الهوية والانتماء ، حين ضاع الشباب بين الغرب بثقافته وفكره وأخلاقه ، فوجدنا بعضا منا قد انتمى إلى ذلك الفكر وتلك الحضارة انتماء ، مطلقًا ، خاصة ممن ذهبوا إلى هنالك ، جاءوا كافرين بمجتمعاتهم ، وقيمهم ، وأخلاقهم ، وأعرافهم ، لا يعرفون منها معروفًا ، ولا ينكرون منها منكرًا .
جاءوا وما على وجه الأرض شيء أبغض إليهم مما راحوا وهم عليه من الأخلاق والقيم والعادات والتقاليد ، جاءوا يسارعون الخطى حتى يكسروا تلك الحواجز والقيود ، ويتحللوا من تلك القيم البالية التي خدعوا فظنوها سبب تخلفهم وتأخرهم عن ركب الحضارة ، خدعهم العدو ، وغلبهم على عقولهم وأفكارهم.
وطائفة أخرى أيضًا منا إنما هم همج رعاع مقلدون ؛ الكبار منهم ، لا يعرفون حقًا من باطل ، ولا يميزون حضارتهم بقيمها وأخلاقها من حضارة مادية ملحدة كافرة جائرة بفسادها وهلاكها ، وبين هؤلاء وأولئك ضاع الشباب والمراهقون ، وامتلأت جيوبهم ومحافظهم ومخابيهم بصور لاعبي الكرة ، بصور المصارعين ، بصور الممثلين والممثلات ، طبعًا من غير أبناء جلدتنا ، بين هؤلاء وأولئك ضاع الشباب في فتن الشهوات والأهواء والشبهات .
لم يلتفت أولياء الأمور إلى ذلك الخطر الداهم الذي يهدد الأمة بأسرها ، إلى الشباب وما يصابون فيه من غزو فكري وأخلاقي ، حينما يضيع شبابها بين تلك الأهواء والشهوات والشبهات ، بافتقاد هويتهم ، وافتقاد انتمائهم ، لا ينتمون إلى وطن ولا إلى دين ، ولا إلى حضارة ، إنما هم مقلدون تقليدًا أعمى يسيرون وراء من ظنوا فيهم حضارة وتقدمًا ومدنية .
ووسائل الإعلام للأسف ، ومنافذ الفكر والثقافة ، ترسخ ذل الضياع ، وتؤصله في الشباب ، حين تعرض تلك الصورة الزائفة للغرب بحضارته ، وتعمي عينها عن الإسلام وما فيه من قيم عظيمة طالما عزت الدنيا بها ، إنه خطر عظيم .
الخطر الثاني : افتقاد الهدف :
فالشباب بين نواصي الطرقات وبين ساحات الملاعب والمباريات وبين مجالس اللهو وإزجاء الأوقات ؛ لأنهم لم يعرفوا هدفًا يسعون إليه ، وليس من ورائهم قصد يعملون له ، لسان حالهم ولسان مقالهم معًا يردد مقالة الشاعر الضائع :
جئت لا أعرف من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرت قدامي طريقًا فمشيت
كيف سرت كيف أبصرت طريقي
لست أدري
ولماذا لست أدري لست أدري
هم يرددون تلك الأشعار ، ويطربون لها ، هم يعيشون على أشرطة الكاسيت التي تترنم بتلك المعاني الضائعة ، إن لم تشد بالشهوات الفاحشة المنكرة .
لا هدف يعيش له الشباب ؛ لأن الأمة لم تتخذ لنفسها هدفًا ، إنما سارت سير الأعمى الكليل وراء عدوها ، يا سبحان الله !
أعمى يقود بصيرًا ، لا أبا لكم تالله ضل من العميان تهديه
أعمى في حضارته ، في أخلاقه ، في فكره ، الغرب الكافر يقودنا نحن المبصرين ! يقودنا نحن أصحاب القرآن ، أصحاب السنة ، أتباع محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ إنها والله الخسارة العظيمة أن ننقاد ، وأن ينقاد شباب الأمة كلها إلى ما لا يعلمون .
افتقاد الهدف في الحياة التي يعيشونها ، يعيشون ليأكلوا ، أم يأكلون ليعيشوا ، هم لا يعرفون ، وهي معادلة يتندرون بحلها ، نعيش لنأكل ، أم نأكل لنعيش ، لأنه لا شيء عندهم إلا الأكل والحياة ، إلا الحياة الدنيا ؛ بلهوها ، ولعبها ، وقيمها المادية التي لم يردها الله تبارك وتعالى لذاتها ، إنما أرادها وسائل لتحقيق العبودية له جل شأنه ، نعم لا يعرفون لماذا يعيشون ؛ لذلك غلبنا أعداؤنا على أمورنا وقضايانا ، فصرنا لا نفكر بعقول أنفسنا ، بل بعقولهم هم ، إرادتنا مكبلة ، عزيمتنا لا وجود لها ، إنما نتحرك بإرادة عدونا ، وبتدبير عدونا ، بتصريف عدونا ، ذلك لأننا لا هدف لنا نسعى إليه.
غاية ما يمكن أن نصرح به أننا نسعى إلى تحقيق التقدم والرفاهية ، وهل هذا هدف تسعى إليه أمة ؟!!
إن هذا لا يصلح أن يكون هدفًا ، إنما الهدف هو ما يمكن أن يعيش له الإنسان من وراء هذه الدنيا ، أما أن تكون أرحام تدفع ، وأرض تبلع ، وما بين هذا وذاك ملعب ومرتع ... !!
الخطر الثالث : تناقض القيم :
تناقض القيم التي يعيشون فيها والتي يعيشون معها ، فبين قيم الأمس والماضي ، وعادات وتقاليد الآباء والأجداد ، والتي استقيت من الإسلام وشرائعه ، وبين القيم المعاصرة ، وبين قيم الحضارة المعاصرة الواردة إلينا وما فيها من تناقض ، مع ما ألفناه وورثناه ، يعيش شبابنا التناقض بين هذا وذاك ، ولا يرشدون إلى اختيار الأوفق والأولى لهم ، فضلاً عن أن يكون هو دينهم ، لا يرشدون إلى ذلك ؛ إنما يتركون لشهواتهم التي تحركهم لتختار لهم ، وما عسى أن تختار لهم شهواتهم إلا التردي ، وما عسى أن تختار لهم شهواتهم إلاّ الانتكاس إلى البهيمية والحيوانية ، يتركون من غير ما بصيرة ولا ترشيد ، الحبل على الغارب ، والشباب ـ إلا من رحم الله وعصم ـ أحيط بكل أسباب الغواية ووسائلها ، وبكل أسباب التردي والانتكاس الخلقي والفكري ، فلا يليق ولا يستقيم أن تكون عقول أبناء الأمة آنية مفتوحة لتسقط فيها زبالات الحضارة المعاصرة اليوم ، ولتستقبل كل ما ورد إليها دون تصفية ؛ بحجة الحرية والانفتاح على العالم وثقافته وأفكاره ، فتترك عقول أبنائنا مفتوحة لثقافة الدش ، والكيبل ، والإنترنت والصحافة المضللة ، والمجلات المستوردة ، والأفكار الباطلة ، لا يليق ذلك بأمة دينها الإسلام ، وكتابها القرآن ، ونبيها محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
الخطر الرابع : مشكلة الفراغ :
ذلك لأنه لا هوية ، ولا انتماء ، ولا هدف يسعى إليه الشباب والمراهقون ، وبين قيم متناقضة ووسائل غواية مهلكة ، يعيش الشباب بلا شك فراغًا ، ولا يبقى الفراغ فراغًا ؛ إنما يكون مقتلة بعد ذلك عظيمة ، ولا يبقى الفراغ فراغًا ؛ إنما لابد سيملأ ويشغل بالباطل ، سيبحث المراهقون عن النجوم في مجالات الفن والرياضة والموسيقى والغناء .
سوف تعج بهم الأسواق ، وتمتلئ بهم النواصي والطرقات .
سوف تجدهم في المقاهي ، في السينما ، أمام الكيبل ... إلخ .
ونفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
ذلك الفراغ القاتل الذي هو نتيجة تلك الأسباب التي مضت ؛ بلا شك عامل من عوامل
الانحراف والهدم لكل خير يوجد في هؤلاء الشباب ، ولكل وازع من دين أو خلق .
ـــــــــــــــــــــــــ(110/90)
الفضائية "زين"
إن الطموح العربي في مجال البث الإعلامي لم يغز الفضاء ولم يخترع إحدى تقنياته ، لكنه تسلق ليسترق السمع للتقليد والمحاكاة بل انسلت إحدى محطاته السبع والسبعين (ما بين محلية وفضائية) وهي "المستقبل" اللبنانية لتدشن في مدينة الإعلام بدبي محطة وليدة بطريقة الاستنساخ ..
قلنا : محطة عربية جديدة ؟! قالوا "زين" للشباب .. وانطلقت في 25 يناير الماضي مصحوبة بأنغام فرقة كوبية وأصوات فناني الكليب.. فأتبعتها شهاب من صيحات الاستنكار وقليل من علامات الرضا . فما فكرتها وما جديدها ومن تخاطب وبرامجها وما هي ردود الأفعال ؟ سنحاول الإجابة على هذه التساؤلات ، وكانت صحيفة الحياة خصصت تحقيقاً حول القناة ، أفدنا منه أيضاً .
في البداية يقول منسق البرامج بقناة "زين" والمسؤول عن تطوير الفكرة علي جابر والذي يشغل منصب مدير البرامج في "المستقبل" :
الفكرة انطلقت من تلفزيون المستقبل رغبة منا في أن تكون هناك أكثر من قناة موجّهة للشباب ما بين 13و35 عامًا ، ونجحنا في إيجاد شريك لتنفيذها هو المدينة الإعلامية بدبي والتي ساهمت بنصف رأس مالها.. وقد أجرى تلفزيون المستقبل (والكلام لا يزال لجابر) دراسة بين الجمهور لتحديد مفهوم عمر الشباب فتبين أنه بين المراهقة وبداية الشيخوخة ، وقد اكتشفنا أن 65% من الشباب العربي دون الخامسة والعشرين ، كما استغرق التحضير لبرامج "زين" عامين ونصف العام .
أما الرسالة التي تود "زين" أن توجهها فيلقي علي جابر علينا بقنبلة دخانية مثيرة للدموع من المآقي منحية الدين جانبًا فهي توجيه الشباب العربي للبحث عن الحقائق الواقعية كأن نعلمهم ألا يحكموا على الناس مسبقًا من السمعة أو الدين بل التعرف على حقائق الأمور أولاً .
وعن الذي يطمح إليه القائمون على أمر "زين" قال جابر : أن نبقى محافظين على تقاليدنا كعرب فنحن نعيش عصر العولمة لذا حرصنا على ترويج الفكر العربي والقومية والصراع مع إسرائيل (ولكن) ضمن إطار متطور يشبه إلى حد ما تغليف الحداثة الغربية .
كوكتيل لهجات !
وعن طاقم القناة قال : اخترنا المقدمات والمقدمين من كل الدول العربية تقريبًا كل واحد منهم يعتمد على اسلوبه المنفرد عن غيره ويتعلم بلهجته المحلية وفق متطلبات البرنامج الذي يقدمه ، وتتراوح أعمار هؤلاء المقدمين بين السابعة عشرة والثانية
والعشرين بمن فيهم المخرجون والموسيقيون ؛ إذ ليس بالضرورة أن يملك المخرج الشاب خبرة الكبار ! .
"مزاج" ... "على الطريق" !
وتحدث منسق البرامج بـ "زين" عن طبيعة البرامج فقال : البرامج متنوعة موجهة إلى الشباب عبر التقديم وفيها جرأة في التصاميم والألوان غير المألوفة عند الجمهور ، لنصل إلى الجمهور الشاب نحتاج إلى أشخاص يخاطبونه بلغته .. أما أهم البرامج فهي "دردشات" وهو شبيه بعالم الصباح "مباشر" و " Z . sport" و" Z. Mat" رياضيان ، "مزاج" لعرض أخبار الموسيقى والفيديو كليب و"جررنغ" عن مشاكل الشباب والمفاهيم الاجتماعية و"تنتنة" لأحدث ابتكارات الموضة ، و"على الطريق" يجمع 5 أشخاص من طلاب الجامعات لأول مرة يقضون عطلة الأسبوع في مكان واحد يتناقشون في مواضيع يختارونها ، "كلمة" يجتمع فيها فريقان من الشباب في بيت واحد لبحث موضوع يهمهم في الموسيقى والتقاليد وغيرها .
وتوجد فقرة إخبارية لكن يقول أنها تأتي بعيداً عن التقليد الاخباري الذي نعتمده في أخبارنا من مثل "ودّع" و"استقبل" يقدمها 5 شبان مع ترتيب الأحداث وعرضها بصورة مغايرة لما اعتاد عليه المشاهد .
وقال جابر إنه حتى الآن لم يتم إعداد برامج سياسية لكن الأفكار موجودة وتنتظر التنفيذ قريبًا ، أما البرامج الاجتماعية فقد وعد (منسق البرامج) الجمهور بأن تكون ساخنة جداً ! .
مستقلة ؟!
وعن ارتباط "زين" بـ "المستقبل" يقول علي جابر : نحن لا نسعى لأن نستنسخ أية محطة قائمة فعلية حتى وإن كانت ناجحة في نظر البعض ، ولكنه قال إن "زين" رغم ارتباطها الوثيق بـ "المستقبل" إلا أنه لن تكون فرعًا لهذه المحطة بل ستكون لها هويتها المستقلة المتفردة عن غيرها ، وأن ما يربط القناتين هو مشروع تعاين على الصعيد الإداري مع إمكانية الاستعانة ببعض الخيارات الفنية ، وفيما يخص البرامج فإن مسؤولية "المستقبل" تتمثل في دراسة الشارع العربي الشبابي وبناء الملاحظات على أساسه واقتراح ما يحتاجه من قضايا .
وعن ساعات البث قال المدير التنفيذي لـ "المستقبل" : مع إنطلاقة المحطة يتوزع البث بين دبي وبيروت لانتاج 12 ساعة يوميًا تزيد تدريجيًا في العام التالي لتصل إلى 18 ساعة بحيث يتراوح عدد ساعات البث سنويًا بين 2500-3000 ساعة وهي نسبة عالية مقارنة مع ما تقدمه المحطة من مواضيع وأفكار تعنى بشؤون الشباب العربي في لبنان كما في أنحاء العالم العربي .
ولن يغطي بث "زين" إلا المنطقة العربية لأسباب قانونية تتعلق بحقوق الملكية الأدبية والعرض في الخارج ويتولى "المستقبل" الفضائي بث المادة الأساسية لـ "زين" فضائيًا إلى كل من أوروبا وأمريكا واستراليا لتتمكن الجاليات العربية هناك من متابعة البرامج.
تقييم الشباب
واكتملت الحلقة بقيام عدة شرائح من الشباب العربي "المشاهد" بتقييم برامج "زين" وجاءت معظم الآراء التي استطلعتها جريدة الحياة اللندنية متشابهة منفعلة بما شاهدته من ألوان جديدة مختلفة حقًا ، ولكنها صاخبة صارخة في التغرب والانسلاخ من العادات العربية وحصر اهتمامات الشباب في الرقص والغناء والأزياء ، حتى المذيعون والمذيعات لم يخفوا انسلاخهم منها؛ يظهر ذلك بوضوح من العبارات الأجنبية التي يطلقونها وكذلك من الأزياء التي يلبسونها والتي وصفوها بالمتطرفة ، كما أخذ البعض ميل المحطة لتقديم نموذج واحد أو صورة واحدة للشباب .
سخافات !
تقول طالبة جامعية : إنها لا تجد في قناة مثل "زين" حصلت على هذا الترويج الإعلامي والإعلاني ما له علاقة بالشباب العربي وتساءلت "أين هي مشكلات الفتاة العربية المسلمة.. أين هم الشباب المحافظون ؟!.. لذلك ليس غريبًا أن تقنع تلك الفتاة بتوجيه أسرتها وقرارها منع مشاهدة ما يسمى بالسخافات والاكتفاء بمشاهدة بعض القنوات المحتشمة .
ويوافقها الرأي شاب آخر بقوله : منذ فترة ونحن ننتظر بفارغ الصبر القناة التي أعلنت عن نفسها بأنها شبابية عربية تفاجئنا بأنها غربية مائة في المائة وأضاف : إن المضمون الموّجه لا يمت إلى الشباب العربي بصلة ولا إلى مجتمعنا وخصوصًا أحد البرامج الذي يتبنى موضوعان حلقاته بعنوان الحرية الجنسية ولا أدري ماذا يقصدون ؟!
سؤالان مهمان
ويطلق شاب آخر اتهامًا لـ "زين" بأن هدفها مادي ولا تستطيع أن تحققه إلا من خلال الشباب ، أما هدفها الثاني فهو عرض برامج تتستر تحت عباءة الفكر ومواكبة الحضارة والتطور !
ويوجه شاب رابع سؤالاً مهمًا : هل وجود "زين" على قمري "عربسات" و "نايل سات" يعني وجودها في كل بيت عربي ! وهل هذه القناة ستربي جيلاً يعّول عليه الآمال في نفض الغبار عن حضارتنا ! وهل مشاهدة الفتيات لـ "زين" ستكون في صالح ثقافتهن وترابطهن بمجتمعهن بل صالح المجتمع العربي برمته ؟!
واتبعت شابة أخرى السؤال بسؤال آخر : لماذا لا يسألون شرائح مختلفة من الشباب عن حاجاتهم قبل أن يقدموا لهم البرامج ؟ وقالت إ "زين" كغيرها من القنوات تستهدف الانتشار عبر الفتيات الجميلات غير المحتشمات وهذا أمر عفا عليه الزمن !
انفتاحية !
والتقطت الخيط فتاة جامعية فقالت : من خلال متابعتي لـ "زين" تبيّن أنها قناة انفتاحية أكثر من اللازم وليس بها مواد جذابة وعميقة تجسد وعي الشباب بهمومهم وعلاقتهم بالعالم ، ووصفت برنامج "دردشات" بأن حواره شبه ميت والجمل غامضة ، وختمت بقولها : ليس لدي الوقت الكافي لمتابعة قضايا سطحية وهامشية تعالج باسلوب بدائي تقليدي ! كما أنها تتضمن برامج تستهين بعقل الشباب وتصورهم في حالة غير جادة .
اغتراب !
يقول أحد الكتاب الشباب : إن المحطة في يوم بثها الأول صدمت الجميع ولم يصدق أحد عن هذه القناة العربية حيث يفترض فيها أن تتمتع بالحد الأدنى من المبادىء والأخلاقيات والأعراف الاجتماعية والدينية ، بل ذهب إلى القول أن هذه القناة تهدف إلى تدمير الشباب وتحطيم ما بداخلهم من الأسس التربوية والأخلاقية ، فهي تتفنن في الدعوة للتفسخ والعري ، وأمنّت على قول الأديب الشاب عارضة أزياء شابة بقولها : إن "زين" تهدد جيل الشباب ولا تتفق مع تطلعاتهم وهمومهم وقضاياهم ، وأن كل ما بثته القناة في عرضها التجريبي يقودنا إلى الاغتراب ويؤدي إلى مستقبل مخيف ومجهول ، حتى المذيعون والمذيعات تناسوا اللغة العربية الأم وراحوا يقدّمون برامجهم بخليط من العربية والإنجليزية والفرنسية .
سطحية !
ويؤكد مجموعة من الشباب على أن "زين" صرعة جديدة مبالغ في تطرفها وهي أقرب للشباب اللبناني وتتميز بالسطحية ، وأجمعوا على أنها مسلية باسلوب مختلف عما اعتدنا على مشاهدته لكنه لا يمثلنا ، أما عن الجديد فقد شدتنا في البداية طريقة ارتداء الملابس والمكياج وطريقة الكلام المطعّم بالمفردات الأجنبية فهذا يؤدي إلى ردة فعل عكسية لدى الشباب .. إن هذه المحطة تقدم صورة للشباب المتحرر الذي لا يمثل إلا واحدًا في الألف .
ويؤكد هؤلاء الشباب أن المحطة واهمة إذا اعتقدت أنها بذلك الأسلوب تصل إلى الشرائح المختلفة في الوطن العربي فهي مخطئة لكن هدفها هو تقديم صورة جديدة مطلوب من الشباب العربي أن يقلدوها .
ـــــــــــــــــــــــــ(110/91)
شبابنا .. والإعلام المعاصر
الشباب هم عماد كل أمة وسبيل نهضتها ، وهم عضلاتها المفتولة للبناء في سلمها ووقود حربها التي لم تنته بعد مع عدوها ، وهم الدروع التي تتحصن بها ضد من تسول له نفسه المساس بأمنها وتكديره .. وهم الأمل كذلك .. وفي مقابل ذلك هم الهدف الذي يصوب الأعداء سهام مكرهم للنيل منهم ومنها .. وأسلحتهم في ذلك ووسائلهم متعددة .. وأهمها وأخطرها (الإعلام) الذي تطور في هذا العصر بخطوات متسارعة مذهلة ، وغدت وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون وكتاب ومجلة ومسرح و ... وأخيرًا الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) ، هي القوة المهيمنة على عقول وأفكار الناس عمومًا والشباب على وجه الخصوص .
وعن الواقع المؤلم لشبابنا الذي يكتوي بنار إعلام محطم للقيم يقول د. عباس محجوب في كتابه (مشكلات الشباب .. الحلول المطروحة والحل الإسلامي):
يمارس الإعلام في البلاد الإسلامية العربية - بوعي ، وبدون وعي أحيانًا - دورًا توجيهيًا مدمرًا ، بسبب أكثر ما يعانيه الشباب من تناقض بين قيم التربية التي تدرس له ، ثم ما يأتي الإعلام لنقضه وتشكيكه فيه ، الأمر الذي يوقعه في صراع نفسي وفكري ، فالصحافة لا تتورع أن تنشر حديثًا دينيًا عميقًا في صفحة ، وتنشر في الصفحة المقابلة لها صورة لحسناء فاتنة عارية أو شبه عارية.
وبينما تقابل صحفات الدول "الأيديولوجية" الخبر لتعيد نشره وفق رأيها ومعتقدها وتفسيرها للأمر ، تأخذ صحافتنا الخبر ذاته من وكالات الأنباء لتنشره ، دون تفكير فيه أحيانًا ، حتى أصبحت الوكالات تدس لهم أخبارًا يعلمون أنها ستنشر كما هي ، ولأنّ صحافتنا في مجملها تعاني عجزًا في المادة ، وقصورًا في تقديم الجديد المبتكر ، فإنها - وبغياب الفكرة والهدف من إنشائها - تقدم كل شيء متناقض ، ولا تلتزم بفكر ، ولا تعمل لهدف إلا الكسب المادي _ كما هو واقع الكثير الغالب _ لذلك كله تجد المقالات التي تشكك في القيم الأساسية ، وتدعو إلى الفجور ، وترضى - باسم الحرية - كل شيء حتى بعض ما يسيء إلى هيبة الدولة وأمنها وأسرارها.
وكذلك الحال في الإذاعتين المسموعة والمرئية ؛ فكلتاهما تستقطب الناس جميعًا ؛ المتعلمين وغير المتعلمين ، غير أن تأثير الإذاعة المرئية "التلفزيون" أعظم خطرًا ، وأبعد أثرًا في عقول الناس وآرائهم بعامة والشباب بخاصة .
والجهازان يعانيان من الإفلاس في الفكر والبرامج النافعة ، ويعتمدان على التمثيل الهابط ، والمعالجات التي لا تتصل بالواقع ، والمشكلات التي لا تعاني منها الدول التي تبث منها، إلا في القليل النادر، وكان الأولى كما يقول د. محجوب : على أجهزة الإعلام أن تشارك في تربية الشباب وبناء الأجيال ليكونوا رجالاً وصنّاعًا ومنتجين ، وليكونوا قوة بناء وحماية لدولهم ، وليكونوا علماء لا يعيشون على فتات الأمم ، ومساوئها في العادات والتقاليد والاهتمامات التي لا تحتاج إلى جهد وعلم في الحياة.
والشباب في مرحلة المراهقة مهيؤون أكثر من غيرهم لتقمص الشخصيات التن ي تنسخها أفكار وخيالات الكتاب ، وتزينها إبداعاتهم وتنفذها براعة الممثلين وتقمصهم ، وقبل ذلك تنسخ قوالبها سياسة تلك الوسيلة الإعلامية ، فرأينا الأوضاع مقلوبة : فالأقزام يتعملقون، والهوامش يُشار إليهم بالبنان ، والتوافه هم الأكثر جاذبية ويسيل لعاب الأمنيات نحوهم ، وفي مقابل ذلك لا نرى أثرًا للعمالقة ؛ وإذا ما ذُكروا فإما تهمّش أدوارهم أو تشوه صورتهم ، وما تزال صورة المعلمين وعلماء الدين على شاشات التلفاز أو السينما تثير الاشمئزاز والسخرية ، فذهبت هيبة الدين واللغة والتقاليد، وتحطمت الأخلاق والقيم بتحطيم هذه الشخصيات وتشويهها .. وقد أصاب هؤلاء الماكرون الشباب في مقتل حينما غيّبوا قدوتهم التي ينبغي لهم أن يقتدوا بها بل وشوهوها ومسخوها فأصبحت مثار سخرية وتندّر .. فإلى من يلجأ الشباب إذن ليكون قدوته ؟
لا بد أن يتجه إلى من يُزينهم الإعلام ويفرضهم فرضًا ليقتدي به المراهق الحائر ، فإذا تفرست في أزياء الشباب ترى عجبًا ، فهذا يعلّق لاعبا علقه ، وذاك يزيّن قميصه بصورة ممثل أو ممثلة لا فرق ! حتى أزياء غير المسلمين التي تحمل أعلام دولهم لا يجد الشباب حرجًا أن يرتديها ، ولو كان فيها الصليب النصراني أو الصليب النازي المعقوف ، وأصبحت لا تفرق بين جنس الشباب أذكر هو أم أُنثى لتشابه الحركات والأزياء ، وما كان بالأمس غريبًا وعجيبًا أضحى اليوم شائعًا بل الغريب ألا يُجارى .
ويفصل د. عباس محجوب بين ما يخططه غيرنا لشبابهم وما يكابده شبابنا من تجهيل وتسطيح لأفكارهم إعلاميًا ، فيقول : تقوم أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية
والمقروءة في الدول ذات الأيديولوجيات والأفكار بدور رائد في توجيه الشباب وتثقيفه وإشباعه بالعقيدة التي تؤمن بها وربط حياته بتلك الأيديولوجية التي تنطلق منها في فكرها وسياستها واقتصادها وشؤون حياتها جميعًا .
وأضاف د. محجوب : إن لوسائل الإعلام من الخطورة في عصرنا ما قلل من دور البيت والمدرسة في تربية النشء وتوجيه الشباب ، وذلك بما تملكه من وسائل الاتصال الجماهيرية المختلفة التي تقتحم البيوت والمؤسسات والمنتديات ، سواء أكانت إذاعة أم تلفازًا أم صحافة، وكل هذه الوسائل تفرض نفسها على الناس ، وتؤثر تأثيرات مباشرة ، وتجتذب أكبر عدد منهم ، ولكنها مع ذلك كله عاجزة عن أن تقدم للناس ما تثرى به حياتهم وفكرهم ، وللشباب ما يرضي طموحاتهم للثقافة والمعرفة والترفيه ، وذلك لأنها تعتمد على برامج مستوردة لمجتمعات تختلف عنا في عاداتها، وطرائق حياتها، ومشكلاتها التي تعالجها ، والحلول التي تقدمها للمشكلات ؛ هذا في غير الجوانب العلمية غير الموجهة لخدمة أغراض أخرى.
وكان من آثار ذلك ظهور أنواع الانحرافات في صفوف الشباب بسبب ما شاهدوا في فيلم أو تمثيلية ؛ حيث إن المادة المقدمة لا تميز بين جرائم القتل والاغتصاب والسرقة والمخدرات ، وبين المواد القليلة المتصلة بالنواحي العلمية. كما أن الصلة مفقودة بين أجهزة الإعلام والتربية ومنظمات الشباب باعتبارها مكملة لبعضها ومتممة.
أو يحاكي ..
وبالطبع ستكون أحلام الشباب متناسبة مع أفكارهم الجديدة وأقصى ما يتمنون أن يكونوا مثل من يقتدون بهم ، فلو سألت شابًا عن أحلامه وطموحاته لن يكون غريبًا أن تكون إجابته المباشرة أو غير المباشرة ، الظاهرة أو التي لا يصرح بها، وهي في دواخل نفسه : أتمنى أن أصبح مثل لاعب القرن(الذي سقط في أتون المخدرات ولم يخرج منها حتى الآن و رغم سقوطه الأخلاقي المدوي أعلن العالم أنه لاعب القرن ؟! ويتمنى كذلك أن يكون مثل عازف الجيتار الفلاني أو المصور العلاني .. حتى الشخصيات التاريخية الواجب الاقتداء بها لا بد أن تكون مثل بونابرت أو تشرشل أو حتى هتلر و.. واختفت أو تشوهت صورة هارون الرشيد وطارق بن زياد بعد أن نسجت حولها من لوازم الإثارة والجاذبية ، فالإمام فلان لا بد أن يعشق، وإلا فما فائدة الجنس الناعم في الفيلم أو ما يسمى البطلة!!
أما عن الغرائز والمشاعر فحدث ولا حرج _ لا سيما غريزة الجنس ـ حيث الشاب في قمة القوة والعنفوان ، وفي حالة ضاغطة تبحث عن طريق للتفريغ . وقد ساهمت وسائل الإعلام مساهمة خطيرة في استثارة غريزة الجنس لدى المراهق ، ولم تدع وسيلة شيطانية إلا وأتت بها لتدخل مخادع الشباب وتصب الزيت على موقد غريزة الجنس الغائرة لديهم عن طريق الأفلام الداعرة والمشاهد الملتهبة والقصص الغرامية التي يشترك فيها الكتاب والقصة وقصيدة الشعر وخشبة المسرح والتلفاز والسينما .. إلخ .
ومما زاد الطين بلة والجرح إيلامًا أن منافذ الخير والرعاية لهؤلاء الحيارى تقلصت ، فسدت أمام الشباب والمراهقين طرق الحلال وضيّق عليهم ارتيادها، وزادت البطالة المشكلة تعقيدًا ، فأنى لشباب في مرحلة حساسة أن يتزوج وهو لا يستطيع أن
يعول نفسه ، وخاصة أن الفتيات والمرشحات للزواج لهن فارس أحلام في خيالهن يردن أن يخطفهن ، ليس على صهوة جواد بل سيارة آخر موديل وشهر عسل في أوروبا.
ومع غياب التوجيه والإرشاد أو قلته في خضم اللهو والفساد المتراكم لا بد أن ينزلق الشباب ويقع في الفخ الذي نصّبه الأعداء ،بل وسعّروا نيران الغريزة الجنسية عن طريق الإعلام، وآخر البلايا ما تبثه شبكة الإنترنت من إباحية بصورة لا تكاد تتخيل ، تدع المرء حيران ، وصاحب الهم يزداد همًا ، ماذا نفعل أمام هذا الإعصار الهائج الذي لا يُبقي في طريقه ولا يذر خلية حية إلا أصابها ، إلا ما رحم ربي.
إحصاءات
ورغم ما تفرضه الدول من رقابة فقد أحكم الشر قبضته ، ونالت سهامه من هدفها، وهو الشباب ، والإحصاءات تصدق ذلك :
ففي إحصائية عن مشاهدة الفيديو جرت بلبنان تبين أن مشاهدة الأفلام الاجتماعية والعاطفية حازت على الدرجة الأولى ، وحلت الأفلام البوليسية المرتبة الثانية ، وما أدراك ما الأفلام البوليسية ، حيث هي كما عبر أحد خبراء الإعلام بأنها تؤثر كثيرًا على سلوك المراهقين والأطفال والنساء، وقال : " إذا كانت السينما من خلال الأفلام مدرسة لتعليم الإجرام ، فإن التلفزيون جامعة يتلقى فيها الناشئة فنون العنف ليخرجوا عتاة في الإجرام" ..
وجاء في تقرير من الولايات المتحدة: أن 49 في المئة من نزلاء مؤسسة عقابية (عدد من أُجريت عليهم الدراسة 110) أعطتهم السينما الرغبة في حمل السلاح ، و 12 - 21 في المئة أعطتهم الرغبة في السرقة ومقاتلة الشرطة ..
ودراسة ثالثة أُجريت على 252 فتاة منحرفة بين سن 14 - 18 سنة تبين أن 25 في المئة منهن مارسن الجنس نتيجة مشاهدتهن لقطات جنسية مثيرة بالسينما و41 في المئة قادتهن المشاهد إلى الحفلات الصاخبة والمسارح الليلية و4 في المئة هربن من المدرسة لمشاهدة الأفلام و17 في المئة تركن المنزل لخلاف مع الأهل حول ذهابهن إلى السينما .. كما جاء في تقرير الهيئة الصحية العالمية عن انحراف الأحداث على لسان أحد القضاة الفرنسيين العاملين في ميدان الأحداث " لا يخالجني أي تردد أن لبعض الأفلام وخاصة البوليسية المثيرة معظم الأثر الضار على غالبية حالات الانحراف لدى الأحداث" ..
الإنترنت
أما عن مخاطر شبكة الإنترنت على الشباب فيكفي أنهم أكثر مرتاديها ، بعد أن تعددت وسائل الإغواء والإغراء ، فأصبح لدى الشباب خصوصية الاتصال بالفتيات إن لم يكن مسموحًا في المنزل ففي النادي أو المقهى أو غيرها ، وأصبح التعارف المشبوه هو شعار مزيف يردده الكثيرون، وأعجب ما يقال وينادي به تحت ستار الحرية البراق " دع الشباب يتعرف ويتصفح ويغوص فنحن في زمن الإنترنت" و ... ولم يكذِّب الشباب خبرًا فانطلق من عقاله .. فما نتوقع وما نتيجة هذه المعادلة مراهقة + حرية +غياب وعي ورقابة ؟؟!!
ويكفي أن ندلل على النتيجة بآخر إحصاء أظهر أن واحدًا من بين كل خمسة من المراهقين الأمريكيين الذين اعتادوا الدخول إلى شبكة الإنترنت تلقوا محاولات غير مرغوبة لاستدراجهم لممارسة الجنس عبر شبكة المعلومات الدولية.
وأبلغ 19 بالمائة من 1500 من الشباب شملهم الإحصاء تتراوح أعمارهم بين العاشرة والسابعة عشرة عن محاولات لاستدراجهم لممارسة الجنس يعتقد أنها صدرت عن بالغين . وتعرف هذه المحاولات بأنها دعوات للانخراط في ممارسات جنسية أو حديث جنسي أو الإدلاء بمعلومات جنسية خاصة.
وكتب كمبرلي ميتشيل (من مركز أبحاث الجريمة ضد الأطفال بجامعة نيوهامشاير في دورام) يقول : " من منظور المخاطر .. الفتيات والشباب الأكبر سنًا ( من 14 إلى 17 عامًا) كانوا أكثر عرضة للاستدراج ، وكانت النسبة أعلى لدى الشباب الذين يعانون من المشاكل . كما ازدادت النسبة بين من يستخدمون الإنترنت أكثر ويشتركون في غرف الحوار ( أو الثرثرة) .. أو يتحدثون إلى الغرباء عبر الإنترنت أو يستخدمون الإنترنت من بيوت غير بيوتهم.
وفي إنجلترا ،الإمبراطورية التي غابت عنهاالشمس، ومن خلال استجواب 1344 شخصية اختصاصية حول العلاقة بين السينما وانحراف الناشئة - أجاب ستمائة منهم بوجود علاقة بين انحراف الأحداث والسينما ، هذا ناهيك عن بعض الدراسات الغربية حول بعض السرقات الكبيرة تبين أن الدافع إليها كان تردد الأحداث بشكل متكرر في قاعات السينما .. وليس عجبا أن يأتي ذلك من الغرب ، وإنما العجب أن تنبري إحدى المدارس ويتفتق ذهن عمالقة التربية فيها فيأتوا بما لم يأتِ به الأوائل ، فيضمنون امتحان اللغة العربية سؤالاً : تخيل نفسك تسطو على بنك لسرقته ماذا نفعل ؟!!
بل نحن ماذا نفعل أمام هذه المشكلة التي تتفرع وتتعقد يومًا بعد يوم ، وبعد هذا الواقع الأليم لإعلامنا الذي يكتوي بناره شبابنا الحائر ، هل من أمل في الإصلاح أم نركب مع المنهزمين والإمعات الذين يجدفون بمجداف ليس في الإمكان أبدع مما كان ؟..
كلا لا بد أن نبدأ ، ولكنها ليست بداية من الفراغ ، بل عندنا حجر الأساس الذي يغري بالإصرار على تكملة البناء، ثم لا بد من التخطيط من جديد لإعلامنا.
أهمية التخطيط
وعن أهمية التخطيط الإعلامي يقول د. عباس محجوب : لما كان لوسائل الإعلام تأثيرها المعروف في تكوين اتجاهات الشباب وأفكارهم كان التخطيط أمرًا لازمًا ، وليس ذلك التخطيط الذي يوزع عدد الأغاني بالتساوي بين المطربين ، وعدد التمثيليات الفكاهية والعاطفية .. إلى آخر ذلك ، ولكن التخطيط الذي يعمل على تكوين الاتجاهات السليمة ، والعادات المرغوبة ، والتدريب العقلي ، والمعرفة المتنامية ، والتخطيط المرتبط بفلسفة التربية والثقافة التي تعمل الدولة لها . ولا يمنع التخطيط مراعاة تحقيق أهداف الإعلام في الترفيه عن الناس ، وتثقيفهم ، ولكن يمكن أداء ذلك كله بأن يكون الترفيه هدفًا يحمل مضمونًا للسامع والمشاهد.
وعن أهمية نشر القيم والثقافة ، قال د. محجوب :
للإعلام قدرة على نشر القيم وتدعيمها في الشباب ؛ ليس عن طريق الوعظ والإرشاد ؛ بل عن طريق التطبيق العملي لقيم الدين والثقافة، وربط الأعمال المقدمة لخدمة الأخلاق والمثل ، وإيجاد القيادات الشابة من المبرزين منهم في دينهم وسلوكهم كنماذج حية لهم ، بالإضافة إلى نشر التراث والتعريف به ، وتخليصه مما نسب إليه ، وتوجيه الشباب ليخدم دينه وثقافته بنشره بين الناس ، والمشاركة في كل عمل يحقق تلك الأهداف .
ويمكن للإعلام إبراز كل عمل يقوم به الشباب في مجال التعليم ومحو الأمية ، والمواسم الثقافية ، والأعياد القومية ، والمسابقات الفردية والجماعية ليكون ذلك كله حافزًا إلى مزيد من الإبداع والاجتهاد.
ويقتضي هذا أن تقوم أجهزة الإعلام بتقديم المناهج الدراسية مسموعة ومرئية للمراحل المختلفة ، بل وتتيح فرصًا أكبر للشباب بالمشاركة في تقديم البرامج المختلفة ، وخاصة من أظهروا مواهب في الأدب ، أو التمثيل ، أو الإلقاء ، أو غير ذلك من المواهب التي تحتاج إلى صقل وتوجيه وتشجيع.
ذاك هو الواقع وهذا هو المأمول ، ويبقى السؤال الحائر الذي تزداد الإجابة عليه غموضًا مع تغوّل الإعلام وهيجانه في عصر العولمة التي ما ابتدعت إلا لتصيب الإسلام وأهله في مقتل وشبابه بالذات .. الخطب جلل .. ومقال كهذا أهون من أن يجيب عن التساؤل " ماذا يفعل الشباب أمام غول الإعلام .. والمسؤولية كما هي مضاعفة فهي مشتركة .. فالكل مطلوب منه أن يأخذ بطرف منها لنعود ونقول بالفم الملآن " شبابنا هم عدتنا وعتادنا وهم أملنا وضياؤنا" وسلمت يا شباب .
ـــــــــــــــــــــــــ(110/92)
أنواع المراهقة
الواقع أنه ليس هناك نوع واحد من المراهقة فلكل فرد نوع خاص حسب ظروفه الجسمية والاجتماعية والنفسية والمادية، وحسب استعداداته الطبيعية، فالمراهقة تختلف من فرد إلى فرد، ومن بيئة جغرافية إلى أخرى، ومن سلالة إلى سلالة، كذلك تختلف باختلاف الأنماط الحضارية التي يتربى في وسطها المراهق، فهي في المجتمع البدائي تختلف عنها في المجتمع المتحضر، وكذلك تختلف في مجتمع المدينة عنها في المجتمع الريفي، كما تختلف من المجتمع المتزمت الذي يفرض كثيراً من القيود والأغلال على نشاط المراهق، عنها في المجتمع الحر الذي يتيح للمراهق فرص العمل والنشاط، وفرص إشباع الحاجات والدوافع المختلفة .
كذلك فإن مرحلة المراهقة ليست مستقلة بذاتها استقلالاً تاماً، وإنما هي تتأثر بما مر به الطفل من خبرات في المرحلة السابقة ، والنمو عملية مستمرة ومتصلة.
وجدير بالذكر أن النمو الجنسي الذي يحدث في المراهقة ليس من شأنه أن يؤدي بالضرورة إلى حدوث أزمات للمراهقين، ولكن دلت التجارب على أن النظم الاجتماعية الحديثة التي يعيش فيها المراهق هي المسؤولة عن حدوث أزمة المراهقة، فقد دلت الأبحاث التي أجرتها مارجريت مد M.MEAD ( وهي من علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية ) في المجتمعات البدائية أن المجتمع هناك يرحب بظهور النضج الجنسي، وبمجرد ظهوره يقام حفل تقليدي ينتقل بعده الطفل من مرحلة
الطفولة إلى مرحلة الرجولة مباشرة، ويترك المراهق فوراً السلوك الطفولي ويتسم سلوكه بالرجولة، كما يعهد إليه المجتمع - بكل بساطة - بمسؤوليات الرجال، ويسمح له بالجلوس وسط جماعاتهم، ويشاركهم فيما يقومون به من صيد ورعي، وبذلك يحقق استقلالاً اقتصادياً واجتماعياً، وفوق كل هذا يسمح له فوراً بالزواج وتكوين الأسرة، ومن ثم يتمكن من إشباع الدافع الجنسي بطريقة طبيعية. وبذلك تختفي "مرحلة المراهقة" من هذه المجتمعات البدائية، الخالية من الصراعات التي يقاسي منها المراهق في المجتمعات المتحضرة.
فالانتقال من الطفولة إلى الرجولة في المجتمعات البدائية انتقال مباشر.
أما في المجتمعات المتحضرة فقد أسفرت البحوث عن أن المراهقة قد تتخذ أشكالاً مختلفة حسب الظروف الاجتماعية والثقافية التي يعيش في وسطها المراهق، وعلى ذلك فهناك أشكال مختلفة للمراهقة منها:
1. مراهقة سوية خالية من المشكلات والصعوبات.
2. مراهقة انسحابية حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة، ومن مجتمع الأقران، ويفضل الانعزال والانفراد بنفسه حيث يتأمل ذاته ومشكلاته.
3. مراهقة عدوانية، حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/93)
المرأة المسلمة والأعاصير الغربية !
... تمثل المرأة في التفكير الغربي الاستعماري الحديث محورًا مهمًّا من محاور الصراع ضد الإسلام والمسلمين ، الذي غايته - أو محصلته - هيمنة الغرب الصليبي على مقدرات الأمة الإسلامية ، والسيطرة على إرادتها ، واستنزاف مواردها ، وإدخالها دائرة التبعية المطلقة من منظور السيّد الخادم .
ولا يكفّ الغرب الصليبي عن إثارة موضوع المرأة المسلمة في شتى المناسبات الممكنة ، وبوساطة الأقلام المحلية والأجنبية ، ليكون بديلاً
عن القضايا الأساسية التي تعنى الأمّة وتشغلها وتؤرقها مثل : الحريّة والشورى والتعليم والثقافة والإدارة والبحث العلمي والقوة الاقتصادية والقوة العسكرية ، وما إلى ذلك من قضايا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بواقع المسلمين ومستقبلهم .
إن الإلحاح على قضية المرأة وإثارتها في الأدبيات المطروحة يثير من الرّيبة أكثر مما يثير من اليقين ، وخاصّة أن الأمر تجاوز المؤسسات الغربية الصليبية إلى المؤسسات العالمية أو الدولية التي يفترض أنها تمثل أمم الأرض جميعًا ، وأعني بها مؤسسات الأمم المتحدة .
إن معظم بلاد المسلمين الآن تغصّ بالمدارس التي تعلّم البنات ، والكليات المخصّصة للبنات ، فضلاً عن المؤسسات التعليمية المشتركة للبنين والبنات ، فضلاً عن امتلاء الشوارع ومؤسسات العلم والإنتاج والمستشفيات والمصالح الحكومية والجمعيات الخاصة والعامة ، والمجالس الشعبية والنيابية بالنساء من مختلف الأعمار والتخصّصات ، مما يعني أن المرأة المسلمة لا مشكلة جوهرية لديها .. صحيح أن هناك مشكلات محددة تصنعها التقاليد الظالمة والعادات السخيفة ، ولكن من قال إن
هذه العادات أو تلك التقاليد تمثّل حالة عامة يتم في المجتمات الإسلامية تحتاج إلى عملية تحرير ؟ وتحرير ممن ؟
إن الإسلام يحقق للمرأة ما لا تحققه لها المجتمعات الغربية الصليبية و لقد أعزّ الإسلام المرأة ، وحقق لها إنسانيتها، وراعى ظروفها الطبيعية والبيولوجية فألزم المجتمع - ممثلاً في الأب أو الزوج أو الأقارب - بحمايتها وصيانتها ورعايتها ، وفضلاً عن ذلك فقد جعل الإسلام للمرأة ذمّتها المالية الخاصة ، وحقوقهاالمادية التي لا يجوز لأحد أن ينال منها أو يستبيحها .. في الوقت الذي تحوّلت فيه المرأة الغربية الصليبية إلى مجرد سلعة يتداولها رجال الأعمال ، ومنتجو السينما والتلفزيون ، ومنظمو حفلات ملكات الجمال المحلية والعالمية ، وغيرهم من رجال المافيا والدعاية وشبكات الدعارة وما شابه .. ولعل هذا يفسّر سرّ زيادة عدد النساء الأوروبيات الداخلات في الإسلام أكثر من الرجال .
إن المرأة المسلمة تؤدي دورها الإنساني بكفاءة وتفوّق وسعادة ، فهي مدبّرة منزلها ومربّية أولادها .... أسرتها دون ادّعاء عريض ، أو صراخ بغيض ، وهي على مستوى الجمهور الكبير في البلاد الإسلامية - تواجه مع الرجل - صعوبات الحياة وقسوتها بما يشبه البطولة ، وتسعى - مع الرجل - إلى توفير أساسيات الحياة في صبر وجهاد عظيم ، ثم إنها تذهب إلى المدرسة وتتعلم وتتفوّق وتنافس الرجال ، دون أن تكون هناك قيود أو سدود ؛ اللهم إلا ما يفرضه الخلق الإسلامي والقيم الكريمة التي يتحلى بها الرجال والنساء معاً .
بيد أن العالم الصليبي يصر على تصدير انحلاله ، أو انحلال بعض النماذج النسائية عنده إلى أمتنا . ويتخذ من بعض المقولات العامة طريقًا عامًا لعملية التصدير والإقناع بها .. إنه يطرح قضيّة المساواة المطلقة بين الرجال والنساء في كل شيء ، دون مراعاة لخصائص كل من الرجل والمرأة ، بوصفها حقًّا من حقوق الإنسان ، ويطمح من وراء ذلك أن يكون عدد النساء مثلاً مساويًا لعدد الرجال في الحكومات والمجالس النيابية والإدارات المحلية ومواقع السلطة في كل مكان .
نقل عن السيد "كوفي عنان" أمين عام الأمم المتحدة قوله :
"لا أستطيع أن أفكر في أي قضيّة ترتبط بمنظمة الأمم المتحدة إلا وكانت تتعرض لقضية المرأة وتتداخل فيها . فالمرأة أصبح لها دور مساوٍ للرجل في تحقيق السلام ، والأمن وحقوق الإنسان ، لذلك فإن من الحق ، بل من الضروري ، أن تكون المرأة ممثلة في مواقع السلطة واتخاذ القرار لتحقيق هذه الأهداف . وأن تكون نسبة تمثيلها في هذه المراكز مساوية لعدد الرجال لأنها تملك القدرة نفسها والأداء المتميز لخروج خططها إلى حيّز التنفيذ ( الأهرام : 7/ 16 / 2000 ) .
وهذا القول ، مع ما فيه من مبالغة ، لا يخلو من خيال واسع ، يبتعد عن أرض الواقع ، وحقائق التكوين الإنساني البيولوجي للرجل والمرأة .
إن قدرات المرأة - مهما تفوقت في المجالات الإنسانية والإدارية والعلمية - تظل مرتبطة بالمجال الأساسي والرئيس للمرأة ، وهو الإنجاب وتربية الأبناء ، وتكوين الأسرة ، وهذه مهمة من أشرف المهام وأنبلها .
وإذا كانت بعض المجتمعات الغربية الصليبية قد أهملت شأن الأسرة ، ولم تعد تعدّ بها ، فإن الأسرة - وفقاً للفطرة الإنسانية - كيان ضروري ، لا تستطيع المجتمعات الطبيعية التفريط فيه ، أو النظر إليه بعدم مبالاة .
إن " كوفي عنان " يطمح إلى أن تكون نسبة المرأة بين موظفي الأمم المتحدة 50% ، حيث وصلت الآن إلى ما يقرب من 38.9 % ، وهدف خطة "عنان" من ذلك أن يقدم نموذجًا عالمياً لأمم الأرض كي تحذو حذوه ، وتصنع مثله ، وتجعل المرأة مساوية للرجل في الوظائف القيادية والإدارية ، واتخاذ القرار ، مما سيعطي المرأة فرصة الاهتمام بقضاياها وهمومها التي تلح عليها دول الغرب الصليبي . ومن هذه القضايا : التطرف الديني والأيديولوجي وتأثيره السلبي في المساواة بين الرجل ، وعدم الاعتراف بالأم المراهقة والأم العزباء ( خارج نطاق الزوجية ) ، وتنفيذ خطة بكين على الصعيدين الدولي والإقليمي ، والحدّ من الممارسات الضارة ( من وجهة نظر هذه الدول ) مثل ختان الإناث والزواج المبكر والزواج بالإكراه وتعدد الزوجات .
وكما نرى فإن هذه القضايا التي تطرح في المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة ، وآخرها "مؤتمر نيويورك 2000" أو الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة ( المرأة 2000 ) ، تصدر عن تصوّر غربي يركّز بالدرجة الأولى على المفاهيم الإسلامية الأساسية حول المرأة ؛ لنسفها ، وإحلال السوك الغربي الإباحي محلّها !
فالتطرّف الديني - مثلاً - مفهوم غير واضح وغير محدد ، ولكن المفهوم من الكتابات الغربية والكتابات المحلية المشايعة له : أنه السلوك المعادي للحرية والإنسانية وللمرأة أيضًا ، وفكرنا الإسلامي يرفض هذا السلوك ويدينه ، ولكن القوم يقصدون من وراء طرح مفهوم التطرّف الديني نبذ الإسلام ، وعدم تحكيمه في قضايا المجتمعات الإسلامية بصفة عامة ، والمرأة بصفة خاصة ، وبالطبع فإن القوم يرون ارتداء الحجاب تطرّفًا ، وأداء الصلوات تطرّفًا ، والزواج الإسلامي تطرّفًا .. وهكذا .
أما موضوع الأم المراهقة والأم العزباء ، فهو إصرار من جانب الدول الغربية الصليبية - ومن خلال الأمم المتحدة - على إلزام الدول الإسلامية بتقنين الإباحية ، وفرضها على المجتمع الإسلامي بوصفها حقًّا من حقوق الإنسان .. أي يصبح من حق أي فتاة أن تمارس الزنا مع من تريد ، وتحمل منه ، وعلى المجتمع الإسلامي أن يقرّ هذا السلوك ، بوصفه أمراً واقعًا يترتب لصاحبته حقوق الاعتراف والمشروعية وطلب المساعدة المادية والمعنوية !
ولنا أن نتصوّر كيف يكون الواقع الاجتماعي حين نسمح لبناتنا بممارسة الزنا والولادة غير الشرعية ، ثم يتوجب علينا بعدئذٍ أن نقرّ هذا الوضع ونتماهى فيه ؟
لا ريب أن تصدير الإباحية والانحلال إلى مجتمعاتنا عدوان سافر على قيمنا وأخلاقنا وحقوقنا الإنسانية المشروعة في الاعتقاد والتصّور والتفكير والحرية .
وقس على ذلك ما يتعلق بمسائل الختان والزواج المبكر وتعّدذ الزوجات ، وغيرها من أمور لها طبيعتها في المنظور الإسلامي الذي يختلف اختلافًا جذريًّا مع التصور
الدولي الصليبي وغاياته . وإذا كانت المؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي تتصدى لهذا القهر الدولي الصليبي بما تستطيع ، فإنه من المؤسف ، أن تتولى مجموعة من النساء العاملات في المجال النسائي والجمعيات النسائية على الأرض الإسلامية الترويج لهذه المفاهيم والدعوة لها ، والدفاع عنها ، في الوقت الذي تتناسى فيه حقوق الأمة كلها في الحرية والشورى والأم
ـــــــــــــــــــــــــ(110/94)
مشكلات المراهقة وعلاجها
... من أبرز المشاكل التي تظهر في مرحلة المراهقة: الانحرافات الجنسية، مثل الجنسية المثلية أي الميل الجنسي لأفراد من نفس الجنس، والجنوح، وعدم التوافق مع البيئة، وانحرافات الأحداث من اعتداء، وسرقة، وهروب.
وتحدث هذه الانحرافات نتيجة لحرمان المراهق في المنزل والمدرسة من العطف والحنان والرعاية والإشراف، وعدم إشباع رغباته، ومن ضعف التوجيه الديني، وكذلك نتيجة لعدم تنظيم أوقات الفراغ.
ولذلك يجب تشجيع النشاط الترويحي الموجه والقيام بالرحلات والاشتراك في مناشط الساحات الشعبية والأندية.. إلخ.
ومن الناحية التربوية ينبغي أن يلم المراهق بالحقائق الجنسية عن طريق دراستها دراسة علمية موضوعية.
كذلك من المشكلات المهمة التي تظهر في المراهقة : ممارسة العادة السرية أو الاستمناء ، ويمكن التغلب عليها عن طريق توجيه اهتمام المراهق نحو النشاط الرياضي والكشفي والاجتماعي والثقافي والعلمي، وتعريفه بأضرار العادة السرية.
وينتج عن النمو السريع في أعضاء جسم المراهق إحساسه بالخمول والكسل والتراخي، كذلك تؤدي سرعة النمو إلى جعل المهارات الحركية عند المراهق غير دقيقة ، فقد تسقط من يد المراهق الكوب التي يحملها دون أن يكون ذلك نتيجة إهمال أو تقصير، ومع ذلك يلقى الكثير من اللوم والتأنيب من جانب الكبار.
وكثيراً ما يعتري المراهق حالات من اليأس والحزن والألم التي لا يعرف لها سبباً. فالمراهق طريد مجتمع الكبار والصغار، إذا تصرف كطفل سخر منه الكبار، وإذا تصرف كرجل انتقده الرجال أيضاً، وعلاج هذه الحالة يكون بقبول المراهق في مجتمعات الكبار، وإتاحة الفرصة أمامه للاشتراك في نشاطهم، وبتحمل المسؤوليات التي تتناسب مع قدراته وخبراته.
ومن المشكلات التي تتعرض لها الفتاة ، في هذه المرحلة، شعورها بالقلق والرهبة عند حدوث أول دورة من دورات الطمث، فهي لا تستطيع أن تناقش ما تحس به من مشكلات مع المحيطين بها من أفراد الأسرة ، كما أنها لا تفهم طبيعة هذه العملية، ولذلك تصاب بالدهشة والقلق.
إن إحاطة الأمور الجنسية بهالة من السرية والكتمان والتحريم تحرم الفتاة من معرفة كثير من الحقائق العلمية التي يمكن أن تعرفها من أمها بدلاً من معرفتها من مصادر أخرى.
ومن الملحوظ في هذه المرحلة أن الفتاة يعتريها الخجل والحياء، وتحاول إخفاء الأجزاء التي نمت فيها عن أنظار المحيطين ، وينتج عن تعليقاتهم غير الواعية على مظاهر النمو هذه وعلى التغيرات الجديدة، شعور الفتاة بالحياء والخجل، وميلها للانطواء أو الانسحاب، ولذلك ينبغي أن ينظر الكبار لهذه التغيرات على أنها أمور طبيعية وعادية.
ومن أهم المشكلات التي يعانيها المراهق : الإصابة بأمراض النمو، مثل فقر الدم، وتقوس الظهر، وقصر النظر، وذلك مرجعه أن النمو السريع المتزايد في جسم المراهق، يتطلب تغذية كاملة وصحية حتى تساعد الجسم، وتمده بما يلزمه للنمو. وفي الغالب لا يجد المراهق الغذاء الصحي الكامل الذي تتوفر فيه جميع عناصر الغذاء الجيد، ولذلك يصاب ببعض هذه الأمراض. فلهذا يجب العمل على توفير الغذاء الصحي الكافي للمراهق.
أما حالات تقوس الظهر : فإنها تنتج من العادات السيئة من ثني الظهر والانحناء في أثناء الكتابة والقراءة ، وكذلك قصر النظر ينتج عن اتباع عادات سيئة خاصة بالقراءة عن قرب ، ولذلك يجب تنبيه المراهق إلى أضرار هذه العادات ومساعدته على تجنبها.
ونتيجة لنضج الغدد الجنسية واكتمال وظائفها، فإن المراهق قد ينحرف ويمارس بعض العادات السيئة، كالعادة السرية .
ولا ينبغي أن يكون توجيه المراهق للابتعاد عن هذه العادة قائماً على أساس التخويف والتهويل في أضرارها، ولكن ينبغي أن يكون أساسه التبصير المستنير، والإقناع، والحقيقة العلمية ذاتها، كذلك يتحقق العلاج عن طريق إعلاء غرائز المراهق والتسامي بها ، و تحويلها إلى أنشطة إيجابية بناءة. والمعروف أن تخويف المراهق من هذه العادة يخلق عقداً نفسية تدور حول الجنس عامة.
وقد يميل المراهق في هذه المرحلة إلى قراءة القصص الجنسية والروايات البوليسية وقصص العنف والإجرام، ولذلك يجب توجيهه نحو القراءة والبحث الجاد في الأمور المعرفية العادية، وأهمها وأنفعها التراث الديني الإسلامي. واستغلال نزعة حب الاستطلاع لديه في تنمية القدرة على البحث والتنقيب وغير ذلك من الهوايات النافعة. ويجب الاهتمام بقدرات المراهق الخاصة والعمل على توفير فرص النمو لهذه القدرات.
ومن المشكلات الوجدانية في مرحلة المراهقة : الغرق في الخيالات، وفي أحلام اليقظة التي تستغرق وقته وجهده وتبعده عن عالم الواقع.
وكذلك يميل المراهق إلى فكرة الحب من أول نظرة، فيقع في حب الفتاة معتقداً أن هذا الحب حقيقي ودائم، ولكنه في الواقع ينقصه النضج والاتزان، وكثيراً ما تنتهي الزيجات التي تتم في سن مبكرة بالفشل، لأنها لا تقوم على أساس من النضج الوجداني، ولا تستند إلى المنطق السليم.
كذلك يمتاز المراهق بحب المغامرات، وارتكاب الأخطار، ويمكن توجيه هذه النزعة نحو العمل بمعسكرات الكشافة والرحلات، والاشتراك في مشروعات الخدمة العامة والعمل الصيفي.
وفي العصر الحالي ظهرت نزعات وفلسفات تتصف باللامبالاة عند الشباب الأوروبي - كما هو الحال في جماعات الهيبز وغيرها - وليست هذه السلبية إلا تعبيراً عن ثورة الشباب، وسخطه على المجتمع، ونتيجة للفشل التربوي.
وعلى كل حال، فإن المراهق يميل إلى التقليد الأعمى، وإلى البدع، و(المودات) الجديدة، ولذلك ينبغي توجيه المراهقين عندنا وجهة إيجابية تتفق مع فلسفة المجتمع المسلم وأهدافه في التقدم والرخاء، وعلى هدى من تعاليم إسلامنا الحنيف.
كذلك يقع على عاتق علماء المسلمين، ورجال الثقافة والإعلام والتربية والإصلاح والقادة مسؤولية تزويد المراهقين بالحقائق والمعلومات المقنعة التي تثبت إيمانهم وترسخ عقيدتهم، وتحميهم من نزعات الإلحاد والشك.
ومن الوسائل المجدية : اشتراك المراهق في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح مشكلاته، ومناقشتها - مع الكبار في ثقة وصراحة - وكذلك ينبغي أن يحاط المراهق علماً بالأمور الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي، حتى لا يكون فريسة للجهل والضياع أو الإغراء.
ويعبر الدكتور أحمد عزت راجح عن الصراعات التي يعاني منها المراهق على هذا النحو:
1. صراع بين مغريات الطفولة والرجولة.
2. صراع بين شعوره الشديد بذاته وشعوره الشديد بالجماعة.
3. صراع جنسي بين الميل المتيقظ وتقاليد المجتمع، أو بينه وبين ضميره.
4. صراع ديني بين ما تعلمه من شعائر، وبين ما يصوره له تفكيره الجديد.
5. صراع عائلي بين ميله إلى التحرر من قيود الأسرة، وبين سلطة الأسرة.
6. صراع بين مثالية الشباب، والواقع.
7. صراع بين جيله والجيل الماضي.
ويضاف إلى ذلك صراعات تنتج من وجود أهداف متعارضة في داخل نفسه يرغب في تحقيقها معاً، ولكنها بطبيعتها إذا استطاع أن يحقق أحدها أصبح تحقيق الآخر أمراً مستحيلاً كالرغبة في الاستذكار وفي اللعب في الوقت نفسه، أو الرغبة في الطاعة والتمرد.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/95)
ليس بالحب وحده.. تنجح العلاقة بين الأم وابنتها المراهقة
... هل يكفي -- فقط -- أن تحب الأم ابنتها وتخاف عليها ثم تترك الأمور تسير قانعة بهذا الشعور القلبي وحده ؟ أو يجب أن يكون الحب والخوف مفتاحين لسلوك واع وعلاقة إيجابية بين الطرفين؟
وماذا يقول التربويون وعلماء النفس وأساتذة الفقه عن مرحلة المراهقة ودور الأم فيها وبم ينصحونها ومم يحذرونها؟
صراحة ومكاشفة
تري د. مديحة الصفتي -- أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية -- أن الفتاة في جميع مراحل حياتها تتأثر بوالدتها إذ إنها تحاكيها في كل شيء وتعتبرها مرجعيتها في جميع شؤونها وخصوصياتها هذا بصفة عامة أما مرحلة المراهقة تحديد ا فهي
مرحلة حرجة تمر فيها الفتاة بأغيار وبالتالي فإن علاقتها بأمها يجب أن تكون دائمًا حذرة ومتوازنة أي تكون أسس التعامل فيها صحيحة بمعني أن تدرك الأم خطورة المرحلة التي تمر بها ابنتها وتراقبها بدون أن تشعرها بذلك وإن وجدت خطأ فيمكن معالجته بطريقة الإيحاء غير المباشر أو بضرب المثل والقدوة حتي لا تجنح الفتاة وينبغي أن تعتمد الأم منهج الصراحة والمكاشفة مع ابنتها.
وفي هذا الإطار -- كما تقول أستاذة علم الاجتماع -- ينبغي أن يكون لدي الأم وعي كاف بدورها كأم وقراءة واعية ومدققة لفترة المراهقة وما يصاحبها من تغيرات فالأم يجب أن تقيم علاقة صداقة مع ابنتها تكون الأم فيها المثل الأعلي والقدوة الحسنة ومن ثم تصبح حكيمة في التعامل مع ابنتها فتكون رقيقة ولينة في الأوقات التي تقتضي ذلك وتكون حازمة وشديدة في أوقات أخري ويمكن للأم أن تحكي لابنتها سيرة بعض النماذج التي تعالج مشكلة ابنتها إن وجدت بطريقة غير مباشرة.
وتفرق د. فاطمة موسي -- أستاذة الطب النفسي بكلية طب القصر العيني -- جامعة القاهرة -- بين الخصائص الجسمية الظاهرية للمراهقة والتي تتسم بالنضج والخصائص النفسية العقلية لها التي لم يكتمل نضجها بعد حيث تتسم سلوكياتها بالاندفاع ومحاولة إثبات الذات والخجل من التغيرات التي حدثت في شكلها وتقلد أمها في جميع سلوكياتها وهناك تذبذب وتردد في عواطفها فعواطفها لم تنضج بعد فهي تغضب بسرعة وتصفو بسرعة وتميل لتكوين صداقات مع الجنس الآخر ويبدأ ما يسمي بقصص الحب ومن هنا تحدث المشاكل فالأم يجب أن تكون قريبة من ابنتها لكي تطلعها علي كل ما يحدث لها ومن ثم تستطيع أن تقوم بدور الناصح والأم يجب أن تتسم بالنصح والتفهم وسعة الأفق وتستوعب أي سلوك يصدر من ابنتها فلو أخطأت الابنة فلا داعي للعقاب الشديد المباشر حتي لا تنفر منها.
وتحذر د. فاطمة الأم من انشغالها عن الأبناء والطباع الحادة التي تخلو من العاطفة والتفرقة بين الأبناء أو الغيرة المرضية بين الأم وابنتها والعنف مع الأبناء أو كثرة الخلافات الزوجية أمامهم لأن كل ذلك يحول دون تكوين علاقة صداقة وحب وتفاهم بينهما.
ولكي تكسب الأم ود ابنتها تقول د. فاطمة: يجب أن يكون هناك تقارب بينهما وتبادل للرأي والمشورة فتقدم الأم لابنتها الخبرات التي تعدها أمًا للمستقبل ويجب أن تتعرف الأم علي صديقات ابنتها وأسرهن وتعطي للابنة قدرًا من حرية الاختيار وإذا حدث خلاف تتناقش معها بود وتقنعها بأسلوب منطقي وتشركها معها في الأعمال المنزلية وتشاركها في هوايتها.
امتصاص الغضب
وقد ينتج عن حالة عدم التوافق النفسي مع الأم -- كما تري د. فاطمة -- بعض الآثار التي تتمثل في البحث عن أم بديلة قد لا تحسن الابنة اختيارها وقد تصاب بإحباطات كثيرة تؤدي إلي الاكتئاب نتيجة للحرمان العاطفي.
كما يمكن أن تنحرف المراهقة أخلاقيًا ويصبح لديها دوافع عدوانية تجاه نفسها والآخرين وقد يترتب -- أيضًا -- علي عدم التوافق إصابة الفتاة بأمراض نفسية جسمانية مثل: الربو والأمراض الجلدية والتوتر المستمر.
وإذا تفاقمت هذه الحالة من عدم الانسجام قد تهرب البنت من المنزل وتتعاطي المخدرات وتصبح شخصية غير سوية في المجتمع.
ويبدأ د. فكري عبد العزيز -- استشاري الطب النفسي -- بتعريف فترة المراهقة ليوضح أنها الفترة التي يحدث فيها التغير البيولوجي والهرموني والجسماني الذي يصاحب الفتي أو الفتاة فيحدث نوع من التغيير أو التحول من دون حدوث نمو للقدرات العقلية ويصاحب هذه المرحلة اندفاع في السلوك والتصرف في محاولة لإثبات الذات من خلال المظهر والتقليد والمحاكاة وبالتالي قد يحدث نوع من التباعد والحوار غير السوي بين الأم وابنتها.
وعن دور الأم في هذه المرحلة يري د. عبد العزيز أنه منوط بالأم التوجيه السوي وامتصاص الغضب بدون أذي نفسي وتشجيع طاقات الفتاة وإمكاناتها ومساعدتها علي تحقيق ذاتها من خلال الإبداع والثقافة والدوافع الإنسانية الطيبة ومنحها الأمان النفسي والاجتماعي إضافة إلي ضرورة أن يكون لديها إحساس ووعي وإدراك بخطورة هذه المرحلة التي ينبغي توجيه قدرات الفتيات فيها نحو أشياء مفيدة لاستخراج القدرات الكامنة داخل الفتاة في ظل تقارب نفسي واجتماعي وصحي.
تقصير واضح
يتهم الدكتور أحمد المجدوب -- الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية -- الأم المعاصرة بأنها تقصر تقصيرًا واضحًا وفاضحًا تجاه ابنتها المراهقة فالمرأة المعاصرة متعلمة ولكنه تعليم غير متخصص فهي لا تتلقي أي تعليم أو ثقافة خاصة بالزواج أو المنزل أو تدريب يؤهلها لكي تصبح أمًا وزوجة.
إنها تفتقر إلي المعلومات الخاصة بأنوثتها وكونها امرأة ، لذلك فهي تتخبط في تعاملها مع أبنائها ولا تعلم أي شيء عن كيفية التعامل مع الابنة في مرحلة المراهقة بما فيها من تقلبات وتغيرات.
فالمرأة المعاصرة اعتبرت التعليم سلاحًا تناوئ به الرجل وترفع به راية الندية التي أدت إلي وجود صراع بين الرجل والمرأة داخل الأسرة وهذا الصراع أدي إلي ضعف سلطة الاثنين أمام الأولاد وإلي تفكك الأسرة.
ويضيف د. المجدوب: لقد عايشت بالفعل حالة إحدي المراهقات جاءتني تقول: أنا أكره أمي بالرغم من أنها تحضر لي كل ما أريد ، لأني أعلم أنها لا تحبني ولكن تشتري لي لتقوم بتعويضي عن غيابها وانشغالها ، لأن كل ما يهمها هو مستقبلها الوظيفي وطموحها وتنافسها مع زميلاتها.
وعندما فوجئت بالدورة الشهرية لأول مرة لم أجدها بجانبي لتطمئني وتفعل كما تفعل كل أم في هذا الموقف ولأنك رجل لا تدرك مدي عمق هذه التجربة في نفسي.
واستطردت الفتاة عندما ظهرت علي مظاهر الأنوثة حاولت أن أحدثها ولكنها لم تعطني فرصة لم أجد إلا أن أنعزل وأبكي ، معي بنات منحرفات في المدرسة أردن أن يجذبنني إلي طريقهن ولم أجدها بجانبي وعندما أجد أمًا تحتضن ابنتها أو تربت علي شعرها أغير وأتاضيق وأرجع ناقمة علي أمي.
ويعلق د. المجدوب: هذا النموذج للأسف شائع الآن أما في الماضي فقد كانت الأم بجوار ابنتها لا يشغلها عنها تطلعات مادية وطموحات وظيفية ، أذكر الأم وهي توجه
البنات في مثل هذه الحالات بالمحافظة علي النظافة وعدم الإهمال في الصحة أو الإتيان بحركات عنيفة أو أعمال منزلية كثيرة في فترة الدورة كذلك عدم معرفة أحد من الشبان بما تعاني منه البنت من آلام فالأمر سر تعرفه الأم فقط ولذلك تصنع المشروبات الساخنة وتدفئ البنت وتحنو عليها وهنا تنضج البنت بشكل سوي ولا تنعكس عليها آثار نفسية فيما بعد.
أما الآن وكما نسمع فإن أطباء النساء يقولون: هناك حالات مرضية بين المتعلمات يندي لها الجبين وتدعو للإشفاق وتفوق الحمل عند بعضهن ، لأن البنت لم تلق العناية اللازمة من الأم ولم تجد النصيحة السليمة ولا الاهتمام.
افتقاد الثقافة التربوية
وتتفق الدكتورة هناء أبو شهبة -- أستاذة علم النفس بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر -- مع الدكتور المجدوب في أهمية وجود الأم بصورة مكثفة في حياة الابنة المراهقة فتقول: إن المراهقة فترة حرجة في حياة كل إنسان ويجب علي الأم أن تحتوي ابنتها وتقترب منها وتصبح صديقة ودودة لها حتي تحميها من تيارات الفساد ، الصداقة تحمي البنت وتحمي الأم من أن تفقد ابنتها.
وإذا بحثنا عن أسباب فتور العلاقة بين الأم وابنتها فأحيانًا نجد أن الأم نفسها كانت ابنة مهملة ولذلك تهمل ابنتها لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
وأحيانًا يحدث العكس الأم التي كانت مهملة وهي فتاة إذا كان بناؤها النفسي سليمًا فنجدها تعطي حنانًا بكثرة وتعوض في بناتها ما افتقدته وهي صغيرة.
ويمكن أن يكون السبب الأكبر هو افتقاد الثقافة التربوية فنجد الأم متعلمة تعليمًا عاليًا ولا تعرف أي شيء عن أصول التربية والتعامل مع الأبناء.
فالتعليم لا يعطي للمرأة ما يؤهلها لذلك والأم لم تعد تجد عند ابنتها وقتًا لتنقل ما لديها من خبرات ومعارف ، لأن البنت مشغولة بالتعليم والمذاكرة حتي تتزوج وبعد فترة تصبح أمًا لا تعلم شيئًا عن أصول التربية ولا إدارة المنزل ومن ثم لا تعلم شيئًا عن فترة المراهقة وخطورتها.
إن فترة المراهقة فترة حرجة يشعر فيها المراهق بالحزن والكآبة والرغبة في التمرد والتغيير فإذا كانت الأم متفهمة وقريبة من ابنتها مرت هذه المرحلة بسلام وإن كانت بعيدة عن ابنتها وقاسية ستتحول العلاقة بينهما إلى حرب وصراع وقد تفقد كل منهما الأخري إلا أن المرأة العاملة عادة تكون متعلمة وخروجها لمجال العمل يكسبها خبرات وآراء وتجارب واتجاهات مما يوسع أفقها ويفيدها في تربية أولادها والاهتمام بهم خاصة من ناحية التربية الدينية والقيمية.
وقد يرجع ذلك إلي أن عددًا من رباب البيوت ينفقن وقتهن في الحديث في التليفونات أو أمام برامج التليفزيون التي تتميز عادة بالسذاجة والسطحية أو بشراء شرائط الفيديو مما يجعلهن كالحاضر الغائب في البيت
ـــــــــــــــــــــــــ(110/96)
فخ الثقافة الجنسية - تغيرت الأسماء والمحتوى واحد !
ما المقصود بالثقافة الجنسية ؟
تقوم المدارس وبعض الجمعيات في أمريكا بإعداد برامج لتوعية الأطفال والمراهقين بالممارسات الجنسية وكيفية تجنب الآثار غير المرغوب فيها في حالة الممارسات غير الشرعية - كالحمل ؟! وهي تقوم أساسًا على مبدأ حق الطفل في التعرف على جسده ، وكيفية إشباع رغباته من جميع النواحي ، وهذا هو التعريف الرسمي لها من منبعها الأصلي في الولايات المتحدة الأمريكية ، ومن المواضيع التي تحتوي عليها هذه البرامج : المعاشرة بين الجنسين ، العادة السرية ، الإجهاض ، كيفية ممارسة الجنس دون خطر الحمل ، مساعدة المراهق على تحديد اتجاهه الجنسي ، أي تحديد أي الجنسين يفضل أن يعاشر ، العادة السرية كوسيلة للإشباع الجنسي بعد البلوغ ، العلاقات الشاذة كبديل مُرضٍ للعلاقات العادية ، وهذه المواضيع مدرجة في برامج الثقافة الجنسية المطروحة للتدريس في مدارس الولايات المتحدة الأمريكية .
أما من سن 15 - 18 فيضاف لهم المواضيع التالية: من حق النساء أن يقررن إجراء الإجهاض ، من حق الناس احترام تعاليم دينهم وتقاليدهم ، ولكن هذا لا علاقة له بحقوق المرء الشخصية ، عدم وجود دليل على أن الصور الفاضحة تسبب أي إثارة جنسية ، خدمة التواصل مع الشريك الجنسي بشأن الاحتياطات اللازمة لكليهما ، تعليم المراهقين كيفية الحوار حول هذه العلاقات والحدود التي يجب التوقف عندها .
الآباء الأمريكيون يرفضون هذه الجمعيات ويسمونها "بالوحش" الذى يتخفى تحت مسميات علمية للتحكم في السلوك الاجتماعي للناس عن طريق الأطفال ، ويقول الآباء : إن الغرض المعلن لهذه الجمعيات هو تخفيف حالات الحمل عند المراهقات تحت شعار الإنسانية ، وتأخير الممارسة الجنسية لحمايتهن من الإجهاض ، أما الغرض الخفي فهو إعطاء الأطفال تعليمًا جنسياً شاملاً طبيعياً وشاذًا، ويقول الآباء : إن من حقهم تعليم أبنائهم أمور الحياة الزوجية من خلال تعاليم الإنجيل ، وليس بهذه السبل الفاضحة ، وقد أدى ضغط الآباء إلى أن أصبحت هذه البرامج فى المدارس مرهونة بمواقف الأبوين .
ويرتفع الآن في أمريكا شعار "قل لا للجنس" ولكنه حقيقة لا يعني الإحجام عن الجنس قبل الزواج ، ولكن تقليل نسبة حالات الحمل عند المراهقة بتأخير الممارسة مع أي شخص حتى تلتقي الفتاة بالشخص المناسب ، وذلك لتجنب الإصابة بالأمراض الجنسية أو حدوث الحمل المبكر.
وتحاول الولايات المتحدة إدخال هذا البرنامج في مناهجها الدراسية لتشجيع الشباب على تأخير العلاقات الجنسية الكاملة حتى الزواج إن أمكن ، ومن العناوين المقترح إدخالها فى المنهج : "قبل الجنس" استخدام العازل ، هل يقلل أو يمنع الأمراض الجنسية ، لمَ يفضل الشخص العلاقات الطبيعية على العلاقات الشاذة ؟ ما الوضع القانوني للشواذ ؟ حق الآباء في الاطلاع على المناهج المقترحة ، وهذا المشروع من المتوقع أن ينفق عليه 50 مليون دولار لإقناع الشباب بالإحجام عن العلاقات الجنسية حتى الزواج ، وقد خصص له بالفعل 400 مليون دولار كميزانية كلية لتنفيذه بكافة مراحله .
أما عن حمل المراهقات في أمريكا فتقترح هذه البرامج الحلول التالية :
- إعطاء الحبوب للبنات في عيادات المدارس ، تقديم نصائح تتعلق بالصحة الإنجابية ، تغيير القانون حتى لا تضطر الفتاة للحصول على موافقة الأبوين للتغييب عن المدرسة في حالة ذهابها لمراكز الرعاية الخاصة بالصحة الإنجابية ، إعطاء وسائل منع الحمل فى سرية تامة .
وقد رد الآباء فى أمريكا ببث رسالة على شبكة الإنترنت تسجل اعتراضهم على "الوحش" المسمى "بالإنسانية" فهم يقولون : إن هذه البرامج تسحب السلطة من الآباء فى توجيه أولادهم ، ويصرون على الإبقاء على هذا الحق لهم وحدهم ويرفضون الوقوف موقف المتفرج !!
وقد أدرجت هيئة الأمم المتحدة برنامج "الثقافة الجنسية" في برامج الصحة الإنجابية والمطلوب تدريسها في مدارسنا لطلابنا المسلمين والمسيحيين على حد سواء ومهما كان من تغيير الأسماء "ثقافة أسرية" أو "ثقافة زوجية" فالمضمون واحد وهو ما عرضناه من مصدره الأساس وهو برامج الأمم المتحدة الرسمية والتي تنفذه عن طريق المدارس والجمعيات، فهل آن لنا أن ننتبه إلى الهدف الحقيقي وراء هذه البرامج حتى لو تم تعديل بعض محتواها لمناسبة مجتمعاتنا المحافظة
ـــــــــــــــــــــــــ(110/97)
من عَطَن الوثنية ... إلى رحاب التوحيد
... لقد كنت أراه في كثير من المحاضرات والملتقيات الإسلامية، في طليعة الحضور ، عليه وقار طلبة العلم ، ونور العباد، ويقين الأولياء، نظراته فيها سكون مياه البحر إذا هادنتها الرياح ، وعلى شفتيه ابتسامة وقورة تكاد لا تفارقه ...
لقد كان هذا الشاب يشارك في كل الأنشطةالإسلامية، في جامعة ( تَامَسَاتْ ) العريقة في بانكوك ( عاصمة تايلند) يعتبر من أركان العمل الطلابي الإسلامي ، حيث توجد أسرة طلابية كونها الطلبة المسلمون التي يشكل المسلمون فيها أقلية صغيرة ، وفي مساجد العاصمة التي تضج بالأنشطة العلمية والثقافية والملتقيات الحوارية كان يرى على رأس قائمة المشاركين والمساعدين ... هذا في ظل مجتمع يمور بالوثينة والشرك ، ويستعلن المسلمون شعائر دينهم على حياء ووجل .
لقد ظننت لفترة طويلة أنه من طلبة العلم النجباء ، الذين حظوا بمربين يقودونهم إلى طريق الأمان ، فهو شاب لم يبلغ العشرين من العمر ، وبالأحرى ما زال في مرحلة المراهقة بكامل سماتها ، لكن هيئته وسمته يناديان على وقار الشيوخ وثبات ذوي التجارب ...
وفي مرة جمعتني بأحد أصدقائه جلسة فسألت عن ذلك الفتى الوقور، فأخبرني صديقه بأنه أسلم حديثا، منذ ثلاث سنوات ، أي أنه أسلم وهو بعد في المرحلة الثانوية ... وأنه الآن يدرس في السنة الثانية في جامعة ( تامسات )...
حفزتني هذه الأخبار أن ألتقي بهذا الفتى وأتعرف عن كثب على تجربته مع الإسلام وأنقل لقراء الشبكة الإسلامية مشاعر الذي ينتقل من عطن الكفر والمعاصي إلىرحاب التوحيد والطاعة ، لما لذلك من أثر في نفوس المؤمنين ، وتحفيز الهمم السائرين إلى الله تعالى ، ولما في هذه القصص من
إرهاصات بعلو الإسلام وانتصار المسلمين ...
التقيت بإدريس ( الاسم الذي انتقاه لنفسه بعد الإسلام ) قبل إفطار يوم من أيام رمضان ، وقد بدت عليه أمارات الحياء الشديد ، وقد اعتذر لي بأنه ليس من النوع الذي يتقن الكلام ويصوغ الجمل ، وهذا ما لاحظته في طريقة حواره ، إذ كان يقتصد في العبارات جدا وقد بدا من كلامه غير مرة أنه يخشى أن يكون كلامه عن نفسه فيه مباهاة ورياء وسمعة ، فأفهمته أن هذه الحوار نوع من أنواع الدعوة إلى الله وأنه قد يساعد كثيرا من المسلمين الذين لا يعرفون قيمة الإسلام ، ويعينهم على تعظيمه والتمسك به ...
بدأت الحوار معه بسؤاله عن اسمه ومكان ولادته ...
فأخبرني أن اسمه التايلندي هو ( رَتَّسَاتْ رُوْتْ شَنَأْ مِيْ ) / ولكنه اختار لنفسه اسم: ( إدريس ) ، وهو من محافظة تقع في جنوب تايلند تسمى ( نَكُوْنْ سِيْ تَمَرَاتْ ) ..
هل المسلمون في بلدتك كثيرون ؟ ..
قال إدريس : إنهم قلة .
وكيف أسلمت إذا ؟ أو كيف تعرفت على الإسلام ؟
قال : كنت أسمع عن الإسلام كغيري ، من وسائل الإعلام ، وكانت غالب المعلومات المتكونة عندي عن الإسلام سالبة ، يعني تصب في غير صالح الإسلام ، وقد كان لي صديق مسلم ، ولكنه كان سيئا ، مما زاد من تشويه صورة الإسلام في نظري، أو على الأقل جعلني أنظر إلى هذا الدين بادئ الأمر نظرة عادية ...
إذا كيف كانت البداية ؟
قال إدريس : كانت البداية في إجازة صيف بعد أن فرغت من
امتحانات الصف الأول الثانوي ، حيث جاءني عمي ، وكان شابا فرغ لتوه من دراسته الجامعية في العاصمة بانكوك ، وكنت ساعتها مقيما في بلدتي بجنوب تايلند ، فأخذ يحدثني عن الإسلام وعن الوثنية والتوحيد ، فظهر لي أن عمي هذا قد أسلم أثناء دراسته الجامعية في العاصمة ، ولم تكن كلماته ذات وقع وتأثير لأنني لم أحصل منه على شيء يشدني ، خاصة أنني كنت شابا في مقتبل عمر الشباب ...
ولكن في إجازة صيف السنة الثانية الثانوية ، عرض علي عمي أن أقضي الإجازة في العاصمة معه ، فذهبت معه ، واستضافنا
في العاصمة مجموعة من الطلاب المسلمون حيث كان من المنتظر أن نشارك في معسكر إسلامي شبابي طوال فترة الصيف ... ابتدأ المعسكر ( وكانت مدته ثلاثة أشهر ) حيث كانت فكرتي عن الإسلام غير إيجابية ، ولكنني في تلك الفترة القصيرة حصلت على إجابات كثيرة عن أسئلة عديدة كانت تؤرقني وتهمني ، كما كانت مخالطتي للشباب المسلم ورؤيتي لطريقة حياتهم ونمط معيشتهم عاملا شديد الأهمية في تغيير نظرتي عن الإسلام ... لقد كنت أدخل المعبد البوذي وأرى أشياء ولا أقتنع بها ، ولكنني لم أكن أتكلم ولا ألقي بالا لهذه الأشياء التي تخالف عقلي وتفكيري ، ولم أكن لأجد الإجابة على كل ما كان يحز في نفسي إلا عندما تعلمت مبادئ الدين في تلك الفترة القصيرة، وابتدأت في سؤال من كان معي عن بعض الحقائق والشبهات التي كانت عالقة في ذهني ... لقد أثر فيَّ كثيرا سلوك الشباب المسلم ، ووجدت فيه فرقا كبيرا عن سلوك غير المسلمين وكان لذلك أثر في اتخاذ القرار .
متى كان اتخاذ القرار ؟
في نهاية ذلك المعسكر الإسلامي ، حيث قررت أن أسلم ، وأعلنت إسلامي بالفعل ، ولك أن تتخيل حياةإنسان أو شاب في مقتل الصف الثالث الثانوي ، غير دينه ودين آبائه، ومتوقع أن يواجه مجتمعا جديدا بل عالماجديدا ...
وكيف كانت طريقة حياتك مع الأهل بعد أن دخلت الإسلام؟
رجعت إليهم وأعلمتهم بالتغيرات ،ولكنني لم أسكن معهم ، حيث قرر عمي أن ينقلني من المدرسة التي كنت أدرس فيها في الجنوب إلى مدرسة داخلية إسلامية في العاصمة بانكوك ، وقد تحقق ذلك بالفعل ، ودرست الصف الثالث الثانوي في مدرسة ( إِسْلامْ وِتِيَالايْ ) ، وهي من المدارس الإسلامية العريقة في القطر التايلندي ...
ماهي المعلومات التي كنت تهتم بها ، أو تهتم بمعرفتها عن الإٍسلام ؟
قال : كنت أقرأ كل ما تقع عليه يداي من كتب إسلامية .
(تعليق : وقد حدثني أصحابه أن غرفته في سكن الطلبة مليئة بالكتب الإسلامية باللغة التايلندية وكذلك الكتب التي تتحدث عن الأديان والمذاهب والفرق ، ومن مناقشته في بعض الأمور وجدت أنه على اطلاع بالكثير من تفاصيل الثقافة الإسلامية والحضارة الإسلامية وتاريخها ) .
قلت لإدريس : هل حججت ؟
قال : نعم .
وماذا كانت مشاعرك حين حججت ، أو بماذا كنت تحس وأنت تؤدي المناسك ؟
كانت هناك مشاعر كثيرة مختلطة ، لا يمكن أن أصفها ، أو لا أستطيع أن أعبر عنها ، ولكنني عند الطواف بكيت، لا أدري لماذا ؟ وتذكرت أبواي اللذان ما زالا على الكفر ...
في اعتقادك ماذا يمكن أن نقدم لمن ظلوا على الشرك والكفر ولم يستضيئوا بنور الإسلام ؟
قال : إن الناس في الغالب يسمعون أخبارا مغلوطة عن الإسلام ، وأظن أن هذا هو الذي يزهدهم فيه ، وأرى أن من أوجب الواجبات أن نصحح صورة الإسلام في عيون الناس.
وهل تعتقد أن المسلمين قاموا بدورهم في هذا الباب على وجهه ؟
قال : لا أظن ... هناك تقصير كبير ...
هل درست البوذية وقرأت عنها ؟
نعم .. بحكم كوني كنت على تلك الديانة ، فقد درستها ومارستها ...
قلت له : وماهي في ظنك المعالم الفارقة بين الإسلام والبوذية ؟
قال إدريس : التوحيد ... إنه الشيء الوحيد المميز الذي تستطيع أن تلحظه لأول وهلة ، إن الإسلام يشدد على أن هذا الكون لا إله له إلا الله ، ولا يتوجه المسلم في أموره إلا لرب واحد، ولكن في البوذية كل شيء يمكن أن تعظمه وتؤلهه
( تعليق : مظاهر الشرك والوثنية في البوذية قد ضربت أطنابها كل مظاهر حياة البوذيين ، فكل شيء يحترمونه قابل أن يتحول بين عشية وضحها إلى إله يقصد ويتقرب إليه) .
سؤال أخير يا إدريس : الذي كنت تريده من الإسلام هل حصلت عليه ؟
أجاب مطرقا: ما زلت مهموما لأسرتي التي لم تسلم بعد. لقد كانت هذه قصة حوار شيق ، دار مع شاب في مقتبل عمره ، عاصر المراهقة ولكنه لم يدخل في براثنها ، إذ انشغل بالبحث عن الدين الحق ، ولما عرفه وتمكن منه عض عليه بالنواجذ ، وبذل كل شيء في سبيل أن يكون واحد من أبنائه البررة به ، فقد عرفته مساجد العاصمة متنقلا بين محاضرات الدعاة ، ومجالس العلم المختلفة ، ينهل من معين الإسلام، ويرتوي من نهر الإيمان ، ولا شك أن الحوار بهذه الصيغة لا يمكن أن يستوفي كامل المنظر الذي رأيته ، فلقد كانت هيئة ذلك الشاب تذكر إلى حد بعيد بجيل الصحابة الصغار الذين أسلموا وهم في عمر المراهقة والشباب ، وحملواأمانة الدين من ساعتها .
ولقد استفسرت من أصحاب إدريس حالته وحياته ، فعلمت أنه مجتهد في الدعوة ، وأنه حريص على دعوة الشباب المسلمين وإنقاذهم من براثن المدنية الغربية الخادعة ، وأنه يحافظ على مظهره الإسلامي ، فعلى رأسه قلنسوة يرتديها حتى عندما يذهب إلى الجامعة اعتزاز بدينه الجديد ، وإظهارا لانتمائه وولائه للإسلام وبراءته من غيره .
ـــــــــــــــــــــــــ(110/98)
فصلية جديدة .. لكل داعية ومثقف مسلم
... عسل النحل وحبة البركة والكرنب .. وسائل طبيعية للقضاء علي بقايا الكحول في الجسم.
الإعلام الخاطئ , وغياب الضمير الأخلاقي , وسوء استخدام الروشتة, وضعف الدور الرقابي أهم أسباب المشكلة.
الروشتة ليست شرطا لصرف الدواء وضمير الصيدلي عامل مهم لتلافي إدمان العقاقير.
الدواء سلاح ذو حدين , فإما أن يكون وسيلة للاستشفاء من الأمراض أو بوابة عبور إلي مستنقع الإدمان وبعضنا قد يعبر بدون قصد, وحتي لا نفقد الكثير من شبابنا, وحتي لا يقع أبناؤنا وبناتنا فريسة للإدمان علينا أن نعرف كيف نتعامل مع الدواء? وماضوابط استخدامه? وكيف نتقي آثاره الإدمانية?
أسباب الإدمان الدوائي
أسباب ظاهرة إدمان الدواء يحددها د.عاطف فهيم أحمد -مدير عام معامل بحوث الإدمان سابقا في :
1- الإعلام الخاطئ للمريض عن طريق المعلومات الخاطئة , وتداول هذه المعلومات بين المرضي.
2- غياب الضمير الأخلاقي عند بعض الصيادلة وسيطرة نزعة الربح غير المشروع فيروجون الأدوية ذات الأثر الإدماني دون روشتة الطبيب.
3- سوء استخدام الروشتة الطبية للطبيب نفسه نتيجة القصور في تشخيص الحالة المرضية .
4- غياب الدور الرقابي للأسرةإلي جانب القصور الاقتصادي, فكثيرون يلجؤون إلي الصيدلي لإعطائهم علاجا لتسكين الألم, فأصبحت - لذلك - ظاهرة تعاطي المسكنات منتشرة, ومن ثم يدخل المريض في دائرة الإدمان دون عمد.
الوقاية والعلاج
وعن طرق الخروج من بوتقة هذا الإدمان, وطرق الوقاية يقول د.عاطف : لا بد من إيجاد أجهزة رقابية معملية تلجأ إليها الأسرة للاستعلام عن طبيعة العقار الموجود في متناول أيدي أبنائها ، مع إجراء تحليل للبول إذا انتابها شك في سلوك أحد الأبناء , فالاكتشاف المبكر للحالات الإدمانية, وخاصة بالنسبة لمرحلة المراهقة (الشباب) هام جدا لسرعة علاج المشكلة, وقصر مدة العلاج وعدم التعرض للنوبات الرجعية, ولن يتأتي هذا إلا بعد عودة الدور الرقابي للأسرة والمدرسة والمؤسسات المهنية,
ويضيف د.عاطف : لا بد أن يكون الإنسان حريصا في تناول الدواء والابتعاد عن المسكنات, أوعدم الإفراط في استخدامها.
كما يعد التعليم المستمر للمهن الطبية التي تتداول هذه الأدوية سواء بالوصف أو الصرف أمرا هاما لحماية المريض من أية معلومات تدفعه للتجربة أو التخلص من ألم طارئ والتعود عليه ودخوله دائرة الإدمان ,
كما يري د. عاطف أنه من الضروري عدم الإعلان عن أي دواء أو مادة لها صفة العلاج أو تدخل في علاج أو تغيير الوظائف الفسيولوجية للجسم في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء, وإذا كان لا بد من ذلك, فليكن في المجلات الطبية المتخصصة.
كما يصبح من الضروري أيضا دعم الوازع الأخلاقي لدي الطبيب والصيدلي من خلال دورات تثقيفية وتدريبية, أو التوعية من خلال النشرات الدورية الصادرة عن الهيئات الطبية أو النقابات أو وزارة الصحة.
المنع لا يكفي
أما د.رجاء حسن - صيدلانية- فتري أن الرقابة في حد ذاتها لا تكفي لمنع هذه الظاهرة , فيجب أن يتم منع تداول أية أدوية تسبب الإدمان, فمجال تداول هذه النوعية من الأدوية محدود ويمكن الاستغناء عنها وإن تحتم تداولها فيجب ألا يتم صرفها إلا بناء علي روشتة, ومن ثم يراعي الطبيب الصيدلي القسم المهني في ذلك ,
ومنذ فترة ظهر اتجاه داخل بعض شركات الأدوية لإعادة تصنيع وتركيب بعض الأدوية بما يجعلها تخلو من أية آثار إدمانية فعلي سبيل المثال أقراص رنوفاسي كانت ذات آثار إدمانية فمنعت من السوق لفترة ثم تم إعادة تصنيعها لكي تخلو من هذه الآثار ثم تطرح في الأسواق, وكذلك توسيفان دواء يعالج السعال ويحتوي علي مادة الكودايين إحدي مشتقات المورفين فوضع في داخل جدول المحظورات أما توسيفان نون فهو يعالج السعال وخال من أية آثار إدمانية, والباركينول الذي يعالج الشلل الرعاش قد يسبب الإدمان إذا تم تناوله بجرعات كبيرة تفوق الجرعات العلاجية المحددة لأصحاب هذا المرض, وقد يسبب هلوسة,
وتؤكد د. رجاء أنها لا تتعامل مع أي أدوية لها آثار إدمانية, وهذا الأمر لا يؤثر علي حركة البيع والشراء, وأنها تمتنع عن بيع أي دواء بدون روشتة طبيب, وتوضح أنه بالنسبة لأدوية السعال وغيرها من الأدوية التي تحتوي علي كحوليات فإنها لا تحدث الأثر الإدماني إلا عند تعاطيها بكميات كبيرة جد ا, ولفترات زمنية طويلة أما استخدامها كعلاج فلايسبب أي إدمان .
نصائح علاجية
أما د. تغريد علي أحمد - صيدلانية - فتري أن انتشار ظاهرة المهدئات بين الطلبة أمر يحتاج إلي وقفة ومراجعة, فهي تجعلهم عرضة للإدمان الأمر الذي يجعل استخدام المخدر الموضعي محظورا إلا تحت إشراف طبيب , أما بالنسبة لأدوية الأطفال, وخاصة التي تعالج السعال فهي تنصح بعدم استخدام أي دواء ينتهي بالحرفين OH أوOL فجميعها من مشتقات الكحول,
وتقدم د.تغريد بعض النصائح العلاجية للإدمان من خلال مواد طبيعية فتقول: إن عسل النحل يعد من الأغذية الرئيسة الموجودة في المستشفيات, ومصحات مدمني الخمر في أوربا لما له من أهمية ودور كبير في تنقية الكبد من التسمم الكحولي, كما أن سكر الفركتوز, ومجموعة فيتامين (ب) في العسل تؤكسد بقايا الكحول الموجود في الجسم, وكذلك الحبة السوداء تعد من المواد المنشطة للجهاز المناعي والمعالجة لأمراض نقص المناعة والتي يسببها الإدمان, وأيضا يعتبر زيت البقدونس وزيت السمك وعصير الملفوف (الكرنب النيئ) من العلاجات الناجحة في علاج التسمم الكحولي, فهي تبطل عمل السموم وتعالج التشنجات العصبية عند الأطفال إذا تناولوا جرعات زائدة من الدواء.
اتفاقيات ومؤشرات
وفي رأي منشور يقول د.فوزي الشوري - مدير عام الإدارة العامة لمراقبة الأدوية والمخدرات بوزارة الصحة -:
هناك ثلاث اتفاقيات دولية تنظم نسب المخدرات في الأدوية, وهذه الاتفاقيات صادرة من الأمم المتحدة في أعوام 1961, 1971, 1988, ومصر عضو فيها وتنفذها بموجب القانون المصري لمكافحة المخدرات, و: هناك مجموعة من المؤشرات يعتمد عمل إدارة مراقبة الأدوية عليها.
منها- تصنيف اتفاقيات الأمم المتحدة لمادة ما علي أنها مادة مخدرة, كما أننا لا نعمل بمفردنا في هذا المجال ونتعاون مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية وتستعين بتقاريرها حول الضبطيات التي تقوم بها, وهناك أيضا التفتيش الصيدلي علي مستوي الجمهورية والذي يراقب الصيدليات, ويعطي تقارير دورية حول المواد التي يحدث عليها إقبال بصورة غير طبيعية حتي لو لم تكن مدرجة في أي جدول لتقوم بدراستها وتقرير مصيرها وقد يبلغ المواطن العادي عن مثل هذه المواد فتقوم بالتحقيق في الشكوي.
ويضم هذا التصنيف جدولين:
أولهما- يحتوي علي المواد المخدرة أو الأودية المخدرة مثل المورفين والبيتادين والريتالين والفتتانيل والسوفنتانيل وهذه المواد يقوم الصيدلي عند صرفها بسحب
الروشتة من المريض ويسجلها عنده بالتاريخ ويحتفظ بها, وتصل عقوبة إساءة الصيدلي أو الطبيب في استخدامها إلي حد الأشغال الشاقة حسب عقوبات قانون المخدرات.
أما ثانيهما- فيحتوي علي المواد أو الأدوية المؤثرة علي الحالة النفسية وهي مسجلة عندنا لعلاج أمراض معينة وهي إما أن يكون في تركيبها مادة مخدرة, وقد لا يكون ولكن يساء استخدامها ويخضع جدولها لقرار وزير الصحة رقم 487 لسنة 1985م ويقضي بأن يتم صرف علبة واحدة وألا تحصل الصيدلية علي أكثر من 30 علبة في الشهر إذ كان شراب ا, وفي حالة إذا كان الدواء عبارة عن أقراص فهناك حد أقصي 300 قرص أو كبسولة للصيدلية الواحدة بصرف النظر عن حجمها, ويتم توزيع هذه الحصص عن طريق الشركة المصرية لتجارة الأدوية .
بروشتة.. ولكن
ويؤكد مدير إدارة مراقبة الأدوية أن أي دواء يجب أن يتم صرفه بروشتة, ولكن هناك بعض أنواع الأدوية معفاة من شروط الكمية وليس لها خطورة, ويمكن إدمانها, ولكن بعض المدمنين يقومون بخلط الأدوية مع بعضها, ونحن لا نستطيع السيطرة علي مثل هذه الأعمال, وما نفعله أن جميع الأدوية التي يدخل في تركيبها أية نسبة لمادة مخدرة تدخل الجدول ويتم تقسيمها بداخله بمعني أنه لو أن الجرعة الواحدة بها أكثر من 10 ملليجرامات مخدر نضعها في الجدول الأول, ومايقل عنها نضعه في الجدول الثاني,
والتفتيش الصيدلي موجود في جميع المناطق الطبية ويتبع الإدارة العامة للشؤون الصيدلية بوزارة الصحة, وهم يمرون بصورة منتظمة ومستمرة والصيدليات التي تخالف يتم حرمانها من حصتها, أو إذا كانت هناك عقوبة أخري يتم تحديدها حسب حجم المخالفة التي قد تصل إلي إغلاق الصيدلية, وللحد من ظاهرة إدمان الدواء أصدر مجلس نقابة الصيادلة قرارات ملزمة للصيدليات منها:
1- منع تداول الأدوية سيئة السمعة في الصيدليات وعلي رأسها أدوية السعال التي يدمنها الشباب وعقارالتراما دول ودواء الحساسية الذي قررت الشركة المنتجة الأولي له سحبه من الأسواق.
2- امتناع الصيادلة عن استلام أي مستحضر جديد لا يتم إعلامهم بالطرق الرسمية عن اسمه ومكوناته ومفعوله وسعره المعتمد والموزع المعتمد له .
-ـــــــــــــــــــــــــ(110/99)
كيف نربى أبناءنا?
كتاب يجيب عن السؤال المتحدى:
كيف نربى أبناءنا?
محمد حسن رقيط
دار ابن حزم .. بيروت 1997
المحب لمن يحب مطيع: قاعدة ذهبية فى التربية ينبغى على الوالدين والمربين استيعابها وتطبيقها.
الزواج المبكر للشباب واستثمار وقت فراغهم فى الأنشطة والهوايات النافعة والصحبة الصالحة مفاتيح ضرورية للتربية الصالحة
العقوبة الهادفة فى الإسلام تكون مصحوبة بالرحمة والشفقة وتضبطها ضوابط الشرع
التربية الأخلاقية ثمرة من ثمرات التربية السليمة الصالحة
كيف نربى أبناءنا تربية صالحة? سؤال يضع الآباء والمربين أمام مسؤوليتهم الكبرى التى ألزمهم الله بها فى قوله تعالى: يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة .
إذا كانت التربية الصالحة هى الأساس المتين فى بناء الفرد الصالح والأسرة السليمة والمجتمع الفاضل , وإذا كان المربون والآباء يواجهون حربا إعلامية ضارية ومؤثرات مجتمعية وفكرية داخلية وخارجية جديدة تعرقل مسيرة التربية الصحيحة, فإن هذا الكتاب يضع أيديهم على مفاتيح النجاح فى أداء هذه الأمانة, وبعيدا عن التقليد الأعمى للمناهج الغربية وما تبثه من سموم أخلاقية ودينية تبقى العودة إلى معين التربية الإسلامية المستقاة من المنهج الإسلامى الذى يتميز بالشمول والتوازن والواقعية ووحدة التلقى هى الخيار الأمثل أمام الآباء والمربين للوصول بأبنائهم إلى شاطئ السلامة والأمان.
التربية فى الإسلام
حول هذا المفهوم يتحدث الكاتب قائلا : التربية فى المفهوم الإسلامى هى عملية بناء ورعاية وإصلاح للنشء وتنمية لقواه الدينية والفكرية والخلقية تنمية متسقة متوازنة, وهى بهذا فريضة إسلامية وأمانة فى أعناق الآباء والمربين لايجوز التخلى عنها.
قال بعض أهل العلم: إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده, ووصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم.
صفات المربى
وقد أكد علماء التربية أن أكثر من 90% من تربية الطفل تتم فى البيئة الأولى التى تعيش فيها ( الأسرة ), وهذا يستلزم توافر بعض الصفات الجوهرية فيمن يتصدى لمسؤولية التربية والتعليم أهمها:
- اختيار الزوجة ومن ثم الأم الصالحة للولد, واتباع السنة فى المعاشرة الزوجية.
- اتباع السنة فى استقبال المولود والرضا بقسمة الله من الذكور أو الإناث, واختيار مرضعة صالحة له إن فقد أمه.
- أن تتعهد الأم طفلها بالرعاية والعطف والحنان خاصة فى مرحلة المهد والطفولة المبكرة.
- تعليمه كتاب الله وما يلزم من العلوم الدينية والدنيوية.
- تدريبه على أداء الفرائض والعبادات من صوم وصلاة وغيرها.
- العدل بين الأبناء مما يورث المحبة والثقة بين أفراد الأسرة.
- تعليمه آداب الاستئذان فى الدخول على الوالدين فى الأوقات التى حددها القرآن الكريم.
- تخير الصحبة الصالحة للأولاد حماية لهم من الانحراف, وتوفير أسباب اللهو المباح والأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية التى تفيدهم وتستثمر طاقاتهم ووقتهم بصورة إيجابية.
- تعويدهم الصدق وحسن الخلق وتدريبهم على الآداب الاجتماعية, كما وردت فى السنة (المجلس/ النوم/ معاملة الوالدين والأخوة والجيران..).
- تلقينهم كلمة التوحيد قولا وفهما وغرس محبة الله ورسوله فيهم منذ الصغر.
- تلقينهم أحكام المراهقة والبلوغ وأحكام الطهارة من غسل ووضوء, وهو جانب مهم فى التربية الشاملة, ومنها التربية الجنسية التى تستوعب الإنسان فى كل جزئيات حياته.
انحراف الأبناء
وقد يفاجأ الوالدان بجنوح أبنائهما وتمردهم على الطاعة وعلى القيم والأخلاق التى غرسها فيهم الوالدان, وبالبحث عن أسباب ذلك تبين أن منها:
- الفقر والحاجة إلى التقليد والأشباع بأية وسيلة.
- إهمال النفقة على الأولاد أو التقتير عليهم.
- النزاع والشقاق بين الوالدين أمام الأبناء.
- حالات الطلاق وما يصاحبها من ضياع الحقوق وتشرد الأبناء.
- الفراغ الذى يقتل الأطفال والمراهقين فيلجؤون إلى ملئه فى رفقة السوء بعيدا عن رقابة الوالدين.
- سوء معاملة الوالدين للابن وإهمال تربيته, وتفريطهم فى الأمانة.
إياكم والأخطاء التربوية
من الأخطاء التربوية الخطيرة التى يقع فيها بعض الآباء والمربين وتهدد استقامة أبنائهم وشخصيتهم وصلاحهم:
* تحقير الولد وتعنيفه أمام الرفقاء.
* التدليل الزائد والتعلق المفرط بالولد وإهمال تربيته فى الصغر.
* عدم السماح للولد بمزاولة الأعمال والأنشطة التى أصبح قادرا عليها.
* عدم العدل بين الأبناء واحتقارهم والسخرية من حديثهم.
* فعل المنكرات أمام الأولاد مما يجعل الوالدين والمربين قدوة سيئة.
التربية بالحب
ينصح الكاتب الآباء والمربين بالتربية من خلال الحب .. فتبادل الحب بين الطرفين يضمن للمربى الاستجابة لتوجيهاته دون ضغط على الولد أو إكراه ; لأن المحب لمن يحب مطيع .
ولكى يؤتى الحب ثماره التربوية لا بد أن يتحرك فى إطار ضوابط محددة حتى لا يميل إلى الإفراط أو التدليل.
فإذا توافر الحب بين الوالدين والأبناء استطاعا توجيه سلوكهم وتقويم اعوجاجهم أولا بأول وتحصينهم من الانحرافات الخلقية والمخاطر الصحية (الزنا/ اللواط/ العادة السرية) بالتربية الصحيحة علي قاعدتى الإيمان والأخلاق, وتيسير سبل الزواج للشباب وملء فراغهم بالأعمال النافعة التى تستثمر الوقت.
العقوبة الهادفة
إلا أن حب الوالدين لأبنائهما لا يمنع وجود الحزم وأحيانا الشدة فى مواجهة الأخطاء والسلوكيات المرفوضة من قبل الأبناء, وهنا تلعب العقوبة الهادفة الموجهة دورها فى الإصلاح بشرط أن تحاط بسياج من الرحمة والشفقة تكون منضبطة بضوابط مشروعة من التدرج بالعقوبة من الأخف إلى الأشد تبعا للخطأ وطبيعة الولد نفسه: النصح,الإرشاد,التنبيه, الإعراض, التعبيس, الزجر, الهجر, التوبيخ , الضرب, وهو المحطة الأخيرة فى مسلسل التربية والتقويم, ويستحب التلويح بالضرب وتعليق العصا على الجدار ليراها الأولاد فيتحقق الردع والزجر دون ضرب.
للبنات فقط
حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تربية البنات بصفة خاصة فقال: ما من مسلم يكون له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه - أو صحبهما - إلا أدخلتاه الجنة.
فقد كرم الإسلام الأنثى وجعل اسمها مقدما على اسم الذكر, فقال تعالى: لله مافى السموات والأرض يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور . أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير [الشورى: 49 - 50] ووضع لها من الأحكام ما يحفظ لها كرامتها ومكانتها فى الأسرة والمجتمع, ومن ثم كان تشريع الحجاب للنساء, وتجنب الاختلاط بالأجانب, واستحباب تدريب البنات على الحجاب صيانة لهن وحفظا لعفتهن.
وطالب التشريع الإسلامى الوالدين بالعدل بين أولادهما فى العطاء والهبة والوصية, وفى المعاملة بغض النظر عن كونهم إناثا أو ذكورا.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/100)
صورة البنت في وسائل الإعلام
...
البنت في وسائل الإعلام سافرة متحررة أو محجبة معقدة
* استنفار المؤسسات التربوية وتوحيد الزي الجامعي ضرورة لإصلاح حال بناتنا
* ملابسها تكشف أكثر مما تستر، زينتها صارخة، تتحدث مع زملاء الدراسة بلا تحفظ ، كلامها مملوء بعبارات تؤكد أن البنت بأخلاقها لا بزيها، وأن الفتاة (الجدعة) تحافظ علي نفسها وسط مليون شاب ، سلوكها متحرر ولكنها تبدو سعيدة منطلقة غير معقدة .
هكذا تظهر وسائل الإعلام المرئية صورة الفتاة المثالية العصرية، وعلي الجانب الآخر تبدو المحجبة الملتزمة بالقيم صارمة، حادة، متجهمة، حاقدة، دميمة، ومع تكرار تناقض الصورتين تنجذب الفتيات إلي الصورة الأولي ويقلدنها، وتصبح فتاة الغلاف ، والفيديو كليب والممثلة الشابة مثلاً أعلي .
قدوة غائبة
هذا جزء صغير من الصورة يلخص مسؤولية وسائل الإعلام عما وصلت إليه حال بناتنا.
وهو ما يعبر عنه د. جمال النجار - رئيس قسم الصحافة بكلية البنات جامعة الأزهر - بالقدوة الغائبة مؤكدًا أن وسائل الإعلام لا تقدم القدوة، بل تحتفي بمن هنَّ كاسيات عاريات، وتظهرهن علي أنهن نموذج للرقي الفكري والأخلاقي .
في الوقت نفسه لا يبرئ د. جمال الأسرة التي تخلت عن دورها التربوي والرقابي، والمدرسة التي صارت - في أفضل الحالات - مكانًا لتلقين العلم فقط دون الأخلاق، والجامعة التي أصبح حرمها كأنه قاعة عرض أزياء ماجنة من كل شكل ولون.
ويري أننا في حاجة إلي استنفار عام لكل المؤسسات التربوية والإعلامية والدينية حتي تمارس دورها المنوط بها في التوعية الأخلاقية، والضبط الاجتماعي مشيرًا إلي أهمية إحياء اقتراح توحيد الزي الجامعي كخطوة مهمة في سبيل الإصلاح الأخلاقي العام.
حنان .. وحزم
أما د. هاجر سعد الدين - رئيس الشبكة الدينية في إذاعة القرآن الكريم - فتؤكد أن الأسرة هي المسؤولة عن انحرافات البنات ، فالوالدان مشغولان عن مراقبة الأبناء ومتابعة سلوكهم، ومهمة التربية موكولة إلي الحضانة أو المربية أو الجدة، وهذا يعني افتقاد البنت لحنان الأم، وحزم الأب وهما الجناحان الأساسان للتربية الصالحة للفتاة.
وتضيف د. هاجر أن المتلقي السوي صاحب الرؤية النقدية سيختار ما يفيده ، ويهمل ما يضره ، ولذلك فمهما قدمت وسائل الإعلام من برامج ومسلسلات بها أفكار ومشاهد غير لائقة لن تستطيع أن تؤثر علي المتلقي الواعي المنضبط سلوكيا.
وتشير في الوقت نفسه إلي أن الإذاعة ملتزمة بتوعية الفتاة بأمور دينها، وربطها بالقيم والأخلاق مستشهدة ببرامج إذاعة القرآن الكريم الموجهة للطفل والشاب والمرأة، والتي تثري الثقافة الإسلامية والأسرية وتوثق صلة جميع أفراد الأسرة بالقرآن والسنة.
فضائية الشباب.. كارثة
وينتقد الدكتور هشام مصباح - أستاذ الإعلام بجامعة الكويت - دور وسائل الإعلام إزاء المراهقات قائلاً : إنها تقدم النموذج والقدوة بلا شك في سن تبحث فيه المراهقة عما يمكن أن يغير شخصيتها، ويخرجها من طوق الطفولة.
وإذا كان التليفزيون أكثر المصادر انتشارًا وثراءً للاقتباس والمحاكاة فإن القيم التي يبثها تبدو واضحة وببساطة لدي مشاهدتنا لأي عرض من عروض الفيديو كليب ، وفي المسلسلات والأفلام الفتاة رومانسية حالمة لا هم لها سوي الحب .
وعن المجلات - والكلام للدكتور مصباح - فلا هم لها سوي تقديم أحدث القصات للشعر والموضات للملابس، وكأن اهتمامات الفتاة ينبغي أن تنحصر في هذه المجالات ..
ويري الدكتور محمد معوض - رئيس قسم الإعلام بجامعة الكويت - أن ما يقدمه الإعلام للشابات يخلق لديهن حالة من الصراع النفسي ، رغم اهتمام كثير من الفضائيات بتقديم برامج ومخصصات تليفزيونية متنوعة الفنون للشباب من الجنسين ، حتي إن هناك قناة كاملة يقدمها الشباب والفتيات لأمثالهم في العالم العربي ، وأنا
شخصيا أصبت بالصدمة وخيبة الأمل عندما تابعت ما يقدم عبر هذه القناة ، فبرامجها في الأغلب هابطة غير هادفة تعتمد علي الأغاني الأجنبية المصورة بما تحويه من مشاهد وكلمات وحركات سيئة ، ويظهر المذيعون والمذيعات فيها يتحدثون اللكنة اللبنانية بطريقة غير مفهومة، وبأزياء غريبة مستهجنة لا تتماشي وديننا أو تقاليدنا العربية، كما تُشيع نمطًا من التعامل بين الشباب والفتيات لا يمكن التعليق عليه، وهكذا لم أجد اهتمامًا حقيقيا بمشكلة واقعية تعاني منها الفتيات أو حتي الشباب، ولم ألاحظ حوارًا جادًا هادفًا مع شرائح الشباب والفتيات الموجودين بالفعل في مجتمعاتنا.. ولا أدري ما الذي يحدث بالضبط ؟
ولا تقتصر التأثيرات السلبية لوسائل الإعلام علي النطاق المحلي والفتاة العربية فحسب ، والدليل هو ما نشرته الصحف مؤخرًا عن لقاء عقدته وزيرة الدولة البريطانية المكلفة بشؤون المرأة تيساجويل مع ممثلي شركات الموضة ووسائل الإعلام للبحث في الضغوط التي تمارس علي الفتيات والنساء عامة من أجل إنقاص وزنهن بأي ثمن ولو حتي علي حساب صحتهن ، وقد بيَّنت دراسة أجرتها الوزارة أن هناك آثارًا سلبية لاستخدام عارضات شديدات النحافة في عروض الأزياء أو علي أغلفة المجلات النسائية.. ليس هذا فحسب ، بل إن هناك دراسة أجرتها جامعة اكستر في عام 1998 شملت حوالي 37 ألف مراهقة بين 12 - 15 عامًا أكدت أن هناك حوالي 5.57% منهن يشكل المظهر الخارجي الهم الرئيس لهن، وأن 95% من الفتيات بين ،12 13 عامًا حريصات علي عدم زيادة وزنهن.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/101)
ظاهرة الالتزام في أوائل الثانوية المصرية
... لم تستطع وسائل الإعلام - مقروءة ومسموعة - أن تتجاهل ظاهرة تزامنت مع نتيجة الثانوية العامة هذا العام والأعوام القليلة الماضية.
تلك الظاهرة ذات شقين:
أولهما الالتزام الديني للمتفوقين وتشديدهم جميعا علي أن الصلاة لوقتها ساعدتهم علي تنظيم وقت المذاكرة , واعتبار أداء الصلاة هدنة روحية من الاستذكار والتحصيل , وأيضا علي أن قراءتهم للقرآن وحفظهم له قومت ألسنتهم وصوبت لغتهم.
كذلك ارتبط تفوق أوائل الثانوية العامة بوعيهم بأهمية حسن استغلال المرحلة العمرية التي يمرون بها - ذروة المراهقة - في ممارسة الهوايات المفيدة والرياضة وحضور الدروس المسجدية.
أما الشق الثاني من الظاهرة فهو أن معظم الأوائل فتيات كلهن بفضل الله ملتزمات بالحجاب معتزات به , وأصدق تعبير عن هذا الاعتزاز أن إحدي الأوائل العام الماضي قيل لها:
إن شكلك سيكون غريبا بخمارك أثناء تكريمك في وزارة التربية والتعليم , وربما حرمت من الحصول علي جائزة التفوق , ونصحها من حولها بارتداء غطاء رأس قصير - طرحة علي الرقبة - فرفضت وقالت :
ما دام خماري في كفة وتكريمي في كفة فسأرجح الخمار, وذهبت إلي حفل التكريم, ونالت نصيبها منه دون أن يحدث شيء مما خوفها منه المحيطون بها.
والملاحظ أنه بعد أن كان النمط العام في التغطية الإعلامية لنتيجة الثانوية العامة يركز علي أهمية تنظيم الأوائل لوقتهم وممارستهم للرياضة , وعدم استعانتهم بالكتب الخارجية دون التطرق إلي مدي الالتزام الديني لهم , أو علاقتهم بالقرآن , بدأت هذه التغطية تتحدث عن دور الدين في تفوق هؤلاء وتسهب في إظهار التزامهم, فيما يمكن أن يفسر بأنه رسالة استغاثة ضمنية من الانحرافات الخطيرة التي شاعت في وسط الشباب والفتيات , ونوع التسرية عن النفس بتبسيط قضية هذه الانحرافات وربطها - فقط - بغياب الالتزام الديني عند الشباب وليس بأسباب أخري إعلامية أو اجتماعية أو اقتصادية أو أيضا سياسية.
وهذا العام كان هناك ملمح آخر في نتيجة أوائل الثانوية العامة, إذ كان فارق الدرجات بين الحائزين علي المراتب الأولي والمتأخرة ضمن ال- 35 الأوائل ضئيلا جدا,
فالأولي حاصلة علي 408.5 من 410, والخامس والثلاثون حاصل علي 403.5
وقد احتشدت الصحافة وبرامج التليفزيون في الأيام الأخيرة بلقاءات وحوارات مع الأوائل , وكان التركيز غالبا علي المراكز الخمسة الأولي.
ونحاور اليوم واحدة من الأوائل ممن يجسدن الظاهرة التي تحدثنا عنها, فتاة تتمني الالتحاق بكلية الطب حتي تسد ثغرة , لا لتحقق شهرة أو مجدا شخصيا, فهي تود أن تصبح طبيبة تكفي من هن في مثل سن أمها مؤونة البحث عن طبيبة مسلمة ثقة يعالجن عن طريقها, وتري أن الحجاب ليس مجرد فريضة دينية فهو حصانة سلوكية, وأقرب الطرق إلي استجلاب الاحترام العام لصاحبته.
نحاور زهرة جديدة تتفتح في سماء العلم تبث رائحتها الذكية في هذه السطور, إنها سوزان محمد أمين شلبي - التاسعة مكررا علي مستوي جمهورية مصر العربية في شهادة الثانوية العامة هذا العام بمجموع 406.5 علمي أي بفارق درجتين فقط عن الأولي .
سألتها عن القرآن وأثره في تفوقها, وعن فائدة الانتظام في الصلاة , وعن أهمية التزام والديها دينيا وغيرها من الموضوعات وإجاباتها عبر هذه السطور.
ما بين الصلاتين
) ما أهم أسباب تفوقك من وجهة نظرك?
- انتظامي وحفاظي علي الصلاة فهي بجانب كونها أحد أركان الإسلام, وفرضا علي كل مسلم لكنها ساعدتني كثيرا علي تنظيم وقتي بحيث كنت أحسب لأي مادة الوقت ما بين صلاتين, ثم أصلي وأريح ذهني قليلا وبعدها أتابع , فكان الأذان بمثابة نهاية لمادة . وبعد صلاة الفرض أبدأ مادة جديدة, مما ساعدني علي التحكم جيدا في وقتي.
) هل تعتقدين أن لأسرتك دورا في تفوقك ?
- لأسرتي النصيب الأكبر في نجاحي والأهم حفاظي علي الالتزام دينيا فمنذ صغري عودتني أمي, وكذلك أبي علي الذهاب للمسجد, وأداء الصلاة به, كذلك رأيت أمي تلبس الملابس المحتشمة , وتقنعني بها, وتظهر لي مساوئ التبرج وعدم الالتزام,
كذلك الجو النفسي المريح الذي وفرته هذه الأسرة لي من هدوء ورضا وطمأنينة ساعدني كثيرا في تركيزي في دروسي .
) حتي تحصلي علي هذا المجموع هل كنت متفرغة للمذاكرة فقط?
- لا طبعا : فقد كان لدي فراغ أحاول قضاءه في حفظ القرآن الكريم, وكان ذلك يساعدني أيضا في تنشيط ذاكرتي في استيعاب الدروس فضلا عن راحتي النفسية واستمتاعي بالقراءة ومحاولة فهم ما أقرأ.
) ما أهم قضية عامة شغلتك في الفترة الأخيرة?
- كثير ا ما أتصور نفسي أعيش في القدس ومسجدي وبيتي وأرضي يغتصبون , وأخي وأبي وعمي ما بين شهيد وجريح , كل ذلك جعلني أضع نفسي مكان أختي المسلمة في القدس , لذلك وجدت من واجبي أن أبصر من حولي بحقيقة المشكلة قدر علمي, كذلك أدعو لإخواني في كل أرض محتلة بالنصر وأحاول استغلال وسائل التكنولوجيا الحديثة المتاحة لي في خدمتهم قدر استطاعتي.
) هل استخدمت الإنترنت - مثلا - لهذا الغرض?
- البيت لم يكن به جهاز كمبيوتر لكني تعلمت أسس استخدامه في المدرسة, كذلك الإنترنت ؛ فبعض صديقاتي يملكنه, وكنت أقضي بعض الوقت معهن في فتح بعض المواقع وإجراء حوارات مع آخري ن, وكنا في هذه الحوارات نحاول أن نشرح لهم بعض ما يرونه خطأ عندنا, كذلك كنا نصحح لهم الكثير من الأخطاء , وحول موقف المسلمين من القضايا العامة مثل القدس والشيشان.
) عودة إلي الثانوية العامة : هل سبب لك نظام العامين أي ارتباك?
- أنا لم أجرب النظام القديم لكن أعتقد أن النظام الحديث يقسم المواد علي السنتين بشكل جيد وحسب اختيار الطالب نفسه.
) هل واجهت مشاكل في مذاكرة واستيعاب بعض المناهج ?
- بعض المناهج كنت أحس أن بها إطالة وزيادة وتشعبا غير مفيد لكن بحكم تجربتي البسيطة , وعدم خبرتي كنت أرد علي نفسي بأنه عسي أن أكون أنا المخطئة.
رضا ربي .. وراحتي
) ما موقفك من الكتب الخارجية?
- كتب المدرسة أعتقد أنها كافية وبخاصة نماذج الامتحانات فهي تدريب جيد للامتحان ومعظم الأسئلة أتت منها?
) كثير من الأوائل يؤكدون أنهم لم يستيعنوا بالدروس الخصوصيةوبعضهم يؤكدون استعانتهم بها ن فمن أي فريق أنت?
- من الفريق الثاني ؛ ففي الصف الثاني لم آخذ أية دروس خصوصية, لكن في الصف الثالث كنت أحضر مجموعات التقوية في المدرسة واستعنت ببعض المدرسين في الكيمياء والفيزياء.
) مدرستك مشتركة فهل وجدت أو إحدي زميلاتك أي مضايقات من زملائكم البنين?
- أعتقد أن التربية الجيدة , وفهم العلاقة بين الولد والبنت إسلاميا, وبشكل صحيح يحصن البنت قبل الولد من المضايقات , بل يساعدها في تجنب المضايقات في أشكال حياتها العامة في : الشارع والسوق والمترو وغيرها,
كذلك الملبس المحتشم يجبر من ينظر إلينا علي احترامنا.
) ألم تفكري في تقليد بعض زميلاتك في لبس ملابس ضيقة أو قصيرة?
- عندما كنت صغيرة كنت أري أمي لا تلبس إلا المحتشم, وكنت ألمح في عيون كل من حولها نظرات احترام لها, وكنت أجد البنات والنساء المتبرجات يواجهن مضايقات كثيرة من الشباب لذلك اخترت هذا الملبس المحتشم لراحتي وقبل ذلك رضا ربي.
) ماذا تخططين لمستقبلك?
- أعتقد أن نجاح أمي في تربيتي أنا وأخي هو أعظم مستقبل تتمناه أي فتاة, فقد تخرجت من كلية التجارة ولم يغرها المؤهل وتفرغت لتربيتنا, فاهتمامي الأول - إن شاء الله - هو أسرتي الصغيرة, ويأتي بعد ذلك ممارسة مهنة أعتقد أنها مهمة , فأمي لا تذهب عند مرضها إلا لطبيبة, فأتمني أن أكون أنا هذه الطبيبة - إن شاء الله - التي يذهب إليها من هن مثل أمي .
) وماذا تقولين لمن لا تجد في مستقبلها مكانا إلا للعمل والوصول إلي أعلي المناصب?
- في بيتي وفي تربيتي لأبنائي سوف أعمل , أليس هذا عملا مهما, واهتمامي الثاني بمهنة أحس أنها تخدم من حولي بقدر احتياجهم إلي, وهي الطب , وهناك طبيبات كثيرات سألتهن فوجدت أنهن يوفقن بين التربية الجيدة لأبنائهم والعمل والأولوية للبيت.
) ماذا تقولين لأحمد أخيك الأصغر وكل من في سنه?
- أقول لهم: مهم جدا أن يكون لكل واحد منا هدف يسعي إليه بشرط أن يكون هدفا نبيلا ومشروعا, وأن يصاحب هذا الهدف التزام ديني وبذل جهد يوازي حجم هذا الهدف, وأنصح أحمد وزملاءه بالمحافظة علي الصلاة وقراءة القرآن الكريم
ـــــــــــــــــــــــــ(110/102)
كرمها الإسلام فتركت النصرانية
ولدت مريم هيكورن عام 1959م لأبوين بلجيكيين ينتميان إلى المذهب الكاثوليكي النصراني، وعلى دين والديها شبت الصغيرة تعتنق مذهب الكثلكة ، مع عدم التزامه، لكونها - مثل أسرتها- غير متدينة.
وحتى سن العاشرة لم تكن مريم قد سمعت شيئاً عن دين اسمه الإسلام، فكل معرفتها وعلاقتها بالأديان لا تتعدى النصرانية، ولهذا عندما سمعت بعض أصدقائها يذكرون الإسلام بسخرية لم تجد غضاضة في أن تشاركهم الضحك والتعليق الساخر، إذ لم يطف برأسها وهي في تلك السن الصغيرة أنها سوف تصبح يوماً مسلمة.
أخلاق محيرة
ولأنها شبت في أسرة غير متدينة، فقد كانت مريم تؤمن بالله على عقيدة النصارى، لكن دون أن تدرك معنى كلمة الله ، بل كانت تجد في أخلاق الكاثوليك وتصرفاتهم ما يثير في نفسها الحيرة من تشدقهم برعاية الأخلاق ؛ فيما يدوسون كل يوم - حتى في الكنيسة - على ما ينادي به كتابهم المقدس من مبادئ ، لكنها حين كبرت قليلاً
وصارت في الثالثة عشرة من عمرها بدأت روح المراهقة داخلها تطلق تساؤلات، وتطالبها بالسعي إلى الدين . ولكن .. إلى أي دين تسعى؟!
كان هذا السؤال يؤرق بالها، إذ أنها لم تسترح لموضوعات كثيرة سمعتها في الكنيسة عن العقيدة النصرانية ، وفي الوقت ذاته سمعت واختلطت بأديان أخرى مثل اليهودية والبوذية ، أما الإسلام فلم يرد ببالها، لأن كل معلوماتها عنه لا تتعدى ما سمعته من وسائل الإعلام، وهي بطبيعة الحال غير أمينة في نقل صورة حقيقية عن هذا الدين القيم .
حين بلغت مريم هيكورن عامها العشرين، وتحديداً عام 1979م، كانت قد التقت بالرجل الذي اختاره الله ليكون زوجاً لها، كان شاباً مغربياً مسلماً يدعى فؤاد بن ميلودي البادي ، وعلى الرغم من كونه مسلماً إلا أنه لم يكن ملتزما لكنه كان - بطريقة غير مقصودة - طريقاً من الطرق التي عرفت من خلالها أشياء كثيرة عن الإسلام ، إذ زارت المغرب والتقت بمسلمين كثر .
موعد مع الهداية
على أن الهداية جاءت لها على يد امرأة بلجيكية ذهبت إلى الهند عام 1982م وأسلمت ، ولأنها صديقة لمريم، فقد كانت تزورها، وذات يوم قبل أن تغادر إلى بريطانيا تركت ذكرى طيبة في منزل مريم ، هي نسخة من ترجمة فرنسية لمعاني القرآن الكريم، وحين قرأت مريم الترجمة، وجدت نفسها تبحث عن الإسلام، وقررت أن تدرس العربية، فالتحقت بالمركز الإسلامي ببروكسل عام 1984م وصارت مسلمة.
لقد شاء الله ألا ينقذ روح مريم الحيرى وحدها، لكنه تعالى أنقذ روح زوجها معها، إذ أن المهتدية الجديدة حين أسلمت بدأت تسأل زوجها المسلم غير الملتزم عن أشياء كثيرة ، ويتناقشان ، وكان ثمرة هذا النقاش أن صار الزوج من ملتزمي الإسلام ، بل إن تأثيرها امتد ليشمل أخوات زوجها اللواتي لم يكن ملتزمات بالحجاب والصلاة ، فأثرت مريم بإيمانها الشديد فيهن .
وهنا يطفو سؤال: وماذا كان موقف أسرتها هي من إسلامها ؟
إن الأمر كان صعباً على أسرتها ، فعلى الرغم من عدم التزام الأسرة الديانة النصرانية ، إلا أنها لم تتخيل أن تترك ابنتها عقيدة آبائها يوماً؛ من هنا كان رفضهم لإسلام مريم، وبخاصة الأم، إلا أنهم بمرور الزمن بدؤوا يتقبلون الواقع، وبخاصة حين رأوا أن ابنتهم بعد إسلامها صارت أفضل مما كانت عليه أيام النصرانية ، وما لبث والدها أن بدأ يقرأ معاني القرآن الكريم مترجمة، والأمل كبير أن ينقذ الله روحه الحيرى ، ولا سيما بعد ما صار يعلن عن حبه للإسلام، لكن دون اتخاذ الخطوة المطلوبة نحو إشهار إسلامه.
المرأة الأوروبية مخدوعة
لقد أتاح كون مريم متزوجة من شخص مسلم فرصة لها في أن تقلل المعارضة لقرار إسلامها، ثم إنه أيضاً أتاح لها أن تتعرف إلى مسلمين، وان تقابل بين حال المرأة في أوربا، وحالها كما تراها شريعة الله التي هي الإسلام، فالمرأة في أوربا قد خدعوها
باسم الحرية ، وأحالوها إلى مجرد دمية يتسلون بها، ففقدت أنوثتها، وفقدت كرامتها، وصارت لا تزيد على كونها لعبة يلهو بها الرجال وقتما يشاؤون..
فباسم المساواة جردوها من كل معاني الأنوثة، وباسم الحرية أقنعوها بالاستجابة لنداء الحيوان ، والعيش بدون زواج ، أما في الإسلام فقد وجدت مريم وضعاً آخر للمرأة ، التي لم تنل في أي عقيدة تكريماً أو موقعاً مماثلاً لذلك الذي لقيته من العقيدة الإسلامية التي أكرمتها زوجة وأماً وأختاً وابنة، وأتاحت لها حقوقاً لم تحصل عليها نظيراتها الغربيات ، وأولها حقها بعد الزواج في الاحتفاظ باسم عائلتها وشخصيتها وأهليتها المدنية كاملة، بعكس المرأة الغربية التي لا تلبث بعد الزواج أن تتسمى باسم عائلة زوجها، وتصبح حقوقها المالية مشتركة معه، ولا تكون لها حقوقها المالية المنفصلة.
وقد حرصت مريم على أن تقوم بتعريف صديقاتها من النساء البلجيكيات كل هذه الأمور البديهية عن الإسلام ، وتصحيح معلوماتهن المغلوطة عنه.
وتطالب مريم بأن يكون الدعاة المسلمون الموفودون إلى أوربا متحلين بسعة الذهن والفكر، وقادرين على فهم نفسية الأوربي وتكوينه الاجتماعي، والعقلية التي يفكر بها وقبل هذا وبعده يجب على الداعية أن يكون قدوة بسلوكه الطيب وأخلاقه الرفيعة ، ليكون مؤهلاً لأن يقتدي به غيره .
وترى مريم أوربا مؤهلة لتكون حقلاً خصباً للدعوة الإسلامية، فوسط ذلك الطوفان من الضياع الناتج عن اللهاث المادي وراء سراب الحياة ، تولد في نفوس شبابها ضياع لا حدود له، فالكثير منهم كاره للحياة ، كاره للكنيسة التي تخلت عن دورها في توجيه المجتمع ، وصار القساوسة يتسابقون للفوز بالمال أو أحد المناصب الكهنوتية. فالأوربي النصراني -
وإن تقدم علمياً وتقنياً على الشرقي المسلم- إلا أنه متأخر كثيراً روحياً، وما تزال أرواح كثيرة تبحث عمن يهديها إلى طريق الله ، ولو وجد الدعاة المخلصون الفاهمون لنفسية الإنسان الغربي لاستطاعوا أن يضموا كل يوم عشرات من القلوب التي تهفو فطرتها التي خلقها عليها الله عز وجل ، لكنها لا تعرف طريق الخلاص ، والمطلوب مزيد من الدعاة المخلصين حتى نؤدي حقوق هؤلاء في أن يجدوا من يرشدهم إلى الإسلام.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/103)
ربط التلوث بجرائم القتل وبطء النمو الجنسي!
... كثرت في الآونة الأخيرة الدراسات التي تحذر من مخاطر التلوث على صحة الإنسان وعقله. وتفيد أحدث الأبحاث العلمية التي أجريت في الولايات المتحدة وأوروبا في هذا المجال, أن للتلوث تأثيراً مباشراً على السلوك العدواني للإنسان من جهة, وعلى نمو قدراته الجنسية من جهة أخرى.
فقد اكتشف الباحثون في جامعتي كولورادو وساوث فلوريدا الأمريكيتين, وجود توافق بين ارتفاع مستويات الرصاص في الجو, وازدياد عدد جرائم القتل, إذ سجلت زيادة في حوادث القتل في البلديات الأمريكية التي عانت من تلوث شديد بالرصاص بحوالي أربع مرات مقارنة مع غيرها.
ووجد الباحثون بعد مقارنة الإحصاءات الخاصة بالتلوث المتوفرة لدى وكالة حماية البيئة لعام 1990, والإحصاءات الأخرى الخاصة بجرائم القتل لنفس العام, لدى مركز الإحصاءات الصحية التابع لمراكز مراقبة الأمراض, وجود علاقة إحصائية واضحة بين ازدياد جرائم القتل وارتفاع مستوى الرصاص في الجو في 3111 بلدية أمريكية.
وأشار هؤلاء في الدراسة التي نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية, إلى أن تأثيرات التسمم بالرصاص, تشمل الإصابة بنوبات مرضية, وحدوث تخلف عقلي والتهاب دماغي قاتل ولا سيما عند الأطفال, بينما يعاني البالغون الذين يتعرضون باستمرار للرصاص, من أعراض مختلفة كفقدان الشهية للطعام, وآلام في الأمعاء, وتغيرات في السلوك.
وقد وجد بعض العلماء الأوروبيين أن الفتيان والفتيات في سن المراهقة ممن يسكنون قرب محطات حرق النفايات, يعانون من بطء النضوج الجنسي, مقارنة بنظرائهم في المناطق الأخرى.
فقد أظهرت الاختبارات التي أجراها العلماء في جامعة ليوفن ببلجيكا, على عينات من الدم والبول والأنسجة من أفراد مجموعتين, الأولى من الأولاد والبنات القاطنين في مناطق ملوثة بمواد مختلفة ولا سيما بمادتي "دايوين" و"بي سي بي", والأخرى للقاطنين في مناطق بعيدة عن التلوث, وذلك لدراسة تركيز المادتين داخل الجسم البشري؛ أن الأعضاء الجنسية لم تنضج نحو مرحلة البلوغ تماماً, لدى 40 في المائة من أفراد المجموعة الأولى, مقارنة بنسبة ضئيلة من أفراد المجموعة الثانية.
ولاحظ الباحثون في دراستهم التي نشرتها مجلة "ذي لانسيت" الطبية البريطانية, نمو خصيتين أصغر, لدى الأولاد, وثديين أصغر, لدى البنات في المجموعة الأولى, مقارنة بنظرائهم ونظيراتهن في المجموعة الثانية.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/104)
دراسات تتضارب حول علاقة الرضاعة بالوزن
يبدو ان الرضاعة الطبيعية لا تلعب سوى دور صغير في حماية الاطفال من البدانة في السنوات السابقة لدخول المدرسة ولكنها قد تساعد المراهقين على ان يكونوا اقل وزنا وفقا لدراستين حديثتين.
تناولت دراسة صادرة عن المعهد القومي الامريكي لصحة الطفل والتنمية البشرية بيانات خاصة باكثر من 2600 طفل تتراوح اعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات.
وقالت الدراسة انه اذا كانت الرضاعة الطبيعية ينصح بها لكافة الرضع تقريبا فان نتائجها اظهرت ان "فترة الرضاعة الطبيعية الكاملة لا يبدو انها تنبئ او انها بالضرورة ذات خواص وقائية ضد زيادة الوزن في مرحلة الطفولة المبكرة."
وقال دوان الكسندر مدير المعهد ان الرضاعة الطبيعية "ذات قيمة شديدة" للاطفال لانها تدعم نظام المناعة لديهم وقدراتهم الذهنية وتقلل من خطر تعرضهم للعدوى.
واضاف الكسندر في بيان "عند هذه النقطة يبدو ان التمارين البدنية والتغذية والوراثة ذات تأثير اكبر على وزن الاطفال من تأثير الرضاعة الطبيعية بمفردها."
ويبدو ان هذه الدراسة تتعارض مع بحث سابق اشار الى ان للرضاعة الطبيعية تاثيرها الواقي ضد التعرض للبدانة في سنوات الطفولة.
نشرت الدراسة في عدد هذا الاسبوع من دورية الجمعية الطبية الامريكية الى جانب دراسة اخرى لم تقم بدراسة الوزن في الطفولة المبكرة وان كانت توصلت الى ان الاطفال الذين تم ارضاعهم طبيعيا قل لديهم احتمال زيادة الوزن عند الكبر.
وذكرت الدراسة الثانية التي اجرتها كلية طب هارفارد ومعهد هارفارد للرعاية الصحية في بوسطن "ان الاطفال الذين رضعوا رضاعة طبيعية اكثر من الصناعية او الذين رضعوا طبيعيا لفترات اطول قل لديهم خطر التعرض لزيادة الوزن اثناء السنوات الاخيرة لمرحلة الطفولة وفي مرحلة المراهقة."
اجريت الدراسة على اكثر من 16 الف صبي تتراوح اعمارهم بين 9 و14 عاما.
واشار مؤلفو الدراسة الى ان الاطفال الرضع قد يحصلون على سعرات حرارية اقل من خلال تناول لبن الام بالمقارنة مع الحليب الصناعي وان الاباء قد يحرصون على ان يتناول الطفل زجاجة الحليب الصناعي كلها رغم شبعه.
وقالوا "ينظم الاطفال بشكل طبيعي حصولهم على الطاقة لكن سلوك الاباء يمكن ان يتجاهل اشارات الشهية."
ـــــــــــــــــــــــــ(110/105)
نمو المخ لا يتوقف عند سن المراهقة
... قال علماء يوم الاثنين أن مظهرا رئيسيا لنمو المخ يستمر حتى سن الخمسين تقريبا و يتعارض هذا الاستنتاج مع وجهة النظر السائدة القائلة بان هذا التطور ينتهي قبل سن العشرين و قد تساعد هذه النتيجة في تسليط الضوء على أمراض تصيب المخ مثل الزهايمر و انفصام الشخصية.
واستخدم الباحثون في دراستهم التي قادها جورج بارتسوكيس الطبيب بوزارة شؤون المحاربين القدماء الأمريكية أشعة الرنين المغناطيسية لقياس تطور المخ لدى سبعين رجلا طبيعيا تتراوح أعمارهم بين 19 إلى 76 عاما.
و توصلت الدراسة إلى أن ما يسمى بالشيء الأبيض الذي يرسل إشارات من جزء في المخ إلى آخر يستمر في نموه في الفصوص الأمامية والصدغية حتى سن 48 في المتوسط.
و أكد الباحثون أن ما يسمى بالشيء الرمادي أي القشرة المخية تصل إلى قمة نموها في نهاية مرحلة المراهقة ثم تأخذ في الضعف حتى مرحلة الشيخوخة.
وعلق بارتسوكيس في مقابلة قائلا "لو شبهنا مخك بشبكة الإنترنت فان الشيء الرمادي سيكون جهاز الكمبيوتر والشيء الأبيض هو خطوط التليفون التي تصل جهاز الكمبيوتر بغيرها من أجهزة الكمبيوتر."
يشغل بارتسوكيس منصب الرئيس المناوب لهيئة العاملين بالصحة العقلية في نظام الرعاية الصحية المركزي للمحاربين القدماء في اركنسو التابع لوزارة شؤون المحاربين القدماء.
و أردف قائلا "يعتقد معظم الناس أن المخ يتوقف عن النمو أما في مرحلة الطفولة أو عندما نصل إلى مرحلة الرشد."
لكنه يؤكد ان الناس يختلفون جدا في سن الأربعين عنه في سن السابعة عشرة. و قال" في الحقيقة انك ليس نفس الشخص. و السؤال هو.. هل لم تعد نفس الشخص لكثرة خبراتك أو لان جهاز الكمبيوتر لديك (المخ) اختلف كثيرا. أن هذا الدراسة تشير إلى أن جهاز الكمبيوتر الخاص بك مختلف جدا".
ـــــــــــــــــــــــــ(110/106)
المراهقة ..من منظور إسلامي
... المراهقة مرحلة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان ضمن أطواره المختلفة التي تتسم بالتجدد المستمر ، فهي انتقال من مرحلة الطفولة إلى الرشد ، وتختلف كيفيات هذا الانتقال من فرد لآخر ومن بيئة لأخرى في هذه المرحلة ومن ثم فالأباء يعانون كثيرا في حل مشاكل أبنائهم في هذه المرحلة التي يتقلب فيها مزاج المراهق بين الحين والأخر حتى يصل إلى مرحلة الثبات النفسي والاستقرار ، والدين الإسلامي لم يترك قضية من قضايا الإنسان إلا ووضع لها الحلول الممكنة التي تساعد الأباء علي معالجة هذه المرحلة عند الأبناء ومن ثم يتعين علي الأباء أن يكون لديهم وعي ديني وعلمي بهذه المرحلة التي ينتقل فيها الأبناء من طور الطفولة إلي الشباب والتي يكون فيها الأبناء أكثر تأثرا بالمحيطين به فإذا كان المحيطين قدوة حسنة فمن هنا سوف يتأثر بهم المراهق في مرحلة بلوغه فتوجيه الأباء للأبناء واجب ديني فقال تعالي في سورة الفرقان "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (74) " ، وبالإضافة للتوجيه الديني فهناك مجموعة من الأسس النفسية لإرشاد المراهق إلي الطريق القويم كي تؤتي العملية التربوية ثمارها. والواقع يؤكد أنه لا يوجد نوعا واحدا من المراهقة بل أن كل فرد له نوع خاص من المراهقة حسب ظروفه الجسمية والاجتماعية والنفسية والمادية وحسب استعداداته الطبيعية ، فالمراهقة تختلف من فرد إلى فرد ، ومن بيئة إلى أخرى ، كذلك تختلف باختلاف الأنماط الحضارية التي يتربى في وسطها المراهق ، فالمراهقة في المجتمع البدائي تختلف عنها في المجتمع المتحضر ، وكذلك تختلف في مجتمع المدينة عنها في مجتمع الريف . كذلك فإن مرحلة المراهقة ليست مستقلة بذاتها وإنما هي تتأثر بما مر به الطفل من خبرات في المرحلة السابقة فالنمو مرحلة مستمرة ومتصلة. ومن المعروف أن النمو الجنسي الذي يحدث في المراهقة ليس من شأنه أن يؤدي بالضرورة إلى حدوث أزمات للمراهقين ، ولكن أن النظم الاجتماعية الحديثة التي يعيش فيها المراهق هي المسئولة عن حدوث أزمة المراهقة. ففي المجتمعات البدائية يرحب بظهور النضج الجنسي ، فبمجرد ظهوره يقام حفل تقليدي ينتقل بعده الطفل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة مباشرة ، ويترك المراهق السلوك الطفولي ويتسم سلوكه بالرجولة ، فالانتقال من الطفولة إلى الرجولة في المجتمعات البدائية انتقال مباشر. أما في المجتمعات المتحضرة فأن المراهقة قد تتخذ أشكالاً مختلفة حسب الظروف الاجتماعية والثقافية التي يعيش في وسطها المراهق ، فهناك أشكال مختلفة للمراهقة منها : - مراهقة سوية خالية من المشكلات والصعوبات. - مراهقة انسحابية حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة ، ومجتمع الأقران إلي الانعزال والانفراد بنفسه حيث يتأمل ذاته ومشكلاته. - مراهقة عدوانية
حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء. ومن هذا المنطلق نود الإشارة إلي أن المراهق يواجه مشاكل عديدة ومن أبرزها : الانحرافات الجنسية ، والجنوح ، وعدم التوافق مع البيئة ، وانحرافات الأحداث من اعتداء ، وسرقة ، وهروب. وتحدث هذه الانحرافات نتيجة لحرمان المراهق في المنزل والمدرسة من العطف والحنان والرعاية والإشراف ، وعدم إشباع رغباته ، ومن ضعف التوجيه الديني ، وكذلك نتيجة لعدم تنظيم أوقات الفراغ . وكثيراً ما يعتري المراهق حالات من اليأس والحزن والألم التي لا يعرف لها سبباً ، فالمراهق طريد مجتمع الكبار والصغار، إذا تصرف كطفل سخر منه الكبار، وإذا تصرف كرجل انتقده الرجال أيضاً، وعلاج هذه الحالة يكون بقبول المراهق في مجتمعات الكبار، وإتاحة الفرصة أمامه للاشتراك في نشاطهم ، وتحمليه بمسئوليات تتناسب مع قدراته وخبراته . ومن أهم المشكلات التي يعانيها المراهق : الإصابة بأمراض النمو، مثل فقر الدم، وتقوس الظهر، وقصر النظر، وذلك مرجعه أن النمو السريع المتزايد في جسم المراهق ، يتطلب تغذية كاملة وصحية حتى تساعد الجسم وتمده بما يلزمه للنمو ، وفي الغالب لا يجد المراهق الغذاء الصحي الكامل الذي تتوفر فيه جميع عناصر الغذاء الجيد ، ولذلك يصاب ببعض هذه الأمراض ، فلهذا يجب العمل على توفير الغذاء الصحي الكافي للمراهق. ومن المشكلات الوجدانية في مرحلة المراهقة : الغرق في الخيال وأحلام اليقظة التي تستغرق وقته وجهده وتبعده عن عالم الواقع. كما انه يميل إلى فكرة الحب من أول نظرة ، فيقع في حب الفتاة معتقداً أن هذا الحب حقيقي ودائم ، ولكنه في الواقع ينقصه النضج والاتزان ، ونتيجة لهذا تنتهي الزيجات التي تتم في سن مبكرة بالفشل ، لأنها لا تقوم على أساس من النضج الوجداني ، ولا تستند إلى المنطق السليم. ومن المعروف عن المراهق في هذه المرحلة أنه يميل إلى تقليد البدع الجديدة وقراءة القصص الجنسية والروايات
البوليسية وقصص العنف والإجرام ، ولذلك يجب توجيهه نحو القراءة والبحث الجاد في الأمور المعرفية العادية ، وأهمها وأنفعها التراث الديني الإسلامي ، واستغلال نزعة حب الاستطلاع لديه في تنمية القدرة على البحث والتنقيب ، والاهتمام بقدرات المراهق الخاصة والعمل على توفير فرص النمو لهذه القدرات ، وتوجيه المراهق وجهة إيجابية تتفق مع فلسفة المجتمع المسلم وأهدافه في التقدم والرخاء. وعن الطريقة المثلي لعلاج المراهق يجب اشتراكه في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته ، وتعويده على طرح مشكلاته ، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة وكذلك ينبغي أن يحاط المراهق علماً بالأمور الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي حتى لا يكون فريسة للجهل والضياع أو الإغراء
ـــــــــــــــــــــــــ(110/107)
الثقافة الجنسية .. وتدريسها في المدارس
* الإسلام يدعو للثقافة في كل النواحي ويحذر من التورط فى تقليد الآخرين
* لابد من رقابة الأزهر حتى لا تكون هذه الثقافة إباحية باسم العلم والدين
* لا يزال البعض يتخوف من التربية الجنسية ويعتبرها حراماً ومدعاة للتحرر والفجور.
* ماذا يقول الشرع ؟ وهل الدين يرفض تناول الأمور الجنسية مع الأبناء ؟ أم يرى أنها ضرورة ملحة ؟ وما الضوابط ؟ وكيف يكون المنهج والمعلم ؟ كل هذه التساؤلات طرحناها على الأستاذ الدكتور محمد عبد السميع جاد - عميد كلية الدعوة - جامعة الأزهر .
* ما رؤية الشرع لتدريس مادة الثقافة الجنسية للطلبة والطالبات فى المدارس ؟
- الإسلام منهج شامل متكامل يضم جميع نواحي الحياة ، وكل ما يتصل بالإنسان منذ نشأته إلى لقاء ربه إلى الآخرة وما فيها.
ومن بين متطلبات وجود الإنسان في الحياة التثقيف الذي لا بد أن يلم به : الثقافة الجنسية التي يحث عليها الإسلام ، كما يحث علي أي ثقافة بشرط أن تتم بقدر فهم الفتي والفتاة لهذه الأمور .
ففي الأزهر مثلاً يتم تعليم التلاميذ بعض الأمور الخاصة بالطهارة وأحكام الأسرة في إطار الشرع والدين ، وكان يكفي هذا للطالب في الماضي ، أما الآن وقد فرضت مغريات العصر نفسها علي كل بيت ، وأصبحنا نشهد ما يسمي بعصر انفجار المعلومات ، حيث كل شيء متاح في التلفزيون وعن طريق الدش والإنترنت أصبحت هناك ضرورة ملحة لدراسة مثل هذه المادة .
فالإسلام يدعو إلى ثقافة الإنسان في جميع النواحي ، ويحذر من التورط في تقاليد الآخرين مع الاحتفاظ بقاعدة الحياء ، فالحياء من الإيمان ومن لا حياء عنده لا خير فيه .
* في رأي سيادتكم هل تدرس الثقافة الجنسية كمادة منفصلة ، أم يتم إدراجها في مادة الإحياء أو التربية الإسلامية ؟
- في رأيي لا يتم تدريسها مادة منفصلة ، لأن ذلك سيلفت الانتباه ويتضمن لوناً من الإثارة في العنوان ذاته ، ويمكن تدريس الثقافة الجنسية في إطار الثقافة الجسمانية التي تتناول الثقافة الفكرية السمعية والبصرية ، حتى لا يتم التركيز على جزئية التمتع والإثارة وإشباع الرغبات وإهمال باقى أجهزة الجسم .
أو يتم تدريسها في إطار مادة الثقافة الإسلامية العامة ، ويمكن أن تقسم إلى جزء يدرس ضمن الدين ، وهو ما يتصل بفقه الطهارة والغسل والفقه ، وجزء يدخل فى مادة العلوم وهو ما يتصل بوظائف الأعضاء ، وفى الاقتصاد المنزلي تدرج ضمن النظافة العامة وبعض النواحي الصحية .
أما إذا تجاوزنا ذلك كان الأمر دعوة لتفتيح الأذهان ونشرًا لما لا يحمد عقباه .
لجنة علمية للدراسة
* وفى رأيكم هل يصلح المعلم الحالي لتدريس مثل هذه المادة ؟
- لا بد من تأهيل المعلم والمعلمة لأن دورهما مهم جدًا قد يكون أهم من المنهج نفسه ، فلابد أن يكون المعلم على خلق ودين ، ويتلقى دورات تدريبية تؤهله لتدريس هذه المادة سواء فى التربية الإسلامية أو علم الأحياء أو الاقتصاد المنزلي .
* وهل تفرض أهمية هذه المادة إجراءات معينة فى وضع مناهجها ؟
- بالطبع فالأمر يتطلب لجنة من علماء الأزهر ، ومن الفروع العلمية ذات الصلة بالموضوع ، ولابد أن يكونوا علماء ثقات فى مجال علم النفس والاجتماع والتاريخ والأحياء والهندسة الوراثية ، والطب والفقه والتفسير ، ويجب طرح هذا الأمر ليس على مستوى مصر فحسب ، ولكن على مستوى العالم العربي والإسلامي للمشاركة فى هذه اللجنة ، وهذا قد يستغرق سنوات ، ومهمة اللجنة : التشاور في النقاط التي يجب أن يتضمنها المنهج ، ويا حبذا لو تم ذلك في مجمع البحوث الإسلامية الذي يجتمع أعضاؤه كل عامين أو ثلاثة لأن القضية سلاح ذو حدين ، إذا أهمل سيحدث الجهل به آثاراً ضارة ، وإذا أبيح على الإطلاق سيحول المجتمع إلى مجتمع غربي أو أمريكي وهذا لا يناسب ديننا وآدابنا وتقاليدنا على الإطلاق .
خبرة المتخصصين ومخاوف الأمهات
* التثقيف الجنسي يجب أن يتم فى إطار الأسرة أما في المدرسة فأخشى أن يتحول لتهريج
* التربية الأسرية لا التربية الجنسية ، ولا لهذه المناهج قبل المرحلة الجامعية
* حتى المثقفين لديهم جهل أسري وجنسي واضح مما يزيد نسبة الأبناء الجانحين
* المبالغة في تحذير الفتاة قد تؤثر عكسياً وتهدم حياتها الزوجية
أطلت علينا الدعوة إلى تدريس مادة الثقافة الجنسية في مدارسنا برأسها وفرضت نفسها ، ووجدت فى وسائل الإعلام من يؤازرها ويأخذ بيدها لتقوى ، وترتفع وتأخذ طريقها إلى التطبيق ، وهنا يكون السؤال : على أي أساس تدرس هذه المادة ؟ وما هو محتواها ؟ وهل لها من ضرورة ؟ وفي أي سياق تحقق أهدافها ، خاصة ونحن فى مجتمع مسلم وبرغم ما يتعرض له من موجات التغريب ، والعولمة فلا يزال الحياء طابعه والعفة سمته .
أكدت حوارات المائدة المستديرة التي عقدتها "الأسرة" لمناقشة قضية تدريس الثقافة الجنسية رفض أولياء الأمور ، وأكد علم النفس أهمية مواجهة القضية ، وحذر علم الأخلاق من الانسياق وراء الرؤية الغربية للثقافة الجنسية ، وساندت الأمهات الدعوة لنشر الثقافة الصحيحة لتلافي المشكلات التى انتشرت فى المدارس ، وبين الطلبة والطالبات دعوة لفتح باب النقاش ، ونتمنى أن تكتبوا لنا خبرتكم ورأيكم حتى نصل لرؤية صحيحة تصل بنا لبر الأمان .
في إطار الأسرة
* هل ندرس الثقافة الجنسية في مدارسنا أم لا؟
- السؤال كان مفتاح النقاش ، يرفض الدكتور أحمد عبد الرحمن - المفكر الإسلامي وأستاذ علم الأخلاق بالجامعة الإسلامية بكوالا لامبور سابقًا - تدريس مادة الثقافة الجنسية ، وقال لا أجد مبرراً علمياً أو تربوياً أو أخلاقياً يجعل من الضرورى تخصيص منهج دراسى بعنوان الثقافية الجنسية ، في الإسلام الثقافة الجنسية جزء من الثقافة الإسلامية الأسرية ، وهي ضرورة جدًا لشبابنا وفتياتنا ، لأن شبابنا على جهل فاضح بأسس تكوين الأسرة والعلاقات الأسرية وأسس العلاقة بين الذكر والأنثى والحقوق والواجبات ، وهذا ليس فقط لدى العامة من الناس بل لدى الصفوة
المثقفة، وخريجي وخريجات الجامعة ، وينتج عن هذا الجهل نسبة كبيرة من الأطفال الجانحين .
وينادي د. أحمد عبد الرحمن بمصطلح الثقافة الأسرية بدلاً من مصطلح الثقافة الجنسية والتربية الأسرية توحي بجو الأسرة ، وتهيئة الجنسين لهذه الحياة الأسرية بما فيها العلاقة الجنسية بين الزوجين . وأحكام الزواج وأحكام الخلوة وحدود العلاقة مع أهل الزوج وحقوق الأولاد ، وحقوق الجار وصلات الأرحام ، والعلاقات الاجتماعية والإنسانية في إطار الحدود والضوابط والآداب الإسلامية .
أما الدكتورة سناء أحمد - أستاذة علم النفس فتطالب أن يكون التثقيف الجنسي فى إطار الأسرة، ويبدأ دور الأسرة - وخاصة الأم - مع أطفالها منذ الصغر ، ففي التطور النفسي للطفل نجد أن الطفل في سن الرابعة لديه حب استطلاع لمعرفة نوعه هل هو ذكر أم أنثى ؟ وحتى ينشأ الطفل بصورة نفسية سليمة لا بد أن تساعده الأم فى معرفته لهويته الجنسية ، وخاصة إذا كان ذكرًا وسط بنات ، أو بنتاً وسط ذكور، فلا بد إذن من تنمية الشعور بالنوع المختلف .
وإذا لم نرب فى الطفل إحساسه بنوعه ونساعده على تكوين صداقات مع جنسه، وخاصة فى سن المدرسة يمكن أن تحدث عنده اضطرابات نفسية أو تتربى عنده عادات سيئة مثل : عادة اللواط.
وفى مرحلة المراهقة وما يعتري الشاب والفتاة من تغيرات نفسية وعضوية ، واهتمام كل جنس بالجنس الآخر والانجذاب نحوه - للأسرة دور مهم في تهيئة الفتى والفتاة لما سيعتريه من تغيرات ، ومحاولة توصيل المعلومات السليمة ، وإقامة جسور الحب والود بين الأسرة والمراهق حتى يلجأ المراهق للأسرة عند حدوث مشكلة أو للإجابة عن أية تساؤلات .
وترى د. سناء أن الأسرة يمكن أن تقوم بهذا الدور أما إذا درست مادة الثقافة الجنسية فى المدارس فإنه يخشى أن تنقلب المسألة إلى تهريج .
بدءاً من الجامعة
* فى أي مرحلة ندرس الثقافة الجنسية؟
- يكرر الدكتور أحمد عبد الرحمن أنه يرفض مصطلح الثقافة الجنسية ، وإذا اتفقنا على مفهوم التربية الأسرية ، فيمكن أن تبدأ فى المرحلة الإعدادية وتتدرج بحيث يكون التركيز فى هذه المرحلة على حقوق الوالدين والعلاقات بين أفراد الأسرة وواجبات الأم والأب نحو أبنائهما .
وفى المرحلة الثانوية يمكن أن يتطور المنهج ليشمل اقتصاديات الأسرة وميزانية الأسرة وبنودها ، وبالنسبة للبنات ويا حبذا لو تضمن المنهج الأحكام الشرعية المتعلقة بالحيض والطهارة وحرمة العورة ، وكذلك الحجاب والعفة ، والهدف يكون واضحًا ألا وهو أسرة واعية بحقوقها وواجباتها بالنسبة لكل أفرادها.
* وماذا عن المرحلة الجامعية؟
- فى المرحلة الجامعية يكون الشاب والفتاة على أعتاب الزواج ، ومن ثم ينبغى أن يتوافق المنهج مع متطلبات هذه المرحلة بحيث يتضمن واجبات البنت كزوجة وأم وحقوقها كذلك ، وأحكام الخطبة وحدودها وضوابطها ، وأحكام الزواج والرضاعة
والعلاقة الزوجية ، وتدخل فيها الثقافة الجنسية . كما يمكن توعية الشاب والفتاة بأن المتعة الجنسية حلال ، ولكن فقط فى إطارها الشرعي المحدد بالزواج الشرعي .
يحتاجها الآباء أكثر
أما الدكتورة سناء أحمد فتقول : إن التربية الجنسية يحتاجها الآباء والأمهات أكثر من التلاميذ، فكثير من الآباء والأمهات لا يعرفون ماذا يحتاج الأبناء من الثقافة الجنسية ، وكيف يوصلون لهم المعلومات الصحيحة ؟ من هذه الأمور : أن بعض الأمهات يفرطن فى التحذيرات والتنبيهات خاصة للبنات ، لا تتحدثي مع غرباء ، احذري أي رجل ، وتكثر من التخويف والترهيب من الجنس الآخر ، مما يخلق اضطرابات نفسية وخوفاً من الزواج أو الفشل وتخشى الزوجة اقتراب الزوج منها وتنفر وتخاف من العلاقة الجنسية . لذلك أدعو لعقد ندوات شهرية للتثقيف الجنسي للآباء والأمهات ، وكذلك يمكن عقد ندوات للطلبة والطالبات يفتح فيها باب المناقشة للإجابة العلمية على الأسئلة التى يطرحها التلاميذ ، ويدعى للندوة مختصون لحل مشكلات التلاميذ فى هذا المجال والرد على تساؤلاتهم .
لا خجل من الفطرة
* ماذا ندرس فى مادة الثقافة الجنسية؟
- يرى د. أحمد عبد الرحمن أننا لا بد ألا نخطو خطوات الغرب فى هذا المجال، ففي الغرب تدرس مادة الثقافة الجنسية علاقة البنت ، وكيف تعاشر البنت الولد دون حمل أو دون إصابة بالإيدز ؟ أو كيف تتخلص من الجنين أو الوليد ؟
أما فى الإسلام فالثقافة الجنسية جزء من الثقافة الإسلامية ، وهي ضرورة جدًا لشبابنا وفتياتنا .
ويمكن وضعها داخل منهج متكامل للتربية الأسرية بمقررات دراسية منضبطة على أيدي أساتذة فضلاء مختصين .
ولا خجل من الحديث عن العلاقة الجنسية بين الزوجين بكل احترام لأنها فطرة فى الإنسان ، وهي سبب لبقاء البشرية واستمرارها ، ونحن فى حاجة إلى تتبع مايقوله الإسلام عن هذه النواحي التى لا تنعزل عن حياة الأسرة ، ومن العلاقات الإنسانية بوجه عام مع تدريس مناهجها في سن يسمح للشباب بمعرفة الخطأ من الصواب.
ويدعو إلى استراتيجية تربوية تتآزر فيها كل وسائل الإعلام ومؤسسات التربية والأسرة حتى تصل المعلومات الصحيحة لأولادنا ونربي جيلاً صالحاً قادراً على بناء أسر صالحة وتربية أجيال جديدة .
* هل يمكن القول : إن غياب التربية الجنسية وراء معظم مشكلات الشباب اليوم ؟
سؤال وجهته إحدى الأمهات الحاضرات للدكتور أحمد عبد الرحمن فقال : إن التحلل الأخلاقي من قواعد العفة قد يكون السبب الرئيس لبعض مشكلات الشباب اليوم ، ولكن تقع المسؤولية على تقصير مؤسسات وقوى التربية فى المجتمع وفي مقدمتها الإعلام الذي أساء إلى دور الأسرة التربوي ، وبدد جهود المدرسة وانتصر فى نشر التحلل الأخلاقي وتمرد الشباب على قواعد العفة وقيم الحياء بدعوى المدنية ومواكبة الموضة والعولمة لمواجهة هذه الدعوة إلى نشر الفاحشة والعري ووأد قيم الحياء
والعفة ، فلابد أن تتآزر وتتعاون مؤسسات التربية فى بث القيم الإيجابية وتثبيت القيم الأسرية في نفوس الشباب .
وعي الأم
وتضيف الدكتورة سناء أحمد : إن كثيراً من المشكلات سببها عدم وعي الأسرة فيجب غرس التربية الإيمانية منذ الصغر وربط العفة بطاعة الله وتربية أولادنا على أخلاق الستر وكراهة العري وهذه هي الفطرة . وذلك إلى جانب توعية الأبناء لحمايتهم من الاعتداء الجنسي لما يتركه من آثار سلبية تستمر معهم طوال عمرهم ، فنعلم الولد والبنت ألا يدخل حمام المدرسة إلا للضرورة القصوى ، وأن يغلق باب الحمام وراءه جيداً ولا يدخل معه أبداً زميلاً أو غيره ، وألا يخلع ملابسه أمام أحد ونعلم الطفل أن يرفض إذا طلب منه أحد أن يدخل معه الحمام حتى لا يعلمه أحد الشذوذ فيعرضه لعقدة تستمر معه ، وتسبب له مشكلات بعد الزواج .
وتطالب بمد جسور الثقة بين الأم والطفل بأن تحاول الأم أن تطمئن طفلها بأنها لن تعاقبه إذا صارحها بأى شيء مما يجعلها على علم بكل ما يحدث له ونصحه أولاً بأول، ولكن للأسف بعض الأمهات يفرطن فى التحذيرات مما يلفت نظر الطفل وقد يدفعه للتجربة والأخريات قد يهملن ولا ينصحن أولادهن مما يعرضهم للوقوع فى الخطأ .
وتزيد المشكلة مع الطفل أو الطفلة الخجولة بطبعها فقليلاً ما يصارحان الوالدين بما يحدث لهما فعلى الأم أن تفاتحهم هى لتعرف ما يجول بخاطرهم، وترد على تساؤلاتهم فى جو ود وحب.
وبعض الآباء والأمهات - نتيجة انتشار الحوادث - يخافون جداً على أولادهم ويشددون عليهم ، وهذه الشدة والصرامة قد تأتي بنتائج عكسية .
فخ الثقافة الجنسية
تغيرت الأسماء والمحتوى واحد!
د. نانسي عويس
ماالمقصود بالثقافة الجنسية؟
تقوم المدارس وبعض الجمعيات في أمريكا بإعداد برامج لتوعية الأطفال والمراهقين بالممارسات الجنسية وكيفية تجنب الآثار غير المرغوب فيها فى حالة الممارسات غير الشرعية - كالحمل ؟! وهي تقوم أساسًا على مبدأ حق الطفل في التعرف على جسده، وكيفية إشباع رغباته من جميع النواحي ، وهذا هو التعريف الرسمي لها من منبعها الأصلي فى الولايات المتحدة الأمريكية ، ومن المواضيع التى تحتوي عليها هذه البرامج: المعاشرة بين الجنسين ، العادة السرية ، الإجهاض ، كيفية ممارسة الجنس دون خطر الحمل، مساعدة المراهق على تحديد اتجاهه الجنسي ، أى تحديد أي الجنسين يفضل أن يعاشر ، العادة السرية كوسيلة للإشباع الجنسي بعد البلوغ ، العلاقات الشاذة كبديل مُرضٍ للعلاقات العادية ، وهذه المواضيع مدرجة في برامج الثقافة الجنسية المطروحة للتدريس في مدارس الولايات المتحدة الأمريكية .
أما من سن 15 - 18 فيضاف لهم المواضيع التالية : من حق النساء أن يقررن إجراء الإجهاض، من حق الناس احترام تعاليم دينهم وتقاليدهم ، ولكن هذا لا علاقة
له بحقوق المرء الشخصية ، عدم وجود دليل على أن الصور الفاضحة تسبب أي إثارة جنسية ، خدمة التواصل مع الشريك الجنسي بشأن الاحتياطات اللازمة لكليهما ، تعليم المراهقين كيفية الحوار حول هذه العلاقات والحدود التى يجب التوقف عندها .
الآباء الأمريكيون يرفضون هذه الجمعيات ويسمونها "بالوحش" الذي يتخفى تحت مسميات علمية للتحكم فى السلوك الاجتماعي للناس عن طريق الأطفال، ويقول الآباء: إن الغرض المعلن لهذه الجمعيات هو تخفيف حالات الحمل عند المراهقات تحت شعار الإنسانية ، وتأخير الممارسة الجنسية لحمايتهن من الإجهاض ، أما الغرض الخفي فهو إعطاء الأطفال تعليماً جنسياً شاملاً طبيعياً وشاذاً ، ويقول الآباء : إن من حقهم تعليم أبنائهم أمور الحياة الزوجية من خلال تعاليم الإنجيل ، وليس بهذه السبل الفاضحة، وقد أدى ضغط الآباء إلى أن أصبحت هذه البرامج في المدارس مرهونة بمواقف الأبوين .
ويرتفع الآن فى أمريكا شعار "قل لا للجنس" ولكنه حقيقة لا يعني الإحجام عن الجنس قبل الزواج ، ولكن تقليل نسبة حالات الحمل عند المراهقة بتأخير الممارسة مع أي شخص حتى تلتقي الفتاة بالشخص المناسب ، وذلك لتجنب الإصابة بالأمراض الجنسية أو حدوث الحمل المبكر .
وتحاول الولايات المتحدة إدخال هذا البرنامج فى مناهجها الدراسية لتشجيع الشباب على تأخير العلاقات الجنسية الكاملة حتى الزواج إن أمكن ، ومن العناوين المقترح إدخالها في المنهج : "قبل الجنس" استخدام العازل ، حل يقلل أو يمنع الأمراض الجنسية ، لم يفضل الشخص العلاقات الطبيعية على العلاقات الشاذة ؟ ما الوضع القانونى للشواذ ؟ حق الآباء في الاطلاع على المناهج المقترحة ، وهذا المشروع من المتوقع أن ينفق عليه 50 مليون دولار لإقناع الشباب بالإحجام عن العلاقات الجنسية حتى الزواج ، وقد خصص له بالفعل 400 مليون دولار كميزانية كلية لتنفيذه بكافة مراحله .
أما عن حمل المراهقات فى أمريكا فتقترح هذه البرامج الحلول التالية :
- إعطاء الحبوب للبنات في عيادات المدارس ، تقديم نصائح تتعلق بالصحة الإنجابية، تغيير القانون حتى لا تضطر الفتاة للحصول على موافقة الأبوين للتغييب عن المدرسة في حالة ذهابها لمراكز الرعاية الخاصة بالصحة الإنجابية ، إعطاء وسائل منع الحمل في سرية تامة .
وقد رد الآباء في أمريكا ببث رسالة على شبكة الإنترنت تسجل اعتراضهم على "الوحش" المسمى "بالإنسانية" فهم يقولون: إن هذه البرامج تسحب السلطة من الآباء في توجيه أولادهم ، ويصرون على الإبقاء على هذا الحق لهم وحدهم ويرفضون الوقوف موقف المتفرج !!
وقد أدرجت هيئة الأمم المتحدة برنامج "الثقافة الجنسية" فى برامج الصحة الإنجابية والمطلوب تدريسها في مدارسنا لطلابنا المسلمين والمسيحيين على حد سواء ، ومهما كان من تغيير الأسماء "ثقافة أسرية" أو "ثقافة زوجية" فالمضمون واحد وهو ما عرضناه من مصدره الأساس وهو برامج الأمم المتحدة الرسمية والتي تنفذه عن
طريق المدارس والجمعيات ، فهل آن لنا أن ننتبه إلى الهدف الحقيقي وراء هذه البرامج حتى لو تم تعديل بعض محتواها لمناسبة مجتمعاتنا المحافظة ؟.
ضوابط فى تهذيب الطفل جنسياً
- تعويد الطفل غض بصره وحفظ عورته ، وليعلم أن الله يراه فيتعلم بذلك مراقبة الله (عز وجل) ويفعل كما فعل الطفل عبد الله التستري الذي كان يردد "الله شاهدي ، الله ناظرى، الله معي".
- تعويد الطفل منذ الصغر على أدب الاستئذان في الدخول ، وهذا الأدب يخص الأطفال دون سن البلوغ والخدم .
- لا تخرج البنت بمفردها وقت الظهيرة والمساء.
- تعويد الأطفال على عدم مشاهدة اللقطات البذيئة على شاشة التليفزيون ، وتنمية الرقابة الذاتية لديهم .
- تعويد الطفل على عدم خلع ملابسه أمام إخوته.
- غرس خلق الحياء فى نفس الطفل وخاصة البنت ، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : "الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من شعب الإيمان".
- توعية الأطفال وخاصة الأخوة بعدم ضرب البنات لأن جسم البنت رقيق لا يتحمل عنف الصبيان ، وحتى لا يلمسوا أماكن حساسة أثناء الضرب مما يؤدي إلى بعض المشكلات .
- تعليم الطفل الاستنجاء ، وآداب الغسل والطهارة والوضوء للصلاة ، فهذه كلها تعتبر مدخلاً للتربية الجنسية .
- عدم ترك البنت وسط مجموعة من الصبية الأقارب فترة طويلة دون مراقبة من الأم .
- فتح الباب أثناء وجود مدرس خصوصي للبنت .
- شرح بعض آيات من سورة النور للأطفال بعد سن العاشرة ، فقد كان السلف الصالح (رضوان الله عليهم) يقدمون لأطفالهم سورة النور كوقاية لهم ، ويهتمون بتحفيظها لهم فى بداية سن المراهقة ، وقبيل البلوغ وخاصة البنات .
الشارع المسلم وتدريس الثقافة الجنسية
* تأييد مطلق ، معارضة ، موافقة متحفظة والخلط بين العلم والإثارة مرفوض
* تأهيل معلمي المادة والفصل بين الجنسين فى تدريسها ضرورة
فيما مضى كان مجرد جلوس الأولاد مع الكبار أو تدخلهم فى الحديث عيباً وتجاوزًا لحدود الأدب ، أما اليوم فقد اختلف الأمر كثيراً ، وأصبح الأبناء يناقشون آباءهم في قضايا تحرج الآباء ، وتوقعهم فى مأزق الإجابة على تساؤلاتهم التى لا تنتهى ، ويكون الآباء بين نارين ، إما أن يجيبوا على أسئلة أبنائهم ، وهذا أمر شاق يحتاج إلى تخير الألفاظ ، والأسلوب اللائق الذي لا يخدش الحياء ويفي بالإجابة ، أو يتجاهلوا هذه الأسئلة ويسكتوا عنها ، وهذا أيضاً خطأ وخطر معاً ، لأن الابن قد يبحث عن إجابة من مصادر غير أمينة .
وأخيراً خرجت علينا دعوة تدعو إلى تدريس الثقافة الجنسية في المدارس الإعدادية والثانوية ، فهل يجد فيها الآباء مخرجاً من الحرج الذي تسببه أسئلة أبنائهم ، أم أنها تفجر مشكلة أكبر تهدد أخلاق أبنائهم ومستقبلهم ؟
تنوعت آراء الأمهات والقائمين على العملية التعليمية ما بين مؤيد ومعارض ، ومتحفظ تجاه تدريس مادة الثقافة الجنسية فى مدارسنا الإعدادية والثانوية ، وهذه آراؤهم
تأهيل المعلم
أيدت كل من : عزيزة سيد إبراهيم - ربة بيت ، وحنان محمد - مدرسة ، وأمل بخيت خلاف - مدرسة ، وإيمان عبد الرحمن - ربة بيت ، وعزة عبد الجواد ، ومحمود أبو زيد - رئيس قطاع بالتعليم الابتدائي ، وعاطف عاشور - مدرس تاريخ ، فكرة تدريس مادة الثقافة الجنسية في المدارس للوفاء بحاجة الأبناء والبنات فى هذه المرحلة للتعرف على طبيعة التغيرات التى تطرأ عليهم ، والحصول على المعلومات الخاصة بهذا الموضوع من مصادرها العلمية الموثوقة بدلاً من البحث عنها في فخاخ الكتب الصفراء وأصدقاء السوء ووسائل الإعلام ، واعتبروا أن تدريس هذه المادة فرصة لغرس قيم الحياء والعفة بين الشباب ، وتقوية الوازع الديني لديهم ووضع الحدود والضوابط في التعامل بين الجنسين سواء في المدرسة أو الجامعة أو العمل .
واشترطوا لنجاح هذه التجربة ضرورة تأهيل المعلم الذي يقوم بتدريس هذه المادة حتى تظل في إطارها العلمي المقبول ، ولا تخرج إلى حيز التهريج والإثارة.
ومن المهم أن تقوم المدرسات بتدريس المادة للبنات ، ويختص المدرسون بتدريسها للأولاد حفظًا للحياء ، ومراعاة للحدود والضوابط الأخلاقية .
جهل لا يضر
ورفض آخرون هذه الفكرة بشدة لأسباب كثيرة ومنهم : صفاء سيد - ربة بيت ، لمياء سيد - طالبة، رضا إبراهيم - مدرس لغة عربية ثانوية ، نور الهدى محمد - مدرسة اقتصاد ثانوي ، وفاء حنفي - مدرسة علوم ، وسعدية سعد - مدرسة جغرافيا ، وماجدة بكر - مدرسة اول ثانوي ، وأجمعوا على أن تدريس هذه المادة في هذه المرحلة الحرجة سيفتح عقول الأولاد والبنات ويدفعهم إلى التفكير في موضوعات أكبر من سنهم ، وخاصة مع تأثير الإعلام والأغاني الهابطة التى تحقق لهم الإثارة بالفعل .(110/108)
كما أن الطلاب في هذه المرحلة تبدأ مشاعرهم فى التفتح ويزداد الإحساس بالجنس الآخر ، وقد يتطور الأمر إلى علاقات عاطفية تفرضها مرحلة المراهقة قد يحول الحياء أو الخوف دون ظهورها سواء بين الطلبة والطالبات ، أو بينهم وبين مدرسيهم .
ويكون تدريس هذه المادة تشجيعاً لهم على التمادي فى هذه العلاقات وتطورها إلى ماهو أخطر ، ولذلك فإنه من الأحوط الابتعاد عن علم الجهل به لا يضر فى هذه المرحلة.
وبين التأييد والرفض تحفظ فريق ثالث وأبدي تخوفه من إطلاق هذه المادة وانفتاحها بلا ضوابط مما قد ينال من عفة أبنائنا وحيائهم ، واشترط لوضع هذه المادة موضع التطبيق عدة ضوابط .
ومن هؤلاء : إيمان شوقي - طالبة فقد اشترطت أن تقوم مدرسة بتدريسها للبنات ومدرس للأولاد .
وأكدت هدى علي أحمد - مأمورة ضرائب - ضرورة تأهيل المعلم الذي يتولى هذه المسؤولية مع توفير الرقابة الشرعية على مضمون المنهج حتى لا يخرج عن سياج الحياء والعفة فيضر أكثر مما ينفع .
واقترحت أمل شوقي - مدرسة علوم - الاكتفاء بما هو موجود بالفعل فى مادة الأحياء فى مجال تشريح وظائف الأعضاء ، ففي هذه المرحلة يكفي أن يعرف الطلاب أن التكاثر يحتاج إلى ذكر وأنثى ، أما كيفية حدوثه فلا تهمهم في هذه السن، بل إنها قد تفتح أمامهم أبواب التساؤل في موضوعات حساسة لا يستوعبها سنهم ولا احتياجاتهم .
أما فتحية علي - مدرسة - فقد ركزت على أن البلوغ فى بلادنا أصبح مبكرًا عن ذي قبل بفعل حرارة الجو والمؤثرات الخارجية ، وفي مقدمتها الإعلام ، وهذا يضعنا في مأزق تدريس المادة لتوعية الأبناء بما يطرأ عليهم من تغيرات وما يرتبط بها من تطورات في علاقتهم بالجنس الآخر ، أو تركهم نهبًا لمصادرهم الخاصة التى لا تخلو من مخاطر .
واقترحت أن يكون المدخل إلى هذه المادة هو الفقه والتوعية بقواعد النظافة والطهارة ، والمحافظة على الجهاز التناسلي الذي يقوم بمهمة عظيمة في بقاء النوع وتعاقب الأجيال وعمارة الأرض ، في إطار الزواج الشرعي والتحذير من الممارسات الخاطئة التي قد يقوم بها الأولاد والبنات عن جهل ، أو على سبيل التجربة وهو ما قد يضرهم أو يسبب لهم بعض الأمراض الفتاكة مثل الإيدز .
وتحفظت فاطمة عبد الغني - ربة بيت - على كيفية تدريس هذه المادة - رغم أهميتها - في المدارس المختلطة ، واقترحت الفصل بين الجنسين في هذه المادة لإتاحة الفرصة لطرح التساؤلات المتعلقة بالموضوع والإجابة عنها في إطار العلم والحياء .
ـــــــــــــــــــــــــ(110/109)
عندما يصبح غياب الأب قاعدة.. وحضوره مشكلة !
غياب الزوج فترات طويلة عن امرأته يضر بعفافها ويخلَّ بقواعد الإسلام سفر الزوج للعمل يصنع الصدام مع زوجته التي تدير الأسرة بشكل مختلف في غيابه.ضرورة تقويم مزايا وعيوب السفر قبل اتخاذ القرار وسفر بعض الآباء رحمةبأسرهم،إدامة اتصال الزوج بأسرته ومتابعة أمورهاأفضل سبيل للحد من سلبيات غيابه، لا عذر لأب يسافر لتحقيق حياة مترفة وطموحات استهلاكية على حساب نفسه وزوجته وأولاده.
يسافر الأب وحده بحثاعن الرزق ويترك أسرته فتقوم الأم بدور مزدوج.. وتتكيف مع حياتها الجديدة دون رجلها ويعتاد الأبناء غياب أبيهم الذي يعود في الأجازات محملا بالهدايا والنقود.. يعود ليمارس دوره الأبوي أياما قليلة يسافر بعدها ليعود
الأمر إلى ما كان عليه، وحينما يقرر الأب الاستقرار في بلده ووسط أسرته يفاجأ بأنه صار ضيفا ثقيلا ..وأن مكانه في بيته لم يعد شاغرا فقد ملأته نقوده ولم يعد له هو ككيان إنساني ورب أسرة مكان. ظاهرة مرفوضة من المنظور الشرعي والإنساني معا يرصدها هذا التحقيق.. ضيف ثقيل! هدى عبد المنعم
- سفر زوجي إلي الخارج لم يتح له فرص التعايش الكاملة مع الأولاد، فالمدة التي قد يقضيها معنا طوال السنة لا تزيد على شهر حتي أن ابني الصغير يسميه دائما بالرجل الذي يحضر لنا الملابس، كماأن ابنتي أسماء التي تبلغ من العمر 7 سنوات لم يمكث معها طوال عمرها، إلا 7 شهور فحسب، مما جعله يدللها أكثر من اللازم حتي تتعود عليه في فترة الزيارة القصيرة.
مي محمود - طالبة جامعية :
- تعودت علي سفر والدي للخارج، فهو يطمئن علينا عبر الهاتف كل أسبوع، ويأتي إلينا زائرا كل عام، ويمكث معنا شهرا ، وعمله في الخارج هو الذي جعلنا نعيش هذه الحياة الرغدة، فلولا سفره ما كان يوجد لدي سيارة، وما كنت أسكن في حي راق ، وعلى هذا الغرار تسير حياتنا دون أية مشاكل.
محمد عبد الرازق - مدرس :
- في السنوات الأولى من سفري كنت أعود في الأجازات، فألاحظ فتوراً في معاملة زوجتي لي، وضجراً من مسئولياتها نحوي، وعندما ناقشتها في الأمر اكتشفت من ردودها أنها تكيفت مع حياتها بدوني، فصرت عبئاعليها في أجازاتي.. ولذلك قررت اصطحابها معي هي وطفلي ولم أعد أشعر بأنني ضيف ثقيل في أجازاتي السنوية مثلما كان يحدث من قبل.
فاطمة علي:
عندما حصل زوج ابنتي علي عمل بدولة عربية - طلب منها أن تقيم معي أثناء سفره، ولكنني رفضت وأقنعته بألا يسافر وحده حتي لا تفتر علاقته بزوجته وأولاده، ويصبح بالنسبة لهم مجرد جيب فالطبيعي أن يلتئم شمل الأب والأم والأبناء معا ، وأي موقف يخالف هذا لابد أن تكون عواقبه وخيمة.
دستور الزوجة
يرى الدكتور هاني السبكي أستاذ علم النفس أن سنوات الغربة الطويلة تؤثر على الزوج والزوجة، وكذلك الأولاد، ففي غياب الزوج تشعر المرأة بأنها صاحبة القرار، فهي الزوج والزوجة معا ، وقد تضع طريقة جديدة لإدارة الأسرة في غياب دور الزوج.ومن البديهي أن النظام الذي ستضعه الأم قد يختلف إلى حد ما عن نظام الأسرة في وجود الزوج، وقد يصل الأمر بعد رجوع الزوج إلى حد الصدام بين الزوجوالزوجة. وهنا ينتاب الرجل إحساس بأنه غريب عن هذا البيت ولم تعد قيمته موجودة، كما كانت من قبل سنوات الغربة، وأصبحت وظيفته الوحيدة التمويل، وكثيرا ما نري النتيجة في سلوك الأطفال نحو أبيهم وفتور مشاعر الزوجة، ومن هنا يمكن أن يبدأ الزوج في التفكير في الزوجة الثانية.
أما الطبيب النفسي الدكتور ممتاز محمد عبد الوهاب، فيرى أن سفر الأب وغيابه لفترات طويلة بدعة جديدة تمثل خطورة علي المجتمع، وخاصة إذا كانت الأسرة
التي تركها الأب لا تعير المثل أو القيم أهمية، أو كانت الأم مستهترة، وعندما يغيب الأب لجمع المال تصبح الأسرة بلا رادع أو قائد أو حاكم وتفقد المثل الأعلى في حياتها بغياب الأب. ومع وفرة المال وانعدام المثل والقيم يبدأ الأبناء، وخصوصًا في سن المراهقة في التحول إلى ما هو أسوأ، حيث الانفتاح على المجتمع بمساوئه الأخلاقية.
ويرى الدكتور أحمد عبد الرحمن أستاذ علم الأخلاق أن تأثير سفر الزوج يختلف باختلاف ظروف كل أسرة، وأيضا باختلاف مدة غياب الأب، فليس هناك قاعدة عامة، وبعض الأسر يقوم فيها الجد بدور الأب بعد سفره، وأسر أخري تقوم الأم بالدور كاملا ، وتسير الأمور كما لو كان الأب موجودا أو أفضل.وأنا أوجه كل أسرة أن تنظر جيدا قبل سفر الأب وتدرس بهدوء إيجابيات وسلبيات غياب رب الأسرة، وتسعى لتحقيق بعض التوازن (بسفر الأسرة بعد فترة مع الأب أو تحديد فترة للسفر)، حتى لا يعتاد الأب ترك الأسرة وتعتاد الزوجة والأولاد غياب الأب ويصبح بعد عودته غريبًا أو ضيفًا ثقيلاً ، ويمكن تقريب المسافات بين الأسرة وعائلها باستمرار حتى لا تحدث فجوة عاطفية بين الأب وأسرته عن طريق الرسائل والأشرطة والتليفون، وأعرف أنا شخصيًاعائلات يتصل الأب الغائب بهم يوميًاويتابع أدق التفاصيل في حياتهم مما يجعله وكأنه يحيا بينهم.
القدرة على التكيف
أما الدكتورة عزة كريم الخبيرة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فتوضح أن الإنسان منحه الله قدرة على التكيف بشكل خارق للعقل، بحيث يتكيف مع أي وضع جديد بمرور الوقت.وسفرالأب يخلق مشكلة كبيرة للأسرة ويسبب ارتباكاللجميع، ولكن عندما يطول السفر يبدأ كل فرد في التكيف مع الوضع الجديد ويحقق أغراضه ومصالحه حتى أن الأسرة تستخدم كل شيء كان مخصصًالأب، فيستخدم ابنه مثلا مكانه على المائدة والدولاب الخاص به ومكتب عمله يصبح مكتب مذاكرة وهكذا..وعندما يعود الأب في إجازات قصيرة يصبح دخيلا علي الأسرة وضيفًا، ويصبح غير قادر على التدخل في مجريات الأسرة، وعندما يحاول أن يوجد لنفسه مكانا ويستعيد سلطاته ومكانته يواجه بعدم القبول من الأسرة، وفي بعض الأحيان قد يتساءل أفراد الأسرة فيما بينهم(متى يسافر؟!).لذلك من الخطورة أن يترك الأب أسرته فترات طويلة وقديفقد مكانه ودوره، أو ينحصر دوره ووجوده في المال، أما قيمته كأب فتتلاشي مع الوقت، ويحدث للأسرة في غيابه العديد من التغيرات التي قد يكون غير راض عنها، ولكنه يضطر لقبول الأمر الواقع لإرضاء أسرته التي اعتادت هذه الأوضاع في غيابه.
ولهذا فهناك خطورة اجتماعية كبيرة في غياب الأب عن أسرته لفترات طويلة ولسنين عديدة يكبر خلالهاالأولاد وقد اعتادواالإسراف وعدم وجود الأب، وإن كانت الأم غير جازمة قد يعتادوا السهر بالخارج ويصادقون رفقاء السوء، وقد يفشلوا دراسيًا .
وإن كنا نجد العذر لمن يترك أسرته ويسافر للحصول علي احتياجاته الأولية، فإننا لا نجد العذر للأب الذي اعتاد السفر، وأصبحت تطلعات أسرته بلا حدود، ويسعى فقط للحصول علي مال أكثر، وقد يكون ذلك علي حساب نفسه وأسرته وأولاده.
الإخلال بقواعد الإسلام
وعن غياب الأب فترة طويلة عن أسرته يقول د. محيي الدين الصافي عميد كلية أصول الدين بالقاهرة،إن ترك الأب الأبناء في السن الصغيرة صعب جدا ؛ لأن الأم لا تستطيع أن تربي الأولاد تربية إسلامية صحيحة دون الأب إلا إذا كان اختيار الزوج من الأساس لزوجته صحيحًا ، وعلى أساس الدين. ويشير د. محيي الدين إلى أن ترك الزوج لزوجته فيه إخلال بقواعد الإسلام، وبالإعفاف المطلوب في الدين الإسلامي وكل الديانات الأخرى.
ويضيف: إن الغياب الطويل للزوج ربما يؤدي إلى انحراف بعض الزوجات والأبناء، في العهد النبوي والدولة الإسلامية الأولى كان الأزواج يخرجون للجهاد ويتركون زوجاتهم لتربية الأولاد، وعندما رأى سيدنا عمر رضي الله عنه بعض الزوجات تصرح بأنها حزينة لغياب زوجها ولا تستطيع أن تغضب ربها وتمنت ألا يطول هذا الغياب ذهب إلى السيدة حفصة رضي الله عنها، وقال لها: يا حفصة اصدقيني القول كم تستطيع المرأة أن تصبر علي غياب زوجها، فقالت: شهرين، فقال وزيادة، فقالت ثلاثة. فقال: وزيادة. فقالت أربعة. ولا تستطيع أكثر من ذلك، فأمر رضي الله عنه بألا يغيب الجنود في الغزو أكثر من أربعة أشهر. وهذا للمحافظة على الأسرة وعفة الزوجة، وإذا كانت الزوجة ذات خلق ودين ستحافظ علي زوجها وبيته وتحفظه في غيابه.
الجعل السري للأسرة
ويؤكد الدكتور سعيد إسماعيل أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس على أهمية وجود الأب، فيقول:إن دور الأب وأهميته في الأسرة لا يتوقف عند حدالإنفاق والرعاية الصحية والحراسة والإشباع الجسمي، ذلك أنه يمثل بالنسبة للأسرة العربية عموما ما يمكن تشبيهه (بعمود الخيمة) في شكلها التقليدي، وهو يمثل القدوة والنموذج، ومصدر الأمر والنهي كما أنه مصدر التوجيه والإرشاد والتقويم والإصلاح. ويشير د. سعيد إلى أن غياب الأب غيابايمتصلا يمتد إلى شهور وأعوام يعني أن ينقطع (الحبل السري) بين الأبناء وبين كل هذه الجوانب التي أشرنا إليها وتحدث بدائل أخري قد يكون من بينها مصاحبة رفاق السوء والوقوع في أخطاء خلقية فادحة، كما أن بعض الأبناء قد يبحثون عن المتعة الحرام، ويسهل غوايتهم والدفع بهم إلى مجالات الإغراق، وبعض الآباء يتصور أنه عندما يرسل إلى أسرته أموالاً كثيرة فقد قام بواجبه نحوهما، وهذا خطأ فاحش، إذ كثيرا ما تكون هذه الأموال الكثيرة في غياب (الضبط الأبوي) مدعاة لفتح أبواب الانحراف والفساد.
ويتحدث د. إسماعيل عن بعض تجاربه مع طلابه، فيقول: اطلعت على كتابات طالبات وطلاب كان ضمن تعبيراتهم أنهم يحلمون ويتمنون بأن يجلس الأب معهم ولو ساعات معدودة يحادثهم ويسامرهم، أو يخرج بهم للزيارة، أو الترفيه، وأنهم ينظرون إلى ذلك بأنه يفوق كل الهدايا والأموال التي يأتي بها الآباء.
تضاعف أعباء الزوجة
ويضيف د. سعيد أننا لم نتعود على تدريب الأبناء على تحمل المسئولية، وبذلك يتضاعف العبء على الزوجة فتضطر إلى القيام بواجبات الأب، ولأنها غالبًا ما يغلب عليها الانفعال والعاطفة، فقد يستضعفها الأبناء بحيث لا تشكل كابحًا لهم عن التصرف السيء، وقد تشعر بعض الزوجات ببعض الجوع العاطفي مما قد يسهّل لرجال حولها من ذوي النفوس الضعيفة أن يشبعوا هذا الجوع، فتقع في الانحراف، وخاصة وأن الأعباء عليها تكون ضخمة وثقيلة.
وينصح د. سعيد الزوج إذا اضطر للسفر أن يستخدم وسائل الاتصال المتاحة باستمرار حتى تساعده على متابعة أحوال أسرته، فما لا يُدرك كله لا يترك كله.
ـــــــــــــــــــــــــ(110/110)
ماهية المعاصرة
في كتابه الأخير " في المسألة الإسلامية المعاصرة " طرح المفكر الكبير " طارق البشري " رؤية جديدة ومثيرة لمصطلح " المعاصرة " ـ تشمل مصطلح الحداثة بالتلازم ـ تقول بأن هذا المصطلح في جذوره البعيدة كان ترتيباً استعمارياً وافداً على اعتبار أن أي طامع في فرض حكمه وسيطرته على بلد آخر كان لا بد وأن يبحث لنفسه عن فكرة جامعة ، تجمع بينه وبين أهل المجتمع المحكوم أو المغزو ، حتى لا يبدو وجوده بينهم شاذاً ولا شائهاً ، وحتى لا يثير وجوده بينهم الرغبة الدائبة في التخلص منه بوصفه جسماً غريباً غير طبيعي ، لذلك حدث الترويج لفكرة العصرية والمعاصرة من دوائر المؤسسات الغازية في التعليم والثقافة والإعلام وغيرها ، لتقوم بدور تسويغ حكم المعتدي وترويج رسالة الرجل والمصلح الأوربي ، ولتقيم نوعاً من الوحدة بين المعتدي والمعتدى عليه ، ولتعزل ذوي الأفكار والمؤسسات التقليدية ، وتظهرهم كما لو كانوا هم الغرباء ، برغم أنهم أصحاب البلاد الأصلاء بها فكراً وتراثاً وحضارة ، وهذا العزل ـ يؤكد البشري ـ أفاد الغرب إفادة هائلة في مخططاته لتدمير القوى الرئيسية المجاهدة في العالم الإسلامي ، من جهة أنه من ذلك الوسط التقليدي الذي عزلوه في بلادنا كانت تنبعث القوة الأساسية لمقاومة الغزو الأجنبي ومقاومة العدوان على مدى القرن التاسع عشر كله .
"طارق البشري" في كتابه أيضا يضع أيدينا على الخلل الذي أصاب حركات النهوص السياسي أو الديني أو الفكري في العالم العربي والإسلامي بسبب هذا " التوحد " مع الغرب في فهم وتحديد معنى المعاصرة وأيضا من جراء تجاهل خصوصية أفكار النهوض والإطار التاريخي والحضاري الذي تولد فيه ، فالفكرة التي تولد في سياق حضاري أوربي وتنجح ليس بالضرورة تكون صالحة وناجحة في ظروفنا نحن العربية والإسلامية ، بل قد تكون ضارة ومدمرة ، وبالتالي فالكثير من الأفكار التي حملت روح العصر الحديث جاءت نتائجها بالغة الخطر والتدمير في وقائع تاريخنا الحديث ، وقد تعرض المؤلف بإسهاب لنماذج تطبيقية على هذه الفرضية ، من خلال الفكر القومي العلماني وكذلك الفكر الاشتراكي عندما سيطر اليهود على زمام الحركات الشيوعية العربية ، وتحت شعار " وحدة الطبقة العاملة " تحالفت قوى يسارية عربية مع قوى صهيونية ضد مصالح الأمة التاريخية في
فلسطين ، بل وسارعت القوى اليسارية إلى الاعتراف بإسرائيل منذ أكثر من خمسين عاما ، وكانت ترى أن الصهاينة الذين يحتلون أرض فلسطين أكثر تقدمية وقرباً إليهم من الإنسان العربي المسلم المتدين الذي وصفوه " بالرجعي " والذي كان يقف مدافعاً عن المصلحة التاريخية والمفصلية للأمة .
ومن الملاحظات المهمة التي وقف عليها "البشري" في كتابه أن الانتقال بمصطلح " العصر " من مفهومه الزماني الذي تقتصر دلالته على التتالي والتعاقب ، إلى مفهوم آخر يفيد بذاته الدلالة على حضارة واحدة أو جماعة واحدة في قيمها وتصوراتها ، من شأنه أن يحول العصر إلى وحدة انتماء جماعي تحل محل وحدات الانتماء الأخرى وطنية أو دينية أو قومية أو غيرها ، ويتحول " الزمن " إلى فكر ووعي ننظر به إلى الأمور ويحكم قيمنا وسلوكنا ويسيطر على ردود أفعالنا ( لاحظ هوس بعض العلمانيين العرب اليوم في الترويج للعولمة الثقافية ! ) ، والأخطر أن يتفرع عن القول بوحدة العصر القول بوحدة معيار التقويم والقياس للحاضر والماضي معه ، وبالتالي نعيد النظر إلى تاريخنا وفق موازين جديدة في التقويم والتصور ، وهذا ما يؤدي قطعاً إلى اضطراب خطير في وعينا لتاريخ أمتنا ووقائعه وتحولاته ، لعل من أبرز تجلياته اندفاع العديد من المؤرخين العرب إلى وصف عصور الحضارة الإسلامية الزاهية بأنها " القرون الوسطى " أو " الوسيطة " خضوعا للإطار الذي عرفه الفكر الأوربي وتقسيمه لمراحله التاريخية والتي نجح في فرضها تحت مظلة " المعاصرة " كأساس ضبط تاريخ العالم كله وفق ذلك التقسيم ، وغني عن البيان أن تعبير " القرون الوسطى " إنما يأتي ـ أوربياً ـ في سياق الهجاء الحضاري والازدراء للعقل والحالة الإنسانية بشكل عام .
إن الثقافة العربية في حاجة ماسة إلى الانفلات من أوهام مرحلة " المراهقة الثقافية " ، وآن لنا أن نبحث في شؤون زماننا من خلال أعيننا نحن ، لا من خلال أعين الآخرين ، ووفق طموحاتنا والتحديات التي تعترضها ، وليس وفق ما يمليه علينا الآخرون بوصاية سياسية أو بوصاية ثقافية سواء ، بل ربما كانت الوصاية الثقافية هي الأخطر والأفدح ثمناً ، نظراً لخفائها ودقة مسلكها والغفلة التي ما زالت تعترينا نحن المثقفين العرب حيالها ، وأظن أن كتاب "البشري" الجديد خطوة جادة وعميقة في سبيل التمرد والثورة على هذه الوصاية الثقافية
ـــــــــــــــــــــــــ(110/111)
يف يتخطى الشاب مرحلة المراهقة؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإن هذا السؤال الذي طرحته، هو سؤال قيم جداً ونافع ووجيه، وذلك لأن الفتاة في مثل عمرك، تحتاج إلى دراية ومعرفة بما لا بد لها من الحذر منه، وبما لا بد لها من فعله والحرص عليه.
ونحن سنخص الجواب حول وضعك كفتاة في هذه السن، فأول ما ينبغي أن يكون حاضراً في ذهنك، هو أنك أصبحت الآن فتاة عاقلة رشيدة، فأنت الآن امرأة كاملة، قد خرجت من سن الطفولة والعفوية إلى سن التكيف والمسئولية، فأعظم مسؤولية أمامك هي طاعة ربك والفوز برضاه وتوفيقه، فلا بد أن يكون همك هو كيفية تحصيل رضا الله تعالى عنك، وكيفية بعدك عن كل ما يسخطه.
فأنت فتاة ( مكلفة) ومعنى التكليف هو أنك قد صرت مأمورة بطاعة الله بحيث تثابين على امتثال أمره، والعقوبة على ارتكاب نهيه ومخالفته، فأنت إذن موجودة لعبادة الله ولطاعته، فإذا فعلت ذلك وحرصت عليه تمت سعادتك في الدنيا، فتكونين مهدية في حياتك الدنيا سعيدة فيها، وتكونين كذلك مهدية سعيدة في آخرتك، كما قال تعالى: { فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} ، وقال تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.
فهذا أعظم ما تنتبهين له، وأرفع ما تعلميه وتحرصين عليه، فإذا حصل لك هذا العلم، وهذه المعرفة النافعة ثم عملت بها، تمكنت من اجتياز مرحلة الشباب بأمن وأمن وسلامة وطمأنينة.
وبيان ذلك، أن الشباب عموماً ذكوراً وإناثاً، عندما يبلغون هذه السن أو قريباً منها، تتفتح أعينهم على معاني الرغبة في الجنس الآخر، ويحصل لهم حب استطلاع وحب تجربة لمثل هذه الأمور، فكثير من الشباب والشابات يندفعون وراء هذه العلاقات المحرمة، ويلهثون وراءها، حتى إن كثيراً منهم يقع في الفواحش المنكرة، فتفقد الفتاة شرفها، والشاب عفته، وينساقون وراء الشهوات المحرمة، كأنهم لا يعقلون ولا يبصرون.
بينما عندما تكونين فتاة مؤمنة قد عقدت عزمها على طاعة الله ورضوانه، فإنك ستكونين في غاية البعد عن هذه الشهوات، وهذه الرذائل، وسوف يكون لك موقف الفتاة المؤمنة التي لا تسمح بنفسها، والتي لا تتهاون في شرفها وعرضها لأنها تعلم أن الزواج الذي شرعه الله تعالى هو فقط الذي يجوز من هذه العلاقات، فحينئذ تكونين قد أبصرت طريقك وعرفت منهج حياتك، ولذلك فإنك ستسلمين وستكونين فائزة في دينك ودنياك.
فهذا مثال أشرنا إليه لخطورته ولكثرة البلوى به.
ومن الأمور التي تترتب على فهمك لطبيعة دورك في هذه الحياة، أن تكوني حذرة جداً من رفيقات السوء، ومن صاحبات السوء، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) أخرجه أبو داود.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه قال: ( لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي ) أخرجه الترمذي، فلا بد من الحذر من صحبة السوء، فإنها تفسد الدين والدنيا، وأقل ما فيها السمعة السيئة لك.
ومن الأمور المهمة كذلك، الانتباه إلى موضوع الزواج، فإذا تقدم لك من هو صالح في دينه وخلقه، فبادري بالموافقة عليه، ولا تتأخري في ذلك، فإن من أنفع الأمور للشباب تحصين أنفسهم بالزواج، كما قال صلى الله عليه وسلم ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ).
ومن الأمور المهمة كذلك، حسن الاهتمام باكتساب الأخلاق العالية، الحسنة الرقيقة، وكذلك الحرص على العلم النافع، وهذا بحمد الله ميسور وممكن لا سيما في مكاتبتك إلى الشبكة الإسلامية مثلاً، فحاولي أن يكون لك حرص على معرفة أمور دينك وما يصلح دنياك بالسؤال والمعرفة، مع العناية بالبعد عن كل موقع سيء من المواقع التي تنشر الفساد والرذيلة.
ومن الأمور المهمة أيضاً، الحرص على بر الوالدين، وإحسان العلاقة بهما وتحملها والدعاء لهما بالصلاح والمعافاة.
والحاصل أن فهمك لطبيعة دورك في الحياة، بأنك مخلوقة لعبادة الله تعالى، وأن من أعظم ما تقومين به إنشاء الأسرة المؤمنة، وأن البعد عند كل ما يسخط الله تعالى هو طريق الفوز، هو طريق الخروج من كل ورطة ومن كل بلية وهو أيضاً الكفيل بأن يحقق لك السلامة في دينك وديناك.
ونحن نود لو داومت مراسلتك إلى الشبكة الإسلامية لتجدي بإذن الله كل ما تحتاجينه من المشورة والإرشاد.
ونسأل الله لك التوفيق والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/112)
ما سبب تدخين الشباب في سن المراهقة
تاريخ الإستشارة : ... 2006-05-31 13:09:35
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... نادية عوادي
السؤال
لماذا الشباب يدخنون في سن المراهقة؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نادية عوادي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فجزاك الله خيرًا أيتها الابنة الفاضلة على هذا السؤال الطيب.
لا شك أن التدخين من العادات البغيضة جدًّا، وهو حقيقةً يضر بالصحة بشكل بليغ، وأضرار التدخين معروفة للناس، والتدخين من الناحية الشرعية أجمع الكثير من العلماء على حرمته، وهو بكل أسف منتشر جدّا في منطقتنا، ولكن بحمد لله تعالى أصبح الناس في الأوانة الأخيرة أكثر وعيًا بأضراره، وهذا الارتفاع في الوعي لا شك أنه يعتبر بشارة طيبة للقضاء على هذه العادة البغيضة.
السبب في أن الشباب يميلون إلى التدخين؛ هنالك عدة أسباب:
أولاً: لا شك أن فترة اليفاعة والشباب هي فترة التكوين الجسدي والوجداني والعاطفي، وفي هذه الفترة يسهل التأثير الخارجي على الشاب، ومن هنا يتأثر الشباب كثيرًا بالدعاية التي تقوم بها شركات السجائر، ولذا نلاحظ أن الكثير من الدعايات البغيضة والمرفوضة ترتبط دائمًا بالرياضيين والمغنيين؛ لأن هذه
الشخصيات يتخذها بعض الشباب كمثال أو قدوة له بكل أسف، إذن فشركات السجائر والدعاية التي تقوم بها، هي واحدة من الأسباب الأساسية التي تجعل الشباب أكثر جاذبية للتدخين.
السبب الثاني: هنالك مشاعر داخلية للشباب أن التدخين يكمل من رجولته، ويجعله أكثر اقتدارًا وأكثر قبولاً من الناحية الاجتماعية، إذن هو نوع من البحث عن إكمال الذات، وهذا من الأسباب الكبيرة جدًّا.
ثالثًا: بعض الشباب يدخل في التدخين فقط بقصد التجربة، يريد أن يجرب ما يقوم به الآخرون، ويسأل نفسه داخليًا: لماذا لا أقوم بذلك؟ وتستهويه العادة ويستمر بها.
رابعًا: لا شك أن هنالك ما يعرف بضغط الزمالة، وهو التأثير الذي يجده الشاب من أقرانه، هنالك بعض الشلليات التي تروج لهذه العادة الرذيلة السيئة، يقول له صديقه: لماذا لا تجرب؛ هل أنت لا زلت صغيرًا؟ أنت قد كبرت وجرب، وهكذا.. وهذا بالطبع يؤدي إلى كثير من الانقياد، خاصة إذا كان الشاب صغيرًا في السن، ويسهل التأثير عليه، ولم يكتمل البناء النفسي لشخصيته.
من الأسباب أيضًا: هنالك بعض الشباب -بكل أسف- ينتمون إلى أسر لا تحارب التدخين، أو ربما تقره، أو حتى ربما تشجع عليه، كأن يسأل الوالد ابنه أن يحضر له علبة السجائر، لا شك أن هذا يؤدي إلى نوع من الارتباط الذهني بين هذا الشاب وبين السيجارة، وهو نوع من الإقرار الاجتماعي المرفوض جدًّا.
من الأسباب أيضًا: أن الشباب لا يعي حقيقة الأضرار البليغة، خاصة الأضرار الصحية، التدخين يؤثر على القلب، ويؤثر على الكبد، ويؤثر على الكلى، ويؤثر على الصدر، وكل أعضاء الجسم يؤثر عليها تأثيرًا سلبيًا شديدًا، لا شك أن فترة الشباب واليفاعة هي فترة الفتوة والقوة، ويرى الشباب أن هنالك مبالغة من جانب الذين يتحدثون عن الأضرار الصحية التي يسببها التدخين، ويرى نفسه قويًا وفتيا، ولا يعير الأمر أي نوع من الاهتمام.
من الأسباب أيضًا: لا شك أن مادة النكوتين التي توجد في السيجارة هي مادة استشعارية؛ بمعنى أنها تؤدي إلى نوع من الشعور بزيادة التركيز قليلاً واليقظة لدى الإنسان، وتزيد من انتباهه، خاصة في أيامها الأولى، ولذا تتحايل الكثير من شركات السجائرن بأن تعلن أن هذا النوع من السجائر قليل النكوتين، ولكن حقيقة الأمر تضع تركيزا أعلى من النكوتين حتى يؤدي إلى تأثيره الكيميائي.
لا شك أن ضعف الوازع الديني لدى الشباب من الأسباب الهامة جدًّا للتدخين، لأن الإنسان الملتزم بدينه يكون إنسانا منضبطا اجتماعيًا، ولا يقرب الحرمات، ولا يقرب الشبهات، ولا يقرب –مطلقًا- الأشياء التي تضر بصحته.
إذن: قلة الوعي الديني، وقلة الوعي الاجتماعي، والتساهل الأسري، والتساهل الاجتماعي، كلها بلا شك عوامل فعّالة جدًّا في انتشار التدخين وسط الشباب.
أرجو أن تكوني داعية لمحاربة التدخين، وفي هذا إن شاء الله أجر عظيم لك.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. محمد عبد العليم
ـــــــــــــــــــــــــ(110/113)
خطيبتي تمر بفترة مراهقة فكيف أتعامل معها
تاريخ الإستشارة : ... 2005-10-31 11:49:36
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... Ahmed
السؤال
أنا حاصل على بكالوريس تجارة، وخطيبتي في الصف الثاني الثانوي الأزهري، أكثر ما يعجبني فيها هو شدة تمسكها بدينها واحترام أهلها، المشكلة تكمن في أنها تمر بفترة مراهقة وأنا أود نصيحتي في كيفية التعامل معها في هذه الفترة - فترة التقلبات - أنا لا أتصور حياتي بدونها، أرجو النصيحة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
إن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج ولا تبيح للخاطب أن يتوسع في علاقاته وليس من مصلحته أن يكثر الدخول والخروج على خطيبته وأهلها، ولكن عليه أن ينصرف لإعداد نفسه لإكمال مراسيم الزواج وبعدها يستطيع أن يؤثر على مخطوبته ويرسم الخطوط العريضة لحياته.
وأرجو أن تعرف أن الخطيب ومخطوبته لا يستفيدان من إطالة فترة الخطوبة التي تقوم على المجاملات وإظهار المشاعر الطيبة فقط، وكل ذلك خصم على الحياة الزوجية مستقبلاً لأن تلك المجاملات تنكشف للوهلة الأولى ويظهر كل طرف على صورته الحقيقية، ومن طرائف ما ورد في ذلك أن امرأة قالت لقد تغير زوجي بعد الزواج وانتهى ذلك الظرف وتلك اللطافة التي كان يبديها فقيل لها: إن الصياد يضع الطعم الجميل للسمكة قبل أن يصطادها ولكنه لا يفعل ذلك بعد أن يقبض عليها، والأمر لا يختلف بالنسبة للفتاة فهي أيضاً تظهر أشياء لخطيبها فإذا عقد عليها ودخل بها أظهرت ما عندها وكشرت عن أنياب الحقيقة.
ولاشك أن فترة المراهقة فترة توترات بالنسبة للفتاة وهي انتقال من مرحلة عمرية إلى أخرى، ولذلك فالفتاة المراهقة تبدو أحياناً مثل الطفلة تحتاج لعطف شديد من أهلها وأحيانا تتمرد وتعاند لشعورها أنها فوق الوصاية والتوجيه والنصائح.
وإذا كنت لا تتصور حياتك بدونها فاجتهد في إعداد نفسك وأكمل مراسيم الزواج وتجنب المخالفات الشرعية، واعلم بأن كثرة تردد الخاطب على بيت الفتاة دون أن يتقدم خطوات في مشروع الزواج يجلب التوتر للفتاة والخوف لأسرتها التي تزعجها طول فترة الخطبة.
وإذا تقدم الشاب لفتاة وقبلت به وارتضاه أهلها فمن الواجب أن يظهر الجدية والقدوة على تحمل المسئولية.
ونسأل الله أن يوفقكم للخير، وأن يعينك على طاعته ونوصيكما بتقوى الله والحرص على طاعته وذكره، كما أرجو أن تؤسس حياتك على البساطة واليسر، والبعد عن المعاصي والمخالفات والأغاني.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/114)
أعاني من حبوب في وجهي وجسمي فما هو الصابون الذي يزيلها
تاريخ الإستشارة : ... 2005-12-08 09:41:50
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... عطر
السؤال
السلام عليكم.
أنا عندي حبوب صغيرة في الوجه والكتف والظهر تقريبا ومنطقة الذقن، تروح حبة وتطلع حبة ثانية، في ذقني تطلع حبوب كبيرة مثل الحجر، بعداً يطلع لها رأس أبيض، ولا تخف حتى تنعصر وتفرغ، وبعداً يصير مكانها بقعة حمراء.
وكذا تطلع لي حبوب بمنطقة الخد من فوق من جنب الأنف، ولما أخرج من الاستحمام هذي المنطقة التي في الخدود من فوق تصير جافة جدا ومقشرة، وحتى إذا راحت تظل مناطق الحبوب لونها أحمر قليلا، أبغي لو تكرمت صابونة تساعد على إزالة الحبوب من الوجه والجسم؟
مع العلم أني لا أستخدم أي صابون، فقط أنظف وجهي بالمنظف الإسكينول، هل صابونة الكبريت التي بالصيدلية واسمها sulphur soap تفيدني؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ عطر حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
1- إن ما تشتكين منه هو حب الشباب.
2- وأهم ما يجب عليك الآن هو عدم تفريغ هذه الحبوب لأن التفريغ هو السبب الذي يعطي التغيرات الالتهابية والتي ستعطي آثارا دائمة.
3- أفضل وسيلة هي متابعة الحالة مع طبيب أمراض جلدية، ولكن لا مانع من النصائح العامة التالية:
a. الغسل الدوري بالماء والصابون دون دلك قوي، ويفضل الماء الفاتر أولا ثم الماء البارد ثانيا، والصابون المقترح هو الصابون الكبريتي، ولكن رائحته مزعجة، ونفضل عليه الصابون الصفصافي الكبريتي أو صابون الـ أكني إيد، أو أي صابون مناسب لبشرتك.
b. استعملي المطهرات الموضعية مثل الكليندامايسين السائل للبثات المبعثرة.
c. في الحب البثري الشديد يفضل استعمال كورس مضاد حيوي مثل الدوكسي سايكلين 100 مغ يوميا لشهر.
d. في الحب الكيسي كما تصفين يفضل عمل تحليل الهرمونات وتصوير المبيضين بالأمواج فوق الصوتية وعلاج أي خلل إن وجد.
e. في الحالات المعندة والتي لا تستجيب يفضل استعمال الروأكيوتين.
f. حب الشباب لا يعني صابون وكفى، بل هو علاج متكامل في فترة محدودة تسمى الشباب والمراهقة حتى تمر بسلام دون مضاعفات مشوهة أو لا تشفى.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد حازم تقي الدين
ـــــــــــــــــــــــــ(110/115)
ابني وسن المراهقة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... مها اليوسف
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
لدي سؤال فقط وذات اهميه قصوى وهو كيف اتعامل مع ابني الذي يبلغ من العمر 14 سنه المعامله التي فيها مصلحته مع معايشته هنا في المانيا ولا اعرف كيف ساعبر اكثر ولكنني على يقين بالله وبكم انكم ستحسنون فهمي في هذا الموضوع وللعلم نحن عائله ملتزمه ومتعلقه بالله .
وشكرا لكم
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / مها اليوسف حفظهاالله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد ،،،
بداية أسأل الله تعالى أن يبارك لك في ولدك، وأن يجعله من الصالحين، وأن يعينك على تربيته تربية صالحة، وأن يجعله قرة عين لك ولزوجك.
وأما عن أفضل الوسائل لمعاملة المراهق، فهي التفاهم التام، واللين والحوار الهادئ القائم على الإقناع والحجة والبرهان، واستخدام الأسلوب غير المباشر في التوجيه ، وعدم اللجوء إلى الشدة أو العنف، لأن هذا الأسلوب مرفوض شرعاً خاصة في مثل هذه السن الحرجة . كذلك المصاحبة من قبل والده على وجه الخصوص، واعطاؤه الفرصة ليشرح وجهة نظره فيما يقوم به أو يعتقده، وعدم اللجوء إلى التوبيخ، أو التبكيت لأتفه الأمور ، وتحديد المشكلة التي تواجهه بدقة، ثم التدرج في خطوات العلاج، ولا بد من إشراكه في حل المشكلة التي تواجهه، وعدم حل المشكلات نيابة عنه،وإنما يمكن طرح الحلول أمامه وأن نطلب منه تقديم الحلول التي يراها للمشكلة التي تواجهه، ثم نحاول أن نتخير معه أفضل هذه الحلول حتى نضمن نجاح الحل واستمراره كذلك .
وأهم شيء يؤثر في المراهق القدوة الحسنة من الأسرة خاصة ، ثم عرض صورة من حياة السلف الصالح وقصص القرآن الكريم التربوي ، ثم البحث له عن صحبة صالحة تأخذ بيده إلى الخير .
وهذا ما تيسر جمعه وكتابته، مع دعواتي لك بالتوفيق في تربيته والعناية به أنه جواد كريم.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/116)
أحببت شابا عن طريق التلفون وتقدم لخطبتي رجل آخر فماذا أفعل؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-04-26 10:13:52
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... المحتارة
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحببت أن أكتب لكم قصتي بعدما ضاقت علي كل السبل بالخروج من هذه المأساة، فأنا فتاة بالعشرين من عمري، بدأت معاناتي تزداد سوءاً منذ سنة وثلاثة أشهر تقريباً، كنت بتلك الأيام أدخل غرف المحادثة عبر الإنترنت، وكنت أضحك مع هذا وأدردش مع ذاك، والحمد لله أن الأشخاص الذين كنت أدردش معهم كانوا يتصفون بالاحترام، وهذا الشيء الذي جعلني أستمر بالدردشة معهم؛ لأنهم أشخاص ذووا أخلاق، ربما تتساءلون عن سبب دخولي إلى هذه الأماكن ويكون تبريري هو عائلتي، فمنذ أن تخرجت من المدرسة وأنا اشعر بأني وحيدة بالمنزل، لدرجة أنني أشعر أحياناً بأنني غريبة، أشعر بأنني لست منهم، وعندما أكون بحاجة إلى أن أفضفض ما في قلبي لا أجد من يسمعني ويشاركني همومي، ولهذا لا أجد ملجئاً لمشكلتي غير هذه الغرف، وبعد مرور أسبوعين تقريباً من دخولي غرف الدردشة أحسست بأنني مهتمة بشخصٍ منهم، وكان يضيق خاطري إذا لم أره موجوداً بيننا، وفي يوم من الأيام قال لي أنه يحبني ويهتم لأجلي كثيراً، ولكن لم أهتم بما قاله؛ بحجة أن الرجال كلهم يقولون هذا الكلام للفتيات للتقرب منهم، وبعد مرور أسبوع تقريباً قال بأنه يريد مكالمتي هاتفياً ليقول لي عن شيءٍ ما، في البداية رفضت طلبه، ولكن مع ضغطه علي بالمحاولة وإذلال نفسه خضعت له، بشرط أن لا يكرر اتصاله مرةً أخرى، عندما هاتفني حدثني أولاً عن نفسه بأنه أحبني من كل قلبه، وأن قصده شريف، ويريدني أن أكون شريكة حياته، أحسست عندها بوجودي بهذا الكون؛ لأنني ولأول مرة أسمع كلاماً كهذا، وكانت طريقة كلامه مقنعة.
تكررت الاتصالات بيننا، وكنت دائماً أستمع إلى كلامه العذب الحنون، وكان يعدني بكل شي، ويتمنى أن يحقق لي كل ما أتمناه على هذا الكون، لقد أحببته من كل قلبي ولا تعرفون مدى حبي له، وكنت أشعر بالاختناق عندما لا أهاتفه يومياً، لقد أصبح حبيبي وأبي وأخي وصديقي وكل شيء في هذه الدنيا، وكنا دائماً نعاهد بعضنا على أن لا يفرق بيننا غير القدر.
بعد مرور 4 أشهر تقريباً من تاريخ أول مكالمة قال لي بأنه يريد مصارحتي في شيء، وهنا كانت الصدمة الكبيرة، قال لي بأنه من جنسيةٍ أخرى ويعيش بالإمارات بدون جواز، وينتظرون المرسوم منذ أكثر من 30 سنة، والأكبر من هذا كله أنه متزوج منذ 4 سنوات، وعمره 28 سنة، في البداية اندهشت من كلامه؛ لأنه ليس من عادة عائلتي أن نتزوج من غير الإماراتيين حتى ولو كانوا مجنسين، ولكن بعد ذلك أقنعني بكلامه العذب بأنه سيحصل على المرسوم "جواز السفر" بأقرب وقت ممكن، وأن زوجته على علم بأنه يحبني وهي مقتنعة بهذا الشيء، مرت الأيام وحبنا يزداد يوماً بعد يوم، وكنت أتحمل كل همومه، كانت حياته صعبة جداً لا يتحملها إنسان من ناحية دخله الشهري وطبيعة عمله التي تجبره أحياناً بالغياب عن المنزل أكثر عن 3 أسابيع، ضللت أنتظر اليوم الذي سيحصل فيه على المرسوم ليتقدم لخطبتي مع أن كل رجل يتقدم لخطبتي أرفضه بحجة أنني أريد إكمال دراستي، وبعد مرور سنة وشهرين على حبنا اتصلت بي صديقتي وقالت أنها تريدني لأخيها وأنه يحبني منذ الطفولة، وكنت أعرف عائلة صديقتي، فهي عائلة محترمة وذو مكانة مرموقة بالمجتمع، في البداية تضايقت كثيراً وقلت لها بأنني أعتبر أخيها كأخ لي، وأنا لا أفكر بالزواج حالياً؛ لأنني أريد إكمال دراستي، ولا أريد أن أشغل نفسي في شيء غير الدراسة، ولكنها ألحت علي وقالت: إنه متعلق كثيراً بك ولا يريد سواك زوجة له، فقلت لها دعيني أفكر بالموضوع وأمهليني أسبوعاً لأفكر فيه على راحتي، فقالت لي بأنه يريد محادثتي بأمر مهم، وعندما كلمته قال لي أنه يتمنى أن يتزوجني منذ الصغر، وأنه يتمنى أن يسعدني في حياتي و.و.و.و. لقد تحادثت معه قرابة الساعة والنصف ساعة، وكان يعدني بأشياء كثيرة، وكان كثير القسم، أي أنه كل ما يقول لي شيئاً يقسم بربه، ويقول لي أنه يمسك بيده القرآن ليثبت صدقه بالكلام.
استخرت ربي في الأمر، ورأيت بأن أخ صديقتي هو الرجل المناسب لي، كنت دائمة التفكير بالأمر، كنت محتارة بكيفية مفاتحة حبيبي بالأمر، وإذا كنت سأبتعد عنه بأي طريقة أكلمه، وأنا قلبي لا يسمح لي بأن أضايقه في شيء، ولقد عملت مقارنة بين الأول والثاني، فالأول لا يملك المال المناسب للزواج، وكان دائماً يقول لي وهو يمزح "يوم بتشتغلين ابيج تشترين لي سيارة همر وبتاخذين لي موبايل أخر موديل" وأحياناً يقول لي بأنه سيسكنني وزوجته في "شقة صغيرة على قد الميزانية" وأيضاً يقول لي أنه سيتزوجني بدون مهر ولا حفلة عرس، كيف ترضون بفتاةٍ في مقتبل عمرها أن تتزوج بهذه الطريقة؟
أنا الآن مترددة بكيفية مفاتحته بالموضوع، وكيف لي أن أتصرف معه؟ كيف أقول له أنني لا أريدك؟ أحياناً يأتيني شعور بأنني خائنة للوعد، وأحياناً أقول من حقي أن أعيش سعيدة مع رجل مستقر في حياته ولا أعيش مع رجل يواجه الكثير من المشاكل.
أرجو منكم إفادتي ونصحي، أشعر بأنني أهملت دراستي بسبب التفكير بهذا الأمر، لا أعرف ماذا أفعل أو كيف أتصرف!
أختكم المحتارة
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ المحتارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنّه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، وأسأله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك لما فيه صلاحك وسعادتك في الدنيا والآخرة .
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن أعظم شيء في هذه الحياة هو الحب، ولذا جعله الله من علامات الإيمان؛ لأن الإنسان بدونه جمادٌ لا حياة فيه، إلا أننا ولظروف ما قد نعيش الحب كنوعٍ من رد الفعل المؤقت، ولا ننظر لعواقب الأمور، خاصةً في مرحلة الشباب والمراهقة؛ حيث يكون التعلق بالجنس الآخر سمة من سمات هذه الفترة، والحياة الزوجية والاستقرار الأسري لا يكفي فيها أن نحب وفقط، وإنما تفرض أموراً لا بد منها لكي تنجح، والحب أحد هذه الأمور العظيمة، ولكنه لا يكفي وحده لإنجاحها، والدليل على ذلك أن هناك مئات من حالات الطلاق حدثت بين المتحابين رغم أنهم لم يتصوروا يوماً أن يحدث هذا؛ لأن الأسرة لها شأنٌ آخر ومتطلبات أخرى لا يمكن للحب أن يعوضها مهما كان، نعم قد نصبر على بعض، ولكن للصبر أيضاً نهاية وحد يقف عنده، لذا أقول لك بعد هذه المقدمة: إن حياتك مع هذا الشاب قطعاً سيُحكم عليها بالفشل؛ لأنها تفتقر إلى مقومات النجاح بكل تأكيد، فأهلك لن يوافقوا عليه، وهذا معناه أن تدخلي في حرب لا قِبل لك بها، وقد تخسرين نفسك أو أهلك، وهذه خسارة سوف تدفعين أنت وحدك ثمنها، ثم ستفاجئين بأن حياتك دون المستوى الذي تعودتِ عليه بمراحل، وهذا عامل آخر من عوامل الفشل المؤكد، ولذا أقول لك: اعتذري للأخ بأي وسيلة، أو توقفي عن الاتصال به أو الرد عليه، وسوف تتعذبين بعض الوقت إلا أنك سوف ترتاحين تماماً عندما تعيشين حياةً طبيعية مستقرة، وسوف يغمرها التفاهم بالحب والمودة والتفاهم، فلا تضيعي هذه الفرصة تحت أي ظرف من الظروف، وأكثري من الدعاء أن يُعينك الله على نسيان هذا الشاب محبة الشاب الأخير المناسب لك ديناً ودنيا .
مع تمنياتنا لك بالتوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/117)
الإستشارة : ... ابني يتشرب العادات السيئة من محيطه الاجتماعي
تاريخ الإستشارة : ... 2006-05-04 12:21:38
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... أم البراء
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مستشارينا الأفاضل: حفظكم الله ورعاكم، وجزاكم الله خيرا في الدنيا والآخرة؛ لما تقدمونه من نصائح قيمة، تفيد كل من يهتم بالتربية الصحيحة، وبالله التوفيق.
أنا أم لثلاثة أطفال: بنت وولدين: بنت 8 سنوات وولدان 6 و3 سنوات مشكلتي في ابني الوسط هو ذكي وناجح، يحفظ جزء عم، والآن في منتصف الجزء الثاني، ولكنه سريع الانصهار مع الأطفال ذوي الأخلاق السيئة حتى أنه إذا اجتمع مع مجموعة من الأطفال ـ يختارهم ويميل إلى اللعب معهم ـ يكتسب منهم كل شئ سيء ويطبقه،
هذه مشكلة، والأخرى: أنني عرفت أنه تعلم عادة السرقة للأسف الشديد، وكل هذا اكتشفته الآن في هذا العمر: السادسة.
وأول مرة كانت أنه أخذ من الفصل في المدرسة بعض النقود، وفي نهاية اليوم الدراسي سألتني المدرسة: هل أنا أعطيته هذا المبلغ اليوم؟، وكانت الصدمة لي. قلت: لا. قالت: إذن تحدثي معه في البيت.
وبالفعل تحدثت معه على انفراد حتى أنني ـ دون أن أشعرـ وجدت نفسي أبكي بكاء شديداـ وأنا أحدثه في الأمر ـ إلى أنه هو الآخر بكى معي وتأسف، ولم أخبر أحدا بهذا الموضوع، حتى والده لأنها كانت أول مرة حسب علمي، وتكررت مرة أخرى بأن أخذ لعبة من الفصل دون أن تراه المدرسة وأتى بها إلى البيت، وبما أننا نعرف اللعب الموجودة في البيت عرفنا أنه سرقها من المدرسة، وعاتبناه أنا ووالده وأخبرناه أن الله سيقطع يده إذا ما مارس هذه العادة القبيحة، وطلبنا منه أن يعيد اللعبة حتى ولو أدى الأمر ألى فضيحته أمام المدرسة والطلبة، ولكنه أعادها دون أن يراه أحد منهم.
لا أدري ماذا أقول؟؟: نحن في بلاد الكفر ويخيفني جدا تصرفاته وأراه دائما يحب الأشخاص الشاذين: مثل اللذين يلبسون الحلقات في أذنهم، والحلاقات العجيبة للشعر تعجبه أيضا. أنا خائفة جدا ولا أعرف ماذا، أفعل لست أنا وحدي بل وزوجي أيضا أصبح خائفا؛ لأنه مازال صغيرا على تلك الأشياء، نحن كنا نعتقد أن تلك الأشياء والمخاوف ستاتي عند سن المراهقة وأنا أراها مبكرة جدا.
ما هو الحل في رأيكم في التصرف مع هذا الابن؟
ساعدوني بالنصح، جزاكم الله خيرا.
ملحوظة: أحيطكم علما بأننا مخصصون له ولأخوته مصروف أسبوعي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم البراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإننا لا نوافق على تسمية ما قام به سرقة؛ لأن السرقة إجرام، وهي لا تصدر إلا عن علم وتخطيط ومكر وتدبير وأخذ للأشياء من حرزها بالخفاء، وكل ذلك لا يتصور في حالة هذا الطفل الذي يعتقد كغيره من الأطفال أن كل ما يعجبه هو ملك له، وهنا يأتي دور الأسرة في تعليم الطفل حدود الملكية الشخصية، والاجتهاد في تلبية طلباته حتى لا يشعر بالحرمان، وأرجو أن تكونوا هادئين في المعالجة، لأن التشنج والغضب وتهويل الأمر لا يزيد المشكلة إلا تعقيداً.
والأم الناجحة تغربل وتصفي الألفاظ وتصرفات أطفالها عند عودتهم من المدرسة أو الشارع وتنظر في عيونهم فللعيون لغة تخبر بما وراءها، وتتأمل في وجوههم لتعرف إن كانوا متضايقين أو سعيدين، وتنظر في جيوبهم وحقائبهم حتى لا يدخل
للدار ما ليس لهم، وتنتبه لألفاظهم لتخرج كل قبيح مع النعال، حتى لا يتأثر بذلك بقية الأطفال.
ومن الضروري أن لا تكون الإجراءات بالطريقة البوليسية، ولكن أن تكون على الملاطفة وبمنتهى الحب، حتى يشعر الطفل أنه محبوب، وأنه آمن، وأنجح أساليب المتابعة ما كان مبيناً على الوضوح، فلو أجلست الأم الطفل على رجلها وقبلته ومسحت على رأسه وأعلى ظهر وحاورته، فسوف يخرج لها كل ما عنده، وقد أحسنت تلك المدرسة صنعاً، وأرجو أن تحاولي معرفة أوجه الصرف وقيمة المشتريات لأطفالك للمقارنة بين ما يملكون من المال وما تمكنوا من شرائه.
وأرجو أن تعلنوا لهم في المنزل وتقولوا للجميع إذا وجد الإنسان شيئاً يعجبه عند غيره فلا ينبغي أن يلتفت إليه ولكن إذا جاء للبيت يخبر والديه بأنه معجب باللعبة الفلانية، وأنه نتمنى أن يشتريها له الأهل، وعند ذلك تبدأ بمحاورة الطفل لمعرفة الحاجة الفعلية لطلباته وترتبيها حسب ظروف الأسرة وإمكاناتها.
وإذا جاء إلى المنزل ومعه أشياء لا يملكها فلا تجبروه على ردها علانية إلا بعد التنسيق والترتيب مع المعلمة، حتى تخرج المسألة من باب رد الحقوق وفضيلة الأمانة، ونشكر الطالب على ذلك، وتجعل من هذا الموقف فرصة للتربية والتوجيه، واعلموا أن من مصلحة هذا الطفل الستر عليه، وكتمان هذا الأمر حتى لا نكسر عنده حاجز الحياء فندفعه إلى العناد والشقاء، وللإعلان عن هذا السلوك سلبيات أخرى، منها أنه سوف يصبح المتهم الأول، وقد يوجد من يناديه يا سارق، وقد اعترف بعضهم بأن الذي دفعه للاستمرار في طريق السرقة هو كثرة تذكير المعلم له بجريمته حتى عند الإجابة، كان يقول له قم يا سارق وتعالى يا سارق، وإذا فقد شيء يقول أمام الطلاب أكيد هذا فلان السارق.
وإذا لم تكن لكم ضرورة فنحن ننصحكم بالرجوع إلى ديار الإسلام، فإن الإنسان إذا أصبح له أطفال وكانت البيئة فاسدة، صعب عليه الأمر، وأنتم أعلم منا بأحوال الذين فقدوا أبنائهم، والرسول صلى الله عليه وسلم برئ من مسلم يقيم بين أظهر المشركين لما في ذلك من خطورة على الدين وتكثير لسواد الكافرين، فإن مثل هذه الأشياء الشاذة لا نكاد نسمع بها في ديار المسلمين، والعافية لا بعد لها بعد الإيمان شيء.
ونسأل الله أن يسهل أمركم، وشكراً على الاهتمام والسؤال، ومرحباً في موقفك مع الآباء والأخوات.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/118)
فتياتنا المراهقات
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... أم المجد
السؤال
إلى الشيخ الفاضل موافي عزب ...
نحن مجموعة أخوات مشكلتنا تكمن في فتياتنا المراهقات بأعمار الثانية عشر والحادية عشر والثالثة عشر، إنهن يعجبن ببعض الأشخاص الذين يظهرون ببرامج التلفاز فكيف نمنعهن بطريقة مقنعة ومناسبة لأعمارهن ؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / أم المجد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونشكرك على اهتمامك بمشاكل بنات المسلمين، فجزاك الله أحسن الجزاء، وأجزل لك المثوبة والعطاء، وبيض وجهك يوم اللقاء، ووقاك وأسرتك كل مكروه وسوء.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإن الأمر فعلاً يستحق قدراً كبيراً من الاهتمام؛ حتى لا تقع بناتنا فريسة لتلك الأوهام وتلك العلاقات الموهومة التي قد تدمر مستقبلهن وتصرفهن إلى علاقات من نوع آخر كالإعجاب بزميلاتهن أو مدرساتهن أو الجنس الآخر، وهذا كله يحدث نتيجة غفلة الأسرة عن بناتها وعدم اهتمامها بمشاعرها، والاكتفاء بالجوانب المادية والحسية فقط، رغم أن جانب المشاعر والعواطف يتمدد في مرحلة المراهقة على نحوٍ كبير ويحتاج إلى شحنات قوية من العاطفة الجياشة والدفء العاطفي من الأسرة، خاصة الأم التي بمقدورها أن تنفذ إلى قلب ابنتها وضمها إلى صدرها وإشعارها بأنها محبوبة ومقدرة من جميع أفراد الأسرة.
فالثابت أن البيت المملوء بالعاطفة والتفاهم والحنان والهدوء لا تحتاج فيه البنت إلى ممارسة الحب أو تبادله مع أي شخص خارج محيط الأسرة، بل حتى لو تزوجت تشعر برباط روحي يربطها بأمها وأبيها وإخوانها، رغم أن زوجها يشبع لديها رغبات ضرورية، والسبب في ذلك هو ما غمرتها به الأسرة من حب وتقدير واحترام ومودة، وهذا أهم عامل من عوامل علاج هذا المشكلة ضرورة إشعار الفتاة بأنها محبوبة من الجميع ، وضرورة محافظة الأم أو الأخت على سرها مهما كان، ومحاولة ربطها بالله ومراقبته في السر والعلانية، وبيان حكم هذا الإعجاب وأنه عبارة عن سراب لا حقيقة له، وأن الله سائلنا يوم القيام عن النظرة الواحدة فما بالنا بالنظرات المتكررة، وأن هذا المذيع أو الممثل لا يستحق كل هذا الإعجاب، وأن هناك من يستحق هذا التعلق وتلك المحبة وهو الله جل جلاله لما له علينا من نعم لا تعد ولا تحصى، وأن الله قد حدد لنا ضوابط المحبة لأن المحب يحشر مع من أحب يوم القيامة، وقد يكون هذا الشخص غير مسلم أو غير ملتزم وفوق ذلك فهو لا يشعر بمن تعطيه قلبها وتضيع الوقت في التغزل به، وأن الفتاة لن تجني من وراء هذا التعلق إلا الحسرة والندامة في الدنيا والآخرة، يجب أن تحاول الأم تحليل الموقف مع ابنتها بهدوء وبرود أعصاب وعدم ثورة أو إنكار شديد، وإنما تعطي فرصة لتخرج ما في نفسها حتى وإن كان مؤلماً أو جارحاً أو مخجلاً، المهم أن تجتهد الأم في إخراجه وأن تشرح الأمر لابنتها بهدوء حتى تقتنع وتترك عن قناعة وليس عن خوف ومكر ودهاء، وفوق ذلك كله الحد من مشاهدة التلفاز إلى أضيق الحدود حتى ولو
وصل الأمر إلى إغلاقه تماماً أو إخراجه من المنزل حتى نغلق مداخل الشيطان، وألا يسمح للفتاة مثلاً بزيارة صديقاتها أو جيرانها وحدها، وإنما تحرص الأم على أن تكون معها أو إحدى أخواتها ؛ لاحتمال أن تكون هذه الجارة أو الصديقة هي سبب البلاء والفساد، وكم من فتيات يتذرعن بزيارة الصديقات لفعل كثير من الموبقات، ومعذرةً أكرر مرةً أخرى أن الفراغ العاطفي لدى الفتيات أكثر منه لدى الشباب، وأن الفطرة تقتضي ملء هذا الفراغ، وأن أسبابه كثيرة، منها ضعف البناء الأسري والاجتماعي، وقصوره عن الوفاء بالاحتياجات العاطفية للفتاة على نحو صحي وسليم ، وحين تغيب الفرصة من الأصل أو تنعدم في الحصول على القدر المطلوب من الحب والحنان تصبح الأجواء مهيأة لانحراف النفس واضطراب المشاعر في بحثها عن حقها في الحصول على علاقة إنسانية تشعر معها بالدفء ولو من طرف واحد.
وهناك سلاح الدعاء الذي لا يفوته شيء، كذلك مجالس الذكر المنزلية التي تجتمع فيها الأسرة حول كتاب من كتب السير أو التراجم أو حتى قراءة القرآن وبعض القصص الهادف.
وكلي أمل في أن الأخذ بالأمور السالف ذكرها من شأنه أن يقي فتياتنا هذا الإعجاب المدمر الذي قد يمتد إلى مسافات بعيدة وعلاقات غير حميدة وعندها لا ينفع الندم .
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق، ولفتياتنا بالسعادة والاستقرار والهدوء العاطفي والسلامة من كيد شياطين الإنس والجن، وبالله التوفيق .
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/119)
هل هذه مراهقة متأخرة، أم معاناة عابرة؟
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... عبد الله
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أريد منكم أن تساعدونني في حل مشكلتي التي لولا فضل الله ورحمته لهلكت بسببها.
لقد نشأت في أسرةٍ محافظة والحمد لله، ومرت مرحلة مراهقتي -بفضل الله- بسلام، حيث لم أرتكب كبيرة من الكبائر، ولم تكن لي أي علاقة بأي فتاة كما يفعل معظم الشباب هداهم الله، ولكنني كنت كالقابض على الجمر لأنني كنت سريع الافتتان بالنساء، خاصةً أن كل ظروف الفتن وارتكاب الفواحش كالزنى متوفرة، فالمعاناة والصراعات النفسية بين الخير والشر كانت على أشدها، فلم يكن لي ملجأ آنذاك إلا الله عز وجل، ولم أكن أفكر سوى في الزواج، إلى أن يسر الله لي زوجة مؤمنة طيبة والحمد لله، فرزقني الله منها ولد وبنت، والآن عمري 30 سنة، فحياتي مع زوجتي سعيدة جداً والحمد لله، المشكلة بعد الزواج ازددت تأثراً بفتن النساء أكثر مما كنت عليه، حتى أصبحت أعاكس البنات في بعض الأحيان، وتدفعني نفسي لفعل علاقات غير شرعية والعياذ بالله، وأفعل أشياء وكأنني أعود إلى سن المراهقة، ولكنني في
قرارة نفسي لا أحب وأكره ما أفعل، أخاف من الله، ولا أ حب أن أخسر عائلتي، أندم وأبكي وأتوب ثم يغلبني الشيطان ونفسي الضعيفة الأمارة بالسوء، فأعود كما كنت لأنني سريع الفتن، يا الله، فتن النساء موجودة في كل مكان، إنها حقاً معاناة، وأنا الذي كنت أحلم أن أكون ذلك الأب القدوة لأولاده وزوجته.
فهل هذه مراهقة متأخرة، أم معانات عابرة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً .
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً، ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأله -جل وعلا- أن يربط على قلبك، وأن يثبتك على الحق، وأن يقيك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن!.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فأحب أن أبشرك –بدايةً- بأن هذه التصرفات، إنما هي مرحلةٌ عابرةٌ، وسوف تمر سراعاً بخيرٍ إن شاء الله، لأن الأصل الطيب، والمعدن النقي، مهما لطخته الأوحال، وعاش في حمئة الطين، فلابد أن يأتيه يوم ليظهر بريقه ولمعانه، والذهب لو ظل في الطين عشرات السنين، فإنه لا يتغير، وبمجرد تنظيفه؛ يبرق ويلمع؛ لأنه معدن نقي، وأنت -أخي عبد الله- مرت بك فترة المراهقة، والتي –أساساً- هي مرحلة الفوضى، والثورة، والفورة الجنسية العارمة، والرغبة الشديدة في الارتباط بأي طرف أخر، ومحاولة تفريغ هذه الشحنة الجبارة من البركان الهائج، كل ذلك مر عليك بأمان وسلام.
وأعتقد أنه قد صدق فيك حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " عجب ربك من شابٍ ليست له صبوةٌ"، وحديث: "سبعة يظلهم الله في ظله" ،وعدَّ منهم: "شابٌ نشأ في طاعة الله تعالى...."، فهنيئاً لك مرور هذه المرحلة الحرجة عليك، وأنت بسلامة في دينك وبدنك، ومثلك لم ولن يضيعه الله -إن شاء الله-، إلا أنه مما يدعو إلى العجب أن تشتد عندك هذه الرغبة هذه الأيام، مع أنك الآن أوفر عقلا،ً ولست في حاجةٍ إلى امرأة تُفضي إليها بما في نفسك؛ فلقد حباك الله بزوجة طيبة مؤمنة، وهي في هذا الزمن عملة نادرة، فأرى ضرورةَ أن تراجع نفسك، وأن ترجع إلى عقلك ورشدك.
وأن تعلم أن هذه التصرفات إنما هي من كيد الشيطان لك، وحرصه على تدميرك، وهدم أسرتك، وتحويلك إلى عبد عاصٍ ساقطٍ من عين الله، لا يقيم الله له وزناً، ولا قيمة له عنده، واعلم -أخي عبد الله- أنك وحدك القادر على حل هذا اللغز؛ لأنك عشت أشد منه وانتصرت! فمن العار عليك، ومن غير اللائق بك، أن تمارس هذه المحرمات، وأنت لست في حاجة إليها، وأصبحت لديك أسرة، وترغب في أن تكون قدوةً لأسرتك!.
أفق –أخي- من غفلتك، وانتبه لنفسك، والحل في يدك أنت وحدك، خذ قراراً قوياً وجريئاً، واستح من الله، واحذر غضبه، وعقابه، وشديد بطشه، واعلم أن الله حليم لا يعجل، وأنه يملي للظالم حتى إذا أخذه،لم يفلته، واعلم أن النفس أمارة بالسوء، ومهما
حاولت إشباعها من الحرام، فلم ولن تشبع أبداً، وعدوك اللدود الشيطان استغل هذه الفرصة، وحاول هدمك، وتدميرك بكل قواه، فأرِ اللهَ من نفسك خيراً -يا رجل-، وانفض عنك غبار الضعف والاستكانة، وقف عالي الرأس، شامخاً كالجبل، وعد إلى الله، وتب إليه، وابك بين يديه، وسله أن يعينك، وأن يقويك على مقاومة تلك الإغراءات المدمرة، وأن يحفظ عليك دينك وصحتك وأسرتك، وتأكد أنك لو صدقت مع الله، لصدق الله معك، وجاءك نصره عاجلاً غير آجل.
أنت صاحب القرار، فاتخذه فوراً، وقل وبأعلى صوتك: "لقد طلقت جميع الحرام تلاثاً، ولم ولن أفعل ما يغضب الله أو يسقطني من عينه"، وارفع صوتك ومن أعماق قلبك: "كن معي يا الله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أو أقل من ذلك"، وستعافى سريعاً بإذن الله.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والصلاح والتوبة الصادقة والنصوح!.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/120)
: ... كلما رأيت فتاة لا أنساها
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... ihsan
السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب أبلغ من العمر 15عاما، وأنا مراهق الآن. ومشكلتي أنه مرت علي فترة، كلما أرى فتاة جميلة، لا أنساها، وأبقى أفكر فيها، وأعجبتني فتاة،
فأصبحت أحب النوم، والعزلة، وعدم التكلم.
فكيف أعمل، حتى لا أواجه هذه المشاكل العاطفية بعد اليوم، وأنسى كل شيء، ولا أزهق من الدنيا، ولا أحب الفتيات التي أراهن؟
وشكرا لكم!.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إحسان حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك! وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونعتذر اعتذارا شديدا عن تأخر الرد؛ نظرا لظروف السفر والمرض! ونعدك بأن تكون أحسن في المرات القادمة إن شاء الله!
ونسأله جل وعلى أن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعينك على غض بصرك!
وبخصوص ما ورد برسالتك، فالذي ذكرته كله عبارة عن بعض مظاهر وأعراض وآثار المراهقة، وهي فترة عابرة، ثم تنتهي مع الأيام ما دمت حريصا على طاعة الله، وعدم الوقوع في الحرام، وتخشاه في السر والعلانية.
ولا تعطي لنفسك أو لعينك العنان في أن تنظر إلى كل من تمر بك! لأن هذا من شأنه أن يتعبك جدا، ويصيبك بالقلق والأرق والإرهاق، ويضيع عليك فوائد كثيرة أهمها لذة الطاعة، والأنس بالله، خاصة الصلاة، وكذلك يحرمك من التركيز، والاهتمام بدراستك، ويضيع عليك التفوق العلمي، ويقضي على راحتك واستقرارك!
والذي تتصور أنه حب هو في الواقع ليس كذلك، بدليل أنك لو وجدت أجمل من هذه الفتاة لشعرت نحوها بنفس الشعور، بل أشد وهذه كلها - كما ذكرت لك -أعراض، ومظاهر للمراهقة سوف تنتهي مع الأيام إن شاء الله.
والذي أنصحك به :
أولا - هو غض البصر، وعدم إطلاق العنان لعينك! لأنك بذلك ستعصي ربك، وتتعب نفسك، كما هو حالك الآن، فأغلق هذه البوابة إغلاقا محكما، ولا تسمح لها بالنظر، وجاهدها، وقاوم! وستنتصر بإذن الله!.
ثانيا - ما هو شعورك إذا رأيت شابا ينظر إلى أختك كما تنظر أنت الآن؟ أترضى ذلك لأختك أو أمك أو إنسانة عزيزة عليك!؟ قطعا ستقول لا؛ إذا ما لا ترضاه لنفسك، لا ترضاه لغيرك!
ثالثا - كلما جاءك التفكير في هذه الأشياء، غير وضعك الذي أنت عليه، فإن كنت نائما، فقم من الفراش، وأترك الغرفة، ولو لدقائق! وهكذا، وأحرص ألا تكون وحدك، خاصة إذا كنت مستيقظا!.
رابعا - أكثرمن الدعاء والإلحاح على الله أن يعافيك من آفة النظر وتوابعه!
خامسا - اربط نفسك مع مجموعة من الشباب الصالح، واقض معهم معظم أوقات فراغك، وتعاون معهم على قراءة بعض الكتب المفيدة، أو ممارسة بعض الرياضات الهادفة!
سادسا - واظب على الصلاة في الجماعة، ولا تتخلف عنها، خاصة صلاة الفجر والعصر!
سابعا - ضع لمذاكرتك جدولا زمنيا محدودا؛ حتى لا يضيع وقتك وأنت لا تدرس!
ثامنا - ابتعد عن الأماكن التي يوجد بها الفتيات قدر الاستطاعة!
هذه اقتراحات نجاحها متوقف على عزيمتك وتصميمك، وأنا أعلم أنك قادر على فعلها بسهولة، وأن لديك الاستعداد لتكون من عظماء الإسلام الذين يرفعون الهوان عن المسلمين!.
فتوكل على الله، وكلك ثقة في الله، ثم في نفسك!.
وبالله التوفيق!
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/121)
: ... كيف أوجه ابنتي المراهقة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... ام احمد
السؤال
ابنتي تبلغ من العمر 15 سنة في السنة النهائية بالمدرسة جميلة رشيقة من أسرة كريمة ، محجبة متدينة تحافظ على الصلوات تكثر من الصدقات ، لها شخصية جذابة يحبها الجميع اجتماعية المختصر بها كل الصفات الحميدة ما عدا أنها تهوى الشباب بطريقة غريبة فاذا كان في الجلسة شابا أو شباب تبدلت وتمايعت وتجرأت في الكلام حتى إن لديها الجرأة لتتكلم وتتصادق في التليفون وقد وصل أخيرا الأمر إلى الخروج واللقاء في الأماكن العامة دون حتى الخوف من أن أاحدا قد يراها - غير الله سبحانه وتعالى - ومن أجل ذلك يمكنها أن تكذب وتتصنع الاعذار لتستطيع الخروج من المنزل دون لفت الأنظار ولكن كان الله دائما ما يكشفها ولكن مهما حاولت إقناعها بأن ما تفعله خطأ وحرام وقد يؤدي الى خطأ أكبر تعتذر وقتها ثم تعود بعد ذلك من جديد كيف اقنعها وكيف أتعامل معها ؟
هل أراقبها ولا أثق في أقوالها ؟
أم هل أحبسها ولا أسمح لها بالنزول مهما كانت الاسباب تفاديا لذهابها أم ماذا افعل ؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / أم أحمد حفظها الله وأسرتها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
كان الله في عونك ، وألهمك الصواب في مساعدة ابنتك وحفظها من كل مكروه وسوء ، وهداها صراطه المستقيم ، وبصرها بالحق الذي يرضيه.
مما لا شك فيه أن وضع ابنتك محيرً ومقلقً في نفس الوقت ، ولكني أود ألا يسيطر القلق عليك ، لأن فترة المراهقة فترة تقلبات تحتاج إلى سعة صدر ، ومزيد من التفاهم والصبر حتى نتمكن من الأخذ بيد المراهق ، وكسب ثقته ، وأن نتحول إلى أصدقاء له لنتمكن من مساعدته في حل مشكلته .
لذا أرجو أن تخصصي جلسة خاصة وأفضل أن تكون بعيداً عن المنزل وتبدئي معها الحديث بعيداً عن التوبيخ ،أو اللوم أو العتاب، وإنما للبحث عن سبب هذه التصرفات والدوافع المؤدية إليها، لأني أتصور أن ابنتك تعاني نوعا من الحرمان العاطفي ، والثقة الذاتية ، ولذلك تبحث عنهما خارج المنزل ، نعم قد يكون المنزل ملتزماً ، وبه قدر كبير من التفاهم ، إلا أنه في نفس الوقت لا يكون بالدرجة الكافية للأطفال ، فأم موظفة ، وأب مشغول ، وفراغ عاطفي، كل هذا قد يؤدي بالمراهق إلى البحث عن البديل الذي يأنس به ، ويسمعه الكلام الذي لا يسمعه من أحد بالمنزل ، مما يرضي غروره ، ويشبع رغباته ، ولذلك لابد من هذه الجلسة الخاصة ، على أن تكون سرية ، ونتائجها أيضا سرية ، حتى لا تفقد الثقة فيك ، وفوق ذلك واصلي النصح والتذكير بخطورة هذه التصرفات ، وأن العلاقة بين الرجل والمرأة لها ضوابط شرعية ليست مثلاً كعلاقة الفتاة بالفتاة ، وإنما لابد من مراعاة الأمور الأخرى ، كذلك لا مانع من مراقبتها دون أن تشعر هي بذلك حتى تتأكدي أن جلسات المصارحة والنصح آتت
أكلها ، وقللي كذلك من فترات خروجها من المنزل ، واجعليها لا تخرج إلا مع أحد من إخوانها أو أخواتها أو صديقاتها الثقات.
مع دعواتي لك بالتوفيق .
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/122)
: ... أطفالي طائشون
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... ام عبدالعزيز
السؤال
السلام عليكم
أولادي في عمر المراهقة وأجد صعوبة كبيرة في تربيتهم
فهم لا يحبون الدراسة ولا يذاكرون إلا قبل الامتحانات بأيام ، و دائمي الخروج خارج المنزل .. حاولت كثيراُ معهم أودهم أن يكونوا مثقفين متدينين و يعرفون المسؤولية ، لكن لا أجد منهم أي استجابة
فلا قيمة للوقت لديهم ولا الدراسة ، أما الصلاة في المسجد فلولا صراخي عليهم 5 مرات في اليوم لما ذهبوا ، علماً بأن اعمارهم 14 و 13 سنة
أحب أن أراهم ناجحين في حياتهم ، مطيعين فماذا أفعل
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / أم عبد العزيز حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
أختي السائلة : اعلمي أن تحديد خطوات العلاج بالأسلوب المناسب لكل علة أمرٌ تفرضه الطبيعة الإنسانية ، ويجب أن تعنى المعالجة بالأسباب الحقيقية التي أدت إلى المشكلة ، وأن التركيز في علاج مشكلات أولادك ينبغي أن يكون على الأسباب والعوامل التي أدت إليها ، بدلاً من أن يكون على أعراض المشكلة ، ولكن يشترط في هذا العلاج أن تكون هناك الحكمة ؛ لأن أولادك في مرحلة المراهقة .
بالنسبة لمشكلة الدراسة : يجب علينا أن نبحث عن أساس المشكلة ، فإذا كان أولادك لم يتلقوا المعاملة التربوية الحسنة في المدرسة ، ولم يستوعبوا المناهج المتطورة ، فإن حياتهم سيصيبها الفساد والتقاعس عن التحصيل العلمي ، ويحل جو الملل والضيق في نفوسهم ، وتنقلب حياة المدرسة والدراسة إلى صورة قاتمة ، ولذلك فالاستفادة من أوقات فراغهم مسئوليتكما( الأب والأم )، إذ واجبك أختي يتحتم عليك ببذل الجهد المتواصل في توجيه أولادك بالقدوة والموعظة الحسنة ، وإعطاؤهم فرصة للتعبير عن آرائهم وميولهم واتجاهاتهم ، وتراقبي سلوكهم من حينٍ لآخر ، ومناقشتهم بطرق هادئة وهادفة ، وإظهار لهم فوائد الصحبة الحسنة ومضار الصحبة السيئة الشاذة الضالة .
واعلمي أنه إذا لم يكن الوالدان قدوة صالحة في دينهما وأخلاقهما ، فلن تؤثر نصائحهما ، ولا يجنى من محاكاتهما إلا الشوك والأسى .
وحاولي أن تشجعي أولادك في المشاركة الاجتماعية ، وذلك عن طريق برامج التوعية والثقافة الإسلامية في المدارس ، وعن طريق نشاطات المسجد في تحفيظ القرآن ، والندوات الثقافية ، والحلق العلمية ، وأن يشاركوا أيضاً في زيارة الأقارب ، وعيادة المرضى ، واستقبال الزائرين لوالدهم ، فيشعر الأولاد بشخصيتهم ، ويؤدوا دوراً اجتماعياً محموداً .
إذاً مهمة الأبوين أن يشعرا أولادهم بأهمية ما يقومون به ، وبضرورة تحمل مسئوليته ، فيثابوا على عملهم الحسن ، ويعاقبوا على قبح أعمالهم .
ونريد منكما حباً توجهونه نحو أولادكم ، وليس الحب الذي يتحول إلى وسيلة يتمتع فيها الأبناء ويبتعدان عن جادة الصواب .
وفق الله أبنائك لكل خير .
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/123)
التعامل مع الأبناء
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... أحمد منصور
السؤال
لي ابنٌ في الصف الأول الثانوي ، طيب القلب جداً ، عنيد جداً ، عطوف على إخوته وأمه وعلى أبيه ، ومتعب جداً في المعاملة ، لا يفتح كتاباً حتى في أيام الامتحانات نهائياً ، ودائم المعاكسة لإخوته ، وتعطيلهم عن الاستذكار.
استشرت أحد المشايخ فأرسلني إلى آّخر ، وقال لي إن أمه بها مس من الشيطان وينعكس عليه ، وقد كان ذهابي إليهم للرقية الشرعية.
فدلوني بالله عليكم ماذا أفعل ؟ حتى أنقذ ابني من الفشل ، وهل من الممكن أن يكون موضوع المس هذا صحيحا ؟ وجزاكم الله خيراً .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / أحمد منصور حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
أخي السائل اطمئن ، فابنك ليس مصاباً بالمس ؛ وهذه هي مشكلة اليوم ، وهي أي خلل نرجعه إلى المس الشيطاني ، وهذا لقصورنا وعجزنا في حل المشاكل .
واعلم يا أخي أن النفس البشرية عرضة للإصابة بأنواع كثيرة من العلل والأمراض النفسية ، التي تخرجها عما ينبغي من الأخلاق الفاضلة إلى ما لا ينبغي من الأخلاق والسلوك ، وينتج عن هذا عدم تكيف ابنك مع نفسه ؛ لأنه في مرحلة المراهقة ، فيكون قلقاً متشائماً منقبض النفس ، ويفقد تكيفه مع بيئته الاجتماعية ، فيكون منطوياً
أو عصبياً ، أو مستهتراً ، أو منحرفاً غير مبال بالقيم الاجتماعية والأخلاقية والعادات الاجتماعية ، وهذا الفراغ الذي يعيشه ابنك وذلك بالتمرد على جميع أوامرك ، ويبدي اعتراضه في صور كثيرة ، تميل أغلبها إلى المكابرة والعناد ، و هذه التصرفات اللاسوية ، أو السلوك المنحرف ناتج عن قصور في منهج التربية ، كما أن الإعلام بجميع أنواعه يعمل على تعليم المراهق التمرد على السلطة الوالدية ، والخروج على كل مألوف ، وكذلك الصحبة السيئة التي تدله على الشر وتعينه ، فكل هذه العوامل ستؤدي بالمراهق إلى الابتعاد عن جادة الصواب.
ولكن ولله الحمد ، هناك منهج التربية الإسلامي الصحيح الذي لا يعرف التمرد ، ولا يعترف به ، ولا يعرف العصيان والأخلاق السيئة ، ومن يعمل به سينجح في الدنيا والآخرة ، ولكن يجب عليك أن تعرف أن علاج مثل هذه المشكلات يحتاج منك أن تتزن بالحكمة مع ابنك ، وبالموعظة الحسنة ، وبالنصح والتوجيه والدعوة إلى فعل الخير ، والابتعاد عن فعل الشر.
وفقك الله تعالى لكل خير.
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/124)
: ... التربية الاسلامية الصحيحة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... سامية الضبع
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اننى أوشكت على وضع ابنى الأول خلال أيام وأريد ان أربى طفى تربية إسلامية صحيحة يتعلم فيها أصول الدين والفقة وتلاوة القرآن وحفظه حيث أننى أود أن أعلمه ما أفتقدته انا لذا فأرجو من سيادتكم إفادتى فى الطريقة الصحيحة كى أنال فى طفلى ما أريد منذ ولادته الى أن يصبح رجلا آمل من الله عز وجل أن يصل الى أحسن الدركات الدينية والعلمية ؟
وأيضا أريد افادتى كيف أجعله ابن برا بى وبأبيه ؟
أشكركم
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سامية الضبع حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
يسرنا أن نرحب بك للمرة الثانية في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية ، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك ، ويسعدنا دائماً استقبال أسئلتك في أي وقت وفي أي موضوع .
وأما بخصوص سؤالك عن الطريقة المثلى لتربية ولدك القادم إن شاء الله ، فإن علماء التربية قسموا التربية إلى مراحل سنية، فهناك مثلاً الطفولة المبكرة ، وهذا لها طريقة خاصة بها ، وهناك الطفولة المتأخرة، وكذلك المراهقة إلى غير ذلك ، وهناك
عشرات الكتب الإسلامية التي تحدثت عن التربية في جميع المراحل ، بمقدورك الحصول عليها من المكتبات الإسلامية ، كما أن هناك كثير من الأشرطة الكاسيت والفيديو والكمبيوتر كذلك، إلا أنهم مجمعون على أن البيت هو أخطر وأهم مؤسسة تربوية، وأن أعظم الوسائل التربوية تأثيراً هي التربية بالقدوة، أي بالسلوك ، فوجود الطفل في بيئة ملتزمة بتعاليم الإسلام قلباً وقالباً كفيل بتنشئته نشأة إسلامية متميزة، فعليكما أن تلتزما بتعاليم الإسلام داخل البيت التزاماً عالياً ؛ حتى لا تقع عين ولدك على شيء مخالف للشرع ؛ لأن الحسن عنده هو الحسن عندكم ، والقبيح عنده هو القبيح عندكم، وأوصي بقراءة بعض الكتب البسيطة ، وهي متوفرة في مصر وغيرها، منها كتاب بعنوان : افهم طفلك تنجح في تربيته ? إصدار دار الإيمان للأستاذ عادل فتحي عبد الله ? وكتاب منهاج الطفل المسلم في ضوء الكتاب والسنة مرحلة ما قبل المدرسة ، تأليف أحمد سليمان.
وهناك كتب كثيرة أنصح كذلك بالإطلاع عليها ؛ حتى تتوفر لديكم قاعدة معلومات تربوية يمكنكم بها إن شاء الله تنشأة ولدكم على كل خير ، وأن يكون مسلماً صالحاً مطيعاً لربه باراً بأبيه وأمه ، مع تمنياتنا لكم بتيسير قدوم المولود الجديد ، وأن يكون من السعداء ، والله الموفق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/125)
ما سبب ضيق التنفس والدوار الذي أصاب ابنتي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... ابو عبدالحميد
السؤال
لدي ابنة عمرها 16 عاما، منذ أيام أتاها دوار وعدم تحكم بالنفس خلال وقت المدرسة، بحيث إنها كان يتصبب منها العرق بشكل كبير، وتزيد دقات القلب عندها، وتفقد السيطرة على نفسها لمدة حوالي 5 دقائق! فما هو سبب ذلك؟ وكيف يمكن علاجه؟
بالإضافة إلى أنها أحيانا تشعر بضيق في التنفس إلى درجة أنها لا تستطيع أن تأخذ نفسا عميقا أو حتى بشكل طبيعي، فما هو السبب كذلك؟ وهل هناك ارتباط بين الحالتين؟ كما أرجو أن توجهونا إلى العلاجات أو التحاليل التي يجب أن نقوم بها.
وجزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ أبو عبد الحميد حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فهناك أسباب عديدة لهذه الظاهرة، منها مشاكل الجهاز التنفسي والقلب والأذن الداخلية ومشاكل الغدد، إلا أنها عند الكثير من الناس ـ وبخاصة الأطفال وبخاصة في سن المراهقة ـ لها علاقة كبيرة بالحالة النفسية وحالات التعرض للضغوط النفسية
الشديدة والتوتر في المدارس أو في البيت، إلا أنه لا بد من التقييم الكامل لهذه الظاهرة عند الطبيب والتأكد من عدم وجود سبب عضوي مسبب لمثل هذه الظاهرة، وإجراء الفحوصات الأولية، وتعتمد أساسا على أخذ التاريخ الطبي الكامل وعرض الأمر على طبيب متخصص في أمراض الأطفال، وسيقوم الطبيب ـ بعون الله ـ بتوجيهك إلى الفحوصات المطلوبة إذا ما لزم الأمر، كما يمكن أن يساعد كثيرا في التخلص من الأسباب إذا لم يكن هناك سبب عضوي لها.
وبالله التوفيق!
المجيب : ... د. حاتم محمد أحمد
ـــــــــــــــــــــــــ(110/126)
الإستشارة : ... أشعر بشهوة نحو أخواتي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... عبد الله احمد
السؤال
السلام عليكم.
عندي مشكلة كبيرة ـ يا حضرة الشيخ ـ فأخواتي سبع، وفي بعض الأيام تنام إحداهن أو أكثر قريبا مني في غرفة واحدة فأنظر إلى جسمها ومفاتنها! وحتى نهارا أجد نفسي بدون قصد أنظر إليها ويوسوس لي الشيطان!
لا أدري أأترك البيت أم أتجنب الحديث أو التعامل مع أي منهن؟ علما بأن أغلب أخواتي في سن المراهقة ما بين ال11 و 18، وأنا في 24، وأنا طالب طب في السنة الخامسة، وقد أثر هذا الموضوع في دراستي وكدت أعيد السنة من جراء هذا الموضوع، فبماذا تنصحني يا سيدي الفاضل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن من أعظم الأسباب التي تُعينك على ترك هذا الأمر المحرم الخطير مراقبة الله الجليل، وذلك بأن تعلم أن الله مطّلع على كل حركة، وكل نظرة منك، ففي الوقت الذي تنظر فيه هذه النظرة المحرمة، فإن الله ينظر إليك، ويعلم ما توسوس به نفسك، فتأمل كيف هو الحال؟! أنت تنظر إلى أمرٍ محرم، عظيمً تحريمه، والله ينظر إليك بعينه التي لا تنام، قال تعالى:{يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور}.
وأيضاًَ عليك أن تسأل نفسك: كيف أنظر إلى أختي التي هي من محارمي، والتي هي أيضاًَ أمانةٌ في عُنقي؟!
فطريق التخلص من هذا الأمر الذي تقع فيه يكون بطريقين اثنين:
الطريق الأول: أن تعلم بشاعة هذا المحرم، وعظم الجرم فيه، فإنك بنظرك المحرم هذا إلى أخواتك، تجمع ثلاث ذنوب معاً:
الأول: النظر الحرام، والثاني: النظر إلى المحارم اللاتي حرمن عليك مؤبداً، والثالث: خيانة الأمانة التي ائتمنك الله عليها.
فهل تحب أن تُكتب عند الله في ديوان الخائنين الذين يخونون الأمانات التي أمرهم الله برعايتها؟! قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتِكم وأنتم تعلمون} وقال تعالى: {إن الله لا يحب الخائنين} فحاول أن تتأمل هذا المقام، فإنه يُزيل عنك بإذن الله هذا الأمر من أصله، وتدبّر سوء العاقبة فيه، والندامة عند الله منه.
الطريق الثاني: أن تقوم بمنع الأسباب التي تجعلك تنظر إلى أخواتك هذه النظرات المحرمة؛ وذلك بأن تكون حريصاً على عدم كثرة المخالطة لهن، خاصةً وقت النوم، فإن أمكن أن تنام في غرفةٍ منفصلة لوحدك فهذا هو المطلوب، وإن لم يمكن ذلك بسبب ضيق البيت مثلاً، فحاول قدر استطاعتك أن تكون بعيداً عنهن بجسمك، وأيضاً فلا بد من أن تحرص على غض بصرك عنهن؛ لأن الإنسان قد يتكشف وقت النوم لا شعورياً، كما هو معلوم، والمقصود أن الواجب عليك هو ليس قطع العلاقة معهن تماماً كما ذكرت في سؤالك، بل الواجب ترك الأسباب التي تؤدي إلى وقوعك في أمر محرم، وأيضاً فإنه من المناسب في هذا المقام أن تُبين لهن ولأهلك جميعاً أن الله جلا وعلا قد شرع عدم الاختلاط الشديد بين الذكور والإثاث، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وفرقوا بينهم في المضاجع ) ومعنى الحديث أن نمنع اختلاط الذكور بالإناث في الفراش وقت النوم إذا بلغوا عشر سنوات فأكثر، فإذا بينت لأهلك هذا الحكم، وأوضحت لهم أنك تحب طاعة الله في كل ما أمر به، فإن هذا ربما يُريحك من كثيرٍ من الأعذار التي ربما تتعذر بها لكي تمتنع من النوم من أخواتك وتتعرض للوقوع في النظر المحرم، الذي قد يجر إلى ما هو أعظم منه، كما هو معلوم لديك.
وأيضاًَ، فإن الواجب في حقّك في هذه الحالة هو المبادرة إلى الزواج لتحفظ نفسك، وتغض بصرك، وحالتك التي أنت فيها لا تحتمل الكثير من التأخير في أمر الزواج، فمتى استطعت الزواج فبادر إليه، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصيام).
والله الموفق.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/127)
... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... عدنان
السؤال
مشكلتي هي أني لا أستطيع تكوين صداقات مع الناس، أو الاندماج، فلا يكاد يكون لدي صديق واحد! حتى إن ذلك أثر في العمل، وجميع نواحي حياتي!
فأنا كثيرا ما أجلس في البيت، وأمام التلفزيون، أريد أن أخرج وأكون اجتماعيا! ولكن لا أستطيع! مع العلم أني من النوع الذي يخجل، خصوصا عندما كنت في عمر المراهقة، وفي الصغر، وخف مني ذلك قليلا عندما كبرت.
وشكرا!
الجواب
بسم الله غالرحمن الرحيم
الأخ الكريم/ عدنان حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فاعلم أن الإنسان الإيجابي هو الذي يأخذ بزمام المبادرة في حياته، ويعترف بمسؤوليته الكاملة عن أفعاله وتصرفاته، بينما يتأثر الإنسان السلبي بالظروف المحيطة، وبآراء الناس فيه، ويشقى إذا انتقده أحدهم، وليس معنى الإيجابية أن تكون هجوميا، أو لحوحا عند تعاملك مع الآخرين، بل يكون تفكيرك مقداما؛ فتؤثر في الناس، وتتأثر بهم.
ولكي تتخلص من الخجل، وتبني علاقتك مع الآخرين، يتطلب منك تتبع الخطوات التالية:
1 - اطلب من الله العون، والسداد، والتوفيق!
2 - أخلص نيتك لله تعالى! واجعل محبتك وعملك لله تعالى، لا تريد بذلك سمعة ولا رياء!
3 - لا بد أن تكون مقدرا تماما لقدراتك ومهاراتك حتى لا تكون شعورا كاذبا عن نفسك، فلا بد أن تكون صورة حقيقية عن نفسك دون مبالغة!
4 - لا تستسلم للخجل! ولا بد أن تكون لديك قوة الإرادة، والتصميم على مواجهة هذه المشكلة بالإصرار، وذلك بالاندماج مع الآخرين، سواء في الدراسة، أو في العمل، أو في الحي؛ مما يزيد ثقة الفرد بنفسه تدريجيا؛ فيتخلص من الخجل.
5 - لا بد أن تتسم بالحماس، والدافعية، والميل إلى التغيير والتطوير، وتتميز بوضوح الهدف!
6 - أبعد عنك الإحباط واليأس! وتجاوز ذلك بسرعة! وحاول أن تتمتع بالإيجابية والإقبال على الحياة!
7 - حاول أن تشترك مع الآخرين، وتتعاون معهم في العمل الجماعي! وشجع غيرك على العمل! وقدم لهم يد العون والمساعدة!
وبالله التوفيق!
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/128)
كيف أتعامل مع ابني في مرحلة المراهقة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... غير محدد
السائل : ... قلقه
السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة مطلقة، أعيش مع والدي وهو كبير في السن، ولدي ولدان: الأكبر عمره 15 سنة، وكان لطيفا وهادئا، وعندما بدأ سن المراهقة لاحظت أنه تغير، أصبح عنيدا ويحاول أن يفرض ما يريد! ولكن أنا قلقة من كيفية التعامل معه، مثلا: حاولت أن أعرف إذا بلغ أم لا، وعندما سألته وذلك كي أفيده ببعض النصائح انحرج ورفض أن يجيب، وعندها قلت له أنا أمك وصديقتك وأبوك، فقال نعم بلغت! حينها وبصراحة لم أعرف ما أقول وسكت!
لم أعرف هل أنصحه بعدم التفكير في الجنس وممارسة العادة السرية أو الدخول في علاقات! هل هذا هو الوقت الصحيح؟ أعني عمره 15 سنة، هل أنتظر لما يكبر؟ هل من الممكن أن يعمل علاقات جنسية في هذا العمر؟ هو خجول ولا أعرف كيف أفهمه! خاصه في غياب الأب، فعلاقة أبيه مقطوعة معه، أيضا ابني لا يحب الاستحمام ولا يستحم إلا بعد معارك دامية، وأحيانا إنما يرش ماءا على شعره فقط، وهو لا يصلي إلا بكسل وبعد أن يرفع ضغطي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا! فزادك الله حرصاً وخيراً وتوفيقاً، ولا داعي للقلق، فهذه مرحلة تحتاج منا إلى مقدار كبير من الصبر والحكمة، ونسأله أن يعينك ويسدد خطاك.
وهذه نصائح مختصرة تفيدك بإذن الله في التعامل مع هذا الولد وهي كما يلي:-
أولاً – أرجو أن تتخذي معه أسلوب الحوار وليس أسلوب التعليم المباشر، فتقولين له مثلاً: أنت الآن أصبحت كبيرا، وأنا أنتظر منك الخير الكثير، وأريد أن أناقشك في بعض الأمور فهل الوقت مناسب الآن؟ وهنا سوف يشعر بأنه شخص محترم ويخرج لك ما في نفسه.
ثانياً : أرجو أن يكون التوجيه غير مباشر وفي وقت مناسب، وأن لا يكون في وجود أحد من الناس وخاصة الأصدقاء.
ثالثاً: من الأفضل أن تكون مناقشة الأمور الجنسية والتطورات والتغيرات التي يجدها المراهق عن طريق الأسلوب القصصي كقصة الشاب الذي جاء للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستأذنه في الزنا، فصاح الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقروه، ادن فدنا حتى جلس بين يدي رسول ـ الله صلى الله عليه وسلم ـ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتحبه لأمك" قال لا قال وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لابنتك قال لا قال وكذلك الناس لا يحبونه لبناتهم أتحبه لأختك قال لا قال وكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم أتحبه لعمتك قال لا قال وكذلك الناس لا يحبونه لعماتهم أتحبه لخالتك قال لا قال وكذلك الناس لا يحبونه لخالاتهم فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال اللهم كفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه"،
والأسلوب القصصي يرفع الحرج، ويمكن في خلال القصة أن تبيني له أن الله حرم تصريف هذه الشهوة بالزنا أو اللواط أو العادة السرية، وقد مدح الله المؤمنين فقال: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}.
رابعاً : لا شك أن الوقت مناسب وكان ينبغي قبل ذلك أن نعلمه طريقة غسل الجنابة ونهنئه بأنه بلغ درجة الرجولة والتكليف حتى يشعر بالمسؤولية، وأن الله يحاسبه على كل تصرفاته، وهذه مهمة المعلمين بالدرجة الأولى ثم الأهل في البيوت وقد وضعت مسألة غسل الجنابة وموجبات الغسل في مناهجنا التعليمية، ولكن النجاح في طريقتنا في تعليمها وشرحها ونوضح خطورة استخدام هذه الشهوة في الطريق الذي لا يرضي الله.
خامساً : لابد من مراقبة ومتابعة هذا الشاب، ولكن ليس على الطريقة البوليسية والتحقيقات، ولكن عن طريق المصارحة والحوار ومنح مقدار من الثقة مع شيء من الحذر؛ لأن طريقة أين ذهبت وماذا فعلت؟ وما هذا الذي في جيبك؟ تدمر الطفل وتعلمه الكذب والاحتيال وتحطم شخصيته، ولكن الأم الناجحة والأب الناجح يصادق أبناءه في هذه السن ويحترم رأيهم ويحسن الاستماع إليهم، ويطلب منهم المشورة ويقرأ الوجوه إذا دخلوا ويمسح على رؤوسهم ويدعو لهم ويوصيهم إذا خرجوا.
سادساً : لابد من بيان خطورة الفواحش، وأنها تسبب في خسارة الدنيا والدين، وأن أهلها مهددون بأمراض فتاكة مثل الأيذر الذي أرسله الله حرباً على العصاة.
سابعاً : بيان خطورة العادة السرية التي تؤثر على كل أعضاء الجسم وتهدد صاحبها بسرطان البروتساتا وتهدد حياته الزوجية مستقبلاً بالفشل، وتسبب له الانطواء وتأنيب الضمير، وهي لا توصل إلى الإشباع، ولكنها تشعل النيران وتغضب الرحمن.
ثامناً : ضرورة مناقشته بهدوء في أمر الصلاة فلا خير في عبد لا يصلي ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وأرجو أن يجعل المسجد هو مكان اختيار الأصدقاء، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والاهتمام بالصلاة سوف يجعله يتهم بمظهره ونظافة جسده فالإسلام دين النظافة والطهارة.
تاسعاً : إبعاد المثيرات الجنسية عنه، وهي كثيرة بكل أسف: ومنها وسائل الإعلام والإنترنت والمجلات الخليعة والهاتف، وكل هذه الأشياء ينبغي أن تكون في صالات عامة حتى تسهل مراقبتها ومتابعة أبنائنا دون أن يشعروا عند استخدامها، أما إذا وضعت هذه الأشياء في حجرات خاصة فلن نتمكن من معرفة ما يدور فيها.
عاشراً : امنحيه جرعات من العطف والاهتمام، ولا تكثري من لومه وعتابه واطلبي منه مصادقة الأخيار واحرصي على أن تكون الصداقة تحت أعينكم وافسحوا له ولأصدقائه الأخيار مكانا في المنزل، ولا تنصحيه وتكثري عليه أثناء وجودهم معه، وكوني أهم أصدقائه وأقرب الناس إليه.
أما بالنسبة للعناد فهذا شيء طبيعي في هذه المرحلة التي بدأ يخرج فيها من وصاية الطفولة إلى عالم الرجولة، وأرجو أن تختاري الأوقات المناسبة فلا تمنعيه من الشيء في وقته ولكن قبله أو بعده، واجعلي معظم النصائح بينك وبينه، وأظهري له
حاجتك إلى قربه ووجوده في المنزل، وأبشري فإن وراء كل عظيم امرأة، فأكثري له من الدعاء، واعلمي أن طاعتك لله هي خير عون على صلاح ولدك، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/129)
: ... أعاني من حب الشباب من مدة طويلة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... ايمان
السؤال
السلام عليكم.
أعاني من مشكلة حب الشباب منذ كان عمري 17 سنة إلى الآن، فهو يظهر ويختفي باستمرار، وهذا يسبب لي مشكلة نفسية نوعا ما؛ لذا فأنا أطلب من حضرتكم إعطائي علاجا أو حتى بعض النصائح للتخفيف منه ومن آثاره. ملحوظة: بشرتي من النوع المشترك (مكست).
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
ذكرنا في إجاباتٍ سابقة أن حب الشباب أو (العد الشائع) هو الاندفاعات الجلدية متفاوتة الشدة، التي تُصيب الإنسان في سن الشباب، وتتأثر بعوامل عديدة، مثل الحالة النفسية، والهرمونات، والجراثيم، وتظهر بأشكال سريرية كثيرة، مثل الشكل الحطاطي، أو البثري، أو الزؤاني، أو الكيسي، أو الندبي، أو الاحمرار التالي لحب الشباب، وقلنا أن حب الشباب هو أكثر الأمراض شيوعاً، وهو يتفاوت بشدته بشكل كبير، حسب العوامل المذكورة أعلاه، وعادةً يصيب الشباب في سن المراهقة، وينتهي في العقد الثالث من العمر، عدا بعض الحالات التي يستمر فيها أكثر من ذلك .
بعض النصائح للتخفيف منه ومن آثاره :
1- يفضل عدم اللعب بالبثور، وعدم عصرها أو فركها أو دلكها؛ وذلك حتى نتجنب التقيح والانتشار والندبات التالية للبثرات.
2- في الحالات الخفيفة، يكفي الغسل المتكرر بالماء الفاتر والصابون، ثم بالماء البارد (وعدد مرات الغسيل يرجع إلى شدة الدهون التي تغطي البشرة).
3- في الحالات المتوسطة، والتي فيها بثور قليلة، تستعمل المضادات الحيوية الموضعية، مثل (الإريثرومايسين أو الكليندامايسين) ويفضل أن تكون سائلة، وليست على شكل مرهم؛ حتى لا تمنع تصريف الإفرازات الدهنية من مصارفها الطبيعية.
4- في العد الزؤاني (وهو حب الشباب مع وجود الزيوانات، وهي ما تسمى بالرؤوس السوداء) يعطى الفيتامين (أ) الحامضي موضعياً ، مثل (ريتين إي) .
5- في الحالات المتوسطة التي لا تستجيب لما ذُكر، يمكن استعمال المضادات الحيوية الجهازية (الداخلة لأجهزة الجسم) بالإضافة إلى العلاج المحافظ الموضعي والعناية العامة.
6- الحالة النفسية، والمقصود بها الاضطراب والقلق، أو زيادة الأعباء، قد تزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى، وغالباً ما يزداد حب الشباب عند الطلاب في فترات الامتحانات (ولا يقصد بالناحية النفسية مرض نفسي أو علة أسوأ من حب الشباب).
7- إن تناول الحلويات والسكريات قد يزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى، ولو أن التجارب والتقارير المنشورة في ذلك متضاربة بين مؤيد ومعارض، والأفضل الاعتدال وإجراء التجربة بشكل شخصي .
8- في الحالات الشديدة أو المعندة (أي المقاومة والتي لا تستجيب) أو الكيسية أو المشوهة، أو المؤثرة على الحالة النفسية، يمكن استعمال مستحضر الرواكيوتين (ايزوتريتينوين) ولكن تحت إشراف طبي متخصص، وقد ذكرناه في إجاباتٍ أخرى.
9- لإزالة اللون الأحمر المتبقي، يمكن الاستفادة من العلاج بالليزر الوعائي إن استطب ذلك، ولا يكون ذلك إلا تحت إشراف طبي تخصصي.
10- من الممكن المشاركة بين أكثر من طريقة مما سبق.
11- وأخيراً: فإن لم يجد كل ما سبق، فالأمر يحتاج إلى متابعة مع طبيب أمراض جلدية فاحص معاين، أو أن نترك الأمر للزمن، فالزمن هو أرخص الأدوية وأبطأها (وهذا دواء الضعيف المستسلم).
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد حازم تقي الدين
ـــــــــــــــــــــــــ(110/130)
: ... عشقي لابنة خالتي وغيرتي عليها سبب لي الاكتئاب
تاريخ الإستشارة : ... 2005-05-03 13:20:37
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... كاره الحب
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
عمري الآن 25 سنة، لقد ابتلاني الله بحب ابنة خالتي وعشقها فجأة منذ ثلاث سنوات وبشكل غريب لسبب لا أعلمه، كنت في السابق أسخر مما يسمى بالحب، بل أسخر من زواج الأقارب! وأصفق مسرورا لمن يسميه زواج العقارب! كنت أقول كيف يطيق شخص أن يتزوج بمن هي في مقام أخته، فقريبته من دمه!!؟ والأشد من ذلك كيف يتزوج الشخص بفتاة يعرفها منذ أن ولدت، وكبرت أمام عينيه، ولربما كان يلاعبها أو ربما ينهرها إذا أزعجته بشقاوتها!؟ لأنها أصبحت في نظره كأخته الصغيرة.
ومع هذا أحببت وعشقت ابنة خالتي عشقا شديدا، لم أكن أتخيل بأن قلبي سيخفق لها يوما، أذكر ذات مرة قالت خالتي مازحة إذا كبرت سأزوجك ابنتي! شعرت باشمئزاز وصد كبير، وكأنها تقول لي سأزوجك أختك!
ولكن يا سبحان الله تبدل كل شيء وانقلبت نظرتي تجاهها رأسا على عقب بعد بلوغها، بدأت تضع في حضوري وحضور غيري من الشباب الأقارب شرشفا فضفاضا تغطي به رأسها وجسدها، فنحن نعيش في بلد محافظ والحمد لله، أصبحت فتاة هادئة مهذبة بعد أن كانت شقية مزعجة في صغرها، أعجبتني رقتها وحسن أخلاقها لم أكن حينها أعشقها بعد، قلت في نفسي ما المانع من أن تكون ابنة خالتي هي شريكة حياتي في المستقبل؟؟ فهي فتاة خلوقة مهذبة وجميلة.
كانت تسكن بمدينة غير مدينتنا ولا نجتمع مع أهلها إلا في الإجازات، انقطع لقاؤنا بهم لمدة سنة تقريبا، وعندما اجتمعنا بهرت بابنة خالتي كثيرا فقد اشتد جمالها فضلا عن رقتها وهدوئها وحسن عملها في أمور البيت، وهنا تعلق قلبي بها بشكل رهيب، اشتد حبي وعشقي لها، أحس بحرارة تتأجج في صدري تزيد كلما رأيتها أو تذكرتها، أصبحت أفقد شهيتي عن الطعام، وإذا أكلت اكتفيت ببضع لقيمات لا ترحب بها معدتي وترفض هضمها! فأتقيأ بعدها، وإذا ذهبت للنوم أتقلب كثيرا في فراشي على أمل أن يأتيني النوم ولكن بدلا من أن أحس بمتعة الاسترخاء والنعاس كباقي البشر أفكر بابنة خالتي وأرى صورتها في مخيلتي فأحس بعسر هضم وغثيان يزيدان كلما زاد التفكير؛ مما يجبرني للنهوض لدورة المياه لأجل التقيؤ!! وإذا تقيأت أحسست بإنهاك و تعب شديد.
تعب جسدي وتعب نفسي يدوم لأكثر من يوم ويصاحب ذلك اكتئاب شديد، والأعجب من هذا غيرتي الشديدة المكبوتة على ابنة خالتي، أغار عليها من نسمة الهواء كما يقولون!! مما يزيد من تعبي النفسي ولكن بفضل من الله لم يلحظ علي أحد هذا التعب، فقد كان الملاحظ هو التعب الجسدي فقط، ولكن بسببه ذهبت إلى طبيب ذات مرة لإحساسي بألم شديد في صدري، وبعد علاجي وإعطائي ما يسكن لي ألمي أوضح لي ولوالدتي التي رافقتني بأنه سبب نفسي!
سألتني أمي عما يشغلني أو يحزنني، صارحتها بحقيقة أمري وأني أرغب بالزواج من ابنة خالتي، ولم يكن منها إلا أن تفاجأت واندهشت كثيرا وقالت: لكن والدك لن يوافق على زواجك منها!! كنت أعلم ذلك جيدا، فوالدي غريب الأطوار ولا يحب الأقارب، فكيف سيوافق بزواجي منها ؟؟! أخي الأكبر كان يرغب بالزواج من إحدى القريبات لكن أبي لم يوافق؛ مما اضطر أخي للبحث عن أخرى ليست من الأقارب وتزوجها.
مرت الأيام وأنا أقاسي مرارة هذا الحب، نعم إنه مر لكونه حبا من طرف واحد، أصبحت كثير الشرود، دائم التفكير، صورتها لا تفارقني رغم بعدها عني، كنت أتمنى أن يمر يوم كامل دون أن أراها في مخيلتي، تلك النيران التي تشتعل في أعماق صدري لا أعرف كيف أخمدها، حرارة صدري هذه تستمر طوال اليوم بلا توقف، عذاب نفسي دائم، اجتزت مقرراتي الجامعية في هذا الفترة بصعوبة بالغة بسبب موت حماسي الدراسي وخاصة أن دراستي الهندسية تتطلب حماسا ونشاطا عاليين.
التجأت إلى الله كثيرا لكي يفك محنتي، أصبحت ملتزما في صلاتي في المسجد، وكلما أحسست بتلك النيران التي تحرق قلبي أهرع إلى الدعاء بأن يذهب الله ما في نفسي ويمنحني الراحة والطمأنينة, استخرت الله في أمري، وبعد مرور سنة أخرى عن تلك السنة تحجبت ابنة خالتي الحجاب الكامل الذي يغطي وجهها، وكان حجابها هذا وكثرة التجائي إلى الله كفيلين بأن يخففا ما في نفسي.
والآن سيمر على حالتي هذه ما يقارب الثلاث سنوات، ثلاث سنوات من هذا العشق والتفكير اليومي بابنة خالتي، ولا أخفي عليكم أن عقلي لازال يسخر ويرفض الزواج من قريبتي، فهو لازال يحلم بالزواج من فتاة جديدة في حياتي ولكن قلبي عكس ذلك تماما!! وأحاول جاهدا أن أصلح بين عقلي وقلبي!! فكل منهما يريد أن يذهب عكس اتجاه الآخر!! أخاف أن أختار ما يفكر به عقلي فيتعبني عشقي لها، وأخاف أن أختار ما يقوده لي قلبي فأجد نفسي نادما بالزواج بمن هي من دمي بعد زوال نار الحب!
إن قلقي في ازدياد مستمر، فابنة خالتي تكبر مع مرور السنوات، والأنظار أصبحت تلتفت أليها لغرض الزواج، لكن خالتي ترفض تزويجها بحجة الدراسة وأنها لازالت صغيرة الأمر الذي يبعث في نفسي شيئا من الأمل، ولا أطيق أن أتخيل اليوم الذي ستخطب فيه قريبتي لغيري، كيف سيكون حالي حينها ؟؟ وخاصة أن شبح رفض أبي يحول بيني وبين الزواج منها.
لا أدري أحس بأني أسير في طريق طويل لا أعلم أين وكيف ستكون نهايته والتي ستكون مفاجئة ومباغتة، هل هي نهاية مفرحة أم محزنة؟
ومشكلتي في الوقت الحالي ليست العشق فحسب، فقد اعتدت ذلك بعد مضي 3 سنوات من هذا الشعور، بل مشكلتي الكبرى هي أنه كلما خمد لدي نار العشق لأدنى مستوياته وأصبحت مرتاح البال لفترة، تأتيني –لأسباب معينة - نوبات غيرة شديدة على قريبتي تسبب لي تلك الأعراض فجأة التي كانت في بداية عشقي: (ضيق الأنفاس وحرارة الصدر الفجائية - فقدان الشهية وعسر الهضم - عدم القدرة على النوم – الغثيان والتقيؤ – الاكتئاب) مما يؤدي بعد ذلك إلى معاودة العشق لمزاولة نشاطه مجددا، وأخيرا أتمنى أن يوفقني الله وإياكم وأجد الحل والجواب الشافي بين أيديكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق، وأن يهدِ قلبك، وأن يربط عليه كما ربط على قلوب أصحاب الكهف، وأن يرزقك زوجةً صالحة .
وبخصوص ما ورد برسالتك، فهذا مع الأسف الشديد من الأمور الطبيعية، والتي يكثر وقوعها وحدوثها في مرحلة الشباب والمراهقة، فهذا سمة وطبيعة هذه المرحلة السنية والعمرية التي تمر بها، ولكن أبشرك أنها مع الأيام سوف تختفي وطأتها،
وتقل حدتها إن شاء الله؛ لأن هذه هي سمات مرحلة الشباب والمراهقة، وعما قريب سوف تستقر أحوالك إن شاء الله، ولكن حتى نخرج من هذه الفترة الحرجة وهذا التعلق الشديد لا بد من عدة أمور، منها:
1- عدم الاسترسال في التخيل، وإنما عليك إذا أحسست بذلك أن تغيّر وضعك الذي أنت عليه، فإذا كنت قائماً فاجلس، واصرف بصرك وعقلك إلى أي شيء آخر، وإذا كنت نائماً فقم وغيّر وضعك، وهكذا كلما خطر ببالك هذا الأمر، فحاول أن تغيّر من وضعك الجسدي والعقلي حتى تمر العاصفة، وتهدأ نفسك مع الأيام؛ لأنك الوحيد القادر على تغيير واقعه، وابدأ المقاومة المطلوبة حتى لا يؤثر ذلك على حياتك أكثر من ذلك .
2- اعلم أن الوصول إليها أو إلى غيرها من النساء لن يكون إلا عبر نجاحك الدراسي، وحصولك على العمل المناسب، وأنت بلا شك في مجال صعب يحتاج منك إلى كل دقيقة حتى تنتهي من هذه الدراسة على خير، فحاول أن تكرس كل جهدك ووقتك في المذاكرة، واجعل حبك لابنة خالتك حافزاً لك على الجد والاجتهاد، والحرص على النجاح بتفوق، فكثيرون هم الذين حولوا العلاقات العاطفية إلى عامل تحفيز وتفوق، وحققوا بذلك مكاسب هائلة .
3- اعلم أن العشق نوع من العبودية، وأن الشيطان قد يحرص على زيادة أثره في قلبك؛ حتى يُفسد عليك نفسك، ويضعف علاقتك بربك، فلا تستسلم له، وإنما اعمل عقلك، وانظر في واقعك ومُستقبلك، وكيف أن هذا العشق قد يحولك إلى إنسانٍ فاشل لا ترضى به لا ابنة خالتك ولا غيرها، وهذا من أهم مقاصد الشيطان، فقاوم الفكرة، وحاول الهروب منها كلما لاحت لك، وشعرت بأنها ستأخذ وقتك، وعلّم نفسك مقاومة نفسك، وهذه أمور ثبت فعلاً تأثيرها وقدرتها على حل أعقد المشكلات، تحدى نفسك وقاومها بسلاح الإيمان والتصميم والإرادة.
4- اعلم أنه لو كان لك فيها نصيب، فلم ولن يأخذها غيرك كائناً من كان، ولذلك حاول إعطاء نفسك هذه الرسائل الإيمانية بأنها لو كانت من نصيبي فلن يصل إليها غيري، فلا داعي لهذا الانشغال والتعلق الشديد الذي يعطل العقل ويشل تفكيره، واعلم أن الوصول إليها من الله وحده، فاطمئن لذلك .
5- الأمة الإسلامية في حاجة إليك، وبلدك في أمس الحاجة إلى أمثالك، وأهلك في حاجة إليك، وأنت في أمس الحاجة إلى نفسك، فلا تجعل الشيطان يعبث بك، فيستغل فرص هذا التعلق ويحرص على تدميرك وضياع مستقبلك؛ لأنه يهمه أن تكون فاشلاً حتى لا تستطيع أن تخدم أمتك ولا تنفع أهلك ولا نفسك، فلا تُخدع بهذا الشعور، خاصةً وأنك الآن تُعاني من أمراض نفسية وجسدية وسببها العشق، فكأنه عليك وبال ودمار، وهذا مما ينبغي عليك مقاومته وعدم الاستسلام له.
6- أكثر من الدعاء أن يصرف الله عنك هذا التعلق، ويخفف عليك من شدته، وأن يملأ قلبك بمحبته ومحبة رسوله والصالحين من عباده، فهذا هو الحب المحفز والمفيد والنافع.
7- ضع في اعتبارك إمكانية رفض والدك لزواجك منها، فماذا أنت فاعل عندئذ؟! ولو أخذت هذا بعين الاعتبار فإنه ربما يخفف من شدة تعلقك بها.
8- إذا كانت ظروفك تسمح الآن بمفاتحة والدك، فأرى أن تستخير الله تعالى، وتصلي بضع ركعات بنية قضاء الحاجة، ثم تُفاتح والدك في الأمر، لعله أن يوافق على خطبتها لك الآن، أو يُغلق الباب نهائياً، وبذلك تكون قد وضعت حداً ونهاية طبيعية لهذا التعلق.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/131)
: ... أشعر بالغربة بين أهلي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... ورد
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أعرف كيف أتعامل مع أهلي مع أمي وأختي، إذ إنني لا أجد أي عامل مشترك بيني وبينهم ،أفكاري بعيدة عنهم، وأشعر بألم لهذه الغربة التي بيني وبين أهلي .
ولكنهم لا يفهمون رغباتي وطلباتي، لا أعجبهم بأي شكل من الأشكال، أنا لا أستطيع أن أكون كما يريدون، كيف أوفق بين نفسي وبينهم، وكيف أحسن علاقتي بهم؟
ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الأخت الفاضلة/ ورد حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك.
أختي الفاضلة:
أصابع اليد الواحدة ليست متساوية، والناس معادن تختلف صفاتهم وميولهم كاختلاف المعادن من ذهب وفضة وحديد ونحاس، ولكن علينا أن نبحث عن الجوانب المشتركة فننميها ونركز عليها، وكل إنسان عليه أن يحترم مشاعر الآخرين، وهذا ثمن وجود الإنسان في جماعة، فلابد من أن يحتمل ما لا يعجبه من أجل أن يصبر الناس عليه أيضاً.
وأنت الآن ولله الحمد أصبحت كبيرة وواعية، وطبعاً متعلمة، فالمطلوب منك الصبر خاصة مع الوالدة حتى تفوزي برضاها، ولاشك أن هناك طريقة مختلفة في التفكير بين الأجيال، ولكننا نحتاج إلى أن نتعلم من الآباء والأمهات والأجداد
كيف تكون الشفقة والحكمة في التعامل مع الناس، فهم مع قلة علمهم لهم تجربة كبيرة اكتسبوها من مدرسة الحياة.
وفي مرحلة المراهقة وما بعدها تبدأ شخصية الأبناء في الظهور، وقد تعجبهم المخالفة والتمرد على القديم المألوف، وهذه نقطة صراع، وحتى نتمكن من تحسين العلاقة معهم لا بد من تقديم تنازلات، فحاولي أن تتفهمي وجهة نظرهم، وخاصة
الوالدة فهي أكثر حرصاً في المحافظة على القديم ولا تعجبها أن تكون ابنتها على ألسن الناس الحديث عنها .
فأرجو أن نحترم نحن الشباب مشاعر الناس والأهل، فليس من المصلحة التمرد على أعراف المجتمع إلا إذا كانت مخالفة لتعاليم الإسلام، وحتى عندما تكون مخالفة، فلابد من تدرج ورفق في تغييرها ، حتى لا يصبح الإنسان مثارا للنقد.
وأرجو أن لا تشعري بالضيق من هذا الأمر فغداً ستخرجي إلى بيتك، وهناك سوف تحددي الطريق الذي تفضلين السير فيه، ولكن الصبر مطلوب مع الأخت والوالدة والجيران والزميلات، وغداً عليك الصبر مع الزوج والأبناء والأصهار، ومن يتصبر يصبره الله، والحياة فيها صعاب وآثار تلك الأزمات كبيرة على أفراد البيت الواحد ولكنها تختلف من شخص إلى أخر حسب الشفافية والاستعداد النفسي لكل شخص.
وهذا الذي أرجو أن تقدريه في تعاملك مع الناس أجمعين.
والإنسان لا يستطيع أن يرضي جميع الناس مهما بذل ولكن ليسعهم منا بسط الوجه وحسن الخلق.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/132)
كيف أتخلص من حب الشباب والبثور السوداء
تاريخ الإستشارة : ... 2005-05-30 10:49:51
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... دعاء حجازى
السؤال
حب الشباب والبثور السوداء، كيف أتخلص منها؟ وما رأيكم في استخدام غسول للوجه اسمه proactive solution؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دعاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أولاً: بالنسبة لحب الشباب والبثور السوداء، كيف تتخلصين منها؟
إن حب الشباب بشكل عام له أشكال سريرية كثيرة، مثل حب الشباب الحطاطي، أو البثري، أو الزؤاني، أو الكيسي، أو الندبي، وإن حب الشباب هو أكثر الأمراض شيوعاً على الإطلاق، وهو يتفاوت في شدته بشكل كبير من المرور العابر الذي لا يؤبه به إلى الشكل الكيسي المشوه، وهو عادةً يصيب الشباب في سن المراهقة، وينتهي في العقد الثالث من العمر، عدا بعض الحالات التي يستمر فيها أكثر من ذلك لوجود أسباب وعوامل مهيأة.
وأما العلاج بشكل عام لحب الشباب:
1- في كل الحالات يفضّل عدم اللعب بالبثور، وعدم عصرها أو فركها أو دلكها؛ وذلك حتى نتجنب التقيح والانتشار والندبات.
2- في الحالات الخفيفة كما هو عندك يكفي الغسل المتكرر بالماء الفاتر والصابون، ثم بالماء البارد (وعدد مرات الغسيل يحكمه شدة الدهون التي تغطي البشرة).
3- في الحالات المتوسطة والتي فيها بثور قليلة، تستعمل المضادات الحيوية الموضعية، مثل (الكليندامايسين) ويفضل أن تكون سائلة وليست على شكل مرهم؛ حتى لا تمنع تصريف الإفرازات الدهنية من مصارفها الطبيعية.
4- في الحالات المتوسطة التي لا تستجيب لما ذكر يُمكن استعمال المضادات الحيوية الجهازية (بالفم) بالإضافة إلى العلاج المحافظ الموضعي والعناية العامة.
5- الحالة النفسية قد تزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى.
6- تناول الحلويات والسكريات قد يزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى، ولو أن التجارب في ذلك متضاربة بين مؤيد ومعارض، والأفضل الاعتدال والتجريب بشكل شخصي.
7- في الحالات الشديدة أو المعندة أو الكيسية أو المشوهة أو المؤثرة على الحالة النفسية، يمكن استعمال مستحضر الرواكيوتين (ايزوتريتينوين) ولكن تحت إشراف طبي متخصص وإجراء بعض التحاليل الدموية، علماً بأن الدورة العلاجية يجب أن يتمم فيها المريض الجرعة إلى 120 مغ لكل كيلو غرام، وغالباً ما يكون هذا كافياً مدى الحياة عدا بعض الاستثناءات.
8- لإزالة اللون الأحمر المتبقي يمكن الاستفادة من العلاج بالليزر الوعائي إن استطب ذلك.
وأما الزيوانات خصوصاً والمسماة بالرؤوس السوداء:
فالرؤوس السوداء بالوجه تُسمى زيوانات أو تسمى زؤان، وهي شكل من أشكال حب الشباب، وتتشكل بسبب احتباس الدهن والخلايا البشروية وبعض الجراثيم التي تلعب دوراً بإحداث حب الشباب، وبسبب تأكسد بعض هذه المحتويات يتشكل اللون الأسود في الفتحة الظاهرة فيبدو الرأس الأسود، والزيوانات تُصيب المواضع الدهنية، والتي يظهر فيها حب الشباب، خاصةً الوجه والأنف، وقد تظهر أيضاً على الكتفين.
وعلاج الزؤان يكون باتخاذ الإجراءات العامة في حب الشباب، مثل الغسل، والمطهرات الموضعية، وغيره مما ذكرناه أعلاه، ولكن المميز في علاج الزيوانات هو استعمال مادة فيتامين أي الحامضي (تريتينوين) والموجود على شكل كريم أو لوشن أو جيل، وأقواها اللوشن، وأضعفها الجيل، ويفضل البدء بالضعيف ثم الأقوى، ثم أقوى التركيزات، كما ويفضل البدء بدهن كمية قليلة تزداد تدريجياً إلى أن تصل إلى غرام يومياً (طول بنان واحد من الكريم أو الجيل) وبالطبع نزيد الكمية حسب تحمل المريض، كما ويفضل البدء بغسل الدواء بعد فترةٍ قصيرة من دهنه، ولتكن ساعة، ثم نزيدها بالتدريج حسب تحمل المريض (أي نبدأ بتركيز قليل وكمية قليلة ومدة دهن قصيرة، ثم نزيدها تدريجياً حسب التحمل).
وهناك أداة خاصة لاستئصال الزيوانات، ولكن يجب أن نتعلم كيف نستعملها بشكل جيد.
يفضّل ألا تستعمل الحوامل هذا المستحضر ، كما يفضل دهنه ليلاً لأنه قد يسبب حساسية ضيائية، ويفضل عدم اقترابه من العيون لأنه حار، ويسبب تهيج البشرة، علماً بأن هناك تركيبات تجارية لبعض الشركات مخصصة للدهن حول العيون، مثل مستحضر ريتنوكس كوريكشن لـ روك .
يحتاج المستحضر أسابيع حتى يُعطي التأثير المطلوب، علماً بأنه في بعض الحالات قد تزداد البثور والزيوانات في الفترة الأولى من العلاج.
يُعتبر هذا المستحضر تقشيراً كيمياوياً خفيفاً يُفيد في حب الشباب والتجاعيد فوق سن الثلاثين، وكذلك المسام المتسعة، ولا مانع من استعماله لأسابيع أو أشهر أو حتى لسنوات.
ثانياً: استخدام غسول للوجه اسمه proactive solution:
هذا المستحضر يحتوي بشكل رئيسي على مادة الـ (benzoyl peroxide) وهي مادة مفيدة في حب الشباب، وقد توجد بأشكال صيدلانية عديدة، منها الجيل، ومنها الكريم، ومنها اللوشن، ومنها تركيز 5 أو 10 %، ومنها ما هو مخلوط مع غيره من المستحضرات، ومنها ما هو صافي دون خلط، ومنها ما يدخل في تركيب بعض أنواع الصوابين الخاصة بحب الشباب، ومنها على شكل قناع (ماسك) وكل هذه الاختيارات موجودة، ولكن مع اختلاف الأسماء التجارية والأسعار وطرق التطبيق.
هذه المادة benzoyl peroxide قد تسبب بعض التهيج للبشرة، لذلك يجب اختبارها إما على مساحة صغيرة، وإما تطبيقها لفترةٍ بسيطة، كما يجب تجنب التعرض للشمس بعد استعمالها؛ لأنها قد تُثير الجلد وتجعله عرضة للتحسس بالشمس.
هي مادةٌ مفيدة، وعليك اختيار الشكل الأنسب، والسعر الأفضل، والطريقة المثلى في تطبيقها، وهذا كله بعد معرفة هل نوع حب الشباب الذي عندك هو من الأنواع التي تستجيب لهذه المادة أم لا؟ فهي مفيدة في حب الشباب البثري أكثر منه في حب الشباب الزؤاني.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد حازم تقي الدين
ـــــــــــــــــــــــــ(110/133)
: ... أليس من حق أمي أن تعيش بجانب والدي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... moslem
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
أولا ـ أود شكركم على هذا العمل الرائع!
وثانيا ـ أود أن أطرح عليكم مشكلتي التي أرقتني كثيرا، وجعلتني لا أعرف أعيش حياة طبيعية! فأنا لا أعرف أين الخطأ، وأين الصواب!؟
وتتلخص هذه المشكلة في الآتي: حيث أنني شاب لم أتجاوز الثلاثين من العمر، تزوج والدي بامرأة أخرى غير أمي _ بالطبع هذا من حقه شرعا _ ولكن المشكلة
تكمن في أن أبي يعيش مع زوجته الثانية في دولة قطر الشقيقة، وأمي تعيش مع بناتها في بلد آخر، ولقد رزق الله والدي بالبنيين والبنات من أمي، وكانت تعيش معه، ولكنها اضطرت إلى السفر، مع العلم أن والدي كان بإمكانه أن يبقيها معه، ولكنه وافق على سفرها، وظل هو بمفرده مع إخوتي الأشقاء الأولاد.
وبعد عامين تقريبا فوجئنا بوالدي يأتي إلينا ليخبرنا أنه سوف يتزوج، بالطبع لا نستطيع أن نقول له لا تفعل، ولقد حاولنا بالفعل، ولكنه كان قد فات الأوان، والآن قد أنجب أبي من امرأته الثانية، وهو يعيش في دولة قطر معها، وأمي وباقي أخواتي يعيشن بمفردهن في البلد الآخر، أين العدل الذي قال عنه الله سبحانه وتعالى!؟
وأنا لا أتحدث عن العدل بين الزوجات فقط، بل بين الأبناء أيضا، أليس من حق أمي أن تعيش بجانب والدي!؟ أخواتي البنات، أليس من حقهن أن يأخذن ـ ولو بعض الشيء ـ من حنان الوالد!؟ وخاصة أنهن في سن المراهقة، تلك السن الخطرة التي تحتاج فيها الفتاة إلى والدها، أو تلجأ إلى غيره ليعوضها.
أمي امرأة مسكينة، ليس بيدها شيء، ولا تريد أن تتركنا بمفردنا، لم يعطها أبي حقوقها الشرعية ( معاشرتها ) منذ أن تزوج بالثانية، لماذا!؟ لا أعرف! نعم هي امرأة كبيرة، ولكنه أكبر منها، واحتاج إلى امرأة أخرى، أليس لها حقوق عليه!؟ أريد أن أعرف أين العدل؟؟ مع أن والدي يلم إلماماً شديداً بمفاهيم الدين الحنيف، ويعرف أمور الدين جيدا، بل أكثر من جيد!
نحن أبناؤه لا نستطيع سؤاله، ولا مناقشته؛ لأنه دائما ما يثور في وجوهنا، ويذكرنا بأنه له فضل كبير علينا: بأن ربانا، وعلمنا وفعل الكثير من أجلنا! لا أستطيع أن أنكر جمائل والدي، وأفضاله، ولا أستطيع أن أقول له لماذا؟
أسئلة كثيرة تدور في خاطري، ولا أجد لها جوابا! أريد أن أعرف هل ما يفعله والدي يوافق الشريعة أم لا!؟ مع العلم أن والدي يتصل بأمي وأخواتي، ويبعث لهن بالمصاريف المادية دائما، ولكن المادة ليست كل شيء!
رجاء أخير، أرجو من سيادتكم التكرم بطرح مشكلتي هذه على شيخين، أحدهما متزوج اثنين، والآخر متزوج بواحدة، وهذا رجاء!
شاكرة لكم!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
وقفت على مشكلتك، ورأيت أنها تتلخص في مشكلة الوالد مع الأسرة وتركه لها، وزاوجه بأخرى بعيداً عن الأسرة.
إن الخطأ -ولدي الكريم- واردٌ من الأب ومن الأم وكذا من الأولاد، فالكل خطّاء، لكن خيرهم التوابون، وقد أخطأ والدك في حق الأسرة؛ لأنه مسئول عنكم وعن والدتكم (كلكم راع .... )، ولكن لا ينبغي لشاب مثلك عرف واجبه وأحس بمشاكل أسرته أن يقف حائراً أمام هذه المشاكل، فلا بد من اقتحامها بقوة وإيمان، وأرى أن نصف
مشكلة الأسرة قد انجلت، وذلك بقيام الوالد بواجب الإنفاق، لأنه إن لم تجد الأسرة النفقة فسوف يحصل الانحراف من أجل لقمة العيش.
ويبقى النصف الآخر من المشكلة، وهو بعد الوالد عن الأسرة ورعايتها، وهو قد قصّر في ذلك، لكني أرى عمل الأتي:
1- الاتصال به إما تليفونياً أو بأي وسيلة، واسألوه عن حاله، واطلبوا منه رؤيته ولقائه، بأن تزوروه مثلاً، فإن سمح بذلك فاذهب إليه مع إخوانك، وسلموا عليه في داره، ولا تُشعروه بغضبكم من زواجه، واقضوا معه أيامكم، ولتكن بدايةً لصلةٍ دائمة، وكلما أشعرتموه بحبكم له كلما مال قلبه لكم، لأن عاطفة الأبوة ستتحرك في نفسه، ولا تشعروه بعتاب على تقصيره، ولا تنس أنكم أولاده الأوائل، وأن أمكم هي زوجته الأولى، فلا يمكن أن ينساكم، وتركه لكم إنما هو لمجرد هذه المشاكل، ولذا لا بد من عودته لكم فابدءوا معه بالصلة.
2- أمرٌ مهم هو تفوقكم في حياتكم في الدراسة وفي أخلاقكم وسلوككم، فعندما يسمع ويعرف بنجاحكم في الحياة سيميل قلبه لكم، وبرهنوا له عملياً بالتفوق والنجاح، ثم اعلم يا بُني أن هذا والدكم له عليكم حق البر والإحسان فصلوه ولا تقطعوه وإن قصّر في جانبكم .
ولا تنسوا الإقبال على الله في شهر الصيام، وكثرة الدعاء .
أسأل الله لكم التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد محمد نصر الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/134)
ابني وطيش الشباب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... أم أحمد
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أنا في حيرةٍ وعذاب مع ابني أحمد ، وهو ابني الكبير وعمره الآن بداية 24 سنة ، ولم يحصل على الثانوية العامة مع جميع محاولاتنا أنا وأبيه معه، وكذلك الأهل معه، وهو يريد اللعب فقط والتصرف على هواه، وقد قمت بعرضه على مركز للاستشارات الأسرية، وكان رأي الطبيبة أنه لا يعاني من أي مشاكل، حتى لا أطيل عليكم، المشكلة الآن هو يعمل في وظيفة جيدة ومرتب جيد، ولكنه لا يحافظ عليها، وفي منتهى الاستهتار، وتم فصله مرة ولكن مع تدخل خاله في العمل استطاع أن يرجعه مرة أخرى، وقال أنه تعلم كيفية العمل ولكنه يتصرف بتصرف في منتهى الاستهتار والأنانية، طبعاً هو أوقعنا في مشاكل كثيرة في معرفته للبنات، ثانياً في استئجار سيارات وركوبها والاصطدام بها، وطبعاً تكبدنا مبالغ طائلة ، وهذه المشكلة تسببت في خلاف كبير بيننا وبينه لدرجة أني قلت له أن يخرج من المنزل ويعتمد على نفسه، وفعلاً خرج وسكن مع صاحب له لمدة شهر ونصف، ومع تدخل أمي وخالته في أنه لازم يرجع البيت خضعنا للأمر أنا وأبوه من جديد، وقال أنه سيتغير،
وبعد ذلك اشترى سيارة ودمرها أيضاً، ثم بعد ذلك اشترى سيارة أخرى مستعملة سبور وأنا كفلته في أقساطها ، ولكنها نتيجة لتصرفاته الطائشة سحبت منه السيارة وحجزت لدى الإدارة العامة للمرور، وحاولت معه في أن يبحث عن أحد يأخذه إلى عمله وطبعاً بالفلوس، ولكن لا توجد استجابة، وأخيراً عاود مرةً أخرى الانقطاع عن العمل، وطبعاً في هذه المرة لن يسامحوه، أنا غير قادرة أن أحكي كل تصرفاته وكل المواقف التي تصدر منه، مع العلم بأننا حاولنا معه بالسياسة والمناقشة والشدة والضرب والإهمال ولكن دون جدوى، لدرجة أنني الآن لا أتكلم معه، وطبعاً هو لا يذهب للعمل، مع العلم بأننا نعيش في الكويت ، وإذا لم يداوم على عمل وتكون لديه إقامة لا يستطيع البقاء في الكويت، وأنا عندي ابنتان أصغر منه واحدة في كلية التربية بالكويت، والثانية بالصف الرابع المتوسط، كيف نتصرف معه؟ الجميع من الأهل تكلم معه لدرجة أن الكل الآن يغلطه في تصرفاته وأفعاله، ولكن ما الحل معه؟ وكيف الوصول إلى طريقة سليمة للتعامل معه؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جلَّ جلاله أن يصلح ولدك وأن يشرح صدره للذي هو خير، وأن يعينكم على مساعدته والوقوف معه ، وألا يخيب ظنكم فيه، وأن يرد إليه عقله وصوابه، وأن يهديه صراطه المستقيم.
وبخصوص ما ورد برسالتك فأقول لك ولأسرتك: كان الله في عونكم، ومع شديد أسفي أقول بأن ولدكم ضحية تربية غير مكتملة في فترة الطفولة، فيبدو أن حضرتك كنت مشغولة بعملك وتركتيه إمَّا لبعض الأقارب الذي بالغوا في تدليله، أو أنك كنت معه لفترات لم تكن كافية لإعطائه القدر الكافي من العناية والرعاية حتى وصل حاله إلى ما هو عليه الآن، ونفس الإهمال استمر خلال فترة المراهقة، وها أنتم تدفعون ثمن بعدكم عن المنزل وترككم له دونما عناية أو رعاية مناسبة حتى خرج بصورة غير مرضية، ولكن ماذا ينفع الندم الآن وقد فات الأوان، ورغم ذلك أرى أن تحاولوا مرةً أخرى ومن جديد عرضه على أخصائي مثل الدكتور محمد بن فهد الثويني ومركزه الاستشاري، فهو متخصص في علاج مثل هذه المشكلات، لعلَّ الله أن يعينه على مساعدة ولدكم إن شاء الله.
كما يمكنكم الاستعانة ببعض الصالحين من الشباب الملتزم، وحثهم على الاختلاط به والصبر عليه، واصطحابه في بعض الرحلات والأنشطة الدينية من محاضرات أو دروس أو غير ذلك من الوسائل الشرعية التي تساعد في تقوية الإيمان والاستقامة والسلوك.
وفوق ذلك عليكم أنتم بتغيير طريقتكم في التعامل معه، لعلَّ وعسى أن يؤثر ذلك فيه، وأنصح بعدم طرده من المنزل حتى لا يزداد سوءً، كما أنصح بالكف عن عتابه
وتوبيخه وتأنيبه، والجلوس معه جلسات هادئة لمعرفة أسباب هذه التصرفات، ومساعدته في اتخاذ القرارات المناسبة، ولا تنسوا أهم سلاح وهو سلاح الدعاء، خاصة منك ومن والده؛ لأن دعاء الوالد لولده لا يرد، وأُحذِّر من الدعاء عليه مهما كانت الأخطاء؛ لأنكم بذلك تزيدون من ضلاله وإفساده، ونسأله تبارك وتعالى ألا يخزيكم، وأن يوفقكم في مساعيكم، وأن يقر أعينكم بهدايته وصلاحه، وبالله التوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/135)
سماعي للأغاني يواسيني ويهدئ من عشقي
تاريخ الإستشارة : ... 2005-06-20 14:12:43
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... احسان
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المشكلة تبدأ كالآتي:
أنا شاب عندي زيادة في وزن الجسم، زيادة 10- 15 كيلو عن المعدل الطبيعي، وشكلي ليس بالجميل كسائر الشباب؛ فأردت أن أذهب إلى النوادي الرياضية لأنحف بسرعة لكي أعود إلى مدرستي في العام القادم وأفاجئ زملائي، وبالفعل ذهبت إلى النادي ولكن هذا النادي يضع الغناء الفاحش المثير للفتن والشهوات، فقلت في نفسي إنما الأعمال بالنيات وأنا أتيت إلى هنا لكي ألعب الرياضة وأنحف وأقوي بنية جسدي، ولكن مع استمرار سماعي للغناء أدى في نفسي إلى ترك الصلاة للأسف وبدون أن أشعر - سبحان الله - بعدما كنت أصلي وأدعو الناس إلى الصلاة!!!
أدى في نفسي إلى حب سماع الأغاني التي سمعتها في النادي، وعندما سمعت أغاني النادي لم أكتف بل أردت أن أكتشف المزيد وأسمع المزيد من الأغاني - سبحان الله - بعد ما كنت أمنع بعض أقاربي من سماع الأغاني وأحذر الناس والأقارب من الأغاني وضررها وبأنها معصية! وكذلك استمر حالي واليوم يكون اليوم 12 أو 14 لي في النادي، ولي 10 أيام أسمع أغاني و10 تارك الصلاة.
أنا تقدمت باستشارة إلى الدكتور أحمد الفرجابي لأني أعشق أي بنت جميلة، فأنا أعشقها إلى الآن، والأغاني التي أسمعها تهدئني وتواسيني ولا أستطيع الاستغناء عنها، فهي من يواسيني وهي من أشعر بأنها تقول الذي في قلبي بصراحة وهي التي أميل إليها.
وسألت شيخا فقال اسمع قرآن أفضل لك، ولكن لنتكلم بكل صراحة: شاب في سن المراهقة يعشق فتاة ما، فنفسه سوف تميل أكثر إلى القرآن أم إلى الأغاني؟؟! فسوف يميل إلى الأغاني!!
وأقول بصراحة أن سماعي للأغاني يواسيني لأني لا أرى الفتاة ولا أتكلم معها ولا يحصل بيننا أي شيء، فلو تركت الأغاني سوف أتعب كثيرا لأن ذلك هو الذي يواسيني! مع العلم بأن الملتزمين بالدين في حينا قلة، أعني نادرا ما تلاقي واحدا ملتزما بالدين ولا يسمع أغاني (هذا إن وجدت!!).
السؤال:
1) هل أبقى في النادي؟
2)هل أسمع الأغاني وأصلي وأستغفر بعدها؟
3:)ما الحل لنفسي التي تعشق بنتا ما ولا تستطيع نفسي نسيانها؟
4)لا أحب أن أجلس إلا مع الراديو والأغاني، فماذا أفعل؟
5)ماذا أفعل مع أقاربي الذين علموا بطريقة ما وأصبحوا يعايروني؟ مع العلم أنني تبت من زمان 4 - 5 مرات من الغناء، فماذا أقول لهم؟
6)أنا محرج من هذا السؤال: قال لي الدكتور أحمد فرجابي إذا تذكرت فتاة جميلة تذكر عيوبها فالجمال نسبي، أقول لكم فعلت مثلما قال الدكتور ولكن لم أستفد! حتى الأشياء القذرة التي فيها أصبحت أعشقها!! فما الحل؟
والسلام عليكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إحسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فشكراً لك على هذه الصراحة ولا داعي للحرج، فنحن في مقام الأب الحنون، والأخ الشفيق، ويسعدنا أن يفتح لنا الشاب صدره ويعبر عن كل ما يجول في نفسه، ونسأل الله أن يعيننا على حسن الاستماع وحسن التوجيه.
واعلم أنه ليس عيباً أن تظل سميناً، ولكن العيب في أن تظل مستمعاً للأغاني ميالاً إلى المزمار الشيطاني حريصاً على إطلاق بصرك في الغاديات والرائحات.
ولاشك أن هناك أندية أخرى ووسائل عديدة لتخفيف الوزن، فلا داعي للبقاء في هذه البيئة التي لا تعين على ذكر الله والصلاة، فعجل بالتوبة وبالخروج من هذا النادي، واجتهد في ترك سماع الأغاني فإنها بريد الزنا ومهنة الفساق، وسماع الأغاني يذهب الحياء ويضيع المروءة، وقد اعترفت بآثار الأغاني السيئة عليك، وأنت لازلت في البداية، ونسأل الله أن يعصمك من الدخول إلى الوسط الفني الذي تفوح منه روائح المخدرات والموبقات، وهذه شهادات التائبين من أهل الفن، مع أن العاقل لا يحتاج لمن يشهد بذلك؛ لأن المحاكم والصحف تطفح بتلك الفضائح والرزايا.
كما أن سماع الأغاني يؤثر على قلب الإنسان وعلى مستواه العلمي، وقبل ذلك يؤثر على التزامه بدينه، لأن كلمات الأغاني مخالفة للشريعة في معظمها لأنها لا تخلو من كلمات شركية وألفاظ سوقية وعبارات غزلية، فكيف إذا صحبتها الموسيقى والحركات المائعة، أو قامت بأدائها عاهرة فاجرة عارية، فعليك بالمسارعة بالخروج من هذا المأزق.
ولا ينبغي للمسلم أن يقول أسمع الأغاني ثم أستغفر وأصلي لأن الله عليم بذات الصدور، هذه الخديعة لا تنطلي على الناس، فكيف برب الناس الذي لا تخفى عليه خافية؟ وإذا سمع الإنسان الأغاني وأطلق بصره في وجوه العذارى فلن يخشع في
صلاته، ولن يتمكن من ذكر ربه، وربما وصل به الأمر إلى العشق المذموم ثم إلى الشرك بالله، والعياذ بالله، وهل ترضى أن يحملق الشباب في وجوه أخواتك وقريباتك؟ فلماذا ترضى ذلك لنساء الناس؟
وأرجو أن تشغل نفسك بالمفيد ولا تفكر في هذه الأمور قبل حلول وقتها، وتهيئة الظروف المساعدة لك على موضوع الزواج، وأرجو أن تبتعد عن المثيرات وتتخلص من الوسائل الموصلة إلى الوقوع في الموبقات، واعلم أن علامات صدق التوبة أن يهجر الإنسان بيئة المعصية، ويفارق رفاقها ويتخلص من أدواتها وينسى ذكرياتها، ويبرهن على صدق توبته بعمل الحسنات الماحية مع الندم والاستغفار والتطلع إلى رحمة الكريم الغفار.
وإذا كان أقاربك يعيرونك فماذا سيفعل بك الآخرون!؟ فاتق الله وعد إلى صوابك، وإذا تبت إلى الله فسوف يبدل الله الأحوال، فإن الله يفضح أهل المعاصي ويجعلهم محتقرين بين الناس.
أما بالنسبة لنصيحتنا لك بتذكر العيوب والقاذورات، فهذا علاج ذكره ابن الجوزي رحمة الله عليه، وهو علاج نافع لمن يبتلى بهذا المرض، لأن العبرة ليست بجمال المظهر، فقد تكون حاملة لفيروز الإيذر، وقد يكون قلبها خاليا من الإيمان، وعند ذلك يصدق عليها ما قاله الشاعر:-
جمال الوجه مع قبح النفوس ** كقنديل على قبر المجوس
وإذا تهيأت لك ظروف الزواج فاطلب صاحبة الدين وركز على جمال الأخلاق؛ لأن جمال الشكل عمره محدود، وهو عرضة للزوال لأي سبب من الأسباب أو عارض من العوارض أو بفعل مرور الزمن وتقدم السن.
وفي الختام أحيي فيك عناصر الخير وأنصحك بالاهتمام بمرافقة الأخيار وتلاوة كلام الرحيم الغفار، وأكثر من التوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/136)
ابني لا يعجبه شيء
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات نفسية
السائل : ... أ ج
السؤال
عندي ولد، عمره 13 سنة وشهور، هو أكبر إخوته، وهم ثلاث بنات وولد.
تصرفاته السلوكية غريبة جدا، لا أدري هل هذا مرض نفسي، أم ماذا !؟ فهو غير واثق في نفسه، ودائم التردد: فتارة يقبل على الشيء، ويتمسك به بشدة، ثم بعد فترة وجيزة يتحول إقباله إلى رفض، وقد نحضر له الشيء ونتعب في البحث عنه، ثم إذا به يعيب الشيء، ويتركه! وهو دائم السخرية ممن حوله، ولا يعجبه شيء، سواء أكان طعاما أو لباسا، ولا يسلم منه حتى إخوته، فدائما يستهزئ بهم، ويطلق عليهم ألقابا، ويعلم أخاه الصغير الشتائم والسباب!
وهو لا يحب الأصدقاء، ويتسم بالأنانية الشديدة بشهادة جميع أقربائنا، وليست عنده هواية معينة، وكل وقته يقضيه أمام التلفاز وألعاب الكمبيوتر والبلاي استيشن.
هو مريض منذ صغره بمرض الصدفية الجلدي في إحدى كفيه وقدميه، ونحن نعالجه باستمرار، ولكنه في الفترة الأخيرة صار لا يداوم على أخذ الدواء؛ حتى ساءت حالته الجلدية، لا ندري هل هو يفعل ذلك؛ لكي يجذب اهتمامنا به أكثر، أم أنه غير سوي، ويحتاج إلى علاج نفسي!؟
إننا نعامله على أنه سوي، وندفعه لحفظ القرآن، وهو - بفضل الله - نبيه، ويحفظ 25 جزءا حتى الآن، ويصلى الصلوات في جماعة مع والده.
لا أدري كيف نتعامل معه حتى يصبح سويا مثل إخوته! فلا يعادي أحدا، ولا يستهزئ بأحد، خاصة وأنه أكبر إخوته!.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ ج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إذا كان ابنك يحفظ من كتاب الله 25 جزءاً كما تقولين فإنه سوي ولله الحمد، وربما التصرفات التي يقوم بها من أجل إثبات شخصيته في الأسرة، وبما أن الأسرة -كما تقولين- تتكون من ثلاث بنات وولد، فهو يرى نفسه أنه مهمش في البيت والاهتمام الكامل بالبنات، فابنك -أختي الكريمة- يحتاج إلى بناء شخصيته الاجتماعية، ويعتمد بناء الشخصية الاجتماعية على شقين:
الأول: إشباع حاجاته النفسية.
الثاني: إعداده لممارسة حياته المستقبلية.
فيما يخص إشباع حاجاته النفسية والاجتماعية: فمن الممكن أن يعيش الإنسان بدون هذه الحاجات، ولكن لن يكون شخصاً سويا أبداً إذا فقدها أو فقد بعضها، وتتمثل هذه الحاجات في:
1- حاجته إلى الاحترام والتقدير والاستقلال، وإشباع هذه الحاجة يعني قبوله اجتماعياً، وزرع الثقة به، واكتساب ثقته، واحترام حقوقه في المجالس، والاحترام لا بد أن يكون نابعاً من قلب الوالدين وليس مجرد مظاهر فقط، ولا بد أن تسود أواصر المحبة والصداقة بينكما، إذ ليس شرطاً أن يكون الولد صورةً عن أبيه، ولكن المهم المحافظة على حالته النفسية.
وأما الاستقلال، فلا بد أن يترك للولد الحرية في التحرك، ولكن في إطار منظم، ويعتمد على نفسه، ويستمر في ذلك في كل حاجاته وأعماله، مما يدعم ثقته بنفسه، ويسهل تكيفه مع المجتمع.
2- حاجته إلى الحب والحنان، وهذه هي من أهم الحاجات النفسية، وفي مرحلة المراهقة التي هي بداية ولدك يظل محتاجا إلى الحب والحنان، إلا أنه قد يخجل من إظهار هذه العاطفة، وخاصةً إذا كان والدايه ينتقدان حاجته للحب أو ينكران قبولها، أو يحسان بالانزعاج والتضايق عندما يعبر عن حبه لهما.
واعلمي –أختي- أن عدم إشباع هذه الحاجة تؤدي إلى انعدام الأمن وعدم الثقة بالنفس، فيصعب على الولد التكيف مع الآخرين، ويُصاب بالقلق والانطواء والتوتر.
أطمئنك مرةً ثانية، فولدك يحتاج إلى نوع من الرعاية والحب والحنان، وترك المجال له ليثبت شخصيته النفسية أو الاجتماعية، وإذا أراد أن يحقق شيئاً ما يوافق الشرع وليس فيه مضرة عليه فاتركيه، وشجعيه على ذلك، فأحيانا المعارضة من الوالدين قد تولد له حب الانتقام من أخواته أو من الآخرين أو حتى من نفسه، فالولد في هذا محتاج إلى نوع من الرعاية التامة حتى ينمو سوياً بإذن الله تعالى.
أما مرض الصدفية الذي ذكرته، فحاولي أن تغريه بتناول الدواء؛ كأن تقدم له هدية إذا شرب الدواء، فهذه مجرد تعزيزات حتى يتناول الدواء، وقد يكون هذا المرض له دورٌ في تعقيد ولدك، فلا تحسسيه بذلك، واتركي الأمر عادي، ونبهي أخواته لذلك.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/137)
شهوات النساء تلاحقني
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... Mohamed
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أصلي كل الفروض وبدأت المحافظة على الصلاة في المسجد، وأذكر الله، ولكن شهوات النساء تلاحقني ، فما يمر يوم إلا وأفكر في هذا ولم أجد حلاً.
انتظر النصيحة بفارغ الصبر.
وشكراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أخي محمد حفظك الله ورعاك: اعلم أن الدوافع والغرائز فطرية في الإنسان، والإسلام والحمد لله يعترف بها ويحترمها ولا يحاول كبتها وتدميرها، بل أنه يعمل على تنمية الضوابط الفطرية ويربطها بالإيمان بالله حتى يجعل انطلاق الدوافع الفطرية نظيفاً بما ينبغي للإنسان الذي كرمه الله تعالى.
وأنت أخي محمد الآن في مرحلة المراهقة، وهي ما بين 12 سنة و20 سنة، وهنا أنت مكلف بأن تتسامى عن هذا الميول، وتوجه رغباتك في إطار المبادئ الإسلامية، وهذا الأمر يحتاج إلى الخطوات التالية للتخلص من هذه الظاهرة :
1- علاجٌ من عندك أولاً؛ بحيث تكون لديك إرادة قوية في التغلب على هذه الغرائز وتضبطها حتى وإن لم تفكر في الأمور الجنسية.
2- تهذيب نفسك وتسليحها بالإيمان القوي والعقيدة السليمة وهي زاد المؤمن.
3- أحياناً يكون الفراغ هو الذي يولد الأفكار فأشغل نفسك بما هو مفيد لك.
4- اجعل لنفسك برنامجاً ومنهاجاً فردياً توزعه على فترات طيلة الأسبوع، يكون فيه: المطالعة للكتب النافعة والهادفة ، أو سماع محاضرة قيمة، أو فسحة وذلك من أجل تغيير البيئة.
5- عليك بالصحبة الصالحة التي تذكرك بالله وتعينك على الحق وعلى الطاعة، ولا تبقى لوحدك، فاختر الشباب الطيبين؛ لأن الذئب يأكل من الشاة القاصية المنعزلة.
6- اجعل من نفسك شخصاً إيجابياً وابتعد عن التفكير الذي يقودك إلى المعصية.
7- ابتعد عن مشاهدة الأفلام الهابطة والتي تعيقك عن ذكر الله تعالى وتقسي قلبك؛ لأنك مهما أديت الصلوات ولم تنهك عن الفحشاء والمنكر فلا فائدة.
7- اجعل لسانك دائماً رطباً بذكر الله تعالى، واطلب العون والسداد والتوفيق من الله تعالى بأن يثبتك على الدين ويبعد عنك وساوس شياطين الإنس والجن، وبالله التوفيق.
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/138)
: ... أختي مراهقة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... نجلاء
السؤال
لدي أخت تبلغ من العمر 15سنة، مفتونة بالتسوق وحب الشراء، والاهتمام بالمظهر، أهلي لا يقصرون معها لكن في حدود المعقول، وإذا رفضوا لها طلباً يرون ضرورة رفضه غضبت وذهبت لغرفتها تبكي وتجلس بالساعات فيها دون أن تكلم أحد، في البداية كنا نحاول إرضائها وإقناعها لكن بدون فائدة، فأصبحنا نتجاهلها حتى ترضى من نفسها ، إلا أنها صارت تكرر هذا السلوك كثيراً وعلى أتفه الأسباب ، نرجو إفادتنا في الطريقة المثلى للتعامل معها، إضافةً إلى ذلك فهي عنيدة ولا تحترم من هو أكبر منها ، ولكم خالص الشكر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / نجلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتكم على الحق وأن يشرح صدوركم للذي هو خير، وأن يهدي أختك وأن يعينها على التغلب على تلك التصرفات السلبية، وأن يرزقكم الصبر عليها ومساعدتها في سلوك الطريق القويم.
وبخصوص ما ورد برسالتك: فأحب أن أطمئنك أن هذه التصرفات التي تصدر من أختك تعتبر من سمات مرحلة المراهقة، إلا أنها قوية عند أختك نوعاً ما، وهي مرحلة سنية وسوف تنتهي مع الأيام إن شاء الله، وخير علاج لهذه الحالة إنما هو في
الإقناع ومحاولة تفهم ظروف أختك وتفهمها أيضاً لظروفكم، وشرح وتحليل هذه التصرفات معها بنوع من العقلانية والهدوء؛ لأن سمة مرحلة المراهقة هي التمرد ومحاولة الخروج على المألوف وتحدي سلطان الأسرة غالباً، والانبهار بكل جديد، ومحاولة التقليد، وهذه كلها أمور تحتاج في علاجها إلى نوع من الصبر والحكمة واللين وعدم العنف والتوبيخ والتأنيب، وأرى أن إهمالها من قبلكم وعدم إرضائها حلاً معقولاً ، ولكنه يأتي في الأهمية بعد الحل الأول وهو الحوار والمناقشة الهادئة، وأفضل أن يقوم بها شخص واحد مثلك بعيداً عن بقية أفراد الأسرة ، هذا أولاً، والحل الثاني هو في عدم الاستجابة الفورية لطلباتها، وتركها وحدها إذا ما غضبت حتى تخرج ما في نفسها من توتر وعصبية، فحاولوا مساعدتها بالحوار والنقاش الهادئ ، ثم بالإهمال عند الحاجة والضرورة .
وأكثروا لها من الدعاء أن تتخطى تلك المرحلة على خير وبسلام؛ لأنها من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان في حياته الأولى، وحاولوا ربطها ببعض الأعمال الهادفة أو المحاضرات الدينية أو ربطها ببعض الأخوات الصالحات التي تفضي إليها بما يدور في نفسها، لأن هذا أمرٌ لا بد منه للشباب في مرحلة المراهقة خاصة .
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق والسداد وسعادة الدارين، والله الموفق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/139)
: ... ابني في سن المراهقة وبدأ يتمرد علينا كيف التعامل معه
تاريخ الإستشارة : ... 2005-08-25 14:22:02
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... ام علي
السؤال
لدي ابن في سن 14 سنة ، بدأ يتمرد ويرفض أن يستجيب لنا، يخرج من البيت دون إذن، ويريد أن يتأخر عن البيت، وبدأ لا يحترمني، ويرفع صوته أمامي، كما وأنه دائماً يردد أنه رجل، ويريد أن يسوق السيارة.
فأرجو أن تفيدوني في كيفية التعامل معه؟ لأنني اتبعت كافة الخطوات ولم أجد فائدة، وأخيراً ضربه أبوه لأني دائمة الشكوى عنه، ولأنه أصبح يأخذ السيارة من دون علمنا، وأصبح لا يرد علي بأدب، كما أني إنسانة عصبية جداً، ولا أعلم كيف أتصرف معه!!
وأخيراً يريد أن يخرج مع أصدقاءه من دون أن نعرف من هم!! وعندما أسأله يقول: أنا أعرف أختار أصدقائي.
أفيدوني جزاكم الله خيراً ، وأرجو أن يكون الرد سريعاً قبل أن يضيع ابني بسب سوء تصرفي معه.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم علي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يجعل الصلاح ميراثاً في ذرياتنا إلى يوم الدين.
فإن لكل مرحلةٍ من مراحل النمو خصائصها ومظاهرها، والمربي الناجح يحسن التعامل مع كل مرحلة بحسبها، وأرجو أن يعامل هذا الابن على أنه أصبح رجلاً، فنحاوره ولا نأمره، ونعطيه مساحة للاختيار، ونناقشه بهدوء في نتائج اجتهاداته، ونشجع كل بادرة تحسن، ونقنعه بخطورة قيادة السيارة عليه وعلى الناس، مع ذكر النماذج الكثيرة للشباب الذين استعجلوا أمر قيادة السيارة، فكانت النتيجة الإعاقة الدائمة أو الموت، ولا بد أن نُذكره بلطف أن ذلك مخالف لأنظمة المرور التي يجب علينا شرعاً التقيد بها؛ لما في ذلك من مصالح للبلاد والعباد، ونبين له أن وجود من يخالف النظام لا يجوّز لنا التشبه به، ثم ذكروه بأن المسلم لا يقلد الآخرين في الخطأ والصواب؛ لأنه ليس إمعة يقول: أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت، وإن أساءوا أسأت، ولكن المسلم يوطن نفسه على أن يحسن إذا أحسن الناس ولكن ليس لأجل إحسانهم وإنما لأن الله أمر بالإحسان، ويتجنب الإساءة لأن الله لا يرضاها، وهي لا تليق بمن أسلم وجهه لله، وأرجو أن لا تعلني عجزك أمامه، وتُكثري من الشكوى عليه؛ فقد يدفعه ذلك لمزيدٍ من العناد والتمادي، ويحطم في نفسه حواجز الحياء، ويقلل قيمته عند الناس.
ومن الضروري أن يكون العلاج لطيفاً متدرجاً، ولا أظن أن الضرب ينفع في هذه السن، خاصةً إذا كان أمام الناس، فإن ذلك يدفعه لمزيدٍ من التمرد، ويسقط عنده هيبة المربي، كما أن الضرب هو آخر علاج، ولا بد من استخدامه في إطار ضيق جداً، مع مراعاة شروطه، والتأكد من جدواه وفائدته.
وهذه بعض الأشياء التي تعينكم على السيطرة على الموقف بإذن الله:
1- الاتفاق على خطة ومنهج في تربية وتوجيه هذا الشاب؛ حتى لا يستفيد من التناقضات بين طريقة الأب وأسلوب الأم، مع ضرورة الاتفاق على الأساسيات.
2- استخدام أسلوب الحوار الهادئ، بشرط أن نختار له وقته وأسلوبه المناسب.
3- عدم إخبار الوالد بكل صغيرةٍ وكبيرة؛ لأن ذلك يضعف شخصيتك عنده.
4- مصادقة هذا الشاب؛ لأن الابن إذا وصل هذا العمر فلا بد من مؤاخاته، قال عمر رضي الله عنه: (لاعب ابنك سبعاً وأدبه سبعاً واصحبه سبعاً).
5- إشعاره بحاجة المنزل لوجوده وسعادتكم بقربه.
6- احترام أصدقائه واختياره، مع تحذيره من أصدقاء السوء، ومناقشته في الأسس الصحيحة لاختيار الأصدقاء، وليس صحيحاً النقد المباشر لأصدقائه.
7- الوضوح والمكاشفة في التعامل معه، وعدم التجسس عليه، فإن المتابعة لها عدد من الصور منها ما يلي:
أ- المتابعة البوليسية "طريقة التحقيقات" وهذه فاشلة جدّاً، وتعلّم الأبناء الكذب، وترسخ في نفوسهم العناد، وتحطم الثقة في أنفسهم، فلا ينبغي أن نقول له: مع من كنت؟ وماذا كنتم تفعلون؟ ولماذا؟...الخ.
ب- المتابعة الخفية دون أن يشعر، وهذه لا بأس بها إذا كان المربي حكيماً في المعالجة، مع ضرورة التغافل عن الصغائر، وتشجيع وتضخيم الإيجابيات.
جـ تعويد الابن على مراقبة الله، والمبادرة بطرح أفكاره، والأشياء التي يريد أن يفعلها، والأخذ والرد حولها، ورغبته في متابعة وتقويم الأسرة، وإذا وصلنا إلى هذه المرحلة سلمنا من شرور أصدقاء السوء، ونجحنا في بناء عناصر الثقة في نفسه والنجاح في وجود الثقة، مع شيء من الحذر.
8- الترحيب بأصدقائه وملاطفتهم؛ حتى نتمكن من معرفتهم عن قرب، ولكي نأمن من سلبيات وشرور الصداقات الهاربة.
9- إيجاد برامج بديلة عن برامج الرفاق، كاصطحابه إلى العمرة، وزيارة الأرحام، وتكليفه ببعض المهام، كمرافقة الوالدة عند خروجها إلى محارمه، ومشاورته في أمور المنزل، والأخذ برأيه، والثناء على ذوقه واخيتاره.
10- عدم اللجوء إلى الضرب؛ لأنه يزيد من نفوره، ويحطم شخصيته إذا كان أمام إخوانه أو زملائه، كما أن الضرب هو آخر العلاج، ولا بد قبل استخدامه من التأكد من جدواه ، وتجنب آثاره السالبة، وعدم اتخاذه عادة، وأن لا يصاحبه توبيخ وإهانة.
11- التعامل معه بمهارةٍ وفهم، مع كثرة الدعاء له.
12- استخدام حاسة اللمس والمسح على رأسه وأعلى ظهره يشعر بحبنا وفخرنا به.
13- الاهتمام بالدوافع الكامنة وراء تصرفاته، والتي منها حب الظهور، أو الرغبة في الاعتراض أو المحاولة والتجربة، وقد يكون الدافع هو شعوره بالنقص.
14- مراعاة خصائصه الفردية واصطحابه الخلفيات الوراثية.
15- عدم التعامل معه بعصبية وحدة؛ لأن ذلك يدفعه لمزيد من الهروب والعناد.
16- ربطه بالله، وتحريضه على المحافظة على صلواته وذكره لله.
17- تذكيره ببر والده والإحسان إليه، على أن نقوم بتعريفه بمنزلة الأم وحاجتها إليه.
والله ولي الهداية والتوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/140)
... لا أدري ماذا حل بأخي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... W.M
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
المشكلة تتعلق بأخي.
لا نعلم نحن عائلته ما الذي حل به فجأة!!! لقد كان مثالاً للشاب المطيع، لكن فجأة انقلبت حاله، وأصبح يُكثر من السهر خارج البيت، وقد ينام خارج البيت ولا نعلم أين هو، مع أن أبي اشترى له هاتف نقال لنطمئن عليه، لكنه لا يرد علينا، كما أنه قام بسرقة مبلغ بالآلاف ولم يهمه ذلك، اختفى لعدة أيام ثم عاد، وكأن شيئاً لم يكن، أصبح يصيح بأبي وأمي، وقد تجرأ إلى أن رفع يديه عليهما، ورمى ببعض الأغراض، كذلك قام بضرب إخوتي الصغار، وبحكم دراستي بالخارج فإنني لا ألتقي به إلا قليلاً.
أضيف أنه يكثر من استماع الأغاني، ويتهرب من الصلاة، ولا يؤديها إلا إذا جريناه إليها جراً، دخلت عليه ذات مرة فجأة وهو جالس على الكمبيوتر فإذا به يشاهد صوراً خليعة، فحذرته وذكرته بعقاب الله، وقال لي أنه لن يعود إلى ذلك ، ولكن الآن أصبح الأمر عنده عادي، ولا يهمه شيء.
ما العمل، وما الحل ليعود إلى صوابه؟
أُحب أن أضيف أني أشك في أصحابه الجدد، فلقد وجدته مرة وهو معهم وهم يدخنون، والحقيقة أن أشكالهم لا تُطمئن، ولقد وصل به الأمر إلى أن رفع علي سكيناً حينما كلمته عن هؤلاء .
أعينوني في محاولة إقناعه بالابتعاد عن هؤلاء، ما الحل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ W.M حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
نسأل الله أن يصلح هذا الفتى وأن يرده إلى صوابه، وأن يعين الجميع على ذكره وشكره، وأن يرزقنا وإياكم الرشاد والسداد .
الصاحب ساحب، وقل لي من تصاحب أقل لك من أنت، وفترة المراهقة لها جوانب ينبغي أن نهتم بها، فلا يصلح فيها أسلوب التهديد والمعاملة القاسية، ولكن الصواب أن نصاحب أبناءنا في هذه السن، ونركز على إقناعهم والاستماع لآرائهم، ونحترم مشاعرهم، لأن الشاب في هذه المرحلة يريد إظهار شخصيته، ويحاول أن يتنصل من ضعف مرحلة الطفولة، ومن معالم المنهج الإسلامي في التربية أن نلاعب أطفالنا سبعاً ونؤدبهم سبعاً ونصحبهم سبعاً، فإذا زاد عمره عن أربعة عشر عاماً فينبغي أن نعامله معاملة الصاحب، فلا نزجره أمام الناس، ولا نفرض عليه آرائنا، وإنما نجتهد في تشجيع الإيجابيات وتنميتها ، والتنبيه بلطف إلى السلبيات كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عمر عندما قال له: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) فترك هذا التوجيه النبوي اللطيف آثاراً غامرة في نفس ابن عمر فكان لا ينام من الليل إلا قليلاً.
ولا بد للأسرة من القيام بدورها، وعلينا أن نبحث عن سبب الهروب من المنزل، وعلينا أن نرحب بأصدقائه إذا جاءوا للبيت، فالخوف من الصداقات الهاربة التي تختفي في ظلمة الليل وتبتعد في البراري، والأب الناجح يتفقد أبناءه عند الأذان وعند الطعام وعند المنام، ويسأل أبنائه بلطف عن المكان الذي يذهبون إليه ويسهرون فيه، ولا تفضل هنا الطريقة (البوليسية) يعني طريقة التحقيقات، لأنها تعلم الكذب ولا يرتاح لها الشباب في هذه السن، وعلينا أن نوفر البرامج البديلة مثل صلة الأرحام والسفر إلى البقاع الطاهرة، ونُشعر هذا الفتى بحاجتنا إليه وانتفاعنا بوجوده بيننا، ونحمله بعض المسئوليات، ونذكره بضرورة وجود رجل في البيت يحرس الدار ويصون العرض.
ولا شك أن الغياب عن البيت يترك أكثر من علامة استفهام، وهذا أمرٌ له خطورته خاصة إذا كان المبيت خارج المنزل، ولا بد من معرفة الرفقة التي تسهر معه
والبرامج التي يسهرون عليها، والأمر في البداية يمكن علاجه، ولكن إذا أُهمل فسوف يصعب العلاج، ولا ينفع عند ذلك الندم.
وأنت شابٌ قريب من سنِّه فعليك بالتعرف على أصدقائه، ولا تطلب منه تركهم أو تتكلم معه عنهم بكلام جارح، ولكن إذا وجدت عندهم أخطاء فاختار الوقت المناسب لبيان تلك السلبيات، واطلب منه أن يقلل من الجلوس معهم حتى لا يتأثر بصفاتهم، وقدم نصائحك بلطف لهم جميعاً، وقل لهم كلنا شباب ونعرف ما يحتاجه الشباب، ولكن المسلم يتقي الله ويبتعد عن الأشياء التي تغضب الله، وتحكي لهم قصص لاعترافات شباب عادوا إلى الله وندموا على تفريطهم في جنب الله، وتطلب منهم الحضور للمنزل ، وتجلس معهم وتحاورهم بلطف، وهذا بلا شك يسعد هذا الأخ ويعيد له الثقة في نفسه.
وأرجو أن يكثر الوالدين من الدعاء له بالهداية، واختيار الأوقات الفاضلة لنصحه، ومن الضروري جداً توحيد المنهج التوجيهي فلا يأمره الوالد بشيء وتطلب منه الأم خلاف ذلك؛ حتى لا يستفيد من هذا التناقض، والصواب أن يكون هناك تنسيق تام وتوزيع للأدوار في جانب التوجيه.
وأرجو أن تعطيه جزء من وقتك وتهتم به حتى بعد سفرك بملاطفته والسؤال عن أحواله والاتصال عليه من حين إلى آخر.
وافتح صدرك له، وكن مستمع جيد لتعرف ما يدور في خلده، وأمنحه الثقة في نفسه واتخذ معه أسلوب المصارحة، واجعل السلبيات بينك وبينه.
وأحذركم من استخدام الكلمات الجارحة فإن آثارها مدمرة.
ولا شك أن الصور الخليعة في غرفته الخاصة لا تقل من خطورتها وآثارها عن أصدقاء السوء، فاجتهدوا في النصح والتوجيه وذكروه بآثار هذه الشرور والعياذ بالله، وساعدوه على الانتظام في الصلاة.
اطلب من الأخيار أن يزوره خاصة في الأوقات التي تسبق الصلوات حتى يجد من يشجعه على المواظبة، واحرص على إدخال الكتب النافعة والأشرطة المفيدة لتكون بديلاً لأشرطة الغناء.
ولا تكرروا اللوم عليه حتى لا يألف ذلك، فتهون عنده المخالفات، ولكن عليكم باختيار الأوقات الفاضلة والكلمات اللطيفة، وخاطبوا عقله حتى يعترف بأضرار هذه المخالفات عليه في الدنيا والآخرة، فيتركها عن قناعة.
واجتهدوا في إبعاده عن رفقاء السوء المدخنين، فإن السجارة هي الباب الرئيسي الموصل إلى المخدرات والشرور، فلن يقف الأمر عند هذا الحد مع خطورة التدخين وحرمته في شريعتنا، وليكن ذلك برفق، فالكلام عن أصدقاء السوء يصعب عليه احتماله، وفيه هدم لشخصيته وفرض للوصاية عليه، وهذا الذي يجعله يتوتر، وإذا شعر الأصدقاء بذلك فسوف يحرضوه على التمرد والمخالفة.
نسأل الله له الهداية والثبات والسداد، وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/141)
: ... تقدم لخطبتي شاب وأنا متعلقة بغيره
تاريخ الإستشارة : ... 2005-09-06 11:36:16
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... حنان
السؤال
تقدم لخطبتي شاب ، وأنا أحب شاباً آخر، وكثيرة التفكير فيه، علماً بأن أهلي لا يحبون الشخص الذي أحبه لعدة أسباب؛ منها: أنه لا وظيفة له، ويقولون لي بأن الزواج منه مستحيل، وقد تقدم لخطبتي ورفضوه، ولكنه لم ييأس، ويقول بأنه يحبني (هم لا يعلمون أني أحبه).
عندما أفكر بعقل، فإن الشاب الذي تقدم لخطبتي هو الأفضل ولكن حبي هو لشخص آخر، فهل من الممكن أن أعيش حباً آخر إذا وافقت عليه وتركت حبي الأول؟ وهل سأستطيع أن أنسى؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يهدينا لما يحبه ويرضاه، آمين.
ابنتي، إن الله تعالى قد وضع للإنسان منهجًا يسير عليه في حياته وبين له كل ما يحتاجه في دينه ودنياه، ومن ذلك كيف تختارين شريك حياتك؛ فقد بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن يكون ذا خلق ودين، وعندما بين الله تعالى أسس الاختيار وحدها في الخلق والدين يعلم سبحانه أن الحياة الزوجية لا تستمر مع صاحب المال فقط ولا صاحب الجاه ولا صاحب الوظيفة إنما تستمر مع من له خلق ودين لأنه سيراقب الله تعالى قبل أن يراقب غيره ويتقي الله في زوجته فلا يظلمها ولا يسيء إليها.
ومن هنا فاعلمي أن تعلقك بالشاب الأول إن لم يقم على اختيار صحيح يبنى على الخلق والدين فهو اختيار مرفوض، فمجرد تعلقك به وحبك له ليس هذا مقياسا؛ أولا ـ لأنك شابة في طور المراهقة، وهذه المرحلة يسيطر عليها الجنس أكثر من أي شيء آخر، ثانيًا ـ أنت نظرت إلى ظاهره والظاهر لن يدوم بل يزول ويبقى الجوهر وهو الأخلاق والسلوك، ومن هنا فعليك أن تنظري نظرة مجردة فأيهما ذو خلق ودين فاختاريه وأقنعي أهلك به، فإن تساويا فطاعة لأهلك اختاري الثاني فتكوني جمعت بين الاختيار الصحيح ورضا الأهل.
أكثري ـ ابنتي ـ من الاستخارة والدعاء والرجوع إلى الله بالتوبة ونوافل الأعمال وسوف يعينك الله على الصواب.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد محمد نصر الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/142)
أعاني من كثرة الاحتلام فهل من حل
تاريخ الإستشارة : ... 2005-09-28 12:56:52
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... علاء زهير حسين
السؤال
إنني أعاني من نسبة احتلام كبيرة، ولا أعرف الحل للتقليل منها أو بالأحرى التخلص منها نهائيا؛ لذا أرجو أن تعطوني حلا لها.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
كثرة الاحتلام في هذا السن طبيعية، فأنت في سن المراهقة، ولكن لتخفيف ذلك عليك بالابتعاد عن المثيرات الجنسية ، سواءً مشاهدة القنوات الفضائية أو المجلات، أو قراءة القصص المثيرة، كذلك الابتعاد عن الأماكن التي يكثر فيها الاختلاط ، والصحبة التي تُكثر الحديث عن الجنس ، وعدم التفكير في الجنس قبل النوم، وعليك بإشغال نفسك بما هو مفيد من أنشطة وهوايات، وممارسة الرياضة بشكل يومي، وقراءة القران والأذكار قبل النوم.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أسعد المصري
ـــــــــــــــــــــــــ(110/143)
أخي وتصرفاته الشاذة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... سليمان
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو من فضيلتكم إيجاد حلٍ عاجل لأخي الشاب الذي يبلغ عمره 16 عاماً، وهو ذكي بتصرفاته ، ويستعمل الحيلة دائماً، وفي العام الماضي غفلنا عنه وذهب مع شباب سيئين -هداهم الله- وعلمنا بالأمر وأبعدناه عنهم، ووجدناه في تلك الفترة يعمل العادة السرية، لكن وجهناه وبدأنا نشغله عن ذلك ، ونحاول نسيان الأمر وأنه تغير، لكن في هذه الأيام اكتشفنا أنه يبول في النافذة ولا نعلم ما الأسباب ، أرجوكم أفيدونا ما هو السلوك الذي يجب أن نتعامل به معه.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سليمان حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
أخي سليمان اطمئن فأخيك يحتاج إلى بعض التوجيهات والإرشادات لتعديل سلوكه، ولا يمكن أن نستعمل معه العنف أو الشدة، ويجب أن تعلم أنه الآن في مرحلة
المراهقة وهي المرحلة إنسانية طبيعية إنتقالية إيجابية من الطفولة، أي الرجولة تلحظ فيها تغييراً في شكل الجسم وأسلوب التفكير وكذلك التعامل مع الانفعالات وتكوين العلاقات وانتقاء الكلمات والعبارات.
وفترة المراهقة لا تخلو من عثرات بسبب حدة الانفعالات وعدم النجاح أحياناً في الحياة.
ولكن أريد أن أوضح لك أمراً وهو أنه لا يمكن أن يكون تصرف أخيك عشوائياً، لابد من وجود دوافع جعلته يسلك هذا الفعل سواءاً كان عدم تلبية لرغاباته، أو عدم الاهتمام به في البيت وتهميشه، وقبل أن نبحث عن العلاج فلا بد من التحقيق في سبب هذه المشكلة ويتم ذلك باتباع أربع خطوات هي:
- إبدأ بالإستماع إلى مشكلة الولد.
- السعي مع الولد إلى الوصول المشترك إلى الحل.
- ساعده على اختيار إحدى الأفكار والاحتمالات المقترحة.
- حدد معه وقتاً لعملية تنفيذ الحل.
فبإتباع هذه الخطوات الأربع تستطيع بإذن الله تعالى أن تحدد المشكلة وتجد لها الحل، ولا يكون عملك عشوائياً، واجعل لأخيك طريقاً إلى الحقيقة أقصد إلى الفضفضة يصارح فيه ذاته ويصارح بها غيره بما يجول في نفسه، وفيها يتم خلع كل سلوك مزعج.
ولابد لأخيك في هذه المرحلة:
- أن يعرف نفسه ويفهمها جيداً ويعرف عيوبه وسلبياته، ويعرف كيف يستثمر قدراته وطاقاته من خلال التخطيط السليم.
- أن يختار الصحبة الصالحة تعينه على الخير وتبعده عن الشر.
- واجب على الوالدين عدم تهميش ولدهما وأن يشاركاه الرأي والقرار حتى يحس أنه منتمي إلى الأسرة.
- يجب أن يعرف أنه محاسب على أفعاله وأقواله.
- يجب أن يغض بصره ويحفظ لسانه وسمعه وأن يفرق بين الحلال والحرام.
- أن يقبل النصيحة والنقد من أي شخص وخاصة من أخيه الذي يحب له الخير.
- يجب الطاعة للوالدين ولمن يكبرني سناً.
فبهذه الخطوات تستطيع أن توضح له ما له وما عليه، وبها يبتعد عن السلوك الشاذ، ويصبح شخص إيجابي.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/144)
: ... كيف أكّفر عن خطيئتي ؟
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... محمود على
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله .
مشكلتي تتلخص في أنني مع بداية سن المراهقة لم أجد أحداً يوجه سلوكي في هذه الفترة من حياتي التوجيه السليم، عرفت العادة السرية دون أن أتعلمها من أحد، وكنت أمارسها بشراهة دون أن أجد من ينصحني ، وفي هذه الفترة حدث أمر يؤرقني ويحدث لي الإحباط كلما أردت التوبة فأعود إلى المعاصي بسرعة، بدأ هذا الأمر عندما سمعت أبي يتحدث مع أمي عن جارة لنا لا ترتدي ملابس مناسبة عندما تخرج للبلكون كي تقوم بتنشير الغسيل، بل ورأيت أبي أكثر من مرة ينظر من خلف الشباك ليراها بهذه الحال، كما أن أناس كثيرون في شارعنا كانوا يتحدثون عن هذه المرأة وعن حالها الغريب، المهم أنني بعد أن رأيت أبي وهو يتابعها وأنا في بداية المراهقة قررت أن أنظر إليها من خلف الشباك، وفعلاً قمت بهذا، وفعلاً كان صحيحا ما قيل عنها، وبسرعة تحول الأمر إلى داء تمكن مني، وبعدها لم يقتصر الأمر على هذه المرأة، بل كان هناك نساء من الجيران حولنا يخرجن بملابس غير مناسبة تكشف الذراع والرقبة وربما غير ذلك، وبعضهن كن يغنين بصوت مرتفع أثناء التنشير، بعدها بقليل بدأت تلك النساء تلاحظني أثناء تطلعي لهن من خلف الشباك، وبسرعة افتضح أمري وأصبحت معروف في المنطقة بما أفعل، وأصبح أناس كثيرون يعرفون أمري غير أن أحد لم يحدثني أو يحدث أبي في هذا الأمر، لكنهم كانوا يكتفون بأن ينظروا إلي باحتقار أو يبصقوا على الأرض عندما يروني، وحالياً تركنا منزلنا وسكنا في مكانٍ جديد، ولكن كل ما يتعبني أني عندما أريد التوبة أتذكر أني آذيت النساء اللاتي كن جيراننا في الماضي ولا أعلم كيف أستسمحهن، كما أن موقفي سيكون حرجاً للغاية إذا ذهبت لمنازلهم لأعتذر لهن، وقد علمت أنه إذا أردت التوبة فلا بد من رد المظالم إلى أهلها ، فماذا أفعل كي أكفر عن خطيئتي ويقبل الله توبتي؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن ا المبارك/ محمود علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعلك من عباده وأوليائه المقربين.
وبخصوص ما ورد برسالتك في موضوع العادة السرية وكيفية التخلص منها، فأنصحك بالرجوع إلى الاستشارات السابقة، والاستفادة من الإجابات الواردة، وهي كثيرة، وستساعدك إن شاء الله؛ إلا أنني أحب أن ألفت نظرك لأمرٍ هام جداً، وهو أن الأمر يتوقف على قرارك أنت شخصياً، ومهما قدمتُ لك من النصائح فلم ولن تستفيد منها إلا إذا قررت فعلاً أن تتخلص من هذه العادة القبيحة، وأنت قادرٌ على ذلك بإذن الله تبارك وتعالى؛ لأن الله هيأك لهذا، وأعطاك القدرة عليه، فأعزم وتوكل على الله، وسوف تتخلص من جميع الذنوب والمعاصي بسهولة ما دمت قد قررت ذلك، وعليك
مع ذلك وقبله بالدعاء والإلحاح على الله أن يتوب عليك، وأن يتقبل منك، وأن يثبتك على تلك التوبة.
وأما عن موضوع توبتك من النظر للنساء من جاراتك القدامى، فاحمدِ الله حمداً كثيراً ومن أعماق قلبك أن منّ عليك بتغيير البيئة ومكان السكن، وهذه يا ولدي من رحمة الله بك، وكل الذي عليك الآن أن تتوقف عن هذه العادة السيئة المحرمة، وأن تأخذ القرار الجريء على ذلك، وهذا هو أهم شروط التوبة، ثم تكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة ، ولا تكشف سرك لأي أحد، واجعل الأمر بينك وبين الله، وإن صدقت توبتك سوف يتوب الله عليك ويغفر لك؛ لأنه سبحانه يحب التائبين، فاحرص أن تكون منهم، ولا تذهب إلى هذه الأسر أو إلى غيرهم، واستر على نفسك، وواصل التوبة والاستغفار، واجعل لك ورداً يومياً من القرآن الكريم ، وحافظ على صلاة الجماعة، وحضور مجالس العلم، والتعرف على الشباب الصالح الملتزم المعتدل، وإن شاء الله سوف تكون في أحسن حال.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/145)
ما علاج هذه البنت التي لا تطاق؟
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات نفسية
السائل : ... ---
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فحبذا لو تساعدونني في هذه القضية: امرأة لها بنت عمرها الآن (10) سنوات، وفي هذه البنت أشياء لا تطاق؛ مما أدى بأمها أن عدتها حالة مأساوية، وعذابا من الله، أخبرك عن البنت:
- لا تطيع: لا أمها، ولا أباها، ولا إخوتها.
- تعاند أمها.
- تريد أشياء لا تريدها أمها، وأشياء أخرى...
إن جئتها بالطيب والكلام الطيب، لا تقنع، وإن جئتها بالسيء، مثل الضرب أيضاً، لا تقنع، تتكلم عنها الأم كلاماً لا يطيقه أحد، ولا يؤثر فيها! هل هذه الحالة مراهقة مبكرة، أم طفولة عنيدة، يعني: هل ستستمر حالتها أبدا، أم هذه فترة عابرة؟ وهل هذا التصرف نتيجة حرمانها الذهاب إلى أماكن تريدها (كالجيران، والدكان، والمخيمات المختلطة)، وحرمانها الاختلاط مع الأولاد، أم ماذا؟
نرجو المساعدة في أقرب وقت ممكن، والسلام عليكم!.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
هذه الحالة التي ذكرتها عن ابنتك هي ما يسمى في مصطلح علم النفس بالعناد والتمرد، وهذه حالة طبيعية عادية، تبدأ منذ الطفولة الأولى، وتمتد إلى مرحلة المراهقة، وهي وسيلة لإثبات الذات وبنائها، وشد أنظار الآخرين والتأثير عليهم، وقد تكاد تكون هذه المشكلة من أهم المشاكل التي تواجه الآباء، وتتطور أشكال العناد من مرحلةٍ إلى أخرى، وقد ترجع أسباب هذه الظاهرة إلى:
1- الرغبة في تأكيد الذات من البنت.
2- نتيجة فرض قيود مشددة على سلوكيات البنت في الأكل والملبس والخروج والدخول.
3- وضع قيود ضد رغبات البنت في ممارسة اللعب، وتدخل الأهل في حياتها الشخصية وإفسادها.
4- إهمال الوالدين للبنت، وتركها معزولة في البيت، وعدم اصطحابها في زياراتهم.
كل هذه السلوكيات قد تؤدي بها إلى التمرد والعناد وعدم سماع الكلام، وهنا يحتاج الأمر من الأب الأم الحكمة في علاج هذه المشكلة، وأهمها:
1- عدم استعمال القسوة في تربية البنت.
2- اعلم أن العناد لا يُقاوم بالعناد، فعلى الأب أن يحاول إقناع ابنته بما هو صحيح وبما هو خطأ، وبأسلوب مشوق لا كراهية فيه.
3- على الأب أيضاً أن يعطي ابنته نوع من الحرية في اللعب مع زميلاتها، ولكن مع المراقبة.
4- على الأب كذلك القيام بمصاحبتها إلى المنتزهات والأماكن العامة، وتلبية رغبتها في شراء بعض ما تحتاجه دون أن يكون مكلفاً.
5- وعليه أن يشجعها ويقدم لها هدايا من حين إلى آخر تكريماً لها على ما تقدمه.
6- على الأم أيضاً أن تقوم بدورها، وأن تُصاحب ابنتها، وتعلمها من أمور البيت ما يُشغلها عن أمور أخرى.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/146)
مشكلة الخطوط البيضاء على الجلد
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... أمل
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
مشكلتي أنني أشكو من خطوط التمدد البيضاء على كل جسدي حتى وصلت للوجه ، علما أنني محافظة على وزني لمدة طويلة وهو 50 كيلو جرام ، وقمت بإجراء التحاليل اللازمة للغدد وكانت سليمة ، ولم يستطع أي من الأطباء الذين راجعتهم معرفة سبب هذه الخطوط البيضاء التي تنتشر في جسمي وتسبب لي ألما نفسيا شديدا
، أرجو أن ترشدوني إلى كيفية إيقافها إذا لم يكن بالإمكان معرفة سببها والتخلص منها.
وشكرا
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إن هذه الخطوط البيضاء أو تفتيح الجلد ما هي إلا نتيجة لشد مفاجئ وسريع في الجلد يؤدي إلى تمزق في الطبقة الثانية للجلد، وهي أكثر حدوثاً في الفتيات، خاصةً في فترة المراهقة وبداية فترة النضوج نتيجةً للنمو السريع.
للعامل الوراثي أو لطريقة ترتيب ألياف الكولاجين في الجلد أو لكثرة استخدام الكورتيزون أثر في ظهورها.
طريقة علاجها:
ليس لها علاج حتى الآن، ولكن لا تتأثري لذلك، فإنها مع الوقت تصبح أقل وضوحاً، ونصيحتي لك بأن تحافظي على وزنك دائماً دون زيادة مفرطة؛ وذلك لوقف انتشارها، وأيضاً لا تمارسي أي نوع من الرياضة يؤدي إلى زيادة كتلة العضلات في أماكن معينة من الجسم.
استخدام فيتامينات خاصة أ، ج ، وحديد ومواد مضادة للأكسدة للمحافظة على صحة بشرتك، والله الموفق.
المجيب : ... د. أسعد المصري
ـــــــــــــــــــــــــ(110/147)
كيف نتعامل مع فتاة تقول أنها مغرمة بشاب بالرغم من صغر سنها
تاريخ الإستشارة : ... 2005-12-31 02:02:59
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... halima
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
في الواقع هذه ثاني مرة أعرض فيها طلب الاستشارة.
المشكلة لأختي حيث تقوم بتدريس مجموعة من الفتيات وفوجئت بإحداهن تخبرها بأنها مغرمة بفتى ولا تعرف كيف تتصرف معها؟ خصوصا وأنها أخبرتها بمسمع فتيات أصغر منها, العمر لا يتجاوز 11سنة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ halima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك وفي أختك، ونفع بكن بلاده والعباد، وأصلح لنا ولكن النية والأولاد، ونسأله تبارك وتعالى أن يلهمنا رشدنا وأن يرزقنا السداد، وأن يفقهنا في ديننا وأن ينجينا يوم المعاد.
فإن هذا التصرف ثمرة طبيعية لزلزال العواطف المحرمة التي تبثها وسائل الإفساد، والتي لم تسلم منها حتى برامج الأطفال ورسومهم المتحركة، وهو أمرٌ يُزعج أصحاب الفطر السليمة من كل الملل، وهذه امرأة فرنسية تقول: (إنني أكاد أحطم جهاز التلفاز عندما أجد طفلي يحملق في مناظر مخلة بالشرف، وأكاد أُصاب بالجنون عندما أرى ابني يستمع إلى كلمات ماجنة تؤديها امرأة عاهرة وبحركات سافلة)، نسأل الله أن يحمي شبابنا، وأن يحفظ أعراضنا، وأن يردنا إلى صوابنا، وأن يرد كيد تجار الغرائز إلى نحورهم، قال تعالى: {والله يُريد أن يتوب عليكم ويُريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً}.
ولا يخفى عليك أن الإسلام دينٌ يربي على العفاف والطهر، ويغرس شجرة الفضيلة في كل بيت وقلب، والمسلم عفيف في ألفاظه محكومٌ بدين الله في أعماله وتصرفاته.
وللإسلام منهج في التربية على العفة والطهر، يستعمل فيه الإشارة التي تغني عن العبارة، ويكتفي بالتلميح عن التصريح، ويتخذ أسلوب القصص رفعاً للحرج، ويطرح الثقافة الجنسية في وقتها المناسب وبأسلوبها المناسب، فيراعي بذلك عمر المتلقي وثقافة المجتمع، والأم الناجحة تهيئ فتاتها لمرحلة الأمومة، وتبين لها التغيرات المتوقعة والضوابط الشرعية للتعامل مع تلك التغيرات، وكيف تتعامل مع أعضائها؟ وكيف تتصرف في حيضها؟ وكذلك الأب الناجح مع أولاده، وأرجو أن نحرص على غرس شجرة الحياء، والتربية على الغيرة، وبيان خطورة الانحراف.
ونحن ننصح المدرسات بالتأسي برسولنا صلى الله عليه وسلم الذي جاءه الفتى يستأذنه في الزنا !!! فزجره الصحابة وهموا بضربه، لكن رسولنا صلى الله عليه وسلم لم يزجر الفتى ولم ينهره، ولم يقل اقتلوه أو احرقوه، بل قال: (ادنه -فلما دنا من النبي صلى الله عليه وسلم، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أترضاه لأمك؟ فقال: لا يا رسول الله جعلني الله فداك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ....إلخ) فربى فيه معاني الغيرة، ووضع يده صلى الله عليه وسلم على صدر الفتى ودعا له فقال: (اللهم اغفر ذنبه، وحصن فرجه) فما فكر الفتى بعدها في الفحشاء أبداً، ويا لها من تربيةٍ عظيمة من رسولٍ ما رأت الدنيا معلماًً قبله ولا بعده أحسن منه تعليماً.
فكوني يا أختي مستمعة جيدة، ثم اصدقي في توجيهك، وأخلصي في إرشادك، وتخيلي يا أختي لو أن رسولنا صلى الله عليه وسلم عاقب الفتى وزجره، فإنه سوف ينفر من الدين ويكره العفاف، وسوف يخفي مثل هذه الخواطر السيئة لتكون بركاناً لا يُستأذن عند انفجاره، كما أن قسوة المربي وخطأ المعالجة لا يشجع الآخرين على ذكر ما يدور في أنفسهم، وليس في كبت الخواطر والسكوت عليها مصلحة لأحد، وليت كل مربٍ وأب يُعطي طلابه الفرص لإظهار ما في نفوسهم حتى نربيهم على الوضوح ونحصنهم من وسائل الشر والجنوح.
وأرجو أن تشتمل معالجتك للموقف من عدة جوانب:
1- لا بد من تقديم نصيحة للجميع، والتحذير من مثل هذه الكلمات وبأسلوبٍ يناسب أعمار الطالبات، مع ملاحظة أننا في زمانٍ أصبحت فيه سن المراهقة والبلوغ متقدمة، بل إن طفل العشر سنوات يعرف ما لا يعرفه أهل العشرين في زماننا، فنحن في عصر عولمة الفواحش وشيوع العواطف المحرمة.
2- تقريب هذه الفتاة والاهتمام بها عاطفياً، والاجتهاد في معرفة واقع أسرتها، والإطلاع على مصادر ثقافتها حتى نتمكن من إعطاء الجرعة المناسبة لعلاجها.
3- بيان أحكام الحلال والحرام بصورةٍ تناسب الأعمار.
4- عزل الفتيات الكبيرات عن الصغيرات، فإنه من الخطأ تربوياً أن يكون هناك تفاوت في أعمار طلاب الصف الواحد.
5- التعامل مع مثل هذه الأشياء بهدوء وتجنب التوبيخ .
والله ولي التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/148)
ابنة صديقتي لا تحترم أمها ولا تتفاهم معها فما الحل
تاريخ الإستشارة : ... 2005-12-31 02:01:50
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... SAWSANE
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أكتب إليكم راجية من الله أن أجد الحلّ بأيديكم.
اشتكت لي صديقتي من ابنتها التي تبلغ من العمر 15 سنة، تصرفاتها عنيفة جدّا معها لدرجة أنها تفلت على وجهها، ابنتها هذه لم تكن من البنات اللواتي كانت لهن حرية شخصية كبيرة منذ طفولتها, ذلك لأنّها تربت في كنف أسرة محافظة جدّا, في بيت يسكن فيه الجد والجدّة, الابن الأكبر وزوجته وابنيه والابن الأصغر وزوجته التي هي صديقتي وبناتها.
الجو في هذا البيت تسوده الصرامة حيث الجميع يهاب الجدّ ونساء البيت لا يصح أن يسمع صوتهن عندما يكون في المنزل لشدّته وصرامة طبعه.
وهي الآن في سن المراهقة, تجد أمها صعوبات شديدة في التعامل معها, لا تحترمها, ولا تشاركها في أعمال البيت, ولا حتى في ترتيب غرفتها، وحين تأمرها أمها بغسل ثيابها المتسخة والمتراكمة, تتركها في إناء الماء إلى أن تأتي أمّها فتضطر هذه الأخيرة إلى غسل الثياب.
المُلاحظ أن ابنة صديقتي هذه, متفوقة في دراستها ولديها أسلوب رائع في كتابة الشعر, وعندما سافرت أمّها إلى مدينة أخرى, لأسباب شخصية, كتبت فيها شعرا مؤثرّا عن حبّها واشتياقها إليها، وهذا تناقض كبير بين شِعرها والحقيقة، مع أبيها هي أكثر احتراما بالنسبة لتعاملها مع أمِّها، في محاولة لإيجاد حلٍّ, عرضتها أمّها على طبيبة نفسية, إلاَّ أنّها لم تتوصل معها لحل، وذلك لأنَّها لا تقبل التكلم والحوار معها،
وقالت الطبيبة لصديقتي أنَّ ابنتها طبيعية ولا توجد معها مشكلة نفسانية سوى أنها لا تريد الحوار مع أيِّ شخص.
حاليّا صديقتي لا توّجه لابنتها الكلام, لأنَّها أصبحت لا تحتمل قلَّة احترامها, لكن هذا لم يؤثر فيها، ما هو الحلُّ؟ نناشدكم أن تنصحونا وتوَّجهونا إلى الحلَّ السديد, و جزاكم الله عنَّا خير الجزاء.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ SAWSANE حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يُصلح لنا ولكن النية والذرية، وأن يلهمنا رشدنا ويُعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدنا، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يجعلنا للمتقين إماماً.
فإن تصرفات هذه البنت لا تدل على كراهيتها لأمها، لكنها تعبيرٌ عن كثرة القيود المفروضة، وإشارة إلى أنها أصبحت أكبر من التوجيهات الكثيرة، فهي امرأة تفهم وتعرف الكثير، وهذا جزء من طبيعة هذه المرحلة التي لا تؤدي فيها التعليمات والأوامر إلا إلى مزيدٍ من العناد، فمرحلة المراهقة تتميز بالتسرع والتفلت والتردد والتمرد، ونجاح المربين يكون بتهذيب وفهم هذه التغيرات، ومن هنا فلا بد من استخدام أسلوب الحوار الهادئ، مع ضرورة اختيار الأوقات المناسبة، فليس مُناسباً أن نحاورها عن جدوى ذهابها إلى السوق بعد أن لبست ثيابها وهيأت نفسها للخروج، وليس صحيحاً محاورتها عن هذا الأمر أمام صديقاتها أو في وقت جوعها أو انزعاجها.
ولا شك أن الكبت والشدة الزائدة تولد العناد والتمرد، وإذا قيدنا حركة الطفل وحرمناه من اللعب والكلام والحركة، فإن هذا يعطل الكثير من مواهبه، ويؤخر مسألة التمرد ولا يذهبها بالكلية، وقد يكون الانفجار مع مرحلة المراهقة، وخيرٌ لنا أن نترك الطفل يأخذ حريته في وجودنا وحياتنا حتى نتمكن من توجيهه وتصويبه، وإذا لم يحصل هذا فإن الطفل سوف يُظهر تلك المشاكسات في مراحل متأخرة وفي أماكن يصعب علينا تحديدها وبطريقةً يصعب تفاديها ويتعذر علينا قبولها.
وأرجو أن تعلم هذه الأخت أن البنت في هذه المرحلة تحتاج إلى جرعاتٍ من العاطفة ومقدارٍ كبير من الثقة المشوبة بالحذر، ومن الضروري مشاورتها في أمور المنزل، ومحاولتها في الأمور الخاصة بها، والثناء على جوانب التميز في حياتها، وإعلان الافتخار بمواهبها.
ومن المهم جداً زيادة جرعات العاطفة، فإن البنت تختلف عن الفتى في هذه المرحلة، وتتقلب بين حالتين، فنجدها تتمرد وتعاند لتعبر عن خروجها من مرحلة الطفولة والوصاية، وتضعف لتعبر عن حاجتها للعواطف الدافئة، فهي إذاً تتمرد على الطفولة، وتحب أن تعامل أحياناً كالطفلة، والأم الناجحة تحرص على أن تكون صديقة لبنتها في هذه السن، وقد قال عمر رضي الله عنه: (لاعب ابنك سبعاً وأدبه سبعاً واصحبه سبعاً ..) .
فعليها أن تكون صديقة وفية لبنتها، وتحاول أن تدخل إلى عالمها وتكتشف همومها وآمالها وآلامها، وترحب بصديقاتها، وتلاطفهن حتى تستطيع أن تدخل إلى قلوبهن، وتتمكن من معرفة أخلاقهن.
وأرجو أن تتجنب هذه الأم أسلوب التحقيقات والتجسس، واستخدام سوء الظن في تعاملها مع بنتها، فلا بد من الوضوح والمكاشفة القائمة على الحب وصولاً إلى المشاركة في وضع برامجها ورسم طريقها، وإذا اطمأنت الفتاة فإنها سوف تأخذ رأي أمها وتنفذه، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى صبر وثبات على هذا المنهج؛ لأن بعض الأمهات قد تمارس هذه الجوانب مرة ومرات ثم تعود إلى النظام البوليسي والمطاردات المكشوفة، والبحث عن السلبيات فقط، وهذا التذبذب يفقد الفتاة الثقة بأمها.
ومن هنا فنحن نقترح على هذه الأم أن تغير طريقة تعاملها، وأن تحرص على تنمية الجوانب الإيجابية ولو كانت قليلة، فإن بعض الأمهات وكذلك الآباء يوبخ أبناءه فيقول أنتم لا خير فيكم، إلى متى لا تتعلمون، أنت ثقيلة الظل، يا غبية ... ومثل هذا الكلام، ورغم أن الدافع لهذه الأشياء قد يكون الرغبة في تحقيق الكمالات ولكنها عبارات توصل إلى الحضيض وتحطم ثقة الأبناء في أنفسهم.
وأرجو أن تجلس هذه الأم مع ابنتها، وتُداعب شعرها، وتحتضنها، وتشكرها على شعورها الجميل الذي يعبر عن حبها لأمها، وتخبرها بأنها تبادلها المشاعر وتعتبرها قطعة منها، وأنها أيضاً اشتاقت إليها وتمنت لو أنها أخذتها معها.
ولا يخفى عليك أن أطفالنا يحتاجون إلى العواطف كما يحتاجون إلى الطعام والشراب، بل إن الجفاف العاطفي يدفع الأبناء والبنات إلى الانحراف والضياع والبحث عن الإشباع العاطفي عند الأشقياء والسفهاء.
ويؤسفنا أن نقول: إن من الأمهات من لم تقبل بنتها منذ سنوات، ومنهن من لم تسمع بنتها كلمة حلوة جميلة في عمرها، وهذا ظلمٌ وتقصير ومخالفة لهدي رسولنا البشير الذي كان يقبل فاطمة ويجلسها إلى جواره وفي مكانه رغم أنها كانت متزوجة، وكان يقبل الصبيان ويلاطفهم، وهذا صدّيق الأمة أبو بكر عليه من الله الرضوان يقبّل ابنته عائشة رضي الله عنها في خدها، ويقول كيف أنت يا بنية؟، وهذا حدث بعد الهجرة يعني وهي زوجةً لرسولنا صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يشبك أصابعه في أصابع الصحابة، وعلم ابن مسعود التشهد وكفه بين كفيه، وأردف ابن عباس والفضل وأسامة وبلال معه على الدابة، ولاطف أصحابه ومازحهم، وقال للمرأة يمازحها: (لا تدخل الجنة عجوز..).
وأرجو أن تعلم هذه الأم أن وضع يدها على رأس هذه الفتاة المتمردة يُشعرها بالشفقة، والعبث بشعرها بلطف، ووضع اليد على أعلى ظهرها يدل على الافتخار بها وتشجيعها، وتشبيك الأصابع في أناملها يُشعرها بالحب والأمان، وأرجو أن تحول هذه التوجيهات إلى أعمال، وسوف تشاهدين - بحول الله وقوته - أطيب الثمار وأحسن النتائج، وفي الختام ننصح هذه الأخت بما يلي:
1- كثرة اللجوء إلى من يجب المضطر إذا دعاه، واعلمي أن الله يجيب من دعاه، فأكثري من الدعاء لها، واعلمي أن دعوة الوالدة أقرب للإجابة، وتجنبي الدعاء عليها
مهما فعلت، فإن ابن المبارك سأل الرجل الذي شكا من عقوق ولده قائلاً: (هل دعوت عليه؟ قال نعم، فقال ابن المبارك: اذهب عني فأنت أفسدته).
2- كوني قدوة حسنة لها، فإن البنت تأخذ عن أمها، وهي صورة طبق الأصل لها، ومن هنا فلا بد أن نحرص على طاعة الله، وليكن أول ما نبدأ به هو تأديب أنفسنا، فالحسن عند أبناءنا هو ما نستحسنه والقبيح هو ما نستقبحه.
3- تجنبي الكلام على بنات الناس وإظهار عيوبهن؛ حتى لا يبتليك الله بذلك في أسرتك وأولادك.
4- اتفقي مع والدها على منهجٍ موحد للتوجيه؛ حتى لا تستفيد من التناقضات، وحبذا لو طلب منها الأب احترام الأم، ورغبتها الأم في زيادة البر لأبيها.
5- لا تضخمي أخطاءها، ولا تفضحيها بما تفعل؛ فإن ذلك يكسر عندها الحياء ويعلمها عدم المبالاة.
6- لا تشتكي للأخريات من سوء أخلاقها، ولا تُعلني عجزك عن السيطرة عليها ويأسك من إصلاحها.
7- لا تقطعي الكلام والحوار معها.
8- اطلبي من والدها أن يذكرها بخطورة عقوق الوالدة.
9- تدرجي في تعليمها الاعتماد على نفسها.
10- لا تحاولي غسل ثيابها أو تنظيف مكانها.
11- تجنبي الاستهزاء بها أو التقليل من شأنها.
والله الموفق,,,
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/149)
: ... كيف نتعامل مع البنت المراهقة التي ترفض الأوامر
تاريخ الإستشارة : ... 2005-12-31 02:07:44
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... ام زينب
السؤال
السلام عليكم ورحمة لله وبركاته.
امرأة تسأل عن ابنتها المراهقة التي أصبحت ترفض الأوامر أو النصح في خصوصياتها مثل ترتيب ملابسها أو اختيار عمل ما، كأن تقول لها يا ابنتي هذا العمل لا يناسبك في دينك، فترد الابنة هذا ليس شأنك، أنا أعرف مصلحتي! وعندما تأمرها بتغيير ملابسها والاستحمام تقول لا تأمريني بمثل هذه الأشياء لأني كبرت ولست طفلة!
علما بأن الأسرة محافظة ومتدينة، وهذه الفتاة كانت قبل مراهقتها بارة مطيعة ومحبة لأمها، والمشكلة أن العائلة مقيمة في أوروبا، هذا ما يقلق الوالدة! وعندما قلت لوالدتها ما دامت ابنتك متدينة، فلماذا لم تحاولي أن تذكريها بعقاب الله للعاق؟ قالت أخاف أن يوسوس لها الشيطان وتترك الالتزام وتقول في نفسها ما دمت عاقة فلن يقبل الله منك أعمالك!؟ والوالدة حزينة الآن، فبماذا تنصحوننها؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يُصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يُلهمنا رشدنا ويُعيذنا من الأخلاق الرديئة.
فإن هذه البنت ليست بطفلة، وليس من الصواب أن نأمرها ونزجرها، ولكن علينا أن نحاورها ونناقشها، ولا شك أن هذا الشعور طبيعي في هذه المرحلة التي يعلن فيها الأبناء خروجهم عن الطفولة بضعفها وجهلها وتعليماتها الكثيرة وقيودها الشديدة.
وأرجو أن نتخذ لأبنائنا أصدقاء في هذه المرحلة، ونحاورهم ونشاروهم على الأقل في الأمور الخاصة بهم والخاصة بإخوانهم الصغار، واحتياجات المنزل، ونفتح لهم أبواب المستقبل، ونلاطفهم، ونمنحهم الثقة مع شيء من الحذر، ونترك لهم المجال للإبداع والتعبير عن أنفسهم.
ولست أدري لماذا لا نستغل هذه المواقف؟ فنقول لها: ما هو رأيك في أن تتعاون في ترتيب المنزل؟ وما هي الوظيفة التي تناسب الفتاة المسلمة؟ ثم نثني على إجابتها إجمالاً، وبعد فترةٍ نُبدي الملاحظات السلبية على رأيها إن وجدت، ونقول لها : كلامك جميل أعجبني فيه كذا وكذا، ولكن أليس من الأفضل كذا وكذا، وماذا يضيرنا لو قلت هيا نرتب الغرفة بدلاً من رتبي غرفتك؟
وأرجو أن تطمئن هذه الأم، فإن هذه البنت سوف تعود إلى رشدها وصوابها؛ لأن أساسها كان طيباً، وأرجو أن تعينها على البر بفهم نفسيتها والإلمام بطبيعة مرحلتها العمرية، والاقتراب منها، والاهتمام بها، والثناء على جوانب تميزها، وتقديرنا للمؤثرات الخارجية عليها، فإن البلاد الغربية والأفكار الجاهلية تعتبر مرحلة المراهقة مرحلة عواطف وأزمات، وهذا الفهم يشكل نفسية المراهقين فيندفعون إلى المخالفات والمغالطات، وقد ذكر الأستاذ محمد قطب في كتابه منهج التربية الإسلامية ما يلي:
( ... ثم يأتي البلوغ، والمشكلة الكبرى التي تتحدث عنها كتب التربية وعلم النفس في هذه الفترة هي مشكلة الجنس وليس للجنس مشكلة في الإسلام، فقد خلقه الله ككل طاقة حيوية ليعمل لا ليُكبت، فالإسلام يقر به مثل كل الدوافع، ثم يقيم أمامه حواجز لا تغلق مجراها ولكن تضبطها...والغريب أن الجاهلية الحديثة تعترف بضرورة التنظيم والضبط لكل دوافع الفطرة إلا الجنس) وهذا يسبب عندهم أزمات نفسية وأمراض جنسية واضطراب في الحياة كلها.
فليست المراهقة بعواطفها الحادة مرحلة حتمية، وليس صحيحاً أنها تؤدي إلى تعطيل الطاقات وتدمير القيم الثابتات، ولكن الصواب أن توجه تلك الطاقات للمصلحة، وبذلك تصبح المراهقة مرحلة سوية وعادية في حياة الشباب، وكما قالت الباحثة الغربية مارغيب ميد: (في المجتمعات البدائية تختفي مرحلة المراهقة وينتقل الشاب من الطفولة إلى الرشد مباشرةً ولا شك أن الآثار السالبة لفترة المراهقة على صلة وثيقة بتقلبات الحضارة المادية).
وليس هناك مانع من تذكير هذه الفتاة بعقوبة الله للعاق لوالديه، مع تعريفها بتوبة الله على من يرجع إلى الصواب ويحسن الاعتذار، ويستبدل السيئات بالحسنات الماحيات، قال تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}.
وأرجو أن تجتهد هذه الأم في الدعاء لبنتها، وأن تقترب منها، وأن تلاطفها وتقبلها وتحتضنها، وأن تقبل اعتذارها وتنسى أخطاءها.
ونحن نوصي الجميع بتقوى الله وطاعته، فإن البيوت تصلح بطاعتنا لصاحب العظمة والجبروت، ونسأل الله الصلاح في الأولاد والأمن في البلاد.
والله الموفق,,,
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/150)
ماذا أفعل لأستعيد ابني
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... سعيد
السؤال
ماذا أفعل لأستعيد ابني البالغ من العمر 18 عاما، الذي ترك البيت بعد هجرنا إلى دولة أوروبية، بعد أن تم طرده من البيت بسبب سلوكه غير السوي، حيث أصبح يدخن، وأحياناً يأتي البيت بشكل غير طبيعي، وقد كان يعيش مع أمه وإخوانه، ووالده يعيش في دولةٍ أخرى يعمل فيها، فهل تنصحوني بأن أترك العمل وأستقر عندهم وأبحث عن عملٍ هناك؟ مع العلم بأني لا أستطيع إعادتهم من تلك الدولة لظروف التعليم والمعيشة .
أرجو الإفادة وبارك الله فيكم!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد المحترم حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية! فأهلا وسهلا ومرحبا بك! وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع! ونعتذر شديد الاعتذار عن تأخر الرد؛ نظرا لظروف السفر والمرض! ونعدك أن نكون أسرع في المرات القادمة إن شاء الله!
ونسأله - جل وعلا - أن يشرح صدرك للذي هو خير! وأن يجمعك بأهلك على خير! وأن يجعل بينكم المودة والرحمة والوئام! وأن يوفقك لتربية أولادك تربية صالحة!
وبخصوص ما ورد برسالتك، فمما لا شك فيه أن البيئة لها تأثيرها القوي والخطير على سلوك الإنسان، وصدق من أطلق عليها الجامعة المفتوحة، والتي يتلقى فيها الفرد مع أي أحد أي سلوك، بصرف النظر عن صوابه، أو خطئه.
وأعتقد أن ولدك ضحية هذه البيئة الفاسدة في المقام الأول، وفوق ذلك ترك والده للأسرة؛ مما أوجد فراغا توجيهيا، ربما عجزت الأم عن سده! خاصة والابن في
مرحلة المراهقة التي كان فيها في أمس الحاجة إلى من يقوم على توجيهه، ويشرف على سلوكه، ويأخذ بيده إلى جادة الطريق.
ومما زاد الطين بلة، والأمر سوءا طرد الولد من المنزل، وهذا في حد ذاته دعوة مفتوحة للفساد والانحراف اللامحدود؛ لذا أنصح ببذل أقصى ما يمكن من وسائل للبحث عنه بجميع الطرق الممكنة لديكم؛ لأن ما فعلتموه خطأ جسيم فعلا!
وأنصح بترك العمل في البلد الذي أنت به، واللحاق بأولادك وأسرتك، والعيش معهم، حتى ولو واجهتك بعض الصعوبات والعقبات؛ لأن أسرتك هي المستقبل الذي ينبغي أن تحافظ عليه، وأن تسعى لإسعاده بكل قواك! وماذا يفعل المال، أو المنصب، أو الجاه بعد ضياع الأسرة وتشتتها!؟ أعتقد أن مال الدنيا لا يمكن أن يعوض خسارة الأسرة بحال من الأحوال!
فاترك البلد الذي أنت فيه فورا! وتوجه إلى أسرتك! وعش معها! واشملها بعنايتك ورعايتك؛ حتى لا يلحق آخرون منها بابنك الهارب! وتوكل على الله، واترك مسألة الرزق له! واعلم أن لن تموت نفس حتى تستكمل أجلها وتستوفي رزقها!.
مع تمنياتنا لك ولأسرتك بالسعادة والتوفيق!
وبالله التوفيق!.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/151)
: ... أبي استسلم لشهواته وأهملنا
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... محمد
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أكتب إليك هذه الرسالة بعد ما فاض الكيل، ولم أعد أعرف ماذا أفعل معه! وهو من المفترض أن يكون مسؤولا عن أسرته: يهتم بأمور أبنائه، ويحل مشاكلهم، ويسألهم عن أحوال دراستهم، وخاصة أنهم في ثانوية عامة وجامعة، ويأتي بمتطلبات المنزل من مأكل وملبس ومشرب، كأي أب في الدنيا، ولكنه للأسف لم يفعل شيئا من هذا، فيأتي لنا دائما بالرديء والرخيص من الطعام، ويستدين من هذا وذاك، والمصيبة أنه لا يرد ما استلفه منهم إلا اذا طلب منه، فهو يعيش ويعيشنا معه عالة على الناس، مع أنه يعمل في وظيفتين، ويرزقه الله بالمال الذي يكفينا لعيش حياة سعيدة - إن شاء الله - لكنه للأسف الشديد استسلم لشهواته ونزواته، ورضخ لهذا الجهاز الملعون، وأصبح ذليلا له، مستعدا أن يفعل أي شيء لكي يحصل على ما يريد من مناظر خليعة، وأفلام داعرة، ونساء عاهرات، إنه الدش، هذا الجهاز الملعون الذي خرب بيتنا منذ أن دخل إلى البيت، فكلما رزقه الله بمال، استدان من الناس لكي يشتري الدش بالتقسيط، مع أن ذلك يرفع سعره إلى الضعف، ولكن لا يهتم، ولم يكتف بذلك، بل إنني أحيانا _ غفر الله لي _ كنت أجلس بجواره نشاهد معا ما يغضب الله، ولا يقول لي هذا عيب أو حرام، بل إنه سأل مرة عنا، وعن إمكانية انحرافنا، ونحن في سن
المراهقة، فقال: "إنهم لو لم يتفرجوا في البيت، فسيشاهدون ما هو أفظع منه خارج البيت"، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
حاولت أن أنصحه كثيرا أنا وكل من في البيت، ولكن لا فائدة؛ فقد استسلم للشيطان، والغريب في هذا أنه ملتحي، ومتدين، ويبكي من خشية الله، ويصلي في جماعة، ويقف إماما في صلاة الفجر، ويعمل خادم مسجد، ويؤذن، ويخطب الجمعة، ومع كل ذلك فإنه منذ أن دخل الدش بيتنا، قد أصبح عصبيا، لا يطيق أي كلمة من أي أحد، ويتعصب لأقل سبب،
ودائما يسخر من أمي _ حفظها الله لنا _ ويطلب منها أن تفعل مثل مايفعل النساء في التليفزيون، وأن تقلدهن في المكياج والجمال وما إلى ذلك، بل إنه أحيانا يشتكي لنا نحن أبناؤه منها، مدعيا أنها لا تعطيه حقوقه الزوجية، مع أنه هجرها في الفراش بعد مدة من دخول الدش بيتنا، وأمي صابرة ومحتسبة جزاها الله عنا خير الجزاء، فقد سببها الله لنا لنتعلم أحسن تعليم؛ فهي المسئولة عن مصاريف الدراسة، والدروس الخصوصية وكل ما يهمنا.
ولكن بعد أن اشترى تليفزيونا مستعملا، وموتورا للدش - في عز حاجتنا للمال - مدعيا أنه لا يأخذ راحته في مشاهدة التليفزيون، وصل حد الخلاف إلى التفكير في الطلاق!
إني أبكي بدلا من الدموع دما، وقلبي يعتصر ألما على ما حدث له من انتكاس، وأدعو الله أن يهديه، وأن يثبتنا على الحق، وألا أفعل مثل ماكنت أفعل قبل الالتزام!
أرجو من حضراتكم إبداء آرائكم في حل هذه المشكلة التي عانيت منها كثيرا، وماذا نفعل معه لكي يفيق من غفلته، ويدرك أنه مسؤول لا عن نفسه فقط، بل مسؤول عن أسرة كاملة؟.
وجزاكم الله خيرا جزيلا!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد المحترم حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية! فأهلا وسهلا ومرحبا بك! وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع! ونعتذر شديد الاعتذار عن تأخر الرد؛ نظرا لظروف السفر والمرض! ونعدك أن نكون أسرع في المرات القادمة إن شاء الله!
ونسأله - جل وعلا - أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك! وأن يحفظك وإخوتك وسائر أفراد أسرتك من الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن! وأن يهدي والدك! وأن يغفر له، وأن يتوب عليه، إنه جواد كريم!.
وبخصوص ما ورد برسالتك؛ فإن من العجيب حقا أن يكون الإنسان على هذا المستوى من الطاعة والعبادة الظاهرة، ثم يقع في مثل هذه المعاصي والمحرمات، ويخشى عليه أن ينطبق عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( وإن الرجل ليعمل
بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ) والعياذ بالله!
ولذلك فهو حاجة ماسة إلى وقوفكم بجانبه، وتذكيره بما ينبغي أن يكون عليه من طاعة، وعبادة، وحسن عمل، خاصة وأن عمله في المساجد يتنافى تماما بما يقوم به في المنزل! ونظرا لأنكم أبنائه فأنتم مطالبون بالإحسان إليه، والتعامل معه بغاية الحلم، والرفق، والأناة، وعدم رفع الصوت ( فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) لذا أنصح بمواصلة التذكير، والنصح في غاية الرفق واللين معه، أو الاستعانة ببعض الشخصيات المؤثرة لديه، وحكاية الأمر لهم سرا، وطلب مساعدتهم في الحل بشرط ألا يذكركم مطلقا!.
ومن الممكن أن تتفقوا مع بعض الأقارب لزيارتكم في الوقت الذي يكون فيه منسجما مع هذا الجهاز اللعين، وأرى - والله أعلم - جواز إفساد هذا الدش بأي وسيلة فنية، بشرط ألا يعلم أنكم الفاعلون، ويمكنكم الاستعانة بغيركم لفعل ذلك، حتى إذا ما طلب منكم القسم، أو الحلف، حلفتم، وأنتم صادقون، وفوق ذلك سلاح الدعاء منكم جميعا، ومعكم والدتكم، بهدايته وإصلاحه.
واعلم أن هذا ابتلاء ليس له من حيلة إلا الصبر عليه؛ فأوصيكم جميعا بالصبر، والدعاء! واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا!.
هدى الله والدكم! وغفر له، وتاب عليه! وحفظكم من كل سوء!.
وبالله التوفيق!.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/152)
كل قصتي أنى أحب زميلتي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... ahmed
السؤال
أنا شاب عمري 17 سنة، وكل قصتي أنى أحب زميلتي، وهي في عمري، وأحبها حباً خالصاً في الله، ودائماً نعمل معاً على إرضاء الله؛ بالتشجيع على الأعمال الصالحة، والتفوق في الدراسة، ولكن هذا الحب من وراء أهلها، وأنا نيتي -صافية لله عز وجل- أنها ستكون زوجة المستقبل، فأهلي يعلمون هذا، ولكن عمري صغير، وهي تحبني، وتخجل من إخبار أهلها، فهل نحن مخطئون؟ وماذا علينا أن نفعل لتصحيح الخطأ؟ وهل الاستمرار في هذه العلاقة حرام، أم أنه من الممكن الاستمرار؟
مع العلم أنه منذ بداية العلاقة، وأنا لم ألمس يدها، أو أواعدها بالخارج، ولكن فقط أحدثها تليفونياً.
أرجو من سيادتكم إجابة سؤالي، وإخراجي من دوامة الحيرة والهم!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد المحترم حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية! فأهلا وسهلا ومرحبا بك! وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع! ونعتذر شديد الاعتذار عن تأخر الرد؛ نظرا لظروف السفر والمرض! ونعدك أن نكون أسرع في المرات القادمة إن شاء الله! بشرط أن تظل متواصلا معنا في أي أمر من الأمور المهمة بالنسبة لك.
ونسأله جل وعلا أن يوفقك في دراستك! وأن يرزقك خشيته في الغيب والشهادة! وأن يجعلك من عباده الصالحين ومن أوليائه المقربين!.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فحقا ما زلت صغير السن أنت وهذه الفتاة، وما زال أمامكما مستقبل ومشوار طويل! وأعتقد أن هذا الارتباط قد جاء مبكرا، واحتمال تغير وجهة نظرك، أو نظرها في المستقبل وارد جدا! وفوق ذلك فالعلاقة الآن ما زالت في حدود الاتصال الهاتفي فقط، ومن أدراك أنها لن تتطور لتصبح غير ذلك!؟ وهذا أمر وارد جدا؛ نظرا لطول الفترة الباقية أمامكم!
ودعني أسألك سؤالا: لو أخبرك شخص ما بأن أختك - لا قدر الله - على علاقة بشاب، وتكلمه فقط بالهاتف، ولم يحدث بينهما أي شيء، فيا ترى ماذا سيكون شعورك؟ قطعا لن تقبل بهذا! فما لا ترضاه لنفسك، لا ترضاه لغيرك - أخي أحمد -.
واعلم أن هذا التعلق ما هو إلا مظهر من مظاهر المراهقة من الطرفين، وقد يتغير وجهة نظركما مستقبلا، والحمد لله أنكما لم تقعا فيما يغضب الله تعالى من: الخلوة، والخروج، والمقابلات بدون علم الأهل!.
فهذه العلاقة - أخي أحمد - ليست بعلاقة مشروعة، وكل الذي عليكما الآن التوقف عن هذه العلاقة، والاكتفاء بانتظار كل واحد منكما الآخر ، إذا لم يحدث هناك ما يمنع من ذلك، وهذا أقصى ما يمكن قبوله شرعا، وما سوى ذلك فلا يجوز؛ لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان، وهو محرم شرعا!
وإذا كنت صادقا فعلا في مشاعرك نحوها، وأنك تحبها في الله؛ فلا تكن سببا في وقوعها في معصية الله، وهي كذلك! وإنما يكفيكما الوعد مستقبلا، والتعاهد على الطاعة والاستقامة على منهج الله، وترك الأمور لإرادة الله، مع الاجتهاد حتى تكون أهلا لإقامة علاقة صحيحة ومشروعة.
وبالله التوفيق!
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/153)
دلوني على طريقة لإبعاد طلابي عن PlayStation
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... الصارم البتار
السؤال
أنا مدرس، ولدي مجموعة من الطلاب المتميزين، وللأسف أن لديهم ما يسمى بالبلي ستيشن! وقد أثر هذا البلاء في مستوياتهم العقلية؛ فأرجو منكم ـ حفظكم الله ـ أن
تدلوني إلى طريقة تفصيلية لترك هذا البلاء! وأرجو أن يكون هناك لقاء تفصيلي، أو بحث عن مشاكل الألعاب الحاسوبية النفسية والاجتماعية وغيرها من الأضرار، مع ذكر أساليب العلاج!.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الصارم حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
أخي صارم البتار، حفظك الله ورعاك! وبورك فيك على اهتمامك بفئة الشباب! واعلم ـ أخي ـ أن مشكلة الفراغ هي من المشكلات التي تواجه الشباب، والفراغ هو ذلك الوقت الذي يكون للفرد حرية التصرف الكاملة في شغله، وذلك بعد انتهائه من عمله ومسؤولياته الأخرى على أن يكون التصرف في هذا الوقت فيما يفيد، وإلا إذا شغل هذا الوقت في أشياء غير مفيدة كما هو مع الشباب، والوقت من النعم التي لا يشعر بها كثير من الشباب، يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" رواه البخاري.
والإسلام ـ أخي ـ يحرص على استثمار وقت الإنسان من يقظته إلى نومه، ويحسن توزيع وقت الإنسان بين العبادة والعمل الجاد، والراحة والترفيه الهادف والاستمتاع بالطيبات، ويمكنك ـ أخي صارم ـ أن تستبدل هذه اللعبة بوسائل ترفيهية أخرى هادفة، وفي نفس الوقت لها فائدة كبيرة منها:
1- تعلم الفروسية والسباحة والقفز والمصارعة، فهذه من الرياضات التي يحبها الشباب، وقد تجنى من ورائها فائدة.
2- المطالعة الهادفة.
3- النزهة البريئة التي يستطيع الشباب أن يروحوا عن أنفسهم ويجدوا حريتهم في اللعب والتحرك.
4- التوجه إلى النوادي والملاعب الكبيرة والمسابح الصحية الموافقة لآداب الإسلام وأحكامه.
5- اعمل لهم مسابقات ترفيهية تساعدهم على تنمية معلوماتهم الدينية والثقافية.
6- إبلاغهم أن مثل هذه الألعاب قد تعطل القدرات الفكرية عند الشباب، ومن الأفضل استغلال أوقات الفراغ في شيء ينمي الفكر، مثل المطالعة أو الاشتراك في عمل بحث علمي يستفيد منه الجميع.
ولكن ـ أخي صارم ـ لا يمكن أن يكون هذا العلاج مرة واحدة، وإنما يكون على مراحل تدريجية، وإذا كان الشباب مصرين على اللعب؛ فيخصص لهم وقت لذلك، ولا يمكن أن نحرمهم من اللعب بالكامل، وهنا نحتاج إلى نوع من الحكمة لعلاج مثل هذه المشاكل.
أما بالنسبة للبحوث والدراسات النفسية حول هذا الجانب فموجودة بكثرة، وخاصة حول مشكلة الفراغ عند الشباب، أو في مرحلة المراهقة، والمكان هنا لا يتسع لأذكر لك كل البحوث والدراسات، ولكن يمكن أن تراسلنا مرة ثانية وأذكر لك البحوث أو بعضا من المراجع في هذا الجانب.
وبالله التوفيق!
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/154)
أهلي يرفضون تزويجي من شخص ليس من قبيلتنا
تاريخ الإستشارة : ... 2006-03-20 10:17:57
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... تطوير
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 29 عاما، لدي مشكلة في رجلي سببت لي عرجا؛ سببها خطأ طبي، منذ الصغر أجريت 4 عمليات تحسنت فيها، ولكن لا زلت أعرج..موظفة في القطاع الخاص جميلة جداً ورشيقة وذكية، فأنا من القائمات على إعداد المناهج، وصبورة جداً- ولله الحمد- مشكلتي أنني أشعر بخوف شديد وعدم الرغبة في عمل أي شيء، بدأ ذلك منذ أربع سنوات تقريباً، وزاد عندما تزوجت أختي الصغرى منذ عامين، شعرت بالنقص وعدم تقبل الواقع؛ إذ أن زوجها أرمل وكبير، ولكن رفضني لأني عرجاء.
تقدم لي عدة أشخاص كل منهم أفضل من الآخر، لكن كان يتم الرفض من قبل الأهل إذ الشرط الرئيسي أن يكون ( قبيلي ) وكلهم خلاف ذلك .. طبعاً لم يتقدم لي من الأقارب أحد .. وتأزمت حالتي منذ أكثر ثمانية أشهر تقريبا،ً إذ تقدم لي شخص ملتزم قبيلي معدد، يريد أن أكون الزوجة الثالثة له، وفي أثناء ذلك تقدم لي شخص في مثل عمري ضعيف السمع وخجول كما عبر والديه والجيران -عندما سألنا عنه طبعاً- ألح والدي علي بالارتباط بالآخر، ورفض المعدد خوفاً علي من الضرة، وكنت أرى ذلك إذ أننا متوافقان تقريباً .
المفاجئة كانت أيام الملكة إذ كان يأتي لزيارتنا فأشعر بأنه متذبذب الأفكار، وكنت أعلل ذلك بسبب الخجل إلى أن تم الزواج، وكانت الصدمة إذ كان يقوم بحركات غريبة يدور ويتحدث إلى نفسه، ولم يلمسني أو يتحدث إليّ، سافرنا اليوم التالي وطوال سفرنا وهو يتحدث إلى نفسه، ولا يتكلم معي، لا يدبر الأمور، ولا يهتم بنظافته، ولا يحاول لمسي، تحملت ذلك إلى أن عدنا فأخبرتني والدته أن لديه موعد مع طبيب نفسي، وعندما ذهبت إليه أخبرني بأنه مصاب بفصام مزمن منذ المراهقة يجعله كالطفل ،ولكن تحسنه ضعيف جداً كما أن الأمور الجنسية والإنجاب يمكن أن يتحسن بالأدوية فسألته هل أستمر؟ فقال على راحتك فالقرار بيدك، قرأت كثيراً عن الفصام ووجدت أن من المستحيل استمرار العيش معه، فطلبت الطلاق، وتم أنا الآن مشتتة التفكير، وفي كثير من الأحيان أبكي وأشعر بالندم لأني لم أقبل بالمعدد .. وفي أحيان أخرى أندم على الزواج من الأخر .. وأحياناً أندم لأني تخليت عنه.
كما أني بعد انتهاء العدة أشعر بضيقة شديدة لا أتمكن من خلالها من النوم أو الأكل، ففقدت كثيراً من وزني، وليس لدي رغبة في العمل، أتألم لأني أضفت إلى العرج الذي في رجلي صفة سيئة أخرى وهو كوني مطلقة.. صحيح أني مطلقة وأنا بكر لكن هذا اللقب يضايقني وأتألم عند كتابته أو التلفظ به .. أشعر بألم شديد عندما أرى
زميلاتي في العمل فلقد تزوجنا معاً 11 معلمة وأنا فقط من حدث لها الطلاق .. أشعر بحرقة وهم يتحدثون عن غزل أزواجهم بهم وأمورهن الخاصة وأتألم أكثر عندما أراهن يمررن بمراحل الحمل وأقول لو لم أتطلق لكنت مثلهن ..لماذا أنا فقط؟!! أشعر بحزن شديد إذ أتمنى أن يكون لي زوج وأطفال وأسرة سعيدة، ولكن الآن فقط فقدت الأمل، فلقد قاربت الثلاثين وعرجاء ومطلقة، وشرط أهلي العسير ( قبيلي )، فلا أستطيع النوم أو الأكل أو العمل، وأشعر بخوف شديد من المستقبل، وفكرة الزواج تسيطر عليّ، ولكن لا أمل رغم أني ملتزمة ومحافظة على الدعاء.. وجهوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تطوير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يجعلكِ ممن إذا أعطي شكر، وإذا مُنع صبر، وإذا أذنب استغفر، وأن يلهمك السداد، وأن ينفع بك بلاده والعباد.
إن الله سبحانه إذا حرم الإنسان من نعمة عوضه بنعم عظيمة، ونعم الله مقسمة، وهو سبحانه القائل: {والله فضل بعضكم على بعض في الزرق} وهو القائل: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيماً}، وقد منح سبحانه بعض الناس الجمال والذكاء والوظيفة وحرمهم العافية، ومتع بعض الناس بالعافية والمال وحرمهم من الولد، فسبحان من (لا يُسئل عما يفعل وهم يُسئلون).
والسعيد هو الذي يرضى بقسمة الله، ويقبل على طاعة الله ويرسم طريقة وفق منهج الله، وإذا أصبح الإنسان آمناً في سربه، معافاً في بدنه عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها.
ولا داعي للانزعاج، (وعجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن).
واعلمي أن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، فمن رضي فله الرضى – وأمر الله نافذ – ومن سخط فعليه السخط والخسارة – وأمر الله نافذ.
وأرجو أن تنظري للحياة بأمل جديد وبروح جديدة، ولا تقولي لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن رددي في يقين "قدر الله وما شاء فعل"، فإن لو تفتح عمل الشيطان، وهمّ الشيطان أن يحزن أهل الإيمان: {وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
وليس من مصلحتك كثرة التفكير وإعطاء الأمور أكثر مما تستحق، فإن الإنسان في هذه الحياة خلق لغاية عظيمة، وهي عبادة الله، وتكفل رب العز بالأرزاق والآجال، فأشغلي نفسك بما خلقك الله له، واعلمي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقي الله واحرصي على ما ينفع، ولا تنظري إلى من هم أعلى، ولكن
انظري إلى من هم أقل في العافية والمال والولد، حتى تتمكني من شكر الله، وهذا هو توجيه رسول الله الذي كان يتكلم بوحي الله.
وما من إنسان في هذه الدنيا إلا وهو يشعر أنه في نعيم ناقص وعرض زائل، ولو كانت الدنيا كلها لشخص واحد لما كان بها غنياً، كما قالت المرأة الصالحة فقيل لها: ولم؟ فقالت: (لأنها تفنى ولأنها لا تكفيه) .
واحرصي على شكر نعم الله عليك لتنالي المزيد، وتحفظي ما عندك من النعم، وعليك بكثرة الاستغفار، والصلاة على النبي المختار، فإن ذلك يدفع الهموم، ويجلب الأموال والأولاد والأمطار.
ونوصيك وأنفسنا بوصية الله للأولين والآخرين قال تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}، وأبشري فإنه من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/155)
: ... لدي ولدان لا يركزان في دروسهما..فما العلاج لتفوقهما
تاريخ الإستشارة : ... 2006-04-10 12:40:07
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... سعاد
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ربما يوحي العنوان عن بعض مضمون المشكل، الذي أود أن تساعدوني في حله.
لدي من الأبناء اثنان أحدهما يبلغ من العمر 13 سنة، والآخر 12 سنة، وبنتا عمرها 8 سنوات، ولله الحمد.
نحاول قدر الإمكان أن نوفر لهم الظروف المناسبة، لكي يتفوقوا دراسيا، كلما طلبوا منا شيئا، نهرع إلى شرائه! ظروفنا المادية ميسورة، لدينا سيارة، وأنا وزوجي متفاهمين، ليس لدينا حزازات، ولا تفكك، نقوم بنزهات داخل وخارج البلد، كما أننا عدنا من أداء فريضة الحج، ولله الحمد، لأبين لكم أننا دينيا مستقرون، أجبرهم على الصلاة، وأرسلهم إلى مجالس الذكر، كي يتشربوا الأخلاق والقيم الدينية، والتي لا غنى لنا عنها، ولله الحمد، أذكرهم بالله، وأحبب إليهم صلة الرحم، ولا أزكي نفسي ووالدهم على الله، نحاول أن نعيش وفق تعاليم ديننا الحنيف.
المشكلة تكمن في النتائج السيئة، التي يحصل عليها ولدي دون البنت، حيث أن وقعها علي وعلى أبيهم، كالصاعقة! نظرا للمجهود الذي نقوم به، وأحب أن أقربكم أكثر من البرنامج اليومي، لكي تحكموا.
عندما يعودون إلى المنزل على الساعة الخامسة، يجدون الأكل معدا مسبقا، يشاهدون قليلا من الرسوم، ثم أصعد معهم إلى غرفهم ،آخذ استعمالات الزمن، لأرى المواد التي يجب أن تحضر للغد، وإذا لم أفعل ذلك، وأتيقن بنفسي أنهم سيخبؤن على باقي
الواجبات، لذلك أفضل أن أتأكد بنفسي، تخيلوا أنني أفعل ذلك طيلة العام! إنه شيء مرهق.
مؤخرا طلبوا منا شراء مكاتب لهم، فلم نتردد، لكي نساعدهم على تنظيم أفكارهم وكتبهم، أحرم نفسي ووالدهم من الخروج، حتى نبقى قريبين منهم، أدرس معهم أنا وابنة أختي اللغات، وأباهم يساعدهم في المواد العلمية، يعني أن معهم معلمين حتى بالبيت.
لكن النتيجة ماذا؟ نقاط سيئة! عدم تركيز ولا مبالاة! يخبأون النقط حتى لا نكتشفها! عقولهم مشغولة باللعب، أكثر من الدراسة، والطفلان يعترفان بأنهما يشردان في القسم، والمشكلة أنهما يحضران للامتحان، ويلخصان الدروس، ويفهمان، لكن النتيجة لا تعكس المجهود المبذول.
هما ليسا غبيان، والدليل أن ولدي الأكبر، هو الذي يصلح لنا الأجهزة في البيت، كالكمبيوتر، إلا أنه كتوم، ولا نعلم ماذا يدور في نفسه؟ وأيضا المراهقة زادت الطين بلة.
أما الثاني، فالمشكلة أنه يكذب، ويتقن الكذب، خاصة فيما يتعلق بالدراسة، يخبئ النقط وإذا لم نكتشف ذلك بالصدفة فإننا لا نعلم أبدا.
السؤال ماذا نفعل؟ وكيف أحمي أختهم الصغرى من التأثر بهم؟ وكيف أجعلهم يتفوقون في الدراسة، ويستغلون ذكائهم ووقتهم؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله العظيم أن يسعدك بصلاح الذرية وأن يرزقك السداد.
فقد أسعدني حرصكما على طاعة الله، وأفرحني اهتمامك بتوجيه الأبناء إلى الطاعات والخيرات، وهكذا ينبغي أن يكون الآباء والأمهات، وأرجو أن أبشركما بأن العاقبة سوف تكون طيبة –بإذن الله– فإن الإنسان يرى أثر طاعته لله في ولده وبيته ودابته، كما أن الوفاق والتفاهم بين الزوجين ينعكس إيجابياً على الأولاد، فإن البيوت المستقرة هي التي تخرج الناجحين، فاحرصوا على اللجوء إلى رب العالمين، فإنه سبحانه يقدر الخير ويعطي السائلين.
وأرجو أن تتخلل لحظات الجد والدرس والاجتهاد لحظات الفكاهة واللعب والضحك، كما قال الإمام ابن حامد الغزالي رحمة الله: (لا بد أن يتاح للطفل بعد الدرس شيء من اللعب يستريح إليه) وقد ثبت أن أنجح الدروس هو ما كان بعد حصة الرياضة وبعد الإشباع العاطفي والاهتمام.
ولذلك فنحن ننصح أولاً بتنظيم أوقات الدراسة وعدم إجبارهم على الدرس في وقت لا يريدون أن يدرسو فيه، وأن لا تكون الحصة طويلة حتى قال بعض علماء التربية: (ينبغي أن تكون مدة الدرس على قدر سنوات العمر، فالذي عمره عشر سنوات تكون مدة الدراسة عشر دقائق ثم يرتاح دقيقتين مثلاً ويواصل)
ويمكن أن تستبدل الراحة بفكاهة أو بقصة أو بتغيير مكان الدرس، أو بالسماح له بالذهاب إلى شرب الماء أو النظر من النافذة أو نحو ذلك، مع ضرورة إظهار الاهتمام وإشباعهم بالعاطفة والعدل بينهم، وعدم عقد المقارنات السالبة، فلا تقولي فلان ممتاز وفلان بليد، ولكن قولي فلان ممتاز؛ لأنه اجتهد اليومن ويعجبني فلان بحرصه على الصلاة، وحبذا لو زاد الحرص على الدرس، وهذا منهج نبوي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) قال سالم ولد ابن عمر: فما ترك ابن عمر قيام الليل حتى توفاه الله.
ومن الخطأ إعلان العجز، ومثله التذكير بالأخطاء السابقة، وأرجو أن تجتهدوا في اكتشاف مواهبهم ومشاورتهم في الطريقة المناسبة له واستخدام الكلمات اللطيفة واللسات الحانية، وتذكيرهم بحلاوة النجاح وأثره على مستقبلهم، ومراعاة الفروق الفردية، واكتشاف الإيجابيات والبناء عليها، فإذا كان هؤلاء الأطفال يحضرون الدروس ويفهمون، فلا داعي للقلق، وأرجو التشجيع والتنسيق مع إدارة المدرسة.
ونحن نتمنى أن تكثروا من الدعاء لأبنائكم، فإن دعاء الوالدين أقرب للإجابة، وتجنبوا الدعاء عليهم، وشجعوا كل خطوة للإمام، وتوكلوا على من لا يعقل ولا ينام، وحددوا طريقة التوجيه، واعرفوا طبيعة المرحلة العمرية للطفل الأكبر، وحاولوا أن تشعروه بالثقة والحب وتشاوره على الأقل في الأمور الخاصة به، واستخدموا معه أسلوب الحوار.
أما بالنسبة للطفل الذي يكذب، فأرجو منحه جرعات من العاطفة، وتذكيره بفضل الصدق ومكانة الصادقين، وعدم ممارسة أسلوب التحقيق معه، وتربيته على الوضوح وعدم معاقبته إذا صدق، وعدم تعييره بصفة الكذب، فإن ذلك يكسر عنده حاجز الحياء، خاصة إذا كان ذلك أمام الآخرين، وأرجو أن يشاهد عندكم الصدق ويسمع منكم الصدق.
ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/156)
هل أنصح حماتي التي تؤذي أولادها بتصرفاتها
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... ام مجدي
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله.
أولاد حماتي بدؤوا يضيقون ذرعا من تصرفات حماتي المراهقة ومواقفها الطفولية والأنانية في نفس الوقت، بفضل الله والدعاء أنا أكثر احتمالا لها من أولادها أنفسهم، ولكن ما يؤلم القلب أننا بفضل الله ـ أقصد أنا وزوجي وإخوته ـ من الله علينا بالإسلام، وحاولنا أن نضمها معنا، ولكنها ترفض كل الرفض، بل وتكره الإسلام كرها شديدا! فهي تنتمي إلى طائفة تعبد رجلا، وتمارس عبادتها له، مع محاولاتنا
المستميتة بإقناعها أنها ليست على صواب، وبالطبع فإن بعدها عن الله انعكس على تفكيرها في الحياة، فهي الآن عاشقة لرجل، وقد أخبرت أولادها.
ومضت فترة كان يوميا يرن لها الهاتف، وبعلم أولادها قاصدا مغازلتها، وهي تضحك غير آبهة بشعورهم، وقد جعلت أولادها يستدينون حتى يشتروا لها منزلا في بلدها، حيث يقطن ذلك الرجل، وبعد ذلك تبين أنها تفرشه لتتزوج به! في حين أن أولادها الذين هم في عمر الزواج يعانون الأمرين من أجل أن يؤمنوا أمر زواجهم هم!
أنا الآن أعيش مع الأسرة لفترة مؤقتة، وقد لمست أن الأولاد يحاولون قدر الإمكان اتقاء الله في أمهم التي تنسف كل شيء بسذاجة، وأرى أن كلا منهم يحتوي على بركان في داخله، ولكنهم لا يريدون أن يخسروا آخرتهم، فهل برأيك من الأفضل أن أصارح أمهم، وأتحدث معها عن تصرفاتها تلك، وما تسببه من بعد بينها وبين أولادها؟ وخصوصا أنها مؤخرا أصبحت تطيل الإقامةـ حيث إننا نعيش في الغربة ـ عند زيارتها لبلدها لمدة شهور وشهور بسبب ذلك الرجل الذي تحبه، ضاربة بعرض الحائط شؤون أولادها، أم أبقى على جنب، وأبتعد أنا وزوجي لنأمن في مسكننا بعيدا عنها، فيبقى زوجي محتفظا بأعصابه وبوده وبره لها، بعيدا عن تصرفاتها؟
وبالنسبة لقضية زواجها من ذلك الرجل ـ وهو مشرك مثلها ـ هل لأولادها الحق بالاعتراض، ومنعها من الزواج منه، أم لهم حق الاعتراض فقط وتركها تفعل ما تريد؟ وأسأل الله أن يهدينا ويهديكم لما فيه رضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم مجدي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتك وأهلك على الحق، وأن يزيدكم إيماناً وصلاحاً واستقامةً على دينه، وأن يهدي أم زوجك للإسلام، وأن يشرح صدرها له.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فكما يقول الناس أنه ليس بعد الكفر ذنب، وهذا الذي تفعله حماتك ليس بجديد أو منكر على أي كافر أو كافرة؛ لأنهم وقعوا فيما هو أعظم من ذلك وهو الكفر بالله، وما هذه التصرفات التي تصدر من حماتك ما هي إلا بعض ما يوحي إليها به الشياطين، والكفار يفعلون هذا وأكثر منه غالباً، والمطلوب منكم ومن أولادها خاصةً معاملتها بالمعروف والإنفاق عليها عند حاجتها إلى ذلك، أما ما سوى ذلك فلا يجب عليهم شرعاً الإنفاق عليها، ولا يلزمهم شرعاً إجابتها إلى كل ما تطلب، أكرر ليس عليهم إلا الإنفاق الضروري فقط، وما سوى ذلك فلا يجب بل لا يجوز لهم إعطائها ما تنفقه في معصية الله وإرضاء شهواتها وإشباع نزواتها، وما فعلوه من الاستدانة لها حتى تشتري بيتاً لم يكن واجباً عليهم، وأعتقد أن أولادها يفهمون برها والإحسان إليها بقدر مبالغ فيه؛ لأن ما يفعلونه لا يكون إلا مع الإسلام،
أما وهي كافرة فلا يشغلوا أنفسهم بها ما دامت كارهة لدينهم، وتفعل أفعالاً تلحق الضرر بهم، فأرجو أن تذكريهم بأن ما يفعلونه معها غير واجب عليهم شرعاً.
وأما مسألة زواجها من هذا الكافر مثلها فليس لهم عليها من سبيل، وإنما عليهم فقط النصح وإبداء الرأي، فإن أخذت بقولهم فبها ونعمت، ولا يعني ذلك أيضاً المبالغة في إكراهها، وإن لم تقبل كلامهم فهذا شأنها ولتذهب مع صاحبها إلى قعر جهنم.
وأما عنك أنت، فلا مانع من استخدام المصارحة معها، وبيان موقف أولادها من تصرفاتها، حتى تظل تحظى ببرهم وإكرامهم، وإلا ستفقد كل شيء؛ لأن الإسلام فقط هو الذي يحثهم على الإحسان إليها وإكرامها، وإلا فإن بمقدورهم أن يتخلوا عنها تماماً، وحاولي معها في الدعوة إلى الله، لعل الله أن يشرح صدرها للإسلام ولو في آخر لحظه من حياتها.
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق والثبات، ولها بالهداية والرشاد.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/157)
الإستشارة : ... عمري 14 عاما وأسمع كثيرا عن المراهقة فما معناها
تاريخ الإستشارة : ... 2006-04-17 12:48:43
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... ريم
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد:
أنا فتاة عمري 14 عاما، أسمع دائما عن المراهقة في المدرسة وفي البرامج التلفزيونية وفي المواقع على الشبكة العنكبوتية، ولا أعرف معناها.
فما معنى المراهقة، ومتى تبدأ؟ وأريد معلومات أكثر عنها.
وأشكركم جزيل الشكر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
المراهقة هي المرحلة العمرية التي بين مرحلة الطفولة والنضوج، وهي تتفاوت من حيث الفئة العمرية، فعند الذكور تبدأ هذه الفترة في الغالب من عمر 14 سنة، وقد تستمر حتى سن العشرين وما فوق، أما عند البنات فقد تبدأ من سن الحادية عشرة حتى سن العشرين، وفي بعض الناس قد تكون المراهقة متأخرة بعض الشيء، وخلال فترة المراهقة تكون هنالك عدة متغيرات تحدث للإنسان، فهنالك تغير وزيادة في النمو، وتغيرات هرمونية وعاطفية ووجدانية، وهذه المرحلة تتميز أيضاً بعدم الاستقرار لدى البعض، وسرعة التأثر بالآخرين، خاصةً الاستجابة لما يُعرف بضغط الزمالة (peer pressure) وهي مرحلة تتطلب الإرشاد والتوجيه من الوالدين والمعلمين.
وهنالك نوعٌ من المراهقة قد يأتي متأخراً، وهو أن يقوم الشخص بتصرفات لا تناسب المرحلة العمرية.
عليك في هذه المرحلة تعلم حقائق الحياة، خاصةً فيما يتعلق بالدورة الشهرية عند المرأة، وكيفية التعامل مع الزميلات، وعدم سرعة التأثر أو الانقياد لأي تصرف خاطئ من الآخرين.
وفي هذه الفترة من المهم جداً أن يكون الشاب أو الشابة حريصا في أمر الدين، مع البعد التام عن كل انحراف.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. محمد عبد العليم
ـــــــــــــــــــــــــ(110/158)
كيف أساعد أختي مما هي فيه
تاريخ الإستشارة : ... 2006-05-08 10:58:38
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... أم عبد الرحمن
السؤال
لا أدري من أين أبدأ ولا ماذا أقول لكني وأملاً فيكم بعد الله عز وجل في تفريج همي وغمي سأطرح أمامكم مشكلتي وأرجو منكم أن تعينوني على حلها.
أنا فتاة في الثامنة والعشرين من عمري من أسرة ذات أصل طيب وخلق والحمد لله، لكن مستواها في الالتزام بدين الله لا بأس به حيث العادات والتقاليد أبرز من التدين.
المهم.. تربينا والحمد لله على الحشمة والأدب ولي من الأخوات سبع أخوات، وكنا مضرب الأمثال في ذلك ومرت الأيام وكأننا أصبنا بعينٍ لعينة بعد أن كانت أخوتنا أخوة مثالية وتربيتنا أحسن تربية، زاغت الصغرى وأغواها الشيطان وسارت في طريق الهاوية؛ حب .. ورسائل .. وعلاقات .. الخ، لكن الحمد لله لازلنا في ستر من الله ، لم يتمادى بنا الأمر إلى أي شيء سيئ لكن المشكلة تكمن في أنني أنهى أختي عن فعل ذلك، وسن المراهقة عندها عجيب، تظن أني أنا ضدها، وأني لا أحبها مع أني أخاف من التمادي منها في هذا الطريق المظلم، وأن تجلب لنا الفضيحة والعار، وكلما نصحتها حورت كلامي إلى غير ما أقصد، بل أنها تعمل على إقناع أبي وأمي بأني غلطانه في حقها وأنها بريئة من ذلك كله، مع أني وجدت رسائل وصور وأشياء كثيرة تدل على سيرها في طريق الهلاك، بل وصدر منها اعتراف ببعض الأشياء التي ضبطتها عليها.
أصبحت المشاكل كثيرة والوالد والوالدة في ضيق من هذه المشاكل وفي ضيق من سوء علاقتنا ، حيث جميع أخواتي الباقيات يعملن ما أعمله معها لكن بشكل بسيط أو بنصائح قليلة. صدقوني أني عملت كل طريق النصح بالمعروف والمعاملة بالهدوء لمدة طويلة وعندما رأيت ذلك لا يجدي اتبعت طريق التهديد ومن ثم الشدة، وهكذا ظللت أتنقل من أسلوب إلى آخر دون جدوى، أخاف على أختي وعلى ما هي عليه ومن أن تسير في طريق الشيطان والسمعة السيئة..
كما أخاف من غضب أبي وأمي وأنني أصبحت أشعر من كلام أمي أنها غير راضية عني، وذلك بسبب المشاكل والاحتكاكات مع أختي هذه، وأني لم أعد أسمع من أمي كلمة طيبة بل أخاف أن تدعو عليّ لأنها أحياناً تغضب فهي مصابة بمرض ضغط الدم ولا أعرف كيف أتصرف، مع العلم أني تكلمت مع أمي وأبي وأخي الأكبر لكن دون جدوى.. إنكار البنت وحلفها الكاذب جعل الجميع (أبي وأمي) بالذات يصدقها، وأنا في حيرة من أمري ولا أدري كيف أفعل وكيف أبتعد عن العقوق إذا كان تصرفي هذا يؤدي بي إلى العقوق كما لا أرضى لهذه الأخت بهذا الطريق السيء.. أفيدوني بارك الله فيكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نسأل الله أن يحفظك وأن يلهمك السداد والرشاد .
فحق أن نفخر بفتاة تحرص على الخير وتصبر وتصابر، وتدعو إلى الله وتنصح لشقيقتها وتخاف من عقوق والديها، وبشرى لك بهذه الروح، ولن يضيع أجرك عند الله، وليس من العقوق دعوتك إلى الله، وغدًا سوف ينصرك الله، فقدمي رضى الله واعلمي أن العاقبة الحسنى لمن يطيع الله.
ونحن ننصحك بمناقشة والديك على انفراد ووضع الحقائق بين أيديهم وتخويفهم من عواقب السكوت، فكم خرّب التهاون والثقة العمياء من بيوت، وحاولي تغيير طريقة تعاملك مع تلك الشقيقة، واختاري الأوقات المناسبة لنصحها حتى لا تجدي نفسك في مواجهة الجميع.
واعلمي أنه يقع في الشر من لا يعرفه، فبصري أختك بالعواقب وذكريها بأحوال من سرن في طريق الغواية والمثالب، ووضحي لها أن سمعة الفتاة وحياءها هي أغلى ما تملك بعد إيمانها وصلاحها، وعلميها بخطورة الاستمرار في العصيان؛ لأن الله سبحانه يمهل ولا يهمل مع ضرورة أن تكثري لها من الدعاء الصالح، وتطلبي من والديك الدعاء لها.
واحرصي على كتمان الأمر عن الآخرين، واحترامها أمام الناس، ووعظها في الخفاء بعيدًا عن أعين الناس، وركزي على أسلوب الحوار ومخاطبة عقلها، والثناء على صفاتها الجميلة، وإسماعها الكلمات اللطيفة.
واطلبي من والديك أن يوفرا لها جرعات العطف والحنان، حتى لا تطلبها من الخارج، وقدمي بين يدي نصحها صنوفًا من الإحسان والملاطفة، واجتهدي في عزلها عن صديقات السوء، وكوني إلى جوارها، وتجنبي أسلوب التحقيق والمتابعة البوليسية، وحاولي إيجاد برامج بديلة لملئ الفراغ.
وإذا كانت الأسرة محافظة فلا داعي للانزعاج وإعطاء الموضوع أكثر مما يستحق؛ لأن ذلك يضر بالفتاة ويكسر عندها حاجز الحياء ويوصلها إلى اليأس، فافتحوا لها أبواب العودة وخطوط الرجعة، وذكروها بأصلها وفصلها ومكانة أسرتها، وحاولي الثناء على كل استجابة ولو كانت قليلة.
ونحن ننصحك بزيادة البر والإحسان لوالديك ومحاولة كسب جانبهما، وكذلك الأمر بالنسبة للأخوات حتى يقمن بدورهن في النصح والتوجيه، وحتى لا تشعر أن المشكلة بينك وبينها شخصية ويتدخل الشيطان فيدفعها للعناد والمكابرة.
ونحن نوصي الجميع بتقوى الله والحرص على طاعته، وتهيئة البيئة التي تعين على الخير والطاعات، ووضع وسائل الإعلام والاتصال في أماكن مكشوفة كالصالات حتى تسهل المتابعة، ونسأل الله لها الصلاح والهداية.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/159)
الإستشارة : ... هل أكون ظالمة لخطيبي إذا تركته رغبة في غيره
تاريخ الإستشارة : ... 2005-04-28 11:25:49
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... ايمان
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 19 سنة، مخطوبة من أحد الشباب المتدينين ولكنه لا يعطيني من الحب والحنان ما يجعلني أسد ما بي من احتياج إلى الحنان، حيث إني حرمت من الحنان من والدي فهما قاسيان بعض الشيء، وفي نطاق عملي الجديد أحسست بالراحة والاطمئنان، وأحبني أصحاب العمل.
وفي البداية صاحب العمل يريد أن يزوجني من ابنه الأصغر فهو يعلم أني لا أريد خطيبي وأني سوف أتركه، ولكن المفاجأة أن صاحب العمل ترك لي بعد ذلك اختيارين، وهما: إما أن أتزوجه هو بعلم زوجته، وإما أن أتزوج ابنه، والسؤال هنا: هل أكون من الظالمين إذا تركت خطيبي؛ لأني لم أحبه، ولم أشعر تجاهه بأنه الشخص الذي سوف أكون سعيدة معه، ولأني أحببت شخصا غيره؟ وهل من الممكن أن أتزوج ابن صاحب العمل بعد العرض الذي عرضه علي؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أرجو الله أن يهدينا وإياك إلى الحق والصواب.
ابنتي: إن أخطر ما تمر به الفتاة هي هذه المرحلة؛ لأنها مرحلة ممزوجة بالعاطفة، وتسيطر عليها حالة المراهقة، وينصرف الذهن إلى الجنس، ولذا فهي تتطلب دقة وتريثاً وتفكيراً؛ لأنها إن حصل فيها ارتباط، فهو ارتباط أبدي، وأنك في هذه المرحلة لا تنظري إلا إلى ظاهر الفتى، أما ما بداخله من سلوك وأخلاق وتدين فلا تكتشفيه إلا بعد الارتباط، وإن لم يتطابق الظاهر مع الباطن ستكون المصيبة، فعليك بتحكيم عقلك قبل عاطفتك، ولهذا أقول لك : أنت في مرحلة اختيار، فعليك أن تختاري ما اختاره لك رسولك صلى الله عليه وسلم، وهو ذو الخلق والدين أولاً، فإن تساووا في الخلق والدين، فيكون المرجح هو الجمال والمال والنسب، فاسألي نفسك: هل ابن صاحب
العمل هذا في خُلقه ودينه كخطيبك الأول، أم أنه ابن صاحب العمل فمالت نفسك إليه؟ وهذا سؤال يتطلب الدقة، فإن كان خطيبك الأول هو صاحب الخلق والدين، فأرى ألا بديل له ولو تتركين عملك؛ لأن عملك هذا مؤقتاً، أما زواجك فأبدي، وإن كان ابن صاحب العمل ذو خلق ودين أكثر من الخطيب الأول، فهنا يكون قد تحققت لك أهدافك، ولا شيء عليك إن تركت الخطيب الأول، فالقياس ابنتي هو الخلق والدين أولاً وقبل كل شيء، أما زواج رب العمل فلا أحبذه لفارق السن، ثم لما يتوقع من مشاكل تعيشينها، ولا يغرك المال وزخرف الدنيا ، وعليك بصلاة الاستخارة.
وفقك الله لما فيه الخير.
المجيب : ... د. أحمد محمد نصر الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/160)
أعجبت بفتاة وأريد التخلص منها فكيف أصنع أفيدوني
تاريخ الإستشارة : ... 2006-05-16 08:50:06
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... ع م
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب في المرحلة الثانوية أواجه مشكلة جدية، والتي بدأت كالتالي:
في بداية المرحلة الثانوية كانت تأتي عند طاولتي فتاة وتطرح علي السلام وتمد لي يدها ( لا أدري لماذا كانت تفعل هذا ) وأنا أرفض الرد عليها؛ لأنني كنت ملتزما كثيرا، ولا أسمح لنفسي حتى بالتطلع إلى تلك الفتاة.
وبعد فترة قصيرة توقفت عن مضايقتي، كانت علاقتي بتلك الفتاة في السنة الأولى سطحية جدا، أو بكلمات أخرى معدومة، ومع دخول السنة الدراسية الجديدة بدأتُ أُعجب بهذه الفتاة، واذا أردتم أن تعرفوا السبب، فهو شخصيتها المميزة، فهي تختلف عن باقي الفتيات، وعندها أفكار إسلامية في قمة الروعة (بالرغم أنها غير محجبة) ولا أدري لماذا كانت هذه الفتاة تمدحني في الصف أمام الطلاب وتدعمني، لكن أعرف شيئا واحدا أني أُعجبت بها إعجابا كبيرا حتى لا تكاد تفارق تفكيري، وقد حاولت أن أقوي الدافع الديني عندها فأعطيتها كتبا لتقرأها، أفكارنا مشتركة، أهدافنا مشتركة، ورؤيتنا مشتركة، يجب أن أذكر أني ما زلت والحمد لله ملتزما بالدين، وأداوم على صلاة الجماعة، وأدعو ربي دائما أن أنساها، ولكن لا أستطيع.
تضايقت كثيرا عندما سمعت إشاعة مفادها: أن هذه البنت كانت تخرج مع شاب في السنة الماضية، ولم أستطع أن أنم لعدة أيام، وحتى الآن أنا لا أصدق هذه الأكاذيب (لا أعلم مدى صحتها).
ارتباطي بهذه الفتاة ما زال سطحيا، وبدأت أنتبه أن هذه الفتاة ومن حولها بدأوا يلاحظوا هذا الحب، وهذا ما لا أريده، فما كان سابقا من هذا الفتاة لا يمكن تسميته إعجابا بي؛ لأن هذه الفتاة لا تملك أي أخت، بل تملك أخا ملتزما كثيرا، والذي يضيق عليها كثيرا، وهي اعترفت لي بأنها اعتبرتني أخاها (وصفتني اني أشبهه) وبدأت تحاول بتجربة تغيير علي؛ لتغير أخاها المتدين.
أنا لا أريد في هذه المرحلة على الأقل أن أرتبط مع هذه الفتاة أريد أن أنساها، وأترك الأمور تأخذ مجراها حتى يأتي الموعد الذي أكون قادرا فيه على الزواج، وعندها أبحث احتمال الزواج منها.
ولكن المشكلة أني لا أقدر على نسيانها، وأحاول بكل الطرق بدون جدوى، أصلي كثيرا، أقرأ القرآن، أحاول شغل نفسي قدر الإمكان كي لا أتذكرها ولكن لا أنجح، أحاول عدم النظر إليها أيضا لا أنجح!! لا أعلم بصراحة أقول لكم يا إخوتي، أني أفضل الموت على ذاك الشعور، أشعر أني منجذب إليها بشكل غير طبيعي، وأحيانا أخطأ وأقول: ((لماذا خلقتنا يا رب هكذا ينجذب كل جنس إلى الآخر))
أنا مدرك كل الادراك أن هذه الطريق كالسراب يحسبه الظمآن ماءا، وأعلم أنها مجرد أوهام وإفرازات جيل المراهقة، ولكن الأمر الخطير فعلا هو: أنني بت أخشى أن تؤثر هذه البنت على دراستي؛ لأني أفكر فيها دائما.
استشرت أختي فتفاجأت وصدمت، وطلبت مني عدم الاقتراب منها واستشرت زميلي فنصحني بالتقرب إليها، كل هذا فعلته لا لأجل طلب النصيحة! إنما لنسيانها، وإفشاء ما في قلبي من حرقة.
لكن أرجوكم وأستصرخكم من أعماق قلبي، وأحلفكم بإسلامكم، أن ترشدوني إلى الطريق الصواب، وأنا أريد أن أتعلم من تجربة قريب لي قضى حياته في هذه الطريق فضاع مستقبله، واليوم هو مجرد عامل بسيط.
ببساطة أنا عندي القدرات للنجاح، وبناء مستقبل باهر، ولكن إذا استمر حبي لهذه الفتاة (الذي أتمنى من الله أن ينقلب كرها) فأنا أخشى من تطور علاقتي معها بطرق غير مشروعة لا سمح الله، وهكذا يضيع مستقبلي ولا أتعلم من أخطاء غيري، هذا فضلا عن خشيتي بأني مخدوع بهذه الفتاة ومسحور بها.
أرجو أخذ كل كلمة قلتها على محمل الجد، وعدم الاستهتار بها؛ لأنها صحيحة والله يشهد على ذلك.
والآن ما عساي إلا أن أدعو ربي أن يخلص الإنسان من غريزة إعجابه بالجنس الآخر؛ لتحل مشكلتي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ع م حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن أول خطوة – بعد الاستعانة بالله – في علاج مرض من الأمراض، أن يتعرف على نوع المرض ثم على أسبابه، ثم بعد ذلك يتم معرفة الدواء الشافي بإذن الله تعالى، فهذه هي أصول الشفاء من كل بلاء.
وهذه المشكلة التي تعاني منها مع هذه الفتاة يمكن تحديدها بأنها نوع من العشق الذي حصل لك، ولذلك تجد نفسك كالأسير في التفكير بها، بحيث إنها لا تكاد تفارق تفكيرك، مضموماً إلى اشتياقك لرؤيتها وفرحك عند حصول ذلك، وإن كنت أنت في الحقيقة كارها هذا الأمر، رافضاً إياه في قرارة نفسك، لعملك بمضرته المتحققة العاجلة.
وأما عن الأسباب التي أدت إلى وقوعك في هذه ( الورطة ) فهي أسباب ظاهرة، فأنت ومع أنك بحمد الله شاب ملتزم محافظ على صلاته، إلا أنك تساهلت في أمر النظر إليها، وردّدت عينيك إليها من حين إلى حين، مضموماً إلى ما هو أعظم من ذلك، وهو حصول نوع اختلاط بها، عندما تحادثها هذه الأحاديث التي ترك أثرها في قلبك، والتي لا تكاد تمحى من خيالك، فحصل بذلك استلطاف لها، وميل للقرب منها، ثم وبعد دوام التفكير بها، ودوام استحضار صورتها في ذهنك، وقعت في عشقها على هذا النحو الذي وصفته.
إذن: إذا عرف السبب بطل العجب، فهذا الميل الشديد لهذه الفتاة هو ثمرة نظرات متكررة وثمر تفكير متواصل، وثمرة لقاءات حصلت وإن لم تكن طويلة وعميقة .
وأيضاً فلا بد أن تنتبه إلى أنه لم يكن أمراً غير مقصود، أن تقع في ما وقعت فيه، كلا.. بل إن هذا الأمر أمر قصد من هذه الفتاة، بل وبكل وضوح فهي قد وضعت في حسابها أن توقعك في الميول إليها، وليس بالأمر العادي أن تقصدك فتاة وأنت على طاولتك لتمد يدها إليك وتسلم عليك، مع عملها برفضك ذلك بل وتكرر ذلك معك، مضموماً إلى ثنائها عليك بحضرتك وأمام الناس، إذن فما وقع لك اشترك فيه ثلاثة أطراف:
الأول: وسوسة الشيطان.
الثاني: تعمد هذه الفتاة أن توقعك في مصيدتها.
الثالث: خطؤك عندما تجاوبت معها وانسقت أمام هوى النفس ورغبتها.
فهذه هي الأسباب التي أدت إلى هذه المشكلة، التي تشعر أنت بنفسك مدى خطرها، ومدى أثرها الضار على دينك ودنياك، ولكن ومع هذه المشكلة الحاصلة، ومع ما تعانيه أنت من القلق والألم، إلا أنك بحمد الله قادر تماماً على تجاوز هذا الأمر، ومستطيع استطاعة كاملة أن تنجح في إعادة الطمأنينة التي قد فقدتها إلى قلبك، ومن هنا يبدأ الحل إن شاء الله تعالى.
فأول مراتب الخروج من هذه المشكلة هو أن تتوجه إلى ربك توجه العبد المعترف بذنبه، والمقر بتقصيره، فتدعوه وتسأله وتضطر إليه اضطراراً ليعينك على الخروج من هذه المشكلة ويقيك شرورها، بل وكل مشكلة في هذه الدنيا، فقد أخرج البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، أي كان صلوات الله وسلامه عليه إذا أهمه أمر قام إلى ربه يناجيه ويتضرع إليه، ويسأله الإعانة والتوفيق، فلا بد من استعانة بالله قوية وعظيمة تليق بحالك وحال اضطرارك إلى رحمة الكريم المنان جل جلاله.
والأمر الثاني: هو عزيمة صادقة على ترك هذه العلاقة مع هذه الفتاة، بحيث تكون عزيمتك نابعة من توكلك على الله، فتكون بعد ذلك صاحب عزم صادق ثابت لا يتزلزل، على قطع كل أمر يضرك في دينك بل وفي دنياك أيضاً.
وأما عن كيفية قطع هذه العلاقة، فهو أمر واضح وجلي فعندما تقدم إليك هذه الفتاة للكلام معك ونحو ذلك، فإنك وبكل وضوح ستقول لها كلمة واحدة مختصرة لا تحتاج إلى شرح طويل: (هذه العلاقة لا يرضاها الله ورسوله، وأنا أتركها طاعة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم) نعم هكذا بوضوح المؤمن، وعزة المؤمن بدين الله
تعالى، بلا تلعثم ولا خجل ولا تردد، فإن كنت تستحي من مواجهتها بقطع علاقتكم، فتذكر أن الله تعالى هو الأحق بأن تستحيي منه، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فالله أحق أن يستحيا منه).
وأما الأمر الثالث: فهو المحافظة على غض البصر، ليس عن هذه الفتاة فحسب، بل وعن كل امرأة لا يحل النظر إليها، لا سيما وأنت قد جربت بنفسك أن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، ولقد قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} وثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن نظرة الفجأة فقال: (اصرف بصرك).
والأمر الرابع: هو الانتباه إلى أمر التفكير في هذه الفتاة، فلا بد أن تكون متيقظاً لهذه الأفكار، لا سيما تخيل الصورة والمنظر، فلا بد أن تكون بعيداً عن هذا كله، بحيث إذا وجدت من نفسك ميلاً للتفكير والخيال، بادرت إلى الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، كما قال تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إن هو السميع العليم }.
والأمر الخامس: أن تنتبه إلى أنه لا بد لك من الرفقة الصالحة التي تعينك على طاعة الله، فحاول أن توجد لنفسك رفقة صالحة مؤمنة من الإخوة الذين يعينونك على طاعة الله، فقد أخرج أبو داود في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ).
وأما الأمر السادس: فهو أن تكون عارفاً أن أفضل حل لمشكلتك بعد تقوى الله تعالى هو الزواج، فلا بد أن تجعل الزواج وتحصين نفسك من أول الأمور التي تسعى لتحصليها، وحتى ولو كان الأمر الآن متعذراً أو صعباً، إلا أن عليك الاهتمام بهذا الأمر اهتماماً يجعلك من المبادرين إلى الزواج عند القدرة عليه، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق عليه.
فهذا كله دوائك وشفائك، فبادر بعلاج نفسك، ونسأل الله لك التوفيق والهدى والسداد.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/161)
: ... أعاني من اكتئاب وقلق وهلوسات
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات نفسية
السائل : ... مها
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أعاني منذ سنوات من كثرة القلق لأتفه الأمور وصعوبة الشعور بالسعادة والفرح، ومنذ سن المراهقة عانيت من نوبات متفرقة (كل عدة أشهر) من حالات الشلل الفجائي المؤقت أثناء النوم المصحوب بهلوسات بصرية وسمعية، ولكن هذه الحالة ازدادت في الفترة الأخيرة بحيث صارت تأتيني في الأسبوع مرة أو مرتين.
أعاني كذلك من الشعور الشديد بالوحدة والخوف من الوحدة، أتمنى أن أجد إنساناً على هذه الأرض لديه القدرة على الاستماع إلي وفهمي، يئست من العثور على هذا الإنسان ذكراً كان أم أنثى! صديقاتي لسن صديقاتي، مجرد زميلات، أقنع نفسي بقضاء وقت ممتع معهن، ولو أني أشعر فعلاً بالضيق والملل من التواجد بينهن لفترة طويلة.
لا أشعر بالانتماء لأي مكان أو لأي أحد، أشعر أني غريبة في كل مكان أتواجد فيه حتى في البيت بين أفراد أسرتي، لا أطمح إلى شيء، فكل شيء في الحياة يبدو رخيصاً ومملاً وكئيباً، أحب التأمل في جمال الطبيعة و قدرة الله وإبداعه في كائناته. أشعر بانعدام القيمة فأنا كسولة للغاية لا أملك همّة أو رغبة أو قدرة في عمل أي شيء، وكذلك غير محبوبة، فمن يمكن أن يحب فتاة مثلي تعيش في الظل، تتعامل مع الآخرين ببرود وبدون اهتمام، غير ذكية ولا ثرية ولا جميلة!
والدي شكل عقدة كبيرة في حياتي بسبب غرابة وقسوة وعدم منطقية تصرفاته، قرأت كتاباً عن السلوك السيكوباتي وأظن أن والدي إنسان سيكوباتي، فهو يعذبنا معنوياً ومادياً ولا يدرك أبداً أن ذلك هو سبب كرهنا له، يعتقد أنه إنسان مثالي، كما يصرح دائماً، ولكنه لا يعرفني كما لا يعرف أي من أفراد أسرتنا إلا كحيوانات لها احتياجات معينة يؤديها بأدنى حد ممكن، وأعتذر عن هذا الوصف.
لا أظن أن لدي طموحاً ككل الفتيات بالزواج وإنشاء أسرة سعيدة، وذلك بسبب قدراتي العقلية والنفسية والعصبية والمتدنية وليأسي من العثور على شخص يناسبني ويتحملني في نفس الوقت، الأسرة السعيدة بالنسبة لي مجرد حلم بعيد المنال وغير واقعي.
أرجو أن أجد علاجاً لحالتي، ولكني لست واثقة من نجاح الطب النفسي في علاجي، أشعر أني بحاجة إلى أكثر من مجرد الإرشاد والأفكار الإيجابية، ولكني لا أعرف السبيل إلى ذلك.
ملاحظة: أشعر أن علاقتي بربي في انخفاض مستمر بازدياد سوء حالتي رغم محاولاتي لتجنب ذلك.
ولكم جزيل الشكر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
جزاك الله كل خير.
يؤسفنا أن تكون تصرفات والدك بهذه السلبية، ولكن لا أعتقد أنه من الصواب أن تصفيه بأنه شخص سايكوباثي، أي شخصية معاديةٍ للمجتمع ؛ لأن مثل هذا الوصف من ابنةٍ لأبيها ربما يكون مخالف بعض الشيء للطبيعة البشرية، حيث أن الآباء قد جُبلوا بصورةٍ فطرية على محبة أبنائهم، ولكن الأبناء لم يُجبلوا بصورةٍ فطرية على محبة آبائهم، إنما هي قائمةٌ على أساس التعلم وليس الاكتساب الفطري .
أرى أن المشكلة الأساسية تتمركز حول نظرتك السلبية للحياة بصفةٍ عامة، وربما يكون أيضاً هنالك شيء من تقييم الذات، أو تقديرها بصورةٍ ليست واقعية .
أرجو أن لا تعيشي الماضي مهما كانت سلبياته في نظرك، وإنما من الضروري أن تعيشي الحاضر بقوة والمستقبل بأمل .
لا بد أن تضعي هدفاً لحياتك، مع وضع الآليات والأسباب التي توصلك لهذا الهدف، وأعتقد أن هنالك مجالاً للإنسان أن يصل لأهدافه باشتراط الواقعية، والعمل بجدية للوصول إلى هذه الأهداف .
ربما تكوني بحاجة إلى نوع من العلاج الدوائي، خاصةً الأدوية المزيلة للقلق والمثبتة للمزاج، ومنها الدواء الذي يعرف باسم سبراليكس ، أرجو أن تتناوليه بجرعة 10 مليجرام ليلاً، لمدة ثلاثة أشهر .
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. محمد عبد العليم
ـــــــــــــــــــــــــ(110/162)
: ... كيف أتخلص من حب الشباب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... suhaip
السؤال
السلام عليكم.
أريد السؤال: كيف أتخلص من حب الشباب فهو يلازمني منذ 6 سنوات، والآن عمري 20 سنة، مع العلم أنه ليس حبا بمعنى الكلمة فهوة عبارة عن أن بشرة وجهي تبقى حمراء والقليل من الحبوب تحت البشرة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ suhaip حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إن حب الشباب له أشكال سريرية كثيرة، مثل حب الشباب الحطاطي، أو البثري، أو الزؤاني، أو الكيسي، أو الندبي، وإن حب الشباب هو أكثر الأمراض شيوعاً على الإطلاق، وهو يتفاوت بشدته بشكل كبير، من المرور العابر الذي لا يؤبه به إلى الشكل الكيسي المشوّه، وهو عادةً ما يصيب الشباب في سن المراهقة، وينتهي في العقد الثالث من العمر، عدا بعض الحالات التي يستمر فيها أكثر من ذلك لوجود أسباب وعوامل مهيأة.
العلاج:
1- في كل الحالات يفضّل عدم اللعب بالبثور، وعدم عصرها أو فركها، أو دلكها؛ وذلك حتى نتجنب التقيح والانتشار والندبات.
2- في الحالات الخفيفة كما هو عندك، يكفي الغسل المتكرر بالماء الفاتر والصابون، ثم بالماء البارد (وعدد مرات الغسيل يحكمه شدة الدهون التي تغطي البشرة).
3- في الحالات المتوسطة، والتي فيها بثور قليلة، تُستعمل المضادات الحيوية الموضعية (مثل الكليندامايسين) ويفضّل أن تكون سائلة، وليست على شكل مرهم؛ حتى لا تمنع تصريف الإفرازات الدهنية من مصارفها الطبيعية.
4- في الحالات المتوسطة التي لا تستجيب لما ذُكر، يمكن استعمال المضادات الحيوية الجهازية (بالفم) بالإضافة إلى العلاج المحافظ الموضعي والعناية العامة.
5- الحالة النفسية قد تزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى.
6- تناول الحلويات والسكريات قد يزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى، ولو أن التجارب في ذلك مُتضاربة بين مؤيد ومعارض، والأفضل الاعتدال والتجريب بشكل شخصي.
7- في الحالات الشديدة أو المعندة أو الكيسية أو المشوهة أو المؤثرة على الحالة النفسية، يمكن استعمال مستحضر الرواكيوتين (ايزوتريتينوين) ولكن تحت إشراف طبي متخصص، وإجراء بعض التحاليل الدموية، علماً بأن الدورة العلاجية يجب أن يتمم فيها المريض الجرعة إلى 120 مليجرام لكل كيلو غرام، وغالباً ما يكون هذا كافياً مدى الحياة عدا بعض الاستثناءات.
8- لإزالة اللون الأحمر المتبقي، يمكن الاستفادة من العلاج بالليزر الوعائي إن استطب ذلك.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد حازم تقي الدين
ـــــــــــــــــــــــــ(110/163)
: ... كيف أتعامل مع ابنتي العنيدة وأرجعها للبيت
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... أم عبدالله
السؤال
السلام عليكم.
أنا سيدة متزوجة ولي 3 بنات وولدان، والحمد لله البنت الكبرى متزوجة ومستقرة مع زوجها، والبنت الصغرى مصابة بضعف سمع شديد فتحتاج إلى رعاية زائدة، والحمد لله هي في مدرسة عادية وطبيعية بسبب اهتمامنا الخاص لها، والبنت الوسطى ذكية جدا وتدرس في الجامعة سنة 3 هندسة، ومتدينة والحمد لله، ولكن مشكلتي معها أنها عنيدة جدا منذ صغرها، فعند طلبها لشيء يجب أن تحصل عليه حالا، وإلا تستمر بالإلحاح المستمر ولا تتعب! وممكن تضرب عن الذهاب للدراسة وهكذا!
وبسبب طيبة قلبي وحناني الزائد أرضخ لطلبها وألبيه لها، وهي دائما تغار من أختها الكبيرة المتزوجة والصغيرة فمن صغرها إلى الآن وتتهمني بحبي لها أكثر منها، وهذا غير صحيح فأنا أحبهم كلهم، وألبي طلباتهم مهما كانت، وعايشة هي على هذه المعتقدات.
والآن حدث خلاف بينها وبين جدها ـ وهو أبي ـ على قناة تلفزيون ( موضوع تافه ) غضبت وخرجت وقامت بالسكن عند عمتها في بيت جدها ( أهل أبيها ) وترفض أن تكلمني، وقامت باتهامي بأني لا أحبها ولا أهتم بها...إلخ، وهي لا تحبني ولا تريد العيش معي ولا تريد مواجهتي ولا تحب أهلي ولا تريد رؤيتهم!
وهذا كلام غير صحيح فأنا أحبها مثل أخواتها، فبالفترة الأخيرة اشتريت لها لاب توب، وأدخلتها ناديا رياضيا للتخسيس لأنها سمينة جدا، وأشركتها مع الدايت سنتر للوجبات الصحية، واشتريت لها أغلى الملابس، ودائما أسأل عنها إذا تأخرت في الجامعة، ولكن طبيعة عملي تجعلني مشغولة أرجع البيت متأخرة في الساعة 4 - 5 مساءا، فأكون مجهدة وهذا كله حتى أوفر لهم حياة كريمة ومرفهة.
وأنا أريد منها الرجوع للبيت، ولكنها عنيدة، والكل كلمها وأرشدها ولكن قلبها قاس، لكن هي فيها صفات جيدة، لكن إذا عاندت تكون صعبة، وهذه المرة أنا لم أذهب لها خصيصا لأرجعها ولكنها لما تراني لا تسلم علي وتتجاهلني! وأنا جدا تعبانة ودمعتي لا تقف وأدعو الله أن يصلحها، أرجوكم ساعدوني، وجزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يوفقك لتربية أبناءك، ومساعدة ابنتك في التخلص من عاداتها الغير مقبولة.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فالذي يبدو لي من عرضك لتصرفات ابنتك الوسطى أنها ضحية لتربية غير مسئولة منذ صغرها، حيث أن هذا العناد عادةً ما يكون سببه الإفراط في التدليل، وتلبية جميع طلباتها، مما يترتب عليه اكتساب هذا السلوك الشاذ في بقية مراحل عمرها كما يحدث لابنتك الآن.
وما يؤسف له أنها دخلت مرحلة عمرية يصعب معها توجيهها بسهولة ويسر، حيث أن مرحلة المراهقة من أهم خصائصها التمرد والعناد، وعدم الانصياع لتعليمات الأسرة، وهذا مما يجعل مهمتك أكثر صعوبة، وتحتاج إلى مزيدٍ من الصبر والنفس الطويل، لذا أرى أنك في حاجة إلى تغيير طريقة تعاملك معها، والتي من أهمها عدم إظهار الاهتمام الزائد بها، وإشعارها بأنه من الممكن تجاهلها، وحاولي إخفاء انزعاجك من تصرفاتها ومن عنادها، وأشعريها بأنك قد تغيرت، وأن تصرفاتها بالنسبة لك لا تُثير أي اهتمام منك، ولكن ليس معنى هذا مقاطعتها أو هجرها، هذا ليس صحيحاً، وإنما لا بد لك من إشعارها بأنك لا تكرهينها، وأنك تحبينها وتتمنين سعادتها، ولا تنتظري منها أن تطلب مساعدتك، وإنما بمجرد شعورك بأنها في حاجة إليك، فسارعي وبدون تردد في مساعدتها، وحاولي ضمّها إلى صدرك، وغمرها بُقبلاتك وعطفك وحنانك، وبيني لها أنك لا تكرهينها، وإنما تكرهين تصرفاتها، وحاولي مساعدتها لتغيير نفسها، والتخلص من هذه الحالة، فهذا أمرٌ سهل بالنسبة لها
لو كانت صاحبة إرادة قوية ولديها الاستعداد للتغيير ، فإذا لم يكن لدى الإنسان الاستعداد للتغيير فلا يمكن لأحد أن يُغيره، أما إذا عزم وصمم فسيُعان على ذلك بإذن الله، ولا تنسي أعظم وأهم وأخطر سلاح ألا وهو سلاح الدعاء، فإنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأن دعاء الوالد أو الوالدة لولدها لا يرد.
مع تمنياتنا لكم جميعاً بالتوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/164)
: ... انتشرت حبوب في وجهي وأزعجتني
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... Yasmin
السؤال
حبوب في الوجه استعملت لها جميع الطرق، فما هو الحل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Yasmin حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أولاً: الاسم العلمي لحب الشباب هو العد الشائع، وحب الشباب هو الاندفاعات الجلدية التي تُصيب الإنسان في سن الشباب، وله أشكال كثيرة، مثل حب الشباب الحطاطي، أو البثري، أو الزؤاني، أو الكيسي، أو الندبي.
ثانياً: علينا أن نعرف أن حب الشباب هو أكثر الأمراض شيوعاً على الإطلاق بين جميع الأمراض الجلدية وغيرها، وهو يتفاوت بشدته بشكل كبير، من المرور العابر الذي لا يؤبه به إلى الشكل الكيسي المشوه، وهو عادةً يصيب الشباب في سن المراهقة، وينتهي في العقد الثالث من العمر، عدا بعض الحالات التي يستمر فيها أكثر من ذلك؛ لوجود أسباب وعوامل مهيأة .
ثالثاً: الخطوات التي يجب اتباعها في العلاج:
1- في كل الحالات يفضّل عدم اللعب بالبثور، وعدم عصرها أو فركها أو دلكها ؛ وذلك حتى نتجنب التقيح والانتشار والندبات .
2- في الحالات الخفيفة، يكفي الغسل المتكرر بالماء الفاتر والصابون، ثم بالماء البارد (وعدد مرات الغسيل يرجع إلى شدة الدهون التي تغطي البشرة).
3- في الحالات المتوسطة، والتي فيها بثور قليلة، تستعمل المضادات الحيوية الموضعية، مثل (الكليندامايسين)، ويفضّل أن تكون سائلة وليست على شكل مرهم؛ حتى لا تمنع تصريف الإفرازات الدهنية من مصارفها الطبيعية.
4- في الحالات المتوسطة التي لا تستجيب لما ذُكر، يمكن استعمال المضادات الحيوية الجهازية (الداخلة لأجهزة الجسم) بالإضافة إلى العلاج المحافظ الموضعي، والعناية العامة.
5- الحالة النفسية قد تزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى.
6- تناول الحلويات والسكريات قد يزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى، ولو أن التجارب في ذلك متضاربة بين مؤيد ومعارض، والأفضل الاعتدال والتجريب بشكل شخصي.
7- في الحالات الشديدة أو المعندة ( التي لا تستجيب للعلاج) أو الكيسية، أو المشوهة، أو المؤثرة على الحالة النفسية، يمكن استعمال مستحضر الرواكيوتين (ايزوتريتينوين)، ولكن تحت إشراف طبي متخصص .
8- لإزالة اللون الأحمر المتبقي يمكن الاستفادة من العلاج بالليزر الوعائي إن استطب ذلك.
9- إن لم يجدِ كل ذلك، فالأمر يحتاج إلى مراجعة التشخيص، ويحتاج إلى متابعة مع طبيب أمراض جلدية.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد حازم تقي الدين
ـــــــــــــــــــــــــ(110/165)
الإستشارة : ... هل أترك عملي وأستقر عند أسرتي التي تعيش في بلد غربي
تاريخ الإستشارة : ... 2005-07-19 11:36:28
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... غريب
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو التكرم بإسداء النصحية لي حيث إنني أرسلت أسرتي إلى دولة أوروبية للعيش فيها، ولكن لم تجر الرياح بما تشتهي السفن، فقد ترك ابني الكبير المدرسة بعد ثلاث سنوات وأصبح غير مكترث بما يدور حوله، ولم يوفق للعمل هناك، ولا أستطيع إعادتهم مرة أخرى فقد تزوجت بناتي هناك وأصحبت لا أستطيع العودة.
مع العلم أنني أعمل في دولة عربية لأنفق عليهم مما يزيد من صعوبة الأمر علي لأنني إذا ذهبت للاستقرار معهم فسوف أجد صعوبة في البحث عن العمل رغم أن أولادي يطلبون مني ذلك، يقولون من رزقك هناك فسوف يرزقك هنا.
وقد سبب لي البعد عنهم رغم زيارتهم كل 6 أشهر كثيرا من المتاعب النفسية الجسدية والخسارة المالية، وقد حرمت من السفر إلى بلدي الأصلي لزيارة والدي بسبب انشغالي في السفر إلى تلك الدولة، فهل من نصحية أو توجيه؟ هل أترك عملي وأستقر هناك رغم أنني لا أحب تلك الدول لولا الظروف التي دفعتني للهجرة هناك؟
وأرجو مساعدتي في الطرق السليمة للتخطيط لمستقبل أسرتي حيث إنني موظف في دولة خليجية، ولدي 4 أبناء: اثنتان من البنات قد تزوجتا، وبقي لدي ولد لم يكمل دراسته ولم يعمل، وطفل في المدرسة، وهم جميعا في أمريكا، وأنا من بلاد الشام، وليس لي بيت هناك سوى بيت الوالد، ولدي مبلغ من المال لا أستطيع أن أتصرف به حيث إنني فكر في تزويج ابني أو أعمل مشروعا تجاريا ولا أعرف معالمه لأنه لا توجد لدي خبرات تجارية.
وأفكر في شراء بيت ببلاد الشام، ولكن لا يبقى شيء إذا فعلت ذلك، وأنا في انتظار الحصول على الجنسية الكندية، ولكن وجدت أنه يوجد لدي مشاكل بسبب اكتشاف الحكومة الغربية أنني أعمل في الخارج؛ مما سوف يؤخر حصولي على الجنسية.
كما أن بناتي متزوجات من غير عرب (مسلمين) وهن بعد عدة سنوات سوف يغادرن للاستقرار في بلد آخر، وهذا يزيد من أملي، ولو فكرت في الاستقالة للاستقرار في دولة غربية فسوف أجد صعوبة في الحياة أو في العمل، مع العلم أنني أملك الهوية الفلسطينية، ولكن زوجتي لا تملكها، وهي لا تعمل وليس لديها شهادة جامعية، فأنا الآن في حيرة، ماذا أفعل؟ وأين أتجه؟ وكيف سوف أدبر الأمر؟ أعلم أن الأمر بيد الله، ولكن علي التزامات ضرورية، كيف أعيد ابني إلى دراسته؟ وكيف أحقق النجاح له؟ وكيف أخرج من تلك الدولة الغربية بأقل الضرر؟ وكيف أضمن قرب بناتي مني؟ وكيف أضمن دخلا وإيرادا من مشروع تجاري؟ وكيف أحصل على الاستقرار النفسي في تلك الأجواء؟
بارك الله فيكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ غريب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يحفظك ، وأن يعينك على ما فيه الخير في الدنيا والآخرة.
شكراً لك مراسلتك لنا، ونرحب بك وبكل المسلمين، ونتمنى أن نتعاون جميعاً على حل مشاكلنا.
قرأت رسالتك أخي وما أنت فيه من حيرة لشتات الأسرة بين بلاد الغرب والوطن العربي، وبعد تفكير وتروٍ وموازنات، أقول:
من المعلوم يا أخي أن الأسرة ترتبط ببعضها البعض عدا البنات؛ فهنَّ أمانة مستردة لحين ما يأتيهن من يطلبهن، فتخرج البنت من بيت أبيها لتكون هي أسرة قائمة بنفسها، وإلا لو ارتبطت البنت ببيت أبيها وأسرتها لما سارت الحياة.
ومن هنا أقول لك: إن الأمر الطبيعي أن يكون البنات المتزوجات بعيدات عن والدهن ووالدتهنَّ وأسرتهنَّ، لأنهنَّ شرعاً عليهنَّ البقاء مع الزوج حيثما ذهب.
كما أن الأبناء والبنات القصر مع الزوجة يجب أن يكونوا مع الأب حيثما كان؛ حتى يقوم بواجب العناية والرعاية والتربية، وحتى تجد الزوجة حقوقها.
ومن هنا أرى أنه لا خيار لك أبداً إلا الآتي:
1- أن تبقى أنت في الخليج؛ لأنه بلدٌ إسلامي، وأبواب الرزق فيه واسعة، وهو مكان استقرارك وعملك ومعيشتك.
2- أن ترسل لزوجتك وطفليك وتحضرهم فوراً ومن غير تأخير إليك ليكونوا تحت رعايتك وتربيتك والإشراف الكامل عليهم، أما ابنتيك فقد صرن مع أزواجهنَّ، وارتبطت حياتهن بهؤلاء الأزواج، لذا لا مجال لبقائك معهن ولا لبقائهن معك.
3- تستطيع أن تجمع شمل أسرتك بالخليج، وأن تحقق مستقبلك ومشاريعك بترتيب أمورك.
4- ولديك في سن المراهقة، وهي سنٌ تتطلب إشراف الأب؛ لأن الأم عاجزة عن ذلك، وإن لم يتدارك الأب هذه المرحلة عاجلاً لضاع الأول، لا سيما وهم في بلاد الغرب يختلفون عنا ديناً وخلقاً وعادات وتقاليد، وتلك حياة لا ضابط لها من الدين.
لذا ، أرى لا أنه خيار لك إلا أن تسعى فوراً بإحضار زوجتك وولديك إليك في الخليج، وأما بناتك فلك أن تزورهم من وقتٍ لآخر وهم يزورونكم.
نسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير والرضا.
المجيب : ... د. أحمد محمد نصر الله
ـــــــــــــــــــــــــ(110/166)
: ... ابنتي تركت البيت دون أن تذكر أي سبب
تاريخ الإستشارة : ... 2005-10-24 13:23:16
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... نبيل
السؤال
إخوتي في الدين والإيمان، لقد ترددت كثيرا قبل الكتابة لكم، ولكن لم أجد من معين لي في مشكلتي هذه سواكم.
أما مشكلتي فهي أننا من أسرة عربية مسلمة تعيش في ألمانيا منذ عشرون عاما، ولنا ابنتان وولد (19 ـ 17 ـ 9 سنوات)، والمشكلة هي مع ابنتي الكبيرة حيث أن القوانين الاجتماعية في ألمانيا تعطي للأشخاص الراشدين حرية التصرف والاختيار كيفما يشاؤون، ولا يحق للأهل التدخل في حياتهم.
مع العلم بأن زوجتي وأنا لم نقصر معهم من ناحية التوجيه والنصح ونحاول دوما بقدر المستطاع أن نوفق بين ما يتعلمونه من المدرسة والأصدقاء وبين عاداتنا وتقاليدنا الإسلامية, وفي الفترة الأخيرة تركت ابنتنا الكبرى البيت دون أي سبب سوى أنها تريد أن تستقل بنفسها.
مع العلم أنها في أفضل المدارس، وهي من المتفوقات، وأنا وزوجتي لم نقصر في توجيه النصح والإرشاد لها، ومع أنه لا توجد أية مشاكل عائلية عندنا (والحمد لله) فزوجتي ربة منزل - متعلمة - وأنا موظف في إحدى الشركات، والمشكلة هي في عدم تمكننا من فعل أي شيء بسبب القوانين السابقة الذكر، ومع ذلك لم نقاطع ابنتنا، ولازالت تزورنا من وقت لآخر ونقدم لها كل ما تحتاجه من مساعدة، ولقد سألناها عدة مرات لماذا فعلت ذلك؟ فيكون ردها أنني أصبحت كبيرة، وأريد أن أستقل بذاتي، دون إعطاء أي مبرر آخر، وهذا ما دفعنا للكتابة إليكم فنحن في حيرة من أمرنا، فإن تركناها ربما قد تقع فريسة سهلة لما هو أفظع من ذلك (لاسمح الله)، وإذا قبلنا بالأمر الواقع نكون قد أغضبنا الله وخالفنا تعاليمنا الإسلامية؛ لذا أرجو منكم المساعدة في إيجاد الحل المناسب لمشكلتنا هذه.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نبيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يُصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يرد هذه الفتاة إلى رشدها وصوابها، وأن يُعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته..
فإن طائفة من إخواننا يدفعون ثمن بقائهم بين أظهر المشركين، لأن الإنسان اجتماعي بطبعه يتأثر بمن حوله وما حوله، خاصةً إذا كان في مرحلتي الطفولة والمراهقة؛ حيث الأثر الكبير لمجموعة الرفاق، والفوران الشديد للشهوات، والرغبة في العناد والمخالفة عند مرحلة البلوغ والمراهقة.
وأرجو أن تكونوا قريبين من هذه الفتاة؛ فإن البنت في هذه السن تشعر بأمرين متناقضين، فتارة تشعر بأنها امرأة يحقُّ لها أن تتصرف وتخالف وتصادق من تشاء، ولا يجوز لأحد أن يتدخل في شؤونها، وأحياناً تشعر بأنها مثل الطفلة تحتاج لعطف أبويها، وهذا هو الجانب الذي أرجو أن تتخذوه مدخلاً إلى قلبها، والصواب أن تتخذوا أسلوب الحوار أيضاً؛ لأنه يحفظ لها شخصيتها ويوصلها إلى الصواب بهدوء، كما أرجو أن تُشعروها بحاجتكم إلى وجودها معكم.
وإذا قام الوالدان بدورهما كاملاً فإنهما لا يُلامان، وإنما اللوم والعتب على المقصرين، وعليكما بالاستمرار في المحاولات، واتخاذ الأسباب والوسائل التي تعين الأبناء على الخير، ثم التوكل على الهادي سبحانه، ورفع أكف الضراعة إليه، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء.
ومما يُعين على تجاوز هذه الأزمة ما يلي:
1- كثرة اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.
2- الحرص على طاعة الله وتقواه، وطلب الرزق الحلال.
3- اختيار الأساليب المؤثرة والكلمات اللطيفة المعبرة.
4- عدم توجيه النصائح إليها مباشرة؛ لأنها ترفض الوصاية.
5- احترام شخصيتها وعقلها، وعدم توجيه النقد إليها أمام الآخرين.
ولا داعي للتردد، فإن المسلم قويٌ -بعد توفيق الله- بمشورة إخوانه، ونحن في هذا الموقع في خدمة إخواننا، وهذا واجبٌ تمليه علينا هذه الشريعة العظيمة التي جعلت المسلمين كالجسد الواحد.
والله الموفق,,,
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/167)
امرأتي كانت على علاقة حب مع أخي وهذا الماضي يؤرقني
تاريخ الإستشارة : ... 2005-06-15 14:17:01
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... اسماعيل
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أعرض عليكم مشكلتي: إنني متزوج من ابنة عم لي من 25 عاما، وأنجبت منها 4 أبناء ولكنني قبل أن أتزوجها قد اعترفت لي أنها كانت على علاقة حب بأخي
الأكبر رغم ذلك تجاهلت الأمر، واستمرت حياتنا بما فيها من أطياف الماضي السيئة وتلك الاعترافات.
والآن أصبحت أشعر بتأنيب الضمير على ما فات، وكيف سوف أعود وأستقر مع إخوتي وتلك الصور في خيالي!؟ رغم أن أخي الكبير فوق الخمسين من العمر وزوجتي ترفض العودة للاستقرار مع بقية الأسرة بحجة أن الماضي يؤثر على نفسيتها، ونحن نعيش في غربة من زوجنا، مع أنني أجد سعادتي في العيش مع بقية أسرتي وأن ينشأ أولادي معهم، أرجو إفادتي وفقكم الله إلى الخير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسماعيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك وفي أهلك، وأن يعينك على تخطي هذه العقبة وتجاوز هذه المشكلة، وأن يعيد إليكم الثقة والسعادة والاستقرار.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فالذي ذكرته إنما هو صورة من الماضي البعيد في مرحلة لم تكن لك فيها علاقة بزوجتك، وكانت هي وبلا شك في مرحلة الشباب والمراهقة، وكان أخوك مثلها، وهي مسائل جرت العادة بها، خاصةً في المجتمعات المتفتحة، التي تغفل الضوابط الشرعية في معاملاتها الاجتماعية، وهذه العلاقات كثيرة في مثل هذه المجتمعات، ثم إذا وجدت البيئة المناسبة استعادت النفس صلاحها واستقامتها، ونادراً ما يسلم شاب أو شابة من مثل هذه العلاقات في مثل المجتمعات المنفتحة كما ذكرت، لذا أود عدم الوقوف عند هذه الذكريات؛ لأن هذا من عمل الشيطان، ولا يحل لك، لأن أهم شيء أن زوجتك الآن بخير وعلى خير، ولم تر منها ما يشين، إلا أنني أضم صوتي إلى صوت امرأتك في عدم الإقامة الدائمة في نفس المنزل؛ لأن مثل هذا يؤلم النفس، وقد يفتح عليك باب الشك والريبة وأنت في غنىً عن هذا، ومما لا شك فيه أن لامرأتك دور هام، وهو ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية في التعامل مع أخيك، حتى لا يعبث الشيطان بالأسرة، فلكل ساقط لاقطة، والشيطان يظل متربصاً بالإنسان لسنواتٍ طوال، فتوكل على الله، وعُد إلى وطنك في الوقت الذي تراه مناسباً، ولكن لا داعي للإقامة المختلطة، فهذا أتقى وأنقى.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/168)
إذا ربينا طفلا يتيما صغيرا.. فكيف نخبره بحقيقته
تاريخ الإستشارة : ... 2006-02-25 12:24:54
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... عبير
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجت من عشر سنوات وأراد الله تعالى ألا ننجب، ومن الناحية الطبية هناك شبه استحالة للإنجاب إلا بإرادة الله تعالى التي هي فوق كل شيء فهو سبحانه مسبب الأسباب.
وبعد أن أستخرنا الله منذ مدة طويله واستشارتنا لأصدقاء لنا لهم نفس ظروفنا وقد تكفلوا بأيتام, نوينا بإذن الله أن نتكفل بيتيم في منزلنا مع إرضاعه ليكون محرما إن شاء الله سواء بنت أو ولد، ونوينا أن نعتني به ونربيه تربيه إسلامية دون إفراط أو تفريط فنحن في حاجة إليه، وهو في حاجة لنا ونتمنى من الله أن نستحق الثواب على ذلك.. فقد حضرنا عدة ندوات من متخصصين هنا وفي مصر وقالوا أن نفسية الطفل تكون أفضل مع أسرة بديلة من وجوده في دور الرعاية والله أعلم.
وسؤالنا: 1- هل التكفل ببنت أفضل أم بولد؟
2- وهل يفضل أن نخبره بحقيقته تدريجيا "من ملجأ" أم نقول له القصة المعروفة أنه من العائله من بعيد وتوفي والداه؟؟
3-وكيف نتعامل معه أو معها في أخطر مرحلة وهي مرحلة المراهقة؟
نرجو من حضراتكم إفادتنا بخصوص ذلك وإن كان لديكم طريقة لنتكفل بيتيم من يتامى الحروب او الكوارث من أي بلد إسلامي ونربيه في بيتنا نكون لكم شاكرين وممتنين جدا جعله الله في ميزان حسناتكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يجعلك ممن إذا أعطي شكر، وإذا منع صبر، وإذا آذيت استغفر، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن السعيد في الناس من يحرص على طاعة القهار، ويكثر من التسبيح والاستغفار، ويسعى في بر الوالدين وصلة الأرحام، ويحسن إلى اليتيم والجار، ويرضى بقسمة من يهب العافية والولد والخير، سبحانه هو الوارث لعقبي الدار.
ونحن نرجوا لمن يفعل ذلك، ويكثر من الصدق والبذل والدعاء أن يرزقه الله الخير والأبناء النجباء، وقد أحسنت فإن الأمر بيد الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
ولقد اقتضت حكمة الله سبحانه أن يجعل نعمه مقسمة، فهو –سبحانه- يعطي هذا عافية ويحرمه من الوالد، ويعطي بعض الناس عافية وولداً ويحرمه من المال والذكاء، وهو سبحانه:
{يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً }، فسبحان من {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون }.
ولا يخفى عليكم أن السعادة ليست في المال ولا في الولد ولا في الوظيفة وفي الشهادات العلمية، ولكنها في طاعة رب البرية، وإذا أصبح الإنسان آمناً في سربه، مطيعاً لربه، عنده قوت يومه، وهو مع ذلك معافى في بدنه؛ فكأنما حيزت له الدنيا
بحذافيرها، فاشغلوا أوقاتكم بطاعة الله، وعمروا حياتكم بالذكر والشكر، وكونوا في حاجة الناس ليكون رب الناس في حوائجكم .
ولا مانع من القيام برعاية الأيتام، شريطة أن تحتفظوا بأنسابكم ويلحقوا بآبائهم، وينبغي أن نتدرج في إيصال الحقائق إليهم، ونحرص على أن نمنحهم عطفنا واهتمامنا، ولا أظن أن في الأيتام مشكلة نفسية، ولكن الإشكال يكون مع اللقطاء.
وقد أسعدني حرصكم على تقديم الاستخارة والاستشارة، ولن يندم من يستخير من بيده الخير، ويستشير إخوانه، والله -تبارك وتعالى- يجازي على مثل هذه النية في عمل الخير، فكيف إذا تبعها العمل، وحرصتم على الإحسان، والله سبحانه يحب المحسنين ويرحم الراحمين ويعوض المنفقين ويجازي العاملين.
وإذا كان الطفل يتيماً وليس لقيطاً فلا مانع من تربيته في المنزل والإحسان إليه، ومن الضروري أن يعرف والده الحقيقي، ويدعو له، ولكل من أحسن إليه، ولا يخفي عليك أن الرضاع المؤثر هو ما كان داخل الحولين، وأن تكون الرضعات مشبعات، كما هو معروف في الفقه الإسلامي من حيث عدد الرضعات، مع ضرورة رعاية الضوابط الشرعية في هذه المسألة.
أما بالنسبة للأطفال اللقطاء فالأفضل أن نقوم برعايتهم والاهتمام بهم، ولكن عن طريق المؤسسات التي تعني بهم؛ لأنهم في الغالب يكون فيهم حقد، ولا يؤمن جانبهم مستقبلاً، كما أن نظرة المجتمعات القاسية إليهم قد تدفعهم في الاتجاه السلبي، مع أنه لا ذنب لهم في جريمة السفهاء الأشقياء من البغايا والزناة.
ولا شك أن أبواب الخير واسعة، وتستطيعي مع زوجك فعل الكثير، فكوني في خدمة المرضى، واعطفي على الأطفال، واجعلوا كل طفل أمامكم كأنه ابن لكم، وخير الناس أنفعهم للناس.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/169)
أنا مصابة بوساوس في النظافة وعصبية شديدة واكتئاب مرهق
تاريخ الإستشارة : ... 2006-06-29 11:03:55
الموضوع : ... استشارات نفسية
السائل : ... donia
السؤال
السلام عليكم.
أود في بادئ الامر أن أشكركم جزيل الشكر، على ما تسدونه من مجهودات لصالح المسلمين، فجزاكم الله عنا خير الجزاء، أما بعد:
فمشكلتي أراها أعوص ما يكون؛ لأنها تحوي مشاكل عديدة وفي نفس الإطار، وأستسمحكم من الآن؛ لأن مشكلتي طويلة ومعقدة.
أنا شابة في ال22 من عمري، مشكلتي بدأت منذ الصغر حيث كنت أعاني - وما زلت - من وسواس قهري شديد يتعبني نفسيا وبدنيا, أعاني من وسواس النظافة،
ووسواس الأفكار التسلطية ووسواس الخوف, لدرجة أني كنت في صغري أكره من يقبلني! إذ كان الناس وأقاربي يقبلونني بشكل كبير، ويقال أني لذيذة وجميلة!
كما كنت أكره فراشي الذي كنت أنام فيه، لو أن أحدا آخر من إخوتي نام فيه، كما كنت أكره أن أشرب من نفس الكأس, حتى المراحيض أخشى دخولها ولو كانت نظيفة، ناهيك عن الاستحمام!
لقد كنت أعيش العذاب! ليس هذا فقط، فإلى جانب وسواس النظافة، كان وسواس الأفكار التسلطية والخوف والتشاؤم, لقد كنت - ولا زلت - لا أنقطع عن التفكير، وتتملكني أفكار تافهة أكبر من حجمها، وأخشى دائما المجهول وما سيجيء بعد ذلك! كما أني كنت ولا زلت أخشى النوم في الظلام، وأخشى البقاء وحدي في البيت, وأخشى الخروج وحدي؛ لأني كنت - ولازلت - أخاف إن خرجت وحدي أن يعتدى علي جنسيا أو يحدث لي مكروه!
أيضا أنا فتاة ثورية، إذ أني أحس بأن مجتمعنا يحرم الفتاة حقوقها، ويصادر آراءها ولا يفهمها، ودائما ألسن الناس وراءها, علما بأني إنسانة رقيقة القلب وحساسة لأقصى الحدود، وتخشى الله تعالى! وتؤمن بالقدر خير الإيمان، والناس كلهم يرون في القدوة الصالحة والفتاة العفيفة العاقلة، لا تفاخرا ولكن هذا صحيح.
كما أسلفت الذكر، أنا فتاة متمردة على مجتمعنا الذي أرى فيه أنه ابتعد عن إسلامنا الصحيح فظلمت المرأة فيه، ونتج عن تمردي على المجتمع ـ وتقاليده التي لا تمت للدين بصلة ـ كرهي للرجال، مع أني أحب أبي حبا كبيرا وأخي لأنهما حنونان جدا ويخافان الله في عائلتي, وأبي ربانا ولله الحمد تربية صالحة, وزرع فينا خشية الله وكل معاني وقيم إسلامنا العظيم.
في صغري كنت تلك الفتاة السهلة الهادئة عند عائلتي، لأن كل المشاكل كانت بداخلي وأخشى البوح بها, وعندما وصلت سن المراهقة أصبحت فتاة عصبية لأقصى الحدود مع تفوقي دائما في الدراسة.
عصبيتي غذتها الوساوس القهرية التي كنت أقاسيها، لم أكن أصارح أمي بكل ذلك؛ لأنها رغم حنانها لم تنصت لي يوما، كما كنت أرفع صوتي عليها عندما أغضب وكنت دائما أندم على فعل ذلك، وأعاهد نفسي أن أتمالك أعصابي في المرة القادمة، لكن دون جدوى! مع أني كنت أعلم بالغ العلم بسخط الله على من يعق والديه, فكنت أعاني وأتعذب داخليا، وأعتزل الناس مع نفسي وأجهش بالبكاء، كان البكاء الحل الوحيد لأفرغ ما بداخلي.
علما بأن أبي هاجر إلى الخارج للعمل منذ صغري، فلذا كانت الضغوطات كلها على أمي، حتى كنت أشفق عليها ولا أتوقف عن تأنيب نفسي، ولكن دون جدوى مع العلم أننا أسرة متضامنة ومحافظة وتقية.
كنت أيضا أعاني من مرض زاد علي المعاناة وضاعفها، حيث كنت أعاني من حساسية الأمعاء الدقيقة، وكنت على الأقل مرة كل أسبوع يغمى علي؛ بسبب الإسهال الشديد الذي كان يصيبني.
وفي سن 17 سنة، تمكن أبي من جمع شملنا به وإدخالنا إلى فرنسا، هذا البلد الذي طالما حلمت بأنه سيحقق أحلامي الدراسية العلمية، مع مجيئنا اصطدمت بهذا
المجتمع البعيد كل البعد عن ثقافتنا، ولا تربطنا به أي صلة! رغم حبي للدراسة قررت التمسك بديني ومتابعة دراستي، والحمد لله فقد نجحت في الأولى، لكن دراستي باءت بالفشل؛ لأنني فوجئت بتغير حالتي الصحية 180 درجة، فأصبحت هزيلة وضعيفة البنية وذهبت كل قواي، فتركت الرياضة وأصبحت تحركاتي ضئيلة، وأصبحت أتقوقع كثيرا في البيت، ولا أخرج إلا للدراسة، وأصبحت معدلاتي ضعيفة بعد أن كنت من الأوائل!
تدهورت صحتي ونفسيتي، وأصابني الاكتئاب البالغ، حتى الأطباء احتاروا واحتارت عائلتي، وعندها تعرفت على شاب في مثل سني، هاجر في نفس الظروف، وقد أغرم بي لدرجة الجنون، فتزوجنا رغم ترددي الكبير لأني كما قلت لكم أكره الرجال! ووقعت في حبه ولم أكن أتصور أنه يوجد رجال حنونون، فتزوجته شرعيا، وهو نعم الزوج؛ فهو حنون ويخشى الله في، وعطوف وحساس مثلي.
عندما تزوجنا كنت في الثانوية العامة، ولمرضي فشلت فأصابني الاكتئاب والخمول، وزادت حالتي الصحية تدهورا، حتى كدت أفارق الحياة؛ لأني أصبحت غير قادرة على المشي، وضعفت بنيتي كثيرا، وأصبحت شبحا منهك القوى.
اكتشف الاطباء أخيرا أن عندي حساسية من القمح والحليب (gluten et le lactose) فعملت (régime) وأنا في تحسن، لكن بعد فشلي في الدراسة، أنا الآن - رغم تحسن الصحة - مكتئبة وأكره كل من حولي، وثقتي بنفسي منعدمة تماما، ولا أحب فعل أي شيء.
لقد مر عام على زواجي، وصارحت زوجي في البداية بكل مشاكلي النفسية؛ لخوفي أن أظلمه، فاندهشت من تفهمه لي، وإرادته مساعدتي ومصارحته لي، بأني إنسانة (غير طبيعية)، أنا إنسانة حساسة جدا، وضعيفة لدرجة أن زوجي دخل بي بعد شهرين من زواجنا، وصبر لأنه يحبني ومتفهم لحساسيتي.
عرض علي زوجي أن أعرض نفسي على طبيب نفسي، وأنا مترددة؛ لأني أعلم أن الأطباء هنا كفار! وأفضل طبيبا من نفس ثقافتي وديني، إنني أعيش حاليا عذاب ذكريات الصغر السوداء، وتفاقمها في الكبر، وأنا الآن أتعذب وأعاني ولم أجد حلا منذ الصغر، ساعدوني أناشدكم الله، فأنا أتعذب!
علما بأن مشاكلي النفسية المذكورة في البداية، أعانيها حتى الآن مع العصبية الزائدة عن الحد، لقد جربت كل شيء بلا جدوى، وأحمد الله تعالى لأنه بعث لي زوجا يحبني، ويفهمني ويخشى الله في.
كنت قد بدأت حفظ القرآن الكريم بمساعدة زوجي لي؛ لأنه حامل لكتاب الله ويدرس العلوم الشرعية، وهو داعية وطالب متفوق. أحس أن دماغي سينفجر، أنا لست راضية عن نفسي، ولا أفعل شيئا، حتى الأطفال عندي مشكلة معهم، وهي أني لا أحب الأطفال، أحس أني إنسانة مريضة وغير طبيعية، أنا مكتئبة! ساعدوني أرجوكم! والسلام عليكم
أعتذر عن الإطالة، سامحوني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ donia حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيرًا على رسالتك الدقيقة والعميقة المحتوى.
بالطبع لقد قمت بسرد الكثير من الأعراض النفسية، والتي في نظري أنها كلها تتمركز حول إصابتك بالوساوس القهرية منذ الصغر، وهذا ليس بمستغرب، لأن الوساوس القهرية يمكن أن تظهر في سنٍ مبكرة، ولكن حين تكون في الصغر لا تكون مصحوبة بالقلق والتوتر، ولا يعتبرها الإنسان أفكارا أو أفعالا سخيفة، ولكن بمرور الزمن ربما تزداد أو ربما تقل.
ويعرف أن مرحلة الطفولة هي من حلقات العمر الضعيفة، وكذلك مرحلة اليفاعة والشباب، وفي هذه المرحلة تزداد الوساوس القهرية لمن لديهم الاستعداد لذلك، وربما يكون لديك الاستعداد نسبةً لظروف التنشئة، كما أن الوساوس القهرية هي مكتسبة ومتعلمة، ولكن لا بد أن يكون أيضًا حدث لك نوع من التغير البيولوجي والكيميائي، وهذا التغير يتعلق بما يعرف بالموصلات العصبية أو الناقلات العصبية، وهنالك عدة مواد كيميائية أهمها المادة التي تعرف باسم سيرتونين.
لا شك أن الوساوس تولد الإحباط وتولد الاكتئاب، وتجعل صاحبها يفقد الكثير من تفكيره الإيجابي، وينصب كل فكره نحو السلبية والتشاؤم، ويرى الماضي مظلمًا، ويرى المستقبل مبهمًا، ويرى الحاضر فاشلاً، هذا هو التصور الاكتئابي المرتبط بالوساوس القهرية.
لا شك أنكِ بعد الهجرة إلى فرنسا حصل لك متغير جديد لا نستطيع أن نتجاهله، حتى وإن كان أمنية من أمنياتك، لأن صاحب الوساوس القهرية دائمًا صاحب قيم، ومعظم مرضى الوساوس يتمتعون بشخصيات مرهفة وقيم عالية واهتمام بالفضائل، بالتأكيد مثل هذا التكوين النفسي الداخلي يوقع الإنسان في كثير من التصادمات المتعلقة بقيمه، خاصة حين يجد المجتمع الذي يعيش فيه مجتمعا ذا أخلاق أو ذا مُثُلٍ مخالفة، هذا أيضًا أعتقد أنه قد زاد من الاكتئاب لديك، وجعلك تجدين صعوبة في تحديد هويتك ورسم مستقبلك.
أيتها الأخت الفاضلة: أرجو أن أؤكد لك تأكيدًا قاطعًا أن الوساوس القهرية يمكن أن تعالج تمامًا، وكذلك الشعور بالإحباط والاكتئاب المصاحب.
أنتِ -الحمد لله- لديك أشياء عظيمة وإيجابية في حياتك، فقد رزقك الله الزوج الصالح الذي يحفظ كتاب الله، هذا بالطبع أمر عظيم، وهذا مكسب كبير أرجو ألا تضيعيه، وأرجو أن تتفهميه بعمق وحقيقة؛ لأن الزوج الصالح يعتبر هو السند الرئيسي لزوجته، هذه إيجابية لا بد أن تكون هي محور التفكير لديك، لأنها سوف تبعد هذه الأفكار الإكتئابية والسلبية لديك.
شيء آخر: أنتِ -الحمد لله- بلغت السن التي تؤهلك لمزيد من الاستقلالية وعدم الاعتمادية على الآخرين، هذا أيضًا شيء إيجابي، وحتى الفشل الدراسي أو الصعوبات الدراسية يمكن للإنسان أن يتداركها، ويمكن للإنسان بشيء من الشعور بالمسؤولية والمثابرة يستطيع أن يحول الضعف الدراسي إلى إنجاز عظيم، وربما إلى تميز وتفوق إن شاء الله.
الذي أرجوه منكِ هو ألا تعيشي في الماضي بسلبية، فالماضي يعتبر تجربة، والتجارب يستفيد منها الإنسان حتى يطور تجاربه المستقبلية، هذا هو الذي أراه، وهذا هو الذي يتفق عليه معظم علماء النفس، الماضي تجربة وهذه التجربة للاستفادة، وليست للشعور بالإحباط والشعور بالذنب ومحاسبة النفس، لا بد لك أن تنطلقي من هذا المنطلق، الماضي مفيد حتى لو كان سلبيًا، والحاضر يجب أن تعيشيه بقوة وعمق، والمستقبل يجب أن تعيشيه بأمل، والأمل إن شاء الله موجود، وأمامك الكثير من أجل أن تنفذيه.
نسأل الله أن يرزقك الذرية الصالحة، وأن تكوني راعية في أسرتك، وأن تكوني زوجة صالحة، وأمًّا حنونًا عطوفًا تربي أبناءها على ضوء الشرع الإسلامي وتعاليمه؛ خاصة أنكِ تعيشين في مجتمع مثل فرنسا، وأنا مطمئن لأن المسلمين هنالك كثر والحمد لله، بالرغم مما يتعرضون له من مضايقات.
أيتها الأخت الفاضلة: إذن كل الذي يرجى منك هو التفكير الإيجابي والاستفادة من إمكاناتك، ومن الواضح – وأستطيع أن أقتبس ذلك من رسالتك – أنك لديك الكثير من المقدرات المعرفية الإيجابية، يمكنك أن تستغلي طاقاتك في العمل التطوعي، في رعاية الأخوات الآخريات من المسلمات في الحرص على الدروس، في متابعة حفظ القرآن؛ خاصة أن زوجك من الحفظة، الدراسة، العمل، أمامك أشياء كثيرة وعظيمة.
أما بالنسبة للوساوس القهرية، فالوساوس يمكن للإنسان أن يهزمها ويتخلص منها، كل فكرة وسواسية تأتيكِ أرجو منك أن تفكري في الفكرة المخالفة لها، وكل فعل وسواسي أرجو أن تقومي بتطبيق الفعل المخالف له.
وساوس النظافة .. لماذا توسوسين من النظافة؟! أرجو أن تضعي يدك في سلة الأوساخ، ضعيها الآن بالله عليكِ، ضعيها الآن لمدة خمسة دقائق، وحين تكون متسخة انظري إليها لمدة خمسة دقائق أخرى، ثم حددي كمية بسيطة من الماء في كوب واغسلي يديك بهذا الماء، لا تغسليها من الماسورة أو الحنفية، كرري مثل هذه التمارين، هذه التمارين ذات قيمة علمية فعّالة لمحاربة هذه الوساوس إن شاء الله.
والوساوس الفكرية أيضًا بنفس المستوى، الفكرة وما هو مضاد، لها حاولي أن تركزي على المضاد، أرجو أيضًا أن تخاطبي نفسك وأن تجري حوارًا داخليًا، وتقولي أن هذه الأفكار سخيفة وحقيرة ولن تجد لتفكيري وسيلة أو طريقة حتى تسيطر عليَّ، أنا أقوى من ذلك، أنا أرفع من ذلك ... أرجو أن تخاطبي نفسك على هذا السياق.
بقي هنالك أيضًا العلاج الدوائي، توجد أدوية كثيرة جدًّا -الحمد لله- تعالج الاكتئاب، وفي نفس الوقت تعالج الوساوس القهرية، وتعالج أيضًا القلق والتوتر والمخاوف.
ربما يكون الدواء الأفضل بالنسبة لك هو العقار الذي يعرف باسم بروزاك، أرجو أن تبدئيه بجرعة كبسولة واحدة في اليوم وقوة الكبسولة هي 20 مليجرام، ويفضل تناوله بعد الأكل، استمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وبعد شهر آخر ارفعيها إلى ثلاثة كبسولات، هذه ليست جرعة كبيرة، هي جرعة طبية صحيحة لعلاج الوساوس المصحوبة بالاكتئاب، تناولي كبسولة في الصباح واثنتين في الليل، واستمري على هذه الجرعة لمدة ستة
أشهر كاملة، بعدها أرجو أن تخفضي العلاج بمعدل كبسولة كل شهرين حتى تتوقفي عنه.
صدقيني فباتباع الإرشادات النفسية البسيطة، وبالثقة في نفسك وإمكاناتك، وتناول هذه الأدوية التي وصفتها لك، سوف تجدين إن شاء الله أن حياتك قد تبدلت وأصبحت أكثر إيجابية، وقد اختفت الوساوس وقد اختفى الاكتئاب، وأصبحت أكثر فاعلية وإيجابية ومنشرحة في نفسك وفي بالك إن شاء الله.
أسأل الله لك الشفاء، وأسأل الله لك الثبات، وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. محمد عبد العليم
ـــــــــــــــــــــــــ(110/170)
الإستشارة : ... أريد الحل لابنتي مما تعانيه من الطموح الزائد
تاريخ الإستشارة : ... 2006-08-14 11:50:22
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... أم عبدالرحمن
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله في بداية رسالتي هذه أن يجزيكم خير الجزاء وأن يوفقكم لأن تدلوني على ما أزيل به حيرتي وتساؤلاتي فيما سوف أذكره لكم، في هذه الرسالة.
لي بنت تبلغ من العمر تسع سنوات، ولها طباع غريبة لا أفهمها، بل أخاف عليها من هذه الطبائع، فمثلاً الخوف الشديد في بعض الأحيان، حيث تريد وبصورة دائمة أن تنام معي في غرفتي، مع العلم أنني لا أوافق على ذلك إلا نادرا ولأسباب قوية، وتسألني دائما أسئلة لماذا لا ننام جميعا في غرفة واحدة؟ ولماذا أنام مع والدها في غرفة منفردة عنها وعن أخت تصغرها بسنة واحدة؟ وتسأل أيضا لماذا تقفلون الباب؟
وأصبح عندها بخصوص هذا الموضوع علامات استفهام كثيرة، أحاول إقناعها بأن الوالدين لا بد أن يكون لهما غرفة منفردة هي غرفة الأب والأم، ويكون للأبناء غرفة بمفردهم، ولكن ألاحظ منها عدم الاقتناع وإن أظهرت ذلك.
ثانيا: أحلام كثيرة وواسعة وغير طبيعية، فمثلا تحلم بالثراء الفاحش، وتحب أن يكون لها أشياء كثيرة تمتلكها، وليس أشياء محدودة بل أغلب ما تراه تتمنى أن تملكه.
الشيخ الفاضل نحن أسرة متوسطة من الناحية المادية، مع أنني أسعى ووالدها جاهدين لنوفر متطلباتها، ونقوم بشراء ثياب وألعاب بقدر متوسط، إلخ.. ولكنها تريد فوق طاقتنا.
تحلم بأضخم سيارة، وبأضخم بيت، وبأضخم الملابس، حتى وإن كانت لا تصلح لمثل سنها، بل لمن يكبرها سنا، تحلم بأن يكون لها خادمة، وسائق خاص، ينفذان لها كل ما تطلب، باختصار كل شيء تحلم به وكل شيء تراه تتحدث عنه.
أريد أن أزرع فيها القناعة ولا أستطيع، أحاول أن أحدثها عن تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، وكأنها من كثرة تكراري لهذا الحديث أصبحت ترى الرسول صلى الله عليه وسلم بمنظار لا تفصح لي عنه.
أيضا أذكرها بالبلاد الجائعة، ومن هم أقل منا ماديا، ومن لا يمتلكون كثيرا مما نمتلك نحن.
هي لا تبدي لي بعض الأشياء مما في نفسها، لكنني أستطيع معرفتها من حركاتها، لا أدري كيف أجعلها تقتنع بما عندنا دون ضغط مني؟! مع أنني أصبحت في كثير من الأحيان أنهرها على بعض تصرفاتها وكلامها.
شيء آخر: أنها ترى الناس أغنياء جميعهم ونحن فقراء، وتتمنى ما معهم،
نحن في بلد غير بلدنا - أي مغتربين - ولا نستطيع توفير بعض المتطلبات، كالبيت الضخم، والمركب الضخم.
لكنا والحمد لله لا نعيش عيشة الفقراء، أو عيشة الحرمان، لكن لا أعرف ما الذي ينمي فيها ذلك!
أفيدوني جزاكم الله خيرا! أنا أخاف أن تصل إلى سن المراهقة، وهي لا زالت بهذه الأفكار، فتتأثر وينقلب ذلك على نفسيتها.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أم عبدالرحمن حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وبعد:
فإن كثرة أسئلة هذه الفتاة دليل على شيء من النبوغ، ونتمنى أن تهتموا بالإجابة على أسئلتها، فإن المربي الناجح يحسن الاستماع ويحسن التوجيه، ولا يتململ من كثرة الأسئلة.
وأرجو أن تعرفوا أسباب خوفها، كما أتمنى أن تشعروها بالأمن والعطف والاهتمام، فليس من الصواب أن نغلق دونهم الأبواب دائماً، وليس من الصواب أن تفتح الأبواب وتزول الحواجز، مع ضرورة أن نربي أطفالنا على آداب الاستئذان عند الدخول إلى غرفة الوالدين أو غرف الإخوة أو الأخوات، ويكون ذلك بالسلام أو برفع الصوت بالقرآن وبالتسبيح أو بالتنحنح، كما كان يفعل ذلك ابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، وكل ذلك يدل على صيانة العورات ورفع الحرج، ومن هنا أمرت الشريعة الذين لم يبلغوا الحلم أن يستأذنوا في أوقات ثلاث يظن فيها أن الناس يأخذون راحتهم الكاملة وهي: {من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم}.
ومن الضروري أن تكون المعاشرة الزوجية بعيدة عن أعين وآذان الأطفال، وأن نختار لتلك الممارسة المشروعة أوقاتها وظروفها، مع الانتباه إلى أن وعي الأطفال في ازدياد، وهم يختلطون في المدارس مع طلاب من أسر لا تراعي الآداب الشرعية، وهذا هو الذي يسبب الكثير من الحرج للأسر، وقد فهم السلف هذه الآداب فكان ابن عمر لا يعاشر زوجته في حجرة فيها طفل رضيع لأنه يتأثر بما يرى مستقبلاً.
وأرجو أن تفهم هذه الطفلة أن الأم تحتاج للخلوة بالأب لمناقشة الأمور الخاصة بالأسرة، والتفاهم على طريقة التربية وحل المشاكل التي تعترض طريق الأسرة.
أما بالنسبة لنظرها إلى ما في أيدي الناس وتطلعها إلى أمور فوق طاقتها، فأرجو أن تواصلوا اهتمامكم بعرض سيرة السلف، مع التركيز على أن السعادة ليست في كثرة المال ولكنها في طاعة الكبير المتعال، وأن أكبر دول العالم في رفاهية الفرد هي أكثر الدول في نسبة الانتحار، حتى سميت حضارة اليوم بحضارة الازدهار والانتحار.
ولا داعي للانزعاج، فإن عقل الفتاة سوف يزداد مع الأيام، فأكثروا من التوجه إلى ذي الجلال والإكرام، واهتموا بغرس حب الآخرة وما عند الله، واعلموا أن نعم الله مقسمة، وأن الإنسان قد يعطى بيتاً واسعاً ومالاً وافراً، لكنه يحرم من نعمة العافية، وعند ذلك لا يجد للحياة طعماً، وقد يجد المال والعافية لكنه يحرم من العقل والولد، وهكذا يتضح للجميع أن نعم الله مقسمة، وأن السعيد هو الذي يعرف نعمة الله عليه ليؤدي شكرها.
وإذا أصبح المسلم آمناً في سربه معافىً في بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها، وقد أحسن من قال:
هي القناعة لا تبغي بها بدلاً ** فيها العفاف وفيها راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ** هل راح منها بغير القطن والكفن
وإذا تأمل الإنسان ونظر في أحوال الناس، فإنه يجد من بنى بيتاً ولم يسكنه، ومن جمع مالاً ولم يأكله، ومن أمّل آمالاً ولم يدركها.
وأرجو أن تكثروا لها من الدعاء، فإن دعوة الوالدين أقرب للإجابة، وشجعوها على مصادقة الصالحات، وعلموها كثرة السجود لرب الأرض والسماوات، وكونوا لها أفضل القدوات، وعلموها أن فضل الطموح يكون بدخول الجنات، في زمرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابيات.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/171)
الإستشارة : ... ثلاثة أبناء في عمر المراهقة تطلق والداهما فكيف يتصرفون
تاريخ الإستشارة : ... 2006-07-27 13:19:37
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... نور
السؤال
زوج و زوجة ولديهما 3 أبناء ولدان وبنت, ضاقت بهم السبل بعد مشاكل كثيرة، إلى أن انتهت بأن ضرب الزوج زوجته فطلبت الطلاق وتم كل شيء.
فما حال الأولاد؟ وكيف يتصرفون؟ خاصة الفتاة الوحيدة لأنها في عمر حرج17 عاماً، والأخ الأكبر 20 عاماً, وكيف يواجهون هذه الظروف الصعبة التي لم يكونوا يتوقعونها؟
وشكراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فليت كل واحد من الوالدين يفكر فى مصير أبنائه آلاف المرات قبل أن يقدم على موضوع الطلاق، والذي هو حل مبغوض، ولا يفرح إلا الشيطان الذي ينصب عرشه على الماء ويبعث سراياه في الناس، وأقرب أجناده إليه من ينجح في خراب بيت بتفريق الزوجين وتشتيت شمل الأسرة.
وكما أن الطلاق الناجح هو الذي يراعي مصالح الأطفال، ويشرك كبارهم في القرار، وينصف الجميع على توزيع الأدوار وتحديد المسار، لكننا نتأسف لحال الذين لا يفكرون إلا في أنفسهم، ونتعجب من حال من يحرضون على الفراق ويصبون الوقود على النار، ولا يبالون بما يحدث من الخراب والدمار.
أما فتاتنا الوحيدة فلن يضيعها من أنزل الشريعة، وأرجو أن تكون لربها مطيعة، أما الشباب فقد أصبحوا -ولله الحمد- في سن الرجال، ولن يقصر معكم العم والخال، فكونوا جميعاً في طاعة الله الكبير المتعال، وساعدوا والديكم على إصلاح الحال، ومراقبة صاحب العظمة والجلال، ولا تقصروا في حق والدتكم، وأحسنوا لوالدكم، فإنه من ينفق المال ويفاخر بكم في مجامع الرجال.
ولا شك أن الطلاق جرح غائر، ولكنه أهون من تردي الأحوال وكثرة التناحر، وأرجو أن يكون طلاقاً رجعياً، يمكنهم من العودة إلى الحياة الزوجية بعد إصلاح المقاصد والسرائر، ولا يخفى عليك أن الارزاق بيد الله، وان الكون ملك لله، ولن يحدث فيه إلا ما قدره، وسعيد في الناس من رضي بقضاء الله، وشغل نفسه بما يرضي الله، وفهم أن الأمر ابتلاء من الله، ومن يتصبر يصبره الله.
وفي الختام نوصيك بتقوى الله، ونرحب بك بين أحبابك في الله، ونتمنى أن يعينكم الله، فإن الذي يكشف البلوى هو الله.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/172)
الإستشارة : ... أرجو مساعدتكم الكريمة في علاج صديقي المدمن!
تاريخ الإستشارة : ... 2006-08-21 22:09:33
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... رائد
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أتمنى لشبكتكم الموفقة المزيد من الانتشار والتألق والتوفيق في مساعدة من يحتاج النصيحة!
صديقي أصبح مدمن مخدرات وله مشاكل كثيرة، وأحاول مساعدته بشتى الطرق منذ أن عرفته، وهذا لم يكن منذ مدة بعيدة؛ فهو جزء مني ولا أسمح له بمواصلة السير في طريق الخطأ!
أسرته سيئة جدا وليس له صديق يحبه غيري، وقد أصيب بهذا الابتلاء منذ سنتين، وأسرته لا تعلم بهذا، كما أنه يشتغل طوال الصيف في أمور صعبة جدا، وهو في السابعة عشرة من عمره!
أعلم أن مرحلة المراهقة صعبة، وأن مراهقته بالذات أصعب ولكن هذا لا يبرر حاله! أحاول الاستماع إليه ولكل صغيرة وكبيرة من حياته، لكنه يخشى من أن أكون على علاقة مع الأمن، أو أنه لا يثق بي، كما أني أستعمل بعض التقنيات النفسية لمساعدته.
إن مستقبله في خطر! ويقول أن المخدر وحش سهل، كما أن ما يتعاطاه منتشر وسهل أن يصل إليه، فأرجو أن تمنحوني نصائح تساعده في التخلص من هذا المرض، وتساعدني في الوقاية من هذا المرض أي أن أقي نفسي، إنني معافى والحمد لله ولا أفكر إطلاقا في هذا المرض، لكني أريد التأكد أكثر!
أكرر شكري لكم على مجهوداتكم، وأرجو أن تساعدوني لأن هذا مهم جدا، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ رائد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله العظيم أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يلهمك رشدك، وأن يجعلك سبباً لهداية صديقك، فخير الناس أنفعهم للناس، وأخاك أخاك من نصحك في دينك وبصرك بعيوبك، وهداك إلى مراشدك، وعدوك من غرك ومناك، فأدرك صديقك قبل فوات الأوان، ونحن فخورون بك وبأمثالك، وهكذا ينبغي أن يكون الإخوان، ومرحباً بك في موقعك، ونسأل الله أن يجمعنا في عالي الجنان، وأن يعيننا على خدمة كل إنسان.
وأرجو أن تسخر حبه لك في نصحه وتأخذ بيده، فإنه يهوى مع كل يوم يستمر فيه في تناول المخدرات التي هي آفة الآفات، وهي أخطر أنواع المسكرات، وهي أم الخبائث وأعظم المنكرات، لأنها تفتح الطريق إلى كثير من الشرور والموبقات، وتقتل في النفس عناصر الخير والمروءات، وتفقد صاحبها الغيرة على نفسه وأهله والبنات.
ولا شك أن سهولة الحصول على المخدر يضاعف من الخطورة، كما أن الأمر لا يتوقف عند نوع واحد، فإن طريق الشر لا نهاية له، وكل نوع يقود إلى ما هو أخطر منه، كما أن اشتغاله بالأعمال الشاقة أيضاً يرسخ بعض المفاهيم الخاطئة، ومنها أن المخدرات تزيد القوة، وهذا كذب ووهم، فإن الأثر مؤقت وكاذب ويعقبه انهيار وضعف وضياع، حتى يصبح المخدر جزءا من حياته، فإذا لم يجده تعرض لآثار إنسحابية مؤلمة جداً.
ومما يساعدك – بعد توفيق الله – على إنقاذ هذا الصديق ما يلي:
1-اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.
2-زيادة الإيمان في نفسه وتذكيره بالله وبعاقبة من يتمادى في هذا الطريق.
3-البحث في أسباب الدخول إلى هذا النفق الظلم.
4-تعريفه بآثار المخدرات على مستقبله وأسرته.
5- إبعاده عن أصدقاء الشر ومصدر الشر.
6- تهديده برفع الأمر إلى أسرته حتى يساعدو في إنقاذه.
7- تذكيره بحاجة أسرته وأمته إليه.
8- الإخلاص في دعوته فإن كلام المخلص يصل إلى القلوب.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/173)
وصل عمر ابني 15 سنة ولم يبلغ بعد
تاريخ الإستشارة : ... 2006-09-14 08:47:45
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... محمود صالح
السؤال
بلغ نجلي 15 سنة من عمره ولم يبلغ بعد فما السبب؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمتوسط عمر سن البلوغ في بدء هذه المرحلة في الذكور ما بين 13 - 16 سنة، وقد يتأخر سنة، ومرحلة البلوغ هي المرحلة التي تبدأ الأعضاء التناسلية فيها بالعمل الكامل، وهو العمر الذي تبدأ فيه الخواص الجنسية لكل جنس من ذكر أو أنثى بالظهور.
وبالنسبة لمرحلة ما قبل البلوغ، فتبدأ مع بداية ظهور العلامات الجنسية الثانوية، ونقصد بها في البنين بداية ظهور الشارب، وبداية ظهور الشعر تحت الإبط، وخشونة الصوت، وهذه العلامات تكون بداية لدخول الطفل إلى عالم المراهقة، وعلى المستوى الجسمي ينمو جسمه بسرعة مطردة وعضلاته بشكل قوي.
فإذا كانت هذه العلامات لم تظهر بعد، فيمكن اللجوء إلى الطبيب لفحص الجهاز التناسلي والخصيتين، وعمل بعض التحاليل للهرمونات.
ويمكن معرفة أسباب البلو غ المتأخر بقياس نسبة الهرمونات التناسلية، والهرمونات المنشطة للغدد التناسلية Gonadotrophins، ومن وجهة نظري الانتظار إلى سن السادسة عشرة، وبعد ذلك يمكن اللجوء إلى الطبيب، لأن علامات البلوغ تتأخر عند البعض.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أسعد المصري
ـــــــــــــــــــــــــ(110/174)
أعاني منذ الطفولة من الخجل الزائد من الناس والرهبة ممن هم أكبر مني سنا
تاريخ الإستشارة : ... 2006-10-12 10:29:56
الموضوع : ... استشارات نفسية
السائل : ... ابوعبدالملك
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،
فجزاكم الله خيرا على هذا الموقع المتميز، والذي نسال الله أن يبارك فيه وفي العاملين القائمين عليه.
وقصتي أنني منذ الطفولة أعاني من الخجل الزائد من الناس والرهبة ممن هم أكبر مني سنا، وضعيف الشخصية بين الناس، بالرغم من أن الناس يقولون لي أنني هادئ ومؤدب قليل الأذى للناس، وكنت أيضا من الأوائل في دراستي، ومتميز في كل أعمالي إلا أنني كنت أعيش في صراع نفسي بسيط متزامن مع مشاكل كثيرة بين والدي ووالدتي توصل أحيانا إلى ضرب والدي لوالدتي، وكنت أتأثر من هذا كثيرا.
وعند بلوغي سن المراهقة بدأت أفكر كثيرا في الجنس الآخر والبحث عن كيفية إفراغ هذه الطاقة الجنسية، فكانت أول مأساتي هي استخدام العادة السرية وبكثرة, وكنت أفكر في كل امرأة أراها أمامي وأنظر إلى النساء كثيرا, وكنت جاهلا لحكمها الشرعي وضررها الجسمي علي، حتى أن قوتي ضعفت وأصابني ألم شديد في أسفل الظهر، ثم ضعف التركيز عندي وكثر الشرود الذهني والكسل والخمول وغيرها, ثم فتح الله عليا بصحبة طيبة كانوا سببا في هدايتي إلى الخير ـ والحمد لله ـ ثم تزوجت وأنا في الثانية والعشرين من عمري، وأنا الآن في الثانية والأربعين من عمري على الرغم من أنني عرفت أخطائي وتبت إلى ربي إلا أن الأعراض التي كانت عندي تطورت منذ الطفولة إلى الآن تدريجيا حتى الآن وتتمثل في.
قلق نفسي دائم، ويصحبه توتر وشد في الأعصاب ونرفزة من أبسط الأشياء، وصداع خاصة في مقدمة الرأس مع شرود ذهني وخمول وكسل، وأحس أنني في تسابق مع الزمن، وأجد صعوبة في البقاء في مكان واحد ولا أحب الانتظار.
أيضا أشعر بخوف من مواجهة الناس ومواجهة مشاكلي، وإذا حصلت لي مشكلة مع أحد أو ذهبت إلى مصلحة حكومية أو مقابلة مع شخصية، أو حضرت أي عمل جماعي فإنني أتوتر وأشعر بخوف وارتباك، وتزيد ضربات قلبي وأتلعثم في الكلام ولا أستطيع أن أعبر عن ما في نفسي وأبحث عن أي طريقة للانسحاب, وقد ذهبت إلى أحد الأطباء، وأعطاني إبر كل أسبوع وعلاج اسمه تقريبا تفرانيل واستخدمته لمدة عشرين يوما، ولكنني لم أستفد منه وتركته.
أرجو أن تساعدونني في معرفة ما هو هذا المرض؟ وهل له علاج؟ دلوني عليه؟ وجزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الملك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أخي العزيز: لقد أعجبتُ برسالتك جدًّا فهي قد احتوت على بعض الصعوبات التي انتابتك في حياتك ولكنَّك ولله الحمد استطعت التخلص منها ومعالجتها بصورة
صحيحة، وإن كنتَ لا زلت تشعر بالذنب من بعض الأخطاء التي ارتكبتها في مرحلة اليفاعة والشباب..
أخي: أنت قلت أنك تعاني من الخجل الزائد، والناس ترى غير ذلك، وهي أنها تصفك بأنك هادئ ومؤدب وقليل الأذى للناس..
أخي: الذي أراه فيك ليس خجلاً، الذي أراه فيك هو حياء، والحياء يا أخي من الإيمان، أرجو أن تستبدل فكرة إصابتك بالخجل أنك رجل مؤدب ورجل فيك حياء، وهذه ميزة عظيمة، أرجو أن تنظر لها من هذا المنطلق.
وأنت حين تستبدل الفكرة بهذه الصورة – وهي حقيقة – أرى أنك إن شاء الله سوف تنظر لنفسك بإيجابية أكثر.. كثير من الناس الفضلاء وأصحاب القيم يقيمون أنفسهم بصورة سلبية، وربما يطلقون بعض السمات على أنفسهم وهي غير صحيحة، وفي ذلك بالطبع إجحاف على النفس وعلى الذات، وهذا ينعكس سلبيًا.. أخي – أبو عبد الملك – أرجو أن تصحح هذا المفهوم عن ذاتك.
وأما بالنسبة لممارسة العادة السرية: فالحمد لله أنت الآن قد أقلعت عنها منذ زمن بعيد، حيث أنك فهمت حكمها الشرعي، وكذلك آثارها وضررها، وقد تزوجت، وهذا ولله الحمد شيء طيب، ولا شك أن خير الخطَّاءين التوابون.
وأما الأعراض التي تنتابك يا أخي الآن – الأعراض الجسدية – فهي ليست ناتجة عن ممارستك للعادة السرية سابقًا، أنا لا أريد أن أطمئنك فقط ولكنها حقيقة، هذه الأعراض حقيقة وما ذكرته لاحقًا مما يصيبك من خوف في مواجهة الناس؛ هي كلها مرتبطة بحالة القلق العصابي والذي يحمل أيضًا طابع القلق أو الرهاب الاجتماعي هو الذي يفسر هذه الأعراض.
ومن الواضح أيضًا أن شخصيتك تحمل أيضًا السمات القلقية الداخلية خاصة أنك تعاني من الشرود الذهني، وأنك في تسابق مع الزمن، ولا تستطيع البقاء في مكان واحد، كما أن هذا الصداع الذي ينتابك في مقدمة الرأس هو ناتج عن الانقباضات العضلية التي تحدث في فروة الرأس، وهذا نسميه بالصداع العصبي.
أخي: حالتك كما ذكرت لك هي بسيطة جدًّا، وعليك أن تفكر إيجابيًا، عليك ألا تشعر بالذنب، فأنا أراك إن شاء الله يا أخي بخير.
وأما الشق الآخر في العلاج فهو العلاج الدوائي: وأنت سوف تستفيد كثيرًا من العلاج الدوائي، فأنت محتاج للأدوية التي تساعد في علاج القلق والخوف، خاصة الخوف الاجتماعي.. هنالك دواء يعرف باسم زولفت، أراه هو الدواء الأنسب بالنسبة لك، وجرعة هذا الدواء هي حبة واحدة – 50 مليجرام – ليلاً، ولا أرى أنك محتاج لجرعة أكبر من هذا، ولكن عليك أن تواصل استعمال هذا الدواء لمدة خمسة أشهر متواصلة، حبة واحدة في اليوم، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة يوم بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عنه.
والدواء البديل للزولفت إذا لم تتحصل عليه هو العقار الذي يعرف باسم سبراليكس، وجرعته هي 10 مليجرام ليلاً، وتستمر عليها لمدة خمسة أشهر أيضًا، ثم تخفضها على 5 مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم تتوقف عنه.
وهنالك علاج ثالث ويعرف باسم زيروكسات، وجرعته هي 10 مليجرام – أي نصف حبة – بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة بعد ذلك إلى حبة كاملة وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، أي تأخذها حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوم بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناولها.
وكل هذه الأدوية إن شاء الله أدوية طيبة وفعّالة، وأرجو أن يتوفر لك أحد هذه الأدوية ويفيدك، وأرجو أن تلتزم باستعماله بالطريقة التي وصفتها لك.
وأنا أتفق معك بأن التفرانيل لا يساعد كثيرًا في مثل هذه الحالات، وإن كان فعّالاً إذا رفعنا الجرعة، أي تكون الجرعة 75 إلى 100 مليجرام في اليوم..
إذن أخي: بالنسبة لمرضك – كما ذكرت لك – هو نوع من العصاب القلقي، خاصة فيه الجانب الاجتماعي، أي الرهاب الاجتماعي، والعلاج يا أخي هو التفكير الإيجابي، وأن تقيم نفسك بصورة أفضل، وألا تشعر بالذنب وأن تتناول الدواء الذي وصفته لك، وأنا على ثقة تامة أن حالتك سوف تتبدل وتتحول إلى صحة نفسية ممتازة وأكثر إيجابية إن شاء الله.
وبالله التوفيق.. وكل عام وأنتم بخير.
المجيب : ... د. محمد عبد العليم
ـــــــــــــــــــــــــ(110/175)
الإستشارة : ... أعاني من حب الشباب والبقع التي يتركها فما العلاج
تاريخ الإستشارة : ... 2006-10-15 11:53:09
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... ايناس
السؤال
أعاني من حب الشباب والبقع التي يتركها، فهل من علاج بالاعشاب من فضلكم أو حتى بالكيميائي؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيناس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
إن كلمة حب الشباب هي كلمة عامة وتشير إلى مرض له أشكال سريرية كثيرة، مثل حب الشباب الحطاطي أو البثري أو الزؤاني أو الكيسي أو الندبي
ومن الاحصائيات فإن حب الشباب هو أكثر الأمراض شيوعا على الإطلاق بين جميع أمراض البشرية على الأرض، الجلدية وغير الجلدية، وهو يتفاوت بشدته بشكل كبير، فمن المرور العابر الذي لا يؤبه به إلى الشكل الكيسي المشوه والآثار المختلفة من ندبات أو احمرار أو تكيسات، ومع أنه عادة يصيب الشباب في سن المراهقة وينتهي في العقد الثالث من العمر إلا أن بعض الحالات يستمر فيها أكثر من ذلك لوجود أسباب وعوامل مهيئة عديدة.
وأما العلاج فنحن ننصح بما درسناه واستعملناه ولمسنا أثره من خلال المنهج العلمي ولا نعتمد أدوية العطارين، فهي ليست من اختصاصنا، ولذلك ففي كل الحالات يفضل عدم اللعب بالبثور وعدم عصرها أوفركها أو دلكها أو سحجها وذلك حتى نتجنب التقيح والانتشار والندبات.
وأما حسب المرحلة، ففي الحالات الخفيفة كما هو عندك يكفي الغسل المتكرر بالماء الفاتر والصابون، ثم بالماء البارد ( وعدد مرات الغسيل يحكمه شدة الدهون التي تغطي البشرة ) بينما في الحالات المتوسطة والتي فيها بثور قليلة استعمال المضادات الحيوية الموضعية ( مثل الكليندامايسين ) ويفضل أن تكون سائلة وليست على شكل مرهم، حتى لا تمنع تصريف الإفرازات الدهنية من مصارفها الطبيعية، وأما في الحالات المتوسطة ولكن التي لا تسجيب لما ذكر يمكن استعمال المضادات الحيوية الجهازية ( بالفم ) بالإضافة إلى العلاج المحافظ الموضعي والعناية العامة.
ولا ننس الحالة النفسية التي قد تزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى
وكذلك تناول الحلويات والسكريات الذي قد يزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى ( ولو أن التجارب في ذلك متضاربة بين مؤيد ومعارض ) والأفضل الاعتدال والتجريب بشكل شخصي.
وأما في الحالات الشديدة أو المعندة أو الكيسية أو المشوهة أو المؤثرة على الحالة النفسية يمكن استعمال مستحضر الرواكيوتين ( ايزوتريتينوين ) ولكن تحت إشراف طبي متخصص وإجراء بعض التحاليل الدموية، علما أن الدورة العلاجية يجب أن يتمم فيها المريض الجرعة إلى 120 مغ لكل كيلو غرام، وغالبا ما يكون هذا كافيا مدى الحياة عدا بعض الاستثناءات.
وأما إزالة آثار حب الشباب، فيمكن استخدام الريتين إي للندبات الخفيفة أو التصبغات أو التقشير الكيميائي والذي لا يجرى إلا بيد خبيرة، وأما لإزالة اللون الأحمر المتبقي، فيمكن الاستفادة من العلاج بالليزر الوعائي إن استطب ذلك والرأي وضمان النتيجة يعود للطبيب المعالج وخبرته.
والله الموفق؛
المجيب : ... د. أحمد حازم تقي الدين
ـــــــــــــــــــــــــ(110/176)
الإستشارة : ... أخذت الكثير من العلاج لحبّ الشباب لكن دون فائدة
تاريخ الإستشارة : ... 2006-10-16 09:28:11
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... حبيبة
السؤال
أنا فتاة أعاني من حب الشباب منذ 7 سنوات، حيث أنني ذهبت إلى أكثر من دكتور ولكن دون فائدة، وأخذت كثيراً من العلاج ولكن دون فائدة، وقد عملت تحليل صورة دم كاملة، واتضح أن عندي أنيميا حادة بنسبة 9%، ولكن اتضح عندما أخذت العلاج أصبح وجهي مرتاح واختفت الحبوب تماما، وقد نصحني الطبيب بأخذ (كريم ايديال)
لعلاج البقع، واختفت والحمد لله، ولكن قبل الدورة الشهرية ب8 أيام انتشرت الحبوب فى وجهي بطريقة صعبة.
أرجوا من سيادتكم مساعدتي في هذه المشكلة المؤلمة.
ولكم جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حبيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فلا علاقة بين حبّ الشباب والأنيميا، وأما حبّ الشباب ودرجته وشدته والعلاج المناسب لكل مرحلة فأوردها لك من ملصقات الإجابات السابقة.
"إن كلمة حب الشباب هي كلمة عامة وتشير إلى مرض له أشكال سريرية كثيرة، مثل: حب الشباب الحطاطي أو البثري أو الزؤاني أو الكيسي أو الندبي.
ومن الاحصائيات فإن حب الشباب هو أكثر الأمراض شيوعا على الإطلاق بين جميع أمراض البشرية على الأرض الجلدية وغير الجلدية، وهو يتفاوت بشدته بشكل كبير، فمن المرور العابر الذي لا يُؤبه به إلى الشكل الكيسي المشوه والآثار المختلفة من ندبات أو احمرار أو تكيسات، ومع أنه عادة يصيب الشباب في سن المراهقة وينتهي في العقد الثالث من العمر، إلا أن بعض الحالات يستمر فيها أكثر من ذلك لوجود أسباب وعوامل مهيئة عديدة.
وأما العلاج فنحن ننصح بما درسناه واستعملناه ولمسنا أثره من خلال المنهج العلمي، ولا نعتمد أدوية العطارين فهي ليست من اختصاصنا، ولذلك ففي كل الحالات يفضل عدم اللعب بالبثور وعدم عصرها أو فركها أو دلكها أو سحجها وذلك حتى نتجنب التقيح والانتشار والندبات.
وأما حسب المرحلة ففي الحالات الخفيفة كما هو عندك يكفي الغسل المتكرر بالماء الفاتر والصابون ثم بالماء البارد (وعدد مرات الغسيل يحكمه شدة الدهون التي تغطي البشرة)، بينما في الحالات المتوسطة والتي فيها بثور قليلة استعمال المضادات الحيوية الموضعية (مثل الكليندامايسين)، ويفضل أن تكون سائلة وليست على شكل مرهم حتى لا تمنع تصريف الإفرازات الدهنية من مصارفها الطبيعية، وأما في الحالات المتوسطة ولكن التي لا تسجيب لما ذكر يمكن استعمال المضادات الحيوية الجهازية(بالفم)، بالإضافة إلى العلاج المحافظ الموضعي والعناية العامة.
ولا ننس الحالة النفسية التي قد تزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى، وكذلك تناول الحلويات والسكريات الذي قد يزيد من حدة البثرات عند بعض المرضى- ولو أن التجارب في ذلك متضاربة بين مؤيد ومعارض-، والأفضل الاعتدال والتجريب بشكل شخصي.
وأما في الحالات الشديدة أوالمعندة أو الكيسية أو المشوهة أو المؤثرة على الحالة النفسية فيمكن استعمال مستحضر الرواكيوتين(ايزوتريتينوين)، ولكن تحت إشراف طبي متخصص وإجراء بعض التحاليل الدموية علما أن الدورة العلاجية يجب أن
يتمم فيها المريض الجرعة إلى 120 مغ لكل كيلو غرام، وغالبا ما يكون هذا كافيا مدى الحياة عدا بعض الاستثناءات.
وأما إزالة آثار حب الشباب فيمكن استخدام (الريتين إي) للندبات الخفيفة أو التصبغات أو التقشير الكيميائي والذي لا يجرى إلا بيد خبيرة، وأما لإزالة اللون الأحمر المتبقي فيمكن الاستفادة من العلاج بالليزر الوعائي إن استطب ذلك، والرأي وضمان النتيجة يعود للطبيب المعالج وخبرته".
وإضافة لما سبق فإن العامل الهرموني قد يلعب دورا في حب الشباب، خاصة إن تأخر غياب حب الشباب أو ارتبط بالدورة، فالأغلب أن معظم حالات حب الشباب في الجنسين تنتهي في العقد الثالث من العمر، ولكن في قليل من الحالات تستمر الحالة إلى ما بعد الثلاثين، وقد يكون ذلك بسبب اضطراب هرموني حيث أن هرمون التيستوستيرون يكون هو المسؤول، وقد تصحبه أعراض أخرى مثل:الشعرانية واضطراب في الدورة الشهرية، وهذه حالات تستدعي العرض على أخصائي الغدد الصماء، وننصح بعمل تحليل هرمون التيستوستيرون خاصة إذا كانت هناك موجودات سريرة أخرى مصاحبة لحب الشباب كما ذكرنا، وأما العلاج فهو إما مضادات الاندروجين مثل:الأندروكيور100مغ يوميا من اليوم الخامس في الدورة لمدة عشر أيام، أو دايان 35 من اليوم الخامس في الدورة لمدة 3 أسابيع، أو الداكتون (من 75 مجم إلى 200 مجم في اليوم)، ولكن يجب وصف هذه الأدوية ومتابعتها تحت إشراف طبيب متخصص.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد حازم تقي الدين
ـــــــــــــــــــــــــ(110/177)
من استطاع منكم الباءة فليتزوج
تاريخ الإستشارة : ... 2006-11-21 09:29:34
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... ياسر
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأشكر لكم جهدكم وأسال الله أن يجزيكم خير الجزاء.
أنا طالب عمري 21 عاما، وأردت السفر إلى الخارج نظرا لأن أفراد أسرتي هناك, ولكن هناك مشكلة تتمثل في أني إذا سافرت لا يجدر بي البقاء، إذ بانتهاء صلاحية التأشيرة تنتهي مدة الإقامة، وأنا أريد البقاء هناك.
وإن أخي أشار إلي أن صديقه رجل متدين ويريد أن يزوج ابنته من شاب من البلاد متدين ومحافظ، فأشار إلي أن يكلمه ليخطب ابنته لي، فترددت في الأمر نظرا لأني لا أريد أن يكون من وراء زواجي مصلحة، ولكن لما وصف لي ما للفتاة من أخلاق عالية والأسرة التي تنتمي إليها من تدين وتواضع أحببتها من دون أن أراها.
وسؤالي هو: هل هذا الزواج ليس حرام؟! وهل الزواج في سن مثل سني لا يبدو غريبا بعض الشيء - في زمننا هذا -؟!.
أشكركم مجددا على ما تقومون به والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق وأن ييسر أمرك وأن يقضي حاجتك وأن يجعلك من الصالحين.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فالذي عرضه عليك أخوك فرصة لا تعوض، لأن خير ما يكنز المؤمن زوجة صالحة تعينه على أمر دينه، فهذه أعظم عطية يكرم الله بها عبده في الدنيا بعد نعمة الإسلام، فاستعن بالله ولا تضيع هذه الفرصة، وهذا زواج مبارك ليس فيه أي عيب أو خلل شرعي، فاستعن بالله ولا يضحك عليك الشيطان.
وأما عن زواجك في هذا السن فهذا أيضاً ليس فيه أدنى مشكلة، نعم أنا معك أن الناس جرت عادتهم هذه الأيام أن يؤخروا سن الزواج، وهذا في الواقع ليس صحيحاً، بل هو عين الخطأ، لأن فترة المراهقة هي أخطر مرحلة يمر بها الشباب والفتيات، خاصة وأنك أصحبت رجلاً في شرع الله منذ أن كان عمرك خمس عشرة سنة، ولا تنس أن أسامة بن زيد قاد جيشاً كبيراً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان عمره حوالي ثمانية عشر عاماً.
فأنت الآن رجل كامل الرجولة، وما دامت لديك القدرة المادية وتستطيع الإنفاق عليها فعجل بالخير ولا تتأخر، وتأكد من أن رزقك سوف يزيد بالزواج.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/178)
أفسد علي اللوم الذاتي ديني ودنياني فساعدوني
تاريخ الإستشارة : ... 2006-11-15 11:33:17
الموضوع : ... استشارات نفسية
السائل : ... nejjari abouimane
السؤال
السلام عليكم، أنا أعاني منذ عام 1992 من مرض انفصام الشخصية، قبل هذا التاريخ وبعده ومنذ المراهقة ارتكبت أخطاء كثيرة، فالإحباط الذي كنت أحسه بين فترات الانهيار الذهاني decompensation psychotique كان يؤدي بي إلى انحرافات خطرة خلفت لدي لوما ذاتيا قويا وجلدا ذاتيا لم ينفع معه علاج، إلا علاجا واحدا اكتشفته مؤخرا: أن يكون قلبي رطبا بذكر الله، فكيف أحافظ على هذا المكتسب بطريقة دائمة؟ وهل في ذالك أجر كما للسان رطب بذكر الله؟ وما ثواب ذلك؟ أفيدوني رعاكم الله فقد أفسد علي اللوم الذاتي ديني ودنياي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ nejjari حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنك أصبت أعظم دواء، وأجل شفاء، فإن ذكر الله تعالى هو الذي يسكب السكينة في القلب سكباً، ويزرع الطمأنينة في النفس زرعاً، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
ومن المعلوم أن القرآن شفاء للأرواح وشفاء للأبدان، كما قال تعالى: { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} فقوله: {شفاء} يتناول الشفائين معاً.
وأما عن سؤالك هل في ذكر الله بالقلب أجر كما أن ذكر الله باللسان أجر؟ فالجواب أن هذا سؤال جيد وقوي وحسن، وتحرير الجواب فيه أن ذكر الله على ثلاثة أقسام :-
فأولها: ذكر الله بالقلب واللسان معاً بحيث يذكر العبد ربه بلسانه وقلبه حاضر متفكر في هذه المعاني التي يتحرك بها لسانه.
وثانيها: ذكر الله بالقلب فقط، وهي الحالة التي سألت عنها، بحيث يكون القلب متفكراً متأملاً في عظمة الله تعالى، وجلاله وهيبته، أو في شكره والتأمل في عظيم نعمه، أو في عظيم صنعه وإحكام خلقه، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.
وثالثها: ذكر الله باللسان دون حضور القلب، بل يكون القلب غافلاً عما يجري على اللسان.
فالمرتبة الأولى هي الأعظم والأجل، وتليها المرتبة الثانية وهي ذكر الله بالقلب، ثم آخرها ذكر الله باللسان فقط، وهذا هو الأظهر من كلام أهل العلم في هذه المراتب.
فالجواب إذن أن من يذكر الله بقبله فقط مأجور ومثاب، وهذا مقطوع به من أدلة الشرع الكريم، بل هو خير من إجراء الذكر على اللسان دون حضور القلب -كما قدمناه آنفاً– وفي هذا كلام عظيم جليل القدر لا يحتمله مثل هذا الجواب.
وأما عن طريق المحافظة على ذكر الله بالقلب، فإن هذا يقتضي منك مراعاة للحلال والحرام، فالقلب المعمور بالنفوس هو أقرب القلوب إلى الله تعالى، فكما أن المعصية تضره، فالطاعة تنفعه، فحاول أن تكون باذلاً طاعة ربك، بحسب قدرتك، فببذلك يحيا قلبك ويشرق فؤادك، هذا مع ملاحظة عدم إفساد هذا المعنى بكثرة الكلام والخوض في ما لا يعنيك، حتى ولو كان في الأمور المباحة، بل توسط في ذلك واعتدل.
ومما يعنيك إعانة كاملة اختيار الصحبة الصالحة التي تذكرك إذا نسيت وتعينك على طاعة الله، ومن أعظم الصحبة الصالحة الزوجة الصالحة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) رواه مسلم في صحيحه.
ويدخل في هذا دخولاً أولياً، الاستماع والإنصات إلى القرآن العظيم حتى قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}.
ويدخل في هذا النظر في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنظر في سير أصحابه أئمة الهدى ومصابيح الدجى.
ونسأل الله لك العون على كل ذلك، وأخيراً فقد قال الشاعر وأحسن وصدق:-
رأيت الذنوب تميت القلوب **** وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانها
وبالله التوفيق والسداد.
الشيخ / أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/179)
وبعد استشارة المستشار النفسي الدكتور محمد عبد العليم أفاد بالتالي:
فهذه الأعراض التي ذكرتها هي بالطبع أعراض تدل على وجود علة نفسية، والحالات النفسية ربما تكون مصحوبة بأعراض جسدية، خاصة الحالات النفسوجسدية، أو ما يعرف بحالات النفسوجسدية، ويعتبر القلق النفسي من أكبر العلل النفسية التي تتميز في كثير من الحالات بوجود أعراض جسدية عامة، خاصة اضطرابات القولون والمعدة وآلام الرأس والصدر وخلافه، وكثيرًا ما يتردد الإنسان الذي يصاب بهذه الأعراض على الأطباء وعلى تخصصات مختلفة، ولكن في الأصل العلة هي علة نفسية، وأرجو أن أؤكد لك أنها علة بسيطة إن شاء الله.
هذه الأعراض يكون الإنسان في الأصل قابلاً لحالات نفسية مثل القلق النفسي وكذلك الاكتئاب النفسي، ويكون الإنسان حساسًا في شخصيته وسريع الانفعال والتأثر، وربما يميل إلى الكتمان.
أخي: هذه هي أعراض القلق، وأنت بنفسك قد لاحظت أنك تعاني من الشعور بالخوف والقلق يؤكد أن حالتك نفسية في المقام الأول.
أهم سبل ووسائل العلاج التي أود أن أنصح بها هي أن تقتنع تمامًا أن هذه الحالة ذات منشأ نفسي، فهذا هو لب الموضوع وهذا هو نقطة الانطلاق والركيزة الأساسية التي تجعلك تشعر بالتحسن.
ثانيًا: أرجوك رجاءً خاصًا ألا تتنقل بين الأطباء، لأن هذا يؤدي إلى التوهم المرضي، خاصة التفسيرات المختلفة، بالطبع لا نحرمك من الرقابة الطبية، ولكن كل الذي تحتاجه حالتك هو القيام بإجراء فحص مرة كل ستة شهور، أو كل عام للتأكد من الأشياء الأساسية؛ كالضغط والسكر ووظائف الكلى والكبد؛ هذا هو الذي تحتاجه وليس أكثر من ذلك.
ثالثًا: عليك أن تفكر إيجابيًا خاصة بتذكرك بإنجازاتك في الحياة؛ فأنت الحمد لله رجل مهني وأنا متأكد أن لديك الكثير من الإنجازات، وأنت لا زلت في مقتبل العمر وينتظرك –إن شاء الله- الكثير الذي تود القيام به.
رابعًا: ستكون ممارسة تمارين الاسترخاء؛ أيا كان نوع هذه التمارين، وكذلك التمارين الرياضية، سيكون مفيدًا جدًّا بالنسبة لك، الرياضة وجد أنها تقوي النفوس وتمتص الطاقات الغضبية وطاقات القلق الداخلي، فأرجو أن تكون حريصًا عليها أخي الفاضل.
الجزء الأخير في العلاج، سوف نصف لك بعض الأدوية المضادة للقلق والمضادة للاكتئاب والخوف ستكون مفيدة جدًّا بالنسبة لك، هنالك أدوية بسيطة مثل العقار الذي يعرف باسم موتيفال، يمكن أن تبدأ به وتتناوله بمعدل حبة واحدة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم توقف عن العلاج.
إذا لم تتحسن حالتك بعد استعمال الموتيفال لمدة شهر يمكنك أن تضيف عقارا آخر يعرف باسم زولفت؛ وجرعته هي 50 مليجرام ليلاً لمدة خمسة أشهر، ثم تخفض الجرعة بمعدل حبة واحدة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عنه.
هنالك دواء بديل آخر يعرف باسم سبراليكس، يعتبر أيضًا من الأدوية الفاعلة والممتازة لعلاج مثل حالتك، وجرعته هي 10 مليجرام ليلاً لمدة خمسة أشهر أيضًا، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى 5 مليجرام لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله.
إن شاء الله بتناولك لأحد هذه الأدوية سوف تجد أن حالتك قد تحسنت جدًّا، وبالطبع لا تتجاهل الجزء الإرشادي في العلاج أيضًا.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/180)
تعرفت على شاب ملتزم ونشأت بيننا علاقة حب فأرشدوني
تاريخ الإستشارة : ... 2006-11-14 09:18:15
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... نيفين
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو منكم مساعدتي لأنني أشعر بالحيرة.
بدأت قصتي في أنني انضممت منذ فترة إلى منتدى إسلامي، وهناك تعرفت على شاب في نفس المنتدى، طبعا أنا لم أكلم شاب على الماسنجر بدون ضرورة في حياتي كلها، وكنت أيضا لا أمتلك إيميل للتكلم مع أحد - أي أنني لم يكن لدي إيميل للمحادثة -.
وبعد حدوث مشكلة في هذا المنتدى بين هذا الشاب وشاب آخر، أبديت رأيي في الموضوع وأرسلت له رسالة خاصة بعد أن أعلن أنه سيترك المنتدى محاولة أن أبين له رأيي وأقنعه بعدم ترك المنتدى.
وبعد فترة وجدته قد أرسل لي رسالة يقول لي أضيفيني إلى الماسنجر فأنا مثل أخوك، فأخبرته أنه لا يوجد لدي ماسنجر ولا أعرف كيف أنشئ إيميلا للمحادثة لي، فأخبرني أنه سيقوم هو بعمل إيميل لي، وبالفعل أصبح لدي إيميل للمحادثة، وكان أول شاب في حياتي أحادثه على الماسنجر.
وفي البداية تكلمنا عن المشكلة في مواضيع عامة وبعد عدة مرات من الحديث معه أصبحنا نتعمق في الكلام.
فقد عرف عني مواصفاتي وشكلي وهكذا، ولكن دون أن يرى صورتي، ولكني رأيت صورته، وأصبحنا نتكلم شبه يومي، إلى أن أعلن لي أنه يحبني، وبصراحة أنا أيضا شعرت تجاهه بنفس المشاعر، وهو من بلادي ولكنه مغترب ويستطيع أن يزور بلادنا في أي وقت يريده، ومنذ أول مرة صارحني فيها بمشاعره أخبرني أنه عندما سيأتي إلى بلادنا، سيأتي عند أهلي ويطلب يدي للزواج.
وفي يوم بعد ذلك طلب مني رقم هاتفي، وفي البداية رفضت مع إصراره الكبير، ولكن في النهاية استسلم لرغبتي، ولكنه أعطاني رقم هاتفه، وفي لحظة ضعف
أرسلت له رقم هاتفي، ولكنني أخبرته أن نتواصل فقط على الرسائل، وأن لا يتصل بي اتصالاً.
وبالفعل أصبحنا في الأيام التي لا نتكلم فيها على الماسنجر أرسل له رسائل على الجوال ويرسل لي، وأشعر بأنه صادق وهو ملتزم.
وأخبرته أكثر من مرة أنني سأتوقف عن الحديث معه، وكان رده بأنه لن يجبرني على شيء، ولكنه عندما سيأتي إلى بلادنا سيحاول أن يصلني، ويطلب يدي للزواج.
أرجوكم ساعدوني فأنا أثق به كثيرا وأشعر أنه يمتلك المواصفات التي أرغب بها في زوج المستقبل، ولكني مترددة كثيرا مما أفعله، وأشعر بأنني أخون ثقة أهلي بي، وأشعر أيضا بأن هذا الأمر يؤثر على دراستي، مع العلم أنه يشجعني كثيرا، ولكن لا أستطيع التوقف عن التفكير به، وكلما أنوي على ترك الحديث معه أضعف مرة أخرى وأعود للتكلم معه.
فأرجوكم ساعدوني فأنا في حيرة من أمري وأشعر بأن شيئا يشدني إليه.
وشكرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نيفين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يبصرك بالحق، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يمن عليك بزوج صالح تقي يكون عوناً لك على طاعته.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الذي تشعرين به نحو هذا الشاب هو أمر طبيعي جداً، وهو سمة من سمات مرحلة المراهقة حيث تشعر الفتاة بحاجتها الفطرية إلى الارتباط بالجنس الآخر وكذلك الشاب، وتكرار الاتصال والحديث يترتب عليه المزيد من التعلق، بل والرغبة الدائمة في الحديث والحوار، وهذه حالة تزداد مع كثرة الاتصالات.
ولكن اسمحي لي أن أوجه لك سؤالاً: ماذا ياتُرى سيكون موقفك لو أن هذا الشاب تخلى عنك ولم يتقدم إليك؟ ثم ماذا ستقولين لله يوم القيامة عن هذا الكلام الذي يدور بينكما؟ ثم هل تعتقدين أن كلامك معه سيأتي يوم القيامة في صحيفة حسناتك؟
أرى أن تعيدي النظر في موقفك، وأن تتقي الله وتتوقفي نهائياً عن هذه الاتصالات، وإذا كان هذا الشاب صادقاً فليتقدم إلى أسرتك بالطريقة الشرعية المعروفة، وبعدها يكون من حقكما أن تتحدثا بحرية وبعيداً عن المؤاخذة الشرعية.
فعليك بالتوبة والتوقف عن هذه العلاقة، والدعاء أن يمنّ الله عليك بزوج صالح وأن يوفقك لكل خير.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــــــــ(110/181)
أحد ثدييّ أكبر من الآخر، فهل هذه مشكلة؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-11-08 11:53:00
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... ني
السؤال
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد:
لدي مشكلة مع صدري, حيث أنني عندما كنت في سن المراهقة كنت ألمس كثيرا ثديي اليسرى من غير أن أشعر, وبعدها لاحظت أن ثديي اليسرى أكبر من حيث الحجم من ثديي اليمنى، وأنا أخشى أن يكون هناك مرض مّا في ثديي، وأشير إلى أنهما حجمهما صغير.
أرجوكم أفيدوني فأنا أعيش في قلق دائم، وشكرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأحب أن أطمئنك أن كبر أحد الثديين عن الآخر شيء طبيعي وأمر شائع بين النساء، ولا خوف عليك من مرض أو نحوه، وخصوصا أنه بدأ منذ مرحلة البلوغ فلا داعي للقلق والاضطراب.
وأما بالنسبة لصغر حجم الثديين، فقد سبقت عدة استشارات في هذا الموضوع نرجو الاطلاع عليها، ومنها ( 2729 - 237172 )
والله الموفق.
المجيب : ... د. سامية موسى النملة
ـــــــــــــــــــــــــ(110/182)
الإستشارة : ... أعاني من الازدواجية في الشخصية فماذا أفعل حتى أحسن من شخصيتي؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-12-07 09:43:06
الموضوع : ... استشارات نفسية
السائل : ... محمد
السؤال
السلام عليكم، إخواني الأعزاء: أتمنى من الله أن أجد التحليل الرصين والمساعدة والنصيحة في هدا المنتدى الكريم، أما بعد:
أنا شاب مغربي عمري 24 سنة، وأعمل في مركز جيد بالقطاع العام في المغرب، ابتدأت مشاكلي النفسية منتد نعومة أضفاري، حيث عانيت أول الأمر من الخوف اللا عادي من أي شيء قبل أن أدخل المدرسة، وكان هذا السبب المباشر لعدم دخولي المدرسة حتى سن 9 سنوات، استمرت المشكلة حتى بداية المراهقة، حيث أصبت بحالة غريبة وهي عبارة عن نوبات من الهلع وضيق في الصدر وبكاء بدون سبب،
أحلت على إثرها إلى طبيب نفسي، واستطعت مع العلاج تخطي الأزمة، لكن ما هي إلا شهور قليلة حتى أصبت بوسواس قهري حاد (وسواس عن الله والدين والجنس والحياة) استمر الوسواس واستمريت بأخد الدواء (anafranil) حتي سن 22، كنت إنسانا خجولا قليل الأصدقاء ضعيف البنية، كثير العلل، لكنني متفوق في دراستي بشكل رائع، مثقف وكثير الاطلاع.
استمر الوسواس حتى حصلت على الدبلوم، لكن في فترة ما بعد الدبلوم أصبت باضطرابات هضمية حادة ألزمتني تغيير العلاج النفسي، لكن لفترة محددة فقط، حيث شهدت بداية عام 2005 نكسة كبرى في حياتي، حينما فارقت مدينتي ومنزلي لأول مرة، حيث لم يمر أسبوع على توجهي إلى المكان الذي أعمل فيه حتى أصبت بأقوى وأكبر أزمة في حياتي امتدت 9 شهور ابتدأت بضيق حاد في الصدر، فقدان النوم وشهية الأكل تماما، التفكير الجدي، بل وحتى بدء خطة عملية للانتحار، اضطرابات قلبية حادة أيضا.
أخدت دوائي deroxat and xanan لمدة شهر لتتطور المسألة إلى ذهان، حيث بدت تراودني أفكار غريبة حمقاء، لكني كنت واع بأنها أفكار مرضية، ولم أقل يوما كلمة عن هده الأفكار والمشاعر إلا للطبيب الذي وصف لي مضادا للذهان solianلكن كثرة اطلاعي وبحثي في الأمراض النفسية جعلني أشخص خطأ حالتي على أنها سكزوفرينيا، الشيء الذي جعلني أنطوي على نفسي وأقطع صلتي بكل الناس، معتقدا أنها نهايتي كشخص، لكن مع مرور الوقت والمداومة على العلاج ومساندة الأسرة التي التحقت بي إلى مدينة عملي تحسنت حالتي النفسية، وذهبت الوساوس والأفكار، وأصبحت إنسانا عاديا، كانت مرحلة قاسية ومؤلمة في حياتي، وتعرضي لما لم أتحمله جعلني أفقد عقلي.
الآن تحسنت حالتي وعدت إلى حياتى العملية بقوة أكبر وبعزيمة كبرى، ولم أتوقف عن العمل خلال هذه المرحلة الصعبة من حياتي، لكن أكتشف يوميا بفعل منصبي أني أعاني من خلل في الشخصية يجب أن أتغلب عليه، ويتمثل في:
- ضعف الشخصية، الجبن وعدم القدرة على اتخاد القرارات والدفاع عن الرأي.
-الإصابة باضطرابات هضمية، وألم عضلات، ورجفات ونوبات خوف عند تعرضي لأي مشكلة.
- الازدواحية في الشخصية، فأنا إنسان مرح ونشيط وذو رأي وفكر مع الأصدقاء، وأنا في نفس الوقت صامت انطوائي بدون علاقات في مكان العمل.
- أعاني من كثرة السهو والتفكير بصوت عال في مشاكلي اليومية.
- تعاودني الوساوس بين حين وآخر، لكنها تختفي بسرعة.
- ضعف جنسي نسبي.
- الخوف مما هو قادم.
إخواني أرجو أن تفيدوني وجزاكم الله خيرا، ما هي مشكلتي؟ ما حلها؟ وماذا أفعل لأحقق طموحاتي وأتغلب على كل هذا؟ والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بالتأكيد أنتَ قد أبحرت في هذه الرحلة النفسية، والحمد لله استطعت أن تتحمل كل الصدمات وكل المتاعب، ومن الواضح أنه منذ البداية أن شخصيتك تحمل بعض السمات للاستعداد للمخاوف، هنالك شخصيات في الأصل هي قابلة لأن تصاب بالمخاوف؛ لأن هذه الشخصيات ربما لم تتطور التطور المقبول في المراحل الحرجة والحلقات الضعيفة في التطور -بالنسبة للإنسان- النفسي والفسيولوجي والبيولوجي، وهو يعرف في مرحلة الطفولة، وكذلك في مرحلة اليفاعة ثم في مرحلة أواخر الشباب، وهكذا.
بالنسبة للمخاوف التي تبدأ في سن مبكر، بالتأكيد قد تتولد عنها مخاوف أخرى، وكذلك الوساوس القهرية، وربما نوع من الاكتئاب وعسر في المزاج، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك بالضبط.
الذي أعجبني حقيقة فيما قمت به من تأهيل حيال نفسك هو إصرارك ومواصلتك للعمل، مهما كانت الأعراض ومهما كانت الأمراض ومهما كان التشخيص، هذا أمر ضروري جدًّا في الصحة النفسية، هذه المسميات: الاكتئاب، الوساوس، الفصام، في بعض الحالات –أكون صادقًا معك– لا تكون مؤثثة التأثيث القاطع؛ لأن الطب النفسي لا زال يفتقد لكثير من الآليات التي تؤكد التشخيص بالرغم من تحسن الأسس والأطر التي يتم عليها تشخيص هذه الحالات.
لا أريدك أبدًا أن تكون منزويا حول نفسك، ولا أريدك أن تُجري تحاليل مستفيضة حول ذاتك وشخصيتك، هذا لا يفيد، هذا نفسه يعتبر نوعا من الوساوس الداخلية، أنتَ رجل مؤهل تحمل درجة هندسة في الإلكترونيات، أنت تعمل، أنت لديك وجودك، أنت حسن التعبير –حسب ما رأيته في رسالتك– وبالطبع حسن التنظيم، هذه كلها إيجابيات عظيمة.
كما ذكرت لك الذي أعجبني فعلاً أنك قاومت وبعزيمتك وإصرارك استطعت أن تتغلب على هذا المرض، بالرغم من المسميات التي ذكرت: سِيجوفرينا وساوس قهرية، ومع أني لا أريد أن أقلل لك من الأمر، ولكن أؤكد لك أنك لست مصابا بالسيجوفرينا أو الفصام؛ لأنك إنسان مستبصر وواعٍ ومرتبط بالواقع، وبالتأكيد من الواضح أن تقييمك وحكمك على الأمور راشد ومعقول جدًّا، فقط أنت ربما تكون ميَّالا للإكثار من التحليل والتدقق حول النفس، هذا هو الذي يجب أن تلاحظه ويجب ألا تكثر منه.
لا أتفق معك تمامًا أنك ضعيف الشخصية، ربما تسألني كيف عرفتني ولا تعرف عني الكثير؟! أنت من الواضح أنك مقتدر، ولكن من الواضح أيضًا أنك تقلل من قيمة نفسك، وهذا هو الذي جعلك تشعر بأنك ضعيف الشخصية، أنا لا أعتقد أنك ضعيف الشخصية مطلقًا، ربما يكون هنالك نوع من القيم الفاضلة والحياء الذي يجعلك لا تثبت ذاتك في بعض المواقف، ولكن هذا نفسه ربما يكون حسنا، إذن لا تقلل من قيمة ذاتك، لا تحقِّر نفسك، لا أقول لك أن تنظر لنفسك بكل تكبر وتجبر، هذا بالطبع لا،
ولكن كن وسطًا حتى في تفكيرك حول نفسك، أنتَ إنسان منتج متحرك تواكب الحياة وتجاهد، وهذا في حد ذاته كافٍ فيما أعتقد.
عدم اتخاذ القرارات بالطبع ربما يكون مصاحبًا للوساوس، صاحب الوساوس يحب التدقق وهذا يؤدي إلى التردد، ولكن أخي اعزم وتوكل وخذ قرارك، أنا أعتقد هذا هو أفضل شيء، ولك الحق أن تبدي رأيك، أجر مع نفسك حوارًا، قل: إذا قال لي فلان كذا كذا سوف أقول له كذا وكذا، هذا هو المطلوب.
بالنسبة لاضطرابات الهضم وآلام العضلات ونوبات الخوف، هي نوع من الأعراض الجسدية التي تكون مصاحبة للقلق والتوتر والوساوس، وهذه الأمراض –في كثير من الحالات– تحمل طبع (النفسوجسدي) أو تسمى بـ (نفسوجسدية) ولا أعتقد أن لديك ازدواجية في الشخصية، ربما يكون هنالك نوع من تقلب المزاج، وهذا يحدث لكثير من الناس، خذ الأمور ببساطة وكن وسطًا في مزاجك وتفكيرك وانشراحك وحتى في أحزانك، ادعو نفسك لذلك وسوف تجد –إن شاء الله– أن الأمور قد تغيرت.
السهو وقلة التركيز وكذلك أن تسمع نفسك صوت عقلك، ربما تكون هي أيضًا من أعراض القلق، القلق والتوتر والاكتئاب أيضًا يؤدي إلى ذلك.
الوساوس لا بد أن تحقِّرها، لا بد ألا تعطيها مجالا لأن تسيطر عليك، إذا أتتك الوساوس فكِّر في الفكرة المضادة، أو قم بفعل مضاد، ركز على ذلك، إذن هي مواجهة، تحقير واستبدال بما هو مضاد لفكرة الوساوس، أجر هذا التمرين بصورة وبصفة يومية.
الضعف الجنسي النسبي، هذه الحالات لا بد أن أقول لك أنها ربما تؤدي إلى بعض الضعف أو عدم الرغبة، كما أن الزيروكسات وحتى السوليان ربما تؤدي إلى نوع من قلة الرغبة الجنسية البسيطة، وأرجو ألا تأخذ هذا الموضوع بحساسية وألا تفكر فيه، لأن التفكير والتعمق فيه يؤدي إلى الخوف، والخوف يؤدي إلى الفشل والخوف من الفشل يؤدي إلى الفشل الجنسي، فهذه نصيحة أنصحها، الخوف مما هو قادم أو (القلق التوقعي) يعرف أن أصحاب الوساوس دائمًا يعانون من ذلك، إذن أرجو أن تتبع هذه الإرشادات.
حقيقة أريد أن أصف لك دواء أرى أنه سوف يكون جيدا وسوف يكون فعّالا إن شاء الله، ولن يسبب لك أي متاعب جنسية، بل على العكس ربما يساعدك بصورة أكثر، هذا الدواء يعرف باسم فافرين، أوقف كل الأدوية التي تتناولها وتناول الفافرين، ابدأ بجرعة 50 مليجرام ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة بمعدل 50 مليجرام في اليوم كل أسبوعين، أي أن تكون الجرعة 100 مليجرام بعد مضي شهر و200 مليجرام بعد مضي شهرين من بداية العلاج، وهذه هي الجرعة الكافية جدًّا بالنسبة لك، 200 مليجرام من الفافرين يوميًّا لمدة سبعة أشهر، ثم خفضها بمعدل 50 مليجرام كل شهر، وأنا على ثقة كاملة أن هذا الدواء سوف يساعدك جدًّا.
بالنسبة للسوليان أرجو أن توقفه، هو دواء جيد وممتاز جدًّا، ولكن ربما يكون العقار الذي يعرف باسم رزبريدون –بجرعة صغيرة- مدعم جدًّا للفافرين وسوف يزيد من فعاليته بصورة كبيرة، كما أنه ربما يؤدي إلى اختفاء أي شبهة في أنه ربما يكون
لديك شيء من أعراض الفصام الوسواسي، استعمل هذا الدواء ولكنه أصبح من التشخيصات التي تناقش كثيرًا في المحافل العلمية، وهنالك إجماع كامل أن الفافرين مع الرزبريدون يؤدي إلى فوائد كبيرة جدًّا.
إذن ابدأ الرزبريدون بجرعة واحد مليجرام، واستمر عليه لمدة أسبوعين، ثم ارفعها إلى 2 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى واحد مليجرام فقط لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك يمكنك أن تتوقف عن تناوله.
إذن: ثق بنفسك وثق بالله أولاً، وبمقدراتك، وعليك المثابرة والمحافظة على عباداتك والتواصل الاجتماعي، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. محمد عبد العليم
ـــــــــــــــــــــــــ(110/183)
قلة اهتمام والديّ بي جعلني أتعلق بالنساء فما الحل
تاريخ الإستشارة : ... 2006-12-06 08:00:03
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... السنا الوهاج
السؤال
السلام عليكم
شكرا لكم على هذه الجهود المباركة وأثابكم الله على هذا العطاء.
أود أن أطرح عليكم مشكلتي، وهي غريبة نوعا ما، وهي التعلق الشديد بالنساء _ ولا أقصد الشهوة الجنسية _ فعندما أرى أي امرأة في الشارع أو في المدرسة، وحتى لو كانت في نفس عمري فسرعان ما يتعلق قلبي بها، ويبدأ عقلي يصور لي بأنها قريبة مني، وتحبني، وتحنو علي، وليس هذا فقط، بل إن الأمر يتعداه إلى صورة أي امرأة على النت، أو في أي مكان آخر، ولتكون الصورة أوضح لديكم فأنا أحلم بأنها تعانقني، وتستمع إلي، وتمسح دموعي، وتمتد يديها الي بالحنان، وقلبها بالحب.
أما عن السبب فهو أن أبي وأمي منذ أن كنت صغيرا لم يكونا يهتمان بي، أو يقرباني ويمنحاني العطف والحنان، كما أن شخصيتي غريبة، فأنا ابن خمسة عشر عاما، لكن من يسمع كلامي يقول أنني ابن عشرين أو ثلاثين، ولا أعلم لماذا؟! لذا فأنا بدون أي أصدقاء منذ صغري، وليس لدي أي علاقات اجتماعيه، بل وحتى مع أقاربي، وطوال الوقت أكون صامتا، ولا أتكلم، حتى أني أصبحت لا أجيد الكلام مع الناس، وعند الإجابة على أي سؤال، أو الكلام مع شخص آخر أمر غاية الصعوبة؛ لأن لا أحد يفهم ما المعنى الذي أقصده من مجموعة من الكلمات غير المترابطة مع بعضها.
كما أني لا أجد من يهتم بي، أو يساعدني، أو ينصحني، خاصة في مرحلة المراهقة هذه؛ لذا فأنا دائما أبدو واجما متجهما حزين الملامح؛ لأن لا أحد في الدنيا بجانبي، حاولت مرات أن أقيم صداقات، لكن فشلت قرأت الكتب عن هذا الموضوع، وأيضا كان الفشل نصيبي، بعد ذلك سمعت عن ملء القلب بحب الله، فقررت أن أقطع التفكير بهذه الأمور، وأن أتوجه إلى الله.
مع العلم أني ملتزم وأقوم يوميا بقراءة القرآن صباحا ومساء، والأذكار، وسماع المحاضرات، وقراءة الكتب، وأحيانا يعتريني هوى الشباب، لكن هذا لا يطول لمجرد دقائق، وبعد تجربة الحب مع الله اكتشفت أن ما أعانيه هو الحاجة إلى الحب المادي، وليس المعنوي، فالمعنوي أنا أحمله مع ربي، لكن ليس لدي الحب المادي الذي وضعه الله في قلوب البشر.
إن كل ما أحتاج إليه هو فتاة تكبرني بالسن، تعتبرني كأخيها الصغير، ولكن أعلم بأنني أكتب حروفي في دنيا الأحلام، فما أريده لا يقبله الدين، ولا العرف، ولا طبيعة الحياة في هذا الزمان؛ لذا أرجو منكم أن تنصحوني ماذا أفعل؟ واعلموا أني لم أبق شيئا روحيا أو معنويا إلا جربته، وكنت دائما أفشل في هذا الأمر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السنا الوهاج حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فواضح من كلماتك التي شرحت بها حالك، أنك بحمد الله، مدرك حقيقة ما تعانيه، ومدرك أيضاً السبب الذي أدى إلى هذه المعاناة، فأنت إذن تعرف المشكلة وسببها أيضاً، بل وقد وقفت على الحل، ولكنك لم تستمر عليه، فليس الحل هو أن تصاحب فتاةً أكبر منك كي تحنو عليك وتحبك، وتمسح دموعك، ولا الحل هو السرحان والذهاب بعيداً في هذا الخيال، بل الحل هو أن ( تبني نفسك بنفسك) وأن تكون أنت ذاك الرجل القوي (صاحب العزيمة على النهوض بنفسه).. نعم.. لقد عانيت من الحرمان العاطفي، وعانيت من عدم وجود من يشاركك عواطفك مشاركة تملأ قلبك، وتغمرك بالطمأنينة، ومع هذا فلك الأسوة، ولك القدوة بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي نشأ يتيماً، وشب وارتجل حتى ساد الناس بخلقه وأمانته ورجولته، ثم كمل الله عليه النعمة ببعثه بشيرا ونذيراً ورسولاً للعالمين.
فقدوتك هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أصبت الحل بيديك، وأخذت به، فلم يبق إلا أن تعرف كيف تحسن منه، وكيف تثبت عليه، فالمطلوب منك الآن هو إحسان العلاقة مع الله، وبذل الجهد في طلب مرضاته، بحيث يملأ قلبك تقوى الله، ويعمر قلبك بحبه، والأنس بذكره، فهذا أعظم سبيل، وأقرب طريق، بل لا طريق لك غيره، فاثبت عليه واحرص على العمل به.
وأما عن (سد جوعك وعطشك) للحنان الفطري الإنساني، فهذا يطلب بالزوجة الصالحة، وبالمرأة الحنون التي ستكون – إن شاء الله تعالى – زوجة وأما وأختاً، بحيث ترمي برأسك إلى صدرها فتعوضك الحنان والحب والمودة - إن شاء الله تعالى - فاصبر حتى يمكنك الله من اختيار زوجة صالحة تكون كما قال نبيك وحبيبك – صلى الله وسلم : ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) رواه مسلم.
وأما عن شعورك بعدم القدرة على التعبير مع الناس، وارتباكك عند مواجهتهم فهذا راجع للأسباب التي أشرت إليها من افتقارك الحنان، وانعزالك الزائد عن الناس، وعلاج ذلك بالتوكل على الله واستعمال (أسلوب المواجهة الاجتماعية) .
فحاول أن يكون لك صلات بالرفقة الصالحة، من الإخوة الطيبين، بحيث يكون لك معارف وإخوان تحبهم في الله، وتتعاون معهم في نشاط جماعي على طاعة الله، كحلقات القرآن مثلاً، بل إن في حضورك الصلوات المفروضة تقوية وشحن لك على هذه المواجهة، فاحرص على هذا الأسلوب، ولا تتعمد التهرب من لقاء الناس، وتكلم معهم وأنت هادئ واثق من صحة وسلامة أسلوبك وكلامك.
فاحرص على هذا الأسلوب وستجد النفع عاجلاً بإذن الله تعالى.
ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد وأن ييسر أمرك.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــــــــ(110/184)
الإستشارة : ... ابنتي أقصر من زميلاتها، فما الذي يساعد على زيادة طولها؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-12-03 13:34:32
الموضوع : ... استشارات طبية
السائل : ... كوتر
السؤال
السلام عليكم
لديّ بنت عمرها 12سنة، ألاحظ أنها أقصر من زميلاتها، فما هي الأكلات التي تتوفر على فيتامين يساعد على النمو ؟!
أفيدوني ولكم جزيل الشكر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كوتر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن كانت التغذية سليمة، فليس هناك أي طعام تستطعين به تطويل طول ابنتك، فالبنات قد يختلفن في ابتداء طفرة النمو في فترة المراهقة، إلا أن البنات يكن قد توصلن إلى90% من طولهن في سن 15، وتستمر البنت بالطول حتى سن 18 عاما.
والطول بشكل عام يعتمد على طول الوالدين، وأما إن كانت أقصر بكثير من مثيلاتها في العائلة، فيفضل عرضها على طبيب الأطفال للغدد الصماء، لإجراء تحاليل لهرمون النمو.
والله الموفق.
المجيب : ... د. محمد حمودة
ـــــــــــــــــــــــــ(110/185)
حكم من ترك الصلاة أعواما متكاسلا ...
2175
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في سن الثامنة من عمري تعلمت الكثير عن الواجبات الاسلامية والتزمت بأداء الصلاة وقتا طويلاً ثم عند سن المراهقة تكاسلت
عنها وتذبذبت بين مصلي وتارك لفترات طويلة حتى سن 24 سنة عدت مرة أخرى وصليت اضافة لمرور بعض الرمضانات كنت اصوم فيها بدون صلاة ولكن بعد سن الـ 24 لم تفتني حتى الآن صلاة واحدة واستفتيت عن صلواتي السابقات فمنهم من قال لي باعادتهاومنهم من قال بأن الفترة السابقة كنت كافرا ولا يلزمني شيء افتوني جزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: إن الصلاة من أعظم فرائض الإسلام فإنها عمود الإسلام كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي أحمد وأهل السنن عن بريدة بن الحصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر" وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة ". وتارك الصلاة إما أن يتركها جحوداً لها ولوجوبها فهذا كافر بإجماع أهل العلم ، وإما أن يتركها تهاوناً وكسلاً مع إقراره بها وبوجوبها فهذا اختلف في كفره أهل العلم إلى قولين أحدهما أنه كافر لقوله صلى الله عليه وسلم : " من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله ورسوله " رواه أحمد. وغير ذلك من النصوص . وعلى هذا لا يطالب بإعادة الصلاة وعليك أن تندم على هذه الكبيرة وتكثر من النوافل والطاعات المقربة إلى الله تعالى . هذا والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/186)
تعليم المراهق أحكام البلوغ ...
2668
السؤال
عندي ولد كيف أشرح له عن البلوغ وعن سن المراهقة . علما بأنه يبلغ من العمر 15 سنه.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تشرح لابنك - بارك الله لك فيه- علامات البلوغ، وأحكام الطهارة، وغير ذلك مما يحتاجه، من أمور دينه، شرحاً مبسطاً وافياً، مع التزام الحياء، والحشمة الشرعيين،
وعليك أن تدرسه كتاباً مختصراً في الفقه إن كنت تستطيع ذلك بنفسك، وإلا فاذهب به إلى من يدرسه ذلك ممن تثق به من أهل العلم .
وعوده على أن يسألك عن كل أمر أشكل عليه في ذلك وأن الحياء في مثل ذلك مذموم وليس من الحياء المحمود شرعاً.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيهد
ـــــــــــــــــــــــــ(110/187)
الحب...أقسامه...وعلاج الشاذ منه ...
8663
ما حكم الحب الصادق في السابعة عشرة من العمر يعني أن تحب فتاة في سن المراهقة وتريد أن تقيم معها علاقة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فالحب بين الفتيان والفتيات: قسمان: الأول: رجل قذف في قبله حب امرأة فاتقى الله تعالى وغض طرفه، حتى إذا وجد سبيلاً إلى الزواج منها تزوجها وإلا فإنه يصرف قلبه عنها، لئلا يشتغل بما لا فائدة من ورائه فيضيع حدود الله وواجباته.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم ير للمتاحبين مثل النكاح" رواه ابن ماجه.
الثاني: من تمكن الحب من قلبه مع عدم قدرته على إعفاف نفسه حتى انقلب هذا إلى عشق، فهذا اللون من الحب محرم، وعواقبه وخيمة.
والعشق مرض من أمراض القلب مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه، وإذا تمكن واستحكم عز على الأطباء علاجه وأعيى العليل دواؤه، وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، المتعوضة بغيره عنه، وأقبح ذلك حب المردان من الذكور، فإنه شذوذ وقبح.
وإذا امتلأ القلب بمحبة الله والشوق إليه دفع ذلك عنه مرض عشق الصور.
ولقد بين الشارع الحكيم علاج الحب بصورة عملية، وحسم أسباب الشهوة التي تذكي جذوته، فأمر بغض البصر، والبعد عن المثيرات، ودوام المراقبة، وكسر الشهوة بالصيام وعند القدرة على النكاح بالزواج، وحدد المعيار في الاختيار، وأن الرجل عليه أن يظفر بذات الدين، وهذا هو المقياس الذي به يختار به المرء شريكة حياته. قال صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/188)
أفكار هامة لتربية الأطفال ...
13767
كيف يمكننا تربية الأطفال تربية إسلامية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن موضوع تربية الأطفال طويل، ولا يتسع المقام للتفصيل فيه، إلا أننا نذكر فيه أفكاراً عامة وضوابط مهمة:
- فمنها: اختيار الزوجة الصالحة التي ستتولى تربية الأطفال فيما بعد، وهذا أمر مهم جداً، لأنه أول لبنة توضع في أساس هذا البناء، بل هو حجر الأساس فيه.
- ومنها: الإتيان بالذِّكْرِ المشروع عند إتيان الزوجة.
- ومنها: الأذان في أذن المولود اليمنى، والإقامة في اليسرى.
- ومنها: العقيقة عنه، وتسميته التسمية الحسنة.
- ومنها: تعليمه القيم والأخلاق في الخمس السنوات الأولى، في أول وقت يستطيع فيه أن يفهم ذلك، فإن التربويين يقولون: إن القيم التي تغرس في الخمس السنوات الأولى من عمر الطفل هي التي تحدد مسيرته في الحياة فيما بعد.
- ومنها: تعليمه الصلاة لسبع سنين، وضربه عليها لعشر.
- ومنها: إلحاقه بحلقات التحفيظ من صغره.
- ومنها: توفير البرامج الثقافية المتطورة، كالفيديو، والكمبيوتر، ونحوها. بشرط أن تكون منضبطة بضوابط الشرع.
- ومنها: اختيار الرفقة الصالحة له، فلا يلهو ولا يرتبط إلا بأبناء أسر معروفة بالالتزام والحرص على تربية أبنائها تربية صالحة.
- ومنها: إشغاله في وقت المراهقة بالنافع، لأن الفراغ في هذه المرحلة مدمر للأخلاق.
- ومنها: إشعاره في هذه المرحلة بأنه قد صار رجلاً يعتمد عليه، لأنه يحس ذلك من نفسه، فإذا لم يجد في البيت من يشبع له ذلك الإحساس، طلبه في جلساء السوء.
ومنها: تزويجه إذا بلغ وكان عند الوالد إمكانية لذلك.
والأفكار في ذلك كثيرة، ومن أراد الاستزادة، فليراجع الكتب المتخصصة في ذلك، ومنها: كتاب التربية الإسلامية لمحمد قطب، وكتاب تربية الأولاد لعبد الله ناصح علوان، وكتاب التربية الإسلامية للطفل لسويد، وغيرها كثير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/189)
هل يترك حضور الخطبة لأنها لا تتعرض لمآسي المسمين؟ ...
16515
أصبحت خطب الجمعة في بعض ديار المسلمين لا تمس حال المسلمين فثلاثة أسابيع قاسية مؤخرا بفلسطين ولا يذكر اسم فلسطين أو لعن اليهود في المنابر ألبتة، فهل يجوز الاقتصار على حضور فريضة الجمعة فقط دون حضور الخطبة؟ حيث إن مواضيع الجمعة تناقش بها أمور راكدة كخطورة السرعة بالسيارة ومشاركة الزوجة بتصريف المال وأمور أخرى يعيها الشاب دون سن المراهقة وحال المسلمين تقتيل وتشريد، حيث إني أحس بضيق شديد لدرجة أني كدت أصرخ في وجه خطيب الجمعة الماضية ولا أحتمل أكثر من ذلك فهل لي حضور وقت الصلاة فقط ـ ركعتي الفرض ـ؟
وجزاكم الله خيراً ونفع بكم البلاد والعباد .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يشرع ترك حضور خطبة الجمعة من أجل ما ذكر، لأن الله تعالى أمر بالسعي إليها، فقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة:9] .
قيل: إن المراد بذكر الله فيه: هو الخطبة، وقيل: صلاة الجمعة.
قال الإمام الكاساني في (بدائع الصنائع 1/57): (وكل ذلك حجة، لأن السعي إلى الخطبة إنما يجب لأجل الصلاة، بدليل أن من سقطت عنه الصلاة لا يجب عليه السعي إلى الخطبة، فكان فرض السعي إلى الخطبة فرضاً للصلاة، ولأن ذكر الله يتناول الصلاة، ويتناول الخطبة من حيث إن كل واحد منهما ذكر الله تعالى).
ثم إنه لا يعدم الحاضر للجمعة خيراً، فقد يستمع إلى آية أو حديث أو فائدة أو حكم شرعي أو موعظة ترغبه في خير أو ترهبه من شر فيستفيد في دينه ودنياه، ولا ينبغي للمستمع أن يجلس جلسة الناقد فيرى المعايب ويتغاضى عن المحاسن، بل عليه أن يجلس في بيت الله متواضعاً متأدباً يلتقط الحكم والفوائد، ويتغاضى عن كل عيب وسقط، وما ينبغي لإمام أن يتجاهل ما يجري في فلسطين ولا غيرها من بلاد المسلمين، بل عليه أن يسعى إلى شحذ الهمم، وحض الناس على الإنفاق في سبيل الله، وبذل كل ما في وسعهم من أجل إيقاف نزيف دماء إخوانهم في فلسطين، وأن يسعوا في سبيل ذلك بكل ما أوتوا من وسائل أذن الشارع الحكيم في اتخاذها.
وعلى أئمة المساجد أن يحيوا سنة قنوت النوازل، فيسألوا الله جل وعلا إهلاك الأعداء، وإنقاذ المستضعفين، وأن ينصر الإسلام وأهله، وأن يخذل الكفر وأهله.
ومع هذا فإنه ينبغي لنا ألا نعنف من لم يفعل ذلك منهم، ولننبهه برفق على أنه ما كان ينبغي له السكوت عما يتم من تنكيل وتشريد وتقتيل وإذلال لإخوانه في فلسطين وفي غيرها، فإن هو استجاب لذلك فذلك المطلوب، وإن لم يستجب فلكم أن تسعوا في استبداله بغيره إذا لم يؤد ذلك إلى تفرق جماعة المسجد، فإن أدى إلى تفرقها فمصلحة الاجتماع مقدمة، واسعوا أنتم في المجالس وحلقات العلم إلى تدارس ما يمكن فعله من أجل التخفيف من محنة إخوانكم في فلسطين وفي غيرها، وينبغي التنبه إلى أن هذا الإمام قد يكون من الذين يرون أن إصلاح أخلاق الناس وأحوالهم هو السبب الرئيسي والعلاج الفعال لتحقيق وعد الله بنصر هذه الأمة، وهذا ليس محل خلاف، لكن كان عليه أن يضم إلى هذا التذكير بحال الأمة وما تمر به من أزمات ووضع الحلول الشرعية لذلك، وعلينا أن نقر بأن جهاد النفس قد رسب فيه كثير من المسلمين في زماننا، فكثير منهم يحسن النقد للأوضاع بإتقان واقتدار، ثم لا يفكر أن يجاهد نفسه فيلزمها طريق الاستقامة، فالعلاج لأحوالنا وتحقيق النصر لأمتنا يبدأ من هنا... من إصلاح النفس والأسرة والمجتمع وربط القلوب بربها، ولكن كثيراً من الناس يطربه أن يستمع إلى الخطب الحماسية ثم لا يمنعه ذلك أن يشاهد فيلماً خليعاً أو أن يستمع إلى أغنية ماجنة، لذا فننصح السائل بأن لا يكون من الذين ينتقدون ويأخذون على الأئمة أكثر مما يأخذون على أنفسهم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/190)
رقائق دينية تربوية للمراهقين والمراهقات ...
16541
بصراحة سؤالي هو عن الشباب كما أحسب نفسي منهم؟ عن المراهقين مابين 12إلى 19 سنة الذي يريد امتلاك قلوب الناس كلهم بأن يجعلهم يحبونة ودائما هو يسعى لذلك ولكن بطرق مختلفة وبعضها يكون سلبيا وبشتى الطرق؟ أريد منكم نصيحة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية والثبات والسداد، وجزاك الله كل خير لصراحتك وحرصك على معرفة الخير.
أخي الكريم :
اعلم أن مرحلة المراهقة هي أخطر مرحلة يمر بها الإنسان حيث إن للإنسان فيها تغيرات جسمية وعقلية وعاطفية وجنسية، والشيطان حريص على إغوائه في هذه المرحلة.
ونحب أن نوجه بعض النصائح لك ولمن هم مثلك علَّ الله أن ينفع بها.
أولاً : احرص على فعل الطاعات من: واجبات ومستحبات، واحرص على البعد عن المحرمات والمشتبهات والمكروهات.
ثانياً : احرص على جلساء الخير وابتعد عن جلساء السوء، فإن الصاحب ساحب. وكما قيل:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي.
ثالثاً : عليك بشغل الوقت بالنافع والمفيد من أمور الدين والدنيا، وإياك والفراغ فإنه من أعظم المفسدات في هذه المرحلة.
رابعاً : إذا أردت أن تملك قلوب الناس فأحسن معاملتهم وحسَّن أخلاقك معهم، وتعاون معهم واقض حوائجهم، فإنك بذلك تملك قلوبهم، وأوكد هنا على الإحسان إلى الوالدين والأقربين فإنهم أحق من تحسن إليهم وأحق من تملك قلوبهم، ولا بد من الصبر على ما قد يصدر من الوالدين من نظرة إليك على أنك مازلت طفلاً، لأنك مهما كبرت فلن تزال في أعين والديك صغيراً.
خامساً : عليك بكثرة اللجوء إلى الله بأن يسهل أمرك ويصلح حالك ويعينك على ما ينفعك في الدنيا والآخرة.
سادساً : نرجو منك مراجعة الفتوى رقم:
12928
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/191)
لا يتم إيمان العبد إلا بالإيمان بالقدر ...
16833
أنا فتاة مسلمة في مرحلة المراهقة ودائما في قلق إذا ذهبت أمي لتوصل أختي المدرسة العربية أقلق على أنه سيحصل لهاحادث ونحوه وأحاول أن أهدئ من نفسي لأنه يجعلني في ضغط شديد، ومنذ السنة الماضية عندما وقع حاذث سيارة لأمي زادت هواجسي ، ماذا تقترح علي؟ فهل التفكير الزائد جيد ؟ شكراً .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك لكل خير وأن يصرف عنك كل شر. واعلمي يا أختاه: أن الله قدر مقادير الأشياء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء. صرح بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما روى مسلم في صحيحه. فعلى أي شيء تقلقين؟ ومن أي شيء تخافين؟!
وعليك أن ترضي بقدر الله حتى تنالي الرضا من الله تعالى. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط رواه الترمذي و ابن ماجه .
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس رواه الترمذي .
والإيمان بالقدر من أصول الإيمان، ولا يتم إيمان العبد إلا بالإيمان بالقدر، والآجال والأرزاق بيد الله ليس لأحد تقديمها ولا تأخيرها ولا زيادتها ولانقصانها.
فإذا استقر هذا في نفس المؤمن فإنه يعيش في سعادة وراحة، واشغلي نفسك بالذكر والعبادة والعلم النافع، ودعي الهواجس والأوهام، وفوضي الأمر لله صاحب الأمر فهو أرحم بك منك بنفسك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/192)
الحل الإسلامي لمشاكل المراهقين ...
16878
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الإسلامي المتميز وأتمنى لكم دوام التقدم والنجاح.
سؤالي هو:
ماهي أهم المشاكل التي يتعرض لها المراهقون والشبان في هذه الحياة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمرحلة المراهقة تعتبر مرحلة تغير ونقلة من ضعف إلى قوة، فيشعر المراهق فيها بالقوة والحيوية والحماس، وحب إظهار الشخصية والتميز، ومحاولة الاختراع والإبداع، ويبذل جهداً في الانتصار لما يعتقد، والاستماتة في تحقيقه، ولم يعد يتحمل ما كان يتحمله في صغره من ضرب وتأنيب خصوصاً أمام الآخرين، لأنه يشعر بالقدرة على التدبير والاستقلالية وحماية النفس والدفاع، ولذلك يبدأ يحاول الانتقام ممن أساء إليه أو سفهه.
هذه الطاقات في الشاب المراهق إما أن يسخرها في طاعة الله عز وجل، وإما أن يسخرها في سبيل الهوى والشيطان وفي اللهو واللعب وقضاء الشهوة ونحو ذلك.
ولذلك ينبغي للآباء والمعلمين والمربين والمصلحين أن يهتموا بتربية النشأ على حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وحب الانتصار لدين الله سبحانه وتعالى.
وحينما نقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نجدها مليئة بالصور المشرقة في الاهتمام بتربية الأطفال على العقيدة الصافية والأخلاق الكريمة لينشئوا نشأة طيبة، فإذا وصلوا إلى مرحلة الشباب كانت عندهم عقائد ومبادئ إيمانية يصرفون طاقتهم في نصرها.
كما أن كثيراً من الشباب المراهق الغارق في اللهو والشهوات والفتن المنتشرة في هذه الأزمان يحتاجون إلى دعوة بالحكمة ومعاملة بالحسنى، فيتوب الكثير منهم وينيبون إلى الله تبارك وتعالى ويصبحون أناساً مصلحين.
نسأل الله لنا ولهم التوفيق والرشاد.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 16541.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/193)
احتمالات قد تكون سبباً لتدني المستوى الدراسي ...
17587
لي طفل يبلغ من العمر 11 عاما يدرس في الصف السادس الابتدائي وألاحظ عليه اختلافا مستمرا في سلوكه اليومي فمرة يكون من المتفوقين جدا ومرة يكون في منتهى البلاهة أثناء الدراسة وفي نفس المادة الدراسية مع العلم بأنه كان من قبل أي في الصف الخامس أفضل تلميذ بالفصل .. ولم أغير من سلوكي معه ولم يتغير شيء من الظروف المحيطة به عن العام الماضي .. وقد بدأ سلوكه يتسم أيضا بالعدوانيه مع أخته الأصغر منه سنا.. والسؤال هو هل يمكن أن يكون ذلك حسدا أم ماذا وبماذا تنصحون؟ جزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطفل -ولدا كان أو بنتاً- يحتاج في هذه المرحلة التي ذكرت إلى رعاية لأنه دخل أو قارب سن المراهقة، ولأن مستوى الدروس عليه قد ارتفع، وعليك أن تبحث عن السبب الذي جعل مستوى ابنك يتدنى، فإذا عرفت السبب فقد عرفت علاجه.
وقد ذكرت أنه كان متفوقاً في دراسته فلعلك أعجبت به فأعطيته من المديح والإطراء أكثر من الحاجة فأعجب بنفسه وأصابه الغرور، أو لعلك قصرت أو أهملت مذاكرته وتقويم سلوكه اتكالا على أنه أصبح قائماً بنفسه فنتج عن ذلك التكاسل والإهمال، ولاننس كثرة الاستغراق أمام التلفاز والكمبيوتر والإنترنت وأصدقاء السوء، كل هذه أوغيرها احتمالات يمكن أن تكون هي السبب بالإضافة إلى ما أشرت إليه وهو سن المراهقة.
وعلى كل حال فعليك أن تقترب منه وتشعره بالأهمية، واحرص في الوقت نفسه على مذاكرة دروسه وضع له برنامجاً محددا يسير عليه بحيث لايطغى وقت اللعب أو النوم على وقت الدراسة، ولا تحرمه من للعب والاستجمام، ولا تستبعد الاحتمال
الذي أشرت إليه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر. رواه أبو نعيم في الحلية من حديث جابر.
وقد أخرج الإمام مالك في الموطأ : أن رجلا أصاب سهل بن حنيف رضي الله عنه بالعين، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل له.
وعن ابن عباس في تفسير قوله تعالى حكاية عن يعقوب وأبنائه عليهم السلام:وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِد [يوسف] أنه خشي عليهم العين/القرطبي.
وكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منها بقوله: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. /القرطبي.
والخلاصة أن عليك -أخي الكريم- أن تبحث عن السبب الذي جعل الولد يتخلف فإذا عرفته فالعلاج سهل إن شاء الله تعالى، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/194)
هل تفسد العادة السرية صوم المراهق ...
17680
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما كنت في سن المراهقة استمنيت في نهار رمضان أكثر من مرة على مدى سنين (لا أعرف عددالأيام)
، مع أني أتم الصيام بعد الاستمناء،كان ذلك جهلا ومن الشيطان الذي صور لي جوازها لأنها تعصمني عن الزنا، وقد استغفرت الله وتبت إليه وندمت، فهل علي شي بعد التوبة أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى وأن تقضي ما أفطرت فيه من الأيام بالاستمناء، مع إخراج كفارة عن تأخيرك القضاء حتى دخل عليك رمضان آخر، والكفارة هي إطعام مسكين مداً من طعام وهو ما يعادل 750 جراماً تقريباً عن كل يوم، وإذا جهلت عدد الأيام فاقضي ما يغلب على الظن أن ذمتك تبرأ به أي أعمل بالاحتياط، فلو شككت في الأيام هل هي عشرة أو تسعة مثلاً فاقض عشرة أيام.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/195)
وسائل تربية المراهق ...
18336
بسم الله الرحمن الرحيم . لي ابن يبلغ من العمر 19 سنة كنت حرصاً كل الحرص على تربيته تربية إسلامية . لكن بعد بلوغ سن السادسة عشر من عمره انقلب علي انقلابا بحيت أصبح يتعاطى المخدرات - الغياب من المدرسة - رغم أن مهنتي مفتش مادة الرياضيات بالتعليم الثانوي المغربي. في هذه الأيام ما طلبت منه شيئا ورغبته
تكون فيه مصلحته إلا و قابله بالرفض والتصرفات كأني لست والده لا يريد إلا النقود لشراء السجائر والمخدرات ... . إنني في حيرة من أمري أرجو أن تشيروا علي حتى ألقى الله وهو راض عني وأخبركم أن جميع عائلتي من المحافظين الذين يشهد لهم بحسن السلوك والاستقامة لكن ...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لولدك الهداية وأن لا يخيب آمالك في ولدك وننصحك بالآتي:
أولاً: اللجوء إلى الله بالدعاء لإصلاح ولدك، فإن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء، قال تعالى:وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].
ثانياً: استعن بالمختصين في التربية، ويمكنك قراءة بعض كتب علم النفس التربوي، خاصة ما يتعلق بمرحلة المراهقة. وهنالك مجلة مختصة في هذا الشأن اسمها(ولدي) وهي مجلة كويتية يمكنك استشارة القائمين عليها ولهم أعداد تعالج مثل هذه الحالات.
ثالثاً: حاول ربطه بطريق غير مباشر بشباب صالحين وإبعاده عن أصدقاء السوء.
رابعاً: أوجد له ما تستطيع من وسائل الترفيه المباحة، واربطه ما أمكن بمواقع إسلامية في الشبكة الدولية.
أما إعطاؤه المال وهو يصرفه في السجائر والمخدرات فيحرم عليك ذلك، ولعل ذلك من أهم ما يجعله يستمر في هذا الطريق لأنه يجد إعانة مالية منك، فالواجب قطع هذا الدعم عنه لأنه لا تجوز الإعانة على الحرام لقوله تعالى:وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/196)
ظهور المرأة أمام من هو قريب من المراهقة حرام ...
18585
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
بارك الله فيكم وجزاكم الخير كله وأرجو من الله الإجابة على سؤالي وهو:
أنا سيدة متحجبة وملتزمة ولدي ابن يبلغ الرابعة عشر من عمره وله زملاؤه في نفس العمر أو يكبرونه بسنة ويأتون لزيارته في البيت من أجل القيام ببعض الواجبات المدرسية أو اللعب واستفساري هو هل يجوز لي أن أظهر أمامهم بدون غطاء الرأس؟
واسأل الله العظيم أن يكرمكم من فضله العظيم ويوفقكم لما يحبه ويرضاه وأن يلهمكم الجواب الذي يرضي وجهه الكريم إن شاء الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك الظهور أمام هؤلاء الشباب، لأنهم إن لم يكونوا جميعاً بالغين فبعضهم بالغ، لأنه بلغ خمسة عشر سنة، والذي لم يبلغ يعتبر مراهقاً مميزاً لصورة المرأة،
وقد حرم الله على المرأة أن تظهر أمام من هذه صفته من الأطفال، لقوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ........... أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) [النور:31].
قال ابن كثير رحمه الله: يعني لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن من كلامهن الرخيم وتعطفهن في المشية وحركاتهن وسكناتهن، فإذا كان الطفل صغيراً لا يعلم ذلك فلا بأس بدخوله على النساء، وأما إن كان مراهقاً أو قريباً منه بحيث يعرف ذلك ويدريه ويفرق بين الشوهاء والحسناء فلا يمكن من الدخول على النساء. ا. هـ
والمراهق هو الذي قارب البلوغ ولما يبلغ بعد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/197)
نصائح لمن تاب وأناب لتجنب النكسة ...
18654
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
شاب كان يعيش في فترة المراهقة وبدأ يعي قضايا دينه وما زالت به بقايا تلك الفترة المظلمة بماذا تنصحونه؟
وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصح الأخ الكريم بالابتعاد عن أصدقاء السوء، فهؤلاء أشد تأثيراً من الأبوين، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مستدلاً بقول الله تعالى:(فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ، وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) [الشعراء:100-101].
كما ننصحه بالاقتراب من أهل الخير ومصاحبتهم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119].
وقال تعالى مخاطباً لنبيه صلى الله عليه وسلم ولنا من بعده: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) [الكهف: من الآية28].
والبيئة لها تأثيرها ولا شك، ولهذا جاء في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعاً: أن رجلاً ممن قبلنا قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل هل له من توبة؟ فدل على راهب فسأله: هل له من توبة وقد قتل تسعة وتسعين نفساً؟ فقال له: لا، فقتله وأكمل به المائة، ثم سأل فدل على عالم، فسأله هل له من توبة وقد قتل مائة نفس؟ فقال له: نعم، ومن يحول بينك وبين التوبة؟ اذهب إلى بلد كذا، فإن فيها قوماً يعبدون الله فاعبد الله معهم.
فهذا العالم دل هذا التائب على البيئة الصالحة وحذره من البيئة الفاسدة، وهذا هو الدواء الناجع.
كما ننصح الأخ الكريم بحضور الدروس والمحاضرات ومجالس العلم، والاستماع إلى المفيد النافع، وشغل وقت فراغه بما يفيده في دينه ودنياه، لأن النفس إذا لم
تشغلها بالمفيد النافع شغلتك بالأشياء التافهة التي ربما تؤدي إلى الانتكاس والرجوع إلى الماضي السيء. ونسأل الله العافية.
والخلاصة: أن على أخينا الكريم أن يصحب أهل الخير، ويبتعد عن أصدقاء السوء، وأن يشغل نفسه بطلب العلم أو الحِرَف المفيدة النافعة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/198)
شروط جواز عرض المرأة نفسها على رجل معين ...
19196
بما أنه لا حياء في الدين سأكون صريحة وأرجو الجواب الصريح من حضرتكم،أنا شابة ذات 27سنة،عازبة،منذ سن المراهقة وقعت في حب قريب لي حبا عفيفا طاهرا و لا أزال أحبه إلى الآن وشاء القدر أن تزوج من أخرى ووقع الطلاق بعد فترة وجيزة من الزواج والآن أنا أعمل معه في ملكيته الخاصة وأكتم حبي له ولا أعرف إن كان يحس بي أم لا المهم أنه جد معجب بي. فهل يحل الشرع أن أصارحه بحبي هذا الذي يقتلني يوما بعد الآخر خاصة وأنا قريبة منه؟.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في أن تعرضي نفسك عليه للزواج منك بشرط أن يكون على دين وخلق، ويكون العرض مباشرة حيث انتفت الخلوة وأمنت الفتنة، وإلا فليكن عبر وليك أو أي شخص آخر يعرض عليه الأمر، إذ لا مانع شرعاً من ذلك كما هو مبين في الفتوى رقم:
9990.
لكن عليك أن تتقي الله في حبك له، وأن تكون علاقتك معه محكومة بأحكام وآداب الشرع، وإياك أن يؤدي حبك له إلى تفريطك في واجب أو إلى تجاوز حدود الشرع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/199)
بيع الألبسة غير الساترة للمراهقات كحكم بيع ألبسة التبرج ...
21319
ما حكم بيع ملابس البنات الصغار من سن12أو10سنين فأقل التي لا تكون ساترة لجميع البدن مع العلم بأن أغلب الملابس من هذا النوع ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السن المذكورة في السؤال بالنسبة للبنات في الغالب هي سن المراهقة، وقد يصلن فيها إلى البلوغ، وهذا أمر ليس بالنادر، والبنت إذا وصلت إلى سن المراهقة فالجمهور من الفقهاء على أنها يجب عليها أن تستر جميع بدنها كالبالغة، وعليه فإن
بيع الألبسة غير الساترة لهن تأخذ حكم بيع ألبسة التبرج، وقد أجبنا عنها برقم: 7278.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/200)
من قضايا المراهقين ...
24094
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا في المرحلة الثانوية (السنة الأولى)ودائما أحس أني أفعل أشياء لا أريد فعلها وعندما أحاول التحرر لا أستطيع أن أفعل الشيء وفي الوقت نفسه في داخلي أحاول التحرر ولكن لا أستطيع حتى أني أصبحت أخاف من نفسي و لا أريد القول لأحد ولكن ساعدوني؟؟
هل يمكنني معرفة من الذي يجاوبني على سؤالي؟..
ولكم مني جزيل الشكر..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأغلب الظن أن ما تعانيه هو من آثار المراهقة، وفي هذه المرحلة الحرجة من عمر الإنسان فإن المراهق يريد أن يكون ذا شخصية استقلالية، وأن تكون قراراته نابعة منه، وليس لأحد أن يملي عليه شيئاً حتى ولو كانا والديه اللذين أمره الله ببرهما، واللذين هما أحرص الناس على مصلحة ولدهما، ولكن المراهق في هذه السن يغفل عن ذلك، وكثيراً ما يعرض عن توجيهات والديه، ويفعل ما يراه هو ولو تيقن من داخله أن ما يفعله خطأ، ولكنها النفس وما تهوى، وقد قال تعالى ( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (يوسف:53)، وهذا ما يحدث لك فإن نفسك تقودك إلى فعل ما لا تريده، وما تعلم أنه خطأ وربما يكون محرماً .
ونصيحتنا لك ألا تستجيب لداعي الهوى الذي يهتف بك من داخل نفسك، وأن تحرص دائماً على فعل كل ما هو حق وصواب، وأن تتحرى دائماً الحلال، وأن تبحث عن كل ما فيه رضا الله سبحانه وتعالى، وألا تغفل نصائح الآخرين، وإن خالفت رأيك لا سيما إن صدرت تلك النصائح من أقرب الناس إليك كوالديك وأقربائك أو أصدقائك الصالحين ممن خبروا الحياة وعرفوا دوربها، وعليك أن تصارح والديك أو من تثق به بما تشعر به، ولا تتفرد بنفسك، وتستسر بجراحك وآلامك لأن ذلك له انعكاسات سلبية على النفس.
ولمزيد فائدة نوصيك بمراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 16541 16878 8663 2668
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/201)
أخطر الذنوب يستأصل بالتوبة النصوح ...
27620
ذا ارتكب الإنسان في صغره (فترة المراهقة 17 إلى 20 سنة) كبيرة ترده عن الإسلام مثل سب الله في حالة الغضب وذلك من جراء نفس غافلة لا تدرك أن هذا الإثم أشد من الكفر نفسه لكنه تاب منذ سنوات عن هذا الكفر وازداد ندما أشد الندم لما علم مدى عظيم وخطورة ما اقترفه في حق الله عز وجل فهل يقبل التواب توبته وهل تنطبق عليه الآية: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم".
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن من سب الله تعالى مختاراً مدركاً لما يقول، فقد كفر بالله وخرج من ملة الإسلام، والواجب عليه التوبة، وتجديد إسلامه، والإكثار من الأعمال الصالحات، ومن ندم ندماً شديداً على ما قال في حق الله تعالى، وأقلع عن ذلك، وعزم ألا يعود إليه أبداً فقد تاب، والله تعالى التواب الرحيم يقبل توبته لأن الكفر تمحوه التوبة، كما قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
وقال تعالى في شأن المنافقين الذين هم أشد كفراً من الكفار: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا [النساء: 145-146].
وقال تعالى في حق النصارى الذين كفروا بقولهم: إن الله ثالث ثلاثة، فاتحاً لهم باب التوبة من هذا الكفر: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:73-74].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/202)
لا بد من القضاء مع كفارة صغرى ما لم يكن عجز ...
28753
أنا سيدة عمري 37 سنة وكنت في فترة المراهقة لا أقضي أيام الصيام التي كنت أفطرها بسبب الدورة الشهرية بالإضافة إلى شهر كامل كنت حاملاً فيه غير الأيام التي كان يجبرني زوجي على الفطر بسبب الجماع نهار رمضان وأحيانا كان برضاي وأنا الآن نادمة على كل ما فات وحاولت أن أحسب هذه الأيام لقضائها ولكني وجدتها كثيرة فهل يجب علي القضاء أم دفع كفارة أم ماذا أعمل أفيدوني وجزاكم الله خيراً لأن هذه المشكلة ليست بي فقط وإنما بعض أخواتي وصديقاتي؟ وشكرا لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب عليك المبادرة إلى التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة بعد ما صدر منك من التفريط في حق الله تعالى بعدم قضاء ما وجب عليك قضاؤه من رمضان، ومن انتهاك حرمة رمضان بالجماع في نهاره.
فكل ذلك خطأ فاحش وغلط بين وذنب عظيم يجب على المسلم المبادرة إلى التوبة منه، قال الله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
والمسلم إذا تاب من ذنبه وأخلص لله تعالى قَبل توبته وبدَّل سيئاته حسنات، قال تعالى: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70].
والواجب عليك الآن بعد التوبة هو قضاء ما أفطرت من رمضان بسبب الدورة الشهرية أو بسبب الحمل، ويجب عليك مع القضاء كفارة صغرى وهي إطعام مسكين عن كل يوم من الأيام التي أفطرتها، وذلك لتأخير القضاء حتى دخل رمضان آخر.
أما الأيام التي حصل فيها الفطر بالجماع فقد سبق تفصيل الحكم فيها في الفتوى رقم:
19087.
وهذا الحكم يجري على كل من فعل هذا الفعل من أخواتك وصديقاتك، وننبهكن جميعاً إلى أنه لا يسقط عنكنَّ القضاء إلا عند العجز، فإن عجزتنَّ عن ذلك لزمكنَّ إطعام مسكين بدل كل يوم مع إخراج الكفارة السابق بيانها.
وننبهكنَّ إلى أن ما كان من الفطر في سن المراهقة قبل البلوغ فلا إثم ولا قضاء فيه، وما كان بعد البلوغ هو الذي ينطبق عليه ما سبق بيانه، والبلوغ للأنثى يحصل بواحد من أربعة أمور مبينة في الفتوى رقم: 10024.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/203)
الإثم مرفوع عن الصغير حتى يحتلم ...
28817
إذا ارتكب الإنسان في صغره ( فترة المراهقة) كبيرة ترده عن الإسلام مثل سب الله في حالة الغضب وذلك من جراء نفس غافلة لا تدرك أن هذا الإثم أشد من الكفر نفسه لكنه تاب منذ سنوات عن هذا الكفر وازداد ندماً أشد الندم لَمَّا علم مدى عظيم وخطورة ما اقترفه في حق الله عز وجل فهل يقبل التواب توبته ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما فعلته ذنب عظيم يكفر به صاحبه فيستتاب فإن تاب وإلا قتل.
ولمعرفة كيفية التوبة من ذلك راجع الفتوى رقم:
8927.
ومادمت قد تبت إلى الله وندمت على ما فعلت وعزمت على ألاَّ تعود وكنت صادقاً في ذلك فإن الله يتجاوز عنك ويغفر لك ويفرح بتوبتك. قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
وقال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
هذا إذا كنت قد فعلت ما فعلت بعد البلوغ، أما إن كنت فعلت ذلك في صغرك وقبل بلوغك فلا شيء عليك إن شاء الله، لما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد وأصحاب السنن، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/204)
ذكر الله وتلاوة القرآن بالتدبر والخشوع شفاء لما في الصدور ...
29559
أنا شاب في 20 من عمري أتخيل أشياء غريبة وفي بعض الأحيان أشعر بالاكتئاب والحزن وأحيانا بالخوف والقلق وعندما أناقش هذه المشكلة مع أصدقائي يقولون إنها المراهقة فقط، والحقيقة أن هذه المشكلة ابتدأت لدي منذ 3 سنوات عندما كنت داخلا إلى الإعدادية لما أحسست بقشعريرة في جسدي ودوار في رأسي وألم في صدري منذ ذلك الحين وأنا أعاني الاكتئاب والحزن والخوف والقلق، ساعدوني أعانكم وإياي الله تعالى؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويشرح صدرك ويفرج همك، وعلاج ما ابتليت به هو الالتجاء إلى الله تعالى قبل كل شيء، والتضرع إليه، فهو الذي يجيب دعوة المضطر ويكشف السوء ويفرج الهم والغم سبحانه وتعالى.
ثم عليك بالإكثار من ذكر الله تعالى، وتلاوة كتابه بتدبر وخشوع، ففي ذلك شفاء محقق لما في الصدور وتفريج لغمومها وهمومها وإذهاب لأحزانها واكتئابها.
يقول الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82].
ويقول: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاء [فصلت:44].
ويقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57].
ويقول: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].
ولا يفوتنا أن نثلج صدرك بالدلالة على حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: (اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي) إلا أذهب الله همه وحزنه
وأبدله مكانه فرجاً، فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.
ثم إن استمر معك ما تشعر به فلا بأس أن تعرض نفسك على من يوثق بدينه وورعه ممن يعرف الرقية الشرعية.
واحذر كل الحذر من المشعوذين والدجَّالين، فإنهم لا يزيدون المرء إلا خبالاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/205)
السن التي تحتجب فيها المرأة عن الطفل ...
30063
في أي عمر للذكور الأجانب عليَّ ارتداء الحجاب أمامهم وحتى أي عمر للأطفال الذكور الأجانب يجوز تقبيلهم أو لمسهم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص بعض الفقهاء على أن الطفل غير المميز لا يجب على المرأة الاستتار منه، قال ابن قدامة في المغني: (فأما الغلام فما دام طفلاً غير مميز لا يجب الاستتار منه في شيء.) انتهى.
وإن عقل وميز وهو دون سن المراهقة فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه كالمحرم في النظر إلى المرأة، فيجوز له النظر إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين، وهو إحدى الروايتين عن أحمد كذا في المغني، وإن كان الطفل مراهقاً وهو من قارب سن البلوغ فيجب على المرأة الاحتجاب منه، قال في تحفة المحتاج: (والأصح "أن المراهق" وهو من قارب الاحتلام -أي باعتبار غالب سنه- وهو قرب الخمسة عشر لا التسع، ويحتمل خلافه "كالبالغ" فيلزمها الاحتجاب منه كالمجنون.) انتهى.
هذا فيما يتعلق بالاحتجاب من الطفل.
وأما تقبيل المرأة للطفل فهو جائز بل مستحب لكن ذلك له ضابطان:
الأول: أن يكون على سبيل الشفقة والرحمة.
والثاني: أن يكون الطفل صغيراً لا يشتهى، قال في أسنى المطالب: ("وتقبيل خد طفل" ولو لغيره لا يشتهى، وسائر "أطرافه" أي تقبيل كل منها "شفقة" ورحمة "مستحب" للأخبار الصحيحة في ذلك، أما تقبيلها بشهوة فحرام.) انتهى.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 28750.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/206)
الطفل في عمر سبع سنوات لا يصلح محرماً ...
30344
هل يجوز للمرأة التنقل بدون محرم مسافة 3 ساعات وليس لها سوى طفل يبلغ 7 سنوات وهي تتنقل للحاجة وكسب العيش وبعض الأحيان لزيارة الأهل والمعارف وكسب العلم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، وهذا الطفل الذي عمره سبع سنوات لا يصلح أن يكون محرماً، لا سيما أنه لم يقارب سن المراهقة، لأنه يشترط في المحرم أن يكون بالغاً في أرجح أقوال أهل العلم، وهذا لأن المقصود حفظ المرأة، ولا يحصل إلا من البالغ العاقل، وانظر تتميما للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6744، 17103، 6219.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/207)
المحافظة على الدين أولى وأهم من أي شيء آخر
30393
أخي لا يصلي ولديه صديقات لا أدري مدى علاقته بهن لكن سلامه معهم مثل الأجانب وأختي مراهقة وترى كل ذلك نحن نعيش في أوروبا وأخي عمره 26 سنة وهو يعمل وقد نصحته بالزواج ولكنه رفض مع أنه يستطيع الزواج وهو يعيش مع أمي وأختي وليس لديه أي نخوة فهو لا يساعدهم في شيء إلا بعد إلحاح أما أبي فيعيش في بلد آخر وليس له تأثير في حياتنا أخي يؤثر بالسلب على أختي لأنه يفعل ما يريد ويعيش معهم ولكنها ممنوعة من كل شيء لذلك أقترحت طرده من البيت خاصة أنه يقضي وقته كله خارج البيت وأحيانا يبيت خارجه وأخاف أن تتأثر أختي به أمي طردته مرة ولكن رق قلبها ورجع ورجعت أفعاله وأختي سلوكها تغير وارتبطت بواحد وبالصدفة عرفنا وقطعت علاقتها به ولم نخبر أمي لأنها سوف تنهار هل نطرده أم ماذا نفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنتم تسألون حقاً عماذا تفعلون ليسلم لكم دينكم الذي هو رأس مالكم، والمصدر الواجب لسعادتكم في دنياكم وفي آخرتكم، إذا كنتم تسألون عن ذلك حقاً وصدقاً، فعليكم أن تفروا من تلك البلاد التي ينتشر فيها الفساد بكل أشكاله وأصنافه بأيسر الطرق وأسهلها، ولا يستطيع فيها الصالحون المصلحون أن يأخذوا على أيدي سفهائهم الفاسدين المفسدين، لأن الفساد في تلك البلاد مشرع محمي من طرف السلطة العليا بدعوى الحريات الشخصية، كما هو معروف لديكم حتماً.
فلا يجوز للمسلم أن يقيم في بلد ينتشر فيه الفساد، ويغلب فيه سلطانه بحيث لا يستطيع المسلم فيه أن يحافظ على دينه، ويقيم شعائره، ويحمل كل من له عليهم ولاية على ذلك امتثالاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6].
ولذلك قرر العلماء أنه لا يجوز للمسلم أن يقيم في ديار الكفار إلا لضرورة أو حاجة ماسة، وقد ثبت في سنن الترمذي وأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى نارهما".
فعليكم أن تفروا بدينكم من تلك البلاد الموبوءة إلى بلاد تستطيعون فيها المحاظة على دينكم، وتجدون من يعينكم على الخير.
واعلموا أن المحافظة على الدين أولى وأهم من أي شيء آخر بما في ذلك الوظائف، ورغد العيش، والاعتبارات المادية برمتها.
ولله در الشاعر حيث يقول:
إذا أبقيت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بطائل
هذا هو الحل الذي نراه.
أما طرد ذلك الولد من البيت، فليس حلاً جذرياً لتلك المشكلة، وإن طردتموه فلن يحصن ذلك البنت المراهقة التي ذكرتم أن سلوكها بدأ يتغير، وذلك لأن مصدر الفساد ليس أخاها فقط، بل المجتمع كله، والبيئة جمعاء.
ولكن إذا كنتم حقيقة عاجزين عن مغادرة تلك البلاد والفرار بدينكم منها، فاطردوا ذلك الولد بعد أن تبذلوا له غاية النصح والتوجيه ولا ينفعه شيء من ذلك، وليس هذا من باب أن ذلك حلاً لمشكلتكم، بل من باب أن لا تكونوا مأوى له وعوناً على إثمه وعدوانه، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2].
ثم عسى أن يردعه ذلك عن بعض غيه وفساده، فيرجع إلى رشده ويتوب إلى ربه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/208)
لا يمنع الصبية المميزون من الصف الأول إذا سبقوا إليه ...
30868
السلام عليكم...
ذهبت لصلاة العصر في المسجد وكان هناك أطفال لا يتعدون الثانية عشرة من العمر يقفون في الصف الأول، فأمرهم الإمام بأن يرجعوا إلى الصف الثاني لكي يتركوا أماكنهم للكبار، ما الحكم في هذا؟ بارك الله فيكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأطفال إذا كانوا يعقلون ويؤدون الصلاة بانتظام فلا ينبغي للإمام ولا غيره أن يأمرهم بالانصراف عن مكان في المسجد سبقوا إليه، لما في ذلك من إحراجهم وأذيتهم نفسياً وتنفيرهم من المسجد ومن الدين عموماً.
وكان ينبغي للكبار أصحاب الأحلام والنُّهى أن يأتوا مبكرين ليكونوا في الصفوف الأمامية وخلف الإمام، ومن وصل إلى الثانية عشرة فلا ينبغي أن يصرف عن مكان سبق إليه، لأنه صار من المميزين بل قارب سن المراهقة.
أما إذا كانوا صغاراً يشوشون على المصلين ولا يعقلون القُربة، فإنهم يؤخرون إلى الصفوف الخلفية، ولمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8648.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/209)
النذر قبل البلوغ لا يلزم الوفاء به ...
32795
السلام عليكم : أرجو أن تنوروني بالموضوع التالي أنا نذرت يوما بشيء إن تحقق أن أذبح صغيرا للدجاجة (صوصي) وهو كائن صغير لا يؤكل وأخاف أن يكون ذبحه غير جائز أي حراما يذبح ويرمى قصدي، وكنت في المراهقة أيامها، وكنت أمزح بنذري فأخبرني صديقي بأنه حسب عليك نذرا، فما هو الحل؟ .والسلام عليكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام هذا النذر صدر منك قبل بلوغك، فلا يلزمك الوفاء به، لحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم. رواه أحمد
وننبهك إلى أن أكل ولد الدجاجة(الفرُّوج) جائز لا حرج فيه، وفي الحديث ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عنها، قيل وما حقها يارسول الله قال يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها ويرمي بها. رواه النسائي .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/210)
من طرق تعليم المراهق فيما يتعلق بالبلوغ ...
32980
كيف يتم إخبار الابن حينما يبلغ عن موضوع الاحتلام حتى يقوم بالاغتسال، والعادة السرية حتى يتجنبها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالأب الذي له علاقة جيدة بأولاده من الصغر يسهل عليه أن يحدثهم عن المراهقة والبلوغ مما يتعلق بالاحتلام والبلوغ والاستمناء، لكن إذا كان الأب يستحي من طرح مثل هذه المواضيع بطريقة مباشرة فليجعلها عبر درس في الفقه أو الآداب مثلاً، فإذا لم تكن عنده المقدرة على ذلك فليأت لابنه بكتاب أو شريط يتحدث عن الموضوع، أو يوعز إلى داعية أو شيخ أو طالب علم أن يعلم ابنه هذه الأشياء، أو يتحدث عنها في محاضرة أو درس أو خطبة أو خاطرة أو.... ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 2668، والفتوى رقم: 10024، والفتوى رقم: 13767. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/211)
القضاء على أسباب انحراف الشبان والشابات فالعلاج ...
35586
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كيف أتصرف مع ابنتي التي تبلغ من العمر 14 سنه إن اكتشفت أنها على علاقة مع شاب لا أعرفه، وعرفت هذا من بعض حركاتها واستخدامها للتلفون، أرجو منك إرشادي بطريقة لمواجهتها وكيفية التصرف معها، مع الشكر الجزيل..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فاعلم وفقك الله أن هذه العلاقة بين ابنتك وهذا الشاب حرام، سواء عرفت هذا الشاب أم لم تعرفه، وهذه العلاقة لها أسباب، والوقوف على هذه الأسباب وعلاجها كفيل برد البنت إلى الجادة، فقد يكون من الأسباب أن ابنتك تمر بمرحلة المراهقة ولم تجد في هذه المرحلة التوجيه المناسب الذي يبين لها حرمة هذه العلاقات وخطورتها، وقد يكون من هذه الأسباب السماح للبنت بالاختلاط بالشباب، فمع الاختلاط لا بد أن تُتوقع مثل هذه العلاقات، وقد يكون منها توفير وسائل الفساد في البيت من أفلام هابطة أو قنوات خليعة أو أغاني ماجنة أو نحو ذلك مما له أعظم الأثر في إفساد الشباب والفتيات، فلا بد من القضاء على هذه الأسباب أولا لتتمكن من العلاج، فإنه لا يمكن علاج المرض وأسبابه قائمة متوفرة، ثم عليك بوعظ البنت وتخويفها بالله وتوفير بيئة إيمانية داخل المنزل وخارجه ومنعها من العلاقة بهذا الشاب بكل طريقة ممكنة، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 16878، والفتوى رقم: 1753. وننصح بأن تطلع ابنتك عليهما. ونسأل الله أن يشرح صدرها وأن يهديها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/212)
لا أثر لليمين ما دام الرفض لم يكن منك ...
36669
ما حكم الحلف أو القسم على القرآن الكريم لقد كنت أحب شابا أدى بي الأمر بالحلف على القرآن على أن لا أتخلى عنه أبدا، وعندما طلبت منه خطبتي رفض لسبب أنه يريد إكمال دراسته وليس له المال لخطبتي، وبعدها اتضح أنه مخادع، وهذا جرى في سن المراهقة بعدها تعرفت على شاب أحبه ويحبني وتمت الخطبة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن ما تعارف عليه بعض الناس من الحب قبل الزواج أمر في غاية الخطورة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 4220. وعليه، فالواجب عليك التوبة والاستغفار من ذلك. أما بخصوص اليمين التي حلفتها فالظاهر من السؤال أنه لا حرج عليك فيها لأن الرفض لم يكن من جهتك وإنما جاء من قبل الشاب الذي تعاهدت معه على ذلك باليمين، وما
دمت قد أصبحت في حل من يمينك فمن حقك أن تقبلي شخصا آخر يتقدم للزواج منك، وهذا ما أشرت إلى حصوله بالفعل. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/213)
البلاء نقمة من وجه ونعمة من وجه آخر ...
43808
أنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاما وطالبة بكلية الهندسة قسم مدني بمصر, والحمد لله كنت في مدرسة إسلامية وأحفظ جزءا لا بأس به من القرآن الكريم, ولا تتصور أني كنت مرتبطة بالله تعالى ارتباطاً كلياً وأنا في سن صغيرة وكنت عندما أشتكي أشتكي لله تعالى وحده فكنت لا أعتمد على أحد إلا الله تعالى, إلى أن بلغت 14
عاما وبدأت في الابتعاد عن الشعور باللذة العظيمة التي كنت أحس بها وأنا بين يديه, نظرا لفترة المراهقة......الخ
والمشكلة الآن أني أعاني من مرض لا أعرف علته وكأن المرض أوشك أن يكون موطني, بدأت مشكلتي عندما حولت من هندسة الأقاليم إلى هندسة الإسكندرية, وعندما بدأت امتحانات الفصل الأول كانت تنتابني أشياء غريبة كنت أشعر أثناء الامتحان أن روحي أوشكت على الخروج مع النبضات في قلبي السريعة ولا أتذكر أي شيء ذاكرته على الإطلاق وكنت أشعر بزغللة شديدة في العينين وأرى الأرقام على غير حقيقتها, وكل امتحان تحدث تلك المشكلة, وبدأت الأمور في التدهور فكنت أصلي وكأني لا أصلي وتشملني المثاءبة طوال الصلاة, والمهم أني رسبت في ذلك العام في السنة القبل فائتة, وكنت عندما أسمع دروسا دينية أو أحفظ قرآنا ينتابني الضيق الشديد في الصدر وكنت بلا مبالغة أحفظ القرآن وأنا أشخط لكي أحفظ, وذهبت لعدة أطباء وأجمعوا على أن عندي خوفاً شديداً وقلقاً شبيها باكتئاب, واستمررت شهورا على العلاج ولا تحسن إلى أن جاء يوم وقال لي الطبيب المعالج أني لا شيء بي وأني أتدلع!! فقررت عدم الذهاب إليه مرة أخرى وبدأت في دائرة أخرى وهي دوامة المعالجين بالقرآن أو المعالجين تحت ذلك الاسم, فأول شيخ طلب نوع بخور معين ومسك لقراءة القرآن عليه, وكنت مرتاحة أثناء العلاج بالقرآن!! ولكني دعوت الله تعالى أن يرشدني لما فيه الخير فحلمت أن أحدا يقول لي أن أقرأ سورة الفلق وسورة لقمان من الآخر للأول, فقطعت ذلك العلاج لعدم غضب الله, وبعدها تعبت أكثر من الأول بمراحل وتدهورت حالتي إلى أني وصلت لمرحلة أريد فيها شنق نفسي ولكن خوفي من الله هو الذي منعني, وطبعا أثناء الضيق الشديد في الصدر والذي من الصعب تحمله, ولم أستطع معالجة نفسي ولم أقدر على المجاهدة العصيبة, وجاء شيخ وهو آخر شيخ جاء لي, وأسمعني شرائط قرآن وطلب مني أن أغمض عيني ورأيت ثعابين ومقابر وسورة العنكبوت.... وطلب مني أقرأ آيات معينة بعد كل صلاة وقبل النوم, ولمدة 3 أسابيع وبعد أن حلل التعب بأنه سحر وحسد, ورأيت في هذه الفترة ما لم أره طوال حياتي, أول يوم تهيأ لي أن أحدا يمسكني من عنقي وفعلا لم أستطع إلا الكلام بصعوبة لمدة 6 ساعات تقريبا, وأتخيل بأشباح في الحمام أو إن كنت بحلم بأشياء لم أحلم بها من قبل وهي عبارة عن رموز:
مثل مقابر كثيرة وثعابين وكلب عيونه حمراء وأصلي بطريقة غريبة جدا وأن أحدا يقرأ سورة الفتح علي, وأني أنزل من بيت صديقة لي في منطقة مهجورة نوعا ما وأنا أنزل كانت الأنوار كلها مطفأة وكنت خائفة جدا في
الظلمة وأستعيذ في داخلي وظللت أنزل وأنزل وكانني في متاهة إلى أن نزلت أخيرا ووجدت أحدا شكله فظيع وأخذ يخيفني وظللت أجري إلى أن وصلت لبيتي.
...أو أرى مقابر لا تفارق عيني, وثعابين, وبعد العلاج تعبت وأريد أن أخنق نفسي... والحمد لله منّ الله علي بالشفاء جزئيا, ولكني كلما أذهب لحفظ القرآن (سورة البقرة) تمسكني عبرة البكاء والضيق وأشعر أن الدنيا سوداء أمامي, وأنا إلى الآن لا أشعر بأي لذة للحياة وأنا ما زلت لا أشعر بالصلاة ولا أحس بها أبدا, فدعوت الله تعالى أن يرشدني هل أنا ما زلت مريضة وكل هذا أوهام فرأيت هذه الأحلام:
رأيت أنني جالسة أشاهد القمر ولكن القمر ليس كاملاً ووراء القمر صخرة بنية منتشرة حولها النجوم وكان منظرا بديعا ولكن ما إن قلت لأقا ربي وأدعوهم لمشاهدة المنظر حتى وجدته بعدها اختفى وبعدها شاهدت البحر هائجاً جدا وشاهدت أناسا يركبون مركبة وقمت بعدها ودخلت البحر الغريق وبعد أن بلل الماء جسمي السفلي حتى خفت ورجعت إلى البر.. وبعد المجاهدة بعض الشيء والتكبير وسماع الأذان كثيرا والدعاء شاهدت:
حلمت وأنا أعالج منذ فترة بالقرآن بنفسي وأحاول مجاهدة نفسي أني أرى سيفين عكس بعض كعلم السعودية وهما في السماء وأن أنظر إليهما, وحلم آخر وكأني مصطحبة لاثنين من بنات مسيحيين وأنا لا أعرفهم في الواقع وحلمت, أن خاطباً تقدم لي مع أبيه وأن الخاطب يعمل بحمل الأخشاب أن أباه تاجر أخشاب, ومصممين على الارتباط بي وأنا في الواقع لا أعرفه وشكله مخيف فقلت لأبي قل لهم أني معجبة بأحد آخر لكي يذهبوا... فهلا جزاك الله خيرا تعلمني ماذا أفعل وهل تعتقد أن هذه أوهام فعلا؟؟؟؟ ووالله رغم ما أنا فيه من معاناة قدرني الله تعالى لقراءة سورة البقرة كاملة فأرتاح قليلا ثم لا ألبث أن يأتيني الضيق الشديد في الصدر, وتلك الأيام وصل ذلك الضيق إلى الصدر والرقبة فلا أستطيع وقتها التحدث مع أحد والعجيب بل والمخجل جدا أني وصلت لمرحلة لا أستطيع فيها السيطرة على أعصابي فلا أستحمل أي كلمة من أهلي حتى أمي ولا أشعر حتى بنفسي أني أتحدث بعصبية وعراك كل يوم مع أني من طبيعتي الهدوء ولكن لا أدري ما حدث لي ولا أدري ما بي وهذا هو الذي يحيرني, والذي يتعبني جدا أني شاعرة ببعد عن الله فهو أحب شيء إلى قلبي, ولا تستعجب إن قلت أني لا أميل إلى الجنس الآخر لأن الله هو أحب لي من أي شيء في الوجود وكنت كلما أدعوه أرى قرآنا أو آية تصبرني على ما أنا فيه, ولكن منذ شهر وأنا أدعو الله أن يقول لي هل هو راض عني؟ وهل أنا من الصابرين أم من الضعفاء؟؟؟ ولكن للأسف لم أر أي شيء من شهر. وهذا أكثر من المرض نفسه أتعبني؟ إحساس أني مبتلاة في ديني إحساس فظيع, من أول ما أبدأ الصلاة أقسم بالله أني لا أعلم كم ركعة صليتها؟ ولا أشعر بنفسي غير وأنا في السلام؟ وكنت خاتمة البقرة حفظا وبحفظها مرة ثانية لأنها بالأخص بتعب منها جدا وينتابني البكاء وبدون سبب.
وصراحة أنا لا أشعر أني لا أطيق الحديث مع عائلتي كلما أتعب أو حتى لا أقول لهم إني تعبانة؟ فماذا أفعل إن قلت لك أني أشعر أن الله زعلان مني لعدم التقرب منه كما بالسابق وكله ليس بيدي؟؟؟
ومنذ شهر وبالتحديد في أواخر رجب كانت تنتابني نفس الحالة الهستيرية من بكاء بدون سبب وضيق فظيع في الصدر وتطورت الحالة فشملت الصدر والرقبة وشعرت أني وصلت لمرحلة لم أستطع فيها تحمل ذلك الألم الفظيع وهو فوق طاقتي فكنت أقرأ البقرة كاملة وما ألبث ان أتعب مرة ثانية واتصلت بشيخ موثوق مني لأسأله إن كان يعرف إذا كانت الأعراض تدل على السحر فعلا أم ماذا؟؟ وكنت في نفس الوقت أحتاج لأي أحد أن يأخذ بيدي معنويا لأن الأعراض كانت متشابهة مع أعراض الاكتئاب,المهم طلبت منه مجرد المساعدة تليفونيا فقط وأن أحاول أن أقتل ما بي بمجاهدة نفسي, فنصحني بقراءة البقرة مع وضع وريقات السدر في الماء والاغتسال منها, وجاهدت نفسي وداومت على ذلك وإلى الآن والحمد لله ولكني شعرت مع كثرة شرب الماء المقروء بغممان نفس وبمغص فظيع ونار ما بين صدري ورقبتي, وشعرت إني أعاني من سحر في المعدة وحاولت القيء بكل الطرق ولكن لم يأذن الله بذلك, ولكني من شدة الألم والصداع بت غير قادرة ووجدت نفسي أتصل بالشيخ أبلغه بقدومي لعلي أعلم أو أتأكد مما بي, ولما قرأ علي شعرت بالمثاءبة ووجع في يدي اليمنى واليسرى ووجع في المخ والمعدة ومن الأعراض قال لي إن ما بي هو سحر في المعدة وسحر مخطية عليه وطلب مني الصيام عن الأكل لمدة 6 أيام ما عدا أكل عسل مقروء عليه سورة البقرة وماء وحاولت التقيؤ مرات كثيرة وما زلت أملي في الله أكبر, والمشكلة أني في أثناء الدراسة وكل ما أذهب للكلية تنتابني المثاءبة طول المحاضرة ولا أستطيع الاستذكار أبدا كل ما أمسك شيئا لأذاكر تنتابني الحالة والضيق والبكاء المتواصل والصداع, فهل تنفع المذاكرة وأنا بهذه الحالة؟ وما يصبرني هي آية حلمت بها كهاتف(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) .
وتخيل أني منذ أيام حلمت بقطط صغيرة تعاكسني في رجلي اليمنى وأحاول طردهم ولكن بلا فائدة, وعمتي حلمت أن هناك قملا في شعري ولكنها انتشلت واحدة كبيرة وكان المتبقي في شعري الكثير من الصغار, وبعدها بيوم حلمت كأن رجلا يحاول سحب يدي ...... ولكن الحمد لله حصنت نفسي بالدعاء فلم أشاهد مثل ذلك الحلم المخيف, وأنا لا أخافهم بل أخاف الله, ومشكلتي الآن في الذكر أحس كأن الذكر حمل ثقيل على قلبي ولساني؟؟؟ ودعواتكم.
سأنتظر الرد لأني أشعر أني على حافة الهاوية... وأدعو الله لي أن يصرف عني البلاء وبدون الاستعانة بغيره, أو أن يريحني من الحياة ما كانت خيراً لي من محياي, أشعر أني أموت كل يوم ولا يشعر بي أحد غير الله تعالى, والله أنا راضية بقضاء الله وأكلمه كل يوم وأنظر إلى السماء وأبكي, فأدعو الله ألا يطيل
علي لأني أحبه, ولا أقول هذا الكلام سخطا لا والله بل أقوله لأني وصلت لمرحلة لا أستطيع تحملها, ولا أحدشاعر بي إلا الله, , وما تفسير تلك الأحلام وماذا تدل وهل
سأحاسب على الصلاة التي لا أشعر بها وهل أنا ضعيفة في ديني وماذا ترى؟ أنا من كثرة الوسوسة لا أستطيع الحكم على نفسي وجزاك الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يكشف ما بك من ضر، وأن ييسر لك عاجل الشفاء، ثم اعلمي أيتها الأخت المسلمة أن ما أصابك ابتلاء من الله تعالى، والبلاء وإن كان نقمة فهو من وجه آخر نعمة للمؤمن، يكفر الله عز وجل به من سيئاته، ويرفع به درجاته، روى أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. بل قد يكون البلاء دليلاً على محبة الله لعبده المؤمن، روى الترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط له السخط. فثقي بالله تعالى واصبري على أقداره، ولا تستسلمي لأي نوع من الوساوس والأوهام في كون ذلك دليلاً على عدم رضا الله عنك ونحو ذلك.
وإن ما أصابك قد يكون نتيجة لضغوط نفسية أدت إلى نوع من الاكتئاب، لذا فإننا نرى أن تراجعي أحد الأطباء الثقات في دينهم ومن له خبرة في الطب النفسي فلعله أن يعينك في العلاج بإذن الله تعالى، وقد يكون ذلك بسبب السحر أو العين أو الحسد، لذلك لا تتوقفي عن القراءة على نفسك والإكثار من ذكر الله تعالى، ولاسيما في الصباح والمساء بالإضافة إلى التضرع إلى الله تعالى بدعائه ليكشف عنك هذا السوء، ولا بأس أن تستعيني في الرقية الشرعية بمن هو من أهل الاستقامة والصلاح، وبمن عرف بسلامة المعتقد واتباع السنة، بشرط وجود أحد محارمك، وكوني على حذر من إتيان الدجاجلة والمشعوذين، وراجعي لمزيد من الفائدة الفتاوى: 1858/4678/19229.
وننبهك إلى الحذر من اتهام أحد من الناس بكونه السبب فيما أصابك دون بينة، وذلك لأن الأصل براءة الذمة. وبخصوص الأحلام فلا يلزم أن تكون دليلاً على وجود شيء من السحر أو العين، وذلك لأنها قد تكون مجرد حديث نفس بسبب ما تجدين في نفسك من وساوس، وأما ما يحدث من ذهاب للخشوع في الصلاة فلا يؤثر في صحة الصلاة إن شاء الله تعالى.
وننصحك بالكتابة إلى قسم الاستشارات النفسية في الشبكة الإسلامية فهم أكثر تخصصاً في هذا المجال.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/214)
كثرة الاستغفار مظنة إنجاب الأولاد ...
44534
أغضبت الله وأنا في سن المراهقة ثم تبت إلى الله وتزوجت رجلا فاضلا ولكن لم أنجب مع أنني متزوجة منذ أربع سنوات فهل هذا عقاب من الله على ما اقترفته من ذنب وماذا أفعل ليعفو عني ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الذنوب سبب للحرمان من الرزق، كما ثبت بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن من رحمة الله بعباده أن فتح باب التوبة.
قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ *
وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (الزمر:53-54) .
أما عن الربط بين معصيتك وعدم الإنجاب، فليس لأحد أن يقول ذلك لأن هذا من علم الغيب، ونقول للسائلة عليك بالصبر والاستغفار، قال تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً (نوح:10-12) .
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتويان رقم: 22213، و 25874.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/215)
سفر مراهقين ومراهقات لحضور مخيم إسلامي ...
45453
هل يجوز أن يسافر مجموعة من الشبان المراهقين من 18-25سنة مع فتيات في سن المراهقة 17-20 سنة
لرحلة عدة ساعات علما بأن الهدف من الرحلة حضور مخيم إسلامي بدون مشرف-أي أحد الآباء-
وأن يكون أحد الشباب هو المشرف
وللتوضيح فإنه أثناء الرحلة يجلس الشباب في مقدمة الباص والفتيات في مؤخرته
ونضيف أنه إذا لم يسافروا بدون مشرف -أي أحد الآباء-
ستلغى الرحلة وعليها سيحرم هؤلاء من الاستفادة
أفيدونا وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها أن تسافر إلا ومعها ذو محرم منها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. رواه مسلم.
وأجاز بعض العلماء أن تسافر المرأة إلى الحج الواجب مع رفقة مأمونة، رجالا كانوا فقط أو نساء فقط وأولى إذا اجتمعوا، ولكن سفر هؤلاء النسوة الشابات إلى هذا
المخيم ليس حجا ولا واجبا، فكيف يجوز لهن السفر بلا محرم؟! ولو كان معهن واحد من الآباء، فهو محرم لبنته لا لسائر البنات.
أما خروج النساء مع الرجال في غير السفر، فقد بينا شروط جوازه في الفتوى رقم: 13456.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/216)
يلزم المرأة الاحتجاب من المراهق ...
46022
ما هي الفتوى في أن صبيا في سن 14 سنة يحادث النساء ويظل طوال الوقت يلعب معهن ويضحك معهن فما الإجابة على هذا السؤال أريده بسرعة لأن مدرستي كلها تواجهني في هذا الأمر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصبي الذي بلغ سن (14 سنة) فإما أن يكون قد وصل سن البلوغ، ويعرف البلوغ بالنسبة للذكر بإحدى علامتين: 1- الاحتلام. 2- الإنبات، أي ظهور شعر العانة حول الفرج، ولمعرفة علامات البلوغ، راجع الفتوى رقم: 10024 .
أو لم يصل سن البلوغ والاحتلام، فإن كان قد صار بالغا فهو حينئذ مكلف يجري عليه قلم التكليف، ولا يجوز له الاختلاط بالنساء ومحادثتهن واللعب معهن، إلى غير ذلك مما ذكر السائل.
وإن لم يصل سن البلوغ فهو في سن المراهقة، والمراهقة مقاربة الشخص للبلوغ ولمّا يصل إليه بعد، وفي هذه الحالة يجب على المرأة الاحتجاب منه. قال في "تحفة المحتاج": والأصح أن المراهق وهو من قارب الاحتلام –أي باعتبار غالب سنه- وهو قرب الخمسة عشر لا التسع ويحتمل خلافه كالبالغ، فليزمها الاحتجاب منه كالمجنون. اهـ.
وننصح الأخ السائل أن يبتعد عن النساء الأجنبيات وعن محادثتهن وقضاء الأوقات في مجالستهن، لأن ذلك خطر على دينه فيما يستقبل من الزمان.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/217)
أختها تحادث شابا بالهاتف فماذا تصنع؟ ...
46569
فضيلة الشيخ لقد كانت أختي - في سن المراهقة- تتحدث إلى شاب، واكتشفنا ذلك مؤخرا، ثم منعناها من ذلك حيث ضيقنا عليها من ناحية المكالمات الهاتفية فلم نسمح لها بالكلام مع أحد إلا أمامنا مع إقناعنا لها بسوء ما فعلت، ووعدتنا بعدم الاتصال به بعد ذلك، أما الوالد لم نستطع إخباره بالموضوع لأنه أولا: عنيف و قد يلجأ لطرق لا تحمد عقباها، وثانيا: هو مصاب بمرض القلب و قد لا يتحمل الصدمة فهو معروف
بالغيرة الشديدة حتى في الأمور التي لم يحرمها الله و لا تستدعي للغيرة.. و الآن اكتشفت أن أختي ما زالت على اتصال مع الشاب، وأنها تملك جوالا اشترته بالخفية، سحبنا منها الجوال و منعتها الوالدة من الحديث مع أي أحد بالهاتف بتاتا،و بعد ذلك أصبحت تأتيها حالات إغماء و تغيرت حالها كثيرا. كلمناها و حاولنا إقناعها فقالت إنها مقتنعة تماما بكلامنا، لكنها قالت إنها حاولت مرارا أن تبقى على وعدها الأول معنا إلا أنها لم تستطع على ذلك.اتفقنا معها أخيرا على أن تكلمه أمامنا لعلمنا أنها لن تستطيع قطع علاقتها به فورا مهما حاولنا محاصرتها، و لكن قلنا تكلمه أمامنا و بشرط أن تخفف المكالمات حتى تقطعها نهائيا، و فعلا بدأت التخفيف فأصبحت تكلمه يوم بعد يوم، ثم كل
ثلاثة أيام، ثم كل أربعة أيام، و في آخر مرة كلمته قبل أسبوع، ثم ستبدأ تزيد أسبوع و يوم، أسبوع و يومين....الخ، هذا الحل الوحيد الذي وجدناه كي ننقذها مما هي فيه بحيث لا تعود له أبدا.. و لكني في نفس الوقت أشعر كأن ما نفعله هو تسليك لأمر محرم، و أشعر كأني أنا التي أقوم بما تقوم هي به كل ما كلمته، أصبحت أشعر أن علاقتي بالله بدأت تفسد، و أصبحت أتغيب عن التحفيظ لشدة حيائي مما أفعل فأنا طالبة أحضر رسالة ماجستير في قسم الكتاب و السنة، و من أهل التحفيظ، فلا أستطيع أن أتخيل كيف أقدمت على ما أنا فيه، و لكني في نفس الوقت شعرت أن هذا هو الحل الوحيد لإنقاذها دون تدمير العائلة، لا أعرف إن أخبرت أبي ماذا ممكن يحصل و الوضع كما ذكرته لكم سابقا بالنسبة له،أخاف أن يصيبه شيء أو أن يطلق والدتي أو أن يلجأ إلى قتلها مثلا و هذه كلها ليست حلولا، و ربما عاندت أكثر و استمرت بطرق أخرى قد لا نعلمها، فأختي فتاة شديدة الذكاء بشكل فوق الطبيعي، عنده جدا، و الأسوأ أنها الآن مراهقة، و في نفس الوقت فيها الكثير من الخير، تحب الدين و تحب الملتزمات و حافظة ل28 جزء من القرآن الكريم، و تدافع دائما عن الإسلام إلا أنها ليست ملتزمة.. و لأجل الخصال الطيبة التي فيها أردنا مساعدتها .. أفيدوني أرجوكم فأنا في أزمة نفسية شديدة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح أختك وأن يهدينا وإياها سواء السبيل، وأن يصرف عنا وعنها نزغات الشيطان، ويجب أن تعلمي هذه الفتاة أن التحدث عبر الهاتف مع الشباب هو خطوة من خطوات الشيطان إلى الفجور، فكم قد سمعنا عن ضحايا الهواتف، ولتعلم أن هؤلاء الذي يتصيدون الفتيات عبر الهواتف ليسوا كما يقولون إنهم يحبون الفتاة، ولكنهم ذئاب بشرية وحيات خبيثة جلودها ملساء، وفي أنيابها السم، فهم إنما يستدرجون الفتيات بالكلام المعسول، ثم إذا غدروا الفتاة في عفتها رموها خائبة حسيرة بعد أن يصوروها بالفيديو حتى يكون ذلك سببا في الضغط عليها لترضخ لمثل هذا الأمر مرة أخرى، بل ومرات، نسأل الله العافية والستر.
فالواجب عليكم هو إخبارها بما ذكرناه ونهيها عن هذا الأمر بتاتا، وتهديدها بإخبار الوالد إن هي استمرت في ذلك، وما سمحتم لها به من الكلام مع هذا الشخص أمامكم
أمر لا يجوز، وقد رأيت عاقبته في عباداتك ومعاملتك مع ربك، نسأل الله أن يحفظ عليك دينك، وننصحك بأخذ أختك هذه إلى المحاضرات والندوات التي تتحدث عن مثل هذه المواضيع، وكذلك يمكن أن تعطيها كتبا وأشرطة تتحدث عن هذا الموضوع، نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/218)
هل تكشف المرأة وجهها أمام الصبي المعاق ...
48936
سلام عليكم ، شيخ هل يجوز للطفل المعاق ذهنيا أن ينظر لوجه المرأة الساتره لوجهها لو كشفته مثلا .. ولا لازم تستر أمامه .. وكما هل هي لها أن ترى وجهه .. وهل يوجد سن معين لهذا المعاق لأن يرى وجهي لأنني لا أعلم ما هو سنه فهو غريب وشكراً ..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطفل المذكور ما دام صبيا غير مميز، فلا يلزمك أن تستتري أمامه.
فقد قال ابن قدامة في "المغني": فأما الغلام فما دام طفلا غير مميز لا يجب الاستتار منه في شيء. انتهى.
فإذا وصل إلى مرحلة المراهقة وهي ما قارب خمس عشرة سنة فيجب عليك ارتداء الحجاب أمامه. قال أحمد بن حجر الهيثمي في تحفة المحتاج: والأصح أن المراهق وهو من قارب الاحتلام أي باعتبار غالب سنه وهو قرب الخمسة عشر لا التسع ويحتمل خلافه كالبالغ فيلزمها الاحتجاب منه كالمجنون. انتهى.
ولا حرج عليك في النظر إلى وجهه بغير شهوة، لما ثبت في الصحيحين وللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/219)
أبناء العم من الأرحام تنبغي صلتهم بالمعروف ...
52675
عندي ابن عمي وهو في سن المراهقة ويعاملني بقسوة وهو أصغر مني، أنا متزوجة وعندي بنت وأنا والله ما أحب المشاكل وأتعامل معه بكل طيب خاطر وأسلم عليه لكنه هو لا يسلم علي ويخاصمني وآخر مرة خاصمني شهرا وأنا لا أعرف هل أعامله كما هو يعاملني أم ماذا أفعل؟ وأنا أفكر كثيرا في مقاطعته للأبد. فما هو رأيكم؟
وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى شرع لعباده صلة الرحم، وحذرهم قطيعتها، فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ {الرعد:21}. وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22}.
وعلى ذلك؛ فيجب على المسلم أن يصل رحمه، وأبناء العم من الأرحام الذين تنبغي صلتهم بالمعروف إذا لم يترتب على ذلك محظور شرعي كالخلوة...
فإذا قمت بما أمرك الله به من الصلة والمعاملة الحسنة فقد برئت ذمتك وأجرك على الله تعالى، فقد روى مسلم في صحيحه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
أما عن مقاطعة ابن عمك للأبد وخاصة إذا كان محرما فإنها لا تجوز، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 11449.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/220)
الآثار الضارة المترتبة على غياب دور الأب والأم في التربية ...
52681
سيدي المحترم إني لأحتار كيف لي أن أبدأ رسالتي هذه ..ولكني مضطرة فمشكلتي لم يجد حتى الكبار لها حلا ..
أنا فتاة في العشرين من العمر لي ابنة خالة في نفس عمري وهي صاحبة المشكلة الأساسية وهنا سأتحدث بلسانها
سيدتي " ابنة خالتي هي من تتحدث "
لي أخت تكبرني بخمس سنوات ومنذ عرفت نفسي وهي تتسبب لي بالمشاكل منذ أن بلغت سن المراهقة وهي تحدث لنا كعائلة من العار والفضائح ما قد كفاني ..
تقول أنها لم تعط أحدا أكثر من ساعات متعة ولم تتخل عن عذريتها أبدا "اعذرني إن كانت كلماتي تفتقد الأدب المطلوب خاصة أن هذه هي أول مرة أكتب لك "
حين كانت في الثالثة عشر من عمرها كنت أنا طفلة وكنت أراها وهي تستقبل أصدقاءها في المنزل، أمي امرأة قد فعلت بها الأيام الكثير وهي لا تعلم الكثير من القصص لأنني حين كنت صغيرة كنت أخاف منها والآن أصبحت أخاف أن أفقد أمي أو أبي من جراء ما تفعل في المرة الأخيرة فعلت فعلتها مع الشخص الذي كان على وشك
خطبتي وتخليصي من جحيم جعلته هي سمة لحياتي وبالطبع تخلى عن الفكرة بمجرد أن عرف أن أختي على ذلك النمط ..
وأخذت الكثير من الوقت قبل أن أتمكن من نسيان ما حدث وقد تناسيته مؤخرا خاصة أنني وجدتها قد أصلحت نفسها كثيرا فقد تحجبت أتعلم معنى أنها تحجبت حتى من زوج خالتي الذي رباها ورباني وعاد الجميع ليحترمها من جديد وتغيرت صورتها أخيرا وما عدنا نفكر بها تلك الأفكار السوداء التي كانت تراودنا كلما جاء ذكرها ..
ومنذ فترة سافرت أمنا إلى مسقط رأسها بلدها فنحن مغتربين في المملكة العربية السعودية في مدينة صغيرة تنتشر فيها الأخبار والأقاويل بسرعة البرق وكان أبي بالمستشفى يصارع جلطة ألمت بقلبه أي أنه اقترب كثيرا من الموت وكنا نحن في بيت خالتي الذي لايبعد عنا الكثير وخرج أبي من المستشفى وقد عافاه الله وعدنا إلى بيتنا منذ يومين تقريبا ويومها نمنا أنا وإخوتي الصغار نوما غريبا ليس في موعد نومنا ليس ناتجا عن تعب أو إرهاق ولو لم يكن بعض الظن إثم لجزمت أنها قد وضعت لنا المنوم في الأكل أو في العصير واستيقظت بعد فترة أظنها فترة انتهاء مفعول الدواء لأجد سريرها مرتبا كما كان قبل أن أنام وبحثت عنها في البيت ووجدتها في أقصاه وقد أغلقت الباب بالمفتاح أثار الوضع شكي وريبتي وبعد " " سيناريو " طويل أظنك تفهمه فتحت لي الباب وهي في غاية الارتباك ووجدتها قد خبأته .. رجل غريب في بيتنا وهي في وضع مخزي تلبس ما لا يجوز لها لبسه سوى لزوجها ..
أتتخيل ياسيدي موقفي وأنا أرى أختي التي تكبرني وهي في هذا الوضع وأختي الثانية التي تصغرني وتصغرها تخرج ذلك الرجل وفي عيناها آلاف الأسئلة كيف ستمسح الصورة من عينيها أو من عيني لا أدري ..
ولم أجد سوى خالتي لأستنجد بها وجاءت خالتي ومعها زوجها وبما أن أبي كان في عمله فقد كان ذلك في صالحه وصالحها وصالحنا فإن أخبرناه ثق أنه سيموت دون أدنى شك لن يحتمل أن يعرف ذلك عن ابنته ..
سيدي قد خرجت عن الملة أمام أعيننا جميعا قالت " لا أؤمن بالرب أو بمحمد "
قالتها سيدي ثم تأتي وتقول لنا لم أكن بوعيي .. تكفر وهي ليست بوعيها .. تخطئ وهي ليست بوعيها .. تكره الجميع وهي ليست بوعيها ..أيعقل ذلك .. لا أظن ..
سيدي ..
لا أعرف كيف أتصرف ماعدت أرى شيئا في الحياة سوى ما أرتني إياه أختي ..
اؤمن بالله وأعلم أنه القدر ولكنني قد كنت رمزا للعفة وها هي تغير حتى صورتي في أمام المجتمع ..
سيدي ..أريد حلا سريعا .. سيدي .. كان ذلك بوح ابنة خالتي بعثته إليك علنا نجد الحل فيما ترد به علينا
سيدي ..قد فوضنا أمرنا لله ..واتكلنا عليه ..ولكننا أردنا أن نأخذ بمشورتك .. في انتظار ردك ..
دمت بخير وسعادة
تقبل تحياتي ..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول الفتاة
: لا أومن بالرب أو بمحمد صلى الله عليه وسلم، هو عين الردة والكفر الصريح المخرج من الملة.
وأما قولها: إنها لم تكن بوعيها لما تلفظت بهذه الكلمات، فإننا لا نعلم صدقه من كذبه، وإن الواجب عليها التوبة إلى الله تعالى من هذا القول، والندم على تفريطها في جنبه، وعقد العزم على عدم العودة لذلك أبدا، فإنها لا تدري متى يحين أجلها، ولربما قبضت روحها على إثر ردتها دون إمهال للتوبة، نسأل الله حسن العاقبة، وراجعي الفتوى رقم: 17875، والفتوى رقم: 16362.
وأما خلوتها مع الرجل الأجنبي وكشف عورتها أمامه فإنه لا يدل وحده على أنها ارتكبت جريمة الزنا الموجب للحد، فإن الزنا لا يثبت إلا بأمور انظريها في الفتوى رقم:7940.
وبالنسبة لقول الفتاة: إنها لم تتخل عن عذريتها أبدا، فإنه استخفاف بحق الله تعالى وجهل فاضح بشرعه، فكأنها تعتقد أن ما حرمه الله فقط هو حقيقة الزنا الذي هو الوطء في الفرج، وكأن أي عمل دون ذلك مباح.
وإن الله تعالى عندما حرم الزنا حرم أيضا مقدماته، وما يؤدي إليه، فحرم الخلوة والاختلاط، وحرم المصافحة والنظر والكلام بدون حاجة بين الجنسين، وأمر المرأة بالحجاب وبالقرار في البيت، وشرع غير ذلك من التدابير الواقية من الزنا، وراجعي الفتوى رقم: 11038.
هذا؛ وإن العجب لا ينقضي من غياب دور الأب والأم في تربية وتقويم ابنتهما، فإن الله قد ولاهما أمرها واسترعاهما إياها ووعد على تربية البنات الأجر الكثير، فقال صلى الله عليه وسلم: من عال ثلاث بنات فأدبهن ورحمهن وأحسن إليهن فله الجنة. رواه أحمد بإسناد صحيح. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: إنما سموا الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقا، كذلك لولدك عليك حق. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها.... متفق عليه. وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{التحريم:6}.
ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تضييع الأمانة التي وكلها الله للآباء فقال: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم.
وإن والدي الفتاة ـ كما يظهر من السؤال ـ قد ضيعا الأمانة وغشا رعيتهما، دل على ذلك سماحهما لابنتهما أن تستقبل زملاءها من الشباب في البيت وهي في سن الثالثة عشرة، وكذلك تأخرها في لبس الحجاب، ولم يظهر دورهما عندما تحرشت بخطيب أختها حتى ترك الخطبة.
وعلى هذا؛ فإن الواجب عليهما أن يتوبا إلى الله تعالى من تضييعهما للأمانة الملقاة على كاهلهما، والعمل على استدراك ما فاتهما في تربية الأبناء فيأمران البنات
بالحجاب، وبكل واجب، وينهيانهن عن كل محرم. وعليك أن تخبري والد الفتاة بالخبر الذي ذكرتيه في سؤالك، ولك أن تترفقي به خوفا على صحته، لأنه هو المسئول الأول عن ابنته، وعنده من الصلاحيات التي أعطاها الله له ما يمكنه من تربية أبنائه على الوجه المطلوب.
ومما ينبغي التنبه له أن زوج الخالة ليس من المحارم، وعلى ذلك فالواجب الاحتجاب منه حتى ولو كان مشاركا في تربية بنات أخت زوجته، فإنه أجنبي عنهن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/221)
حسن التبعل ورعاية الأولاد ...
55514
السلام عليكم
أنا امرأة ابلغ 40 من العمر عندي 3 أطفال والحمد لله أصغرهم 12 سنه أرجو أن يتسع صدركم لشكواي بعد 17 سنه من الزواج أصيبت العلاقة بيني وبين زوجي بالفتور خاصة من ناحيتي لا أشعر بالرغبة للعلاقة التي حللها الله لنا لا أكذبكم حتى أحيانا أكون أنا معه وأفكر بأمور البيت والأطفال وهاجس الخوف الذي أحمله لأطفالي وهم بعمر المراهقة وأنا أعيش بالغربة وخوفي عليهم من الانغماس بالمجتمع الغربي هذا الهم الذي لا يكاد يفارقني ليل نهار لأني لا أستطيع العودة للعيش ببلدي لأسباب أمنية
زوجي لا أقول لا يهتم مثلي ولكن لا يبدو عليه القلق من هذه الأمور ويقول خليها على الله البنات يطلعون مثلك والولد مثلي وأنا أقول له بكلامك هذا أنت تلغي عمل الشيطان لكن لا يقتنع
المهم بالأمر أن علاقتي بزوجي بدأت تتأثر ووالله لولا خوف الله لما سمحت له بأن يلمسني
أحيانا وليسامحني الله أفتعل أي مشكلة مع الأطفال لكي يبدو علي أني عصبيه فلا يفكر زوجي بمعاشرتي
شيئا فشيئا صرت أفقد إحساسي بأجزاء جسدي وأحيانا كثيرة أنا أمثل على زوجي بأني منسجمة معه فقط لإرضائه هذا كله ويعلم الله مدى حبي لزوجي وتفاني لخدمته وإرضائه هذه المشاعر حتى لازمتني بعد أن عدت إليه بعد غيبة فترة من الزمن لزيارة أهلي
أحيانا أفكر قد يكون تقدم العمر هو السبب وأخرى أفكر التعب الذي رأيته بحياتي فأنا لسنين كنت أعمل لوحدي وأعيل بيتي بسبب عدم توفر فرصة عمل لزوجي فأقول قد تكون هذه هي السبب
وأحيانا أقول إن زيادة الوزن عندي هي السبب الذي ما فتئت أعالجه دون فائدة وأعرف أن زوجي يكره هذا الأمر بي رغم حبه الشديد لي وقد أبدى تعليقات مبطنة مرارا ولكنه لم يعدها بعد أن أبديت امتعاضي منها وهددته بأني لن أسامحه لو أنه كررها
الآن بدأت اشعر بأن زوجي يبطن أشياء لا يظهرها لي وأحيانا أراه ينظر لغيري من الجميلات هنا وما أكثرهن رغم أنني لا أشعره أحيانا كثيرة بأني انتبهت
قبل يومين جلست مع زوجي وشرحت له وقلت بأني لم أعد صغيرة ولا أطيق هذا الأمر وأني أجيبه لخوفي من الله لكن هذا لا يعني أن يتمادى معي يجب أن يحترم مشاعري مثلما أحترم مشاعره وأخاف الله به
الآن ستقولون هذا لا يجوز وحرام لكن ألم يقل الله لنا لا يكلف الله نفسا إلا وسعها والله وحده أعلم بما أشعر به من هذا الموضوع
حتى أني مره والله قلتها له بجد أن يتزوج لأنني لا أريد أن أدخل نار جهنم بسببه وبيني وبينكم شعرت بأنه راغب لكن أعرفه من النوع الذي لا ينسى فضل الزوجة على بيته ومن غير المكن لمثله أن يفرط بعائلته لإرضاء رغباته
ما أفعل قولوا لي
لا تقولوا أرض زوجك لا أستطيع ولو فعلتها ستكون أذى نفسيا لي
كم أتحمل هم الغربة؟؟ هم الأطفال والخوف عليهم؟؟ فأنا والحمد لله أحمل شهادة جامعية عالية وأقضي أوقاتا كثيرة أبحث وراء أطفالي ووراء بريدهم وتعلمت الكثير من البرامج التي تجعلني أتبع خطواتهم وأحيانا أفكر بأني سأحمل وزرهم ووزر أحفادهم يوم القيامة لو تأثروا بعادات الغرب
الآن صرت أفكر أن لا أتعب نفسي لأني أريد أن أحتفظ بقوتي لأربي أطفالهم لأني ما أدري ما سيربون عليه أحفادي؟؟
قد يضحك من يقرأ رسالتي هذه وقد يصفها البعض بالغرابة لكن هذا ما يحصل معي والله ولا أستطيع أن أشكو همي لأحد ولست من هذا النوع حتى وأنا بين أهلي لا أشكو لأحد أي شيء من مشاكلي وهمومي البيتية
انصحوني وأريحوني أراحكم الله فأنا متعبة وأشعر بأن لا حل بالدنيا لمشكلتي
أعتذر لطول الرسالة وأرجو أن يتسع صدركم لقراءة فحواها واعتقد أن بها أكثر من مشكلة تحتاج كل واحده منها صفحات لمناقشتها
جزاكم الله خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نشكر لهذه الأخت الفاضلة اهتمامها بتربية أبنائها وحرصها الشديد على أن يكونوا متشبثين بدينهم وأخلاقهم، وهذه طبعا مسؤولية كل أب وأم وهبهما الله تعالى أولادا، ويتأكد هذا الأمر إذا كان هؤلاء الأبناء في بيئة غير إسلامية لما يخشى من التأثير على دينهم وأخلاقهم، ومن هنا نقول لهذه الأخت: إذا أمكنك تغيير هذه البيئة وذلك بالرجوع إلى بلدكم الإسلامي فهذا أفضل، وإن تعذر ذلك فحاولي أنت وزوجك توجيه أبنائكما إلى الدين والأخلاق الحميدة، ومما يعين على ذلك ربطهم بالقنوات الطيبة، كقناة المجد -مثلا- وكذلك ببعض المواقع الإسلامية في الإنترنت مثل موقعنا، هذا فيما يتعلق بشأن الأبناء.
أما بخصوص ما ذكرت من الفتور في علاقتك مع زوجك فاعلمي أن هذا قد يعود إلى أسباب نفسية، وقد يعود إلى أسباب عضوية، وكل منهما قابل للعلاج، ولعل من
الأسباب النفسية التي لمسناها في سؤالك -ويبدو أنه كان أهم العوامل التي أثرت عليك- هو خوفك على مصير أولادك، وهذا الحرص وإن كان طيبا فإن المغالاة فيه قد تؤدي إلى التقصير في أحق حقوق الزوج وهو الاستمتاع، وانظري الفتوى رقم: 9601 وهذا قد يؤدي إلى نتائج سلبية على مستقبل الأولاد وخاصة إذا تطور الأمر إلى الطلاق.
وعلى العموم فنصيحتنا لك هي أن توازني بين كل الحقوق فلا تغلبي جانبا على حساب الآخر، ولكن أعطي كل ذي حق حقه، فمثلاً عليك أن تبذلي جهدا في تربية أبنائك ونصحهم، وفي الوقت نفسه يلزمك حسن التبعل لزوجك، وذلك بالاهتمام بنفسك من حيث التزين له وإشباع رغبته حتى يقطع نظره عن التطلع إلى غيرك من النساء، وهذا مقصد من المقاصد التي شرع لها النكاح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحفظ للفرج. رواه البخاري.
وأخيرا، نذكر السائلة بحق زوجها عليها وخطورة الامتناع عن فراشه لغير مبرر واقعي، نسأل الله تعالى التوفيق للجميع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/222)
إقامة أجنبي مع امرأة بحجة أنه ملك يمين شر مستطير ...
57863
زوج يعيش في بلد وزوجته والأولاد يعيشون فى بلد آخر، والأولاد هم في سن المراهقة يدرسون بالجامعات وفوجئنا بالزوجة تأتي بشاب في سن المراهقة وتجعله يقيم في المنزل معهم علمأ بأن الزوج غير موجود ومقيم ببلد آخر وأحضرت الزوجه هذا الشاب ليقوم بعمل كافة الواجبات المنزلية من تنظيف وطبخ وخلافه، وعن الاعتراض من قبل أهل الخير على ما فعلته الزوجة ترد عليهم بقولها بأن هذا الشاب ينطبق علية قوله سبحانه وتعالى (وما ملكت أيمانكم)، أرجو إفادتنا عما فعلته هذه الزوجة، هل هو يجوز شرعاً، وما هو الحكم تجاه زوجها الذي شغلته الأمور الدنيوية عن مثل تلك الأمور، ونرجو توضيح المقصود بمعنى وما ملكت أيمانكم التي تستند إليها تلك الزوجة في مشروعية وجود مثل ذلك الشاب في منزلها مع أولادها إقامة دائمة، علماً بأن من أولادها بنت في سن المراهقة، أرجو إفادتنا حتى نتوجه لها بإفادتكم لعلها تستفيد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حول ولا قوة إلا بالله تعالى، إن المرأ ليصاب بالدهشة عندما يسمع مثل هذه الأسئلة ويقول في نفسه هل وصل الحال بالمسلمين إلى هذه الدرجة من الجهل، فما قامت به هذه المرأة لا يجوز أبداً؛ بل هو فساد عظيم وفتح لباب شر مستطير، وإقامة هذا الشاب في هذا البيت حرام لا يجوز، وقد سبق أن تكلمنا عن حكم إقامة الأجنبي في بيت مع أجنبية في الفتوى رقم: 10146.
وأما الاستدلال بالآية فغلط فاحش لأن المقصود بملك اليمين العبد والأمة المملوكان، وهذا الشاب غير مملوك، وانظر الفتوى رقم: 27945.
وقد ذهب الحنفية والحنابلة إلى حرمة خلوة السيدة بعبدها، والمالكية والشافعية إلى جوازه، أما خلوة الحر مع أجنبية فكلهم متفقون على حرمتها -أعني الخلوة- ولذا فعلى هذه المرأة أن تتقي الله تعالى وتقلع عما فعلت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/223)
كيفية التخلص من داء (التعلق)بشخص ما ...
58152
أنا لدي مشلكة بسيطة وهي أني أحب شابا مع أني شاب أيضا لكني لا أنظر إليه بشهوة وليست لدي نية سيئة اتجاهه ولكني أحبه أسعد لرؤيته وأغار ممن هم حوله حتى أنني أكتئب إذا ما رأيته. فدلوني على ما يساعدني على التخلص من هذا الشعور الذي يضايقني كثيرا مع العلم أني رجل محافظ على فروضي.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي تشكو منه وهو ( التعلق ) بشخص تحبه ليس مشكلة بسيطة كما تظن، بل إنه داء والواجب عليك الاجتهاد في التخلص منه. فإن الشريعة رغبت في الأخوة في الله ورتبت الثواب على المحبة فيه، وانظر أدلة ذلك في الفتاوى التالية: 52433 ، 36991 ، 30426. أما التعلق بشخص معين، فهو أمر آخر غير مجرد المحبة في الله التي تزيد إذا رأيته على طاعة وتقل إذا رأيته على معصية، وإنما التعلق هو قبول الشخص كما هو والأنس به والشوق إليه إذا غاب عنك، والغيرة عليه إذا وجدته مع غيرك، وعدم الرغبة في مفارقته، والتكدر إذا انصرف عنك، بل يصل الأمر بالبعض إلى أن يمرض إذا غاب من يحبه عن ناظريه أو وقع بينهما شيء أفسد العلاقة بينهما. وفي ذلك يقول ابن القيم: من أحب شيئا سوى الله عز وجل فالضرر حاصل له بمحبوبه: إن وجد وإن فقد، فإنه إن فقده عذب بفواته وتألم على قدر تعلق قلبه، وإن وجده كان ما يحصل له من الألم قبل
حصوله، ومن النكد في حال حصوله، ومن الحسرة عليه بعد فوته: أضعاف أضعاف ما في حصوله له من اللذة:
فما في الأرض أشقى من محب**** وإن وجد الهوى حلو المذاق
تراه باكيا في كل حال **** مخافة فرقة، أو لا شتياق
فيبكي إن نأوا، شوقا إليهم**** ويبكي إن دنوا، حذر الفراق
فتسخن عينه عند التلاقي**** وتسخن عينه عند الفراق اهـ.
ولا شك أن هذه العلاقة مذمومة وأنها من مصائد الشيطان التي يصيد بها بني آدم، فلا يبقى في قلب العبد حظ لربه جل وتعالى، بل حتى العبادات المحضة التي يتقرب بها العبد لمولاه يكون فيها قلب ذلك الشخص هائماً مع من يحب. ومن مضار هذا
التعلق أنه قد يوقع المرء في الشرك دون أن يدري، ونقصد بالشرك هنا شرك المحبة، فيشرك هذا الشخص حبيبه في عبادة من أهم عبادات القلب التي تصرف لله تعالى وحده!! ولذلك يحرص الشيطان على تزيينها في قلب العبد، ويلبسها لبوس الأخوة في الله وشتان بينهما. ثم إن هذه العلاقة وإن طالت إلا أنها تنقلب إلى عداوة وبغضاء شديدين، ومثلها في ذلك مثل كل غلو فإنه يولد غلوا لكن في الطرف الآخر، ولذلك حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من مثل ذلك فقال: أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني. وهذا الحديث من الطب النبوي للقلوب، وهو من باب الوقاية من الداء الذي ابتليت به. هذا، ونوصيك بأن تقرأ الفتوى رقم: 9360، واجتهد في تطبيق خطواتها بقدر المستطاع، كما نوصيك أن توسع قليلاً من دائرة إخوانك المقربين، بحيث ينافسون صديقك على حيزه في قلبك. ومما يفيدك في علاج ذلك الأمر ـ الانشغال بحفظ كتاب الله بحيث تلقيه على شيخك يومياً. وننصحك بقراءة كتاب "أسماء الله الحسنى الهادية إلى الله والمعرفة به" للعلامة عمر الأشقر، واقرأ كتاباً في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وليكن "الرحيق المختوم". فبقراءة هذين الكتابين يزيد حبك جداً لله ورسوله، فإن حبك للشيء يزيد بزيادة معرفتك به. واعلم أن الحال التي تشكوها يقع فيها كثير من الشباب خصوصاً في سن المراهقة، ثم تهدأ الأمور غالباً بعد تجاوز تلك المرحلة. والسبب الغالب في نشوء مثل تلك العلاقات هو الفراغ العاطفي الذي يقع فيه من كان في هذه المرحلة، خصوصاً إذا كانت الجسور شبه مقطوعة مع الوالدين وباقي أفراد الأسرة. وهذه المرحلة تنتهي تلقائياً مع زيادة النضج العقلى للشاب، وبانخراطه في صفوف طلبة العلم المجدين، وبالزواج وإنجاب الأبناء والقيام على تربيتهم. هذا، ونوصيك بتقوى الله ومراقبته واستشعار نظره إليك، واسأله سبحانه أن يقوي قلبك وأن يجعله خالصاً له لا شريك له. واستفد من كتاب "استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس". للحافظ ابن رجب الحنبلي، وكذلك أول اثني عشر باباً من كتاب "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" للإمام ابن القيم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/224)
إمساك المرأة التي لا تصلي خير أم الفراق؟ ...
61588
تزوجت منذ 14عاما ولم نكن أنا وزوجتي نصلي حتى من الله علي وهداني منذ ما يقرب من 4 سنوات ولكن زوجتي على حالها حتى الآن على الرغم من المحاولات المتعددة معها بجميع الطرق التي لا تنفر ولكن لم يأذن الله بعد، في الوقت الحاضر تعرفت زوجتي على أصدقاء لها يساعدونها على عدم الطاعة والخروج، خاصة في فترة الصباح دون استئذاني أو إخباري بخروجها من المنزل ويساعدون أولادي على الابتعاد عن الله وترك الصلاة على الرغم من تحذيري لها والتدخل من أبيها وأخيها ولكن والدتها تقف معها في أي حال، صليت صلاة الاستخارة أكثر من مرة لطلاقها
ولكن يكون رد الفعل أن أصبر عسى الله أن يهديها ويصلح حالها فتصلح حال الأولاد وأن أتحمل فهو خير من تركها والأولاد فيزدادوا ضلالاً، السؤال: بعد كل هذه الفترة التي تقرب من 4 سنوات أو أكثر فقد فاض الكيل بي وأفكر جدياً في الطلاق عسى الله أن يبدلني خيراً منها، فهل علي إثم إن طلقتها وزاد ضلالها وضلال أولادي معها خاصة وأن الأولاد في سن المراهقة البنت 12 سنة والولد 10 سنوات، أم الصبر والتحمل على كره أفضل، عسى الله أن يهدي الأولاد عندما يرونني أذهب للمسجد في الصلاة وأحفظ القرآن فيعملوا مثلي ولو بعد فترة وإن طالت، أم أن الطلاق في مثل هذه الحالة أفضل؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الزوجة على خطر عظيم بسبب تركها للصلاة، وقد بينا كيفية التعامل معها في الفتوى رقم: 10370، كما أنها تعتبر ناشزاً لخروجها عن طاعة زوجها وعدم امتثال أمره لها بالصلاة وخروجها من بيته بغير إذنه، وللتعامل مع الزوجة الناشز أسلوب مبين في الفتوى رقم: 17322.
فنوصي السائل باتباعه معها لعله أن ينفع معها ويعيدها إلى صوابها، فإن لم يُجْدِ هذا التعامل نفعا فالطلاق في هذه الحالة هو السبيل الوحيد، ولا يأثم الزوج إن طلقها بعد ذلك، بل من العلماء من ذهب إلى وجوب طلاقها وفراقها في حالة إصرارها على ترك الصلاة.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عمن له زوجة لا تصلي هل يجب عليه أن يأمرها بالصلاة؟ وإذا لم تفعل هل يجب عليه أن يفارقها أم لا؟ فأجاب رحمه الله: نعم عليه أن يأمرها بالصلاة ويجب عليه ذلك، بل يجب عليه أن يأمر بذلك كل من يقدر على أمره إذا لم يقم غيره بذلك، وقد قال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. وقال عليه الصلاة والسلام: علموهم وأدبوهم.
وينبغي مع ذلك أن يحضها على ذلك بالرغبة كما يحضها على ما يحتاج إليها، فإن أصرت على ترك الصلاة فعليه أن يطلقها، وذلك واجب على الصحيح، وتارك الصلاة مستحق للعقوبة حتى يصلي باتفاق المسلمين. انتهى، مجموع الفتاوى 32/277.
أما الأولاد إن خشي عليهم من الفساد ببقائهم معها، فيمكنه رفع دعوى إلى المحكمة الشرعية يطلب فيها إسقاط حق الأم في الحضانة لعدم عدالتها وفسقها فإن من شروط الحضانة عدالة الحاضن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/225)
عنوان الفتوى : ... حفظ الأبناء من الأولاد المفسدين
63166
هذه قصة مؤلمة:
اعتدى جنسياً ابن أختي الكبرى (حوالي 16 عاماً) على اثنين من أبنائي( 8 سنين و بنت 3سنين) . وقد ذكر لي ابني الأكبر هذا الاعتداء بمناسبة أنني قمت بمصارحة أولادي للاحتراس من أولاد السوء في المدارس. وبمناسبة هذه المصارحة أخبرني أبنائي بهذه الكارثة وذلك بمناسبة الحديث عن الحيطة تنفيذاً لما طلبه مني أستاذ التربية الإسلامية في المدرسة. هنا أخبروني أن ابن أختي اعتدى عليهم جنسياً من فترة إلى أخرى . ووصفوا لي الكيفية بالتفصيل .
لم أستطع التصرف فهذه أختي وهذا ولدها وأعلم أخلاق زوجها فهو إنسان صعب . المهم تم إخبارهم بطريقة بذلك. وقامت الدنيا ولم تقعد واتهموني أنني قد ملأت رأسهم بهذا الكلام الفارغ، ومرة أن هذا الموضوع من تأليف أولادي. وقاطعتني أختي وزوجها وبالطبع ابنها مع أن أولادي هم المعتدى عليهم من قبل هذا المجرم فقد تركته لله تعالى فهو الذي سوف يجازيه باذنه تعالى علما بان أحد اولادى الذي أتحدث عنه هي بنت وكانت في السنة الثالثة من عمرها
فهل يؤثر هذا الشيء على وضعية ابني من كل الجوانب خاصة النفسية والجسدية؟ وابني كان فى الصف الثالث الابتدائي عندما اعتدى عليه هذا الوحش الكافر . فماذا أعمل دلوني يرحمكم الله فأنا في دوامة لا يعلمها إلا الله . وجزاكم الله خيراً .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك الأخذ بالحيطة والحذر على أبنائك في المستقبل وعدم تركهم مع أولاد سيئي التربية لا سيما ممن هم في سن المراهقة.
ونسأل الله أن لا يكون لهذا الحادث تأثير جسدي أو نفسي على ابنك.
ويمكنك استشارة قسم الاستشارات الطبية والنفسية بالشكبة الإسلامية فهم أهل الاختصاص في هذا.
والله نسأل أن يحفظ أبناء المسلمين من كل مكروه .
وننبه إلى أنه لا يجوز إطلاق وصف الكافر على المسلم وإن كان مرتكبا لكبائر الذنوب، ويرجى الاطلاع على الفتوى رقم 32695
والله الموفق.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
-ـــــــــــــــــــــــــ(110/226)
حكم كشف المرأة لعورتها أمام الصبي المميز قبل المراهقة ...
63990
فتاة في العشرين من عمرها ولها ابن خال في السادسة من عمره هل يجوز أن يدخل عليها الخلاء وهي تغتسل بحجة قضاء حاجته فيرى عورتها؟
أرجو ارسال الرد مع نص الآيات والأحاديث المذكور فيها هذا الموضوع للأهمية.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت قد وضعت ثيابها جميعاً فهي عارية البدن بما في ذلك السوأة فلا يجوز دخوله عليها ولا رؤيته لعورتها لا خلاف في ذلك بين العلماء، لقوله صلى الله عليه وسلم: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. أخرجه أصحاب السنن.
والولد في مثل تلك السن وإن كانت لا تثور شهوته إلا أن الصور ترسخ في ذهنه، فربما يعبر عما يراه ويحكي عما شاهده، فيغري الفساق وضعفة الإيمان بذلك، كما أن ظهور المرأة عارية أمامه ينافي الحياء والتربية التي ينبغي تعويد الطفل عليها.
وقد أمر سبحانه وتعالى باستذان الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم في أوقات مظنة كشف العورة، كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ {النور: 58}.
إذن فكشف العورة أمام الطفل المميز الذي لا تثور شهوته ولكنه قد ينقل ما يراه لا خلاف بين أهل العلم في عدم جوازه، وأما محل الخلاف فهو في جواز إبداء الزينة أمامه لقوله تعالى: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ {النور: 31}.
قال مجاهد: هم الذين لا يدرون ما النساء من الصغر. أخرجه البيهقي.
وقال ابن كثير: يعني لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوارتهن من كلامهن الرخيم وتعطفهن في المشية وحركاتهن وسكناتهن.
وقال الكاساني: إذا كان الطفل صغيراً لا يعرف العورة من غير العورة فلا بأس من إبداء الزينة له.
وقال النووي: نزل الإمام (الشافعي) أمر الصبي ثلاث درجات، إحداها: أن لا يبلغ أن يحكي ما يرى فهذا حضوره كغيبته، والثانية: يبلغه ولا يكون فيه ثوارن شهوة وتشوف فكالمحرم.
وفي المقنع: أن للصبي غير ذي الشهوة النظر إلى ما فوق السرة وتحت الركبة.
وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يرى إلا ما يظهر غالباً، قال في بدائع الصنائع: ذلك لأن الآية في سورة النور نهت عن الاطلاع على العورات وتضمنت الإذن بالدخول في غير تلك الأوقات، مما يدل على عدم كشف المرأة لهم إلا ما يبدو منها غالباً بحيث يظهر ذلك منها في الأوقات المأذون فيها، ولأنه ربما يحكي ما يرى من بطن أو ثدي أو ظهر للآخرين فيغريهم بها.
وخلاصة القول أن الصبي في مرحلة الإدراك والتمييز قبل المراهقة وثوران الشهوة لا يجوز له أن يرى من المرأة ما بين السرة والركبة، وهل يرى منها ما عدا ذلك؟ خلاف، والصحيح أنه لا يرى إلا ما يراه المحارم كالأطراف من شعر وعنق ومعصم وساق سدا لذريعة الفساد، وما قد يحصل فيما لو رأى ونقل أو اختزن ذلك في ذاكرته، فتحركت شهوته فيما بعد.
ومن هنا، فإنه لا يجوز للمرأة أن تمكن الولد وهو ابن ست فما فوقها أن يلج عليها الحمام وهي بادية العورة عارية الجسد، وإن كان لا يشتهي فقد تشتهي هي، كما قال ابن العربي، كما ينبغي عليها خارج الحمام أن تنظر لحال الطفل، وما يلزمها من التستر عنه، فالأطفال متفاوتون نباهة وإدراكاً وتمييزاً للأمور، بل ومعرفة واكتسابا
لها، وليس حكم ابن ثلاث سنين كحكم ابن سبع أو ثمان، فكلما كبر الطفل واتسع عنده الإدراك ينبغي أن يزاد في مقدار التستر عنه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/227)
اسع في إصلاح أسرتك لتنال شرف الخيرية ...
64376
أختي غير محجبة ومتبرجة و تسمع الأغاني، و لبسها غير محتشم وغير ملتزمة بصلاتها
مع العلم أني نصحتها ولكن بدون فائدة و بدأت أبعد عنها أصبحت لا أشتهي رؤيتها أو الجلوس معها مع العلم أنها مراهقة في ال16 من عمرها و أغلبية أصدقائها وأقاربها غير ملتزمين و أنا في ال 17 من عمري وأبي وأخي الأكبر ((27 سنة ))غير ملتزمين بصلاة الجماعة (( غالبية صلواتهم في المنزل )) إلا يوم الجمعة مع العلم أنهما يصليان الفرائض في المنزل وأمي غير محجبة مع العلم أنها وعدتني بأنها ستتحجب في موسم الحج القادم .. وبيتنا فيه تماثيل وصور لفتيات إعلانات وهم في لبس غير محتشم .. وغيرها من المنكرات .. وعائلتي دائما يقولون لي لا تتشدد زيادة عن اللازم وأن في زمننا هذه الأفعال عادية وكل الناس يفعلون كذا وكذا .. مع العلم أني أقول لهم أن لا يقتدوا بالذين يفعلون المنكرات ويخدعهم الشيطان و أذكرهم بالموت (( أختي وأمي )) وأبي أنا متردد أن أصارحه في الأخطاء التي يعملها مع العلم أني أتوقع أنه سيفكر بأنني متشدد أو أن يقول لي هذا شأني وليس شأنك عليك من نفسك .. وأبي وأمي يضعون نقودهم في بنك ربوي .. ماذا علي أن أفعل اتجاه عائلتي .. وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن أختك من ترك الحجاب، والتبرج، والاستماع إلى الأغاني، واللباس غير المحتشم وعدم الالتزام بالصلاة، وهي قد وصلت إلى سن البلوغ وليس سن المراهقة كما ذكرت، لأن جمهور أهل العلم على أن سن البلوغ هي خمس عشرة سنة، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 18947
.
وما ذكرته أيضا من أن أباك وأخاك الأكبر غير ملتزمين بصلاة الجماعة إلا الجمعة، وأن أمك غير متحجبة، وأن في بيتكم تماثيل وصورا لفتيات إعلانات، وهن في لباس غير محتشم، وأن أباك وأمك يضعان نقودهما في بنك ربوي، إلى غير ذلك من المنكرات ...
أقول: إن كل ما ذكرته من حال أسرتك يزيد عبء المسؤولية عليك، ويتضاعف لك به الأجر إن اهتديت إلى أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. فعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. رواه البخاري.
واعلم أن قولهم: إن كل الناس يفعلون كذا و كذا ... ليس فيه تبرير لما يرتكبونه من الآثام، فإن كثرة أصحاب المعاصي لا تدفع ولا تخفف عن أمثالهم العذاب، كما قال سبحانه وتعالى: وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ {الزخرف : 39}.
واعلم كذلك أن ما تتوقعه من تفكير أبيك بأنك متشدد، أو أنه سيقول لك هذا شأني وليس شأنك ... لا يبرر لك ترك نصحه ونهيه عما هو فيه من المنكر. لأنه لا ضرر عليك في أن يصفك بالتشدد أو يقول لك: إن هذا شأنه هو وليس شأنك أنت.
فعليك أن تشمر وتسعى في إصلاح أسرتك بأمرهم ونهيهم والدعاء لهم، ونسأل الله أن يعينك ويصلحك ويصلح بك، إنه على ذلك قدير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/228)
النظر إلى الصور الإباحية حرام وإن لم يتأثر بها الناظر ...
65677
مشكلتي هي أنني أشاهد الصور الإباحية ولكن لا أشتهي أن أفعل الزنا ولكنني أحب مشاهدتها حتى إنني لا أمارس العادة السرية مطلقا هل يجوز لي النظر إليها مع العلم أنني أصلي ولا تفوتني أي صلاة حتى الفجر أصليه وأقرأ القران وأخاف الله واستغفرته أكثر من مرة وأقلعت ولكن أعود بعد فترة لذلك أنا أسأل هل الله ينتقم من عباده الذين خالفوه مثلا لا يوفقهم في الامتحان أرجو الإجابة الدقيقة على كل فقرات الرسالة ومشكورين لهذه الخدمة التي يكافئ عليها الله ملاحظة عمري 17ونصف أي في فترة المراهقة ولست مستعدا للزواج قبل خمس سنوات قادمة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النظر للصور العارية الفاضحة ومشاهدة الأفلام الجنسية الخليعة وتصفح مواقع الإنترنت الإباحية كل ذلك محرم، ويستحق فاعله العذاب الشديد والوعيد الأكيد وانظر الفتوى رقم: 1256، 3605
وإنك وإن كنت تصلي وتقرأ القرآن فإن تلك المعصية تؤثر سلبا على عبادتك وتذهب منها الخشوع وتجلب قسوة القلب وقحط العين، كما أنها قد تجر إلى ما هو أكبر من مجرد النظر والمشاهدة والمعاصي بعضها يدعو إلى بعض وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ {النور: 21}
ولا أقل من أن ينظر الله إليك بعين السخط وقد استخفيت من الناس لتبارزه بالمعاصي، وكأنه أهون الناظرين إليك.
ولا شك أن للمعاصي والذنوب آثارا عظيمة وعواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، ومن ذلك عدم توفيق العاصي في عمله وتعسير أموره عليه وحرمانه الرزق. قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى: 30} وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم. رواه أبويعلى في مسنده.
وقال صلى الله عليه وسلم إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه ابن ماجه وصححه الحافظ السيوطي، وانظر طائفة من آثار الذنوب والمعاصي في كتاب الداء والدواء للإمام ابن القيم.
وإن الواجب عليك المسارعة بالتوبة إلى الله وعقد العزم على عدم العودة لهذا الفعل المحرم والندم على ما كان منك، فعسى الله أن يكفر عنك سيئاتك بتوبتك. قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 82}
واسأل الله كثيرا أن يرزقك العفاف ويبغض إليك الحرام وأن يمن عليك بالزوجة الصالحة التي تقر بها عينك وإلى أن تتزوج فأكثر من الصيام فإن له تأثيرا بالغا في كبح جماح الشهوة، وهذا من الطب النبوي حيث قال صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
كما ننصح بقطع الصلة نهائيا بالإنترنت إلا لحاجة شديدة، وليكن تصفحك له برفقة أحد الشباب الثقات حتى لا يسول لك الشيطان العودة لما كنت عليه من الحرام كما ننصحك بإخراج جهاز الكمبيوتر إلى مكان عام في البيت كغرفة الاستقبال أو المجلس بحيث لا تختلي بالكمبيوتر فتطوع لك نفسك فعل الحرام، ولا تصحب الشباب الفسقة الذين يزينون لك المعصية ويرغبونك فيها ويذكرون ما يرون من الحرام أمامك فتهفو نفسك أن ترى ما رأوا فهؤلاء صحبتهم مردية ولا يزيدونك من الله إلا بعدا، وفي المقابل اصحب الشباب الصالح المستقيم الذي يذكرك بالله ويعينك على فعل الخيرات، فإن صحبة هؤلاء من أعظم وسائل الاستقامة على أمر الله والتمسك بدينه وصحبة الصالحين تغري بالصلاح، وإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد وانظر الفتوى رقم: 59061.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/229)
علاج كثرة كلام المراهقات في التليفون ...
66291
مشكلتي أن لدي ابنة تبلغ من العمر 14لكنها تنشغل بالهاتف أكثر عن اللازم ...إنني على يقين بأنها لا تعمل شيئا غلطا لأن كل الذين تهاتفهم هم من بنات خالتها وخالها وخالتها وبنات عماتها ولكن المزعج في الموضوع أنها تطيل مكالماتها، ربما السبب هو الفراغ ربما حبها الكبير لهؤلاء الذين تهاتفهم أريد أن أعلمها أنه من العيب أن تطيل الفتاة المحادثات في الهاتف ولكن بأسلوب تربوي تعلمي دون أسلوب الأوامر أسلوب يرتقي بها لتفكر فيه قبل أن تنفذه ..... أفيدوني أفادكم الله.... ولكم مني جزيل الشكر ...مع العلم أنني زوجة أبيها ولست أمها الحقيقية لأن أمها قد ذكرها الله برحمته ولكني والله يعلم أحبها هي وأخواتها مثل أمهم وأكثر.
أرجو إرسال الردعلى الإيميل الخاص وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على تربية ابنة زوجك تربية صحيحة، واعلمي رحمك الله أن هذه الفتاة قد تجاوزت مرحلة الطفولة ودخلت في مرحلة المراهقة، وهذه المرحلة العمرية تحتاج إلى مزيد عناية من القائمين على تربية من يمر بها . فاستعيني بالله تعالى وسليه التوفيق في تربيتها، وتجنبي الأساليب التقريرية في تقويمها إلا عند الضرورة، واجعلي نصائحك لها يغلفها الإشفاق والرحمة حتى تعلم أن الحامل على نصحك لها هو حرصك عليها. ومن النصائح التي تقدميها لها إعلامها بأن العمر هو رأس مال الإنسان وهو أثمن ما يملك وأن ما مضى منه لا يعود، والأعظم من ذلك أن الإنسان سيسأل عن كل لحظة من عمره فيم قضاها وخاصة مرحلة الشباب، قال صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع، عن شبابه فيم
أبلاه، وعن عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وأعلميها أن الكلام مع القريبات وإن كان مباحاً، فإنه يشغل عن الخير والطاعة، وإن أهل الجنة لا يندمون إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله تعالى فيها وذلك لتفاوت الدرجات في الجنة بحسب ما حصله العبد في الدنيا من الحسنات. ولا يستوي من أضاع عمره في شهوة الكلام مع من يحب ومن أنفق عمره في طاعة الله وذكره ، وفي سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي. وأعلميها أن الإعراض عن اللغو من صفات المؤمنين الحميدة، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {المؤمنون:1ـ3}. واللغو المذكور في الآية يشمل من جملة ما يشمل: ما لا فائدة منه من الأقوال والأفعال، كما قال تعالى: َ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاما {الفرقان: 72}. ثم أعلميها أن العبد سيسأل يوم القيامة عن كل ما تلفظ به، وأن الإكثار من الكلام المباح قد يجر إلى سقط الكلام الذي فيه الوزر والإثم، قال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد {قّ:18}. وقد قال صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. رواه البخاري ومسلم. قال الإمام النووي: فهذا الحديث المتفق على صحته نص صريح في أنه لا ينبغي أن يتكلم إلا إذا كان الكلام خيراً وهو الذي ظهرت له مصلحة، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم. اهـ. ومن الأساليب التربوية بخلاف النصيحة والوعظ أسلوب القدوة، فأحضري لها بعض الكتب التي فيها قصص الصالحين من علماء الأمة الذين كانوا حريصين على استغلال أوقاتهم، ومن أجود الكتب التي اعتنت بذكر ذلك كتاب " قيمة الزمن عند العلماء" للشيخ عبد الفتاح أبو غدة. وبإمكانك التواصل مع قسم " الاستشارات " بموقع " الشبكة الإسلامية" فإنهم أكثر اختصاصا منا بالأساليب التربوية وتحفيز الإنسان وتوجيهه لعمل معين. وكذلك ننصحك بمطالعة الكتب التالية: مسؤلية الأب المسلم " للشيخ عدنان حسن با حارث" 2ـ منهج التربوية النبوية للطفل" للشيخ محمد نور سويد "
3ـ منهج التربية الإسلامية " لمحمد قطب". واستعمي لمحاضرة" كيف نفهم المراهقين" وسلسلة " محو الأمية التربوية" وكلاهما للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم، وتجدينهما على موقع طريق الإسلام . www. Islamway.com .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/230)
الهدي الإسلامي في تربية المراهقين والمراهقات ...
67272
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التربية الإسلامية تبدأ في مرحلة مبكرة من حياة الإنسان، بل تبدأ قبل ولادته بحسن اختيار أمه.
هذا، وإن الكلام في تربية المراهقين يطول ويحتاج إلى مختصين ولكننا نكتفي هنا ببعض الجمل:
أولا: ينبغي التعامل مع الفتاة المراهقة بأسلوب يختلف عن الأسلوب الذي يتعامل به مع الأطفال، فلا يحتقر شخصها ولا تسفه آراؤها؛ وإنما يحل النقاش الهادئ للأفكار الخاطئة محل الزجر والنهر.
ثانيا: ينبغي أن يوفر لها مساحة أوسع من وقت والديها وتعطى فرصة أكبر للتعبير عما بداخلها، وعلى الوالدين أن يكون استماعهم لها أكثر من حديثهم إليها.
ثالثا: ينبغي أن تشعر هذه الفتاة بأن أهلها يحبونها ويرحمونها وذلك لأنها إذا تشبعت في بيتها بالحنان والرحمة فلن يكون في قلبها فراغ عاطفي تحتاج لأن يملأه الأشخاص غير المرغوب فيهم كالشباب الذين يعاكسون الفتيات ويسمعونهن من كلمات الحب والحنان ما افتقدته الفتاة في بيتها.
رابعا: يجب على والديها أن يقطعوا عنها وسائل الانحراف فلا يمكنوها من مشاهدة الفضائيات ولا تصفح الإنترنت إلا برقابتهم وتحت إشرافهم، ولا يملكوها جهاز هاتف جوال، ولا يمكنوها من الخلوة مع المدرس أو السائق أو الطالب ونحوهم، ولكن ينبغي أن تكون طريقتهم في ذلك كله حكيمة.
خامسا: ينبغي أن توفر مكتبة متنوعة تحتوي كثيرا من المواد النافعة وليكن انتقاؤها بإشراف بعض طلاب العلم.
ولمزيد تفصيل حول التعامل مع المراهقين يمكنكم الاستماع إلى محاضرة بعنوان كيف نفهم المراهقين للشيخ محمد إسماعيل المقدم، وهي على صفحة الشيخ في موقع طريق الإسلام www.islaway.com وكذلك محاضرة للدكتور عبد الكريم البكار بعنوان: آباء يربون، وانظروا كتاب منهج التربية الإسلامية للشيخ محمد قطب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/231)
المصافحة والتقبيل لغير المحارم ...
67546
ما مدى مشروعية تسليم (ملامسة الخدين) المرأة على أخي زوجها وأبناء أخ أو أخت زوجها إن كانوا في مستوى سنها أو يكبرونها سنا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تصافح غير محارمها من الرجال لا باليد ولا بالخد ولا غير ذلك، سواء كانوا في سنها أو أكبر منها إلا أن يكونوا صغاراً فلا بأس بتقبيلهم على سبيل الرحمة والشفقة كما في الفتوى رقم: 24392 .
وأما من كان في سن المراهقة ومن بلغ رشده فلا يجوز لها مصافحتهم ولا تقبيلهم، بل التقبيل والمصافحة بالخد أشد حرمة من المصافحة باليد، لما يترتب عليه من تحريك الشهوة وذهاب الحياء والغيرة.
فالواجب على من وقع في ذلك التوبة إلى الله تعالى، وأخوالزوج وأبناؤه وأبناء إخوة الزوج يعتبرون من الرجال الأجانب غير المحارم هذا هو الأصل، وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان تحريم مصافحة المرأة الأجنبية للرجال الأجانب، فانظر الفتوى رقم: 15599، والفتوى رقم: 47011، والفتوى رقم: 61180، والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/232)
التوبة من الذنب والاستتار بستر الله تعالى ...
67928
إخواني الأعزاء أود أن تساعدوني في حل مشكلة أعاني منها من أكثر من سنة.كنت على علاقة بشاب وأنا في سن المراهقة استمرت 3 سنين و قمت بقطعها في أول سنة جامعية لي بعد أن بدا عقلي في التفتح وبدأت أدرك مجرى الأمور.لم نكن نتسلى وإنما كان القصد شريفا فعرفني إلى عائلته كاملة ولكن بدأت أستوعب أنه ليس بالشخص السوي حيث كان معقد الأفكار و يناديني بالشتائم على أتفه الأمور.مضى على تركي له عام و لكنه نوعاً ما لم يستوعب ذلك بعد, حيث يحاول الاتصال بي من حين لآخر و أنا أصده و قمت بإخباره بأنني مخطوبة.المشكلة أنني أنوي الخطبة من رجل آخر على دين و خلق و أخاف من أن يقوم ذلك الشاب بشكل أو بآخر بفضحي أمام خطيبي مع العلم بأن الشاب مقيم في بلد آخر و ليس هناك من وسيلة اتصال سوى الهاتف فهو لا يعلم عن مكان إقامتي و لم يسبق له زيارة بلد إقامتي و إنما التقيته في بلدي الأصلي لمدة أسبوعين فقط في كل عام حيث كان يدرس في الجامعة وقد قمت بأخطاء معه نادمة عليها أشد الندم و لا يشرفني ذكرها و كل ما تذكرتها أحتقر الشاب و هذا سبب تركي له و أحتقر نفسي و أرجو من الله أن يسامحني فكنت صغيرة طائشة.هل إن قام بفضحي أمام خطيبي عليّ الإنكار قائلة بأنه كاذب و إن كان هناك دليل فأثبته ؟هل علي التستر على نفسي وأنا من أعماقي أعلم بأنني أخطأت و ما يقوله الشاب صحيح؟هل يعتبر التستر على خطئي كذبا يعاقبني عليه الله؟ولكن الله يقبل التوبة و أنا تبت و الحمدلله و إن قلت الحقيقة فبالتاكيد خطيبي سيتركني.أنا
حائرة بين ضميري و حبي لخطيبي أرجو المساعدة.أنا ضائعة بين شعوري بالذنب وحبي لخطيبي و رغبتي في أن أعيش حياه سعيدة.هل علىّ أن أدفع ثمن خطئي مدى الحياة؟علماً بأنني قد أخبرت خطيبي عن الشاب و لكن ليس بكل التفاصيل طبعا و قد عذرني قائلا كنت صغيرة و ليس هناك من هو معصوم عن الخطأ و الحمدلله أنك لم تلتقيه فقط مكالمات هاتفية فأنت في بلد و هو في بلد , و لكن هذا ليس صحيحا ولكن فضلت إخباره حتى و إن كان كذبا على أن أتركه لا يعلم عني شيئا.أحب خطيبي و أنا وفية له ولا أخفي عنه أي شيء حتى أنني أخبرته أن الشاب يحاول الاتصال بي.سؤالي هو هل علي التستر على نفسي أم يعتبر ذلك كذبا والله لا يرضى به ؟هل أنا إنسانة سيئة بسبب ما اقترفت في الماضي و لا أستحق سوى إنسان سيء؟
شكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للأخت أن تستر نفسها ولا تخبر خطيبها ولا غيره بما حصل منها مع ذلك الشاب ، فإن الله ستير يحب الستر وفي الحديث : اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها ، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله تعالى . رواه الحاكم والبيهقي وبنحوه مالك في الموطأ ، وصححه الحاكم وابن السكن والألباني .
وعليها أن لا ترد على هذا الشاب إذا اتصل بها ، ولو تطلب الأمر تغيير رقم هاتفها فلتفعل ، وعليها التوبة إلى الله من هذه الذنوب ، والإكثار من الأعمال الصالحة فإن الحسنات يذهبن السيئات، ويمكنها أن تستعمل التورية إذا وصل إلى علم خطيبها شيء من ذلك ، ولا بأس بالكذب هنا للحاجة ولدفع مفسدة أعظم ، وتقدم بيانه في الفتوى رقم :7758 .
ولتعلم أن التوبة تجب ما قبلها، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وليس هناك معصوم من الخطأ ، والسيئ هو الذي يصر على الذنب ، وما دامت تابت فهي ليست سيئة إن شاء الله .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/233)
واجب الأهل تجاه المراهق الذي يصاحب الأجنبيات ...
68804
لدي أخ عمره 14 سنة دخل في مرحلة المراهقة من جديد و أصبح يصاحب البنات و ما شابه ذلك.
وأنا أحاول أن أشده إلى الصلاة في بعض الأحيان و أحدثه بالدين دون أن يعلم بأني أعرف كل شيء عنه ولكن دون جدوى. و أنا و عائلتي نسكن في دولة أوروبية و أخاف أن أضغط عليه كثيرأ فينفر من الدين بشكل كامل و يزداد سوءا.
أرجوكم أفيدوني ما ذا أفعل لأساعد أخي قبل أن يسقط في الكبائر و العياذ بالله.
جزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نبه العلماء والمربون إلى أنه ينبغي للوالدين أن يحرصا على تربية الطفل وغرس مبادئ الخير فيه مبكراً كما قال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته: ليسبق إلى قلوبهم من فهم دين الله وشرائعه ما ترجى لهم بركته وتحمد لهم عاقبته، وقد قيل: التعليم في الصغر كالنقش في الحجر ، والطفل في صباه كالغصن الرطيب توجهه وتميله أينما شئت، فأما إذا شب عن الطوق ودخل سن المراهقة سيما في تلك البلاد التي يقل فيها الجليس الصالح ويكثر جليس السوء فمن الصعوبة بمكان تطويعه، وقد ملأ عينيه وأذنيه بالملهيات والمغريات فيحتاج إلى صبر ومجاهدة وحرص . والدعاء فدعوة الوالدين لا ترد . ومداومة النصح والتعليم وإيجاد صحبة صالحة له تعينه على الالتزام وتسلك به طريق الرشاد والابتعاد به عن أصدقاء السوء فإنهم قاصمة الظهر وتأثيرهم على سلوكه وأخلاقه مثل النار في هشيم اليبس، وقد قيل
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
وقيل:
واختر صديقك واصطفيه تفاخراً إن القرين إلى المقارن ينسب
واحذر مصاحبة اللئيم فإنه يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب .
وقد بينا واجب الأهل تجاه المراهق المعرض عن الصلاة وكيفية نصحه وإرشاده وذلك في الفتوى رقم : 57750 ، فنرجو مراجعتها . نسأل الله تعالى أن يهديه ويشرح صدره للإيمان ويوفقه لما يحبه ويرضاه إنه سميع مجيب .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/234)
توبة المسلم من النظر الحرام ...
69057
وأنا في سن المراهقة تلصصت على امرأة عزباء وهي تغتسل، هل تكفي التوبة من هذا الذنب أم أن للمرأة حقا علي؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يغض بصره ويحفظ فرجه ويتقي الله تعالى في سره وعلانيته، فقد قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، وقال تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ {غافر:19}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: .... فالعينان تزنيان وزناهما النظر..الحديث. رواه البخاري ومسلم.
ولذلك فإن عليك المبادرة بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل والعزم الجازم ألا تعود لمثل ذلك فيما بقي من عمرك، فقد قال سبحانه وتعالى: ... وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا*.....إلى أن قال: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:69-70}، وقال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن
تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}، فإذا صدقت توبتك غفر ذنبك ولا يشترط لذلك إعلام المرأة بل لا يجوز لك إعلامها، فإن عليك أن تستر نفسك ولا تعلم أحداً بما جرى، ولتعلم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/235)
توجيهات للناشئة في مواجهة الفتن والشهوات ...
71778
تركت ولدي البالغ من العمر ال 17 سنة يبحر في الأنترنت
على الحاسوب الموجود بالبيت قصد الحصول على معلومات
تفيده في دراسته , و بعد الانتهاء فتحت الحاسوب واطلعت عما كان يزور من مواقع فوجدت من بين المواقع ما هو إباحي وصور لنساء عاريات. لم أشعر ابني بما رأيت وقمت بطرح السؤال على مختصين في التربية لعلي أجد من يرشدني ويقول لي ماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تربية الأبناء من أهم الواجبات، والله سائل أولياء أمورهم هل حفظوا ما اؤتمنوا عليه أم ضيعوا؟ فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم6}.
ومرحلة المراهقة هي أخطر مرحلة يمر بها الإنسان حيث إن للإنسان فيها تغيرات جسمية وعقلية وعاطفية وجنسية، والشيطان حريص على إغوائه في هذه المرحلة.
فنقول: قد أحسن الأخ السائل حين سأل قبل أن يقدم على أي تصرف مع الولد ، (فإنما شفاء العي السؤال) ومن خلال اطلاعنا على ما قاله المختصون في التربية في هذا الجانب وجدناهم ينصحون بما يلي :
-الحرص على ربط الفتى بصحبة صالحة، فإن صحبة الصالحين تغري بالصلاح، والصاحب ساحب، وكما قيل: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي، فابحث له عن الشباب المستقيم المتمسك بالدين لينخرط فيهم، ويعبد الله معهم، ويشهد معهم صلاة الجماعة، ويطلب معهم العلم النافع،
-الحرص على شغل وقته بالنافع والمفيد من أمور الدين والدنيا، ولا يترك فارغا فإنه من أعظم المفسدات في هذه المرحلة ، كإشراكه في أي نشاط جماعيٍ هادفٍ حولكم، حيث يستُفيد ويفيد،
- المبادرة والإسراع بتزويجه فقد قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
- كثرة الدعاء له بالخير والتوفيق والسداد
- حثه على فعل الطاعات من: واجبات ومستحبات، والبعد عن المحرمات والمشتبهات والمكروهات.
- عدم تمكينه من استخدام الانترنت وغيره من الوسائل بطريقة غير صحيحة ، وإبعاده عنها إلا في ما لابد منه ، ولا يسمح له بتصفح الانترنت إلا ومعه غيره والوسيلة في ذلك أن يوضع الجهاز في مكان عام في البيت بحيث لا ينفرد الولد بمشاهدة ما لا يحسن مشاهدته.
هذه بعض التوجيهات المفيدة في هذا الجانب، ويمكن تصفح موقع : المربي على الإنترنت ، ويشرف عليه الشيخ محمد عبد الله الدويش ، وهو من أفضل المواقع العربية المختصة بتربية الناشئة .
كما ننصحه بالاستماع إلى الأشرطة الإسلامية ومنها: (توبة صادقة) للشيخ سعد البريك، (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله) للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، ومحاضرة (على الطريق) للشيخ علي القرني، وتجد هذه الأشرطة على موقع طريق الإسلام islamway. com على الإنترنت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/236)
الترياق الشافي لضعيف الثقة بنفسه ...
71782
أنا شاب أغواني الشيطان في بداية سن المراهقة فلم أترك شيئا من القبائح إلا وفعلته من العادة السرية واللواط والسرقة والكذب وغيرها الكثير من القبائح التي فعلتها وأنا الآن تائب إلى الله وراجع إليه منيب مستغفر من ذنوبي وأسأل الله أن يتقبل توبتي : مشكلتي أنني وقد حباني الله بكثير من المواهب أريد أن أنفع أمتي ومجتمعي بما آتاني الله من علم وفقه (مع العلم أنني الآن طالب جامعي تخصص تربية إسلامية) ولكني أحس بأن عرضي قد ضاع وكما يقال بأن كل شيء يمكن استرجاعه إلا العرض فإنه أغلى ما يملكه الإنسان فماذا يبقى له إن ذهب عرضه ؟ لذا أحس أني لست بأهل لأن أنصح الناس وأوجههم وأرشدهم وقد كان مني ما كان من انتهاك لعرضي وما إلى ذلك، ما أريده هو أن أستعيد ثقتي بنفسي وأكون عضوا فاعلا نافعا في مجتمعي ؟
بارك الله فيكم.
.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى أنه ما من ذنب وإن عظم يتوب صاحبه منه توبة نصوحا إلا تاب الله تعالى عليه ، فضلا منه ورحمة وجودا ، قال تعالى : قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ {الزمر: 53 ـ 54 } وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها . أخرجه مسلم عن أبي موسى
ومن فضل الله جل وعلا بعباده أنه يبدل السيئات حسنات إذا أخلص المرء في توبته وعمل أعمالا صالحة ، قال تعالى : وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68 ــ 70 } .
ثم ما ذكرته من ضعف الثقة بالنفس هو عرَض من أعراض ضعف الإيمان ، وخير ما يعين على علاجه هو تقوية الإيمان والثقة بالله ، وترك الوساوس والخيالات الفاسدة ، والمحافظة على الفرائض والإكثار من الأعمال الصالحة ولا سيما الصدقة وقيام الليل والدعاء والذكر .
ثم اعلم أنه يجب على الإنسان أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله ولو كان مقصرا في دينه، فتقصيره في دينه ليس عذرا له في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله ، لأنه لو لم يعظ إلا معصوم من الزلل لم يعظ الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد لأنه لا عصمة لأحد بعده .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/237)
شروط جواز تعليم المرأة الرجل ...
71797
أنا شاب عندى 25 عاماً هل يجوز لزوجة خالي أن تعلمني التجويد وحفظ القرآن حيث إن ابن خالي يكون معي أيضاً للتعليم نظراً لأني لا أجد مسجدا ذي ميعاد مناسب لي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لك أخي الكريم أن تبحث عن رجل يعلمك القرآن ولو كلفك ذلك أن تذهب إليه في مدرسة لتحفيظ القرآن أو منزله أو غير ذلك ، ولن تعدم معلما لكتاب الله تعالى ، فإن تعسر عليك ذلك ولم يكن أمامك أن تتعلم إلا على زوجة خالك ، فينبغي أن يكون ذلك من وراء حجاب ، وفي وجود زوج أو محرم لها، ويشترط في المحرم أن يكون صاحب وجاهة بلغ سن المراهقة وإن لم يصل سن البلوغ ، ويشترط في المحرم أيضا أن تكون حرمته أبدية كالولد مثلا ، وانظر الفتوى رقم : 26618 ، والفتوى رقم : 50422 ، قال الإمام ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج ( ولو أصدق تعليم قرآن ) نفسه ( وطلق قبله فالأصح تعذر تعليمه ) لأنها صارت محرمة عليه ، لا يجوز الاختلاء بها ، والثاني: لا يتعذر بل يعلمها من وراء حجاب في غير خلوة ، الكل إن طلق بعد الوطء ، أو النصف إن طلق قبله . اهـ .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/238)
النظر إلى المرأة الأجنبية من أسباب الفتنة ...
71856
أنا شاب في ال14 من عمري هل يجوز لي النظر إلى امرأة بالغة من دون حجاب ؟ ولو نظرت إلى العالم تجد أنه يوجد نسبة كبيرة من النساء غير المحجبات ! وفي المسلسلات هل يجوز النظر إلى يد المرأة غير المحجبة؟ وأرجو أن تقدم لي شرحا وافيا ؟
وجزاك الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد ظهرت عليك واحدة أو أكثر من علامات البلوغ ، كالاحتلام وإنبات شعر العانة ، أو بلغت سن خمس عشرة سنة قمرية ( هجرية ) فأنت حينئذ مكلف ، فلا يجوز لك النظر إلى شيء من جسد المرأة الأجنبية أو إلى صورتها، فوتغرافية كانت هذه الصورة أو عبر شاشة التلفاز ، فكل هذا من أسباب الفتنة ، وإن كنت تقصد بوجود نسبة كبيرة من النساء غير المحجبات أن هذا مما يسوغ النظر إليهن فهذا غير صحيح ، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم : 19075 ، والفتوى رقم : 3214 .
وإن لم تصل إلى سن البلوغ فأنت في سن المراهقة ، والمراهقة مقاربة البلوغ ، وقد نص بعض أهل العلم على أنه يجب على المرأة الاحتجاب من المراهق كما سبق أن بينا بالفتوى رقم : 46022 ، والفتوى رقم : 30063 .
ولمعرفة حكم مشاهدة المسلسلات راجع الفتوى رقم : 1791 ، ففيها تفصيل جيد .
وننبه إلى أنه ينبغي للمسلم أن يسعى في تحصيل ما تزكو به نفسه ، ويحيى به قلبه من نور الإيمان وحلاوة الطاعة ، فإن حياة المرء بحياة قلبه ، قال تعالى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا {الشمس: 9 ـ 10 } والواجب الحذر من الذنوب والمعاصي فهي من مدنسات النفس ومكدرات صفو القلب ، قال تعالى : كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {المطففين: 14 } .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/239)
المراهق كالبالغ في حرمة النظر والاختلاط ...
72644
أرغب في الزواج من امرأة مطلقة ولديها طفلان ذكر وأنثى، وأنا لدي طفلة وجميعهم أعمارهم لم تتعد 4 سنوات، فهل يجوز إقامة كريمتي معي في ذات المسكن مع ابن المرأة التي أريد الزواج بها مع تخصيص حجرة منفصلة لكل منهما حتى بعد سن البلوغ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك، فإن هذا السن لا يتصور فيه وقوع المحذور الشرعي، ولكن إذا وصل كل منهما سن المراهقة والشهوة وإن لم يبلغا فيجب الحيلولة بين نظر بعضهم إلى بعض، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (والمراهق كالبالغ
في) حرمة (النظر) فيلزم الولي منعه منه.... لظهوره على العورات (لا) في حرمة (الدخول) على النساء الأجانب بغير استئذان، بل يجوز بدونه (إلا) في دخوله عليهن (في الأوقات الثلاثة) التي يضعن فيها ثيابهن فلا بد من استئذانه في دخوله فيها عليهن لآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ. (ويمنعه الولي) وجوبا من النظر إليهن كما يمنعه وجوبا من الزنا وسائر المحرمات، ويلزمهن الاحتجاب منه (كالمجنون) في ذلك (وللمميز) غير المراهق (والمحرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة الخلوة ونظر ما فوق السرة وتحت الركبة) لقول الله تعالى في المحرم: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ... الآية، ولأن المحرمية معنى يمنع المناحكة أبداً فكانا كالرجلين والمرأتين، والمميز غير المراهق في معنى المحرم. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 63990 وفقك الله لنيل رضاه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/240)
سبيل النجاة من مزالق فترة المراهقة ...
72878
أنا مراهقة أبلغ من العمر 15 سنة أود أن أصرح على أن المراهقة ليست مشكلة أبدا لديَّ ففي نظري أنه ليس من المشكلة أن يعاني الشخص أو المراهق خاصة جراء هذه المرحلة. هل تفكيري منطقي ؟
وشكرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المراهق إذا ضبط نفسه وغرائزه بالضوابط الشرعية فلزم غض البصر والبعد عن مخالطة الأجانب وأهل الفساد, وشغل فكره بمعالي الأمور, فعمل برنامجا لتعلم ما يعينه من أحكام دينه، وظل يغذي إيمانه ويزكي قلبه بما في كتب الحديث والرقائق من الأحاديث المتعلقة بالغيب وبوعد الله ووعيده, وصاحب أهل الخير وتعاون معهم وعمل بدعوة الناس إلى ربهم وترغيبهم وترهيبهم وتبشيرهم وإنذارهم بما يعلم من الوعد والوعيد, وربطهم بخالقهم بتذكيرهم بنعمه وقدرته عليهم. فمن كان هكذا لم تكن مرحلة المراهقة مشكلة له كما لم تكن مشكلة لفتيان وفتيات الصحابة فكانوا يتنافسون في الخير ويتسابقون إليه فقد كان مصعب بن عمير فتى مدللا ولكنه بعد الإيمان أصبح شخصا آخر يهتم بمعالي الأمور وأرسله النبي صلى الله عليه وسلم معلما لأهل المدينة فأتاها والإسلام فيها قليل وبعد سنة من قدومه دخل الإسلام أغلب البيوت .
وأما إذا فتح المراهق قلبه وعينيه وأذنيه للسموم التي يلقيها الشيطان عبر وسائله الكثيرة فأطاعه فيما يزينه للناس, وتابع أهل السوء فيما خطط لهم الشيطان, فإن هذه المرحلة تكون مشكلة بالنسبة له لأنه لا يزال غرا, فربما تمكن الفساد من قلبه فأفسد عليه دينه ودنياه وآخرته ، فعلى المراهق أن يهتم بنفسه, وأن يحملها على سلوك طريق الهداية, وعلى ولي أمره أن يتعهده بالرعاية والتربية الصالحة والسعي في
وقايته من النار بتعليمه وهدايته ، وللمزيد في الموضوع راجعي الفتاوى التالية أرقامها : 68992 ، 67272 ، 25265 ، 61972 ، 24094 ، 12928 ، 16541 ، 16878 ، 16433 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/241)
آثار الإدمان على العادة السرية ...
73273
لا أعلم كيف أبدأ لكنى أعلم أن سؤالي قد تمت الإجابة علية كثيرا، وقد تم تقديم كثير من الحلول والشرح ولكن ما سأقصه عليكم يستحق التدبر والإجابة حتى ولو كنتم أجبتم على مثل هذا السؤال كثيرا .
لي أخ اصغر مني ب 11 عاما وعنده 21 سنة و لقد تمت تربيته على يدي ورأيته ينمو أمام عينى فلذلك أحبه حبا جما ..... أخي متدين ومستقيم تارة ومكتئب ومحبط تارة أخرى ....... كنا نراه في ذلك الحال وكنا نقول عادى لأنه في فترة المراهقة ولكن اكتشفنا أنه يمارس العادة وواجهناه بالحقيقة واتخذنا معه كافة الإجراءات وكافة النصائح ولكم ملخص ما حدث :
أخي أصبح كالمجنون وفشل في دراسته ورسب أربع سنوات وخارت قواه من الصوم وعدم الأكل وكثرة الممارسة وأصبح وحيدا لا يتكلم مع أحد حتى أنا، وكثيرا ما تصيبه حالة هيستيرية ويكسر أثاث البيت وهو يصرخ مش قادر ابطل مش قادر ابطل مش قادر ابطل وكثيرا ما فكر في الانتحار
1. فكرت في أن أزوجه لكن من ستتزوج فاشلا لم يكمل تعليمه.
2. وجدنا له عملا جيدا ومحترما بالرغم من عدم وجود الشهادة، ولكنه يذهب للعمل وفجأة يقول لا لن أعمل ولن أذهب للعمل أنا فاشل (بالطبع عند ما يمارس ).
3. غيرنا له مجرى دراسته لأنه قال إن الكلية هي السبب، ولذلك اعتقدنا أن ما يوجد في الكلية من مثيرات هي السبب !!!!!!!!
4. تحدثنا معه كثيرا ويقتنع ويبكى ولكن سرعان ما يعود.
5. أدخلناه في وسط صحبة صالحة تعينه على العبادة وشغل وقته في أشياء مفيدة لكن سرعان ما يعود.
6. ذهبنا به إلى سكن جديد وأصبحت حياته مسجدا ونادي للرياضة والدراسة والتغذية وكانت هذه أحسن الأفكار التي استمرت شهرا واحدا فقط ثم عادت ريما لعادتها القديمة !!!!!!
7. في يوم من الأيام أبعدناه عن المدينة بأسرها ولكن مثل ما فات حدث ما حدث !!!
كثيرا ما نراه يصلي الليل كله باكيا سائلا الله عز وجل العفة وكشف البلاء.
في النهاية بعد كل هذه المحاولات أخبرتة أنه من الممكن أن تعتبر العادة السرية ليست حراما وأن تمارسها ثم تستغفر الله حتى يستريح ضميرك وأن لا تفشل وتهدر مستقبلك من باب أخف الضررين
أعلم أن ما أقوله غير صائب ولكن أستحلفكم بالله ماذا نفعل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أخي ينحدر ويهدر مستقبله وأصبح معقدا نفسيا وغير قادر على التفاعل مع المجتمع مكروها من أصحابه وممن حوله - أقسم لكم بالله أنه أصبح من المشردين بعد ماكان شابا يافعا ينبض بالحياة محبوبا من كل الناس .
اتفقت مع أخي أننى سأبعث لكم وأننا سننفذ ما تفتونا به لأنه لم يقتنع بما قلته له، وأصدقك القول ولا أنا مقتنع ولكن ما هوا لحل ؟
أخي كالمدمن أفتونا ما هو الحل ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم -أيها الأخ الكريم- أن ارتكاب المحرمات والإصرار عليها من أعظم أسباب الحرمان من الظفر بالمطلوب، ومن أكبر أسباب نزول المصائب. قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ{الشورى:30}
كما أن الإعراض عن ذكر الله سبب في تعاسة الحياة، قال الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}.
وقد يحرم المرء من الرزق بسبب ذنب أصابه، روى الإمام أحمد من حديث ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
فلعل إدمان أخيك على هذه الممارسة السيئة هو السبب فيما هو فيه من سوء الحال.
فعليه أن يتوب إلى الله ويكثر من الذكر والاستغفار، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا. رواه أبو داود وابن ماجه.
كما نوصيه ونوصيكم بالدعاء له، فقد قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60}. وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}
ولك أن تراجع في شروط إجابة الدعاء فتوانا رقم: 2395.
ونسأل الله أن يصلح حال أخيكم، ويسلك به صراطه المستقيم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/242)
كلام المرأة مع الرجال بواسطة الإنترنت ...
75081
أنا فتاة في أوائل العشرينيات، في عمر المراهقة تعرفت على شاب ومارست معه الحرام وأعطيته نفسي، المهم بعد حوالي سنتين بهذه الطريقة مع هذا الشاب انفصلت عنه وأنا نادمة أشد الندم على ما فعلته وقلت لنفسي بأن لن أعطي نفسي لشاب بهذه الطريقة من ممارسة الحرام، والآن بعد مرور حوالي سنتين وأنا أصلي وأكثر من لبس الحجاب لكي أنوي نية الحجاب عن قريب وأحاول من الإكثار من عمل الخير، ولكن لدي أسئلة أتدري لو هذه الأشياء أثرت أو تؤثر على توبتي، السؤال الأول: يوجد شاب هو بمثابة أخ لي رغم أنه كان سوف يتقدم لي لكنني رفضت وهو يعلم الآن أنني أعتبره أخا، فهل حرام إذا اتصلت به لأسأل عنه كما هو يتصل ليسأل عني
أو حتى إن لم يتصل، هل حرام إذا اتصلت عليه في يوم عيد مثلا لأهنئه أو إذا وجدته على
net مثلاً أو إذا أعطيته رقمي الجديد، هل هذا عادي ولم يؤثر أو لم يكن يؤثر على توبتي, مع العلم بأنه في بلاد أخرى؟
السؤال الثاني: يوجد شاب في بلد آخر أيضا يريد أن يتقدم لخطبتي وأنا موافقة إلى حد ما، ولكن قلت له بأنني أريد أن أكمل تعليمي، فهل عادي أيضا في هذا السؤال أن أتحدث مع هذا الشاب في الـ net أو أن أسأل عنه عندما يسأل عني إن كان هذا عن طريق رسالة أو اتصال أو حتى إن لم يتصل عادي أتصل به في يوم عيد مثلاً أو عادي أن أعطيه رقمي الجديد، فهل هذا يؤثر على توبتي, كما ترى من السؤالين أنهما تقريبا متشابهان، ولكن لا أدري يمكن لكل حالة جواب، فهل ما أفعله حرام ويؤثر على توبتي أو أنه شيء عادي أن أسأل على من يسأل علي أو أنه بحسن نية مني أن أتصل وأبارك في العيد مثلاً حتى إن لم يتصل، وهذا لاحترامي لذاك الشخص أو أن أسأل عليه حتى إن لم يسأل، خاصة في السؤال الثاني طبعا كل هذا وأنا أحترم نفسي لقد تعلمت مما سبق وأنا الآن عقلت عن قبل ولا أريد أن أغضب الله سبحانه وتعالى في شيء أريد أن أسير في الدرب الصحيح، وإن كان هذا حراما فماذا أفعل أترك من يسأل علي أو ماذا أقول خاصة لسؤال الثاني, فكما ترى أنها أشياء فيها صفاء نية إن كانت في السؤال الأول فهو كأخ وفي السؤال الثاني فهو شخص يريد أن يتقدم لي؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك بالتوبة, واحرصي على الاستقامة, وابتعدي عما يجرك لماضيك. وأما الكلام مع الرجال فهو مباح إذا ضبط بالضوابط الشرعية، بأن كان في حدود الأدب ولم يكن فيه خضوع بالقول ولا ما يثير الريبة ولم تحصل خلوة شرعية.
إلا أن الأولى البعد عنه إذا كان بواسطة الإنترنت لأن كلا من المتحدثين يتحدث وهو خال بنفسه وبمحدثه, وقد يغويه الشيطان فيضعف أمام نفسه وينجر للرذيلة والفساد. وعليك بدعاء الله أن ييسر أمورك ويرزقك زوجاً صالحاً، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30792، 11507، 38423، 20415، 61937، 32981.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/243)
هل تحتجب المرأة من المراهق ...
76636
ابن خالتي يبلغ من العمر 12 سنة وهو عندما يأتي لزيارتنا يبقى معنا أسابيع في البيت، فهل أتحجب عنه في هذا السن أم لا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصبي إذا بلغ اثنتي عشرة سنة ولم يكن قد بلغ بعلامة أخرى من علامات البلوغ كالاحتلام فهو في سن المراهقة، والمراهقة مقاربة الشخص للبلوغ ولما يصل إليه بعد، وفي هذه الحالة يجب على المرأة الاحتجاب منه، ولا يمنع من الدخول على النساء، لأنه ليس ببالغ، ولا يلزمه الاستئذان في الدخول عليهن، إلا في الأوقات التي يضعن فيها ثيابهن، ولكن إذا دخل وجب على المرأة أن تبتدر حجابها، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (والمراهق كالبالغ في) حرمة (النظر) فيلزم الولي منعه منه... لظهوره على العورات (لا) في حرمة (الدخول) على النساء الأجانب بغير استئذان، بل يجوز بدونه (إلا) في دخوله عليهن (في الأوقات الثلاثة) التي يضعن فيها ثيابهن، فلا بد من استئذانه في دخوله فيها عليهن لآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ... (ويمنعه الولي) وجوباً من النظر إليهن، كما يمنعه وجوباً من الزنا وسائر المحرمات، ويلزمهن الاحتجاب منه (كالمجنون) في ذلك. انتهى، أما البالغ فحكمه حكم الرجال.. وفقك الله لنيل رضاه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/244)
حكم الأخذ من الحاجبين الكثيفين ...
76801
في البداية أنا فتاة عمري 18 سنة،، أدرس في الجامعة، والحمدلله محافظة على الصلاة والقرآن و ..الخ
ما أريد أن آخذ مشورتكم فيه وهو أمر يحيرني كثيرا جدا:
أولا : أنا حواجبي كثيفه جدا جدا، أي أنه نادرا ما تكون حواجب الفتيات كذلك, بل وحتى في الرجال, وهذا ما سبب لي عقدة من الصغر، تصوروا أنه منذ أيام الطفولة وأصدقائي يسخرون مني,, وهذا أكيد أثر على نفسيتي كثيرا. المهم وصلت إلى سن المراهقة وبدأت بالإزالة من الحواجب،، وكنت أجعلها رقيقة جدا جدا,, وكأنني أعوض ما كنت أعاني منه. ولكني الآن عرفت حكم النمص أو الحف,, وأنه طبعا حرام, ولكني سمعت أن من حواجبها كثيفه جدا ومشوهة لها,, يمكن لها إزالة ما يسبب لها الضرر حيث الغرض هنا تحسين المنظر وعدم التعرض للأذى من الآخرين. واستخدمت البحث في شبكة الانترنت ووجدت موقعكم الذي وثقت به،، ووجدت فيه الفتاوى التالية أرقامها: 13654,,20494 ، تشابه حالتي،، ومما فهمت أنه يجوز أن آخذ من الحاجب لإزالة الضرر، ولكنني أخاف الله جدا,, ظنا أن أكون ملعونه إذا فعلت هذا الفعل ومن جهة أخرى لا أتحمل نظرات الناس لي ( على الرغم أنه النص في الفتوى أجاز لي ذلك) ولكن ما زلت أشك,, ماذا أفعل ؟ وأيضا مذكور في الفتوى تجوز الإزالة ليصل الحاجب إلى الشكل الطبيعي المقبول, والحقيقة أنني لو أزلت القليل جدا ستبقى على ما هي عليه عريضة وكثيفة،، ولكي أصل للحد الطبيعي علي إزالة الكثير ( وذلك لأن حواجبي كثيفه جدا جدا) فأرجوكم أفيدوني،، فأنا لا أريد أن أكون ملعونة،، وفي نفس الوقت لا أتحمل نظرات الناس(( ويعلم الله
أنني لست معترضة على خلقته)) علما أنني جربت التشقير ولم يناسبني فقد زاد الشعر أكثر وفي حالة الحواجب الكثيفة جدا والسوداء فالتشقير لا ينفع بل يشوه أكثر,, أما إذا كانت عادية فإنه يفي بالغرض ؟
وشكرا لكم..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان وضع حاجبيك خارجا عن طور الحاجبين الطبيعيين خروجا ظاهرا وملفتا ومشينا فإنه يجوز لك الأخذ منهما بالقدر الذي يجعلهما غير مشينين، وقد ذكرنا هذه المسألة في الفتوى التي ذكرتها السائلة فنرجو منها مطالعتها ومطالعة ما أحيل عليه فيها .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/245)
من أدب المؤمن عند البلاء
تاريخ الفتوى : ... 13 شعبان 1427 / 07-09-2006
السؤال
بارك الله فيكم أنا سيدة مؤمنة بالله ومتوكلة عليه لكن أشعر بالضيق الشديد بهذه الحياة وأشعر بأن أبواب الحياة مغلقة بوجهي والحمد لله على كل حال باختصار مشكلتي أني متزوجة منذ خمس عشرة سنة ومتزوجة صغيرة السن وعندي أولاد وبنات وعمري 38 سنة وحتى هذه الفترة من زواجي لا أعرف معنى للمتعة الجنسية التي تحصل بين الأزواج وزوجي منذ البداية لا يعني لي شيئا كذكر الآن مشكلتي أني دائمة التفكير بمشكلتي التي باتت قديمة وكل ما بي أشعر باليأس والحزن
من هذه الحياة بسبب هذه المشكلة وأصبحت أفكر بالرجال وأنظر لبعضهم نظرة شهوة وأتمنى أن أحصل على الشعور (المتعة الجنسية) ولو مرة واحدة بحياتي حتى أعرف معنى اللذة أو الرعشة التي أسمع بها فقط أصبح أولادي بسن المراهقة وأصبحوا يشعرون بالجنس وأنا أشعر بغيرة رهيبة منهم بما أني لم أحصل على المتعة الجنسية في حياتي صرت أتمنى أن أحصل على هذا الشعور مع نفسي بممارسة العادة السرية ولكن أشعر بالعجز تجاه ذلك أيضا محتارة جدا بموضوع زواجي بدون علاقة للأسف ماذا أفعل أرجوكم ساعدوني مع العلم أني توجهت لأكثر من طبيب نفسي ونسائي ولكن بدون جدوى زوجي لا يعاني أي مشكلة هل هذا حسد من بداية زواجي أم أنا مريضة أم ماذا ؟؟؟؟؟؟ أصبح عندي حالة قلق رهيبة وأصبحت آخذ مهدئا منذ أربع سنوات تقريبا نصف ملغم- زناكس- يوميا من مرتين إلى ثلاث مرات ونومي مضطرب هل هذا العلاج خطير وأين تكمن خطورته ؟؟؟؟ سؤالي أنا في محنة أشعر باليأس لأني لا أفكر بالطلاق بتاتا وأشعر أني محرومة من شيء محلل لي أكاد أشعر بالجنون من أين أبدأ بحل مشكلتي وهل هذه مشكلة مستعصية أرجوكم أن تكون مشكلتي مهمة بين أيديكم لأني قسما بالله أعيش بهم وأشعر بأنه وبارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أيتها الأخت الكريمة أن تثقي بالله تعالى ، وأن تجتهدي في عبادته، فإن الدنيا بجميع زخارفها ولذاتها وشهواتها تُنْسى عند أوَّل غمسة في جهنم، وإن جميع متاعبها وبؤسها ومرضها ينسى عند أوَّل غمسة في الجنة ، وإن في الجنة عوضاً لكل محروم، فإذا ابتلى الله تعالى عبده فصبر كان ذلك من عوامل رفعته وعلو درجته، وإن ابتلي فكفر وضَجِرَ كان له السخط . وعلى من ابتلي بمرض أن ينظر إلى من دُوْنه ، فتأملي يا أختاه فيمن سلب نعمة السمع والبصر، أو سلب نعمة الصحة، أو سلب نعمة الحركة فهو مشلول قعيد، إذا تأملت في حال هؤلاء علمت أنك مغمورة بنعم الله وفضله وإحسانه، وهان عليك ما تجدين من حرمان الشهوة.
وعموما فإننا ننصحك بما يلي:
أولاً: أكثري من دعاء الله أن يرفع عنك هذا المرض.
ثانياً: المحافظة على الرقية الشرعية ومواصلة العلاج.
ثالثاً: البعد عن التفكير في هذا الأمر قدر استطاعتك ، لأن الاسترسال فيه قد يجرك إلى أمور محرمة والعياذ بالله. وانظري الفتوى رقم: 50170.
رابعاً: احذري الوقوع في الاستمناء فإنه محرم كما سبق في الفتوى رقم: 7170.
خامساً: ننصح بإعطاء زوجك الفتوى رقم: 6795.
وأما عن العلاج وتأثيره فيمكنك سؤال أهل الاختصاص ، نسأل الله أن يرزقك السعادة وطيب العيش في الدنيا والآخرة.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
77039
ـــــــــــــــــــــــــ(110/246)
مناجاة الله وسماع وقراءة كلامه وكلام نبيه أعظم مؤنس ...
77426
أنا فتاة في سن المراهقة وأعاني من الوحدة ، أنا فكرت في الانتحار. تفكري دائما في الموت ولا أفكر في الحياة ما أريده هو الفوز بالجنة أنا أعيش في بلاد أروبية ؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الانتحار كبيرة من أكبر الكبائر وليس فيه حل لمشكلة الوحدة، فإن المنتحر سيتوحد في قبره معذبا، وسيعذب في النار بما قتل به نفسه، فابحثي عن صحبة صالحة في المجتمع الذي أنت فيه لعلك تجدين أخوات يؤانسنك ويعنك على طاعة الله، وإن أمكنك أن تهاجري لمكان تجدين فيه مجتمعا مسلما فهو أفضل، وبإمكانك أن تبحثي في الإنترنت عن بعض المواقع الإسلامية التي توجد بها منتديات نسائية تساعد في تعلم العلم، ولعل من أهمها موقع أكاديمية حفاظ الوحيين، وموقع إسلام أون لاين ، وموقع لها أون لاين، وركن الأخوات في موقع طريق الإسلام ،
واحرصي على الاتصال بالله تعالى في الصلاة فرضا ونفلا، وعلى الإكثار من تلاوة وسماع القرآن، ومن مطالعة كتب الحديث والسير والرقائق، فإن مناجاة الله في الصلاة وسماع ومطالعة كلامه وكلام نبيه أعظم مؤنس لمن خلت بنفسها ، وللفائدة راجعي الفتوى رقم : 73970 ، والفتوى رقم : 71206 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــــــــ(110/247)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
مفهوم الأسرة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
عوامل استقرار الأسرة المسلمة واستمرارها
أبو وائل أكرم أحمد عمير
أهدي هذه الكلمات إلى كل أسرة مسلمة:
عوامل استقرار الأسرة واستمرارها:
إن السبيل إلى تحقيق استقرار البيت واستمراره هو أن يؤدي كل فرد من أفراده ما عليه من واجبات، فإن أدى الآباء ما عليهم من مسؤولية تربية الأبناء، ومراعاة الزوجات، وأدت الأمهات ما عليهن من مسؤولية رعاية الأبناء، وطاعة الأزواج، وأدى الأبناء ما عليهم من واجب الطاعة لآبائهم، واحترام بعضهم البعض؛ فإن الأسرة ستنعم بالاستقرار، ويكتب لها الاستمرار ومن أهم هذه العوامل:
أولاً: التعاون على أداء الواجبات الدينية:
من أبرز عوامل استقرار البيت واستمراره في الإسلام تحت ظل أخوي، ومحبة ربانية؛ التعاون على أداء الواجبات الإسلامية، وهذا أمر مطلوب قال - تعالى- فيه: ((وأمر أهلك بالصلاة ))(طه الآية: 132)، والله - تعالى- يحفظ الود بين الزوجين اللذين يحفظان حقه، ولا يفرطان في واجباتهما الدينية، ويتعاونان عليها، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يعرض لنا شكلاً من هذا التعاون الذي يقوم على حسن التصرف والرقة والمعروف، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( رحم الله رجلاً قام من الليل ثم أيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل ثم فصلت ثم أيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء )«رواه النسائي.
ونجده أيضاً يأمر الرجل بأن يعود من صفوف المجاهدين، لأن امرأته لم تحج، وأمره أن يسافر معها لتحج.
ثانياً: المشاركة في أداء المسؤوليات:
لكل من الزوج والزوجة دور ومسؤولية في أداء الأسرة ورسالتها، ومن مقتضيات العشرة بالمعروف تعاونهما في أداء هذه المسؤوليات، ولقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - في خدمة أهله، وكذلك الصحابة، ولم يكن ينقص من قيمته أن يعين زوجته في بعض أعمال النساء، فعن عائشة - رضي الله عنها - لما سئلت ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل في بيته؟ قالت: كان بشراً من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه "رواه أحمد، وأعظم تعاون هو التعاون على تربية الأبناء، فإنها مسؤولية الأب كما هي مسؤولية الأم، والزوجان اللذان يتعاونان على هذه المسؤولية يسهمان في المحافظة على استقرار البيت، ويغلقان باب إلقاء المسؤولية على الآخر والهروب منها.
ثالثاً: تبادل حسن التعامل:
لابد للزوجين أن يتبادل كل واحد منهما المعاملة بالخلق الحسن المتمثل في القول والفعل والشعور القلبي والإحساس العاطفي، فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( خياركم خياركم لنسائهم ) رواه ابن ماجه.
رابعاً: الشورى:
من عوامل استقرار الأسرة واستمرارها التشاور بين الزوجين في أمر العائلة، والشورى منهج حياة في ديننا الإسلامي، والأمر بها ورد كهيئة وصفة من الصفاة المميزة للمسلمين كأفراد، ووضعها أعمق في حياة المسلمين من مجرد أن تكون نظاماً سياسياً للدولة، فهو طابع أساسي للجماعة كلها، يقوم عليه أمرها كجماعة، قال - سبحانه وتعالى -: ((وأمرهم شورى بينهم ))(الشورى: 38)، وأولى الناس بالمشاورة في شؤون البيت هي الزوجة لأنها شريكة الحياة، والجناح الثاني لنجاح الحياة الزوجية، وقد تدري من شؤون البيت والأبناء ما يخفى على الأب، وفي سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الكثير من المواقف العملية حول مشاورته لأزواجه.
أخي الزوج وأختي الزوجة: احرصا على تطبيق هذا المنهج العظيم الذي نظمه الإسلام لاستقرار الأسرة الذي له الأثر الكبير في تنشئة أبناء متزينين نفساً وخلقاً، وإذا ما أمدت الأسرة الأمة بنشء هذه صفاتهم، فإن هذا المجتمع سينعم بإذن الله بالأمن والأمان.
http://www.islamselect.comالمصدر :
ـــــــــــــــــــ(111/1)
العبودية في البيوت!
خالد عبد اللطيف
قد يتبادر إلى الأذهان من هذا العنوان أن المراد هو ذلك التسلط البغيض من أحد الزوجين على الآخر، أو تسلط أحدهما أو كلاهما على الأولاد، وهو - بحق - لون من الرق النفسي يجعل أهل البيت كالأرقاء بين يدي سيدهم، لكن ليس هذا المراد! بل مرادنا في اتجاه آخر، اتجاه يجعل فيه رب البيت أهله ذليلين خاضعين - بسرور وطواعية - راضياً لهم ولنفسه معهم العبودية التامة والاستسلام الكامل للواحد الأحد - جل وعلا -.
كيف لا وهي العبودية الوحيدة التي تهب للعبد الشرف والسرور، وسعادة الدنيا والآخرة؟!
صورة طبق الأصل!
إنها العبودية لله رب العالمين، أعظم غرس يغرسه والد في ولده؛ ولن يتم ذلك إلا بتمثلها أمام الصغار في الأقوال والأفعال والأحوال، في العبادات والمعاملات والأخلاق، فيرون صورة جميلة داخل البيت، طبق الأصل من الصورة خارجه؛ فلا تناقض ولا انفصام، حين يرى الأولاد معالم التوحيد ومكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب سمتاً لا يفارق والديهم، في الحنو والشفقة، في الحزم والشدة، في العتاب والتسامح، وفي الرضا والغضب، فترى البنت أمها تغضب لله، وتسامح فيما دون ذلك، ويرى الابن أباه وعلامات الحزن تكسو محياه عندما يفرّط في الصلاة، بينما يتهلل وجهه سروراً عندما يرى ابنه سبقه إلى المسجد! إلى غير ذلك من الصور المشرقة للغرس العظيم المبارك، العبودية لله رب العالمين! نعيم العبودية! ويطيب الغرس المبارك بتلقين أهل البيت معنى الإخلاص ومراقبة الله - تعالى- في أقوالهم وأعمالهم كلها، وامتداد ذلك إلى علاقاتهم بمن حولهم، فعند إخراج زكاة أو صدقة يذكّرون بأنها تقع في يد الله - تعالى- قبل يد الفقير، وعند اصطحابهم لتلبية دعوة يذكّرون بأن تلبية الدعوة من السنة، وعند تهنئة جيران أو أصدقاء في مناسبة أو مواساتهم في أمر نزل بهم، أو تقديم مساعدة لهم؛ يتذاكر الزوجان الإخلاص لله في ذلك، فإذا كان في الأقارب فهو بر وصلة، وهكذا يتقلّب الجميع كباراً وصغاراً في نعيم العبودية الذي لو علمه الملوك وأبناء الملوك لجالدوهم عليه بالسيوف! وصدق ابن القيم - رحمه الله -: "من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية"!
حروف الختام:
ما أجملها من شعارات يحفظها أبناء البيوت المباركة التي أسست على تقوى من الله ورضوان، ويرددونها ويتباهون بها، فلننشرها بينهم، ولنعلّمهم معانيها منذ نعومة أظفارهم: ((قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ))(الأنعام/161- 163)، ((قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لأنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي))(الزمر/11 - 13)، والحديث القدسي الجليل الذي يقول فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - جل وعلا -: (قال الله - تعالى-: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)(رواه مسلم عن أبي هريرة).
http://www.islamselect.com:المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/2)
الصحة الأسرية و الإنجابية من منظور إسلامي
رشا عبد الله سلامة
يعدّ حفظ النسل واحداً من بين خمسة محاور حرص الإسلام على ترسيخها في ثقافة وسلوك المسلم إلى جانب حفظ النفس والعقل، والدين والمال، فحفظ النسل هو ما يترجم حاليّاً في التوعية الصحيّة الإنجابيّة والأسريّة بدعوات تحديد وتنظيم النسل والحدّ من الزواج المبكّر، وهو ما يعتبره بعض المتديّنين مخالفة صريحة للهدي النبويّ في هذا النطاق، فكانت هذه الوقفة لاستيضاح الموقف الإسلاميّ من هذه الدعوات الصحيّة.
الزواج المبكّر وفحوصات ما قبل الزواج:
يتحدّث (سامي، 32عاماً) عن تجربته مع الزواج المبكّر والذي كان تحت رغبة والده عندما أنهى دراسته الثانويّة، يقول: "تكفّل والدي بكل مصاريف الزفاف وأسرتي حتّى أنهيت دراستي الجامعيّة، والتحقت بوظيفتي في التدريس"، ويضيف قائلاً: "حينها لم تعد المسألة بكلّ تلك البساطة، فاضطررت للالتحاق بعملين في آن واحد"، ويصف سامي مشاعره عندما أصبح أباً وهو في العشرين من عمره بأنّها كانت "فرحة غير محسوبة الأبعاد" حيث أنّه قد أدرك فيما بعد أنّه لم يستمتع بحريّة مرحلة الشباب كأقرانه ممّن لم يقدموا على الخطوة قبل الخامسة والعشرين على الأقلّ، فيما يبرّرّ والده الستينيّ ذلك بقول: "الزواج عصمة للشابّ في بداية حياته، كما أنّه يختصر عليه الكثير من التخبّط وعدم الاستقرار فيما بعد"، ويردف قائلاً: "كما أنّ ذلك في صالحه وصالح أبنائه حيث أنّ الفارق العمريّ ما بينهم ليس كبيراً"، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ الكثير من المؤسسّات المعنيّة بالصحّة الأسريّة والإنجابيّة كانت قد حذّرت من عواقب الزواج المبكّر والذي وصفته بـ"المضرّ لصحّة ونفسيّة كل من الوالدين والمواليد بسبب غياب النضج الجسديّ والنفسيّ الكامل"، وهو ما ترتّب على أثره حدوث تعديل في قانون الأحوال الأردني ليصبح العمر المسموح فيه عقد القران ثمانية عشر عاماً على الأقلّ، إلاّ في بعض الحالات التي قد يقدّر فيها القاضي ضرورة عقد القران قبل هذا السنّ، في حين أنّ العديد من المفتيين والعلماء المسلمين يحثّون باستمرار على ضرورة الزواج المبكّر لتحصين النفس، وللتصدّي لأمراض العصر الشائعة، عدا عن إظهار تخوّفهم من ظاهرتيّ العنوسة عند الفتيات والعزوف عن الزواج عند الشبّان، واصفين ذلك بـ"القنبلة الموقوتة في المجتمعات الإسلاميّة".
يعقّب على ذلك رئيس قسم الفقه وأصوله في الجامعة الأردنيّة الدكتور هايل عبد الحفيظ قائلاً: "حثّ الإسلام على الزواج مقدّراً للغريزة الجنسيّة الموجودة عند كلّ إنسان، عدا عن الرغبة الموجودة عند المعظم في الاستقرار وبناء الأسرة"، إلاّ أنّه ينوّه لكون الإسلام "لم يحدّدّ الزواج المبكّر خصوصاً، بل حثّ بشكل عام على الزواج في العمر الذي يقدّره كلّ فرد تبعاً لظروفه"، ويفسّر ذلك بـ"صلاح الإسلام ومراعاته لكلّ زمان ومكان" حيث أنّ "ظروف هذا العصر تختلف عن السابق، فمعظم الزيجات المبكّرة الآن تكون نتيجتها الطلاق السريع، أو إنجاب مواليد ضعاف التكوين لأبوين غير مؤهليّن للتربية والمسؤوليّة"، كما أنّ من ضمن الدعوات الصحيّة التي أقرّت في مجتمعنا بجعلها شرطاً قبل عقد أيّ قران هي الفحوصات الطبيّة ما قبل الزواج، والتي تنقسم لثلاثة أقسام، وهي: فحوصات لتجنب الأمراض الوراثية كمرض التلاسيميا في الأردن، والذي يعدّ من أكثر الأمراض الوراثيّة شيوعاً، وفحوصات لمعرفة القدرة الإنجابيّة للمقبلين على الزواج، وكذلك فحوصات لمعرفة إن كان أيّ من الطرفين يحمل أمراضاً جنسيّة قابلة للنقل من طرف إلى آخر، وكان قاضي القضاة الأردني الشيخ عز الدين الخطيب التميمي قد أصدر بتاريخ 16/6/2004 تعميماً للمحاكم الشرعية يقضي بعدم إبرام أيّ عقد زواج إلا بعد إبراز الخاطبين تقريراً طبياً يؤكد خضوعهما للفحص الطبي، وهو ما يعلّق عليه أستاذ الشريعة في جامعتيّ الإسراء واليرموك الدكتور عبدالناصر أبو البصل قائلاً: "الفحص الطبيّ قبل الزواج هو من الأمور الجائزة إن لم تكد تكون الواجبة، لأنّها تصبّ في المصلحة الشرعيّة لكلّ الأطراف، كما أنّها من باب الوضوح التامّ في طرح معطيات كلّ من الطرفين للآخر، وهو ما ركّز عليه الإسلام"، إلاّ أنّ أبو البصل يشير لوجوب "عدم جعل هذه الفحوصات عقبة في وجه المقبلين على الزواج من ناحيتيّ عدم تطويل الإجراءات على الخاطبين، بالإضافة لضرورة جعلها مجانيّة، ومنتشرة في عدّة مراكز كيّ تكون متاحة للجميع".
تنظيم وتحديد النسل:
تروي (أم وائل، 57 عاماً) والأمّ لسبعة ذكور وثلاثة إناث عن تجربتها قائلة: "لم تظهر عليّ أعراض الإجهاد الصّحي كهشاشة العظام إلاّ بعد تجاوزي الخمسين"،. إلاّ أنّها تقرّ بـ"الاستنزاف النفسيّ والعصبيّ الذي تعانيه أيّ أمّ تنجب عدداً كبيراً بسبب هموم أولادها وقضايا حياتهم"، تتحدّث كلّ من الدكتورة آمال سلاّم الطبيبة في إحدى عيادات تنظيم الأسرة، والدكتورة لما الفارس الطبيبة النسائيّة في المستشفى الإسلاميّ عن بعض عواقب عدم تنظيم الإنجاب عند المرأة، والذي يتمثّل في إصابتها بالإرهاق والإجهاد الجسدي والنفسي، عدا عن تعرّضها لأمراض فقر الدمّ ونقص الحديد، وهشاشة العظام ونقص الكالسيوم، ويعود ذلك لـ"عدم أخذها المدّة الكافية لاستعادة العناصر التي فقدتها في حملها السابق وإرضاعها لطفلها"، كما تصفان الأحمال الكثيرة وغير المتباعدة بالمصطلح الطبيّ "الأحمال عالية الخطورة"، والتي تسبّبّ في معظم الحالات أمراضاً خطيرة كإنفكاك المشيمة المبكّر، ونزف ما قبل الولادة، وارتفاع ضغط الدمّ والسكريّ وولادة أجنّة غير مكتملي النموّ وغير أصحّاء، إلاّ أنّهما تشيران لضرورة خضوع تنظيم الإنجاب لـ"الرقابة والإشراف الطبيّ الذي يقيس الوسيلة المناسبة تبعاً للحالة الموجودة"، كما تميّزان ما بين مصطلحيّ تحديد النسل وهو في الغالب بوسيلة "التعقيم"، وهي إنهاء القدرة الإنجابيّة عند أحد الطرفين تماماً، وما بين التنظيم وهو المباعدة ما بين الحمل والآخر أو إيقافه ولكن ليس بطريقة نهائيّة إن رغبا في ذلك فيما بعد، وهو ما علّق عليه من منظور شرعيّ الدكتور هايل قائلاً: "اتّفاق الزوجين على عدد محدّدّ من الأبناء هو جائز حتّى وإن لم يكن المانع اقتصاديّاً أو صحيّاً، لأنّ الإسلام يحترم الرغبة الشخصيّة عند كلّ فرد"، إلاّ أنّه يشير لكون أنّ الغير جائز مطلقاً هو "تحديد النسل عبر إنهاء القدرة الإنجابيّة على الإطلاق إلاّ إذا كان هنالك ضرورة طبيّة تحتّم ذلك"، ويعلّلّ ذلك بـ"تحسّباً لكون الوالدين قد يعدلا عن قرارهما بعدم الإنجاب"، ويضيف الدكتور أبو البصل شرط آخر وهو "عدم جعل تحديد النسل سياسة عامّة يتّبعها المجتمع"، وفي ذلك إشارة لفشل فرض هذه السياسة في كلّ من الصين واليابان، إلاّ أنّ الكثير من المفتين والعلماء الإسلاميّين كانوا قد استدلّوا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثرٌ بكم الأنبياء - وفي رواية مكاثرٌ بكم الأمم - يومَ القيامة) بعدم جواز تحديد النسل، وإن لم يكن بطريقة نهائيّة، وهو ما ورد في فتوى فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - قائلاً: "تحديد النسل أمر لا ينبغي، لأن الذي ينبغي في الأمة الإسلامية تكثير النسل وزيادته لأنّ ذلك من نعم الله – تعالى-، كما أنّ الأمة تقوى بكثرة أفرادها، وفي ذلك نشر للشريعة والعمل بها وهذا مما يفخر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
http://www.islamselect.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/3)
عندما يختار المتديّن شريك حياته
رشا عبدالله سلامة
من إحدى أهمّ القرارات التي تتطلّب من الشخص الحكمة والواقعيّة وبعد النظر تلك المتعلّقة باختيار شريك الحياة، وشأن المتديّن في هذا النطاق هو شأن معظم أفراد الشرائح الاجتماعية الذين يضعون في الغالب معياريّ الاقتناع العقلي بالإضافة للميل القلبي كأسس ثابتة للاختيار، والذي قد يكون بطريقة المعرفة الشخصيّة، أو بطريقة تقليديّة يكون فيها الأهل بالدرجة الأولى، ثمّ الطرفين بالدرجة التابعة.
إلاّ أنّ الشريعة لم تترك هذا القرار من غير ضوابط ونصائح وإشارات جليّة لمواصفات الشريك الأمثل الذي يدفع بالمتديّن قدماً نحو المزيد من الالتزام الديني، بالإضافة للسكن والمودّة، فكان من المفيد تسليط الضوء على هذا الموضوع من وجهات نظر اجتماعيّة ودينيّة ونفسيّة عدّة.
تأثير التيّار الفكري والديني على الزواج:
تروي (لمياء نبيل، 28 عاماً) عن قصّة زواجها قائلة: "كان لديّ من الجرأة ما يكفي لخوض مغامرة الارتباط بشخص غير متديّن على الرغم من التزامي الديني، فقد كنت لا أمانع في مدّ جسر من التواصل، بل وحتّى الصداقة ما بيني وما بين أيّ صاحب أو صاحبة فكر غير متديّن"، وتضيف قائلة: "إلاّ أنّ التعامل العابر أو حتّى الصداقة تختلف كليّاً عن الارتباط، فالمفارقات ما بيننا قد ابتدأت منذ التخطيط لحفلة الخطبة والزواج التي اشترطت أن تكون غير مختلطة لينصاع لرغبتي متذمّراً، إلاّ أنّه قد سمح لإخوته وأقاربه بمتابعة شريط الحفلة من غير وضع اعتبار لامتعاضي"، وتزيد قائلة: "يملك زوجي صفات رائعة باستثناء ضعف الوازع الديني لديه، والذي يتمثّل فقط بأدائه صلاة الجمعة، ما يجعلني أشعر ببعد فكري رهيب ألجأ بسببه لمناقشة المسائل الدينيّة التّي تشغلني مع نفسي فقط في مرّات كثيرة، أو مع صديقاتي من الوسط الديني، واللواتي يسبّبّن له ضيقاً وتوتّراً غير مبرّرّ"، وتردف قائلة: "أبذل جهداً رهيباً في محاولة تقريبه من عالمي، إلاّ أنّه لا ينفكّ يذكّرني بأنّنّي كنت على علم مسبق بوضعه الدينيّ، ما يجعلني أعود أدراجي خائبة في أيّة محاولة"، وتعقّب قائلة:" غدا التناقض هو السمة الغالبة على هويّتي الدينيّة، لأنّنّي لم أعد أحتفظ بالثبات السابق في سعيي لمسايرته قدر الإمكان"، إلاّ أنّ ( نور حلبي، 26 عاماً) تملك حالة مختلفة تماماً حيث تقول: "على الرغم من كون تعارفنا قد تمّ بطريقة غير تقليديّة، إلاّ أنّ من إحدى المبادئ التّي اتفقنا عليها كان مبدأ الالتزام الدينيّ، حيث تعاهدنا على معاونة بعضنا في القيام بالواجبات الدينيّة، كما حرصنا على الذهاب للعمرة أكثر من مرّة منذ زواجنا"، وتضيف قائلة بأنّ التزامها والتزام زوجها قد استمرّ وتعمّق بعد مضيّ ثلاث سنوات على عمر زواجهما، وتبرّرّ ذلك باتّفاق الرؤية والمبدأ في نظرتهما للأمور.
تضارب الآراء في اعتماد طريقة الارتباط:
تقول (نادية مصطفى، 25 عاماً): "لا أقبل بالطريقة التقليديّة في الزواج على الإطلاق لكونها لا تضع أيّ اعتبار لقيمة الفتاة من ناحية إنسانيّة، فشأنها في مشهد الزواج التقليديّ شأن عرض أيّ بضاعة قد تلقى قبولاً أو رفضاً من المشتري"، إلاّ أنّ (صفاء حمدان، 27 عاماً) تروي عن نجاح تجربتها الشخصيّة عبر الطريقة التقليديّة التي كانت ترفضها بسبب وجهة نظرها الموافقة لنادية، حيث تقول: "قبلت برؤية زوجي عندما قدم لمنزلنا تحت إلحاح وضغط والدتي، على الرغم من كوني قد بيّتُّ نيّة الرفض قبل رؤيته، إلاّ أنّنّي سرعان ما أحسست بارتياح شديد نحوه لتكون الموافقة بعد جلستنا الثانية مباشرة"، ويرى (محمّد غزالة، 32 عاماً) بأنّ الطريقة التقليديّة هي الحلّ الأسلم للفتاة لكونها تتأكّد من خلالها بأنّ الشابّ يملك نيّة جديّة للارتباط، كما يضيف قائلاً: "لا أثق بذكاء وشخصيّة أيّ فتاة تقبل بغير الطريقة التقليديّة في الزواج".
مدى إمكانيّة السير بالشريك غير المتديّن قدماً نحو الالتزام:
تروي (أمّ وسام، 49 عاماً) عن صبرها على زوجها حتى لحظة إيصاله نحو الالتزام الديني قائلة: "لم يكن زواجي يختلف كثيراً عن أيّ زواج تقليديّ في إحدى البيئات المتواضعة، فلم يكن هناك من يقيس الأمور بمعيار التقارب الفكري أو الديني"، وتضيف قائلة: "إلاّ أنّ طبيعتي الدينيّة، وصبري الشديد؛ قد جعلني طوال السنين الماضية أحاول جاهدة لجعل زوجي يؤدّي العبادات الأساسيّة"، وتشير أمّ وسام إلى أنّ ذلك قد استغرق منها ثلاثة وعشرين عاماً تخلّلّتها الكثير من لحظات المشادّات والنزاعات بينهما، إلاّ أنّ (محمود سلامة، 52 عاماً) يروي عن فشله الذريع في إقناع زوجته بالحجاب طوال سنين زواجهما، وذلك لكونها تملك وجهة نظر لا تتفقّ ومفهوم الإسلام في هذا النطاق، ويضيف قائلاً: "رفضت زوجتي حجاب ابنتنا عندما قرّرّت ذلك في عمر السابعة عشر، إلاّ أنّ تصميم ابنتي ومساندتي لها كان قد حمى قرارها من محاولات والدتها إثناءها عنه".
هل يكفي التديّن فقط؟
تروي (أمّ فؤاد، 53 عاماً ) عن ابنتها التي اشترطت التديّن بغضّ النظر عن باقي الصفات الأخرى إلى الدرجة التي جعلتها تطلب حفظ أجزاء من القرآن كشرط وحيد لمن تريد الاقتران به، وتعقّب قائلة: "إلاّ أنّ واقع الحياة قد فرض نفسه بعد الزواج، لتتذمّر مراراً وتكراراً من قبولها السكن عند أهل زوجها"، فيما تذكر (لانا الشايب، 24 عاماً) أنّها كانت قد اشترطت الالتزام الدينيّ بالدرجة الأولى في الزوج الذي تريد، إلاّ أنّها لم تغفل يوماً عن ضرورة تكافؤ المستوى الاجتماعي والعلمي بينهما، وتزيد قائلة: "ممّا جعلني أتأنّى في الاختيار حتّى توافرت كلّ هذه الشروط، لإيماني التامّ بأنّ التديّن ليس هو فقط شرط الزواج الناجح".
الرأي الشرعي والنفسي:
وتعليقاً على الآراء السابقة يقول الدكتور محمّد القضاة أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنيّة بأنّ رابطة الزواج هي رابطة إنسانيّة مقدّسة، وقد زاد الإسلام في تقديسها وحرصه على نجاحها عبر وضعه معايير مقترحة لاختيار الشريك الأمثل، وهي معايير صالحة لكلّ زمان ومكان تتمثّل في حديثيّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: (تنكح المرأة لأربعة لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، وقوله: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)، إلاّ أنّ الدكتور محمّد يلفت النظر إلى أنّ العامل الديني ليس هو فقط ما يجب أن يكون في حسبان المتديّن عند الاختيار، فبالإضافة له لا بدّ من وجود التقارب الاجتماعي والمادّي والفكري بين الطرفين، بالإضافة للوضوح والواقعيّة في تناول ومناقشة ظرف الطرف الآخر قبل تأكيد الاختيار، ويعلّق على حالات اختيار المتديّن لطرف آخر يفتقر لذلك قائلاً: "ما دام الشخص قد علم ورضي مسبقاً بذلك فما عليه إن كان حريصاً على شدّ الطرف الآخر نحو الالتزام الديني إلاّ الصبر والحكمة، واتّباع أسلوب الموعظة الحسنة بدون عنف أو إجبار، لأنّ أيّ سلوك يحدث تحت الإجبار سيكون مؤقّتاً، ويملك قاعدة هشّة، وهو ما تشير إليه القاعدة الفقهيّة (فكّر لتؤمن)، كما أنّ الطرف المتديّن إذا أظهر صورة معتدلة ومقنعة للآخر فسيكون ذلك بمثابة جذب نحو الخطّ الديني"، ويردف قائلاً: "أمّا من كان لا يملك الصبر والمقدرة على قلب فكر الطرف غير المتديّن إلى الضدّ فكان الأجدر به منذ البداية أن يتحرّى الالتزام الديني في الشريك، إلاّ أنّ الإسلام يحرص على استمرار هذا الزواج، وتثبيته عبر الطرق السابقة بدلاً من تأليب الطرف المتديّن على الآخر".
وحول تضارب الآراء الاجتماعية في اعتماد طريقة التعارف بين الطرفين يوضّح الدكتور محمّد ذلك من منظور دينيّ واجتماعي واقعي قائلاً: "المنهج الإسلامي في الخطبة ينصّ على ضرورة رؤية الخاطب للفتاة قبل الاتفاق، وأن يحاورها ويسألها ويستمع إليها عن قرب، ولكن بحضور الأهل ومعرفتهم وذلك حفاظاً على سمعة وكرامة الفتاة والشابّ كذلك"، ويزيد قائلاً: "أن يرى الشابّ الفتاة في مكان الدراسة أو العمل، أو في إحدى المناسبات الاجتماعية ويعجب بها، وينوي خطبتها فذلك جائز، ولكن من غير اتّخاذ ذلك ذريعة لتطويل الأحاديث الجانبيّة أو الاختلاء بعيداً عن الموجودين، أو مدّ جسور الأحاديث الهاتفيّة من غير وجود رابط شرعي"، ويعزي الدكتور محمّد هذه الضوابط لحرص الإسلام على كلا الطرفين من أن تتناولهم الأقاويل أو أن يحدث التعلّق بدون فائدة إذا لم يتمّ الزواج لسبب أو لآخر، ويشير الدكتور خليل أبو زنّاد استشاري الطبّ النفسي إلى أنّ الكثير من حالات المشاكل العاطفيّة وكذلك الزوجيّة تعود لطريقة التعارف غير التقليدي والذي لا يضع اعتباراً - في معظم الحالات - إلاّ للشكل الخارجي، وصفات الشخص التي يظهرها في الجامعة، أو مكان العمل، من دون التحقّقّ من طبيعة أهل هذا الشخص وبيئته الحقيقيّة والتي لا تنكشف إلاّ بالزيارة التقليديّة بين الأهل.
كما أنّه يذكر بأنّ لكلّ طريقة إيجابيّاتها وسلبيّاتها التّي تترتّب عليها، إلاّ أنّ احتماليّة المجازفة والتضحية في الكثير من الشروط الواجب تحرّيها تقلّ في سيناريو الزواج التقليدي لكون أنّ عامل الحب الذي يسبّبّ الكثير من هذه التضحيات غير الواقعيّة سيكون أقلّ، وبالتالي فالاختيار سيكون موضوعيّاًّ ومنطقيّاًّ أكثر.
ويعلّق على اختيار المتديّن أو أيّ صاحب فكر محدّدّ لشريك حياته قائلاً: "يجب أن يكون الاختيار تبعاً لأقوى مبدأ يحكم الشخصيّة والتفكير، لأنّه لابدّ وأن تحدث المفارقات ما بين الشخصيّتيّن في الكثير من النزعات والسلوكيّات بسبب اختلاف البيئة والتربية، ولكن إذا ما كان الإطار العامّ لكلا الطرفين متوافق فاحتماليّة استفحال هذه المفارقات البسيطة والمعتادة في أيّ زواج ستكون أقلّ"، ويضيف قائلاً: "يحدث أن يختار المتديّن شريك حياة لا يتّفق مع توجّهه بسبب عدّة عوامل ممكنة منها إحساسه بالحبّ، والميل نحو الآخر بما لا يترك له مجالاً للتدقيق على الناحيّة الدينيّة، أو أنّ لديه نزعة إثبات للذات وللمجتمع بأنّ تديّنه لن يعيقه عن مجاراة الطرف الآخر غير المتديّن، أو أن يعتقد بأنّه سيتمكّن من صهر الطرف غير المتديّن في بوتقة الالتزام الديني، وهنا تكمن الفكرة الخاطئة لدى الكثيرين لأنّ النزعة الدينيّة هي من أدّق وأصعب تفاصيل شخصيّة الإنسان، وتغييرها لا يكون بلمسة سحريّة، ولا حتّى بجهد سنين طويلة إذا لم يحدث الاقتناع الداخلي".
ويشير إلى بعض العواقب المترتّبة على عدم انسجام الاختيار قائلاً: "يحدث بسبب هذا التباعد الفكري أو الديني شيء من الضيق، وعدم الارتياح الذي قد يتطوّر ليصبح على شكل نزاعات ومشادّات مستمرّة وخصوصاً إذا ما حضر تيّار أحدهما وبقي الآخر على حدة، كما أنّه قد يقود إلى حالة من الشدّ والتوتّر بسبب إحساس الطرف المتديّن خصوصاً بأنّه في حالة تناقض مع مبادئه الدينيّة، أو بسبب وضع نفسه في موضع محامي الدفاع عن الطرف الآخر أمام الأهل والمجتمع، وربّما يترتّب على ذلك أيضاً التباعد بين الأبناء فيما بعد بسبب اختيار بعضهم لتوجّه الأم في مقابل اختيار الآخر لتوجّه الأب".
http://www.islamselect.com:المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/4)
نمطية ربط المتدينين بتعدد الزوجات
رشا عبدالله سلامة
لعلّ قضيّة تعدّدّ الزوجات هي من أكثر القضايا التي أحدثت لغطاً وجدالاً واسعاً في كافّة الأوساط الاجتماعية والدينيّة، بالإضافة لكونها قد استخدمت كثيراً كمبرّرّ للهجوم على الإسلام من قبل أعدائه والمتربّصين به، وإذ يشار للمتديّنين دوماً بأصابع الاتهام حول تأييدهم وتشجيعهم لهذه الفكرة، بالإضافة للصورة الرائجة التي ترسم الزوجة المتديّنة بصورة الراضية من منطلق دينيّ بزواج زوجها عليها، وجب القرب من هذا الواقع، وملامسته فعليّاً للتأكّد من مدى صحّة الصورة المنمّطة عنه، بالإضافة للإجابة على السؤال حول سبب طفو حالات زواج المتديّنين دون غيرهم على السطح، وهل يعني ذلك بأنّ كلّ من لم يعدّدّ الزواج هو إنسان قانع ومكتفي بحياته الزوجيّة؟ فوجب عرض القضيّة تحت دائرة الضوء الاجتماعية والشرعيّة والنفسيّة.
المتدينين والتعدد:
تتحدّث (فدوى عبد الدايم، 44 عاماً) عن تجربتها الشخصيّة في الزواج من رجل متزوّج قائلة: "قبلت الزواج من زوجي عندما تعرّفت إليه في مكان العمل، وعلى الرغم من كون عمري لم يتجاوز حينها 26 عاماً إلاّ أنّنّي ارتأيت فيه زوجاً صالحاً ومتديّناً لم تساعده الظروف على السعادة مع زوجته الأولى"، وتضيف قائلة: "إلاّ أنّنّي قد اشترطت حينها بأن يكون عادلاً، ويراعي مخافة الله في زوجته الأولى لكوني لا أرضى بالظلم لها، وهو ما حاول جاهداً طوال تلك السنين الحرص عليه".
إلاّ أنّ (سارة زناتي، 35 عاماً) ترفض هذا المبدأ تماماً على الرغم من تديّنها، حيث تقول: "لا أحتمل مجرّد تخيّل هذه الفكرة، على الرغم من كوني سأراعي الله في زوجي إذا ما ألمّ بي ما يجبره على الزواج بأخرى، إلاّ أنّنّي سأنسحب حينها من حياتنا الزوجيّة بشكل تامّ، وإن كان هناك أطفال، لأنّ ذلك يفوق قدرة احتمالي"، في حين أنّ (فاطمة عمران، 42 عاماً) تذكر بأنّه لا يوجد هناك زوجة تتقبّل هذا الموضوع بسهولة، إلاّ أنّها شخصيّاً لو شعرت بحاجة زوجها للزواج من أخرى فلن تعارض، حيث تقول: "لا يمكن أن أتحمّل (وزر) زوجي إذا ما لجأ لطريقة لا يرضاها الله، فحينها سأوافق على ذلك، وإن كنت سأشعر بخيبة الأمل بعد طول العشرة"، ويشير (رؤوف غازي، 42 عاماً) إلى أنّه لا يفكّر بالزواج على زوجته لأنّها لطالما صبرت وضحّت معه منذ زواجهما، ويضيف: "من إحدى الظروف التي قد لا يحتملها الرجل في حياته الزوجيّة هي أن لا تنجب زوجته، أو أن تنشغل عنه لفترات طويلة حتّى لو كان انشغالها بالأطفال أو العمل، أو أن لا تملك الذكاء الذي يجعلها تدرك نفسيّة زوجها"، إلاّ أنّه يذكر بأنّه لابدّ وأن تسبق خطوة الزواج الثاني تنبيه الزوجة على تقصيرها، وأن لا يترك الزوج هذه المشكلة تتفاقم بسبب سكوته، وهو ما يشير إليه ( أشرف علواني، 37 عاماً) عن ضرورة الصراحة في مناقشة المشاكل بين الزوجين قبل اللجوء للزواج الثاني، ويردف قائلاً: "لا يمكن للمرأة أن تتفهّم حقيقة احتياجات الرجل النفسيّة والعاطفيّة، فتذهب كثيراً للاعتقاد بأنّه غير مخلص، أو بأنّه لم يعد يحبها كالسابق، في حين أنّ المتديّن لا يرضى إلاّ بما يوافقه الشرع فيلجأ للزواج بدلاً من الصداقات خارج إطار الزوجيّة".
إبحار ضدّ التيّار:
يذكر (عبد العزيز جاموس، 47 عاماً ) بأنّه وإن حصل ما يستلزم الزواج الثاني فسيفضّل حينها الصبر وعدم التفكير في ذلك درءاً لما قد يترتّب من مشاكل مع زوجته وأولاده، ويضيف قائلاً: "أنظر للزواج على أنّه قيد مؤبّد لا يمكن الفكاك منه تحت أيّ ظرف، والزواج الثاني هو تحدّ صارخ لهذا القيد، وهو ما لا أفضّل خوضه"، وتشير ( رلا صابر، 31 عاماً) إلى أنّ تعدّدّ الزوجات في مجتمعنا لا يعتبر ظاهرة مستفحلة مقارنة مع مجتمعات أخرى، وتبرّرّ ذلك قائلة: "لا يعني لجوء المعظم للاكتفاء بزوجة واحدة أنّ كلّ أولئك متّفقين وسعداء في حياتهم، ولكنّ ذلك يحتمل فرضيّتين وهما: إمّا السبب الماديّ الذي لا يسمح بالصرف على أسرتين، أو الخوف من ردّة فعل الزوجة والأبناء التي قد تصل في حالات إلى الفراق التامّ بينهما".
قناع للمندفعين وراء النزوات:
تشير إحدى السيّدات التي رفضت ذكر اسمها إلى ما وصفته بـ(همجيّة) الرجل الذي يقدم على الزواج بأخرى، مبرّرّة ذلك: "الرجل الذي لا يملك الصبر على زوجته حتّى انتهاء ظرف طارئ تمرّ به؛ قد لا يتجاوز الأربعين يوماً، هو رجل لا يستحقّ أن يؤسّسّ أسرة، وأن تكون له زوجة"، وتزيد قائلة: "وحتّى إن كان هناك مرض أو ظرف دائم عند الزوجة فعلى زوجها الصبر، والرضى بقضاء الله، لأنّها لو كانت في موقفه فستصبر، ولن تطلب الطلاق في معظم إن لم يكن في كلّ الحالات"، وتردف قائلة: "أمّا الحجج الواهية التي يتسلّح بها معظم الرجال فلا تعدو عن كونها غطاء يسترون به نزواتهم واندفاعاتهم"، وهو ما ذكرته (أسماء، 23عاماً ) والتي فضّلت عدم ذكر عائلتها قائلة: "عندما أقدم والدي على الزواج بأخرى كان قد حكم على مستقبل عائلتنا بالضياع، عدا عن ظلمه للزوجة الثانية التي لم يمكث معها أكثر من شهر ونصف بعد أن اكتشف أنّها ليست العصا السحريّة التي كان يحلم بأن تحلّ مشاكل حياته عندما تتواجد"، وتضيف قائلة: "فقدنا بعد هذه التجربة الثقة في وفاء أيّ إنسان حتّى وإن كان والدنا".
إهانة وقلّة وفاء للزوجة:
يعتبر (نادر محسن، 23 عاماً) بأنّ الزواج الثاني هو أكبر إهانة وطعنة قد يوجّهها الزوج لزوجته بعد العشرة بينهما، ويضيف قائلاً: "بغضّ النظر عن نوع الظرف الذي قد يلمّ بالزوجة من مرض أو عدم قدرة على الإنجاب؛ فلابدّ من اعتبار ذلك قسمة ونصيب من الله لكلا الطرفين"، ويردف قائلاً: "حتّى لو كان الظرف غير خارج عن إرادتها كإخفاقها في تربية الأبناء، أو بعض الصفات الشخصيّة التي لا تعجب الزوج؛ فعليه أن يلجأ حينها لمحاولة تدارك الوضع بكلّ الطرق، إلاّ بالزواج الذي يرتبط بالطبقة الفكريّة والاجتماعية (الدون) في معظم الحالات"، وهو ما يرويه أحد الرجال الذي رفض ذكر اسمه حفاظاً على مشاعر زوجته قائلاً: "على الرغم من الظرف الصحّي الذي منع زوجتي من الإنجاب، وعلى الرغم من عدم رضا والديّ عليّ، إلاّ أنّنّي تمسّكت بزوجتي التي كنت قد تزوّجتها عن حبّ واقتناع"، ويبرّرّ ذلك قائلاً: "لأنّنّي شعرت بأنّ زواجي عليها سيكون الضربة القاصمة بعد صدمتها بحقيقة وضعها الصحيّ".
الرأي الشرعي:
يشير الدكتور محمد القضاة أستاذ الشريعة في قسم الفقه وأصوله في الجامعة الأردنيّة إلى أنّ تعدّدّ الزوجات لم يكن نظاماً ابتدعه الإسلام، بل كان موجوداً عند الأمم والحضارات الأخرى، وجاء الإسلام فنظّمه وهذّبه ضمن قيود وضوابط تصون كرامة المرأة، وسمعة الرجل، كما تحمي المجتمع من الانحلال واختلاط الأنساب، ويضيف قائلاً: "ذكر العلماء عدّة حالات قد تدفع بالزوج للتعدّدّ ومنها: مرض الزوجة، عدم قدرة الزوجة على الإنجاب، الكراهيّة بين الزوجين، ويتردّدّ السؤال حول سبب حثّ الإسلام على عدم الطلاق في حالات كهذه بل اللجوء للتعدّدّ، ويكمن السبب في حرص الإسلام على عدم فكّ الروابط الزوجيّة والأسريّة، وجعل الطلاق هو الحلّ الأخير عندما تنعدم أيّ وسيلة لإصلاح الوضع"، ويردف قائلاً: "يحدث بأن يتزوّج الرجل على زوجته على الرغم من كونها تتمتّع بكلّ المواصفات المطلوبة، ومن غير وجود أيّ نقص يبرّرّ الزواج عليها، وهو ما يبيحه الإسلام بالنظر لسببين وهما: هناك أسباب ودواخل في العلاقات الزوجيّة لا يعلمها إلاّ الطرفين، ولا يتحتّم عليهما ذكرها أمام الناس، وهو ما يجعل الكثيرين يقيسون الأمور بمقياس الظاهر فقط وهو عدم وجود مبرّرّ واضح.
ويكمن السبب الثاني في أنّ البعض قد تكون ميوله النفسيّة والعاطفيّة شديدة، وهو ما تفهّمه الإسلام فاختار له الحلّ الأسلم وهو الزواج بأخرى بدلاً من اللجوء للطرق الملتوية من العلاقات والصداقات التي لا توافقها الشريعة".
وعن سبب ربط المتديّنين بقضيّة التعدّدّ يعلّلّ ذلك قائلاً: "يعود ذلك لحرص المتديّن على إبقاء حياته العاطفيّة والأخلاقيّة نظيفة وبعيدة عن أيّة شبهات، فيلجأ حينها للتفكير بالزواج مرّة أخرى مع مراعاته للشرطين اللذين وضعتهما الشريعة لمن يريد التعدّدّ وهما: القدرة الماديّة، والقدرة على العدل بين الزوجات"، ويردف قائلاً: "ليس كلّ من لم يتزوّج على زوجته هو إنسان مستقيم مئة بالمئة، فالبعض يلجأ للعلاقات أو الزواج العرفي أو السرّي، والذي تكون عواقبه وخيمة بعكس التعدّدّ الذي من الأسلم اللجوء إليه في حال الحاجة"، وعن الزوجة التي تلجأ لطلب الطلاق إذا ما تزوّج زوجها عليه يشير الدكتور محمد إلى كون ذلك مخالفة واضحة وصريحة للحديث النبويّ الذي يقول: (أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنّة)، ويضيف قائلاً: "على الزوجة حينها الرضا بالأمر الواقع، مع محاولة تدارك الأخطاء والنواقص في حياتهما، وعليها أن تضع في اعتبارها بأنّ زوجها لم يقترف ذنباً في نظر الشرع ولا المجتمع، بل لجأ للطريقة التي يرضاها الله بدلاً من ارتكاب المعاصي في الخفاء".
الرأي النفسي:
يعلّق الاستشاري النفسي الدكتور خليل أبو زنّاد على ظاهرة التعدّدّ من وجهة نظر نفسيّة قائلاً: "تفوق حاجات الرجل النفسيّة والعاطفيّة والفسيولوجيّة المرأة بأضعاف، وهو ما تبرهنه البحوث والحالات والإحصائيّات"، ويزيد قائلاً: "يشعر الكثير من الرجال بعد مضيّ فترة على الزواج ببرود عاطفيّ، وعدم تحقّقّ الرضا الكامل الذي كان يشعر به الزوج في بداية زواجه، إلاّ أنّ هذه المشاعر قد تغيب لفترات طويلة لتعود للظهور عندما تطرأ في حياة الرجل إنسانة قد تجذبه في بعض المرّات"، إلاّ أنّه يشير: "هذه الحقائق هي حقائق فسيولوجيّة ونفسيّة ثابتة علميّاً، إلاّ أنّ ثمّة عوامل أخرى قد تختلط بها وهي عدم الاقتناع أو الرضا بالشريكة في حيّز اللاّ وعي من عقل الرجل، وهو ما يلجأ مقابله الرجال لإحدى الحالات التالية وهي: إمّا بالصبر وتناسي ذلك خوفاً من خوض التحدّي مع الزوجة والعائلة، أوّ بالخيانة وإقامة العلاقات بالنسبة لغير المتديّنين، أو التعدّدّ عند من يحرص على السلامة الدينيّة والشرعيّة لسلوكه"، ويلفت النظر لبعض النتائج المترتّبة على ذلك من ناحية نفسيّة وأسريّة قائلاً: "تشعر المرأة بما هو أعمق من الجرح والإهانة من زوجها، كما وتتعامل مع هذه القضيّة كاتّهام واضح لأنوثتها وكرامتها، ويقود التعدّدّ كذلك إلى فقدان الأمان والثقة والاستقرار بالنسبة للأبناء الذين قد يلجأون لتنفيس هذه المشاعر بالانحراف، وتعمّد الانخراط في الضياع كوسيلة لعرض قدر مأساتهم والظلم الذي حلّ بهم وبوالدتهم، ويعود ذلك إلى أنّ من أكثر الأفكار التّي تحبط الأبناء تلك المتعلّقّة بشعورهم أنّ والدهم لا يحبّ والدتهم، كما قد يكون ذلك لتصوّرهم بأنّ الوالد سينساهم ويهملهم في ظلّ حضور الأخرى".
http://www.islamselect.com:المصدر
ـــــــــــــــــــ(111/5)
الزوج المثالي
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «خيركم خيركم لأهله» فهل أنت من خيار الناس؟ وهل تعرف ما لزوجتك عليك من حقوق وتسعى لأدائها فتكون بذلك زوجًا مثاليًا؟
وهل تحل خلافاتك الزوجية بالرجوع للقرآن والسنة أم تفكر بالزواج من أخرى كلما ضقت بزوجتك؟
للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها اقرأ معنا نصائح غالية للدكتور محمد رشيد العويد ، يقدمها لكل زوج يسعى لحياة سعيدة فى الدنيا والآخرة.
الزوج المثالي
ـ من هو الزوج المثالي؟
- لقد شرحت صفات الزوج المثالي مفصلة في كتابي (الزوج المثالي )، وأوجزها في هذه الإجابة، فأقول: إنه الزوج الذي يكرم زوجته ولا يهينها، ويكثر من إسماعها كلمات طيبات، ويستر أخطاءها، ويغار عليها، ويتغافل عن كثير مما يصدر منها، ويصبر عليها، ويزيد صبره في أيام حيضها، ويطيّب خاطرها، ويدعو لها، ويكتم سرها، ويوفر لها سكنًا مستقلاً، ويعينها في بيتها ما استطاع، ولا يبخل عليها ولا على أولادها، ويتنظف لها ويتزين، ويسامرها ويمازحها، ولا يأخذ حقًا من حقوقها إلا بإذنها .
ـ هل تأثر دور الزوج ومسؤولياته في المجتمع العربي بالتغيرات الاجتماعية في العقود الأخيرة؟ وكيف كان شكل هذا التأثر؟
- لا شك في أنه تأثر، وتأثر كثيرًا، ذلك أن تعدد الحاجات مع قلة الدخل، وزيادة الأعباء مع ضيق الأوقات، أثقلت كاهل الزوج، وكانت سببًا في إحداث ضغط نفسي كبير عليه، سلبه كثيرًا من صبره وحلمه. وانعكس هذا بدوره على صلته بزوجته وحسن معاملته لها.
يضاف إلى هذا خروج المرأة من بيتها بعد أن كانت قارة فيه، سواءً أكان هذا الخروج للعمل إعانة للزوج أم لغيره.
هذا الخروج الكثير أطلع المرأة على ما لم تكن تطلع عليه جدتها، وجعلها تقارن نفسها بغيرها، وزاد من طموحها المادي، وهذا جميعه دفعها لمواجهة زوجها فصارت ندًا له، ومن ثَمَّ لم تعد مطواعة له لينة كما كانت جدتها.
القوامة
ـ ما تقييمكم لرؤية الزوج العربى للقوامة، وهل تلمسون من واقع قربكم من واقع الأسرة العربية فهمًا سليمًا، ومن ثَمَّ ممارسات رشيدة فى التعامل مع القوامة؟
- أكثر الأزواج يرى في القوامة ما له، ولا يرى ما عليه، يرى ما تمنحه القوامة من قيادة ولا يرى ما تلزمه به من نفقة ورعاية. وعليه فإننا نحتاج إلى تبصير الزوج بما توجبه القوامة عليه من حقوق للزوجة، ينبغي أن يؤديها قبل حصوله على ما تعطيه إياه من قيادة.
يقول القرطبى - رحمه الله - في قوله تعالى {الرجال قوامون على النساء} أي قوامون بالنفقة عليهن، والذب عنهن (حمايتهن).
وإذا لم يقم الرجل بالإنفاق على ا
ـــــــــــــــــــ(111/6)
الارتقاء بوقت العائلة
ذكريات الطفولة والمراهقة
إن أكثر ذكريات الطفولة والمراهقة نشاطاً وقوة هي تلك التي تتعلق بالأوقات التي نقضيها سوية كآباء وأبناء- نقوم بأعمال بسيطة مثل اللعب بالألعاب واللعب بالكرة، صيد السمك، صيد الطيور. لم تكن أفضل أنشطتنا مشروطة بتوفر المال. لذا، فأنت لست بحاجة إلى المال لتستمتع بالأشياء البسيطة في الحياة مع أطفالك. إنهم سيتذكرون معظم الأشياء التي شاركتهم فيها وقمت بها من أجلهم.
وقت مكرّس
كلما طال الوقت الذي تقضيه مع طفلك كلما كانت الفرصة أفضل لأن ينشأ على الطريقة التي تأملها. علينا إذاً أن ننظم أوقاتنا بحيث يكون لأطفالنا نصيب وافر منه نشاركهم فيه.
أمسيات العائلة
فلنخصص أمسية من أمسيات أحد أيام الأسبوع نسمها "أمسية العائلة". في هذه الأمسية يجتمع كل أفراد العائلة في المنزل يتكلمون بشؤون العائلة الفردية والجماعية ويشتركون بأنشطة الفكاهة والمرح. نحاول أن نشترك بالأنشطة التي تشجع على التفاعل مثل الألعاب المنزلية. لا تعتبر مشاهدة البرامج التلفزيونية خياراً جيداً ما لم تكن على جانب كبير من الفائدة وبشكل استثنائي. لا ننسى أن اشتراك كل فرد من أفراد العائلة بوضع البرنامج الذي يخص هذه الأمسية الأسبوعية أمر على جانب من الأهمية.
لا تسمح بوجود تلفاز، هاتف، أو ألعاب الفيديو في غرفة النوم
إحدى القواعد الناجحة والجوهرية التي يجب أن تطبق في التعامل مع الأولاد هي عدم السماح بوجود هاتف أو تلفاز أو ألعاب الفيديو في أي من غرف النوم. من النتائج الإيجابية لهذا الإجراء أننا نعلم مع من يتكلم أطفالنا، كما يصبح لدينا فكرة أفضل عن النشاطات التي يقومون بها في أوقات فراغهم، بالإضافة إلى أنهم يصبحون أكثر مشاركة بالفعاليات الأسرية.
وقت للمناقشة العقلانية
ليحاول كل منا أن يكون متواجداً على العشاء - إذا افترضنا أن أوقات انشغال أفراد العائلة تستغرق جلّ أوقات النهار. نجلس جميعاً نطفئ جهاز التلفاز ونبدأ نتحاور، هذا ما يمكن أن نطلق عليه: "المناقشة العقلانية" نتناول فيها الأحداث الجارية وأمور المدرسة والأصدقاء. هذه الخطوة تعزز العلاقة الأسرية وتعمق أواصر الانتماء كنا أنها تبقى ذكريات لا تمحى بالرغم من مرور الزمن.
لا تجعل مشاركتك لأطفالك في نشاطاتهم تبدو كواجب مزعج
الأب الناجح يحتاج إلى مشاركة أطفاله بجميع نواحي حياتهم: المدرسة، الأصدقاء، الأنشطة، الرياضة الاهتمامات الثقافية وإلى ما هنالك... دعهم يشعرون أنك مستمتع بمشاركتهم حياتهم وأن حياتهم الاجتماعية تخصك. لا تجعل من هذه المشاركة أمراً مفروضاً وواجباً مزعجاً تود لو أنك لم تتحمله، بل شاركهم بحب وسعادة.
نزهات دون أصدقاء
من الجيد أن يصطحب أبناؤنا أصدقاءهم معهم في النزهات العائلية، ولكن هذا لا يعني أن يتركز اهتمامهم عليهم وإهمالهم للعائلة. لا بأس على أن لا يتكرر هذا الأمر كثيراً.
من جهة أخرى تعتبر النزهات الخاصة العائلية التي لا يتواجد فيها الأصدقاء أمر ضروري وعلى جانب من الأهمية لأنها تضمن التركيز على العلاقات الأسرية المتبادلة بين أفراد العائلة.
العادات العائلية
الاستمرار في الاحتفالات التي درجت عليها العائلة أمر هام، لا تستخف بعادات العائلة وتقاليدها حتى ولو أبدى أطفالك بعض التذمر في البداية...
جو مريح... التزام أكبر
كلما تمكنت من توفير جو مريح لأطفالك في المنزل كلما ازداد التزامهم بالأسرة والجو المنزلي.فبالرغم من رغبتهم الجامحة في لقاء الأصدقاء، إلا أنهم سيبقون بشوق للعودة إلى المنزل ومزاولة النشاط الذي كانوا عليه.
http://www.ebdaa.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/7)
رأي المنصفين من الغربيين حول عمل المرأة
د. عبد الرحمن بن عايد العايد
قال الإنجليزي (سامويل سمايلسن): وهو من أركان النهضة الإنجليزية:
إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل، مهما نشأ عنه من الثروة، فإن نتيجته هادمة لبناء الحياة المنزلية؛ لأنه يهاجم هيكل المنزل، ويقوض أركان الأسرة، ويمزق الروابط الاجتماعية، ويسلب الزوجة من زوجها، والأولاد من أقاربهم، وصار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة، إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية، مثل ترتيب مسكنها، وتربية أولادها، والاقتصاد في وسائل معيشتها، مع القيام باحتياجاتهم البيتية.
ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات، بحيث أصبحت المنازل غير المنازل، وأضحت الأولاد تشب على عدم التربية، وتلقى في زوايا الإهمال، وانطفأت المحبة الزوجية، وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة، والمحبة اللطيفة، وصارت زميلته في العمل والمشاق، وصارت معرضة للتأثيرات التي تمحو غالباً التواضع الفكري، والتوادد الزوجي والأخلاقي التي عليها مدار حفظ الفضيلة).
ونشرت جريدة لاغوس ويكلي ركورد نقلاً عن جريدة لندن ثروت قائلة:
(إن البلاء كل البلاء في خروج المرأة عن بيتها إلى التماس أعمال الرجال، وعلى أثرها يكثر الشاردات عن أهلهن، واللقطاء من الأولاد غير الشرعيين، فيصبحون كلاً وعالة وعاراً على المجتمع، فإن مزاحمة المرأة للرجل سيحل بنا الدمار، ألم تروا أن حال خلقتها تنادي بأن عليها ما ليس على الرجل وعليه ما ليس عليها؟ ) [1].
ونشرت الكاتبة الشهيرة (مس أني رود): في جريدة الاسترن ميل:
لأن يشتغل بناتنا في البيوت خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين، فيها الحشمة والعفاف والطهارة، تتنعم المرأة بأرغد عيش، تعمل كما يعمل أولاد البيت، ولا تمس الأعراض بسوء، نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية، من القيام في البيت، وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها) [2]، وحفاظاً على أنوثتها.
ونشرت الكاتبة الشهيرة (اللادي كوك): بجريدة (الايكوما) وهذا نص المقالة: (إن الاختلاط يألفه الرجال، وقد طمعت المرأة فيه بما يخالف فطرتها، وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا، وهنا البلاء العظيم على المرأة، فالرجل الذي علقت منه يتركها وشأنها تتقلب على مضجع الفاقة والعناء، وتذوق مرارة الذل والمهانة، والاضطهاد من الحمل وثقله، والوحم ودواره، أما آن لنا أن نبحث عما يخفف إذا لم نقل عما يزيل هذه المصائب العائدة بالعار على المدنية الغربية؟
يا أيها الوالدان: لا يغرنكما بعض دريهمات تكسبها بناتكم باشتغالهن في المعامل، ومصيرهن إلى ما ذكرنا.
علموهن الابتعاد عن الرجال، أخبروهن بالكيد الكامن لهن بالمرصاد.
لقد دلنا الإحصاء على أن البلاء الناتج من حمل الزنا أنه يعظم ويتفاقم حيث يكثر اختلاط النساء بالرجال، ألم تروا أن أكثر أمهات أولاد الزنا من المشتغلات في المعامل، والخادمات في البيوت، ولولا الأطباء الذين يعطون الأدوية لإسقاط الحمل لرأينا أضعاف ما نرى الآن.
لقد أدت بنا هذه الحالة إلى حد من الدناءة لم يكن تصورها في الإمكان، حتى أصبح رجال مقاطعات بلادنا لا يقبلون المرأة زوجة شرعية، وهذا غاية الهبوط بالمدنية) انتهى.
ويقول الكسي كاريل: (إن الاختلافات الموجودة بين الرجل والمرأة لا تأتي من الشكل الخاص للأعضاء التناسلية، ومن وجود الرحم والحمل، أو من طريقة التعليم، إنها ذات طبيعة أكثر أهمية من ذلك، إنها تنشأ من تكون الأنسجة ذاتها، ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيماوية محددة يفرزها المبيض، ولقد أدى الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليماً واحداً، وأن يمنحا سلطات واحدة، ومسؤوليات متشابهة، والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافاً كبيراً عن الرجل، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها، والأمر نفسه صحيح بالنسبة لأعضائها، وفوق كل شيء جهازها العصبي، فالقوانين الفسيولوجية غير قابلة للين شأنها شأن قوانين الأفلاك والنجوم، فليس في الإمكان إحلال الرغبات الإنسانية محلها، ومن ثم فنحن مضطرون إلى قبولها كما هي، فعلى النساء أن ينمين أهليتهن تبعاً لطبيعتهن دون أن يحاولن تقليد الذكور، فإن دورهن في تقدم الحضارة أسمى من دور الرجال، فعليهن ألا يختلين عن وظائفهن المحددة).
وتقول (كيرين سويفيجن): رئيسة معهد النساء العاملات في نيويورك:
(إن المضايقات الجنسية لا تقتصر على الاعتداء الجسدي، بل إن الكلام البذيء، والنكت الفاضحة، تشكل نوعاً من الاعتداءات على المرأة الحساسة، وليس كل النساء يستطعن تحمل هذا الكلام البذيء، والنكت الفاضحة، فكم من واحدة أصيبت بالأمراض الجسدية، مثل الصداع والقيء، وعدم النوم، وفقدان الشهية، نتيجة لهذا الوضع السيئ التي تضطر فيه المرأة العاملة إلى سماع هذه الاعتداءات الجنسية الكلامية.
وكم من واحدة اضطرت إلى أخذ الحبوب المهدئة لتستطيع الذهاب إلى العمل كل صباح، وسماع تلك الأسطوانة الممجوجة من الغزل البذيء.
ولقد اضطرت بعض النساء الحساسات إلى ترك أعمالهن بسبب هذا الاعتداء الكلامي، وقالت إحدى السكرتيرات اللائي اضطررن للاستقالة من وظيفتها في أتلانتا بالولايات المتحدة، نتيجة لهذه البذاءة الكلامية: إنهم يعرونك من كرامتك).
تقول (لين فارلي): في كتابها (الابتزاز الجنسي Sexual Shakedown):
(إن تاريخ ابتزاز المرأة العاملة جنسياً قد بدأ منذ ظهور الرأسمالية، ومنذ التحاق المرأة بالعمل).
(ونتيجة لهذه المضايقات الجنسية في العمل، فإن آلاف العاملات تحولن إلى مومسات، مما جعل هذه الفترة في حياة الأمة الأمريكية - القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين - تشهد أضخم عدد من الموسسات في التاريخ، مما أثار الرأي العام والصحافة آنذاك، ومع هذا فقد سكتت الصحافة عن آلاف النساء والضحايا اللائي كان يقتلهن الزهري والأمراض التناسلية في كل عام ... ).
وتقول (لين فارلي): (إن الوضع لا يزال كما تركته إيما جولدمان، وإن هناك أعداداً لا يمكن إحصاؤها من النساء اللائي اضطررن لبيع أجسادهن في مقابل الاحتفاظ بالعمل، وأن ذلك القسر والإجبار على الزنا قد أدى إلى تعاسة وشقاء لا يمكن تصوره لتلك النسوة وأهليهن، ليس ذلك فحسب، ولكن أعداداً كبيرة منهن قد أصبن بالأمراض الجنسية الخطيرة، مثل الزهري والسيلان، والقرحة الآكلة، وجرب التناسل، وهر يس التناسل، وسنط التناسل، والقرحة الرخوة، وماتت الكثيرات منهن نتيجة لهذه الأمراض الوبيلة، كما ماتت الكثيرات نتيجة للقهر والإذلال، وحياة التعاسة والشقاء والفقر، في حالتي الرفض والاستجابة لرغبات الرجال في المصانع والمتاجر والمكاتب).
وتقول لين فارلي في موضع آخر: (إن الاعتداءات الجنسية بأشكالها المختلفة منتشرة انتشاراً ذريعاً في الولايات المتحدة وأوروبا، وهي القاعدة وليست الاستثناء بالنسبة للمرأة العاملة في أي نوع من الأعمال تمارس مع الرجل).
يقول الفيلسوف الشهير أوجست كونت: (ينبغي أن تكون حياة المرأة بيتية، وأن لا تكلف بأعمال الرجال، لأن ذلك يقطعها عن وظيفتها الطبيعية، ويفسد مواهبها الفطرية، وعليه فيجب على الرجال أن ينفقوا على النساء، دون أن ينتظروا منهن عملاً مادياً، كما ينفقون على الكتاب والشعراء والفلاسفة، فإذا كان هؤلاء يحتاجون لساعات كثيرة من الفراغ لإنتاج ثمرات قرائحهم، كذلك يحتاج النساء لمثل تلك الأوقات ليتفرغن فيها لأداء وظيفتهن الاجتماعية: من حمل، ووضع، وتربية) [3].
ارتكب المجتمع العصري غلطة جسيمة، باستبداله تدريب الأسرة بالمدرسة استبدالاً تاماً، ولهذا تترك الأمهات أطفالهن لدور الحضانة، حتى يستطعن الانصراف إلى أعمالهن أو مطامعهن الاجتماعية، لقد كان من ثمار هذه المغالطة أنه أعطيت للأمومة الإنسانية صفات الأمومة الحيوانية، التي تقوم على الحمل والولادة والإرضاع؛ بل إن الأمومة الحيوانية تقوم بواجبات الأمومة أكثر من الأمومة الإنسانية الموظفة، فأنثى الحيوان ترضع صغارها من ثديها إن كانت من الثدييات، وتحتضنهم وتطعمهم وتدربهم على الطيران إن كانت من الطيور، أو على الافتراس والهجوم إن كانت مفترسة، وكذلك تدربهم على الدفاع عن أنفسهم، فتعدهم لمواجهة الحياة، أما الأمومة الإنسانية الموظفة، فهي ترضع صغارها لبن أنثى الحيوان، وتقذف بهم في إحدى دور الحضانة أو عند خادمة جاهلة بمجرد أن تنتهي إجازة أمومتها).
----------------------------------------
[1] مجلة المنار، 4 / 481.
[2] نشرت في مقالة عنوانها: (الرجال والنساء)، من مجلة النمار4 / 481.
[3] نقلاً عن مقالة لفريد وجدي ص 486 487 مجلة الأزهر.
3/12/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(111/8)